[المجلد الأول]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة المؤلف
قَالَ أَبُو عمر يوسف بْن عَبْد اللَّهِ بن محمد بن عبد البر النّمرى الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله: بحمد الله ابتدئ وإياه أستعين وأستهدي، وهو ولي عصمتي من الزلل، في القول والعمل، وولي توفيقي، لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلّا به. الحمد للَّه رب العالمين، جامع الأولين والآخرين ليوم الفصل والدين، حمدًا يوجب رضاه، ويقتضي المزيد من فضله ونعماه، وصلى الله على مُحَمَّد نبي الرحمة، وهادي الأمة، وخاتم النبوة، وعلى آله أجمعين وسلم تسليمًا.
أما بعد، فإن أولى ما نظر فيه الطالب، وعني به العالم- بعد كتاب الله عز وجل- سنن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فهي المبينة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه، والدالة على حدوده، والمفسرة له، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله، من اتبعها اهتدى، ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى، وولاه الله ما تولى. ومن أوكد آلات السنن المعينة عليها، والمؤدية إلى حفظها، معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الناس كافة، وحفظوها عليه، وبلغوها عنه، وهم صحابته الحواريون [1] الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين، حتى كمل بما نقلوه الدين، وثبتت بهم [2] حجة الله تعالى على المسلمين، فهم خير القرون، وخير أمة أخرجت للناس،
__________
[1] في ى: والحواريون.
[2] في ى: وثبتت به.(1/1)
ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته، ولا تزكية أفضل من ذلك، ولا تعديل أكمل منه. قَالَ الله تعالى ذكره [1] : «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ» 48: 29 الآية. فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به، وآزره ونصره، [ولصق به] [2] وصحبه، وليس كذلك جميع من رآه ولا جميع من آمن به، وسترى منازلهم من الدين والإيمان، وفضائل ذوي الفضل والتقدم منهم، فاللَّه قد نضّل بعض النبيين على بعض، وكذلك سائر المسلمين، والحمد للَّه رب العالمين، وقال عز وجل [3] : «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» 9: 100.... الآية.
[قَالَ أَبُو عُمَرَ:] [4] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى، قال حدثنا أحمد بن سلمان بن الحسن، قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي ح، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زهير، قال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ [5] ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سِيرِينَ فِي قوله عزّ وجلّ: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ» 9: 100
__________
[1] آية 29 سورة الفتح.
[2] من أما س.
[3] سورة التوبة آية 100.
[4] من 1
[5] في ى: شعيب.(1/2)
قَالَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَّوُا الْقِبْلَتَيْنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ:
مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَّوُا الْقِبْلَتَيْنِ.
وَبِهَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَمُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا بيعة الرضوان.
[قال: و] [1] أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن على، قال حدثنا الحسن ابن [2] إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ. قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سالم، قال: أخبرنا سنيد، قال: أخبرنا هشيم، قال أخبرنا مطرّف وإسماعيل عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ بَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ. قَالَ سُنَيْدٌ: وَأَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهِيَ سَمُرَةُ، فَبَايَعْنَاهُ غَيْرَ الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ بَعِيرِهِ فَقِيلَ لِجَابِرٍ: هَلْ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةَ؟ قَالَ:
لا، وَلَكِنَّهُ صَلَّى بِهَا، وَلَمْ يُبَايِعْ تَحْتَ شَجَرَةٍ إِلا الشَّجَرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْحُدَيْبِيَةِ.
قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَيْفَ بَايَعُوا؟ قَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَلا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ.
قَالَ: وأخبرني أبو الزبير عن جابر، قَالَ: جاء عبد لحاطب بن أبى بلتعة
__________
[1] من أ.
[2] في أ: الحسين بن إسماعيل.(1/3)
أحد بني أسد يشتكي سيده، فقال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار.
فقال له: كذبت لا يدخلها أحد شهد بدرًا أو الحديبية. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: قَالَ الله سبحانه «لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» 48: 18. ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدًا إن شاء الله. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: لن يلج النار أحد شهد بدرًا أو الحديبية. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّاهَرْتِيُّ [1] رَحِمَهُ اللَّهُ، قال: أخبرنا قاسم بن أصبغ، قال: أخبرنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَبْدًا لحاطب ابن أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَشْتَكِي حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. قَالَ: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ. وَرَوَاهُ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، [وَقَدْ رَوَاهُ الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عن النبي
__________
[1] في ى: الباهرى. وفي أ: الباهرتى. والصواب من م، ومعجم البلدان- مادة- تاهرت. وإنباه الرواة.(1/4)
صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِثْلَهُ] [1] . وَقَدْ رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أُمَّ مُبَشِّرٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
حَدَّثَنَا عَبْد الوارث بن سفيان، قال: أخبرنا قاسم بن أصبغ، قال:
أخبرنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو زيد الهروي، قَالَ: أَخْبَرَنَا قرة بن خالد عن قتادة قَالَ: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قَالَ: خمس عشرة مائة. قال قلت: فإنّ جابر ابن عَبْد الله قَالَ: كانوا أربع عشرة مائة. قَالَ: رحم الله جابرًا! هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [2] بْنُ سلمان، أخبرنا عبد الله ابن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، وَأَخْبَرَنَا عبد الوارث بن سفيان، قال أخبرنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ [قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ] قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ [3] عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ.
قَالَ: كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ: وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: يعنى الماء النابع من أنامله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وقد ذكرنا طرق ذلك في التمهيد- والحمد للَّه- بما بان به أنّ ذلك كان منه مرات في مواطن شتى صَلَّى الله عليه وآله وسلم.
__________
[1] من أ، م.
[2] في أ: عبد الله.
[3] في ى: قرة. والمثبت من أ، م، والذهبي 287.(1/5)
وَبِهَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ. وقال معقل بن يسار وعبد الله بن أبي أوفى- وكانا ممن شهد البيعة تحت الشجرة:
كانوا ألفا وأربعمائة، ذكره أحمد بن حنبل عن عَبْد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء، عن الحكم بن عَبْد الله الأعرج، عن معقل بن يسار، وذكره أحمد أيضًا عن أبي قطن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي أوفى، كل ذلك من كتاب أحمد بن زهير عن أحمد بن حنبل رحمه الله ومن كتاب عَبْد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه بالإسنادين المتقدمين عنه.
وأما أهل بدر فذكر أحمد بن حنبل بالأسنادين المذكورين عنه قَالَ:
أَخْبَرَنَا هاشم [1] عن مُحَمَّد بن سيرين عن عبيدة قَالَ: كان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاث عشرة أو أربع عشرة، أحد العددين.
قال أحمد: أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: أخبرنا أبو إسحاق. أخبرنا البراء ابن عازب، قَالَ: كنا- يعني أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- نتحدث أن عدة أهل بدر ثلاثمائة وبضع عشرة كعدد أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر وما جاز معه النهر إلا مؤمن. وكذلك قَالَ ابن إسحاق: حَدَّثَنَا عَبْد الوارث قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير وعبيد بن عَبْد الواحد البزار قالا: حَدَّثَنَا أحمد ابن محمد بن أيوب، قال حدثنا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: جميع من شهد بدرًا من المسلمين من المهاجرين
__________
[1] هكذا في أأيضا، وفي م: هشام.(1/6)
والأنصار ثلاثمائة رجل وأربعة عشر رجلا، من المهاجرين ثلاثة وثمانون، ومن الأوس أحد وستون، ومن الخزرج مائة وتسعون رجلا [1] . وذكر ابن إسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن مرثد ابن عَبْد الله اليزني عن الصنابحي عن عبادة قَالَ: كنت فيمن حضر العقبة- يعنى الأولى- كنا اثني عشر رجلا، وكانوا في العقبة الثانية سبعين رجلا لا خلاف في ذلك، أصغرهم أبو مسعود عقبة بن عمر، ذكره أحمد بن حنبل عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه ومجالد عن الشعبي عن أبي مسعود الأنصاري. قَالَ الشعبي: وكان أصغرهم سنا، وذكره ابن إسحاق بالإسناد المتقدم عنه قال: حدثني معبد ابن كعب بن مالك أن أباه كعب بن مالك حدثه، وكان ممن شهد العقبة قَالَ:
حتى إذا اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا، ومعهم امرأتان من نسائهم: نسيبة [2] بنت كعب أم عمارة، وأسماء بنت عمرو بن عدي.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عثمان بن السكن، قال حدثنا محمد بن يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَالَ:
انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ [3] . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ، حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أليس من أهل بدر! إنّ الله
__________
[1] يلاحظ أن المجموع ليس مساويا للعدد الّذي ذكره؟
[2] في ى: شيبة، وهو تحريف.
[3] روضة خاخ: موضع بين الحرمين يقرب حمراء الأسد.(1/7)
قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ أَوْ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. وَبِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وَلا نَصِيفَهُ [1] . وحدثناه عَبْد الله بن مُحَمَّد بن يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بكر، قال حدثنا أبو داود، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره سواء.
وَذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» 110: 1 قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: النَّاسُ خَيْرٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي خَيْرٌ، وَقَالَ: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ:
كَذَبْتَ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَهُمَا قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاكَ، وَلَكِنْ هَذَا يَخَافُ أن تنزعه عن عراقة [2] قَوْمِهِ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزَعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، فرفع عليه مروان درّته
__________
[1] المد في الأصل: ربع الصاع، وإنما قدره لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة.
ويروى بفتح الميم، وهو الغابة. والنصيف: النصف.
[2] عرافة: رياسة.(1/8)
لِيَضْرِبَهُ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالا: صَدَقَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لأَصْحَابِهِ: أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قالا: أخبرنا قاسم ابن أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّنَانِيُّ [1] ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ أَخْبَرَنَا: بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ معاوية بن حيوة الْقُشَيْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
أَلا إِنَّكُمْ تُوفُونَ تِسْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ [2] : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ 3: 110، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُنْتُمْ بِمَعْنَى أَنْتُمْ خَيْرُ أَمَّةٍ.
وَقِيلَ: كُنْتُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُوَاجَهَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ [بِقَوْلِهِ] [3] : أَنْتُمْ خَيْرُهَا، إِشَارَةً بِالتَّقْدِمَةِ فِي الْفَضْلِ إِلَيْهِمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَوَاهُ سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عَبَّاسٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ، أخبرنا محمد ابن عَبْدِ السَّلامِ، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كُنْتُمْ خير أمة أخرجت للناس. قَالَ هُمُ: الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم
__________
[1] في ى ما أ: الررنى. وفي القاموس: الرنة: بلدة بأصفهان فيها أحمد بن محمد بن أحمد ابن هالة. والمثبت من اللباب 2- 477، وفي م: البرتي.
[2] آل عمران آية 110.
[3] زيادة يقتضيها السياق.(1/9)
إِلَى الْمَدِينَةِ، هَكَذَا قَالَ: مَعَ مُحَمَّدٍ، وَأَكْثَرُ الرواة له عَنْ سِمَاكٍ يَقُولُونَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ: إِنَّهُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَالْمَعْنَى واحد لأنهم هَاجَرُوا بِأَمْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا هَاجَرُوا مَعَهُ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالذِّكْرِ، لأَنَّهُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَنْ خَالَفَهُمْ عَلَى الدِّينِ حَتَّى دَخَلُوا فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ حَتَّى يُدْخِلُوهُمْ فِي الدِّينِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّليِنَ وَالأَنْصَارَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ [قَالَ: ثنا أَبُو كُرَيْبٍ: قَالَ] [1] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الَّذِينَ بَايَعُوا مَعَهُ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ أَبِي هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: لِمَ سُمُّوا الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، قَالَ: مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَتَيْنِ جمَيِعًا، فَهُو مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ [وَالأَنْصَارِ] [2] .
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدُ بْنُ المسيّب يقضى بأنّ معنى قَوْلَهُمُ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ كَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ من الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ 9: 100، لأَنَّهُمْ صَلَّوُا الْقِبْلَتَيْنِ جَمِيعًا، وَبَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٍ لِغَيْرِهِمْ سَنَذْكُرُهَا بَعْدَ إِنْ شاء الله تعالى.
__________
[1] من أ، م.
[2] ليست في م.(1/10)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ [1] عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أبى هريرة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ 3: 110 بِمَعْنَى أَنْتُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ 3: 110، قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ، يَجِيئُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ يُدْخِلُونَهُمْ فِي الإِسْلامِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا: كَانُوا خَيْرَ النَّاسِ عَلَى الشَّرْطِ الّذي ذكره الله تعالى، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ 3: 110. وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سرَّه أَنْ يَكُونَ مِنْ تِلْكَ الأُمَّةِ فَلْيُؤَدِّ شَرْطَ اللَّهِ فِيهَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُنْتُمْ بِمَعْنَى أَنْتُمْ، وَالْكَافُ صِلَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ:
كُنْتُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَهُوَ الذِّكْرُ، وَأُمُّ الْكِتَابِ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى [2] : «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ ... 7: 156 إِلَى قَوْلِهِ: وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» 7: 157.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: لَمَّا دَخَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالشَّامِ نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ:
مَا كَانَ أَصْحَابُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الَّذِينَ قُطِّعُوا بِالْمَنَاشِيرِ وَصُلِبُوا عَلَى الْخَشَبِ بِأَشَدِّ اجْتِهَادًا مِنْ هَؤُلاءِ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.
__________
[1] في ى: شقيق.
[2] الأعراف آية: 156(1/11)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ [1] وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ:
خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قال:
أخبرنا أبو قلابة عبد الملك بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. قَالَ:
لا أَدْرِي أَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً.
وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَبُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ، وَجَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، قَالَ: الْقَرْنُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ [2] ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ بِمَكَّةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صاعد. قال: أخبرنا
__________
[1] في ى: عن سليمان.
[2] في ى: بن حنيفة.(1/12)
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ أَبُو هِشَامٍ [1] ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ وَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءُ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَنْ دِينِهِ. وَرَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى 27: 59. قَالَ: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَهُ السُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ والثوري.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ- يَعْنِي وَغَيْرِهِمْ؟ قَالَ: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْقِبْلَتَانِ، [فَمَنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ] [2] مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم من الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ.
وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ [3] قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ. وَقَالَ محمد بن الحنفية: السابقون الأولون من المهاجرين
__________
[1] قاضى بغداد توفى سنة ثمان وأربعين ومائتين (هامش ى) .
[2] أ، م
[3] في م: الكعبة.(1/13)
وَالأَنْصَارِ مَنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ. وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سِيرِينَ. وَذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ 9: 100. قَالَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَّوُا الْقِبْلَتَيْنِ. قَالَ سُنَيْدٌ: وَأَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي هِلالٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ.
قَالَ: وأخبرنا هشيم [1] ، قَالَ: حَدَّثَنَا داود بن أبي هند عن الشعبي قَالَ: فضل ما بين المهاجرين الأولين وسائر المهاجرين بيعة الرضوان يوم الحديبية.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنِ الْحُسَيْنِ [2] قَالَ: فَرَّقَ مَا بَيْنَهُمْ فَتْحُ مَكَّةَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا شَيْخٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والأنصار، قَالَ: أَهْلُ بَدْرٍ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل بن سالم، حَدَّثَنَا سُنَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ [3] عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: [4] كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ ... 61: 14 الآيَةَ. قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ، جَاءَهُ سَبْعُونَ رَجُلا فَبَايَعُوهُ تَحْتَ الْعَقَبَةِ، فَنَصَرُوهُ وَآوَوْهُ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ دِينَهُ.
قَالَ: وَلَمْ يُسَمَّ حَيٌّ مِنَ النَّاسِ بِاسْمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلا هُمْ. قَالَ سُنَيْدٌ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ وحجاج عن ابن جريج عن عكرمة
__________
[1] في ى: هاشم
[2] في س: الحسن
[3] في ى: عن عمر، وهذه رواية أ، م ويؤيدها ما يأتي بعده وفي هامش ى: ولعله سفيان عن عمرو.
[4] سورة الصف آية: 14.(1/14)
قَالَ: لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَفَرًا مِنَ الأَنْصَارِ سِتَّةً فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّ بَيْنَنَا حَرْبًا، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ جِئْتَنَا عَلَى هذه الحال ألّا يتهيأ الذين تُرِيدُ، فَوَاعَدُوهُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَقَالُوا:
نَذْهَبُ، لَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ تِلْكَ الْحَرْبَ، فَفَعَلُوا، فَأَصْلَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ الْحَرْبَ، وَذَلِكَ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا لا تَصْلُحُ فَلَقُوهُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ سَبْعُونَ رَجُلا قَدْ كَانُوا آمَنُوا بِهِ فَأَخَذَ مِنْهُمُ النُّقَبَاءَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا.
وَأَخْبَرَنَا عبد الوارث بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إسماعيل، قالا: حدثنا مهدي ابن مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ غَيْلانَ بْنَ جَرِيرٍ قَالَ: قلت لأنس بن مالك: يا أَبَا حَمْزَةَ أَرَأَيْتَ اسْمَ الأَنْصَارِ اسْمٌ سَمَّاكُمُ اللَّهُ بِهِ أَمْ أَنْتُمْ كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ مِنْ قَبْلُ؟ قَالَ:
بَلِ اسْمٌ سَمَّانَا اللَّهُ بِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّمَا وَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْحَابَ رَسُولِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَضَعَهُمْ فِيهِ بِثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَدَالَةِ وَالدِّينِ وَالإِمَامَةِ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَّةِ بِمَا أَدَّوْهُ [1] عَنْ نَبِيِّهِمْ مِنْ فريضة وسنة، فصلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَنِعْمَ الْعَوْنُ كَانُوا لَهُ عَلَى الدِّينِ فِي تَبْلِيغِهِمْ عَنْهُ إِلَى مَنْ بَعْدِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الله بن محمد بن أسد، قال: حدثنا عبد الله [بن مسرر، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ] [2] بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ عَنِ الحسن بن أنس بن مالك،
__________
[1] في ى: رووه.
[2] من م.(1/15)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مَثَلَ أَصْحَابِي فِي أُمَّتِي كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ لا يَصْلُحُ الطَّعَامُ إِلا بِالْمِلْحِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَقَدْ ذَهَبَ مِلْحُنَا فَكَيْفَ نَصْلُحُ.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: أخبرنا محمد ابن إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: عِدَّةُ النُّقَبَاءِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلاثَةٌ مِنَ الأَوْسِ، وَقَدْ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ وَحَلاهُمْ بِحُلاهُمْ لِيُقْتَدِي بِهِ فِيهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
وفيما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقري قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَامِرِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [أَبُو يَحْيَى] [1] بْنُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَعْوَرُ، يَعْنِي الْبَقَّالَ، وَكَانَ مَوْلَى لِحُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مِحْجَنٍ [أَو مِحْجَنِ] [2] بْنُ فُلانٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَرْأَفَ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهَا فِي أَمْرِ دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقَهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهَا عَلَيٌّ، وَأَقْرَؤُهَا أُبَيٌّ، وَأَفْرَضَهَا زَيْدٌ، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأمّة أبو عبيدة بن الجراح.
__________
[1] الزيادة من أ، واللباب.
[2] من أ، م(1/16)
وَرَوَى عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَوُهَيْبٌ، وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ وُهَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ.
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَرْحَمُ النَّاسِ بِالنَّاسِ. أَوْ قَالَ:
أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ.
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: عَلِيٌّ أَقْضَى أُمَّتِي، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُهُمْ، وَأَبُو عُبْيَدَةَ أَمِينُهُمْ، ذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ. وَرَوَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: عَلِيٌّ أَقْضَانَا، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ، حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامٌ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ [1] عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجراح، وأبو هريرة وعاء
__________
[1] في اللباب: إنّما قيل له ذلك لأنه كان كلما سئل عن شيء قال: حتّى أسأل عمى.(1/17)
لِلْعِلْمِ، أَوْ قَالَ: وِعَاءُ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ علم لا يدرك، وما أظلت خضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق مِنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ أبو عمر رضي الله تعالى عنه: فضل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جماعة من أصحابه بفضائل خص كل واحد منهم بفضيلة وسمه بها، وذكره فيها، ولم يأت عنه عليه السلام أنه فضل منهم واحدًا على صاحبه بعينه من وجه يصح، ولكنه ذكر من فضائلهم ما يستدل به على مواضعهم ومنازلهم من الفضل والدين والعلم، وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أحلم وأكرم معاشرة، وأعلم بمحاسن الأخلاق من أن يواجه فاضلا منهم بأن غيره أفضل منه، فيجد من ذلك في نفسه بل فضّل السابقين منهم وأهل الاختصاص به على من لم ينل منازلهم فقال لهم: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ.
وهذا من معنى قول الله تعالى [1] : «لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ، أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ الله الْحُسْنى» 57: 10. ومحال أن يستوي من قاتله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مع من قاتل عنه. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لبعض من لم يشهد بدرًا- وقد رآه يمشي بين يدي أبي بكر- تمشي بين يدي من هو خير منك؟ وهذا لأنه قد كان أعلمنا ذلك في الجملة لمن شهد بدرًا والحديبية. ولكل طبقة منهم منزلة معروفة وحال موصوفة، وسنذكر في باب كل واحد منهم ما بلغنا من ذلك إن شاء الله تعالى.
__________
[1] سورة الفتح آية 10.(1/18)
وبعد فإن العلم محيط بأن السنن أحكام جارية على المرء في دينه في خاصة نفسه وفي أهله وماله، ومعلوم أن من حكم بقوله، وقضى بشهادته، فلا بد من معرفة اسمه ونسبه وعدالته والمعرفة بحاله، ونحن وإن كان الصحابة رضى الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول فواجب الوقوف على أسمائهم والبحث عن سيرهم وأحوالهم ليهتدى بهداهم فهم خير من سلك سبيله واقتدى به وأقل ما في ذلك معرفة المرسل من المسند، وهو علم جسيم لا يعذر أحد ينسب إلى علم الحديث بجهله ولا خلاف علمته [1] بين العلماء أن الوقوف على معرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ من أوكد علم الخاصة، وأرفع علم أهل الخبر، وبه ساد أهل السير، وما أظنّ أهل دين من الأديان إلا وعلماؤهم معنيون بمعرفة أصحاب أنبيائهم لأنهم الواسطة بين النبي وبين أمته.
وقد جمع قوم من العلماء في ذلك كتبا صنفوها، ونظرت إلى كثير مما صنفوه في ذلك، وتأملت ما ألفوه فرأيتهم- رحمة الله عليهم- قد طولوا في بعض ذلك وأكثروا من تكرار الرفع في الأنساب ومخارج الروايات وهذا- وإن كان له وجه- فهو تطويل على من أحبّ علم ما يعتمد عليه من أسمائهم ومعرفتهم، وهم مع ذلك قد أضربوا عن التنبيه على عيون أخبارهم التي يوقف بها على مراتبهم، ورأيت كلّ واحد منهم قد وصل إليه
__________
[1] في ى: ولا خلاف من العلماء.(1/19)
من ذلك شيء ليس عند صاحبه فرأيت أن أجمع ذلك وأختصره، وأقربه على من أراده، وأعتمد في ذلك على النكت التي هي البغية [1] من المعرفة بهم، وأشير إلى ذلك بألطف ما يمكن، وأذكر عيون فضائل ذي الفضل منهم وسابقته ومنزلته، وأبين مراتبهم بأوجز ما تيسر وأبلغه، ليستغني اللبيب بذلك، ويكفيه عن قراءة التصنيف الطويل فيه، وجعلته على حروف المعجم [2] ، ليسهل على من ابتغاه، ويقرب تناوله على طالب ما أحبّ منه، رجا.
ثواب الله عز وجل، وإلى الله أرغب وسلامة النية وحسن العون على ما يرضاه فإن ذلك به لا شريك له، وأرجو أن يكون كتابي هذا أكبر كتبهم تسمية [3] وأعظمها فائدة، وأقلها مئونة، على أني لا أدعي الإحاطة، بل أعترف بالتقصير الذي هو الأغلب على الناس، وباللَّه أستعين، وهو حسبي ونعم الوكيل.
واعتمدت في هذا الكتاب على الأقوال [4] المشهورة عند أهل العلم بالسّير، وأهل العلم بالأثر والأنساب، وعلى التواريخ المعروفة التي عليها عول العلماء في معرفة أيام الإسلام وسير أهله، فما كان في كتابي هذا عن موسى بن عقبة فمن طريقين:
أحدهما ما حدثني به عَبْد الوارث بن سفيان، عن قاسم بن أصبغ، عن مطرف بن عَبْد الرحمن، عن يعقوب بن حميد [5] بن كاسب، عن مُحَمَّد بن فليح عن موسى بن عقبة، وحدثني به خلف بن قاسم عن أبي الحسن علي بن العباس
__________
[1] في ى: البقية.
[2] إنما رتبه ترتيب أهل المغرب، ولكنا غيرنا في هذه الطبعة ذلك الترتيب، وجعلناه على ترتيب حروف أهل المشرق ليسهل البحث فيه.
[3] في ى: نسبة.
[4] في أ: على الكتب.
[5] في ى: بن أحمد.(1/20)
ابن محمد بن عبد الغفار يعرف بابن النون المصري، عن جعفر بن سليمان النوفلي، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن مُحَمَّد بن فليح، عن موسى ابن عقبة. وحدثني أيضًا عَبْد الوارث. عن قاسم، عن ابن أبى خيثمة في كتابه، عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة.
وما كان فيه عن ابن إسحاق فقرأته على عَبْد الوارث بن سفيان، عن قاسم ابن أصبغ، عن عبيد بن عَبْد الواحد البزار وعن ابن أبى خيثمة أيضًا من كتابه جميعًا عن أحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد [1] عن ابن إسحاق.
وقرأته على عَبْد الوارث أيضًا، عن قاسم بن أصبغ، عن مُحَمَّد بن عَبْد السلام الخشني، عن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد الرحيم البرقي عن عبد الملك بن هشام النحوي عن زياد بن عَبْد الله البكائي، عن مُحَمَّد بن إسحاق. وقرأته أيضًا على عَبْد الله بن مُحَمَّد بن يوسف، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، عن ابن الأعرابي، عن أحمد بن عَبْد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق. وأخبرني به خلف بن قاسم، قَالَ أَخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن الورد، وهو عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد، عن أبي سعيد عَبْد الرحيم بن عَبْد الله بن عَبْد الرحيم، عن عَبْد الملك بن هشام، عن زياد بن عَبْد الله البكائي، عن ابن إسحاق.
وما كان فيه عن الواقدي، فأما كتاب الطبقات له فقرأته على أحمد بن قاسم التاهرتي عن مُحَمَّد بن معاوية القرشي، عن إبراهيم بن موسى بن جميل، عن مُحَمَّد بن سعد كاتب الواقدي، عن الواقدي.
__________
[1] في ى: أسعد.(1/21)
وأما تاريخ الواقدي فأخبرني به خلف بن قاسم عن أبي الحسن علي بن العباس بن النون، عن جعفر بن سليمان النوفلي، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن الواقدي.
وما كان فيه عن خليفة بن خياط فأخبرني به أبو عمر أحمد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن على عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عن بقي بن مخلد عنه. وقرأته أيضًا على أبي القاسم [1] خلف بن سعيد الشيخ الصالح، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن محمد ابن علي، عن عَبْد الله بن يونس عن بقي عنه.
وما كان فيه عن الزبير بن أبي بكر [2] فأخبرني به عَبْد الله بن مُحَمَّد بن يوسف، عن أحمد بن مُحَمَّد بن إسماعيل، عن مُحَمَّد بن الحسن الأنصاري عن الزبير.
وما كان فيه عن مصعب بن عَبْد الله، وعن المدائني فمن كتاب ابن أبى خيثمة عنهما، وكذلك ما كان فيه عن أبي معشر فمن كتاب ابن أبى خيثمة أيضًا، قرأت جميعه على أبي القاسم عَبْد الوارث بن سفيان بن جبرون عن أبي مُحَمَّد قاسم بن أصبغ بن يوسف البياني عن ابن أبى خيثمة أبى بكر أحمد بن زهير ابن حرب، وكل ما كان في كتابي عن ابن أبى خيثمة فبهذا الإسناد عنه.
وما كان فيه عن البخاري فمن كتابه الكبير في تاريخ المحدثين، قرأته على أبي القاسم خلف بن قاسم بن سهل الحافظ، عن أبي الحسن الطوسي، عن
__________
[1] في ى: أبى الهيثم.
[2] في أ: ابن بكار، وهو اسم أبى بكر كما في إنباه الرواة.(1/22)
أبي أحمد مُحَمَّد بن سليمان بن فارس، عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري.
وما كان فيه من تاريخ أبي العباس مُحَمَّد بن إسحاق بن إبراهيم السراج فأخبرنا بأربعة أجزاء [1] منه أبو القاسم خلف بن القاسم، قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي عنه. وسائره إجازة. وما كان فيه لأبي جعفر الطبري فمن كتابه المسمى (ذيل الذيل) قرأته على أبي عمر أحمد بن مُحَمَّد ابن أحمد، عن أبى بكر أحمد بن الفضل بن العباس الخفاف الدينَوَريّ عن الطبري.
وما كان فيه عن الدولابي فمن كتابه (المولد والوفاة) حدثني به أبو القاسم خلف بن القاسم عن الحسن بن رشيق عن أبى بشر محمد بن أحمد [2] ابن حماد الدولابي.
وأما ما فيه من تسمية الرواة من الصحابة رضي الله عنهم دون من قتل في المشاهد منهم، أو مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أو أدركه بمولده، أو كانت له لقية أو روية، أو كان مسلمًا على عهده ولم يره، فإن هذه الطبقات كثير منها مذكور في الكتب التي قدمنا ذكرها، وما عداهم من الرواة خاصة، فمن كتاب أبى على سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ، المعروف بكتاب «الحروف في الصحابة» . حدثني به أبو القاسم خلف بن القاسم قرأه عليّ
__________
[1] في ى: بأربعة أخبر أمته، وهو تحريف صححناه من أ، س، م.
[2] في ى: أحمد بن محمد، وهو تحريف، صوابه من أ، س، واللباب.(1/23)
من كتابه من أوله إلى آخره، حدثني به عن مؤلفه سماعًا منه. ومن (كتاب الآحاد) لأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد الجارود في الصحابة، حدثني به أبو عمر [1] أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، عن أبيه عن الحسن بن عَبْد الله عن ابن الجارود. ومن كتاب أبي جعفر العقيلي مُحَمَّد بن عمرو بن موسى المكي في الصحابة، أجازه لي عَبْد الله بن مُحَمَّد بن يوسف أبو الوليد عن أبي يعقوب يوسف بن أحمد الصيدلاني المكي عن العقيلي. ومن كتاب ابن أبي خيثمة أيضا.
وقد طالعت أيضًا كتاب ابن أبي حاتم الرازي، وكتاب الأزرق والدولابي والبغوي في الصحابة. وفي كتابي هذا من غير هذه الكتب من منثور الروايات والفوائد والمعلقات عن الشيوخ ما لا يخفى على متأمّل ذي عناية، والحمد للَّه ولم أقتصر في هذا الكتاب على ذكر من صحت صحبته ومجالسته حتى ذكرنا من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولو لقته واحدة مؤمنًا به، أو رآه رؤية، أو سمع منه لفظة فأداها عنه. واتصل ذلك بنا على حسب روايتنا وكذلك ذكرنا من ولد على عهده من أبوين مسلمين.
فدعا له، أو نظر إليه، وبارك عليه، ونحو هذا، ومن كان مؤمنا به قد أدى الصدقة إليه ولم يرد عليه. وبهذا كله يستكمل القرن الذي أشار عليه رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ [على ما قاله عَبْد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ] [2] . وقد ذكرنا أنساب القبائل من الرواة من قريش والأنصار
__________
[1] في ى: أبو أحمد عمر.
[2] من أ، س، م.(1/24)
وسائر العرب في (كتاب الإنباه على القبائل الرواة [1] ) وجعلناه مدخل هذا الكتاب ليغنينا عن الرفع في الأنساب، ويعيننا على ما شرطناه من الاختصار والتقريب، وباللَّه العون لا شريك له.
ونبدأ بذكر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ونقتصر من حبره وسيرته على النكت التي يجب الوقوف عليها، ولا يليق بذي علم جهلها، وتحسن المذاكرة بها، لتتم الفائدة للعالم الراغب والمتعلم الطالب في التعرف بالمصحوب والمصاحب، مختصرًا ذلك أيضًا، موعبًا مغنيًا عما سواه كافيًا، ثم نتبعه ذكر الصحابة بابًا بابًا على حروف المعجم على ما شرطنا من التقصي والاستيعاب، مع الاختصار وترك التطويل والإكثار، وباللَّه عزّ وجلّ أصل إلى ذلك كله، وهو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب.
محمد رسول الله
لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عَبْد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه نسب نفسه كذلك
__________
[1] في ى: من الرواة.(1/25)
إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغنى عما سواه. واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجهًا، [لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون] ، [1] على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي [2] الصريح الصحيح من ولد إسماعيل على ما ذكرنا في (كتاب القبائل من الرواة) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك ذكرنا أصح ما قيل في نسبة إلى آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم وقال أبو الأسود محمد ابن عَبْد الرحمن عن عروة بن الزبير: قَالَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنما ننتسب إلى معدّ، وما بعد معدّ لا ندري ما هو. وقال ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة، عن عكرمة: أضلت نزار نسبها [3] من عدنان وقال خليفة بن خياط عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا. وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن علم الأنساب صنعته [4] .
فأما عشيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ورهطه وبطنه الّذي يتميز به من سائر بطون قريش وهاشم فقد ذكرنا [5] بالأسانيد الحسان والطرق الصحاح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
__________
[1] من أ، س، م
[2] في ى: أن نزارا بأسرها في إياد وربيعة ومضر وهي. وهذه رواية أ، س وإنباه الرواة
[3] في ى: أصلت نزار بنسبها. والصواب من أ، والإنباه.
[4] في ى: ولكن عن علم الأنساب صنعة، والصواب من أ، س.
[5] صفحة 65، من الكتاب المشار إليه.(1/26)
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقد ذكرنا في (كتاب الإنباة على القبائل الرواة) عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهو مضاف إلى هذا الكتاب، والحمد للَّه. واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أول من هشم الثريد لقومه فيما زعموا، واسم قصي زيد، هذا هو الأكثر. وقد قيل يزيد، وإنما قيل له قصي، لأنه تقصى مع أمه وهي فاطمة بنت سعد من بنى عذرة، ونشأ مع أخواله من كلب في باديتهم، وبعد في مغيبة ذلك عن مكة: فسمي بذلك قصيًا والله أعلم. وكان يدعى مجمعًا، لأنه جمع قبائل قريش بمكة في حين انصرافه إليها، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتاب (القبائل) . وقد قيل اسم عَبْد مناف المغيرة، ويكنى أبا عَبْد شمس. وأما عَبْد المطلب فقيل أسمه عامر، ولا يصح والله أعلم. وقيل: [اسمه شيبة، وقيل] [1] بل اسمه عَبْد المطلب. وكان يقال له شيبة الحمد لشيبة كانت في ذؤابته ظاهرة.
ومن قَالَ اسمه شيبة قَالَ: إنما قيل له عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قَالَ لأخيه المطلب، وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك [المطلب] [2] بيثرب، فمن هناك سمي عَبْد المطلب، ولا يختلفون أنه يكنى أبا الحارث، بابنه الحارث، وكان أكبر ولده. وأمه سلمى بنت زيد، وقبل بنت عمرو بن زيد من بنى عدي بن النجار، ويقال: إنه أول من خضب بالسواد.
أخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد [ابن إسحاق] [2] ابن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حنبل،
__________
[1] من أ، س، م
[2] من أ، س، م، واللباب.(1/27)
قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اسْمُ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ. وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قصىّ وقصيّ اسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أبو عمر: أم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، قرشية زهرية، تزوّجها عبد الله ابن عبد المطلب، وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: بل كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، خرج به أبوه عَبْد المطلب إلى وهب بن عَبْد مناف فزوجه ابنته. وقيل: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة، فأتاه عَبْد المطلب، فخطب إليه ابنته هالة بنت وهيب لنفسه، وخطب على ابنه عَبْد الله آمنة بنت وهب، فزوجه وزوج ابنه في مجلس واحد، فولدت آمنة لعبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحمزة ثويبة جارية أبي لهب، وأرضعت معهما أبا سلمة الأسدي، فكان رسول الله صلّى الله عليه آله وَسَلَّمَ يكرم ثويبة، وكانت تدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تزوّج خديجة، وكانت خديجة تكرمها، وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فبلغت وفاتها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فسأل عن ابنها مسروح وبلبنه أرضعته، فقيل له: قد مات، فسأل عن قرابتها فقيل له:
لم يبق منهم أحد.(1/28)
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]] وَعَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ [2] بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. ثم استرضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني سعد بن بكر، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وردته ظئره حليمة إلى أمه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل،
__________
[1] الزيادة من أ، م.
[2] هذا هو اسمها الأول، وقد سماها النبي زينب وفي ى: برة.(1/29)
فأخرجته آمنة إلى أخوال أبيه بني النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل، ووفيت أمه آمنة بعد ذلك بشهر بالأبواء ومعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقدمت به أم أيمن مكة بعد موت أمه بخمسة أيام، وسنذكر خبر حليمة وخير أم أيمن من بابهما في كتاب النساء في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الزبير: حملت به أمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بمكة في الدار التي كانت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وذلك يوم الاثنين [لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وقيل: بل ولد يوم الاثنين] [1] في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قَالَ أبو عمر: وقد قيل لثمان خلون منه.
وقيل. إنه ولد أول اثنين [2] من ربيع الأول، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه عام الفيل، إذ ساقه الحبشة إلى مكة في جيشهم يغزون البيت، فردهم الله عنه، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل [فأهلكتهم] [3] .
وقيل أنه ولد في شعب بني هاشم، ولا خلاف أنه ولد عام الفيل:
يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قَالَ: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفيل. وهذا يحتمل أن يكون أراد اليوم الّذي حبس الله الفيل فيه عن وطء البيت الحرام، وأهلك الذين جاءوا به. ويحتمل أن يكون أراد بقوله يوم الفيل عام الفيل. وقيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل بشهر. وقيل: بأربعين يومًا. وقيل بخمسين.
__________
[1] الزيادة من أ، س، م.
[2] في ى: أول يوم.
[3] الزيادة من أ، م.(1/30)
يومًا. فأما الخوارزمي مُحَمَّد بن موسى فقال: كان قدوم الفيل مكة وأصحابه لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم. وقد قَالَ ذلك غير الخوارزمي أيضًا، وزاد يوم الأحد قَالَ: وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
قَالَ الخوارزمي وولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بخمسين يومًا، يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وذلك يوم عشرين من نيسان. قَالَ: وبعث نبيّا يوم الاثنين لثمان أيضا من ربيع الأول، وذلك سنة إحدى وأربعين عام الفيل، فكان من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن بعثه الله تعالى أربعون سنة ويوم، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يومًا، وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ [1] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عن خالد بن أبي عمران عن حنش [2] عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثنين، وحرج مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الاثنين، وكانت بدر يَوْمَ الاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع شرة من شهر رمضان، وما رأيت أحدًا ذكر أنها كانت يوم الاثنين
__________
[1] في س: الغيرياني، وفي 1: الغير بادى، وكلاهما تحريف (انظر اللباب) .
[2] قال في الخلاصة: الحسين بن قيس الرحيبى أبو على لقبه حنش (هامش ى) .(1/31)
إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش، ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم، إذا خالفه من هو أكثر منه.
قَالَ الخوارزمي: وقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا يوم الاثنين، وهو اليوم الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل، وهي سنة إحدى من الهجرة، يوم عشرين من أيلول فكان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى يوم هاجر ودخل المدينة ثلاث عشرة سنة كاملة، ومكث بالمدينة عشر سنين وشهرين إلى أن مات، وذلك يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل، ومن الهجرة سنة إحدى عشرة، وهذا كله قول الخوارزمي، وهذا الذي قَالَ هو معنى قول ابن عباس، إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة، يعنى بعد المبعث، وبالمدينة عشر سنين، ويشهد بصحة ذلك قول أبى قيس صرمة بن قيس الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة [1] راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا [2]
__________
[1] طيبة: المدينة
[2] في ى: والبآسيا، وهو تحريف، صوابه من أ، س.(1/32)
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
وروينا هذه الأبيات من طرق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهذا أكمل الروايات فيها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الله [1] بن محمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرَ سِنِينَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَبِثَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
قَالَ سفيان بن عيينة: وأخبرنا يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزًا من الأنصار يقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
فذكر الأبيات كما ذكرتها سواء إلى آخرها.
قَالَ أبو عمر: ومات أبوه عَبْد الله بن عَبْد المطلب وأمه حامل به. وقيل:
بل توفي أبوه بالمدينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرا،
__________
[1] في أ: أحمد بن محمد بن على.(1/33)
وقبره بالمدينة في دار من دور بنى عدي بن النجار، وكان خرج إلى المدينة يمتار تمرًا. وقيل: بل خرج به إلى أخواله زائرًا وهو ابن سبعة أشهر.
وقيل: بل توفي أبوه وهو ابن شهرين، فكفله جده عَبْد المطلب. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه وأمه فكفله جده وعمه. وقد قيل: إن عَبْد الله ابن عَبْد المطلب توفي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرًا.
وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قَالَ: بعث عَبْد المطلب ابنه عَبْد الله يمتار له تمرًا من يثرب، فمات بها، وكانت وفاته وهو شاب عند أخواله بنى النجار بالمدينة، ولم يكن له ولد غير رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة، وهو ابن ست سنين.
وقيل: ابن سبع سنين. وقال مُحَمَّد بن حبيب [في كتاب المحبّر [1]] : توفّيت أمّه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين. فال: وتوفّى جده عَبْد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرًا، سنة تسع من أول عام الفيل.
وقيل: إنه توفي جده عَبْد المطلب، وهو ابن ثمان سنين. وقيل: بل توفي جده وهو ابن ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب فصار في حجر عمه أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، وكان أبو طالب يحبه، ثم انفرد بنفسه، وكان مائلا إلى عمه أبى طالب لو جاهته في بني هاشم وسنه، وكان مع ذلك شقيق أبيه، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشرة من عام الفيل، فرآه بحيرا الراهب، فقال: احتفظوا به فإنه نبي.
__________
[1] من أ، س، م.(1/34)
وشهد بعد ذلك بثمان سنين يوم الفجار سنة إحدى وعشرين، وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، فرآه نسطور الراهب وقد أظلته غمامة فقال:
هذا نبي، وذلك سنة خمس وعشرين. وتزويج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يومًا، في عقب صفر سنة ست وعشرين، وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، وقال الزهري: كانت سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة.
وقال أبو بكر بن عثمان وغيره: كان يومئذ ابن ثلاثين سنة. قالوا:
وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.
وشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه في وضع الحجر بعد ذلك بعشر سنين، وذلك سنة ثلاث وثلاثين.
قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: لو صح هذا لكانت سن خديجة يوم تزوجها خمسًا وأربعين سنة. وقال مُحَمَّد بن جبير بن مطعم: بنيت الكعبة على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل. وقيل: بل كان بين بنيان الكعبة وبين مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم نبّاه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين، فأسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أمره ثلاث سنين أو نحوها، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه. وقال الشعبي: أخبرت أن إسرافيل تراءى له ثلاث سنين.(1/35)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ: وأخبرنا أحمد بن حنبل، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم [1] ، قال حدثنا داود ابن أبى هند عن الشعبي، قال: نبيّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله.
قَالَ: ثم بعث إليه جبريل عليه السلام بالرسالة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
وقيل: كان مبعثه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة وشهرين وعشرة أيام. وقيل: بل كان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لتمام أربعين سنة من مولده يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة أربعين، وممن قَالَ: إنه عليه السلام نبي وهو ابن أربعين سنة عَبْد الله بن عباس، ومحمد بن جبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد
__________
[1] في ى: هاشم. والمثبت من أ، س، م.(1/36)
ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشًا لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر [1] ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وحصرت قريش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بني هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عَبْد الله بن عباس رضي الله عنه في الشعب قبل خروج بني هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفّف عنه
__________
[1] في ى: لا تنصر، وهو تحريف.(1/37)
من عياله. فقال: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:
إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتعثه الله نبيًا، وحتى زوجه من ابنته فاطمة على جميعهم الصلاة والسلام.
وتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، على اختلاف في ذلك قد ذكرناه.
وكان موتها بعد موت عمه أبي طالب بأيام يسيرة. قيل: ثلاثة أيام.
وقيل: سبعة. وقيل: كان بين موت أبي طالب وموت خديجة شهر وخمسة أيام. وتوفي أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة وهي ابنة خمس وستين سنة، فكانت مصيبتان توالتا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بوفاة عمه أبى طالب ووفاة خديجة رضى الله عنها. وقيل: توفيت خديجة بعد ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأربع وعشرين سنة وستة أشهر وأربعة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف شهر.
وفي عام وفاة خديجة تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سودة وعائشة، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتت رضى الله عنها. وكانت وفاة أبي طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بسنة. وقيل: كانت وفاتهما سنة عشر من المبعث في أولها، والله أعلم.(1/38)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حدثنا محمد بن عبد الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن معين، قال حدثنا هشام بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ. وَلَفْظُهُمَا وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ. قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: يَا عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عند الله.
فقال له أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَمُيَّةَ. يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ. فقال النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ [1] : مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ ... 9: 113 إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَنَزَلَتْ [2] : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... 28: 56 الآيَةَ. قَالَ ابن شهاب: قَالَ عروة بن الزبير: ما زالوا- يعني قريشًا- كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب. ولم تمت خديجة فيما ذكر ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
__________
[1] التوبة 113.
[2] القصص 56.(1/39)
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: لما توفى أبو طالب وتوفّيت بعده خديجة بأيام يسيرة خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وطلب منهم المنعة، فأقام عندهم شهرًا ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. قيل: كان ذلك سنة إحدى وخمسين من عام الفيل، وفيها قدم عليه جن نصيبين بعد ثلاثة أشهر فاسلموا.
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من حين رجوعه إلى مكة من الطائف سنة اثنتين وخمسين، وقد ذكرنا الاختلاف في تاريخ الإسراء في كتاب (التمهيد) عند ذكر فرض الصلاة والحمد للَّه.
[قَالَ ابن شهاب] عن ابن المسيب: عرج [1] به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وقال غيره:
كان بين الإسراء إلى اليوم الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وشهران، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعد مبعثه بمكة إلى أن أذن الله له بالهجرة داعيًا إلى الله صابرًا على أذى قريش وتكذيبهم له إلا من دخل في دين الله منهم، واتبعه على ما جاء به ممن هاجر إلى أرض الحبشة فارّا بدينه، ومن بقي معه بمكة في منعة من قومه، حتى أذن له الله بالهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجوه الأوس والخزرج بالعقبة على أن يؤووه وينصروه، حتى يبلّغ عن الله رسالته،
__________
[1] في س، أ: أسرى به إلى بيت المقدس، وعرج به إلى السماء.(1/40)
ويقاتل من عانده وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكان رفيقه إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه لم يرافق غيره من أصحابه، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامر بن فهيرة، وكان مكثه بمكة بعد أن بعثه الله عز وجل ثلاث عشرة سنة. وقيل: عشر سنين. وقيل: خمس عشرة سنة، والأول أكثر وأشهر عند أهل السير.
ثم أذن الله له في الهجرة إلى المدينة يوم الاثنين، فخرج معه أبو بكر إليها، وكانت هجرة إلى المدينة في ربيع الأول، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقدم المدينة يوم الاثنين قريبًا من نصف النهار في الضحى الأعلى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. هذا قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق وغيره: كانت بيعة العقبة حين بايعته الأنصار في أوسط أيام التشريق في ذي الحجة، وكان مخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة بعد العقبة بشهرين وليال، وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت منه.
قال أبو عمر: قد روى عن ابن شهاب أنه قدم المدينة لهلال ربيع الأول.
وقال عَبْد الرحمن بن المغيرة: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى. وقال الكلبي: خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
قَالَ أبو عمر: وهو قول ابن إسحاق إلا في تسمية اليوم فإن ابن إسحاق يقول: يوم الاثنين والكلبي يقول: يوم الجمعة، واتفقا لاثنتي عشرة ليلة خلت(1/41)
من ربيع الأول. وغيرهما يقول لثمان خلت منه، فالاختلاف أيضا في تاريخ قدومه المدينة كما ترى.
قَالَ ابن إسحاق، فنزل علي أبي قيس كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس أحد بني عمرو بن عوف، فأقام عنده أربعة أيام. وقيل: بل كان نزوله في بنى عمرو ابن عوف على سعد [1] بن خيثمة، والأول أكثر. فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عمرو بن عوف منتقلا إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم فصلاها في بطن الوادي، ثم ارتحل إلى المدينة فنزل على أبي أيوب الأنصاري، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل، وذلك في السنة الأولى من هجرته.
وقال غير ابن إسحاق: نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم خرج من عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس، حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة، فجمع بهم، وهي أول جمعة جمعها رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بالمدينة، ثم ركب لا يحرك راحلته، وهو يقول: دعوها فإنها مأمورة.
فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل. ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تلك السنة. وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى، فكان أول من غرا في سبيل
__________
[1] في ى: أسعد، والصواب من م.(1/42)
الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام، خرج في ثلاثين راكبًا إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم رجل من جهينة، فافترقوا من غير قتال، ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبًا يعارض عيرًا لقريش، فلقوا جمعًا كثيرًا فتراموا بالنبل، ولم يكن بينهم مسايفة.
وقيل: إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة، وفيها رمى سعد، وكان أول سهم رمي به فِي سبيل اللَّه. وقيل: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن جحش، والأول أصح، والله أعلم.
والأكثر على أن سرية عَبْد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة، وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة. ثم غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أهل الكفر من العرب. وبعث إليهم السرايا، وكانت غزواته بنفسه ستًا وعشرين غزوة، هذا أكثر ما قيل في ذلك.
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل، ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة، وكانت بعوثه وسراياه خمسًا وثلاثين من بين بعث وسرية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟(1/43)
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَغَزَوْتُ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَسَبَقَنِي بِغَزْوَتَيْنِ.
واعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثلاث عمر. وفي قول من جعله قارنًا في حجة أربع عمر. وقد بينا ذلك في كتاب «التمهيد» .
وافترض عليه الحج بالمدينة، وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وذلك بمكة، ولم يحج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من المدينة غير حجته الواحدة، حجة الوداع، وذلك سنة عشر من الهجرة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ عددًا كثيرًا من النساء، خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع، وأحلّ له فيهن ما شاء، فالمجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن:
خديجة بنت خويلد، أول زوجة كانت له، لم يجمع قط معها غيرها، وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وكثيرًا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان، وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس. من بني عامر بن لؤي، تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة، وبنى بما بمكة في سنة عشر من النبوة.
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة، وقيل بعد سودة، وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. قيل سنة(1/44)
هاجر، وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوّال، وهي ابنة تسع سنين، وكانت في حين عقد عليها بنت ست سنين. وقيل بنت سبع سنين.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. تزوجها سنة ثلاث في شعبان.
وزينب بنت خزيمة. وهي من بني عامر بن صعصعه، وكان يقال لها أم المساكين، تزوجها سنة ثلاث، فكانت عنده شهرين أو ثلاثة، وتوفيت، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، تزوجها سنة أربع في شوال.
وزينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة، تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة، وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، واسمها رملة، تزوجها سنة ست، وبنى بها سنة سبع، زوجه إياها النجاشي. واختلف فيمن عقد عليها على ما يأتي به الخبر عند ذكرها في بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق، كانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس، وذلك في سنة ست. وقيل سنة خمس، وهو الأكثر(1/45)
والصواب: فكاتبها فأذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابتها وتزوجها.
وميمونة بنت الحارث [بن حزن] [1] الهلالية، من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نكحها سنة سبع في عمرة القضاء. على حسب ما ذكرناه في بابها من كتاب النساء.
وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه بأرؤس اختلفوا في عددها، وأعتقها وتزوجها، وذلك سنة سبع.
فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يختلف فيهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش، وواحدة من بني إسرائيل من ولد هارون، وأربع من سائر العرب. وتوفي في حياته منهن اثنتان خديجة بنت خويلد بن أسد بمكة، وزينب بنت خزيمة بالمدينة، وتخلف منهن تسع بعده صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما اللواتي أختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن، وقد ذكرنا جميعهن كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء من كتابنا هذا، والحمد للَّه وحده.
ثم بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم مرصه الّذي مات منه
__________
[1] في ى: بنت الحارث من الهلالية، والصواب من أ، س، م، وأسد الغابة.(1/46)
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة في بنت ميمونة، ثم انتقل حين اشتد وجعه إلى بيت عائشة. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد ولد يوم الاثنين، ونبيّ يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين ضحى في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس. وقيل: بل دفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليلة الأربعاء.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثتني فاطمة [بنت مُحَمَّد] [1] عن عمرة عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء، وصلى عليه علي والعباس رضى الله عنهما وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الناس يصلون عليه أفذاذًا، لا يؤمهم أحد، ثم النساء والغلمان.
وقد أكثر الناس في ذكر من أدخله قبره وفي هيئة كفنه وفي صفة خلقه وخلقه وغزواته وسيره مما لا سبيل في كتابنا هذا إلى ذكره. وإنما أجرينا من ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هاهنا لمعًا [2] يحسن الوقوف عليها والمذاكرة بها، تبركًا بذكره في أول الكتاب، والله الموفق للصواب.
__________
[1] الزيادة من أ، س، م.
[2] في ى: المعاملات، وهو تحريف.(1/47)
وأصح ذلك أنه نزل في قبره العباس عمه، وعليّ رضى الله عنهما معه، وقشم بن العباس، والفضل بن العباس، ويقال: كان أوس بن خولي وأسامة بن زيد معهم، وكان آخرهم خروجًا من القبر قثم بن العباس، وكان آخر الناس عهدًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ذكر ذلك ابن عباس وغيره. وهو الصحيح. وقد ذكر عن المغيرة بن شعبة في ذلك خبر لا يصح أنكره أهل العلم ودفعوه. وألحد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وبنى في قبره اللبن، يقال تسع لبنات، وطرح في قبره سمل قطيفة كان يلبسها، فلما فرغوا من وضع اللبن أخرجوها وأهالوا التراب على لحده، وجعل قبره مسطوحًا ورش عليه الماء رشًا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعَفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وأما فضائله وأعلام نبوته فقد وضع فيها جماعة من العلماء، وجمع كل منها ما انتهت إليه روايته ومطالعته، وهي أكثر من أن تحصى. ومما رثي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قول صفية عمته. قَالَ الزبير: حدثني عمي مصعب بن عَبْد الله، قَالَ: حدثني أبي عَبْد الله بن مصعب، قَالَ: رويت عن هشام بن عروة لصفية بنت عَبْد المطلب ترثي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم:(1/48)
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برًا ولم تك جافيا
وكنت رحيمًا هاديا ومعلّما ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبيّ لفقده ... ولكن لما أخثى من الهرج آتيا
كأن على قلبي لذكر مُحَمَّد ... وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب مُحَمَّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
صدقت وبلغت الرسالة صادقا ... ومتّ صليب العود أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جده اليوم نائيا
وكان له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أسماء وصفات جاءت عنه في أحاديث شتى بأسانيد حسان. قَالَ: أنا مُحَمَّد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الذي ختم الله بي النبوة، وأنا العاقب فليس بعدي نبي، وأنا المقفى بعد الأنبياء كلهم، ونبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ويروى الملاحم. جاء هذا كلّه عنه في آثار شتى من وجوه صحاح، وطرق حسان، وكان يكنى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لا خلاف في ذلك. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قالا: حدّثنا قاسم بن صبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حدثنا أبو يعقوب [الحنينى] [1]
__________
[1] من أ، س م. وفي أ: بن القاسم.(1/49)
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد السلام الختنيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ. وأما ولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولده من خديجة أربع بنات لا خلاف في ذلك، أكبر هنّ زينب بلا خلاف وبعدها أم كلثوم، وقيل بل رقية، وهو الأولى والأصح، لأن رقية تزوجها عثمان قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة بدر أم كلثوم، وسيأتي ذكر كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء في هذا الديوان إن شاء الله تعالى. وقد قيل: إن رقيّة أصغرهنّ، والأكثر والصحيح أنّ أصغر هنّ فاطمة رضى الله عنها وعن جميعهن.
واختلف في الذكور، فقيل أربعة: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر. وقيل: ثلاثة، ومن قَالَ هذا قَالَ عَبْد الله سمي الطيب، لأنه ولد في الإسلام، ومن قَالَ غلامان قَالَ القاسم، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله قيل له الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد المبعث، وولد القاسم قبل المبعث، ومات القاسم بمكة قبل المبعث، وقد ذكرنا الاختلاف(1/50)
في ذلك كله وسمّينا القائلين به في باب خديجة من كتاب النساء من هذا الديوان [1] .
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنّ مُحَمَّدَ بْنَ عيسى حدّثهم قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي [2] الْعَلافُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شعيب بن أبى حمزة عن عطاء الخراساني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وَسَمَّاهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم. قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد مختونًا من حديث عَبْد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عَبْد المطلب قَالَ: ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مختونًا مسرورًا، يعني مقطوع السرة، فأعجب بذلك جدّه عبد المطلب، وقال: ليكوننّ لابني هذا شأن عظيم. وليس إسناد حديث العباس هذا بالقائم. وفي حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصته مع هرقل- وهو حديث ثابت من جهة الإسناد- دليل على أن العرب كانت تختتن، وأظن ذلك من جهة مجاورتهم في الحجاز ليهود، والله أعلم.
واختلف في سنة صلّى الله عليه وسلم يوم مات، فقيل ستون سنة، روى
__________
[1] في ى: من هذا الكتاب.
[2] في أ: نادى، وهو خطأ، وليس في م.(1/51)
ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَأَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَالِكِ ابن أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، ذكره أحمد بن زهير عن المثنى بن معاذ عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس، وهو قول دغفل بن حنظلة السدوسي النسابة. ورواه معاذ عن هشام عن قتادة عن أنس، ورواه الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة قَالَ: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وهو ابن خمس وستين سنة. ولم يدرك دغفل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ البخاري:
ولا نعرف للحسن سماعًا من دغفل. قَالَ البخاري: وروى عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قَالَ البخاري: ولا يتابع عليه عن ابن عباس إلا شيء [1] رواه العلاء بن صالح عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ وأبو سلمة وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رضي الله عنه: قد تابع عمار بن أبي عمار على روايته المذكورة عن ابن عباس رضى الله عنهما يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في خمس وستين. والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا رواه عن ابن عباس من تقدم ذكر البخاري لهم في ذلك، ورواه كما رواه أولئك ممن لم يذكره البخاري أبو حمزة ومحمد بن سيرين
__________
[1] هكذا في س، وفي ى: بشيء. والعبارة في أ: ولا نتابع عليه ابن عباس إلا شيء.(1/52)
ومقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ توفي وهو ابن ثلاث وستين. ولم يختلف عن عائشة أنه توفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو قول مُحَمَّد بن علي، وجرير بن عَبْد الله البجلي وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ سَهْلٍ] [1] ، قَالَ حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، [عَنْ هِلالِ] [3] بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ [4] بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم. إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً 33: 45، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَسْتَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأسواق، ولا تجزى بسيئة مثلها ولكن تعفو وَتَتَجَاوَزُ، وَلَنْ أَقْبِضَكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَفْتَحُ بِكَ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وقلوبا غلفا. قال عطا بن يسار:
وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قَالَ عَبْد الله بن سلام رضى الله عن جميعهم.
__________
[1] من م.
[2] في م: أخبرنا.
[3] في هامش م: كذا وقع سلمة، والصحيح أسامة. وفيه أيضا: وقع بخط الشيخ هلال بن سلمة. وهو وهم، والصواب هلال بن أسامة.
[4] في ى: أبى عطاء، وهو تحريف.(1/53)
باب حرف الألف إبراهيم بن النبي
إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ولدته أمه مارية القبطية في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم مارية ولدته بالعالية في المال الّذي يقال له اليوم مشربة أم إبراهيم بالقف [1] ، وكانت قابلتها سلمى مولاة النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع به النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فوهب له عبدًا، فلما كان يوم سابعه عق [2] عنه بكبش، وحلق رأسه، حلقه أبو هند، وسماه يومئذ، وتصدق بوزن شعره ورقًا [3] على المساكين، وأخذوا شعره فدفنوه في الأرض.
هكذا قَالَ الزبير: سماه يوم سابعه. والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى إن شاء الله عز وجل.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة بن سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الزُّبَيْرُ: ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ، امْرَأَةِ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. قَالَ أبو عمر رضى الله عنه في حديث أنس: تصديق ما ذكره الزبير
__________
[1] القف: علم لواد من أودية المدينة، عليه مال لأهلها.
[2] العقيقة: الذبيحة التي تذبح عن المولود.
[3] الورق: الفضة.(1/54)
أنه دفعه إلى أم سيف، قَالَ أنس في حديثه في موت إبراهيم قَالَ: فانطلق رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وانطلقت معه، فصادفنا أبا سيف ينفخ في كيره، وقد امتلأ البيت دخانًا، فأسرعت في المشي بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حتى انتهيت إلى أبي سيف، فقلت: يا أبا سيف، أمسك، جاء رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأمسك فدعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالصبي فضمه إليه، وقال: ما شاء الله أن يقول. قَالَ: فلقد رأيته يكيد [1] بنفسه، قال: فدمعت عينا النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال:
تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم المحزونون. قَالَ الزبير أيضًا: وتنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لما يعلمون من هواه فيها، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطعة من الضأن ترعى بالقف، ولقاح بذي الجدر [2] تروح عليها، فكانت تؤتى بلبنها كل ليلة فتشرب منه وتسقي ابنها، فجاءت أم بردة بنت المنذر بن زيد الأنصاري زوجة البراء بن أوس، فكلمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أن ترضعه بلبن ابنها في بني مازن بن النجار وترجع به إلى أمه، وأعطى رسول الله صلّى الله عليه
__________
[1] يكيد بنفسه: يجود بها، وفي أ: رأيت يكيد، وهو تحريف.
[2] في ى: بذي الحديد، والمثبت من أ، س، م. وفي معجم البلدان: ذو جدر:
مسرح على ستة أميال من المدينة بناحية قباء كانت فيها لقاح رسول الله تروح عليه إلى أن أغير عليها وأخذت.(1/55)
وسلم أمّ بردة قطعة من نخل فنا قلت [1] بها إلى مال عَبْد الله بن زمعة، وتوفي إبراهيم في بني مازن عند أم بردة، وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، وكانت وفاته في ذي الحجة سنة ثمان، وقيل: بل ولد في ذي الحجة سنة ثمان، وتوفي سنة عشر، وغسلته أم بردة، وحمل من بيتها على سرير صغير، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبقيع، وقال: ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون.
وقال الواقدي: توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة عشر، ودفن بالبقيع، وكانت وفاته في بني مازن عند أم بردة بنت المنذر من بني النجار، ومات وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، وكذلك قَالَ مصعب الزبيري، وهو الذي ذكره الزبير.
وقال آخرون: توفي وهو ابن [2] ستة عشر شهرًا، قَالَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مؤمل المخزومي في تاريخه: ثم دخلت سنة عشر، ففيها توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وكسفت الشمس يومئذ على اثنتي عشر ساعة من النهار، وتوفّى وهو ابن ستة عشر شهرًا وثمانية أيام. وقال غيره: توفي وهو ابن ستة [3] عشر شهرًا وستة أيام، وذلك سنة عشر.
وأرفع ما فيه ما ذكره مُحَمَّد بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أبى بكر
__________
[1] هكذا في أ، م أيضا.
[2] في ى: سبعة عشر شهرا.
[3] في م: وهو ابن سنة وعشرة أشهر وستة أيام.(1/56)
عن عمرة بنت عَبْد الرحمن عن عائشة قالت: توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمانية عشر شهرًا.
قَالَ أبو عمر: ثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بكى على ابنه إبراهيم دون رفع صوت، وقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابي حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ [1] اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَأَتَى بِهِ النَّخْلَ، فَإِذَا ابْنُهُ إِبْرَاهِيمَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ، وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ، فأخذه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَالَ:
يَا إِبْرَاهِيمُ. إِنَّا لا نَغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. ثُمَّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ:
يَا إِبْرَاهِيمُ، لَوْلا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمْحُزُونُونَ، تَبْكِي الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَهُو يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم
__________
[1] في ى: عبد الله. والمثبت من أ، س، م.(1/57)
فقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. وَوَافَقَ مَوْتُهُ كُسُوفَ الشَّمْسِ، فَقَالَ قوم: إنّ الشمس انكسفت لموته، فحطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَلاةِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ رَضَاعَهُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: [أَمَا] [1] إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ. وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ قال الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
وروى ابن إسحاق عن عَبْد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه. وهذا غير صحيح، والله أعلم، لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا وراثة [2] وعملا مستفيضًا عن السلف والخلف، ولا أعلم أحدا جاء عنه غير هذا إلا عن سمرة بن جندب، والله أعلم.
__________
[1] من م.
[2] في ى: دراية، والمثبت من أ، س، م.(1/58)
وقد يحتمل أن يكون معنى حديث عائشة أنه لم يصل عليه في جماعة أو أمر أصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم، فلا يكون مخالفًا لما عليه العلماء في ذلك، وهو أولى ما حمل عليه حديثها ذلك، والله أعلم.
وقد قيل إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جالس على شفير القبر.
قَالَ الزبير: ورش قبره، وأعلم فيه بعلامة. قَالَ: وهو أول قبر رش عليه، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو عاش إبراهيم لأعتقت أخواله، ولوضعت الجزية عن كل قبطي. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إذا دخلتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا. وكانت مارية القبطية قد أهداها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المقوقس صاحب الإسكندرية ومصر هي وأختها سيرين [1] ، فوهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سيرين لحسان بن ثابت الشاعر، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ أَبُو يُوسُفَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا داود بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ، قال: سألت أنس بن مالك: كم كان بَلَغَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم؟ قال: قد
__________
[1] في أ، س: شيرين.(1/59)
كَانَ مَلأَ مَهْدَهُ، وَلَوْ بَقِيَ لَكَانَ نَبِيًّا، ولكن لم يكن ليبقى، لأَنَّ نَبِيَّكُمْ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ [1] قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي أَوْفَى: أَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ لَعَاشَ، وَلَكِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أبو عمر: هذا لا أدرى ما هو؟ وقد ولد نوح [2] عليه السلام من ليس نبيا، وكما يلد غير النبي نبيًا فكذلك يجوز أن يلد النبي غير نبي والله أعلم. ولو لم يلد النبيّ إلا نبيًا لكان كل واحد [3] نبيًا، لأنه من ولد نوح عليه السلام، وذا آدم نبي مكلم، وما أعلم في ولده لصلبه نبيًا غير شيث.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ [4] أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ [5] قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ على، قال:
__________
[1] في ى: ضباب، وهو تحريف، والمثبت من أ، س، م.
[2] في س: وقد ولد من نوح من ليس بنبي. وفي أ: وقد ولد نوح عليه السلام من ليس نبيا. وفي م: وقد ولد نوح عليه السلام من ليس بنبي.
[3] في أ، م: أحد.
[4] في ى: أبو بكر بن أحمد، وهو تحريف، والمثبت من أ، س، م.
[5] هذه النسبة إلى سجستان على غير قياس كما في اللباب.(1/60)
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابن أبى بجيح عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] : أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 13: 28. قَالَ: بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
من أول اسمه على ألف من الصحابة رضى الله عنهم
باب إبراهيم
(1) إبراهيم الطائفي.
والد عطاء بن إبراهيم وروى عنه ابنه عطاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: قابلوا النعال [2] . لم يرو عنه غير ابنه عطاء، وإسناد حديثه ليس بالقائم ولا مما يحتج به، ولا يصح عندي ذكره في الصحابة، وحديثه مرسل عندي، والله أعلم.
(2) إبراهيم بن عَبْد الرحمن بن عوف.
ذكره الواقدي فيمن ولد على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من الصحابة، أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، يكنى أبا إسحاق.
توفي [3] سنة ست وتسعين وهو ابن خمس وتسعين سنة.
(3) إبراهيم بن عباد [4] بن أساف بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي،
شهد أحدا.
__________
[1] سورة الرعد آية 28.
[2] أي اجعلوا لها قبالا، وهو السير الّذي يكون بين الأصابع.
[3] في أسد الغابة: يقول ابن المنذر: إنه مات سنة خمس وسبعين وله ست وسبعون سنة.
[4] في أسد الغابة: بن عباد بن نهيد بن أساف، وما في الإصابة مطابق لما هنا.(1/61)
باب أبان
(4)
أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
قَالَ الزبير: تأخر إسلامه بعد إسلام أخويه خالد وعمرو، فقال لهما:
ألا ليت ميتًا بالصريمة شاهدًا ... لما يفتري في الدين عمرو وخالد
أطاعا [1] بها أمر النساء فأصبحا ... يعينان من أعدائنا من يكايد
ثم أسلم أبان وحسن إسلامه، وهو الذي أجار عثمان بن عفان رضى الله حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى قريش عام الحديبية، وحمله على فرس حتّى دخل مكة وقال له:
أقبل وأدبر ولا تخف أحدًا ... بنو سعيد أعزة الحرم
وكان إسلام أبان بن سعيد بين الحديبية وخيبر، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ على بعض سراياه، منها سرية إلى نجد، واستعمل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أبان بن سعيد بن العاصي على البحرين برها وبحرها إذ عزل العلاء بن الحضرمي عنها، فلم يزل عليها أبان إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لأبيه سعيد بن العاصي بن أمية ثمانية بنين ذكور منهم ثلاثة ماتوا على الكفر [2] : أحيحة، وبه كان يكنى سعيد بن العاصي بن أمية، قتل أحيحة بن سعيد يوم الفجار، والعاصي وعبيدة ابنا سعيد بن العاصي قتلا جميعا ببدر كافرين، قتل العاصي عليّ كرم الله وجهه، وقتل عبيدة
__________
[1] في م: معا.
[2] هكذا في أأيضا، وفي تاج العروس: واستدرك شيخنا أبا أحيحة بالحاء- سعيد بن العاص، والد الصحابي وأخيه أبان بن سعيد. وقد ذكره المصنف في الجيم.(1/62)
الزبير، وخمسة أدركوا الإسلام، وصحبوا النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهم:
خالد وعمرو وسعيد وأبان والحكم بنو سعيد بن العاصي بن أمية بن عَبْد شمس، إلا أن الحكم منهم غير رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اسمه فسماه عَبْد الله، ولا عقب لواحد منهم إلا العاصي بن سعيد فإنّ عقب سعيد بن العاصي أبي أحيحة. كلهم منه. ومن ولده سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي، والد عمرو بن سعيد الأشدق، وسيأتي ذكر كل واحد من هؤلاء الخمسة الذين أدركوا الإسلام من ولد أبي أحيحة سعيد بن العاصي في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادِ أَبُو بِشْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ:
لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ [1] فِي الْحَدِيدِ لا يُرَى مِنْهُ إِلا عَيْنَاهُ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا ذَاتِ الْكَرِشِ، فَطَعَنْتُهُ بِالْعَنَزَةِ [2] فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ فَلَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّيْتُ فَكَانَ الْجَهْدُ أَنْ نَزَعْتُهَا، وَلَقَدِ انْثَنَى طَرَفُهَا.
واختلف في وقت وفاة أبان بن سعيد، فقال ابن إسحاق قتل أبان وعمرو ابنا سعيد بن العاصي يوم اليرموك، ولم يتابع عليه ابن إسحاق،
__________
[1] في ى: مدمج. وهو تحريف طبعي.
[2] العنزة: رميح بين العصا والرمح فيه زج.(1/63)
وكانت اليرموك يوم الاثنين لخمس مضين من رجب سنة خمسة عشرة في خلافة عمر رضي الله عنه.
وقال موسى بن عقبة: قتل أبان بن سعيد يوم أجنادين، وهو قول مصعب والزبير، وأكثر أهل [1] العلم بالنسب وقد قيل: إنه قتل يوم مرج الصفر، وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنه قبل وفاة أبي بكر رضي الله عنه بدون شهر.
ووقعة مرج الصفر في صدر خلافة عمر سنة أربع عشرة. وكان الأمير يوم مرج الصفر خالد بن الوليد، وكان بأجنادين أمراء أربعة: أبو عبيدة ابن الجراح، وعمرو بن العاص. ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، كل على جنده.
وقيل: إن عمرو بن العاص كان عليهم يومئذ، وكان أبان بن سعيد هو الذي تولى إملاء مصحف عثمان رضى الله عنه على زيد بن ثابت، أمرهما بذلك عثمان، ذكر ذلك ابن شهاب الزهري عن خارجة بن ثابت عن أبيه.
روى أبان بن سعيد بن العاصي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: وضع الله عز وجل كل دم في الجاهلية. أو قَالَ: كل دم كان في الجاهلية، فهو موضوع، قَالَ أبان: فمن أحدث في الإسلام شيئًا أخذناه به.
(5) أبان المحاربي،
كان أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يقول إذا
__________
[1] في أ: العلم بالنسب.(1/64)
أصبح: الحمد للَّه ربي لا أشرك به شيئًا، أشهد أن لا إله إلا الله- إلا ظل يغفر له ذنوبه حتى يمسي. ومن قالها حين يمسي غفرت له ذنوبه حتى يصبح
. باب ابى
(6) أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار،
وهو [1] تيم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر الأنصاري المعاوي، وبنو معاوية بن عمرو يعرفون ببني جديلة، وهى أمهم، ينسبون إليها، وهي جديلة بنت مالك بن زيد الله [2] بن حبيب بن عبد [3] حارثة بن مالك بن غضب [4] بن جشم بن الخزرج، [وأبوهم معاوية بن عمرو [5]] ، وهي أم معاوية بن عمرو، وأمه صهيلة بنت الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهي عمة أبي طلحة الأنصاري.
وزعم ابن سيرين أن النجار إنما سمي النجار لأنه اختتن بقدوم، وقال غيره: بل ضرب وجه رجل بقدوم فنجره [6] فقيل له النجار، يكنى أبي بن كعب أبا الطفيل [بابنه] [7] ، وأبا المنذر.
__________
[1] في أ، م: والنجار هو تيم اللات.
[2] في ى: بن زيد بن حبيب، والمثبت من أ، س، م.
[3] هكذا في ى، س، م. وفي أ: بن عبد بن حارثة.
[4] في هامش م: غضب بالغين المعجمة. كذا ضبطه طاهر بن عبد العزيز وهو الصواب، وكذا ذكره محمد بن حبيب.
[5] ليس في م.
[6] في م: بل فجر وجه رجل بقدوم.
[7] من م.(1/65)
روى وكيع عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري، قَالَ: جاء أبي بن كعب إلى عمر رضى الله عنه فقال: يا بن الخطاب فقال له عمر: يا أبا الطفيل، في حديث ذكره.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أبىّ ابن كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَيُّ آيَةٍ مَعَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَعْظَمُ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هو الحىّ القيّوم. قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ: لَيُهَنِّئَكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ. وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
قَالَ أبو عمر: شهد أبي بن كعب العقبة الثانية، وبايع النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فيها، ثم شهد بدرًا، وكان أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب الله. روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قَالَ: أقرأ أمتي أبي، وروي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ له: أمرت أن أقرأ عليك القرآن، أو أعرض عليك القرآن. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ ابن مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الأَجْلَحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن ابزى [1] عن أبيه عن
__________
[1] في س: أبدى، وهو تحريف.(1/66)
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمَّانِي لَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَرَأَ عَلَيَّ [1] :؟ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هو خير مما يجمعون 10: 58؟. بِالتَّاءِ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ رُوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَهُمَا جَمِيعًا بِالْيَاءِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ [2] عَنْ قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دَعَا أُبَيًّا فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَيْكَ، قَالَ: اللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي. قَالَ أَنَسٌ: وَنُبِّيتُ [3] أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا 98: 1. قَالَ عَفَّانُ: وَأَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّةَ [الأَنْصَارِيَّ] [4] الْبَدْرِيَّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ 98: 1 ... إِلَى آخِرِهَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ:
إِنَّ رَبَّكَ يِأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأُبَيٍّ:
إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَمَرَنِي أَنْ أقرئك هذه السورة. قال أبىّ: أو ذكرت ثَمَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى أُبَيٌّ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أنس، ومنهم من يرويه مرسلا، وهو
__________
[1] سورة البينة آية 1
[2] في ى: قال حدثنا همام، قال حدثنا عفان عن قتادة.
[3] في ى: وثبت.
[4] ليس في م.(1/67)
الأَكْثَرُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَمَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَلا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَلِكُلِّ أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بْنُ الْجَرَّاحِ. وقد ذكرنا لهذا الحديث طرقًا فيما تقدم من هذا الكتاب. وقد روى من حديث أبي محجن الثقفي مثله سواء مسندًا. وروى أيضًا من وجه ثالث. وروينا عن عمر من وجوه أنه قَالَ: أقضانا علي، وأقرؤنا أبي، وإنا لنترك أشياء من قراءة أبي.
وكان أبي بن كعب ممن كتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي قبل زيد بن ثابت ومعه أيضًا، وكان زيد ألزم الصحابة لكتابه الوحي، وكان يكتب كثيرًا من الرسائل. وذكر مُحَمَّد بن سعد عن الواقدي عن أشياخه قَالَ: أول من كتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي مقدمه المدينة أبي بن كعب، وهو أول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان. قَالَ:
وكان أبي إذا لم يحضر دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن ثابت، فيكتب. وكان أبي وزيد بن ثابت يكتبان الوحي بين يديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ويكتبان كتبه إلى الناس وما يقطع وغير ذلك.
قَالَ الواقدي: وأول من كتب له من قريش عَبْد الله بن سعد أبي سرح، ثم ارتد ورجع إلى مكة، وفيه نزلت [1] : وَمن أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى الله كَذِباً 6: 21،
__________
[1] سورة الأنعام آية 93.(1/68)
أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ... 6: 93 الآية. وكان من المواظبين على كتاب الرسائل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَبْد الله بن الأرقم الزهري، وكان الكاتب لعهوده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذا عهد، وصلحه إذا صالح، عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه. وممن كتب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر الصديق، وذكر ذلك عمر بن شبّة وغيره في كتاب الكتاب. وفيه زيادات على هؤلاء أيضًا عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وخالد وأبان ابنا [1] سعيد بن العاص، وحنظلة الأسيدي، والعلاء بن الحضرمي، وخالد بن الوليد، وعبد الله رواحة، ومحمد ابن مسلمة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن أبىّ بن سلول، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وجهيم [2] بن الصلت، ومعيقيب بن أبي فاطمة، وشرحبيل ابن حسنة رضي الله عنهم.
قَالَ الواقدي: فلما كان عام الفتح وأسلم معاوية كتب له أيضًا. قَالَ أبو عمر: مات أبي بن كعب في خلافة عمر بن الخطاب، وقيل سنة تسع عشرة. وقيل: سنة اثنتين وعشرين. وقد قيل: إنه مات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين. وقال علي بن المديني: مات العباس وأبو سفيان ابن حرب وأبي بن كعب قريبًا بعضهم من بعض في صدر خلافة عثمان رضى الله عنه، والأكثر على أنه مات في خلافة عمر رحمهما الله، يعدّ
__________
[1] في ى: وسعيد. والصواب من س، م. وفي أ: وأبان سعيد بن العاص.
[2] في ى: جهم، وهو تحريف. والصواب من أ، س، م.(1/69)
في أهل المدينة. روى عنه عبادة بن الصامت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله ابن خباب، وابنه الطفيل بن أبي رضى الله عنهم.
(7) أبي بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار،
شهد مع أخيه أنس بن معاذ بدرًا واحدًا، وقتلا يوم بئر معونة شهيدين.
(8) أبي بن عمارة الأنصاري،
ويقال ابن عمارة، والأكثر يقولون ابن عمارة [بكسر العين] [1] ، روى أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بيت أَبِيهِ عُمَارَة القبلتين، وله حديث آخر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين. روى عنه عبادة بن نسي، وأيوب بن قطن يضطرب في إسناد حديثه، ولم يذكره البخاري في التاريخ الكبير لأنهم يقولون:
أنه خطأ، وإنما هو أبو أبي بن أم حرام، كذا قَالَ إبراهيم بن أبي عبلة، وذكر أنه رآه وسمع منه، وأبو أبي بن أم حرام اسمه عَبْد الله، وسنذكره في بابه إن شاء الله تعالى.
(9) أبي بن مالك الحرشي،
ويقال العامري، بصري روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: من أدرك والديه أو أحدهما، ثم دخل النار فأبعده الله. مخرج حديثه عن أهل البصرة، روى عنه زرارة بن أوفى [2] . قال يحيى ابن معين: ليس في أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أبي بن مالك، وإنما هو عمرو [3] بن مالك، وأبىّ خطأ.
__________
[1] ليس في م.
[2] في ى: زرارة بن أبى أوفى.
[3] في ى: عمر، والمثبت من أ، س، م.(1/70)
قَالَ البخاري: إنما هذا الحديث لمالك بن عمرو القشيري. وذكر البخاري أبي بن مالك في كتابه الكبير في باب أبي، وذكر الاختلاف فيه، وغير البخاري يصحح أمر أبي بن مالك هذا وحديثه.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حدثنا على ابن الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ أُبَيٌّ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: مَنْ أَْدرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ
. باب أحمر
(10) أحمر بن جزء السدوسي،
يكنى أبا جزء، له صحبة، روى عنه الحسن البصري، لم يرو عنه غيره فيما علمت، وهو أحمر بن جزء بن معاوية بن سليمان مولى الحارث السدوسي. وقال الدّارقطنيّ: أحمر بن جزىّ بكسر الجيم [1] والزاي جميعًا.
(11) أحمر بن عسيب [2] ،
روى عنه مسلم بْن عبيد أَبُو نصيرة [3] عن النبيّ
__________
[1] في الإصابة: وجزء منهم من يضبطه بفتح الجيم وسكون الزاء، ومنهم من يضبطه بفتح الجيم وكسر الزاى بعدها مثناة تحتانية.
[2] في ى: أبو عسيب. وقال في الإصابة: ووقع في الاستيعاب أحمد بن عسيب، ويحتمل أن تكون كنيته وافقت اسم أبيه.
[3] في هامش م- بعد أن ضبطه بضم النون مصغرا في الأصل- كتبه مضبوطا بفتح أوله.(1/71)
صلّى الله عليه وَسَلَّمَ في الطاعون. وروى عنده حازم بن العباس أنه كان يصفر لحيته، فيه نظر.
(12) أَحْمَرُ بْنُ سُلَيْمٍ،
حَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي الْعَلاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ [1] ، حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ الإِمَامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعَلاءِ يَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَرُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: - وَأَحْسَبُهُ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَبْتَلِي الْعَبْدَ [بِمَا أَعْطَاهُ] [2] فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ بَارَكَ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ فِيهِ. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: لم يذكر ابن أبي حاتم في باب أحمر إلا أحمر بن جزي وحده [3] وذكره في الأفراد. [وكذلك البخاري لم يذكر غير أحمر بن جزى] [4] .
__________
[1] في س: الشخيرى، ونراه تحريفا.
[2] من م.
[3] في ى: إلا حمير بن خولى، وهو تحريف.
[4] من م.(1/72)
باب أخرم
(13) أَخْرَمُ
رَجُلٌ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، لا أَعْرِفُ نَسَبَهُ.
ذَكَرَ خَلِيفَةَ بْنَ خَيَّاطٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ الْمُنَخَّلِ [1] السَّدُوسِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ الْعِجْلِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ الْلاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْرَمِ، عَنْ أَبِيهِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي قَارٍ:
الْيَوْمَ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ وَبِي نُصِرُوا.
(14) الأخرم الأسدي،
كان يقال له فارس رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، كما كان يقال لأبي قتادة الأنصاري، قتل شهيدًا في حين غارة عَبْد الرحمن ابن عيينة بن حصن على سرح رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، قتله عَبْد الرحمن بن عيينة يومئذ، وذلك محفوظ في حديث سلمة بن الأكوع.
واسم الأخرم محرز بن نضلة، ويقال ناضلة. وقد ذكرناه في باب الميم
. باب أدرع
(15) أدرع أبو الجعد الضمري،
مشهور بكنيته، روى عنه عبيدة [2] بن سفيان الحضرمي، وسنذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
(16) أدرع الأسلمي،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا.
روى عنه سعيد بن أبى سعيد المقبري.
__________
[1] في ى: المنجل، والمثبت من م، س.
[2] في ى: عبيد، والمثبت من أ، س، م.(1/73)
باب أزهر
(17) أزهر بن عبد عوف [1] [بن عبد بن الحارث بن زهرة] [2] الزهري القرشي،
هو عم عَبْد الرحمن بن عوف، ووالد عَبْد الرحمن بن الأزهر الذي روى عنه ابن شهاب الزهري.
روى عن أزهر هذا أبو الطفيل حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، أعطى السقاية العباس يوم الفتح، وأن العباس كان يليها في الجاهلية دون أبي طالب. وهو أحد الذين نصبوا أعلام الحرم زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
قَالَ ابن شهاب عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة بن مسعود: لما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث أربعة عن قريش فنصبوا أعلام الحرم:
مخرمة بن نوفل. وأزهر بن عَبْد عوف، وسعيد بن يربوع، وحويطب بن عَبْد العزى.
(18) أزهر بن منقر
[3] ، لم يحدث عنه إلا عمير بن جابر، قَالَ: صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستفتح بالحمد للَّه رب العالمين.
(19) أزهر بن قيس:
روى عنه حريز بن عثمان، لم يرو عنه غيره فيما علمت حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ في صلاته من فتنة المغرب.
__________
[1] قال في الإصابة: وزعم ابن عبد البر أنه أزهر بن عوف، وأنه أخو عبد الرحمن.
ابن أزهر بن عوف فوهم في ذلك. هكذا جاء في الإصابة، وكل الأصول التي بأيدينا كما في ى.
فمن أين جاء بهذا؟
[2] من م.
[3] في أ: منقد. وفي تاج العروس: ويقال منقد.(1/74)
(20) أزهر بن حميضة
[1] ، روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في صحبته نظر
. باب أسامة
(21) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي الكلبي،
قد رفعنا في نسبه عند ذكر أبيه زيد بن حارثة، وذكرنا ما لحق أباه زيدا من السباء، وأنه صار بعد [2] مولى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وله ولاؤه صلّى الله عليه وسلم، وأو ضحنا ذلك في باب أبيه زيد بن حارثة، يكنى أسامة أبا زيد. وقبل أبا مُحَمَّد، يقال له الحب بن الحب.
وقال ابن إسحاق: زيد بن حارثة بن شرحبيل، وخالفه الناس، فقالوا:
شراحيل وأم أسامة أم أيمن واسمها بركة مولاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحاضنته.
اختلف في سنه يوم مات النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم، فقيل: ابن عشرين سنة. وقيل: ابن تسع عشرة. وقيل: ابن ثماني عشرة، سكن بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وادي القرى، ثم عاد إلى المدينة، فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية. ذكر مُحَمَّد بن سعد قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره، فجاء غلام
__________
[1] هكذا في ى، م. وفي المحيط وتاج العروس: خميصة.
[2] في ى: وابنه صار بعده مولى لرسول الله.(1/75)
أسود أفطس، فقال أهل اليمن: إنما حبسنا من أجل هذا؟ قَالَ: فلذلك كفر أهل اليمن من أجل هذا. قَالَ يزيد بن هارون: يعنى ردتهم أيام أبي بكر الصديق رضى الله عنه. ولما فرض عمر بن الخطاب للناس فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف، ولابن عمر ألفين، فقال ابن عمر: فضلت علي أسامة، وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أبيك.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زهير، قال حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا حماد بن سَلَمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أُسَامَةُ مَا خَلا [1] فَاطِمَةَ وَلا غَيْرَهَا. وَبِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، أَوْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحِيكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَدُعِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى جَنَازَةٍ لِيُصَلِّي عَلَيْهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ، وَأُسَامَةُ يُصَلِّي عِنْدَ بَابِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُرَى مَكَانُكَ، فَقَدْ رَأَيْنَا مَكَانَكَ، فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ، قَوْلا قَبِيحًا، ثُمَّ أدبر. فانصرف أسامة
__________
[1] في م: ما حاشا.(1/76)
وَقَالَ: يَا مَرْوَانُ، إِنَّكَ آذَيْتَنِي، وَإِنَّكَ فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ. أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْبَشِيرِيِّ [1] . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ قُلْتُ لِوَكِيعٍ: مَنْ سَلِمَ مِنَ الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: أَمَّا الْمَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَرْبَعَةٌ: سَعْدُ بْنُ مالك، وعبد للَّه بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زيد، واختلط سائرهم. قال: ولم يشهد أَمْرَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَرْبَعَةٌ: الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ [2] ، وَمَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، وَالأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
قَالَ أبو عمر: أما أبو عَبْد الرحمن السلمي فالصحيح عنه أنه كان مع عليّ ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وأما مسروق فذكر عنه إبراهيم النخعي أنه ما مات حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن علي كرم الله وجهه، وصح عن عَبْد الله بن عمر رضى الله عنهما من وجوه أنه قَالَ: ما آسى على شيء كما آسى أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي رضى الله عنه.
وتوفي أسامة بن زيد بن حارثة في خلافة معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة أربع وخمسين، وهو عندي أصح إن شاء الله تعالى.
وروى عنه أبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة وجماعة.
__________
[1] هكذا في أ، م، وفي ك، س: البشرى. وفي المشتبه أحمد بن محمد البشرى بكسر الباء وبمعجمة ساكنة.
[2] هكذا في س، ى، م، وفي س أ: خيثم، وهو بضم الخاء وقيل بفتحها.(1/77)
(22) أسامة بن عمير الهذلي،
من أنفسهم، بصرى، له صحبة ورواية، وهو والد أبى المليح الهذلي، من أنفس هذيل، واسم أبي المليح [1] عامر بن أسامة لم يرو عن أسامة هذا غير ابنه أبي المليح، وكان نازلا بالبصرة، ونسبه ابن الكلبي، فقال: أسامة بن عمير بن عامر بن أقيشر، واسم أقيشر عمير [2] الهذلي من ولد كبير بن هند بن طابخة بن لحيان بن هذيل.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ ما رواه خالد الحذاء عن أبى المليح الهذلي عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في سفر يوم حنين فأصابنا مطر لم يبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أن صلوا في رحالكم.
(23) أسامة بن شريك الذبياني الثعلبي،
من بني ثعلبة بن سعد. ويقال من بني ثعلبة بن بكر بن واثل، كوفي له صحبة ورواية. روى عنه زياد بن علاقة [3] .
(24) أسامة بن أخدريّ الشّقرىّ،
بن عم بشير بن ميمون، وهو من بني شقرة، واسم شقرة الحارث بن تميم، نزل البصرة. روى عنه بشير بن ميمون.
(25) أسامة بن خريم،
روى عن مرة البهزي، وروى عنه عَبْد الله بن شقيق، لا تصح له صحبة.
__________
[1] في هامش م: هذا أحد قولي عمرو بن على. قال: ويقال اسم أبي المليح أسامة بن عامر بن أسامة. وفي تهذيب التهذيب: قيل اسمه عامر، وقيل زيد بن أسامة.
[2] هكذا في س، م. وفي أ: عويمر. وفي ى: أقيش، وهو تحريف طبعي.
[3] ضبطه في القاموس بفتح العين. وفي تاج العروس: وقضية سياق المصنف في والده أنه بالفتح، وهو خطأ صوابه بالكسر، كما صرح به الحافظ وغيره. وفي التقريب: علاقة- بكسر المهملة والقاف.(1/78)
باب أسد
(26) أسد ابن أخي خديجة [بنت خويلد] [1] القرشي الأسدي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: لا تبع ما ليس عندك. ذكره العقيلي وقال: في إسناده مقال.
(27) أسد بن عبيد القرطي،
نزل هو وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية [2] يوم قريظة فأسلموا ومنعوا دماءهم وأموالهم، وخبرهم في السير [3] .
وذكر الطبري بإسناده عن ابن إسحاق قَالَ: ثم إنّ ثعلبة بن سعيد [وأسيد بن سعية] [4] وأسد بن عبيد، وهم من بني هذيل ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك، هم بنو عم القوم أسلموا في تلك الليلة التي نزلت في غدها قريظة على حكم سعد بن معاذ.
(28) أسد بن كرز بن عامر القسري،
جد خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ، حَدِيثُهُ عِنْدَ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أوسط بن إسماعيل البجلي، عن خالد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ، عَنْ جَدِّهِ أَسَدِ بْنِ كُرْزٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَرِيضَ لَتَحَاتُّ خَطَايَاهُ كَمَا يتحاتّ ورق الشجر.
__________
[1] من م.
[2] في أسد الغابة: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَثَعْلَبَةُ بن أسيد، وأسد بن عبيد.
[3] في ى: أسير، والمثبت من أ، س، م.
[4] الزيادة من م.(1/79)
ولابنه يزيد بن أسد صحبة ورواية، وسنذكره في بابه إن شاء الله تعالى.
وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أن أسد بن كرز هذا روى عنه أيضًا ضمرة ابن حبيب والمهاجرين حبيب، قَالَ: له صحبة.
(29) أسد بن حارثة العليمي الكلبي،
من بني عليم بن جناب، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه قطن بن حارثة في نفر من قومهم فسألوه الدعاء لقومهم في غيث السماء، وكان متكلمهم وخطيبهم قطن بن حارثة، فذكر حديثًا فصيحًا كثير الغريب من رواية ابن شهاب عن عروة بن الزبير
. باب أسعد
(30) أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري،
أبو أمامة، غلبت عليه كنيته واشتهر بها، وكان عقبييا نقيبا، شهد العقبة الأولى والثانية وبايع فيهما، وكانت البيعة الأولى في ستة نفر أو سبعة، والثانية في اثني عشر رجلا، والثالثة في سبعين رجلا [وامرأتان] [1] ، أبو أمامة أصغرهم فيما ذكروا، حاشا جابر بن عَبْد الله، وكان أسعد بن زرارة- أبو أمامة هذا- من النقباء. وكان النقباء اثني عشر رجلا:
سعد بن عبادة، وأسعد بن زرارة، وسعد بن الربع، وسعد بن خيثمة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله بن رواحة، والبراء بن معرور، وأبو الهيثم بن التيهان، وأسيد بن حضير، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وعبادة بن الصامت،
__________
[1] من م.(1/80)
ورافع بن مالك، هكذا عدهم يحيى بن أبي كثير، وسعيد بن عَبْد العزيز، وسفيان بن عيينة وغيرهم، ويقال: إن أبا أمامة هذا هو أوّل من بايع النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ ليلة العقبة، كذلك زعم بنو النجار، وسنذكر الخلاف في ذلك في موضعه.
ومات أبو أمامة أسعد بن زرارة هذا قبل بدر، أخذته الذبحة [1] ، والمسجد يبني، فكواه النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، ومات في تلك الأيام، وذلك في سنة إحدى، وكانت بدر سنة اثنتين من الهجرة في شهر رمضان.
وذكر مُحَمَّد بن عمر الواقدي عن عَبْد الرحمن بن أبي الرجال، قَالَ: مات أسعد بن زرارة في شوال على رأس ستة أشهر من الهجرة، ومسجد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْنِي يومئذ، وذلك قبل بدر.
وقال مُحَمَّد بن عمر: ودفن أبو أمامة بالبقيع، وهو أول مدفون به، كذلك كانت الأنصار تقول.
وأما المهاجرون فقالوا: أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون. وذكر الواقدي أيضًا عن عَبْد الرحمن بن عبد العزيز عن خبيب بن عَبْد الرحمن قَالَ:
خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة يتنافران إلى عتبة بن ربيعة، فسمعا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتياه، فعرض عليهما الإسلام، وقرا عليهما القرآن، فأسلما ولم يقربا عتبة بن ربيعة، ورجعا إلى المدينة، فكانا أوّل من قدم بالإسلام المدينة.
__________
[1] في الإصابة: أخذته الشوكة. والذبحة. وجع في الحلق أو دم يخنق الرجل فيقتل.(1/81)
وقال ابن إسحاق: إن أسعد بن زرارة إنما أسلم مع النفر الستة الذين سبقوا قومهم إلى الإسلام بالعقبة الأولى. وذكر ابن إسحاق بإسناده عن كعب بن مالك أنه قَالَ: كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزمه [1] من حرة بني بياضة يقال لها نقيع الخضمات [2] . قَالَ فقلت له: كم كنتم يومئذ؟ قَالَ: أربعين رجلا.
(31) أسعد بن يزيد بن الفاكه [بن يزيد] [3] بن خلدة [بن عامر] [3] بن زريق ابن عَبْد حارثة الأنصاري الزرقي،
من بني زريق. ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا، وليس في كتاب بن إسحاق.
(32) أسعد بن يربوع الأنصاري الساعدي الخزرجي.
قتل يوم اليمامة شهيدا.
(33) أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري أبو أمامة،
وهو مشهور بكنيته، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بعامين، وأتى به النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فدعا له وسماه باسم جده أبي أمه أبي أمامة سعد بن زرارة، وكناه بكنيته، وهو أحد الجلة من العلماء من كبار التابعين بالمدينة، ولم يسمع من النبي صلّى الله عليه وسلم شيئا ولا صحبه، وإنما ذكرناه لإدراكه النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بمولده، وهو شرطنا، وأبوه سهل بن حنيف من كبار
__________
[1] هكذا في أأيضا، وفي معجم البلدان بعد أن تقل رواية ابن عبد البر هذه: في هزم ابن حرة.
[2] نقيع الخضمات: هو موضع بنواحي المدينة. وفي هامش م: الخضمات عنده بالفتح، وقيده طاهر بن عبد العزيز بالكسر.
[3] ليس في م.(1/82)
الصحابة من أهل بدر، وسيأتي ذكره في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وتوفي أبو أمامة بن سهل بن حنيف سنة مائة، وهو ابن نيف وتسعين سنة
. باب أسلم
(34) أسلم مولى رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ،
أبو رافع، غلبت عليه كنيته، واختلف في اسمه. فقيل: أسلم كما ذكرنا، وهو أشهر ما قيل فيه.
وقيل: بل اسمه إبراهيم، قاله ابن معين. وقيل: بل اسمه هرمز، والله أعلم.
كان للعباس بن [عَبْد المطلب] [1] ، فوهبه للنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أسلم العباس بشّر أبو رافع بإسلامه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعتقه، وكان قبطيًا. وقد قيل: إن أبا رافع هذا كان لسعيد بن العاصي [2] فورثه عنه بنوه، وهم ثمانية، وقيل عشرة فأعتقوه كلهم إلا واحدًا يقال إنه خالد بن سعيد تمسك بنصيبه منه. وقد قيل: إنه إنما أعتقه منهم ثلاثة، واستمسك بعض القوم بحصصهم منه، فأتى أبو رافع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستعينه على من لم يعتق منهم، فكلمهم فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوهبوه له فأعتقه.
__________
[1] من م.
[2] في هامش م: هذا وهم، وأبو رافع الّذي كان لسعيد بن العاص رجل آخر سوى أبى رافع المذكور في هذا الكتاب. وقد غلط في هذا أبو العباس المبرد في الكامل أيضا وهذا قول مصعب الزبيري وأبى بكر بن أبى خيثمة والبخاري وغيرهم. قال الشيخ أبو الوليد:
وجدته بخط مشيخنا الإمام أبى على رحمه الله.(1/83)
وقال جرير بن حازم، وأيوب السختياني، وعمرو بن دينار إن الذي تمسك بنصيبه من أبي رافع هو خالد بن سعيد بن العاصي وحده، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أعتق إن شئت نصيبك. قَالَ: ما أنا بفاعل.
قَالَ: فبعه. قَالَ: ولا. قَالَ: فهبه لي. قال: ولا. قَالَ: فأنت على حقك منه.
فلبث ما شاء الله، ثم أتى خالد رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال:
قد وهبت نصيبي منه لك يا رسول الله، وإنما حملني على ما صنعته الغضب الذي كان في نفسي. فأعتق رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ نصيبه ذلك بعد قبول الهبة، فكان أبو رافع يقول: أنا مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد قيل: إنه [ما [1]] كان لسعيد بن العاصي إلا سهمًا [2] واحدًا، فاشترى رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ذلك السهم فأعتقه، وهذا اضطراب كثير في ملك سعيد بن العاصي له وولاء بنيه، ولا يثبت من جهة النقل.
وما روي أنه كان للعباس، فوهبه للنّبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أولى وأصح إن شاء الله تعالى، لأنهم قد أجمعوا أنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، ولا يختلفون في ذلك، وعقب أبي رافع أشراف بالمدينة وغيرها عند الناس، وزوجه النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ سلمى مولاته، فولدت له عبيد الله ابن أبي رافع، وكانت سلمى قابلة إبراهيم بن النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وشهدت معه خيبر، وكان عبيد الله بن أبي رافع خازنًا وكاتبًا لعلي رضى
__________
[1] ليس في م.
[2] هكذا في الأصول.(1/84)
الله عنه، وشهد أبو رافع أحدًا والخندق وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرًا، وإسلامه قبل بدر إلا أنه كان مقيمًا بمكة فيما ذكروا، وكان قبطيًا.
واختلفوا في وقت وفاته، فقيل: مات قبل [قتل] [1] عثمان رضى الله عنه، وقال الوقدىّ: مات أو رافع بالمدينة قبل قتل عثمان رضى الله عنه بيسير، وقيل: مات في خلافة علي رضى الله عنه. روى عنه ابناه عبيد الله والحسن، وعطاء بن يسار.
(35) أسلم [2] الحبشي الأسود.
كان مملوكًا لعامر اليهودي يرعى غنمًا له.
قَالَ ابن إسحاق: وكان من حديثه فيما بلغني أنه أتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو محاصر بعض حصون خيبر ومعه غنم له، وكان فيها أجيرًا لليهودي، فقال: يا رسول الله، أعرض علي الإسلام. فعرضه عليه، فأسلم، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لا يحقر أحدًا يدعوه إلى الإسلام ويعرضه عليه، فلما أسلم قَالَ: يا رسول الله، إني كنت أجيرًا لصاحب هذه الغنم، وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها؟ قَالَ: اضرب في وجهها، وقال فسترجع إلى ربها فقام الأسود فأخذ حفنة من حصى، فرمى بها في وجهها، وقال لها:
ارجعي إلى صاحبك، فو الله لا أصحبك بعدها أبدًا. فخرجت مجتمعة كأن سائقًا يسوقها، حتى دخلت الحصن. ثم تقدم إلى ذلك الحصن فقاتل مع المسلمين، فأصابه حجر فقتله، وما صلى الله تعالى صلاة قط. فأتى به إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وقد سجي بشملة كانت عليه، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، ثم أعرض عنه،
__________
[1] من م.
[2] قال في الإصابة: «اعترضه ابن الأثير بأنه ليس في شيء من السياقات أن اسمه أسلم، وهو اعتراض متجه، وقد سماه أبو نعيم يسارا.(1/85)
فقالوا: يا رسول الله، لم أعرضت عنه؟ فقال: إن معه الآن زوجته من الحور العين. قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: إنما رد الغنم- والله أعلم- إلى حصن مصالح، أو قبل أن تحل الغنائم.
(36) أسلم بن عميرة [بن أمية] [1] بن عامر بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي،
شهد أحدا.
(37) أسلم بن بجرة الأنصاري،
حديثه في بني قريظة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب عنق من أنبت الشعر منهم، ومن ينبت جعله في غنائم المسلمين.
إسناد حديثه ضعيف، لأنه يدور على إسحاق بن أبي فروة، ولا يصح عندي نسب أسلم بن بجرة هذا، وفي صحبته نظر
. باب أسماء
(38) أسماء بن حارثة الأسلمي،
يكنى أبا مُحَمَّد، ينسبونه أسماء بن حارثة بن هند [2] بن عبد الله بن غياث بن سعد بن عمرو بن عامر بن ثعلبة بن مالك ابن أفصى الأسلمي، وهو أخو هند بن حارثة، وكانوا إخوة عددًا، قد ذكرتهم في باب هند، وكان أسماء وهند من أهل الصفة. قال أبو هريرة:
ما كنت أرى أسماء وهندًا ابني حارثة إلا خادمين لرسول الله صلّى الله عليه
__________
[1] الزيادة من أ، س، م.
[2] في الإصابة أسماء بن حارثة بن سعيد بن عبد الله. ثم قال: قال ابن عبد البر:
أسماء بن حارثة بن هند بن عَبْد الله، والباقي مثله. وذكر هند في نسبه غلط، وإنما هند إخوة.(1/86)
وَسَلَّمَ من طول ملازمتهما بابه وخدمتهما إياه.
قال أبو عمر رضي الله عنه: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عاشوراء.
توفي في سنة ست وستين بالبصرة، وهو ابن ثمانين سنة، هذا قول الواقدي. وقال مُحَمَّد بن سعد: سمعت غير الواقدي يقول: توفي بالبصرة في خلافة معاوية في ولاية زياد.
(39) أسماء بن ربان [1] الجرمي
من بني جرم بن ربان، وهو الذي خاصم بني عقيل في العقيق، وقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم للجرمى، وهو ماء في أرض بنى عامر بن صعصعة، وهو القائل:
وإني أخو جرم كما قد علمتم ... إذا اجتمعت عند النبيّ المجامع
فإن أنتم لم تقنعوا بقضائه ... فإني بما قَالَ النبيّ لقانع
باب أسود
(40) الأسود بن عوف بن عَبْد عوف بن عبد [2] بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري،
أخو عَبْد الرحمن بن عوف. له صحبة، هاجر قبل الفتح، وهو والد جابر بن الأسود الذين ولي المدينة لابن الزبير، وهو الذي جلد سعيد بن المسيب في بيعة ابن الزبير، وقد جرى ذكر جابر هذا في الموطأ في طلاق المكره.
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ: رباب، وفي تاج العروس: وربان ككتان: اسم لشخص من جرم وليس في العرب ربان- بالراء- غيره ومن سواه بالزاي. ثم قال الزبيدي: قلت الّذي صرح به أئمة النسب ريان كشداد، وهو والد جرم (مادة ربن) . وفي هامش م: ليس في العرب رباب- بالراء إلا هذا وحده.
[2] في أسد الغابة: بن عبد الحارث، والمثبت من أ، س، م.(1/87)
(41) الأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي،
كان من مهاجرة الحبشة. وأمه الفريعة بنت علي [1] بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، وهو جد أبي الأسود مُحَمَّد بن عَبْد الرحمن بن الأسود بن نوفل [بن خويلد بن أسد بن قصي] [2] . يتيم عروة بن الزبير شيخ مالك [بن أنس] [3] رحمه الله.
(42) الأسود بن أبي البختري القرشي الأسدي،
واسم أبى البختري العاصي ابن هشام [4] بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي. أسلم الأسود بن أبي البختري يوم الفتح وصحب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وكان من رجال قريش، وقتل أبوه أبو البختري يوم بدر كافرًا، قتله المجذر بن ذياد [5] البلوي، وفي ابنه سعيد بن الأسود [6] قالت امرأة:
ألا ليتني أشري وشاحي ودملجي ... بنظرة عين من سعيد بن أسود
وذكر الزبير قَالَ: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قَالَ:
بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى المدينة، وأمره أن يستشير رجلا من بني أسد، واسمه الأسود بن فلان، فلما دخل المسجد سد الأبواب، وأراد قتلهم حتى نهاه ذلك الرجل، وكان معاوية قد أمره أن ينتهى إلى أمره.
__________
[1] في ى: عدي، والمثبت من أ، س، م.
[2] من م.
[3] من م.
[4] في ى: بن هاشم. والمثبت من م.
[5] في تاج العروس: زياد. وفي هامش المحيط كما هنا.
[6] وكان جميلا.(1/88)
قَالَ الزبير: وهو الأسود بن أبي البختري بن هشام [1] بن الحارث ابن أسد، وكان الناس قد اصطلحوا عليه أيام علي ومعاوية رضي الله عنهما.
(43) الأسود بن خلف بن عَبْد يغوث القرشي الزهري،
ويقال الجمحي، وهو الأصح، كان من مسلمة الفتح، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:
الولد مبخلة مجهلة مجبنة. وروى أيضًا في البيعة، روى عنه ابنه مُحَمَّد بن الأسود.
(44) الأسود بن سريع بن حمير بن عبادة [2] بن النزال بن مرة [3] بن عبيد السعدي التميمي،
من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، غزا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا عَبْد الله، نزل البصرة، وكان قاصّا شاعرا محسنا، هو أول من قصّ في مسجد البصرة.
روى عَنْهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ [4] ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَكَانَ رَجُلا شَاعِرًا أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَنْشُدُكَ مَحَامِدَ حَمَدْتُ بِهَا رَبِّي؟ قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ، وَمَا اسْتَزَادَنِي. رَوَى [5] السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأسود قَالَ: كَانَ رَجُلا شَاعِرًا، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النبي صلّى الله عليه
__________
[1] في ى: هاشم.
[2] في م: جنادة
[3] كذا في الأصول كلها، قال في هامش ى: ولعله مسيرة، والله أعلم.
[4] في أ،: ابن علية، وفي م: إسماعيل بن علية.
[5] من هنا إلى آخر الترجمة ليس في أ، وهو في س، م.(1/89)
وَسَلَّمَ أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ أَنْ قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ أَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: أو ليس خِيَارَكُمْ أَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ، مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ.
(45) الأسود بن وهب،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الربا سبعون حوبًا [1] . حديثه عند أبي معيد [2] حفص بن غيلان، عن وهب بن الأسود ابن وهب عن أبيه.
(46) الأسود بن زيد بن قطبة،
ويقال له الأسود بن رزم بن [زيد بن] [3] قطبة بن غنم الأنصاري، من بني عبيد بن عدي، ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا.
(47) الأسود بن ثعلبة اليربوعي.
قَالَ الواقدي: شهد النبيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: لا يجني جان إلا على نفسه.
(48) الأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم،
أخو هبار بن سفيان، في صحبته نظر.
(49) الأسود بن أصرم المحاربي،
له صحبة، روى عنه سليمان بن حبيب قاضي عمر بن عبد العزيز، لم يرو عنه غيره فيما علمت، [يعدّ في الشاميين] [4] .
__________
[1] الحوب: الهلاك والبلاء.
[2] في ى: أبى معبد، والصواب من م، والتقريب.
[3] الزيادة من م، س.
[4] ليس في م.(1/90)
(50) الأسود بن عَبْد الله السدوسي،
له صحبة، روينا عن الأصمعي قَالَ:
حَدَّثَنَا الصعق بن حزن عن قتادة قال: هاجر من بكر [1] بن وائل أربعة رجال [2] من بني سدوس: أسود بن عَبْد الله من أهل اليمامة، وبشير بن الخصاصية، وعمرو بن تغلب من النمر بن قاسط، وفرات بن حيان من بني عجل.
(51) الأسود،
والد عامر بن الأسود، فيما روى هشيم وأبو عوانة عن يعلي ابن عطاء عن عامر بن الأسود عن أبيه أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حجة الوداع قَالَ: وصليت معه الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في أخريات الناس لم يصليا، فأتى بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا ... الحديث.
وخالفهما شعبة فقال: عن يعلي بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مثله سواء.
(52) الأسود بن عمران البكري،
من بني [3] بكر بن وائل. ويقال عمران ابن الأسود، هكذا روي على الشك حديثه في إسلام قومه [بكر بن وائل] [4] ، وأنه كان وافدهم بذلك. في إسناد حديثه مقال [لا تقوم به حجة] [5] .
__________
[1] في أسد الغابة: هاجر من ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة رجال من سدوس.
[2] في م: رجلان.
[3] في م: من بكر بن وائل.
[4] ليس في م.
[5] من م.(1/91)
(53) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلمًا ولم يره، روى شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قَالَ: قضى فينا معاذ بن جبل باليمن، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حتّى في رجل ترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف، وأعطى الأخت النصف.
وروى شعبة أيضًا عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد مثله، ولم يقل: ورسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ حي والأسود بن يزيد هذا هو صاحب ابن مسعود، أدرك الجاهلية وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين روى عن أبي بكر وعمر رضى الله عنهما، وكان فاضلا عابدًا ورعًا [سكن الكوفة] [1]
. باب أُسيد
(54) أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي.
اختلف في كنيته فقيل فيها خمسة أقوال. قيل: يكنى أبا عيسى. رَوَى مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قال: قال لي النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: يَا أَبَا عِيسَى. وقيل: يكنى أبا يحيى. وقيل: يكنى أبا عتيك. وقيل: [أبا الحضير] [2] . وقيل أبا الحصين بالصاد والنون، وأخشى أن يكون تصحيفًا، والأشهر أبو يحيى، وهو قول
__________
[1] من م.
[2] من م.(1/92)
ابن إسحاق وغيره. أسلم قبل سعد بن معاذ على يدي مصعب بن عمير، وكان ممن شهد العقبة الثانية، وهو من النقباء ليلة العقبة، وكان بين العقبة الأولى والثانية سنة، ولم يشهد بدرا، كذلك قال ابن إسحاق. وغيره يقول: إنه شهد بدرًا وشهد أحدا وما بعدهما من المشاهد، وجرح يوم أحد سبع جراحات، وثبت مع رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ حين انكشف الناس. ذكر له أبو أحمد [الحاكم في كتابه] في الكنى ثلاث كني: أبو الحصين وأبو الحضير، وأبو عيسى. وذكر له في موضع آخر خمس كنى، وذكر له أبو الحسن [علي ابن عمر] الدار قطنى كنية سادسة أبو عتيق، فقال: أسيد بن حضير: يكنى أبا يحيى وأبا عتيك وأبا عتيق.
وكان أسيد بن حضير أحد العقلاء الكملة من أهل الرأي، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بينه وبين زيد بن حارثة، وكان أسيد بن حضير من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، وحديثه في استماع الملائكة قراءته حين نفرت فرسه حديث صحيح جاء عن طرق صحاح من نقل أهل الحجاز والعراق.
وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُطَارِدٍ، وَمَاتَ قَبْلَ ابْنَ عَوْنٍ، قَالَ: جَاءَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَزَيْدٌ [1] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله سلم فَسَأَلاهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمَا نَصِيبًا مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ، فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الرُّمْحَ فَجَعَلَ يَقْرَعُ رُءُوسَهُمَا وَيَقُولُ: اخْرُجَا أَيُّهَا الْهِجْرَسَانِ. فَقَالَ عامر: من أنت؟ فقال: أنا أسيد
__________
[1] في م: وأربد. (الاستيعاب ج 1- م 4)(1/93)
ابن حُضَيْرٍ. قَالَ: حُضَيْرُ الْكَتَائِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَانَ أَبُوكَ خَيْرًا مِنْكَ.
قَالَ: بَل أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْ أَبِي مَاتَ أَبِي وَهُوَ كَافِرٌ. فَقُلْتُ لِلأَصْمَعِيِّ:
مَا الْهَجْرَسُ؟ قَالَ: الثَّعْلَبُ.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيِّ عَنْ إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ثَلاثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ لم يكن أحد يعتد [1] عليهم فضلا، كلهم من بنى عبد الأشهل: سعد ابن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر.
توفي أسيد بن حضير في شعبان سنة عشرين. وقيل: سنة إحدى وعشرين، وحمله عمر بن الخطاب بين العمودين من عَبْد الأشهل حتى وضعه بالبقيع، وصلى عليه. وأوصى إلى عمر بن الخطاب، فنظر عمر في وصيته، فوجد عليه أربعة آلاف دينار، فباع نخله أربع [2] سنين بأربعة آلاف، وقصي دينه. وقيل: إنه حمل نعشه بنفسه بين الأربعة الأعمدة وصلى عليه.
(55) أسيد بن ثعلبة الأنصاري،
شهد بدرًا، وشهد صفين مع علي بن أبى طالب رضى الله عنه.
__________
[1] هكذا في أ، س، م، وفي الإصابة: لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل.
[2] في الإصابة: ثلاث سنين.
(ظهر الاستيعاب ج 1، م 4)(1/94)
(56) أسيد بن يربوع بن البدي [1] بن عامر بن عوف [2] بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري الساعدي،
شهد أحدا وقتل يوم اليمامة شهيدًا.
(57) أسيد بن ساعدة بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث الأنصاري الحارثي،
شهد أحدًا هو وأخوه أبو حثمة [3] ، وهو عم سهل بن أبي حثمة.
(58) أسيد بن ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو [4] بن جشم بن حارثة ابن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الحارثي.
له ولأبيه ظهير بن رافع صحبة ورواية، وأبوه من كبار الصحابة ممن شهد العقبة، وهو أخو أنس بن ظهير لأبيه وأمه، وأخو عباد بن بشر لأمه، أمهم فاطمة بنت بشر بن عدي بن غنم [بن عمرو] [5] بن عوف.
وقال الواقدي: يكنى أسيد أبا ثابت، عداده في أهل المدينة، كان من المستصغرين يوم أحد، وشهد الخندق، وهو ابن عم رافع بن خديج. وروى عنه
__________
[1] قال في أسد الغابة: البدي- بالباء الموحدة. وقيل بالياء تحتها نقطتان وآخره ياء.
وقيل للبدن بالباء الموحدة وآخره نون. وقال أبو أحمد العسكري: البدي بالياء الموحدة وتشديد الدال، وليس بشيء. قال أبو عمر: اختلفوا في فتح الدال وكسرها. وفي أ:
اليدى بالياء. وفي هامش م: أسيد بن يربوع بن البذي. وقيل اليدى.
[2] في أ: بن عامر بن حارثة بن عمرو، وفي س، م مثل ى. وفي أسد الغابة بدل عامر بن عوف عمرو بن عوف.
[3] في الإصابة وأسد الغابة: أبو خيثمة، وهو تحريف.
[4] في أسد الغابة والإصابة: بن عمرو بن زيد بن جشم وفي م: بن مزيد.
[5] من م.(1/95)
أبو الأبرد مولى بنى خطمة عن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: من أتى مسجد قباء فصلى فيه كانت كعمرة. توفي فِي خلافة عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرَوَان.
(59) أسيد بن سعية،
ويقال أسيد- بالفتح- بن سعية [1] بن عريض القرظي.
قَالَ إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق: أسيد بالضم، وقال يونس بن بكير:
أسيد بالفتح. وقال الدار قطنى: بالفتح الصواب. وقد قيل سعية وسعنة، وسعية بالياء أكثر، نزل هو وأخوه ثعلبة بن سعية في الليلة التي في صبيحتها نزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، ونزل معهما أسد بن عبيد القرظي فأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم
. باب أسيد
(60) أسيد بن سعية القرظي
من بني قريظة. أسلم وأحرز ماله وحسن إسلامه حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ابن مُفَرِّجٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ سَلامٍ وَثَعْلَبَةُ [3] بْنُ سَعْيَةَ وَأَسِيدُ بْنُ سَعْيَةَ، وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودٍ فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَرَغِبُوا فِي الإِسْلامِ قالت أحبار يهود: ما أتى
__________
[1] في ى: شعبة. والمثبت من أ، س، م.
[2] في م: عبد بن سلام.
[3] في ى: ثعلب.(1/96)
مُحَمَّدًا إِلا شِرَارُنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى [1] : لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ ... 3: 113 الآيَةَ إلى قوله تعالى: من الصالحين. هَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أسيد بفتح الهمزة وكسر السين، وكذلك قال الواقدي أسيد بفتح الهمزة وكسر السين، وفي رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق أسيد بالضم، والفتح عندهم أصح، والله أعلم.
ورواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق حَدَّثَنَا بها عَبْد الوارث بن سفيان، حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، حَدَّثَنَا عبيد بن عَبْد الواحد البزار [2] حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق.
وذكر الطبري عن ابن حميد عن سلمة [3] بن الفضل عن ابن إسحاق، قَالَ: ثم إن ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، وهم من بني هذيل، ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ البخاري: توفي أسيد بن سعية وثعلبة بن سعية في حياة النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
(61) أسيد بن صفوان.
أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. وروى عن عليّ كرّم
__________
[1] سورة آل عمران آية 113.
[2] في المشتبه: عبيد بن عبد الواحد البزار. وفي هامش الخلاصة فيمن عرف بنسبه: أبو محمد عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار، آخره مهملة (هامش ى) ، وفي أ: البزاز، وهو تحريف.
[3] في ى: مسلمة، والمثبت من م.(1/97)
الله وجهه حديثًا حسنًا في ثنائه على أبى بكر يوم مات، رواه عمر بن إبراهيم ابن خالد، عن عَبْد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان، وكان قد أدرك النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: لما قبض أبو بكر رضي الله عنه وسجي بثوب ارتجت المدينة بالبكاء، ودهش القوم كيوم قبض رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مسرعًا باكيًا مسترجعًا حتى وقف على باب البيت فقال: رحمك الله يا أبا بكر. وذكر الحديث بطوله.
(62) أسيد بن جارية الثقفي
أسلم يوم الفتح، وشهد حنينا، وهو جدّ عمرو ابن [1] أبي سفيان بن أسيد بن جارية الذي روى عنه الزهري عن أبي هريرة حديث الذبيح إسحاق عليه السّلام. وذكر الدار قطنى أبا بصير الثقفي فقال:
أبو بصير أسيد الثقفي، أسلم قديمًا وهو مذكور في حديث الحديبية، كذا قَالَ أسيد فأخطأ خطأ بينا وقد ذكرنا أبا بصير هذا في الكنى، وذكرنا خبره في الحديبية، وذكرنا الاختلاف في اسمه، ولم يقل أحد اسمه أسيد غير الدار قطنى [2] والله أعلم.
__________
[1] في ى: ابن سفيان.
[2] في هامش م: وهم أبو عمر قال الدار قطنى، وقوله ما لم يقل، وإنما قال الدار قطنى:
أبو بصير عتبة بن أسيد. قال الشيخ الوليد: وجدته بخط شيخنا الإمام أبى على رضى الله عنه.(1/98)
باب أسير
(63) أسير بن عروة بن سواد بن الهيثم بن ظفر الأنصاري الظفري،
من بني أبيرق. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَهُ عن عاصم بن عمر بن قتادة عن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي [1] حَبِيبَةَ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: كَانَ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ رَجُلا منطيقا ظَرِيفًا بَلِيغًا حُلْوًا، فَسَمِعَ بِمَا قَالَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ فِي بَنِي أُبَيْرِقٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حِينَ اتَّهَمَهُمْ بِنَقْبِ جِدَارِ عُرْوَةَ [2] وَأَخْذِ طَعَامِهِ وَالدِّرْعَيْنِ فَأَتَى أُسَيْرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي جَمَاعَةٍ جَمَعَهُمْ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ قَتَادَةُ وَعَمُّهُ: عَمْدًا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ حَسَبٍ وَنَسَبٍ وَصَلاحٍ يَقُولانِ لَهُمْ الْقَبِيحُ [3] بِغَيْرِ ثَبْتٍ وَلا بَيِّنَةٍ، فَوَقَعَ بِهِمْ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَأَقْبَلَ قَتَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُكَلِّمَهُ، فَجَبَهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ جَبْهًا شَدِيدًا مُنْكَرًا، وَقَالَ: بِئْسَ مَا صنعت! صَنَعْتَ! وَبِئْسَ مَا مَشَيْتَ فِيهِ! فَقَامَ قَتَادَةُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَوَدَدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في شيء من مرهم، وَمَا أَنَا بِعَائِدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في شأنهم [4] .
__________
[1] هكذا في س، م أيضا. وفي أ: حنيفة.
[2] في م: بنقب علية عمه.
[3] في م: يأتونهم بالقبيح، ويقولون لهم ما لا ينبغي بغير ثبت.
[4] سورة النساء آية 105.(1/99)
إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً 4: 105 ... الآيات إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً 4: 107 يَعْنِي أُسَيْرَ بْنَ عُرْوَةَ وَأَصْحَابَهُ. وَكَانَ أَسِيرُ بْنُ عُرْوَةَ مُسْلِمًا فَاتُّهِمَ مِنَ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِالنِّفَاقِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: نَزَلَتْ فِيهِ [1] : لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ 4: 113.
(64) أسير بن عمرو بن جابر المحاربي،
ويقال يسير- بالياء- المحاربي، ويقال فيه أسير بن جار [2] ، ويسير بن جابر، فينسب إلى جده، وهو أسير ابن عمرو بن جابر المحاربي، ويقال الكندي، يكنى أبا الخيار، قاله عباس عن ابن معين، وقد قال عليّ بن المديني: أهل الكوفة يسمونه أسير بن عمرو، وأهل البصرة يسمونه أسير بن جابر، ومنهم من يقول يسير، وهو معدود في كبار أصحاب ابن مسعود.
وقد روى عن أبي بكر وعمر رضى الله عنهما، قَالَ علي: روى عنه من أهل البصرة زرارة بن أوفى، وأبو نضرة [3] ، ومحمد بن سيرين، وأبو قتادة العدوي وروى عنه من أهل الكوفة المسيب بن رافع، وأبو إسحاق الشيباني.
قَالَ أبو عمر: روى عنه حميد بن عَبْد الرحمن. وحميد بن هلال، وواقع [4] بن سحبان، وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني يحيى ابن معين، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم، عن العوام بن حوشب قال: ولد يسير بن عمرو
__________
[1] سورة النساء، آية 113
[2] في ى: أسير بن جابر بن جابر، وفي الإصابة. ابن جابر بن سليم. والمثبت من أ، م.
[3] اسمه المنذر بن مالك، كما في تاج العروس والقاموس.
[4] في ى: رافع. والمثبت من م.(1/100)
في مهاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات سنة خمس وثمانين. قَالَ عَبْد الله:
فحدثت بهذا أبي، فقال: ما أعرفه.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ [عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ] [1] . حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو الدمكى، وَكَانَ جَاهِلِيًّا يَعْنِي أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ.
وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَسِيرِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ الدَّرْمَكِيِّ. وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ [2] يَسِيرَ بْنَ عَمْرٍو وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ.
وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ. دَخَلْنَا عَلَى أُسَيْرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استخلف يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرَ كَلامًا، ثُمَّ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَأْتِيكَ مِنَ الْحَيَاءِ إِلا خَيْرٌ، قَالَ أبو يوسف يعقوب بن شيبة، وهو أسير بن عمرو بن جابر.
وجعل الدار قطنى هذا الذي روى حديث الحياء غير أسير بن عمرو بن جابر، والقول عندي ما قاله يعقوب بن شيبة، والله أعلم.
__________
[1] من م.
[2] في م: رأينا.(1/101)
باب أغر
(65) الأغر المزني،
ويقال: الجهني، وهو واحد له صحبة، روى عنه أهل البصرة: أبو بردة بن أبي موسى وغيره. ويقال: إنه روى عنه ابن عمر. وقيل:
إن سليمان بن يسار روى عنه ولم يصح.
(66) الأغر الغفاري.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقرأ في الفجر بالروم، ولم يرو عنه إلا شبيب أبو روح وحده. [فيما علمت] [1]
. باب أفلح
(67) أفلح بن أبي القعيس
[2] ، ويقال أخو أبي القعيس. لا أعلم له خبرًا ولا ذكرًا أكثر مما جرى من ذكره في حديث عائشة في الرضاع [في الموطأ] [3] ، وقد اختلف فيه. فقيل: أبو القعيس. وقيل: أخو أبي القعيس.
وقيل: ابن أبي القعيس، وأصحها إن شاء الله تعالى ما قاله مالك ومن تابعه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: جاء أفلح أخو أبي القعيس. ويقال:
إنه من الأشعريين. وقد قيل، إن أبا القعيس اسمه الجعد. ويقال: أفلح يكنى أبا الجعد. وقيل: اسم أبي القعيس وائل بن أفلح، وسنذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
__________
[1] من م.
[2] الضبط من أ، م.
[3] من م.(1/102)
(68) أفلح
مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، مذكور في مواليه [1]
. باب أقرع
(69) لأقرع بن حابس بن عقال بن مُحَمَّد بن سفيان بن مجاشع التميمي المجاشعي الدّارميّ،
أحد المؤلفة قلوبهم.
قَالَ ابن إسحاق: الأقرع بن حابس التميمي قدم على رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مع عطارد بن حاجب في أشراف بني تميم بعد فتح مكة وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فتح مكة وحنينًا والطائف، فلما قدم وفد بني تميم كانا معه، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا النبي صَلَّى الله عليه وسلم من وراء حجرته: أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد:
فآذى ذلك من صياحهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج إليهم، فقالوا.
يا مُحَمَّد، جئنا نفاخرك، ونزل فيهم القرآن [2] : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ من وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ 49: 4.
وكان فيهم الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وجماعة سماهم ابن إسحاق.
والأقرع بن حابس هو القائل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إن مدحي زين وذمي شين. وقد روى أن قائل ذلك شاعر كان لهم غير الأقرع ابن حابس، والله أعلم.
(70) الأقرع بن شفي العكي
[3] ، عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم في
__________
[1] ليست هذه الترجمة في م.
[2] سورة الحجرات، آية 4.
[3] في س: الكعبي.(1/103)
مرضه، لم يرو عنه إلا لفاف بن كرز وحده، والله أعلم.
(71) الأقرع بن عَبْد الله الحميري.
بعثه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى ذي مران وطائفة من اليمن
. باب امرئ القيس
(72) امرؤ القيس بن عابس الكندي
الشاعر، له صحبة، وشهد فتح النجير [1] باليمن، ثم حضر الكنديين الذين ارتدوا فلما أخرجوا ليقتلوا وثب على عمه، فقال له: ويحك يا امرأ القيس، أتقتل عمك؟ فقال له:
أنت عمي، والله عز وجل ربي. وهو الذي خاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربيعة بن عبدان [2] في أرض، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: بينتك. فقال. ليس لي بينة. قَالَ يمينه. روى حديثه وائل بن حجر، وهو القائل:
قف بالديار وقوف حابس ... وتأن إنك غير آيس
لعبت بهن العاصفات ... الرائحات من الروامس
ماذا عليك من الوقوف ... بهامد [3] الطللين دارس
__________
[1] النجير: حصن باليمن قرب حضر موت.
[2] في المشتبه: ربيعة بن عبدان، وفيه ثلاثة أقوال قيل بكسر العين والموحدة وتشديد الدال كذا ضبط جماعة منهم ابن عساكر. وقيل بفتح العين والمثناة من تحت، وقيل بكسر العين والموحدة. وفي م: عيدان.
[3] في ى: بها لك.(1/104)
يا رب باكية علي ... ومنشد لي في المجالس
أو قائل يا فارسًا ... ماذا رزئت من الفوارس
لا تعجبوا أن تسمعوا ... هلك امرؤ القيس بن عابس
روى حديثه وهب بن جرير قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي قَالَ: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة والعرس [1] بن عميرة أنه حدثه: اختصم امرؤ القيس بن عابس ورجل من حضر موت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الحضرمي البينة. وذكر الحديث. وَرَوَى عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ خَصْمَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَى عَلَى أَرْضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عِمْرَانَ، فَقَالَ الآخَرُ: هِيَ أَرْضٌ أَزْرَعُهَا. فَقَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ يُبَالِي مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. قَالَ: لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلا ذَاكَ فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَحْلِفَ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ حَلَفَ ظَالِمًا، ذَلِكَ لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وهو عليه غضبان
(73) امرؤ القيس بن الأصبغ [2] الكلبي،
من بني عَبْد الله بن كلب بن وبرة، بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاملا على كلب في حين إرساله عما له
__________
[1] الضبط من س، وتاج العروس.
[2] هكذا ى، وفي أبالعين، وفي س: امرؤ القيس الأصبع من غير ابن. وما هنا ما جاء في تاج العروس (مادة صبع، قيس) .(1/105)
على قضاعة، فارتد بعضهم، وثبت امرؤ القيس على دينه، وامرؤ القيس هذا هو خال أبي سلمة بن عَبْد الرحمن بن عوف فيما أظن، والله أعلم، لأن أم أبي سلمة تماضر بنت الأصبغ بن ثعلبة بن ضمضم الكلبي، وكان الأصبغ زعيم قومه ورئيسهم
. باب أمية
(74) أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي الحنظلي،
حليف لبني نوفل بن عَبْد مناف، والد يعلى بن أمية الذي يقال له يعلى بن منية، وهي أمّه، وأمية أبوه، ولابنه يعلي صحبة، وصحبة أبنه يعلي أشهر، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
قدم أمية هذا مع ابنه يعلي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايعنا على الهجرة فقال: لا هجرة بعد الفتح، وكان قدومهما بعد الفتح.
(75) أمية بن خويلد الضمري،
والد عمرو بن أمية، حجازي، له صحبة ولابنه عمرو صحبة، وصحبة عمرو أشهر من صحبة أبيه أمية. روى حديث أمية هذا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه عن جده أن رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بعثه عينًا وحده، وذكر الحديث.
(76) أمية جد عمرو بن عثمان الثقفي،
مدني، حديثه أنّ رسول الله صلّى الله(1/106)
عليه وسلم صلّى في الماء والطين على راحلته، يومئ إيماء، سجوده أخفض من ركوعه.
(77) أمية بن مخشي الخزاعي،
له صحبة، يكنى أبا عبد الله، روى عنه المثنى ابن عَبْد الرحمن بن مخشي، وهو ابن أخيه، له حديث واحد في التسمية على الأكل.
(78) أمية بن الأشكر [1] الجندعي،
حجازي، أدرك الإسلام وهو شيخ كبير، وكان الأشكر شريفًا في قومه، وكان له لبنان فقرا منه، وكان أحدهما يسمى كلابًا، فبكاهما بأشعار له [2] وكان شاعرًا، فردهما عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحلف عليهما ألا يفارقاه أبدًا حتى يموت. خبره مشهور صحيح، رواه الزمرى وهشام بن عروة بن الزبير.
(79) أمية بن خالد.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، لا تصح له عندي صحبته، فالحديث مرسل. ويقال إنه أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، كذلك قال الثوري وقيس بن الربيع.
__________
[1] هكذا في أأيضا وس، وفي م، والإصابة، بن الأسكر. وفيها أشار إلى رواية ابن عبد البر هذه.
[2] في أ: لا شعار له، وهو تحريف طبعي، صوابه من أ، م وارجع إلى هذه الأشعار في الإصابة إن شئت في ترجمته.(1/107)
باب أنس
(80) أنس بن قتادة الأنصاري،
ويقال أنيس، وقد تقدم ذكره في باب أنيس، والحمد الله.
(81) أنس بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو ابن مالك بن النجار الأنصاري،
شهد بدرًا، واختلف في اسمه، فأما ابن إسحاق فقال: قتل يوم بئر معونة، إلا أنه قَالَ فيه أوس [1] بن معاذ، وقال عَبْد الله ابن مُحَمَّد بن عمارة: أنس بن معاذ، ونسبه كما ذكرنا وقال: شهد أنس بن معاذ بدرًا وأحدًا، أو قتل يوم بئر معونة، وقال الواقدي: أنس بن معاذ، ونسبه كما ذكرنا أيضا، وقال: شهد أنس بن معاذ بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومات في خلافة عثمان رضى الله عنه.
