أبو البركات شرف الدين مبارك بن أحمد بن مبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب اللحمي الأربلي (564 ج 637 هـ) .
مؤرخ، أديب، شاعر، عالم بالحديث، ومتبحر في فن الاستيفاء. ولد في إربل (العراق حالياً) . نشأ في أسرة تتألف أكثر أفرادها من أهل الفضل والأدب. بقي بعد وفاة أبيه في إربل متصدياً لديوان الاستيفاء.
أخذ القرآن والأدب عن محمد بن يوسف البحراني ومكي بن ريان الماكسيني وأخذ الحديث عن عبد الوهاب بن هبة الله ومبارك بن طاهر الخزاعي وآخرون كما وأجازه العديد من العلماء في الرواية.
تولى أبو البركات في عهد حكومة مظفر الدين الكوكبري حاكم إربل منصب الاستيفاء الذي كان مهماً آنذاك وفي عام 629 هـ عُهدت إليه وزارة الملك مظفر.
وحين هجوم المغول لجأ مع بعض قوّاد الجيش وعدد من أهالي إربل إلى قلعة وبقي فيها آمناً. ثم هاجر إلى الموصل وحظي بحماية حاكمها وبقي فيها إلى آخر عمره حتى توفي ودفن بمقبرة السابلة خارج باب الجصاصة.
آثاره
من مؤلفاته: شرح المشكل من ديوان أبي تمام والمتنبي أو النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام، نباهة البلد الخامل لمن ورده من الأماثل المعروف بتاريخ إربل. وقد فقدت بعض آثاره مثل: أبا قماش، إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل، ديوان شعر وسرّ الصنعة.(/)
[القسم الاول]
الفهرس
الموضوع: الصفحة
اولا- مقدمة المحقق 7
1- كلمة لا بد منها 97
2- مخطوطة «تاريخ اربل» 8
أ- وصفها وحالتها 9
ب- صحة نسبتها الى ابن المستوفي 19
ت- المخطوطة منقولة عن مسودة (الادلة على ذلك) 22
1) عدم انسجام بعض المعلومات مع بعضها البعض 22
2) عدم انسجام بعض المعلومات مع ظروف التأليف 23
3) نقصان بعض العبارات 24
4) عدم ترتيب التراجم وفق نسق معين وتكرر بعضها 25
3- منهج التحقيق 26
ثانيا- النص المحقق ل «تاريخ اربل» 33
ثالثا- الحواشي والتعليقات المتعلقة بالنص (مرتبة حسب التراجم) 463(1/5)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اولا- مقدمة المحقق
(1) كلمة لا بد منها
عقب خروجي من وظيفتي الدبلوماسية في كانون الثاني 1969، وتحرري من اعبائها، عنت لي فكرة العودة الى الجامعة، وتحقيق امنية عزيزة على قلبي، الا وهي مواصلة الدرس والتحصيل بصرف النظر عن فوات سن التلمذة حسب اعتقاد الكثير من الناس (من اللطيف ان جامعة كمبرج استقبلت في تشرين الاول 1974 طالبا عمره 67 سنة لدراسة اللغات والحصول على شهادة ب ع) ، لان طلب العلم لا يتحدد بسن معينة. وقد جاء في الحديث: «اطلبوا العلم من المهد الى اللحد» . ولذا فانني قصدت بريطانيا للتعرف على امكانيات الحصول على قبول في احدى جامعاتها. وكان من حسن حظي ان اختار كمبرج. والذي حصل ان المستشرق البريطاني الكبير الراحل الاستاذ آربري، تفضل رغم مرضه الشديد باستقبالي في داره لبحث الموضوع، وقد رحب بفكرتي كل الترحيب مشجعا اياي على المضي فيما عزمت عليه وواعدا بالمساعدة. واثناء الحديث سألني عما اذا كنت قد فكرت في دراسة موضوع معين، فاجبته بالنفي، وقلت له بانني أفضل موضوعا يتصل بالتاريخ مما لا علاقة له بالاحياء من قريب او بعيد، لانني قد(1/7)
شبعت من امور هؤلاء خلال خدمتي الدبلوماسية التي قاربت ربع قرن من الزمان، كما انني قاسيت منهم ما فيه الكفاية، وكل الذي اريده هو الابتعاد عنهم ما استطعت الى ذلك سبيلا.
وعندها تفضل الأستاذ الراحل فاقترح عليّ دراسة «تاريخ اربل» لابن المستوفي والقيام بتحقيقه، وناولني جزءا من فهرس مخطوطات «مكتبة جيستر بيتي» في دبلن، الذي يحوي ما ذكره هو عن الكتاب المذكور. ورغم انني لم اسمع من قبل بالكتاب ولا بمؤلفه، ولم اعرف عنهما اي شيء كثير أو قليل، وان المذكور في الفهرس لا يتجاوز بضعة اسطر هي وصف للمخطوطة لا غير، اقول رغم ذلك كله فقد بادرت بالموافقة على الاقتراح فورا، ووعدته ببذل كل جهد ممكن للاخذ باقتراحه. ففرح بذلك واوصاني بمراجعة الأستاذ سارجنت في «معهد الدراسات الشرقية» بالجامعة، لان مرضه كان يحول دون مشاركته في اعمال المعهد، وقد كان ذلك. وهنا ايضا وجدت من الأستاذ سارجنت كل ترحيب وتشجيع، كما وعدني بالمساعدة في الحصول على القبول، وهكذا كان. وانني اذ اكتب هذه المقدمة ارى من واجبي الاعتراف بفضل الأستاذ الراحل آربري عليّ، اولا لتشجيعه اياي على دخول الجامعة بعد ان كنت مترددا بسبب انقطاعي عنها منذ امد بعيد، وثانيا لاقتراحه عليّ دراسة «تاريخ اربل» الذي وجدته بالفعل كتابا يستحق الدراسة والتحقيق. اما الاستاذ سارجنت فانني عاجز عن إيفائه حقه من الشكر والامتنان على المساعدات القيمة التي توالت منه باستمرار منذ لقيته اول مرة في شباط 1969 حتى اللحظة الاخيرة من انجاز اطروحتي تحت اشرافه الحكيم وارشاداته الثمينة.
(2) مخطوطة «تاريخ اربل»
بعد ان بينت ظروف اختياري «تاريخ اربل» يحسن بي تعريف(1/8)
القارئ الكريم بمخطوطة الكتاب التي كانت عماد بحثي ومدار دراستي. لقد بينت في دراستي لهذا الكتاب (راجع الاطروحة) بان الجزء الذي اكتشفه الأستاذ اربري في دبلن، هو الجزء الثاني من «تاريخ اربل» وليس الرابع كما توهم الأستاذ الراحل. وانني واصف في الصفحات الآتية مخطوطة هذا الجزء تمهيدا لتحقيقها، علما بانني لم اهتد الى اية نسخة اخرى لهذا الكتاب.
أ- وصفها وحالتها
بقي «تاريخ اربل» مدة طويلة في عداد المفقودات، بل ان الكثير من الباحثين استمروا على اعتباره مفقودا حتى وقت قريب. من ذلك ان السيد صلاح المنجد (وكان مدير معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية) ذكر في كتابه «اعلام التاريخ والجغرافية العرب» المنشور سنة 1959 م (1/61) بان «تاريخ اربل» في عداد المفقودات. وقال مثل ذلك الأستاذ فؤاد سيد في احدى حواشي «العقد الثمين» الذي نشره سنة 1964 (3/311- حاشية) . وان الدكتور طليمات ذكر في كتابه عن «كوكبوري» المطبوع سنة 1963 م (ص 225) بانه مفقود ايضا. بل ان السيد بشار معروف ذكر في مقدمته لكتاب «تكملة المنذرى» المطبوع سنة 1968 م بان «تاريخ ابن المستوفي» من الكتب الضائعة (1/52) ، رغم انه بذل جهودا جبارة في جمع المخطوطات التي لها علاقة بالتراجم والوفيات، وزار العديد من البلاد العربية والاوربية. بل واكثر من هذا فان السيد رشاد عبد المطلب (من موظفي معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية حاليا) ظل يعتقد بضياع «تاريخ اربل» حتى زار كمبرج في تشرين الثاني سنة 1972 م، عند ما اطلعته على صور لمخطوطة الجزء الثاني الذي اتولى تحقيقه.
والطريف في الامر ان المرحوم عباسا العزاوي قال سنة 1957 م عن الكتاب «بان تاريخ اربل لم يصل الينا منه الا ما علم اخيرا من وجود جزء منه في(1/9)
لندن. ثم غاب ذكره ولم يعرف مصيره» (مجلة مجمع دمشق ص 412 و «التعريف بالمؤرخين» للمؤلف نفسه ص 60) . وقال مثل ذلك المرحوم مصطفى جواد سنة 1962 م (معجم ابن الفوطي 1/507- حاشية) .
والظاهر ان احدا لم يكلف نفسه عناء البحث بعد صدور تلك الاشاره من المرحوم العزاوي ثم من المرحوم مصطفى جواد. بل ان احدا لم يخطر بباله القاء نظرة على فهرس مخطوطات «مكتبة جيستر بيتي» في دبلن الذي اعده الاستاذ اربري، ويبدو ان معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية او اية مؤسسة عربية اخرى ذات علاقة بالموضوع، لم تحاول اقتناء الفهرس المذكور، علما بان الجزء الاول منه صدر سنة 1955 م والجزء الثامن- وهو الاخير صدر عام 1964!!
وعلى اي حال، فان الفضل في اكتشاف هذه المخطوطة يعود الى المستشرق البريطاني الراحل الأستاذ آربري، فقد اسعفه الحظ بالكشف عنها اثناء توليه مهمة اعداد فهرس للمخطوطات العربية في المكتبة آنفة الذكر، وقد ذكرها في الجزء الخامس (ص 31 برقم 4098) المطبوع سنة 1962 م، الا انه توهم فظنها- كما اسلفنا- الجزء «الرابع» من «تاريخ اربل» . والمخطوطة تقع في 231 ورقة، غير ان احد متملكيها (واظنه محمد علي النجفي الذي علق في بعض حواشيها بشيء من شعره) اخطأ في الحساب فظنها 228 ورقة (مخ ورقة 231 ب) . اما قياس صفحتها فهو 2، 25 سم طولا و 5 و، 16 عرضا على وجه التقريب. وفي كل صفحة 19 سطرا على وجه التعديل، ويتألف السطر من 12 كلمة تقريبا. فيكون مجموع كلماتها على هذا الاساس حوالي 105000 كلمة.
وهي مكتوبة بخط نسخي جيد، وبحبر بني بهت لونه بمرور الزمن وكاد يختلط احيانا بلون الورق الضارب الى الصفرة، مما جعل قراءة النص عسيرة في(1/10)
بعض الاحيان. وقد حمل ذلك احد متملكي المخطوطة (واظنه النجفي آنف الذكر) على ان يعيد تحبير الكتابة في عدد غير قليل من المواضع محاولا اظهارها، ولكنه بدلا من ان يجعلها واضحة للقارئ، فقد مسخها في حالات عدة اذ اخطأ في رسم الكلمات الامر الذي ادى الى تصحيفها وجعل قراءتها اكثر صعوبة من ذي قبل. ويبدو انه لم يكن مؤهلا لمثل هذا العمل (مخ ورقة 15 ب و 20 ب و 22 أو 23 أو 23 ب، و 27 ب و 47 أو 51 ب- 52 ب و 59 أو 76 أو 86 أو 86 ب و 92 ب و 94 ب و 102 ب و 109 ب و 129 أوب، و 139 أو ب و 141 أ) . والخط بمجمله خال من الشكل، الا عن ضبط بعد الكلمات التي قد تم ضبطها احيانا بوصف تهجئتها او بكتابة الحركات في احيان اخرى (مخ ورقة 73 أو 143 ب و 211 ب و 213 أو 217 أ) . هذا وان الناسخ ضبط بعض الابيات بالشكل، كما كتب مرتين بضعة اسطر من كلام المؤلف مشكولة (مخ ورقة 153 ب و 231 أ) . وكتب اسماء اصحاب التراجم بخط غليظ مما جعلها بارزة عن بقية الكلام. اما السطر الاخير من الصفحة فقد انمحى في كثير من الاوراق بسبب اللمس عند التقليب (مخ مولا ورقة 165 ب و 168 أ، 169 أو 197 ب و 198 أو 223 ب- 224 ب و 226 ب) .
وهذه المخطوطة مؤرخة في شوال من سنة 641 هـ الموافق لشهر آذار سنة 1244 م (مخ ورقة 231 ب) ، اي بعد اربع سنوات من وفاة المؤلف، اما الناسخ فغير معروف اذ لم يذكر اسمه خلافا لما اعتاد عليه كثير من النساخ. وهي (اي المخطوطة) على ما يبدو، مؤلفة من اجزاء او كراسات، وتتألف كل كراسة من عشر ورقات (ذكر الشيخ الاثري في مقدمة «خريدة العماد- عراق» 1/32 بان ابن عساكر كتب «تاريخ دمشق في 700 كراسة، كل كراسة في 20 ورقة. قلت ان مخطوطة «تكملة المنذرى» الموجودة في مكتبة جامعة كمبرج مؤلفة من 12 جزءا، مجموع اوراقها 18 ورقة، انظر المطبوع من التكملة(1/11)
1/37) - كما يلاحظ من الاعداد المكتوبة في الزاوية العليا من اليسار في بعض الاوراق، وقد أمكنني قراءة بعضها وهي، في الورقة 78 كتب الناسخ كلمة «تاسعة» ، وفي الورقة 108 كتب «ثانية عشر» ، وفي الورقة 138 كتب عبارة عسيرة القراءة وهي تشبه «خامسة عشر» ، وفي الورقة 148 كتب «سادسة عشر» ، وفي الورقة 158 كتب «سابعة عشر» ، وفي الورقة 177 كتب «عشرون» ، وفي الورقة 217 كتب عبارة غير مقروءة. اما في باقي الاجزاء فقد انمحت الكتابة او ان زوايا الاوراق التي تحمل الكتابة قد تقطعت بسبب كثرة الاستعمال.
والذي يمكن استنتاجه من هذا، ان كراسات المخطوطة كانت بالاصل مؤلفة من عشر اوراق، وانه سقطت ثلاث اوراق من الكراريس الثماني الاولى مما جعل الكراسة التاسعة تبدأ بالورقة 78 بدلا من الورقة 81. وهذا واضح جدا من سقوط شيء ما بين الورقتين 29 و 30، اذ لا يستقيم المعنى بين آخر عبارة في الورقة 29 ب مع اول عبارة في الورقة 30 أ، فهما يعودان لترجمتين مختلفتين. ووقع مثل ذلك بين الورقتين 57 و 58، وهنا ايضا لا يستقيم السياق بين آخر عبارة في الورقة 57 ب واول عبارة في الورقة 58 أ. وهناك احتمال غير أكيد عن سقوط شيء ما بين الورقتين 64 و 65، اذ ينقطع الكلام بصورة مفاجئة في نهاية الورقة 64 ب، وليس بالوسع التحقق من كون الكلام قد انتهى فعلا او ان له تتمة لان الورقة 65 أتبدأ بترجمة جديدة. وهناك احتمال قوي ايضا بسقوط ورقة او اكثر بعد الورقة 97 لان الترجمة الواردة في آخرها جاءت مبتورة ولم تتجاوز السطرين وبضع كلمات. وليس بالوسع التحقق من شيء لأن الورقة 98 تبدأ بترجمة جديدة. ولذا فانه من غير الممكن القطع برأي حاسم. اما بالنسبة للكراسة «عشرون» فكان من المتعين ان تبدأ بالورقة 191، او على الاقل بالورقة 188 (بعد حذف الورقات الثلاث الساقطة) ، ولكنها تبدأ بالورقة 177، وهذا معناه سقوط 11 ورقة اخرى. واغلب الظن ان موضع(1/12)
سقوطها بقع بعد الورقة 166 لان الكلام في نهاية هذه الورقة ينقطع بصورة مفاجئة بعد اربعة اسطر فقط من بدء الترجمة رقم 233، وبعد سطر ونصف السطر من بداية نص دعاء نقله المؤلف، ولم يتجاوز فيه سوى الحمد لله والصلاة على رسول الله، مما يحمل على الاعتقاد بان الترجمة المذكورة ناقصة.
الا انه من المؤسف ليس بالوسع الجزم بشيء لان الورقة 167 تبدأ بترجمة جديدة لا تلقي اي ضوء على سياق الكلام. ولعل الاوراق العشرة التي وضعت في غير محلها (وسيأتي الكلام عليها) هي من الاوراق الساقطة هنا، لا سيما وان اولها تتمة لدعاء.
وعلاوة على ما تقدم، فهناك موضع اضطرب فيه تسلسل الاوراق نفسها- عند التجليد- فسياق الكلام في نهاية الورقة 196 لا ينسجم مع العبارات الواردة في بداية الورقة 197، ولا بين الورقتين 206 و 207. وبعد التحري الدقيق والمراجعة، اتضح ان مكان الورقة 207 وما بعدها ينبغي ان يكون بعد الورقة 196 مباشرة وهي تخص ترجمة عبد الله بن الحسين بن رواحة، ذلك ان المؤلف يستأنف كلامه عنه في الورقة 207 وما بعدها، وانه بالفعل يذكره بالاسم (اي ابو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة) ، علاوة على ان الشعر الوارد في الورقة 207 يعود الى والد الحسين المذكور (وهو عبد الله) وان تاريخ ميلاده (اي ميلاد الوالد) سنة 515 يتفق وميلاد والد صاحب الترجمة. بل ان ابن خلكان (3/292- 293) روى الشعر الذي رواه ابن رواحة من المبارك بن كامل بن منقذ وفقا لما في الورقة 208 من مخطوطتنا مرويا عن ابن رواحة المذكور، مما لا يدع مجالا للشك بتبعية الورقتين 207 و 208 للورقة 196 (انظر ايضا شعر عمه عبد المحسن) . الا انه من المؤسف ان الاوراق 197- 206 (وهي كراسة كاملة) يتعذر القطع بتعيين مكانها الصحيح ضمن المخطوطة، خصوصا وان الكلام يستمر متناسقا بين الورقة 207 ونهاية المخطوطة ولكنني اميل الى ان يكون موضعها بين الورقتين(1/13)
166 و 167، كما اميل الى ان ورقة قد سقطت من اولها وانها كانت بالاصل 11 ورقة. ولقد قمت بنقل الاوراق آنفة الذكر من مواضعها الى المواضع التي ظننت انها هي الاصلية، على انني ابقيت ترقيم الاوراق وفق الترتيب الوارد في المخطوطة نفسها.
هذا ولا تحمل المخطوطة اسماء من تملكها- ما عدا النجفي الذي سنأتي على ذكره-. اما التعليقات المكتوبة في حواشيها فلا تفيد شيئا عن اشخاصهم (ما عدا تعليقات ابن الشعار الذي ذكر اسمه صريحا، ولكنه على ما اظن لم يكن قد تملكها، وانما تولى مراجعتها) . ان وجه الورقة الاولى- وهو بمثابة ورقة الغلاف- يحمل رسما في وسط الصفحة وكأنه عين انسان، وفوقها زهرة صغيرة تتدلى من عودها بعض الاوراق الغريبة الشكل. وفي الزاوية العليا منها الى اليمين كتبت عبارة «في الرجال المحدثين» ، وفوقها كتب، (MS.4098)
والى يسارها عبارة «يا محمد» . وفي الزاوية المقابلة لها كتبت عبارة «سيد محمد او سند محمد» . وتحت الرسم المذكور رسمت فتحات وكسرات وشدات في ثلاثة صفوف متوازية، والى يسارها كتبت عبارة بالحبر الاحمر «اودعت في هذا المكان شهادة اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله» ، وتحتها بخط غليظ على شكل سطرين هذا البيت:
«يا قارئا كتابي ابكي على شبابي ... بالامس كنت مثلك وصبحت في التراب»
وكتب في موضع آخر بقلم الرصاص عبارة «150 ليرة» ، ولعل ذلك كان قيمة شراء المخطوطة، وكتب فوقها بقلم الرصاص ايضا هذه العبارة (X Ellis 292 Cat) وتحتها الرقم (4098) وحوله دائرة. وكتب تحت عبارة (150 ليرة) بقلم الحبر هذا الاسبارة (A.G.Ellis) وتاريخه (15. 5. 6) . والى هذا كان احد موظفي قسم المخطوطات والكتب الشرقية في المتحف البريطاني، وهو الذي صنف فهرس الكتب العربية المطبوعة الموجودة في مكتبة المتحف المذكور،(1/14)
وقد تقاعد سنة 1909 م (انظر الفهارس المذكورة، وهي مطبوعة سنة 1894 أو 1901 و 1926 م) وعلى كل حال فان هذه الورقة ليست من الاصل، كما سنرى.
اما داخل المخطوطة، فقد سمح الناسخ لنفسه بالتعليق على ما اورده المؤلف، بل وعلى اقوال بعض الرواة احيانا، ويصب اللعنة حينا على من ينقل المؤلف اقوالهم، فيقول مثلا «ليته لم ينقل ذلك» إذ لم يعجبه ما نقله المؤلف من اخبار عن ابي الفتوح الغزالي. او يقول «شعر غث» ، او ان الصحيح كذا وكذا، او ان ما قاله احدهم «خطأ او كذب» ، وهكذا (مخ ورقة 2 أو 112 أو 114 أو 127 أو 187 أو 218 ب و 220 أ) .
هذا وان بعض صفحات المخطوطة بخط ابن الشعار- على ما اعتقد- لان الكتابة في الورقات 152 أ- 154 ب و 178 ب 179 ب تشبه الى حد كبير خط بعض اجزاء كتاب «عقود الجمان» تصنيف ابن الشعار (مخ استانبول) كما تشبه خط التعليقات والاضافات التي كتبها ابن الشعار على صفحات «تاريخ اربل» وذكر فيها اسمه صراحة، كما انه صحح بعض العبارات بما يتفق وما جاء في كتابه، ولا سيما ما له علاقة بالمواصلة من اهل بلدته، واحيانا اكمل معلومات لم يكملها ابن المستوفي كتلك المتعلقة بنسب ابن الشعار نفسه الوارد في ترجمته التي كتبها ابن المستوفي، كما صحح فيها تاريخ ولادته هو (تبدأ احدى الاضافات ورقة 53 أبقوله «قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَمْدَانَ الْمَوْصِلِيُّ- عَفَا الله عنه-.. الخ» وفي الورقة 181 أزاد عليها عبارة «غفر الله له ولوالديه» . وواضح من هذه الصيغة انها كتبت من قبل قائلها.
انظر ايضا مخ ورقة 34 ب و 35 ب و 67 ب و 65 أو 117 أو 181 ب و 203 أو 210 أو 212 أو 213 أو 214 ب و 223 ب و 224 ب و 226 أو 230 ب) .(1/15)
ووقعت المخطوطة في يد عدد من القراء فعلقوا عليها بما عنّ لهم، الا انهم- مع الاسف- لم يكشفوا لنا عن هوياتهم، وهم ولا شك من اهل الحديث والادب والتاريخ، اذ تناولوا بالتصحيح بعض المعلومات الواردة في الكتاب (راجع ورقة 27 أو 57 ب و 58 أو 65 أو 88 أو 89 ب و 160 أو 185 ب و 193 أو 894 ب و 209 ب و 227 أ) . وأحد هذه التعليقات (ورقة 227 أ) له اهمية خاصة، اذ التقى صاحبه بالعباس بن بزوان (وهو احد اصحاب التراجم الواردة في الكتاب) في شهر رمضان من سنة 641 هـ (1243 م) فأنشده بعض الشعر الذي اورده المؤلف في ترجمته، الامر الذي يدل دلالة اكيدة على صحة تاريخ نسخ المخطوطة، وقد تم ذلك في السنة المذكورة، فضلا عن تأكيد صحة نسبة الابيات المروية الى قائلها.
اما النجفي الذي اشرنا اليه فهو الشيخ محمد علي بن محمد راضي النجفي الذي كتب بخطه الورقة الاولى، وكتب في بعض الحواشي ابياتا من نظمه في الغالب. بل انه سمح لنفسه ان يحشر ابياتا بين سطور بعض المقطوعات الواردة في المتن (مثلا ورقة 47 أو 89 أ) . وشعره في مجموعه ركيك واحيانا غير موزون (مخ ورقة 4 أو 15 ب و 20 ب و 22 أو ب و 30 أو 47 أو 77 ب و 80 أو 84 أو 89 أوب و 94 ب و 95 أو 103 أو 109 أ) . علما ليس بين هذه التعليقات ما يشير صراحة الى تملكه للمخطوطة، ولكن تصرفه بها بالشكل الذي بينا يدل على تملكه لها. هذا ويبدو انه من المتأخرين ودليلي على ذلك انه قال عن مجموع اوراق المخطوطة «مجموع اوراق هذا الكتاب مائتين (كذا) وثمانية وعشرين» (مخ ورقة 231 ب) .
وذكر عددا آخر في الصفحة نفسها قال «سنت (كذا) خمس مائة وثنين وسبعين وكرر ذكر هذا التاريخ بالصيغة نفسها في اول المخطوطة (مخ ورقة 1 ب) .
وكما هو معروف بان الصيغة التي يستعملها المتقدمون في كتابة الاعداد تقضي(1/16)
بتأخير المئات، فيقولون مثلا «ثمانية وعشرون ومائتان» و «اثنتان وسبعون وخمس مائة» . وعلاوة على ذلك، فان اسمه مركب، اي «محمد علي» واسم والده «محمد راضي» ، وغير خاف ان مثل هذا التركيب لم يكن معروفا لدى المتقدمين. هذا وقد حاولت الاهتداء الى معرفة شخصيته فلم اوفق. والذي يغلب على الظن انه هو نفسه الذي اعاد تحبير عدد من صفحات المخطوطة، مما ادى الى تصحيف بعض الكلمات.
اما بالنسبة للاملاء فان الناسخ لم يتقيد بقواعد الاملاء المتبعة في الوقت الحاضر. فيكتب مثلا «اللذي واللتي واللفه» بدلا من «الذي والتي وألفه» (مخ ورقة 2 أو 40 ب و 156 أو 189 أ) ، و «ااذانهم وااخرة وجاذر» واموالها بدلا من «آذانهم وآخرة وجآذر» (مخ ورقة 7 أو 8 أو 10 أو 11 أب و 151 أو 183 ب و 188 ب و 206 أو 218 ب) .
ويكتب «منجا ومرجا وبخارا واتا وتبدّا» بدلا من «منجى ومرجى وبخاى واتى وتبدى» (مخ ورقة 23 أو ب و 35 أو 115 ب و 189 أو 215 أ) (قال المرحوم مصطفى جواد ان القدماء كانوا يكتبون «المنجا والمرجا» بالالف القائمة، وهو ميل قديم الى كتابة الالفاظ بحسب لفظها. انظر «تكملة ابن الصابوني» ص 74 حاشية) . ويكتب الهمزة الراكبة على كرسي الياء ياء، فيكتب «لين ورايك وضيايه» بدلا من «لئن وورائك وضيائه» (مخ ورقة 183 أو 210 أ) . كما يحذف الهمزة الواقعة بعد الف، فيكتب «ما وجا» بدلا من ماء وجاء» (مخ ورقة 75 أو 181 ب) كذلك يكتب الناسخ الفا بعد الواو في الفعل المضارع للمفرد الغائب فيكتب «يرجوا ويمحوا ويعلوا» (مخ ورقة 41 أو 3 ب و 60 أو 180 ب و 187 ب و 215 ب) . كما انه لا يتقيد بوضع النقط على الحروف المعجمة فيكتب مثلا «مال» بدلا من «قال» و «الحافظ» بنقطة واحدة لا ندري أهي للفاء ام للظاء و «حديثا» بدلا من «حدثنا» وهكذا. ويكتب احيانا حرف الالف المفصولة موصولة بما بعدها(1/17)
فيكتب «لبو ولنشدني» بدلا من «ابو وانشدني» (منح 167 ب و 170 ب) . واعتاد ان يضع فوق حروف «ر، س، ص» هذه العلامة «7» للتأكيد على انها مهملة (مخ ورقة 187 و 197 ب و 198 أو 14 ب) . ويلتزم عند كتابة «بغداد» بجعل الدالين ذالا معجمة او الثاني منهما على الاقل (مخ ورقة 1 ب و 161 ب و 11 ب و 192 ب و 201 أ) . كذلك فانه يحذف الالف من اسماء بعض الاعلام، فيكتب «القاسم والحارث وسليمان وسفيان ومالك ومعاوية» عارية من الالف (مخ 12 أو 14 ب و 15 أو 61 ب و 167 ب و 176 ب) . ولكنه يزيد الفا على الكلمات التي تكتب عادة بحذف الالف، فيكتب مثلا «الرحمن وهاذا وهؤلاء» بدلا من «الرحمن وهذا وهؤلاء» (مخ ورقة 38 ب و 40 أو 48 أ) . ولعل من المفيد الحاق قائمة بهذه الفقرة تبين املاء بعض الكلمات مقارنة بالاملاء المعتاد.
اما بالنص الذي حققته فانني قد غيرت الاملاء القديم آخذا بما هو مألوف في الوقت الحاضر. الا انني قبل انهاء هذه الفقرة يجدر بي ان اشير الى ان الناسخ اعتاد على حذف الالف من كلمة «ابن» عند ما ترد بين علمين، واثباتها اذا وقعت في بداية السطر (مخ ورقة 139 أو 195 أمثلا) وهو في هذا يتبع قاعدة سار عليها القدماء (راجع المختصر المحتاج اليه 1/21 وتاريخ ابن الدبيثي- مخ كمبرج، على سبيل المثال) . كذلك انه اعتاد على ايراد عبارة «ان شاء الله» لا في مواضع التمني للمستقبل فحسب، وانما لترجح ما وقع في الماضي، كقوله عن شخص ورد اربل «ورد اربل- ان شاء الله- قبل ذلك» (مخ ورقة 14 ب و 16 ب و 19 أو 24 أو 29 ب و 32 ب و 44 أو 71 ب و 81 أو 83 أو 120 أو 131 أو 167 أ) . كما انه اعتاد على ان يترك بياضا بقدر كلمة واحدة بين نهاية فقرة ختمها وبين فقرة جديدة قد بدأها، او عندما يقتبس نصا او يبدي ملاحظة. وغرضه التفريق بين النصين(1/18)
(مخ ورقة 164 أو ب و 166 ب و 168 أو 173 أو 185 أو 189 ب و 203 أو 225 ب) . ويرسم احيانا دائرة صغيرة في نهايات الفقرات او عند رواية الشعر (مخ ورقة 194 ب) ولكنه لا يلتزم بذلك بصورة دائمة. وكما سبق وبينت فانني من جانبي لم آخذ بهذا الاملاء ولا بهذه القواعد، وانما اتبعت ما جرى عليه العرف في الوقت الحاضر.
نماذج من املاء الكلمات الواردة في المخطوطة
ب- صحة نسبة المخطوطة الى ابن المستوفي
لقد بينا (انظر الاطروحة، الفقرة المتعلقة بعنوان «تاريخ اربل» ) ان المخطوطة لا تحمل اسم «نباهة البلد الخامل بمن ورده من الاماثل» ، وان(1/19)
الورقة الاولى التي تشير الى كون المخطوطة هي «تاريخ اربل» تصنيف ابن المستوفي، هي ليست اصلية. ويبدو انها تهرأت بسبب الاستعمال مما حمل احد مالكيها- وارجح ان يكون النجفي سالف الذكر- قد استنسخها وضمها الى الاصل، او ان تملكها لم يكن بوجه شرعي فقام من وقعت بحوزته بنزع الورقة الاولى للتعفية على اسم مالكها الشرعي، اذ كثيرا ما يزيل الوراقون الورقة الاولى من المخطوطات للتعفية على ما فيها من كتابات قد تشير الى مالكها الشرعي من شخص او وقف. اقول ان عدم وجود الورقة الاصلية يلقي بطبيعة الحال ظلالا من الشك على صحة نسبة مخطوطتنا الى ابن المستوفي، وبالتالي عدم امكان القطع بحقيقة كونها «تاريخ اربل» ، وهذا يوجب على المحقق العمل لازالة تلك الشكوك. وهذا ما فعلته بالضبط، وقمت بتجميع الادلة القاطعة بهذا الصدد، وها انني ادرجها فيما يأتي، آملا ان اكون قد وفقت في مسعاي:
1- ان المؤلف قد سمّى نفسه بصراحة في اكثر من موضع، اذ ورد فيها قوله «قال المبارك بن احمد» او قال «المبارك ابن احمد بن المبارك» (مخ ورقة 32 أو 83 أو 168 أو 206 أ) على طريقة المؤلفين الاقدمين الذين كانوا يذكرون اسماءهم عند ما يريدون تأكيد نسبة القول المدرج اليهم شخصيا.
وذكر اسم والده «ابي الفتح احمد» وعمه «علي بن المبارك بن موهوب» وتوليهما وظيفة كبيرة لسرفتكين الزيني حاكم اربل، وان والده بنى قبة في احد جوامع اربل ليقيم بها الواردون عليها، كما ذكر تلقّيه تعزية بوفاة اخيه «محمد بن احمد» (مخ ورقة 33 أو 44 أو 120 ب و 172 ب و 174 ب و 204 ب) . كذلك ذكر عن نفسه سماعه على احد العلماء وهو صغير في جامع القلعة باربل، ورؤيته لاحد المحدثين بدار. الحديث باربل، ثم اشارته الى بناء كوكبوري دار حديث باربل وتشاوره معه فيمن يصلح لاسماع الحديث بها(1/20)
واقتراحه (اي المؤلف) عليه استدعاء ابن طبرزذ وحنبل (مخ ورقة 29 ب و 70 أو 226 ب) .
2- اشار المؤلف بصورة صريحة الى انه كان يؤرخ الواردين الى اربل (مخ ورقة 199 ب) ، ثم ان القاسم المشترك بين اصحاب التراجم هو قوله «ورد اربل» او «انشدني باربل» وما الى ذلك مما يتكرر في كثير من تراجم الكتاب (مخ ورقة 30 أو 44 أو 70 أو 92 أو 106 أو 120 ب و 134 ب و 138 أو 139 أو 167 أو 173 ب و 204 أو 217 أو ب و 222 أو 223 ب) .
وقال عن احدهم «انما ذكرته لان له ذكرا باربل» ، وقال عن آخر «ورد اربل وعلى يده شفاعة لكوكبوري» (مخ ورقة 138 أو 180 أ) . وفي ظني ان ذلك دليل قوي على كون المخطوطة هي جزء من «تاريخ اربل» لابن المستوفي، لانه في جوهره- كما تبين لنا- هو تاريخ الواردين الى اربل.
3- وعلاوة على ما تقدم فان الاخبار الواردة في المخطوطة تدور في كثير من الاحيان على ذكر ارابلة برزوا في العلم والتقى او احتلوا مراكز مهمة فاستحقوا بذلك ان يشار اليهم. ومجرد نظرة على الكتاب تكفي لادراك هذه الحقيقة. (مخ ورقة 133 ب و 172 ب و 173 ب مثلا) . كما ان اخبار كوكبوري صاحب اربل مبثوثة في الكتاب بشكل بارز، وتحتل مركز الصدارة فيه، مما لا يدع مجالا للشك بان المخطوطة هي جزء من «تاريخ اربل» .
4- ودليل رابع لا يقبل المناقشة قط، هو ان ما نقله المؤرخون كابن الشعار وابن خلكان وغيرهما عن «تاريخ اربل» يتفق حرفيا وما ورد في هذه المخطوطة، وهي من الكثرة بما لا يتسع المجال لذكره هنا، ويكفي ان اشير الى مثل واحد من ابن الشعار (مخ استانبول 7 ورقة 190) حيث نقل حرفيا(1/21)
عن «تاريخ اربل» ترجمة محمد بن عبد الكافي الخازن (مخ ورقة 217 أ) ، وآخر من ابن خلكان (3/232 و 4/20 و 5/179) اذ نقل عن «تاريخ اربل» بعض تراجم القاسم بن المظفر الشهرزوري والخضر بن تيمية وياقوت الحموي (مخ ورقة 34 ب و 93 أو 157 وما بعدها) .
ت- المخطوطة منقولة عن مسودة غير نهائية
بعد دراسة الجزء الثاني من «تاريخ اربل» دراسة عميقة حصلت لدي القناعة بان المخطوطة التي بين ايدينا قد نقلت عن مسودة للكتاب لم تنسق بشكلها النهائي. ويبدو ان ابن المستوفي لم تسمح له ظروفه لكي يعيد النظر فيما كتبه (في هذا الجزء على الاقل) وينسقه، وانما ترك مسودات الكتاب على حالها الذي كانت فيه يوم دونها في وقتها. وقد جاء بعده من استنسخها حرفيا كما تقتضي امانة النقل. ولعل هجمات التتر على اربل، واضطرار المؤلف على الهجرة الى الموصل، وتقدم السن به وما الى ذلك من العقبات هي التي حالت دون اخراج الكتاب بالشكل المطلوب. اما ادلتي على ذلك فسوف اسوقها فيما يأتي:
1- عدم انسجام المعلومات مع بعضها البعض
ولشرح المقصود بهذا، ارى من الافضل الاتيان بأمثلة حية من واقع الكتاب، من ذلك مثلا انه قال عن عبد العزيز بن عثمان الاربلي «لم اتحققه فاذكر من حاله شيئا» (مخ ورقة 48 ب) ، الا انه عاد فذكر عن حياته معلومات وافية (مخ ورقة 144 ب) . اقول لو اتيحت الفرصة لابن المستوفي ان يعيد النظر فيما كتبه لحذف ما قاله اولا، ثم لجمع ما لديه من معلومات عن عبد العزيز هذا في موضع واحد. وقال عن عبد القادر الرهاوي(1/22)
(مخ ورقة 54 ب) «فهو الآن بحران» ، غير انه قال في الصفحة التالية «بلغتني وفاته بحران سنة 612» ، وقال مثل ذلك عن علي ابن الهروي (مخ ورقة 65 أ) وانه رحل الى حلب عند سلطانها «فهو مقيم الى الآن عنده» ، ثم قال في الصفحة نفسها. بلغني انه توفي بحلب في سنة 611. وقال عن ابراهيم ابن البرني (مخ ورقة 7 أب) «فهو الآن مقيم بسنجار» ، غير أنه ذكر بعد ذلك (مخ ورقة 68 ب) انه توفي بالموصل سنة 622. وقال عن راجية بنت محمد «وهي باقية الى آخر شهر رمضان سنة 615» ثم ذكر بعد ذلك مباشرة وفاتها في سنة 622 (مخ ورقة 113 أ) . وهذه الأمثلة تدل- بلا ريب- على ان المعلومات كانت ترد الى المؤلف تباعا فيضيفها الى ما سبق وكتبه على امل ان يراجعها في يوم الايام وينسقها، ولكن الظروف لم تسمح له بتنسيقها وحذف ما لا ضرورة لا ثباته وتصحيح ما ينبغي تصحيحه.
ولعل من المفيد هنا ان اضيف مثالا آخر على عدم الانسجام، ان المؤلف ذكر كتابا من تأليف عيسى بن لل وانه بخطه ثم عاد وذكر بان ذلك الكتاب هو من تصنيف ابن شبانة (مخ ورقة 131 أو 133 أ) دون ان يفطن الى هذا التناقض.
2- عدم انسجام بعض المعلومات مع ظروف تأليف الكتاب
لقد بينت في دراستي لتاريخ اربل (انظر الاطروحة) بان آخر اشارة مؤرخة في الكتاب كانت في سنة 631 هـ، وهذا يعني بان الكتاب وضع بشكله الحالي في تلك السنة او بعدها، اي انه تم بعد وفاة كوكبوري بسنة على الاقل. ولكن المؤلف كان يدعو لكوكبوري بعبارات الدعاء للاحياء كقوله «ادام الله سلطانه» وما أشبه، ولم يترحم عليه مطلقا. ويمكننا ان نقول مثل ذلك عن الخليفة الناصر المتوفى سنة 622 هـ، اذ دعا له في موضعين بعبارة(1/23)
«خلد الله سلطانه» وفي موضع ثالث بعبارة «رضي الله عنه» (مخ ورقة 20 أو 138 ب) . وعند ذكر اسم شيخه صاعد بن علي المتوفى سنة 625 هـ، دعا له بقوله «ابقاه الله» و «ايده الله» (مخ ورقة 13 أ) . وهنا ايضا اقول لو لم يكن الكتاب مسودة، لخلا من مظاهر عدم الانسجام هذه.
3- نقصان بعض العبارات
وخير مثال اضربه على ذلك ترجمة الحسين ابن خلكان (مخ ورقة 164 أ) اذ ختمها بكلمة «وبخطه» وبعدها بياض بمقدار اربعة اسطر.
ويبدو ان المؤلف اراد ان يثبت ما كان قد وجده بخط الحسين المذكور، ولم تسعفه الظروف لاثبات النص المطلوب في موضعه. اقول لو اتيحت له الفرصة لمراجعة ما كتب لكان اثبت النص او على الاقل لبادر الى حذف كلمة «وبخطه» ان تعذر عليه العثور على النص المذكور. هذا وقد قال عن احد المترجمين (مخ ورقة 187 أ) : «وبلغني انه ينظم شيئا من الشعر، فان وقع لي اثبته» ، وفي عدد من المواضع لم يثبت التاريخ الذي اراد اثباته، فيقول مثلا «توفي» وبعدها بياض، او «ورد اربل في» ويليها بياض ايضا، اولا يذكر اسم شخص اراد ذكره كقوله «ادرك طبقة عالية مثل ... » دون ان يذكر اسم احد، او يقول «انشدني من شعره لنفسه» ولا يذكر الابيات التي انشدت له. وفي ترجمة «ابن زنزف البغدادي» ترك فراغا بين الكنية والنسبة على امل ادراج اسمه ونسبه ولقبه كالمعتاد، ولكنه لم يفعل (مخ ورقة 49 أو 84 أو 99 أو 104 ب و 108 ب و 111 أو 115 أو ب و 116 ب و 120 أو 128 ب و 156 أو 164 أو 171 ب و 176 أو 178 أو 179 أو 187 أو 188 ب و 190 ب و 200 أو ب و 201 أو 226 ب) . وهذه الحقائق تدل بصراحة على ان النص الذي بين ايدينا ليس بنص نهائي.(1/24)
4- عدم ترتيب التراجم وفق نسق معين وتكرر بعضها
ان ترتيب التراجم في الكتاب لا يتبع نسقا معينا سواء كان هجائيا او زمنيا او طبقيا، مما يجعل الكتاب فاقد التنظيم فقدانا كليا، الامر الذي لا يتصور معه ان يكون هذا هو الترتيب الذي اراده المؤلف. والذي اميل اليه في تفسير ذلك، ان ابن المستوفي قد جمع المواد بالشكل الذي تيسر له. فتراكمت لديه المسودات غير منسقة، وانه لم يتمكن لسبب او آخر من ترتيبها، فظن الناسخ الذي كتب المخطوطة بان هذا هو الترتيب الذي هدف اليه المؤلف فأثبته على ما وجده وفقا لما تقتضيه الامانة العلمية. اما الترتيب نفسه فقد تناولته بالتفصيل في دراستي للكتاب (انظر اطروحتي) .
ومما لا حظته في تراجم الكتاب، انها ليست كلها على نسق واحد من حيث بداياتها ونهاياتها، فالتراجم الواردة في الورقات 144- 145 مثلا لم تكتب بالشكل المعتاد الذي اتبعه المؤلف في بقية الكتاب، وانما هي صورة مذكرات كتبها له عبد الرحمن بن عمر الحراني عن بعض الاشخاص الذين يهم ابن المستوفي امرهم. الا ان المؤلف لم يتسع وقته ليضع المادة التي حوتها تلك المذكرات في مكانها الملائم. من ذلك مثلا ان المذكرة حوت معلومات تتعلق بعبد العزيز بن عثمان الاربلي (مخ ورقة 144 ب) الذي سبق وترجم له المؤلف في موضع آخر (مخ ورقة 48 ب) ، وكان من واجب المؤلف ان يضم تلك المعلومات الى الترجمة الاصلية لو كان ما بين ايدينا نص نهائي للكتاب، الا انه لم يفعل.
وعلاوة على ذلك فقد حوت المخطوطة تراجم مكررة لبعض الاشخاص، اذ ترجم مرتين لكل من محمد بن سعيد الاربلي واحمد بن محمد الحديثي الاربلي واسحاق بن محمد المصري الهمذاني (مخ 28 أو(1/25)
96 أو 98 أو 118 أو 167 أو 173 ب) . والذي لاحظته ان الترجمة الثانية لاحمد الحديثي المذكور لم تكن سوى مذكرة من مذكرات المؤلف سبق وادرجها كلها ضمن الترجمة الاولى الا انها بقيت ضمن مسودات الكتاب، فظنها الناسخ ترجمة مستقلة فأثبتها (قال ابن المستوفي- ورقة 174 أ- ان ترجمة احمد بن محمد الحديثي المذكور، قد «تقدمت» . وهذا يؤيد الظن بانها مجرد ملاحظة اراد بها تذكير نفسه بوجود ترجمة للمذكور، ليقوم بادراج المذكرة في مكانها الصحيح، وقد فعل غير انه لم يتلف المذكرة سهوا) . اما الترجمتان الاخريان فهما متكاملتان.
(3) منهج التحقيق
ان مخطوطة «تاريخ اربل» نسخة فريدة لا اخت لها، ولقد استقصيت ما تيسر لي من فهارس المخطوطات في مختلف انحاء العالم، بل وزرت عددا من المكتبات في بريطانيا وارلندا وتركيا ولبنان واقطار المغرب العربي، علّني اجد اثرا لنسخ اخرى فلم اوفق. ولذا فقد كان اعتمادي على نسخة دبلن وحدها، وهذا بحد ذاته مشكلة عويصة بالنسبة للمحقق، اذ يحرمه من امكانيات المعارضة والمقابلة والاستزادة من التحقيق والاستبانة. ومما زاد في تعقيد المشكلة ان الحبر الذي كتبت به المخطوطة اصبح باهتا بمرور الزمن، فجاءت صور بعض الصفحات اشبه بالبيضاء، الامر الذي حملني على التماس جلب المخطوطة من دبلن الى كمبرج، وقد وافق السيد هايس امين مكتبة جيستر بيتي، مشكورا على ارسالها بصورة استثنائية، وهذا فضل منه لا انساه. وبذلك تمكنت من قراءتها واستنساخها بالشكل المطلوب. ومع ذلك فلا يزال عندي عدد من الكلمات بل وبعض العبارات التي تعذر عليّ قراءتها القراءة الصحيحة. وبعد ان قمت بتحقيق النص- وفقا لما سأبينه- سافرت بنفسي الى دبلن وراجعت النص المحقق مرة اخرى على اصل المخطوطة(1/26)
زيادة في التحري وحرصا على اخراجه باقصى ما يمكن من الضبط والدقة.
اما خطتي في التحقيق فتقوم على محاولة اثبات النص الصحيح واعادة كتابته وفقا لقواعد الاملاء المعروفة في الوقت الحاضر، وتلافي ما فيه من نقص في التنقيط، والاشارة الى الحروف والكلمات التي سقطت سهوا من الناسخ، وتصحيح اسماء الأعلام الواردة فيه وفقا لما جاء في الكتب المعتمدة. وحيث ان المخطوطة وحيدة- كما اسلفنا- فان عملية تثبيت النص كانت صعبة جدا، اذ اقتضت مني جهودا كبيرة لقراءتها حرفا حرفا للتحقق من انسجام السياق وللتأكد من صحة العبارات من الوجهة اللغوية.
وحيث ان المخطوطة حافلة بالشعر، ففيها حوالي 2500 بيت، الامر الذي استوجب علاوة على ما تقدم، التحقق من انضباط الوزن وفقا لبحور الشعر المعروفة.
اما بالنسبة لتدقيق المعلومات الواردة في الكتاب، بل وتحقيق بعض النصوص ايضا، فانني راجعت كل كتاب تيسر لي العثور عليه، وظننت ان فيه بعض بغيتي، حتى زادت مراجعي على الخمسمائة. ولقد راجعت كثيرا من الكتب التي لم ادرجها في ثبت المراجع بسبب عدم عثوري فيها على شيء يمكنني الاستفادة منه في التحقيق. والحقيقة ان الجهد الذي اضعته في هذا المجال كان اضعاف الجهد المبذول في الكتابة (اعني كتابة الاطروحة) ، اذ كثيرا ما اضطررت لمراجعة عشرات المراجع التي قد تبلغ الثلاثين عدا في كل مرة لتحقيق كلمة واحدة، ثم عدت خائبا بخفي حنين. وهذا الجهد- بطبيعة الحال- لا يظهر له اثر في ثنايا البحث لان ثمراته كانت سلبية، ولا يعرفه حق المعرفة الا من كابده.
ولقد آليت على نفسي ان لا اترك شيئا يمر دون تحقيق، سواء كان ذلك(1/27)
اسم علم لشخص أو موضعا او قبيلة او طائفة من الناس، او كان آية قرآنية كريمة او حديثا شريفا، او اسم كتاب او بيتا من الشعر، او كلمة غامضة المعنى او حدثا تاريخيا، الا وراجعت مظانها للتحقق من صحتها او لاستكمال المعلومات المتعلقة بها، أو لزيادة التعريف والايضاح، او لشرح المعنى.
ولهذا فقد تجمع لدي من حصيلة ذلك حوالي ستة آلاف بطاقة اكثرها اسماء اعلام، لذلك كان جل اعتمادي على كتب التاريخ والتراجم والطبقات، علاوة على كتب التفسير والحديث والمعاجم الجغرافية ودواوين الشعر وكتب الادب ومعاجم اللغة. والحقيقة ان مراجعي شملت تقريبا كل الفنون التي ألف بها العرب والمسلمون، فضلا عن عدد من الكتب الحديثة التي كتب بعضها الاجانب. وان نظرة واحدة على ثبت المراجع تكفي لادراك ما اقول.
وحرصت على ان ادون نتائج التحقيق واشير الى مراجعها في الحواشي، خلافا لما جرى عليه بعض المحققين الذين قصروا همهم على الاتيان «بالنص الصحيح» ، والاشارة فقط الى مختلف القراءات المتعلقة بالنص لا غير، دون تكليف انفسهم عناء الشرح والتعليق، او التعريف بالشخصيات والمواضع الوارد ذكرها في المتن، او ايضاح الغامض من الاصطلاحات وما اليها. ولكنني وجدت انه ليس من الممكن الفصل بين عملية الاتيان بالنص الصحيح وبين تلك التعليقات للاسباب الآتية:
أ- قد يكون بالامكان اخراج نص صحيح دون الحاجة الى التعليق ومراجعة المؤلفات، اذا تيسر للمحقق عدة نسخ من المخطوطة خالية من التصحيف والتحريف (ويفضل ان تكون بينها نسخة المؤلف) . وهذا امر غير متوفر في اغلب الاحيان. اما بالنسبة لتاريخ اربل، فان الموجود منه هو نسخة واحدة لا غير، ولذا اصبح من المتعين الرجوع الى المؤلفات الاخرى لضبط النص. بل حتى لو توفرت النسخ الصحيحة فان من الضروري مراجعة(1/28)
الكتب الاخرى ذات العلاقة للتحقق من كيفية ضبط الاسماء والانساب وما الى ذلك.
ب- اعتاد النساخ المسلمون على عدم التنقيط في كثير من الاحيان، او انهم يكتبون النقط في غير اماكنها مما يؤدي الى التباس غير قليل لا سيما في الحروف المتشابهة مثل «ج، ح، خ، و، ب، ت، ث، ن، ى» وما اليها. وهذا بطبيعة الحال يفضي الى الخلط في الاسماء، اذ ليس لضبطها قاعدة يمكن الركون اليها، وبالتالي فمن الواجب مراجعة المظان ذات العلاقة من اجل ضبطها.
ت- ان النص ليس دائما واضح المعنى، كما ان الاسماء الاسلامية كثيرا ما تتشابه سواء في الاسم الاول او في اسماء الآباء والاجداد والانساب، ولا بد لازالة الاشكال الناشىء عن ذلك، من ايضاح المعنى المقصود، او التعريف بالشخص المذكور في المتن تمييزا له عن غيره ممن يشاركه في الاسم والنسب.
ث- ثم ان للقارئ حقا على المحقق، هو ان يقدم له المادة خالية من الشوائب، ويدله- اذا ما عنت له رغبة في المراجعة والتدقيق او الاستزادة- على المراجع التي تعينه لتحقيق غرضه.
ج- ثم ان المحقق مضطر بطبيعة الحال الى مراجعة الكثير من المخطوطات والمطبوعات المنتشرة في مختلف انحاء العالم، مما لا يتيسر للقراء- بل وحتى للمختصين منهم- الرجوع اليها، فانه يكون من زيادة الخير والنفع ان يشرك المحقق قراءه بثمرات ما توصل اليه من خلال تلك المراجع.
وان السبيل الى ذلك هو اغناء المتون بالحواشي الدسمة.
ولهذه الاسباب، اخترت الاخذ بالمنهاج القائم على توضيح النص(1/29)
بالحواشي والتعليقات ما استطعت الى ذلك سبيلا، لقناعتي بان التحقيق الصحيح ينبغي ان يكون على هذه الشاكلة. ولقد نقلت المتن بكل امانة ودقة، وعند ما اضطررت الى تقويم الخطأ الاملائي او ازالة التصحيف، اشرت الى ذلك في كل حالة من تلك الحالات. الا انني وجدت من المفيد ترقيم التراجم ليسهل الرجوع اليها واضفت الى كل واحدة منها تاريخي الولادة والوفاة لاصحابها. كما انني في بضع حالات وضعت عنوانا لتراجم وردت غير معنونة. وقد اشرت الى ذلك كله في موضعه.
ولقد خرجت التراجم الواردة في المخطوطة بمراجعة الكتب ذات العلاقة، وحاولت استقصاء اخبار اصحابها في جميع المراجع التي تيسر لي الاطلاع عليها، ولم اكتف بذلك بل عرّفت بجميع الرجال الوارد ذكرهم عرضا في ثنايا الكتاب، وفعلت مثل ذلك بالنسبة للاماكن والقبائل والاقوام. كذلك اشرت الى مواضع الآيات القرآنية، وخرجت الاحاديث على كتب الحديث المعتمدة، وفعلت الشيء نفسه بالنسبة للشعر- كلما تيسر لي ذلك. ولم يكن ذلك سهلا في كثير من الحالات، خصوصا وان غير قليل من المراجع خال من الفهارس، ولا سيما المخطوطات الامر الذي اضطرني لفهرستها ليتسنى لي الاستفادة منها. فعملت فهارس لعدد من المخطوطات كتاريخ بغداد لابن الدبيثي والمختار من ذيل تاريخ بغداد لابن السمعاني (وقد عمله ابن المكرم) وتايخ بغداد لابن النجار وتكملة المنذري (وهذه كلها من مخطوطات كمبرج) ، وبعض اجزاء «عقود الجمان» لابن الشعار (مخ استانبول) .
كذلك اضطررت لعمل فهارس لبعض الكتب المطبوعة التي تعذر علي في حينه الحصول على فهارسها كمعجم الالقاب لابن الفوطي وذيل مرآة الزمان لليونيني ومستدرك الدكتور مصطفى جواد على «المختصر المحتاج اليه» . واعددت ايضا فهارس لابواب بعض كتب الحديث. وقد زاد مجموع صفحات تلك(1/30)
الفهارس على 400 صفحة، استغرق اعدادها وقتا طويلا واستنفد مني جهدا كبيرا.
وعلاوة على ذلك فان اخبار اربل وحكامها والبارزين من ابنائها مبثوثة في كتب التاريخ والتراجم بين ثنايا السطور، وكان عليّ ان اقرأ تلك الكتب حرفا حرفا لغرض تجميع المادة ثم تنيسيقها وفقا لمواضيع الاطروحة، وفي ذلك ما فيه من المتاعب واستنزاف الوقت. ولكن كان لتلك القراءات الطويلة المرهقة فائدة اخرى لم اكن اتوقعها، اذ كنت اكتشف بمحض الصدفة معلومات في غاية الاهمية بالنسبة لتحقيق النص الذي كنت بصدده، بل وفي بعض الاحيان وفقت في العثور على حل لمشاكل اقلقتني زمنا طويلا ويئست بعد الجهد الجهيد من امكان حلها، فاهتديت مثلا الى صحة قراءة بيت من الشعر، او الى معرفة اسم قائله، او تعرفت على ظروف حدث من الاحداث او مناسبة من المناسبات. فكان ذلك خير عوض واحسن جائزة.
وعلى كل حال، فقد بذلت اقصى ما امكنني من الجهد محاولا اخراج هذا الكتاب بشكل يليق به وبمؤلفه. وارجو ان اكون قد وفقت في اداء حقه حسبة الى الله تعالى. اما اذا كنت قد اخفقت فارجو من القارئ الكريم ان يعذرني اذ انني بشر عرضة للخطأ والصواب، والعصمة لله وحده والسلام.
كمبرج (بريطانيا) في 20 شوال 1394 هـ.
الموافق 5 تشرين الثاني 1974.
سامي بن السيد خماس الصقار(1/31)
/ الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْ تَارِيخِ بَنِي الْعَبَّاسِ «1» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ
الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ الْأَخْيَارِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْمُنْتَسِبِينَ بِهِمْ «2»
أَنَا ذَاكِرٌ فِي هَذَا الْبَابِ الْمُنْقَطِعِينَ إِلَى الزَّهَادَةِ وَالْمَوْسُومِينَ بِالْعَدَالَةِ وَالْمَعْرُوفِينَ بِالرِّوَايَةِ، مِمَّنِ اشْتُهِرَتْ دِيَانَتُهُ وَعُرِفَتْ صِيَانَتُهُ وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ، مُوَفِّيًا كُلًّا مِنْهُمْ حَقَّهُ وَمُعْطِيَهُ مُسْتَحَقَّهُ، غَيْرَ مَائِلٍ إِلَيْهِ وَلَا مُتَحَامِلٍ عَلَيْهِ. بِاللَّهِ تَعَالَى أَسْأَلُ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ وَجَمِيلَ الذِّكْرِ فِي الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
1- أَبُو الْفُتُوحِ أَحْمَدُ الْغَزَالِيُّ [ ... - 520 هـ]
هُوَ أَبُو الْفُتُوحِ أَحْمَدُ (1) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، أَخُو أَبِي حَامِدٍ، الْفَقِيهِ الطُّوسِيُّ الغَزَالِيُّ (2) الْإِمَامُ الزَّاهِدُ وَالْعَالِمُ الْعَامِلُ، ذُو الْكَرَامَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالدَّلَالَاتِ الْبَاهِرَةِ، تُغْنِي شُهْرَةُ مَكَانَتِهِ عَنْ تَعْرِيفِهِ وَصِفَتِهِ، كَانَ عَالِمًا غَيْرَ أَنَّهُ مَالَ إِلَى الْوَعْظِ وَشُهْرَتِهِ، فَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْيُمْنِ صُبَيْحُ (3) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَزَهِّدُ الْحَبَشِيُّ عَتِيقُ أخواجه (أ) - عَنْبَرٌ (4) - رَحِمَهُ اللَّهُ-: أَنَّهُ حَدَّثَهُ مَنْ حَضَرَ مجلس(1/33)
الْغَزَالِيِّ هَذَا وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ بِقَلْعَةِ إِرْبِلَ. (5)
وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَذْكُرُ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّخْفِيفِ/ فِي نَسَبِهِ وَنَسَبِ أَبِي حَامِدٍ أَخِيهِ، مَنْسُوبًا إِلَى قَرْيَةٍ بِطُوسَ (6) تُسَمَّى غَزَالَةَ (ب) أَوْ كَمَا قَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ. كَانَ فِيمَا حُدِّثْتُ عَنْهُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْفَاخِرَةَ، غَيْرَ مُتَحَرٍّ لُبْسَهُ. وَرَدَ بَغْدَادَ وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ «تَارِيخِ (7) أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ ابن الجوزي» في ترجمته مما أجازه (ت) لِي: «أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الْفُتُوحِ الْغَزَالِيُّ الطُّوسِيُّ، أَخُو أَبِي حَامِدٍ. كَانَ متصوّفا زاهدا في أول أمره (ث) وكان مفوّها وقبله العوام. وجلس ببغداد (ج) في التاجية (8) (ح) فِي رِبَاطِ بَهْرُوزٍ (9) ، وَجَلَسَ فِي دَارِ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ (10) فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَلَمَّا خَرَجَ رَأَى فَرَسَ الْوَزِيرِ (11) فِي دِهْلِيزِ الدَّارِ بِمَرْكِبٍ ذَهَبٍ وَقَلَائِدَ وَطَوْقٍ، فَرَكِبَهُ وَمَضَى.
فَأُخْبِرَ الْوَزِيرُ فَقَالَ لَا يَتْبَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يُعَادُ إِلَيَّ الْفَرَسُ. وخرج يوما فسمع (خ) نَاعُورَةً فَسَمِعَهَا تَئِنُّ فَرَمَى طَيْلَسَانَهُ عَلَيْهَا فَتَمَزَّقَ قطعا (د) . وَكَانَتْ لَهُ نُكَتٌ، إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى كلامه التخليط ورواية الاحاديث المصنوعة (ذ) وَالْحِكَايَاتِ الْفَارِغَةِ وَالْمَعَانِي الْفَاسِدَةِ، «2» . وَقَدْ عُلِّقَ عَنْهُ كثير من ذلك. قال المؤلف (ر) :
«وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ كَلَامهِ الَّذِي عُلِّقَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ خَطُّهُ إِقْرَارًا بِأَنَّهُ كَلَامُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ أنه قال: (ز) لَمَّا قَالَ: مُوسَى أَرِنِي، قِيلَ لَهُ: لَنْ (س) . فَقَالَ: هَذَا شَأْنُكَ تَصْطَفِي آدَمَ ثُمَّ تُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَتُخْرِجُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَتَدْعُونِي إِلَى الطُّورِ (12 13) ثُمَّ تُشمِتُ بِيَ الْأَعْدَاءَ. هَذَا عَمَلُكَ بِالْأَحْبَابِ (ش) فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْأَعْدَاءِ؟» .
ثُمَّ ذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ ذلك.
قال: «وأنبأنا (ص) مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ (14) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيِّ (15) قَالَ: / كَانَ أَحْمَدُ الْغَزَالِيُّ آيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي الْكَذِبِ، يَتَوَصَّلُ إِلَى(1/34)
الدُّنْيَا بِالْوَعْظِ. سَمِعْتُهُ يَوْمًا بِهَمَذانَ (16) يَقُولُ: رَأَيْتُ إِبْلِيسَ فِي وَسَطِ هَذَا الرِّبَاطِ (17) يَسْجُدُ لِي، فَقُلْتُ لَهُ: وَيْحَكَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لآدم فأبى (ض) . فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَجَدَ لِي أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً. فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى دِينٍ وَمُعْتَقَدٍ.
قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَيَانًا فِي يَقَظَتِهِ لَا فِي نَوْمِهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَوْمًا يَحْكِي حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. فَلَمَّا نَزَلَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَنَا وَضَعْتُهَا فِي الْوَقْتِ. قَالَ: وَلَهُ مِنْ هَذَهِ الْجَهَالَاتِ وَالْحَمَاقَاتِ مَا لَا يُحْصَى» .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: «ثم شاع (ط) عَنْ أَحْمَدَ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِالشَّاهِدِ (ظ) ، وَيَنْظُرُ إِلَى الْمِرْدَانِ وَيُجَالِسُهُمْ، حَتَّى حَدَّثَنِي أَبُو الحسين ابن يوسف (18) أنه كتب اليه شيئا (ع) فِي حَقِّ مَمْلُوكٍ لَهُ تُرْكِيٍّ، فَقَرَأَ الرُّقْعَةَ ثُمَّ صَاحَ بِاسْمِهِ، فَقَامَ () إِلَيْهِ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فقبّل (غ) بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا جَوَابُ الرُّقْعَةِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
أَجَازَ لِي أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الكاتب (19) وذكره في ترجمته (ف) ذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا عَلَى الْكُرْسِيِّ، وَأَنْشَدَ هَذَهِ الْأَبْيَاتِ، هَذَا مِمَّا قُلْتُهُ فِي وَسَاوِسِي:
[الرمل]
أَنَا صَبٌّ مُسْتَهَامُ ... وَهُمُومٌ لِي عِظَامُ
طَالَ ليلي دون صحبي ... سهرت عيني وناموا
أرقت عيني لِبَرْقٍ ... فَشَرِبْنَاهَا وَصَامُوا
لِي عَلِيلٌ وَغَلِيلٌ ... وَغَرِيمٌ وَغَرَامُ
/ ثُمَّ عِرْضِي لِعَذُولِي ... أُمَّةُ الْعِشْقِ كِرَامُ(1/35)
وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ (20) - أَبْقَاهُ اللَّهُ- قَالَ:
لَمَّا دَخَلَ الْغَزَالِيُّ هَذَا إِلَى بَغْدَادَ الْمَحْرُوسَةِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ شَيْخُ الشيوخ (ق) - بِأَظنةَ أَبَا الْبَرَكَاتِ إِسْمَاعِيلَ (21) بْنَ أَبِي سَعْدِ جدّ ابن سكينة (ك) - فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَرْدٌ كَثِيرٌ، وَفِي مُقَابَلَتِهِ صَبِيٌّ أَمْرَدُ، حُلْوُ الْجَمَالِ، وَقَد حَالَ الْوَرْدُ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا جَلَسَ شَيْخُ الشُّيُوخِ، عَلِمَ أَبُو الْفُتُوحِ الْغَزَالِيُّ أَنَّ بَاطِنَهُ قَدْ تَغَيَّرَ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنَّكَ تُنْكِرُ عَلَيَّ فِي بَاطِنَكَ قُعُودِي عَلَى هَذَهِ الْحَالِ، وَبَيْنَ يَدَيَّ مَا تَرَى. فَقَالَ: حَاشَى لِلَّهِ. فَقَالَ: بَلَى، لَوْ أَنِّي أَفْعَلُ هَذَا عَلَى مَا تَظُنُّ وَاسْتَأْذَنْتَ عَلَيَّ، أَمَرْتُ هَذَا الصَّبِيَّ فَقَامَ وَغَابَ عَنْكَ، وَتَهَيَّأْتُ لَكَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِي أَنْ تَرَانِيَ عَلَيْهِ، قُمْ يَا أَحْمَقُ. فَقَامَ شَيْخُ الشُّيُوخِ وَخَرَجَ، وَكَانَ آخِرَ عَهْدِهِ به (ل) أَوْ كَمَا قَالَ: هَذَا أَكْثَرُ لَفْظِهِ. أَيَّدَهُ الله- ومعناه ... (م) .
ذكر أبو سعد عبد الكريم ابن السَّمْعَانِيِّ (22) أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَنَزَلَ بِرِبَاطِ شَيْخِ الشيوخ (23) وجلس للوعظة وتوفي بقزوين (24) [في] (ن) حُدُودِ سَنَةِ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» . وَأَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أُسْتَاذُ والدي، أبو يعلى ابن الْفَرَّاءِ (25) قَالَ: سَمِعْتُ الْغَزَالِيَّ هَذَا يُنْشِدُ عَلَى كرسيّه في مجلس وعظه: [الكامل] :
مَا هَذَهِ الْأَلْفُ الَّتِي قَدْ زِدْتُمُ ... فَدَعَوْتُمُ الْخُوَّانَ بِالْإِخْوَانِ
/ مَا صَحَّ مِنْ أَحَدٍ فَأَدْعُوَهُ أَخًا ... فِي اللَّهِ مَحْضًا لَا وَلَا الشَّيْطَانِ
إِمَّا مُوَلٍّ عَنْ وِدَادِي مَا لَهُ ... وَجْهٌ ولنا من له وجهان (هـ)
وَوَجَدْتُ هَذَهِ الْأَبْيَاتِ فِي آخِرِ دِيوَانٍ مِنْ دواوين شعر أبي القاسم محمد بن هاني الْمَغْرِبِيِّ (26) . وَذَكَرَهَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ الْأَزْدِيُّ (27) فِي كِتَابِ «أُنْمُوذَجِ شُعَرَاءِ الْمَغْرِبِ» لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ شَرَفٍ (28) .
اخْتَصَرَ أَبُو الْفُتُوحِ أَحْمَدُ كِتَابَ أَخِيهِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسَمَّى(1/36)
«إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ» (29) فِي مُجَلَّدٍ وَاحَدٍ وَسَمَّاهُ «لباب الإحياء» (30) وقع إليّ به (و) نُسْخَةٌ كُتِبَتْ فِي أَيَّامِهِ فِي مُدَّةٍ آخِرُهَا شَعْبَانُ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَعَلَى أَوَّلِهَا إِجَازَةُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ بِخَطِّهِ لِجَمَاعَةٍ، وَهُوَ خَطٌّ حسن جيد قوى ... (م) .
وَنَقَلْتُ مِنْ كِتَابٍ لَهُ يُسَمَّى «كَتِابَ الذَّخِيرَةِ فِي عِلْمِ الْبَصِيرَةِ» (31) مِنْ مَجْلِسِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ تاسع عشرين...... (لا) سنة أربعة عشر وَخَمْسِمِائَةٍ بِجَامِعِ الْقَصْرِ (32) :
«حَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ مَشْحُونٍ بحب الدنيا [أن] (ى) يَجِدَ حَلَاوَةَ الذِّكْرِ، وَحَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ مَشْحُونٍ بِالشَّهَوَاتِ أَنْ يَكُونَ لَهُ صِلَةٌ بِالْقِدَمِ، إِنَّمَا أُمِرْتَ بِتَرْكِ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَأَمَّا جَلَالَةُ القدم فلا تقصر عمّا هي فيه مرتبة العبودية ومنقبة المحبوبية، وما لك مِنْهُمَا حَدِيثٌ وَلَا خَبَرٌ، أَنْتَ فِي وَادٍ وَهُمْ فِي وَادٍ» . وَهُوَ كِتَابٌ فِي مُجَلَّدٍ، وَلَمْ أَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا تَبَرُّكًا بِكَلَامِهِ لِأَنَّهُ (أأ) مِنَ الْمُخْتَارِ فِي بَابِهِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْلَى ابن أبي حازم ابن الْفَرَّاءِ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْغَزَالِيِّ بَجِامِعِ/ الْقَصْرِ () وَكَانَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ يَخْتَصُّ بالعجم (أب) فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَطَلَبَهُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ أنشد «2» :
(الطويل)
أَيَا قَادِمًا مِنْ سَفْرَةِ الْهَجْرِ مَرْحَبًا ... أَنَا ذَاكَ لَا أُسْلُوكَ مَا هَبَّتِ الصَّبَا
قَدِمْتَ عَلَى قَلْبِي كَمَا قَدْ تَرَكْتَهُ ... حَبِيسًا عَلَى ذِكْرَاكَ بَالشَّوْقِ مُتْعَبًا
فَوَلَّى الرَّجُلُ يَطْلُبُ بَابَ جامع (أت) القصر، فانشد: [الكامل]
وإذا وصلت وقصّرت بي ناقتي ... ولثقل (أث) شَوْقِي مَا يُقَصِّرُ حَامِلِي
فَاقْرِ السَّلَامَةَ مِنْ تباريح الجوى ... بعث (أج) الْقَتِيلُ تَحِيَّةً لِلْقَاتِلِ
قَالَ: فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَجْلِسِ أَحَدٌ إِلَّا صَاحَ وَأَلْقَى ثِيَابَهُ، فَكَانَ مبلغ ما(1/37)
حصل في ذلك اليوم ألوفا (أح) فَمَا أَخَذَ مِنْهَا الْغَزَالِيُّ حَبَّةً وَاحِدَةً، وَوَفَّرَهَا عَلَى الْقُرَّاءِ. هَذَا كَلَامُهُ وَأَكْثَرُ مَعْنَاهُ.
وَمِنْ شِعْرِ أَبِي الْفُتُوحِ الْغَزَالِيِّ مَا أَنْشَدَهُ ابْنُ السمعاني (أخ) وقد تقدم:
[الرمل]
أَنَا صَبٌّ مُسْتَهَامُ ... وَهُمُومٌ لِي عِظَامُ
طَالَ ليلي دون صحبي ... سهرت عيني وناموا (أد)
بِي عَلِيلٌ وَغَلِيلٌ ... وَغَرِيمٌ وَغَرَامُ
فَفُؤَادِي لِحَبِيبِي ... ودمي ليس حرام (أز)
ثمّ عرضي لعدوى (أذ) ... أُمَّةُ الْعِشْقِ كِرَامُ
2- الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ الزِّرْزَارِيُّ [ ... - 591 هـ]
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ الْكُرْدِيُّ (1) الزِّرْزَارِيُّ (%) وَرَدَ فِي الْحَاشِيَةِ تَعْلَيقٌ نَصُّهُ «لِمُحَرِّرِهِ مُحَمَّدِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَاضِي النَّجَفِيِّ-/ مِنْ رُسْتَاقٍ مِنْ رَسَاتِيقِ إِرْبِلَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-. كَانَ إِمَامًا عَالِمًا وَرِعًا زَاهِدًا، سَلَكَ فِي خَشَانَةِ الدِّينِ مَسْلَكَ التَّابِعِينَ، وَرَحَلَ الرِّحْلَةَ الْوَاسَعَةَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَ الْكَثِيرَ. أَدْرَكَ الشَّيْخَ أبا الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي السجزي (2) الماليني بهزاة (3) ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ «صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ» (4) وَعِدَّةَ أَجْزَاءٍ. وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ أَحْمَدَ بْنَ طَاهِرٍ الْمِيهَنِيَّ (5) ، وَالْمُبَارَكَ بْنَ الْحَسَنِ الشَّهْرَزُرِيَّ (6) وَغَيْرَهُمَا. وَسَمِعَ مِنْ أَحَادِيثَ أَصْبَهَانَ (7) عَلَى الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي عِيسَى الْمَدِينِيِّ الْأَصْبَهَانِيِّ (8) بِأَصْبَهَانَ وَعَلَى أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النِّيلِيِّ الْأَصْبَهَانِيِّ (9) وَعَلَى غَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ أَحَادِيثَ الْبَغْدَادَيِّينَ، وَكَانَ إِمَامًا فِي علم القرآن، صنف في القراآت كتابين يدخل كل منهما في جلد، سَمَّى أَحَدَهُمَا «الْمُؤْنِسَ» وَالْآخَرَ «الْمُنْتَخَبَ» (10) .(1/38)
كان على غاية ما يكون عليه، زاهد (ح ح) مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، يَقِفُ الْمُلُوكُ بِبِابِهِ فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ، وَإنْ أَذِنَ لَهُمْ جَلَسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، لَمْ يَدْعُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا بِاسْمِهِ، وَلَمْ يُعَامِلْهُ إِلَّا بِمَا يُنَافِي قَاعِدَةَ رَسْمِهِ. سُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثِ بِالْمَوْصِلِ واربل وغيرهما. إِلَّا أَنَّهُ كَانَ بِإِرْبَلَ أَقَلَّ إِسْمَاعًا. حَضَرْتُ فِي بَعْضِ قَدَمَاتِهِ وَسَأَلْتُهُ السَّمَاعَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَفْعَلُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فَإِنِّي قَدْ وَصَلْتُ وَأَنَا فِي تَعَبِ الطَّرِيقِ. فَسَأَلْتُهُ: الْإِجَازَةَ، فَتَلَفَّظَ لِي بِهَا. ثُمَّ مَنَعَتْ عَنْ لِقَائِهِ مَوَانِعُ، فَسَافَرَ مِنْ إِرْبِلَ وَغَابَ عَنْهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ عَادَ فَمُنِعَ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مَرَّةً فَرَأَيْتُ رَجُلًا/ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِبَادَةُ، كَانَ يَأْكُلُ فِي كُلِّ شَهْرٍ نصف مكوك (أ) حِنْطَةً يَحْمِلُهُ فُتُوتًا وَيَنْقَعُهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عِنْدِ إِفْطَارِهِ وَيَأْكُلُهُ فِي زُبْدِيَّةٍ خَضْرَاءَ مَخْرُوشَةٍ فَانْكَسَرَتْ مِنْهَا قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ، فَقُلْتُ لِلْقَيِّمِ بِأَمْرِهِ: وَلِمَ لَا يَشْتَرِي الشَّيْخُ عِوَضَهَا؟ فَقَالَ: قد اسْتَأْذَنْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
هَذَهِ تَكْفِينِي إِلَى أَنْ أَمُوتَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ فِي غَيْرِهَا. وَكَانَ مَأْكُولُهُ مِنْ غَلَّةِ مِلْكٍ لَهُ، وَكَانَ يَأْكُلُ مَعَهُ يَسِيرًا مِنَ الزَّبِيبِ الْأَسْوَدِ.
وَأَقَامَ بِإِرْبَلَ إِلَى أَنْ مَاتَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَلَمْ يَنَمْ صَيْفًا أَوْ شِتَاءً إِلَّا دَاخِلَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا، لَمْ يَخْرُجْ إِلَى سَطْحٍ وَلَا إِلَى سَاحَةٍ، وَلَا أُوقِدَ عَنْدَهُ سِرَاجٌ قَطُّ.
كَانَ- فِيمَا بَلَغَنِي- يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْكَرِيمَ بَيَدِهِ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ تَحْتهُ بَارِيَةٌ صَغِيرَةٌ (ب) وَعَلَيْهَا تُوُفِّيَ. فَحَضَرَتْهُ وَقَدْ مَرِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ وَسُئِلَ الدُّعَاءَ لِي، فَدَعَا لِي- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَكَانَ صَائِمًا فَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ، وَكَانَ يُعْطَى الثَّلْجَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. وَكَانَ تَحْت رَأْسِهِ لَبِنَةٌ فَسُئِلَ تَغْيِيرَ هَذَهِ الْحَالَةِ فَأَبَى، فَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ جُعَلَ تَحْتهُ كِيسَ خَامٍ محشوة. فلم يزل على هذه الحال الى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الَّتِي صَبِيحَتُهَا عَاشِرُ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعَينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ ضَاحِيَ نَهَارِهِ بِالْمَقْبَرَةِ الْعَامَّةِ (11) ظَاهِرَ إِرْبِلَ مَنْ شَرْقِيِّهَا، وَكَانَ يَوْمُ دَفْنِهِ مَشْهُودًا. نَزَلَ إِلَى قَبْرِهِ وَأَلْحَدَهُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى-(1/39)
أبو سعيد كوكبورى (ت) بن علي بن بُكْتِكِينَ (12) - أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْنَا بَرَكَتَهُ- وَقُدِّمَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ طَاهِرٍ الْخُزَاعِيُّ (13) . وَأَنَا/ ذَاكِرٌ مِنْ أَحَادِيثِهِ مَا أُقَدِّمُهُ أَمَامَ هَذَا الْفَصْلِ طَلَبًا لِلْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ (14) بِالْمَوْصِلِ بقراءتي عليه، وأنبأني الزرزاري (ث) قال: اخبر (ج ج) الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ الزِّرْزَارِيُّ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بن بوخن (ح ح ح) بْنِ أَبوَيْهِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَاوِرِيُّ (15) قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النِّيلِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ (16) ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْخَلِيلِيُّ الْبَلْخِيُّ (17) ، أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم علي بن أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ (18) ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ مَعْقِلٍ الشَّاشِيُّ (19) ، أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ، أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ التِّرْمِذِيُّ (20) - رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ (21) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ (22) حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَقِيلٍ (23) عَنْ مُجَالِدٍ (24) عَنِ الشَّعْبِيِّ (25) عَنْ مَسْرُوقٍ (26) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ نِسَاءَهُ حَدِيثًا، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: «كَانَ الْحَدِيثُ حَدِيثَ خُرَافَةَ» . فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا خُرَافَةَ؟ كَانَ رَجُلًا مِنْ عُذْرَةَ (27) أَسَرَتْهُ الْجِنُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ دَهْرًا، ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الْإِنْسِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا رَأَى فِيهِمْ مِنَ الْأَعَاجِيبِ فقال الناس: «حديث خرافة» . (ج)
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ ابي (ح) بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَدِينِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ/ لَفْظِهِ بِأَصْبَهَانَ، فِي مَنْزِلِهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قال: أخبرنا أبو الطيب طلحة بن أبي مَنْصُورٍ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي ذَرٍّ الصَّالْحَانِيُّ (28) فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ عَشَرَةِ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ:(1/40)
أَخْبَرَنَا جَّدِي أَبُو ذَّرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سبط الصالحاني الواعظ (29) ، أخبرنا أبو محمد عبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ، أَبِي الشَّيْخِ (30) قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ رَسْتَهْ (31) ، حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو (32) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ (33) عَنْ حُمَيْدٍ (34) عَنْ أَنَسٍ (35) قَالَ: «أَتَتْ بي أمي الى النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا خُوَيْدِمُكَ، فَخَدَمْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ قَطُّ أَسَأْتَ، وَلَا بِئْسَ مَا صنعت» . (خ)
اجْتَمَعَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ التِّبْرِيزِيُّ (36) بِإِرْبِلَ، وَكَانَ ذُكِرَ لِأَبِي حامد فظاظة أخلاقه على الإربليين، فاستأذنه (د) في زِيَارَتِهِ فَامْتَنَعَ مِنْهَا، فَمَا أَحَسُّوا بِهِ إِلَّا وَقَد زَارَ أَبَا حَامِدٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ أبو حامد وتبرك به، هاب الناس (ذ) الشَّيْخَ أَحْمَدَ لِذَلِكَ، وَتَحَدَّثَا إِلَي أَنْ مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ. وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيةِ زَارَهُ أَبُو حَامِدٍ، وَصَارَ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَلَاءِ الْحَافِظَ (37) بِهَمَذَانَ يُثْنِي عَلَى هَذَا الشَّيْخِ، وَيَأْمُرُ أَهْلَ هَمَذَانَ بِزِيَارَتِهِ وَيَسْتَحْسِنُ مَا أَنْكَرَهُ الْإِرْبَلِيُّونَ مِنُ فَظَاظَتِهِ عَلَى الْوُلَاةِ، وَلُطْفِهِ بِالْفُقَرَاءِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا-.
3- أَبُو الْمُظَفَّرِ الخزاعي [533- 600 هـ]
هو شيخنا (أ) الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ ظَاهِرِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْخُزَاعِيُّ (1) الْبَغْدَادِيُّ الْمُقْرِئُ، إِمَامُ الزُّهَّادِ وَرَئِيسُ الْعُبَّادِ، جَمَعَ الدِّينَ وَالْوَرَعَ وَالنُّسْكَ وَالْعِفَّةَ/ وَاللُّطْفَ وَالْعَقْلَ، كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، لَمْ ير ضاحكا إلّا متبسّما (ب) ، كَانَ شَافِعِيًّا كَثِيرَ الْعَصَبِيَّةِ لِمَذْهَبِهِ، يَكْرَهُ الرَّأْيَ وَالَقِيَاسَ وَيَمِيلُ إِلَى النَّصِّ وَالنَّقْلِ. سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَكَتَبَ عِدَّةَ كُتُبٍ وَأَجْزَاءَ. سَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ نَاصِرٍ، وَأَبَا الْكَرَمِ المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي الشَّهْرَزُورِيَّ وَأَبَا مَنْصُورٍ نُوشْتِكينَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّضْوَانِيَّ (2) ، وَأَحْمَدَ بْنَ(1/41)
إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُوسُفَ الْقَزْوِينِيَّ (3) وَجَمَاعَةً مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ الْمُسْنِدِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَهُ الْإِجَازَاتُ الْكَثِيرَةُ مِنْ مُحَدِّثِيهَا. كَانَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- صَدُوقًا فِيمَا يَرْوِيهِ، ثِقَةً فِيمَا يَحْكِيهِ، يَمْنَعُهُ وَرَعُهُ وَدِينُهُ عَنْ أَنْ يُفَارِقَ التَّحَرِّيَ وَالتَّثَبُّتَ، فَلَا يَرْوِي شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُحَقِّقَ رِوَايَتَهُ- لَا يَسْمَعُ حَدِيثًا إِلَّا بَعْد أَنْ يَتَوَقَّنَ صِحَّتَهُ- فَنَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَعَادَ عَلَيَّ بَرَكَةُ أَدَبِهِ-، وَانْقَطَعْتُ عَنْهُ بَعْضَ الْمَرَّاتِ لِعَارِضٍ عَرَضَ لِي، وَاتَّفَقَ أَنْ مَرِضَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فَمَنَعَنِي الْحَيَاءُ أَنْ أَعُودَهُ لِطُولِ انْقِطَاعِي عَنْهُ، وَكَانَ مُقِيمًا بِقَلْعَةِ إِرْبِلَ، فَدُعِيتُ إِلَى أَمْرٍ وَجَبَ لِي مَعَهُ الصُّعُودُ، فَأَتَيْتُهُ لِأَزُورَهُ، فَصَادَفْتُهُ وَقَد عَادَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ (4) بِهَا إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قال: [الكامل]
لِلرِّيمِ أَشْكُو لَا لِطَرْفِ الْبَاكِي كَانَ يُلْزِمُ نَفْسَهُ بِقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَيَرْفَعُهَا إِلَى الْفَقِيرِ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أَبِي سَعِيدٍ كوكبوري فَيُوَقِّعُ عَلَيْهَا بِقَضَائِهَا. فَقُلْتُ لَهُ مَرَّةً: أَيُّهَا الشَّيْخُ، رُبَّمَا وَقَعَ ضَجَرٌ مِنْ إِنْهَائِكَ مَا تُلْهِيهِ، فَقَالَ: أَنَا لَا أَزَالُ أَكْتُبُ، فَإِنْ قُضِيَتْ حَاجَةُ مَنْ كَتَبْتُ لِأَجْلِهِ فَذَلِكَ الْغَرَضُ، وَإِنْ لَمْ تُقْضَ فَقَدْ أَعْذَرْتُ، وَلَا أَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ. وَانْقَطَعْتُ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ أَنَبْتُهُ، فَحِينَ رآني أنشد: [الكامل]
/ عَاقَبْتَنِي بِالْهَجْرِ ثُمَّ وَصَلْتَنِي ... لِيَذُوقَ بَرْدَ الْمَاءِ مَنْ عَرَفَ الظَّمَا
وَكَانَتْ لَهُ أَشْعَارٌ حَسَنَةٌ، أَنَا ذَاكِرٌ مِنْهَا جُمْلَةً بَعْدَ أَنْ أُقَدِّمَ امامها شيئا من مروياته (ت) .
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ ظَاهِرٍ الْخُزَاعِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-، قَالَ: أخبرنا الشيخ أبو منصور نوشتكين (ث) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّضْوَانِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ مِنْهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أخبرنا ابو القاسم علي ابن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبُسْرِيِّ(1/42)
الْبُنْدَارُ (5) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُخَلِّصِ (6) ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي (7) ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمَّارُ (8) ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (9) عَنْ أَيُّوبَ (10) عَنْ نَافِعٍ (11) عَنِ ابْنِ عُمَرَ (12) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذَهِ الْآيَةَ «يَوْمَ يَقُومُ الناس لربّ العالمين» قَالَ: «يَقُومُونَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أَطْرَافَ آذَانِهِمْ» (ج) .
وَأَنْشَدَنِي- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا نَاصِرٍ نَاشِبًا (13) ، وَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ بَدِيهًا، وَكَانَ يُسَمَّى الْبَدِيهِيَّ لِحِدَّةِ خاطره:
[الطويل]
إِذَا وَاصَلَتْ مِنْ جَانِبِ الْمَوصِلِ الَّتِي ... بِهَا واصل الصبّ الخليل المواصل
قوافل ساءلن (ظ) القوافل عن فتى ... محبّتها (ح) حَتَّى تَضِجَّ الْقَوَافِلُ
وَهَلْ مَنْ حَرَمَهُ حُبُّهُ الْمَوْصِلَ اغْتَدَى ... يُسَائِلُ عَنِّي مْثِلَمَا أَنَا سَائِلُ
وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْكَرَمِ المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي الشَّهْرَزُورِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ/ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْقَاضِي الشَّرِيفُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن محمد بن عبيد الله (د) بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ (14) إِجَازَةً، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ (15) قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ دريد (16) لنفسه: [البسيط]
عَانَقْتُ مِنْهُ وَقَدْ مَالَ النُّعَاسُ بِهِ ... وَالْكَأْسُ يَقْسِمُ سُكْرًا بَيْنَ جُلَّاسِي
رَيْحَانَةً ضُمِّخَتْ بِالْمِسْكِ نَاضِرَةً ... تَمُجُّ بَرْدَ النَّدَى فِي حَرِّ أَنْفَاسِي
أَنْشَدَنِي- رَحِمَهُ اللَّهُ- لِنَفْسِهِ، وَكَانَ إِنَّمَا يَعْمَلُ من الشعر ما يليق به، إلّا (ذ) مَا كَتَبَهُ إِلَى صَدِيقٍ، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سنة إحدى وتسعين(1/43)
وخمسمائة: [مجزوء الكامل]
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الْمَعَاصِي ... وَاشْرَعْ لِنَفْسِكَ فِي الخلاص
فإذا أردت بطالة (ر) ... فَاذْكُرْ مَرَارَاتِ الْقَصَاصِ
لَا يَسْتَوِي عَبْدٌ مُطِيعٌ ... ربّه فينا وعاصي
وانشدني لنفسه: [الطويل]
إِذَا الْمَرْءُ أَثْرَى ثُمَّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ ... صَدِيقٌ وَلَمْ يَكْشِفْ بَلَاءً لِمُعْدَمِ
تَسَارَعَتِ الْأَقْوَالُ فِيهِ بِذَمِّهِ ... وَإِنْشَادُ قَوْلِ الشَّاعِرِ الْمُتَقَدِّمِ
«وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ ... عَلَى قَوْمِهِ يستغن عنه ويذمم» (ز)
وَأَرَدْتُ أَنْ أَسْمَعَ عَلَيْهِ كِتَابَ «مَقْتَلِ عُثْمَانَ» - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (17) لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا (18) فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ: لَوْ رَأَيْنَاهُ مَا رَوَيْنَاهُ. وَأَنْشَدَنِي لنفسه:
[البسيط]
إِذَا تَذَكَّرْتُكُمْ هَامَ الْفُؤَادُ إِلَى ... أَوْطَانِكِمْ طَرَبًا وَاشْتَاقَتِ الرُّوحُ
فَالْقَلْبُ مُكْتَئِبٌ وَالنَّفْسُ بَالِيَةٌ ... وَالْعَيْنُ بَاكِيَةٌ وَالدَّمْعُ مَسْفُوحُ
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ أَيْضًا- رَحِمَهُ الله-[الخفيف]
/ آفَتِي فِيكَ أَنَّ قَلْبَكَ خَالٍ ... مِنْ غَرَامِي وَأَنَّنِي فِيكَ صَبُّ
فَغَرَامِي الَّذِي أُعَانِيهِ حُلْوٌ ... وَعَذَابِي يَا مُنْيَتِي فِيكَ عَذْبُ
وَأَنْشَدَنِي- رَحِمَهُ الله- لنفسه: [الكامل المرفّل]
ظنّي بكم يا سادتي (س) حسن ... حاشاكم أن تخلفوا ظنّي
ما لي عَلَى هِجْرَانِكُمْ جَلَدٌ ... بِحَقِّكُمْ لَا تُعْرِضُوا عَنِّي
قَدْ كُنْتُ ذَا خَيْرٍ وَذَا عِزَّةٍ ... أَفْنَاهُمَا البين الذي يفني(1/44)
وأنشدني لنفسه: [الطويل]
أَبَعْدَ اشْتِهَارِي فِي هَوَاكَ أُلَامُ ... وَقَدْ شَابَ رَأْسِي وَالْغَرَامُ غُلَامُ
يَلُومُ الْخَلِيُّونَ الشَّجِيَّ عَلَى الْهَوَى ... وَهَيْهَاتَ أَنْ يُثْنِي الْوَلُوعَ مَلَامُ
وَمِنْهَا:
وَأَيْنَ هُمُ مِنِّي وَمِنْكَ وَبَيْنَنَا ... حَدِيثٌ لَذِيذٌ وَالْوُشَاةُ نِيَامُ
وَتَرْقُبُنِي كَيْلَا أَزُورَكَ مَعْشَرٌ ... وَذَلِكَ شَيْءٌ لَا يَكَادُ يُرَامُ
وَكَمْ تَزَاوَرْنَا وَنَامَ رَقِيبُنَا ... وَقُمْنَا وَفِي عَيْنِ الرَّقِيبِ ظَلَامُ
وَكَمْ لَيْلَةٍ بِتْنَا عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ ... وَمَا انْحَلَّ مِنْ عَقْدِ الْعَفَافِ نِظَامُ
وَقَالَ أُنَاسٌ كَيْفَ قَرَّبْتَ دُونَنَا ... أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنِّي سَهِرْتُ وَنَامُوا
عَلَامَةُ أَهْلِ الْحُبِّ طُولُ سُهَادِهِمْ ... وَدَمْعٌ إِذَا جَنَّ الظَّلَامُ سِجَامُ
فَإِنْ وَاصَلَ الْحِبُّ اسْتَرَاحُوا وَرَوَّحُوا ... وَإِلَّا فَفِي بَابِ الرَّجَاءِ أَقَامُوا
وَأَهْلُ الْهَوَى مِنْ أَحْسِنِ النَّاسِ شِيمَةً ... لِطَافٌ وَإِنْ جَارَ الزَّمَانُ كِرَامُ
بُلِيتُ بِهَجْرٍ مِنْكَ إِنْ رُمْتُ سَلْوَةً ... وَلَوْ نَشِبَتْ فِي الْقَلْبِ مِنْكَ سِهَامُ
عَلَيْكَ سَلَامِي مَا حَيِيتَ فَإِنْ أَمُتْ ... يُحَيِّيكَ مِنِّي فِي التُّرَابِ عِظَامُ
/ وَأَنْشَدَنِي- رَحِمَهُ اللَّه- لِنَفْسِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ (ش) :
[البسيط]
انْظُرْ إِلَيَّ بَعَيْنٍ قَدْ نَظَرْتَ بِهَا ... إِلَى الْحَبِيبِ وَمَتِّعْنِي مِنَ النَّظَرِ
وَهَاكَ سَمْعِي فَحَدِّثْنِي بِمَا سَمِعَتْ ... أُذْنَاكَ مِنْهُ فَحَظُّ السَّمْعِ فِي الخبر
وأنشدني- رحمه الله-[الهزج]
وَمَا أَصْنَعُ بِالدُّنْيَا ... إِذَا مَا لَمْ تَكُنْ عَنْدِي
وَمَا يُلْتَذُّ بِالْعَيْشِ ... مَعَ التَّفْرِيقِ وَالْبُعْدِ(1/45)
وأنشدني- رحمه الله-: [المتقارب]
كَلَامُ عَلِيٍّ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- ... دَوَاءُ الْقُلُوبِ لِأَمْرَاضِهَا
فلا ترجعن عن موالاته ... لجهل الطّغاة وإغراضها
وأنشدت عنه له: [الوافر]
إِذَا يَوْمِي أَتَى لَمْ يُغْنِ عَنِّي ... مَعَالَجَةُ الطَّبِيبِ وَلَا الدَّوَاءُ
وَلَا مَالِي وَلَا جَاهِي وَعِزِّي ... وَلَا قَوْمِي وَلَا يُغْنِي الْفِدَاءُ
وَمَا يُغْنِي سِوَى التَّقْوَى وَحُبِّي ... لِقَوْمٍ ضَمَّ شَمْلَهُمُ العباء (ص)
وَمِنْ كَلَامِهِ: «لِيَكُنْ جَاهُكَ لِأَصْدِقَائِكَ، يَتَمَنَّوْا دَوَامَهُ وَيَشْكُرُوا. وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فَيَتَمَنَّوْا زَوَالَهُ وَيَذُمُّوا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَاسْتَشْعِرُوا الزَّوَالَ، وَلَا تَأْمَنُوا الِانْتِقَالَ» . وَمِنْ كَلَامِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ: - «بَعِيدٌ الصِّدْقُ (ض) مَعَ الطَّمَعِ، وَقَوْلُ الْحَقِّ مَعَ حُبِّ الدُّنْيَا» . وَمِنْهُ: «الْحَيَاءُ مِنْ عَاقِبَةِ التَّدْبِيرِ خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ عَاقِبَةِ التَّبْذِيرِ» . وَمِنْ كَلَامِهِ: «فِيمَا لَا يَسْتَحِيلُ بِالِانْعِكَاسِ الْعَفَافُ عَلَاعف نَنَتْفِعُ لَيْسَ كيديك سبيل» (ط) .
وُلِدَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى/ الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. تُوُفِّيَ شَيْخُنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَامِنَ جمادى الآخرة من سنة ستمائة، وَنَزَلَ إِلَى قَبْرِهِ وَأَلْحَدَهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ قَبْرِهِ حَتَّى وَارَاهُ، الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين، وَهُوَ مَدْفُونٌ فِي الْمَقْبَرَةِ الشَّرْقِيَّةِ ظَاهِرَ الْبَلَدِ، جِوَارَ الزِّرْزَارِيِّ (19) حَضَرْتُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَشْكُرُ اللَّهَ وأحمده.
فَقُلْتُ: ادْعُ لِي، فَقَالَ: «أَلْهَمَكَ اللَّهُ رُشْدَكَ، وَوَقَاكَ شَرَّ نَفْسِكَ، وَشَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ» . فَقُلْتُ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَلْبُكَ عَلَيَّ ثَقِيلًا. فقال: «معاذ(1/46)
اللَّهِ، أَنْتَ وَلَدِي» . فَلَمَّا فَارَقْتُهُ لَمْ أَصِلْ إلى مَنْزِلِي حَتَّى قِيلَ قَدْ مَاتَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَمِمَّنْ وَافَقَ شَيْخَنَا الْخُزَاعِيَّ فِي لَقَبِهِ وَبَعْضِ نَسَبِهِ:
4- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ (1) الْخُزَاعِيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ- السَّابِعَ)
وَذُكِرَ لِي أَنَّهُ وَرَدَ إِرْبِلَ. وَقَفْتُ عَلَى كِتَابٍ بِخَطِّهِ فِيهِ مِنْ تَأْلِيفِهِ، كِتَابٍ سَمَّاهُ «دَرْجَ الْغُرَرِ وَدُرْجَ الدُّرَرِ (2) » أَلَّفَهُ لِلْوَزِيرِ جَلَالَ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي جَعْفَر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيِّ (3) مِنْ خُطْبَتِهِ:
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ، وَعَلَّمَهُ الْبَيَانَ (أ) ، وَجَعَلَهُ تُرْجُمَانَ الْجَنَانِ، وَمِيزَانَ اللِّسَانِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُؤَيَّدِ بِالْقُرْآنِ، الْمُسَدَّدِ بِالتِّبْيَانِ، وَعَلَى آله وأصحابه أعلام الاسلام، وأيمان الإيمان» . (ب)
«وَبَعْدُ فَهَذَا مَجْمُوعٌ يَحْتَوِي عَلَى بَدَائِع نَتَّجَتْهَا الطَّبَائِعُ، وَحَصَّنَتْهَا الصَّنَائِعُ، مِنْ جَوَامِعِ حِكَمٍ أَنْشَدَتْهَا الْمَجَامِعُ، وَرَوَائِعُ كَلِمٍ تَقَرَّظَتْ بِهَا الْمَسَامِعُ/ وَنُخَبٍ تنازعتها الغرائز السليمة، وتداولتها النحايز (ث) الكريمة، من نظم يضمّ حبوة (ث) الْوَقَارِ، وَنَثْرٍ يُثْنِي نَشْوَةَ الْعُقَارِ، وَإِشَارَاتٍ تَوَافَرَتْ بِهَا الْأَرْوَاحُ، وَتَدَارَسَتْ بِرَسَائِلِهَا الرِّيَاحُ، وَاخْتَرْتُ مِنْ فنونها أناسيّ عيونها وأبكارها، دون عونها (ج) ، وَانْتَزَعْتُ غُرَرَ فَوَائِدِهَا، وَافْتَرَعْتُ عُذْرَ فَوَائِدِهَا، مِنْ مُحَاضَرَةِ أَعْلَامِ الْبَرَاعَةِ، وَمُحَاوَرَةِ فِرْسَانِ الْيَرَاعَةِ. وَكُلُّ كَلِمَةٍ غُرَّةُ دِيوَانٍ، وَسَابِقُ مَيْدَانٍ، لَا يُنَازَعُ عنان سبقه، ولا يجاذب أهداب حنقه» . (ح)
«وَأَمَّا مَا حَدَانِي عَلَى تَأْلِيفِ الشَّوَارِدِ، وَتَأْنِيسِ هذه الأوابد، على(1/47)
انحلال معاقد الحال، وانفراج مدحة (خ) الِاخْتِلَالِ، امْتِثَالُ مَرْسُومِ الْأَمِيرِ- وَذَكَرَ أَلْقَابَهُ وَنَسَبَهُ-، وَقَالَ: أَنْجَزَ اللَّهُ فِي أَيَّامِهِ مَوَاعِيدَ الْإِقْبَالِ، وَحَقَّقَ فِي جَلَالِهِ مَخَايِلَ الْآمَالِ وَأَفَاضَ سِجَالَ رحمته على سلفه (د) وَهُوَ مِنْ عُقْمِ الْأَرْضِ الْوَلَّادَةِ بِمِثْلِهِ، وَصَدِيَتْ رِيَاضُ الْبَقَاءِ إِلَى شَآبِيبِ طَوْلِهِ. وَهُوَ- أَدَامَ اللَّهُ ظِلَّهُ- مُنْذُ لَفَظَهُ الْمَهْدُ، وَجَفَاهُ الرَّضَاعُ، لم يزل طامح الهمّة إلى شَرَفٍ يَفْرُعُ ذِرْوَتَهُ، وَيَتَسَنَّمُ قِمَّتَهُ، وَعَزٍّ يُثْنِي إِلَيْهِ عِنَانِهُ، وَيَتَبَوَّأُ مَعَانَهُ، وَعِلْمٍ يَحِلُ عُقَدَهُ، وَيَدَّخِرُ عُدَدَهُ، وَخُلُقٍ تَأَرَّجَ بِذِكْرِهِ الْأَجْوَادُ، وَتَعْبِقُ بنشره الشّفاه، مثال ذلك: [الكامل]
قَادَ الْجُيُوشَ لِخَمْسَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... وَلِدَاتُهُ إِذْ ذاك في أشغال (ذ)
قَعَدَتْ بِهِمْ هِمَّاتُهُمْ وَسَمَتْ بِهِ ... هِمَمُ الْمُلُوكِ وَسَوْرَةُ الْأَبْطَالِ
«ظِلُّهُ فِرَاسَةُ مَنْ قَالَ: فَكَأَنَّهُ تَوَسَّمَ فِيهِ الْفَأْلَ وَالذَّكَاءَ أَثْقَبَ زَنْدِهَا، وَأَصْغَى وِرْدِهَا وَقَد أَطْلَعَ الْفَأْلَ فِيهِ مَعْنًى نَازَعَنِي (ر) فيه ألمعيّ: [مخلّع البسيط]
/ قَالُوا: الْفَتَى جَدُّهُ عَلِيٌّ ... قُلْتُ الْفَتَى جِدُّهُ عَلِيُّ»
وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَا تَرَكْتُهُ. وَفِي الْكِتَابِ لصاحب المجموع (ز) :
[البسيط]
رُشِّ التُّرَابَ بِمَاءِ الْعَيْنِ آوِنَةً ... فَلِلتُّرَابِ إِذَا رَشَّشْتَهُ أَرَجُ
هَذَا النَّسِيمُ الَّذِي فَاحَ التُّرَابُ به ... لامّهات وآباء لنا درجوا
وله: [البسيط]
مَا بَاعَدَ الْبَوْنُ بَيْنَ الْوِرْدِ وَالصَّدْرِ ... وَأَفْسَحَ الشَّوْطُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ
كَمْ مَرَّةٍ نَوَّرَ الْآَمَالَ فَانْفَرَجَتْ ... مَسَافَةُ الْخُلْفِ بَيْنَ النَّوْرِ وَالثَمَرِ
فاستطلع الدّرج (س) عَنْ أَنْبَاءِ مَنْ دَرَجُوا ... كَمْ عَبْرَةٍ فِي مطاويه لمعتبر(1/48)
فَلَا يَغُرَّنْكَ شَمْلُ الدَّهْرِ مُنْتَظِمًا ... فَإِنَّ شَمْلَ اللَّيَالِي نُهْبَةُ الْغِيَرِ
وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ مِنَ الْأَشْعَارِ عَلَى قِلَّتِهَا فِيهِ بِمَا ضَمَّنَهُ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي آخِرِهِ مِنْ عِبَرٍ لِرَضِيِّ الدِّينِ (4) الخزاعي (ش) : [الهزج]
سَلَامِي عَدَدَ الْقَطْرِ ... عَلَى أَخْلَاقِكَ الزُّهْرِ
وَوَجْهٍ إن دجا الليل ... يباهي (ص) عرّة البدر
مواعيد وحاشاها ... كمثل الألّ (ض) في القفر
فمن يوم إلى يوم ... ومن شهر إلى شهر
ومنه (ط) : [الرجز]
خَلْعُ الْعِذَارُ أَصْوَبُ ... وَالْعَيْشُ فِيهِ أَطْيَبُ
كُنْ عَاذِلِي أَوْ عَاذِرِي ... فَإِنَّنِي مُسَيَّبُ
لَا تُوعِدَنِّي بِالرَّدَى ... فَإِنَّنِي لَا أَرْهَبُ
خَسِرْتُ دِينِي وَدَنَى (ظ) ... فِي حُبِّهِمْ مَنْ يَرْغَبُ
إِنِّي إِذَا تَنَسَّمَتْ ... رِيحَ الشِّمَالِ أَطْرَبُ
/ لِأَنَّهَا قَدْ بَشَّرَتْ ... بِأَنَّهُمْ قَدْ قَرُبُوا
إِنْ وَصَفُوا أَشْوَاقَهُمْ ... فَعَنْ ضَمِيرِي أَعْرَبُوا
لَا تَصْدُقُوا فِي هِجْرَتِي ... عِدُوا بِوَصْلِي واكذبوا
ومن خطه لأبزون بن مهبزذ العماني (5) [الكامل]
أشكو إليك ومن صدودك أشتكي ... وأظن من شَغَفِي بِأَنَّكَ مُنْصِفِي
وَأَصُدُّ عَنْكَ مَلَالَةً كَيْ لا يرى (ع) ... مِنْكَ الصُّدُودُ فَيَشْتَفِي مَنْ يَشْتَفِي
مَنْ صَحَّ قَبْلَكَ فِي الْهَوَى مِيثَاقُهُ ... حَتَّى يَصِحَّ وَمَنْ وَفَى حَتَّى يَفِي؟
لِآخِرِ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ على بلوغ الأمل (غ) .(1/49)
5- مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْنِ (1) الْإِرْبِلِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةَ 463 هـ]
سَمِعَ عَلَى الْخَطِيبِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ (2) بِبَغْدَادَ الْجُزْءَ الثَّالِثَ مِنْ «كِتَابِ السُّنَنِ» لِأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ (3) فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ علي الشيرازي (4) والحسن بن برهون (أ) الْفَارِقُّي (5) وَأَبُو الْفَضَائِلِ [مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عبد الباقي] (ب) بْنِ طَوْقٍ الْمَوْصِلِيُّ (6) وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ الْمَوْصِلِيُّ (7) وَعُمَرُ بْنُ يُوسُفَ التِّبْرِيزِيُّ (8) وَأَحْمَدُ بْنُ دَاشِمٍ الْمَرَاغِيُّ (9) وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابن الرُّطَبِيُّ (10) وَسَعِيدُ بْنُ أَفْشِينَ الْإِرْبِلِيُّ (11) بِقِرَاءَةِ أَبِي بَكْرٍ [مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي] (ث) ابْنِ الْخَاضِبَةِ (12) فِي مُحَرَّمٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وستين وأربعمائة.
6- سَعِيدُ بْنُ أَفْشِينَ (1) الْإِرْبِلِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 463 هـ]
/ تقدّم ذكره (أ) وَذِكْرُ سَمَاعِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي الطَّبَقَةِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا.
7- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (1) الْإِرْبِلِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 463 هـ]
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيَّ الْخَطِيبَ بِبَغْدَادَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُم، أَبُو إِسْحَاقَ الشيرازي (أ) وأبو نصر الموصلي (ب) وابن برهون (ت) الفارقي وبدل (ث) بْنُ مَحْمُودٍ التِّبْرِيزِيُّ (2) بِقَرَاءَةِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ الخاضبة، في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وَكَانَ سَمَاعُهُ الْجُزْءَ الثَّانِيَ مِنْ «سُنَنِ» أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ.
8- أَبُو اللَّيْثِ بْنُ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ (1) الْإِرْبِلِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 463 هـ]
سَمِعَ الْجُزْءَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ «كِتَابِ السُّنَنِ» لأبي داود، على(1/50)
الْخَطِيبِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ في جماعة منهم، أبو إسحاق (أ) الشيرازي، والحسن بن برهون الفارقي (ب) وَعَلِيُّ بْنُ حُسْكُوَيْهِ (2) الْمَرَاغِيُّ، أَفَادَنِي ذَلِكَ أَبُو عبد الله محمد ابن الحافظ بدل ابن أَبِي الْمُعَمَّرِ التِّبْرِيزِيُّ (3) بِآخِرِهِ مِنْ أُصُولٍ نَقَلْتُهَا.
9- أَبُو مُحَمَّدٍ أَمِيرِيُّ بْنُ بَخْتِيَارَ [545- 614 هـ]
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَمِيرِيُّ بْنُ بَخْتِيَارَ بْنِ خِلِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) وَجَدْتُ بِخَطِّ وَلَدِهِ: «مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ» (أ) ، فَقِيهٌ عَالِمٌ زَاهِدٌ وَرِعٌ كَامِلٌ، كَثِيرُ الْخَشْيَةِ وَالْوَجَلِ، حَسَنُ السَّمْتِ وَالْوَقَارِ، آخِذٌ نَفْسَهُ بِالْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ. مَا رُؤِيَ ضَاحِكًا إِلَّا متبسّما (ب) مَعَ لُطْفِ أَخْلَاقٍ، انْقَطَعَ فِي/ بَيْتِهِ وَأُغْرِيَ بِمُطَالَعَةِ الْكُتُبِ الْمُودَعَةِ أَحْوَالَ ذَوِي الْأَحْوَالِ مِنَ الدِّينِ وَالتَّصَوُّفِ. وَأَلْزَمَ نَفْسَهُ آدَابَهُمْ وَجَعَلَهَا نُصْبَ عَيْنَيْهِ. سَمِعْتُهُ يَقُول: «إِنَّمَا أَمِيلُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِهِمْ لِتَصْغُرَ نَفْسِي فِي عَيْنِي إِذَا حَدَّثَتْنِي بِالْعَمَلِ.
لَا، إِنِّي لَا أَلْحَقُ بِهِمْ» . كلا ما هَذَا مَعْنَاهُ.
أَخْبَرَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخِيطُ وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَكَانَ ضَلْعُهُ مَعَ أهل التصوف إلى أن قال له ... (ت) لَوِ اشْتَغَلْتَ بِالْعِلْمِ كَانَ أَنْفَعَ لَكَ، فَاشْتَغَلَ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ بِكِتَابِ «الشِّهَابِ» لِلقُضَاعِيِّ (2) فَحَفِظَهُ، وَبِغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. وَرَحَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَقَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- (3) وَذَكَرَ أَنَّ جَدَّهُ خَلَا (4) مِنْ مَرْكُورٍ (5) بَيْنَ أُرْمَيَّةَ (6) وَأُشْنُهْ (7) وَأَصْلُهُمْ مِنْهَا. فَوَقَعَ فِيهَا غَلاءٌ فَانْتَقَلَ مُحَمَّدٌ وَمَعَهُ خَلٌّ صغير (ث) إِلَى أُشْنُهْ، وَأَقَامُوا بِهَا. وَكَانَ صَالِحًا دِينًا سَمِعَ الْحَدِيثَ، أُشْنُهِيُّ الْمَولِدِ وَالأَصْلِ، يَقْطَعُ النَّهَارَ تَسْبِيحًا وَاللَّيْلَ صَلاةً.
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الطوسي (8) خطيب(1/51)
الْمَوْصِلِ، سَأَلَهُ عَنْ كُنْيَتِهِ، فَقَالَ: لَا كُنْيَةَ لِي، فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تُكْنَى أَبَا الذَّهَبِ لِأَنَّ اسْمَكَ أَمِيرِيُّ، فَكَنَّانِي بِأَبِي الذِّهَبِ. وَوَجَدْتُ هَذَهِ الْكُنْيَةَ بِخَطِّ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الطُّوسِيِّ فِي جُزْءٍ فِيهِ سَمَاعُهُ عَلَيْهِ. حَدَّثَنِي وَلَده عَبْدُ الْقَادِرِ (9) أَنَّهُ وَجَدَ بخط والده: «خربت (ج) أُشْنُهُ مِنَ السَّيْلِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَمِمَّا رَوَيْتُهُ عَنْهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ، مَا أخبرنا به قراءة (ح) مِنِّي عَلَيْهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْخَطِيبُ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ/ بِالْمَوْصِلِ، قَالَ؛ أَخْبَرَنَا وَالِدِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، سَمَاعًا عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّقُّورِ الْبَزَّازُ (10) بِبَغْدَادَ، فِي شهر ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة، قال: قرىء على أبي القاسم عيسى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ الْجَرَّاحِ الْوَزِيرِ (11) وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ أَبُو يَحْيَى الْجَحْدَرِيُّ (12) إِمْلاءً مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ أَبُو مَعْمَرٍ (13) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «طَبَقَاتُ أُمَّتِي خَمْسٌ، كُلُّ طَبَقَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَطَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى الثَّمَانِينَ أَهْلُ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، والذين يلونهم إلى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ أَهْلُ التَّرَاحُمِ وَالتَّوَاصُلِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ إلى الستين- يعني ومائة- (خ) أَهْلُ التَّقَاطُعِ وَالتِّدِابُرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى الْمِائَتَيْنِ أهل الحرج والحرب» (د) .
ونقلت من خطه: [الطويل]
تَغَرَّبْتُ عَنْ أَهْلِي مَخَافَةَ شَامِتٍ ... إِلَى بَلَدٍ قَفْرٍ بَعِيدِ الْمَوَارِدِ
وَهَانَ عَلِيَّ الْمَوْتُ مِمَّا لَقِيتُهُ ... عَلَيْكَ بِحُسْنِ الصَّبْرِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ
«سَمِعْتُ صَدْرَ الدِّينِ السَّمْعَانِيَّ (14) يَقُول: «مُوسَى صَاحِبُ مِيقَاتٍ،(1/52)
وَنَبِيُّنَا صَاحِبُ أَوْقَاتٍ، فَقِيلَ لِمُوسَى خُذِ اللَّوْحَ، وقيل لنبيّنا خذ العفو» (ذ) .
وَجَدْتُ عَلَى آخِرِ صَفْحَةٍ مِنْ جُزْءٍ مِنْ آخر «المهذّب» (ر) : «ولد أميري بن بختيار ابن خِلِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
/ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَمِيرِيُّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- النِّصْفَ مِنْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ أربع عشرة وستمائة، وَدُفِنَ بِالْمَقْبَرَةِ الْعَامَّةِ شَرْقِيِّ إِرْبِلَ وَأَلْحَدَهُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ وَنَزَلَ إِلَى قَبْرِهِ، وبنى عليه (ز) أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِصْطَفَانَ (15) ، وَقُدِّمَ لِلصَّلَاةِ عليه أبو أسحق إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَارَانِيُّ (16)
10- الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ [ ... - الْقَرْنَ السَّادَسَ]
هُوَ أَبُو عَبْدِ الله الحسين (1) بن باخل (أ) المعروف ببير حسين (ب) ، أشنهي المولد والمنشأ، كان يتغدّا طعاما (ت) قَارِئًا لِلْقُرْآنِ. وَرَدَ إِرْبِلَ، وَكَانَ مُقِيمًا بِقُبَّةٍ (ث) فِي دَارِ الْقَاضِي أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنَعَةَ (2) ، رَأَيْتُهُ بِهَا. وَكَانَ لَهُ عِدَّةُ حَجَّاتٍ، فَحَجَّ فِي آخِرِهَا، فَيُقَالُ إِنَّهُ لَمَّا بَلَغَ جَبَلَ حُمْرِينَ (3) نَزَلَ لِيُرِيَق الْمَاءَ، سَبَقَهُ أَهْلُ الْقَافِلَةِ، فَيُقَالُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ المكاري (ج) قَتَلَهُ، وَيُقَالُ بَلْ أَكَلَهُ بَعْضُ السِّبَاعِ، فَلَمْ يُوقَفْ لَهُ عَلَى أَثَرٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا خَبَرٍ. وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَمِيرِيُّ بْنُ بَخْتِيَارَ أَنَّهُ كَانَ زَوْجَ عَمَّتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ صَالِحًا، وكان يدعى «بير حسين» . وأخبرني أنه صحب باخلا هذا (ح) وَهُوَ صَغِيرٌ، خَدَمَهُ مُدَّةً، وَكَانَ صَاحِبَ كَرَامَاتٍ.
11- الشَّيْخُ عَلِيُّ ابْنُ الْهِيتِيِّ [444- 564 هـ]
هُوَ أَبُو الحسن علي ابن أَبِي نَصْر الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْهِيتِيِّ (1) ، هِيتِيُّ الْأَصْل(1/53)
زِيرَانِيُّ الْمَنْشَأ. أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَقَامَ بِهَا، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ/ الصَّالِحِينَ، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ وَرَبَّ مَقَامَاتٍ، مِنْ أَصْحَابَ تَاجِ الْعَارِفِينَ أَبِي الْوَفَاءِ الْحُلْوَانِيِّ (2) حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ- أَبْقَاهُ اللَّهُ- قال: كان علي ابن الْهِيتِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- يَلْبَسُ الْخَشِنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَكَانَ يَلُفُّ عَلَى رْأَسِهِ قِطْعَةً مِنْ خَامٍ، وَلَمْ يُرَ قَطُّ مُضْطَجِعًا، إِنَّمَا كَانَ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ جَعَلَ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ تَصْفِيقَةً أَوْ تَصْفِيقَتَيْنِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَضَعُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَحَدَّثَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: كَانَ فِي كُلِّ ليلة لا بدّ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا يَسِيرًا وَلَوْ أَنَّهُ لُقْمَةٌ وَاحِدَةً، وَكَانَ لَهُ خَادِمٌ قَدْ عَرَفَ ذَلِكَ، فَكَانَ يَدَّخِرُ لَهُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَطْلُبَهُ. فَاسْتَدْعَاهُ وَأَصْحَابَهُ بَعْضَ الْأَيَّامِ إِنْسَانٌ إِلَى مَنْزِلِهِ- وَسَمَّاهُ- وَأَقَامُوا فِي السَّمَاعِ إِلَى أَنْ يُقَوِّضَ اللَّيْلُ، وَأَخَذَ أَصْحَابَهُ فِي النَّوْمِ فَأَغْفَوْا، وَجَعَلَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ صَاحَ بِخَادِمِهِ: «الْحَقْنِي بِكِسْرَةِ خُبْزٍ» . فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْء، فَمَضَى إِلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَأَنْبَهَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ خُبْزًا، فَأَخْرَجَ لَهُ خُبْزًا كَثِيرًا وَتَمْرًا، فَأَخَذَ الشَّيْخُ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَكَلَهَا، وَانْتَبَهَ أَصْحَابُهُ فَأَتَوْا عَلَى جميع ذلك كله (أ) .
وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ، قال: حدثني (ب) شَيْخُنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَلَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ (3) مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ (4) ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَوَالِدِي (5) إِلَى زيارة (ت) الشَّيْخِ عَلِيِّ ابْنِ الْهِيتِيِّ، فَرَأَيْنَاهُ يُصَلِّي، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: «مَا هَذَا إِلَّا شَيْخٌ كَبِيرٌ، أَتَرَى لَهُ سَمَاعٌ؟» ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «لَسْتُ بِالْكَبِيرِ- كَمَا قُلْتَ- وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا» . فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا وَاجِمًا. / وكان من قبل (ب) أَنْ أَزُورَهُ تَلَكَّأْتُ فِي زِيَارَتِهِ، فَقَالَ لِي أَبِي: «لَا تَعُدْ بَعْدَهَا تُنْكِرُ كَرَامَاتِ الْأَوَّليَاءِ» . أَوْ كَمَا قَالَ. وَهُوَ مَدْفُونٌ بِزَرِيرَانَ (6) وَقَبْرُهُ يُحَجُّ إِلَى الْآنَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ سِيَّمَا زمن الحاج.
قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ الْبَوَازِيجِيُّ (7) ؛ لَمَّا قَدِمَ الشَّيْخُ عَلِيُّ(1/54)
ابْنُ الْهِيتِيِّ إِلَى إِرْبِلَ اتَّفَقْتُ أَنَا وَالشَّيْخُ دَاوُدُ (8) عَلَى زِيَارَتِهِ، فَقَالَ دَاوُدُ وَقَد قَالُوا عَنْهُ إِنَّهُ يُخْبَرُ بِالْمُغَّيبَاتِ، فَإِنْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُ النَّاسُ، فَهُوَ يَدْعُو لِوَلَدِي الْغَائِبِ بِالسَّلَامَةِ، فَقَلْبِي خَائِفٌ عَلَيْهِ- وَكَانَ نَازِلًا فِي دَرْبِ الْمَنَارَةِ (9) -. فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ دَاوُدُ فَقَبَّلَ يَدَهُ، فَقَالَ: أَهْلًا بِالشَّيْخِ، كَتَبَ اللَّهُ سَلَامَةَ وَلَدِكَ. وَقَبَّلْتُ بَعْدَهُ يَدَهُ، فَقَالَ: «قُلْ لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلّا الله» (ث) صَدَقْتَ. قَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَكُنْتُ قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ لِدَاوُدَ لَمَّا قَالَ لِي مَا قَالَ فِي الطَّرِيقِ، فَاسْتَحْيَيْتُ وَبَكَيْتُ.
12- أَبُو الحسن علي ابن الْقَاضِي ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 596 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ (1) الْبُوهْرَزِيُّ، مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْعِرَاقِ تُسَمَّى «بُوهْرَزَ» (2) وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْقَاضِي، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ الْهِيتِيِّ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ أَوْ سِتٍّ، فِي رَجَبٍ مِنْهَا، وَنَزَلَ بِالزَّاوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِسُكْنَى أَبِي بَكْرٍ الْأَوَانِيِّ (3) . وَذُكِرَ أَنَّ لَهُ إِجَازَةً مِنَ الشَّرِيفِ الْعَبَّاسِيّ الْمَكِّيِّ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ (4) - رَحِمَهُ اللَّهُ- فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ رِوَايَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ شَيْخًا مُغَفَّلًا فَتَرَكْتُ الرِّوَايَةَ عنه (أ) .
حَدَّثَنَا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِطَرِيقِ خُرَاسَانَ (5) رَجُلٌ/ يُسَمَّى سِنْجَارًا لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ يَأْكُلُ فِيهِ أَلْفَ رَطْلٍ، وَهَذَا الرَّجُلُ مَشْهُورُ الِاسْمِ وَالْأَكْلَةِ، وَلِهَذَا عَرَضْتُ بِذِكْرِهِ. فَقَالَ الشَّيْخُ أبو الحسن ابن الْقَاضِي: إِنَّهُ بَاتَ عِنْدِي لَيْلَةً وَقَد تَعَشَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ، قَالَ: قَدْ جُعْتُ، فَقُلْتُ: عِنْدَكَ فِي الْعُلْبَةِ رُطَبٌ- وَكَانَ قَدْ جَنَيْنَا مِنْ نَخْلِ الرِّبَاطِ نَحْوًا مِنْ تِسْعِمِائَةِ رَطْلٍ- أَوْ كَمَا قَالَ، فَأَكَلَهَا، ثم قال: أنا جائع، قال: فَقُلْتُ لَهُ كُلْ مِنَ الرَّطَبِ، فَقَالَ:
قَدْ أكلته. ففقدت العلبة (ب) وَقَدْ أَكَلَهُ بِنَوَاهُ، وَهُوَ يَصِيحُ الْجُوعُ، ثُمَّ تَمَّمَ أَكْلَهُ بِطِينِ الْحَائِطِ. وَكَانَ فِي بَاقِي الْأَيَّام يَأْكُلُ كَمَا يَأْكُلُ النَّاسُ. وَقَدْ سَمِعْتُ ذلك من غير واحد، إلّا أن (ت) هَذَا الشَّيْخَ قَالَ: شَاهَدْتُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(1/55)
فَمِمَّا حَدَّثَنِي بِهِ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بقاء بن (6) بطويه (ز) مِنْ نَهْرِ الْمَلِكِ (7) قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى الله عليه وسلم- في المنام (ث) يُعَلِّمُنِي هَذَهِ الْكَلِمَاتِ وَهِيَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْمَالِك، سبحان مالك الملك، سبحان المنجي والمهلك (ج) ، سُبْحَانَ مَنْ وَجْهُهُ بَاقٍ وَكُلِّ شَيْء هَالِكٌ» (ح) .
وأنشدني من لفظه: (الوافر)
أَمِنْ يَوْمَيْنِ غَيَّرَكَ الصُّدُودُ ... فَكَيْفَ إِذَا تَقَادَمَتِ العهود؟
ثكلت هوى يغيّره الليالي ... وحبّا ما يبيد ولا يزيد (خ)
كَذَا أَنْشَدَهُ عَلَى مَا تَرَاهُ. وَأَنْشَدَنَا عَنْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ- وَلَمْ يُسَمِّهِ- وَكَانَ نَامَ تَحْت مِيلٍ مِنْ أَمْيَالِ مَكَّةَ (د) وإذا سائل وقف به وأنشد:
[الهزج]
هَبِ الدُّنْيَا تُوَاتِيكَا ... أَلَيْسَ الْمَوْتُ يَأْتِيكَا؟
وَمَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا ... وَظِلُّ الْمِيلِ يَكْفِيكَا؟
/ وَلَا تَأْسَ عَلَى الدُّنْيَا ... وَخَلِّيهَا لِشَانِيكَا
كَمَا أَضْحَكَكَ الدَّهْرُ ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُبْكِيكَا
وَأَجَازَ لِي جَمِيعَ مَا يَجُوزُ لِي رِوَايَتُهُ عَنْهُ. وَذُكِرَ أَنَّ لَهُ من ابن ناصر (ذ) إجازة والله أعلم. وأثبتّ بما على (ر) مَا ذَكَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ. وَكَانَ صَوَابُ الْبَيْتِ الدَّالِيِّ:
وَكُلُّ هَوًى تُغَيِّرُهُ اللَّيَالِي ... وَحُبُّكَ لا يبيد بلى يزيد (خ)
13- الشَّيْخُ الْعَدْلُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ (532- 625 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ أبي السّنان (1) الشاهد العدل (أ) مَنْ أَكَابِرِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ الْمَشْهُورِينَ، فِيهِ فَضْلٌ(1/56)
وعنده أدب، مشهور بكتابة الشروط (ب) وَجَوْدَةِ عِبَارَتِهَا. سَمِعَ الْحَدِيثَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَلَقِيَ الْمَشَايِخَ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ (2) وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ الْبَغْدَادِيِّ (3) ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ يَحْيَى (ت) بْنِ تَمَّامٍ الْقُرْطُبِيِّ (4) وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ الموصل. كان يعزى إلى النخعي (ث) مِنْ أَوْلَادِ الْأَشْتَرِ (5) . وَرَدَ إِرْبِلَ رَسُولًا مِنْ أتابك (ج) أَبِي الْحَارِثِ أَرْسِلَانَ شَاهِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَوْدُودِ بْنِ زِنْكِيٍّ (6) صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، إِلَى الْفَقِيرِ إلى الله- تعالى- أبي سعيد كوكبوري بن عَلِيِّ بْنِ بُكْتُكِينَ. وَوَرَدَ إِرْبِلَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- قَبْلَ ذَلِكَ.
وَمِنْ حَدِيثِهِ، مَا أَخْبَرَنِي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْمَوْصِلِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سنة ست وتسعين وخمسمائة، قال: قرىء عَلَى أَبِي سَعِيدٍ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُطِيعٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمِصْرِيُّ (7) ، /حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْكَوْكَبِيُّ (8) سَنَةَ ست عشرة وأربعمائة، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ (9) ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكِشِّيُّ (10) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ (11) ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» . قُلْتُ: أنصره (ح) مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَرُدُّهُ عَنِ الظلم، فإنّ ذلك نصرة منك له» . (خ)
وبهذا الاسناد قال: أنشدنا أبو القاسم (د) أَنْشَدَنَا أَبُو خَلِيفَةَ (12) قَالَ:
أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ (13) لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (14) بْنِ عَبْدِ الله بن جعفر:
[الوافر]
أَرَى نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى أُمُورٍ ... يُقَصِّرُ دُونَ مَبْلَغِهِنَّ مَالِي
فَنَفْسِي لَا تُطَاوُعُنِي بِبُخْلٍ ... وَمَالِي لا يبلّغني فعالي (ذ)(1/57)
وَرُوِّينَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
فَنَفْسِي لَا تُطَاوِعُنِي بِبُخْلٍ ... وَلَا مَالِي يَدُومُ عَلَى فِعَالِي
وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْعَدْل أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحسن؛ قال: أخبرني عبد اللطيف ابن أَبِي سَعْدٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدَوَيْهِ (15) الْحَافِظُ، قَالَ:
حدثنا محمد بن محمد بن عمرو ابن زِيدَ (16) ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ (17) يَقُول: كَتَبَ الْأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ (18) عَلَى قبر أخيه: (الطويل)
بُكَائِي طَوِيلٌ وَالدُّمُوعُ غَزِيرَةٌ ... وَأَنْتَ بَعِيدٌ وَالْمَزَارُ قَرِيبُ
نَسِيبُكَ مَنْ أَمْسَى يُنَاجِيكَ طَرْفَةً ... وَلَيْسَ لِمَنْ وَارَى التُّرَابُ نَسِيبُ
غَرِيبٌ وَأَطْرَافُ الْبُيُوتِ تَحُوطُهُ ... أَلَا كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ غَرِيبُ
/ وانشدني- أبقاه الله- لأبي الفرج ابن أسعد الموصلي (19) (الكامل)
عَيْنَاكَ عُقْلَةُ كُلِّ سَابِحْ ... سَبَبُ الْجَوَى بَيْنَ (ر) الْجَوَانِحْ
أَحَبَائِلٌ أَمْ مُقْلَةٌ ... أَجَوَارِحٌ هِيَ أُمُّ جوارح؟
ما كلّ ما تهوى النفو ... س وَجُلُّ مُقْتَرَحِ الْقَرَائِحْ
كَمْ فِي عِذَارِكَ إِذْ بَدَا ... عُذْرًا إِلَى اللَّاحِينَ لَائِحْ
وَمِنْهَا:
وَتَضِيعُ إلّا في كما ... ل الدين تنضيد المدائح (ز)
سَمْحٌ إِذَا كَلَّفْتَهُ ... تَرَكَ السَّمَاحَةَ لَمْ يُسَامِحْ
وأنشدني، قال: أنشدني الآلوسي (20) لنفسه: [البسط]
أَضْحَتْ دِيَارَ كَمَالِ الدِّينِ (21) نَازِحَةً ... عَنْكُمْ فَغَالَبَكُمْ فِي صَفْوِهِ الْقَدَرُ
أَمَا اشْتَفَتْ سَوْدَةُ الْأَقْدَارِ مِنْ فَلَكٍ ... نَأَتْ بِهِ الشَّمْسُ حَتَّى يُخْسَفَ القمر (س)(1/58)
وَأَنْشَدَنَا- أَيَّدَهُ اللَّهُ- لِعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْبَدَوِيِّ المعلّم (22) : (الكامل)
كلّ أتى وشفيعه عمر (ش) ... يَبْغِي نِدَاكَ فَنَالَ مَا طَلَبَا
وَأَتَيْتُ يَشْفَعُ لي إليك أبو السّب ... طين (ص) فَانْظُرْ خَيْرَنَا سَبَبًا «2»
وَأَنْشَدَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَنْشَدَنِي صَدَقَةُ الْكَتْبِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (23) لِابْنِ دِنْدَانٍ الْآمِدِيُّ (24) ، قال صدقة وأنشدنيها ابن ندان لنفسه: (الطويل)
أبرق على تيماء (ض) هُزَّتْ صَوَارِحُهْ ... أَمِ الثَّغْرُ مِنْ لَمْيَاءَ أَوْمَضَ باسمه (ط)
وَمِنْهَا:
فَيَا بَرْدَهَا مِنْ نَفْحَةٍ حَاجِزِيَّةٍ ... عَلَى حَرِّ صَدْرٍ لَيْسَ تَخْبُو سَمَائِمُهْ
وَيَا حُسْنَهُ طَيْفًا وَشَى نُورُ وَجْهِهِ ... بِطَيْفِي فَغَطَّانِي مِنَ الشّعر (ظ) فَاحِمُهْ
يَجُولُ وِشَاحَاهُ عَلَى غُصْنِ بَانَةٍ ... سَقَاهَا الْحَيَا فَاخْضَرَّ وَاهْتَزَّ نَاعِمُهْ
/ وَأَفْعَمَ حَتَّى غَاصَ في الزّند قلبه (ع) ... وَأَرْهَفَ حَتَّى جَالَ فِي الْخِصْرِ خَاتِمُهْ
فَلَمَّا رَمَى فِي شَمْلِنَا الصُّبْحُ بِالنَّوَى ... وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ مَغْنًى أُلَازِمُهْ
وَقَفْتُ بِحُزْوَى (25) وَهْيَ مِنْهَا مَعَالِمُ ... قَوَاءٌ وَجِسْمِي قَدْ تَعَفَّتْ مَعَالِمُهْ
وُقُوفَ بَنَانِي فِي يَمِينِي وَلَمْ أَقِفْ ... وُقُوفَ شحيح ضاع في الترب خاتمه (غ)
وَلَمْ يُبْقِ لِي رَسْمًا بِجِسْمٍ صُدُودُهَا ... فَيُشْجِي بدمعي كلّما انهلّ طاسمه (ف)
وَلَا مُقْلَةً أْبَقَتْ فَتَغْرَمَ نَظْرَةً ... بِثَانِيَةٍ وَالْمُتْلِفُ الشيء غارمه (ق)
فلله وجدي في (ظ) الرِّكَابِ كَأَنَّهُ ... دُمُوعِي وَقَدْ حَنَّتْ بِلَيْلٍ رَوَازِمُهْ (ك)(1/59)
وَقَدْ مَدَّ مِنْ كَفِّ الثُّرَيَّا هِلَالُهَا ... فَقَبَّلْتُهُ حتى تهاوت مناظمه (ل)
وَمِنْهَا:
أَلَا أَيُّهَا الْقَلْبُ الَّذِي لَاعَجَ الْأَسَى ... يُعَاقِرُهُ وَالنَّيِّرَاتُ تُنَادِمُهْ
أَفِقْ قَدْ أَفَاقَ الْوَاجِدُونَ مِنَ الْهَوَى ... وَوَجْدُكَ بَادٍ مَا تَجَلَّتْ غَمَائِمُهْ
تحنّ إليه حنّة النّيب (م) كُلَّمَا ... تَثَنِّي غَضَا نَجْدٍ وَغَنَّتْ حَمَائِمُهْ
كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ بِصَبٍّ مُتَيَّمٍ ... يُصَادِمُ مِنْ خِلَّانِهِ مَنْ يُصَادِمُهْ
وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَنْهَاهُ يَا قلب عن هوى ... نهاه (ن) وَمَنْ يُثْنِيهِ بِاللَّوْمِ لَائِمُهْ
عِدَمْتُكَ قَلْبًا كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ هَوَى ... هَوَاهُ أَبَتْ إِلَّا اشْتِدَادًا همائمه (و)
إلى أن يرى مثل اللّوى (هـ) بِجُفُونِهِ ... وَجِسْمِي سَوَاءٌ لَمْ يَجُرْ فِيهِ قَاسِمُهْ
ستبلغ بي خيل ابن شيبان (لا) دارها ... إذا شرّفتني في العطايا سواهمه (ى)
وَتَنْقُلُ شُكْرِي عَنْ ذُرَاهُ هُنَيْدَةٌ ... تُكَمِّلُهَا لِي بالإفال مراسمه (أأ)
من القوم لو لم يسفح المسك وطوهم (أب) ... عَلَى التُّرْبِ لَمْ يَخْلَقْ مِنَ الطِّينِ آدَمُهْ
وَلَوْ لَمْ يَطِبْ نَشْرُ الثَّرَى مِنْ ثِيَابِهِمْ ... فَيَعْطُرُ مِنْهُ الْجَوُّ مَا عَاشَ عَالِمُهْ
/ وَلَقِيَتُ صَدَقَةَ الْكُتُبِيَّ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ. وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي النَّقِيبُ مَجْدُ الدِّينِ (26) وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ رَجُلٌ شَرِيكٌ بَصْرِيٌّ ثَقِيلٌ- وَأَرَانِيهِ بِبَابِ دَارِ أَخِيهِ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ زيد (27) ، وقد حضرنا لسماع (أت) جُزْءِ ابْنِ مُحَمَّى (28) عَلَيْهِ- قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أَنْشُدُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُهُمَا فإذا هما: (الرجز)
مَنْ مُبْلِغُ الْبَصْرِيِّ قَوْلَ امْرِئٍ ... فِي خَلْقِهِ أَصْبَحَ حَيْرَانًا
كَيْفَ بَرَاكَ اللَّهُ مِنْ خَرْيَةٍ ... مَمْطُورَةٍ سَوْدَاءَ إِنْسَانًا؟!
وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أبي السِّنَانِ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَنْشَدَنِي صَدَقَةُ الْكُتُبِيُّ لِابْنِ دِنْدَانٍ، وَسَمِعَهَا صَدَقَةُ مِنِ ابْنِ دِنْدَانَ: (المتقارب) :(1/60)
يَدٌ تُخْجِلُ الْمُزْنَ يَوْمَ النَّوَالْ ... فَمَا يُنْكِرُ الخلق أفضالها
ثناها عن (أث) الْقُبْحِ رَبُّ الْعِبَادْ ... فَمَا يَدْخُلُ الذَّمُّ أَفْعَالَهَا
وَلَوْ قِيلَ قُلْ: لَا، لِأَكْفَى الْكُفَاةْ ... وَأَنْتَ الْمُخَلَّدُ مَا قَالَهَا
وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ لِعَبْدِ (أع) الرَّحِيمِ الْبَدَوِيِّ الْمُعَلِّمِ، وَأَظُنُّهُ قَالَ لِي:
إِنِّي سَمِعْتُهَا مِنْهُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ أولهما (أج) : «كُلٌّ أَتَى وَشَفِيعُهُ عُمَرُ» يَقُولُهَا لِلْوَزِيرِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِي (29) وَأَرَادَ بِعُمَرَ، عمر بن محمد الملّاء (30) الموصلي (أح) .
وأنشدنا أبو محمد: (الرمل)
أَغَلَا الْقِرْطَاسُ أَمْ قَدْ أَصْبَحَتْ ... بَعْدَ سُعْدَى (أخ) أَحْبُلُ الْوَصْلِ جُذَاذًا
لَيْسَ إِلَّا عَنْ قِلًى أو ملل ... قطع أخبارك وإلّا، (أد) فلماذا؟
أخذ الأول من ابن الروي (31) : (الطويل)
/ تُرَى حُرِّمَتْ كُتْبُ الْأَخِلَّاءِ بَيْنَنَا ... أَبِنْ لِي أَمِ الْقِرْطَاسَ أَصْبَحَ غَالِيًا؟
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بن أبي السّنان يدعى «ابن الحدوس» (أذ) وَبِهَذَا الِاسْمِ يُعْرَفُونَ. وَهُوَ خِفَيفُ الْعَارِضَيْنِ صِغَيرُ اللَّحْيَةِ، وَلَهُ أَخٌ كَثُّ الْعَارِضَيْنِ كَثِيرُ اللِّحْيَةِ، يُسَمَّى أَبَا الْبَرَكَاتِ عَلِيًّا (32) ، فَكَانَ إِذَا سَمِعَ أَخَاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ كَتَبَ فِي نَسَبِهِ «ابْنَ أَبِي السِّنَانِ» ، يَقُول: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ فِي نَسَبِنَا هَذَا الِاسْمَ. وَمِمَّا أَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوَاصِلَةِ عَنْ أَخِيهِ يَذْكُرُ ذَلِكَ قَوْله: (الطويل)
أَنَا ذَقَنِي ذَقَنُ الْعَوَامِ وَلَكِنْ ... أَخِي الشَّيْخُ ذقنه ذقن تركي (أر)
وقوله: (المنسرح) .
أَنَا الْحَدَوْسُ الْبَقَالُ جَدِّي ... كُنِ ابْنَ مَنْ شئت (أز) في الزّمان(1/61)
مَا كَانَ فِي أَصْلِنَا سِنَانٌ ... كَلَّا وَلَا صَارِمٌ يَمَانِ
أَنَا أَخُوكَ الْكَبِيرُ قُلْ لِي ... مَنْ كَانَ هَذَا «أَبُو السِّنَانِ» ؟!
وَسَأَلْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَنْ مَوَلَده، فَقَالَ: وُلِدْتُ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ.
أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ بِالْمَوْصِلِ بَدِيهَةً:
(الكامل)
مَا كَانَ تَرْكِي ضَمَّهُ وَعِنَاقَهُ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ تَجَنُّبًا وَمَلَالًا
لَكِنَّنِي أَعْظَمْتُهُ لَمَّا بَدَا ... فَتَرَكْتُ ذَاكَ لِقَدْرِهِ إِجْلَالًا
وَأَنْشَدَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ- لِنَفْسِهِ بَدِيهَةً فِي النَّقِيبِ شَرَفِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ زيد، وكان مريضا ودخل عليه يعوده: (البسيط)
مَوْلَايَ يَا شَرَفَ الدِّينِ الَّذِي شَهِدَتْ ... بَفَضْلِهِ مُحْكَمُ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ
وَهَذَا مِثْلُ قَوْل جَرِيرٍ (33) : (الكامل)
/ لمّا أتى خبر الزبير (أس) تَهَدَّمَتْ ... سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ
****
وَيَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَحَدٌ ... أَحَقُّ مِنْكَ بتفضيل على البشر (أش)
وَمَنْ سَحَائِبُ كَفَّيْهِ إِذَا هَطَلَتْ ... تَنُوبُ فِي الجدب عن مثعنجر المطر (أص)
وَمَنْ إِذَا رُمْتَ إِحْصَاءَ مَنَاقِبِهِ ... أَدَّى بِيَ الأمر (أض) عن عجز إلى حصر (أط)
حَاشَى لِمَجْدِكَ مِنْ شَكْوَى تُعَادِلُهَا ... يَا مَنْ تُشَكِّيهِ فِي سَمْعِي وَفِي بَصَرِي
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، وعمله ارتجالا: (المنسرح)
كَيْفَ يُهَنَّى بِيَوْمِ عِيدٍ ... مَنْ هُوَ عِيدٌ لِكُلِّ يَوْمٍ
أَخْبَرَنِي الْمُعَافَى (34) ابْنُ عَمِّهِ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ(1/62)
الآخر سنة خمس وعشرين وستمائة بِالْمَوْصِلِ، وَدُفِنَ بِهَا.
14- أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَمَّاسٍ الْخَزْرَجِيُّ (524- 600 هـ)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَمَّاسِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ (1) بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَمَّاسٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ نَسَبِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ بِخَطِّهِ فِي مَوَاضِعِ نَسَبِهِ مَوْصُولًا، وهو عمر بن شماس بن علي ابن مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ نَاصِرِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ بْنِ مَكْتُومِ بن هيثم ابن قَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ شَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَمَّاسِ بْنِ الشَّريدِ، وَكَانَ يُدْعَى «بِابْنِ سَاقِي الْعَسَلِ» ، وَقِيلَ «ابْنُ سَاقِي الْمَاءِ» ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَقَى النَّاسَ الْمَاءَ بِمَكَّةَ. شَاهِدُ عَدْلٍ مَشْهُورٌ مُقَدَّمٌ مَذْكُورٌ، صَحِبَ أَبَا مَنْصُورٍ قَايِمَازَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَادِمَ (2) الزَّيْنِيَّ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ- مُدَّةً. كَانَ يَكْتُبُ الشُّرُوطَ بِالْمَوْصِلِ بِالْأَجْرِ، لَهُ تَوَالِيفُ عِدَّةٌ، مِنْهَا «كِتَابُ الْحَمَاسَةِ» (4) /وَقَصِيدَةٌ مُزْدَوِجَةٌ (4) طَوِيلَةٌ يَذْكُرُ فِيهَا التَّارِيخَ مُذْ آدَمُ إِلَى زَمَنِ هَذَا الْإِمَامِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- (5) ، أَنْشَدَنِي جُمْلَةً مِنْهَا عَنْهُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد الخطيب (6) ورأيتها (أ) بِخَطِّهِ، سَلَكَ فِيهَا طَرِيقَ عَلِيِّ بْنِ الْجَهْمِ (7) وَلَهُ أَشْعَارٌ سَتَقِفُ مِنْهَا عَلَى مَا أُثْبِتُهُ لَكَ. سَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الحسين بن نصر بن محمد بن خميس الْمَوْصِلِيِّ (8) ، وَأَخَذَ عَنْهُ «كِتَابَ إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ» عن أبي حامد مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَزَالِيِّ مُؤَلِّفِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ غَيْرَهُ عَنْ غَيْرِهِ.
أَنْشَدَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَمَّاسٍ لِنَفْسِهِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ بَنَى مَسْجِدًا بِالْمَوْصِلِ، وَكَتَبَهُ على بعض حيطانه: (الطويل)
يَمِينًا بِمَنْ طَافَ الْحَجِيجُ بَبَيْتِهِ ... وَعَقْدِهُمُ الْإِحْرَامَ مِنْ بَعْدِ حِلِّهِ
لَقَدْ شِدْتُ هَذَا مِنْ حَلَالٍ فَلَا تَقُلْ: ... بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ مِنْ غير حلّه
أراد قوله: (الطويل)(1/63)
بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ... فَكَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرَ مُوَفَّقِ
كَمُطْعِمَةِ الرُّمَّانَ مِنْ كَسْبِ فَرْجِهَا ... فَدَيْتُكِ لَا تَزْنِي وَلَا تَتَصَدَّقِي
وَحَدَّثَنِي أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ، قَالَ: لَمَّا بَنَى عَلِيٌّ وَالِي الْمَوْصِلِ (9) مَسْجِدَهُ بِظَاهِرِ الْمَوْصِلِ (10) ، كَتَبَ بَعْضَ الْمَوَاصِلَةِ عَلَى بَعْضِ حيطانه البيتين (ب) .
وأنشدني لنفسه: (الخفيف)
إِنْ تُرِدْ جُنَّةً مِنَ الْآلَامِ ... وَمُجَنًا مِنْ مصميات الحمام
فأحذر الشّرب بعد عدوك والبا ... ءة والانتباذ (ت) في الحمّام
/ وأنشدني لنفسه: (مجزوء الكامل)
كُنْ فِي احْتِمَالِكَ لِلْأَذَى ... كَالْأَرْضِ تَحْظَ وَتُشْكَرُ
طَوْرًا تُدَاسُ وَتَارَةً ... بِشَبَا الْمَعَاوِلُ تُحْفَرُ
وَبِقَدْرِ ما يلقى علي ... ها من سماد تزهر (ث)
عَطَفَ «تَشْكُرُ» مَرْفُوعًا عَلَى «تَحْظَ» مَجْزُومًا، وَيَجُوزُ أن يكون (ج) وقال «السماد» بكسر السين، وهو بفتحها (ح) .
وأنشدنا لنفسه: (مجزوء الكامل)
لا تأيسنّ بأن تصي ... ر من الملائكة الكرام
فالتوث بالتّدريج أصب ... ح أَطْلَسًا بَيْنَ الْأَنَامِ
أَنْشَدَهُ «فَالتُّوثُ» بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَخِيرًا، وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، وَوَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ أَمَالِي أَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّاهِدِ (11) «يُقَالُ التُّوثُ وَالتُّوثُ بِالثَّاءِ قَدْ جَاءَ عن العرب» (خ) .(1/64)
وأنشدني لنفسه- رحمه الله-: (الكامل)
الغرس يأمل أن يشرّفه ... المولى بِشَيْءٍ مِنْ مَلَابِسِهِ
وَأَحَقُّ مَنْ يَكْسُو الْقَضِيبَ لِحًا ... فِي كُلِّ عَامٍ كَفُّ غَارِسِهِ
وَأَنْشَدَنِي لنفسه: (الخفيف)
قلت إذ جاءني كتاب صديق ... صادق في وُدَادِهِ وَالْإِخَاءِ
ذَاكِرًا أَنَّهُ اعْتَرَاهُ زُكَامٌ ... فِي شَبَابٍ مِنْ سِنِّهِ وَفِتَاءِ
قَلِّلِ النَّوْمَ مَا اسْتَطَعْتَ فَفِي ... الْإِكْثَارِ مِنْهُ أَذًى بِأَهْلِ الْهَوَاءِ
وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَنَامَ فَحَاذِرْ ... أَنْ تُرَى نائما على الحلواء
واهجر اللّحم....... ... .............. (د)
/ والغذاء الحميد ماء شعير ... ثم يتلى بالماش والدّباء (ذ)
لَمْ يُعْلَقْ حِفْظِي مِنْهَا عِنْدَ إِنْشَادِهِ سِوَى مَا أَوْرَدْتُهُ وَأُنْسِيتُ الْبَاقِي. أُخْبِرْتُ أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ.
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ مِنْ جُزَازَةٍ يَصِفُ النَّيْلُوْفَرَ بالبركة التي كانت بالقناة المهدّمة (ر) بِظَاهِرِ إِرْبِلَ، وَلَمْ يَكُنْ بُسْتَانٌ أَحْسَنَ مِنْ بستانها: (الطويل)
ونيلوفر (ز) مِثْلُ النُّجُومِ بِبِرْكَةٍ ... كَلُونِ السَّمَاءِ وَهِيَ مِنْ خصر عذب (س)
يَمِيلُ مَعَ الشَّمْسِ الْمُنِيرَةِ مِثْلَمَا ... تَمِيلُ عُيُونُ الْعَاشِقِينَ مَعَ الْحِبِّ
فَإِنْ هِيَ غَابَتْ نَكَّسَ الرَّأْسَ وَحْشَةً ... لَهَا وَانْكِسَارًا فِعْلَةَ الدَّنِفِ الصَّبِّ (ش)
وَأَحْسَبُهُ خَافَ الْمُشَاهِدَ فَاتَّقَى أَذَاهُ ... بِأَتْرَاسٍ مِنَ الورق الرّطب (ص)
وَلَوْ كَانَ يَدْرِي أَنَّهُ غَرْسُ مَالِك ... تَدِينُ لَهُ الْأَمْلَاكُ فِي الشَّرْق وَالْغَرْبِ
لَمَالَ إِلْيَهِ إِذْ هُوَ الشَّمْسُ فِي الدُّنَا ... وَلَمْ يَخْشَ مِنْ قَصْمٍ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ قَضْبٍ
فَتًى غَادَرَ الْبُسْتَانَ غَرْقَى بِإِرْبِلَ ... وَكَانَتْ قَدِيمًا مَعْطَشَ الأيم (أغ) والضبّ(1/65)
وَفِي ظَهْرِهَا بِغَيْرِ خَطِّهِ أَبْيَات الْحُسَيْنِ بْنِ علي الطغرائي (12) (الطويل)
وَنَيْلُوفَرٍ أَعْنَاقُهَا أَبَدًا صِفْرُ ... كَأَنَّ بِهَا كُرًا وَلَيْسَ بِهَا سُكْرُ
إِذَا انْفَتَحْت أَوْرَاقُهَا فَكَأَنَّهَا (ص) ... وَقَد ظَهَرَتْ أَلْوَانُهَا الْبِيضُ وَالصُّفْرُ
أَنَامِلُ صَبَّاغٍ صبغن بنيلة ... وراحته (ط) بَيْضَاءُ فِي وَسْطِهَا تِبْرُ
وَكَانَ شَيْخُنَا الْبَحْرَانِيُّ (13) أنشدنا لنفسه أبياتا في النيلوفر (يتفق) (ظ) مَعْنَاهَا وَهَذَا الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- إِلَّا أَنَّنِي لَا أَتَحَقَّقُهَا، وَكُنْتُ كَتَبْتُهَا عَنْهُ وَسَمِعْتُهَا مِنْهُ، فَقَدْتُهَا حِفْظًا وَكِتَابَةً. وَالْأَبْيَات الرَّائِيَّةُ لِلطُّغْرَائِيِّ وَجَدْتُهَا/ فِي بَعْضِ نُسَخِ دِيوَانِهِ (14) .
وَمِنْ أبياته المزدوجة (ع) ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ وَأَنْشَدَنِيهُ- وَأَكْثَرُهَا عَنْهُ- أَبُو عمرو عثمان بن عبد الله بن محمد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غِيَاثٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- أَوَّلُهَا:
(الرجز)
يَقُول رَهْنُ مَا جَنَى وَمَا اقْتَرَفْ ... مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَالسَّرَفْ
سَلِيلُ شَمَّاسٍ وَيُدْعَى بِالشَّرَفْ ... مَقَالَ مَنْ بِذَنْبِهِ قَدِ اعْتَرَفْ
بِسْمِ الَّذِي كَانَ وَلَا مَكَانُ ... وَلَا أَنَاسِيٌّ وَلَا جِنَّانُ
وَلَا سَعِيرٌ لَا وَلَا جِنانُ ... وَلَا ضَمِيرٌ لا ولا جنان
ولا ضباب (غ) لا ولا دخان ... ولا ضباب (غ) لا ولا نينان (ف)
ولا شقيق لا ولا حوذان (ق) ... وَلَا عَقِيقٌ لَا وَلَا مَرْجَانُ
أَقَوْل بَعْدَ حَمْدِ ذِي الْجَلَالِ ... وَخَالِقِ الْإِنْسَانِ مِنْ صَلْصَالِ
ثُمَّ الصَّلَاةِ عَدَدَ الرِّمَالِ ... عَلَى النَّبِيِّ الصَّادِقِ المَقَالِ
وَآلِهِ الْأَبْرَارِ خَيْرِ الْآلِ ... مَا ضَاعَ ريّا عبهر وصال (ك)
إِنِّي حَضَرْتُ خِدْمَةَ الْأَتَابِكِ ... الْمَلِكِ الْعَادِلِ خَيْرِ مَالِك (15)
مَسْعُودِ عِزِّ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعًا ... أَعْلَى الأنام محتدا وأرفعا(1/66)
أبلج يجلو سدفة (ل) الظَّلَامِ ... بِغُرَّةٍ كَالْبَدْرِ فِي التَّمَامِ
وَعَزْمَةٍ أَمْضَى مِنَ الْحُسَامِ ... أَنْفَذُ فِي الْآجَالِ مِنْ بَهْرَامِ (16)
تَخَالُهُ مُبْتَسِمًا وَمَا ابْتَسَمْ ... كَأَنَّمَا الْمُلُوكُ لَا وهو نعم
يسمو بقدر (م) كَمَسَاعِيهِ عَمَمْ ... إِذَا سَرَى أَوْ سَارَ فِي ظِلِّ الْعَلَمْ
عَلَا عَلَيْهِ مِثْلَمَا يَعْلُو الْعَلَمْ ... تَهْمَى سَجَايَاهُ بِعُقْيَانٍ وَدَمْ
طَابَتْ مَبَانِيهِ فَطَابَ لا جرم ... ما أخدج (ن) الدَّهْرَ بِهِ لَا بَلْ أَتَمْ
/ ثُمَّ كَثُرَ مَدْحُهُ، وَوَصَفَ فِيهَا أَوْصَافًا كَثِيرَةً، وَذَكَرَ أَنَّهُ أمر بعملها أبو منصور قايماز ابن عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ خَصِيصًا بِهِ، وَقَالَ:
فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنَ الْمُسَارَعَهْ ... إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَالْمُتَابَعَةْ
فَصُغْتُ نَظْمًا هَذَهِ الْأُرْجُوزَةْ ... غَيْرَ مُعَمَّاةٍ وَلَا مَلْغُوزَةْ
بَلْ لَفْظُهَا مُصَوَّرٌ فِي الذِّهْنِ ... يَدْخُلُ فِي الْأُذْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ
وَغَيْرَ بِدْعٍ إِنْ أَتَى فِي لَفْظِهَا ... رَكَاكَةٌ مَاسِخَةٌ فِي لَفْظِهَا
فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْأَسَامِي ... وَنَظْمُهَا صَعْبٌ على النظّام
إذ ليس يهطع (و) الْعَذُولُ مِنْهَا ... إِلَى سِوَاهَا مُسْتَعِيضًا عَنْهَا
فَإِنَّهُ يخلّ بالمقصود ... من غرض الكتاب والجهود (أف)
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ، وَأَتَى فِي التَّارِيخِ بآدم- عليه السلام- إلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ- خَلَّدَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ-، وَعَطَفَ ثَانِيَةً عَلَى مَدْحِ أَبِي الْمُظَفَّرِ مَسْعُودِ بْنِ مَوْدُودٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَخَتَمَهَا بِقَوْله:
وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْحَسَبُ ... الصَّمَدُ الْفَرْدُ الْقَدِيمُ الرَّبُّ
حَرَّرْتُهَا فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان ... عَامَ ثَلَاثٍ جِئْنَ فِي زَمَانِ
بَعْدَ ثَمَانِينَ وَخَمْسِ مِيَّهْ ... لِلْهِجْرَةِ الْعُظْمَى الْمُحَمَّدِيَّةْ
صَلَّى عَلَى صَاحِبِهَا الرَّحْمَنُ ... مَا كرّ دهر ورسا ثهلان (هـ)(1/67)
وهي طويلة تدخل في عدة كراريس.... (لا) وَوَجَدْتُ بِخَطِّهِ زِيَادَةً فِي الْأَبْيَات الَّتِي أَوَّلُهَا:
/ كُنْ فِي احْتِمَالِك لِلْأَذَى ... كَالْأَرْضِ تُهْدَ وَتُنَصْر (22)
وَبَعْدَهُ:
طَوْرًا تُدَاسُ وَتَارَةً ... بِشَبَا الْمَعَاوِلِ تُحْفَرُ
وعلى صحيفة وجهها ... يلقى السّماد فتصبر (أأ)
وبقدر ما يلقى عليها ... من سماد تزهر
وَبِصَبْرِهَا تُبْلِي جَمِي ... ع الدَّائِسِينَ وَتُقْبِرُ
وَنَقَلْتُ من خطه وشعره: (البسيط)
يَا مُحْيِيَ الدِّينِ يَا مَنْ عَمَّ نَائِلُهُ ... ولم يخب في الذي يرجوه سائله (أب)
قَالَ النَّبِيُّ- أَجَلُّ النَّاس قَاطِبَةً ... وَقَوْله الْحَقُّ-: «خير البر عاجله» (أث)
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ (أث) : «أَنْشَدَنِي مَخْدُومِي مُجَاهِد الدِّينِ قَايَمِازُ- عَزَّ نَصْرهُ- لبعض الأعراب في المنجنيق: (الرجز)
كَأَنَّهَا وَقَدْ بَنَاهَا النَّاسُ ... جِنِّيَّةٌ فِي رَأْسِهَا أمراس
لها غوار (أج) وَلَهَا شِمَاسُ ... يَخْرُجُ مِنْهَا الْحَجَرُ الكَبَّاسُ
لَا يسلم التّرس ولا التّراس ... ....... (أخ)
كذا بخطه «لها عوار» ......... (أخ) ووجدت في (أد) هذه الأبيات فيما بعد بخطه (أذ) فنقلتها على الوجه جميعها وهي: (الخفيف)(1/68)
قلت (أر) إذ جاءني كتاب صديق ... صادق في وداده وَالْإِخَاءِ
ذَاكِرًا أَنَّهُ اعْتَرَاهُ زُكَامٌ ... فِي شَبَابٍ مِنْ سِنِّهِ وَفِتَاءِ
قَلِّلِ النَّوْمَ مَا اسْتَطَعْتَ فَفِي ... الْإِكْثَارِ مِنْهُ أَذًى بِأَهْلِ الْهَوَاءِ
وَإِذَا مَا أَرَدْتَ نَوْمًا فَحَاذِرْ ... أَنْ تُرَى نَائِمًا عَلَى الْحَلْوَاءِ «2»
وَكُلِ الْبَاقِلَّاءَ فَمَا أَنْضَجَ ... طَبْخًا فجّ الهواء كالباقلاء (ع ع)
وحذار حذار من قربك اللحم ... ففي قربمه بِعَادُ الشِّفَاءِ
وَالسُّعُوطُ الَّذِي يُعَطِّسُ قَدْ ... يَنْفَعُ نَفْعًا مَا إِنْ بِهِ مِنْ خَفَاءِ
وَالْغَذَاءُ الحميد ماء شعير ... ثم يتلى بالماش والدباء (ذ)
كلّ هذا من بعد إخراجك الدّ ... م من الباسليق (أز) باستقصاء
والدواء الذي قد اختاره الف ... ساق ري من قرقف صهباء (أس)
ثُمَّ إِتْبَاعُ ذَلِكَ قَيْئًا ذَرِيعًا ... بَعْدَ شِبْعٍ مِنْ فَاتِرِ الشُّوربَاءِ
فَهْوَ يُنْقِي مَا حَلَّ فِي الصَّدْرِ ... وَالْمِعْدَةِ حَتَّى مَا حَلَّ فِي الأحشاء
فتدبّر بما ذكرت يويما ... ت (أش) وَكُنْ وَاثِقًا بِحُسْنِ الشِّفَاءِ
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: اجْتَازَنِي الْعَمِيدُ (17) ابْنُ الْأَوَانِيِّ(1/69)
(أص) وقد خلع عليه ورتّب عميد (أض) فقلت: (المجتث)
رَأَيْتُ نَجْلَ الْأَوَانِي ... فِي خِلْعَةٍ مُخْتَالًا
قَدْ رتّبوه عميدا ... يثمّر الأموالا
والناس طرا حوا ... ليه يهرعون عجالا
وأنفه فوق روقي ... هـ (أط) قَدْ تَرَامَى وَطَالَا
فَقُلْتُ: لَا تَتَدَانَى ... فَأَنْتَ ثَوْرٌ دِلَالَا
قَدْ رَتَّبُوكَ لِكَيْ ... مِنْكَ يَقْطَعُوا الْأَوْصَالَا
وَمِنْ تَصْنِيفِهِ «كِتَابُ التَّنْبِيهَاتِ عَلَى التَّشْبِيهَاتِ» ، عَمِلَ له مُقَدِّمَةً حَسَنَةً، أَشَارَ فِيهَا إِلَى أَنَّهُ جَمَعَ كِتَابًا مَبْسُوطًا اسْمُهُ «نَفَائِسُ الْأَنْفَاسِ/ لِعُمَرَ بْنِ شَمَّاسٍ» (18) ، وَإِنَّ مَنْ قَصُرَتْ هِمَّتُهُ عَنْ حِفْظِ مَا فِيهِ، فَلْيَجْعَلْ هَذَا الْمُخْتَصَرَ عِوَضًا عَنْهُ. وَقَدْ جَمَعَ فِيهِ أَوْصَافًا مُخْتَلِفَةً فِي كُلِّ فَنٍّ، مُسْتَجَادَةَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، وَفِي نسبته (أق) أشعاره إلى قائلها خلل.... (أظ) . قرأ «المقامات» (19) قراءة ضبط (أع) وَفَهْمٍ عَلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ صَاعِدٍ الْوَاسِطِيِّ (20) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
15- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ( ... - بعد سنة 523 هـ)
هو أبو بكر محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، فَقِيهٌ شَافِعِيُّ أَصْلُهُ مِنْ أُشْنَهَ. وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَقَامَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا تُدْعَى «كُوَيْرَانَ» (2) خَطِيبًا بِهَا، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ خَطِيبُهَا الْآنَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (3) . وَقَفْتُ عَلَى خَطِّهِ بِكِتَابِ «التَّذْكِرَةِ» عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيّ (4) - رَضِيَ اللَّهُ عنه- تأليف أبي الفضل عبد العزيز ابن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُشْنُهِيِّ (5) ، وَفَرَغَ مِنْهُ كِتَابَةً فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَهْرَ رَبِيعٍ الْآخَرِ من سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وبخطه (في) (ض) آخِرَ كِتَابِ «مُبْتَدَأِ الدُّنْيَا» (6) . «حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيه الفاضل(1/70)
أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عبد العزيز الأشنهي سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة- ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ أَعْمَارُ الْحَيَوانَاتِ وَتَسْبِيحَهَا في حديث طويل (أ) -» ، وَفِيهِ تَعَالِيقُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَمِنْهَا رَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (7) عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-: «خَمْسَةٌ يُقَسَّيْنَ الْقَلْبَ وَينَبِتْنَ النِّفَاقَ فِيهِ، كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الشَّجَرَ، اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ وَإتْيَانُ بَابِ السُّلْطَانِ، وَاللَّعِبُ بِالصَّوَالِجَةِ، وَطَلَبُ الصَّيْدِ/ وَرَمْيُ البندق» (ب) .
ومن خطه «الغرقد (ت) شجر النقر (ث) ، وهو المتعصب لليهود عند خروج الدجال ... (ج) واد هبط فيه آدم ... (ج) نوذ بالذال (ح) في جهنم بير يقال لها الهبهاب (خ) مقليوب صخرة ... (ج) فوطيقس بن صور بالفاء ...
(ج) ومنه فتى يقال له اداشير ... (ج) وقال الفقيه عبد العزيز الاشنهي- رحمه الله- أرديشين (د) الدُّرْدُورُ، فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ (8) هُوَ الدَّوَّارَةُ (ذ) الَّتِي تَكُونُ بِالْمَاءِ تُغْرِقُ مِنْ حَصَلَ فِيهَا من سفينة وغيرها (ر) . وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ وَكَلَامِهِ- رُحِمَ- «إِنَّ الْفِرَاقَ مرّ لا يذاق» : (الوافر)
سَمِعْتُ الْيَوْمَ أَنَّ غَدًا فِرَاقُ ... فَقُلْتُ دَمِي عَلَيْهِ إِذَنْ يُرَاقُ
فَلَا عَجْزٌ عَنِ الْبَلْوَى وَلَكِنْ ... قَضَاءُ اللَّهِ شَيْء لَا يُطَاقُ
وَمِنْ خطه وكلامه- رحمه الله-: (البسيط)
الْعِلْمُ كَنْزٌ وَذَخْرٌ لَا نَفَاذَ لَهُ ... نِعْمَ الْقَرِينُ إِذَا مَا عَاقِلٌ صَحبَا
يَا جَامِعَ الْعِلمِ نِعْمَ الذُّخْرُ تَجْمَعُهُ ... لَا تَعْدُلَنَّ بِهِ درا ولا ذهبا «2»(1/71)
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ- رَحِمَهُ الله- أَسْمَاءَ الْمُقْطَعِينِ لبيت كور (9) ، أولهم خلّ بن أَبِي الْحَسَنِ (10) ، ثُمَّ بَعْدَهُ أَخُوهُ مَرَوَانُ بْنُ أبي الحسن (11) ، ثم بعده أخوه كرّ (ز) بْنُ أَبِي الْحَسَنِ (12) ، ثُمَّ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ لُجَيْمِ بْنِ مُوسَكٍ (13) ، ثُمَّ بَعْدَهُ أَخُوهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ مُوسَكٍ (13) ثُمَّ بَنُو نَجْدَةَ (14) ، ثُمَّ الْحَاجِبُ وَسْوَانُ (15) ثُمَّ ابْنُ الْأَمِيرِ أَبُو الْحَسَنِ (16) ثُمَّ الْأَمِيرُ مُوسَكٍ (13) ثُمَّ الْقَاضِي الرَّشِيدُ (17) ، ثُمَّ مُحَمَّدٌ سَرْجٌ (18) ، ثُمَّ الْأَمِيرُ ابْنُ الْأَمِير سِنْدَمُرَ (18) ثم الامير فيرك (س) ، ثم الطواشي (ش) برنقش الزيني (ص) ، وَالْخَطِيبُ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بَعْدَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ (19) .
16-/ابْنُ الْأَرْدَخْلِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَمِيسَةَ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 590 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ علي (1) بن أحمد بن خميسة (أ) الْمَوْصِلِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْأَرْدَخْلِ، مِنْ أَصْحَابِ الزَّوَايَا الْمُنْقَطِعِينَ، مَوْصِلِيٌّ قَدِمَ إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. لَطِيفُ الْأَخْلَاقِ. عِنْدَهُ حُسْنُ مُعَاشَرَةٍ مَعَ دِينٍ. صَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا أَحْمَدَ ابْنَ الْحَدَّادِ (2) ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُثَنَّى الْخَطِيبُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَدَّادِ ... (ب) .
أَنْشَدَنِي- رَحِمَهُ اللَّهُ-، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ أَبُو أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَدَّادِ المقيم بالفضلية (ت) مِنْ وَلَايَةِ الْمَوْصِلِ، وَقَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ على الشيخ........... (ث) الْجَزَّارِ الْأَعْمَى الْمَوْصِلِيِّ (3) ، فَمَا كَانَ يَزَالُ فِي أكثر أوقاته (ج) بَلْ مَا انْفَصَلَتُ عَنْهُ يَوْمًا إِلَّا وَهُوَ ينشد: (الطويل)
إِلَهِي لَكَ الْفَضْلُ الَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ ... عَلَى نِعْمَةٍ مَا كُنْتُ قَطُّ لَهَا أَهْلًا(1/72)
إِذَا زِدْتُ تَقْصِيرًا تَزِيدُ كَرَامَةً ... كَأَنِّيَ بِالتَّقْصِيرِ أستوجب الفضلا «2»
وأنشدني- رحمه الله-: (الطويل)
هَوَيْتُكَ إِذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ ... فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا
حَبَسْتُ عَلَيْكَ النَّفْسَ حَتَّى كأنّما ... بكفّيك منها بوءسها ونعيمها
وأنشدني: (الوافر)
وَكَمْ أَبْصَرْتُ مِنْ حُسْنٍ وَلَكِنْ ... عَلَيْكِ مِنَ الورى وقع (ح) اخْتِيَارِي
وَكَتَبَ إِلَيَّ مِنْ كِتَابٍ: «مَا كَانَ ذَلِكَ الِالْتِئَامُ فِي تِيكَ الْأَيَّامِ إِلَّا كَظِلِّ الغمام والأحلام في المنام: (المتقارب)
وَلَمَّا تَجَدَّدَ وَجْدِي بِكُمْ ... وَخِفْتُ عَلَى مُهْجَتِي تَتْلُفُ
/ جَعَلْتُ طَرِيقِي عَلَى بَابِكُمْ ... أُعلِّلُ قَلْبًا بكم مدنف
ألا إنّ هجّيراي (خ) وشعاري الحنين إليكم: (الطويل)
أَحِبَّةَ قَلْبِي إِنَّ عِنْدِي رِسَالَةً ... أُحِبُّ وَأَهْوَى أَنْ تُؤَدَّى إِلَيْكُمُ
مَتَى يَنْقَضِي هَذَا الْقُطُوعُ وَيَنْتَهِي ... وَأَحْظَى شِفَاهًا بِالسَّلَامِ عَلَيْكُمُ
تُوُفِّيَ أَبُو أحمد (د) بالفضيلة (ت) سَلْخَ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.(1/73)
17- الْعَدْلُ أَبُو الْقَاسِمِ الْإِرْبِلِيُّ ( ... - 589 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ جِبْرِيل بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَعَةَ بْنِ مَالِك (1) ، عَمُّ الْقَاضِي أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ (2) ، شَاهِدُ عَدْلٍ، دَيِّنٌ عِنْدَهُ فَضْلٌ، وَلَهُ طَبْعٌ فِي الشِّعْرِ مُوَاتٍ. إِرْبِلِيُّ الْمَولِدِ وَالْمَنْشَأِ، لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا. كَانَ طَوِيلًا «2» إِلَى السُّمْرَةِ مَا هُوَ، فِي وَجْهِهِ كلثمة (أ) ، وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَقِيلَ إِنَّهُ كان يميل إلى التشيّع (ب) . أَنْشَدَنِي أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُود بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحسن الْمُقْرِئِ (3) - وَكَانَ كَثِيرَ الْخُلْطَةِ لَهُ وَلِأَهْلِهِ- قَالَ:
أنشدني المرتضى جبريل بن محمد لنفسه: (الطويل)
وَقَالُوا: امْتَدِحْ آلَ الرَّسُولِ فَإِنَّهُمْ ... شُمُوسٌ بِهَا يَنْجَابُ كُلُّ ظَلَامِ
فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلشَّمْسِ شَيْء يَزِيدُهَا ... عَلَيْهِمْ عَلَى مرِّ الزَّمَانِ سَلَامِي
أَلَمْ تقرءوا (ت) فِي «هَلْ أَتَى» مِنْ حَدِيثِهِمْ ... فَمَنْ ذَا يباري مجدهم ويسامي (ث)
وَكُلَّ صَلَاةٍ لَمْ تُصَلِّ عَلَيْهِمُ ... بِهَا لَمْ تكن أدّيتها بتمام (ج)
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ فَسَلْ يَا مُشَرَّدًا ... عن العلم عمّا قلت (ح) كُلَّ إِمَامِ
وَحَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ (4) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ: أَنْشَدْتُ شَيْخَنَا يُونُسَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَعَةَ بْنِ مَالِك الْفَقِيه (5) - رَحِمَهُ اللَّهُ- أَبْيَاتًا/ «الى ماذا يقول (خ) » (البسيط) .
ماذا يقول رضيّ الدين (د) فِي رَجُلٍ ... قَدْ شَفَّهُ قَمَرٌ يُزْرِي عَلَى الْقَمَرِ
مُتَّيَّمٍ قَلِقٍ صَبٍّ حَلِيفِ ضَنًى ... مُوَلَّهٍ بِفُتُورِ اللَّحْظِ وَالْحَوَرِ
وَقَدْ خَلَا بِالَّذِي يَهْوَى فَهَلْ حَرَجٌ ... عَلَيْهِ إِنْ فَازَ بِالتَّقْبِيلِ وَالنَّظَرِ
قَالَ: وَكَانَ جِبْرِيلُ بْنُ مَنَعَةَ بْنِ مَالِكٍ حَاضِرًا، فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي فِي(1/74)
جَوَابِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَفْكَرَ سَاعَةً. ثُمَّ قَالَ: (البسيط) .
أَقَوْلُ لَا حَرَجٌ عِنْدِي عَلَى كَلِفٍ ... بِأَهْيَفٍ مِثْلِ غُصْنِ الْبَانَةِ النَّضَرِ
إِذَا تَرَشَّفَ بِالتَّقْبِيلِ مِنْهُ لُمًى ... ثَغْرٍ شَنِيبٍ كَنَوْرِ الرَّوْضِ ذِي أَشَرِ
فَأَطْيَبُ اللَّثْمِ مَا يُجْنَى عَلَى وَجَلٍ ... من الرّقيب كشرب الطائر الحذر
ما (ذ) في النصيف شفاء للغليل فلا ... تبغ الزيادة فيما حل في الأزر
فَمَا عَلَى ذِي هَوًى قَدْ شَفَّهُ سَقَمٌ ... فِي رَشْفِ ظَلْمِ الَّذِي يَهْوَاهُ مِنْ ضَرَرِ
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ وَلَدِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (6) مِنْ شِعْرِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- (الطويل) .
حَلَفْتُ بِمَجْدِ الْأَكْرَمِينَ مِنَ الْوَرَى ... أُولِي الْفَضْلِ مِنْ أَوْلَادِ مَنَعَةَ وَالْفَخْرِ
يَمِينَ كَسُوبِ الْحَمْدِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ ... وَحِلْفَةَ صَبٍّ بِالْعُلَا صَادِقٍ بَرِّ
لَئِنْ لَمْ تَكُفُّوا عَنْ أَذَاكُمْ وَتَخْمُدُوا ... خمود القطا للخوف (ر) مِنْ سَطْوَةِ الصَّقْرِ
لَيَغْشَاكُمُ بِالشَّارِدَاتِ مَعَ الضُّحَى ... مَقَالٌ كَأَطْرَافِ الرُّدَيْنِيَّةِ السُّمْرِ
وَبَعْدَهُ بِخَطِّ أَبِي القاسم جبريل:
ليغشاكم بالأعوجيات (ز) فِي الضُّحَى ... كُمَاةٌ كَأَطْرَافِ الرُّدَيْنِيَّةِ السُّمْر
وَنَقَلْتُ من خط ولده: ايضا، من شعره: (الوافر)
تَبَارَكَ مَنْ كَسَا خَدَّيْكَ وَرْدًا ... تَبَّدَى تَحْتَ رَيْحَانِ الْعِذَارِ
/ إِذَا سَفَلَتْ فَوْقَ الْأَصْدَاغِ صُدْغًا (س) ... رَأَيْنَا الْمِسْكَ فَوْقَ الْجُلُّنَارِ «2»
وِصَالُكَ جَنَّتِي وَهَوَاكَ دِينِي ... وَوَجْهُكَ قِبْلَتِي وَجَفَاكَ نَارِي
أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَوَّلِ، وَوَجَدْتُهَا فِي دِيوَانِ أَبِي الْفَرَجِ محمد بن احمد الوأواء (7)(1/75)
وَعُزِيَتْ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَحْرَانِيِّ، وَهِيَ مِمَّا عُنِيَ فِيهِ وليست له: (الوافر) .
تَبَارَكَ مَنْ كَسَا خَدَّيْكَ وَرْدًا ... تَطَلَّعُ مِنْ خِلَالِ الْيَاسَمِينِ
وِصَالُكَ جَنَّتِي وَجَفَاكَ نَارِي ... وَوَجْهُكَ قِبْلَتِي وَهَوَاكَ دِينِي
وَأَوَّلُهَا مِنْ شِعْرِ الْبَحْرَانِيِّ: (الوافر)
فديتك قد سئمت (ش) مِنَ الْحَنِينِ ... وَلَا اسْتَعْبَرْتُ إِلَّا مِنْ مَعِينِ
أنشدنيها صدقة (ص) بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُغَنِّي (8) ، وَسَمِعْتُهُ مِنَ الْبَحْرَانِيِّ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ-.
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي الْقَاسِمِ الْعَدْلِ مِنْ شِعْرِهِ، يَمْدَحُ مُجَاهِد الدِّينِ قَايِمَازَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزَّيْنِيَّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: (الكامل) .
ومُهَفْهَفٍ أَزْرَى بَوَرْدَةِ خَدِّهِ ... حُسْنًا عَلَى وَرْدَ الرَّبِيعِ وَزَهْرِهِ
خَافَ الْعُيُونَ النَّاظِرَاتِ فَصَانَهَا ... عَنْهَا بِبَثِّ عَقَارِبٍ مِنْ شَعْرِهِ
أَتُرَى اسْتَمَدَّ السُّقْمَ نَاحِلُ خَصْرِهِ ... مِنْ جَفْنِهِ أَمْ جَفْنُهُ مِنْ خَصْرِهِ
أَمْ قَدْ أُعِيرَ الثَّغْرُ لُؤْلُؤَ عَقْدِهِ (ض) ... مِنْ نَحْرِهِ أَمْ نَحْرُهُ مِنْ ثَغْرِهِ
يَا مَنْ يُسَلِّمُ طَرْفُهُ مِنْ سِحْرِهِ ... سَلِّمْ فُؤَادَ مُحِبِّهِ مِنْ هَجْرِهِ
لَمَّا اكْتَسَى حُلَلَ الْجَمَالِ بِأَسْرِهِ ... أَضْحَى الْفُؤَادُ بِأَسْرِهِ فِي أَسْرِهِ
فَاقَ الخلائق بالمحاسن مثلما ... فاق المجاهد (ط) ذُو الْعَلَاءِ بَوَفْرِهِ
مَلِك لَهُ كَفٌّ لَهَا خُلُقُ الْحَيَا ... يَغْشَى السُّهُولَ مَعَ الْحُزُونِ بِقَطْرِهِ
/ وَكَذَاكَ جُودُ نَدَى يَدَيْهِ إِذَا هَمَى ... غَمَرَ الْقَرِيبَ مَعَ الْبَعِيدِ بِبِرِّهِ
قَيْلٌ أَبَرَّ بِجُودِهِ وَمَقَالِهِ ... كَرَمًا عَلَى الْبَحْرِ الْخِضَمِّ وَدُرِّهِ
وَبِسَيْفِهِ الْمَاضِي الْغِرَارَ وَرُمْحِهِ ... فَتْكًا عَلَى نَابِ الْهِزَبْرِ وظفره
خرق (ظ) يَدُلُّ عَلَى الْمَكَارِمِ وَجْهُهُ ... كَالسَّيْفِ دَلَّ عَلَيْهِ ظاهر أثره(1/76)
وَجْهٌ كَأَنَّ الصُّبْحَ مُتَّصِلٌ بِهِ ... حَتَّى أَضَاءَ بِهِ تَنَّفُسُ فَجْرِهِ
أَخَذَ قَوْلَهُ «يَا مَنْ يُسَلِّمُ طَرْفُهُ مِنْ سِحْرِهِ- الْبَيْتُ» مِنْ قَوْلِ خالد الكاتب (9) وهو: [الكامل]
قَدْ قُلْتُ إِذْ أَبْصَرْتُهُ مُتَمَايِلًا ... وَالرِّدْفُ يَجْذِبُ خَصْرَهُ مِنْ خَلْفِهِ
يَا مَنْ يُسَلِّمُ خَصْرَه مِنْ رِدْفِهِ ... سَلِّمْ فُؤَادَ مُحِبِّهِ مِنْ طَرْفِهِ
وَأَخَذَ قَوْلَهُ «لَمَّا اكْتَسَى حُلَلَ الْجَمَالِ بِأَسْرِهِ» مِنْ قَوْلِ الْوَزِيرِ الْمَغْرِبِيِّ (10) وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ وشعره: [الرمل]
عليّ التّحدّي لا للمغاني (ع) ... وَغَرَامٌ بِالْعُلَا لَا بِالْغَوَانِي
وَصَبَابَاتٌ رَمَى الْوَجْدُ بِهَا ... هَضَبَاتِ الْعِزِّ عَنْ طَيِّ جَنَانِي
أَبَتِ الْهِمَّةُ مِنِّي أَنْ يُرَى ... لِسِوَى الْعَلْيَاءِ يُقْتَادُ عَنَانِي
كَيْفَ تُصْبَى الْبِيضُ ذَا بِيضٍ عَصَا ... عفّة داعي الهوى في العنفوان (غ)
إِنَّمَا وَجْدِي بِطَرْفِ سَابِحٍ ... يَأْلَفُ الذُّبْلَ وَالسُّمْرَ اللّدان (ف)
عَالِمًا أَنَّ الْعُلَا كَامِنَةٌ ... أَبَدًا بَيْنَ عِنَانٍ وَسِنَانِ
لَا حَمَيْتُ الْجَارَ إِنْ لَمْ أَحْمِهَا (ق) ... بِالْقَنَا تُسْفِرُ عَنْ صُبْحِ الْأَمَانِي
وَسَلَكَ فِي أَلْفَاظِهَا وَغَرَابَتِهَا مَسْلَكَ الْحَيْصِ (11) فِي أَشْعَارِهِ. وَمِنْهَا يَمْدَحُ/ إِلْيَاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (12) وَكَانَ وَسَمَهَا أَوَّلًا بِمَدْحِ قَايِمَازَ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ «المجاهد» (ك) وَغَيَّرَهَا إِلَى إِلْيَاسَ، وَكَانَ بِخَطِّهِ أَوَّلًا «كَفُّ قَامَازَ» وَكَانَ الَّذِي يَتَفَاصَحُ يَدْعُوهُ «قَايِمَازَ» فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْوَزْنُ، فَقَالَ: «قَامَازُ» وَلَمْ يَقُلْ «قَيْمَازُ» ، كَأَنَّهُ مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا إِلَّا عَلَى مَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ: (ل)(1/77)
لَا عُلًى إِلَّا عُلًى يَكْتُبُهَا ... لُهْذُمُ اللَّدْنِ (م) وَحَدُّ الْهِنْدُوَانِي
وَنَدًى إِلَّا نَدًى تَسْكُبُهُ ... كَفُّ إِلْيَاسٍ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ
مَاجِدٌ نَجْدَتُهُ كَافِيَةٌ ... فِي الْوَغَى قَبْلَ تَرَاءَى الْفِئَتَانِ
وَكَانَ بِخَطِّهِ «ملك» أصلحه «ماجد» ... (ن) .
ونقلت من خطه وشعره: [الكامل]
يَا رَبْعَ إِرْبِلَ أَنْتَ نِعْمَ الدَّارُ ... دُمْ عَامِرًا تَنْمَى بِكَ الْأَعْمَارُ
فَلَقَدْ أَنَارَ بِكَ الرّبيع وفوّفت (و) ... مِنْكَ الرُّبُوعَ بِزَهْرِهَا الْأَمْطَارُ
وَكَسَا الْقِطَارُ رُبَاكَ وَشْيَ مَلَابِسٍ ... ضَاعَتْ بِأَرْجِ نَسِيمِهَا الْأَقْطَارُ
بِخَطِّهِ «إِرْبِلَ» مَكْسُورَةُ الْهَمْزَةِ، وَقِيلَ لِأَبِي الْحَرَمِ (13) إِنَّ بَني يُونُس (14) يَقُولُونَ: «إِرْبِلُ» بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فُتِحَتِ الْهَمْزَةُ أَوْ كُسِرَتْ. وَهِيَ أَبْيَاتٌ يَمْدَحُ بِهَا الْمُجَاهِدَ قَيْمَازَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَرَادَ «أَرَجَ» فَأَسْكَنِ الرَّاءَ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ ضرورة (هـ) .
ونقلت من خطه وشعره: [الكامل]
أحْدُ السَّحَائِبِ يَا لَمُوعَ الْبَارِقِ ... وَأَنْخِ رِكَابَكَ بِالْعُذَيْبِ وَبَارِقِ (15)
أَرْضٌ بِهَا الْمَرْأَى الْأَنِيقُ لِنَاظِرٍ ... وتَضوُّعُ الْمِسْكِ السَّحِيقِ لِنَاشِقِ
كُسِيَتْ بِمُخْتَلِفِ الْمَنَاظِرِ نَاضِرٌ ... عِطْرُ النَّسِيمِ جَلَاءُ عَيْنِ الرَّامِقِ
/ فَإِذَا عممت وصبت (لا) خُصَّ مَنَازِلًا ... بِالْجَزْعِ (16) مِنْ مَاءِ السَّحَابِ الرَّائِقِ
وَمِنْهَا:
بِخَمَائِلٍ زَانَ الرَّبِيعُ رُبُوعَهَا ... بِمَطَارِفٍ مِنْ وَشْيِهِ وَنَمَارِقِ
أَسْعَى إِلَى اللَّذَّاتِ غَيْرَ مُرَاقِبٍ ... نَظَرَ الرَّقِيبِ بِهَا وَعَوْقَ الْعَائِقِ
وَيَهُزُّنِي لِظِبَائِهَا ورياضها ... طربان (ي) من حدق وحسن حدائق(1/78)
ونقلت من خطه وشعره: [البسيط]
وَأَدْهَمَ اللَّوْنِ مِثْلِ اللَّيْلِ لَاحَ لَنَا ... مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنْ ظَلْمَائِهِ فَلَقُ
تَمَسَّكَ الْبَرْقُ لَمَّا كَادَ يَسْبِقُهُ ... بِذَيْلِهِ فِيهِ مِنْ لَوْنِهِ يقق (أأ)
ونقلت من خطه وشعره [الطويل]
سَقَى مَعْهَدًا بِالرَّقْمَتَيْنِ (17) عِهَادُ ... وَفَتْ بِعُهُودِ الصَّبِّ فِيهِ سُعَادُ
مَغَانِي الْغَوَانِي حَيْثُ رَيِّقُ رَوْضِهَا ... وَرَوْنَقُ فَوْدِي بَاصِرٌ وَسَوَادُ
وَإِذْ رِيمُهَا يَسْنَحْنَ لَيْسَ بِرَابِعٍ ... لِهَا مِنْ خُيُولِ النَّائِبَات طِرَادُ
ظِبَاءٌ يَسُلُّ الْغَنْجُ مِنْ لَحَظَاتِهَا ... سُيُوفًا لَهَا الْفَرْعُ الطَّوِيلُ نِجَادُ
كَأَنَّ ثَنَايَاهُنَّ نُورُ أَقَاحَةٍ ... وَقَدْ ضَحِكَتْ فِيهَا رُبًى وَوِهَادُ
عِرَاضٌ بِسُمْرِ السَّمْهَرِيَّةِ وَالظُّبَا ... يُمَاطُ الرَّدَى عَنْ رَبْعِهَا وَيُذَادُ
خَلَتْ بَعْدَ غِزْلَانِ الْخَلِيطِ رُبُوعُهَا ... وَمَزَّقَ جِلْبَابَ الدنوّ بعاد
ومن شعره: [المنسرح]
خَطُّ عِذَارٍ كَخُضْرَةِ الْآسِ ... مَا لِضَنَى مُدْنَفٍ بِهِ آسِ
مِنْ فَوْقِ خَدِّ جُورِيٍّ وَجَنَّتِهِ ... جَارَ بِسُلْطَانِهِ عَلَى النَّاسِ
يَكَادُ يَدُمِي بِاللَّحْظِ رِقَّتَهُ ... يَا لَيْتَهَا فِي فُؤَادِهِ الْقَاسِي
بَدْرُ تَمَامٍ تُغْنِيكَ غُرَّتُهُ ... إِنْ نَمَّ لَيْلٌ عَنْ ضوء نبراس
/ ونقلت من خطه وشعره: [الطويل]
وَمَا رُزَّمٌ تَجْتَابُ أَرْضًا تَقَاذَفَتْ ... بِهِنَّ مَرَامِي مرته والقراقر (أب)
لواغب أنضاها الذّميل (أت) وأضرمت ... لظى الخمس في أحشائها والهواجر (أث)
إِذَا ذَكَرْتَ وِرْدَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتًا ... مِنَ الْحُزْنِ. مَطْلُولًا بِوَطْفِ الْمَوَاطِرِ
أَهَاجَ لَهَا التِّذْكَارُ شَجْوًا وَحِنَّةً ... يُذِيعُ شَجَاهَا كَامِنَاتِ الضَّمَائِرِ
بِأَوْجَدَ مِنْ قَلْبِي وَأَوْجَعَ إِذْ غَدَتْ ... رَكَائِبُكُمْ مَا بَيْنَ حاد وزاجر(1/79)
تُوُفِّيَ جِبْرِيلُ- رَحِمَهُ اللَّهُ- لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مَغْرِبَهَا، تَاسِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِإِرْبِلَ.
18- أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ الْعَبَّاسِيّ [572- 598 هـ]
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبَّاسِيّ الْبَغْدَادِيُّ (1) . شَابٌّ عَالِمٌ بِالْحَدِيثِ، وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَرَادَ السَّفَرَ إِلَى خُرَاسَانَ (2) لِسَمَاعِ الْحَدِيثِ فِي سنة ست وتسعين وخمسمائة ... (أ) .
كَانَ أَبُوهُ قَاضِيًا بِبَغْدَادَ (3) ، وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَكْتُبُ حَسَنًا سَرِيعًا، أَثْنَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ طَاهِرٍ الْخُزَاعِيُّ، وَلَقِيَهُ وَأَخَذَ عَنْهُ. رَأيَتَهُ مُجْتَازًا وَلَمْ أَجْتَمِعْ بِهِ. سَمِعَ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي الْمُظَفَّرِ مُسْنَدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ (4) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَغَيْرَهُ. وَلَقِيَ أَبَا الْقَاسِمِ نصر بن عقيل بن نصر ابن عُقَيْلٍ الْفَقِيهَ (5) وَأَخَذَ عَنْهُ مَا عِنْدَهُ، وَسَمِعَ عَلَى مَشَايِخِ الْمَوْصِلِ وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَكَانَ فِي نفسه أن يجمع في علم الحديث كتابا، خَرَّجَ أَحَادِيثَ مِنْ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَقَفْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ أَعْلَمْ أُعَلِّمُهُ أَمْ لَا.
وَسَمِعَ على أصحاب أبي علي ابن (6) /المهدى، وأبي طالب ابن يوسف (7) وأبي سعد ابن الطُّيُورِيِّ (8) . وَرَحَلَ إِلَى الشَّامِ فَسَمِعَ فِي طَرِيقِهِ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَدِمَشْقَ، وَأَقَامَ بِحَمَاةَ فَتُوُفِّيَ بِهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (9) أَنَّهُ وُلِدَ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
19- الْقَاضِي الْمَرَاغِيُّ [518- بَعْدَ سَنَةِ 601 هـ]
هُوَ أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ المحسن بن شفا ابن أَبِي الْمَعَالِي التَّرَاسِيُّ- بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ- الْحِمْيَرِيُّ (1) . وَلِيَ قَضَاءَ مَرَاغَةَ (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَآخِرَ ما وردها في شعبان سنة إحدى وستمائة رَسُولًا. لَقِيَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ بْنَ(1/80)
شُعَيْبٍ (3) ، وَأَبَا الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيَّ وَغَيْرَهُمَا. سُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِإِرْبِلَ، وَكَانَ عِنْدَهُ شَيْءٍ مِنْ فِقْهٍ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلَدِهِ، فَقَالَ: وُلِدْتُ فِي لَيْلَةِ خَامِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ. كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، رَبْعَةً.
وَلَقِيَ كَمَالَ بِنْتَ السَّمَرْقَنْدِيِّ (4) ، وَلَهُ إِجَازَاتٌ عَالِيَةٌ، مِنْهَا إِجَازَةٌ مِنْ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرٍ (5) ، وَمِنَ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيِّ (6) وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ سَمِعَ كِتَابَ «اعْتِلَالِ الْقُلُوبِ» لِلْخَرَائِطِيِّ (7) عَلَى أَبِي السَّعَادَاتِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَزَّازِ (8) عَنِ ابْنِ الْعَلَّافِ (9) . وَوَجَدْتُ نَسَبَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ «الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ» (10) مَا صُورَتُهُ: «أَبُو الْمَحَاسِنِ عبد المحسن بن شفا ابن أبي المعالي ابن أبي الحسن بن شفا ابن أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ التَّرَاسِيُّ الْحِمْيَرِيُّ (أ) » .
قَرَأْتُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الْمَحَاسِنِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ بْنِ شِفَا فِي شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وستمائة، قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ/ أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ (11) ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (12) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ (13) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد القادر (ب) حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ (14) ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقُ (15) عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ (16) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (17) ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَنْقَضِي السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ الْأَرْضَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ» (ت) .
وَأَخْبَرَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ وَأَبْقَاهُ- فِي ثَانِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيعَ «كِتَابِ الْبُخَارِيِّ» (18) عَلَى أَبِي الْوَقْتِ عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي بهمذان، بقراءة الحافظ أبي العلاء إلّا (ث)(1/81)
أيْسَرَهُ مِنْ آخِرِهِ، فَهِيَ بِقِرَاءَةِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ (19) ، وَأَنَّهُ سَمِعَ «كِتَابَ الشِّهَابِ» عَنْ خَالَيْهِ أَبِي بكر وعمر ابني بختيار ابن أبي القاسم (20) ، عن الشيخ حسين ابن أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ (21) عَنِ الْقُضَاعِيِّ، وَأَنَّ طَرِيقَتَهُ فِي سَمَاعِ كِتَابِ «آدَابِ الصُّوفِيَّةِ» لِلسُّلَمِيِّ، طَرِيقَهُ (خ) فِي كِتَابِ «أَدَبِ الصُّحْبَةِ» (22) .
وَأَنَّ لَهُ إِجَازَةً جَامَعَةً مِنِ ابْنِ نَاصِرٍ وَابْنِ الْخَشَّابِ (23) وَمِنْ كَمَالَ بِنْتِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ «دَعَوَاتِ» الْمَحَامِلِيِّ (24) عَلَيْهَا بِرِوَايَتِهَا عَنِ ابْنِ البَطَرِ (25) فِيهِ «وَالْأَرْبَعِينَ» لِلثَّقَفِيِّ (26) بِرِوَايَتِهَا عَنِ الثَّقَفِيِّ. وَلَهُ إِجَازَةً مِنْ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرٍ، وَمِنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَيْهَقِيِّ (27) ، وَالْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيِّ، وَمِنَ الْقَاضِي أَبِي الْقَاسِمِ الدَّرْكَزَانِيِّ (28) /الْأَعْلَمِيِّ، وَمِنْ حُجَّةِ الدِّينِ مَرَوَانِ الْفَنْكِيِّ (29) . وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يَرْوِي كِتَابَ «شَرْحِ السُّنَّةِ» لِلْبَغَوِيِّ (30) عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مَنْصُورٍ حفدة (31) عن المصنف. وأخبرني أَنَّ شَيْخَهُ حَفَدَةَ تُوُفِّيَ فِي تِبْرِيزِ (32) وَلَمْ يعلم وقت وفاته (33) . ووجدت معه (ح) جُزْءَ الْأَرْبَعِينَ» تَخْرِيجُ أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّافِعِيِّ الْقَزْوِينِيِّ (34) يَرْوِيهَا عَنْهُ، وَرَأَيْتُ خط الرافعي على جزوة (ج) بِسَمَاعِهَا فِي مَوَاضِعَ، وَأَجَازَ لَهُ إِجَازَةً مُطْلَقَةً. ومن إجازته له من تأليفه كتابه الموسوم ب «التحصيل فِي تَفْسِيرِ التَّنْزِيلِ» ، وَكِتَابُ «الْحَاوِي لِلْأُصُولِ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ» (35) ، تَأْلِيفُهُ أَيْضًا.
20- الْمَغْرِبِيُّ [الْقَرْنَ السَّادِسَ- السَّابِعَ]
كَانَ اسْتَخْلَصَهُ لِنَفْسِهِ الْأَمِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كوكبوري (أ) عَلِيُّ بْنُ بُكْتُكِينَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَأَقَامَ عِنْدَهُ فِي صُحْبَتِهِ عِدَّةَ سِنِينَ بِالْمَوْصِلِ، وَكَانَ سَبَبُ مَعْرِفَتِهِ بِهِ أَنَّهُمَا كَانَا بُمَكَّةَ،! فَوَجَدَ عَلِيٌّ (ب) قَوْمًا يُثْنُونَ عَلَى الْمَغْرِبِيِّ (1) ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ (ج) : هُوَ مِنَ الْمَغْرِبِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: «رَجُلٌ جَيِّدٌ» . قَالَ الْمَغْرِبِيُّ:
فَمَا زَالَتْ تِلْكَ فِي نَفْسِي أعرفها له (ت) . حدثني بذلك الفقير إلى الله- تعالى- أبو سعيد كوكوبوري بْنُ عَلِيِّ بْنُ بُكْتُكِينَ، وَأَكْثَرُ اللَّفْظِ لِي.(1/82)
وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ، وَقَبْرُهُ فِي الْمَقْبَرَةِ الْعَامَّةِ شَرْقِيَّ إِرْبِلَ، وَأَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ إِرْبِلَ (ث) سأل عن موضع قبره فوقف عنده وترجّم عَلَيْهِ، وَكَانَ يُثْنِي عَلَى دِينِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ ثَنَاءً عَظِيمًا.
21- الْوَاعِظُ الْمِصْرِيُّ [508- 599 هـ]
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَجَا الْأَنْصَارِيُّ (1) الْوَاعِظُ، وَرَدَ إِرْبِلَ قَدِيمًا/ قَبْلَ الدَّوْلَةِ الْيُوسُفِيَّةِ (أ) وَتَحَدَّثَ النَّاسُ فِيهَا، وَعَادَ إِلَى مِصْرَ وَرَوَى بِهَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعْدِ الْخَيْرِ (2) . وَوَجَدْتُ بِخَطِّ من (ب) سَمِعَ عَلَيْهِ «سُنَنَ النَّسَائِيِّ» (3) بِمِصْرَ عَنْ سَعْدِ الْخَيْرِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
22- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ (1) بْنِ غِيَاثٍ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 514 هـ]
خَطِيبُ إِرْبِلَ وَبَعْضُ شُهُودِهَا. وَجَدْتُ خَطَّهُ فِي إِشْهَادِ تاريخه سابع عشرى (ت) رجب من سنة أربع عشرة وخمسمائة (أ) . وَوَجَدْتُ كُنْيَتَهُ أَيْضًا «أَبَا عَبْدِ اللَّهِ» ، وَعَبْدُ اللَّهِ (2) وَلَدُهُ وَلِيَ قَضَاءَ إِرْبِلَ، وَيَأْتِي ذِكْرُهُ. سمع محمد (ب) الْقَاضِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ، وَوَجَدْتُ ذَلِكَ فِي جُزْءٍ فِيهِ أَحَادِيثُ مُسَلْسَلَةٌ، وَفِيهِ حَدِيثُ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيُّ (3) ، «وَالْقَصِيدَةُ الدُّولَابِيَّةُ» (4) .
23- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضَّرِيرُ [الْقَرْنَ السَّادِسَ]
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْإِرْبِلِيُّ (1) الضَّرِيرُ، سَمِعَ أَيْضًا عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ خَمِيسٍ مَعَ مُحَمَّدِ بن محمد المذكور في (أ) الجزء الذي وصفته.
سألت (ب) عَنْهُ الْأَرَابِلَةَ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُ نَسَبَهُ فِي الْجُزْءِ.(1/83)
24- أَبُو عَلِيِّ بْنِ عَلَوِيٍّ [ ... - 575 هـ]
هُوَ أَبُو علي عتيق (أ) بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلَوِيِّ (1) بْنِ يَعْلَى، شَاهِدُ عَدْلٍ إِرْبِلِيُّ، سَمِعَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرِ بْنِ خَمِيسٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَرَأَيْتُ خَطَّهُ لَهُ بِالْإِجَازَةِ. رَأَيْتُهُ وَلَمْ آخُذْ عَنْهُ، كَانَ رَبْعَةً أَسْمَرَ اللَّوْنِ، وَلِيَ أَعْمَالَ التَّرِكَاتِ بِإِرْبِلَ.
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: [السريع]
/ نَاطَقَنِي مِنْ طَرْفِهِ الْوَحْيَا ... وَهَمَّ أَنْ يَنْطِقَ فَاسْتَحْيَا
جَرَّدَ لِي سَيْفَيْنِ مِنْ لَحْظِهِ ... أَمُوتُ مِنْ ذَا وَبِذَا أَحْيَا
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ: «سُئِلَ بَعْضُ الْبُخَلَاءِ، أَيُّ النَّاسِ أَشْجَعُ؟ قَالَ:
مَنْ يُسْمَعُ وَقْعَ أَضْرَاسِهِمْ عَلَى طَعَامِهِ وَلَا تنشقّ مرارته» ، وبعده:
[المتقارب]
وَقَائِلَةٍ مَا دَهَى نَاظِرَيْكَ ... فَقُلْتُ لَعَمْرِي إِنِّي دهيت
شققت دجاجة (ب) بعض الملوك ... فما زلت أُصْفَعُ حَتَّى عَمِيتُ
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ مِنْ أبيات- وهي للبارع (2) -: [المديد]
أَيْنَ قَلْبِي مَا صَنَعْتَ بِهِ؟ ... مَا أَرَى صَدْرِي لَهُ فَطِنًا
كَانَ يَوْمَ النَّفْرِ وَهْوَ معي ... فأبى أن يصحب البدنا (ت)
أَبِهِ حَادِي الْفِرَاقِ حَدَا؟ ... أَمْ لَهُ دَاعِي الْفِرَاقِ عَنَى؟
وَمِنْهَا:
بَيْنَمَا نَقْضِي مَنَاسِكَنَا ... إِذْ لَقِينَا دُونَهَا الْفِتَنَا
رُفِعتْ سِجْفُ الْقِبَابِ فَلَا ... الْفَرْضَ أَدَّيْنَا وَلَا السُّنَنَا(1/84)
أنصفوا يا بني حسن (ث) ... لَيْسَ هَذَا مِنْكُمُ حَسَنًا
لِمْ أَحَلَّتْ مُحْرَمَاتِكُمُ ... بِالْعُيُونِ النُّجْلِ أَنْفَسَنَا
قَدْ سَمَحْنَا بِالْقُلُوبِ لَكُمُ ... لَيْسَ نَبْغِي مِنْكُمُ ثَمَنًا
وَاعْقِرُوهَا بِاللِّحَاظِ إِذَا ... شِئْتُمُ أَنْ تَعْقِرُوا الْبُدُنَا
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ: «لِكَاتِبِهِ عَتِيقِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَلَوِيٍّ فِي الشيب حين نزل به» : [الطويل]
أَتَانِي نَذِيرُ الْمَوْتِ مِنِّي فَلَمْ أَزَلْ ... عَلَى غَفْلَةٍ وَالْمَوْتُ إِيَّايَ طَالِبُ
فَكَمْ مِنْ قُرُونٍ شَتَّتَ الْمَوْتُ شَمْلَهَا ... وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ طُرْقُهُ وَالْمَذَاهِبُ
وله أيضا بديها: [الكامل]
بِاللَّهِ يَا رِيحَ الشِّمَالِ تَنَسَّمِي ... نَفْحَاتَ حُبِّي (ج) وَاخْبِرِيهِ بِحِالِي
ثُمَّ ابْلِغِيهِ تَحِيَّةً مِنْ مُدْنَفٍ ... صَبٍّ نَحِيفِ الْجِسْمِ لَيْسَ يُبَالِي
وَلَهُ أَيْضًا- وهو شعر عمله في صباه-: [الطويل]
أَلَا إِنَّنِي وَاللَّهِ صَبٌّ مَتَيَّمُ ... أَهِيمُ بِكُمْ وَجْدًا وَإِنِّي لَمُغْرَمُ
بِحُبِّ فَتَاةٍ أَقْلَقَتْنِي بِحُسْنِهَا ... وَفِي كَبِدِي يَا صَاحِ نَارٌ تَضَرَّمُ
خَلِيلَيَّ إِنَّ الْحُبَّ لَا شَكَّ قَاتِلِي ... وَإِنِّي وَرَبِّ الْبَيْتِ يَا هِنْدُ مُولَمُ
وَهَذَا شِعْرُ مَنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الشِّعْرُ، وَإِنَّمَا كَتَبْتُهُ عَلَى عَادَةِ أَصْحَابِ التَّوَارِيخِ، إِذِ الْمُؤَرِّخُ لَيْسَ يَخْتَارُ، وَإِنَّمَا هُوَ حَاكٍ مَا وَقَعَ إِلَيْهِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ حَادِيَ عَشْرِيِّ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقْتَ الظُّهْرِ. وَهَجَاهُ بَعْضَ الْمُغَفَّلِينَ بِإِرْبِلَ وَأَنْشَدَنِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن شماس (3) : [المنسرح](1/85)
قل للسّديد عتيقا (ح) ... أبحتك المدقوقا
بالقاف (خ) مِنْ قَبْلِ يَاءٍ ... وَالْحَاءُ مَعَهَا لَصِيقَا
وَسَمِعَ عَتِيقُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلَوِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْحِلِّيَّ الْعِرَاقِيَّ الْوَاعِظَ (4) ، وَجَدْتُ ذَلِكَ بِخَطِّ الحلّي، وحكايته: «قرأ عليّ الخطب (د) الْمَعْرُوفَةَ بِبَنِي نُبَاتَةَ (5) - رَحِمَهُمُ اللَّهُ- مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ، صَاحَبَهُ الْقَاضِي- وَذَكَرَ أَلْقَابًا تَرَكْتُ ذكرها- أبو بكر عتيق بن علي ابن عَلَوِيٍّ الْإِرْبِلِيُّ، وَأَذِنْتُ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهَا عَنِّي مَعَ مَا شَرَحْتُ لَهُ مِنْ غَرِيبٍ فِيهَا سَأَلَنِي عَنْهُ، بِرِوَايَتِي عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَيْسِيِّ الْقَطِيعِيِّ (6) ، بِرَوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ (7) - وَكَانَا مِنَ الْمُعَمِّرِينَ-/ بِرِوَايَةِ أَبِيهِ عَنِ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ نُبَاتَةَ (8) وَابْنِهِ أَبِي طَاهِرٍ (9) - رَحِمَهُمَا اللَّهُ- وَكَتَبَ العبد المذنب محمد بن علي الحلّوي (ذ) الْعِرَاقِيُّ فِي سَلْخِ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
25- الْقَاضِي الْأَحْدَبُ [الْقَرْنَ السَّادِسَ]
هُوَ بِلَالُ بْنُ رَمَضَانَ بْنِ بِلَالِ بْنِ جَلَالِ بْنِ الْحَسَنِ (1) ، هُوَ مِنْ قُرَى إِرْبِلَ، مِنْ بَيْنِ الْجَبَلَيْنِ (2) ، قَصِيرٌ أَحْدَبُ، فَقِيهٌ سَمِعْتُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ فِي جَامِعِ الْقَلْعَةِ بِإِرْبِلَ يُجَادِلُ الْإِمَامَ مُوسَى بْنَ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ (3) ، وَلِيَ قضاء الكرخيني ... (أ) ، وَكَانَ فِي دِينِهِ غَمِيزَةٌ- غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وله- توفي ...
(ب) .
26- مُؤْمِنَةُ الْعَالِمَةُ [الْقَرْنَ السَّادِسَ]
هِيَ مُؤْمِنَةُ بِنْتُ غنيمة بن مختار الواسطية (1) ، كانت تعظ النساء، وَلَهَا بِإِرْبِلَ قَبُولٌ. وَرَدَتْ إِرْبِلَ قَدِيمًا، نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَتُوُفِّيَتْ بإربل.(1/86)
27- أبو البركان الْمَزْيَدِّيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 589 هـ]
هُوَ أَبُو الْبَرَكَاتِ يُمْنُ (1) بْنُ نَمِرٍ الْمَزْيَدِيُّ، وَرَدَ إِرْبِلَ قَدِيمًا حَاجًّا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَصِيرُ اللّحي (أ) ، فقيه محدث، حدثني بذلك الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَنْتَرٍ الْهُمَامِيُّ الْوَاسِطِيُّ (2) . وَسَأَلْتُ عَنْهُ أَبَا الْفَتْحِ مَحْمُودَ بْنَ عَلِيٍّ الْخَوَاتِيمِيَّ (3) ، فَأَخْرَجَ لِي خَطَّهُ بِإِجَازَتِهِ لَهُ مَسْمُوعَاتِهِ وَمُجَازَاتِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَوَجَدْتُ اسْمَهُ بِخَطِّهِ «يُمْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيُمْنِيُّ الْمَزْيَدِيُّ، وَالْيُمْنِيُّ بِضَمِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، نِسْبَةً إِلَى يُمْنٍ، كذا أخبرني أبو الفتح الخواتيمي وهو الصحيح من نسبه (ب) .
نُسْخَةُ مَا كَتَبَهُ يُمْنُ بْنُ أَحْمَدَ لِأَبِي الْفَتْحِ مَحْمُودِ بْنِ عَلِيٍّ: سَمِعَ مِنِّي «كِتَابَ الشِّهَابِ» لِلْقُضَاعِيِّ، الْفَقِيهِ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ مَحْمُودٍ (ت) ....... (ث)
28-[يوسف (أو سيف) بن محمد (أ) الزَّيْلَعِيُّ (569- 622 هـ) ]
... / شَيْئًا مِنْ شِعْرِهِ، فَامْتَنَعَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ (ب) وَكَتَبَ بِهَا إِلَى صَدِيقٍ لَهُ، وَلِيَ وَلَايَةً، وزعم انه لم يقف عليها (ت) فِي حَادِي عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ ثمان وستمائة: [الكامل]
كَانَتْ تَحِنُّ إِلَيْكَ شَوْقًا مِثْلَمَا ... يَشْتَاقُ أَحْيَانًا مُحِبٌّ مُغْرَمُ
فَأَنَلْتَهَا الْأَقْصَى مِنَ الشَّرَفِ الَّذِي ... يَنْحَطُّ عَنْهُ يُذْبُلٌ ويَلَمْلَمُ (1)
وَلَئِنْ غَدَا مُسْتَعْظَمًا قَدْرًا لَهَا ... هَذَا الْأَنَامُ فَإِنَّ قَدْرَكَ أَعْظَمُ
لَا زِلْتَ تَبْلُغُ مَا تُؤَمِّلُ وَادِعًا ... وَيَقُومُ في الدّنيا بمدحك موسم(1/87)
وأنشدنا لنفسه: [الطويل]
وَلِي عِيلَةٌ مَرْضَى أَذَابُوا حُشَاشَتِي ... وَأَصْبَحَ كِيسِي خَاوِيَ الْقَفْرِ بَلْقَعَا
تَرَاهُمْ إِذَا مَا أَقْبَلَ الصُّبْحُ مُسْفِرًا ... لَهُمْ ضَجَّةٌ شِبْهَ الْعَلَاجِيمِ جُوَّعَا (ث)
وأنشدنا أيضا له: [الطويل]
وَمِنْ عَجَبِ الْأَشْيَاءِ رَاجٍ نَوَالَكُمْ ... وَيَعْلَمُ مَا فيكم من اللؤم والبخل (ج)
وَمَنْ يَرْجُهُ مِنْكُمْ يَكُنْ مِثْلَ مُحْرِمٍ ... يُؤَمِّلُ تكفير الخطيئات من هبل (ح)
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ- وَغَنَّى بِهَا أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُودَ بن محمد الانجب (2) ، وكان بينهما مودة-: [الكامل]
وَحَلِيلَةٍ أَضْحَتْ تَلُومُ عَلَى النَّدَى ... كَلِفًا بِهِ كلف النبيّ بزينب (خ)
فَأَجَبْتُهَا كُفِّي الْمَلَامَ فَعُدَّتِي ... وَذَخِيرَتِي فِي كُلِّ عَامٍ مُجْدَبِ
جُودُ الْحَلِيمِ الْأَرْيَحِيِّ الْمُرْتَجَى ... مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَنْجَبِ
الْعَالِمِ الْحَبْرِ الْإِمَامِ الْفَاضِلِ ... الْفَطْنِ اللِّبِيبِ اللَّوْذَعِيِّ الْمُغْرِبِ «2»
/وَأَخْبَرَنِي أَنَّ جَدَّهُ كَانَ مِنَ الزَّيْلَعِ (3) ، وَانْتَقَلَ إِلَى كُشَافٍ (4) ، وَكَانَ حَافِظًا لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَرَأَ النَّحْوَ عَلَى ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ (5) ، وَكَانَ فَقِيهًا مقرئا، وصل في.... (د)
أنشدني القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد (6) في صفر سنة اثنتين وستمائة يرثي محمدا الزيلعي (6) : [الكامل]
دَعْنِي أَجُدْ بِمَدَامِعِي يَا صَاحِ ... لَا تَلْحُنِي جهلا فلست بصاح(1/88)
وَذَرِ الْمَلَامَ عَلَى التَّلَهُفِ وَالْبُكَا ... نُصْحًا فَمَا أصغي إلى (ذ) النُّصَّاحِ
أَنِّي أُلَامُ وَقَدْ نُعِيتُ بِمَاجِدٍ ... مُتَفَنِّنٍ حَبْرٍ سَخِيِّ الرَّاحِ
بِمُحَمَّدٍ أَكْرِمْ بِهِ وَبِأَهْلِهِ ... ذِي الْمَكْرُمَاتِ وَنُزْهَةِ الْأَرْوَاحِ
إِنْ مُحَّ مَنْزِلُهُ الرَّحِيبُ فَقَدْ بَنَى ... مَجْدًا رَفِيعًا مَا لَهُ مِنْ مَاحِ
وَهَذَا شِعْرٌ- كَمَا تَرَاهُ- خُصُوصًا في باب الرثاء ... (ر)
وَرَأَيْتُهُ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي آخِرِ كِتَابٍ، فَكَتَبَ: «شَهِدْتُ بِمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا السِّفْرِ، وَكَتَبَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ» (7) ، فَقُلْتُ: أَلَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّ اسْمَكَ سَيْفٌ؟ وَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ القَوْلَ، فَقَالَ: تَارَةً أَكْتُبُ يُوسُفَ وَتَارَةً أَكْتُبُ سَيْفًا. أَوْ كَلَامًا هَذَا معناه، ولم يفصح لي عن ذلك (ز) .
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سبع عشرة وستمائة (س) ، فَقَالَ:
لَا أُحِقُّهُ، إِلَّا أَنَّ عُمُرِي ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. تُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- يَوْمَ الِاثْنَيْنِ (س) ثَانَيَ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وستمائة بِكُشَافَ وَدُفِنَ بِهَا، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ وَلَدَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَجِبْرِيلُ (8) .
29-/أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ [560- 617 هـ]
هُوَ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سُلَيْمَانَ الزُّهْرِيُّ (1) الْأَنْدَلُسِيُّ، وَرَدَ إِرْبِلَ وَسَمِعَ شَيْخَنَا أَبَا الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكِ بْنَ طَاهِرٍ الْخُزَاعِيَّ. وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى نَشَاوُورَ (2) وَغَيْرِهَا. وَكَانَ أقام بالموصل (أ) مُدَّةً فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَسَمِعَ وَكَتَبَ، وَهُوَ إِلَى الْآنَ- كَمَا ذُكِرَ لِي- بِبِلَادِ الْعَجَمِ (3) .
وَسَمِعَ شُيُوخَ بَغْدَادَ، وَلَقِيَ بِأَصْبَهَانَ جَمَاعَةً مِنْ أصحاب أبي علي ابن الْحَدَّادِ.
أَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَرْقُونٍ الأنصاري (4) قال: أنشدني أبو طاهر ابن أبي الركب (5) : [الكامل](1/89)
جاءتك (ب) مِنْ عُدَدِ الْعُلَا زِنْجِيَّةٌ ... فِي حُلَّةٍ مِنْ حلية تتبختر
سوداء صفراء الحليّ كأنّها (ت) ... جنح (ت) تُطَرِّزُهُ نُجُومٌ تَزْهَرُ
حَمَلْتَ بِأَصْفَرَ مِنْ نِجَارٍ حُلْيِهَا ... تُخْفِيهِ أَحْيَانًا وَحِينًا يَظْهَرُ
خَرْسَانُ إِلَّا حين يوضع درّها (ث) ... فَتَرَاهُ يَنْطِقُ مَا يَشَاءُ وَيُخْبِرُ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ في أبي محمد عبد القادر (6) الرّهاوي: [المتقارب]
أَتَيْتُ الرُّهَاوِيَّ فِي دَسْتِهِ ... فَأَلْفَيْتُ شَخْصًا لَئِيمًا وَخِيمًا
فَلَيْسَ الْفَتَى مَنْ حَوَى مَنْصِبًا ... وَلَكِنَّ من حاز مجدا وخيما (ج)
وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ شَمَّاسٍ الصَّاحِبُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الزُّهْرِيُّ بِالْكَرَجِ (7) لِنَفْسِهِ، وَكَانَ أَقَامَ بها وتأهّل بها: [الرمل]
أَنَا مَأْسُورٌ بِحِيطَانِ الْكَرَجْ ... فِي عَنَاءٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْفَرَجْ
لَيْسَ بِالْمَغْبُوطِ مَنْ يَسْكُنُهَا ... إِنَّمَا الْمَغْبُوطُ مَنْ مِنْهَا خَرَجْ
شَرَحَ «كِتَابَ الْإِيضَاحِ» (8) وَكِتَابَ «الْعُتْبِيِّ الْيَمِينِيِّ» (9) ، قَتَلَهُ التَّتَرُ وَجُرِّدَ فِي/ شهر رجب سنة سبع عشرة وستمائة.
30- أبو الحسن علي بن محمد بن محمود (524- بعد سنة 600 هـ)
هو أبو الحسن علي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ الْكَفَرَ عَزِّيُّ (1) أَخُو الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. رَجُلٌ صَالِحٌ تَنَسَّكَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَبَلَغَ سِنًّا عَالِيَةً، وَكَانَ يَقُومُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ صَلَاةً وَتَسْبِيحًا. وَكَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ مَائِلًا إلى الصحيح من التشيع (أ) .
حَدَّثَنِي- رَحِمَهُ اللَّهُ- مِنْ لَفْظِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الْمُسْفِرَةِ عَنِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودٍ (2) مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفِ المسجد الجامع (ب) بكفر عزّة (3) ،(1/90)
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (4) الْخَطِيبُ بِهِ مُشْرِفًا عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا وَتَنَافَرَا فَزَجَرْتُهُمَا عَنْ هَذَهِ الْحَالِ، فَنِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَنِدًا إلى سارية من سواري المسجد الجامع (ب) ، وَهِيَ الْغَرْبِيَّةُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ مِنْ أَوْجُهِ الأوسط: وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ يَقُولُ مُخَاطِبًا لَهُمْ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ لِيَهْتِكَهُ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ فَهَتَكَهُ وَلَوُ فِي جَوْفِ بيته « (ث) . قَالَ أَبُو الْحَسَنِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا المنام الشيخ الزاهد محمد الْبُسْتِيَّ (5) - رَحِمَهُ اللَّه- فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ، وَقَدْ صَحَّ لِي ذَلِكَ وَصَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ وَاحِدٌ. / وقال أَبُو الْحَسَنِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَلَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ هَذَا الْمَنَامِ.
قَالَ: وَكَانَتْ رُؤْيَةُ هَذَا الْمَنَامِ فِي بَعْضِ شُهُورِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ (أ) .
قَالَ الْمُبَارَكُ بْنُ أَحْمَدَ. مَا زِلْتُ مُذْ حدثني أبو الحسن علي بن محمود (ت) بِالْحَدِيثِ الَّذِي أَوَّلُهُ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنْ بِلِسَانِهِ» ، أَطْلُبُهُ فِي الْأَجْزَاءِ وَالْكُتُبِ لِأَرَاهُ مُبَيَّنًا فِيهَا فَتَعَذَّرَ ذَلِكَ عَلَيَّ مَعَ طُولِ الْبَحْثِ إلى أن وجدته في كتاب «مساوىء الْأَخْلَاقِ» لِلْخَرَائِطِيِّ (6) ، فَحَدَّثَنِي بِهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْخَيْرِ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَافِظُ التِّبْرِيزِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيَّ مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُسْلِمِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْخِرَقِيِّ (7) ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ابن مَنْصُورِ بْنِ قُبَيْسٍ الْغَسَّانِيُّ (8) ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانِ السُّلَمِيُّ (9) ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ (10) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ(1/91)
الخرائطي، قراءة عليه وأنا حاضر أسمع، قال: حدثنا نصر ابن دَاوُدَ (11) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ (12) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ (13) عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الله بن جريج (14) عَن أَبِي بَرْزَةَ (15) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَوْرَتَهُ/ يفضحه وإن كان في سترة بيته» (ث) . وَأَنَا أَرَى- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- أَنَّ لِي إِجَازَةً مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخِرَقِيِّ اللّخمي- رحمه الله تعالى- (ج) .
وَجَدْتُهُ فِيمَا قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْقَزَّازِ (16) ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يحيى بن علي ابن الطَّرَّاحِ (17) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ (18) الْمُعَدِّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْرُوفٍ (19) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ محمد الضبيّ (ح) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرِ بْنِ جَبَلَةَ (20) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو (21) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زِيَادٍ الطَّحَّانُ (22) ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ (23) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ (24) عَنْ جَابِرٍ (25) قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ نَادَى بِصَوْتٍ أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي خُدُورِهَا: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَخْلُصُ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تَرْمُوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عَوْرَةَ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ فَيَفْضَحُهُ فِي جوف بيته» (خ) .
أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أَبِي زَيْدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ (26) إِذْنًا، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ (د) بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ (27) ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَاذَشَاه (28) ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ الصَّنْعَانِيِّ (29) ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ (30) ، حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْجَعِيُّ (31) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شَيْبَةَ الطَّائِفِيِّ (32) عَنِ ابن جريج، عَنْ عَطَاءٍ (33) عَنِ ابْنِ(1/92)
عَبَّاسٍ (34) ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي خُدُورِهِنَّ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَا (ذ) يَدْخُلُ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُؤْمِنِينَ، ولا تتبعوا عوراتهم/ فإنه من تتبع عورة أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عورته يفضحه ولو في جوف بيته» (ر) .
وَوَجَدْتُهُ بِخَطِّ عَمِّي أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مَوْهُوبٍ (35) فِي جُمْلَةِ تَعَالِيقِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-، وَقَرَأْتُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ العزيز بن عبد القادر ابن أَبِي صَالِحٍ الْجِيلِيِّ (36) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغُ (37) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ (38) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَنْبُورٍ الْمَكِّيُّ (39) ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ (40) ، عَنْ أَبَانٍ (41) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عبد الله (ز) ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ حَتَّى أَسْمَعَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ فِي خُدُورِهِنَّ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لَا تَذُمُّوا النَّاسَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَلْتَمِسْ عَوْرَةَ أَخِيهِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ في بطن بيته» (خ) .
وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مِنْ لَفْظِهِ فِي التَّارِيخِ الْأَوَّل (س) ، قَالَ: رَأَيْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، كَأَنِّي عِنْدَ حُجْرَةِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ فِي حَائِطِ الْحُجْرَةِ الَّذِي يَلِي الْبَقِيعَ شقّا مستطيلا، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ. فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: مَا أَقُول فِي صَدِيقِي وَرَفِيقِي وَمُؤْنِسِي، وَهَا هُوَ عِنْدِي؟! قُلْتُ: فَمَا تقول/ في عمر ابن الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ فِيمَنْ كَمَّلَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْبَعِينَ، وَأَيَّدَ بِهِ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ، وَفَتَحَ بِهِ الْأَمْصَارَ؟! وَهَا هُوَ(1/93)
عِنْدِي. قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؟ فَأَثْنَى عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبَيْهِ.
قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ فِي أَخِي وَابْنِ عَمِّي وَزَوْجِ ابْنَتِي وَأَبِي سِبْطَيَّ وَوَارِثِ عِلْمِي؟! فَقُلْتُ: فَلِمَ لَمْ يَكُنْ قَبْرُهُ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ يَشْتَاقُونَ إِلَيَّ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى الْوُصُولِ، فَمَنْ زَارَ مِنْهُمْ قَبْرَهُ كَأَنَّمَا زَارَنِي. قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي يَزِيدَ؟ فَعَبَسَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: «كَفَاهُ أَنَّ اللَّهَ خَصْمُهُ» ، ثُمَّ قال: «الحديث في هذا يطول، فاقرأ إِخْوَانِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ عَنِّي، وَقُلْ لَهُمُ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ، فَقَدْ آنَ اجْتِمَاعِي بكم» (ش) .
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وخمسمائة، وتوفي في........ وستمائة (ص) ، وَدُفِنَ حِيَالِيَّ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِكَفْرِ عَزَّةَ.
31- الشَّرِيفُ الْعَبَّاسِيُّ [؟]
وَجَدْتُ بِخَطِّي قَدِيمًا فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ: «الشريف العباسي (1) شيخ الخانكاه (أ) المجاهدية (ب) [السريع]
كَمْ مِنْ قَتِيلٍ فِيكَ لَا يُسْتَثَارْ ... وَمُقْلَةٍ إِنُسَانُهَا فِيكَ حَارْ
يَا كَاسِفَ الشَّمْسِ إِذَا أَسْفَرَتْ ... وَمُخْجِلَ الْبَدْرِ إِذَا مَا اسْتَنَارْ
لَيْسَ عَجِيبًا أَنْ يُرَى فِي الدُّجَا ... بَدْرٌ وَلَكِنْ أَنْ يُرَى فِي النَّهَارْ
فَاللَّيْلُ وَالصُّبْحُ قَدِ اسْتُكْمِلَا ... فِيكَ وَزَانَ الْخَدَّ مِنْكَ الْعِذَارْ
فَالصَّبْرُ عَنْ كُلِّ أَذًى مُمْكِنٍ ... يَحْسُنُ إِلَّا أَنَّهُ عَنْكَ عَارْ
/ وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- أَنَّهُ أَقَامَ بِإِرْبِلَ زَمَانًا، وَأَحَبَّ إِنْسَانًا يُدْعَى دَاوُدَ بْنَ الْحَرِيرِيِّ عَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ، وَلَهُ أَشْعَارٌ في محبته زنّارا. يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ، مِنْ وَلَدِ الْوَاثِقِ (2) ، حَنْبَلِيٌّ شَدِيدُ الْمُغَالَاةِ فِي مَذْهِبَهِ.(1/94)
32- أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْجِيلِيُّ [532-؟]
هُوَ أَبُو بكر عبد العزيز بن عبد القادر ابن أَبِي صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، وَيُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ أَيْضًا، الْجِيلِيَّ مِنْ أَصْحَابِ الزَّوَايَا الْمُنْقَطِعِينَ والْمُتَدَيِّنِينَ فِي الْظَاهِرِ الْمُتَحَسِّبِينَ. كَانَ عِنْدَهُ دَهَاءٌ وَفِيهِ نَكَدٌ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ. وَسَمِعَ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ وَغَيْرِهَا، وَرَدَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ. وَكَانَ مُقِيمًا مُدَّةً بِظَاهِرِ سِنْجَارٍ (2) ، لَقِيَتُهُ وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ. سَمِعَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ، وَأَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ ابن صَرْمَا، وَأَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْأُرْمَوِيَّ (3) وغيرهم.
وأخبرنا بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو الحسن محمد بن أحمد بن محمد ابن إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ صَرْمَا، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وأنا حاضر أسمع، وَذَلِكَ فِي ثَالِثِ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْعَطَّارُ (4) بِقَرَاءَةِ خَالِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (5) ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُخَلِّصُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، قَالَ: حدثنا يحيى بن محمد ابن صَاعِدٍ (6) ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ (7) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ (8) قَالَ: حَدَّثَنَا أبو (9) خلدة (أ) عَنْ أَبِي الْعَالَيَةِ (10) قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيات/ خمس آيات» (ب) .
وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ التَّدَيُّنَ يُحْكَى عَنْهُ أَشْيَاءُ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهَا. كَانَ وَالِدُهُ مِمَّنْ تُضْرَبُ بِهِ الْأَمْثَالُ فِي الزُّهْدِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، سَمِعَ الْحَدِيثَ. وَجَدْتُ بِخَطِّ الْحَازِمِيِّ (11) «عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الْجِيلِيِّ (12) سَمِعَ ثَابِتَ بْنَ بِنْدَارٍ (13) وَجَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ السَّرَّاجَ (14) وَأَبَا غَالِبٍ الباقلّاني (15) وابن بيان (16) وأبا طالب ابن يوسف (17) » .(1/95)
33- أبو القاسم محمد ابن تيميّة [542- 622 هـ]
هو أبو عبد الله (أ) مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَضِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن الخضر بن علي ابن عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيِّ (1) ، مِنْ كفر (2) باجدّا (ب) إِمَامٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، مُشَارٌ إِلَيْهِ بِحَرَّانَ (3) ، وَاعِظٌ يُدَرِّسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ التَّفْسِيرِ. وَرَدَ إربل حاجّا في سنة أربع وستمائة، وَجَلَسَ بِالدِّيوَانِ بِالْقَلْعَةِ، وَحَضَرَ مَجْلِسَهُ الْفَقِيرُ إِلَى الله- تعالى- أبو سعيد كوكبوري بن علي بْنِ بُكْتُكِينَ، وَزَوَّدَهُ إِلَى مَكَّةَ الْمَحْرُوسَةِ فَأَحْسَنَ زَادَهُ. عِنْدَهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَغْدَادِيِّينَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، كأبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن الْبَطِّيِّ (4) وَأَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ شَافِعٍ (5) وَغَيْرَهُمَا. لَمْ أَسْمَعْ عَلَيْهِ، رَأَيْتُ لَهُ مُجَلَّدًا سَمَّاهُ «تحفة الخطباء (ت) مِنَ الْبَرِيَّةِ فِي الْخُطَبِ الْمِنْبَرِيَّةِ» (6) يَحْتَوِي عَلَى خُطَبٍ مِنْ إِنْشَائِهِ، سَلَكَ فِيهَا مَسْلَكِ ابْنِ نُبَاتَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- سُئِلَ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي أَوَاخِرِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَوَجَدْتُهُ بِخَطِّهِ فِي إِجَازَةٍ كَذَلِكَ (ث) .
تَفَقَّهَ فِي حَدَاثَتِهِ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، مُغَالٍ فِي مُعْتَقَدِهِ، قَائِمٌ عَلَى حِفْظِ مَذْهَبِهِ. وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ، مِنْ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَى الْفَقِيرِ إِلَى الله- تعالى- أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين- أدام/ الله سلطانه- أوّله [الكامل]
رِدْ بِالْعِطَاشِ عَلَى دُمُوعِي ... وَامْلَأْ مَزَادَاتِ الْجَمِيعِ
وَاخْبِرْهُمُ أَنَّ الْمُكَدَّرَ ... صَفْوُهَا لَوْنُ النَّجِيعِ
وَإِذَا أَرَادُوا النَّارَ فَاقْبِسْهُمْ ... لَظَاهَا مِنْ ضُلُوعِي
نَفْسٌ تَذُوبُ عَلَى الْأَحِبَّةِ ... بِالْبُكَا ذَوْبَ الشُّمُوعِ
لَا تَحْسَبُوهَا أَدْمُعًا ... هَطَلَتْ عَلَى طَلَلِ الرُّبُوعِ
لَكِنَّهَا نفس تقا ... طر بِالزَّفِيرِ مَعَ الدُّمُوعِ
لَهْفِي لِأَيَّامٍ خَلَتْ ... كَانَتْ كأيّام الرّبيع(1/96)
يُقَبِّلُ الْيَدَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ، وَيُوَاصِلُ بِصَالِحِ الْأَدْعِيَةِ جَنَابَ الْمَوْلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ، مُظَفَّرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، نَاصِرِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ- عَقَدَ اللَّهُ أَلْوِيَتَهُ بِالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ، وَأَيَّدَ دَوْلَتَهُ بِأَيْدِي الْأَيْدِ وَالتَّسْدِيدِ، وَحَرَسَ هِمَّتَهُ بِإِلْهَامِهَا كُلَّ أَمْرٍ رَشِيدٍ، وَأَوْطَأَ قَدَمَهُ مِنْ سَامِقَاتِ الْمَجْدِ كُلَّ بُرْجٍ مَشِيدٍ، وَرَمَى أَعْدَاءَهُ بِالْقَهْرِ وَالتَّبْدِيدِ، وَلَا زَالَ مُتَفَيِّئًا ظِلَّ النِّعْمَةِ الْمَدِيدِ، قَامِعًا كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، ظَافِرًا مِنَ الدَّارَيْنِ بِكُلِّ مَا يُرِيدُ، حَظِيًّا فِي الآخرة بجنة طلعها نضيد (ج) ، وأزواجها أبكار (ج) غِيدٌ، آمِنًا مِنْ غَصَصِ الْأَذَى وَالتَّنْكِيدِ، مُنْخَرِطًا في سلك المقول «لهم ما يشاءون ولدينا مزيد» (ج) بمحمد وآله وصحبه أولي الحمد والتمجيد.
«وَيُنْهِي عُكُوفَهُ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمَوْلَى عَنْ صِدْقِ وَلَاءٍ وَإِخْلَاصٍ، وَصَفْوٍ صَادِقٍ وَاخْتِصَاصٍ، وَاللَّهُ- تَعَالَى- يُحَقِّقُ الْأَمَلَ بِالْإِجَابَةِ، وَيَحْمَدُ لِلْمَوْلَى السُّلْطَانِ حَالَهُ ومآبه» .
/ بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَقْتَ العصر، عاشر صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحرّان (ح) . وَحَدَّثَنِي الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ (7) مِنْ لَفْظِهِ قَالَ: وَهَذَا خَطُّهُ كَتَبَهُ لِي «وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَضِرِ بْنِ محمد ابن تيميّة، أبو عبد الله ابن أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ الْخَطِيبُ الْمُقْرِئُ الْوَاعِظُ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ، حَسَنُ الْقَصَصِ حُلْوُ الْكَلَامِ، مَلِيحُ الشَّمَائِلِ، له القبول التام عند الخاص والعام (خ) ، مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالدَّينِ. كَانَ أَبُوهُ أَحَدَ الأبدال (د) وَالزُّهَّادِ. حَدَّثَنِي غَيْرَ مَرَّةٍ، وَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِ «تَيْمِيَّةَ» مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: حَجَّ أَبِي أَوْ جَدِّي- أَنَا أَشُكُّ أَيُّهُمَا- قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ حَامِلًا، فَلَمَّا كَانَ بتَيْمَاءَ (8) رَأَى جُوَيْرِيَةً خَرَجَتْ مِنْ خِبَاءٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى حَرَّانَ وَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ وَضَعَتْ جَارِيَةً، فَلَمَّا رَفَعُوهَا إِلَيْهِ قَالَ: يَا تَيْمِيَّةَ! يَا تَيْمِيَّةَ! يَعْنِي أَنَّهَا تُشْبِهُ الَّتِي رَأَى بِتَيْمَاءَ فَسُمِّيَ بِهَا، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ.(1/97)
تفقّه بحرّان على أبي الفتح أحمد ابن أبي الوفاء (9) ، وحامد بن محمود ابن أبي الحجر (10) ، وببغداد على أبي الفتح (11) ابن المنّي (ذ) ، وأبي العباس ابن بَكْرُوسٍ (12) وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ فَهْمًا عَاقِلًا حَاذِقًا بِالْمُنَاظَرَةِ، صَنَّفَ مُخْتَصَرَاتٍ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَتَوَلَّى التَّدْرِيسَ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّئَاسَةُ بِحَرَّانَ، وَكَانَ شَاعِرًا مُجَوِّدًا، قَدْ بَرَعَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وجميع العلوم له فيها (ر) يَدٌ بَيْضَاءُ.
سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْفَتْحِ محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البطي، وأبا (ز) مَنْصُورٍ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيَّ (13) ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ الْمَوْصِلِيَّ (14) وَأَبَا الْفَتْحِ يَحْيَى بْنَ ثَابِتِ بن بندار (15) ، وأبا الحسين عبد الحقّ (س) ، وَأَبَا نَصْرٍ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ (16) ، وَشُهْدَةَ بِنْتَ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْفَرَجِ الدَّيْنَوَرِيِّ (17) وَأَبَا الْخَيْرِ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ مُوسَى الْأَصْبَهَانِيَّ (18) ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ/ فوارس ابن الشُّبَّاكِيَّةِ (19) ، وَأَبَا طَالِبٍ الْمُبَارَكَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خُضَيْرٍ الصَّيْرَفِيَّ (20) ، وَأَبَا الْحَسَنِ سَعْدَ اللَّهِ بْنَ نصر ابن سعيد ابن الدَّجَاجِيَّ (21) ، وَأَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْمُرَحِّبِ بْنِ عَسَاكِرَ الْبَطَائِحِيَّ (22) الْمُقْرِئَ، وَأَبَا الْفَتْحِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَا الدَّبَّاسَ (23) ، وَأَبَا محمد عبد الله بن عبد الصمد بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ السُّلَمِيَّ (24) ، وَغَيْرَهُمْ بِبَغْدَادَ وَبِحَرَّانَ أَبَا الفتح أحمد ابن أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي الْوَفَاءِ، وأبا النجيب (25) عبد القاهر السهروردي (ش) ولبس منه خرقة التصوف، وحامد ابن أَبِي الْحَجَرِ وَجَمَاعَةً بِحَرَّانَ. وَقَرَأَ الْأَدَبَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْخَشَّابِ وَكَانَ يَنْحَلُهُ. وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فِي شهر شعبان (ص) .
أَخْبَرَنَا قِرَاءَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ محمد ابن أبي القاسم (ض) قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَّاءُ (26) قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الصَّلْتِ الْمُجَبِّرُ (27) قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي رَجَبٍ من سنة خمس وأربعمائة، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى الْهَاشِمِيُّ (28) إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أبو سعيد(1/98)
الْأَشَجُّ (29) حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ (30) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (31) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (32) عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ (33) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إنّما الأعمال بالنّيّة، وإنّما لامرىء ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله- عَزَّ وَجَلَّ- وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ « ...
(ط) أخرجه البخاري (34) عن الحميدي (35) عن سفيان (36) (ظ) .
أنشدني لنفسه: (المتقارب)
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ مَضَى مَا مَضَى ... فِرَاقِي لِكُمْ لَمْ يَكُنْ عَنْ رِضَا
/ سَلُوا اللَّيْلَ عَنِّيَ منذ غبتم ... أجفنيّ بالنّوم هل أغمضا (ع) ؟
أأحباب قلبي وحقّ الذي (غ) ... بِمُرِّ الْفِرَاقِ عَلَيْنَا قَضَى
لَئِنْ عَادَ عِيدُ اجْتِمَاعِي بِكُمْ ... وَعُوفِيتُ مِنْ كَارِثٍ أَمْرَضَا
لَأَلْتَقِيَنَّ مَطَايَاكُمُ ... بِوَجْهِي وَأَفْرِشُهُ فِي الْفَضَا
وَلَوْ كَانَ حبوا على جبهتي (ف) ... وَلَوْ لَفَحَ الْوَجْهَ جَمْرُ الْغَضَا
تُرَى خِيَمُ القرب من بعد ... فراقكم عمدها قوّضا (ق)
تَعُودُ عَلَيْنَا بِتَظْلِيلِهَا ... وَيَرْجِعُ رَبْعِي قَدْ رَوَّضَا (ق)
فَأَحْيَا وَأَنْشِدُ مِنْ فَرْحَتِي: ... «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ مَضَى مَا مَضَى»
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ سَعْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ (37) لِنَفْسِهِ: (الخفيف)
كَيْفَ أُخْفِي هَوَاكُمُ وَعَلَيْهِ ... شَاهِدُ الْحُزْنِ وَالدُّمُوعُ تَنِمُّ
وَإِذَا اللَّائِمُونَ لَامُوا فَطَرْفِي ... فِي هَوَاكُمُ أَعْمَى وَسَمْعِي أَصَمُّ
كُلَّ يَوْمٍ تُجَدِّدُونَ عَلَى القل ... ب عَذَابًا وَلَيْسَ لِلْقَلْبِ جُرْمُ
وَمَتَى دَام ذَا- وَلَا دَامَ مِنْكُمْ- ... تَلِفَتْ مُهْجَتِي وَفِي ذَاكَ إثم(1/99)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الدَّجَاجِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ لنفسه: (الطويل)
يَقُولُونَ لِي لَا تَبْلُ قَلْبَكَ بِالْهَوَى ... فَتَضْنَى وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ مُحصَّلِ
وَلَوْ كُنْتُ مِمَّنْ يَمْنَعُ الْعِشْقَ قَلْبَهُ ... لَكُنْتُ إِذَنْ رَبًّا أُعَافِي وَأَبْتَلِي
34- قَاضِي بَيْلَقَانَ (521- بَعْدَ سَنَةِ 606 هـ)
هُوَ أبو الفضل (،) / خداذاذ ابن أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ خُدَاذَاذَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَيْلَقَانِيُّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- وَلِيَ الْقَضَاءَ بِهَا (1) وَبِأَعْمَالِهَا. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَآخِرُ مَا ورد حاجّا في شوال سنة ست وستمائة. فَقِيهٌ فَاضِلٌ زَاهِدٌ عَامِلٌ مُسِنٌّ، كَثِيرُ الْخُشُوعِ، لَقِيَتُهُ وَأَخَذْتُ عَنْهُ. أَثْنَى عَلَيْهِ الْعَجَمُ وَغَيْرُهُمْ ثَنَاءً عَظِيمًا.
سَمِعَ الْحَدِيثَ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: أَجَازَ لِي الْإِمَامُ شَيْخُنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بن أحمد بن الحسن بن أحمد العطار الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلَّادٍ الْعَطَّارُ (2) ، قَالَ:
حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب ابن حَرْبٍ (3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القعنبي (4) عن مالك (5) عن خبيب ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ (6) عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ (7) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (8) ، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نشأ في عبادة (أ) اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تَنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تحابا في الله، اجتمعا على(1/100)
ذلك وتفرّقا عليه» (ب) .
حدثني القاضي أبو الفضل خداذاذ ابن أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ خُدَاذَاذَ بْنِ يَعْقُوبَ الْبَيْلَقَانِيُّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ بِإِرْبِلَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي الْمَنَامِ فِي بَعْضِ شُهُورِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ/ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ بغداد- حَرَسَهَا اللَّهُ- فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيَّ حَدِيثًا أَرْوِيهِ عَنْهُ خَاصَّةً بِلَا وَاسِطَةِ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ، فَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقِلَّ (ت) الرجال في المساجد وتكثر النساء» (ث) . وسألته أن يعيده، فأعاده عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَصْبَحْتُ وَقَدْ حَفِظْتُهُ.
وَحَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: كُنْتُ لَا أَزَالُ أَرَى فِي الْكُتُبِ عِنْدَ ذِكْرِ عَلِيٍّ «كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ» ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا بَالُهُمْ لَمْ يَكْتُبُوا عِنْدَ ذِكْرِ سِوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ «كَرَّمَ الله وجهه» ؟ ما هذا إلّا لشأن، فأريت فِي مَنَامِي رَجُلًا شَيْخًا مَهِيبًا، وَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا اخْتَصَّ بِقَوْلِهِمْ «كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ» ، لِأَنَّهُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ قَطُّ. وَحَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَمَعِي أَخٌ لِي صَغِيرٌ أَصْغَرُ مِنِّي، فَاخْتَصَمَ هُوَ وَإِنْسَانٌ، فَجِئْتُ لِأُصْلِحَ بَيْنهُمَا فَتَنَاوَلَنِي الَّذِي خَاصَمَ أَخِي بِالسَّبِّ وَاللَّعْنِ، فَسَبَبْتُهُ وَشَتَمْتُهُ وَضَرَبْتُهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي الْمَنَامِ وَبِيَدِهِ مِقْرَعَةٌ، فَضَرَبَنِي بِهَا عَلَى لِسَانِي فَآلَمَتْنِي أَلَمًا شَدِيدًا، فَانْتَبَهْتُ مَذْعُورًا وَأَلَمُ الضَّرْبَةِ فِي فَمِي، وَقَالَ لِي: «أَرَاكَ قَدْ صِرْتَ تَشْتُمُ وَتَضْرِبُ وَتُسَفِّهُ» ، فَافْتَقَدْتُ فَمِي فَوَجَدْتُ لِسَانِي مَقْطُوعًا. وَرَأَيْتُ أَثَرَ الْقَطْعِ فِي أسلة (ج) لِسَانِهِ نَابِتَةً كَأَنَّهُ حُمُّصَةٌ، وَكَأَنَّهُ- حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ- تَوَهَّمَ أَنِّي سَأَسْأَلُهُ أَنْ يُرِيَنِي أَثَرَ الضَّرْبَةِ، سَبَقَنِي إِلَى ذَلِكَ، فَرَأَيْتُهُ.
35- الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ الزَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَدَّادِ (؟ - 584 هـ)
هُوَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ (1) بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُثَنَّى بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ/ الْوَرِعُ. كَانَ(1/101)
يَكْتُبُ أَوَّلًا فِي كُتُبِهِ اسْمَهُ «الْقَاسِمَ» ، ثُمَّ كَتَبَ آخِرًا «عَبْدَ اللَّهِ» ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ. أَرَدْتُ زِيَارَتَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَأَنَا بِالْمَوْصِلِ، فَمَا قَدَّرَ الله، سمع الحديث عن ... (ب)
وَكَانَت وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وخمسمائة بالفضلية بولاية الموصل المشهورة (أ) .
36- أَبُو الْمَعَالِي الْهِيتِيُّ (؟ - 598 هـ)
هُوَ أَبُو الْمَعَالِي نَصْرُ اللَّهِ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ سَالِمٍ الْهِيتِيُّ المقرئ (1) ، ويعرف بابن حبان (أ) ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْبَاءِ الْوَاحِدَةِ الْمُخَفَّفَةِ- أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَتَغَمَّدَهُ بِرَحْمَتِهِ-، شَيْخٌ صَالِحٌ، وَمُحَدِّثٌ صَادِقٌ ثِقَةٌ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الْكَثِيرَ، وَكَانَ زَمْنَ الرِّجْلَيْنِ، إِذَا مَشَى اعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهِ وَانْكَفَأَ مَائِلًا إِلَى كِلَا جَانِبَيْهِ.
حَدَّثَنِي- رحمه الله تعالى- أَنَّهُ قَرَأَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ خَتْمَاتٍ مِحْرَابِيَّةٍ، أَوْ دُونَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ- الشَّكُّ مِنِّي- أَدَّى فِيهَا الْحُرُوفَ مُبَيَّنَةً. لَقِيَ عِدَّةً كَثِيرَةً مِنَ الْمَشَايِخِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِمْ، مِثْلَ ابْنِ نَاصِرٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ الْمِلَكِ الْكَرُوخِيِّ (2) ، وَأَبِي الْكَرَمِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّهْرَزُورِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزَّاغُونِيِّ (3) . حَدَّثَ بِإِرْبِلَ وَالْمَوْصِلِ وَغَيْرِهَا، وَأَجَازَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. كَانَ لَهُ أَمْلَاكٌ بُهِيَتْ (4) فَبَاعَهَا وَخَرَجَتْ عَنْ يده، فقل داتها (ب) . وَقَرَأَ فِي لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ الْخَتْمَةَ وَاقِفًا على قدميه لم يتروّح إنى قُعُودٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، عَلَى ضَعْفٍ فِيهِمَا شَدِيدٍ. وَكَانَ نَظِيفَ اللِّبَاسِ مُتَجِنِّبًا سَائِرَ الْأَنْجَاسِ.
أَخَذْتُ عَنْهُ كَثِيرًا مِنْ أَجْزَائِهِ، فَأَخْبَرَنِي- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله (ت) بن نصر بن الزّاغوني (ث) ، قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْبُسْرِيِّ الْبُنْدَارُ، قَالَ:(1/102)
أَخْبَرَنَا/ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُخَلِّصُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ (5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ (6) ،، وَقَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (7) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيُّ (8) عَنْ عَمْرِو بن مرّة (9) عن عبد (ج) اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ (10) ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَمَّارٍ (11) وعنده شاعر ينشد هجاء، قلت:
أينشد (ج) عندكم الشعر، وأنتم أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: إِنَّا لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قُولُوا لهم كما يقولون لكم» ، فإنّا (ح) كنّا لنعلّمه الإماء بالمدينة (خ) .
وبه أخبرنا محمد بن نوح الجنديسابوري (12) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ (13) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (14) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ (15) مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيَّ (16) يَقُولُ: قَالَ لِي الْمَأْمُونُ (17) : «يَا يَحْيَى اغْتَنِمْ قَضَاءَ حَوَائِجِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْفَلَكَ أَدْوَرُ، والدهر (د) أَجْوَرُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ لِأَحَدٍ حَالًا، أَوْ يبقي لأحد نعمة» (ذ) .
تُوُفِّيَ الْهِيتِيُّ فِي ثَالِثِ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثمان وتسعين (ر) ، وَأُخْبِرْتُ بِذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ عَنْ أَخِي الْهِيتِيِّ، أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ ابن أَبِي الْفَرَجِ النَّجَّادُ (19) عَنْهُ.
37- أَبُو الْقَاسِمِ الْمُطَهَّرُ النُّوزكَاثِيُّ (575- 616 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُطَهَّرُ بْنُ سَدِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ النُّوزكَاثِيُّ الْخُوَارِزْمِيُّ (1) مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى خُوَارِزْمَ (2) تَسَمَّى نُوزكاث (3) ، وَكَانَ يَكْتُبُ فِي نَسَبِهِ «ابْنَ الْقُدُورِيِّ» . شَابٌّ حَسَنٌ عَامِلٌ، سَافَرَ فِي طَلَبِ الحديث ورحل الرحلة (أ) الْوَاسِعَةَ، وَكَتَبَ بِيَدِهِ الْكَثِيرَ مِنْهُ، وَكَانَ يَكْتُبُ حَسَنًا سَرِيعًا. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي/ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَسَمِعَ بِهَا عَلَى من بها من(1/103)
الْمَشَايِخِ. وَرَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ وَكَانَ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ إِلَّا أَجْزَاءَ الْحَدِيثِ، وَهِيَ فِي جِرَابٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ. وَسَمِعَ حَدِيثَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ وَوَاسِطَ، وَكَتَبَ عَنْهُمْ، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً وَعَادَ إلى وطنه، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ تَوَلَّى قَضَاءَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ مِنْهَا، وَقِيلَ غَيْرَهَا، وَلَقِيَ مِنْ مَشَايِخِ أَصْبَهَانَ وَبِلَادِ الْعَجَمِ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَدَّادِ. أَثْنَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ طَاهِرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَقَالَ: «هَذَا يَكُونُ مُحَدِّثًا حَافِظًا إِنْ دَاوَمَ الطَّلَبَ» . قَالَ ابْنُ الدَّبِيثِيِّ: ذَكَرَ لِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي رَجَبٍ سنة خمس وسبعين وخمسمائة (ب) .
أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْمُطَهَّرُ بْنُ سَدِيدٍ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيَّ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي الْعَالِمُ الزَّاهِدُ فرخزاذ (ت) بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ الْمُوسَوِيُّ (4) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِمَالِينِ هَرَاةَ (5) قُلْتُ لَهُ أَخْبَرَكُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْن عَلِيٍّ (6) فِيمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ مِنْ نَيْسَابُورَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ (7) ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْأَصَمُّ (8) ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيُّ (9) بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ (10) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ فَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرًا، إِلَّا أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أحببت» . (ث) قَالَ الْمُطَهَّرُ: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَلِيحٌ أَخْرَجَهُ إِمَامَا هَذَهِ الصَّنْعَةِ فِي كِتَابَيْهِمَا: فَأَمَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ عن أبي بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ (11) عَنْهُ، وَأَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ (12) عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (13) عَنْ مَعْمَرٍ (14) عَنِ الزهري (ج) .»
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ (15) ، وَمُسْلَمٌ (16) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْيَشْكُرِيِّ (17) عَنْ عَبْدَانَ عَنْ أَبِيهِ (18) عَنْ شُعْبَةَ (19) عَنْ عَمْرِو بن مرّة، عن سالم ابن أَبِي الْجَعْدِ (20) عَنْ أَنَسٍ بِمَعْنَاهُ. فَعَلَى هَذَا كأنّي سمعته من مسلم بن(1/104)
الحجّاج وصافحته، وكأنّ شيخي سمعه (ح) مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَالْحَدِيثُ مِمَّا يَعْتَنِي بِطُرُقِهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ.
قَتَلَهُ التَّتَرُ لَمَّا أَخَذُوا خُوَارِزْمَ (21) - رَحِمَهُ اللَّهُ-.
38- أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ السُّقْسَيْنِيُّ ( ... - بعد سنة 574 هـ)
هو أبو الفضل محمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسَدٍ (1) ، بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى النُّونِ السَّاكِنَةِ «السُّقْسَيْنِيُّ» . وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَسْمَعَ بِهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، سَمِعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ كِتَابَ «تُحْفَةِ الْمُحَدِّثِينَ» (2) مِنْ تَأْلِيفِهِ، مِنْهُمْ مَحْمُودُ بْنُ علي الصائغ، وأجاز له إجازة مطلقة (أ) ، وقال: «وأجزت (ب) لِكُلِّ مِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي مِنْ إِخْوَانِهِ، وَذَلِكَ فِي كُورَةِ إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الأولى سنة أربع وسبعين وخمسمائة» (ت) . جمع فيها (ث) مِائَةً وَعَشْرَةَ أَحَادِيثَ، وَأَخْرَجَهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا، وَفِي أَسَانِيدِهَا نُزُولٌ لِمَا الْتَزَمَهُ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخْرَجَ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، رَفَعَهَا كُلِّهَا مِنْ شَيْخِهِ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بإسناد واحد. وأول (ج) الْخَمْسَةَ عَشَرَ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ يُونُسَ السَّوَارِيُّ (3) - رَحِمَهُ اللَّهُ-، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ/ ظَهِيرُ السُّنَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُجَنْدِيُّ (4) ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ (5) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، أَخْبَرَكَ والدك أحمد بن (6) الحسين (ح) ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْمَشٍ الْفَقِيهُ الزِّيَادِيُّ (7) وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّيْدَلَانِيُّ (8) ، قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ (9) ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ (10) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَّبِّهٍ (11) قَالَ: هَذَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَهَذَا يومهم الذي(1/105)
فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ فَهُمْ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، فَالْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غد» (خ) .
وَفِي نُسْخَةٍ أَوَّلُ أَحَادِيثِهَا حَدِيثٌ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ.
الْأَحَادِيثُ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ (ط) بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَكَانَ أَبُوهُ (12) مُحَدِّثًا، وَلَهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ خُطْبَةً تَنَاوَلَ فِيهَا كَثِيرًا مِنَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا الْحَرِيرِيِّ (13) أَمَامَ مَقَامَاتِهِ، يَطُولُ ذِكْرُهُ. وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: «وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَبِهَا انْعِقَادُ الْأُمُورِ الدَّنِيَّاتِ، وَبِاللَّهِ أَعْتَقِدُ فِيمَا أَعْتَمِدُ، وَأَسْتَرْشِدُ فِيمَا يُرْشِدُ، وَأَعْتَصِمُ مِمَّا يُصِمُّ. فَمَا الْمَفْزَعُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا الِاسْتِعَانَةُ إِلَّا بِهِ، وَلَا التَّوْفِيقُ إِلَّا مِنْهُ، وَلَا الْمَوْئِلُ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. فَخَتَمَ بِمَا خَتَمَ بِهِ. وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَحْمُودُ بن علي الخواتيمي (د) أبو الفتح، وأجاز له إجازة عامة (ذ) .
وَوَجَدْتُ/ جُزْءًا مُسَمًّى «كَنْزُ الْأَحَادِيثِ» (14) أَلَفَّهُ أَبُو الفتوح عبد الغافر ابن الحسين الألمعي (14) ، أورد على ما أورد (ر) السُّقْسَيْنِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ بَابًا، ذكر فيها أولا الواحد (ز) وَسَاقَ عَدَدَهُ عَلَى النِّظَامِ الطَّبِيعِيِّ، إِلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِسْنَادُهُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ (15) : أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ (16) فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ:
أَجَازَ لِي أَبُو بَكْرٍ عبد الغفّار بن محمد ابن أَبِي بَكْرٍ الْهَمَذَانِيُّ (17) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ عبد الغافر بن الحسين الألمعي بقراءته (س) في رجب سنة ثلاث وستين وأربعمائة، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْتَمْلِي (18) ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاذٍ عَبْدُ الرحمن بن محمد بن علي (19) السجزي (ش) ، حدثنا أبو حامد أحمد ابن أَبِي بَكْرٍ (20) ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ علي التميمي (21) ، حدثنا أبو ياسر عماّر ابن عَبْدِ الْمَجِيدِ (22) ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَفَّانَ (23) عَنْ أبيه (24) عن (ص) أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
«زَيْنُ الْإِسْلَامِ الْعِلْمُ، كَمَا إنّ زين الكعبة الطّواف» (ض) .(1/106)
وَبِهِ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ كَتَبَ حَرْفًا مِنَ الْعِلْمِ لِمُسْلِمٍ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَكَتَبَ اللَّهُ- تَعَالَى- بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْهُ سَيِّئَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً» (ض) . ذَكَرَهُ فِي بَابِ الِاثْنَيْنِ.
39- أَبُو النَّجِيبِ السُّهْرَوَرْدِيُّ (490- 563 هـ)
هُوَ أَبُو النَّجِيبِ عَبْدُ الْقَاهِرِ (1) بْنُ عبد الله بن محمد بن عمّويه (أ) ، الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ الصُّوفِيُّ. وَرَدَ إِرْبِلَ قَدِيمًا وَوَعَظَ بِهَا، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ صَدْرُهَا الْمُشَارُ إِلَيْهِ، وَشَيْخُهَا الْمُعَّوَلُ عَلَيْهِ. دَرَسَ بِالنِّظَامِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ/ عَنْهُ- وَفِيهَا تَفَقَّهَ وَسُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَكَانَ تَقَدَّمَ فِي طَلَبِهِ، وَلَهُ عِدَّةُ أَمَالٍ، مَشْهُورُ الذِّكْرِ، شَيْخُ شُيُوخُ الصُّوفِيَّةِ فِي القَدْرِ. قَالَ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الاصبهاني (ب) : «وَعَمُّوَيْهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بن محمد بن أبي بكر الصديق- رضي اللَّهُ عَنْهُ-» . إِمَامٌ عَالِمٌ مُفْتٍ كَبِيرُ الْبَيَانِ، مُنِيرُ الْبُرْهَانِ.
أَوَّلُ شُرُوعِهِ فِي الزُّهْدِ، بَلَغَ فِي السُّلُوكِ غَايَةَ الْجَهْدِ، وَحَمَلَ قِرْبَةَ الْمَاءِ على كتفه وسقى، ثم صعد وَارْتَقَى، وَبَلَغَ فِي الرِّيَاضَةِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى، وَبَنَى مَدْرَسَةً وَرِبَاطًا (3) وَأَسْكَنَهُمَا الْمُتَفَقِّهَةَ وَالصُّوفِيَّةَ. يُدَرِّسُ الْعِلْمَ ويلبس الخرقة (ت) ، وَقَدِ انْتَشَرَتْ فِي الْآفَاقِ تَلَامِذَتُهُ، وَظَهَرَتْ بِالْعِرَاقِ كَرَامَتُهُ، وَلَهُ شِعْرٌ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَى طريقة أهل المعرفة والتصوّف: (الطويل)
أُحبِّكُمُ مَا دُمْتُ حَيًّا وَمَيِّتًا ... وَإِنْ كُنْتُمُ قَدْ حُلْتُمُ فِي بِعَادِيَا
وَعَذَّبْتُمُ قَلْبِي بِشَوْقِي إليكم ... فحسبي (ث) لُقْيَاكُمْ وَحُبِّيَ بَادِيَا
وَقَلَّ خُرُوجِي مِنْ كِنَاسِي لِأَنَّنِي ... فَقَدْتُ بِقَاعًا كُنْتُ فِيهِنَّ بَادِيَا
وَإِخْوَانُ صِدْقٍ كُنْتُ آلَفُ قِرْبَهُمْ ... وَكَانُوا يُبَادُونِي بِكُلِّ مُرَادِيَا
لَقَدْ طُفِئَتْ نَارِي وَقَلَّ مُسَاعِدِي ... وَزَالَ أَنِيسٌ كَانَ يُورِي زِنَادِيَا
فَيَا لَيْتَ إِنْ لَمْ يَجْمَعِ اللَّهُ بَيْنَنَا ... سَمِعْتُ بَشِيرًا لِي بموتي مناديا(1/107)
آخر كلامه (ج) .
وَأَنْشَدَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (ح) ، قال أنشدني عمّي لنفسه:
(الطويل)
تَدَبَّرْ بِحُكْمِ اللَّهِ فِيمَا تَرُومُهُ ... وَلَا تَبْتَدِعْ شَيْئًا فَإِنَّكَ تَنْدَمُ
وَسَالِمْ لِأَمْرِ اللَّهِ ثُمَّ لِفِعْلِهِ ... فَإِنَّكَ فِي الدَّارَيْنِ تَعْلُو وَتَسْلَمُ
/ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ بن عبد الله بن محمد (خ) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِي عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ (د) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي (4) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ (5) أخبرنا أبو الحسين محمد (ذ) بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ (6) ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ (7) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ (8) ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ (9) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب- رضي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى الله وسلم-: «إنّما الأعمال بالنّيّات، وإنّما لا مرىء ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها (ر) ، فهجرته إلى ما هاجر اليه» (ز) .
قال أبو سعد (س) عبد الكريم بن محمد ابن السَّمْعَانِيِّ، فِيمَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ أَبِي عَبْدِ الله محمد ابن الدُّبَيْثِيِّ، مِمَّا نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ السَّمْعَانِيِّ (10) : «عَبْدُ القاهر بن عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَمُّوَيْهِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَبُو النَّجِيبِ نَزَلَ بَغْدَادَ وَاسْتَوْطَنَهَا، وَتَفَقَّهَ بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ. سَمِعَ أَبَا علي ابن نَبْهَانَ (11) وَغَيْرَهُ.
مَوْلِدُهُ تَقْدِيرًا فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وأربعمائة» (ش) .
وَوَجَدْتُ بِخَطِّ مَحْمُودِ بْنِ خَيْلَبَاشٍ التُّرْكِيِّ (12) الْفَقِيهِ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ لَيْلَةَ(1/108)
السَّبْتِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَدْرَسَتِهِ. روى عنه أبو القاسم ابن عساكر (13) وابنه القاسم (14) ، وأبو معد ابن السَّمْعَانِيِّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن أَبِي الْفَضْلِ الْحَرَسْتَانِيُّ (15) ، وَالْقَاضِي أَبُو الْمَحَاسِن عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ (16) ، وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوهاب (17) ، وأبو عبد الله ابن تيمية (ص) ، / وَأَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ (18) وَآخَرُونَ. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ بِآخِرِهِ، صَحِبَ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ الْغَزَالِيَّ، وَعَمَّهُ الْقَاضِيَ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (19) ، وَحَمَّادَ بْنَ أَحْمَدَ الدَّبَّاسَ (10) . وَكَانَ يَسْتَقِي بِالْقَرْيَةِ عَلَى كَتِفِهِ، كَانَ يَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً بِعِمَامَةٍ، وَيَوْمًا بِخِرْقَةٍ، وَيَوْمًا بِفَرْشِ الْكُرْسِيِّ. وَكَانَ يُجْلِسُ الناس في الخلوات على قاعدة الصوفية (ض) .
وسمع أبو النجيب عبد (ط) الْقَاهِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّهْرَوَرْدِيُّ الرَّئِيسَ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَالِينِيَّ (21) وَأَبَا الْقَاسِمِ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ طَاهِرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الممتلي الشّروطي (ظ) ، والحافظ أبا القاسم ابن أَبِي بَكْرٍ الدِّمَشْقِيَّ (22) ، وَأَبَا الْفَتْحِ عَبْدَ الْمِلَكِ ابن أبي القاسم ابن أَبِي سَهْلٍ الصُّوفِيَّ، وَالْحَافِظَ أَبَا الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُقَوِّمَ (23) ، وَأَبَا الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيَّ (24) بِدِمَشْقَ، وَالْقَاضِيَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بن عمر بن يوسف اللّوزي (ع) ، وَنُورَ الْهُدَى أَبَا الطَّالِبِ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الزينبي (25) ، وأبا الفتح أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ الشُّرُوطِيَّ (26) ، وَأَبَا مَنْصُورٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْخُزَيْمِيَّ (27) وَأَبَا الْقَاسِمِ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ المقرئ (28) ، وأبا سعد أحمد بن محمد ابن أبي سعد البغدادي، وأبا بكر محمد ابن أبي طاهر الفرائضي (غ) . وأجاز (ف) لَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْحَافِظُ (29) ، وَأَبُو الْمَعَالِي الْفَضْلُ بْنُ الْفَرَجِ الْكَاتِبُ (30) وأبو منصور ابن عَبْدِ الْمَلِكِ (31) . وَحَدَّثَ عَنْهُ وَلَدَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ(1/109)
عَبْدُ اللَّطِيفِ، وَأَبُو الرِّضَا عَبْدُ الرَّحِيمِ (32) ، وَأَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْإِرْبِلِيُّ (ق) وأبو الرجاء سالم ابن أبي/ المرجّى البوازيجي (33) وجماعة كثيرون (ض) .
أَجَازَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَالِدِي أَبُو النَّجِيبِ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ سَلْخَ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَأَقَرَّ بِهِ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ (ك) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ (34) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجِسْتَانِيُّ (25) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ (36) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ (37) ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ (38) عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ (39) عَمِّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ (40) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال: رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-:
«إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وفتحت أبواب الجنّة، وغلّقت أبواب النار» (ل) . قَالَ أَبُو النَّجِيبِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ ابن أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ (41) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي «الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» (42) مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (43) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو السَّمَّاكِ (44) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ (45) ، عَنْ أَبِي بكر ابن عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيِّ (46) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَجْدَةَ (47) وَغَيْرِهِ عن أبي بكر ابن عَيَّاشٍ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ شَرْطِ الصحيحين (ل) وَلَمْ يُخْرِجَاهُ مِنْ هَذِهِ السِّيَاقَةِ. وَقَدْ أَوْرَدَهُ أَبُو عِيسَى فِي جَامِعِهِ (48) ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي كريب (49) عن أبي بكر ابن عياش عن الأعمش (م) . ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ أَبَا هُرَيْرَةَ/ وَشَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِ، وَعُقَيْبَهُ يَذْكُرُ مَا فِي الحديث من اللغة، فقال(1/110)
فِي «صُفِّدِتْ» : وَالِاسْمُ مِنَ الْعَطِيَّةِ وَمِنَ الْوَثَاقِ (ن) جَمِيعًا الصَّفَدُ، وَقَالَ النَّابِغَةُ (50) فِي الصَّفَدِ يُرِيدُ العطية: [البسيط]
هَذَا الثَّنَاءُ لَئِنْ بُلِّغْتَ مَعْتَبَةً ... وَلَمْ أُعَرِّضْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ بِالصَّفَدِ
يَقُولُ: لَمْ أَمْدَحْكَ لِتُعْطِيَنِي. والجمع أصفاد.
قال المبارك بن أحمد (و) وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: «هَذَا الثَّنَاءُ فَإِنْ بُلِّغْتَ معتبة، فلم أعرض ... » (هـ) أَرَادَ إِنْ بُلِّغْتَ عَنِّي أَنِّي أَعْتِبُكَ، فَلَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ أَنْ تُعْطِيَنِي.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عبد اللطيف وأنشدنا والدى لنفسه: [الكامل] .
شَهْرُ الصِّيَامِ عَلَى الْأَنَامِ كَرَامةٌ ... فِيهِ رِضَا الرَّحْمَنِ وَالْغُفْرَانُ
سَهْلٌ عَلَى مَنْ كَانَ فِيهِ عَابِدًا ... الْبَذْلُ وَالطَّاعَاتُ وَالْقُرْآنُ
فِيهِ يُفتَّحُ بَابُ جَنَّاتِ الرِّضَا ... وَيُصَفَّدُ الشَّيْطَانُ وَالنِّيرَانُ
طُوبَى لِعَبْدٍ كَانَ فِيهِ مُخْلِصًا ... فَثَوابُهُ الْإِحْسَانُ وَالرِّضْوَانُ
وَمِنْ شعره، من أماليه قوله: [البسيط]
سِرُّ النُّبُوَّةِ شِبْهِ الشَّمْسُ فِي الْأُفُقِ ... فِيهِ النَّجَاةُ لِمَنْ قَدْ تَاهَ فِي الطُّرُقِ
هُوَ الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى وَسَارَ بِهِ ... وَزَحْزَحَ النَّفْسَ بِالتَّقْوَى عَنِ الْخُرُقِ
إِشْرَاقُ نُورُ نَبِيِّ اللَّهِ مَكْرُمَةٌ ... هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يَشْفِي مِنَ الْحُمُقِ
عَهِدُ الْإِلَهُ إِلَيْنَا أَنْ نُتَابِعَهُ ... وَذَلِكَ الْعَهْدُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَدَقِ
وَأَجَازَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيفِ، قَالَ: قَالَ وَالِدِي عَبْدُ الْقَاهِرِ: / كَانَ جَدِّي أَبُو أَبِي، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ (51) يَأْكُلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكْلَةً.
سَمِعْتُ صَاحِبًا لَهُ، كَانَ يُقَالُ لَهُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ إِبْرَاهِيمُ بَارَانَ (52) قَالَ:
«صَحِبْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيَّ جَدَّكَ، وَكَانَ يَأْكُلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا(1/111)
مَرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ وَيَبْعُدُ عَنِ النَّاسِ، وَيَجْلِسُ على طرف ماء ينبع من عين (لا) بِقُرْبِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا مَعَهُ، وَكُنَّا نَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ، فَنَرَى حَوْلَهُ جَمْعًا يَتَحَدَّثُونَ وَيَتَوَاجَدُونَ وَيَتَبَاكَوْنَ، وَإِذَا جِئْنَا إِلَيْهِ نَرَاهُ وَحْدَهُ، وَلَا نَرَى عنده أحدا» (ى) .
وأَجَازَ لَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ أَنْشَدَنَا وَالِدِي لنفسه: [الطويل]
سُرُورِي صِيَامِي إِنْ قَبِلْتَ صِيَامِي ... وَلِي فَوْحَةٌ فِي الْحَشْرِ عِنْدَ قِيَامِي
فَإِنْ كُنْتُ يَا مَوْلَايَ تَقْبُلُ طَاعَتِي ... وَتَغْفِرُ زَلَّاتِي يَتِمُّ مَرَامِي
وَإِنْ أَنْتَ يَا مَوْلَايَ لَمْ تَعْفُ زَلَّتِي ... وَأَلْبَسْتَنِي فِي الْعَرْضِ ثَوْبَ أَثَامِ
تهَتَّكُ أَسْتَارِي وَتَبْدُو خَطِيئَتِي ... فَيَا حَسْرَتِي مَنْ لِي لِيَوْمِ حِمَامِي
أَخَافُ وَأَرْجُو تَارَةً ثُمَّ تَارَةً ... إِلَى أَنْ يُنَادِي رَبُّنَا بِسَلَامِ
40- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البستي [500- 584 هـ]
هو أبو عبد الله محمد بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْبُسْتِيُّ (1) ، مِنْ بُسْتٍ (2) صُوفِيٌّ مَشْهُورٌ وَدَيِّنٌ مَذْكُورٌ، مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الْكَرَامَاتِ وَيُشَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ أَصْحَابِ الْمَقَامَاتِ، كَثِيرُ المجاهدة والرياضة، حسن المعاملة والعبادة (أ) ، لَمْ يَطْعَمِ الْخُبْزَ عُمُرَهُ، إِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ يسيرا من اللبن. ورد إربل ونزل بالقعلة فِي الْجَانِبِ/ الْغَرْبِيِّ مِنْ مَسْجِدِهَا الْجَامِعِ فِي آخِرِ مَوْضِعٍ فِيهِ، فَهُوَ إِلَى الْآنَ يُعْرَفُ بِزَاوِيَةِ الْبُسْتِيِّ- رَحِمَهُ اللَّه- كَانَ يَزُورُهُ الْأَكَابِرُ وَيْنَعَكِفُونَ عَلَى خِدْمَتِهِ، رَأَيْتُهُ وَأَنَا صَغِيرٌ مَعَ وَالِدِي- رَحِمَهُ اللَّه- وَسَكَنَ مِنَ الْمِسْجِدِ الْجَامِعِ؟؟؟ بالربض (ب) في القبة التي بناها والدي (ت) شَمَالِيَّهُ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ إِلَى الْآنَ.
وَحَدَّثَنِي الْقَاضِي أبو محمد جعفر بن محمد (ث) - رَحِمَهُ اللَّهُ- وَكَانَ صَحِبَهُ زَمَانًا وَخَدَمَهُ، قَالَ: سَافَرْتُ إِلَى سِنْجَارٍ- وَكَانَ الْبُسْتِيُّ بِهَا- فَأَرَدْتُ زِيَارَتَهُ فَأَتَيْتُهُ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَهُوَ فِي عُلُوٍّ مُشْرِفٍ عَلَى الطَّرِيقِ لَيْسَ فِيهِ نَافِذَةً،(1/112)
فَقَالَ: ادْخُلْ يَا جَعْفَرُ، فَدَخَلْتُ. وَحَدَّثَنِي أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَقَامَ بِنَصِيبِينَ (3) - إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فَنَزَلَ بَعْضَ خَوَانِكَهَا، فَكَانَ شَيْخُهَا يَتَكَلَّفُ لَهُ، فَضَجِرَ مِنْهُ، فَقَالَ: لَوْ آكُلُ عَلَى عَادَةِ الصُّوفِيَّةِ مَا آكُلُ كَانَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ تَكَلُّفِي طَعَامَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ العزيز الضرير (ج) : وَرَدَ الْبَوازِيجَ (4) ، وَمَاتَ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ أَمِيرُ البوازيج أرسلان بن كرباوي (5) . وَحُدِّثْتُ أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ أَرَادَوا مُعَالَجَتَهُ، فَلَمْ يَجْسُرُوا عَلَى أَنْ يُسْقُوهُ مَاءَ الشَّعِيرِ وَلَا يُطْعِمُوهُ خِلَافَ عَادَتِهِ وَيُسْقُوهُ، فَبَقِيَ أَيَّامًا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنُوهُ فَاسْتَعْمَلَ مَا وَصَفُوهُ لَهُ (أ) .
سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَمِنْ مَسْمُوعَاتِهِ كِتَابُ «جَوَاهِرِ الْكَلَامِ فِي الْحِكَمِ وَالْأَحْكَامِ» ، تَأْلِيفُ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْآمِدِيِّ الْقَاضِي (6) ، رَأَيْتُ طَبَقَةَ سَمَاعِهِ عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ. وأَجَازَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَاسِرٍ الْجَيَّانِي الْأَنْصَارِيُّ (7) إِجَازَةً جَامِعَةً، كَتَبَ لَهُ بِهَا خَطَّهُ بِالْمَوْصِلِ عَلَى أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنْ كِتَابِ «الْمَصَابِيحِ» (8) فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سِتَّينَ/ وَخَمْسِمِائَةٍ (أ) .
ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدُّبَيْثِيُّ، قَالَ: ذُكِرَ لِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِرُوذَرَاوَرَ (9) مِنْ نَوَاحِي هَمَذَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ أربع وثمانين وخمسمائة، ودفن هناك (أ) .
وأَجَازَ لِي أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بن الْوَاسِطِيُّ (10) الشَّاعِرُ. وَأَنْشَدَنِي عَنْهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابن أبي القاسم القيسي (ح) ، قال: أنشدني أبو طالب يحيى (ح) بْنُ سَعِيدِ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ زَبَادَةَ (11) لَهُ، وَكَتَبَهَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بن البستي الزاهد: (الكامل) .
أَنْتَ الَّذِي قَدْ كُنْتُ أَطْلُبُ مِثْلَهُ ... فَيَعِزُّ (د) وِجْدَانِي لَهُ وَطِلَابِي(1/113)
حَتَّى ظَفِرْتُ بِهِ فَأَغْنَانِي عَنِ ال ... أَوْطَارِ وَالْأَوْطَانِ وَالْأَتْرَابِ
فَقَرَابَةُ الْأَخْلَاقِ مِثْلُ قَرَابَةِ ال ... أعراق، والأسباب كالأنساب (ذ)
كَلَّفْتِنِي أَخْلَاقَكِ الْغُرَّ الَّتِي ... أَعْطَاكَهَا الْمُعْطِي بِغَيْرِ حِسَابِ
وَأَمَرْتَنِي بِالصَّبْرِ- وَهْوَ شُكْيَتِي- ... كَمُعَالِجِ الْأَوْصَابِ. بِالْأَوْصَابِ
مَهْلًا فَإِنَّ الْبُزَّلَ الْأَعْوَادَ لَا ... تُلَقِي زواملها على الأسقاب (ر)
هَذَا عَلَى أَنِّي وَحَقِّكَ لَمْ أَزَلْ ... حَرْبَ الزّمان وحربه أحرى بي (ز)
لِنُهُوضِهِ بِالْقَاعِدِينَ عَنِ الْعُلَا ... وَقُعُودُهُ بِالْأَرْوَعِ الْوَثَّابِ
وله مصنفات فيها كلام عادل يعجز (س) الْفَهْمُ عَنْ إِدْرَاكِهِ، وَمِنْ كَلَامِهِ: «الْأَرْوَاحُ حَوَاسِيسُ الْقُلُوبِ. فَمِنْ حَيْثُ يَتَوَجَّهُ الصَّفَاءُ يُوجَدُ الْوَفَاءُ، وَمِنْ حَيْثُ تَغُلُّ الصُّدُورُ يَقَعُ النُّفُورُ» .
41- الشَّيْخُ عَدِيُّ بْنُ سَافِرٍ الْهَكَّارِيُّ [465- 557 هـ]
/ شَيْخٌ (1) سَارَ ذِكْرُهُ وَطَبَقَ الْأَرْضَ وَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ، وَجَاوَزَ حُسْنُ اعْتِقَادِهِمْ فِيهِ الْحَدَّ، حَتَّى جَعَلُوهُ قِبْلَتَهُمُ الَّتِي إِلَيْهَا يُصَلُّونَ، وَذَخِيرَتَهُمْ فِي الْآخِرَةِ الَّتِي يُعَوِّلُونَ عَلَيْهَا، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُسَاوِيهِ بِالطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ كِبَارِ الْمَشَايِخِ الصَّالِحِينَ. صَحِبَ عَقِيلًا الْمَنْبِجِيَّ (2) وَحَمَّادًا الدَّبَّاسَ، وَأَبَا النَّجِيبِ عَبْدَ الْقَاهِرِ، وعبد القادر (أ) ، وَأَبَا الْوَفَاءِ الْحُلْوَانِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الشُّنْبُكِيَّ (3) .
وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَقَامَ بِالْكَرْخِينَى إِلَى أَنْ صَارَ إِلَى زاويته بالهكّار (4) من بلد الموصل (ب) .
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن نجم بن عبد الوهاب الحنبلي الواعظ (5) ، قال: أخبرني الشيخ عديّ ابن أبي البركات، ابن أخي (ت) الشَّيْخِ عَدِيٍّ الزَّاهِدُ فِي الْهَكَّارِيَّةِ، أَنَّ الشَّيْخَ عديّا عاش تسعين سنة (ث) وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. قَالَ الشَّيْخُ حمّاد بن محمد بن جسّاس (ج) «ما(1/114)
رَأَيْتُ أَحْسَنَ سِيرَةً وَلَا أَكْثَرَ هَيْبَةً وَلَا أَكْثَرَ خُشُوعًا وَلَا أَغْزَرَ دَمْعَةً مِنْ عَدِيٍّ» .
وَكَانَ حَمَّادٌ هَذَا مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: رَكِبَ عَدِيٌّ جَوَادًا مَا نَزَلَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، مَا أَفْطَرَ فِي النَّهَارِ وَلَا نَامَ فِي اللَّيْلِ، وَلَا أَكَلَ وَشِرَب غِذَاءَ أَحَدٍ، ولا أخذ أحد عليه سوء خلق.» (ب)
وحدثني عمي أبو الحسن علي بن المبارك، قال: سمعت عمر ابن الْمَلَّاءِ يَقُولُ: قَالَ لِي يَوْمًا عَدِيٌّ: «يَا عميرة ما رأيتك (ح) البارحة في الدركاه (خ) ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمَّا دَخَلْتَ كُنْتُ وَرَاءَ الْبَابِ» ، أو كلاما هذا معناه (د) .
وَحَدَّثَنِي الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بُكْتُكِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ طَرِيفًا الْبَلْهَثِيَّ (6) يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ أَعْمَى إِلَى عَدِيٍّ يَزُورُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ. / فقال عديّ: بل كلّ خطوة حجّة» (ذ) ، أَوَرَدَ ذَلِكَ- أَدَامَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ لَهُ، وَمَدَحَ الْعُلَمَاءَ وَذَمَّ الْجُهَّالَ. وَذَكَرَ أحمد بن شجاع بن منعة (ر) عَنِ الْخَضِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَانِسِيِّ (7) ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ عَدِيًّا يَقُولُ- وَقَدْ ذَكَرَنَا عِنْدَهُ قَلْعَةَ إِرْبِلَ- فَقَالَ: بِهَا وَلِيَّانِ، أَحَدُهُمَا بِالْبَابِ الْغَرْبِيِّ، وَالْآخَرُ بِالْبَابِ الشَّرْقِيِّ، فِي السُّورِ كِلَاهُمَا» ، كَانَ بِالْبَابِ الْغَرْبِيِّ مَوْضِعٌ تُنْذَرُ لَهُ النُّذُورُ، تزعم النَّصَارَى أَنَّهُ الشَّهِيدُ الَّذِي كَانَ فِي حَبْسِ القلعة المعروف الآن بحبس الحلبي، وهو الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ عَدِيٌّ، وَهُوَ أَوْلَى. وَعَدِيٌّ هُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَى الْقَبْرِ الَّذِي بِعُقْبَةِ دَارَانَ (8) .
وَحَدَّثَنِي الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ بِالْمَوْصِلِ عَدِيًّا- وَأَنَا صَغِيرٌ- وَهُوَ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَسْمَرُ» .
أَخْبَرَنِي حَسَنُ بن عديّ (ز) أَنَّ عَدِيًّا تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ (س) .(1/115)
42- عديّ ابن أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ صَخْرِ بْنِ مُسَافِرٍ [555- 625 هـ]
هو أبو الفضائل عديّ ابن أبي البركات (1) ، كنيته اسمه (أ) ، ابْنُ أَخِي الشَّيْخِ عَدِيٍّ الْأَكْبَرُ. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ: يَزُورُونَهُ، إِلَّا أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْهُمُ الرُّعَاعُ وَالسِّفْلَةُ. نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب الحنبلي الْوَاعِظِ: سَأَلْتُ هَذَا الشَّيْخَ عَدِيَّ ابْنَ أَخِي الشَّيْخِ عَدِيٍّ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ: «وِلَدْتُ بَعْدَ مَوْتِ الشَّيْخِ عَمِّي بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ» . وَحَجَّ هَذَا الشيخ عديّ سنة إحدى عشرة وستمائة، وَعَادَ عَلَى الشَّامِ، وَقَدِمَ حَلَبَ وَنَزَلَ/ إِلَى زِيَارَتِه السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الَّظاهِرُ (2) - أَبْقَاهُ اللَّهُ- فِي خَانَكَاه الشِّهَابِ طُغْرِيلَ (3) ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ فُقَرَاءُ. وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ فُقَرَاءِ حَلَبَ، وَكَانَ أَكْثَرُ وَقْتِهِ مَشْغُولًا بِالسَّمَاعِ وَالرَّقْصِ عَلَى طَرِيقِ الْفَقَرَاءِ، وَحَضَرْتُهُ أَنَا وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غير دفّ وشبّابة (ب) . وهو ممن يقول بالنقطة والشكلة (ت) ، كما أخبرني من نطقه.. آخر كلامه (ث) .
تُوُفِّيَ فِي طَرِيق مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ فِي ذِي الحجّة من سنة خمس وعشرين وستمائة مُحْرِمًا- رَحِمَهُ اللَّهُ-، وَأَخْبَرَنِي وَلَدُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ حَسَنٌ أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِقَرْيَةٍ تُدْعَى «لَالُشَ» (4) ، مَضْمُومَةُ اللَّامِ مُعْجَمَةِ الشِّينِ. وَأَخْبَرَنِي أَنَّ الشَّيْخَ عَدِيًّا الْأَكْبَرَ، وُلِدَ فِي بِلَادِ الشَّامِ فِي مَوْضِعٍ يُعْرَفُ بِشُوفِ الْأَكْرَادِ (5) ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، بِضَيْعَةٍ تُسَمَّى «بَيْتَ فَارَ» (6) ، بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ، وتُوُفِّيَ فِي سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرَوَانِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَرَوَانٍ، كَذَا أَمْلَى عَلَيَّ نَسَبَهُ بَعْضُ ذِي قَرَابَتِه.
43- أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَدِيٍّ [592- 644 هـ]
هُوَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عديّ ابن أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ صَخْرِ بْنِ مُسَافِرِ بْنِ إسماعيل ابن مُوسَى (1) ، وَيَتَّصِلُ نَسَبُهُ عَلَى مَا فِي نَسَبِ عَدِيٍّ الْأَكْبَرِ. أَخْبَرَنِي(1/116)
أَنَّهُ وُلِدَ بِقَرْيَةٍ تُدْعَى «لَالُشَ» بِضَمِّ اللَّامِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، مِنْ قُرَى الْهَكَّارِيَّةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ الحادثة وَقَعَتْ مِنْ أَصْحَابِهِمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عَنْهُمْ/ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا عِظَامَ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَعْرُوفِ بابن الحداد (أ) من قبره وَأَحْرَقُوهَا وَأَخْرَبُوا الْمَقْبَرَةَ الَّتِي كَانَت فِيهَا، وَفَعَلُوا أَشْيَاءَ يَقْبُحُ ذِكْرُهَا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ عَدِيٍّ زَمَنَ حَيَاةِ أَبِي أَحْمَدَ شَحْنَاءُ عَظيَمَةٌ، تَعَدَّوْا عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى أَدَّى بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ نَزَلُوا عَلَيْهِ فِي وَلَايَةِ أَبِي مَنْصُورٍ قَايِمَازَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَجَرَحُوهُ جِرَاحًا كَثِيرَةً، فَأَخَذَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَاعْتَقَلَهَمْ وَأَدَّبَهُمْ. وَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَاوِيلِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ فَتَاوَى كَتَبُوهَا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، فَأَفْتَى فِي ذَلِكَ بِمَا يَرِدُ فِي هذا الموضع (ب) ، فَاسْتَدْعَاهُمْ أَبُو الْفَضَائِلِ لُؤْلُؤُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأتابكي (2) إلى الموصل، فجاؤا فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ وَخَيْلٍ كَثِيرَةٍ، فأَخَذَهَا مِنْهُمْ، وَقَالَ لَهُمُ: اعْبُدُوا اللَّهَ فِي تَلِّ التَّوْبَةِ (3) وَلَا تَقْرَبُوا زَاوِيَةَ الشَّيْخِ عَدِيٍّ، وَسَلَّمَهَا وَمَا معها الى أحمد ابن أَبِي الْبَرَكَاتِ (4) ، فَهُوَ مُقِيمٌ بِهَا.
وَوَرَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى إِرْبِلَ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا فِي الْقُبَّةِ الَّتِي بَنَاهَا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ (5) حِيَالِيَّ الْمَسْجِدَ الْعَتِيقِ، وَأَنْفَذَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ نَفَقَةً وَأَمَرَهُ أَلَّا يُقِيمَ، فَسَافَرَ لَيْلَةَ السَّبْتِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سنة سبع وعشرين وستمائة. وَهُوَ شَابٌّ جَمِيلُ الصُّورَةِ، فِي حَلْقِهِ سِلْعَةٌ (ت) ، كيّس الاخلاق حميد العشرة، أنشدني لنفسه: [المتقارب]
وَسَاقٍ يُشِيرُ بِأَلْحَاظِهِ ... فيُسْكِرُنَا وَهْوَ لَمْ يَثْمُلِ
بفيه المدام ولكنّها ... تصان وتحجب (ث) بالذبل (ج)
/ وَكَيْفَ اصْطِبَارِي يَا لُوَّمِي ... عَنِ الشُّرْبِ أَمْ كيف يا عذّلي؟(1/117)
وديني ونص اعتقادي المدام ... وحانه خمّارة منرلي «1»
وَقَوْلِي إِذَا مِتُّ لَا تَحْفُرُوا ... لِيَ الْقَبْرُ إلّا بقطربّل (6)
وأنشدنا لنفسه: [الرجز]
أَمْسَيْتُ لَا أَخْشَى الصُّدُودَ مِثْلَمَا ... أَصْبَحْتُ لَا أَرْتَاحُ لِلْوِصَالِ
وَلَيْسَ مِثْلِي مَنْ يَرُومُ سَلْوَةً ... وَلَا يَرَى الْمَيْلَ إِلَى الْمِلَالِ
وَحَدَّثَنِي، قَالَ: غنّى مغنّ يوما قوله: [الكامل]
لَا تَسْقِنِي وَحْدِي فَمَا عَوَّدْتَنِي ... أَنِّي أَشِحُّ بها على جلّاسي (ح) «2»
فقلت (خ) : [الكامل]
هَاتِ اسْقِنِي وَحْدِي فَمَا عَوَّدْتَنِي ... بِالشُّرْبِ بَيْنَ تَخَالُفِ الْأَجْنَاسِ
وَاسْقِ الْأَنَامَ إِذَا سَكِرْتُ بَقيَّتِي ... وَأَفِضْ عَلَى الْآفَاقِ فَضْلَةَ كَاسِي
مِنْ خَمْرَةٍ تَنْفِي الْهُمُومَ إِذَا بَدَتْ ... عَنِّي وَيُذْهَبُ شُرْبُهَا وَسْوَاسِي
حَمْرَاءَ صَافِيَةٍ تَوَقَّدَ نُورُهَا ... كَتَوَقُّدِ الْمِصْبَاحِ والمقباس «3»(1/118)
وأنشدني يرثي والده: [الرجز]
عيل اصطباري ونأى تجلّدي ... وبان عنّي بعدهم (د) ارْتَحَلْ
وَقَدْ بَقِيتُ حَائِرًا مُرْتَهَنًا ... أَنْدِبُ، رَبْعًا بَعْدَ عِزٍّ قَدْ عَطَلْ
وَأَسْأَلُ الْأَطْلَالَ عَنْ حِبِّي وَهَلْ ... يُفِيدُ تِسْآلُ الْمُحِبِّ لِلطَّلَلْ
وَفِي الحشى نار تشبّ كاللّظا ... وَدَمْعُ عَيْنِي مِنْ جُفُونِي قَدْ هَطَلْ
هَذَا وَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ فَرْطِ الْأَسَى ... أَمْرًا مَهُولًا مَا يَكَادُ يُحْتَمَلْ
أَيْسَرُهُ لَوْ أَنَّهُ أُلَقِي عَلِيَّ ... طَوْدٍ عَظِيمٍ شَاهِقٍ لَمَا حَمَلْ
/ وَمَعْ تجافي الحبّ قد عاندني ال ... دّهر الَّذِي حَكَّمْتُهُ فَمَا عَدَلْ
أذْهَبَ مَنْ كَانَ عِمَادِي فِي الرَّجَا ... وَمَنْ بِهِ نِلْتُ نِهَايَاتِ الْأَمَلْ
أَعْنِي بِهِ الْوَالِدَ، وَا لَهْفِي عَلَى ... عَيْشٍ بِهِ قَضَيْتُه بِلَا وَجَلْ
انْدَرَسَتْ طُرْقُ النَّدَى مِنْ بَعْدِهِ ... وَمَنْهَجُ الْعِلْمِ عَفَا ثُمَّ اضْمَحَلّ
لَهْفِي عَلَيْهِ وَعَلَى زَمَانِهِ ... لَهْفَ كَئِيبٍ مِنْ جَوَاهُ مَا أَبَلّ
وَحُزْنُ قَلْبِي أَبَدًا مُؤَبَّدٌ ... مَا يَنْقَضِي قَطُّ بِحَتَّى وَلَعَلّ
هَذَهِ نسخة الفتوى والجواب عنها (ذ) :
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ: سُئِلَ مَوْلَانَا حُجَّةُ الْإِسْلَامِ، عَلَمُ الشَّرِيعَةِ، مُفْتِي الْفِرَقِ، سَيُّدُ الْعُلَمَاءِ، عِمَادُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ- رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّسَ رُوحَهُ وَبَرَّدَ ضَرِيحَهُ بِمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ- عَنِ النَّقْطِ وَالشَّكْلِ وَالْأَعْشَارِ، فَمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَافِرٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: الْجَوَابُ.
«هَذَهِ ضَلَالَةٌ انْتَشَرَتْ، وَعَقِيدَةٌ فَاسِدَةٌ ظَهَرَتْ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مُبْتَدِعِهَا، وَغَضَبُهُ عَلَى مُخْتَرِعِهَا. فَقَدْ تَعَاظَمَ ضُرُّها، وَتَفَاقَمَ شَرُّهَا، وَقَدْ ضَلَّ بِهَا خَلْقٌ مِنَ الْعَوَامِّ وَذَوِي الْغَبَاوَةِ وَالطَّغَامِ. وَقَدْ أَنْكَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ نِكَايَةً أَعْظَم مِنْ فَتْكِ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَالصُّلْبَانِ، فَإِنَّهُ مَنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ الْكُفَّارِ مصيره إلى(1/119)
النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، ومَنْ مَاتَ عَلَى هَذَهِ الْمَقَالَةِ مآله نار الجحيم. لا جرم إنّ واضح هَذَهِ الْعَقِيدَةِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَلَا تُغْفَرُ حَوْبَتُهُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ مَاتَ عَنْ ضَلَالَتِهِ؟ وَتِلْكَ تَبِعَتُهُ وَبِدْعَتُهُ. فَهُوَ أَعْظَمُ جَرِيمَةً وَأَسْوَأُ حَالًا مِنَ الزَّانِي/ وَالْقَاتِلِ وَالْكَافِرِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَعْصِيَتُهُ تَخْتَصُ بِهِ، لَا جَرَمَ إِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ- تَعَالَى- عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَعْصِيَةُ هَذَا الضَّالِّ الْمُضِلِّ، فَهِيَ مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ مَاتَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «قَصَمَ ظَهْرِي رَجُلَانِ، عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ وَجَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ، هَذَا يُنَفِّرُ النَّاسَ بِتَهَتُّكِهِ، وَهَذَا يُضِلُّ النَّاسَ بِتَنَسُّكِهِ» ، وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ- تَعَالَى- (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أثقالهم) (ز) ، وتَحْتَ قَوْلِهِ- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ- (مَنْ سنّ سنّة حسنة كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة) (ز) . وَقَدْ أَمَرَتِ الصَّحَابَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ- بِتَجْرِيدِ الْقُرْآنِ عَنِ النَّقْطِ وَالشَّكْلِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ والتعاشير ورؤوس الْآيَاتِ حَذَارًا مِنْ هَذَهِ الْفِتْنَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَجَّاجَ (7) لَمَّا رَأَى إِطْبَاقَ الْخَلْقِ عَلَى أَنَّ مَا عَرِيَ الْمَكْتُوبَ فِي الْمُصْحَفِ بَيْن الدَّفْتَيْنِ، لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، أَمَرَ بِالنَّقْطِ وَالشَّكْلِ وَأَوَائَلِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالتَّعَاشِيرِ بِأَنْ يُثْبِتَ فِي الْمُصْحَفِ، لَا مِنْهُ عَنِ اعْتِقَادٍ أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَمَرَ بِحُصْرِ الْمَسَاجِدِ وَزِينَتِهَا.
فَأَيُّ جَهَالَةٍ أَعْظَمُ مِنِ اعْتِقَادِ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الْحَجَّاجُ وَأَمَرَ بِهِ يَصِيرُ كَلَامَ اللَّهِ- تَعَالَى- وَيَتَّصِفُ بِصِفَةِ الْقَدِيمِ؟ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَقُودُ إِلَى هُوَى هَذَهِ الْجَهَالَةِ، وَيَسُوقُ إِلَى هَذَهِ الضَّلَالَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمُعْتَقِدُ هَذَهِ الْمَقَالَةِ، إِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَعْنَى كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَى الْقَدِيمِ، وَأَصَرَّ بعد ذلك على (س) هَذَهِ الْعَقِيدَةِ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ، مَفْسُوخُ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَحِلُّ لمتولّ ولا سلطان وَلَا ذِي قُدْرَةٍ وَشَوْكَةٍ، تَقْرِيرَهُمْ عَلَى هَذَهِ الْعَقِيدَةِ، وَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ- إِنْ قَدِرَ/ عَلَى كَفِّهِمْ عَنْهَا وَمُعَاقَبَتِهِمْ عَلَيْهَا- وَقَصَّرَ وَأَهْمَلَ أَمْرَهُمْ، وَاللَّهُ- تَعَالَى- سَائِلُهُ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْهِ السعي في(1/120)
إِزَالَةِ هَذَهِ الْبِدْعَةِ بِمَا يَجِدُ إِلَيْهِ السَّبِيلَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ تَخْلِيدٍ فِي حَبْسٍ، أَوِ اسْتِتَابَةٍ لِمَنْ تَنْجَعُ التَّوْبَةُ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْمَأْجُورُ الْمُثَابُ الْمُجَاهِدُ فِي نَصْرَةِ دِينِ اللَّهِ- تَعَالَى- وَنَصْرَةِ رَسُولِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ الْجَاحِدُونَ. وَالْكَلَامُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ- تَعَالَى- مِمَّا لَا يُجِيزُهُ شَرْعٌ، وَلَا يَقْتَضِي بِهِ عَقْلٌ، بَلْ مُجَرَّدُ جَهْلٍ وَضَلَالٍ، وَحُبِّ رِئَاسَةٍ وَاسْتِتْبَاعٍ، وَمُثَابَرَةٍ عَلَى أَكْلِ حَرَامٍ وَاجْتِمَاعِ جَهْلٍ وَطَغَامٍ. بَاعَ آخِرَتَهُ بِعَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا، وَهُوَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُم يُحْسِنُونَ صُنْعًا، لَا جَرَمَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَسَبُوا وَلَا يقام لهم يوم القيامة وزنا» (ش) .
44- أَبُو مُحَمَّدٍ الْإِرْبِلِيُّ ( ... - 644 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عبد العزيز بن عثمان ابن أَبِي طَاهِرٍ الْإِرْبِلِيُّ (1) ، سَمِعَ الْحَدِيثَ بِدِمَشْقَ عَلَى أبي حفص عمر بن محمد بن طبرزذ (أ) فِي ثَانَيِ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وستمائة (ب) وَسَمِعَ غَيْرَهُ، لَمْ أَتَحَقَّقْهُ فاَذَكَرَ مِنْ حَالِهِ شيئا (ت) .
45- الخَطِيبُ السِّنْجَارِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 605 هـ)
هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (1) ، الخَطِيبُ بِسِنْجَارٍ هُوَ وَأَهْلُهُ (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ، وكان ينسخ بالأجر وينفقه عليه (أ) . سُمِعَ عَلَيْهِ كِتَابُ «دُرَرِ السَّنَّةِ» جَمْعُ أَبِي مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحِ بْنِ خلف الشّاشي (ب) الغزنوي (3) بروايته عن عمر ابن أبي بكر بن ملاعب البابردي (ت) الضَّرِيرِ (4) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابن نُوحٍ الْمُصَنِّفِ، وَذَلِكَ فِي عَاشِرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِإِرْبِلَ.
46-/الشَّرِيفُ الكنجي (القرن السادس)
هو أبو علي الحسين بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الفاطمي الجنزي (1) ،(1/121)
وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً وَأَتَمَّهُمْ خُلُقًا. سَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى جماعة منهم أبو محمد ابن فَضْلِ اللَّهِ السَّالَارِيُّ (2) وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ ابن أَبِي مَنْصُورٍ الْجُوَيْنِيُّ (3) ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّفَّارُ (4) ، وعلى غيرهم (أ) توفي بإربل في (ب) وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ.
47- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ الْحَازِمِيُّ (549- 584 هـ)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَازِمٍ (1) الْحَازِمِيُّ الْهَمَذَانِيُّ الْمُحَدِّثُ، الْإِمَامُ الْعَلَامَةُ الْمُصَنِّفُ الْحَافِظُ. وَرَدَ إِرْبِلَ وَحَدَّثَ بِهَا، مشهور وأخذ عنه المواصلة، وكان أَدِيبًا فَاضِلًا زَاهِدًا.
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ مِمَّا سُمِعَ عَلَيْهِ فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِمِائَةٍ (أ) ، أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَتَّانِيُّ (2) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ (3) فِي كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ غَالِبٍ البرقاني (4) ، قال: قرىء عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ نُوحِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْبُنْدَارِ الْبَجَلِيُّ (5) وَأَنَا أَسْمَعُ، قِيلَ لَه: أَخْبَرَكُمْ جَعْفَر بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ (6) قِرَاءَةً عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْمِصِّيصِيُّ (7) سَنَةَ ثلاث وثلاثين (ب) ، حدثنا أحمد ابن حَنْبَلٍ (8) ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ- وَهُوَ الشَّافِعِيُّ- قال: سمعت (ت) مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَجَلَانَ (9) يَقُولُ: «إِذَا أَغْفَلَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي، أصيبت مقاتله» . (ث) وَبَعْدهُ قُلْتُ: لَمْ يَسْمَع/ مَالِكٌ مِنِ ابْنِ عجلان إلّا هذا وحديث آخر فيما قيل- والله أعلم- (ج) .
مولده في سنة تسع وأربعين وخمسمائة (ح) ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ودفن بالشّونيزية (10) إِلَى جَانِبِ سَنُونِ بْنِ حَمْزَةَ (11) ، أَخْبَرَنِي بِهِ ابن الدبيثي (خ) . وَصَنَّفَ كِتَابَ «مُشْتَبَهِ النَّسَبِ» (12) وَهُوَ صَغِيرٌ، إِلَّا أَنَّهُ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ وَسَمَّاهُ «كِتَابَ اصْطِلَاحِ النُّسَّابِ في علم(1/122)
الْأَنْسَابِ» ، وَكِتَابَ «الِاعْتِبَارِ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنَ الْأَخْبَارِ» (13) وَهُوَ كِتَابٌ حَسَنٌ، وَهُوَ تُحْفَةُ السَّفِينَةِ (د) فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَكِتَابَ «الْفَيْصَلِ فِي مُشْتَبِهِ النسبة» (ذ) .
أَقَامَ بِبَغْدَادَ فِي حَدَاثَتِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَحِبَ الصُّوفِيَّةَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَصْحَابِ أبي بكر ابن سوسن (14) ، وأبي الحسين ابن الطّيّوري (15) وأبي سعد ابن خُشَيْشٍ (16) ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَمِعَ بِهَمَذَانَ أَبَا الْعَلَاءِ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ، وَأَبَا زُرْعَةَ طَاهِرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيَّ (17) .
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ أَبَا مُوسَى مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْمَدِينِيَّ الْحَافِظَ، وَخَلْقًا كَثِيرًا. وَسَافَرَ الْأَرْضَ طُولَهَا وَالْعَرْضَ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَهُ، وَكَانَ صَالِحًا دَيِّنًا وَافِرَ الْأَدَبِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَفُنُونِهِ. تُوُفِّيَ شَابًّا لم يبلغ الأربعين (ر) .
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الْإِمَامِ أَبِي الْخَيْرِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقَزْوِينِيِّ، فِي أَوَّلِ جُزْءٍ بِخَطِّ الحافظ (ز) ذكر فيه شيوخ القزويني وإجازاته: «كتبها بخطه الْحَافِظِ، فَرِيدِ عَصْرِهِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، زَيْنِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ موسى بن عثمان الحازمي الهمذاني» (س) .
48-/الْحَافِظُ أَبُو يَعْقُوبَ (527- 585 هـ)
هُوَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْقُوبَ، أَوْ أَبُو الْعِزِّ، وَقِيلَ أَبُو مُحَمَّدٍ (أ) ، يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ (1) . مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ، وَشَيْخٌ مَذْكُورٌ، أَقَامَ بِبِلَادِ خُرَاسَانَ وَكِزْمَانَ (2) وَبِلَادِ الْجِبَالِ (3) وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ وَبَغْدَادَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وسمع الأحاديث بها. وحدثني الثقة الصدوق (ب) أَنَّ مُقَامَهُ بِبِلَادِ الْعَجَمِ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ لمّا علم به سافر عنها (ت) . وَرَدَ إِرْبِلَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِهَا. وَحَدَّثَ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَبِلَادِ الْجَزِيرَةِ (4) ، وَلَهُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ يُدعَى «الْحَافِظَ» ، ولم(1/123)
أَتَحَقَّقْ صِحَّةَ تَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ. لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَسُمِعَ عَلَيْهِ فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ لِي أَنَّهُ كَانَ كَاتِبًا، أَخَذَ الْحَدِيثَ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ مِثْلِ أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ الْمَلِكِ ابن أبي القاسم (ث) ابن أَبِي سَهْلٍ الْكَرُوخِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ حمزة الموسوي (5) بهراة، وأبي القاسم سعيد ابن أحمد ابن الْبَنَّاءِ (6) ، وَالشَّريفِ أَبِي الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الخَطِيبِ الْهَاشِمِيِّ (7) ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نصر المقرئ (ج) وَغَيْرِهِمْ. وَأَخَذَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْدٍ (8) الْبَنْدَنِيجِيِّ (ح) ، وَأَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام (9) ، وأبي بكر ابن سلامة (10) بن أحمد بن عبد الملك ابن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبِي الْعَلَاءِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ، وَصَحِبَهُ بُهَمَذَانَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَأَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ بِآخِرِة. وَلَهُ غَيْرُ رِحْلَةٍ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ.
/ وَمِنْ حَدِيثِهِ فِي جُزْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي انْتَقَاهَا من مروياته (خ) ؛ أَخْبَرَنَا بِهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّائِغُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرُّسْتَمِيُّ (11) بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّرَّامُ (12) فِي كِتَابِهِ إِلَيَّ مِنْ نَيْسَابُورَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، حدثنا عبد الرحمن بن حمدان (د) الْجَلَّابُ (13) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خُرُّزَاذَ (14) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد العزيز ابن أَبِي رِزْمَةَ (15) ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أبي (ذ) ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ (16) : أَلَا أُحَدِّثُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (17) عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ (18) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ (19) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-: «يوم القوم أقرأهم» (ر) .(1/124)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ، عَلَوِيًّا فِي الْأَوَّلِ، فَكَأَنَّمَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ أَبِي رزمة (ز) . وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرَوَانٍ (20) عن محمد بن عبد العزيز ابن أَبِي رِزْمَةَ حَدِيثًا فِي تَفْسِيرِ «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»
(س) ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، كَأَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْإِسْنَادَ مِنَ الْبُخَارِيِّ نَفْسِهِ وَسَاوَيْتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَدَدِ (ز) ، وَمَاتَ الْبُخَارِيُّ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَدْفَنُهُ بِخَرْتَنْكِ بُخَارَى (21) ، مَشْهُورٌ يزار (خ) .
وَسَأَلْتُ عَنْهُ الشَّيْخَ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُودَ بْنَ علي ابن أَبِي بَكْرٍ الصَّائِغُ، وَعَنْ حِفْظِهِ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيْنَا جَمِيعَ أَسَانِيدِ الْكُتُبِ الَّتِي رَوَاهَا إِلَى مُصَنِّفِهَا، قَالَ:
فَشَكَّ فِي اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ رِجَالِهَا بَيْنَ أَحْمَدَ إِلَى مُحَمَّدٍ.، ثُمَّ رَاجَعَ فِيهِ نَفْسَهُ، فَقَالَ:
هُوَ مُحَمَّدٌ/ بِلَا شَكٍّ. قال: وكان حافظا (ح) . قال الدبيثي (ش) : مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَامِنَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. ذَكَرَهُ أَبُو المواهب الحسن بن هبة الله ابن صَصَرَى (22) فِي مَشْيَخَتِهِ (23) فِيمَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ عثمان ابن أَبِي بَكْرِ (24) بْنِ جَلْدَكٍ:
يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَ بَمَكَّةَ- حَرَسَهَا اللَّهُ- عن أبي القاسم ابن السّمرقندي (ص) وَالرَّئِيسِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَسَمِعَ مِنْهُ ابْنُ صَصَرَى بها» . وقال: بلغني وَفَاةُ يُوسُفَ هَذَا فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَنَّهُ وَقَعَتْ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ بِبَغْدَادَ مِنَ السَّنَةِ، وَكَانَ قَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ أَوْ حَلَّ عِنْدَهَا، وَاشْتَغَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِالتَّرَسُّلِ مِنْ وَالٍ إِلَى وَالٍ بِالْأَطْرَافِ وَوَلِيَ رُبُطًا بِمَدِينَةِ السَّلَامِ.
49- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأُرْمَوِيُّ ( ... - 619 هـ)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْأُرْمَوِيُّ (1) ، وَذَكَرَ لِي أَنَّ جَدَّهُ مِنْ بُخَارَى، فَهُوَ يَكْتُبُ فِي نَسَبِهِ: «الْبُخَارِيُّ جَدُّهُ، الْأُرْمَوِيُّ هُوَ وَأَبُوهُ» . وَرَدَ(1/125)
إِرْبِلَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ عِنْدَهُ كِتَابُ «الشِّهَابِ» لِلْقُضَاعِيِّ، فَأَسْمَعَهُ بِإِرْبِلَ. وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَنِ الشَّيْخِ الْحَافِظِ تَقِيِّ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ الشَّافِعِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمِصْرِيِّ (2) قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا/ بِهِ القضاعي المصنف سماعا، وهذا سند عال (أ) يَعِزُّ وُجُودُهُ، لَا بَلْ يَسْتَحِيلُ. وَلَمْ أَرَ عنده غيره، إلّا أنه كان عنده أشياء بنزول؟؟؟
(ب) مِنْهَا، إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَحَادِيثِ الزَّاهِد الْإِمَامِ محمد ابن رمضان (ت) بْنِ مَهْمَتٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جُزْءًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَجُلٌ، وَهَذَا نُزُولٌ ظَاهِرٌ، إِذِ الشَّيْخُ محمد بن رمضان تأخرت وفاته (ث) .
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الْأُرْمَوِيِّ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ أَوْرَدَ فِيهِ أَحَادِيثَ، وَأَنْفَذَهُ إِلَى أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيِّ (3) ، مَا حِكَايَتُهُ: «بَدِيهَةً كَاتَبَهُ لَمَّا رَأَى طَلْعَتَهُ الشَّرِيفَةَ وَغُرَّتَهُ الْبَهِيَّةَ، حين نزل الخطيب من المنبر: (البسيط)
مولى (ج) وَلِيٌّ لِدِينِ اللَّهِ مَحْمُودٌ ... وَظِلُّهُ فِي الْوَرَى مَا دَامَ مَمْدُودُ
لَا زَالَ فِي نِعْمَةٍ مُخَلَّدًا أَبَدًا ... إِذْ صَارَ بَيْنَ عَبَادِ اللَّهِ مَسْعُودُ
50- أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودٌ اللَّبَّانُ ( ... - 605 هـ)
هُوَ أبو الثناء محمود ابن أبي منصور ابن أَبِي طَاهِرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسَدٍ، وَاسْمُ أَبِي مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ، وَاسْمُ أَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ، اللَّبَّانِ الْمُقْرِئِ الْمَوْصِلِيِّ (1) .
شَيْخٌ صَالِحٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَلَقِيَ مِنْ رِجَالِهِ بِالْمَوْصِلِ جَمَاعَةً. وَكَانَ لَهُ دُكَّانٌ بِالْمَوْصِلِ فِي الْجِيَّةِ (2) يَبِيعُ بِهَا اللَّبَنَ وَمَا يَعْمَلُ مِنْهُ وَمَعَهُ فَاشْتُهِرَ. وَرَدَ إِرْبِلَ لِرَسْمٍ كَانَ لَهُ عَلَى الْفَقِيرِ إِلَى اللَّهِ أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٍّ. وَسُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَكَانَ شَيْخًا خَيِّرًا أَدِيبًا، وَكَانَ لَا بأس بشيء (أ) من أدب، أنشدني/ لنفسه:
(الكامل)
بِاللَّهِ إِنْ جِئْتَ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى (3) ... وَنَثَرْتَ جَمْرَكَ فِي مَسِيلِ الْوَادِي(1/126)
فَاذْكُرْ إِذَا جَاوَزْتَ بَطْنَ مُحَسَّرٍ (4) ... مُتَخَلِّفًا مُغْرًى بِذَاكَ النَّادِي
هَاجَتْ بَلَابِلُهُ وَحَنَّ فُؤَادُهُ ... لَمَّا حَدَا بِالسَّائِرِينَ الْحَادِي
وَتَذَكَّرَ الرُّفَقَاءَ لَيْلَةَ حَاجِرٍ (5) ... وحديثهم في السّير والتزداد
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَصِيدَةً يَمْدَحُ بِهَا أبا حامد محمد بن أحمد بن القاسم الشّهرزوري القاضي بالموصل (6) - رحمه الله-: (المنسرح)
قِفْ بِاللِّوَى إِنْ مَرَرْتَ بِالْحَاجِرِ ... وَعُجْ عَلَى النُّقْرَتَيْنِ (7) يَا سَائِرْ
وَانْشِدْ فُؤَادِي إِنْ جِئْتَ ذَا سَلَمٍ (8) ... وَخُذْ بِثَأْرِي إِنْ كُنْتَ لِي نَاصِرْ
فَعِنْدَ تِلْكَ الْأَبْيَاتِ طُلَّ دَمِي ... وَظَلَّ قَلْبِي مِمَّا رَأَى حَائِرْ
وَظَبْيَةٍ تُخْجِلُ الْهِلَالَ إِذَا ... تَمَّ وَأَمْسَى فِي لَيْلِهِ بَادِرْ
كَذَا أَنْشَدَهُ، وَصَوَابُهُ «مُبْدِرًا» بِالْأَلِفِ، يَكُونُ مِنْ بَدَر إِذَا عَجَّلَ
رَمَتْ فُؤَادِي- مَا عَادَ لِي- وَسَطَتْ ... عَلَيَّ مِنْهَا بِطَرْفِهَا الْفَاتِرْ
نَادَيْتُهَا وَالْحَجِيجُ مُزْدَحِمٌ ... وَالنَّاسُ بَيْنَ الْمَقْهُورِ وَالْقَاهِرْ
وَمِنْهَا بَعْدَ أبيات:
وقلت يا ستّ بعد هذه (ب) اللَّيْلَةِ يُضْحِي حَجِيجُنَا نَافِرْ. قَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ (9) عَلَى قَوْلِهِمْ «يَا سِتَّ» فِي كِتَابِهِ «كِتَابِ مَا يَلْحَنُ بِهِ الْعَامَّةُ» (10) فَصْلًا يُغْنِي عن ذكره هنا.
فالملتقى أين؟ (ت) قَالَتِ: الْخَيْفُ (11) يَا ... مَوْلَايَ إِنْ كُنْتَ لِلْحَصَى نَاثِرْ
/ وَوَدَّعَتْنِي وَبِتُّ مِنْ كَلَفِي ... بِهَا وَوَجْدِي لُيَيَلَتِي سَاهِرْ
مُرْتَقِبًا وَعْدَهَا الْكَرِيمَ عَسَى ... يَا صَاحِ أُمْسِي بِوَصْلِهَا ظَافِرْ
إِذْ أَقْبَلَتْ والْجَمَّالُ يَحْجُبُهَا ... وَالْوَفْدُ بَيْنَ الْمَبْهُوتِ وَالْحَائِرْ
تَرْمِي بِبَطْنِ الْوَادِي الْجِمَارَ فَكَمْ ... أُصْمِيَ مِنْ قَلْبِ عَابِدٍ ذاكر(1/127)
وَجِئْتُ أَسْعَى تُحَيْتَ هَوْدَجِهَا ... مُسَلِّمًا دَاعِيًا لَهَا شاكر
وقلت اعبدك الضَّعِيفُ بِلَا ... مُسْتَشْفِعٍ فِي الْهَوَى وَلَا نَاصِرْ
فَأَنْكَرَتْنِي وَأَنْكَرَتْ لَمَمِي ... بِهَا وَقَالَتْ: يَا جَائِرًا غَادِرْ
أَفِي مَقَامِ الْغُفْرَانِ تَطْمَعُ فِي ... وَصْلِي؟ وَهَاتِيكَ صَفْقَةُ الْخَاسِرْ
فَحِينَ عَايَنْتُهَا وَقَدْ صَرَمَتْ ... حَبْلِي تَمَسَّكْتُ بِالْفَتَى الْفَاخِرْ
الْأَوْحَدِ الْأَمْجَدِ الْمُهَذَّبِ محيي الدين ... (ث) ذِي الْبَذْلِ وَالْعَطَا الْوَافِرْ
وَمِنْهَا:
قَدْ كُنْتُ أَزْمَعْتُ أَنْ أَحُجَّ إِلَى ... الشَّامِ وَأَرْمِي الْجِمَارَ بِالْحَاضِرْ
وَأَنْ أُلَبِّي عَلَى قُوَيْقٍ (12) وَأَنْ ... أَجْعَلَ مَسْعَايَ بَيْتَكَ الطَّاهِرْ
وَمِنْهَا:
فَجَاءَنَا مُخْبِرٌ يُخْبِرُنَا ... إِنَّ الرِّكَابَ الْعَالِي لَنَا زَائِرْ
فَحِينَ حَقَّقْتُ ذَاكَ مِنْهُ لَثَمْتُ ... الْأَرْضَ شُكْرًا لِلْقَادِرِ الْقَاهِرْ
وَقُلْتُ: يَا فَقْرُ قُمْ فَقَدْ أَقْبَلَ ... الْمَوْلَى أبو حامد (ج) لَنَا جَابِرْ
وَمِنْهَا:
إِنْ كَانَ عِيسَى الْمَسِيحُ أحيا بإذ ... ن اللَّهِ فِي كُلِّ عُمْرِهِ عَازَرْ (13)
فَأَنْتَ أَحْيَيْتَ جملة الأرض بالبذ ... ل غِنَاءً عَنِ الْحَيَا الْمَاطِرْ
فَاسْمُ هَنَاءً بِالْعِيدِ يَا فَزْعَةَ ال ... أَعْيَادِ لَا زِلْتَ لِلْعُلَا ناصر
وأنشدني لنفسه أيضا- رحمه الله-: (المتقارب)
/ لقد شفّها أينها (ح) وَالسُّرَى ... وَحَثُّ الْحُدَاةِ وَجُذْبُ الْبُرَى
أَرِحْهَا، فَهَا رَبَوَاتُ الْعَقِيقِ (14) ... تَلُوحُ، وَهَا ذَاتُ عِرْقٍ (15) تَرَى
وَقَدْ أَسْفَرَتْ مِنْ رُبَى نَخْلَةٍ (16) ... مَعَاهِدُ سِرْبٍ لها بالقرى(1/128)
ولكنّما راميات الجمار ... سلبن (خ) بِذَاكَ لَذيذَ الْكَرَى
وَقَرَّبْنَ عَنْ بَدَنَاتِ الْهَدْيِ ... قلوبا لنا مثمنات (د) الشِّرَا
قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- المبارك ابن أبي بكر بن حمدان الموصلي (ذ) - عفا الله عنه-؛ توفي محمود ابن أَبِي مَنْصُورٍ اللَّبَّانُ بِالْمَوْصِلِ، فِيمَا قَرَأْتُهُ عَلَى ضَرِيحِهِ مَكْتُوبًا، يَوْمَ الْخَمِيسِ الثَّامِنَ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ (17) ، غَرْبِيَّ الْمَدينَةِ- رَضِيَ الَلَّهُ عنهما- (ر) .
51- أبو القاسم عبد الرحمن ابن الْغَسَّالِ (540- 616 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (أ) بْنُ عَبْدِ الغنيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْحَنْبَلِيُّ الْغَسَّالُ البغدادي (1) . شَيْخٌ حَسَنٌ ثِقَةٌ، سَمِعَ الْحَدِيثَ بِإِفَادَة وَالِدِهِ (2) وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَانَ أَبُوهُ (ب) أَحَدُ عُدُولِ بَغْدَادَ وَمُحَدِّثِيهَا. وَلَقِيَ مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ جَمَاعَةً، وَلَهُ إِجَازَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ عِدَّةِ مَشَايِخَ. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَسُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِهَا، لَقِيَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ بن عيسى، وأخذ عنه كتاب البخاري (ت) ، وشاهدت (ث) خَطَّهُ مَعَهُ بِسَمَاعِهِ، وَسُمِعَ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْمُظَفَّرِيَّةِ (3) . حَنْبَلِيُّ الْمَذْهَبِ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ، وَيُعْرَفُ جَدُّهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الغسال (4) بالحنبلي. سمع أبوه وجده الحديث، وكتبه أبوه، ومعه أجزاء بخطه هي أصوله (ج) .
سَمِعَ أَبُو الْقَاسِمِ هَذَا، عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ سعيد بن أحمد بن الحسن ابن الْبَنَّاءِ، وَعَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّمَّاكِ (5) مَعَ أَبِي طَالِبٍ الْمُبَارَكِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ خُضَيْرٍ الصَّيْرَفِيِّ، وَمَعَ وَالِدِهِ. وَسَمِعَ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ السَّلَامِيِّ، وَأَبِي سَعْدٍ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ أَحْمَدَ ابن أَبِي سَعْدٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِإِرْبِلَ وَغَيْرِهَا. وَكَانَ صحيح السّماع والإجازة.(1/129)
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ/ وُلِدَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وقال ابن الدبيثي: «ليلة الاثنين» . وولد أبوه عَبْدِ الْغَنِيِّ فِي عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْعِيدِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ في منتصف شوال سنة أربعين وخمسمائة (ح) . وَوُلِدَ جَدُّهُ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ في سنة تسع وخمسمائة (ج) . وَلِعْبِد الرَّحْمَنِ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ ناصر. (ج)
وَوَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِيهِ عَلَى كِتَابِ «أَخْبَارِ الصَّبْيَانِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى رُشْدِ الْغُلَامِ» (6) تَأْلِيفُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْعَطَّارِ (7) الذي يرويه أبو القاسم ابراهيم ابن أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْخِرَقِيُّ (8) عَنْهُ، وَيَرْوِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْآبَنُوسِيُّ (9) عَنْهُ، وَيَرْوِيهِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْهُ، بِخَطِّ أَبِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ (10) سَمَاعًا لِعَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْغَسَّالِ الْمَعْرُوفِ وَالِدُهُ بِالْحَنْبَلِيِّ الْبَزَّازِ. وَلَهُ أَيْضًا إِجَازَةٌ مِنِ ابْنِ الْآبَنُوسِيِّ. وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ بِخَطِّ ابْنِ نَاصِرٍ: «سَمَاعُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ عبد الغني بن محمد بن سعد الحنبلي الْبَزَّازِ مِنْ لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ» . وَسَمِعَ أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ ابن سَعْدٍ الْغَسَّالُ هَذَا الْجُزْءَ عَلَى ابْنِ الْآبَنُوسِيِّ هَذَا، فَسَمِعَ جَدُّهُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي يَاسِرٍ أَحْمَدَ بْنِ بُنْدَارِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَقَّالِ (11) فِي طَبَقَةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ علي ابن الأخوة البيّع (12) ومحمود (خ) بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مَحْمُودٍ الْأَصْبَهَانِيِّ (13) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. وَسَمِعَ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَهْدٍ الْعَلَّافَ (14) . وَسَمِعَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الْغَسَّالَ بِقِرَاءَةِ ابْنِ نَاصِرٍ عَلَى أَبِي غَالِبٍ أَحْمَدَ (15) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ المعيّر (د) ، وسمع أبا سعد أحمد ابن محمد ابن أبي/ سعد البغدادي (ذ) وأبا البركات عبد الوهاب بن المبارك ابن أحمد بن الحسن الأنماطي (ر) .
كَتَبَ إِلَيَّ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ(1/130)
الْأَخْضَرِ (16) بِخَطِّهِ عَلَى يَدِهِ مَا صُورَتُهُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا الشَّيْخُ الْجَلِيلُ، أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الشَّيْخِ الْعَدْلِ عَبْدِ الغني بن محمد بن سعد الغسال، المعروف بِابْنِ الْحَنْبَلِيِّ الْبَزَّازِ، مِنْ بَيْتِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ، وَأَهْلِ الْقِرَاءَةِ وَالْحَدِيثِ، مَعْرُوفٌ بِالْإِصَابَة وَالدِّيَانَةِ، وَالْعَفَافِ وَالصِّيَانَةِ.
وَقَدْ أَفَادَهُ وَالِدُهُ بِالسَّمَاعِ مِنَ الشُّيُوخِ الْمَعْرُوفِينَ وَالرُّوَاةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَهُ الْإِجَازَةُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِهِمْ، وَالْمُكْثِرِينَ مِنْ رُوَاتِهِمْ، مِثْلِ الْحَافِظِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزَّاغُونِيِّ، والقاضي الأرموي، وهبة الله ابن الحاسب (17) ، وسعيد ابن الْبَنَّاءِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّلَّالِ (18) وَأَمْثَالِهِمْ، وَمَعَهُ خَطُوطُهُمْ بِذَلِكَ، وَلَهُ سَمَاعٌ صَحِيحٌ وَثَبَتٌ بِخَطِّ وَالِدِهِ مُقَيَّدٌ. وَهُوَ أَهْلٌ لِمَا يُسْعِدُ وَيُسْعَفُ بِهِ، وَحَقِيقٌ بِالْإِفَادَةِ وَالْإِعَانَةِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ. وَكَتَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْأَخْضَرِ فِي سَادِسِ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى رَسُولِهِ سَيِّدِنَا محمد النبي وآله» (ج) .
أَخْبَرَنِي وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ (19) أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي شَعْبَانَ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ الدبيثي: «يوم الأربعاء سادسه (ز) ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ» (20) .
52-/الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيُّ [536- 612 هـ]
هُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، كَذَا كَانَ يَكْتُبُ فِي نَسَبِهِ، الرُّهَاوِيُّ. أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ فِرِنْجِيًّا، وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ مَمَالِيكِ بَنِي أَبِي الْفَهْم (2) بِحَرَّانَ. نَشَأَ عَلَى الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالدِّينِ- كَذَا نُقِلَ إِلَيَّ- وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الرِّحْلَةَ الْوَاسِعَةَ.
نَقَلْتُ مِنْ جُزْءٍ: «وُلِدَ بِالرُّهَا (3) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» . وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وخمسمائة (أ) .(1/131)
أخبرني الوالي (ب) مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ أَنَّهُ عَتِيقُ أَبِي الْفَهْمِ رَئِيسِ حَرَّانَ (2) .
سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَكَتَبَهُ، وَأَتْقَنَ مَا نَقَلَهُ. حَنْبَلِيُّ الْمَذْهَبِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَالِيًا فِيهِ، كَانَ لَا يُنْكِرُ مَا جَرَى فِي أَمْرِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَرَّمَ وَجْهَيْهُمَا-،. وَذَكَرَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أهل الكوفة خرجوا من المختار ابن أَبِي عُبَيْدٍ (4) سَمُّوا أَنْفُسَهُمُ «التَّوَّابِينَ» (5) لِأَنَّهُمْ مِمَّنْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِهِ.
كَانَ فِي أَخْلَاقِهِ بَعْضُ الشراسة، وعنده شيء مِنْ كِبْرٍ، وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَسْمَعَ بِهَا، وَوَلِيَ التَّحْدِيثَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْمُظَفَّرِيَّةِ بِالْمَوْصِلِ (6) مُدَّةً قَرِيبَةً (ت) ، وَانْهَدَمَتْ عَنْ آخِرِهَا وَأَعَادَ عِمَارَتَهَا عَلَى غَيْرِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. وَرَحَلَ عَنِ الْمَوْصِلِ، فَهُوَ الآن بحرّان (ث) .
لَقِيَ الْإِمَامَ أَبَا الْعَلَاءِ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيَّ، وَأَبَا طَاهِرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ (7) الْأَصْبَهَانِيَّ السّلفي بالاسكندرية، وغيرهما من أهل العلم (ث) .
سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ ابن الخشّاب، وأبي محمد الموصلي (ج) ، وأبي الحسين بن يوسف (ر) ، والكلمة شهدة، ويحيى (8) /بن عبد الله (ح) ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَرَحَلَ إِلَى وَاسِطَ (9) فَسَمِعَ بِهَا من أبي العباس ابن الجلخت (10) ، وأبي الفتح ابن عَبْدِ السَّمِيعِ (11) ، وَسَمِعَ بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْكَتَّانِيِّ الْمَوَاقِيتِيِّ (12) وَغَيْرِهِ، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ أَبِي عَبْدِ الله الرّستمي (خ) ، وَمَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ (13) وَبِهَرَاةَ مِنْ نَصْرِ بْنِ سَيَّارِ بن صاعد (14) وأبي محمد عبد الجليل ابن أَبِي سَعْدٍ الْمُعَدِّلِ (15) ، وَبِنَيْسَابُورَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيِّ (16) . حَدَّثَ بِالْكَثِيرِ وَسَمِعَ عَلَيْهِ طَلَبَةُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ، سَمِعْتُ مِنْهُ وَأَجَازَ لِي.
بَلَغَتْنِي وَفَاتُهُ بِحَرَّانَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وذلك(1/132)
فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ، وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ، وَقَالَ؛ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الرّهاوي الفهمي مولاهم، في جمادى (د) سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِحَرَّانَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الخطيب أبو عبد الله ابن تَيْمِيَّةَ، وَدُفِنَ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ بِبَابِ الْكَبِيرِ. وَسَمِعْتُ الْفَقِيرَ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أَبَا سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بن علي يقول: «كنت ازوره بحران (ذ) ، وَكَانَ كَثِيرًا يَزُورُ أُمَّهُ- وَهِيَ فِرِنْجِيَّةٌ عَلَى دِينِهَا- فَقُلْتُ: لَمَ لَا تَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ؟ فَقَالَ: هِيَ امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ وَلَا تَرْجِعُ عَنْ دِينِهَا أَبَدًا، فَلَا يُفِيدُ قَوْلِي لَهَا.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَزُورُهَا؟ فَقَالَ: أَعْلَمُ أَنَّهَا تَشْتَاقُ إِلَيَّ، فَأَزُورُهَا لِتَبِلَّ شَوْقَهَا» ، أَوْ كَمَا قَالَ.
53- أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدٌ الْبَكْرِيُّ [518- 615 هـ]
هُوَ أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرُوكٍ الْبَكْرِيُّ (1) - رَحِمَهُ اللَّهُ-. وَكُنْيَةُ مُحَمَّدٍ الثَّانِي أَبُو سَعْدٍ، وَكُنْيَةُ مُحَمَّدٍ الثَّالِثِ أَبُو سَعِيدٍ- وَعَمْرُوكٌ هُوَ ابْنُ أَبِي/ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ النَّضْرِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- شَيْخٌ كَبِيرٌ صُوفِيٌّ سَمِعَ الْحَدِيثَ. لَقِيَ الْخَطِيبَ ظَهِيرَ الدِّينِ أَبَا الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري (2) اجازة. وَسَمِعَ عَلَيْهِ- وَلَهُ مِنْ أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيِّ (3) إِجَازَةً. وَرَدَ إِرْبِلَ وسُمِعَ بِهَا، وَوَرَدَ الْمَوْصِلَ وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، مِنْهُم الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ (4) فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَفِيهَا وَرَدَ إِرْبِلَ. وَوَرَدَ ابنه (أ) الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ (5) فِي هَذَهِ السَّنَةِ- وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ- إِرْبِلَ، وَسَمِعَ مِمَّنْ بِهَا مِنَ الْمَشَايِخِ وَأَخَذَ عَنْهُمْ، وَهُوَ شَابٌّ لَطِيفٌ عَاقِلٌ كَيِّسٌ، عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ فِقْهٍ إِلَّا أَنْ مَيْلَهُ إلى(1/133)
الْحَدِيثِ أَكْثَرُ. حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الطَّلَبَةِ- والله أعلم- (ب) .
مولده بنيسابور سنة ثمان عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
54- ابْنُ الْقَطِيعِيُّ [546- 634 هـ]
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ محمد بن (أ) أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ الصَّفَّارُ الْقَطِيعِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (1) -، مِنْ قَطِيعَةِ بَابِ الْأَزْجِ (2) ، وتعرف بقطيعة العجم.
ورد إربل، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ السِّجْزِيَّ وَكَانَ شَابًّا، وَسَمِعَ حَدِيثَ بَغْدَادَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُذَيِّلَ «تَارِيخَ بَغْدَادَ» عَلَى تَارِيخِ السَّمْعَانِيِّ (3) ، فَمَا أَعْلَمُ صِحَّةَ ذَلِكَ. قَرَأْتُ عليه بالأثبات ... (ب) الْبُخَارِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.
ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن سعيد ابن الدُّبَيْثِيِّ فِي تَارِيخِهِ (4) ، فَقَالَ:
بَكَّرَهُ وَالِدُهُ وَأَسْمَعَهُ/ فِي صِغَرِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ مُحَمَّد بْنِ عبيد الله ابن الزّاغوني، ومن أبي القاسم نَصْرِ بْنِ الْعُكْبَرِيِّ (5) الْوَاعِظِ، وَمِنَ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيِّ الْمَكِّيِّ، وَمِنْ أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ عِيسَى بْنِ شعيب السجزي، وأبي الحسن (ت) محمد ابن أبي (ث) المبارك ابن الْخَلِّ (6) الْفَقِيهِ، وَمِنْ نَفْسِهِ (7) . ثُمَّ سَمِعَ هُوَ بنفسه الكثير من أصحاب أبي الحسن ابن العلّاف، وأبي القاسم ابن بيان، وأبي علي ابن نبهان، وأبي طالب ابن يُوسُفَ، وَمِنْ بَعْدِهِمْ. وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَرَحَلَ إِلَى الشَّامِ وَكَتَبَ عَنْ جَمَاعَةٍ.
وَجَمَعَ تَارِيخًا لِبَغْدَادَ ذَكَرَ فِيهِ مُحَدِّثِيهَا وَغَيْرَهُمْ. سَمِعْتُ مِنْهُ أَكْثَرَ البخاري، وشيئا عن أبي بكر ابن الزَّاغُونِيِّ. سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَن الْقَطِيعِيِّ عَنْ مَوْلِدِهِ فَقَالَ:
وُلِدْتُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وخمسمائة» (ج) .
55- أَبُو يَحْيَى الْجِيلِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 597 هـ]
هُوَ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(1/134)
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْجِيلِيُّ الْهُمَامِيُّ (1) . قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجًّا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. سَمِعَ مَعَ وَالِدِهِ أَبِي زَكَرِيَّا (2) عَلَى أَبِي الْعَلَاءِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ، وَكَانَ دَيِّنًا مَسْتُورًا، نَزَلَ بِالْخَانِ الَّذِي فِي سُوقِ الصِّفْرِ (3) الْآنَ، وَوَجَدْتُ مَعَهُ كِتَابَ «بَحْرِ الْفَوَائِدِ فِي معاني أَخْبَارِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-» (4) ، وَعَلَيْهِ سَمَاعُهُ مَعَ أَبِيهِ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْعَلَاءِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الكتاب ما يأتي ذكره (أ) :
«أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ قَرَأَ وَالِدِي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَلَى أَبِي الْعَلَاءِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ/ الْهَمَذَانِيِّ وَأَنَا حَاضِرٌ أسمع، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْإِمَام أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ (5) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ السَّمَرْقَنْدِيُّ (6) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حساخ (ب) التَّمِيمِيُّ الْبُخَارِيُّ (7) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ الصُّوفِيُّ الْكَلَابَاذِيُّ (8) قَالَ: أنشدنا بعض العراقيين لقيس (9) : [الكامل]
ولقد هممت بقتلها من حبّها ... كيما (ت) تَكُونَ خَصِيمَتِي فِي الْمَحْشَرِ
حَتَّى يَطُولَ عَلَى السِّراطِ وُقُوفُنَا ... فَتَلَذَّ عَيْنِي مِنْ فُنُونِ الْمَنْظَرِ
ثمّ ارتجعت (ث) وَقُلْتُ رُوحِي رُوحُهَا ... فَإِذَا هَمَمْتُ بِقَتْلِهَا لَمْ أقدر
وأنشدني بعض اصحابنا: [الرمل]
أنا من أهوى ومن أهوى أنا (ج) ... نَحْنُ رُوحٌ وَحَوَانَا بَدَنَا
فَإِذَا أَبْصَرْتَنِي أَبْصَرْتَهُ ... وإذا أبصرته كنت أنا (ح)
قَالَ: أَرَادَ «بَدَنَانِ» ، فَأَسْقَطَ النُّونَ كَحَالِ مَنْ (خ) قَالَ: «تَبْكِي عَلَيْكَ نُجُومُ اللَّيْلِ وَالْقَمَرَا» ، أَرَادَ «القمران» ، فأسقط النون (د) .(1/135)
56- الْإِمَامُ الصَّالِحُ أَبُو حَامِدٍ التِّبْرِيزِيُّ [ ... - بَعْدَ سَنَةِ 588 هـ]
هُوَ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَهْمَتٍ التِّبْرِيزِيُّ (1) ، وَيُعْرَفُ بِالْمَهْمَتِيِّ، وَيُكْنَى أَيْضًا أَبَا بَكْرٍ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ الصَّالِحُ الْوَرِعُ، إِمَامُ أَئِمَّةِ الزُّهْدِ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَثْنَى عليه العجم فغالوا (أ) فيه. ونقلت (ب) من خط أبي طاهر (ت) مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ/ الْبُخَارِيِّ جَدِّ، الْأُرْمَوِيِّ هُوَ وَأَبُوه- كَذَا بِخَطِّهِ- قَالَ: «هُوَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ، إِمَامُ الْأَئِمَّةِ، بِحْرُ الْحِكْمَةِ، مُبَيِّنُ الشَّرِيعَةِ وَمُظْهِرُ الطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، حُجَّةُ الله على عباده في وقته» (ش) . ورد إربل وانعكف الناس عليه لِصَلَاحِهِ، وَسُمِعَ عَلَيْهِ. وَوَرَدَ مَرَّةً أُخْرَى، وَوَصَلَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَنَزَلَ بِالتُّرْبَةِ الْمُجَاهِدِيَّةِ (2) ظَاهِرَ الْبَلَدِ، فَزَارَهُ الْأَكَابِرُ وَالْعُلَمَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ شَيْءٌ، فَخَرَّجَ الشَّيْخُ الْإِمَامِ الْعَالِمُ أَبُو (ث) السَّعَادَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- مِنْ كِتَابِ «الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ» (3) عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَسَمِعَهَا عَلَيْهِ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ- وَأَتَيْتُهُ بِالْمَوْصِلِ فأَجَازَ لِي وَكَتَبَ خَطَّهُ، وَكَانَ مَعِي قَلَمٌ فِي آخِرِهِ عُقْدَةٌ، فَقَالَ:
احْذِفْهَا مِنَ الْقَلَمِ- أَوْ كَمَا قَالَ- فَقَدْ جَاءَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي الْقَلَمِ تُورِثُ الْفَقْرَ.
وَكَانَ شَيْخًا طَوِيلًا كَبِيرًا قَدْ نَهَكَتْهُ العبادة، وبلغ منه الاجتهاد. فَنَزَلَ إِلَى عَيْنِ الْقَيَّارَةِ (4) الَّتِي تَحْتَ الْمَوْصِلِ، وَهِيَ عَيْنٌ عَلَى دِجْلَةَ يَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ حَارٌّ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَإِلَى جَانِبِهَا أَعْيُنٌ أُخْرَى مُخْتَلِطٌ بَعْضُهَا بِبِعْضٍ، يَخْرُجُ مِنْ وَاحِدَةٍ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمِنَ الَّتِي تُلَاصِقُهَا مَاءٌ حَارٌّ، وَتَقْذِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيرًا يُهْدَى إِلَى الْمَوَاضِعِ، يُعْلَكُ فِي الْفَمِ، يَزْعُمُ النَّاسُ أَنْ تِلْكَ الْعَيْنِ الشَّدِيدَةِ الْحَرَارَةِ تُرَطِّبُ الْجِسْمَ، فَرَأَيْتُهُ عُرْيَانًا فِيهَا، وَهُوَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- جِلْدَةٌ يَابِسَةٌ عَلَى عِظَامٍ نَحِيفَةٍ. وَكَانَ لَطِيفَ الْأَخْلَاقِ، غَيْرَ نَافِرٍ مِنْ أَحَدٍ عَلَى مَا به من الضعف والكبرة» (ج) .(1/136)
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَمَضَانَ بْنِ عُثْمَانَ التِّبْرِيزِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرحمن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ/ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ الْكُشْمِيهَنِيُّ (5) - قَالَ: أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ (6) بن محمد بن الفضل (ح) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ ابن مُحَمَّدِ الزَّرَّادُ (7) وَأَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، هُوَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَرَاغِيُّ (8) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ مَعْقِلٍ الشَّاشِيُّ، عَنْ أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ التِّرْمِذِيِّ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبدة (خ) الصّبي (9) الْبَصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ (10) وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ (11) بْنُ الْحُسَيْنِ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَلِيمَةَ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ- قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ (12) عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (13) مَوْلَى غُفْرَةَ (14) ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ (15) مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا وَصَفَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ، وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ، كَانَ جَعْدًا رِجْلًا. وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطْهَمِ وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ، وَكَانَ فِي وجهه تدوير، ابيض مشرّب، أدعج العينين، أهذب الْأَشْفَارِ، جَلِيلُ «2» الْمُشَاشِ وَالْكَتَدِ، أَجْرَدُ ذُو مَسْرُبَةٍ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ، كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ فِي صَبَبٍ. وَإِذَا الْتَفْتَ الْتَفْتَ مَعًا.
بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ أَوْ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ. أَجْوَدُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم-» (د) .
وُلِدَ أَبُو حَامِدٍ فِي تِبْرِيزَ، وَأَقَامَ بِهَا إلى ان توفي وقبره هناك (ذ) ، إِمَامٌ عَالِمٌ زَاهِدٌ مَشْهُورٌ، شَيْخُ الصُّوفِيّة. قَرَأَ على الشيخ هبة الله (ر)(1/137)
الجيلي (16) الكوتمي (ز) ، وسمّي بذلك لكتمانه أحواله، وأبي ... (س) .
/ ثُمَّ غَابَ رُوحُه- رَحِمَهُ اللَّهُ- أَذْكُرُ وَفَاتَهُ إِلَّا أَنِّي لَا أُؤَرِّخُهَا «1» .
57- أَبُو الْفَرَجِ الْوَاسِطِيُّ [514- 618 هـ]
هُوَ أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن ابن أَبِي الْعِزِّ الْوَاسَطِيُّ (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ قَدِيمًا ثُمَّ غاب عنها زمانا وأتاها (أ) فِي زَمَنِ أَبِي سَعِيدِ كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، فَهُوَ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ رَغْبَةً فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ. أَخَذَ أَجْزَاءً كَثِيرَةً مِنْ حديث (ب) أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ عِيسَى- رَحِمَهُ اللَّهُ- بِإِفَادَةِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ صَدَقَةَ (2) بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ وَزِيرِ الْوَاسِطِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-، وَكَانَ صَحِبَهُ مِنْ وَاسِطَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَقَامَ فِي صُحْبَتِهِ. وَلَقِيَ غَيْرَ أَبِي الْوَقْتِ، إِلَّا أَنَّ أَحْسَنَ سَمَاعِهِ عن أبي الوقت. ويدّعي شيئا (ت) لَا لِحَاجَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَحِرْصِهِ عَلَى تَحْصِيلِ دُنْيَا، وَهُوَ بَخِيلٌ شَحِيحٌ. وَكَانَ يَكْتُبُ فِي التسميع «المقرئ» ، ولم يكن- إن شاء (ث) اللَّهُ- قَارِئًا فَكَيْفَ مُقْرِئًا؟
وَأَسْمَعَ بِإِرْبِلَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْمُظَفَّرِيَّةِ وَغَيْرِهَا، مِثْلِ حَلَبَ وَدِمَشْقَ وَغَيْرِهِمَا، جُمْلَةً مِنْ كُتُبُ وَأَجْزَاءٍ «2» . وَسَمِعَ أَبَا جَعْفَر احمد بن (ج) محمد العباسي، وأبا المظفر محمد ابن أحمد التريكي (ح) ، وأبا المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشَّبْلِيَّ (3) وَغَيْرَهُمْ.
حَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشيخ الامام صدقة بن وزير الخسروسابوري عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ بِبَغْدَادَ، يُنْشِدُ، وَقَدْ رِفَعَتْ إِلَيْهِ رُقْعَةٌ فِيهَا شِكَايَةٌ مِنْ يَهُودِيٍّ يُدْعَى ابْنَ كَمُّونَةَ (4) مُتَوَلِّيَ دَارَ الضَّرْبِ بها،(1/138)
وَالْمُسْتَنْجِدُ بِاللَّهِ (5) يَسْمَعُ وَعْظَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يُرَى، قَالَ: وَلَا أَعْلَم أَهِيَ لَهُ أَمْ لغيره: [الكامل]
يا ابن الخلائف من قريش والّذي ... طهرت مناسبه (خ) مِنَ الْأَدْنَاسِ
وَلَّيْتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ عَدُوَّهُمْ ... مَا هكذا كان بنو (د) الْعَبَّاسِ
/ مَا الْعُذْرُ إِنْ قَالُوا غَدًا: هَذَا الَّذِي ... وَلَّى الْيَهُودَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ؟
فِي مَوْقِفٍ مَا فِيهِ إِلَّا خَاضِعٌ ... أَوْ مُهْطِعٌ أو مقنع للرّاس
أعضاؤهم (ذ) فِيهِ الشُّهُودُ وَسَجْنُهُمْ ... نَارٌ وَحَاكِمُهُمْ شَدِيدُ الْبَاسِ
إِنْ كُنْتَ مَا طُلْتَ الدُّيُونَ مَعَ الْغِنَى ... فَغَدًا تُؤَدِّيهَا مَعَ الْإِفْلَاسِ
أَنْشَدَ: «مَطَلْتَ» رُبَاعِيًّا فقدّم الألف (ر) ، ثُمَّ قَالَ: «يَا ابْنَ هَاشِمٍ، أُذْكَرُ غَدًا يَوْمَ يَكُونُ الْحَاكِمُ اللَّهُ وَالشُّهُودُ الْجَوَارِحُ» . وَأَخَذَ فِي وَعْظِهِ ثُمَّ نَزَلَ، فَمَا أَحَسَّ إِلَّا وَقُطْبُ الدِّينِ (6) قَدْ أَوْثَقَ الْيَهُودِيَّ كِتَافًا، وَأَتَى بِهِ إِلَى الشَّيْخِ صَدَقَةَ، وَقَالَ لَهُ: مُر فِيهِ بِأَمْرِكَ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُعْزَلَ وَتُكَفَّ يده. فقال قطب الدين: «انفعل بِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا أمَرْتَ؟» فَقَالَ: أَنْتُمْ أَخْبَرُ، فَأُخَذَ جَمِيعَ مَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
وَجَدْتُ عَلَى وَرَقَةٍ فِي آخِرِ كِتَابٍ: «أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو عمرو مسعود (7) بن علي الأردبيلي (ز) - حَفِظَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ ابن الْبَيَاضِيِّ الْهَاشِمِيِّ (8) لِنَفْسِهِ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِ (9) بِأَمْرِ اللَّهِ- رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ- حِينَ وَلَّى ابْنَ فُضْلَانَ (10) الْيَهُودِيَّ- لَعَنَهُ اللَّهُ- بَعْضَ اعماله: [الكامل]
يا ابن الْخَلَائِفِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأُلَى ... طَهُرَتْ أُصُولُهُمْ مِنَ الأدناس
قلّدت امر المؤمنين (س) عَدُوَّهُمْ ... مَا هَكَذَا فَعَلَتْ بَنُو الْعَبَّاسِ
حَاشَاكَ مِنْ قَوْلِ الرَّعِيَّةِ إِنَّهُ ... نَاسٍ لِقَاءَ اللَّهِ أو متناس(1/139)
مَا الْعُذْرُ إِنْ قَالُوا غَدًا: هَذَا الَّذِي ... وَلَّى الْيَهُودَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ؟
إِنْ قُلْتَ: كَانُوا دَبَّرُوا أَمْوَالَكُمْ ... فَبُيُوتُهَا قَفْرٌ بِلَا أَكْنَاسِ
لَا تَذْكُرَنْ إِحْصَاءَهُمْ مَا وَفَّرُوا ... ظُلْمًا وَتَنْسَى مُحْصِيَ الْأَنْفَاسِ
/ وَخَفِ الْقَضَاءَ غَدًا إِذَا وَفَّيْتَ (ش) مَا ... كَسَبَتْ يَدَاكَ الْيَوْمَ بِالْقِسْطَاسِ
فِي مَوْقِفٍ مَا فِيهِ إِلَّا شَاخِصٌ ... أَوْ مُهْطِعٌ أَوْ مقنع للرّاس
أعضاؤهم فيها الشّهود وسجنهم (ص) ... نَارٌ وَحَاكِمُهُمْ شَدِيدُ الْبَاسِ
لَا تَعْتَذِرْ مِنْ صَرْفِهِمْ بِتَعَذُّرِ ... الْمُتَصَرِّفِينَ الْحُذَّقِ الْأَكْيَاسِ
مَا كُنْتَ تَفْعَلُ بَعْدَهُمْ إِنْ أُهْلِكُوا؟ ... مَا فِعْلُ وَغْدُ الْقَوْمِ فِي الْأَدْنَاسِ؟
وَحَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: حضرت طعام هذي (ض) بن جورين ابن الْكُرْدِيِّ (11) فَتَرَوَّحْتُ بِكُمِّي مِنْ كَثْرَةِ الذِّبَّانِ، وَسَمِعَنِي أَقُولُ: «لَيْتَ فِي بَيْتِي مِثْلَ هَذَا الذِّبَّانِ، فأمر لي بعشرة قواصر (ط) تمر، وعشر جرار سيلان (ظ) ، وَمِنْ جَمِيعِ مَا حَصَلَ عِنْدَهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ أَنَّهُ حَضَرَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فِي صُنْدُوقَيْنِ فَأَفْرَغَهُ، وَوَقَفَ قَائِمًا وَجَعَلَ يَرْكُلُهُ بِرِجْلِهِ وَالنَّاسُ يَأْخُذُونَ إِلَى أَنْ كَادَ يَنْفَدُ، فَقَالَ للذي جاء به: «اطلب سهمك» ، فأخذ منه جُمْلَةً زَوَّجَ مِنْهَا سَائِرَ مَنْ فِي دَارِهِ (ع) .
وَمِنْ حَدِيثِهِ مَا قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ، بِقِرَاءَةِ الشَّيْخِ صَدَقَةَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ وَزِيرٍ، يَوْمَ الْأَحَدِ ثَامِنَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمَدِينَةِ بَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله (غ) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيُّ (12) ، وَقَالَ أَخْبَرَنَا: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ احمد الشريحي (13) ، قال: حدثنا ابو محمد (ف) يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامُ (14) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ (15) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أيّوب بن (ق) مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،(1/140)
قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-: «أُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ/ الْأَرْضِ حَتَّى وُضِعَتْ فِي يَدَيَّ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتُمْ تنتفلونها» (ك) ، وربما قال: «تنتثلونها» (ل) .
وَكَانَ مُقَامَهُ آخِرًا بِالْمَوْصِلِ، وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ كُلَّمَا دَخَلَ مَدِينَةً أَثْبَتَ نَسَبَهُ فِيهَا. يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لَهُ شَيْءٌ طَائِلٌ مِنْ مَالٍ، كَانَ لَا يُفَارِقُهُ مَشْدُودًا عَلَى وَسَطِهِ.
سَأَلْتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ عُمُرِهِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ عَلَى أَبِي الْوَقْتِ وَلِي سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَيَكُونُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْمِائَةِ، وَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ جماعة كثيرون (ل) .
حَدَّثَنِي بَعْضُ الطَّلَبَةِ، وَكَتَبَ لِي بِخَطِّهِ: تُوُفِّيَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ الْوَاسِطِيُّ الثَّبْتُ- رَحِمَهُ اللَّهُ- في بكرة يوم الاحد خامس عشرين (م) جمادى الآخرة سنة ثمان عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ بِمَسْجِدِهِ فِي السِّكَّةِ (16) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَاهَانَ الْهَمَذَانِيُّ (17) ، رَجُلٌ مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ.
58- أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ الْمَكِّيُّ (574- 642 هـ)
هُوَ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّيْحَانِيُّ (1) الْمَكِّيُّ التَّمِيمِيُّ الدَّارِيُّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ-، شَابٌّ طَوِيلٌ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، يَعْقِدُ الْقَافَ إِذَا تَكَلَّمَ، عِنْدَهُ فَصَاحَةٌ وَلَهُ أَخْلَاقٌ حَسَنَةٌ. أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ وَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ عَلَى مَشَايِخِهَا. وَرَأَيْتُ مَعَهُ مُدْرَجًا فِيهِ خُطُوطُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَوَصْفِهِ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ. وَسَمِعَ بِإِرْبِلَ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي الْمَعَالِي صَاعِدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظِ وَغَيْرِهِ. وَكَانَ قَدْ وَصَلَ مِنْ مَكَّةَ صَبِيٌّ أَسْوَدُ صَبِيحُ الْوَجْهِ، فَأَخَذَ الْجَمَاعَةُ فِي ذكره، فقال: صاحبنا تركي إلّا إنه أسود (أ) . وَنَاوَلَنِي مُدْرَجًا فِيهِ قَصِيدَةٌ، ذَكَرَ/ أَنَّهَا بِخَطِّ سَالِمِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَكِّيِّ (2) وَمِنْ شِعْرِهِ انشدها عمّه(1/141)
(ب) أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بْنَ عَلِيٍّ الرّيحاني المكي (3) ، ونقلتها من خطه، أوّلها: (الكامل)
لَا، مَا يُسَاجِلُكَ الْغَمَامُ الْبَاكِرُ ... فِي الْمَكْرُمَاتِ ولا الخضمّ الزّاخر
وكذالك (ت) لَا يَحْوِي صِفَاتِكَ نَاظِمٌ ... لَوْ أنَّهُ نَظَمَ النّجوم وناثر
إذ لم يزل (ث) وَفْرٌ يُسَدِّدُهُ النَّدَى ... فِي كُلِّ نَاحَيَةٍ وَعِرْضٌ وَافِرُ
وَمَكَارِمٌ يَحْدُو بها الْحادِي إِذَا ... يَحْدُو ركائبه ويشدو السّامر (ج)
وَمِنْهَا:
أَعَلِيُّ كَمْ لَكَ مِنْ يَدٍ مَشْكُورَةٍ ... بَيْضَاءَ يَتْلُوهَا لِسَانٌ شَاكِرُ؟
أَنَا عَبْدُ أَنْعُمِكَ اللّواتي (ح) فِي الْوَرَى ... لَكَ شَاهِدٌ مِنْهَا هُنَالِكَ ظَاهِرُ
ورهين (خ) مِنَّتِكَ الَّتِي تَغْدُو لَهَا ... فِي الْحَيِّ وَهْوَ بِهَا مُقِيمٌ سَائِرُ
وَمِنْهَا:
نِعَمٌ ضَفَتْ وَصَفَتْ فقصّر (د) دُونَهَا ... مِنْ أَنْ يُسَاجِلَهَا الْغَمَامُ الْمَاطِرُ
وَتَهَلَّلَتْ منها (ذ) هُنَاكَ سَحَائِبٌ ... وَطَفُ الْأَسَافِلِ وَدْقُهَا مُتَوَاتِرُ
مِنَنٌ بِلَا مَنٍّ يُكَدِّرُ صَفْوَهَا ... يُثْنِي بِهَا بَادٍ عَلَيْكَ وَحَاضِرُ
فَإِذَا أُعِيدَتْ فِي النَّدِيِّ تَأَرَّجَتْ ... فَكَأَنَّمَا فَضَّ اللَّطِيمَةَ تَاجِرُ
وَنَقَلْتُ مِنْ ظَاهِرِ هَذَا الْمُدْرَجِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ بِخَطِّ عَمِّهِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَذْكُورِ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ عَمِّهِ، وَحَدَّثَنِي بِهَا وَهِيَ: «غَيْرُ بدع من الحضرة السامية بنعوتها، لا زالت تُطْلِقُ مِنْ حَبَائِسِ الْقَصَائِدِ مَأْسُورَ شَوَارِدِ الْمَحَامِدِ، وَتَعْبِقُ بِبَثِّ الْعُرْفِ وَنَشْرِهِ عَرْفَ الثَّنَاءِ وَنَشْرِهِ، وَتَطْلُعُ مِنْ شَجَرَةِ الْبِرِّ مَا يَجْنِي ثَمَرَ الشُّكْرِ، وَتُودِعُ مِنْ غُرَرِ الِامْتِنَانِ مَا يُنْطِقُ بِتَمْجِيدِهَا كُلَّ لِسَانٍ، أَنْ تَبْتَكِرَ أَبْكَارَ الْمَكَارِمِ وعونها (ر) وتبتدر أعيان/ المحاسن وعونها (ر) ، وَتُرَاقِبَ فُرَصَ الْإِنْعَامِ فَتَنْتَهِزَهَا، وَتُجْرِيَ طَلِقَ الْجَمُوحِ إِلَى غَايَاتِهَا فَتُحْرِزُهَا، وَتُتْحِفَ(1/142)
مِنْ بَحْرِ أَدَبِهَا مَا يُكَمِّلُ بِهِ الْمَنْقُوصَ، وَيَرِيشُ بَدَدَ مَدْحِهَا الْمَخْصُوصِ، وَتَخْلَعَ مِنْ نَسِيجِ فِكْرَتِهَا حُلَّةً مُوَشَّاةً بِمَسْجِدِ الْكَلَامِ، مَوْصُونَةً بِنِظَامٍ حَسَنِ النِّظَامِ، ضَاحِكَةً ضِحْكَ الْخَمَائِلِ غِبَّ قَطْرِ الْغَمَامِ. فَشُكْرًا لَهَا مِنْ مِدْحَةٍ كَسَتْ مَمْلُوكَهَا رِدَاءَ الْفَخْرِ، وَرَقَمَتْ مَجْدَهُ عَلَى جَبِينِ الدَّهْرِ، وَحَفِظَتْ عِنْدَهُ وَشَائِجَ الْفِكْرِ الْمُسْتَحَكِمِ، وَفتَحَتْ لَهُ بَابَ الرَّجَاءِ الْمُسْتَبْهِمِ، فَأَشْرَقَ فِي لَيْلِ الْمَطَالِبِ نجمه (ز) ، وَأَغْرَقَ مِنْ نَيْلِ الْمَآرِبِ سَهْمُهُ، وَاعْتَدَّهَا يَدًا كَرِيمَةً، وَمِنْحَةً عَظِيمَةً، وَمِنَّةً عَمِيمَةً، وَعَوْذَةً لِلدَّهْرِ وتميمة» : (الكامل)
فَهْيَ ابْنَةُ الْفِكْرِ الْمُهَذَّبِ فِي الدُّجَى ... وَاللَّيْلُ أسود رقعة الجلباب
بكر تورث (س) فِي الْحَيَاةِ وَتَنْثَنِي ... فِي السِّلْمِ وَهْيَ كَثِيرَةُ الْأَسْلَابِ
وَيَزِيدُهَا مَرُّ اللَّيَالِي جِدَّةً ... وَتَقَادَمُ الْأَيَّامِ حُسْنَ شَبَابِ
«وَلَمَّا سَرَحَ بَفَهْمِهِ فِي مَخْصِبِ اكلائها، وسبح (ش) بِطَرْفِهِ إِلَى مَوْقِعِ أَنْدَائِهَا، وَأَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى مطرب غنائها، وجد (ص) مَنْ أَقْدَرُهَا عَلَى نَضْدِ نِظَامِهَا وَإِنْشَائِهَا، سَمَاعِ (ض) أَلْفَاظِهِ السِّحْرِيَّةِ، الْفَاضِحَةِ لِلْخَمَائِلِ الْهَجْرِيَّةِ، الْمُتَضَوِّعَةِ النَّفَحَاتِ الشِّحْرِيَّةِ فِي الْإِنَاءِ الشَّحَرِيَّة. وَعَلِمَ أَنَّ بَحْرَ فضلها الخضمّ لا يغيض تيّاره (ط) ، وُبَدْرَ دُرِّهَا الْمُقْمِرُ لَا تَغِيبُ أَنْوَارُهُ. وَسَأَلَ اللَّهَ- تَعَالَى- أَنْ يُغَلِّبَ الْمَجْدَ عَلَى الْجِدِّ، وَيَنْصُرَ الِاسْتِحْقَاقَ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَيُصْلِحَ قَلْبَ الزَّمَنِ الْوَاجِدِ، وَيُوقِظَ طَرْفَ الْحَظِّ الْهَاجِدِ، لِيَجْرِيَ النَّمِيرُ إِلَى قَرَارِهِ، وَيَسْرِيَ الْمُنِيرُ إِلَيَّ خَالِيًا عَنْ سِوَارِهِ، وَيَرْوِيَ الصَّادِيَ الظَّمْآنَ، وَيَهْدِيَ الْحَائِرَ الْحَيْرَانَ (ظ) ، فَأَمَّا/ مَمْلُوكُهَا فَقَدْ عَقَدَ لَهَا عَقْدَ وِدَادٍ، وَقَامَ لِوَفَائِهِ كَفِيلًا وَزَعِيمًا، وَأَوْجَبَ لَهَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْوَلَاءِ، لَا يَمْطَلُ بِهِ مِنْ حُسْنِ فِعْلِهِ غَرِيمًا، وَإِنَّهُ مَعَ الْمُغَالَاةِ فِي الْمُوَالَاةِ، وَكَوْنِهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الْمُصَافَاةِ، لِيَعْتَرِفَ بقصور همّته لتراخي خدمته. ويقرّ بوجود (ع) مُعَاتَبَتِهِ لِتَأَخُّرِ مُلَاطَفَتِهِ، وَيَعْتَذِرَ مِنْ عِظَمِ جُرْمِهِ وَهَفْوَتِهِ لِتَمَادِي جَفْوَتِهِ. وَقَدْ أَقْدَمَ الْآنَ إِقْدَامَ الوقاح، وتعرّض(1/143)
فِيمَا بُعِثَ بِهِ لِلِافْتِضَاحِ، وَوَثِقَ بِأَنَّ ذَنْبَ الْمُعْتَرِفِ مَغْفُورٌ، وَبَاذِلُ الْجُهْدِ- وَإِنْ أَخْطَأَ- مَعْذُورٌ، وَرَجَا أَنْ يُلْحِقَ بِمَنْ نِيَّتُهُ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَيُجْرَى فِي الْمُسَامَحَةِ عَلَى مَا يَقْضِي بِتَصْدِيقِ أَمَلِهِ، وَإِنْ يَنْعَمْ بِسَتْرِ هَذَهِ الْعَوْرَةِ عمّن يتفقّد معائبها (غ) ، وَيَنْتَقِدِ التَّعَارُضَ وَالتَّنَاقُضَ الْمُودَعَيْنِ فِيهَا، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ أَسْمَى- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-» .
وَهَذَا لَفْظٌ حَسَنٌ وَمَعْنًى لَطِيفٌ، تَوَصُّلٌ إِلَى الْغَرَضِ دقيق. وأخبرني إنه (ف) تُوُفِّيَ عَنْ قَرِيبٍ، فَتَكُونُ وَفَاتُهُ إِلَى مُدَّةِ إِخْبَارِهِ- وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ- نَحْوٌ مِنْ تسع سنين، على ما أخبرني به (ق) .
59- أَبُو مُحَمَّدٍ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ (555- 636 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ، كُنِّيَ بِوَلَدِهِ، وَيُكَنَّى أَبَا الْخَيْرِ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بن أبي نصر مُحَمَّدِ بْنِ مُعَمَّرِ بْنِ نَصْرٍ التِّبْرِيزِيُّ (1) . شَيْخٌ دَيِّنٌ فَاضِلٌ مَشْهُورٌ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، نَقَّالٌ كَانَ بِإِرْبِلَ مُقِيمًا يَحُكُّ الْمَرْجَانَ، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ وَسَمَاعِهِ، وَرَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَنَيْسَابُورَ وَأَخَذَ عَنْ رِجَالِهِمَا. وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَ الْكَثِيرَ.
وَوَرَدَ إِرْبِلَ فَهُوَ مُقِيمٌ بِهَا، وَلَهُ مِنَ الْفَقِير أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ إِيجَابٌ يَصِلُهُ فِي أَوْقَاتِهِ. أَخْبَرَنِي/ أَنَّهُ وُلِدَ فِي سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ثم ولّاه (أ) دَارَ الْحَدِيثِ الَّتِي أَنْشَأَهَا- أَدَامَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- بِإِرْبِلَ، فَهُوَ شَيْخُهَا، سُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِهَا. صَنَّفَ عِدَّةَ مُصَنَّفَاتٍ، وَاخْتَصَرَ كِتَابَ «تَارِيخِ دِمَشْقَ» لِابْنِ عَسَاكِرَ (2) ، وَلَهُ كِتَابُ تَارِيخٍ صَغِيرٍ (3) ، وَجَمَعَ كِتَابًا فِي أَحْوَالِ (4) النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يدخل- كما قال- في ستين (ب) جِلْدًا، فَقُلْتُ لَهُ: «هَذَا مِمَّا لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِطُولِهِ، فَلَوِ اخْتَصَرْتِهُ» ، فَشَرَعَ فِي اختصاره، فهو يكتبه (ت) .(1/144)
وَمِنْ حَدِيثِهِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مِنْ لَفْظِهِ وكتابه، قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود ابن سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ (5) الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ (6) قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ شَاكِرُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (8) قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ (9) ، قال: حدثنا ليث بن سعد (10) (ث) وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْمُؤَيَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْإِخْوَةِ (11) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَغْرِبِيُّ (12) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ (13) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ (14) . قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (15) قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَّانُ (16) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قال: اخبرنا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ (17) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ (18) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يونس (ج) ، قال: حدثنا الليث بن سعد. وبه (ح) عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن خلّاد (خ) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ (19) ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدثنا الليث بن سعد. وبه عن أبي نعيم، قال: حدثنا محمد ابن عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ (20) ، قَالَ، حَدَّثَنَا/ أَحْمَدُ بْنُ يحيى الحلواني (21) ، قال: حدثنا أحمد ابن يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الصَّيْدَلَانِيُّ (22) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا الحارث بن أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ أبو(1/145)
نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ (23) وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ (24) فِي جَمَاعَةٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو خليفة (د) قالوا: حدثنا أبو الوليد (ذ) (هـ) قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمرٍ (26) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ (27) قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سعيده قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَأَخْبَرَنَا أَبُو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّفَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الاسماعيلي (28) قال: اخبرنا ابو زكريا يحيى ابن إِسْمَاعِيلَ الْمُزَكِّيُّ (29) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مَوْلَى قَفِيفٍ (30) قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (31) إِنَّهُ سَمِعَ الْمِسْوَرَ بْنَ محرمة (32) يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ (33) اسْتَأْذَنُونِي فِي أَنْ يَنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلَا آذَنُ لَهُمْ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ يُحِبَّ عليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ. فَإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» (ث) .
/ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عاليا ونازلا (ر) . فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيِّ (34) عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ (35) عَنْ أَبِيهِ (36) عَنِ الْوَلِيدِ بن كثير (37) عن محمد بن عمرو (ز) بن حلحلة (38) عن الزّهري (س) عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (39) عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو (ص) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ المسور بن مخرمة. فباعتبار هَذَا الْإسْنَادِ، كَأَنِّي سَمِعْتُهُ منِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وأبي داود السجستاني (ض) .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد (ط) الأصبهاني، قال:(1/146)
اخبرنا أبو منصور محمد (ظ) بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَادِيشَاه، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: اخبرنا ابو مسلم الكشّي (ع) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ وعبد الرحمن (40) بن حمّاد الشّعيثي (غ) ، قالا: حدثنا ابن عون (41) عن الشّعبي (ف) ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ (42) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ بَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ.
وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلًا، إِنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى، وَإِنَّ اللَّهَ مَا حَرَّمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُخَالِطَ الرُّبْيَةَ، وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطُ الرُّبْيَةَ يُوشِكُ أَنْ يجسر (ق) » (ث) .
أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ (ك) ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (43) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ (44) عَنْ أَبِيهِ (45) عن جده (ل) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ (46) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ (47) عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (48) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ- فَاعْتِبَارُ هذا الاسناد، كأني سمعته من مسلم (ض) .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللَّهِ/ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أحمد بن الحسين البيهقي، قال: حدثنا أحمد ابن الحسن (م) ، قال: اخبرنا أبو العباس الأصمّ (ن) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ (5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ (49) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (50) . وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ (ظ) بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ (و) أحمد بن محمد بن فادشاه، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيُّ (51) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ (52) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ (53) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ(1/147)
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ (54) ، عَنْ أَبِيهِ (55) عَنْ جَدِّهِ (56) إِنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ (57) لَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ (58) وَقَدْ أَسْلَمُوا، قالوا: إنّا أصل (لا) وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي سَعْدِ (59) بْنِ بَكْرٍ، يُقَالُ لَهُ زُهَيْرٌ يُكْنَى بِأَبِي صُرَدٍ (60) ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِِ، نِسَاؤُنَا عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللَّاتِي كَفَلْنَكَ.
وَلَوْ أَنَّنَا لحقنا (ى) الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ (61) وَالنُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ (62) ، ثُمَّ نَزَلَ بِنَا الَّذِي أَنْزَلْتَ بِنَا لَرَجَوْنَا عَطْفَهُ وَعَائِدَتَهُ عَلَيْنَا، وَأَنْتَ خَيْرَ الْمَكْفُولِينَ» ثُمَّ أَنْشَدَ «2» رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْرًا قَالَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ قَرَابَتَهُمْ وَمَا كَفَلُوا منه فقال:
(البسيط)
امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَدَّخِرُ
امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُفَرِّقٌ شَمْلَهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ
أبقت لنا الحرب هتّافا على حرب (أب) ... على قلوبهم الغمّاء والغرر (أت)
إِنْ لَمْ تُدَارِكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَعْظَمَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ
/ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ مَنْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَلَا يَرِيبُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ مَنْ كُنْتَ ترضعها ... إذ فوك يملاه من محضها الدّرر (أج)
لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فإنّا معشر زهر (أث)
إِذْ كُنْتَ طِفْلًا صَغِيرًا كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يَرِيبُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِمَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ، أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَمْوَالِنَا وَنِسَائِنَا «3» ، بَلْ تَرُدُّ علينا نساءنا(1/148)
وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ. وَإِذَا صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالنَّاسِ، فَقُومُوا وَقُولُوا نَسْتَشْفِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا، فَسَأُعْطِيكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ لَكُمْ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، قَامُوا فَكَلَّمُوهُ بِمَا أَمَرَهُمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لكم» ، وقال المهاجرون (أخ) : «أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ (63) : «أَمَّا أَنَا- يَا رَسُولَ اللَّهِ- وَبَنُو تَمِيمٍ (64) فَلَا» . وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ (65) مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ (66) :
«أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ (67) فَلَا» ، فَقَالَ بَنُو سُلَيْمٍ: «أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قال (أد) : يَقُولُ الْعَبَّاسُ لِبَنِي سُلَيْمٍ: «وَهَّنْتُمُونِي» . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّا مَنْ تَمَسَّكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ مِنْ هَذَا السَّبْيِ، فَلَهُ ست فرائض من اول ما (أذ) نُصِيبُهُ» . فَرَدُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُوسَى/ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (68) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ (69) عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ (70) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي هَذَا الْحَدِيثُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَالِيًا. أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ يَحْيَى بْنُ محمود ابن سَعْدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ (71) ، قَالَتْ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيذَةَ (72) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطبراني، قال: حدثنا عبيد الله بن رماحش (أز) الجشمي (73) ، قال حدثنا ابو (أس) عَمْرٍو زِيَادُ بْنُ طَارِقٍ (74) وَكَانَ دَنَتْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ، قَالَ سَمِعتُ أَبَا جَرْوَلٍ زهير ابن صرد الجشمي (أش) يَقُولُ: «لَمَّا أَسَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يوم حنين (75) يوم هوازن (أص) ، وَذَهَبَ يُفَرِّقُ النِّسَاءَ وَالسَّبْيَ، أَنْشَدْتُهُ هَذَا الشِّعْرَ: (البسيط)
امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ المرء نرجوه وندّخر (أض)(1/149)
امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُفَرِّقٌ (أط) شَمْلَهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ
أَبْقَتْ لَنَا الْحَرْبُ هتّافا على حرب (أظ) ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغَمَرُ
إِنْ لَمْ تُدَارِكْهُمُ نعماء تنشرها ... يا اعظم (أع) النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ
امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملأه من محضها الدرر (أغ)
إذ انت طفل صغير كنت ترضعها (أف) ... وإذ يزينك (أق) مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهُرُ
انّا لنشكر للنّعماء إن (أك) كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ
فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ ... مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهِرُ
يَا خَيْرَ مَنْ مَرَحَتْ كُمْتُ الْجِيَادِ بِهِ ... عِنْدَ الْهَيَاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ
/ إِنَّا نُؤَمِّلُ عَفْوًا مِنْكَ نَلْبَسُهُ (أل) ... هادي (أم) البريّة إذ (أن) تَعْفُو وَتَنْتَصِرُ
فَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا أَنْتَ واهبه (أه) ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ يُهْدَى لَكَ الظَّفَرُ
فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الشِّعْرَ قَالَ: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ.
وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. «وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن رماحس (أو) فِي غَايَةِ الْعُلُوِّ. وَوَقَعَ لِي سُبَاعِيًّا وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رُمَاحِسٍ (أو) ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ (76) وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ (77) وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى (78) . وَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى إِسْنَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (79) كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي دَاوُدَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النسائي (ض) .
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ (80) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ (81) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو طالب محمد بن محمد الْبَزَّازِ (82) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ (83) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ (84) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أنس ابن مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ ابْنٌ(1/150)
لِأُمِّ سُلَيْمٍ (85) يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمَازِحُهُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ.
فَدَخَلَ يَوْمًا فَوَجَدَهُ حَزِينًا، فَقَالَ مَا لِأَبِي عُمَيْرٍ؟ قَالُوا: يَا رسول الله مات نغره (ألا) الَّذِي كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. فَجَعَلَ يَقُولُ: «يَا أبا عمير ما فعل النّغير؟» (أى) هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَكَّارٍ (86) الْحِمْصِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ خُمَيْرٍ الْحَرَّازِيِّ (87) عَنِ الْجَرَّاحِ بن مليح (88) عن شعبة (ب ب) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ (89) عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أنس (ب ت) ، وقع لي عاليا كأنّي سمعته (ض) من النسائي (بث) .
60-/أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (542- 611 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَرَوِيُّ السَّائِحُ (1) ، مَوْصِلِيُّ الْمَوْلِدِ، كَانَ أبوه من أهل هراة، وأبو الحسن (أ) طَافَ الْأَرْضَ ذَاتَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَرَدَ إِرْبِلَ وامتدح بها قاضيها (ب) ، وَوَقَعَ إِلَيَّ شِعْرُهُ هَذَا فَلَمْ أُثْبِتْهُ.
فِيهِ فَضْلٌ وَعِنْدَهُ أَدَبٌ وَذَكَاءٌ، وَكَانَ خَرَّاطًا، وَلَمْ يَرِدْ مَدِينَةً إِلَّا وَكَتَبَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ بِهَا بِخَطِّهِ، فَقَلَّمَا يَخْلُو مَوْضِعٌ مَشْهُورٌ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَّا وَفِيهِ خَطُّهُ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَهُ عِيَالٌ عَلَيْهِ.
اسْتَقَرَّتْ بِهِ الْحَالُ بِحَلَبَ عِنْدَ سُلْطَانِهَا الْمَلِكِ الظَّاهِرِ أَبِي الْمُظَفَّرِ غَازِي بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ- أَدَامَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- فَهُوَ مُقِيمٌ إِلَى الْآنَ عِنْدَهُ، لَهُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْمَنْزِلَةُ الْوَافِرَةُ. وَبَنَى عَلِيٌّ رِبَاطًا وَوَقَّفَ عَلَيْهِ وَقْفًا فَهُوَ يَسْتَغِلُّ جَدَّهُ (ت) ، ويزوره الملك الظاهر كل عام (ث) ، وَقَدْ أَثْرَى مِنْ نِعْمَتِهِ، وَإِنَّمَا كَتَبْتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي الْآخِرِ إِلَى الِانْقِطَاعِ. وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ مِنْهَا «الْإِشَارَاتُ فِي مَعْرِفَةِ الزِّيَارَاتِ» (2) وَكِتَابُ «الْخُطَبُ الْهَرَوِيَّةُ لِلْمَوَاقِفِ الْمُعَظَّمَةِ النَّاصِرِيَّةِ» (3) ، بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِحَلَبَ فِي شَهْرِ «2» سَنَةَ إحدى عشرة وستمائة (ح) .(1/151)
ناولني أبو (خ) الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْمُتَزَهِّدُ الْخَرَّاطُ (4) - وَذَكَرَ لِي أَنْ كَانَ بَيْنهُمَا صُحْبَةٌ- جُزْءًا فِيهِ ما يجيء فيما (د) بَعْدُ، وَقَرَأْتُهُ وَهُوَ يَسْمَعُ، وَحَدَّثَنِي إِنَّهُ سَمِعَهُ من علي بن أبي بكر (ذ) ، وَهُوَ نُسْخَةُ مَا عَلَى التُّرْبَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا عَلِيُّ بْنُ الْهَرَوِيِّ بِظَاهِرِ مَدِينَةِ حَلَبَ عَلَى الجادّة الآخذة إلى دمشق (ر) عَلَى/ جَانِبَهَا الْغَرْبِيِّ، وَهُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى الصَّخْرِ، مَا هَذَهِ صُورَتُهُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. سُبْحَانَ مُشَتِّتِ الْعِبَادِ فِي الْبِلَادِ، وَقَاسِمِ الْأَرْزَاقِ فِي الْآفَاقِ. سَيَّرَ قَوْمًا إِلَى الْآجَالِ وَقَوْمًا إلى الآمال (ز) . هَذَهِ تُرْبَةُ الْعَبْدِ الْغَرِيبِ الْوَحِيدِ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيِّ. عَاشَ غَرِيبًا وَمَاتَ وَحِيدًا، لَا صَدِيقَ يَرْثِيهِ، وَلَا خَلِيلَ يَبْكِيهِ، وَلَا أَهْلَ يَزُورُونَهُ، وَلَا إِخْوَانَ يَقْصِدُونَهُ، وَلَا وَلَدَ يَطْلُبُهُ، وَلَا زَوْجَةَ تَنْدِبُهُ.
آنَسَ اللَّهُ وَحْدَتَهُ، ورحم غربته. وهو القائل (س) : سَلَكْتُ الْقِفَارَ، وَطُفْتُ الدِّيَارَ، وَرَكِبْتُ الْبِحَارَ، وَرَأَيْتُ الْآثَارَ، وَسَافَرْتُ الْبِلَادَ، وَعَاشَرْتُ الْعِبَادَ» ، فَلَمْ أَجِدْ صَدِيقًا صَادِقًا، وَلَا رَفِيقًا مُوَافِقًا. فَمَنْ قَرَأَ هذا الخط فلا يغترّ بأحد قط: (الكامل) .
طَفْتُ الْبِلَادَ مَشَارِقًا وَمَغَارِبًا ... وَلَكَمْ صَحِبْتُ لِسَائِحٍ وجليس (ش)
وَرَأَيْتُ كُلَّ غَرِيبَةٍ وَعِجَيبَةٍ ... وَلَقِيتُ هَوْلًا فِي رخاي وبوسي (ص)
أَصْبَحْتُ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى فِي وَحْدةٍ ... أَرْجُو إلهي أن يكون أنيسي
وعليه أيضا (ض) : «لَا ذَاكَ دَامَ وَلَا ذَا يَدُومُ» ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا: «بَنَوْا وَعَلَّوْا وَمَضَوْا وَخَلَّوْا» ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا: «كُنْ مِنَ الْفِرَاقِ عَلَى حَذَرٍ، هَذَا الْوَدَاعُ فَمَتَى الِاجْتِمَاعُ؟» ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا: «السَّلَامَةُ فِي الْوَحْدَةِ، الرَّاحَةُ فِي الْعُزْلَةِ» .
وَعَلَى الْجَانَبِ الشَّرْقِيِّ، مَا هَذَهِ صُورَتُهُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ/ هَذَهِ تُرْبَةُ الْعَبْدِ الْغَرِيبِ الْوَحِيدِ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيِّ، وَهُوَ الْقَائِلُ: ابْنَ(1/152)
آدَمَ، دَعْ الِاخْتِيَالَ فَمَا يَدُومُ حَالٌ، وَتُغَالِبُ التَّقْدِيرَ فَلَنْ يُفِيدَ التَّدْبِيرُ، وَلَا تَحْرِصْ عَلَى جَمْعِ مَالٍ يَنْتَقِلُ مِنْكَ إِلَى مَنْ لَا يَنْفَعُكَ شُكْرُهُ وَيَبْقَى عَلَيْكَ وِزْرُهُ، وَآخِرُ أَمْرِكَ بَطْنُ الْأَرْضِ قَبْرُكَ» .
وَعَلَى الْجَانِبِ الشَّمَالِيِّ، مَا هَذَهِ صُورَتُهُ: «لَا مَفَرَّ مِمَّا قَضَاهُ، وَلَا مَهْرَبَ مِمَّا أَمْضَاهُ، فَالسَّعِيدُ مَنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ» .
وَعَلَى عُضَادَتِيِ الْبَابِ مَكْتُوبٌ مَا هَذَهِ صُورَتُهُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يَقُولُ سَاكِنُ هَذَهِ التُّرْبَةِ: مَا مَرَّ الزَّمَانُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا غَيَّرَهُ، وَلَا عَلَى حَيٍّ إِلَّا أَقْبَرَهُ، وَلَا عَلَى رَفِيعٍ إِلَّا وَضَعَهُ، وَلَا عَلَى قَوِيٍّ إِلَّا ضَعْضَعَهُ» .
وَدَاخِلَ الْبَابِ مَكْتُوبٌ: «الطَّمَعُ يُذِلُّ الْأَنْفَسَ الْعَزِيزَةَ، وَيَسْتَخْدِمُ الْعُقُولَ الشَّرِيفَةِ» ، وَعَلَى الْقِبْلَةِ مَكْتُوبٌ الْآيَتَانِ اللَّتَانِ هُمَا آخِرُ سورة «لقمان» (ط) - عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَعَلَى الْقَبْرِ مَا هَذَهِ صُورَتُهُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحكيم (ظ) إِلَهِي لَيْسَ لِي عَمَلٌ أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ، وَلَا حَسَنَةٌ أَدُلُّ بِهَا عَلَيْكَ، غَيْرَ فَقْرِي وَفَاقَتِي وَذُلِّي وَوَحْدَتِي، فَارْحَمْ غُرْبَتِي، وَكُنْ أَنِيسِي فِي حُفْرَتِي، فَقَدِ الْتَجَأْتُ إِلَيْكَ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ، وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، يَا رَبِّ» .
وَعَلَى بِئْرِ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-/ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي هَذَهِ التُّرْبَةِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَظْهَرَ اللَّهُ هَذَهِ الْبِئْرَ الْمُبَارَكَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وستمائة» (ع) .
وَعَلَى الرِّبَاطِ الَّذِي أَنْشَأَهُ لَصِيقُ هَذَهِ التُّرْبَةِ: «بسم الله الرحمن الرحيم.
وقف هذا الرباط الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيِّ، عَلَى الْفُقَراءِ الصَّالِحِينَ الْمُتَدَّيِّنِينَ- تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ وَرَحِمَهُ- وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثنتين وستمائة» .(1/153)
وَعَلَى خِرْقَةِ الْكَفَنِ مَكْتُوبٌ: «هَذَا كَفَنُ الْعَبْدِ الفقير إلى ربه (غ) ، المعترف (ف) بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْهَرَوِيِّ. اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ وَارْحَمْهُ وَاغْفِرْ لَهُ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُكَ، وَلَا رَاحِمَ سِوَاكَ.
فَارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَفَقْرَهُ وَفَاقَتَهُ، وَآنِسْ وَحْدَتَهُ بِرَحْمَتِكَ يا أرحم الراحمين، يا رب» (ق) .
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ نَجْمِ بْنِ عَبْدِ الوهاب ابن عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الْحَنْبَلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الْوَاعِظِ: «مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْهَرَوِيِّ الَّذِي كَتَبَ عَلَى الْحِيطَانِ، فِي الْعُشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ» (ك) .
وَمِمَّنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى الْحِيطَانِ بِإِرْبِلَ وَغَيْرِهَا، أَلْبُ غَازِيُّ بْنُ أَرْغَازِيٍّ التُّرْكِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، وَكَانَ يَكْتُبُ حَسَنًا. وَرَدَ إِرْبِلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ/ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. نَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ بِحَائِطٍ بِجَامَعِ كَفْرِ عَزَّةَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدِي وَلِجَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَكَتَبَ أَلْبُ غازي (5) بن أرغازي المسري (ل) في محرم سنة ثَلَاثَ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ هِجْرِيَّةً» .
61- الشَّيْخُ أَبُو الْمَجْدِ إِسْمَاعِيلُ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو الْمَجْدِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ بَرَكَاتِ بْنِ مَنْصُورَ بْنِ بَادِ بْنِ جَبْرِ بْنِ مَلَكٍ (1) ، كَذَا أَمْلَى عَلَيَّ نَسَبَهُ. وَرُبَّمَا كَتَبَ: «إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ فيّاض بن فيض بن بابل (أ) مِنْ رَبِيعَةَ الْفَرَسُ (2) الْجَصَّاصُ الْمَوْصِلِيُّ» . سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَرَحَلَ فِيهِ إِلَى دِمَشْقَ. وَسَمِعَ الخَطِيبَ أَبَا الفضل عبد الله الطوسي (ب) وَغَيْرَهُ، وَاسْتَظْهَرَ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ، وَكَانَ يُقْرِئُهُ وَيَنْسَخُ بِالْأَجْرِ وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا. أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ مُدَّةً ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ فَأَقَامَ بِهَا.
أَنْشَدَنِي أَبُو الْمَجْدِ هَذَا، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ(1/154)
عبد السلام الكاتب (3) ، وأجاز لِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْن مُسْهِرٍ الْمَوْصِلِيُّ (4) قَالَ: أَنْشَدَنِي الْعَيْنُ زربي (5) بدمشق لنفسه:
(الكامل) .
أَبْصَرْتُ فِي الْمِرْآةِ شَيْبِيَ ضَاحِكًا ... فَلَقِيتُ مَبْسَمَهُ بِدَمْعٍ فَائِضِ
فَوَدِدْتُ أَنَّ بَيَاضَهُ فِي نَاظِرِي ... أَسَفًا وَأَنَّ سَوَادَهُ فِي عَارِضِي
62- أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ (546- 622 هـ)
. هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ (1) بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَلْمَانَ/ الْوَاعِظُ الْحَرْبِيُّ، مِنْ أَهْلِ الحربية (2) ، ويعرف بابن البرني (أ) ، حَنْبَلِيُّ الْمَذْهَبِ مِنَ الْمُغَالِينَ فِيهِ. أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ وَبِدُورٍ (3) . وُلِدَ بِبَغْدَادَ وَنَشَأَ بِهَا. وَرَدَ إِرْبِلَ بِآخِرَةٍ وَذَلِكَ- فِيمَا بَلَغَنِي- أَنَّهُ شَهِدَ فِي كِتَابٍ شَهَادَةً وَأَرَادُوهُ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهَا، فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَأَتَى إِرْبِلَ وَوَعَظَ بِهَا بِالْقَلْعَةِ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ وَعْظِهِ الفقير إلى الله- تعالى- أبو سعيد كوكبوري بْنُ عَلِيِّ بْنِ بُكْتُكِينَ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ مُنْعِمًا عَلَيْهِ. ثُمَّ سَافَرَ فَهُوَ الْآنَ مُقِيمٌ بِسِنْجَارَ.
سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْبَطِّيِّ (ب) ، وأبي بكر بن النّقور (4) ، وأبي علي ابن الرّحبي (5) ، وشهدت وغيرهم، وأسمعه (ت) . وبنى أبو القاسم علي بن المهاجر ابن عَلِيِّ (6) دَارَ حَدِيثٍ بِالْمَوْصِلِ وَرَدَّ أَمْرَهَا إِلَيْهِ (ث) لِيُسْمَعَ فِيهَا، فَكَانَ يُسْمَعُ فِيهَا الْحَدِيثُ. لَقِيتُهُ وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ وَالْمَوْصِلِ، وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْضُ اللُّطْفِ وَالدَّمَاثَةِ. لَقِيَ جَمَاعَةً مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ، وأخذ عنهم (ت) .
وَلَمَّا عَمِلَ ابْنُ مُهَاجَرٍ دَارَ الْحَدِيثِ، وَسَكَنَهَا ابْنُ الْبَرْنِيِّ، أَمَالَهُ عَنْ مَذْهَبِهِ- وَكَانَ شَافِعِيًّا- فَعَمِلَ فِيهِ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَيْشٍ الْعُتَّابِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (7) يُخَاطِبُهُ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ وَإِلَى مَيْلِهِ إلى ابن البرني: (الكامل)
بالحرف والصّوت القدي ... م (ج) ومن يشبه بالمثال(1/155)
وبحرمة الجهة التي اخ ... تصت بموضع ذي الجلّال
وبحقّ من منع الحسي ... ن بكربلا (8) شرب الزّلال
وبحقّ مولانا يزي ... د (ح) أخي المناقب والمعالي
/ وبكلّ مطوىّ الضّمير ع ... لى التبرصص (خ) والمحال
/ وبكلّ من أفنى جميع ال ... عمر في قيل وقال
وبمن ثناك عن التّمش ... عر (د) والتّعمّق في الجدال
وأراك أنّ الحقّ يؤ ... خذ مِنْ حَنَابِلَةِ الرِّجَالِ
مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعَ الحدّ ... يث وكلّ محفوف السّبال (ز)
وبحرمة الشّيخ الحدي ... د (9) مزيل أغطية الضّلال
لا تنس خادمك الموا ... لي بالدّعاء على التّوالي
المستجير بجود عد ... ل (ر) يَدَيْكَ مِنْ جَوْرِ الْعِيَالِ
وَلَهُ فِيهِ- وَكَانَ ابْنُ مُهَاجِرٍ قَدْ سَدَّ بَابَ سِقَايَةِ دَارِ الْحَدِيثِ الَّتِي بَنَاهَا، وَعَمِلَهَا حُجْرَةً يَكْتُبُ فِيهَا ابن البرني شروطا (ز) : (الكامل) .
قُلْ لِلْبُرَيْنِيِّ الَّذِي ... بِبَيَاضِ حُجْرَتِهِ يَتِيهُ
لَا تَعْجَبَنَّ فَكَمْ خَري ... فِيهَا وَمَا امْتَلَأَتْ فَقِيهُ
وأنشدنا أبو العباس أحمد بن أبي (س) القاسم الإسكندري، قال:
أنشدني إبراهيم ابن المظفر البرني لنفسه: (الخفيف)
كُنْتُ خِلْوًا مِنَ الْهُمُومِ زَمَانًا ... فَسَقَانِي الزَّمَانُ جُرْعَةَ مُرِّ
حَيْثُ سَوَّى فِي الْحُكْمِ لُبًّا بِقِشْرٍ ... وَتَجَارَى لَدَيْهِ وَدْعٌ بِدُرِّ
دَرَّ دَرُّ امرئ تقدّم قبلي سا ... ليا (ش) أَهْلَ دَهْرِهِ لَا يُوَرِّي
خَابَ مَنْ يَحْسَبُ السَّرَابَ شَرَابًا ... لَا يَرَى الْفَرْقَ بَيْنَ مُدٍّ وكرّ (ص)
يَا عَلِيمًا بِمَا يُجِنُّ ضَمِيرِي ... لَسْتُ أَبْغِي سِوَاكَ يَكْشِفُ ضُرِّي(1/156)
/ «أَتَمَنَّى عَلَى الزَّمَانِ مُحَالًا ... أَنْ تَرَى مُقْلَتَايَ طلعة حرّ» (ض)
وَجَدْتُ إِجَازَةً مَكْتُوبَةً بِخَطِّ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ (10) فِي سادس عشر رمضان سنة عشرين (ط) لِأَبِي الْمَعَالِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شُجَاعٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَصْرِيِّ (11) وَأَوْلَادِهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذلك، فقال «عمي فكتبت عنه» (ظ) .
بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ فِي مُحَرَّمٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، قُرْبَ قَبْرِ عُمَرَ بْنِ الْمَلَّاءِ. وَمَوْلِدُهُ بِالْمَوْصِلِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
63- ابْنُ ملاعب ( ... - 604 هـ)
هو أبو الحسن علي (أ) بن ملاعب (أ.) بْنِ عَلَوِيِّ بْنِ هَاشِمٍ الشَّاهِدُ (1) .
قَرَأَ الْقُرْآنَ على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي، وَكَانَ يُقْرِئُهُ بِإِرْبِلَ وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا. خَتَمَ عَلَيْهِ عِدَّةٌ كَثِيرَةٌ، كَانَ يَكْتُبُ الشُّرُوطَ بِالْأَجْرِ. تَوَلَّى النَّظَرَ فِي دَارِ الْمُضِيفِ (2) الَّتِي وَقَّفَهَا أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٌّ، دَخْلًا وَخَرْجًا. وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَكَانَ السُّلْطَانُ- أَعَزَّ اللَّهُ نَصْرَهُ- يُخْرِجُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَاصِلِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، فَحُسِدَ عَلَى ذلك وحوسب فنقص (ب) عليه جملة طولب بها، فَادَّعَى أَنَّهُ حِيفَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَاسَبَةِ، فَوُكِّلَ تَحْقِيقُ حِسَابِهِ إِلَيَّ، فَنَقَصَ مِنْهُ قَدْرٌ كَثِيرٌ، وَأُطْلِقَ لَهُ الْبَاقِي. كَانَ ظَاهِرُهُ الصَّلَاحُ وَالْخَيْرُ والدين. كتب إليّ ونقلته من خطه: (البسيط)
مَوْلَايَ إِنِّي وَمَنْ قَامَ الدَّلِيلُ بِهِ ... بَيْنَ الْبَرِيَّةِ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ
لَذَاكِرٌ نَاشِرٌ نعماك فابق لنا ... ما عرّد الورق في ايك وفي غرب (ت)
أَظُنُّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْأَيْكَ اسْمٌ لِشَجَرٍ مَعْرُوفٍ فقال: «وفي غرب» (ث) / والأيك الشجر الكثير الملتف (ج) ، وَالْأَيْكَةُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَنْ قَرَأَ «كذّب أصحاب الأيكة» (ح) الغيضة.(1/157)
رَأَيْتُهُ- رَحِمَهُ اللَّهُ- يَكْتُبُ فِي الشَّهَادَاتِ: «عَلِيُّ بن ملاعب بن علوي بن شاذن- بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ- الْمُعَلِّمِيُّ الشَّيْبَانِيُّ» ، فَرَاجَعْتُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ شَاذِنٌ» ، وَأَظُنُّهُ قَدْ كَانَ شَاذَانُ بِأَلِفٍ، فَنَقَلْتُهُ كما.... (خ) . تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ بِإِرْبِلَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وَمِنْ شِعْرِهِ مَا أَنْشَدَنِيهُ وَلَدُهُ أَحْمَدُ (3) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي الْقَاضِي أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ منعة (د) بإربل: (الرمل)
علّلاني بالأماني فلعلّي ... واعذر اني وَاعْذُلَا مَنْ رَامَ قَتْلِي
وَارْحَمَا مَنْ ظَلَّ يَحْسُو دَمْعَهُ ... كُلَّمَا غَنَّى حَمَامٌ فَوْقَ أَثْلِ
لَا أُحِبُّ لَفْظَةَ «يَحْسُو»
يَرْتَجِي طَيْفَ خَيَالٍ طَارِقٍ ... وَمَتَى يَطْرُقُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ
آهِ (ذ) إِنْ عَاوَدَ جَفْنِي وَسَنٌ ... وَسَرَى طَيْفٌ وَهَيْهَاتَ ومن لي (ر)
خَفِّفُوا عَنْ كَاهِلِي ثِقْلُ الْهَوَى ... مِثْلُكُمْ مَنْ فِي الْهَوَى يَرْحَمُ مِثْلِي
أَوَمَا يَكْفِي عَزَاءً (ز) أَنَّنِي ... نَازِحُ الْأَوْطَانِ عَنْ جَارٍ وَأَهْلِ
قَدْ عَدِمْتُ الْقُرْبَ وَالْوَصْلَ مَعًا ... وَعَطًا يَشْمَلُ مِنْ قاض أجلّ
هو عون الدين (س) مَوْلَى مَالِهِ ... فِي جَمِيعِ النَّاسِ مِنْ شِبْهٍ وشكل
طود عزّ ماله من مرتقى (ش) ... بَحْرُ جُودٍ فَيْضُهُ فِي كُلِّ سُبْلِ
أَيُّهَا الْمَوْلَى الَّذِي أَنْعَامُهُ ... وَنَدَاهُ كَالْحَيَا فِي كُلِّ مَحْلِ
/ لَا تُطِلْ مَطْلَ مُحِبٍّ صَادِقٍ ... فَعَذَابُ الدَّهْرِ فِي فَقْرٍ وَمَطْلِ
وَابْقَ لِلْعَلْيَاءِ مَا لَاحَ سَنَا ... بَارِقٍ أَوْ جَعْجَعَ الْحَادِي بِإِبْلِ
64- الْقَاضِي الْمَهَانِيُّ (547- 627 هـ)
هُوَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَهَانِيُّ (1) ، وَمَاهَانُ رُسْتَاقٌ كَبِيرٌ (2) يَضُمُّ قَرَايَا كَثِيرَةً بِالْقُرْبِ مِنْ أُشْنَهَ. وَلِيَ الْقَضَاءَ بِإِرْبِلَ وَأَقَامَ بها(1/158)
مُدَّةً، وَكَانَتْ وَلَايَتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ وَعُزِلَ عنها. وسبب عزله عنها (أ) ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ صِهْرٌ كُرْدِيٌّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَرْتَشِي، فَصُرِفَ عَنْهَا بِطَرِيقِهِ. عَارِفٌ بِالْمَذْهَبِ شَافِعِيِّهِ، أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ وَاشْتَغَلَ بِهَا، عِنْدَهُ سَلَامَةٌ كَبِيرَةٌ. (ب)
كَانَ صِهْرُهُ هُوَ الَّذِي يُعَرِّفُهُ كَيْفَ يَكْتُبُ إِذَا أَثْبَتَ كِتَابًا، وَيُرِيهِ صُورَةَ الْحُرُوفِ، يُتَرْجِمُ لَهُ ذَلِكَ بِاللُّغَةِ الْكُرْدِيَّةِ. وَوَلِيَ تَدْرِيسَ الْمَدْرَسَتَيْنِ بِالْقَلْعَةِ وَالرَّبْضِ (3) ، وَتَدْرِيسِ الْمَدْرَسَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْفَقِيرَةِ (4) الْمُطِلَّةِ عَلَى رِبَاطِ الْجُنَيْنَةِ (5) مِنْ شَرْقِيِّهِ، وَتُعْرَفُ أَيْضًا بِمَدْرَسَةِ الطِّينِ، وَقَّفَهَا الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٌّ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ. سَافَرَ إِلَى حلب في (ت) سنة ثمان عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ بِهَا- عَلَى مَا بَلَغَنِي- فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَلَمْ يُحَقِّقْ لِي ذَلِكَ.
65- ابْن طَبَرْزَدَ (516- 607 هـ)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانِ بْنِ أَبِي حَفْصِ بْنِ أَبِي بكر المؤدب (أ) / يُعْرَفُ بِابْنِ طَبَرْزَدَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّارَ قَزِيُّ (1) ، كَانَ يَسْكُنُ دَارَ الْقَزِّ (2) ، وَيَعْمَلُهُ بِبَغْدَادَ. سَمِعَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْمَع عَلَى مَشَارِيعِ بَغْدَادَ بإفادة أخيه أبي بكر بن محمد بْنِ مُحَمَّدٍ (3) ، وَيُكْنَى أَبَا الْبَقَاءِ. وَعِنْدَهُ بِخَطِّ أَخِيهِ أَجْزَاءٌ كَثِيرَةٌ. وَعُمِّرَ حَتَّى حَدَّثَ بِمَا سمّع (ب) مِرَارًا.
كَانَ سَبَبُ وُرُودِهِ إِرْبِلَ أَنَّ الْفَقِيرَ أبا (ت) سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، لَمَّا بَنَى دَارَ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ بِإِرْبِلَ مَنْ يُسَمِّعُ بِهَا، فمرت (ث) عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً. فَأَنْهَيْتُ هَذَا الْحَالَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: إِحْضَارُ مَشَايِخِ من بَغْدَادَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ يُسْمَعُ عَلَيْهِمْ، ثم عينته وعيّنت حنبلا (ج) لسماع المسند.
فكتب كتابا إلى الديوان (ح) الْعَزِيزِ- أَجَلَّهُ اللَّهُ- يَطْلُبُهُمَا، وَأَنْفَذَ لَهُمَا نَفَقَةً تامة، فوصلا في سنة اثنين وَسِتِّمِائَةٍ، فَنَزَلَا بِدَارِ الْحَدِيثِ بِإِرْبِلَ. فَسَمِعَ عَلَى ابْنِ طَبَرْزَدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَأَقَامَ مُدَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ سَمِعَ بِهِ وَبِحَنْبَلٍ الْمَلِكُ(1/159)
المحسّن أحمد (خ) بْنُ يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ (4) - فَكَتَبَ إِلَيَّ فِيهِمَا، وأنفذ يطلبهما من أبي سعيد كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، فَتَمَنَّعَ عَلَيْهِ أَيَّامًا حَتَّى اسْتَأْذَنَ الدِّيوَانَ الْعَزِيزَ فِي إِنْفَاذِهِمَا، فَأَمَرَ الدِّيوَانُ بإنفادهما، فَوَرَدَا دِمَشْقَ وَسُمِعَ عَلَيْهِمَا الْحَدِيثُ، وَعَادَا إِلَى بَغْدَادَ.
وتُوُفِّيَ ابْنُ طَبَرْزَدَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ رَجَبٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ (د) ، وَدُفِنَ عَاشِرَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِبَابِ حَرْبٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُتَّابِيِّينَ (5) وَدَارِ الْقَزِّ. حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سعيد بن الدبيثي، فقال: مولده (ذ) فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَكَانَ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ لَطِيفًا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ الْحَنَابِلَةِ. لَقِيَ كِبَارَ مَشَايِخِ بَغْدَادَ الْمُسْنَدِينَ مِثْلَ أبي غالب أحمد (6) بن البناء، والحريري (ر) وأبي القاسم بن الحصين (ز) وَأَبِي/ الْمَوَاهِبِ أَحْمَدَ بْنِ مُلُوكٍ الْوَرَّاقِ (7) وَأَبِي الْقَاسِمِ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّرُوطِيِّ (8) وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ (9) وَأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ ابْنَيْ أَحْمَدَ بْنِ دُحْرُوجٍ (10) وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ الأنصاري (س) وَخَلْقٍ كَثِيرٍ.
سُمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَادَ، وَوَرَدَ إِرْبِلَ جَمَاعَةٌ كَانُوا يُرِيدُونَ الرِّحْلَةَ إِلَيْهِ إِلَى بَغْدَادَ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي غَالِبِ بْنِ الْبَنَّاءِ. وَكَانَ مَعَهُ جُزْءٌ ظَهَرَ فِيهِ سَمَاعُ حَنْبَلِ بْنِ الْفَرَجِ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِ بَغْدَادَ، وَسَمِعَهُ ابْنُ طَبَرْزَدَ عَلَى عِدَّةِ مَشَايِخَ، وَأَرَادَوا أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنهُمَا السَّمَاعَ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ ابْنُ طَبَرْزَدَ لَا يَفْعَلُ. فَقُلْتُ:
يَحْضُرُ عَلَى الْعَادَةِ لِلسَّمَاعِ ثُمَّ يُقْرَأُ عَلَيْهِمَا، فَلَا يُنْكِرُ ابْنُ طَبَرْزَدَ ذَلِكَ، فَعَرَفَ حَنْبَلٌ هَذَهِ الْقَضِيَّةَ فَحَضَرَ. فَقُلْتُ: أَخْبَرَكُمَا شَيْخُكُمَا فُلَانٌ- وَسَمَّيْتَهُ- ثُمَّ قُلْتُ لِابْنِ طَبَرْزَدَ: وَأَخْبَرَكَ مَشَايِخُكَ- وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ- فَلَمَّا قال حنبل «نعم» ، جذب الجزء ابن (ش) طَبَرْزَدَ وَنَفَرَ، وَقَالَ: يَا حَنْبَلُ أَيْنَ سَمِعْتَ هَذَا الْجُزْءَ؟
فَقَالَ: فِي مَوْضِعِ كَذَا بِمَحِلَّةِ كَذَا عَلَى الشَّيْخِ فُلَانٍ، أَنْتَ أَيْنَ سَمِعْتَهُ؟ وَطَالَ الْخِصَامُ بَيْنهُمَا زَمَانًا حَتَّى سَكَنَا، وَسَمِعْنَاهُ عليهما بعد ذلك (ص) .(1/160)
أَخْبَرَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّاءِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ. أَخْبَرَنَا ابن مظفّر (ض) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَزَّازُ (11) أَخُو شُوَنْيِزَ (12) ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (13) - هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ- قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ (14) ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا (15) مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ (16) قَالَ: أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أقدّد (ط) لَهُ لَحْمًا فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْتُهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مولاي فضربني، فَأَتَيْتُ/ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ فَقَالَ: يُعْطِي الْمَسَاكِينَ طَعَامِي مِنْ غَيْرِ مَا آمُرُهُ. فَقَالَ: «الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا» .
هَذَا حَدِيث صَحِيحٌ أخرجه البخاري (ظ) عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ. قَوْلُهُ «أَقْدِرَ لَهُ» أَيْ أَطْبُخُ، يُقَالُ قَدَرَ وَاقْتَدَرَ، أَيْ طَبَخَ وَأَطْبَخَ، وَاقْتَدَرُوا طَبَخُوا فِي الْقِدْرِ، يُقَالُ أَتَقْدِرُونَ أم تشوون؟.
وأخبرني ابن طبرزذ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون (ع) سَمَاعًا عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَدُ بن علي البغدادي (غ) الحافظ، قال: أخبرني أحمد بن محمد بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَرْوَزِيُّ (17) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ (18) ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصُّولِيُّ (19) ، قَالَ أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ (20) ، قَالَ:
أَنْشَدَنَا إبراهيم بن العباس الكاتب (21) لنفسه: (البسيط)
كم قد تجرّعت من حزن ومن عصص ... إذا تجدّد حزن هوّن الماضي (ف)
وَكَمْ غَضِبْتُ فَمَا بَالَيْتُمُ غَضَبِي ... حَتَّى رَجَعْتُ بقلب ساخط راضي (ق)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ: كَأَنَّهُ أَخَذَهُ- عِنْدِي- من قول خاله العباس بن الأحنف (22) : (الطويل) .(1/161)
تَعَلَّمْتُ أَلْوَانَ الرِّضَى خَوْفَ هَجْرِهَا ... وَعَلَّمَهَا حُبِّي لَهَا كَيْفَ تَغْضَبُ
وَلِي غَيْرُ وَجْهٍ قَدْ عَرَفْتُ مَكَانَهُ ... وَلَكِنْ بِلَا قَلْبٍ، إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ؟
قَالَ الْمُبَارَكُ بْنُ أَحْمَدَ: لَيْسَ بَيْنهُمَا نِسْبَةٌ، إِنَّمَا الْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِ أَبِي خِرَاشٍ الهذلي (23) :
(الطويل)
بَلَى إِنَّهَا تَعْفُو الْكُلُومَ وَإِنَّمَا ... تُوَكَّلُ بِالْأَدْنَى وَإِنْ جَلَّ مَا يَمْضِي
66- حَنْبَلٌ (511- 604 هـ)
هُوَ أَبُو عَلِيٍّ حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ الْحَنْبَلِيُّ (1) ، وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا. ذَكَرَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، كَانَ مُكبِّرًا بِبَغْدَادَ بجامع المهدي (2) بالرّصافة (أ) . ورد إربل في صحبة عمر بن طبرزذ للسبب المذكور، وأسمع بإربل المسند/ الأحمدي (ب) فَأَلْحَقَ الصِّغَارَ بِالْكِبَارِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ يَرْوِي الْمُسْنَدَ غَيْرُهُ، وَغَيْرُ الْإِمَامِ الْقَاضِي أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَخْيَارِ بْنِ الْمَنْدَائِيِّ (3) . قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْخَطَّابِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَغْرِبِيُّ (4) : أَرَدْتُ السَّمَاعَ عَلَى حَنْبَلٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أَيَّامًا فَرَأَيْتُهُ لَا يُقِيمُ الإعراب في تكبيره، فتركته لذلك. ومضى (ت) بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى وَاسِطَ لِسَمَاعِهِ عَلَى الْقَاضِي ابن المندائي (ث) ، فَسَمِعَهَ بِزَعْمِهِ عَلَيْهِ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ.
وَسَافَرَ حَنْبَلٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَسَمَّعَ بِهَا وَوَصَلَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا. سَمِعَ ابْنَ الْحُصَيْنِ وَغَيْرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصُولٌ يُرَاجِعُهَا (5) . وَطَالَمَا سَمِعْتُهُ يقول:
«يا ربّ ارْدُدْنِي إِلَى بَغْدَادَ، وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى أُكَبِّرَ عَلَى الدِّكَّةِ الَّتِي أُكَبِّرُ عَلَيْهَا» .
فَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَمَاتَ بِهَا- فِيمَا بَلَغَنِي- فِي سَنَةِ أربع وستمائة- إن شاء الله- (ج) ، وتُوُفِّيَ ابْنُ الْمَنْدَائِيُّ أَيْضًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ (ح) ... (خ) ولم يبق على وجه الأرض من يَرْوِي كِتَابَ الْمُسْنَدِ هَذَا عَنِ ابْن الْحُصَيْنِ- رحمهما الله-.(1/162)
وكان (د) شَيْخًا كَبِيرًا خَيِّرًا، فَاضِلًا صَالِحًا حَنْبَلِيًّا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الدُّبَيْثِيِّ مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ أَوْ سَنَةَ إِحْدَى عشرة وَخَمْسِمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رَابِعَ عَشَرَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَصُلِّي عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالرُّصَافَةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ، وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ. قَالَ، وَكَانَ دَلَّالَ الدُّورِ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، كَانَ يَسْكُنُ الرُّصَافَةَ وَيُؤَذِّنُ فِي جَامِعِ الْمَهْدِيِّ.
67- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ الْبَغْدَادِيُّ (الْقَرْنَ السادس)
هو أبو عبد الله الحسين بن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْحَنَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (1) /مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ. أَثْنَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكُ بْنُ طَاهِرٍ الْخُزَاعِيُّ، وَنَبَّهَنِي عَلَى السَّمَاعِ عَلَيْهِ جُزْءٌ فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ أَرْبَعِينَ شَيْخًا فِي أَرْبَعِينَ مَعْنًى، مِنْ مَسْمُوعَاتِ الْحَاجِبِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ المقرّب (2) فسمعه عليه عنه (أ) ، وكان طويل (ح) الشَّعْرِ صَالِحًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ (3) الزَّيْنَبِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أخبرنا أبو نصر أحمد بن (ب) مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسْنُونَ (4) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو (ب) الْبَذَخْتَرِيُّ الرَّزَّازُ (5) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ (6) ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن المغيرة (7) عن ثابت البناني (8) ، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:
«آتي يوم القيامة باب الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ لِي الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟
فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لأحد قبلك» (ج) قَالَ ابْنُ الْمُقَرِّبِ تَفَرَّدَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بِإِخْرَاجِهِ فِي الصَّحِيحِ، فَرَوَاهُ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ(1/163)
حرب (9) وعمرو (ت) بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ (10) ، كِلَيْهِمَا عَنْ أَبِي النَّضْرِ هاشم بن القسام (ج) .
68- أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ (533- 606 هـ)
هُوَ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ سَلْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (1) وَيُعْرَفُ بابن الزّنف (أ) . وَرَدَ إِرْبِلَ حَاجَّا فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَحَضَرَ لِلسَّمَاعِ عَلَيْهِ الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ بِالدَّارِ الَّتِي أَنْشَأَهَا وَوَقَّفَهَا عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَوَصَلَهُ بِآخِرَةِ الْحَجَّ دَنَانِيرُ مِصْرِيَّةٌ/ وَكَانَ أَبُوهُ (2) مُحَدِّثًا وَسَمِعَ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى أَبِي الْفَتْح نَصْرِ الله (ب) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمِصِّيصِيِّ (3) وَأَبِي الدُّرِّ يَاقُوتُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّاجِرِ (4) مَوْلَى ابْنِ الْبُخَارِيِّ (5) ، وَالْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِ بْنِ الحسن (ت) ، يعرف بابن البنّ (6) وغيرهما (ث) .
كَانَ ثِقَةً صَالِحًا، فَقِيهًا شَافِعِيًّا، شَيْخًا طَوِيلًا إِلَى الشُّقْرَةِ لَوْنُهُ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة بدمشق (ج) . بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الْعِشْرِينَ من شعبان من سنة ست وستمائة (ح) .
أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ السُّلَمِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي عَاشِرِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ، حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرِ بْنِ دَاوُدَ (7) ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ (8) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ (9) ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرحمن بن حمدان (خ) الْجَلَّابُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ (10) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الوهاب ابن عَبْدِ الْمَجِيدِ (11) ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-(1/164)
يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- (د) : «الأعمال بالنّيّة ولكلّ امرئ ما نوى» (ج) .
وَأَخْبَرَنَا السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ أحمد المصيصي، حدثنا أبو الفتح نصر ابن ابراهيم بن نصر (ذ) الْمَقْدِسِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَّاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ/ الطَّبَرِيُّ (12) ، وَأَخْبَرَنِي عَنْهُ قِرَاءَةً عِيسَى بْنَ أَبِي عِيسَى الْقَابِسِيُّ (13) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّرْكِيُّ (14) ، حَدَّثَنَا مُسَبِّحُ بْنُ حَاتِمٍ الْعُكْلِيُّ (15) بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (16) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ (17) يَقُولُ: نَظَرْتُ إِلَى جَنَازَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَعْضِ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَبَيْنَ يَدَيْهَا غُلَامٌ يَفَعٌ، وهو يقول: (البسيط)
لَا يُبْعِدُ اللَّهُ إِخْوَانًا لَنَا ذَهَبُوا ... أَفْنَاهُمُ حدثان الدهر والأبد
نمدهم كل يوم من بقيّتنا (ر) ... ولا يؤوب إِلَيْنَا مِنْهُمُ أَحَدُ
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِه، فَقَالَ وُلِدْتُ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ لِثَلَاثٍ ... (ز) .
69- أَبُو الْعَبَّاسِ النَّفْزِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 613 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْدَلُسِيُّ النَّفْزِيُّ (1) - بِالْفَاءِ السَّاكِنَةِ وَالزَّاءِ الْمُعْجَمَةِ-، مِنْ أَصْحَابِ الرِّحْلَةِ في الحديث لسماعه وكتابته (أ) .
70- أَبُو طَاهِرٍ الْأَنْمَاطِيُّ (570- 616 هـ)
هُوَ أَبُو طَاهِرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُحْسِنِ الأنماطي المصري (1) ، ورد إربل في (أ) طَرِيقِهِ مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ رَحَلَ إِلَيْهَا وَإِلَى وَاسِطَ لِسَمَاعِ الْحَدِيثِ. سَمِعَ الْكَثِيرَ وَكَتَبَ، وَكَانَ يقرأ سريعا ويكتب خَطًّا جَيِّدًا سَرِيعًا.
شَابٌّ أَسْمَرُ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، قَصِيرٌ فِيهِ لُطْفٌ، وَعِنْدَهُ عَقْلٌ وَسُكُونٌ. أَقَامَ بإربل يسمع إلى أبي حفص عمر بن طَبَرْزَدَ. ثُمَّ سَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ فَهُوَ مُقِيمٌ بها،(1/165)
لَهُ مِنَ الْوَزِيرِ ابْنِ شُكْرٍ (2) مَكَانَةً مَكِينَةً، وَعَلَيْهِ مِنَّةٌ بِجَاهِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ رِزْقٌ فِي الشهر كثير (ب) ، أخبرني بذلك من أثق به (ت) .
أَنْشَدَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْعِزِّ مُظَفَّرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ/ بْنِ جَمَاعَةَ الْغَيْلَانِيُّ الضرير (3) الشاعر بمصر لنفسه: (الكامل)
وَمُوَرَّدِ الْوَجَنَاتِ أُخْفِي حُبَّهُ ... عَنْهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَمَوُّهِي
فِي خَدِّهِ لِعِذَارِهِ وَلِخَالِهِ ... حَرْفَانِ مَنْ يَقْرَأْهُمَا يَتَأَوَّهِ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي فَاضِلُ بن راجي الله المصري (4) لنفسه بها:
(الوافر)
وفي الشّطرنج تقدمة لشاه (ث) ... عَلَى مَا فِيهِ مِنْ فَرَسٍ وَفِيلِ
كَذَاكَ الدَّهْرُ يَرْفَعُ كُلَّ نَذْلٍ ... وَيَخْفِضُ صَاحِبَ الْمَجْدِ الْأَثِيلِ
حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عمر بن شحانة الحراني (ج) ، قال:
كتب إِلَيَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ بِمَرِضِ السَّكْتَةِ، فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ست عشرة وستمائة (ح) .
وَحَدَّثَنِي أَيْضًا قَالَ: سَمِعَ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيلُ بن عبد الله الأنماطي بالإسكندرية (خ) الْقَاضِيَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيَّ (5) ، وَأَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ مَكِّيِّ بْنِ غَلَّاسٍ (6) ، وَبِمِصْرَ أَبَا الْقَاسِمِ هِبَةَ الله (7) بن مسعود (د) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن حَامِد بْن مفرّح الْأَرْتَاحِيَّ (8) ، وَفَاطِمَةَ بِنْتَ سَعْدِ الْخَيْرِ (9) ، وَزَوْجَهَا أَبَا الحسن علي بن نجية الحنبلي (ذ) ، وَأَبَا الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَلِيٍّ الْمُقْرِئَ (10) وَبِدِمَشْقَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْقَاسِمَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرَ، وأبا طاهر بركات (11) بن إبراهيم الفرشي (ر) وَأَبَا الْيُمْنِ الْكِنْدِيَّ (12) ، وَأَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الصَّمَدِ بن محمد الأنصاري (ز) ، وببغداد أبا محمد ابن الأخضر (س) ، والنفيس (13) بن جعني (ش) ، وأبا حفص بن طبرزذ وَحَنْبَلًا، وَبِوَاسِطَ أَبَا الْقَاسِمِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بن محمد بن بختيار المندائي (ص) ؛ وأبا الفتح بن عبد(1/166)
السميع (ض) ؛ وخلقا كثيرا يطول ذكرهم، يبلغون ألفا (ط) . وَسَمِعَ الْكَثِيرَ بِنَفْسِهِ/ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي زَمَانِهِ حَصَلَ لَهُ مَا حَصَلَ. وَكَانَ أَوَّلًا مَالِكِيَّ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ- رحمه الله وعوّضه- (ظ)
71- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ (528- بَعْدَ سنة 592 هـ)
هو أبو الحسن علي بن أَبِي مَنْصُورِ بْنِ مُكَارِمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَدِّبُ الْمَوْصِلِيُّ (1) سَمِعَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى أَبِيهِ أَبِي مَنْصُورٍ (2) ، وَعَلَى تَاجِ الْإِسْلَامِ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرِ بْنِ خَمِيسِ وَعَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ مُؤَمِّلِ بْنِ سَلِيمٍ (3) ، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن علي الجياني (أ) ، وكان أبوه أيضا مؤدّبا (ب) وَأَسَنَّ، فَصَارَ مِنْ كِبَارِ مُسْنَدِي الْمَوَاصَلَةِ. وَسَمِعَ عَلَى مَشَايِخَ غَيْرِهِمْ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ ظَاهِرُهُ الصَّلَاحُ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَلَهُ إِجَازَاتٌ مِنْ عِدَّةِ مَشَايِخَ- عَلَى مَا أَخْبَرَنِي بِهِ.
أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ مُكَارِمٍ الْمَوْصِلِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِظَاهِرِ مَدِينَةِ إِرْبِلَ بِمَكَانٍ يُعْرَفُ بالكجك (ت) ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بن أبي بكر بن أحمد بن عمر بْنِ أَبِي عِيسَى الْمَدِينِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الطيب طلحة بن أبي منصور الحسين بْنُ أَبِي ذَرٍّ الصَّالْحَانِيُّ، بِرِوَايَةِ جَدِّهِ أَبِي ذَرٍّ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سبط الصالحاني الواعظ، أخبرنا أبو محمد عبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ (4) ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ (5) ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ (6) حَدَّثَنِي سِمَاكٌ (7) /عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ (8) قَالَ: قُلْتُ لَهُ (ث) : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ، وَلَكِنَّ أَصْحَابَهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ عِنْدَهُ، وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيَضْحَكُونَ، فَيَبْتَسِمُ رَسُولُ اللَّهِ مَعَهُمْ إذا ضحكوا (ج) .(1/167)
72- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَقْدِسِيُّ ( ... - 616 هـ)
هو أبو عبد الله محمد بن عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْمَقْدِسِيُّ (1) أَحَدُ الْمَقَادِسَةِ الَّذِينَ رَحَلُوا فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَأَخَذُوهُ عَنْ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ ونيسابور وغيرهم. سكن الموصل فتولى (أ) مشيخة دار الحديث بها (ب) الْمُطِلَّةِ عَلَى الشَّطِ بِالْقُرْبِ مِنْ بَابِ الْأَذَانِ (2) ، الَّتِي وَقَّفَهَا الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ. نُقِلَ عَنْهُ تَقْصِيرٌ فِي تَحْصِيلٍ عَلَيْهَا، فَوُلِّيتُ حِسَابَهُ؛ وَأُطْلِقَ لَهُ مَا اتَّجَهَ عَلَيْهِ، وَسَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ.
أَلَّفَ كِتَابًا وَسَمَّاهُ «الْمَجْدَ الْمُظَفَّرِيَّ» (3) ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَرَاءِ، وَأَبْوَابًا فِي ذِكْرِ الْعَدْلِ وَذَمِّ الظُّلْمِ وَأَدْعِيَةً. سَمِعَ نَصْرَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزَّازَ، وَأَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ عَسَاكِرَ (ت) وَكَثِيرِينَ، وَسَمِعَ شَيْخَنَا أَبَا الْمُظَفَّرِ الْخُزَاعِيَّ بِإِرْبِلَ (ث) .
73- سَلْمَانُ بْنُ يَحْيَى ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 592 هـ)
هُوَ سَلْمَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَلْمَانَ الْبَجْبَارِيُّ (1) ، كَانَ مُقِيمًا بِبَجْبَارِيِّ (2) مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، مُنْقَطِعٌ بِهَا. صَاحِبُ زَاوِيَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أبي أحمد بن الحداد زاهد الدنيا (أ) - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ- الَّذِينَ خَدَمُوهُ وَتَأَدَّبُوا بِهِ وَأَقَامُوا فِي صُحْبَتِهِ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فِي شَوَّالٍ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ إِنْسَانًا مِصْرِيًّا- أَوْ كَمَا قِيلَ- ورد الموصل وادّعى صنعة الكيمياء/ ولبس (ب) ذلك على طريق الحيلة على صاحبها (ت) ، وَأَقْطَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ ضِيَاعًا تَكُونُ غَلَّتُهَا فِي كل سنة عشرة آلاف دينار. وتمكّن الكيمائي مِنَ الْمَوْصِلِ وَأَهْلِهَا، وَسَارَ فِيهِمُ السِّيرَةَ الْقَبِيحَةَ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى طَائِلٍ. وَكَانَ فِي جُمْلَةِ إِقْطَاعِهِ «بِجْبَارِيِّ» ، فَوَضَعَ مِنْ قَدْرِ الشيخ سلمان، كان له بها فدن (ث) مُطْلَقَةٌ فَأَلْزَمَهُ بِخَرَاجِهَا، فَانْتَقَلَ إِلَى إِرْبِلَ وَنَزَلَ ظاهر البلد بالكجك (ج) ، فَأَكَرَمَهُ السُّلْطَانُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ وأعاده إلى موضعه.(1/168)
وَكَانَ هَذَا الْكِيميَائِيُّ عَلَى أَسْوَأِ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَأَلْأَمِ مَا يُوجَدُ مِنَ الْبُخْلِ، أُغْرِيَ بِهِ أَكَابِرُ أَهْلِ الْمَوْصِلِ، حَتَّى كَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْفَقِيهُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَصْحَبُهُ وَيَحْضُرُ مَجْلِسَهُ عَلَى سوء (ح) السِّمْعَةِ.
وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ أَبَا مَنْصُورٍ قايماز بن عبد الله (خ) كَانَ إِذَا لِيمَ عَلَى الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَالسُّكُونِ إليه، أنشد: (الكامل)
لَوْ يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلَامَهَا ... خَرُّوا لِعَزَّةَ (3) رُكَّعًا وَسُجُودًا
وَالَّذِي يُحْسِنُ الظَّنَّ بِأَبِي مَنْصُورٍ، يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ. فَمَا زَالَ أَهْلُ الموصل حتى ألزموه (د) بِعَمَلِ مَا يَظْهَرُ مَعَهُ صِدْقُهُ، فَبَنَى كُورًا عَظِيمًا وَوَاعَدَهُمُ الْعَمَلَ إِلَى يَوْمٍ مَعْلُومٍ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ يَبْقَ مَعَ ضِيقِ الِامْتِحَانِ إِلَّا أَنْ يُكْرَمَ أَوْ يُهَانَ، خَرَجَ مِنَ الْمَوْصِلِ هَارِبًا أَوَّلَ النَّهَارِ، فَطُلِبَ فَوُجِدَ وَقَدِ اخْتَبَأَ فِي تَنُّورٍ فِي ضَيْعَةٍ قَرِيبَةٍ، فَأُتِيَ بِهِ. فَيُقَالُ إِنَّهُ قُطِعَ أَنْفُهُ وَشَفَتَاهُ وَأُذُنَاهُ «2» وَأُلْقِيَ فِي بِرْكَةٍ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ وَكُرِّرَ/ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ كَادَ يَتْلَفَ، ثُمَّ أُخْرِجَ وَحُمِلَ إِلَى بَعْضِ قِلَاعِ الْمَوْصِلِ فَهَلَكَ بِهَا. وَالَّذِي أَوْجَبَ ذِكْرَهُ سَبَبُ ورود سلمان إربل (ذ) وَذِكْرُ جَمَاعَةٍ مِنْ إِرْبِلَ أَنَّ هَذَا الْكِيميَائِيَّ وَرَدَ إِرْبِلَ، وَكَانَ يَعْمَلُ فِي دُكَّانِ الْبَزْرِيِّ (ر) .
74- أبو الفداء إسماعيل بن مُحَمَّدُ بْنُ مَوْهُوبِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ الْجَزَرِيُّ ( ... - بَعْدَ 599)
شَيْخٌ كَبِيرٌ (4) قَدِمَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَنَزَلَ بِالرَّبِاطِ الْمُجَاهِدِيِّ (أ) . وَكَانَ عِنْدَهُ «الْوَدْعَانِيَّاتُ» (5) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِوَايَةٌ عَالِيَةٌ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ.
وَرُبَّمَا كُنِّيَ أَبَا المجد، أنشدنا من لفظه وحفظه: (الكامل)
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى اللِّقَاءِ وَدُونَنَا ... قُلَلُ الْجِبَالِ ودونهنّ حتوف(1/169)
وَالرِّجْلُ عَارِيَةٌ وَمَالِيَ مُرْكَبٌ ... وَالْكَفُّ صِفْرٌ وَالطَّرِيقُ مخوف (ب)
75- أَبُو الْهَيْجَاءِ عَلِيُّ بْنُ خُلَيْفَانَ (528- 610 هـ)
هُوَ أَبُو الْهَيْجَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْهَاشِمِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ خُلَيْفَانَ الْعَبَّاسِيُّ الْبَغْدَادِيُّ (1) ، مِنْ أَهْلِ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَسَكَنَ بِالْغَرْبِيِّ. قَدِمَ إِرْبِلَ وَكَانَ عِنْدَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ، فَسُمِعَ عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدِ الْخَرَّاطِينَ، يُسْرَةُ الْآخِذِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنَ الْخَرَّاطِينَ. وَكَانَ عِنْدَهُ جُزْءٌ آخَرُ. مِنْ أَصْحَابِ الْحَمَّامِيِّ (2) الْمَشْهُورِينَ، شَيْخٌ طَوِيلٌ عَامِيٌّ، مَعَهُ ثَبْتٌ بخط أبي الفضل بن شافع (أ) بِسَمَاعِ الْبُخَارِيِّ مِنْ أَبِي الْوَقْتِ. قَالَ أَبُو عبد الله ابن الدُّبَيْثِيِّ: «رَوَى عَنْ شُيُوخٍ مَجْهُولِينَ وَخَلَطَ. وَسَأَلْنَاهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ النَّصْفَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ/ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ غُرَّةَ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ» .
أَخْبَرَنَا ابْنُ خُلَيْفَانَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُظَفَّرُ بْنُ مُكَارِمٍ الْقَطَّانُ (3) قَالَ أَخْبَرَتْنَا أَمَةُ الْوَهَّابِ سِتُّ السُّعُودِ (4) ابْنَةُ الشَّيْخِ الْحَافِظِ أَبِي نَصْرٍ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُجْلِيِّ (5) ، قَالَتْ سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ رِزْقَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ اللَّيْثِ التَّمِيمِيَّ (6) ، يَقُولُ: أَنْشَدَنَا أَبِي (ب) (7) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا نَاجِيَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّدِيمُ الْكَاتِبُ (8) لِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِهَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْهُمَانِيِّ (9) ، وَقَدِ اسْتَهْدَى مِنْهُ مِدَادًا، وَأَنْفَذَ لَهُ بِهِ عَلَى يَدَيْ غُلَامٍ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ أُبْزَوْنَ (ت) (المجتث)
أَمْدَدْتَنِي بِمِدَادٍ ... كَلَوْنِ أُبْزَوْنَ بَادِي
كَمَسْكَنَيْكَ جَمِيعًا ... من ناظري (ث) وَفُؤَادِي
أَوْ كَاللَّيَالِي اللَّوَاتِي ... رَمَيْنَنَا بِالْبُعَادِ
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ سَوَادٍ ... مُبَيِّضٍ لِلْوُدَادِ(1/170)
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ بركة الجصّاص (ج) في شوال من السنة. وكان راوية (ح) ابن الدبيثي (10) المؤرخة ابنه (خ) .
76- أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي النَّجِيبِ (534- 610 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنِ أَبِي النَّجِيبِ عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمُّوَيْهِ السُّهْرَوَرْدِيُّ (1) ، شَيْخٌ فِيهِ دِينٌ وَعِنْدَهُ سُكُونٌ. وَكَانَ/ فِي مَبْدَأِ عُمُرِهِ يَتَظَاهَرُ بِسَمْتِ النُّسَّاكِ وَيَفْعَلُ فِعْلَ الْفُتَّاكِ. خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ فِي صِبَاهُ هَارِبًا إِلَى خراسان، أخبرني بذلك الثقة (أ) - ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخٍ لَهُ وَاقِعَةٌ، فَخَرَجَ مِنْ بَغْدَادِ وَاتَّصَلَ بالسلطان أبي المظفر يوسف (ب) بْنِ أَيُّوبَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فَأَكْرَمَهُ وَاحْتَرَمَهُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ كُلِّ بَلَدٍ افْتَتَحَهُ مِنْ بِلَادِ الْفِرِنْجِ.
فَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَسْتَنِيبُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نَائِبًا.
وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَقَامَ بِهَا وَهُوَ مُرَاعًى، َلَهُ إِيجَابٌ تَامٌّ مِنَ الْفَقِيرِ أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، وَتَعَهُّدٌ كَثِيرٌ، وَصِلَاتٌ جَمَّةٌ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ عَصْرَ يَوْمِ الْخَمِيسِ التَّاسِعَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ لِوَقْتِهِ فِي مَقْبَرَةِ الصُّوفِيَّةِ. وَشَيَّعَ جَنَازَتَهُ- أَدَامَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- وَحَضَر تُرْبَتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فِي بُكْرَةِ كُلِّ يَوْمٍ، وَحَضَرَ أَعْيَانُ الْبَلَدِ وَصُدُورُهُ، فَأَقَامَ لِأَوْلَادِهِ الْيَتَامَى بَعْدَهُ مَا يحتاجون إليه (ت) .
سمع أبا الوقت السجزي (ث) وأبا الفضل الأرموي (ج) ، وَكَانَ لَا يُعْلِمُ لِسَمَاعِهِ إِلَى أَنْ قَارَبَ الْوَفَاةَ، وَقَبْلَهَا بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، فَسُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بإربل.
وورد من بغداد أبو بكر ابن نقطة (ح) الْبَغْدَادِيُّ، وَمَعَهُ أَجْزَاءٌ نَقَلَ عَلَيْهَا سَمَاعَهُ فسَمِعْتُهَا عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ. سَأَلْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَانِيَ عَشَرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَالَ: هَذَا سُؤَالُ الْمُحَدِّثِينَ، لِيَعْلَمُوا صِدْقَ الشَّيْخِ مِنْ كَذِبِهِ (خ) . ألّف كتابا في معاني(1/171)
الْحَقِيقَةِ (2) ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ مُعْظَمَهُ، وَحَضَرَ سَمَاعَهُ الْفَقِيرُ أبو سعيد كُوكُبُورِيٍّ بِدَارِ حَدِيثِهِ بِإِرْبِلَ، وَحَضَرَ فُقَهَاءُ الْبَلَدِ، وجرت بينهم فيه/ مباحثات، كان أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يُجْرِي مَعَهُمْ فِيهَا. وَكَانَ (د) بِخَطِّهِ- وَهُوَ مُغْلِقٌ- فَقَرَأْتُهُ وَلَمْ أَتَلَعْثَمْ فِيهِ، فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ أَبَدًا يَذْكُرُهُ أَيْنَ حَضَرَ. وَنَالَتْهُ آخِرَ عُمُرِهِ آفَاتٌ مِنْ أَمْرَاضٍ مختلفة منها «القولنج» (ذ) ، وَإِنَّهُ كَانَ يَنُوبُهُ فِي السَّاعَاتِ بِحَيْثُ يَسْتَغِيثُ منه. وكان به عِدَّةُ أَمْرَاضٍ سِوَاهُ، وَكَانَ السُّلْطَانُ أَبُو سَعِيدٍ يُوَكِّلُ الْأَطِبَّاءَ بِمُعَالَجَتِهِ وَيُوصِيهِمْ عَلَى تَمْرِيضِهِ.
وَسُمِعَ عَلَيْهِ «الْمُنْتَخَبُ» مِنْ مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيدٍ الْكَشِّيِّ (3) بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ شُعَيْبٍ بِشَهَادَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيِّ (4) بِسَمَاعِهِ على الكتاب (ر) فِي مَجَالِسَ آخِرُهَا جُمَادَى الْآخِرَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَمِعَ الشَّيْخَ أَبَا غَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الدَّايَةِ (5) .
77- أَبُو عَلِيِّ بْنِ خَلٍّ ( ... - 558 هـ)
هُوَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ خَلٍّ الْإِرْبِلِيُّ الْكُرْدِيُّ (1) ، وَاسْمُ أَبِي الْحَسَنِ محمد. وجدته (أ) سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي الْجُهْمِ الْعَلَاءِ بْنِ مُوسَى (2) على أبي الوقت عبد الأول ابن عِيسَى السِّجْزِيِّ فِي رَابِعَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فِي آخَرَيْنِ. قَالَ ابْنُ الدبيثي (ب) قَدِمَ بَغْدَادَ وَسَكَنَهَا إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ، وَكَانَ فَقِيهًا عَارِفًا بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ أَبْرَزَ (3) . وَكَانَ اسْتَنَابَهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ الْمَوْصِلِيُّ (4) لَمَّا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِبَغْدَادَ.
78- عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى الْعُمَرِيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
أَثْنَى عَلَيْهِ/ شَيْخُنَا أَبُو الْمَعَالِي نَصْرُ اللَّهِ بْنُ سَلَامَةَ الْهِيتِيُّ فِي كِتَابِهِ إليّ،(1/172)
وَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ بَيْتٍ كَبِيرٍ. اجْتَمَعُتُ بِهِ قَدِيمًا، وَلَا أَعْلَمُ الْآنَ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا فأثبته (1) .
79- أبو المعالي ابن سَبَنْبُوا ( ... - 604 هـ)
وَاعِظٌ (1) أَصْلُهُ مِنْ أَوَانَا (2) كَانَ أبوه حلاويا (أ) وَرَدَ إِرْبِلَ فِي زَمَنِ الْيَاسِ بْنِ عَبْدِ الله متولّيها، وعقد مجلس الْوَعْظِ بِالْمُصَلَّى الَّتِي كَانَتْ قَدِيمًا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى الْمَوْتَى. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظَةُ وَحَدَّثَنِي قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَهُ فأنشد (الرجز)
قُومُوا بِنَا إِلَى اللَّهِ ... لَا نَبْتَغِي سِوَى اللَّهِ
إِنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ ... بِهِ تَكَلَّمَ اللَّهُ
بَأَحْرُفٍ وَأَصْوَاتٍ ... مَسْمُوعَةٍ مِنَ اللَّهِ «2»
مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا ... عَلَيْهِ رَحْمَةُ «3» اللَّهِ «4»
فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَجْلِسَ، وَقَالُوا: «عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ» وَانْصَرَفُوا، فَانْتُقِضَ عَلَيْهِ الْمَجْلِسُ، وَمَنَعَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْيَاسُ (ب) بَعْدَهَا مِنَ الْجُلُوسِ.
80- أَبُو الْمَنَاقِبِ الْقَزْوِينِيُّ (548- 620 هـ)
هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(1/173)
الْعَبَّاسِ (1) الْحَاكِمِيُّ، رُبَّمَا اكْتَنَى بِأَبِي الْفَتْحِ، وَأَبُو الْمَنَاقِبِ الَّذِي اخْتَارَهُ هُوَ وَكَنَّاهُ بِهِ أَبُوهُ (أ) . وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَانَ لَهُ أَوَّلَ وروده قبول عظيم، وكانت طريقته طريقة مستوحش مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ كَرَّرَ الْوُرُودَ إِلَى إِرْبِلَ، فَقَلَّ ذَلِكَ الْقَبُولُ. وَهُوَ الْآنَ/ مُقِيمٌ بِإِرْبِلَ، وَذَلِكَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
ذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ السجزي، وكمال الدين أبا علي الحسن (ب) بن أحمد بن محمد الموسياباذي (2) - وحدث عَنْهُ- وَشُهْدَةَ. قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: وَفِي حديثه نكرة، حدث ببغداد بعد الستمائة، قَالَ: وَقَدِمَ مَعَ أَبِيهِ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً وَسَمِعَ بِهَا مِنَ الْكَاتِبَةِ شُهْدَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الْإِبَرِيِّ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهَا مَعَ أَبِيهِ. وَيُقَالُ إِنَّهُ حَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ لَمْ يَرَ أَحَدٌ سَمَاعَهُ عَنْهُمْ. آخِرُ كلامه (ت) .
كَانَ يَذْكُرُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ طَافَ الْأَرْضَ ذَاتَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا بَلَدٌ إِلَّا دَخَلَهُ. أَلَّفَ كِتَابًا، فَجَمَعَ أَرْبَعِينَ بَابًا، مَنْ تَأَمَّلَهُ عَرَفَ مَا أَوْدَعَهُ، سَمَّاهُ «إِرْشَادَ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ لِحَيَاةِ الْخَضْرِ وَإِلْيَاسَ» (3) . ذَكَرَ فِي أَوَّلِهِ قَوْلَهُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي ثَلَاثًا وسبعين فرقة» (ث) . وقال أَبُو الْمَنَاقِبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَزْوِينِيُّ: «قَدْ طُفْتُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَسَهْلَهَا وَجَبَلَهَا، فَوَجَدْتُ قَدْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً إِلَى سَبْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» . وَقَالَ: «قَدْ صَاحَبْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفِرَقِ، مَا رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ حَيَاةَ الْخَضْرِ. حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ وَالْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالْمُتَفَرِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالزَّنْدَقَةِ، يُقِرُّونَ بِحَيَاتِهِ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.
وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْجَاهِ أَنْكَرُوا حَيَاةَ الْخَضْرِ- سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ-. وَلَقَدْ كُنْتُ بِالْمَوْصِلِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَوْلي جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَتَكَلَّمُوا بِمَوْتِ الْخَضْرِ، فَأْنَكَرْتُ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهُمْ نَافِرًا أَطْلُبُ(1/174)
الشَّامَ/ فَوَصَلْتُ إِلَى بَعْضِ قُرًى يَسْكُنُهَا النَّصَارَى، فَلَبِثْتُ بُرْهَةً- وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مُنْتَصَفَ رَجَبٍ- فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ بَرَزَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى وَطَلَبَ الْإِسْلَام، فَأَسْلَمَ. فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى مَاءٍ هُنَاكَ، فَاغْتَسَلَ وَصَاحَبَنِي إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ، فَتَهَيِّأْنَا لِلرَّوَاحِ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ فِي الْبَرِيَّةِ إِذْ نَحْنُ بِرَجُلَيْنِ قَدْ أَقْبَلَا مِنْ صَدْرِ الْبَرِيَّةِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَكَلَّمَا ذَلِكَ المبتدىء بالإسلام وأخذاه ومضيا عني. فعديت خلفهم (ج) وَقُلْتُ لَهُمَا هَذَا الرَّجُلُ هُوَ صَاحِبِي، وَهُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَلَا أَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَتِهِ. فَوَقَفَا- وَأَخَذَنِي لِوُقُوفِهِمَا رُعْبٌ شَدِيدٌ، وَخِفْتُ مِنْ أَحَدِهَمَا- فَكَلْمَنِي الْآخَرُ، وَقَالَ: «لَا تَصْحَبْنَا، فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدِ الْتَقَانَا، وَقَدِ الْتَقَى بِالْأَوْلِيَاءِ، فَامْضِ لِحَالِ سَبِيلِكَ إِلَى الشَّامِ، فَرَجَعْتُ عَنْهُمْ بَاكِيًا، فَنَادَانِي أَحَدَهُمْ- وَهُوَ الَّذِي هِبْتُهُ وَرُعِبْتُ مِنْهُ- وَقَالَ: يَا أَخِي أَنَا الْخَضْرُ، وَإِنَّ الذي أنكر (ح) حَيَاتِي، كَذَبَ كَذَبَ كَذَبَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كَذَبَ مَنْ أَنْكَرَ حَيَاتِي، وَهُوَ غَافِلٌ عَنِ اللَّهِ- تعالى- وهو ابن الأثير (4) المجادل (خ) لَكَ فِي ذَلِكَ الْمَحْفِلِ بِمَدِينَةِ الْمَوْصِلِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ» (5) .
وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَهَذَا الَّذِي أَوْرَدْتُهُ نَصُّ مَا ذَكَرَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَوْرَدْتُ غَيْرَهُ. وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْمُظَفَّرِيَّةِ بِمَحْضَرٍ مِنَ السُّلْطَانِ أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٍّ وَصُدُورِ الْبَلَدِ، وَلَمْ أُثْبِتْ عَلَيْهِ طَبَقَةَ سَمَاعٍ. وَقَالَ فِي آخِرِ الْأَرْبَعِينَ حَدِيثًا: «وَإِنِّي لَمَّا جَمَعْتُ هَذَهِ الْأَرْبَعِينَ حَدِيثًا عن الأربعين شَيْخًا مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ أَهْلِ/ السَّلَفِ الْمُحَقِّقِينَ بِالْإِخْلَاصِ وَالدِّينِ وَالْمُعَامَلَاتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ- تَعَالَى-» . ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِهِ مَا تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِهِ. وَلَمْ يُحَدِّثْ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ الموسياباذي، كِلَيْهِمَا لَا غَيْرُ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «وَلَقَدْ كُنْتُ فِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ، خَرَجْتُ مِنْ نَاحِيَةِ سَيَلَانَ (6) - وَهُوَ مَوْضِعُ قَدَمِ آدَمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وهي جزيرة من جزائر البحر، وإنّ (د) اللَّهَ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خَصَّهَا بِالْجَوَاهِرِ(1/175)
الْحَسَنَةِ مِنَ الْيَوَاقِيتِ وَاللَّآلِئِ وَالزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ وَالْأَحْمَرِ، دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَمَاكِنِ، فَخَرَجَتُ إِلَى الْمَعْبَرِ فَأَخَذْنَا الْهَوَاءَ وَدَخَلْنَا إِلَى الْإِبَاحَة وَسِرْنَا. وَكَانَ في السفينة ستمائة تاجر (ذ) بِأَتْبَاعِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ وَخَدَمِهِمْ وَسَرَارِيِهِمْ، وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَمَعَ مَا فِيهَا مِنَ الرُّبَّانِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا يَنِيفُ عَلَى الْأَلْفِ وَأَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ. وَكَانَ لِلسَّفِينَةِ ثلاثة عشر قلعا، فأخذنا (ر) الرِّيحُ إِلَى نَاحِيَةِ سُمَنَاتٍ (7) ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ ليلة- وهي ثالث عشر رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ- فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ قَارِّينَ طَيِّبِينَ فِي أَطْيَبِ هَوَاءٍ، وَالنَّاسُ مُسْتَرِيحِينَ غَائِصِينَ فِي النوم، والسفينة سائرة وأنا جالس على شاطىء السَّفِينَةِ، إِذْ لَحِقَهَا رَأْسُ جَبَلٍ فِي الْبَحْرِ فَكَسَرَهَا، وَمَا عِنْدَ خُدَّامِ السَّفِينَةِ خَبَرٌ. فَدَخَلَ الْمَاءَ فِي السَّفِينَةِ حَتَّى كَانَ يُسْمَعُ خَرِيرُهُ، وكان فيها سبعون (ز) رَأْسًا مِنَ الْخَيْلِ وَزَرَافَيْنِ وَفِيلٌ، وَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ- رَأَيْتُهُ يَمْشِي- حَتَّى أَتَى السَّفِينَةَ. فَلَمَّا جَاءَهَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى تَحْتِ السفينة وأمالها بعد ما رَفَعَهَا، حَتَّى نَصَلَ مِنْهَا ذَلِكَ/ الْمَاءُ عَنْ آخِرِهِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ أَحَدٌ، وَتِلْكَ السَّفِينَةُ عَلَى كَفِّهِ. وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى نَصَلَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ بِهَا جَمِيعُهُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يَا مُدْرِكَ الْفَوْتِ بَعْدَ الْفَوْتِ، وَيَا مَنْ يَسْمَعُ فِي الظُّلَمِ الصَّوِتَ، يَا مَنْ يُحْيِي العظام وهي رميم (س) بَعْدَ الْمَوْتِ» . ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى السَّفِينَةِ وَأَخَذَ صُنْدُوقًا مِنْ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مَمْلُوءَةً تُوتِيَاءَ (ص) ، وَوَضَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْخِرْقِ وَمَسَحَ عَلَيْهِ بِكَفِّهِ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» .
فَعَلِمْتُ أَنَّهُ الخضر- عليه السلام- ويطول الْكَلَامِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِنَا. وَلَوْلَا أَنِّي مَأْذُونٌ لِي فِي هَذَهِ الْإِشَارَاتِ لَمَا ابْتَدَأْتُ بِهَا وَلَا أَتَيْتُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْلَعَهُ عَلَى أَشْيَاءَ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا لَتَفَطَّرَتِ الْمَرَائِرُ، وَزَالَتْ فِيهِ الْعُقُولُ عَنِ الْخَلْقِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَقَالَ. وَمَا كَانَ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يوحى» (ش) . وَذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا أَشْيَاءَ يَطُولُ بِهَا الكتاب.(1/176)
وَلَهُ إِجَازَاتٌ كَثِيرَةٌ حَصَّلَهَا لَهُ وَالِدُهُ فِيمَا اسْتَجَازَهُ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِقَزْوِينَ-
81- ابْنُ الْحَرَّانِيِّ ( ... - 638 هـ)
هُوَ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُسَلَّمٍ- بِتَشْدِيدِ اللَّامِ- الْبَغْدَادِيُّ (1) ، الْحَرَّانِيُّ الْأَصْلِ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْحَرَّانِيِّ. وَكَانَ أَبُوهُ (2) مِنَ الْمُعَدَّلِينَ، وَحَدَثَ لَهُ حَادِثَةٌ لَمْ تقبل بَعْدَهَا شَهَادَتُهُ. وَوَجَدْتُ فِي آخِرِ كِتَابِ «تَهْذِيبِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ» (3) لِأَبِي عَبيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّام صبغة (أ) التِّبْرِيزِيِّ سَمَاعَ أَبِيهِ عَلَى أَبِي الْمُرْهَفِ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ النُّمَيْرِيِّ (3) - نَسَبُهُ: «مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُسَلَّمِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَرَّانِيُّ» . وَأَبُو عَلِيٍّ مِنَ الْأَكْيَاسِ الْمُعَاشَرِينَ الْمَشْهُورِينَ الْمَسْتُورِينَ، لَهُ ذِكْرٌ. سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ أحمد بن المقرب بن الحسين بن الحسن (ب) الْبَغْدَادِيَّ الْكَرْخِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ السَّكَنِ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمِعْوَجِ (4) ، وسَمِعَ عَلَيْهِ. كَانَ يَنْسَخُ بِالْأُجْرَةِ وَضَعُفَ بَصَرُهُ فَهُوَ يَجْتَدِي. سَكَنَ الْمَوْصِلَ وَأَقَامَ بِهَا (ت) .
قريء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن المقرب بن الحسين (ث) الْكَرْخِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ نَقِيبُ النُّقَبَاءِ أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ (5) يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدَّلِ (6) قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ (7) ، قَالَ:
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: حدثني محمد بن عمران بن محمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى (8) ، قَالَ: حَدَّثَنِي(1/177)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَسِيمٍ الْجَعْفَرِيُّ (9) عَنْ مُجَالِدٍ (ج) عن الشعبي (ح) قَالَ: سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ امْرَأَةً تَقُولُ: (الوافر) .
دَعَتْنِي النَّفْسُ بَعْدَ خُرُوجِ عَمْرٍو ... إِلَى اللَّذَّاتِ تطّلع التّلاعا
فقلت لها عجلت فلن تط ... اعي وَلَوْ طَالَتْ إِقَامَتُهُ رُبَاعَا
أُحَاذِرُ إِنْ أُطِعْكِ (خ) سبّ نف ... سي وَمَخْزَاةً تُجَلِّلُنِي قِنَاعَا «2»
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: مَا الَّذِي مَنَعَكِ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: الْحَيَاءُ وَإِكْرَامُ زَوْجِي. فَقَالَ عُمَرُ: / «إِنَّ فِي الْحَيَاءِ لَهَنَاتٌ (د) ذَاتُ أَلْوَانٍ مَنِ اسْتَحَى اخْتَفَى، وَمَنِ اخْتَفَى اتَّقَى، وَمَنِ اتَّقَى وَقَى» .
82- الْعَدْلُ صَدَقَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ ( ... - 596 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ صَدَقَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعَالِي الْبَزَّازُ الْعِرَاقِيُّ (1) ، شْيَخٌ من أهل العدالة (أ) الْمَوْسُومِينَ بِقَبُولِ الشِّهَادَةِ. لَهُ سَمْتُ وَقَارٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ اللِّينِ. أَنْشَدَنِي لِلْأَمِيرِ أَبِي الفوارس الحيص بيص (ب) ؛ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْشَدَهَا بَرَكَةَ بْنَ بَدْرَانَ (2) ، طَلَبَ منه حجرة (ت) لَهُ كَانَت تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ فَنَزَلَ عَنْهَا وَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَنَزَلَ أَصْحَابُهُ عَنْ خَيْلِهِمْ فَأَعْطَوْهُ إياها: (الطويل)
يَقَرُّ لِعَيْنِي أَنْ أَرَاهَا مُغِيرَةً ... لَهَا بِرُءُوسِ الْمُتْرَفِينَ عِثَارُ
سَوَابِخُ فِي بَحْرَيْ دَمٍ وَعُجَاجَهُ ... فمندفق مثعنجر (ث) ومثار (ج)
كَأَنَّ عَلَى أَعْوَادِهَا جِنَّ عَبْقَرٍ ... مِنَ الصَّوْلِ لَوْلَا مَنْطِقٌ وَشِعَارُ(1/178)
يدافعن في غربيب ليل كأنما ... جباه (ح) وُجُوهِ الصَّافِنَاتِ نَهَارُ
وَحَدَّثَنِي، قَالَ: كَتَبَ الْحَيْصَ بَيْصَ إِلَى وَالِدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعَالِي (3) شَافِعًا، وَكَانَ صَدِيقَهُ: «إِنَّهُ لأوار (خ) شَوْقٍ يَتْلُوهُ غَرَامُهُ، وَشَفَعَهُ سَحُّهُ وَانْسِجَامُهُ. وَالرَّجَاءُ الواسع والأمل الفسيح ردآن لِلصَّابِرِ إِلَى حِينِ لَقِاءٍ لَا فِرَاقَ مَعَهُ. وَحَامِلُهَا جَاعِلِي وَسِيلَةً بِتَأْهِيلِهِ فِي شُغْلٍ لِيَدُرَّ عليه ثغل (د) من رزق، فكرمك شافع، والشافع منبه» (ذ) . الذي أورده: «جاء علي وسيلة» فعلا (ر) ، والصحيح «جاعلي» اسما (ز) . قَالَ: وَكَتَبَ إِلَى وَالِدِي يَطْلُبُ فَرَسًا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ: / «أَزِفَ رَحِيلٌ، وَشُدَّت لِلْبَيْنِ حُمُولٌ.
فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ بِزَيْنِ الطَّوَايِلِ، وَمُدْرِكِ الطَّوَائِلِ. وَالْوَجْدُ بالخدمة كفار مل عالج (س) وَالسَّلَامُ» .
وَلَمَّا بَنَى أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسَرِيَّةَ بِإِرْبِلَ جَعَلَهُ نَاظِرًا عَلَى عِمَارَتِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَسُلِّمَ إِلَيْهِ كِيسٌ مَخْتُومٌ، وَقِيلَ لَهُ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، فَقَالَ: لَا آخُذُهُ أَوْ تَزِنُوهُ، فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَوَزَنُوهُ، فَنَقَصَ نَحْوَ مِائَةِ دِينَارٍ. فَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوْدَةِ حِسِّهِ واحترازه لنفسه (ز) .
تُوُفِّيَ خَامِسَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
83- الشَّيْخُ إِسْمَاعِيلُ الْخَيَّاطُ ( ... - 590 هـ)
بَغْدَادِيُّ الْمَولِدِ وَالْمَنْشَأِ (1) وَرَدَ إِرْبِلَ وَنَزَلَ بِزَاوِيَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْخَرَّاطُ (2) فَوَرَدَ إِلَيْهِ الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ سُلْطَانٌ فَلَا تَغْتَرَّ بَعْدِي بِفَقْرِ فقير (أ) مِثْلِي. فَقَالَ- أَدَامَ اللَّه سُلْطَانه-: أَنَا أَتَّكِلُ عَلَى اللَّهِ، «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حسبه» (ب) .
فقال: هذا مقام غيرك، وأما مقامك «فخافوني إن كنتم مؤمنين» (ت) .(1/179)
وَكَانَ بَدْءُ أَمْرِهِ أَنَّهُ تَابَ عَلَى يَدِ الشيخ أبي الخير صدقة بن وزير (ث) ولم يصحبه، وصحب الشيخ محمد ابن عبد الملك الميّافارقيني (3) وَغَيْرَهُ، فَانْتَفَعَ بِهِمْ. فَكَانَ يَقُولُ: كُلَّمَا نَالَنِي (ج) فَهُوَ بِبَرَكَةِ الشَّيْخِ صَدَقَةَ. وَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي الْحَقِيقَةِ وَالطَّرِيقَةِ كَلَامًا حَسَنًا. وَلَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ. أَثْنَى عَلَيْهِ الْبَغْدَادِيُّونَ. أَخْبَرَنِي جُمَيْعَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ، وَلَمْ أَرَهُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ-، قَالَ: وَكَانَ لَهُ/ صَدِيقٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِيهِ فَضْلٌ، فَجُذِمَ فَدَخَلَ إِلَيْهِ يَزُورُهُ، فَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ فِي الْبَلَاءِ، فَقَالَ: سبحان الله- تعالى- أنا في البلاء منعمس وَلَا أَتَكَلَّمُ فِيهِ، تَتَكَلَّمُ فِيهِ أَنْتَ مَعَ صحتك (ح) . قَالَ:
فَتَكَلَّمَ يَوْمًا عِنْدَ آخَرَ فِي التَّوَكُّلِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى جَيْبِ إِسْمَاعِيلَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ قطعة نحو قيراط (خ) وَقَالَ: مَنْ يَكُونُ هَذَا فِي جَيْبِهِ لَا يجوز أن يتكلم في التوكّل (د) . قَالَ: وَسَافَرَ مِنْ إِرْبِلَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَفِي صُحْبَتِهِ إِنْسَانٌ يُدْعَى «الْخَطِيبُ» فَحُمَّ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ إِسْمَاعِيلُ: أَنَا أَتَحَمَّلُ عَنْكَ مَرَضَكَ هَذَا، فقال (ذ) : اتْرُكْنِي مِنْ هَذَا، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، فَعُوفِيَ الْخَطِيبُ وَحُمَّ إِسْمَاعِيلُ أَيَّامًا، وَتُوُفِّيَ وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةٍ بِالْمَوْصِلِ بَعْدَ التِّسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَحَضَرَتْ وَفَاتُهُ ولم أتحقق السَّنَةِ.
84- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 463 هـ)
وَجَدْتُ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَأَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ مَشْيَخَةِ الْقَاضِي أَبِي الحسين (أ) علي (ب) مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الزَّعْفَرَانِيِّ (1) سَمَاعَ جَمَاعَةٍ عَلَى الشَّرِيفِ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ المهتدي (أ) ، منهم أبو ياسر المبارك ابن الْحُسَيْنِ الْعَجْلِيُّ (2) - وَالْمَشْيَخَةُ جَمِيعُهَا بِخَطِّهِ- وَأَبُو بَكْرٍ محمد بن الحسن ابن خَالِدٍ الْإِرْبِلِيُّ (3) ، وَذَلِكَ فِي دَارِهِ بِبَابِ الْبَصْرَةِ (4) فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأْرَبَعِمِائَةٍ، سَمِعُوا الْمَشْيَخَةَ عَلَى ابْنِ الْمُهْتَدِي مِنْ لَفْظِهِ، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ ابْنِهِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- بعده،(1/180)
وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحسن بن خالد الخالدي (ت) .
85- الْخَطِيبُ الطُّوسِيُّ (538- 622 هـ)
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسيُّ (1) وَيُعْرَفُ/ هُوَ وَأَهْلُهُ بِبَيْتِ «الطُّوسِيِّ» . وَهُوَ الْآنَ خَطِيبُ الْمَوْصِلِ. سَمِعَ أَبَا الْكَرَمِ الْمُبَارَكَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّهْرَزُورِيَّ بِبَغْدَادَ، قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَع بِهَا غيره. وسمع أباه (أ) وَعَمَّهُ (2) وَغَيْرَهُمَا. حَدَّثَ بِالْمَوْصِلِ، وَكُلُّ طَالِبٍ يَرِدُ إِلَيْهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ السَّمَاعِ عَلَيْهِ. رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَيْهِ وَقَارٌ وَفِيهِ لُطْفٌ، مِنْ أَكْبَرِ عُدُولِ الْمَوْصِلِ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرَ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ، وَكَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَأَجَازَ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنْشَدَنِي عَنْهُ أبو العباس أحمد بن أبي القاسم القيسي (ب) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمُحْسِنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ- أَعْنِي الْخَطِيبَ- وَفِي أَوَّلِهِ: «لِعَبْدِ الْمُحْسِنِ بْنِ الطُّوسِيِّ» ، وَحَدَّثَنِي الْقَيْسِيُّ أَنَّهُ أَوْرَدَهَا فِي صِفَةِ دار ابتناها: (السريع)
دَارُكَ دَارُ الْمُلْكِ مُذْ لَمْ تَزَلْ ... مَفْتُوحَةً بِالْعَدْلِ أَبْوَابُهَا
مَحْفُوفَةٌ بِالنَّصْرِ أَرْجَاؤُهَا ... مَشْدُودَةٌ بِالْعِزِّ أَطْنَابُهَا
مَوْرِدُهَا عَذْبٌ لِمَنْ أَمَّهَا ... وَكُلُّ خَلْقِ اللَّهِ يَنْتَابُهَا
دَاخِلُهَا مِنْ فَزَعٍ آمِنٌ ... كَأَنَّمَا رَضْوَانُ بَوَّابُهَا
يَا مَلِكًا مِنْ بَأْسِهِ بَصْبَصَتْ ... أُسْدُ الْفَلَا تَحْرُسُهَا غَابُهَا
تَهُنَّهُ مِنْ مَجْلِسٍ جُمِعَتْ ... فِيهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَسْبَابُهَا
لَا زَالَ سُلْطَانُكَ فِي رِفْعَةٍ ... مَا دَارَ فِي الْأَفْلَاكِ أقطابها (ت)
فيه نظر ... (ث) ، بلغني إنه توفي بالموصل.. (ج) من سنة اثنين وعشرين وستمائة.(1/181)
86- أَبُو عَمْرِو بْنِ جَلْدَكٍ الْمَوْصِلِيُّ ( ... - 592 هـ)
/ هُوَ أبو عمرو عثمان بن أبي بكر (أ) إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَلْدَكٍ الْقَلَانِسِيُّ (1) ، مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ. وَوَجَدْتُ أَنَّ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ أَرَ فِي طَبَقَاتِ سَمَاعِهِ وَغَيْرِهَا يَكْتُبُ إِلَّا «أَبَا بَكْرٍ» ، أَحَدُ مَنْ جَدَّ فِي جَمْعِ الحديث وكتبه ولقي (ب) رُوَاتِهِ؛ وَرَحَلَ فِيهِ الرِّحْلَةَ الْوَاسِعَةَ. سَمِعَ أَبَا موسى الحافظ الأصبهاني (ت) بِهَا وَغَيْرَهُ، وَخَلْقًا كَثِيرًا، وَسَمِعَ رِجَالَ بَغْدَادَ. سَمِعَ بِالْمَوْصِلِ أَبَا الْفَضْلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ الطُّوسِيَّ، وَأَبَا الرَّبِيعِ سُلَيْمَانَ بْنَ خَمِيسٍ (2) ، وأبا منصور بن مكارم المؤدب (ث) . وَبِدِمَشْقَ أَبَا الطَّاهِرِ بَرَكَاتِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْخُشُوعِيَّ، وَبِأَصْبَهَانَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَدَّادِ (ج) . وَسَمِعَ بِغَيْرِ هَذَهِ الْمَوَاضِعِ خَلْقًا كَثِيرًا.
وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى يَحْيَى بْنِ فَضْلَانَ (3) . قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ التِّبْرِيزِيُّ: وَرَدَ إِلَى دِمَشْقَ وَأَقَامَ عِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ (ح) وعلق من تاريخ والده (خ) جُمْلَةٍ تَتَعَلَّقُ مِنْ غَرَضِهِ مِنْ تَارِيخِ الْمَوْصِلِ. وَكَانَ فِي أَخْلَاقِهِ نَفَارٌ، وَعِنْدَهُ خِفَّةٌ، رَأَيْتُهُ بِالْمَوْصِلِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ. عَلَّقَ التَّعَالِيقَ الْكَثِيرَةَ الْمُفِيدَةَ، وَضَبَطَ الْأَسْمَاءَ الْمُشْكِلَةَ. رَأَيْتُ مِنْ تَقْيِيدَاتِهِ بِخَطِّهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِتْقَانِهِ وَحِذْقِهِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ. أَنْشَدَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ (د) لنفسه: (الكامل)
يا سائلي عن خير ما اتّف ... قت عليه ذوو العقول
إنّي امروء لَكَ نَاصِحٌ ... فَخُذِ النَّصِيحَةَ بِالقَبُولِ
طُفْتُ الْبِلَادَ وَجُبْتُهَا ... فِي جَمْعِ آثَارِ الرَّسُولِ
وَلَقِيتُ كُلَّ مُهَذَّبٍ ... فِي الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ النَّبِيلِ
/ وَنَظَرْتُ فِي كتب الثّقا ... ت من الأئمة والعدول
فوجدت مضمون العلو ... م جميعها ترك الفضول(1/182)
والزهد في الدنيا وأن ... ترض وتقنع بالقليل
فاقنع وخلّ الحرص والدّ ... نيا تُنَادِي بِالرَّحِيلِ
إِنْ أَرَادَ بِالْفُضُولِ مَا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَامَّةُ، فَاسْتِعْمَالُهُ خَطَأٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ فُضُولَ الْمَعِيشَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاجَةِ، فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ صَحِيحٌ، وَمَا أَظُنُّهُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: «وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا ... الْبَيْتُ» .
وَأَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ ابن سَعِيدٍ الدُّبَيْثِيُّ إِجَازَةً- إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ- قَالَ: أَنْشَدَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَلْدَكٍ لِنَفْسِهِ: (البسيط)
مَا الْعَزْمُ أَنْ تَشْتَهِي شَيْئًا وَتَتْرُكُهُ ... حَقِيقَةُ الْعَزْمِ مِنْكَ الْجِدُّ وَالطَّلَبُ
كَمْ سَوَّفَتْ خُدَعُ الآمال ذا أرب (ذ) ... حَتَّى قَضَى قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ أَرَبُ
نَلْهُو وَنَلْعَبُ وَالْأَقْدَارُ جَارِيَةٌ ... فِينَا وَنَأْمُلُ وَالْأَعْمَارُ تقتضب
وما تقلّب دنيانا بنا (ر) عجب ... لكنّ آمالنا فيها هي العجب (ز)
ونقلت من خط النجاد علي (س) بن أبي الفرج الموصلي (ش) ، مِنْ شِعْرِ أَبِي عَمْرٍو وَمَا أَنْشَدَهُ إِيَّاهُ لنفسه، وهو: (السريع)
قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الرِّزْقِ ... فَاقْنَعْ وَلَا تضرع إلى الخلق (ص)
وَابْغِ رِضَى اللَّهِ بِسُخَطِ الْوَرَى ... وَانْطِقْ- وَإِنْ عادوك- بالحقّ (ض)
والله ما ينجو امروء (ط) كَاذِبٌ ... وَإِنَّمَا يَنْجُو أَخُو الصِّدْقِ
تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- بِالْمَوْصِلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ/ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ الْجَصَّاصَةِ (1) .
وَوَجَدْتُ بِخَطِّ عُثْمَانَ، عَلَى أَوَّلِ شِعْرِ الْمُتَنَبِّي (2) : «عُثْمَانُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ جَلْدَكٍ الْقَلَانِسِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ الْمُزَيِّنِ» .
87- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ بَازٍ (552- 622 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بن عمر بن (أ) نَصْرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ(1/183)
عبد الله بن باز الموصلي (1) ، من أَهْلِهَا. كَانَ صَيْرَفِيًّا مُثْرِيًا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى لَاحِقِ بْنِ كَارِهٍ (2) وَأَبِي الْحُسَيْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ، الْكَاتِبَةِ شُهْدَةَ، وَأَبِي مَنْصُورٍ الدَّقَّاقِ (3) ، وَعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ السُّلَمِيِّ الرَّقِّيِّ (4) ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (5) .
لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ الْيَوْمَ مُقِيمٌ بِالْمَوْصِلِ بِدَارِ الْحَدِيثِ الَّتِي أَنْشَأَهَا وَجَدَّدَهَا الْفَقِيرُ إلى الله- تعالى- أبو سعيد كوكبوري بن عَلِيٍّ، لَهُ إِيجَابٌ مِنْ وَقْفِهَا، يُسَمِّعُ الْحَدِيثَ بِهَا. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَسُمِعَ عَلَيْهِ بِهَا تَارِيخُ الْبُخَارِيِّ الْكَبِيرُ (6) ، رَوَاهُ عَنْ أَبِي الحسين بن يوسف (ب) وَحَدَّثَ بِهَا.
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
تُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
88- أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودٌ الصَّائِغُ ( ... - 619 هـ)
هُوَ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْإِرْبِلِيُّ الصَّائِغ (1) ، وَيُعْرَفُ بِالْخَوَاتِيمِيِّ، وَيُكْنَى أَبَا الْفَتْحِ أَيْضًا. رَجُلٌ صَالِحٌ دَيِّنٌ عَلَيْهِ سَكِينَةُ الْأَخْيَارِ. تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاشْتَغَلَ بِالنَّحْوِ، وَكَانَ لَهُ هِمَّةٌ فِي تَحْصِيلِ الْكُتُبِ/ وَانْتِسَاخِهَا.
سمع الحديث، وله إجازة من (أ) أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ الْأَنْبَارِيِّ بِجُمْلَةٍ مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ وَمَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ عَنْهُ، وَرَأَيْتُ خَطَّهُ لَهُ بِذَلِكَ.
وَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي الْعِزِّ يُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ابراهيم البغدادي؛ وأجاز له. سألته عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ. وَكَانَ يَسْتَجِيزُ. عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ- مَنْ يَرِدُ إِلَى إِرْبِلَ. وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُنْشِدَنِي مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا فَتَأَبَّى ثم أنشدني لنفسه (البسيط)(1/184)
لَأَنْتَ جَلَالُ دِينِ اللَّهِ خَالِصَةً ... وَمَنْ سِوَاكَ ... (ب) فَخَائِنٌ أَشِرٌ «2»
فَكُنْ مَعَ اللَّهِ فِي سِرٍّ وفي علن ... والله يعطيك لا السّلطان (ت) وَالْبَشَرُ
كَذَا أَنْشَدَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ، عَلَى مَا هو عليه (ث) .
تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاتِهَا، ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعَ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن بمقبرة الزّمنى (ج) بِالْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ سُكْنَاهُمْ.
89- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُظَفَّرِ (572- 613 هـ)
هُوَ أَبُو الْفُتُوحِ عَبْدُ الله بن شيخنا أبي المظفر المبارك بن طاهر الخزاعي (1) . بكّر به والده (أ) فَسَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ؛ وأدرك طبقة عالية مثل ... (ب) . كَانَ لَطِيفَ الْأَخْلَاقِ حَسَنَ الْمُعَاشَرَةِ، سَرِيعَ الْكِتَابَةِ.
توفي في (ت) الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِالْمَقْبَرَةِ الشَّرْقِيَّةِ ظَاهِرَ إِرْبِلَ بِالْقُرْبِ مِنْ وَالِدِه- رَحِمَهُمَا اللَّهُ- وَمَوْلِدُهُ- مِمَّا قَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ- عَاشِرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسُمِعَ عَلَيْهِ الْيَسِيرُ بِإِرْبِلَ.
90-/أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَضْرِ بْنِ عَلِيٍّ ( ... - 608 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَضْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ الْإِرْبِلِيُّ (1) الصوفي،(1/185)
نَزِيلُ مَكَّةَ. أَقَامَ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ. سَمِعَ الحديث ورواه، وقيل في جمادى الأولى (أ) ، قاله ابن الدبيثي (ب) . وَكُنْتُ لَدَى اسْمِهِ فِي أَجْزَاءٍ عِنْدِي، وَأَسْأَلُ عَنْهُ فَيُقَالُ لِي لَا نَعْرِفُ أَبَا الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ مِنْ أَهْلِ إِرْبِلَ.
سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْكَرَمِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّهْرَزُورِيِّ، وَالنَّقِيبِ المكي (ت) وَغَيْرِهِمَا، وَأَبِي الْقَاسِمِ نَصْرِ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيِّ، سَمِعَ عَلَيْهِ «كِتَابَ الطِّينِ» لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا (2) وسَمِعَ عَلَى الْعُكْبَرِيِّ عَنِ الْبُسْرِيِّ (ث) الْخَامِسَ مِنَ «الْمُخَلِّصِيَّاتِ الْكَبِيرِ» (3) سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَمِعَ أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السَّلَمَاسِيَّ (4) الْكَيْلِيَّ، وَصَحِبَ الشَّيْخَ الزَّاهِدَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (5) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيمِيَّ الجزّاوي (ج) ، وَسَمِعَ مِنْ كَرَامَاتِهِ فِي شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَمِعَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَلِّ كِتَابَ «شرط الاستظهار وأدب الانتقار (ح) عَلَى غَايَةِ الِاخْتِصَارِ» تَصْنِيفُ أَبِي الْمُؤَيَّدِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزْنَوِيِّ (6) ، بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِقِرَاءَةِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَلَّدِ بْنِ عِيسَى التَّنُوخِيِّ الدِّمَشْقِيِّ، فِي رَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ..
نَقَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَطِّهِ.
وَلَمَّا وَصَلَ أبو عبد الله محمد الدبيثي (خ) إِرْبِلَ، وَجَدْتُهُ قَدْ ذَكَرَهْ فِي تَارِيخِهِ وَذَكَرَ/ أنه (د) أجاز له وعرّفني إنه المقيم بمكة (ذ) ، وَكَانَ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ يَصِلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِجَائِزَةٍ سَنِيَّةٍ وَيُشْرِكُهُ مَعَ نُوَّابِهِ الَّذِينَ تُنْفَذُ على أيديهم الصدقات المألوفة (ر) الى مكة في تفريقها على أهلها (ز) .
أجاز لي (س) مِنَ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَضْرُ بْنُ علي بن محمد،(1/186)
قال: قرىء عَلَى أَبِي الْكَرَمِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أحمد (ش) الشَّهْرَزُورِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ بِبَغْدَادَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ الصُّفَّارُ (7) ، قال: حدثنا أحمد (ص) بن منصور (8) ، حدثنا عبد الرزاق (ض) ، أخبرنا معمر (ط) عن الزّهري (ظ) عن سالم (9) عن ابن عمر (ع) أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا، فَقَالَ: «أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟» قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، قَالَ:
«الْبِسْ جَدِيدًا وعش حميدا ومت شهيدا» (غ) .
91- أَبُو الْفَتْحِ الْجَصَّاصُ (555- 611 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ بَرَكَةَ الْجَصَّاصُ الْبَغْدَادِيُّ (1) ، كان يُبَيِّضُ الدُّورَ بِالْجَصَّ. وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَرَكَ صَنْعَتَهُ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، فَأَقَامَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْمُظَفَّرِيَّةِ. سَمِعَ يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ (أ) ، وَأَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَحْمُودٍ الصُّوفِيَّ ابْنَ الْعَلَوِّيَّةِ (2) وَغَيْرَهُمْ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: سَنَةَ/ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ تَقْرِيبًا. وَسَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيَّ، وَأَبَا مَنْصُورٍ عَبْدَ الله ابن محمد بن عبد السلام (3) ، وأبا حفص (ب) عُمَرَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ التَّبَّانَ (4) ، وَأَبَا الْعَلَاءِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ عُقَيْلٍ (5) ، وَأَحْمَدَ بْنَ بَنَيْمَانَ الْهَمَذَانِيَّ (6) وَأَبَا محمد عبد الله بن الخشّاب (ت) وَشُهْدَةَ. وَفَاتُهُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُتَأَخِّرَ السَّمَاعِ، لَمْ يُبَكِّرْ بِهِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْجَصَّاصِ، قال: قرىء عَلَى أَبِي الْعَلَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُقَيْلٍ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ النَّرْسِيُّ (7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (8) ، حَدَّثَنَا حسن (ث) بْنُ حَسَنِ بْنِ حُلَيْسٍ (9) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ محمد(1/187)
السُّكُونِيُّ (10) ، أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ (11) : (الكامل)
إِنَّ الْحَوَائِجَ رُبَّمَا أَزْرَى بِهَا ... عِنْدَ الَّذِي قضيت له تأجيلها (ج)
فَإِذَا قَضَيْتَ لِصَاحِبٍ لَكَ حَاجَةً ... فَاعْلَمْ بِأَنَّ تَمَامَهَا تَعْجِيلُهَا
92- أَبُو الْمَكَارِمِ الْكِرْمَانِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 616 هـ)
هُوَ أَبُو الْمَكَارِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَابِدِ بن محمد الكرماني (أ) الصُّوفِيُّ الزَرَنْدِيُّ (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، سَمِعَ عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الَقِيَسِيُّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ- وَلَمْ يَذْكُرْ سَنَدَهُ الْقَيْسِيُّ- فِي ثَانِيَ عَشَرَ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عشرة وستمائة بالجنينة (ب) . ثُمَّ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاجْتَمَعْتُ بِهِ فِي سَابِعِ رَجَبٍ، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بن محمد بن عبد الله السّهروردي (ت) / كَتَبَ لَهُ بِخَطِّهِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ يثني عليه بما حكايته (ث) : «شِهَابُ الدِّينِ الْكِرْمَانِيُّ مُتَفَنِّنٌ فِي الْعُلُومِ، يَعْرِفُ الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ وَالْحَدِيثَ وَالتَّفْسِيرِ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ. وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ ذُو دِينٍ، وَلَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ وَالتَّرَسُّلُ، وَيَصْلُحُ لِلتَّدْرِيسِ وَلِلْقَضَاءِ، وَأَنْ يُبْعَثَ رَسُولًا. غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ تَقْبَلُهُ بَعْضَ الطِّبَاعِ، وَتَأْبَاهُ بَعْضَ الطِّبَاعِ، فَإِنْ قَبِلَهُ الطَّبْعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَقْدِرُ أَنْ يُقِيمُ، إِلَّا فَلْيُنْعَمْ عَلَيْهِ بِعَوْدِهِ إِلَى بِلَادِهِ» .
فَأَحْبَبْتُ الِاجْتِمَاعَ بِهِ لِهَذِهِ الْأَوْصَافِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُ ثَنَاءَهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهِ. وَنَاوَلَنِي وَرَقَةً يَمْدَحُ بها (ج) أَبَا سَعِيدٍ كُوكُبُورِيَّ بْنَ عَلِيٍّ، وَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ تهنئة بشهر رجب المذكور. وأولها «حسبي الله كافيا ومعينا» :
(الكامل)
رَجَبٌ أَتَى فِي حُرْمَةٍ وَجَمَالِ ... مُتَبَخْتِرًا فِي مِشْيَةِ الْمُخْتَالِ
بَابُ الْمَلِيكِ مُظَفَّرِ الدِّينِ الَّذِي ... سَبَقَ الْمُلُوكَ بِجُودِهِ الْهَطَّالِ
الْمُحْسِنِ الْمِطْعَامِ وَالْمِقْدَامِ من ... أضحى بسؤدده عديم مثال(1/188)
وُصْلَاتُهُ وَصِلَاتُهُ وَصَلَاتُهُ ... مَعَ حُسْنِ أَخْلَاقٍ وَيُمْنِ (ح) فِعَالِ
كَالرَّمْلِ أَوْ قَطْرِ السَّمَاءِ وَعَدِّهَا ... أَيَهُونُ عدّ قطاره ورمال
يجتاز شأو (خ) الْمَكْرُمَاتِ وَوَصْفُهُ ... قَدْ فَاتَ كُلَّ مُجَوِّدٍ قَوَّالِ
ليبشّر (د) السُّلْطَانَ بَعْدَ قُدُومِهِ ... بِبَقَائِهِ أَلْفًا مِنَ الْأَحْوَالِ (ذ)
فِي رِفْعَةٍ وَجَلَالَةٍ وَمَكَانَةٍ ... وَنَفَاذِ أمر نَاظِمِ (ر) الْأَحْوَالِ
يَا أَيُّهَا السُّلْطَانُ وَالْمَلِكُ الَّذِي ... فَاقَ الْخَلَائِقَ فِي خِلَالِ جَلَالِ
أَعْجَزْتَ أَرْبَابَ الْمَكَارِمِ وَالْعُلَا ... بِفَضَائِلٍ جَلَّتْ عَنِ الْأَمْثَالِ
/ وَجَمَعْتَ شَمْلَ الدِّينِ بَعْدَ تَشَتُّتٍ ... وَنَفَيْتَ عَنْهُ شَغْبَ كُلِّ ضلال
وصرفت عن حوماته (ز) قَصْدَ الْعِدَى ... بِكَتَائِبِ الْأَجْنَادِ وَالْأَبْطَالِ
وَرَفَعْتَ أَمْرَ الشرع أرفع (س) منزل ... ودمغت (ش) أَهْلَ الطَّبْعِ بِالْإِبْطَالِ
وَنَصَبْتَ أَعْلَامَ الْهُدَى بِسِيَاسَةٍ ... وظبات أسياف وطعن عوالي (ص)
فوق السّماك تهزّ (ض) عِطْفَ بَهَائِهَا ... مَحْرُوسَةً عَنْ وَصْمَةِ الْإِذْلَالِ
قَالَ: «بَهَائِهَا» أَيِ السَّلْطَنَةُ
وَالْخَصْمُ أَمْسَى حَائِرًا مُتَرَجْرِجًا ... مَعَ حِزْبِهِ الْأَجْلَافِ وَالْجُهَّالِ
مَثَلُ الْأَعَادِي فِي كُمُونِ وُجُودِهِمْ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ بِبَأْسِكَ الْقَتَّالِ
مَثَلُ النُّجُومِ ذُكَاءَ يَظْهُرُ قَرْنُهَا ... يَسْتُرْنَ أَوْجُهَهُنَّ بِالْأَذْيَالِ
يَا أَيُّهَا الْجَحْجَاحُ وَالسَّنَدُ الَّذِي ... حَلِيَتْ خِصَالُ جَمَالِهِ بِكَمَالِ
دَاعٍ غَرِيبٌ مُرْمِلٌ بِحَرِيمِكُمْ ... مَعَ أَهْلِهِ مِنْ وُلْدِهِ وَعِيَالِ
وَيَبِيتُ فِي الْحَرَمِ الكريم مسامرا ... نوب الزمان ورنّة (ط) الْأَطْفَالِ
وَيَرُومُ لُطْفًا نَاظِمًا لِأُمُورِهِ ... مِنْ هِمَّةِ السُّلْطَانِ ذِي الْأَفْضَالِ
أَنْعِمْ وَأُنْعَمْ وَأَرِق تَرْقَأُ (ظ) أدمع ... تنهلّ أحيانا (ع) مِنَ الْإِقْلَالِ
لَا زَالَ أَمْرُكَ فِي الْخَلَائِقِ نَافِذًا ... وَالنَّاسُ مَغْمُورُونَ بِالْأَنْفَالِ
وَيَطُولُ حَوْلَ ذُرَاكُمُ أمن (غ) الورى ... وطوائف الأملاك والأقيال (ف)(1/189)
«أَعَادَ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِي أَنْعَامُهُ تَواتَرُ وَتَتَوَالَى عَلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ، الْمُكَرَّمِ الْكَرِيمِ، الْمُنْعِمِ الْمُنْعَمِ، كَثِيرِ الْجُودِ وَالْإِحْسَانِ، حَاتِمِ الزَّمَانِ، مُظَفَّرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، كَهْفِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ/ وَالْمَسَاكِينِ، غَوْثِ الْأَنَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، مِثْلَ هَذَا الشَّهْرِ الْحَرَامِ، الْمُعَظَّمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، أَلْفَ عَامٍ فِي مَزِيدٍ مِنَ الْإِنْعَامِ، وَدَوَامِ الْإِكْرَامِ. وَلَا أَخْلَاهُ مِنْ خَيْرَاتِهِ الْعِظَامِ، وَمَبَرَّاتِهِ الْجِسَامِ، وَقَرَنَ مُلْكَهُ الْفَانِيَ بِالْمُلْكِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الِانْصِرَامُ، وَأَحَلَّهُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ دَارَ السَّلَامِ، في مقعد صدق (ق) عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَرِسُلِهِ الْكِرَامِ» . هَذَا آخِرُهَا.
93- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَخْتِيَارَ (543- 617 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَكَارِمِ الْفَضْلُ بْنُ بَخْتِيَارَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْوَاعِظُ (1) البعقوبي، نَزِيلُ دَقُوقَا (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّة، وَأَلَّفَ كِتَابَ «غَرِيبِ الْحَدِيثِ» (3) ، وَسَمِعَهُ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ جَمَاعَةٌ ليسوا من أهل العلم.
ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْوَقْتِ، وَلَمْ يَكُنْ معه خطه. وقريء عَلَيْهِ جُزْءٌ خَرَّجَهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِ أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ عَنْهُ، فِيهِ مَوْضِعٌ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ، فَرَكَّبَ الْمَتْنَ عَلَى غَيْرِ رِجَالِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذلك في موضعه (أ) . وتكلم عليه الماراني (ب) ، وَكَانَ سَمِعَهُ عَلَيْهِ قَبْلِي بِمُدَّةٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ له، وجزء من كتاب النسائي (ت) خلّط فيه (ث) .
ولد ببعقوبا () سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة (ث) ، توفي بدقوقا في جمادى الآخرة (ج) سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ. أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ دَقُوقَا.(1/190)
94- أَبُو الْفَضْلِ الطَبَرِيُّ (515- 595 هـ)
هُوَ أَبُو/ الْفَضْلِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، المعروف بالدّيّني (أ) الْمَخْزُومِيِّ ثُمَّ الطَّبَرِيِّ (1) ، كَذَا كَتَبَ لِي نَسَبَهُ بخطه في إجازة لي (ب) .
وحدثني أبو الخير بدل ابن أَبِي الْمَعْمَرِ التِّبْرِيزِيُّ أَنَّهُ «مَنْصُورُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ» . وَوَجَدْتُ بِخَطِّ إِلْيَاسَ بْنِ جَامِعٍ (2) : «أَبُو الْفَضْلِ مَنْصُورُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ الطَّبَرِيِّ الْمَخْزُومِيُّ، وَرَدَ إِرْبِلَ ونزل خانكاه أبي منصور قايماز (ت) . وَسُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِإِرْبِلَ، وَأَدْرَكْتُهُ بِالْمَوْصِلِ وَلَمْ يُقَدِّرْ لِي السَّمَاعَ عَلَيْهِ. رَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ، وأقام بها، فقيل إنه توفي بها» (ب) .
كَانَ رَجُلًا صَالِحًا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ فِقْهٍ- كَمَا قِيلَ- سَمِعَ الْكَثِيرَ وَعُمِّرَ حَتَّى سُمِعَ عليه (ث) وَأَخْبَرَنِي بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ، قَالَ: أُحِبُّ السَّمَاعَ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ الْكِتَابَ جميعه، فاذ تُفُقِّدَ وُجِدَ سَمَاعُهُ عَلَى بَعْضِهِ.
فَعَلَ ذَلِكَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ (3) وَغَيْرِهِ.
95- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ الْأَصْبَهَانِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 613 هـ)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَامِدِ بْنِ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ وَحَدَّثَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ (2) الْهَمَذَانِيِّ، عَنِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ محمد الهمذاني (3) والاخوين أبي القاسم زاهر (أ) وَأَبِي بَكْرٍ وَجِيهٍ ابْنَيْ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (4) ، وَأَبِي الْأَسْعَدِ هِبَةَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيِّ، وَأَبِي مَنْصُورٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الْخَيَّامِ/ الطُّوسِيِّ (5) ، وَأَبِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنِ (6) - وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعَهُ مِنْهُمْ- قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أبو صالح أحمد بن عبد الملك (7) ،(1/191)
وساق الحديث (ب) ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُجَاهِدِيَّةِ (8) . وَوَقَعَ إِلَيْنَا هَذَا الحديث «2» من غير طريق (ت) .
96- السُّهْرَوَرْدِيُّ (539- 632 هـ)
هُوَ أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ محمد بن عبد الله بن محمد بن عَبْدِ اللَّهِ- وَيُعْرَفُ عَبْدُ اللَّهِ الْآخَرِ بِعَمُّوَيْهِ- نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ. وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ أَبُو حَفْصٍ، وَأَبُو نَصْرٍ أَكْثَرُ، السُّهْرَوَرْدِيُّ الواعظ الصوفي (1) ولد بها (أ) وَنَشَأَ بِهَا، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَاسْتَوْطَنَهَا وَعَقَدَ بِهَا مَجَالِسَ الْوَعْظِ. صَحِبَ عَمَّهُ أَبَا النَّجِيبِ عَبْدَ الْقَاهِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السُّهْرَوَرْدِيَّ، وَعَنْهُ أَخَذَ طَرِيقَتَيِ التَّصَوُّفِ وَالْوَعْظِ. وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ الْحَدِيثَ مِنْ عَمِّهِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ أَبِي زُرْعَةَ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ، وَمِنْ أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الباقي ويعرف بابن البطي (ب) ، ومن أبي المظفر ابن (ت) الشبلي (ث) وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْمُقَرِّبِ الْكَرْخِيِّ، وَأَبِي الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ الْبَقَّالِ.
وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ رَسُولًا مِنْ قِبَلِ الدِّيوَانِ الْعَزِيزِ، وَنَفَذَ مِنْهُ إِلَى جِهَاتٍ عِدَّةً مِنَ الْبِلَادِ رَسُولًا. وَحَدَّثَ فِي أَسْفَارِهِ (2) ، سَمِعَ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا وَالْوَارِدِينَ عَلَيْهَا. وَوَعَظَ بِإِرْبِلَ وَحَضَر مَجْلِسَهُ الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٌّ، وَوَجِدَ من وعظه وجدا (3) شديدا (ج) . لَهُ قَبُولٌ فِي الْبِلَادِ لِمَكَانِ رِسَالَتِهِ. لَهُ تَصَانِيفُ فِي عُلُومِ/ الْمُتَصَوِّفَةِ وَوَصْفِ أَحْوَالِهِمْ وَمَقَامَاتِهِمْ، مِنْهَا كِتَابُ «عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ» (4) يَدْخُلُ فِي جِلْدٍ سمع عليه قراءة (ح) وَكَتَبَ عِدَّةَ نُسَخٍ، وَكِتَابُ «حِلْيَةِ النَّاسِكِ» (5) وَهُوَ أَلْطَفُ مِنْهُ. كَانَ مُقَدَّمًا بِبَغْدَادَ، تَوَلَّى الرَّبْطَ بِهَا، ثُمَّ عُزِلَ عَنِ الرِّبَاطِ (6) ، وَبَقِيَ مُدَّةً خَامِلًا بِبَغْدَادَ إِلَى أَنْ كَانَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ؛ فَأُعِيدَ إِلَى الرِّبَاطِ، وَعَادَ الْإِحْسَانُ إليه (خ) .(1/192)
وَذَكَرَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ نَسَبَهُ فَقَالَ: «هُوَ عُمَرُ بن محمد بن عبد الله بن محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- وَعَبْدُ اللَّهِ هَذَا يُعْرَفُ بِعَمُّوَيْهِ- بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ محمد بن أبي بكر الصديق- رضي الله عَنْهُ- «.. وَوَجَدْتُ نَسَبَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ:
«أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ سَعْدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- «.. وَمِنْ هَذَا النسب والذي ذكره أبو حامد محمد ابن احمد الأصبهاني (د) خلاف يجب تحقيقه (ذ) . وَهُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنَ الَّذِينَ يُشَارُ إِلَيْهِمْ فِي مَعْرِفَةِ طَرِيقِ التَّصَوُّفِ وَقَوَانِينِهَا. سُئِلَ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: وُلِدْتُ بِسُهْرَوَرْدَ (7) فِي أَوَاخِرِ رَجَبٍ أَوْ أَوَائِلِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وثلاثين وخمسمائة. قال لي الدبيثي (ر) : سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِي كَذِلِكَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي نَصْرٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ، مُفْتِي الْعِرَاقِيِّنَ أَبُو النَّجِيبِ عَبْدُ/ الْقَاهِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيِّ التَّيْمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابن أبي عبد الرحمن بن محمد المستملي (ز) قِرَاءَة عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَدِيبِ (8) ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الفقيه (9) ، أخبرنا أحمد بن علي الموصلي (س) ، حَدَّثَنَا سُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ (10) حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (11) عن أبي رجاء (12) عن بريد (ش) بن سنان، أوربرد (13) عن (ص) واثلة ابن الْأَسْقَعِ (14) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وَسَلَّمَ-:
«كُنْ وَرِعًا تَكُنْ عَابِدًا، وَاجْتَنِبِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ زَاهِدًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مؤمنا» (ض) .
أَنْشَدَنِي نَصْرُ اللَّهِ بْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ الدِّمَشْقِيُّ (ط) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو(1/193)
عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِنَفْسِهِ، وَأَجَازَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: (مخلّع البسيط)
تَصَرَّمَتْ وَحْشَةُ اللَّيَالِي ... وَأَقْبَلَتْ دَوْلَةُ الْوِصَالِ
وَصَارَ بِالْوَصْلِ لِي حَسُودًا ... مَنْ كَانَ فِي هَجْرِكُمْ رَثَى لِي
وَحَقِّكُمْ بَعْدَ أَنْ حَصَلْتُمْ ... بِكُلِّ ما (ظ) فات لا أبالي
وما (ع) على عادم أجاجا ... وعندكم (غ) أَعْيُنُ الزُّلَالِ
وَنَظْرَةٍ مِنْكُمُ بِرُوحِي ... لَوْ بِعْتُمْ (ف) لم يكن بغالي (ق)
عَلَيَّ مَا لِلْوَرَى حَرَامٌ ... وَفِي الْحَشَى حُبُّكُمْ حلالي (ك)
وكلّ ما (ل) يَنْبَغِي وَيُرْجَى ... سِوَاكُمُ قَطُّ مَا حَلَا لِي (م)
تقاصرت دونكم قلوب ... فياله من مورد (ن) خلالي (و)
وهذا شعر كما تراه «2» . (هـ)
97-/أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الدُّبَيْثِيِّ (558- 637 هـ)
هو أبو عبد الله محمد بن سعيد بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الدُّبَيْثِيُّ (1) ، قَدِمَ إِرْبِلَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ قَدْ وَرَدَهَا قَبْلُ. شَيْخٌ حَسَنٌ مُؤَرِّخٌ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وكُّتبَهُ وَلَهُ مَحْفُوظَاتٌ كَثِيرَةٌ أوردها عند المحاضرة. ألف كتابا (أ) مُذَيَّلًا عَلَى تَارِيخِ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ بن محمد بن السمعاني (ب) المذيل على تاريخ بغداد (2) الذي ألفه (ت) أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب. وذكر فيه مالم يذكره ابن(1/194)
السَّمْعَانِيِّ، مِمَّنْ أَغْفَلَهُ أَوْ كَانَ بَعْدَهُ، كَذَا حَدَّثَنِي بِهِ. سُمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِإِرْبِلَ، وَسَمِعَ عَنْ مَشَايِخِهَا، وَلَمْ يَكُنْ قَدِيمَ الرِّوَايَةِ. أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سنة إحدى عشرة وستمائة: (الطويل)
خَبَرْتُ بَنِي الْأَيَّامِ طُرًّا فَلَمْ أَجِدْ ... صَدِيقًا صَدُوقًا مُسْعِدًا فِي النَّوَائِبِ
وَأَصْفَيْتُهُمْ مِنِّي الْوِدَادَ فقابلوا ... صفاء ودادي بالقذى (ث) وَالشَّوَائِبِ
وَمَا اخْتَرْتُ مِنْهُمْ صَاحِبًا وَارْتَضَيْتُهُ ... فَأَحْمَدْتُهُ (ج) في فعله والعواقب
وأنشدني لنفسه: (البسيط)
يَا مَنْ يُكَاثِرُ بِالْإِخْوَانِ مُعْتَقِدًا ... أَنَّ الْمَوَدَّةَ من أسباب قسوته (ح)
لَا تَغْترِرْ بَبَنِي الْأَيَّامِ مُعْتَمِدًا ... عَلَى مَوَدَّةِ مَنْ تُغْرَى بِصُحْبَتِهِ «2»
وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِمَّنْ تعاشره ... فالدهر أنكد أن يصفو (خ) لِعِشْرَتِهِ
كَمْ مِنْ خَلِيلَيْنِ طَالَ الْوُدُّ بَيْنَهُمَا ... عادا عدوّين كل حلف جفوته (د)
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ بعد الظهر، الثالث والعشرين (ذ) مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِوَاسِطَ. وَجَدُّهُ عَلِيٌّ الدُّبَيْثِيُّ (3) مِنْ دُبَيْثَا (4) /قَرْيَةٍ مِنْ قرى واسط كانت تدعى «ذوبيتا» (ر) فعرّبت (ز) . قَالَ:
وَحَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُمْ نَزَلُوا هَذَا الْمَوْضِعَ وَأَنَّ أَصْلَهُمْ مِنْ كَنْجَةَ (5) .
98- الْحُسَيْنُ الضَّرِيرُ ( ... - 617 هـ)
هو أبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو (أ) الدَّيْلَمِيُّ الضَّرِيرُ (1) ، وَيُعْرَفُ بِالتَّكْرِيتِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ. سَمِعَ عَلَى أَبِي الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ السِّجْزِيِّ بِبَغْدَادَ صَحِيحَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بن إسماعيل البخاري،(1/195)
وَحَدَّثَ بِهِ بِالْمَوْصِلِ. وَوَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَسُمِعَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْمَذْكُورُ في جماعة أسماؤهم مثبة عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي بِيَدِي، فِي عِدَّةِ مَجَالِسَ آخِرُهَا مُسْتَهَلُّ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عشرة وستمائة بدار المبارك بن أحمد (ب) .
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى الْمَالِينِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ (2) بْنِ المظفر الدواودي (ت) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ (3) بْنُ أحمد السّرخسي (ث) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ (4) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا (ج) آدم (5) قال حدثنا شعبة (ح) ، قال: حدثنا سعيد بْنُ أَبِي بُرْدَةَ (6) بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ (7) عَنْ جَدِّهِ (8) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ. قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِيَدِهِ وَيَنْفَعْ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقْ.
قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ.
قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فيمسك عن الشر/ فانّه له صدقة» (خ) .
حدثنا (د) الشيخ الامام أبو عبد الله المذكور (ذ) ، قال: خرج إلينا أبو المظفر يحيى ابن مُحَمَّدِ بْنِ هُبَيْرَةَ (9) قَالَ أَنْشَدَنِي الْمُسْتَنْجِدُ بِاللَّهِ (ر) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ قَدْ مَرِضَ وَشُفِيَ، فَقَالَ: اسْمَعْ يَا يَحْيَى مَا قُلْتُ فِي خَيَالِي:
(البسيط)
إِذَا مَرِضْنَا نَوَيْنَا كُلَّ صَالِحَةٍ ... وَإِنْ شُفِينَا فَفِينَا الزَّيْغُ وَالزَّلَلُ
نَخْشَى الْإِلَهَ إِذَا خِفْنَا وَنُسْخِطُهُ ... إِذَا أَمَّنَّا فَلَا يَزْكُو لَنَا عَمَلُ
سَمِعَ ذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْقَيْسِيُّ، وَبَشِيرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(1/196)
بْنِ حَسَنٍ الْعَلَّامُ (10) ، وَسَعْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ أَبُوهُ (11) وَأَحْمَدُ بْنُ أحمد ابن أَحْمَدَ، وَيُعْرَفُ بِحُمَيْدَةَ (12) ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بن منصور البزّار أَبُوهُ (13) ، وَرَيْحَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَبَشِيُّ (14) فَتَى الشَّيْخِ الْمُنْشِدُ.
وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدَارِ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ.
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ النُّورِيُّ (15) ، قَالَ: أنشدنا ابن (ز) الجواليقي (س) ، وسمعه المذكورون: (الكامل)
ذهب المبرّد (16) وانقضت أيامه ... وسينقضي بعد (ش) المبرّد ثعلب (ص)
بَيْتٌ مِنَ الْآدَابِ أَصْبَحَ نِصْفُهُ ... خَرِبًا وَبَاقِي بيتها (ض) فسيخرب
فابكوا لما سلب الزمان ووطّنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب (ط)
وتزوّدوا من ثعلب فبكأس ما (ظ) ... شرب المبرد عن قليل (ع) يشرب
وأرى لكم (غ) أَنْ تَكْتُبُوا أَنْفَاسَهُ ... إِنْ كَانَتِ الْأَنْفَاسُ مِمَّا يكتب (ف)
وَعَادَ مِنْ إِرْبِلَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَسَكَنَهَا إِلَى ان توفي بها في (ق) .
99- ابْنُ الطَّبَّاخِ الْوَاسِطِيُّ ( ... - 622 هـ)
قَالَ/ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدُّبَيْثِيُّ: «هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ أَوْ (أ) أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ- قَالَ: الشَّكُّ مِنِّي فِي اسْمِهِ- بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَنُوشِكِينَ الصُّوفِيُّ، يعرف بابن الطباخ (1) ، من أهل واسط. سكن بَغْدَادَ وَاسْتَوْطَنَهَا، وَصَحِبَ الصَّالِحِينَ وَالْمُنْقَطِعِينَ، مَعَ حُسْنِ طَرِيقَةٍ كَانَ عَلَيْهَا وَاشْتِغَالٍ بِالْخَيْرِ. نَفَذَ مِنَ الدِّيوَانِ الْعَزِيز- مَجَّدَهُ اللَّهُ- إِلَى مُظَفَّرِ الدِّينِ صَاحَبِ إِرْبِلَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لِأَشْغَالٍ كَانَتْ تَعْرِضُ. وَهُوَ بِالزُّهْدِ وَالِانْقِطَاعِ أَشْهَرُ مِنْهُ بِالرِّوَايَةِ وَالتَّحْدِيثِ» . آخر كلامه (ب) .(1/197)
100- مِسْمَارُ بْنُ الْعُوَيْسِ النَّيَّارُ (538- 616 هـ)
هُوَ أَبُو بكر مسمار (أ) بن عمر بن محمد بن العويس (ب) الْبَغْدَادِيُّ الْمُقْرِئُ (1) ، فِيهِ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ وَسَلَامَةٌ، صَحِيحُ السَّمَاعِ ثِقَةٌ. سَمِعَ الْكَثِير مِنَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ حَائِكًا، أَسْمَرَ اللَّوْنِ قَصِيرًا. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ:
فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. سَمِعَ أَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ بْنَ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيَّ الْمَالِينِيَّ، وَأَبَا الْفَضْلِ محمد ابن نَاصِرٍ السَّلَامِيَّ، وَأَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْأُرْمَوِيَّ، وَالشَّرِيفَ وَاثِقَ بْنَ تَمَّامٍ الْهَاشِمِيَّ (2) ، وَأَبَا العباس أحمد بن يحيى بن ناقة (ت) الكوفي (3) وغيرهم، ونصر ابن نَصْرٍ الْعُكْبَرِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الرُّطَبِيِّ (4) . حَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَسَكَنَ الْمَوْصِلَ فَحَدَّثَ بِهَا، وَوَرَدَ إِرْبِلَ فسُمِعَ عَلَيْهِ بِهَا «كِتَابُ الْبُخَارِيِّ» وَعِدَّةُ أَجْزَاءٍ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ. قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: «مَوْلِدُهُ بِبَغْدَادَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعُوَيْسِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ/ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْفُضَيْلِ الْفُضَيْلِيُّ (5) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ الْأَنْصَارِيُّ (ث) ، قال: حدثنا إسماعيل ابن الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ (6) ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَالِكٍ الشَّطَوِيُّ (7) ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ (8) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ (9) ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ (10) ، قَالَ سَمِعْتُ الْمُسْتَوْرِدَ (7) أَخَا بَنِي فِهْرٍ (12) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلَمَا يَضَعُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ ترجع» (ج)
وَلَهُ إِجَازَاتٌ مِنْ عِدَّةِ مَشَايِخَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَالْخَمْسِمِائَةِ. مِمَّا وَقَعَ إِلَيَّ، وَحَدَّثَنِي مِسْمَارٌ، وَقَالَ: كان اسمي محمد، إِنَّمَا كُنْتُ أُثْبِتُ وَأَنَا صَبِيٌّ(1/198)
فِي سَمَاعِ الْحَدِيثِ، فَقِيلَ لِي: كَأَنَّهُ «مِسْمَارٌ» فغلب عليّ. هذا معنى كلامه. (ح)
تُوُفِّيَ فِي ثَانِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ.
101- سِبْطُ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيُّ ( ... - بعد سنة 620 هـ)
هو أبو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّشِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَنَيْمَانَ، وَيُقَالُ أَبُو أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيُّ (1) الْقَاضِي، سِبْطُ أَبِي الْعَلَاءِ الْحَافِظُ الْهَمَذَانِيُّ. قَدِمَ إِرْبِلَ غَيْرَ مرة وسمع بها. روى عن الباغبان (أ) أَبِي الْخَيْرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمر (2) ، وعن (ب) جَدِّهِ أَبِي الْعَلَاءِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارِ- كَمَا ذَكَرَ لِي-، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
قَرَأْت عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّشِيدِ الهمذاني، قال: أخبرنا أبو الخير محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي عبد الله بن مَنْدَهْ (3) ، حَدَّثَنَا/ أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ (4) إِمْلَاءً، أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد ابن أَبِي طَالِبٍ (5) ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إدريس الرّازي (ت) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (6) ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ (7) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (8) ، قَالَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ (9) تَفَرَّدَ بِالنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ، فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول: (الرجز)
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ المطّلب (ث)
قدم إربل في شهر ربيع الأول من سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
102- عَبْدُ الرَّشِيدِ الْآمُلِيُّ (551- بعد سنة 622 هـ)
هو أبو الفضل عبد الرَّشِيدِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الصوفي الآملي (1)(1/199)
ذَكَرَ لِي أَنَّهُ وَلِيَ الِاسْتِيفَاءَ بِمَازَنْدَرَانَ (2) هُوَ وأبوه وجده (أ) ، وَتَرَكَ هُوَ الْوَلَايَةَ وَتَصَوَّفَ مُذْ سِنِينَ، وَأَنَّ أَوْلَادَهُ الْآنَ فِي بَلَدِهِ عَلَى الْأَعْمَالِ السُّلْطَانِيَّةِ. يَطُوفُ الْبِلَادَ عَلَى قَاعِدَةِ الصُّوفِيَّةِ، وَهُوَ شَيْخٌ ظَاهِرٌ الصَّلَاحِ، فِيهِ تَشَيُّعٌ وَعِنْدَهُ إِنْصَافٌ. يَحْفَظُ حِكَايَاتٍ وَأَخْبَارًا يُورِدُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ غَيْرَ مُفْصِحٍ بِهَا. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: مَوْلِدِي سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِأَمُلَ (3) طَبَرِسْتَانَ (2) .
ذَكَرَ لِي أَنَّهُ سَمِعَ عِدَّةَ كُتُبٍ عَلَى رَضِيِّ الدِّينِ الْمُؤَيَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيِّ (4) بِآخِرِة سَأَلْتُهُ هَلْ يَعْمَلُ شِعْرًا بِالْعَرَبِيَّةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وعشرين وستمائة: (الوافر)
لَئِنْ قَصُرَتْ يَدَايَ عَنِ الْجَزَاءِ ... فَمَا قَصُرَ اللِّسَانُ عَنِ الثَّنَاءِ
أَنَالَ حَبِيبَكُمْ خَيْرًا مَلِيكٌ ... أَذَاقَ عَدُوَّكُمْ سُوءَ الْبَلَاءِ
هَذَا الْبَيْتُ الْأَوَّلُ (ب) لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النِّيلِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ (5) ، ذَكَرَ ذَلِكَ المبارك ابن/ أبي بكر بن حمدان (ت) المؤرخ (ث) . وأنشدني لشاعر ذكره: (الوافر)
زكاة الجاه آب (ج) مستباح ... تجود به على ظمىء (ح) ببابك
تمكن ما استطعت بذلك بخلا (خ) ... فَقَدْ قَنَعُوا بِأَنَّكَ غَيْرُ بَابَكْ (6)
وَأَنْشَدَنِي لِلصَّاحِبِ بن عبّاد (7) : (الرجز)
مَا النَّاسُ إِلَّا الْكَتَبَهْ ... هُمْ فِضَّةٌ فِي ذَهَبَهْ
قَدْ أَحْرَزُوا دُنْيَاكُمُ ... بِقِطْعَةٍ مِنْ قَصَبَةْ
وَحَدَّثَنِي، قَالَ: هَجَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيُّ (8) الصَّاحِبَ بْنَ عَبَّادٍ، وَكَانَ مُحْسِنًا إِلَيْهِ، بِقَوْلِهِ: (البسيط)
لَا تَحْمَدَنَّ ابْنَ عَبَّادٍ وَإِنْ هَطَلَتْ ... كَفَّاهُ (د) بالجود حتّى جاوز الدّيما(1/200)
لأنّها (ذ) خَطَرَاتٌ مِنْ وَسَاوِسِهِ ... يُعْطِي وَيَمْنَعُ لَا بُخْلًا ولا كرما (ر)
فَقَالَ فِيهِ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ لَمَّا تُوُفِّيَ (الطويل)
رَأَيْتُ بَرِيدًا مِنْ خُرَاسَانَ وَارِدًا ... أَمَاتَ خُوَيْرِزْمِيُّكُمْ؟ قَالَ لِي: نَعَمْ
فَقُلْتُ اكْتُبُوا بِالْجَصِّ مِنْ فَوْقِ قَبْرِهِ ... أَلَا لَعَنَ الرَّحْمَنُ مَنْ كَفَرَ النّعم (ز)
كَذَا أَنْشَدَهُ: «رَأَيْتُ» ، وَأَظُنُّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ «سَأَلْتُ» .
وَحَدَّثَنِي، قَالَ بِآمُلَ كَاتِبٌ يُدْعَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ (9) وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي عمله، سمعته يوما يقول: «لولا اتّخاذ (س) الْغِلْمَانِ، وَأَكْلُ الدَّجَجِ السِّمَانِ، وَأَخَذُ هَدَايَا الْإِخْوَانِ، لَمَا اشْتَغَلْتُ بِخِدْمَةِ السُّلْطَانِ» ، وَهَذَا ضِدُّ قَوْلِهِ: «خِدْمَةُ السُّلْطَانُ، وَالْأَقْدَاحِ مِنْ أَيْدِي الْمِلَاحِ لَيْسَ يلتئمان، فاختر رفعة واشرب راح» (ش) . وَوَجَدْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ مُخْتَصَرٍ مِنْ «كِتَابِ بَرْدِ الْأَكْبَادِ» (10) /لِلثَّعَالَبِيِّ (11) مَنْسُوبًا إِلَى رَجَاءِ بْنِ الوليد (12) لولا اتّخاذ الغلمان، (ص) وَالرُّجُحُ السِّمَانِ، لَمَا اشْتَغَلْتُ بِخِدْمَةِ السُّلْطَانِ» .
103- الْقَاسِمُ الشَّهْرَزُورِيُّ ( ... - 489 هـ)
هُوَ أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ (1) ، أَبُو أَبِي بَكْرٍ محمد (أ) . شيخ ابن السمعاني (ب) سَكَنَ إِرْبِلَ، وَرَدَ بَغْدَادَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحَدَّثَ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، سَمِعَ مِنْهُ آحَادُ الطَّلَبَةِ. ذَكَرَ ذلك أبو سعد (ت) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، فِيمَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ مُحَمَّدِ بْنِ الدُّبَيْثِيِّ (ث) مِنْ تَرَاجِمِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي نَقَلْتُهَا مِنْ كِتَابِهِ الْمُذَيَّلِ عَلَى تَارِيخِ بَغْدَادَ لِأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن علي بن ثابت (ج) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزِيُّ فِي تاريخه(1/201)
وَلَدَهُ، فَقَالَ: «مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ، مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ. وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَسَافَرَ الْبِلَادَ وَصَحِبَ الْعُلَمَاءَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الكثير، ومن شعره: (الخفيف)
همّتي دونها السّهى والزّبانا (ح) ... قد علت جهدها فما تتدانى (خ)
فأنا متعب معنّى إلى أن ... يتفانى (د) الأنام أو نتفانى (ذ)
توفي ببغداد (ر) فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذَهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بمقبرة باب بيرز (ز) - وَكَانَتْ سَنَة ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ-. قَالَ الْمُبَارَكُ بن أحمد بن المبارك (س) : وَلِوَلَدِهِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ (2) رِسَالَةً طَوِيلَةً عَلَى مَذْهَبِ أَلْفَاظِ الصُّوفِيَّةِ (3) ، لَهُ فيها أشعار منها: (الوافر)
بِقَلْبِي مِنْهُمُ عُلْقُ ... وَدَمْعِي فِيهِمُ عَلَقُ
/ وَعِنْدِي مِنْهُمُ حُرَقُ ... لَهَا الْأَحْشَاءَ تَحْتَرِقُ
وَنَحْنُ بِبَابِهِمْ فِرَقُ ... أَذَابَ قُلُوبَنَا الْفَرَقُ
وَمَا تَرَكُوا سِوَى رَمَقٍ ... فَلَيْتَهُمُ لَهُ رَمَقُوا
فَلَا وَصْلٌ وَلَا هجر ... ولا صبر ولا قلق (ش)
فليتهم وإن جاروا (ص) ... وَلَمْ يُبْقُوا عَلِيَّ بَقُوا
فَأَفْنَى فِي بَقَائِهِمُ ... وريح مودّتي (ض) عبق (ط)
ومنها (ظ) غيره (الخفيف)
قُلْ لِأَحْبَابِنَا الْجُفَاةُ رُوَيْدًا ... إِذْ رَجَوْنَا عَلَى احتمال الملال
إنّ ذاك الصّدود (ع) مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ ... لَمْ يَدَعْ فِيَّ مَوْضِعًا لِلْوِصَالِ
أَحْسِنُوا فِيَّ صَنِيعِكِمْ وَأَسِيئُوا ... لَا عَدِمْنَاكُمُ عَلَى كُلِّ حَالِ(1/202)
104- محمد بن القاسم بن المظفر بن علي بن الشَّهْرَزُورِيِّ (453- 538 هـ)
أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي (1) ، رَجُلٌ فَاضِلٌ عَالِمٌ، ذَكَرَ تَاجُ الْإِسْلَامِ أَبُو سَعْدِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: وُلِدْتُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِإِرْبِلَ. وَنَشَأَ بِالْمَوْصِلِ. قَالَ: وَسَأَلْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. قَالَ: وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عَقْلٍ وَثَبَاتٍ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِعِدَّةِ بِلَادٍ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فِي صِبَاهُ، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْمَاطِيِّ (2) وَأَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ (3) وَغَيْرِهِمَا. وَخَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ وَطَافَ بِلَادَهَا، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ وتُوُفِّيَ بِهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ أَبْرَزَ. وَحَدَّثَ بِالْكَثِيرِ بِالْمَوْصِلِ وَبَغْدَادَ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي/ تَارِيخِهِ.
أَخْبَرَنِي الشَّرِيفُ السَّيِّدُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الحسيني (أ) بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الشَّهْرَزُورِيُّ فِي رَمَضَانَ سَنَة خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنا أبو عمرو (ب) عثمان بن محمد ابن عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّى بِنَيْسَابُورَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ (5) ، قَالَ: حدثني محمد بن يحيى (ت) قال: حدثنا عبد الرزاق (ث) ، أخبرنا معمر (ج) عن الزّهري (خ) عن سالم (خ) عن ابن عمر (د) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ» (ذ) .
وأخبرنا عمر بن محمد بن المعمّر (ر) بقراءتي عليه، قال: قرىء علي(1/203)
الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشيخ العالم أبو بكر (ز) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الشِّيرَازِيُّ (6) - رَحِمَهُ اللَّهُ- إِمْلَاءً بِنَيْسَابُورَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الْعَشْرِ الْأُولَى مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا الْإِمَام أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ (7) لَفْظًا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ (8) ، قال: أخبرنا أبو مسلم الكجي (س) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ الشُّعَيْثِيُّ (ش) ، قال: حدثنا ابن عون (ص) عن الشّعبي (ض) قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ/ مُتَشَابِهَاتٌ.
وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا، إِنَّ لِلَّهِ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُخَالِطَ الْحِمَى، وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطِ الرّيبة يوشك أن يخسر» (ط) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ هِشَامٍ الطُّوسِيُّ (9) وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ، قالا: قرىء عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قِيلَ لَهُ: أَنْشَدَكُمْ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الشُّجَاعِيُّ (10) بِبَلْخٍ (11) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرحمن (12) ، قال: أنشدني (ظ) لابن أبي الدنيا (ع) : (المتقارب)
هوّن عليك فإنّ الأم ... ور بكفّ الإله مقاديرها
فليس باتيك منهيّها (غ) ولا ... قاصر عنك مأمورها «2»
قال المبارك بن أحمد بن موهوب (ق) : هَذَانِ الْبَيْتَانِ رِوَايَةً عَنْ عُمَرَ بْنِ(1/204)
الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَقَدْ أَنْشَدَهُمَا ابْنُ أبي الدنيا. وأخبرنا ابن طبرزذ (ك) والطّوسي (ل) قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ النَّيْسَابُورِيُّ (13) - رَحِمَهُ اللَّهُ- بِسَمَرْقَنْدَ (14) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَلِيُّ بن محمد البستي (15) الكاتب لنفسه:
(الكامل)
إِنْ كُنْتَ تَطْلُبُ رُتْبَةَ الْأَشْرَافِ ... فَعَلَيْكَ بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَافِ
وَإِذَا اعْتَدَى أَحَدٌ عَلَيْكَ فَخَلِّهِ ... وَالدَّهْرَ فهو له مكاف كاف «1» (م)
وبإسنادهما تالا (ن) : أَنْشَدَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّيْثُ بْنُ الْحَسَنِ اللَّيْثِيُّ (16) بِسَرَخْسٍ (17) قَالَ: أَنْشَدَنِي سَعِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْبُخَارِيُّ (18) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ محمد (و) البستي لنفسه (السريع)
/ دعني فلن أخلق ديباجتي (هـ) ... وَلَسْتُ أُبْدِي لِلْوَرَى حَاجَتِي
عَلِيَّ أَنْ أَلْزَمَ بيتي وأن ... أرض بما يحضر في باجتي (لا)
منزلتي يحفظها منزلي ... وباجتي تكرم (ى) دِيبَاجَتِي
وَسَمِعَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ (19) بِالْمَوْصِلِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ (20) بْنِ العجمي، وأبو طالب (21) الحبلى (أأ) ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (22) وَأَبُو الْعَبَّاسِ التَّكْرِيتِيُّ (23) سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هاشم القرشي (أب) الْخُشُوعِيُّ، وَالْمُرْتَضَى أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ (24) .(1/205)
أَنْشَدَنَا الْقَيْسِيُّ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْمُرْتَضَى، قَالَ:
أَنْشَدَنَا عَمُّ وَالِدِي قَاضِي الْخَافِقَيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الشَّهْرَزُورِيُّ ...
(أت) الشافعي: (البسيط)
الشَّافِعِيُّ إِمَامُ النَّاسِ كُلِّهِمُ ... فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالْعَلْيَاءِ وَالْبَاسِ
أَصْحَابُهُ خَيْرُ أَصْحَابٍ وَمَذْهَبُهُ ... خَيْرُ المذاهب عند الله والنّاس
له الامامة (أث) في الدنيا مسلّمة (أج) ... كَمَا الْخِلَافَةُ فِي أَوْلَادِ عَبَّاسِ «2»
قَالَ أَبُو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (أح) وُلِدَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الشَّهْرَزُورِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ بِإِرْبِلَ. وَسَمِعَ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَلِيٍّ الْأَنْمَاطِيَّ، وَأَبَا نصر الزينبي (أخ) ، وأبا الفضل البقال (25) ، وأبا اسحاق الشيرازي (أد) .
توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان (أذ) وثلاثين وخمسمائة (أر) ، / وَدُفِنَ بِبَغْدَادَ. وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هَذَا، كَانَ يلقب بقاضي الخافقين (أر) .
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ مِنْ آخِرِ كِتَابٍ قَدْ شَهِدَ فِي آخِرِهِ: «حَضَرْتُ مَجْلِسَ الصَّاحِبِ الْأَمِيرِ عِزِّ الدِّينِ مُمَهِّدِ الدَّوْلَةِ، أَبِي الْهَيْجَاءِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْهَذْبَانِيِّ (26) - أَدَامَ اللَّهُ اقتداره-» ، وذكر تقريرا قرّره الأمير أبو (أز) الْهَيْجَاءِ لِرَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ مِنْ إِرْبِلَ. وَاخْتَصَرْتُ الْأَلْقَابَ، وَقَالَ: «وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الشَّهْرَزُورِيُّ (27) فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .(1/206)
105- سَلْمَانُ بْنُ جَرْوَانَ ( ... - 544 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَلْمَانُ بْنُ جَرْوَانَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَاكِسِينِيُّ الْبُورَانِيُّ (1) ، مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وسمع أبا سعد محمد بن خشيش (أ) ، وَأَبَا غَالِب شُجَاعًا الذُّهْلِيُّ (2) وَغَيْرَهُمَا.
ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَوَجَدْتُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ جُزْءًا فِيهِ من حديث الليث ابن سَعْدٍ (3) وَمُسْنَدِ عَمَّارٍ (4) مِنْ حَدِيثِ الْبَغَوِيِّ (5) ، سَمَاعَ سَلْمَانَ بْنِ جَرْوَانَ وَوَلَدِهِ (6) عَلَى أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْأَنْمَاطِيِّ، فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو محمد عبد الرحمن بن عمر الحراني (ب) أَنَّ ابْنَ جَرْوَانَ سَمِعَ الْكَثِيرَ بِنَفْسِهِ وَحَصَّلَ الْكُتُبَ وَسَكَنَ بَغْدَادَ بِدَرْبِ الْقَصَّارِينَ (7) نَحْوَ بَابِ الشام (8) . وذكر سماعه ابن خشيش، وأبا (ت) غالب الذهلي (ث) . وَسَمِعَ أَبَا الْفَتْحِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي/ القاسم الكروخي الغورجي (ج) البزاز، وسمع معه بنوه أبو البركات (ح) وَأَبُو الْفَرَجِ (9) وَحَمْزَةُ (10) وَأُخْتُهُمْ أُمُّ الْفَضْلِ (11) كِتَابَ صحيح الترمذي (خ) . وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: هُوَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، كان نزل (د) درب القصّارين (ذ) نَحْوَ بَابِ الشَّامِ. سَمِعَ أَبَا سَعْد مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خُشَيْشٍ وَأَبَا غَالِبٍ شجاع بن فارس الذهلي، وروى عنهما (ر) .
وَلَدُهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْمُبَارَكُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ جَرْوَانَ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
106- أَبُو نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الحديثي (457- 541 هـ)
هو أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْحَدِيثِيُّ (1) ، أَحَدُ الشُّهُودِ.
ثِقَةٌ صَدُوقٌ، سمع أبا الفضائل ابن طوق (أ) . مولده بإربل سنة سبع وخمسين(1/207)
وأربعمائة، وتوفي في سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. ذَكَرَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بن محمد بن منصور السّمعاني (ب) ، وذكر ابن الجوزي في تاريخه (ت) : «ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَهِ السَّنَةِ مِنَ الأكابر» (ث) :» أحمد بن محمد (ج) ، أبو (ح) نَصْرٍ الْحَدِيثِيُّ الْمُعَدَّلُ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ (خ) وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ مِنْ أَوَائِلِ شُهُودِ الزَّيْنَبِيِّ (2) . تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وحضره (د) الزينبي والأعيان (ز) » . وكانت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة (ر) . وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: «كَانَ ثِقَةً صَدُوقًا، تُوُفِّيَ يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة بالموصل» (ز) .
في كتاب/ «المعرفة العاشرة» (س) مِنْ كِتَابِ «مَعَارِفِ الْأَدَبِ» إِمْلَاءَ أَبِي الْحَسَنِ علي بن فضائل المجاشعي (3) ، سماعه عليه (ش) في سلخ ربيع الأول سنة خمس وسبعين وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَجَازَ لَهُ إِجَازَةً مُطْلَقَةً بِخَطِّهِ فِي السَّمَاعِ، وَكَاتِبُ الْأَسْمَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمَعْرُوفُ بِالْإِرْبِلِيِّ. تُوُفِّيَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ فَضَائِلَ الْمُجَاشِعِيُّ فِي رَبِيعٍ الأول سنة تسع وسبعين (ص) وأربعمائة (ض) .
رَوَى السَّمْعَانِيُّ عَنْ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِرْبِلِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عبد الباقي الموصلي (ط) ، أخبرنا هنّاد بن إبراهيم (ظ) النَّسَفِيُّ (4) ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ الْجُرْجَانِيّ (5) بِهَا (ع) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ (6) أَنْشَدَنِي مَنْصُورٌ (غ) الفقيه (7) . الكامل.
الكلب أكرم (ف) عشرة ... وهو النّهاية في الخساسه
ممّن (ق) يُنَازَعُ فِي الرِّئَاسَةِ ... قَبْلَ أَوْقَاتِ الرِّئَاسَه
وَكَتَبَ إليّ محمد بن سعيد (ك) الدُّبَيْثِيُّ، فَقَالَ: «أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن صالح الحديثي، أبو نصر (ل) الْعَدْلُ، وُلِدَ بِإِرْبِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَانْتَقَلَ إِلَى بَغْدَادَ وَسَكَنَهَا إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ، وَشَهِدَ بِهَا عِنْدَ قَاضِي(1/208)
القضاة أبي القاسم علي بن الحسين (م) يَوْمَ السَّبْتِ عَاشِرَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَزَكَّاهُ الْقَاضِيانِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ بْنِ الصَّبَّاغِ (8) ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ الرُّطَبِيُّ (9) . قَالَ تَاجُ الْإِسْلَامِ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ: «وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا، تُوُفِّيَ فِي يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ببغداد» (ن) .
107-/أَبُو طَالِبٍ الْقَاضِي (502- 570 هـ)
وَلَدُهُ هُوَ أَبُو طَالِب رَوْحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صالح الحديثي (1) ، أحد الشهود العدل بِبَغْدَادَ. شَهِدَ عِنْدَ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي الْقَاسِمِ الزينبي (أ) فِي تَاسِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَزَكَّاهُ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ بْنِ الصَّبَّاغِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ الدَّيْنَوَرِيِّ (2) . وَتَوَلَّى قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَادِيَ عشر من (ب) شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وخمسمائة (ت) ، وَدُفِنَ بِقَرَاحِ ظَفَرٍ (3) .
رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُجَالِدٍ الْبَجَلِيُّ (4) ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ الْفَضْلِ (5) الخرجاني (ث) وأبي القاسم هبة الله بن محمد (ج) بن الحصين، والقاضي أبي (ح) بكر الأنصاري (خ) . ومولده في سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ. سَمِعَ مِنْهُ صَدَقَةُ بْنُ الحسين بن وزير، ومحمد بن محفوظ الجرباذقاني (6) ، وأبو الفضل اسفنديار بن الموفق الْبُوشَنْجِيُّ (7) ، وَالْقَاضِي عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ. ذَكَرَ ذلك محمد ابن سعيد الدّبيثي (د) . وَوَجَدْتُهُ سَمِعَ أَبَا الْفَتْحِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْبَطِّيِّ، فِي سِابعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَمِمَّا مُدِحَ بِهِ رَوْحُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي: (البسيط)
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا زَائِدَ الْمِنَنِ ... عَلَى أَيَادِيهِ في سرّ وفي علن(1/209)
أَعْطَى الْجَزِيلَ وَأَغْنَى مِنْ تَفَضُّلِهِ ... وَاسْتَخْرَجَ الْحَمْدَ مِنْ ذِي الْقَلْبِ وَالْفِطَنِ
بِالْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ (8) دَامَ عَلَى ... مَرِّ اللَّيَالِي فِي أَمْنٍ وَفِي يُمُنِ
/ خَلِيفَةِ اللَّهِ مَوْلَى كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... بِغَيْرِ مَنٍّ وَلَا مَنْعٍ وَلَا ثَمَنِ
إِرْثُ النُّبُوَّةِ لا يسطيعه (ذ) بَشَرٌ ... عَنْ دُونِ وَارِثِهَا فِي سَالِفِ الزَّمَنِ
عَمَّ الْبَرِيَّةَ عَدْلًا ثُمَّ مَوْهِبَةً ... فَحَارَ عَجْزًا ذَوُو التَّقْرِيظِ وَاللَّسَنِ
وَاخْتَارَ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا عَلَى ثِقَةٍ ... قَاضِي الْقُضَاةِ فَزَالَتْ شُبْهَةُ الظِّنَنِ
سِبْطُ الْحَدِيثِيِّ ذُو الْمَعْرُوفِ مُذْ قَرُنَتْ ... بِهِ الْمَرَاتِبُ ... (ر) وَصْمَة الْفِتَنِ
قَاضٍ إِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرَانِ فِي جَدَلٍ ... جَرَى مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّوْفِيقِ فِي قَرَنِ
فيودع المشكل المهجور (ز) وَاضِحُهُ ... حُكْمًا يُخَلِّصُ بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ
ويُسْكِنُ الْحَقَّ فِيمَا رَاعَ حَاكِمُهُ ... بِمَا يَرَاهُ سُكُونَ الرُّوحِ فِي الْبَدَنِ
فَافْخَرَ عَلِيَّ بِمَا أُوتِيتَ مِنْ دَعَةٍ ... فِي ظِلِّهِ وَاشْكُرِ الْمَنَّانَ بِالْمِنَنِ
دَامَتْ لَهُ نِعَمٌ فِي الدَّهْرِ بَاسِقَةٌ ... وَدُمْتَ فِيهَا سَعِيدًا يَا أَبَا الْحَسَنِ
هَذَا هَنَاءٌ أَتَى مِنْ صَادِقٍ يَقِظٍ ... مُحَافِظِ الْوُدِّ فِي قُرْبٍ وَفِي ظَعَنِ
يُهْدِي السَّلَامَ بِلَا مَنٍّ وَلَا كَدَرٍ ... وَيَبْعَثُ الْحَمْدَ فِي فَرْضٍ وَفِي سُنَنِ
مَا سَارَ خِلٌّ لَهُ فِي أَرْضِ مُوحِشَةٍ ... إِلَّا سَرَى بِالرِّضَى فِي أَحْسَنِ السُّنَنِ
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا لَا انْقِضَاءَ لَهُ ... حَمْدًا يُبَلِّغُ مَا تَرْجُوهُ مِنْ حَسَنِ
وَمِنْ عَقِبِهِ وَلَدُهُ (9) :
108- أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَوْحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدِيثِيُّ ( ... - 570 هـ)
مِنَ المعدّلين أيضا (1) ، سمع أبا الحسن محمد (أ) بْنَ الْمُبَارَكِ بْنَ الْخَلِّ، وَغَيْرَهُ. سَمِعَ ابْنَ الْخَلِّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، بِقِرَاءَةِ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ (2) .(1/210)
109-/أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ المشتكهري (أ) (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
فَقِيهٌ (1) سَمِعَ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الشَّهْرَزُورِيَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وخمسمائة. ومشتكهر (ب) هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْآنَ «مَشْكُورُ» (2) مِنَ الدَّاخِلِ تَحْتَ الْوَلَايَةِ الْإِرْبِلِيَّةِ.
110- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ (1) الضَّرِيرُ الْإِرْبِلِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 511 هـ)
وَجَدْتُ فِي آخِرِ رِسَالَةِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ (2) سَمَاعَهُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ الله الحسين بن نصر بن محمد بن خَمِيسٍ، بِخَطِّهِ فِي مُدَّةٍ آخِرُهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَامِنَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الْفَضَائِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن طوق الموصلي عن (أ) مصنفها. وأثنى أبو عبد الله (ب) على أبي بكر بالصلاح والقراءة والفقه (ت) وَالرِّسَالَةِ جَمِيعِهَا بِخَطِّ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَازِمٍ (3) ، كَتَبَهَا بِقَلْعَةِ إِرْبِلَ فِي الْعَشْرِ الْأُولَى مِنْ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ.
111- الْمُظَفَّرُ بْنُ الشَّهْرَزُورِيُّ (457- 536 هـ)
هُوَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ (1) . وُلِدَ بِإِرْبِلَ وَنَشَأَ بِالْمَوْصِلِ. ورد بغداد وتفقّه بها على (أ) الشيخ أبي اسحاق الشيرازي (ب) ، وَوَلِيَ قَضَاءَ سِنْجَارٍ وَسَكَنَهَا. سَمِعَ بِبَغْدَادَ أَبَا اسحاق الشيرازي، وأبا نصر الزينبي (ت) ، وَغَيْرَهُمَا. قَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وكتب (ث) عَنْهُ بِهَا. وَكَانَ فَاضِلًا كَثِيرَ الْعِبَادَةِ. مَوْلِدُهُ بِإِرْبِلَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ أَوْ رَجَبٍ سَنَةَ/ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ على ما أوردته (ج) .(1/211)
وَجَدْتُ بِخَطِّ مُظَفَّرٍ الشَّهْرَزُورِيِّ فِي خَبَرٍ مَسْمُوعٍ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ بْنِ الْحَسَنِ (2) بْنِ القاسم التنكتي (ح) بِبَغْدَادَ، يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فِي آخِرِ طَبَقَةٍ، وَكَاتِبُ السَّمَاعِ مُظَفَّرُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُظَفَّرٍ الشَّهْرَزُورِيُّ. وَمِنْ حَدِيثِهِ مَا رَوَاهُ الشَّهْرَزُورِيُّ عَنْ أَبِي الْفَتْحِ نصر بن الحسن بن القاسم التنكتي (خ) ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْجُرْجَانِيِّ (3) ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ خَلَفٍ الْمَغْرِبِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عمرو (5) الحرسي (د) ، قال: حدثنا القعنبي (ذ) عن مالك (ر) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّما الأعمال بالنّيّة، وإنّما لامرىء مَا نَوَى. فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ اليه» (ز) . صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَأَبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمِ بْنِ الحجاج، مما اتفقا على (س) إِخْرَاجِهِ. لَمْ يَذْكُرْ أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ بْنُ الْقَاسِمِ فِي نَسَبِهِ «عَلِيًّا» كَمَا ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ.
112- أَبُو الْعَرَبِ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو عَلِيٍّ أيضا، وربما كنّي بابي محمد (أ) ، إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ سَلْمَانَ (1) كَذَا وَجَدْتُ كُنَاهُ فِي أُصُولِ، سَمَّاهُ: «الْإِرْبِلِيَّ الْمَولِدِ وَالْمَنْشَأِ، رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ وَأَقَامَ فِي صُحْبَةِ الْوَزِيرِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ (2) مُدَّةً طَوِيلَةً إِلَى أَنْ قَتَلَ الْوَزِيرَ الْبَاطِنِيَّةُ يَوْمَ خُرُوجِهِ إلى مكة» (ب) .
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ الْحَدِيثَ/ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ الْأُرْمَوِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ سَعْدٍ الْمُرَقَّعَاتِي (3) ، وأبو القاسم يحيى بن ثابت ابن بُنْدَارٍ الْبَقَّالُ، وَشُهْدَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ، وَأَبُو عبد الله الحسين بن نصر بن خميس، وأبو محمد(1/212)
الْمُبَارَكُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ السَّرَّاجُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ التَّعَاوِيذِيِّ (4) . وَسَمِعَ تَاجَ الْإِسْلَامِ أبا عبد الله الحسين ابن نصر بن محمد بن خميس (ت) وَغَيْرَهُمْ. كَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَدَيِّنًا، صُوفِيًّا خَيِّرًا، وَلَهُ نَسَبٌ بِإِرْبِلَ إِلَى الْآنَ ذُو قَرَابَةٍ كثيرون (ث) . تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ وَدُفِنَ بِهَا، وَكَانَ خَرَجَ فِي صحبة الوزير (ج) إِلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَعُدْ- كَمَا قِيلَ لِي- إِلَى بَغْدَادَ.
أَخُوهُ:
113- أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ (1) بْنُ مسلّم (القران السادس)
مولده ومنشأه بِإِرْبِلَ، كَانَ- فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ- صَالِحًا زَاهِدًا ورعا مشهورا بذلك، مشارا إِلَيْهِ بِهِ. سَكَنَ بَغْدَادَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأُرْمَوِيِّ، وَشُهْدَةَ، ويحيى بن ثابت، والمرقّعاتي (أ) ، وَأَبِي مَنْصُورٍ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد بن الدّامغاني القاضي. توفي بإربل ... (ب) .
114- أَبُو الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ (559- 618 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ سَلْمَانَ الْإِرْبِلِيُّ (1) . وَجَدْتُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ وَإِجَازَاتِهِ اسمه «محمد» ، وَالْغَالِبُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ/ أَبُو الْحَسَنِ، وَلَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَالِدِهِ، صُوفِيٌّ مَشْهُورٌ بالخير من صغره. سمع الكثيرة مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخ بَغْدَادَ. سُمِعَ عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ. سَمِعَ عَلَى شُهْدَةَ الْكَاتِبَةِ، وَعَلَى غَيْرِهَا. وَسَمِعَ حُضُورًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْمُقَرِّبِ الْكَرْخِيِّ، وَمِنْ أَبِي الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنِ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ. حَدَّثَ بِإِرْبِلَ وسمعت عليه (أ) .
وُلِدَ بِبَغْدَادَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ- كَمَا ذَكَرَ لِي ذَلِكَ- وَتُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ بُكْرَةَ الْخَامِسِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن بمقبرة مشهد الكفّ (2) ، في آخر الْقُبُورِ الْمُسْتَجَدِّ مَوْضِعُهَا. كَانَ(1/213)
يُلَقَّبُ «زَيْنَ الْحِمَارَةِ» لَرُكُوبِهِ حِمَارَةً صَحِبَهَا مِنْ مِصْرَ. وَلِيَ مَشْيَخَةَ الصُّوفِيَّةِ بِإِرْبِلَ، وَهُوَ أَوَّلُ من وليها في الخانكاه (ب) الَّتِي أَسْكَنَهُمْ إِيَّاهَا الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنُ عَلِيٍّ بِالْقُرْبِ مِنْ بَابِ الْفَرَحِ- بِالْحَاءِ- الْآنَ، وَتَصَرَّفَ فِي وَقْفِهَا مُدَّةً إِلَى أَنْ خربت وانتقل الصوفية إلى الجنينة (ت) » وَكَانَ يُنْكِرُ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ مَا يُنْكِرُ، فَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ إِرْبِلَ، فَعُزِلَ عَنْهَا.