(82) أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار الأنصاري،
عم أنس بن مالك الأنصاري قتل يوم أحد شهيدًا روى حميد عن أنس أن عمه أنس بن النضر غاب عن قتال يوم بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف الناس فقال: اللَّهمّ إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء- يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء- يعنى المشركين-
__________
[1] هكذا في أ، س، م. وفي أسد الغابة: أنس بن معاذ. وفي الإصابة: أنيس بن معاذ.(1/108)
ومشى بسيفه، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، هذه الجنة ورب أنس أجد ريحها. قَالَ سعد بن معاذ: فما قدرت على ما صنع، فأصيب يومئذ فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة من بين ضربة بسيف وطعنة مح ورمية بسهم. ومثل به المشركون فما عرفته أخته إلا بثيابه، ونزلت هذه الآية [1] :
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ من يَنْتَظِرُ ... 33: 23 الآية. قال: فنرى أنها نزلت فيه.
(83) أنس بن أوس بن عتيك بن عمرو الأنصاري الأشهلي.
قتل يوم الخندق شهيدًا، رماه خالد بن الوليد بسهم فقتله، وكان قد شهد قبل ذلك أحدا، ولم يشهد بدرا رضي الله عنهم أجمعين.
(84) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد [بن حرام بن جندب بن عامر ابن غنم بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة] [2] الأنصاري [الخزرجي] [2] النجاري [البصري]
[2] ، خادم رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا حمزة، سمي باسم عمه أنس بن النضر. أمه أم سليم بنت ملحان الأنصارية، كان مقدم النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم المدينة ابن عشر سنين. وقيل: ابن ثمان سنين.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قالا: حدثنا سفيان عن
__________
[1] سورة الأحزاب، آية 23
[2] ليس في م.(1/109)
عُيَيْنَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتولى وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مَوْلًى لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لأَنَسٍ: أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: لا أُمَّ لَكَ! وَأَيْنَ أَغِيبُ [1] عَنْ بَدْرٍ؟
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَرَجَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ حِينَ تَوَجَّهَ إِلَى بَدْرٍ، وَهُوَ غُلامٌ يخدمه.
وقال محمد بن عمر الواقدي: حدثني ابن أبي ذئب عن إسحاق بن زيد قَالَ: رأيت أنس بن مالك مختومًا في عنقه ختم الحجاج، أراد أن يذله بذلك واختلف في وقت وفاته، فقيل سنة إحدى وتسعين، هذا قول الواقدي.
وقيل أيضًا: سنة اثنتين وتسعين، وقيل [سنة ثلاث وتسعين] [2] . قاله خليفة ابن خياط وغيره وقال خليفة: مات أنس بن مالك سنة ثلاث وتسعين وهو ابن مائة سنة وثلاث سنين. وقيل: كانت سنه إذ مات مائة سنة وعشر [3] سنين.
وقال مُحَمَّد بن سعد: سألت مُحَمَّد بن عَبْد الله الأنصاري، ابن كم كان أنس بن مالك يوم مات؟ فقال: ابن مائة سنة وسبع سنين. قَالَ أبو اليقظان:
صلى عليه قطن بن مدرك الكلابي. وقال الحسن بن عثمان: مات أنس بن
__________
[1] في م: وأين غبت.
[2] من م.
[3] في ى: مائة سنة وعشرين. والمثبت من م.(1/110)
مالك في قصره بالطف على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين. ودفن هناك. وقد قيل: إنه مات وهو ابن بضع وتسعين سنة، وأصح ما فيه ما حَدَّثَنَا به عَبْد الله بن مُحَمَّد، قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان، قال حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان عن حميد: أنّ أنس ابن مالك عمر مائة سنة إلا سنة.
قَالَ أبو عمر: يقال إنه آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وما أعلم أحدًا مات بعده ممن رأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أبا الطفيل عامر بن وائلة، ويقال: إن أنس بن مالك قدم من صلبه من ولده وولد ولده نحوا من مائة قبل موته، وذلك أن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ دعا له فقال: اللَّهمّ ارزقه مالا وولدًا وبارك له. قَالَ أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالا وولدًا. ويقال: إنه ولد لأنس بن مالك ثمانون ولدًا منهم ثمانية وسبعون ذكرا، والبنتان الواحدة تسمى حفصة والثانية تكنى أم عمرو.
(85) أنس بن مالك القشيري،
ويقال الكعبي، وكعب أخو قشير روى عنه أبو قلابة وعبد الله بن سوادة القشيري، حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة.
سكن البصرة.
(86) أنس بن ظهير الحارثي الأنصاري،
أخو أسيد بن ظهير، شهد مع رسول(1/111)
الله صلى الله عليه وسلم أحدا، حديثه عند حفيده حسين بن ثابت بن أنس ابن ظهير.
(87) أنس بن ضبع بن عامر بن مجدعة بن جشم بن حارثة،
شهد أحدًا، رحمه الله.
(88) أنس بن الحارث،
روى عنه سليم والد أشعث بن سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الحسين، وقتل مع الحسين رضى الله عنهما.
(89) أنس بن هزلة،
وفد إلى النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، روى عنه ابنه عمرو بن أنس.
(90) أنس بن فضالة بن عدي بن حرام بن الهتيم [1] بن ظفر الأنصاري الظفري،
بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأخاه مؤنسًا [2] حين بلغه دنو قريش، يريدون أحدا، فاعترضاهم بالعقيق فصارا معهم، ثم أتيا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأخبراه خبرهم وعددهم ونزولهم حيث نزلوا، فكانا عينين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك، وشهدا معه أحدًا. ومن ولد أنس بن [فضالة يونس بن] [3] مُحَمَّد الظفري. منزله بالصفراء.
__________
[1] الضبط من م.
[2] في أ، س: مونس، والمثبت من م.
[3] من أ، س، م(1/112)
باب أنيس
(91) أنيس بن قتادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث بن عبيد بن زيد بن مالك ابن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس [1] الأنصاري،
شهد بدرًا وقتل يوم أحد شهيدًا، قتله الأخنس بن شريق الأنصاري. ويقال: كان زوج خنساء بنت خدام الأسدية. وقد قَالَ فيه بعضهم أنس، وليس بشيء
(92) أنيس بن قتادة الباهلي،
بصري. روى عنه أبو نضرة، قَالَ: أتيت رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في رهط من بني ضبيعة ... الحديث.
يقال في أنيس بن قتادة أنس، والأول أكثر وأشهر.
(93) أنيس بن جنادة الغفاريّ،
أخو أبى ذر الغفاري، أسلم مع أخيه قديمًا وأسلمت أمهما، وكان شاعرًا، حديثهما عند حميد بن هلال عن عَبْد الله بن الصامت عن أبي ذر حديث طويل حسن في إسلامه [2] .
(94) أنيس بن مرثد بن أبي مرثد [3] الغنوي،
ويقال أنس، والأول أكثر، يكنى أبا يزيد قَالَ بعضهم فيه: الأنصاري لحلف زعم بينهم [4] ، وليس بشيء، وإنما جده حليف حمزة بن عَبْد المطلب، وهو من بني غني بن يعصر ابن سعد بن قيس بن غيلان بن مضر، وقد نسبنا جده في بابه إلى غنى بن يعصر صحب
__________
[1] هكذا في م، س، وفي ى: الأنيس.
[2] في م: في إسلامهما رضى الله عنهما.
[3] في الإصابة: أنيس بن أبي مرثد، ثم أشار إلى رواية ابن عبد البر هذه.
[4] في أسد الغابة: قال أبو عمر يكنى أبا يزيد. وقال بعضهم: نه أنصارى لحلف كان له منهم في زعمه.(1/113)
هو وأبوه مرثد وجده أبو مرثد الغنوي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل أبوه يوم الرّجيع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومات جده في خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وهو حليف حمزة بن عَبْد المطلب.
وقد ذكرنا كل واحد منهما في بابه من هذا الكتاب والحمد للَّه.
وشهد أنيس بن مرثد هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا، وكان عين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوة حنين بأوطاس، يقال:
إنه الذي قَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى هريرة وزيد ابن خالد الجهنيّ: وأغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها وقيل:
إنه كان بينه وبين أبيه مرثد بن أبى مرثد إحدى وعشرون سنة.
وتوفى أنيس في ربيع الأول سنة عشرين.
روى عنه الحكم بن مسعود حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في الفتنة [1] .
(95) أنيس بن الضحاك الأسلمي،
روى عنه عمرو بن سليم، ويقال عمرو ابن مسلم روى عنه أيضًا حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ لأبي ذر: ألبس الخشن الضيق. يعد في الشاميين. ومخرج حديثه عنهم. وقد قيل:
إنه الذي قيل فيه، واغد يا أنيس، والله أعلم.
(96) أنيس رجل من الأنصار،
روى عنه شهر بن حوشب، ولم ينسبه، ولم يرو عنه غيره، حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّي
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل ما لفظه: ستكون فتنة بكماء عمياء صماء المضطجع فيها خير من القاعد والقاعد خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي.(1/114)
لأشفع يوم القيامة لأكثر مما على وجه الأرض من حجر أو مدر. إسناده ليس بالقوى
باب أنيف
(97) أنيف بن وائلة،
كذا قاله الواقدي. وقال ابن إسحاق: ابن وائلة- بالمثلثة- قتل يوم خيبر شهيدًا رحمه الله.
(98) أنيف بن حبيب،
ذكره الطبري فيمن قتل يوم خيبر شهيدًا
. باب أهبان
(99) أهبان بن أوس الأسلى،
يكنى أبا عقبة، كان من أصحاب الشجرة في الحديبية، ابتنى دارًا بالكوفة، أسلم ومات بها في صدر أيام معاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة يومئذ أمير لمعاوية عليها، يقال: إنه مكلم الذئب، روى عنه مجزأة بن زاهر الأسلمي. وقيل: إن مكلم الذئب أهبان [1] ابن عياذ.
[وقال الواقدي: وهبان- بالواو لا بالألف- بن أرس، أبو عبيد الأسلمي الكوفي، له صحبة] [2] .
__________
[1] قال في تاج العروس: وأهبان بن عياذ مكلم الذئب- كذا في المعجم لابن فهد.
وفي أ: عياد، وهو تحريف.
[2] من م.(1/115)
(100) أهبان بن صيفي الغفاري البصري،
يكنى أبا مسلم، حديثه [1] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: في الفتنة أتخذ سيفًا من خشب، ويقال وهبان بن صيفي، وقد ذكرناه في باب الواو أيضًا.
روت عنه ابنته عديسة. ولما ظهر علي رضي الله عنه على أهل البصرة سمع بأهبان بن صيفي فأتاه وقال له: ما خلفك عنا يا أهبان؟ قال: خلّفنى عنك عهد عهد إلي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أخوك وابن عمك قَالَ لي إذا تفرقت الأمة فرقتين فاتخذ سيفًا من خشب، والزم بيتك، فأنا الآن قد اتخذت سيفًا من خشب ولزمت بيتي فقال له علي رضى الله عنه:
فأطع أخي وابن عمي رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وانصرف عنه.
وقصته في القميص الذي كفن فيه رواها الناس، وفيها آية، وذلك أنه لما حضرته الوفاة قَالَ: كفنوني في ثوبين. قالت ابنته: فزدنا ثوبًا ثالثًا قميصًا، فدفناه فيها، فأصبح ذلك القميص على المشجب موضوعًا. وهذا خبر رواه جماعة من ثقات البصريين وغيرهم منهم سليمان التيمي وابنه معتمر، ويزيد ابن زريع، ومحمد بن عَبْد الله بن المثنى عن المعلي بن جابر بن مسلم، عن عديسة بنت وهبان عن أبها.
(101) [أهبان ابن الأكوع،
صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في قول ابن الكلبي. وقال: هو أخو سلمة بن الأكوع، كذا قَالَ، فاعلمه] [2] .
__________
[1] في م: روى عن النبي.
[2] هذه الزيادة في أوحدها، وهي في هامش م، وليست في الأصل به.(1/116)
(102) أهبان ابن أخت أبي ذر،
روى عنه حميد بن عَبْد الرحمن الحميري، بصري، لا تصح له صحبة، وإنما يروى عن خاله أبي ذر رضى الله عنهما.
باب أوس
(103) أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن [عمرو بن] [1] مالك بن النجار الأنصاري،
شهد العقبة وبدرا وقتل يوم أحد شهيدا في قول عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عمارة الأنصاري. وقال الواقدي:
شهد أوس بن ثابت بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عثمان بن عفان بالمدينة. والقول عندي قول عَبْد الله بن مُحَمَّد، والله أعلم.
هو أخو حسان بن ثابت الشاعر. ولابنه شدّاد بن أوس صحبة [ورواية، وسيأتي ذكر خبره في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله عزّ وجل] [2] .
(104) أوس بن خولي بن عَبْد الله بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلي الأنصاري الخزرجي،
شهد بدرًا، ويقال أوس بن عَبْد الله بن الحارث بن خولي، يقال كان من الكملة. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين شجاع بن وهب الأسدي شهد- بعد شهوده بدرًا- أحدًا والخندق وسائر المشاهد كلها. ولما قبض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وأرادوا غسله
__________
[1] من م.
[2] من م.(1/117)
حضرت الأنصار فنادت على الباب: الله الله! فإنا أحواله فليحضر بعضنا.
فقيل لهم: اجتمعوا على رجل منكم، فأجمعوا على أوس بن خولي، فدخل فحضر غسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفنه مع أهل بيته.
وتوفي أوس بن خولي بالمدينة في خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه
(105) أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم [1] بن فهر بن ثعلبة بن غنم [2] ابن سالم بن عوف بن الخزرج الأنصاري،
شهد بدرًا وأحدًا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وبقي إلى زمن عثمان بن عفان رضى الله عنهم. وهو الذي ظاهر من امرأته فوطئها قبل أن يكفر، فأمره رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكفر بخمسة عشر صاعا من سعير على ستين مسكينا.
روى عنه حسان بن عطية، وأوس بن الصامت هذا هو أخو عبادة بن الصامت، وكان شاعرا محسنا وهو القائل:
أنا ابن مزيقياء عمرو وجدي ... أبوه عامر ماء السماء
(106) أوس بن الأرقم بن زيد بن قيس بن النعمان الأنصاري،
من بني الحارث بن الخزرج، قتل يوم أحد شهيدًا
(107) أوس بن حبيب الأنصاري، من بني عمرو بن عوف،
قتل بخيبر على حصن ناعم [3] .
__________
[1] في أ: بن حرام، وهو تحريف.
[2] في أسد الغابة: بن عون.
[3] حصن من حصون خيبر.(1/118)
(108) أوس بن الفاكه [1] الأنصاري،
من الأوس، قتل يوم خيبر شهيدا.
(109) أوس بن الحدثان النصري.
من بنى نصر بن معاوية له صحبة واختلف في صحبة ابنه مالك بن أوس بن الحدثان. رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حدّثه أنّ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسُ بْنُ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَيَا أَنْ لا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مُؤْمِنٌ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ.
(110) أوس بن بشر،
رجل من أهل اليمن، يقال إنه من جيشان [2] ، أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأسلم. حديثه عن الليث بن سعد عن عامر الجيشانيّ
(111) أوس بن شرحبيل،
أحد بني المجمع، ويقال شرحبيل بن أوس، معدود من الشاميين، روى عنه نمران الرحبي، حديثه عند الزبيري [3] ، ذكره البخاري.
(112) أوس بن أوس الثقفي،
ويقال أوس بن أبي أوس. وهو والد عمرو بن أوس روى عنه أبو الأشعث الصنعاني، وابنه عمرو بن أوس، وعطاء والد يعلي بن عطاء له عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها في الصيام، ومنها من غسل [4] واغتسل وبكر وابتكر، يعني يوم الجمعة ... الحديث قَالَ عباس:
سمعت يحيى بن معين يقول: أوس بن أوس، وأوس بن أبى أوس واحد.
__________
[1] في أسد الغابة: اختلف في اسم أبيه، فقيل: فاكه، وقيل فاتك، وقيل فائد وفي هامش م: الفاتك في كتاب ابن إسحاق.
[2] مخلاف جيشان باليمن.
[3] في ى: الزبيدي.
[4] في ى: اغتسل.(1/119)
وأخطأ فيه ابن معين، والله أعلم، لأن أوس بن أبي أوس هو أوس بن حذيفة
(113) أوس بن حذيفة الثقفي.
يقال فيه أوس بن أبي أوس، [واسم أبي أوس حذيفة] [1] ، وقال خليفة بن خياط: أوس بن أبي أوس، اسم أبي أوس حذيفة [2] .
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: هو جد عثمان بن عبد الله بن أوس، ولأوس ابن حذيفة أحاديث منها في المسح على القدمين، في إسناده ضعف. وحديثه أنه كان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ من بني مالك فأنزلهم في قبة بين المسجد وبين أهله، فكان يختلف إليهم فيحدثهم بعد العشاء الآخرة. قَالَ ابن معين: إسناد هذا الحديث صالح، وحديثه عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في تحزيب القرآن حديث ليس بالقائم.
[جعل البخاري هذا والذي قبله رجلا واحدًا] [3]
(114) أوس بن عاثذ،
قتل يوم خيبر شهيدًا.
(115) أوس بن عوف الثقفي،
حليف لهم من بني سالم، أحد الوفد الذين قدموا بإسلام ثقيف على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ مع عَبْد ياليل بن عمرو فأسلموا وأسلمت ثقيف حينئذ كلها.
__________
[1] من م.
[2] العبارة في أسد الغابة: وقال خليفة بن خياط: أوس بن أوس، وأوس بن أبي أوس، واسم أبى أوس حذيفة. وفي الإصابة: هو أوس بن حذيفة. والمثبت من م، س. وفي أ:
لم يخص أوس بن حذيفة بترجمة، بل جعله السابق.
[3] ليس في م.(1/120)
(116) أوس بن معير بن لوذان بن ربيعة بن عريج بن سعد بن جمح،
أبو محذورة الجمحي القرشي، مؤذن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بمكة، غلبت عليه كنيته. واختلف في اسمه، وهذا قول خليفة وغيره في ذلك، وسنذكره إن شاء الله تعالى في موضعه من الكنى في باب السين أيضًا، لأن طائفة يقولون:
اسمه سمرة، ويقولون غير ذلك مما سيأتي في الكنى.
وقد قيل: إن أوس بن معير هذا هو أخو أبي محذورة، وفي ذلك نظر، والأول أكثر [وأصح وأشهر] [1] .
وقال الزبير: أوس بن معير أَبُو محذورة مؤذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وأخوه أنيس بن معير، قتل كافرًا، وأمهما امرأة من خزاعة، ولا عقب لهما.
قَالَ: وورث الأذان عن أبي محذورة بمكة إخوتهم من بنى سلامان بن ربيعة [بن سعد] [1] بن جمح.
وقال أبو اليقظان: قتل أوس بن معير يوم بدر كافرًا، وليس هذا عندي بشيء، والصواب ما قاله الزبير وخليفة بن خياط، والله أعلم.
قَالَ ابن محيريز: رأيت أبا محذورة صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وله شعر، فقلت: يا عم، ألا تأخذ من شعرك؟ فقال: ما كنت لآخذ شعرًا مسح عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ودعا فيه بالبركة.
__________
[1] من م.(1/121)
(117) أوس بن سمعان، أبو عَبْد الله،
مذكور في حديث أنس في الأشربة قوله للنبي صلى الله عليه وسلم: والّذي بعثك بالحق إني لأجدها كذلك في التوراة، يعني كما قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن حقًا على الله ألا يشربها عَبْد من عبيده في الدنيا إلا سقاه الله يوم القيامة من طينه الخبال صديد أهل النار يعني الخمر حديث ليس إسناده بالقوى.
(118) أوس بن قيظي [1] بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي،
شهد أحدًا هو وابناه كباثة [2] وعبد الله، ولم يحضر عرابة [3] ابن أوس أحدًا مع أبيه ولا مع أخوته، لأنه استصغره رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فرده يومئذ.
(119) أوس بن عَبْد الله بن حجر الأسلمي
سكن البادية، مخرج حديثه عن ولده وذريته. وهو حديث حسن في هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أَبِي بَكْر. قَالَ أوس بن عَبْد الله بن حجر: إنه مر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ومعه أبو بكر متوجهين إلى المدينة بدوحات، بين الجحفة وهرشي [4] ، وهما على جمل واحد، فحملهما على فحل إبله، وبعث معهما غلامًا يقال له مسعود، فقال له، اسلك بهما مخارق الطريق، ولا تفارقهما حتى يقضيا حاجتهما منك ومن جملك، فسلك بهما الطريق التي سماها ورجع
__________
[1] في ى: قبطى، وهو تحريف.
[2] في ى كناية، وهو تحريف. والصحيح من م.
[3] في ى: عوانة، وهو تحريف.
[4] هرشى: ثنية في طرفي مكة قريبة من الجحفة.(1/122)
الرسول مسعود إلى سيده أوس بن عَبْد الله، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسعودا أن يأمر سيده أن يسم الإبل في أعناقها قيد الفرس.
قَالَ صخر بن مالك بن أوس [1] بن عبد الله بن حجر وهو شيخ من أهل العرج، راوي الحديث: فهي سمتنا إلى اليوم. وقد قيل فيه أوس بن حجر الأسلمي. وقيل [2] : أبو أوس تميم بن حجر الأسلمي، كان ينزل الجدوات [3] من بلاد أسلم ناحية العرج، وكلهم ذكره في الصحابة.
وقد قَالَ فيه بعضهم: أوس بن حجر [4]- بفتحتين- كاسم الشاعر التميمي الجاهلي
. باب أوفى
(120) أو في بن موله التميمي.
حديثه في الإقطاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب لهم في أديم. ليس إسناد حديثه بالقوي.
(121) أوفى بن عرفطة.
له ولأبيه عرفطة صحبة، واستشهد أبوه يوم الطائف.
__________
[1] في م: بن إياس بن مالك بن أوس.
[2] في ى. وقال.
[3] في أ، س: الجذوات.
[4] في الإصابة: وقيل بضم أوله وإسكان ثانية.(1/123)
(122)
باب إياس
(122) إياس بن البكير،
ويقال إياس بن أبي البكير، وهو إياس بن البكير [بن أبي البكير] [1] بن عَبْد ياليل بن ناشب بن غيرة [2] [من أبي البكير] [3] ابن سعد بن ليث الليثي حليف بن عدي، شهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامه وإسلام أخيه عامر في دار الأرقم، وكانوا أربعة أخوة: إياس، وخالد، وعامر، وعاقل، بنو البكير، كلهم شهد بدرًا، وسنذكر كل واحد منهم في بابه إن شاء الله تعالى وإياس هذا هو والد مُحَمَّد بن إياس بن البكير الذي يروى عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة فيمن طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يمسها أنها لا تحل له.
روى عن مُحَمَّد بن إياس بن البكير مُحَمَّد بن عَبْد الرحمن بن ثوبان مولى بنى عامر بن لؤي ونافع مولى ابن عمر.
ومحمد بن إياس بن البكير هو القائل يرثي زيد بن عمر بن الخطاب، وكان قتل في حرب بين بني عدي جناها عَبْد الله بن مطيع وبنو أبى جهم:
ألا يا ليت أمي لم تلدني ... ولم أك في الغواة لدى البقيع
ولم أر مصرع ابن الخير زيد ... وهدته هنالك من صريع
هو الرزء الذي عظمت وجلت ... مصيبته على الحي الجميع
__________
[1] ما بين القوسين ليس في س، م.
[2] في ى: غبرة، والمثبت من أ، س، م.
[3] من م.(1/124)
كريم في النجار تكنفته ... بيوت المجد والحسب الرفيع
شفيع الجود ما للجود حقًا ... سواه إذ تولى من شفيع
أصاب الحي حي بني عدي ... مجللة من الخطب الفظيع
وخصهم الشقاء به خصوصًا ... لما يأتون من سوء الصنيع
بشؤم [1] بنى حذيفة أن فيهم ... معًا نكدًا وشؤم بني مطيع
وكم من ملتقى خضبت حصاه ... كلوم القوم س علق النجيع
ورثاه أيضًا عَبْد الله بن عامر بن ربيعة بأبيات قد ذكرتها في بابه من كتابنا هذا.
قَالَ عَبْد الله بن مصعب: خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب هو الذي أصاب زيدًا تلك الليلة برمية ولم يعرفه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: زيد بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
(123) إياس بن معاذ
من بني عَبْد الأشهل. ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ [2] ، أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ، مَكَّةَ ومَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ على قومهم من الخزرج، سمع
__________
[1] في م: لشؤم.
[2] هكذا في ى. وفي أ، س، م، وهوامش الاستيعاب أبو الخنيس- بضم الخاء وفتح النون. وفي هامش م. في مغازي ابن إسحاق: أبو الحيسر. (الاستيعاب ج 1- م 5)(1/125)
بهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى الْعِبَادِ أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْكِتَابَ ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الإِسْلامَ وَتَلا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ وَكَانَ حَدَثًا:
أَيُّ قَوْمٍ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ. قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ حِفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ، فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا. قَالَ: فَصَمَتَ إِيَاسٌ، وَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عَنْهُمْ، فَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ. قَالَ محمود بن لبيد: فأخبرني من [1] حضر من قومي عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه [2] حتى مات، فما كانوا يشكون أنه مات مسلمًا، ولقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ما سمع.
(124) إياس بن ودقة [3] الأنصاري،
من بني سالم بن عوف بن خزرج، شهد بدرًا وقتل يوم اليمامة شهيدًا.
(125) إياس بن عدي الأنصاري النجاري،
من بني عمرو بن مالك بن النجار، قتل يوم أحد شهيدا، لم يذكره ابن إسحاق.
__________
[1] في أسد الغابة: فأخبرني من حضره من قومه.
[2] في ى: ويسجد. والمثبت من م.
[3] في ى، م: ودقة بالقاف. وفي أسد الغابة: وقال أبو موسى: رأيت في نسخة مكتوبة عن أبى نعيم فوق ودقة فاء كأنه أملاه بالفاء. قال أبو موسى: والصحيح فيه القاف. قلت والصواب عندي بالفاء والله أعلم. والمثبت من أ، س، وتاج العروس.
(ظهر الاستيعاب ج 1 م 5)(1/126)
(126) إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عَبْد الأعلى
ويقال ابن عَبْد الأعلم ابن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك ابن الأوس، وزعوراء بن جشم أخو عبد الأشهل، قتل يوم أحد شهيدًا، ويقال فيه الأنصاري الأشهلي.
(127) إياس بن عَبْد المزني
[1] ، له صحبة. يعد في الحجازيين. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا تبيعوا الماء. لا أحفظ له غير هذا الحديث، رواه عنه أبو المنهال: واسمه عَبْد الرحمن بن مطعم. وروى أبو المنهال هذا عن ابن عباس والبراء. وأما أبو المنهال سيار بن سلامة الرياحي، فلا أعلم له رواية عن صاحب إلا عن أبي برزة الأسلمي، وأكثر روايته عن أبي العالية رفيع الرياحي. هو من رهطه.
(128) إياس بن عَبْد الفهري أبو عَبْد الرحمن
[2] ، شهد حنينًا، روى شاهت الوجوه ... الحديث بطوله [حديثه عند حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء، عن أبي همام عبد الله بن يسار. عن أبي عَبْد الرحمن الفهري] [3] .
(129) إياس بن عَبْد الله بن أبي ذباب الدوسي،
مديني. له صحبة، حديثه عند [4] الزهري عن عَبْد الله بن عَبْد الله بن عمر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: لا تضربوا إماء الله ... الحديث.
__________
[1] في أسد الغابة: كذا ذكره الثلاثة إياس بن عبد غير مضاف إلى اسم الله تعالى، والّذي ذكره الترمذي، عبد الله، وكلهم رووا عنه النهى عن بيع الماء.
[2] في أسد الغابة: إياس بن عبد الله الفهري، وارجع إلى الإصابة صفحة 139.
[3] ما بين القوسين ليس في أ، م، وهو في هوامش الاستيعاب.
[4] في ى: عن.(1/127)
(130) إياس بن ثعلبة،
أبو أمامة الحارثي الأنصاري، من بني حارثة، وهو ابن أخت أبي بردة بن نيار. ويقال: بل اسم أبي أمامة الحارثي ثعلبة بن سهل [1] ، والأول الأصح، وهو مشهور بكنيته، وسنذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
روى عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ: لا يقتطع رجل مال امرئ مسلم بيمينه إلا حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار، وإن كان سواكًا من أراك. [قالها ثلاث مرات] [2] . وروى أيضًا: البذاذة من الإيمان
باب أيمن
(131) أيمن بن عبيد الحبشي،
وهو أيمن ابن أم أيمن، مولاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وأم أيمن هذه هي أم الظباء [3] بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن [4] ابن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، وهي أم أسامة بن زيد بن حارثة، وأيمن هذا هو أخو أسامة بن زيد لأمه. كان أيمن هذا ممن بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ولم ينهزم. وذكره ابن إسحاق فيمن استشهد يوم حنين وأنه [5] الذي عنى العباس بن عَبْد المطلب رضي الله عنه بقوله في شعره:
وثامننا لاقى الحمام بسيفه ... بما مسه في الله [6] لا يتوجّع
__________
[1] في ى: سهيل. والمثبت من م، وتهذيب التهذيب.
[2] من م.
[3] في هامش م: اسم أم الظبا بركة.
[4] في ى: حصين، والمثبت من أ، س، م.
[5] في ى: فإنه.
[6] في أسد الغابة: في الدين.(1/128)
قَالَ ابن إسحاق: الثامن الأيمن بن عبيد، وقد ذكرنا بعض هذا الشعر في باب العباس.
(132) أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي،
[وهو أيمن بن خريم بن أخرم ابن شداد بن عمرو بن الفاتك بن القليب [1] الأسدي] [2] من بني أسد بن خزيمة، قد نسبنا أباه في بابه من هذا الكتاب، يقال: إن أيمن بن خريم أسلم يوم الفتح، وهو غلام يفاع. روى عن أبيه وعمه وهما بدريان.
وقالت طائفة: أسلم أيمن بن خريم مع أبيه يوم الفتح، والأول أصح إن شاء الله.
وروى عنه الشعبي، وهو شامي الأصل، نزل الكوفة وكان شاعرًا محسنًا.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ الْقُرَظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ يَعْنِي الْعُطَارِدِيَّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أُرْسِلَ مَرَوَانُ [بْنُ الْحَكَمِ] [3] إِلَى أَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ أَلا تَتْبَعَنَا عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟
فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وَعَمِّي شَهِدَا بَدْرًا [4] ، وَإِنَّهُمَا عَهِدَا إِلَيَّ أَلا أُقَاتِلَ رَجُلا يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَإِنْ جِئْتَنِي بِبَرَاءَةٍ مِنَ النَّارِ، فَأَنَا مَعَكَ. فَقَالَ: لا حَاجَةَ لَنَا بِمَعُونَتِكَ، فَخَرَجَ وهو يقول:
__________
[1] في أ: وفاتك وهو القليب، وفي تاج العروس: كما هنا، وقال ابن الفاتك بن القليب الشاعر الفارس (قلب) . وفي هوامش الاستيعاب: وفاتك يقال له القليب.
[2] ليس في م.
[3] من م.
[4] في هوامش الاستيعاب: هذا مما لا يعرف عندنا ولا عند أحد ممن له علم بالسير، وإنما أسلم حين أسلمت بنو أسد بعد فتح مكة.(1/129)
وَلَسْتُ بِقَاتِلٍ أَحَدًا يُصَلِّي ... عَلَى سُلْطَانَ آخِرَ مِنْ قُرَيْشِ
لَهُ سُلْطَانُهُ وَعَلَيَّ إِثْمِي ... مَعَاذَ اللَّهُ مِنْ سَفَهٍ وَطَيْشِ
[أَأَقْتُلُ مُسْلِمًا فِي غير جرم ... فلست بنافعي ما عشت عيشي] [1]
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ [2] ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ لأَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ يَوْمَ الْمَرْجِ يَوَم قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قُيَسٍ الْفِهْرِيُّ: أَلا تَخْرُجُ فَتُقَاتِلُ [3] مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي وَعَمِّي شهدا بدرا. وإنهما عهدا إلي ألا أقاتل مُسْلِمًا، وَرُبَّمَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَإِنَّهُمَا نَهَيَانِي أَنْ أُقَاتِلَ [4] أَحَدًا يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: فَاخْرُجْ إِذًا. قَالَ: فَخَرَجَ. وهو يقول:
وَلَسْتُ مُقَاتِلا أحدًا يُصَلِّي ... عَلَى سُلْطَانَ آخَرَ مِنْ قُرَيْشِ
لَهُ سُلْطَانُهُ وَعَلَيَّ إِثْمِي ... مَعَاذَ اللَّهُ مِنْ سَفَهٍ وَطَيْشِ
أَأَقْتُلُ مُسْلِمًا فِي غير جرم ... فلست بنافعي ما عشت عيشي
قال الدار قطنى: قد روى أيمن بن خريم عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما أنا فما وجدت له رواية إلا عن أبيه وعمه.
__________
[1] ليس هذا البيت في م.
[2] في ى: ابن أبي عمرو، والمثبت من أ، س، م.
[3] في م: تقاتل.
[4] في م: ألا أقاتل.(1/130)
باب الأفراد
(133) أرقم بن أبي [1] الأرقم،
واسم [2] أبي الأرقم عَبْد مناف بن أسد بن عَبْد الله بن عمر [3] بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي المخزومي. وأمه من بني سهم بن عمرو بن هصيص، اسمها أميمة بنت عَبْد الحارث. ويقال: بل اسمها تماضر بنت حذيم [4] من بني سهم. يكنى أبا عَبْد الله، كان من المهاجرين الأولين قديم الإسلام. قيل: أنه كان سبع الإسلام سابع سبعة. وقيل أسلم بعد عشرة أنفس.
وذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق فيمن شهد بدرا، وفي دار الأرقم ابن أبي الأرقم هذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله سلم مستخفيًا من قريش بمكة يدعو الناس فيها إلى الإسلام في أول الإسلام حتى خرج عنها، وكانت داره بمكة على الصفا فأسلم فيها جماعة كثيرة، وهو صاحب حلف الفضول.
روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث، وذكر ابن أبى خيثمة أبا الأرقم أباه فيمن أسلم. وروى من بني مخزوم، وهذا غلط، والله أعلم.
ولم يسلم أبوه فيما علمت، وغلط فيه أيضًا أبو حاتم الرازي وابنه فجعلاه والد عَبْد الله بن الأرقم والزهري، والأرقم والد عَبْد الله بن الأرقم هو الأرقم بن عَبْد يغوث الزهري، وهذا مخزومي مشهور كبير أسلم في داره كبار الصحابة في ابتداء الإسلام.
__________
[1] في ى: أرقم بن الأرقم وهو تحريف- انظر تاج العروس مادة رقم.
[2] في تاج العروس: أبو عبد الله الأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف.
[3] في ى، وأسد الغابة: عمرو، والمثبت من أ، س.
[4] هكذا في ى، م(1/131)
ذكر سعيد بن أبي ريم قَالَ: حَدَّثَنَا عطاف [1] بن خالد، قَالَ حدثني عَبْد الله بن عثمان بن الأرقم عن جده الأرقم وكان بدريًا، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في داره عند الصفا حتى تكاملوا أربعين رجلا مسلمين، وكان آخرهم إسلامًا عمر بن الخطاب، فلما كانوا أربعين رجلا خرجوا.
[ذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، قال: سمعت أحمد بن عبد الله ابن عمران بن عَبْد الله بن عثمان بن الأرقم بن أبي الأرقم يقول: سمعت أبي ومشايخنا يقولون: توفي الأرقم يوم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وقيل] [2] : توفي الأرقم بن أبي الأرقم بن المخزومي سنة خمس وخمسين بالمدينة، وهو ابن بضع وثمانين سنة، وكان قد أوصى أن يصلى عليه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكان بالعقيق، فقال مروان أيحبس صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لرجل غاثب، وأراد الصلاة عليه، فأبى عبيد الله بن الأرقم ذلك على مروان، وقامت بنو مخزوم معه، ووقع بينهم كلام، ثم جاء سعد فصلى عليه، فإن صح هذا فيمكن أن يكون أبوه الأرقم مات يوم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وتوفي الأرقم سنة خمس وخمسين. وعلى هذا يصح قول ابن أبي خيثمة أن أبا الأرقم له صحبة ورواية، والله أعلم.
(134) أسيرة [3] بن عمرو الأنصاري الجاري.
من بني عدي بن النجار، هو أبو سليط، غلبت عليه كنيته، ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق فيمن
__________
[1] في ى، م: غطاف.
[2] ما بين القوسين ليس في م.
[3] هكذا في كل النسخ، وفي تاج العروس: «أسير بن عمرو، وقيل سبرة بن عمرو، والأول أصح» (مادة سلط) .(1/132)
شهد بدرًا وأحدًا، وسنذكره في الكنى بأكثر من ذكره ها هنا، ونذكر الاختلاف في اسمه هناك إن شاء الله تعالى.
(135) الأشعث بن قيس [1] بن معديكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر [2] بن الحارث الأكبر بن معاوية ابن ثرر بن مرتع بن معاوية بن ثور [3] بن عفير بن عدي بن مرة بن أدد بن زيد الكندي،
وكندة هم ولد ثور بن عفير، يكنى أبا مُحَمَّد. وأمه كبشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو، قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة عشر في وفد كندة، وكان رئيسهم.
وقال ابن إسحاق عن ابن شهاب: قدم الأشعث بن قيس في ستين راكبًا من كندة، وذكر خبرا طويلا فيه ذكر إسلامه وإسلامهم، وقول رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا [4] كان في الجاهلية رئيسًا مطاعًا في كندة، وكان في الإسلام وجيهًا في قومه، إلا أنه كان ممن ارتد عن الإسلام بعد النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، ثم راجع الإسلام في خلافة أبي بكر الصديق، وأتى به أبو بكر الصديق رضى الله عنه أسيرا.
__________
[1] الأشعث لقب لقب به لأنه كان لا يزال شعثا، واسمه معديكرب (هوامش الاستيعاب) .
[2] هكذا في ى، س، وفي أ: بن ربيعة بن الحارث الأصغر بن الحارث الأكبر بن ثور بن مرتع.
[3] في ى: الحارث الأكبر بن معاوية بن مرتع بن ثور. والمثبت من م.
[4] أي لا نتهمها ولا نقذفها. وقيل معناه لا نترك النسب إلى الآباء وننتسب إلى الأمهات (النهاية لابن الأثير) .(1/133)
قَالَ أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كأني أنظر إلى الأشعث ابن قيس، وهو في الحديد يكلم أبا بكر، وهو يقول: فعلت وفعلت حتى كان آخر ذلك سمعت الأشعث يقول: استبقني لحربك وزوجني أختك، ففعل أبو بكر رضي الله عنه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: أخت أبي بكر الصديق رضي الله عنه التي زوجها من الأشعث بن قيس هي أم فروة بنت أبي قحافة، وهي أم مُحَمَّد ابن الأشعث، فلما استخلف عمر خرج الأشعث مع سعد إلى العراق، فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند، واختط بالكوفة دارًا في كندة ونزلها، وشهد تحكيم الحكمين، وكان آخر شهود الكتاب.
مات سنة اثنتين وأربعين. وقيل سنة أربعين بالكوفة، وصلى عليه الحسن بن علي رضي الله عنهما.
وروى أن الأشعث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكبًا من كندة وقالوا: يا رسول الله، نحن بنو آكل المرار، وأنت ابن آكل المرار، فتبسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وقال: نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا. وروى الأشعث أحاديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، روى عنه قيس بن أبي حازم، وأبو وائل، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن عدي [1] الكندي.
وروى سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قَالَ: شهدت جنازة فيها جرير والأشعث، فقدم الأشعث جريرًا، وقال: إني ارتددت ولم ترتدّ.
__________
[1] في م: بن على.(1/134)
وقال الحسن بن عثمان، مات الأشعث الكندي، ويكنى أبا مُحَمَّد:
سنة أربعين بعد مقتل علي رضي الله عنه بأربعين يومًا فيما أخبرني والده.
وقال الهيثم بن عدي: صلى عليه الحسن بن علي رضي الله عنهما.
(136) إيماء بن [1] رحضة بن خربة [2] الغفاري،
أسلم قريبًا من الحديبية، وكانوا مروا عليه ببدر وهو مشرك، ولابنه خفاف صحبة، وكانا ينزلان غيقة من بلاد بني غفار، ويأتون المدينة كثيرًا، ولابنه خفاف رواية عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
(137) آبي اللحم الغفاري،
من قدماء الصحابة وكبارهم، ذكر الواقدي عن موسى بن مُحَمَّد عن أبيه عن عمير مولى آبي اللحم قَالَ: كان أبي اللحم من غفار، له شرف، وإنما قيل: آبي اللحم، لأنه أبى أن يأكل اللحم، فقيل له: آبي اللحم.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: وقد قيل إنه كان يأبى أن يأكل لحمًا ذبح على النصب.
واختلف في اسمه فقال خليفة بن خياط: اسمه عَبْد الله بن عَبْد الملك.
وقال الهيثم بن عدي: اسمه خلف بن عبد الملك. وقال غيرهما. اسمه الحويرث ابن عَبْد الله بن خلف بن مالك بن عَبْد الله بن حارثة بن غفار. وقيل: اسمه عَبْد الله بن عَبْد الله بن مالك.
__________
[1] هكذا في ى، س، وتاج العروس. وفي أ، م: رخصة. وفي الإصابة رحضة- بفتح الراء المهملة ثم معجمة وإيماء- بكسر الهمزة في أوله ومدة في آخره. ويفتح الأولى مع القصر- لغتان (هوامش الاستيعاب) .
[2] في ى، وأسد الغابة، والإصابة: حرابة. والمثبت من أ، س، م وتاج العروس.
وفي هامش م: قال الدار قطنى: جزية بسكون الزاى.(1/135)
وقد ذكرناه في العبادلة بخلاف هذه النسبة إلى غفار، ولا خلاف أنه من غفار، وأنه قتل يوم حنين، وشهدها معه مولاه عمير.
(138) أذينة العبدي،
والد عَبْد الرحمن بن أذينة، اختلف فيه، فقيل: أذينة ابن مسلم العبدي من بني عَبْد القيس من ربيعة. وقيل: أذينة بن الحارث بن يعمر بن عوف بن كعب [1] بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناه بن كنانة، والأول أصح.
وقد قَالَ بعضهم فيه الشني، ولا يصح، والله أعلم.
[وشن بن أفصى بن عَبْد القيس [2]] .
روى عنه ابنه عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في كفارة اليمين.
حديثه عند [3] أبي إسحاق عن عَبْد الرحمن بن أذينة عن أبيه يقولون:
إنه لم يروه هكذا عن أبي إسحاق غير أبي الأحوص سلام بن سليم.
(139) أصيل [4] الهذلي
ويقال الغفاريّ. حديثه عند أهل حران في مكة وغضارتها والتشوق إليها وقد روى حديثه أهل المدينة: إنه قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إلى المدينة، فقالت عائشة: يا أصيل، كيف تركت مكة؟ قَالَ: تركتها حين ابيضت أباطحها [5] ، وأرغل ثمامها، وامتشر
__________
[1] في أسد الغابة: بن مالك بن عامر.
[2] في القاموس: شن بن أفصى أبوحى. وفي اللباب: هذه النسبة إلى شن بن أفصى بن عبد القيس بطن. وليست هذه العبارة في م.
[3] في م: عن.
[4] أصيل بن عبد الله، وقيل ابن سفيان.
[5] في ى: آباطها، وهو تحريف صوابه من أ، م. وفي أسد الغابة. بطحاؤها.(1/136)
سلمها، وأعذق إذخرها [1] .
فقالت عائشة: يا رسول الله، اسمع [2] ما يقول أصيل؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لا تشوقنا- أو كلمة نحوها- يا أصيل.
(140) أحيحة بن أمية بن خلف الجمحي،
أخو صفوان بن أمية. مذكور في المؤلفة قلوبهم.
(141) أربد [3] بن حمير،
ذكره إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق فيمن هاجر إلى المدينة.
(142) أنسة مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويكنى أبا مسرح [4] ، ويقال أبو مسروح، ذكره موسى بن عقبة عن ابن شهاب فيمن شهد بدرًا، وكذلك قَالَ ابن إسحاق، وكان من مولدي السراة، وكان يأذن على النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ إذا جلس فيما حكى مصعب الزبيري. ومات في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وذكر المدائني عن عَبْد العزيز بن أبي ثابت عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: استشهد يوم بدر أبو أنسة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كذا قال أبو أنسة. والمحفوظ أنسة.
__________
[1] الثمام: نبت معروف في البادية ولا تجهده النعم إلا في الجدوبة. وأرغل: اشتد حبه في السنبل والرغل: ثمر الثمام. وأمشر سلمها: خرج ورقة واكتسى به. وفي م: وامتشر.
وفي هوامش الاستيعاب: امتشر الرجل وتمشر: إذا لبس وتزين. الإذخر: حشيشة طيبة الرائحة. وأعذق إذخرها: صار له أعذاق.
[2] في أ: ألا تسمع.
[3] في الإصابة: أريد بن جبير. وقيل: بن حمير وقيل ابن حمزة. وفي التجريد: أريد ابن حمير، شهد بدرا.
[4] في هوامش الاستيعاب: ويقال أبا مشروح.(1/137)
قَالَ الواقدي: ليس ذلك عندنا بثبت. قَالَ: ورأيت أهل العلم يثبتون أنه قد شهد أحدًا، وبقي بعد ذلك زمانًا. قَالَ: وحدثني ابن أبي الزناد [1] عن مُحَمَّد بن يوسف قَالَ: مات أنسة بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
في ولاية أبى بكر الصديق رضي الله عنه.
(143) أبيض بن حمّال السبائي [2] المأربي،
من مأرب اليمن، يقال أنه من الأزد.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما يحمى من الأراك. وروى عنه أنه أقطعه الملح الذي بمأرب، إذ سأله ذلك، فلما أعطاه إياه قَالَ له رجل عنده: يا رسول الله، إنما أقطعته الماء العد [3] ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فلا إذن. روى عنه شمير بن عَبْد المدان وغيره. وفي حديث سهل بن سعد من رواية ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير اسم رجل كان اسمه أسود فسماه أبيض، فلا أدري أهو هذا أم غيره.
(144) أشيم الضّبابى،
مات فِي حياة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(145) أديم التغلبي
[4] ، ذكره شريك عن منصور بن المعتمر عن أبي وائل في حديث الصبي بن معبد.
__________
[1] في ى: الزيات، وهو تحريف.
[2] في اللسان: أبيض بن حمال المازني.
[3] الماء العد: الدائم الّذي له مادة لا انقطاع لها. وفي ى: العذب، والمثبت من أ، م، واللسان.
[4] في أسد الغابة: أديم- بضم الهمزة وفتح الدال، وقيل بفتح الهمزة وكسر الدال.
وفي هوامش الاستيعاب: يقال فيه أريم.(1/138)
(146) أقعس بن مسلمة
[1] ، حديثه عند عبيد الله بن صبره بن هوذة [2] عن الأقعس أنه جاء بالإداوة التي بعث بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينضح بها مسجد قرّان.
(147) أفطس،
رجل من الصحابة، روى عنه إبراهيم بن أبي عبلة، قَالَ:
رأيت رجلا من أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقَالُ له أفطس يلبس الخز.
(148) أسلع بن شريك الأعوجي [3] التيمي،
خادم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وصاحب راحلته نزل البصرة، روى عنه زريق المالكي.
(149) أسلع بن الأسقع الأعرابي.
له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين. لا أعلم له غير هذا الحديث، ولم يرو عنه غير الربيع بن بدر المعروف بعليلة بن بدر عن أخيه فيما علمنا، وفيه وفي الذي قبله نظر.
(150) أقرم بن زيد الخزاعي.
روى عن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أنه نظر إليه بالقاع من نمرة يصلي، قَالَ: فكأني أنظر إلى عفرة [4] إبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد له ولابنه عَبْد الله بن الأقرم الخزاعي
__________
[1] في الإصابة: سلمة. وفي أسد الغابة: بن سلمة، وقيل: مسلمة.
[2] في الإصابة: عبيد الله بن ضمرة. وفي أسد الغابة: عبيد الله بن ضمرة بن هود ثم قال: وقال ابن مندة: عبيد الله بن صبرة بن هوذة- بالصاد المهملة والباء الموحدة، وهوذة بالذال المعجمة وآخرها هاء، والّذي أظنه أن هودة بزيادة هاء أصح.
[3] في الإصابة: وقع في أصله بخطه الأعوجي- بالواو، وقيل: إنما هو بالراء. وفي التجريد: التميمي
[4] في م: عفر. وفي اللسان: عفرتى. قال: العفرة بياض ولكن ليس بالبياض الناصع الشديد(1/139)
صحبة ورواية، وقال بعضهم: أرقم الخزاعي، ولا يصحّ، والصواب أقرم إن شاء الله.
(151) أنجشة العبد الأسود،
كان يسوق أو يقود نساء النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ عام حجة الوداع، وكان حسن الحداء، وكانت الإبل تزيد في الحركة بحدائة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: رويدًا يا أنجشة، رفقًا بالقوارير، يعني النساء.
حديثه عند أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قَالَ: كَانَ أَنْجَشَةُ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ. وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ يَحْدُو بِالرِّجَالِ، وَكَانَ إِذَا حَدَا أَعْنَقَتِ الإِبِلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير.
وروى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةَ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ أَنْجَشَةُ يَحْدُو بِهِمْ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ:
وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ، وَكَانَ يَسُوقُ بِالنِّسَاءِ. قَالَ:
وَكَانَتْ فِيهِنَّ أُمُّ سليم.
(152 أَشَجُّ عَبْدُ الْقَيْسِ،
وَيُقَالُ أَشَجُّ بَنِي عَصْرٍ، العصرى العبديّ، هو من وَلَدِ لُكَيْزٍ بْنِ أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَوَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد عبد القيس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: يَا أَشَجُّ،(1/140)
فيك خصلتان يحبّهما الله ورسوله، قال قلت: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ.
وَرُوِيَ الْحِلْمُ وَالْحَيَاءُ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي أَوْ شَيْءٌ جَبَلَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ جَبَلَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ: فَقُلْتُ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يَرْضَاهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُقَالُ: اسْمُ الأَشَجِّ الْمُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الميم.
(153) أصرم الشقرى:
كان في النّفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ من بني شقرة، فقال له: ما اسمك؟ فقال: أصرم. فقال: أنت زرعة، روى حديثه أسامة بن أخدري.
(154) أعين بن ضبيعة [1] بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي،
هو الذي عقر الجمل الذي كانت عليه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وبعثه علي كرم الله وجهه إلى البصرة بعد ذلك فقتلوه، هو ابن عم الأقرع ابن حابس وابن عم صعصعة بن ناجية [2] .
(155) أكثم بن الجون،
أو ابن أبي الجون الخراعى. قَالَ أبو هريرة: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول لأكم بن الجون الخزاعي: يا أكثم، رأيت عمرو ابن لحي بن قمعة بن خندف [3] يجر قصبة [4] في النار، وما رأيت من رجل أشبه برجل منك به ولا به منك. فقال أكثم: أيضرّني
__________
[1] في أسد الغابة والإصابة: أعين بن ضبيعة بن ناحية. وفي أ: بن عيال.
[2] في الإصابة: قتل أعين غيلة سنة ثمان وثلاثين.
[3] في اللسان: جندب.
[4] القصب: اسم للأمعاء كلها، والحديث في اللسان- مادة قصب، وبحر، ووصل.(1/141)
شبهه يا رسول الله؟ قَالَ: لا، إنك مؤمن وهو كافر، وإنه كان أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان وسيب السائبة، وبحر البحيرة، ووصل الوصيلة وحمى الحامي. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرَو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ، فَسَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَبَحَرَ الْبَحَائِرَ، وَحَمَى الحمامي، وَنَصَبَ الأَوْثَانَ، وَأَشْبَهُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ أَكْثَمُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ. فَقَالَ أَكْثَمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَضُرُّنِي شَبَهُهُ؟ قَالَ: لا، إِنَّكَ مُسْلِمٌ وَهُوَ كَافِرٌ. وروى عن أكثم قَالَ: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أكثم ابن الجون. أغز مع قومك يحسن خلقك وتكرم على رفقائك. [وقد روى في الحديث: اغز مع غير قومك. وأما الخبر الذي ذكر فيه أن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: أشبه من رأيت بالدجال أكثم ابن الجون. قَالَ: يا رسول الله، أيضرني شبهه؟ قَالَ: لا، أنت مؤمن وهو كافر، وهذا لا يصح في ذكره الدجال هاهنا في قصة أكثم بن أبي الجون وإنما يصح في ذلك ما قاله في عمرو بن لحي على ما تقدم لا في الدجال الله وأعلم] [1] .
__________
[1] من م.(1/142)
وقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: خير الرفقاء أربعة: من حديث الزهري.
(156) أسمر بن مضرس الطائي،
قَالَ: أتيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فبايعته، فقال: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له. يقال هو أخو عروة بن مضرس. روت عنه ابنته عقيلة. وأسمر هذا أعرابي وابنته أعرابية.
(157) أوسط بن عمرو البجلي،
روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا أعلم له رواية عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، روى عنه سليم بن عامر الخبائري.
(158) أكتل بن شماخ،
نسبه ابن الكلبي إلى عوف بن عبد مناف بن أدبن طابخة وقال: شهد الجسر مع أبي عبيد، وأسر مردان شاه [1] وضرب عنقه، وشهد القادسية، وله فيها آثار محمودة. قَالَ: وكان علي بن أبي طالب إذا نظر إليه قَالَ: من أحب أن ينظر إلى الصبيح الفصيح فلينظر إلى أكتل بن شماخ.
(158) أعشى المازني،
من بني مازن بن عمرو بن تميم سكن البصرة، وكان شاعرًا، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده:
يا مالك الناس وديان العرب ... إني لقيت [2] ذربة من الذرب
ذهبت [3] أبغيها الطعام في رجب ... فخالفتني بنزاع وهرب
__________
[1] في أسد الغابة في فرخان شاه. وفي م: فرد شاه.
[2] إليك أشكو. وقال: أراد بالذربة امرأته كنى بها عن فسادها وخيانتها. مادة ذرب. وفي م: إني نكحت.
[3] في اللسان: خرجت، وفي أسد الغابة: غذوت.(1/143)
أخلفت العهد ولطت [1] بالذنب ... وهن شر غالب لمن غلب
فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتمثل ويقول: وهن شر غالب لمن غلب ويقال: إن اسم أعشى بن مازن هذا عَبْد الله، وسنذكر خبره في باب العبادلة إن شاء الله تعالى
(159) أجمد الهمداني،
قَالَ الدارقطني: أحمد كثير، وأجمد- بالجيم- رجل واحد، وهو أجمد بن عجيان [2] الهمداني وفد عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد فتح مصر في أيام عمر بن الخطاب، وخطته معروفة بجيزة مصر.
أخبرني بذلك عَبْد الواحد بن مُحَمَّد البلخي [3] قَالَ سمعت أبا سعيد عَبْد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عَبْد الأعلى الصدفي يقوله، ولا أعلم له رواية. وقال أبو عمر: أخبرني بتاريخ أبي سعيد حفيد يونس في المصريين عَبْد الله بن محمد بن يوسف، قال: حدثنا يحيى بن مالك بن عائذ [4] عن أبي صالح أحمد بن عبد الرحمن ابن أبي صالح [الحافظ عن أبي سعيد، ورواه عَبْد الله بن مُحَمَّد أيضًا عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مفرج [5] القاضي، عن أبي سعيد] [6] .
(160) الأحنف بن قيس السعدي التميمي.
يكنى أبا بحر، واسمه الضحاك بن قيس. وقيل: صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال
__________
[1] في ى: ولظت، وهو تحريف ولطت: سترت.
[2] في الإصابة: بجيم ومثناة تحتانية بوزن عثمان، ضبطه ابن الفرات. وقيل بوزن عليان حكاه ابن الصلاح. ثم قال: وضبطه القاضي ابن العربيّ بالخاء المهملة فوهم. وفي م:
عجيان بضم العين وبفتح الجيم وتشديد الجيم. وفي تاج العروس: مصغر. وضبطه ابن الفرات على وزن سفيان.
[3] هكذا في أ، م. وفي ى: البجلي.
[4] في م: عائد.
[5] في ى: مفرح.
[6] ما بين القوسين ليس في م.(1/144)
ابن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وأمه من باهلة، كان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ودعا له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن هنالك ذكرناه في الصحابة، لأنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد ابن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَقَالَ:
أَلا أُبَشِّرُكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: هَلْ تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ، فَجَعَلْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ؟
فَقُلْتَ أَنْتَ: إِنَّهُ لَيَدْعُوكُمْ إِلَى خَيْرٍ، وَمَا حَسَّنَ إِلا حَسَنًا. فَبَلَّغْتُ ذَلِكَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ. فَقَالَ الأَحْنَفُ: هَذَا مِنْ أَرْجَى عَمَلِي عِنْدِي. كان الأحنف أحد الجلة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء، يعد في كبار التابعين بالبصرة.
وتوفي الأحنف بن قيس بالكوفة في إمارة مصعب بن الزبير سنة سبع وستين، ومشى مصعب في جنازته.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: ذكرنا الأحنف بن قيس في كتابنا هذا على شرطنا أن نذكر كل من كان مسلمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ في حياته. ولم نذكر أكثم بن صيفي لأنه لم يصح إسلامه في حياة رسول الله(1/145)
صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وقد ذكره أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة فلم يصنع شيئًا، والحديث الذي ذكره له في ذلك هو أن قال: لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه قالوا: أنت كبيرنا لم تك لتخف عليه. قَالَ: فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه قَالَ: فانتدب له رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ فقال النّبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: أنا مُحَمَّد بن عَبْد الله، وأنا عَبْد الله ورسوله، ثم تلا عليهم هذه الآية [1] : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ 16: 90 ... الآية. فأتيا أكثم فقالا: أبى أن يرفع نسبه، فسألناه عن نسبه فوجدناه زاكي النسب واسطًا في مضر، وقد رمى إلينا بكلمات قد حفظناهن، فلما سمعهن أكثم قَالَ: أي قوم، أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، ولا تكونوا فيه أذنابا، وكونوا فيه أولا، ولا تكونوا فيه آخرًا، فلم يلبث أن حضرته الوفاة، فقال: أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإنه لا يبلى عليهما أصل. وذكر الحديث إلى آخره. قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَكْثَمَ بْنَ صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَذَكَر الْخَبَرَ عَلَى حَسَبِ مَا أَوْرَدْنَاهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى إِسْلامِهِ، بَلْ فِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّهُ إِذْ أتاه
__________
[1] سورة النحل، آية 90.(1/146)
الرَّجُلانِ اللَّذَانِ بَعَثَهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَاهُ بِمَا قَالَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، وَمِثْلُ هَذَا لا يَجُوزُ إِدْخَالُهُ فِي الصحابة وباللَّه التوفيق.
(161) إياد أبو السمح،
خادم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، هو مذكور بكنيته، لم يرو عنه فيما علمت إلا محلّ [1] بن خليفة، وسنذكره في الكنى إن شاء الله.
__________
[1] في هامش التهذيب: بضم أوله وكسر ثانية، وتشديد اللام. وفي أ، س ضبط بفتح الحاء.(1/147)
باب حرف الباء
باب بجير
(162) بجير بن أبي بجير العبسي.
من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان وقيل: بل هو من بلى. ويقال: بل هو من جهينة حليف لبنى دينار بن النجار، شهد بدرا وأحدا. وبنو دينار بن النجار يقولون: هو مولانا.
(163) بجير بن أوس بن حارثة بن لام الطائي،
هو عم عروة بن مضرس، في إسلامه نظر.
(164) بجير بن بجرة الطائي،
لا أعلم له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وله في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قتال أهل الردة آثار وأشعار، ذكرها ابن إسحاق في رواية إبراهيم بن سعد عنه عن ابن إسحاق.
(165) بجير بن زهير بن أبي سلمى
[1] ، واسم أبي سلمى ربيعة بن رياح بن قرط ابن الحارث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن [بردين] [2] ثور بن هرمة بن لاطم ابن عثمان بن مزبنة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر لمزنى.
أسلم قبل أخيه كعب بن زهير، وكان شاعرًا محسنًا هو وأخوه كعب بن زهير. وأما أبو هما فأحد المبرزين الفحول من الشعراء وكعب بن زهير يتلوه في ذلك، وكان كعب وبجير قد خرجا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم،
__________
[1] في ى: سلمة وهو تحريف.
[2] من م.(1/148)
فلما بلغا أبرق العراق [1] قَالَ كعب لبجير: الق هذا الرجل، وأنا مقيم لك هاهنا، فقدم بجير على رسول الله صلى الله عليه، فسمع منه فأسلم، وبلغ ذلك كعبًا، فقال في ذلك أبياتًا ذكرنا بعضها في باب كعب.
ثم لما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ المدينة منصرفه من الطائف كتب بجير إلى أخيه كعب: إن كانت لك في نفسك حاجة فأقدم إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فإنه لا يقتل أحدًا جاءه تائبًا، وذلك أنه بلغه أن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أهدر دمه لقول بلغه عنه، وبعث إليه بجير:
فمن [2] مبلغ كعبًا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده ... فتنجو إذا كان النجاة وتسلم
لدي يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من النار إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء غيره [3] ... ودين أبي سلمى علي محرم
وبجير هو القائل يوم الطائف في شعر له:
كانت علالة يوم بطن حنينكم [4] ... وغداة أوطاس ويوم الأبرق
جمعت هوازن جمعها فتبددوا ... كالطير تنجو من قطام أزرق
لم يمنعوا منا مقامًا واحدًا ... إلا جدارهم وبطن الخندق
ولقد تعرضنا لكيما يخرجوا ... فتحصنوا منّا بباب مغلق
__________
[1] هكذا في ى، م، وفي هامش م حقق كذلك وفي أسد الغابة: أبرق العزاف، وهو المعروف.
[2] في م: من.
[3] في م: دينه وفي أسد الغابة: عنده.
[4] في ى: حنين. والمثبت من م، وأسد الغابة.(1/149)
(166) بجير بن عَبْد الله بن مرة بن عبد الله بن صعب [1] بن أسد، هو الذي سرق عيبة النبي صلى الله عليه وسلم
. باب بديل
(167) بديل بن ورقاء [2] بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي،
من خزاعة، أسلم هو وابنه عَبْد الله بن بديل وحكيم بن حزام يوم فتح مكة بمر الظهران في قول ابن شهاب.
وذكر ابن إسحاق أن قريشًا يوم فتح مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولاه رافع وشهد بديل وابنه عَبْد الله حنينًا والطائف وتبوك، وكان بديل من كبار مسلمة الفتح.
وقد قيل: إنه أسلم قبل الفتح، وروت عنه حبيبة بنت شريق جدة عيسى بن مسعود بن الحكم الزرقي.
وروى عنه أيضًا ابنه سلمة بن بديل أنّ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ كتب له كتابًا.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأموي، عن أبيه. عن ابن إسحاق قال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنِ ابْنِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَمَرَ بُدَيْلا أَنْ يَحْبِسَ السَّبَايَا وَالأَمْوَالَ بالجعرانة حتى يقدم عليه، ففعل.
__________
[1] في ى: سعيد. والمثبت من م، وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: بديل بن ورقاء بن عمرو بن ربيعة بن عبد العزى الخزاعي.(1/150)
(168) بديل،
رجل آخر من الصحابة. روى عنه علي بن رباح المصري قَالَ:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يمسح على الخفين.
حديثه عند رشدين بن سعد، عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه عن بديل حليف لهم.
(169) بديل بن أم أصرم،
وهو بديل بن ميسرة [1] السلولي الخزاعي، بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى بني كعب يستنفرهم [2] لغزو مكة هو وبسر بن سفيان الخزاعي. وبديل ابن أم أصرم هو أحد المنسوبين إلى أمهاتهم، وهو بديل بن سلمة بن خلف بن عمرو بن الأخنس بن مقياس بن حبتر بن عدي بن سلول بن كعب الخزاعي
. باب البراء
(170) البراء بن معرر بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدىّ بن غنم ابن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي الخزرجي،
أبو بشر [باسم ابنه بشر] [3] ، أمة الرباب بنت النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عَبْد الأشهل، هو أحد النقباء ليلة العقبة الأولى، وكان سيد الأنصار وكبيرهم.
وذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثني معبد بن كعب بن مالك، عن أخيه عبيد الله [4] بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك قَالَ: خرجنا في الحجّة التي
__________
[1] في ى: بن سلمة. والمثبت من م، وتهذيب التهذيب.
[2] في ى: يسنفزهم.
[3] من م.
[4] في ى: عبد الله، وهو تحريف.(1/151)
بايعنا فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعقبة مع مشركي قومنا، ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، وذكر الخبر.
وهو أول من استقبل الكعبة للصلاة إليها، وأول من أوصى بثلث ماله.
مات فِي حياة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وزعم بنو سلمة أنه أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة.
قَالَ ابن إسحاق: وكذلك أخبرني معبد بن كعب، عن أخيه عَبْد الله ابن كعب، عن أبيه كعب بن مالك قَالَ: كان أول من ضرب على يد رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البراء بْن معرور، فشرط له واشترط عليه، ثم بايع القوم.
قَالَ ابن إسحاق: ومات قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقال غيره مات في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ بشهر، فلما قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ المدينة أتى قبره في أصحابه، فكبر عليه وصلى.
وذكر معمر عن الزهري قَالَ: البراء بن معرور أول من استقبل الكعبة حيًا وميتًا، وكان يصلي إلى الكعبة والنبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ يصلي إلى بيت المقدس، فأخبر به النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فأرسل إليه أن يصلي نحو بيت المقدس، فأطاع النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فلما حضرته الوفاة قَالَ(1/152)
لأهله: استقبلوا بي نحو [1] الكعبة [2] .
وقال غير الزهري: إنه كان وعد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أن يأتيه الموسم بمكة العام المقبل، فلم يبلغ العام حتى توفي، فلما حضرته الوفاة قَالَ لأهله: استقبلوا بي الكعبة لموعدي محمدًا، فإني وعدته أن آتي إليه. فهو أول من استقبل الكعبة حيًا وميتًا.
(171) البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم ابن مازن بن النجار.
هو أبو إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ من الرضاع، لأن زوجته أم بردة أرضعته بلبنه.
(172) البراء بن مالك بن النضر الأنصاري،
أخو أنس بن مالك لأبيه وأمه [3] ، وقد تقدم نسبه في ذكر نسب عمه أنس بن النّضر، شهدا أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وكان البراء بن مالك [هذا] أحد الفضلاء ومن الأبطال الأشداء، قتل من المشركين مائة رجل مبارزة سوى من شارك فيه.
قَالَ مُحَمَّد بن سيرين عن أنس بن مالك قَالَ: دخلت على البراء بن مالك وهو يتغنى بالشعر، فقلت له: يا أخي، تتغنى بالشعر، وقد أبدلك الله به ما هو خير منه- القرآن؟ قَالَ: أتخاف علي أن أموت على فراشي، وقد تفردت بقتل مائة سوى من شاركت فيه! إلى لأرجو ألّا يفعل الله ذلك بى.
__________
[1] في ى: استقبلوا إلى، والمثبت من م.
[2] في أسد الغابة: أوصى أن يدفن وتستقبل به الكعبة، ففعلوا ذلك. وفي الإصابة:
فلما كان عند موته أمر أهله أن يوجهوه قبل الكعبة وفي أ: استقبلوا إلى الكعبة.
والمثبت من م.
[3] في هوامش الاستيعاب: قوله لأبيه وأمه وهم.(1/153)
وَرَوَى ثُمَامَةُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِثْلَهُ. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلا تَسْتَعْمِلُوا الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ عَلَى جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ مَهْلَكَةٌ مِنَ الْمَهَالِكِ يَقْدَمُ بِهِمْ.
وَرَوَى سَلامَةُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَمِّهِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] : كم مِنْ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ.
وَإِنَّ الْبَرَاءَ لَقِيَ زَحْفًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَوْجَعَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا لَهُ، يَا بَرَاءُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ أَقْسَمْتَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّكَ، فَأَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ، قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، ثُمَّ الْتَقَوْا عَلَى قَنْطَرَةِ السُّوسِ، فَأَوْجَعُوا فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا بَرَاءُ، أَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ. فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، وَأَلْحِقْنِي بنىّ الله صلى الله عليه وسلم، فمنحوا أكتافهم، وقتل البراء شهيدا. حدثنا أحمد بن [محمد بن] [2] عبد الله بن محمد بن علي، قال: حدثنا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ ابن خَيَّاطٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: زَحَفَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي الْيَمَامَةِ حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى الْحَدِيقَةِ، وَفِيهَا عَدُوُّ اللَّهِ مُسَيْلَمَةُ.
فَقَالَ الْبَرَاءُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَلْقُونِي عَلَيْهِمْ، فَاحْتُمِلَ حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْجِدَارِ اقْتَحَمَ فَقَاتَلَهُمْ عَلَى الْحَدِيقَةِ، حَتَّى فَتَحَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَدَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَتَلَ الله مسيلمة.
__________
[1] في الإصابة: رب أشعث أغبر لا يؤبه له، لو أقسم ... إلخ.
[2] من م.(1/154)
قَالَ خَلِيفَةُ: وَحَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَمَى الْبَرَاءُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَتَحَ الْبَابَ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جراحة، من بين رمية بسهر وَضَرْبَةٍ، فَحُمِلَ إِلَى رَحْلِهِ يُدَاوَى، فَأَقَامَ عَلَيْهِ خَالِدٌ شَهْرًا.
قَالَ أبو عمر: وذلك سنة عشرين [1] فيما ذكر الواقدي. وقيل: إن البراء إنما قتل يوم تستر، وافتتحت السوس وانطابلس [2] وتستر سنة عشرين [في خلافة عمر بن الخطاب رحمه الله] [3] إلا أن أهل السوس صالح عنهم دهقانهم [4] على مائة، وأسلم المدينة، وقتله أبو موسى، لأنه لم يعد نفسه منهم وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أبو عمرو الشيباني عن أبى هلال الراسبي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قُتِلَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ بتُسْتَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
(173) البراء بن عازب بن حارث بن عدي بن جشم بن مجدعة [5] بن حارثة ابن الحارث بن الخزرج الأنصاري الحارثي الخزرجي،
يكنى أبا عمارة، وقيل أبا الطفيل وقيل: يكنى أبا عمرو. وقيل: أبو عمر، والأشهر [والأكثر] [6] أبو عمارة، وهو أصح إن شاء الله تعالى.
__________
[1] في أسد الغابة: وقتل البراء، وذلك سنة عشرين في قول الواقدي، وقيل سنة تسمع عشرة. وقيل سنة ثلاث عشرة، قتله الهرمزان.
[2] في ى: والزابلس، وهو تحريف طبعي.
[3] من م.
[4] الدهقان: زعيم فلاحى العجم، ورئيس الإقليم.
[5] في الإصابة: لم يذكر ابن الكلبي في نسبة مجدعة، وهو أصوب. وذكر في تهذيب التهذيب في نسبه مجدعة، وليس فيه جشم.
[6] من م.(1/155)
وَرَوَى شُعْبَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، سَمِعَهُ يَقُولُ:
اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَئِذٍ نَيِّفًا عَلَى السِّتِّينَ، وَكَانَ الأَنْصَارُ نَيِّفًا عَلَى الأربعين ومائة. هكذا في هذا الحديث ويشبه أن يكون البراء أراد الخزرج خاصة قبيلة إن لم يكن أبو إسحاق غلط عليه.
والصحيح عند أهل السير ما قدمناه في أول هذا الكتاب في عدد أهل بدر، والله أعلم.
وقال الواقدي: استصغر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يوم بدر جماعة، منهم البراء بن عازب، وعبد الله بن عمر، ورافع بن خديج، وأسيد بن ظهير، وزيد بن ثابت، وعمير بن أبي وقاص، ثم أجاز عميرًا فقتل يومئذ، هكذا ذكره الطبري في كتابه الكبير عن الواقدي.
وذكر الدولابي عن الواقدي قَالَ: أول غزوة شهدها ابن عمر والبراء ابن عازب وأبو سعيد [الخدري] [1] ، وزيد بن أرقم- الخندق، قَالَ أبو عمر:
وهذا أصح في رواية نافع. والله أعلم.
وَقَدْ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ [بْنِ عَبْدِ اللَّهِ] [2] بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ [3] الأَنْصَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بن زيد ابن حَارِثَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَصْغَرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ. وَزَيْدَ بْنَ أرقم، وأبا سعيد الخدريّ وسعد بن حيثمة، وعبد الله بن عمر.
وقال أبو عمرو الشيباني: افتتح البراء بن عازب الري سنة أربع وعشرين
__________
[1] من م.
[2] ليس في م.
[3] في م: جارية.(1/156)
صلحًا أو عنوة وقال أبو عبيدة: افتتحها حذيفة سنة اثنتين وعشرين.
وقال حاتم بن مسلم: افتتحها قرظة بن كعب الأنصاري. وقال المدائني: افتتح بعضها أبو موسى، وبعضها قرظة، وشهد البراء بن عازب مع علي كرم الله وجهه الجمل وصفّين والنهروان، ثم نزل الكوفة، ومات بها أيام مصعب ابن الزبير رحمه الله تعالى
. باب بسر
(174) بسر بن أرطاة [1] بن أبي أرطاة القرشي،
واسم أبي أرطاة عمير، وقيل عويمر العامري، من بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر، وينسبونه بسر بن أرطاة بن عويمر، وهو [أبو أرطاة] [2] بن عمران بن الحليس بن سيار بن نزار بن معيصر بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر، يكنى أبا عبد الرحمن.
يقال: إنه لم يسمع من النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبض وهو صغير هذا قول الواقدي وابن معين وأحمد [بن حنبل] [3] ، وغيرهم. وقالوا: خرف في آخره عمره.
وأما أهل الشام فيقولون: إنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو
__________
[1] هكذا في النسخ، وفي أسد الغابة: هو بسير بن أرطاة. وقيل: ابن أبى أرطاة، واسمه عمرو بن عويمر. وفي الإصابة: بسر بن أرطاة، أو ابن أبي أرطاة، وقال ابن حبان:
من قال ابن أبى أرطاة فقد وهم. واسم أبى أرطاة عمير بن عويمر.
[2] من م.
[3] من م.
(الاستيعاب ج 1- م 6)(1/157)
أحد الذين بعثهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مددًا إلى عمرو بن العاص لفتح مصر، على اختلاف فيه أيضًا، فيمن ذكره فيهم قَالَ: كانوا أربعة، الزبير، وعمير بن وهب، وخارجة بن حذافة، وبسر بن أرطاة، والأكثر يقولون: الزبير، والمقداد، وعمير بن وهب، وخارجة بن حذافة، وهو أولى بالصواب إن شاء الله تعالى.
ثم لم يختلفوا أن المقداد شهد فتح مصر.
ولبسر بن أرطاة عن النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ حديثان: أحدهما لا تقطع الأيدي في المغازي [1] .
والثاني، في الدعاء أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كان يقول: اللَّهمّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها. وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. وكان يحيى بن معين يقول: لا تصح له صحبة، وكان يقول فيه:
رجل سوء.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ:
كَانَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ رَجُلَ سَوْءٍ.
وبهذا الإسناد عندنا تاريخ يحيى بن معين كله من رواية عباس عنه.
__________
[1] الحديث في أسد الغابة: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقطع الأيدي في السفر، وفي الإصابة: لا تقطع الأيدي في السفر. وفي هوامش الاستيعاب:
في السيف.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 6)(1/158)
قَالَ أبو عمر رحمه الله: ذلك لأمور عظام ركبها في الإسلام فيما [1] نقله أهل الأخبار والحديث أيضًا [من] [2] ذبحه ابني عبيد الله بن العباس بن عَبْد المطلب، وهما صغيران بين يدي أمهما، وكان معاوية قد استعمله [3] على اليمن أيام صفين، وكان عليها عبيد الله بن العباس لعلي رضي الله عنه، فهرب حين أحس ببسر بن أرطاة ونزلها بسر، فقضى فيها هذه القضية الشنعاء، والله أعلم.
وقد قيل: إنه إنما قتلهما بالمدينة، والأكثر على أن ذلك كان منه باليمن.
قَالَ أبو الحسن [علي بن عمر] [4] الدار قطنى: بسر بن أرطاة أبو عَبْد الرحمن له صحبة، ولم تكن له استقامة بعد النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وهو الذي قتل طفلين لعبيد الله بن عباس بن عَبْد المطلب باليمن في خلافة معاوية، وهما عَبْد الرحمن وقثم ابنا عبيد الله بن العباس.
وذكر ابن الأنباري عن أبيه، عن أحمد بن عبيد، عن هشام بن مُحَمَّد عن أبي مخنف، قَالَ: لما توجه بسر بن أرطاة إلى اليمن أخبر عبيد الله بن العباس بذلك، وهو عامل لعلىّ رضى الله عنه عليها، فهرب ودخل بسر
__________
[1] في م: منها ما نقله.
[2] من أسد الغابة.
[3] في أسد الغابة: وكان معاوية سيره إلى الحجاز واليمين ليقتل شيعة على ويأخذ البيعة.
فسار إلى المدينة ففعل بها أفعالا شنيعة. وسار إلى اليمن، وكان الأمير على اليمن عبيد الله بن العباس عاملا لعلى بن أبي طالب، فهرب عبيد الله فنزلها بسر ففعل فيها هذا. وقيل إنه قتلهما بالمدينة. والأول أكثر.
[4] من م.(1/159)
اليمن، فأتى بابني عبيد الله بن العباس، وهما صغيران فذبحهما، فنال أمهما عائشة بنت عَبْد المدان من ذلك أمر عظيم، فأنشأت تقول.
ها من أحس بني اللذين هما ... كالدرتين تشظى [1] عنهما الصدف
ها من أحسّ نبيّ اللذين هما ... سمعي وعقلي فقلبي اليوم مزدهف [2]
حدثت بسرًا وما صدقت ما زعموا ... من قيلهم [3] ومن الإثم [4] الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف
ثم وسوست، فكانت تقف في الموسم تنشد هذا الشعر، وتهيم على وجهها، وذكر تمام الخبر وذكر المبرد أيضًا نحوه.
وقال أبو عمرو الشيباني: لما وجه معاوية بسر بن أرطاة الفهري لقتل شيعة علي رضي الله عنه قام إليه معن أو عمرو بن يزيد بن الأخنس السلمي، وزياد بن الأشهب الجعدي فقالا: يا أمير المؤمنين، نسألك باللَّه والرحم ألا تجعل [5] لبسر على قيس سلطانًا، فيقتل قيسًا بما قتلت بنو سليم من بني فهر وكنانة يوم دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مكة. فقال معاوية:
يا بسر، لا إمرة لك على قيس. فسار حتى أتى المدينة، فقتل ابني عبيد الله
__________
[1] تشظى: تفرق.
[2] المزدهف: المستطار القلب من جزع أو حزن. وفي م: مختطف. ورواية اللسان:
بل من أحسن بريمى اللذين هما
[3] في ى: قتلهم.
[4] في م: ومن الإفك.
[5] في م: أن تجعل.(1/160)
ابن العباس، وفر أهل المدينة، ودخلوا الحرة حرة بني سليم. وفي هذه الخرجة التي ذكر أبو عمرو الشيباني أغار بسر بن أرطاة على همدان، وقتل وسبى نساءهم، فكن أول مسلمات سبين في الإسلام، وقتل أحياء من بني سعد.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد بن علي، قال حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله ابن يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، أَبُو سَلامَةَ. عَنْ أَبِي الرَّبَابِ وَصَاحِبٌ لَهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا ذر رضى الله عنه [يدعو و] [1] يتعوّذ فِي صَلاةٍ صَلاهَا أَطَالَ قِيَامَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قال:
فَسَأَلْنَاهُ، مِمَّ تَعَوَّذْتَ؟ وَفِيمَ دَعَوْتَ؟ فَقَالَ: تَعَوَّذْتُ باللَّه من يوم البلاء وَيَوْمِ الْعَوْرَةِ. فَقُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَمَّا يوم البلاء فَتَلْتَقِي فِتْيَانٌ [2] مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَأَمَّا يَوْمُ الْعَوْرَةِ فَإِنَّ نِسَاءً مِنَ الْمُسْلِمَاتِ لَيُسْبَيْنَ، فَيُكْشَفُ عَنْ سُوقِهِنَّ فَأَيَّتُهُنَّ كَانَتْ أَعْظَمَ سَاقًا اشُتْرِيَتْ عَلَى عِظَمِ سَاقِهَا. فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَلا يُدْرِكَنِي هَذَا الزَّمَانُ، وَلَعَلَّكُمَا تُدْرِكَانَهُ. قَالَ: فقتل عثمان، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءَ مُسْلِمَاتٍ، فَأُقِمْنَ فِي السُّوقِ.
وَرَوَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ:
وَاللَّهِ لا أَشْهَدُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى أَعْلَمُ مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ
__________
[1] من م.
[2] في ى: فئتان.(1/161)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ انْقِلابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْيًا [1] . أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال حدثنا أبو محمد إسماعيل ابن عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ بِبَغْدَادَ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُؤْمِنِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ عَوَانَةَ، قَالَ:
وَذَكَرَهُ زِيَادٌ أَيْضًا عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ فِي جَيْشٍ، فَسَارُوا مِنَ الشَّامِ حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، وَعَامِلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَفَرَّ أَبُو أَيُّوبَ وَلَحِقَ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَدَخَلَ بُسْرُ الْمَدِينَةَ، فَصَعَدَ مِنْبَرَهَا، فَقَالَ: أَيْنَ شَيْخِي الَّذِي عَهِدْتُهُ هُنَا بِالأَمْسِ؟ يَعْنِي عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ثُمَّ قَالَ: يا أهل الْمَدِينَةِ، وَاللَّهِ لَوْلا مَا عَهِدَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ مَا تَرَكْتُ فِيهَا مُحْتَلِمًا إِلا قَتَلْتُهُ. ثُمَّ أَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِالْبَيْعَةِ لِمُعَاوِيَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ عِنْدِي أَمَانٌ ولا مبايعة حتى تأتونى بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. فَأُخْبِرَ جَابِرٌ، فَانْطَلَقَ حَتَّى جَاءَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال لها: ماذا ترين؟ فإنّي خَشِيتُ أَنْ أُقْتَلَ، وَهَذِهِ بَيْعَةُ ضَلالَةٍ. فَقَالَتْ: أَرَى أَنْ تُبَايِعَ، وَقَدْ أَمَرْتُ ابْنِي عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أَنْ يُبَايِعَ. فَأَتَى جَابِرٌ بسرا فبايعه لمعاوية، وهدم بسر ورا بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، وَبِهَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، فَخَافَهُ أَبُو مُوسَى عَلَى نفسه أن
__________
[1] في ى: غليانه.(1/162)
يَقْتُلَهُ فَهَرَبَ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِبُسْرٍ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَقْتُلَهُ، وَقَدْ خَلَعَ عَلِيًّا وَلَمْ يَطْلُبْهُ.
وكتب أبو موسى إلى اليمن: إن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس، من أبي أن يقر بالحكومة.
ثم مضى بسر إلى اليمن، وعامل اليمن لعلي رضي الله عنه عبيد الله بن العباس، فلما بلغه أمر بسر فر إلى الكوفة حتى أتى عليًا، واستخلف على اليمن عَبْد الله بن عَبْد المدان الحارثي، فأتى بسر فقتله وقتل ابنه ولقي ثقل [1] عبيد الله بن العباس وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العباس، فقتلهما ورجع إلى الشام.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن عثمان بن السكن، قال حدثنا محمد بْنُ يُوسُفَ، قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ [2] : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ. قَالَ أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ قلت: نعم، فإني أشهد على أبي سعيد الخدري، سمعته وهو يزيد
__________
[1] الثقل: متاع المسافر وحشمه
[2] صحيح مسلم: 218(1/163)
فيها: فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول:
فسحقًا سحقًا لمن غير بعدي.
والآثار في هذا المعنى كثيرة جدًا. قد تقصيتها في ذكر الحوض في باب خبيب من كتاب التمهيد، والحمد للَّه.
وروى شعبة عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إنكم محشورون إلى الله عز وجل عراة غرلا [1] ، فذكر الحديث. وفيه: فأقول: يا رب، أصحابي، فيقال:
إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
ورواه سفيان الثوري، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ مثله. وذكر أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قَالَ: قدم حرمي [2] بن ضمرة النهشلي على معاوية، فعاتبه في بسر بن أرطاة، وقال في أبيات ذكرها.
وإنك مسترعى [3] وإنا رعية ... وكل سيلقى ربه فيحاسبه
وكان بسر بن أرطأة من الأبطال الطّغاة، وكان مع معاوية بصفين، فأمره أن يلقى عليًا في القتال، وقال له: سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك
__________
[1] الغزل: جمع الأغزل، وهو الأقلف (مسلم: 2194) .
[2] في م: جزى.
[3] ى: مسترع.(1/164)
الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخره، ولم يزل به يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده في الحرب فالتقيا فصرعه علي رضوان الله عليه، وعرض [له معه] [1] مثل ما عرض فيما ذكروا [لعلي رضي الله عنه] [2] مع عمرو بن العاص.
ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين أن بسر بن أرطأة بارز عليًا رضي الله عنه يوم صفين، فطعنه علي رضي الله عنه فصرعه، فانكشف له، فكف عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عمرو بن العاص، ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب، منها فيما ذكر ابن الكلبي والمدائني قول الحارث بن النضر السهمي.
قَالَ الكلبي، وكان عدوا لعمرو وبسر:
أفي كل يوم فارس ليس ينتهي ... وعورته وسط العجاجة باديه
يكف لها عنه على سنانه ... ويضحك منه في الخلاء معاويه
بدت أمس من عمرو فقنع رأسه ... وعورة بسر مثلها حذو حاذيه
فقولا لعمرو ثم بسر ألا أنظرا ... سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه
ولا تحمدا إلا الحيا وخصا كما ... هما كانتا والله للنفس واقيه
ولولا هما لم ينجوا من سنانه ... وتلك بما فيها عن العود ناهيه
متى تلقيا الخيل المشيحة [3] صبحة ... وفيها عليّ فاتركا الخبل ناحيه
وكونا بعيدًا حيث لا تبلغ القنا ... نحوركما، إنّ التجارب كافيه
__________
[1] من م وفي ى: وعرض على كرم الله وجهه معه مثل ما عرض.
[2] من م.
[3] في ى: المشجة.(1/165)
قَالَ أبو عمر: إنما كان انصراف علي رضي الله عنهما وعن أمثالهما من مصروع ومنهزم، لأنه كان يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح، ولا يقتل أسير، وتلك كانت سيرته في حروبه في الإسلام رضي الله عنه.
وعلى ما روى عن علي رضي الله عنه في ذلك مذاهب فقهاء الأمصار في الحجاز والعراق إلا أنّ أبا حنيفة قَالَ: إن انهزم الباغي إلى فئة [من المسلمين [1]] اتبع، وإن انهزم إلى غير فئة لم يتبع.
يعد بسر بن أرطأة في الشاميين، ولي [2] اليمن، وله دار بالبصرة.
ومات بالمدينة وقيل: بل مات بالشام في بقية من أيام معاوية.
(175) بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعي
أسلم سنة ست من الهجرة، وبعثه النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ عينًا إلى قريش إلى مكة، وشهد الحديبية، وهو المذكور في حديث الحديبية من رواية الزهري عن عروة عن المسور ومروان قوله: حتى إذا كنا بغدير [3] الأشطاط لقيه عينه [4] الخزاعي، فأخبره خبر قريش وجموعهم. قالوا: هو بسر بن سفيان هذا.
(176) بسر السلمي،
ويقال المازني، نزل عندهم النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأكل عندهم ودعا لهم، ولا أعرف له غير هذا الخبر، وهو والد عَبْد الله
__________
[1] ليس في م.
[2] في ى: وأتى.
[3] في م: حتى إذا كان.
[4] في الإصابة: حتى إذا كان بعسقان لقيه بسر بن سفيان الكعبي.(1/166)
ابن بسر، لم يرو عنه غير ابنه عَبْد الله بن بسر، وليس من الصماء في شيء، يعد في أهل الشام.
(177) بسر بن جحاش القرشي،
هكذا ذكره ابن أبي حاتم في باب بسر.
وقد تقدم ذكره في باب بشر، وهو الأكثر في اسمه. روى عنه جبير بن نفير.
وقال أبو الحسن على بن عمر قطنى: هو بسر بن جحاش القرشي.
ولا يصح فيه بشر
. باب بشر
(178) بشر بن البراء بن معرور الأنصاري الخزرجي،
من بني سلمة، قد تقدّم نسب أبيه، بابه [من هذا الكتاب] [1] .
قَالَ ابن إسحاق: شهد بشر بن البراء العقبة وبدرًا وأحدًا والخندق، ومات بخيبر في حين افتتاحها سنة سبع من الهجرة من أكلة أكلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ من الشاة التي سم فيها. قيل: إنه لم يبرح من مكانه حين أكل منها حتى مات.
وقيل: بل لزمه وجعه ذلك سنة ثم مات منه، وكان من الرماة المذكورين من الصحابة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين واقد ابن عبد الله [2] التميمي، حليف بن عدي، وهو الذي قَالَ فيه رسول الله
__________
[1] من م.
[2] في الإصابة: واقد بن عمرو التميمي.(1/167)
صلى الله عليه وَسَلَّمَ حين سأل [1] بني سلمة [2] ، من سيدكم؟ قالوا: الجدّ من قيس، على بخل فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: وأي داء أدوأ من البخل، بل سيد بني سلمة الأبيض الجعد بشر بن البراء، هكذا ذكره ابن إسحاق. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن ابن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ لِبَنِي سَاعِدَةَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟
قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: بِمَ سَوَّدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: إِنَّهُ أَكْثَرُنَا مَالا، وَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ لَنَزُنُّهُ [3] بالبخل فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ؟
قَالُوا: فَمَنْ سَيِّدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لبني ساعدة، وإنما هو لِبَنِي سَارِدَةَ، لأَنَّهُ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ بْنِ سعد ابن [4] عَدِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ سَارِدَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَائِشَةَ أَيْضًا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَنِي سَلَمَةَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ فَقَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى بُخْلٍ فِيهِ. فَقَالَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ! سَيِّدُكُمُ الْجَعْدُ الأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ. وقد ذكرنا حبره في باب عمرو بن الجموح، والنفس إلى ما قاله الزهري
__________
[1] في ى: قال ابن سلمة.
[2] العبارة في أسد الغابة: قال فيه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ قَالُوا: الجد بن قيس: وفي الإصابة: يا بنى نضلة.
[3] نزنه: نتهمه.
[4] في م: بن على.(1/168)
وابن إسحاق أميل، وهما أجل أهل هذا الشأن وشيوخ العلم به، والله أعلم
(179) بشر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعيد [1] بن سهم القرشي السهمي.
[قَالَ أبو عمر: هو من ولد سهم بن سعد لا سعيد بن سهم [2]] ، كان من مهاجرة الحبشة هو وأخواه الحارث بن الحارث بن قيس ومعمر بن الحارث ابن قيس.
(180) بشر بن عَبْد الله الأنصاري،
من بني الحارث بن الخزرج، قتل يوم اليمامة شهيدا. قَالَ مُحَمَّد بن سعد: لم يوجد له في الأنصار نسب، ويقال فيه بشير.
(181) بشر بن عبد،
سكن البصرة، روى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فسمعه يقول: إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له. لم يرو عنه غير ابنه عفان فيما علمت.
(182) بشر بن سحيم بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الغفاري،
روى عنه نافع بن جبير بن مطعم حديثًا واحدًا.
عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب. لا أحفظ
__________
[1] في ى: سعد والمثبت من م، والإصابة.
[2] ما بين القوسين ليس في م، وهو في هوامش الاستيعاب.(1/169)
له غيره ويقال فيه بشر بن سحيم البهزي [1] وقال الواقدي: بشر بن سحيم الخزاعي، كان ينزل كراع الغميم وضجنان، والغفاري في شر أكثر.
(183) بشر بن معاوية البكائي ثم الكلابي،
قدم مع أبيه معاوية بن ثور وافدين على النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ. وقد ذكرت خبره بتمامه في باب معاوية.
(184) بشر بن عصمة المزني،
قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
خزاعة مني وأنا منهم. روى عنه كثير بن أفلح، مولى أبى أيوب، وفي إسناده شيخ مجهول لا يعرف.
(185) بشر الثقفي،
ويقال بشير روت عنه حفصة بنت سيرين
(186) بشر الغنوي،
ويقال الخثعمي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: لتفتحنّ القسطنطينية، فنعم لأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش! قَالَ: فدعاني مسلمة فسألني عن هذا الحديث فحدثته، فغزا تلك السنة. إسناده حسن لم يرو عنه غير ابنه عبيد الله بن بشر.
(187) بشر السلمي،
ويقال بسر، ويقال بشير، كل [2] ذلك ذكر فيه الثقات، هكذا على الاختلاف، روى عنه ابنه رافع لم يرو عنه غيره، حديثه «تخرج نار ببصرى تضيء منها أعناق الإبل» . الحديث بتمامه.
__________
[1] في ى: النهري، والمثبت من م وأسد الغابة، وفي الإصابة: ويقال النهراني.
[2] في الإصابة: وقيل بفتح أوله وزيادة ياء، وقيل بضم أوله، وقيل بالضم ومهملة ساكنة.(1/170)
(188) بشر بن الحارث،
وهو أبيرق بن عمرو بن حارثة بن الهيثم بن ظفر الأنصاري الظفري، شهد أحدًا هو وأخواه مبشر وبشير، فأما بشير فهو الشاعر، وكان منافقا يهجو أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد مع أخويه بشر ومبشر أحدًا وكانوا أهل حاجة: فسرق بشير من رفاعة بن زيد درعه، ثم ارتد في شهر ربيع الأول من سنة أربع من الهجرة، ولم يذكر لبشر [هذا] [1] نفاق والله أعلم.
وقد ذكر فيمن شهد أحدًا مع النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ.
(189) بشر بن جحاش
[2] ، ويقال بسر، وهو الأكثر، وهو من قريش، لا أدري من أيهم، سكن الشام.
ومات بحمص، روى عنه جبير بن نفير، قَالَ علي بن عمر [3] الدار قطنى:
هو بسر، ولا يصحّ بشر.
(190) بشر بن قدامة الضبابي.
روى عنه عَبْد الله بن حكيم.
(191) بشر بن عقربة الجهني،
يكنى أبا اليمان ويقال بشير. وقد ذكرناه في باب بشير أيضًا.
(192) بشر بن عاصم الثقفي
هكذا قول أكثر أهل العلم، إلا ابن رشد بن
__________
[1] من م.
[2] في الإصابة: بكسر الجيم بعدها مهملة خفيفة. ويقال بفتحها بعدها مثقلة وبعد الألف.
معجمة. وفي م: ضبطت بالفتح والتشديد.
[3] في ى: بن عمير. وهو تحريف.(1/171)
فإنه ذكره في كتابه في الصحابة، فقال المخزومي، ونسبه فقال: بشر بن عاصم ابن عَبْد الله بن عمر [1] بن مخزوم قَالَ أبو عمر رحمه الله: له حديث واحد، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الجائر من الولاة تلتهب به النار التهابًا، في حديث ذكره اختصرته، رواه عنه أبو هلال مُحَمَّد بن سليم الراسبي، ذكره ابن أبي شيبة وغيره.
وذكر ابن أبي حاتم قَالَ: بشر بن عاصم، له صحبة روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة: سمعت أبى يقول ذلك. وقال: لم يذكره عن أبي وائل عن بشر بن عاصم غير سويد بن عَبْد العزيز
. باب بشير
(193) بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس [2] بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري،
يكنى أبا النعمان بابنه النعمان، شهد العقبة، ثم شهد بدرًا هو وأخوه سماك بن سعد، وشهد بشير أحدًا والمشاهد بعدها، ويقال: إن أول من بايع أبا بكر الصديق يوم السقيفة من
__________
[1] في ى: بشر عاصم بن عمر بن عبد الله. والمثبت من م.
[2] في ى: خلاص. وهو تحريف. والمثبت من م. وفي هامش تهذيب التهذيب: هو بضم الجيم وتخفيف اللام آخره مهملة كما في التقريب وزاد في هامش الخلاصة قال في جامع الأصول: ثعلبة بن خلاس- بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام والسين المهملة. وفي الإصابة:
جلاس- بضم الجيم مخففا. وضبطه الدار قطنى. وفي هوامش الاستيعاب بفتح الخاء المعجمة وتثقيل اللام.(1/172)
الأنصار بشير بن سعد هذا، وقتل وهو مع خالد بن الوليد بعين التمر في خلافة أبى بكر رضى الله عنهم يعدّ من أهل المدينة.
وروى عنه ابنه النعمان بن بشير، وروى عنه جابر بن عَبْد الله، ومن حديث جابر أيضًا قَالَ. سمعت عَبْد الله بن رواحة يقول لبشير بن سعد:
يا أبا النعمان، في حديث ذكره.
(194) بشير بن عنبس بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر الأنصاري الظفري،
شهد أحدًا والخندق والمشاهد بعدها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل يَوْم جسر أبي عبيد ذكره الطبري ويعرف بشير بن عنبس هذا بفارس الحواء باسم فرس له [1] .
(195) بشير بن عَبْد المنذر،
أبو لبابة الأنصاري، من الأوس، غلبت عليه كنيته، واختلف في اسمه، فقيل رفاعة بن عَبْد المنذر. وقيل بشير بن عَبْد المنذر، وسيأتي ذكره مجودًا في الكنى إن شاء الله تعالى.
(196) بشير بن الخصاصية السدوسي،
والخصاصية أمه، وهو بشير بن معبد السدوسي، كان اسمه في الجاهلية زحما، فقال له رسول الله صلى عليه وَسَلَّمَ: أنت بشير.
وقد اختلف في نسبه، فقيل بشير بن يزيد [2] بن ضباب بن سبع [3]
__________
[1] في الإصابة: «ونقل ابن ماكولا عن ابن القداح أنه سماه نسيرا- بضم النون وفتح المهملة. وهو عندي أثبت» .
[2] في أسد الغابة: بن يزيد بن معبد بن ضباب.
[3] في ى: صبع. والمثبت من م، وأسد الغابة.(1/173)
ابن سدوس وقيل بشير بن معبد بن شراحيل بن سبع بن ضباب [1] بن سدوس بن شيبان. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث صالحة.
روى عنه بشير بن نهيك، قَالَ قتادة: هاجر من بكر بن وائل أربعة رجال: رجلان من بني سدوس: أسود بن عَبْد الله من أهل اليمامة، وبشير ابن الخصاصية، وعمرو بن تغلب من النمر بن قاسط، وفرات بن حيان من بني عجل.
[قَالَ ابن دريد جهدمة امرأة بشير بن الخصاصية، وقد حدثت جهدمة عن زوجها عن النبي صلى الله عليه وسلم [2]] .
(197) بشير بن الحارث،
روى عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، روى عنه الشعبي. ذكره ابن أبي حاتم
(198) بشير بن معبد الأسلمي،
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أحاديث منها حديثه في الثوم من أكله فلا يناجينا. هو جد مُحَمَّد بن بشر [3] بن بشير الأسلمي روى عنه ابنه [بشر بن] [4] بشير، وهو القائل: إنا لا نأخذ الخير إلا بأيماننا [5] .
(199) بشير بن أبي زيد الأنصاري.
قَالَ الكلبي. استشهد أبوه أبو زيد
__________
[1] قال في الإصابة: وقال في نسبه بدل ضبارى ضباب. وهو تصحيف. وفي هامش م:
إنما هو ضبارى.
[2] ما بين القوسين ليس في م.
[3] في ى: بشير.
[4] الزيادة من م.
[5] في م: إنا نأخذ الخير بأيماننا.(1/174)
يوم أحد، وشهد بشير بن أبي زيد وأخوه وداعة بن أبي زيد صفين مع علي رضي الله عنه.
(200) بشير بن عمرو بن محصن،
أبو عمرة الأنصاري. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل صفّين، وقد اختلف في اسم أبي عمرة الأنصاري هذا والد عَبْد الرحمن بن أبي عمرة. وسنذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
(201) بشير بن عبد الله الأنصاري
من بى الحارث بن الخزرج قتل يوم اليمامة شهيدا قَالَ مُحَمَّد بن سعد: لم يوجد له في الأنصار نسب. ويقال فيه بشر وقد ذكرناه في باب بشر.
(202) بشير الغفاري،
حديثه عند أبي يزيد [المدني] [1] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في رد الجمل الشرود في البيع إذا لم يبين به. وفيه تفسير قول الله تعالى [2] : يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ 83: 6 قَالَ: مقداره ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا حديث حسن، رواه عنه أبو هريرة.
وقيل إنه كان لبشير هذا مقعد من رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَكَادُ يخطئه
(203) بشير بن عقربة الجهني،
ويقال بشر، والأكثر بشير، ويقال الكناني، يكنى أبا اليمان، ويعرف بالفلسطيني له صحبة، ولأبيه عقربة صحبة، استشهد أبوه مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات هو بعد سنة خمس وثمانين.
حديثه عند [3] الشاميين. رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمِ بن زرعة عن
__________
[1] ليس في م.
[2] سورة المطففين، آية 6
[3] في ى: في.(1/175)
شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ لِبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ يَوْمَ قَتْلِ عمرو ابن سعيد بن العاصي: يَا أَبَا الْيَمَانِ، قَدِ احْتَجْنَا إِلَى كَلامِكَ فَقُمْ فَتَكَلَّمْ. فَقَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ رَاءَى [1] اللَّهُ بِهِ وَسَمَّعَ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله. وَرَوَى أيضًا عَبْد الله بن عوف قَالَ: أصيب أبي يوم أحد، فمر بي النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وأنا أبكي، فقال: أما ترضى أن تكون عائشة أمك وأكون أنا أباك؟
(204) بشير بن عمرو
ولد في عام الهجرة قَالَ بشير: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابن عشر سنين. وروى عنه أنه كان عريف قومه زمن الحجاج. وتوفي سنة خمس وثمانين.
(205) بشير السلمي:
ويقال بشير بالضم، والله أعلم روى عنه ابنه حديثًا واحدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشك أن تخرج نار تضيء لها أعناق الإبل ببصرى، تسير بسير بطيء الإبل، تسير النهار، وتقوم الليل. تغدو وتروح، يقال: غدت النار أيها الناس فاغدوا. قالت النار فقيلوا، راحت النار فروحوا من أدركته أكلته.
(206) بشير بن أنس بن أمية بن عامر بن جشم بن حارثة الأنصاري،
شهد أحدا.
__________
[1] في الإصابة: وقفه الله موقف رياء وسمعة. وفي أسد الغابة: من قام مقاما يراني فيه الناس أقامه الله عز وجل يوم القيامة مقام رياء وسمعة.(1/176)
(207) بشير بن جابر بن غراب. وقيل ابن عراب بن عوف بن ذؤالة العتكي وقيل الغافقي ذكره حفيد يونس فيمن شهد فتح مصر وقال له صحبه، وليس له رواية [1] .
(208) بشير بن أبي مسعود الأنصاري.
واسم أبي مسعود عقبة بن عمرو، وقد نسبناه في باب أبيه [2] من هذا الكتاب، [رأى النبي صلى الله عليه وسلم صغير، وشهد صفين مع علي كرم الله وجهه] [3] .
(209) بشير بن يزيد الضبعي،
أدرك الجاهلية [له صحبة] [4] . وروى عنه أشهب الضبعي. وقال خليفة بن خياط فيه مرة: يزيد بن بشير، والصحيح عنه وعن غيره بشير بن يزيد.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي. قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله ابن يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الأَشْهَبُ الضُّبَعِيُّ عَنْ بشير بن زيد الضُّبَعِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم ذِي قَارٍ الْيَوْمَ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ العرب من العجم.
(210) بشير الحارثي،
أحد بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ: قدم بشير الحارثي هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: مرحبًا بك ما اسمك؟ قَالَ: أكبر. قَالَ: بل أنت بشير. روى عنه ابنه عصام بن بشير.
__________
[1] في الإصابة ضبطه ابن السماني بتحتانية ثم مهملا مصغرا.
[2] في ى: وقد نسبناه في بابه.
[3] ليس في م.
[4] من م.(1/177)
باب بكر
(211) بكر بن أمية الضمري،
أخو عمرو بن أمية، حديثه عند مُحَمَّد بن إسحاق، عن الحسن بن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية عن أبيه عن عمه بكر بن أمية، له صحبة.
(212) بكر بن مبشر بن خير [1] الأنصاري،
قيل: إنه من بني عبيد روى [2] عنه إسحاق بن سالم، وأنيس بن أبي يحيى. يعد في أهل المدينة
، باب بلال
(213) بلال بن رباح المؤذن،
يكنى أبا عَبْد الله، وقيل أبا عَبْد الكريم وقيل أبا عَبْد الرحمن وقال بعضهم: يكنى أبا عمرو [3] ، وهو مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، اشتراه بخمس أواق، وقيل بسبع أواق، وقيل بتسع أواق ثم أعتقه، وكان له خازنا، ولرسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مؤذنًا، شهد بدرًا وأحدًا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب.
وقيل: بل آخي بينه وبين أبي رويحة الخثعمي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زرّ، عن عبد الله قال:
__________
[1] في تهذيب التهذيب: بكر بن مبشر بن حبر. وفي هامشه: في التجريد: بكر بن مبشر بن خير الأنصاري.
[2] في الإصابة: لم يرو عنه إلا إسحاق بن سالم. وإسحاق لا يعرف.
[3] في ى: أبا عمر، والمثبت من م.(1/178)
كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلامَ سبَعَةٌ: رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرُعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ إِنْسَانٌ إِلا وَقَدْ أَتَاهُمْ [1] عَلَى مَا أَرَادُوا إِلا بِلالٌ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يقول: أحد أحد.
وروى مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإسلام سبعة، فذكر معنى حديث ابن مسعود، إلا أنه لم يذكر المقداد، وذكر موضعه خبابًا، وذكر في سمية ما لم يذكر في حديث ابن مسعود، وزاد في خبر بلال أنهم كانوا يطوفون به والحبل في عنقه بين أخشبي مكة.
قَالَ ابن إسحاق: كان بلال [2] مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه لبعض بنى جمح، مولدًا من مولديهم، قيل [من] مولدي مكة. وقيل من مولدي السراة، واسم أبيه رباح، واسم أمه حمامة، وكان صادق الإسلام طاهر القلب وقال المدائني: كان بلال من مولدي السراة.
مات بدمشق، ودفن عند الباب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقيل: توفي سنة إحدى وعشرين وقيل: توفي وهو ابن سبعين سنة. ويقال: كان ترب [3] أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
__________
[1] في م: وأتاهم.
[2] في تهذيب التهذيب: كان بلال ترب أبى بكر.
[3] في ى: يرث، وهو تحريف طبعي. والمثبت من م.(1/179)
وله أخ يسمى خالدًا، وأخت تسمى غفرة [1] . وهي مولاة عمر بن عَبْد الله مولى غفرة المحدث المصري.
وكان فيما ذكروا آدم شديد الأدمة، نحيفًا طوالا أجنى خفيف العارضين. روى عنه عَبْد الله بن عمر وكعب [2] بن عجرة، وكبار تابعي المدينة والشام والكوفة.
وقال علي بن عمر: روى عن بلال جماعة من الصحابة، منهم أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وكعب ابن عجرة والبراء بن عازب وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك قَالَ: بلغني أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال لبلال: إني دخلت الجنة، فسمعت فيها خشفًا [3] أمامي قَالَ: والخشف: الوطء والحس، فقلت: من هذا؟ قيل: بلال.
قَالَ: فكان بلال إذا ذكر ذلك بكى. وَذَكَر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ شَيْخٍ يُقَالُ لَهُ الْحَفْصِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَذَّنَ بِلالٌ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَذَّنَ لأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيَاتَهُ، وَلَمْ يُؤَذِّنْ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:
مَا مَنَعَكَ أَنْ تُؤَذِّنَ؟ قَالَ: إِنِّي أَذَّنْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حتى
__________
[1] غفيرة في الإصابة.
[2] في ى: عبد الله بن عمرو بن كعب بن عجرة. وهو تحريف.
[3] في النهاية: الخشف: الحس والحركة.(1/180)
قُبِضَ، لأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّ نِعْمَتِي، وَقَدْ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يَا بِلالُ، لَيْسَ عَمَلٌ أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَخَرَجَ مُجَاهِدًا. ويقال: إنه أذن لعمر إذ دخل الشام مرة، فبكى عمر وغيره من المسلمين.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بكر [1] ، قال حدثنا أبو داود، قال: قُرِئَ عَلَى سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ وَأَنَا شَاهِدٌ. قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَذَكَرَ بِلالا فَقَالَ: كَانَ شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ وَكَانَ يُعَذَّبُ عَلَى دِينِهِ. فَإِذَا أَرَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقَارِبَهُمْ قَالَ: اللَّهُ اللَّهُ. قال: فلقى النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: لو كان عندنا مال اشترينا بلالا قال: فلقى أبو بكر العبّاس بن عبد المطلب، فقال له: اشتر لي بِلالا. فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ لِسَيِّدَتِهِ: هَلْ لَكِ أن تبيعيني عَبْدَكِ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَفُوتَكَ خَيْرُهُ وَتُحْرَمِي منه؟ قَالَتْ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ! إِنَّهُ خَبِيثٌ، وَإِنَّهُ [2] قَالَ: ثُمَّ لَقِيَهَا فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَاشْتَرَاهُ الْعَبَّاسُ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْتَقَهُ، فَكَانَ يُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:
بَلْ تَكُونُ عِنْدِي. فَقَالَ إِنْ كُنْتَ أَعْتَقْتَنِي لِنَفْسِكَ فَاحْبِسْنِي، وَإِنْ كُنْتَ أَعْتَقْتَنِي للَّه عَزَّ وَجَلَّ فَذَرْنِي أَذْهَبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ: اذْهَبْ.
فَذَهَبَ إِلَى الشام فكان بها حتى مات.
__________
[1] في م: بكير- بالتصغير.
[2] في أسد الغابة: وإنه. وإنه.(1/181)
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن بكر، قال حدثنا أبو داود، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
اشْتَرَى أبو بكر بلالا وهو مدفون بالحجارة.
وأخبرنا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ.
قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أبى هند قال: كان بلال لأيتام أَبِي جَهْلٍ [1] ، وَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لِبِلالٍ: وَأَنْتَ أَيْضًا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ؟
قَالَ: فَأَخَذَهُ فَبَطَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَسَلَقَهُ فِي الشَّمْسِ، وَعَمَدَ إِلَى رَحًى فَوَضَعَهَا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ. قَالَ: فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلا كَانَ لَهُ صَدِيقًا، قَالَ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لِي بِلالا.
وَذَكَرَ مَعْنَى خَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى قَوْلِهِ: فَأَعْتَقَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وكان أمية بن خلف الجمحي ممن يعذب بلالا، ويوالي عليه العذاب والمكروه، فكان من قدر الله تعالى أن قتله بلال يوم بدر على حسب ما أتى [2] من ذلك في السير، فقال فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أبياتًا، منها قوله:
هنيئا زادك الرحمن خيرا ... فقد أدركت ثارك يا بلال
__________
[1] في ى: أبى جميل.
[2] في م: ما أتى به من ذلك.(1/182)
(214) بلال بن مالك المزني، بعثه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى بني كنانة فأشعروا به فلم يصب منهم إلا فرسًا واحدًا، وذلك في سنة خمس من الهجرة.
(215) بلال بن [1] الحارث بن عصم [2] بن سعيد بن قرة المزني،
مدني، وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد مزينة سنة خمس من الهجرة، وسكن موضعًا يعرف بالأشعر وراء المدينة، يكنى أبا عَبْد الرحمن، وكان أحد من يحمل ألوية مزينة يوم الفتح توفي سنة ستين في آخر خلافة معاوية رحمه الله، وهو ابن ثمانين سنة.
روى عنه ابنه الحارث بن بلال وعلقمة بن وقاص
: (216) بلال،
رجل من الأنصار، ولاه عمر بن الخطاب عمان، ثم عزله، وضمها إلى عثمان بن أبى العاصي، لا أقف على نسبه في الأنصار، وخبره هذا مشهور.
__________
[1] في هامش م: قال المالكي: شهد بلال بن أبى بردة غزو إفريقية وفتحها مع عبد الله بن سعد. وقال: ذكر الواقدي قال حدثنا كثير بن عبد الله قال: كانت مزينة في غزو إفريقية أربعمائة وكان لواؤهم على حدة، يحمله بلال بن الحارث المزني.
[2] في ى. عاصم، والمثبت من م والإصابة.(1/183)
باب الأفراد في الباء
(217) بصرة بن أبي بصرة الغفاريّ،
[له] [1] ولأبيه صحبة، وهما معدودان فيمن نزل مصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، واختلف في اسم أبي بصرة على ما نذكره في بابه من الكنى في هذا الكتاب.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ] [2] عَنْ أَبِي سَلَمَةَ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ] [2] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ] [3] فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنَ الطُّورِ. فَقَالَ: لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ.. الْحَدِيثَ. فَإِنَّ هَذَا [4] الْحَدِيثَ لا يُوجَدُ هَكَذَا إِلا فِي الْمُوَطَّإِ لَبَصْرَةَ بْنِ أَبِي بَصْرَةَ، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لأَبِي هُرَيْرَةَ فَلَقِيتُ أَبَا بَصْرَةَ يَعْنِي أَبَاهُ. هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أَبِي هُرَيْرَةَ.
وكذلك رواه سعيد بن المسيب وسعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة، كلّهم بقول فيه [فلقيت] [5] أبا بصرة، وأظن الوهم جاء فيه من يزيد بن الهادي، والله أعلم.
وقد ذكرنا ذلك مما ينبغي من ذكره في التمهيد.
ويقال: إن عزة صاحبة كثير بنت أبيه، والله أعلم.
__________
[1] من م.
[2] من م.
[3] من أسد الغابة.
[4] من م.
[5] من م.(1/184)
(217) بريدة الأسلمي
هو بريدة بن الحصيب [1] بن عبد الله بن الحارث ابن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عدي بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان ابن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، يكنى أبا عَبْد الله، وقيل يكنى أبا سهل، وقيل أبا الحصيب، وقيل يكنى أبا ساسان، والمشهور أبو عَبْد الله، أسلم قبل بدر، ولم يشهدها وشهد الحديبية، فكان ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ لما هاجر من مكة إلى المدينة وانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الحصيب، فأسلم هو ومن معه، وكانوا زهاء ثمانين بيتًا فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء فصلوا خلفه ثم رجع بريدة إلى بلاد قومه، وقد تعلم شيئًا من القرآن ليلتئذ، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بعد أحد، فشهد معه مشاهده، وشهد الحديبية، وكان من ساكني المدينة ثم تحول إلى البصرة، ثم خرج منها إلى خراسان غازيا فمات بمرو في إمرة يزيد بن معاوية، وبقي ولده بها رضي الله عنه.
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ لا يَتَطَيَّرُ، وَلَكِنْ يَتَفَاءَلُ فَرَكِبَ بُرَيْدَةُ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَتَلَقَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: من أنت؟ قال: أنا نريدة. فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، بَرَدَ أَمْرُنَا وَصَلُحَ، ثُمَّ قَالَ لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ أسلم.
__________
[1] في ى: الخصيب- بالخاء المعجمة. وهو تحريف.(1/185)
قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: سَلِمْنَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: مِنْ بَنِي مَنْ؟ قُلْتُ: مِنْ بَنِي سَهْمٍ؟ قَالَ:
خَرَجَ سَهْمُكَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ خالد، عن عبد الله بن مسلم الأسلمي، من أهل مرو قال: سمعت عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ يَقُولُ: مَاتَ وَالِدِي بِمَرْوَ، وَقَبْرُهُ بِالْحِصْنِ [1] ، وَهُوَ قَائِدُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ونورهم، لأن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِي بِبَلْدَةٍ فَهُوَ قائدهم ونورهم يوم القيامة.
(218) بجاد
ويقال بجار بن السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم ابن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي المخزومي، قتل يوم اليمامة شهيدًا في صحبته نظر، وأخواه جابر وعويمر ابنا السائب قتلا يوم بدر كافرين، وليسا في كتاب موسى بن عقبة، وأخوهم عائذ بن السائب، أسر يوم بدر كافرًا. وقد قيل: أسلم وصحب النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(219) برّ بن عبد الله،
ويقال برير بن عَبْد الله، أبو هند الداري وهو بر بن عَبْد الله بن رزين بن عميث بن ربيعة بن دراع [2] بن عدي بن الدار ابن هاني بن حبيب بن نمازة بن لخم، ويقال: بل اسم أبي هند الداري الطيب، والأول أشهر.
وقيل: إن له ابنًا يسمى الطيب بن بر.
وقيل: إن أخاه يقال له الطيب، سماه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
[1] هكذا في ى. وفي م: الحصين. وفي هامش م: قال الدار قطنى: وهو مقبرة بمرو ودفن فيها غير واحد من الصحابة والتابعين.
[2] في ى: ذراع.(1/186)
وقال البخاري رحمه الله: بر [1] بن عَبْد الله، أبو هند الداري أخو تميم الداري، كان بالشام، سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مما غلط فيه البخاري غلطًا لا خفاء به عند أهل العلم بالنسب، وذلك أن تميمًا الداري ليس بأخ لأبي هند الداري، وإنما يجتمع [2] أبو هند وتميم في درّاع بن عدي ابن الدار، وتميم الداري هو تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة [3] ابن دراع، وكان ربيعة جد أبي هند وجذيمة جدّ تميم أخوين وهما ابنا دراع ابن عدىّ بن الدار بن هاني بن حبيب بن نمازه بن لخم، وهو مالك بن عدي ابن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ، هكذا نسبهما ابن الكلبي وخليفة [بن خياط] وجماعتهم مخرج حديث أبي هند الداري عن الشاميين. رَوَى عَنْهُ مَكْحُولٌ وَابْنُهُ زِيَادُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ. مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي لا يُوجَدُ إِلا عِنْدَ ولده ما رواه أحمد ابن عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زياد بن فايد [4] بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ فَائِدٍ عَنْ جَدِّهِ زِيَادِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ:
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي وَيَصْبِرْ عَلَى بَلائِي فَلْيَلْتَمِسْ ربّا سوائي. وليس هذا الإسناد بالقوى.
__________
[1] في م: برير.
[2] في أسد الغابة: وإنما يجتمع هو وأبو هند.
[3] في ى: خزيمة. ونراه تحريفا.
[4] في ى: قائد. والمثبت من م.(1/187)
(220) بشير [بن عَبْد الله] [1] السلمي الحجازي،
له صحبة. روى عنه ابنه رافع بن بشير. ذكره ابن أبي حاتم [2] عن أبيه.
(221) بهير [3] بن الهيثم بن عامر [4] بن بابي الحارثي الأنصاري.
شهد العقبة وأحدًا مع النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، ذكره الطبري [في كتابه] [5] .
(222) بنة الجهني،
ويقال نبيه [6] روى عنه جابر بن عَبْد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تعاطوا السيف مسلولا. كذا قَالَ فيه قوم عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن بنة الجهني أخبره الحديث.
وَقَالَ فِيِه ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أبي الزبير عن جابر أن نبيها الجهني أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ يَسُلُّونَ سَيْفًا بَيْنَهُمْ وَيَتَعَاطَوْنَهُ غَيْرَ مَغْمُودٍ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا، أو لم أَزْجُرْكُمْ عَنْ هَذَا إِذَا سَلَلْتُمُ السَّيْفَ فَلْيَغْمِدْهُ الرَّجُلُ ثُمَّ لِيُعْطِهِ ذَلِكَ. وابن وهب أثبت الناس في ابن لهيعة، ولا يقاس به غيره فيه. وهو حديث انفرد به ابن لهيعة، لم يروه غيره بهذا الإسناد، والله أعلم.
وذكر عباس عن ابن معين أنه سئل عن هذا الحديث فقال: إنما هو نبيه كما قَالَ ابن وهب قَالَ: وكذلك هو في كتبهم كلهم، والحديث حدثناه
__________
[1] من م.
[2] في م: أبى حازم.
[3] في هامش م، نهير أيضا. وفي الإصابة: ويقال بالنون.
[4] في ى: من بابي. وفي أسد الغابة: من بنى بابي.
[5] من م.
[6] في تهذيب التهذيب: قلت: وقد اختلف الأئمة في ضبطه، فذكره البغوي في الياء الموحدة. وذكره ابن السكن في الياء الأخيرة وذكره عباس الدوري عن ابن معين في النون.
قال أبو عمر: هي رواية ابن وهب عن ابن لهيعة، وهي أرجع الروايات.(1/188)
عَبْد الرحمن بن يحيى قَالَ حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد، قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن داود، حَدَّثَنَا سحنون، حَدَّثَنَا ابن وهب، فذكره.
(223) بيرح بن أسد الطاحي،
قدم المدينة بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأيام، وقد كان رآه، جرى ذكره في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة أرض عمان.
(224) بحر- بضمتين- بن ضبع [1] الرعيني،
وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد فتح مصر واختط بها.
قَالَ حفيد يونس: وخطته معروفة برعين، ومن ولده أبو بكر السمين بن مُحَمَّد بن بحر، ولي مراكب دمياط سنة إحدى ومائة في خلافة عمر ابن عَبْد العزيز، ومن ولده أيضًا مروان بن جعفر بن خليفة بن بحر الشاعر، وكان فصيحا بليغا، وهو القائل يمدح جدّه:
وجدّى الّذي عاطى الرسول يمينه ... وخبت [2] إليه من بعيد رواحله
ذكر ذلك كله حفيد يونس [صاحب التاريخ المصري] [3] .
(225) بهز،
روى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يشرب مصًا، ويتنفس [في الإناء] [4] ثلاثًا. روى عنه سعيد بن المسيب [ولم ينسبه] [5] ، ولم يرو عنه غيره، وإسناد حديثه ليس بالقائم.
__________
[1] في ى: ضبيع. وفي م: صبيع. وفي تاج العروس بحر بن ضبع- بضمتين فيهما.
وكذلك في الإصابة.
[2] في م: وحنت.
[3] من م.
[4] ليس في م.
[5] من م.
(الاستيعاب ج 1- م 7)(1/189)
(226) بسبس بن عمرو بن ثعلبة بن خرشة [1] [بن زيد] [2] بن عمرو بن سعد ابن ذبيان الذبياني ثم الأنصاري،
حليف لبني طريف ابن الخزرج.
ويقال بسبس بن بشر [3] ، حليف الأنصار، شهد بدرًا، وهو الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عدىّ بن أبى الرغباء ليعلما علم عير أبي سفيان بن حرب، ولبسبس هذا يقول الراجز: أقم لها صدورها يا بسبس.
(227) بحاث [4] بن ثعلبة بن خزمة [5] بن أصرم بن عمرو بن عمارة بن مالك البلوي.
من بني فران [6] بن بلي، حليف لبني عوف بن الخزرج، شهد بدرًا وأحدًا هو وأخوه عَبْد الله بن ثعلبة، هكذا قَالَ ابن الكلبي بحاث، ونسبه في بلي من قضاعة.
وقال الدارقطني: وقال فيه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بحاب بن ثعلبة، بن خزمة، وذكره مع أخيه عبد الله بن ثعلبة بن خزمة فيمن شهد بدرًا.
قَالَ أبو عمر رحمه الله القول عندهم قول ابن الكلبي، والله أعلم وقد قيل في بحاب هذا نحاب من النحيب.
__________
[1] في ى: حرسة. وهو تحريف. والمثبت من م، وأسد الغابة.
[2] ليس في م.
[3] في ى: بسر. والمثبت من م.
[4] في الإصابة: بحاث- بوزن فعال وبالحاء المهملة، وآخره مثلثة، لكن سماه ابن إسحاق نحاب- بنون أوله وبموحدة آخره.
[5] في ى: حزمة. وفي أسد الغابة: خرمة. والمثبت من م، وفي هوامش الاستيعاب:
بالتحريك وبسكون الزاى.
[6] في ى: قران. وهو تحريف.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 7)(1/190)
(227) وأخوهما: يزيد بن ثعلبة خزمة بن أصرم، شهد العقبتين، ولم يشهد بدرًا، وسنذكره في بابه إن شاء الله تعالى.
وعمارة- بالفتح والتشديد [1] : في بلىّ من قضاعة.
(228) بحراة [2] بن عامر،
قَالَ: أتينا النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأسلمنا وسألناه أن يضع عنا صلاة العتمة، فإنا نشتغل بحلب إلينا، فقال: إنكم إن شاء الله ستحلبون إبلكم وتصلّون.
(229) باقوم الرومي،
روى عنه صالح مولى التوأمة، قَالَ: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ منبرًا من طرفاء له ثلاث درجات، القعدة ودرجتيه.
إسناد حديثه ليس بالقائم
(230) بهيس [3] بن سلمى التميمي
قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يقول: لا يحل لمسلم من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه.
__________
[1] في م: وتشديد الميم.
[2] في هوامش الاستيعاب: بيجرة عند ابن السكن ولعله الصواب.
[3] في ى: بهيسر، وهو تحريف.(1/191)
باب حرف التاء
باب تميم
(231) تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية الأنصاري الخزرجي،
شهد بدرًا وأحدًا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(232) تميم بن نسر بن عمرو الأنصاري الخزرجي.
شهد أحدا مع النبي صلى الله عليه وسلم، كذا ذكره على بن عمر [الدار قطنى الحافظ] [1] بالنون والسين غير معجمة.
(233) تميم بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي،
كان من مهاجرة [2] الحبشة، وقتل يوم أجنادين، وأخواه سعيد بن الحارث وأبو قيس بن الحارث، كانا أيضًا من مهاجرة الحبشة، وأخوهم الرابع عَبْد الله ابن الحارث قتل يوم الطائف شهيدًا، وأخوهم الخامس السائب بن الحارث جرح [3] يوم الطائف. وقتل يوم فحل. ولهم أخ سادس يسمى الحجاج بن الحارث، أسر يوم بدر.
وكان أبوهم الحارث بن قيس عدي السهمي أحد المستهزءين، وهو الذي يقال له ابن الغيطلة. وهي أمه، وهو اسمها، وهي من بني كنانة.
__________
[1] من م.
[2] في ى: من مهاجر، وهو تحريف.
[3] في ى: خرج.(1/192)
لم يذكر ابن إسحاق بن تميم بن الحارث [هذا] [1] في المهاجرين إلى أرض الحبشة في نسخة ابن هشام، وذكر بشر بن الحارث السهمي مكان تميم.
(234) تميم الأنصاري،
مولى بني غنم شهد بدرًا وأحدًا في قول جميعهم، كذا قَالَ ابن إسحاق، مولى بنى غنم.
وقال ابن هشام: هو مولى سعد بن خيثمة، قَالَ أبو عمر: سعد بن خيثمة هو المقدم في بني غنم، وبنو غنم من الأوس، وذكره موسى بن عقبة في البدريين، وتميم مولى بنى غنم بن السلم [وهو أحد النقباء ليلة العقبة] [2] .
وقال الطبري: وهو غنم بن السلم- بكسر السين. والله أعلم.
(235) تميم الداري،
وهو تميم بن أوس بن خارجة بن سود [3] بن جذيمة [4] ابن دراع [5] بن عدىّ بن الدار بن هاني بن حبيب بن نمازه ابن لخم بن عدي، ينسب إلى الدار، وهو بطن من لخم، يكنى أبا رقية [بابنة له تسمى رقية] [6] لم يولد له غيرها.
كان نصرانيًا، وكان إسلامه في سنة تسع من الهجرة، وكان يسكن المدينة، ثم انتقل منها إلى الشام بعد قتل عثمان رضى الله عنه.
__________
[1] من م.
[2] من م.
[3] في ى: سواد، وهو تحريف صوابه من م، وتهذيب التهذيب.
[4] في ى: خزيمة، وهو تحريف.
[5] في ى: ذراع. وفي تهذيب التهذيب: وراع. ويقال ذراع بن عدي.
[6] من م.(1/193)
روى عنه عَبْد الله بن موهب، وسليم بن عامر وشرحبيل بن مسلم، وقبيصة بن ذؤيب، وعطاء بن يزيد الليثي.
[روى الشعبي عن فاطمة بنت قيس أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الدجال في خطبته، وقال فيها: حدثني تميم الداري، وذكر خبر الجساسة وقصة الدجال. وهذا أولى مما يخرجه المحدثون في رواية الكبار عن الصغار] [1] .
(236) تميم مولى خراش بن الصمة،
شهد مع مولاه خراش بن الصمة بدرًا، وهو معدود فيهم، وآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين تميم مولى خراش ابن الصمة وبين خباب مولى عتبة بن غزوان، وشهد تميم أحدا بعد بدر.
(237) تميم بن أسيد،
ويقال ابن أسيد، أبو رفاعة العدوي، من بنى عدىّ ابن عبد مناة بن أد بن طابخة، هو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقيل:
تميم بن أسيد، قاله يحيى وأحمد فيما ذكر ابن أبى خيثمة عنهما.
وقال خليفة بن خياط وعبد الله بن الحارث: حَدَّثَنَا عَبْد الوارث، حَدَّثَنَا قاسم، قال حدثنا أحمد بن زهير، قال: سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان: أبو رفاعة العدوي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم تميم بن أسيد.
وذكر [2] الدار قطنى أنه تميم بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين، وذكر في موضع آخر عن عباس عن يحيى أبو رفاعة العدوي تميم بن نذير.
__________
[1] ما بين القوسين ليس في م.
[2] في م: وقطع.(1/194)
(238) تميم المازني الأنصاري،
والد عباد بن تميم. قيل فيه تميم بن عبد عمرو.
وقيل تميم بن زيد بن عاصم أخو عَبْد الله وحبيب ابني زيد بن عاصم [بن عمرو] [1] من بني مازن بن النجار، أمهم أم عمارة نسيبة الأنصارية، ويعرفون ببني أم عمارة.
يكنى تميم أبا الحسن.
روى عنه ابنه عباد بن تميم في الوضوء، قَالَ: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يتوضأ ويمسح الماء على رجليه. هو حديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة.
وأما ما روى عباد بن تميم عن عمه فصحيح إن شاء الله تعالى، ولا أعرف لتميم هذا غير هذا الحديث، [وفيه] [2] وفي صحبته نظر.
(239) تميم بن حجر،
أبو أوس الأسلمي [3] ، كان ينزل الخذوات [4] بناحية العرج والخذوات: بلاد أسلم، ذكره مُحَمَّد بن سعد كاتب الواقدي
. باب الأفراد في التاء
(240) تمام بن العباس بن عَبْد المطلب،
أمه أم ولد رومية تسمى سبأ، وشقيقه كثير بن العباس، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تدخلوا علي قلحًا [5] ، استاكوا. من حديث منصور بن المعتمر عن أبى على الصيقل، عن جعفر بن تمام بن عباس بن عَبْد المطلب عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
[1] ليس في م.
[2] من م.
[3] في م: السلمي. وفي الإصابة مثل ما في ى.
[4] في م: الجدوات.
[5] قلح: جمع أقلح. والقلح- محركة: صفرة الأسنان.(1/195)
وكان تمام بن العباس واليًا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما على المدينة، وذلك أن عليًا لما خرج عن المدينة يريد العراق استخلف سهل بن حنيف على المدينة، ثم عزله واستجلبه إلى نفسه، وولى المدينة تمام بن العباس ثم عزله، وولى أبا أيوب الأنصاري، فشخص أبو أيوب نحو علي رضي الله عنهما. واستخلف على المدينة رجلا من الأنصار، فلم يزل عليها حتى قتل علي رضي الله عنه. ذكر ذلك كله خليفة بن خياط.
وقال الزبير: كان تمام بن العباس من أشد الناس بطشًا، وله عقب.
وكان للعباس بن عَبْد المطلب رضي الله عنه عشرة من الولد: سبعة منهم ولدتهم له أم الفضل بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وهم: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأم حبيب شقيقتهم، وعون بن العباس لا أقف على اسم أمه، ولأم ولد منهم اثنان: تمام وكثير، وأما الحارث بن العباس ابن عَبْد المطلب فأمه من هذيل، فهؤلاء أولاد العباس رضي الله عنهم.
وكان أصغرهم تمام بن العباس، وكان العباس يحمله ويقول:
تموا بتمام فصاروا عشره ... يا رب فاجعلهم كرامًا برره
واجعل لهم ذكرًا وأنم الثمره
قَالَ أبو عمر رحمه الله: وكل بني العباس لهم رواية، وللفضل وعبد الله وعبيد الله سماع ورواية، وقد ذكرنا كل واحد منهم في موضعه من كتابنا هذا، والحمد للَّه.(1/196)
ويقال: إنه ما رئيت قبور أشد تباعدًا بعضها من بعض من قبور بني العباس بن عَبْد المطلب، ولدتهم أمهم أم الفضل في دار واحدة، واستشهد الفضل بأجنادين، ومات معبد وعبد الرحمن بإفريقية، وتوفي عَبْد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن، وقثم بسمرقند، وكثير بينبع، أخذته الذبحة.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: في هذه الجملة اختلاف عند التفصيل ستراها في باب كل واحد منهم من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
(241) الثّلب
[1] ، ويقال الثلب بن ثعلبة بن ربيعة العنبري التميمي ونسبه خليفة، فقال: التلب بن ثعلبة بن ربيعة بن عطية بن أخيف بن كعب بن العنبر ابن عمرو بن تميم، سكن البصرة، يكنى أبا الملقام. روى عنه ابنه ملقام ابن التلب أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فقلت استغفر لي يا رسول الله.
قَالَ: اللَّهمّ اغفر للتلب وارحمه ثلاثًا. وكان شعبة [بن الحجاج [2]] يقول الثلب بالثاء يجعل من التاء ثاء، لأنه كان ألثغ لا يبين التاء.
__________
[1] في الإصابة: هو بفتح المثناة وكسر اللام بعدها موحدة خفيفة وقيل ثقيلة، وكان شعبة يقول بالمثلثة في أوله، والأول أصبح.
[2] من م.(1/197)
حرف الثاء
باب ثابت
(242) ثابت بن الجذع،
واسم الجذع ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري، شهد العقبة [1] وبدرًا والمشاهد كلها، وقتل يوم الطائف شهيدًا، ذكره موسى بن عقبة في البدريين، فقال: ثابت بن ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام، من بني النبيت [2] ، ثم من بني عَبْد الأشهل. قَالَ: وثعلبة هو الذي يدعى الجذع.
(243) ثابت بن هزال بن عمرو الأنصاري،
من بني عمرو بن عوف، شهد بدرًا وسائر المشاهد، وقتل يوم اليمامة شهيدًا، رحمه الله.