تَزَوَّجَ عِدَّةً مِنَ النِّسَاءِ، وَلَهُ إِجَازَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا، مِثْلِ الرَّئِيسِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرُّسْتَمِيِّ، وَعَبْدِ الْحَاكِمِ بْنِ ظَفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودٍ الثقفي (3) ، والقاسم ابن الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الصَّيْدَلَانِيِّ (4) ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ.
وَجَدْتُ ذَلِكَ فِي نُسَخِ إِجَازَاتٍ. وَمِنْهُمُ أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي/ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمُهَنْدِسُ (5) ، وَأَبُو النَّجِيبِ عَبْدُ الْقَاهِرِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، وَيَعِيشُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَوَارِيرِيُّ (6) ، وَأَبُو جَعْفَرِ أحمد (7) وأبو بكر محمد ابنا أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف (8) ، ومحمد بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أحمد بن سلمان (ث) ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ (ج) وَآخَرُونَ تَرَكْتُ ذِكْرُهُمْ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ سِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَكْرَهُ أَنْ يُدْعَى إِلَّا بِلَقَبِهِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ يقصدون أذاه فيدعونه باسمه وبكنيته (ح) .
أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مسلّم لبعضهم: (الطويل)
إِذَا كَرُمُ الْإِنْسَانُ زَادَ تَوَاضُعًا ... وَإِنْ لَؤُمَ الانسان (خ) زاد ترفّعا
كذا التّين (د) في حال الثِّمَارِ تَنَالُهُ ... وَإِنْ يَعْرَ عَنْ حَمْلِ الثِّمَارِ تَزَعْزَعَا
115- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (560- 633 هـ)
هُوَ أَبُو الحسن محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ سَلْمَانَ الْإِرْبِلِيُّ (1) ، ابن عم أبي الحسن ابن إسماعيل. سمع ببغداد مع أبيه (أ) عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، أَبُو مُحَمَّدٍ(1/214)
هبة الله بن يحيى ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَكِيلِ (2) ، وَأَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ خُمَرْتَاشُ ابن عَبْدِ اللَّهِ (3) مَوْلَى أَبِي الْفَرَجِ بْنِ رَئِيسِ الرؤساء (ب) .
حَدَّثَ بِإِرْبِلَ وَسُمِعَ عَلَيْهِ بِهَا. سَمِعَ عَلَيْهِ أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي (ت) وجماعة. تحدّث (ث) النَّاسُ فِي دِينِهِ بِمَا لَا يَسَعُ ذِكْرُهُ، عفا الله عنه (ج) يدعى قنورا (ح) .
ولد في سنة ستين وخمسمائة (خ) بِبَغْدَادَ، وَحَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَافِظِ بدل ابن أبي (د) المحمّر، أَنَّهُ وَجَدَ بِخَطِّ وَالِدِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بن سلمان الإربلي (ذ) «يَوْمَ الْخَمِيسِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِيَسِيرٍ، بَعْدَ إِسْفَارِ الْفَجْرِ تَاسِعَ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ شُهُورِ/ سَنَةِ سِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» . سَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا وَسَمِعَهُ طَلَبَتُهَا، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ إِلَى الْغَايَةِ من الفقر فحسنت حاله بها ... (ر) .
116- عَبْدُ الْعَزِيزَ الْكَفَرْعَزِّيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ (1) ، مِنْ كَفْرِ عَزَّةَ الْقَرْيَةُ الْمَعْرُوفَةُ. سَمِعَ بِبَغْدَادَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ الْأُرْمَوِيَّ، نَقَلْتُهُ مِنْ آخِرِ الْجُزْءِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ «فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ» لِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيِّ (2) - رَحِمَهُ اللَّهُ- وَلَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ أَهْلَ كَفَرْعَزَّةَ.
117- أَبُو إِسْحَاقَ المَارَانِيُّ (572- 622 هـ)
هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عثمان بن عيسى بن درباس (أ) الْمَارَانِيُّ، الْمِصْرِيُّ الْمَولِدِ وَالْمَنْشَأِ (1) ، مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ رَحَلُوا فِي طَلَبِهِ. كَتَبَ الْكَثِيرَ وَسَمِعَ الكثير، شافعي المذهب، إِلَّا أَنَّهُ- عَلَى مَا قِيلَ عَنْهُ- يَطْعَنُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي الحسن الأشعري (2) - رضي الله عنه- (ب) وَيَقَعُ فِيهِ، سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. لَهُ من (ت) أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن(1/215)
مُحَمَّدٍ السِّلَفِيِّ إِجَازَةً مُعَيَّنَةً بِاسْمِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، كَتَبَهَا لَهُ بِخَطِّهِ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ.
وَرَدَ إِرْبِلَ غير مرة وأقام بها (ث) . سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثنتين وسبعين وخمسمائة بالقاهرة (ج) ، ونشأ بمصر، وكان- فيما بلغني- عمه (ح) قَاضِيَهَا (3) .
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي حَادِيَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَرَحَلَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي إِلَى خُرَاسَانَ، قَالَ: «وَكَتَبْتُهَا إِلَى صديق لي بدمياط (4) من حمص» (البسيط)
/ حَكَمْتَ يَا دَهْر أمريُ بِإِفْرَاطٍ ... وَمَا عَدَلْتَ إلى عدل وإقساط
أنى (خ) وَقَدْ طَرَحَتْ أَيْدِي النَّوَى حَنَقًا ... جِسْمِي بِحِمْصَ وَرُوحِي ثَغْرَ دِمْياطِ
118- أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ عَسْكَرٌ (565- 636 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ عَسْكَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَسْكَرِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ جامع بن مسلم ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْكَبِيرِ بْنِ بِشْرٍ الْعَدَوِيُّ النَّصِيبِيُّ (1) ، مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ الرَّاحِلِينَ فِي سَمَاعِهِ. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَجْتَمِعَ بِهِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ قَدَمَاتِهِ. وَرَحَلَ مَعَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَارَانِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ فِي ثَانِيَ عَشَرَ جُمَادَى مِنْ سَنَةِ أربع عشرة وستمائة. أنشدني لنفسه (الطويل)
سَهِرْتُ لَيَالِي الْوَصْلِ فِيهِ مَحَبَّةً ... وَبِتُّ عَلَى نار من الشّوق (أ) تُحْرِقُ
عَكَفْتُ عَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ وَصَيْفِهِ ... وَصَيَّرْتُ خدّي للأراضي يصفق
وألصقنت بطني بالثّرى لا لحاجة ... سوى نظرة (ب) مِنْهُ أَرُومُ وَأَرْمُقُ
وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي بِالصُّدُودِ لِغَيْرِهِ ... عَدُوٌّ وَمِصْدَاقٌ مِنَ الْأَهْلِ مُشْفِقُ
وَمِنْ صُحْبَةِ الْإِخْوَانِ لَا لِتَكَبُّرٍ ... عَلَيْهِمْ بَلَى، قَلْبِي بِذَا الْحُبِّ مُوثَقُ
وَغِبْتُ عَنِ الْأَكْوَانِ حَتَّى رَأَيْتَنِي ... غَرِيبًا عَلَى قُرْبِ الدِّيَارِ أُحَدِّقُ(1/216)
إِلَى بُغْيَةٍ يَسْتَحْشِمُ الْقَلْبُ ذِكْرَهَا ... وَيَمْنَعُهُ التَّعْظِيمُ إن هو يَنْطِقُ
وَحِرْتُ فَلَا أَدْرِي بِهِ أَنَا صَادِقٌ ... أم قد غررت فذا كلامي موثق (ت)
فَيَا مُنْتَهَى سُولِ الْمُحِبِّينَ كُلِّهِمْ ... حَقِّقْ مَقَالِي فِيكَ كَيْ نَتَحَقَّقُ
قَالَ عُقَيْبَهُ: «هَذَا يَجُوزُ في الشعر» (ث)
/ وَأَنْتَ الْمُنَى لَا غَيْرَ يَا غَايَةَ الْمُنَى ... وَأَنْتَ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ مُشَوِّقُ
/ وَأَنْتَ الَّذِي أَبْلَيْتَ نَفْسِي بِالْهَوَى ... وَأَنْتَ الَّذِي صَيَّرْتَنِي فِيكَ أنطق
فذي (ج) حَرَكَاتِي كُلُّهَا وَفِيكَ تُحْتَوَى ... وَذِي عَبَرَاتِي فِيكَ أيضا تدفّق
وأنشدني لنفسه: (الطويل)
حماني (ح) عن الأغيار وقت اجتماعه ... وغيّبني عَنِّي بِحُسْنِ سَلَامِهِ
قَنَصَ الصِّفَاتِ جَمِيعَهَا بِلَطَافَةٍ ... ولولاه لم أنظر كمال جماله (خ)
هُمُومِي وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمًا تَفَرَّقَتْ ... فَيَجْمَعُهَا فِي مَجْلِسٍ بِجَنَابِهِ
فَحِينَئِذٍ صَارَتْ صِفَاتِي تَلَاشِيًا ... وَصَارَ كَلَامِي كُلُّهُ مِنْ كَلَامِهِ
وَهَذَا شِعْرٌ يَجِبُ أَنْ يُطَّرحَ، وَإِنَّمَا أَكْتُبُ مِثْلَهُ عَلَى عَادَةِ المؤرخين (د) .
وَأَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بن محمد عَبْدِ الصَّمَدِ الْكَرَجِيُّ (2) مِنْ خَطِّهِ وَلَفْظِهِ فِي جُزْءٍ كَتَبَهُ عَنْهُ، وَخَطُّ عَسْكَرٍ عَلَيْهِ بِإِنْشَادِهِ إياه من شعر عسكر: (الطويل)
أَغَارُ وَلَوْ أَنِّي بِغَيْرِكِ مُبْتَلًى ... وَحَاشَاكِ أَنْ أُبْلَى بِغَيْرِكِ يَا سُولِي
بُلِيتُ مِنَ الْحَبِيبِ بكلّ فنّ ... شمائله وكاسات الشمولي (ذ)
(الوافر)
فَعَيْنَاهُ مُلَاحِظَةٌ لِسِرِّي ... إِذَا رَشَقَتْ تَلَمَّحْتُمْ جُنُونِي
وَعَيْنَايَ مُشَاهِدَةٌ لِحَقِّي ... وَفِي وَقْتِ التَّجَلِّي تُنْكِرُونِي(1/217)
وَكُلُّ الْكُلِّ مِنِّي فِي امْتِحَاقٍ ... وَلَيْسَ الْحُبُّ صِدْقًا بِالْمُجُونِ
وَوَصْفُ الْحُبِّ حَقٌّ لَيْسَ يَخْفَى ... وَكَمْ يَخْفَى وَتُبْدَيهِ عُيُونِي
وَفِي هَذَا الْجُزْءِ غَيْرُهَا أَبْيَاتٌ رَدِيئَةٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، قَدْ تكلّفها (ر) مُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ، كَثِيرَةُ اللَّحْنِ لَا تَخْفَى عَلَى غَمْرٍ، وَلَا تَتَكَتَّمُ عَنْ غِرٍّ، تَرَكْتُ ذِكْرَهَا واكتفيت بما أوردته منها (ز) .
/ وَنَقَلْتُ مَنْ خَطِّهِ فِي إِجَازَةٍ بِيَدِ الشَّيْخِ علي بن نفيس بن أبي منصور بن أبي المعالي ابن المقدسي (س) البغدادي (ش) ، ويعرف بابن المكبر، ما صورته (ص) : الطويل)
أَجَزْتُ لِهَذَا الشَّيْخِ أَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ ... عَلِيًّا (ض) الْمُحَدِّثَ- زَانَهُ اللَّهُ بِالْفَضْلِ
جَمِيعَ عُلُومِي مِنْ حَدِيثٍ وَغَيْرِهِ ... وَنَثْرٍ وَنَظْمٍ مَا رَوَيْتُ عَنِ الْأَهْلِ
وَمَهْمَا اسْتَجَزْتُ أَوْ تَنَاوَلْتُ رُقْعَةً ... إِلَيْهِ مَعَ التَّصْحِيحِ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ
وَكَذَا جَمِيعَ مصنّف أحدثته (ط) فذا ... ك مَقَالِي كَانَ فِي صِحَّةَ الْعَقْلِ
وُلِدْتُ لِسِتٍّ بَعْدَ سِتِّينَ حِجَّةً ... وَأَهْلِي عَدِيٌّ وَالْخَضْرَا بِهَا نسلي (ظ)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا لَا أُفَارِقُهُ ... طُولَ الزَّمَانِ وَإِنْ أَسَا فِعْلِي
وَصَلِّ عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ خَيْرِ بَلْدَةٍ ... صَلَاةَ مُحِبٍّ لَا يَمِيلُ إِلَى جَهْلِ
وَبَعْدَهُ؛ وَمِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعَاتِ عَسْكَرٍ «شَامِلُ الْإِرْشَادِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ، وَوَصْفُ الشَّهِيدِ وَمَالَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْأَمْنِ مِنَ الوعيد» (3) ، وأيضا «طراز المجالس» (3) و «الوصية في اتخاذ الراحة وخدمة الفقراء» (3) .
«شامل الارشاد» ست مجلدات و «طراز المجالس» جزء، و «الوصية» جُزْءٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْعَارِ. وَذَكَر فِي إِجَازَةٍ أُخْرَى بِخَطِّهِ فِيهَا مِنْ شِعْرِهِ مَا هَذَا أَجْوَدُ مِنْهُ بِمَا لَا نِسْبَةَ بَيْنهُمَا. إِنَّ هَذَهِ الْكُتَبَ الْمُسَمَّاةَ مِنْ تَأْلِيفِهِ، وَلَعَلَّهُ قد (ع) سمّاها في الأولى (غ) .(1/218)
119- أَبُو الطَّيِّبِ الْبَجْبَارِيُّ ( ... - 615 هـ)
هُوَ أَبُو الطَّيِّبِ (أ) رِزْقُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنُ رِزْقِ اللَّهِ بن يحيى بن خليفة بن سلطان ابن رِزْقِ اللَّهِ بْنِ غَانِمِ بْنِ غَنَّامِ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ عَنْتَرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ (1) ، هَكَذَا أَمْلَى عليّ/ نسبه. من بجبّارى (ب) ، قرية على باب الموصل (ت) . سَكَنَ دُنَيْسَرَ (2) ، وَصَارَ يَكْتُبُ فِي نَسَبَهِ «الدُّنَيْسَرِيَّ» . سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَحَلَ فِي طَلَبِهِ، وَسَمِعَ جَمَاعَةً من المحدثين.
أنشدني لنفسه (الطويل)
تَوَهَّمْتُ أَنَّ الْعِلْمَ آفَةُ حِفْظِهِ ... لِقِلَّةِ تَكْرَارٍ وَكَثَرَةِ بَلْغَمِ
وَمَا ذَاكَ وَهْمٌ صَادِقٌ غَيْرَ أَنَّ مَنْ ... يَخَافُ الْمَعَاصِي وَاتَّقَى اللَّهَ يَعْلَمِ
وأنشدني لنفسه (المتقارب)
وَلَمْ أَنْسَ لَيْلَةً أَمْسَيْتَ فِي ... دُجَاهَا الْبَهِيمِ لِعَيِني أَنِيسَا
بِوَجْهٍ حَكَى الْبَدْرَ عِنْدَ التَّمَامِ ... وَرِيقٍ حَكَى طَعْمُهُ الْخَنْدَرِيسَا
جَلَوْتَ عَلَيْنَا عَرُوسَ الْمُدَامِ ... وَلَمَّا تَجَلَّيْتَ كُنْتَ الْعَرُوسَا
وَأَبْرَزْتَهَا مِنْ خلال الدّنان ... فخلنا الكؤوس لَدَيْنَا شُمُوسَا
فَكَانَ رُضَابُكُ مِنْهَا أَجَلَّ ... لِأَنَّ رضابك يشفي الرّسيسا (ث)
وَرَشْفُ لَمَاكَ يُزِيلُ السِّقَامَ ... وَتَقْبِيلُ خَدِّكَ يُحْيِي النّفوسا
وهذا من مختارها (ج) . وَأَنْشَدَنِي لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَمَّارٍ (ح) النَّحْوِيِّ (3) ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِيهُ يَهْجُو عَبْدَ الْخَالِقِ بْنَ الأنجب (4) النشتبرى (خ) :
(الكامل)
إِنِّي لَأَنْظُرُ فِي الْحَدِيثِ مُحَاقِقًا ... وَأَصُدُّ قَوْلَ مُعَانِدِي بِحَقَائِقِ
وَأَشُكُّ فِي إِسْنَادِ مَا حَقَّقْتُهُ ... إِنْ كَانَ فِيهِ رُوَاةُ عَبْدُ الْخَالِقِ(1/219)
أَخْبَرَنِي أَبُو زَكَرِيَّا الْمَالِقِيِّ (5) أَنَّ رِزْقَ اللَّهِ تُوُفِّيَ بِهَرَاةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
120- فَرْقَدٌ الْكِنَانِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 614 هـ)
أَبُو النَّجْمِ فَرْقَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَافِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُهَنَّا الْإِسْكَنْدَرِيُّ الْكِنَانِيُّ (1) وَرَدَ/ إِرْبِلَ وَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيثَ وَبِغَيْرِهَا. اجْتَمَعْتُ بِهِ وَاسْتَغْرَبْتُ اسْمَهُ، فَقُلْتُ: لَعَلَّكَ دُعِيتَ أَوَّلًا «أَبَا النَّجْمِ» وَشُهِرْتَ بِهِ، فَلَمَّا أَرَدْتَ الِاسْمَ تَسمَّيْتَ بِمَا يُقَارِبِ كُنْيَتَكَ؟، فَقَالَ: لَا بَلْ إِنَّمَا سُمِّيتُ أَوَّلًا فَرْقَدًا وَكُنِّيتُ أَبَا النَّجْمِ.
كَتَبَ إِلَيَّ، وَقَدْ مَرِضَ وعدته في مرضه بعد ذلك: (الوافر) .
أَبَا الْفَعَلَاتِ قَدْ أَصْبَحْتُ فَرْدًا ... مَرِيضًا مُمْلِقًا وصبا غريبا
وجاهك أبتغي في دفع بو ... سي وَإِمْلَاقِي فَكُنْ لَهُمَا طَبِيبًا «2»
وَأَنْشَدَنِي فِي رَابِعَ عَشَر مُحَرَّمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ:
أَنْشَدَنَا حَمَّادُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ الْحَرَّانِيُّ (2) بحران لنفسه، ولي منه إجازة:
(البسيط)
تنقّل المرء في الآفاق (أ) يُكْسِبُهُ ... مَحَاسِنًا لَمْ تَكُنْ فِيهِ بِبَلْدَتِهِ
أَمَا ترى بيدق (ب) الشِّطْرَنْجِ أَكْسَبَهُ ... حُسْنُ التَنَقُّلِ فِيهَا فَوْقَ رُتْبَتِهِ (ت) ؟(1/220)
وأنشدني أبو العباس أحمد بن أبي القاسم بن أحمد (ث) ، قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو النَّجْمِ فَرْقَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَافِرٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي تَاجُ الدِّينِ أبو الوليد يونس السّلاوى (ج) المغربي (3) لنفسه لمّا رجع الملك الظاهر (ح) مِنْ مُحَاصَرَةِ دِمَشْقَ (4) إِلَى حَلَبٍ خَلِيًّا، وَكَانَ معه ابن الحصين الوزير (5) ، وابن اخته (خ) النظام (6) ، وكان أحول، والقاضي يوسف ابن رَافِعِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ شَدَّادٍ (7) وَيَعرِفُهُ الْفُقَهَاءُ بِالْأَحْمَرِ، وَكَانَ الْوَزِيرُ ابْنُ الْحُصَيْنِ أَجْهَرَ الْعَيْنَيْنِ:
(السريع)
قُلْ لِلْمَلِيكِ الظَّاهِرِ اسْتَبْصِرِ ... دُهِيتَ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ تَشْعُرِ
بِالْأَجْهَرِ الْمَطْرُودِ مِنْ وَاسِطٍ ... وَالْأَحْوَلِ المشؤوم والأحمر
ثلاثة لَوْ بَرَزُوا دَفْعَةً ... لِلشَّمْسِ أَوْ لِلْبَدْرِ لَمْ تَظْهَرِ
/ وَلَوْ تَوَلَّى وَاحِدٌ مِنْهُمُ ... تَدْبِيرَ ذِي الْقَرْنَيْنِ لَمْ يُنْصَرِ
الَأْجَهْرُ الَّذِي لَا يَنْظُرُ للشمس (د) .
أخبرني ابن شحانة الحراني (ذ) إنه سمع الحافظ (ر) أَبَا الطَّاهِرِ بْنَ عَوْفٍ (8) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيَّ، وَعَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ النَّجَّارِ (9) وَجَمَاعَةً. تَحَدَّثَ النَّاسُ فِي قِلَّةِ دِينِهِ وَسُوءِ مُعْتَقَدِهِ، وَمَا يَتَجَاهَرُ بِهِ مِنْ أَشْيَاءَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا وَنَسْتَغْفِرُهُ عَنْهَا.
121- الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ الْكِيلِيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّهَاوَنْدِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْكِيلِيِّ (1) ، نَهَاوَنْدِيُّ (2) الْأَصْلِ، أَقَامَ بِكِيلَانَ (3) طَوِيلًا فَعَكَفَ عَلَيْهِ (أ) اسْمُهَا. وَاحِدُ الدُّنْيَا فِي زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، قَبْرُهُ الْيَوْمَ يُرْحَلُ إِلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ وَيُتَبَرَّكُ به، وهو بالمقبرة التي في (ب) سُوقِ الْبَيَاطِرِيَّةِ الْقَدِيمَةِ، يُسْرَةُ الْآخِذِ مِنْهَا إِلَى المسجد الجامع الزيني (4) وغيره (ت) .(1/221)
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ مَحْمُودُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحسين المقرئ (ث) ، قَالَ:
حَدَّثَنِي وَالِدِي (5) ، قَالَ: أَمَرَ الْمُسْتَرْشِدُ (6) حَسَينًا (ج) الكيلي أن يبني مَقْبَرَةَ النِّبُيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْطَاهُ جُمْلَةً مِنْ مَالٍ نَحْوَ الْخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ (ح) . قَالَ:
فَعَمِلَ بِهَا قُبَّةً مِنْ أَدَمٍ وَبَنَاهَا على القبر وبنى المقبرة (7) . قال: ورأيت عنده (خ) قِطْعَةَ أَدَمٍ، فَحَدَّثَنِي أَنَّهَا مِنْ تِلْكَ، وَكَانَ أبي يقول: حسبك إنّ حسينا (ج) مِنْ أَصْحَابِهِ.
ذَكَر أَحْمَدُ بْنُ شُجَاعٍ فِي كِتَابٍ لَهُ سَمَّاهُ «نُزْهَةَ الْأَبْصَارِ فِي مَنَاقِبِ أُولِي الْأَبْصَارِ مِنْ مَشَايِخِ الْأَمْصَارِ» (8) ، قَالَ: سَمِعْتُ سعد بن عبد العزيز المقرئ (د) يَقُولُ: إِذَا مَدَحْنَا عِنْدَهُ أَحَدًا مِنْ أَبْنَاءِ الدنيا، حرّكوه وأبصروا بعينه كلفة/ مزعجة (ذ) . قَالَ وَكَانَ يَقُولُ، إِذَا رَأَى تَخَاصُمَ أَحَدٍ: «انْظُرُوا إِلَى هَذَهِ الْجُرْبِيَّاتِ الْمَمْلُوءَةِ مِنَ الْعِظَامِ، أَيْشِ فِيهَا مِنَ الشَّرِّ؟» . سَكَنَ الْقَلْعَةَ بِإِرْبِلَ.
وكان يصحبه محمد بن إبراهيم (ر) شيخها (ز) . وَحَدَّثَ سَعْدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُ سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ الْكِيلِيَّ يَقُولُ: «لَمَّا حَجَجْتُ إِلَى مَكَّةَ، وَرَدْتُ إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- اسْتَصْغَرْتُ هَمَّ الْعاِلْمِ، حَيْثُ لَمْ يَبْنُوا عَلَيْهِ مَا يُغْرِمُوا عَلَيْهِ ذَخَائِرَهُمْ، حَيْثُ اخْتَارَ مُجَاوَرَتِهِمْ. فَعَزَمْتُ- إِنْ فَتْحَ اللَّهُ عَلِيَّ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا- بَنَيْتُهُ، فَقَدَّرَ اللَّهُ- تَعَالَى- أَنَّهُ فُتِحَ لِي قَبُولٌ عِنْدَ بَعْضِ الْمُلُوكِ السُّلْجُوقِيَّةِ، حَتَّى قَالَ لِي: اطْلُبْ مَا تُرِيدُ، فَقُلْتُ: أُرِيدُ مِنْكَ مائة ألف دينار، فأعطاني تلك، فميضت وعملت قبة (س) مِنْ أَدَمٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَضَرَبْتُهَا عَلَى الْحُجْرَةِ، وَبَنَيْتُ الْبِنَاءَ ثُمَّ رَفَعْتُهَا» . وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُجِيبُهُ، وَحَسْبُكَ بِهَذِهِ مَنْقَبَةً وَشَرَفًا. اخْتَصَرْتُهَا وَأَتْيَتُ بِالْغَرَضِ مِنْهَا.
صَحِبَ أَبَا الْعَبَّاسِ النهاوندى (9) صاحب أبي بكر الواسطي (ش) صَاحِبِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ (10) .(1/222)
122- الشَّيْخُ حَسَنُ (1) الْإِزْلِيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
قَبْرُهُ بِالْمَقْبَرَةِ الشرقية ظاهر إربل، وهو من الأبدال (أ) يُزَارُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. صَحِبَ الْحُسَيْنَ الْكِيلِيَّ، وَانْتَفَعَ بِهِ. وَحَدَّثَنِي الْمَشْيَخَةُ مِنَ الْإِرْبِلِيِّينَ، إِنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ فِي بُسْتَانٍ بِقُرْبِ مَشْهَدِ الْكَفِّ- عَلَى صَاحِبِهِ السَّلَامُ-، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ بَابُ الْمَدِينَةِ الْقَدِيمَةِ وَيُدْعَى «بَابَ الْفَحَّامِيَّةِ» بِاللُّغَةِ الْكُرْدِيَّةِ (ب) .
حدثني الأشنهيون/ إنّ أصله منها (ت) أَقَامَ بِإِرْبِلَ وتُوُفِّيَ بِهَا، قَالُوا:
إِنَّهُ كَانَ لَا يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الْأَرْضِ، إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يُصَلِّي الصُّبْحَ حَتَّى يَقْرَأَ نِصْفَ الْخَتْمَةِ وَيُتِمَّهَا بِالنَّهَارِ. فَهَذَا كَانَ دَأْبَهُ، وَكَانَ أسر بالقدس، فكان يؤذن لكل صلاة (ث) وَالْفِرِنْجُ يَضْرِبُونَهُ وَيُقَطِّرُونَ عَلَى جِلْدِهِ شَحْمَ الْخِنْزِيرِ، فَتَكَادُ رُوحُهُ تَخْرُجُ إِلَى أَنْ ضَجِرُوا مِنْهُ أَطْلَقُوهُ.
123- ابْنُ هِلَالَةَ الْمِغْرُبِيُّ ( ... - 617 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ هِلَالَةَ الْمَغْرِبِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ (1) وَيُعْرَفُ بِابْنِ هِلَالَةَ. وَأَخْبَرَنِي مَسْعُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّكْرُورِيُّ (2) غُلَامُهُ، إِنَّ مَوْلِدَهُ بِطَبِيرَةَ (3) مِنَ الْأَنْدَلُسِ. وَحَدَّثَنِي أبو الخير بدل بن أبي (أ) الْمُعَمَّرِ، أَنَّهُ أُخْبِرَ بِوَفَاتِهِ بِالْبَصْرَةِ فِي رَمَضَانَ سنة سبع عشرة وستمائة (ب) ، وَحَدَّثَنِي غَيْرُهُ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي تَاسِعِ رَمَضَانَ بِالْبَصْرَةِ وَدُفِنَ بِهَا.
رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الى نيسابور وخوارزم وغيرها (ت) ، وَسَمِعَ مِنْ مَشَايِخِهَا، وَحَصَّلَ جُمْلَةً مِنْ أُصُولِهَا، وعاد فورد إربل في ... (ث) ، وَسَمِعَ عَلَى الْفَقِيرِ أَبِي سَعِيدٍ كُوكُبُورِيِّ بْنِ علي بن بُكْتُكِينَ» مُسْنَدَ أَهْلِ الْبَيْتِ» (4) - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- وَسَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ لِسَمَاعِ كِتَابِ تَارِيخِهَا الَّذِي أَلَّفَهُ أبو الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، وَوَصَلَهُ بِجُمْلَةٍ وَأَنْفَذَ لَهُ(1/223)
مِثْلَهَا إِلَى دِمَشْقَ، وَصَارَ ذَلِكَ لَهُ رَسْمًا عَلَى صَدَقَتِهِ.
124- ابْنُ الْأَصْفَرِ (535- 616 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، يعرف بِابْنِ الْأَصْفَرِ الْبَغْدَادِيِّ (1) ، سَكَنَ الْحَرِيمَ (2) /وَوَرَدَ إِرْبِلَ وَحَدَّثَ بِهَا: وَكَانَ مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ يَسْتَعْمِلُ صِبَاغَ العتّابي (أ) وَيَتَّجِرُ فِيهِ. أَخْبَرَنِي أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي عَاشِرِ مُحَرَّمٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. رَجُلٌ شَيْخٌ طُوَالٌ، أَشْقَرُ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ أَزْرَقُ الْعَيْنَيْنِ. رَوَى عن أبي بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد (ب) الدَّلَّالِ (3) ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْبَنَّاءِ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بن أبي غالب بن الطلاية (4) .
قرىء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ الحسن (ت) بْنِ شَاذَانَ السُّكَّرِيُّ الْحَرْبِيُّ (5) إِمْلَاءً يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ، التَّاسِعَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَقَالَ لألحقنّ الصِّغَارَ بِالْكِبَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنِ (6) بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ (6) ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ (7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ (8) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ (9) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ علي (10) عن أبيه (11) عن ابن عباس (ج) ، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أحبّوا الله- عزّ وجلّ- لما يغذوكم بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أهل بيتي بحبيّ» (ح) .
سَأَلْتُ ابْنَ الْأَصْفَرِ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: يَوْمَ عاشوراء سنة خمس وثلاثين وخمسمائة (خ) تُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ خَامِسَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ وَدُفِنَ بها (د) .(1/224)
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَشْقَرَ (ذ) وَأَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي غَالِبِ بْنِ الطَّلَّايَةِ/ الزَّاهِدَ الْوَرَّاقَ، وَأَبَا الْقَاسِمِ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنَ الْبَنَّاءِ، وَحَدَّثَ عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرِهِمْ بِبَغْدَادَ وَالْمَوْصِلِ وَإِرْبِلَ. وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَكَانَ سَكَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا في السنة المذكورة (د) . قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: وَكَانَ أَصَابَهُ صَمَمٌ فِي آخر عمره، ولم آنس (ر) مِنْهُ ذَلِكَ بِإِرْبِلَ. وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا صَحِيحَ السَّمَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
125- الْمُقْرِئُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (541- 624 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم بن محمد الشّهرستاني (1) الأصل البغدادي (أ) ، وَرَدَ إِرْبِلَ وَحَدَّثَ بِهَا. صَحِبَ عَبْدَ السَّلَامِ بْنَ يُوسُفَ بْنَ مُقَلَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ (2) ، وَبِطَرِيقِهِ سَمِعَ الْحَدِيثَ. رَوَى عَنِ الْكَاتِبَةِ شُهْدَةَ ابْنَةِ أَبِي الفرج (ب) أحمد الإبري، وأبي القاسم يحيى ابن ثَابِتٍ الدَّيْنَوَرِيِّ، وَالنَّقِيبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُعَمَّرِ (3) ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بن علي بن سمنان (ت) المستعمل (4) ، وأبي الفتح بن البطي (ث) ، وأبي الحسن ابن كنكله (5) ، وأبي بكر (ج) بن النّقور (ح) . كان يَكْتُبُ بِخَطِّهِ «الْمُقْرِئَ» وَلَمْ يَكُنْ حَسَنَ الْحِفْظِ للكتاب الكريم.
قرىء عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَتْنَا الْكَاتِبَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ (6) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بن عيّاش (خ) الْقَطَّانُ (7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ (8) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ (9) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، أنّ رجلا أتى (د) إِلَى الْمَسْجِدِ/ وَالنَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ فقال: لا، فقال: «قم فاركع» (ذ) .(1/225)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيِّ فِي ثَانِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ بَنَيْمَانَ بْنِ محمد (ر) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ اسبهند وست (ز) بن محمد الدّيلمي (10) لنفسه: (الكامل)
عاقبتني بالهجر لا لجناية (س) ... وَلَقَدْ جَهَدْتُكَ لِي بِوَصْلِكَ تَسْمَحُ
وَقَبِلْتَ فِيَّ مِنَ الْوُشَاةِ سِعَايَةً ... يَا سَيِّدِي وَجْهُ الْمُحَرِّشِ (ش) أقبح
وبه (ص) أَنْشَدَنَا الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ وِشَاحٍ (11) قال أنشدني ابن المغلّس (12) الشاعر لنفسه: (السريع)
غَضْبَانُ مِنْ فَرْطِ الصِّبا وَالدَّلَالْ ... يَكَادُ يُطْغِيهِ غُلُوُّ الْجَمَالْ
قَدْ كُتِبَ الْحُسْنُ عَلَى خَدِّهِ: ... كُلُّ دَمٍ يَسْفِكُ طَرْفِي حَلَالْ
يَا سِحْرَ عَيْنَيْهِ وَيَا طَرْفَهُ ... وَيَا عِذَارَيْهِ فُؤَادِي بِحَالْ (ض)
سَأَلْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَوْلِدِه سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَقَالَ: أَنَا فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ تَقْرِيبًا، وَلَمْ يَعْرِفْ تَارِيخَ مَوْلِدِهِ.
126- سِبْطُ ابْنُ الْمُهْتَدِي ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 612 هـ)
أَبُو جَعْفَر مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بن أَبِي الْبَدْرِ الْكَاتِبُ الْبَغْدَادِيُّ (1) مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ اثنتي عشرة وستمائة، وسمع بها (أ) ، وَكَتَبَ كَثِيرًا وَأَخَذَ عَنْ مَشَايِخِ بَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أَهْلِ/ بَغْدَادَ بَيْتًا، شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ. ذَكَرَ أَنَّهُ سِبْطُ عَبْدِ اللَّهِ (2) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ.(1/226)
127- الْقَاضِي ابْنُ يَاسِينَ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 615 هـ)
هُوَ أبو ابراهيم يوسف بن ياسين (أ) الدّقوقي (1) ، ولي القضاء بها (ب) مرات وعزل عنه (ت) وَصُولِحَ عَلَيْهِ. اشْتَغَلَ عَلَى مُوسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَعَةَ بِشَيْءٍ مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ- كَمَا نُقِلَ إِلَيَّ- وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ. حُدِّثْتُ أَنَّهُ جَوَادٌ سَمْحٌ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ تَسَامُحًا في الدين (ث) .
وَقَّفَنِي بَعْضُ أَهْلِ دَقُوقَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ خُطَبِهِ، أَنَا أُثْبِتُ مِنْهَا مَا تَقِفُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي أَوَّلِهَا: «خُطْبَةً مِنْ إِنْشَاءِ الْقَاضِي يُوسُفَ بْنِ يَاسِينَ يُشَبِّبُ فِيهَا بِوَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ (2) - رحمه الله تعالى- (ج) . «الْحَمْدُ لِلَّهِ الصَّمَدِ الْمَعْبُودِ، الْأَحَدِ الْمَوْجُودِ، وَاجِبِ الدَّوَامِ، مُجَانِبٍ لِلْأَوْهَامِ، الْعَالِمِ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ، الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّاتِ الْمَقْدُورِ، يُكَوِّنُ الْحَضْرَةَ الْإِلَهِيَّةَ بِالرُّتَبِ الرَّوَاتِبِ، وَمَدَّ مِنَ الدُّرَّةِ السَّمَاوِيَّةِ بِالشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ، وَمُمَنْطِقِ الْمَرْكَزِ الْمُقَعَّرِ الْأَرْضِيِّ بِرَفِيعِ عَوَالِي الْبُنْيَانِ، وَمُرْزِقِ أُطْرُرِ الْبَحْرِ الْمُضِيءِ بِتَرْصِيعِ اللَّآلِئِ وَالْمَرْجَانِ، وضابط فضاء منار (ح) السماك برابط مضاء مدار (خ) الأفلاك. فقد أبهر ما بصرناه دلائل تنامي (د) الْإِرْشَادِ إِلَى تَكْوِينِ الْحَكِيمِ الْقَدِيرِ، «وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ منازل حتّى عاد كالعرجون القديم» (ذ) .
وَمِنْهَا: «أَيُّهَا النَّاسُ- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- أَطِيعُوا اللَّهَ تُفْلِحُوا، وَادَّرَّعُوا بِتَقْوَاهُ تَرْبَحُوا وَتَلَمَّسُوا سُبُلَ النَّجَاةِ سريعا (ر) / لِئَلَّا تُوبِقُوا، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تفرّقوا (ز) وَارْفَعُوا مَرْكِبَ الطَّاعَةِ تَفُوزُوا بِخُلُودِ الْجِنِانِ، وَاتَّقُوا مَعْطَبَ الْإِضَاعَةِ تَحُوزُوا وُرُودَ الْإِحْسَانِ. وَتَمَسَّكُوا بِحَقَائِقِ الْيَقِينِ تَنْجُوا مِنْ فِتْنَةِ الْبِدْعَةِ، وَاسْلُكُوا طَرَائِقَ الدِّينِ تَلِجُوا فِي سُنَّةِ الشِّرْعَةِ، وَمِيلُوا عَنِ التباس المعنى، وقولوا للناس حسنا (س) . وَاشْرَعُوا فِي طُرُقِ خَلَاصِ الْبَلِيَّةِ، وَأَسْرِعُوا قَبْلَ حُرَقِ اغْتِصَاصِ الْمَنِيَّةِ، فَكَأَنَّكُمْ بِهَا وَنَزَلَتْكُمْ وَشَأْنَكُمْ نشبها،(1/227)
وَأَذَلَّتْكُمْ وَأَلْقَتْ عَلَيْكُمْ ذُيُوْلَهَا، وَلَوَتْ إِلَيْكُمْ حُبُولَهَا. فَكَمْ أَحْرَقَتْ كَبِدًا، وَكَمْ طَرَقَتْ وَلَدًا مَحْبُوبًا لِلْوَالِدِ، مَطْلُوبًا لِلْأَبَاعِدِ، قُرَّةً لِلْعُيُونِ، وَمَسَرَّةً لِلْمَفْتُونِ، وَنُزْهَةً لِلْقُلُوبِ، وَفَرْحَةً لِلْمَكْرُوبِ، وَأُنْسًا لِلْإِخْوَانِ، وَعُرْسًا لِلزَّمَانِ، فَاخْتَلَسَتْهُ بِنُزُولِهَا، وَأَخْرَسَتْهُ بِمُهَوِّلِهَا، وَأَسْكَنَتْهُ جَدَثًا، وأكسته شعثا (ش) ، فَأَصْبَحَتْ شَمَائِلُهُ دَفِينَةً، وَأَضْحَتْ وَسَائِلُهُ رَهِينَةً. تَبْكِيهِ الْمَنَازِلُ، وَتَحْكِيهِ الْجَنَادِلُ. فَإِيَّاكُمْ وَالطُّمَأْنِينَةَ، فَذَالِكُمُ الْغَبِينَةُ (ص) .
أَيْقَظَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ فَسَادِ الْغَفْلَةِ، وَأَنْهَضَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِزَادِ الرِّحْلَةِ» .
وَهُوَ بَاقٍ إِلَى جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
128- أَبُو الرِّضَا بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ ( ... - 622 هـ)
سَأَلْتُهُ عَنِ اسمه، فقال لا أدعا إِلَّا بِأَبِي الرِّضَا، وَزُرَيْقٌ لَقَبٌ لَهُ (1) .
سَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ الطُّوسِيَّ، وَكَانَ يَحْفَظُ أَشْعَارًا كَثِيرَةً/ يَلْحَنُ فِي إِنْشَادِهَا (أ) وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ وَزِيِّهِمْ.
أَنْشَدَنَا أَبُو الرضا زريق بن أحمد بن داود (ب) الْمُقْرِئُ الْمَوْصِلِيُّ لِنَفْسِهِ، فِي سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الآخرة من سنة خمس عشرة (ت) وستمائة (المديد)
شَرِبَتْ رُوحِي مَحَبَّتَكُمْ ... مِثْلَ شُرْبِ النَّفْسِ لِلَّبَنِ
وَجَرَى فِي الْقَلْبِ ذِكْرُكُمُ ... جَرَيانَ الرُّوحِ فِي البدن
وكررت القول عليه بِالْيَمِينِ أَنَّهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لِي غَيْرَ مرة- والله أعلم-. وأنشدني، وذكر أنها للشافعي- رحمه الله-: (السريع)
مَنْ يَتَمَنَّ الْعُمُرَ فَلْيَدَّرِعْ ... صَبْرًا عَلَى فَقْدِ أحبّائه
ومن يعمّر يلق (ث) في نفسه ... ما يتمّناه لأعدائه (ج)
بَلَغَتْنِي وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.(1/228)
129- لَيْثُ بْنُ الْمُظَفَّرِ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو شُجَاعٍ لَيْثُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثِيُّ ثُمَّ الْمَوْصِلِيُّ (1) .
نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي عمرو عثمان بن أبي بكر الموصلي (أ) . مِمَّا نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ أَبِي الْمَوَاهِبِ الْحَسَنِ بن هبة (ب) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا- يَعْنِي لَيْثًا- بِالرَّفِقَةِ (2) فِي مَشْهَدِ يحيى بن عبد الله بن حسن () ابن علي بن أبي طالب (3) - رضي الله عنه وَكَرَّمَ وَجْهَهُ- وَقَدْ زُرْنَا قَبْرَهُ هُنَاكَ، لِأَخِيهِ محمد بن عبد الله (4) (الكامل)
وَبَدَا لَهُ مِنْ بَعْدِ مَا انْدَمَلَ الْهَوَى ... برق تألّق موهنا (ث) لَمَعَانُهُ
يَبْدُو كَحَاشِيَةِ الرِّدَاءِ وَدُونَهُ ... صَعْبُ الذُّرَى متمّنع أركانه
/ فأتى (ج) لِيَنْظُرَ كَيْفَ لَاحَ فَلَمْ يَطِقْ ... نَظَرًا إِلَيْهِ وردّه (ح) سجّانه
فالنار ما اشتملت عليه خدوده (خ) ... وَالْمَاءُ مَا سَمَحَتْ بِهِ أَجْفَانُهُ
يَا قَلْبُ لا تبخل بحلمك جاهلا (د) ... بالنيل باذل تافه منّانه (ذّ)
وَقَالَ لِي: إِنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، أَلَا إِنِّي لَا أَحْفَظُ سِوَى مَا أَنْشَدْتَكُ. قَالَ المبارك بن أحمد (ر) : وقد رويناها مرفوعة (ز) .
أجاز لي أَبُو يَاسِرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ (5) ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْبَرَكَاتِ عُمَرَ بْنِ محمد (6) وغيرهما. قال أبو ياسر (س) : أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَجَازَ لَنَا- إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا- قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ فَتُّوحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (7) ، حَدَّثَنِي أبو محمد علي بن أبي عمر اليزيدي (8) ثم أملاه علي من حفظه، قال: حدثني أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزّبيري (9) قال: حدثنا أبو علي حسن بن الأشكرى (ش) الْمِصْرِيُّ (10) ، قَالَ: كُنْتُ مِنْ جُلَّاسِ الْأَمِيرِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ بْنِ تَمِيمٍ (11) ، وَمِمَّنْ يَخِفُّ عَلَيْهِ جدا، قال: فبعث بي (ص) إِلَى بَغْدَادَ، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ جَارِيَةً رَائِعَةً مِنْ أَفْضَلِ مَا وُجِدَ فِي الْحُسْنِ وَالْغِنَاءِ. فَلَمَّا وصلت(1/229)
إِلَيْهِ أَقَامَ دَعْوَةً لِجُلَسَائِهِ- قَالَ: وَأَنَا فِيهِم- ثُمَّ وُضِعَتِ السِّتَارَةُ، وَأَمَرَهَا بِالْغِنَاءِ وَقْتَ حُضُورِ الْحَالِ الَّتِي تَقْضِي سَمَاعَ الْغِنَاءِ، لِنَسْمَعَ إِحْسَانَهَا ونفاخر الجلوس بها (ض) ، فَغَنَّتْ:
وَبَدَا لَهُ مِنْ بَعْدِ مَا انْدَمَلَ الهوى
يبدو مثل (ط) حَاشِيَةِ الرِّدَاءِ
فَالنَّارُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ ضُلُوعُهُ (ظ) الثَّلَاثَةُ الْأَبْيَاتُ () .
ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الْحِكَايَةِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَاخْتَصَرْتُهَا هنا (ع) وَالْغَرَضُ الْجَمْعُ بَيْنَ نِسْبَتِيِ الْأَبْيَاتِ/ الْمَذْكُورَةِ.
130- أَبُو الْعَبَّاسِ الزِّرْزَارِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 615 هـ)
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عِيسَى الزِّرْزَارِيُّ (1) ، وَلِيَ قَضَاءَ سُميْسَاطٍ (2) ، مِنْ بَلَدِ الزِّرْزَارِيَّةِ (3) مَكَانٌ مَعْرُوفٌ. حَوَالِيَّ شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ الْحَاكِمُ بِسُمَيْسَاطٍ، فَقِيهٌ.
131- الشَّرِيفُ الْبَغْدَادِيُّ (القرن السابع)
............ (أ) اجْتَمَعْتُ بِهِ (1) قَبْلَ أَنْ أَشْرَعَ فِي تَوْرِيقِ هذا الكتاب، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَسَمِعَ بِآخِرَةٍ عَلَى الْمُؤَيَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيِّ. شَيْخٌ ربع القامة، ناولني مدرجا فيه أَبْيَاتٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَ أَنَّهَا لَهُ، أَنْشَدَنِي مِنْ صدرها معظمه. وأولها- وهي بخطه-: (المديد)
مَا بَغَى عَذْلًا وَقَدْ ضَعُفَتْ ... عَنْ وُقُورِ (ب) السَّهْمِ قُوَّتُهُ
حَبَّذَا إِنْ قِيلَ مُفْتَضَحٌ ... فِي هَوَى الْأَلْمَى فَضِيحَتُهُ
رَشَأٌ مَا الْقَضِيبُ إِذَا ... حرّكته الرّيح قامته
لا ولا [ذا] (ت) الْبَدْرُ حِينَ بَدَا ... مُشْرِقًا فِي اللَّيْلِ طَلْعَتُهُ(1/230)
فَاتِرُ الْعَيْنَيْنِ ذُو تَرَفٍ ... مِثْلُ طَعْمِ الشَّهْدِ ريقته
لو رأى تصوير صورته ... يوسف (ث) قَامَتْ قِيَامَتُهُ
قَلْبُهُ قَدْ قُدَّ مِنْ حَجَرٍ ... مَا تُرَجَّى قَطُّ ليِنَّتُهُ
بِأَبِي أَفْدِيهِ مِنْ رَشَأٍ ... لَيْسَ غَيْرَ الْهَجْرِ شِيمَتُهُ
/ مَلِكٌ بِالْحُسْنِ منفرد ... وبنو البلوى (ج) رعّيته «2»
ليس لي معد عليه سو ... ى قلم (ح) المولى وسطوته
............ (خ) ... الَّذِي شَرُفَتْ بِسَجَايَاهُ عِشْرَتُهُ
فَاتَ سَبْقًا بِالْعُلُومِ كَمَا ... سَبَقَتْ لِلنَّاسِ قِدْمَتُهُ
لَوْذَعِيٌ مَاجِدٌ فَطِنٌ ... مَا لِقُسٍّ (2) قَطُّ حِكْمَتُهُ
فَاقَ مَعْنًا (3) بِالسَّخَا كَرَمًا ... أَخْجَلَتِ السُّحْبَ رَاحَتُهُ
فَوْقَ مَتْنِ الْأَرْضِ مِقْعَدُهُ ... وَعَلَى الْجَوْزَاءِ وَطْأَتُهُ
مَاجِدٌ نَدْبٌ أَخُو حِكَمٍ ... مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ عَزْمَتُهُ
نَجِلٌ مَوْهُوبٌ (د) سَلِيلُ حِجًى ... لَيْسَ غَيْرَ الْحَمْدِ بُغْيَتُهُ
سَارَ سِرُّ الْعِلْمِ فِيهِ كَمَا ... سَارَ فِي الْآفَاقِ سِيرَتُهُ
أَوْ ضَفَتْ فِي النَّاسِ أَنْعُمُهُ ... أَوْ سَمَتْ لِلْمَجْدِ هِمَّتُهُ؟
يَا فَرِيدَ الدَّهْرِ جُدْ فَلَقَدْ ... عَسُرَتْ فِي الدَّهْرِ فَتْكَتُهُ
مَا شَكَا مَنْ بَاتَ مُعْتَصِمًا ... فِي الْوَرَى مَنْ أَنْتَ عُدَّتُهُ
لَا وَلَا خَافَ الزَّمَانَ فَتًى ... فِيكَ مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ
أَنْتَ كَهْفٌ مِنْ أَذَى زَمَنٍ ... عَظُمَتْ فِي النَّاسِ أَزْمَتُهُ
فَاغْتَنِمْ شُكْرَ امرئ عرفت ... في جميع الناس نسبته(1/231)
وَإِنَّمَا أَثْبَتُّ هَذَهِ الْقَصِيدَةَ جَمْعَاءَ لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَهَا. وَكَانَ إِعْرَابُهَا صَحِيحًا لَمْ يُخْطِئْ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مواضع كتبها (ذ) بِالْأَلِفِ/ فَكَتَبَ بِالْيَاءِ، أَوْ كَتْبِهَا بِالْيَاءِ كَتَبَهَا بالألف. وكتب «أو ضفت» بِالظَّاءِ الْقَائِمَةِ، سِوَى قَوْلِهِ «سِوَى قَلَمِ الْمَوْلَى» فَإِنَّهُ كَانَ مَضْمُومًا عَلَى مَا تَرَاهُ.
132- أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ شُجَاعٍ ( ... - 621 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ مَنَعَةَ (1) ، إِرْبِلِيُّ الْمَوْلِدِ وَالْمَنْشَأِ، أَصْلُ وَالِدِهِ مِنْ تَكْرِيتَ (2) ، وَسَارَ إِلَى إِرْبِلَ فَأَقَامَ بِهَا بَقَّالًا، وَكَانَ لَهُ إِخْوَةٌ بَقَّالُونَ صَارُوا تُجَّارًا وَمَاتُوا. وَطَلَبَ أَحْمَدُ الْعِلْمَ فَتَفَقَّهَ مُدَّةً عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ نَصْرِ بْنِ عَقِيلٍ، وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْبَحْرَانِيِّ.
وَانْقَطَعَ عَنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ فِي زَاوِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بإربل (أ) ، وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً. ثُمَّ سَافَرَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَعَادَ إِلَى إِرْبِلَ، فَهُوَ بِهَا الْآنَ يَنْسَخُ بِالْأُجْرَةِ. لَهُ طَبْعٌ مُؤَاتٍ وَقَرِيحَةٌ مُحَبَّبَةٌ.
كَتَبَ إِلَى الصَّاحِبِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ شَمَّاسٍ، وَكَانَ ذَلِكَ عُقَيْبَ إِطْلَاقِهِ مِنَ السِّجْنِ، وَسَمِعْتُهَا مِنْ لَفْظِهِ ثُمَّ اجْتَمَعْتُ بِهِ بَعْدَ ذلك، وذاكرته إياها، فأنشدني بعضها وهي: (الطويل)
أبا حسن (ب) إِنَّ الصَّنَائِعَ رَبُّهَا ... هُوَ الْأَصْلُ لَا إِنْشَاؤُهَا فِي الْأَوَائِلِ
وَمَا كُلُّ مُولٍ لِلْجَمِيلِ تَكَلُّفًا جَوَادًا ... إِذَا لَمْ يُحْيِ مَجْدَ الْأَوَائِلِ
وَمَا زِلْتَ تُولِينِي الْعَوَارِفَ حَيْثُمَا ... أَوَيْتُ وَلَا تَلْوِي لِأَمْرٍ مُنَازِلِ
وَلَوْلَاكَ تَسْعَى فِي خَلَاصِي مُثَمِّرًا ... لَمَا صَدَقَتْ فِيمَا رَجَوْتُ مَخَايِلِي
فَشُكْرِي لِمَا أَوْلَيْتَنِي مِنْ صَنِيعَةٍ ... مُتَمَّمَةٍ بِالشُّكْرِ أَثْقَلَ كَاهِلِي
وقد كنت أشكو (ت) الْحَبْسَ وَالْجُوعُ هَاجِعٌ ... فَمَا زَادَنِي الْإِظْلَافُ غَيْرَ البلابل (ث)
/ وكنت لأهل الحبس ضيفا وضيفنا (ج) ... فصرت لأيتام وقوم (ج) أَرَامِلِ
فَهَلْ لَكَ أَنْ تَنْتَاشَنِي بِمِعَيِشَةٍ ... وَتَحْظَى بشكرى في صدور المحافل؟(1/232)
وَيَعْلَمُ مَوْلَانَا بِفَضْلِ كِفَايَتِي ... وَفَضْلٍ لَهُ شُدَّتْ قَدِيمًا رَوَاحِلِي
عَسَاهُ بِلُطْفٍ مِنْهُ يُنْعِشُ أَفْرُخًا ... كزغب القطا أو خلا ماعز حامل (خ)
فَمَا لِيَ وَجْهٌ أَسْأَلُ النَّاسَ حَاجَةً ... وَلَا سيّما من كان من غير طائل (د)
وكتب آخرها: «والذي يُنْهِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْحَبْسِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا مَا كَانَ لَهُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الحمام، ولا ما يغسل (ذ) بِهِ ثَوْبَهُ» . وَفِيهَا مَا تَرَكْتُهُ، وَبَعْدَهُ «وَهَذِهِ اللَّيَالِي يَصُومُ وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ سِوَى الْأَبْيَضَيْنِ (ر) الْمُودِيَيْنِ بِالْحِينِ. فَإِنْ رَأَى مَوْلَايَ تَعْرِيفَ الْمَوْلَى المالك (ز) - خَلَّدَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- بِالْحَالِ لَا بِالْقَالِ، وَمُعَاوَنَتِنَا بالفعال قبل السّؤال، استعبد رقابنا (س) عَلَى الْأَبَدِ، وَاسْتَخْلَصَنَا فَلَمْ يُشْرِكْهُ فِي تِلْكَ أَحَدٌ، وَالْإِطَالَةُ فِي السُّؤَالِ إِلْحَافٌ، إِذَا كَانَ الْحَالُ غَيْرَ خَافٍ، وَالسَّلَامُ» .
كَتَبَ: «مُولِيَ لِلْجَمِيلِ» بالياء، و «كفاءتي» مَهْمُوزَةً- عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ-، وَقَالَ: «هَذَهِ اللَّيَالِي يَصُومُ» وَإِنَّمَا تُصَامُ الْأَيَّامُ، وَقَالَ:
«الْأَبْيَضَيْنِ» وَهُمَا الْمَاءُ وَاللَّبَنُ، بَعْدَ شَكْوَى طَوِيلَةٍ يَنْقُضُ الأول (ش) ، وَلَيْسَ الْأَبْيَضَانِ مِمَّا يُودِيَانِ بِالْحِينِ، إِذْ يَعِيشُ عَلَيْهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَإِنَّمَا أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ طلب (ص) السجع. قال هذيل الأشجعي (ض) (الطويل
ولكنّه يمضي لي الحول كاملا ... ومالي (ط) إِلَّا الْأَبْيَضَيْنِ شَرَابُ
وَإِنَّ جَعْلَهُمَا شُرْبًا، فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: رُبَّمَا طَعِمَ شَيْئًا غَيْرَهُمَا وَجَعَلَهُمَا شَرَابًا لَهُ.
بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ فِي ... (ظ) مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ/ وَمِنْ شِعْرِهِ: (الطويل) .
أَلَفْظُكَ أَعْلَى أَمْ فَضَائِلُكَ الْغُرُّ ... وَخُلْقُكَ أَبْهَى أم خلائقك الزّهر (ع) ؟
وَحَظُّكَ أَحْلَى فِي الْعُيُونِ أَمِ الْكَرَى ... وَمِنْ قَصَبٍ أَقْلَامُ خَطِّكَ أَمْ سُمْرُ؟(1/233)
أَتَتْ لَمْعَةٌ زَانَتْ مَلَاحَتُهَا النُّهَى ... بِهَا التِّبْرُ والدرّ المنظّم والسحر (غ)
مختّمة من عسجد (ف) قَدْ تَضَاعَفَتْ ... دَوَائِرُ فِيهَا مِثْلَ مَا ضُوعِفَ الشُّكْرُ
فَلَا زِلْتَ لِلدُّنْيَا جَمَالًا وَلِلنَّدَى ... ثُمَالًا وللاجين (ق) مَالًا لِمَا يَعْرُو
133- عُمَر الدُّنَيْسَرِيُّ ( ... - 615 هـ)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْخَضِرِ بْنِ اللَّمَشِ (أ) التُّرْكِيُّ الدُّنَيْسَرِيُّ (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ عُمَر بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ بِإِرْبِلَ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ وَعَلَى غَيْرِهِ. كَانَ صَبِيًّا لَمْ أَسْتَنْشِدْهُ شَيْئًا مِنْ شعره. نقلت من خطه (ب) ، لعمر ابن الخضر بن اللّمش التركي متغزّلا: (الكامل)
بَلَغَ الْغَرَامُ بِهِ إِلَى غَايَاتِهِ ... وَتَحَكَّمَتْ أَحْكَامُهُ فِي ذَاتِهِ
صَبٌّ أَصَابَتْهُ الصَّبَابَةُ فِي الصِّبَا ... أمما (ت) فَلَمْ يَعطِفْ عَلَى صَبَوَاتِهِ
كَلِفًا بمَنْ هُوَ فِي الْمَلَاحَةِ وَاحِدٌ ... مُتَفَرِّدٌ وَالْحُسْنُ بَعْضُ صِفَاتِهِ
فَالْبَدْرُ مُفْتَقِرٌ إِلَى أَنْوَارِهِ ... وَالْغُصْنُ مُضْطَرٌّ إِلَى حَرَكَاتِهِ
وَالسِّحْرُ مِنْ أَلْحَاظِهِ وَالدُّرُّ مِنْ ... أَلْفَاظِهِ وَالْوَرْدُ مِنْ وَجَنَاتِهِ
يَهْوَى الْمُحِبُّ الْعَذْلَ فِيهِ لِاسْمِهِ ... وَيَرَى اسْمَهُ فِي الْعَذْلِ مِنْ لَذَّاتِهِ
من رام يعرفه (ث) فأول (ج) لَفْظِهِ ... مَعْكُوسَةُ التَّصْحِيفِ مِنْ أَبْيَاتِهِ
وَبَعْدَهُ: «رَاقِمُهَا نَاظِمُهَا تَذْكِرَةً لِلْمَوْلَى السَّيِّدِ صَاحِبِ النُّسْخَةِ- بَلَّغَهُ الله مراده وأدام إسعاده، آمين-» (ح) ، وَصَاحِبُ النُّسْخَةِ هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ (2) .
134-/أَبُو نَصْرِ بْنِ وَهْبَانَ (570- 618 هـ)
هُوَ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ النفيس بن هبة الله بن وهبان السلمي (1) الْحَدِيثِيُّ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ عَلَى الشَّيْخِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(1/234)
طَبَرْزَدَ بِدَارِ الْحَدِيثِ بِهَا، فِيهِ ذَكَاءٌ وَعِنْدَهُ فقه. أنشدني من شعره لنفسه..... (أ)
وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ النَّفِيسِ بْنِ وَهْبَانَ السُّلَمِيُّ الحديثي لنفسه: (الخفيف)
حَاشَ لِلَّهِ أَنْ أَذِلَّ لِنَذْلٍ ... بِسُؤاْلٍ يُرِيقُ مَاءَ الْمُحَيَّا
أَأُرَى وَاقِفًا بِبَابِ لَئِيمٍ ... يُرْتَجَى رَشْحُ كَفِّهِ فَيُحَيَّا
بَلْ أُرَجِّي الزَّمَانَ بِالْعَيْشِ وَالْبِشْرِ ... أَلِيفَ الْعُقَارِ مَا دُمْتُ حَيَّا
كَذَا نَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ وَأَنْشَدَنِيهُ: «بِالْعَيْشِ» وَأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ: «بِالْعُسْرِ وَالْيُسْرِ» .
وَأَنْشَدَنِي الْبَكْرِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ وَهْبَانَ لِنَفْسِهِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْحَمَّامَ بِالْقَاهِرَةِ فقلت فيه: (الوافر)
وَحَمَّامٍ حَكَى الْأَزْهَارَ أَرْضًا ... وَجَامُ سَمَائِهِ زُهْرُ النُّجُومِ
حَوَى حَرًّا وَبَرْدًا بِاعْتِدَالٍ ... تَولَّدَ مِنْهُمَا طيب (ب) النَّعِيمِ
يُنَفِّسُ رَوْحَهُ عَنْ كُلِّ رُوحٍ ... وَيَشْفِي عَارِضَ الْجِسْمِ السَّقِيمِ
يُرِيكَ الْعَيْشَ كَيْفَ يَكُونُ غَضًّا ... وَكَيْفَ تُزَاحُ عَادِيَةُ الْهُمُومِ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أنشدني ابن وهبان لنفسه ملغّزا «شهرزور» : (ت) (الرجز)
/ مَا بَلَدٌ نِصْفُ اسْمِهِ ... جُزْءٌ مِنَ الزَّمَانِ
وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لَا ... يَخْلُو مِنَ الْبُهْتَانِ
بَيِّنْهُ لِلسَّائِلِ يَا ... ذَا الْفَهْمِ وَالْبَيَانِ
135- ابْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ (581- 616 هـ)
مِنْ بَيْتِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ(1/235)
وَسِتِّمِائَةٍ. شَابٌّ قَصِيرٌ (1) حَسَنُ الْأَخْلَاقِ، وَمَعَهُ وَلَدُهُ (2) ، كان متولي دار الحديث (3) بدمشق (أ) . أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّافِعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ الْمَولِدُ وَالْمَنْشَأُ، فِي ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدَارِ الْحَدِيثِ بِإِرْبِلَ، وَحَدَّثَنَا أَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْهَا. قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبِي (ب) - رحمه الله- قال: أنشدني أبي (ت) - رحمه الله- لنفسه: (الكامل)
وَاظِبْ عَلَى جَمْعِ الْحَدِيثِ وَكَتْبِهِ ... وَاجْهَدْ عَلَى تَصْحِيحِهِ فِي كَتْبِهِ
وَاحْفَظْهُ مِنْ أَرْبَابِهِ نَقْلًا كما ... سمّعت (ث) مِنْ أَشْيَاخِهِمْ تَسْعَدْ بِهِ
وَاعْرِفْ ثِقَاتِ رُوَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ ... كَيْمَا تُميِّزُ صِدْقِهِ مِنْ كَذْبِهِ
فهو المفسّر للكتاب وإنّما ... نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ
فَكَفَى الْمُحَدِّثُ رِفعةً أَنْ يُرْتَضَى ... وَيُعَدَّ مِنْ أَهْلِ الحديث وحزبه
وأنشدنا، قال: أنشدنا الخشوعي (ج) قال: أنشدنا ابن الأكفاني (4) في المروحة: (الوافر)
وَمِرْوَحَةٍ تُرَوِّحُ كُلَّ هَمٍّ ... ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا بُدَّ مِنْهَا
/ حُزَيْرَانُ وَتَّمُّوزٌ وَآبٌ ... وَفِي أَيْلُولَ يغني الله عنها (ح)
وَأَنْشَدَنَا لِلشَّيْخِ أَبِي الْيُمْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْكِنْدِيِّ اللُّغَوِيِّ النَّحْوِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا لنفسه وقد شرب دواء بمصر: (الطويل)
تداويت لا من علّة خوف (خ) عِلَّةٍ ... فَأَصْبَحَ دَائِي فِي حَشَايَ دَوَائِيَ
فَيَا عَجَبَ الْأَقْدَارِ مِنْ مُتَحَذْلِقٍ ... يُحَاوِلُ بِالتَّدْبِيرِ رَدَّ قَضَاءِ
حَدَّثَ بِإِرْبِلَ فِي ثَامِنَ عَشَر رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ. أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ علي ابن الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن عَلِيِّ بْنِ الْمُسْلِمِ اللَّخْمِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أسمع(1/236)
بِدِمَشْقَ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ (5) قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكَتَّانِيُّ (6) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (و) الْمُرِّيُّ (7) قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الشَّيْبَانِيُّ (8) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ السَّلْمُ بْنُ الْفَضْلِ (9) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ (10) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْأَسْدِيُّ (11) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظهير (12) عن السّدّى (13) ، عن ابن عباس (ذ) في قوله- عزّ وجلّ-:
«وصالح المؤمنين» (ر) ، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «2» .
وَسَافَرَ هُوَ وَابْنُهُ إِلَى خُرَاسَانَ لِسَمَاعِ الْحَدِيثِ. فَحَدَّثَنِي أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي مِنْ لَفْظِهِ، وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ فِي ثَالِثِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ الْعِمَادُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ ست سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ/ وَدُفِنَ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْهَا، بِمَقْبَرَةِ الشُّونِيزِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَحَدَّثَنِي غَيْرُهُ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِجِرَاحَةٍ جَرَحَهُ بِهَا قَوْمٌ خَرَجُوا عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بالقرب من خانقين (13) ، وتوفي ولده (س) بَعْدَهُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَقِبٌ (14) .
136- أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ (557- 622 هـ)
هُوَ عُمَرُ بْنُ بَدْرِ بْنِ سعيد (1) الفقيه الحنفي الموصلي. كان معيدا (أ) بِمَدْرَسَةِ بَنِي بُلْدَجِيٍّ (2) بِالْمَوْصِلِ. سَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَتَبَهُ، وله تواليف. سمع معنا على ابن طبرزذ أبي حفص (ب) عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّارَ قَزِّيِّ بِإِرْبِلَ.(1/237)
أَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ مُلَغِّزًا «لُؤْلُؤْ» فِي ثَانِي رَمَضَانَ سنة خمس عشرة وستمائة:
(المجتث)
عَصَّيْتُ اسْمَ حَبِيبِي ... إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْبَرَاءَةْ
من الولاية يوما ... من (ت) مرّتين جماعه
وأنشدنا لنفسه، والاسم «حسن» (البسيط)
وقائلٍ مَا اسْمُ مَنْ تَجَنَّى ... عَلَيْكَ قَدْ شفّك السّقام
فقلت: إعكس سلمت (ث) يَا ذَا ... عَلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ السَّلَامُ
وَعِنْدَهُ (ج) يَا أَخَا الْإِحَاجِي ... مُصحَّفٌ يَحْصُلُ الْمَرَامُ
وَجَدْتُ فِي إِجَازَتِهِ بِإِزَاءِ خَطِّهِ فِيهَا: «تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ بَدْرِ بْنِ سَعِيدٍ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ- تَعَالَى- فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِدِمَشْقَ» . وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ عُمَرَ بْنِ بَدْرٍ مِنْ إِجَازَةٍ:
«وَمَوْلِدِي فِي جُمَادَى الْآخِرِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
137- رَاجِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ الله ( ... - 622 هـ)
وربما قيل/ رومية (أ) أرمنية (ب) ، هِيَ أُمُّ مُحَمَّدٍ رَاجِيَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ (1) أُمُّ وَلَدِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ أَبِي النَّجِيبِ (ت) وَعِتَاقَتُهُ. سَمِعَتِ الْحَدِيثَ بِبَغْدَادَ مَعَ مَوْلَاهَا، وَرَوَتْ بِبَغْدَادَ. قَدِمَتْ إِرْبِلَ وَسُمِعَ عَلَيْهَا بِإِرْبِلَ. سَمِعَتْ أَبَا الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنَ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ وأبا الفتح بن البطي (ث) ، وَأَبَا الْوَقْتِ عَبْدَ الْأَوَّلِ بْنَ عِيسَى السِّجْزِيَّ، وغيرهم (ج) - فيما قيل لي- (ح) .
قَرَأْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ تَسْمَعُ، فَأَقَرَّتْ بِهِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى السِّجْزِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْفُضَيْلِ (خ) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ(1/238)
بْنُ عَرَفَةَ الْبَغْدَادِيُّ (2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بكير (3) أبو خبّاب (د) ، عَنْ سَلَّامٍ الْخَزَّازِ (4) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ (ذ) عَنِ الْحَارِثِ (5) عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- عن النبيّ- صلى الله عليه وسلم:: (ر) «ما دعاه إلّا بنية (ز) وبين الله حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ، فَإِذَا صُلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْخَرَقَ الْحِجَابُ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ. وَإِذَا لَمْ يُصَلَّ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يستجب الدعاء (ز) .
وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سنة خمس عشرة وستمائة (س) .
تُوُفِّيَتْ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعَ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَتْ بِمَقْبَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الْمَيْدَانِ (6) الَّذِي يُعْرَفُ بِتَلِّ زطي (ش) بِإِرْبِلَ.
138- ابْنُ الْمُشْتَرَى الْبَغْدَادِيُّ (535- 619 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كُنْدُرَ (أ) الْحِلِّيُّ (1) ، يُعْرَفُ بِابْنِ الْمُشْتَرَى. وَاسْمُ أَبِي الْبَرَكَاتِ «المبارك» ، كذا كتب لي نَسَبِهِ وَأَمْلَاهُ عَلَيَّ. أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ عَلَى عِدَّةِ مُدَرِّسِينَ/ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَلَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْفِقْهِ وَلَا مذكورا بين أهله. سمع أَبَا الْقَاسِمِ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ، وَأَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ نَاصِرِ بْنِ عَلِيٍّ، وأبا الفضل محمد ابن عمر الأرموى، وأبا الوقت (ب) وَغَيْرِهِمْ.
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا. شَيْخٌ مُجَدَّرُ الْوَجْهِ، لَهُ شَعْرٌ طَوِيلٌ مَضْفُورٌ أَسْوَدُ لَا يَكَادُ يُرَى فِيهِ شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَلِحْيَتُهُ بَيْضَاءُ إِلَّا شَعَرَاتٍ قَلِيلَةً. ذَكَرَ جَمَاعَةٌ إِنَّهُ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ (2) ، رَبْعَةٌ فِي أَخْلَاقِهِ زَعَارَّةٌ، شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ. أَخْبَرَنِي أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي عَشْرِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ بِالْخَاتُونِيَّةِ (3) مِنْهَا. وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ وَرَدَ إِرْبِلَ قَدِيمًا فِي زَمَنِ الْمُجَاهِدِ قَيْمَازَ بْنِ عبد الله الخادم (ت) ، وَنَزَلَ الرِّبَاطَ الَّذِي كَانَ تَحْتَ الْقَلْعَةِ، مِنْ قِبْلِيِّهَا، يُسَمَّى «رِبَاط الزَّاهِدِ» . وَأَقَامَ بِإِرْبِلَ مُدَّةً، وَاسْتَظْهَرَ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ حِفْظًا. وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يُلَقَّبُ بالنظامية «كوز البزر» (ث) .(1/239)
قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ محمد ابن عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، بِقِرَاءَةِ أَبِي يَاسِرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَادِشٍ (4) يَوْمَ السَّبْتِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر ابن عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ زَنْبُورٍ الْوَرَّاقُ (5) قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَبُو مُوسَى زُغْبَةُ التُّجِيبِيُّ (6) ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (7) عَنْ عروة (8) ، عن أبي (9) مراوح (ج) ، عَنْ أَبِي ذَرَّ (10) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى الله عليه وسلم- إنه (ح) قَالَ: «أَيُّ) الْأَعْمَالِ خَيْرٌ؟ قَالَ: / إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ. قَالَ: فَأَيُّ الرِّقَابِ خَيْرٌ؟ قَالَ: أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا.
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ بَعْضَ الْعَمَلِ؟ قَالَ: فَتُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ.
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ؟ قَالَ: فَتَدَعِ النَّاسَ مِنْ شَرِّكَ، فإنها صدقة تصدّق بها عن نفسك» (خ) .
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سنة خمس عشرة وستمائة:
(البسيط)
الْعِيدُ وَالشَّهْرُ وَالْأَيَّامُ ثُمَّ أَنَا ... فِي غِبْطَةٍ وَسُرُورٍ مَا بَقِيتَ لَنَا
فَلَا أَصَابَتْكَ أَيْدِي النَّائِبَاتِ وَلَا ... زِلْتُ بِقُرْبِكَ مِنْ تَشْتِيتِ أُلْفَتِنَا
قَالَ: أَيْ لَا زِلْنَا بِقُرْبِكَ عِوَضًا مِنْ رَحِيلِنَا عَنْ أَهْلِنَا وَمَنَازِلِنَا، كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ. وَزَادَنِي بَعْدَ أَيَّامٍ:
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا وَالصَّلَاةُ عَلَى ... مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ سَيِّدِنَا
وَأَنْشَدَنِي لنفسه: (الطويل)(1/240)
إِلَهِيَ ذَا الطَّوْلِ الْعَظِيمِ فَإِنَّنِي ... فَقِيرٌ إِلَى جُودِ الْإِلَهِ وَطَالِبُ
لِيَرْحَمَنِي عِنْدَ الثَّمَانِينَ أَنَّنِي ... غريب فريد ذاهب ثم آئب
تَزَحْزَحْتُ عَنْ دَارِ السَّلَامِ وَطِينَتِي ... وَمُجْتَمَعٍ مَا بين خلّ وصاحب
وجيت (د) بأرض الرّاسيات لبابل ... وأين الندى (ذ) مِنْ حَاضِرٍ وَهْوَ غَائِبُ
وَسَاوِسُهُ فِي كَوْدَنٍ (ر) مُتَعَجْرِفٍ ... وَيُظْهِرُ نُسْكًا وَهْوَ بِالْجَهْلِ عَائِبُ
وَيَجْمَعُ كفّيه لإبطال فرضه ... ويطرق (ز) لِلْأَرْحَامِ إِقْرَارَ حَاطِبِ «2»
قَالَ: «أَيْ حَاطِبِ لَيْلٍ»
فوا عجبا مِنْ نَاقِدٍ وَهْوَ أَعْمَشٌ ... وَلِلنَّقْدِ أَعْيَانٌ بِكِنْزِ (س) المطالب (10)
/سؤالي لذي العرش الْعَظِيمِ يَصُونُنِي ... بِصَفْوِ صَدِيقٍ يَقْصِدُ الْخَيْرَ جَانِبِي
وَيَشْفَعُ لِي الْمُخْتَارُ لِلقُرْبِ أَحْمَدُ ... شَفَاعَةَ مَقْبُولٍ لَدَى الْحَقِّ طَالِبِ
لِيَشْمَلَ أَبْنَاءَ الثَّمَانِينَ رَحْمَةً ... وَفَضْلًا وَإِحْسَانًا وَلِينَ مَآرِبِ
وَيَرْفَعَ عَنْهُمْ كُلَّ إِصْرٍ وَزَلَّةٍ ... وَيَجْبُرَهُمْ مِنْ شَرِّ قَوْمٍ كَوَاذِبِ
وَيُغْنِيَهُمُ عَنْ كُلِّ بَادٍ وَحَاضِرٍ ... بِعِفَّةِ نَفْسٍ طبّت (ش) فِي الْمَكَاسِبِ
وَإِنِّيَ فِي ظِلِّ الْإِلَهِ مُخَيِّمٌ ... ليكشف ضرّي بالّذي هو واهبي (ص)
فواهب (ض) عُقْبًى بَعْدَ دُنْيَا وَدِينِهَا ... بِمَنْزِلِ فِرْدَوْسٍ وَحُورٍ كواعب (ط)
وَهَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ لِسُقُوطِهِ، وَلَيْسَ بِنَثْرٍ لِلُزُومِ قَافِيَتِهِ وَوَزْنِهِ، وَحَقُّهُ أَنْ يُرْفُضَ وَلَا يُعَرِّجَ عليه (ظ) .
تُوُفِّيَ بِالْمَرِسْتَانِ بِإِرْبِلَ (11) ، لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ فِي رَابِعَ عَشْرِيٍّ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن ضحوة نهاره (ع) بِمَقْبَرَةِ الزُّمْنَى وَالْعِمْيَانِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.(1/241)
139- ابْنُ الْمَسِيرَى ( ... - 643 هـ)
أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَسِيري (1) ، نِسْبَةً إِلَى «مَسِيرَةَ» (2) مِنْ أَعْمَالِ مِصْرَ، قَرْيَةٌ قُرْبَ الْمَحَلَّةِ (3) ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِاشْتِبَاهِ نِسْبَتِهِ بِنِسْبَةِ ابْنِ المشترى (أ) - وَالْمُشْتَرَى فِي عُرْفِ أَهْلِ بَغْدَادَ الَّذِي يَبِيعُ الطعام (ب) -. وَرَدَ عَلَيْنَا رَسُولًا مِنَ الْمَلِكِ الْكَامِلِ أَبِي المعالي (ت) مُحَمَّدِ بْنِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ (4) - رَحِمَهُ اللَّهُ- إِلَى إِرْبِلَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْس عَشْرَةَ (ث) وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَارَ عَنْهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ. وَوَصَلَهُ السُّلْطَانُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بُكْتُكِينَ بِمَا أَحْسَبُهُ أَفَادَنِي بِصَحِيحِ نِسْبَتِهِ إِلَى ...
(ج) القاضي الإمام ذو النسبين (ح) / بَيْنَ دِحْيَةَ وَالْحُسَيْنِ (5) - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا- فِي ثَالِثِ مُحَرَّمٍ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ (خ) .
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَنَزَلَ إِلَى بَغْدَادَ رَسُولًا مِنَ الْمَلِكِ الأشرف (6) . بَلَغَنَا أَنَّهُ اعْتُقِلَ وَضُيَّقَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثلاثين وستمائة (د) .
أَنْشَدَنِي أَبُو الْمَجْدِ أَسْعَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (7) لِنَفْسِهِ: (الطويل (
غدا ابن المسيرى الملقّب صاحبا (ذ) ... بِجَهْلٍ يُعِيدَ الْعِرْضَ مِنْهُ جُذَاذَا
فَلَا صَاحِبٌ عِلْمًا وَلَا صَاحِبٌ حِجًا ... وَلَا صَاحِبٌ فَضْلًا فَصَاحِبُ مَاذَا؟
140- ابْنُ الطَّالَبَانِيِّ ( ... - 628 هـ)
أَبُو الْحَسَنِ علي بن أبي طالب ثابت (أ) بْنُ طَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ (1) ، يُعْرَفُ بِابْنِ الطَّالَبَانِيِّ. سَكَنَ نَصِيبِينَ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي الْعَشْرِ الْأُولَى مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَجَلَسَ لِلْوَعْظِ فِي رِبَاطِ الْمَنْظَرَةِ، وَحَضَرَهُ الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَمِعَ وَعْظَهُ وَوَصَلَهُ. سَمِعَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَ بِإِرْبِلَ، سَمِعَ شهدة بنت الفرج الكاتبة و ... (ب) ابن الرّخلة الكرخي (2) ، وجدت ذلك بخطه (ت) .(1/242)
أنشد الطالباني، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ السِّنْجَارِيُّ (3) :
(الكامل)
لو كنت تعلم (ث) كلّ ما (ج) عَلِمَ الْوَرَى ... طُرًّا لَكُنْتَ صَدِيقَ كُلِّ الْعَالَمِ
لَكِنْ جَهِلْتَ فَصِرْتَ تَحْسَبُ كُلَّ مَنْ ... يَهْوَى خِلَافَ هَوَاكَ لَيْسَ بِعَالِمِ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي محمد بن النفيس البغدادي (4) : (البسيط)
يا أمّ دفر (ح) لَحَاكِ اللَّهُ وَالِدَةً ... مِنْكِ الْإِسَاءَةُ وَالتَّفْرِيطُ وَالسَّرَفُ
لو أنّك العرس (خ) بَاكَرْتُ الطَّلَاقَ لَهَا ... لَكِنَّكِ الْأُمُّ مَالِي عَنْكِ منصرف
/ قال ووجدت بخط أبي الفرج الجوزي (د) ، قال سمعت الوزير ابن هبيرة (ذ) ينشد عن المستنجد بالله (ر) أمير المؤمنين- وهي للمستنجد-:
(المتقارب)
بِتَقْوَى الْإِلَهِ نَجَا مَنْ نَجَا ... وَفَازَ وَأَدْرَكَ مَا قَدْ رَجَا
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ له ... - كما قال- من أمره مخرجا (ز)
وأنشدنا، قال: أنشدنا أسعد بن المنجّى (5) : (الطويل)
وَلَمَّا رَأَتْ فَقْرِي وَشَيْبِي تَنَكَّرَتْ ... وَصَدَّتْ وَسَاءَتْ حِينَ سَاءَتْ بِيَ الْحَالُ
وَكَيْفَ بِمِثْلِي أَنْ يُحِبَّ وَلَيْسَ لِي ... شَفِيعٌ إِلَيْهَا، لَا شَبَابٌ وَلَا مَالُ
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: (الطويل)
هُوَ الَرْوحُ وَالرَّيْحَانُ قَدْ جُمِعَا مَعًا ... فَأَلْفَاظُهُ دُرٌّ وَآيَاتُهُ غُرَرْ
وَيَجْلُو قُلُوبَ الذَّاكِرِينَ مِنَ الصَّدَى ... وَعَنْ سُورَةٍ مِنْ مِثْلِهَا عَجَزَ الْبَشَرْ
141- أَبُو الْكَرَمِ الْمَرَاغِيُّ (الْقَرْنُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ)
أَبُو الْكَرَمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بن رستم المراغي (1) الراشتا(1/243)
لقلقي (أ) . حدثني بَعْضُ أَهْلِ مَرَاغَةَ (2) ، أَنَّهَا قَرْيَةٌ مِنْ أَعْمَالِ قُرَى مَرَاغَةَ، مَوْلِدُهُ بِهَا. سَمِعَ الْحَدِيثَ وَلَهُ إِجَازَاتٌ مِنَ الْكَاتِبَةِ شُهْدَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ الْإِبَرِيِّ، وَأَبِي شُجَاعٍ يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ (3) ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونَ (4) ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَشَّابِ. وَكَانَ فَقِيهًا، وَرَدَ رَسُولًا، وَذَلِكَ فِي.... (ب) .
142- أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 551 هـ)
هُوَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ/ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَصْرٍ (1) الْفَقِيهُ الْإِرْبِلِيُّ. وَوَجَدْتُ نَسَبَهُ:
«أَحْمَدَ ابن عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْإِرْبِلِيَّ» . وَلَعَلَّ أَحْمَدَ كَانَ يُكْنَى أَبَا نَصْرٍ، فَاقْتَصَرَ بِخَطِّهِ عَلَى نَصْرٍ. وَوَجَدْتُ عَلَى الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنَ «الْمُخَلِّصِيَّاتِ الْكَبِيرِ» :
«قرأت على العكبري (أ) وَكَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَصْرٍ الْفَقِيهُ الْإِرْبِلِيُّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَكَانَ فَقِيهًا. وَجَدْتُ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ السَّادِسِ مِنَ «الْفَوَائِدِ الْمُنْتَقَاةِ الْعَوَالِي» انْتِقَاءَ أَبِي الْفَوَارِسِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ (2) ، رِوَايَةَ أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصِ الذَّهَبِيِّ: «قَرَأْتُ جَمِيعَ هَذَا الْجُزْءِ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ رُكْنِ الدِّينِ، جَمَالِ الْإِسْلَامِ، نَصْرِ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظِ الْعُكْبَرِيِّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ- بحق روايته عن الحاجب نوشتكين (ب) الرضواني، عن ابن البسري (ت) عَنِ الْمُخَلِّصِ، فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» . وَرَوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ (3) .
143- أَبُو طَالِبٍ بَارَسْطغَانُ ( ... - 616 هـ)
أَبُو طَالِبٍ بارسطغان (أ) بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَبِي الْفُتُوحِ بْنِ عَبْدِ العزيز بن أبي المنصور ابن عبد العزيز (1) الغزّى (ب) الدار، الحميري النسب، الشافعي(1/244)
الْمَذْهَبُ. وَرُبَّمَا كُتِبَ «بَارزطغَانُ» بِالزَّاءِ. كَانَ يَحْذِفُ اسمه من الطباق (ت) لصعوبته ويكتب «بو طَالِبٍ» بِغَيْرِ أَلِفٍ. سَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيِّ، وَعَلَى أَبِي عبد الله بن تيمية الحراني (ث) و ... (ج) ابْنِ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيِّ (2) ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ مُتَأَخِّرِينَ.
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ إِسْكَنْدَرِيَّةَ- كَمَا نُقِلَ لِي عَنْهُ- أَوَّلَ مَا/ خَالَطَهُ الْبَيَاضُ. أَقَامَ بِإِرْبِلَ وَتُوُفِّيَ بِالْمَرِسْتَانِ بِهَا، غُرَّةَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ من سنة ست عشرة وستمائة (ح) ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمَرِسْتَانِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وَوَجَدْتُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ جُزَازَةً فِيهَا «لِلْمَمْلُوكِ الْأَنْدَلُسِيِّ (3) الْقَرْمُونِيِّ (خ) :
(الطويل)
أَبَا طَالِبٍ لَا زِلْتَ رَفْدًا لِطَالِبٍ ... يَتُوقُ إلى بذل اللهى (د) وَالْمَوَاهِبِ
وَلَا زِلْتَ نَجْمَ الدِّينِ بِالْعِلْمِ وَالسَّنَى ... تلوح كبدر التّم بين الكواكب
فما (ذ) تُسْدِهِ فِي مَوْسِمِ النَّحْرِ دَائِبًا ... إِلَى غُرَبَاءٍ يَشْكُرُوا وَأَقَارِبِ
فَجَازَاكَ رَبُّ الْقُدْسِ وَالصَّخْرَةِ الَّتِي ... يُقَدِّسُهَا الزُّوَّارُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
بِمَا تَرْتَجِي- يا سيّدي ومعظّمي ... وترغبه (ر) مِنْ مُنْعِمٍ بِالرَّغَائِبِ
وَلَا زِلْتَ يَا قَاضٍ لِجُودِكَ تُرْتَجَى ... وَتُخْشَى عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ الْمُحَارِبِ
متى غرّدت ورقاه في متن أملد (ز) ... يطير بها جري المنى بالمذانب (س)
144- أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْقَرْنُ السَّابِعُ)
هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ (1) ، ذُكِرَ لِي أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ النَّحْوِ عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الضَّرِيرِ النَّحْوِيِّ (2) ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ.
أَسْمَرُ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، رَبْعَةٌ، يَتَحَفَّظُ مِنْ أَبْيَاتٍ عَوِيصَ الإعْرِابِ مَا يلقيه على(1/245)
أَهْلِ هَذَهِ الصِّنَاعَةِ، وَيُخَالِطُهُمْ. فَأَنْشَدَنِي بَيْتًا سَأَلَنِي عن عربيته، وهو: ()
فمن (أ) حَاكَ زَيْدٌ هَذَهِ النُّوقَ يَا ... فَتَى عَمَّهُ عَمْرًا مِنْ بَقِيَّةِ مَا لَهُ
أَرَادَ كَذِّبْ- يا فتى- عمه عمرا، فقد حاك زيد هذه النوق من بقية ما استدخره (ب) ، / وَأَضْمَرَ قَدْ لِيَنْتَظِمَ اللَّفْظُ.
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَحَدَّثَنِي، قَالَ اجْتَمَعْتُ بِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الإربلي (3) الشيباني (ت) الملقب دخنة (ث) ، وقد سبق ذكره (ج) ، فوقع في أبي البقاء (ح) ، وَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُ فِي تَصْنِيفِهِ مَوَاضِعَ. قَالَ: ثُمَّ أَنْشَدَنِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَقَالَ قَدْ عَمِلَهُمَا في النوم، وهما:
(الرمل)
صَاحِبِي قُمْ فَاسْقِنِي الْخَمْرَ ... وَأَيْقِظْ نُدَمَائِي
قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ الدَّهْرُ ... وَيَأْتِيَ بِالْعَنَاءِ
قَالَ فَعَمِلْتُ فيه: (الرمل)
يَا فَتَى شَيْبَانَ قَدْ أَسْخَنْتَ ... عَيْنَ الشُّعَرَاءِ
وَتَجَرَّأْتَ عَلَى الْعِلْمِ ... بِإِفْكٍ وَافْتِرَاءِ
قُلْتَ: إِنِّي فِي مَنَامِي ... قُلْتُ شِعْرًا ذَا اسْتِوَاءِ
عَجَبِي مَنْ هُوَ فِي الْيَقَظَةِ ... مَأْسُورُ الْخَطَاءِ
كَيْفَ يَسْطِيعُ إِذَا نَامَ ... زِحَامَ الْفُصَحَاءِ
أَنْتَ- يَا مِسْكِينُ- قَدْ أَلْقَيْتَ ... جِلْبَابَ الْحَيَاءِ
وَانْقَضَى عُمْرُكَ مَا بَيْنَ ... حِجَاجٍ وَمِرَاءِ
فَعَلى ذَقْنِكَ مِنْ شِعْرِكَ ... رَطْلٌ مِنْ خَرَاءِ
هَذَهِ الأَبْيَاتُ فِي وَزْنٍ «وَأَيْقَظَ نُدَمَائِي» ، وَأَنْشَدَنِيهَا إِلَّا الْبَيْتَ الثَّامِنَ،(1/246)
فإني نقلته من خطه (خ) ، وَكَانَ قَدْ كَتَبَهَا وَكَتَبَ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ ظَاءٍ بِالضَّادِ، وَمِنْ ضَادٍ بِالظَّاءِ. وَكَتَبَ فِي آخِرِ كُلِّ بَيْتٍ يَاءً.
سَأَلْتُ ابْنَ دَخَنَةَ عَنِ الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَأَنْكَرَهُمَا، وَقَالَ «كَذَبَ عَلَيَّ، لَمْ أُنْشِدْهُ إِيَّاهُمَا» . / فَقُلْتُ لَهُ فِي ذلك، فما ردّ عليّ جوابا (د) . وكتب إليّ:
(الكامل)
يا أيها.... (ذ) الَّذِي قَدْ عَمَّنِي ... فَضْلًا وَأَثْقَلَ عَاتِقِي
يَا مَنْ إِذَا مَا رُمْتُ أَنْ أَثْنِي عَلَى ... إِحْسَانِهِ بِالشُّكْرِ أَعْجَزَ مَنْطِقِي
فُقْتَ الْوَرَى بَرَجَاحةٍ وملاحة ... وصباحة تجلو الظلام ورونق
كان (ر) بِخَطِّهِ: «وَصَبَاحَةٍ»
وُرِّثْتَ جُودًا كَانَ فِي آبَائِكَ ال ... غرّ الْكَرِامِ الأَتْقِيَاءِ الْحُذَّقِ
حُزْتَ الْمَكَارِمَ مِنْهُمُ وَوَرِثْتَهَا (ز) ... فَاسْعَدْ بِهَا فَلأَنْتَ خَيْرُ مُوَفَّقِ
وَاسْلَمْ وَدُمْ وَاسْعَدْ وَنَلْ فِي الدَّهْرِ مَا ... تَرْجُو مِنَ الأَيَّامِ يَا ابْنَ السُّبَّقِ
فِي كُلِّ يَوْمٍ سابق متمكن في ... ما تُحِبُّ إِلَى الْمَعَالِي تَرْتَقِي
مَا غَرَّدَتْ وَرْقَاءُ فِي وَقْتِ الضُّحَى ... تَشْكُو الْغَرَامَ عَلَى قَضِيبٍ مُورِقِ
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَوْزُونٍ، فَقَالَ: بَلْ هُوَ مَوْزُونٌ، ثُمَّ أَنْشَدَهُ عَلَى مَا أَثْبَتُّهُ قَبْلُ. وَالرُّقْعَتَانِ، سَأَلْتُهُ أَهُمَا خَطُّكَ؟ فَقَالَ: نَعَمَ وَأَكْتُبُ خَيْرًا مِنْهُمَا، وَكَانَتَا مُخْتَلِفَتَيِ الْخَطِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ-.
145- الْكَاتِبَةُ الْأُرْمَوِيَّةُ ( ... - بَعْدَ سنة 616 هـ)
اسمها جشماوءنه بِنْتُ مَكِّيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأُرْمَوِيَّةُ الْمُقْرِئَةُ الْكَاتِبَةُ (1) . أَخْبَرَنَا بِنَسَبِهَا وَصِفَتِهَا مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأُرْمَوِيُّ (2) ، ابْنُ أُخْتِهَا، قَالَ: هِيَ بِأُرْمِيَّةَ تُعَلِّمُ الْخَطَّ وَالْقُرْآنَ، وَتَعْقِدُ مَجَالِسَ الْوَعْظِ، وَقَرَأَتِ الْحَدِيثَ(1/247)
على جدي بدل بن محمد الشيخي (أ) الْأُرْمَوِيِّ (3) .
وَرَدَتْ إِلَى إِرْبِلَ قَافِلَةً/ مِنَ الْحَجِّ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، ونزلت بخان يعرف بخان الصفّارين (ب) ، وأردت الاجتماع بها فمنعني (ت) مِنْ ذَلِكَ لِوَاقِعَةٍ حَدَّثَنِي بِهَا كَانَتْ بَيْنهُمَا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ.
641- أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ ( ... - 623 هـ)
هو أبو محمد إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي الهمذاني (أ) ثم المصريّ، من أصحاب الحديث (ب) . وَجَدْتُهُ يَرْوِي كِتَابَ «الْمَدْخَلِ إِلَى كِتَابِ الْإِكْلِيلِ» لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ (1) ، بِحَقِّ سَمَاعِهِ عَلَى أَبِي نَزَارٍ رَبِيعَةَ الْيَمَانِيِّ (2) ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّيْدَلانِيِّ (3) ، عَنْ أَبِي بكر بن خلف الشيرازي (ت) عن المصنف إجازة. وسمعه أبو محمد (ث) أيضا على أبي الفضل عبد الرحمن (ج) بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ صَالِحِ بْنِ الْمُعَزِّمِ الْهَمَذَانِيُّ (4) مِنْ إِجَازَتِهِ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن الحسن (ح) بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زكريا يحيى (5) بن إبراهيم المزكّي (خ) عَنِ الْمُصَنِّفِ، وَبِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن علي بن عبد الله بن عمر بْنِ خَلَفٍ الشِّيرَازِيِّ الأَدِيبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ الْحَكَمِ الْحَافِظِ الْمُصَنِّفِ.
147- ابْنُ نُقْطَه (570- 629 هـ)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ شُجَاعِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ (1) يُعْرَفُ بِابْنِ نُقْطَه، مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِينَ بِهِ، الْمُكْثِرِينَ مِنْ سَمَاعِهِ وَكِتَابَتِهِ، وَالرَّاحِلِينَ فِي طَلَبِهِ. وَرَدَ إِرْبِلَ وَسَمِعَ مَعَنَا عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللطيف بن أبي النجيب عبد القاهر بن عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ وَقَّفَ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ بِبَغْدَادَ عَلَى أَجْزَاءٍ، فَسَمِعَهَا عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ.(1/248)
سمعت من يَذْكُرُ أَنَّهُ ذُو تَصَانِيفَ، وَأَنَّهُ حَافِظٌ مُتْقِنٌ. ورد إربل في شهر رمضان/ من سنة تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ. وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ جَمَعَ كِتَابًا فِي مُخْتَلِفِ الأَسْمَاءِ وَمُؤْتَلِفِهَا (2) يَدْخُلُ فِي مُجَلَّدَاتٍ، وَأَنَّ لَهُ غَيْرَهُ.
وَحَدَّثَنَا مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا: أَسْعَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَوْحٍ (3) بِأَصْبَهَانَ، قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله (أ) ، أخبرنا أبو بكر بن ريذة (ب) ، قال: أخبرنا الطبراني (ت) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو (ث) ، أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عيّاش (ج) الْحِمْصِيُّ (5) ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ (6) عن محمد بن المنكدر (7) عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ، اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (ح) .
وأنشدنا ابن نقطه (خ) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْيُمْنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ الْكِنْدِيُّ بِدِمَشْقَ، وَأَجَازَ لِي الْكِنْدِيُّ، قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أنشدنا أبو علي بن الشبل (8) لنفسه:
(الكامل)
لَا تُظْهِرَنَّ لِعَاذِلٍ أَوْ عَاذِرٍ ... حَالَيْكَ فِي الضرّاء والسرّاء
فلرحمة المتوجّعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء د)
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ ... (ذ) بِبَغْدَادَ. وَتُوُفِّيَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَالِثَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ- رحمه الله- (ر) ، وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ بن الموصلي (ز) أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي ثَانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِهَيْضَةٍ لَحِقَتْهُ.(1/249)
148- الْفَقِيهُ الصّنْهَاجِي (..- بَعْدَ سَنَةِ 593 هـ)
هُوَ أَبُو الْخَيْرِ مُعاذُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ بْنِ الْمَنْصُورِ (1) الْفَقِيهُ الْمَغْرِبِيُّ الصَّنْهَاجِيُّ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي/ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. كَانَ يَلْبَسُ لُبْسَ الصُّوفِيَّةَ، مُخْتَصَرُ الثِّيَابِ. حَدَّثَنِي فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ- وَأَكْثَرُ اللَّفْظِ لِي- قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ (2) أَمِيرَ الْمَغْرِبِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ رِجُلا عَالِمًا وَرِعًا فَقِيهًا.
وَكَانَ لَا يَخْلُو مَجْلِسُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِكُلِّ فَنٍّ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ، وَمَتَى خَاضُوا فَنًّا خَاضَ مَعَهُمْ فِيهِ كَأَحَدِهِمْ. فَاتَّفَقَ أَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ من العلماء و (أ) الفقهاء وَالشُّعَرَاءِ، فَجَرَتْ مَسْأَلَةٌ فَسَكَتُوا لاسْتِمَاعِ كَلَامِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَ لَا تَتَكَلَّمُونَ؟» فَابْتَدَرَ أَحَدُهُمْ فَقَالَ: «لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا» . فَسَمِعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا، فَكَتَبَ فِي الْحَالَ رقعة لطيفة، فيها: (الكامل)
يا ذا الّذي قهر العباد (ب) بسيفه ... ماذا يصدّك (ت) أَنْ تَكُونَ إِلَهًا؟
انْطِقْ بِهَا فِيمَا ابْتَدَعْتَ (ث) فَإِنَّهُ ... لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ لَمْ تَقُلْهُ سِوَاهَا
ثم ألقاها فِي غِمَارِ الْمَجْلِسِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمْ أحد. فلما قاموا لمحها (ج) عَبْدُ الْمُؤْمِنِ فَدَعَا بِهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا لِمَظْلُومٍ أَوْ طَالِبِ حَاجَةٍ. فَلَمَّا قَرَأَهَا أَمَرَ بِكُلِّ مِنْ يُعْرِفُ بِقَوْلِ الشِّعْرِ أَنْ يُحْبَسَ، فَحُبِسَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَائِلُهَا، لَمْ يَرَ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ ذَنْبٌ، فَطَالَعَ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بِذَلِكَ.
فَدَعَاهُ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ لَهُ: «مَا الذي دعاك إلى هذه؟» فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ غَيْرَةً عَلَى دِينِهِ، وَلَمْ يَرْضَ مَا خُوطِبَ بِهِ مِنَ قول الْقَائِلِ: «لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا» ، إذ هذا خطاب الملائكة لله- رجلّ وعلا- (ح) .
فَقَالَ: «يَا شَيْخُ مِثْلُكَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى حسن ونهى عن مكروه» ، ووصله وصلة (خ) حَسَنَةً، وَلَمْ يَهْجُهُ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ مِنْ قوله (د) : «انْطِقْ بِهَا فِيمَا ابْتَدَعْتَ» ، وَلَا أُنْكِرُهُ عَلَيْهِ (ذ) .(1/250)
149-/الْخَطِيبُ أَبُو عَمْرٍو الْإِرْبِلِيُّ (532- 608 هـ)
هُوَ أَبُو عمرو عثمان بن عبد الله بن محمد (1) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ غِيَاثٍ- بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ- شَيْخٌ لَطِيفُ الأَخْلاقِ، حَسَنُ الْعِشْرَةِ إِذَا حُمِلَ عَلَى عَادَةِ طِبَاعِهِ. سَافَرَ أَوَّلَ عُمُرِهِ الْبِلادَ، وَكَانَ يَحْكِي عَنْ نَفْسِهِ مَا اللَّهُ سَاتِرٌ بِأَمْثَالِهِ وَغَافِرُهَا، ثُمَّ أَقْطَعَ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ خَطِيبًا بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْقَلْعَةِ، بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ (2) ، وَكَانَ خَطِيبًا بِهَا قَبْلَهُ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مُشَاحَنَةٌ لأَجْلِهَا.
يَحْفَظُ كَثِيرًا مِنْ أَشْعَارٍ وَنَوَادِرَ مُضْحِكَةٍ. وَزَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ يحيى بن سلامة الحصكفي (3) وأخذ عنه (أ) . وُلِدَ أَبُو عَمْرٍو فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثلاثين وخمسمائة (أ) .
حَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ تاج الاسلام أبي عبد الله الحسين ابن نَصْرِ بْنِ خَمِيسٍ، وَعِنْدَهُ تَاجُ الدِّينِ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ الشَّهْرَزُورِيُّ (4) الْقَاضِي، وَقَدْ حَضَرَ صَبِيٌّ حَسَنُ الصُّورَةِ وَمَعَهُ وَالِدُهُ- وَكَانَ أَعْوَرَ- عَلَى (ب) تَاجِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ تَاجُ الدِّينِ الشَّهْرَزُورِيُّ بَدِيهًا:
(الرمل)
وإذا ما حضرا عا ... ينت قمريا وبوما
آه ما أجلبه لل ... أنس لَوْ كَانَ يَتِيمَا
وَأَنْشَدَنِي غَيْرَهُ مَرَّةً، وَلَمْ يسمّ قائلها، ووجدتها لأبي سعد (ت) بن دوست (5) : (البسيط)
عَلَيْكَ بِالْحِفْظِ دُونَ الْكُتْبِ تَجْمَعُهَا ... فَإِنَّ لِلْكُتْبِ آفَاتٍ تُفَرِّقُهَا
الْمَاءُ يُغْرِقُهَا وَالنَّارُ تَحْرِقُهَا ... وَاللِّصُّ يَسْرِقُهَا وَالْفَارُ يَخْرِقُهَا
وَكَانَ كَثِيرَ الدُّعَابَةِ، سَرِيعَ الْغَضَبِ، سَرِيعَ الرِّضَى، أُوْلِعَ مُدَّةً إِنْشَادَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَكَانَ يُعْنَى بِهِمَا إِنْسَانٌ يُرْمَى بِالْأُْبنَةِ، وهما (الخفيف)(1/251)
/ لُفَّنِي فِي الْحَصِيرِ لَفًّا لَفًّا ... وَأَذِقْنِي حَلاوَةَ النَّيْكِ صِرْفَا
إِنَّ عِنْدِي مِنَ الْبِغَاءِ لَهِيبًا ... لا يداوى وحكّة لا تشفى (ث)
وَكَانَ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ. وَتُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي ثَانِيَ عَشَرَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّمِائَةٍ.
150- أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ الْخَطِيبُ (الْقَرْنُ السَّابِعُ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ غِيَاثٍ (1) ، شَابٌّ مُمَتَّعٌ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ. وَلِيَ الْخَطَابَةَ بَعْدَ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِجَامِعِ الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ، وَأَخَذَ نَفْسَهُ بِإِنْشَاءِ خُطَبٍ لِنَفْسِهِ، سَمِعْتُ مِنْهَا مِنْهُ عِدَّةَ مُنْشَئَاتٍ. سَأَلَنِي أَنْ أُثْبِتَهُ فِي هذا الكتاب (أ) ، فَقُلْتُ:
اصْنَعْ أَبْيَاتًا أَجْعَلُهَا سَبَبًا فِي هَذَا الكتاب (أ) لذكرك، فكتب إليّ وأنشدني لنفسه: (الكامل)
إنَّ الزَّمَانَ هُوَ الزَّمَانُ بِعَيْنِهِ ... وَالْعَيْبُ عَيْبُ مُعِيبِهِ مِنْ عَيْبِهِ
وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِجَائِرٍ فِي ريبه (ب) ... حيث المنيّة طيّها في غيبه (ت)
وله: (البسيط)
قد ألبس الله ... (ث) حُلَّتَهُ ... مِنَ الْفَضَائِلِ زِيدَتْ فِي مَعَانِيهِ
إِذَا تَكَلَّمَ لَنْ تَخْفَى فَضِيلَتُهُ ... يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فِي أَمْرٍ يُعَانِيهِ
151- النَّجَّادُ الْمَوْصِلِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 629 هـ)
هو أبو الحسن علي بن أبي الْفَرَجِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَعَالِي بْنِ عَجِيبٍ الْمَوْصِلِيُّ (1) النَّجَّادُ، قَدِمَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَسَمِعَ بِهَا، وَكَانَ مُتَأَخِّرَ السَّمَاعِ.
رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَأَخَذَ عَنْ مَشَايِخِهَا، كَتَبَ الْكَثِيرَ وَتَرَكَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- صَنْعَتَهُ وَاشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ سَمَاعًا وَكِتَابَةً، وَلَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِشَيْءٍ مِنْ فُنُونِهِ.
توفي ... (أ) .(1/252)
152-/حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى (الْقَرْنُ السَّادِسُ)
هُوَ أَبُو السكر (أ) حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْبَوَازِيجِيُّ (1) . سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ يَحْيَى بْنَ سَعْدُونَ بْنِ تَمَّامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرْطُبِيَّ الأَنْدَلُسِيَّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَجَدْتُ ذَلِكَ بِخَطِّ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ الْجَوْهَرِيِّ الْمُتَزَهِّدِ (2) . فِي «الاسم والكنية والنسبة» (ب) :
153- حَمَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَسَّاسٍ الْبَوَازِيجِيُّ ( ... - بَعْدَ سنة 596 هـ)
أبو السكر (أ) هُوَ مِنَ الْمَشْهُورِينَ (1) ، أَقَامَ بِالْبَوَازِيجِ وَمَاتَ بِهَا وَقَبْرَهُ فِيهَا. شَيْخُ الْبَوَازِيجِ فِي الانْقِطَاعِ، مِنْ أَصْحَابِ عَدِيِّ بْنِ مُسَافِرٍ، إِلَّا أَنَّهُ اشْتُهِرَ (ب) فَتَرَكَ النِّسْبَةَ إِلَى عَدِيٍّ هُوَ وَأَصْحَابِهِ، فَصَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَصْحَابِ عَدِيٍّ مُبَايَنَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمُنَافَرَاتٌ أَدَّتْ كَثِيرًا إِلَى وَقَائِعَ وَفِتَنٍ.
تَرَدَّدَ كَثِيرًا إِلَى إِرْبِلَ، وَكَانَ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ فَرَاسِخَ، وَيَغْشَاهُ الأَكَابِرَ وَيَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ أَبُو سَعِيدٍ كوكبوري بن علي بن بكتكين (ت) . وكان من يتولى البوازيج يتآدى (ث) به لانقياد الناس و (ج) العامة إليه. وكان كثير (ح) مِنَ الْبَوَازِيجِيِّينَ يَرْمُونَهُ بِكَثْرَةِ الْمَالِ. حُدِّثْتُ أَنَّهُ فِي مَبْدَأِ عُمُرِهِ، أَيَّامَ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وكان من دخل عليه زاويته في الْبَوَازِيجِ يُحْضِرُ لَهُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ مَأْكُولٍ، وَكَانَ النَّاسُ يُهْدُونَ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةِ هَدَايَا كَثِيرَةً مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَيُطْعِمُهَا مَنْ حَضَرَهُ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ.
كَتَبَ إِلَيَّ يُعَزِّينِي بِوَفَاةِ أَخِي أَبِي السَّعَادَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (2) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ كتابا طويلا، كتبه له بعض أصحابه، أوله:
(المتقارب)(1/253)
تُعَزَّونَنِي أَمْ أُعَزِّيكُمُ ... بِمَنْ كَانَ عُضْوَيْنِ لِي في الجسد (خ)
/ أتته المنيّة مغتالة ... فنقّص (د) مِمَّنْ أَحَبَّ الْعَدَدْ
فَأَبْكَتْ عَلَيْهِ وَعَمَّ الْبُكَاءُ ... فَكُلٌّ حَزِينٌ عَلَى مَنْ فَقَدْ
فَأَصْبَحْتُ لَمَّا أَتَانِي النَّعِيُّ ... أُذِيبُ مِنَ الدَّمْعِ مَا قَدْ جَمَدْ
وَأَبْكِي بُكَاءً يُبَكِّي الْعُدَاةَ ... وَإِنْ كَانَ يُذْهِبُ ضُرَّ الْكَمَدْ
«نَبَأٌ أَزْعَجَ الأَحْشَاءَ وَفَلَقَهَا، وَأَحْرَقَ الْقُلُوبَ وَأَوْجَلَهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون (غ) . فَإِنَّهَا الرَّزِيَّةُ الَّتِي جَلَّ عَزَاؤُهَا، وَالْعِلَّةُ الَّتِي عدم دواؤها.
والتسليم أولى (ذ) مَا أَعْتَمِدُ، وَأَوْزَعَنَا اللَّهُ الصَّبْرَ عَمَّنْ فُقِدَ. فَلَقَدْ طَرَقَ سَمْعِي طَارِقٌ أَزْعَجَ قَلْبِي، وَزَادَ حُزْنِي وَكَرْبِي، وَنَغَّصَ عَلَيَّ أَكْلِي وَشُرْبِي، وَتَضَاعَفَتْ (ر) حَسَرَاتِي لِفَقْدِ فُلانٍ- قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ، وَأَكْرَمَ مَآبَهُ، وَخَفَّفَ حِسَابَهُ- «ثُمَّ ذَكَرَ» فَإِنَّ هَذَا سَبِيلٌ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ، وَلَا مَحِيصَ لَنَا عَنْهُ، لقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «كلّ نفس ذائقة الموت» (ز) . وقال- عليه السلام-: «ليعزّ المسلمون عند (س) مصابهم بي. وإذا اشتدّ حزن (ش) أَحَدِكُمْ عَلَى هَالِكِهِ، فَلْيَذْكُرْنِي، وَلْيَعْلَمْ أَنْ قَدْ متّ» (ص) . وَلَمَّا تُوُفِّيَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعُوا قَائِلا يَقُولُ: «يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ، إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً عَنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَخَلَفًا عَنْ كُلِّ فَائِتٍ، وَعِوَضًا عَنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ. وَالْمَجْبُورُ مَنْ جَبَرَهُ، وَالْخَائِفُ مَنْ يَأْمَنُ الْعِقَابَ» . وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِذَا عَزَّى أَحَدًا يَقُولُ: «لَيْسَ مَعَ الْعَزَاءِ مُصِيبَةٌ، وَلَا مَعَ الْجَزَعِ فَائِدَةٌ، الْمَوْتُ أَهْوَنُ مِمَّا بَعْدَهُ وَأَشَدُّ مِمَّا قَبْلَهُ. اذْكُرُوا فَقْدَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَصْغُرْ عِنْدَكُمْ مُصِيبَتَكُمْ، وَيَعْظُمْ أَجْرُكُمْ» /. وَعَزَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الأَحْنَفَ (3) فِي وَلَدٍ لَهُ مَاتَ، فَقَالَ: «يَا أَحْنَفُ، ذَهَبُ أَبُوكَ وَهُوَ أَصْلُكَ، وَذَهَبَ وَلَدُكَ وَهُوَ فَرْعُكَ، فَمَا بَقَاؤُكَ بَعْدَ ذَهَابِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ؟! يا أحنف، إن صبرت جرت(1/254)
الْمَقَادِيرُ وَأَنْتَ مَأْجُورٌ، وَإِنْ جَزِعْتَ جَرَتْ عَلَيْكَ الْمَقَادِيرُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ. يَا أَحْنَفُ، إِنْ صَبَرْتَ صبر الأكارم، وإلّا سلوت سلوّ البهائم» (ض) . وَعَزَّى بَعْضُهُمْ صَدِيقًا لَهُ فَقَالَ: «جَعَلَ اللَّهُ مصيبتك تاريخ (ط) ما تخشى ومفتاح ما تحب» (ظ) .
وحُدِّثْتُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَقَى أَحَدًا قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي عَبْدٌ لَا أَضُرُّ وَلَا أَنْفَعُ، وَعَنْ أَذَى بَقَّةٍ لَا أَدْفَعُ. اللهم فبحسن ظنّهم فينا، عافهم وعافينا (ع) » .
154- ابْنُ طُهَيْرٍ الْمَوْصِلِيُّ ( ... - 622 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ طُهَيْرٍ، وَهُوَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ طُهَيْرِ بْنِ فَهْدٍ الْمَوْصِلِيُّ (1) ، وَكُنْيَةُ الْحَسَنِ أَبُو عَلِيٍّ. وَوَجَدْتُ بِخَطِّهِ: «عَلِيُّ بْنُ طُهَيْرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ فَهْدٍ» .
كَمَا ذُكِرَ بَزَّازٌ بِالْمَوْصِلِ فَقَلَّ «مَا بِيَدِهِ فَتَرَكَهَا وَاشْتَغَلَ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ سَمَاعًا، فَأَخَذَ مِنْهُ الْكَثِيرَ، وَسَمَّعَ مَعَهُ وَلَدَهُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ (2) . سَمِعَ مَعِي فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ مُغْرًى بِهِ.
أَنْشَدَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ خَتْلَجِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، وَيُعْرَفُ خَتْلَجُ (4) هَذَا بِحَاجِبِ الْقَاضِي أبي حامد محمد بن القاسم الشّهرزوري (أ) - رَحِمَهُ اللَّهُ- لِنَفْسِهِ، وَقَدْ خَرَجَ النَّاسُ يَتَرَاءَوْنَ الهلال بالموصل (الكامل)
إِنِّي لأَعْجَبُ مِنْ أُنَاسٍ كُلُّهُمْ ... فِي ظُلْمَةٍ لَا تَنْجَلِي وَضَلالِ
/ تَرَكُوا بُدُورِ التَّمِّ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ ... وَتَوَقَّعُوا سَفَهًا ظُهُورَ هِلالِ
رَأَيْتُ يُوسُفَ هذا شابا بالموصل ولم أسمع منه (ب) .(1/255)
تُوُفِّيَ بِالْمَوْصِلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ- عَلَى مَا بَلَغَنَا- وَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ وَلَدُهُ أَبُو حَامِدٍ (5) .
155- السَّنْهُورِيُّ (573- 620 هـ)
هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خلف بن منصور الغسّاني (1) ، من سنهور (2) .. (أ) إِلَى الْقِصَرِ مَا هُوَ. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، لَمْ أَقْدِرْ عَلَى الاجْتِمَاعِ بِهِ فِي المرة الأولى. فَحُدِّثْتُ أَنَّهُ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي الْخَيْرِ بَدَلِ بْنِ أَبِي الْمُعَمَّرِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ التِّبْرِيزِيِّ مُنَافَرَةٌ لِسُوءِ أَخْلاقِ السَّنْهُورِيِّ وَجُرْأَتِهِ.
وَصَلَهُ الفقير إلى الله أبو سعيد كوكبوري بن عَلِيٍّ بِصِلَةٍ سَنِيَّةٍ عَلَى يَدِيَّ بِشَهْرَزُورَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ إِلَى إِرْبِلَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ لَقِيَ إِنْسَانًا يُدْعَى إِبْرَاهِيمَ، كِيمِيَائِيًّا وَطَلَبَ مِنَ الْفَقِيرِ إِلَى اللَّهِ- تَعَالَى- أبي سعيد كوكبوري خمسمائة دِينَارٍ لِيَحْضُرَهُ بِإِرْبِلَ، وَيَعْمَلُ لَهُ مِنَ الْكِيمِيَاءِ مَا يُغْنِيهِ عَنِ الْمُؤَنِ بِبَلَدِهِ، فَلَمْ يَرِ أحد أن يوصل ذلك إلى السُّلْطَانَ. فَوَصَلَهُ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ أَنْ يَصِلَ بِهِ مِثْلَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً.
سَمِعَ الْحَدِيثَ ورحل فيه (ب) . حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الثَّقَةُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَلَفِ بْنِ مَنْصُورٍ الْغَسَّانِيُّ السَّنْهُورِيُّ- أَيَّدَهُ اللَّهُ-، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْمُؤَيَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيِّ بِنَيْسَابُورَ، فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» ، أَخْبَرَنَا إمام الحرمين (ت) مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُزَكِّي (ث) أَبُو الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ (3) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُّودِيُّ (4) قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الزَّاهِدُ (5) ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ (ج) عن الأعمش (ح) عن أبي صالح (خ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا/ يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَا جَلَسَ جَمَاعَةٌ فِي بَيْتٍ من بيوت الله يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ(1/256)
بَيْنَهُمْ، إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلائِكَةَ وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ. وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ به نسبه» (د) ، هذا أو قريب منه (ذ) .
أنشدنا ابن المندائي (ر) بواسط العراق سنة ستمائة لغيره بإسناد لا أحفظه (ز) : (المتقارب)
إِذَا أَظْمَأَتْكَ أَكُفُّ اللِّئَامِ ... كَفَتْكَ الْقَنَاعَةُ شِبْعًا وَرَيَّا
فَكُنْ رَجُلًا رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ هَامَتِهِ فِي الثُّرَيَّا
أَبِيًّا لِنَائِلِ ذِي ثَرْوَةٍ ... تَرَاهُ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَبِيَّا
فَإِنَّ إِرَاقَةَ مَاءِ الْحَيَاةِ ... دُونَ إِرَاقَةِ مَاءِ الْمُحَيَّا
ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ قَارَبَ الثَّلاثَ وَالأَرْبَعِينَ أَوْ مَا قَارَبَهَا، وَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ فِي سَلْخِ شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَتَبْتُهُ عَنْهُ بِشَهْرَزُورَ فِي قَدْمَتِهِ الثَّانِيَةِ إِلَى إِرْبِلَ، وَلَمْ يَكُنِ السُّلْطَانُ- عَزَّ نَصْرُهُ بِهَا- فَوَصَلَ إِلَيْهِ إِلَى شَهْرَزُورَ. وَجَمَعَ جُزْءًا لَطِيفًا مِنْ كِتَابِ «الأَجْوَادِ» لِلْخَرَائِطِيِّ (6) وَرَوَاهُ إِجَازَةً، وَحَضَرَ فِي خِدْمَتِهِ فقرأه عَلَيْهِ. وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَشْتَرِي به كتبا.
عدّها- تساوي خمسمائة دِينَارٍ، وَأَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِذَلِكَ إِلَى بَغْدَادَ، فَصَدَفْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي خِدْمَتِهِ الْكَرِيمَةِ.
ثُمَّ وَصَلَ إِلَى إِرْبِلَ ثَالِثَةً، وَكَانَ لَا يَقُومُ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ- تَعَالَى-، فَتَرَدَّدَ إِلَى بَابَ الصَّاحِبِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْن شَمَّاسٍ (س) لِيَقْتَضِي لَهُ بِرَسْمِهِ، فَأَطَالَ تِرْدَادَهُ فَاتَّفَقَ أَنْ حَضَرْتُ مَعَهُ يَوْمًا وَدَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ شَمَّاسٍ عَلَيْنَا، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ فَنَبَّهْتُهُ/ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا أَقُومُ لَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: مِنَ الْعَجَبِ أَنْ تَتَرَدَّدَ إِلَى بَابِ إِنْسَانٍ فِي الْيَوْمِ مَرَّاتٍ، وَتُقِيمُ بِهِ غَيْرَ مَا دون ذلك (ش) ، وَإِذَا جَاءَ تَأْبَى أَنْ تَقُومَ لَهُ؟! ثُمَّ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ، ذَكَرَ فِي جَمْهَرَتِهِ» (7) إِنَّ إِلْيَاسَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (8) - لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا. فَقُلْتُ لَهُ هَذَا- وَاللَّهِ- غريب، ابن دريد إذا (ص) ذَكَرَ تَفْسِيرَ لَفْظَةٍ(1/257)
غَرِيبَةٍ مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ حَاكِيهَا عَنْ مُفَسِّرِهَا، عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِكِتَابِهِ» وَنَحْوِهِ، تَحَرُّزًا مِنْهُ. وَاللَّهُ- تَعَالَى- يَقُولُ: «وَإِنَّ إِلْيَاسَ لمن المرسلين» (ض) . فقال: أنا سمعت إسماعيل الأنماطي (ط) يَقْرَأُ ذَلِكَ فِي «الْجَمْهَرَةِ» عَلَى التَّاجِ الْكِنْدِيِّ (ظ) . فَقُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ مِنْكَ وَغَلَطٌ، فَأَقَامَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: اكْتُبْ خَطَّكَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَهُ، وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتَ إِلَى دِمَشْقَ أَخَذْتَ خَطَّهُمَا بِذَلِكَ. ثُمَّ سَافَرَ وَعَادَ إِلَى إِرْبِلَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى الاجْتِمَاعِ بِي.
وَجَرَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ فِي مَعْنَى مَمْلُوكٍ لَهُ بَاعَهُ بِالْمَوْصِلِ وَأَرَادَ اسْتِرْجَاعَهُ، فَطُلْبَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَانُوا بِإِرْبِلَ أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِبَقَاءِ مُلْكِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ. فَمَا أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ، فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَارَانِيُّ أَنَّهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ عَلَى ذَلِكَ (ع) . وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي النَّسَبَيْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ حَالَةَ أُخِذَ لَهَا وَشُهِّرَ (غ) وَضُرِبَ بِالدُّرَّةِ، وَأَرَانَا مَوْضِعَ أَثَرِ الضَّرْبِ بِرَأْسِهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ- فِيمَا زَعَمَ- أَخَذَ مَحْضَرًا مِنَ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ ذَا النَّسَبَيْنِ كَذَّابٌ، أَوْ نَحْوُهُ. ثم ورد الإسكندرية، فَعَلِمَ بِهِ ذُو النَّسَبَيْنِ فَأَحَالَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الْمَحْضَرِ مِنْهُ وَرَفَعَهُ إِلَى سُلْطَانِهَا، فَفَعَلَ بِهِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ (8) .
سَافَرَ الْبِلادَ/ كَمَا ذَكَرَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ قَرَأَ «كِتَابَ سِيبَوَيْهِ» (9) عَلَى أَبِي الْيُمْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكِنْدِيِّ حِفْظًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ-، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ فِيهِ.
156- أَبُو الْبَقَاءِ التَّفْلِيسِيُّ ( ... - 631 هـ)
يَأْتِي نَسَبُهُ فِيمَا بَعْدُ. أَنْشَدَنِي الشيخ أبو البقاء ثابت بن تاوان (أ) بْنِ أَحْمَدَ التَّفْلِيسِيُّ (1) لِنَفْسِهِ فِي أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ «2» مُؤَلَّفُ «قُوتُ الْقُلُوبِ» (2)(1/258)
فِي خَامِسَ عَشَرَ رَبِيعِ الآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عشر وستمائة: (المتقارب)
سَقَى اللَّهُ تُرْبَ أَبِي طَالِبٍ ... مِنَ السَّلْسَبِيلِ بِمُزْنِ سَكُوبِ
وَجَازَاهُ بِالْفَضْلِ أَسْنَى الْجَزَاءَ ... عَلَى حُسْنِ تَأْلِيفِ «قُوتِ الْقُلُوبِ»
وَلَقَّاهُ نَضْرَةَ دَارِ النَّعِيمِ ... وَأَسْكَنَهُ فِي جِوَارِ الْحَبِيبِ
كَمَا ضَمَّنَ «الْقُوتَ» سِرَّ الْعُلُومِ ... وَأَوْدَعَهُ كُلَّ مَعْنًى عَجِيبِ
إِشَارَاتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْعُقُولِ ... وَأَسْرَارُهُ مِنْ مَطَاوِي الْغُيُوبِ
وَيَكْشِفُ لِلْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ ... مَكَانَ الْهَوَى وَخَفَايَا الْعُيُوبِ
مَتَى خُصَّ عَبْدٌ بِهَذَا الْكِتَابِ ... وَفَهَّمَهُ اللَّهُ فَهْمَ اللَّبِيبِ
فَلَا مَسَّهُ نَصَبٌ بعده ... ولا مسّه أبدا من لغوب (ت)
هَذَهِ الأَبْيَاتُ كَتَبَهَا أَبُو الْبَقَاءِ هَذَا بِخَطِّهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ كِتَابِ «قُوتِ الْقُلُوبِ» الَّذِي بِيَدِ شَيْخِنَا أَبِي الذَّهَبِ أَمِيرِيِّ بْنِ بَخْتِيَارَ الأَشْنُهِيِّ، قَرَأْتُهَا عَلَى الْجُزْءِ وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَذَكَرَ قَائِلَهَا وَأَنْشَدَنِيهَا عَنْهُ. ثُمَّ غَبَرْتُ مُدَّةً طَوِيلَةً فَأَخَذْتُهَا عَنْ ثَابِتٍ نَفْسِهِ. وَثَابِتٌ هَذَا شَابٌّ صُوفِيٌّ صَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيَّ وَتَآدَى بِصُحْبَتِهِ. / وَرَدَ إِرْبِلَ موات وَنَزَلَ بِخَانَقَاهِ الْجُنَيْنَةِ.
فِيهِ ذَكَاءٌ وَلَهُ طَبْعٌ مُؤَاتٍ فِي نَظْمِ الشِّعْرِ. وَسَمِعَ عَلَى السُّهْرَوَرْدِيِّ الْحَدِيثُ.
وَمِنْ شِعْرِ أَبِي الْبَقَاءِ مَا أُنْشِدْتُهُ عَنْهُ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ- وَكَانَ يَكْتُبُ حَسَنًا- قوله: (الرمل)
أَعْقِلُوا الأَخْبَارَ عَقْلَ ... الرَّأْيِ لَا عَقْلَ الرِّوَايَهْ
فَكَثِيرٌ مَنْ رَوَاهَا ... وَقَلِيلٌ ذُو الرِّعَايَهْ
وَقَوْلِهُ، وأنشدته عنه ونقلته من خطه (ث) أيضا: (الكامل)
يَا هَادِمًا مُنْذُ الْوِلادَةِ عُمْرَهُ ... مِهْلًا فَمَا الْمَهْدُومُ إِلَّا زَائِلُ
إنَّ الْحَيَاةَ حَكَتْ بِنَاءً مَائِلًا ... حَتَّى مَتَى يَبْقَى الْبِنَاءُ الْمَائِلُ؟!(1/259)
ها أَنْتَ فِي نَفَسِ السَّلامَةِ هَالِكٌ ... إِذْ بِتَّ فِي حَالِ الأَمَانَةِ رَاحِلُ
وَأُنْشِدْتُ عَنْهُ ونقلته من خطه من أبيات (المضارع)
يُشِيرُ بِاللِّينِ قَوْمٌ ... وَهُمُ الشِّدَادُ الْغِلاظُ
لَهُمْ قُلُوبٌ نِيَامٌ ... وَأَلْسُنٌ أَيْقَاظُ
157- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ (الْقَرْنُ السَّابِعُ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَزَلَ بِالْقُرْبِ مِنْ رِبَاطِ الْجُنَيْنَةِ. سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ السَّاوِيَّ (2) وَغَيْرَهُ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحَرْفِ وَالأَصْوَاتِ.
أَقَامَ بِإِرْبِلَ مُدَّةً ثُمَّ سَافَرَ عَنْهَا. أَسْمَعَ بِإِرْبِلَ- كَمَا نُقِلَ إِلَيَّ- كِتَابِ «الْمَصَابِيحِ» لأَبِي مُحَمَّدٍ الحسين بن مسعود الفرّاء (أ) ، عن أبي عبد الله مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّاوِيِّ، عَنْ خَالِ وَالِدَتِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ/ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ السِّاوِيِّ (3) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِ بْنِ مَسْعُودٍ الفراء.
158- ابن بصلا (562- 631 هـ)
هو أبو سعد (1) عبد الحميد (أ) بن أبي المكارم (ب) بن علي بن الحسن بن علي ابن الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى- ويعرف ببصلا- بن محمد بن حمدويه ابن دِينَارِ بْنِ شَيْلَةَ بْنِ شَيْلَمَةَ بْنِ قَد هُرْمُزَ بْنِ آهِ بْنِ أَوْهِ بْنِ اشك بْنِ شكرك بْنِ زَاذَانَ فروخ الأَصْغَرِ بْنِ ينغان الذي بنى «البند نيجين» (2) - بن زاذان فروخ الأكبر بن يوسف (ت) - أخو يزدجرد (3) - بن هرمز بن أنو شروان، ملك الفرس (ث) . قَرَأْتُ عَلَيْهِ هَذَا النَّسَبَ- وَهُوَ يُمْلِيهِ- وَكَانَ يَحْفَظُهُ، فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى قَوْلِهِ: «فروخَ الأَكْبَرَ «كَانَ بَعْدَهُ «وَزِيرُ الْحَجَّاجِ(1/260)
بْنِ يُوسُفَ» ، أَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ: «مَا كَانَ وزيرا له» ، وكان قد جرت معه (ج) مُفَاخَرَةٌ بَيْنَ الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ، كَأَنَّهُ أَبَى ذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ وَزِيرًا لِلْحَجَّاجِ. وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ أَمْلَى عَلَيَّ نَسَبَهُ: «عَرَفَةُ بْنُ عَلِيٍّ، أَبُو الْمَكَارِمِ الْبَنْدَنْجِيُّ» (4) مِنْ حِفْظِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ «بُصْلا» لَقَبٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ، وَذَكَرَ عِنْدَ فرُوخ الأَكْبَرِ «وَزِيرِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَهُوَ أَخُو يزدجرد بن هرمز بن أنوشروان، ملك الفرس» (ح) .
قَدِمَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ، كَانَ يَنْزِلُ بِرِبَاطِ الْجُنَيْنَةِ، لَهُ رَسْمٌ عَلَى الْفَقِيرِ أَبِي سَعِيدٍ كوكبوري ابن عَلِيٍّ. سَمِعَ الْحَدِيثَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الْحُسَيْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ، وَشُهْدَةَ الْكَاتِبَةِ بِنْتِ أَحْمَدَ، وَأَبِي الْفَتْحِ عُبَيْدِ الله (خ) / بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاتِيلَ وَغَيْرِهِمْ. مَوْلِدُهُ سنة أربع وستين وخمسمائة (د) ، ذكره ابن الدبيثي. وأخبرني أبو سعد (ذ) أَنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. سُمِعَ عليه بإربل (ر) .
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَرَفَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي خَامِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فِي ثَامِنَ رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ علي بن الحسين الحسيني (ز) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ الْبَكَّائِيُّ (5) قِرَاءَةً عَلَيْهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ (6) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة (س) وعبد الله بن حمّاد (7) ، قال (ش) : حدثنا وكيع (8) عن الأعمش (ص) عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ (9) عَنْ زِرٍّ (10) عَنِ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا(1/261)
يبغضك إلا منافق» (ض) . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة (ط) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بُصْلا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بن علي الكوفي (ظ) سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التِّنُوخِيُّ (11) قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي في جمادى عبد الله الحسين ابن مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَاتِبُ (12) قِرَاءَةً/ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ وَنَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد بن الحسن بن دريد الأزدي في جمادى الاولى سنة ثمان عَشْرَةَ وَثَلاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا السَّكَنُ بْنُ سَعِيدٍ الْجُرْمُوزِيُّ (13) عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هَشِامٍ (14) عَنْ أَبِيهِ (15) عَنْ محمد ابن الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيِّ (16) ، قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلٍ (17) لِلْجَرَّاحِ بْنِ سِنَانٍ الأَسْدِيِّ (18) لَمَّا طَعَنَ الْحُسَيْنَ بن علي (ع) (البسيط) .
إِذَا سَقَى اللَّهُ عَبْدًا صَوْبَ غَادِيَةٍ ... فَلَا سقى الله حراحا مِنَ الدِّيَمِ
أَعْنِي بِهِ ابْنَ سِنَانٍ شَرَّ مَنْ حَمَلَتْ ... أُنْثَى وَمِنْ شِرِّ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
شُلَّتْ يَمِينُكَ مِنْ عَادٍ بِمِعْوَلِهِ ... عَلَى فَتًى لَيْسَ بِالْوَانِي وَلَا الْبَرَمِ
يَا نَصْرُ، نَصْرَ قُعَيْنٍ (19) كَيْفَ نَوْمُكُمُ ... وَقَدْ أَتَيْتُمْ عَظِيمًا لَيْسَ بِالْأُمَمِ
حَاشَى جُذَيْمَةَ (20) إِنِّي غَيْرُ ذَاكِرِهَا ... وَلَا بَنِي جَابِرٍ (21) لَمْ يَنْطِقُوا بِذَمِ
قال أبو بكر (غ) : الْجَرَّاحُ هَذَا الَّذِي طَعَنَ الْحُسَيْنَ، مِنْ بَنِي أَسَدٍ (22) ثُمَّ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ قُعَيْنٍ.
159- ابْنُ بُصْلا (545- 626 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بُصْلا الصُّوفِيُّ الْبَنْدَنِيجِيُّ (1) أَيْضًا. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحَدَّثَ بِهَا. سَمِعَ ببغداد من أبي بكر أحمد (أ) ابن المقرّب بن الحسين الكرخي، وأبي الغنائم (ب) يحيى بن(1/262)
ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ الْبَقَّالِ، وَرَوَى عَنْهُمَا، وَكَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ نَحْوٍ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وأربعين وخمسمائة (ت) .