(244) ثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار،
شهد بدرا، وقيل يوم أحد شهيدا في قول جميعهم.
قَالَ ذلك موسى بن عقبة وأبو معشر والواقدي، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين [3] .
(245) ثابت بن خالد [بن عمرو [4]] بن النعمان بن خنساء،
من بنى مالك ابن النجار، شهد بدرًا وأحدًا، وقتل يوم اليمامة شهيدًا. وقيل: بل قتل يوم بئر معونة شهيدا رحمه الله.
__________
[1] في هامش م: هي الثانية، ولم يشهد الأولى.
[2] في ى والإصابة: من بنى كعب.
[3] في هامش م: «بل قد ذكره محمد بن إسحاق في البدريين، وفيمن قتل يوم أحد، ولم يذكره موسى بن عقبة فيمن قتل يوم أحد وذكره البدريين» . وهذا الّذي ذكر في هامش م جاء في أصل ى.
[4] من م.(1/198)
(246) ثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري،
شهد بدرًا في قول الواقدي دون غيره [1] .
(247) ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوي،
ثم الأنصاري، حليف لهم، [يقال إنه حليف لبنى عمرو بن عوف [2]] ، شهد بدرًا والمشاهد كلها، ثم شهد غزوة مؤنة، فدفعت الراية إليه بعد قتل عَبْد الله بن رواحة، فدفعها ثابت إلى خالد بن الوليد، وقال: أنت أعلم بالقتال منى. وقتل ثابت ابن أقرم سنة إحدى عشرة في الردة.
وقيل: سنة اثنتي عشرة، قتله طليحة بن خويلد الأسدي في الردة هو وعكاشة بن محصن في يوم واحد، واشترك طليحة وأخوه في قتلهما جميعا، ثم أسلم طليحة بعد.
(248) ثابت بن صهيب بن كرز بن عَبْد مناة بن عمرو بن غيان بن ثعلبة ابن طريف بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري الساعدي،
شهد أحدا، ذكره الطبري.
(249) ثابت بن زيد بن مالك بن عبيد بن كعب بن عَبْد الأشهل الأنصاري الأشهلي،
هو أخو سعد بن زيد، شهد بدرًا.
وقال عباس: سمعت يحيى بن معين يسأل عن أبي زيد الذي يقال إنه جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هو؟ فقال: ثابت بن زيد،
__________
[1] في هامش م: بلى قد ذكره ابن إسحاق وابن عقبة في البدريين، وقال موسى بن عقبة: لا عقب له.
[2] من م.(1/199)
وما أعرف هذا لغير يحيى بن معين في أبي زيد الذي جمع القرآن، وسيأتي الاختلاف فيه في موضعه من هذا الكتاب في الكنى إن شاء الله تعالى.
وأما ثابت بن زيد فله صحبة، روى عنه عامر بن سعد [بن أبي وقاص] [1]
(250) ثابت بن قيس بن شماس [بن ظهير] [2] بن مالك بن امرئ القيس ابن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج،
وأمه امرأة من طي.
يكنى أبا مُحَمَّد بابنه مُحَمَّد. وقيل: يكنى أبا عَبْد الرحمن.
وقتل بنوه مُحَمَّد ويحيى وعبد الله بنو ثابت بن قيس بن شماس يوم الحرة، وكان ثابت بن قيس خطيب الأنصار، ويقال له خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقال الحسّان شاعر النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد. وقتل يوم اليمامة شهيدًا رحمه الله في خلافة أبي بكر الصديق رضى الله عنه.
قَالَ أنس بن مالك: لما انكشف الناس يوم اليمامة قلت لثابت بن قيس ابن شماس: ألا ترى يا عم، ووجدته قد حسر عن فخذيه وهو يتحنط، فقال: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، بئس ما عودتم أقرانكم. وبئس ما عودتم أنفسكم، اللَّهمّ إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء [3] ، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه، ورآه بعض الصحابة في النوم فأوصاه أن
__________
[1] من م.
[2] ليس في م. وفي ى: بن شماس بن ظهير وفي أسد الغابة: بن شماس بن زهير.
وفي تهذيب التهذيب: ثابت بن قيس بن شماس بن مالك.
[3] يعنى الكفار. وأبرأ إليك مما يصنع هؤلاء- يعنى المسلمين (أسد الغابة) .(1/200)
تؤخذ [1] درعه ممن كانت عنده وتباع ويفرق ثمنها في المساكين. فقص ذلك الرجل الرؤيا على أبي بكر رضي الله عنه، فبعث في الرجل فاعترف بالدرع، فأمر بها فبيعت وأنفذت وصيته من بعد موته، ولا نعلم أحدًا أنفذت له وصيته بعد موته سواه.
وكان يقال: إنه كان به مسّ من الجنّ.
أنبأنا عبد الوارث بن سفيان، قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ. قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بن الفرج، قال حدثنا سعيد بن عفير وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ [بْنِ قَيْسٍ [2]] الأَنْصَارِيِّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: يَا ثَابِتُ، أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا، وَتُقْتَلَ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ- فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ. زَادَ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي حَدِيثِهِ:
قَالَ مَالِكٌ: فَقُتِلَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا.
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الخراساني قال حدثتني ابنة ثابت بن قيس ابن شماس قالت: لما نزلت [3] «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ. 49: 2 الآية» دَخَلَ أَبُوهَا بَيْتَهُ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَفَقَدَهُ النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ مَا خَبَرُهُ؟ فَقَالَ: أنا رجل شديد الصوت،
__________
[1] في ى: يأخذ.
[2] من م
[3] سورة الحجرات آية 2(1/201)
أخاف أن يكون قد هبط عَمَلِي. قَالَ: لَسْتَ مِنْهُمْ، بَل تَعِيشُ بِخَيْرٍ وَتَمُوتُ بِخَيْرٍ.
قَالَ [1] : ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ [2] : «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ 31: 18 فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَطَفِقَ يَبْكِي، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الْجَمَالَ وَأُحِبُّ أَنْ أَسُودَ قَوْمِي. فَقَالَ:
لَسْتَ مِنْهُمْ، بَلْ تَعِيشُ حَمِيدًا، وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ. قالت: فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة، فلما التقوا انكشفوا، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة، فثبتا وقاتلا حتى قتلا، وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه فقال له: إني أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن [3] في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فإيت خالدًا فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه-
__________
[1] في م: وأنزل.
[2] سورة لقمان آية 18
[3] بستن: يعدو لمرحه ونشاطه.(1/202)
فقل له: إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق [1] فلان.
فأتى الرجل خالدًا فأخبره، فبعث إلى الدرع، فأتى بها، وحدث أبا بكر رضي الله عنه برؤياه، فأجاز وصيته بعد موته. قَالَ: ولا نعلم أحدًا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس رضي الله عنه.
(251) ثابت بن الدحداح،
ويقال: ابن الدحداحة بن نعيم بن غنم بن إياس، يكنى أبا الدحداح، كان في بنى أنيف أو في بني العجلان من بلى حليف [2] بني زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف.
قَالَ مُحَمَّد بن عمر الواقدي. حدثني عَبْد الله بن عمار الخطمي، قَالَ:
أقبل ثابت بن الدحداحة يوم أحد والمسلمون أوزاع قد سقط في أيديهم، فجعل يصبح: يا معشر الأنصار، إلي إلي، أنا ثابت بن الدحداحة إن كان مُحَمَّد قتل فإن الله حي لا يموت. فقاتلوا عن دينكم، فإن الله مظهركم وناصركم.
فنهض إليه نفر من الأنصار فجعل يحمل بمن معه من المسلمين. وقد وقفت له كتيبة خشناء [3] فيها رؤساؤهم: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، فجعلوا يناوشونهم. وحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فطعنه فأنفذه، فوقع ميتًا، وقتل من كان معه
__________
[1] في م، وأسد الغابة: وفلان.
[2] في ى: حلفاء.
[3] كتيبة خشناء: كثيرة السلاح.(1/203)
من الأنصار، فيقال: إن هؤلاء آخر من قتل من المسلمين يومئذ.
قَالَ مُحَمَّد بن عمر الواقدي: وبعض أصحابنا الرواة للعلم يقولون: إنّ ابن الدّحداحة برأ من جراحاته تلك. ومات على فراشه من جرح كان قد أصابه، ثم انتقض به مرجع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ من الحديبية [سنة ست من الهجرة] [1] .
(252) ثابت بن ربيعة،
من بني عوف بن الخزرج، ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرًا، وقال: يشك فيه.
(253) ثابت بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر الأنصاري الظفري،
مذكور في الصحابة.
(254) ثابت بن عامر بن زيد الأنصاري،
شهد بدرًا، رحمه الله.
(255) ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عَبْد الأشهل الأنصاري الأشهلي.
قَالَ ابن إسحاق: زعم لي عاصم بن عمر بن قتادة أنه قتل يوم أحد شهيدًا، وأما ابناه عمرو بن ثابت، وعمر بن ثابت فقتلا يومئذ شهيدين، رحمهما الله.
(256) ثابت بن عبيد الأنصاري،
شهد بدرًا، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وقتل بها.
__________
[1] من م. وفي هامش م: ذكر على بن عبد العزيز في نسخته: حدثنا عمرو بن طلحة- قال: حدثنا أسياط عن سماك عن جابر بن سمرة قال: لما مات ثابت بن الدحداح تبع النبي صلى الله عليه وسلم جنازته، فلما دفن وفرغ منه أتى بفرس فركبه فرجع صلى الله عليه وسلم.(1/204)
(257) ثابت بن الضحاك بن أمية بن ثعلبة بن جشم بن مالك بن سالم بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي،
هو أخو أبى جبيرة ابن الضحاك.
كان ثابت بن الضحاك رديف رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الخندق ودليله إلى حمراء الأسد، وكان ممن بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان، وهو صغير.
(258) ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي بن كعب بن عَبْد الأشهل.
ولد سنة ثلاث من الهجرة، يكنى أبا يزيد [1] ، سكن الشام، وانتقل إلى البصرة.
ومات سنة خمس وأربعين. وقد قيل: إنه مات في فتنة ابن الزبير، روى عنه من أهل البصرة أبو قلابة وعبد الله بن معقل.
(259) ثابت بن الصامت الأشهلي،
حديثه عند عَبْد الرحمن ابنه عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أنه صلى في كساء ملتفًا به يضع يديه عليه يقيه برد الحصى. وقد قيل: إن ثابت بن الصامت توفي في الجاهلية، والصحبة لابنه عَبْد الرحمن بن ثابت.
(260) ثابت بن وديعة،
ينسب إلى جده، وهو ثابت بن يزيد بن وديعة ابن عمرو بن قيس بن جزي بن عدي بن مالك بن سالم وهو الحبلي بن عوف
__________
[1] في ى: زيد. والمثبت من م.(1/205)
ابن عمرو بن الخزرج الأكبر الأنصاري.
قَالَ الواقدي: يكنى أبا سعيد [1] ، وأمه أم ثابت بن [2] عمرو بن جبلة ابن سنان، يعد في الكوفيين.
روى عنه زيد [3] بن وهب وعامر بن سعد، وقد روى عنه البراء ابن عازب حديثه في الضب. يختلفون فيه اختلافًا كثيرًا، وأما حديثه في الحمر الأهليه يوم خيبر فصحيح.
(261) ثابت بن قيس بن الخطيم بن عمرو بن يزيد بن سواد بن ظفر الأنصاري الظفري
وظفر اسمه كعب بن الخزرج مذكور في الصحابة.
مات فيما أحسب في خلافة معاوية، وأبوه قيس بن الخطيم أحد الشعراء، مات على كفره قبل قدوم النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ المدينة، وشهد ثابت بن قيس بن الخطيم «مع علي رضي الله عنه صفين والجمل والنهروان، ولثابت بن قيس بن الخطيم ثلاثة بنين: عمر، ومحمد، ويزيد، قتلوا يوم الحرة، ولا أعلم لثابت هذا رواية، وابنه عدي بن ثابت من الرواة الثقات.
(262) ثابت بن رفيع.
ويقال بن رويفع الأنصاري سكن البصرة ثم سكن مصر، حدث عنه الحسن البصري وأهل الشام.
(263) ثابت بن مسعود،
قاله صفوان بن محرز، قَالَ: كان جاري رجل من
__________
[1] في ى، وأسد الغابة: سعد، والمثبت من م.
[2] في ى: بنت.
[3] في ى: يزيد، والمثبت من م، وأسد الغابة.(1/206)
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه ثابت بن مسعود، فما رأيت رجلا أحسن جوارًا منه، وذكر الخبر.
(264) ثابت بن واثلة،
قتل يوم خيبر شهيدًا، رحمه الله.
(265) ثابت بن النعمان بن الحارث بن عَبْد رزاح بن ظفر الأنصاري الظفري،
مذكور في الصحابة رضي الله عنهم.
(266) ثابت بن الحارث الأنصاري
[1] ، روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه نهى عن قتل رجل شهد بدرًا. وقال: وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر ... الحديث. روى عنه الحارث بن يزيد المصري
. باب ثعلبة
(267) ثعلبة بن عنمة [2] بن عدي بن نابي [3] بن عمرو بن سواد بن غنم ابن كعب بن سلمة الأنصاري،
شهد العقبة في السبعين، وشهد بدرًا، وهو أحد الذين كسروا آلهة بني سلمة.
وقتل يوم الخندق شهيدًا، قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي. وقيل:
إن ثعلبة بن غنمة قتل يوم خيبر شهيدا، قاله إبراهيم بن المنذر عن عبد الله
__________
[1] في ى: «ثابت بن وائلة في كتاب ابْن إِسْحَاق فيمن قتل بخيبر من بني عمرو بن عوف بن الحارث الأنصاري» وهو خلط من الناسخ. والصواب من م. وسبب هذا الخلط أن في هامش م: «ثابت بن أثلة: مذكور في كتاب ابْن إِسْحَاق فيمن قتل بخيبر من بني عمرو بن عوف» . فنقل الناسخ هذه العبارة وأضافها كما رأيت.
[2] في ى، وأسد الغابة: غنمة.
[3] في ى: هانئ.(1/207)
ابن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة عن أبيه ولأول قول ابن إسحاق، والذين كسروا آلهة بني سلمة معاذ بن جبل، وعبد الله بن أنيس، وثعلبة بن غنمة هذا، رحمه الله.
(268) ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج ابن ساعدة الأنصاري الساعدي،
قتل يوم أحد شهيدا، وهو عم أبي حميد الساعدي، وعم سهل بن سعد [الساعدىّ] [1] .
(269) ثعلبة بن عمرو [بن عامرة] [2] بن عبيد بن محصن [3] بن عمرو بن عتيك [ابن عمرو] [4] بن مبذول،
وهو [عامر] الذي يقال له سدن بن مالك بن النجار، شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
واختلف فِي وقت وفاته، فقال الواقدي: توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه بالمدينة.
وقال عَبْد الله بن مُحَمَّد الأنصاري: لم يدرك ثعلبة بن عمرو عثمان بن عفان ولكنه قتل يوم جسر أبى عبيد في خلافة عمر رضي الله عنه.
روى عنه ابنه عبد الرحمن، حَدِيثُهُ عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أبيه عَبْد الرحمن عنه أن رجلا سرق حملا لبني فلان، فقطع رسول الله صَلَّى الله
__________
[1] من م.
[2] ليس في م.
[3] في هامش م: ثعلبة بن عمرو بن محصن ذكره ابن إسحاق وابن عقبة وذكر ابن إسحاق نسبه كما في الكمال.
[4] من م.(1/208)
عليه وَسَلَّمَ يده. قَالَ ثعلبة: فكأني أنظر [1] إليه حين قطعت يده. يقال: إنه أبو عمرة [2] الأنصاري والد عَبْد الرحمن بن أبي عمرة، وفي ذلك نظر.
وسنذكر أبا عمرة الأنصاري، والاختلاف في اسمه في بابه من كتاب الكنى إن شاء الله تعالى.
وثعلبة هذا هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قطع يد عمرو بن سمرة [3] في السرقة، وذكر قوله في يده، والحمد للَّه الذي طهرني منك. ومن حديثه أيضًا: للفارس ثلاثة أسهم، وللفرس سهمان.
وقد قيل: إن ثعلبة الأنصاري والد عَبْد الرحمن بن ثعلبة هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أتاه فقال: إني سرقت جملا لبني فلان، فأرسل إليهم فحضروا فأمر فقطعت يده.
قَالَ ثعلبة: فأنا أنظر إليه حين قطعت يده، فيما رواه ابن لهيعة. عن يزيد ابن أبي حبيب عن عَبْد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري عن أبيه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فذكره، هكذا ذكره ابن أبي حاتم.
(270) ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف ابن عمرو بن عوف،
__________
[1] في هامش م: ثعلبة هو أخو أبى عمرة، قاله العدوي. قال: وإنما الأخوان:
أبو عبيدة بن عمرو وحبيب بن عمرو. ولجميعهم صحبه.
[2] في ى: أبو أبى عمرة. والمثبت من م. وفي الإصابة: ويقال: إنه اسم أبى عمرة الأنصاري.
[3] في هامش م صحيح هذا بأنه عمرو بن سبرة.(1/209)
آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين ثعلبة بن حاطب هذا وبين معتب بن عوف بن الحمراء.
شهد بدرًا وأحدا، وهو مانع الصدقة فيما قال قتادة وسعيد بن جبير، وفيه نزلت [1] : وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ... 9: 75 الآيات إلى آخر القصة.
توفي في خلافة عمر رضي الله عنه، وقيل في خلافة عثمان رضي الله عنه.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شُعَيْبٍ.
شَابُورٌ، قَالَ حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ [2] ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ يَا ثَعْلَبَةَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لا تُطِيقُهُ ... فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ. وذكر سنيد عن الوليد بن مسلم عن معان بن رفاعة بإسناده سواء.
(271) ثعلبة بن سلام،
أخو عَبْد الله بن سلام، فيه وفي أخيه عَبْد الله بن سلام وفي ثعلبة بن سعية ومبشر وأسد بني كعب نزلت [3] : من أَهْلِ الْكِتابِ 3: 113
__________
[1] سورة التوبة، آية 75
[2] في ى: معاذ، والصواب من م، وتهذيب التهذيب.
[3] سورة آل عمران، آية 113.(1/210)
أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ ... 3: 113 الآية، ذكره ابن جريج.
(272) ثعلبة بن سعية،
قد تقدم ذكره في الثلاثة الذين أسلموا يوم قريظة، فأحرزوا [1] دماءهم وأموالهم. لهم خبر في السير يخرج في أعلام نبوة مُحَمَّد صَلَّى الله عليه وسلم وقال البخاري: وفي ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية في حياة النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وذكر الطبري أن ابن إسحاق قَالَ في ثعلبة بن سعية [وأسيد بن سعية] [2] ، وأسد بن عبيد: هم من بني الهذيل ليسوا من بني قريظة [3] ، ولا النضير، نسبهم فوق ذلك، هم بنو عم القوم، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم سعد بن معاذ.
(273) ثعلبة بن سهيل،
أبو أمامة الحارثي هو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه، فقيل: إياس بن ثعلبة، وقيل: ثعلبة بن سهيل [4] ، والأول أشهر [5] ، وسيأتي ذكره في الكنى إن شاء الله تعالى.
(274) ثعلبة بن زهدم الحنظلي،
له صحبة، روى عنه الأسود بن هلال، بصرى.
__________
[1] في م: فمنعوا رحالهم.
[2] من م.
[3] في ى: قريظ.
[4] في ى: سهل.
[5] في أسد الغابة: ثعلبة بن عبد الله، وقيل: ثعلبة بن إياس.(1/211)
(275) ثعلبة بن الحكم الليثي،
نزل البصرة، ثم تحول إلى الكوفة رَوَى عَنْهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ قَالَ:
كُنْتُ غُلامًا عَلَى عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا غنما فانتهبوها، فبعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ، فَإِنَّ النُّهْبَةَ لا تَصْلُحُ
(276) ثعلبة بن صعير،
ويقال ابن أبي صعير بن عمرو بن زيد بن سنان بن المهتجن بن سلامان بن عدي بن صعير بن حزاز [1] بن كامل بن عمرة الحزّازى العذري، وعذرة في قضاعة حليف بن زهرة.
روى عنه عَبْد الرحمن بن كعب بن مالك وابنه عبد الله بن ثعلبة.
قال الدار قطنى: لثعلبة هذا ولابنه عَبْد الله بن ثعلبة صحبة، روى عنهما جميعًا الزهري.
[277) ثعلبة بن أبي مالك القرظي،
ولد على عهد النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
واسم أبي مالك عَبْد الله يكنى أبا يحيى من كندة، وقدم أبوه أبو مالك من اليمن على دين اليهود، ونزل في بني قريظة فنسب إليهم، ولم يكن منهم فأسلم يروى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما [2]] .
__________
[1] في ى: خراز، والصواب من م، واللباب.
[2] من م.(1/212)
باب ثمامة
(277) ثمامة بن عدي القرشي،
لا أدري من أي قريش هو؟ كان أميرًا لعثمان رضي الله عنه على صنعاء.
روى عنه أبو الأشعث الصنعاني في التوجع على عثمان رضي الله عنه والتلهف والبكاء عليه.
وَذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ:
لَمَّا بَلَغَ ثُمَامَةَ بْنَ عَدِيٍّ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ- قَتْلُ عُثْمَانَ، وَكَانَ عَلَى صَنْعَاءَ أَمِيرًا قَامَ خَطِيبًا فَذَكَرَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَبَكَى وَطَالَ بُكَاؤُهُ ثُمَّ قَالَ: هَذَا حِينَ انْتُزِعَتْ خِلافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَصَارَتْ مُلْكًا وَجَبْرِيَّةً، مَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ أَكَلَهُ.
هكذا ذكره أسد بن موسى عن حماد عن أيوب، لم يجاوز به أبا قلابة.
ورواه عفان عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني أن رجلا من قريش كان على صنعاء، فذكر مثله سواء.
(278) ثمامة بن أثال الحنفي،
سيد أهل اليمامة، روى حديثه أبو هريرة.
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابني عمر عَن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ ثُمَامَةَ الْحَنَفِيَّ أُسِرَ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تَمْنُنْ تَمْنُنْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تُرِدِ(1/213)
الْمَالَ تُعْطَ مَا شِئْتَ. قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ. وَرَوَى عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ الْحَنَفِيُّ مُعْتَمِرًا فَظَفَرَتْ بِهِ خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِنَجْدٍ، فَجَاءُوا بِهِ، فَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا بِأُسْطُوَانَةٍ عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَآهُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا ثُمَامُ؟ فَقَالَ: إِنْ تَسْأَلْ مَالا تُعْطَهُ، وَإِن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ.
فَمَضَى عَنْهُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنَّ أَكْلَةً مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ، ثُمَّ كَرَّرَ [1] عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا ثَمُامَةُ؟ قَالَ: إِنْ تَسْأَلْ مالا تعطه.
وإن تقتل تقتل ذا دم، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. قَالَ: اللَّهمّ إِنَّ أَكْلَةً مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَمِ ثُمَامَةَ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُطْلِقَ.
فَذَهَبَ ثُمَامَةُ إِلَى الْمَصَانِعِ [2] ، فَغَسَلَ ثِيَابَهُ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَشَهِدَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمُرْ مَنْ يُسَيِّرْنِي إِلَى الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ مَنْ يُسَيِّرُهُ، فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ جاءُوهُ فَقَالُوا: يَا ثُمَامَةُ، صَبَوْتَ وَتَرَكْتَ دِينَ آبَائِكَ، قَالَ: لا أَدْرِي مَا نقولون، إِلا أَنِّي أَقْسَمْتُ بِرَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ [3] لا يَصِلْ إِلَيْكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ شَيْءٌ مِمَّا تَنْتفِعُونَ به حتى تتبعوا محمدا عن آخركم.
__________
[1] في م: كر.
[2] في ى: الصائغ، وهو تحريف.
[3] في ى: البيت.(1/214)
قَالَ: وَكَانَتْ مِيرَةُ قُرَيْش وَمَنَافِعُهُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ، ثُمَّ خَرَجَ فَحَبَسَ عَنْهُمْ مَا كَانَ يَأْتِيهِمْ مِنْهَا مِنْ مِيرَتِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ، فَلَمَّا أَضَرَّ بِهِمْ كَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَهِدْنَا بِكَ وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَتَحُضُّ عَلَيْهَا، وَإِنَّ ثُمَامَةَ قَدْ قَطَعَ عَنَّا مِيرَتَنَا وَأَضَرَّ بِنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ أَنْ يُخَلِّي بَيْنَنَا وَبَيْنَ مِيرَتِنَا فَافْعَلْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنْ خَلِّ بَيْنَ قَوْمِي وَبَيْنَ مِيرَتِهِمْ. وَكَانَ ثُمَامَةُ حِينَ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ قَدِمْتُ عَلَيْكَ وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَلا دِينٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، وَلا بَلَدٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، وَمَا أَصْبَحَ على وجه الأرض وجه أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَلا دِينٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، وَلا بَلَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ارْتَدَّ أَهْلُ الْيَمَامَةِ عَنِ الإِسْلامِ غَيْرَ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ.
وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَكَانَ مُقِيمًا بِالْيَمَامَةِ يَنْهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ مُسَيْلِمَةَ وَتَصْدِيقِهِ، وَيَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَأَمْرًا مُظْلِمًا لا نُورَ فِيهِ، وَإِنَّهُ لَشَقَاءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِهِ مِنْكُمْ، وَبَلاءٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ مِنْكُمْ يَا بَنِي حَنِيفَةَ.
فَلَمَّا عَصَوْهُ وَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ أَصْفَقُوا [1] عَلَى اتِّبَاعِ مُسَيْلَمَةَ عَزَمَ عَلى مُفَارَقَتِهِمْ، وَمَرَّ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ [2] عَلَى جَانِبِ الْيَمَامَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ لأَصْحَابِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنِّي وَاللَّه مَا أَرَى أَنْ أُقِيمَ مَعَ هَؤُلاءِ مَعَ مَا قَدْ أَحْدَثُوا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَضَارِبُهُمْ بِبَلِيَّةٍ لا يَقُومُونَ بِهَا وَلا يَقْعُدُونَ،
__________
[1] في أسد الغابة: أنفقوا
[2] في ى: ومن معه.(1/215)
وَمَا نَرَى أَنْ نَتَخَلَّفَ عَنْ هَؤُلاءِ وَهُمْ مُسْلِمُونَ، وَقَدْ عَرَفْنَا الَّذِي يُرِيدُونَ، وَقَدْ مَرُّوا قَرِيبًا، وَلا أَرَى إِلا الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْكُمْ فَلْيَخْرُجْ. [فَخَرَجَ] [1] مُمِدًّا لِلْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ قَدْ فَتَّ فِي أَعْضَادِ عَدُوِّهِمْ [2] حِينَ بَلَغَهُمْ مَدَدُ بَنِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ ثُمَامَةُ بْنُ أثال في ذلك:
دَعَانَا إِلَى تَرْكِ الدِّيَانَةِ وَالْهُدَى ... مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ إِذْ جَاءَ يَسْجَعُ
فَيَا عَجَبًا مِنْ مَعْشَرٍ قد تتايعوا [3] ... لَهُ فِي سَبِيلِ الْغَيِّ وَالْغَيُّ أَشْنَعُ
فِي أَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الرِّدَّةِ وفي آخرها:
وَفِي الْبُعْدِ عَنْ دَارٍ وَقَدْ ضَلَّ أَهْلُهَا ... هُدًى وَاجْتِمَاعُ كُلِّ ذَلِكَ مَهْيَعُ
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الشِّعْرَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرات بْن حيان إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ فِي قِتَالِ مُسَيْلِمَةَ وقتله
(279) ثمامة بن بحاد،
رجل من عبد القيس. له صحبة، كوفى. روى عنه العيزار ابن حريث وأبو إسحاق السّبيعى ذكره ابن أبى حاتم عن أبيه.
__________
[1] من م.
[2] في ى: أعدادهم.
[3] في ى: تبايعوا. وتتايعوا: أسرعوا وعجلوا.(1/216)
باب الأفراد في الثاء
(280) ثقب بن فروة بن البدن [1] الأنصاري الساعدي،
هكذا قَالَ الواقدي: ثقب.
وقال عَبْد الله بن مُحَمَّد: هو ثقيب بن فروة، وهو الذي يقال له الأخرس، وكذلك قَالَ إبراهيم بن سعد [2] عن أبي إسحاق ثقيب بن فروة بن البدن.
وفي بعض نسخ السير: ثقيف بالفاء، والصحيح إن شاء الله تعالى ثقب أو ثقيب بالياء كما قَالَ ابن القداح وهو عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عمارة الأنصاري النسابة، وهو أعلم الناس بأنساب الأنصار.
قَالَ أبو عمر: ثقب هذا هو ابن عم أبي أسيد الساعدي، قتل يوم أحد شهيدًا. وقد ذكرنا في باب أسيد من قال في البدن البدىّ.
(281) ثقف بن عمرو الأسلمي،
ويقال الأسدي، حليف بني عَبْد شمس، ويكنى أبا مالك، ويقال ثقاف.
شهد هو وأخواه: مدلاج بن عمرو، ومالك بن عمرو [3] بدرا، وقتل ثقف بن عمرو يوم أحد شهيدا.
وقال موسى بن عقبة: قتل يوم خيبر [4] شهيدًا، قتله أسير اليهودي.
__________
[1] في هامش م: وجدت في أصل طاهر بن عبد العزيز في المغازي: ثقف بفتحتين بن فروة بن اليدن- بالياء باثنتين.
[2] في ى: مسعود، وهو تحريف.
[3] في ى: وأخوه مدلاج بن عمرو بن مالك بن عمرو، وهو تحريف صوابه من م.
[4] في ى: حنين، والصواب من هامش م.(1/217)
(282) ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أبو عَبْد الله. وقيل:
أبو عَبْد الرحمن، وأبو عَبْد الله أصح، وهو ثوبان بن بجدد، من أهل السراة، والسراة موضع بين مكة واليمن. وقيل: إنه من حمير. وقيل إنه حكمي من حكم بن سعد العشيرة، أصابه سباء فاشتراه رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فأعتقه، ولم يزل يكون معه في السفر والحضر إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فخرج إلى الشام فنزل الرملة، ثم انتقل إلى حمص فابتنى بهادارا.
وتوفي بها سنة أربع وخمسين.
كان ثوبان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وأدى ما وعى، وروى عنه جماعة من التابعين، منهم جبير بن نفير الحضرمي، وأبو إدريس الخولاني، وأبو سلام الحبشي، وأبو أسماء الرحبي، ومعدان بن أبي طلحة، وراشد بن سعد، وعبد الله بن أبي الجعد.
(283) ثروان [1] بن فزارة بن عَبْد يغوث بن زهير [الأكبر] الصّتم،
وهو التام- بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعه، وفد على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وله شعر [2] رواه هشام الكلبي، قاله الدار قطنى، ولم يذكره أبو عمر.
__________
[1] هذه الترجمة وردت في هامش م. وليست بالأصل، ولهذا جاءت العبارة الأخيرة فيها كما يأتى: وله شعر رواه هشام الكلبي، قاله الدارقطنيّ، ولم يذكره أبو عمر.
[2] منه في أسد الغابة:
إليك رسول الله خبت مطبتى ... مسافة أرباع تروح وتغتدي(1/218)
باب حرف الجيم
باب جابر
(284) جابر بن خالد بن مسعود بن عَبْد الأشهل بن حارث بن دينار بن النجار الأنصاري.
شهد بدرا. قَالَ ابن عقبة: لا عقب له، وشهد أحدا في قولهم جميعًا.
(285) جابر بن عَبْد الله بن رياب بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي.
شهد بدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. وهو أول من أسلم من الأنصار قبل العقبة الأولى، وله حديث عند الكلبي عن أبي صالح عنه في قوله تعالى [1] : يَمْحُوا الله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ 13: 39.
لا أعلم له غيره.
(286) جابر بن عَبْد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السّلسى،
من بني سلمة.
ينسب [2] جابر بن عَبْد الله [بن عمرو] [3] بن حرام بن عمرو بن سواد بن سلمة، ويقال: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن سلمة.
__________
[1] سورة الرعد، آية 39.
[2] في ى: نسب.
[3] من م.(1/219)
وأمه نسيبة بنت عقبة بن عدي بن سنان بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم.
اختلف في كنيته، فقيل: أبو عَبْد الرحمن، وأصح ما قيل فيه بو عَبْد الله.
شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير، ولم يشهد الأولى، ذكره بعضهم في البدريين، ولا يصح، لأنه قد روى عنه أنه قَالَ: لم أشهد بدرًا، ولا أحدًا، منعني أبي. وذكر البخاري أنه شهد بدرًا، وكان ينقل لأصحابه الماء يومئذ، ثم شهد بعدها مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمان عشرة غزوة.
ذكر ذلك أبو أحمد الحاكم.
وقال ابن الكلبي: شهد أحدًا، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه.
وروى أبو الزبير عن جابر قَالَ: غزا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفسه إحدى وعشرين غزوة. شهدت منها [معه] [1] تسع عشرة غزوة وكان من المكثرين الحفاظ للسنن، وكف بصره في آخر عمره.
وتوفي سنة أربع وسبعين. وقيل سنة ثمان وسبعين. وقيل سنة سبع وسبعين بالمدينة. وصلى عليه أبان بن عثمان وهو أميرها. وقيل: توفى وهو ابن أربع وتسعين سنة.
__________
[1] من م.(1/220)
(287) جابر بن عَبْد الله الراسبي.
من بني راسب. روى عنه أبو شداد.
(288) جابر [بن عَبْد الله] [1] الصدفي.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَبَعْدَ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَبَعْدَ الأُمَرَاءِ مُلُوكٌ، وَبَعْدَ الْمُلُوكِ جَبَابِرَةُ، وَبَعْدَ الْجَبَابِرَةِ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا. رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ جَابِرِ [بْنِ عَبْدِ اللَّهِ] [2] الصَّدَفِيِّ عَنْ [أبيه] [3] عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم [الحديث بتمامه] [4] .
(289) جابر بن سفيان الأنصاري الزرقي،
من بني زريق بن عامر، ينسب أبوه سفيان إلى معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، لأنه حالفه وتبناه بمكة.
قَالَ ابن إسحاق: غلب معمر بن حبيب على نسب سفيان وبنيه، فإليه ينسبون، وهو رجل من الأنصار من بنى زريق بن عامر، ثم من بني جشم ابن الخزرج، وقد ذكرنا خبر سفيان وابنيه في بابه من هذا الكتاب، والحمد للَّه.
قَالَ ابن إسحاق: قدم سفيان وابناه جابر وجنادة من أرض الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ في السفينتين اللتين قدمتا المدينة من
__________
[1] من م.
[2] من م.
[3] من م.
[4] من م.
(الاستيعاب ج 1- م 8)(1/221)
أرض الحبشة. قَالَ: وهلك سفيان وابناه جابر وجنادة في خلافة عمر بن الخطاب رحمه الله وأخو هما لأمهما شرحبيل بن حسنة، تزوّجها أبو هما سفيان بمكة، ومن خبر هما في باب شرحبيل بن حسنة، والحمد للَّه.
(290) جابر بن عتيك الأنصاري المعاوي،
من بني عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس.
ويقال جبر بن عتيك، هكذا قَالَ ابن إسحاق جبر، ونسبه فقال: جبر بن عتيك بن قيس بن الحارث بن [قيس بن] [1] هيشة بن الحارث بن أمية بن زيد بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري المعاوي المديني، شهد بدرا وجميع المشاهد بعدها.
وتوفي سنة إحدى وستين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة، يكنى أبا عَبْد الله، وكان معه راية بني معاوية عام الفتح.
قال على بن المديني: جابر بن عتيك والحارث بن عتيك أخوان، لهما صحبة.
(291) جابر بن النعمان [2] بن عمير بن مالك بن قمير بن مالك بن سواد [2] بن مرى بن إراشة البلوي السوادي،
من بني سواد، فخذ من بلي، له صحبه، وعداده في الأنصار، ذكره ابن الكلبي وغيره، وهو من رهط كعب ابن عجرة.
__________
[1] من م.
[2] في هامش م: سواد هذا بالضم. وكعب بن عجرة من بنى غنم بن سواد، وعمرو بن سواد. بالفتح والتشديد لا غير. والمواد بالكسر والتشديد في حديث عبد الله بن مسعود وغير ذلك سواد- بالفتح والتخفيف. وزاد عبد الغنى أحمد بن سواد بالتشديد أيضا (ظهر الاستيعاب ج 1 م 8)(1/222)
(292) جابر بن عمير الأنصاري المدني، روى عنه عطاء بن أبي رباح، جمعه مع جابر بن عَبْد الله في حديث ذكره.
(293) جابر بن أبي صعصعة، أخو قيس بن أبي صعصعة،
وهم أربعة أخوة:
قيس، والحارث، وجابر، وأبو كلاب، من بني مازن بن النجار من الأنصار، قد ذكرنا كل واحد منهم في بابه من هذا الكتاب، والحمد للَّه.
وقتل جابر وأبو كلاب يوم مؤته سنة ثمان من الهجرة.
(294) جابر بن ظالم بن حارثة بن عتاب بن أبي حارثة بن جدي بن تدول ابن بحتر الطائي البحتري.
ذكره الطبري فيمن وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طىّ، قَالَ: وكتب له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كتابًا فهو عندهم. وبحتر هو الذي ينسب إليه البحتري الشاعر، وهو بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو ابن [الحارث بن] [1] الغوث بن طيِّئ.
(295) جابر بن حابس،
حديثه عند حصين بن نمير [2] عن أبيه عن جده.
(296) جابر بن عبيد العبدي،
أحد وفد عَبْد القيس، حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في الأشربة، لم يرو عنه إلا ابنه عَبْد الله بن جابر.
وذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فقال فيه: كان يكون بالبحرين.
__________
[1] من م.
[2] في أسد الغابة: حبيب.(1/223)
روى عنه ابنه عَبْد الله أنه وفد من البحرين إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
(297) جابر بن أبي سبرة،
أسدي كوفي.
روى عنه سالم بن أبي الجعد أحاديث، منها حديث في الجهاد.
(298) جابر بن أسامة الجهني
روى عنه معاذ بن عبد الله بن خبيب.
(299) جابر بن سمرة [1] بن عمرو بن جندب [2] بن حجير بن رياب بن حبيب ابن سواءة [3] ،
وقيل جابر بن سمرة بن جنادة [بن جندب بن عمرو] [4] بن جندب ابن حجير بن رياب السوائي، ومنهم من يسقط حبيبًا من نسبه، فيقول جابر بن سمرة بن عمرو بن جندب بن حجير بن رياب بن سواءة السوائي، من بني سواءة بن عامر بن صعصعه حليف بنى زهرة، يكنى أبا عَبْد الله، وقيل:
أبا خالد، وهو ابن أخت سعد بن أبي وقاص، أمه خالدة بنت أبي وقاص، نزل جابر بن سمرة الكوفة وابتنى بها دارًا في بني سواءة، وتوفي في إمرة بشر بن مروان عليها، وقيل: توفي جابر بن سمرة سنة ست وستين أيام المختار ابن أبي عبيد.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أحاديث كثيرة، منها قوله: رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ في ليلة مقمرة وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر. ومنها قوله عليه السلام: المستشار مؤتمن.
__________
[1] في هامش م: قال ابن دريد: يقولون سمرة مخففا، وبنو تميم يقولون سمرة مثقلا.
[2] في أسد الغابة: بن جنادة بن جندب.
[3] في القاموس: بنو سوأة- بالضم: حي. وسواءة كخرافة: اسم. وفي م: سوأة
[4] ليس في م.(1/224)
(300) جابر الأحمسي.
يقال جابر بن عوف الأحمسي، ويقال جابر بن طارق الأحمسي، ويقال جابر بن أبي طارق الأحمسي، وهو كوفي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليه وعنده قرع، فقال:
نكثر به طعامنا. روى عنه ابنه حكيم بن جابر.
(301) جابر بن سليم،
ويقال سليم بن جابر، والأكثر جابر بن سليم، أبو جرى التميمي الهجيمي من بلهجيم بن عمرو بن تميم التميمي. وقال البخاري:
أصح شيء عندنا في اسم أبي جري الهجيمي جابر بن سليم. قَالَ أبو عمر:
روى حديثه في البصريين، روى عنه جماعة منهم مُحَمَّد بن سيرين، له حديث حسن في وصية رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إياه، حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ابْنُ الصُّدَائِيِّ، قَالَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ الْهُجَيْمِيِّ (ح) ، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، حدثنا محمد ابن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَفَّانَ [1] عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا وَالنَّاسُ يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، فَقُلْتُ: [لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ] [2] ، مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رَسُولَ الله. فقال: عليك السلام تحية الموتى،
__________
[1] في م: أبو غفار.
[2] من م.(1/225)
وَلَكِنْ قُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا دَعَوْتَهُ أَجَابَكَ، وَإِذَا أَصَابَتْكَ سَنَةٌ دَعَوْتَهُ فَسَقَاكَ، وَأَنْبَتَ لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ فِي أَرْضٍ فَلاةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ دَعَوْتَهُ فَرَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ.
قَالَ: لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إناء المستسقى، وإذا غيّرك رَجُلٌ بِأَمْرٍ تَعْلَمُهُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِأَمْرٍ تَعْلَمُهُ فِيهِ، فَيَكُونُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْكَ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مَخِيلَةٌ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَلا تَسُبَّنَّ أَحَدًا.. قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ [أَحَدًا] [1] بَعِيرًا وَلا شَاةً وَلا إِنْسَانًا
. باب جارية
(302) جارية بن قدامة التميمي السعدي،
يكنى أبا عمرو، وقيل: أبا أيوب.
وقيل أبا يزيد. نسبه بعضهم فقال: جارية بن قدامة بن مالك بن زهير، ويقال جارية بن قدامة بن زهير، ويقال جارية بن قدامة بن زهير بن حصن [2] .
ويقال حصين بن رزاح بن أسعد [3] بن بجير بن [ربيعة بن] [4] كعب بن سعد ابن زيد مناة [بن تميم] [4] التميمي السعدي، يعد في البصريين. روى عنه أهل المدينة وأهل البصرة، وكان من أصحاب على في حروبه، وهو الّذي
__________
[1] من م.
[2] في تهذيب التهذيب: الحصن.
[3] في ى: سعد، والمثبت من م.
[4] من م.(1/226)
حاصر عَبْد الله بن الحضرمي في دار شبيل [1] ، ثم حرق عليه، وكان معاوية بعث ابن الحضرمي ليأخذ البصرة وبها زياد خليفة لا بن عباس، فنزل عَبْد الله بن الحضرمي في بني تميم، وتحول زياد إلى الأزد، وكتب إلى علي فوجه إليه أعين بن صبيعة المجاشعي. فقتل فبعث جارية بن قدامة.
روى عنه الأحنف بن قيس، ويقال: إن جارية بن قدامة عم الأحنف، وعسى أن يكون عمه لأمه، وإلا فما يجتمعان إلا في سعد بن زيد مناة.
روى هشام بن عروة عن الأحنف بن قيس أنه أخبره ابن عم له، وهو جارية ابن قدامة، أنه قَالَ: يا رسول الله، قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلي أعقله.
قَالَ: لا تغضب، فعاد له مرار يرجع [2] إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغضب.
(303) جارية بن حميل [3] بن شبة [4] بن قرط الأشجعي،
أسلم وصحب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ذكره الطبري.
(304) جارية بن ظفر اليمامي،
والد نمران بن جارية، سكن الكوفة. روى عنه ابنه نمران، ومولاه عقيل بن دينار. ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رشيد، قال: حدثنا مروان ابن مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَهْثَمُ بْنُ قُرَّانَ، قَالَ: حدثنا عقيل بن دينار مولى جارية
__________
[1] في أسد الغابة: ابن شبيل.
[2] في ى: فرجع.
[3] في ى: جميل، والصواب من م، والإصابة.
[4] هكذا في ى، والإصابة، وفي م: نشبة.(1/227)
ابن ظَفَرٍ، عَنْ جَارِيَةَ بْنِ ظُفَرٍ أَنَّ دَارًا كَانَتْ بَيْنَ أَخَوَيْنِ، فَحَظَرَا فِي وَسَطِهَا حِظَارًا، ثم هلكا، وترك كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقِبًا، فَادَّعَى عَقِبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الْحِظَارَ لَهُ مِنْ دُونِ صاحبه، فَاخْتَصَمَ عَقِبَاهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقْضِي بَيْنَهُمَا، فَقَضَى بِالْحِظَارِ لِمَنْ وَجَدَ مَعَاقِدَ الْقُمْطِ [1] تَلِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ نِمْرَانُ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(305) جارية بن زيد،
ذكره ابن الكلبي فيمن شهد صفين من الصحابة رضي الله عنهم.
باب جبار
(306) جبار بن صخر الأنصاري.
وهو جبار بن صخر بن أمية بن خنساء بن سنان، ويقال خنيس بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة السلمي الأنصاري، شهد بدرًا، وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، ثم شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وكان أحد السبعين ليلة العقبة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين المقداد بن الأسود. نسبه [2] ابن إسحاق كما ذكرنا، وقال ابن هشام: هو جبار بن صخر بن أمية بن خناس بن سنان،
__________
[1] القمط: جمع قماط، وهي الشرط التي يشد بها الخص ويوثق به من ليف أو خوص أو غيرهما.
[2] العبارة في م: هكذا قَالَ ابْن إِسْحَاق، وقال ابْن هِشَام.(1/228)
فجعله ابن هشام من ولد خناس، وجعله ابن إسحاق من ولد خنساء. وقيل خناس وخنيس [1] وخنساء سواء.
وقيل: هما أخوان ابنا سنان بن عبيد بن عدي بن غنم يكنى أبا عَبْد الله.
توفي بالمدينة سنة ثلاثين، روى عنه شرحبيل بن سعد. قَالَ: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقمت عن يساره فأخذني وجعلني عن يمينه.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بِعَسْقَلانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَيِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ جَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ يَقُولُ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ:] [2] إِنَّا نُهِينَا أَنْ نَرَى عَوْرَاتِنَا. وَرَوَى أَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ عبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصَّامِتِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فأخذني فجعلني عن يمينه، وجاء جبّار بن صخر، فدفعنا حتى جعلنا حلفه.
وقال ابن إسحاق: كان جبار بن صخر خارصًا [3] بعد عَبْد الله بن رواحة.
(307) جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر بن كلاب الكلابي.
__________
[1] في ى: خنس، والمثبت من م.
[2] من م.
[3] خارصا: جائعا مقرورا.(1/229)
هو الذي قتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة، ثم أسلم بعد ذلك، ذكره إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق، وقال: كان جبّار بن سلمى فيمن حضرها يومئذ- يعني بئر معونة- مع عامر بن الطفيل، ثم أسلم بعد ذلك، فكان يقول: ما دعاني إلى الإسلام إلا أني طعنت رجلا منهم فسمعته يقول:
فزت والله. قَالَ: فقلت في نفسي: ما فاز، أليس قد قتلته، حتى سألت بعد ذلك عن قوله. فقالوا: الشهادة فقلت: فاز لعمر الله.
لم يذكر البخاري جبار بن سلمى ولا جبار بن صخرة.
باب جبر
(308) جبر الأعرابي المحاربي،
روى عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في فضل عثمان رضي الله عنه، روى عنه الأسود بن هلال.
(309) جبر بن عتيك.
ويقال جابر بن عتيك. قد تقدم ذكره في باب جابر.
ونسبوه [1] جابر بن عتيك بن قيس بن الحارث بن مالك بن زيد بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن أوس.
أمه جميلة بنت زيد بن صيفي بن عمرو بن حبيب بن حارثة بن الحارث، هكذا نسبه خليفة.
وقال: مات سنة إحدى وستين.
__________
[1] من هنا إلى آخر الترجمة ليس في م.(1/230)
ونسبه غيره فقال: جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن زيد بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، حَدِيثُهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عُمَيْسٍ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عَادَهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أهله: إن كنّا لنرجو أَنْ تَكُونَ وَفَاتُهُ شَهَادَةً لَهُ فِي سَبِيلِ الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شهداء أمّتى إذا لقليل، القتيل في سبيل الله شهيد، المبطون شَهِيدٌ، وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ [1] شَهِيدَةٌ، وَالْحَرِقُ [2] شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ [3] شَهِيدٌ، وَالْمَجْنُوبُ [4] شَهِيدٌ. وَقَالَ أبو عمر: خالف مالك أبا غميس فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، وَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ معانيه.
(310) جبر بن عَبْد الله القبطي،
مولى أبي بصرة الغفاري، هو الذي أتى من عند المقوقس بمارية القبطية إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مع حاطب ابن أبى بلتعة.
__________
[1] ماتت بجمع: يريد أنها ماتت بكرا (النهاية) .
[2] الحرق. وفي رواية الحريق: الّذي يقع في حرق النار فيلتهب (النهاية) .
[3] الغرق- بكسر الراء: الّذي يموت بالغرق. وقيل: هو الّذي غلبه الماء ولم يغرق، فإذا غرق فهو غريق (النهاية) .
[4] المجنوب: الّذي أخذته ذات الجنب. وقيل أراد بالمجنوب الّذي يشتكي جنبه مطلقا.
وفي ى: المجنون. وهو تحريف.(1/231)
باب جبير
(311) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي،
يكنى أبا مُحَمَّد، وقيل أبا عدي، أمه أم جميل بنت سعيد، من بني عامر ابن لؤي. قَالَ مصعب الزبيري: كان جبير بن مطعم من حلماء قريش وساداتهم، وكان يؤخذ عنه النسب.
وقال ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة، وكان يقول: إنما أخذت النسب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وكان أبو بكر من أنسب العرب.
أسلم جبير بن مطعم فيما يقولون يوم الفتح. وقيل عام خيبر، وكان [إذ] [1] أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فداء أسارى بدر كافرًا. روى جماعة من أصحاب ابن شهاب [عن ابن شهاب] [2] عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر، فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب أو العشاء، فسمعته وهو يقرأ، وقد خرج صوته من المسجد [3] : إِنَّ عَذَابَ ربك لواقع ماله من دافع. قال: فكأنما صدع قلبي.
وبعض أصحاب الزهري يقول عنه في هذا الخبر: فسمعته يقرأ [4] :
__________
[1] من م.
[2] ليس في م.
[3] سورة الطور، آية 7، 8
[4] سورة الطور آية 35، 36(1/232)
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ. 52: 35 أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، بَلْ لا يُوقِنُونَ. 52: 36 فكاد قلبي يطير، فلما فرغ من صلاته كلمته في أسارى بدر فقال: لو كان الشيخ أبوك حيًا فأتانا فيهم شفعناه.
وقال بعضهم فيه: لو أن أباك كان حيًا، أو لو أن المطعم بن عدي كان حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى [1] لأطلقتهم له.
قال: وكانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد، وكان من أشراف قريش.
وإنما كان هذا القول من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المطعم بن عدي، لأنه الذي كان أجار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم من الطائف من دعاء ثقيف، وكان أحد الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم.
وكانت وفاة المطعم بن عدي في صفر سنة ثنتين من الهجرة قبل بدر بنحو سبعة أشهر، ومات جبير بن مطعم بالمدينة سنة سبع وخمسين، وقيل سنة تسع وخمسين في خلافة معاوية، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وفيمن حسن إسلامه منهم. ويقال: إن أول من لبس طيلسانا بالمدينة جبير بن مطعم.
(312) جبير بن إياس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زرق الأنصاري الزرقيّ.
__________
[1] يعنى أسارى بدر. واحدهم نتن، كزمن وزمنى. وسماهم نتى لكفرهم، كقوله تعالى: إنما المشركون نجس (النهاية) .(1/233)
شهد بدرًا وأحدًا، هكذا قَالَ ابن إسحاق وموسى بن عقبة والواقدي وأبو معشر، وقال عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عمارة: هو جبر بن إياس.
(313) جبير بن بحينة، هو جبير بن مالك بن القشب،
ويقال جبير [1] بن مالك الأزدي، والأكثر جبير بن بحينة.
أمه بحينة بنت الحارث هو أخو عبد الله بن بحينة، أمهما بحينة ابنة الحارث بن عَبْد المطلب، وهو حليف لبني المطلب، وأصله من الأزد [2] ، قتل يوم اليمامة شهيدًا.
(314) جبير بن نفير الحضرمي، جاهلي إسلامي،
يكنى أبا عَبْد الرحمن، أدرك الجاهلية ولم ير النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، أسلم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وهو معدود في كبار تابعي أهل الشام، ولأبيه نفير صحبة ورواية، وقد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب. قَالَ على بن المديني: حدّثنا زيد [3] ابن الحباب، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، وكان جاهليًا إسلاميًا. وروينا عن جبير بن نفير أيضا أنه قَالَ: أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ... في حديث ذكره.
(315) جبير بن الحويرث
روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. روى عنه سعيد بن عَبْد الرحمن بن يربوع، في صحبته نظر.
__________
[1] في م: جبر.
[2] في م: للأزد.
[3] في ى: يزيد. والمثبت من م، وتهذيب التهذيب.(1/234)
باب جبلة
(316) جبلة بن حارثة الكلبي،
أخو زيد بن حارثة، يأتي نسبه في باب زيد أخيه إن شاء الله.
روى عنه أبو إسحاق السّبيعى، وأبو عمرو الشيباني، وبعضهم يدخل بين أبي إسحاق وبين جبلة بن حارثة فروة [1] بن نوفل.
أَخْبَرَنَا عبد الوارث قال: حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَسَدِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا حُدَيْجُ [2] بْنُ مُعَاوَيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:
قِيلَ لِجَبَلَةَ بْنِ حَارِثَةَ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ زَيْدٌ؟ قَالَ: زَيْدٌ خَيْرٌ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ، وَسَأُخْبِرُكُمْ أَنَّ أُمَّنَا كَانَتْ مِنْ طيِّئ، فَمَاتَتْ فَبَقَيْنَا فِي حِجْرِ جدّ لي فَأَتَى عَمَّايَ فَقَالا لِجَدِّنَا: نَحْنُ أَحَقُّ بِابْنَيْ أَخِينَا فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا خَيْرٌ لَهُمَا فَأَبَيَا.
فَقَالَ: خُذَا جَبَلَةَ، وَدَعَا زَيْدًا. فَأَخَذَانِي فَانْطَلَقَا بِي، وَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ فَأَصَابَتْ زَيْدًا، فَتَرَامَتْ بِهِ الأُمُورُ حَتَّى وَقَعَ إِلَى خَدِيجَةَ فوهبته للنّبيّ صلى الله عليه وسلم.
(317) جبلة بن عمرو الأنصاري الساعدي.
ويقال هو أخو أبي مسعود الأنصاري. وفي ذلك نظر.
يعد في أهل المدينة، روى عنه سليمان بن يسار، وثابت بن عبيد. قال
__________
[1] في م: أبو فروة، وثراه تحريفا، كما في تهذيب التهذيب.
[2] في ى: جريج، وهو تحريف، صوابه من تهذيب التهذيب.(1/235)
سليمان بن يسار: كان جبلة بن عمرو فاضلا من فقهاء الصحابة، وشهد جبلة بن عمرو صفين مع علي رضي الله عنه، وسكن مصر.
(318) جبلة بن أزرق الكندي.
روى عنه راشد بن سعد، يعد في أهل الشام.
(319) جبلة رجل من الصحابة غير منسوب.
روى عنه مُحَمَّد بن سيرين أنه جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها.
(320) جبلة بن مالك الداري،
من رهط تميم الداري. قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منصرفه من تبوك في رهط من قومه.
(321) جبلة [بن مالك] [1] الأشعر الخزاعي الكعبي [2] ،
واختلف في اسم أبيه. قال الواقدي: قتل مع كرز بن جابر بطريق مكة عام الفتح.
باب جرير
(322) جرير بن عَبْد الله بن جابر،
وهو الشّلبل [3] بن مالك بن نصر بن ثعلبة ابن جشم بن عويف [4] بن خزيمة [بن حرب] بن على [5] بن مالك بن سعد ابن نذير بن قسر، وهو مالك بن عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث البجلي.
__________
[1] ليس في م، ولا في أسد الغابة.
[2] في ى: الكلبي. والمثبت من م، وأسد الغابة.
[3] بالمعجمة كما صرح به القاموس. والزبيدي، وكما في ى، م. وفي تهذيب التهذيب:
السليل. وقال في هامشه: ذكر في المغنى: السليل- بفتح سين مهملة.
[4] في ى: عوق. والمثبت من م، والتهذيب التهذيب.
[5] في م: بن عدي. وفي هامشه: المعروف على. كذا حكاه ابن حبيب وغيره.(1/236)
يكنى أبا عمرو. وقيل: أبا عبد الله، واختلف في بجيلة [1] فقيل ما ذكرنا، وقيل: إنهم من ولد أنمار بن نزار على ما ذكرناه في (كتاب القبائل) ، ولم يختلفوا أنّ بجيلة أمهم نسبوا إليها، وهي بجيلة بنت صعب بن على بن سعد [2] العشيرة. قال ابن إسحاق: جرير بن عَبْد الله البجلي سيد قبيلته، يعني بجيلة. قَالَ: وبجيلة هو ابن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان. وقال مصعب: أنمار بن نزار بن معد بن عدنان، منهم بجيلة.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وقال جرير: أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بأربعين يومًا. وَرَوَى شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ عَنْ إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلا رَآنِي قَطُّ إِلا ضَحِكَ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حِينَ أَقْبَلَ وَافِدًا عَلَيْهِ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ خَيْرُ ذِي يَمَنٍ، كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ مِسْحَةَ مَلَكٍ، فَطَلَعَ جَرِيرٌ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى ذِي كُلاعٍ وَذِي رُعَيْنٍ بِالْيَمَنِ. وفيه فيما روى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ. وَرَوَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ. وفي جرير قال الشاعر:
__________
[1] في هامش م: قال الزبير: بجيلة امرأة، وهي ابنة صعب بن سعد العشيرة ولدت الأنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث.
[2] في هامش م: الصواب صعب بن سعد العشيرة. وهذا وهم.(1/237)
لَوْلا جَرِيرٌ هَلَكَتْ بَجِيلَهْ ... نِعْمَ الْفَتَى وَبِئْسَتِ الْقَبِيلَهْ
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا مَدَحَ من هجى قومه، وكان عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُوسُفُ هَذِهِ الأُمَّةِ، يَعْنِي فِي حُسْنِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِعُمَرَ حِينَ وَجَدَ فِي مَجْلِسِهِ رَائِحَةً مِنْ بَعْضِ جُلَسَائِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: عَزَمْتُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الرَّائِحَةِ إِلا قَامَ فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَلَيْنَا كُلِّنِا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاعْزِمْ. قَالَ: عَلَيْكُمْ كُلُّكُمْ عَزَمْتُ. ثُمَّ قَالَ: يَا جَرِيرُ، مَا زِلْتَ سَيِّدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ.
ونزل جرير الكوفة وسكنها، وكان له بها دار، ثم تحول إلى قرقيسياء، ومات بها سنة أربع وخمسين.
وقد قيل: إن جريرًا توفي سنة إحدى وخمسين. وقيل: مات بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة لمعاوية.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَلا تَكْفِينِي ذَا الْخَلَصَةِ [1] ؟ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ لا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَصَكَّ فِي صَدْرِي، فَقَالَ:
اللَّهمّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ مِنْ قومي فأتيناها فأحرقناها.
__________
[1] ذو الخصلة- محرك وبضمتين: بيت كان يدعى الكعبة اليمانية لخثعم، كان فيه صنم اسمه الخلصة.(1/238)
وبعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى ذِي الْكُلاعِ [1] وَذِي ظُلَيْمٍ بِالْيَمَنِ، وَقَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ عِنْدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَرَكْتَ سَعْدًا فِي وِلايَتِهِ؟ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ أَكْرَمَ الناس مقدرة، وأحسنهم معذرة، هو لهم كَالأُمِّ الْبَرَّةِ، يَجْمَعُ لَهُمْ كَمَا تُجْمَعُ الذَّرَّةُ [2] ، مَعَ أَنَّهُ مَيْمُونُ الأَثَرِ، مَرْزُوقُ الظَّفْرِ، أَشَدُّ النَّاسِ عِنْدَ الْبَأْسِ، وَأَحَبُّ قُرَيْشٍ إِلَى النَّاسِ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ حَالِ النَّاسِ. قَالَ: هَمْ كَسِهَامِ الْجَعْبَةِ، مِنْهَا الْقَائِمُ الرَّائِشُ [3] ، وَمِنْهَا الْعَضِلُ [4] الطَّائِشُ، وَابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ثَقَافُهَا يَغْمِزُ عَضِلَهَا، وَيُقِيمُ مَيْلَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ يَا عُمَرُ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ إِسْلامِهِمْ. قَالَ: يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لأَوْقَاتِهَا، وَيُؤْتُونَ الطَّاعَةَ لِوُلاتِهَا.
فَقَالَ عُمَرُ: الْحَمْدُ للَّه إِذَا كَانَتِ الصَّلاةُ أُوتِيَتِ الزَّكَاةُ، وَإِذَا كَانَتِ الطَّاعَةُ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ.
وَجِريرٌ الْقَائِلُ: الْخَرَسُ خَيْرٌ مِنَ الْخِلابَةِ [5] وَالْبَكْمُ خَيْرٌ مِنَ الْبَذَاءِ.
وَكَانَ جَرِيرُ رَسُولَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى معاوية، فحبسه مدة طويلة،
__________
[1] ذو الكلاع: من أدواء اليمن.
[2] الذر: صغار النمل، واحدته ذرة.
[3] الرائش: ذو الريش، إشارة إلى كماله واستقامته (النهاية) .
[4] في هامش م: العضل- بكسر الضاد- من السهام: المعوج، وفي اللسان: العصل- بالصاد. وأتى بهذا الجزء من حديث عمر وجرير. وفي النهاية بالصاد أيضا.
[5] في هامش م: أراد الخلابة بالقول.(1/239)
ثُمَّ رَدَّهُ بِرَقٍّ مَطْبُوعٍ غَيْرِ مَكْتُوبٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ [1] بِمُنَابَذَتِهِ [لَهُ] [2] فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ مَشْهُورٍ.
رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالشَّعْبِيُّ وَبَنُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَالْمُنْذِرُ وَإِبْرَاهِيمُ.
(323) جرير بن أوس بن حارثة بن لام الطائي.
ويقال فيه خريم بن أوس، وأظنه أخاه.
هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فورد عليه منصرفه من تبوك فأسلم، وروى شعر عباس بن عَبْد المطلب الذي مدح به النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، هو ابن عم [3] عروة بن مضرس الطائي، وهو الذي قَالَ له معاوية:
من سيدكم اليوم؟ فقال: من أعطى سائلنا، وأغضى عن جاهلنا، واغتفر زلتنا. فقال له معاوية: أحسنت يا جرير.
قَالَ أبو عمر: خريم وجرير قدما على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معًا، ورويا شعر العباس والله أعلم.
باب جعدة
(224) جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي،
أمه أم هانئ بنت أبي طالب. ولاه خاله علي بن أبي طالب على خراسان.
__________
[1] في ى: يحشر.
[2] من م.
[3] في هامش م. الصواب إسقاط (ابن) ، وهو في أسد الغابة من غيراين) أيضا.(1/240)
قالوا: كان فقيهًا. قَالَ أبو عبيدة: ولدت أم هانئ بنت أبي طالب من هبيرة ثلاثة بنين: أحدهم يسمى جعدة، والثاني هانئًا، والثالث يوسف.
وقال الزبير والعدوي: ولدت أم هانئ لهبيرة أربعة بنين: جعدة وعمرًا وهانئًا ويوسف، وهذا أصح إن شاء الله تعالى. قَالَ الزبير: وجعدة بن هبيرة هو الذي يقول:
أبي من بني مخزوم إن كنت سائلا ... ومن هاشم أمي لخير قبيل
فمن ذا الذي يباهي علي بخاله ... كخالي علي ذي النّدى وعقيل
روى عنه مجاهد بن جبر.
(325) جعدة بن هبيرة الأشجعي،
كوفي، روى عنه يزيد الأودي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير الناس قرني. حديث عند إدريس وداود ابني يزيد الأودي عن أبيهما عنه.
(326) جعدة الجشمي، هو جعدة بن خالد بن الصمة الجشمي.
حديثه في البصريين عند شعبة عن أبي إسرائيل الجشمي، مولى لهم، واسم أبي إسرائيل هذا شعيب قَالَ سُنَيْدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَعْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يقول لرجل سمين يومى بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا كَانَ خَيْرًا لَكَ. [يعني لو كان هذا السمن في إيمانك كان خيرًا لك] [1]
__________
[1] ليس في م.(1/241)
باب جعفر
(327) جعفر بن أبي طالب، يكنى أبا عَبْد الله [بابنه عَبْد الله] [1] ، واسم أبي طالب عَبْد مناف بن عَبْد المطلب بن هاشم [بن عَبْد مناف] [2] .
كان جعفر أشبه الناس خلقًا وخلقًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان جعفر أكبر من علي رضي الله عنهما بعشر سنين، وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين. وكان جعفر من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة، وقدم منها على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فتح خيبر، فتلقاه النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وأعتنقه وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحًا، أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ وكان قدوم جعفر وأصحابه من أرض الحبشة في السنة السابعة من الهجرة، واختط له رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد، ثم غزا غزوة مؤتة، وذلك سنة ثمان من الهجرة، فقتل فيها رضي الله عنه.
قَالَ الزبير: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤنة في جمادى الأولى من سنة ثمان من الهجرة، فأصيب بها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وقاتل فيها جعفر حتى قطعت يداه جميعًا ثم قتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، فمن هنا قيل له جعفر ذو الجناحين.
__________
[1] من م.
[2] من م.(1/242)
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: أُرِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ذَا جَنَاحَيْنِ مُضَرَّجًا بِالدَّمِ.
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قَالَ: وجدنا ما بين صدر جعفر بن أبي طالب ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح.
وقد روى أربع وخمسون جراحة، والأول أثبت، ولما أتى النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها في زوجها جعفر، ودخلت فاطمة رضى الله عنها وهي تبكى وتقول: وا عمّاه، فقال رسول الله صلى الله عليه: على مثل جعفر فلتبك البواكي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَعْفَرٍ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي يَا جَعْفَرُ ... فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ.
وأخبرنا عَبْد الوارث قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا خلف بن الوليد، قَالَ: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ [بن هانئ] [1] عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أيوب،
__________
[1] من م.(1/243)
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمرو البزار، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المثنى، حَدَّثَنَا عبيد الله الحنفي، حَدَّثَنَا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: دخلت البارحة الجنة فإذا فيها جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة مع أصحابه. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مُثِّلَ لِي جَعْفَرٌ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي خَيْمَةٍ مِنْ دُرٍّ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى سَرِيرٍ، فَرَأَيْتُ زَيْدًا وَابْنَ رَوَاحَةَ فِي أَعْنَاقِهِمَا صُدُودٌ، وَرَأَيْتُ جَعْفَرًا مُسْتَقِيمًا لَيْسَ فِيهِ صُدُودٌ، قَالَ: فَسَأَلْتُ أَوْ قِيلَ لِي: إِنَّهُمَا حِينَ غَشَيِهُمَا الْمَوْتُ أَعْرَضَا، أَوْ كَأَنَّهُمَا صَدَّا بِوَجْهِهِمَا، وَأَمَّا جَعْفَرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ عَنْ مُجِالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ عَلِيًّا شَيْئًا فَمَنَعَنِي فَقُلْتُ لَهُ:
بِحَقِّ جَعْفَرٍ أَعْطَانِي.
حَدَّثَنَا خلف بن القاسم، حَدَّثَنَا ابن شعبان حَدَّثَنَا أحمد بن شعيب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا عَبْد الوهاب، حَدَّثَنَا خالد عن عكرمة عن أبي هريرة قَالَ: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أفضل من جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه،(1/244)
وجعفر أول من عرقب فرسا في سيل الله، نزل يوم مؤتة إذ رأى الغلبة، فعرقب فرسه، وقاتل حتى قتل. قَالَ الزبير بن بكار: كانت سن جعفر بن أبي طالب يوم قتل إحدى وأربعين سنة.
(328) جعفر بن أبي سفيان بن الحارث بن عَبْد المطلب بن هاشم.
ذكر أهل بيته أنه شهد حنينًا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وذكر ذلك ابن هشام وغيره، ولم يزل مع أبيه ملازما لرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قبض، وتوفي جعفر في خلافة معاوية.
باب جعيل
(329) جعيل بن سراقة الغفاري.
ويقال الضمري.
أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووكله إلى إيمانه، وذلك أنه أعطى أبا سفيان مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل، وأعطى سهيل بن عمرو مائة، فقالوا: يا رسول الله، أتعطي هؤلاء وتدع جعيلا؟ وكان جعيل من بني غفار فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: جعيل خير من طلاع الأرض مثل هؤلاء، ولكن أعطي هؤلاء أتألفهم، وأكل جعيلا إلى ما جعل الله عنده من الإيمان.
ذكره حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم [بن الحارث] [1]
__________
[1] ليس في م.(1/245)
التيمي كما ذكرنا أبا سفيان وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، وعيينة. وَقَالَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: جُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ الضَّمْرِيُّ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، أَنّ قَائِلا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ مِائَةً مِائَةً، وَتَرَكْتَ جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ الضَّمْرِيَّ؟ فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلاعِ الأَرْضِ كُلُّهُمْ مِثْلُ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ، وَلَكِنِّي تَأَلَّفْتُهُمَا، وَوَكَّلْتُ [1] جُعَيْلَ بْنَ سُرَاقَةَ إِلَى إِيمَانِهِ. قَالَ أبو عمر: غير ابن إسحاق يقول فيه جعال بالألف، وقد ذكرناه في الأفراد.
(330) جعيل الأشجعي،
كوفي، روى عنه عَبْد الله بن أبي الجعد حديثًا حسنًا في أعلام النبوة قَالَ: كنت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في بعض غزواته على فرس لي ضعيفة عجفاء في أخريات الناس، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: سر. فقلت: إنها عجفاء ضعيفة، فضربها بمخفقة كانت معه، وقال: بارك الله لك فيها. فلقد رأيتني أول الناس ما أملك رأسها، وبعت من بطنها باثني عشر ألفًا.
باب جميل
(331) جميل بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح،
أخو سعيد بن عامر، لا أعلم له رواية، وهو جد نافع بن عمر بن عَبْد الله بن جميل الجمحي المحدث المكيّ.
__________
[1] في ى: ووكلنا.(1/246)
(332) جميل بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي.
هو أخو سفيان بن معمر، وعم حاطب وحطاب ابني الحارث بن معمر، وكانا من مهاجرة الحبشة.
قَالَ الزبير: ليس لجميل وسفيان ابني معمر عقب، والعقب لأخيهما الحارث بن معمر، ولجميل بن معمر خبر في إسلام عمر وإخباره قريشًا بذلك معروف في المغازي، وكان يسمى ذا القلبين فيما ذكره الزبير عن عمه مصعب، قَالَ: وفيه نزلت [1] : مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ من قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ. 33: 4 وذكر زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب قال: ذو القلبين من بنى الحارث بن فهر.
أسلم جميل عام الفتح، وكان مسنًا، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. حنينًا، فقتل زهير بن الأبجر الهذلي مأسورًا، فلذلك قَالَ أبو خراش الهذلي يخاطب جميل بن معمر [2] :
فأقسم [3] لو لاقيته غير موثق ... لآبك [4] بالجزع الضباع النواهل [5]
وكنت جميل أسوأ الناس صرعة [6] ... ولكن أقران الظهور مقاتل
فليس كعهد الدار يا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وقد ذكرنا هذا الخبر بتمامة في باب أبي خراش الهذلي من كتابنا هذا في الكنى.
__________
[1] سورة الأحزاب آية 4.
[2] ديوان الهدليين: 2- 150.
[3] في الديوان: فو الله.
[4] في ى: لبكتك.
[5] النواهل: المشتهيات للأكل كما تشتهي الإبل الماء. والجزع: منعطف الوادي.
[6] الرواية في الديوان:
لظل جميل أسوأ القوم تلة ... ولكن قرن الظهر للمرء شاغل.(1/247)
وذكر الزبير بن بكار قال: جاء عمر بن الخطاب إلى عَبْد الرحمن بن عوف، فسمعه قبل أن يدخل عليه يتغنى بالنصب:
وكيف ثوائى بالمدينة بعد ما ... قضى وطرًا منها جميل بن معمر [1]
فلما دخل عليه قال: ما هذا أبا مُحَمَّد؟ قَالَ: إنا إذا خلونا في منازلنا قلنا ما يقول الناس.
وذكر مُحَمَّد بن يزيد هذا الخبر، فقلبه وجعل المتغني عمر، والجائي إليه عَبْد الرحمن. والزبير أعلم بهذا الشأن.
باب جنادة
(333) جنادة بن سفيان الأنصاري،
ويقال الجمحي، لأن أباه سفيان ينسب إلى معمر بن حبيب بن حذافة بن جمح، لأن معمرا تبناه بمكة، وقد ذكرنا خبره في باب سفيان، وهو من الأنصار أحد بنى زريق بن عمرو من بني جشم بن الخزرج، إلا أنه غلب عليه معمر بن حبيب الجمحي، فهو وبنوه ينسبون إليه.
وقدم جنادة وأخوه جابر بن سفيان وأبوهما سفيان من أرض الحبشة، وهلكوا ثلاثتهم في خلافة عمر بن الخطاب. فيما ذكر ابن إسحاق. وجنادة وجابر ابنا سفيان هما أخوا شرحبيل بن حسنة لأمّه، لأنّ سفيان أبا هما تزوج حسنة أم شرحبيل بمكة فولدتهما له.
__________
[1] في ى: عامر، والمثبت من م، وأسد الغابة.(1/248)
(334) جنادة بن مالك الأزدي،
كوفي، حديثه عند القاسم بن الوليد، عن مصعب بن عَبْد الله بن جنادة الأزدي، عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من أمر الجاهلية النياحة على الميت.
(335) جنادة الأزدي،
ذكره ابن أبي حاتم بعد ذكره جنادة بن مالك الأزدي، جعله آخر، فقال: جنادة الأزدي له صحبة، بصري.
روى الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، عن حذيفة الأزدي، عن جنادة الأزدي. وقد وهم ابن أبي حاتم فيه وفي جنادة بن أبي أمية.
(336) جنادة بن أبي أمية الأزدي الزهراني،
من بني زهران، واسم أبي أمية مالك، كذا قَالَ خليفة وغيره.
قَالَ أبو عمر: كان من صغار الصحابة، وقد سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَرَوَى أيضا عن أصحابه عنه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: جنادة بن أبي أمية الدوسي، واسم أبي أمية كبير [1] . لأبيه أبي أمية صحبة، وهو شامي. قَالَ: وروى جنادة بن أبي أمية عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت وابن عمر. روى عنه مجاهد، وعلى بن رباح، وعمير ابن هانئ، وبسر بن سعيد، وعمرو بن الأسود، وأبو الخير، وعبادة بن نسي، وابنه سليمان بن جنادة وقال البخاري: جنادة بن أبي أمية، واسم أبي أمية كبير. قَالَ مُحَمَّد ابن سعد كاتب الواقدي: جنادة بن أبي أمية غير جنادة بن مالك يعنى المتقدم
__________
[1] في ى، وتهذيب التهذيب: كثير، والمثبت من م، والإصابة.(1/249)
ذكره، وهو كما قال محمد بن سعد: هما اثنان عند أهل العلم بهذا الشأن، وكان جنادة بن أبي أمية على غزو الروم في البحر لمعاوية من زمن عثمان إلى أيام يزيد. إلا ما كان من زمن الفتنة، وشتا في البحر سنة تسع وخمسين، هكذا ذكر الليث بن سعد، والوليد بن مسلم.
مخرج حديثه عن أهل مصر، روى عنه من أهل المدينة بسر بن سعيد، وروى عنه من المصريين أبو الخير مرثد بن عَبْد الله اليزني، وأبو قبيل المعافري، وشييم بن بيتان، ويزيد بن صبيح [1] الأصبحي، والحارث ابن يزيد الحضرمي.
وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ التُّجِيبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ أَنَّ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رِجِالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ قَالَ جُنَادَةُ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّهِ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا كَانَ الْجِهَادُ وذكر حديثا آخر عن أبي الخير عن جنادة بن أبي أمية أيضًا. قَالَ ابن يونس: وجنادة بن أبي أمية ممن شهد فتح مصر، قدم مع عبادة بن الصامت، وكان عبادة يومئذ أميرًا على ربع المدد.
وَذَكَرَ ابْنُ عُفَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بكير ابن الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بن أبى أمية، أنّ عبادة بن
__________
[1] في م: الأمنحى.(1/250)
وتوفي حسان بن ثابت رحمه الله قبل الأربعين في خلافة علي رضي الله عنه وقيل: بل مات حسان سنة خمسين. [وهو ابن مائة عشر بن سنة] [1] وقيل إن حسان بن ثابت توفي سنة أربع وخمسين، ولم يختلفوا [2] أنه عاش مائة، وعشرين سنة، منها ستون في الجاهلية وستون في الإسلام، وأدرك النابغة الذبياني، وأنشده من شعره، وأنشد الأعشى وكلاهما قَالَ له: إنك شاعر.
(508) حسان بن جابر،
ويقال: ابن أبي جابر السلمي، شهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الطائف، وروي عنه حديث واحد مسند بإسناد مجهول من رواية بقية بن الوليد.
(509) حسان بن خوط الذهلي ثم البكري،
كان شريفًا في قومه، وكان وافد بكر بن وائل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وله بنون جماعة، منهم الحارث وبشر، شهد الجمل مع علي رضي الله عنه، وبشر هو القائل يومئذ:
أنا ابن حسان بن خوط وأبي ... رسول بكر كلها إلى النبي
باب حسيل
(510) حسيل بن جابر العبسي القطعي.
ويقال حسل، وهو المعروف باليمان، والد حذيفة بن اليمان، وإنما قيل له اليمان، لأنه نسب إلى جده اليمان بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض، واسم اليمان جروة بن الحارث
__________
[1] من أ، ت.
[2] في هامش ت: كيف يصح هذا مع تقديمه القول بأنه مات قبل الأربعين.(1/251)
باب جندب
(339) جندب [1] بن جنادة،
أبو ذر الغفاري، على أنه قد اختلف في اسمه، فقيل ما ذكرنا. وقيل برير [2] بن جندب، ويقال برير بن عشرقة، وبرير [3] بن جنادة. ويقال برير بن جنادة، كذا قَالَ ابن إسحاق. وقيل برير بن جندب [4] أيضا عن ابن إسحاق، ويقال جندب بن عَبْد الله. ويقال جندب بن السكن، والمشهور المحفوظ جندب بن جنادة، واختلف فيما بعد جنادة أيضًا، فقيل:
جنادة بن قيس بن عمرو بن صعير بن [عبيد بن] [5] حرام بن غفار.
وقيل جندب بن جنادة بن صعير بن عبيد بن حرام بن غفار. وقيل: جندب ابن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار.
وأمه رملة بنت الوقيعة [6] من بني غفار أيضًا.
كان إسلام أبي ذر قديمًا، فيقال: بعد ثلاثة، ويقال بعد أربعة، وقد روى عنه أنه قَالَ: أنا ربع [7] الإسلام. وقيل كان خامسًا، ثم رجع إلى بلاد قومه بعد ما أسلم فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم المدينة فصحبه إلى أن مات، ثم خرج بعد وفاة أبى بكر
__________
[1] في التقريب: بضم أوله والدال تفتح وتضم.
[2] بموحدة مصغرا ومكبرا كما في التقريب.
[3] في ى: يزيد
[4] في م: ابن جنادة.
[5] من م.
[6] في ى: ربيعة والمثبت من م، وتهذيب التهذيب.
[7] ريع الإسلام، أي رابع أهل الإسلام. يريد تقدمتنى ثلاثة وكشت رابعهم وفي ى:
رابع. والمثبت من م، والنهاية.(1/252)
رضي الله عنه إلى الشام، فلم يزل بها حتى ولي عثمان رضي الله عنه. ثم استقدمه عثمان لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة [1] ، فمات بها وصلى عليه عَبْد الله بن مسعود، صادفه وهو مقبل من الكوفة، مع نفر فضلاء من أصحابه [2] ، منهم: حجر بن الأدبر، ومالك بن الحارث الأشتر، وفتى من الأنصار، دعتهم امرأته إليه فشهدوا موته، وغمضوا عينيه، وغسلوه وكفّنوه في ثياب الأنصاري في خبر عجيب حسن فيه طول.
وفي خبر غيره أن ابن مسعود لما دعي إليه وذكر له بكى بكاء طويلا.
وقد قيل: إن ابن مسعود كان يومئذ مقبلا من المدينة إلى الكوفة فدعى إلى الصلاة عليه، فقال ابن مسعود: من هذا؟ قيل: أبو ذر. فبكى بكاء طويلا. وقال: أخي وخليلي، عاش وحده، ومات وحده، ويبعث وحده، طوبى له.
وكانت وفاته بالرّبذة سنة ثنتين وثلاثين، وصلى عليه ابن مسعود رضي الله عنهما.
وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَثْيَمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ ذرّ زوجة أبى ذَرٍّ، قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ بكيت. فقال لي: ما يبكيك؟
فقلت: وما لي لا أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا لِي وَلا لك؟ ولا يد لي للقيام [3] يجهازك. قال: فابشرى
__________
[1] الرَّبَذَة: من قرى المدينة.
[2] في ى: الصحابة.
[3] في ى: بالقيام.
(الاستيعاب ج 1 م 9)(1/253)
وَلا تَبْكِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ فَيَصْبِرَانِ وَيَحْتَسِبَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا، وَقَدْ مَاتَ لَنَا ثَلاثَةُ مِنَ الْوَلَدِ. وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ: لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ المؤمنين، وليس من أولئك الفر أَحَدٌ إِلا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ، فَأَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ [1] وَلا كذبت فأبصرى الطريق.
قلت: وَأَنَّى [2] وَقَدْ ذَهَبَ الْحَاجُّ، وَتَقَطَّعَتِ الطَّرِيقُ؟ قَالَ اذْهَبِي فَتَبَصَّرِي.
قَالَتْ: فَكُنْتُ أَشْتَدُّ [3] إِلَى الْكَثِيبِ فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه، فبينا هُوَ وَأَنَا كَذَلِكَ، إِذْ أَنَا بِرِجَالٍ عَلَى رِحَالِهِمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ تَحُثُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ، فَأَسْرَعَوُا إِلَيَّ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيَّ فَقَالُوا: يَا أَمَةَ الله، مالك؟ قُلْتُ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُوتُ، تُكَفِّنُونَهُ؟ قَالُوا: ومن هو؟ قلت: أَبُو ذَرٍّ. قَالُوا:
صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. [قَالَتْ] [4] : فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ. أَبْشِرُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِيهِمْ: لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ هَلَكَ فِي قَرْيَةٍ وَجَمَاعَةٍ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ، [وَلا كَذَبْتُ] [5] ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَوْبٌ يسعني كفنا لي أو لامرأتى
__________
[1] في ى: ما كذب، والثبت من م.
[2] في م: أنى.
[3] أشتد: أعدو.
[4] من م.
[5] من م.
(ظهر الاستيعاب ج 1 م 9)(1/254)
لم أكفّن إلا في ثوب هو لي أو لها، وإني أنشدكم للَّه ألا يكفني [1] رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ عَرِيفًا أَوْ بَرِيدًا أَوْ نَقِيبًا، وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ قَارَفَ بَعْضَ مَا قَالَ، إلّا فتى من الأنصار، فقال: أنا أَنَا أُكَفِّنُكَ يَا عَمِّ فِي رِدَائِي هَذَا، وفي ثوبين في غيبتي من غزل أمى. قال: أنت تكفني [يَا بُنَيَّ] [2] .
قَالَ: فَكَفَّنَهُ الأَنْصَارِيُّ وَغَسَّلَهُ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ حَضَرُوهُ، وَقَامُوا عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي نَفَرٍ كُلِّهِمْ يَمَانٌ. وروى عنه جماعة من الصحابة، وكان من أوعية العلم المبرزين في الزهد والورع والقول بالحق، سئل علي رضي الله عنه عن أبي ذر فقال: ذلك رجل وعى علما عجز عنه الناس، ثم أوكأ عليه، ولم يخرج شيئًا منه. وروى عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ: أبو ذر في أمتي شبيه عيسى ابن مريم في زهده. وبعضهم يرويه من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم، فلينظر إلى أبي ذر. ومن حديث ورقاء وغيره، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أظلّت الخضراء ولا أفلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، [ومن سره أن ينظر إلى تواضع عيسى فلينظر إلى أبى ذرّ] [3] .
__________
[1] في م: أن يكفني.
[2] من م.
[3] من م.(1/255)
وروى عنه صلى الله عليه وَسَلَّمَ من حديث أبي الدرداء وغيره أنه قال: ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. وقد ذكرنا إسناد حديث أبي الدرداء في باب اسمه من الكنى من كتابنا هذا إن شاء الله عز وجل.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ قُوتِي عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر، فَلَسْتُ بِزَائِدٍ عَلَيْهِ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى.
وفي بابه في الكنى من خبره ما لم يذكر هنا.
رَوَى الأَعْمَشُ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ شهر بن حوشب عن عبد الرحمن ابن غَنْمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِذْ دخل عليه رجل من أهل المدينة فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَيْنَ تَرَكْتَ أَبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: بِالرَّبْذَةِ. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 لَوْ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَطَعَ مِنِّي عُضْوًا لَمَا هِجْتُهُ، لِمَا سَمِعْتُ مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه.
(340) جندب بن عَبْد الله بن سفيان البجلي العلقي [1] .
والعلق: بطن من بجيلة، وهو علقة بن عبقر [2] بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، أخو الأزد بن الغوث، له صحبة [3] ليست بالقديمة، يكنى أبا عَبْد الله، كان بالكوفة ثم صار إلى البصرة.
__________
[1] في هامش تهذيب التهذيب: في هامش الخلاصة. في نسخة من التهذيب العلقميّ، وعلقمة: حي بن مجيلة.
[2] في ى: عبقري. والمثبت من م، وأسد الغابة.
[3] في م: صحبته ليست بالقديمة.(1/256)
روى عنه من أهل البصرة الحسن بن أبى الحسن، ومحمد بن سيرين، أنس بن سيرين، وأبو السوار العدوي، وبكر بن عبد الله المزني، ويونس ابن جبير الباهلي، وصفوان بن محرز المازني، وأبو عمران الجوني.
وروى عنه من أهل الكوفة عَبْد الملك بن عمير، والأسود بن قيس، وسلمة بن كهيل.
ومنهم من يقول: جندب بن سفيان، ينسبونه إلى جده. ومنهم من يقول: جندب بن عَبْد الله، وهو جندب بن عَبْد الله بن سفيان، وله رواية عن أبي بن كعب وحذيفة بن اليمان.
(341) جندب بن مكيث الجهني.
أخو رافع بن مكيث، يعد في أهل المدينة، روى عنه مسلم بن عبد الله ابن حبيب، له ولأخيه صحبة ورواية.
(342) جندب بن ضمرة الجندعي.
لما نزلت [1] : أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها 4: 97. قَالَ: اللَّهمّ قد أبلغت في المعذرة والحجة، ولا معذرة لي ولا حجة، ثم خرج وهو شيخ كبير. فمات في بعض الطريق، فقال بعض أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مات قبل أن يهاجر، فلا يدرى أعلى ولاية هو أم لا؟ فنزلت [2] :
وَمن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله ... 4: 100 الآية.
__________
[1] سورة النساء، آية 97.
[2] سورة النساء آية، 100.(1/257)
(343) جندب [بن عَبْد الله] [1] بن كعب العبدي، ويقال الأزدي،
ويقال الغامدي.
وهو عند أكثرهم قاتل الساحر بين يدي الوليد بن عقبة، حَدَّثَنَا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْدَلانِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ: قَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: جُنْدُبُ بْنُ كَعْبٍ الْغَامِدِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَحَارِثَةُ بْنُ مُضَرَّبٍ، وَهُو الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ بَيْنَ يَدَيِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ كَعْبٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ: حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةُ بِالسَّيْفِ. فقيل: إنه جندب ابن، كعب وقيل إنه جندب بن زهير.
وقد اختلف في صحبة [2] جندب بن زهير، وقيل حديثه هذا مرسل، وتكلموا فيه من أجل السري بن إسماعيل. وذكر حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن، الحسن أن جندب بن كعب كان مع علي رضي الله عنه بصفّين.
وممن قَالَ: إن قاتل الساحر جندب بن زهير الزبير بن بكار في خبر ذكره في قتله الساحر بين يدي الوليد، والصحيح عندنا أنه جندب ابن كعب.
__________
[1] من م. وفي أسد الغابة والإصابة: جندب بن كعب بن عبد الله. وفي تهذيب التهذيب:
يكنى أبا عبد الله يقال إنه جندب بن زهير. ويقال جندب بن عَبْد الله. ويقال جندب بن كعب ابن عبد الله.
[2] في ى: في صحبته، والمثبت من م.(1/258)
وذكر علي بن المديني: حَدَّثَنَا المغيرة بن سلمة عن عَبْد الواحد بن زياد عن عاصم عن أبي عثمان، قَالَ: رأيت الذي يلعب بين يدي الوليد بن عقبة فيرى أنه يقطع رأس رجل ثم يعيده، فقام إليه جندب بن كعب فضرب وسطه بالسيف وقال: قولوا له فليحي نفسه الآن. قَالَ: فحبس الوليد جندبا، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه، فكتب عثمان أن خل سبيله، فتركه.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ سَاحِرٌ يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيِ الْوَلِيدِ يُرِيهِمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي فَمِ الْحِمَارِ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَنَبِهِ أَوْ مِنْ دُبُرِهِ، وَيَدْخُلُ فِي اسْتِ الْحِمَارِ وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، وَيُرِيهِمْ أَنَّهُ يَضْرِبُ رَأْسَ نَفْسِهِ فَيَرْمِي بِهِ، ثُمَّ يَشْتَدُّ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ مَكَانَهُ، فَانْطَلَقَ جُنْدَبٌ إِلَى الصَّيْقَلِ، وَسَيْفُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: وَجَبَ أَجْرُكَ، فَهَاتِهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ فَاشْتَمَلَ عَلَيْهِ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى السَّاحِرِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَهُوَ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ الْوَلِيدِ، وَدَخَلَ هُوَ الْبَيْتُ، وَأُخِذَ جُنْدُبٌ وَأَصْحَابُهُ فَسُجِنُوا. فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ: قَدْ عَرَفْتَ السَّبَبَ الَّذِي سُجِنَّا فِيهِ: فَخَلِّ سَبِيلَ أَحَدِنَا حَتَّى يَأْتِيَ عُثْمَانَ، فَخَلَّى سَبِيلَ أَحَدِهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ، فَأَخَذَ صَاحِبَ السِّجْنِ فَصَلَبَهُ. قَالَ: وَجَاءَ كِتَابُ عُثْمَانَ أَنْ خَلِّ سَبِيلَهُمْ وَلا تَعْرِضْ لَهُمْ، وَوَافَى كِتَابُ عُثْمَانَ قَبْلَ قَتْلِ الْمَصْلُوبِ فَخَلَّى سَبِيلَهُ.
وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن جريج عن عمرو(1/259)
ابن دينار قال: سمعت بحالة التَّمِيمِيَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ. قَالَ: وَأَمَّا شَأْنُ أَبِي بُسْتَانٍ [1] فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ لِجُنْدُبٍ: جُنْدُبٌ، وَمَا جُنْدُبٌ! يَضْرِبُ ضَرْبَةً يُفَرِّقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَإِذَا أَبُو بُسْتَانٍ يَلْعَبُ فِي أَسْفَلِ الْحِصْنِ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ، وَالنَّاسُ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ عَلَى سُورِ الْقَصْرِ، يَعْنِي وَسَطَ الْقَصْرِ، فَقَالَ جُنْدُبٌ: وَيْلَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، أَمَا إِنَّهُ يَلْعَبُ بِكُمْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَفِي أَسْفَلِ الْقَصْرِ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَاشْتَمَلَ عَلَى السَّيْفِ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَتَلَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَذَهَبَ عَنْهُ السِّحْرُ، فَقَالَ أَبُو بُسْتَانٍ: قَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ عَزَّ وجلّ بضربتك، وسجن الوليد جنديا فَانْقَضَّ ابْنُ أَخِيهِ- وَكَانَ فَارِسَ الْعَرَبِ- حَتَّى حَمَلَ عَلَى صَاحِبِ السِّجْنِ فَقَتَلَهُ وَأَخْرَجَهُ، فَذَلِكَ قوله:
أَفِي مُضَرَّبٍ السَّحَّارِ يُسْجَنُ جُنْدُبُ ... وَيُقْتَلُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ الأَوَائِلُ
فَإِنْ يَكُ ظَنِّي بِابْنِ سَلْمَى وَرَهْطِهِ ... هُوَ الْحَقُّ يُطْلَقُ جُنْدُبٌ أَوْ يُقَاتِلُ
وَنَالَ مِنْ عُثْمَانَ فِي قَصِيدَتِهِ هَذِهِ، وَانْطَلَقَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ بِهَا أَهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى مَاتَ لِعَشْرِ سَنَوَاتٍ مَضَيْنَ من خلافة معاوية.
__________
[1] في الإصابة: قال ابن الكلبي: اسم الساحر المذكور بستاني، وفي الاستيعاب أبو بستان.
قال صاحب اللغوي في الفصوص: اسمه يطرونا.(1/260)
باب جهم
(344) جهم بن قيس بن عَبْد بن شرحبيل بْن هاشم بْن عبد مناف بْن عبد الدار،
أبو خزيمة، هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته أم حرملة بنت عَبْد [بن] [1] الأسود الخزاعية، ويقال حريملة بنت عَبْد بن الأسود، وتوفيت بأرض الحبشة، وهاجر معه ابناه عمرو وخزيمة ابنا جهم بن قيس، ويقال فيه جهيم.
(345) جهم البلوي،
روى عنه ابنه علي بن الجهم أنه وافى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية.
باب جهيم
(346) جهيم بن الصلت بْن مخرمة بْن المطلب بْن عبد مناف القرشي الملبى،
أسلم عام خيبر، وأعطاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر ثلاثين وسقًا، وجهيم هذا هو الذي رأى الرؤيا بالجحفة حين نفرت قريش، لتمنع عن عيرها، ونزلوا بالجحفة ليتزودوا من الماء ليلا، فغلبت جهيمًا عينه، فرأى فارسًا وقف عليه، فنعى إليه أشرافًا من أشراف قريش.
(347) جهيم بن قيس،
ويقال جهم وقد تقدم ذكره في باب جهم، كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته خولة بنت الأسود بن حذافة.
__________
[1] زيادة من م، وأسد الغابة.(1/261)
باب الأفراد في الجيم
(344) جرول بن العباس بن عامر بن ثابت.
أو ثابت [1] . اختلف في ذلك ابن إسحاق وأبو معشر فيما ذكر خليفة بن خياط، واتفقا على أنه قتل يوم اليمامة شهيدًا، وهو من الأوس من الأنصار.
(345) الجارود العبدي [2] ، هو الجارود بن المعلى بن العلاء.
وقيل هو الجارود ابن عمرو بن العلاء، يكنى أبا غياث، وقيل أبا عتاب، ذكره أبو أحمد الحاكم، وأخشى أن يكون تصحيفًا، ولكنه ذكر له الكنيتين أبو عتاب وأبو غياث.
قَالَ أبو عمر: وقد قيل يكنى أبا المنذر، ويقال الجارود بن المعلى بن حنش، من بني جذيمة، وكان سيدًا في بني عَبْد القيس رئيسًا، وقال ابن إسحاق: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى في سنة عشر الجارود ابن عمرو بن حنش بن المعلى [3] ، أخو عَبْد القيس في وفد عَبْد القيس، وكان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه.
__________
[1] هكذا في ى. وفي م، وأسد الغابة: أو ثابت. وفي الإصابة: قلت: وفي كتاب ابن ماكولا: جرو- بضم الجيم بعدها راء- ابن عياش بتحتانية وشين معجمة، من بنى مالك بن أوس. هذه رواية العطاردي. وفي رواية إبراهيم بن سعد عنه: جرو بن عباس- بفتح أوله وبموحدة وسين مهملة. وعند موسى بن عقبة بفتح الجيم وسكون الزاى بعد هما همزة ووافق على الموحدة والمهملة. والله أعلم. وذكره شرح القاموس قال: منهم جرو بن عباس من بنى مالك، قتل يوم اليمامة، يقال فيه بالضم والفتح.
[2] في هامش م: قال ابن هشام: الجارود بن بشر المعلى. أما ابن الكلبي فقال: الجارود اسمه بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى. وفي اللسان: اسمه بشر بن عمرو.
[3] في ى: يعلى. والمثبت من م.(1/262)
ويقال: إن اسم الجارود بشر بن عمرو، وإنما قيل له الجارود، لأنه أغار [1] في الجاهلية على بكر بن وائل، فأصابهم فجردهم، وقد ذكر ذلك المفضل العبدي في شعره فقال:
ودسناهم بالخيل من كل جانب ... كما جرد الجارود بكر بن وائل
فغلب عليه الجارود، وعرف به.
قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في سنة تسع فأسلم [2] ، وكان قدومه مع المنذر بن ساوى في جماعة من عَبْد القيس، ومن قوله لما حسن إسلامه:
شهدت بأن الله حق وسامحت ... بنات فؤادي بالشهادة والنهض
فأبلغ رسول الله عني رسالة ... بأني حنيف [3] حيث كنت من الأرض
ثم إن الجارود سكن البصرة، وقتل بأرض فارس.
وقيل: إنه قتل بنهاوند مع النعمان بن مقرّن. وقيل: إنّ عثمان بن أبى العاصي بعث الجارود في بعث نحو ساحل فارس، فقتل بموضع يعرف بعقبة الجارود، وكان قبل ذلك يعرف بعقبة الطين [4] ، فلما قتل الجارود فيه عرف بعقبة الجارود، وذلك سنة إحدى وعشرين، وقد كان سكن البحرين ولكنه يعد في البصريين.
__________
[1] في هامش م، وفي اللسان: سمى الجارود لأنه فر بإبله إلى أخواله من بنى شيبان وإبله داء ففشا ذلك الداء في إبل أخواله فأهلكها. وفي شرح القاموس: الجارود لقب بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى.
[2] هكذا في الأصول. وقد مر أنه قدم في سنة عشر.
[3] الحنيف: الصحيح الميل إلى الإسلام والثابت عليه.
[4] في ى: الطى، والمثبت من م.(1/263)
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها: ضالة المؤمن حرق [1] النار. روى عنه مطرف بن الشخير. وابن سيرين، وأبو مسلم الجذمى [2] ، وزيد ابن علي أبو القموص، وروى عنه من الصحابة عَبْد الله بن عمرو بن العاص، وروى عنه جماعة من كبار التابعين.
كان الجارود هذا سيد عَبْد القيس، وأمه دريمكة [3] بنت رويم من بني شيبان.
(346) الجلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري،
كان متهما. النفاق، وهو ربيب [4] عمير بن سعد زوج أمه، وقصته معه مشهورة في التفاسير عند قوله تعالى [5] : يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا، وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ. 9: 74 فتحالفا، وقال الله عز وجل: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ. 9: 74 فتاب الجلاس، وحسنت توبته وراجع الحق، وكان قد آلى ألا يحسن إلى عمير، وكان من توبته أنه لم ينزع عن خير كان يصنعه إلى عمير. قَالَ ابن سيرين: لم ير بعد ذلك من الجلاس شيء يكره.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بن جعفر عن أبيه، قال: كان
__________
[1] حرق النار: لهبها، أي إن ضالة المؤمن إذا أخذها إنسان ليتملكها أدته إلى النار.
[2] في هامش م: هكذا وقع عندي، وهو وهم، وصوابه الجرمي. وفي هوامش الاستيعاب: الجذمى. منسوب إلى جزيمة.
[3] في ى: دويمكة. والمثبت من م وأسد الغابة.
[4] ريب: أي زوج الأم.
[5] سورة التوبة، آية 74.(1/264)
الْجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ مِمَّنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُثَبِّطُ النَّاسَ عَنِ الْخُرُوجِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرُّ مِنَ الْحُمُرِ [1] .
وَكَانَتْ أُمُّ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ تَحْتَهُ، وَكَانَ عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ لا مَالَ لَهُ، فَكَانَ يَكْفُلُهُ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِ، فَسَمِعَهُ عُمَيْرٌ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا جُلاسُ، وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَحْسَنَهُمْ عِنْدِي يَدًا، وَأَعَزَّهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلَقَدْ قُلْتَ مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتُهَا لأَفْضَحَنَّكَ، وَلَئِنْ كَتَمْتُهَا لأَهْلَكَنَّ وَلإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الأُخْرَى.
فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَقَالَةَ الْجُلاسِ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إِلَى الْجُلاسِ، فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَ عُمَيْرٌ. فَحَلَفَ باللَّه مَا تَكَلَّمَ بِهِ قَطُّ، وَإِنَّ عمير الكاذب، وَعُمَيْرٌ حَاضِرٌ. فَقَامَ عُمَيْرٌ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهمّ أَنْزِلْ عَلَى رَسُولِكَ بَيَانَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى على رسوله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: يَحْلِفُونَ باللَّه مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كلمة الكفر ... الآيَةَ. فَتَابَ بَعْدَ ذَلِكَ الْجُلاسُ، وَاعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ الجُلاسُ.
أَسْمَعُ اللَّهَ وَقَدْ عَرَضَ [2] عَلَيَّ التَّوْبَةَ، وَاللَّهِ لَقَدْ قُلْتُهُ وَصَدَقَ عُمَيْرٌ، فَتَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَلَمْ يَنْزَعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى عُمَيْرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَتْ بِهِ تَوْبَتُهُ.
__________
[1] في ى: الحمير.
[2] في م: عزم.(1/265)
وفي باب عمير بن سعد من هذا ذكر أتم من هذا، والحمد للَّه.
(247) الجد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي [بن تميم] [1] بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي،
يكنى أبا عَبْد الله، كان ممن [2] يغمص عليه النفاق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عن ابن عباس أنه قَالَ: في الجد بن قيس نزلت [3] : ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي. 9: 49 وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ لهم في غزوة تبوك: اغزوا الروم تنالوا بنات الأصفر. فقال الجد بن قيس: قد علمت الأنصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي.
فنزلت: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا في الْفِتْنَةِ سَقَطُوا. 9: 49 وكان قد ساد في الجاهلية جميع بني سلمة، فانتزع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سودده وسود فيهم عمرو بن الجموح على ما ذكرنا من خبره في باب عمرو بن الجموح. ويقال: إنه مات في خلافة عثمان. وفي حديث الأعمش عن أبى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَلا نَفِرَّ كُلُّنَا إِلا الْجَدَّ بْنَ قَيْسٍ اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ ناقته. وفي حديث أبى قتادة
__________
[1] ليس في م.
[2] في أسد الغابة: كان ممن يظن فيه النفاق وفي م مثل ى. ويقال: هو مغموص عليه، بالنفاق، أي مطعون في دينه متهم بالنفاق.
[3] سورة التوبة، آية 49.(1/266)
عنه ما هو أسمج من هذا في الحديبية، وقال له: يا عَبْد الله [1] ، لا تقل هذا.
وقد قيل: إنه تاب، فحسنت توبته، والله أعلم.
(348) جاهمة السلمي،
والد معاوية بن جاهمة، ويقال هو جاهمة بن العباس ابن مرداس السلمي، حجازي.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أَسْتَشِيرُهُ فِي الْجِهَادِ. قَالَ: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ فَأَكْرِمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تحت رجليها.
(349) الجراح الأشجعي،
مذكور في حديث ابن مسعود في قصة بروع [2] بنت واشق، حدث به الجراح هذا، وأبو سنان الأشجعي جميعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها صداق المرأة من نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة، في الذي مات عنها قبل أن يدخل بها ولم يكن فرض لها.
(350) جنيد [3] بن سباع،
أبو جمعة. ويقال حبيب بن سباع، وحبيب بن وهب، وهو مشهور بكنيته، وسنذكره في باب الكنى إن شاء الله تعالى.
__________
[1] في م: يا أبا عبد الله.
[2] في هامش م: بروع- بفتح الباء. قال ابن دريد: وقوم يقولون بروع- بكسرها، وهو خطأ ليس في كلامهم.
[3] في أسد الغابة: ذكروه هنا بالياء المثناة من تحتها بعد النون. وقد تقدم حديثه في جنبذ- بالباء الموحدة بعد النون.(1/267)
(351) جدار الأسلمي،
روى عنه يزيد بن شجرة حديثًا مرفوعًا في فضل الجهاد، ليس إسناده القويّ.
(352) جهجاه الغفاري،
مدني، وهو جهجاه بن مسعود، ويقال ابن سعيد بن سعد بن حرام بن غفار. يقال: إنه شهد بيعة الرضوان تحت الشجرة [1] ، وكان قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ غزوة المريسيع، وكان يومئذ أجيرًا لعمر بن الخطاب، ووقع بينه وبين سنان بن وبرة الجهني في تلك الغزاة شر [2] ، فنادى جهجاه الغفاري: يا للمهاجرين! ونادى سنان يا للأنصار! وكان حليفًا لبني عوف بن الخزرج، فكان ذلك سبب قول عَبْد الله بن أبى بن سلول في تلك الغزوة: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل.
وقد ذكرنا الخبر بذلك في موضعه.
مات بعد عثمان رضي الله عنه بيسير.
روى عنه عطاء بن يسار عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء. وهو كان المراد بهذا الحديث في حين كفره، ثم في حين إسلامه، لأنه شرب حلاب سبع شباه قبل أن يسلم، ثم أسلم فلم يستتم يومًا آخر حلاب شاة واحدة [3] ، فعليه خاصة كان مخرج ذلك الحديث، وحديثه بذلك معروف عند ابن أبى شيبة وغيره.
__________
[1] في م: بيعة الشجرة.
[2] في ى: شيء، والمثبت من م، وأسد الغابة.
[3] العبارة في أسد الغابة: وأسلم فلم يستتم حلاب شاة واحدة.(1/268)
وروى أن جهجاه هذا هو الذي تناول العصا من يد عثمان وهو يخطب فكسرها يومئذ، فأخذته [1] الأكلة في ركبته، وكانت عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عنه عطاء، وسليمان بن يسار، ونافع مولى بن عمر.
(353) جزء بن مالك بن عامر من بني جحجبي،
ذكره موسى بن عقبة عن ابن شهاب فيمن استشهد يوم اليمامة من الأنصار، وذكر الطبري الجزء ابن مالك من بني جحجبي فيمن شهد أحدًا، وفيهما نظر، وربما كانا واحدًا والله أعلم.
وذكر الدار قطنى جزء بن مالك والجزء بن مالك، كما ذكرنا عن موسى ابن عقبة وعن الطبري، ثم ذكر جزء بن عباس من رواية يونس ابن بكير عن ابن إسحاق قَالَ: فيمن قتل يوم اليمامة شهيدًا جزء بن عباس- بضم الجيم. وذكر من رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق فيمن قتل يوم اليمامة جزء بن العباس من بني العجلان بفتح الجيم، وعن موسى بن عقبة مثل ذلك بفتح الجيم فيمن استشهد يوم اليمامة جزء بن العباس، قَالَ: قَالَ الطبري، جزء بن عباس حليف بني جحجبي بن كلفة، قتل يوم اليمامة شهيدا.
(354) جرثوم بن لاشر [2] بن النضر،
أبو ثعلبة الخشني، كذا قَالَ ابن البرقي، ونسبه في خشين إلى الحاف بن قضاعه بن مالك بن حمير.
__________
[1] في م: ثم أخذنه.
[2] في م: بن الأشتر. وفي هامشه وهوامش الاستيعاب: لا شر هو الصواب، ووقع عنده ابن الأشتر ومو وحم له.(1/269)
وقال أحمد بن زهير: سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان:
أبو ثعلبة الخشني جرهم بن ناشر.
قَالَ أحمد بن حنبل: وبلغني عن أبي مسهر عن سعيد بن عَبْد العزيز أنه قَالَ: أبو ثعلبة الخشني جرثوم. قَالَ أحمد بن زهير: كذا قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في أبي ثعلبة أنه ابن ناشر. قَالَ: وبغنى أنه ابن ناشم وابن ناشب.
قَالَ أبو عمر: اختلفوا في اسمه واسم أبيه كما ترى، وهو مشهور بكنيته، كان ممن بايع تحت الشجرة وضرب له بسهمه يوم خيبر، وأرسله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قومه فأسلموا.
نزل الشام ومات في أول إمرة معاوية. وقيل: مات في إمرة يزيد.
وقيل: إنه توفي في سنة خمس وسبعين في إمرة عَبْد الملك والأول أكثر.
روى عنه أبو إدريس الخولاني وجبير بن نفير.
(355) جرهد الأسلمي،
قيل جرهد بن خويلد. هكذا قَالَ الزهري. وقال غيره: جرهد بن رزاح [1] بن عدي بن سهم الأسلمي. وقال غيره: جرهد ابن خويلد بن بحرة [2] بن عبد يا ليل بن زرعة بن رزاح من أسلم بن أفصى [3] ابن حارثة بن عمر بن عامر، يكنى جرهد هذا أبا عَبْد الرحمن، يعد في أهل المدينة، وداره بها في زقاق ابن حنين، وجعل ابن أبي حاتم جرهد
__________
[1] في ى: بن دراج.
[2] هكذا في ى، وفي م: شجرة.
[3] في ى: قصي. والمثبت من.(1/270)
بن خويلد هذا غير جرهد بن دراج، [هكذا قَالَ دراج] [1] الأسلمي وقال:
يكنى أبا عَبْد الرحمن، وكان من أهل الصفة، ذكر ذلك عن أبيه، وهذا غلط، وهو رجل واحد من أسلم لا تكاد تثبت له صحبة.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: الفخذ عورة. وقد رواه جماعة غيره، وحديثه ذلك مضطرب. ومات جرهد الأسلمي سنة إحدى وستين.
(356) جبيب بن الحارث،
مذكور في حديث عائشة من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، حدث به عيسى بن إبراهيم البركي [2] ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّاحِلِ، قَالَ أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ جُبَيْبُ بْنُ الْحَارِثِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مِقْرَافٌ لِلذُّنُوبِ. قَالَ: فَتُبْ إِلَى اللَّهِ يَا جُبَيْبُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَتُوبُ ثُمَّ أَعُودُ.
قَالَ: فَكُلَّمَا أَذْنَبْتَ فَتُبْ. فَقَالَ: إِذَنْ تَكْثُرُ ذُنُوبِي. قَالَ: عَفْوُ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ ذُنُوبِكَ يا جبيب بن الحارث. هكذا ذكر الدار قطنى جبيب بالجيم.
(357) جبل بن جوال الثعلبي،
ذكره ابن إسحاق، قَالَ: وقال جبل بن جوّال الثعلبي يوم قريظة:
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ... ولكنه من يحذل الله يخذل
وقال الدار قطنى: جبل بن جوال الثعلبي له صحبة.
(358) جليبيب،
روى حديثه أبو برزة الأسلمي في إنكاح رسول الله
__________
[1] الزيادة من م.
[2] في هامش م: وقع في أصل النسخ وبخطه: التركي- بالتاء. وصوابه البركي- بباء معجمة موحدة من تحتها.(1/271)
صلى الله عليه وَسَلَّمَ إياه إلى رجل من الأنصار، وكانت فيه دمامة وقصر، فكأن الأنصاري وامرأته كرها ذلك، فسمعت ابنتهما بما أراد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ من ذلك فتلت [1] : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ، وَرَسُولُهُ أَمْرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. وقالت: رضيت وسلمت لما يرضي لي به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ اصبب عليها الخير صبًا ولا تجعل عيشها كدًا، ثم قتل عنها جليبيب، فلم يكن في الأنصار أيم أنفق منها [2] ، وذلك أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بعض غزواته، ففقده رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وأمر به يطلب، فوجده قد قتل سبعة من المشركين ثم قتل، وهم حوله مصرعين فدعا له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وقال: هذا مني وأنا منه، ودفنه ولم يصل عليه. ومن حديث أنس بن مالك قَالَ: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له جليبيب، وكان في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ التزويج فقال: إذن تجدني يا رسول الله كاسدًا، فقال:
إنك عند الله لست بكاسد. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عن أبى برزة
__________
[1] سورة الأحزاب، آية 36.
[2] العبارة في أسد الغابة: فكانت من أكثر الأنصار نفقة ومالا(1/272)
الأَسْلَمِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزَاةٍ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَفْقِدُونَ أَحَدًا. قَالُوا: نَعَمْ فُلانًا وَفُلانًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَفْقِدُونَ أَحَدًا، قَالُوا: نَعَمْ فُلانًا وَفُلانًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَفْقِدُونَ أَحَدًا، قَالُوا: لا.
قَالَ: لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ فِي الْمَعْرَكَةِ. قَالَ: فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قُتِلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ ذَا قَدْ قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قُتِلَ. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قُتِلَ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ- ثَلاثَ مِرَارٍ. ثم احتمله النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ عَلَى سَاعِدَيْهِ، مَا لَهُ سَرِيرٌ غَيْرُ ساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حَفَرُوا لَهُ فَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ قَالَ حماد: ولم يذكر غسلا. قَالَ أبو عمر: هذا حديث صحيح في أن الشهيد لا يغسل، وقد تقدم أنه لم يصل عليه.
(356) جري،
ويقال جزي بالزاي، حديثه عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في الضب والسبع والثعلب وخشاش الأرض، ليس إسناده بقائم، لأنه يدور على عَبْد الكريم بن أبى أميّة.
(357) جزي [1] السلمي،
ويقال الأسلمي، والد حيان [2] بن جزي، أسلم وكساه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بردين في حديث فيه طول، ليس إسناده أيضا بالقائم.
__________
[1] قال في أسد الغابة: قال الدار قطنى: أصحاب الحديث يقولون بكسر الجيم. وأصحاب العربية يقولون بعد الجيم المفتوحة زاي وهمزة. وقال عباد الغنى: جزى بفتح الجيم وسكون الزاى، وبالجملة فهذه الأسماء كلها قد اختلف العلماء فيها اختلافا كثيرا.
[2] في هامش م: هكذا. وصوابه: وأخوه خزيمة بن جزى قاله عبد الغنى. وقال الدار قطنى: جزى- بكسر الجيم.(1/273)
(358) جزي بن معاوية،
عم الأحنف بن قيس، لا تصح له صحبة، كان عاملا لعمر بن الخطاب على الأهواز، وقد ذكرنا نسبه عند ذكر أخيه صعصعة ابن معاوية.
(359) جرموز الهجيمي،
من بلهجيم بن عمرو بن تميم. ويقال له جرموز القريعي التميمي، له حديث واحد، مخرجه عن أهل البصرة.
رَوَى حَدِيثَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ هَوْذَةَ الْقُرَيْعِيُّ عَنْ أَبِي تَيْمَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ جُرْمُوزٍ الْقُرَيْعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ: أُوصِيكَ أَلا تَكُونَ لَعَّانًا. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ بن جرموز.
(360) جعال.
ويقال جميل بن سراقة الضمري. ويقال الثعلبي. ويقال إنه في عداد بني سواد من بني سلمة، كان من فقراء المسلمين، وكان رجلا صالحًا قبيحًا دميمًا وأسلم قديمًا، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أحدًا. ويقال: إنه الذي تصور إبليس في صورته يوم أحد من روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: أو ليس الدهر كله غدًا.
(361) جندرة بن خيشنة،
أبو قرصافة، هو مشهور بكنية معدود في الشاميين. له أحاديث، مخرجها عن أهل الشام. وقد قيل: إن اسم أبي قرصافة قيس، والأول أكثر، وقد ذكرناه في الكنى، والحمد للَّه.
(362) جفينة النهدي.
كتب إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فوقع بكتابه الدلو، ثم أتاه بعد مسلما.(1/274)
حديثه عند أبي بكر الدهري [1] عن الثوري، لم يرو عنه غيره، ولا يحتج به لضعف الدهري.
(363) جمرة بن النعمان بن هوذة العذري،
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني عذرة، ولا أعرفه بغير هذا.
(364) جيفر بن الجلندي [2] اليماني،
كان رئيس أهل عمان هو أخوه عيد بن الجلندي، أسلما على يد عمرو بن العاص حين بعثه النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى ناحيته عمان، ولم يقدما على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ ولم يرياه، وكان إسلامهما بعد خيبر.
(365) جودان،
لا أعرف له نسبًا، ولا علم لي به أكثر من روايته عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فيمن لا يقبل معذرة أخيه، كان عليه خطيئة صاحب مكس.
(366) جزاء [3] بن عمرو العذري،
ويقال جرو. قدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فكتب له كتابا.
(367) جزء [4] السدوسي،
ثم اليماني. قالت: أتيت النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ بتمر من تمر اليمامة. روى عنه رجل من بنى حفص بن المعارك.
__________
[1] في م: الزاهريّ. والمثبت في ى، والباب.
[2] هكذا في م، في القاموس: جلنداء، أوله وفتح ثانيه ممدودة. وبضم ثانية مقصورة:
اسم ملك عمان. وفي الإصابة: بضم أوله وفتح اللام وسكون النون وفتح الدال: ملك عمان.
[3] في ى، وأسد الغابة جزء، والمثبت من م. وفي أسد الغابة: جزء بن عمره ويقال: جرو.
[4] هكذا في ى، وأسد الغابة، وقال فيه: وقيل: جرو بالجيم والراء والواو آخره، وفي م أيضا: جرو.(1/275)
(368) جناب الكلبي،
أسلم يوم الفتح. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول لرجل ربعة: إنّ جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري والملائكة قد أظلت عسكري، فخذ في بعض هناتك: فأطرق الرجل شيئا، ثم طفق يقول:
يا ركن معتمد وعصمة لائذ ... وملاذ منتجع وجار مجاور
يا من تخيره الإله لخلقه ... فحباه بالخلق الزكي الطاهر
أنت النبي وخير عصبة آدم ... يا من تجود كفيض بحر زاخر
ميكال معك وجبرئيل كلاهما ... مدد لنصرك من عزيز قاهر [1]
قَالَ: فقلت من هذا الشاعر؟ فقيل: حسان بن ثابت الأنصاري، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يدعو له ويقول له خيرًا.
(369) الجفشيش الكندي.
ويقال الحضرمي. يقال فيه بالجيم وبالحاء وبالخاء، يكنى أبا الخير. يقال اسمه جرير بن معدان، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ في وفد كندة، وخاصمه إليه رجل في أرض سماه ابن عون في حديثه عن الشعبي عن جرير بن معدان قَالَ: وكان يلقب الجفشيش، هكذا قَالَ بالجيم: أنه خاصم رجلا في أرض إلى النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فجعل اليمين على أحدهما، فقال: يا رسول الله إن حلف دفعت إليه أرضي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه فإنه إن حلف باللَّه كاذبًا لم يغفر الله له.
__________
[1] في ى: قادر. والمثبت من م.(1/276)
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَّا وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْحَضْرَمِيِّينَ، يُقَالُ لَهُ الْجَفْشِيشُ خُصُومَةٌ فِي أرض، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: شُهُودَكَ وَإِلا حَلَفَ لَكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وقال عمران بن موسى بن طلحة: لما قدم وفد كندة على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ له أبو الخير- واسمه الجفشيش- هكذا قَالَ بالجيم وضمها:
يا رسول الله، أنتم منا يا بني هاشم. قَالَ: كذبتم، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا.
(370) جليحة بن عَبْد الله بن الحارث،
في قول ابن إسحاق، وقال الواقدي:
ابن محارب [1] بن ناشب [2] بن سعد بن ليث الليثي، شهد حنينًا والطائف مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل يوم الطائف شهيدًا.
(371) جعشم الخير بن خليبة الصدفي،
من ولد حريم [3] بن الصدف، بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت الشجرة، وكساه النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قميصه ونعليه. وأعطاه من شعره، فتزوج جعشم الخير آمنة بنت طليق بن سفيان بن أمية بن عَبْد شمس.
قتله الشريد بن مالك في الردة بعد قتل عكاشة بن محصن.
__________
[1] في م: ابن الضبي بن ناشب.
[2] في أسد الغابة: ابن ناشب بن غيرة بن سعد.
[3] حريم: بطن من حضر موت منهم جعشم بن خليبة بن موهب، ويقال حريم- بكسر الراء. وفي م: من ولد حريم الصدفي.(1/277)
(372) جندلة بن نضلة بن عمرو بن بهدلة.
حديثه في أعلام النبوة حديث حسن.
(373) جويرية العصري،
من عَبْد القيس. جرى ذكره في حديث وفد عَبْد القيس، لا أعلم له خبرا.
(374) جعفي،
ذكره ابن أبي حاتم فقال: جعفي بن سعد العشيرة، وهو من مذحج، كان وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد حجف [1] في الأيام التي توفي النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فيها، كذا قَالَ عن أبيه [2] .
(375) جندع الأوسي،
روى عنه حارث بن نوفل.
(376) جبارة بن زرارة البلوي،
له صحبة، وليست له رواية، شهد فتح مصر. هكذا قَالَ علي بن عمر الدار قطنى جبارة- بكسر الجيم.
__________
[1] في ى: حجفة، والمثبت من م، وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: قلت: وهذا من أغرب ما يقوله عالم، فإن جعفي بن سعد العشيرة مات قبل النبي بدهر طويل.(1/278)
باب حرف الحاء
باب حابس
(377) حابس بن دغنة الكلبي،
له خبر في أعلام النبوة، وله رواية وصحبة.
(378) حابس بن سعد الطائي،
شامي، مخرج حديثه عنهم، ويعرف فيهم باليماني.
ويقال: إن حابس بن سعد الطائي هو الذي ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناحية من نواحي الشام، فرأى في المنام كأن الشمس والقمر يقتتلان، ومع كل واحد منهما كواكب. فقال له عمر رضي الله عنه: مع أيهما كنت؟
قَالَ: مع القمر. قَالَ: لا تلي لي عملا أبدًا، إذ كنت مع الآية الممحوة.
فقتل وهو مع معاوية بصفين.
وأما أهل العلم بالخبر فقالوا: إن عمر رضي الله عنه دعا حابس بن سعد الطائي، فقال: إني أريد أن أوليك قضاء حمص، فكيف أنت صانع؟ قَالَ:
أجتهد رأيي وأشاور جلسائي. فقال: انطلق. فلم يمض إلا يسيرًا حتى رجع، فقال: يا أمير المؤمنين، إني رأيت رؤيا أحببت أن أقصها عليك. قَالَ:
هاتها. قَالَ: رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق، ومعها جمع عظيم [1] ، وكأن القمر أقبل من المغرب، ومعه جمع عظيم [2] . فقال له عمر رضي الله عنه:
__________
[1] في أسد الغابة: ومعها جمع عظيم من الملائكة.
[2] في أسد الغابة: ومعه جمع عظيم من الكواكب.(1/279)
مع أيهما كنت؟ قَالَ: مع القمر. فقال عمر رضي الله عنه: كنت مع الآية الممحوة، لا، والله، لا تعمل لي عملا أبدًا. ورده، فشهد صفين مع معاوية رحمه الله، وكانت راية طىّ معه، فقتل يومئذ. وهو ختن [1] عدي بن حاتم الطائي، وخال ابنه زيد بن عدي، وقتل زيد قاتله غدرًا، فأقسم أبوه عدي ليدفعنه إلى أوليائه، فهرب إلى معاوية، وخبره بتمامه مشهور عند أهل الأخبار، وقد روينا هذا الخبر من وجوه كثيرة، منها ما سمى فيه الرجل ومنها ما لم يسم فيه.
(379) حابس بن ربيعة التميمي،
وليس بوالد الأقرع بن حابس، روى عنه حديث واحد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا شيء في الهام، والعين حق، وأصدق الطير الفأل. يعد في البصريين، في إسناد حديثه اضطراب يختلف فيه على يحيى بن أبي كثير، روى عنه ابنه حية [2] بن حابس.
باب حاجب
(380) حاجب بن يزيد [3] الأنصاري الأشهلي.
من بني عَبْد الأشهل. وقيل:
إنه من بني زعوراء بن جشم، إخوة عَبْد الأشهل بن جشم، من الأوس.
قتل يوم اليمامة شهيدًا رضي الله عنه، وهو حليف لهم من أزد شنوءة.
__________
[1] الختن- بفتحتين- عند العرب: كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ، وختن الرجل عند العامة: زوج ابنته. وقال الأزهري: الختن: أبو المرأة (المصباح) .
[2] بتحتانية ثقيلة، وقيل: إن الصواب حبة- بموحدة.
[3] في الإصابة: بن زيد أو يزيد.(1/280)
(381) حاجب بن زيد بن تيم بن أمية بن خفاف بن بياضة،
شهد أحد، رضي الله عنه، ذكره الطبري [1]
باب الحارث
(382) الحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل،
هو ابن أخي سعد بن معاذ، شهد بدرًا، وقتل يوم أحد شهيدًا، يكنى أبا أوس، وكان يوم قتل ابن ثمان وعشرين سنة.
(383) الحارث بن أوس بن المعلى بن لوذان بن حارثة،
هو أبو سعيد بن المعلى. واختلف في اسمه، فقيل الحارث. وقيل رافع، وهو الأكثر فيه.
(384) الحارث بن أوس بن عتيك [2] بن عمرو بن عبد الأعلم [3] بن عامر بن زعوراء بن جشم،
شهد أحدًا والمشاهد كلها، وقتل يوم أجنادين، وذلك لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.
(385) الحارث بن أنس.
وأنس هو أبو الحيسر [4] بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عَبْد الأشهل الأنصاري الأشهلي. من الأوس، شهد بدرًا وقتل يوم أحد شهيدًا.
(386) الحارث بن أنس بن مالك بن عبيد بن كعب الأنصاري.
وذكره
__________
[1] في أسد الغابة: ذكر الطبري أنه شهد أحدا.
[2] هكذا في ى، ت. وفي الإصابة: بن عتاب.
[3] في ت: بن عبد الأشهل. وفي أسد الغابة: بن الأعلم.
[4] في أسد الغابة: قال أبو عمر: وليس هو أبو الحيسر. وفي هوامش الاستيعاب:
أبو الخنيس، وصوابه أبو الحيس.(1/281)
موسى بن عقبة في البدريين، فيه نظر، أخاف أن يكون الأشهلي بن رافع ابن امرئ القيس [1] .
(387) الحارث بن أقيش،
ويقال ابن وقيش، وهو واحد، يقال العكلي، ويقال العوفي. وعكل امرأة خصيف والد عوف نسبوا إليها. يقال:
إنه كان حليفًا للأنصار.
يعد في البصريين. حديثه عند حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن عَبْد الله بن قيس، عن الحارث بن أقيش: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ في أمّى لمن [2] يشفع في أكثر من ربيعة ومضر ... في حديث ذكره.
ومن حديثه أيضًا عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث حسن: في الجنة لمن مات له ثلاثة من الولد أو اثنان. ومن حديثه أن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ كتب لبني زهير بن أقيش حي من عكل. يرويه أبو العلاء بن الشخير، عن رجل منهم.
(388) الحارث بن الأزمع الهمداني،
مذكور في الصحابة، توفي في آخر خلافة معاوية.
(389) الحارث بن بدل السعدي [3] .
ويقال الحارث بن سليمان بن بدل.
__________
[1] في الإصابة: قلت: بل هو غيره.
[2] في الطبقات: ليشفع.
[3] في هوامش الاستيعاب: الأصح أنه تابعي، قال الذهبي: قال ابن أبى حاتم: إن محمد ابن عبد الله الشعبثى روى عن الحارث بن بدل، وله صحبة.(1/282)
حديثه عند مُحَمَّد بن عَبْد الله الشعيثي، لا يصح حديثه، لكثرة الاضطراب فيه، ولضعف الشعيثي المتفرد به.
(390) الحارث بن تبيع [1] الرعيني،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر، ذكره ابن [2] يونس.
(391) الحارث بن ثابت بن سفيان بن عدي بن عمرو بن امرئ القيس ابن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج،
قتل يوم أحد شهيدًا.
(392) الحارث بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي،
كان من مهاجرة الحبشة مع أبيه الحارث بن قيس، ومع أخويه:
بشر بن الحارث، ومعمر بن الحارث.
(393) الحارث بن الحارث بن كلدة الثقفي،
كان أبوه طبيبًا في العرب حكيمًا، وهو من المؤلفة قلوبهم، معدود فيهم، وكان من أشراف قومه، وأما أبوه الحارث بن كلدة فمات في أول الإسلام، ولم يصح إسلامه [3] .
روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سعد بن أبى وقاص أن يأتيه ويستوصفه في مرض نزل به، فدل ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله، [والله أعلم] [4] .
__________
[1] في أسد الغابة: قال ابن ماكولا: بفتح التاء وكسر الباء الموحدة. وقال عبد الغنى.
بضم التاء وفتح الباء الموحدة. وذكره أبو عمر بضم التاء وفتح الباء. وفي هوامش الاستيعاب:
تبيع- بالفتح- قيده الدار قطنى.
[2] في ت: ذكره أبو يونس.
[3] في الإصابة: قلت وسيأتي الرد عليه في ترجمة حارثة بن كلدة.
[4] من ت(1/283)
(394) الحارث بن الحارث الأشعري،
روى عنه أبو سلام الأسود، واسم أبي سلام ممطور الحبشي، له عنه حديث واحد، عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وهو حديث حسن [1] جامع لفنون [2] من العلم لم يحدث [3] به عن أبي سلام بتمامه [4] إلا معاوية بن سلام.
(395) الحارث بن الحارث الأزدي.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا طَعِمَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: اللَّهمّ لَكَ الْحَمْدُ، أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ، وَأَشْبَعْتَ وَأَرْوَيْتَ [5] ، فَلَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلا مُودَّعٍ، وَلا مُسْتَغْنًى عَنْكَ. حديثه عند مروان بن معاوية الفزاري، عن مُحَمَّد بن أبي قيس السلمي، عن عَبْد الأعلى بن هلال، عنه.
(396) الحارث بن الحارث الغامدي
[6] ، روى: الفردوس سرة الجنة. قَالَ: وهو كقولك بطن الوادي هو أسرّ ما لك وأحسنه.
ومن حديثه أيضًا أنه سمع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ يقول لابنته زينب: خمري [7] عليك نحرك، وكانت قد بدا نحرها وهي تبكي لما نزل برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ من قريش، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
[1] هذا الحديث في أسد الغابة: 1- 320.
[2] في ى: الفنون.
[3] في الإصابة والتقريب: تفرد بالرؤية عنه أبو سلام.
[4] في ى: تمامه.
[5] في ى: وآويت. والمثبت من ت.
[6] في أسد الغابة: وما يبعد أن يكون هذا الأزدي هو والغامدي واحدا، فإن غامد بطن من الأزد.
[7] التخمير: التغطية.(1/284)
لا تخافي على أبيك غلبة [1] ولا ذلا. روى عنه الوليد بن عبد الرحمن الجرشي.
(397) الحارث بن حاطب الأنصاري،
قيل: إنه من بني عبد الأشهل.
وقيل: إنه من بني عمرو بن عوف، ومن قَالَ ذلك نسبه: الحارث بن حاطب ابن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، يكنى أبا عَبْد الله، رده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حين توجّه إلى بدر من الرّؤساء في شيء أمره به إلى بني عمرو بن عوف وضرب له بسهمه وأجره، فكان [2] كمن شهدها في قول ابن إسحاق.
قَالَ الواقدي: شهد الحارث بن حاطب أحدًا، والخندق، والحديبية، وقتل يوم خيبر شهيدًا، رماه رجل من فوق الحصن فدمغه.
(398) الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي،
ولد بأرض الحبشة هو وأخوه مُحَمَّد بن حاطب، والحارث أسن من مُحَمَّد، واستعمل ابن الزبير الحارث بن حاطب على مكة سنة ست وستين. وقيل: إنه كان يلي المساعي أيام مران [3] .
(399) الحارث بن حسان بن كلدة البكري.
ويقال الربعي والذهلي. من بني ذهل بن شيبان. ويقال الحارث بن يزيد بن حسان، ويقال حريث [4] بن حسان البكري، والأكثر يقولون: الحارث بن حسان البكري، وهو الصحيح إن شاء الله.
روى عنه أبو وائل. واختلف في حديثه، منهم من يجعله عن عاصم ابن بهدلة عن الحارث بن حسان لا يذكر فيه أبا وائل، والصحيح فيه عن
__________
[1] في ت: عيلة.
[2] في أسد الغابة: وضرب لهما بسهمهما وأجرهما فكانا.
[3] أي لما كان أميرا على المدينة لمعاوية (أسد الغابة) .
[4] في الإصابة: ولعله تصغير. وفي التقريب: ويقال: اسمه حريث.
(الاستيعاب ج 1- م 10)(1/285)
عاصم، عن أبى وائل، عن الحارث بن حسان، قَالَ: قدمت المدينة فأتيت المسجد، فإذا النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ على المنبر، وبلال قائم متقلد سيفًا، وإذا رايات [1] سود، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا عمرو بن العاص قدم [2] من غزاة.
وفى حديثه قصة وافد عاد، وهو صاحب حديث قيلة، فيما ذكر أبو حاتم، والحارث بن حسان البكري هذا هو الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حديث عاد قوم هود، وكيف هلكوا بالريح العقيم؟ فقال له:
يا رسول الله، على الخبير سقطت، فذهبت مثلا. وكان قد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله أن يقطعه أرضًا من بلادهم، فإذا بعجوز من بني تميم تسأله ذلك، فقال الحارث: يا رسول الله، أعوذ باللَّه أن أكون كقيل بن عمرو وافد عاد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كما قَالَ الأول، فقال: على الخبير سقطت. فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: أعالم أنت بحديثهم؟ قَالَ: نعم، نحن ننتجع [3] بلادهم، وكان آباؤنا يحدثوننا عنهم، يروى ذلك الأصغر عن الأكبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إيه! يستطعمه الحديث، فذكر الخبر أهل الأخبار وأهل التفسير للقرآن: سنيد وغيره.
(400) الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي،
كان قديم الإسلام بكة، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة
__________
[1] في الطبقات: براية سوداء تخفق.
[2] في الطبقات: قالوا: هذا رسول الله يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها.
[3] تتجمع بلادهم: نطلب الكلأ فيها.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 10)(1/286)
الثانية مع امرأته ريطة بنت الحارث بن خالد بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرّة، فولدت له بأرض الحبشة: موسى، وزينب، وإبراهيم [1] ، وعائشة بني الحارث بن خالد، وهلكوا بأرض الحبشة، هكذا قَالَ مصعب.
وقال غيره من أهل النسب: إنه خرج بهم أبوهم الحارث بن خالد من أرض الحبشة، يريد النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حتى إذا كانوا ببعض الطريق وردوا ماء فشربوا منه فماتوا أجمعون، إلا هو فجاء حتى نزل المدينة، فزوجه النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بنت عَبْد يزيد بن هاشم بن عَبْد المطلب بن عَبْد مناف، ومن ولده مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المحدث المدني، وأم مُحَمَّد بن حفصة بنت أبي يحيى، حليف لهم.