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّهِ، آخِرَ إِجَازَتِهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَبْشَاه بْنِ علي ابن الْمُحْسِنِ السَّعْدِيِّ (2) ، كَتَبَهُ/ فِي ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، مَا حِكَايَتُهُ «وقلت نظما: (البسيط)
أجزت للولد المذكور ما سألا (خ) ... آتَاهُ رَبُّ الأَنَامِ الْعِلْمَ وَالْعَمَلا
فَلْيَرْوِ عَنِّيَ مَا صَحَّتْ رِوَايَتُهُ ... لَدَيْهِ مِمَّا رَوَى عَنِّي وما نقلا
وليتّق الله فالتقوى له (ث) شَرَفٌ ... وَأَكْرَمُ النَّاسِ فِي تَقْوَاهُ مَنْ عَقَلا
وَلْيَجْعَلِ الْعِلْمَ مَالًا يَسْتَعِينُ بِهِ ... فِي النَّائِبَاتِ إِذَا أَمْرٌ بِهِ نَزَلا
فَالْعِلْمُ مَالٌ وَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... وَلَيْسَ يَنْفَعُ إِلَّا مَنْ بِهِ عَمِلا
وَمَنْ تَحَمَّلَ عِلْمًا لَيْسَ يَحْمِلُهُ ... فَإِنَّمَا هو أسفار لها حملا (ج)
وَمَنْ تَحَمَّلَ عِلْمًا وَهْوَ حَامِلُهُ ... فَهُوَ الَّذِي عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ كَمُلا
وَحَامِلُ الْعِلْمِ من يخشى الإله (ح) وَمَنْ ... يَكُونُ فِي كُلِّ حَالٍ خَاشِعًا وَجِلا
فَاللَّهُ يَرْفَعُ مَنْ هَذَا السُّؤَالُ لَهُ ... وَاللَّهُ أَكْرَمُ مَسْئُولٍ إِذَا سُئِلا
ثُمَّ الصَّلاةَ عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ مُضَرٍ ... خَيْرِ الأَنَامِ وَمَنْ فَاقَ الورى فعلا»
160- وردانشاه (أ) الشَّاهِنْجَانِيُّ (الْقَرْنُ السَّادِسُ)
مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِينَ الْمَشْهُورِينَ (1) ، لَهُ كَرَامَاتٌ مَشْهُورَةٌ وَأَحْوَالٌ مَذْكُورَةٌ. كَانَ يَلْبَسُ مَرَّةً قَلَنْسُوَةً وَقَبَاءَ خَزٍّ أَخْضَرَ وَبِيَدِهِ سُبْحَةٌ كالا حماد (ب) ، وَمَرَّةً يَلْبَسُ غَيْرَ ذَلِكَ. أَقَامَ بِإِرْبِلَ وَتُوُفِّيَ بِهَا، وَقَبْرُهُ بِقَرْيَةٍ مِنْهَا تُدْعَى «الصَّوَامِعَ» (2) ، يُسْرَةُ الدِّاخِلِ إِلَى الْمَسْجِدِ بِهَا. زُرْتُ قَبْرَهُ غَيْرَ مرة تبرّكا به- رحمة الله عليه- (ث) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمَّامٍ/ الكريدي المؤدب (3) سمعت ماجدا (ث)(1/263)
الجرواني (4) يوما يقول- ووردان شاه (ج) جَالِسٌ عِنْدَنَا- وَقَدْ جَلَبُوا ذِكْرَ الرِّجَالِ، فَقَالَ أَعْرِفُ رَجُلا إِذَا جَنَّ الظَّلامُ طَارَ فِي الْهَوَاءِ، كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الْحَنِيَّةِ- وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ- فَزَجَرَهُ وردانشَاه، وَقَالَ: «أَيْشَ هَذَا يَا شَيْخُ؟» .
161- أَبُو زَيْدٍ الْخُرَاسَانِيُّ الصُّوفِيُّ (الْقَرْنُ لسادس)
شَيْخٌ مَشْهُورٌ كَبِيرُ الشَّأْنِ (1) ، لَهُ أَحْوَالٌ غَرِيبَةٌ، وتصرفات عجيبة، سلك (أ) طريق الملامة (خ) مَعَ رُكُوبِ السَّلامَةِ. أَقَامَ بِالشَّامِ وَمَاتَ بِهَا، وَقَبْرُهُ بِالشَّامِ. كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنَ الدوزة (ب) ، ولا يبرح معه القوّالون (ت) المستحسنون، لهم عليه الجامكية (ث) لِيُرَوِّحَ بِهِمْ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ. قَالَ بَعْضُ الإِرْبِلِيِّينَ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ نَازِلا بِمَشْهَدِ الْكَفِّ، وعنده قوّال ينشد على الدفّ والشّبّابة (ج) ، وَتَبْدُو مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ الْحَالاتُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَحْمَدُ الْقَلانِسِيُّ الْإِرْبِلِيُّ (2) فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ بِقَلْبِهِ، فَتَرَكَ الشَّيْخُ السَّمَاعَ وَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَضُرِبَ إِلَى أَنْ كَادَ يَهْلِكُ. فَمَضَى لِيَشْكُوَ عَلَيْهِمْ إِلَى الْحَاجِبِ سَرَفْتِكِينَ (3) فلَقِيَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَنْكَرْتَ السَّمَاعَ عَلَيْهِمْ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، أَنْكَرْتُهُ بِقَلْبِي لأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَشْهَدِ. فَقَالَ: إِنَّ أَبَا زَيْدٍ يَرْقُصُ فِي الْحَرَمِ وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَا يَجْسُرُ أَحَدٌ يَعْتَرِضُ إليه.
قال سعد (ح) بن عبد العزيز البوازيجي: لَمَّا دَخَلَ أَبُو زَيْدٍ الْبَوَازِيجَ، كُنْتُ بِهَا فَلَقِيَ مُسْتَوْفِيَهَا سَعِيدَ بْنَ أَبِي اللَّيْثِ (4) رَاكِبًا فِي الطَّرِيقِ فَتَكَلَّمَ/ عَلَى حَالِهِ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ دَابَّتِهِ وَخَرَقَ أَثْوَابَهُ، وَبَقِيَ أَيَّامًا يَدُورُ فِي الْبَوَازِيجِ حَافِيًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَتَرَكَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا، وَصَارَ مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِينَ. وَهَذَا سَعِيدٌ هُوَ أَخُو زَوْجِ عَمَّةٍ لِي، كَانَ أَيْضًا صَالِحًا- رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا-. وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَسْلُكْ أَصْحَابُهُ طريق الملامتية (خ) لا يأمن عليهم سوء الظن» .(1/264)
وَقَالُوا: إِنَّ أَبَا زَيْدٍ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مَحْمُودُ بْنُ زِنْكِيٍّ (5) إِقْبَالًا عَظِيمًا، وَكَانَ يَشْتَرِي كُلَّ لَيْلَةٍ عِشْرِينَ جَرَّةً مِنَ الْخَمْرِ وَيَسْتَأْجِرُ عِشْرِينَ قَيْنَةً، وَيِرُيقُ الْخَمْرَ فِي الْبَالُوعَةِ وَيُغْلِقُ الْبَابَ عَلَيْهِنَّ إِلَى الصَّبَاحِ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِنَّ أُجُورَهُنَّ، ويَقُولُ: إِنَّمَا حَبَسْتُكُنَّ شَفَقَةً عَلَيْكُنَّ. وَرُبَّمَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِنَّ فَأَثَّرَ حَالُهُ وَصِدْقُهُ فِيهِنَّ، فَيُجَهِّزُهُنَّ وَيُزَوِّجُهُنَّ. هَكَذَا كَانَ حَالُهُ دَائِمًا. فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ دِمَشْقَ لمَحْمُودِ بْنِ زِنْكِيٍّ: إِنَّ هَذَا الشَّيْخَ مُبَاحِيٍّ (د) يشرب على القينات. فزجرهم مَحْمُودُ بْنُ زِنْكِيٍّ وَعَرَّفَهُمْ طَرِيقَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ وَقَالَ: اتْرُكْ هَذَا الطَّرِيقَ وَأَنَا أَشْتَرِي لَكَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الدُّورِ، وَاتْرُكْ فِي كُلِّ دار طرية جارية بألف (ذ) . فَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: نَحْنُ لَا نَتْرُكُ طَرِيقَنَا لأجل ما لك. وسأله أن يترك الدروزة (ر) وَيُعْطِيهِ مَا يَكْفِي أَصْحَابَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَالَ: «مَنُّ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ مَنِّ مَحْمُودِ بْنِ زنكي» (ز) .
162- الْقَاضِي الْخَالِدِيُّ (493- 573 هـ)
هُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بن محمد بن الحسن بن خالد الخالدي (1) ، وَيُقَالُ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ الْإِرْبِلِيُّ، كَذَا وَجَدْتُ نَسَبَهُ بِخَطِّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- سِوَى الْإِرْبِلِيِّ فَإِنِّي/ وَجَدْتُهُ بِاسْتِجَازَةٍ لأَبِي الْفُتُوحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شيخنا أبي المظفر المبارك بن طاهر (أ) - رحمه الله- صورتها:
«المسؤول مِنْ أَنْعَامِ سَيِّدِنَا السَّيِّدِ الأَجَلِّ، الْإِمَامِ الْعَالِمِ، أَقْضَى الْقُضَاةِ مَجْدِ الدِّينِ ظَهِيرِ الْإِسْلَامِ، أَبِي سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْخَالِدِيِّ ثم الإربلي- أدام الله سلامته- أن يجبيز لأبي الفتوح عبد الله بن أبي الْمُظَفَّرِ الْمُبَارَكِ الْخُزَاعِيِّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيِّ، جَمِيعَ «كِتَابِ الْبُخَارِيِّ» بِرِوَايَتِهِ عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الزَّاهِدِ الصَّفَّارِ (2) ، مَسْمُوعَهُ مِنْهُ بِبُخَارَى فِي مَجَالِسَ عِدَّةٍ آخِرُهَا شَهْرُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ (ب) ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، بِرِوَايَتِهِ عَنِ الدَّهَّانِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ (3) بْنِ أَحْمَدَ(1/265)
الأخسيكثي (ت) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَرَبْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ الْمُصَنِّفِ- رحمه الله-، و «صحيح مُسْلِمٍ» - رَحِمَهُ اللَّهُ- بِرِوَايَتِهِ عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ كَمَالِ الدِّينِ، بَقِيَّةِ الْمَشَايِخِ، أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّاعِدِيِّ الْفُرَاوِيِّ بنيسابور- رحمه الله- في سنة ثمان عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَبِرِوَايَتِهِ أَيْضًا عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَبِي طَاهِرٍ الْفَضْلِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ النَّسَائِيِّ الصُّوفِيِّ (4) الْمَعْرُوفِ بِفَضْلِ لَيْلَى، بِمَرْوَ (5) سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الغافر الفارسي، عن أبي أحمد (ج) مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الفقيه (ح) ، عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُشَيْرِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ الْحَافِظِ- رَحِمَهُ/ الله-، و «موطّا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ» (6) بِرِوَايَتِهِ عَنِ الشَّيْخِ الْأَجَلِّ، الْإِمَامِ الزَّاهِدِ، شَرَفِ الْإِسْلَامِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن محمد (7) السّرخسي الشيرزي (خ) ، بِمَا سَمِعَهُ بِمَرْوَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمِصْرِيِّ (8) بِمِصْرَ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ النَّحَّاسِ، عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ السِّيرَافِيِّ (9) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ (10) بْنِ عُفَيْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ- (د) ، وَكِتَابَ «الشِّهَابِ» عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ نَاصِرِ الدِّينِ الْقَيْرَوَانِيِّ الْمَغْرِبِيِّ (11) مِمَّا سَمِعَهُ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِرِوَايَتِهِ عَنِ الْمُصَنِّفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الْقُضَاعِيِّ بِمِصْرَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَمَا سَمِعَهُ مِنَ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بن عثمان الحريري (ذ) مِنْ مُصَنِّفِهِ بِبَغْدَادَ بِدَارِ الْخِلَافَةِ فِي الْأَيَّامِ المستظهرية (12) - سَقَاهَا اللَّهُ- سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَذَلِكَ جَمِيعُ كتاب «المقامات» ، و «طريق آخر البخاري» (13) إجازة الشيخ الزاهد الصّفار (ر) ، عَنِ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الصَّائِنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الحسين (14) الاشبوشني (ز) ، عن الشيخ الصالح (س) أحمد (15) بن سهل (ش) عَنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ الْمُصَنِّفِ- رَحِمَهُ(1/266)
اللَّهُ-، فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ مُثَابًا- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-، وَذَلِكَ فِي حَادِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلِمُثْبِتِ الْإِجَازَةِ حمزة بن بندر (ص) بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْعَلَوِيِّ الْحُسَيْنِيِّ الْمَدَائِنِيِّ (16) ، وَصَلَاتُهُ على محمد وآله، وسلامه» . وبعده: (ض) «أجزت لهما- وفقهما الله (ط) - جَمِيعَ مَا سَأَلَاهُ عَلَى طَرِيقِ أَهْلِ/ الْعِلْمِ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ التَّصْحِيفِ وَالتَّحْرِيفِ. كَتَبَهُ دَاوُدُ بن محمد بن الحسن بن خالد الخالدي في التاريخ المعيّن» (ظ) .
وقد تقدم ذكر والده (ع) وَهُوَ الَّذِي سَمِعَ مَشْيَخَةَ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي عَلَيْهِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَثْبَتُّ ولده هذا بمدة (غ) طَوِيلَةً. وَسَمِعَ بِمَرْوَ مِنْ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودٍ الْكُرَاعِيِّ (17) . رَوَى عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عساكر، وأبو ... (ف) الْبَامِنْجِيُّ الْفَقِيهُ (18) وَغَيْرُهُمَا.
أَجَازَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَسَاكِرَ، أَخْبَرَنَا وَالِدِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ محمد بن علي بن الحسين (ق) بْنِ خَالِدٍ الْخَالِدِيِّ الْإِرْبِلِيِّ ثُمَّ الْمَوْصِلِيِّ، قَاضِي حِصْنِ كَيْفا (19) وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْمُودٍ الْكُرَاعِيُّ الْمَرْوَزِيُّ بمرو، أخبرنا جدّي (ك) أبو غانم أحمد بن علي بن الحسين الْكُرَاعِيُّ (20) أَخْبَرَنَا أَبِي، أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرَاعِيُّ (21) ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْخُلْقَانِيُّ، يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ (22) ، قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ (23) يَقُولُ: سَمِعْتُ السِّينَانِيَّ (24) يَقُولُ: «طَلَبُ الْحَدِيثِ حِرْفَةُ الْمَفَالِيسِ» . السِّينَانِيُّ هُوَ الْفَضْلُ بن موسى من (ل) سِينَانَ، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مَرْوَ (25) .
وَسَمِعَ أَبَا يَعْقُوبَ يُوسُفَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زهرة (م) الْهَمَذَانِيَّ (26) بِمَرْوَ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَهُ أَيْضًا سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ (27) . روى عنه النفكري (28) (ن) .(1/267)
163- الْوَاعِظُ الغَزْنَوِيُّ (532- 618 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَتْحِ/ أَحْمَدُ بن أبي الحسن عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزْنَوِيُّ (1) الْوَاعِظُ، قَدِمَ إِرْبِلَ قَدِيمًا، وَهُوَ الآنَ بِبَغْدَادَ شَيْخٌ قَدْ حَطَّمَتْهُ السُّنُونَ- كَمَا ذُكِرَ لِي-. وجدت في آخر كتاب «الإيضاح العضدي» (أ) سَمَاعَ جَمَاعَةٍ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ لَهُم بِالْإِجَازَةِ عَنِ النقيب أبي السعادات هبة الله بن علي (ب) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الشَّجَرِيِّ (2) ، وَعَنْ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْن خَيْرُونَ (ت) . حدّثت عنه أنه شيخ صالح (ث) ، وَهُوَ بَاقٍ- كَمَا ذُكِرَ لِي- إِلَى آخَرِ سنة خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
سَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنَ يُوسُفَ الْأُرْمَوِيَّ، وَأَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّايِغَ، الْمَعْرُوفَ بِابْنِ صَرْمَاءَ. مِمَّا رَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيُّ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الشَّجَرِيِّ، مَا أَنْشَدَهُ إِيَّاهُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عبد الله أحمد بن عمّار ابن أَحْمَدَ بْنِ عَمَّارِ بْنِ الْمُسْلِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف الكوفي (3) لنفسه: (الطويل)
عَلَى هَذَهِ الدُّنْيَا الْعَفاءُ فَطَالَ مَا ... تَجَلَّتْ لعيني ناظر وتحلّت
وما هذه (ج) الدُّنْيَا بِأَوَّلِ مَرَّةٍ ... تَصَدَّتْ وَصَدَّتْ وَاسْتَمَالَتْ وَمُلَّتِ
وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِذَا هِيَ أَقْبَلَتْ ... فَهَلْ عِنْدَهَا خَيْرٌ إِذَا هِيَ وَلَّتِ؟!
وَأَنْشَدَنِي الغزنوي، قال: أنشدني ابن الشجري (ح) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّرِيفُ أَحْمَدُ بْنُ عَمَّارٍ لِنَفْسِهِ: (المتقارب)
غضارة دنياك مسلوبة ... وقد يسلب (خ) الغصن المورق
/ فظاهرها معجت مونق ... وباطنها متلف موبق(1/268)
وَأَنْشَدَنَا الغَزْنَوِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ الشَّجَرِيِّ، قَالَ: أنشدنا ابن عمّار لنفسه: (الوافر)
أَرَى الدُّنْيَا تُخَادِعُنَا وَلَكِنْ ... عَلَى قَدْرِ الْبَصَائِرِ وَالْعُقَولِ
وَكَمْ قَدْ غَرَّتِ الدُّنْيَا لَبِيبًا ... فَكَيْفَ إِذَا تَرَاءَتْ لِلْجَهُولِ؟!
أَجَازَ لِي أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الغَزْنَوِيُّ، وَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ الشَّيْخُ الْمُقْرِئُ أَبُو إِسْحَاقَ يُوسُفُ هِبَةُ اللَّهِ (د) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، الْوَاسِطِيُّ الْمَوْلِدِ وَالْمَنْشَأِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَرْمَاءَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن هزارمرد (ذ) الصَّرِيفِينِيُّ (4) قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيُّ الْمُقْرِئُ (5) فِي مَسْجِدِهِ بِنَهْرِ الدَّجَاجِ (6) ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِيَ عَشَرَ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ إِمْلَاءً مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عبد الله بن محمد بن عبد الغزيز الْبَغَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ (7) ، قَالَ: أخبرنا فضّال (8) بن جبير (ر) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ (9) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «أكلفوا (ز) لِي بِسِتٍّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ، إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ، وَإِذَا، وَعَدَ فَلَا يَخْلِفْ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أيديكم، واحفظوا فروجكم» (س) .
164- الأسترابادي (؟)
كَتَبَ عِدَّةَ نُسَخٍ لِكِتَابِ «النِّحَلِ وَالْمِلَلِ» (1) ، كَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى إِرْبِلَ فَيَنْزِلُ بِرِبَاطِ/ الْجُنَيْنَةِ. لَا أَجْمَعُ بَيْنَ شَخْصِهِ وَاسْمِهِ (2) . نَقَلْتُ مِنْ خطه قوله:
(الكامل)(1/269)
برباط إربل (أ) عَايَنَتْ عَيْنَائِي ... ظَبْيًا بِهِ قَدْ زَادَ طُولِ بَلَائِي
مُسْتَعْجِمٌ مُتَصَوِّفٌ قَدْ أَضْرَمَتْ ... عَيْنَاهُ نَارَ الشَّوْقِ فِي أَحْشَائِي
لَوْلَا الْحَيَاءُ يَصُدُّنِي عَنْ وَصْلِهِ ... لَهَتَكْتُ عَمْدًا فِيهِ سِتْرَ حَيَائِي
أَهْدَى إِلَى جَسَدِي نُحُولًا خَصْرُهُ ... حَتَّى خَفِيتُ بِهِ عَنِ الرُّقَبَاءِ
كَتَبَ بِخَطِّهِ: «ظَبْيٌ» مَرْفُوعًا، وَلَا أَرَى الْبَيْتَيْنِ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ لَهُ، لِنُفُورِهِمَا مِنْ ملائمة الْأَوَّلِ وَالثَّانِي.
165- أَبُو الْفَضْلِ التِّبْرِيزِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 592 هـ)
هُوَ تَاوَانُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ دَاشِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ (1) ، أَبُو الْفَضْلِ التِّبْرِيزِيُّ الْوَاعِظُ الْفَقِيهُ. قَدِمَ إِرْبِلَ، رَوَى عَنِ الْإِمَامِ حفدة الطّوسي (أ) وَغَيْرِهِ.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الِإمَامُ أَبُو الْخَيْرِ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ الْحَافِظُ التِّبْرِيزِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ تَاوَانُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ دَاشِمِ بن عمر بْنِ أَحْمَدَ التِّبْرِيزِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي السَّبْتِ (ب) التاسع والعشرين من شعبان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ (ت) الْمَعْرُوفُ بِحَفَدَةِ الطُّوسِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ الْمَرْوَرُوذِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ الْكُشْمِيهَنِيُّ (2) ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ (3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ (4) الْكِسَائِيُّ الْبَابَافِيُّ (ث) ، أخبرنا أبو عبد الرحمن (ج) عَبْدُ اللَّهِ (5) /بْنُ مَحْمُودٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالِ (6) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة ابن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب- رضي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامرىء ما نوى. فمن كانت (ح) هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسوله.(1/270)
ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (خ) .
166- أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْأُسْتَاذِ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أبو محمد عبد الله بن محمد (أ) بْنِ يُونُسَ الْحُمَيْدِيُّ (1) الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأُسْتَاذِ. كُرْدِيٌّ فَقِيهٌ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ. سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (2) البناء، وحدّث عنه (ب) «كِتَابَ بَيَانِ الْفِرَقِ الْمُبْتَدِعِينَ، وَانْقِسَامِهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ» (3) مِنْ تَأْلِيفِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْبَنَّاءِ. وَفِي أَوَّلِهِ: «حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْبَارِيُّ (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أبي العوّام (5) حدثنا أبي (ت) أَحْمَدُ بْنُ حَوْزٍ الْخُرَاسَانَيُّ (6) عَنْ زَيْدٍ (7) الْعَمِّيِّ (ث) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (8) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ج) قَالَ: «مَنْ عَمِلَ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ أَصَابَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَخْطَأَ غُفِرَ لَهُ. وَمَنْ عَمِلَ فِي الْفُرْقَةِ، فَإِنْ أَصَابَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ أَخْطَأَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (ح) .
167- أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ/ الزِّرْزَارِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 504 هـ)
الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ (1) ، سَمِعَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأُسْتَاذِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، فِي شَهْرِ ربيع الأول.
أخوه:
168- أَبُو يَعْقُوبَ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ الزِّرْزَارِيُّ (1) سَمِعَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ محمد أيضا مع(1/271)
أَخِيهِ فِي تَارِيخِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: «سَمِعَ عني الفقيهان الفاضلان الزاهدان» . والكتاب المذكور (ب) بِخَطِّهِ.
169- أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ لل ( ... - 558 هـ)
كُرْدِيٌّ فَقِيهٌ (1) عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. وَقَفْتُ بِخَطِّهِ عَلَى كِتَابٍ يُدْعَى «كِتَابَ الِاعْتِقَادِ» (2) ، وَأَظَنُّهُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- مِنْ تَصْنِيفِهِ، وهو لطيف إِلَّا أَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ وَأَوْعَى، وَقَالَ فِي آخره (أ) : «وَمَنْ لَا يَرَى التَّرَحُّمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَعَلِيًّا خَيْرُ الْبَشَرِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ عَلِيًّا خَيْرُ الْخَلْقِ كَالنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ كَافِرٌ. وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا خَيْرٌ مِنْ آدَمَ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، فَهُوَ مِثْلُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهَذَا هُوَ الْكُفْرُ الصُّرَاحُ» .
وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «وَفَرَغَ مِنْهُ- وهو اعتماد السّنة (ب) - عيسى بن لل سنة عشر وَخَمْسِمِائَةٍ. وَأَنَا أَعْتَقِدُ هَذَا الِاعْتِقَادَ، وَعَلَيْهِ أَحْيَا وَعَلَيْهِ أَمُوتُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-» وَبَعْدَهُ: «سَمِعَ مِنِّي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَلَدِي أَبُو بَكْرٍ محمد بن عيسى (ت) / بْنُ لل سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَلَدِ حِبْتُونَ (3) بِجَامِعِ مَنَارَةَ- أَعْمَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى-» . هَذَا حِكَايَةُ خَطِّهِ.
وَقَدْ أَجَازَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بْنُ الْأُسْتَاذِ لِعِيسَى بْنِ لل وَلِوَلَدَيْهِ مُحَمَّدٍ وأبي بكر (ث) رِوَايَةَ كِتَابِ «فِرَقِ الْمُبْتَدِعِينَ» الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ. وَأَجَازَ لَهُ أَيْضًا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الْقُرَشِيُّ الْهَكَّارِيُّ (4) رِوَايَةِ «سبعة عشر (ج) مَسْأَلَةً الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ» (5) ، وَذَكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ «وَهُوَ سَمَاعِي مِنْ إِجَازَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الْقُرَشِيِّ» .
سَأَلْتُ جَمَاعَةً عَنْ مَنَارَةَ (6) ، فَقَالُوا: كَانَتِ الْقَرْيَةُ تُسَمَّى مَنَارَةً، لِمَنَارَةٍ كَانَتْ بِهَا وَاسْتَهْدَمَتْ وَهِيَ تُدْعَى الْآنَ «عِيسَى للانَ» . سَأَلْتُ عَنْ عيسى بن(1/272)
لل، الشَّيْخِ الْمُتَزَهِّدِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْن أَبِي بَكْرِ بْنِ قُرَيْشٍ، الْمَعْرُوفِ بِبِيرِ حُسَيْنٍ الزِّرْزَارِيِّ (7) ، فَقَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّهُ كَانَ فَقِيهًا صالحا زاهدا، وباسمه الآن قزية بحبتون تدعى «عيسى للان» (ح) لَمْ يَبْقَ مِنْ عَقِبِهِ أَحَدٌ. وَقَالَ: لَمَّا كَانَ الْبَابَكْرِيَّةِ (8) بِإِرْبِلَ وَضَعُوا عَلَى نَوَاحِيهَا قَطَائِعُ، فَلَجَأَ إِلَى قَرْيَةِ عِيسَى خَلْقٌ كَثِيرٌ حَمَاهُمْ عَنْ أَدَاءِ مَا قُرِّرَ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ مُتَوَلٍّ من قبلهم (خ) إِلَى مَوْضِعِ عِيسَى بْنِ للانَ، وَقَالَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَحْمِيَ عَنَّا مَنْ لَنَا قِبَلَهُ حَقٌّ؟، وَأَغْلَظَ لَهُ الْقَوْلَ. فَتَوَضَّأَ عِيسَى لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَصَلَّى وَدَعَا فَأُمْطِرُوا سَمَكًا، كَذَا ذَكَرُوا- وراجعته الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فَأَصَرَّ عَلَيْهِ-. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَاصِدَهُمُ انَصْرَفَ عَنْهُمْ وَخَبَّرَ بِذَلِكَ، فأُعْفُوا مِمَّا طُلِبَ مِنْهُمْ. وَقَالَ لَهُم عِيسَى بْنُ لل: «لَا تَأْكُلُوا مِنْهُ بَلِ ادَّخِرُوهُ دَوَاءً» . وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ هَاجَرَ/ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كَانَتِ وَقْعَةُ «حَارِمٍ» (9) قُتِلَ فِيهَا- رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ- وَدِفُنَ هُنَالِكَ- سَقَى اللَّهُ قَبْرَهُ- «. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فِيمَا نَقَلَ إِلَيَّ، وَاللَّهُ وَلِيُّ، سِرِّنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَكَانَتْ وَقْعَةُ حَارِمٍ فِي ثَامِنَ عَشَرَ رمضان من سنة ثمان وخمسين وخمسمائة (د) .»
توفي الحسين بن أبي بكر الزرزاري (ذ) الْمَذْكُورُ، فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِإِرْبِلَ.
ولده:
170- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 510 هـ)
كُرْدِيٌّ قُحٌّ (1) ، تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا الْقَاسِمِ عِيسَى، وَوَجَدْتُ سَمَاعَهُ «الرِّسَالَةَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالسُّنَّةِ» (2) جَمْعُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ الْبَرَدَانِيِّ الْحَنْبَلِيِّ (3) عَلَى زَيْنِ الزَّمَانِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَنَّانٍ (4) ، بِسَمَاعِهِ إِيَّاهَا مِنَ الْفَقِيهِ الْبَرَدَانِيِّ، وَذَلِكَ بِخَطِّ محمد بن إبراهيم بن(1/273)
الحسن المعروف بابن سروالا الكردي (أ) . وَقَدْ سَمِعَهَا مُحَمَّدٌ هَذَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَقَدْ حَكَى فِي آخِرِهِ خُطُوطَ جَمَاعَةٍ أَثْبَتُوهَا بِصِحَّةِ هَذَا الِاعْتِقَادِ: «تَصَفَّحْتُ هَذَهِ الْأَوْرَاقَ، وَدَقَّقْتُ عَلَى مَعَانِيهَا، وَجَمِيعِ مَا كُتِبَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَعْتَقِدُهُ، وَلَا أَرْتَابُ مَا فِيهَا. وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الأبهري» (5) . وبعده:
«هذا التأليف صدر (ب) عَنْ صَدْرٍ لِلْإِسْلَامِ مُنْشَرِحٍ، وَخَاطِرٍ بِالتُّقَى وَالدِّينِ مُنْفَسِحٍ. تَأَمَّلْتُهُ وَوَجَدْتُهُ مُسْتَقِرًّا عَلَى الصَّوَابِ وَالِاسْتِقَامَةِ، منتهجا بِنَهْجِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ اعْتِقَادُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ- رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ-، وَبِذَا اعْتَقَدْنَا/ وَكَتَبَ عَبْدُ الله بن أحمد ابن جرير (ت) السَّلَمَاسِيُّ (6) وَهُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ» . وَبِخَطِّ الْقَاضِي نُعَيْمِ بْنِ مُسَافِرٍ (7) : «مَا فِيهِ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّنَا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا- اعْتِقَادِي وَاعْتِقَادُ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَكَتَبَ نُعَيْمُ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ جعفر» (ث) . «مِمَّا فِيهِ اعْتِقَادِي؛ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَنِي عَلَيْهِ وَيُمِيتَنِي عَلَيْهِ، وَكَتَبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (8) » ، خَطَّ الْفَقِيهِ الشَّهْرَزُورِيِّ. «هَذَا الْمُعْتَقَدُ صَحِيحٌ، وَبِهِ أَدِينُ، وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ (ج) » . «قرأت ما فيه فوجدته موافقا لاعتقاد (ح) أحمد بن محمد بن حنبل (خ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَنَا أَعْتَقِدُ هَذَا، وَكَتَبَ الفقيه الحسن بن (د) مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْحَاذِلِيُّ (9) بِخَطِّهِ» . وَبَعْدَهُ بِخَطِّ الْقَاضِي أَحْمَد بْن مَيْمُونٍ (10) : «هَذَا مُعْتَقَدِي، وَكَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ مَيْمُونٍ بِيَدِهِ» . وَبَعْدَهُ: «عُرِضَتْ وَقُرِئَتْ عَلَى عُلَمَاءِ أُشْنةَ، مِثْلِ الْإِمَامِ نَاصِرِ الدِّين أبي الفضل عبد العزيز بن علي (ذ) ، وَعَلَى الْفَقِيهِ السَّيِّدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْن مسافر (11) ، وعلى الفقيه التقي أبي عمر وعثمان بْنِ الْحَسَنِ (12) ، فَقَالُوا: «هَذَا الْمُعْتَقَدُ صَحِيحٌ، وَهُوَ اعْتِقَادُنَا وَاعْتِقَادُ السَّلَفِ» . «وَهَذَا اعْتِقَادِي وَبِهِ أَدِينُ، وَعَلَيْهِ أَمُوتُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَكَتَبَ عِيسَى بْنُ لل بِخَطِّهِ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، فِي عشر رمضان (ر) من شهر المحرم (ز) » .(1/274)
نَقَلْتُ عَلَى الْوَجْهِ، إِلَّا مَا أَصْلَحْتُ فِيهِ مِنْ حَذْفِ زِيَادَةٍ وَإِتْمَامِ نَقْصٍ فِي بَعْضِ حُرُوفِهِ اسْتَقَامَ بِهَا الْكَلَامُ.
171- ابْنُ سربَالَا ( ... - بَعْدَ سنة 471 هـ)
هو أبو بكر محمد بن إبراهيم/ بن الحسن المعروف بابن سربالا (1) من حِبْتُونَ. فَقِيهٌ كُرْدِيٌّ، وَقَفْتُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَطِّهِ فَوَجَدْتُهُ خَطَّ مَنْ لَا يَفْقَهُ.
وَرَأَيْتُ في آخر كتاب ترجمته كتاب (أ) فِيهِ «مُخْتَصَرٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ (2) - كَثَّرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ- تَأْلِيفُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ شُبَانَةَ الْأُرْمَوِيِّ (3) بخط عيسى ابن لل الْمَذْكُورِ قَبْلَ، مَا صُورَتُهُ: «سَمَاعٌ لِمُحَمَّدِ بن إبراهيم بن الحسن المعروف بابن سربالا مِنَ الْفَقِيهِ الْإِمَامِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ محمد بن هارون الأرموي (ب) بجامعهم، يوم الجمعة سنة إحدى (ت) وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ» ، وَهُوَ سَمَاعٌ مِنَ الشَّيْخِ الْمُصَنِّفِ- قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ-، وَبَعْدَهُ: «قَرَأْتهُ عَلَى الْفَقِيهِ الْمُصَنِّفِ حَرْفًا حَرْفًا، وَكَتَبَ عِيسَى بْنُ لل بخطه سنة عشر وخمسمائة (ث) » . هَذَا حِكَايَةُ خَطِّهِ.
172- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 510 هـ)
فَقِيهٌ كُرْدِيٌّ (1) أَيْضًا شَافِعِيٌّ. فِي آخِرِ كِتَابِ «الِاعْتِقَادِ» الَّذِي صَنَّفَهُ (أ) ابْنُ شُبَانَةَ بِخَطِّ عِيسَى بْنِ لل: «سَمِعَ هَذَا الِاعْتِقَادَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَعِيسَى بْنُ لل، وَالْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ (2) ، مِنْ أوله إلى الآخر (ب) عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ، وَسَمِعَهُ عَلَى الْفَقِيهِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنِ بُدَيْلٍ الْأُشْنُهِيُّ (3) سمعه (ت) من مصنفه حُسَيْنِ بْنِ شُبَانَةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِبَلَدِ حبتون، في جامع منارة، بخانكه (ث) عِيسَى بْنِ لل» .
173- أَبُو حَفْصٍ الزِّرْزَارِيُّ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الزِّرْزَارِيُّ (1) مِنْ(1/275)
أولاد المذكورين/ قبل (أ) . رأيت خطه في آخر كتاب (ب) «امْتِحَانِ السُّنِّيِّ مِنَ الْبِدْعِيِّ» (2) وَهُوَ سِتُّونَ مَسْأَلَةً فِي عِدَّةِ قَوَائِمَ. قَدْ عَلَّقَ مُقَطَّعَاتِ شِعْرٍ، منها مختار ومنها غيره.
فمنها (البسيط)
لَا يُبْعِدُ اللَّهُ إِخْوَانًا لَنَا ذَهَبُوا ... أَفْنَاهُمُ حدثان الدهر والأبد
نمدهم كل يوم من بقيّتنا (ت) ... ولا يؤوب إلينا منهم أحد
ومنها (الطويل)
فَوَا أَسَفًا كَيْفَ التَّلَاقِي وَدُونَكُمْ ... لِقَلْبِي الْمُعَنَّى زَفْرَةٌ وَحَنِينُ
وَفِي كُلِّ وَادٍ لِلرَّقِيبِ طَلَائِعٌ ... وَفِي كُلِّ شِعْبٍ لِلوُشَاةِ كَمِينُ
وَأَمْنَعُ قَلْبِي أن يلمّ (ث) بذكركم ... كأنّ علينا في القلوب عيون (ج)
ومنها (الطويل)
وَأَكْثَرُ مَا فِي النَّفْسِ أَنِّي صَرَفْتُهَا ... وَلَمْ يَتَحَوَّلْ حُبُّهَا عَنْ فُؤَادِيَا
طَلَبْنَا دَوَاءَ الْحُبِّ عمرا (ح) فَلَمْ نَجِدْ ... مِنَ الْحُبِّ إِلَّا مَنْ نُحِبُّ مداويا
وهو خط حسن فيه ضبط مستقيم.
174- أَبُو الْحَسَنِ الْفَقِيهُ (الْقَرْنَ السَّادِسَ)
هُوَ أَبُو الحسن علي بن الحسن بن محمد الإربلي (1) . وَجَدْتُهُ فِي إِجَازَةٍ بِخَطِّ الْإِمَامِ أَبِي الْعَلَاءِ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ الْهَمَذَانِيِّ، أَفْرَدَهَا بِاسْمِهِ، وَصُورَتُهَا- بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ-:
«الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدِ اسْتَوْقَفْتُ اللَّهَ الْكَرِيمَ، وَأَجَزْتُ لِلشَّيْخِ الْفَقِيهِ أَبِي/ الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ(1/276)
مُحَمَّدٍ الْإِرْبِلِيِّ- أَحْسَنَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ، وَسَهَّلَ إِلَى الْخَيْرَاتِ طَرِيقَهُ- أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي جَمِيعَ مَا صَحَّ وَيَصِحُّ عِنْدَهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِي وَمَجْمُوعَاتِي وَمُجَازَاتِي، وَمَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ مِنْ أَصْنَافِ الْعُلُومِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَتَغَايُرِ أَوْصَافِهَا، بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ فِي اسْتِيعَابِ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الصَّنْعَةِ. كَتَبَهُ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي إِجَازَةٍ أُخْرَى مُتَّصِلَةٍ بِهَذِهِ، قَدَّمَهُ عَلَى جماعة مذكورين معه في تاريخها (أ) .
175- ابْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ الدِّمَشْقِيُّ ( ... - 644 هـ)
شَابٌّ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا، وَسَمِعَ على من فيها من مشايخها ال ... (أ) . أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ بْنُ عِيسَى الدِّمَشْقِيُّ (1) فِي خَامِسِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ:
أَنْشَدَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ (2) بن أبي بكر أحمد بن الخيارى (ب) لنفسه: (الخفيف)
طَلَبُ الْعِلْمِ فَاتَ أَوَّلَ عُمْرِي ... فِي زَمَانٍ بِالْكَسْبِ كَانَ اشْتِغَالِي
فَتَسَلَّيْتُ بِالْمَجَامِيعِ عَنْهُ ... وَتَنَزَّهْتُ في عقول الرّجال (ت)
وأنشدنا له (الوافر)
جَهِلْتُ الْعِلْمَ فِي زَمَنِ التَّصَابِي ... وَدُمْتُ عَلَى الْبَطَالَةِ وَالتَّوَانِي
/ فَأَطْفَأْتِ الْجَهَالَةُ نُورَ فَهْمِي ... وَقَصَّرَ عَنْ تَدَارُكِهَا زَمَانِي
فَلْو أَنِّي سَعِدْتُ بِحِفظِ عِلْمٍ ... يُثَقِّفُنِي وَيُطْلِقُ مِنْ لِسَانِي
تَبَيَّنَتِ الْفَوَارِسُ منه طرفا (ث) ... مراح السيب (ج) منعوت العنان(1/277)
وأنشدنا له أيضا (السريع)
الزُّهْدُ وَالْعِفَّةُ أَخْلَاقُهُ ... فَهْوَ بِهَا مَا زَالَ مَعْرُوفًا
فَمَنْ رَآهُ وَرَأَى سَمْتَهُ ... كَمَنْ رَأَى بِشْرًا (3) وَمَعْرُوفًا (4)
طَلَاقَةُ الْوَجْهِ وَإِيثَارُهُ ... قَدْ جَمَعَا بِشْرًا وَمَعْرُوفًا
176- ابْنُ الْجَمَّالِ الْبَغْدَادِيُّ (573- 618 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ مَوْهُوبُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَدَقَةَ بْنِ مَوْهُوبٍ (1) الْبَغْدَادِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْجَمَّالِ- بِالْجِيمِ وَالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ- وَبِابْنِ الْحَمَّامِيِّ- بِالْحَاءِ وَبِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا-، وَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ فِي نَسَبِهِ.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ لِجَدِّي جِمَالٌ كَثِيرَةٌ فَنُسِبَ إِلَيْهَا، وَكَانَ حَمَّامِيًّا وَيَلْعَبُ بِالطُّيُورِ.
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْرِ ربيع الأول من سنة ست عشرة وستمائة، وَسَمِعَ مَعَنَا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْمُشْتَرِي. وَهُوَ مِنَ الْمُكِبِّينَ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ وَكِتَابَتِهِ وَسَمَاعِهِ، المكثرين منهما (أ) . سَمِعَ أَبَا السَّعَادَاتِ نَصْرَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ ابن عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَزَّازَ، وَأَبَا السَّعَادَاتِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ قِرْطَاسٍ (2) . وَسَمِعَ مَنْ بَعْدَهُمَا مِنْ أصحاب أبي القاسم بن بيان (ب) وأبي/ علي بن نبهان (ت) وأبي طالب بن يوسف (ث) وأبي علي بن المهدي (ج) وَأَبِي الْغَنَائِمِ بْنِ الْمُهْتَدِي (3) وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ ابْن الدُّبَيْثِيِّ: ذَكَرَ لِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثمان عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ وَدُفِنَ بِالْوَرْدِيَّةِ (4) . حَدَّثَ بِإِرْبِلَ فَسَكَنَهَا.... (ح) .
177- أَبُو مُطِيعٍ الْيَزْدِيُّ ( ... - 618 هـ)
هُوَ أَبُو مُطِيعٍ يَحْيَى بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سِيَاهٍ الْيَزْدِيُّ (1)(1/278)
مِنَ الْفُقَهَاءِ الْأُصُولِيِّينَ وَالطَّلَبَةِ الْعَارِفِينَ. أَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً وَكَتَبَ كَثِيرًا مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ، وَوَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ وَأَقَامَ بِدَارِ الْحَدِيثِ بِهَا، فَجَرَى عَلَيْهِ مَا لِلطَّالِبِ فِيهَا مِنَ الْمُعَيَّنِ لَهُ فِي شُرُوطِ الْوَقْفِ المعمور، وسافر عنها في صدر سنة (أ) سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى بِلَادِ الْعَجَمِ. وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ فَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثمان عشرة وستمائة، ودفن بها (ب) .
178- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَدَّادِ ( ... - 616 هـ)
هُوَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعَالِي بْنِ خُزَيْمَةَ الْوَاسِطِيُّ (1) الْمُقْرِئُ، يُعْرَفُ بِابْنِ الْحَدَّادِ. شَيْخٌ تَاجِرٌ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالدِّينِ. أَثْنَى عَلَيْهِ الْوَاسِطِيُّونَ. وَأَمْلَى/ عَلَيَّ نَسَبَهُ فَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن محمد بن أبي المعالي (أ) بن علي الواسطي. وأنشدني: الكامل)
قَالُوا: يَزُورُكَ «أَحْمَدٌ» وَتَزُورُهُ ... قُلْتُ: الْفَضَائِلُ لَا تُفَارِقُ مَنْزِلَهْ
إنْ زَارَنِي فَبِفَضْلِهِ أَوْ زُرْتُه ... فَلِفَضْلِهِ وَالْفَضْلُ فِي الْحَالَيْنِ لَهْ
الَّذِي أَنْشَدَهُ: «فَالْفَضْلُ لَا يُفَارِقُ مَنْزِلَهُ» ، فَنَبَّهْتُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يعد عنه.
وأنشدني: (الطويل)
وَلَمَّا نَزَلْنَا فِي ظِلالِ بُيُوتِهِمْ ... ظِلالَ بُيُوتٍ أدفأت (ب) وَأَكَنَّتِ
أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا (ت) ... تلاقي الّذي لا قوه مِنَّا لَمَلَّتِ
تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ يَوْمَ السَّبْتِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَحْدَقَ بِجَنَازَتِهِ الْوَاسِطِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ تَبَّرُّكًا بِهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وَمِثْلُ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنْشَدَهُمَا عَلِيُّ بن محمد بن (ث) الْحَدَّاد، مَا نَقَلْتُه مِنْ آخِرِ كِتَابِ «الْمَقَاماتِ» ، قال: نقلت من كتاب بقمّ (2) : (الكامل)(1/279)
إِنْ زُرْتُهُ فَلِفَضْلِهِ أَوْ زَارَنِي ... فَبِفَضْلِهِ وَأَرَى سِوَاهُ زُورَا
فَلَهُ عَلَى الْحَالَيْنِ سَابِقَةُ الْعُلا ... وَالْفَضْلُ أَجْمَعُ زَائِرًا وَمَزُورَا
وَقَالَ: وَفِي الْمَعْنَى للسيد الناصر (3) الحسني الرّاوندى (الخفيف)
أَنَا إِنْ زُرْتُهُ فَلِلْفَضْلِ فِيهِ ... لَا أُرِيدَنَّ مِنَّةً وَشُكُورَا
وهُوَ إِنْ زَارَنِي فَلِلْفَضْلِ مِنْهُ ... فَلَهُ الْفَضْلُ زَائِرًا وَمَزُورَا
قَالَ الْمُبَارَكُ بْنُ أحمد (ج) : وأصله ما أورده المبرد (ح) في كتاب لطيف له من كلام (خ) «إِنْ زُرْتَنَا فَبِفَضْلِكَ، أَوْ زُرْنَاكَ فَلِفَضْلِكَ، فَلَكَ/ الفضل زائرا ومزورا» (د) .
179- أَبُو الْعَبَّاسِ اللَّبْلِيُّ ( ... - 625 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَمِيمِ بْنِ هِشَامٍ اللَّبْلِيُّ الْمَغْرِبِيُّ (1) ، مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ.
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْرِ ربيع الأول من سنة ست عشرة وستمائة، [ونزل بدار] (أ) الحديث بإربل.
حدّثني، قال: أخبرنا الحكيم (ب) نَافِعُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ نَافِعٍ (2) مِنْ لَفْظِهِ فِي شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِحَلَبَ، قَالَ: كَانَ الأَدِيبُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بن منير بن أحمد ابن مُفْلِحٍ الطَّرَابُلُسِيُّ (3) بِمَدِينَةِ حَلَبَ قَاعِدًا عَلَى دُكَّانِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ طَبَّاخِي (4) الأَبْرِيسَمِيِّ، فَمَرَّ بِهِ عمر (5) بن توبلة النشّابي (ت) وَكَانَ إِذْ ذَاكَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَحَيَّاهُ بِوَرْدَةٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَأَنْشَدَ ابن منير ارتجالا: (البسيط)
ومضعف الطّرف حيّاني بمضعفة ... كأنّما قطفت (ث) مِنْ خَدِّ مُهْدِيهَا
رَقَّتْ فَرَاقَتْ فَأَحْيَتْ قَلْبَ نَاشِقِهَا ... كَأَنَّ عَبْقَةً فِيهِ أُفْرِغَتْ فِيهَا(1/280)
180- ابْنُ الْقَصْطَلانِيِّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 617 هـ)
هُوَ أَبُو الْخَيْرِ مُبَشِّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ (1) وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْقصْطَلانِيِّ.
سَأَلْتُ عَنْهُ الْمِصْرِيِّينَ، فَقَالُوا: أَكْثَرُ مَيْلِهِ إِلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ شَابٌّ رَأَيْتُهُ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، شَدِيدُ السُّمْرَةِ إِلَى السَّوَادِ مَا هُوَ، طَوِيلٌ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَقَامَ إِلَى ثَامِنِ الْمُحَرَّمِ/ مِنْ سنة سبع (أ) عشرة وستمائة (ب) . كَتَبَ إِلَيَّ عَلَى يَدِ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ يدعى محمدا:
(الوافر)
أَبَا الْفَضْلِاتِ كُنْتُ بِأَرْضِ مِصْرَ ... سَمِعْتُ بِذِكْرِكَ العطر النّسم
وقد وافيت أخبر ما روى لي ال ... ورى عن برّ نائلك الجسم
«كَانَ مُتَشَوِّقًا لِرُؤْيَةِ مَوْلَاهُ، كَثِيرًا مَا يَسْمَعُ مَدْحَهُ مِنْ أَلْسُنِ الرُّوَاةِ. وَلَمَّا قَدِمَ هَذَهِ الْبُقْعَةَ عَاقَهُ سُوءُ الْحَظِّ عَنِ التَّشَرُّفِ بِخِدْمَتِهِ، وعلائق المسافر عن التملّي (ت) بِرُؤْيَتِهِ. وَقَدْ حَفَّزَهُ الرَّحِيلُ، وَنَفِدَ زَادُهُ حَتَّى الْقَلِيلُ، وَهُوَ يَرْغَبُ عَنِ التَّثْقِيلِ، وَيَسْأَلُ أَنْ يُعَانَ بِزُوَّادَةٍ عَلَى رُكُوبِ السَّبِيلِ، «وَحَسْبُنَا اللَّهُ ونعم الوكيل» (ث) .
ثُمَّ اجْتَمَعْتُ بِابْنِ الْقَصْطَلَانِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَوَجَدْتُهُ طَلْقُ اللِّسَانِ. وَكَانَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبْيَاتًا قَافِيَةً (ج) ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُنْشِدَنِي مِنْهَا، فَأَبَى بَعْد طُولِ مُرَاجَعَةٍ أَنْ يُنْشِدَنِي، وَقَالَ: «مَا هِيَ لِي» .
فَقُلْتُ: لِمَنْ هِيَ؟، فَقَالَ: «لإِنْسَانٍ مِنَ الْقَاهِرَةِ يُدْعَى جَمَالَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ رُزْقِينِيٍّ (2) هُوَ بِإِرْبِلَ» . فَاسْتَنْشَدْتُهُ غَيْرَهَا مِنْ شِعْرِهِ، فَامْتَنَعَ أَشَدَّ الامْتِنَاعِ، وَقَالَ: إِذَا عُدْنَا إِلَى الِاجْتِمَاعِ أَنْشَدْتُكَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- ثُمَّ مَضَى وَكَتَبَ إليّ بهذه الأبيات: (الطويل)
إلى ... (ح) أخي (خ) النّدى ... معاني أبياتي تتوق وتطرب(1/281)
ولولا سجاياه لما فهت (د) نَاظِمًا ... وَلَكِنَّهَا تُمْلِي عَلَيَّ وَأَكْتُبُ
«وَبِي مَا يذود الشّعر عنّي أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابنة (ذ) القوم قلّب» (ر)
وَمَا كِدْتُ أُنْشِيَ مِدْحةً غَيْرَ أَنَّنِي ... «أُغَالِبُ فِيكَ الشَّوْقَ وَالشَّوْقُ أَغْلَبُ»
/ أَتَيْتُكَ فَاسْتَنْشَدْتَنِي مُتَفَضِّلًا ... وَمِثْليَ مَنْ يَخْشَى وَمِثْلُكَ يُرْهَبُ
فَكُنْ قَابِلًا عذر امرئ متلدّد (س) ... لَهُ الْهَمُّ مَرَعًى وَالْمَدَامِعُ مَشْرَبُ
يَحِنُّ إِلَى مصر بإربل ضلّة (ش) ... «وَأَيْنَ مِنَ الْمُشْتَاقِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ» ؟
وَسَأَلْتُهُ عَنْ كُنْيَتِهِ، فَقَالَ: كُنْيَتِي «شَمْسُ الدِّينِ» ، فَقُلْتُ أَبُو مَنْ تُدْعَى؟، فَلَمْ يَقُلْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَمَعَهُ وَلَدُهُ، فَقُلْتُ: مَا اسْمُهُ؟، فَقَالَ:
مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ «أَبُو مُحَمَّدٍ» . ثُمَّ أَمْلَى عَلَيَّ نَسَبُهُ وَهُوَ: «أَبُو مُحَمَّدٍ مُبَشِّرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ مُوسَى الْقَصْطَلَانِيُّ» ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «قَصْطِيليَّةُ (3) مَدِينَةٌ في أواخر الإسكندرية «2» كَانَ بِهَا جَدِّي، وَأَنَا وُلِدْتُ بِمِصْرَ» .
181- إِنْسَانٌ مِنْ بُخَارَى (561-؟)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَسَنِ (1) ، كَذَا أَمْلَى عَلَيَّ نَسَبَهُ، مُقِيمًا إِعْرَابُهُ عَلَى صِحَّتِهِ (أ) ، فَقِيهٌ فَقِيرٌ، اسْتَظْهَرَ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ. قَدِمَ إِرْبِلَ، لَقِيتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، طَوِيلٌ لَهُ صُدْغَانِ، أَشْقَرُ رَدِيءُ النَّظَرِ، كَتَبَ إِلَيَّ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ: «الفقيه الغريب أنشأ وقال (ب) : «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ فَلَا تَحْقِرُوهُ، الْجَنَّةُ دار الأسخياء (ب) »
(البسيط)
قَدِّمْ جَمِيلًا إِذَا مَا شِئْتَ تَفْعَلُهُ ... وَلَا تؤخّر ففي التّأخير آفات(1/282)
أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو غِيَرٍ ... وَلِلْمَكَارِمِ (ت) وَالْإِحْسَانِ أَوْقَاتُ؟
سَأَلْتُهُ عَنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، فَقَالَ: هُمَا لِي، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشَدْنِي مِنْ شِعْرِكَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَهُمَا، فَأَنْشَدَ: (الطويل)
/ أأنعم عيشا بعد ما حلّ عارض (ث) ... طَلَائِعُ شَيْبٍ لَيْسَ يُغْنِي خِضَابُهَا؟!
إِذَا اسْوَدَّ (ج) لْوَنُ الْمَرْءِ وَابْيَضَّ شَعْرُهُ ... تَنَغَّصَ مِنْ أَيَّامِهِ مستطابها
الأبيات المنسوبة إلى الإمام الشافعي (ح) - رَحِمَهُ اللَّهُ- فَنَبَّهْتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَنَبَّهَهُ مَنْ حضر غيري (خ) ، وَكَرَّرْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ فَأَصَرَّ أَنَّ الشِّعْرَ لَهُ وأنه عمله مذ اثني عشر (د) سنة، وانفصل (ذ) عَنْ ذَلِكَ.
ذَكَرَ أن مَوْلِدَهُ بِبُخَارَى سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَالَ فِي نَسَبِهِ: «الشَّرِيفُ الْحَسَنِيُّ الْعَبَّاسِيُّ» ، وَأَقَامَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ مَعَ الإنكار عليه (ر) .
182- الْفَقِيهُ عُمَرُ بْنُ خَلِّكَانَ ( ... - 609 هـ)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلِّكَانَ (1) ، مِنْ قَرْيَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِجَدِّهِ مَنْسُوبَةٍ إِلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ النِّسْبَةِ الْكُرْدِيَّةِ (2) . دَرَّسَ بِالْمَدْرَسَةِ المجاهدية (أ) ، وَجَاوَرَ بِالْحَرَمِ الشَّرِيفِ. كَانَ الْفَقِيرُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيٌّ يُنْفِذُهُ إِلَى مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ، وَعَلَى يَدِهِ مَالٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَيُنْفِقُهُ عَلَى قَنَوَاتٍ يَخْرُجُ مَاؤُهَا فَيَشْرَبُ مِنْهُ الْحَاجُّ تَحْتَ الْجَبَلِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ.
سَمِعَ الْحَدِيثَ بِمَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الصَّيْفِ التَّمِيمِيِّ (3) ، نَزِيلِ مَكَّةَ- حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى-، وسُمِعَ عليه بإربل. وله إجازة من (ب) أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ علي (ت) ، وَأَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سَعْدِ بْنِ خَضِرِ بْنِ كُلَيْبٍ(1/283)
الْحَرَّانِيِّ (4) ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْكَرَمِ الْبَنَّاءِ الْبَغْدَادِيِّ (5) .
تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ وَدُفِنَ بِالْمَقْبَرَةِ الْعَامَّةِ فِي/ ثَالِثَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ.
183- ابْن الدَّجَاجِيِّ الْوَاعِظُ (556- 622 هـ)
هُوَ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ سَعْدِ اللَّهِ (1) ، مِنْ بَنِي الدَّجَاجِيِّ الْحَنَابِلَةِ. أَفَادَنِي اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ؛ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الدّبيثي، وذكر أنه سمع عليه (أ) الْحَدِيثَ. فَسَأَلْتُهُ السَّمَاعَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ: ذكرته في تاريخي (ب) ، ابْنُ أَخِي أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ الدَّجَاجِيِّ الْوَاعِظُ (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَعَلَى يَدِهِ شَفَاعَةٌ إلى الملك المعظم أبي سعيد كوكبوري ابن علي- رحمه الله (ت) - مِنْ أَبِي نَصْرٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، عَلَى أَعْلَى قَصِيدَةٍ عَمِلَهَا فيه (ث) - أَدَامَ اللَّهُ سُلْطَانَهُ- إِنْ عَثُرْتُ بِهَا أَثْبَتُّ منها ما هو غرضي (ج) .
حَدَّثَنِي أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ شَيْخَنَا؛ أَنَّهُ أَنْفَذَ لَهُ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرِهِ، وَأَنْفَذَهَا إِلَيَّ فَكَتَبْتُهَا مِنْ خَطِّ ابْنِ الدَّجَاجِيِّ، وهي: (السريع)
تَحِيَّةُ اللَّهِ بِإِرْشَادِ ... عَلَى أَخِي فَضْلٍ وَإِسْعَادِ
السيّد الصّدر خدين التّقى ... أبي المعالي (ح) نَسْلِ أَجْوَادِ
أَعْنِيكَ صَدْرَ الدِّينِ مَنْ رَبْعُهُ (خ) ... كَعْبَةُ أَضْيَافٍ وَقُصَّادِ
وَمَالَهُ الْمَبْذُولُ مَعَ عِرْضِهِ ال ... مصون للرّائح (د) وَالْغَادِي
وَذِكْرُهُ الطَّيِّبُ بَيْنَ الْوَرَى ... يُعَطِّرُ الْمَحْفَلَ وَالنَّادِي
يُؤْثِرُ بِالْمَوْجُودِ مِنْ مَالِهِ ... وَيُشْبِعُ الْجَائِعَ بِالزَّادِ
تَقَبَّلَ الرَّحْمَنُ أَعْمَالَهُ ... وَدَامَ فِي عَزٍّ واسعاد(1/284)
/ حَتَّى يَحُوزَ الأَجْرَ مِنْ رَبِّهِ ... فِي بَائِسِ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي
مَا لَاحَ بَرْقٌ وَشَدَا طَائِرٌ ... وما حدا في مهمه (ذ) حادى
بخطه: «الحاضر» بالظاء القائمة، و «حدا» بِالْيَاءِ، وَأَسْقَطَ مِيمَ «مَهْمَهٍ» الْأُولَى.
وَاجْتَمَعَ بِي بعد (ر) ذَلِكَ، وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ يَمْدَحُ الْإِمَامَ النَّاصِرَ لِدِينِ الله- زاد (ز) الله جلاله-: (المتقارب)
أَنَارَ الْخِلَافَةَ إِذْ حَلَّهَا ... فَكَمْ عُقْدَةً بِالتُّقَى حلها
تحمّل أعباءها صابرا (س) ... فَمَا حَادَ عَنْهَا وَلَا حَلَّهَا
شُجَاعٌ بِعَزْمٍ يذلّ السّباع (ش) ... فَكَمْ مِنْ حُرُوبٍ بِهَا فَلَّهَا
وَكَمْ أَجْدَبَتْ (ص) أرض آمالنا ... فعمّر بثّ (ض) النَّدَى فَلَّهَا
دَعَتْهُ الْخِلَافَةُ حَتَّى أَجَابَ ... فَلَمَّا غَدَا حَامِلًا كَلَّهَا
أَنَالَ الْجَزِيلَ وَقَالَ الْجَمِيلَ ... وَحَازَ مَفَاخِرَهَا كُلَّهَا
وَنَادَى الْعُلَا بِلِسَانِ النُّهَى ... ببيت ينبه من (ط) قالها
«أتته الوزارة منقادة إليه (ظ) ... تجرّر أذيالها» (ع)
«فَلَمْ تَكُ تَصْلُحُ إِلَّا لَهُ ... وَلَمْ يَكُ يصلح إلّا لها» (غ)
أنشده: «عقدة» بالنصب، و «جدبت» بغير ألف، ولو قال:
«أجدبت» لا ستقام. وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَعْنَى «حَلَّهَا» مِنْ قَوْلِهِ «وَلَا حلها» فما أجاب. (ف)
حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ عَلَى جَدِّهِ أَبِي الْحَسَنِ سعد الله (ق) عدة كتب عن أبي الخطاب الكلوذاني (ك) .
184- الرَّشِيدُ الدِّمَشْقِيُّ (537- بَعْدَ سَنَةِ 617 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(1/285)
سعد (أ) الآمِدِيُّ (1) ، وَيُعْرَفُ بِالرَّشِيدِ الدِّمَشْقِيِّ، أَمْلَى عَلَيَّ ذَلِكَ. وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: / بِآمِدَ (2) ، فَقُلْتُ لَهُ: فِي أَيِّ سَنَةٍ؟ فَقَالَ: مَا هُوَ مُعَيَّنٌ، إِنَّمَا أَنَا فِي حُدُودِ عَشْرِ الثَّمَانِينَ. وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ قَرَأَ الْخِلَافَ وَالْفِقْهَ، وَسَافَرَ إِلَى خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا. وَسَمِعَ فِي صِغَرِهِ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مَطْلُوبِهِ إِنَّمَا سَمِعَهُ فِي جَمَاعَةٍ سَمِعُوهُ. وَذَكَرَ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا بَكْرٍ يحيى بن سعدون وغيره (ب) .
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ عَمِلَهَا فِي بِلَادِ العجم، وقد عاجله الشيب:
(الكامل)
مَا شِبْتُ مِنْ كِبَرٍ وَلَكِنْ شَيَّبَتْ ... رَأْسِي شَدَائِدُ لِلْمُتُونِ قَوَاطِعُ
لَوْ أَنَّ بَعْضَ مَصَائِبِي يمنى بها ... ويذوق شدّتها غلام يافع
لنضالها بُرْدُ الشَّبِيبَةِ وَاغْتَدَى ... لِلشَّيْبِ فِي فَوْدَيْهِ نَجْمٌ طالع
والنّاس في اللأواء (ت) حِينَ تَعَدُّهُمْ ... رَجُلَانِ ذُو صَبْرٍ وَآخَرُ جَازِعُ
فَاصْبِرْ عَلَى مَضَضِ الْحَوَادِثِ ... إِنَّهَا مِيزَانُ عَدْلٍ خَافِضٌ أَوْ رَافِعُ
وَتَعَلَّمَنْ أَنَّ الْبَلَاءَ لأَهْلِهِ ... كالسّبك للابريز مؤذ نافع
وقال إنه (ث) لَزِمَ طَرِيقَةَ أَهْلِ التَّصَوُّفِ وَقَالَ بِمَذْهَبِهِمْ، وَهُوَ- كَمَا ذَكَرَ- وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَأَنْشَدَنِي ذَلِكَ فِي سَادِسِ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ مِنْ سنة سبع عشرة وستمائة برباط الجنينة (ج) الْمَعْمُورِ، وَكَانَ حَنَفِيًّا إِمَامًا مُقَدَّمًا فِي مَذْهَبِهِمْ، أَثْنَى عَلَى عِلْمِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ ثَنَاءً كَثِيرًا، وَكَانَ نَحْوِيًّا عَالِمًا بِالنَّحْوِ.
185- ابْنُ النّشفِ الْوَاسِطِيُّ ( ... - بعد سنة 617 هـ)
هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي الرضا سعيد بن إسماعيل بن عبد الباقي ابن أَحْمَدَ بْنِ النّشفِ (1) . شَابٌّ أَصْهَبُ اللِّحْيَةِ، سَمِعَ الحديث وكتبه/(1/286)
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى مِنْ شَعْبَانَ من سنة سبع عَشْرَةٍ وَسِتِّمِائَةٍ فَقِيرٌ رَثُّ الْحَالِ، يَسْكُنُ بَغْدَادَ (أ) .
أنشدني لنفسه من قصيدة طويلة: (الطويل)
خَلَا عَاذِلِي مِمَّا أُعَانِي مِنَ الْوَجْدِ ... فَبَادَرَنِي بِالْغَدْرِ جَهْلًا بِمَا عِنْدِي
وَلَوْ طَعِمَ الْوَجْدَ المبرّح والهوى (ب) ... لأيقن (ت) أَنِّي فِي الْهَوَى تَابِعٌ رُشْدِي
وَلَمْ يَلْحَنِي في غادة ران حبّها (ث) ... عَلَى الْقَلْبِ حَتَّى انْقَادَ أَطْوَعَ مِنْ عَبْدِ
إذا ما حطت لَمْ أَدْرِ مِنْ شَغَفِي بِهَا ... عَلَى الأَرْضِ هَاتِيكَ الْخُطَا أَمْ عَلَى كَبِدِي
تَصُدُّ اخْتِبَارًا لي (ج) عَلَى طَوْلِ وَصْلِهَا ... فَتُخْلِقُ مَا قَدْ جَدَّ بِالْوَصْلِ بِالصَّدِّ
تَجَاوَزْتُ حَدَّ الْحُبِّ فِي شَغَفِي بِهَا ... كَمَا هِيَ أَوْفَتْ فِي الْجَمَالِ عَلَى الحدّ (ج)
كأنّ الإله اعتامها (خ) لِتَفَاخُرٍ ... فَأَبْدَعَ حَتَّى قَارَنَ الضِّدَّ بِالضِّدِّ
أَسْتِغْفِرُ اللَّهَ مِنْ إِثْبَاتِ هَذَا الْبَيْتِ.
فَقَارَنَ خَصْرًا نَاحِلًا كَمُحَبِّهَا ... بِرِدْفٍ وَثِيرٍ كَالْكَثِيبِ عَلَى الصَّمْدِ (د)
وصلتا (ذ) تَكَادُ الْعَيْنُ تَعْشَى لِنُورِهِ ... بِفَرْعٍ أَثِيتٍ حَالِكٍ كَالدُّجَى جَعْدِ
تَعَلَّقْتُهَا مُذْ كُنْتُ طِفْلًا وَلَمْ أَكُنْ ... عَلِمْتُ بِأَنَّ الْحُبَّ يَبْلُغُ أَنْ يُرْدِي
وشبّت فأرداني هواها ولم أشب (ر) ... كذاك الصّبا يحدو الصبيّ على الزّهد (ز)
تماديت في لهوي (س) مِنَ الدَّهْرِ بُرْهَةً ... أَحِنُّ إِلَى بَانِ الْحِمَى وهوا (ش) نَجْدِ
وَأَصْبُو إِلَى غِيدِ الْغَوَانِي مُغَازِلًا ... وَأَطْرَبُ مِنْ نَوْحِ الْحَمَامِ عَلَى الرَّنْدِ
إِلَى أَنْ بَدَا شَيْبِي وَأَيْقَنْتُ أَنَّنِي ... أُحَاوِلُ أَمْرًا لَا يُفِيدُ وَلَا يُجْدِي
186- أَبُو إِسْحَاقَ الأَصْفَهَانِيُّ (567-؟)
هُوَ/ أبو إسحاق يوسف بن محمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ (!) ، وَاسِطِيُّ الْمَولِدِ وَالْمَنْشَأِ، وَيُسَمَّى «هِبَةَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ» . وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَصْفَهَانَ وَلَا وُلِدَ بِهَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ تَسْمِيَةً. مُقْرِئٌ مُجَوِّدٌ، قَرَأَ القرآن على(1/287)
الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ بِآخِرَةٍ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحسن الغزنوي، وأبي العباس أحمد ابن الحسن (ب) بن أبي البقاء (2) العاقولي (ت) ، وعبد العزيز بن معالي بن غنيمة ابن مَنِينَا الْبَغْدَادِيِّ (3) .
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ وِلُدَ بِوَاسِطَ فِي العشر الأولى من ذي الحجة من سنة سبع وستين وخمسمائة، وهو شيخ (ث) ، قد أنقى. ناولني جزءا بخطه وأنشدني: (الكامل)
لَمَّا وَضَعْتُ صَحِيفَتِي ... فِي بَطْنِ كَفِّ رَسُولِهَا
قَبَّلْتُهَا لِتَمَسَّهَا ... يُمْنَاكَ عِنْدَ وُصُولِهَا
وَتَوَدُّ عَيْنِي أَنَّهَا ... كَانَتْ خِلَالَ فُصُولِهَا
لِأَرَى بِهَا مِنْ وَجْهِكَ ... الْمَيْمُونِ غَايَةَ سُولِهَا
وَجَدْتُ هَذَهِ الأَبْيَاتِ فِي آخِرِ كِتَابِ «الْمَعَارِفِ» (4) لأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ (5) لِلدّيمخذَاه هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ (6) - رَحِمَهُ اللَّهُ- وَمَعَهَا لِلزَّعْفَرَانِيِّ (7) فِي الدّيمخذَاه هِبَةِ اللَّهِ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ- (البسيط)
مَالِي أَرَاكَ إِذَا وَافَيْتَ مُنْقَبِضًا ... وَلَسْتُ وَاللَّهِ عَنْ ذِكْرَاكَ بِاللَّاهِي
إِنَّا فَرَازِينُ أَنْصَابٍ لَعِبْتَ بها ... ولا غناء عن الفرزان للشّاه (ج)
وَوَجَدْتُهَا بِخَطِّ عَمِّي أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ فِي أَوَّلِ رِسَالَةٍ (8) مِنْ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ الصَّابِيِّ (9) ، وَذَكَرَ أَنَّهَا من شعره، وفيها:
(الكامل)
تَوَدُّ عَيْنِي أَنَّهَا اكْتَحَلَتْ بِبَعْضِ فُصُولِهَا ... / حَتَّى تَرَى مِنْ وَجْهِهَا الْمَأْمُولِ غَايَةَ سُولِهَا
وَالْأَوَّلُ أجود معنى. ورأيتها في رسائله.(1/288)
187- سبط ابن هَدَّابٍ (546- 626 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ أحمد بن أحمد المرزباني (1) شيخ من رُؤَسَاءِ الْعِرَاقِ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَوَّالٍ مِنْ سنة ثمان (أ) عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، هُوَ وَأَوْلَادُهُ لِأَمْرٍ حَدَثَ لَهُمْ بِالْعِرَاقِ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْعَلْثِ (2) . وَهُوَ شَيْخٌ قَصِيرٌ صَغِيرٌ اللِّحْيَةِ، خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي لَيْلَةِ سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ السَّنَةَ المذكورة، وذكر أنه عملها قبلها وبليلة واحدة (الطويل)
وَحَدَّثَنِي سَعْدٌ أَحَادِيثَ زَيْنَبَ ... فَأَيْقَظَ عَنِّي مَا غَفَا وَنَمَا الْوَجْدُ
فَقُلْتُ لَهُ مِنْ حَيْثُ هَاجَتْ صَبَابَتِي ... وَزَادَ غَرَامِي وَاسْتَوَى الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ:
«وحدّثني يا سعد عنها فزدتني ... جنونا، فزدني من حديثك يا سعا»
وَكَتَبَ إِلَيَّ صَبَاحَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ: «صَبَّحَ اللَّهُ- تعالى- الخده بِسَعَادَةٍ عَالِيَةِ الْعِمَادِ، وَسِيَادَةٍ رَاسِيَةِ الأَوْتَادِ، وَنِعْمَةٍ وَارِيَةِ الزِّنَادِ، وَثَرْوَةٍ دَائِمَةٍ إِلَى الآبَادِ، وَعَدْلٍ نَاشِرٍ فِي الْبِلَادِ، وَعُمْرٍ مُسْتمِرٍّ إِلَى التَّنَادِ، وَعَافِيَةٍ شَامِلَةٍ لِلْقُلُوبِ وَالأَجْسَادِ، وَعَاقِبَةٍ مَحْمُودَةِ الْإِصْدَارِ والإيراد: (الطويل)
صباحا بإقبال السّعادة مؤذنا (ت) وبالجاه والأمر المنفّذ مقرنا (ث) «منعه في بارحته فرط رهبه (ج) من هيبة فلان عن إجلاء (ح) أَبْيَاته عَلَى الحقيقة، وحيث طالعها وجد فِيهَا زيادة أخلّ (خ) بها بارحته، وقد ذكرها هاهنا جميعها/ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ من حسن الطريقة وهي: (الطويل)
وَحَدَّثَنِي سَعْدٌ أَحَادِيثَ زَيْنَبَ ... فَأَيْقَظَ مِنِّي مَا غَفَا وَنَمَا الْوَجْدُ
وًتَمَّ سُرُورِي بِالْحَدِيثِ وَطِيبِهِ ... وَأَجَّ بِقَلْبِي مِنْ تَذَكُّرِهَا وَقْدُ
وَفَاحَ لَنَا نَشْرٌ وَعَرْفٌ بِذِكْرِهَا ... كَأَنَّ اسْمُهَا مِنْ طِيبِهِ المسك والنّدّ(1/289)
فَقُلْتُ لَهُ مِنْ حَيْثُ هَاجَتْ صَبَابَتِي ... وَزَادَ غرامي والمحبّة والودّ:
«وحدثتني (د) يا سعد عنها فزدتني ... جنونا، فزدني من حديثك يا سعد» (ذ)
وفّى أبياتها (ر)
«وَالسُّلْطَان- خلّد اللَّه ملكه تخليدا بلا أمد، وَلَا مُنتهى لَهُ بحساب وَلَا عدد- قَد ملك صفو الْقُلُوب والأعناق، بِمَا أسداه من الإنعام العام عَلَى الإطلاق، مُلْكَ يدٍ لَا يخرج عَنْهَا بعتق وَلَا طلاق. فجزاه اللَّه- تَعَالَى- عَنْ إحسانه بأحسن الإحسان، وأولاه من ألطافه بمواهبه الجسام الحسان. فقد أضعف المتن بِمَا فَتْح من المِنَن، وأعجز عَنِ الَقِيَام بشكر حقوق فرائضه والسُّنن. وما هُوَ- أعزّ اللَّه أنصاره، وأعلا قدره، وضاعف اقتداره- إِلَّا كما قال الأول: (الطويل)
كريم نفضت النّاس (ز) لمّا عرفته ... كأنه (س) مَا خَافَ مِنْ زَادٍ قَادِمِ
فَكَادَ سُرُورِي لَا يَفِي بِنَدَامَتِي ... عَلَى مَا مَضَى مِنْ عُمْرِي الْمُتَقَادِمِ
«وفي عميم أنعامه وشريف اهتمامه، حُجَّةٌ مُفعِمة لكل مُحتج، ومَحَجّة مُقِّومة لكل مِعْوج، والأمر أعلى» .
وَوَجَدْتُ هَذَا البيت للعباس بْن الأحنف، قَد ضمّنه غَيْره ممن هُوَ أقدم منه: (الطويل)
وَلَمَّا أَتَانِي مِنْ ذُرَاكَ تَحِيَّةٌ ... تَضَوَّعَ مِنْ أثنائها المسك والنّدّ (ش)
/ وَقَفْتُ فَأَعْيَيْتُ الرَّسُولَ مُسَائِلًا ... فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا لَهُ الْمَثَلُ الْفَرْدُ:
«وَحَدَّثْتَنِي يَا سَعْدُ عَنْهَا فَزِدْتَنِي ... جُنُونًا، فَزِدْنِي مِنْ حَدِيثِكَ يَا سَعْدُ»
بلغني أَنَّهُ توفى بالعَلْث فِي مستهل شَوَّال من سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَكَانَ عِنْدَهُ معرفة بالحساب- رَحِمَهُ اللَّه-.
وَأَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المَرْزُباني، فَقَالَ: أَنْشَدَنَا خالي(1/290)
أبو البقاء أبن هدّاب (3) لنفسه: (السريع)
لِلَّهِ مَنْ قَصَّرَ لِي لَيْلَةً ... كَانَتْ مِنَ الْهِجْرَانِ كَالرُّمْحِ
لَمْ يَأْتِ وَجْهُ اللَّيْل فِي سدفة (ص) ... إِلَّا ووافى قَدَم الصبُّح
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا خالي لنفسه: (البسيط)
تكاد أطراف ليلي تلتقي قصرا ... إذا التقينا وَلَم نبدأْ بتَسليمِ
وإنْ نأتْ عادتِ السَّاعات أزمنةً ... كأنَّ ربَّ الْعُلا أوحى بأنْ دُومي
وَحَدَّثَنِي، قَالَ: حَدَّثَنِي خالي، قَالَ: كُنْتُ أغشى مجلس أبي الحسن بن منير (ض) للقراءة عَلَيْهِ مَعَ الْجَمَاعَة بحلب، قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ إنسان:
«كليني لهم يا أميمة ناصب» (ط) فصحّفه وَقَالَ «كُليبتي لَهُم يَا أميمة باضت» . فَقَالَ لَهُ ابْن منير: «ويحك، أمَا علمت أنّ كل سكّاء (ظ) تبيض، وكلّ ذَات أذنين تحيض؟!» ، فَقَالَ بَعْض من حضر: «وَاللَّه لَقَد انتفعنا بتصحيفه أكثر مما انتفعنا بصحيحه» .
وجدت فِي مشيخة ابْن سويدة (4) التّكريتي (ع) بخطه (غ) : «أَخْبَرَنَا صديقنا أَبُو الْفَرَج الْحَسَن بْن الْحَسَن (ف) بن هدّاب (5) البغدادي مولدا، النابلسي (ف) أصلا ودارا، قَالَ: «عليك بالاصطبار/ عَلَى مَرارات القدَرَ، وعوارض الفِكَر، وقَصِّرْ من ألحاظك، وأقل من ألفاظك، واستحيي من حفّاظك (ق) ، لعلك تنجو من النار. إِذَا نبع الماء من العين فاشرب، ولا تخوضنّه (ك) فيتكدّر» وأنشد: (الكامل)
الماء أعذبُ مَا يكون إِذَا جرى ... فَإِذَا أَقَامَ بموضعٍ لَم يعْذُبِ
فتصعّبتْ فهجرتُها وَجَمِيع مَا ... سهّلتُهُ فكأنه لَم يَصْعُبِ
وَأَنَا امرؤ لِي مذهبٌ، لكنَّني ... دون البرية أوحدٌ فِي مذهبي (ل)
لَو ملَّني الماء الَّذِي لَا بُدّ لِي ... من شُربة لسئمتُهُ لَم أشربِ(1/291)
188- الرّعيني (القرن السادس- السابع)
هو سلمان (أ) بْن سالم بْن زُرعة بْن حميد اليماني الرُّعيني (1) . سَمِعَ من «كِتَاب الْبُخَارِيّ» عَلَى رجال أَبِي الْوَقْت عَبْد الْأَوَّل بْن شُعَيْب- رَحِمَهُ الله- ثلاثة (ب) أَحَادِيث من أوله، عَلَى عَلِيّ (2) بْن أَبِي العزّ بن أبي عبد الله الباجرّائي (ت) ، وأجازه سائره بسماعه عَلَى أَبِي الْوَقْت.
189- اللارَجَاني (572- 605 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن أَبِي خلف عَبْد الرَّحِيم بْن أَبِي يُوسُف اللارَجَاني (1) ، ثُمَّ الْهَمَذَانِيّ الصُّوفِيّ. كَانَ مُمتّعا بإحدى عينيه. ورد إربل بعد التسعين والخمسمائة، وَمَعَهُ «كِتَاب المفصل» (2) للزّمخشري، وعليه خَطّ مصدّق (3) بن شبيب بن الحسين (أ) بقراءته عَلَيْهِ فِي سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
190- ابْن صَدِيق الحرَّاني (553- 634 هـ)
/ هُوَ أَبُو عَبْدِ الله حمد بن أحمد بن محمد بن صديق- بفتح الصاد (أ) وإسكان الياء وتخفيفها- الحَرَّاني (1) الْفَقِيه، من الحنابلة. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي زمن أَبِي الثَّنَاء مَحْمُود بن محمد الحراني (ب) وولي قَضَاء شَّهْرَزُور. ثُمَّ عاد مِنْهَا إِلَى حران، فهو بِهَا معيد.
تفقّه عَلَى أَبِي الفتح بن المنّي (ت) ، وَسَمِعَ الْحَدِيث من شُهدة الكاتبة، وَأَبِي الْحُسَيْن ابن يوسف (ث) وَيَحْيَى ابنه (2) ، وَأَبِي الْفَتْح أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بن أبي الوفاء. البغدادي (ج) ، وَأَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمَدِ بْن عَبْد الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شُحَاتَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَحَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله حمد بن أحمد بن محمد بْنِ صَدِّيقٍ، الْفَقِيهِ الْحَرَّانِيِّ قِرَاءَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي(1/292)
الْوَفَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهِ، وَأَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ نَجَا الْبَغْدَادِيَّانِ قِرَاءَةً عَلَيْهِمَا وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أبو القاسم علي بن أحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ بَيَانٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ (3) الْبَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ محمد بن إسماعيل الصفّار (ح) النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بْنِ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «آتي يوم القيامة باب الجنة فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيقول: بك أمرت، لا أفتح لأحد قبلك» (خ) .
191- أَبُو البقاء السِّجِسْتَاني ( ... - 613 هـ)
/ هُوَ أَبُو البقاء صَالِح بْن أَحْمَد السِّجِسْتَاني (1) . سَمِعَ الْحَافِظُ أَبَا طاهر السّلفي (أ) وأبا القاسم هبة الله بن ثابت الْأَنْصَارِيّ (2) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن حَامِد بْن حمد الأرتاحي وَغَيْرهم. حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحانة (ب) . وحدثني أنه توفي في سنة ثلاث عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ بِحَرَّانَ، قَالَ: «وشهدت جنازته والصلاة عَلَيْهِ، ودفن ظاهر البلد» .
192- الْقَاضِي ابْن عُثْمَان الْمِصْرِيّ (547- 616 هـ)
وَرَدَ إِرْبِلَ (1) منَصْرفا عَنِ الأعمال الجليلة بمصر خوفا من الوزير عَبْد اللَّه بن علي ابن شُكر. أَقَامَ بحلب مُدَّةً، ثُمَّ أتى إِرْبِلَ. اجتمع بأبي الخَطّاب عُمَر بْن الْحَسَن بْن علي ذي النسبين (أ) ، بمنزلي، وأطالا الْحَدِيث. أثنى عَلَيْهِ كثيرا وذكر شرفه وشرف أصله، وأكثر من قَوْله: «يَا لَلَّهِ ابْن عُثْمَان- عَلَى شرف منصبه- يرد إربل» (ب) أَنْشَدَنِي لَهُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الساج المصري (2) وذكر حكاية طويلة (الكامل)(1/293)
لَا يُعجبنَّك راكبٌ مُتلبِّسٌ ... فعساه عَنْ عِلمٍ وعقلٍ مُفلسُ
ومن العجائب أنْ يكون لجاهلٍ ... فضل اللَّبيب وَقَد علاه السُّندسُ
إنّي لأعجبُ مَنْ تعدّي طورَه ... حتّى يضيقَ عليَّ مِنْهُ المجلسُ
وذكر أَن أم ابْن عُثْمَان شريفة حسينية (ت) .
ذاكرت بِهِ الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الحَرَّاني، فكتب لِي ترجمته بيده، هِيَ: «حمزة بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان بْن يُوسُف، أَبُو الْقَاسِمِ بْن أَبِي الْحَسَن القرشي المخزومي/ الْمِصْرِيّ؛ الملقّب بالْقَاضِي الأشرف، الْحَافِظ، أحد من عنى بهذا الشأن (ث) وجمعه وتحصيله. لَهُ الحظ الوافر من البراعة والبلاغة. أَعْلَم مَنْ كَانَ فِي زمانه بالكتابة والترسّل- فِيمَا يقال- يَكْتُب الْكِتَاب من آخره إِلَى أوله. سئل عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: فِي شَعْبَانَ سَنَة سبع وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بمصر. سَمِعَ الْحَدِيث من أَبِي طَاهِر أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد السِّلفي، وَأَبِي الطاهر بْن عوف (ج) ، وَأَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي اليابس (ح) العثماني (3) ، والمرو (خ) بْن عَلِيّ بْن الْمُشَرّف (4) ، وعبد الْوَهَّابِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن حَمّاد الصُّنْهاجي (5) ، وعبد الواحد بن عسكر (6) المخزومي (د) ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَمي، وبدر بْن عَبْد اللَّه الْخُداداذي (7) بالإسكندرية، وبمصر أَبَاهُ (8) وَأَبَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْجَبَّارِ بْن بَرِّي النحوي (9) ، وابن الرَّحَبي (10) ، وَأَبَا الْحَسَنِ عَلِيّ بْن الْأَصْبَهَانِيّ (11) المعروف بالكاملي، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن المحل بْن عَلِيّ (12) ، وإسماعيل بْن قاسم الزيات (13) وَأَبَا الْقَاسِمِ هبة الله بن علي الأنصاري (ذ) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن حَامِد الارتاحي، وَأَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مَنْصُور الدمياطي (14) ، وَأَبَا البقاء عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز (15) ، القاري وَغَيْرهم ممن يكثر ذكره. وبدمشق أبا المعالي (ر) عبد الله بن عبد الرحمن ابن صابر (16) ، وَأَبَا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن المسلم (ز) وغيرهما (س) بِدِمَشْقَ. وَلَم يزل فِي الاشتغال بالعلم إِلَى حين وفاته- رَحِمَهُ اللَّه- تُوُفِّيَ فِي(1/294)
سَنَة سِتّ عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ. وَكَانَ أملى الْحَدِيث بحضرة أَبِي طَاهِر السِّلفي، فَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الثناء حمّاد ابن هِبَة اللَّه الحَرَّاني، وَهُوَ من شيوخه، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن المفضّل (17) ، وَأَبُو مُحَمَّد عِيسَى/ اللخمي (18) ، وأبو محمد عَبْد السَّلَام بْن الطُّوير (19) ، والْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن بْن الجرَّاح (20) ، وروى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن حامد بن ألّه (ش) الكاتب وغيرهم (ص) .
أنشدنا القاضي أبو القاسم المخزومي (ض) لفظا لنفسه في الشيب:
(الطويل)
مطايا الليّالي بالأنام تسيرُ ... وعارض شَيب العارضين نَذيرُ
وَقَد حدّدتْ خمسون عامًا قطعتُها ... بأنّ الَّذِي من بعدهنَّ يسيرُ
وأبدتْ لنا الدُّنْيَا خَفِيّات مَكرها ... وشيطانُ آمال البقاء غُرور
وما غاية () الأعمار إِلَّا ذهابها ... وآخرها بَعْد القصور حَفير
وما طيِب عيشٍ يرجع المرء بعده ... رَميمًا ومن بَعْد الرَّميم نُشور
فَلَا العيش يصفو في الزّمان فنجتني ... عجالة نفس للفناء تصير
وَلَا القلُب مُرتاضٌ عَلَى الزُّهد والتُّقى ... فيُطلَق من سجن الذنوب أَسيرُ
ولولا رجاء العفوِ من فضل قادرٍ ... لَمَا مرَّ بالمرء الْمُسيء سُرور
فبادرْ فإنَّ اللَّه للتَوْبِ قابلٌ ... شديدُ عقابٍ للذُّنوب غَفورُ» .
193- مُحَمَّد بْن عُمَر (أ) العثماني (570- 618 هـ)
وَكَتَبَ لِي أَبُو مُحَمَّد بِخَطّه (ب) ، وَحَدَّثَنِي بِهِ: «أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الغالب العثماني الْأُموي الدِّمَشْقِيّ (1) ، من أَهْل بيت لِهْيا (2) قرية من قرى دِمَشْقَ، الشَّيْخ الصالح. اشتغل بهذا الشَّأْن وَلَهُ فِيهِ الرحلة إِلَى خُرَاسَانَ والعراق والحجاز والشام ومصر، وحصّل وَكَتَبَ، وَكَانَ جيد المعرفة. مَوْلده بعد السبعين والخمسمائة.(1/295)
«وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ أَبَا طَاهِر بركات بْن إِبْرَاهِيم الْفُرْشي، وَأَبَا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن المسلم وغيرهما. وببغداد أَبَا الْفَرَج بْن كُليب الحَرَّاني (ت) ، وأبا طاهر/ ابن المَعْطُوش (3) ، وَأَبَا ياسر بْن ملاح الشَّطّ (4) وَأَبَا الفرج ابن الجوزي (ث) ، وَأَبَا بَكْر عَبْد الرَّزَّاقِ بْن عَبْد الْقَادِرِ الجِّيلي (5) ، وضياء بْن الْخُرَيْف (6) وَغَيْرهم. وبواسط أَبَا الفتح المندائي (ج) ، وبأصبهان مَسْعُود بْن الْحَسَن الجَمّال (7) ، وَأَبَا المكارم أحمد بن محمد اللّبان (ح) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي زَيْد الكرَّاني (خ) ، وَأَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ نَصْر الصَّيدلاني، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن مكي (8) وطبقتهم. وبنيسابور أَبَا سَعْد عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وَأَبَا الْحَسَنِ عَبْد الرَّحِيم بْن الشِّعْري (9) ، وَأَبَا الْفَتْح مَنْصُور بْن عَبْد المنعم بْن الفَرَاوي (10) وطبقتهم. وبمصر أَصْحَاب أَبِي مُحَمَّد بْن رِقاعة (11) وَغَيْرهم. وحدث وسَمَّعَ، سمعت (د) مِنْهُ بحَران وحلب ودمشق.
وتُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّه- بعد رجوعه من مكة- بَعْد قَضَاء نُسُكه- بمدينة رَسُول اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سنة سبع عشرة وستمائة (ذ) ، وكان مرضه الجوف (ر) - فيما بلغني-» .
194- زيد بن زياد (أ) الحَرَّاني (القرن السَّادِس- السَّابِع)
وَكَتَبَ لِي بِخَطّه وحدثني به (ب) : «زَيْد بْن زياد بْن حمران الحَرَّاني (1) ، أَبُو الْفَضْلِ. اشتغل بِالْحَدِيثِ مُدَّةً طويلة، ثُمَّ اشتغل بعلم النحو والأدب وَالْفِقْه، وبرع فِيهِ. سَمِعَ جماعة من المتأخرين. سمعت (ت) مِنْهُ شَيْئًا يسيرا بِحَرَّانَ. وَكَانَ حسن الخَطّ، ثُمَّ اشتغل بالوعظ وَكَانَ حلو الكلام» .
195- عَبْد العزيز بن عثمان بن أبي طاهر (أ) الْإِرْبِلِيّ ( ... - 644 هـ)
وَكَتَبَ لِي بِخَطّه وَحَدَّثَنِي بِهِ (ب) : «الْفَقِيه عَبْد الْعَزِيز بْن عُثْمَان بْن أَبِي(1/296)
طاهر (ت) الْإِرْبِلِيّ الْمَولِد، نزيل دِمَشْقَ. سَمِعَ الْحَدِيث بِدِمَشْقَ من أَبِي طَاهِر بركات بْن إِبْرَاهِيم الْفُرْشي/ وطبقته. وبمصر من أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن حَامِد الارتاحي، وفاطمة بنت سَعْد الْخَيْر وغيرهم. كتبت عنه (ث) شَيْئًا يسيرا فِي المذاكرة. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الاربلي (ج) أخبرنا أبو القاسم بن عثمان المصري (ح) من لَفْظه، قَالَ: سَمِعت أَبَا البقاء عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز القارئ يَقُول: سَمِعت أَبِي (1) يَقُول: سَمِعت الشَّيْخ أَبَا الْفَضْلِ عَبْد اللَّهِ بن حسين بن بشرى (خ) الجوهري (2) الشَّيْخ الصالح يَقُول: «الْعِلْم شريف، ولولا شرف الْعِلْم لما قدر الهدهد- مَعَ ذله- يَقُول لسليمان- مَعَ عزّه- «أَحطتُ بِمَا لَم تحط به (د) » قَالَ: وَأَنْشَدَنِي ابْن عُثْمَان، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبِي (ذ) - رحمه الله- أنشدتني جدّتي لأميّ: (الطويل) .
تغيّرتِ الأيّام وانقلب الدَّهرُ ... وصار خِيارُ النَّاس لَيْسَ لهمْ قَدْرُ
وصار شِرارُ النّاس يُدعى خيارَهُمْ ... فما أقبحَ الدُّنْيَا وما أعجبَ الدَّهرُ
196- علي بن أبي بكر (أ) بْن عُمَر الحَرَّاني ( ... - 617 هـ)
وَكَتَبَ لِي بِخَطّه وحدثني به (ب) : «أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عمر (1) بن سالم، المعروف بابن مرسال (ت) الحَرَّاني، التاجر الشاب الفاضل. كَثِير الحفوظ، حسن المحاضرة. سَمِعَ الْحَدِيث بالإسكندرية من الْقَاضِي أَبِي طالب بن حديد (2) ، وأبي القاسم ابن عيسى (ث) وغيرهما (ج) من شيوخنا. سمعت (ح) مِنْهُ أَبْيَاتا يسيرة. أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ بالإسكندرية، قَالَ: أَنْشَدَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه البزاز الإسكندري (3) لظافر الحدّاد (4) - وأظنه قَد سمعه مِنْهُ- (الطويل)
وما صدّ عنّي أَنَّهُ ليَ مُبْغِضٌ ... وَلَا كَانَ قَتْلي فِي الهوى من مُرادهِ
ولكنْ رَأَى أنَّ الوِصال يُزيدني ... ظِماءً فأحيا مُهْجتي بِبعاده(1/297)
/ تُوُفِّيَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر- رَحِمَهُ اللَّه- بخِلاط (5) فِي شهور سَنَة سبع عشرة وستمائة، ثم نقلت (خ) جنازته إِلَى حران فدفن بِهَا فِي سَنَة ثَمَانٍ عَشْرَة- وَاللَّه يتغمده برحمته-» .
197- عَبْد الْوَاحِد بن محمد (أ) بْنِ الشَّعّار الْمَوْصِلِيّ (القرن السَّادِس- السَّابِع)
وَكَتَبَ لي بخطه وحدثني به (ب) : «أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْوَاحِد بْن مُحَمَّدِ بْنِ حسن الشَّعّار الْمَوْصِلِيّ (1) ، شَيْخ صَالِح حنبلي المذهب. سَمِعَ أَبَا ياسر عَبْد الْوَهَّابِ بْن هِبَة الله بن أبي حبّة البغدادي. سمعت (ت) مِنْهُ بِإِرْبِلَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَلَمْ يحقّه.
198- أَبُو سَعِيد التَّقَوي (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو سَعِيد قيماز بْن عَبْد اللَّه التَّقَوي (1) ، من أَصْحَاب الأمير تقيّ الدِّين عُمَر بْن شهنشاه بْن أَيُّوب (2) ، رَجُل صَالِح ثقة.
أَنْشَدَنِي أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الحراني، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيد قيماز بْن عَبْد اللَّه التَّقَوي مِنْهُ لَفْظه، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِر أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن ابراهيم السّلفي لنفسه بالاسكندرية:
(الرمل) .
أَنَا إنْ بان شبابي وانقضى ... فبحمدِ اللَّه (أ) ذِهْني حاضرُ
ولئنْ خَفّتْ وجَفّتْ أَعظُمي ... كِبَرًا، غصن علومي ناضر
كتب (ب) أَبُو مُحَمَّد الحَرَّاني: «ناظر» بالظاء القائمة.
199- مَسْعُود الْبَغْدَادِيّ ( ... - 625 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه (1) ربيب سَعِيد (2) غلام ابْن عطا (3) ،(1/298)
شَيْخ صَالِح مقرئ صوفي. نَزَلَ برباط الجنينة، حدث بِإِرْبِلَ عَنْ أَبِي الْمُظَفَّر عَبْد الْمَلِك ابن عَلِيّ (4) /بْن مُحَمَّد الْهَمَذَانِيّ فِي كِتَابه «الأربعين» (5) عَنْ شيوخه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُسْلِمٍ الْهَاشِمِيُّ (6) ، وَأَبُو السعادات الْمُبَارَك ابن مُحَمَّدِ بْنِ كُبَّة الغزال (7) ، قالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد ابن طلحة النّعالي (8) ، قال: أخبرنا أبو سهيل (أ) مَحْمُود بْن عُمَر بْن جَعْفَر (9) الْعُكْبَري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن الْفَرَج (10) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر عَبْد الله بن محمد القرشي (ب) ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن قُريب (11) عَنْ عمه (12) ، قَالَ: قَالَ أَبُو (13) سحمة (خ) أحد بني صَحْب (14) ثُمَّ أحد بني قتيبة من (ث) باهلة (15) ، وَكَانَ لَهُ ضد من قومه يقال لَهُ حبيب بْن وائل (16) ، أحد بني سَهْم (17) بن عمرو، ومن رهط أبي أمامة (ت) صاحب رَسُول اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَد وسع عَلَيْهِ فِي المال، فَقَالَ ولد أبي سحمة (خ) : ألا تبتغي فِي الْبِلاد الرزق حَتَّى تصنع ما يصنع حبيب بن وائل؟ فقال: (الرجز)
إنّي وإنْ كَانَ حبيبُ أوْسعا ... وَلَم أزِدْ عَلَى الكَفافِ قَنَعا
آكل مَا آكلُ حتّى أَشبعا ... وأشربُ الباردَ حتّى أَنْقعا
وأقطع الليّل رُقادًا أجمعا ... لَا خائفا سِرْبًا وَلَا مُفَزَّعا
ولم أقارف (ج) سِوْءةً فأَخشعا ... تُغري بيَ اللّئام الرُّضَّعا
مُمتلئٌ بطني غنى وقنعا (ح) ... باللهِ مَا أدركتُ ذاك أجمعا
والحمد لِلَّهِ عَلَى مَا صنعا
200- جَعْفَر بْن نزار ( ... - بَعْد سَنَة 543 هـ)
هُوَ جَعْفَر بْن المستنَصْر بْن الحاكم بْن الطاهر بْن الأعزّ بْن المعزّ بن(1/299)
العزيز ابن المعتزّ بْن القائم بْن المتوكّل بْن المهدي (1) . وجدت نسبه مكتوبا عَلَى حائط/ القبلة فِي مسجد الصّوامع، وبعده: «حضر لزيارة سرفتكين (أ) فِي منتصف جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَلَاث وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
201- ابْن أَبِي الحجّاج (574- 647 هـ)
أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي الحجاج المَقْدِسِي (1) ، من أَصْحَاب الْحَدِيث الراحلين فِيهِ. وذكر لِي انه من أهل التصرّف (أ) . وَرَدَ إِرْبِلَ واجتمعتُ بِهِ.
202- البِرْزالي (577- 636 هـ)
مُحَمَّد بْن يُوسُف البِرْزالي (1) ، من طلبة الْحَدِيث الذين سافروا فِيهِ.
دَخَلَ بلاد العجم، وَسَمِعَ الْكَثِير، وَهُوَ من إشْبِيلِيَّةَ (2) .
203- الْقَاضِي أَبُو المجد القَزويني (554- 622 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن أَبِي المكارم أَحْمَد، أَبُو المجد القَزويني (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شهور سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ. سَمِعَ أَبَا مَنْصُور مُحَمَّد بْن أسعد بن محمد (أ) حفدة، روى عنه «كتاب السّنّة» (ب) لأبي مُحَمَّد الْحُسَيْن بْن مَسْعُود البَغَوي؛ سُمع عَلَيْهِ بِإِرْبِلَ فِي دار حديثها، فِي جَمَاعَة فِي مجالس آخرها رابع شَهْر رَمَضَان سَنَة تسع عشرة وستمائة (ت) .
204- عبد الغفور بن بدل بن (أ) حمزة التِّبْرِيزِي (555- بَعْد سَنَة 619 هـ)
عَبْد الغفور بن بدل بن حمزة/ بن يوسف (ب) بْن عُثْمَان بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر، أَبُو الكرم التِّبْرِيزِي (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْر رَمَضَان من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَزَلَ بدار الْحَدِيث. يَرْوِي كِتَاب «شرح السُّنة» لأبي محمد(1/300)
الْحُسَيْن بْن مَسْعُود، عَنْ أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بن أسعد بن محمد المعروف بحفدة الطوسي. سمع عليه بإربل جزء منتخب (ت) من الْكِتَاب. مَوْلده بتبريز فِي سَنَة خَمْس وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، ويعرف بالْبُزُوري، ببيع البزور.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْكَرَمِ عَبْدُ الْغَفُورِ بْنُ بَدَلٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي ثَامِنَ عَشَرَ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ بِمَنْزِلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ محمد بن أسعد ابن مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ الْعُطَارِدِيُّ الْمَعْرُوفُ بِحَفَدةَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ في رمضان عن سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِتَبْرِيزَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو محمد (ث) الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ الْمَرْوَرُوذِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بن محمد (2) الشيرزي (ج) ، أخبرنا أبو علي (ح) زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ (3) ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ (خ) ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزّهري (4) عن مالك (د) عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (5) عَنْ أَبِيهِ (6) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ، إِسْبَاغُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فذلكم الرباط (ذ) فذلكم الرباط» (ر) .
205-/أَبُو الْفَضْلِ الأهري ( ... - بَعْد سَنَة 619 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّد بْن أَبِي طَالِب بْن فيروز الأهري (1) . كَانَ أَبُوه من الرؤساء وأهل الديوان. رحل إِلَى بَغْدَاد فِي سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، واجتاز بِإِرْبِلَ. تفقّه بالنظامية عَلَى يحيى بن علي (أ) بْن فضلان، وَالشَّيْخ أَبِي الْقَاسِمِ بْن الخلّ (2) وَقَرَأَ الأدب عَلَى الشَّيْخ مصدق بْن شبيب، وأبي البقاء (ب) عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْعُكْبَري. ورجع إِلَى وطنه، وتوّلى التدريس بمدينة نَقْجَوان (3) فِي سَنَة سِتّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وبقي بِهَا مدرسا إِلَى سنة عشر(1/301)
وستمائة، ثم طلب إلى مدينة تبريز، فُولّي نيابة الْقَضَاء، وَكَانَ الْقَاضِي إذ ذاك بِهَا تاج الْإِسْلَام الجنْري (4) ، ثُمَّ عزل تاج الْإِسْلَام وبقي هُوَ عَلَى حاله نائبا للقاضي ... (ت) ...... (5) الحدادي، وهو باق (ث) إِلَى سابع عشرى رَمَضَان سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ. قدم إِرْبِلَ فِي رَمَضَان رسولا من الملك (6) أوزبك (ج) إليهما وإلى بغداد (ج) .
أنشدني مُحَمَّد بْن الْحَافِظِ بدل بْن أَبِي المعمّر، قال: أنشدني أبو الفضل لنفسه: (البسيط)
جاء الرَّبِيع وعندي من أزاهرهِ ... مَا فِي البساتين من روح وريحان
فالنَرِجسُ الغَضّ من أجفان مُقلتهِ ... والورد من خَدّه والقَدّ من بانِ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أنشدني قيصر (7) بن السوداء الشاعر الواسطي (ح) لِنَفْسِهِ، وَكَانَ قَد منح ظهير الدِّين (8) صاحب البصرة بقصيدة فَلَمْ يجزء بشَيْء، وَكَانَ صاحب الصرة قَد أعطى رجلا فقيرا يدعى حُنينًا/ عشرين دينارا:
(الطويل)
ألا يَا ظهيرَ الدّين يَا خير ماجدٍ ... تَقَرُّ بِهِ عينُ الزّمان وعيني
أتاك حُنينٌ فانثنى عنك شاكرا ... وعدت إلى فومي بخفّ حنين (خ)
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي مجد الدِّين عَبْد الرَّزَّاقِ الباوردي (9) لنفسه في صديق سيء المعتقد: (الكامل)
أهواك يَا صدر الأنام ومُنْيَتي ... لُقْيَاك طول الدهر لولا المَذهبُ
كرمٌ توارى تَحْت سُوء عقيدةٍ ... كالماء يَغشى جانِبيْهِ الطُّحلْبُ
206- الْخُوَارِزْمِي ( ... - بَعْد سَنَة 606 هـ)
مَحْمُود بْن يُوسُف بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ الْخَطِيب الْخُوَارِزْمِي (1) - وَرَدَ(1/302)
إِرْبِلَ. وجدت فِي آخر كِتَاب «المفصل» لجار اللَّه العلامة أَبِي الْقَاسِمِ مَحْمُود بْن عُمَر الزَّمَخْشَرِي إجازته للشيخ أَبِي الثَّنَاء مَحْمُود بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ الْإِرْبِلِيّ (2) ، ابْن الأرملة، ولولده إسماعيل (3) رواية جميع الكتاب. وذكر أَنَّهُ يرويه عَنْ جده فخر الدِّين بارع الْإِسْلَام عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ (4) ، وقرأه عَلَى مصنفه. وأَجَازَ لهما أَن يجيزا لمن وجداه أهلا للإجازة. وَكَتَبَ خَطّه فِي الرَّابِع عشر من صَفَرٍ من سَنَة سِتّ وَسِتِّمِائَةٍ بِإِرْبِلَ. كَذَا بِخَطّه.
207- ابْن كي رسلان ( ... - 619 هـ)
هُوَ أَبُو رسلان مودود (1) بْن كي رسلان (أ) بْن جكاجك بْن بكاجك بْن مُحَمَّدِ بْنِ أترك/ سواسي (ب) ، اشتغل بالأدب عَلَى شَيْخنَا أَبِي الحَرَم مكي بْن ريان- رَحِمَهُ اللَّه- وَقَرَأَ عَلَيْهِ من كتب ذلك جملة (ت) ، سمع (ث) عبد الله بن أحمد بن محمد بن عَبْد الْقَاهِرِ الطُّوسي. ولي مشيخة دار الْحَدِيث الْمُظَفَّرية بِالْمَوْصِلِ، وَلَم يكن عِنْدَهُ كبير أمر في مسموع وَلَا مجاز. وَكَانَ من مبدأ أمره معروفا بالصلاح وَالْخَيْر.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ- وَكَانَ تلكأ لما استنشدته في ربيع الأول من سنة تسع عشرة-: (الطويل)
عسى هاجعٌ يومًا يَرِقّ لساهرٍ ... مصون الهوى لولا شؤون المَحاجرِ
مُجاوزُ حَدٍ فِي مُعاصاة عاذلٍ ... ومُبلغُ عذر في ممالاة عاذر
فآها (ج) لوقتٍ كَانَ أبيض زاهرًا ... وعيشٍ تَقَضَّى فِيهِ أخضرِ ناضرِ
رقيقُ حواشيهِ وشيكٌ مَمَرُّهُ ... كأنْ لَم يكنْ إِلَّا كلَمحة ناظرِ
أميدُ لذِكْراه ارتياحًا ولَوعةً ... فيا طيبَ مذكورٍ ويا لَهفَ ذاكر
وهي طويلة (ح) . وأنشدني لنفسه (الطويل)
سرائر تبريح ظفرن بواديا ... وحاجةُ نفسٍ عِنْد ليلى كَمَا هيا(1/303)
دعاني هواها خِفْيةً فأذعتُه ... وأحلى الهوى مَا كان للنّاس باديا
وأنشدني لنفسه (الطويل)
رَأَيْت مُغنّي الحيِّ فِي الحيِّ كاسدًا ... كَمَا أنّ عود الهند في الهند يوقد
كذلك القطامي (خ) لا يعيش بكنّه (د) ... ولو قام فِيهِ ألف عام مُخلّدُ
وإنَّ لُزوم البيت مزرٍ عَلَى الفتى ... إِذَا ظلَّ فِي إقتاره يَتَردّد
خفّف ياء «القطامي» وَلَا يجوز تخفيفها حشوا (ذ) ، قَالَ: «ولو قام» وَإِنَّمَا هُوَ/ «أَقَامَ» وإنْ كان ربما عنى بقام بيت (ر) أو قامت الدابة إِذَا وقفت.
وَرَدَ خبر وفاته إِلَى أَخِيهِ مَحْمُود (2) بِإِرْبِلَ يَوْم الجمعة رابع عشر رجب من سنة تسع (ز) عشرة وَسِتِّمِائَةٍ- رَحِمَهُ اللَّه-، وتُوُفِّيَ فِي الْمَوْصِل ضاحي نهار الاربعاء خامس عشر (س) رَجَب، ودفن بمسجد جرجيس (3) .
208- الكِرْماني الصُّوفِيّ (561- 635 هـ)
هُوَ أَبُو حَامِد مُحَمَّد بْن أَبِي الفخر بْن أَحْمَد الكِرْماني (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وَكَانَ أول مَا وردها مَعَهُ جَمَاعَة من العجم، ونزل بالقبة الشمالية (أ) من المسجد الجامع، يُسرة الداخل من الباب الشمالي. وزاره النَّاس، وعليه جبة صوف. واجتمع بالفقير إِلَى اللَّه- تَعَالَى- أَبِي سَعِيد كوكبوري فِي مَجْلِس سماع، وَأَرَادَ الحج فِي تلك السنة فزوّده ومن مَعَهُ واكترى لَهُم الظَّهْرَ إِلَى مكة سائرين وقافلين بجملة من مال. ثُمَّ صار فِي آخر قدماته خاصّا بأسراره، ينفذه إِلَى الأطراف رسولا، وصار لَهُ خَول ودواب (ب) كثيرة. وكان شيخ رباط الجنينة، يشارك (ت) عمّاله فِي النظر مَعَهُم عَلَى حاصله، فحوسب فبقي عَلَيْهِ مال أطلقه لَهُ الْفَقِير إِلَى اللَّه أَبُو سَعِيد كوكبوري. وَخَرَجَ من إِرْبِلَ فهو فِي ديار بِكْر (2) وما والاها شَيْخ مَشَايِخ ربطها. كَانَ يُحبّ أَن يكون فِي(1/304)
ألقابه «علم الهدى» أَخْبَرَنِي أَنَّهُ ولد ببَردَسِير (3) سنة إحدى وستين وخمسمائة (ث) .
أَنْشَدَنَا أَبُو حَامِد الكرماني، قَالَ: أَنْشَدَنِي شَيْخِي أَبُو الغنائم غنيمة بْن المفضل السجاسي (4) - وَهُوَ صاحب خرقة (ج) فِي التصوف- وسِجاس (5) قرية من سُهْرَوَرْد بَيْن زنجان (6) وهمذان: (المتقارب) .
/ ولمّا عبثن بأوتارهنّ ... قبيل التّبلج (ح) أيقظنَني
عَمدنَ لإصلاح أوتارهنَّ ... فأصلحنهُنَّ وأَفسدنَني
قَالَ أبو حامد: وأنشدني أيضا: (الطويل)
أَقُول لنفسي حين يَصطادُها الهوى ... دَعي الحِرص، لَا تَسْتكثِري وتَجَرَّدي
وإنْ كنتِ ممن لَا يريد شقاوة (خ) ... خذي العفو ... (د) المكارم فاسعدي
وجُدّي عَلَى ألا تفوتَكِ فُرْصةٌ ... فإنّكِ لَا تَدرِينْ مَا لكِ فِي غَدِ
وَرَدَ إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَرَحَلَ عَنْهَا.
209- ابْن البَاقِلاني ( ... - بَعْد سنة 612 هـ)
هو أبو إسحاق إبراهيم بن يعيش بْن البَاقِلاني (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ، وروى رسالة سمعها عَلَيْهِ جَمَاعَة فِي صَفَرٍ من سَنَة اثنتي عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ. قَالَ ابْن البَاقِلاني: أَخْبَرَنَا الشَّيْخ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَن (2) بجميع هَذَهِ الرسالة (3) ، وَهِيَ من قوله، وأولها: «بالأسماء الحسنى أستفتح (أ) ، سَحابُ سيبك ساح بساحة الُمسترفدين، والسلامة بالاستسلام لمراسمك (ب) سرابيل المستسلمين، وأشدّاء (ت) الفرسان فرائس فَراستك، وأنفُس الحاسدين مُستشعْره بأس سطوتك. فسنابك أفراسك برءوس رؤسائهم واسمه(1/305)
(ث) ، وسيوف سُخْطِك باستئصال ساداتهم باسمه، والمسلمون بأسرهم مستسعدون بُسعود سعادتك، ونفوسهم مسرورة باستدامة سلامتك.
وأساريرهم مُستنيرة لاستعلان مَسَرَّتك، وسرائرهم مُستسيرةٌ سلوكَ سبيل/ سيرتك، والمشير (ج) بسَطْر محاسنك مُستوجب الإحسان، ومستحقٌّ لأنفس نفيس يستدّخره الانسان» (ح) : (السريع)
سامق وسس واسم وسر سالما ... واستأسر (خ) الْأُسدَ وسُدْ واسْعَدِ
وسُلَّ سيف البأس مُستهلِكًا ... لأنفس الحسّاد واستحصد
واستفرس الفرسان مستظهرا ... بالسّمهريّ الأسمر الْمُسْعِدِ
وساجلِ السُّحب وتِسْكابها ... فسِيبُك السَحّاح بالعَسْجَدِ
وسام واستعل سنام السّطا (د) ... مُستخدِمًا للسَّعد والسُّؤدد
«قدّس الْقُدّوسُ نفسَ الرسول، وأسكنه الفردوس، فسكناه السّول (ذ) » . آخرها.
210- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر (القرن السَّادِس)
وجدت بِخَطّ الشَّيْخ الْإِمَام أميري بْن بَخْتِيَار بْن الخَلّ الْأُشْنُهي، مَا صورته: «أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الأجلّ الأوحد، ناصر الدِّين، جمال الْإِسْلَام، عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن حسين الْإِرْبِلِيّ (1) - رَحِمَهُ اللَّه- وَهُوَ من قديم خَطّه: (الخفيف)
أتُرى مَا مضى يعود سريعا ... أم تُرى شَملنا يعود جميعا؟
فرّقت بيننا صُروف الليَّالي ... وفراق الأحباب شيئا شنيعا (أ)
هَذَا عَبْد الرَّحْمَن سألت عَنْهُ، فَلَمْ يُعرِّفه إليَّ أحد، وثناء أميري عَلَيْهِ يدلّ عَلَى أنّ مكانه مَشْهُور. وهذان البيتان، هكذا أنشدهما الناس على مَا أوردهما نصبا فِي الكلمتين الأخيرتين منهما، وَلَا يحتمل/ نصب «شنيعا»(1/306)
عَلَى الحال من «شَيْء» ، لِأَنَّهُ أنكر النكرات، وَلَا يصحّ مَعَهُ المعنى إِلَّا إِذَا رُفع، وَهُوَ ظاهر.
211- ابْن المرة (596- بَعْد سَنَة 620 هـ)
هُوَ أَبُو نَصْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَبِي الْفُتُوحِ بْن أَبِي الْمُظَفَّر بْن أَبِي الْفَرَج بْن أَبِي الغنائم بْن المَرهَ (1) . شاب من أَهْل بَغْدَاد، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ سنة تسع عشرة (أ) ، وكان يتزيّا بزي القلندريّة (ب) ويلبس دلقا مضريّا (ت) وعلى رأسه من جنسه. كَانَ يدّعي معرفة كلّ فنّ، وَلَا تصدق دعواه. كَانَ يميل الى القول بالنجوم والعمل بالأصطرلاب، ويصنع الوقوف (ث) ، فذكر أَنَّهُ صنع مائة عدد فِي مثله. وَحَدَّثَنِي مَنْ سمعه يذكر أنّ عمره ثَلَاث وعشرون سَنَة، وَهُوَ مستبعد عَلَى كلّ حال.
أَنْشَدَنَا برباط المنظرة فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سنة تسع وستمائة (الطويل)
ألام على وجدي (ج) وكيف يلامُ ... مَشوقٌ لَهُ بَيْن الضُّلوع ضِرامُ؟
واعذَلُ والأشواق فيَّ حواكمٌ ... وتعطُفُ عِطفي صبْوةٌ وغرام
إِذَا لمع البرق العراقيٌّ مُوهِنًا ... طربتُ إِلَيْهِ والدِّيار شامُ
ففي كُلّ يَوْم لِي إِلَى أبَرُق الحِمى ... هُيامٌ وفي دار السَّلَام سلام
إذا اعترض الشّطّان (ح) تُقتُ إِلَيْهِمَا ... وعرّضَ نفسي للحِمام حَمامُ
فشوقي إِلَى غَيْر العراق ضلالةٌ ... وتوْقي إِلَى غَيْر الحريم (خ) حرام
وفي تلكم الأطلال تجري سوانحًا ... ظباءٌ لها حبّ الْقُلُوب خيام
كَذَا أَنْشَدَهُ غَيْر مَرَّة،
/ إِذَا أسفرتْ والشمس فِي بُرج سَعدها ... عَلَيْهَا من الفَرْع الأثيث ظلامُ
جآذرُ عينٍ للأهلّة عندها ... جباه وللغصن الرّطيب قوام(1/307)
وكلّ غزال غازلتني صفاته ... خداعا وألقاني لديه هُيامُ
عَلَى القدّ مِنْهُ مشرقُ البدر إنّما ... مطالعه فِي الحالَّتِين تمام
يجل عَنِ النقصان معنى وصورة ... وينقصُ مُشتاقٌ لَهُ ويُضام
فمن جفنه سحرٌ، ومن وجناته ... شقيقٌ، ومن عذب الرّضاب مدام
وكيف وفي التاج (د) المنير لزائر ... عَلَى كلّ حالٍ زمزمٌ ومَقام (ذ)
سَأَلْتُهُ عَنْ نسبة «ابْن المره» ، فَقَالَ: لَا يمكن ذكر معنى ذَلِكَ.
سَافَرَ من إِرْبِلَ فِي سابع عشر شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، ثُمَّ وردها فأنشدني لِنَفْسِهِ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل عَنْ سَنَة عشرين وستمائة لنفسه: (الطويل)
عنانَ الْعُلا لَا زلتَ فِي كفّ صارمٍ ... ورَبْع العلا لَا صرتَ بَيْن المعالمِ
أَنْشَدَ المنادى المضاف فيهما بالرفع (ر) .
وإنّي رَأَيْتُ النَّاس يعظمُ أمرهمْ ... إِلَى سوقة مَا أهِّلوا للعظائم
إِلَى معشرٍ لَو أُعلقوا (ز) فِي جُفوننا ... بعيد الكرى مَا غيَّروا نوم نائم
وأنشدني لنفسه: (البسيط)
بيتٌ من الشعر فِي تشبيه وجنته ... لمّا أحاط بها سطر من النّغر (س)
كالظل فِي النور أو كالشمس عارضها ... جون من الغيم أو كالمحو فِي القمر
أَنْشَدَهُ: «جون» بضم الجيم (ش) ، وكررته عَلَيْهِ فأقام عَلَى ضمه.
وَكَانَ فِي/ هَذَهِ المرة غيَّر تلك اللبسة، ولبس ثياب الفقهاء. ثم وَرَدَ إِرْبِلَ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَافَرَ عَنْهَا فِي رَجَب من السنة المذكورة. وحدّثت عنه بأشياء أضربت عَنْ ذكرها لقبحها- غفر اللَّه لنا وَلَهُ برحمته-.(1/308)
212- أَبُو الْخَيْر الحَزّي ( ... - بَعْد سَنَة 548 هـ)
هُوَ أبو الخير (أ) أحمد بن ملكيشوا (ب) الحَزّي (1) ، كَانَ نَصْرانيا وأسلم. وجدت بِخَطّ يُوسُف بن مقلد بن عيسى الدمشقي (ت) سماعه عَلَى أَبِي الْفَتْح عَبْد الْوَهَّابِ بْن محمد ابن الْحُسَيْن الْمُقْرِئ المَالِكي (2) الصابوني، جزءً فِيهِ «فضائل رَجَب» (3) ، وما يتعلق بِهِ من الصلوات والأدعية الصالحة، وذلك فِي أواخر جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثَمَانٍ وأربعين وَخَمْسِمِائَةٍ فِي جَمَاعَة.
وأول حديثه، أخبنا بِهِ الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مَحْمُودُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الدِّينَوَرَيُّ الْحَمَّامِيُّ (4) فِي سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ عبد الوهاب بن محمد بن الحسين المالكي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ محمد بن عبد العزيز بن المهدي (ث) بِاللَّهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عبيد الله بن محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤٍ الأَمِيرُ (5) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ (6) ، قَالَ: حَدَّثَنَا (7) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ (8) قَالَ: حدثنا زائدة (9) بن أبي الرّقاد (ج) قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ (10) عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، قال: «كان (ح) رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رجب وشعبان، وبلّغنا رمضان» (خ) .
213-/الَقِيَسي الإسكندري ( ... - 624 هـ)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن أبي القاسم بن (أ) أَحْمَد الَقِيَسي الإسكندري (1) نزيل الْمَوْصِل. تفقّه بِهَا عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَلَم يحصل من الْفِقْه عَلَى طائل. وَقَرَأَ الْقُرْآن الكريم واستظهره. سَمِعَ الْكَثِير من مَشَايِخ الْمَوْصِل والقادمين عَلَيْهَا، وَكَتَبَ الْكَثِير، وَكَانَ مغرى بِالْحَدِيثِ وسماعه، يأخذ عمن(1/309)
لقي. ويكتب من الإنشادات الملحون (ب) والْمُعرب. سَمِعت أَنَا وَهُوَ بِالْمَوْصِلِ عَلَى عِدَّة مشايخ (ت) .
أنشدني لنفسه: (السريع)
يا شرف الدّين (ث) الَّذِي ذِكره ... قَد شاع فِي المشرق والمغرب
ومن إذا ناداه مستصرخ ... أجابه الصّامت (ج) كالْخُلَّبِ
وَهَذَا البيت الثَّانِي، كَمَا قَالَ الأصمعي (ح) فِي قَوْل امرئ الَقِيَس (2) :
«كرَّك لأمين عَلَى نابل» (خ) «ذَهَبَ من كَانَ يحسن هَذَا» . وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فما أجابني بشيء.
بلغني أَنَّهُ تُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّه- فِي ثاني ذي الحجة من سَنَة أربع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بالموصل مخنوقا بسقاية المدرسة.
214- ابن بهاء الحَرَّاني ( ... - بَعْد سَنَة 619 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْقَادِرِ بْن مُسْلِمِ بْن بهاء الحَرَّاني (1) ، صبيّ أول مَا بدا عذاره. أَنْشَدَنَا لنفسه في غلام عليه قباء أزرق (الوافر)
وبدر في دجى شعر (أ) تبدى ... يقلهما قضيب فِي كثيب
غريب الْحَسَن يطلع فِي قباء ... سماوي ويغربُ فِي الْقُلُوب
وأنشدنا في غلام يشدّ زنّارا (الخفيف)
/ ومليح لدّلال معتدل القا ... مة فِي وجنتيه ماءٌ ونارُ
شدَّ زُنّاره عَلَى أهيف ... الخصر، فياليتنى لَهُ زنّارُ
وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ يودّع صديقا لَهُ (البسيط)
ودعته وحشاي حشوها حرقٌ ... ومدمعي بالذي أُخفيه قَد نطقا
فما تفارقت الأجسام حين سرى ... إلّا وروحي وجسمي بعده افترقا (ب)(1/310)
أَنْشَدَنَا ذَلِكَ جميعه لَيْلَة الحادي عشر من شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة تسع عَشْرَة وستمائة، وهو مقيم بالموصل مشتغل بالفقه (ت) : ولعل قوله «وفي وجناته ماء ونار» (ث) وافى بيت الوأواء الدمشقي (ج) :
«شدّ زنّاره على دقة الخص ... ر، فشد الْقُلُوب بالزنار»
ومن قَوْل مدرك (2) : «يَا ليتني كنت له زنارا» (ح) ، وأول بيته مشترك متداول (خ) . وأنشدني، قال أنشدني المهذب سليمان البلدي (3) :
(الخفيف)
عجبوا بابتهاج لوني وألوان ... المحبين من أذى الوجد صَفَرٍ
قُلْت: لَا غرو أَن تمثل فِي ... وجهي نور وفي فؤادي بدر
215- أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هو أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الميناري بْن علي بن هشام بْن عَلِيّ الْأَنْصَارِيّ (1) السَّلاوي، من مدينة سَلا (2) من أقصى بلاد المغرب. وَرَدَ إِرْبِلَ وسكن دار الْحَدِيث بِهَا. سَأَلْتُهُ عَنِ الميناري، فَقَالَ:
منسوب إِلَى مدينة تسمى «مينارة» (3) . عِنْدَهُ من كلّ فنّ طرف مِنْهُ.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: (الطويل)
أأحبابَ قلبي، هل سبيلٌ إليكم؟ ... فجسمي عندي والفؤاد لديكم
/ وإن لم (أ) يكن ذنبٌ فردّوا تحيتّي ... فقد طالَ مَا قلتُ: السَّلَام عليكمُ
وَأَنْشَدَنِي للسيد أَبِي إِسْحَاق بن عبد المؤمن (4) : (البسيط)
كيف التصبر والأشواقُ تزدادُ ... والدار تنأى وما للوصل ميعادُ
والدهر قَد عاق عَنْ لَقِيَاكمُ جسدا ... والبين جيش له (ب) الأفكار أجناد(1/311)
فكلما قربت مِنِّي دياركم ... ينأى المزار كَأَنَّ القرب إسعاد
وكلما رمتُ أَن أَنَسى تذكركم ... تأبى الطباع فما تنفكُ تزداد
فالقلب فِي حرق والجفن في أرق (ث) ... وللجوانح إصدار وإيراد
والدمع (ث) يزري بقطر المزن وابله ... وللبلابل إبراق وإرعاد
216- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّلاوي (القرن السَّابِع)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن عمران بْن سُلَيْمَان الَقِيَسي (1) من سَلا، أقصى بلاد المغرب. وَوَجَدْتُ بِخَطّه: «يعرف بابن السرّاج» . وَرَدَ إِرْبِلَ وسكن دار الْحَدِيث بِهَا.
أَنْشَدَنِي لنفسه (الطويل)
ألا يَا غزال السّرب هل فيك مطمع ... لمحترق الأحشَاءَ دامي المحاجر
بِهِ ظمأ برحٌ ووردك ورده ... فماذا ترى فِي ري ظمآن شاكر؟
تعرض يصطاد الظباء فصدنه ... وَلَا شرك إِلَّا عيون الجآذر
كأن فؤادي كلما لاح بارقٌ ... وهبت نسيمٌ فِي قوادم طائر
وَأَنْشَدَ لأبي زَيْد الفازازي المراكشي (2) ، قَالَ: سَمِعْتُهُ من لفظه:
(الطويل)
لعمري لَقَد ظنوا الظنون وأيقنوا ... ببعض إشارات تنمّ عن الصّبّ
فقالوا (أ) : اكشفوا بالبحث عَنْ أصل وجده ... فَلَا فلك إِلَّا يدور عَلَى قطب
/ سلوه وراعوا لَفْظه عَنْ خطابه ... لتفهم عَنْ فحواه داعية الحب
وقوم رأوا مِنِّي مخادعة الهوى ... أشد عليهم من مخادعة الحرب
يقرّ قرارُ السر عندي كأنه ... غريب ديار قَالَ: فِي وطن حسبي (ب)
ألا بأبي من جملة الغيد واحدٌ ... فهل علموا ذاك الغزال من السرب؟
فتنت فلا والله أذكر قاتلي ... بأخذ قصاصي (ت) منه بين يدي ربّي (ب)(1/312)
إِذَا قيل لِي: قل من هويت وما اسمه؟ ... وما سبب الشكوى وما علة الكرب؟
ضربت لَهُم قوما بقوم فصدقوا ... ولفظ لساني غَيْر معناه فِي القلب
وهل يطمع الواشون فِي سر كاتم ... يروم السها مهما أشاروا إِلَى الترب؟
أَنْشَدَنِي ذَلِكَ بدار الْحَدِيث بِإِرْبِلَ فِي الثالث والْعِشْرِينَ من شَوَّال من سَنَة ثمان (ث) عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ يلحن فِيمَا ينشد، وَأَنَا أستريب أَن تكون الأَبْيَات الْأُولَى لَهُ.
217- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عُمَر ( ... - بَعْد سَنَة 619 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عُمَر بْن خميس بْن عِيسَى (1) ، إربلي الْأَصْل، حراني الْمَولِد من طلبة الْحَدِيث. اجتمعت بِهِ لَيْلَة الحادي عشر من رَبِيع الْأَوَّل سَنَة تسع عَشْرَة وستمائة (أ) . أنشدنا لنفسه: (الطويل)
هيولى (ب) حياتي حلّ عقد نطاقه ... ولثم محياه ورشف حمياه
فإني أطيق الصبر عنه وإنه ... محالٌ بقاء الشَيْء بَعْد هيولاه
أخذه من قوله، وأنشده أيضا (الطويل)
/ هيولي حياتي قربكم ودنوكم ... ووجه صبيح منكم أتجلاه
فإن أنتم بنتم قضيت لأنه ... محال بقاء الشيء بعد هيولاه
وأنشدنا لنفسه (السريع)
قَد حار بطليموس (2) فِي أمره ... وضاقت الأرض بأُبْرُقْلِسِ (3)
لما رَأَى بدر الدُّجى قَد غدتْ ... أنواره تطلع بالأطلس (ت)
وهو معنى قَوْل الموفق النَّصيبيني (4) ، وَهُوَ مظفر بن محمد:
(السريع)(1/313)
قَد ضل بطليموس مَعَ ثالس (5) ... فِي هيئة الكل وأُبْرُقْلِسِ
إِن كَانَ مَا قالوه حقا فما ... بال هلال (ث) التم فِي الأطلس؟
218- ابْن شيث الطبيب (563- 623 هـ)
هُوَ عَبْد الرَّحِيم بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن شيث البيساني (1) ، عالم بالطب وَلَهُ أشعار ورسائل. وَرَدَ إِرْبِلَ. أَنْشَدَنِي لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد العطّار (2) قال: أنشدني ابن شيث لنفسه: (الكامل)
ماذا تحاول من دمي عيناك ... لَم يَخْطُ سهم لحاظها مرماك
يَا ضرة القمرين أي شريعة ... حكمت بسفك دمي، ومن أفتاك؟
مَا ذاك إِلَّا أَن حسنك عامدا ... لما رَأَى شغفي بِهِ أغراك
سدت عَلَى اللوام طرق ملامهم ... لما سددت مسامعي بهواك
كم أشتكي جور الغرام وما أرى ... للحب عندك رحمة للشّاكي (ا)
رفقا بصب مَا صبا زمن الصبا ... أصباه عند الشيّب (ب) حسن صباك
أَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْن شيث لبعض المغاربة: (البسيط)
/ كأنّما رنية المغليّ (ت) ما زجه ... بالكمياء الذي قالوا ولم يصب
يلقي النّقار (ث) لجينا من أنامله ... فيستحيل شبابيكًا من الذهب
نَقَلْتُ من خَطّ عَبْد الرَّحِيم بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن شيث، من إِجَازَة كتبها لأبي الْفَضْل عَبْد المنعم بْن نَصْر اللَّه بن أحمد (3) الدمشقي: (الكامل)
إني أجزت لَهُ رواية كُلّ مَا ... ألفته ورويته وحملته
ورأيته أهلا لذلك بعد ما أنفذت ... فكري فيه إذ (ج) أعملته
وهو الفصيح إِذَا تكلم نطقه ... وهو النّصيح (ح) إِذَا تفهم صمته
فليرو عني مَا ذكرت موفّقا ... في ذلك وليعمل بما أعلمته(1/314)
وَاللَّه يرشدنا لما يرجى بِهِ ... مِنْهُ رضاه لنا ويؤمن مقته
«وَكَتَبه عَبْد الرَّحِيم بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن شيث القرشي- عفا اللَّه عَنْهُ وَعَن جَمِيع المذنبين- فِي شَهْر رَمَضَان من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ» .
تُوُفِّيَ عَبْد الرَّحِيم بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بِدِمَشْقَ في سنة ثلاث وعشرين وستمائة (خ) .
219- عَبْد الْحَمِيدِ المَقْدِسِي (570- 620 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الحميد (أ) بْن مُري بْن ماضي المَقْدِسِي (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وَأَقَامَ بدار الْحَدِيث بِالْمَوْصِلِ، وَرَحَلَ إِلَى بَغْدَاد وَسَمِعَ الْحَدِيث.
واستنشدته من شعْره فأنشدني وَكَتَبه بِخَطّه فِي رَمَضَان سَنَة ثَمَانٍ (ب) عشرة وستمائة: (البسيط)
مظفّر الدّين هذا قاصدا رجل (ت) ... ناداك وهو بحمل الفقر موصوب (ث)
/ أبانه الدهرُ عَنْ ربعٍ فأبعده ... ومن يحارب (ج) هَذَا الدهرَ محروبُ
وأنت أكرم من طاف الوفود بِهِ ... ومن إِلَى شرف العلياء منسوب
يَا من أعاد عيون المجد مبصرةً ... قميص نائله (ح) والمجد يعقوب (خ)
ومن لَهُ شرفٌ مَا مثله شرفٌ ... عَلَى قُلُوب عباد اللَّه مكتوب
وعرضه عَنْ جَمِيع الدم ممتنع ... وماله فِي ذوي الحاجات موهوب
وَكُنْتُ أوعد نفسي مِنْكَ بغيتها ... واليوم ها أَنْت وَالدُّنْيَا وأيوبُ
وَكَتَبَ إليَّ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الحَرَّاني بِخَطّه وناولنيه، قَالَ: «هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْحَمِيدِ بْن مر (د) بْن ماضي بْن نامي بْن رامي المَقْدِسِي، مَوْلده بقرية قَراوَى حَسّان (2) من أرض المَقْدِس. سألته عن مولده فلم يحقه، قَالَ: يكون فِي نحو الخمسين سَنَة. سكن بَغْدَاد، سَمِعَ بِهَا أَبَا(1/315)
الفرج بن كليب (ذ) وَأَبَا الْقَاسِمِ بْن بَوْش (3) وَأَبَا الْمَعَالِي (4) بْن المعمّر (ر) وأبا الفرج بن الجوزي (ز) ، وبالموصل أبا المعالي ابن الهيتي (س) وأبا الطاهر بن الطّوسي (ش) وابن هَبَل (5) ، وبدمشق أَبَا الْمَعَالِي نجم الدِّين بْن عَبْد الوهب الْأَنْصَارِيّ (6) وَأَبَا طَاهِر بركات بن إبراهيم الخشوعي وغيرهم (ص) . حَدَّثَنِي وَلَده أَحْمَد (7) أنّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي ثاني جُمَادَى الآخرة سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
220- مبارك الشَّعار ( ... - 624 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن مبارك بْن الْحَسَن بْن مبارك بْن ورود (1) ، من أَهْل إِرْبِلَ. كَانَ/ يعمل الشَّعَر ويبيعه، ثُمَّ صار تاجرا يضرب الأرض فِي طلب الرزق. سمع الحديث على ابن طبرزذ (أ) وأبي الفرج حنبل المكبّر (ب) .
وسمع ببغداد على مشايخها من العالمين (ت) إِلَى أَن سمّع الْحَدِيث، وَكَانَ ذا سمت حسن، حسن المذهب. وَسَمِعَ بمصر ودمشق والبصرة وغيرها (ث) .
توفي بالبصرة في سنة أربع وعشرين (ج) .
أَنْشَدَنِي وَلَده عَبْد الرَّحْمَن (2) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبِي لنفسه: (البسيط)
يَا ذا المعارج إِن قصرت فِي عملي ... وغرني فِي زماني كثرةُ الملل
فشافعي أحمدٌ وابناه وابنته ... إليك، ثُمَّ أَمِير المؤمنين عليّ (ح)
221- على الفرنشي (530- 622 هـ)
هُوَ عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن خليفة بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن شهدانكه بن سالم ابن أَبِي بَكْر الكناني الفَرْنَثي (1) . وفَرْنَث (2) قرية من قرى الدُّجيل (3) .
وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة. شَيْخ له ذكر، يطوف البلاد وسكن مقيما (أ) بجبل بدمشق جوار الصالحين (ب) . حدثني من ذكر أنّ عمره (ت) قبل ولاية المقتفي (4) بستة أشهر، وَقَالَ: يكون عمره مقدار اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَة.(1/316)
اجتمعت بِهِ فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، بزاوية بظاهر بلد إِرْبِلَ أحدث بناءها إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم (5) ، ووجدته أُميا لَا يكاد يعبر عما فِي نفسه. وزاره الْفَقِير أَبُو سَعِيد كوكبوري فِي هَذَهِ الزاوية، وأعطاه وأعطى جَمَاعَة ممن كَانُوا مَعَهُ مقدار مَا استحقوه (ث) . حدنني جماعة من الدمشقيين أنه توفي بها (ج) / في ... (ح) من سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
222- ابْن تانرايا ( ... - 626 هـ)
هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْنِ التانرايا الْبَغْدَادِيّ (1) . وجدت بِخَطّه فِي جُزْء سمّاه «سيرة العبد الْمُقْبِل والْمَلِك الغازي، سُلْطَان إِرْبِلَ» (2) ، كتبها فِي محرم سَنَة إِحْدَى وعشرين وستمائة. ذكر في أثنائها أَنَّهُ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَعْبَانَ سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ نَزَلَ يُوسُف بْن أَيُّوب (3) عَلَى الْمَوْصِل، وأنه وعظ بالجنينة الَّتِي هِيَ الْيَوْم برباط الصُّوفِيّة، وأن أَبَا منصور (أ) يوسف بن علي (4) أكرمه وصفده (ب) هذه اللقطة (ت) ، وأثنى عَلَيْهِ ثناء حسنا.
سَمِعَ الْحَدِيث ورواه، ومن شعْره مَا نَقَلْتُه من الجزء المذكور، وأَجَازَ لِي رواية مَا يجوز لِي روايته عنه، وهو قوله: (الطويل)
فهذا وليُّ اللَّه حقًا بأرضه ... وصاحبُ سرٍّ (ث) فِي الخلائق ظاهرِ
يُوالي بلا قهرٍ موالي إمامه ... ويسطو بسيفٍ فِي أعاديه قاهرِ
ومن شعره في هذا الجزء، وعنى الحنابلة: (الخفيف)
قد غنوا في غمار أنعمه الشا ... مل أهلُ العلوم غربًا وشرقا
إنْ نداهم ندى سواه فماذ ... لك إِلَّا من جُوده كَانَ حقا
مَذْهَب القوم يقتفون إمام ال ... زّهد والعلم ذا المقام (ج) الأتقى
لم يلدن (ح) النساء شبها له بع ... د، فقد فاتهم سجايا وخلقا
/ ولهم فِي خليفة اللَّه عقدٌ ... واعتصام بعروة مِنْهُ وثقى(1/317)
ملكوه مِنْهُم ولاءً وآلاءً ... وثناءً وطيبَ ذكر ورقّا
الإمام المقدّس النّاصر الطّا ... هر بيتا وقدس أصل وعرقا (خ)
ويوالون من يواليه أو يو ... لّيه نَصْرا وحسن ظن وصدقا
الوليُّ الصفيُّ خالصة العص ... ر ابن زين الدين المظفّر حقّا (د)
دام للوافدين يبقى وللخي ... ر يلقّى وللمخوف يوقّى
ومن شعره فيه (د) ، قوله: (الرجز)
هَذَا هُوَ الْمَلِك الَقوِيَم ... وذا الصراط المستقيم
يهناك غازي الكافرين ... بذا المقام وذا النعيم
ومن شعره في هذا الجزء: (الكامل)
أهدي لمولاي المجا ... هد في إيالته (ذ) المنيفه
عقد المكارم من منا ... قب عصر مولانا الخليفة
درّ العطايا من جوا ... هر حسن سيرته الشريفه
طوبى لها طوق (ر) النّبوّ ... ة معصم برة (ز) طريقه
بلطافة بنبوّة ... أخلاقها الغرّ اللّطيفه
فأصخ لها مولاي واص ... غ وحز محاسنها الظّريفه
واشفع لمرسلها إلي ... ك- كفيت فِيكُم كُلّ خيفه-
أحياك مَا اخترت الحيا ... ة لشدّ قوّتي الضعيفه
أعراض جودك في البلا ... د تسير أعراضا لطيفه
/ لم أرض قطّ سوى ندا ... ك فإنّ لي نفسا عفيفه
أوصاف مولانا عرو ... س قبلها هدي الوصيفه
ووظيفتي أثني علي ... ك وقصد ظلك لِي وظيفه
كم قَد نشرت (س) لميت قفر، ... كم أقمت قوى نحيفه
مَا نال ذو ملك علا ... ك من الأنام ولا نصيفه(1/318)
عظّمت ميلاد النبوّ ... ة واحتشدت له مضيفه (ش)
فبذاك تأمن في المعا ... د اذا النّفوس غدت مخيفه (ص)
فاسلم وعش وانعش لعبدٍ ... حاله حالٌ ضعيفه
قَوْله: «مخيفة» غلط، وينبغي أَن يقال: «خائفة» ، وربما عضده التأويل، فيكون من قَوْلهم: «مرض مخيف» ، أي يخيف من رآه، فكأنها لما بِهَا تخيف من يراها.
223- يَاقُوتٌ الْحَمَوِيُّ (574- 626 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ياقوت بْن عَبْد اللَّه الْبَغْدَادِيّ الْمَنْشَأ، الرومي الْأَصْل الحموي المولى (1) ويدعى مولاه عسكرا (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي العشر الوسطى من شَهْر رَجَب من سَنَة سبع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ مقيما بخوارزم وفارقها للواقعة الَّتِي جرت فِيهَا بَيْن التتر وَالسُّلْطَان خُوارزم شاه (3) ، وربما ذكرتها عقب ترجمته (أ) ، سافر البلاد، ودخل إلى مصر (ب) وتتبع كتب التواريخ، وصنف كتابا سمّاه «إرشاد الألباء إِلَى معرفة الأدباء» (4) يدخل فِي أربعة جلود كبار. ذكر/ فِي أوله مما قرأه عليّ، قَوْله:
«وجمعت فِي هَذَا الْكِتَاب مَا وقع إليَّ من أخبار النحويين، واللغويين، والنسابين، والقراء المشهورين، والإخباريين، والمؤرخين، والورّاقين المعروفين، والكتّاب المشهورين، وأصحاب الرسائل المدونة، وأرباب الْخُطُوط المنسوبة المعينة، وكل من صنف فِي الأدب تصنيفا، أو جمع فِي فنه تأليفا، مَعَ إيثار الاختصار والإعجاز، في نهاية الايجاز (ت) . وَلَم آلُ جُهدًا فِي إثبات الوفيات وتبيين المواليد والأوقات، وذكر تصانيفهم ومستحسن أخبارهم، والأخبار بأنسابهم، وشيء من أشعارهم (ث) فِي تردادي إِلَى الْبِلاد، ومخالطتي للعباد. وحذفت الأسانيد إِلَّا مَا قل رجاله وقرب مناله، مع الاستطاعة لإثباتها(1/319)
سماعا وإجازة. إِلَّا أنني قصدت صغر الحجم، وكبر النفع. وأثبتُّ مواطن نقلي، ومواضع أخذي (ج) من كتب العلماء الْمُعوَّل فِي الأخذ عَلَى (ح) هَذَا الشَّأْن عليهم والرجوع فِي صحة النقل إليهم*.
ثم ذكر أَنَّهُ جمع كتابا فِي أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء (5) ووصفه، وَقَالَ بَعْد ذَلِكَ: «وجعلت ترتيبه- يعني كِتَاب إرشاد الألبّاء- عَلَى حروف المعجم، اذكر (خ) أولا من أول اسمه «ألف» ثُمَّ من أول اسمه «باء» ثم «تاء» (د) إِلَى آخر الحروف. وألتزم ذَلِكَ فِي أول كُلّ حرف من الاسم وثانيه وثالثه ورابعه، فأبدأ بذكر من اسمه «آدَم» ألا ترى أنّ أول اسمه همزة ثُمَّ ألف. ثُمَّ بمن اسمه «إِبْرَاهِيم» ، لأن أول اسمه ألف، وبعد الألف باء. ثُمَّ كذلك إِلَى آخر الحروف/ وألتزم ذَلِكَ فِي الآباء أَيْضًا، فاعْتَبِرْهُ» فإنك إِذَا أردت الاسم تجد لَهُ موضعًا واحدًا لَا يتقدم عَنْهُ وَلَا يتأخر عَنْهُ، اللهم إِلَّا أن تتفق أسماء عِدَّة رجال وأسماء آبائهم، فذلك مما لَا حصر فِيهِ إِلَّا بالوفاة، فإني أقدم من تقدمت وفاته عَلَى من تأخرت، وأفردت فِي آخر كُلّ حرف فصلا اذكر فيه من اشتهر بلقبه (أو نسبه أو كنيته، وخفي عَنْ أكثر النَّاس اسمه، فأذكر من ابنه ذَلِكَ الحرف فِيهِ، من غَيْر أَن أورد شَيْئًا من أخباره فِيهِ، إنما أدلّ عَلَى اسمه، فأذكر من لقبه على (ذ) ذَلِكَ الحرف فِيهِ من غَيْر أَن أورد شَيْئًا من أخباره، إنما أدل عَلَى اسمه واسم أَبِيهِ لتطلبه فِي موضعه. وَلَم أقصد أدباء قطر، وَلَا علماء عصر، وَلَا إقليم مُعيَّن، وَلَا بلد مُبيَّن، بل جمعت البصريين والكوفيين والبغداديين والْخُرَاسَانَيين والحجازيين واليمنيين والمصريين والشاميين والمغربيين وَغَيْرهم عَلَى اختلاف البلدان، وتفاوت الأزمان، حسب مَا اقتضاه الترتيب، وحكم بوضعه التبويب، لَا عَلَى أقدارهم فِي الْقُدْمة فِي الْعِلْم، والتأخر فِي الفَهْم» .
ثُمَّ قَالَ فِي آخر المقدمة هَذَهِ: «إنما تصدّيت لجمع هَذَا الْكِتَاب لفرط(1/320)
الشغف والغرام، والوجد بِمَا حوى والهيام، لَا لسلطان اجتديه، وَلَا لصدر أرتجيه، غَيْر أَنِّي راغب إِلَى الناظر فِيهِ، أَن يترحّم عليَّ، ويعطف جيد دعائه لي (ر) . فذلك ما لا كلفة فِيهِ عَلَيْهِ، وَلَا ضرر يرجع بِهِ إِلَيْهِ. فربما انتفعت بدعوته، وفزت بِمَا قَد أَمِن هُوَ من مَعَرَّته. وَمَعَ مَا تقدم من اعتذارنا، ومرّ من تنصلنا واستغفارنا، فقد رآني جَمَاعَة من أَهْل العصر، وَقَد نظمت لآلىء هَذَا الْكِتَاب، وأبرزته فِي أبهى من الْحُلِّي عَلَى ترائب الكعاب، فاستحسنوه والتمسوه لينسخوه. فوجدت فِي نفسي شُحًّا عليهم، وبخلا/ بعطف جيده لهم (ر) ، (بخل الوالد بالولد البّر، والعاشق بالمحبوب القر) (ز) ، مَعَ كوني غَيْر راض، لنفسي بِذَلِكَ المنع، وَلَا حَامِد لها عَلَى هَذَا الصُّنع. لكنها طبيعة عليها جبلت، وشجيّة إليها جبرت (س) ، حَتَّى قُلْت فِيهِ- مَعَ اعترافي بقلة بضاعتي فِي الشعر، وعلمي بركاكة نظمي والنثر- وَأَنْشَدَ: (الطويل)
فكم قد حوى من فضل قول مخبّر ... ومن نفر مصقاع ومن نظم ذي فهم
ومن خبر حلو ظريف جمعته ... عَلَى قدم الأيام للعرب والعجم
ترنّح أعطا في إذا ما قرأته (ش) ... كما رنّحت شرّابها ابنة الكرم
ولو أنّني أنصفته في محبّتي ... لجلّدته جلدي وصندقته عظمي
عزيز عَلَى فضلي بأن لا أطيعه ... على بذله للطائفين على (ص) العلم
ولو أنّني أستطيع من فرط حبه ... لما زال من كفي ولا غاب عن كمّي (ض)
«وقد قرأت بخط أبي سعد السّمعاني (ط) لأبي عبد الله محمد بن سلامة (ظ) في هذا النشوار: (البسيط)
إني لما أَنَا فِيهِ من منافستي ... فِيمَا شغفت به من هذه الكتب (ع)
لَقَد علمتُ بأن الموت يدركني ... من قبل أن ينقضي من حبّها أربي (غ)
«فحملهم منعي على احتذائه، وتصنيف سراره (ف) في استوائه، وما أظنهم(1/321)
يشقون غباره، وَلَا يُحسنون ترتيبه وإسطاره. وإن وفقت لنظر الْجَمِيع، ستعرف الضالع من الضليع. وَقَد سمّيَته «إرشاد الألباء إِلَى معرفة الأدباء» (ق) ، ومن اللَّه أستمد المعونة، وإياه أسأل التَوْفِيق لما يُرضيه، والهداية إِلَى مَا يُحبه ويُزلف إليه، (بمحمد وآله وصحبه) » (ز) .
وَكَانَ قَد سمّاه قبل «إرشاد الأريب إِلَى معرفة الأديب» (ك) وغيَّره.
وَوَجَدْتُ عَلَى ظهر المجلدة الْأُولَى من هذا الكتاب ما مثاله صوره (ل) :» «عبد الرحيم بن (م) النفيس بن هبة الله بن وهبان/ السلمي الحديثي- رفق اللَّه بِهِ- نظر فِي هَذَا الْكِتَاب الناظم من دُرر الآداب أبهاها منظرًا، ومن غرر نتائج الألباب أزكاها مخبرا، نظر مستجيد مستملح، ونقل منه نقل مستفيد مستلمح، وقال: (الرجز) .
هَذَا كتابٌ جمعتْ فصولهُ ... من العلوم كلَّ فنّ رائقِ
بيانُ تاريخ أولي الْفَضْل وما ... نحوه من نفر ونظم فائق
أحسن من جواهر منظومةٍ ... يُزينها عاتقُ خَوْدٍ عانق
تصنيف ياقوت الأديب البارع ال ... حبر اللَّبيب اللَوذعيِّ الحاذق
وفقه اللَّه لِما يُرضيه من ... فعلٍ زكيٍ ومقالٍ صادق
كتب فِي هَذَهِ المقدمة: «وَكُنْتُ- مَعَ ذَلِكَ- أَقُول للنفس مما طلا، وللهمّ مناضلا (ن) (بالضاد) . وَقَالَ فِي بَعْض مقدمة كِتَاب لَهُ رأيته (هـ) وهو إنه يمدّ المقصور. وقال فِي مَوْضِع آخر: «وَكُنْتُ مشكًا، أي شاكا» .
وحدثني قال (و) : قَالَ صدر الأفاضل (6) : نقضتُ عَلَى شارحي بيت المتنبي (ى) في قوله: (الطويل)
لَهُ فَضلةٌ عَنْ جسمه فِي إهابه ... تجيء عَلَى صَدرٍ رحيبٍ وتذهبُ
وذلك أَنَّهُم ذهبوا جميعا، أَنَّهُ وصف صدره بالسعة، وَإِنَّمَا أَرَادَ انّ ذنبه لطوله(1/322)
يجيء ويذهب عَلَى صدره. فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا خلاف مَا عِنْدَهُم، وَهُوَ أَنَّهُم لَا يصفون الذَنَب بالسبوغ إِلَى هَذَهِ الغاية، ألا ترى إِلَى قَوْل امرئ الَقِيَس (7) :
«بضافٍ فُويق الأرض ليس بأعزل» (أأ) فجعله فويق الأرض، ليكون أبلغ فِي وصفه، فمدحوه بهذا كَمَا عابوا عَلَيْهِ قَوْله أَيْضًا: (المتدارك)
لها ذَنَب مثل ذيل العروس ... تسدُّ بِهِ فرجها من دبر (أب)
/ فما اجاب عن ذلك بجواب (أت) . وَسَأَلْتُهُ أَن يملي عليَّ من شعْره، فامتنع بَعْض الامتناع، وغضّ من نظمه، وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: (الطويل)
يبرّد (أث) ناري فيه بارد ظلمه (أج) ... ويُضعف مَا ألقاه بارد ظُلْمِهِ
مُسالم سلمٍ دائما (أح) ربّ حربه ... ويؤذن (أخ) حربًا باغيًا ربَّ سِلمهِ
أيا مَلِكَ الْحُسن الَّذِي انقادت الورى ... إِلَيْهِ فما يأبي أمرهُ فصل (أد) حكمه
محبّك قدما كان يلقاك محسنا (أذ) ... فوقع لَهُ يجري عَلَى حسن رسمه
وَأَنْشَدَنِي لنفسه: (الطويل)
إِذَا لمست كفاي دمعي وجدته ... كجمر الغضا، بل مثله أصبح الجمر
وما ذاك إِلَّا أَن نار أضالعي ... تفور بدمعي مثل مَا فارت القدر
وأنشدني لنفسه: (الطويل)
إِلَى اللَّه أشكو من بُليت بحبه ... فحلّلَ عندي (أر) حبه فِي الهوى دمي
ومن كَانَ يلقاني فيبدي بشاشة ... فَلَمَّا درى مَا بي بدا بالتّجهّم
وأنشدني لنفسه (الطويل)
ألا أنَّ قلبي بعدكم ذو صبابة ... يسير بمسراكم وينزل حيثما
أهيم بذكراكم وأبكي لفقدكم ... وأسأل ربّي أن يردّك بعد ما
فأُقسم أَنِّي مُخلص فِي هواكمُ ... فيا ليت شعري عند حبي كيفما (أز)(1/323)
وَقَد زرتني من بَعْد طول تجنب ... وَلَم تمهلي بالمدنف الصب ريثما
وَقَد غبت عنكم أشهرًا لَم أراكم ... فما ضركم لَو زرتموني كلّما (أس)
أهيم بكم مهما حييت فإن أمت ... أهيم بكم بالقبر والحشر مثلما
/ يقَوْلون زرنا قُلْت من لِي بزورة ... يعيش بِهَا روح المعنى وَإِنَّمَا
أَقُول لقلبي حين هُم بفجعة ... عسى ولعلّ اللَّه يَوْمًا وربما
ومن تصانيفه «معجم البلدان» (8) ، «معجم الأدباء» (9) «معجم الشعراء» (10) «المشترك وضعا والمفترق صقعا» (11) ، «المبتدأ والمآل فِي التاريخ» (12) ، «كِتَاب الدول» (13) ، «مجموع كَلَام أَبِي عَلِيّ الفارسي» (14) «عنوان كِتَاب الأغاني» (15) ، «الْمُقتَضَب فِي النَّسب» (16) ، يذكر فِيهِ أَنَساب العرب.
حُدِّثتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بحلب فِي رَمَضَان سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وقف كَتَبَهُ بمشهد الزَّبدي (17) بِبَغْدَادَ.
224- عُثْمَان بْن عُمَر الحَرَّاني (560- بَعْد سَنَة 618 هـ)
هُوَ أَبُو سَعِيد عُثْمَان بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن ثَرْوَان بْن ثرى بْن سَعْد بن وهبان ابن عَبْد اللَّه بْن نُمير (1) الحَرَّاني الْمَولِد. حَدَّثَنِي أَنَّهُ ولد بحَرَّان فِي ذي القعدة من سَنَة ستين وَخَمْسِمِائَةٍ. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، لطيف الأخلاق من بَيْن الحرانيين، جميل العشرة. عِنْدَهُ أدب وشَيْء من نحو، حلو الفكاهة. يعرف بابن شيَّاح.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي جُمَادَى الأولى من سنة ثمان عشرة (المتقارب)
رماني بألحاظه فاتكٌ ... من الترك يعذُب فِيهِ العذاب
إِذَا كَانَت القوس من رميه ... تئن (أ) ، فكيف يكون المصاب؟
وأنشدني لنفسه يقاضي (ب) ابن نباته (ت) : (مجزوء السريع)(1/324)
يا من له نفس حرّ ... تأبى (ث) خلال التقاضي
وبلغه ذَلِكَ، فَلَمْ يؤثر فِيهِ شيئا، فقال: (الرجز)
قد قلت للمولى الصّف ... يّ الأريحيّ ابن المحسّر (ج)
ذكّر جلال الدِّين بي ... قَالَ: الْمُؤنّثُ لَا يذكّر «2»
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْن خرخيز (2) لمحمد بْن الْحَسَن الحلبي (3) فِي صبي اسمه أَبُو بكر: (المنسرح)
إِن أَبَا بَكْر الَّذِي سفكت ... دماءنا بالفتور عيناهُ
أهوى جديدَ العِذار مِنْهُ ولو ... كَانَ عتيقا (ح) مَا كنتُ أهواهُ
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا عَلِيّ بن محمد بن الحسن (خ) بن النّبيّة (4) لنفسه: (الكامل)
خذ من حديث شؤونه وشجونه ... خبرا تسلسله دماء (د) جفونهِ
لولا فضيحته بفيض دموعه ... مَا زال شك رقيبه بيقينه
وأغنُّ تؤيسني قساوة قلبه ... منه ويطمعني تعطّف لينه
خفر (ذ) الدّلال، أضمّه وأهابه ... لحيائه (ر) ووقاره وسكونه
فإذا وصفت (ز) بشعْره قصر الدُّجى ... هجم الصباح بثغره وجبينه
نادت روادفه ولين قوامه (س) ... إياك عَنْ كثب الحمى وغصونه(1/325)
ساق صحيفة خده مَا سودت ... عبثا بلام عذاره أو نونه
جمد الَّذِي بيمينه فِي خدّه ... وجرى (ش) الَّذِي فِي خده بيمينه
بلغتني وَفَاة ابْن النبية في رمضان سنة تسع عشرة (ص) وستمائة، وأنه توفي أول السنة (ض) . وأنشدنا مثله- وأكبر ظنّي إنه للحصكفي (ط) -:
(الطويل)
وكم ليلة قد بتّ (ط) أهزم جيشها ... بجيشين، من خمر عتيق ومن جمر
فطورا أظن الجمر ذائب خمرها ... وطورا أظن الخمر من لهب الجمر
225- الْوَاعِظ المغربي ( ... - بَعْد سَنَة 619 هـ)
هُوَ أَبُو/ زَكَرِيَّا يَحْيَى بْن أَحْمَدَ بْنِ يُوسُف بْن أَحْمَد الحسني الأندلسي الغرناطي (1) وَرَدَ إِرْبِلَ وعقد بِهَا مجالس الوعظ، وَكَانَ لَهُ من العامة قبول عظيم، كَانَ يجيء النَّاس أكثر مجالسه ويتكففهم. وصله الْفَقِير أَبُو سَعِيد كوكبوري بصلة، وَأَرَادَ السفر فأمر العامة أَن يطلبوا من السُّلْطَان أَن يقيم عِنْدَهُم، فأجابهم إِلَى ذَلِكَ.
فِي خامس جُمَادَى الآخر من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، انشدني لنفسه:
(البسيط)
يَا دوحة البان من شرقيّ كاظمةٍ (2) ... سقاكِ من عبرات السحب هتّانُ
لساكنيك عَلَيْنَا خدمة ولنا ... عليهم بالوفا عهدٌ وأيمانُ
كم أعذل القلب فِي تذكاره لَهُم ... دنوا فَلَمَّا دنا وصلي لهم (أ) بانوا
هُم علموني الهوى مَا كنتُ أعرفه ... حَتَّى إِذَا ولجوا بَاب الهوى خانوا
هُم الذين بسحر اللحظ قَد سفكوا ... دم الهمام وشرع الحب إذعان
فإن وضعتُ يدي بالصّدر اكتم ما ... بالقلب غادره صبر وكتمان(1/326)
وَهِيَ- كَمَا ذكر- طويلة، التزم فِي أثنائها الإتيان بكلمات منثورة- ذكرها لِي- تبين إِذَا كُتبت بلون غَيْر المداد.
226- خَالِد النابلسي (585- 663 هـ)
هُوَ أَبُو البقاء خَالِد بْن يُوسُف بْن سَعْد بْن الْحَسَن بْن الْمُفرِّج بْن بكّار النَّابُلسي المَقْدِسِي (1) الشَّافِعِيّ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، وسكن رباط الجنينة. سكن بَغْدَاد ونزلها، وَأَقَامَ بِهَا سنين يسمع الحديث ويقرأه بالمسجد الجامع (2) - عَلَى مَا ذكر لِي-. وَلَهُ اجازات من شيوخ بغداد وغيرهم. [سمع] (أ) بِإِرْبِلَ عَلَى الشَّيْخ أَبِي الْمَعَالِي صاعد بْن عَلِيّ الْوَاعِظ، وعلى راجية بنت عَبْد اللَّه (ب) عتاقة أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيف بْن أَبِي/ النجيب (ت) - رَحِمَهُ اللَّه-. كَانَ فِيهِ سهولة أخلاق وممازحة، ونفور فِي بَعْض الأوقات. وَكَانَ مولعا بشراء الكتب وبيعها، والمغالاة فِي خُطُوطِ الأئمة بِهَا. وَكَانَ مغاليا فِي مَذْهَب أَهْل السّنة.
سَأَلْتُهُ أَن ينشدني شَيْئًا من شعْره، فأبى عَلَيَّ كلّ الإباء، وقال لححت الح (ث) ، ثُمَّ اجتمعت بِهِ فِي منزلي، فكتب بِخَطّه، وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي عاشر جُمَادَى الآخرة من سنة تسع عشرة وستمائة: (الطويل)
أَبَا حسنٍ إنّي إليك وإن نأت ... ركابي إِلَى بَغْدَاد مَا عشت تائق
ولو عنت الأقدار (ج) قبلي لعاشق ... لما عاقني عَنْ حسن وجهك عائق
وأنشدني لنفسه: (السريع)
يَا رب بالمبعوث من هاشم ... وصهره والبضعة الطهر
لَا تجعل الْيَوْم الَّذِي لَا ترى ... عيناي تاج الدين من (ح) عمري
وَأَنْشَدَنِي لشيخه وجيه الدِّين أَبِي بَكْر الْمُبَارَك بْن أَبِي السعادات الْمُبَارَك بْن(1/327)
سعيد النحوي الضرير (3) ، قال: أنشدنا لنفسه: (الخفيف)
لست أستقبح اقتضاءك للوع ... د (خ) وإن كُنْتُ سيد الكرماء
فإله السماء قَد ضمن الرز ... ق عَلَيْهِ ويقتضى بالدعاء
فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعت ذَلِكَ قديما ورأيته فِي غَيْر مَوْضِع، وأظنه لَيْسَ له (د) . فَقَالَ: كَذَا يَقُول كلّ من أنشدته إياهما. واللفظ لي.
227- أبو سعد (أ) الْقُومَساني ( ... - بَعْد سَنَة 615 هـ)
هُوَ أَبُو سَعْد عَبْد الغفار بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الْوَاحِد بْن عَلِيّ بْن مبارك الْقُومَساني الأعْلَمي (1) ، من أعمال همذان (ب) ، السّجاسي (ت) المولد، المقيم بالموصل، الصوفي. ورد (ث) اربل ونزل في الخانقاه/ يروى كتاب «الشهاب» للقضاعي، عن محمود ابن علي بن بكران (2) عن أبي (ج) الْقَاسِمِ الْقَاضِي (3) بضيعة نوار (4) ، عَنِ الْقَاضِي أَبِي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي.
سمعته عَلَيْهِ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة خَمْس عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ بالمدرسة المظفرية.
شَيْخ صَالِح عَلَيْهِ سيماء الْخَيْر.
228- أَبُو الفوارس القزويني ( ... - بَعْد سَنَة 609 هـ)
هُوَ أَبُو الفوارس الْمُشرَّف بْن عَبْد اللَّطِيف بْن عَبْد البرّ القَزويني (1) بلدًا، الزّاذاني قبيلة- بالزاء المعجمة- (أ) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَة أَرْبَع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، ونُصب شيخا لدار الْحَدِيث المظفرية بِإِرْبِلَ، وَهُوَ أول من أَقَامَ بِهَا.
وحضر خُطْبته لمّا فُتَحْت الْفَقِير إِلَى اللَّه أَبُو سَعِيد كوكبوري، والعلماء بِإِرْبِلَ وجَمَاعَة كثيرون، وَكَانَ يعرض لولايتها جَمَاعَة من علماء إِرْبِلَ، فما أعطوها، وحضرتُ مَعَهُم. وَأَقَامَ بِهَا يُسَمِّع الْحَدِيث عَلَى مَنْ وردها، وَلَم يكن- إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى- سمّع الحديث بغيرها. ولخلوه (ب) من الإسماع فقد كلّمني (ت)(1/328)
الْفَقِير أَبُو سَعِيد كوكبوري فِي معنى مَنْ يكون بِهَا يصلح للسماع عَلَيْهِ، فأشرت لَهُ إلى ابن طبرزذ (ث) وحنبل (ج) ، فأحضرهما بإذن المواقف المقدسة (ح) - أَدَامَ اللَّه جلالها- إِلَى إِرْبِلَ. سَمِعَ عَلَيْهِمَا بإربل من يعسر حصره.
وأقام بدار الحديث- عمّرها اللَّه- إِلَى أَن تُوُفِّيَ الْفَقِيه عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر الخَلكاني فِي ثَالَثَ عَشَرَ رمضان سنة تسع وستمائة (خ) ، فانتقل إِلَى المدرسة الْمُجَاهِدية مدرسا بِهَا إِلَى أن توفي ... (د) . وكان عالما بأصول الفقه والمذهب، لفي الرازي.. (2) وَقَرَأَ عَلَيْهِ- كَمَا ذكر لِي-، ورعًا خيّرًا ذا سمت وعقل وافر. أُخبرت أَن والده عَبْد اللَّطِيف (3) كَانَ أَيْضًا فقيها وَلَهُ أشعار.
أنشدني أَبُو الفوارس الْمُشرَّف بْن عَبْد اللَّطِيف/ قَالَ: انشدني والدي لنفسه: (الطويل)
حياتي أَن أهوى هواك وميتتي ... إِذَا غبتُ عَنْ ذكراك فِي السر والجهر
فلولا حجاب يلزم (ذ) القلب والحشى ... لطرت (ر) إِلَى لُقْيَاك من سعة الصدر
إِذَا أمرتني النفس بالصّدّ والقلى ... أتى (ز) مانع من جانب العقل للهجر (س)
قصارى نهاري أنني لك عاشق ... وذلك ذخري فِي حياتي وفي نشري
شربت قديما من هواك مدامة (ش) ... فأسكرني حَتَّى سكرت من السكر
فها أَنَا (ص) فِي سكر الهوى فاقد الحجا ... وارجع فِيهِ من خمار إِلَى خمر
ولو برئت سكرًا (ض) قلوبُ ذوي الهوى ... لما أغفلتها حادثات من الدّهر
تحلّ (ط) محلّ النّور في وسط ناظر (ظ) ... بصرت على لألائه (ع) مدة العمر
وقد رمت أن يخفى (غ) عذابي في الهوى ... فأظهره سري ونجواه داطري (ف)
فكيف أرجّي أن سرّ محبّتي (ق) ... يروح خفيّا والهوى هاتك (ك) الستر
وَوَجَدْتُ فِي جُزْء إِجَازَة مَا حكايته بَعْد الإجازة: «وَكَتَبَ هِبَة اللَّه بْن(1/329)
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر بْن زَاذان (4) » ، وَهُوَ من أجداده، كَذَا ذكره لِي وَلَده عَبْد اللَّطِيف (5) . وَقَد حدّث بحديث الساعة، فَقَالَ الَّذِي حدثه: «حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الأَوْحَدُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بن محمد بن زاذان المعروف بهبة الله (ل) إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ (6) ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو الأَحْوَصِ مَحْفُوظِ بْنِ مُحَمَّدٍ (7) خَالُ جَدِّي- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: حَدَّثَنَا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ (8) عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ (9) عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ (10) عن ابن عمر (م) عَنْ عُمَرَ- رِضْوَانُ اللَّهِ/ عَلَيْهِ- قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عَندِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَهُ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ. فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى أَدْنَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَتَى السَّاعَةُ؟
فَقَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنَّ مِنْ أَمَارَتِهَا أَنْ تَلِدَ الامْرَأَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْعُرَاةَ الْحُفَاةَ أَصْحَابَ الشَّاءِ قَدْ تَطَاوَلُوا فِي الْبُنْيَانِ» (ن)
وبعده (هـ) قال الشيخ هبة الله بن عمر (و) : وحدثني الشيخ أبو محمد عبد الله ابن عُمَرَ بْنِ زَاذَانَ (11) ابْنُ عَمِّي- رَحِمَهُ اللَّهُ-، قال: حدثنا القاضي أبو بكر أحمد ابن محمد بن إسحاق السّني (12) ، حدثنا أبو (لا) عروبة الحرّاني (13) ، حدثنا المنذر ابن الْوَلِيدِ الْجَارُودِيُّ (14) ، حَدَّثَنَا أَبِي (15) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أبي جعفر (16) عن محمد ابن جحاه (17) ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ (18) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (19) ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، إِلَّا كَانَتْ (ى) له حجابا من النار أو سترا (أب) . وبعده: «أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الْإِمَام الأوحد أَبُو حَفْصٍ عمر بن محمد بن زاذان المعروف بهبة اللَّه بقَزوين، فِي صحن داره فِي عشر جُمَادَى الآخرة من سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ لنفسه: (الوافر)(1/330)
رأى المزورّ عنّي لا شتمالي ... على سلطان قزوين (أت) ازوراري
تنكب عامدًا بجوار نقصٍ ... ورحتُ منكبا والفضل جاري
كَذَا بِخَطِّهِ: «تنكب» بالتاء، وصوابه «فنكب» (أث) بالفاء.
تجارينا التغابي فانتمينا ... فَكَانَ لِي المعلّى في التجاري (أج)
وأنشدني له أيضا: (الوافر)
/ فما الدُّنْيَا لمعتبر لبيب ... سوى لمعان أودية السراب
وبرق عارض وسرى خيال ... وظلٌّ زائل وصدى شعاب
وأنشدني أيضا له: (المتقارب)
نظرت فلم أر (أح) كالْمُستخصّ (20) ... أبينُ بِهِ الْفِقْه كلّ البيان
لمنظوم مفهومه معجز ... كمعجز محكم آي القران
وَأَنْشَدَنِي له: (الطويل)
وإنّي على ضنّي (أخ) بنفس أبيّة (أد) ... أملكها من مستحق عَلَى رخص
أنزهها عَنْ خنزوانة (أذ) معشر ... يرون المعالي الغرّ بالاعين الرمص (أر)
مظفر (أز) أَنِّي لذت مِنْكَ بغفرة ... تعفي عَلَى زلات ذي بجر شمص (أس)
برد اطيم (أش) ذكر الحبّ نشره ... فديت، ترى سترا (أص) على ذلك الشخص
وروى (أض) الْحَدِيث أَيْضًا عَنْ أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بْن جعفر بن محمد الطّيّبي (21) وعن أحمد ابن أَبِي رجاء (22) ، وَعَن أَبِي عُمَر عَبْد الْوَاحِد بن محمد بن عبد الله بن محمد بْنِ مهدي الْبَغْدَادِيّ الْعَدْل (23) ، فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة سبع وَتِسْعِينَ وثلاثمائة. وَعَن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ زَنْجُويَهْ القطّان (24) ، وَعَن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزبير بْن مُحَمَّد الزُّبيري (25) .(1/331)
229- الْحُسَيْن بْن الخَلِّكان ( ... - 622 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر بْن خَلِّكان (1) ، من بني خَلِّكان الفقهاء، شَيْخ صَالِح فَقِيه عالم عارف بالمذهب معرفة تامة، كَثِير تلاوة الْقُرْآن، لَهُ سَمت حسن ووقار. درّس بعدة مدارس بِإِرْبِلَ. كَانَ بِهِ مرض، بقي بِهِ عِدَّة سِنِينَ، ثُمَّ برأ مِنْهُ وهو إنه كان يرذى (أ) مَا يأكله بَعْد ساعة بالَقَيْءِ وَلَا يغوط.
سَمِعَ من يَحْيَى بْن مَحْمُود/ بْن سَعْد المكي، أبي (ب) الْفَرَج الثقفي الْأَصْبَهَانِيّ «كِتَاب الْحُجّة فِي بيان المَحجَّة» (2) وشرح «مَذْهَب السَّلف» (3) جمع أَبِي الْقَاسِمِ إسماعيل ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْل، بِرِوَايَتِهِ عَنْ مصنفه، وأسمعه بِإِرْبِلَ مَرَّة إِلَى آخر العشر الأخيرة من شَهْر رَبِيع الْأَوَّل سَنَة سِتّ عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، وأخرى إِلَى يَوْم الأربعاء ثالث شَوَّال من سنة اثنتين وعشرين وستمائة (ت) . تُوُفِّيَ فِي ثاني عشر ذي القعدة من سنة اثنتين (ث) وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن بالمقبرة العامة شرقي بلد إربل- رحمه الله-، وبخطه.. (ج) .
230- ابْن وَهْسُوذان ( ... - بَعْد سَنَة 530 هـ)
نَقَلْتُ من كِتَاب فِيهِ مشيخة أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عمر ابن الْحَسَن بْن خليفة الْمَعْرُوف بابن سُوَيدة، مَا صورته «أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْح نَصْر بْن وَهْسُوذان (أ) بْن ملكيشوع بْن قحطان الهذباني الْإِرْبِلِيّ (1) - رَحِمَهُ اللَّه- قَالَ: حقيقة المحبة بذل مجهودك فِي رضا محبوبك. وجمع فِي المحبة كتابا مختصرا (2) سَمِعْتُهُ من لفظه وقرأته عليه غير مرة، وأنشدني (البسيط)
أخفتْ عَنِ القوم مَا أبدت عزيمتهم ... وأظهرتْ للنوى والبين مَا كتما
بانوا فآلم قلبي. (ب) يَوْم بينهم ... فلست أحمّله من بعدهم ألما(1/332)
فالبين يعشقهم والحين (ت) يعشقني ... والجسم مذ فارقوني يعشق السقما
يَا ليته كَانَ أعمى يَوْم صاح بِهِم ... حادي الرحيل فما للبين مَا رحما
وجدت بِخَطِّهِ كِتَاب «الفصيح» (2) وَهُوَ خَطٌّ حسن، وَكَتَبَ أوله:
«النصر بن وهشوذان ابن ملكيشوع (ث) - بالسين- وفرغ من نسخه سَنَة/ ثلاثين وَخَمْسِمِائَةٍ.
231- محمد بن أبي طاهر (أ) الرُّوذْرَاوَري ( ... - بَعْد سَنَة 614 هـ)
هو أَبُو عَبْدِ الله محمد بن الحافظ أبي طاهر أحمد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر ابن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر الهذباني (1) ، قدم إِرْبِلَ سَنَة أربع عشرة وستمائة (ب) .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي طَاهِرٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ نَصْرُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَرْمَكِيُّ الْجُرْجَانِيُّ (2) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ (3) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي الجرجاني (4) ، حدثنا محمد ابن يعقوب بن يوسف، أخبرنا محمد بن (ت) عَبْدِ اللَّهِ (5) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ (6) أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ (7) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ث) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسيِّبِ (8) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فُوُضِعَتْ فِي يَدِي» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأنتم تنتثلونها» (ج) .
وبه (ح) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي طَاهِر، حَدَّثَنَا نَصْر (خ) بن المظفر،(1/333)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إبراهيم (د) ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد (9) الجرجاني، قَالَ: حَدَّثَنَا عينية (ذ) بْن عَبْد الْعَزِيز اليماني (10) باليمن، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه (11) البلوي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن صَالِح بْن النَطّاح (12) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبيدة (ر) معمر بْن الْمُثَنَّى (13) عَنْ عَوَانة بْن الحكم (14) ، قَالَ: دَخَلَ كُثِّير عَزّة (15) عائدا فقعد عِنْد رأسه (ز) فَلَمْ يكلمه لشدة مَا بِهِ، فأطرق مَلِيًّا ثُمَّ التفت إِلَى جلسائه، فَقَالَ: كان بَحْرًا زَاخِرًا، وَغَيْمًا مَاطِرًا. ولقد كَانَ هَطْلُ السَّحَابِ/ حُلْوَ الخِطَاب، قريب الميعاد، صعب الَقِيَاد، إِن سئل جاد، وإن جاد عاد، وإن حبا عَمَّر، وإن أُبتلي صبر، وإن فُوخر فخر، وإن صارع برز، وإن جُني عَلَيْهِ غفر. سبط البنان، جريء الجنان، فِي الشرف القديم، والفرع الكريم، والحسب الصميم. يبذلُ عطاءه. ويرفد جلساءه، ويرهب أعداءه.» ففتح طلحة (16) عينيه، فَقَالَ: ويحك ما كثير ما تقول. فقال: (الكامل)
يَا ابْن الذَّوائب من خزاعة (17) والذي ... لبس المكارم وارتدى بنجاد
حلّت بساحتك الوفود (س) من الورى ... فكأنما كَانُوا على ميعاد
لنعود سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكِّي كَانَ بالعواد
قَالَ: فاستوى جالسا، وأمر لَهُ بعطية سنّية، وَقَالَ: هِيَ لك إِن عشتُ فِي كُلّ سَنَة. أَخَذَ قَوْله: «فكأنما كَانُوا عَلَى ميعاد» من قول الأسود بن يعفر (18) : (الكامل)
جرت الرياح عَلَى محل ديارهم ... فكأنما كَانُوا على ميعاد
سمع أبا الوقت الصوفي (ش) ، وأبا زرعة طاهر بن محمد بن طاهر (19) غيرهما، وعدة (ص) مَشَايِخ، وَلَهُ إجازات كَثِيرَة.
232- ابْن شُحانة الحَرَّاني (589- 643 هـ)
هو أبو محمد عبد الرحمن بن عُمَر بْن بركات بْن شُحانة بْن هِبَة الله (1) ،(1/334)
الحَرَّاني الْمَولِد. قدم إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة تسع عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ.
حافظ مؤرخ، عمل لحَرَّان تاريخا يدخل فِي أربعين جلدا (2) . عِنْدَهُ محفوظات كَثِيرَة للمحاضرة. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: لَا أعرفه. شاب قَصِير. وسئل مَرَّة أخرى/ عَنْ مَوْلده فَقَالَ: لَم أبلغ الثلاثين. أنشدني لنفسه في خامس رجب (أ) : (الكامل)
يَا قاتلي لَو أنّ قلبك جلمدٌ ... وشكوت أشواقي لرقّ الجلمد
قيل اكتسيت الذلّ بَعْد مهابة ... وبك اشتفي منّي العدى والحسد (ب)
وسهرت فِي حبيك ليلى لَم أَنم ... أتُراك مثلي ساهرا لَا ترقد
ويلاه من نار بقلبي (ت) أضرمت ... ما إن لها إلّا رضا بك مبرد (ث)
وقسيّ سحر من لحاظك فوّقت ... فأصيب (ج) قلبي المستهام المكمد (ح)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ أَنْشَدَنَا الوزير أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن محمد بن المجاور (3) لنفسه: (السريع)
ليت رقيبي لَم يكن أحولا ... إذ لَم يكن أعمى وَلَا أعورا
لأن من يبصر من وَاحِد ... شيئين أولى النَّاس أَن يحذرا (خ)
وَسَمِعْتُهُ يَقُول: قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِمِ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُقَرِّب بْن عَبْد الكريم التجيبي (4) الْمُعَدَّل بإسكندرية، قَالَ: سَمِعت الْقَاضِي أَبَا المكارم أَحْمَد بْن يَحْيَى القرشي (5) ، قَالَ: كَانَ للملك الْعَزِيز عُثْمَان بْن يُوسُف بْن أَيُّوب (6) جارية، قد نقشت على خدها بالخضاب (د) حية وعقربا، فَقَالَ:
قل فِيهَا، فَقُلْتُ بديها: (السريع)
سألتها تصفحُ عَنْ زلة ... من عاشق أقسم ألا يعود
فصورت ملغزة حية ... وعقربا فوق لهيب الخدود
غفرت مَا أسلفت فليهنه ... جنة وصل بعد نار الصّدود(1/335)
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا أَبُو المكارم أَحْمَد بْن يَحْيَى القاضي: (الطويل)
حمت روض خديها بأفعى وعقرب ... فردت يدي جانيه عن جلّناره (ذ)
/ أليس محيّاها المزخرف جنّة (ر) ... فلا غرو إن حفّت لنا بالمكاره (أأ)
وأنشدنا، قال لقيت ابن المجاور (ز) فَقَالَ: «لِي فِي هَذَا المعنى شَيْء، وَأَنْشَدَنَا لنفسه: (السريع)
قَد رقمت فِي خدها أرقما ... بالمسك فِي مذهب ثوب طسيم (س)
مَا ذاق من قابله غفوة ... يَا عجبا من ساهر بالرّقيم (ش)
مرسلة بالحسن قَد أظهرت ... فِي نار إِبْرَاهِيم أيم الكليم (ص)
سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْله «بالمسك» مَعَ مَا قبله، فما أجاب. وصوابه «كالمسك» تشبيها.
وأنشدنا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه القرشي (7) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا يُوسُف بن المجاور (8) لنفسه: (الكامل)
يا ثغره المحمي منه (ض) بنابل (ط) ... من طرفه وبسائف من خدّه
وبمشرق (ظ) من صدغه وبناظر ... عَنْ خاله وبعامل من قدّه
رفقا بما اعتصم الغرام (ع) فقد أتى ... خطّ العذار موقّعا (غ) فِي رده
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّد القرشي، قال: أنشدنا يوسف بن المجاور لنفسه: (الطويل)
تلا في تلافي (ف) سورة لَيْسَ تختم ... فمشتبه ممن هجره لِي ومحكم (ق)
يكرّر تلقائي (ك) دروس خلافه ... فقلبي به يشقى وطرفي معم
وناظره في الهجر كيف استباحه ... فيذكر (ل) نص الحكم لِي فأسلم
ولما بدا والي العذار بخدّه (م) ... رفعت إِلَيْهِ قصتي أتظلم(1/336)
فوقّع فيها محنتي وصبابتي (ن) ... وَقَالَ لِي السلوان شَيْء محرم
أتلبس ثوب (و) الحسن (هـ) إذ كَانَ ساذجا ... وتخلعه لما بدا وَهُوَ معلم (لا) ؟!
/ وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو العز مظفر بْن إِبْرَاهِيم العيلاني الْمِصْرِيّ بمصر لِنَفْسِهِ بالْقَاهِرَةِ الْمُعزّية: (البسيط)
لا تحسبن في حلاه (ى) شامة طبعت ... عَلَى نضارة وَرَدَ راق منظره
وَإِنَّمَا خدُّه الصافي تخال بِهِ ... سواد عينيك خالا حين تنظره
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الخطاب عمر بن أمير ملك بن الأردعانسي (9) الْفَقِيه الحنفي، قَالَ: أَنْشَدَنَا عِيسَى بْن مَنْصُور البلطي (10) لنفسه، وكتبه بخطه: (الخفيف)
لِي حبيب أطال هجري وصدي ... وتناسى عهدي القديم وودي
قَد عموا عَنْ جماله الخلق طرا ... وحباني رب البصيرة وحدي
قُلْت لما أضلهم فهداني: ... هَذَهِ نعمة من اللَّه عندي
وَنَقَلْتُ من خَطِّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي شَيْخنَا خزعل بن عسكر (11) لنفسه:
(الطويل)
يقَوْلون: أَنْشَدَنَا من الشعر قطعةً ... فقلت: أمثلي ينشد السادةَ الشعرا؟
ومن كَانَ مثلي فِي الحضيض محله ... أينشد شعرا من علا قدره الشعرى؟
233- أَبُو الْحَسَنِ الشَّيباني ( ... -؟)
هُوَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد الشَّيباني (1) . نَقَلْتُ من جُزْء فِي أوله: «قَالَ الشَّيْخ الْإِمَام الأجل العالم الزَّاهِد الورع، أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد الشَّيباني- رَحِمَهُ الله-: الحمد لله الذي خلق فأحكم،(1/337)
ورزق فأنعم، وأنطق بِمَا ألهم، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم» (أ) ................ ................ ........... (ب) / «من غيرك، وأوجدني فيمن عندك، حَتَّى لَا أرى سواك، وَلَا أنظر إِلَّا إليك، وَلَا أَسْمَع إِلَّا عَنْكَ، وَلَا أنطق إِلَّا فيك، وَلَا أخاف إِلَّا منك، وَلَا أرجو إِلَّا لك، وَلَا أستعين إِلَّا بك، وَلَا أتوكل إِلَّا عليك. وَلَا حول وَلَا قوة إِلَّا بِاللَّهِ العلي العظيم، وآخر دعواهُمْ أَن الحمدُ لله ربّ العالمين (أت) ، الحمد لِلَّهِ رب العالمين عَلَى كلّ حال، وأستغفر اللَّه ربّ العالمين من كلّ ذنب. وأتوكل عَلَى اللَّه رب العالمين فِي كُلّ سبب. اللهم إني أسألك القبول، وأعوذ بك من الردّ، وَلَا حول وَلَا قوة إِلَّا بالله (ث) العلي العظيم، وصلى اللَّه عَلَى نبيه مُحَمَّد الكريم (ج) .
وفي آخرها: «علقه عَبْد اللَّه المذنب، من لفظ الشَّيْخ المصنف المذكور- رَحِمَهُ اللَّه- بمسجد الجامع بقلعة إِرْبِلَ، فِي يَوْم السبت الثَّامِن والعشرين من شهر الله الأصمّ (ح) ، رَجَب سَنَة تسع وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
كَتَبَهُ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ (2) ، وَهُوَ يسأل اللَّه ببركاته وكرمه المغفرة لَهُ ولنا ولأمة مُحَمَّد- عَلَيْهِ السَّلَام- آمين» . آخر مَا نَقَلْتُه من خَطِّهِ- رَحِمَهُ اللَّه-.
234- أَحْمَد بْن إسْبَنْدِيار (1) بْن الموفق (587- 639 هـ)
تقدم ذكر والده (أ) ونسبه. وَرَدَ إِرْبِلَ، وَكَانَ واعظا.
235- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن ( ... - 604 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن كامل بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن كامل الْمَوْصِلِيّ (1) /شَيْخ من أَهْل الْخَيْر والصلاح. كَانَ ينسخ بالأجر.(1/338)
ورد إربل وامتدح بها. أنشدني لنفسه: (الوافر) .
ألمّ خيال ناعمة طروقا ... نوافى شائقا وغدًا مشوقا
أتانا والدُّجى كالبحر يطفو ... عَلَيْهِ النجم تحسبه غريقا
فخلنا الشمس طالعة بليل ... وألفينا بِهِ المسك العبوقا
فأنّى جئت يا طيف الموامي (أ) ... وخضت السّبسب (ب) الفج العميقا
ودون مناخنا شم الرواسي ... تواصل دونك البر السحيقا
وأنّى زرت من أوسعت بعدا ... وَكَانَ بجنبك الجار اللصيقا
لَقَد أشمت- يا ناعم (ت) - بي الأعادي ... وأودعت الجوى قلبي الخفوقا
وحملت الفؤاد ثقيل عبء ... أرى ثهلان لَيْسَ لَهُ مطيقا
وهل تجدي أخا البرحاء (ث) سلوى ... إِذَا لَم يلف فِي الدُّنْيَا شفيقا؟
ومن يشرب بكأس الحب يصبح ... لكأس نجيع مهجته مريقا
وليس لذات مخضوب ذمام ... ولاتلقى (ج) أخا أرب وموقا (ج)
فَلَا ترج المودة من عدو ... وَلَا تأمن على سرّ صديقا
فقد تصبو (خ) النفوس إِلَى هواها ... ويعدو الذئب إِن ألفى طريقا
فَلَا تنبذ أخاك عَلَى خطاء ... وَقَد جربته ثقة صدوقا
فقد ينبو المهند وَهُوَ غضب ... ويكبو الطّرف (د) وَهُوَ يرى سبوقا
وَلَا يغررك تمليق الأعادي ... فإن مقاتل السم الرحيقا
وَلَا تأمن صغيرهم احتقارا ... قربّ ذبابة قتلت فنيقا (ذ)
ومت حرا وَلَا تختر حياة ... تعيد الحر من ذل رقيقا (ر)
/ وإن ألقى الزمان عليك بركا ... فأُم بوجهك الوجه الطّليقا
جلال الدين (ز) مبتني الْمَعَالِي ... ومن أضحى الثَّنَاء بِهِ خليقا
تجده للعفاة حيا ومعيا ... وللأعداء مرداة سحوقا
لَقَد لَم الشتات من الْمَعَالِي ... وشيد فِي العلا ركنا وثيقا
فتى أمواله فِي النَّاس أمست ... لوافر عرضه سترًا صفيقا(1/339)
كريم الخيم (س) معشوق الحميا ... كأن بخلقه المسك الفتيقا
جريء القلب لَا يلفى فروقا ... إِذَا مَا الحرب روعت الفروقا
وإن أجرى اليراع رمى فريقا ... برسل الموت أو أحيا الفريقا
ويكتب فِي شراسيف الأعادي ... بِخَطّ يراعه الخَطّ الدقيقا
لَهُ نفس تصغر كُلّ نفس ... بجود يفضح الغيث الدفوقا
جلال الدِّين عش لبديع شعر ... تخال نظامه روضا أنيقا
لك التبجيل والإعظام مِنْهُ ... وللأعداء ما يشجي (ش) الحلوقا
بقيت لآمل يوليك مدحا ... وراج شام من يدك البروقا
وأنشدني لنفسه: (البسيط)
قَد أمكن الجاه فاصنع مَا تقر بِهِ ... عين المعالي فيمسي الشّكر معروفا (ض)
واجعل زكاة العلا والمجد محتسبا ... مِنْهُ إغاثة من وافاك ملهوفا
واصرف بجاهك عَنْهُ السوء مبتدرا ... يصبح بِذَلِكَ عَنْكَ السوء مصروفا
واعطف عَلَيْهِ فَلَمْ يفتأ براحته ... قلب الكريم عَلَى العافين معطوفا
وَالْخَيْر يلقاك والأيام زائلة ... فاستودع الدّهر ما تسطيع معروفا (ر)
/ بادر قطوف الليالي فهي فانية ... فالبر كالورد قبل الفوت مقطوفا
واستغنم الحمد والشكر اللذين هما ... لَم يفتا لذوي الْمَعْرُوف مألوفا
ثُمَّ انتهز فرصة الإمكان إِن لها ... بَعْد التمكن تزييلا وتحريفا
لا زلت للمجد أهلا ما أتى ومضى ... وجه الجديدين مبسوطا ومكفوفا
أَخْبَرَنِي وَلَده خليل (2) أَنَّ والده تُوُفِّيَ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ ودفن فِي قرية من قرى الْمَوْصِل يقال لها «الطهماني» (3) ، وَكَانَ زائرا لأَخِيهِ.
336- محاسن الدِّمَشْقِيّ (537- بَعْد سَنَة 620 هـ)
هُوَ محاسن بْن أَبِي الفوارس بْن محاسن العثماني (1) ، وَكَانَ يدعى أَبَا(1/340)
الْمَحَاسِن. كَانَ قدم إِرْبِلَ فِي صحبة الْقَاضِي محمد (2) بن محمد بن الفراش (أ) لما وَرَدَ إِرْبِلَ واليا عَلَى شَهْرَزُور من قبل السُّلْطَان أَبِي الْمُظَفَّر يُوسُف بْن أَيُّوب، وَكَانَ شابا خليعا. ثُمَّ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَد اتقى وصار صوفيا. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: فِي سَنَة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَأَلْتُهُ أَن ينشدني شَيْئًا من شعْره، فتلكأ، ثُمَّ أَنْشَدَنِي لنفسه: (الوافر) .
وكنتَ من المَلاحة فِي محلٍ ... من الغايات محسودا عليها
فجاءت لحية زادتك حسنا (ب) ... كأنَّك كنتَ محتاجًا إليها
قَالَ: وجهد العماد أَبُو حَامِد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الكاتب أَن يعمل مثلهما فما قدر. وما أظنهما لَهُ، واستنشدته غيرهما، فأبى أَن ينشدني.
237- مُحَمَّد بْن خلف الدِّمْياطي ( ... - 621 هـ)
هُوَ مُحَمَّد/ بْن فَتْح بْن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بْن خلف (1) من دِمْياط. وَرَدَ إِرْبِلَ وأَجَازَ بِهَا لجَمَاعَة فِي نصف شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ. قَالَ الإسكندري أَبُو الْعَبَّاس () : «يَرْوِي عَنِ الْحَافِظ السِّلفي» .
238- ابْن المَخِيلي (568- 643 هـ)
هُوَ أبو العزّ (أ) يوسف بن عبد المعطي بن نصر (ب) بْن نجا المَخِيلي الْمِصْرِيّ (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ رسولا فِي سَنَة خَمْس عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ. ذكر لِي أَنَّهُ يَرْوِي عَنِ الْحَافِظ السِّلفي.
239- الَقِيَلُوي (564- 633 هـ)
هُوَ الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيل الَقِيَلُوي (1) . ذكر أنّ لَهُ تصانيف،(1/341)
حدثني بذلك أبو العباس القيسي (أ) . وقِيلُوة (2) قرية من نهر الْمَلِك.
240- ابن الواثق بالله ( ... - 626 هـ)
وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وَسَأَلْتُهُ فِي آخر المرات عَنْ نسبه، فَقَالَ: «أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيّ بْن أَبِي هاشم بْن أَبِي الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ هِبَة اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاس بْن الواثق» (1) .
قَرَأَ الْقُرْآن عَلَى الحروف، وَقَرَأَ عَلَى حرف الأهْوازي (2) . وَكَانَ يجيء فِي قراءته بالغرائب من الحروف. كَانَ إِذَا أَنْشَدَ لَا يكاد يقيم إعرابا، ويلحن فِي مَوَاضِع لَا يكاد أحد يلحن فِيهَا. احمر بحمر حراحي (أ) ، فذكرها لِي وَقَالَ: لمّا ذكرت لِي أمس عملت ارتجالا: (السريع) .
يقصدُ أهلَ الأرض دون الورى ... مصائبُ الدُّنيا وآفاتها (ب)
/ كالطّير لا يحضر (ت) إِلَّا الَّذِي ... يُطرب أهلَ الأرض أصواتُها
أورده (ث) عَلَى مَا أثبتُّه، سوى خَطَأٍ فِي اللفظ والإعراب. وهذان البيتان أقدم من مَوْلده بكثير، فكررتُ عَلَيْهِ القَوْل استثبتُه أنهما لَهُ لعله يرجع عَنِ ادّعائهما، فأقام عَلَى أنهما لَهُ؛ وأنه عملهما ليلته ارتجالا (ج) . وَكَانَ آنس إني أُؤرخ الواردين إِلَى إِرْبِلَ، فطلب منّي أَن أُريَه شيئًا مِنْهُ، فأبيتُ عليه (ح) .
فحدثني أَنَّهُ كَانَ يقرأ الْقُرْآن عَلَى الباقِلاني الواسطي (خ) ، فَقَالَ لَهُ: من عادة مَنْ يقرأ عَلَى شَيْخ أَن يأخذ عَنْهُ شَيْئًا من شعْره ليذكره فِيمَا يأخذ مِنْهُ، فأنشِدْني لنفسك، قَالَ فأنشَدَني لِنَفْسِهِ- وَسَأَلْتُهُ عَنْ نسبه- فَقَالَ: أَنْشَدَنِي أبو بكر بن عمران الباقلاني لنفسه: (الوافر)
زمانٌ كلُّ حِبٍّ فِيهِ خَبٌّ ... وطَعمُ الخَلّ خلّ لو يذاق(1/342)
لَهُم سوقٌ يُباع بِهَا نِفاقٌ ... فنافِقْ فالنِّفاقُ له نفاق
أنشده على التصريح (د) فِي البيت الثَّانِي، غَيْر منون. وهذان البيتان أيضا أسبق من (ذ) مولد الباقلاني.
قَالَ: وَأَنْشَدَنَا ابْن الباقلاني لِنَفْسِهِ: (الطويل)
إِذَا رُمتَ أنْ تلقى صديقًا موافقًا ... لكتمان سرٍّ أو لبعض الشّدائدِ
فإمّا تغوصُ البحرَ أو تصعدُ الهوا ... لعلّك تَلْقى واحدًا بَعْد واحدِ
وأمّا عَلَى وجه الصَّعيد فما ترى ... من النَّاس إِلَّا كلَّ باغٍ وحاسدِ
ثُمَّ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ من سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وأحضر مَعَهُ مدرجا فِيهِ نسبه موصولا بآدم- عَلَيْهِ السَّلَام- بِخَطِّ مُحَمَّد بْن طلحة الزَّيْنَبي (3) فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة أَرْبَع وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وفيه مَا/ أسقطه عِنْد إملائه مَا يبين من هَذَا النسب فِي إثباته، وَهُوَ: «أَبُو الْقَاسِمِ بْن أَبِي هاشم بْن الأشرف بْن أَبِي هاشم بْن أَبِي الْقَاسِمِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الواثق بالله ابن المعتصم بِاللَّهِ بْن الرشيد بِاللَّهِ بْن المهدي بالله بن المنصور بالله (ر) بْن مُحَمَّد الكامل بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس» ، ثُمَّ أتمّ النسب إِلَى آدم- عَلَيْهِ السَّلَام-.
وَوَرَدَ وَلَده أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْقَاسِمِ (4) إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَسَأَلْتُهُ عن أبيه، فقال قتل (ز) في السّلمان (5) منحدرا إلى مكة في ... (س) سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وذلك أَنَّهُ كَانَ فِي الطريق، فاستخرج رَجالة الحاج الضعفاء ماء من بئر ليشربوها، فغلبهم عَلَيْهَا شاب من أَصْبَهَانَ يدعى «عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ» فبدأ بها (ش) .
فأنكر عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِمِ فلطمه، فاستلّ سيفا وضربه عَلَى عنقه، فحُمل ومات ودُفن بالسّلمان. وشُهد عَلَى قاتله فسُلِّم إِلَى وَلَده عَبْد الرَّحْمَن، فأعتقه(1/343)
صَدَقَة عَنِ الْإِمَام المستنَصْر بِاللَّهِ (6) - رحمة اللَّه ورضوانه عليه (ص) - هَذَا خلاصة مَا حكاه مطوّلا، واللفظ لِي.
241- أَبُو جَعْفَر الصُّوفِيّ (536- 621 هـ)
هُوَ الشَّيْخ الصالح مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر هِبَة اللَّه بْن الْمُكَرَّم بْن عَبْد اللَّه، أَبُو جَعْفَر الضرير الصُّوفِيّ (1) ، من أولاد الرواة الْمَشَايِخ. قدم إِرْبِلَ في العشر الأولى من شهر ربيع الأول من سنة عشرين وستمائة (أ) . شَيْخ طَوِيل أسمر من أَهْل بَغْدَاد. سَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ مُحَمَّد بْن عُمَر أُرموي، وَأَبَا الفضل محمد بن ناصر السّلامي (ب) / وأبا بكر أحمد ابن المقرّب ... [وأبا منصور المظفر بن] (ت) أردشير العبَّادي (2) ، وَأَبَا الْوَقْت عَبْد الْأَوَّل بْن شعيب السِّجْزِي، وَغَيْرهم.
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: فِي سنة ست وثلاثين وخمسمائة (ث) ، وأخرج لِي ابْن أَخِيهِ عَلِيّ بْن الْمُكَرًّم (ج) جزءًا فِي آخره بِخَطِّ والده أَبِي نَصْر هِبَة اللَّه بْن الْمُكَرًّم (3) - عَلَى مَا ذكره لي-: «ولد (ح) النَّجِيب أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد لَيْلَة الأحد وَقْت صلاة العشَاءَ، ثامن عشر من شَهْر رَمَضَان من سَنَة سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. أنبته اللَّه نباتا حسنا، ونشّأه نشأة (خ) الصالحين» .
وذكر ابن الدُّبَيْثِيِّ أَنَّهُ سأله عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: «ولدت فِي سابع عشرى رَمَضَان سَنَة سبع وَثَلَاثِينَ وخمسمائة» (د) .
قرىء عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الضَّرِيرِ الصُّوفِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين بن الْحَسَنِ الْكَرَخِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ ابن محمد بن علي الزَّيْنَبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسْنُونَ النَّرْسِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمرو البختري(1/344)
إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ (5) ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ (6) عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ (7) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ الْغِنَى كَثْرَةُ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ. وَاللَّهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْعَمْدَ. وَاللَّهِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ الْجَزَرِيِّ (ذ) .
وبه، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد (8) بْن أحمد بن (ر) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله ابن إبراهيم (ز) / قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُونُس بْن مُوسَى القرشي (س) ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي قَالَ أتى أعرابي إِلَى معن بْن زائدة، وَمَعَهُ نطع فِيهِ صبيّ حين وُلد، فاستأذن عَلَيْهِ، فلمّا وَصَلَ دَهْدَه (ش) الصبيّ بين يديه وقال: (البسيط)
سَمَّيتُ مَعْنًا بمَعنٍ ثُمَّ قلتُ لَهُ: ... هَذَا سمي فتى فِي الناسِ مَحْمُود
أَنْت الجوادُ ومنك الْجُودُ نعرفهُ ... فإنْ هلكتَ فما جودٌ بموجودِ
أمستْ يمينُك من جُودٍ مُصوَّرةً ... لَا بلْ يمينُك مِنْهَا صورةُ الْجُودِ
قَالَ: «كم الأَبْيَات؟» ، قَالَ: «ثلاثة» ، قَالَ: «أعطوه ثلاثمائة دِينَار، ولو زدتنا لزدناك» .
قَالَ: «حسبُك مَا سمعتَ، وحسبي مَا أخذتُ» .
وَأَنْشَدَنَا أَبُو جَعْفَر، قَالَ أنشدني أبو الفضائل (ص) شَيْخ رباط البَسْطامي (9) ، من بني أَبِي الْخَيْر: (الكامل)
تطوي المنازلَ عَنْ حبيبك دائمًا ... وتظلُّ تَبكيهِ بدمعٍ ساجمِ
كَذَبَتكَ نفسُك لستَ من أَهْل الهوى ... تَشكو الفِراق وأنت عَينُ الظالمِ
هَلا أقمتَ ولو عَلَى جَمْر الغَضا ... قُلِّبتَ أو حَدِّ الْحُسام الصَّارمِ(1/345)
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ لَيْلَة الأحد فِي خامس محرم من سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن بالشُّونيزية، غربي بغداد ... (ض) إِلَى ابْن الدُّبَيْثِي.
ولد أَخِيهِ:
242- عَلِيّ بْن المكرّم ( ... - 620 هـ)
كان في صحبته يخدمه (أ) ، سَمِعَ جَمَاعَة وحدَّث بِإِرْبِلَ. شَيْخ طَوِيل أسمر سَافَرَ صحبته. أَخْبَرَنَا الشَّيْخ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُكْرَمِ (1) بْنِ/ هِبَةِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ عَاشِرُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نجا بن شاتيل (ب) فِي رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْبُسْرِيِّ (2) فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الجبار السكّرى (3) قال: قرىء عَلَى أَبِي عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ (4) ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ (5) عَنْ زُهَيْرٍ (6) عن يحيى بن سعيد عن نافع (ت) عَنِ ابْنِ عُمَرَ» : «أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أرض العدوّ، مخافة أن يناله العدوّ» (ث) .
وَبِهِ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ (7) ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ (8) ، عَنْ مَكْحُولٍ (9) ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشْنِيِّ (10) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَحَبُّكُمْ إِلَيَّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم (ج) أخلاقا» (ح) .
وبه حدثنا سعدان، قال: حدثنا أبو (خ) معاوية، عن أبي إسحاق (د) عَنْ عِكْرِمَةَ (11) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رسول الله- صلى الله عليه(1/346)
وسلم- عن المحاقلة والمزابنة» (ذ) وكان عكرمة يكره بيع الفضيل (ر) .
وبه، حدثنا سعدان، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه (ز) ، قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُكْثِرُ التَّمَثُّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ: (الكامل)
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خلف كجلد الأجرب
يتأكّلون مذمّة (س) وخيانة ... ويلام (ش) قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ
ثُمَّ قَالَتْ: «وَيْحُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ (12) فَكَيْفَ لَو بَقِيَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ؟» . وَقَالَ أَبِي: «كَيْفَ لَو بَقِيَتْ عَائِشَةُ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ؟»
وبه، حَدَّثَنَا سعدان، حدثنا/ أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَت امرأة تغشى عَائِشَة، وكانت تكثر التمثّل بهذا البيت:
(الطويل)
ويوم الوشّاح من تعاجيب ربّنا ... على (ص) أنّه من ظُلمة الْكُفرِ نَجّاني
قالت لها عَائِشَة: «مَا هَذَا البيت الَّذِي أراك تتمثلين بِهِ؟» ، فقالت:
شهدتُ عروسا لنا فِي الجاهلية، فوضعوا وشاحها وأدخلوها مغتسلها، فأبصرتِ الحدأة حمرة الوشاح، فانحطّت عَلَيْهِ فأخذته. قالت: فاتّهموني، ففتّشوني حَتَّى فتّشوني فِي قُبُلي، قالت: فدعوتُ اللَّه أَن يُبَرِّأني، قالت:
فجاءت الحدأة بالوشاح (ض) فطرحته وسطهم وهم ينظرون (ط) .
تُوُفِّيَ بدُنَيْسِر فِي شَهْر رَمَضَان سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو مُحَمَّد بدل بْن أَبِي الْمُعَمَّر عمّن أخبره. وقيل أَنَّهُ تُوُفِّيَ بنصِيبين.
243- أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن حمّاد ( ... - بَعْد سنة 620 هـ)
هو أبو بكر محمد بن حمّاد الحلبي (1) . وَصَلَ صحبة عَبْد الرَّحْمَن بْن(1/347)
نجم بْن الْحَنْبَلِيّ، وفي خدمته. رحل فِي طلب الْعِلْم سَنَة تسع وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ مُدَّةَ سنتين وأربعة أشهر. سَمِعَ الْحَدِيث عَلَى عبد العزيز بن الأخضر بن الدّبيقي (أ) ، وابن منينا (ب) والدّوري (2) ، وابن الأصفر (ت) وابن الطّوسي (ث) ، وسليمان (3) ، وأخيه (4) ، والشّهرزوي (5) ، وابن التانرايا الواعظ (ج) ، وَأَبِي صَالِح بْن عَبْد الْقَادِرِ (6) والياسري (7) ، والنجم الباجسري (8) . وقرأ الفقه على إسماعيل غلام (ح) ابن المنّي (9) وأبي البقاء النحوي (خ) ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الْحَدِيث.
وَأَنْشَدَنِي عَبْد الْقَادِرِ بْن شيخنا أميري بن بختيار/ الأشنهي (د) ، قَالَ:
أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن حمّاد لِنَفْسِهِ فِي سادس جُمَادَى الْأُولَى من سَنَة عشرين وستمائة: (الطويل)
تناشقت أرواح (ذ) الصَّبابة من نَجدِ ... وهبَّ هوا نجدٍ، فآه على نجد
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه: (البسيط)
أقَوْل للقلب لَمّا كاد يقتلهُ ... فَقْدَ السّقام الَّذِي قَد كَانَ ينعشهُ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أبو بكر لنفسه يرثي: (الوافر)
لئن أزمعت عن حرّان غاد ... (ر) فقلبي فِي مقابرهم مقيمُ
وسألت عَبْد الْقَادِرِ: «كيف استنشدته بيتا بيتا؟» ، فَقَالَ: مَعَ كلّ بيت من هَذَهِ، أبيات كلّ رويّ أو روبين عَلَى حرف غَيْر الحرف الآخر، فتركته لذلك.
وَأَنْشَدَنِي عَبْد الْقَادِرِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن حمّاد لِنَفْسِهِ- قَالَ: وعملها ارتجالا على الفرات: - (المسرح)
وليلة بالفرات فزت بها ... أرتشف (ز) الماء من جوانبها(1/348)
كانّما الرّاح والسّرور معا ... في جرية (س) الماء من عجائبها.
وَهَذَا شعر رديء جدا. ثُمَّ لَقِيَته بَعْد ذَلِكَ بأيام فأنشدنيها لِنَفْسِهِ.
244- الأسدآباذي ( ... - بَعْد سَنَة 593 هـ)
هُوَ أَبُو بَكْر عَبْد الله بن عمر بن علي الأسدآباذي الرازي (1) . أظنه قدم إِرْبِلَ فِي سَنَة ثَلَاث وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وحدّث بِهَا. سَمِعَ أَبَا مَنْصُور مُحَمَّد بْن أسعد بْن مُحَمَّد الطوسي الْمَعْرُوف بحفدة (أ) . سَمِعَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن/ بْن محمود بن علي الإربلي الجبريلاباذي (ب) ، فِي تاسع جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَلَاث وَتِسْعِينَ وخمسمائة (ت) .
ومن حَدِيثه، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ محمد بن أسعد بن الحسين (ث) في (ج) شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ محمد بن الحسين الشّيروى الجنابذي (ح) ، قال: أخبرنا أبو سعد (خ) محمد بن موسى بن الفضل ابن شاذان (د) الصَّيْرَفِيُّ (2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يعقوب بن يوسف ابن مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأُمَوِيُّ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي (3) وَشُعَيْبُ بن الليث، قالا: أخبرنا الليث (ذ) عن ابن الهاد (4) عن عمر (ر) بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ (5) عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ (6) ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، حَتَّى يُعْتِقَ فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» (ز) .
245- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الرَّازي ( ... - بَعْد سَنَة 620 هـ)
هو محمد بن (أ) إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر الرازي (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ، وَنَزَلَ برباط(1/349)
الجنينة فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. رَوَى عَنِ الموازيني (2) بِدِمَشْقَ.
246- الْبُومَيري ( ... - بَعْد سَنَة 620 هـ)
إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى (1) بْن إِبْرَاهِيم من بومارية (2) ، قرية من قرى الْمَوْصِل غربيّها (أ) . ضرير قدم إِرْبِلَ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَلَم أجتمع بِهِ. قرأ القرآن/ على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي، وَهُوَ- فِيمَا قيل لِي- آخر من بقي من أَصْحَاب القرطبي، وَلَهُ قصيدة فِي القراءات (3) .
247- ابْن حميد الْمَوْصِلِيّ ( ... ؟)
نَصْر بْن الخضر بْن الْحُسَيْن بْن علوان بْن حميد التاجر الْمَوْصِلِيّ (1) .
أُخبرت أنّ لَهُ سماعات، وأنه حدّث بِهَا بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ من عدولها المشهورين، يُوصَى عَلَى أموال اليتامى، وتُودع عِنْدَهُ الودائع.
248- ابْن المكبرين ( ... -؟)
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عمّار بن سلامة بن المكبرين (أ) الحرّاني (1) .
ورد إربل باهيه تيه (ب) ، فأقام بدار الْحَدِيث المعمورة بِهَا مُدَّةً. سَمِعَ على أبي (2) صالح بن علي السبتي (ت) ابن عيسى (ت) ، وَسَمِعَ أَبَا ياسر عَبْد الْوَهَّابِ بْن هِبَة الله المعروف (ث) بابن أبي حبّة، وابن تيمية بحرّان (ج) .
أَنْشَدَنِي ابْن المكبرين، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّد بْن الخضر، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن تَيْمِيّة لنفسه في القلم: (الرجز)
وراقمٍ كأَرْقمٍ يمشي عَلَى ... قائمتين فِي بياض يَقَقِ
يرجعه بعد البياض حالكا ... مدبجا في بهجة ورونق(1/350)
فسّره (ح) لي وخده من مقلوبهِ ... مُفَسَّرًا مُنكرًا فِي المَلَقِ
هَذَا اليراع (خ) حين يبدو راقمًا ... عَلَى البياض من عجيب المنْطقِ
أقسم ذو العرش بِهِ مُصدِّقًا ... مُعظِّمًا لشأنه الْمُصدِّقِ
وَحَدُّه من الأيادي نِعْمةٌ ... فِي سورة (د) موسومة بالعلق
وأنشدنا، قال: أنشدنا ابن (ذ) تيمية في القثّاء (ر) : (البسيط)
/ أُنظر إِلَيْهِ أنابيًا مُنضَّدةً ... من الزمرد خضرا مَا لها ورق
إِذَا قلبت اسمه بانت ملاحته ... وكان مفهومه: «إنّي بكم أثق» (ز)
كَانَ كَثِير اللّحن فِي إنشاده، وَأَنْشَدَنِي «الزمرد» بفتح الزاء والدال المهملة (س) .
249- المغربي الطنجي (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن يُوسُف الطنجي (1) ، من أَهْل الورع. أَنْشَدَنِي أَبُو الْعَبَّاس أحمد بن أبي (أ) الْقَاسِمِ الإسكندري، قَالَ:
أَنْشَدَنِي الطَنْجي لِنَفْسِهِ بِإِرْبِلَ: (البسيط)
يَا طَنجَةٌ جمعتْ ريِمًا وغُزلانًا ... تُراكِ جامعةً شملي كَمَا كَانَا؟
لئنْ أَنَا عشتُ حتَّى ترتوي مُقَلي ... ممنْ أُحب بِهَا أهلا وجيرانا
لأشكُرنَّ إلهَ العرشِ خالقنا ... وأقطعُ الدّهر تسبيحا وقرآنا
وأنشدنا القيسي، قال: أنشدنا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم لِنَفْسِهِ، يقَوْلها ببلاد الروم (2) حين أراد الخروج منها: (الطويل)
خرجت بلاد الرُّوم والقلب مُوقِنٌ ... وما زال مولى الخلق يُحيى ويُحسْنُ
بلادٌ بِهَا الْفُسّاق قَد بلغوا الْمُنى ... ترى الخَمرَ فِي الأسواق والْفُحش يُعلن (ب)(1/351)
فلا يقبل الله (ت) صلاة امرئ بِهَا ... كَمَا جاء فِي نص الحديث مبيّن (ث)
250- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البَوازِيجي ( ... - بَعْد سَنَة 576 هـ)
وجدت عَلَى بَعْض حيطان المسجد الجامع بباصيدا (1) ، مَا صورته:
«حضر أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد (2) بن أبي عبد الله البوازيجي (أ) فِي ثالث ذي القعدة من سَنَة سِتّ وسبعين وخمسمائة، وتمثّل: (الخفيف) .
اغتنم ركعتين زلفى إلى اللّ ... هـ وإن كنت خاليا (ب) مستريحا
/ وإذا ما هممت بالنّطق بالبا ... طل فاجعل مكانه تسبيحا
فاغتنام السكوت خير من القو ... ل وإن كنت ذا مقال فصيحا (ت)
بنى هذا المجسد المعمور سرفتكين بن عبد الله الزيني (ث) . فحدثني عمي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن الْمُبَارَك، قَالَ لمّا أَرَادَ سَرَفْتِكين أَن يبني هَذَا المسجد جاء نصارى (ج) باصيدا إليَّ، وكنت إذ ذاك أنوب عَنْ والدك لمّا حجّ إِلَى مكة المعظمة، وذلك في سنة اثنتين وستين وخمسمائة (ث) ، وبذلوا له خمسمائة دِينَار عَلَى ألا يبنيه فِي موضعه الآن، وأين أَرَادَ من القرية بناه. فَقَالَ: دعهم (ح) يحضرون المال، فلمّا أحضروه أَخَذَهُ وبناه عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ يقابل البيعة من شماليها، بينه وبينها مقدار يسير، تشرف (خ) منارته عَلَى البيعة جميعها، وَكَانَ النصارى أَرَادَوا ألا يكون ذَلِكَ.
والمعنى لَهُ وبَعْض اللفظ لِي.
251- ابْن فطيرا ( ... - بَعْد سَنَة 620 هـ)
أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّد بْن أَبِي الْحَسَن جَعْفَر بْن محمد بن فطيرا (1) . شاب أسمر، رحل (أ) فِي الْبِلاد وأوغل فِيهَا. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَمَضَان سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، اجتمعت بِهِ وَسَأَلْتُهُ أَن ينشدني من شعْره، فاعتذر إِلَى تعلة الانبساط(1/352)
ووحشة الْغُربة، وَأَنْشَدَنِي قَالَ: أَنْشَدَنِي إنسان ببلخ، وَكَانَ بيده «مقامات» قرأها عَلَى أبي نَصْر علي بن أبي سعيد (ب) مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي سَعْد الطبيب القُمِّي (2) بقُمّ، وأَجَازَ لَهُ أَن يَرْوِي عَنْهُ مَا هُوَ شرط الإجازة فِي إجازته- وذكر أسماء مشايخه الذين رَوَى عَنهُم المقامات- وَأَنَا ذاكر مَا أتى بِهِ، أولها عَلَى وجهه:
«قَرَأَ عليَّ المقامات الأدبية الَّتِي طبق وشيُها أوصال الألفاظ اللُّغوية ومبانيها، وضمَّ أعصى/ الأمثال الأدبية ومعانيَها، وحاز فِي إبداعها قَصَب السِّباق، وبزّ في اختراعها بالمسهل والمعلّى (ت) عَلَى الأعناق، بالبقعة الميمونة الْمُبَارَكة الموسومة بمأوى الفاطميين، المشهورة بقُمّ- حماها اللَّه تَعَالَى من حوادث الدهور والأزمان، وصرف عَنْهَا صوارف الحدثان- صاحبُها الصدر الْإِمَام الكبير الأفضل، الأكمل النحرير، البارع الأفصح، الورع الأملح، ضياء الدِّين، شرف الْإِسْلَام، سيد الصدور الأماثل، ملاك العلماء الأفاضل، أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّد بْن أَبِي الْحَسَن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ فطيرا- أَدَامَ اللَّه فضله، وكَثَّر فِي الفضلاء مِثْله- من مطلعها إِلَى مقطعها، قراءة مطّلعٍ عَلَى فوائد ألفاظها الأدبية، واقف على فوائد كلماتها الأبية، كاشف عن حقائق نصوصها الفقهية، باحثٍ عَنْ دقائق نصوصها الحكمية. وأجزتُ لَهُ روايتها ورواية سائر مصنفاته (ث) ومؤلفاته ومقَوْلاته ومنقَوْلاته، عنّي عَنِ السيد الْإِمَام الكبير العلامة ضياء الدِّين، علم الهدى، حُجّة الحقّ على (ج) الخلق، جلال آل رسول اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فضل الله (3) بن علي ابن عبيد الله الحسني- سقاه الله كؤوس رضوانه ملاءً، وحيّاه برياحين إحسانه ولاءً- عَنْ شيخيه الإمامين الأفضلين الورعين، عَبْد الرَّحِيم بْن الإخْوة الْبَغْدَادِيّ (4) ، وهبة اللَّه بْن الْحُسَيْن الأَسْطُرْلابي (5) ، عن الإمام أبي محمد الحريري (ح) البصري- بيَّض اللَّه غُرَّتهم، ونوّر حضرتهم-، وَأَنَا بريء عَنِ التحريف والخَطَلِ، والتصحيف والزلل. وَكَتَبَ العبد المسيء إِلَى نفسه، فِي يومه وأمسه، علي بن أبي سعد (خ)(1/353)
محمد بن الحسن ابن أَبِي سَعْد، أَبُو نَصْر الطبيب بِخَطِّهِ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل الواقع فِي شهور سَنَة ثمان عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ هجرية مصطفوية حامدا اللَّه عَلَى نعمائه/ المتظاهرة، ومصليا ومسلمًا عَلَى سيد أنبيائه مُحَمَّد وعترته الطاهرة. وَاللَّه حسبه، ونعم الحسيب» .
وَنَقَلْتُ من خَطِّ أَبِي نَصْر عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطبيب: «حكى لي الإمام سيد الأئمة (د) ، قَالَ: حكى لِي السيد الْإِمَام ضياء الدِّين علم الهدى (ذ) ، قَالَ:
رَأَيْت فِيمَا يرى النائم، كأني اجتزت بباب دار بعض أعزّائي (ر) ولم أطلبه، فندمت (ز) من ذَلِكَ، وانَصْرفت إِلَى بَاب داره وقرعت الباب، واستخرجته، وقلت: (الخفيف)
اجتيازي (س) بباب دار الصّديقِ ... واقتصاري عَلَى سَلام الطّريقِ
من عُقوقٍ مُبطَّنٍ بجفاءٍ ... وجفاءٍ مُظهَّرٍ بعقوقِ»
زين الدين (ش) هُوَ مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ (6) ، وضياء الدِّين هُوَ فضل اللَّه بْن عَلِيّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن بْن جعفر بن الحسن ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (ص) .
وَنَقَلْتُ من خَطِّهِ: «أَنْشَدَنِي الْإِمَام فخر الدِّين مُحَمَّد بْن زازويه الْقُمّي (7) ، قَالَ: أنشدنيها الْإِمَام الكبير شرف الدين شقروة (ض) الأصبهاني (8) لنفسه- رحمه الله-: (المنسرح)
الورق تقول للنّدامى ... قوموا (ط) تأهبَّوا المُداما
فالشُهْبُ تُراوغ الدَّياجي ... والصُّبح يُضاحك الظَّلاما
والسَّيل يُشاغب السَّواقي ... والرَّعد يُعَربد الغَماما
والوَرْدُ يُطايب الأقاحي ... والرِّيح تَجمِّش الخُزاما
والأيك أرائك القماري ... والورد مخدّة النعامى(1/354)
نادمني وارض بي نديمًا ... فالعاشقُ يكره فيَّ الخصاما (ظ)
/ واتركني ماجنًا خليعًا ... أهذي وأُجمجمُ الكلاما
قَالَ الْمُبَارَك بْن أَحْمَد: وهذه الأَبْيَات يُغنّى بعضها، ويُنشد: «قوموا نتناهب المداما» ، وَهُوَ أجود من: «قوموا وتأهبّوا المداما» .
وَنَقَلْتُ من خَطِّهِ: «أنشدنيها الْإِمَام شهاب الدِّين أَبُو الشرف الجَرْبَاذْقَاني (9) بقُم- رحمه الله- لنفسه: (الوافر)
تبدّلت الحران من الشّماس (ع) ... فحيوني بكأس بَعْد كاس
وغنوني بأوتار المثاني ... وسقوني على ورد وآس
فإنّ الورد للعشّاق ورد ... وإنّ الآس للمشتاق آسي (غ) »
وَنَقَلْتُ من خَطِّهِ: «أنشدنيها سيدي الْإِمَام زين الدين محمد بن أبي نصر لنفسه: (المنسرح)
قلت (ف) له: ما الّذي تبدّى (ق) ... عَلَى عذاريك عِنْد خالك
بنفسجٌ أم فتيتُ مسك ... أم آية القطع فِي حبالك؟
فَقَالَ: تم الكلام حَتَّى ... قيل خلا الدهر من مثالك
واعترف العقل لِي فهذا ... شهدت إقراره بذلك»
وأنشدنيها أيضا لنفسه: (المتقارب)
ولمّا جفاني الزّمان الخؤون ... واعتورتني صروف الزّمن
أهبت بصبري (ك) وما خانني ... أيا صبر إِن لَم تكن لِي فمن؟
فها أنذا مبتلى بالزمان ... ممتحن فعسى الله (ل) أَن»
وأنشدنيها أَيْضًا لِنَفْسِهِ- قدّس اللَّه روحه- أجادها وأبدعها:
(الطويل)(1/355)
أحبّك حبّا لا أرى كان قبلنا (م) ... وَلَا بعدنا فِيمَا أرى سيكون
/ هوى لَا الفتى العذري (10) نال مثاله ... وَلَا ابْن حزام (11) والجنّون فنون
وما لي فِيمَا ادعى غَيْر نظرة ... وإن قيل أقوال وظن ظنون
وإلا فما فتَحْت نحوك ناظري ... وبدّل من داني الوصال شطون (ن)
فلي كرم دون البقيّة (و) زاجري ... عَلَى بِهِ دون العيون عيون»
وَنَقَلْتُ من خطه: «ومن موشحّات (هـ) قريحتي القريحة، وفكرتي الجريحة، من كلمة فِي بعض الأكابر- أرشده الله-: (السريع)
وأرقم (لا) في كفّه ينفث الدّ ... رياق (ي) أطوارا وطورا سمام
فيا لَهُ من أرقم راقم ... فِي صفحة الكافور ذر الكلام
جسم لَهُ أصَفَرٍ من غَيْر مَا ... سقم ويشفي كُلّ داء عقام
وحكمة حار بلا حرفة (أأ) ... فِي الشرق والغرب بغير احتشام
يكور اللَّيْل كَمَا شَاءَه ... عَلَى نهار حار فِيهِ الأنام
«أَيْضًا من خزعبلاتي، وَقَد التزمت فِيهَا لزوم ما لا يلزم: (الطويل)
غزال كحيل زارني بربى نجد ... وقلبي طلاع (أب) الأرض ملان بالوجد
شفت (أت) شفتاه علتي وصبابتي ... وَقَد كف كفي عَنْ مؤزّره مجدي (أث) »
هَذَهِ الأَبْيَات جميعها، أنشدنيها ابْن فطيرا بالإجازة عن أبي نصر علي بن محمد الطبيب.
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ- وذكر إِنَّهُ عملها فِي العجم في صدورهم- هذا لفظه:
(الطويل)
ووصفك شعري لَا يحيط بكنهه ... ولكن عَلَى العلات فهو نسيب
ومالي عذر فِيهِ غَيْر مقالتي ... إذا ما تلقّى طيبكم فيطيب (م)(1/356)
252-/إِسْحَاق بْن مُحَمَّد ( ... - 623 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي الْمِصْرِيّ ثُمَّ الْهَمَذَانِيّ (1) . قَدِمَ إِرْبِلَ سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وأظنه- إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى- فِي شَهْر رَمَضَان، وَنَزَلَ بزاوية بناها الْفَقِير إِلَى الله- تعالى- أبو سعيد كوكبوري بن علي، يسكنها ابن الكريدي (أ) ، ينزلها جماعة ممن يرد إربل في (ب) طلب معروفه. وَكَانَ لمّا وَرَدَ إِرْبِلَ فِي ذي القعدة سَنَة ثَلَاث عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، أردت الاجتماع بِهِ فعاقني عَنْ ذَلِكَ عائق منعني من أَهْل الدِّين وَالْفِقْه والأصول. كَمَا بلغني (ت) وجدت بِخَطِّهِ سماعه عِدَّة كتب من كتب الأدب وَغَيْره، عَلَى أَبِي الْفَتْح مُحَمَّد بْن أَحْمَد المَندائي الواسطي. وَسَمِعَ كِتَاب مُسند أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَل، وَسَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الفضائل (ث) عبد الوهاب ابن صَالِح بْن المُعزِّم الْهَمَذَانِيّ، وَأَبَا حَفْصٍ عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَد، وَأَبَا اليُمن زَيْد ابن الْحَسَن، وفاطمة ابنة سَعْد الْخَيْر الأندلسي. وَكَتَبَ في آخر جزء إجازة بخطه:
«وذكر سماعاتي يطول جدًا، والزمان عَلَى ضيق. وما كلّ مَا سَمِعت يحضرني إسناده، فمشايخي- بحمد اللَّه- قَد جاوزوا الألف، فلو شرعتُ أذكر عَنْ كُلّ شَيْخ ولو جزءًا واحدًا لملَّ الناظر فِيهِ. نسأل اللَّه- تَعَالَى- أَن ينفعنا وإيّاك، ويجعل ما تعلّمناه يقرّبنا (ج) لديه، بمنّه وطوله، إنه سميع عجيب.
كتبه إسحاق بن محمد بن المؤيد ابن عَلِيّ الْهَمَذَانِيّ ثُمَّ الْمِصْرِيّ بِخَطِّهِ بِالْمَوْصِلِ، سلخ شَعْبَانَ سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ» .
253- أَبُو إِسْحَاق الكاشْغري (554- 645 هـ)
هو أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بْن يُوسُف بْن أَيُّوب الكَاشْغَري (1) الْمَعْرُوف جده بأُوْرتُق، من ساكني/ بَغْدَاد. قدم إِرْبِلَ فِي جُمَادَى الآخرة من سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. سَمِعَ أَبَا الْمُظَفَّر أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بن صالح(1/357)
الكَاغَدي (2) ، وَأَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بْن عَبْد الْبَاقِي بْن أَحْمَدَ بْنِ سلمان بْن البَطي وغيرهما. رَوَى الْحَدِيث بِإِرْبِلَ، سَمِعَ عَلَيْهِ الشَّيْخ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد بدل بْن أَبِي المُعَمَّر، وَأَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن بقاء الشاعر الموصلي (3) ، وعمر بن كمشكين (أ) بْن خطلبة الْإِرْبِلِيّ (4) ، وَأَحْمَد بْن يَحْيَى بْن نزار اليمني (5) ، وحمّاد بْن ثمال بْن حَمَّاد السّويداوي الملقب بالماجشون (6) وعباس بن بزوان (ب) وَغَيْرهم.
أَجَازَ لِي الكَاشْغَرِيُّ، وَحَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَدَلُ بْنُ أَبِي الْمُعَمَّرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ التِّبْرِيزِيُّ عَنْهُ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يُوسُفَ الكَاشْغَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ البَطِّيِّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَأَبُو الْمُظَفَّرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ ابْنُ الْبَطِّيِّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أحمد بن الحسن (7) ابن خيرون (ت) ، وَقَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن علي (8) بن الحسين الطّريثيثي (ث) ، قَالا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ الْفَارِسِيُّ (9) قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ ينظر في كتابه في منزله بدرب (ج) الزَّعْفَرَانِيِّ (10) ، وَأَنَا أَسْمَعُ يَوْمَ السَّبْتِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ (11) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى الْحُمَيْدِيُّ الْقُرَشِيُّ ثُمَّ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيُّ (12) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِنْسَانٍ (13) عَنْ أَبِيهِ (14) ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ (15) قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-/ مِنْ لِيَّةَ (16) - قال الحميدي: (ح) «مَكَانٌ بِالطَّائِفِ» - حَتَّى إِذَا كُنَّا عِنْدَ السِّدْرَةِ (17) ، وَقَفَ رَسُولُ اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ طَرَفِ الْقَرْنِ الأَسْوَدِ (18) حَذْوَهَا فَاسْتَقَبَلَ نَخِبًا ببصرة (خ) - قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: «مَكَانٌ يُقَالُ لَهُ نَخِبٌ بِبَصْرَةَ (19) » - ثم وقف حتّى اتفق (د) الناس، ثم قال: «إنّ صيد(1/358)
وَجٍّ (20) وَعِضَاهُهُ حَرَمٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-» (ر) ، وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا (ز) .
وإصلاح مَا فِيهِ من الألفاظ المشكلة لِي (س) . قال الزمخشري أبو عبد الله محمود (ش) ابن عُمَر: «ولِيَّة- بالتشديد- مَوْضِع، والنَّخِب واد من الطائف على ساعة، ووجّ وادي الطائف» (ص) .
قال المبارك بن أحمد (ض) : لم أقيد عليه إلّا حرم، والحرم (ط) بكسر الحاء وسكون الراء، الحرام والحرام بفتحها وكسر الراء مصدر حَرَمه الشَيْء يحرمه حرما منعه، وكلاهما يحسن فِي هَذَا الموضع (ظ) .
وَلَم أَعْلَم بهذا الشَّيْخ الكاشْغَري، لمّا قدم إربل فآخذ عنه (ع) .
وحدثنا الحافظ أبو محمد (غ) بهذا الإسناد، حدثنا محمد بن يحيى (ف) ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُّ (21) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الرَّبَعِيُّ (22) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ (23) ، عَنِ ابن عباس (ق) ، قَالَ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرْوَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُذَامِيُّ (24) وَأَهْدَى له بغلة بيضاء، وكان فروة غلاما (ك) لِقَيْصَرَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ العرب (ل) ، وكان منزله عماّن (م) (25) وَمَا حَوْلَهَا. فَلَمَّا بَلَغَ الرُّومَ ذَلِكَ مِنْ أمره حبسوه، فقال في محبسه: (الكامل)
طرقت سليمى موهنا (ن) أصحابي ... والرّوم بين الباب والقروان (و)
صَدَّ الْخَيَالَ وَسَاءَهُ مَا قَدْ رَأَى ... وَهَمَمْتُ أن أغفى وقد ابكاني (هـ)
/ لا تَكْحَلنَّ الْعَيْنَ بَعْدِي إِثْمَدًا ... سَلْمَى، وَلا تدنينّ للايمان (لا)
وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَبَا كُبَيْشَةَ (26) أَنَّنِي ... وَسَطَ الأَعِزَّةِ لا يحص (ي) لِسَانِي
فَلَئِنْ هَلَكْتُ لَتَفْقِدُنَّ أَخَاكُمْ ... وَلَئِنْ أُصِبْتُ (أأ) ليعرفنّ مكاني(1/359)
وَلَقَدْ عُرِفْتُ بِكُلِّ مَا جَمَعَ الْفَتَى ... مِنْ رأيه وبنجدة وبيان (أب)
قَالَ: فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى صَلْبِهِ، صَلَبُوهُ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ «عَفْرَى» (27) مِنْ فِلَسْطِينَ، فَلَمَّا رفع على خشبته قال: (الطويل)
أَلا هَلْ أَتَى سَلْمَى بِأَنَّ حَلِيلَهَا ... عَلَى ماء عفرى فوق إحدى الرّواحل (أت)
عَلَى نَاقَةٍ لَمْ يَضْرِبِ الْفَحْلُ أُمَّهَا ... مُشَذَّبَةٌ (أث) أطرافها بالمناجل
وقال أيضا: (الكامل)
بَلِّغْ سُرَاةَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّنِي ... سَلِمَ لِرَبِّي أَعْظُمِي ومقامي (أج)
254- ابْن حروبه ( ... - 622 هـ)
هُوَ أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن بْن أَبِي حروبه الشَّيباني (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ وتزوج بابنة شَيْخنَا أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيف بْن أَبِي النَّجِيب، وَسَافَرَ بِهَا من إِرْبِلَ وحجّ مكة المعظمة. رأيته بِالْمَوْصِلِ سَنَة سبع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ- وَهُوَ صبي حسن الصورة- بَعْد أَن تُوُفِّيَ أَبُوه (2) وَأَخَذَ فِي الطلب، وتحصيل الْحَدِيث، فَسَمِعَ مشيخة الْمَوْصِل وغيرهم، وكان يكتب خطا جيدا (أ) .
توفي- فيما بلغني- سنة اثنتين وعشرين وستمائة بالموصل.
255- ابْن النجّار (578- 643 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن مَحْمُود بْن أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بْن هِبَة الله بن محاسن بن هبة الله ابن النجّار (1) ، أَبُو عَبْدِ الله من طلبة الْحَدِيث (أ) / المشهورين. سَمِعَ الْكَثِير وَكَتَبَهُ، وطلبه فِي صغره، وأدرك إسنادًا حسنًا. لَهُ حفظ ومعرفة وإتقان وفهم. وَرَدَ إِرْبِلَ، وما أَقَامَ بِهَا فِي سَنَة عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. رحل فِي طلب الْعِلْم إِلَى الحجاز والشام والجزيرة وهمذان وأصبهان وهَراة ونيسابور. وَدَخَلَ عِدَّة بلاد(1/360)
من بلاد خُرَاسَانَ، وَسَمِعَ بِهَا وَكَتَبَ عَنْ مشايخها، وحدّث بِهَا. لَقِيَ أَصْحَاب أَبِي الْقَاسِمِ بن بيان (ب) ، وأبي علي ابن نبهان (ت) ، وأبي طالب بن يوسف (ث) وَغَيْرهم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن سَعِيد الدُّبَيْثِي: «ذكر لِي أَن مَوْلده فِي لَيْلَة الأحد ثالث عشر ذي القعدة من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ» .
256- أَبُو مُحَمَّد الْمَوْصِلِيّ ( ... -؟)
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَر بْن يُونُس بْن طراد التاجر الْإِرْبِلِيّ (1) ، قَالَ: كَانَ بِإِرْبِلَ رَجُل من أَهْل الْمَوْصِل يدعى أَبَا مُحَمَّد (2) يخدم بني الغَرَّاف (3) ، وَكَانَ لَهُ ولد يسمّى أَبَا الجود، فاجتاز عليه أنوشروان بن (أ) مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُور العَلَّكي (4) ، وَكَانَ أَمِير المطربين، فولع به فمضى الصبيّ وحدّث والده بِذَلِكَ، فاجتمع أبو محمد بأنوشروان، فَقَالَ لَهُ: «إنّي رأيتك فِي المنام وأنت تَقُول لِي: يَا فلان بَعْد الْفِقْه والزُّهد والتُّقى، صرتُ أَمِير المطربين، وأنشدتني أَبْيَاتا فِي النوم حفظتها، وهي: (الطويل)
تركتُ التُّقى والزُّهد عني بمعزلٍ ... وصرتُ أَمِير المطربين ولا فخر
وعاشرت عاشورا وحسنى (ب) وغيرها ... فأصبحت لَا عرض سليم وَلَا ستر
وَكُنْتُ قديما بالقراءة مولعًا ... فقد صار قرآني الطربرب (ت) والزمر
وصار صليبًا يستقى كُلّ لَيْلَة ... بظرف كبير واسع ملؤه خمر (ث)
/ أيفلح من هاذي الصفات صفاته ... ويرجى لَهُ الغفران إِن ضمه القبر؟
ولو لَم أنتبه لكان قصيدا طويلا، فعليك (ج) بالتوبة والإقلاع، والاشتغال بِمَا فِيهِ الانتفاع، فالدنيا أقصر من ظل طائر، والمرء مأخوذ بالجرائر» .(1/361)
257- أَبُو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 621 هـ)
هُوَ أَبُو جَعْفَر مكي بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جَعْفَر مكي بْن هُبَيرة (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، واعظ.
أَنْشَدَنِي، قال: أنشدني إبراهيم بن البرني (أ) الواعظ، قال: وأظنها له: (المنسرح)
يَا أيها البدرُ فِي تعاليه ... والراجز العذب فِي معاليه
والواحد الفذ فِي تفرده ... بالعلم والحلم فِي معانيه
«ارضَ لمن غاب عَنْكَ غيبته ... فذاك ذنب عقابه فيه» (ب)
يرجو من اللَّه أَن يراك وَلَا ... ذنب سوى ذاك فهو يكفيه
بي مرض للفراق يقلقني ... أَعْلَم أَن اللقاء يشفيه
أَنَا ابْن (ت) نون (ث) قَد غاب فِي الَّتِيه ... يرجو خلاصًا وَاللَّه يؤتيه
الحمد لِلَّهِ لَا شبيه لَهُ ... جلّ إلهي عَنْ وصف وتشبيه
قَوْله: «ارض لمن غاب عنك غيبته» مضمّن (ب) .
وَأَنْشَدَنَا لجده أَبِي جَعْفَر (2) - وتُوُفِّيَ فِي باوءَشْنايا (3) -: الكامل)
سمح الزمانُ بندبه ... لمّا أُصيب بندبه
وبكته عينا تربه ... لما ثوى فِي تربه
يَا شامتًا بمماته ... إِن لَم تمت فاشمت بِهِ
يَا من يدل محبه ... رد المطي وعج بِهِ
/ هَذَا الهبيري الَّذِي ... زهت الْقُلُوب بقربه
وأنشدني لجده: (دو بيت)
هل يدفع رمل الفلا ورمل الكثبان (ج) ... والعين وعانته (ح) شواظ النّيران(1/362)
أو ينفعني فِي المعاد حب سعاد ... هيهات، وَلَا مربع خلا من سكان
258- مُحَمَّد بْن يَحْيَى ( ... - بَعْد سَنَة 621 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي دُلَف (أ) بْن خُسْرُم- بالسين المهملة، مضمومة الخاء المعجمة والراء المهملة- الْعِرَاقِيّ (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: ولدت بِبَغْدَادَ، وَلَم يعرف تاريخ مَوْلده.
أَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ فِي خامس عشر جمادى الآخرة من سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بدار الْحَدِيث: (الكامل)
لنسيمكم أرج يفوح مَعَ الصبا ... مَا إِن سرى لمتيم إِلَّا صبا
أضحى يهيم فِي الرياض معنبر ال ... أردان يصحب مِنْكَ نشرا طيبا
عانقته عبق الغلالة (ب) صبوة ... إذ جر أذيالا عَلَى تلك الربا
ثم انثنيت كَأَنْ سقيت مدامة ... وسمعت سحار الملاحة مطربا
ولحظت ربعكم وَقُلْتُ لصاحبي ... متلذذا بحديثكم متعجبا:
لمن الهوادج تسترف مَعَ الضحى ... محميّة بالسّمهرية والظّبا
وعرائس (ت) ميل العيون خوامس (ث) ... لَا يرتوين سوى المدامع مشربا
يسبقن تلماع البروق تشوقا ... وتحرقا وتحننا وتلهبا
لمنازل خضع النسيم لظلها ... حَتَّى الحيا ذاك الجناب الأرحبا
/ فلقد صحبت العيش (ج) فِي روضاتها ... غضا بأفراح الصبابة والصبا
/ ولقد نظرت بِهَا صبيحة دوحة ... حورًا هزأن بأعين الحور الظبا
عينًا يخادعن العيون طماعه ... ويعدن (ح) بعد إلى التمنع والإبا
يسحرن الباب الرِّجَال سوانحًا ... فَإِذَا أسرن فتًى خباهن الخبا
مولاي ما لي والنّسيب ونظم أوص ... اف الحبيب مغزلًا ومشببا
ويهزني شدو الحداة بذكرهم ... فكأنني غصن تميل بِهِ الصبا(1/363)
مَا ذاك إِلَّا أنني لك عاشق ... وأقَوْل ذاك على الزمان تعرّبا (خ)
أولا (د) فما نجد وما سقط اللوى ... لولا هواك، وما العقيق وما قبا (2) ؟
وأنشدني لنفسه: (الطويل)
أغالط عذّالي فأذكر عزة ... ولبنى (3) وأعني فِي ضميري الكنى عتبا (ذ)
كلانا يصون الحب خوف وشاتنا ... فأنظمه شكوى وتنثره عتبا
259- عَبْد الكريم البَوازِيجي ( ... - 611 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الكريم بْن أَحْمَدَ بْنِ محمد البوازيجي (أ) ، شَيْخ ضرير نَزَلَ الْمَوْصِل وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَن تُوُفِّيَ ناظرا فِي وقف عَلَى مسجد لِلَّهِ بِالْمَوْصِلِ، يقرئ فِيهِ الْقُرْآن المجيد.
سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْعِرَاقِيّ الحليّ (ب) وَغَيْره. زرته غَيْر مَرَّة وَلَم أَسْمَع مِنْهُ.
260- ظريف (أ) البَاقِداري (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ ظريف بْن مُحَمَّدِ بْنِ ياسين (1) ، من أَهْل العراق، من بَاقِدارَى (2) ، أَقَامَ بالبلهيثة (3) إِلَى أَن تُوُفِّيَ فِيهَا، وقبره فِي جامعها. شَيْخ كَانَ يَقُول بالأصوات والحروف ويرى النقط والشكل (أ) ، وتابعه عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَة. وَكَانَ ممن لَهُ ذكر/ قَالَ جَمَاعَة: إِنَّهُ كَانَ يَقُول شعرًا. سَمِعت يَحْيَى بْن مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَة (4) ، يَقُول: سمعت طريفا (ب) يقول: وأنشدني: (الرجز)
بالله يا حمام واد الأثل ... نوحي (ت) معي عَلَى زمان وصلي
ويا أثيلات الحمى فخبّري ... عن سالب (ث) حشاشتي وعقلي
بانوا فبان (ج) صفو عيشي بعدهم ... أي حياةٍ بعدهم تحلُّ لِي
واحزنا من ذا دعا بيننا ... حَتَّى رمينا بشتات الشّمل(1/364)
رأيته وَلَم أر الاجتماع بِهِ.
261- مُحَمَّد بْن عَلِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 621 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر الإسكندري الْأَنْصَارِيّ (1) ، شاب أسمر قَدم إِرْبِلَ فِي شَوَّال من سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. ذكر لِي أَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيث بآخره، ناولني ورقة فيها: (الخفيف)
يَا وزيرًا بِهِ الوزارة تزهى ... وإليه الأمور تنمى (أ) وتنهى
وعليه معول النَّاس طرًا ... ولديه عين النّوائب مرها (ب)
سامني الدهر كُلّ خطة خسف ... ورمى بي جال الطّوىّ (ت) وأوهى
فاعنّي عليه يا سابغ الفضل (ث) ... بما عنه- لا عدمتك- يلهى (ج)
ثُمَّ اجتمعت بِهِ بَعْد أَن أثبتّها، وَسَأَلْتُهُ أَن ينشدني غَيْرهَا، فتلوّى زمنًا واعتذر أَنَّهُ لَا يحفظ شَيْئًا من شعْره. وألححت عَلَيْهِ، فَقَالَ: عملت هذين البيتين فِي المُعَمَّى، وَأَنْشَدَنِي لنفسه: (المقتضب)
تيم القلب شادنٌ ... محني فِيهِ زائده
/ قلتُ صلني، فَقَالَ لِي: ... صد عكس ابْن زائده (ح)
وأنشدني لنفسه: (الوافر)
عسا (خ) عيسى عليّ ومال عنّي ... وما طلني بترك وهو يسني (د)
وما لي بَعْد هَذَا الْيَوْم مكث ... بِإِرْبِلَ والسلام عليك مِنِّي
262- أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن ( ... - بَعْد سَنَة 593 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن مَحْمُود بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم الْإِرْبِلِيّ (1) ، من قرية تُدعى «جِبْرِيلاباذ» (2) . تفقّه عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ نَصْر بْن عقيل.
وَسَمِعَ الْحَدِيث عَلَى أَبِي الْمَعَالِي نَصْر اللَّه بْن سلامة الهيتي معنا، وعلى أَبِي(1/365)
الْمُظَفَّر الْمُبَارَك بْن طَاهِر الْخُزَاعِيّ، وعلى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن الْحَسَن (أ) الموصلي (3) ويعرف بابن الرندلبحي (ب) وعلى غيرهم.
توفي ... (ت) .
263- أَحْمَد المَرنْدي (القرن السَّادِس)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ نوري المَرنْدي (1) ، قدم إربل حاجّا، وزار محمد أبن إبراهيم البستي، وألبسه الخرقة (أ) من يده. وكان شابا (ب) حسن الصورة لَهُ شعر، صحب البُستي إِلَى الحجاز، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة عرفة أوقع اللَّه عِنْدَهُ أَن أعتق مماليكه وجواريه، ووقف أملاكه ورجع إلى بلده على التجريد (ت) . وفارق أخاه وَأَصْحَابه من الجبل. وَوَرَدَ إِرْبِلَ وفي رجله جمجم (ث) وبيده إبريق، ومعه تحت يده وصيّ (ج) عتيق، ونزل بالمدرسة المعروفة بالخضر (ح) بْن نَصْر بْن عقيل (2) فَسَمِعَ بِهِ عزّ الدين إلياس (خ) متولي إِرْبِلَ، فجاء إِلَى بَاب المدرسة وَنَزَلَ إِلَيْهِ فوجده عَلَى رأسه مئزر صوف وعليه مُرَقَّعة خشنة. فلمّا رآه بكى كثيرًا، وسأله عَنْ أَخِيهِ زين الدِّين نوري بْن مُحَمَّد (3) ، فَقَالَ: فارقته عَلَى الجبل. فسأله عَنْ مماليكه وأمواله، فأخبره الخبر، / وَكَانَ فِي لسانه وقفة إِذَا تكلّم. فبكى وبكى من حضر. فَقَالَ: إنّ أخاك نوري بْن مُحَمَّد، كتب إليَّ إنك فقدت من الجبل، وَلَا أتركك تمضي إِلَى والدتك إِلَّا كَمَا يجب، وأن أمنعك من المُضيّ إِلَى أَن يردوا، وأن تتزيّا بزيّك الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ أوّل. فَقَالَ: وَأَنَا أشفع إليك ألا تكلّفني مَا لَا أطيق عَلَيْهِ. ففارقه وَلَم يقبل مِنْهُ شَيْئًا مما عرضه عليه (د) . ذكر ذَلِكَ أَحْمَد بْن شجاع بْن مَنَعَةَ، واختصرته.
قال (ذ) : وسمعتُ من أصحابنا مَنْ يَقُول: كَانَ أَحْمَد بن محمد بن نوري (ر) فِي خدمة مُحَمَّد بْن رَمَضَان التِّبْرِيزِي مُدَّةً طويلة، فَكَانَ ينفذه كلّ يَوْم إِلَى البستان ليأتي بالحطب، ويأمره أَن يحمله عَلَى رأسه. فكان يفعل ذلك(1/366)
مُدَّةً طويلة، وبدأ فِي الْمُجَاهِدات، فَلَمَّا عرف فناء نفسه تركه وأعفاه. فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إنّما كنا نريد إخراجه عَنْ عالم العِزّ إِلَى عالم المَسْكَنة، لننسيَه رئاسة الدنيا، ونذيقه (ز) حلاوة أعمال الفقر، ففتح عَلَيْهِ أبناء الدُّنْيَا- بمعرفتهم السابقة لَهُ، ونزولهم لَهُ عَنْ دوابهم كلما (س) لقوه، وتقبيل يده- بابا أكبر مما أردنا صرفه عَنْهُ، فصار تركه أوفى فِي بَاب المزيد من فعله.
264- أَبُو سَعْد الصُّوفِيّ (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو سَعْد لطف اللَّه بْن أَحْمَد (1) ، من أولاد سَعِيد (2) بْن أَبِي الخير الميهني (أ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن شجاع: «هُوَ شَيْخ صَالِح، عالم متصوّف، قدوة فِي التصوف. أَقَامَ بِالْمَوْصِلِ مُدَّةً طويلة، ومات بالمراغة وقبره بِهَا. وَرَدَ إِلَى محلتنا وَأَقَامَ بِهَا، وصحبناه ووصل إلينا من بركة أنفاسه» .
265- عُمَر الدَرْزِيجاني (القرن السَّادِس)
هُوَ عُمَر بْن أَبِي بَكْر (1) ، من دَرْزِيجان (2) /أَقَامَ بِإِرْبِلَ وَلَهُ ذكر، وبإربل مسجد يعرف بِهِ. تُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ وقبره بِهَا. حنبلي المذهب مغال (أ) فِي السنة، من أَصْحَاب عَبْد الْقَادِرِ الجِيلي. صحب الشَّيْخ عليا بْن الهيتي، وَأَحْمَد بْن الرفاعي (3) وعبد الرَّحْمَن الطَيْسَفونجي (4) ومحمد البَقْلي (5) وَغَيْرهم.
266- طه بن بشير ( ... - بعد سنة 577 هـ)
هو طه (أ) بْن بشير بْن مُحَمَّدِ بْنِ خليل الْإِرْبِلِيّ (1) ، إمام الحرم الشريف والحاكم بِهِ. جاور الحرم الطاهر مُدَّةً سِتّ عَشْرَة سَنَة، ودرّس بِهِ وأمّ بالموسم مُدَّةً سبع سِنِينَ. وَعَادَ إِلَى إربل في آخر عمره، وأقام بالقبّة (ب) التي بناها والدي أبو الفتح أحمد (ت) وانتقل إِلَى دار بناها عَلَى هيئة دور مكة (ث) .(1/367)
ووصل مَعَهُ جملة من مال- كَمَا قيل- وتُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ وقبره بقرية موقوفة عَلَيْهِ تعرف ببشيران (2) ، من قرى بين الجبلين. إمام فَقِيه، عالم زاهد، وَإِنَّمَا كتبته هنا لغلبة الزهد عَلَيْهِ. زرته أول مَا وَرَدَ إِلَى إِرْبِلَ.
قَالَ أَحْمَد بْن شجاع: «سَمِعت سعد بن عبد العزيز المقرئ (ج) يقول: أول بداية طه أَنَّهُ مضى إِلَى النظامية صغيرًا ليشتغل عَلَى يُوسُف الدِّمَشْقِيّ (3) ، وَكَانَ لَا يزال الفقهاء الأعاجم والأكراد يتضاربون فِي كلّ وَقْت بالمدرسة، فقدّر اللَّه أنّ طه ضرب فقيهًا من الأعاجم، فيقال إِنَّهُ مات.
فهرب إِلَى مكة وَأَقَامَ بِهَا ينسج التكك ويبيعها ويأكل، إِلَى أَن وَصَلَ من الهند إنسان يعرف بالتكروري، شريف الْأَصْل، مَعَهُ مركب موسق من الفضة، فتصدّق بِهِ عَلَى أَهْل مكة فِي يَوْم واحد منّا (ح) من الفضة. وطلب مَنْ يَكْتُب لَهُ إِلَى أهله فجاؤوه بطه، فكتب لَهُ وأمَّ بِهِ، ووصله فِي كُلّ شَهْر دينارين، وحسنت/ حاله عِنْدَهُ، وأرسله (خ) إِلَى بَغْدَاد، إِلَى إمام العصر، فحصل لَهُ جملة من عين وَغَيْره، وآلت بِهِ الحال إِلَى أَن استنابه قاضي مكة، فلمّا مات صار حاكما موضعه. قَالَ طه: كَانَ يعجبني دعاء السَّرو (4) ، فسمعتُ شخصا مِنْهُم عَلَيْهِ أثر العبادة متعلقا بأستار الكعبة، وَهُوَ يَقُول: «يَا مَنْ هُوَ عفو كله.
ارحم من هُوَ ذنبٌ كلّه» . قَالَ: ورأيت امرأة بالبيت، رأت النَّاس متضرعين يدعون، فرفعت رأسها وقالت: «يَا من هُوَ رجاي وملتجاي، لَا أَعْلَم مَا يقَوْلون، فهب لِي مَا يطلبون» . هَذَا آخر ما نقلته من خطه (د) .
وكان بشير (ذ) عالمًا فقيهًا، لَهُ مصنف فِي الفرائض، وَهُوَ الذي يعرفون به (ر) ومصنف فِي الحساب (5) ، إِلَى غَيْر ذَلِكَ، إمام معيد بمدرسة تعرف بالشيخ خضر بْن عقيل، وَسَافَرَ عَنْهَا ودرّس بغيرها.
267- مُحَمَّد الْإِرْبِلِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 558 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْفَتْح الْإِرْبِلِيّ (1) ، كَذَا وجدت فِي آخر(1/368)
جُزْء سمعه عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْأَنْصَارِيّ الجياني، جَمَاعَةٌ بجامع الْمَوْصِل (2) يَوْم الجمعة سادس عشر المحرم، سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه هَذَا مِنْهُم. ووجدته سمع «كتاب الدعاء» (أ) للحسين بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِلي، عَلَى مُحَمَّد بْن بركة ابن خلف بن الحسن بن كرما (ب) الصُلحي (3) بِالْمَوْصِلِ فِي محرم سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
268- يَعْقُوب بْن دربيس ( ... - بَعْد سَنَة 533 هـ)
وجدت في أول جزء فيه أحاديث «نسطور الرومي» (1) بخط أبي الفضل (أ) عبد الله بن أحمد بن محمد بن الطُّوسي، خَطِيب الْمَوْصِل/ سماع جَمَاعَة عَلَى أَبِي الْفَضْلِ فِيهِم: يَعْقُوب بْن دربيس بْن شنيك (ب) الْإِرْبِلِيّ (2) ، أثبتهم فِي رابع عشر ذي القعدة (ت) سَنَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وذكر أنّ سماعهم فِي تاريخ قَد مرَّ ذكره.
269- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الْإِرْبِلِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 553 هـ)
وجدت فِي آخر جُزْء أَبِي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيم بْن عبد الله الكجي (أ) عن أبي عبد الله محمد بن عبد اللَّه الْأَنْصَارِيّ (1) سماع جَمَاعَة عَلَى الْقَاضِي أَبِي نصر أحمد بن عبد الله ابن الْقَاسِم الشَّهْرَزُورِيّ (2) ، مِنْهُم مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عُثْمَان الْإِرْبِلِيّ (3) ، فِي أوائل شَعْبَانَ سَنَة ثَلَاث وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
270- عَبْد اللَّه بْن نَصْر اللَّه (1) بْن أَبِي بَكْر بْن عُثْمَان الْإِرْبِلِيّ (القرن السَّادِس)
سَمِعَ تاج الْإِسْلَام أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن نَصْر بْن خميس البزّاز بِالْمَوْصِلِ، سَنَة خمسين وَخَمْسِمِائَةٍ. ذكره لِي عَبَّاس بْن بزوان بْن طرخان، فِيمَا وجده عَلَى الأجزاء.(1/369)
271- أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْإِرْبِلِيّ (457- 541 هـ)
وجدت فِي أول نسخة مترجمة بِمَا حكايته: «المعرفة العاشرة من كتاب معارف الأدب (أ) إملاء الشَّيْخ الأجلّ عَلِيّ بْن فضال المجاشعي- أَدَامَ اللَّه عزّه- «فِي طبقة سماع عَلَيْهِ واختصرته» سَمِعَ هَذَهِ المعرفة من أولها إِلَى آخرها عَلَى الشَّيْخ الأجل «الْإِمَام أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن فضال المجاشعي- أَدَامَ اللَّه أيامه-» ، وذكر جَمَاعَة، ثُمَّ قَالَ: «بقراءة كاتب الأسماء أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ صَالِح الْمَعْرُوف بالإربلي (ب) ، وذلك في سلخ ربيع (ت) الْأَوَّل سَنَة خَمْس وَسَبْعِينَ/ وَأَرْبَعِمِائَةٍ» ، وبعده بِخَطِّ المجاشعي: «الأمر عَلَى مَا ذكر فِيهِ، وَكَتَبَ عَلِيّ بْن نضال بْن عَلِيّ» .
هَذَا أَحْمَد، هُوَ أَبُو روح أَبِي طَالِب بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ بْنِ صَالِح. وَقَد تقدمت ترجمة أَبِي طَالِب روح بْن أَحْمَد (ث) .
272- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الواسطي ( ... - بَعْد سَنَة 596 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن حسان بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ (1) ، كَذَا كتب بِخَطِّهِ لِي، سَمِعت عَلَيْهِ قصة «ذَات الفلافل» (2) بِإِرْبِلَ فِي مسجدها الجامع فِي ثالث عشر جُمَادَى الآخرة من سَنَة سِتّ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وأَجَازَني إِجَازَة شاملة لفظا وَخَطًّا.
273- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن جامع (القرن السَّادِس)
هُوَ جد بني محتسب إِرْبِلَ (1) . قَالَ الخضر بْن نَصْر بْن عقيل: «أول من تفقّه بِإِرْبِلَ مُحَمَّد بن علي بن جامع، فكنت (أ) أقرأ عَلَيْهِ شَيْئًا من الْفِقْه، فأوقع اللَّه عندي حب الْعِلْم، وَكَانَ أَبِي فقيرا لَا مال لَهُ، فمضيتُ إِلَى بَغْدَاد وجئت بَاب النظامية وعليَّ بزّة رثّة، فمنعني البوّاب من الدخول لرثاثة حالي.(1/370)
وكان المدرس بها إلكيا الهراسي (2) . ذكر ذلك أبو بكر محمد بن الحسين (3) الكريدي (ب) ، عَنِ الخضر بْن نَصْر بْن عقيل.
وأخبرني بعض ذوي قرابته، إنه كان محتسبا خطيبه بِإِرْبِلَ فِي أيام أَبِي الهيجاء بْن أَبِي علي، صاحب إربل (ت) .
274- قضيب البان (471- 573 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن أَبِي الْقَاسِمِ بْن الْحُسَيْن (1) ، لَا يعرف إِلَّا بقضيب البان، من أَهْل الْمَوْصِل وقبره ظاهرها معروف يزوره النَّاس (2) . كَانَ من المعمّرين، لَهُ كرامات تحكى عَنْهُ مشهورة يتداولها النَّاس تنافي العقل/ والشرع.
حَدَّثَنِي الْفَقِير إِلَى اللَّه أَبُو سَعِيد كوكبوري بْن عَلِيّ بْن بُكْتُكِين، قَالَ:
دَخَلَ قضيب البان عَلَى والدي، وَهُوَ يقرأ فِي المصحف، فقيل لَهُ: «فِي أَيّ شَيْء يقرأ؟» ، قَالَ: «فِي سُورة الزُخْرُف» (أ) . قَالَ: كَانَ ثائر الرأس، عَلَيْهِ جبة صوف، وَقَد خاض فِي الوحل إِلَى ساقيه. قَالَ: وحُطَّت جنازته إِلَى الأرض للتبرك بِهِ غَيْر مَرَّة. قَالَ: وَكَانَ أحول مصفر اللون، فِي كلامه خنّة (ب) .
وحدثني عمي أبو الحسن علي بن المبارك، قَالَ: كَانَ قضيب البان لا يحترز من البول عَلَى ثيابه وساقيه. يخوض النجاسات من الحمأة وغيرها.
كَانَ يقرأ الْقُرْآن، وَإِذَا سئل عَنْ عُمَر خليفة من الخلفاء أو شَيْء من حاله، أَخْبَرَ بِهِ. يتألّفه المواصلة. وذكر عَنْهُ أحوالا أضربت عَنْ ذكرها.
قَالَ أَحْمَد بْن شجاع بْن مَنَعَةَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْر محمد بن الحسين الكريدي (ت) يَقُول: «لما دخلتُ الْمَوْصِل أحببتُ أَن ألقاه- وَكَانَ يقال عَنْهُ إِنَّهُ لَا(1/371)
يطلبه أحد إِلَّا حضر- فمشيت خُطُوَاتٍ إِلَّا وَهُوَ أمامي شعث الرأس، وَهُوَ خائض فِي الحمأة. فَقُلْتُ فِي نفسي قَد قيل عَنْهُ أيّ آية سئل عنها أجاب، لأمتحنّته بآية. فسلّمتُ عَلَيْهِ وأمسكتُ يده وَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ «وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ» (ث) . فَقَالَ: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا في الأرض» (ث) . فعجبت من ذلك» (ج) .
وأنشدني أبو العباس أحمد بن أبي القاسم الَقِيسي، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو البشائر إلياس بْن عُمَر بْن جَعْفَر الْإِرْبِلِيّ (3) الْمَعْرُوف بالموازيني، قَالَ: أَنْشَدَنِي قضيب البان، أَبُو عَبْدِ الله الحسين، لعليّ- كرّم الله وجهه- (الكامل)
مَا هَذَهِ الدُّنيا لطالبها ... إلا عناءٌ وَهُوَ لَا يدري
/ إنْ أقبلتْ فَتنتْ ديانته ... أو أدبرتْ شغلتهُ بالفَقْرِ
شيئان لَا أرجوهما لفتى ... فيه (ح) الغنى ومذمّة الفقر (ح)
هكذا أُنشد هَذَا البيت، وَهُوَ:
شيئان لَا أرجوهما لفتى ... تيه الغنى ومذلّة الفقر (خ)
وَلَيْسَ مَعَ الْأَوَّلين.
275- الشَّيْخ مُحَمَّد (1) بْن الكِيشي ( ... -؟)
من كِيش (2) البحرين، أَقَامَ من إِرْبِلَ بالميراث (3) وتُوُفِّيَ بِهَا، وقبره إِلَى جانب مسجدها. شَيْخ صَالِح مَشْهُور بالخير، نازعته نفسه إِلَى الزواج، فعُقد لَهُ عَلَى صبيّة من أَهْل القطوية (4) ، فحملت إِلَيْهِ فبات عَلَى وِرْد، لَم يقربها، فلمّا كَانَ الصبح دفع إليها دنانير كَانَت مَعَهُ، فَقَالَ: «اذهبي إِلَى(1/372)
أهلك، فقد كسرناها وأدبناها» ، ومسح عَلَى رأسها ودعا لها. وَلَم يتعرَّض بَعْد ذَلِكَ إِلَى الزواج إِلَى أَن مات.
276- أَبُو بَكْر (1) المَرنْدي ( ... -؟)
سكن كفر عزّة (أ) وأقام بِهَا وتُوُفِّيَ بِهَا، وقبره فِي جانب مسجدها. أثنى عَلَيْهِ أَهْل كَفَر عَزّة، وَهُوَ قديم الوفاة، وإلى جانب قبره قبر صغير، ذكر لي إنه ولد السلطان مسعود (ب) تُوُفِّيَ- بظاهر- صغيرًا ودفن بجامعها، وَلَم أتحقق مَنْ مَسْعُود فأثبته فِي موضعه.
حَدَّثَنِي الْقَاضِي محمد بن علي بن محمد (ت) ، قَالَ: جاء المَرنْدي هَذَا وَكَانَ جامع كَفَر عَزّة لَم تفرغ عمارته، فَأَخَذَ آجرة من آجره ومضى إِلَى ميَّافَارِقِين (2) ، وَقَالَ لخادم هناك: «قَد جاء ولدك» . فَقَالُوا لَهُ: «أَنْت مجنون، كيف يكون لخادم (ث) ولد؟» ، فما زال حتّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «هَذَا الجامع بكَفَر عَزّة/ هُوَ ولدك، وَلَا بدّ من إتمامه» . فعجب منه، وأنفذ مَنْ أتمّه. والذي عَلَى حائطه أَن الَّذِي أمر بعمله» ، الغضنفر بْن ناصر الدولة (3) ، وَهُوَ الصحيح، وَلَا أَعْلَم كيف الجمع بَيْن ذَلِكَ؟.
277- جِبْرِيل بْن مُحَمَّد الْإِرْبِلِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 569 هـ)
هُوَ جِبْرِيل بْن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيم الْإِرْبِلِيّ (1) . سَمِعَ أَبَا الرضا سَعِيد بْن عَبْد اللَّه ابن الْقَاسِم الشَّهْرَزُورِيّ (2) فِي ثالث ذي الحجة من سنة تسع وستين وَخَمْسِمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ.
278- أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن بشير (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن محمد بن خليل (أ) الهذباني (1) ، كَذَا أملاه عليَّ، إربلي الْمَولِد والْأَصْل، من الْمَشَايِخ المشهورين. أَخَذَ الْفِقْه عَلَى(1/373)
أَبِي الْعَبَّاس الخضر بْن نَصْر ابْن عقيل، وصحب تاج الْإِسْلَام الْحُسَيْن بْن نَصْر بْن محمد بن خميس، وعلي (ب) بْن سعادة السرّاخ (2) من الْمَشَايِخ. جاور مُدَّةً بالحرم الطاهر- شرّفه اللَّه-، وَعَادَ إِلَى إِرْبِلَ وأقام بِهَا، ومات بِهَا وقبره فِيهَا. كنتُ أزوره لدينه، وسمعتُ عَلَيْهِ للتبرًّك بِهِ.
قَرَأْتُ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الْهَذْبَانِيِّ- وَكَانَ رَبْعَةً- قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّقْسَقِينِيُّ- وَكَانَ رَبْعَةً-، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ النَّحْوِيُّ (3) - وَكَانَ رَبْعَةً-، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيُّ (4) وَكَانَ رَبْعَةً-، حَدَّثَنَا (ت) الشَّيْخُ الْجَاجَرْمِيُّ (5) - وَكَانَ رَبْعَةً- حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ (6) - وَكَانَ رَبْعَةً- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ (7) - وَكَانَ رَبْعَةً-، عَنْ مِسْعَرٍ (8) - وَكَانَ رَبْعَةً-، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (9) - وَكَانَ رَبْعَةً-، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- وَكَانَ ربعة- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ/ وَكَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ، لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ (ث) ، ولا بالأدم (ج) . بُعِثَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ، وَلَيْسَ فِي لِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ» (ح) .
279- الشَّيْخ سَعْد البَوازِيجي (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو مَسْعُود سَعْد بْن عَبْد الْعَزِيز الضرير الْمُقْرِئ البَوازِيجي (1) .
سكن إِرْبِلَ صغيرًا، وتُوُفِّيَ بِهَا وقبره الآن عَلَى بَاب الْمَوْصِل، يُسرة الآخذ من البلد عَلَى الباب المذكور إِلَى ظاهره، بِالْقُرْبِ من الباب. كَانَ إماما فِي الْقُرْآن، تعلّم عَلَيْهِ جَمَاعَة كثيرون، وَكَانَ يعرف الفرائض، صحب الشَّيْخ أَبَا الْعَبَّاس الخضر بْن نَصْر بن عقيل، والشيخ أبا علي (أ) الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الكيلي، وَأَبَا الْخَيْر (2) الْمُقْرِئ (ب) ، وعليه قَرَأَ الْقُرْآن الكريم، والْفَقِيه إِبْرَاهِيم بْن البَوازِيجي (3) ، وَأَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الحِلّي(1/374)
الْوَاعِظ. كَانَ أحسن النَّاس صوتًا وأطيبهم قراءة للقرآن الكريم.
280- الحاسب الْإِرْبِلِيّ ( ... -؟)
هُوَ أَبُو بَكْر بْن غريب الْإِرْبِلِيّ (1) ، ويعرف بالحاسب. لَهُ ذكر فِي الإربليين، مَشْهُور بالورع والدين، لَهُ رياضات. لَا أَعْلَم لِمَ سُمِّي بالحاسب، وَلَم يخبرني بذلك أحد. توفي بإربل ... (أ) . كَانَ النَّاس يزورونه، ويأخذون من آدابه.
281- الشريف الحسني (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ السيد الشريف أَبُو الْمَحَاسِن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ (1) بْنِ مُحَمَّد بن علي بن الحسين ابن سيدي بْن الْقَاسِم بْن عِيسَى المكاري بْن مُحَمَّد اليطحاوي بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْن بْن زَيْد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. أملى عليَّ نسبه هكذا (أ) .
/ وَرَدَ إِرْبِلَ قديمًا وَلَم أؤرخه. أملى عليَّ من جملة محفوظاته من الأدعية، فَقَالَ: إِنَّهُ مجرَّب من أدعية الأئمة الكبار واختيارهم: «اللهمَ ربَّ السَّماوات السَّبع وربَّ العرش العظيم، اكفِني مَا أَهَمَّني من حيثُ شئتَ وكيف شئتَ وأنَّى شئتَ» . وَقَالَ: وَهَذَا مجرَّب: «لَا إله إِلَّا أَنْت سُبحانك إنّي كنتُ من الظَّالمين» (ب) .
وأنشدني: (المتقارب)
إِذَا هبَّ من أرضكُمْ من برقة ... شممتُ الوصال بإقبالها
وإن حملتني الصبا نحوكم ... تعلق روحي بأذيالها
كَذَا أَنْشَدَهُ: «برقه» ، وصوابه «نسمه أو نفحه» أو نحوهما.(1/375)
282- عثمان السّيبي (أ) (530- 610 هـ)
أبو عمرو عُثْمَان بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس بْن مُقَلَّد السِّيبي الخبّاز (1) . شَيْخ طَوِيل، وَرَدَ إِرْبِلَ وحدّث بِهَا، وأَجَازَ لِي إِجَازَة شاملة.
283- أَبُو طَالِب الواسطي ( ... - بَعْد سَنَة 611 هـ)
هُوَ أَبُو طَالِب سُلَيْمَان بْن أَبِي الميامن المبارك بْن أَبِي مَنْصُور بْن الْمُبَارَك النقّار (1) الواسطي، قدم إِرْبِلَ فِي شَهْر رَجَب سَنَة إِحْدَى عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ وأثنى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن سَعِيد الدُّبَيْثِي في إجازة بيده. سَمِعَ أَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن عمران (2) الباقِلاني الْمُقْرِئ، ومحمد بن علي بن (أ) الكتّاني (ب) .