(401) الحارث بن خزمة،
أبو خزمة، هذا قول ابن إسحاق، وغيره من أهل السير. وقيل: الحارث بن خزيمة، وقال الطبري: الحارث بن خزمة- بحركتين- بن عدي بن أبي بن غنم [2] بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف ابن الخزرج، يكنى أبا بشير [3] ، شهد بدرًا، وأحدا، والخندق، وما بعدها من المشاهد، ومات بالمدينة سنة أربعين، هكذا قَالَ الطبري في كنيته وفي اسم أبيه، ولم يقله إلا عن علم، والله أعلم، ونسبه الطبري كما نسبه ابن إسحاق حرفًا بحرف، والصواب فيه إن شاء الله: الحارث بن خزمة، [بسكون
__________
[1] هكذا في ى، ت: وفي أسد الغابة والإصابة والطبقات وهوامش الاستيعاب: فاطمة بدل إبراهيم.
[2] في ى: بن أبي غنم، وفي الإصابة: ابن عدي بن غنم. والمثبت من ت، والطبقات، وأسد الغابة.
[3] هكذا في ى، وفي الطبقات، ت: أبا بشر.(1/287)
الزاي. وقال: موسى بن عقبة، فيمن شهد بدرا مع الحارث ابن خزيمة] [1] .
وقال إبراهيم بن المنذر: حَدَّثَنَا عَبْد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: فيمن شهد بدرًا من الأنصار من بني ساعدة الحارث بن خزمة.
قَالَ أبو عمر رضي عنه: هو الذي جاء بناقة رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حين ضلت في غزوة تبوك، حين قَالَ المنافقون: هو لا يعلم خبر موضع ناقته، فكيف يعلم خبر السماء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذ بلغه قولهم: إني لا أعلم إلا ما علّمنى الله، وقد أعلمنى بكانها. ودلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا حبستها شجرة، فانطلقوا حتى تأتوني بها، فانطلقوا فجاءوا بها، وكان الذي جاء بها من الشّعب الحارث بن خزيمة وجد زمامها قد تعلق بشجرة. هكذا جاء في هذا الخبر خزيمة. وقال ابن إسحاق: هو الحارث بن خزمة ابن عدي بن أبي بن غنم [2] بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، حليف لبني عَبْد الأشهل، شهد بدرًا وقال غيره: توفى الحارث ابن خزمة سنة أربعين، وهو ابن سبع وستين. وقد ذكرنا ذلك.
(402) الحارث بن خزيمة،
أبو خزيمة الأنصاري قَالَ ابن شهاب عن عبيد ابن السباق عن زيد بن ثابت، قَالَ: وجدت آخر التوبة مع أبى خزية الأنصاري، وهذا لا يوقف له على اسم على صحة، وهو مشهور بكنيته، وقد ذكرناه في الكنى.
__________
[1] ليس في ت.
[2] انظر الحاشية رقم 2 من الصفحة السابقة.(1/288)
(402) الحارث بن ربعي بن بلدمة،
أبو قتادة الأنصاري السلمي، من بني غنم بن كعب بن سلمة بن زيد بن جشم بن الخزرج، هكذا يقول ابن شهاب وجماعة من أهل الحديث، إن اسم أبي قتادة الحارث بن ربعي. قَالَ ابن إسحاق: وأهله يقولون اسمه النعمان بن عمرو بن بلدمة.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: يقولون بلدمة بالفتح، وبلدمة بالضم، وبلذمة بالذال المنقوطة، والضم أيضًا، يقال لأبي قتادة فارس رسول الله، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قَالَ: خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع. قيل: توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين، والصحيح أنه توفي بالكوفة في خلافة علي رضي الله عنه، وهو [الذي] [1] صلى عليه، وقد ذكرناه في الكنى، لأنه ممن غلبت عليه كنيته.
[403) الحارث بن زياد الساعدي الأنصاري،
مدني كان شاعرًا، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في حب الأنصار، وروى عنه حمزة بن أبى أسيد] [2] .
(404) الحارث بن الطفيل بن عَبْد الله بن سخبرة القرشي،
قَالَ أحمد بن زهير: لا يدري [3] من أي قريش هو؟ وقال الواقدي: هو أزدى،
__________
[1] من ت.
[2] من ت. وفي التقريب: له حديث واحد.
[3] في أسد الغابة: لا أدرى.(1/289)
ونسبه في الأزد، وسنذكر ذلك في باب الطفيل أبيه إن شاء الله. والحارث هذا هو ابن أخي عائشة وعبد الرحمن، ابني أبي بكر لأمهما، لأن الطفيل أباه هو أخو عائشة لأمها، ولأبيه صحبة ورواية.
(405) الحارث بن مسعود بن عبدة بن مظهر بن قيس بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف،
له صحبة، قتل يوم جسر أبي عبيد شهيدًا. قَالَ الطبري: صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم الجسر.
(406) الحارث بن مالك ابن البرصاء،
والبرصاء أمه، ويقال: بل هي جدته أم أبيه، وهي البرصاء بنت ربيعة بن رباح بن ذي البردين، من بني هلال بن عامر، واسم البرصاء ريطة، وهو الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ من بني ليث بن بكر، روى عنه عبيد بن جريج والشعبي، وقال العقيلي: الحارث ابن مالك بن البرصاء القرشي العامري، وهذا وهم من العقيلي ومن كل من قاله [1] ، والصحيح ما ذكرناه.
(407) الحارث بن مخاشن،
ذكره إسماعيل بن إسحاق عن على بن المديني، قَالَ: الحارث بن مخاشن من المهاجرين، قبره بالبصرة.
(408) الحارث بن مسلم التميمي،
ويقال: مسلم بن الحارث، روى حديثه الوليد بن مسلم، عن عَبْد الرحمن بن حسان، عن أبيه عنه.
__________
[1] في أسد الغابة: المعروف بابن البرصاء، وهي أمه. وقيل: أم أبيه مالك، واسمها ريطة.(1/290)
واختلف فيه على الوليد بن مسلم، ولم يختلف فيه على مُحَمَّد بن شعيب، عن عَبْد الرحمن بن حسان، عن الحارث بن مسلم، عن أبيه مسلم بن الحارث، وهو الصواب إن شاء الله.
سئل أبو زرعة الرازي عن مسلم بن الحارث أو الحارث بن مسلم. فقال:
الصحيح [1] الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه.
(409) الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
قَالَ مصعب الزبيري: صحب رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وولد له على عهده عَبْد الله ابن الحارث الذي يقال له ببة، اصطلح عليه أهل البصرة حين مات يزيد ابن معاوية.
وقال الواقدي: كان الحارث بن نوفل على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ رجلا. وأسلم عند إسلام أبيه نوفل على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وولد ابنه عَبْد الله بن الحارث الملقب بببه على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وكانت تحته درة بنت أبي لهب بن عَبْد المطلب.
وقال غيرهما: ولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحارث بن نوفل مكة، ثم انتقل إلى البصرة من المدينة، واختطّ بالبصرة دارًا في ولاية عَبْد الله بن عامر، ومات بها في آخر خلافة عثمان.
(410) الحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس،
وهو البرك بن ثعلبة
__________
[1] في أسد الغابة: الصحيح مسلم بن الحارث عن أبيه.(1/291)
ابن عمرو بن عوف بن مالك بن مالك بن الأوس، شهد بدرا وأحدا، والحارث ابن النعمان هذا هو عم خوات بن جبير.
(411) الحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر،
وعامر هذا يقال له مبذول بن مالك بن النجار، يكنى أبا سعد [1] ، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قد آخى بينه وبين صهيب بن سنان، وكان فيمن خرج مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى بدر، فكسر بالروحاء، فرده رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وضرب له بسهمه وأجره، وشهد معه أحدًا فثبت معه يومئذ حين انكشف الناس، وبايعه على الموت، وقتل عثمان بن عَبْد الله ابن المغيرة يومئذ وأخذ سلبه، فسلبه [2] رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ولم يسلب يومئذ غيره، ثم شهد بئر معونة فقتل يومئذ شهيدًا، وكان هو وعمرو [3] ابن أمية في السرح، فرأيا الطير تعكف على منزلهم، فأتوا فإذا أصحابهم مقتولون، فقال لعمرو: ما ترى؟ قَالَ: أرى أن الحق برسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال الحارث: ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه المنذر، فأقبل حتى لحق القوم فقاتل حتى قتل.
قَالَ عَبْد الله بن أبي بكر: ما قتلوه حتى شرعوا له الرماح فنظموه بها حتى مات، وأسر عمرو بن امية، وفيه يقول الشاعر يوم بدر:
__________
[1] هكذا في ى، والطبقات، وفي ت: أبا سعيد.
[2] في س: فأعطاه رسول الله السلب، ولم يعط السلب يومئذ غيره.
[3] في هوامش الاستيعاب: عمر. ثم قال: إنما الّذي كان مع عمر بن أمية في السرح المنذري محمد بن عقبة، قاله ابن إسحاق في السيرة.(1/292)
يا رب إن الحارث بن الصمه ... أهل وفاء صادق وذمه [1]
أقبل في مهامه ملمه ... في ليلة ظلماء مدلهمه
يسوق بالنبي هادي الأمه ... يلتمس الجنة فيما ثمه
(412) الحارث بن ضرار الخزاعي،
ويقال الحارث بن أبي ضرار المصطلقي، وأخشى أن يكونا اثنين.
(413) الحارث بن عَبْد الله بن سعد بن عمرو [بن قيس بن عمرو] [2] بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج،
قتل يوم أحدًا شهيدًا.
(414) الحارث بن عَبْد الله بن وهب الدّوسى،
قدم مع أبيه على النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين الذين قدموا من دوس، فأقام الحارث مع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ورجع أبوه عَبْد الله إلى السراة، فمات وقبض النبي صلى الله عليه وسلم والحارث بالمدينة.
هو جد أبي زهير عَبْد الرحمن بن مغراء بن [3] الحارث الدوسي الرازي المحدث.
(415) الحارث بن عَبْد الله بن أوس الثقفي.
وربما قيل فيه الحارث بن أوس،
__________
[1] في الطبقات:
كان رفيقا وبنا ذا ذمه
[2] ليس في ت.
[3] في ت: بن عياض بن الحارث.(1/293)
حجازي، سكن الطائف، روى في الحائض: يكون آخر عهدها الطواف بالبيت.
روى عنه الوليد بن عَبْد الرحمن وعمرو بن عَبْد الله بن أوس.
(416) الحارث بن عمرو بن مؤمل بن حبيب بن تميم بن عَبْد الله بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي،
هاجر في الركب الذين هاجروا من بني عدي بن كعب عام خيبر، وهم سبعون رجلا، وذلك حين أوعبت بنو عدي بالهجرة، ولم يبق منهم بمكة رجل.
(417) الحارث بن عمرو السهمي، ويقال الباهلي.
وسهم باهلة غير سهم قريش، يكنى أبا سفينة [1] ، حديثه عند البصريين، وهو معدود فيهم، له حديث واحد فيه طول، سمع النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يخطب بمنى أو عرفات، فيه ذكر المواقيت وذكر الضحية والعتيرة [2] . روى عنه ابن ابنه زرارة ابن كريم بن الحارث بن عمرو.
(418) الحارث بن عمرو بن غزية المدني [3] .
توفي سنة سبعين، وهو معدود في الأنصار، وأظنه الحارث بن غزية الذي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: متعة النساء حرام.
(419) الحارث بن عمرو الأنصاري،
خال البراء بن عازب. ويقال عم البراء [4] .
__________
[1] في الإصابة والتقريب: يكنى أبا مسقبة- بفتح الميم وسكون المهملة وفتح القاف والموحدة، صحفه بعضهم، فقال أبو سفينة. وفي هوامش الاستيعاب: ضبطه ابن مفرح وخلف بن قاسم في كتاب ابن السكن: أبو مسقبة.
[2] العتيرة: ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب (صحيح مسلم 1564)
[3] في أسد الغابة: المزني.
[4] في التقريب: وقيل: خاله.(1/294)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال. حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عن أشعث، عن عدىّ ابن ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ بى عمّى الحارث بن عمرو، ومعه رَايَةٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ.
قَالَ أحمد بن زهير: هكذا قَالَ هشيم عن أشعث عن عدي عن البراء:
مر بي عمي ...
وقال زيد بن أبي أنيسة عن [1] عدي بن ثابت، عن زيد بن البراء، عن البراء قَالَ: لقيت عمي، ولم ينسبه.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه غيرهما: يقول في هذا الحديث: عن عدي عن البراء، لقيت خالي، كذلك قَالَ حفص بن غياث عن أشعث عن عدي عن البراء وقاله [2] الحسن البجلي، عن عدي بن ثابت، عن عَبْد الله بن يزيد، عن البراء، وفيه اضطراب يطول ذكره، فإن كان الحارث بن عمرو هذا هو الحارث بن عمرو بن غزية كما زعم بعضهم فعمرو بن غزية ممن شهد العقبة، وكان له فيما يقول أهل النسب أربعة من الولد كلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد، بنو عمرو ابن غزية، وليس لواحد منهم رواية إلا الحارث، هكذا زعم بعض من ألف في الصحابة وفيما من ذلك نظر.
__________
[1] في أسد الغابة: عن أشعث عن عدي.
[2] في ى: وقال. والمثبت من ت.(1/295)
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، الحجاج بن عمرو بن غزية لا يختلفون في ذلك، وما أظنّ الحارث هذا هو ابن عمرو [1] بن غزية، والله أعلم.
وقد روى الشعبي عن البراء بن عازب قال: كان اسم خالي قليلا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كثيرًا، وقد يمكن أن يكون له أخوال وأعمام.
(420) الحارث بن أبي صعصعة،
أخو قيس بن أبي صعصعة، واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن غنم بن مازن بن النجار، قتل يوم اليمامة شهيدًا، وله ثلاثة إخوة: قيس، وأبو كلاب، وجابر. وقتل أبو كلاب وجابر يوم مؤتة شهيدين.
(421) الحارث بن عوف،
أبو واقد الليثي، ويقال الحارث بن مالك.
ويقال عوف بن الحارث، والأول أصح، وهو مشهور بكنيته، وقد ذكرناه في الكنى.
(422) الحارث بن عوف المري [2] ،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فأسلم وبعث معه رجلا من الأنصار إلى قومه ليسلموا، فقتل الأنصاري، ولم يستطع الحارث على المنع منه [3] . وفيه يقول حسان بن ثابت رضى الله عنه [4] .
__________
[1] في أسد الغابة: هو عمرو بن غزية.
[2] في الإصابة: المزني.
[3] هكذا في ى، ت. وفي أسد الغابة: ولم يستطع الحارث أن يمنع عنه.
[4] ديوانه: 210(1/296)
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمدا لا يغدر [1]
وأمانة المري- ما استودعته- ... مثل الزجاجة صدعها لا يجبر
فجعل الحارث يعتذر، وبعث القاتل إبلا في دية الأنصاري، فقبلها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفعها إلى ورثته.
(423) الحارث بن عدي بن خرشة بن أمية بن عامر بن خطمة الأنصاري الخمى،
قتل يوم أحد شهيدا، لم يذكره ابن إسحاق.
(424) الحارث بن عدي بن مالك بن حرام بن معاوية الأنصاري المعاوي.
شهد أحدًا، وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدًا.
(425) الحارث بن عقبة بن قابوس،
قدم مع عمه وهب بن قابوس من جبل مزينة بغنم لهما المدينة، فوجداها خلوا، فسألا أين الناس؟ فقيل:
بأحد يقاتلون المشركين، فأسلما، ثم خرجا، فأتيا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتلا المشركين قتالا شديدًا حتى قتلا، رحمه الله عليهما.
(426) الحارث بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك بن مبذول،
وهو عامر ابن مالك بن النجار، وهو أخو سهل بن عتيك الذي شهد بدرًا، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الحارث بن عتيك يكنى أبا أخزم. قتل يوم جسر أبي عبيد شهيدًا. ذكره الواقدي، والزبير [2] .
(427) الحارث بن عمير الأزدي،
أحد بني لهب، بعثه رسول الله صلى الله
__________
[1] في ت والديوان: لم يغدر، ولم يجبر.
[2] في الإصابة: شهد أحدا والمشاهد.(1/297)
عليه وَسَلَّمَ، بكتابه إلى الشام، إلى ملك الروم، وقيل: إلى صاحب بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، فأوثقه رباطًا، ثم قدم فضربت عنقه صبرا، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ رسول غيره، فلما اتصل برسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ خبره بعث البعث الذي بعثه إلى مؤتة، وأمر عليهم زيد بن حارثة، في نحو ثلاثة آلاف، فلقيتهم الروم في نحو مائة ألف.
(428) الحارث بن عَبْد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فهر،
كان من مهاجرة الحبشة، هو وأخوه سعيد [1] بن عَبْد القيس.
(429) الحارث بن عرفجة بن الحارث بن كعب بن النحاط [2] بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس الأنصاري،
شهد بدرًا، فيما ذكره موسى بن عقبة والواقدي وابن عمارة، ولم يذكره [3] ابن إسحاق، وأبو معشر في البدريين.
(430) الحارث بن عمر [4] الهذلي،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عن عمرو ابن مسعود أحاديث، وتوفي سنة سبعين، فيما ذكر الواقدي.
(431) الحارث بن غطيف الكندي، يكنى أبا غطيف.
ويقال فيه غضيف بن الحارث.
__________
[1] في ى: سعد. والمثبت من ت، والطبقات.
[2] في ى: النجار. والمثبت من ت، والطبقات، وأسد الغابة.
[3] في هوامش الاستيعاب: لي قد ذكره ابن إسحاق.
[4] في ت: عمرو.(1/298)
قال يحيى بن معين: الصواب الحارث بن غطيف نزل حمص، حديثه عند أهل الشام.
(432) الحارث بن غزية،
سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقول يوم فتح مكة: متعة النساء حرام ثلاث مرات. حديثه هذا عند إسحاق بن أبي فروة، عن عَبْد الله بن رافع عنه.
والحارث بن غزية هو القائل يوم الجمل: يا معشر الأنصار، انصروا أمير المؤمنين آخرًا كما نصرتم رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أولا، والله إن الآخرة تشبه [1] بالأولى، إلا أن الأولى أفضلهما.
(433) الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي،
كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت الحكومة والأموال التي كانوا يسمونها لآلهتهم، ثم أسلم [2] وهاجر إلى أرض الحبشة مع بنيه الحارث وبشر ومعمر.
(434) الحارث بن قيس بن خلدة [3] بن مخلد بن عامر بن زريق،
أبو خالد الأنصاري الزرقي، غلبت عليه كنيته، شهد العقبة وبدرًا، وقد ذكرناه في الكنى.
(435) الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي.
أسلم وعنده ثانى نسوة.
__________
[1] في ت: لشبيهة.
[2] في هوامش الاستيعاب: وما ذكر أنه أسلم إلا أبو عمر.
[3] في ت: خالد.(1/299)
ويقال: قيس بن الحارث، اختلفوا فيه، ليس له إلا حديث واحد، ولم يأت من وجه صحيح، روى عنه، حميضة [1] بن الشمردل.
(436) الحارث بن سويد،
ويقال: ابن مسلمة [2] المخزومي. ارتد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ولحق بالكفار، فنزلت هذه الآية [3] :
كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ 3: 86، إلى قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا. 3: 89 فحمل رجل هذه الآيات، فقرأهن عليه. فقال الحارث: والله ما علمتك إلا صدوقًا وإن الله لأصدق الصادقين. فرجع وأسلم وحسن إسلامه.
روى عنه مجاهد، وحديثه هذا عند جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد.
(437) الحارث بن سهل بن أبي صعصعة الأنصاري،
من بني مازن بن النجار، استشهد يوم الطائف.
(438) الحارث بن أبي سبرة.
هو والد سبرة، هو ابن الحارث بن أبى سبرة، وربما قيل سبرة بن أبي سبرة، ينسب إلى جده، وقد قيل: إن والد سبره بن أبي سبرة يزيد بن أبي سبرة، والله أعلم.
(439) الحارث بن شريح بن ذؤيب بن ربيعة بن عامر بن خويلد [4] المنقري التميمي،
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني منقر مع قيس بن عاصم فأسلموا.
__________
[1] في ى: حميصة. والمثبت من ت، والتقريب.
[2] في ت، وأسد الغابة: ابن مسلم.
[3] سورة آل عمران آية 86، وما بعدها.
[4] في أسد الغابة: بن ربيعة.(1/300)
حديثه عند دلهم بن دهثم العجليّ عن عائذ بن ربيعة عنه.
وقد قيل إنه نميري، وقدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في وفد بني نمير.
(440) الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو [1] بن مخزوم القرشي المخزومي، يكنى أبا عَبْد الرحمن، وأمه أم الجلاس أسماء بنت مخربة [2] بن جندل بن أبين [3] بن نهشل بن دارم، شهد بدرًا كافرًا مع أخيه شقيقه أبي جهل، وفر حينئذ، وقتل أخوه وعير الحارث بن هشام لفراره ذلك، فمما قيل فيه قول حسّان بن ثابت [4] :
إن كنت كاذبة [5] بما حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة [6] ولجام
فاعتذر الحارث بن هشام من فراره يومئذ بما زعم الأصمعي أنه لم يسمع بأحسن من اعتذاره ذلك من فراره، وهو قوله [7] :
الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى رموا فرسي بأشقر مزبد [8]
ووجدت [9] ريح الموت من تلقائهم ... في مأزق والخيل لم تتبدّد
__________
[1] هكذا في ى، ت: وفي الطبقات والتقريب، وأسد الغابة وتهذيب التهذيب: عمر.
[2] في الإصابة: أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة.
[3] في ى: أعين. والمثبت من ت، وتهذيب التهذيب، وأسد الغابة.
[4] ديوانه: 363.
[5] في الديوان: كاذبة الّذي حدثتني.
[6] الطمرة: الفرس الكثير الجرى.
[7] ديوان حسان: 366، وفي هوامش الاستيعاب: وروى هذا الشعر أيضا للحارث بن خالد المخزومي.
[8] الأشقر المزبد: الدم، ولعله يريد أن فرسه جرح فعلاه دمه.
[9] في الديوان: وشممت.(1/301)
فعلمت [1] أني إن أقاتل واحدًا ... أقتل ولا ينكي [2] عدوي مشهدي
فصدفت [3] عنهم والأحبة دونهم [4] ... طمعًا لهم بعقاب يوم مفسد [5]
ثم غزا أحدًا مع المشركين أيضًا، ثم أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم.
وروينا أن أم هانئ بنت أبي طالب استأمنت له النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأمنه يوم الفتح، وكانت إذ أمنته قد أراد على قتله، وحاول أن يغلبها عليه، فدخل النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ منزلها ذلك الوقت، فقالت: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن أمي يريد قتل رجل أجرته؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت، فأمنه. هكذا قَالَ الزبير وغيره، وفى حديث مالك وغيره أن الذي أجارته بعض بني زوجها هبيرة بن أبى وهب وأسلم الحارث فلم ير منه في إسلامه شيء يكره، وشهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حنينًا، فأعطاه مائة من الإبل كما أعطى المؤلفة قلوبهم.
وروى أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ذكر الحارث بن هشام وفعله
__________
[1] في ت، والديوان: وعلمت.
[2] في الإصابة: ولا يبكى. وفي ت: ولا يضرر.
[3] في الإصابة: ففررت منهم. وفي الديوان: فصدرت.
[4] في الديوان: فيهم.
[5] في الإصابة والديوان: يوم مرصد.(1/302)
في الجاهلية في قرى الضيف وإطعام الطعام، فقال: إن الحارث لسري، وإن كان أبوه لسريا، ولوددت أن الله هداه إلى الإسلام. وخرج إلى الشام في زمن عمر بن الخطاب راغبًا في الرباط والجهاد، فتبعه أهل مكة يبكون لفراقه، فقال: إنها النقلة إلى الله، وما كنت لأوثر عليكم أحدًا. فلم يزل بالشام مجاهدًا حتى مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة.
وقال المدائني: قتل الحارث بن هشام يوم اليرموك، وذلك في رجب سنة خمس عشرة، وفي الحارث بن هشام يقول الشاعر:
أحسبت أن أباك يوم تسبني ... في المجد كان الحارث بن هشام
أولى قريش بالمكارم كلها ... في الجاهلية كان والإسلام
وأنشد الشاعر أبو زيد عمر بن شبة للحارث بن هشام:
من كان يسأل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن
إذ نلبس العيش صفوًا لا يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن
وخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه على امرأته فاطمة بنت الوليد ابن المغيرة، وهي أم عَبْد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقالت طائف من أهل العلم بالنسب: لم يبق من ولد الحارث بن هشام إلا عَبْد الرحمن بن الحارث، وأخته أم حكيم بنت حكيم بنت الحارث بن هشام.
روى ابن مبارك، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بن أبى عقرب(1/303)
قال: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ مِنْ مَكَّةَ، فَجَزِعَ أَهْلُ مَكَّةَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَطْعَمُ إِلا وَخَرَجَ مَعَهُ يُشَيِّعُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَعْلَى الْبَطْحَاءِ أَوْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَفَ وَوَقَفَ النَّاسُ حَوْلَهُ يَبْكُونَ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَ النَّاسِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ رَغْبَةً بِنَفْسِي عَنْ أَنْفُسِكُمْ، وَلا اخْتِيَارَ بَلَدٍ عَلَى بَلَدِكُمْ، وَلَكِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ، فَخَرَجَتْ فِيهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا كَانُوا مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهَا وَلا مِنْ بِيُوتَاتِهَا فَأَصْبَحْنَا وَاللَّهِ لَوْ [1] أَنَّ جِبَالَ مَكَّةَ ذَهَبٌ فَأَنْفَقْنَاهَا [2] فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ، واللَّهِ لَئِنْ فَاتُونَا بِهِ فِي الدُّنْيَا لَنَلْتَمِسَنَّ أَنْ نُشَارِكَهُمْ بِهِ فِي الآخِرَةِ فَاتَّقَى اللَّهَ امْرُؤٌ.
فتوجه إلى الشام واتبعه ثقلة فأصيب شهيدًا.
روى [3] أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ. فَقَالَ: امْلِكْ عَلَيْكَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ. وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ مَنْ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَكُنْتُ رَجُلا قَلِيلَ الْكَلامِ، وَلَمْ أَفْطِنْ لَهُ، فَلَمَّا رمته فإذا [4] لا شيء أشدّ منه.
__________
[1] في ت، وأسد الغابة: ولو.
[2] في ى، ت: أنفقنا.
[3] في ت: «رَوَى عَنْهُ أَبُو نَوْفَلِ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْكِنَانِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَعْدٍ الْمُقْعَدَ حدثه أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أخيره..
[4] في أسد الغابة: فإذا هو لا شَيْءَ أَشَدَّ مِنْهُ.(1/304)
(439) الحارث بن هشام الجهني، أبو عَبْد الرحمن،
حديثه عند أهل مصر.
(440) الحارث بن يزيد القرشي العامري،
من بني عامر بن لؤي، فيه نزلت [1] :
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً 4: 92. وذلك لأنه خرج مهاجرًا إلى النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فلقيه عياش بن أبي ربيعة بالحرة، وكان ممن يعذبه بمكة مع أبي جهل، فعلاه بالسيف وهو يحسبه كافرًا، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأخبره، فنزلت: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً 4: 92، فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لعيّاش: قم فحرّر.
(441) الحارث بن يزيد بن أنسة،
ويقال ابن أنيسة [2] ، وهو الذي لقيه عياش بن أبي ربيعة بالبقيع عند قدومه المدينة، وذلك قبل أحد، هكذا ذكره أبو حاتم.
(442) الحارث المليكي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها ... الْحَدِيثُ. حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأُسْتَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدِمَ بَغْدَادَ وَنَحْنُ بِهَا مِنَ الشَّامِ، فَأَمْلَى عَلَيْنَا قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النُّفَيْلِيُّ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُلَيْكِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا.
(443) الحارث أبو عَبْد الله،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصلاة عَلَى الميت، حديثه عند علقمة بن مرثد عن عبد الله [3] بن الحارث عن أبيه.
__________
[1] سورة النساء، آية 92.
[2] في ت، والإصابة: ابن أنيسة، ويقال: ابن أبي أنيسة.
[3] في أسد الغابة: عن عبيد للَّه.(1/305)
باب حارثة
(443) حارثة بن النعمان بن نفع [1] ، بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك ابن النجار الأنصاري،
يكنى أبا عَبْد الله، شهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وكان من فضلاء الصحابة.
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَن الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أخبرنى عبد الله ابن عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ومعه جبرئيل عَلَيْهِ السَّلامُ جَالِسٌ بِالْمَقَاعِدِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجُزْتُ [2] . فَلَمَّا رَجَعْتُ وَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي: هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ معى؟ قلت: نعم. قال: فإنه جبرئيل، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلامَ. وَفِي حَديِثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومعه جبرئيل يناجيه فلم يسلم، فقال له جبرئيل: مَا مَنَعَهُ أَنْ يُسَلِّمْ؟ أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَجَعَ حَارِثَةُ سَلَّمَ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُسَلِّمَ حِينَ مَرَرْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ مَعَكَ إِنْسَانًا تُنَاجِيهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ حَدِيثَكَ. فَقَالَ: أَوَقَدْ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قال: أما إنّ ذلك جبرئيل، وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ ... وذكر تمام الخبر.
__________
[1] في ى: نفع- بالقاف. والمثبت من ت، والطبقات. وفي هوامش الاستيعاب:
نفع- بالفاء قيده طارق بن عبد العزيز. وفي الإصابة: نفيع.
[2] في ت: وجزت معه.(1/306)
وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ: نِمْتُ فَرَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: صَوْتُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ الْبِرُّ [، كَذَلِكَ الْبِرُّ [1]] . وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ. وأمه فيما يقولون: جعدة بنت عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
قيل: إنه توفي في خلافة معاوية، قاله خليفة وغيره، وهو جد أبي الرجال فيما يقول بعضهم.
وقال عطاء الخراساني، عن عكرمة: فيمن شهد بدرًا حارثة بن النعمان من بني مالك بن النجار، يزعمون أنه رأى جبرئيل عليه السلام.
قَالَ أبو عمر: كان حارثة بن النعمان قد ذهب بصره فاتخذ خيطًا [2] من مصلاه إلى باب حجرته، ووضع عنده مكتلا فيه تمر، فكان إذا جاءه المسكين يسأل أخذ من ذلك المكتل، ثم أخذ بطرف الخيط [3] حتى يناوله، وكان أهله يقولون له: نحن نكفيك. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يقول: مناولة المسكين تقي ميته السوء.
(444) حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
أمه أم [4] حارثة عمة أنس بن مالك، شهد بدرًا،
__________
[1] من ت.
[2] في ت: حائطا.
[3] في ت: بطرف الحائط.
[4] في أسد الغابة: أمه الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك. وفي الطبقات: وأمه.
أم حارثة، واسمها الربيع بنت النضر.(1/307)
وقتل يومئذ شهيدًا، قتله حبان بن العرقة [1] بسهم، وهو يشرب من الحوض. وكان خرج نظارًا يوم بدر. فرماه فأصاب حنجرته فقتل [2] .
وهو أول قتيل قتل يومئذ ببدر من الأنصار.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قال حدثنا قاسم بن أصبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ [3] . وَحَدَّثَنَا عبد الوارث قال: حدثنا قاسم، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بن حبيب المصيصي، قال [4] : أخبرنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أُصِيبَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ غُلامٌ، فَجَاءَتْ أمّه إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَ مَا أَصْنَعُ. فَقَالَ: ويحك أو جنة وَاحِدَةٌ، إِنَّمَا هِيَ جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جنة الفردوس.
(445) حارثة بن وهب الخزاعي،
أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه.
روى عنه أبو إسحاق السبيعي، ومعبد بن خالد الجهني، يعد في الكوفيين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو داود النّفيلى،
__________
[1] في ى: حيان بن العرفة، وهو تحريف صوابه من ت، والطبقات، والقاموس (عرق) .
قال: وقد تفتح راء العرقة.
[2] في ت: فما قتل.
[3] في ى: ابن صالح، والمثبت من ت، وتهذيب التهذيب.
[4] في ت: قالا.(1/308)
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِمِنًى وَالنَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وروى عنه معبد بن خالد حديثا مرفوعًا: أهل الجنة كل ضعيف مستضعف [1] لو أقسم على الله لأبره، وأهل النار كل عتل جواظ متكبر [2] .
(446) حارثة بن عمرو الأنصاري،
من بني ساعدة، قتل يوم أحد شهيدًا.
(447) حارثة وحصن ابنا قطن، بن زابر [3] بن كعب بن حصن بن عليم الكلبي،
من قضاعة، ذكرهما ابن الكلبي فيمن وفد على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من قضاعة، وكتب لهما كتابًا: من مُحَمَّد رسول الله لحارثة وحصن ابني قطن لأهل العراق [4] من بني جناب من الماء الجاري العشر ومن العثري [5] نصف العشر في السنة في عمائر كلب.
(448) حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج،
ثم من بني مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي. ذكره الواقدي فيمن شهد بدرا. [6]
__________
[1] في أ: متضعف.
[2] العتل: هو الشديد الجافي. الجواظ: الكثير اللحم المختال في مشيه. وقيل: القصير البطين (النهاية، وأسد الغابة) .
[3] في هوامش الاستيعاب: زابر- بالباء الموحدة، قيده الدار قطنى. وفي الإصابة:
زابر بن حصن بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي.
[4] في أسد الغابة: لأهل الموات.
[5] في ى، ت: العشرى. والعثرى من النخيل الّذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة (النهاية) .
[6] في هوامش الاستيعاب: قال الذهبي في تجريده: حارثة بن مالك هذا ثم قال: وهم فيه ابن عبد البر من وجهين: أحدهما، وهو أفحش الخطأ- أنه جاهلى قديم بينه وبين أولاده من الصحابة نحو ثمانية أولاد أو تسعة، فكيف يصح وجوده في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني أن اسمه عبد حارثة!(1/309)
(449) حارثة بن عدي بن أمية بن الضبيب،
ذكره بعضهم في الصحابة، وهو مجهول لا يعرف، وقد ذكره البخاري [وابن أبى حاتم] [1]
(450) حارثة بن حمير، الأشجعي،
حليف لبني سلمة من الأنصار. وقيل حليف لبني الخزرج، ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرًا هو وأخوه عَبْد الله بن حمير، ذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا حارثة بن خمير بالخاء المنقوطة فيما ذكر الدارقطني. وأما إبراهيم بن سعد فذكر عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرًا خارجة بن حمير وعبد الله بن حمير من أشجع، حليفان لبني سلمة، هكذا قَالَ خارجة مكان حارثة، والله أعلم.
باب حازم
(451) حازم بن حرملة بن مسعود الغفاري.
ويقال الأسلمي. له حديث واحد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ له: يا حازم، أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا باللَّه، فإنها كنز من كنوز الجنة. يعد في أهل المدينة.
روى عنه مولاه أبو زينب.
(452) حازم بن حزام [2] الخزاعي.
ذكره العقيلي في الصحابة، مخرج حديثه عن ولده مُحَمَّد [3] بن سليمان بن عقبة بن شبيب بن حازم بن حزام.
__________
[1] ليس في ت.
[2] هكذا في ى، أ. وفي ت: حرام- بالراء. وفي أسد الغابة: ابن حرام. وقيل: حزام.
[3] هكذا في ى، أ، ت. وفي أسد الغابة: جعله ابن مندة وغيره مدرك بن سليمان.
وقال الدار قطنى وعبد الغنى: محمد بن سليمان بدل مدرك بن سليمان.(1/310)
(453) حازم بن أبي حازم الأحمسي،
أخو قيس بن أبي حازم، واسم أبي حازم عَبْد عوف بن الحارث، وكان حازم وقيس أخوه مسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ولم يرياه، وقتل حازم بصفين مع علي رضي الله عنه تحت راية أحمس وبجيلة يومئذ.
باب حاطب
(454) حاطب بن عمرو بن عتيك بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.
شهد بدرًا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين.
(455) حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي،
أخو سهيل بن عمرو، وسليط بن عمرو، والسكران ابن عمرو، وذكره ابن عقبة فيمن شهد بدرًا من بني عامر بن لؤي.
وأسلم حاطب بن عمرو قبل دخول رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ دار الأرقم، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا في رواية ابن إسحاق والواقدي.
وروى الواقدي عن سليط بن مسلم العامري، عن عَبْد الرحمن بن إسحاق، عن أبيه قَالَ: أول من قدم أرض الحبشة حاطب بن عمرو بن عَبْد شمس في الهجرة الأولى.
قَالَ الواقدي: وهو الثابت عندنا، وذكره ابن إسحاق والواقدي فيمن شهد بدرًا.(1/311)
(456) حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي.
مات بأرض الحبشة، وكان خرج إليها مع امرأته فاطمة بنت المجلل بن عَبْد الله بن أبي قيس القرشية العامرية، وولدت له هناك ابنيه مُحَمَّد بن حاطب، والحارث بن حاطب، وأتى بهما من هناك غلامين.
(457) حاطب بن أبي بلتعة اللخمي،
من ولد لخم بن عدي في قول بعضهم.
يكنى أبا عَبْد الله وقيل يكنى أبا مُحَمَّد، واسم أبي بلتعة عمرو [بن عمير بن سلمة بن عمرو [1]] ، وقيل حاطب بن عمرو بن راشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، ويقال: إنه من مذحج، وقيل: هو حليف الزبير بن العوام.
وقيل: كان عبدا لعبيد [2] الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد [3] بن عبد العزى بن قصي، فكاتبه فأدى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن.
والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عَبْد العزى.
شهد بدرًا، والحديبية، ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلى عليه عثمان، وقد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان في قوله [4] : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ 60: 1. وذلك إن حاطبًا كتب إلى أهل مكة قبل حركة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إليها عام الفتح يحبرهم ببعض ما يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهم من
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في ى: لعبد الله. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[3] في ت: راشد. وفي أمثل ى.
[4] سورة الممتحنة، آية 1.(1/312)
الغزو إليهم، وبعث بكتابه مع امرأة، فنزل جبريل عليه السلام بذلك على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ. فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طلب المرأة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخر معه. قيل المقداد بن الأسود، وقيل الزبير بن العوام، فأدركا المرأة بروضة خاخ [1] ، فأخذا الكتاب، ووقف [2] رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حاطبًا، فاعتذر إليه، وقال:
ما فعلته رغبة عن ديني، فنزلت فيه آيات من صدر سورة «الممتحنة» ، وأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنه شهد بدرًا ... الحديث.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قال: حدثنا الحارث ابن أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا:
أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَشْتَكِي حَاطِبًا، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ، لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ.
وَرَوَى [3] الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وروى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: جاء غلام
__________
[1] روضة خاخ: بقرب حمراء الأسد من المدينة (ياقوت) .
[2] في أ: وواقف.
[3] في ت: وروى عن الأعمش.(1/313)
لحاطب بن أبي بلتعة إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: لا يدخل حاطب الجنة، وكان شديدًا على الرقيق، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: ما ذكر يحيى بن أبي كثير في حديثه هذا من أن حاطبًا كان شديدًا على الرقيق، يشهد له ما في الموطأ من قول عمر لحاطب حين انتحر رقيقه ناقة لرجل من مزينة: أراك تجيعهم، وأضعف عليه القيمة على جهة الأدب والردع.
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعث حاطب بن أبي بلتعة في سنة ست من الهجرة إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية، فأتاه من عنده بهدية، منها مارية القبطية، وسيرين أختها، فاتخذ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مارية لنفسه، فولدت له إبراهيم ابنه على ما ذكرنا من ذلك في صدر هذا الكتاب، ووهب سيرين لحسان بن ثابت، فولد له [1] عَبْد الرحمن.
وبعث أبو بكر الصديق حاطب بن أبى بلتعة أيضا إلى المقوقس بصر، فصالحهم، ولم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فنقض الصلح [وقاتلهم] [2] وافتتح مصر، وذلك سنة عشرين في خلافة عمر.
وروى حاطب بن أبي بلتعة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال: من رآني
__________
[1] في أ، ت: فولدت.
[2] من أ، ت.(1/314)
بعد موتي فكأنما رآني في حياتي، ومن مات في أحد الحرمين بعث في الآمنين يوم القيامة. لا أعلم له غير هذا الحديث.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأنزلنى في منزله، وأقمت عنده ليالي، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ [1] بِكَلامٍ أُحِبُّ أَنْ تَفْهَمَهُ مِنِّي. قَالَ قُلْتُ: هَلُمَّ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيًّا؟
قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَلْدَتِهِ إِلَى غَيْرِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: فَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَتَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَمَا لَهُ [حَيْثُ] [2] أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَأَرَادُوا صَلْبَهُ أَلا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا! قَالَ: أَحْسَنْتَ، أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، هَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ بِهَا مَعَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَرْسِلْ معك من يبلعك إِلَى مَأْمَنِكَ. قَالَ: فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثلاث جوار، منهنّ أم إِبْرَاهِيم بْن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُخْرَى وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَأُخْرَى وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ بِثِيَابٍ مع طرف من طرفهم.
__________
[1] في ى: سائلك. والمثبت من أ، ت.
[2] من أ، ت.(1/315)
باب حباب
(458) الحباب بن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي،
يكنى أبا عمرو [1] ، شهد بدرًا وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، هكذا قَالَ الواقدي وغيره، وكلهم ذكره في البدريين إلا ابن إسحاق في رواية سلمة عنه.
كان يقال له ذو الرأي، وهو الّذي أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل على ماء بدر للقاء القوم، قال ابن عباس: فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فقال: الرأي ما أشار به حباب. وشهد أحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وهو القائل يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير.
مات الحباب بن المنذر في خلافة عمر رضى الله عنه. روى عنه أبو الطفيل عامر بن وائلة.
(459) الحباب [2] بن قيظي الأنصاري.
قتل يوم أحد شهيدًا هو وأخوه لأبيه وأمه: صيفي بن قيظي. أمه الصعبة بنت التيهان [3] أخت الهيثم بن التيهان.
__________
[1] في أ، ت، وأسد الغابة: يكنى أبا عمر، وقيل: أبا عمرو.
[2] في أسد الغابة: أخرجه أبو عمر وأبو موسى في الخاء المعجمة والباء الموحدة، ثم قال:
وفي رواية عن ابن سعد جباب- بالجيم.
[3] في ت: النبهان.(1/316)
(460) الحباب بن زيد بن تيم [1] بن أمية بن خفاف بن بياضة الأنصاري البياضي.
شهد أحدًا مع أخيه حاجب بن زيد.
(461) الحباب بن جزء [2] بن عمرو بن عامر بن عَبْد رزاح بن ظفر،
ذكره الطبري فيمن شهد أحدا.
(462) الحباب بن جبير، حليف بني أمية،
وابنه عرفطة بن الحباب، استشهد يوم الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم.
باب حبان وحيان
(463) حيان [3] الأنصاري،
والد عمران بن حيان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب الناس يوم خيبر. روى عنه ابنه عمران بن حيّان.
(464) حيان بن الأبجر،
له صحبة. يعد في الكوفيين، شهد مع علي صفين.
(465) حيان [4] بن بح الصدائي،
يعد فيمن نزل مصر من الصحابة، وحديثه بمصر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: لا خير في الإمارة لمسلم ... في حديث طويل ذكره. حديثه عند ابن [5] لهيعة عن بكر بن
__________
[1] في ى: تميم. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: وقال مصعب عن القداح: هو الحباب بن جزى- بضم الجيم. وكأن الأول أكثر.
[3] في ى، والإصابة بالباء.
[4] في أسد الغابة: أخرجه الثلاثة بالياء المثناة من تحت. وقال أبو عمر فيه: قال الدارقطنيّ: حبان بن بح- بكسر الحاء.
[5] في م ت: عند أبي لهيعة.
(الاستيعاب ج 1 م 11)(1/317)
سوادة عنه. وقال الدار قطنى: حبان بن بح الصدائي، بكسر الحاء مع باء معجمة بواحدة.
(466) حيان أو حبان بن قيس بن عَبْد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة [بن معاوية] [1] بن بكر بن هوازن،
هو النابغة الجعدي الشاعر، أبو ليلى، اختلف في اسمه [2] وفى سياق نسبه على ما نذكره مجودًا في باب النون إن شاء الله تعالى.
(467) حبان- بفتح الحاء- ابن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني،
من بنى مازن ابن النجار. له صحبة، شهد أحدًا وما بعدها، تزوّج أروى الصغرى بنت ربيعة ابن الحارث بن عَبْد المطلب، وهي الهاشمية التي ذكر مالك في الموطأ، فولدت له يحيى بن حبّان وواسع بن حبان، وهو جد مُحَمَّد بن يحيى بن حبان شيخ مالك، ومات حبان في خلافة عثمان، له ولأبيه منقذ صحبة.
باب حبة
(468) حبة بن بعكك،
أبو السنابل القرشي العامري [3] ، وهو مشهور بكنيته، وهو الذي خطب سبيعة الأسلمية عند وفاة زوجها، وقد ذكرناه في الكنى بأتم من ذكرنا له هاهنا.
(469) حبة بن خالد السوائي.
ويقال الخزاعي، قَالَ الهيثم بن جميل: حبّة
__________
[1] من ت وحدها.
[2] في أسد الغابة والتقريب: اختلف فيه فقيل حبة، وقيل حنة.
[3] في أ: العبديّ.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 11)(1/318)
ابن خالد الخزاعي. وقال غيره أيضا: روى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه سواء بن خالد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لهما: لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما، فإن الإنسان تلده أمه، ليس عليه قشر، ثم يعطيه الله [1] ويرزقه، ويعد في الكوفيين.
باب حبيب
(470) حبيب
مولى الأنصار، شهد بدرًا.
قَالَ موسى بن عقبة: حبيب بن سعد مولى الأنصار. وقال غيره: حبيب بن أسود بن سعد وقال آخر: [2] حبيب بن الأسود مولى بني حرام من الأنصار، كلهم ذكره بما وصفنا فيمن شهد بدرًا، ولا أدري أفي واحد هذا القول كله أم في اثنين.
(471) حبيب بن زيد بن تميم بن أسيد بن خفاف الأنصاري البياضي،
من بني بياضة من الأنصار، قتل يوم أحد شهيدًا.
(472) حبيب بن زيد بن عاصم،
وقال فيه بعض من صحف: اسمه خبيب، والصواب فيه حبيب بن زَيْد بْن عَاصِم بْن كَعْب بْن عَمْرو بن عوف بن مبذول ابن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري المازني، النجارىّ. شهد أحدا هو
__________
[1] في ى: يغطيه. والمثبت من أ، ت.
[2] في ى: حبيب بن الأسود. وفي ت: حبيب بن أسود بن سعد. وقال آخرون:
حبيب بن أسلم مولى بنى جشم بن الخزرج. وقالت طائفة: حبيب بن الأسود مولى ... والمثبت من أ(1/319)
وأخوه عَبْد الله بن زيد بن عاصم، وأبو هما زيد بن عاصم، وكان حبيب ابن زيد هذا قد بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذّاب باليمامة، فكان مسيلمة إذا قَالَ له: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قَالَ: نعم.
وإذا قَالَ له: أتشهد أني رسول الله؟ قَالَ: أنا أصم لا أسمع، فعل ذلك مرارًا، فقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا، ومات شهيدًا رحمه الله.
(470) حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشي الفهري،
يكنى أبا عَبْد الرحمن، يقال له حبيب الروم، لكثرة دخوله إليهم ونيله منهم، وولاه عمر بن الخطاب أعمال الجزيرة إذ عزل عنها عياض بن غنم، وضمّ إلى حبيب ابن مسلمة أرمينية وأذربيجان، ثم عزله وولى عمير بن سعد [1] . وقيل [2] : بل عثمان بعثه إلى أذربيجان، وسلمان بن ربيعة، أحدهما مدد لصاحبه، فاختلفا في الفيء فتواعد بعضهم بعضًا، فقال رجل من أصحاب سلمان:
فإن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم ... وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل
وفي حبيب بن مسلمة، يقول شريح بن الحارث:
ألا كل من يدعي حبيبًا وإن بدت [3] ... مروءته يفدي حبيب بني فهر
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: كان أهل الشام يثنون على حبيب بن مسلمة، [يقول شريح بن الحارث] [4] . قَالَ سعيد بن عَبْد العزيز: كان حبيب
__________
[1] في ى: سعيد. والمثبت من أ، ت.
[2] العبارة في أسد الغابة: وقيل لم يستعمله عمر، وإنما سيره عثمان إلى أذربيجان من الشام، وبعث سلمان.
[3] في أ، ت: ولو بدت.
[4] ليس في أ، ت.(1/320)
ابن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة، ويقال: إن معاوية قد وجه حبيب بن مسلمة [1] بجيش إلى نصر عثمان بن عفان، فلما بلغ وادي القرى بلغه مقتل عثمان، فرجع ولم يزل مع معاوية في حروبه بصفين وغيرها، ووجهه معاوية إلى أرمينية واليًا عليها، فمات بها سنة اثنتين وأربعين.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه نفل [2] الثلث مرة بعد الخمس، والربع مرة بعد الخمس.
وروينا أن الحسن بن علي قَالَ لحبيب بن مسلمة في بعض خرجاته بعد صفين: يا حبيب، رب مسير لك في غير طاعة الله! فقال له حبيب:
أما إلى أبيك فلا. فقال له الحسن: بلى والله، ولقد طاوعت معاوية على دنياه، وسارعت في هواه، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول، فتكون كما قَالَ الله تعالى [3] :
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً 9: 102. ولكنك كما قَالَ الله تعالى [4] : كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ 83: 14.
(471) حبيب بن أسيد بن جارية [5] الثقفي.
حليف لبني زهرة. قتل يوم اليمامة شهيدًا، هو أخو أبي بصير.
(472) حبيب بن عمرو بن محصن الأنصاري،
من بنى عمرو بن مبذول بن
__________
[1] في ت: وجه حبيب بن مسلمة فاصلا ...
[2] النفل- محركة: الغنيمة وجمعه أنفال (النهاية)
[3] سورة التوبة، آية 103
[4] سورة المطففين، آية 4
[5] في ت: حارثة.(1/321)
غنم بن مازن بن النجار، يعد فيمن استشهد يوم اليمامة، لأنه قتل في الطريق وهو ذاهب.
(473) حبيب بن حيان [1] أبو رمثة التميمي.
ويقال اسم أبي رمثة حيان [1] بن وهب، ويقال: رفاعة بن يثربي، قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ هو وابنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: من هذا معك؟ فقال:
ابني. قَالَ: أما إنك لا تجني عليه ولا يجنى عليك.
(474) حبيب بن سباع أبو جمعة الأنصاري،
ويقال الكناني. ويقال القاري من القارة وهو مشهور بكنيته، فقيل ما ذكرنا، وقيل جنبذ بن سباع، وقيل حبيب بن وهب، وقيل حبيب بن فديك، والأول أصح، وقد ذكرناه في الكنى.
(475) حبيب بن فديك،
أبو فديك ويقال حبيب بن فويك [2] اضطرب في حديثه، روت بنت أخيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له وهو أعمى مبيضة عيناه، فأبصر، وكان يدخل الخيط في الإبرة. يختلف في حديثه، وقد ذكرناه في باب الفاء، للاختلاف [3] في حديثه.
(476) حبيب بن الحارث،
هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حديثه عند مُحَمَّد بن عَبْد الرحمن الطّفاوى.
(477) حبيب السلمي والد أبي عَبْد الرحمن السلمي،
واسم أبي عَبْد الرحمن السلمي عَبْد الله بن حبيب، تابعي ثقة، يروى عن علي وعثمان وحذيفة بن اليمان، وهو أحد الأئمة في القراءة.
__________
[1] في تهذيب التهذيب. حبان- بالباء.
[2] في الإصابة: فويك بفاء وواو- مصغرا. ويقال بدل الواو دالا، ويقال: راء
[3] في ت: للاختلاف فيه.(1/322)
رَوَى زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبِي قَدْ شهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ الْمَشَاهِدَ [1] .
وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. 54: 1 أَلا وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدِ انْشَقَّ، وَإِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَذِنَتْ بِفِرَاقٍ، أَلا وَإِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَغَدًا السِّبِاقُ. فَقُلْتُ لأَبِي: أَيَسْتَبِقُ النَّاسُ غَدًا! قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَجَاهِلٌ، إِنَّمَا هُوَ السِّبَاقُ بِالأَعْمَالِ، وَإِنَّ السَّابِقَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ.
(478) حبيب بن خماشة الخطمي الأنصاري.
وخطمة هو ابن جشم بن مالك بن الأوس. سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول بعرفة: عرفة كلّها موقف إلا بطن عرنة [2] ، والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر [3] . قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: حبيب بن خماشة الخطمي هذا هو جد أبي جعفر الخطمي المحدث، وأبو جعفر الخطمي اسمه عمير بن يزيد ابن حبيب بن خماشة.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو جعفر الخطميّ فقال: كان أبو جعفر الْخَطْمِيُّ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ حَبِيبُ بْنُ خَمَاشَةَ قَوْمًا توارثوا الصدق بعض عن بعض.
__________
[1] في أ، ت: مشاهد.
[2] موضع عند الموقف بعرفات (ياقوت) .
[3] واد بين عرفات ومنى.(1/323)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: قد اختلف في صحبة حبيب بن خماشة الخطمي، والأكثر ما ذكرناه، وباللَّه توفيقنا.
(479) حبيب بن مخنف العمري.
قَالَ: أتيت النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ يوم عرفة بعرفة. حديثه عند عَبْد الكريم بن أبي المخارق، ولا يصح، رواه عَبْد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج عن عبد الكريم [عن حبيب ابن مخنف عن أبيه] [1] ، إلا أن عَبْد الرزاق قَالَ: لا أدري عن أبيه أم لا.
وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ أَبِي رَمْلَةَ [2] عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بعرفة.
(480) حبيب [3] السلاماني.
قَالَ الواقدي: وفي سنة عشر قدم وفد سلامان على رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في شوال، وهم سبعة نفر، رأسهم حبيب السلاماني.
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في أ: أرملة.
[3] في أسد الغابة: حبيب بن عمرو السلاماني.(1/324)
باب حجاج
(481) حجاج بن الحارث بن قيس بن عدي السهمي،
هاجر إلى أرض الحبشة، وانصرف إلى المدينة بعد أحد، لا عقب له، هو أخو السائب وعبد الله وأبي قيس، بني الحارث بن قيس بن عدي لأبيهم وأمهم، [ذكره موسى بن عقبة فيمن قتل بأجنادين] [1] .
(482) الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي،
ينسبونه علاط [2] بن خالد بن نويرة بن حنثر [3] بن هلال بن عبيد بن ظفر بن سعد بن عمرو بن تميم بن بهز ابن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور، يكنى أبا كلاب. وقيل:
أبا مُحَمَّد. وقيل أبو عَبْد الله. وهو معدود في أهل المدينة، سكن المدينة، وبنى بها دارًا ومسجدا أيعرف به، وروينا من حديث وائلة بن الأسقع قَالَ:
كان سبب إسلام الحجاج بن علاط البهزي أنه خرج في ركب من قومه إلى مكة فلما جن عليه الليل وهو في واد وحش مخوف قعد، فقال له أصحابه:
يا أبا كلاب، قم فاتخذ لنفسك ولأصحابك أمانًا، فقام الحجاج بن علاط يطوف حولهم يكلؤهم ويقول:
أعيذ نفسي وأعيذ صحبي ... من كل جني بهذا النّقب
حتى أؤوب سالما وركبي
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] هكذا في ى. وفي أ: إلى ابن علاط بن خالد. وفي ت: يتسبونه ابن علاط بن خالد
[3] في أ، ت: بن نويرة بن هلال بن عبيد.(1/325)
فسمع قائلا يقول [1] : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا من أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ 55: 33.
وقال: فلما قدموا مكة أخبر بذلك في نادي قريش، فقالوا له: صبأت والله يا أبا كلاب، إن هذا فيما يزعم مُحَمَّد أنه أنزل عليه. قَالَ: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي. ثم أسلم الحجاج فحسن إسلامه، ورخص له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أن يقول فيه بما شاء عند أهل مكة عام خيبر من أجل ماله وولده بها، فجاء العباس بفتح خيبر وأخبره بذلك سرًا، وأخبر قريشًا بضده جهرًا حتى جمع ما كان له من مال بمكة، وخرج عنها.
وحديثه بذلك صحيح من رواية ثابت البناني وغيره عن أنس، وذكر مُوسَى ابْن عقبة عَنِ ابْن شهاب قَالَ: كان الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي أسلم، وشهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ خيبر، وكان مكثرًا من المال، كانت له معادن بني سليم. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: وابنه نصر بن الحجاج هو الفتى الجميل الذي نفاه عمر بن الخطاب من المدينة حين سمع المرأة تنشد:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج
وخبره ليس هذا موضع ذكره، وذكر ابن أبي حاتم أن الحجاج بن علاط مدفون بقاليقلا [2] .
(483) الحجاج بن عمرو بن عزيّة الأنصاري المازني.
يقال في نسبه الحجاج
__________
[1] سورة الرحمن، آية 33
[2] قرية من ديار بكر (المشتبه) .(1/326)
بن عمرو بن غزية بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار، [قَالَ البخاري] [1] : له صحبة.
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ حديثين: أحدهما في الحج: من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى. والآخر كان النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يتهجد من الليل بعد نومه.
روى عنه عكرمة حديث من كسر أو عرج. وروى عنه كثير بن العباس حديث التهجد. والحجاج [بن عمرو] [2] هذا هو الذي ضرب مروان يوم الدار فأسقطه، وحمله أبو حفصة مولاه وهو لا يعقل.
أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن المديني، قَالَ: الحجاج بن عمرو المازني له صحبة، وهو الذي روى عنه ضمرة بن سعيد عن زيد بن ثابت في العزل [3] .
قَالَ علي: ويقال الحجاج بن أبي الحجاج، وهو الحجاج بن عمرو المازني الأنصاري.
(484) الحجاج بن عامر الثمالي.
ويقال الحجاج بن عَبْد الله الثمالي. وقيل النصري [4] ، سكن الشام.
__________
[1] من أ، ت
[2] من أ، ت
[3] في ى: العدل. والمثبت من أ، ت. وتهذيب التهذيب.
[4] في أ: النضري.(1/327)
روى عنه حديث واحد من رواية أهل حمص، رواه [1] عنه شرحبيل ابن مسلم مرفوعا: إياكم وكثرة السؤال وإضاعة المال.
(485) الحجاج بن مالك بن عويمر الأسلمي.
ويقال الحجاج بن عمرو الأسلمي. والصواب ما قدمنا ذكره إن شاء الله تعالى، وهو الحجاج بن مالك ابن عويمر بن أسيد [2] بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أقصى، مدني كان ينزل العرج، له حديث واحد رواه عنه عروة بن الزبير، ولم يسمعه منه عروة والله أعلم، لأنه أدخل بينه وبينه فيه ابنه الحجاج بن الحجاج فيما حَدَّثَنَا عَبْد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، قال حدثنا وهيب، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج بن الحجاج، عن أبيه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يذهب عنى مذمة الرضاع؟ قَالَ: الغرة عَبْد أو أمة.
باب حجر
(486) حجر بن ربيعة بن وائل،
والد وائل بن حجر. روى عنه حديث واحد فيه نظر حَدَّثَنَاهُ عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه.
__________
[1] في أ، ت: روى عنه.
[2] هكذا في ى، أ، ت. وفي أسد الغابة وتهذيب التهذيب: ابن أبي أسيد.(1/328)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: إن لم يكن قوله في هذا الحديث عن جده وهما فحجر هذا صاحب، وإن كان غلطًا غير محفوظ فالحديث لابنه وائل، ولا يختلف في صحبة وائل بن حجر.
(487) حجر بن عدي بن الأدبر الكندي،
يكنى أبا عَبْد الرحمن، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وإنما سمي [1] الأدبر، لأنه ضرب بالسيف على أليته [موليًا] [2] فسمى بها الأدبر.
كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين وكان على الميسرة يوم النهروان، ولما ولى معاوية زياد العراق وما وراءها، وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر خلعه حجر ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته، وحصبه يومًا في تأخير الصلاة هو وأصحابه.
فكتب فيه زياد إلى معاوية فأمره أن يبعث به إليه، فبعث إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا، كلهم في الحديد، فقتل معاوية منهم سنة، واستحيا ستة، وكان حجر ممن قتل، فبلغ ما صنع بهم زياد إلى عائشة أم المؤمنين، فبعثت إلى معاوية عَبْد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه! فوجده عَبْد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه؟ ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قَالَ: حين غاب عنى مثلك من قومي.
__________
[1] في أسد الغابة: أي أبوه عدي.
[2] من أسد الغابة.(1/329)
قال: والله لا تعدلك العرب حلمًا بعدها أبدًا، ولا رأيًا. قتلت قومًا بعث بهم إليك أسارى من المسلمين. قَالَ: فما أصنع؟ كتب إلى فيهم زياد يشدد [1] أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون على فتقًا لا يرقع.
ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل حجر في كلام طويل جرى بينهما، ثم قَالَ: فدعيني وحجرًا حتى نلتقي عند ربنا.
والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه يعرف بمرج عذراء [2] .
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن يونس، قال: حدثنا بقي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ فِي السُّوقِ فَنُعِيَ إِلَيْهِ حُجْرٌ، فَأَطْلَقَ حَبْوَتَهُ وَقَامَ وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّحِيبُ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أُتِيَ بِحُجْرِ بْنِ الأَدْبَرِ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: أَوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أنا؟ اضْرِبُوا عُنُقَهُ. قَالَ: فَلَمَّا قُدِّمَ لِلْقَتْلِ قَالَ: دعوني أصلى ركعتين. فصلّاهما خفيفتين،
__________
[1] في ت: بشر أمرهم.
[2] مرج عذراء: بغوطة دمشق (ياقوت) .(1/330)
ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنْ تَظُنُّوا بِي غَيْرَ الَّذِي بِي لأَطَلْتُهُمَا، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَتْ صَلاتِي لَمْ تَنْفَعْنِي فِيمَا مَضَى مَا هُمَا بِنَافِعَتَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِهِ: لا تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيدًا، وَلا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا، فَإِنِّي مُلاقٍ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْجَادَّةِ.
حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ [1] ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ حَدَّثَنَا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين. أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ قَالَ: صَلاهُمَا خُبَيْبٌ وَحُجْرٌ، وَهُمَا فَاضِلانِ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْوَاسِطِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ- وَقَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلَهُ حُجْرًا وَأَصْحَابَهُ: وَيْلٌ لِمَنْ قَتَلَ حُجْرًا وَأَصْحَابَ حُجْرٍ، قَالَ أحمد: قلت ليحيى ابن سُلَيْمَانَ: أَبَلَغَكَ أَنَّ حُجْرًا كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وروينا عن أبي سعيد [2] المقبري قَالَ: لما حج معاوية جاء إلى المدينة زائرًا، فاستأذن على عائشة رضي الله عنها، فأذنت له، فلما قعد قالت له:
يا معاوية، أمنت أن أخبأ لك من يقتلك بأخي مُحَمَّد بن أبي بكر؟ فقال:
بيت الأمان دخلت. قالت: يا معاوية، أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قَالَ: إنما قتلهم من شهد عليهم.
__________
[1] في ت: خلف بن عبد الله. وفي أ: حدثنا خلف، قال حدثنا عبد الله.
[2] في ت: عن سعيد المقبري.(1/331)
وعن مسروق بن الأجدع، قَالَ: سمعت عائشة أم المؤمنين تقول:
أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجرًا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة [1] الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا [2] ومنعة وفقها، وللَّه درّ لبيد حيث:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
لا ينفعون ولا يرجى خيرهم ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب
ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي من بني الحارث بن كعب، وكان فاضلا جليلا، وكان عاملا لمعاوية على خراسان، وكان الحسن بن أبي الحسن كاتبه، فلما بلغه قتل معاوية حجر بن عدي دعا الله عز وجل، فقال:
اللَّهمّ إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل. فلم يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان قتل معاوية لحجر بن عدي بن الأدبر سنة إحدى وخمسين.
(488) حجر بن عنبس [3] الكوفي،
أبو العنبس. وقيل: يكنى أبا السكن.
أدرك الجاهلية وشرب فيها الدم، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه آمن به في حياته.
__________
[1] يريد معاوية، وأمه التي لاكت كبد حمزة.
[2] في ى: عدا.
[3] في أسد الغابة: وقيل: ابن قيس.(1/332)
روايته عن علي بن أبي طالب، ووائل بن حجر. هو معدود [1] في كبار التابعين.
ذكر البخاري، قَالَ حَدَّثَنَا أبو نعيم، عن موسى بن قيس الحضرمي، قَالَ: سمعت حجرًا وكان شرب الدم في الجاهلية.
قَالَ أبو عمر: شعبة كني حجرًا هذا أبا العنبس في حديث وائل بن حجر، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ في التأمين. وغير شعبة يقول: حجر أبو السكن.
باب حجير
(489) حجير بن أبي إهاب التميمي،
حليف بني نوفل، له صحبة روت عنه مارية مولاته خبر زيد بن عمرو بن نفيل [2] :
(490) حجير الهلالي،
ويقال: إنه حنفي. وقد قيل: إنه من ربيعة بن نزار، وهو أبو مخشي بن حجير. حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض.
(491) حجير بن بيان.
يعد في أهل العراق، روى عنه أبو قزعة حديثًا مرفوعًا في التشديد في منع الصدقة عن ذي الرّحم.
__________
[1] في ى: وحجر هذا معدود. والمثبت من أ، ت.
[2] في أ: نوفل.(1/333)
باب حذيفة
(492) حذيفة بن اليمان،
يكنى أبا عَبْد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان لقب، وهو حذيفة بن حسل، ويقال حسيل بن جابر [1] بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن [2] بن قطيعة بن عبس العبسي القطيعي [3] ، من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار.
وأمه امرأة من الأنصار من الأوس من بني عَبْد الأشهل، واسمها الرباب بنت كعب بن عدىّ بن عَبْد الأشهل، وإنما قيل لأبيه حسيل اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضًا يقال له اليمان، لأنه أصاب في قومه دمًا فهرب إلى المدينة، فخالف بني عَبْد الأشهل، فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.
شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان أحدًا، وقتل أباه يومئذ بعض المسلمين وهو يحسبه من المشركين.
كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وهو الذي بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الخندق ينظر إلى قريش،
__________
[1] في الطبقات: ابن ربيعة بن عمرو.
[2] في هوامش الاستيعاب: بإسقاط «مازن» كذا ذكر ابن الكلبي وابن سعد وغيرهما
[3] هكذا في ى. وفي ت: القطعي.(1/334)
فجاءه بخبر حيلهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم، فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر، وكان حذيفة يقول: خيّرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة. فاخترت النصرة، وهو حليف للأنصار لبني عبد الأشهل. وشهد حذيفة نهاويد فلما، قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري والدينور [1] على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين وعشرين.
ومات حذيفة سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان في أول خلافة علي، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح، وكان موته بعد أن أتى نعثى عثمان إلى الكوفة ولم يدرك الجمل.
وقتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا عليًا بوصية أبيهما إياهما بذلك.
سئل حذيفة أي الفتن أشد؟ قَالَ إن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب [2] . وقال حذيفة: لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها.
(493) حذيفة بن أسيد أبو سريحة الغفاري،
كان ممن بايع تحت الشجرة-
__________
[1] الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين (ياقوت)
[2] في ى: تركت. والمثبت من ت.(1/335)
يعد في الكوفيين، وبالكوفة مات، قد ذكرناه في الكنى بأكثر من ذكره هنا، لأنه ممن غلبت عليه كنيته.
(494) حذيفة القلعاني
[1] لا أعرفه بأكثر من أن أبا بكر الصديق عزل عكرمة بن أبي جهل [عن عمان] [2] ووجهه إلى اليمن، وولى على عمان حذيفة القلعاني، فلم يزل عليها حتى توفي أبو بكر [الصديق] [3] رضي الله عنه.
باب حذيم
(495) حذيم بن عمرو السعدي التميمي.
من بني سعد بن عمرو بن تميم.
يعد في الكوفيين. شهد حجة الوداع، وروى حديثًا واحدًا، روى عنه زياد بن حذيم، وهو جد موسى بن زياد بن حذيم.
(496) حذيم بن حذيفة بن حذيم.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، روى عنه ابنه حنظلة بن حذيم، ذكره أبو حاتم الرازي، وذكر أنه كان أعرابيا من بادية البصرة.
باب حرام
(497) حرام بن ملحان،
واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم [4] بن مالك بن النجار الأنصاري، شهد بدرًا مع أخيه سليم بن ملحان، وشهد أحدًا، وقتل يوم بئر معونة مع المنذر
__________
[1] في أسد الغابة: أخرجه أبو عمر، وضبطه فيما رأينا من النسخ، وهي في غاية الصحة بالقاف واللام والعين، وأنا أشك فيه. وذكره الطبري فقال حذيفة بن محصن الغلفانى- بالغين المعجمة واللام والفاء.
[2] ليس في ت.
[3] من ت.
[4] في أسد الغابة: غنم بن عدي بن مالك.(1/336)
ابن عمرو، وعامر بن فهيرة، قتله عامر بن الطفيل، وهو الذي حمل كتاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى عامر بن الطفيل، وخبره في باب المنذر ابن عمرو، وهو أخو أم سليم بنت ملحان، وأم حرام بنت ملحان، وهو خال أنس بن مالك.
ذكر عَبْد الرزاق، عن معمر بن ثمامة بن عَبْد الله بن أنس بن مالك أن حرام بن ملحان- وهو خال أنس- طعن يوم بئر معونة في رأسه، فتلقى دمه بكفه فنضحه على رأسه ووجهه، وقال: فزت ورب الكعبة.
وقيل: إن حرام بن ملحان ارتث [1] يوم بئر معونة، فقال الضحاك ابن سفيان الكلابي- وكان مسلمًا يكتم إسلامه لامرأة من قومه: هل لك في رجل إن صح كان نعم الراعي؟ فضمته إليها فعالجته فسمعته يقول:
أتت [2] عامر ترجو الهوادة بيننا ... وهل عامر إلا عدوّ مداهن [3]
إذا ما رجعنا ثم لم تك وقعة ... بأسيافنا في عامر وتطاعن [4]
فلا ترجونا أن تقاتل بعدنا ... عشائرنا والمقربات الصوافن
فوثبوا عليه وقتلوه، والأول أصح، والله أعلم.
(498) حرام بن أبي كعب الأنصاري السلمي،
ويقال حزم بن أبي كعب.
هو الذي صلى خلف معاذ، فلما طول معاذ في صلاة العتمة خرج من إمامته وأتم لنفسه، فشكا بعضهم [5] بعضا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال
__________
[1] ارتث- بالبناء للمجهول: حمل من المعركة جريحا (القاموس) .
[2] في ى: أيا عامر نرجو المودة. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[3] في أ، وأسد الغابة: مداجن.
[4] في أ، ت: أو تطاعن.
[5] في أ، ت: بعضهما بعضا.
(22- الاستيعاب- أول)(1/337)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: أفتان أنت يا معاذ؟ الحديث. هكذا ذكره ابن إسحاق في حديث جابر بن عَبْد الله من رواية عَبْد الرحمن بن جابر عن أبيه، فقال فيه: حزم بن أبي كعب.
وقال فيه عَبْد العزيز بن صهيب، عن أنس: حرام بن أبي كعب. وقال غير هما فيه: سليم، والله أعلم.
وذكر البخاري قَالَ: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا طالب بن حبيب، قال: سمعت عبد الرحمن بن جابر يحدث عن حزم بن أبي كعب أنه مر بمعاذ ... فذكر الخبر. قَالَ البخاري: وقال أبو داود عن طالب عن عَبْد الرحمن بن جابر عن أبيه أن حزما.... فذكره.
باب حرملة
(499) حرملة بن هوذة العامري،
من بني عامر بن صعصعة، قدم هو وأخوه خالد بن هوذة على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسر بهما. وهما معدودان في المؤلفة قلوبهم.
(500) حرملة بن عَبْد الله بن إياس،
ويقال حرملة بن إياس [1] العنبري.
تميمي، يعد في أهل البصرة، حديثه عند ابنتي ابنه صفية ودحيبة ابنتي عليبة عن أبيهما عليبة بن حرملة، عن [أبيه] [2] حرملة أن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
[1] في الإصابة: ويقال حرملة بن أبى أويس، وفي التقريب كما هو مثبت أيضا.
[2] من أ، ت(1/338)
قَالَ له: إيت المعروف، واجتنب المنكر ... في حديث ذكره.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الأَصْمَعِيُّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ أَبُو الْجُنَيْدِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ [1] بْنُ عَاصِمٍ، وَكَانَ جَدُّهُ حَرْمَلَةُ أَبَا أُمِّهِ وَجَدَّتَاهُ صَفِيَّةُ وَدُحَيْبَةُ ابْنَتَا عُلَيْبَةَ أَنَّ حَرْمَلَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ:
يَا حَرْمَلَةُ، إِيتِ الْمَعْرُوفَ وَاجْتَنِبِ المنكر ... وذكر الحديث.
(501) حرملة المدلجي،
أبو عَبْد الله، كان ينزل بينبع، معدود في الصحابة.
حديثه قَالَ قلت: يا رسول الله، إنا نحب الهجرة وأرضنا أرفق في المعيشة. قَالَ: إن الله لا يلتك من عملك شيئًا حيثما كنت.
(502) حرملة بن عمرو بن سنة الأسلمي،
والد عَبْد الرحمن بن حرملة المدني، حجازي، كان ينزل بينبع، له صحبة ورواية.
حديثه عند ابنه عَبْد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند أنه سمع حرملة بن عمرو- وهو أبو عَبْد الرحمن بن حرملة قَالَ: حججت حجة الوداع مرد في عمي سنان بن سنة، فلما وقفنا بعرفات رأيت النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ واضعًا إحدى إصبعيه على الأخرى فقلت لعمي:
ماذا يقول؟ قَالَ: يقول: ارموا الجمار بمثل حصى الخزف. رواه عن عَبْد الرحمن بن حرملة جماعة منهم وهيب بن الورد، والدراوَرْديّ،
__________
[1] هكذا في ت. وفي أ، ى: حيان- بالياء.(1/339)
ويحيى بن أيوب، ولم يروه عنه مالك. وقد روى عنه غير ما حدثت. [1] ولهند والد يحيى بن هند هذا صحبة أيضًا، وقد ذكرناه من كتابنا هذا في موضعه.
باب حريث
(503) حريث بن زيد بن عَبْد ربه [2] بن ثعلبة بن زيد،
من بنى جشم ابن الحارث بن الخزرج، شهد بدرًا مع أخيه عبد الله بن زيد بن عبد ربه الّذي أرى النداء للصلاة في النوم، وشهد أحدًا أيضًا في قول جميعهم.
(504) حريث بن حسان،
مذكور في حديث قيلة، هو الحارث بن حسان البكري [2] ، قد ذكرناه في باب الحارث، وذكرنا له خبرًا غير خبر قيلة.
(505) حريث بن عَبْد الله [3] بن عثمان بن عبيد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي،
والد عمرو بن حريث، حمل ابنه عمرو بن حريث إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. فدعا له روى عنه ابنه عمرو بن حريث عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين.
(506) حريث بن سلمة بن سلامة بن وقش الأنصاري،
روى عنه محمود ابن لبيد.
__________
[1] في ى: غير ما حديث. والمثبت من أ، ت.
[2] في ت: بن عبد الله.
[3] في ى: عمرو. والمثبت من أ، ت.(1/340)
باب حسان
(507) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري،
الشاعر، يكنى أبا الوليد. وقيل:
يكنى أبا عَبْد الرحمن. وقيل: أبا الحسام، وأمه الفريعة بنت خالد بن خنيس [1] بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: كان والله كما قَالَ فيه شاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه [2] :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد
وَرَوَيْنَا عَنْ حَدِيثِ عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ وجرير بن حازم عن محمد ابن سِيرِينَ، وَمِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، وَمِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَأَبي إِسْحَاقَ- دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى، وَأَبُو سفيان ابن الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وضرار بن الخطاب،
__________
[1] هكذا في أ، ت ى. وفي تهذيب التهذيب: حبيش.
[2] ديوان حسان: 101(1/341)
فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:
إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.
ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما يسرّنى به مقول [1] بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.
فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ [2] شِعْرِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث [3] :
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد
__________
[1] في ى: أقول. وفي أ: ت: مقولا.
[2] في أ: أو متى شعر ابن أبى قحافة.
[3] ديوانه: 159.(1/342)
وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَاءَ [1] زُهْرَةَ مِنْهُمُ ... كِرَامٌ وَلَمْ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ الْمَجْدُ
وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلا كَابْنِ أُمِّهِ ... وَلَكِنْ لَئِيمٌ [2] لا تُقَامُ لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ ... وَسَمْرَاءُ- مَغْمُورٌ إِذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ هَجِينٌ [3] نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ ... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: هَذَا كَلامٌ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ ابْنُ أبى أَبِي قُحَافَةَ.
قَالَ أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عَبْد المطلب. وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما هالة بنت وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة والعباس، وابن أمه شقيقه ضرار بن عَبْد المطلب، أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول حسان أيضا في أبى سفيان [4] :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرًا [5] برًا حنيفًا ... أمين الله شيمته الوفاء [6]
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخير كما الفداء
__________
[1] في الديوان: أفناء زهرة منكم.
[2] في الديوان: هجين ليس بورى له زند.
[3] في الديوان: وأنت زنيم.
[4] ديوانه: 8
[5] في الديوان: مباركا.
[6] في صحيح مسلم:
هجوت محمدا برا تقيا ... رسول الله شيمته الوفاء(1/343)
فإن أبي ووالدتي [1] وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
وهذا الشعر أوله [2] :
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
قَالَ مصعب الزبيري: هذه القصيدة قَالَ حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قَالَ: وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم في ذلك، فقالوا: يا أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك، وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قتله في الجاهلية، والله ما شربتها منذ أسلمت.
قَالَ ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان ابن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عَبْد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله ابن رواحة.
__________
[1] في ت، والديوان: ووالده.
[2] ديوانه: 1(1/344)
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول لحسان: اهجهم- يعني المشركين- وروح القدس معك. وإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لحسان: اللَّهمّ أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنّ قوله فيهم أشدّ من وقع النبل. ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقال: أتنشد الشعر؟ أو قَالَ: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ؟ فقال له حسان: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك- يعني النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
فسكت عمر.
وروي عن عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئًا من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وَرَوَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: فُضِّلَ حَسَّانٍ عَلَى الشُّعَرَاءِ بِثَلاثٍ: كَانَ شَاعِرَ الأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَشَاعِرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي [أَيَّامِ] النُّبُوَّةِ، وَشَاعِرَ الْيَمَنِ كُلِّهَا فِي الإِسْلامِ.
قَالَ أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عَبْد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسّان بن ثابت.(1/345)
وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى.
وعن أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا: حسان بن ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال الأصمعي: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له أبو حاتم: تأتي له أشعار لينة. فقال الأصمعي: تنسب إليه أشياء لا تصح عنه.
وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قَالَ: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا حسان فحل من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا الحسام.
فقال للقائل: يا بن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعنى إن شأن التجويد في الشعر الإفراط في لوصف والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب.
وقال الحطيئة: أبلغوا الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول [1] :
__________
[1] ديوانه: 309(1/346)
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
وقال عَبْد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت حسان هذا.
وقال قوم في حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على عائشة رضي الله عنها، وإنه جلد في ذلك وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في الإفك أو جلد فيه، ورووا عن عائشة رضي الله عنها أنها برأته من ذلك ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن جريج، عن محمد بن السائب ابن بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ عَائِشَةَ فِي الطَّوَافِ، وَمَعَهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ خَالِدِ بن العاصي، وَأُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرَتَا [1] حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ [فَابْتَدَرْنَاهُ] [2] بِالسَّبِّ، فقالت عائشة: ابْنُ الْفُرَيْعَةَ تَسُبَّانِ؟
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بلسانه، أليس القائل [3] :
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَتِي وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمُ وِقَاءُ
فَبَرَّأَتْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ افترى عليها، فَقَالَتَا: أَلَيْسَ مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِمَا قَالَ فِيكِ؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَقُلْ شيئا، ولكنه الّذي يقول [4] :
__________
[1] في ت: فتذاكرن: وفي أ: فتذاكرت.
[2] من أ، ت.
[3] ديوانه: 8
[4] ديوانه: 324.(1/347)
حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ [1]
فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّي قُلْتُهُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ: إِنَّ حَسَّانًا كَانَ مِنْ أَجْبَنِ النَّاسِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُبْنِهِ أَشْيَاءَ مُسْتَشْنَعَةً أَوْرَدُوهَا عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَكَاهَا عَنْهُ، كَرِهْتُ ذِكْرَهَا لِنَكَارَتِهَا.
وَمَنْ ذَكَرَهَا قَالَ: إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَشَاهِدِهِ، لِجُبْنِهِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُجِيَ بِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْجُبْنُ مُنْذُ ضَرَبَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ بِالسَّيْفِ.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن إبراهيم التيمي: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أعطى حسانًا عوضًا من ضربة صفوان الموضع الذي بالمدينة، وهو قصر بني جديلة، وأعطاه سيرين أمة قبطية، فولدت له عَبْد الرحمن ابن حسان.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سير بن أخت مارية لحسان فمروي من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة صفوان، بل لذبه بلسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله أعلم.
__________
[1] ما تزن: ما تتهم. غرثى: جائعة. الغوافل: جمع غافلة، يريد أنها لا ترتع في أعراض الناس.(1/348)
ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حين قدوم وفي بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا مُحَمَّد، فأنزل الله فيهم [1] : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... 49: 4- 5 الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وَسَلَّمَ تسعًا، كلها من شعر مغلقة [2] من خشب العرعر [3] . فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو الزبرقان ابن بدر فقال:
نحن الملوك [4] فلا حي يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع [5]
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط [6] إذا لم يؤنس القزع [7]
وننحر الكوم عبطا [8] في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
__________
[1] سورة الحجرات: آية 4
[2] في ت: معلقة في ...
[3] العرعر: شجر السرو (القاموس) .
[4] في الديوان: نحن الكرام.
[5] البيع: جمع بيعة: متعبد النصارى (القاموس) .
[6] لحم عبيط: طرى، لم تصبه علة.
[7] القزع: الغيم. يقول: إذا لم ير المطر، وذلك آية القحط.
[8] عبطا: أي تنحرها من غير علة.
(الاستيعاب ج 1 م 12)(1/349)
ثم جلس. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال [1] :
إنّ الذّوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضي بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
ولا يضنّون عن جار [2] بفضلهم ... ولا يمسّهم [3] في مطمع طبع
أعفة ذكرت للناس [4] عفتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوًا إذا [5] عطفوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شرًا يخاض إليه الصاب والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم أن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا [6] ولا قاربنا.
__________
[1] ديوانه: 246
[2] في الديوان: عن مولى.
[3] في الديوان: ولا بصيهم.
[4] في ت: في الناس وفي الديوان: في الوحي.
[5] في الديوان: ما أتي عفوا إذا غضبوا.
[6] في ت: ولا انتصفنا.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 12)(1/350)
الصَّامِتِ كَانَ عَلَى قِتَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَكَانَ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فَقَاتَلُوا، فَقَالَ:
أَدْرِكِ النَّاسَ يَا جُنَادَةَ، فَذَهَبْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقُتِلَ أَحَدٌ؟
فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لم يقتل منهم أحدٌ عَاصِيًا. قال أبو عمر: ولجنادة بن أبي أمية أيضًا حديث عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في صوم يوم الجمعة، وتوفي بالشام سنة ثمانين.
(337) جنادة بن عَبْد الله بن علقمة بن المطلب بن عَبْد مناف.
وأبوه عَبْد الله هو أبو نبقة. قتل جنادة يوم اليمامة شهيدًا، رحمه الله.
(338) جنادة بن جراد العيلاني [1] الأسدي،
أحد بني عيلان، سكن البصرة، وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن سمة الإبل في وجوهها، وإن في تسعين حقتين [2] مختصرًا، والحديث عند عمرو بن علي الباهلي أبي حفص. قَالَ حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْبَاهِلِيُّ. قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ قُرَيْعٍ أَحَدُ [3] بَنِي عَيْلانَ بْنِ جُنَادَةَ [4] عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ جراد أحد بنى عيلان ابن جُنَادَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبِلٍ قَدْ وَسَمْتُهَا فِي أَنْفِهَا.
فَقَالَ لِي: يَا جُنَادَةُ، أَمَا وَجَدْتَ فِيهَا عَظْمًا تسمعه إِلا فِي الْوَجْهِ، أَمَا إِنَّ أَمَامَكَ.
الْقِصَاصَ. قَالَ: أَمَرُهَا إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِيتِنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وَسْمٌ، فَأَتَيْتُهُ بِابْنِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ، فَوَضَعْتُ الْمَيْسَمَ حِيَالَ الْعُنُقِ. فقال النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: أَخِّرْ أَخِّرْ، حَتَّى بَلَغَ الْفَخِذَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَوَسَمْتُهَا فِي أَفْخَاذِهَا، وكانت صدقتها حقتين.
__________
[1] في ى: الغيلانى، والمثبت من م، وأسد الغابة.
[2] الحقاق من الإبل: جمع حق وحقة، وهو الّذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله.
[3] في م: أخابنى.
[4] في ى: خاوة.(1/351)
ابن قطيعة بن عبس، وإنما قيل لجروة اليمان، لأنه أصاب في قومه دمًا فهرب إلى المدينة فخالف بني عَبْد الأشهل، فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية.
شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدًا، فأصاب حسيلا المسلمون في المعركة فقتلوه يظنونه من المشركين، ولا يدرون، وحذيفة يصيح أبي أبي، ولم يسمع، فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه.
وقيل: أن الذي قتل حسيلا عتبة بن مسعود، وقد تقدم من نسبه وحلفه في باب ابنه حذيفة ما أغنى عن ذكره ها هنا.
(511) حسيل بن نويرة الأشجعي،
كان دليل رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ إلى خيبر.
باب حصين
(512) الحصين بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي،
هو أخو عبيدة بن الحارث، شهد بدرًا هو وأخواه عبيدة والطفيل بن الحارث، فقتل عبيدة ببدر شهيدًا، ومات الحصين والطفيل جميعًا سنة ثلاثين.
(513) الحصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم.
هو الزبرقان بن بدر التميمي، غلب عليه الزبرقان، وعرف به، وقد ذكرنا المعنى في ذلك في باب الزاي،(1/352)
لأن الزبرقان هو المشهور المعروف، وقد ذكرنا هناك طرفا كافيا من خبره، والحمد للَّه.
(514) حصين بن عبيد،
والد عمران بن حصين الخزاعي، روى عنه ابنه عمران بن حصين حديثًا مرفوعًا في إسلامه وفي الدعاء.
روينا عن الحسن البصري أنه قَالَ: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا حصين، ما تعبد؟ قَالَ: أعبد عشرة آلهة. قَالَ: وما هم؟
قَالَ: تسعة في الأرض وواحد في السماء. قَالَ: فمن لحاجتك؟ قَالَ: الذي في السماء! قَالَ: فمن لطلبتك؟ قَالَ: الذي في السماء. قَالَ: فمن لكذا؟
فمن لكذا؟ كل ذلك يقول: الذي في السماء. قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فألغ التسعة.
(515) حصين بن عوف الخثعمي،
مدني، روى عنه عَبْد الله بن عباس وغيره أنه قَالَ: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير ضعيف، وقد علم شرائع [1] الإسلام ولا يستمسك على بعيره، أفأحج عنه؟ قَالَ: أرأيت لو كان على أبيك دين ... الحديث. وقد روى هذا الحديث عن ابن عباس عن حصين بن عوف أن رجلا قَالَ: يا رسول الله، إن أبي ... الحديث. وذلك خلاف رواية الزهري.
(516) حصين بن أوس النهشلي التميمي،
يعد في أهل البصرة. روى عنه ابنه زياد بن حصين.
(517) حصين.
ويقال: حصن. والأكثر حصين بن ربيعة الأحمسي،
__________
[1] في أ، ت: وقد قرت شرائع الإسلام.(1/353)
أبو أرطأة. يقال حصين بن ربيعة بن عامر بن الأزور، [والأزور] [1] مالك الشاعر، روى في خيل أحمس [2] وقد قيل في اسم أبي أرطاة هذا ربيعة بن حصين، والصواب حصين ابن ربيعة، والله أعلم.
وأبو أرطأة هذا هو الّذي بشّر النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ بهدم ذي الخلصة، وكان مع جرير في ذلك الجيش، وروى في خيل أحمس ورجالها.
وأم حصين هذا هي الأحمسية التي روت عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المختلعه [3] أخت أبي أرطاة.
(518) حصين بن وحوح الأنصاري.
من الأوس، يقال: أنه قتل بالعذيب [4] ، روى قصة طلحة بن البراء [الغلام] [5] .
(519) حصين بن مشمت.
وفد على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فبايعه وأقطعه ماء.
روى عنه ابنه عاصم بن حصين، وهو حصين بن مشمت بن شداد بن زهير بن النمر بن مرة بن حمان. وقد روى عنه أيضا قصة طلحة بن البراء.
(520) حصين بن الحمام الأنصاري.
ذكروه في الصحابة، وكان شاعرًا يكنى أبا معية.
(521) حصين بن يزيد بن شداد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن الحارث بن كعب الحارثي،
__________
[1] من ت: وفي أ: واسم أبي الأزور مالك.
[2] في أسد الغابة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخاصة، فسرت في خمسين ومائة من أحمس وكانوا أصحاب خيل فأحرقناها.
[3] في أ، ت: المحلقين.
[4] العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة بينه وبين القادسية أربعة أميال (ياقوت) .
[5] من أ، ت.(1/354)
ويقال له ذو الغصّة، وقد على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فأسلم، وسنذكره في الأذواء إن شاء الله تعالى.
باب الحكم
(522) الحكم بن كيسان،
مولى هشام بن المغيره المخزومي، كان ممن أسر في سرية عَبْد الله بن جحش حين قتل واقد التميمي عمرو بن الحضرمي، أسره المقداد. قَالَ المقداد: فأراد أميرنا ضرب عنقه، فقلت: دعه يقدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فقدمنا به على رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأسلم وحسن إسلامه. وذلك في السنة الأولى من الهجرة، ثم أستشهد يوم بئر معونة مع عامر بن فهيرة.
(523) الحكم بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عَبْد مناف،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مهاجرًا فقال له: ما اسمك؟ فقال: الحكم.
فقال: أنت عَبْد الله، فغير رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ اسمه، فهو عَبْد الله بن سعيد بن العاص، وقد ذكرناه في العبادلة.
اختلف في وفاته فقيل: قتل [يوم بدر شهيدًا وقيل: بل قتل] [1] يوم مؤتة شهيدا. وقال المدائني: استشهد يوم اليمامة.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جرير، حدثنا عمرو ابن عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو سَلَمَةَ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص عن [جدّه] [2] سعيد بن عمرو [3] ،
__________
[1] من ت، أ.
[2] من أ، ت.
[3] هكذا في ى، أ. وفي ت: سعيد بن العاصي.(1/355)
قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: الْحَكَمُ، فَقَالَ: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ. قَالَ: فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ.
(524) الحكم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب القرشي المطلبي،
شهد خيبر، وأعطاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ثلاثين وسقًا، وكان من رجال قريش وجلتهم، استخلفه مُحَمَّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة على مصر، حين خرج إلى معاوية وعمرو بن العاص بالعريش.
(525) الحكم بن عمرو الغفاري،
يقال له الحكم بن الأقرع، وهو أخو رافع بن عمرو الغفاري، غلب عليهما أنهما من بني غفار بن مليل، [1] وليسا عند أهل النسب كذلك، إنما هما من بني نعيلة بن مليل أخي غفار [2] ، وينسونهما الحكم ورافع ابنا عمرو بن مجدع [3] بن حذيم بن الحارث بن نعيلة بن مليل بن ضمرة، صحبا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ورويا عنه، وسكنا البصرة.
روى عن الحكم بن عمرو وأبو حاجب سوادة بن عاصم، ودلجة بن قيس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر الغفاري، بعثه زياد على البصره واليًا في أول ولاية زياد العراقين، ثم عزله عن البصرة، وولاه بعض أعمال خراسان، ومات بها.
ويقال: إنه مات بالبصرة سنة خمسين. وقيل: بل مات بخراسان سنة خمسين، ودفن هو وبريدة الأسلمي في موضع واحد، أحدهما إلى جنب صاحبه،
__________
[1] في ى والطبقات: مليك. والمثبت من أ، ت. وفي الإصابة: ثعلبة بن مليل.
[2] في أ، ت: أخوه غفار.
[3] في أ: مخدج.(1/356)
وهذا هو الصحيح، ولم يختلف أن بريدة الأسلمي مات بمرو من خراسان، وما أحسب الحكم ولى البصره لزياد قط، وإنما ولى لزياد بعض خراسان.
وقال صالح بن الوجيه: وفي سنة أربع وأربعين ولى معاوية زياد بن أبيه العراق وما وراءها من خراسان، وفيها [1] قدم الحكم بن عمرو الغفاري خراسان واليًا عليها [2] من قبل زياد ابن أبيه، فدخل هراة، ثم فصل منها على جبال جوزجان إلى مرو، فمات بمرو، وقبره بها. قَالَ: وكانت الجنوب بنت الحكم بن عمرو تحت قثم بن العباس.
حَدَّثَنَا أحمد، حَدَّثَنَا أبي حَدَّثَنَا عَبْد الله [3] . حَدَّثَنَا بقي، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا ابن علية، عن هشام، عن الحسن، قَالَ: كتب زياد إلى الحكم ابن عمرو الغفاري وهو على خراسان أن أمير المؤمنين كتب [إلى] [4] أن يصطفى له الصفراء والبيضاء، فلا تقسم بين الناس ذهبًا ولا فضة.
فكتب إليه الحكم: بلغني أن أمير المؤمنين [5] كتب أن يصطفي له البيضاء والصفراء، وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين، وإنه والله لو أنّ السّماوات والأرض كانتا رتقًا على عَبْد، ثم اتقى الله جعل له مخرجًا، والسلام عليكم.
ثم قال للناس: اغدوا على ما لكم فغدوا فقسمه بينهم، وقال الحكم:
اللَّهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك. فمات بخراسان بمرو، واستخلف لما حضرته الوفاة أنس بن أبى إياس.
__________
[1] في ى: وفيما.
[2] في ى: علينا.
[3] في ى: حدثنا أحمد بن أبى عبد الله. والمثبت من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت.
[5] يعنى معاوية- كما في أسد الغابة.(1/357)
وروى يزيد بن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا هشام بن حسان، عن الحسن، قَالَ: بعث زياد الحكم بن عمرو الغفاري على خراسان فأصاب مغنمًا، فكتب إليه: إن أمير المؤمنين معاوية كتب إلي، وأمرني أن أصطفي له كل صفراء وبيضاء، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما كان من ذهب وفضة فلا تقسمه، واقسم ما سوى ذلك.
فكتب إليه الحكم: كتبت إلى تذكر أن أمير المؤمنين كتب إليك يأمرك أن تصطفي له كل صفراء وبيضاء، وإني وجدت كتاب الله....
فذكر الحديث إلى آخره سواء.
(526) الحكم بن أبي العاص بن بشر بن دهمان الثقفي.
يكنى أبا عثمان وقيل: أبو عَبْد الملك، وهو أخو عثمان بن أبي العاص، كان أميرًا على البحرين، وذلك أن أخاه عثمان ولاه عمر على عمان والبحرين، فوجه أخاه الحكم على البحرين.
وقال المدائني: كانت الوقعة بصهاب على المسلمين وأميرهم الحكم بن أبي العاص، وافتتح عثمان والحكم فتوحًا كثيرة بالعراق في سنة تسع عشرة وسنة عشرين.
يعد في البصريين، ومنهم من يجعل أحاديثه مرسلة، ولا يختلف في صحبة أخيه عثمان.
(527) الحكم بن عمير [1] ،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: اثنان فما فوقهما جماعة. مخرج حديثه عن أهل الشام.
__________
[1] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.(1/358)
(528) الحكم بن أبي الحكم،
مجهول، لا أعرفه بأكثر من [1] حديث مسلمة ابن علقمة عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن قيس بن حبتر [2] عنه، قال:
تواعدنا أن نغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيناه سمعنا صوتا خلفا ظننا أنه ما بقي بتهامة جبل إلا تفتّت، فغشى عينا.
(529) الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي،
عم عثمان بن عفان، وأبو مروان بن الحكم، كان من مسلمة الفتح، وأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان.
وقيل: إن مروان ولد بالطائف، فلم يزل الحكم بالطائف إلى أن ولي عثمان، فرده عثمان إلى المدينة، وبقي فيها وتوفي في آخر خلافة عثمان قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع [3] ما يسره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك [عنه حتى ظهر ذلك] [4] عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها، ذكروا أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا مشى ينكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ يوما فرآه يفعل ذلك، فقال صَلَّى الله عليه وسلم: فكذلك فلتكن، فكان الحكم
__________
[1] في ى: بأكثر من هذا من حديث مسلمة. والمثبت من أ، ت. وأسد الغابة.
[2] في ى: جبر. والمثبت من أ، ت.
[3] في ى: ويسمع.
[4] من ت، أ.(1/359)
مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيّره عَبْد الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارم عظامه ... إن ترم ترم مخلجًا [1] مجنونًا
يمسي خميص البطن من عمل التقى ... ويظل من عمل الخبيث بطينا
فأما قول عَبْد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك فروى عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان، إذ قَالَ في أخيها عَبْد الرحمن [2] ما قَالَ: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَكُنْتُ قَدْ تَرَكْتُ عُمَرًا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيُقْبِلَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ أَزَلْ مُشْفِقًا أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ.
(530) الحكم بن عمرو [3] الثمالي،
وثماله في الأزد، شهد بدرًا، رويت عنه أحاديث مناكير من أحاديث أهل الشام لا تصح، والله أعلم.
(531) الحكم بن سفيان الثقفي،
ويقال سفيان بن الحكم. روى حديثه
__________
[1] تخلج في مشيته: تمايل يمينا وشمالا.
[2] في أسد الغابة: حين قال لأخيها عبد الرحمن بن أبى بكر لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد.
[3] في الطبقات: بن عمير.(1/360)
منصور بن مجاهد، فاختلف أصحاب منصور في اسمه، وهو معدود في أهل الحجاز.
له حديث واحد في الوضوء مضطرب الإسناد. يقال: إنه لم يسمع من النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وسماعه منه عندي صحيح، لأنه نقله الثقات، منهم الثوري، ولم يخالفه من هو في الحفظ والإتقان مثله.
قَالَ ابن إسحاق: هو الحكم بن سفيان بن عثمان بن عامر بن معتب الثقفي.
(532) الحكم بن حزن الكلفي،
وكلفة في تميم، ويقال: هو من نصر بن سعد بن بكر بن هوازن. له حديث واحد ليس له غيره، رواه عنه زريق الثقفي الطائفي، وروى شهاب بن خراش، عن شعيب بن زريق، عن الحكم ابن حزن الكلفي قَالَ: وفدت إلى النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فذكر الحديث.
(523) الحكم بن حارث السلمي،
غزا مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثلاث غزوات، روى عنه عطيه الدعاء، [هو عطيه بن سعد، بصري] ، [1]
(534) الحكم بن عمرو بن معتب الثقفي،
كان أحد الوفد الذين قدموا مع عَبْد ياليل بإسلام ثقيف، من الأحلاف.
__________
[1] ليس في ت.(1/361)
باب حكيم
(535) حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي،
يكنى أبا خالد، هو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولد في الكعبة، وذلك أن أمه دخلت الكعبة في نسوة من قريش، وهي حامل فضربها المخاض، فأتيت بنطع فولدت حكيم بن حزام عليه.
وكان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية والإسلام، كان مولده قبل الفيل بثلاث عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة على اختلاف [في ذلك] [1] وتأخر إسلامه إلى عام الفتح، فهو من مسلمة الفتح هو وبنوه عَبْد الله وخالد ويحيى وهشام، وَكُلُّهُمْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وتوفي بالمدينة في داره بها عند بلاط الفاكهة وزقاق الصواغين في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وكان عاقلا سريًا فاضلا تقيًا سيدًا بماله غنيًا.
قَالَ مصعب: جاء الإسلام ودار الندوة بيد حكيم بن حزام فباعها بعد منه معاوية بمائة درهم، فقال له ابن الزبير: بعت مكرمة قريش! فقال حكيم:
ذهبت المكارم إلا التقوى.
وكان من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم.
أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، ثم أتى النبي صلى الله
__________
[1] من أ، ت. وفي أ: على الاختلاف في ذلك.(1/362)
عليه وَسَلَّمَ بعد أن أسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت أشياء كنت أفعلها في الجاهلية، أتحنث بها ألي فيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ:
أسلمت على ما سلف لك من خير. وحج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة، وكفها عن أعجازها، وأهداها، ووقف بمائة وصيف بعرفة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها عتقاء الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة.
(536) حكيم بن طليق بن سفيان بن أمية بن عَبْد شمس،
كان من المؤلفة قلوبهم، ذكره أبو عبيد عن الكلبي [1] . [وقال الكلبي] [2] : درج لا عقب له. [3]
(537) حكيم بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم،
عم سعيد بن المسيب بن حزن أخو أبيه المسيب بن حزن.
أسلم عام الفتح مع أبيه، وقتل يوم اليمامة شهيدًا هو وأبوه حزن ابن أبي وهب المخزومي، هذا قول ابن إسحاق.
وقال أبو معشر: استشهد يوم اليمامة حزن بن أبى وهب، وحكيم ابن أبي وهب، فجعل حكيمًا أخا حزن فغلط، والصواب ما قاله ابن إسحاق، وكذلك قَالَ الزبير كما قَالَ ابن إسحاق. قَالَ الزبير: كان المسيب بن حزن وحكيم بن حزن أخوين لعلات، كانت أم حكيم بن حزن فاطمة بنت السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وأم المسيب بن حزن أم الحارث بنت شعبة من بني عامر بن لؤيّ.
__________
[1] في أ: عن ابن الكلبي.
[2] ليس في أ، ت.
[3] درج: انقرض وذهب (القاموس) .(1/363)
(538) حكيم بن معاوية النميري، من بني نمير بن عامر بن صعصعة.
قَالَ البخاري: في صحبته نظر. قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: كل من جمع في الصحابة ذكره فيهم، وله أحاديث منها: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا شؤم، وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه حكيم بن معاوية النميري: له صحبة، روى عنه ابن أخيه معاوية بن حكيم وقتادة من رواية سعيد بن بشير [1] عنه.
(539) حكيم،
أبو معاوية بن حكيم، ذكره ابن أبي خيثمة في الصحابة، وهو عندي غلط وخطأ بين، ولا يعرف هذا الرجل في الصحابة، وهو عندي غلط وخطأ بين، ولا يعرف هذا الرجل في الصحابة، ولم يذكره أحد غيره فيما علمت، والحديث الذي ذكره له هو حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وجده معاوية بن حيدة.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَبُّنَا بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ، هَذَا دِينُكَ، وَأَيْنَمَا تَكُنْ يَكْفِكَ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَلَى هَذَا الإِسْنَادِ عَوْلٌ فِيهِ، وَهُو إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَمِنْ قَبْلِهِ أَتَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِيهِ.
وَالصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ يَعِيشُ بْنُ سعيد الورّاق،
__________
[1] في ت: بشر.(1/364)
وعبد الوارث بن سفيان قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ [1] الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ المقعد، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جدّه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ الأَنَامِلِ- وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى- أَلا آتِيكَ، ولا آتى دينك، فقد أتيتك امرء لا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ: بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا؟ قَالَ: بِدِينِ الإِسْلامِ قَالَ: وَمَا دِينُ الإِسْلامِ؟
قَالَ: أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّه [وَتَخَلَّيْتُ] [2] ، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ. وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ، لا يقبل الله ممّن أشرك بعد ما أَسْلَمَ عَمَلا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ، مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، أَلا وَإِنَّ رَبِّي دَاعيَّ [3] ، وَإِنَّهُ سَائِلِي هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي [4] ؟ فَأَقُولُ:
رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُ، أَلا فَلْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، أَلا ثُمَّ إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ مُفَدَّمَةً أَفْوَاهُكُمْ بِالْفِدَامِ، ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ يُنْبِئُ عَنْ أَحَدِكُمْ لَفَخِذُهُ وَكَفُّهُ. قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا دِينُنَا؟ قَالَ: هَذا دِينُكَ، وَأَيْنَمَا تُحْسِنْ يَكْفِكَ.
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحِ بِالإِسْنَادِ الثَّابِتِ الْمَعْرُوفِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمُعَاوِيَةَ ابن حيدة، لا لحكيم أبى معاوية [5] .
__________
[1] في ى: البرقي. والصواب من أ: واللباب.
[2] ليس في أ.
[3] هكذا في كل الأصول.
[4] في ت: هل بلغت عبادة.
[5] في ى: لا لحكم بن أبي معاوية، والصواب من أ، ت.(1/365)
سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ حكيم عن أبيه عن جده فقال: إسناد صَحِيحٌ، وَجَدُّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ.
قَالَ أَبُو عمر: ومن دون بهزين حَكِيمٍ فِي هَذَا الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ [1] .
(540) حكيم،
ويقال حكيم بن جبلة، وهو الأكثر، ويقال ابن جبل، [وابن جبلة] [2] ، العبدي، من عَبْد القيس. أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا أسلم له عنه رواية ولا خبرًا يدل على سماعه منه ولا رؤيته له، وكان رجلا صالحًا له دين، مطاعًا في قومه، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند فنزلها، ثم قدم على عثمان فسأله عنها، فقال: ماؤها وشل، ولصها بطل، وسهلها جبل، إن كثر الجند بها جاعوا، وإن قلوا بها ضاعوا، فلم يوجه عثمان إليها أحدًا حتى قتل.
ثم كان حكيم بن جبله هذا ممن يعيب عثمان من أجل عبد الله ابن عامر وغيره من عماله.
ولما قدم الزبير، وطلحة، وعائشة، البصرة، وعليها عثمان بن حنيف واليًا لعلي رضي الله عنه، بعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة العبدي في سبعمائة من عَبْد القيس، وبكر بن وائل، فلقي طلحة والزبير بالزابوقة [3] قرب البصرة، فقاتلهم قتالا شديدًا، فقتل رحمه الله، قتله رجل من بني حدان.
هذه رواية في قتل حكيم بن جبلة، وقد روى أنه لما غدر ابن الزبير بعثمان بن حنيف بعد الصلح الذي كان عقده عثمان بن حنيف مع طلحة
__________
[1] هكذا في ى. وفي ت: وَمَنْ دُونَ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ فِي هَذَا الإسناد قائمة حديث. وفي أ: وَمَنْ دُونَ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ فِي هَذَا الإسناد فأتمه حديث.
[2] من أ، ت.
[3] الزابوقة: موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل أول النهار (ياقوت) .(1/366)
والزبير أتاه ابن الزبير ليلا في القصر، فقتل نحو أربعين رجلا من الزط على باب القصر، وفتح بيت المال، وأخذ عثمان بن حنيف فصنع به ما قد ذكرته في غير هذا الموضع، وذلك قبل قدوم على رضي الله عنه، فبلغ ما صنع ابن الزبير بعثمان بن حنيف حكيم بن جبلة، فخرج في سبعمائة من ربيعه فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر، ثم كروا عليه فقاتلهم حتى قطعت رجله، ثم قاتل ورجله مقطوعة حتى ضربه سحيم الحداني العنق [1] فقطع عنقه، واستدار رأسه في جلدة عنقه حتى سقط وجهه على قفاه.
وقال أبو عبيدة: قطعت رجل حكيم بن جبله يوم الجمل، فأخذها ثم زحف إلى الذي قطعها فلم يزل يضربه بها حتى قتله، وقال:
يا نفس لن تراعي ... رعاك [2] خير راعي
إن قطعت كراعي ... إن معي ذراعي
قَالَ أبو عبيدة: وليس يعرف في جاهلية ولا إسلام أحد فعل مثل فعله.
وقال أبو عمر رضي الله عنه: كذا قَالَ أبو عبيدة، قطعت رجله يوم الجمل، وهذا منه على المقاربة، لأنه قبل يوم الجمل بأيام، ولم يكن علي رضي الله عنه لحق حينئذ، وقد عرض لمعاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر في قطع يده من الساعد قريب من هذا، وقد ذكرنا ذلك في بابه من هذا الكتاب.
__________
[1] هكذا في كل الأصول.
[2] في ى: أرعاك.(1/367)
وذكر المدائني عن شيوخه عن أبي نضره العبدي، وابن شهاب الزهري وأبي بكر الهذلي، وعامر بن حفص، وبعضهم يزيد على بعض: أن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب بالصلح بينه وبين الزبير، وطلحة، وعائشة أن يكفوا عن الحرب، ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلي على حاله حتى يقدم علي رضي الله عنه فيرون رأيهم قال عثمان بن حنيف لأصحابه: ارجعوا وضعوا سلاحكم.
فلما كان بعد أيام جاء عَبْد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح وظلمة وبرد شديد، ومعه جماعة من عسكرهم، فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه، ثم انتهوا به إلى بيت المال فوجدوا أناسًا من الزط يحرسونه، فقتلوا منهم أربعين رجلا، وأرسلوا بما فعلوه من أخذ عثمان وأخذ ما في بيت المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان، وكان الرسول أليها أبان بن عثمان.
فقالت عائشة: اقتلوا عثمان بن حنيف.
فقالت لها امرأة: ناشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقالت: ردوا أبانا، فردوه، فقالت:
احبسوه ولا تقتلوه. فقال أبان: لو أعلم أنك رددتني لهذا لم أرجع، وجاء فأخبرهم. فقال لهم مجاشع بن مسعود: اضربوه وانتفوا شعر لحيته. فضربوه أربعين سوطًا ونتفوا شعر لحيته وحاجبه وأشفار عينه، فلما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عَبْد الله بن الزبير إلى الزابوقة، ومدينة الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس، فأراد أن يرزقه أصحابه، وبلغ حكيم ابن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال: لست أخاه إن لم أنصره. فجاء في سبعمائة من عَبْد القيس وبكر بن وائل، وأكثرهم عَبْد القيس، فأتى ابن الزبير في مدينة الرزق، فقال: مالك يا حكيم؟ قَالَ: تريد أن نرزق(1/368)
من هذا الطعام، وأن تخلوا عثمان بن حنيف فيقيم في دار الإمارة على ما كنتم كتبتم بينكم وبينه حتى يقدم على علي ما تراضيتم عليه، وأيم الله لو أجد أعونًا عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم، ولقد أصبحتم وإن دماءكم لحلال بمن قتلتم من إخواننا، أما يخافون الله؟ بم تستحلون الدماء؟ قالوا: بدم عثمان. قَالَ: فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله، أما تخافون الله؟
فقال ابن الزبير: لا نرزقكم من هذا الطعام، ولا نخلي عثمان حتى نخلع عليًا.
فقال حكيم: اللَّهمّ اشهد. اللَّهمّ اشهد. وقال لأصحابه: إني لست في شك من قتال هؤلاء، فمن كان في شك فلينصرف، فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدًا، وضرب رجل ساق حكيم فقطعها، فأخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه، فصرعه ووقذه [1] ، ثم حجل إليه فقتله، وقتل يومئذ سبعون رجلا من عَبْد القيس.
باب حمزة
(541) حمزة بن عَبْد المطلب بن هاشم،
عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان يقال له أسد الله، وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة وأبا يعلى أيضًا بابنيه عمارة ويعلى.
أسلم في السنة الثانية من المبعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه صلى الله عليه وَسَلَّمَ، كان أسن من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأربع سنين،
__________
[1] وقذه: صرعة وغلبه (القاموس) .(1/369)
وهذا لا يصح عندي، لأن الحديث الثابت أن حمزة [1] ، وعبد الله بن عبد الأسد [2] ، أرضعتهما ثويبة مع رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين.
وذكر البكائي، عن ابن إسحاق، قَالَ: كان حمزة أسن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بسنتين. وقال المدائني: أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع حمزة بن عَبْد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفة ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن الحارث قَالَ ابن إسحاق: وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة أول راية عقدها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وكان حمزة أخا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة ولم تدرك الإسلام، فما أسلم من أعمام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلا حمزة والعباس.
واختلف في أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل عشرة.
وقيل اثنا عشر، ومن جعلهم اثني عشر جعل عَبْد الله أباه ثالث عشر من بني عَبْد المطلب، وقال: هم أبو طالب، واسمه عَبْد مناف، والحارث، وكان أكبر ولد عَبْد المطلب. والزبير، وعبد الكعبة. وحمزة. والعباس، والمقوم.
وحجل، واسمه المغيرة. وضرار. وقثم، وأبو لهب وأسمه عَبْد العزى.
والغيداق [3] ، فهؤلاء اثنا عشر رجلا، كلهم بنو عَبْد المطلب، وعبد الله
__________
[1] في ى: الحمزة.
[2] في ى: عبد الله بن الأسد.
[3] في أ، ى: والغيلان، وهو تحريف.(1/370)
أبو رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثالث عشر، هكذا ذكرهم جماعة من أهل العلم بالنسب، ومنهم ابن كيسان وغيره.
ومن جعلهم عشرة أسقط عَبْد الكعبة، وقال: هو المقوم، وجعل الغيداق [1] وحجلا واحدًا. ومن جعلهم تسعة أسقط قثم، ولم يختلفوا أنه لم يسلم منهم إلا حمزة والعباس.
قَالَ أبو عمر: للزبير بن عَبْد المطلب ابن يسمى حجلا، وقد قَالَ:
بعضهم: إن اسمه المغيرة أيضًا، وأما أبو لهب وأبو طالب فأدركا الإسلام ولم يسلما. وكان عَبْد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة، وأم حكيم، وأمية، وأروى، وبرّة، وعاتكة بنات عبد المطلب لأب وأم، أمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وكان حمزة وصفية والمقوم وحجل لأب وأم، أمهم هالة بنت وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة.
وكان العباس وضرار وقثم لأب وأم، أمهم نتيلة [2] بنت جناب، بن كليب، من النمر بن قاسط. وقيل: بل هي نتيلة بنت جندب بن عمرو ابن عامر، من [3] النمر بن قاسط. وأم الحارث صفية [4] بنت جنيدب بن حجير بن رئاب [5] بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، لا شقيق له منهم.
__________
[1] في أ، ى: الغيلان، وهو تحريف.
[2] في هوامش الاستيعاب: نتيلة- بالتاء أخت الطاء، ذكره ابن دريد. ثم قال: بنت خباب- كذا بخط كاتب الأصل، في هامشه جناب.
[3] في ى: بن.
[4] في هوامش الاستيعاب: وكانت سبية في بنى سواد بن عامر بن صعصعة. وكان سواد غلاما لبني عبد مناف.
[5] في ى: يرتاب، وهو تحريف.(1/371)
وقيل: أم الحارث سمراء بنت جنيدب بن جندب بن حرثان بن سواءة ابن [عامر بن] [1] صعصعة. وأم أبي لهب لبى بنت هاجر، من خزاعة.
شهد حمزة، بدرًا، وأبلى فيها بلاء حسنًا مشهورًا، قيل: إنه قتل عتبة ابن ربيعة مبارزة يوم بدر، كذا قَالَ موسى بن عقبة. وقيل: بل قتل شيبة ابن ربيعة مبارزة، قاله ابن إسحاق وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عدي أخا المطعم بن عدي، وقتل يومئذ أيضًا سباعًا الخزاعي. وقيل: بل قتله يوم أحد قبل أن يقتل، وشهد أحدًا بعد بدر، فقتل يومئذ شهيدًا، قتله وحشي ابن حرب الحبشي، مولى جبير بن عدي على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة، وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنه، ودفن هو وابن أخته عَبْد الله ابن جحش في قبر واحد.
روى عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: حمزة سيد الشهداء. وروى خير الشهداء، ولولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر في بطون الطير والسباع، وكان قد مثل به وبأصحابه يومئذ. قَالَ ابن جريج: مثل الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلّهم إلا حنظلة ابن الراهب، لأن أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان، فتركوا حنظلة لذلك.
وقال كثير بن زيد عن المطلب [2] : عن حنطب: لما كان يوم أحد جعلت هند بنت عتبة والنساء معها يجد عن أنوف المسلمين، ويبقرن بطونهم، ويقطعن
__________
[1] من ت.
[2] في ت: عن عبد المطلب عن حنطب.(1/372)
الآذان إلا حنظلة، فان أباه كان من المشركين. وبقرت هند عن بطن حمزة فأخرجت كبدة، وجعلت تلوك كبده، ثم لفظته [1] ، فقال النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: لو دخل بطنها لم تدخل النار. قَالَ: لم يمثل بأحد ما مثل بحمزة، قطعت هند كبده، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه، فلما رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما صنع بحمزة قَالَ: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم، فأنزل الله عز وجل [2] : وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ 16: 126- 127 ... الآية. قَالَ معمر عن قتادة: مثل بالمسلمين يوم أحد فأنزل الله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ 16: 126. وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ. 16: 126 ثم قَالَ: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا باللَّه.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ] [3] بْنِ شَعْبَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ [4] ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ [يَوْمَ أُحُدٍ] [5] بِسَيْفَيْنِ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَيُّ أَسَدٍ! فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ عَثَرَ عَثْرَةً فَوَقَعَ مِنْهَا عَلَى ظَهْرِهِ، فَانْكَشَفَ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ، فَطَعَنَه وَحْشِيٌّ الْحَبَشِيُّ بِحَرْبَةٍ. أَوْ قَالَ بِرُمْحٍ، فَأَنْفَذَهُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي حَمَّادٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد عقيل،
__________
[1] في ت: لفظتها، والكبد قد تذكر.
[2] سورة النحل، آية: 126، 127.
[3] من ت.
[4] في ب، والطبقات: عون.
[5] من الطبقات.(1/373)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا رأى النبيّ صلى الله عليه حَمْزَةَ قَتِيلا بَكَى، فَلَمَّا رَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهَقَ.
وَرَوَى صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَى حَمْزَةَ، وَقَدْ قُتِلَ وَمُثِّلَ بِهِ فَلَمْ يَرَ مَنْظَرًا كَانَ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَيْ عَمِّ، فَلَقَدْ كُنْتَ وصولا للرحم، فعولا للخيرات، فو الله لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِالْقَوْمِ لأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ. قَالَ: فَمَا بَرِحَ حَتَّى نَزَلَتْ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. 16: 126 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَلْ نَصْبِرُ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ. وذكر الواقدي قَالَ: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لكن حمزة لا بواكي له إلى اليوم- إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت ميتها. وأنشد أبو زيد [عن] [1] عمر بن شبه لكعب بن مالك يرثي حمزة- وقال ابن إسحاق هي لعبد الله بن رواحة [2] :
بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا ... لحمزة [3] ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعًا ... هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلي، لك الأركان هدت ... وأنت الماجد البرّ الوصول
__________
[1] من ت.
[2] سيرة ابن هشام: 3- 148.
[3] في السيرة: أحمزة.(1/374)
عليك سلام ربك في جنان ... يخالطها نعيم لا يزول
ألا يا هاشم الأخيار صبرًا ... فكل فعالكم حسن جميل
رسول الله مصطبر كريم ... بأمر الله ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيًا ... فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا ... وقائعنا بها يشفي الغليل [1]
نسيتم ضربنا بقليب بدر ... غداة أتاكم الموت العجيل
غداة ثوى أبو جهل صريعا ... عليه الطير حائمة تجول
وعتبة وابنه خرا جميعًا ... وشيبة عضه السيف الصقيل
ألا يا هند لا تبدي شماتًا ... بحمزة إن عزكم ذليل
ألا يا هند فابكى لا تملى ... فأنت الواله العبري الهبول [2]
(542) حمزة بن عمرو [3] الأسلمي.
من ولد أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو ابن عامر، يكنى أبا صالح. وقيل: يكنى أبا مُحَمَّد، يعد في أهل الحجاز. مات سنة إحدى وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنه. ويقال ابن ثمانين سنه.
روى عنه أهل المدينة، وكان يسرد الصوم [4] .
__________
[1] في ت: العليل.
[2] في ى: الشكول، والمثبت من ت، والسيرة. والهبول: التي فقدت عزيزها.
[3] في هوامش الاستيعاب: يخط كاتب الأصل في هامشه ما نصه: حمزة بْن عامر بْن مالك بْن خنساء بْن مبذول، شهد أحدا مع أخيه سعيد، قاله العدوي. وحمزة بن عوف قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنه يزيد فبايعاه.
[4] في هوامش الاستيعاب: أنه قال: يا رسول الله، أجد لي قوة على الصيام في السفر، فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.(1/375)
(543) حمزة بن الحمير، حليف لبني عبيد بن عدي الأنصاري، هكذا قَالَ الواقدي: حمزة. وقال: وقد سمعت من يقول إنه خارجة بن الحمير. قَالَ أبو عمر: هو خارجة بن الحمير، كذلك قَالَ ابن إسحاق وغيره. وقد ذكرناه في باب خارجة. وقيل فيه: حارثة بن الخمير.
باب حمل
(544) حمل،
ويقال: حملة بن مالك بن النابغة الهذلي، من هذيل بن مدركة ابن الياس بن مضر. نزل البصرة، وله بها دار، يكنى أبا نضلة، وذكره مسلم بن الحجاج في تسمية من روى عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ من أهل المدينة وغيره، يعد في البصريين، ومخرج حديثه في الجنين عند المدنيين، وهو عند البصريين أيضًا كانت عنده امرأتان: إحداهما تسمى مليكة، والأخرى أم عفيف، رمت إحداهما الأخرى بحجر أو مسطح أو عمود فسطاط، فأصابت بطنها فألقت جنينًا، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بغرة عَبْد أو أمة.
(545) حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وعقد له لواء وهو القائل: لبث [1] قليلا يدرك الهيجا حمل. وشهد مع خالد مشاهده كلها، وقد تمثل بقوله سعد بن معاذ يوم الخندق حيث قال:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل ... ما أحسن الموت إذا حان الأجل
__________
[1] في ى، وأسد الغابة: البث.(1/376)
باب حميد
(546) حميد بن ثور الهلالي
الشاعر، يقال في نسبه حميد بن ثور بن عَبْد الله [1] بن عامر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة، كذا قَالَ فيه أبو عمر والشيباني وغيره، أسلم حميد وقدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنشده قصيدته التي أولها:
أضحى فؤادي من سليمى مقصدا ... [إن خطأ منها وإن تعمدا] [2]
وذكر العقيلي أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو [3] بن موسى المكيّ، قال: حدثنا الحسن بن مخلد المقري، وذكره الأزدي الموصلي أبو الحسن [4] أيضا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن عيسى بن السكين [5] ، قالا: حَدَّثَنَا هاشم بن القاسم الحراني أبو أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا يعلى بن الأشدق بن جراد [6] بن معاوية العقيلي يكنى أبا الهيثم، قَالَ: حَدَّثَنَا حميد بن ثور الهلالي أنه حين أسلم أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال:
أضحى قلبي [7] من سليمى مقصدًا ... إن خطأ منها وإن تعمدا
فذكر الشعر بتمامه، وفي آخره:
حتى أرانا ربنا محمدًا [8] ... يتلو من الله كتابا مرشدا
__________
[1] في أسد الغابة: حميد بن ثور بن حزن بن عمرو بن عامر. ثم قال: وقيل: حميد بن ثور بن عبد الله ...
[2] ليس في أ، ت.
[3] في ى: بن عمر. والمثبت من أ، ت.
[4] في ت: أبو الحسين. وفي أ: أبو الفتح.
[5] في ى: بن سكين.
[6] في ى: جواد. والمثبت من أ، ت.
[7] في ى: فؤادي.
[8] في الإصابة
حتى أتيت المصطفى محمدا(1/377)
فلم نكذب وخررنا سجدًا ... نعطي الزكاة ونقيم المسجدا
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: لا أعلم له في إدراكه غير هذا الخبر، وله رواية عن عمر. وحميد أحد الشعراء المجودين.
ذكر إبراهيم بن المنذر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فضالة النحوي، قَالَ:
تقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشعراء ألا يشبب رجل بامرأة إلا جلد، فقال حميد بن ثور:
أبى الله إلا أن سرحة مالك ... على كل أفنان العضاة تروق
فقد ذهبت عرضا وما فوق طولها ... من السرح إلا عشة وسحوق
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من برد العشي تذوق [1]
فهل أنا إن عللت نفسي بسرحة ... من السرح موجود علي طريق
قَالَ أبو عمر: ذكر أحمد بن زهير حميد بن ثور فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الشعراء، وأنشد الزبير بن بكار لحميد بن ثور الهلالي، وذكر أنه قدم على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلما وأنشده:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صبوه سنتوب
ليالي أبصار الغواني وسمعها ... إلي وإذ ريحي لهن جنوب
وإذ ما يقول الناس شيء مهون ... علينا وإذ غصن الشباب رطيب
(547) حميد بن منهب بن حارثة الطائي،
لا تصح له صحبة، وإنما سماعه من علي وعثمان، لا أعرف له غير ذلك، وقد ذكره في الصحابة قوم ولا يصح، والله أعلم.
__________
[1] في أ: تذوق.(1/378)
باب حنظلة
(548) حنظلة بن الربيع،
يقال ابن ربيعة، والأكثر ابن الربيع بن صيفي الكاتب الأسيدي [1] التميمي، يكنى أبا ربعي، من بنى أسيد بن عمرو بن نميم، من بطن يقال لهم بنو شريف، وبنو أسيد بن عمرو بن تميم من أشراف بني تميم. وهو أسيد بكسر الياء وتشديدها، قَالَ نافع بن الأسود التميمي يفخر بقومه:
قومي أسيد إن سألت ومنصبي ... فلقد علمت معادن الأحساب
وهو ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب.
وأدرك أكثم بن صيفي مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن مائة وتسعين سنه، وكان يوصي قومه بإتيان النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ ولم يسلم، وكان قد كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاوبه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسر بجوابه، وجمع إليه قومه، فندبهم إلى إتيان النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ والإيمان به، وخبره في ذلك عجيب، فاعترضه مالك بن نويره اليربوعي، وفرق جمع القوم، فبعث أكثم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ابنه مع من أطاعه من قومه، فاختلفوا في الطريق، فلم يصلوا، وحنظلة أحد الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويعرف بالكاتب.
شهد القادسية، وهو ممن تخلف عن علي في قتال أهل البصرة يوم الجمل.
جل حديثه عند أهل الكوفة. ولما توفي رحمه الله جزعت عليه امرأته فنهتها جاراتها وقلن: إن هذا يحبط أجرك، فقالت:
__________
[1] في ت: الأسدي.(1/379)
تعجبت دعد لمحزونة ... تبكي على ذي شيبة شاحب
إن تسأليني اليوم ما شفني ... أخبرك قولا ليس بالكاذب
إن سواد العين أودى به ... حزن على حنظلة الكاتب
مات حنظلة الكاتب في إمارة معاوية بن أبي سفيان ولا عقب له.
(549) حنظلة الغسيل،
وهو حنظلة بن أبي عامر الراهب الأنصاري الأوسي، من بني عمرو بن عوف.
قَالَ ابن إسحاق: هو حنظلة بن أبي عامر، واسم أبي عامر عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة ويقال: اسم أبى عامر الراهب عبد عمرو ابن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة. ويقال: ابن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد [بن مالك بن] [1] عوف بن عمرو بن عوف [بن مالك بن الأوس بن حارثة الأنصاري الأوسي] [2] وأبوه أبو عامر، كان يعرف بالراهب في الجاهلية، وكان هو وعبد الله بن أبي بن سلول قد نفسا [3] على رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ الله به عليه.
فأما عَبْد الله بن أبي بن سلول فآمن ظاهره وأضمر النفاق، وأما أبو عامر فخرج إلى مكة، ثم قدم مع قريش يوم أحد محاربًا، فسماه رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق، فلما فتحت مكة لحق بهرقل هاربًا إلى الروم، فمات كافرًا عند هرقل، وكان معه هناك كنانة بن عبد يا ليل وعلقمة بن علاثة، فاختصما في ميراثه إلى هرقل، فدفعه إلى كنانة بن عَبْد ياليل، وقال لعلقمة: هما من أهل المدر، وأنت من أهل الوبر.
__________
[1] من ت.
[2] ليس في ت.
[3] نفس عليه بخير: حسده.(1/380)
وكانت وفاة أبي عامر الراهب عند هرقل في سنة تسع. وقيل في سنة عشر من الهجرة.
وأما حنظلة ابنه فهو المعروف بغسيل الملائكة، قتل يوم أحد شهيدًا، قتله أبو سفيان بن حرب، وقال حنظلة بحنظلة، يعني بابنه حنظلة المقتول ببدر: وقيل. بل قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي.
وقال مصعب الزبيري: بارز أبو سفيان بن حرب حنظلة بن أبي عامر الغسيل، فصرعه حنظلة، فأتاه ابن شعوب [1] وقد علاه حنظلة فأعانه حتى قتل حنظلة، فقال أبو سفيان [2] :
ولو شئت نجتني كميت طمرة ... ولم أحمل النعماء لابن شعوب
في أبيات كثيرة.
وذكر أهل السيرة أن حنظلة الغسيل كان قد ألم بأهله في حين خروجه إلى أحد، ثم هجم عليه من الخروج في النفير ما أنساه الغسل، وأعجله عنه، فلما قتل شهيدًا أخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الملائكة غسلته. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لامْرَأَةِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ: مَا كَانَ شَأْنُهُ؟ قَالَتْ: كَانَ جُنُبًا وَغَسَلْتُ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْهَيْعَةَ خَرَجَ فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلائِكَةَ تُغَسِّلُهُ. وابنه عَبْد الله بن حنظلة، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قد ذكرناه في باب العبادلة من هذا الكتاب.
__________
[1] ابن شعوب: هو شداد بن الأسود، وهو الّذي قتل حنظلة.
[2] سيرة ابن هشام: 3- 21. (الاستيعاب ج 1- م 13)(1/381)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَخَرَتِ الأَوْسُ فقالوا: منّا غسيل الملائكة حنظلة ابن الرَّاهِبِ، وَمِنَّا مَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ [1] عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ، وَمِنَّا مَنْ أُجِيزَتْ شَهَادَتُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِنَّا مَنِ اهْتَزَّ بِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. فَقَالَ الْخَزْرَجِيُّونَ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ قَرَءُوا الْقُرْآنَ على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْرَأْهُ غَيْرُهُمْ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: يعني لم يقرأه كله أحد منكم يا معشر الأوس، ولكن قد قرأه جماعة من غير الأنصار، منهم عَبْد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم
(550) حنظلة بن حذيم بن حنيفة،
أبو عبيد الحنفي، من بني حنيفة.
ويقال: حنظلة بن حذيم التميمي السعدي، هكذا قَالَ العقيلي. وقال البخاري: حنظلة بن حذيم ولم ينسبه. قَالَ: وقال يعقوب بن إسحاق، عن حنظلة بن حنيفة بن حذيم قَالَ: قَالَ حذيم: يا رسول الله، إن حنظلة أصغر بني ... الحديث. هكذا ذكره البخاري، ولم يجوده.
روى حنظلة هَذَا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يتم على غلام بعد احتلام، ولا على جارية إذا هي حاضت. وروى أيضًا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا متربعًا. روى عنه الذيال بن عبيد.
__________
[1] الدبر: الزنابير.(1/382)
(551) حنظلة [1] الأنصاري،
إمام مسجد قباء. روى عنه جبلة بن سحيم، لا أعلم أنه روى عنه غيره.
(552) [حنظلة بن قيس الورقى،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فيما ذكره الواقدي.
وروى عن عمر بن عثمان، ورافع بن خديج، وروى عنه ابن شهاب الزهري] [2] .
باب حي
(553) حيّ بن حارثة الثقفي،
حليف لبني زهرة بن كلاب. أسلم يوم فتح مكة، وقتل يوم اليمامة شهيدا، هكذا قال ابن إسحاق حي بن حارثة [3] .
وقال الواقدي: حي بن جارية بالجيم، وكذلك ذكره الطبري. وقال أبو معشر: يعلى بن جارية الثقفي.
(554) حيي الليثي،
سكن مصر، له صحبة، حديثه عند ابن لهيعة.
باب الأفراد في الحاء
(555) الحسن بن علي بن أبي طالب بن عَبْد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي
[حفيد رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ابن بنته فاطمة رضي الله عنها، وابن ابن عمه علي بن أبي طالب] [4] يكنى أبا مُحَمَّد، ولدته أمه فاطمة بنت رسول الله صلى
__________
[1] في هوامش الاستيعاب أمامه: حنظلة بن النعمان بن عامر بن عجلان شهد أحدا وما بعدها، وهو الّذي خلف على خولة بنت قيس بعد حمزة بن عبد المطلب، قاله العدوي.
[2] من ت.
[3] في أسد الغابة: يعنى بالحاء والثاء المثلثة. وقال الطبري: بحاء وياء- بن جارية- بجيم.
وقال الواقدي: جي بياءين وجيم. ثم قال: وقد ذكرناه في جى- بعد الحاء باء موحدة.
[4] ما بين القوسين ليس في أ، ت.(1/383)
الله عليه وَسَلَّمَ في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، هذا أصح ما قيل في ذلك إن شاء الله، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم سابعه بكبش [1] ، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ، قَالَ حَدَّثَنَا: يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَحَدَّثَنَا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ، قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هانئ بن هانئ، عن علي رضي الله عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ جاء رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا. قَالَ: بَلْ هُوَ حَسَنٌ.
فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ قَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا. قَالَ: بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ. فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: حَرْبًا قَالَ: بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ. زَادَ أَسَدٌ، ثُمَّ قَالَ:
إِنِّي سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ: شَبَّرُ وَشَبِّيرُ وُمَشَبِّرٌ. وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ أَشْبَهَ الناس برسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالْحُسَيْنُ أشه الناس بالنبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَا كَانَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ.
وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال لحسن ابن علي: إن ابني هذا سيد، وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. رواه جماعة من الصحابة.
__________
[1] في ى: يكبشين. والمثبت من أ، ت.(1/384)
وفي حديث أبي بكرة في ذلك: وإنه ريحانتي من الدنيا. ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ سيدًا، وكان رضي الله عنه حليمًا ورعًا فاضلا، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، وقال: والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني وما يضرني أن إلي أمر أمة محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ على أن يهراق في ذلك محجمة دم. وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان والذابين عنه، ولما قتل أبوه علي رضي الله عنه بايعه أكثر من أربعين ألفًا، كلهم قد كانوا بايعوا أباه عليًا قبل موته على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه، فبقي نحوًا من أربعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها [1] من خراسان، ثم سار إلى معاوية، وسار معاوية إليه، فلما تراءى الجمعان، وذلك بموضع يقال له مسكن من أرض السواد بناحية الأنبار علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتى تذهب أكثر الأخرى، فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصير الأمر إليه على أن يشترط عليه ألا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه، فأجابه معاوية، وكاد يطير فرحًا، إلا أنه قَالَ:
أما عشرة أنفس فلا أؤمنهم.
فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول: إني قد آليت أني متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده، فراجعه الحسن إني لا أبايعك أبدًا وأنت تطلب قيسًا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت. فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال: أكتب ما شئت فيه وأنا ألتزمه.
فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كله معاوية فقال له عمرو بن العاص: إنهم قد انفل حدهم،
__________
[1] في ى: وما وراءه.
(الاستيعاب ج 1- م 14)(1/385)
وانكسرت شوكتهم، فقال له معاوية: أما علمت أنه قد بايع عليا أربعون ألفا على الموت، فو الله لا يقتلون حتى يقتل أعدادهم من أهل الشام، وو الله ما في العيش خير بعد ذلك. واصطلحا على ما ذكرنا، وكان كما قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ سَارَ الْحَسَنُ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الْحَسَنُ الْقِتَالَ، وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَهْدَ لِلْحَسَنِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: فَكَانَ أَصْحَابُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ لَهُ يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ. فَيَقُولُ: الْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ. حَدَّثَنَا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الله بْنُ عُمَرَ [1] بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رشدين، قال: حدثني عمرو ابن خَالِدٍ مِرَارًا، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَوْقٍ [2] الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ أَبَا الْغَرِيفِ [3] حَدَّثَهُمْ قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا بِمَسْكِنَ مُسْتَمْيِتِينَ تَقْطُرُ أَسْيَافُنَا مِنَ الْجَدِّ وَالْحِرْصِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ وَعَلَيْنَا أَبُو الْعَمْرِ طه [4] ، فَلَمَّا جَاءَنَا صُلْحُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ كَأَنَّمَا كسرت
__________
[1] في ى: عبد الله بن محمد بن إسحاق. والمثبت من أ، ت.
[2] في هوامش الاستيعاب: اسم أبى روق عطية بن الحارث.
[3] في ى: العريق، والصواب من ت، والتقريب. واسمه عبيد الله بن خليفة كما في التقريب، أو عبد الله بن خليفة كما في هوامش الاستيعاب. وفي أ، وهوامش الاستيعاب:
أبا العريف.
[4] هكذا في كل الأصول.
(ظهر الاستيعاب ج 1- م 14)(1/386)
ظُهُورُنَا مِنَ الْغَيْظِ وَالْحُزْنِ فَلَمَّا جَاءَ الْحَسَنُ الْكُوفَةَ أَتَاهُ شَيْخٌ مِنَّا يُكَنَّى أَبَا عَامِرٍ سُفْيَانَ بْنَ لَيْلَى [1] ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا تَقُلْ يَا أَبَا عَامِرٍ، فَإِنِّي لَمْ أُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ. وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:
مَكَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لا يُسَلِّمُ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَؤَمِّرَهُ أَحَدٌ، وَكَانَ بِالطَّائِفِ. قَالَ: وَسَلَّمَ الأَمْرُ الْحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الأُولَى مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، فَبَايَعَ النَّاسُ مُعَاوِيَةَ حِينَئِذٍ، وَمُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ إِلا شَهْرَيْنِ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: هذا أصح ما قيل في تاريخ عام الجماعة، وعليه أكثر أهل هذه الصناعة من أهل السير والعلم بالخبر، وكل من قَالَ:
إن الجماعة كانت سنة أربعين فقد وهم، ولم يقل بعلم، والله أعلم.
ولم يختلفوا أن المغيرة حج عام أربعين على ما ذكر أبو معشر، ولو كان الاجتماع على معاوية قبل ذلك لم يكن كذلك، والله أعلم.
ولا خلاف بين العلماء أن الحسن إنما سلم الخلافة لمعاوية حياته لا غير، ثم تكون له من بعده، وعلى ذلك انعقد بينهما ما انعقد في ذلك، ورأى الحسن ذلك خيرًا من إراقة الدماء في طلبها، وإن كان عند نفسه أحق بها.
حَدَّثَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعلى، قالوا: حدثنا
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: في غير هذا الكتاب: الليل.(1/387)
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ حِينَ سَلَّمَ الأَمْرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ كَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَأْمُرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَيَخْطُبُ النَّاسَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ: لا حَاجَةَ بِنَا إِلَى ذَلِكَ قَالَ عَمْرٌو: وَلَكِنِّي أُرِيدُ ذَلِكَ لِيَبْدُوَ عِيُّهُ [1] ، فَإِنَّهُ لا يَدْرِي هَذِهِ الأُمُورَ مَا هي؟ ولم يَزَلْ بِمُعَاوِيَةَ حَتَّى أَمَرَ الْحَسَنَ أَنْ يَخْطُبَ، وَقَالَ لَهُ:
قُمْ يَا حَسَنُ فَكَلِّمِ النَّاسَ فِيمَا جَرَى بَيْنَنَا.
فَقَامَ الْحَسَنُ فَتَشَهَّدَ، وَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بِأَوَّلِنَا، وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَإِنَّ لِهَذَا الأَمْرُ مُدَّةً، وَالدُّنْيَا دُوَلٌ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ [2] : وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ 21: 109. إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ ومتاع إلى حين. فَلَمَّا قَالَهَا قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ ثُمَّ قَامَ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ لِعَمْرٍو: هَذَا مِنْ رَأْيِكَ.
وَأَخْبَرَنَا خَلَفٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الأَجْلَحُ، أَنَّهُ سَمِعَ الْمُجَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ يَذْكُرُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ:
قُمْ فَاخْطُبِ النَّاسَ، وَاذْكُرْ مَا كُنْتَ فِيهِ.
فَقَامَ الْحَسَنُ فَخَطَبَ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي هَدَى بِنَا أَوَّلَكُمْ [3] . وَحَقَنَ بِنَا دِمَاءَ آخِرِكُمْ، أَلا إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقِيُّ، وَأَعْجَزَ الْعَجْزِ الْفُجُورُ، وَإِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي اخْتَلَفْتُ فِيهِ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ
__________
[1] في ى: عيبه. والمثبت من أ، ت.
[2] سورة الأنبياء، آية 109 وما بعدها.
[3] في أسد الغابة: هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا.(1/388)
مِنِّي، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِّي فَتَرَكْتُهُ للَّه، ولإصلاح أمّة محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ [1] ، وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111. ثُمَّ نَزَلَ. فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: مَا أَرَدْتُ إِلا هَذَا.
ومات الحسن بن علي رضي الله عنهما بالمدينة واختلف في وقت وفاته، فقيل: مات سنة تسع وأربعين. وقيل: بل مات في ربيع الأول من سنة خمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين. وقيل: بل مات سنة إحدى وخمسين، ودفن ببقيع الغرقد [2] وصلى عليه سعيد بن العاص، وكان أميرًا بالمدينة قدمه الحسين للصلاة على أخيه، وقال. لولا أنها سنة ما قدمتك.
وقد كانت أباحت له عائشة أن يدفن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتها، وكان سألها ذلك في مرضه، فلما مات منع من ذلك مروان وبنو أمية في خبر يطول ذكره.
وقال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسن بن على، سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي.
وقالت طائفة [3] : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك، وكان لها ضرائر، والله أعلم.
ذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بن أبى خيثمة قالا: حدثنا موسى
__________
[1] سورة الأنبياء، آية 111.
[2] مقبرة أهل المدينة.
[3] في هوامش الاستيعاب: نسبة السم إلى معاوية غير صحيحة، لما في تاريخ ابن خلدون إن ما ينقل من أن معاوية دسّ إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك.(1/389)
ابن إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: دخل الحسين على الحسن، فَقَالَ: يَا أَخِي إِنِّي سُقِيتُ السُّمَّ ثَلاثَ مرار، لَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ إِنِّي لأَضَعُ كَبِدِي. فَقَالَ الْحُسَيْنُ: مَنْ سَقَاكَ يَا أَخِي؟ قَالَ: مَا سُؤَالُكَ عَنْ هَذَا؟ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَهُمْ، أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ. فلما مات ورد البريد بموته على معاوية، فقال: يا عجبًا من الحسن، شرب شربة من عسل بماء رومة. فقضى نحبه.
وأنّى ابن عباس معاوية. فقال له: يا بن عباس، احتسب الحسن، لا يحزنك الله ولا يسوءك. فقال: أما ما أبقاك الله لي يا أمير المؤمنين فلا يحزنني الله ولا يسوءني. قَالَ: فأعطاه على كلمته ألف ألف وعروضا وأشياء، وقال: خذها واقسمها على أهلك.
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لَقَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا وَمَا سُقِيْتُهُ مِثْلَ هَذِه الْمَرَّةِ، لَقَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِي، فَرَأَيْتُنِي أَقْلِبُهَا بِعُودٍ مَعِي فَقَالَ لَهُ الحسين: يَا أَخِي، مَنْ سَقَاكَ؟ قَالَ: وَمَا تُرِيدُ إِلَيْهِ؟ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَئِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ فاللَّه أَشَدُّ نِقْمَةً، وَلَئِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَا أُحِبُّ أَنْ تَقْتُلَ بِي بَرِيئًا. وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ.
وقال أبو جحيفة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وكان الحسين يشبهه.(1/390)
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: حفظ الحسن بن علي عن رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أحاديث ورواها عنه، منها حديث الدعاء في القنوت، ومنها:
إنا آل مُحَمَّد لا تحل لنا الصدقة. وروى عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال في الحسن والحسين: إنهما سيدا شباب أهل الجنة. وقال: اللَّهمّ إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. قيل: كانت سنة يوم مات ستّا وأربعين سنة وقيل سبعا وأربعين.
وكان معاوية قد أشار بالبيعة إلى يزيد في حياة الحسن، وعرض بها، ولكنه لم يكشفها، ولا عزم عليها إلا بعد موت الحسن.
وروينا من وجوه أن الحسن بن علي لما حضرته الوفاة قَالَ للحسين أخيه: يا أخي، إن أبانا رحمه الله تعالى لما قبض رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ استشرف لهذا الأمر، ورجا أن يكون صاحبه، فصرفه الله عنه، ووليها أبو بكر، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضًا، فصرفت عنه إلى عمر. فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم، فلم يشك أنها لا تعدوه، فصرفت عنه إلى عثمان، فلما هلك عثمان بويع، ثم نوزع حتى جرد السيف، وطلبها، فما صفا له شيء منها، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا- أهل البيت- النبوة والخلافة، فلا أعرفن ما استخفك [1] سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك وقد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم. وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها فإن طلت نفسها فادفني في بيتها،
__________
[1] في أسد الغابة: فلا يستخفنك أهل الكوفة ليخرجوك.(1/391)
وما أظن القوم إلا [1] سيمنعونك إذا أردت ذلك، فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع الغرقد، فإن فيمن فيه [2] أسوة.
فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة، فطلب ذلك إليها، فقالت: نعم وكرامة. فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كذب وكذبت، والله لا يدفن هناك أبدًا، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة! فبلغ ذلك الحسين، فدخل هو ومن معه في السلاح، فبلغ ذلك مروان فاستلأم في الحديد أيضًا، فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: والله ما هو إلا ظلم، يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه، والله إنه لابن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثم انطلق إلى الحسين فكلمه وناشده الله، وقال له: أليس قد قَالَ أخوك:
إن خفت أن يكون قتال فردوني إلى مقبرة المسلمين، فلم يزل به حتى فعل، وحمله إلى البقيع، فلم يشهده يومئذ من بنى أميّة إلا سعيد بن العاصي، وكان يومئذ أميرًا على المدينة، فقدمه [3] الحسين للصلاة عليه وقال: هي السنة. وخالد بن الوليد بن عقبة ناشد بني أمية أن يخلوه يشاهد الجنازة، فتركوه، فشهد دفنه في المقبرة، ودفن إلى جنب أمه فاطمة رضي الله عنها وعن بينها أجمعين.
(556) الحسين بن علي بن أبي طالب،
أمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا عَبْد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع، وقيل سنة ثلاث، هذا قول الواقدي وطائفة معه.
__________
[1] في ت: وما أظن أن القوم سيمنعونك. وفي أمثل ى.
[2] في ى: فإن فيمن ثمة لي أسوة.
[3] في ى: قدمه.(1/392)
قَالَ الواقدي: علقت فاطمة بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة.
وروى جعفر بن مُحَمَّد عن أبيه قَالَ: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد. وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بسنة [1] وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ [2] ، وعق [3] عنه رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ كما عق عن أخيه، وكان الحسين فاضلا دينًا كثير الصيام والصلاة والحج.
قتل رضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء [4] من أرض العراق بناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضًا بالطف، قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضًا سنان بن أبي سنان النخعي، وهو جد شريك القاضي.
ويقال: بل الذي قتله رجل من مذحج. وقيل: بل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، جز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركابي فضة وذهبًا ... إني [5] قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أمًا وأبًا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقال يحيى بن معين: أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين عمر ابن سعد بن أبي وقاص، قَالَ يحيى: وكان إبراهيم بن سعد يروى فيه حديثًا إنه لم يقتله عمر بن سعد.
__________
[1] في ى: أو عشرة أشهر. والمثبت من أ، ت.
[2] في أسد الغابة: فولدته لست سنين وخمسة أشهر ونصف شهر من الهجرة.
[3] العقيقة: الشاة التي تذبح عند حلق شعر المولود. وعق عن المولود: ذبح عنه (القاموس) .
[4] كربلاء: الموضع الّذي قتل فيه الحسين في طرف البرية عند الكوفة (ياقوت) .
[5] في أسد الغابة: فقد قتلت السيد.(1/393)
وقال أبو عمر: إنما نسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، [وأمر عليهم عمر ابن سعد] [1] ، ووعده أن يوليه الري إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل- والله أعلم- قوم من مضر [2] ومن اليمن.
وفي شعر سليمان بن قتة الخزاعي. وقيل: إنها لأبي الرميح [3] الخزاعي ما يدل على الاشتراك في دم الحسين، فمن قوله في ذلك [4] :
مررت على أبيات آل مُحَمَّد ... فلم أر من أمثالها حين حلت
فلا يبعد الله البيوت وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية [5] ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ... ولم تنك في أعدائهم حين سلت
وإن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقابا من قريش فذلت [6]
وفيها يقول:
إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها ... وتقتلنا قيس إذا النعل زلت
وعند غني قطرة من دمائنا ... سنجزيهم يومًا بها حيث حلت
ومنها أو من غيرها:
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرّت
__________
[1] الزيادة من أ، ت.
[2] في ى: مصر. وفي ت من بنى مضر. والمثبت من أ.
[3] نسبت هذه الأبيات إلى أبى دهبل الجمحيّ في معجم البلدان (مادة طف) .
وفي هوامش الاستيعاب: بخطه الزميج، وصوابه: لأبى رمح.
[4] في ياقوت: فلم أرها أمثالها.
[5] في ياقوت:
وكانوا غياثا ثم أضحوا رزيه
[6] في ياقوت:
ألا إن قتلى الطف من آل هاشم ... أذلت رقاب المسلمين فذلت(1/394)
وقد أعولت تبكي السماء لفقده ... وأنجمها ناحت عليه وصلت
في أبيات كثيرة.
وقال خليفة بن خياط: الذي ولى قتل الحسين بن علي شمر بن ذي الجوشن وأمير الجيش عمر بن سعد.
وقال مصعب: الذي ولى قتل الحسين بن علي سنان بن أبي سنان النخعي، لا رحمه الله، ويصدق ذلك قول الشاعر:
وأي رزية عدلت حسينًا ... غداة تبيره [1] كفا سنان
وقال منصور النمري:
ويلك يا قاتل الحسين لقد ... بؤت بحمل ينوء بالحامل
أي حباء [2] حبوت أحمد في ... حفرته من حرارة الثاكل
تعال فاطلب غدًا شفاعته ... وانهض فرد حوضه مع الناهل
ما الشك عندي في حال قاتله ... لكنني قد أشك في الخاذل [3]
كأنما أنت تعجبين ألا ... تنزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عما ترين بالغافل
ما حصلت لامرئ سعادته ... حقت عليه عقوبة الآجل
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ
__________
[1] في ى: تثيره.
[2] في أسد الغابة، أ: حبا.
[3] في أسد الغابة: بالخاذل.(1/395)
النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ قَائِمٌ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، بِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ فقلت: يا أبى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ قَالَ:
هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وهذا البيت زعموا قديمًا لا يدرى قائله:
أترجو أمة قتلت حسينًا ... شفاعة جده يوم الحساب
وبكى الناس الحسين فأكثروا.
وروى فطر، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قَالَ: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة وقال أبو موسى، عن الحسن البصري: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبة.
وقيل: إنه قتل مع الحسين من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
وقال أبو عمر: لما مات معاوية وأفضت الخلافة إلى يزيد، وذلك في في سنة ستين، ووردت بيعته على الوليد بن عقبة [1] بالمدينة ليأخذ البيعة على أهلها أرسل إلى الحسين بن علي وإلى عَبْد الله بن الزبير ليلا فأتى بهما، فقال: بايعا، فقالا: مثلنا لا يبايع سرًا، ولكننا نبايع على رءوس الناس إذا أصبحنا. فرجعا إلى بيوتهما، وخرجا من ليلتهما إلى مكة، وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة شعبان ورمضان وشوال وذا القعده، وخرج يوم التروية يريد الكوفة، فكان سبب هلاكه.
قتل [2] يوم الأحد لعشر مضين من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى
__________
[1] في ت: عتبة.
[2] في ت: فقتل.(1/396)
وستين بموضع من أرض الكوفة يدعى كربلاء قرب الطف، وقضى الله عز وجل أن قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء سنة سبع وستين، قتله إبراهيم بن الأشتر في الحرب، وبعث برأسه إلى المختار، وبعث به المختار إلى ابن الزبير، فبعث به ابن الزبير إلى علي بن الحسين.
واختلف في سنّ الحسين يوم قتله: فقيل: قتل وهو ابن سبع وخمسين.
وقيل: قتل وهو ابن ثمان وخمسين.
قَالَ قتادة: قتل الحسين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر، وذكر المازني، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، قَالَ: قَالَ لي جعفر بن مُحَمَّد: توفي علي بن أبي طالب، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وتوفي مُحَمَّد بن علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قَالَ سفيان: وقال لي جعفر بن مُحَمَّد وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين فتوفى فيها رحمه الله.
قَالَ مصعب الزبيري: حج الحسين بن علي خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، وَذَكَرَ أَسَدٌ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ هَاتَانِ، وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِكَفَّيْ حُسَيْنٍ، وَقَدَمَاهُ عَلَى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ. قَالَ: فَرَقَّى الْغُلامُ حَتَّى وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ(1/397)
رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: افْتَحْ فَاكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ أَحِبَّهُ، فَإِنِّي أُحِبُّهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عن النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ. هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا الاختلاف [في إسناد هذا الحديث في] [1] كتاب التمهيد لحديث رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في الموطأ، والحمد للَّه.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن سنان ابن أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في ابن صائد: اختلفتم وأما بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَأَنْتُمْ بَعْدِي أَشَدُّ اخْتِلافًا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ [2] ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَسْأَلُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي فِكَاكِ الأَسِيرِ عَلَى مَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَعَانَهُمْ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَاتَلَ مَعَهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي يُقَاتِلُ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيُفَكُّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَتَى يَجِبُ عَطَاءُ الصَّبِيِّ؟ قَالَ:
إذا استهلّ وجب عطاؤه ورزقه.
__________
[1] الزيادة من ت، أ.
[2] في. ت: ابن عمر.(1/398)
وَسَأَلَهُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا فَدَعَا بِلِقْحَةٍ لَهُ فَحُلِبَتْ وَشَرِبَ قَائِمًا وَنَاوَلَهُ، وَكَانَ يُعَلِّقُ الشَّاةَ الْمَصْلِيَّةَ [1] فَيُطْعِمُنَا مِنْهَا وَنَحْنُ نَمْشِي مَعَهُ.
(557) حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
كان من مسلمة الفتح، وهو أحد المؤلفة قلوبهم. أدركه الإسلام وهو ابن ستين سنه أو نحوها، وأعطى من غنائم حنين مائة بعير، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب بتجديد [أنصاب [2]] الحرم، وكان ممن دفن عثمان بن عفان. وباع من معاوية دارًا بالمدينة بأربعين ألف دينار، فاستشرف لذلك الناس، فقال لهم معاوية: وما أربعون ألف دينار لرجل له خمسة من العيال؟
يكنى أبا مُحَمَّد وقيل: يكنى أبا الأصبع.
روى عنه أبو نجيح المكي، والسائب بن يزيد.
وقال ابن معين: لست أعلم له حديثًا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: قد روى عن عَبْد الله بن السعدي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مروان يومًا لحويطب بن عَبْد العزى: تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث فقال حويطب: الله المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير ما مرة، كل ذلك يعوقى أبوك عنه وينهاني، ويقول:
تضع شرف [3] قومك وتدع دينك ودين آبائك لدين محدث، وتصير تابعًا.
قَالَ: فأسكت- والله- مروان، وندم على ما كان قال له.
__________
[1] صلى اللحم: شواه، كأصلاه، وصلّاه (القاموس) .
[2] ليس في أ.
[3] في أ، ت: تضع شرفك.(1/399)
ثم قَالَ له حويطب: أما كان أخبرك عثمان بما كان لقي من أبيك حين أسلم، فازداد مروان غمًا. ثم قَالَ حويطب: ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة أكره لما هو عليه مني، ولكن المقادير.
ويروى عنه أنه قَالَ: شهدت بدرًا مع المشركين فرأيت عبرًا، رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض، ولم أذكر ذلك لأحد.
وشهد مع سهيل بن عمرو صلح الحديبية، وآمنة أبو ذر يوم الفتح، ومشى معه، وجمع بينه وبين عياله حتى نودي بالأمان للجميع، إلا للنفر الذين أمر بقتلهم، ثم أسلم يوم الفتح، وشهد حنينًا والطائف مسلمًا، واستقرضه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أربعين ألف درهم فأقرضه إياها.
ومات حويطب بالمدينة في آخر إمارة معاوية. وقيل: بل مات سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة.
(558) حطاب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشي الجمحي.
هاجر إلى أرض الحبشة مع أخيه حاطب بن الحارث، وهاجرت معه امرأته فكيهة بنت يسار، ومات حطاب في الطريق إلى أرض الحبشة، لم يصل إليها، فقيل: إنه مات في الطريق منصرفه منها، كذلك قَالَ مصعب.
(559) حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمرو [1] بن مخزوم القرشي المخزومي،
__________
[1] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.(1/400)
جد [1] المطلب بن عَبْد الله بن حنطب، كان من مسلمة الفتح له حديث واحد إسناده ضعيف.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عن المغيرة عبد الرحمن، عن المطلب ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: هَذَانِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ، فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الإِسْنَادِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذَا هُوَ الْحِزَامِيُّ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ بِالْمَخْزُومِيِّ الْفَقِيهِ صَاحِبِ الرَّأْيِ، ذَلِكَ ثِقَةٌ فِي الْحَدِيثِ حَسَنُ الرَّأْيِ.
(560) حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ [2] بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي،
أبو وهب، جد سعيد بن المسيب بن حزن، الفقيه المدني، كان من المهاجرين [3] ومن أشراف قريش في الجاهلية، وهو الذي أخذ الحجر من الكعبة حين فرغوا من قواعد إبراهيم فنزًا [4] الحجر من يده حتى رجع مكانه. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحزن بن أبي وهب: ما اسمك؟ قَالَ: حزن، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا، بل أنت سهل، فقال: اسم سماني به أبى.
__________
[1] في ت: عبد المطلب. وفي هوامش الاستيعاب. وكان المطلب من أسارى بدر من عليه رسول الله بغير فداء لفقره وعجزه عن فداء نفسه، وليس لأبيه صحبة ولا رواية وقد ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب وهم.
[2] في أ، ت: عائد.
[3] في هامش ت: إنما هو من الطلقاء، وقتل يوم اليمامة.
[4] في أ: فنزل. ونزا: وثب.(1/401)
ويروى أنه قَالَ: إنما السهولة للحمار. قَالَ سعيد بن المسيب: فما زالت تلك الحزونة تعرف فينا حتى اليوم.
وقال أهل النسب: في ولده حزونة وسوء خلق معروف ذلك فيهم لا يكاد يعدم [1] منهم. وكان سعيد بن المسيب ربما أنشد:
وعمران بن مخزوم فدعهم ... هناك السر [2] والحسب اللّباب
(561) الحويرث بن عَبْد الله بن خلف بن مالك بن عَبْد الله بن حارثة بن غفار بن مليل الغفاري،
هو آبي اللحم. قيل له ذلك فيما ذكر ابن الكلبي، لأنه أبي أن يأكل ما ذبح على الأنصاب. قتل يوم حنين شهيدًا، وذلك سنة ثمان من الهجرة.
(562) حريز، أو أبو حريز [3] ، هكذا روى على الشك.
أتى النبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ بمنى وهو يخطب. قَالَ: فوضعت يدي على ضفة راحلته فإذا مسك ضائنة [4] .
(563) حزابة بن نعيم بن عمرو بن مالك بن الضبيب الضبابي،
أسلم عام تبوك.
(564) حمنن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري،
أخو عَبْد الرحمن بن عوف. قَالَ الزبير: لم يهاجر ولم يدخل المدينة، وعاش في الجاهلية ستّين سنة، وفي الإسلام ستين سنة،
__________
[1] في ى: يعدو. وهو تحريف.
[2] في أ: الشر.
[3] في أسد الغابة: قد أخرجه ابن مسعود في الأفراد فقال: جرير أو أبو جرير- بالجيم. والأول أصح.
[4] في أسد الغابة: على رحله فإذا ميثرته جلد ضائنة. وفي الطبقات: على ميثرته.(1/402)
وأوصى حمنن والأسود ابنا عوف إلى عَبْد الله بن الزبير. قال:
وفي موت حمين يقول القائل:
فيا عجبا إذ لم تفتق عيونها ... نساء بني عوف وقد مات حمنن
(565) حزم بن أبي كعب الأنصاري،
ذكر البخاري في التاريخ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا طالب بن حبيب، قال: سمعت عبد الرحمن بْنَ جَابِرٍ، عَنْ حَزْمِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ أَنَّهُ مَرَّ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَهُوَ يَؤُمُّ فِي الْمَغْرِبِ فَطَوَّلَ، فَانْصَرَفَ فَذُكِرَ حَزْمٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ [1] : أَحْسَنْتُ صَلاتِي، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ لا تَكُنْ فَتَّانًا. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَيُقَالُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن جابر، عن أبيه أن حزم ابن أَبِي كَعْبٍ صَلَّى خَلْفَ مُعَاذٍ فَطَوَّلَ مُعَاذُ ... الْحَدِيثَ.
قَالَ أبو عمر: وفي غير هذه الرواية أن صاحب معاذ اسمه حزام [2] ابن أبي كعب. قَالَ أبو عمر: قد ذكرناه فيما تقدم.
(566) حيدة ووردان،
ابنا مخرم بن مخرمة بن قرط بن جناب من بني العنبر بن عمرو بن تميم، لهما صحبة قاله الطبري.
قدما عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلما ودعا لهما.
(567) حمران بن جابر الحنفي اليمامي،
له صحبة، وهو أحد الوفد السبعة من بني حنيفة.
(568) الحر بن قيس بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري،
ابن أخى عيينة
__________
[1] في ى: قال.
[2] في ى: حرام.(1/403)
ابن حصن، كان أحد الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من فزارة مرجعه من تبوك.
روى سفيان بن عيينة، عن الزهري قَالَ: كان جلساء عمر بن الخطاب أهل القرآن شبابًا وكهولا، قَالَ: فجاء عيينة الفزاري، وكان له ابن أخ من جلساء عمر يقال له الحر بن قيس، فقال لابن أخيه: ألا تدخلني على هذا الرجل؟ فقال: إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل.
فأدخله على عمر. فقال: يا بن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا نعطي الجزل فغضب عمر غضبا شديدا حتى هم أن يوقع به. فقال ابن أخيه: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى يقول في كتابه [1] : «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» 7: 199 وإن هذا من الجاهلين.
قال: فخلى عنه عمر، وكان [2] وقافا عند كتاب الله عز وجل والحر بن قيس هذا، هو المذكور في حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس في صاحب موسى الذي سأل لقاءه، فمر بهما أبي بن كعب فحدثهما بقصة موسى والخضر.
حدث به عن الزهري الأوزاعي ويونس بن يزيد.
وذكر الطبري الحر بن مالك من بني جحجبى شهد أحدا، وقد ذكرناه في حين ذكرنا جزء بن مالك في الجيم فيما تقدم، فلولا الاختلاف فيه لجعلنا الحرّ في باب [3] .
__________
[1] سورة الأعراف، آية 198.
[2] في أسد الغابة: وكان دقافا عند كتاب الله.
[3] في ى: بابه.(1/404)
(569) حميل [1] بن بصرة أبو بصرة الغفاري،
ويقال حميل وحميل، والصواب حميل. كذلك قَالَ علي بن المديني. وزعم أنه سأل بعض ولده عن ذلك فقال حميل، وجعل ما عداه تصحيفًا قَالَ علي بن المديني: سألت شيخًا من بني غفار. فقلت: جميل بن بصرة تعرفه؟ فقال: صحفت، صاحبك والله إنما هو حميل بن بصرة، وهو جد هذا الغلام- لغلام كان معه- وكذلك قَالَ فيه زيد بن أسلم: حميل.
رَوَى عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ هَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُجَبِّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الطُّورِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَقِيَ حُمَيْلا الْغِفَارِيَّ. فَقَالَ لَهُ حُمَيْلٌ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟
قَالَ: مِنَ الطُّورِ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَوْ لَقِيتُكَ لَمْ تَأْتِهِ. ثُمَّ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا تُضْرَبُ [2] أَكْبَادُ الإِبِلِ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ أبو عمر: هذا يشهد لصحة قول من قَالَ في هذا الحديث
__________
[1] في التقريب: مثل حميد، لكن آخره لام. وقيل بفتح أوله، وقيل بالجيم- ابن بصرة بفتح الموحدة ابن وقاص، أبو بصرة الغفاريّ. وفي أسد الغابة: وقيل: بصرة ابن أبى بصرة.
[2] في أسد الغابة: لا نشد الرحال.(1/405)
عن أبى هريرة: فلقت أبا بصرة. ومن قَالَ فيه: فلقيت بصرة بن أبي بصرة، فليس بشيء، وقد أوضحنا ذلك في باب بصرة، والحمد للَّه.
(570) حي بن جارية الثقفي.
أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدًا، هذا قول الطبري، وفي رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قَالَ: وممن قتل يوم اليمامة حي بن حارثة من ثقيف.
قَالَ الدارقطني: كذا ضبطناه بكسر الحاء ممال في كتاب ابن إسحاق رواية إبراهيم بن سعد. قَالَ أبو عمر: هكذا قَالَ ابن حارثة بالحاء والثاء [1] .
(571) حبيش بن خالد بن منقذ بن ربيعة،
ومنهم من يقول حبيش بن خالد ابن خليف [2] بن منقذ بن ربيعة [بن أصرم بن ضبيب بن حرام [3]] الخزاعي [الكعبي [4]] أحد بني كعب بن عمرو.
[وقيل: حبيش بن خالد بن ربيعة، لا يذكرون منقذا. وينسبونه: حبيش ابن خالد بن ربيعة بن حرام بن ضبيس بن حرام بن حبيشة بن كعب بن عمرو الخزاعي الكعبي، حليف بني منقذ بن عمرو] [5] ، ويكنى أبا صخر، وهو صاحب حديث أم معبد الخزاعية، لا أعلم له حديثًا غيره. وأبوه خالد يقال له الأشعر [6] يعرف بذلك، وحبيش هذا هو أخو أم معبد الخزاعية، واسمها عاتكة بنت خويلد بن خالد، وأخوها خويلد بن خالد،
__________
[1] قال في أسد الغابة:
قال الطبري: وبحاء وياء واحدة، ابن جارية- بجيم. وقال الواقدي: جي بياءيين وجيم ثم قال: وقد ذكرناه في جى بعد الحاء باء موحدة.
[2] في ت: حليف بنى منقذ وفي أمثل ى.
[3] من أوحدها.
[4] من أ، ت.
[5] من أوحدها.
[6] في ى: الأسعر، والمثبت من أ، ت.(1/406)
ومن نسبهم قَالَ: بنو خالد بن خليفة بن منقذ بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حرام [1] بن حبيشة بن كعب بن عمرو، وهو أبو خزاعة.
وكان إبراهيم بن سعد يقول فيه خنيس بن خالد بالخاء المعجمة، ويرويه عن ابن إسحاق [2] وكذلك رواه سلمة [3] عن ابن إسحاق، وقاله غيره أيضًا، والأكثر يقولون حبيش، والله أعلم.
وقال موسى بن عقبه: وقتل يوم الفتح كرز بن جابر [4] وحبيش بن خالد. قَالَ: وخالد يدعى الأشعر وقال غيره: يقال لحبيش هذا ولأبيه قتيل البطحاء.
(572) حبشي بن جنادة السلولي.
يكنى أبا الجنوب، معدود في الكوفيين.
روى عنه الشعبي، وأبو إسحاق السبيعي، وابنه عَبْد الرحمن بن حبشي.
(573) حوط بن عَبْد العزى،
يقال: إنه من بني عامر بن لؤي. روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس. روى عنه ابن بريدة، وقد قيل أيضًا عن ابن بريدة في هذا الحديث عن حويطب بن عبد العزّى، والصحيح حوط بن عَبْد العزى [5] ، وقال أبو حاتم الرازيّ: لا تصحّ له صحبة.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: حزام. وفي أ، ت مثل ى.
[2] في أسد الغابة: والأول أصح.
[3] في ى: مسلمة. والمثبت من أ، ت.
[4] في ى: كرز بن خالد. والمثبت من أ. وفي ت: كرز- فقط.
[5] في أسد الغابة: وأخرجه أبو نعيم في خوط- بالخاء المعجمة.(1/407)
(574) حدرد الأسلمي [1] ، يكنى أبا خراش. روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: هجر الرجل أخاه سنة كسفك دمه. روى عنه عمران بن أبي أنس
(575) حسل بن خارجة الأشجعي،
ويقال حسيل. وبعضهم يقول حنبل.
أسلم يوم خيبر، وشهد فتحها، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى الفارس يومئذ ثلاثة أسهم، سهمان لفرسه وسهم له، وأسهم للراجل سهمًا واحدًا.
(576) حممة [2]
رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. ذكر ابن المبارك في كتاب الجهاد له، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةٌ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ غَازِيًا فِي خِلافَةِ عُمَرَ، قَالَ: وَفُتِحَتْ أَصْبَهَانُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، قَالَ: فَقَالَ اللَّهمّ إِنَّ حُمَمَةَ يَزْعُمُ أَنَّه يُحِبُّ لِقَاءَكَ، فَإِنْ كَانَ حُمَمَةُ صَادِقًا فَاعْزِمْ لَهُ عَلَيْهِ، وَصَدِّقْهُ، اللَّهمّ لا تَرُدَّ حُمَمَةَ مِنْ سَفَرِهِ هَذَا. قَالَ: فَأَخَذَهُ بَطْنُهُ فَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ.
فَقَامَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلا وَإِنَّا وَاللَّهِ فِيمَا سَمِعْنَا مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَفِيمَا بَلَغَنَا عِلْمُهُ، أَلا إِنَّ حُمَمَةَ شَهِيدٌ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ فَتْحِ الْعِرَاقِ مِنْ مُصَنَّفِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حدثنا أبو عوانة، قال حدثنا دواد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلا كَانَ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ... فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ سَوَاءً، إِلا أَنَّه قَالَ: فَأَخَذَهُ الْمَوْتُ، فَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ، وَلَمْ يَقُلْ: فَأَخَذَهُ بطنه، وذكر الخبر إلى آخره.
__________
[1] في التقريب: حدود بن أبى حدرد الأسلمي.
[2] ذكره في أسد الغابة: حممة بن أبي حممة الدوس.(1/408)
(577) حرب بن الحارث،
روى عنه الربيع بن زياد، قال: سمعت رسول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: قد أمرنا للنساء بالورس [1] ، وكان الورس قد أتاهم من اليمن.
(578) حتى الليثي،
له صحبة، حديثه عند ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى يم الجيشانيّ، قال: كان حي الليثي- وكان من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ [2]- إذا مالت الشمس صلى الظهر في بيته ثم راح فإن أدرك الظهر في المسجد صلى معهم.
(579) حويصة بن مسعود بن كعب بن عامر بن عدي [3] بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الحارثي،
يكنى أبا سعد أخو محيصة لأبيه وأمه. يقال: إن حويصة كان أسن من أخيه محيصة، وفيهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبر الكبر، [4] إذا قالا له قصة ابن عمهما عَبْد الله بن سهل المقتول بخيبر، وشكوا ذلك إليه مع أخيه عبد الرحمن ابن سهل، فأراد عَبْد الرحمن أن يتكلم لمكانه من أخيه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كبر كبر- في حديث القسامة.
شهد حويصة أحدًا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه مُحَمَّد بن سهل بن أبي حثمة، وحرام بن سعد بن محيّصة.
__________
[1] في أ، ت: يورس.
[2] في أسد الغابة: كان حي الليثي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
[3] في أسد الغابة: بن عامر بن ربيعة بن عدي، وفي أ، ت مثل ى.
[4] أي ليبدأ الأكبر، أو قدموا الأكبر، إرشادا إلى الأدب في تقديم الأسن.
ويروى: كبروا الكبر، أي قدموا الأكبر (النهاية) .(1/409)
(580) حصيب [1] ،
سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كان الله لا شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق سبع سماوات.
قَالَ. ثم أتاني آت، فقال: إن ناقتك قد انحلت فخرجت والسراب دونها، فوددت أني كنت تركتها، وسمعت باقي كلامه. قَالَ أبو عمر: لا أعرفه بغير هذا الحديث، ولا أقف له على نسب.
(581) حوشب بن طخية [2] الحميري،
ويقال الألهاني، ذو ظليم أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنه قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، واتفق أهل العلم بالسير والمعرفة بالخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى حوشب ذي ظليم الحميري كتابًا، وبعث به إليه مع جرير البجلي ليتعاون هو وذو الكلاع وفيروز الديلمي ومن أطاعهم على قتل الأسود العنسي الكذاب، وكان حوشب وذو الكلاع رئيسين في قومهما متبوعين، وهما كانا ومن تبعهما من أهل اليمن القائمين بحرب صفين مع معاوية، وقتلا جميعًا بصفين: قتل حوشبًا سليمان بن صرد الخزاعي، وقتل ذا الكلاع حريث بن جابر. وقيل قتله الأشتر.
حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَزاحِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سوقة،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب- بخط كاتب الأصل في هامشه: لا أعرف حصيبا هذا.
والحديث لعمران بن حصين صحيح. ويروى عن أبيه أيضا، ولعل بعض الرواة صحف خصيبا حصيبا. وفي أسد الغابة: لعل بعض الرواة صحف.
[2] في أسد الغابة: وقيل ظخمة بالميم. وفي هوامش الاستيعاب- بالميم أيضا.(1/410)
عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيِّ، قَالَ: نَادَى حَوْشَبُ الْحِمْيَرِيُّ عَلِيًّا يَوْمَ صِفِّينَ، فَقَالَ:
انْصَرِفْ عَنَّا يا بن أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّا نَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي دِمَائِنَا وَدَمِكَ، وَنُخَلِّي بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِرَاقِكَ، وَتُخَلِّي بَيْنَنَا وَبَيْنَ شَامِنَا، وَتَحْقِنُ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: هيهات يا بن أُمِّ ظَلِيمٍ، وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمُدَاهَنَةَ تَسَعُنِي فِي دِينِ اللَّهِ لَفَعَلْتُ، وَلَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ فِي الْمُؤْنَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِالسُّكُوتِ وَالإِدِّهَانِ إِذَا كَانَ اللَّهُ يُعْصَى وَهُمْ يُطِيقُونَ الدِّفَاعَ وَالْجِهَادَ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ. وقد روى عن حوشب الحميري حديث مسند في فضل من مات له ولد، رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ حَوْشَبِ [الْحِمْيَرِيِّ] [1] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ قِيلَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ ما أخذنا منك.
(582) [حمير،
ويقال الحمير، بالألف واللام، بن عدي القاري الخطمي الأنصاري، أحد بني خطمة، تزوج مولاة عَبْد الله بن أبي بن سلول، وكانت فاضلة فولدت له توأمين الحارث بن الحمير وعدي بن الحمير وأم سعد بن الحمير، وكان الحمير من أصحاب مسجد الضرار ثم تاب فحسنت توبته] [2] .
(583) حشرج
غير منسوب، حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أخذه فوضعه في حجره، ومسح رأسه، ودعا له. لا نعرفه بغير حديثه هذا.
(584) الحفشيش الكندي،
يقال فيه بالجيم وبالحاء وبالخاء. وقد ذكرناه في باب الجيم بأتمّ من ذكره هنا.
__________
[1] من أ، ت.
[2] من ت وحدها.(1/411)
قيل: اسمه جرير بن معدان، والحفشيش لقب، يكنى أبا الخير، قدم على النبي صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في وفد كندة، وهو الذي نازع الأشعث بن قيس في أرضه، وترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(585) حنين مولى العباس بن عَبْد المطلب،
كان عبدا وخادما للنّبيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ فوهبه لعمه العباس، فأعتقه العباس، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، هو جد إبراهيم بن عَبْد الله بن حنين.
وقد قيل: إنه مولى علي بن أبى طالب.
(586) [حماس الليثي،
ذكره الواقدي فيمن ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر. وهو أبو أبي عمرو بن حماس، من أنفسهم، وله دار بالمدينة] [1] .
(587) الحتات [2] بن يزيد بن علقمة بن حوى [3] بن سفيان بن مجاشع بن دارم المجاشعي التميمي.
هكذا هو الحتات بتاءين منقوطتين باثنتين، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في وفد تميم، منهم عطارد بن حاجب، والأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهتم، والحتات بن يزيد، ونعيم بن زيد، فأسلم وأسلموا، ذكره ابن إسحاق وابن هشام وابن الكلبي، وقالوا: آخى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الحتات وبين معاوية بن أبي سفيان، فمات الحتات عند معاوية في خلافته، فورثه بتلك الأخوة، فقال الفرزدق في ذلك لمعاوية [4] :
__________
[1] من أ، ت.
[2] في الإصابة: بضم أوله وتخفيف المثناة، وفي هوامش الاستيعاب: الحتات لقب، واسمه عامر. وفي شرح القاموس: الحتات لقب، واسمه بشر.
[3] في الإصابة، ت: جرى. وفي شرح القاموس: بن جرى. والمثبت في ى، أ.
[4] ديوانه: 13.(1/412)
أبوك وعمي يا معاوي أورثا ... تراثًا فيحتاز التراث أقاربه [1]
فما بال ميراث الحتات أكلته ... وميراث صخر جامد لك ذائبه [2]
قَالَ ابن هشام: وهذان البيتان في أبيات له، والحتات بن يزيد هذا هو القائل:
لعمر أبيك فلا تكذبن ... لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد فتن الناس في دينهم ... وخلى [3] ابن عفان شرًا طويلا
وأول هذه الأبيات:
نأتك أمامة نأيًا محيلا ... وأعقبك الشوق حزنًا دخيلا [4]
وحال أبو حسن دونها ... فما تستطيع إليها سبيلا
لعمر أبيك [5] .
وكان هرب من على رضى الله عنه إلى معاوية.
للحتات بنون: عَبْد الله، وعبد الملك، ومنازل، بنو الحتات ولّوا لبني أمية.
وقال الدار قطنى: حَدَّثَنَا الحسن بن مُحَمَّد بن كيسان النحوي، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق، حَدَّثَنَا نصر بن علي، قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا الحارث بن عمير، عن أيوب، قَالَ: غزا الحتات المجاشعي، وجارية بن قدامة، والأحنف، فرجع الحتات فقال لمعاوية: فضلت علي محرفًا ومخذلا.
قَالَ: اشتريت منهما دينهما، قَالَ: فاشتر مني ديني.
__________
[1] في الإصابة: فتحتاز التراث وفي الديوان: فأولى بالتراث.
[2] في الإصابة: وميراث حرب. وفي ت: جامدا.
[3] في الإصابة: وأبقى.
[4] في ى: وخيلا.
[5] من أ، ت.(1/413)
قَالَ نصر: يعني بالمحرق جارية بن قدامة، لأنه كان أحرق دار الإمارة بالبصرة. وبالمخذل الأحنف، لأنه كان خذل عن عائشة والزبير [يوم الجمل] [1] .
(588) حليس
[2] روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضل قريش. روى عنه أبو الظاهرية [3] يعدّ في الشاميين.
(589) الحسحاس،
رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا الله والله أكبر هكذا ذكره ابن أبي حاتم في الحاء.
وقد ذكره غيره في باب الخاء المنقوطة، وإن كان هو كذلك فهو غير الخشخاش العنبري، لأنّ الخشخاش العنبري بالخاء المنقوطة وهو عندي وهم، والله أعلم، لأنّ حديث ذلك غير حديث هذا، وقد جوده أبو حاتم والله أعلم [4] .
__________
[1] ليس في أ، ت، وفي الإصابة: مجدلا، جدل.
[2] في الإصابة: بموحدة، ثم مهملة- بوزن جعفر. وقيل بتحتانية مصغرة غير منسوب
[3] في أسد الغابة: أبو الزاهرية. وفي ت: أبو الزهرانة. وهذه الترجمة في ت وحدها.
[4] هنا في المطبوعة ترجمة لمن اسمه حنيفة ولم نجدها في كل الأصول!.(1/414)
[المجلد الثاني]
حرف الخاء
باب خارجة
(590) خارجة بن زيد [1] بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري،
يعرفون بيني الأغر. شهد العقبة وبدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، ودفن هو وسعد بن الربيع في قبر واحد، وكان ابن عمه، وكذلك [2] كان الشأن في قتلى أحد، دفن الاثنان منهم والثلاثة في قبر واحد، وكان خارجة هذا من كبار الصحابة صهرا لأبي بكر الصديق، كانت ابنته تحت أبي بكر، وفيها قَالَ أبو بكر- حين حضرته الوفاة: إن ذا بطن بنت خارجة أراها جارية، واسم ابنته زوجة أبي بكر حبيبة، وذو بطنها أم كلثوم بنت أبي بكر، وكان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين أبي بكر الصديق حين آخى بين المهاجرين والأنصار، وابنه زيد بن خارجة هو الذي تكلم بعد الموت.
وذكر أن خارجة بن زيد بن أبي زهير أخذته الرماة يوم أحد، فجرح بضعة عشر جرحا، فمر به صفوان بن أمية فعرفه فأجهز عليه، ومثل به، وَقَالَ:
هذا ممن أغرى بأبي علي يوم بدر- يعني أباه أمية بن خلف- وكان أمية بن خلف الجمحي والد صفوان يكنى أبا علي بابنه علي، وقتل معه يوم بدر.
قَالَ ابن إسحاق: قتل أمية بن خلف رجل من الأنصار من بنى مازن.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: يختلف فيه، فقيل: زيد بن خارجة، وقيل خارجة بن زيد.
[2] في أ، ت: وذلك.(2/417)
وقال ابن هشام: ويقال قتله معاذ بن عفراء، وخارجة بن زيد، وخبيب بن إساف، اشتركوا فيه.
قَالَ ابن إسحاق: وابنه علي بن أمية قتله عمار بن ياسر، يعني يومئذ ببدر، فلما قتل صفوان من قتل يوم أحد قَالَ: الآن شفيت نفسي حين قتلت الأماثل من أصحاب محمد، قتلت ابن قوقل، وقتلت ابن أبي زهير خارجة بن زيد، وقتلت أوس بن أرقم.
(591) خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب القرشي العدوي،
أمه فاطمة بنت عمرو بن بجرة [1] العدوية، كان أحد فرسان قريش. يقال: إنه كان يعدل بألف فارس.
وذكر بعض أهل النسب والأخبار أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر ليمده بثلاثة آلاف فارس، فأمده بخارجة بن حذافة هذا، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود. وشهد خارجة بن حذافة فتح مصر.
وقيل: إنه كان قاضيا لعمرو بن العاص بها. وقيل: بل كان على شرطة عمرو، وهو معدود في المصريين، لأنه شهد فتح مصر، ولم يزل فيها إلى أن قتل فيها، قتله أحد الخوارج الثلاثة الذين كانوا انتدبوا لقتل علي ومعاوية وعمرو، فأراد الخارجي قتل عمرو، فقتل خارجة هذا، وهو يظنه عمرا، وذلك أنه كان استخلفه عمرو على صلاة الصبح ذَلِكَ اليوم، فلما قتله أخذ وأدخل على عمرو، فَقَالَ: من هذا الذي تدخلوني عليه؟ فقالوا: عمرو بن العاص. فَقَالَ: ومن قتلت؟ قيل: خارجة. فَقَالَ: أردت عمرا وأراد الله خارجة.
__________
[1] في الإصابة: بجيرة.(2/418)
وقد روى أن الخارجي الذي قتله لما أدخل على عمرو قَالَ له عمرو: أردت عمرا، وأراد الله خارجة، فاللَّه أعلم من قال ذلك منهما.
والذي قتل خارجة هذا رجل من بني العنبر بن عمرو بن تميم يقَالُ له زاذويه، وقيل: إنه مولى لبني العنبر. وقد قيل: إن خارجة الذي قتله الخارجي بمصر على أنه عمرو رجل يسمى خارجة من بني سهم رهط عمرو بن العاص، وليس بشيء، وقبر خارجة بن حذافة معروف بمصر عند أهلها فيما ذكره علماؤها.
ولا أعرف لخارجة هذا حديثا غير روايته عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إن الله أمركم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، جعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. وإليه ذهب بعض الكوفيين في إيجاب الوتر، وإليه ذهب أيضا من قَالَ:
لا تصلّى بعد الفجر.
(592) خارجة بن حصين [1] ،
قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رجع من غزوة تبوك.
(593) خارجة بن عمرو [2] الأنصاري،
مذكور في الذين تولّوا يوم أحد.
(594) خارجة بن الصلت،
يعد في الكوفيين، روى عنه الشعبي.
(595) خارجة بن جبلة،
ويقَالَ جبلة بن خارجة [3] . روى عنه فروة [4] بن نوفل في: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ 109: 1، إنها براءة من الشرك لمن قرأها عند نومه. وهو حديث كثير الاضطراب.
__________
[1] في ت، والإصابة: حصن. وفي هوامش الاستيعاب: حصن. وقيل: حصين.
[2] في ت: عامر. وفي هوامش الاستيعاب: وسمى الذهبي إياه عمرا.
[3] في أسد الغابة: الصواب جبلة بن جارجة.
[4] في ى: عروة. وهو تحريف.(2/419)
(596) خارجة بن جزي [1] العذري.
قَالَ: سمعت رجلا يوم تبوك قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أيباضع أهل الجنة؟ حديثه عند سعيد بن سنان عن ربيعة الجرشي عنه، يعد في الشاميين.
(597) خارجة بن حمير الأشجعي،
من بني دهمان، حليف لبني خنساء بن سنان من الأنصار، شهد بدرا هو وأخوه عبد الله بن حمير، هكذا قَالَ ابن إسحاق خارجة في رواية إبراهيم بن سعد. وَقَالَ موسى بن عقبة: حارثة بن الحمير، ولم يختلفوا أنه من أشجع ومن بني دهمان، وأنه شهد بدرا [هو وأخوه] [2] وأحدا.
وَقَالَ يونس بن بكير مكان حمير خمير بالخاء المنقوطة [3] .
(598) خارجة بن عقفان [4] ،
حديثه عند ولده أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مرض، فرآه يعرق، فسمع فاطمة تقول: وا كرب أبي! فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا كرب على أبيك بعد اليوم. لَيْسَ يأتي حديثه إلا عن ولده وولد ولده، وليسوا بالمعروفين.
باب خالد
(599) خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي،
يكنى أبا سعيد. أسلم قديما، يقَالُ: إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق فكان ثالثا أو رابعا. وقيل: كان خامسا. وَقَالَ ضمرة بن ربيعة: كان إسلام
__________
[1] في الإصابة: بن جزء- بفتح الجيم وسكون الزاى بعدها همزة ويقال: بكسر الزاى وتحتانية خفيفة. وفي أسد الغابة: جزى- بفتح الجيم وقيل بكسرها وبالزاي المكسورة.
وقيل بسكونها وقيل: هو جزء- بفتح الجيم وبالزاي الساكنة وبعدها همزة.
[2] ليس في أ، ت.
[3] وقال ابن أبي حاتم: الجميز- بالجيم والزاى (أسد الغابة) وفي هوامش الاستيعاب: الجمير بالجيم أو الراء.
[4] في الإصابة: عطفان.(2/420)
خالد مع إسلام أبي بكر الصديق، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدِ بِنْتِ خالد بن سعيد ابن الْعَاصِ تَقُولُ: كَانَ أَبِي خَامِسًا فِي الإِسْلامِ. قلت: من تقدّمه؟ قالت: على ابن أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَزَيْدُ بْنُ حارثة، وسعد بن أبى وقّاص.
قال أبو عمر: هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته الخزاعية، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد وابنته أم خالد، واسمها أمة [1] بنت خالد، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد بن العاص.
وذكر الواقدي، حَدَّثَنَا جعفر، عن إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد، قالت: وهاجر إلى أرض الحبشة المرة الثانية، وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنابها، ثم قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بخيبر، فكلّم المسلمين فأسهوا لنا، ثم رجعنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، وأقمنا بها، وشهد أبي مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة القضاء [2] وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدقات اليمن، فتوفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي باليمن.
وروى إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، قالت: أبي أول من كتب بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1، وكان قدومه من أرض الحبشة مع جعفر بن أبي طالب، واستعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صدقات مذحج، واستعمله على صنعاء اليمن، فلم يزل عليها إلى أن مات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
__________
[1] في أسد الغابة: أميمة.
[2] في ت: القضية.(2/421)
ذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: قتل خالد بن سعيد بن العاص يوم أجنادين. وذكر الدولابي، عن ابن سعدان، عن الحسن بن عثمان، قَالَ:
قتل بأجنادين ثلاثة عشر رجلا، منهم خالد وعمرو ابنا سعيد بن العاص. قَالَ:
وَقَالَ محمد بن يوسف: كانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى لليلتين بقيتا منه يوم السبت نصف النهار سنة ثلاث عشرة قبل وفاة أبي بكر بأربع وعشرين ليلة. وقيل: بل قتل خالد بن سعيد بن العاص بمرج الصفر [1] سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر.
قَالَ الزبير لخالد بن سعيد بن العاص: وهب عمرو بن معديكرب الصّمصامة، وذكر شعره في ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ فِضَّةٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» . قَالَ: فَأَخَذَهُ مِنِّي فَلَبِسَهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ.
وَقَالَ خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد: أخبرني أبي أن أعمامه: خالدا، وأبانا، وعمرا، بني سعيد بن العاص رجعوا عن عمالتهم حين مات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أبو بكر: ما لكم رجعتم عن عمالتكم؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارجعوا إلى أعمالكم. فقالوا:
نحن بنو أبي أحيحة، لا نعمل لأحد بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبدا.
ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا.
__________
[1] مرج الصفر: بدمشق.(2/422)
وكان خالد على اليمن، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء وخيبر وقرى عربية [1] ، وكان الحكم يعلم الحكمة. ويقَالَ [2] : ما فتحت بالشام كورة إلا وجد فيها رجل من بني سعيد بن العاص ميتا.
وكان سعيد بن سعيد بن العاص قد قتل مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطائف.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ [3] بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ إِسْلامُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَدِيمًا، وَكَانَ أَوَّلَ إِخْوَتِهِ إِسْلامًا، وَكَانَ بَدْءُ إِسْلامِهِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ وُقِفَ بِهِ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ، فَذَكَرَ مِنْ سِعَتِهِمَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ [4] ، وَكَأَنَّ أَبَاهُ يَدْفَعُهُ فِيهَا، وَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بِحِقْوَيْهِ [5] لا بقع فِيهَا، فَفَزِعَ، وَقَالَ: أَحْلِفُ باللَّه إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ، وَلَقِيَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُرِيدَ بِكَ خَيْرًا، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبِعْهُ، وَإِنَّكَ سَتَتَّبِعُهُ فِي الإِسْلامِ الَّذِي يَحْجُزُكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، وَأَبُوكَ وَاقِعٌ فِيهَا. فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِأَجْيَادَ [6] ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِلَى مَنْ تَدْعُو؟ فَقَالَ: أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده وَرَسُولُهُ، وَتَخْلَعُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ، وَلا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ، وَلا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدْهُ. قَالَ خَالِدٌ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلامِهِ، وَتَغَيَّبَ خَالِدٌ، وَعَلِمَ أَبُوهُ بِإِسْلامِهِ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِهِ،
__________
[1] في أ، ت: قرى عربية- بغير واو.
[2] في ى: وقال.
[3] في ت: بن مخلد بن خالد، مثل ى.
[4] في ى: بها.
[5] في ى: بحقوته.
[6] أجياد: موضع بمكة يلي الصفا.(2/423)
وَلَمْ يَكُونُوا أَسْلَمُوا، فَوَجَدُوهُ فَأَتُوا بِهِ أَبَاهُ أَبَا أُحَيْحَةَ، فَسَبَّهُ [1] وَبَكَّتَهُ وَضَرَبَهُ بِمِقْرَعَةٍ فِي يَدِهِ حَتَّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، وَأَنْتَ تَرَى خِلافَهُ قَوْمَهُ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَعَيْبِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ. فَقَالَ:
قَدْ وَاللَّهِ تَبِعْتُهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ. فَغَضِبَ أَبُو أُحَيْحَةَ وَنَالَ مِنْهُ وَشَتَمَهُ، وَقَالَ:
اذْهَبْ يَا لُكَعُ حَيْثُ شِئْتَ. وَاللَّهِ لأَمْنَعَنَّكَ الْقُوتَ. فَقَالَ خَالِدٌ: إِنْ مَنَعْتَنِي فَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُنِي مَا أَعِيشُ بِهِ، فَأَخْرَجَهُ وَقَالَ لِبَنِيهِ: لا يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا صَنَعْتُ بِهِ مَا صَنَعْتُ بِهِ. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَلْزَمُهُ وَيَعِيشُ مَعَهُ، وَتَغَيَّبَ عَنْ أَبِيهِ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ حَتَّى خَرَجَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَانَ خَالِدٌ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ [2] بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ [مُحَمَّدِ بْنِ] [3] الْوَلِيدِ الأَزْرَقِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَمِّهِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ مَرِضَ فَقَالَ.
لَئِنْ رَفَعَنِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي هَذَا لا يُعْبَدُ إِلَهُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِمَكَّةَ أَبَدًا. فَقَالَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عِنْدَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تَرْفَعْهُ، فَتُوُفِّيَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ.
(600) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة،
أبو أيوب الأنصاري النجاري، من بني غنم بن مالك بن النجار، غلبت عليه كنيته، أمه هند بنت سعد بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، وعليه نزل رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه
__________
[1] في أ، ت: فأنبه.
[2] في ى: بن على.
[3] من أ، ت.(2/424)
وَسَلَّمَ في خروجه من بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مسكنه.
وآخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عمير.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ [1] أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: نَزَل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِنَا الأَسْفَلِ، وَكُنْتُ فِي الْغُرْفَةِ، فَأُهْرِيقَ مَاءٌ فِي الْغُرْفَةِ، فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ نتتبع الْمَاءَ شَفَقَةً أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [مِنْهُ شَيْءٌ] [2] ، وَنَزَلْتُ إلى رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُشْفِقٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ فَوْقَكَ، انْتَقِلْ إِلَى الْغُرْفَةِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَتَاعِهِ أَنْ يُنْقَلَ، وَمَتَاعُهُ قَلِيلٌ ... وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. وكان أبو أيوب [3] الأنصاري مع علي بن أبي طالب في حروبه كلها، ثم مات بالقسطنطينية من بلاد الروم في زمن معاوية، وكانت غزاته تلك تحت راية يزيد، هو كان أميرهم يومئذ، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين من التاريخ.
وقيل: بل كانت سنة اثنتين وخمسين، وهو الأكثر في غزوة يزيد القسطنطينية.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا محمد بن
__________
[1] في ى: السمعي. والمثبت من أ، ت.
[2] ليس في أ، ت.
[3] هو خالد، صاحب الترجمة كما تقدم.(2/425)
وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَشْيَاخِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ خَرَجَ غَازِيًا فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَمَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُلَ قَالَ لأَصْحَابِهِ:
إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلُونِي، فَإِذَا صَافَفْتُمُ [1] الْعَدُوَّ فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ فَفَعَلُوا [2] ...
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
وقبر أبي أيوب قرب سورها معلوم إلى اليوم معظم يستسقون به فيسقون، وقد ذكرنا طرفا من أخباره في باب كنيته.
(601) خالد بن البكير بن عبد يا ليل بن عبد ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث الليثي،
أخو إياس بن البكير وعاقل بن البكير وعامر بن البكير [وكان] [3] عبد يا ليل، قد حالف في الجاهلية نفيل بن عبد العزي جد عمر بن الخطاب، فهو وولده حلفاء بني عدي. شهد هو وإخوته بدرا، ولا أعلم له رواية.
وقتل خالد بن البكير يوم الرجيع [4] في صفر سنة أربع من الهجرة.
وكان يوم قتل ابن أربع وثلاثين سنة، وكانت سرية يوم الرجيع مع عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، قاتلوا هذيلا ورهطا من عضل والقارة حتى قتلوا ومن معهم، وأخذ خبيب بن عدي، ثم صلب، وله يقول حسان بن ثابت:
ألا ليتني فيها شهدت ابن طارق ... وزيدا وما تغني الأماني ومرثدا
فدافعت عن حيي خبيب وعاصم ... وكان شفاء تداركت خالدا
__________
[1] في ى: صافيتم. وهو تحريف.
[2] العبارة في أسد الغابة:
إذا أنامت فاركب، ثم أسع في أرض العدو ما وجدت مساغا، فادفني ثم ارجع.
[3] من أ، ت.
[4] الرجيع: الموضع الّذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة النفر الذين بعثهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم معهم. وهو ماء لهذيل (ياقوت) .(2/426)
(602) خالد بن عمرو بن عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم [1] بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي،
شهد العقبة الثانية.
(603) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي،
أبو سليمان. وقيل أبو الوليد، أمه لبابة الصغرى. وقيل: بل هي لبابة الكبرى.
والأكثر على أن أمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولبابة أمه خالة بني العباس بن عبد المطلب، لأن لبابة الكبرى زوج العباس وأم بنيه.
وكان خالد أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت القبة والأعنة في الجاهلية.
فأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش.
وأما الأعنة فإنه كان يكون [المقدم] [2] على خيول قريش في الحروب. ذكر ذَلِكَ الزبير.
واختلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل: هاجر خالد بعد الحديبية.
وقيل: بل كان إسلامه بين الحديبية وخيبر. وقيل: بل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني قريظة. وقيل: بل كان إسلامه سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة.
وقد ذكرنا في باب أخيه الوليد بن الوليد زيادة في خبر إسلام خالد، وكان خالد على خيل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية في ذي القعدة سنة ست، وخيبر بعدها في المحرم وصفر سنة سبع، وكانت هجرته مع عمرو
__________
[1] في أسد الغابة: بن عدي بن غنم.
[2] من أسد الغابة.(2/427)
ابن العاص وعثمان بن طلحة. فلما رآهم رَسُول اللَّهِ عليه وسلم قَالَ: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها. ولم يزل من حين أسلم يوليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب.
وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فتح مكة، فأبلى فيها، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى العزى وكان بيتا عظيما لقريش وكنانة ومضر تبجله فهدمها، وجعل يقول:
يا عز كفرانك اليوم لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك
قَالَ أبو عمر: لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الفتح، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا إلى الغميصاء [1] ماء من مياه جذيمة من بني عامر، فقتل منهم ناسا لم يكن قتله لهم صوابا، فوداهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اللَّهمّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، وخبره بذلك من صحيح الأثر، ولهم حديث.
وكان على مقدمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين في بني سليم، وجرح يومئذ فأتاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رحله بعد ما هزمت هوازن ليعرف خبره ويعوده، فنفث في جرحه فانطلق. وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سنة تسع إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة [2] الجندل، وهو رجل من اليمن كان ملكا، فأخذه خالد فقدم به على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحقن دمه وأعطاه الجزية، فرده إلى قومه.
__________
[1] قرب مكة، كان يسكنه بنو جذيمة بن عامر الذين أوقع بهم خالد بن الوليد عام الفتح.
[2] دومة- بضم أوله وفتحه: ودومة الجندل: حصن وقرى بين الشام والمدينة (ياقوت) .(2/428)
وبعث رسول الله صلّى الله عليه خالد بن الوليد أيضا سنة عشر إلى بلحارث ابن كعب، فقدم معه رجال منهم فأسلموا ورجعوا إلى قومهم بنجران.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: انْدَقَّتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا صَبَرَتْ فِي يَدِي إِلا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ.
وأمره أبو بكر الصديق على الجيوش، ففتح الله عليه اليمامة وغيرها، وقتل على يده أكثر أهل الردة، منهم مسيلمة ومالك بن نويرة.
وقد اختلف في حال مالك بن نويرة، فقيل: إنه قتله مسلما لظن ظنه به، وكلام سمعه منه، وأنكر عليه أبو قتادة قتله، وخالفه في ذَلِكَ، وأقسم ألا يقاتل تحت رايته أبدا. وقيل: بل قتله كافرا، وخبره في ذَلِكَ يطول ذكره، وقد ذكره كل من ألف في الردة. ثم افتتح دمشق، وكان يقَالُ له سيف الله.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حدثنا الوليد ابن مسلم، قال: حدثني وحشي بْن حرب بْن وحشي بْن حرب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم- وذكر خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ- فَقَالَ: نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبََةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: اشْتَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ(2/429)
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا خَالِدُ، لِمَ تُؤْذِي رَجُلا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَقَعُونَ فِيَّ [1] فَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: لا تُؤْذُوا خَالِدًا فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ صَبَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ. رَوَى جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قَالَ:
وَقَعَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ كَلامٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَلا أُكَلِّمَكَ أَبَدًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا خَالِدُ، مَالَكَ وَلِعَمَّارٍ؟ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَدْ شَهِدَ بَدْرًا. وَقَالَ لِعَمَّارٍ: إِنَّ خَالِدًا- يَا عَمَّارُ- سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَلَى الْكُفَّارِ. قَالَ خَالِدٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ عَمَّارًا مِنْ يَوْمِئِذٍ.
ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قَالَ: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم ها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي خالد بن الوليد بحمص. وقيل: بل توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين.
[وقيل: بل توفي بحمص ودفن في قرية على ميل من حمص سنة إحدى وعشرين] [2] أو اثنتين وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأوصى إلى عمر ابن الخطاب.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ نِسْوَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعْنَ فِي دَارٍ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَبْكِينَ أَبَا سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أو لقلقة [3] .
__________
[1] في ت: بي.
[2] من أ، ت.
[3] النقع: رفع الصوت. وقيل: أراد شق الجيوب. واللقلقة: الجلبة، كأنه حكاية الأصوات إذا كثرت واللقلق اللسان (أسد الغابة) .(2/430)
وذكر محمد بن سلام قَالَ: لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد بن الوليد، يقول: حلقت رأسها.
(604) خالد بن الوليد الأنصاري،
لا أقف على نسبه في الأنصار. ذكره ابن الكلبي وغيره فيمن شهد صفين مع علي بن أبي طالب من الصحابة، وكان ممن أبلي هناك، لا أعرفه بغير ذَلِكَ.
(605) خالد بن عمير،
كان قد أدرك الجاهلية. روى عنه حميد بن هلال.
(606) خالد بن أسيد [1] بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي،
أخو عتاب بن أسيد، أسلم عام الفتح. مات بمكة، من حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أهل حين راح إلى منى. يروي عنه ابنه عبد الرحمن بن خالد ابن أسيد، وله بنون عدد، وهو معدود في المؤلفة قلوبهم. قَالَ ابن دريد:
كان أسيد بن أبي العيص خزازا.
(607) خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي،
قتل أبوه يوم بدر كافرا. قتله عمر بن الخطاب، وكان خال عمر، وولى عمر بن الخطاب خالد بن العاص هذا مكة إذ عزل عنها نافع بن عبد الحارث الخزاعي، وولاه عليها أيضا عثمان بن عفان، له رواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقولون:
لم يسمع منه. روى عنه ابنه عكرمة بن خالد.
(608) خالد بن حزام بن خويلد بن أسد [2] ،
أخو حكيم بن حزام القرشي الأسدي، كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، وكانت هجرته إليها في المرة الثانية
__________
[1] ضبط هكذا في أسد الغابة والطبقات، وفي ت ضبط بضم الهمزة.
[2] في د: خويلد بن أسيد. والصواب من أ، ت، والطبقات.
(م 2- الاستيعاب- ثان)(2/431)
فنهشته حية فمات في الطريق قبل أن يدخل أرض الحبشة. قد روى أن فيه نزلت [1] : «وَمن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله 4: 100» .
(609) خالد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي،
واسم أبي معيط أبان، واسم أبي عمرو ذكوان بن أمية، كان هو وأخواه [2] الوليد وعمارة من مسلمة الفتح، ليست له رواية علمت، ولا خبر نادر، إلا إن له أخبارا في يوم [3] الدار، منها قول أزهر بن سيحان في خالد هذا معارضا له في أبيات قالها (منها) [4] :
يلومونني أن جلت في الدار حاسرا [5] ... وقد فر منها خالد وهو دارع
وفي الموطأ لعبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان معه عند دار خالد بن عقبة التي في السوق: حديث لا يتناجى اثنان دون واحد. [وخالد بن عقبة هذا ينسب إليه المعيطيون الذين عندنا بقرطبة [6]] .
(610) خالد بن هوذة بن ربيعة العامري،
ثم القشيري، وفد هو وأخوه حرملة بن هوذة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خزاعة يبشرهم بإسلامهما، ذكره ابن الكلبي. وهما من المؤلفة قلوبهم.
__________
[1] سورة النساء، آية 99، وفي الإصابة: المشهور أن الّذي نزلت فيه هذه الآية جندب ابن ضمرة.
[2] في أسد الغابة: وخالد هو أخو الوليد بن عقبة، وهو من مسلمة الفتح.
[3] يوم حصر عثمان بن عفان.
[4] من أ، ت.
[5] الحاسر: من لا درع له.
[6] ما بين القوسين ليس في ت، وهو في أ.(2/432)
وخالد بن هوذة هذا هو والد العداء بن خالد بن هوذة الذي ابتاع منه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العبد أو الأمة، وكتب له العهدة. قال لأصمعى: أسلم العداء وأبوه خالد، وكانا سيدي قومهما، وليس خالد [1] ابن هوذة هذا من بني أنف الناقة الذين مدحهم الحطيئة، أولئك في بني تميم، ولكن يقَالُ لجد خالد هذا أنف الناقة أيضا.
(611) خالد بن هشام،
ذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وفيه نظر.
(612) خالد بن عقبة،
جاء إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اقرأ علي القرآن، فقرأ عليه [2] : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ 16: 90» إلى آخر الآية. فَقَالَ له: أعد، فأعاد، فَقَالَ: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر. قَالَ أبو عمر: لا أدرى إن كان خالد ابن عقبة بن أبي معيط أو غيره، وظني أنه غيره، والله أعلم.
(613) خالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة بن عامر الأنصاري البياضي،
شهد العقبة في قول ابن إسحاق والواقدي، ولم يذكر ذَلِكَ موسى بن عقبة ولا أبو معشر، وشهد بدرا وأحدا.
(614) خالد الأشعر الخزاعي الكعبي،
اختلف في اسم أبيه، قال الواقدي:
قتل مع كرز بن جابر بطريق مكة عام الفتح.
(615) خالد بن عبادة الغفاريّ،
هو الّذي دلّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] هكذا في أ، ت. وفي ى: وليس خالد هو ابن هوذة. وفي أسد الغابة: وليس هوذة هذا من بنى أنف الناقة.
[2] سورة النحل، آية 90.(2/433)
بعمامته في البئر يوم الحديبيّة، فماح [1] في البئر فكثر الماء حتى روى الناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخرج سهما من كنانته فأمر به فوضع في قعرها، وليس فيها ماء فنبع الماء فيها وكثر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من رجل ينزل في البئر؟ فنزل فيها خالد بن عبادة الغفاريّ. وقيل: بل نزل فيها ناجية بن جندب الأسلمي.
(616) خالد بن عبد الله الخزاعي،
ويقَالَ السلمي. حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجع يوم حنين بالسبي حتى قسمه بالجعرانة. إسناد حديثه هذا لا تقوم به حجة لأنهم مجهولون.
(617) خالد الخزاعي،
روى عنه ابنه نافع، لم يرو عنه غيره عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني الثالثة [2] .
(618) خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان الليثي،
ويقَالَ البكري، من بني ليث بن بكر بن عبد مناه. ويقَالَ: بل هو من قضاعة من بني عذرة.
ومن قَالَ هذا قَالَ: هو خالد بن عرفطة بن صعير، ابن أخى ثعلبة بن صعير، عذري من بني حزاز بن كاهل بن عذرة حليف لبني زهرة، يقَالُ له العذري، ويقال الحزّازى، ويقَالَ البكري، ومن جعله عذريا قَالَ: هو خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان بن صيفي بن الهائلة بن عبد الله بن غيلان [3] بن أسلم ابن حزّاز بن كاهل بن عذرة بن سعد بن هذيم.
__________
[1] الميح: أن يدخل البئر فيملأ الدلو، وذلك إذا قل ماؤها (اللسان) .
[2] في أسد الغابة: أخرجه أبو عمر، وهو وهم، ويرد الكلام عليه في خالد بن نافع.
[3] في هوامش الاستيعاب: يقال فيه عيلان وغيلان.(2/434)
وهذا هو الصواب [1] في نسبه، والحق إن شاء الله تعالى، والله أعلم، [وهو حليف لبني زهرة عند جميعهم [2]] .
وَقَالَ خليفة بن خياط: لما سلم الأمر الحسن إلى معاوية خرج عليه عبد الله ابن أبي الحوساء بالنخيلة [3] ، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة، فقتل ابن الحوساء، ويقَالَ ابن أبي الحمساء، وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين فيما ذكره أبو عبيدة والمدائني، وفي ذَلِكَ الشهر كان الاجتماع على معاوية.
قَالَ أبو عمر: سكن خالد بن عرفطة الكوفة، ومات بها سنة ستين، وقيل: سنة إحدى وستين عام قتل الحسين، وفيها ولد عمر بن عبد العزيز.
روى عنه عثمان النهدي، ومسلم مولاه، وعبد الله بن يسار.
(619) خالد بن حكيم بن حزام،
له ولإخوته- هشام، وعبد الله، ويحيى- صحبة، أسلموا عام الفتح، وكان أبوهم من سادات قريش في الجاهلية والإسلام، وكان يكنى حكيم أبا خالد، وحديثه عند بكير بن الأشج، عن الضحاك، عنه.
(620) خالد بن أبي جبل،
ويقَالَ ابن أبي جيل العدواني. من عدوان بن قيس بن غيلان، معدود في أهل الحجاز، سكن الطائف. له حديث واحد.
روى عنه ابنه عبد الرحمن، كان ممن بايع تحت الشجرة.
__________
[1] في أسد الغابة: هذا كلام أبي عمر، وفيه سهو
[2] ما بين القوسين ليس في ت. وهو في أ.
[3] النخيلة: موضع قرب الكوفة (ياقوت) .(2/435)
(621) خالد بن رباح الحبشي،
أخو بلال بن رباح المؤذن له صحبة، ولا أعلم له رواية.
(622) خالد بن عدي الجهني.
يعد في أهل المدينة، كان ينزل الأشعر، روى عنه بسر بن سعيد [1] .
(623) خالد بن نافع،
أبو نافع الخزاعي، كان من أصحاب الشجرة. حديثه عند أبي مالك الأشجعي، عن نافع بن خالد، عَنْ أَبِيهِ خالد [2] .
(624) خالد بن اللجلاج [3] ،
في صحبته نظر. له حديث حسن رواه ابن عجلان، عن زرعة بن إبراهيم، عنه، ولا أعرفه في الصحابة.
(625) خالد بن الحواري [الحبشي] [4] ،
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له حكاية، يروى عنه أنه قَالَ عند الموت: غسلوني غسلتين، غسلة للجنابة، وغسلة للموت.
(626) خالد بن أيمن المعافري،
روى أن أهل العوالي كانوا يصلون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنهاهم أن يصلوا صلاة في يوم مرتين. ذكره هكذا ابن أبي حاتم، وَقَالَ: روى عنه عمرو بن شعيب. قَالَ أبو عمر: هذا خطأ، ولا يعرف خالد بن أيمن هذا في الصحابة، ولا ذكره فيهم غيره، والله أعلم، فهذا الحديث إنما يرويه عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار عن ابن عمر عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
(627) خالد بن ربعي النهشلي التميمي.
ويقَالَ: خالد بن مالك بن ربعي. أحد
__________
[1] في ت: بشر بن سعيد.
[2] قال في أسد الغابة: قد أخرج أبو عمر هذه الترجمة إلى قوله: روى عنه ابنه نافع.
وقد أخرج خالد الخزاعي من غير أن ينسبه وقد تقدم، جعلهما اثنين وهما واحد (2- 100) .
[3] في التهذيب: ويقال حصين بن اللجلاج.
[4] من أ، ت وهوامش الاستيعاب. وفي ى: الحواري، وفي الطبقات: الحواترى.(2/436)
الوفود [الوجوه] [1] من بني تميم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان خالد بن ربعي هذا مقدما في رهطه، وكان قد تنافر هو والقعقاع بن معبد إلى ربيعة بن حذار [2] أخي أسد بن خزيمة في الجاهلية، فَقَالَ لهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد عرفتكما، وأراد أن يستعمل أحدهما على بني تميم، فَقَالَ أبو بكر:
يَا رَسُولَ الله، استعمل فلانا. وقال عمر: استعمل فلانا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنكما لو اجتمعتما أخذت برأيكما، ولكنكما تختلفان علي أحيانا، فأنزل الله تعالى [3] : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» 49: 1. هكذا في رواية محمد بن المنكدر.
وأما حديث ابن الزبير ففيه أن الرجلين اللذين جرت هذه القصة [4] فيهما بين أبي بكر وعمر، القعقاع بن معبد، والأقرع بن حابس، وسيأتي ذكر ذلك في باب القعقاع إن شاء الله.
باب خباب
(628) خباب بن الأرت،
اختلف في نسبه، فقيل: هو خزاعي، وقيل:
هو تميمي، ولم يختلف أنه حليف لبني زهرة، والصحيح أنه تميمي النسب، لحقه سباء في الجاهلية، فاشترته امرأة من خزاعة وأعتقته، وكانت من حلفاء بني عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، فهو تميمىّ بالنسب، خزاعيّ
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أسد الغابة: حذار- بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة، وضبطه أبو عمر بخطه بالجيم والدال المهملة. والله أعلم.
[3] سورة الحجرات، آية 1.
[4] في ى: القضية.(2/437)
بالولاء، زهري بالحلف، وهو خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، كان قينا يعمل السيوف في الجاهلية، فأصابه سبى فبيع بمكة، فاشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وأبوها سباع حليف بني عوف بن عبد عوف كما ذكرنا.
وقد قيل: هو مولى ثابت بن أم أنمار. وقد قيل: بل أم خباب هي أم سباع الخزاعية، ولم يلحقه سباء، ولكنه انتمى إلى حلفاء أمه من بنى زهرة.
قَالَ أبو عمر: كان فاضلا من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يكنى أبا عبد الله. وقيل: يكنى أبا يحيى.
وقيل: يكنى أبا محمد، كان قديم الإسلام ممن عذب في الله وصبر على دينه.
كان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين تميم مولى خراش ابن الصمة. وقيل: بل آخى بينه وبين جبر [1] بن عتيك، والأول أصح، والله أعلم.
نزل الكوفة، ومات بها سنة سبع وثلاثين منصرف على رضي الله عنه من صفين [2] ، [وقيل: بل مات سنة تسع وثلاثين بعد أن شهد مع علي صفين] [3] والنهروان، وصلى عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت سنه إذ مات ثلاثا وستين [4] سنة، رضي الله عنه. وقيل: بل مات سنة تسع عشرة بالمدينة وصلى عليه عمر رضي الله عنه.
__________
[1] في أ: بينه وبين ابن عتيك.
[2] في أ: سنة سبع وثلاثين بعد أن شهد مع علي صفين. وقيل: بل مات سنة تسع وثلاثين بعد أن شهد مع على صفين والنهروان.
[3] من ت.
[4] في أسد الغابة: ثلاثا وسبعين.(2/438)
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود، حَدَّثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ [1] ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ خَبَّابًا عَمَّا لَقِيَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْظُرْ إِلَى ظَهْرِي، فَنَظَرَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ! قَالَ خَبَّابٌ: لَقَدْ أُوقِدَتْ لِي نَارٌ وَسُحِبْتُ عَلَيْهَا فَمَا أَطْفَأَهَا إلّا ودك ظهري.
(629) خباب بن قيظى بن عمرو بن سهل الأنصاري الأشهلي،
من بني عبد الأشهل، قتل يوم أحد شهيدا هو وأخوه صيفي بن قيظى.
(630) خباب مولى عتبة بن غزوان،
يكنى أبا يَحْيَى، شهد بدرا مع مولاه عتبة بن غزوان، وتوفي بالمدينة سنة تسع عشرة، وهو ابن خمسين سنة، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(631) خباب مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة،
أدرك الجاهلية، واختلف في صحبته، وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا وضوء إلا من صوت أو ريح. روى عنه صالح بن حيوان [2] وبنوه أصحاب المقصورة، منهم السائب ابن خبّاب، أبو مسلم صاحب المقصورة.
__________
[1] في أ: بن بنان.
[2] ويقال بالمعجمة، كما في التهذيب والتقريب.(2/439)
باب خبيب
(632) خبيب بن عدي الأنصاري،
من بني جحجبي [1] بن عوف بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري، شهد بدرا، وأسر يوم الرجيع في السرية التي خرج فيها مرثد بن أبي مرثد، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخالد بن البكير في سبعة نفر فقتلوا، وذلك في سنة ثلاث، وأسر خبيب وزيد بن الدثنة، وانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر، كذا قَالَ معمر عن ابن شهاب: إن بني الحارث بن عامر بن نوفل ابتاعوا خبيبا.
وَقَالَ ابن إسحاق: وابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف لهم، وكان حجير أخا الحارث بن عامر لأبيه فابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه.
قَالَ ابن شهاب: فمكث خبيب عندهم أسيرا حتى إذا اجتمعوا على قتله استعار موسى من إحدى بنات الحارث ليستحد بها، فأعارته. قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه. قالت: فأخذه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعا عرفه في [2] ، والموسى في يده. فَقَالَ: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله. قَالَ: فكانت تقول: ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ من حديقة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزقا آتاه الله إياه. قَالَ: ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه، فَقَالَ:
دعوني أصلي ركعتين. ثم قَالَ: لولا أن يروا أن ما بي من جزع من الموت لزدت.
__________
[1] في أ، ت: من بني جحجبي بن كلفة بن عمرو بن عوف.
[2] في ت: عرفه في وجهي.(2/440)
قَالَ: فكان أول من صلى ركعتين عند القتل [هو] [1] ، ثم قَالَ: اللَّهمّ أحصهم عددا، [وأقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا] [2] ، ثم قَالَ:
فلست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
قَالَ: ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله. هذا كله فيما ذكره ابن هشام عن عمرو [بن أبي سفيان] [3] الثقفي، عن أبي هريرة.
وذكر ابن إسحاق قال: وقال خبيب حين صلبه [4] :
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا ... قبائلهم واستجمعوا كلّ مجمّع
وقد قرّبوا أبناءهم ونساءهم ... وقربت من جذع طويل ممنّع
وكلهم يبدي العداوة جاهدا ... علي، لأني في وثاق بمضيع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي ... وما جمع الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما أصابني ... فقد بضعوا لحمى وقد ضل مطمعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد عرضوا بالكفر والموت دونه ... وقد ذرفت عيناي من غير مدمع
وما بي حذار الموت، إني لميت ... ولكن حذاري حر نار تلفع
فلست بمبد للعدو تخشعا ... ولا جزعا إني إلى الله مرجعي
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي حال كان في الله مصرعي [5]
__________
[1] من ت وحدها.
[2] من أسد الغابة.
[3] من أ، ت.
[4] في أ: صلبوه.
[5] في ت: مضجعي.(2/441)
وصلب بالتنعيم [1] ، وكان الذي تولى صلبه عقبة بن الحارث وأبو هبيرة العبدري [2] ، وذكر من الركعتين نحو ما ذكر ابن شهاب، قَالَ: وَقَالَ عبد الله ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: هو أول من سن الركعتين عند القتل.
وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ [3] قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ [بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ] [4] عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ اشْتَرَى خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَ خُبَيْبٌ قَدْ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: وَاشْتَرَكَ فِي ابْتِيَاعِ خُبَيْبٍ فِيمَا زَعَمُوا أبو إهاب ابن عزير، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ الأَوْقَصِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ، وَبَنُو الْحَضْرَمِيِّ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِنْ خَلَفٍ، وَهُمْ أَبْنَاءُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَدَفَعُوهُ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، فَسَجَنَهُ فِي دَارِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةُ عُقْبَةَ تَقُوتُهُ وَتَفْتَحُ عَنْهُ [5] وَتُطْعِمُهُ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَرَادُوا قَتْلِي فَآذِنِينِي. فَلَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ آذَنَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعْطِينِي [6] حَدِيدَةً أَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعْطَتْهُ مُوسَى، فَقَالَ- وَهُوَ يَمْزَحُ: قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْكُمْ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ هَذَا ظَنِّي بِكَ، فَطَرَحَ الْمُوسَى، وَقَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ مَازِحًا.
وروى عمرو بن أمية الضمري، قَالَ: بعثني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خبيب بن عدي لأنزله من الخشبة، فصعدت خشبته ليلا، فقطعت عنه وألقيته، فسمعت وجبة خلفي، فالتفت فلم أر شيئا. روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر أنه سمع يقول الذي قتل خبيبا أبو سروعة عقبة بن الحارث بن نوفل.
__________
[1] التنعيم: موضع بمكة، وهو بين مكة وسرف على فرسخين من مكة (ياقوت) .
[2] في أ: العبديّ. وفي ت: العذري.
[3] في ى: إسماعيل بن أبى يونس، قال: حدثني إسماعيل بن أبى أويس.
[4] ليس في أ، ت.
[5] في أ: عليه.
[6] في أ، ت: ابغني.(2/442)
(633) خبيب بن إساف،
ويقَالَ يساف بن عنبة [1] بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، شهد بدرا وأحدا والخندق، وكان نازلا في المدينة.
قَالَ الواقدي: كان خبيب بن يساف قد تأخر إسلامه حتى خرج النبي صَلَّى الله عليه وسلم بدر، فلحقه في الطريق، فأسلم وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات في خلافة عثمان.
قَالَ أبو عمر: خبيب بن إساف هذا تزوج حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير بعد أن توفي عنها أبو بكر الصديق، وروى عنه حديث واحد من وجه واحد، رواه عنه ابنه عبد الرحمن بن خبيب.
وخبيب هذا هو جد خبيب بن عبد الرحمن بن [عبد الله بن] [2] خبيب ابن يساف شيخ مالك.
وخبيب بن يساف هذا هو الذي قتل أمية بن خلف يوم بدر فيما ذكروا.
قَالَ مسلم بن الحجاج: خبيب جد خبيب بن عبد الرحمن له صحبة.
باب خداش
(634) خداش بن سلامة،
أبو سلامة السلامي، ويقَالَ ابن أبي سلامة. يعد في الكوفيين، روى عنه حديث واحد، قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: أوصى امرأ بأمه، [أوصي أمرأ بأمه] [3] ثلاث مرات، أوصي امرأ بأبيه،
__________
[1] في ى: عتبة. والصواب من الإصابة، وهوامش الاستيعاب، والطبقات.
[2] من أ، ت.
[3] من أ، ت.(2/443)
أوصى امرأ بمولاه الذي يليه ... الحديث، رواه الثوري عن منصور، عن عبيد الله [1] بن علي، عنه.
وذكره ابن أَبِي شَيْبَةَ، عن شريك، عن منصور بنحوه، وأدخل شيبان بين عبيد الله وأبي سلامة عرفطة السلمي. وقد قيل: في أبي سلامة خداش هذا إنه من ولد خبيب السلمي، وقد وهم فيه بعض من جمع في الأسماء والكنى، فَقَالَ:
هو من ولد خبيب السلمي والد أبي عبد الرحمن السلمي، فلم يصنع شيئا.
(635) خداش [2] ، عم صفية [3] بنت أبي مجزأة [4] ،
عمة أيوب بن ثابت، حديثه في شأن الصحيفة.
(636) خداش، أو خراش، بن حصين بن الأصم،
واسم الأصم رحضة بن عامر ابن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي. له صحبة، ولا أعلم له رواية.
وزعم بنو عامر بن لؤي أنه قاتل مسيلمة الكذاب.
باب خراش
(637) خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم ابن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي،
شهد بدرا وأحدا، وجرح يوم أحد عشر جراحات، [ويقَالَ لخراش بن الصمة قائد الفرسان] [5] ، وكان من الرّماة المذكورين.
__________
[1] هكذا في ى، والتهذيب. وفي أ، ت: عن عبيد بن على.
[2] في أسد الغابة والإصابة: خداش بن أبي خداش المكيّ.
[3] في أ: عم أبى صفية، ت مثل ى.
[4] في أ، ت: بحراة. وفي أسد الغابة: بنت بحر، وفي الإصابة: بنت بحرية.
[5] من ت وحدها.(2/444)
(638) خراش بن أمية بن الفضل [1] الكعبي الخزاعي،
مدني شهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديبية وخيبر وما بعدهما من المشاهد، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية إلى مكة، فآذته قريش وعقرت جمله، فحينئذ بعث إليهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان بن عفان، وهو الذي حلق رأس رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يوم الحديبيّة.
روى عن خراش هذا ابنه عبد الله بن خراش. توفى خراش في آخر خلافة معاوية.
(639) خراش الكلبي،
ثم السلولي. مذكور في الصحابة، لا أعرفه بغير ذَلِكَ. وقد قيل: إنه الذي قبله، وذكر له ذَلِكَ الخبر، والصحيح في ذَلِكَ أنه خزاعي [2] .
باب خرشة
(640) خرشة بن الحارث،
مصري. له صحبة ورواية. حديثه عند ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عنه.
(641) خرشة بن الحرّ الفزاري،
ويقال الأزدي. نزل حمص. له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث [واحد] [3] في الإمساك عن الفتنة، لَيْسَ له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره فيما علمت. ولأخته سلامة بنت الحر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث. وقد ذكرناها في الصواحب.
__________
[1] في أسد الغابة: ونسبه هشام الكلبي فقال: خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل ابن منقذ بن عفيف.
[2] في أسد الغابة: قلت: هو خراش بن أمية، لا شبهة فيه. فلا أدرى كيف اشتبه على أبى عمر.
[3] من أ، ت.(2/445)
وكان خرشة بن الحر هذا يتيما في حجر عمر بن الخطاب، روى عن عمر وأبي ذر وعبد الله بن سلام، روى عنه جماعة من التابعين، منهم ربعي بن خراش، والمسيب بن رافع، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير.
(642) خرشة [1] ،
شامي، له صحبة، كذا قَالَ أبو حاتم، وجعله غير خرشة بن الحر. وَقَالَ: روى عنه أبو كثير المحاربي.
باب خريم
(643) خريم بن فاتك الأسدي،
وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو ابن الفاتك بن القليب بن عمرو [2] بن أسد بن خزيمة. وأبوه الأخرم يُقَالُ له فاتك. وقد قيل: إنّ فاتك هو ابن الأخرم، يكنى خريم بن فاتك أبا يَحْيَى وقيل: أبا أيمن بابنه أيمن بن خريم، شهد بدرا مع أخيه سبرة بن فاتك.
وقد قيل: إن خريما هذا وابنه أيمن بن خريم أسلما جميعا يوم فتح مكة والأول أصح، وقد صحح البخاري وغيره أن خريم بن فاتك وأخاه سبرة بن فاتك شهدا بدرا وهو الصحيح إن شاء الله، عداده في الشاميين.
وروينا من وجوه عن أيمن بن خريم أنه قَالَ لمروان حين سأله أن يقاتل معه بمرج راهط: إن أبي وعمي شهدا بدرا ونهياني أن أقاتل مسلما.
وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ لَوْلا خُلَّتَانِ فِيكَ. قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُمَا؟ قَالَ: تُسْبِلُ إِزَارَكَ، وَتُرْخِي شَعْرَكَ. قَالَ: قُلْتُ: لا جَرَمَ فَجَزَّ خُرَيْمٌ شَعْرَهُ ورفع إزاره.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: قال الذهبي: هو ابن الحر، لكن فرق بينهما ابن أبى حاتم.
[2] هكذا في التهذيب والتقريب، ى، ت. وفي أ: بن عمر. وفي هوامش الاستيعاب:
فاتك هو القليب.(2/446)
وروينا مثل ذَلِكَ أيضا من حديث سهل بن الحنظلية قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم الرجل خريم الأسدي، لولا طول جمته وإسبال إزاره.
فبلغ ذَلِكَ خريم، فقطع جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى نصف ساقه. يعد في الكوفيين. روى عنه المعرور بن سويد، وشمر بن عطية، والربيع ابن عميلة، وحبيب بن النعمان الأسدي.
(664) خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي،
يكنى أبا لحاء. روى عنه أنه قَالَ: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت عليه منصرفه من تبوك، فسمعت العباس عمه بقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني أريد أن امتدحك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل، لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:
من قبلها [1] طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسرا وأهلها [2] الغرق
تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت ... الأرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذَلِكَ الضياء وفي النور ... وسبل الرشاد تخترق
وذكر حديثا طويلا. وقد روى هذا الشعر بنحو هذه الرواية جرير ابن أوس أخو خريم بن أوس، كما رواه خريم، فاللَّه أعلم.
__________
[1] في أ: قبلها.
[2] في لسان العرب: وأهله. ونسر: صنم.
(م 3- الاستيعاب- ثان)(2/447)
باب خزيمة
(665) خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخطمي الأنصاري،
من بني خطمة من الأوس، يعرف بذي الشهادتين، جعل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهادته بشهادة رجلين، يكنى أبا عمارة، شهد بدرا، وما بعدها من المشاهد، وكانت راية خطمة بيده يوم الفتح، وكان مع علي رضي الله عنه بصفين، فلما قتل عمار جرد سيفه فقاتل حتى قتل، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين.
روى عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت من وجوه قد ذكرتها في «كتاب الاستظهار في [طرق] [1] حديث عمار» . قَالَ: ما زال جدي خزيمة بن ثابت مع علي بصفين كافا سلاحه، وكذلك فعل يوم الجمل، فلما قتل عمار بصفين قَالَ خزيمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية. ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل.
(666) خزيمة بن معمر،
أبو معمر الأنصاري الخطمي أيضا، من بني خطمة. روى عنه محمد بن المنكدر، لا أعلم روى عنه غيره حديثه في المرجومة، في إسناده اضطراب كثير، وفيه إقامة الحد كفارة.
(667) خزيمة بن خزمة [2] بن عدي بن أبي غنم [3] بن عوف بن الخزرج،
من القواقلة [4] ، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
[1] من ت، أ.
[2] في ى: بن خزيمة. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة، والإصابة.
[3] في أسد الغابة: بن أبى بن غنم.
[4] القوقل: اسم بطن من الأنصار، وهم القواقلة. (القاموس) .(2/448)
(668) خزيمة بن أوس بن يزيد بن أصرم،
أخو مسعود بن [أوس بن] [1] يزيد بن أصرم، هكذا ذكرهما موسى بن عقبة جميعا فيمن شهد بدرا.
(669) خزيمة بن جزي السلمي،
له صحبة. روى عنه أخوه حبان بن جزي [2] ، ذكره أبو حاتم الرازي. فيه وفي الذي بعده نظر، وقال فيه الدارقطنيّ:
جزىّ- بكسر الجيم.
(670) خزيمة بن جهم بن قيس [3] بن عبد شمس،
كان ممن حمله [4] النجاشي في السفينة، مع عمرو بن أمية، ذكره ابن أبي حاتم الرازيّ عن أبيه.
(671) خزيمة بن الحارث،
مصري له صحبة، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، حديثه عند ابن لهيعة عن يزيد عنه.
(672) خزيمة بن جزي بن شهاب العبدي،
من عبد القيس، يعد في أهل البصرة.
روى عنه حديث واحد في الضب يختلف في إسناده ومتنه.
باب خفاف
(673) خفاف بن إيماء بن رحضة [5] بن خربة الغفاري.
كان إمام مسجد بني غفار وخطيبهم، شهد الحديبية، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، يعد في المدنيين.
__________
[1] من أ، ت.
[2] هكذا ضبط في الإصابة. وقال في أسد الغابة: قال الدار قطنى وابن ماكولا: بكسر الجيم. وقال عبد الغنى فيه: يقال بفتح الجيم. وجزء- يعنى بالهمزة.
[3] في أسد الغابة: بن عبد قيس.
[4] في أ، ت: حمل النجاشي. وفي الإصابة: ممن بعثه النجاشي مع عمرو بن أمية.
[5] في التهذيب: رحضة- براء مهملة وضاد معجمة. وفي الإصابة: بفتح الراء المهملة، ثم معجمة- رخصة.(2/449)
روى عنه عبد الله بن الحارث، وحنظلة بن علي الأسدي [1] . ويقَالَ: إن لخفاف هذا ولأبيه إيماء، ولجده رحضة صحبة، كلهم صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانوا ينزلون غيقة من بلاد غفار، ويأتون المدينة كثيرا. [يقولون هو والد مخلد بن خفاف، الذي روى عنه ابن أبي ذئب، ولا يصح ذلك] [2] .
(674) خفاف بن ندبة،
ويقَالَ ندبة وندبه وندبة [3] بن عمير بن عمرو [4] ابن الشريد السلمي.
يكنى أبا خرشة [5] ، وهو ابن عم خنساء، وصخر، ومعاوية. وخفاف هذا شاعر مشهور بالشعر، أمه ندبة، وأبوه عمير، وكان أسود حالكا. قَالَ أبو عبيدة: هو أحد أغربة العرب، قَالَ الأصمعي: شهد خفاف حنينا.
وَقَالَ غيره: شهد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح مكة، ومعه لواء بني سليم، وشهد حنينا والطائف. وَقَالَ أبو عبيدة: حَدَّثَنِي أبو بلال سهم بن أبي العباس [6] [بن مرداس] [7] السلمي قَالَ: غزا معاوية بن عمرو بن الشريد أخو خنساء مرة وفزارة، ومعه خفاف بن ندبة، فاعتوره هاشم وزيد، ابنا حرملة المريان فاستطرد له أحدهما، ثم وقف وشد عليه الآخر فقتله، فلما تنادوا قتل معاوية.
قَالَ خفاف: قتلني الله إن رمت حتى أثأر به، فشد على مالك بن حمار سيد بني شمخ بن فزارة فقتله وقال:
__________
[1] في ى: الأسيدي. والصواب من أ، ت.
[2] ليس في أ، ت.
[3] أي بالحركات الثلاث.
[4] ندبة أمه. وأبوه عمير.
[5] في ت، والإصابة: خراشة- بضم الخاء والشين.
[6] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ: سهم بن أبي بن العباس. وفي ت: سهم بن العباس.
[7] من أ، ب.(2/450)
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فعمدا على عيني تيممت مالكا
وقفت له علوي وقد خان [1] صحبتي ... لأبني مجدا أو لأثأر هالكا
أقول له والرمح يأطر [2] متنه ... تأمل خفافا أنني أنا ذلكا
قَالَ أبو عمر: له حديث واحد لا أعلم له غيره، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أين تأمرني أن أنزل، أعلى قرشي، أم أنصاري أم أسلم أم غفار؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا خفاف، ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر نصرك، وإن احتجت إليه رفدك.
باب خلاد
(675) خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي،
شهد بدرا مع أخيه رفاعة بن رافع الزرقي، يقولون: إنه له رواية، والله أعلم.
(676) خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس ابن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر،
شهد العقبة، وشهد بدرا وأحدا والخندق، وقتل يوم بني قريظة شهيدا، طرحت عليه الرحى من أطم من آطامها، فشدخت رأسه ومات، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يذكرون: إن له أجر شهيد [3] ، ويقولون:
__________
[1] في أ، ت: خام.
[2] يأطر: ينثني. المتن: الظهر. أنا ذلك: أنا الّذي سمعت به (الإصابة) .
[3] في الإصابة: شهيدين.(2/451)
[إن] [1] التي طرحت عليه الرحى بنانة امرأة من بني قريظة، ثم قتلها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع بني قريظة، إذ قتل من أنبت منهم، ولم يقتل امرأة غيرها.
(677) خلّاد بن السائب بن خلّاد بن سويد الأنصاري [2] ،
يختلف في صحبته، وفي حديثه في رفع الصوت بالتلبية اختلاف كبير. روى عنه عطاء بن يسار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أخاف أهل المدينة أخافه الله. يختلف فيه، فمنهم من يقول فيه السائب بن خلاد، وسيأتي ذكره في باب السائب بأكثر من هذا إن شاء الله.
(678) خلاد بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري السلمي،
شهد هو وأبوه وإخوته معوذ، وأبو أيمن، ومعاذ، بدرا. وقتل خلّاد بن عمرو ابن الجموح هو وأبوه وأبو أيمن أخوه يوم أحد شهيدا، وقيل: إن أبا أيمن مولى عمرو بن الجموح لَيْسَ بابنه، ولم يختلفوا أن خلادا هذا شهد بدرا وأحدا.
باب خنيس
(679) خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي،
كان على حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من المهاجرين الأولين، شهد بدرا بعد هجرته إلى أرض الحبشة، ثم شهد أحدا، ونالته ثمة جراحة [3] ، مات منها بالمدينة. هو أخو عبد الله بن حذافة.
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أسد الغابة: جعلهما (أي هذا والّذي قبله) أبو أحمد العسكري واحدا، فقال خلاد بن سويد. وقيل خلاد بن السائب.
[3] في ت: ثم جراحات.(2/452)
(680) خنيس بن خالد،
وهو الأشعر بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حبشية [1] ابن سلول بن كعب بن عمرو الكعبي الخزاعي، يكنى أبا صخر، هكذا قَالَ فيه إبراهيم بن سعد وسلمة جميعا عن ابن إسحاق: خنيس بالخاء المنقوطة [والنون] [2] وغيرهما يقول حبيش بالحاء المهملة والشين المنقوطة، وقد ذكرناه في الحاء.
باب خولي
(681) خولي بن أبي خولي العجلى،
هكذا قَالَ ابن هشام، ونسبه إلى عجل ابن لجيم [3] ويقَالَ الجعفي، كذا قَالَ ابن إسحاق وغيره، وهو حليف بنى عدىّ ابن كعب. ومنهم من يقول: فيه خولي بن خولى، والأكثر يقولون: خولى ابن أبي خولي، واسم أبي خولي عمرو بن زهير بن جعف [4] ، كان حليفا للخطّاب ابن نفيل. شهد بدرا، أو شهد معه في قول أبي معشر والواقدي: ابنه، ولم يسمياه.
وأما محمد بن إسحاق فَقَالَ: شهد خولي بن أبي خولي وأخوه مالك بن أبي خولي [الجعفيان] [5] بدرا. وَقَالَ موسى بن عقبة: شهد خولي وأخوه هلال بن أبى خولى بدرا [6] .
__________
[1] في ت: بن حبشية بن كعب بن عمرو الكعبي الخزاعي. وفي أ: بن ضبيس بن عمرو الكعبي الخزاعي وفي هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في هامشه ما لفظه: حبيشة- بالفتح. قال فيه ابن حبيب.
[2] من ت وحدها.
[3] في ى: لحيم. والمثبت من الزبيدي.
[4] في ت: من جعف.
[5] من أ، ت.
[6] في هوامش الاستيعاب: قال أبو عمر: أخطأ ابن هشام وأصاب إسحاق.(2/453)
وَقَالَ هشام بن الكلبي: شهد خولي بن أبي خولي بدرا، وشهدها معه أخواه هلال وعبد الله، هكذا قَالَ: وعبد الله.
وَقَالَ الطبري: شهد خولي بن أبي خولي بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات في خلافة عمر.
ولخولي هذا حديث واحد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال له: وذكر تغيّر الزمان [1] : عليك بالشام. وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب قَالَ: شهد بدرا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، ولم يذكر مالك ابن أبي خولي.
(682) خولي بن أوس [2] الأنصاري،
زعم ابن جريج أنه ممن نزل في قبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مع عليّ والفضل.
(683) خولي [3] ،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه الضحاك بن مخمر [4] ، والد أنيس بن الضحاك، هكذا ذكره ابن أبي حاتم، لا أدري أهو غير هذين [5] أو أحدهما.
__________
[1] في أ، ت: الزمن.
[2] في هوامش الاستيعاب: قال الذهبي: وإنما هو أوس بن خولى.
[3] في هوامش الاستيعاب: لعله الّذي قبله- يعنى خولى بن أبى خولى.
[4] في أ: محمد.
[5] يعنى الّذي تقدم ذكرهما (أسد الغابة) .(2/454)
باب خويلد
(684) خويلد بن عمرو،
أبو شريح الخزاعي الكعبي، هو مشهور بكنيته، واختلفوا في اسمه، فقيل: اسمه كعب بن عمرو. وقيل: عمرو بن خويلد، والأكثر يقولون: خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزي، أسلم قبل فتح مكة، وتوفي بالمدينة سنة ثمان وستين، وقد ذكرناه في الكنى.
(685) خويلد بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعي،
أخو أم معبد، لم يذكروه في الصحابة، ولا أعلم له رواية، وقد روى أخوه خنيس [1] بن خالد، وروى عن أختهما أم معبد الخزاعية حديثها في مرور رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها، وسنذكر خبرها إن شاء الله.
باب الأفراد في الخاء
(686) خوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس،
وامرؤ القيس هذا يقَالُ له البرك بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، يكنى أبا عبد الله في قول ابن عمارة وغيره، وَقَالَ الواقدي: يكنى أبا صالح.
كان أحد فرسان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شهد بدرا هو وأخوه عبد الله بن جبير في قول بعضهم، روى سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن ثابت ابن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قَالَ: قَالَ لي خوات بن جبير، وكان بدريا.
وَقَالَ موسى بن عقبة: خرج خوات بن جبير مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
__________
[1] في أ، ت: حبيش. وقد سبق أن اسمه خنيس، وحبيش- في باب (خنيس) .(2/455)
إلى بدر، فلما بلغ الصفراء أصاب ساقه حجر فرجع فضرب له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه.
وَقَالَ ابن إسحاق: لم يشهد خوات بن جبير بدرا، ولكن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب له بسهمه مع أصحاب بدر، وشهدها أخوه عبد الله بن جبير، يعد في أهل المدينة.
توفى بها سنة أربعين، وهو ابن أربع وتسعين، وكان يخضب بالحناء والكتم [1] .
روى خوات بن جبير في تحريم المسكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وروى في صلاة الخوف، وله في الجاهلية قصة مشهورة مع ذات النحيين قد محاها الإسلام، وهو القائل:
فشدت على النحيين كفا شحيحة ... فأعجلتها وآلفتك من فعلاتي
في أبيات تركت ذكرها، لأن في الخبر المشهور أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله عنها وتبسم، فَقَالَ: يا رَسُول اللَّهِ، قد رزق الله خيرا، وأعوذ باللَّه من الحور بعد الكور [2] .
وأهل الأخبار يقولون: إنه شهد بدرا، وقد ذكرنا الاختلاف في ذَلِكَ.
وذات النحيين امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، وتضرب العرب المثل بذات النحيين فتقول: أشغل من ذات النحيين.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
__________
[1] الكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر.
[2] أي من النقصان بعد الزيادة (النهاية) .(2/456)
فُلَيْحٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَيْسِ بن أبى حذيفة [1] ، عن خوّات ابن جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسِرْنَا فِي رَكْبٍ فِيهِمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ الْقَوْمُ: غَنِّنَا مِنْ شِعْرِ ضِرَارٍ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَلْيُغَنِّ مِنْ بُنَيَّاتِ [2] فُؤَادِهِ، يَعْنِي مِنْ شِعْرِهِ، قَالَ: فَمَا زِلْتُ أُغَنِّيهِمْ حَتَّى كَانَ السَّحَرُ، فَقَالَ عُمَرُ: ارْفَعْ لِسَانَكَ يَا خَوَّاتُ فَقَدْ أَسْحَرْنَا.
(687) الخشخاش بن الحارث،
ويقَالَ [ابن] [3] مالك بن الحارث العنبري التميمي، وقيل: الخشخاش بن جناب العنبري، قاله ابن معين. وقيل: الخشخاش بن حباب- بالحاء.
للخشخاش، ولبنيه: مالك، وقيس، وعبيد صحبه، وقد روى عنهم وعن أبيهم حصين بن أبي الحر. [وروي عن الخشخاش العنبري [4]] ، قَالَ: أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعي ابن لي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنك لا تجني عليه ولا يجنى عليك، مثل حديث أبي رمثة سواء، لا أعلم له غير هذا الحديث.
روى عنه الحصين بن أبي الحر، قَالَ خليفة: هو الخشخاش [بالخاء] [3] بن مالك ابن الحارث بن أخيف بن كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم.
(688) خرباق السلمى،
قَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ خِرْبَاقٍ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ خِرْبَاقُ: أَشَكَكْتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةَ يَا رسول الله؟ فقال: ما شككت
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: صوابه: قيس بن حذيفة.
[2] في ى: ثنيات.
[3] من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت.(2/457)
وَلا قَصَرْتُ [الصَّلاةَ] [1] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟
قَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ سَلَّمَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ النُّفَيْلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ بِإِسْنَادِهِ. قَالَ أبو عمر: ورواه أيوب السختياني وهشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ولم يذكروا خرباقا، وإنما أحفظ ذكر الخرباق من حديث عمران بن الحصين في قصة ذي اليدين- قَالَ: فقام رجل يقَالُ له: الخرباق طويل اليدين.
(689) خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن غنم الأنصاري الأوسي،
هو والد سعد بن خيثمة، قتل يوم أحد شهيدا، قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي، وقتل ابنه سعد بن خيثمة يوم بدر شهيدا.
(690) خليفة بن عدي الأنصاري البياضي،
ذكره موسى بن عقبة، فيمن شهد بدرا وأحدا.
(691) خليدة بن قيس بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب ابن سلمة الأنصاري السلمي،
شهد بدرا، كهذا قَالَ موسى بن عقبة، وأبو معشر.
وَقَالَ ابن إسحاق والواقدي: خليد بن قيس، وَقَالَ عبد الله بن محمد ابن عمارة: خالد بن قيس، ولم يختلفوا أنه شهد بدرا.
(692) الخريت بن راشد الناجي،
ذكر سيف عن زيد بن أسلم قَالَ: لقي الخريت بن راشد الناجي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بين مكة والمدينة، في وفد
__________
[1] ليس في أ، ت.(2/458)
بنى سامة بن لؤي فاستمع لهم، وأشار إلى قوم من قريش، فَقَالَ: هؤلاء قومكم فأنزلوا عليهم. قَالَ سيف: وكان الخريت على مضر يوم الجمل مع طلحة، والزبير. قَالَ: وكان عبد الله بن عامر استعمل الخريت على كورة من كور فارس.
(693) خذام بن وديعة الأنصاري،
من الأوس. وقيل: خذام بن خالد، هو والد خنساء بنت خذام التي أنكحها [أبوها] [1] كارهة، فرد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نكاحها، واختلف فيها هل كانت بكرا أو ثيبا، على ما ذكرناه في بابها، واختلف في نزول عثمان بن عفان على خذام هذا في حين هجرة عثمان إلى المدينة.
(694) خلدة الزرقي الأنصاري،
مدني، هو جد عمر بن عبد الله بن خلدة، حَدِيثُهُ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ [2] ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ خَلْدَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا خَلْدَةَ، ادْعُ لِي إِنْسَانًا يَحْلِبُ نَاقَتِي:
فَجَاءَهُ بِرَجُلٍ: فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: حَرْبٌ. فَقَالَ: اذْهَبْ. فَجَاءَهُ بِرَجُلٍ. فَقَالَ:
مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: يَعِيشُ. قَالَ: احْلِبْهَا يَا يَعِيشُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، فذكره.
(695) خديج بن سلامة،
ويقَالَ: ابن سالم بن أوس بن عمرو بن القراقر [3] ،
__________
[1] من ت وحدها.
[2] في ت: بن أويس.
[3] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتب الأصل في هامشه بالفاء لطائر.(2/459)
البلوي، حليف لبني حرام من الأنصار، شهد العقبة الثانية، ولم يشهد بدرا، ولا أحدا، وشهد ما بعد ذَلِكَ، قاله الطبري، وَقَالَ: يكنى أبا رشيد [1] .
(696) خنافر بن التوأم الحميري،
كان كاهنا من كهان حمير، ثم أسلم على يدي معاذ باليمين، وله خبر حسن في أعلام النبوة، إلا أن في إسناده مقالا، ولا يعرف إلا به.
(697) الخفشيش الكندي،
ويقَالَ فيه بالحاء وبالجيم، وقد ذكرناه في باب الجيم.
__________
[1] في الإصابة وأسد الغابة: أبا شباث- بضم الشين المعجمة وبالباء الموحدة وبعد الألف ثاء مثلثة.(2/460)
حرف الدال
(698) داذويه،
أحد الثلاثة الذين دخلوا على الأسود العنسي الكذاب بصنعاء فقتلوه، وهم: قيس بن مكشوح، وداذويه، وفيروز الديلميّ.
(699) دارم،
أبو الأشعث التميمي، روى عنه ابنه الأشعث بن دارم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمتي خمس طبقات. .. الحديث. في إسناده ضعف.
(700) داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح.
أبو ليلى، والد عبد الرحمن بن أبي ليلى.
روى عنه ابنه عبد الرحمن، وفي اسمه اختلاف، منهم من قَالَ: يسار، وقد ذكرناه في باب الياء، وفي باب الكنى.
(701) دحية بن خليفة بن فروة الكلبي،
من كلب بن وبرة في [1] قضاعة، يقَالُ في نسبه دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج.
والخزرج العظيم هو زيد مناة بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف [بن بكر بن عوف] [2] بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، كان من كبار الصحابة، لم يشهد بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد وبقي إلى خلافة معاوية.
وهو الذي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قيصر رسولا في الهدنة، وذلك في سنة ست من الهجرة، فآمن به قيصر، وأبت بطارقته أن تؤمن، فأخبر بذلك دحية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ثبت [الله] [3] ملكه ... في حديث طويل.
__________
[1] في ى: بن، والمثبت من أ، ت.
[2] ليس في أ، ت.
[3] ليس في أ، ت.(2/461)
وذكر موسى بن عقبة، عن شهاب، قَالَ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشبه دحية الكلبي بجبريل عليه السلام.
(702) دغفل بن حنظلة النسابة العلامة السدوسي الشيباني،
نسبه ابن إسحاق وغيره. يقَالَ: إن له صحبة ورواية، ولا يصح عندي سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
روى عنه الحسن الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَدْرِي أَلَهُ صُحْبَةٌ أَمْ لا؟ حَدَّثَنَا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ دَعَا دَغْفَلا فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِيَّةِ، وَسَأَلَهُ عَنْ أَنْسَابِ النَّاسِ، وَسَأَلَهُ عَنِ النُّجُومِ، فَإِذَا الرَّجُلُ عَالِمٌ، فَقَالَ: يَا دَغْفَلُ، مِنْ أَيْنَ حَفِظْتَ هَذَا؟
فَقَالَ: حَفِظْتُ هَذَا بِقَلْبٍ عَقُولٍ، وَلِسَانٍ سَئُولٍ، وَإِنَّ غَائِلَةَ الْعِلْمِ [1] النِّسْيَانُ.
قَالَ مُعَاوِيَةُ: انْطَلِقْ إِلَى يَزِيدَ فَعَلِّمْهُ أَنْسَابَ النَّاسِ، وَعَلِّمْهُ النُّجُومَ، وَعَلِّمْهُ الْعَرَبِيَّةَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانَ دَغْفَلُ رَجُلا عَالِمًا، وَلَكِنِ اغتلبه [2] النسب.
(703) دفة [3] بن إياس بن عمرو الأنصاري،
شهد بدرا.
(704) دكين بن سعيد المزني
، ويقَالَ الخثعمي، قَالَ: أتينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نسأله الطعام. فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لعمر: قم فأعطهم.
__________
[1] في ى: العالم. وفي أسد الغابة: آفة العلم.
[2] في ت، أ: عتلته.
[3] في أسد الغابة: وقد ذكر في حرف الواو: ودفة بن إياس، جعلهما اثنين وهما واحد.
وفي هوامش الاستيعاب: وقد ذكره الذهبي في دفة وعزاه لأبى عمر، ثم قال: وإنما هو ودفة.(2/462)
قَالَ: سمع وطاعة. .. وذكر الحديث في أعلام النبوة في قصة التمر. روى عنه قيس بن أبى حازم.
(705) ديلم الحميري الجيشاني،
هو ديلم بن أبي ديلم. ويقَالَ: ديلم بن فيروز [1] ، ويقَالَ: ديلم بن الهوشع [2] . وهو من ولد حمير بن سبأ. له صحبة. سكن مصر ولم يرو عنه فيما أعلم غير حديث واحد في الأشربة، رواه عنه [3] المصريون، ورواه مرثد بن عبد الله اليزني. وقد قيل: إن ديلم بن الهوشع غير ديلم الحميري، وليس بشيء.
(706) دينار الأنصاري،
انفرد بالرواية عنه ابنه ثابت بن دينار، وهو جدّ عدي ابن ثابت، حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المستحاضة يضعفونه، وله حديث آخر في القيء، والعطاس، والنعاس، والتثاؤب من الشيطان، ولا يصح إسناده.
__________
[1] في ى: فرقد. والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[2] في هوامش الاستيعاب: بخط ابن سيد الناس في هامشه: الهوسع بالسين في كتاب ابن السكن.
[3] في ى: روى عنه، والمثبت من ت.
(م 4- استيعاب ثان)(2/463)
حرف الذال
باب ذؤيب
(707) ذؤيب بن كليب بن ربيعة الخولاني،
كان أول من أسلم من اليمن، فسماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله، وكان الأسود الكذاب قد ألقاه في النار لتصديقه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم تضره النار، ذكر ذَلِكَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه، فهو شبيه إبراهيم عليه السلام، رواه ابن وهب عن ابن لهيعة.
(708) ذؤيب بن حلحلة،
ويقَالَ: ذؤيب بن حبيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم بن عبد الله بن قمير بن حبيشة [1] بن سلول بن كعب بن عمرو ابن ربيعة، وهو لحي بن حارثة بن عمرو بن عامر الخزاعي الكعبي، وخزاعة هم ولد حارثة بن عمرو بن عامر.
كان ذؤيب هذا صاحب بدن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يبعث معه الهدى، ويأمره إن عطب منه شيء قبل محله أن ينحره ويخلي بين الناس وبينه.
رَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ:
إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلا أحد من أهل رفقتك.
__________
[1] في ى وأسد الغابة: حبشية. والمثبت من أ، ت.(2/464)
[وذؤيب] [1] هو والد قبيصة بن ذؤيب، شهد الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وكان يسكن قديدا [2] ، وله دار بالمدينة، وعاش إلى زمن معاوية.
قَالَ يَحْيَى بن معين: ذؤيب والد قبيصة بن ذؤيب له صحبة ورواية. وجعل أبو حاتم الرازي ذؤيب بن حبيب غير ذؤيب بن حلحلة، فَقَالَ: ذؤيب بن حبيب الخزاعي، أحد بني مالك بن أفصى، أخي أسلم بن أفصى، صاحب هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابن عباس.
ثم قَالَ: ذؤيب بن حلحلة بن عمرو الخزاعي أحد بني قمير [3] ، شهد الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ. وهو والد قبيصة بن ذؤيب، روى عنه ابن عباس.
ومن جعل ذؤيبا هذا رجلين فقد أخطأ ولم يصب، والصواب ما ذكرناه، والله أعلم.
(709) ذؤيب بن شعثن [4] العنبري،
ذكره العقيلي في الصحابة، ولا أعرفه، وقد ذكره ابن أبي حاتم، فَقَالَ: ذؤيب بن شعثم- هكذا بالميم [5] . وذكره العقيلي بالنون، قَالَ ابن أبي حاتم العنبري يعرف بالكلاح، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ له: ما اسمك؟ فَقَالَ: الكلاح، فَقَالَ: اسمك ذؤيب. وكانت له ذؤابة طويلة في رأسه.
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] قديد: اسم موضع قرب مكة (ياقوت) .
[3] في أ: أحد بنى تميم.
[4] في تاج العروس: شعثن كجعفر، والثاء مثلثة والدأبى رديح ذؤيب العنبري الصحابي.
وقد تقدم في الميم- شعثن.
[5] في أ: كذا قال بالميم.(2/465)
باب ذكوان
(710) ذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري، الزرقي،
شهد العقبة الأولى والثانية، ثم خرج من المدينة إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان معه بمكة، وكان يقَالُ له: مهاجري أنصاري، وشهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا، قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، فشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أبي الحكم بن الأخنس بن شريق وهو فارس، فضرب رجله بالسيف فقطعها من نصف الفخذ، ثم طرحه عن فرسه فذفف عليه [1] .
وذكر الواقدي، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن حبيب بن عبد الرحمن الأنصاري قَالَ: خرج أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس إلى مكة يتنافران إلى عتبة بن ربيعة، فسمعا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتياه، فعرض عليهما الإسلام، وقرا عليهما القرآن، فأسلما ولم يقربا عتبة، ورجعا إلى المدينة، فكانا أول من قدم بالإسلام إلى المدينة.
(711) ذكوان، ويقَالَ: طهمان، مولى بني أمية،
حديثه عند عبد الرازق، عن عمرو بن حوشب، عن إسماعيل بن أمية، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كان لنا غلام يقَالُ له ذكوان أو طهمان، فعتق [2] بعضه، وذكر الحديث مرفوعا، وأظنه الذي روى عنه حبيب بن أبي ثابت أنّ رسول الله صلّى الله
__________
[1] ذفف عليه: أجهز عليه.
[2] في أ: فأعتق. وفي ت مثل ى.(2/466)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جاءه رجل فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني لأعمل العمل فيطلع عليه فيعجبني. قَالَ: لك أجران أجر السر، وأجر العلانية.
(712) ذكوان، مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
حَدِيثُهُ عَنْ [1] عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ بَعْضِ بَنَاتِ عَلِيٍّ [2] عَنْ طَهْمَانَ، أَوْ ذَكْوَانَ، كَذَا رُوِيَ عَلَى الشَّكِّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَدَّثَهَا قَالَ: قَالَ لي رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ذَكْوَانُ أَوْ يَا طَهْمَانُ- شَكَّ الْمُحَدِّثُ- إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ لِي وَلا لأَهْلِ بَيْتِي، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ من أنفسهم.
باب الأذواء [3]
(713) ذو الأصابع التميمي،
ويقَالَ الخزاعي. ويقَالَ الجهني. سكن بيت المقدس. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضل بيت المقدس والشام.
(714) ذو الجوشن [الضبابي] [4] العامري،
من بني الضباب بن كلاب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة، أبو شمر.
اختلف في اسمه، فقيل: اسمه أوس بن الأعور [5] . وقيل: اسمه شرحبيل [6] ابن الأعور بن عمرو بن معاوية. سكن الكوفة. روى عنه أبو إسحاق
__________
[1] في أ، ت: عند.
[2] في ت: بن، أمثل ى.
[3] في هوامش الاستيعاب: بخط كاتبه في هامشه: قال أحمد بن حنبل: من كان من أهل اليمن يقال له ذو فهو شريف.
[4] ليس في أ، وهو في ت، وأسد الغابة.
[5] في ى: بن أعور، والمثبت من أ، ت، وأسد الغابة.
[6] في تاج العروس: قيل اسمه أوس. وقيل شرحبيل بن قرط الأعور، هكذا في النسخ.
الّذي في المعاجم وكتب الأنساب شرحبيل بن الأعور (جوش) .(2/467)
السبيعي. وقيل: إن أبا إسحاق لم يسمع منه، وإنما سمع حديثه من ابنه شمر بن ذي الجوشن عَنْ أَبِيهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ، وَسُمِّيَ ذَا الْجَوْشَنِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ صَدْرَهُ كَانَ نَاتِئًا، وَكَانَ ذُو الْجَوْشَنِ شَاعِرًا مَطْبُوعًا مُحْسِنًا، وَلَهُ أَشْعَارٌ حِسَانٌ يَرْثِي بِهَا أَخَاهُ الصُّمَيْلَ [1] بْنَ الأَعْوَرِ، وَكَانَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهُ: أَنَسُ بْنُ مُدْرِكٍ أَبُو سُفْيَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي كِتَابِ مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ، فَمِنْ أَشْعَارِهِ فِي أَخِيهِ الصُّمَيْلِ:
وَقَالُوا كَسَرْنَا بِالصُّمَيْلِ جَنَاحَهُ ... فَأَصْبَحَ شَيْخًا عِزُّهُ قَدْ تَضَعْضَعَا
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لا تَبْلُغُونَنِي ... وَلَمْ يَكُ قَوْمِي قَوْمَ سُوءٍ فَأَجْزَعَا
فَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَا ... قَبَائِلَ عَوْهَى [2] وَالْعُمُورَ وَأَلْمَعَا
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي قَبَائِلَ خَثْعَمٍ ... وَمَذْحِجَ هَلْ أُخْبِرْتُمُ الشأن أجمعا
بأن قد تركنا الحىّ حىّ ابن مُدْرِكٍ ... أَحَادِيثَ طَسْمٍ وَالْمَنَازِلَ بَلْقَعَا
جَزَيْنَا أَبَا سُفْيَانَ صَاعًا بِصَاعِهِ ... بِمَا كَانَ أَجْرَى فِي الْحُرُوبِ وَأَوْضَعَا
وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الأَبْيَاتِ تَرَكْتُ ذِكْرَهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْفَخْرِ بِالْجَاهِلِيَّةِ.
وَمِنْ أَشْعَارِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا:
مَنَعْتُ الْحِجَازَ وأعراضه ... وفرّت هوازن عنى [3] فرارا
__________
[1] هكذا ضبط في أ، ت. وفي تاج العروس: صميل مثل أمير.
[2] بنو عوهى: بطن من العرب بالشام (اللسان- مادة عوه) وفي هوامش الاستيعاب:
عوهى بخط كاتبه في هامشه: قبائل من اليمن. والعمور: حي من عبد القيس (القاموس) .
[3] في أ: منى. وفي ت مثل ى.(2/468)
بِكُلِّ نَصِيلٍ [1] عَلَيْهِ الْحَدِيدُ ... يَأْبَى لِخَثْعَمِ إِلا غِرَارَا
وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ وَثَّابَةً ... وَأَجْرَدَ نَهْدًا [2] يَصِيدُ الْحِمَارَا
وَفَضْفَاضَةً مِثْلَ مَوْرِ السَّرَابِ ... يَنْكَسِرُ السَّهْمُ عنها انكسارا
(715) ذو الزوائد الجهني،
له صحبة ورواية.
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في حديث ذكره يقول:
إذا عاد العطاء رشا عن دينكم فدعوه.
(716) ذو الشمالين،
واسمه عمير بن عمرو بن نضلة بن عمرو بن غبشان ابن سليم بن مالك بن أفصى بن حارثة بن عمرو [3] بن عامر.
وَقَالَ ابن إسحاق: هو خزاعي، يكنى أبا محمد، حليف لبني زهرة، كان أبوه عبد عمرو بن نضلة، قدم فحالف عبد [4] الحارث بن زهرة، وزوجه ابنته نعمى، فولدت له عميرا ذا الشمالين، كان يعمل بيديه جميعا، شهد بدرا، وقتل يوم بدر شهيدا، قتله أسامة الجشمي.
(717) ذو عمرو،
رجل أقبل من اليمن مع ذي الكلاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين، ومعهما جرير بن عبد الله البجلي.
قيل: إنه كان الرسول إليهما من قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قتل الأسود العنسي.
وقيل. بل كان إقبال جرير معهما مسلما وافدا على النبيّ صلّى الله عليه وسلم،
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: النصيل: الخارج بالسلاح إلى المبارزة.
[2] في أ: بهذا. وهو تحريف.
[3] في ى: بن عمر. والمثبت من أ، ت.
[4] في أ: عبد بن الحارث، وت مثل ى.(2/469)
وكان الرسول الذي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذي الكلاع وذي عمرو رئيسي اليمن جابر [1] بن عبد الله [في قتل الأسود العنسي الكذاب، فقدموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم] [2] ، فلما كان في بعض الطريق رأى ذو عمرو رؤيا أو رأى شيئا، فَقَالَ لجرير: يا جرير، إن الذي تمر إليه قد قضى وأتى عليه أجله [3] . قَالَ جرير: فرفع لنا ركب فسألتهم، فقالوا: قبض رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر. فَقَالَ لي ذو عمرو: يا جرير، إنكم قوم صالحون، وإنكم على كرامة لن تزالوا بخير ما إذا هلك لكم أمير أمرتم آخر، فأما إذا كانت بالسيف كنتم ملوكا ترضون كما ترضي الملوك وتغضبون كما تغضب الملوك. ثم قَالا لي جميعا- يعني ذا الكلاع وذا عمرو: أقرأ صاحبك السلام [4] ، ولعلنا سنعود، ثم سلما علي ورجعا.
(718) ذو الغرة الجهني،
ويقَالَ الطائي الهلالي [5] ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة في أعطان الإبل، والأمر بالوضوء من لحومها، وَقَالَ: لا توضئوا من لحوم الغنم، وصلوا في مراحها. ويقَالَ: إن اسم ذي الغرة يعيش، والله أعلم.
(719) ذو الغصة،
الحصين بن يزيد بن شداد الحارثي، من بنى الحارث ابن كعب، يقال له: ذو الغصّة.
__________
[1] في أ: جرير.
[2] من أ، ت.
[3] في أ، ت: وأتى على أجله.
[4] في ى: اقرأ على صاحبك.
[5] في أ، ت: والهلالي. وفي أسد الغابة: وقيل الهلالي.(2/470)
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن الكلبي وَقَالَ: إنما قيل له ذو الغصّة، لأنه كان يحلقه غصة، وكان لا يبين بها الكلام، فسمي ذا الغصة. [رأس بني الحارث مائة سنة] [1] .
(720) ذو الكلاع،
اسمه أيفع [2] بن ناكور، من اليمن، أظنه من حمير، يقَالُ: إنه ابن عم كعب الأحبار، يكنى أبا شرحبيل.
ويقَالَ، أبو شراحيل، كان رئيسا في قومه مطاعا متبوعا، أسلم، فكتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التعاون على الأسود، ومسيلمة، وطليحة، وكان الرسول إليه جرير بن عبد الله البجلي، فأسلم، وخرج مع جرير إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم، قَالَ: حدثنا على ابن سعيد بن بشير، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو كريب، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إدريس، قَالَ: سمعت إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جابر بن عبد الله، هكذا قَالَ، وإنما هو جرير بن عبد الله، قَالَ. كنت باليمن فأقبلت ومعي ذو الكلاع [3] وذو عمرو، فأقبلت أحدهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ ذو عمرو: يا جابر، إن كان الذي تذكر فقد أتى عليه أجله.
قَالَ: فقلت: نسأل، فرفع لنا ركب، فسألتهم فقالوا: قبض رسول الله صلّى
__________
[1] ليس في ت، وهو أ.
[2] في الإصابة: اسمه أسميفع- بفتح أوله وسكون المهملة وفتح ثالثه وسكون التحتانية وفتح الفاء بعدها مهملة. ويقال سميفع- بفتحتين، ويقال أيفع بن ناكور.
[3] في أ، ت: ذو كلاع.(2/471)
الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر. فَقَالَ لي: أقرأ صاحبك السلام، ولعلنا سنعود.
وقيل: اسم ذي الكلاع سميفع [1] أبو شرحبيل، وكان ذو الكلاع القائم بأمر معاوية في حرب صفين، وقتل قبل انقضاء الحرب ففرح معاوية بموته، وذلك [2] أنه بلغه أن ذا الكلاع ثبت عنده أن عليا بريء من دم عثمان، وأن معاوية لبس عليهم ذَلِكَ، فأراد التشتيت [3] على معاوية، فعاجلته منيته بصفين سنة سبع وثلاثين.
ولا أعلم لذي الكلاع صحبة أكثر من إسلامه واتباعه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته، وأظنه أحد الوفود عليه [والله أعلم] [4] ، ولا أعلم له رواية إلا عن عمرو [بن] [4] عوف بن مالك.
ولما قتل ذو الكلاع أرسل ابنه إلى الأشعث يرغب إليه في جثة أبيه ليأذن له في أخذها، وكان في الميسرة، فَقَالَ له الأشعث: إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين، ولكن عليك بسعد [5] بن قيس، فإنه في الميمنة، وكانوا قد منعوا أهل الشام تلك الأيام أن يدخلوا عسكر علي لئلا يفسدوا عليهم، فأتى ابن ذي الكلاع معاوية فاستأذنه في دخول عسكرهم إلى سعد بن قيس، فأذن له، فلما ولي قَالَ معاوية: لأنا أفرح بموت ذي الكلاع منّى بمصر
__________
[1] في تاج العروس: سميفع- كسميدع، وقد تضم سينه كأنه مصغر. وحينئذ يجب كسر الفاء (مادة سميفع) وفي هوامش الاستيعاب: سميقع- بالقاف. وفي كتاب الطبري بالفاء.
[2] في ى: وذكر. والمثبت من أ، ت.
[3] في ى: التثبت. والمثبت من أ، ت، وتاج العروس.
[4] من أ، ت.
[5] في أسد الغابة: سعيد بن قيس.(2/472)
لو فتحتها، وذلك أنه كان يخالفه، وكان مطاعا في قومه. فأتى ابن ذي الكلاع سعد بن قيس فأذن له في أبيه، فأتاه فوجده قد ربط برجله طنب فسطاط، فأتى أصحاب الفسطاط فسلم عليهم، وَقَالَ: أتأذنون في طنب من أطناب فسطاطكم، قالوا: نعم، ومعذرة إليك، ولولا بغيه علينا ما صنعنا به ما ترون. فنزل إليه وقد انتفخ، وكان عظيما جسيما، وكان مع ابن ذي الكلاع أسود له فلم يستطيعا رفعه، فَقَالَ ابنه: هل من معاون؟ فخرج إليه رجل من أصحاب علي يدعى الخندف فقالوا [1] : تنحوا. فَقَالَ ابن ذي الكلاع: ومن يرفعه؟
قَالَ: يرفعه الذي قتله. فاحتمله حتى رمى به على ظهر البغل، ثم شده بالحبل وانطلقا به إلى عسكرهم.
ويقَالَ: إن الذي قتل ذا الكلاع حريث بن جابر. وقيل: قتله الأشتر.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن عُمَرَ، قَالَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبَانٍ [2] ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وائل، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ [فِي رَوْضَةٍ] [3] وَذَا الْكُلاعِ فِي الْمَنَامِ فِي ثِيَابِ بِيضٍ فِي أَفْنِيَةِ الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: أَلَمْ يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؟ فَقَالُوا: بَلَى، وَلَكِنْ وَجَدْنَا اللَّهَ وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، قال حدثني يحيى بن سليمان. قال
__________
[1] في أ، ت: الخندق، فقال.
[2] في أ، ت: يمان.
[3] ليس في أ، ت.(2/473)
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، وكان من أفضل أصحاب عبد الله ابن مَسْعُودٍ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا قِبَابٌ مَضْرُوبَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: لِذِي الْكُلاعِ، وَحَوْشَبٍ- قَالَ: وَكَانَا مِمَّنْ قُتِلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ. قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَيْنَ عَمَّارٌ وَأَصْحَابُهُ؟ قَالُوا: أَمَامَكَ.
قُلْتُ: وَقَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ فَقِيلَ: إِنَّهُمْ لَقُوا اللَّهَ فَوَجَدُوهُ، وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ.
قُلْتُ: فَمَا فَعَلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ- يَعْنِي الْخَوَارِجَ؟ فَقِيلَ لِي: لَقُوا بَرْحًا [1] .
(721) ذو ظليم،
حوشب بن طخية. ويقَالَ: ظليم [2] بضم الظاء، وهو الأكثر.
ويقَالَ: في اسم أبيه حوشب [3] بن طخية وطخمة، والأول أكثر [4] ، بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير البجلي في التعاون على الأسود العنسي وإلى ذي الكلاع معه، وكانا رئيسي قومهما، وقتل رحمه الله بصفين سنة سبع وثلاثين.
أَخْبَرَنَا خلف بن قاسم، قال: حدثنا عبد الله بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حُجْرٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سُفْيَانَ الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَأَصْحَابَهُ فِي رَوْضَةٍ، وَرَأَيْتُ ذَا الْكُلاعِ وَحَوْشَبًا فِي رَوْضَةٍ، فَقُلْتُ: كَيْفَ وَقَدْ قَتَلَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؟ فَقَالَ: إِنَّهُمْ وجدوا الله واسع المغفرة.
__________
[1] البرح: الشدة والشر.
[2] في أسد الغابة: وهو الأكثر.
[3] في ى: حوشب بن عبد الله البجلي. والمثبت من أ، ت.
[4] في تاج العروس: ويقال في اسم أبيه طحية- بضم فتشديد الياء والحاء مهملة (مادة طخم)(2/474)
(722) ذو اللحية الكلابي،
يعد في البصريين، واسمه شريح بن عامر بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، له صحبة.
روى عنه يزيد بن أبي منصور.
(723) ذو مخبر
[1]- ويقَالَ: ذو مخمر. وكان الأوزاعي يأبى في اسمه إلا ذو مخمر بالميمين، لا يرى غير ذَلِكَ، وهو ابن أخي النجاشي، وقد ذكره بعضهم في موالي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، له أحاديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخرجها عن أهل الشام، وهو معدود فيهم.
(724) ذو اليدين،
رجل من بني سليم، يقَالُ له الخرباق، حجازي، شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد رآه وهم [2] في صلاته فخاطبه، وليس هو ذا الشمالين، ذو الشمالين رجل من خزاعة حليف لبني زهرة، قتل يوم بدر، نسبه ابن إسحاق وغيره، وذكروه فيمن استشهد يوم بدر.
وذو اليدين عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين، وشهد أبو هريرة يوم ذي اليدين، وهو الراوي لحديثه، وصحّ عنه فيه قوله: [بينا نحن مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [3] صلى بنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العشي، فسلم من ركعتين، فَقَالَ له ذو اليدين ... وذكر الحديث.
وأبو هريرة أسلم عام خيبر بعد بدر بأعوام، فهذا يبين لك أن ذا اليدين الذي راجع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ في شأن الصلاة لَيْسَ بذي الشمالين
__________
[1] في تاج العروس: ذو مخمر كمنبر- أو هو مخبر- بالباء الموحدة. وكان الأوزاعي بقول: هو بالميم لا غير (خمر) .
[2] في أ، ت: أوهم.
[3] ليس في أ، ت.(2/475)
المقتول يوم بدر. وقد كان الزهري مع علمه بالمغازي يقول: إنه ذو الشمالين المقتول ببدر، وإن قصة ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر، ثم أحكمت الأمور بعد.
وذلك وهم منه عند أكثر العلماء، وقد ذكرنا ما يجب من القول في ذَلِكَ عندنا في كتاب التمهيد، فمن أراد ذَلِكَ تأمله هنالك.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانُ السَّعْدِيُّ [1] ، صَاحِبُ الطَّعَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُطَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ مُطَيْرٍ، وَمُطَيْرٌ حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ بِمَقَالَتِهِ، قَالَ: يَا أَبَتَاهُ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَقِيَكَ بِذِي خَشَبٍ [2] ، فَأَخْبَرَكَ أَنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ إِحْدَى صَلاتَيِ الْعَشِيِّ وَهِيَ الظُّهْرُ [3] ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ وَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ [4] النَّاسِ، فَلَحِقَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْصُرَتِ الصَّلاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: مَا قَصَرْتُ الصَّلاةَ وَلا نَسِيتُ. ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟
فَقَالا: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.
وقد روى هذا الحديث عن معدى بن سليمان صاحب الطعام- وكان
__________
[1] في أ: الصفدي.
[2] ذو خشب: من مخاليف اليمن. وفي أسد الغابة: بذي جشب.
[3] في أسد الغابة: وهي العصر.
[4] سرعان الناس- محركة: أوائلهم المستبقون إلى الأمر. ويسكن.(2/476)
ثقة فاضلا- جماعة منهم: أبو موسى الزمن محمد بن المثنى، وبندار محمد ابن بشار، كما رواه على بن بحر بن بري، وقد ذكرنا ذَلِكَ في كتاب التمهيد، وهذا يوضح لك أن ذا اليدين لَيْسَ ذا الشمالين المقتول ببدر، لأن مطيرا متأخر جدا لم يدرك من زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا.
وذكر أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في الأدواء من اليمن في الإسلام من لم يشهر أكثرهم عند العلماء بذلك، فمن ذكره:
ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت، وهو مشهور باسمه وحاله، فلا حاجة إلى ذكره في الأذواء، وإنما يذكر فيهم من لم يعرف إلا بذلك أو من غلب عليه.
وممن ذكره: ذو العين قتادة بن النعمان، أصيبت عينه فردها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانت أحسن عينيه، وكانت لا تعتل وتعتل التي لم ترد.
ومنهم: أبو الهيثم بن التيهان ذو السيفين، كان يتقلد سيفين في الحرب.
ومنهم: ذو الرأي، حباب [1] بن المنذر صاحب المشورة يوم بدر، أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم برأيه، وكانت له آراء مشهورة في الجاهلية.
ومنهم ذو المشهرة أبو دجانة، سماك بن خرشة [2] كانت له مشهرة إذا خرج بها يختال بين الصفين لم يبق ولم يذر، وهؤلاء كلهم أنصاريون.
ومن [3] غيرهم: ذو النور، عبد الله بن الطفيل الأزدي ثم الدوسي، أعطاه
__________
[1] في أ: خباب. والمثبت من أ، ت.
[2] في تاج العروس والقاموس: سماك بن أوس بن خرشة.
[3] في أ: ومن اليمن غيرهم. وفي ت: ومن اليمن من غيرهم.(2/477)
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نورا في جبينه ليدعو قومه به. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هذه مثله [1] ، فجعله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوطه. وذكر ذا اليدين الخزاعي، وأنه كان يدعى ذا الشمالين، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا اليدين، وذكر أنه هو القائل: أقصرت الصلاة أم نسيت؟
وقد تقدم في ذكر ذي اليدين ما فيه كفاية.
هذا ما ذكره المبرد، وأما ما ذكره أهل السير وأهل الآثار والعلم بالخبر فما ذكرناه في كتابنا هذا، ومحال عند أهل العلم أن يذكر أبو الهيثم ابن التيهان، وقتادة بن النعمان، وخزيمة بن ثابت في الأذواء، وهذا لا معنى له عند العلماء.
وقد أجمعوا أن عثمان بن عفان يقَالُ له ذو النورين، ولم يذكره المبرد في الأذواء، فدل على أنه لم يصنع شيئا في الأذواء، إذ ذكر فيهم من لم نذكر [2] فيهم.
__________
[1] في ى: أعطاه النبي صلّى الله عليه وسلم هذه مثلة. والمثبت من أ، ت. وفي الإصابة:
وروى الطبري من طريق ابن الكلبي قال: سبب تسمية ابن الطفيل بذي النور أنه لما وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لقومه قال له ابعثني إليهم واجعل لي آية فَقَالَ: اللَّهمّ نَوِّرْ لَهُ.
فَسَطَعَ نُورٌ بَيْنَ عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا مثلة، فتحول إلى طرف سوطه فكان يضيء له في الليل المظلمة.
[2] في ى: يذكر.(2/478)
حرف الراء
باب رافع
(725) رافع بن بشير السلمي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: تخرج نار تسوق الناس إلى المحشر. روى عنه ابنه بشير بن رافع يضطرب فيه.
(726) رافع بن الحارث بن سواد بن زيد بن ثعلبة بن غنم،
هكذا قَالَ الْوَاقِدِيُّ سواد. وَقَالَ ابن عمارة: هو الأسود [1] بن زيد بن ثعلبة. شهد رافع بن الحارث هذا بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتوفي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(727) رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد [بن عمرو بن زيد] [2] ابن جشم الأنصاري النجاري الخزرجي [3] ،
يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا خديج.
روى عن ابن عمر أنه قَالَ له: يا أبا خديج. وأمه حليمة بنت [عروة بن] [4] مسعود بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة الأنصاري.
هو ابن أخي ظهير ومظهر ابني رافع بن عدي، رده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد، فشهد أحدا والخندق وأكثر المشاهد، وأصابه يوم أحد سهم [5] ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
[1] في أسد الغابة: هو ابن الأسود.
[2] من أ، ت.
[3] في ى: بن جشم هكذا فيما تقدم في نسب أسيد بن ظهير. والمثبت من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت.
[5] في ت: جراحة. وأ مثل ى.
(م 5- استيعاب- ثان)(2/479)
[أنا] [1] أشهد لك يوم القيامة، وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك ابن مروان، فمات قبل ابن عمر بيسير، سنة أربع وسبعين، وهو ابن ست وثمانين سنة.
وَقَالَ الواقدي: مات في أول سنة أربع وسبعين وهو بالمدينة.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد، والسائب ابن يزيد، وأسيد بن ظهير، وروى عنه من التابعين من دون هؤلاء مجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية [2] بن رفاعة بن رافع، وعمرة بنت عبد الرحمن، شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(728) رافع بن رفاعة بن رافع الزرقي،
لا تصح صحبته، والحديث المروي عنه في كسب الحجام في إسناده غلط، والله أعلم.
(729) رافع بن زيد،
ويقَالَ: ابن يزيد، بن كرز بن سكن بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، كذا نسبه ابن إسحاق والواقدي وأبو معشر، وقال عبد الله بن [محمد بن] [3] عمارة: لَيْسَ في بني زعوراء سكن، وإنما سكن في بني امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، وَقَالَ: هو رافع بن يزيد بن كرز ابن زعوراء بن عبد الأشهل.
شهد رافع هذا بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، وقيل: بل مات سنة ثلاث من الهجرة، يقَالُ: إنه شهد بدرا على ناضح لسعيد [4] بن زيد.
__________
[1] من أ، ت.
[2] هكذا في ى، ت، وأسد الغابة. وفي أ: عبادة.
[3] من أ، ت.
[4] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: لسعد.(2/480)
(730) رافع بن سنان الأنصاري،
يكنى أبا الحكم، هو جد عبد الحميد بن جعفر.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخيير الصغير بين أبويه، وكان أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أسلم وأبت امرأته ان تسلم.
روى عنه ابنه جعفر والد [1] عبد الحميد. وهو جد أبيه لأنه عبد الحميد ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، ومن ولده سعيد بن عبد الحميد [ابن جعفر، وهو جد أبيه، لأنه] [2] شيخ أبي بكر بن أبي خيثمة [3] .
(731) رافع بن سهل بن رافع، بن عدي بن زيد بن أمية بن زيد الأنصاري،
حليف للقواقلة، قيل: إنه شهد بدرا، ولم يختلف أنه شهد أحدا وسائر المشاهد بعدها، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
(732) رافع بن سهل بن زيد بن عامر بن عمرو بن جشم بن الحارث بن الخزرج ابن عمرو بن مالك بن الأوس،
شهد أحدا، وخرج هو وأخوه عبد الله بن سهل إلى حمراء الأسد، وهما جريحان، فلم يكن لهما ظهر، وشهدا الخندق، ولم يوقف لرافع على وقت وفاة، وأما عبد الله بن سهل أخوه فقتل يوم الخندق شهيدا.
(733) رافع بن ظهير،
أو حضير، هكذا روى على الشك، ولا يصح، وليس في الصحابة رافع بن ظهير ولا رافع بن حضير، ولا يعرف في غير الصحابة أيضا، وإنما في الصحابة ظهير بن رافع بن عدي عم رافع بن خديج، وقد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب، والحديث الذي وقع فيه هذا الوهم والخطأ.
__________
[1] في ت: ووالد عبد الحميد بن جعفر.
[2] ليس في أ، ت.
[3] في ى: بن أبى شيبة.(2/481)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قِلابَةَ عبد الملك بن محمد الرقاشي، قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحميد ابن جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ رَافِعِ بْنِ ظُهَيْرٍ أَوْ حُضَيْرٍ أَنَّهُ رَاحَ مِنْ عِنْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكْرِيهَا بِمَا يَكُونُ عَلَى السَّاقِي وَالرَّبِيعِ، فَقَالَ:
لا، ازْرَعُوهَا أَوْ دَعُوهَا، إنما يعرف لرافع بن خديج، ولا أدري ممن جاء هذا الغلط، فإنه لا خفاء به.
(734) رافع بن عمرو بن مجدع،
وقيل: ابن مخدع الغفاري، أخو الحكم بن عمرو الغفاري، يعد في البصريين. روى عنه عبد الله بن الصامت وغيره، وقد ذكرناه في باب الحكم [بن عمرو] [1] أخيه بنسبهما وصحبتهما لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [وليسا من غفار، وإنما] [2] هما من بني نعيلة [بن مليل] [3] أخي غفار ممن نزل البصرة وسكنها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(734) رافع بن عمرو بن هلال المزني،
له ولأخيه عائذ بن عمرو المزني صحبة، سكنا جميعا البصرة. وروى عن رافع هذا عمرو بن سليم المزني، وهلال بن عامر المزني، من حديث عمرو بن سليم عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العجوة من الجنّة» .
(736) رافع بن عميرة،
ويقَالَ: رافع بن عمرو، وهو رافع بن أبي رافع الطائي.
قَالَ أحمد بن زهير: يقَالُ في رافع بن أبى رافع رافع بن عمرو، ورافع بن عميرة
__________
[1] من أ، ت.
[2] ليس في أ، ت.
[3] من أ، ت.(2/482)
ورافع بن عمير. وَقَالَ غيره: يكنى أبا الحسن، يقَالُ: إنه الذي كلمه الذئب، كان لصا في الجاهلية فدعاه الذئب إلى اللحوق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابن إسحاق: ورافع بن عميرة الطائي فيما تزعم طي هو الذي كلمه الذئب، وهو في ضأن له يرعاها، فدعاه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واللحاق به، وقد أنشد لطي شعرا في ذَلِكَ، وزعموا أن رافع بن عميرة قاله في كلام الذئب إياه وهو:
رعيت الضأن أحميها بكلبى ... من اللصت [1] الخفي وكل ذيب
فلما إن سمعت الذئب نادى ... يبشرني بأحمد من قريب
سعيت إليه قد شمرت ثوبي ... على الساقين قاصرة [2] الركيب
فألفيت النبي يقول قولا ... صدوقا لَيْسَ بالقول الكذوب
فبشرني بدين الحق حتى ... تبينت الشريعة للمنيب
وأبصرت الضياء يضيء حولي ... أمامي إن سعيت ومن جنوبي
في أبيات أكثر من هذه، وله خبر في صحبته أبا بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة ذات السلاسل.
وكانت وفاة رافع هذا سنة ثلاث وعشرين قبل قتل عمر رضي الله عنه، روى عنه طارق بن شهاب والشعبي [3] ، يقَالُ: إن رافع بن عميرة قطع ما بين الكوفة ودمشق في خمس ليال لمعرفته بالمفاوز، ولما شاء الله عز وجل.
__________
[1] اللصت: اللص. وفي أ: اللص. وفي ت: الضع.
[2] في أ، ت: قاصدة، وفي ى: الركوب.
[3] في ى، ت: الشعبي.(2/483)
(737) رافع بن عنجرة.
ويقَالَ: [ابن] [1] عنجدة الأنصاري، من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، شهد بدرا. وعنجدة أمه فيما قَالَ ابن هشام. وأبو معشر يقول: هو عامر بن عنجدة. وَقَالَ ابن إسحاق: هو رافع ابن عنجدة، وهي أمه، وأبوه عبد الحارث، شهد بدرا وأحدا والخندق.
(738) رافع بن مالك [2] بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق.
الزرقي الأنصاري الخزرجي، يكنى أبا مالك. وقيل: يكنى أبا رفاعة، نقيب بدري عقبي، شهد العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرا فيما ذكره موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين. وذكر فيهم رفاعة ابن رافع وخلاد بن رافع ابنيه إلا أنهما ليسا بعقبيين.
قَالَ أحمد بن زهير: سمعت سعيد [3] بن عبد الحميد بن جعفر يقول:
رافع بن مالك أحد الستة النقباء. وأحد الاثني عشر، وأحد السبعين، قتل يوم أحد شهيدا.
وَقَالَ الواقدي: رافع بن مالك يكنى أبا مالك. قَالَ أبو عمر: الستة النقباء كلهم قتلوا.
(739) رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج،
شهد بدرا، وقتل يومئذ شهيدا، قتله عكرمة بن أبى جهل.
__________
[1] من أ، ت.
[2] في هوامش الاستيعاب: هذا أول من أسلم من الأنصار.
[3] في ت: سعد بن عبد الحميد. وفي أ: سمعت عبد الحميد بن جعفر.(2/484)
وَقَالَ موسى بن عقبة: شهد رافع بن المعلى، وأخوه هلال بن المعلى ابن لوذان بدرا. وقيل: يكنى أبا سعيد، وقد زعم قوم أنه أبو سعيد بن المعلى الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث في أم القرآن أنه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل مثلها. ومن قَالَ هذا فقد وهم، وليس رافع هذا ذَلِكَ، والله أعلم.
وأبو سعيد المعلى روى عنه عبيد بن حنين، فأين هذا من ذَلِكَ [1] ؟ واسم أبي سعيد بن المعلى الحارث بن نفيع، كذا قَالَ خليفة بن خياط.
(740) رافع بن مكيث الجهني،
أخو جندب بن مكيث، شهد الحديبية، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حسن الخلق نماء، وسوء الخلق شؤم [2] ... الحديث.
(741) رافع، مولى [3] بديل بن ورقاء الخزاعي،
له صحبة. قَالَ ابن إسحاق:
لما دخلت خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي، ودار مولى لهم يقَالُ له رافع.
(742) رافع، مولى غزيّة بن عمرو،
قتل يوم أحد شهيدا.
(743) رافع بن يزيد الثقفي،
مذكور في الصحابة. روى عنه الحسن بن أبى الحسن.
__________
[1] في أ، وأسد الغابة: من ذاك.
[2] في أسد الغابة: حسن الملكة نماء وسوء الخلق شؤم.
[3] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: بن بدل «مولى» .(2/485)
باب رباح، أو رياح
(744) رباح [1] بن الربيع.
ويقَالَ: ابن ربيعة، وابن الربيع أكثر، هو أخو حنظلة بن الربيع الكاتب الأسدي. له صحبة، يعد في أهل المدينة، ونزل البصرة، روى عنه ابن [2] المرقع بن صيفي بن رباح، اختلف فيه فقيل: رباح، وقيل: رياح، وهو الذي قَالَ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رَسُول اللَّهِ، لليهود يوم، وللنصارى يوم، فلو كان لنا يوم! فنزلت سورة الجمعة.
قال الدار قطنى: لَيْسَ في الصحابة أحد يقَالُ له رباح إلا هذا، على اختلاف فيه أيضا.
(745) رباح [3] اللخمي،
جدّ موسى بن على بن رباح، روى في فتح مصر أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَتُفْتَحُ بَعْدِي مِصْرُ، وَيُسَاقُ إِلَيْهَا أَقَلُّ النَّاسِ أَعْمَارًا. رَوَاهُ مُطَهَّرُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
(746) رباح بن المعترف،
وَقَالَ الطبري: هو رباح بن عمرو بن المعترف. قَالَ أبو عمر: يقولون اسم المعترف وهيب [4] بن حجوان بن عمرو بن شيبان بن محارب ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري، كانت له صحبة، كان شريك عبد الرحمن بن عوف في التجارة، وابنه عبد الله بن رباح أحد العلماء.
روى أنه كان مع عبد الرحمن يوما في السفر فرفع صوته رباح يغنّى غناء
__________
[1] في الإصابة: بتخفيف الباء، ويقال فيه بالتحتانية، وهو أكثر.
[2] هكذا في أ، ت، وأسد الغابة، وفي ى: ابن أخيه.
[3] رباح- بالموحدة كما في التقريب- وفي أسد الغابة: هو رباح بن فصير اللحمي.
[4] في ت، والإصابة: وهب. وفي أمثل ى. وفي هوامش الاستيعاب: رباح بالباء المعجمة بواحدة لا خلاف في ذلك. والمغترف بالغين المعجمة ذكره ابن دريد. وقال: وقد روى قوم المعترف بالعين غير المعجمة.(2/486)
الركبان، فَقَالَ عبد الرحمن: ما هذا؟ قَالَ: غير ما بأس تلهو ويقصر عنا [1] السفر. فَقَالَ عبد الرحمن: إن كنتم [لا بد [2]] فاعلين فعليكم بشعر ضرار بن الخطاب.
ويقَالَ: إنه كان معهم في ذَلِكَ السفر عمر بن الخطاب، وكان يغنيهم غناء النصب.
(747) رباح، مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كان أسود، وربما أذن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحيانا إذا انفرد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يأخذ عليه الإذن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(748) رباح، مولى بني جحجبي.
شهد أحدا، وقتل يوم اليمامة شهيدا، أظنه المتقدم [3] ، مولى الحارث بن مالك.
(749) رباح، مولى الحارث بن مالك الأنصاري،
وقتل يوم اليمامة شهيدا.
باب ربيع
(750) الربيع الأنصاري،
لا أقف على نسبه، وروى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لنسوة يبكين على حميم لهن: دعهن يبكين ما دام [حيا [4]] ، فإذا وجب فليسكتن.
(751) ربيع بن إياس بن عمرو بن أمية بن لوذان الأنصاري،
شهد هو وأخوه بدرا.
__________
[1] في أ: نلهو ونقصر. وفي ت مثل ى.
[2] من أوحدها.
[3] أي بحسب الترتيب الأول للكتاب، وهو التالي لهذه الترجمة في هذه الطبعة.
[4] من ت، وأسد الغابة، أمثل ى.(2/487)
(752) ربيع [1] بن زياد بن الربيع الحارثي،
من بني الحارث بن كعب، له صحبة، ولا أقف له على رواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استخلفه أبو موسى سنة سبع عشرة على قتال مناذر، فافتتحها عنوة، وقتل وسبى، وقتل بها يومئذ أخوه المهاجر بن زياد، ولما صار الأمر إلى معاوية، وعزل عبد الرحمن ابن سمرة عن سجستان ولاها الربيع بن زياد الحارثي، فأظهره الله على الترك، وبقي أميرا على سجستان إلى أن مات المغيرة بن شعبة أميرا [2] على الكوفة، فولى معاوية الكوفة زيادا مع البصرة، جمع له العراقين، فعزل زياد الربيع ابن زياد الحارثي عن سجستان، وولاها عبد الله بن أبى بكرة، وبعث الربيع ابن زياد إلى خراسان فغزا بلخ.
وَقَالَ زياد: ما قرأت مثل كتب الربيع بن زياد الحارثي، ما كتب [3] قط إلا في اختيار منفعة أو دفع مضرة، ولا كان في موكب قط فتقدم [4] عنان دابته عنان دابتي [5] ، ولا مسّت ركبته ركبتي.
روى عن الربيع بن زياد مطرف بن الشخير، وحفصة بنت سيرين عنه عن أبي كعب، وعن كعب الأحبار، ولا أعرف له حديثا مستندا.
(753) ربيع [1] بن سهل بن الحارث بن عروة بن عبد رزاح بن ظفر الأنصاري الظفري،
شهد أحدا.
__________
[1] في أ، ت: الربيع.
[2] في ت: وكان أميرا، وأ مثل ى.
[3] في أسد الغابة: وكان لا يكتب قط إلى زياد إلا في اختيار منفعة أو دفع مضرة (2- 164) .
[4] في أ: فقدم، ت مثل ى.
[5] في أسد الغابة: فتقدمت دابته على دابة من إلى جانبه ولا مس ركبته ركبته.(2/488)
باب ربيعة
(754) ربيعة بن أبي خرشة، بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري،
أسلم يوم فتح مكة. وقتل يوم اليمامة شهيدا.
(755) ربيعة بن أكثم بن سخبرة الأسدي،
من بني أسد بن خزيمة، وهو ربيعة بن أكثم بن سخبرة الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، وهو ربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير [1] بن عامر بن غنم بن دودان [2] بن أسد بن خزيمة، أحد حلفاء بني أمية بن عبد شمس، وقيل حليف بني عبد شمس، يكنى أبا يزيد، وكان قصيرا دحداحا [3] ، شهد بدرا وهو ابن ثلاثين سنة، وشهد أحدا والخندق والحديبية، وقتل بخيبر، قتله الحارث اليهودي بالنطاة [4] .
قَالَ ابن إسحاق: شهد بدرا من بني أسد بن خزيمة اثنا عشر رجلا:
عبد الله بن جحش، وعكاشة بن محصن، وأخوه أبو سنان بن محصن، وشجاع بن وهب، وأخوه عقبة بن وهب، ويزيد بن قيس، وسنان بن أبي سنان، ومحرز بن نضلة، وربيعة بن أكثم، ومن حلفائهم: كثير بن عمرو، وأخواه مالك بن عمرو، ومدلج بن عمرو.
__________
[1] في أ: نفير. وفي ت: بن عمر بن كعب. وفي أسد الغابة- بعد أن نسبه كما هنا:
هكذا قال أبو نعيم، ونسبه مثله أبو عمر، إلا أنه قال: عمرو بن لغير بن عامر، كذا رأيته عدة نسخ أصول صحاح (2- 165) .
[2] في ت: داودان.
[3] الدحداح: القصير.
[4] النطاة: أحد حصون خيبر.(2/489)
ومن حديثه [قَالَ: [1]] كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك عرضا، ويشرب مصا، ويقول: هو أهنأ وأمرأ. روى عنه سعيد بن المسيب، ولا يحتج بحديثه، لأن من دون سعيد لا يوثق بهم لضعفهم، ولم يره سعيد ولا أدرك زمانه بمولده، لأنه ولد زمن عمر [بن الخطاب [2]] .
(756) ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف،
يكنى أبا أروى، هو الذي قَالَ فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة: ألا إن كل دم ومأثرة كانت في الجاهلية فهو تحت قدمي، وأن أول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث. وذلك أنه قتل لربيعة بن الحارث ابن في الجاهلية يسمى آدم. وقيل تمام. [وقيل اسمه إياس. ويقَالَ: إن حماد بن سلمة هو الذي سماه آدم، وصحف في ذَلِكَ [3]] .
فأبطل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطلب به [4] في الإسلام، ولم يجعل لربيعة في ذَلِكَ تبعة، وكان ربيعة هذا أسن من العباس فيما ذكروا بسنتين.
وقيل: إن ربيعة بن الحارث توفي سنة ثلاث وعشرين في خلافة عمر. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها قوله: إنما الصدقة أوساخ الناس، [في حديث [5]] فيه طول من حديث مالك وغيره.
__________
[1] من أ، ت.
[2] ليس في أ، ت.
[3] ما بين القوسين ليس في ت، وهو في أ.
[4] في أ: بدمه. وت مثل ى.
[5] هكذا في الأصول، وما بين القوسين من ت، أ.(2/490)
ومنها حديثه في الذكر في الصلاة [1] والقول في الركوع والسجود. روى عنه عبد الله بن الفضل.
(757) ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة السلمي.
كان يقَالُ له ابن الدغنة، وهي أمه، فغلبت على اسمه، شهد حنينا ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم، وهو قاتل دريد بن الصمة أدركه يوم حنين، فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة، فإذا برجل، فأناخ به فإذا [2] شيخ كبير، وإذا هو دريد، ولا يعرفه الغلام، فَقَالَ له دريد: ماذا تريد بي؟
قَالَ: أقتلك. قَالَ: ومن أنت؟ قَالَ: أنا ربيعة بن رفيع السلمي، ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا. قَالَ: بئسما سلحتك أمك، خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل، ثم اضرب به، وارفع عن العظم، واخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أضرب الرجال، فإذا أتيت أمك فأخبرها أنى قتلت دريد ابن الصمة، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك. فزعمت [3] بنو سليم أن ربيعة قَالَ: لما ضربته تكشف فإذا عجانه وبطون فخذيه [أبيض [4]] مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء. فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه، فقالت: أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا، ذكر خبره ابن إسحاق وغيره.
(758) ربيعة بن روح العنسي [5] ،
مدني، روى عنه محمد بن عمرو بن حزم.
__________
[1] في الذكر والصلاة.
[2] في أ: وإذا. وت مثل ى.
[3] في ت، أ: فزعم.
[4] ليس في أ، ت.
[5] في أ، ت: العبسيّ.(2/491)
(759) ربيعة بن زياد الخزاعي،
ويقَالَ ربيع، روى الغبار في سبيل الله ذريرة الجنة. في إسناده مقال.
(760) ربيعة بن عامر بن الهادي الأزدي،
ويقَالَ الأسدي، وقد قيل: إنه ديلي، من رهط ربيعة بن عباد، روى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث واحد من وجه واحد أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. ألظوا [1] بيا ذا الجلال والإكرام.
(761) ربيعة بن عبد الله بن الهدير التميمي القرشي،
قالوا: ولد في حياة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عن أبي بكر وعمر، وهو معدود في كبار التابعين.
قَالَ مصعب: هو ربيعة بن عبد الله بن الهدير بن محرز بن عبد العزي بن عامر بن الحارث [2] بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة.
(762) ربيعة بن عباد الديلي،
من بني الديل بن بكر بن كنانة [3] ، مدني. روى عنه ابن المنكدر، وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وغيرهم، يعد في أهل المدينة، وعمر عمرا طويلا، لا أقف على وفاته وسنه، ويقَالَ ربيعة بن عباد [4] ، والصواب عندهم بالكسر.
من حديث أبي الزناد، عن ربيعة بن عباد أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذي المجاز وهو يقول: يا ايها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. ووراءه رجل
__________
[1] أي الزموا ذلك (الإصابة) .
[2] في ت: من.
[3] في أ: مدينى.
[4] في الإصابة: ربيعة بن عباد- بكسر المهملة وتخفيف الموحدة. ويقال في أبيه بالفتح والتثقيل. وفي أسد الغابة: قاله أبو عمر بالكسر والتخفيف. والفتح والتشديد. وأما ابن ماكولا فلم يذكر إلا الكسر. وقال: توفى بالمدينة أيام الوليد بن عبد الملك (2- 170) .(2/492)
أحول ذو غديرتين يقول: إنه صابئ، إنه صابئ، أي كذاب، فسألت عنه، فقالوا: هذا عمه أبو لهب. قَالَ ربيعة بن عباد: وأنا يومئذ أريد القوت لأهلي [1] .
(763) ربيعة بن عمرو الجرشي،
يعد في أهل الشام، روى عنه علي بن رباح [وغيره [2]] ، يقَالُ: إنه جد هشام بن الغاز [3] ، قال الواقدي: قتل ربيعة ابن عمرو الجرشي يوم مرج راهط، وقد سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أبو عمر: له أحاديث منها أنه قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف. قالوا: بم ذا يا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: باتخاذهم القينات وشربهم الخمور. ومنها قوله عليه السلام: استقيموا وبالحرى إن استقمتم ... الحديث.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ أَصْبَغَ [4]] ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: لَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالَ النَّاسُ: اقْتَدُوا بِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ: رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُرَشِيِّ، وَمَرْوَانَ الأَرْحَبِيِّ، [5] وَمَرْثَدِ بْنِ نِمْرَانَ.
قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَقُتِلَ رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرَشِيُّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ. ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيَّ هَذَا فَقَالَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ أَبُو الْمُتَوَكِّلُ النَّاجِيُّ: سَأَلْتُ [6] رَبِيعَةَ الْجُرَشِيَّ وَكَانَ يُفَقِّهُ النَّاسَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَمَّا رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ فَكَانَ مِنَ النَّوَاصِبِ يَشْتُمُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
__________
[1] في أ، ت. أرفو القرب لأهلى.
[2] ليس في أ، وهو في ت.
[3] في ت: الغازي.
[4] ليس في أ، ت.
[5] في ى: الرحى.
[6] في الإصابة: لقيت.(2/493)
قال [1] أبو حاتم الرازي: لا يروى عنه وَلا كَرَامَةَ، وَلا يُذْكَرُ بِخَيْرٍ، وَمَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا. هذا كله بخطه.
(764) ربيعة القرشي،
قَالَ أحمد بن زهير: لا أدري من أي قريش هو، حديثه عند عطاء بن السائب، عن ابن ربيعة القرشي، عَنْ أَبِيهِ، روى أن [2] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقف بعرفات في الجاهلية والإسلام.
(765) ربيعة بن كعب بن مالك بن يعمر الأسلمي،
أبو فراس، معدود في أهل المدينة، وكان من أهل الصفة، وكان يلزم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر والحضر، وصحبه قديما وعمر بعده.
مات بعد الحرة سنة ثلاث وستين. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونعيم بن المجمر، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وقيل: إنه أبو فراس الذي روى عنه أبو عمران الجوني [3] البصري، والله أعلم.
وربيعة بن كعب هذا هو الذي سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرافقته في الجنة، فَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعني على [4] نفسك بكثرة السجود.
رواه الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن ربيعة بن كعب.
(766) ربيعة بن لهاعة [5] الحضرمي.
قدم في وفد حضرموت على النبي صلّى الله عليه وسلم فأسلموا.
__________
[1] من هنا إلى آخر الترجمة ليس في أ. وهو في ت، ما عدا: «هذا كله بخطه» وانظر ما يأتي في صفحة 495.
[2] في ت عن، أمثل ى.
[3] في أ: الجزمى، ت مثل ى.
[4] في ت: عن.
[5] في أسد الغابة: لهيعة. وفي الإصابة ابن لهيعة، ويقال لهاعة الحضرميّ.(2/494)
(767) ربيعة [1] بن يزيد السلمي،
ذكره بعضهم في الصحابة ونفاه أكثرهم، وكان من النواصب يشتم عليا، قَالَ أبو حاتم الرازي: لا يروى عنه ولا كرامة ولا يذكر بخير، قَالَ: ومن ذكره في الصحابة لم يصنع شيئا.
(768) ربيعة الدوسي،
أبو أروى، هو مشهور بكنيته، وهو من كبار الصحابة، [روى عنه أبو واقد الليثي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن [2]] ، قد ذكرناه في السكنى.
باب رجاء
(769) رجاء بن الجلاس،
ذكره بعض من ألف في الصحابة [3] وَقَالَ:
له صحبه، حديثه عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة [4] عن أم بلج، عن أم الجلاس، عن أبيها رجاء بن الجلاس أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخليفة بعده، فَقَالَ: أبو بكر. وهو إسناد ضعيف لا يشتغل بمثله.
(770) رجاء الغنوي،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: من أعطاه الله حفظ كتابه وظن أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد صغر أعظم النعم. روت عنه سلامة بنت الجعد، لا يصح [حديثه، ولا تصح [5]] له صحبة، يعد في البصريين.
__________
[1] هذه الترجمة في أ، وليست في ت. وانظر ما سبق في صفحة 494.
[2] ما بين القوسين ليس في ت، وهو في أ.
[3] في ت: ذكره بعضهم في الصحابة. وفي أ: ذكره بعضهم، وقال: له صحبة.
[4] في أ: عبد الرحمن بن سنان بن عمر، وفي ت مثل ى.
[5] من أ، ت.(2/495)
باب رشيد
(771) رشيد الفارسي الأنصاري،
مولى لبني معاوية بطن من الأوس، كناه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد أبا عبد الله.
قَالَ الواقدي في غزوة أحد: وكان رشيد مولى بني معاوية الفارسي، لقي رجلا من المشركين من بني كنانة مقنعا في الحديد يقول: أنا ابن عويف، فتعرض له سعد مولى حاطب فضربه ضربة جزله باثنتين، ويقبل عليه رشيد فيضربه على عاتقه، فقطع الدرع حتى جزّله باثنتين، ويقول: خذها وأنا الغلام الفارسي، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرى ذَلِكَ ويسمعه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هلا قلت: خذها، وأنا الغلام الأنصاري! فتعرض له أخوه يعدو كأنه كلب، قَالَ: أنا ابن عويف، ويضربه رشيد على رأسه وعليه المغفر ففلق رأسه، ويقول: خذها وأنا الغلام الأنصاري، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أحسنت يا أبا عبد الله، فكناه يومئذ، ولا ولد له.
(772) رشيد بن مالك،
أبو عميرة التميمي السعدي، حديثه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتزع تمرة من فم الحسن ثم قذف بها، وَقَالَ: إنا- آل محمد- لا تحل لنا الصدقة، يعد في الكوفيين، روت عنه حفصة بنت طلق امرأة من الحي(2/496)
باب رفاعة
(773) رفاعة بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم،
هو أحد بني عفراء، شهد بدرا في قول ابن إسحاق. وأما الواقدي فَقَالَ:
لَيْسَ ذَلِكَ عندنا بثبت، وأنكره في بني عفراء، وأنكره غيره في البدريين أيضا.
(774) رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي.
وأمه أم مالك بنت أبىّ بن سلول، يكنى أبا معاذ، شهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد معه بدرا أخواه خلاد ومالك ابنا رافع، شهدوا ثلاثتهم بدرا. واختلف في شهود أبيهم رافع بن مالك بدرا. وشهد رفاعة بن رافع مع علي الجمل وصفين.
وتوفي في أول إمارة معاوية.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ كَتَبَتْ أَمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ إِلَى عَلِيٍّ بِخُرُوجِهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: الْعَجَبُ لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَبَضَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: نَحْنُ أَهْلُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ لا يُنَازِعُنَا سُلْطَانَهُ أَحَدٌ، فأبى علينا قومنا فولّوا غيرنا. وأم اللَّهِ لَوْلا مَخَافَةُ الْفُرْقَةِ وَأَنْ يَعُودَ الْكُفْرُ وَيَبُوءَ [1] الدِّينُ لِغَيْرِنَا، فَصَبَرْنَا عَلَى [بَعْضِ الأَلَمِ، ثُمَّ لَمْ نَرَ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلا خَيْرًا [2]] ، ثم وثب الناس
__________
[1] في أ، ت: يبور.
[2] مكان ما بين القوسين في ى: «على مضض مما لو تم لم نر بحمد الله إلا خيرا» والمثبت من أ، ت.(2/497)
عَلَى عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ بَايَعُونِي وَلَمْ أَسْتَكْرِهْ أَحَدًا، وَبَايَعَنِي طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَلَمْ يَصْبِرَا شَهْرًا كَامِلا حَتَّى خَرَجَا إِلَى الْعِرَاقِ نَاكِثَيْنِ. اللَّهمّ فَخُذْهُمَا بِفِتْنَتِهِمَا لِلْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ رفاعة بن رافع الزرقي: إن الله لما قبض رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظننا أنا أحق الناس بهذا الأمر لنصرتنا الرسول ومكاننا [1] من الدين، فقلتم:
نحن المهاجرون الأولون وأولياء رَسُول اللَّهِ الأقربون، وإنا نذكركم الله أن تنازعونا مقامه في الناس، فخليناكم والأمر [2] ، فأنتم أعلم، وما كان بينكم، غير أنا لما رأينا الحق معمولا به، والكتاب متبعا، والسنة قائمة رضينا. ولم يكن لنا إلا ذَلِكَ. فلما رأينا الأثرة أنكرنا لرضا [3] الله عز وجل، ثم بايعناك ولم نأل. وقد خالفك من أنت في أنفسنا خير منه [4] وأرضى، فمرنا بأمرك.
وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري فَقَالَ: يا أمير المؤمنين:
دراكها دراكها قبل الفوت ... لا وألت نفسي إن خفت الموت
يا معشر الأنصار، انصروا أمير المؤمنين آخرًا كما نصرتم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولا، إن الآخرة لشبيهة بالأولى ألا إن الأولى أفضلهما.
وَمِنْ [5] حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ الله عنه قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل: إن الله عز وجل فرض الجهاد وجعله نصرته وناصره، وما صلحت
__________
[1] في ت: ولمكاننا.
[2] في ت: وللأمر.
[3] في أ: لنرضى، وفي ت: ليرضى.
[4] في أ: خيرا.
[5] من أول هذه الفقرة إلى أول الترجمة التي تليها ليس في ت.(2/498)
دُنْيَا وَلا دِينٌ إِلا بِهِ، وَإِنِّي مُنِيتُ بأربعة: أدهى [1] الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس فتنة يعلى ابن مُنَبِّهٍ [2] ، وَاللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَرًا [3] ، وَلا استأثرت بمال، ولا ملت بهوى، وإنهم ليطلبون حقا تركوه، ودما سفكوه. ولقد ولوه دوني، وَلَوْ أَنِّي كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيمَا كَانَ [4] لَمَا أَنْكَرُوهُ، وَمَا تَبِعَةُ دَمِ عُثْمَانَ إِلا عَلَيْهِمْ [5] ، وإنهم لهم الفئة الباغية، بايعوني ونكثوا بيعتي، وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي، وإني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم، فَإِنْ قَبِلُوا فَالتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالْحَقُّ أَوْلَى مِمَّا أَفْضَوْا إِلَيْهِ [6] . وَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ السَّيْفِ، وكفى به شافيا من باطل، وناصرا، والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الْحَقِّ وَأَنَّهُمْ مُبْطِلُونَ.
(775) رفاعة بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب،
وهو ظفر بن الخزرج بن عمرو ابن مالك بن الأوس الأنصاري الظفري، عم قتادة بن النعمان، هو الذي سرق سلاحه وطعامه بنو أبيرق، فتنازعوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت في بني أبيرق [7] : وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ 4: 107 ... الآية. خبره هذا عند محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه عن جده قتادة ابن النعمان.
__________
[1] في ى: أو هي.
[2] في ى: يعنى ابن أمية.
[3] في ى: منكرا لا استأثرت- وهو تحريف.
[4] في ى: وإن كنت شريكهم بما كان.
[5] في أ: عندهم.
[6] في أ: ما انصرف إليه.
[7] سورة النساء، آية 106.(2/499)
(776) رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي [1]
ثم الضبيبي. من بني الضبيب، هكذا يقوله بعض أهل الحديث، وأما أهل النسب فيقولون الضبيبى [2] ، من بني الضبين من جذام، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هدنة الحديبية في جماعة من قومه فأسلموا، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه [3] ، وكتب له كتابا إلى قومه فأسلموا. يقَالَ: إنه أهدى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغلام الأسود المسمى مدعما المقتول بخيبر.
(777) رفاعة بن سموأل،
ويقَالَ رفاعة بن رفاعة القرظي، من بني قريظة.
روى عنه ابنه قَالَ: نزلت هذه الآية [4] : «وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ 28: 51 ... » الآية في عشرة أنا أحدهم، وهو الذي طلق أمرأته ثلاثا على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، ثم طلقها قبل أن يمسها. حديثه ذَلِكَ ثابت في الموطأ وغيره.
(778) رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر [5] بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف،
أبو لبابة الأنصاري، من بني عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، نقيب، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد. هو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه فقيل رفاعة. وقيل بشير بن عبد المنذر، وقد ذكرناه في باب الباء، ونذكره في الكنى أيضا إن شاء الله.
__________
[1] في أ: الجدامى. وفي ت: الحزامي.
[2] نسبه في اللباب: الضبنى. وقال هو بفتح الضاد والباء الموحدة وبعدها نون وهذه النسبة إلى ضبينة بطن من جذام منهم رفاعة بن زيد (1- 71) وفي ى: الضبيبى.
وفي هوامش الاستيعاب: صوابه الضبنى من بنى ضبينة.
[3] في أ: وعقد له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لواء وأهدى إلى رسول الله غلاما وكتب. وفي ت: وعقد له على قومه، وأهدى ...
[4] سورة القصص، آية 51.
[5] في ى: زبير. والمثبت من أ، ت، والطبقات.(2/500)
(779) رفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم بن غنم ابن عوف بن الخزرج الأنصاري السالمي،
شهد بيعة العقبة، وشهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، يكنى أبا الوليد، ويعرف بابن أبي الوليد، لأن جده زيد بن عمرو يكنى أبا الوليد.
(780) رفاعة بن عرابة،
ويقال بن اعرادة الجهنيّ، مدني، روى عنه عطاء ابن يسار، يعد في أهل الحجاز.
(781) رفاعة بن عمرو الجهني،
شهد بدرا وأحدا، قاله أبو معشر، ولم يتابع عليه، وَقَالَ ابن إسحاق والواقدي وسائر أهل السير: هو وديعة بن عمرو.
(782) رفاعة بن مبشر بن الحارث الأنصاري [الظفري [1]] ،
شهد أحدا مع أبيه مبشر.
(783) رفاعة بن مسروح الأسدي،
من بني أسد بن خزيمة، حليف لبني عبد شمس، أو لبني أمية بن عبد شمس، قتل يوم خيبر شهيدا.
(784) رفاعة بن وقش.
وقيل: ابن قيس، والأكثر ابن وقش، شهد أحدا وهو شيخ كبير، وهو أخو ثابت بن وقش، قتلا جميعا يوم أحد شهيدين، قتل رفاعة خالد بن الوليد وهو يومئذ كافر.
(785) رفاعة بن يثربي [2] ،
أبو رمثة التميمي. وقيل: اسم رمثة حبيب، وقد تقدم ذكره، روى عنه إياد بن لقيط.
__________
[1] ليس في ت، وهو في أ.
[2] في أ، ت: ثيرى.(2/501)
باب روح
(786) روح بن زنباع الجذامي،
أبو زرعة. قَالَ أحمد بن زهير: وممن روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جذام روح بن زنباع [و] [1] مولى لروح يقَالُ له: حبيب، واختلف في جذام فنسب إلى معد بن عدنان، ونسب إلى سبأ في اليمن.
قَالَ أبو عمر: هكذا ذكره أحمد بن زهير فيمن روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما رأيت له رواية عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ولا ذكر له أحمد بن زهير حديثا، وإنما يروى أن أبا زنباعا قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما روح فلا تصحّ له عندي صحبة، وقد ذكره أحمد بن زهير كما ذكرت لك.
وذكره مسلم بن الْحَجَّاجِ في كتاب الأسماء والكنى فَقَالَ: أبو زرعة روح ابن زنباع الجذامي له صحبة. وأما ابن أبي حاتم وأبوه فلم يذكراه إلا في التابعين، وقالا: روح بن زنباع أبو زرعة روى عن عبادة بن الصامت.
وروى عنه شرحبيل بن مسلم، ويحيى بن أبي عمرو الشيباني، وعبادة بن نسي.
وذكره أبو جعفر العقيلي أيضا في الصحابة، وذكر له رواية عن عبادة ابن الصامت، وليست روايته عن عبادة تثبت، له صحبة.
وذكر الحسن بن محمد فَقَالَ: أبو زرعة روح بن زنباع يقَالُ: له صحبة.
قَالَ أبو عمر: لم تظهر له رواية إلّا عن الصحابة، منهم تميم الداريّ،
__________
[1] من أ، ت.(2/502)
وعبادة بن الصامت. روايته عن تميم الداري قَالَ [روح: [1]] دخلت على تميم الداري، وهو أمير بيت المقدس، فوجدته ينقى لفرسه شعيرا، فقلت:
أيها الناس، أما كان لهذا غيره [2] ، فَقَالَ: إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من نقى لفرسه شعيرا ثم جاءه به حتى يعلقه عليه كتب الله له بكل شعيرة حسنة. وروينا إن روح بن زنباع كانت [3] له زراعة إلى جانب زراعة وليد عبد الملك [4] ، فشكا وكلاء روح إليه وكلاء الوليد، فشكا ذَلِكَ روح إلى الوليد، فلم يشكه، فدخل على عبد الملك وأخبره والوليد جالس، فَقَالَ عبد الملك: ما يقول روح يا وليد؟ قَالَ: كذب يا أمير المؤمنين. قَالَ [روح] [5] : غيري والله أكذب. قال الوليد: لأسرعت خيلك يا روح.
قَالَ: نعم. كان أولها [6] في صفين وآخرها بمرج راهط. ثم قام مغضبا، فخرج.
فَقَالَ عبد الملك للوليد: بحقي عليك لما أتيته فترضيته ووهبت له زراعتك، فخرج الوليد يريد روحا، فقيل لروح: هذا ولي العهد يريدك، فخرج يستقبله، فوهب له الزراعة بما فيها، وكان عبد الملك بن مروان يقول: جمع أبو زرعة روح بن زنباع طاعة أهل الشام ودهاء أهل العراق وفقه أهل الحجاز.
(787) روح بن سيار،
أو سيار بن روح الكلبي، هكذا ذكره البخاري على الشك وَقَالَ: يعد في الشاميين، له صحبة، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قال خطاب [7] الحمصي،
__________
[1] من ت وحدها.
[2] في أ، ت: غيرك.
[3] في أ، ت: أنه كانت لروح.
[4] هكذا في ت. وفي أ: للوليد. وفي ى: زراعة وليد.
[5] من أ، ت.
[6] في أ، ت: فكان.
[7] في أ: خطاب بن عثمان أبو عمرو اخمصى. وفي ى: خصاب.(2/503)
حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: رأيت أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، وفضالة بن عُبَيْدٍ، وَأَبَا الْمُنِيبِ، وَرَوْحَ بْنَ سَيَّارٍ [أَوْ سيّار [1]] بن روح يرخون العمأم مِنْ خَلْفِهِمْ وَثِيَابُهُمْ عَلَى الْكَعْبَيْنِ، روى عنه مسلم بن زياد مولى ميمونة صاحب بقية.
باب رويفع
(788) رويفع بن ثابت بن سكن بن عدي بن حارثة الأنصاري،
من بنى مالك ابن النجار. سكن مصر واختط بها دارا. وأمره معاوية على إطرابلس [2] سنة ست وأربعين فغزا من إطرابلس إفريقية سنة سبع وأربعين ودخلها، وانصرف من عامه. يقَالَ: مات بالشام. ويقَالَ: مات ببرقة، وقبره بها. روى عنه حنش بن عبد الله الصنعاني وشيبان بن أمية القتباني.
(789) رويفع،
مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعلم له رواية.
باب الأفراد في حرف الراء
(790) راشد السلمي.
يكنى أبا أثيلة، يقَالُ له: راشد [3] بن عبد الله، كان اسمه في الجاهلية ظالما فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راشدا. وقيل:
إنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قال: غاوى [4]
__________
[1] من أ، ت.
[2] في ى: طرابلس.
[3] في هوامش الاستيعاب: قيل اسمه راشد بن عند ربه.
[4] في أ، ت: غاو.(2/504)
ابن ظالم. فَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بل أنت راشد بن عبد الله. وكان سادن صنم بني سليم.
(791) [رباب بن سعيد بن سهم القرشي السهمي،
مذكور في حديث عمرو ابن شعيب عَنْ أَبِيهِ عن جده [1]] .
(792) ربتس [2] بن عامر بن حصن بن خرشة الطائي،
وفد على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ. قَالَ الطبري: وممن وفد إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طي الربتس بن عامر بن حصن بن خرشة بن حيّة.
(793) ربعي بن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان بن ضبيعة،
من بلي، حليف لبني عمرو بن عوف، شهد بدرا. ويقال: ربعي بن أبى رافع.
(794) رجيلة بن ثعلبة بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي،
شهد بدرا، كذا قَالَ ابن إسحاق رجيلة، بالجيم، وَقَالَ ابن هشام رحيلة، بالحاء المهملة.
وَقَالَ ابن عقبة فيما قيدناه في كتابه: رخيلة، بالخاء المنقوطة. وكذلك ذكر إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق رخيلة بالخاء المنقوطة: وكذلك ذكره أبو الحسن الدار قطنى.
(795) الرحيل الجعفي،
وهو من رهط زهير بن معاوية. وحديثه عنده قَالَ: حَدَّثَنِي أسعر بن الرحيل [3] ، أن أباه وسويد بن غفلة نهضا إلى
__________
[1] من أوحدها.
[2] ربتس كجعفر. وفي الإصابة هو ابن عامر بن حصن بن خرشة بن عمرو بن مالك الطائي. وفي أ: بن حصين.
[3] هنا في أ: وقد روى هذا الخبر عن زهير بن معاوية عن أسعر بن الرحيل. وفي ت.
أو قال: حدثني أبى عن أسعر بن الرحيل.(2/505)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلمين، فانتهيا إليه حين نفضت الأيدي من قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل سويد على عمرو، ونزل الرحيل على بلال.
(796) رزين بن أنس السلمي.
ذكر أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكتب له كتابا. رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ. حَدِيثَهُ عِنْدَ فَهْدِ بْنِ عَوْفٍ [الْعَامِرِيِّ [1]] عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ [الْعَامِرِيِّ [2]] عَنْ نَائِلِ [3] بْنِ مُطَرِّفِ بْنِ رَزِينِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّهِ، إِنَّ لَنَا بِئْرًا بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَغْلِبَنَا عَلَيْهَا مَنْ حَوَالَيْنَا. فَكَتَبَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا:
بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول اللَّهِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لَهُمْ بِئْرَهُمْ، إِنْ كَانَ صَادِقًا، وَلَهُمْ دَارَهُمْ إِنْ كَانَ صَادِقًا.
(797) رسيم [4] الهجريّ،
ويقال: العبديّ، له حديث واحد عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأشربة والانتباذ [5] في الظروف. روى عنه ابنه.
(798) رشدان.
رجل مجهول. وذكره بعضهم في الصحابة الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(799) رعية السحيمي.
وَقَالَ فيه الطبري: رعية الهجيمي [6] فصحّف في نسبه،
__________
[1] من ت وحدها.
[2] من أوحدها.
[3] في أ: عن أبى فاتك. وفي ت: عن أبي نائل.
[4] في هوامش الاستيعاب: رستم الهجريّ بخط كاتب الأصل ما لفظه: رسيم قيده عبد الغنى.
[5] في ت: والأنبذة، أمثل ى. والانتباذ: اتخاذ النبيذ (النهاية) .
[6] في هوامش الاستيعاب: الجهنيّ. وفي الزبيدي: رعية- بلا لام- صحابى، هكذا ضبطه المحدثون. أو هو كسمية، وهكذا ضبطه الطبري (رعى) .(2/506)
وإنما هو السحيمى. ويقال العرني، وهو من سحيمة عرينة. وقد قيل فيه:
الربعي، وليس بشيء، كتب إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرقع بكتابة دلوه، فقالت له ابنته: ما أراك إلا ستصيبك قارعة، عمدت إلى سيد العرب فرقعت به دلوك، وبعث إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيلا، فأخذ هو وأهله وولده وماله فأسلم، وقدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أغير على أهلي ومالي وولدي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما المال فقد قسم، ولو أدركته قبل أن يقسم كنت أحق به، وأما الولد فاذهب معه يا بلال فإن عرف ولده فادفعه إليه، فذهب معه فأراه إياه وَقَالَ لابنه: تعرفه؟ قَالَ: نعم. فدفعه إليه.
(800) رقيم بن ثابت الأنصاري،
من الأوس، قتل يوم الطائف شهيدا.
(801) ركانة بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي.
كان من مسلمة الفتح، وكان من أشد الناس، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أن يصارعه، وذلك قبل إسلامه ففعل وصرعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين أو ثلاثا، وطلق امرأته سهيمة بنت عويمر بالمدينة البتة، فسأله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أردت بها؟ يستخبره عن نيته في ذَلِكَ.
فَقَالَ: أردت واحدة. فردها عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تطليقتين. من حديثه أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن لكل دين خلقا، وخلق هذا الدين الحياء. وتوفي ركانة في أول خلافة معاوية سنة اثنتين وأربعين.(2/507)
(802) ركب المصري كندي.
له حديث واحد حسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه آداب وحض على خصال من الخير والحكمة والعلم، ويقال: إنه لَيْسَ بمشهور في الصحابة، وقد أجمعوا على ذكره فيهم. روى عنه نصيح العنسيّ [1] .
(803) رومان،
يقال إن سفينة مولى أم سلمة الذي يقَالُ له: سفينة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم اسمه رومان.
__________
[1] في أ: العبسيّ. وفي هوامش الاستيعاب: ويقال صالح العنسيّ، ذكره البخاري.(2/508)
حرف الزاي
باب زاهر
(804) زاهر بن حرام الأشجعي،
شهد بدرا، كان حجازيا، يسكن البادية في حياة رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فكان لا يأتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه إلا بطرفة يهديها إليه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن لكل حاضرة بادية، وبادية آل محمد زاهر بن حرام. ووجده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما بسوق المدينة، فأخذه [1] من ورائه، ووضع يديه على عينيه، وَقَالَ: من يشتري العبد؟ فأحس به زاهر، وفطن أنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إذن تجدني يا رَسُول اللَّهِ كاسدا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بل أنت عند الله ربيح، ثم انتقل زاهر ابن حرام إلى الكوفة.
(805) زاهر الأسلمي،
أبو مجزأة بن زاهر، وهو زاهر بن الأسود بن حجاج ابن عبد بن دعبل [2] بن أنس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أفصى الأسلمي، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن الكوفة، يعدّ من الكوفيين.
__________
[1] في ى: فأخذ.
[2] في أ: بن قيس بن دعبل. وفي ت مثل ى. وفي أسد الغابة: بن قيس بن عبد بن دعبل.(2/509)
باب الزبير
(806) الزبير بن عبد الله الكلابي،
لا أعلم له لقاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنه أدرك الجاهلية، وعاش إلى آخر خلافة عمر رضي الله عنه.
رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أُسَيْدٍ الْكِلابِيِّ، عن العلاء بن الزبير ابن عَبْدِ اللَّهِ الْكِلابِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ فَارِسَ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ، كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
(807) الزبير بن عبيدة [1] الأسدي،
من المهاجرين الأولين، لم يرو عنه العلم، قَالَ أبو عمر: ذكر محمد بن إسحاق فيمن هاجر إلى المدينة من بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة- الزبير بن عبيدة، وتمام بن عبيدة، وسخبرة بن عبيدة بن الزبير.
(808) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي،
يكنى أبا عبد الله. أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى وكيع وغيره، عن هشام بن عروة، قَالَ: أسلم الزبير وهو ابن خمس عشر سنة. وروى أبو أسامة عن هشام بن عروة، عن أبيه مثله سواء إلى آخره.
__________
[1] في أ: عبيد. وت، وأسد الغابة مثل ى.(2/510)
وذكر السَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عمه موسى بن طلحة، قال: كان علي، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وُلِدُوا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَرَوَى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْدٍ، عن الليث بن سعد، عن أبي الأسود [مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]] عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الليث بن سعد، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن علي بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ أَسْلَمَا، وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِي سِنِينَ. وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال:
أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة. [وقول عروة أصح من قول أبي الأسود [2]] والله أعلم.
قَالَ أبو عمر: لم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود حين آخى بين المهاجرين بمكة. فلما قدم المدينة، وآخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين الزبير وبين سلمة بن سلامة بن وقش، وكان له من الولد فيما ذكر بعضهم عشرة: عبد الله، وعروة، ومصعب، والمنذر، وعمر، وعبيدة، وجعفر، وعامر، وعمير، وحمزة.
وكان الزبير أول من سل سيفا في سبيل الله عزّ وجل، رواه حماد ابن سلمة، عن علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيّب. قال سعيد: ودعا له
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] ليس في أ، وهو في ت.
(8- الاستيعاب- 2)(2/511)
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ بخير، والله لا يضيع دعاءه. وقال [1] الزبير ابن بكار: قَالَ حَدَّثَنِي أبو حمزة بن عياض [2] ، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن أول رجل سل سيفه في سبيل الله الزبير، وذلك أنه نفحت نفحة من الشيطان أخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه [3] ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعلى مكة، فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مالك يا زبير؟ قَالَ: أخبرت أنك أخذت، فصلى عليه، ودعا له، ولسيفه. وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي. وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لكل نبي حواري، وحوارييىّ الزبير. وسمع ابن عمر رجلا يقول: أنا ابن الحواري. فَقَالَ له: إن كنت ابن الزبير، وإلا فلا.
وَقَالَ محمد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن قوله صَلَّى الله عليه وسلم: حوارييى الزبير. فَقَالَ: [من] خلصائه [4] . وذكر علي بن المغيرة أبو الحسن الأثرم، عن الكلبي، عَنْ أَبِيهِ محمد بن السائب، أنه كان يقول: الحوارىّ الخليل، وذكر قول جرير:
أفبعد مقتلهم خليل محمد ... ترجو العيون مع الرسول سبيلا
وَقَالَ غيره: الحواري الناصر، وذكر قول الأعور الكلابي:
وأكنه ألقى زمام قلوصه ... فيحيا كريما أو يموت حواريا
__________
[1] في ى: فقال. والمثبت من أ، ت.
[2] في أ: أبو صمرة أنس بن عياض.
[3] في ى: شقة. والمثبت من أ، ت.
[4] ليس في أ، ت. وفيهما: فقال خلصاؤه.(2/512)
وَقَالَ غيره: الحواري الصاحب المستخلص. وَقَالَ معمر، عَنْ قَتَادَةَ:
الحواريون كلهم من قريش، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة الجراح، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة، والزبير.
وَقَالَ روح بن القاسم، عَنْ قَتَادَةَ أنه ذكر يوما الحواريين فقيل له:
وما الحواريون؟ قَالَ: الذين تصلح لهم الخلافة.
شهد الزبير بدرا، وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء كان معتجرا بها، فيقال: إنها نزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامِ بن عروة، عن عبّاد بن حمزة ابن الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَتْ عَلَى الزُّبَيْرِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجِرًا بِهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَنَزَلَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَيْهَا عَمَائِمُ صُفْرٌ.
وشهد الحديبية والمشاهد كلها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يلج النار أحد شهد بدرا والحديبية. وَقَالَ عمر: في الستة أهل الشورى: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو راض عنهم. وهو أيضا من العشرة، الذين شهد لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة. وثبت عن الزبير أنه قَالَ: جمع لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [أبويه] [1] مرتين: يوم أحد، ويوم قريظة، فقال: ارم فداك أبى وأمى.
__________
[1] ليس في أ.(2/513)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ قَالَ: سَأَلْتُ مَجْلِسًا فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: الزُّبَيْرُ، وعلى ابن أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ الزُّبَيْرِ تَاجِرًا مَجْدُودًا فِي التِّجَارَةِ، وَقِيلَ لَهُ يَوْمًا:
بِمَ أَدْرَكْتَ فِي التِّجَارَةِ مَا أَدْرَكْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَشْتَرِ عَيْنًا [1] ، وَلَمْ أُرِدْ رِبْحًا، وَاللَّهُ يُبَارِكُ لِمَنْ يَشَاءُ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَهِيكِ بْنِ يَرِيمَ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سَمِيٍّ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ لِلزُّبَيْرِ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِ الْخَرَاجَ، فَمَا كَانَ يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا، يَعْنِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وفضله حسان على جميعهم، كما فضل أبو هريرة على الصحابة أجمعين جعفر بن أبى طالب، فقال يمدحه [2] :
أقام على عهد النبي وهديه ... حواريه والقول بالفعل يعدل
أقام على منهاجه وطريقه ... يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي ... يصول إذا ما كان يوم محجل
وإن امرأ كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيته لمرفّل [3]
__________
[1] في أ: غيبا، ت مثل ى.
[2] ديوانه: 338.
[3] في ى: لمرقل.(2/514)
له من رَسُول اللَّهِ قربى قربية ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
فكم كربة ذب الزبير بسيفه ... عن المصطفى، والله يعطى ويجزل [1]
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها [2] ... بأبيض سباق إلى الموت يرقل [3]
فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام يذبل [4]
ثم شهد الزبير الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه علي وانفرد به، فذكر الزبير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا، وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذَلِكَ، فانصرف عن القتال فاتبعه ابن جرموز عبد الله، ويقَالَ عمير، ويقَالَ عمرو [5] . وقيل عميرة بن جرموز السعدي، فقتله بموضع يعرف بوادي السباع، وجاء بسيفه إلى علي، فَقَالَ له علي:
بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير قد انصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها، منصرفا إلى المدينة، فرآه ابن جرموز، فَقَالَ: أتى يؤرش [6] بين الناس، ثم تركهم، والله لا أتركه، ثم اتبعه، فلما لحق بالزبير، ورأى الزبير أنه يريده أقبل عليه، فَقَالَ له ابن جرموز: أذكرك الله. فكف عنه الزبير حتى فعل ذَلِكَ مرارا، فَقَالَ الزبير: قاتله الله، يذكرنا الله وينساه، ثم غافصه [7] ابن جرموز فقتله. وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جمادى
__________
[1] في الديوان: فيجزل.
[2] حشها: أسعرها وهيجها. وفي أ، ت: حسها.
[3] في ى: يرفل. ويرقل: يسرع. والإرقال: ضرب من العدو.
[4] يذبل: اسم جبل في بلاد نجد.
[5] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت، والزبيدي.
[6] في ت: إنا نؤرش. ويقال: أرشت بين الرجلين إذا أغريت أحدهما بالآخر، وأوقعت بينهما الشر (اللسان- أرش) .
[7] غافص الرجل مغافصة: أخذه على غرة فركبه بمساءة (اللسان- غفص) وفي ى:
عافصه- بالعين. ونراه تحريفا.(2/515)
الأولى سنة ست وثلاثين، وفي ذَلِكَ اليوم كانت وقعة الجمل، ولما أتى قاتل الزبير عليا برأسه يستأذن عليه فلم يأذن له، وقال للآذن: بشّره بالنار، فقال:
أتيت عليا برأس الزبير ... أرجو لديه [1] به الزلفة
فبشر بالنار إذ جئته ... فبئس البشارة والتحفة
وسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عير [2] بذي الجحفة
وفي حديث عمرو بن جاوان، عن الأحنف قَالَ: لما بلغ الزبير سفوان موضعا من البصرة، كمكان القادسية من الكوفة، لقيه البكر [3] رجل من بني مجاشع، فَقَالَ: أين تذهب يا حواري رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إلي فأنت في ذمتي لا يوصل إليك، فأقبل معه وأتى إنسان الأحنف بن قيس فَقَالَ:
هذا الزبير قد لقي بسفوان. فَقَالَ الأحنف: ما شاء الله، كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببنيه [4] وأهله، فسمعه عميرة بن جرموز، وفضالة بن حابس، ونفيع في غواة بني تميم، فركبوا في طلبه، فلقوه مع النفر، فأتاه عمير بن جرموز من خلف، وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقَالُ له ذو الخمار، حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه يا نفيع! يا فضالة! فحملوا عليه حتى قتلوه، وهذا أصح مما تقدم والله أعلم.
وكانت سن الزبير يوم قتل- رحمه الله- سبعا وستين سنة. وقيل [5] ستا وستين، وكان الزبير أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية رضي الله عنه.
__________
[1] في ى: أرجو به لديه، وفي أ: إليه به. والمثبت من ت، وأسد الغابة.
[2] في أسد الغابة: عنز.
[3] هكذا في ى. وفي أ، ت: النفر، ولعلها تحريف عن النقز- بالكسر، وهو الرديء الفسل من الناس كما في الزبيدي.
[4] في أسد الغابة: ببيته.
[5] في هامش ت: هذا يخالف ما تقدم أنه ولد هو وعلى في عام واحد.(2/516)
باب زرارة
(809) زرارة بن أوفى [1] النخعي،
له صحبة، مات في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(810) زرارة بن جزي.
ويقَالَ: جزي [2] الكلابي، له صحبة. روى عنه المغيرة بن شعبة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى الضحاك ابن سفيان أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها. حديثه عن محمد ابن عبد الله الشعيثي، عن زفر بن وثيمة، عن المغيرة بن شعبة، عنه. روى عنه مكحول أيضا.
(811) زرارة بن عمرو النخعي،
والد عمرو بن زرارة، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد النخع، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني رأيت في طريقي رؤيا هالتني. قَالَ: وما هي؟ قَالَ: رأيت أتانا خلفتها في أهلي ولدت جديا أسفع أحوى، ورأيت نارا خرجت من الأرض، فحالت بيني وبين ابن لي، يقال:
له عمرو، وهي تقول: لظى لظى بصير وأعمى. فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
خلفت في أهلك أمة مسرة حملا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فإنها قد ولدت غلاما، وهو ابنك. قَالَ: فأني له أسفع أحوى. فَقَالَ: ادن مني، أبك برص تكتمه؟
__________
[1] في ى وهوامش الاستيعاب: بن أبى أوفى. والمثبت من أ، والإصابة، والزبيدي.
[2] في ى والإصابة: جزء. والمثبت من أ، ت. وفي أسد الغابة: قال ابن ماكولا: يقوله المحدثون بكسر الجيم وسكون الزاى، وأهل اللغة يقولون جزء- بفتح الجيم والهمزة. وقال أبو عمر: جزى- يعنى بالكسر. وجزى- يعنى بالفتح. وقال عبد الغنى: جزى- بفتح الجيم وكسر الزاى، والله أعلم.(2/517)
قَالَ: والذي. بعثك بالحق ما علمه أحد قبلك. قَالَ: فهو ذاك. وأما النار فإنها فتنة تكون بعدي. قَالَ: وما الفتنة يا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: يقتل الناس إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس، وخالف بين أصابعه، دم المؤمن عند المؤمن أحلى من العسل [1] . يحسب المسيء أنه محسن، إن مت أدركت ابنك، وإن مات ابنك أدركتك. قَالَ: فادع الله ألا تدركني، فدعا له [2] . وكان قدوم زرارة بن عمرو النخعي هذا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النصف من رجب سنة تسع.
(812) زرارة بن قيس [بن الحارث [3]] بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن عبيد ابن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار [الأنصاري [3]] الخزرجي،
قتل يوم اليمامة شهيدا.
(813) زرارة بن قيس [النخعي [4]] ،
قَالَ الطبري [5] : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد النخع، وهم مائتا رجل، فأسلموا، [ونسبه] ، فَقَالَ: زرارة بن قيس بن الحارث بن عدي بن الحارث بن عوف بن جشم ابن كعب بن قيس بن سعد بن مالك بن النخع، كذا قال: عدي ابن الحارث.
__________
[1] في أ، ت: الماء. وفي الإصابة: أحلى من شرب الماء.
[2] في الإصابة: فإن مت أدركت ابنك وإن أنت بقيت أدركتك، فكان ابنه عمرو ابن زرارة أول خلق الله تعالى خلع عثمان بن عفان (1- 529) .
[3] ليس في أ، ت، وهو في أسد الغابة والإصابة.
[4] من أ، ت.
[5] في أسد الغابة: قلت: هذا زرارة هو الّذي تقدم ذكره في ترجمة زرارة الّذي أخرجه أبو عمر، وذكر فيه حديث الرؤيا (2- 202) .(2/518)
باب زرعة
(814) زرعة بن خليفة،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سمعه يقرأ في صلاة المغرب في السفر: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ 95: 1، و «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ 97: 1» . روى عنه محمد بن زياد الراسبي.
(815) زرعة بن ذي يزن [1] .
أسلم، وآمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يره، وقدم بإسلامه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مالك بن مرة الرهاوي.
(816) زرعة الشقري.
كان اسمه أصرم، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أنت زرعة، أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعبد حبشي ...
الحديث.
باب زهير
(817) زهير بن أبي جبل [2] الشنوي
من أزد شنوءة، وزهير بن عبد الله بن أبي جبل الشنوي، روى عنه أبو عمران الجوني، يعد في البصريين. حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «من مات فوق إنجار لَيْسَ حوله ما يدفع القدم فمات فقد برئت منه الذمة. ومنهم من يقول فوق إجاره [3] .
__________
[1] في أسد الغابة: زرعة بن سيف بن ذي يزن.
[2] في أ: زهير بن جبل، ت، وأسد الغابة مثل ى.
[3] الإجار- بالكسر والتشديد: السطح الّذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه.
والإنجار بالنون لغة فيه (النهاية) .(2/519)
(818) زهير بن أبي أمية
مذكور في المؤلفة قلوبهم، فيه نظر، لا أعرفه.
(819) زهير الأنماري،
ويقَالَ أبو زهير، شامي. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعاء. روى عنه خالد بن معدان.
(820) زهير بن صرد،
أبو صرد الجشمي السعدي، من بني سعد بن بكر. وقيل:
يكنى أبا جرول، كان زهير رئيس قومه، وقدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد هوازن، إذ فرغ من حنين، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ بالجعرانة يميز الرجال من النساء في سبي هوازن، فَقَالَ له زهير بن صرد:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنما سبيت منا عماتك وخالاتك وحواضنك اللائي كفلنك، ولو أنا ملحنا [1] للحارث بن أبي شمر أو النعمان بن المنذر، ثم نزل منا أحدهما بمثل ما نزلت به لرجونا عطفه وعائدته، وأنت خير المكفولين، ثم قال:
امنن علينا رَسُول اللَّهِ في كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر [2]
امنن على بيضة قد عافها قدر ... ممزق شملها في دهرها غير
يا خير طفل ومولود ومنتخب ... في العالمين إذا ما حصل البشر
إن [3] لم تداركها نعماء تنشرها ... يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن علي نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤه من محضها درر [4]
إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها ... وإذ يزينك ما تأتى وما تذر
__________
[1] ملحنا: أرضعنا (النهاية) .
[2] في أ، ت: وننتظر.
[3] في ت: إذ لم تداركهم.
[4] في أ، ت: الدرر.(2/520)
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا فإنا معشر زهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به ... عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا لنشكر آلاء وإن كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه ... هذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت واهبه ... يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. وَقَالَ المهاجرون كذلك. وقالت الأنصار كذلك. وأبى الأقرع ابن حابس، وبنو تميم، وعيينة بن حصن، وبنو فزارة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما من تمسك منكم بحقه من هذا السبي فله بكل إنسان ست فرائض من أول سبي نصيبه، فردوا على الناس أبناءهم ونساءهم. اختصرت هذا الحديث، وفيه طول. أخبرنا به من أوله إلى آخره بالشعر عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه، عن قاسم، عن عبيد، عن عبد الواحد [1] ، عن أحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدِّهِ- الحديث بطوله والشعر، إلا أن في الشعر بيتين لم يذكرهما محمد بن إسحاق في حديثه، وذكرهما عبد الله بن رماحس، عن زياد بن طارق بن زياد، عن زياد بن صرد بن زهير بن صرد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زهير بن صرد أبى جرول أنه حدثه هذا الحديث.
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ: عن عبيد بن عبد الواحد. وفي ت: عن قاسم بن عبيد ابن عبد الواحد.(2/521)
(821) زهير بن عثمان الثقفي الأعور،
بصرى، روى الحسن البصري، عن عبد الله بن عثمان الثقفي، عنه- حديثا في إسناده نظر، يقَالُ: إنه مرسل، وليس له غيره.
قَالَ: قَالَ [1] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوليمة أول يوم حق، واليوم الثاني معروف، واليوم الثالث رياء وسمعة.
(822) زهير [2] بن علقمة النخعي،
ويقَالَ: البجلي. وروى عنه إياد بن لقيط عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ لامرأة مات لها ثلاثة بنين: لقد احتظرت دون النار حظارا [3] شديدا. يقَالَ: إنه مرسل، وزعم البخاري أن زهير بن علقمة هذا ليست له صحبة، وقد ذكره غيره في الصحابة.
(820) زهير بن عمرو الهلالي،
يقَالُ النصري [4] من بني نصر بن معاوية. ومن قَالَ الهلالي جعله من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نزل البصرة، روى عنه أبو عثمان النهدي.
(823) زهير بن غزية بن عمرو بن عنز بن معاذ بن عمرو بن الحارث بن معاوية ابن بكر بن هوازن،
صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ذكره الدار قطنى في باب عنز، وذكره أيضا في باب غزية، وذكر الطبري زهير بن غزية.
__________
[1] في أ، م: قال إن النبي ... قال: الوليمة حق.
[2] في هوامش الاستيعاب، وأسد الغابة: أو زهير بن أبى علقمة.
[3] في النهاية: بحظار شديد وفي أسد الغابة: احتظارا شديدا. والاحتظار فعل الحظار أراد لقد احتميت بحمى عظيم من النار يقيك حرها ويؤمنك دخولها (النهاية) .
[4] في ى: النضري، وهو تحريف.(2/522)
(824) زهير بن قرضم بن الجعيل المهري،
وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يكرمه لبعد مسافته. وذكره الطبري هكذا زهير بن قرضم، وقال محمد ابن حبيب: هو ذهبن [1] بن قرضم بن الجعيل، فاللَّه أعلم.
باب زياد
(825) زياد بن أبي سفيان،
ويقَالَ زياد بن أبيه. وزياد بن أمه. وزياد بن سمية، وكان يقَالُ له قبل الاستلحاق زياد بن عبيد [2] الثقفي. وأمه سمية جارية الحارث ابن كلدة.
واختلف في وقت مولده، فقيل: ولد عام الهجرة [3] . وقيل قبل الهجرة.
وقيل: بل ولد يوم بدر. ويكنى أبا المغيرة. ليست له صحبة ولا رواية.
وكان رجلا عاقلا في دنياه، داهية خطيبا، له قدر وجلالة عند أهل الدنيا، روى معتمر بن سليمان عَنْ أَبِيهِ، عن أبي عثمان النهدي أنه أخبره، قَالَ: اشترى زياد أباه عبيدا بألف درهم فأعتقه فكنا نغبطه بذلك.
كان عمر بن الخطاب قد استعمله على بعض صدقات البصرة، أو بعض أعمال البصرة. وقيل: بل كان كاتبا لأبي موسى، فلما شهد على المغيرة مع أخيه أبي بكرة وأخيه نافع، وشبل بن معبد وجدهم ثلاثتهم عمر [4] دونه، إذ لم يقطع الشهادة زياد، وقطعوها، وعزله، فَقَالَ له زياد: يا أمير المؤمنين،
__________
[1] في ى: وهبن- بالدال. وفي أسد الغابة: قال الدّارقطنيّ: ذهبن- بالذال المعجمة والباء الموحدة والنون وارجع إلى أسد الغابة (1- 138) .
[2] في أ: أبي عبيد. وفي ت وأسد الغابة مثل ى.
[3] في أ: عام الفتح. وأسد الغابة مثل ى.
[4] في أ: وجدهم عمر ثلاثتهم.(2/523)
أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية. وَقَالَ بعض أهل الأخبار: إنه قَالَ له:
ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك، فاللَّه أعلم إن كان [ذَلِكَ [1]] كذلك.
ثم صار زياد مع علي، فاستعمله على بعض أعماله، فلم يزل معه إلى أن قتل علي وانخلع الحسن لمعاوية، فاستلحقه معاوية وولاه العراقين جمعهما له. ولم يزل كذلك إلى أن توفي بالكوفة، وهو أمير المصرين في شهر رمضان لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه سنة ثلاث وخمسين، وصلى عليه عبد الله بن خالد بن أسيد، كان قد أوصى إليه بذلك.
وَقَالَ الحسن بن عثمان: توفي زياد بن أبي سفيان، ويكنى أبا المغيرة، سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين، فهذا يدل على أنه ولد عام الهجرة وكانت ولايته خمس سنين، ولي المصرين: البصرة والكوفة سنة ثمان وأربعين، وتوفي سنة ثلاث وخمسين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقيل ابن ست وخمسين.
وزياد هو الذي احتفر نهر الأبلة حتى بلغ موضع الجبل، وكان يقَالُ زياد يعد لصغار الأمور وكبارها، وكان زياد طويلا جميلا يكسر إحدى عينيه، وفي ذَلِكَ يقول الفرزدق للحجاج:
وقبلك ما أعييت كاسر عينه ... زيادا فلم تعلق على حبائله
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم بن سَعِيدٍ، قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عبد الرحمن، قال أبو سلمة أسامة بن أحمد التّجيبي،
__________
[1] من أ، ت.(2/524)
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ [1] بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ زِيَادًا فِي إِصْلاحِ فَسَادٍ وَقَعَ فِي الْيَمَنِ، فَرَجَعَ مِنْ وَجْهِهِ، وَخَطَبَ خُطْبَةً لَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ مِثْلَهَا، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ هَذَا الْغُلامُ قُرَشِيًّا لَسَاقَ الْعَرَبَ بِعَصَاهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ:
وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ الَّذِي وَضَعَهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَمَنْ هُوَ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: مَهْلا يَا أَبَا سُفْيَانَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ:
أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا خَوْفُ شَخْصٍ ... يَرَانِي يَا عَلِيُّ مِنَ الأَعَادِي
لأَظْهَرَ أَمْرَهُ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ ... وَلَمْ تَكُنِ الْمَقَالَةُ [2] عَنْ زِيَادِ
وَقَدْ طَالَتْ مُجَامَلَتِي ثَقِيفًا ... وَتَرْكِي فِيهِمْ ثَمَرَ الْفُؤَادِ
قَالَ: فذاك الذي حمل معاوية على ما صنع بزياد، فلما صار الأمر إلى على ابن أبي طالب وجه زيادا إلى فارس، فضبط البلاد وحما وجبى، وأصلح الفساد، فكاتبه معاوية يروم إفساده على علي فلم يفعل، ووجه بكتابه إلى علي.
قَالَ أبو عمر: وفيه شعر تركته، لأني اختصرت الخبر فيه.
فكتب إليه علي:
«إنما وليتك ما وليتك. وأنت أهل لذلك عندي، ولن تدرك ما تريد مما أنت فيه إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبى سفيان فلتة
__________
[1] في ت: عبيد الله. وأ مثل ى.
[2] في أ: المجمجم. وت مثل ى.(2/525)
زمن عمر لا تستحق بها نسبا ولا ميراثا. وإن معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، ثم احذره. والسلام» .
فلما قرأ زياد الكتاب قَالَ: شهد لي أبو الحسن ورب الكعبة. قَالَ:
فذلك الذي جرأ زيادا ومعاوية على ما صنعا. ثم أدعاه معاوية في سنة أربع وأربعين، ولحق به زيادا أخا على ما كان من أبي سفيان في ذَلِكَ، وزوج معاوية ابنته من ابنه محمد بن زياد، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، أمهما سمية. فلما بلغ أبا بكرة أن معاوية استلحقه، وأنه رضي بذلك آلى يمينا لا يكلمه أبدا، وَقَالَ: هذا زنى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط، ويله ما يصنع بأم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيريد أن يراها، فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيا لها مصيبة! يهتك من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمة عظيمة، وحج زياد في زمن معاوية، فأراد الدخول على أم حبيبة، ثم ذكر قول أبي بكرة، فانصرف عن ذَلِكَ.
وقيل: إن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها. وقيل: إنه حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة، وقال:
جزى الله أبا بكرة خيرا، فما يدع النصيحة على حال.
ولما ادعى معاوية زيادا دخل عليه بنو أمية، وفيهم عبد الرحمن بن الحكم فَقَالَ له: يا معاوية، لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة وذلة، فأقبل معاوية على مروان وَقَالَ: أخرج عنا هذا الخليع، فَقَالَ مروان: والله(2/526)
إنه لخليع ما يطلق. فَقَالَ معاوية: والله لولا حلمي وتجاوزي لعلمت أنه يطاق. ألم يبلغني شعره في زياد، ثم قَالَ لمروان أسمعنيه، فَقَالَ:
ألا أبلغ معاوية بن صخر ... فقد ضاقت بما تأتي اليدان
أتغضب أن يقَالُ أبوك عف ... وترضي أن يقَالُ أبوك زان
فأشهد أن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان
وأشهد أنها حملت زيادا ... وصخر من سمية غير دان
وهذه الأبيات تروي ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر. ومن رواها له جعل أولها:
ألا بلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني
وذكر الأبيات كما ذكرناها سواء.
روى عمر بن شبة وغيره أن ابن مفرغ لما وصل إلى معاوية أو إلى ابنه يزيد بعد أن شفعت فيه اليمانية وغضبت لما صنع به عباد وأخوه عبيد الله، وبعد أن لقي من عباد وأخيه عبيد الله بن زياد ما لقي مما يطول ذكره، وقد نقله أهل الأخبار ورواة الأشعار، بكى، وَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ركب مني ما لم يركب من مسلم قط على غير حدث في الإسلام، ولا خلع يد من طاعة، فَقَالَ له معاوية:
ألست القائل:
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني
أتغضب أن يقَالُ أبوك عف ... وترضى أن يقَالُ أبوك زان
وذكر الأبيات كما ذكرناها. فَقَالَ ابن مفرغ: لا والذي عظم حقك، ورفع(2/527)
قدرك يا أمير المؤمنين ما قلتها قط، لقد بلغني أن عبد الرحمن بن الحكم قالها ونسبها إلى. قال: أفلست القائل:
شهدت بأن أمك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمرا فيه لبس ... على وجل شديد وارتياع
أولست القائل:
إن زيادا ونافعا وأبا ... بكرة عندي من أعجب العجب
هم رجال ثلاثة خلقوا ... في رحم أنثى وكلهم لأب
ذا قرشي كما يقول وذا ... مولى وهذا بزعمه عربي
في أشعار قلتها في زياد وبنيه هجوتهم أعزب فلا عفا الله عنك، قد عفوت عن جرمك. ولو صحبت زيادا لم يكن شيء مما كان، اذهب فاسكن أي أرض أحببت، فاختار الموصل.
قَالَ أبو عمر: ليزيد بن مفرغ في هجو زياد وبنيه من أجل ما لقى من عباد بن زياد بخراسان أشعار كثيرة، وقصته مع عباد بن زياد وأخيه عبيد الله بن زياد مشهورة، ومن قوله يهجوهم:
أعباد ما للؤم عنك محول ... ولا لك أم في قريش ولا أب
وقل لعبيد الله مالك والد ... بحق ولا يدري امرؤ كنت تنسب
وروى الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قَالَ: قَالَ عبيد الله بن زياد:
ما هجيت بشيء أشد على من قول ابن مفرغ:
فكر ففي ذاك إن فكرت معتبر ... هل نلت مكرمة إلا بتأمير
عاشت سمية ما عاشت وما علمت ... إن ابنها من قريش في الجماهير(2/528)
وقال غيره أيضا:
زياد لست أدري من أبوه ... ولكن الحمار أبو زياد
وروينا أن معاوية قَالَ حين أنشده مروان شعر أخيه عبد الرحمن: والله لا أرضي عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه ويعتذر إليه. وأتاه عبد الرحمن يستأذن عليه معتذرا فلم يأذن له، فأقبلت قريش على عبد الرحمن بن الحكم فلم يدعوه حتى أنى زيادا، فلما دخل عليه وسلم فتشاوس له زياد بعينه وكان يكسر عينه، فَقَالَ له زياد: أنت القائل ما قلت؟ فَقَالَ عبد الرحمن: وما الّذي قلت؟ قال: قلت ما لا يقَالُ. فَقَالَ عبد الرحمن: أصلح الله الأمير، إنه لا ذنب لمن أعتب، وإنما الصفح عمن أذنب، فاسمع مني ما أقول. قَالَ: هات. فأنشأ يقول:
إليك أبا المغيرة تبت مما ... جرى بالشام من جور اللسان
وأغضبت الخليفة فيك حتى ... دعاه فرط غيظ أن لحاني
وقلت لمن يلمني في اعتذاري ... إليك الحق شأنك غير شأني
عرفت الحق بعد خطاء رأيي ... وما ألبسته غير البيان
زياد من أبي سفيان عصن ... تهادى ناضرا بين الجنان
أراك أخا وعما وابن عم ... فما أدري بعين من [1] تراني
وأنت زيادة في آل حرب ... أحب إلي من وسطى بناني
ألا بلغ معاوية بن حرب ... فقد ظفرت بما يأتي اليدان
فَقَالَ له زياد: أراك أحمق مترفا شاعرا صنع اللسان يسوغ لك ريقك ساخطا ومسخوطا عليك، ولكنا قد سمعنا شعرك، وقبلنا عذرك، فهات حاجتك.
قَالَ: كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني. قَالَ: نعم، ثم دعا كاتبه فَقَالَ:
__________
[1] في أ، ت: بعين ما تراني.(2/529)
اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله معاوية أمير المؤمنين، من زياد بن أبي سفيان، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:
[فإنه] وذكر الخبر [وفيه [1]] . فأخذ الكتاب ومضى حتى دخل على معاوية فقرأ الكتاب ورضي عنه ورده إلى حاله، وَقَالَ: قبح الله زياد! ألم يتنبه له إذ قَالَ: وأنت زيادة في آل حرب.
قَالَ أبو عمر: روينا أن زيادا كتب إلى معاوية أني قد أخذت العراق بيميني وبقيت شمالي فارغة- يعرض له بالحجاز، فبلغ ذَلِكَ عبد الله بن عمر فَقَالَ: اللَّهمّ اكفنا شمال زياد، فعرضت له قرحة في شماله فقتلته، ولما بلغ ابن عمر موت زياد قَالَ: اذهب إليك ابن سمية فقد أراح الله منك.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا خُرَيْمُ [2] بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ زِيَادٌ لِبَنِيهِ لَمَّا احْتُضِرَ: لَيْتَ أَبَاكُمْ كَانَ رَاعِيًا فِي أَدْنَاهَا وَأَقْصَاهَا وَلَمْ يَقَعْ بِالَّذِي وَقَعَ بِهِ. وَقَالَ أبو الحسن المدائني: ولد زياد عام التاريخ. ومات بالكوفة يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
(825) زياد بن الحارث [3] الصدائي،
وصداء حي من اليمن، وهو حليف لبني الحارث بن كعب، بايع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأذّن بين يديه، بعدّ في المصريين وأهل المغرب.
__________
[1] ليس في ت، وهو في أ.
[2] في ت: هرثم. وفي أ: هريم.
[3] في الإصابة: وقيل زياد بن حارثة.(2/530)
روى الإفريقي، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي أنه حدثه، قَالَ: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام، وبعث جيشا إلى صداء، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اردد الجيش وأنا لك بإسلامهم، فرد الجيش، وكتب إليهم. فأقبل وفدهم بإسلامهم، فأرسل إلي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إنك لمطاع في قومك يا أخا صداء. فقلت: بل الله هداهم. وقلت: ألا تؤمرني عليهم؟ فَقَالَ: بلى، ولا خير في الإمارة لرجل مؤمن. فقلت: حسبي [الله [1]] . ثم سار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسيرا، فسرت معه، فانقطع عنه أصحابه، فأضاء الفجر.
فَقَالَ لي: أذن يا أخا صداء، فأذنت. وذكر الحديث بطوله، وقد ذكره سنيد وغيره.
(826) زياد بن حذرة [2] بن عمرو [3] بن عدي،
أتى إلى [4] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم على يده ودعا له. روى عنه ابنه تميم بن زياد.
(827) زياد بن حنظلة التميمي،
له صحبة، ولا أعلم له رواية، وهو الذي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، ليتعاونوا على مسيلمة الكذاب، وطليحة، والأسود، وقد عمل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان منقطعا إلى علي رضي الله عنه، وشهد معه مشاهده كلها.
__________
[1] من ت وحدها.
[2] هكذا في ى، وفي أ، ت: خدرة. وفي الإصابة: اختلف في ضبط أبيه فقيل بالجيم.
وقيل بالمهملة، وقيل بالمعجمة. وفي أسد الغابة: ضبطه أبو عمر بالحاء المهملة والذال المعجمة.
وضبطه أبو موسى خدرة- بالخاء المعجمة. أو حدرة- بالحاء والدال المهملتين.
[3] في ى: عمر. والمثبت من أ، ت.
[4] في أ، ت: أتى به.(2/531)
(828) زياد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأشهلي الأنصاري،
قتل يوم أحد. رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ [1] بْنِ عَمْرِو بْنِ يزيد بن السكن أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا لَحَمَهُ [2] الْقِتَالُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَخُلِصَ إِلَيْهِ، وَدَنَا مِنْهُ الأَعْدَاءُ، ذَبَّ عَنْهُ الْمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ حَتَّى قُتِلَ، وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِ الْجِرَاحُ، وَأُصِيبَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وتلمث رُبَاعِيَّتُهُ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ، وَأُصِيبَتْ وَجْنَتُهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَبِيعُ لَنَا نَفْسَهُ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ فِتْيَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ خَمْسَةٌ، مِنْهُمْ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ، فَقَاتَلُوا حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ، فَقَاتَلَ حَتَّى أُثْبِتَ، ثُمَّ ثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَاتَلُوا عَنْهُ حَتَّى أَجْهَضُوا عَنْهُ الْعَدُوَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزِيَادِ بْنِ السَّكَنِ: ادْنُ مِنِّي- وَقَدْ أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَوَسَّدَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه حَتَّى مَاتَ عَلَيْهَا. وَذَكَر هَذَا الْخَبَرَ الطَّبَرِيُّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مَحْمُودِ [3] بْنِ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ: فَقَامَ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي نَفَرٍ خَمْسَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ. وبعض الناس يقول: إنما هو عمارة بن زياد السكن على ما نذكره في باب عمارة [إن شاء الله [4]] .
__________
[1] في أ: محمد.
[2] لحمه: اشتد عليه القتال.
[3] في أ: محمد.
[4] ليس في ت، وهو في أ.(2/532)
(829) زياد بن عبد الله الأنصاري،
روى عنه الشعبي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه بعث عبد الله بن رواحة، فخرص [1] على أهل خيبر، فلم يجدوه أخطأ حشفة [2] .
(830) زياد بن عمرو.
ويقَالَ ابن بشر، حليف الأنصار، شهد بدرا هو وأخوه ضمرة. قَالَ فيه موسى بن عقبة: زياد بن عمرو الأخرس، شهد بدرا، أو هو مولى لبني ساعدة بن كعب بن الخزرج مع أخيه صمرة بن عمرو.
(831) زياد بن عياض الأشهلي،
اختلف في صحبته.
(832) زياد بن القرد [3] .
ويقال ابن أبي القرد، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمار: تقتله الفئة الباغية، حديثه لا يتّصل.
(833) زياد بن كعب بن عمرو بن عدي بن عمر بن رفاعة بن كليب الجهني،
شهد بدرا وأحدا.
(834) زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة الأنصاري البياضي،
من بني بياضة بن عامر بن زريق، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: يكنى أبا عبد الله، خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقام معه بمكة حتى هاجر مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان يقَالُ: لزياد مهاجري أنصاري. شهد العقبة، وبدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، واستعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حضرموت.
مات في أول خلافة معاوية.
__________
[1] الخرص: الحزر والتقدير.
[2] الحشف: الخبر اليابس. وبالتحريك أردأ التمر أو الضعيف لاقوى له (القاموس) .
[3] في الإصابة: زياد بن الغرد- بالغين المعجمة والراء المكسورة. وقيل بقاف بدل الغين. وقيل الفرد- بالفاء. وانظر أسد الغابة (2- 217) .(2/533)
[حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأُشْنَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَيَّنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءَ، فَقَالَ:
هَذَا أَوَانُ رَفْعِ الْعِلْمِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: أَيُرْفَعُ الْعِلْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كُنْتُ لأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَذَكَرَ لَهُ ضَلالَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعِنْدَهُمْ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. فلقى جبير بن نفير شداد بن أوس في المصلى، فحدثه هذا الحديث عن عوف بن مالك. فَقَالَ: صدق عوف.
ثم قَالَ: يا شداد، هل تدري ما رفع العلم؟ قَالَ: قلت: لا أدري. قَالَ:
ذهاب أوعيته. هل تدري أول العلم يرفع؟ قَالَ: قلت لا أدري! قَالَ:
الخشوع حتى لا يرى خاشعا [1]] .
(835) زياد بن نعيم الفهري،
مذكور في الصحابة، لا أعلم له رواية، قتل يوم الدار، حين قتل عثمان رضي الله عنه.
(836) زياد الغفاري،
يعد في أهل مصر. له صحبة، روى عنه يزيد ابن نعيم.
__________
[1] من أوحدها.(2/534)
باب زيد
(837) زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن [1] الأغر بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي،
من بني الحارث بن الخزرج، اختلف في كنيته اختلافا كثيرا. فقيل: أبو عمر [2] وقيل: أبو عامر. وقيل: أبو سعد.
وقيل أبو سعيد. وقيل: أبو أنيسة، قاله الواقدي، والهيثم بن عدي.
وروينا عنه من وجوه أنه قَالَ: غزا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع عشرة غزوة غزوت منها معه سبع عشرة غزوة.
ويقَالَ: إن أول مشاهده المريسيع، يعد في الكوفيين، نزل الكوفة وسكنها، وابتني بها دارا في كندة. وبالكوفة كانت وفاته، في سنة ثمان وستين.
وزيد بن أرقم هو الذي رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله ابن أبي بن سلول قوله: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، 63: 8 فكذبه [3] عبد الله بن أبي، وحلف، فأنزل الله تصديق زيد بن أرقم، فتبادر أبو بكر، وعمر إلى زيد ليبشراه، فسبق أبو بكر فأقسم عمر لا يبادره [4] بعدها إلى شيء، وجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بإذن زيد، وَقَالَ:
وعت [5] أذنك يا غلام. من تفسير ابن جريج ومن تفسير الحسن من رواية معمر وغيره. قيل: كان ذَلِكَ في غزوة بني المصطلق. وقيل: في تبوك.
__________
[1] ليس في أ، ت، وأسد الغابة.
[2] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: عمرو.
[3] في أ: فأكذبه.
[4] في ى: ألا يبادره.
[5] في أ، ت: وفت.(2/535)
وشهد زيد بن الأرقم مع علي رضي الله عنه صفين، وهو معدود في خاصة أصحابه. ذكر ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قَالَ: كان زيد بن أرقم يتيما في حجر عبد الله بن رواحة، فخرج به معه إلى مؤتة يحمله على حقيبة رحله، فسمعه زيد بن أرقم من الليل وهو يتمثل أبياته التي يقول فيها:
إذا أدنيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فأنعمي وخلاك ذم ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني ... بأرض الشام مشتهى الثواء [1]
فبكى زيد بن أرقم، فخفقه عبد الله بن رواحة بالدرة، وَقَالَ: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل.
ولزيد بن أرقم يقول عبد الله بن رواحة:
يا زيد زيد اليعملات الذّبل ... تطاول الليل هديت فأنزل
وقيل: بل قَالَ: ذَلِكَ في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة.
وروى عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو حمزة مولى الأنصار.
(838) زيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان العجلاني،
[ثم [2]] البلوي، ثم الأنصاري، حليف لبنى عمرو بن عوف، شهد بدرا فيما ذكر موسى ابن عقبة، وشهد أحدا. هو ابن عم ثابت بن أقرم.
(839) زيد بن أبي أوفى الأسلمي،
له صحبة، يعد في أهل المدينة. روى
__________
[1] في ى: مشهو. وفي أ، ت: النواء.
[2] ليست في أ، ت.(2/536)
عنه سعد بن شرحبيل، هو أخو عبد الله بن أوفى، وقد نسبنا أخاه في بابه، فأغنى ذَلِكَ عن إعادته هنا.
روى حديث المواخاة بتمامه، إلا أن في إسناده ضعفا.
(840) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري،
وأمّه النوار بنت مالك ابن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، يكنى أبا سعيد.
وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، قاله الهيثم بن عدي. وقيل: يكنى أبا خارجة بابنه خارجة، يقَالُ: إنه كان في حين قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ابن إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه. وَقَالَ الواقدي: استصغر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر جماعة فردهم، منهم زيد بن ثابت، فلم يشهد بدرا.
قَالَ أبو عمر: [ثم [1]] شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. وقيل:
إن أول مشاهده الخندق. قبل: وكان ينقل التراب يومئذ مع المسلمين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنه نعم الغلام! وكانت راية بني مالك ابن النجار في تبوك مع عمارة ابن حزم [2] ، فأخذها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودفعها إلى زيد بن ثابت، فَقَالَ عمارة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أبلغك عني شيء؟
قَالَ: لا، ولكن القرآن مقدم، وزيد أكثر أخذا منك للقرآن. وهذا عندي خبر لا يصحّ، والله أعلم.
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أ: حازم. وت مثل ى.(2/537)
وأما حديث أنس [بن مالك [1]] إن زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني من الأنصار- فصحيح، وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، أن أبا بكر أمره في حين مقتل القراء باليمامة بجمع القرآن من الرقاع والعسب وصدور الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له: خزيمة أو أبو خزيمة.
قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما ذكره [2] . قالوا: وأما خبر جمع عثمان للمصحف فإنما جمعه من الصحف [3] التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر.
وكان زيد يكتب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي وغيره، وكانت ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيدا فتعلمها في بضعة عشر يوما، وكتب بعده لأبي بكر، وعمر، وكتب لهما معيقيب الدوسي معه أيضا.
واستخلف عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على المدينة ثلاث مرات في الحجتين وفي خروجه إلى الشام، وكتب إليه من الشام إلى زيد بن ثابت من عمر بن الخطاب.
وَقَالَ نافع، عن ابن عمر، قَالَ: كان عمر يستخلف زيدا إذا حج، وكان عثمان يستخلفه أيضا على المدينة إذا حج. ورمي يوم اليمامة بسهم فلم
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في أ، ت: ما ذكروه.
[3] في أ: المصحف، وهو تحريف.(2/538)
يضره، وكان أحد فقهاء الصحابة الجلة الفراض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت. وكان أبو بكر الصديق قد أمره بجمع القرآن في الصحف [1] ، فكتبه فيها، فلما اختلف الناس في القراءة زمن عثمان، واتفق رأيه ورأي الصحابة على أن يرد القرآن إلى حرف واحد، وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يملي المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه، فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي الناس، والأخبار بذلك متواترة المعنى، وإن اختلفت ألفاظها، وكانوا يقولون: غلب زيد بن ثابت الناس على اثنين [2] : القرآن والفرائض.
وَقَالَ مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم.
وروى حميد بن الأسود، عن مالك بن أنس، قَالَ: كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب زيد بن ثابت- يعني بالمدينة. قَالَ: وكان إمام الناس بعده عندنا عبد الله بن عمر.
وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قَالَ: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأصمتهم إذا جلس مع القوم.
وَرَوَى الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ وُهَيْبٍ عَبْدٌ كَانَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ زَيْدٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَبْصَرَ وُهَيْبًا يُعِينُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ زَيْدٌ: مَمْلُوكٌ لِي
__________
[1] في ى: المصحف.
[2] في أ، ت: اثنتين.(2/539)
فَقَالَ عُثْمَانَ: أَرَاهُ يُعِينُ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ حَقٌّ. وَإِنَّا نَفْرِضُ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللَّهِ لا نَفْرِضُ لِعَبْدٍ أَلْفَيْنِ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفًا.
قَالَ أبو عمر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، وكان زيد عثمانيا، ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي مع الأنصار، وكان مع ذَلِكَ يفضل عليا ويظهر حبه. وكان فقيها رحمه الله.
اختلف في وقت وفاة زيد بن ثابت. فقيل: مات سنة خمس وأربعين.
وقيل: سنة اثنتين وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وهو ابن ست وخمسين. وقيل: ابن أربع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين. [وقيل سنة خمسين [1]] . وقيل سنة خمس وخمسين، وصلى عليه مروان. وَقَالَ المدائني: توفي زيد بن ثابت سنة ست وخمسين.
(841) زيد بن جارية [2] الأنصاري العمرى،
وقد قيل: زيد بن حارثة. كان ممن استصغر يوم أحد، وهو من بني عمرو بن عوف، كان زيد بن جارية، وأبو سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وسعد ابن حبتة [3] ممن استصغر يوم أحد. رواه أَبُو سَلَمَة مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيُّ [عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدِ بن جارية الأنصاري [5]] قال: حدثني زيد جَارِيَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم استصغره
__________
[1] ليس في أ، ت.
[2] في ت: حارثة، أوأسد الغابة (2- 223) مثل ى.
[3] في أسد الغابة: خيثمة.
[4] في أ: عبيد الله، ت مثل ى.
[5] من أ، ت. وفي أسد الغابة: روى عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جارية عن عمر بن زيد بن جارية عن أبيه زيد بن جارية (2- 223) .(2/540)
يَوْمَ أُحُدٍ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ أرقم، وسعد ابن حَبْتَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ.
وَقَالَ أبو عمر: هو زيد بن جارية بن عامر بن مجمع بن العطاف الأنصاري من الأوس، وكان أبوه جارية من المنافقين أهل مسجد الضرار، كان يقَالُ له: حمار الدار، شهد زيد بن جارية هذا صفين مع علي رضي عنه، وهو أخو مجمع بن جارية. روى عنه أبو الطفيل حديثه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه. قَالَ: فصففنا [1] صفين. قَالَ أبو عمر: ذكره أبو حاتم الرازي في باب من اسم أبيه علي من باب زيد [2] ، وَقَالَ: زيد بن جارية العمري الأوسي، له صحبة. وَقَالَ:
سمعت أبي يقول ذَلِكَ. وَقَالَ: لا أعرفه.
وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ السَّلامُ عَلَيْكَ. فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ، صَلُّوا عَلَيَّ وَقُولُوا: اللَّهمّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
[هَكَذَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ. ورواه إسرائيل عن
__________
[1] هكذا في وأسد الغابة. وفي أ، ت: فصفنا.
[2] هكذا في ت. ولعل كلمة (من) زائدة.(2/541)
عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَرُبَّمَا قَالَ فِيهِ، أَرَاهُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا السَّلامَ عَلَيْكَ فَذَكَرَهُ [1]] .
(842) زيد بن الجلاس الكندي،
حديثه أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخليفة بعده، فَقَالَ: أبو بكر. إسناده لَيْسَ بالقوي.
(843) زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي.
أبو أسامة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي بن امرئ القيس [2] بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود [بن امرئ القيس بن النعمان بن عمران بن عبد عوف [3]] [ابن عوف [4]] بن كنانة بن بكر بن عوف ابن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب [5] ابن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة [بن مالك بن عمرو بن مرة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان [6]] ، هكذا نسبه ابن الكلبي وغيره، وربما اختلفوا في الأسماء وتقديم بعضها على بعض، وزيادة شيء فيها.
قَالَ ابن الكلبي: وأم زيد سعدي بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن من طىّ.
__________
[1] ما بين القوسين ليس في أ، وهو في ت وحدها.
[2] في أ: بن عبد العزى بن يزيد بن امرئ القيس.
[3] ليس في ت.
[4] ليس في أ.
[5] في ى: ثعلب.
[6] من أ، ت.(2/542)
وكان ابن إسحاق يقول: زيد بن حارثة بن شرحبيل، ولم يتابع على قوله شرحبيل، وإنما هو شراحيل.
كان زيد هذا قد أصابه سباء في الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة [1] ، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد، فوهبته خديجة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتبناه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكبر منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على ذَلِكَ، هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار وابن الكلبي وغيرهم.
قَالَ عبد الله بن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت [2] : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ يَزِيدَ الْكَلْبِيِّ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- وَقَوْلُ جَمِيلٍ أَتَمُّ- قَالَ خَرَجَتْ سُعْدَى بِنْتُ ثَعْلَبَةَ أُمُّ زَيْدِ بن حارثة، وهي امرأة من بنى طى تَزُورُ قَوْمَهَا، وَزَيْدٌ مَعَهَا، فَأَغَارَتْ خَيْلٌ لِبَنِي الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَى أَبْيَاتِ مَعْنٍ- رَهْطِ أُمِّ زَيْدٍ، فَاحْتَمَلُوا زَيْدًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ يَفَعَةٌ، فَوَافَوْا بِهِ سُوقَ عُكَاظٍ، فَعَرَضُوهُ لِلْبَيْعِ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ بأربعمائة درهم، فلما تزوّجها
__________
[1] في ياقوت: سوق من أسواق العرب في الجاهلية.
[2] سورة الأحزاب 5.
(م 9- استيعاب- ثان)(2/543)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَتْهُ لَهُ، فَقَبَضَهُ. وَقَالَ أبوه حارثة بن شراحيل- حين فقده:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحىّ يرجّى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وأن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل [1]
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فان وإن نمرّه الأجل [2]
سأوصي به عمرا وقيسا كليهما ... وأوصي يزيد ثم من بعده جبل
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فَقَالَ لهم: أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات، فإنّي أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال:
أحن إلى قومي وإن كنت نائيا ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الّذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسبرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر
__________
[1] في ى: نحل والمثبت من أ، والطبقات.
[2] هكذا في ى. وفي أ، ت، والطبقات. الأمل.(2/544)
فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه فَقَالَ: ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو. فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا:
يا بن عبد المطلب، يا بن هاشم، يا بن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه. قَالَ: ومن هو؟ قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا غير ذَلِكَ! قالوا: وما هو؟ قَالَ: أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا.
قالا: قد زدتنا على النصف، وأحسنت. فدعاه فَقَالَ: هل تعرف هؤلاء؟ قَالَ: نعم.
قَالَ: من هذا؟ قَالَ: هذا أبي. وهذا عمي. قَالَ: فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما. قَالَ زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك، وعلى أهل بيتك! قَالَ: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا.
ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر، فقال: يأمن حضر. اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه. فلما رأى ذَلِكَ أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي زيد بن محمد، حتى جاء الإسلام فنزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5. فدعي يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم، فدعي المقداد بن عمرو، وكان يقَالُ له قبل ذَلِكَ المقداد بن الأسود، لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه.(2/545)
وذكر معمر في جامعه، عن الزهري قَالَ: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قَالَ عبد الرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري.
قَالَ أبو عمر: قد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم خديجة، وشهد زيد بن حارثة بدرا، وزوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة بن زيد، وبه كان يكنى، وكان يقَالُ لزيد بن حارثة حب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: أحب الناس إلي من أنعم الله عليه وأنعمت عليه- يعني زيد بن حارثة- أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعتق.
وقتل زيد بن حارثة بمؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة، وهو كان كالأمير على تلك الغزوة، وَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فقتلوا ثلاثتهم في تلك الغزوة. لما أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعي جعفر بن أبي طالب وزيد ابن حارثة بكى وَقَالَ: أخواي ومؤنساي ومحدثاي. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان بن جيرون [1] ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ معين، حدثنا يحيى ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بن سعد، قال: بلغني أن زيد ابن حَارِثَةَ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَغْلا مِنَ الطَّائِفِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْكَرِيُّ أَنْ يُنْزِلَهُ حَيْثُ شَاءَ. قَالَ: فَمَالَ بِهِ إِلَى خَرِبَةٍ، فَقَالَ لَهُ: انزل. فنزل، فإذا في الخربة
__________
[1] في المشتبه: يجيم وموحدة.(2/546)
قَتْلَى كَثِيرَةٌ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ قَالَ لَهُ: دَعْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: صَلِّ.
فَقَدْ صَلَّى قَبْلَكَ هَؤُلاءِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ صَلاتُهُمْ شَيْئًا. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّيْتُ أَتَانِي لِيَقْتُلَنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قَالَ: فَسَمِعَ صَوْتًا لا تَقْتُلْهُ. قَالَ: فَهَابَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ يَطْلُبُ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَجَعَ إِلَيَّ، فَنَادَيْتُ: يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، فَفَعَلَ [1] ذَلِكَ ثَلاثًا، فَإِذَا أَنَا بِفَارِسٍ عَلَى فَرَسٍ فِي يَدِهِ حَرْبَةُ حَدِيدٍ، فِي رَأْسِهَا شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ، فَطَعَنَهُ بِهَا. فَأَنْفَذَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَوَقَعَ مَيِّتًا، ثُمَّ قَالَ لِي: لَمَّا دَعَوْتَ الْمَرَّةَ الأُولَى يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ كُنْتُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَلَمَّا دَعَوْتُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ كُنْتُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا دَعَوْتَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَتَيْتُكَ.
(844) زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك،
من بني الحارث بن الخزرج. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الذي تكلم بعد الموت، لا يختلفون [2] في ذَلِكَ، وذلك أنه غشي عليه قبل موته، وأسري بروحه، فسجى عليه بثوبه، ثم راجعته نفسه، فتكلم بكلام حفظ عنه في أبي بكر، وعمر، وعثمان، ثم مات في حينه. روى حديثه هذا ثقات الشاميين عن النعمان بن بشير، ورواه ثقات الكوفيين، عن يزيد بن النعمان بن بشير، عَنْ أَبِيهِ. ورواه يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن محمد،
__________
[1] في أ: فعل. وفي ت: فقال.
[2] في أسد الغابة: وهو الّذي تكلم بعد الموت في أكثر الروايات، وهو الصحيح (2- 237) .(2/547)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلال، عن يحيى، عن سعيد ابن الْمُسَيِّبِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ الأَنْصَارِيَّ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَسُجِّيَ بِثَوْبٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: أحمد أحمد في الكتاب [الأول [1]] . صدق صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ، الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، كَانَ ذَلِكَ فِي الكتاب الأول. صدق صَدَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْقَوِيُّ الأَمِينُ فِي الكتاب الأول. صدق صَدَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ، مَضَتْ أَرْبَعُ سِنِينَ وَبَقِيَتِ اثْنَتَانِ [2] ، أَتَتِ الْفِتَنُ، وَأَكَلَ الشديد الضعيف، وقامت الساعة، وسيأتيكم خبر بئر أريس وما بئر أَرِيسٍ [3] .
قَالَ يَحْيَى بن سعيد: قَالَ سعيد بن المسيب: ثم هلك رجل من بني خطمة فسجى بثوب فسمعوا جلجلة في صدره، ثم تكلم فَقَالَ: إن أخا بني الحارث بن الخزرج صدق صدق.
وكانت وفاته في خلافة عثمان، وقد عرض مثل قصته لأخي ربعي بن خراش أيضا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي ربعي بن خراش قال: مات لي
__________
[1] ليس في ت، وهو في أ.
[2] في أ، ت: سنتان.
[3] في ياقوت: بئر بالمدينة ثم بقباء مقابل مسجدها.(2/548)
أَخٌ كَانَ أَطْوَلَنَا صَلاةً، وَأَصْوَمَنَا فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ، فَسَجَّيْنَاهُ وَجَلَسْنَا عِنْدَهُ، فَبَيَّنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَبَعْدَ الْمَوْتِ! قَالَ: إِنِّي لَقِيتُ رَبِّي فَتَلَقَّانِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، وَكَسَانِي ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَأَسْرَعُوا بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَقْسَمَ لا يَبْرَحُ حَتَّى أُدْرِكَهُ أَوْ آتِيهِ، وَإِنَّ الأَمْرَ أَهْوَنُ مِمَّا تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فَلا تَغْتَرُّوا. وَايْمُ اللَّهِ كَأَنَّمَا كَانَتْ نَفْسُهُ حَصَاةً، ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي طَسْتٍ.
قَالَ علي: وقد روى هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير غير واحد، ومنهم جرير بن عبد الحميد، وزكريا بن يَحْيَى بن عمارة. قَالَ علي: ورواه عن ربعي بن خراش حميد بن هلال، كما رواه عبد الملك بن عمير، ورواه عن حميد بن هلال أيوب السختياني وعبد الله بن عون، وذكر على الأحاديث عنهم [كلهم] [1] .
(845) زيد بن خالد الجهنيّ،
اختلف في كنيته وفي وقت وفاته وسنه اختلافا كثيرا، فقيل: يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: أبا طلحة. وقيل:
أبا زرعة، كان صاحب لواء جهينة يوم الفتح. توفي بالمدينة سنة ثمان وستين وهو ابن خمس وثمانين. وقيل: بل مات بمصر سنة خمسين. وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل: توفي بالكوفة في آخر خلافة معاوية، وقيل:
إن زيد بن خالد توفي سنة ثمان وسبعين، وهو ابن خمس وثمانين سنة. وقيل:
[سنة [1]] اثنتين وسبعين، وهو ابن ثمانين سنة. روى عنه ابناه خالد
__________
[1] من أ، ت.(2/549)
وأبو حرب، وروى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وبشر [1] بن سعيد.
(846) زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح [بن عدي] [2] بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي العدوي.
أخو عمر بن الخطاب لأبيه، يكنى أبا عبد الرحمن. أمه أسماء بنت وهب بن حبيب من بني أسد بن خزيمة. وأم عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي، كان زيد أسن من عمر، وكان من المهاجرين الأولين، أسلم قبل عمر، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين معن بن عدي العجلاني، حين آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه المدينة، فقتلا باليمامة شهيدين. وكان زيد بن الخطاب طويلا بائن الطول أسمر، شهد بدرا وأحدا والخندق وما بعدها من المشاهد، وشهد بيعة الرضوان بالحديبية، ثم قتل باليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر حزنا شديدا.
ذكر أبو زرعة الدمشقي في باب الإخوة من تاريخه قَالَ: أخبرني محمد بن أبي عمر، قَالَ: سمعت سفيان بن عيينة يقول: قتل زيد بن الخطاب باليمامة، فوجد عليه عمر وجدا شديدا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَشَهِدْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُمْلِي عَلَى يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عمر ابن الْخَطَّابِ: مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلا وَأَنَا أَجِدُ مِنْهَا رِيحَ زَيْدٍ. وروى نافع عن ابن عمر قَالَ: قَالَ عمر لأخيه زيد يوم أحد: خذ درعي. قَالَ: إني أريد من الشهادة ما تريد، فتركاها جميعا.
__________
[1] في ى: بسر.
[2] من أ، ت، والطبقات.(2/550)
وكانت مع زيد راية المسلمين يوم اليمامة، فلم يزل يتقدم بها في نحر العدو، ويضارب بسيفه حتى قتل رحمه الله، ووقعت الراية فأخذها سالم بن معقل مولى أبي حذيفة.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحِجَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ يَحْمِلُ رَايَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَقَدِ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى غَلَبَتْ حَنِيفَةُ عَلَى الرِّجَالِ، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: أَمَّا الرِّجَالُ فَلا رِجَالَ [وَأَمَّا الرِّجَالُ فَلا رِجَالَ [1]] ثُمَّ جَعَلَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: اللَّهمّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ فِرَارِ أَصْحَابِي، وَأَبْرَأُ إِلَيْكِ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُسَيْلَمَةُ وَمُحَكِّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ بِالرَّايَةِ يَتَقَدَّمُ بِهَا فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ ضَارَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَوَقَعَتِ الرَّايَةُ، فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ:
يا سالم، إنا نخاف أن تؤتى مِنْ قِبَلِكَ! فَقَالَ: بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِنْ أَتَيْتُمْ مِنْ قِبَلِي.
وزيد بن الخطاب هو الذي قتل الرجال [2] بن عنفوة. وقيل عفوة، واسمه نهار بن عنفوة، وكان قد هاجر، وقرأ القرآن ثم سار إلى مسيلمة مرتدا، وأخبره أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشركه في الرسالة، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة.
وروى عن أبي هريرة، قَالَ: جلست مع رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] من أ، ت.
[2] في أ، ت: الرجال.(2/551)
في رهط، ومعنا الرجال بن عنفوة، فَقَالَ: إن فيكم لرجلا ضرسه في النار مثل أحد. فهلك القوم، وبقيت أنا والرجال بن عنفوة، فكنت متخوفا لها حتى خرج الرجال مع مسيلمة، وشهد له بالنبوة. وقتل يوم اليمامة، قتله زيد ابن الخطاب.
وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الْحَنَفِيَّ قَتَلَ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو مَرْيَمَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ زَيْدًا بِيَدِي وَلَمْ يُهِنِّي بِيَدِهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الْحَنَفِيَّ قَتَلَ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ.
قَالَ: وأنبأنا علي بن محمد أبو الحسن، عن أبي خزيمة [1] الحنفي، عن قيس بن طلق، قَالَ: قتله سلمة بن صبيح ابن عم أبي مريم.
قَالَ أبو عمر رحمه الله: النفس أميل إلى هذا، لأن أبا مريم لو كان قاتل زيد ما استقضاه عمر، والله أعلم.
وقد كان مالك يقول: أول من استقضى معاوية، وينكر أن يكون استقضى أحد من الخلفاء الأربعة. وهذا عندنا محمول على حضرتهم، لا على ما نأى عنهم، وأمروا عليه من أعمالهم غيرهم، لأن استقضاء عمر لشريح على الكوفة أشهر عند علمائها من كل شهرة وصحة.
__________
[1] هكذا في ى، ت وفي أ: عن ابن خزيمة.(2/552)
ولما قتل زيد بن، الخطاب، ونعي إلى أخيه عمر قَالَ: رحم الله أخي، سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي.
وَقَالَ عمر لمتمم بن نويرة حين أنشده مراثيه في أخيه: لو كنت أحسن الشعر لقلت في أخي زيد مثل ما قلت في أخيك. فَقَالَ متمم: لو أن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه. فَقَالَ عمر: ما عزاني أحد بأحسن مما عزّيتنى به.
(847) زيد بن الدثنة بن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي.
شهد بدرا، وأحدا، وأسر يوم الرجيع مع خبيب بن عدي، فبيع بمكة من صفوان بن أمية فقتله، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة.
(848) زيد بن سراقة بن كعب بن عمرو بن عبد العزي بن خزيمة بن عمرو ابن عبد عوف بن غنم،
قتل يوم جسر أبى عبيد بالقادسيّة.
(849) زيد بن سعنة.
ويقَالَ: سعية بالياء، والنون أكثر في هذا. كان من أحبار يهود، أسلم وشهد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشاهد كثيرة، وتوفي في غزوة تبوك مقبلا إلى المدينة.
روى عنه عبد الله بن سلام، وكان عبد الله بن سلام يقول: قَالَ زيد بن سعية: ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرف وكرم.
(850) زيد بْن سهل بْن الأسود بْن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار،
أبو طلحة الأنصاري النجاري، وأمه أيضا من(2/553)
بني مالك بن النجار، وهي عبادة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار، وهو مشهور بكنيته. شهد بدرا.
روى عنه من الصحابة ابن عباس، وأنس، وزيد بن خالد.
رَوَى [1] حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، وعلي بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ سُورَةَ بَرَاءَةَ، فَأَتَى عَلَى قَوْلِهِ عَزَّ وجل: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا 9: 41، فَقَالَ: لا أَرَى رَبَّنَا إِلا اسْتَنْفَرَنَا [2] شُبَّانًا وشيوخا، يا بنىّ، جهّزونى جَهِّزُونِي.
فَقَالُوا لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. قَدْ غَزَوْتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، فَدَعْنَا نَغْزُ عَنْكَ. قَالَ: لا، جَهِّزُونِي. فَغَزَا الْبَحْرَ، فَمَاتَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُونَهُ بِهَا إِلا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فَدَفَنُوهُ بِهَا، وَهُوَ لَمْ يَتَغَيَّرْ.
قَالَ أبو عمر: يقَالُ: أن أبا طلحة توفي سنة إحدى وثلاثين. وقيل:
سنة اثنتين وثلاثين. وَقَالَ أبو زرعة: عاش أبو طلحة بالشام بعد موت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين سنة يسرد الصيام. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ:
سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ- يَعْنِي أَبَا طَلْحَةَ- سَرَدَ الصَّوْمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وهذا خلاف بين لما تقدم. وَقَالَ المدائني: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين.
__________
[1] في ت: وروى عنه حماد.
[2] في أ، ت: يستغفرنا.(2/554)
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.
قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لا يَكَادُ يَصُومُ فِي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا إِلا يَوْمَ فِطْرٍ وَأَضْحَى [1] وَقَالَ سفيان بن عيينة:
اسمه زيد بن سهل وهو القائل:
أنا أبو طلحة واسمي زيد ... وكل يوم في سلاحي صيد
وأبو طلحة هذا هو ربيب أنس بن مالك، خلف بعد أبيه مالك بن النضر على أمه أم سليم بنت ملحان، فولد له منها عبد الله بن أبي طلحة، والد إسحاق وإخوته.
(851) زيد بن الصامت،
أبو عياش الزرقي الأنصاري، هو مشهور بكنيته، حجازي. وقد اختلف في اسمه، وهذا أصح ما قيل فيه، إن شاء الله تعالى، وهو مذكور في الكنى بأتم من هذا.
(852) زيد بن صوحان بن حجر [بن الحارث [2]] بن الهجرس، العبدي،
أخو صعصعة وسيحان، كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، يكنى أبا سليمان. ويقَالَ: أبا سلمان. ويقَالَ: أبا عائشة، لا أعلم له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواية، وإنما يروى عن عمر، وعلي، روى عنه أبو وائل. قتل يوم الجمل. ذكره محمد بن السائب الكلبي عن أشياخه في تسمية من شهد الجمل،
__________
[1] في أ، ت: أو.
[2] ليس في أ، ت. وهو في أسد الغابة.(2/555)
فَقَالَ: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه، هكذا قَالَ. ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بسنه مسلما، وكان فاضلا دينا، سيدا في قومه هو وإخوته.
روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال. قَالَ: أرتث زيد بن صوحان يوم الجمل، فَقَالَ له أصحابه: هنيئا لك يا أبا سليمان الجنة. فَقَالَ. وما يدريكم؟
غزونا القوم في ديارهم وقتلنا إمامهم، فيا ليتنا إذ ظلمنا صبرنا، ولقد مضى عثمان على الطريق.
وروى العوام بن حوشب، عن أبي معشر، عن الحي الذي كان فيهم زيد ابن صوحان قَالَ: لما أوصى قالوا له: أبشر يا أبا عائشة. روى عنه من وجوه أنه قَالَ: شدوا على ثيابي، ولا تنزعوا عنى ثوبا، ولا تغسلوا دما، فإني رجل مخاصم. أو قَالَ: فإنا قوم مخاصمون.
وكانت بيده راية عبد القيس يوم الجمل. وَرَوَى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِمْ سَلْمَانُ، فَكَانَ زيد بن صوحان يؤمّهم بأمره بدون سلمان.
وروى من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسيرة له، فبينما هو يسير إذ هوم فجعل يقول: زيد وما زيد! جندب وما جندب! فسئل عن ذَلِكَ فَقَالَ:
رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده، أو قَالَ: بعض جسده إلى الجنة، ثم يتبعه سائر جسده. وأما الآخر فيضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل. قَالَ أبو عمر: أصيبت يد زيد يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل مع على ابن أبى طالب.(2/556)
وجندب قاتل الساحر قد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب.
وروى إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قَالَ: أنبئت أن عائشة أم المؤمنين سمعت كلام خالد يوم الجمل، فقالت: خالد بن الواشمة؟
قَالَ: نعم. قالت: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قلت: نعم، وما يمنعني أن أفعل؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل، قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل. قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 قلت: بل نحن للَّه ونحن إليه راجعون [1] ، على زيد وأصحاب زيد. قالت: زيد ابن صوحان؟ قلت: نعم. فقالت: له خيرا. فقلت: والله لا يجمع الله بينهما في الجنة أبدا. قالت: لا تقل، فإن رحمة الله واسعة، وهو على كل شيء قدير.
(853) زيد بن عاصم بن كعب بن منذر بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو ابن غنم بن مازن بن النجار المازني الأنصاري،
كان ممن شهد العقبة، وشهد بدرا، ثم شهد أحدا مع زوجته أم عمارة، ومع ابنيه حبيب بن زيد، وعبد الله بن زيد، أظنه يكنى أبا حسن.
(854) زيد بن عبد الله الأنصاري،
روى عنه، قَالَ: عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الرقية من الحمى، فأذن لنا. روى عنه الحسن البصري.
(855) زيد بن عمر [2] العبديّ.
له صحبة.
__________
[1] في أ: وإنا إليه راجعون.
[2] في أ، ت: عمير.(2/557)
(856) زيد بن كعب البهزي،
ثم السلمي، صاحب الظبي الحاتف [1] ، وكان صائده، روى عنه عمير بن سلمة.
(857) زيد بن مربع الأنصاري،
من بني حارثة، قَالَ يزيد بن شيبان: أتانا ابن مربع- يعنى في الحج- فَقَالَ: أنا رسول [2] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
يقول: كونوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث إبراهيم عليه السلام.
قَالَ أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل يقولان:
ابن مربع اسمه زيد، ولزيد بن مربع إخوة ثلاثة: عبد الله، وعبد الرحمن، ومرارة، وقيل: إن ابن مربع هذا لَيْسَ بأخ لهم. وقد قيل: إن ابن مربع هذا اسمه عبد الله.
(858) زيد بن المزين [3] الأنصاري البياضي،
شهد بدرا، وأحدا، ذكره محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري المعروف بابن القداح.
وَقَالَ الواقدي: يزيد بن المزين. وكذلك قَالَ أبو سعيد السكري.
قَالَ أبو عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين مسطح ابن أثاثة حين آخى بين المهاجرين والأنصار إذ قدموا المدينة.
__________
[1] ظبى حائف: نائم.
[2] في أ، م: أتانا النبي. وفي أسد الغابة: أنا رسول الله إليكم: يقول: كونوا ...
(2- 240) .
[3] في أسد الغابة: المزين. بضم الميم وتشديد الياء. وفي أصل طاهر من السيرة: مزين- بكسر الميم وتخفيف الياء. وضبطه الدار قطنى: مزين- بضم الميم وفتح الزاى وتسكين الياء.
ومثله قال ابن ماكولا (2- 241) .(2/558)
(860) زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزي بن عدي بن مالك بن سالم الحبلي،
ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا من بني عوف بن الخزرج، وذكره غيره فيمن شهد بدرا، وأحدا.
(861) زيد بن وهب الجهني،
أدرك الجاهلية، يكنى أبا سليمان، وكان مسلما على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورحل إليه في طائفة من قومه فبلغته وفاته في الطريق، وهو معدود في كبار التابعين بالكوفة.
(862) زيد الخيل،
هو زيد بن مهلهل بن زيد منهب الطائي، قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في وفد طيِّئ سنة تسع، وأسلم، وسمّاه رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد الخير، وَقَالَ له: ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصفة غيرك، وأقطع له أرضين في ناحيته.
يكنى أبا مكنف، وكان له ابنان مكنف، وحريث. وقيل فيه:
حارث. أسلما وصحبا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهدا قتال الردة مع خالد ابن الوليد، وكان زيد الخيل شاعرا محسنا خطيبا لسنا شجاعا بهمة [1] كريما، وكان بينه وبين كعب بن زهير هجاء، لأن كعبا اتهمه بأخذ فرس له.
قيل: مات زيد الخيل منصرفه من عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محموما، فلما وصل إلى بلده مات. وقيل: [بل] [2] مات في آخر خلافة عمر، وكان قبل إسلامه قد أسر عامر بن الطفيل وجزّ ناصيته.
(863) زيد [أبو يسار] [3]
مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستغفار. روى حديثه ابنه يسار بن زيد.
__________
[1] في ى: همة. وهو تحريف. والمثبت من أ، م. والبهمة: الشجاع
[2] من أ، م.
[3] ليس في أ، م.
(10- استيعاب- ثاني)(2/559)
وليسار بن زيد ابن يسمى بلالا. رَوَى عَنْ أَبِيهِ يَسَارٍ عَنْ جَدِّهِ زَيْدٍ أَنَّهُ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ- سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ يَسَارٍ.
باب الأفراد في الزاي
(864) زائدة بن حوالة العنزي،
ويقَالَ بريدة [1] بن حوالة، روى عنه عبد الله ابن شقيق.
(865) زبّان بن قيسور الكلفي
ويقال: زبان بن قسور. [ويقال زبان بن قيسور [2]] قَالَ: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نازل بوادي الشوحط، حديثه غريب فيه ألفاظ من الغريب كثيرة، وهو عند إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن يَحْيَى بن عروة بن الزبير عَنْ أَبِيهِ، وهو حديث ضعيف الإسناد لَيْسَ دون إبراهيم بن سعد بن يحتج به، وهو عندهم منكر.
(866) الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم البهدلي السعدي التميمي،
يكنى أبا عياش، وقيل: يكنى أبا سدرة [3] . وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قومه، وكان أحد ساداتهم، فأسلموا، وذلك في سنة تسع، فولاه رَسُول الله صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] في أ، ت: مزيدة. وأسد الغابة مثل ى.
[2] ليس في أ، ت. وفي أسد الغابة: قال ابن ماكولا: ذكره عبد الغنى ويحيى بن على الحضرميّ في زبار آخره راء. وقال الدار قطنى: آخره نون (1- 193) .
[3] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ، ت: شذرة.(2/560)
صدقات قومه، وأقره أبو بكر، وعمر على ذَلِكَ، وله في ذَلِكَ اليوم من قوله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاخرا:
نحن الملوك فلا حي يقاومنا [1] ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يونس القزع [2]
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
وأجابه عليها حسان فأحسن، وأجاب خطيبهم ثابت بن قيس يومئذ فقرعهم، وخبرهم مشهور بذلك عند أهل السير موجود في كتبهم وفي كتب جماعة من أصحاب الأخبار، وقد اختصرناه في باب حسان بن ثابت.
وقيل: إن الزبرقان بن بدر اسمه الحصين بن بدر، وإنما سمي الزبرقان لحسنه، شبه بالقمر، لأن القمر يقَالُ له الزبرقان.
قَالَ الأصمعي: الزبرقان القمر، والزبرقان الرجل الخفيف اللحية.
وقد قيل: إن اسم الزبرقان بن بدر القمر بن بدر، والأكثر على ما قدمت لك، وقيل: بل سمي الزبرقان، لأنه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران، والله أعلم.
وفي الزبرقان يقول رجل من النمر بن قاسط في كلمة يمدح بها الزبرقان وأهله.
وقيل: إنه الحطيئة، والأول أصح [3] :
تقول حليلتي لما التقينا ... ستدركنا [4] بنو القرم الهجان
سيدركنا بنو القمر بن بدر ... سراج الليل للشمس الحصان
__________
[1] في أ، ت: يقاربنا.
[2] القزع: قطع من السحاب رقاق (اللسان) .
[3] الأغاني: 2- 190.
[4] في أ، ت: سيدركنا.(2/561)
فقلت أدعى وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان
فمن يك سائلا عني فإني ... أنا النمري جار الزبرقان
وفي إقبال الزبرقان إلى عمر بصدقات قومه لقيه الحطيئة وهو سائر ببنيه وأهله إلى العراق فرارا من السنة وطلبا للعيش، فأمره الزبرقان أن يقصد داره، وأعطاه أمارة يكون بها ضيفا له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة، ثم هجاه بعد ذلك بقوله:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فشكاه الزبرقان إلى عمر، فسأل عمر حسان بن ثابت عن قوله هذا، فقضى أنه هجو له وضعة منه، فألقاه عمر بن الخطاب لذلك في مطمورة حتى شفع له عبد الرحمن بن عوف والزبير، فاطلقه بعد أن أخذ عليه العهد، وأوعده ألا يعود لهجاء أحد أبدا، وقصته هذه مشهورة عند أهل الأخبار ورواة الأشعار فلم أر لذكرها وجها.
(867) زبيب بن ثعلبة [بن عمرو [1]] العنبري،
من بني العنبر بن عمرو بن تميم، يقَالُ له: زبيب بالباء، وزنيب بالنون، كان ينزل البادية على طريق الناس إلى مكة من الطائف ومن البصرة، حديثه عند عمار بن شعيث بن عبد الله [2] بن زبيب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زبيب، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قضى باليمين مع الشاهد، لم يرو عنه غير ابنه عبد الله بن زبيب، ويقَالَ له: عبيد الله بن الزبيب.
وله حديث حسن قَالَ: بعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشا إلى بني العنبر، فأخذوهم بركية من ناحية الطائف، فاستاقوهم إلى نبيّ الله صلّى الله
__________
[1] ليس في أ، ت، والتقريب مثل ى.
[2] في التقريب: عبيد الله.(2/562)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الزبيب: فركبت بكرة من أهلي، فسبقتهم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاثة أيام، فقلت: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا وخضرمنا [1] آذان النعم. وذكر تمام الخبر، وفيه: إنه شهد له شاهد على إسلامهم فأحلفه مع شاهده، ورد إليهم ذراريهم ونصف أموالهم.
(868) الزراع بن عامر العبدي،
أبو الوازع بن عبد القيس، حديثه عند البصريين، ويقَالَ له الزارع بن الزارع، والأول أولى بالصواب. وله ابن يسمى الوازع، وبه كان يكنى، روت عنه بنت ابنه أم أبان بنت الوازع عن جدها الزارع حديثا حسنا ساقته بتمامه وطوله سياقة حسنة.
(869) زر بن حبيش بن حباشة بن أوس بن هلال،
أو بن بلال [2] الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، يكنى أبا مريم، وقيل: يكنى أبا مطرف، أدرك الجاهلية ولم ير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو من جلّة التابعين من كبار أصحاب ابن مسعود، أدرك أبا بكر، وعمر، وروى عن عمر وعلي، وروى عنه الشعبي، وإبراهيم النخعي، وكان عالما بالقرآن قارئا فاضلا، توفي سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة سنة وعشرين سنة، يعد في الكوفيين.
وقيل: إنه مات سنة إحدى وثمانين، والأول أصح، لأنه مات بدير الجماجم، وكانت وقعة الجماجم في شعبان سنة ثلاث وثمانين.
قَالَ أبو عبيدة: إنما قيل له دير الجماجم لأنه كان يعمل به أقداح من خشب.
[روى أبو بكر بن عياش عن عاصم بن بهدلة] [3] قال: كان زرّ بن حبيش أكبر
__________
[1] خضر منا آذان النعم: قطعناها، وكان أهل الجاهلية يخضرمون آذان نعمهم، فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلّى الله عليه وسلم أن يخضرموا في غير الموضع الّذي خضرم فيه الجاهلية.
[2] في ى: أبو بلال. وهو تحريف صوابه من ت، وتهذيب التهذيب.
[3] ليس في ت، وهو في أ.(2/563)
من أبي وائل، فكانا إذا جاءا جميعا لم يحدث أبو وائل مع زر، وَقَالَ إسماعيل ابن أبي خالد: رأيت زر بن حبيش في المسجد يختلج لحياه من الكبر، وهو يقول: أنا ابن عشرين ومائة سنة، ذكره ابن إدريس عن ابن أبي خالد، وَقَالَ هشيم: عاش زر بن حبيش مائة واثنتين وعشرين سنة، قَالَ ابن معين: قلت لهشيم: من ذكره؟ قَالَ: إسماعيل بن أبي خالد.
(870) زكرة بن عبد الله،
سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لو أعرف قبر يَحْيَى بن زكريا لزرته، وهو حديث لَيْسَ إسناده بالقوى.
(871) زمل،
ويقَالَ زميل بن ربيعة الضني، ثم العذري، له خبر في إعلام النبوة من رواية أهل الأخبار، وقدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآمن به، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء على قومه، وكتب له كتابا، ولم يزل معه ذَلِكَ اللواء حتى شهد به صفين مع معاوية، وقتل يوم مرج راهط.
وَقَالَ ابن الكلبي: هو زمل بن عمرو بن العنز بن خشاف [1] بن خديج ابن واثلة [بن حارثة [2]] بن هند بن حرام بن ضنة العذري، وذكر خبره كما ذكرنا سواء، وكذلك ذكره الطبري ومن كتابه أخذه، والله أعلم.
(872) زنباع الجذامي،
وهو زنباع بن روح، يكنى أبا روح بابنه روح بن عدي، قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السلام بن حرب، حدثنا إسحاق ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ سَلامَةَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده،
__________
[1] في أ: الخشاف. وت مثل ى.
[2] من أ، ت.(2/564)
إنه قدم على النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَقَدْ خَصَى غُلامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُثْلَةِ.
(873) زهرة بن جوية التميمي،
هكذا قَالَ ابن إسحاق جوية بالجيم فيما روى عنه إبراهيم بن سعد، وَقَالَ سيف بن عمر: زهرة بن حوية بالحاء، ونسبه فَقَالَ:
زهرة بن حوية بن عبد الله بن قتادة، ورفع في نسبه إلى سعد بن زيد مناة ابن تميم، وَقَالَ: كان وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفده إليه ملك هجر قَالَ:
وكان على مقدمة الجيش [1] في القادسية في قتال الفرس.
قَالَ أبو عمر: لا أعلم له رواية، وذكره مع سعد في القادسية ذكر جميل، كان سعد يرسله للغارة واتباع الفرس، وهو الذي قتل جالينوس، وأخذ سلبه.
وقيل: بل قتله كثير بن شهاب، وبالقادسية قتل زهرة هذا.
(874) زيادة بن جهور اللخمي
، قَالَ: ورد على كتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رَسُول اللَّهِ إلى زيادة بن جهور، أما بعد فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ... الحديث.
__________
[1] في ت: وكان على مقدمة سعد. وفي أ: وكان على مقدمته.(2/565)
حرف السين
باب ساعدة
(875) ساعدة بن حرام بن محيصة [1] ،
روى عنه بشير بن يسار [2] ، ولا تصح له صحبة، وحديثه في كسب الحجام مرسل عندي، والله أعلم. حَدِيثُهُ عِنْدَ يعقوب ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سَاعِدَةَ ابن حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ لِمُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَبْدٌ حَجَّامٌ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو طِيبَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْفِقْهُ عَلَى نَاضِحِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا بِرَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ لِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ في ذلك.
(876) ساعدة الهذلي،
والد عبد الله بن ساعدة، في صحبته نظر، والله أعلم.
باب سالم
(877) سالم بن أبي سالم،
أبو شداد العبسي، ويقَالَ: القيسي، والأول أصوب، شهد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزل حمص ومات بها.
(878) سالم بن حرملة بن زهير،
له صحبه ورواية.
(879) سالم بن عبيد الأشجعي،
كوفي، له صحبة، وكان من أهل الصفة.
روى عنه خالد بن عرفطة، ونبيط [3] بن شريط، وهلال بن يساف.
__________
[1] في أسد الغابة: وقال ابن مندة وأبو نعيم: ساعدة بن محيصن- آخره نون، وقالا:
ذكره البخاري في الصحابة (2- 244) .
[2] في أسد الغابة: ابن بشار.
[3] في أ: وروى عنه نبيط. وفي التقريب نبيط- بالتصغير- ابن شريط- بفتح المعجمة (520) .(2/566)
(880) سالم بن عمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة.
ويقَالَ: سالم بن عمير بن ثابت بن كلفة بن ثعلبة بن عمرو بن عوف، شهد بدرا، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتوفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهو أحد البكّاءين. قال فيه موسى ابن عقبة: سالم بن عبد الله.
(881) سالم بن معقل،
مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى أبا عبد الله، وكان من أهل فارس من إصطخر. وقيل: إنه من عجم الفرس من كرمد [1] ، وكان من فضلاء الموالي، ومن خيار الصحابة وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين، لأنه لما اعتقته مولاته زوج أبي حذيفة تولى أبا حذيفة وتبناه أبو حذيفة، ولذلك [2] عد في المهاجرين، وهو معدود أيضا في الأنصار، في بني عبيد لعتق مولاته الأنصارية زوج أبي حذيفة له، وهو يعد في قريش المهاجرين لما ذكرنا، وفي الأنصار لما وصفنا، وفي العجم لما تقدم ذكره أيضا، يعدّ في القرّاء مع ذلك أيضا، وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر بن [الخطاب [3]] قبل أن يقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة.
وقد روي أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونفر من الصحابة من مكة، وكان يؤمهم إذا سافر معهم، لأنه كان أكثرهم قرآنا، وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يفرط في الثناء عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين معاذ بن ماعص [4] . وقد قيل: إنه آخى بينه وبين أبي بكر رضى الله عنه، ولا يصحّ ذلك.
__________
[1] لم نقف على ضبطه.
[2] في أ: فلذلك.
[3] من أ.
[4] في ى: ماعض. والمثبت من أ، وتاج العروس.(2/567)
وقد روى عن عمر أنه قَالَ: لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى. وذلك بعد أن طعن فجعلها شورى، وهذا عندي على أنه كان يصدر فيها عن رأيه، والله أعلم.
وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما، فكان ينسب إليه. ويقَالَ [1] :
سالم بن أبى حذيفة حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ 33: 5 ... الآية. وكان سالم عبدا لثبيتة [2] بنت يعار بن زيد بن عبيد بن زيد الأنصاري من الأوس، زوج أبي حذيفة، فأعتقته [سائبة [3]] فانقطع إلى أبي حذيفة، فتبناه وزوجه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، لم يختلف [4] أنه مولى بنت يعار زوج أبي حذيفة. واختلف في اسمها فقيل: [بثينة، وقيل [5] :] ثبيتة. وقيل: عمرة، وقيل: سلمى بنت حطمة [6] . وَقَالَ الطبري: قد قيل: في اسم أبيها تعار بالتاء، وقد ذكرناها في بابها من كتاب النساء بما أغنى عن ذكرها هنا.
وحدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بْنُ زُهَيْرٍ [7] ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو [8] فَقَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ- وَبَدَأَ [9] بِهِ، وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعِنْدَ الأَعْمَشِ فِي هَذَا إسناد آخر عن
__________
[1] في أ:: يقال.
[2] في ى: ثبينة. والمثبت من أ، وتاج العروس.
[3] ليست في أ.
[4] في أ: ولم.
[5] من أ.
[6] في أ: خطمة.
[7] في ى: أحمد بن أبي زهير.
[8] في أ: عمر.
[9] في أ: فبدأ به.(2/568)
عَنْ [إِبْرَاهِيمَ عَنْ [1]] عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ أبو عمر: شهد سالم مولى أبي حذيفة بدرا، وقتل يوم اليمامة شهيدا هو ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر، وذلك سنة اثنتي عشر من الهجرة.
(882) سالم رجل من الصحابة،
حجم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشرب دم المحجم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما علمت أن الدم كلّه حرام.
(883) سالم العدوي،
مخرج حديثه عند [2] ولده، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام حدث، وعليه ذوابة، فشمت عليه ودعا له، وتطهر سالم بفضل وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أحسبه من عدي قريش [3] .
باب السائب
(884) السائب بن الأقرع الثقفي،
كوفي، شهد فتح نهاوند مع النعمان بن مقرن، وكان عمر بعثه بكتابه إلى النعمان بن مقرن، ثم استعمله عمر على المدائن.
قَالَ البخاري: السائب بن الأقرع أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسح برأسه، ونسبه أبو إسحاق الهمداني.
(885) السائب بن الحارث بن قيس بن عدي بن [سعيد بن سهم [4]] القرشي السهمي،
كان من مهاجرة الحبشة هو وإخوته: بشر، والحارث
__________
[1] من أ.
[2] في أ: عن.
[3] في أسد الغابة: هذا سالم العدوي هو سالم بن حرملة الّذي تقدم ذكره، وهو من عدي بن عبد مناة (2- 248) .
[4] من أ.(2/569)
ومعمر، وعبد الله، بنو الحارث بن قيس. وجرح السائب بن الحارث يوم الطائف، وقتل بعد ذَلِكَ يوم فحل [1] بالأردن شهيدا، وكانت فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة في أول خلافة عمر، هكذا قَالَ ابن إسحاق وغيره. وَقَالَ ابن الكلبي: كانت فحل سنة أربع عشرة.
(886) السائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزي بن قصي القرشي الأسدي،
معدود في أهل المدينة، وهو الذي قَالَ فيه عمر بن الخطاب: ذاك [2] رجل لا أعلم فيه عيبا. وما أحد بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا وأنا أقدر أن أعيبه. وقد روى أن ذَلِكَ قاله في ابنه عبد الله ابن السائب بن أبي حبيش، وكان شريفا أيضا وسيطا في قومه. والأثبت إن شاء الله تعالى أنه قاله في أبيه السائب بن أبي حبيش، [وكان [3]] هو أخو فاطمة بنت حبيش المستحاضة. روى عنه سليمان بن يسار وغيره.
(887) السائب بن حزن بن أبي وهب المخزومي،
أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمولده، ولا أعلم له رواية، عم سعيد بن المسيب. قَالَ مصعب الزبيري في المسيب، وعبد الرحمن، والسائب، وأبو معبد: بنو حزن بن أبي وهب، أمهم أم الحارث بنت سعيد [4] بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل، قَالَ: ولم يرو عن أحد منهم إلا عن المسيب بن حزن.
(888) السائب بن خباب،
مولى قريش، مدني، هو صاحب المقصورة،
__________
[1] خل: من أرض الشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم، وكان بعد فتح دمشق في عام واحد (ياقوت) .
[2] في ى: وذلك. والمثبت من أ، وأسد الغابة.
[3] ليس في أ.
[4] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ: سعد.(2/570)
له صحبة، يكنى أبا مسلم. ويقَالَ: إنه مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة.
وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن.
روي عنه حديث واحد: أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
لا وضوء إلا من ريح أو صوت. وروى عنه محمد بن عمرو بن عطاء، وإسحاق بن سالم، وابنه مسلم بن السائب. قيل: إنه توفي سنة سبع وسبعين، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.
(889) السائب بن خلاد الجهني،
أبو سهلة، روى عنه عطاء بن يسار وصالح ابن حيوان. فحديث عطاء بن يسار عنه مرفوعا من أخاف أهل المدينة.
وحديث صالح عنه في الإمام الذي بصق في القبلة فنهاه أن يصلّى بهم.
(890) السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري الخزرجي،
من بني كعب بن الخزرج، أبو سهلة، وأمه ليلى بنت عبادة من بني ساعدة، هو والد خلاد ابن السائب. من نسبه قَالَ فيه: السائب بن خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس [بن عمرو بن امرئ القيس [1]] بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب الخزرج الأنصاري الخزرجي، له صحبه.
روى عنه ابنه خلاد بن السائب، لم يرو عنه غيره فيما علمت.
وحديثه في رفع الصوت بالتلبية مختلف على خلاد فيه. وقد ذكرنا الاختلاف في ذَلِكَ في كتاب التمهيد، وقد جوده مالك وابن عيينة وابن جريج ومعمر، ورووه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
__________
[1] من أ.(2/571)
عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بن السائب، عَنْ أَبِيهِ السائب بن خلاد [بن سويد [1]] ، قاله ابن جريج.
قَالَ البخاري ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وحسين بن محمد: السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري يكنى أبا سهلة، ولم يذكر أبو أحمد الحاكم في الكنى من الصحابة أبا سهلة غيره.
(891) السائب، أبو خلاد الجهني،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستنجاء بثلاثة أحجار، حديثه هذا عند الزهري وقتادة عن ابنه [2] خلاد بن السائب عنه. يعد في أهل المدينة.
(892) السائب بن أبي السائب،
واسم أبي السائب صيفي بن عائذ بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم.
واختلف في إسلامه، فذكر ابن إسحاق أنه قتل يوم بدر كافرا.
قَالَ ابن هشام: وذكر غير ابن إسحاق أنه الذي قتله الزبير بن العوام، وكذلك قَالَ الزبير بن بكار: إن السائب بن أبي السائب قتل يوم بدر كافرا، وأظنه عول فيه على قول ابن إسحاق، وقد نقض الزبير ذَلِكَ في موضعين من كتابه بعد ذَلِكَ: فَقَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، عن جعفر، عن عكرمة، عن يَحْيَى بن كعب، عَنْ أَبِيهِ كعب مولى سعيد بن العاص، قَالَ:
مر معاوية وهو يطوف بالبيت، ومعه جنده، فزحموا [3] السائب بن صيفي ابن عائذ فسقط، فوقف عليه معاوية وهو يومئذ خليفة، فَقَالَ: أوقعوا الشيخ.
فلما قام قَالَ: ما هذا يا معاوية؟ تصرعوننا حول البيت! أما والله لقد أردت أن
__________
[1] من أ.
[2] في أ: أبيه.
[3] هكذا في ى، وفي أ، وأسد الغابة: فرجموا.(2/572)
أتزوج أمك. فَقَالَ معاوية: ليتك فعلت، فجاءت بمثل أبي السائب- يعني عبد الله بن السائب. وهذا أوضح [1] في إدراكه الإسلام، وفي طول عمره.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: حَدَّثَنِي أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ- يَعْنِي الْمَاجِنَ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ: كَانَ جَدِّي أَبُو السَّائِبِ بْنُ عَائِذٍ شَرِيكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ الشَّرِيكُ كَانَ أَبُو السَّائِبِ، [كَانَ [2]] لا يُشَارِي وَلا يُمَارِي. وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الزُّبَيْرِ مُنَاقَضَةٌ فِيمَا ذَكَرَ إن السائب بن أبي السائب قتل يوم بَدْرٍ كَافِرًا.
قَالَ ابن هشام: السائب بن أبي السائب الذي جاء فيه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الشريك السائب كان لا يشاري ولا يماري- كان قد أسلم فحسن إسلامه فيما بلغنا. قَالَ ابن هشام: وذكر ابن شهاب، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن السائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ممن هاجر مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعطاه يوم الجعرانة من غنائم حنين.
قَالَ أبو عمر: هذا أولى ما عول عليه في هذا الباب. وقد ذكرنا أن الحديث فيمن كان شريك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هؤلاء مضطرب جدا.
منهم من يجعل الشركة [مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3]] للسائب بن أبي السائب. ومنهم من يجعلها لأبي السائب [أبيه [4]] كما ذكرنا عن الزبير
__________
[1] في أ: واضح.
[2] ليس في أ.
[3] من أ.
[4] ليست في أ.(2/573)
هاهنا. ومنهم من يجعلها [لقيس بن السائب، ومن يجعلها [1]] لعبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا يثبت به شيء ولا تقوم به حجة. والسائب بن أبي السائب من جملة المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم.
[ذكر الزبير هذا الخبر في الموقفيات فَقَالَ: أخبرني أبو ضمرة أنس بن عياض عن ابن السائب المخزومي قَالَ: كان جدي في الجاهلية يكنى أبا السائب، وبه اكتنيت، وهو أبو السائب بن صيفي بن أبي السائب، كان خليطا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذكر في الإسلام قَالَ: نعم الخليط كان أبو السائب لا يشاري ولا يماري [2]] .
(893) السائب بن سويد،
مدني روى عنه محمد كعب بن القرظي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ما من شيء يصاب به أحدكم من العافية والضر [3] إلا الله [4] يكتب له به أجرا.
[ (894) السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن مناف
جد الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشافعي.
كان السائب هذا صاحب راية بني هاشم يوم بدر مع المشركين فأسر ففدى نفسه ثم أسلم.
(895) السائب الغفاري،
ذكر ابن لهيعة قَالَ: حَدَّثَنَا أبو قبيل- رجل من بني غفار- أن أم السائب أتت به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه تميمة فقطعها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: ما اسم ابنك؟ قالت: السائب. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: بل اسمه عبد الله.] [5]
__________
[1] ليست في أ.
[2] من أ.
[3] في ى: والطير.
[4] في أسد الغابة: إلا أن الله ...
[5] من أ.(2/574)
(896) السائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
قَالَ ابن إسحاق: هاجر مع أبيه عثمان بن مظعون ومع عميه: قدامة، وعبد الله إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وذكره فيمن شهد بدرا وسائر المشاهد، وقتل السائب بن عثمان بن مظعون وهو ابن بضع وثلاثين سنة يوم اليمامة شهيدا.
ذكره موسى بن عقبة في البدريين، وذكره ابن إسحاق، وأبو معشر، والواقدي، وخالفهم ابن الكلبي في ذَلِكَ.
(897) السائب بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي،
أخو الزبير ابن العوام.
أمه صفية بنت عبد المطلب، شهد أحدا، والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وقتل [السائب بن العوام [1]] يوم اليمامة شهيدا.
(898) السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر،
ولد على عهد رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكرنا أباه والاختلاف في اسمه، وطرفا من أخباره في بابه.
قَالَ إبراهيم بن منذر: ولد السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. يكنى أبا عبد الرحمن، روايته عن عمر بن الخطاب [وهو قول الواقدي [2]] .
(899) السائب بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح،
أخو عثمان بن مظعون لأبيه وأمه. كان من المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة، وشهد بدرا [مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3]] ، ولا أعلم متى مات، وليس لعثمان ولا لأخيه السائب عقب. ولم يذكره ابن عقبة في البدريين. وذكر ابن أخيه فيهم السائب بن مظعون، وذكره هشام بن محمد وغيره في المهاجرين البدريين مع أخيه.
__________
[1] من أ.
[2] من أ.
[3] ليس في أ.
(11- الاستيعاب- 2)(2/575)
(900) السائب بن نميلة
الذكور في الصحابة. رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ حَدِيثَهُ عِنْدَ الْجَوَّابِ الأَحْوَصِ [1] بْنِ جَوَّابٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ زريق، عن محمد بن عبد الكريم، مُجَاهِدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ نُمَيْلَةَ، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
صلاة الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ الْقَائِمِ. لا أَعْرِفُهُ بِغَيْرِ هَذَا، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ حَدِيثُهُ مرسلا.
(901) السائب بن أبي وداعة،
واسم أبي وداعة الحارث بن صبيرة [2] بن سعيد بن سعد بن سهم القرشي السهمي روى عنه أخوه المطلب، كانت وفاته بعد سبع وخمسين، فاللَّه أعلم، لأنه تصدق في سنة سبع وخمسين بداريه فيما كر البخاري.
وَقَالَ الزبير عن عمه: زعموا أنه كان شريكا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة.
قَالَ أبو عمر: هو أخو المطلب بن أبى وداعة.
(902) السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن أخت النّمر [3] .
تلف في نسبته، فقيل كناني، [وقيل: كندي، وقيل: ليثى، وقيل: سلمى [4]] ، ل: هذلي، وقيل: أزدي. وَقَالَ ابن شهاب: هو من الأزد، وعداده بني كنانة. وقيل: هو حليف لبني أمية أو لبني عبد شمس.
ولد في السنة الثانية من الهجرة، فهو ترب ابن الزبير، والنعمان بن بشير فول من قَالَ ذَلِكَ. كان عاملا لعمر على سوق المدينة مع عبد الله بن عتبة مسعود.
__________
[1] في أ: الأخوص، وفي التقريب: اسمه أحوص.
[2] في ى: صبرة.
[3] في أسد الغابة: وهو المعروف بابن أخت نمر.
[4] ليس في أ.(2/576)
وَقَالَ السائب: حج بي أبي مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن سبع سنين. هذه رواية محمد بن يوسف، عنه.
وَقَالَ ابن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قَالَ: لما قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غزوة تبوك تلقاه الناس، فتلقيته مع الناس، وَقَالَ مرة:
مع الغلمان، وفي حجة الوداع أيضا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا إسحاق ابن أَبِي حَيَّانَ [1] [الأَنْمَاطِيُّ [2]] ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عِمَارَةَ [3] ، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا الجعيد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [هَذَا] ابْنُ أُخْتِي وَجِعٌ، فَدَعَا لِي، وَمَسَحَ بِرَأْسِي، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَشَرِبْتُ مِنْ وُضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَأَنَّهُ زِرُّ الْحَجَلَةِ.
اختلف في وقت وفاته، واختلف في سنه ومولده، فقيل: توفي سنة ثمانين.
وقيل: سنة ست وثمانين. وقيل: سنة إحدى وتسعين، وهو ابن أربع وتسعين.
وقيل: بل توفي وهو ابن ست وتسعين. وَقَالَ الواقدي: ولد السائب بن يزيد ابن أخت النمر- وهو رجل من كندة من أنفسهم، له حلف في قريش- في سنة ثلاث من التاريخ.
__________
[1] في أ: بن أبى حسان.
[2] من أ.
[3] في أ: عمار.(2/577)
باب سبرة
(903) سبرة بن أبي سبرة الجعفي،
واسم أبي سبرة يزيد بن مالك، وقد نسبنا أباه في بابه، ولأبيه أبي سبرة صحبة، ولأخيه عبد الرحمن بن أبي سبرة صحبة أيضا، وسبرة هذا هو عم خيثمة بن عبد الرحمن صاحب عبد الله بن مسعود.
(904) سبرة أبو سليط،
والد عبد الله بن أبي سليط، هو مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه فقيل سبرة، وقيل أسبرة [1] ، شهد خيبر، وروى في لحوم الحمر الأهلية.
(905) سبرة بن عمرو،
ذكره ابن إسحاق فيمن قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مع القعقاع بن معبد، وقيس بن عاصم، ومالك بن عمرو، والأقرع بن حابس التميمي.
(906) سبرة بن فاتك،
أخو خريم بن فاتك الأسدي، وقد تقدم ذكر نسبه في باب أخيه، قَالَ أبو زرعة: خريم بن فاتك، وسبرة بن فاتك أخوان، وَقَالَ أيمن بن خريم: إن أبى وعمّى شهدا بدرا، وعهدا إلي ألا أقاتل مسلما، وقد ذكرنا هذا الخبر فيما تقدم.
يعد سبرة بن فاتك في الشاميين، روى عنه بشر بن عبد الله، وجبير ابن نفير.
[وَقَالَ البخاري وابن أبي خيثمة: سمرة بن فاتك- بالميم- الأسدي.
ثم ذكر اسبرة بن فاتك بالباء رجلا آخر جعلاه في باب سبرة [2]] .
(907) سبرة بن الفاكه،
ويقَالَ ابن أبي الفاكه، كوفي، روى عنه سالم بن أبي الجعد.
__________
[1] في أ: سئيرة.
[2] من أ.(2/578)
(908) سبرة بن معبد الجهني،
ويقَالَ: ابن عوسجة بن حرملة بن سبرة بن خديج ابن مالك بن عمرو الجهنيّ، يكنى أبا ثرية، وَقَالَ بعضهم فيه: أبو ثرية بفتح الثاء، والصواب ضمها عندهم.
سكن المدينة، وله بها دار، ثم انتقل في آخر أيامه إلى المروة، وهو والد الربيع بن سبرة الجهني. روى عنه ابنه الربيع. وروى عن الربيع جماعة، وأجلهم ابن شهاب، حديثه في نكاح المتعة، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمها بعد أن أذن فيها.
باب سبيع
(909) سبيع بن حاطب بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن [1] معاوية ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف [بن مالك بن الأوس] [2] الأنصاري [الأوسي [2]] ،
قتل يوم أحد شهيدا، وقيل ابن عنبسة [3] .
(910) سبيع بن قيس بن عيشة بن أمية بن مالك بن عامرة [4] بن عدي بن كعب [الأنصاري [5]]
وَقَالَ ابن عمارة: هو سبيع بن قيس بن عائشة بن أمية الأنصاري الخزرجي، شهد بدرا هو وأخوه عباد بن قيس، وشهد أحدا.
__________
[1] في أ: سبيع بن حاطب بن الحارث بن هيشة من بنى معاوية، وما في أسد الغابة مثل ى.
[2] ليس في أ.
[3] هكذا في ى. وفي أ، وأسد الغابة: ابن عيشة.
[4] في أ: عامر: ونراه تحريفا. في أسد الغابة: وأبو موسى قال غاضرة بدل غامرة، وذكر ابن الكلبي وأبو عمر: عامرة. والله أعلم (2- 240) .
[5] من أ.(2/579)
باب سراقة
(911) سراقة بن الحارث بن عدي العجلاني.
قتل يوم حنين شهيدا سنة ثمان من الهجرة.
(912) سراقة بن [1] الحباب الأنصاري،
استشهد يوم حنين.
(913) سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مالك ابن النجار الأنصاري،
شهد بدرا، وأحدا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وعمرة القضاء، وقتل يوم مؤتة شهيدا.
(914) سراقة بن عمرو،
ذكروه فيهم ولم ينسبوه، قَالَ سيف بن عمر: ورد عمر بن الخطاب سراقة بن عمرو إلى الباب، وجعل على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي. وسراقة بن عمرو هو الذي صالح أهل [2] أرمينية والأرمن على الباب والأبواب، وكتب إلى عمر بذلك، ومات سراقة هنالك، واستخلف عبد الرحمن ابن ربيعة، فأقره عمر على عمله. قَالَ: وكان سراقة بن عمرو يدعى ذا النور، وكان عبد الرحمن بن ربيعة يدعى أيضا ذا النور [قاله سيف بن عمر [3]] .
(915) سراقة بن كعب بن عمرو بن عبد العزي بن غزّية.
كذا قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وابن عمارة [4] ، وأبو معشر. وَقَالَ إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق: هو عبد العزّى ابن عروة، وفي رواية هارون بن أبي عيسى عن ابن إسحاق: عبد العزى بن فروة، وكلاهما خطأ، والصواب عبد العزى بن غزية بن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك ابن النجار، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وتوفي في خلافة معاوية.
__________
[1] هكذا في ى، وأسد الغابة. وفي أ: بن أبى الحباب.
[2] في أ: سكان.
[3] من أ.
[4] في أ: وأبو عمارة.(2/580)
(916) سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن تيم بن مدلج بن مرّة ابن عبد مناة بن علي بن كنانة المدلجي الكناني،
يكنى أبا سفيان، كان ينزل قديدا.
يعد في أهل المدينة. ويقَالَ: إنه سكن مكة.
روى عنه من الصحابة ابن عباس، وجابر، وروى عنه سعيد بن المسيب، وابنه محمد بن سراقة.
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِيهِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ تَرِدُ عَلَى حَوْضِ إِبِلِي، أَلِي أَجْرٌ إِنْ سَقَيْتُهَا؟
فَقَالَ: فِي الْكَبِدِ الْحَرَّى أَجْرٌ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَخَاهُ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ ... فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ بِكَ إِذَا لَبِسْتَ سِوَارَيْ كِسْرَى؟ قَالَ: فَلَمَّا أُتِيَ عُمَرُ بِسِوَارَيْ كِسْرَى وَمِنْطَقَتِهِ وَتَاجِهِ دَعَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ فَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُمَا، وَكَانَ سُرَاقَةُ رَجُلا أَزَبَّ كَثِيرَ شَعْرِ السَّاعِدَيْنِ، وَقَالَ لَهُ: ارْفَعْ يَدَيْكَ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ للَّه الَّذِي سلبهما كسرى ابن هُرْمُزَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ: أَنَا رَبُّ النَّاسِ، وَأَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ أَعْرَابِيٌّ [رَجُلٌ [1]] مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، وَرَفَعَ بِهَا عُمَرُ صَوْتَهُ، وَكَانَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ شاعرا مجوّدا وهو القائل لأبى جهل:
__________
[1] ليس في أ.(2/581)
أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا ... لأَمْرِ جَوَادِيَ إِذْ تَسُوخُ قَوَائِمُهُ
عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا ... رَسُولٌ بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهُ
عَلَيْكَ بِكَفِّ الْقَوْمِ عَنْهُ فَإِنَّنِي ... أَرَى أَمْرُهُ يَوْمًا سَتَبْدُو مَعَالِمُهُ
بِأَمْرٍ يَوَدُّ النَّاسُ فِيهِ بِأَسْرِهِمْ ... بِأَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ طُرًّا يُسَالِمُهُ
وَمَاتَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فِي صَدْرِ خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ بَعْدَ عُثْمَانَ.
باب سعد
(917) سعد بن الأخرم،
يختلف في صحبته، ويختلف في حديثه. روى عبسى ابن يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الأَخْرَمِ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ- شَكَّ الأَعْمَشُ- قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لِي: هُوَ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ دَفَعْتُ عَنْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهُ فَإِرْبٌ [1] مَا جَاءَ بِهِ ... الْحَدِيثَ. وَعِنْدَ الأَعْمَشِ لَهُ حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَخْرَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: غَيْرُ بَعِيدٍ رِوَايَةُ مِثْلِهِ عَنِ ابْنِ مسعود.
(918) سعد بن الأطول بن عبيد الله،
ويقَالَ: ابن عبد الله بن خالد بن واهب الجهني. يكنى أبا مطرف، ويقَالَ: أبا قضاعة، له صحبة ورواية، وله أخ يسمى يسار بن الأطول، مات على عهد رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم.
__________
[1] إرب: حاجة. وانظر النهاية ففيه روايات وشرح لهذا الحديث.(2/582)
(919) سعد بن إياس، أبو عمرو [1] الشيباني،
ويقَالَ: البكري، من بنى شيبان ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، صاحب ابن مسعود، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أذكر أني سمعت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وأنا أرعى إبلا لأهلي بكاظمة، فقيل: خرج نبي بتهامة. وَقَالَ:
انتهى شبابي يوم القادسية أربعين سنة. مات سنة خمس وتسعين وهو ابن مائة وعشرين سنة، روى عنه جماعة من الكوفيين.
(920) سعد بن تميم السكوني،
ويقَالَ: الأشعري، أبو بلال بن سعد الواعظ الشامي الدمشقي، له صحبة ورواية.
حَدَّثَنَا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِلْخَلِيفَةِ عَلَيْنَا بَعْدَكَ؟ قَالَ: مِثْلُ مَالِي، مَا رَحِمَ ذَا الرَّحِمِ، وَأَقْسَطَ فِي الْقِسْطِ، وَعَدَلَ في القسمة.
(921) سعد بن الحارث بن الصمة.
قد ذكرنا نسبه في باب أبيه، صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد مع علي صفين، وقتل يومئذ وهو أخو جهيم [2] بن الحارث بن الصمّة.
(922) سعد بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج ابن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي،
شهد أحدا وما بعدها من المشاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
__________
[1] في أسد الغابة: أبو عمر.
[2] في ى: وهو أخو أبى الجهم، والمثبت من أ، وأسد الغابة.(2/583)
(923) سعد ابن حبتة،
وحبتة [1] هي بنت مالك من بني عمرو بن عوف، وهو سعد بن بجير [2] بن معاوية بن سلمى بن بجيلة، حليف لبني عمرو ابن عوف الأنصاري. رَوَى مِنْ حَدِيثِهِ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جابر بن عبد الله، قال: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سعدا بْنِ حَبْتَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يُقَاتِلُ قِتَالا شَدِيدًا، وَهُوَ حَدِيثُ السِّنِّ، فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ أنت يا فتى؟
قال سعد ابن حَبْتَةَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْعَدَ اللَّهُ جَدَّكَ، اقْتَرِبْ مِنِّي، فَاقْتَرَبَ مِنْهُ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ. وذكر ابن الكلبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو قتادة بن ثابت بن أبي قتادة الأنصاري، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أن أبا قتادة قَالَ: لما خرجت في طلب سرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيت [3] مسعدة، فضربته ضربة أثقلته، وأدركه سعد ابن حبتة فضربه، فخر صريعا، فاحفظوا ذَلِكَ لولد سعد ابن حبتة.
قَالَ أبو عمر: لا يختلفون أن أبا يوسف القاضي هو يعقوب بن إبراهيم ابن حبيب ابن خنيس بن سعد ابن حبتة الأنصاري، وجد أبي يوسف خنيس فيما ذكر ابن الكلبي هو صاحب جهارسوج [4] خنيس بالكوفة. وتفسير جهارسوج بالعربية رحبة مربعة تفترق منها أربعة طرق. [وولى القاضي أبو يوسف المهدي، ثم من بعده للهادي، ثم للرشيد بعده إلى أن توفى في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة [5] .
__________
[1] في أ: وحبته أمه بنت ...
[2] في أسد الغابة: بحير: قيل بفتح الباء وكسر الحاء المهملة. وقيل بضم الباء وفتح الجيم.
[3] في أ: لحقت.
[4] الضبط من أ، وانظر هامش أسد الغابة (2- 271) .
[5] من أ.(2/584)
وقال ابن الكلبي: سعد ابن حبتة هو سعد بن عوف بن بجير بن معاوية، وأمه حبتة بنت مالك من بني عمرو بن عوف، جاءت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا له وبرك عليه، ومسح [على [1]] رأسه. ومن ولده النعمان بن سعد الذي [2] روى عن علي. ومن ولده أيضا خنيس بن سعد. ومن ولده أيضا أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم بن خنيس بن سعد ابن حبتة.
قال أبو عمر: سعد ابن حبتة ممن استصغر يوم أحد هو والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدري، وزيد بن حارثة الأنصاري.
(924) سعد بن حمار [3] بن مالك الأنصاري،
هو أخو كعب بن حمار، حليف لبني ساعدة من الأنصار. قتل يوم اليمامة شهيدا، وكان قد شهد أحدا وما بعدها من المشاهد.
(925) سعد بن الحنظلية،
والحنظلية هي أم جده، وهو سعد بن الربيع بن عمرو ابن عدي، يكنى أبا الحارث. استصغر يوم أحد. هو أخو سهل ابن الحنظلية، وهما من بني حارثة من الأنصار. وقد قيل إن سعد ابن الحنظلية أبوه [4] يسمى عقيبا ولهما أخ يسمى عقبة. وقد قيل: إن الحنظلية أمه وأم أخويه.
(926) سعد بن خولي،
من المهاجرين الأولين، ذكر إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق قال: وممن شهد بدرا من بني عامر بن لؤي سعد بن خولي حليف لهم من أهل اليمن.
(927) سعد بن خولي،
مولى حاطب بن أبي بلتعة، وهو رجل من مذحج أصابه سباء، وقيل: هو من الفرس، شهد بدرا، هكذا قال أبو معشر: سعد
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: المدني.
[3] في أ: جماز. وفي أسد الغابة: جماز قيل بالجيم، آخره زاي. وقال ابن الكلبي:
حمار يعنى بالحاء المكسورة وآخره راء والميم خفيفة، والله أعلم. (2- 272) .
[4] في أ: أخوه، ونراه تحريفا.(2/585)
ابن خولي مولى حاطب رجل من مذحج. وَقَالَ ابن هشام: سعد مولى حاطب [رجل [1]] من كلب، وَقَالَ غيره أيضا كذلك. ولم يختلفوا أنه شهد بدرا هو ومولاه حاطب بن أبي بلتعة. قتل يومئذ شهيدا، وفرض عمر بن الخطاب لابنه عبد الله بن سعد في الأنصار. روى عنه إسماعيل بن أبي خالد. وقد قيل: إنه قتل يوم أحد، فإن كان قتل يوم أحد فحديث إسماعيل عنه مرسل. وقد روى عنه جابر ابن عبد الله.
(928) سعد بن خولة،
من بني عامر بن لؤي من أنفسهم عند بعضهم، وعند بعضهم هو حليف لهم. وَقَالَ بعضهم: إنه مولى أبي رهم بن عبد العزي العامري، قَالَ ابن هشام: هو من اليمن حليف لبني عامر بن لؤي. وقاله أبو معشر.
وَقَالَ غيره: كان من عجم الفرس، وكان من مهاجرة الحبشة الهجرة الثانية في قول الواقدي. وفي قول ابن إسحاق أيضا فيما ذكره ابن هشام عن زياد عن ابن إسحاق. وذكره ابن هشام أيضا عن زياد عن ابن إسحاق فيمن شهد بدرا، وتابع ابن هشام على ذَلِكَ معتمر بن سليمان عَنْ أَبِيهِ في البدريين.
[وذكره موسى بن عقبة في البدريين [2]] في بني عامر بن لؤي، وكان زوج سبيعة الأسلمية [ولدت بعد وفاته بليال، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: قد حللت فانكحي من شئت. وقد ذكرنا خبر سبيعة في بابها من هذا الكتاب [3]] .
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ، عَنِ الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ إِلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ يَسْأَلُهَا عَمَّا أَفْتَاهَا به
__________
[1] ليس في أ.
[2] ليس في أ.
[3] من أ.(2/586)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ فُتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، [وَوَلَدَتْ بعد وفاته بليال فقال لها رسول الله صلّى الله عليه: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ [1]] . ولم يختلفوا في أن سعد بن خولة مات بمكة في حجة الوداع إلا ما ذكره الطبري محمد بن جرير فإنه قَالَ: توفي سعد بن خولة سنة سبع. والصحيح ما ذكره معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أَبِيهِ أنه قَالَ: توفي في حجة الوداع.
وأخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن الورد، حدثنا الحسن ابن عُلَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ أبو عمر: رثى له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مات بمكة، يعني في الأرض التي هاجر منها، ويدل على ذَلِكَ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم. وذلك محفوظ في حديث ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عَنْ أَبِيهِ.
وروى جرير بن حازم، عن عمه جرير بن يزيد، عن عامر بن سعد، عَنْ أَبِيهِ، أنه قَالَ: مرضت بمكة، فأتاني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعودني، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أموت بأرضي التي هاجرت منها؟ ثم ذكر معنى حديث ابن شهاب، وفي آخره لكن سعد بن خولة البائس قد مات في الأرض التي هاجر منها. وهذا يرد قول من قَالَ إنه إنما رثى له لأنه مات قبل أن بهاجر،
__________
[1] ليس في أ.(2/587)
وذلك غلط واضح، لأنه لم يشهد بدرا إلا بعد هجرته، وهذا ما لا يشك فيه ذو لب. وقد أوضحنا هذا المعنى في كتاب التمهيد.
حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن الحسن، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن خالد، حَدَّثَنَا رياح عن معتمر [1] ، قَالَ: وممن شهد بدرا من بني عامر بن لؤيّ حاطب ابن عبد العزي وسعد بن خولة.
(929) سعد بن خيثمة [2] الأنصاري،
من بنى عمرو بن عوف، كذا قَالَ ابن إسحاق وغيره، ونسبه ابن هشام فَقَالَ: سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب ابن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك ابن الأوس الأنصاري، عقبي، بدري، قتل يوم بدر شهيدا.
قَالَ أبو عمر: قتله طعيمة بن عدي. وقيل: بل قتله عمرو بن عبد ود، وقتل حمزة يومئذ طعيمة، وقتل علي عمرا يوم الأحزاب، وقتل خيثمة أبو سعد ابن خيثمة يوم أحد شهيدا. وكان يقَالُ لسعد بن خيثمة سعد الخير، يكنى أبا عبد الله. وذكروا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما استنهض أصحابه إلى غير قريش أسرعوا، فَقَالَ خيثمة بن الحارث لابنه سعد: إنه لا بد لأحدنا أن يقيم، فآثرني بالخروج، وأقم أنت مع نسائنا، فأبى سعد وَقَالَ: لو كان غير الجنة لآثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا، فاستهما، فخرج سهم سعد، فخرج مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقتل. قال ابن هشام:
__________
[1] في أ: معمر.
[2] في هوامش الاستيعاب: حثمة (93) .(2/588)
كتب ابن إسحاق. سعد بن خيثمة في بني عمرو بن عوف، وإنما هو من بنى غنم ابن سلم، ولكنه ربما كانت دعوته فيهم فنسبه إليهم.
وقيل: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل على سعد بن خيثمة في بنى عمرو ابن عوف. والأكثر يقولون: إنه نزل على كلثوم بن الهدم في بني عمرو بن عوف، ثم انتقل إلى المدينة، فنزل على أبي أيوب.
(930) سعد بن أبي ذباب،
دوسي حجازي. روي عنه حدث واحد في زكاة العسل بإسناد مجهول. ومن ولده الحارث بن عبد الرحمن بن سعد بن أبي ذباب.
أخبرنا خلف بن قاسم، حَدَّثَنَا ابْنُ أبي العقيب [1] ، حَدَّثَنَا أبو زرعة الدمشقي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا صفوان بن عيسى، وأخبرنا خلف، حَدَّثَنَا ابْنُ أبي العقيب بدمشق، حَدَّثَنَا أبو زرعة، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن صالح الوحاظي، حَدَّثَنَا عبد العزيز [2] بن محمد الدراوَرْديّ جميعا، عن الحارث بن أبي ذباب، عن منير بن عبد الله. وفي حديث ابن أَبِي شَيْبَةَ منير بن عبد الله [3] ، عَنْ أَبِيهِ، عن سعد بن أبي ذباب، قَالَ: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وبايعته، فاستعملني على قومي، وأبو بكر بعده، وعمر بعده. وذكر الخبر وفيه:
قلت لعمر: يا أمير المؤمنين، ما ترى في العسل؟ قَالَ: خذ منه العشر. فقلت:
أين أضعه؟ فَقَالَ: ضعه في بيت المال.
(931) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي
__________
[1] في أ: العقب.
[2] في أ: محمد بن عبد العزيز الدراوَرْديّ.
[3] في أ: عبيد الله.(2/589)
عقبي، بدري. كان أحد نقباء الأنصار، وكان كاتبا في الجاهلية، وشهد العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، وأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ أن يلتمس في القتلى، وَقَالَ: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع؟ فَقَالَ رجل: أنا، فذهب يطوف بين القتلى، فوجده وبه رمق، فَقَالَ له سعد بن الربيع: ما شأنك؟ فَقَالَ الرجل: بعثني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآتيه بخبرك. قَالَ: فاذهب إليه فأقرأه مني السلام، وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وأني قد أنفذت مقاتلي. وأخبر قومك أنهم لا عذر لهم عند الله إن قتل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وواحد منهم حي. هكذا ذكر مالك هذا الخبر، ولم يسم الرجل الذي ذهب ليأتي بخبر سعد بن الربيع، وهو أبىّ بن كعب، ذَكَرَ ذَلِكَ رُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ الأَسَنَّةَ قُدْ أُشْرِعَتْ إِلَيْهِ. فَقَالَ أُبَيُّ بن كعب: أنا، وذكر الخير، وَفِيهِ اقْرَأْ عَلَى قَوْمِي السَّلامَ، وَقُلْ لَهُمْ: يَقُولُ لَكُمْ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: اللَّهَ اللَّهَ وَمَا عَاهَدْتُمْ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ليلة العقبة، فو الله ما لكم عند الله عذر إن خلص إلى بينكم وَفِيكُمْ عَيْنُ تَطْرَفُ. وَقَالَ أُبَيٌّ: فَلَمْ أَبْرَحْ حتى مات، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ. [فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ، نَصَحَ للَّه ولرسوله حيا ومينا [1]] . وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: دُفِنَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَخَارَجَةُ بْنُ أَبِي زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ في
__________
[1] ليس في أ.(2/590)
قَبْرِ وَاحِدٍ. وَخَلَّفَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ ابْنَتَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُثَيْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ بَيَانِهِ لِلآيَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] : فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ 4: 11. وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتِ الآيَةُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ مُرَادُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا، وَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ [2] بِقَوْلِهِ: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ 4: 11، أَيِ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا، وَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قِيَاسٌ عَلَى الأُخْتَيْنِ، إِذْ لإِحْدَاهُمَا النِّصْفُ وَلِلاثْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ، فَكَذَلِكَ الابْنِتَانِ.
(932) سعد بن زرارة،
جد عمرة بنت عبد الرحمن. قيل: إنه أخو أسعد بن زرارة، أبي أمامة، فإن كان كذلك فهو سعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وفيه نظر. وأخشى ألا يكون أدرك الإسلام، لأن أكثرهم لم يذكره.
(933) سعد بن زيد الطائي،
وقيل الأنصاري. مختلف فيه، ولا يصح، لأنه انفرد بذكره جميل بن زيد، عن سعد بن زيد الطائي في قصة المرأة الغفارية التي تزوجها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما نزعت ثيابها رأى بياضا عند ثدييها، فَقَالَ لها لما أصبح: الحقي بأهلك. ويقولون: أنه أخطأ فيه محمد بن أبي حفصة، لأن أبا معاوية روى هذا الحديث عن جميل بن زيد، [عن زيد [3]] بن كعب بن عجرة، قَالَ يَحْيَى بن معين: جميل بن زيد لَيْسَ بثقة.
(934) سعد بن زيد بن الفاكه بن زيد بن خلدة [4] بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي،
شهد بدرا.
__________
[1] سورة النساء.
[2] في ى: المراد.
[3] ليس في أ.
[4] في أ: خالد.
(م 12- استيعاب- ثان)(2/591)
(935) سعد بن زيد الأنصاري الأشهلي،
قَالَ ابن إسحاق: هو سعد بن زيد بن مالك بن عبيد بن كعب بن عبد الأشهل. شهد بدرا.
وَقَالَ غير ابن إسحاق: هو سعد بن زيد بن عامر بن عمرو بن جشم بن الحارث بن الخزرج، ولم يشهد بدرا. والصواب أنه من بني عبد الأشهل، شهد بدرا وما بعدها. وقيل: سعد بن زيد بن سعد الأشهلي، شهد العقبة في قول الواقدي خاصة، وعند غيره شهد بدرا وما بعدها من المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: في ذَلِكَ [نظر [1]] ، أظنهما اثنين. وسعد بن زيد الأنصاري هذا هو الذي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد، فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا، وهو الذي هدم المنار الذي كان بالمشلل للأوس والخزرج.
ولسعد بن زيد الأنصاري حديث واحد في الجلوس في الفتنة.
آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين عمرو بن سراقة وبين سعد بن زيد الأنصاري.
روى عن أحدهما سليمان بن محمد بن مسلمة. يعد في أهل المدينة. وسعد ابن زيد الطائي الذي روى قصة الغفارية هو غيرهما، وقد ذكرته فيما تقدم على أنه قد قيل في ذَلِكَ الأنصاري أيضا.
(936) سعد بن زيد الأنصاري،
من بني عمرو بن عوف، ولد على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، وروى عن عمر.
__________
[1] من أ.(2/592)
وتوفي في آخر خلافة عبد الملك بن مروان، ذكره محمد بن سعد.
(937) سعد أبو زيد،
روى عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ: الأنصار كرشي وعيبتي، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم. من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن زيد بن سعد، عَنْ أَبِيهِ: يعد في أهل المدينة.
(938) سعد بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي،
هو سلكان بن سلامة، أبو نائلة، وسلكان لقب، واسمه سعد.
وقد ذكرناه في الكنى، وفي الأفراد في السين.
(939) سعد بن سهل [1] بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار الأنصاري،
شهد بدرا.
(940) سعد بن سويد بن قيس بن عامر بن عمار بن عمار بن الأبجر،
مذكور في الصحابة، لا أعلم له خبرا.
(941) سعد بن سويد بن قيس،
من بني خدرة، من الأنصار، قتل يوم أحد شهيدا.
(942) سعد بن ضميرة الضمري،
له صحبة، أتى ذكره في حديث محلّم ابن جثامة، صحبته صحيحة وصحبة ابنه ضميرة.
(943) سعد بن عائذ المؤذن،
مولى عمار بن ياسر المعروف بسعد القرظ، له صحبة، وإنما قيل له سعد القرظ، لأنه كان كلما اتجر في شيء وضع فيه فاتجر في القرظ، فربح، فلزم التجارة فيه.
روى عنه ابنه عمار بن سعد وابن ابنه [2] حفص بن عمر بن سعد، جعله
__________
[1] في أ: سهيل. وفي أسد الغابة: بن سهل. وقيل سهيل.
[2] في أ: وابن أخته.(2/593)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذنا بقباء، فلما مات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وترك بلال الأذان نقل أبو بكر رضي الله عنه سعد القرظ هذا إلى مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يزل يؤذن فيه إلى أن مات، وتوارث عنه بنوه الأذان فيه إلى زمن مالك وبعده أيضا.
وقد قيل: إن الذي نقله من قباء إلى المدينة للأذان عمر بن الخطاب.
وقيل: إنه كان يؤذن للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستخلفه بلال على الأذان في خلافة عمر حين خرج بلال إلى الشام. وقيل: انتقله عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وذكر ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري قَالَ: أخبرني حفص بن عمر بن سعد أن جده سعدا المؤذن كان يؤذن على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل قباء حتى نقله [1] عمر بن الخطاب في خلافته، فأذن له في المدينة في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر تمام الخبر.
وَقَالَ خليفة بن خياط: أذن لأبي بكر سعد القرظ مولى عمار بن ياسر، هو كان مؤذنه إلى أن مات أبو بكر، وأذن بعده لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم.
(944) سعد بن عبادة بن دليم بن أبى حليمة [2] ،
ويقَالَ ابن أبي حزيمة [3] بن ثعلبة ابن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي، يكنى أبا ثابت. وقد قيل أبو قيس، والأول أصح، وكان نقيبا، شهد العقبة وبدرا في قول بعضهم. ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق في البدريين، وذكره فيهم جماعة غيرهما منهم الواقدي والمدائني وابن الكلبي.
__________
[1] في أ: انتقله.
[2] في أ: حكيمة، وفي التقريب: ابن دليم بن حارثة، وفي تهذيب التهذيب: ابن دليم ابن حارثة بن أبى خزيمة.
[3] في ى: خزيمة. وقد ضبط في أسد الغابة، وفي هوامش الاستيعاب كما ضبطناه.(2/594)
وذكره أبو أحمد الحافظ [1] في كتابه في الكنى بعد أن نسب أباه وأمه، فَقَالَ: شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: ويقَالَ: لم يشهد بدرا، وكان عقيبا نقيبا سيدا جوادا.
قَالَ أبو عمر: كان سيدا في الأنصار مقدما وجيها، له رياسة وسيادة، يعترف قومه له بها.
يقَالَ: إنه لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون متتالون [2] في بيت واحد إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، ولا كان مثل ذَلِكَ في سائر العرب أيضا إلا ما ذكرنا عن صفوان بن أمية في بابه من كتابنا هذا.
أخبرنا عبد الرحمن إجازة، حَدَّثَنَا ابْنُ الأعرابي، حَدَّثَنَا ابْنُ أبي الدنيا، حَدَّثَنِي محمد بن صالح القرشي، أَخْبَرَنَا محمد بن عمر، حَدَّثَنِي عبد الله بن نافع، عَنْ أَبِيهِ [نافع [3]] ، قَالَ: مر ابن عمر على أطم سعد، فَقَالَ لي: يا نافع، هذا أطم جده، لقد كان مناديه ينادي يوما في كل حول، من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم، فمات دليم، فنادى منادي عبادة بمثل ذَلِكَ، ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذَلِكَ، ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل ذَلِكَ، وكان قيس جوادا من أجواد الناس.
وبه، عن محمد بن صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن محمد الظفري، قَالَ:
حَدَّثَنِي عبد الملك بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة أن دليما جدهم كان يهدي إلى مناة صنم كل عام عشر بدنات، ثم كان عبادة يهديها كذلك، ثم كان سعد يهديها كذلك إلى أن أسلم، ثم أهداها قيس إلى الكعبة.
__________
[1] في أ: الحاكم.
[2] في أ: يتوالون.
[3] ليس في أ.(2/595)
وبه، عن محمد بن صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن عمر الأسلمي، حدثني محمد ابن يَحْيَى بن سهل، عَنْ أَبِيهِ، عن رافع بن خديج، قَالَ: أقبل أبو عبيدة ومعه عمر، فقالا لقيس بن سعد: عزمنا عليك ألا تنحر، فلم يلتفت إلى ذَلِكَ ونحر، فبلغ النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك، فَقَالَ: إنه من بيت جود. وفي سعد بن عبادة وسعد بن معاذ جاء الخبر المأثور: إن قريشا سمعوا صائحا يصيح ليلا على أبى قبيس:
فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف مخالف
[قَالَ [1]] : فظنت قريش أنهما سعد بن زيد مناة بن تميم وسعد بن هذيم، من قضاعة، فلما كان الليلة الثانية سمعوا صوتا على أبى قبيس:
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدي وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف
فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف [2]
قَالَ فقالوا: هذان والله سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.
قَالَ أبو عمر: وإليهما أرسل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الخندق يشاورهما فيما أراد أن يعطيه يومئذ عيينة بن حصن من تمر المدينة، وذلك أنه أراد أن يعطيه يومئذ ثلث أثمار [3] المدينة، لينصرف بمن معه من غطفان، ويخذل الأحزاب، فأبى عيينة إلا أن يأخذ نصف التمر، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دون سائر الأنصار، لأنهما كانا
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أسد الغابة: زخارف.
[3] في أ: تمر.(2/596)
سيدي قومهما، كان سعد بن معاذ سيدا لأوس، وسعد بن عبادة سيدا لخزرج، فشاورهما في ذَلِكَ، فقالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إن كنت أمرت بشيء فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فو الله لا نعطيهم إلا السيف. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لم أومر بشيء، ولو أمرت بشيء ما شاورتكما، وإنما هو رأي أعرضه عليكما.
فقالا: والله يا رَسُول اللَّهِ ما طمعوا بذلك منا قط في الجاهلية، فكيف اليوم؟
وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزنا. والله لا نعطيهم إلا السيف. فسر بذلك [1] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا لهما، وَقَالَ لعيينة بن حصن ومن معه: ارجعوا، فليس بيننا وبينكم إلا السيف، ورفع بها صوته. وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة، فلما مر بها على أبي سفيان- وكان قد أسلم أبو سفيان- قَالَ سعد إذ نظر إليه:
اليوم يوم الملحمة. اليوم تستحل المحرمة [2] . اليوم أذل الله قريشا.
فأقبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتيبة الأنصار، حتى إذا حاذى أبا سفيان ناداه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أمرت بقتل قومك؟ فإنه زعم سعد ومن معه حين مر بنا أنه قاتلنا. وَقَالَ: اليوم يوم الملحمة. اليوم تستحل المحرمة، اليوم أذل الله قريشا. وإني أنشدك الله في قومك، فأنت أبر الناس وأرحمهم وأوصلهم.
وَقَالَ عثمان، وعبد الرحمن بن عوف: يا رَسُول اللَّهِ، والله ما نأمن [3] من سعد أن تكون منه في قريش صولة. فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا.
__________
[1] أ: في فسر رسول الله بقولهما.
[2] في أ، وأسد الغابة: الحرمة.
[3] في أ: ما نأمن سعدا.(2/597)
وقال ضرار بن الخطاب الفهري يومئذ:
يا نبيّ الهدى إليك ... لجاحيّ قريش ولات حين لجاء
حين ضاقت عليهم سعة الأرض ... وعاداهم إله السماء
والتقت حلقتا البطان على القوم ... ونودوا بالصيلم الصلعاء
إن سعدا يريد قاصمة الظهر ... بأهل الحجون والبطحاء
خزرجي لو يستطيع من الغيظ ... رمانا بالنسر والعواء
وغر الصدر لا يهم بشيء ... غير سفك الدما وسبي النساء
قد تلظى على البطاح وجاءت ... عنه هند بالسوءة السوآء
إذ تنادى بذل حي قريش ... وابن حرب بذا من الشهداء
فلئن أقحم اللواء ونادى ... يا حماة اللواء أهل اللواء
ثم ثابت إليه من بهم الخزرج ... والأوس أنجم الهيجاء
لتكونن بالبطاح قريش ... فقعة القاع في أكف الإماء
فانهينه فإنه أسد الأسد ... لدى الغاب والغ في الدماء
إنه مطرق يريد لنا الأمر ... سكوتا كالحية الصماء
فأرسل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اللواء لم يخرج عنه، إذ صار إلى ابنه، وأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بأمارة من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعمامته، فعرفها سعد.
فدفع اللواء إلى ابنه قيس، هكذا ذكر يَحْيَى بن سعيد الأموي في السير، ولم يذكر ابن إسحاق هذا الشعر ولا ساق هذا الخبر.(2/598)
وقد روي أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى الراية الزبير، إذ نزعها من سعد.
وروي أيضا أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر عليا فأخذ الراية، فذهب بها حتى دخل مكّة، فغرزها عند الركن.
وتخلف سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وخرج من المدينة، ولم ينصرف إليها إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وذلك سنة خمس عشرة. وقيل سنة أربع عشرة. وقيل:
بل مات سعد بن عبادة في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة. ولم يختلفوا أنه وجد ميتا في مغتسله، وقد اخضر جسده، ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا يقول- ولا يرون أحدا:
قتلنا سيّد الخزرج ... سعد بن عباده
رميناه بسهم ... فلم يخط فؤاده
ويقَالَ: أن الجن قتلته.
وروى ابن جريج عن عطاء، قَالَ: سمعت الجن قالت في سعد بن عبادة، فذكر البيتين. روى عنه من الصحابة عبد الله بن عباس. وروى عنه ابناه وغيرهم.
(945) سعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الحارث بن فهر القرشي الفهري،
كان من مهاجرة الحبشة، ويقَالَ فيه: سعيد، وقد ذكرناه في باب سعيد.(2/599)
(946) سعد بن عبيد [1] بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية بن ضبيعة ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري، أبو عمير.
ويقَالَ أبو زيد. شهد بدرا، وقتل بالقادسية شهيدا، وذلك سنة خمس عشرة، وهو ابن أربع وستين سنة يومئذ.
ويقال: أنه عاش أشهرا ومات بعد. يعرف بسعد القاري [2] .
يقَالَ: إنه أحد الأربعة من الأنصار الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنه أبو زيد المذكور في الأربعة. روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وطارق بن شهاب. يعد في الكوفيين، وابنه عمير بن سعد وإلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الشام، هذا كله قول الواقدي، وقد خالفه غيره في بعض ذَلِكَ.
(947) سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد بن عمر بن زريق الأنصاري الزرقي،
شهد بدرا، يكنى أبا عبادة، ويعرف بكنيته أيضا، وقد ذكرناه في الكنى.
كان سعد بن عثمان هذا ممن فر يوم أحد هو وأخوه عقبة بن عثمان، وعثمان بن عفان. وقد ذكرنا الخبر عنهم في باب عقبة بن عثمان من هذا الديوان، وفيمن فر يوم أحد نزلت [3] : «إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ» 3: 155.
(948) سعد بن عمارة، أبو سعيد الزرقي،
هو مشهور بكنيته، واختلف في اسمه،
__________
[1] في أ: عبيدة. وما في أسد الغابة مثل ى.
[2] في أسد الغابة: من بنى قارة.
[3] سورة آل عمران: 155.(2/600)
فقيل: سعد بن عمارة. وقيل: عمارة بن سعد، والأكثر يقولون سعد بن عمارة.
روى عنه عبد الله بن مرة، وعبد الله بن أبي بكر، وسليمان بن حبيب المحاربي، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
(949) سعد بن عمرو الأنصاري.
شهد هو وأخوه الحارث بن عمرو صفين مع علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ذكرهما ابن الكلبي وغيره فيمن شهد صفين من الصحابة.
(950) سعد بن عمرو بن ثقف،
واسم ثقف كعب بن مالك بن مبذول، شهد أحدا، وقتل يوم بئر معونة شهيدا، هو وابنه الطفيل بن سعد، قتلا جميعا يومئذ بعد أن شهدا أحدا.
وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: وقتل مع سعد بن عمرو بن ثقف يوم بئر معونة ابن أخيه سهل بن عامر بن عمرو بن ثقف.
(951) سعد بن عياض الثمالي،
حديثه مرسل، ولا تصح له صحبة، وإنما هو تابعي، يروي عن ابن مسعود.
(952) سعد بن قرجاء [1] ،
له صحبة.
ذكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب أن سعد بن قرجاء [1] رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها.
(953) سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري الساعدي،
هو والد سهل بن سعد. ذكر الواقدي عن
__________
[1] هكذا في ى، أ. وفي هوامش الاستيعاب: قرحا (39) .(2/601)
[أبي بن عباس بن] [1] سهل بن سعد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: تجهز سعد بن مالك ليخرج إلى بدر، فمات، فموضع قبره عند دار بني قارظ، فضرب له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه وأجره.
(954) سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن [عبيد بن] [2] الأبجر،
والأبجر هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج أبو سعيد الخدري، هو مشهور بكنيته، أول مشاهده الخندق، وغزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتي عشرة غزوة، وكان ممن حفظ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سننا كثيرة، وروى عنه علما جما، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم.
توفي سنة أربع وسبعين. روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين.
(955) سعد بن مالك العذري،
قدم في وفد عذرة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(956) سعد بن مسعود الثقفي،
عم المختار بن أبي عبيد، له صحبة.
(957) سعد بن مسعود الكندي
كوفي. روى عنه قيس بن أبي حازم.
(958) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت،
وهو عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية، على يدي مصعب بن عمير، وشهد بدر، وأحدا، والخندق، ورمى يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات منه.
والذي رماه بالسهم حبان [3] بن العرقة، وَقَالَ: خذها وأنا ابن العرقة،
__________
[1] من أ.
[2] من أ.
[3] في ى: حيان، والمثبت من القاموس والتقريب.(2/602)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرق الله وجهه في النار. والعرقة هي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص، وهذا حبان [1] ابنها هو ابن عبد مناف بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
وقيل: إن العرقة تكنى أم فاطمة، وإنما قيل لها العرقة لطيب ريحها، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر بضرب فسطاط في المسجد لسعد بن معاذ، وكان يعوده في كل يوم حتى توفي سنة خمس من الهجرة، وكان موته بد الخندق بشهر، وبعد قريظة بليال، كَذَلِكَ رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ [بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَى اللَّيْثُ بن سعد [2]] عن أبي الزبير، عن جابر، قَالَ: رُمِيَ يَوْمَ الأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فقطعوا أكحله، فحسمه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ وَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهمّ لا تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلَ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِهِ، وَكَانَ حُكْمُهُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ رِجَالُهُمْ، وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذُرِّيَّتُهُمْ، فَيَسْتَعِينَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ، وكانوا أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات.
وروى من حديث سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل. وروى من حديث أنس بن مالك قَالَ: لما حملنا جنازة سعد بن معاذ
__________
[1] في ى: حيان.
[2] من أ.(2/603)
قَالَ المنافقون: ما أخف جنازته، وكان رجلا طوالا ضخما! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الملائكة حملته. وَرَوَى [إِبْرَاهِيمُ بن سعد عن [1]] ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلَ مِنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَرُوِيَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ حَدِيثٌ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عِدَّةٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ، رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ رَآهَا تُشْتَرَى [2] : لَمِنْدِيلٌ مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا. وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ أَيْضًا.
وَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ حَكَمَ فِي بَنِي قريظة بقتل المقاتلة وسبى الذرية [3] : لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سبع سماوات: وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق، حَدَّثَنَا أبو قرة محمد ابن حميد، حَدَّثَنَا سعيد بن تليد، حَدَّثَنَا محمد بن فضالة، عن أبي طاهر عبد الملك ابن محمد بن أبي بكر، عن عمه عبد الله بن أبي بكر، قَالَ: مات سعد بن معاذ من جرح أصابه يوم الخندق شهيدا. قال: وبلغني أنّ جبرئيل عليه السلام نزل في جنازته معتجرا بعمامة من إستبرق، وَقَالَ: يا نبي الله، من هذا الّذي
__________
[1] من أ.
[2] في أ: سيراء.
[3] في أ: الذراري.(2/604)
فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فوجد سعدا قد قبض، وَقَالَ رجل من الأنصار:
وما اهتز عرش الله من موت هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن الحسن الصبّاحى، قال حدثنا محمد بن عبد الله بن مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ الأَشْقَرُ أَبُو بِلالٍ، قَالَ حَدَّثَنَا زافر بن سليمان، عن عبد العزيز ابن أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَلاثٌ أَنَا فِيهِنَّ: رَجُلٌ [يَعْنِي [1]] كَمَا يَنْبَغِي، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَأَنَا رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا قَطُّ إِلا عَلِمْتُ أَنَّهُ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا كُنْتُ فِي صَلاةٍ قَطُّ فَشَغَلْتُ نَفْسِي بِشَيْءٍ غَيْرِهَا حَتَّى أَقْضِيَهَا، وَلا كُنْتُ فِي جَنَازَةٍ قَطُّ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِغَيْرِ مَا تَقُولُ، وَيُقَالُ لَهَا، حَتَّى أَنْصَرِفَ عَنْهَا.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هَذِهِ الْخِصَالُ مَا كُنْتُ أَحْسِبُهَا إِلا فِي نَبِيٍّ.
(959) سعد بن المنذر،
له صحبة. روى عنه حبان بن واسع من رواية ابن لهيعة عن حبان بن واسع عَنْ أَبِيهِ عن سعد بن المنذر.
(960) سعد بن المنذر، والد أبي حميد الساعدي،
كذا ذكره ابن أبي حاتم، أخاف أن يكون الأول، وفيه نظر.
(961) سعد بن النعمان الأنصاري،
أحد بني أكال، ثم أحد بني عمرو
__________
[1] ليس في أ.(2/605)
ابن عوف، هو الذي أخذه أبو سفيان بن حرب أسيرا ففدى به ابنه عمرو ابن أبي سفيان.
قَالَ الزبير: كان سعد بن النعمان قد جاء معتمرا، فلما قضى عمرته وصدر كان معه المنذر بن عمرو فطلبهم [1] أبو سفيان، فأدرك سعدا، فأسره، وفاته المنذر حين أدركه، ففي ذَلِكَ يقول ضرار بن الخطاب:
تداركت سعدا عنوة فأخذته ... وكان شفاء لو تداركت منذرا
وَقَالَ في ذَلِكَ أبو سفيان بن حرب:
أرهط ابن أكال أجيبوا دعاءه ... تعاقدتم [2] لا تسلموا السيد الكهلا
فإن بني عمرو بن عوف أذلة ... إذا لم يفكوا عن أسيرهم الكبلا
ففادوا سعدا بابنه عمرو، وكان عمرو بن أبي سفيان قد أسر يوم بدر، فقيل لأبي سفيان: ألا تفتدي عمرا؟ فَقَالَ: قتل حنظلة وأفتدي عمرا، فأصاب بمالي وولدي؟ لا أفعل، ولكني أنتظر حتى أصيب منهم رجلا فأفديه به، فأصاب سعد بن النعمان ابن أكال أحد بني عمرو بن عوف.
(962) سعد بن هذيل، والد الحارث بن سعد،
لم يرو عنه أحد غير ابنه فيما علمت، حديثه عند ابن شهاب، عن أبي خزامة، عن الحارث بن سعد، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أرأيت رقي يسترقى بها وأدوية يتداوى [3] بها، هل ترد؟
أو قَالَ: هل تنفع من قدر الله؟ قَالَ: هي من قدر الله.
(963) سعد بن أبي وقاص،
واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف
__________
[1] في أ: فطلبه.
[2] في أسد الغابة: تفاقدتم.
[3] في أ: نسترقى بها وأدوية نتداوى.(2/606)
ابن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، يكنى أبا إسحاق، كان سابع سبعة في الإسلام [1] اسلم بعد ستة.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: أَسْلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ.
وَشَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ، وَسَائِرَ الْمَشَاهِدِ، وَهُوَ أَحَدُ الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ.
وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مَشْهُورًا بِذَلِكَ، تُخَافُ دَعْوَتُهُ وَتُرْجَى، لا يُشَكُّ فِي إِجَابَتِهَا [2] عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ: اللَّهمّ سَدِّدْ سَهْمَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ. وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وذلك في سرية عبيدة بن الحارث، وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو، وعتبة بن غزوان.
ويروى أن سعدا قَالَ في معنى أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل:
ألا هل جا رَسُول اللَّهِ أني ... حميت صحابتي بصدور نبلي
أذود بها عدوهم ذيادا ... بكل حزونة وبكل سهل
فما يعتد رام من معد ... بسهم مع رَسُول اللَّهِ قبلي
وجمع له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللزبير أبويه، فَقَالَ لكل واحد منهما، فيما روى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارم، فداك أبي وأمي. ولم يقل ذَلِكَ لأحد غيرهما فيما يقولون، والله أعلم.
__________
[1] في أ: في إسلامه.
[2] في أ: لاشتهار إجابتها.
(13- استيعاب- ثان)(2/607)
رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: اللَّهمّ أَجِبْ دَعْوَتَهُ، وَسَدِّدْ رَمْيَتَهُ. وَرَوَى يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ سَعْدٌ فَقَالَ:
أَنْتَ خَالِي. وَرَوَى وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: أَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي الْغَزْوِ عِنْدَ الْقِتَالِ.
وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش الذين كانوا يحرسون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مغازيه، وهو الذي كوف الكوفة ولقى [1] الأعاجم، وتولى قتال فارس، أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ذَلِكَ، ففتح الله على يده أكثر فارس، وله كان فتح القادسية وغيرها، وكان أميرا على الكوفة، فشكاه أهلها، ورموه بالباطل، فدعا على الذي واجهه بالكذب [عليه [2]] دعوة ظهرت فيه إجابتها، والخبر بذلك مشهور تركت ذكره لشهرته.
وعزله عمر، وذلك في سنة إحدى وعشرين حين شكاه أهل الكوفة، وولى عمار بن ياسر الصلاة، وعبد الله بن مسعود بيت المال، وعثمان بن حنيف مساحة الأرض [3] ، ثم عزل عمارا، وأعاد سعدا على الكوفة ثانية، ثم عزله
__________
[1] في أ: ونفى.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: الأرضين.(2/608)
وولى جبير بن مطعم، ثم عزله قبل أن يخرج إليها، وولى المغيرة بن شعبة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر رضي الله عنه، فأقره عثمان يسيرا ثم عزله، وولى سعدا، ثم عزله، وولى الوليد بن عقبة.
وقد قيل: إن عمر لما أراد أن يعيد سعدا على الكوفة أبى عليه وَقَالَ:
أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن أن أصلي! فتركه. فلما طعن عمر جعله أحد أهل الشورى. وَقَالَ: إن وليها سعد فذاك وإلا فليستعن به الوالي، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة.
ورامه ابنه عمر بن سعد أن يدعو لنفسه بعد قتل عثمان فأبى، وكذلك رامه أيضا ابن أخيه هاشم بن عتبة، فلما أبى عليه صار هاشم إلى علي رضي الله عنه.
وكان سعد ممن قعد ولزم بيته في الفتنة، وأمر أهله ألا يخبروه من أخبار الناس بشيء حتى تجتمع الأمة على إمام، فطمع فيه معاوية، وفي عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وكتب إليهم يدعوهم إلى عونه على الطلب بدم عثمان ويقول لهم:
إنهم لا يكفرون ما أتوه من قتله وخذلانه إلا بذلك، ويقول: إن قاتله وخاذله سواء، في نثر ونظم كتب به إليهم تركت ذكره، فأجابه كل واحد منهم يرد عليه ما جاء به من ذَلِكَ، وينكر مقالته، ويعرفه بأنه لَيْسَ بأهل لما يطلب، وكان في جواب سعد بن أبى وقّاص له:
معاوي داؤك الداء العياء ... وليس لما تجيء به دواء
أيدعوني أبو حسن علي ... فلم أردد عليه ما يشاء
وقلت له اعطني سيفا بصيرا ... تميز به العداوة والولاء(2/609)
فإن الشر أصغره كبير ... وإن الظهر تثقله الدماء
أتطمع في الذي أعيا عليا ... على ما قد طمعت به العفاء
ليوم منه خير منك حيا ... وميتا أنت للمرء الفداء
فأما أمر عثمان فدعه ... فإن الرأي أذهبه البلاء
قَالَ أبو عمر: سئل علي رضي الله عنه عن الذين قعدوا عن بيعته، ونصرته والقيام معه، فَقَالَ: أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل. ومات سعد بن أبي وقاص في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، وحمل إلى المدينة على أعناق [1] الرجال، ودفن بالبقيع، وصلى عليه مروان ابن الحكم.
واختلف في وقت وفاته، فَقَالَ الواقدي: توفي سنة خمس وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة. وَقَالَ أبو نعيم: مات سعد بن أبي وقاص سنة ثمان وخمسين.
وَقَالَ الزبير، والحسن بن عثمان، وعمرو بن علي الفلاس: توفي سعد بن أبي وقاص سنة أربع وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة. وَقَالَ الفلاس:
وهو ابن أربع وسبعين سنة. وذكر أبو زرعة، عن أحمد بن حنبل قَالَ: توفي سعد بن أبي وقاص، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة في إمارة معاوية بعد حجته الأخرى.
واختلف في صفته اختلافا كثيرا متضادا، فلم أذكرها لذلك. وروى الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص لما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة له من صوف، فَقَالَ: كفنوني فيها، فإني كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي علي، وإنما كنت أخبؤها لذلك.
__________
[1] في أ: رقاب.(2/610)
(964) سعد بن وهب الجهني،
رَوَى ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ غَيَّانُ، وَكَانَ أَهْلُهُ حِينَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يُبَايِعُهُ [1]] بِبَلَدٍ مِنْ بِلادِ جُهَيْنَةَ يُقَالَ لَهُ غَوَّاءُ، فَسَأَلَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسْمِهِ وَأَيْنَ تَرَكَ أَهْلَهُ؟ فَقَالَ: اسْمِي غَيَّانُ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي بِغَوَّاءَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَنْتَ رَشْدَانُ، وَأَهْلُكَ بِرَشَادٍ. قَالَ: فَتِلْكَ الْبَلْدَةُ تُسَمَّى إِلَى اليوم برشاد، وَيُدْعَى الرَّجَلُ رَشْدَانُ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ قَالَ: بَنُو غَيَّانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنُو غَيَّانَ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلْ أَنْتُمْ بَنُو رَشْدَانَ، فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ وَادِيهِمْ غَوَّاءَ [2] فَسُمِّيَ رَشَدًا.
(965) سعد الأسلمي،
روى عنه ابنه عبد الله بن سعد أنه نزل مع رَسُول اللَّهِ عليه وسلم على سعد بن خيثمة.
(966) سعد الجهني، والد سنان بن سعد الجهني.
روى عنه ابنه سنان أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حديث ذكره: إن الإمام لا يخص نفسه بالدعاء دون القوم. في إسناد حديثه هذا مقَالُ.
(967) سعد الدوسي،
قَالَ فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن يؤخر هذا ويهرم فستدركه الساعة. فلم يعمّر. من حديث الحسن.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: يسمى غويا، فسمى رشدا، وفي أسد الغابة مثل ى. وفي الإصابة:
فسمى رشدان.(2/611)
(968) سعد الظفري الأنصاري،
من بني ظفر. روى عنه عبد الرحمن بن حرملة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكيّ.
(969) سعد العرجي،
من بلعرج بن الحارث بن كعب بن هوازن، هكذا قَالَ بعضهم. له صحبة. ويقَالَ: إنه مولى الأسلميين، وإنه إنما قيل له العرجي، لأنه اجتمع مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعرج، وهو يريد المدينة فأسلم، وكان دليله إلى المدينة في هجرته. روى عنه ابنه.
(970) سعد مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
روى عنه الحسن البصري.
ليس يوجد حديثه إلا عند أبي عامر الخراز صالح بن رستم. ويقَالَ في هذا:
سعيد. وسعد أكثر، وهو الصحيح، والله أعلم.
يعد في أهل البصرة، وقد كان خدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(971) سعد مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
روى عنه أبو عثمان النهدي.
(972) سعد مولى عتبة بن غزوان،
شهد بدرا مع مولاه.
(973) سعد مولى قدامة بن مظعون،
قتلته الخوارج سنة إحدى وأربعين مع عبادة بن قرص، في صحبته نظر.(2/612)
باب سعيد
[974) سعيد بن تجير [1] الشقري.
وفد على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبايعه على الإسلام. حديثه عند بعض ولده. ذكره أبو علي بن السكن، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف، قَالَ حَدَّثَنَا الوليد بن مروان الأزدي، قال حدثنا عمى جنادة ابن مروان، عن أبي الحكم بن تجير الشقري، قال: أخبرنى أبى أنّ جده سعيد ابن تجير قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبايعه، وذكر الحديث. قَالَ أبو علي:
لم أجد لسعيد رواية إلا من هذا الوجه. والله أعلم [2]] .
(975) سعيد بن الحارث الأنصاري الخزرجي،
حَدَّثَنَا سعيد بن نصر، حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أصبغ، حدثنا ابن وضاح، حدثنا ابن أبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى، حَدَّثَنَا ليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن أسامة ابن زيد، أنه أخبره أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أردفه وراءه يعود سعد بن عبادة وسعيد بن الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر.
(976) سعيد بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي،
هاجر هو وإخوته كلهم إلى أرض الحبشة، أمهم [3] امرأة من بنى سواءة بن عامر ابن صعصعة، وقد ذكرت إخوته في باب تميم من هذا الكتاب، وقتل سعيد ابن الحارث بن قيس يوم اليرموك، وذلك في رجب سنة خمس عشرة.
(977) سعيد بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمرو [4] بن مخزوم،
وهو أسن من أخيه عمرو بن حريث، شهد فتح مكة مع النبي صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] هكذا في أ.
[2] في أ: وأمهم.
[3] من أوحدها.
[4] في التهذيب: عمر.(2/613)
وهو ابن خمس عشرة سنة، ثم نزل الكوفة، وغزا خراسان، وقتل بالجزيرة، ولا عقب له. روى عنه أخوه عمرو بن حريث.
(978) سعيد بن حيوة بن قيس الباهلي،
معدود في أهل البصرة، أدرك الجاهلية هو وأبو كندير بن سعيد، له حديث واحد لَيْسَ يعرف إلا به قصة عبد المطلب، إذ فقد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، وكان بعثه في طلب إبل له فأبطأ عليه فجعل يقول:
يا رب رد راكبي محمدا ... إلى ربي [1] واصطنع عندي يدا
فلما أتاه قَالَ: والله لا أبعثك بعدها أبدا، ولا تفارقني بعدها أبدا. روى عنه ابنه كندير.
(979) سعيد بن خالد بن سعيد بن العاص بن أمية،
ولد بأرض الحبشة في هجرة أبيه إليها، وهو ممن أقام بأرض الحبشة حتى قدم مع جعفر في السفينتين.
(980) سعيد بن أبي راشد،
روى عنه عبد الرحمن بن سابط حديثا واحدا أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف. من رواية عمرو بن جميع، عن يونس بن حبان [2] ، عن عبد الرحمن بن سابط عنه.
(981) سعيد بن رقيش [3] ،
من المهاجرين الأولين، لا أعلم له رواية ولا خبرا.
(982) سعيد بن زيد بن عمرو، بن نفيل عبد العزي بن رياح [4] بن عبد الله ابن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي،
أمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية، هو ابن عم عمر بن الخطاب وصهره، يكنى
__________
[1] في أسد الغابة: ردّ إليّ واتخذ ...
[2] في أ، والتهذيب: خباب.
[3] في أ: وقيش. وفي أسد الغابة مثل ما في ى، غير أنه في آخر الترجمة قال:
وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين- يعنى ابن مندة- فقال سعيد بن وقش (1- 306) .
[4] في ى: رباح. والمثبت من أ، وأسد الغابة والطبقات.(2/614)
أبا الأعور، كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد بن عمرو [بن نقيل [1]] تحت عمر بن الخطاب، وكان سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، وكان إسلامه قديما قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلام عمر بن الخطاب، وخبرهما في ذَلِكَ خبر حسن، وهاجر هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب، ولم يشهد بدرا، لأنه كان غائبا [بالشام] [2] ، قدم منها بعقب غزوة بدر، فضرب له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه وأجره، فقصته أشبه القصص بقصة طلحة بن عبيد الله فيما قَالَ موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وكذلك قَالَ ابن إسحاق.
قَالَ الواقدي: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بعث- قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر- طلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد [إلى طريق الشام [2]] يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدماها يوم وقعة بدر، فضرب لهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمهما وأجرهما. وبقول [3] الواقدي قَالَ الزبير في ذَلِكَ سواء.
وقد قيل: إنه شهد بدرا، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة. وكان أبوه زيد بن عمرو ابن نفيل يطلب دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قبل أن يبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان لا يذبح للأنصاب ولا يأكل الميتة والدم [4] .
__________
[1] من أ.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: وكقول ...
[4] في أ: ولا الدم.(2/615)
ومن خبره: في ذَلِكَ أنه خرج في الجاهلية يطلب الدّين هو ورقة بن نوفل، فلقيا اليهود، فعرضت عليهما يهود دينهم، فتهود ورقة، ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم، فترك ورقة اليهودية وتنصر، وأبي زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذَلِكَ، وَقَالَ: ما هذا إلا كدين قومنا، تشركون ويشركون، ولكنكم عندكم من الله ذكر ولا ذكر عندهم. فَقَالَ له راهب: إنك لتطلب دينا ما هو على الأرض اليوم. فَقَالَ: وما هو؟ قَالَ: دين إبراهيم. قَالَ: وما كان عليه إبراهيم؟ قَالَ: كان يعبد الله لا يشرك به شيئا، ويصلي إلى الكعبة. فكان زيد على ذَلِكَ حتى مات.
أخبرنا أحمد بن قاسم، حدثنا محمد بن معاوية، حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى بن جميل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق [القاضي [1]] ، حدثنا نصر بن علي، حَدَّثَنَا الأصمعي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أبي الزناد، قَالَ، قالت أسماء بنت أبي بكر، وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها- قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش، والله لا آكل ما ذبح لغير الله، والله ما على دين إبراهيم [أحد [2]] غيري.
أخبرنا قاسم بن محمد، حدثنا خالد بن سعد، حدثنا أحمد بن عمر [3] ، حدثنا محمد ابن صخر، حَدَّثَنَا عبيد [4] الله بن رجاء، حَدَّثَنَا مسعود [5] ، عن نوفل بن هشام بن سعيد بن زيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل
__________
[1] من أ.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: عمرو قال.
[4] في أ: ابن سنجر حدثنا عبد الله.
[5] في أ: المسعودي.(2/616)
يطلبان الدين حتى مر بالشام، فأما ورقة فتنصر، وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلب أمامك. قَالَ: فانطلق حتى أتى الموصل، فإذا هو براهب، فَقَالَ: من أين أقبل صاحب الراحلة؟ فَقَالَ: من بيت إبراهيم. قَالَ: فما تطلب؟ قَالَ:
الدين. [قَالَ: [1]] فعرض عليه النصرانية. فَقَالَ: لا حاجة لي بها، وأبى أن يقبلها. فَقَالَ: إن الذي تطلب سيظهر بأرضك. فأقبل وهو يقول:
لبيك حقا حقا. تعبدا ورقا. مهما تجشمني فإني جاشم. عذت بما عاذ به إبراهم.
قَالَ: ومر بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه أبو سفيان بن الحارث يأكلان من سفرة لهما، فدعواه إلى الغذاء، فقال: يا بن أخي، إني لا آكل ما ذبح على النّصب. قال: فما رئي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يومه ذَلِكَ يأكل مما ذبح على النصب حتى بعث صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: وأتاه سعيد بن زيد، فَقَالَ: إن زيدا كان كما قد رأيت وبلغك، فاستغفر له؟ قَالَ: نعم. فاستغفر له [2] ، فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده.
وذكر ابن أبي الزناد أيضا، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه لقى زيد بن عمرو بن نقيل بأسفل بلدح [3] ، وذلك قبل أن ينزل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي، فقدم إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه. [وَقَالَ: إني لا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، رواه علي بن الحسين
__________
[1] ليس في أ:
[2] في أ: استغفر.
[3] بلدح: موضع بالحجاز قرب مكة.(2/617)
عن الطوسي عن الزبير عن عمه مصعب عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد [1]] . وكان عثمان قد أقطع سعيدا أرضا بالكوفة، فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد، وكان له أربعة بنين: عبد الله، وعبد الرحمن، وزيد، والأسود، كلهم أعقب وأنجب.
وذكر الزبير عن إبراهيم بن حمزة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن العمري، عبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر أن مروان أرسل إلى سعيد ابن زيد ناسا يكلمونه في شأن أروى بنت أويس، وكانت شكته إلى مروان. فَقَالَ سعيد: تروني ظلمتها وقد سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من ظلم من الأرض شبرا طوقه يوم القيامة من سبع أرضين. اللَّهمّ إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئر. فقال: فو الله ما ماتت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها وهي حذرة فوقعت في بئرها فكانت قبرها.
قَالَ الزبير: وحَدَّثَنِي إبراهيم بن حمزة، قَالَ حَدَّثَنِي عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِيهِ أن أروى بنت أويس استعدت مروان ابن الحكم على سعيد بن زيد في أرضه بالشجرة، فَقَالَ سعيد: كيف أظلمها؟
وذكر مثل ما تقدم. وأوجب مروان عليه اليمين، فترك سعيد لها ما ادعت، وَقَالَ: اللَّهمّ إن كانت أروى كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها في بئرها، فعميت
__________
[1] من أوحدها.(2/618)
أروى، وجاء سيل [1] . فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا عن حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان، فَقَالَ: أقسمت عليك لتركبن معي ولتنظرن إلى ضفيرتها، فركب معه مروان، وركب أناس معهما حتى نظروا إليها. ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعد ما عميت، فوقعت في البئر فماتت. قَالَ: وكان أهل المدينة يدعو بعضهم على بعض يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى، يريدونها، ثم صار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل يظنونها، ويقولون: إنها عمياء، وهذا جهل منهم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، أَخْبَرَنَا المطلب ابن سَعِيدٍ [2] ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِي، عَنْ أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْمٍ، قَالَ: جَاءَتْ أَرْوَى بِنْتُ أُوَيْسٍ إِلَى أبى محمد بن عمرو بن حزم، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ، إِنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قَدْ بَنَى ضَفِيرَةً [3] فِي حَقِّي فَأْتِهِ بِكَلِمَةٍ فلينزع عن حقي، فو الله لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ لأَصِيحَنَّ بِهِ فِي مَسْجِدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال لَهَا: لا تُؤْذِي صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا كَانَ لِيَظْلِمَكِ وَلا لِيَأْخُذَ لَكِ حَقًّا. فَخَرَجَتْ وَجَاءَتْ [4] عِمَارَةَ بْنَ عَمْرٍو [5] ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لَهُمَا: ائْتِيَا سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ فَإِنَّهُ قَدْ ظَلَمَنِي وبنى ضفيرة في حقي، فو الله لَئِنْ لَمْ يَنْزَعْ لأَصِيحَنَّ بِهِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَخَرَجَا حتى
__________
[1] في أ: قيل، وهو تحريف.
[2] في أ: شعيب.
[3] الضفيرة مثل المسناة المستطيلة في الأرض فيها خشب وحجارة (اللسان) .
[4] في أ: فجاءت.
[5] في أ: عمر.(2/619)
أَتَيَاهُ فِي أَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ، فَقَالَ لَهُمَا: مَا أَتَى بِكُمَا؟ قَالا: جَاءَتْنَا أَرْوَى بِنْتُ أُوَيْسٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّكَ بَنَيْتَ ضَفِيرَةً فِي حَقِّهَا، وَحَلَفَتْ باللَّه لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ لَتَصِيحَنَّ بِكَ فِي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَأْتِيَكَ، وَنَذْكُرَ ذَلِكَ لَكَ.
فَقَالَ لَهُمَا: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ يُطَوِّقُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ. فَلْتَأْتِ فَلْتَأْخُذْ مَا كَانَ لَهَا مِنَ الْحَقِّ، اللَّهمّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَلا تُمِتْهَا حَتَّى تُعْمِيَ بَصَرَهَا وَتَجْعَلَ مِيتَتَهَا فِيهَا [1] ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهَا ذَلِكَ فَجَاءَتْ فَهَدَمَتِ الضَّفِيرَةُ، وَبَنَتْ بُنْيَانًا، فَلَمْ تَمْكُثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى عَمِيَتْ، وَكَانَتْ تَقُومُ بِاللَّيْلِ وَمَعَهَا جَارِيَةٌ لَهَا تَقُودُهَا لِتُوقِظَ الْعُمَّالَ، فَقَامَتْ لَيْلَةً وَتَرَكَتِ الْجَارِيَةَ فَلَمْ تُوقِظْهَا، فَخَرَجَتْ تَمْشِي حَتَّى سَقَطَتْ فِي الْبِئْرِ [2] ، فَأَصْبَحَتْ مَيِّتَةً.
توفي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بأرضه بالعقيق، ودفن بالمدينة في أيام معاوية سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة. روى عنه [ابن عمر، [3]] وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل عامر بن واثلة وجماعة من التابعين.
(983) سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري.
قَالَ قوم: له صحبة. وقال أحمد ابن حنبل: أما قيس فنعم، وأما سعيد فلا أدري. قَالَ أبو عمر: روى عن سعيد هذا ابنه شرحبيل بن سعيد، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وصحبته صحيحة.
__________
[1] في أ: في بيرها.
[2] في أ: فسقطت.
[3] من أ.(2/620)
ذكره الواقدي وغيره فيمن له صحبة، وكان واليا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه على اليمن.
حَدَّثَنَا سعيد بن نصر، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا عبد الله بن روح المدائني، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن سعيد بن سعد بن عبادة قَالَ: كان بين أبياتنا رويجل ضعيف ضرير، فخرج فلم يرع الحي إلا وهو على أمة من إمائهم. وذكر الحديث. وحديث شرحبيل عنه مرفوع في اليمين مع الشاهد.
(984) سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
استشهد يوم الطائف، وكان إسلامه قبل فتح مكة بيسير، واستعمله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الفتح على سوق مكة، فلما خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف خرج معه فاستشهد.
(985) سعيد بن سهيل بن مالك بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار،
هكذا قَالَ موسى بن عقبة، والواقدي، وعبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري.
وقال ابن إسحاق وأبو معشر: [سعيد بن سهيل [1]] شهد بدرا وأحدا.
(986) سعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد.
ويقَالَ ابن عبيد:
وهو الصواب، ابن الأبجر الأنصاري الخدري. والأبجر هو خدرة. قتل يوم أحد شهيدا.
(987) سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية،
ولد عام الهجرة. وقيل:
__________
[1] ليس في أ.(2/621)
بل ولد سنة إحدى. وقتل أبوه العاص بن سعيد بن العاص يوم بدر كافرا، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قَالَ: رأيته يوم بدر يبحث التراب عنه كالأسد، فصمد إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله. وَقَالَ عمر لابنه سعيد يوما: لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام، وما بي [1] أن أكون أعتذر من قتل مشرك! فَقَالَ له سعيد:
لو قتلته كنت على الحق، وكان على الباطل. فتعجب عمر من قوله وَقَالَ: قريش أفضل الناس أحلاما.
وكان سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص هذا أحد أشراف قريش ممن جمع السخاء والفصاحة، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان رضي الله عنه، استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها.
ويقَالَ: إنه افتتح أيضا جرجان في زمن عثمان سنة تسع وعشرين أو سنة ثلاثين، وكان أيدا يقَالُ: إنه ضرب- بجرجان- رجلا على حبل عاتقه فأخرج السيف من مرفقه.
وَقَالَ أبو عبيدة: وانتقضت أذربيجان، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثم عزله عثمان وولى الوليد بن عقبة، فمكث مدّة، فشكاه أهل الكوفة فعزله وردّ سعيدا، فرده أهل الكوفة، وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك.
وكان في سعيد تجبر وغلظ وشدة سلطان، وكان الوليد أسخى منه وآنس [2] وألين جانبا، فلما عزل الوليد وانصرف سعيد قَالَ بعض شعرائهم:
__________
[1] في ى. ومالي، وانظر الطبقات: 5- 19.
[2] في أ: أسن.(2/622)
يا ويلتا قد ذهب الوليد ... وجاءنا من بعده سعيد
ينقص في الصاع ولا يزيد
وقالوا: إن أهل الكوفة إذ رأوا [1] سعيد بن العاص، وذلك سنة أربع وثلاثين، كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولي أبا موسى، فولاه، فكان عليها أبو موسى إلى أن قتل عثمان.
ولما قتل عثمان لزم سعيد بن العاص هذا بيته، واعتزل أيام الجمل وصفين، فلم يشهد شيئا من تلك الحروب، فلما اجتمع الناس على معاوية، واستوثق له الأمر ولاه المدينة، ثم عزله وولاه مروان، وكان يعاقب بينه وبين مروان بن الحكم في أعمال المدينة، وله يقول الفرزدق [2] :
ترى الغر الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا
قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا
وذكر محمد بن سلام، عن عبد الله بن مصعب، قال: كان [يقال [3]] سعيد ابن العاص بن سعيد بن العاص عكة العسل. وقال سفيان بن عيينة: كان سعيد ابن العاص كريما إذا سأله سائل فلم يكن عنده ما يعطيه كتب له بما يريد إلى أيام يسره.
وذكر الزبير قَالَ: لما عزل سعيد بن العاص عن المدينة انصرف عن المسجد، فرأى رجلا يتبعه فَقَالَ له: ألك حاجة؟ قَالَ لا، ولكني رأيتك وحدك فوصلت جناحك. فَقَالَ له: وصلك الله يا بن أخي، اطلب لي دواة وجلدا، وادع لي مولاي فلانا، فأتى بذلك، فكتب له بعشرين ألف درهم دينا عليه، وقال:
__________
[1] في أ: ردوا.
[2] ديوانه: 100.
[3] ليس في أ.
(م 14- استيعاب- ثان)(2/623)
إذا جاءت غلتنا دفعنا ذَلِكَ إليك، فمات في تلك السنة، وأتى بالكتاب إلى ابنه، فدفع إليه عشرين ألف درهم، وابنه ذَلِكَ عمرو بن سعيد الأشدق.
وكان لسعيد بن العاص سبعة بنين: عمر، ومحمد، وعبد الله، ويحيى، وعثمان، وعتبة [1] ، وأبان، كلهم بنو سعيد بن العاص، ولا عقب لسعيد بن العاص ابن أمية فيما يقولون إلا من قبل سعيد بن العاص بن سعيد هذا. وقد قيل:
إن خالد بن سعيد أعقب أيضا.
وتوفي سعيد بن العاص هذا في خلافة معاوية سنة تسع وخمسين.
(988) سعيد بن عامر بن حذيم [2] بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح [القرشي الجمحي [3]] .
هذا قول أكثر أهل النسب إلا ابن الكلبي، فإنه يدخل بين ربيعة وسعد بن جمح عريجا، فيقول: سلامان بن ربيعة بن عريج ابن سعد بن جمح.
وَقَالَ الزبير: هذا خطأ من ابن الكلبي ومن كل من قاله، ولا مدخل هاهنا لعريج، لأن عريجا، ولوذان، وربيعة، إخوة، بنو سعد بن جمح، ولم يكن لعريج ولد إلا بنات.
يقَالَ: إن سعيد بن عامر [بن حذيم] هذا أسلم قبل خيبر، وشهدها وما بعدها من المشاهد، وكان خيرا فاضلا، ووعظ عمر، فَقَالَ له عمر: من يقوى على ذَلِكَ؟ قَالَ: أنت يا أمير المؤمنين، إنما هو أن تقول فتطاع.
__________
[1] في أ: وعنبسة.
[2] في ى: خذيم.
[3] ليس في أ.(2/624)
وولاه عمر بعض أجناد الشام، فبلغ عمر أنه يصيبه لمم، فأمره بالقدوم عليه، وكان زاهدا، فلم ير معه إلا مزودا وعكازا وقدحا، فَقَالَ له عمر: لَيْسَ معك إلا ما أرى؟ فَقَالَ له سعيد: وما أكثر من هذا؟ عكاز أحمل بها زادي، وقدح آكل فيه! فَقَالَ له عمر: أبك لمم؟ قَالَ: لا. قَالَ: فما غشية بلغني أنها تصيبك؟
قَالَ: حضرت خبيب بن عدي حين صلب، فدعا على قريش وأنا فيهم، فربما ذكرت ذَلِكَ فأخذتني فترة يغشى علي. فَقَالَ له عمر: فارجع إلى عملك.
فأبى وناشده إلا أعفاه [1] . فقيل: إنه أعفاه. وقيل: إنه لما مات أبو عبيدة، ومعاذ، ويزيد بن أبى سفيان، ولى عمر سعيد بن عامر حمص، فلم يزل عليها حتى مات، فحينئذ جمع عمر الشام لمعاوية.
وَقَالَ الهيثم بن عدي: كان سعيد بن عامر أمير قيسارية. وَقَالَ غيره:
استخلف عياض بن غنم الفهري سعيد بن عامر [بن حذيم] [2] فأقره عمر.
وروى أنه لما اجتمعت الروم يوم اليرموك واستغاث أبو عبيدة عمر فأمده [3] بسعيد بن عامر [بن حذيم [2]] فهزم الله المشركين بعد قتال شديد.
واختلف في وقت وفاته، فقيل: توفي سنة تسع عشرة، وقيل سنة عشرين.
وقيل سنة إحدى وعشرين، وهو ابن أربعين سنة. وروى عنه عبد الرحمن بن سابط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يدخل فقراء المهاجرين الجنة قبل الناس بتسعين [4] عاما.
(989) سعيد بن عبد بن قيس،
ذكره موسى بن عقبة فيمن هاجر إلى أرض
__________
[1] في أ: الإعفاء.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: أمده.
[4] في أ: بسبعين عاما.(2/625)
الحبشة، وذكره غيره فَقَالَ: سعيد بن عبيد بن قيس بن لقيط بن عامر بن ربيعة [أو أمية بن الحارث بن فهر بن مالك القرشي الفهري [1]] .
هاجر إلى أرض الحبشة، وكان ممن أقام بها إلى أن كانت الخندق، هكذا قَالَ: وأظنه أنه لم يأت إلا مع جعفر، [والله أعلم بالصواب [1]] .
(990) سعيد بن عمرو التميمي،
حليف لبني سهم وإخوته. وقد قيل: إنه كان أخا لهم لأمهم [2] ، قاله ابن إسحاق، وموسى بن عقبة. وَقَالَ الواقدي وأبو معشر:
هو معبد بن عمرو، وذكراه فيمن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية.
(991) سعيد بن القشب [3] الأزدي،
حليف لبني أمية، ولاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرش.
(992) سعيد بن نمران الهمداني،
كان كاتبا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، أدرك حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعواما، روى عن أبي بكر. روى عنه عامر بن سعيد.
(993) سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم القرشي المخزومي، أبو عبد الرحمن.
يقَالَ أبو هود. ويقَالَ أبو يربوع، وكان يلقب بالصرم.
وكان له ابنان: عبد الله، وعبد الرحمن. قيل: أسلم قبل الفتح، وشهد الفتح.
وقيل: إنه من مسلمة الفتح.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: لأمه وفي أسد الغابة: وقد قيل إنه كان أخا تميم بن الحارث بن قيس ابن عدي لأمه.
[3] في أ: القشيب، وضبطه يضم القاف.(2/626)
وذكر إسماعيل بن إسحاق، عن علي بن المديني، قَالَ: سعيد بن يربوع كان يلقب صرما، يقَالُ له سعيد الصرم، وهو مخزومي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين، [وَقَالَ غيره: كان يلقب أصرم فلم يصنع شيئا [1]] . وَقَالَ غيره: كان اسمه الصرم فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه، وَقَالَ: أنت سعيد. وَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أينا أكبر؟ قَالَ: أنا أقدم منك، وأنت أكبر مني وخير مني. وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالا: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وكان اسمه الصرم، فسماه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعِيدًا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: أَيُّنَا أَكْبَرُ أَنَا أَوْ أَنْتَ؟ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي وَخَيْرٌ، وَأَنَا أَقْدَمُ مِنْكَ سِنًّا. قَالَ: أَنْتَ سَعِيدٌ. وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وذكر أنه أعطى غنائم حنين خمسين بعيرا.
قَالَ أبو عمر: روى أيضا قصة ابن خطل، والحويرث، ومقيس، وابن أبي سرح، وتوفي سعيد بن يربوع بالمدينة، وقيل بمكة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية، وكان له يوم توفي مائة سنة وأربع وعشرون سنة. وقيل:
مائة وعشرون سنة، وكان له بالمدينة دار بالبلاط.
(994) سعيد بن يزيد بن الأزور الأزدي،
مصري. روى عنه أبو الخير اليزني، وزعم أن له صحبة. وأما الذي روينا [2] من روايته فعن ابن عمر.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: رأينا.(2/627)
(995) [سعيد بن يزيد التميمي
- حليف لبني سهم وإخوته، وقد قيل: كان أخاهم لأمه- قاله ابن إسحاق وموسى بن عقبة. وَقَالَ الواقدي وأبو معشر:
وهو معبد بن عمرو، وذكراه فيمن هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية [1]] .
باب سفيان
(996) سفيان بن أسد،
ويقَالَ ابن أسيد. وأسيد الحضرميّ شامي. روى عنه جبير ابن نفير [واختلف في اسم أبيه [2]] .
حديثه من حديث الحمصيين عن بقية، عن ضبارة بن مالك الحضرمي، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عَنْ أَبِيهِ، واختلف في اسم أبيه على ما ذكرناه [3] .
(997) سفيان بن بشر بن زيد بن الحارث الأنصاري الخزرجي،
من بنى جشم ابن الحارث بن الخزرج، شهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدرا وأحدا، كذا قاله ابن إسحاق سفيان بن بشر بن زيد بن الحارث في رواية البكائي عنه.
وكذلك قَالَ أبو معشر.
وَقَالَ ابن هشام: هو سفيان بن نسر بن عمرو بن الحارث بن كعب بن زيد.
وَقَالَ يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: سفيان بن بشير. وَقَالَ الواقدي وعبد الله بن محمد ابن عمارة [4] القداح الأنصاري فيه: سفيان بن نسر- بالنون والسين غير المعجمة،
__________
[1] من أوحدها
[2] من أ.
[3] في ى: واختلف في اسم أبيه على بقية على ما ذكرناه. وفي أ: بدل العبارة: مذكور فيمن نزل حمص من الصحابة.
[4] في أ: ومحمد بن عبد الله بن عمارة.(2/628)
كما قَالَ ابن هشام. وَقَالَ محمد بن حبيب: من قَالَ فيه سفيان بن بشر أو بشير فقد وهم، وإنما هو سفيان بن نسر- بالنون والسين غير معجمة.
(998) سفيان بن ثابت الأنصاري،
من بني النبيت من الأنصار، استشهد يوم بئر معونة هو وأخوه مالك بن ثابت، ذكر ذَلِكَ الواقدي.
(999) سفيان بن حاطب بن أمية بن رافع بن سويد بن حرام بن الهيثم بن ظفر الأنصاري الظفري،
شهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدا، وقتل يوم بئر معونة.
(1000) سفيان بن الحكم.
ويقَالَ الحكم بن سفيان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم يقولون الحكم بن سفيان، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومنهم من يقول سفيان بن الحكم عَنْ أَبِيهِ، وهو حديث مضطرب جدا: أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ونضح فرجه.
(1001) سفيان بن أبي زهير الشنوئي [1]
له صحبة. وقال فيه بعضهم: النمري.
ويقال: النميري، والأول أكثر. وهو من أزد شنوءة، [له صحبة [2]] لا يختلفون فيه، وربما كان في أسماء أجداده نمر أو نمير فنسب إليه. يعد في أهل المدينة.
وذكر علي بن المديني سفيان بن أبي زهير هذا، فَقَالَ: اسم أبيه أبي زهير القرد.
وَقَالَ غيره: كان [3] يقَالُ ابن أبي القرد أو ابن أم القرد، حكى هذا عن الواقدي وأظنه تصحيفا، والله أعلم.
قَالَ أبو عمر: له حديثان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلاهما عند مالك
__________
[1] في أ: الشنوى، وبعدها فيها: من أزد شنوءة، وسيجيء في ى.
[2] ليس في أ، وهو مكرر، فقد سبقت هذه العبارة.
[3] في أ: بل كان يلقب. وفي ى. الفرد- بالفاء- والمثبت من أ، وتهذيب التهذيب.(2/629)
ابن أنس: أحدهما رواه عنه عبد الله بن الزبير مرفوعا: تفتح اليمن [1] فيجيء قوم ...
الحديث. والآخر رواه عنه السائب بن يزيد مرفوعا: من اقتنى كلبا ... الحديث ورواية ابن الزبير والسائب بن يزيد عنه تدل على جلالته وقدم مرتبته [2] .
(1002) سفيان بن عبد الأسد،
مذكور في المؤلفة قلوبهم، فيه نظر.
(1003) سفيان بن عبد الله بن ربيعة [الثقفي [3]] ،
معدود في أهل الطائف.
له صحبة وسماع ورواية، كان عاملا لعمر بن الخطاب على الطائف، ولاه عليها إذ عزل عثمان بن أبي العاص عنها، ونقل عثمان بن أبي العاص حينئذ إلى البحرين، يعد في البصريين. روى عنه ابنه عبد الله بن سفيان. ويقَالَ: [ابنه [4]] أبو الحكم بن سفيان، وعروة بن الزبير، ومحمد بن عبد الله بن عامر.
(1004) سفيان بن عطية بن ربيعة الثقفي،
يعد في أهل الحجاز، وحديثه عندهم.
روى عنه عيسى بن عبد الله، حديثه عند ابن إسحاق في وفد ثقيف.
(1005) سفيان بن قيس بن أبان الطائفي،
له صحبة، ولأخيه وهب بن قيس من حديث أميمة بنت رقيقة عن أمها عنهما [5] .
(1006) سفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي،
أخو جميل بن معمر الجمحي، يكنى أبا جابر. وقيل: أبا جنادة، كان من مهاجرة الحبشة، وابنه الحارث بن سفيان أتى به من أرض الحبشة.
قَالَ ابن إسحاق: هاجر سفيان بن معمر الجمحي، ومعه ابناه جابر [6] بن سفيان
__________
[1] في أسد الغابة: يفتح الشام.
[2] في أ: وقدم موته.
[3] من أ.
[4] من أ.
[5] في أ: عنها.
[6] في الطبقات: خالد (4- 148) .(2/630)
وجنادة بن سفيان، ومعه امرأته حسنة، وهي أمهما، وأخوهما من أمهما شرحبيل ابن حسنة قَالَ ابن إسحاق: وكان سفيان من الأنصار، ثم أحد بني زريق بن عامر من بني جشم بن الخزرج، قدم مكة فأقام بها، ولزم معمر بن حبيب بن وهب ابن حذافة بن جمح، فتبناه وزوجه حسنة، ولها ولد يسمى شرحبيل ابن حسنة من رجل آخر، وغلب معمر بن حبيب على نسب سفيان هذا ونسب بنيه، فهم ينسبون إليه، قَالَ: وهلك سفيان وابناه جابر وجنادة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وَقَالَ الزبير بن بكار: هو سفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح، أمه أم ولد، وهو من مهاجرة الحبشة، وكان تحته حسنة التي نسب [1] إليها شرحبيل بن عبد الله بن المطاع تبنته، وليس بابن لها، وكانت مولاة لمعمر ابن حبيب. قَالَ: وليس لسفيان ولا لأخيه جميل بن معمر عقب.
(1007) سفيان بن همام العبدي،
من عبد القيس، روى في نبيذ الجر، روى عنه ابنه عمرو بن سفيان.
(1008) سفيان بن وهب الخولاني،
له صحبة، يعد في أهل مصر. روى عنه أبو الخير اليزني وأبو عشانة المعافري، وسعيد بن أبي شمر. روى عنه غياث ابن أبي شبيب، قَالَ: كان سفيان بن وهب صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان فيسلم علينا، ونحن في الكتاب، وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه.
__________
[1] في أ: ينسب.(2/631)
(1009) سفيان بن يزيد الأزدي،
من أزد شنوءة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه محمد بن سيرين.
(1010) سفيان الهذلي،
قَالَ: خرجنا في عير إلى الشام، فإذا هم يذكرون أن نبيا قد خرج في قريش، اسمه أحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب سلمان
(1011) سلمان بن ربيعة الباهلي،
أحد بني قتيبة بن معن بن مالك، كوفي، ذكره العقيلي في الصحابة. وَقَالَ أبو حاتم الرازي: له صحبة، وهو عندي كما قَالا.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد بعثه [1] قاضيا بالكوفة قبل شريح، فلما ولى سعد الولاية الثانية [الكوفة [2]] استقضاه أيضا. قَالَ أبو وائل: اختلفت إلى سلمان بن ربيعة حين قدم على قضاء الكوفة أربعين صباحا لا أجد عنده فيها خصيما [3] ، وكان يلي الخيل لعمر، وكان يقَالُ له سلمان الخيل، وهو كان [4] الأمير في غزاة بلنجر.
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنِ [أَبِي بكر بن [5]] أبي شيبة، [قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة [5]] ، قال: حدثنا أبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ بلنجر [6] ، فحرج عَلَيْنَا أَنْ نَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّ الْغَنِيمَةِ، وَرَخَّصَ لنا في الغربال والحبل والمنخل.
__________
[1] أ: جعله قاضيا.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: خصما.
[4] في أ: وكان الأمير.
[5] ليس في أ.
[6] بلنجر: مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب (ياقوت) .(2/632)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ وعمّه يذكران، قالا قال سلمان ابن رَبِيعَةَ: قَتَلْتُ بِسَيْفِي هَذَا مِائَةَ مُسْتَلْئِمٍ، كُلُّهُمْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، مَا قَتَلْتُ رَجُلا مِنْهُمْ صَبْرًا.
وقتل سلمان بن ربيعة سنة ثمان وعشرين ببلنجر من بلاد أرمينية، وكان عمر قد بعثه إليها، ولم يقتل إلا في زمن عثمان وقيل: بل قتل ببلنجر سنة تسع وعشرين، وقيل: سنة ثلاثين وقيل:
سنة إحدى وثلاثين. روى عنه عدي بن عدي، والضّبىّ بن معبد، والبراء ابن قيس، وأبو وائل شقيق بن سلمة.
(1012) سلمان بن صخر،
هو سلمة بن صخر، كان يقَالُ له سلمان، وقد ذكرناه في باب سلمة، [والحمد للَّه أولا وآخر [1]] .
(1013) سلمان بن عامر بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث بن تيم [2] بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر الضبي،
قَالَ بعض أهل العلم بهذا الشأن: لَيْسَ في الصحابة من الرواة ضبي غير سلمان بن عامر هذا. وَقَالَ ابن أبي خيثمة: وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني ضبة عتاب بن شمير.
سكن سلمان بن عامر البصرة، وله بها دار قريب من الجامع. روى عنه محمد بن سيرين، والرباب، وهي الرباب بنت صليع [3] بن عامر بنت أخى سلمان بن عامر.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: زيد.
[3] في هامش ى: بمهملتين. وفي أسد الغابة. وتاج العروس بالضاد.(2/633)
(1014) سلمان الفارسي، أبو عبد الله،
يقَالُ: إنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف بسلمان الخير، كان أصله من فارس من رامهرمز، من قرية يقال لها جيّ. ويقال: بل كان أصله من أصبهان لخبر قد ذكرته في التمهيد، وهناك ذكرت حديث إسلامه بتمامه، وكان إذا قيل له: ابن من أنت؟ قال: أنا سلمان ابن الإسلام من بني آدم.
وروى أبو إسحاق السبيعي، عن أبي قرة الكندي، عن سلمان الفارسي، قَالَ: كنت من أبناء أساورة فارس- في حديث طويل ذكره.
وكان سلمان يطلب دين الله تعالى، ويتبع من يرجو ذَلِكَ عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذَلِكَ على مشقات نالته، وذلك كله مذكور في خبر إسلامه.
وذكر سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي أنه تداوله في ذَلِكَ بضعة عشر ربا، من رب إلى رب، حتى أفضى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن الله عليه بالإسلام.
وقد روي من وجوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه على العتق.
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. قَالَ [1] : حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ الله ابن بريدة، عن أبيه، أنّ سلمان الْفَارِسِيّ أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةٍ، فَقَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، إِنَّا- أَهْلَ الْبَيْتِ- لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ. فَرَفَعَهَا ثُمَّ جَاءَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا، فَقَالَ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا، فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوم، من
__________
[1] في أ: عن.(2/634)
الْيَهُودِ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَى أَنْ يَغْرِسَ لهم كذا وكذا من النخل بعمل فِيهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُدْرِكَ، فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَأَطْعَمَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ غَرَسَهَا؟ فَقَالُوا: عُمَرُ. فَقَلَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَرَسَهَا، فَأَطْعَمَتْ مِنْ عَامِهَا. وَذَكَرَ مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: دَخَلَ قَوْمٌ عَلَى سَلْمَانَ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدَائِنِ وَهُوَ يَعْمَلُ هَذَا الْخُوصَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَعْمَلُ هَذَا وَأَنْتَ أَمِيرٌ يَجْرِي عَلَيْكَ رِزْقٌ؟ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ آكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِي.
وَذَكَرَ أَنَّهُ تَعَلَّمَ عَمَلَ الْخُوصِ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ بَعْضِ مَوَالِيهِ.
أول مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، فَقَالَ أبو سفيان وأصحابه، إذ رأوه: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. وقد قيل: إنه شهد بدرا، وأحدا، إلا أنه كان عبدا يومئذ، والأكثر أن أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذَلِكَ مشهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان خيرا فاضلا حبرا عالما زاهدا متقشفا.
ذكر هشام بن حسان، عن الحسن، قَالَ: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.
وذكر ابن وهب وابن نافع عن مالك قَالَ: كان سلمان يعمل الخوص بيده، فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئا. قَالَ: ولم يكن له بيت، وإنما كان يستظل بالجذور والشجر، وإن رجلا قَالَ له: ألا أبنى لك بيتا تسكن فيه؟ فقال:(2/635)
ما لي به حاجة، فما زال به الرجل حتى قَالَ له: إني أعرف البيت الذي يوافقك.
قَالَ: فصفه لي. قَالَ: أبني لك بيتا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإن أنت مددت فيه رجليك أصاب أصابعهما الجدار. قَالَ: نعم، فبنى له [بيتا كذلك [1]] .
وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أنه قَالَ: لو كان الدين عند الثريا لناله سلمان. وفي رواية أخرى: لناله رجال من فارس. وروينا عن عائشة [أم المؤمنين [2]] رضي الله عنها، قالت: كان لسلمان مجلس من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّهُمْ: عَلِيٌّ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ. وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: [كَانَ [3]] سَلْمَانُ صَاحِبَ الْكِتَابَيْنِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عن سلمان. فقال: علم
__________
[1] ليس في أ.
[2] من أ.
[3] ليس في أ.(2/636)
الْعِلْمَ الأَوَّلَ وَالآخِرَ، بَحْرٌ لا يَنْزِفُ، وَهُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ. هَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ.
وَفِي رِوَايَةِ زَادَانَ [أَبِي عُمَرَ [1]] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مِثْلُ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ خَبَرِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وَقَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ: سَلْمَانُ حُشِيَ عِلْمًا وَحِكْمَةً.
وَذَكَرَ مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، أَخْبَرَنَا بهز، أَخْبَرَنَا بَهْزُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بْنِ عَمْرٍو- أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ وَبِلالٍ فِي نَفَرٍ، فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ. وَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لِئَنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ جَلَّ وَعَلا، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ، أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لا، يَا أَبَا بَكْرٍ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الشَّامَ نَزَلَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ.
وَرَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ أَنَّ سَلْمَانَ جَاءَ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُبْتَذَلَةً فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ:
فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَحَّبَ سلمان وَقَرَّبَ لَهُ طَعَامًا. قَالَ سَلْمَانُ: اطْعَمْ. قَالَ:
إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا مَا طَعِمْتَ، إِنِّي لَسْتُ بِآكِلٍ حَتَّى تَطْعَمَ.
قَالَ: وَبَاتَ سَلْمَانُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَلَمَّا كَانَ الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان.
قَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. قال: فلما كان وجه الصبح قال:
__________
[1] ليس في أ.(2/637)
قُمِ الآنِ. فَقَامَا فَصَلَّيَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ سَلْمَانُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ.
ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ [1] عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ ابن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ أَخْبَارٌ حِسَانٌ وَفَضَائِلُ جَمَّةٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
توفي سلمان رضي الله عنه في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين. وقيل:
بل توفي سنة ست وثلاثين في أولها. وقيل: توفى في [آخر [2]] خلافة عمر.
والأول أكثر، والله أعلم.
قَالَ الشعبي: توفي سلمان في علية لأبي [3] قرة الكندي بالمدائن.
روى عنه من الصحابة ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو الطفيل.
يعد في الكوفيين. روينا عن سلمان أنه تلا هذه الآية ... «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [4] » . 6: 82 فَقَالَ له زيد بن صوحان: يا أبا عبد الله، وذكر الخبر.
باب سلمة
(1015) سلمة بن أسلم بن حريش [5] بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن عدي بن مالك بن الأوس الأنصاري الحارثي،
شهد بدرا والمشاهد كلها. وقتل يوم جسر أبي عبيد سنة أربع عشرة، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. وقيل: بل قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة يوم جسر أبى عبيد، يكنى
__________
[1] في أ: عوف.
[2] ليس في أ.
[3] من أ: ابن.
[4] سورة الأنعام: 82.
[5] في الطبقات: حريس.(2/638)
أبا سعد [1] يقَالُ: إنه الذي أسر السائب بن عبيد والنعمان بن عمرو يوم بدر، ذكر ذَلِكَ أبو حاتم الرازي.
(1016) سلمة بن الأكوع،
هكذا يقول جماعة أهل الحديث، ينسبونه إلى جده وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع. والأكوع هو سنان بن عبد الله بن قشير [2] ابن خزيمة بن مالك بن سلامان بن الأفصى [3] الأسلمي. يكنى أبا مسلم، وقيل: يكنى أبا إياس. وَقَالَ بعضهم: يكنى أبا عامر، والأكثر أبو إياس، [بابنه إياس [4]] ، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن بالربذة، وتوفي بالمدينة سنة أربع وسبعين، وهو ابن ثمانين سنة، وهو معدود في أهلها، وكان شجاعا راميا سخيا خيرا فاضلا.
روى عنه جماعة من تابعي أهل المدينة. قَالَ ابن إسحاق: وقد سمعت أن الذي كلمه الذئب سلمة بن الأكوع، قَالَ سلمة: رأيت الذئب قد أخذ ظبيا، فطلبته حتى نزعته منه، فقال: ويحك! ما لي ولك [5] ؟ عمدت إلى رزق رزقنيه الله، لَيْسَ من مالك تنتزعه مني؟ قَالَ: قلت: أيا عباد الله، إن هذا لعجب، ذئب يتكلم. فَقَالَ الذئب: أعجب من هذا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان. قَالَ: فلحقت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمت. فاللَّه أعلم أي ذَلِكَ كان. ذكر ذَلِكَ ابن إسحاق بعد ذكر ارفع بن عميرة الذي كلمه الذئب على حسب ما تقدم
__________
[1] في أ: أبا سعيد، وما في أسد الغابة مثل ى.
[2] في ى: قيس. والمثبت من أ، وأسد الغابة.
[3] في أ: ابن أسلم بن أفصى. وفي أسد الغابة: بن أسلم الأسلمي.
[4] من أ.
[5] في أ: ما لي ولك ولها.
(م 15- الاستيعاب- ثان)(2/639)
من ذَلِكَ في بابه من هذا الكتاب. عمر سلمة بن الأكوع عمرا طويلا. روى عنه ابنه إياس بن سلمة، ويزيد بن أبي عبيد. وروى عنه يزيد بن خصيفة. وَقَالَ يزيد بن أبي عبيد، قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية؟ قَالَ: على الموت. قَالَ يزيد: وسمعت سلمة ابن الأكوع يقول: غزوت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبع غزوات، وخرجت فيما بعث من البعوث سبع غزوات. وَقَالَ عنه ابنه إياس: ما كذب أبي قط. وروى عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ: خير رجالنا سلمة بن الأكوع. وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ موسى بن عبيدة، عن إياس ابن سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيَّنَا نَحْنُ قَائِلُونَ نَادَى مُنَادٍ: أَيُّهَا النَّاسُ، الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ، فَثُرْنَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَبَايَعْنَاهُ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ.. 48: 18. الآية.
(1017) سلمة بن أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث التميمي [2]
أخو يعلى ابن أمية. كوفي، له حديث واحد، لَيْسَ يوجد إلا عند ابن إسحاق. روى عنه صفوان بن يعلى ابن أخيه.
(1018) سلمة بن بديل بن ورقاء الخزاعي.
قَالَ ابن أبي حاتم: كانت له صحبة، ولم أر روايته إلا عَنْ أَبِيهِ. روى عنه ابنه عبد الله بن سلمة.
(1019) سلمة بن ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي،
شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا هو وأخوه عمرو بن ثابت. وذكر
__________
[1] سورة الفتح: 18.
[2] في أ: التيمي. وفي أسد الغابة: من بنى تميم.(2/640)
ابن إسحاق قَالَ: وزعم لي عاصم بن عمر بن قتادة أن أباهما ثابتا وعمهما رفاعة ابن وقش قتلا يومئذ.
قَالَ ابن إسحاق: قتل سلمة بن ثابت يوم أحد أبو سفيان بن حرب.
(1020) سلمة بن حاطب بن عمرو بن عتيك بن أمية بن زيد،
شهد بدرا وأحدا.
(1021) سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي،
وأمه سلمى بنت سلمة بن خالد بن عدي، أنصارية حارثية، يكنى أبا عوف، شهد العقبة الأولى والعقبة الآخرة في قول جميعهم، ثم شهد بدرا والمشاهد كلها، واستعمله عمر على اليمامة، ثم توفي سنة خمس وأربعين بالمدينة، وهو ابن سبعين سنة. روى عنه محمود بن لبيد وجبيرة والد زيد بن جبيرة.
(1022) سلمة بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم القرشي المخزومي،
ربيب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمه أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول أهل العلم بالنسب: إنه الذي عقد لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أمه أم سلمة، فلما زوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب أقبل على أصحابه، فَقَالَ: تروني كافأته! وكان سلمة أسن من أخيه عمر بن أبي سلمة، وعاش إلى خلافة عبد الملك ابن مروان، لا أحفظ له رواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد روى أخوه عمر [1] .
(1023) سلمة بن صخر بن حارثة الأنصاري
ثم البياضي، مدني [2] . ويقَالَ له
__________
[1] في أ: وقد روى عنه عمر أخوه.
[2] في أ: مدينى.(2/641)
سلمان بن صخر، وسلمة أصح، وهو الذي ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفّر، وكان أحد البكاءين.
(1024) سلمة بن قيس الأشجعي،
من أشجع بن ريث بن غطفان، كوفي.
روى عنه هلال بن يساف، وأبو إسحاق السبيعي.
(1025) سلمة بن قيس الجرمي،
هكذا بكسر اللام [1] ، وهو والد عمرو بن سلمة الجرمي، له صحبة، بصري. روى عنه ابنه عمرو بن سلمة.
(1026) سلمة بن المحبق [2] ،
ويقَالَ: سلمة بن ربيعة المحبق الهذلي. من هذيل ابن مدركة بن إلياس بن مضر. واسم المحبق صخر بن عبيد بن الحارث. يكنى سلمة أبا سنان بابنه سنان بن سلمة بن المحبق. يعد في البصريين. روى عنه قبيصة بن حريث، وجون بن قتادة.
(1027) سلمة بن مسعود بن سنان الأنصاري.
من بني غنم بن كعب، قتل يوم اليمامة شهيدا.
(1028) سلمة بن الميلاء الجهني،
قتل يوم فتح مكة، كان في خيل خالد بن الوليد.
(1029) سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي،
كوفي. روى عنه سالم بن أبي الجعد، له ولأبيه نعيم صحبة. يعد في الكوفيين.
(1030) سلمة بن نفيع الجرمي،
له صحبة، روى عنه جابر الجرمي.
(1031) سلمة بن نفيل السكوني،
ويقَالَ له التراغمي، هو من حضرموت، أصله من اليمن، وسكن حمص. حديثه عند أهل الشام. روى عنه جبير بن نفير، وضمرة بن حبيب.
__________
[1] ستأتي ترجمته مرة أخرى في أفراد السين.
[2] في أسد الغابة: قال أبو أحمد العسكري، أصحاب الحديث يقولون المحبق- بفتح الباء.
وقرأته على أبى بكر الجوهري فأنكره وقال المحبق بكسر الباء: 2- 338.(2/642)
(1032) سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشي المخزومي،
كان من مهاجرة الحبشة، وكان من خيار الصحابة وفضلائهم، كانوا خمسة إخوة: أبو جهل، والحارث، وسلمة، والعاص، وخالد. فأما أبو جهل والعاص فقتلا ببدر كافرين، وأسر خالد يومئذ، ثم فدى، ومات كافرا. وأسلم الحارث وسلمة، وكانا من خيار المسلمين. وكان سلمة قديم الإسلام، واحتبس بمكة وعذب في الله عز وجل، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو له في صلاته، يقنت بالدعاء له ولغيره من المستضعفين بمكة، ولم يشهد سلمة بدرا [لما وصفنا [1]] .
قتل يوم مرج الصفر سنة أربع عشرة في خلافة عمر. وقيل: بل قتل بأجنادين سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى قبل موت أبي بكر بأربع وعشرين ليلة.
ذكر الواقدي أنّ مسلمة بن هشام لما لحق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، وذلك بعد الخندق، قالت له أمه ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة ابن قشير:
لاهمّ [2] رب الكعبة المحرمة ... أظهر على كل عدو سلمة
له يدان في الأمور المبهمة ... كف بها يعطي وكف منعمة
فلم يزل سلمة مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فخرج مع المسلمين إلى الشام حين بعث أبو بكر الجيوش لقتال الروم،
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: اللَّهمّ.(2/643)
فقتل سلمة شهيدا بمرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة، وذلك في أول خلافة عمر رضى الله عنه.
(1033) سلمة بن يزيد بن مشجعة كوفي،
اختلف أصحاب الشعبي وأصحاب سماك في اسمه، فَقَالَ بعضهم: سلمة بن يزيد، وبعضهم قَالَ: يزيد بن سلمة، وَرَوَى عَنْهُ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مُرَّةَ. حَدِيثُ عَلْقَمَةَ عَنْهُ مَرْفُوعًا: الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ إِلا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الإِسْلامَ فَتُسْلِمَ. وَحِديثَ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ مَرْفُوعًا عَنْهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ الله عز وجل [1] : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً. 56: 35 يَعْنِي مِنَ الثَّيِّبِ وَالأَبْكَارِ.
جَعَلَهُنَّ كُلَّهُنَّ أَبْكَارًا عربا أترابا.
(1034) سلمة الأنصاري.
أبو يزيد بن سلمة جد عبد الحميد بن يزيد بن سلمة.
حديثه عند أهل البصرة مرفوعا في تخيير الصغير بين أبوابه إذا وقعت الفرقة بينهما. وقد قيل: إنه والد عبد الحميد بن سلمة لا جده، وذلك غلط، والصواب ما قدمنا ذكره. حديثه عند عثمان البتي، عن عبد الحميد، عَنْ أبيه، عن جدّه.
(1035) سلمة بن العنزي [2] .
ويقَالَ: سلمة بن سعيد بن صريم العنزي.
حديثه مرفوعا: نعم الحي عنزة مبغيّ عليهم منصورون قوم شعيب وأخبار موسى عليهما السلام ... الحديث. لم يرو عنه غير ابنه سعد بن سلمة.
__________
[1] سورة الواقعة: 56.
[2] في أ: سلمة بن سعد العنزي.(2/644)
باب سلمى
(1036) سلمى بن حنظلة السحيمي،
أبو سالم، له حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس له غيره.
(1037) سلمى بن القين.
قَالَ ابن الكلبي: سلمى بن القين صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
باب سليط
(1038) سليط بن سفيان بن خالد بن عوف.
له صحبة. هو أحد الثلاثة الذين بعثهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلائع في آثار المشركين يوم أحد.
(1039) سليط بن سليط بن عمرو العامري،
شهد مع أبيه سليط اليمامة.
قَالَ ابن إسحاق: وقتل هنالك. وَقَالَ أبو معشر: لم يقتل هنالك. والصواب ما قاله أبو معشر إن شاء الله تعالى، لأن الزبير ذكر في خبره أن عمر بن الخطاب لما كسا أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحلل فضلت عنده حلة، فَقَالَ:
دلوني على فتى هاجر هو وأبوه، فدلوه على عبد الله بن عمر، فَقَالَ: لا، ولكن سليط بن سليط، فكساه إياها.
(1040) سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي القرشي العامري،
أخو سهيل بن عمرو، وكان من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين. وذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا، ولم يذكره غيره في البدريين، وهو الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة(2/645)
ابن علي الحنفي وإلى ثمامة بن أثال الحنفي، وهما رئيسا اليمامة، وذلك في سنة ست أو سبع. ذكر الواقدي وابن إسحاق إرساله إلى هوذة. وزاد ابن هشام وثمامة.
وقتل سنة أربع عشرة.
(1041) سليط بن قيس بن عمرو بن عبيد بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم ابن عدي بن النجار الأنصاري،
شهد بدرا وما بعدها من المشاهد كلها، وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا. روى عنه ابنه عبد الله بن سليط.
(1042) سليط التميمي،
له صحبة. يعد في البصريين. روى عنه الحسن البصري ومحمد بن سيرين. ومن حديث محمد بن سيرين [1] أنه قَالَ في يوم الدار: نهانا عثمان رضي الله عنه عن قتالهم، ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم عن [2] أقطارها.
باب سليم
(1043) سليم بن ثابت بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل،
شهد أحدا والخندق والحديبية وخيبر، وقتل يوم خيبر شهيدا.
(1044) سليم بن جابر، أبو جرى الهجيمي.
ويقَالَ: جابر بن سليم. وهذا أصح إن شاء الله تعالى، وقد تقدم ذكره في باب الجيم، له صحبة وسماع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه أبو رجاء العطاردي، وأبو تميمة الهجيمي، وعقيل ابن طلحة، وغيره.
(1045) سليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار ابن النجار،
شهد بدرا. وقد قيل: إن سليم بن الحارث هذا عبد لبني دينار بن
__________
[1] في أ: ر من حديث ابن سيرين عنه.
[2] في أ: من.(2/646)
النجار، [شهد بدرا [1]] . وقد قيل: إنه أخو الضحاك بن الحارث بن ثعلبة. وقيل:
إن الضحاك أخو سليم والنعمان ابني عبد عمرو بن مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة ابن دينار لأمهما، وكلهم شهد بدرا.
(1046) سليم بن عامر، أبو عامر.
وليس بالخبائري [2] . قَالَ أبو زرعة الرازي:
أدرك سليم بن عامر هذا الجاهلية، غير أنه لم ير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهاجر في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمار بن ياسر رضي الله عنهم أجمعين.
(1047) سليم بن عقرب،
ذكره بعضهم في البدريين، لا أعرفه بغير ذلك.
(1048) سليم بن عمرو بن حديدة،
ويقَالَ سليم بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، شهد العقبة وشهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا مع مولاه عنترة.
(1049) سليم بن قيس بن قهد [3] .
ويقَالَ ابن قهيد. والأشهر والأكثر قهد.
واسم قهد خالد بن قيس بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن [مالك بن [4] النجار الأنصاري، شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتوفي في خلافة عثمان. وقد ذكرنا أباه قيس بن قهد في بابه من هذا الكتاب. وأخت سليم هذا خولة بنت قيس بن قهد زوجة حمزة بن عبد المطلب، وقد ذكرناها أيضا في بابها من هذا الكتاب [بما أغنى عن الإعادة [5]] .
__________
[1] ليس في أ.
[2] في التقريب: ويقال الخبائرى.
[3] في الإصابة- بالقاف. وفي أ: بالفاء.
[4] من أ.
[5] ليس في أ.(2/647)
(1050) سليم أبو كبشة مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كان من مولدي أرض [1] دوس، مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقيل: بل مات في اليوم الذي استخلف فيه عمر بن الخطاب. روى عنه أزهر بن سعد الحرازي وأبو البختري الطائي، ولم يسمع منه. وأبو عامر الهوزني، وأبو نعيم بن زياد.
يعد في أهل الشام.
(1051) سليم بن ملحان، واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن عبد بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري،
شهد بدرا مع أخيه حرام بن ملحان، وشهد معه أحدا، وقتلا جميعا يوم بئر معونة شهيدين رضي الله عنهما، وهما أخوا أم سليم بنت ملحان. قَالَ ابن عقبة: ولا عقب لهما.
(1052) سليم الأنصاري السلمي،
يعد في أهل المدينة. روى عنه معاذ بن رفاعة.
أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا صَخْرٌ [2] ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ [يُقَالَ لَهُ سُلَيْمٌ [3]] أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن معاذا يأتينا بعد ما نَنَامُ وَنَكُونُ فِي أَعْمَالِنَا بِالنَّهَارِ، فَيُنَادِي بِالصَّلاةِ، فَنَخْرُجُ إِلَيْهِ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَا مُعَاذُ، لا تَكُنْ فَتَّانًا، إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي، وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا سُلَيْمُ، مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: مَعِي أَنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ، مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هَلْ تَصِيرُ دَنْدَنَتِي وَدَنْدَنَةُ مُعَاذٍ إِلا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ باللَّه مِنَ النَّارِ.
__________
[1] في أسد الغابة: كان من مولدي السراة.
[2] في أ: ابن إسحاق.
[3] ليس في أ.(2/648)
قَالَ سُلَيْمٌ: سَتَرَوْنَ غَدًا إِذَا لاقَيْنَا الْقَوْمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالنَّاسُ يَتَجَهَّزُونَ إِلَى أُحُدٍ. فخرج فكان أول الشهداء.
(1053) سليم السلمي،
رجل من بني سليم. روى عنه أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير. يعد في أهل البصرة.
(1054) سليم العذري.
قدم [على [1]] النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد عذرة، وكانوا اثنى عشر [يعنى رجلا [1]] فأسلموا. لا أعلم له رواية.
باب سليمان
(1055) سليمان بن أبي حثمة بن غانم بن عامر [بن عبد الله [2]] بن عبيد ابن عويج [3] بن عدي بن كعب القرشي البدري،
هاجر صغيرا مع أمه الشفاء، وكان من فضلاء المسلمين وصالحيهم، واستعمله عمر على السوق، وجمع عليه وعلى أبي بن كعب الناس ليصليا بهم في شهر رمضان، وهو معدود في كبار التابعين.
(1056) سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون بن منقذ بن ربيعة بن أصرم الخزاعي،
من ولد كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحي بن حارثة بن عمرو ابن عامر، وهو ماء السماء [عامر [2]] بن الغطريف، والغطريف هو حارثة ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن، وقد ثبت نسبه في خزاعة لا يختلفون فيه،
__________
[1] من أ.
[2] من أ.
[3] في أسد الغابة: عريج.(2/649)
يكنى أبا مطرف، كان خيرا فاضلا، له دين وعبادة، كان اسمه في الجاهلية يسارا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سليمان، سكن الكوفة، وابتنى بها دارا في خزاعة، وكان نزوله بها في أول ما نزلها المسلمون، وكان له سن عالية، وشرف وقدر، وكلمة في قومه، شهد مع علي صفين، وهو الذي قتل حوشبا ذا ظليم الألهاني بصفين مبارزة، ثم اختلط الناس [يومئذ [1]] .
وكان فيمن كتب إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما يسأله القدوم إلى الكوفة، فلما قدمها ترك القتال معه، فلما قتل الحسين ندم هو، والمسيب بن نجبة الفزاري، وجميع من خزله إذ لم يقاتلوا معه، ثم قالوا: ما لنا من توبة مما فعلنا إلا أن نقتل أنفسنا في الطلب بدمه، فخرجوا فعسكروا بالنخيلة، وذلك مستهل ربيع الآخر سنة خمس وستين، وولوا أمرهم سليمان بن صرد، وسموه أمير التوابين، ثم ساروا [2] إلى عبيد الله بن زياد، فلقوا مقدمته في أربعة آلاف عليها شرحبيل ابن ذي الكلاع، فاقتتلوا، فقتل سليمان بن صرد والمسيب [بن نجبة [3]] بموضع يقَالُ له عين الوردة. وقيل: إنهم خرجوا إلى الشام في الطلب بدم الحسين رضي الله عنه، فسموا التوابين، وكانوا أربعة آلاف، فقتل سليمان بن صرد، رماه يزيد بن الحصين بن نمير بسهم فقتله، وحمل رأسه ورأس المسيب بن نجبة إلى مروان بن الحكم أدهم بن محيريز [4] الباهلي، وكان سليمان يوم قتل ابن ثلاث وتسعين سنة.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: صاروا.
[3] من أ.
[4] في أ: محرز.(2/650)
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ، حدثنا ابن وضاح، حدثنا أبو بكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ- أَنَّ رَجُلَيْنِ تَلاحَيَا فَاشْتَدَّ غَضَبُ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا سَكَنَ غَضَبُهُ: أَعُوذُ باللَّه مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ،
(1057) سليمان بن عمرو بن حديدة الأنصاري الخزرجي.
قتل هو ومولاه عنترة يوم أحد شهيدين، والأكثر يقولون في هذا سليم الخزرجي، وكذلك قَالَ ابن هشام، وقد ذكرناه في باب سليم، وذلك الأصح فيه إن شاء الله تعالى.
(1058) سليمان،
رجل من الصحابة، حديثه عند عروة بن رويم، عن شيخ من خزاعة [1] ، عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يقول: إنكم ستجندون أجنادا وتكون لكم ذمة وخراج. ذكره أبو زرعة في مسند الشاميين، وذكره أبو حاتم في كتاب الوحدان، وكلاهما قَالَ فيه [سليمان [2]] صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب سماك
(1059) سماك بن ثابت الأنصاري،
من بني الحارث بن الخزرج، مذكور في الصحابة.
(1060) سماك بن خرشة.
ويقال سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود ابن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر، أبو دجانة الأنصاري. هو مشهور بكنيته، شهد بدرا، وكان أحد الشجعان، له مقامات
__________
[1] في أ: جرش.
[2] ليس في أ.(2/651)
محمودة في مغازي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو من كبار الأنصار، استشهد يوم اليمامة.
روى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قَالَ: رمى أبو دجانة بنفسه في الحديقة يومئذ فانكسرت رجله، فقاتل حتى قتل. وقد قيل: إنه عاش حتى شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صفين، والله أعلم، وإسناد حديثه في الحرز المنسوب إليه ضعيف.
(1061) سماك بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج الأنصاري.
أخو بشير بن سعد، وعم النعمان بن بشير، شهد بدرا مع أخيه بشير بن سعد، وشهد سماك أحدا. من ولده بشير بن ثابت الذي يروي عنه شعبة.
(1062) سماك بن مخرمة الأسدي،
له صحبة، وإليه ينسب مسجد سماك بالكوفة، وهو خال سماك بن حرب، وعلى اسمه سمي. وَقَالَ سيف بن عمر:
سماك بن مخرمة الأسدي، وسماك بن عبيد العبسي، وسماك بن خرشة الأنصاري، وليس بأبي دجانة، هؤلاء الثلاثة أول من ولي مسالح دستبي [1] من أرض همذان وأرض الديلم.
قَالَ سيف: وقدم هؤلاء الثلاثة على عمر بن الخطاب في وفود أهل الكوفة بالأخماس، فاستنسبهم، فانتسبوا له: سماك، وسماك، وسماك، فَقَالَ: بارك الله فيكم. اللَّهمّ اسمك بهم الإسلام وأيد بهم.
__________
[1] دستبى: كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان (ياقوت) .(2/652)
باب سمرة
(1063) سمرة بن جندب بن هلال بن جريج بن مرة بن حزن بن عمرو بن جابر ابن ذي الرئاستين،
هكذا نسبه سليمان بن سيف. وَقَالَ ابن إسحاق وغيره من أهل النسب: هو من فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان حليف للأنصار، يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: أبو عبد الله. وقيل أبو سليمان. وقيل: يكنى أبا سعيد، سكن البصرة. وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر وعلى الكوفة ستة أشهر، فلما مات زياد استخلفه على البصرة. فأقره معاوية عليها عاما أو نحوه، ثم عزله، وكان شديدا على الحرورية، كان إذا أتى بواحد منهم إليه قتله ولم يقله، ويقول: شر قتلي تحت أديم السماء يكفرون المسلمين ويسفكون الدماء. فالحرورية ومن قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه.
وكان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويجيبون [1] عنه.
وَقَالَ ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير.
وَقَالَ الحسن: تذاكر سمرة وعمران بن حصين، فذكر سمرة أنه حفظ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكتتين: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة ولا الضالين. فأنكر ذَلِكَ عليه عمران بن حصين، فكتبوا في ذَلِكَ إلى المدينة إلى أبي بن كعب، فكان في جواب أبي بن كعب: أن سمرة قد صدق وحفظ.
حَدَّثَنَا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا عبد الصمد، حَدَّثَنَا أَبُو هلال، حدثنا عبد الله بن
__________
[1] في أ: ويحملون عنه.(2/653)
صبيح، عن محمد بن سيرين، قَالَ: كان سمرة- ما [1] علمت- عظيم الأمانة، صدوق الحديث، يحب الإسلام وأهله.
وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن [علي بن [2]] مروان، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، فذكره بإسناده سواء.
وكان سمرة من الحفاظ المكثرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاته بالبصرة [في خلافة معاوية [3]] سنة ثماني وخمسين، سقط في قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها، من كزاز شديد أصابه، فسقط في القدر الحارة فمات، فكان ذَلِكَ تصديقا لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له ولأبي هريرة ولثالث معهما: آخركم موتا في النار. روى عن سمرة من الصحابة عمران بن حصين، وروى عنه كبار التابعين بالبصرة.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا محمد بن علي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ [4] بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أُمَّ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَتَرَكَ ابْنَهُ سَمُرَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ فَخُطِبَتْ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: إِنَّهَا [5] لا تتزوج إلا برجل يكفل لها نفقة
__________
[1] في أ: فيما.
[2] من أ.
[3] ليس في أ.
[4] في أ: سعد.
[5] في أ: لا أتزوج إلا رجلا.(2/654)
بنها سَمُرَةَ حَتَّى يَبْلُغَ، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَتْ مَعَهُ فِي الأَنْصَارِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعْرِضُ غِلْمَانَ الأَنْصَارِ فِي كُلِّ عَامٍ، فَمَرَّ بِهِ غُلامٌ فَأَجَازَهُ فِي الْبَعْثِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ سَمُرَةُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَدَّهُ، فَقَالَ سَمُرَةُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَجَزْتَ غُلامًا وَرَدَدْتَنِي، وَلَوْ صَارَعْتُهُ لَصَرَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَصَارِعْهُ. قَالَ: فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعْتُهُ. فَأَجَازَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَعْثِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيُّ حَلِيفٌ لِلأَنْصَارِ، يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا [عبد الرحمن بن يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن النعمان، قَالَ [1]] محمد [بن علي [1]] : حَدَّثَنَا إبراهيم بن عرعرة، حَدَّثَنَا محمد بن أبي عدي، أخبرني حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، قَالَ: سمعت سمرة بن جندب يقول: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما حدثا، فكنت أحفظ عنه، وما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالا هم أسن مني، ولقد صليت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها للصلاة وسطها. روى عنه الحسن والشعبي، وعلي بن ربيعة، وقدامة ابن وبرة.
(1064) سمرة بن عمرو بن جندب بن حجير بن رياب [2] بن سواءة.
ويقَالَ [ابن [3]] رياب [3] بن حبيب بن سواءة، أبو جابر بن سمرة السوائي، من بني سواءة بن عامر بن صعصعة.
روى عنه ابنه حديثا واحدا، ليس له غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: يكون
__________
[1] من أ.
[2] في أسد الغابة، والإصابة: رباب.
[3] ليس في أ.(2/655)
بعدي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش. ولم يروه عنه غيره، وابنه جابر بن سمرة صاحب، له رواية، وقد تقدم ذكره في بابه من هذا الكتاب.
(1065) سمرة بن معير بن لوذان بن ربيعة بن عريج بن سعد بن جمح القرشي الجمحي، أبو محذورة المؤذن.
غلبت عليه كنيته، واشتهر بها، واختلف في اسمه فقيل: أوس بن معير، وقيل سمرة بن معير. وقيل غير ذَلِكَ مما ذكرناه في بابه في الكنى من هذا الكتاب، وهناك استوعبنا القول فيه، ومات أبو محذورة بمكة سنة تسع وسبعين.
(1066) سمرة العدوي.
لا أدري هو من قريش أو غيره. روى عنه جابر بن عبد الله حديثه مع أبي اليسر في إنظار المعسر.
باب سنان
(1067) سنان بن تيم الجهني،
حليف لبني عوف بن الخزرج. ويقَالَ سنان ابن وبرة الجهني، غزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، وكان شعارهم يومئذ يا منصور، أمت أمت. يقَالَ: إنه الذي سمع عبد الله بن أبي بن سلول يقول [1] : لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ 63: 8. وقد قيل: إن الذي رفع ذَلِكَ وسمعه زيد بن أرقم، على ما قد ذكرناه في بابه، وهو الصحيح.
وإنما سنان هذا هو الذي نازع جهجاه الغفاري يومئذ، وكان جهجاه يقود فرسا لعمر بن الخطاب، وكان أجيرا له في تلك الغزاة، فبينا الناس على الماء
__________
[1] سورة المنافقون: 8.(2/656)
ازدحم جهجاه وسنان بن تيم الجهني [على الماء [1]] فاقتتلا، فصرخ الجهني:
يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبد الله بن أبي ابن سلول، فَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ 63: 8. والخبر بذلك مشهور في السير وغيرها.
(1068) سنان بن ثعلبة بن عامر بن مجدعة [2] بن جشم بن حارثة الأنصاري،
شهد أحدا.
(1069) سنان بن روح
مذكور فيمن نزل حمص من الصحابة.
(1070) سنان بن سلمة الأسلمي،
بصري. روى عنه قتادة ومعاذ بن سبرة.
في حديثه اضطراب، [لا أعرف له رواية [3]] .
(1071) سنان بن سلمة بن المحبق [4] الهذلي،
يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل يكنى أبا جبير [5] . روى وكيع عن ابنه عنه أنه قَالَ: ولدت يوم حرب كانت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسماني سنانا. وقد قيل: إنه لما ولد قَالَ أبوه سلمة بن المحبق لسنان أقاتل به في سبيل الله أحب إلي منه، فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنانا. وروى عنه أنه قَالَ: ولدت في يوم حرب كانت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذهب بي أبي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكني وتفل في في، ودعا لي، وسماني سنانا. وكان من الشجعان الأبطال الفرسان.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: محيدعة.
[3] ليس في أ.
[4] في الخلاصة بمهملة وموحدة كمعظم.
[5] هكذا في ى. وفي أ: حبترة. وفي أسد الغابة: حبتر.(2/657)
قَالَ أبو اليقظان: لما قتل عبد الله بن سوار كتب معاوية إلى زياد: انظر رجلا يصلح لثغر الهند، فوجهه. فوجه زياد سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي.
وَقَالَ خليفة بن خياط: ولي زياد سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي غزو الهند بعد قتل راشد بن عمرو الجريري [1] وذلك سنة خمسين. ولسنان هذا خبر عجيب في غزو الهند.
وتوفي سنان بن سلمة بن المحبق في آخر أيام الحجاج.
(1072) سنان بن أبي سنان الأسدي،
واسم أبي سنان وهب بن محصن بن حرثان ابن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، شهد بدرا هو وأخوه وأبوه وعمه عكاشة بن محصن، وشهدوا سائر المشاهد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسنان أول من بايع بيعة الرضوان في قول الواقدي. [وَقَالَ غيره: بل أبو سنان أول من بايع بيعة الرضوان [2]] .
وتوفي سنان بن أبي سنان سنة اثنين وثلاثين.
وَقَالَ الواقدي: أول من بايع بيعة الرضوان سنان أبي سنان [بايعه [3]] قبل أبيه. قَالَ أبو عمر: الأكثر والأشهر أن أباه أبا سنان هو أول من بايع بيعة الرضوان، والله أعلم.
(1073) سنان بن سنة الأسلمي،
مدني، له صحبة ورواية. ويقَالَ إنه عم حرملة ابن عمرو الأسلمي، والد عبد الرحمن بن حرملة. روى عنه حكيم بن أبي حرة، ويحيى بن هند، ومعاذ بن سعوة [4] .
__________
[1] في أ: الحريري.
[2] ليس في أ.
[3] من أ.
[4] في هوامش الاستيعاب: شعوة- بفتح الشين وضم العين. وقال بخطه في هامشه سعوة- بسين مهملة في تاريخ الطبري.(2/658)
(1074) سنان بن صيفي بن صخر بن خنساء الأنصاري،
من بني سلمة، شهد العقبة وشهد بدرا.
(1075) سنان بن ظهير الأسدي،
له صحبة.
(1076) سنان بن عبد الله الجهني،
روى عنه ابن عباس، عن عمته، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تقضي عن أمها مشيا إلى الكعبة، كانت نذرته أمها. من حديث محمد بن كريب، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس.
(1077) سنان بن عمرو بن طلق،
وهو من بني سعد بن قضاعة، يكنى أبا المقنع.
كانت له سابقة وشرف، شهد مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وما بعدها من المشاهد.
(1078) سنان بن مقرن.
أخو النعمان بن مقرن، له صحبة.
(1079) سنان الضمري،
استخلفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين خرج من المدينة في شأن قتال أهل الردة.
باب سهل
(1080) سهل بن بيضاء،
أخو سهيل وصفوان، أمهم البيضاء، واسمها دعد بنت الجحدم بن أمية بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك، وأبوهم وهب بن ربيعة [ابن عمرو بن عامر بن ربيعة [1]] بن هلال بن أهيب بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر، كان سهل ابن بيضاء ممن أظهر إسلامه بمكة، وهو الذي مشى إلى النفر الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبها [مشركو [2]] قريش علي بني هاشم،
__________
[1] ليس في أ.
[2] ليس في أ.(2/659)
حتى اجتمع له نفر تبرءوا من الصحيفة وأنكروها، وهم هشام بن عمرو بن ربيعة، والمطعم بن عدي بن نوفل، وزمعة بن الأسود [1] بن عبد المطلب بن أسد، وأبو البختري بن هشام بن الحارث بن أسد، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، وفي ذلك يقول أبو طالب:
جزى الله رب الناس رهطا تبايعوا [2] ... على ملأ يهدي لخير ويرشد
قعود لدى [3] جنب الحطيم كأنهم ... مقاولة، بل هم أعز وأمجد
هم رجعوا سهل ابن بيضاء راضيا ... فسر أبو بكر بها ومحمد
ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
أعان عليها كل صقر كأنه ... إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد
أسلم سهل ابن بيضاء بمكة، وأخفى [4] إسلامه [5] ، فأخرجته قريش [معهم [6]] إلى بدر، فأسر يومئذ مع المشركين، فشهد له عبد الله بن مسعود أنه رآه بمكة يصلي، فخلى عنه، لا أعلم له رواية.
ومات بالمدينة، وفيها مات أخوه سهيل وصلى عليهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد فيما رواه ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة [أم المؤمنين [7]] قالت: والله ما صلّى رسول الله
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ، وأسد الغابة: وربيعة بن الأسود.
[2] في أ: تتابعوا.
[3] قعودا إلى.
[4] في أ: وكتم.
[5] في هامش ى: كذا وجد في بعض نسخ الاستيعاب، وقد مضى في أول هذه الترجمة أنه أظهر إسلامه بمكة، وكذا ذكر في الإصابة.
[6] ليس في أ.
[7] ليس في أ.(2/660)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابني بيضاء إلا في المسجد سهل وسهيل. ورواه مالك عن أبي النضر، عن أبي سلمة، ولم يذكر فيه سهلا. وأرسل الحديث.
وقد قيل: إن سهل ابن بيضاء مات بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذلك الواقدي. وأما صفوان أخوهما فقتل ببدر مسلما، على اختلاف في ذَلِكَ، وقد ذكرناه في بابه.
(1081) سهل بن حارثة الأنصاري.
حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن ناسا كانوا قد شكوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهم سكنوا دارا وهم ذوو عدد فقلوا وفنوا. فَقَالَ: اتركوها ذميمة.
(1082) سهل بن أبي حثمة.
يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: أبا يَحْيَى. وقيل:
أبا محمد. واختلف في اسم أبيه، فقيل: عبيد الله بن ساعدة. وقيل: عامر بن ساعدة. وقيل: عبد الله بن ساعدة بن عامر بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس.
ولد سهل بن أبي حثمة سنة ثلاث من الهجرة. قَالَ أحمد بن زهير: سمعت سعد بن عبد الحميد يقول: سهل بن أبي حثمة من بني حارثة من الأوس.
قَالَ الواقدي: قبض رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين، ولكنه حفظ عنه فروى وأتقن. وذكر أبو حاتم الرازي أنه سمع رجلا من ولده يقول:
[سهل بن أبي حثمة [1]] كان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ تحت الشجرة، وكان دليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أحد، وشهد المشاهد كلها إلا بدرا، والذي قاله الواقدي أظهر، والله أعلم.
__________
[1] ليس في أ.(2/661)
قال أبو عمر: وهو معدود في أهل المدينة، وبها كانت وفاته. روى عنه نافع بن جبير، وبشير بن يسار، وعبد الرحمن بن مسعود، وابن شهاب، وما أظن ابن شهاب سمع منه.
(1083) سهل ابن الحنظلية،
والحنظلية أمه، وقيل: هي أم جده، وهو سهل بن الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد الأنصاري [الحارثي [1]] ، من بني حارثة بن الحارث من [2] الأوس. قَالَ أبو مسهر: سهل ابن الحنظلية أنصاري حارثي، من بني حارثة بن الحارث من الأوس، كان ممن بايع تحت الشجرة، وكان فاضلا عالما معتزلا عن الناس، كثير الصلاة والذكر لا يجالس أحدا، سكن الشام ومات بدمشق في أول خلافة معاوية، ولا عقب له.
قَالَ أبو مسهر: قَالَ سعيد بن عبد العزيز: كان سهل ابن الحنظلية لا يولد له، فكان يقول لي: لأن يكون لي سقط في الإسلام أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. له أخ يسمى سعدا وأخ يسمى عقبة، ولهم صحبة.
(1084) سهل بن حنيف بن واهب [3] بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو بن خناس.
ويقَالَ: ابن خنساء بن عوف بن عمرو بن عوف ابن مالك بن الأوس، يكنى أبا سعيد. وقيل: أبا سعد. وقيل: أبا عبد الله.
وقيل: أبا الوليد. وقيل: أبا ثابت.
شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثبت يوم أحد، وكان بايعه يومئذ على الموت، فثبت معه حين انكشف الناس عنه، وجعل
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: بن.
[3] ى: وهب، والمثبت من ى، وأسد الغابة، وتهذيب التهذيب.(2/662)
ينضح بالنبل يومئذ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نبلوا سهلا فإنه سهل. ثم صحب عليا رضي الله عنه من حين بويع له، وإياه استخلف علي رضي الله عنه حين خرج من المدينة إلى البصرة، ثم شهد مع علي صفين، وولاه على فارس، فأخرجه أهل فارس، فوجه علي زيادا فأرضوه وصالحوه، وأدوا الخراج.
ومات سهل بن حنيف بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه علي وكبر ستا. روى عنه ابنه وجماعة معه.
(1085) سهل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
له أخ أيضا يسمى سهيلا. وهما اليتيمان اللذان كان لهما المربد الذي بنى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه المسجد، كانا يتيمين في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة، لم يشهد بدرا وشهدها [1] أخوه سهيل.
(1086) سهل بن رافع بن خديج بن مالك بن غنم بن سري بن سلمة بن أنيف الأنصاري
صاحب الصاع. ويقَالَ له: صاحب الصاعين الذي لمزه المنافقون لما أتى بصاعي تمر زكاة ماله، فيه نزلت [2] : «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ.. 9: 79. الآية» لا أدري أكان الذي قبله أم لا.
(1087) سهل بن الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري، الحارثي،
شهد أحدا.
__________
[1] في ى: وشهد بها.
[2] سورة التوبة 80.(2/663)
(1088) سهل بن رومي بن وقش بن زغبة الأنصاري الأشهلي.
قتل يوم أحد شهيدا، ذكره الواقدي.
(1089) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن [الخزرج بن [1]] الحارث بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الساعدي الأنصاري،
يكنى أبا العباس.
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يزيد بن زريع، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، عن الزهري، قال: قلت لسهل بن سعد، ابن كم كنت يومئذ- يعني يوم المتلاعنين؟
قَالَ: ابن خمس عشرة سنة.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا الحكم ابن نَافِعٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة. وعمّر سهل ابن سَعْدٍ حَتَّى أَدْرَكَ الْحَجَّاجَ [وَامْتُحِنَ بِهِ [3]] ، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ. وَغَيْرُهُ قَالَ: وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ فِي سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يُرِيدُ إِذْلالَهُ.
قَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنْ نُصْرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُهُ. قَالَ:
كَذَبْتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَخُتِمَ فِي عُنُقِهِ، وَخُتِمَ أَيْضًا فِي عُنُقِ أَنَسِ [بْنِ مَالِكٍ [4]] حَتَّى وَرَدَ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِ، وَخُتِمَ فِي يَدِ جَابِرٍ، يُرِيدُ إِذْلالَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَنْ يَجْتَنِبَهُمُ الناس ولا يسمعوا منهم.
__________
[1] من أ.
[2] في أ: عبيد الله.
[3] من أ.
[4] ليس في أ.(2/664)
وَاختلف [1] في وقت وفاة سهل بن سعد. فقيل: توفي سنة ثمان وثمانين [2] وهو ابن ست وتسعين سنة. وقيل: توفي سنة إحدى وتسعين، وقد بلغ مائة سنة.
ويقَالَ: إنه آخر من بقي بالمدينة من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَكَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: لَوْ مُتُّ لَمْ تَسْمَعُوا أَحَدًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وأحمد بن منصور الرمادي، قالوا: حدثنا أبا سُفْيَانَ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ دِينَارٍ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: كَانَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1090) سهل بن أبي سهل.
مخرج حديثه عن أهل مصر. رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تَهَادَوْا فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الأَضْغَانَ [3] .
(1091) سهل بن صخر،
له صحبة ورواية، حديثه عند يوسف بن خالد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أنه أوصى فَقَالَ: يا بني، إذا ملكت ثمن عبد فاشتر عبدا، فإن الجدود في نواصي الرجال.
(1092) سهل بن عامر بن [عمرو بن [4]] ثقف الأنصاري،
قتل مع عمه سهل ابن عمرو شهيدين يوم بئر معونة.
__________
[1] في أ: واختلفوا.
[2] في أ: وثلاثين.
[3] في أ: تذهب بالأضقان.
[4] من أ.(2/665)
(1093) سهل بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر،
وعامر هذا هو الذي يقَالُ له مبذول بن مالك بن النجار الأنصاري، شهد العقبة، ثم شهد بدرا، لا عقب له، هكذا قَالَ جمهور أهل السير: سهل بن عتيك. وَقَالَ أبو معشر: سهل بن عبيد. قَالَ الطبري: وهو خطأ عندهم.
(1094) سهل بن عدي بن زيد بن عامر بن عمرو بن جشم أخي عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج.
قتل يوم أحد شهيدا.
(1095) سهل بن عمرو العامري،
أخو سهيل بن عمرو، كان من مسلمة الفتح ومات في خلافة أبي بكر أو صدر خلافة عمر رضي الله عنه.
(1096) سهل بن عمرو بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي،
شهد أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1097) سهل بن قيس بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي،
شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا.
(1098) سهل بن مالك بن عبيد بن قيس. ويقَالَ: سهل بن عبيد بن قيس.
ولا يصح سهل بن عبيد، ولا سهل بن مالك، ولا تثبت لأحدهما صحبة ولا رواية.
يقَالُ: إنه حجازي، سكن المدينة، لم يرو عنه إلا ابنه مالك بن سهل أو يوسف ابن سهل. ومن قَالَ: سهل بن مالك، جعل ابنه يوسف بن سهل. ومن قَالَ:
سهل بن عبيد جعل ابنه مالك بن سهل. حديثه يدور على خالد بن عمرو القرشي الأموي، ومنكر الحديث متروك الحديث يَرْوِي عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي رَاضٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ، وَسَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ(2/666)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ... الْحَدِيثُ فِي فَضْلِ الصَّحَابَةِ والنّهى عن سبّهم، وفي آخره:
يا أيها النَّاسُ، ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقُولُوا فِيهِ خَيْرًا. حديث منكر موضوع.
يُقَالَ فيه: إنه من الأنصار، ولا يصح، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء غير معروفين، يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وكلّهم لا يعرف.
(1099) سهل مولى بني ظفر الأنصاري،
شهد أحدا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
باب سهيل
(1100) سهيل ابن بيضاء القرشي الفهري.
يكنى أبا أمية فيما زعم بعضهم، والبيضاء أمه التي كان ينسب إليها اسمها دعد بنت الجحدم بن أمية بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وهو سهيل بن عمرو بن وهب.
وقيل: سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة. وقيل: سهيل ابن بيضاء [1] هو سهيل بن عمرو ابن وهب بن ربيعة بن هلال ... النسب كما ذكرناه.
خرج سهيل مهاجرا إلى أرض الحبشة حتى فشا الإسلام وظهر، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأقام معه حتى هاجر، وهاجر سهيل، فجمع الهجرتين جميعا، ثم شهد بدرا.
__________
[1] في أ: وهو.(2/667)
ومات بالمدينة في حياة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة تسع، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.
وروى سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك قَالَ: كان أسن أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر وسهيل ابن بيضاء.
روى الدراوَرْديّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ.
(1101) سهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ.
قال ابن هشام: ويقال: عائذ [1] ابن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، شهد بدرا.
وَقَالَ موسى بن عقبة: كان لسهيل بن رافع ولأخيه عند مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مربدا.
شهد سهيل هذا بدرا [وأحدا [2]] والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[1102) سهيل بن سعد، أخو سهل،
ذكره ابن السكن، وذكر له حديثا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رواته حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، فَقَالَ: دخلت المسجد ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، فصليت، فلما انصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآني أركع ركعتين فَقَالَ: ما هاتان الركعتان؟ فقلت:
__________
[1] في أ، س: عابد.
[2] من أوحدها.(2/668)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، جئت وقد أقيمت الصلاة فأحببت أن أدرك معك الصلاة، ثم أصلي الركعتين الآن. فسكت، وكان إذا رضي شيئا سكت وذلك في صلاة الصبح [1]] .
(1103) سهيل بن عامر بن سعد الأنصاري.
استشهد يوم بئر معونة رضي الله عنه.
(1104) سهيل بن عدي الأزدي.
من أزدشنوءة، حليف بني عبد الأشهل من الأنصار. قتل يوم اليمامة شهيدا.
(1105) سهيل بن عمرو بن أبي عمرو الأنصاري.
ذكره ابن الكلبي فيمن شهد صفين من البدريين، فَقَالَ: سهيل بن عمرو الأنصاري شهد بدرا وقتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين. قَالَ أبو عمر: وكانت وقعة صفين سنة سبع وثلاثين، وَقَالَ أبو عمر: ومن جعل سهيل بن عمرو بن أبي عمرو وسهيل بن رافع بن أبي عمرو واحدا فقد غلط ووهم ولم يعلم.
(1106) سهيل بن عمرو [2] بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري،
يكنى أبا يزيد، كان أحد الأشراف من قريش وساداتهم في الجاهلية، أسر يوم بدر كافرا، وكان خطيب قريش، فَقَالَ عمر: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انزع ثنيته، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا.
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعه فعسى أن يقوم مقاما تحمده، وكان الّذي أمره مالك بن الدّخشم، فقال في ذلك:
أسرت سهيلا فما [3] أبتغي ... أسيرا به من جميع الأمم
__________
[1] ليس في أ، وهو في س.
[2] في أ: عمر، والمثبت من س، وأسد الغابة.
[3] في أ: فلم.(2/669)
وخندق تعلم أن الفتى ... سهيلا فتاها إذا تصطلم [1]
ضربت بذي الشفر حتى انثنى ... وأكرهت سيفي على ذي العلم
قَالَ: فقدم مكرز بن حفص بن الأحنف العامري فقاطعهم في فدائه، وَقَالَ:
ضعوا رجلي في القيد حتى يأتيكم الفداء، ففعلوا ذَلِكَ.
وكان سهيل أعلم مشقوق الشفة، وهو الذي جاء في الصلح يوم الحديبية، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين رآه: قد سهل لكم من أمركم [2] ، وعقد مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلح يومئذ، وهو كان متولى [3] ذَلِكَ دون سائر قريش، وهو الذي مدحه أمية بن أبى الصلت فقال:
أبا [4] يزيد، رأيت سيبك واسعا ... وسجال كفك يستهل ويمطر
وَقَالَ فيه ابن قيس الرقيات حين منع خزاعة من بني بكر بعد الحديبيّة، وكانوا أخواله، فقال:
منهم ذو الندى سهيل بن عمرو ... عصبة [5] الناس حين جب الوفاء
حاط أخواله خزاعة لما ... كثرتهم بمكة الأحياء
وكان المقام الذي قامه في الإسلام الذي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: دعه فعسى أن يقوم مقاما تحمده، فكان مقامه في ذَلِكَ أنه لما ماج أهل مكة عند وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وارتد من ارتدّ من العرب قام سهيل ابن عمرو خطيبا، فَقَالَ: والله إني أعلم أن هذا الدين سيمتدّ امتداد الشمس
__________
[1] في أ: يصطلم.
[2] في أ: سهل أمركم.
[3] في أ: وكان متولى.
[4] في أ: أأبا.
[5] في أ: وعصمة.(2/670)
في طلوعها إلى غروبها. فلا يغرنكم هذا من أنفسكم- يعني أبا سفيان، فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم. ولكنه قد ختم [1] على صدره حسد بني هاشم.
وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالمدينة، فكان ذَلِكَ معنى قول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه لعمر. والله أعلم.
وروى ابن المبارك [2] قَالَ: حَدَّثَنَا جرير بن حازم، قَالَ: سمعت الحسن يقول: حضر الناس باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيهم سهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، وأولئك الشيوخ من قريش، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر: لصهيب، وبلال، وأهل بدر، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فَقَالَ أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد، ونحن جلوس، لا يلتفت إلينا، فَقَالَ سهيل بن عمرو: قَالَ الحسن- ويا له من رجل ما كان أعقله:
أيها القوم، إني والله قد أرى الذي في وجوهكم، فإن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم، دعى القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي تتنافسون فيه، ثم قَالَ: أيها القوم، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون، ولا سبيل لكم والله إلى ما سبقوكم إليه، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله [عز وجل [3]] أن يرزقكم شهادة، ثم نقض ثوبه وقام ولحق بالشام.
قَالَ الحسن: فصدق، والله لا يجعل الله عبدا له أسرع إليه كعبد أبطأ عنه.
وذكر الزبير عن عمه مصعب، عن نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن
__________
[1] في أ: جثم.
[2] في أ: وروى ابن المبارك عن جرير.
[3] ليس في أ.
(م 17- الاستيعاب- ثان)(2/671)
هشام، وسهيل بن عمرو إلى عمر بن الخطاب، فجلسا وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأولون يأتون عمر، فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، فينحيهما عنه، فجعل الأنصار يأتون فينحيهما عنه كذلك، حتى صارا في آخر الناس، فلما خرجا من عند عمر قَالَ الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: ألم تر ما صنع بنا؟ فَقَالَ له سهيل:
إنه الرجل لا لوم عليه، ينبغي أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعي القوم فأسرعوا، ودعينا فأبطأنا، فلما قاموا [1] من عند عمر أتياه، فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت بنا اليوم، وعلمنا أنا أتينا من قبل أنفسنا، فهل من شيء نستدرك به ما فاتنا من الفضل؟ فَقَالَ: لا أعلم إلا هذا الوجه- وأشار لهما إلى ثغر الروم. فخرجا إلى الشام فماتا بها.
قالوا: وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصلاة والصوم والصدقة، وخرج بجماعة أهله إلا بنته هندا إلى الشام مجاهدا حتى ماتوا كلهم هنالك، فلم يبق من ولده أحد إلّا بنته هند وفاختة بنت عتبة بن سهيل، فقدم بها على عمر، فزوجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكان الحارث قد خرج مع سهيل، فلم يرجع ممن خرج معهما إلا فاختة وعبد الرحمن، فَقَالَ: زوجوا الشريد الشريدة.
ففعلوا، فنشر الله منهما عددا كثيرا. قَالَ المديني: قتل سهيل بن عمرو باليرموك. وقيل: بل مات في طاعون عمواس [رضي الله عنه [2]] .
__________
[1] في أ: قام.
[2] ليس في أ.(2/672)
باب سواد
(1107) سواد بن عمرو القاري الأنصاري.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الخلوق مرتين أو ثلاثا، وأنه رآه متخلقا، فطعنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجريدة في بطنه. فخدشه، فَقَالَ: أقصني [1] ، فكشف له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بطنه، فوثب فقبل بطن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه الحسن البصري [رحمة الله عليه [2]] ، وهذه القصة لسواد بن عمرو، لا لسواد بن غزية، وقد رويت لسواد بن غزية.
(1108) سواد بن غزية.
ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا والمشاهد بعدها، من بني عدي بن النجار، وهو الذي أسر خالد بن هشام المخزومي يوم بدر.
وسواد بن غزية هو كان عامل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خيبر، فأتاه بتمر جنيب [3] قد أخذ منه صاعا بصاعين من الجمع.
رواه الدراوَرْديّ، عن عبد المجيد بن سهيل، عن المسيب أن أبا سعيد وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سواد بن غزية أخا بني عدي من الأنصار فأمره على خيبر فقدم عليه بتمر جنيب- وذكر الحديث.
وذكر الطبري سواد بن غزية، ووقع في أصل شيخنا سوادة [4] بن غزية، وهو وهم وخطأ.
قَالَ: وهو من بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، شهد بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد كلها، وهو الذي طعنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمخصرة، ثم أعطاه إياها، فَقَالَ: استقد.
__________
[1] أقصه: مكنه من أخذ القصاص، وهو أن يفعل به مثل فعله (النهاية) .
[2] ليس في أ.
[3] جنيب: نوع جيد معروف من أنواع التمر.
[4] في أ، س: سوار.(2/673)
(1109) سواد بن قارب الدوسي.
كذا قَالَ ابن الكلبي. وَقَالَ ابن أبي خيثمة:
سواد بن قارب سدوسي من بني سدوس، قَالَ أبو حاتم: له صحبة.
قال أبو عمر: وكان يتكهن في الجاهلية، وكان شاعرا ثم أسلم، وداعبه عمر يوما فَقَالَ: ما فعلت كهانتك يا سواد! فغضب، وَقَالَ: ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جهلنا [1] وكفرنا شرّ من الكهانة، فما لك تعيرني بشيء تبت منه، وأرجو من الله العفو عنه.
وقد روي أن عمر إذ قَالَ له- وهو خليفة: كيف كهانتك اليوم؟
غضب سواد، وَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ما قالها لي أحد قبلك. فاستحيي عمر، ثم قَالَ له: يا سواد، الذي كنا عليه من الشرك أعظم من كهانتك، ثم سأله عن حديثه في بدء [2] الإسلام وما أتاه [3] به رئيه من ظهور رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره أنه أتاه رئيه ثلاث ليال متواليات، وهو فيها كله بين النائم واليقظان، فَقَالَ له: قم يا سواد، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، وأنشد [4] في كل ليلة من الثلاث ليال ثلاثة أبيات معناها واحد وقافيتها [مختلفة [5]] أولها:
عجبت للجن وتطلابها [6] ... وشدها العيس بأقتابها [7]
__________
[1] في أ، س: جاهليتنا.
[2] في أ: بدو.
[3] في أ: أتى به.
[4] في أ، س: وأنشده.
[5] من أ، س.
[6] في أسد الغابة: وأنجاسها.
[7] في أسد الغابة: بأحلاسها.(2/674)
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما صادق الجن ككذابها [1]
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... لَيْسَ قداماها [2] كأذنابها [3]
وذكر تمام الخبر، وفي آخر شعر سواد إذ قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشده ما كان من الجني [4] رئيه إليه ثلاث ليال متواليات وذكر قوله في ذلك:
أتاني نجيي بعد هدء [5] ورقدة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة ... أتاك نجي [6] من لؤي بن غالب
فرفعت أذيال الإزار وشمرت ... بي الفرس الوجناء حول السبائب
فأشهد أن الله لا رب غيره [7] ... وأنت مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى [8] الله يا بن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا ... وإن كان فيما جئت شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
111) سواد بن يزيد.
ويقَالَ ابن رزق. ويقَالَ ابن رزين. ويقَالَ ابن رزيق بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، شهد بدرا وأحدا رضي الله عنه
__________
[1] في أسد الغابة: ما مؤمنوها مثل أرجاسها.
[2] في ى: قدامها.
[3] في أسد الغابة: واسم بعينيك إلى رأسها.
[4] في ى: الجن.
[5] في س: هدو.
[6] في أ، س: نبي.
[7] في أ، س: لا شيء.
[8] في أ، س: من.(2/675)
باب سوادة
(1111) سوادة بن الربيع [ويقَالَ ابن الربيع [1]] الجرمي،
له صحبة [بصرى [2]] روى عنه سالم بن عبد الرحمن الجرمي [والله أعلم [3]] .
(1112) سوادة بن عمرو الأنصاري.
ويقَالَ سواد بن عمرو الأنصاري. حديثه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقاده من نفسه. روى عنه الحسن ومحمد بن سيرين.
يعدّ في البصريين.
(1113) سوادة بن عمرو.
روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن. أظنه الأول [والله أعلم [4]] .
باب سويد
(1114) سويد بن جبلة الفزاري،
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدخله أبو زرعة الدمشقي في مسند الشاميين فغلط، وليست له صحبة، وحديثه مرسل، أنكر ذَلِكَ أبو حاتم الرازي.
(1115) سويد بن حنظلة،
لا أعرف له نسبا، حديثه عند إسرائيل، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى، عن جدته عن أبيها سويد بن حنظلة، قال: أتينا رسول الله
__________
[1] من أ، والضبط منها أيضا.
[2] ليس في أ.
[3] من أ.
[4] من أ.(2/676)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعنا وائل بن حجر الحضرمي، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي، فخلوا سبيله، فأتينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فَقَالَ: صدقت، المسلم أخو المسلم. لا أعلم له غير هذا الحديث.
(1116) سويد بن الصامت الأوسي،
لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسوق ذي المجاز من مكة في حجة حجها سويد على ما كانوا يحجون عليه في الجاهلية، وذلك في أول مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعائه إلى الله عز وجل، فدعاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام، فلم يرد عليه سويد شيئا، ولم يظهر له قبول ما دعاه إليه، وَقَالَ له: لا أبعد ما جئت به، ثم انصرف إلى قومه بالمدينة، فيزعم قومه أنه مات مسلما وهو شيخ كبير، قتلته الخزرج في وقعة الخزرج في وقعة كانت بين الأوس والخزرج، وذلك قبل بعاث.
قَالَ أبو عمر: أنا شاك في إسلام سويد بن الصامت كما شك فيه غيري ممن ألف في هذا الشأن قبلي. والله أعلم. وكان شاعرا محسنا كثير الحكم في شعره، وكان قومه يدعونه الكامل لحكمة شعره وشرفه فيهم، وهو القائل فيهم:
ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري
وهو شعر حسن، وله أشعار حسان.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حَدَّثَنِي عاصم بن عمرو [1] بن قتادة الظفري عن أشياخ من قومه قالوا: قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا، قَالَ: وكان يسمّيه قومه الكامل، وسويد هو القائل:
__________
[1] في أ: عاصم بن قتادة. وفي س: عمر.(2/677)
ألا رب من تدعو [1] صديقا ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري
مقالته كالشهد [2] ما كان شاهدا ... وبالغيب مأثور على ثغرة [3] النحر
يسرك باديه وتحت أديمه ... منيحة شر [4] يفترى [5] عقب الظهر
تبين لك العينان ما هو كاتم ... من الغل [6] والبغضاء والنظر الشزر
فرشني بخير طالما قد بريتني ... وخير الموالي من يريش ولا يبري
(1117) سويد بن طارق،
ويقَالَ طارق بن سويد، وهو الصواب، وهو من حضرموت، وقد ذكرناه في باب طارق [من كتابنا هذا [7]] .
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ أنّ سويد ابن طَارِقٍ أَوْ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ- سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا دَوَاءٌ. قَالَ: لا، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ. هَكَذَا قَالَ شُعْبَةُ سُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ أَوْ طَارِقُ بْنُ سُوَيْدٍ عَلَى الشَّكِّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَلَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ.
(1118) سويد بن عامر الأنصاري،
روى عنه مجمع بن يَحْيَى، وهو أحد عمومته، حديثه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بلوا أرحامكم ولو بالسّلام.
__________
[1] في أسد الغابة: يدعو.
[2] في أ، س: كالشحم.
[3] في أ: نقره.
[4] في أ، س: غش.
[5] في س: تفترى.
[6] في أ، س: وما جن بالبغضاء.
[7] من أ.(2/678)
(1119) سويد بن عمرو،
قتل يوم مؤتة شهيدا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين وهب بن سعد بن أبي سرح العامري [والله أعلم [1]] .
(1120) سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي،
يكنى أبا أمية، أدرك الجاهلية، ولم ير النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان شريكا لعمر في الجاهلية، وكان أسن من عمر، لأنه ولد عام الفيل، وكان قد أدى الصدقة إلى مصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قدم المدينة يوم دفن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم شهد القادسية، فصاح الناس: الأسد الأسد. فخرج إليه سويد بن غفلة، فضرب الأسد على رأسه فمر سيفه في فقار ظهره، وخرج من عكوة ذنبه، وأصاب حجرا ففلقه [2] . روى هذه الحكاية فلفلة [3] الجعفي، ثم شهد سويد بن غفلة مع علي رضي الله عنه صفين.
وَقَالَ عاصم بن كليب الجرمي: تزوج سويد بن غفلة جارية بكرا، وهو ابن مائة وست عشرة سنة فافتضها.
قَالَ أبو نعيم: حَدَّثَنَا الحسن [4] بن الحارث، قَالَ: كان سويد بن غفلة يمر بنا، وله امرأة في النخع، فكان يختلف إليها، وقد أتت عليه سبع وعشرون ومائة سنة.
وَرَوَى أَبُو لَيْلَى الْكِنْدِيُّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، أَوْ أَخَذَ بيدي، فقرأت في عهده لا يُجَمِّعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ [5] وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مجتمع خشية الصدقة. وذكر تمام الخبر.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ، ى: ففله. والمثبت من س.
[3] هكذا في ى وفي أ، س: فلفل.
[4] هكذا في ى. وفي أ، س: حنش.
[5] في أوأسد الغابة: متفرق.(2/679)
سكن الكوفة، ومات بها في زمن الحجاج سنة إحدى وثمانين، وهو ابن مائة وخمس وعشرين سنة. وقيل: سبع وعشرين ومائة سنة. رحمة الله عليه.
(1121) سويد بن قيس، قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر، وأتينا به مكة، فأتانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فابتاع منا رجل سراويل، وثمّ وزّان يزن بالأجرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: يا وزان، زن وأرجح. يختلف في حديثه. روى عنه سماك بن حرب. يعد في الكوفيين.
(1122) سويد بن مخشى، أبو مخشي الطائي،
وقيل فيه أزيد [1] بن مخشي، ذكره أبو معشر وغيره فيمن شهد بدرا.
(1123) سويد بن مقرن بن عائذ المزني،
أخو النعمان بن مقرن، يكنى أبا عدي، وقيل: [يكنى [2]] أبا عمرو.
روى شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، قَالَ: كنا نبيع البر في دار سويد بن مقرن، فخرجت جارية وقالت لرجل منا كلمة فلطمها، فغضب سويد، وَقَالَ: لطمت وجهها. لقد رأيتني سابع سبعة من إخواني [3] مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما لنا خادم إلا واحدة، فلطمها أحدنا، فأمرنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعتقناها.
يعد في الكوفيين، وبالكوفة مات، روى عنه الكوفيون.
(1124) سويد بن النعمان بن مالك بن عائذ بن مجدعة بن جشم بن حارثة الأنصاري،
شهد بيعة الرضوان. وقيل: إنه شهد أحدا وما بعدها من المشاهد
__________
[1] في أ، س: أربد.
[2] من أ.
[3] في أ: إخوتي.(2/680)
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعد في أهل المدينة. روى عنه بشير بن يسار [قال الدار قطنى: لم يرو عنه غيره [1]] .
(1125) سويد بن هبيرة بن عبد الحارث الديلي.
وقيل العبدي. وقيل العدوي.
حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: خير مال الرجل المسلم سكة مأبورة أو مهرة مأمورة [2] . حديثه عند أبي نعامة، عن أبي إياس بن زهير، عنه من رواية روح بن عبادة عن أبي نعامة، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة قَالَ: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ [3] عبد الوارث، ومعاذ بن معاذ، عن أبي نعامة، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، قَالَ: بلغني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(1126) سويد الأنصاري.
ويقَالَ الجهني. ويقَالَ المزني، حليف للأنصار، والد عقبة أو عتبة بن سويد، مدني.
روى عنه ابنه عقبة من حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، قَالَ:
أخبرني عقبة بن سويد أنه سمع أباه، وكان من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى عن عقبة الزهري وربيعة حديثه في اللقطة وفي أحد: جبل يحبنا ونحبه.
حديثان صحيحان.
__________
[1] من أوحدها.
[2] في النهاية: ومهرة مأمورة. والسكة: الطريقة المصطفة من النخل. والمأبورة الملقحة.
وقيل السكة سكة الحرث. والمأبورة المصلحة- أراد خير المال نتاج أو زرع (النهاية) .
[3] في أ: فقال.(2/681)
باب الأفراد في السين
(1127) سابط بن أبي حميصة [1] بن عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي،
والد عبد الرحمن بن سابط.
روى عنه ابنه عبد الرحمن بن سابط عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها من أعظم المصائب» . وكان يَحْيَى بن معين يقول: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط، [سابط [2]] جدّه، وفي ذلك نظر. رواه عن عبد الرحمن بن سابط علقمة بن يزيد.
(1128) سابق [بن ناجية [3]]
خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى عنه حديث واحد من حديث الكوفيين، اختلف فيه على شعبة [4] ومسعر. والصحيح فيه عنهما ما رواه هشيم وغيره عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد ذكرنا ذَلِكَ في موضعه، والحمد للَّه، ولا يصحّ سابق في الصحابة. والله أعلم.
(1129) سباع بن عرفطة،
استعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المدينة حين خرج إلى خيبر، وإلى دومة الجندل، وهو من كبار الصحابة.
(1130) سخبرة الأزدي،
والد عبد الله بن سخبرة، له صحبة.
حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، قال حدثنا جعفر بن محمد
__________
[1] في أ، والإصابة وتاج العروس: حميضة وفي س مثل ى. وفي أسد الغابة: خميصة.
[2] من أ، س.
[3] ليس في أ، س.
[4] في س: سعيد.(2/682)
السُّوسِيُّ بِمَكَّةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَرِّيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَأُعْطِيَ فَشَكَرَ، وَظُلِمَ فَغَفَرَ، وَظَلَمَ فَاسْتَغْفَرَ» ثُمَّ سَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: فَمَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال [1] :
«أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» .
(1131) سراج مولى تميم الداري.
قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خمسة غلمان لتميم. روى عنه في تحريم الخمر، وأنه أسرج في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقنديل والزيت، وكانوا لا يسرجون قبل ذَلِكَ إلا بسعف النخل. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أسرج مسجدنا؟ فَقَالَ تميم الداري: غلامي هذا. فَقَالَ: ما اسمه؟ فَقَالَ: فتح. فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بل اسمه سراج.
قَالَ: فسماني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سراجا.
(1132) سرّق بن أسد [2] الجهني،
ويقَالَ: الأنصاري. ويقَالَ: إنه رجل من بني الديل. سكن مصر كان اسمه الحباب فيما يقولون فسماه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرق، لأنه ابتاع من رجل من أهل البادية راحلتين كان قدم بهما المدينة وأخذهما ثم هرب، وتغيب عنه، فأخبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فَقَالَ: التمسوه. فلما أتوا به [3] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أنت سرق. في حديث فيه طول. وبعضهم يقول في حديثه هذا أنه لما ابتاع من البادي
__________
[1] سورة الأنعام: 82.
[2] في أ: أسيد. وفي تهذيب التهذيب: قلت: وزعم العسكري أنه سرق بتخفيف الراء مثل غدر. قال: وأصحاب الحديث يشددون الراء، والصواب تخفيفها.
[3] في أ، س: فلما أتوه.(2/683)
راحلتين [1] أتى به إلى دار لها بابان فأجلسه على أحدهما، ودخل فخرج من الباب الآخر، وهرب بهما، وكان سرق يقول: سماني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرق فلا أحب أن أدعى بغيره.
(1133) سعر بن شعبة بن كنانة الكناني الدؤلي،
حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حقتان في الجذعة وثنية [2] . روى عنه ابنه جابر بن سعر، قَالَ بشر بن السري: هو سعر بن شعبة، وهؤلاء ولده هاهنا.
(1134) سعيد بن سهيل الأنصاري الأشهلي،
مذكور فيمن شهد بدرا، لم يذكره ابن إسحاق.
(1135) سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وقيل مولى أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: أعتقه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: أعتقته أم سلمة واشترطت عليه خدمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما عاش. يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل: يكنى أبا البختري. وأبو عبد الرحمن أكثر وأشهر.
ذكر عمر بن شبة عن أحمد [3] الزبيري، عن حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان، قَالَ: قلت لسفينة: يا أبا البختري، ما اسمك؟ قَالَ: سماني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفينة. قَالَ: ولم سماك سفينة؟ وذكر الخبر.
قَالَ حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة أبي عبد الرحمن قَالَ أبو عمر: يقَالُ اسمه عمير [4] كان يسكن بطن نخلة.
__________
[1] في أ، س: راحلتيه.
[2] هكذا في ى. وفي أ: حقنا في الجذعة والثنية.
[3] في أ، س، عن أبى أحمد.
[4] في أسد الغابة: عبس. وانظر تهذيب التهذيب: 4- 125.(2/684)
قَالَ الواقدي: اسم سفينة مهران، وكان من مولدي الأعراب.
قَالَ أبو عمر: مهران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو غير سفينة عند أكثرهم. والله أعلم.
وَقَالَ غيره: هو من أبناء فارس، واسمه سقبة بن مارقة [1] ، روينا عنه أنه قَالَ: سماني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفينة، وذلك أني خرجت معه ومعه أصحابه يمشون، فثقل عليهم متاعهم، فحملوه علي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احمل فإنما أنت سفينة، فلو حملت يومئذ [2] وقر بعير ما ثقل علي. وَقَالَ له سعيد بن جمهان: ما اسمك؟ فَقَالَ: ما أنا بمخبرك، سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة: ولا أريد غير هذا الاسم.
وَقَالَ سفينة: أعتقتني أم سلمة واشترطت علي أن أخدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما عاش. رواه حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة.
وتوفي سفينة في زمن الحجاج. روى عنه الحسن، ومحمد بن المنكدر، وسعيد بن جمهان.
(1136) السكران بن عمرو،
أخو سهيل بن عمرو لأبيه وأمه، القرشي العامري، قد تقدم نسبه في باب أخيه وبني أخيه.
كان السكران بن عمرو من مهاجرة الحبشة، هاجر إليها مع زوجه سودة
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ: سنبه بن مرفنة، وفي س: بسبة بن مارقنة. وفي تهذيب التهذيب: شنبة بن مارقة.
[2] في أ، س: منذ يومئذ.(2/685)
بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ ومات هناك، ثم تزوجها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هذا قول موسى بن عقبة وأبي معشر.
وَقَالَ ابن إسحاق والواقدي: رجع السكران بن عمرو إلى مكة فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة، وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجه سودة رضي الله عنها.
(1137) سكنة بن الحارث [1] ،
له صحبة، حديثه عند عبد الله بن شقيق العقيلي.
(1138) سكين [2] الضمري،
مدني، له صحبة، روى عنه عطاء بن يسار. قَالَ البخاري: سكين الضمري مدني، له صحبة. سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
قال محمد بن سلام، عن مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، قَالَ: أخبرت عن عطاء بن يسار، عن سكين الضمري، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المؤمن يأكل في معى واحد. قَالَ: وَقَالَ موسى بن عبيدة، عن عبيد بن الأغر، عن عطاء بن يسار، عن جهجاه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، ولا يصح جهجاه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا كله كلام البخاري.
(1139) سلامة بن قيصر الحضرمي
حَدِيثُهُ عِنْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ قائد [3] عَنْ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ سَلامَةَ بْنِ قَيْصَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ
__________
[1] الضبط من س. وفي أسد الغابة. سبكة. وفي الإصابة: سكينة.
[2] في تاج العروس: وسكن الضمريّ محركة. أو شكين كزبير.
[3] في أ، س: خالد.(2/686)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ... الْحَدِيثَ.
ولا يوجد له سماع. ولا إدراك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد، وأنكر أبو زرعة أن تكون له صحبة. وَقَالَ: روايته عن أبي هريرة. يعد في أهل مصر.
(1140) سلكان بن سلامة الأنصاري،
أبو نائلة، قد ذكرناه في الكنى، وهو أحد النفر الذين قتلوا كعب بن الأشرف، واسمه سعد، وسلكان لقب له وهو أشهر بكنيته، ولذلك أخرنا ذكره إلى الكنى.
(1141) سلم بن نذير. بصري [1] .
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حديثه عندي مرسل، روى عنه يزيد بن أبي حبيب.
(1142) سلمة بن قيس الجرمي،
والد عمرو بن سلمة. له صحبة، ولابنه عمرو الذي كان يؤم قومه وهو ابن سبع سنين أو ثمان، وعليه بردة [2] ، كان إذا سجد بدت منها عورته، فقالت امرأة من الحي: غطوا عنا است قارئكم.
ذكره البخاري.
(1143) سليك بن هدبة الغطفاني،
روى حديثه جابر بن عبد الله حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين يوم الجمعة وهو يخطب. وكان سليك قد جلس ذَلِكَ الوقت قبل أن يركع.
(1144) السليل الأشجعي،
روى عنه أبو المليح. معدود في الصحابة.
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ، س: مصرى.
[2] في أ، س: البردة.
(م 18- الاستيعاب- ثان)(2/687)
(1145) سمعان بن عمرو الأسلمي،
إسناد حديثه لَيْسَ بالقائم.
(1146) سندر، مولى زنباع الجذامي،
له صحبة. حديثه عند عمرو بن شعيب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كان لزنباع الجذامي عبد يقَالُ له سندر، فوجده يقبل جارية له فخصاه وجدعه، فأتى سندر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل إلى زنباع، وَقَالَ: من مثل به أو أحرق بالنار فهو حر. وهو مولى الله عز وجل ورسوله. وأعتق [1] سندر، فَقَالَ له سندر: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أوص بي. فَقَالَ: أوصي بك كل مسلم. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أتى سندر إلى أبي بكر، فَقَالَ: احفظ في وصية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فعاله أبو بكر حتى توفي، ثم أتى بعده إلى عمر. فقال عمر: إن شئت أن تقيم عندي أجريت عليك، وإلا فانظر أي المواضع أحب إليك فاكتب لك. فاختار سندر مصر، فكتب له إلى عمرو بن العاص يحفظ فيه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قدم على عمرو بن العاص أقطع له أرضا واسعة ودارا، فكان سندر يعيش فيها، فلما مات قبضت في مال الله.
وذكر أبو عفير [2] في تاريخه عن أبي نعيم سماك بن نعيم الجذامي، عن عمر [3] الجروي أنه أدرك مسروح بن سندر [4] الذي جدعه زنباع بن روح الجذامي،
__________
[1] في أ، س: فأعتق.
[2] في ص: ابن عفير. وفي أ: ابن عقبة.
[3] في أ: عن عثمان بن سويد الجرولى. وفي س: عن عثمان بن سويد الجروى.
وفي الإصابة: عثمان بن يزيد الجريريّ.
[4] في هامش أ: قال الخطيب في المؤتلف والمختلف: اختلف في الّذي خصاه زنباع، فقيل هو سندر نفسه. وقيل ابن سندر. قلت: وقيل: أبو الأسود. والراجح أن الّذي خصى هو سندر، وأنه يكنى أبا الأسود، وأن عبد الله ومسروحا ولداه.(2/688)
وكان له مال كثير من رقيق وغيره، وكان جاهلا ممكرا، وعمر حتى زمن عبد الملك.
(1147) سنين، أبو جميلة الضمري،
ويقَالَ السلمي. روى عنه ابن شهاب، قَالَ عنه معمر: حَدَّثَنِي أبو جميلة، وزعم أنه أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الزبيري، عن الزهري: أدركت ثلاثة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: أنس ابن مالك، وسهل بن سعد، وأبا جميلة سنينا السلمي.
وَقَالَ مالك عن ابن شهاب: أخبرني سنين أبو جميلة أنه أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح.
(1148) سواء بن خالد، من بني عامر بن ربيعة بن عمرو بن صعصعة،
وهو أخو حبة بن خالد، حديثهما عند الأعمش عن سلام [1] بن شرحبيل، قَالَ: سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان: أتينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يعمل عملا فأعناه عليه، فلما فرغ دعا لنا وقال: لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر لَيْسَ عليه قشر، ثم يغطيه الله ويرزقه. هكذا كان أَبُو مُعَاوِيَةَ يقول سواء. وكان وكيع يقول: سوّار- بالراء.
(1149) سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار بن قصي [ابن كلاب [2]] القرشي العبدري.
أمه امرأة من خزاعة
__________
[1] في س: عن سلام ابى شرحبيل وفي أ: عن سلام بن أبى شرحبيل.
[2] ليس في أ، س.(2/689)
سمى هنيدة. كان من مهاجرة الحبشة، ولم يذكره ابن عقبة فيمن هاجر إلى أرض لحبشة، سقط له، وذكره محمد بن إسحاق وغيره.
وشهد سويبط بدرا وكان مزاحا يفرط في الدعابة، وله قصة ظريفة [1] مع نعيمان وأبي بكر الصديق نذكرها لما فيها من الظرف وحسن الخلق.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن زمعة بن صالح، عن الزهري، عن وهب ابن عبد بن زمعة، عن أم سلمة قالت: خرج أبو بكر [الصديق رضي الله عنه [2]] في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعام، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة، وكانا قد شهدا بدرا، وكان نعيمان على الزاد [3] ، فَقَالَ له سويبط- وكان رجلا مزاحا: أطعمني. فَقَالَ: لا، حتى يجيء أبو بكر.
فَقَالَ: أما والله لأغيظنك، فمروا بقوم فَقَالَ لهم سويبط: تشترون مني عبدا؟
قالوا: نعم. قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: إني حر، فإن كنتم إذا قَالَ لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي. قالوا: بل نشتريه منك. قَالَ: فاشتروه منه بعشر قلائص. قَالَ: فجاءوا فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلا. فَقَالَ نعيمان: إن هذا يستهزئ بكم، وإني حر لست بعبد، قالوا:
قد أَخْبَرَنَا خبرك، فانطلقوا به. فجاء أبو بكر فأخبره سويبط، فاتبعهم، فردّ
__________
[1] في أ، س: طريفة.
[2] ليس في أ، س.
[3] في أ: على الزاد له.(2/690)
عليهم القلائص، وأخذه، فلما قدموا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه.
قَالَ: فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه منها حولا.
هكذا روى هذا الخبر وكيع، وخالفه غيره، فجعل مكان سويبط نعيمان، وقد ذكرناه في باب النون.
وذكر أبو حاتم الرازي سويبط بن عمرو من المهاجرين الأولين، هكذا، ولم يزد، ولا أعرف ما ذكر من ذَلِكَ، وقد جعل من سويبط ثلاثة رجال، وإنما هو واحد، فلله الحمد على توفيقه ونعمه، لا شريك له.
(1150) سويبق بن حاطب بن الحارث بن حاطب بن هيشة الأنصاري،
قتل يوم أحد شهيدا، قتله ضرار بن الخطاب.
(1151) سيابة [1] بن عاصم [السلمي [2]]
، حَدِيثُهُ عِنْدَ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ ابن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه عَنْ جَدِّهِ عَنْ سِيَابَةَ بْنِ عَاصِمٍ السُّلَمِيِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَ حُنَيْنٍ: أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ. فَسُئِلَ هُشَيْمٌ عَنِ الْعَوَاتِكِ، فَقَالَ: أُمَّهَاتٌ كُنَّ لَهُ مِنْ قَيْسٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: يَعْنِي جَدَّاتٍ كُنَّ [3] لَهُ لآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ. وَقَدْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سِيَابَةَ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ.
وَلا يَصِحُّ ذِكْرُ سُلَيْمٍ فِيهِ. وَالْعَوَاتِكُ جَمْعُ عَاتِكَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: الْعَوَاتِكُ [ثَلاثٌ [4]] مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، إِحْدَاهُنَّ عَاتِكَةُ بِنْتُ الأَوْقَصِ [5] بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ جَدَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
[1] في الإصابة: بكسر أوله والتخفيف وبعد الألف موحدة. وضبطه في القاموس بفتح أوله.
[2] من أ، س.
[3] في س: يعنى جدات له من آبائه وأجداده. وفي أ: يعنى جدات لآبائه وأجداده.
[4] من س. وفي أ: الثلاث.
[5] في أ، س: أو قص.(2/691)
مِنْ قِبَلِ بَنِي زَهْرَةَ. وَالثَّانِيَةُ: عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلالِ بْنِ فَالِجٍ [1] أُمُّ عَبْدِ مَنَافٍ.
وَالثَّالِثَةُ: عَاتِكَةُ أُمُّ هَاشِمٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِنِسْوَةٍ أَبْكَارٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَخْرَجْنَ ثُدِيَّهُنَّ فَوَضَعْنَهَا فِي فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فدرّت.
(1152) سيار بن روح، أو روح بن سيار،
هكذا جاء الحديث فيه على الشك من حديث الشاميين، رواه بقية عن مسلم بن زياد قال: رأيت أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، وفضالة بن عبيد، وأبا المسيب [2] ، وروح بن سيار أو سيار بن روح يرخون العمائم من خلفهم وثيابهم إلى الكعبين.
(1153) سيف،
من ولد قيس بن معديكرب الكندي، له صحبة.
(1154) سيمويه [3] البلقاوي،
روى عنه منصور بن صبيح أخو الربيع بن صبيح.
__________
[1] في أ: فألح.
[2] في أ، س: وأبا المنيب.
[3] بوزن سيبويه، كما في التبصير.(2/692)
حرف الشين
باب شبل
(1155) شبل بن خالد،
ويقَالَ ابن حامد. ويقَالَ شبل بن خليد. ويقال شبل ابن معبد. قَالَ يَحْيَى بن معين: شبل بن معبد هو أشبه بالصواب، أو قَالَ: هو الصواب. ذكره ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد، وشبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأمة إذا زنت ولم تحصن [الحديث [1]] ، ولم يتابع ابن عيينة على ذكر شبل في هذا الحديث، ولا له ذكر في الصحابة إلا في رواية ابن عيينة هذه، وحسبك. وقد أوضحنا الصواب في إسناد هذا الحديث في كتاب «التمهيد» والحمد للَّه، فإن كان شبل ابن معبد فهو بجلي من بجيلة، وهو الذي عزل على يده عثمان أبا موسى فيما ذكر مصعب وخليفة، وولاها عبد الله بن عامر، وذلك أنه دخل على عثمان حين لم يكن عنده غير أموي [2] ، فَقَالَ: ما لكم معشر قريش، أما فيكم صغير تريدون أن ينبل، أو فقير تريدون غناه، أو خامل تريدون التنويه باسمه، علام أقطعتم هذا الأشعري العراق يأكلها خضما! فَقَالَ عثمان: ومن لها؟ فأشاروا بعبد الله بن عامر، وهو ابن ست عشرة سنة فولاه حينئذ. وإن كان شبل بن حامد فإنما يروي عن عبد الله ابن مالك الأوسي، وقد بيناه في «التمهيد» ، وليست لشبل بن حامد صحبة [والله أعلم [3]] .
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: غير الأمويين.
[3] من أ.(2/693)
(1156) شبل والد عبد الرحمن بن شبل،
روى عنه ابنه عبد الرحمن، لم يرو عنه غيره، وليس بمعروف هو ولا ابنه، ولا يصح، والله أعلم.
من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن نقرة الغراب [1] في الصلاة. وله حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يوجد نعل قريش [2] في القمامة، ويقَالَ: هذا نعل قريش [2] . وهو حديث منكر لا أصل له. وشبل مجهول.
باب شداد
(1157) شداد بن أسيد،
أو أسيد الأسلمي. والفتح أكثر في اسم أبيه. وشداد ابن أسيد مدني- روى عنه قيظي بن عامر، ولم يحدث بحديثه أحد إلّا زيد ابن الحباب، عن عمر بن قيظي بن عامر بن شداد بن أسيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ شداد- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: أنت مهاجر حيثما كنت.
(1158) شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري،
يكنى أبا يعلى، نزل الشام بناحية فلسطين ومات بها سنة ثمان وخمسين، وهو ابن خمس وسبعين سنة. وقيل: بل توفي شداد [بن أوس [3]] سنة إحدى وأربعين. وقيل: بل توفي سنة أربع وستين.
قَالَ عبادة بن الصامت: كان شداد بن أوس ممن أوتي العلم والحلم. روى
__________
[1] في أ: نقر. وفي النهاية: نقرة الغراب: يريد تخفيف السجود، وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله.
[2] في أ: نعل قرشي.
[3] ليس في أ.(2/694)
عنه أهل الشام. روى الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ أَشْرَسَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْتِي الرَّجُلَ الْعِلْمَ وَلا يُؤْتِيهِ الْحِلْمَ، وَيُؤْتِيهِ الْحِلْمَ وَلا يُؤْتِيهِ الْعِلْمَ، وَإِنَّ أَبَا يَعْلَى شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ مِمَّنْ آتَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ والحلم.
قال مالك: كان أبو يعلى ابن عم حسان بن ثابت. قَالَ أبو عمر: هكذا قَالَ مالك، وإنما هو ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري، لا ابن عمه. روى عنه ابنه يعلى بن شداد، وأبو الأشعث الصنعاني، وصمرة بن حبيب.
(1159) شداد بن شرحبيل الجهني،
شامي. روى عنه عياش بن يونس حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رآه قد وضع يمينه على يساره وهو في الصلاة. حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ إِمْلاءً عَلَيَّ، قال: حدثنا أبو على سعيد ابن عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: مَهْمَا نَسِيتُ مِنْ شَيْءٍ فَلَمْ أَنْسَ أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَهُوَ فِي الصَّلاةِ قَابِضًا عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَيْسَ لِشَدَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(1160) شداد بن عبد الله القناني،
قدم على رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ في وفد بلحارث بن كعب سنة عشر مع خالد بن الوليد فأسلم وحسن إسلامه.
(1161) شداد بن الهادي الليثي [ثم [1]] العتواري [2]
حليف بني هاشم، هو مدني من بني ليث بن بكر بن عبد مناه بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
قيل: اسمه أسامة بن عمرو، وشداد لقب، والهادي هو عمرو.
__________
[1] من أ.
[2] الضبط من اللباب.(2/695)
قَالَ خليفة بن خياط: هو أسامة بن عمرو. وعمرو هو الهادي بن عبد الله ابن جابر بن بشر [1] بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر، وهو أبو عبد الله ابن شداد بن الهادي.
وَقَالَ غير خليفة: إنما قيل له الهادي لأنه كان يوقد النار ليلا لمن سلك الطريق للأضياف.
وَقَالَ مسلم بن الْحَجَّاجِ: شداد بن الهادي الليثي [يقَالُ [2]] : اسم الهادي أسامة بن عمرو بن عبد الله [بن بر بن عتوارة [3]] بن عامر بن ليث.
قَالَ أبو عمر: كان شداد بن الهادي سلفا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر، لأنه كانت عنده سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس، وهي أخت ميمونة بنت الحارث لأمهما [4] ، وسكن المدينة ثم تحول منها إلى الكوفة، وداره بالمدينة معروفة.
من حديثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي وهو حامل أحد ابني ابنته، الحسن أو الحسين ... الحديث.
وروى عنه ابنه عبد الله بن شداد بن الهادي، وروى عنه ابن أبي عمار.
والله أعلم.
__________
[1] في أ: بر.
[2] ليس في أ.
[3] من أ.
[4] في أ: لأمها.(2/696)
باب شراحيل
(1162) شراحيل بن زرعة الحضرمي،
قدم في وفد حضرموت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلموا.
(1163) شراحيل الجعفي.
وقيل فيه شرحبيل، والله أعلم، وقد تقدم [1] في باب شرحبيل. وذكر علي بن المديني، عن يونس بن محمد، عن حماد بن زيد، عن مخلد ابن عقبة بن عبد الرحمن بن شراحيل الجعفي، عَنْ جَدِّهِ عبد الرحمن، عَنْ أَبِيهِ شراحيل قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وبكفي سلعة [2] ، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ، إن هذه السلعة قد حالت بيني وبين قائم سيفي أن أقبض عليه، وحالت بيني وبين عنان الدابة. فَقَالَ: ادن منى، فدنوت منه، فَقَالَ: افتح كفك، ففتحتها، ثم قَالَ:
اقبض كفك [3] فقبضتها، ثم قَالَ: افتح كفك [4] ففتحتها، ثم نفث [5] فيها، ثم لم يزل يطحنها ويدلكها بيده، ثم إنه رفع يده وما أرى لها أثرا.
(1164) شراحيل بن مرة الكندي،
رَوَى عَنْهُ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ، حَدِيثَهُ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عن حجر بن عدي، عن شراحيل ابن مرّة الكوفي، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبْشِرْ فَإِنَّ حياتك وموتك معى.
(1165) شراحيل المنقري،
له صحبة ورواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يعد في الشاميين. روى عنه أبو يزيد الهوزني.
__________
[1] سيأتي بعد على الترتيب الجديد للكتاب.
[2] السلعة: غدة تظهر بين الجلد واللحم إذا غمزت باليد تحركت.
[3] في أ: يدك.
[4] في أ: ثم قال: افتحها ففتحتها.
[5] في أ: ثم تنفس فيها.(2/697)
باب شرحبيل
(1166) شرحبيل بن أوس.
وقيل أوس بن شرحبيل. حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شرب الخمر مثل حديث معاوية: فإن عاد الرابعة فاقتلوه. وهو منسوخ بالإجماع [1] وبقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث. وبجلده نعيمان أو ابن نعيمان خامسة في الخمر، وإن كان حديثه مرسلا فإنه يعضده الإجماع.
(1167) شرحبيل ابن حسنة،
وهو شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عبد الله، من كندة [2] حليف لبني زهرة، يكنى أبا عبد الله [3] ، نسب إلى أمه حسنة، وكانت مولاة لمعمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
وَقَالَ ابن هشام: وهو شرحبيل بن عبد الله أحد بني الغوث بن مر أخي تميم بن مر.
وَقَالَ موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: وهو شرحبيل بن عبد الله من بني جمح، وأمه حسنة.
وَقَالَ ابن إسحاق: أمه حسنة امرأة عدولية [4] ولاؤها لمعمر بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح، تزوجها سفيان، رجل من الأنصار، أحد بنى زريق ابن عامر. ويقَالَ له سفيان بن معمر، لأن معمر بن حبيب الجمحي حالفه وتبناه وزوجه من حسنة، وقد كان لها من غيره شرحبيل، فولدت له جابرا وجنادة
__________
[1] في أ: بإجماع.
[2] في أ: بن عمرو من كندة.
[3] في أ: يكنى أبا عبد الرحمن.
[4] عدولى: بلدة بالبحرين.(2/698)
ابني سفيان، فلما قدموا من الحبشة نزلوا على قومهم من بني زريق في ربعهم، ونزل شرحبيل مع أخويه لأمه، ثم هلك سفيان وابناه في خلافة عمر بن الخطاب، ولم يتركوا عقبا. فتحول شرحبيل ابن حسنة إلى بني زهرة، فحالفهم، وذكر باقي خبره.
قال الزبير: شرحبيل بن عبد الله بن المطاع تبنته حسنة زوجة سفيان بن معمر ابن حبيب الجمحي، وليس بابن لها، ونسب إليها. قال: وحسنة مولاة لمعمر ابن حبيب، وهي من أهل عدولي [1] من ناحية البحرين، إليها تنسب السفن العدولية.
قَالَ أبو عمر: كان شرحبيل ابن حسنة من مهاجرة الحبشة، معدود في وجوه قريش، وكان أميرا على ربع من أرباع الشام [لعمر بن الخطاب رضي الله عنه [2]] .
توفي في طاعون عمواس [3] سنة ثمان عشرة، وهو ابن سبع وستين سنة.
(1168) شرحبيل بن السمط بن الأسود بن جبلة الكندي. ويقال شرحبيل ابن السمط بن الأعور بن جبلة الكندي.
أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أميرا على حمص لمعاوية، ومات بها، وصلى عليه حبيب بن سلمة.
وقيل: إنه مات سنة أربعين.
قَالَ أبو عمر: كان شرحبيل بن السمط على حمص، فلما قدم جرير على معاوية رسولا من عند علي رضي الله عنه حبسه أشهرا يتحيّر ويتردّد في أمره،
__________
[1] في ى: عدول.
[2] ليس في أ.
[3] في ياقوت: رواه الزمخشريّ بكسر أوله وسكون الثاني، ورواه غيره بفتح أوله وثانيه وآخره سين مهملة. وهي كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس.(2/699)
فقيل لمعاوية: إن جريرا قد رد بصائر أهل الشام في أن عليا ما قتل [1] عثمان، ولا بد لك من رجل يناقضه في ذَلِكَ ممن له صحبة ومنزلة، ولا نعلمه إلا شرحبيل ابن السمط، فإنه عدو لجرير.
فاستقدمه معاوية، فقدم عليه، فهيأ له رجالا يشهدون عنده أن عليا قتل عثمان، منهم بسر بن أرطأة، ويزيد بن أسد جد خالد بن عبد القسري، وأبو الأعور السلمي، وحابس [2] بن سعد الطائي، ومخارق بن الحارث الزبيدي، وحمزة بن مالك الهمداني، قد واطأهم معاوية على ذَلِكَ، فشهدوا عنده أن عليا قتل عثمان. فلقي جريرا فناظره فأبى أن يرجع. وَقَالَ: قد صح عندي أن عليا قد قتل عثمان، ثم خرج إلى مدائن الشام يخبر بذلك، ويندب إلى الطلب بدم عثمان، وله قصص طويلة، وفيها أشعار كثيرة لَيْسَ كتابنا هذا موضوعا [3] لها، وهو معدود في طبقة بسر بن أرطأة وأبي الأعور السلمي.
(1169) شرحبيل بن غيلان بن سلمة الثقفي.
روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستغفار بين كل سجدتين من صلاته- في حديث ذكره، لَيْسَ إسناده مما يحتج به، وكان أحد الخمسة رجال من وجوه ثقيف الذين بعثتهم [4] ثقيف بإسلامهم مع عبد يا ليل، له ولأبيه غيلان بن سلمة صحبة.
(1170) شرحبيل الجعفي.
وَقَالَ بعضهم فيه: شراحيل. حديثه في أعلام النبوة في قصة السلعة التي كانت به، شكاها إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فنفث
__________
[1] في ى: أن عليا قد قتل عثمان.
[2] في أ: وجابر بن سعد.
[3] في أ: موضعا.
[4] في ى: بعثهم.(2/700)
فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع يده عليها، ثم رفع يده فلم ير لها أثر.
روى عنه [ابنه [1]] عبد الرحمن.
(1171) شرحبيل الضبابي،
ويقَالَ: الحنظلي. يعرف بذي الجوشن، لم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، وقد تقدم ذكره في الأذواء في باب الذال.
باب شريح
(1172) شريح بن الحارث الكندي،
أبو أمية القاضي، وهو شريح بن الحارث ابن المنتجع بن معاوية بن جهم بن ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرّة ابن أدد الكندي.
وقد اختلف في نسبه إلى كندة. وقيل: هو حليف لهم من بني رائش. ونسبه ابن الكلبي فَقَالَ: هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر بن [2] الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مربع [3] بن معاوية بن كندة.
قَالَ: وليس بالكوفة من بني الرائش غيرهم، وسائرهم ينسبون في حضرموت.
وقد قيل فيه: إنه شريح بن هانئ، وشريح بن شراحيل، ولا يصح إلا شريح بن الحارث.
أدرك شريح القاضي الجاهلية، ويعد في كبار التابعين، وكان قاضيا لعمر على الكوفة، ثم لعثمان، ثم لعلي رضي الله عنهم، فلم يزل قاضيا بها إلى زمن
__________
[1] من أ.
[2] في ى: بن عامر الرائش.
[3] في أ: بن مرتع، وهو كندة.(2/701)
الحجاج، وكان أعلم الناس بالقضاء، وكان ذا فطنة وذكاء، ومعرفة وعقل ورصانة، وكان شاعرا محسنا، وله أشعار محفوظة في معان حسان، وكان كوسجا سناطا [1] لا شعر في وجهه، وتوفي سنة سبع وثمانين، وهو ابن مائة سنة، وولى القضاء ستين سنة من زمن عمر ألى زمن عبد الملك بن مروان.
(1173) شريح بن ضمرة المزني.
هو أول من قدم بصدقة مزينة، إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
(1174) شريح بن عامر السعدي،
من بني سعد بن بكر. له صحبة، ولّاه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه البصرة، فقتل بناحية الأهواز.
(1175) شريح بن هانئ بن يزيد بن الحارث الحارثي بن كعب،
جاهلي إسلامي، يكنى أبا المقدام، وأبوه هانئ بن يزيد [2] ، له صحبة، قد ذكرناه في بابه، وشريح هذا من أجلة أصحاب علي رضي الله عنه.
(1176) شريح بن أبي وهب الحميري.
قَالَ: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [لبى [3]] حين استوت به [راحلته أو [4]] ناقته، حديثه عند عمرو بن قيس الملائي عن المحكم [5] بن وداعة اليماني، عنه.
(1177) شريح الحضرمي.
كان من أفضل [6] أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] الكوسج: من لا شعر على عارضيه (الزبيدي) . والسناط- بالكسر والضم:
كوسج لا لحية له أصلا، أو الخفيف العارض ولم يبلغ حال الكوسج. أو لحيته في الذقن وما بالعارضين شيء (القاموس) .
[2] في أ: وأبوه هاني بن شريك، وهو مخالف لما تقدم في نسبه.
[3] من أ.
[4] ليس في أ.
[5] في أ: المحلم.
[6] في أ: أفاضل.(2/702)
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: ذُكِرَ شُرَيْحٌ الْحَضْرَمِيُّ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: ذلك رجل لا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ. وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ [1] ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُورٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ فذكره.
(1178) شريح رجل من الصحابة،
روى عنه أبو وائل، لا أدري أهو أحد هؤلاء أم آخر غيرهم؟ حديثه عند واصل بن حيان الأحدب، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن شريح، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال [2] : يقول الله عز وجل يا بن آدم، امش إلي أهرول إليك ... في حديث ذكره.
(1179) شريح رجل من الصحابة،
حجازي، رَوَى عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَاهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ، ذَبَحَ اللَّهُ لَكُمْ كُلَّ دَابَّةٍ خَلَقَهَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ الزُّبَيْرُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: كَانَ شُرَيْحٌ هَذَا قَدْ أَدْرَكَ النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم: له صحبة.
__________
[1] في أ: راشد.
[2] في أ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل.
(م 20- الاستيعاب- ثان)(2/703)
باب شريك
(1180) شريك بن أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، الأنصاري الأشهلي،
هو أخو الحارث بن أنس الذي شهد بدرا، وابنه عبد الله ابن شريك شهد معه أحدا.
(1181) شريك بن حنبل العبسي،
روى في أكل الثوم مثل حديث أبي هريرة: من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن المسجد [1]-[يعني الثوم [2]] ، روى عنه عمير بن تميم. قالوا: حديثه مرسل، وقد أدخله قوم في المسند. روى عنه أبو إسحاق السبيعي، ولشريك [3] بن حنبل هذا روايته عن علي.
(1182) شريك بن طارق الأشجعي،
ويقَالَ الحنظلي التميمي. يقَالَ: إنه له صحبة، ويقال: إن حديثه مرسل. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من زنى نزع عنه الإيمان. وروى أيضا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: ما منكم من أحد إلا وله شيطان ... الحديث.
ويحدث عن فروة بن نوفل عن عائشة أم المؤمنين، وليس له خبر يدل على لقاء أو رؤية، الا أن خليفة بن خياط ذكره فيمن نزل الكوفة من الصحابة، ونسبه في أشجع بن ريث بن غطفان.
ويقَالَ: يكنى أبا مالك.
__________
[1] في أ: فلا يقربن مسجدنا.
[2] ليس في أ.
[3] في ى: وشريك.(2/704)
وذكر محمد بن سعد، عن الواقدي، في جملة من نزل الكوفة من الصحابة شريك بن طارق الحنظلي التميمي، وذكر له صاحب كتاب الوحدان- وهو الحسين بن محمد بن زياد القباني أبو علي حديثا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يدخل الجنة أحد بعمله ... الحديث. وَقَالَ فيه شريك بن طارق الحنظلي التميمي كما قَالَ الْوَاقِدِيُّ، والأول أصح إن شاء الله تعالى.
(1183) شريك بن عبدة بن مغيث [1] بن الجد بن عجلان البلوي. من ولد يحيى [2] ابن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة،
حليف للأنصار. هو شريك ابن سحماء صاحب اللعان، نسب في ذَلِكَ الحديث إلى أمه، قيل: إنه شهد مع أبيه أحدا، وهو أخو البراء بن مالك لأمه، وهو الذي قذفه هلال بن أمية بامرأته. قيل:
إنه أول من لاعن في الإسلام، قاله هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك.
(1184) شريك بن عبد عمرو بن قيظي بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي،
شهد أحدا هو وأخوه أبو ثابت.
باب شهاب
(1185) شهاب بن مالك اليمامي [3] ،
وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1186) شهاب بن المجنون الجرمي
جد عاصم بن كليب. له ولأبيه صحبة [وسماع [4]] ورواية.
__________
[1] في أسد الغابة: ابن معتب.
[2] في أ: من ولد هني بن بلى.
[3] في أ: اليماني.
[4] ليس في أ.(2/705)
شهاب الأنصاري، سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: من ستر على كأنما أحياه. فَقَالَ له جابر: لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ غيري؟ وغيرك.
باب شيبان
شيبان بن مالك الأنصاري
ثم السلمي. يكنى أبا يحيى، هو جدّ، واسم أبي هبيرة يَحْيَى بن عباد بن شيبان. روى عنه ابنه عباد بن بن ابنه أبو هبيرة يَحْيَى بن عباد.
شيبان والد علي بن شيبان. روى عنه ابنه على. حديثه عند أهل اليمامة محمد بن جابر اليمامي.
باب الأفراد في حرف الشين
شباث [1] بن حديج [2] بن سلامة بن أوس البلوي.
حليف لبني حرام ولد ليلة العقبة، وكان أبوه في قول بعضهم أحد السبعين يومئذ، مع بنت عمرو بن عدي [بن سنان [3]] بن نابي الأنصارية، ليست له رواية شبيب بن ذي الكلاع، أبو روح، قَالَ: صليت خلف رسول الله
__________
[1] ط؟ من أسد الغابة، والقاموس، قال: كغراب.
[2] ، ى: خديج، والصواب من تاج العروس.
[3] في أ.(2/706)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح، فقرأ فيها بسورة الروم، وتردد في آية. وحديثه هذا مضطرب الإسناد، روى عنه عبد الملك بن عمير.
(1192) شبيل بن عوف بن أبي حية [1] ،
أبو الطفيل الأحمسي البجلي، أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأدرك الجاهلية ثم شهد القادسية، لا تصح له رواية ولا صحبة، إنما روايته عن عمر بن الخطاب ومن بعده.
قَالَ إسماعيل بن أبي خالد: حَدَّثَنِي شبيل بن عوف، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ وأدرك الجاهلية، وشهد القادسية.
(1193) شجار السلفي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخشى أن يكون حديثه مرسلا، روى عنه أبو عيسى.
(1194) شجاع بن أبي وهب.
ويقَالَ ابن وهب [2] بن ربيعة بن أسد بن صهيب ابن مالك بن كثير بن غم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، حليف لبني عبد شمس، يكنى أبا وهب، شهد هو وأخوه عقبة بن أبي وهب بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أعلم لهما رواية. كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وممن قدم المدينة منها حين بلغهم إسلام أهل مكة، وكان رجلا نحيفا طوالا أجنأ [3] ، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين ابن خولى.
وشجاع هذا هو الذي بعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وإلى جبلة بن الأيهم الغساني، واستشهد شجاع هذا يوم اليمامة، وهو ابن بضع وأربعين سنة.
__________
[1] في ى: حبة. والمثبت من أ، وأسد الغابة.
[2] في أ: وهبان.
[3] أجنأ: أشرف كاهله على صدره (القاموس) . وفي ى: أحنى.(2/707)
(1195) الشريد بن سويد الثقفي.
وقيل: إنه من حضرموت ولكن عداده في ثقيف. روى عنه ابنه عمرو بن الشريد، ويعقوب بن عاصم، يعد في أهل الحجاز.
روى أبو عاصم قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى، قَالَ: حَدَّثَنِي عمرو بن الشريد أن أباه أخبره أنه أنشد النبي صَلَّى الله عليه وسلم من شعر أمية ابن أبي الصلت مائة قافية، فَقَالَ: كاد يسلم- يعنى أمية [والله [1]] .
(1196) شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي.
شهد حجة الوداع مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمع فيه خطبته، وكان ردفه يومئذ ابنه نبيط بن شريط، وكلاهما مذكور في الصحابة.
(1197) شطب الممدود.
يكنى أبا طويل، وهو رجل من كندة، نزل الشام وسكن بها، روى عنه عبد الرحمن بن جبير.
حَدَّثَنَا أَبُو القاسم خلف بن القاسم، قال: حدثنا أبو على سعيد بن عثمان ابن السَّكَنِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ [2] بْنُ إِسْمَاعِيلَ [الْمَحَامِلِيُّ [3]] الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو نَشِيطٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ حَجَّاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الطَّوِيلِ [4] شَطْبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال:
__________
[1] ليس في أ.
[2] في ى: حسن، والمثبت من أ، ولب اللباب.
[3] من أ.
[4] في أ، أسد الغابة: عن أبى طويل. وانظر الإصابة 2- 149.(2/708)
أَرَأَيْتَ رَجُلا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا لَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَّةً وَلا دَاجَّةً إِلا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: هَلْ أَسْلَمْتَ [1] ؟ قَالَ:
أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُهُ. قَالَ: نَعَمْ، تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ يَجْعَلُهُنَّ اللَّهُ لَكَ كُلَّهُنَّ خَيْرَاتٍ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى. قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ: سَمِعْتُ مُبَشِّرَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: الْحَاجَّةُ هُوَ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى الْحَاجِّ إِذَا تَوَجَّهُوا. وَالدَّاجَّةُ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَيْهِمْ إِذَا رَجَعُوا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لِشَطْبٍ الْمَمْدُودِ أَبِي الطَّوِيلِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
(1198) شعيب بن عمرو الحضرمي.
لا يصح حديثه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبغ بالحناء.
(1199) شفىّ الهذلي،
والد النضر بن شفي. يعد في أهل المدينة. ذكره بعضهم في الصحابة، ولا تصح له صحبة، والله أعلم.
(1200) شقران مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قيل: اسمه صالح فيما ذكر خليفة بن خياط، ومصعب.
وَقَالَ مصعب: كان شقران عبدا حبشيا لعبد الرحمن بن عوف، فوهبه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: بل اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه.
وَقَالَ عبد الله بن داود الخريبي [2] وغيره: كان رَسُول الله صلّى الله عليه وسلم
__________
[1] في أ: هل أسلم؟
[2] في أ: الحديبى.(2/709)
قد ورث شقران مولاه من أبيه، فأعتقه بعد بدر، وأوصى به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موته، وكان فيمن حضر غسل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند موته.
قَالَ مصعب: وقد انقرض ولد شقران، مات آخرهم بالمدينة في ولاية الرشيد، وكان بالبصرة رجل منهم، فلا أدري أترك عقبا أم لا.
وَقَالَ أبو معشر: شهد شقران بدرا، وكان يومئذ عبدا فلم يسهم له.
(1201) شقيق بن سلمة،
أبو وائل، صاحب ابن مسعود، أدرك الجاهلية قَالَ:
بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا شاب ابن عشر حجج، أرعى إبلا لأهلي، وَقَالَ: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا غلام يومئذ، فكان يأخذ الصدقة من كل خمسين ناقة ناقة، فأتيته بكش فقلت: خذ من هذا صدقته. فَقَالَ: لَيْسَ في هذا صدقة، وروى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ لي شقيق بن سلمة:
يا سلمان، لو رأيتنا [1] ، ونحن هراب من خالد بن الوليد يوم براخة، فوقعت عن البعير، فكادت عنقي تندق، فلو مت يومئذ كانت لي النار. قَالَ: وكنت يومئذ ابن إحدى وعشرين سنه.
(1202) شكل بن حميد العبسي،
من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان.
روى عنه ابنه شتير بن شكل، لم يرو عنه غيره، حديثه في الدعاء والاستعاذة.
(1203) شماس بن عثمان بن الشريد [بن سويد بن هرمي [2]] المخزومي،
من بني عامر بن مخزوم، اسمه عثمان، وشماس لقب غلب عليه، وقد ذكرنا الخبر
__________
[1] في أ: رأيتني.
[2] من أ.(2/710)
بذلك في باب عثمان، وأمه صفية بنت ربيعة بن عبد شمس، كان من مهاجرة الحبشة، ثم شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، وكان يوم قتل ابن أربع وثلاثين سنة، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما وجدت لشماس شبها إلا الجنّة [1] ، يعنى بما يقاتل عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرمى ببصرة يمينا ولا شمالا إلا رأى شماسا في ذَلِكَ الوجه يذب بسيفه حتى غشي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فترس بنفسه دونه حتى قتل، فحمل إلى المدينة وبه رمق، فأدخل على عائشة فقالت أم سلمة: ابن عمي يدخل على [2] غيري! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احملوه إلى أم سلمة، فحمل إليها فمات عندها، فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرد إلى أحد، فيدفن هنالك كما هو في ثيابه التي مات فيها بعد أن مكث يوما وليلة إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولم يصل عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يغسله. وذكر أبو عبيدة أن شماسا هذا قتل يوم بدر فغلط، وَقَالَ في ذَلِكَ حسان بن ثابت يرثيه ويعزى أخته [فاختة] [3] فيه:
اقني حياتك [4] في ستر وفي كرم ... فإنما كان شماس من الناس
قد ذاق حمزة سيف الله فاصطبري ... كأسا رواء ككأس المرء شمّاس
(1204) شمعون بن يزيد [5] بن خنافة القرظي،
من بني قريظة، أبو ريحانة الأنصاري الخزرجي حليف لهم.
__________
[1] في هامش ى: بضم الجيم. وفي أ: الحبة.
[2] في أ: إلى.
[3] من أ. والشعر ليس في ديوان حسان الّذي بأيدينا.
[4] في أ: حياءك.
[5] في أ: بن زيد، وفي تاج العروس: قال أبو سعيد: هو بإعجام الغين أصح عندي.(2/711)
يقال: إنه مولى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانت ابنته ريحانة سرية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو مشهور بكنيته، له صحبة وسماع ورواية، وكان من الفضلاء [الأخيار النجباء [1]] الزاهدين في الدنيا [الراجين ما عند الله [1]] ، نزل الشام. روى عنه الشاميون.
(1205) شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري الحجبي المكي،
يكنى أبا عثمان. وقيل: أبا صفية، وأبوه عثمان بن أبي طلحة يعرف بالأوقص، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم أحد كافرا. واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى.
أسلم شيبة بن عثمان يوم فتح مكة، وشهد حنينا، وقيل: بل أسلم بحنين.
قَالَ الزبير: كان شيبة قد خرج مع رسول الله صلى الله عليه يوم حنين مشركا يريد أن يغتال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأى من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غرة، فأقبل يريده، فرآه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يا شيبة، هلم لا أم لك. فقذف الله في قلبه الرعب، ودنا من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووضع يده على صدره، ثم قَالَ: اخسأ [2] عنك الشيطان، فأخذه. [أفكل [3]] ونزع، وقذف الله في قلبه الإيمان، فأسلم، وقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن صبر معه يومئذ، وكان من خيار المسلمين، ودفع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة، أو إلى ابن عمه
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أ: أخس.
[3] من أ.(2/712)
شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، وقال: خذوها خالدة تالدة إلى يوم القيامة يا بني أبي طلحة، لا يأخذها منكم إلا ظالم. قال: فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار. قَالَ أبو عمر: شيبة هذا هو جد بني شيبة حجبة الكعبة إلى اليوم دون سائر الناس أجمعين. وهو أبو صفية بنت شيبة.
وتوفي في آخر خلافة معاوية سنة تسع [1] وخمسين. وقيل: بل توفي في أيام يزيد، ذكره بعضهم في المؤلّفة قلوبهم، وهو من فضلائهم.
__________
[1] في أسد الغابة: سبع وخمسين.(2/713)
حرف الصاد
باب صخر
(1206) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو سفيان القرشي الأموي.
غلبت عليه كنيته فأخرنا أخباره إلى كتاب الكنى من هذا الديوان.
وأمه صفية بنت حزن الهلالية.
أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنينا. وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم، وأعطى ابنيه: يزيد، ومعاوية، فَقَالَ له أبو سفيان: والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي! والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرا وشهد الطائف، ورمى [1] بسهم، ففقئت عينه الواحدة، واستعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نجران، فمات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو وال عليها، ورجع إلى مكة فسكنها برهة، ثم رجع إلى المدينة فمات بها.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: أصحابنا ينكرون ولاية أبي سفيان على نجران في حين وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقولون: كان أبو سفيان بمكة وقت وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان عامله على نجران يومئذ عمرو بن حزم. ويقَالَ: إنه فقئت عينه الأخرى يوم اليرموك. وقيل: إنه كان له كنية أخرى، أبو حنظلة بابن له يسمى حنظلة، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم بدر كافرا.
__________
[1] في أ: فرمى.(2/714)
وتوفى أبو سفيان المدينة سنة ثلاثين فيما ذكر. وقيل: سنة إحدى وثلاثين الواقدي، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وَقَالَ المدائني: توفى أبو سفيان سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان.
روى عنه عبد الله بن عباس قصته مع هرقل حديثا حسنا.
حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن موسى بن؟
جميل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق، حَدَّثَنَا نصر بن علي، حَدَّثَنَا الأصمعي؟
حَدَّثَنَا الحارث بن عمير، عن يونس بن عبيد، قال: كان عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة، وأبو جهل، وأبو سفيان لا يسقط لهم رأي في الجاهلية، فلما جاء الإسلام لم يكن لهم رأي، وتبين عليهم السقوط والضعف والهلاك في الرأي
(1207) صخر بن العيلة [1] بن عبد الله بن ربيعة الأحمس،
يكنى أبا حازم من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن القوم إذا أحرزوا أموالهم ودماءهم. روى عنه قيس بن أبي حازم. حديثه عند أهل الكوفة، وعداده في الكوفيين وقد قيل: إن عيلة أمه. والعيلة في أسماء [نساء [2]] قريش متكررة [3] .
(1208) صخر بن قدامة العقيلي،
روى عنه الحسن البصري.
(1209) صخر بن قيس،
ويقَالَ: الضحاك بن قيس. هو الأحنف بن قيس التميمي السعدي، يكنى أبا بحر، قد تقدّم ذكر نسبه إلى تميم في باب الألف أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يره، ودعا له رسول الله
__________
[1] في القاموس: وصخر بن العيلة، أو ككيسة، ويقال أين أبى العيلة.
[2] س أ.
[3] في أسد الغابة: وأما قول أبى عمر: إن العيلة في أسماء نساء قريش متكررة فلا أعرف فيهن هذا الاسم، إنما فيهن عبلة- بالباء الموحدة، وإليها تنسب العبلات أمية الصغرى، فإن من كان أرادهم فقد وهم لأن هذا بالياء تحتها نقطتان والله أعلم (3-(2/715)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم عليه وفد بني تميم فذكروه له. وكان الأحنف عاقلا حليما ذا دين وذكاء وفصاحة ودهاء، لما [1] قدمت عائشة البصرة، أرسلت إليه فأتاها، فقالت: ويحك يا أحنف، بم تعتذر إلى الله من ترك [2] جهاد قتلة أمير المؤمنين عثمان؟ أمن قلة عدد، أو أنك لا تطاع في العشيرة؟ قَالَ:
يا أم المؤمنين، ما كبرت السن، ولا طال العهد، وإن عهدي بك عام أول تقولين فيه وتنالين منه. قالت: ويحك يا أحنف! إنهم ماصوه موص [3] الإناء ثم قتلوه. قَالَ: يا أم المؤمنين، إني آخذ بأمرك وأنت راضية، وأدعه وأنت ساخطة.
وعمر الأحنف إلى زمن مصعب بن الزبير، وخرج معه إلى الكوفة لقتال المختار، فمات بها، وذلك في سنة سبع وستين، وصلى عليه مصعب بن الزبير، ومشى راجلا بين رجلي نعشه بغير رداء، وَقَالَ: هذا سيد أهل العراق.
ذهبت إحدى عينه يوم الحرة، ودفن بقرب قبر زياد بالكوفة.
(1210) صخر بن وداعة الغامدي.
وغامد في الأزد [4] . سكن الطائف، وهو معدود في أهل الحجاز.
روى عنه عمارة بن حديد، [وعمارة [5]] رجل مجهول لم يرو عنه غير يعلى بن عطاء الطائفي، ولا أعلم لصخر الغامدي غير حديث: بورك لأمتي في بكورها. وهو لفظ رواه جماعة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
__________
[1] في أ: ولما.
[2] في أ: تركك.
[3] الموص: الغسل. أرادت أنهم استتابوه عما نقموا منه ولما أعطاهم ما طلبوا قتلوه (اللسان- ماص) .
[4] في أ: في الأسد- وهي لغة في الأزد.
[5] من أ.(2/716)
باب صعصعة
(1211) صعصعة بن صوحان العبدي.
كان مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلقه ولم يره، صغر عن ذَلِكَ، وكان سيدا من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحا خطيبا عاقلا، لسنا دينا، فاضلا بليغا. يعد في أصحاب على رضي الله عنه.
قَالَ يَحْيَى بن معين: صعصعة وزيد وصيحان [1]- بنو صوحان- كانوا خطباء من عبد القيس، قتل زيد وصيحان [1] يوم الجمل، وصعصعة بن صوحان هذا هو القائل لعمر بن الخطاب حين قسم المال الذي بعث به إليه أبو موسى- وكان ألف ألف درهم، وفضلت منه فضلة، فاختلفوا عليه حيث يضعها، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وَقَالَ: أيها الناس، قد بقيت لكم فضلة بعد حقوق الناس، فما تقولون فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان- وهو غلام شاب- فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، إنما تشاور [2] الناس فيما لم ينزل الله فيه قرآنا، أمّا ما أنزل الله به من القرآن ووضعه مواضعه فضعه في مواضعه التي وضع الله تعالى فيها. فَقَالَ:
صدقت، أنت مني، وأنا منك، فقسمه بين المسلمين. ذكره عمر بن شبة.
(1212) صعصعة بن معاوية،
عم الأحنف بن قيس. وصعصعة بن معاوية بن حصن [أو حصين [3]] بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن الحارث ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زبد مناة بن تميم.
__________
[1] في أ: وسيحان.
[2] في أ: يشاور.
[3] من أ.(2/717)
وقد اختلف في صحبته، والذي عندنا من روايته إنما هو عن عائشة [عن [1]] أبي ذر الغفاري. إلا ما روى عنه أنه قَالَ: قدمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى عنه ابن أخيه الأحنف بن قيس، والحسن البصري، وابنه عبد ربه؟ صعصعة، وهو أخو جزء [2] بن معاوية عامل عمر بن الخطاب على الأهواز.
(1213) صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم.
جدّ فرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية.
روى عنه طفيل بن عمرو وابنه عقَال. وروى عنه الحسن إلا أنه قال:
اثنى صعصعة عم الفرزدق، وهو عندهم جد الفرزدق الشاعر. واسم الفرزدق؟ بن غالب. وكان صعصعة هذا من أشراف بنى تميم ووجوه بنى مجاشع، كان في الجاهلية يفتدي الموءودات من بني تميم فامتدح الفرزدق [جدّه [3]] لك في قوله:
وجدي [4] الذي منع الوائدات ... وأحيى الوئيد فلم توأد [5]
باب صفوان
(1214) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحيّ،
له أيضا جمحية، من ولد جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي غالب، يكنى أبا وهب، وقيل أبا أميّة، وهما كنيتان له مشهورتان،
__________
[1] من أ.
[2] في أ: جزى- بفتح الجيم وكسر الزاى وتشديد الياء.
[3] من أ.
[4] في اللسان: وعمى.
[5] في أ، واللسان: يوءد.(2/718)
ففي الموطأ لمالك، عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لصفوان ابن أمية: انزل أبا وهب. وذكر ابن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لصفوان بن أمية: يا أبا أمية. وقتل أبوه أمية بن خلف ببدر كافرا، وقتل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمه أبي بن خلف بأحد كافرا، طعنه فصرعه فمات من جرحه ذَلِكَ، وهرب صفوان بن أمية يوم الفتح. وفي ذَلِكَ يقول حسان [1] بن قيس البكري يخاطب امرأته فيما ذكر ابن إسحاق وغيره:
إنك لو شهدت [2] يوم الخندمة ... إذ فر صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه ... يقطعن [3] كل ساعد وجمجمه
ضربا فلا تسمع إلا غمغمة ... لهم نبيب [4] خلفنا وهمهمه [5]
لم تنطقي في اللوم [6] أدنى كلمه ثم رجع صفوان إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فشهد معه حنينا والطائف، وهو كافر وامرأته مسلمة، أسلمت يوم الفتح قبل صفوان بشهر، ثم أسلم صفوان وأقرا [7] على نكاحهما، وكان عمير بن وهب بن خلف قد استأمن له رسول الله
__________
[1] في أ: خناس البكري. وفي اللسان: وقال الراعش لامرأته. ثم قال: وذكر ابن بري أنه حماس بن قيس (اللسان- خندم) ، وانظر هوامش الاستيعاب ورقة 59.
[2] في اللسان: شاهدت.
[3] في اللسان: يفلقن.
[4] في ى: نئيب. وفي اللسان: نهيت.
[5] في اللسان: وحمحمة.
[6] في ى: النوم. والمثبت من أ. وفي اللسان: باللوم.
[7] في أ: فقرا.(2/719)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين هرب يوم الفتح هو وابنه وهب بن عمير، فآمنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما، وبعث إليه [مع] [1] وهب بن عمير بردائه أو ببرده أمانا له، فأدركه وهب بن عمير ببرد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو بردائه، فانصرف معه، فوقف على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وناداه في جماعة الناس: يا محمد، إن هذا وهب بن عمير يزعم أنك آمنتني على أن أسير [2] شهرين. فَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انزل أبا وهب. فَقَالَ: لا، حتى تبين لي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انزل فلك مسير [3] أربعة أشهر. وخرج معه إلى حنين، واستعاره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلاحا، فَقَالَ: طوعا أو كرها؟ فَقَالَ:
بل طوعا، عارية مضمونة، فأعاره. وأعطاه رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم من الغنائم يوم حنين فأكثر. فَقَالَ صفوان: أشهد باللَّه ما طابت بهذا إلا نفس نبي. فأسلم وأقام بمكة.
ثم إنه قيل له: من لم يهاجر هلك، ولا إسلام لمن لا هجرة له، فقدم المدينة مهاجرا، فنزل على العباس بن عبد المطلب، وذكر ذَلِكَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا هجرة بعد الفتح. وَقَالَ له:
على من نزلت أبا وهب؟ قَالَ: نزلت على العباس. قَالَ: نزلت على أشد قريش لقريش حبا. ثم أمره أن ينصرف إلى مكة، فانصرف إليها، فأقام بها حتى مات.
هكذا قَالَ جماعة من أهل العلم بالأخبار والأنساب: إن عمير بن وهب هو الذي جاء صفوان بن أمية برداء [4] رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمانا لصفوان.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في أسد الغابة: على أن لي مسير شهرين.
[3] في أ: نسير.
[4] في أ: ببرد.(2/720)
وذكر مالك، عن ابن شهاب أن الذي جاء برداء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمانا هو ابن عمه وهب بن عمير. والله أعلم.
ووهب بن عمير هو ابن عمير بن وهب، وكان إسلامهما معا ومتقاربا بعد بدر. وقد ذكرنا ذَلِكَ في موضعه، والحمد للَّه.
وكانا إسلام صفوان بن أمية بعد الفتح، وكان صفوان بن أمية أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت فيهم الأيسار، وهي الأزلام، فكان لا يسبق بأمر عام حتى يكون هو الذي يجري يسره على يديه، وكان أحد المطعمين، وكان يقَالُ له سداد [1] البطحاء. وهو أحد المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم. وكان من أفصح قريش لسانا. يقَالُ: إنه لم يجتمع لقوم أن يكون منهم مطعمون خمسة إلا لعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف، أطعم خلف، وأمية، وصفوان، وعبد الله، وعمرو، ولم [2] يكن في العرب غيرهم إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري، فإن هؤلاء الأربعة مطعمون.
وَقَالَ معاوية يوما: من يطعم بمكة من قريش؟ فقالوا: عمرو بن عبد الله بن صفوان. فَقَالَ: بخ ... تلك نار لا تطفأ.
وقتل ابنه عبد الله بن صفوان بمكة مع ابن الزبير، وذلك أنه كان عدوا لبني أمية، وكان لصفوان بن أمية أخ يسمى ربيعة بن أمية بن خلف، له مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصتان رأيت أن أذكرهما، وذلك أن ربيعة بن أميّة ابن خلف أسلم عام الفتح، وكان قد رأى رؤيا فقصّها على عمر، فَقَالَ: رأيت كأني في واد معشب، ثم خرجت [3] منه إلى واد مجدب، ثم انتبهت وأنا في الوادي
__________
[1] في أ: شداد.
[2] في أ: فلم يكن.
[3] في هوامش الاستيعاب: فأفضيت إلى أرض مجدبة.(2/721)
المجدب. فَقَالَ عمر: تؤمن ثم تكفر، ثم تموت وأنت كافر. فَقَالَ: ما رأيت شيئا. فَقَالَ عمر: قضى لك كما قضى لصاحبي يوسف. قَالا: ما رأينا شيئا، فَقَالَ يوسف [1] : قضى الأمر الّذي فيه تستفتيان.
ثم إنه شرب خمرا، فضربه عمر بن الخطاب [الحد [2]] ، ونفاه إلى خيبر، فلحق بأرض الروم فتنصر، فلما ولى عثمان بعث إليه قاصدا [3] أبا الأعور السلمي، فَقَالَ له: ارجع إلى دينك وبلدك، واحفظ نسبك وقرابتك من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واغسل ما أنت فيه بالإسلام، فكان رده عليه أن تمثّل بيت النابغة:
حياك ربي [4] فإنا لا يحل لنا ... لهو النساء وإن الدين قد عزما
ومات صفوان بن أمية بمكة سنة اثنتين وأربعين في أول خلافة معاوية.
روى عنه ابنه عبد الله بن صفوان، وابن أخيه حميد، وعبد الله بن الحارث، وعامر بن مالك، وطاوس.
(1215) صفوان بن أمية بن عمرو [5] السلمي،
حليف بني أسد بن خزيمة.
اختلف في شهوده بدرا، وشهدها أخوه مالك بن أمية، وقتلا جميعا شهيدين باليمامة، رضى الله عنهما.
__________
[1] سورة يوسف: 41.
[2] ليس في أ.
[3] في أ: قصدا.
[4] في أ: حياء ود. والمثبت من الديوان (صفحة 93) .
[5] في أ: عمر.(2/722)
(1216) صفوان ابن بيضاء الفهري، أبو عمرو.
والبيضاء أمّه، وهو صفوان ابن وهب بن ربيعة بن هلال [بن أهيب [1]] بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك القرشي الفهري، أخو سهيل وسهل ابني وهب، المعروفون ببني البيضاء، وهي أمهم، واسمها دعد بنت الجحدم بن أمية بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك.
وقيل: اسم البيضاء دعد بنت جحدر [2] بن عمرو بن عايش بن غوث ابن فهر [3] .
وأما سهل ابن بيضاء فشهد مع المشركين بدرا في قصة [4] سنذكرها في بابه إن شاء الله، ثم أسلم بعد.
وأما سهيل وصفوان فشهدا جميعا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدرا، وقتل صفوان يومئذ ببدر شهيدا، قتله طعيمة بن عدي فيما قَالَ ابن إسحاق.
وقد قيل: إنه لم يقتل ببدر، وإنه مات في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين.
ويقَالَ: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم آخى بين صفوان بن بيضاء، ورافع ابن عجلان، وقتلا جميعا ببدر.
(1217) صفوان بن عبد الرحمن بن صفوان القرشي الجمحي،
أتى به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ليبايعه [5] على الهجرة. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا هجرة بعد الفتح. وشفع له العباس، فبايعه. و [نذكر [6]] خبره في باب أبيه [7] عبد الرحمن.
__________
[1] من هوامش الاستيعاب الورقة 59.
[2] في أ: الجحدم.
[3] في أ: بن ظرب بن الحارث بن فهر
[4] في أ: لقصة، وقد تقدمت ترجمته على الترتيب الجديد للكتاب.
[5] في أ: بالمبايعة.
[6] ليس في أ.
[7] في أ: ابنه.(2/723)
(1218) صفوان بن عسال من بني الربض بن زاهر المرادي.
سكن الكوفة يقَالُ: إنه روى عنه من الصحابة عبد الله بن مسعود. وأما الذين يروون عنه فزر بن حبيش، وعبد الله بن سلمة، وأبو العريف، يقولون: إنه من [بني [1]] جمل [2] بن كنانة بن ناجية بن مراد.
(1219) صفوان بن عمرو السلمي،
ويقَالَ: الأسلمي. أخو مدلاج وثقف [3] ومالك بني عمرو السلميين أو الأسلميين، شهد صفوان بن عمرو أحدا، ولم يشهد بدرا، وشهدها إخوته. وهم حلفاء بني عبد شمس.
(1220) صفوان بن قدامة التميمي،
هاجر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فقدم عليه المدينة ومعه ابناه عبد العزي وعبد نهم. فبايعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومد إليه يده، فمسح عليها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ له صفوان: إني أحبّك يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب.
وَقَالَ له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما اسم ابنيك؟ فَقَالَ: هذا عبد العزى، وهذا عبد نهم. فسمى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد العزى عبد الرحمن، وسمى عبد نهم عبد الله، وأقام صفوان بالمدينة حتى مات بها.
(1221) صفوان بن محمد
روى عنه الشعبي. وقيل محمد بن صفوان. [وقيل:
محمد بن صيفي] [4] خرج عنه ابن أَبِي شَيْبَةَ حديثا.
(1222) صفوان بن مخرمة القرشي الزهري
يقَالُ: إنه أخو المسور بن مخرمة.
لم يرو عنه غير ابنه قاسم بن صفوان.
__________
[1] ليس في أ.
[2] في ى وأسد الغابة: حمل. والمثبت من تهذيب التهذيب. وقال في الخلاصة: جمل:
بفتح الجيم والميم.
[3] في أ: وثقيف.
[4] من أ.(2/724)
(1223) صفوان بن المعطل بن ربيعة [1] بن خزاعي بن محارب بن مرّة بن فالج ابن ذكوان بن ثعلبة [بن بهثة [2]] بن سليم السلمي،
ثم الذكواني، يكنى أبا عمرو.
يقَالُ: إنه أسلم قبل المريسيع. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: شهد صفوان بن المعطل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق والمشاهد كلها بعدها [3] ، وكان مع كرز [4] ابن جابر الفهري في طلب العرنيين الذين أغاروا على لقاح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أبو عمر: كان يكون على ساقه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يتخلف بعد عن غزوة غزاها.
وَقَالَ سلمة، عن ابن إسحاق: قتل صفوان بن المعطل في غزوة أرمينية شهيدا، وأميرهم يومئذ عثمان بن أبي العاص سنة تسع عشرة في خلافة عمر. وقيل: إنه مات بالجزيرة في ناحية شمشاط، ودفن هناك، والله أعلم.
ويقَالَ: إنه غزا الروم في خلافة معاويه فاندقت ساقه، ولم يزل يطاعن حتى مات، وذلك سنة ثمان وخمسين، وهو ابن بضع وستين. وقيل: مات سنة تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية، وله دار بالبصرة في سكة المربد، وكان خيرا فاضلا شجاعا بطلا، وهو الذي قَالَ فيه أهل الإفك ما قالوا مع عائشة، فبرأهما الله مما قالوا.
__________
[1] هكذا في ى. وفي أ، وأسد الغابة: ربيضة. وفي الإصابة: رحضة. وفي هوامش الاستيعاب:
بعد أن ذكر ما تقدم: وقال فيه الحاكم: رحيضة.
[2] من أ.
[3] في أ: بعد.
[4] في ى: كريز.(2/725)
وَقَالَ محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: اعترض صفوان بن المعطل حسان بن ثابت بالسيف لما قذفه [1] به من الإفك وضربه، ثم قال:
تلق ذباب السيف مني [2] فإنني ... غلام إذا هو جيت لست بشاعر
وكان حسان قد عرض بابن المعطل وبمن أسلم من مضر في شعر له ذكره ابن إسحاق، وذكر الخبر في ذلك.
(1224) صفوان بن اليمان، أخو حذيفة بن اليمان العبسي.
حليف بني عبد الأشهل، شهد أحدا مع أبيه حسيل، وهو اليمان، ومع أخيه [حذيفة [3]] ، وقد ذكرنا خبر أبيه في بابه، والحمد للَّه.
(1225) صفوان، أو أبو صفوان [4] ،
كذا قالوا فيه على الشك. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان لا ينام حتى يقرأ حم السجدة، وتبارك الذي بيده الملك. روى عنه ابن الزبير. فيه وفي الذي قبله الجمحي نظر، أخشى أن يكونا واحدا.
باب صهيب
(1226) صهيب بن سنان الرومي،
يعرف بذلك لأنه أخذ لسان الروم إذ سبوه وهو صغير، وهو نمري من النمر بن قاسط، لا يختلفون في ذلك.
__________
[1] في أ: قرقه.
[2] في أ: عنك.
[3] ليس في أ.
[4] في أسد الغابة: أو ابن صفوان.(2/726)
قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: وممن شهد بدرا مع رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النمر بن قاسط صهيب بن سنان.
وفي كتاب البخاري، عن محمد بن سيرين، قَالَ: كان صهيب من [العرب من] [1] النمر بن قاسط.
وَقَالَ ابن إسحاق: هو صهيب بن سنان بن خالد بن عبد عمرو بن طفيل ابن عامر بن جندلة [بن كعب [2]] بن سعد [بن خزيمة بن كعب بن سعد [3]] ، شهد بدرا، إلى هنا نسبه ابن إسحاق.
وَقَالَ: يزعمون أنه من النمر بن قاسط.
ونسبه الواقدي، وخليفة بن خياط، وابن الكلبي، وغيرهم، فقالوا: هو صهيب بن سنان بن خالد بن عبد عمرو بن عقيل بن كعب بن سعد.
ومنهم من يقول: ابن سفيان بن جندلة بن مسلم بن أوس بن زيد مناة ابن النمر بن قاسط.
كان أبوه سنان بن مالك [4] أو عمه عاملا لكسرى على الأبلة، وكانت منازلهم بأرض الموصل في قرية من شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل، فأغارت الروم على تلك الناحية، فسبت صهيبا وهو غلام صغير، فنشأ صهيب بالروم، فصار ألكن، فابتاعته منهم كلب، ثم قدمت به مكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي منهم، فأعتقه، فأقام معه بمكة حتى هلك عبد الله بن جدعان، وبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
__________
[1] من أ.
[2] ليس في أ.
[3] من أ. وفي هوامش الاستيعاب: ابن خزيمة، بخط كاتب الأصل: جذيمة.
[4] في أ: بن خالد.(2/727)
وأما [أهل [1]] صهيب وولده فيزعمون أنه إنما هرب من الروم حين عقل وبلغ، فقدم مكة، فحالف عبد الله بن جدعان، وأقام معه إلى أن هلك.
وكان صهيب فيما ذكروا أحمر شديد الحمرة، لَيْسَ بالطويل ولا بالقصير، وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كان إسلام صهيب وعمار بن ياسر في يوم واحد.
حَدَّثَنَا [2] عبد الله بن أبي عبيدة [عَنْ أَبِيهِ [3]] قَالَ: قَالَ عمار بن ياسر:
لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، فقلت له: ما تريد؟ فَقَالَ لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت [4] الدخول إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسمع كلامه. قَالَ: فأنا [5] أريد ذَلِكَ. قَالَ: فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا حتى أمسينا، ثم خرجنا مستخفين، فكان إسلام عمار وصهيب بعد بضعة وثلاثين رجلا، وهو ابن عم حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، يلتقي حمران وصهيب عند خالد بن عبد عمرو. وحمران أيضا ممن لحقه السباء من سبي عين التمر، يكنى صهيب أبا يَحْيَى.
وَقَالَ مصعب بن الزبير [6] : هرب صهيب من الروم، ومعه مال كثير، فنزل مكة، فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه وانتمى إليه، وكانت الروم قد أخذت صهيبا من نينوى، وأسلم قديما، فلما هاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
__________
[1] من أ.
[2] في أ: حدثني.
[3] ليس في أ.
[4] في أ: أريد.
[5] في أ: وأنا أريد.
[6] في أ: مصعب الزبيري.(2/728)
إلى المدينة لحقه صهيب إلى المدينة، فقالت له قريش: لا تفجعنا بنفسك ومالك، فرد إليهم ماله، فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ربح البيع أبا يَحْيَى، وأنزل الله تعالى في أمره [1] : وَمن النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ الله. 2: 207 قَالَ: وأخوه مالك [بن سنان [2]] [لم يذكره أبو عمر في باب مالك بن سنان [3]] .
قَالَ أبو عمر: وروى عن صهيب أنه قَالَ: صحبت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يوحى إليه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة. وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليحب صهيبا حب الوالدة لولدها. وذكر الواقدي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عاصم بن سويد من بني عمرو بن عوف، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت، قَالَ: قدم آخر الناس في الهجرة إلى المدينة علي وصهيب، وذلك للنصف من ربيع الأول، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقباء لم يرم بعد.
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير،
__________
[1] سورة البقرة: 207.
[2] من أ.
[3] ليس في أ.(2/729)
[قَالَ [1]] : حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، [قَالَ [2]] : حَدَّثَنَا الفضل بن موسى، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عَنْ أَبِيهِ أن عمر ابن الخطاب قَالَ لصهيب: إنك تدعى إلى النمر بن قاسط، وأنت رجل من المهاجرين الأولين ممن أنعم الله عليه بالإسلام. قَالَ صهيب: أما ما تزعم أنى ادعيت إلى النمر ابن قاسط فإن العرب كانت تسبى بعضها بعضا فسبوني، وقد عقلت مولدي وأهلي فباعوني بسواد الكوفة، فأخذت لسانهم، ولو أني كنت من روثة حمار ما ادعيت إلا إليها.
وأخبرني سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قالا: حدثنا قاسم ابن أصبغ، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل الصائغ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أبي بكير [3] ، حَدَّثَنَا زهير بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب أن صهيبا كان يكنى أبا يَحْيَى.
وزعم أنه كان من العرب، وكان يطعم الطعام الكثير، فَقَالَ له عمر: يا صهيب، مالك تتكنى بأبي يَحْيَى، وليس لك ولد، وتزعم أنك من العرب، وتطعم الطعام الكثير، وذلك سرف في المال؟ فَقَالَ له صهيب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يَحْيَى. وأما قولك في النسب فإني رجل من النمر بن قاسط من أنفسهم، ولكني سبيت غلاما صغيرا قد عقلت أهلي وقومي. وأما قولك في الطعام فإن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: خياركم من أطعم الطعام، ورد السلام، فذلك الّذي يحملني على أن أطعم.
__________
[1] من أ.
[2] من أ.
[3] في أ: ابن أبى بكرة.(2/730)
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى صُهَيْبٍ حَائِطًا [1] لَهُ بِالْعَالِيَةِ، فَلَمَّا رَآهُ صُهَيْبٌ قَالَ: يَا نَاسُ يَا نَاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: لا أَبَا لَهُ! يَدْعُو النَّاسَ! فَقُلْتُ: إِنَّمَا يَدْعُو غُلامًا يُدْعَى يُحَنِّسُ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا فِيكَ شَيْءٌ أُعِيبُهُ يَا صُهَيْبُ إِلا ثَلاثَ خِصَالٍ، لَوْلاهُنَّ مَا قَدَّمْتُ عَلَيْكَ أَحَدًا. هَلْ أَنْتَ مُخْبِرِي عَنْهُنَّ؟ قَالَ صُهَيْبٌ: مَا أَنْتَ بِسَائِلِي عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْتُكَ عَنْهُ. قَالَ: أَرَاكَ تَنْتَسِبُ عَرَبِيًّا وَلِسَانُكَ أَعْجَمِيٌّ، وَتَتَكَنَّى بِأَبِي يَحْيَى اسْمُ نَبِيٍّ، وَتُبَذِّرُ مَالَكَ. قَالَ: أَمَّا تَبْذِيرِي مَالِي ما أُنْفِقُهُ إِلا فِي حَقِّهِ. وَأَمَّا اكْتِنَائِي بِأَبِي يَحْيَى فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي بِأَبِي يَحْيَى، أَفَأَتْرُكُهَا لَكَ. وَأَمَّا انْتِسَابِي [2] إِلَى الْعَرَبِ فَإِنَّ الرُّومَ سَبَتْنِي صَغِيرًا فَأَخَذْتُ لِسَانَهُمْ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ لَوِ انْفَلَقَتْ عَنِّي رَوْثَةٌ لانْتَسَبْتُ [3] إِلَيْهَا.
حدثنا سعيد [4] بن نصر، حدثنا قاسم بن أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا عفان بن مسلم، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالا: حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد ابن الْمُسَيِّبِ، قَالَ: خَرَجَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَانْتَثَرَ [5] مَا فِي كِنَانَتِهِ، وَقَالَ لهم: يا معشر قريش، قد تعلمون
__________
[1] الحائط: الحديقة.
[2] في أ: انتمائي.
[3] في أ: لانتميت.
[4] في أ: سعد.
[5] في أسد الغابة: فنثل كنانته.(2/731)
أنى من أرماكم، وو الله لا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَكُمْ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِي، ثُمَّ أَضْرِبُكُمْ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي يَدِي شَيْءٌ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ مَالِي دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ. قَالُوا:
فَدُلَّنَا عَلَى مَالِكَ وَنُخَلِّي عَنْكَ. فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّهُمْ، وَلَحِقَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: «وَمن النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ الله وَالله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ» . 2: 207 قَالَ أَبُو عُمَرُ: وَكَانَ صُهَيْبٌ مَعَ فَضْلِهِ وَوَرَعِهِ حَسِنَ الْخُلُقِ مُدَاعِبًا، رَوَيْنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَازِلٌ بِقُبَاءَ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ رُطَبٌ وَتَمْرٌ، وَأَنَا أَرْمَدُ فَأَكَلْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَأْكُلُ [1] التَّمْرَ عَلَى عَيْنِكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آكُلُ فِي شِقِّ عَيْنِي الصَّحِيحَةِ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. وَأَوْصَى إِلَيْهِ عُمَرُ بِالصَّلاةِ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَتَّفِقَ [2] أَهْلُ الشُّورَى، اسْتَخْلَفَهُ [3] عَلَى ذَلِكَ ثَلاثًا، وَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ [4] الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، [قَالَ: [5]] ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ مَرَّ عَلَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلالٍ، فَقَالُوا: مَا أَخَذَتِ السُّيُوفُ مِنْ عنق عدوّ الله مأخذها؟
__________
[1] في أ: أتأكل. وفي أسد الغابة: أتأكل التمر وأنت أرمد.
[2] في أ: إلى أن تتفق.
[3] في أ: واستحلفه.
[4] في أ: بن سكن.
[5] من أ.(2/732)
فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهَا؟ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالُوا. فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ. فَرَجِعَ فَقَالَ: يَا إِخْوَانِي، لَعَلَّي أَغْضَبْتُكُمْ. فَقَالُوا: يَا أبا بكر يغفر الله لك. وفضائل صهيب، وسلمان، وبلال، وعمار، وخباب، والمقداد، وأبي ذر، لا يحيط بها كتاب، وقد عاتب الله تعالى نبيه فيهم في آيات من الكتاب.
ومات صهيب بالمدينة سنة ثمان وثمانين في شوال. وقيل: مات في سنة تسع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة. وقيل: ابن تسعين [1] ، ودفن بالبقيع.
وروى عنه من الصحابة عبد الله بن عمر، ومن التابعين كعب الأحبار، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأسلم مولى عمر، وجماعة. يعد في المدنيين.
(1227) صهيب بن النعمان،
روى عنه عبد الله بن يساف، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل المكتوبة على النافلة.
__________
[1] ابن سبعين.(2/733)
باب صيفي
(1228) صيفي بن الأسلت [1] ، أبو قيس الأنصاري،
أحد بني وائل بن زيد، كان هو وأخوه وحوح قد سارا إلى مكة مع قريش فسكناها وأسلما يوم الفتح، ذكرهما ابن إسحاق. وذكر الزبير أن أبا قيس [بن [2]] الأسلت الشاعر أخا وحوح لم يسلم، واسمه الحارث بن الأسلت. قَالَ: ويقَالَ عبد الله. وفيما ذكر الزبير وابن إسحاق نظر في أبي قيس.
(1229) صيفي بن ربعي بن أوس.
في صحبته نظر. شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(1230) صيفي بن سواد بن عباد بن عمرو بن غنم بن سواد بن غنم بن كعب ابن سلمة الأنصاري،
شهد [بيعة [3]] العقبة الثانية، ولم يشهد بدرا، كذا قَالَ ابن إسحاق صيفي بن سواد بن عمرو. وَقَالَ ابن هشام: هو صيفي بن أسود بن عباد، ثم نسبه كما ذكرنا.
(1231) صيفي بن عامر سيد بني ثعلبة،
كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا أمره فيه على قومه
(1232) صيفي بن قيظي بن عمرو بن سهل بن مخرمة بن قلع بن حريش بن عبد الأشهل الأنصاري [الأشهلي [4]] ، هو ابن أخت أبي الهيثم بن التيهان.
أمه الصعبة بنت التيهان بن مالك، قتل يوم أحد شهيدا، قتله ضرار بن الخطاب.
__________
[1] في هوامش الاستيعاب: الأسلت عامر بن جشم بن وائل.
[2] من أ.
[3] ليس في أ.
[4] ليس في أ.(2/734)
باب الأفراد في حرف الصاد
(1233) صالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقال له شقران. غلب عليه ذَلِكَ، والاسم صالح، كان حبشيا [1] عند عبد الرحمن بن عوف، فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقه.
(1234) صبيح مولى أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس.
قَالَ ابن إسحاق: كان قد تجهز للخروج مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، ثم مرض، فحمل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد، ثم شهد صبيح المشاهد كلها مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقول موسى بن عقبة في ذَلِكَ مثل قول ابن إسحاق.
وقد قيل: إنه لما مرض حمل على بعيره أبا سلمة إلى بدر، لا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله.
(1235) صبيحة بن الحارث بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي.
كان من المهاجرين. وهو أحد النفر من قريش الذين بعثهم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يحددون أعلام الحرم، وكان عمر قد دعاه إلى صحبته ومرافقته في سفر، فخرج [2] فيه معه.
(1236) صحار العبدي،
وهو صحار بن صخر. ويقَالَ صحار بن عباس بن شراحيل العبدي، من عبد القيس، يكنى أبا عبد الرحمن، له صحبة ورواية. يعد في أهل
__________
[1] في أ: كان حبشيا عبدا لعبد الرحمن وفي أسد الغابة كان حبشيا لعبد الرحمن.
[2] في أ: خرج معه فيه.
(م 21- الاستيعاب- ثان)(2/735)