أَنْشَدَنِي أَبُو طَالِب سُلَيْمَان بْن الْمُبَارَك، قَالَ: أنشدني أبو بكر بن عمران الباقلاني: (الطويل)
يعد رفيعَ القَدر مَنْ كَانَ عاقلًا ... وإنْ لَم يكنْ فِي عقله بحسيبِ
/ وإنْ حلَّ أرضًا حلّ فِيهَا بعقلهِ ... وما عاقلٌ فِي بلدة بغريب (ت)
وَأَنْشَدَنَا قَالَ: أَنْشَدَنَا هِبَة اللَّه بْن قَسَّام الْقَاضِي بواسط (3) - رَحِمَهُ اللَّه-، وَقَد جرى ذكر السفر: (الخفيف)
إنّما المُكثُ فِي المنازل عبءٌ ... فاغتنمْ سفرةً وَلَا تتلّبثْ
فكذا الماء فِي الغدير زُلالٌ ... كلّما طال مُكثهُ يتخبّثْ
284- ابْن خَوْلة (553- 618 هـ)
هُوَ أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد السُّلمي، أَبُو جَعْفَر المغربي الأندلسي (1) ، يعرف بابن خَوْلة، من أَهْل غَرْنَاطَة (2) ، شرقي الأندلس. فِيهِ(1/376)
فضل، رحل إِلَى بَغْدَاد وبلاد فارس (3) وكِرْمان والغُوُر (4) وغَزْنَة (5) ، وقطعة من بلاد الهند، وَدَخَلَ سَمَرْقَنْد، وسكن هَراة. وامتدح الملوك واكتسب مالا، وروى في تطوافه. قال ابن الدبيثي (أ) : أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، وأَجَازَ لِي ابْن خَوْلة كتابةً: (الوافر)
إِذَا مَا الدهر بيتني بجيشٍ ... طليعتُه اهتمامٌ واكتئاب (ب)
شننت عليه من جلدي (ت) كمينا ... أميراه (ث) الذّبالة (ج) والكتابُ
وبتُّ أنصُّ من شيم الليالي ... عجائبَ فِي حقائقها ارتيابُ
أريغُ بِهَا التَّسلِّي مستريحًا ... وليس على الزّمان بها عتاب (ح)
قال ابن الدبيثي: سألته عن مولده، فقال: فِي شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَلَاث وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بغرناطة. وبلغنا أَنَّهُ قتله الكفار بهَراة فِي رَبِيع الْأَوَّل سَنَة ثَمَانٍ عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ.
285- عَبْد السَّلَام الجِيلي (548- 611 هـ)
هُوَ عَبْد السَّلَام/ بْن عَبْد الْوَهَّابِ بْن عَبْد الْقَادِرِ بْن أَبِي صَالِح- واسمه جيلي دوست- الجيلي الْأَصْل- الْبَغْدَادِيّ الْمَولِد والدار، أَبُو مَنْصُور بْن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي مُحَمَّد الْحَنْبَلِيّ (1) ، من بيت مَشْهُور بالعلم والصلاح. تفقه عَلَى مَذْهَب أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْن حَنْبَل- رحمة اللَّه عَلَيْهِ-، وَسَمِعَ الْحَدِيث الْكَثِير من أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الكاتب (2) الْمَعْرُوف بابن الصابي، ومن جدّه (أ) ، ومن جَمَاعَة بعدهما. ودرّس فِي مدرسة جده الشَّيْخ عَبْد الْقَادِرِ بَعْد وَفَاة أَبِيهِ (3) .
وتولّى عِدَّة خدمات للديوان الْعَزِيز- أجلّه اللَّه-. قدم رسولًا إِلَى إِرْبِلَ، إِلَى مُظَفَّر الدِّين صاحبها، من الديوان العزيز. وما أَعْلَم أَنَّهُ حدَّث بِهَا وَلَا بغيرها. وَكَانَ مَوْلده فِي ذي الحجة سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وخمسمائة، وتوفي(1/377)
فِي يَوْم الجمعة ثالث رَجَب سَنَة إِحْدَى عَشْرَة وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن بَعْد الصلاة من هَذَا الْيَوْم بمقبرة الحَلْبَة (4) بشرقي بَغْدَاد. هَذَا مما أفادنيه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن سَعِيد الدُّبَيْثِيِّ، فأوردته على مَا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ.
286- صَدَقَة الكُتبي (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ صَدَقَة بْن عَلِيّ بْن ناصر بْن عَبْد اللَّه الوّراق (1) ، من أَهْل الأنْبار (2) سكنَ بَغْدَاد. كَانَ يرد إِرْبِلَ يبيع بِهَا الكتب. شاب أسمر، سَمِعَ أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ بَخْتِيَار بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد المَندائي وأَجَازَه، وَأَبَا الْفَرَج عَبْد المنعم بْن عَبْد الْوَهَّابِ بْن سَعْد بْن كُليب الحَرَّاني وغيرهما. وَلَهُ إجازات من جَمَاعَة من مَشَايِخ بَغْدَاد المشهورين. كتب إليّ من شعره:
(السريع)
عبدُك قَد جاءكَ مسترفدًا ... زادًا إِلَى الْمَوْصِل يكفيه
/ وكنتَ أنعمت بإنجازه ... والوعد أحرى بك تُوَفِّيه
خادمك الأصغر مستعجل ... فَلَا تعقه بتماديه
287- أَبُو الْحَسَنِ التِّبْرِيزِي ( ... -؟)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن داشم التِّبْرِيزِي (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ وسمع بها الحديث (أ)
288- عَبْد الرَّحْمَن بْن الصَّفَّار ( ... - بَعْد سَنَة 602 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن بلال بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الجليل الصَّفَّار (1) . كَانَ أَبُوه يبيع الصِّفْر، من الإربليين مولدًا ومنشأ. سَافَرَ إِلَى خُرَاسَانَ وغيرها، وَسَمِعَ الْحَدِيث بِهَا، وتفقه وَكَتَبَ عِدَّة كتب، ثُمَّ عاد إِلَى إِرْبِلَ فولي قَضَاء بَعْض أعمالها، وتُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ (أ) .(1/378)
وجدتُ عَلَى آخر كِتَاب فِيهِ أَحَادِيث «المُهذَّب» (2) مما جمعه وشرحه أَبُو المحامد مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الخَطَّابِ (3) . وَهَذَا الْكِتَاب ضمّ فيه أحاديث كتاب أبي إسحاق (ب) مجموعةً فِي مجلد، وَلَم يفِ بِمَا ذكره من شرحها، وَهِيَ مجردة من إسناد، مَا صورته: «قرىء (ت) عليَّ هَذَا الْكِتَاب، وصاحب الْكِتَاب الشَّيْخ الْإِمَام جمال الدين، سيف النصر (ث) ، ظهير الأصحاب، عَبْد الرَّحْمَن بْن بلال بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الجليل- وفقه اللَّه- حاضر يَسْمَع، ويبحث مفيدا ومستفيدًا، وَاللَّه يوفقه لكلّ خير، ويعصمه من كُلّ شر. كتب مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الخَطَّابِ، عشيةَ يَوْم الاثنين الْخَامِس من رَبِيع الْأَوَّل سَنَة ثَمَانٍ وتسعين وخمسمائة» (ج) .
وَهَذَا الْكِتَاب كَتَبَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن بلال فِي محرم سَنَة سبع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بجامع بخارى/ بخطه (ج) .
وَوَجَدْتُ بِخَطِّهِ كِتَاب «عيون الفردوس» (4) ، مما انتخبه أَبُو المحامد مَحْمُود بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَسَن الفَارِيَابي (5) ، وروى «الفردوس» (6) عَنْ جَمَاعَة ذكرهم، وَقَالَ: «لمّا أسمعني وأنبأني الْقَاضِي أَبُو المجد مُحَمَّد بْن أَبِي الْفَضْلِ الْأَصْبَهَانِيّ (7) والْقَاضِي أَبُو الضياء منير بْن بدر الخُجَنْدي (8) ، وَأَبُو الْمَعَالِي المشطب بْن عَبْد الرَّحِيم الأوسي (9) ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الجليل الراشداني (10) ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن أَبِي بكر بن يوسف الفرغاني (11) ، قالوا بعد الاستجازة (ح) منهم: أخبرنا أبو حفص عمر ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد النَّسَفي (12) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مؤلف الْكِتَاب أَبُو شجاع شِيَروَيْه بْن شَهْردار بْن شيرويه الدَّيلمي الْهَمَذَانِيّ (13) » ، ثُمَّ أتى بالكتاب عَلَى حروف المعجم. قال عبد الرحمن (خ) : «ابتداء ما أملاه (د) عَلَيْنَا بكرة الأربعاء سابع عشرى شَوَّال سَنَة تسع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ببخارى» ، وَقَالَ فِي آخره:
«قال الفاريابي- أقال الله عثرته- (ذ) » تضرم (ر) نائله بضم التاريخ فِي(1/379)
جنبات جناني بعد تمام المرام (ز) ، ما نشأت بالعرض المريض هذا القريض: (الوافر) .
يَقُول العبدُ مَحْمُود حميدًا ... لربّ العالم الأحدِ القديمِ
أُبشّرُ من سعى فِي السطرِ جدًا ... حديثَ رَسُول ذي العرش العظيمِ
يرى «بعيون فردوس» قصورًا ... لها روضات فِي دار النعيم
ويشفع ثلة من أَهْل ويل ... وينجيها من إيراد الجحيم
بيمن نصائح الصدر المعلى ... نبيّ اللَّه ذي الشرف العميم
/ لَقَد ختم الكتابُ بعام خاء (س) ... عَنْ إذهاب الحبيب عَنِ الحطيم (14)
فأرجو أَن تصان على اقتداح (ش) ... لدى من ساد بالعرق الكريم
وبعده بِخَطِّهِ: (الوافر)
يَقُول العبدُ مَحْمُود أجزتُ ... رواية مَا جمعتُ من الكتابِ
لمن يسطر وينظر فِيهِ جِدًا ... من أبناء الكرام بلا حسابِ
بشرطٍ أَن يراقب كلّ ذَات ... خطاء فِي الكلام من الصوابِ
وَهَذَا شعر رديء جدًا- رَحِمَ اللَّه قائله-.
وَقَد أَجَازَ لَهُ أَبُو المحامد مَحْمُود بْن أَحْمَد هَذَا، جَمِيع مَا يجوز لَهُ روايته، إِجَازَة مطلقة، كتب لَهُ بِهَا خَطَّهُ فِي العاشر من شَهْر رَبِيع الْأَوَّل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ، وأخبره بأنه يَرْوِي كِتَاب «شهاب الأخبار» (ص) عَنْ أَبِي الْمَعَالِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن جَعْفَر الموسوي الترمذي (15) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخ الْحَافِظ أبو بكر المارستاني البغدادي (ض) ، قَالَ: حَدَّثَنِي المصنف شهاب الدِّين مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي- رحمه الله- (ط) .
289- أَبُو حَفْصٍ الْمَوْصِلِيّ (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَر بْن محاسن بْن أَبِي الثناء الموصلي (1) ، ولد بها (أ)(1/380)
في ... (ب) . يحفظ الْكِتَاب الكريم. وَأَقَامَ بِإِرْبِلَ يؤمّ ببعض مساجدها. (ت) .
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي بَعْض من أعتقل بِإِرْبِلَ وأطلق: (الكامل)
لَا يؤيسنك بؤس دهر قدمت ... آفاقه ونعيمه إِن أُخرا
كم قلب الياقوت فِي جمر الغضا ... والجمر فِي شفافه مَا أثرا
/ فاصبر لدهرك لَا تكن متأوها ... يَا ذا العلا سبق الْقَضَاء بِمَا جرى
فتراه بَعْد هنية وَقَد انجلى ... عَنْهُ المجالُ وبان مَا قَد سترا
ومن نَزَلَ بدار المضيف بِإِرْبِلَ وَلَم يبلغني (ث) فأعرفه. حَدَّثَنِي عُمَر بْن محاسن بْن أَبِي الثناء (ج) الْمَوْصِلِيّ، قَالَ: كتب إنسان نَزَلَ بدار المضيف الى صاحبه (ح) - وذكر لِي أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ملاعب (خ) أنه كتبهما إلى والده وأنشده إياهما-: (الكامل)
إِن كَان هَذَا الغيث جاء لرحمة ... نشرت (د) بِهِ فِي شمال وجنوب
فلقد جنى يَا صاحبي جناية ... منع المحب زيارة المحبوب
فانعم وزر فالغيث جاء لرحمة ... مَا جاء للبحران (ز) والتعذيب
290- بركة بْن عِيسَى (1) الْإِرْبِلِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 581 هـ)
قَرَأَ جَمِيع كِتَاب «الجامع فِي القراءات» تصنيف أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ علي ابن فارس الخيّاط (2) ، على علي بن أبي السعود بْن يَحْيَى الْمَعْرُوف بالنخعي (3) ، بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الفتح عبد الوهاب بن محمد بن الحسين المَالِكي الصابوني، إجازةً عَنْ أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن بدران الحُلْوَانِي (4) عَنْ مصنّفه (أ) يوم السبت سادس عشر (ب) من سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.(1/381)
291-/أبو الثناء (أ) مَحْمُود بْن جامع العليماتي (519- 627 هـ)
أَبُو الثناء مَحْمُود بْن جامع بْن مُجلِّي بْن مُساوِر الْبَغْدَادِيّ الْأَصْل، يعرف بالعليماتي (1) كَانَ يطوف بالخرز على النساء في الأزقة، وتركه (ب) وصار يعظ عَلَى الْمَقَابِر. أَخْبَرَنِي أَنَّهُ ولد بميَّافارِقين، ولم يعرف زمن ولادته، وذكر أَنَّهُ لمّا قُتل أتابك زنكي (2) كَانَ لَهُ اثنان وعشرون سنة (ت) . وَكَانَ إِذَا سُئل عَنْ سنِّه، يَقُول: مائة سَنَة، وَلَا يحقق ذَلِكَ. وإنّما ذكرته لأن له ذكرا بإربل.
أنشدني لبعضهم: (الوافر)
حبيبي ما يفارقك الرّقيب (ث) ... وما لي منك يا أملي نصيب
وما تخلو فأخلو (ج) معك يومًا ... فأشكو من عتابك مَا يطيب
إِذَا كَانَ المحب قليل حظ ... فما حسناته إِلَّا ذنوب
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: سَمِعت البَيْهَقِيّ الْوَاعِظ، عَلِيّ بْن مُحَمَّد (3) فِي مَجْلِس وعظه بِالْمَوْصِلِ ينشد: (الوافر) .
أيا للهِ مَا تُخفي البيوتُ ... وإنْ حسُن التجمُّل والسكوتُ
قَالَ: وَكَانَ فِي مجلسه من أكابر الموصل خلق فخلعوا (ح) مَا عليهم من الملبوس، فَقَالَ: «صَدَقَة السرّ تطفىء غضب الرب» (خ) ، فخلع إنسان من بني مهاجر (4) أو غَيْرهم- كَمَا قَالَ- مَا كَانَ عَلَيْهِ، فاجتمع من ذَلِكَ مَا حمله جَمَاعَة إِلَى منزله، قَالَ: فلمّا: أفتقد ذلك وجد في ملبوس (د) المهاجري أو غَيْره، كيس فِيهِ ستون دينارًا، فقال البيهقي لا بدّ من السؤال عَنْهُ، فأنفذ إِلَى صاحبه فسأله عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ/ ألست القائل «صَدَقَة السرّ تطفىء غضب الرب؟» فأنا فعلت ذَلِكَ لذلك. هَذَا معنى كلامه، وأكثر اللفظ لي (ذ) .
وأنشدنا، وذكر معه حكاية مصنوعة لبعضهم: (المنسرح)(1/382)
أطمعني فِي خروفكم خرفي ... فجئتُ مستعجلًا وَلَم أقف
ثُمَّ رَأَيْتُ الأطراف ذاهبة ... فِي طرف والسّماك (ر) فِي طرف
وَكَتَبَ هَذَهِ الأَبْيَات إِلَى أَبِي الْفَضْلِ هاشم بْن عَبْد السَّلَام بْن يُوسُف (5) ، وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فتلكأ ثم قَالَ: هِيَ لِي: (السريع)
أمين دين اللَّه يَا من لَهُ ... منزلة فِي هالة البدر
يَا كعبة القصاد يَا من لَهُ ... مناقب فِي عدد القطر
يَا أوحد الدُّنْيَا ومن جوده ... مندفق فِي الخلق كالبحر
أقسم بالمبعوث من هاشم ... نجل الهدى والكوكب الدّرى (ز)
إنّي امروء مَا رمت مدحا إِلَى ... سوى نداك الدافق الغمر
فاسمع مقالي وانتهز فرصتي ... وانهض- كلاك اللَّه- فِي نَصْر
عَمْرو العلا (6) مذ لَم يزل جوده ... مَشْهُور بَيْن العرب والحضر
عبيدك الداعي فِي إِرْبِلَ ... ممنطق بالفقر والضر
عياله تشكو الطّوى والخوا (ش) ... من ألم الإملاق والفقر
إِن طلبوا مِنْهُ أمورا أتى (ص) ... عليهم بالوعظ والشعر
من أين يدري الطفل- يَا سيدي- ... بالوعظ والنظم مَعَ النثر؟
فِي منزل أضيق من رزقه ... ينقص فِي المسح عَنِ الشبر
/ أركانه من قصب يابس ... وسطحه منهتك الستر
إِذَا همى الغيث عَلَى سطحه ... ممار الَّذِي فوق عَلَى الحصر
إِذَا أتى اللحم (ض) إِلَى جاره ... من داره ينشق كالهر
إِن دام هَذَا فاعلمن أنني ... منتقل أسكن فِي قبر
فانهض لأمري (ط) - سيدي- سرعة ... واغتنم الأجر مَعَ الشكر
وعش ودم وابق برغم العدي ... قرير عين أبد الدّهر
وانشدني لبعضهم: (الكامل)(1/383)
ما فارقين بليتي ... ويلاه من ما (ظ) فارقين
كم صحتُ يَوْم فراقهم ... يَا نفسُ ويحكِ فارقيني
تُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّه- آخر نهار الأحد سابع شَوَّال من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن فِي ثامنه.
292- الْمُبَارَك بْن أَبِي بَكْر (595- 654 هـ)
هُوَ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْمُبَارَك (1) بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن حَمْدان بن أحمد بن علوان (أ) ابن ماجد بْن حسين بْن عَلِيّ بْن حَامِد- غفر اللَّه لَهُ ولوالديه، إِنَّهُ جواد كريم (ب) -، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي العشرة الآخرة من محرم سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. شاب مُغرى بجمع الأشعار، ألف كتابا (2) جمع فِيهِ من الشعراء ما وصله، ذيّله على كتاب المرزباني (ت) محمد ابن عمران (3) .
حَدَّثَنِي أَنَّهُ ولد بِالْمَوْصِلِ فِي مستهل صَفَرٍ من سنة خمس (ث) وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. يحفظ جملة من تاريخ وحكايات وأشعار، وأسماء شعراء، وأنسابهم ومواليدهم ورفاتهم (ج) . حَدَّثَنِي أَنَّهُ كَانَ شعّارا يعمل آلة الجمال وغيرها، وربما كتب «الشَعَّار والمُرَحِّل» . سَأَلْتُهُ أَن ينشدني شَيْئًا من شعْره/ فَقَالَ: مَا عملت شعرًا قط. فَقُلْتُ لَهُ: تكلَّفْ ذَلِكَ، وَقَد عملته.
فأقام مُدَّةً طويلة، ثُمَّ قَالَ: قَد عملت هذه الأبيات، وأنشدني لنفسه:
(الكامل)
مولاي عزّ الدين (ح) يَا مَنْ كفُّه ... أضحت عَلَى العافين غيثا مُغدِقا
لَقَد اتخذت المَكرُمات ملابسًا ... ورُقّيت فِي أعلى المعالي (خ) مرتقى
لو شاهد الطّائي (د) جودك مَرَّة ... يَوْم النوال لظل مِنْهُ مطرقا
نور البشاشة فِي جبينك لامع ... قَد زاده نور (ذ) الأمارة رونقا
وَإِذَا محياك الكريم بدا لنا ... فِي غيهب خلناه بدرًا مشرقا(1/384)
تاهت بك الغبراء (ر) لما أَن رأت ... فيك الفضائل والفواضل والتقى
يَا ابْن الأماجد والكرام ومن غدا ... بالمأثرات متوّجا وممنطقا
إسداؤك المعروف فيك (ز) خليقة ... فِي كُلّ وَقْت لَيْسَ ذاك تخلقا
فاسلم ودم فِي غبطة وسعادة ... لَا زلت في كلّ الأمور موفّقا
وأنشدني لنفسه: (الكامل)
ومورد الوجنات تحسب قدّه ... غصنا يرنحه النسيم إذا سرى (س)
ريان من ماء الملاحة أهيف ... فتنت بدائع حسنه كُلّ الورى
كملت محاسن وجهه حَتَّى غدا ... أبهى من البدر المنير وأنورا
وَإِذَا نظرت إلى لآلىء ثغره ... أجريتُ من دمعي عقيقًا أحمرا
وَاللَّه مالي سلوة عَنْهُ وَقَد ... كتب العذار بعارضيه أسطرا
قَد قُلْت حين رأيته فِي حلة ... خضراء لمّا أنْ بدا متبخترا:
لم يكف مَا صنع اخضرار عذاره ... بقلوبنا حَتَّى تسربل أخضرا
/ أورد فِي كِتَابه ترجمة أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد، أَبِي الْعَبَّاس بْن الرفاعي الزَّاهِد المشهور (ش) ، وأنشد له من شعره: (الطويل)
إِذَا جن ليلي هام قلبي بذكركم ... أنوح كَمَا ناح الحمام المطوق
وفوقي سحاب تمطر (ص) الهمّ والأسى ... وتحتي بحار للأسى (ض) تتدفّق (ط)
سلوا أم عَمْرو كيف بات أسيرها ... تفك الأسارى دونه وَهُوَ موثق
فَلَا هُوَ مقتول، ففي القتل راحة ... وَلَا هُوَ ممنون عَلَيْهِ فمطلق (ظ)
بِخَطِّهِ: «نفك الأسارى، وَلَا هُوَ ممنون عَلَيْهِ فمطلق» (ع) ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ ابْن الرفاعي يَوْم الْخَمِيس ثاني عشر (غ) جُمَادَى الْأُولَى من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.(1/385)
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي يَعْقُوب بْن صابر بْن بركات الحَوْثري القرشي (4) ، الْبَغْدَادِيّ الْمَولِد والْمَنْشَأ، الحَرَّاني الأصل، لنفسه:
(الكامل)
قبّلت وجنته فألفت خدّه (ف) ... خجلا ومال بعطفه المياس
فانهل من خديه فوق عذاره ... عرق يحاكي الطل فوق الآس
وكأنني استقطرت وَرَدَ خدوده ... بتصاعد الزفرات من أنفاسي (ق)
فَلَمَّا رَأَى أَن «ألفت» لَا يجوز، قَالَ: «فمال بخده خجلا، وماس بقده المياس.
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ بْن عَبْد الْجَبَّارِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن القَيْرواني (5) ، الكاتب الْمَعْرُوف بابن الزيّات لِنَفْسِهِ، وكتبها إِلَى ممدوح اسمه يُوسُف، يصف قلمه ويهنيه بعيد الفطر، فِي أثناء رسالة قَالَ: وَكَانَ وراقا يأكل من كسب يده. ولد بسوسة (6) من المغرب، ونشأ بتونس وسكن بَغْدَاد، وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِل فأقام بِهَا إِلَى أَن تُوُفِّيَ بِهَا آخر يَوْم الثلاثاء الثَّانِي والْعِشْرِينَ/ من شَعْبَانَ من سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ودفن في مقبرة الجامع العتيق (7) يوم الأربعاء. (الكامل)
وبمهجتي الألمى الَّذِي فِي كفه ... لَا أثم (ك) معتدل القوام رشيقه
إذ غيثنا (ل) في سحبه ومقيلنا ... من ظلّه (م) وحياتنا من ريقه
علم لدى كُلّ المكارم فِي يد ... تعلو فيعلو القصد عِنْد حقوقه (ن)
بل صيب يهمي المنايا والمنى ... بأسًا وجودًا في خلال بروقه
يا مالكا أولى (و) فأظهر صنعه ... فرجا (هـ) عَلَى ضنك الزمان وضيقه
هنيت بالعيد الْمُبَارَك بالغًا ... أملًا رجوت اللَّه فِي تحقيقه
مَا زاد من صدق الثَّنَاء ليوسف ... فِي الحمد بل أثنى عَلَى صديقه(1/386)
293- أَبُو الفضائل الصُّوفِيّ (592- بَعْد سَنَة 625 هـ)
هُوَ أَبُو الفضائل جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار الواسطي الخسر سابوري (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. حافظ للقرآن الْعَزِيز، عِنْدَهُ شَيْء من العربية. ذكر لِي أَن مَوْلده فِي جُمَادَى الآخرة من سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بخسر سابور (2) ، ونزل بالرباط المعروف برباط الجنينة (أ) .
أنشدني لنفسه: (البسيط)
أرومُ إخفاء مَا بي من أسى وجوى ... وألسن الحال تبديه وتظهره
وكيف أخفي الأسى والسقم شاهده ... والدمع تجري عَلَى خدي أسطره
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، وَقَد وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَاب من أَخِيهِ- وهو مقيم بِالْمَوْصِلِ- سَنَة ثَلَاث عَشْرَة وستمائة، وقد ضمّن أوله قوله (الطويل)
وبعضُ اشتياقي لَو وضعت يسيره ... عَلَى الأرض لَم ينهض بِهِ الثقلان
/ لَو قَالَ: «عَلَى الخلق» كان أولى من قوله: «على الأرض» .
بأيّ بنان أم بأي بيان ... أبثك شوقا حار فِيهِ جناني
ووجد حمى عيني عَنْ لذة الكرى ... وغادرني حلف الضنى وبراني
فلو أَن مَا بي بالرّياح لما سرت ... وبالطّير لم ينهضن بالطّيران
وبعضُ اشتياقي لَو وضعت يسيره ... عَلَى الأرض لم ينهض به الثقلان
وهل جلدي (ب) حمل الهوى وبعادكم ... وطول بكائي والحنين حناني
فقلبي مأسور ودمعي مطلق ... وجفني مقروح وقلبي عاني
خليليّ كونا مسعدي عَلَى النوى ... وإن أنتما لم تسعدا فدعاني
ولا تكثرا (ت) لومي فليس بنافعي (ث) ... ملامكما مَا لَم تع الأذنان(1/387)
نشدتكما إِن جزتما أرض بابل ... وخلفتما البطحاء من قوسان (3)
ووافيتما أرض الخليج (ج) فيمما ... أعز أناس فِي أعز مكان
وخصاهم عني السَّلَام- سلمتما ... زمانكما من ذلة وهوان-
وقولا لهم: هل ذاهب العيش آئب ... وهل تسمح الأيام لِي بتدان؟
فإن سمحت، يَا حبذا، ولئن قضت ... ببعد عَلِيّ بَعْد فإنّي فاني (ح)
وأنشدنا أبو الفضائل (خ) جَعْفَر بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَنْشَدَنَا مكي بْن الخطيب (4) بخسر سابور (د) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ صَدَقَة بْن وزير الزَّاهِد لِنَفْسِهِ من قصيدة طويلة فِي طريق مكة: (البسيط)
الحمد لله حمدا لا نفاد لَهُ ... حَتَّى الممات ويوم الحشر آمله
مهيمن جلَّ عَنْ شبه وَعَن صفة ... بلا نظير وَلَا حد يشاكله
/ دعا الأنام إِلَى البيت الحرام فمن ... هدي أجاب وَلَم يشغله شاغله
من كُلّ بر تقي مخلص ورع ... صفت سرائره عفت شمائله
ومن مخدرة عفت وزينها ... طرف جُرَيْح بدمع فاض هاطله
كَم فدفد قَد قطعناه وكم حدب ... أعيت ركائبنا مِنْهُ جنادله
وفي منى بلغ الأحباب منيتهم ... والحب محبوبه الأدنى مواصله
وفي آخرها:
يا خسر سابور لا نابتك نائبة (ذ) ... وَلَا عداك من الوسمي هاطله
لَا زلت فِي سعة، لَا زلت فِي دعة ... لَا باد ربعك واخضرت منازله
ذَكر الجَوهري: (5) «ألالا» بفتح الهمزة، والذي عَلَيْهِ الجمهور إِنَّهُ «إلال» بكسر الهمزة (ر) ، وكذا قَرَأْتهُ عَلَى شَيْخنَا أَبِي الحرم مكي بن ريّان- رحمه الله- (ز)(1/388)
وأنشد، قال: أنشدني مكي (س) ، قال: أنشدنا الشيخ صدقة لنفسه: (البسيط)
أخي لولا اشتياقي لَم أزرك فإن ... تبعد فما دنوي مِنْكَ إرباح
أبدي الجميل تكافيني بمحزنة ... كأنني طائر كافاه تمساح
وَأَنْشَدَنِي أَبُو الفضائل (ح) جَعْفَر بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيّ بْن محمد بن إبراهيم ابن أبي نصر بن الْمُبَارَك بْن غناج (6) ، أَبُو الْحَسَنِ الواسطي الْمَولِد والْمَنْشَأ، الخُسْرُسابوري الْأَصْل- وَكَانَ عِنْدَهُ طرف من العربية مَعَ غفلة فِيهِ- لِنَفْسِهِ من أَبْيَات أولها: (الطويل)
يَا ساكني دار السَّلَام- سلمتم- ... أجيروا المعنى من عيون الجآذر
وردوا فؤادًا طالما ظلَّ عندكم ... أسير هوى مَا بَيْن واف وغادر
وَأَنْشَدَنِي لابن غناج فِي صبيّ يدعى «اللَّطِيف بن جعفر» من أبيات طويلة (الطويل)
/ فيا أيها الركب الْعِرَاقِيّ بلغوا ... سلامي- حبيتم بالتحية والرشد-
إِلَى منية القلب اللَّطِيف بْن جعفر ... وقولوا له من لوعة البين (ش) مَا عندي
وقَوْلوا لَهُ: إني قَرَأْت كِتَابه ... وقابلته بالشكر لِلَّهِ والحمد
وقبلته ألفا ففاضت مدامعي ... فأنشدت قَوْل الشاعر الفطن الجلد:
«شممت بنجد شيحة حاجرية ... فأمطرتها دمعي وأفرشتها (ص) خدّي»
وأنشد (ط) ، قال أنشدني أبو عبد الله محمد بن أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَن بْن غنيمة الواسطي (7) لِنَفْسِهِ- وَقَالَ عِنْدَهُ فقه وعربية وانقطاع وزهد-، قَالَ وكتبها إِلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَر بْن مُحَمَّد الفرغاني (8) جواب كتاب كتبه إليه: (الكامل)
لما نظرت كِتَابه متلألئا ... نورًا يضيء لَهُ الظّلام ويسفر(1/389)
أقبلت نحو الأرض أسجد شاكرا ... لله- جلّ ثناؤه- وأعفر
وغفرت للأيام كُلّ جريمة ... وبمثل ذا الوصل الجرائم تغفر
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو الْفَرَج مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن عَلِيّ بْن جَعْفَر الأموصي (9) الواسطي () - وتُوُفِّيَ فِي صفر سنة ثلاث عشرة وستمائة- (الطويل)
نعم، هيجت وجدي القديم عَلَى الرمل ... ديار خلت بالاثل (10) من ساكني (ظ) الأثل
وقفت بِهَا أبكي وَقَد بان أهلها ... ودمعي عَلَى خدي ينهل كالوبل
وَمِنْهَا:
خليليّ عوجا نسأل الدهر عَنهُم ... لعل رسوم الدار تنبي عن الأهل
هلى ارتبعوا من بَعْد رامة (11) مربعا؟ ... وهل بَعْد ظل الأثل مالوا إِلَى ظل؟
لَقَد كَانَ قلبي قبل طارقة النوى ... خليا من البلوى سليما من الخبل
فعاوده الوجد القديم ونبهت ... دواثر أشجان (ع) به من هوى يغلي (غ)
/ مطوقة بالبان ناحت وَلَم تذق ... بعادًا وباتت مروعة مثلي
إِذَا مَا بكت ورقاء والإلف عندها ... مقيم فما حال المروع بالثكل؟
ألا فامنحوني سلوة أو فقصّروا ال ... ملام فما جد المحبة كالهزل
علقت الهوى طفلا وشبت وَلَم يشب ... وكم قَد أشاب الحب من عاشق قبلي
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي قيصر بْن السوداء لِنَفْسِهِ من أَبْيَات يرثي بِهَا العميد محمود بن أحمد (ف) بن أمسينا (16) ، ناظر واسط: (الطويل)
أيا آمن الدُّنْيَا تهي لغدرها ... ذر الأمن واعمل فالأمان غرور
إِذَا أفرحت غمت وإن هِيَ أقبلت ... تلقاك من ريب الزمان نذير (ق)
294- أَبُو العِزّ الْمِصْرِيّ ( ... - 643 هـ)
هُوَ أَبُو العزّ المُفضّل (1) بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْوَاحِد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَدَ بْنِ(1/390)
عَلِيّ الْمِصْرِيّ مولدًا ومنشأ، الدِّمَشْقِيّ أصلا، الشَّافِعِيّ مذهبا وفقهًا.
استظهر الْكِتَاب الْعَزِيز، وَسَمِعَ الْحَدِيث النبوي، وَسَافَرَ فِي الْبِلاد، وتكلّم فِي مسائل الخلاف، وناظر. صنّف كتابًا سمّاه «مَا يُسكن من الْبِلاد، ويُصحب من العباد» (2) ، ذكر فِيهِ عبد الله بن أحمد ابن مُحَمَّدِ بْن قُدامة المَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ (3) آخر كِتَابه، وَقَالَ فِيهِ: - وأنشدنيه فِي رَمَضَان سَنَة خَمْس وعشرين وستمائة (أ) -، وفيه: (الرجز)
أخّرته لقوله ... في آية ختامه (ب)
مسك وفي زماننا ... غنيمة أيامه
فإنه مَعَ العدى ... نافذة سهامه
فالزمه لَا تخله ... فراجح كَلَامه
/ وحَدَّثَنَا مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَيِّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّعْرِيِّ (4) ، قِرَاءَةً عليهما وأنا أسمع، وأجازا (ت) لِي. قَالَا:
أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْخَيْرِ فَاطِمَةُ بِنْتُ أبي الحسن ابن المظفر بن زعبل (ث) بْنِ عَجْلَانَ الْبَغْدَادِيَّةُ (5) ، قَالَتْ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو محمد بن أحمد ابن حَمْدَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سِنَانٍ الْحِيرِيُّ الضَّرِيرُ (ج) بِقِرَاءَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ (6) فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمَائَةٍ، وَأَقَرَّ بِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ (7) بِنَسَا (8) ، قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث (ح) عن عقيل (9) عن الزّهري (خ) عن سالم (د) عن أبيه (ذ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «المسلم لا تظلمه، ولا تشتمه (ر) .
وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القيامة. ومن ستر مسلما، ستره الله (ز) يوم القيامة» (س) .(1/391)
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابُورَ الرَّقِّيُّ (10) ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ- يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ (11) - عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (12) عَنِ الْمَقْبُرِيِّ (13) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ «وَمَا ذَاكَ؟» ، قَالَ: «جَارٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَوَائِقُهُ؟» ، قَالَ: «شَرُّهُ» (ش) .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى (14) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ (15) ، قَالَا: حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك (ص) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (ض) ، / عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- (ط) قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إنّما الأعمال بالنّيّة، وإنّما لامرىء ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» (ظ) .
وَأَنْشَدَنَا أَبُو العزّ المفضلّ بْن عَلِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّد بْن أَبِي مُسْلِمٍ مُحَمَّد بْن الجنيد الصُّوفِيّ (16) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زاهر بْن طَاهِر بْن مُحَمَّدِ بْنِ محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يُوسُف بْن مُحَمَّدِ بْنِ المَرْزُبان بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبان الشَّحَّامي المُسْتَمْلِي النيسابوري، قَالَ: أَنْشَدَنَا والدي (17) لِنَفْسِهِ: (البسيط)
إِن الرِّضا بقضاء اللَّه مُفترضٌ ... لَا بدّ منه ومن يأباه معترض (ع)
لَم ينفِ سابقَ حُكمِ اللَّه من أحدٍ ... إلا الشَّقيُّ الَّذِي فِي قلبه مرضُ
كيف التّخلُّصُ من أمرٍ خلقت لَهُ ... كلٌ لما قَد قضى ربّ العلا غرض
فِي الخلق يقضي قضاء اللَّه كيف قضى ... سيان مَا سخطوا من حكمه ورضوا
وبهذا الإسناد لوالده (غ) (الطويل)(1/392)
صن الدِّين عما لَا يحل ارتكابه ... وشح بِهِ فالشح بالدين أخلقُ
فما إِن ترى شَيْئًا يؤالف ضده ... إذًا أحسنُ الضدين بالحر أليق
295- مَسْعُود البوازيجي ( ... - بَعْد سَنَة 625 هـ)
أَبُو الْفَضْلِ مَسْعُود بْن عَلِيّ بْن مَسْعُود بْن عَلِيّ بْن مَسْعُود البَجَلي البَوَازِيجي (1) ، وردَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي شَهْر رَمَضَان من سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ/ وَقَد كبا ببعض رؤساء الموصل دابته: (البسيط)
حاشاك من ألم يودي لَهُ أممٌ ... يَا خير من رفض الشحناء باطنه
ماجت بمن فوقها الأرضون واضطربت ... قوائم العرش لمّا زلّ صافنه (أ)
أما درى القدر المقدور أَن بِهِ ... إجراءه (ب) فلماذا لا يداهنه (ت) ؟
نال العدو سرورًا مَا يسر بِهِ ... إِلَّا وَقَد عدمت مِنْهُ محاسنه
إِن كَانَ خانك دهر ما سمحت لَهُ ... بأن يخون صديقا قل خائنه
فطالما وطئت نعلاك قمته ... قَد يعصي العبد مولى مَا يداجنه
عذر الجواد رأى الأفلاك شاخصة (ث) ... من نوره فكبت منه ميامنه (ج)
وعذري (ح) يَا خير مَسْعُود بمدحكم ... عدم اليقين وأعداء تضاغنه
أنشد: «الأرضين» بالياء، و «دهرا» بالنصب. وَكَانَ كَثِير اللحن فِي إنشاده، وَهُوَ فَقِيه- عَلَى مَا قيل لِي- أسمر طَوِيل (خ) . وَهَذَا شعر رديء لفظًا ومعنى، مسترق أكثره. أخذ بيته الأول من قول.. (د) : (البسيط)
حاشى لصافنك (ذ) الميمون غرته ... يزل والفلك الدوار خادمه
لكنه نظر الأفلاك شاخصة ... إِلَى علاك فَلَمْ تثبت قوائمه
وأنشدنا لنفسه (الوافر)(1/393)
كحيل الجفن مسلوب الرقاد ... توسد جنبه شوك القتاد (ر)
جفاه خله والصبر عَنْهُ ... بعيد قربه قرب البعاد
وليلة موعدي سفرت نجوما ... كَمَا سفرت خرائد فِي حداد
وربت همة بلغت علاء ... بقدح زنادها قدح الزّناد
/ بقين (ز) بِهَا القني مكسرات ... ويثنين الجياد عَلَى الجياد
معقّدة السّبائب (س) ضامرات ... موجّده (ز) المطافيل (ش) الأبادي
تبخطّ مثالها في الأرض خطّا ... فتلحق بالبرى (ص) إثر البرادي (ض)
ومن خبر العلا ترك التصابي ... وآلف جفنه حب السهاد
ألذ العيش عندي دق رمح ... بأثناء القصيري فِي الجلاد
وواهب نفسه فِيهِ نفيس ... يخال الموت إحياء العباد
سقى اللَّه الطّلول وساكنيها ... وصبّحهنّ هاطلة الغوادى (ط)
نوى كالخدام على خدال (ع) ... تبقى أثرها إثر السواد
وقفت بِهَا وَقَد مالت بشقّي (غ) ... أداة الرّحل مع نكث الشّداد (ف)
لعمرك مَا تحقق لِي رجاء ... عَلَى قرب العزار وَلَا البعاد
إذا لم يكن لي منك سيف ... أصول به على أهل العناد
فقد كثرت أقاويلي (ق) بمجد ... كفضل مُحَمَّد بَيْن العباد
إِلَى هنا أَنْشَدَنِي، ومن هنا من غَيْر إنشاده:
رقى مَا لَيْسَ يرقاه سماء ... وحل أنيسه فوق الشداد
وحيا ضيفه ودنا إِلَيْهِ ... وجاد بوفره قبل الوساد
يؤرقه افتكار فِي الْمَعَالِي ... فَلَا يلتذ إِلَّا بالسهاد
يحل المشكلات بكل علم ... كقس فِي الفصاحة من إياد (1)
كفيل للنفوس بكل رزق ... وللجاني بعفو فِي المعاد
رَأَيْت عجائبا فِي راحتيه ... حياة فِي ممات فِي تناد
/ يقوم مقام جيش [باعتزام] (ك) ... وآراء (ل) تنوب (م) عن الجياد(1/394)
وألفاظ بِعَدِّ الْقَطْرِ يَوْمًا ... وَلَا تحصى لها بعض الأيادي (ن)
296- أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه الْوَاعِظ (القرن السَّادِس- السابع)
هو أبو محمد عبد الله بن عوض بن نجيب (أ) بْن جبير الْوَاعِظ الْبَغْدَادِيّ (1) ، نزيل الْمَوْصِل. سَمِعَ الحديث على ابن الجوزى (ب) وَغَيْره، وَكَانَ يمليه فِي المسجد الجامع النوري بِالْمَوْصِلِ (2) . ثُمَّ صار واعظا لَهُ قبول حسن، يورد كثيرا من أخبار الصالحين وحكاياتهم. وَلَهُ معرفة بالتفسير، وعنده دين وصلاح، وعنده شَيْء من فقه على مَذْهَب الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ-.
وبلغني عَنْهُ إِنَّهُ ينظم شيئًا من شعر، فإنْ وقع لي أثبتّه.
297- إسماعيل بن إبراهيم (أ) الثقة ( ... - بَعْد سَنَة 623 هـ)
إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الثقة (ب) بْن نَصْر بْن عسكر (1) ، الْمَعْرُوف والده بقاضي السّلامية (2) ، ولي قضاءها بَعْد والده (3) - رَحِمَهُ اللَّه-، وجرت لَهُ حالة في إثبات (ت) كِتَاب بألوف كَثِيرَة بشهادة مَنْ لَا يجوز قبول شهادته عَلَى دراهم يسيرة، فعزله حجّة الدين أبو منصور المظفر الشّهرزوري (ث) ، وَلَم يعد إِلَى قَضَاء السلامية وَلَا غَيْرهَا (ج) .
أَنْشَدَنِي فِي رابع شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ لِنَفْسِهِ- وحلف إِنَّهُ لم يعمل شعرا غيره- أبياتا أولها: (الرجز)
مَا عارضٌ دانٍ هتونٌ رائقُ ... يسوقه من الجنوب سائقُ
تلوح فِي أرجائه البوارقُ ... كأنَّها يوم وغى سرادق (ح)
/ قد صعقت في دجنه الصّواعق ... وأمنت من سحه البوائقُ
وأرجت لنشره الحدائقُ ... واستبشرت بنشره الخلائق(1/395)
كلّا ولا البحر الخضمّ الخافق ... أندى يدا وَلَا الأتيُّ اللاحقُ
ومما لَم ينشد فِيهِ:
أقسمتُ وَاللَّه العليم الْخَالِقِ ... إنَّ الْأُولَى سادوا وأنت السّابق
فالسّيف يعلو نصله (خ) العلائق ... والشّاه قد تقدمه البياذق (د)
لَا طرقتْ ربوعك الطَّوارقُ ... ودمت يفديك الحسود الراشق
ما شرقت شمس وذر شارق ... ونطقت ورقٌ وفاه ناطقُ
298- بُوزان بْن سُنْقُر (577- 622 هـ)
هُوَ أَبُو أَحْمَد بُوزان بْن سُنْقُر بْن عَبْد اللَّه (1) ، الروميّ الْأَصْل. كَانَ أَبُوه (2) مولى. ولد يَوْم الاثنين ثاني عشر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة سبع وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بقلعة شُوش (3) من أعمال الْمَوْصِل. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وَسَمِعَ بِهَا الْحَدِيث عَلَى مشايخها. كَانَ يَكْتُب حسنًا، وفيه صلاح، وَكَانَ عَلَى زي الصُّوفِيّة. أُخبرت أنَّ لَهُ شعرًا، وَلَم أسأله فأُثبتُه (أ) .
تُوُفِّيَ- رَحِمَهُ اللَّه- يَوْم الاثنين الحادي والْعِشْرِينَ من شَهْر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ، ودفن بِهَا.
299- أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْوَهَّابِ الحَرَّاني ( ... - 628 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الوهاب بن زكي (أ) بْن جُمَيع بْن زاك (1) الحَرَّاني مولدًا ومنشأ. أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي رابع شَهْر رَجَب من سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وذكر أنه/ كتبه صدر كتاب: (البسيط)
هَذَا كتابٌ من المغرى بحبكم ... عليكم مِنْهُ تسليم ورضوان
أشتاقكم مَا علا ورق عَلَى فنن ... ولي فؤاد من الأحزان ملآن
طول الزمان أقضيه بذكركم ... وعنكم لِي عَنِ السلوان سلوان(1/396)
عِنْدَهُ شَيْء من العربية، ويعرف الْفِقْه. وَهُوَ شاب إِلَى القصر مَا هُوَ.
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: لَا أعلمه.
300- أَبُو الرَّبِيع البَلَدي ( ... - بَعْد سَنَة 624 هـ)
عزّ الدِّين سُلَيْمَان بْن أَبِي الْحَسَن بْن مَنْصُور بْن سليم البَلَدي (1) ، بَلَد بِالْمَوْصِلِ (2) قدم إِرْبِلَ فِي عشر ذي الحجة من سنة أربع وعشرين (أ) ، وَسَمِعَ بِهَا وبِالْمَوْصِلِ وَدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا، وَلَهُ إجازات كَثِيرَة.
أَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي نَصْر اللَّه بْن أَبِي العزّ بْن أَبِي طَالِب الشيباني (3) الْمَعْرُوف بابن الصّفّار في عرض له (ب) - عفا اللَّه عَنْهُ- فِي غُرّة جُمَادَى الآخرة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وناولني إِجَازَة نَقَلْتُ ذَلِكَ من أولها من خَطِّ ابْن الصَّفَّار على الوجه: (الطويل)
خفِ اللهَ فِي صبّ سلبت رقاده ... وأبليت (ت) بالبين المشتّ فؤاده
ووافيته ملقى عَلَى فرش الضّنى ... أسير غرام لا تفكّ (ث) قياده
وأنشدني (خ) وبخطه وله (د) في صبيّ حلاوى (ف) اسمه «علي» :
(السريع)
قل للحلاويّ عليّ الّذى ... تحار (ز) ألباب الورى فِيهِ
/ إِن الَّذِي يأخذ من كفه ... هُوَ الَّذِي يجنيه من فِيهِ
هُوَ شاب أسمر إِلَى القصر مَا هُوَ، سَأَلْتُهُ عن مولده (ز) وأردت أَن ينشدني من قَوْله شيئًا، فحلف إِنَّهُ لَم يقل شعرًا، وَكَتَبَ إليَّ بِخَطِّهِ:
(الكامل)
جاء الشتاء وعند كُلٍّ بُلْغَةٌ ... إلاي، عندي صِبْيَةٌ أطفال
آمالهم بعرى علاك منوطة ... يَا خير من نيطت بِهِ الآمال(1/397)
بِخَطِّهِ: «بعزى علاك» ، والصواب مَا كتبته.
301- أَبُو إِسْحَاق الكُتُبي ( ... - بَعْد سَنَة 623 هـ)
هُوَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن يُوسُف بْن مُحَمَّدِ بْنِ بركة بن يوسف (1) ، وبخطه: «إبراهيم ابن يُوسُف بْن بركة بْن يُوسُف الْمُقْرِئ الكُتُبي» ، وَلَيْسَ فِيمَا كَتَبَهُ «مُحَمَّد» . وبغير خَطِّهِ عَلَى مَا ذكرته. وَكَانَ فِي إِرْبِلَ فِي المحرم سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. وَلَهُ إِجَازَة من شهدة بنت أحمد الإبرى. قرىء عَلَيْهِ من مشيختها (2) بالإجازة عَنْهَا جُزْء لطيف جمعه مُحَمَّد بْن عُثْمَان (3) بْن عَبْد اللَّه العكبرى (أ) : «مما روته شهدة ابنة أَحْمَد عَنْ أَبِي البركات محمد ابن عَبْد اللَّه الوكيل (4) فِي سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر (ب) بن بكير (ت) النَّجَّار الْمُقْرِئ (5) سَنَة ثلاثين وَأَرْبَعِمِائَةٍ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْن بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد الهروى الشّمّاخي (ث) الصَّفَّار (6) قِرَاءَةً عَلَيْهِ- وَهُوَ ينظر فِي كِتَابه- غُرّة رَبِيع الآخر سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلاثمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الوكيل (7) الْمَعْرُوف بقهرمان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن محمود (8) السّمر قندي، قَالَ: سَمِعت يَحْيَى بْن مُعاذ/ الرازي (10) يَقُول في صفة الحور: (الطويل) .
تعجّبت من خلق التي في خيامها (ج) ... بفكري وَفِيهَا للعقَوْل تعجب
عروس عَلَيْهَا تاج در مكلّل ... وثوب عليها سابريّ (ح) مكتب
تقوم فتمشي بالدلال تبخترا ... ومن خلفها يسعى وليد مؤدب
إِذَا مَا مشت هزت مناكب لعبة ... بدل عروسي يجيء ويذهب
تميل كغصن البان ميلا وشعْرها ... عَلَى الأرض كالأرسان في الجلد (خ) يسحب
وجارية كالبدر بَكْر غريرة ... كعوب لها زوج غلام مهذب
عروس لها أحجال وَرد وعبقر ... ونحر (د) لها بالزّعفران مخصّب
ثُمَّ وصفها، وَقَالَ:(1/398)
فتلك الَّتِي قَد شيبتني بذكرها ... عَلَى الغيب حقّا لا سليمى وزينب
وتلك التي (ذ) يشفى الفتى باغتناجها ... عَلَى الغيب حقا لَا سليمى وزينب
كَذَا وقع آخر هذين البيتين
وكأس من المرجان يسقى حبيبها ... فتطرب عِنْد الكأس عشقا وتطرب
يَقُول لها: يَا نور عيني ومنيتي ... ويا لدتي (ر) من كفك الكأس أطيب
إِلَى كم تراها لَا يراها حبيبها؟ ... إِلَى كم تراها فِي المقاصير تحجب؟
فطوبى لمن كَانَ السعيد بقربها ... وطوبى لمن من كفها الكأس يشرب
وأقَوْل: طوبى لمن نقل من هَذَا اللفظ شَيْئًا.
302- مُرَجَّى الواسطي (561- 656 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ المُرَجَّى بن أبي (أ) الحسن بن هبة الله بن شقيرة (ب) بن غزال (ت) القزّاز (ث) الواسطي (1) ، تاجر/ يحفظ الْكِتَاب الْعَزِيز، لَهُ ثروة.
وَرَدَ إِرْبِلَ مرات، اجتمعت بِهِ فِي ثاني المحرم من سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَأَلْتُهُ عن مَوْلده، فَقَالَ: ولدت بواسط يَوْم عرفة من سنة احدى وستين وخمسمائة (ج) .
سَمِعَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الكتّاني الواسطي محتسبها، كِتَاب «مُشكل القراءات» لأبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُسْلِمِ بْن قتيبة (2) ، بحق إجازته عَنْ أَبِي منصور (ح) عَبْد الْمُحْسِن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ الْبَغْدَادِيّ (3) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد البَرْمَكي (4) ، عَنْ عُمَر بْن أَحْمَد الآجُرِّي (5) ، عَنْ عُبَيْد الله (خ) بْن بُكَير (6) عَنِ المصنف، مرتين، الْأُولَى بقراءة مصدّق بْن شبيب بْن الْحُسَيْن النحوي، والثَّانِية بقراءة أَبِي طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد السميع الهاشمي (7) ، فِي جُمَادَى الْأُولَى من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَخَطّ الشَّيْخ المُسَمِّع فِي ثامن عشر جُمَادَى الْأُولَى من السنة المذكورة بذلك (د) .(1/399)
وَسَمِعَ عَلَى ابْن الكتاني جَمِيع كِتَاب «أدب الْكِتَاب» لأبي مُحَمَّد بْن قتيبة (8) بحق إجازته من أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْن عَلِيّ الْخَطِيب التِّبْرِيزِي (9) ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان التَّنوخي (10) ، عَنْ أَبِي عَلِيّ عَبْد الكريم بْن الْحَسَن بْن حكيم السُّكَّري (11) النحوي اللغوي، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْحَسَن بْن بِثْر الآمِدي (12) ، عَنِ الْقَاضِي أَبِي جَعْفَر أَحْمَد ابن عَبْد اللَّه بْن قتيبة (13) ، وَعَن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الكِرْماني (14) ، كليهما عَنْ أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُسْلِمِ بْن قتيبة المصنف، فِي مجالس آخرها يَوْم الثلاثاء ثالث شَهْر رَجَب من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَخَطّ المُسَمِّع فِي أوائل رَجَب سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَسَمِعَ جَمِيع «الأخبار الطّوال» (15) وَهِيَ اثنا عشر جزء، تخريج (ذ) الصُّوري (16) التَّنوخي، عَلَى ابْن الكتاني بحق روايته عَنْ أَبِي غَالِب مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ طَاهِر بْن حَمْد الخازن (17) ، عَنْ/ عَبْد الْمُحْسِن التَّنوخي (18) ، فِي مجالس آخرها يَوْم الجمعة رابع عشر جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وخمسمائة (د) ، وَخَطّ المُسَمِّع فِي أواخر جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَسَمِعَ عَلَيْهِ كِتَاب «المُوَطَّأ» (19) لمحمد بْن الْحَسَن (20) فَقِيه أَهْل الكوفة، عن مالك ابن أنس فقيه دار الهجرة- رض- (ر) ، بحق روايته عَنِ الشَّيْخ أَبِي طَاهِر أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد الباقِلاني (21) ، وَالشَّيْخ أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَيُّوب البزّاز، كليهما إِجَازَة عَنْ أَبِي طَاهِر عَبْد الغفار بْن مُحَمَّد المُؤَدِّب (22) ، عَنْ أَبِي علي محمد بن أحمد الصّوّاف (23) ، عن (ز) أَبِي عَلِيّ بِشْر بْن مُوسَى الأسدي (24) ، عَنْ أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ مهران (25) عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن الْفَقِيه، بقراءة الشَّيْخ الْإِمَام الْحَافِظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن مُوسَى بن عثمان بن موسى الهمذاني (س) ، وكاتب السَّماع مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن الحجاج (ش) .
وصحّ ذَلِكَ فِي رَجَب سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بواسط. وَسَمِعَ عَلَيْهِ جَمِيع كِتَاب «تاريخ واسط» (26) ، من أوله إِلَى آخره، بحق روايته عَنْ أَبِي الْفَضْلِ مَخْلَد بْن(1/400)
أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّه الأعجمي (27) ، عَنْ أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَد الأزدي، عَنْ أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بن عَلِيّ الصلحي (28) ، عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن سمْعان (29) ، عَنْ أَبِي الْحَسَن أسْلَم (30) المصنف للكتاب المذكور، بقراءات مختلفة فِي مجالس آخرها يَوْم الأربعاء خامس جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ (31) ، وَكَتَبَ مُرَجَّى بْن أَبِي الْحَسَن بْن هِبَة اللَّه بْن شُقيرة (31) القزّاز، وَخَطّ المُسمِّع بصحته فِي رابع جُمَادَى الآخرة سَنَة ثمان وسبعين وخمسمائة (14) .
وسمع عليه (س) جَمِيع كِتَاب «تَفْسِير غريب الْقُرْآن» للعزيزي (32) ، بِرِوَايَتِهِ اجازة من المبارك بن عبد الجبار الصّير في، عن أبي الحسن أحمد (33) بن محمد/ العتيقي، عَنِ ابْن بَطَّة (34) ، عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُزيز السِّجِسْتَاني، بقراءة أَبِي الْفَرَج عَبْد الله بن محمد ابن هِبَة اللَّه بْن مخلد (35) ، فِي جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَلَاث وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَخَطّ المُسَمِّع بصحته فِي أواخر جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وخمسمائة (ض) .
وأَجَازَ لَهُ جَمِيع مَا يجوز لَهُ روايته عنه ... (ط) العكبرى (ظ) فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وأجاز له مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ بَخْتِيَار بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ المَندائي بواسط العراق فِي جُمَادَى الْأُولَى من السنة المذكورة، بشرط أَن يَرْوِي من أصول موشّحة بِخُطُوط الْمَشَايِخ، أو فروع مقابلة بالأصول (ع) . وأجاز له ابن الكتاني (غ) في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين (ف) وَلَهُ من العمر اثنان وتسعون سَنَة وسبعة أشهر. وأجاز له عبد الله بن مَنْصُور بْن عمران الباقِلاني الْمُقْرِئ يومئذ بالمسجد الجامع بواسط القصب (36) ، فِي العشر الأوسط من جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وأَجَازَ لَهُ ولأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن الحجاج جَمِيع مسموعاته ورواياته، وما أتاه من النظم والنثر والخُطَبِ، وَجَمِيع مَا للسّماع فيه مدخل،(1/401)
نَصْر اللَّه بْن عَلِيّ بْن الكيّال المدرس (37) فِي جُمَادَى الْأُولَى من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وخمسمائة. وأجاز له أحمد بن (ق) سالم بْن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مكلتويه الْمُقْرِئ البرجوني (38) يَوْم السبت تاسع عشر شَعْبَانَ من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وأَجَازَ لَهُ أَحْمَد بْن الْمُبَارَك بْن الْحُسَيْن ابن نَغُوبا (39) فِي جُمَادَى الْأُولَى من سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وأَجَازَ لَهُ أَبُو نَصْر يَحْيَى بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَمْد (40) فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ..
وَسَمِعَ عَلَى أَبِي الْفَرَج أَحْمَد بْن الْمُبَارَك بْن نَضُوبا كِتَاب/ المقامات والمُلحة (41) للحريري، بقراءة أَبِي العباس أحمد بن محمد بن أحمد (ن) بْنِ المَندائي (42) ، بحقّ روايته عَنِ المصنف الحريري إجازةً فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَتَبَ المُسَمِّع خَطَّهُ بِذَلِكَ في تاريخه. وَسَمِعَ عَلَى أَبِي الْفَتْح مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ بَخْتِيَار المَندائي جَمِيع كِتَاب «غريب الْحَدِيث» لأبي عبيد (ل) بقراءتين مختلفتين، كمل لَهُ بهما سماع جَمِيع الكتاب المذكور، اختصرت (م) ذَلِكَ فِي مجالس آخرها يَوْم الجمعة خامس عشر رَجَب من سَنَة أَرْبَع وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، والمجالس الأخرى في شهور سنة ثمان (ن) وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، بحق رواية ابْن المَندائي عَنْ والده (43) ، عن ابن نبهان (لا) ، عن ابن شاذان (و) عن دعلج (لا) عن علي بن عبد العزيز (ى) عن أبي عبيد.
وسمع على ابن المندائي (أب) جَمِيع كِتَاب «مختلف معاني الْحَدِيث» (44) لأبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُسْلِمِ بْن قتيبة، بِرِوَايَتِهِ لَهُ وسماعه من أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَدَ بْنِ عُمَر السمرقندي، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ علي بن أحمد بن البُسري عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ بَطَّة، إجازةً عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي مريم (45) عن مصنّفه. وكاتب الثبت محمد ابن سَعِيد بْن الحجاج، وذلك فِي رَبِيع الآخر سَنَة خَمْس وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَخَطّ المُسَمِّع: «هَذَا صحيح، وكتب ابن المندائي (أت) في جمادى الأولى من السنة» .(1/402)
وَكُنْتُ وجدت فِي ثبته فِي نسبه، مَرَّة يقدّم فِيهَا «غزال» عَلَى «شُقيرة» ، ومرة يقدم «شُقيرة» عَلَى «غزال» ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:
«هُوَ شقيرة بْن غزال» .
أَنْشَدَنَا من لَفْظه وحفظه: (الوافر)
ونارٍ لَو نفختَ بِهَا أضاءت ... ولكنْ أَنْت تنفُخُ فِي رمَاد
«لَقَد أسمعت لَو ناديتَ حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي» (أث)
/ وحَدَّثَنَا من لَفْظه، قَالَ: كنا نسمع عَلَى ابْن المُعلّم (46) شعْره ومعنا أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد ابن المندائي، فلمّا وصلنا إلى قوله: (الخفيف)
ردّ نومي حاشاك من سهر اللّ ... يل لعليّ أراكَ عِنْد مَنامي
قَالَ: هَذَا البيت مَا هُوَ لِي، وَلَهُ قصة عجيبة لَا يليق ذكرها. فألزمناه بأن يحكيها. فَقَالَ: كان أَبِي شَيْخ الهُرْث (47) ، فأصعد سفنا كَثِيرَة فِيهَا تمر إِلَى بَغْدَاد، وأمرني أَن أكون معها، وأن أنزل فِي دار صَدِيق لَهُ بِبَغْدَادَ- لَم يسمّه ابْن شُقيرة- قَالَ: فمضيت ونزلت به، فأقام لِي أحسن ضيافة ثلاثة أيام. فلمّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع طرق عليّ غلامه الباب، وَقَالَ: يَقُول لك سيدي «تَقُول بِهَا؟» (أج) فَقُلْتُ: نعم، ومضيت مَعَهُ إِلَى دار حسنة، فأحضر الخمر ودعا بمغنية أحسن النساء صورة، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا جميل الصورة، فجعلت تتابع النظر إليَّ، وسألت عنّي، فقيل لها: «هَذَا ابْن المعلم الشاعر» ، فغنت:
رد نومي حاشاك من سهر اللّي ... يل لعلي أراك عِنْد منامي
ثُمَّ قالت: «أجز» فقلت لوقتي: (الخفيف)
يا معير السّقام من عينه العشّا ... ق، هلا أعرت غَيْر السقام؟
رد نومي حاشاك من سهر اللّ ... يل لعلي أراك عِنْد منامي
وامح عني البكاء من قبل أَن ... يفضح سر الهوى الدموع الهوامي
ولماذا تحمي السّلام عن الصّبّ ... ببغداد وَهِيَ دار السَّلَام؟(1/403)
قَالَ: فجعلت تغني بِهِ إِلَى أَن انقضى المجلس، أو كَمَا قَالَ. قَالَ:
فهويتُها وأقمتُ ببغداد إلى ان نفد جَمِيع مَا كَانَ معي، وعدتُ إِلَى الهُرْث صفر اليدين.
والمعنى والعبارة (أح) لِي.
303-/عَلِيّ بْن الحَدَوْس (580- 637 هـ)
هُوَ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي الْفَتْح بْن أَبِي السنان الْمَوْصِلِيّ النخعي (1) . أَنْشَدَنِي لَهُ الْمُبَارَك بْن أبي بكر الموصلي (أ) ومنها: (الرجز)
بَيْن ضلوعي مِنْهُم ... نار جوى تضطرم
أحبابنا لو علموا ... بما نلاقي (ب) منهم
توهّموا أنّي سلو ... ت بئس مَا توهموا
فما عليهم سهري ... وَلَا رقادي لَهُم
304- ابْن الشرَّابدار الواسطي ( ... - بَعْد سَنَة 624 هـ)
هُوَ أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بْن عَبْد المؤمن بْن مَحْمُود، يعرف بابن الشرَّابدار الواسطي (1) ، شاب محدّث، عِنْدَهُ شَيْء من نحو. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي محرم من سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. سَمِعَ الْحَدِيث من مَشَايِخ بَغْدَاد وواسط، وَرَحَلَ إِلَى الْمَوْصِل من إِرْبِلَ طالبًا الشام لسماع الحديث (أ) .
أَنْشَدَنِي أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود الواسطي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد السميع الهاشمي الواسطي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ السوادي الواسطي (2) لنفسه: (البسيط)
اشفع إِذَا كُنْتُ مسئولا فربتما ... سألت مَا كُنْتُ مسئولا فَلَمْ تجب
وعالج النفس فِي حال الرضا ترها ... تعاف مَا كَانَ مِنْهَا حالة الغضب(1/404)
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو طَالِب- وكنا عِنْدَهُ ثمانية، فورد التاسع- فقال انشدكم شفاعة للتاسع لتوسّعوا له، للشافعي (ب) - رحمه الله- (المنسرح)
/ بَيْن كريمين منزل واسع ... والود شَيْء يقرب الشاسع
والبيت إِن ضاق عَنْ ثمانية ... فموضع الود مَوْضِع التَّاسِع
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي يَعْقُوب بن صابر الهاشمي الحوثري (ت) لنفسه (الخفيف)
لا تكن واثقا بمن كظم الغي ... ظ اغتيالا وخف غرار الغرور
فالظبا المرهفات أقطع ما كا ... نت إِذَا غاب ماؤها فِي الصدور
305- الصَّرِيفيني (581- 641 هـ)
أبو إسحاق ابراهيم بن محمد بن الأزهر الصَّرِيفيني (1) . سَمِعَ أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن سَعِيد بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد (2) الصّباغ الْأَصْبَهَانِيّ بِهَا.
«أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بن الحسين الصّوفي (3) سنة أربعين (أ) وَخَمْسِمِائَةٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (4) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن علي (5) ، حدثنا أبو عروبة (ب) ، حدثنا بندار (6) ، حدثنا عبد الوهاب (ت) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ (7) عَنْ أَبِيهِ (8) عَنْ جابر (ث) ، أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى باليمين مع الشّاهد (ج) . نقلته من خط الصَّرِيفِينِيِّ.
306- عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْفَضْلِ (589- 643 هـ)
هو أبو محمد (أ) عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد الْبَغْدَادِيّ (1) وَرَدَ إِرْبِلَ فِي محرم سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَنَزَلَ بدار الْحَدِيث بِهَا. وَهُوَ حافظ مكبّ عَلَى كتابة الْحَدِيث، يقرأ حسنا. أَخَذَ عَنْ معظم رجال(1/405)
بَغْدَاد، وَأَقَامَ عِدَّة سِنِينَ بِحَرَّانَ، فَأَخَذَ عَنْ عَبْد الْقَادِرِ الرُّهاوي. سَمِعَ الْكَثِير وَكَتَبَ الْكَثِير. أَخْبَرَنِي أَنَّهُ ولد بِبَغْدَادَ فِي شَهْر رَجَب من سَنَة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
/ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ لَفْظِهِ وَحِفْظِهِ، وَكَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ- وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ مِنْ لَفْظِهِ- وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَرَخِيُّ- وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بن أحمد السَّرَّاجِ- وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أخبرنا جعفر (ب) بن يحيى الْحَكَّاكُ (2) وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ السِّجْزِيُّ الْحَافِظُ (3) - وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ (4) - وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ-، قَالَ: أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة (ت) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوسَ (5) مولى عمرو بن العاص (ث) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الرَّاحُمُونَ يَرْحَمُهُم الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ فِي الارض يرحمكم من في السّماء» (ج) .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ «2» مِنْ حديث سفيان غير مسلسل (ح) .
وحَدَّثَنَا من كِتَابه فِي خامس صَفَرٍ سَنَة أَرْبَع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْد السَّلَام ابن عَبْد الرَّحْمَن (6) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيد بْن سهل (7) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد (8) المَدِينِي، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد(1/406)
بْن عُثْمَان الطِّرازي (9) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبِي (10) ، قَالَ: انشدنا الدّريدي (خ) لنفسه: (الكامل)
يَا راحلين بمهجة ... فِي الحب متلفة شقيه
الحب فِيهِ بلية ... وبليتي فوق البليه
قَالَ المديني: وقرأت (د) من هذا المعنى: الخفيف)
لَيْسَ بيني وبين قلبي اتفاق ... رأيه فِي الهوى يخالف رايي
فمتى أَخْطُو خُطْوَة من أمامي (ذ) ... يشب القلب وثبةً من ورائي
/ وحَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم (12) بن أبي بكر السّيّدي (ر) قُلْت لَهُ: أخبركم نَصْر اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القَزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو العزّ محمد ابن المختار بْن المُؤَيِّد (13) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البَرْمَكي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهري (14) قَالَ:
أَنْشَدَنِي أَبُو الْفَرَج (15) النحوي: الكامل)
روح همومك بالرضا ... ترجع إِلَى روح وطيب
لا تأيسنّ وإن ال ... حّ الفقر من فرج (ز) قريب
وحَدَّثَنَا من لَفْظه وَكِتَابه، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي الْبَرَكَاتِ الطُّيوري (16) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابو منصور نوشتكين (س) بْن عَبْد اللَّه الرضواني كتابةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا عاصم (17) بْن الْحَسَن، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَان، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو عثمان بن احمد الدقّاق، قال: وذكر (ش) عَلِيّ بْن خليد (18) عَنِ الْعَبَّاس (19) ، قَالَ: سَمِعت بشر بن الحارث (ص) - رحمه الله- يقول: (السريع)
أُقسم بِاللَّهِ لرضخ النوى ... وشرب ماء القلب المالحه
أعز للإنسان من حرصه ... ومن سؤال الأوجه الكالحه(1/407)
فاستغن بِاللَّهِ تكن ذا غنى ... مغتبطا بالصفقة الرّابحه
اليأس عر والتّقى سوءدد ... ورغبة النفس لها فاضحه
من كَانَت الدُّنْيَا بِهِ برة ... فإنها يَوْمًا لَهُ ذابحه
بِخَطِّهِ: «عَلَى بْن جُليد» بالجيم المضمومة، وكذا قرأه بِخَطِّهِ:
«القُلَب» بفتح اللام، وكذا قرأه.
وحَدَّثَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن زَيْد الحَرِيمي (20) بقراءتي عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطّائي (21) ، قَالَ: انشدنا القاضي عبد الملك بن أحمد ابن المعافى القزويني (22) لبعض الأدباء: (المتقارب)
/ سررت بهجرك لمّا علم ... ت أنّ لقلبك فيه سرورا
ولكن أرى كلّ ما (ض) ساءني ... إِذَا كَانَ يرضيك سهلا يسيرا
وحَدَّثَنَا، قال: اخبرنا ابو محمد احمد بن ازهر بن عبد الوهاب (23) ، قال: اخبرنا محمد ابن عبد الباقي (ط) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المهتدي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن المأمون (24) ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن بَشّار (ظ) الأنباري (25) ، قَالَ: أَنْشَدَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الورّاق (26) لمحمد (27) بن أميّة: (الوافر)
تموتُ مفاصلي عِنْد التلاقي ... سرورًا حين لَا يخشى العقاب
وأبكي للفراق إِذَا التقينا ... ويشغلني عَنِ الفرح ارتقاب
وكيف يلذ مشغوف لقاء ... وأوله وآخره عذاب
أريدُ عتابها حَتَّى إِذَا مَا ... بدت ورأيتها مات العتاب
وحَدَّثَنَا من لفظه، حديث المرأة التي بالبصرة المشهور ذكرها. وكنا نسمع بحديثها منذ سِنِينَ عِدَّة، وَهِيَ الَّتِي لَا تأكل وَلَا تشرب وَلَا تغوط، إنّما تتغذى بالذِكر. قَالَ: وكنتُ أَسْمَع عَنْهَا ذَلِكَ وَلَا أصدّقه، حتّى سَمِعت بحالها من الأمير باتكين (28) والي البصرة، وَقَالَ لِي: لَا يجوز أَن يُشَكّ فِي حديثها(1/408)
فإنه صحيح، شاهدتها وعرفته. قَالَ: ولها كرامات كَثِيرَة لَا تعرفها هِيَ، حُدِّث ببعضها. قَالَ: وَسَمِعَ بِهَا ابْن أُمْسَيْنا (29) فأحضرها وأغلق عَلَيْهَا بابا نحوا من ثلاثة أشهر، فما أكلت وَلَا شربت وَلَا غاطت وَلَا أراقت الماء.
وحُدِّثتُ أنّ سبب ذَلِكَ أنّ أباها صودر ولها من العمر ثَلَاث عشرة سنة، فرأت النبيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام يسقيها شرابا» فانتبهتُ وأقمتُ أياما لَا أشتهي/ طعاما ولا شرابا، ثم تمادت (ع) بي الحال. فلي خَمْس وعشرون سَنَة عَلَى هذه الحال» (غ) قال (ف) : حديثه لي بذلك منذ أَرْبَع سِنِينَ. وَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ فِي رَبِيع الْأَوَّل من سنة أربع وعشرين وستمائة. وأظنني (ق) ذكرتُ ذَلِكَ فِي مَوْضِع آخر عَنْ غَيْره- وَاللَّه أَعْلَم- «2» .
307- أبو الفتوح الدمشقي (593- 630 هـ)
هُوَ ابو الفتوح (أ) عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُور (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي العشر الوسطى من شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة أربع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، رحل إِلَى بَغْدَاد وَسَمِعَ بِهَا. وَحَدَّثَنِي أَن لَهُ منذ اشتغل بسماع الحديث مدة اربع سنين (ب) .
سَمِعَ بِإِرْبِلَ الشَّيْخ أَبَا الْمَعَالِي صاعد بْن عَلِيّ الْوَاعِظ الواسطي، وَأَبَا مُحَمَّد بدل بْن ابي (ت) المعمّر الحافظ التبريزي (ث) .
حَدَّثَنِي أَنّ مَوْلده بِدِمَشْقَ فِي سَنَة ثَلَاث وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وسمعتُ مَنْ كَانَ يلقبّه بالأميني، منسوبا وَلَم أسأل عَنْ هَذَهِ النسبة.
308- مُحَمَّد الفتى الصُّوفِيّ ( ... - بَعْد سَنَة 573 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد الفتى الصُّوفِيّ (1) ، كَذَا وجدتُه بِخَطِّهِ(1/409)
فِيمَا أَجَازَه لشيخنا أَبِي الْمَعَالِي صاعد بْن عَلِيّ الْوَاعِظ، في جمادى الْأُولَى من سَنَة ثَلَاث وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَمِعَ أَبُو الْمَعَالِي عَلَيْهِ الحديث.
309- الخوار زمي الصُّوفِيّ (575- بَعْد سَنَة 625 هـ)
هُوَ مَحْمُود بْن عَلِيّ بْن عُثْمَان بْن إِبْرَاهِيم الخُوَارِزْمِي الصُّوفِيّ الغازي (1) . وَرَدَ إِرْبِلَ قافلًا من الحجّ فِي آخر صَفَرٍ من سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَزَلَ بدار الْحَدِيث/ سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده. فَقَالَ: ولدت بخُوارزم لَيْلَة عيد الفطر من سَنَة خَمْس وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وذكر لِي أَنَّهُ ابْن بنت أَبِي الْقَاسِمِ مَحْمُود بْن عُمَر الزَّمَخْشَرِي- رَحِمَهُ اللَّه-.
أَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم (2) بْن أَحْمَدَ بْنِ طَاهِر بْن مُحَمَّدِ بن طاهر ابن أحمد بن أبي الفوارس الخبري (أ) الفارسي، أبو عبد الله المعروف بالفيروزآباذي (ب) لنفسه: (الوافر)
إِذَا القمري فوق الأيك غني ... أعان عَلَى الهوى صبا معنى
يذكره زمانا بالتصابي ... إِذَا مَا لحن الألحان حنا
ألا من ذا يعلل قلب صب ... يحن جوى إِذَا مَا الليل جنّا
وإن أبصرت مغنى (ت) الحيّ قف بي ... على مغنى (ت) لقلبي فِيهِ معنى
لئن أسقي الهوى العشاق كأسا ... فإني قَد سقاني الحب دنا
ومن سكري نسيت اسمي ونعتي ... ولكن بالهوى أسمى وأكنى
فبح باسم الحبيب وبح بشجو ... عَلَى صب بوصل مَا تهنى
وقل لِي هل يعود زمان وَصَلَ ... بتلك الدار إذ كَانُوا وكنا؟
وَأَنْشَدَنِي مَحْمُود بْن عَلِيّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الخبري لنفسه: (الرمل)
اسقني (ث) طاب الصبوح ... مَا ترى النجم يلوح
اسقني (ث) كاسات راح ... هل لذى الأرواح روح (ج)(1/410)
غَن لِي باسم حبيبي ... فلعلي أستريح
نحن قوم فِي سبيل ... العشق نغدو ونروحُ
نحن قومٌ نكتم ... الأسرارَ والدمع يبوحُ
تُوُفِّيَ الخَبْري يَوْم الْخَمِيس السَّابِع عشر من ذي القعدة من سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ/ وَسِتِّمِائَةٍ ودفن بالقرافة (3) بزاوية متعبد ذي النون الْمِصْرِيّ (4) رَضِيَ اللَّه عَنهُمَا-.
وَأَنْشَدَنِي مَحْمُود بْن عَلِيّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الرّشيد الوطواط (5) محمد بن محمد (ح) ابن عبد الجليل البلخي العمري لنفسه: (المتقارب)
لنا زاهدٌ باردٌ زهدهُ ... أرى النار تخمدُ من برده
يعدُّ معائب أَهْل الهُدى ... وكل المعائب فِي برده
وَأَنْشَدَنِي مَحْمُود بْن عَلِيّ، قَالَ أَنْشَدَنِي عَلِيّ بْن سنان الخُوَارِزْمِي (6) الْمَعْرُوف (خ) ، يجيب مُحَمَّد بْن نَصْر، أَبَا الْمَحَاسِن بْن عنين (7) لما عمل بيته في العقرب: (الطويل)
وما حيوان يتقي النَّاس شره ... علَى أَنَّهُ واهي القوى واهن البطش
إِذَا ضعفوا نصف اسمه فهو (د) طائر ... وإن ضعفوا باقيه كَانَ من الوحش (ذ)
بقوله: (الطويل)
وتضعيفنا أوساطه صوت (ر) طائر ... تفطن لتضعيفي وَلَا تك ذا دهش (ز)
سميّ له فوق السّماء محلّه (س) ... عَلَى سنن الأقمار فِي فلك تمشي
وفي قلبه سرّ (ش) الغواني ووقعه ... أشدّ وأنكا من مساورة (ص) الرقش
فهل عندكم سر أذيع خفيه ... وإني لسر المشكلات لكم مفشي
وحَدَّثَنَا مَحْمُود بْن عَلِيّ، وَأَنْشَدَنَا وَكَتَبَهُ بِخَطِّهِ، قَالَ: كنا فِي خدمة(1/411)
السلطان الشهيد (ط) المرحوم محمد بن تكش (ظ) - رحمه الله- في النيسان (ع) ، وَكَانَ زمان الرَّبِيع، وَكَانَ للسلطان مملوك مليح يحبه، فَأَخَذَ السُّلْطَان وردا ورمى بِهِ فأصاب خدّه (غ) ، فتأوه الغلام بالتَغنَج. وَكَانَ جَمَاعَة من الفضلاء أنشدوا بالعجمية فِي/ ذَلِكَ المعنى، فأنشأ السُّلْطَان فيه (الطويل)
ونفسي فداء ثُمَّ روحي للذي ... يؤثر ظل الورد في وجناته
وأشار إلى «ترى» (ف)
يشوشني والويل من شعراته ... بصدغ سكون الصب فِي حركاته
ترى صدغه كالصولجان معطفا ... فيا ليت قلب الصب بَعْض كراته
لرقة خديه إِذَا مَا لمحته ... يؤثر لمح العين فِي وجناته
310- ابْن رَواحة الصِّقِلي (560- 646 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَلِيّ الْحُسَيْن بْن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن ابن رَواحة بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن رواحة بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن رواحة الْأَنْصَارِيّ الحَمَوي (1) ، كَذَا نسبه بِخَطِّ والده أَبِي عَلِيّ الْحُسَيْن (2) . ولد بساحل البحر بصقلّيَّة (3) ، فِي سَنَة ستين وَخَمْسِمِائَةٍ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي العشر الْأُولَى من ذي الحجة من سَنَة خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَزَلَ بدرب المنارة فِي زاوية الشَّيْخ مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْن الكُرَيْدي (4) ، وأكرمه الْفَقِير أَبُو سَعِيد كوكبوري بْن عَلِيّ. ومرض عِنْد وروده إربل وأبلّ من مرضه (أ) . دَخَلَ ثغر الإسكندرية- وَهُوَ صبيّ- مَعَ والده، وَسَمِعَ أَبَا طَاهِر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ السّلفي، وله إجازة من (ب) أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عساكر الدِّمَشْقِيّ صاحب تاريخها.
أَنْشَدَنَا، قَالَ: كتب جدّي (5) هذه الأبيات لنفسه: (الطويل)(1/412)
بني تيقظ واستمع مَا أقَوْله ... وَلَا تك محتاجا إِلَى وعظ واعظ
/ فما أحد فِي الخلق أشفق من أب ... عليك وَلَا ترعاك مثل لواحظي (ت)
إذا كنت في شرح الشّبيبة ناسيا (ث) ... فلست إِذَا عِنْد المشيب بحافظ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي والدي لِنَفْسِهِ، وَقَد مر بعَسْقَلان (6) ، وزار قبور الشهداء- حين توجّه إلى مصر-: (الوافر)
مررت بعسقلان وَقَد رَمَتْهَا ... يد الحدثان بالسهم المصيب
فأبكتني عَلَى الْإِسْلَام دينا ... خلاف بكا المحب عَلَى الحبيب
وكم فِي الترب فِيهَا من شهيد ... وكم في الأسر فِيهَا من غريب
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي والدي لِنَفْسِهِ حين قصد مكة- حرسها اللَّه تَعَالَى-: (البسيط)
يَا رب نعماك لَا تحصى عَلَى أحد ... في كفره، كيف من تهدي لإيمان؟ (ج)
ختمت لي طول عمري بالهداية (ح) ... فِي الْإِسْلَام بالحج عَنْ فضل وإمكان
فامنن عَلِيّ بقصد المصطفى فِيهِ ... صفا لك الحمد فِي سري وإعلاني
دعني أبلغه تسليمي مشافهة ... عَلَى الشفاعة يقضي لِي بغفران
وابسط لديه لساني فِي مدائحه ... حَتَّى أفوز كجدي (7) أو كحسان (8)
أَنْت الكريم وَقَد أكرمت وافده ... فَلَا ترد يدي عَنْهُ بحرمان
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا والدي لنفسه حين ورد بدرا (9) : (الطويل)
وردنا على خمس (خ) ببدر مواردا ... حكى طيبها عيشا لنا بالصفا صفا
شفينا بِهَا نار الغليل كَمَا حوى ... بِهَا المصطفى نَصْرا عَلَى الكفر واشتفى
وأبدت لنا آثارها وصف وقعة ... أبانت سطورا بالقبور وأحرفا
تخبر عمن باع فِي اللَّه نفسه ... وعاهده نصرا فمات على الوفا (د)
/ وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَيْضًا والدي لِنَفْسِهِ، يقَوْله ببدر: (الوافر)(1/413)
نزلنا فِي النخيل بأرض بدر ... وَكَانَ بنا أبر من الخيام
علا فظلاله تحكي نسيما ... يريح الركب من كرب المقام
تعود خوصه (ذ) روحا فأمسى ... مريحًا للكئيب المستهام
كأن الشمس مِنْهُ لنا رقيب ... يطالعنا ويحجب بالغمام
وَجَاوَرَنَا (ر) من الولدان سِرْبٌ ... لَهُم سحر اللواحظ والكلام
سقونا من مناهلهم زلالا ... فأسكرنا بِهِم قبل المدام
فلم يشف الورود لنا أواما (ز) ... بمقدار المثار من الغرام
ولو أوفوا بنسبتهم طلبنا ... أمانا من هواهم بالذمام
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أنشدنا والدي لنفسه: (الكامل)
أمر الفراق مدامعي أن تذرفا ... والدّمع أخوان مَا يكون إذا وفى
قَد كُنْتُ أخفي حبكم فِي قربكم ... زمنا وحين نأيتم برح الخفا
هل من شفاء بالأياب لمدنف ... ما زال مذ شط المزار عَلَى شفا؟
آها لعيش قَد تقضى لَم يدع ... لِي مِنْهُ إِلَّا حسرة وتأسفا
أنفقت فِيهِ من الشباب بقيّة ... كانت من الأيّام آخر ما (س) صفا
ذكر لِي أنّ مَوْلد والده سَنَة خَمْس عَشْرَة وَخَمْسِمِائَةٍ.
وأنشدنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد الله بن الحسين (ش) لِنَفْسِهِ فِي ذي الحجة من سَنَة خَمْس وعشرين وستمائة (ص) : (الكامل)
صبرا لعلك فِي الهوى أَن تنصفا ... أو أَن ترق لمدنف أو تعطفا
مَا كُلّ من أضحى الجمال بأسره ... ولغيره (ض) منح القطيعة والجفا
/ كلا وَلَا من حاز أفئدة الورى ... بجماله أبدى (ط) المسير تعسفا
يَا مانعا جفني الكرى بصدوده ... قسما بعهدك بعد بعدك مَا غفا
إِن كَانَ قصدك أَن تريق دمي فَلَا ... تتقلدن سيفا فطرفك قَد كفى(1/414)
لَو أَن جسمي فِي بحار مدامعي ... يطفي بنار فيه من سقم طفا
وَمِنْهَا:
أحييت يُوسُف فِي الْمَحَاسِن مثلما ... أحيا أبو بكر أخاه يوسفا (ظ)
وأنشدني لنفسه في تاريخه (ع) في صديق له سافر ولم يودّعه:
(الوافر)
رحلت وَلَم أودع مِنْكَ خلا ... صفا كدر الزمان بِهِ وراقا
ولكن خاف من أنفاس وجدي ... إِذَا أبدى العناق يرى احتراقا
فكأس الشوق منذ نأيت عني ... أكابده اصطباحا واغتباقا
وأنشدنا لنفسه (ع) غب غلام كَانَ عريانا فِي الحمام، وَقَد عرق جسمه (البسيط)
وأغيد كقضيب البان معتدل فِي قدا ... وألحاظه أمضى من القضب
كأنما جسمه كافورة رشحت ... درّا ولمّته (غ) الشقراء من لهب
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخ أَبُو طَاهِر أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني (ف) لنفسه: (الخفيف)
إِن علم الْحَدِيث علم رجال ... تركوا الابتداع للأتباع
فَإِذَا اللَّيْل جنهم كتبوه ... وَإِذَا أصبحوا غدوا للسماع
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ أَنْشَدَنَا السّلفي لِنَفْسِهِ (الطويل)
عصيت إلهي مَرَّة بَعْد مَرَّة ... بغير رضى مِنِّي وإني أرهب
وهل يرتضي أَن يعصى الله عاقل ... ولكن قضاء الله مامنه مهرب (ق)
/ وأنشدنا، قال: أنشدنا أبو طاهر (ك) لنفسه: (الوافر)(1/415)
أرى بَيْن الورى قوما عليهم ... ثياب قَد تروق وهم ذئاب
فَلَا تعبأ بِهِم فِي اللَّهِ واحْسِبْ ... مَدَى مَا عشت إِنَّهُمُ ذباب
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الميمون الْمُبَارَك بْن كامل بْن عَلِيّ بْن مُنْقِذ (10) ، وَكَانَ أميرًا كبيرا فصيحا جميلا: (الكامل)
لما نزلت الدير قُلْت لصاحبي: ... قم فاخْطَبِ الصهباء من شماسه
فأتى وفي يمناه كأس خلتها ... مقبوسة فِي اللَّيْل من أنفاسه
وكأن مَا فِي كأسه من خده ... وكأن مَا (ل) في خده من كاسه
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنِي (م) لنفسه في البراغيث: (البسيط)
ومعشر يستحل النَّاس قتلهم ... كَمَا استحلوا دم الحجاج فِي الحرم
إِذَا سفكت دما مِنْهُم فما سفكت ... يداي من دمه المسفوك غَيْر دمي
وأنشدنا، قال: أنشدني لنفسه: (البسيط)
بنيّ إنّي حملت عنكم (ن) قساوتكم ... يَوْم الفراق الَّذِي لاقيت من أسف
سأقطع الأرض عرضا فِي محبتكم ... كي تستريحوا من التنقيل والكلف
صرفتم كُلّ قلب عَنْ مودتكم ... وقلبه عَنْ هواكم غَيْر منَصْرف
وَأَنْشَدَنَا، قال: أنشدنا والدى (و) لِنَفْسِهِ، وَقَد اجتمع بعمر بْن شاهنشاه تقيّ الدين، فنزل له عن فرسه وأنشده (هـ) : «فلمّا التقينا صغّر الخبر الخبر» (هـ) فقال يمدحه: (الطويل)
تباعد عني مثل بعدكم الصبر ... فلو مت شوقا نحوكم كَانَ لِي عذر
وكيف أخاف البحر فِيكُم، فمذ ... دعا بي البين عنكم صار منيتي البحر (ق)
/ تعاظم عندي غدر أيامنا بنا ... وهونه إذ لَم يكن مِنْكُم الغدر
فأشتاق أوقاتا تقضت حميدة ... إِذَا لَم يعدها الدهر عاد بِهَا الذّكر(1/416)
وَمِنْهَا:
تَقُول أجرني من فراقك إِنَّهُ ... حمام فهل بالعود منك لها بشر؟
فَقُلْتُ لها: لولا الترحل لَم يكن ... ليسفر عَنْ قصد المكارم لِي فجر
دعيني ببعدي عَنْكَ أستكمل العلا ... فلولا فراق الشمس لَم يكمل البدر
ولا يتّقى للدّهر صرف (لا) فإنني ... بقصد تقي الدِّين سالمني الدهر
بدا لِي والأبطال كالأسد حوله ... فنم عَلَيْهِ من مهابته البشر
فأهويت عَنْ ظهر الجواد مقبلا ... ركاب جواد دونه وقع النسر
فأخلى لفضل- لَا خلا مِنْهُ سرجه- ... ومد يدا من بعض أمواتها الفقر
وَقَالَ الَّذِي لولا انتحالي لقلته: ... «فَلَمَّا التقينا صغّر الخبر الخبر» (ى)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا عمي أَبُو الْخَيْر عَبْد المحسن (11) لنفسه:
(السريع)
فِي حلب أصبحت مستضعفا ... لَا مال لِي فِيهَا وَلَا جاه
يستنَصْر الأبعد مستصرخا ... سفاهة والنّاصر الله (أأ)
311- أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُوقَانِيُّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ 610 هـ)
أَبُو محمد عبد العزيز بن مردا سوار بن وردا سوار الْجُلَابَاذِيُّ الْمُوقَانِيُّ (1) الْأَذَرِيُّ. شَيْخٌ صَالِحٌ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَزَلَ بِدَارِ الْحَدِيثِ. لَقِيَ أَبَا أَحْمَدَ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ سُكَيْنَةَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِإِرْبِلَ، وَقَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ سُكَيْنَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو النَّجْمِ بدر بن عبد الله الشّيحي (2) و (أ) أبو الحسن محمد بن أحمد بن بوقه (ب) ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ/ الصَّرِيفِينِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ (3) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ (4) ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ (ت) ، أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ(1/417)
الْمُعْتَمِرِ (5) قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيًّا (6) يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تَكْذِبُوا عَلِيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ يكذب عليّ يلج النّار» (ث) .
312- أَبُو سليمان الخلال (القرن السَّادِس- السَّابِع)
هُوَ أبو سليمان داود بْن سُلَيْمَان بْن عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ علي (1) الخلّال (أ) . حدث بإربل. لقي جماعة منهم، ابن طبرزذ. شَيْخ صَالِح وَرَدَ إِرْبِلَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَر بن محمد بن طبرزذ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ الحَرْبي (2) ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن أحمد بن طلحة النّعالي، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز ابن محمد بن جعفر (3) ، أخبرنا أحمد بْن سلمان النَّجَّاد (4) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُونُس العَبْشَمي (5) ، قَالَ: سَمِعْتُ أعرابيا يَقُول لخصم لَهُ: «يا هذا، لئن هملجت (ب) إلى الباطل، إنّك عن الحقّ لقطوف (ت) . واعلم أنَّ يَوْم الَقِيَامة من ورائك، إنْ عُدِل بك عَنِ الْحَقّ لَم يُعْدَل بك عَنِ الباطل» .
وبه، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُونُس، حَدَّثَنَا الأصمعي، حَدَّثَنَا أَبُو مهدية (6) ، قَالَ: «جاء أسود وسوداء إِلَى أعرابي، فَقَالَتْ: أنكحني من هذا فقال: اذهبا فاصطلحا (ث) فإنَّ اللَّه أعظم من أنْ يذكر فِي نكاحكما» .
313- ابْن الْمَوْصِلِيّ الحنفي (605- بَعْد سَنَة 626 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَدَ بن محمد بن نصر (أ) الدِّمَشْقِيّ الكتاني الحنفي الْمَعْرُوف بابن الْمَوْصِلِيّ (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي العشر الْأَوَّل من ذي القعدة من سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ من بَغْدَاد، وَكَانَ/ رحل إليها لسماع(1/418)
الْحَدِيث، فَسَمِعَ عَلَى عِدَّة مَشَايِخ بِهَا أول مَا بدا عذاره، جميل الصورة.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ في ثاني عشر ذي القعدة: (السريع)
يَا حسنا مَالِك لَم تحسن ... إِلَى نفوس بالهوى متعبه
رقمت بالورد وبالسوسن ... صفحة خد بالسنا مذهبه
يَا حسنه إذ قَالَ مَا أحسني ... ويا لذاك اللّفظ ما أعذبه (ب)
فوق بالسهم وَلَم يُخْطِنِي ... وإذ رآني ميتا أعجبه
وقال: كم عاش وكم حبّني (ت) ... وحبّه إيّاي (ث) كم عذبه!
يرحمه اللَّه عَلَى أنني ... قتلي لَهُ لَم أدر مَا أوجبه؟
أَنْشَدَنَا: «حسنه» مرفوعا. أَخْبَرَنِي إنّ مَوْلده سابع عشر شَهْر رَمَضَان من سَنَة خَمْس وَسِتِّمِائَةٍ، لَيْلَة الجمعة بدمشق. وأظنّه منتحلا «2» (ج) .
314- أَبُو زَكَرِيَّا الواسطي ( ... - 632 هـ)
هُوَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْن الْمُظَفَّر بْن الشهاب بْن مُوسَى بْن طلحة الْوَاعِظ (1) ، من بني الصابوني (2) رواة الْحَدِيث. قدم إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وقدمها فِي شَعْبَانَ من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. كهل أسمر، لطيف العِشرة، وبينه وبين أَبِي الْمَحَاسِن مُحَمَّد بْن نَصْر بْن عُنَيْن مداعبة. كَانَ يَحْيَى يحبّ غلاما من دِمَشْقَ اسمه «نصير» ، وكان له أخ يدعى عباسا، يرمى بالأبنة (أ) ، فكتب ابْن عُنَيْن إِلَى أَبِي زَكَرِيَّا- وأنشدنيه في رمضان من سنة سبع وعشرين: (البسيط)
مَا كَانَ أغناك عَنْ إلحاف مسألة ... لَو أن في أست نَصْر داء عَبَّاس(1/419)
قال أبو زكريا: فكتبت إليه: (البسيط)
/ الحمد لِلَّهِ فِي فقري وفي جدتي ... قَد زال عنّي إنعاظي وإفلاسي (ب)
تحقق الشرط واستغنيت عَنْ طلب ... وصار فِي أُست نَصْر داءُ عَبَّاس
وَأَنْشَدَنِي أَبُو زَكَرِيَّا لنفسه: (الكامل)
يا من على ضعفي يجور تعمدا ... ويرى الضلال بقتلتي محض الهدى
ومن الملاحة كلها فِي أسره ... قَد حازها دون الورى متفرّدا (ت)
بجمال وجهك إِنَّهُ لَو يهتدى ... بضيائه فِي التيه موسى لاهتدى (ث)
وبطرفك الغنج الَّذِي لولاه مَا ... أمسيت مسلوب الرقاد مسهدا
لَا تصغين إِلَى الوشاة فما لَهُم ... شغل سوى تفريقنا وهم العدى (3)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ «2» بْن مُحَمَّدِ بن يحيى البجلي الواسطي (4) لنفسه: (الطويل)
أأحبابنا ما خلت أن يقع النّوى ... سريعا وَلَا أَن الغراب يصيح
لَقَد أوحشتني الدار بَعْد أنيسها ... وضاق عَلَى الرحب وَهُوَ فسيح
وأصبح مغنى كنتم تسكنونه ... كجسم خلت مِنْهُ العشيّة روح
ترى تبسم الايام بعد قطوبها ... ويرجع وجه الدهر وَهُوَ صبيح
ويأتي بشير مِنْكُم فأضمه ... وأشركه فِي مهجتي وأبيح
وَأَنْشَدَنَا، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بابن الأُستاذ (5) النُّعاني لنفسه: (الرجز)
بَيْن قباب المنحنى فالحاجر ... تسبي العقَوْل مقل الجآذر(1/420)
وفي الحمى مرابع تخبر عن ... دعص (ج) مهيل وقضيب ناضر
أقول لما أن برزن للسّرى ... وهتكت سجافة (ح) السّتائر:
/ يا للقنا من هزّ أعطاف النّقا ... يَا للظبا من ظبيات عامر
ثُمَّ يراق دم أبناء الهوى ... ويصبح الواقي أسير الغادر
يا حادي الأظعان لا ذقت الوجى (خ) ... وَلَا عرتك روعة من ذاعر
خذ يمنة الجرعاء (6) من كاظمة ... واستهدها نصيحة من خابر
فإن ربات الخدور بالحمى ... فاتكة بكل ليث خادر
قال أبو زكريا يحيى: «كلاهما (د) باق إِلَى الآن، والنعماني شاعر مجيد، أديب بارع، مدح الْإِمَام المستضيء ومَنْ بعده- رحمة اللَّه عليهم- وَهُوَ شَيْخ بلده. قرأتُ عَلَيْهِ الأدب» . هَذَا معنى كَلَامه.
315- مُحَمَّد البصري ( ... - بَعْد سَنَة 624 هـ)
أَبُو نَصْر مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بْن عَبْد السَّلَام (1) التاجر، من أَهْل البصرة. وَرَدَ إِرْبِلَ، لَهُ مقطعات من شعر يصنع فِيهَا ألحانا يغنّي بِهَا. قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات العشر.
أَنْشَدَنِي الْمُبَارَك بْن أَبِي بَكْر بْن حمدان الموصلي، قال: أنشدني البصري لنفسه: (الكامل)
حتّام أعذل في الهوى وأعنّف (أ) ... تالله إنّ عواذلي قد أسرفوا
قالوا: اصطبر واسل (ب) الحبيب تكلفا ... وأبى الهوى أَن يقتضيه تكلف
أنّى (ت) وكيف لِي السلو وها أَنَا ... فِي الحب مسلوب الحشاشة مدنف
أخفي الغرام تسترا من كاشح ... فتدّيعه عني دموع وُكَّفُ
يَا للرجال سبي فؤادي شادن ... غَنِجُ اللحاظ رحيم دل أهيف
خَنِثُ (ث) الشّمائل عذبة (ج) أخلاقه ... من خده وَرَدَ الشقائق يقطف(1/421)
ملك الْقُلُوب بلطف حسن خلاله ... فكأنه رب (ح) الملاحة يُوسُف
/ جاوزت فِي حبيه كُلّ نهاية ... فنهايتي أبهى حَدِيث يُوصَف
أشكو إليه لعله أن يرعوي ... لشكايتي وأورده (خ) يتعطف
وبليتي ونحول جسمي أَنَّهُ ... فِي مثل وصلي زاهد متعفّف
وحياته قسما وحبّي (د) إنني ... بحياته فِي الحب برا أحلف
لَا خنته جهدي وَلَا عَنْ حكمه ... أبدا ولو ذقت الردى أتخلف
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي البصري لنفسه: (الكامل)
غفل الواشي فزارا ... لابِسَ اللّيلَ إزارا
بدرُ تمّ لو راه ال ... بدر إجلالًا توارى
فِي الدّجى يسري فخِلتُ ... اللَّيْل إذ وافى نهارا
فاتر الطرْف كساه ... السِّحُر عَنْجًا واحْوِرارا
قُلْت: أهلًا بحبيبٍ ... لَا أرى عَنْهُ اصْطِبارا
مَالِكي تفديك رُوحي ... ذُبتُ شوقًا وانتظارا
فسقاني من رُضابٍ ... خِلتُه صِرْفًا عُقارا
عطَّل الكاساتِ لمّا ... خَمْرَ عينيه أدارا
وانتقلنا اللّثم حَتَّى ... خالنا الصَّاحي سُكارى
يَا لها فُرْصةُ عُمْرٍ ... ليتَها عادتْ مِرارا
ليلةٌ ضاهيتُ فِيهَا ... ليلةَ القَدْرِ افتخارا
316- أَبُو الرُّوح الأندلسي (590- 629 هـ)
هُوَ أَبُو الرُّوح عِيسَى بْن عَبْد الله (أ) بْن مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْن مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله ابن إِبْرَاهِيم بْن خليل الحِمْيَري (1) /الأندلسي، من تاكُرُنّا (2) - بضم الكاف والراء وتخفيفها وشدّ النون- من نظر قرطبة. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي ثامن شَوَّال(1/422)
من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. شاب خفيف العارضين واللحية، ذكي لطيف الأخلاق فاضل (ب) .
أنشدنا لنفسه في مخل (ت) ، قَالَ: وأتممتُها عَلَى بيت أَنْشَدَهُ لِنَفْسِهِ مُحَمَّد بْن المفرض الْمِصْرِيّ (3) - بالفاء والضاد المعجمة- وَهُوَ: (الكامل)
بركاتُ يحكي البدرَ عِنْد تمامهِ ... حاشاهْ بلْ شمس الضُّحى تَحكيهِ
هَذَا الكمالُ فقلْ لمَنْ قَد عابَه ... حَسَدًا، وآيةُ كلّ شَيْء فيهِ
لَم تذو إِحْدَى زَهرتيه وإنَّما ... كمُلت بذاك مَلاحة التَّشبيه
فكأنَّه رامٍ تعلَّق جفنُه ... ليُصيبَ بالسَّهم الَّذِي يرميهِ
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي كاتب: (البسيط)
إِن أودع الطِّرْسَ مَا وشّاه خاطرهُ ... أبدى (ث) لعَيْنَيْكَ أزهارًا وأسحارا
وإن تهدّدَ فيهِ أو يعد كرما (ج) ... بثّ البريّة آجالا وأعمارا
وأنشدني لنفسه: (الكامل)
أوصيتُ قلبي أَن يفرَّ عَنِ الصِّبا ... ظنًا بأني قَد دعوتُ سميعا
فأجابني: لَا تخشَ مّني بَعْد مَا ... أفلتَّ من شَرَك الغَرام وقُوعا
حتّى إِذَا نَادى الحبيبُ رأيتَه ... آوى إليه مُلبيّا ومُطيعًا
كذُبالةٍ أخمدتُها فَإِذَا دنا ... مِنْهَا الضّرامُ تَعَلَّقَتْهُ سَرِيعًا
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي أضحية سوداء: (البسيط)
يَا رُبّ أُضحيةٍ سوداءَ حالكةٍ ... لَم ترع فِي البيدِ إِلَّا الشّمس والقمرا
تخالُ باطنَها فِي اللّون ظاهَرها ... فهيَ الفداءُ كزنجيٍّ إِذَا كفرا (ح)
/ وأنشدنا لنفسه: (البسيط)
سفرتَ عَنْ حُرٍ وجهٍ أو جلوت ذُكًا ... وفرع ناصية أسبلت أو حلكا(1/423)
قولا (خ) لخصريك لَم يَظْلمكما كفلٌ ... الحسنُ أخصبَه والحسُّ أنحلكا
رحماك هدهد فؤادي (ذ) لَم تُعذّبهُ ... وما دعاهُ الهوى يومًا فأهْمَلكا
بل أَنْت مِلءُ جفُوني والفؤادِ معًا ... وأنت آيةُ قلبي آيةً سَلكا
فيا جبال ضلوعي أوِّبي مَعَهُ ... ويا نسيمَ الجّوى سرْ حيثُ أرسلكا
وأنشدنا لنفسه: (الكامل)
يَا قلبُ مَا لك لَا تُفيقُ من الهوى ... أوَ مَا يَقرُّ بك الزّمانَ قرارُ
ألكلِّ ذي وجهٍ جميلٍ حنةٌ ... ولكلِّ عهدٍ سالف تذكار (ذ)
وأنشدنا لنفسه: (البسيط)
وزائرٍ زارني والليلُ مُعتكرٌ ... والطيبُ يفضحهُ والحلْيُ يُشهرهُ
أمسكتُ قلبي عَنْهُ وَهُوَ مُضطربٌ ... والشوقُ يبعثُه والصونُ يَزجرهُ
فبتُّ أصدي إِلَى مَنْ لا يحلّئني (ر) ... والوِردُ صافٍ وَلَا شَيْء يُكدّرُه
تراهُ عيني وكفّي لَا تُلامسُه ... حَتَّى كأني فِي المِرآةِ أنظره
وأنشدني للإمام أبي (ز) عَمْرو بْن غياث الأندلسي الشريشي (4) ، قَالَ:
سَمِعْتُهُ ينشد لنفسه: (الطويل)
صبوت وهل عار على الحرّ إن صبا؟ ... وقيد بعشر (س) الأربعين إلى الصّبا
وقالوا: مشيب، قلت وا عجبا لكُمْ ... أَيُنكَرُ صُبْحٌ قَد تخلَّل غَيْهبا؟
وَلَيْسَ مشيبا (ز) ما ترون وإنّما ... كميت (س) الصبا مما جرى عاد أشْهبا
وَكَانَ من الديانة فِي غاية، ومن الدعابة لها. ومات في عشر التسعين سنة (ش) في سنة (ص) / عشرين وستمائة (ب) .
وأنشدنا، قال: أنشدنا أبو عمرو لنفسه: (السريع)
أودع فؤادي حرقا أودع ... نَفْسَك تُوذي أنت فِي أَضْلعي
أَمْسِكْ سهامَ اللَّحظ أو فارْمِها ... أَنْت بِمَا تَرمي مُصابٌ معي
مَوقعها القلبُ وأنت الَّذِي ... مَسْكَه فِي ذلك الموضع (ض)(1/424)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُطْرِف (5) من أهل غرناطة- ويقال أغرناطه-: (الخفيف)
أَنَا صبٌّ كَمَا تشَاءَ وتهوى ... شاعرٌ ماجنٌ كريم (ط) جواد
سنّة سنّها قديما جميل (ظ) ... وأتى المحدثون مثلي فزادوا (ع)
وأنشدنا، قال: أنشدنا مطرف لنفسه: (السريع)
وفي فُروع الأَيْك وُرْقٌ إِذَا ... بلَّ النَّدى أعطافها تسجع
أو (غ) هزّها نفح نسيم الصّبا ... شاقك (ف) منها غرد مبدع (ق)
كأنّما أمكنه (ك) منبر ... وهو (غ) خَطِيبٌ فوقها مِصْقَعُ
إنْ شبّها فِي طَرَفٍ لَوْعةٌ ... جرى لها فِي طَرِفٍ مَدمَعُ
قَالَ: أخذه من قول عبد الوهاب بن علي المالقي الخطيب (6) :
(المتقارب)
كَأَنَّ فؤادي وطَرْفي معًا ... هما طَرَفا غُصْنٍ أخضرِ
إِذَا اشتعل النّارُ فِي جانبٍ ... جرى الماء في الجانب الآخر (ل)
وَأَنْشَدَنَا لأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إدريس، شَهْر بابن مرج الكحل (7) ، من جزيرة شَقَر (8) من شرق الأندلس، من نظر بَلنْسِيَه (9) ، وسمعه من فلق (م) فيه لنفسه: (الوافر)
وعندي من (ن) معَاطِفها حديثٌ ... يُخَبِّرُ أَنَّ رِيقَتها مُدامُ
وفي أعطافها السَّكرى دليلٌ ... وَلَا ذُقْنا وَلَا زعم الهمام (و)
/ تَعَالَى اللَّه مَا أَجْرى دموعي ... وأَطْرَبَني إِذَا عنّى الحمام (هـ)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المذكور (لا) ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى أَبِي عَمْرو بْن غياث المذكور: (الوافر)
أَبَا عمروٍ متى تقضي اللَّيالي ... بلَقِيَاكُمْ وهُنَّ قصصن ريشي(1/425)
أبتْ نفسي هَوى إِلَّا شَرِيشًا ... ويا بُعْدَ الجزيرة من شَريشِ (10)
سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: ولدت فِي ذي الحجة من سَنَة تسعين وَخَمْسِمِائَةٍ فِي تاكُرُنّا المذكورة قبل. وَأَنْشَدَنِي- أيَده اللَّه- من حفظه وَكَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الفاضل الْحَافِظ أَبُو الْحَسَنِ رضا بْن أَحْمَد المالَقِيَ الهمداني (11) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عبد الله النّفزي (12) ، قال:
أنشدني خالي غانم الأديب (13) لنفسه: (السريع)
الصّبرُ أَوْلى بوقار الفتى ... من قَلَقٍ يَهتِك سِتْرَ الوقارْ
مَنْ لَزِم الصّبرَ عَلَى حاله (ى) ... كَانَ عَلَى أيّامهِ بالخيَارْ
وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا عَنْهُ بالسّند المذكور: (البسيط)
صيِّرْ فؤادَك للمحبوب مَنزلةً ... سَمُّ الخِياط مجالٌ للمُحِبَّيْنِ
وَلَا تُسامحْ بغيضًا فِي مُواصلةٍ ... فقلَّ ما تسع الدّنيا بغيضين (أأ)
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الفاضل أَبُو مُوسَى عِيسَى بْن يُونُس الغَسّاني (14) بَبْرَجَة (15) - حرسها اللَّه- من مدن الأندلس، عَنْ ذي المعارف بْن شرف (أب) لنفسه: (الطويل)
مواعيدكُمْ لَم تَدنُ إِلَّا تباعدتْ ... وَلَا أَطمعتْ إِلَّا وأعقبَها اليأسُ
كَمَا لاح فِي المِرآة شَخصٌ لناظرٍ ... قريبًا ولكنْ لَيْسَ يُدركُهُ اللَّمْسُ
وأنشدني عنه ايضا، ولنفسه: (الكامل)
صَنَمٌ من الكافور بات مُعانقي ... فِي بُرْدَتين (أت) تَعفُّفٍ وتكرُّم
/ وذكرتُ فِي حين الوِصال صدودَه (أث) ... فجرت بقايا أدمعي كالعندم (أج)
فطفقت أمسح مقلتيّ بجيده (أح) ... إذ عادة (أخ) الكافير إمساك الدّم(1/426)
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْإِمَام الثقة أَبُو الْحَسَنِ ثَابِت بْن ثَابِت الكُلاعي (16) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْإِمَام أَبُو الْفَضْلِ بْن أَبِي الحجّاج الأعلم (17) لِنَفْسِهِ: (الكامل)
وعَشّيةٍ كالسّيف إِلَّا حَدُّهُ ... بَسَطَ الرَّبِيع بِهَا لشغلي (أد) خَدَّهُ
عاطيتُ كأسَ الأُنسِ فِيهَا واحدًا ... مَا ضرَّه إنْ كَانَ جَمْعًا وَحْدَهُ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَيْضًا بالسند المذكور، عَنِ الْإِمَام الْحَافِظ المجتهد أبي محمد ابن حزم (أذ) ، لنفسه في نمّام: (الطويل)
أُنمُّ من المِرآة فِي كلِّ مَا درى ... وأَقْطعُ بَيْن النّاس من قُضُبِ الهِنْدِ
كَأَنَّ الليَّالي والمَنايا تَعلَّما ... تَحَيُّلَه فِي القَطْعِ بَيْن ذوي الوُدِّ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الفاضل أبو عبد الله (18) السبتي (أر) بداره بالمَرِيَّة (19) لِنَفْسِهِ- قَالَ: والبيت الْأَوَّل أنشدته في النّوم-:
(المنسرح)
يخبرك الدمع وهو ماء ... بأنّ (أز) عين المحبّ عين
وينكر الخلّ (أس) قَوْل صَبٍّ ... لَا بَخلتْ بالبُكاءِ عينُ
هل أثرُ الدّمعِ مُضمحِلٌ ... إنْ ثَبتتْ للبُكاءِ عينُ
فقلْ لنجلاءَ قَد تحامَتْ ... بصارمٍ لَم يَصُغْه (أش) قَيْنُ:
ذودي ظُبا اللّحظِ من قريبٍ ... لَا حانَ بالبُعْد مِنْكَ حَيْنُ
وانتزِحي من ذُري عَذولٍ ... فالقُربُ من ساحتَيِه شَيْنُ
عُيِّر أهلُ الهوى بسقم ... والسّقم عند المحبّ (أص) زَيْنُ
/ إنّي ودينِ الهوى لباكٍ ... بنَثرِ دمعٍ أجراه بَيْنُ
فما قَضى البعضُ من حقوقٍ ... عليّ منها للوجد دين(1/427)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا الشَّيْخ الفاضل المُعَمَّر أَبُو عِيسَى لُبّ بْن مُحَمَّد (20) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الفاضل أَبُو إسحاق بْن خَفَاجَة (21) الجزيري- جزيرة شَقَر من الأندلس- لنفسه: (الكامل)
وعشيّ أنس أضجعتني نشوة (أض) ... فِيهِ تُمَهِّدُ مضجَعي وتُدمِّثُ
خلعتْ عليَّ بِهَا الأَراكةُ ظِلَّها ... والغُصنُ يُصغي والحَمامُ يُحَدِّثُ
والشّمسُ تجنح للغروب مريضة ... والرّعد يرقي (أط) والغَمامةُ تَنفُثُ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي لنفسه أَيْضًا، وعنه: (السريع)
يُديرُ للأَعْيُنِ من وجههِ ... كعبةَ حُسْنٍ حيثُ مَا دارا
ولي بِهِ عينٌ مُجوسيّةٌ ... تعبدُ من وَجنتِهِ نارا
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي لَهُ أيضا، وعنه: (الخفيف)
كلّما مرَّ قاصرًا من خُطَاهُ ... يتَهادى كَمَا يمرُّ الغَمامُ
سلّمَ الغُصنُ والكثيبُ عَلَيْنَا ... فعلى الغصن والكثيب السّلام
وعنه بالسّند المذكور: (الطويل)
تعلّقته (أظ) ريّان (أع) من خَمر رِيقه ... لَهُ رَشْفُها دُوني ولي دونه السُّكْرُ
ترقرقَ ماءُ مُقلتايَ ووجهُهُ ... ويُذْكي على قلبي ووجنته الخمر (أغ)
فلي وَلَهُ من وجْههِ ومَدامعي ... عَلَى وجههِ روض وفي وجنتي نهر (أف)
وَلَا عجبٌ إِن فاح نَشْرًا وهذه ... محاسنُه في غصن قامته زهر (أق)
أرقّ نسيبي فيه رقّة حسنه (أق) ... فلم أدر (أيّ) منهما قبلها السّحر (أل)
/ وطِبْنا معًا شِعرًا وثَغرًا كأنَّما ... لَهُ مَنطقي ثغرٌ ولي ثغرُه شِعْرُ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْإِمَام السيد الفاضل الثقة، أَبُو عَلِيّ عُمَر(1/428)
بْن عَبْد المجيد بْن عُمَر الأَزدي (22) ، عَنْ أبي عبد الله الرّصافي (23) لنفسه:
(الكامل)
ومهفهف كالغصن إلّا إنّه ... تتحيّر الألباب عند لقائه (أم)
أضحى ينامُ وَقَد تحبّب خدُّه ... عرقًا، فَقُلْتُ: الورد رشّ بمائه
وعنه بالسّند المذكور (الطويل)
بدا الشفق البادي بعيد أصيل ... يجرر بالآفاق حمر ذيول
وفي عرضه الأقصى هلال كأنما ... يجرّر منه النّسر ضلع قتيل (أن)
وعنه بالسّند المذكور (الكامل)
ومرقرق الشّطّين (أو) تحسب أنّه ... متسايل (أه) من درّة لصفائه
فاءت (ألا) عليه مع الظهيرة (أي) سرحة ... صدئت (بب) لفيئتها غلالة مائه (بت)
فتراه أبيض (بث) في غلالة سمرة ... كالدّارع استلقى بظلّ (بج) لوائِه
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَيْضًا بالسّند المذكور، وقد رأى صبيّا (بح) يبلّ عينيه بريقه ليرى أنّه يبكي: (الطويل)
عذ يريّ من جذلان يبكي كآبة (بخ) ... وأضلعهُ مما يحاولُه صِفرُ
يبلُّ مآقي زَهْرتيه بريقه ... ويحكي البكا (بد) عمْدًا كَمَا ابتسم الزَّهرُ
أيُوهِم أنَّ الدمع بلَّ جُفونَه ... وهل عُصِرتْ يومًا من النَّرجس الخَمْرُ
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ: أَنْشَدَنِي الفاضل أَبُو المتوكل الهيثم بْن جَعْفَر الإشبيلي الأندلسي (24) لِنَفْسِهِ عَلَى لسان غيره: (البسيط)
/ بأرض ريَّةَ (25) أوطاني وأوطاري ... ولي هَوى فيهمُ عارٍ عَنِ العارِ
سميّ يَحْيَى ولكنْ فِي لواحظه ... عصا الكليم فماذا صنع سحّار؟(1/429)
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: قَالَ: وَهُوَ أول شعر قلتُه في المكتب: (الخفيف)
هل تبدَّى فِي النَّاس وَجْدٌ كوَجْدي ... بهلال المِلاح يَحْيَى بْن رُشْدِ
لاح للاهِ عذر بي الأماني (بز) ... من غزال يشبّ وجدا يوجدي
بدر تمّ بدا فقلت: تعالى (بظ) ... جَدُّ رَبٍّ أهداك يَا بدرُ سَعدٍ
كَذَا أَنْشَدَهُ: «للاه» ، قَالَ: وأردتُ اللاهي من اللهو، فَقُلْتُ غَيْره، قَالَ: كَذَا قلته.
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: (الطويل)
سلام لساعات (بس) التّلاقي من الهوى ... محلا (بش) وأيامِ الشَّباب من العُمْرِ
أخصُّ بِهِ مَعنى (بص) الكمال وشَخْصِه ... وسبّاقَ غايات الفضائل والفَخْرِ
أَبَا البركات الألمعيّ (بض) الذي غدا ... يربى على (بع) الشّمس والبدر
وأنشدني لنفسه: (الكامل)
يَا ماجدًا ملأ الزّمانَ فضيلةً ... وسيادةً تختال تَحْت سُعودِ
إنّي رجوتُك للزَّمان فإنَّه ... زَمَنٌ ألحَّ عليَّ بالتَّنكيدِ
وعَدِمتُ صَبري، فادَّرِكْني إنَّني ... يَا كعبة الآمال حِلْفُ فَقيدِ
317- أَبُو عَلِيّ الأندلسي ( ... - بَعْد سَنَة 627 هـ)
هُوَ أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْوَاحِد بْن (1) عَبْد السّيد، من حصن بيْرة (2) - بفتح الباء الموحدة وتسكين الياء المثناة من تَحْت وبالراء المهملة- شرقيّ الأندلس. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي ذي القعدة من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ وَرَدَ إِرْبِلَ يُعرِّف/ الْفَقِير إِلَى اللَّه- تَعَالَى- أَبَا سَعِيد كوكبوري بْن عَلِيّ، خبر ميورقة (3) الَّتِي أَخَذَهَا الفرنج عنوة، واستغاثة الأسرى بِهِ لفكاك مَا يُقدِّر اللَّه فكاكه، فأجاب إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: أنا أحقّ من(1/430)
لبى دعوتهم. وَحَدَّثَنِي أنّ الفرنج نزلوها فِي شَوَّال من سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وملكهم البرشنوني (4) . وَكَانَ ابْن هود (5) لمّا استولى عَلَى الأندلس خاف صاحبُ مَيُوْرقة، وَهُوَ أَبُو يَحْيَى (6) عَلى مَيُوْرقة من أجنادها- وَكَانُوا من الأندلس- فقتل مِنْهُم خلقا، وهرب من هرب إِلَى الجبال والحصون، وخلت المدينة من كَثِير من أهلها، فنزل عليها البر شنوني وحاصرها فِي شَوَّال سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وتسلّمها فِي أول يَوْم من شَهْر يَنَّير (7) من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
أَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ فِي أواخر ذي القعدة من سَنَة سبع وعشرين وستمائة:
(الكامل)
يَا ماجدًا يُجْلي بغُرَّة وجههِ ... سُدَفَ الخُطُوب عَلَى الْقُلُوب فتَنْجلي
ومُعودًا قَبْض اليمين وبَسْطها ... إسداءَ عارفةٍ وجَلْوة مُشْكلِ
وابنَ الأكابر كابرًا عن كابر ... لم يخط (أ) آخرهُمْ طريقَ الْأَوَّل
يَا أيّها الْحَبْرُ السَّنِيُّ المُرتضى ... من مَحْتد الشَّرف الفصيحِ الأطولِ
قَوْله: «الفصيح» من المعاظلة (ب) مَعَ مَا قبله وما بعده.
كَانَت لعبدك فِي لقائك بُشْرةٌ ... يرجو إدامَتها مَعَ المستقبلِ
وعليك بَعْد اللَّه مُعْتَمدي بِهَا ... ونَداك يمحو كلَّ خَطْبٍ مُعضِلِ
وَإِذَا تُوُسِّم للعظيم بفضلهِ ... نجحتْ لديه مَطالبُ المُتَوسِّلِ
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْإِمَام المحققّ، بقيّة السّلف فخر الدِّين أَبُو الحسن علي (8) أبن أحمد/ الحرّالي (ت) التُجيبي الأندلسي، ثُمَّ المراكشي، لِنَفْسِهِ بمحروسة الْقَاهِرَة في جارية له سوداء اسمها «رشيقة» : (الكامل)
وهويتُ نَجلاء العيون غَريرةً ... لَا تَنْثَني نحو الوِصال تَوَحُّشا
مِثَل الغزالة نالها صيّادُها ... فلها نَفارُ جهالةٍ عمّا يَشا(1/431)
مَهلًا أغُصنَ البانِ مِيلي للجَّنا ... عِطْفًا وعُودي للتأنُس يَا رَشا
فبديعُ شخصك من فؤادي صُنْعُه ... وأنيقُ لونك من سُويداه نشا
إنْ كنتِ غُصن نقًا فرَوْضُك ناظري ... أو ظَبْيةً فكناسها (ث) مِّني الحَشا
أرشيقةَ الأوصاف حُسْنًا كاسمها ... ومليحةَ الأعطاف كالبان (ج) انتشا
مالي سواكِ وما لغيركِ قيِّمٌ ... غيري فكوني لِي أكُنْ لكِ مَا تَشا
وَأَنْشَدَنَا، قال: أنشدنا علي بن أحمد لنفسه: (الخفيف)
بِأَبي مَنْ لَهُ من البَذل مَنْعٌ ... وَلَهُ فِي الوِصال لَمحةُ صَدِّ
يَلبس الأُنْسَ مُعْلَمًا مِنْهُ ... يُخفي الدُّنوَّ فِي طَيِّ بُعدِ
ويبلُّ الأوام (ح) مِنْهُ بكأسٍ ... مازجًا سَوْرة العُقار بشَهْدِ
فَلَهُ في جنيّ التّواصل معنى ... جمع الضدّ (خ) فِيهِ لُطفًا بضِدِّ
318- مُحَمَّد بْن يَحْيَى المغربي (604- بعد سنة 628 هـ)
هو أبو عبد الله مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ معنصْر بْن أَبِي مضر بْن يُكساس بْن عَلِيّ بْن أَبِي علي المغربي (1) قسنطيني (أ) ، قَالَ: وتعرف بقَسْنطِينية الهوى (2) التُلُكَّاتي الحِمْيَري، ولد بها (ب) سَنَة أَرْبَع وَسِتِّمِائَةٍ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
أَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ في تاسع ربيع الأول: (الكامل)
/ إن جزت بالعرصات من يبزين (3) ... فاشرحْ غرامًا كاد أنْ يبريني
لأُهَيْل ذاك الحيّ وابثث (ت) عندهُمْ ... وَجْدي وبعض صبَابتي وأَنيني
وقلِ المُتَّيمُ عَنْ هواكُمْ ماسَلا ... دَنِفٌ وبالعَبَرات غيرُ ضَنينِ
يحني جوارحه (ث) عَلَى جَمْر الغَضا ... ويَئِنُ أَنَّةَ عاشقٍ مَحزونِ
مُذْ حلَّ بالحَدباء (4) قَد عَلِق الضَّنا ... بفؤاده وأُسِيغ كأسَ منونِ
بجوار مَنْ رفض الدِّيانة والتّقى ... وقد اقنعوا في دينهم بالدّون (ج)(1/432)
حمّلت فوق الوسع منهم بعد ما ... ذوّقت أنواع العذاب الهون (ج)
وأنشدنا لنفسه: (الكامل)
لَو كنتَ تعلم مَا يَجِنُّ فؤادي ... لأخذتَ فِي وَصْلي وتركِ عِنادي
لكنَّ قلبك مَا ألمَّ بِهِ الهوي ... فجَهِلتَ مَا يلقاه قلبي الصّادي (ح)
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا شَيْخِي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن محمد الشريشي المراكشي (5) لنفسه: (الكامل)
لَو لَم تكنْ سُبلُ العَلاء بعيدةً ... لَا تُنْتَحى إلا بعَزْمة ماجدِ
لتوارد الضِدّان أربابُ العلا (خ) ... والأرذلون على مجرّ (د) واحدِ
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاس لِنَفْسِهِ: (الطويل)
تُكلِّفني كِتمان أمر صبَابتي ... وفي مُقلتي عُنْوانها ودليلُها
وتخشى عَلَيْهَا إنْ شَهَرْتُ بحُبِّها ... مقالة أَهْل الحيِّ أَنّي خليلُها
فتهجُرُني والهَجْرُ لَا شكَّ قاتلي ... وإنْ مُتُّ قَالُوا إنَّ هَذَا قتيلها
وقالوا: أما تشفي فؤادك (ذ) من جَوى ... وروحَك من بَلوى مُذيبٍ غليلُها
وأنتَ- كَمَا قَد قيل- فِي الطبِّ أوحدٌ ... تباشر أدواء الورى وتزيلها (ر)
/ فَقُلْتُ لها: إنّ الصَّبابة حكمُها ... مَعَ السُّقم ألا يستفيق عليلُها
وعندي إِذَا حَدَّثتُ نفسي سَلوةً ... غرامٌ يُنافيها وشوقٌ يُحيلها
وبايعتُها طوْعًا فلستُ أُقيلُها ... ولو أنها جارتْ وَلَا أَستقيلُها
معنّصر- بفتح الميم (ز) والعين والنون مشددة، والراء مهملة- وذكر أَنَّهُ من قبيلة من حِمْيَر (6) تدعى «تُلُكَّاتة (7) ، مضمومة التاء الْأُولَى المثناة واللام، مشددة الكاف، وبعد الألف تاء مثناة.(1/433)
319- مُحَمَّد بْن الخازن (603- بَعْد سَنَة 628 هـ)
هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبْد الكافي بْن إلياس بْن مَحْمُود بْن عَبْد الْمَلِك (1) أَبُوه (2) كَانَ خازن دار الكتب بِبَغْدَادَ، وَحَدَّثَنِي إِنَّهُ عُزل عَنْهَا. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. شاب رَبْعة يعظ. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: ولدت يَوْم الْخَمِيس ثامن صَفَرٍ من سَنَة ثَلَاث وَسِتِّمِائَةٍ.
أنشدني لنفسه: (الخفيف)
صاد قلبي وزاد فِي بَلواهُ ... وجَفاني مُهَفهفٌ أهواه
خنث (أ) الدّل أهيف القدّميّا ... س بديعُ الجَّمال عَذْبٌ لُماهُ
ساحرُ الطَرْف لَا يرِقُّ لصَبٍّ ... فتنتهُ بحُسنها عَيناهُ
ومريضٍ بحبِّه كلّ آسيه ... وفي آس عارضيه شفاه (ب)
قدّه الذّابل الرّشيق وعينا ... هـ سِهامٌ تُصْمي الَّذِي يهواهُ
يتثنَّى فينْثني عزمُ سلوا ... ي ويأبي دلاله (ت) ورضاهُ
عقْدُ سِحرِ الجُفون حلَّ اصْطباري ... عَنْ سُلُوّي فَلَمْ أحُلْ عَنْ هواهُ
خان عَهدي فواصلت عبراتي ... آه من هجره وطُول جَفاهُ
/ آه من خَصْره ومن خَصَرٍ فىّ ... فبه (ث) صادا قلبي وزادا (ج) عناه (ح)
فدوائي لثم المراشف منه ... وشفائي (خ) فِيمَا حَوْت شَفَتَاهُ
320- أَبُو الرشيد الْأَصْبَهَانِيّ (573- بَعْد سَنَة 628 هـ)
هُوَ أَبُو الرشيد عَبْد الرشيد (1) بْن أَبِي طَاهِر مُحَمَّد بْن أَبِي الْعَبَّاس مَحْمُود بْن أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيّ بْن أَبِي الرجاء بُندار بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد الْقَاضِي جعفر (أ) التميمي، الحاكم بِأَصْبَهَانَ. ذُكر لِي أَنَّهُ قَالَ: إنّ جعفرًا (2) أول من حكم بِأَصْبَهَانَ. قدم إِرْبِلَ فِي أواخر رَبِيع الآخر من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ،(1/434)
ذكر أَن عمره يومئذ خَمْس وخمسون سَنَة، وأنه أدرك الحُلُم فِي سَنَة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. تأدّب بأَرْدِسْتان (3) عَلَى شهاب الدِّين أَحْمَد الأَرْدِسْتاني (4) ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كتب الأدب، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه أَيْضًا، مِنْهَا كِتَاب «الوجيز» للغزالي (5) .
قَالَ محمد بن الحافظ بدل بن أبي المعمر: أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي التاريخ، فِي يوم الأربعاء سلخه (ب) : (البسيط) .
إلامَ يسكُن فِي الوادي ويرعاهُ ... ريمُ الفَلا وسوادُ القلب مَرعاهُ
فليسكُننَّ ضلوعي فهيَ مرتعُهُ ... وليشربنّ (ت) دموعي فهيَ سُقياهُ
فِي لَحظهِ نافثاتُ السِّحر في عقد (ى) ... يقلنَ للنّاس إيّاكُمْ وإيّاهُ
رُضابهُ الشَّهدُ لكنْ سدّ (ج) موردهُ ... وخدُّه الوردُ لكنْ عزَّ مجناهُ
كالشَّمسِ وجنتهُ والبدرِ غُرَّتهُ ... والدَّعْصِ أسفلُه والغُصنِ أعلاهُ
واتفق أَن اجتمعت بِهِ فِي دار الْحَدِيث بِإِرْبِلَ، فأنشدنيها من لَفْظه وحفظه وزاد فِيهَا:
من كان يزعُمُ أنَّ الدُّرّ فِي صَدَفٍ ... فَلَا أرى الدّر وهما (ح) أو أرى فاه
ووجدت بخطه: «رضا به الشَّهدُ لكنْ سُدّ مورده» . / وَوَجَدْتُ بِخَطِّهِ القطعة جميعها، وَفِيهَا مَا أتى ذكره بَعْد قَوْله: «كالشمس وجنته ... »
البيت:
ولستُ أعرف دُرًّا ضَمَّه صَدَفٌ ... مَا الدُّرُّ عنديَ إِلَّا مَا حكى فاهُ
وتَحْت قَوْله «حكى» بِخَطِّهِ: «أي زين» .
سئلتُ أيُّ بديعٍ من محاسنهِ ... أحلى إليك وأشهى، قلت: عيناهُ
وأنفُه وثَناياهُ وحَاجِبِهُ ... وصُدْغهُ وعذاراه وخدّاه(1/435)
الكلُّ كالجُزء مِنْهُ حينَ تَرمُقُه ... تبارك اللَّهُ فِي صُنْعٍ تولاهُ
مُذْ بانَ عنّيَ بانَ العيشُ أجمعُه ... يَا ليتَ شِعْريَ مَنْ بالبَيْنِ أغراهُ
لولا نَسائمُ ذِكراه لأحرقني ... بَرْحُ اشتياقي إِلَى مَيمون لَقِيَاهُ
قَالُوا: أهلَّ هلالُ العيد، قلتُ ... لَهُم: لَا أعرف العيدَ إلا يومَ ألقاه
ورد إربل في شهر رجب (خ) من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وذكر إِنَّهُ مدح أَمِير المؤمنين المستنَصْر بِاللَّهِ- أعزّ اللَّه سلطانه- بقصيدة فيها قوله:
(الوافر)
هنالك دارُها فقِفِ المَطايا ... نُخصِّص رَبْع سُلْمى بالتَّحايا
وغَنَّ بذِكْرها طَرَبًا وشوقًا ... وبَشِّرْ بالمُنى قُلُصًا رذايا
ألا يَا حبَّذا تَلَعاتُ نجدٍ ... ورملة حيثُ قابلها الثَّنايا
وأنفاسُ الصِّبا ونَسيمُ رند ... وشمّ عرارها (د) وقتَ العَشايا
وأيّامٌ ركبتُ اللهوَ فِيهَا ... بوادي زنْدَرَوُذَ (6) مَعَ الصبَّايا
قَالَ: «زندروذ أَصْبَهَانَ»
أخوض أمانيًا وأجُرُّ زَهْوًا ... بساحتها العَمائم والعَبايا
فما خفتُ العواذلَ فِي هواها ... وَلَا هِبتُ الطَّلائع والرَّزايا
/ ألا يَا سَلْمَ حتَّامَ التَّنائي ... وكمْ هَذَا التَّباكي والشَّكايا
نسيتِ عُهودنا بُربى زَرودٍ (7) ... وغادرتِ النَّصائح والوَصايا
جُفوني مِنْهُ داميةُ المَآقي ... ونَفْسي فيكِ صافيةُ الطَّوايا
فَمنْ يُنْهي إِلَى جارات بيتي ... وفِتيانِ العشيرة والفَتايا
بأنّي نلتُ بالزَّوْراء (8) عِزًّا ... ومجدًا فِي ذُرى وَزَر البرايا
بمدحِ خليفة اللَّه المُفدى ... مُطاعِ الخَلْق مَرِضيَّ السّجايا(1/436)
هُوَ المُستنَصْر الْمَنْصُور حقًّا ... هُوَ ابْن جُلا وطلّاع الثّنايا (ذ)
بِهِ الإقبال مُكتحلُ المآقي ... بِهِ العلياءُ مُبتسمُ الثَّنايا
تَبَسَّمُ عَنْ أسِرَّته الأماني ... وتكمُنُ فِي أسنّته المنايا (ر)
وَفِيهَا مَوَاضِع فِيهَا نظر «2»
أَنْشَدَنَا أَبُو الرشيد عَبْد الرشيد بدار الْحَدِيث لِنَفْسِهِ، فِي يَوْم الاثنين رابع جمادى الأولى (س) سنة ثمان وعشرين وستمائة بإربل: (الطويل)
أسُكَّانَ نجدٍ إنْ أقمتمْ عَلَى الهَجْرِ ... فإنّي قَد وطَّنتُ نفسي عَلَى الصَّبرِ
وإنْ نقضْت فيكمْ عُهودي يدُ النَّوى ... فعندي لكمْ حُسْن الْوَفَاءِ مَدى العُمْرِ
أروحُ وفي قلبي تَباريحُ صَبوةٍ ... وأغدو وفي جَنْبي لواعجُ من جَمْرِ
خيالكُمُ نَصَبَ النَّواظر فِي النَّوى ... وودّكُمُ بَيْن الحَشا أبدَ الدَّهرِ
فؤادي لديكمْ عِنْد غانيةٍ لها ... نواظرُ تُزري بالصَّوارم والسُّمرِ
خسرتُ لعَمْري فِي هواها لأنني ... تعوضَّتُ من عَيني العَقيقَ عَنِ الدُّرِّ
لَقَد كنتُ أبكي والَّلآلي حَلْيتَى ... فها أنا أبكي والعقيق على نحري (ش)
فيا قوت قلبي إن ياقوت ناظري ... دم سال من بين الجوانح والصّدر (ص)
/ فإنْ قلتَ ياقوتٌ أصبتَ وإنْ ... تقلْ عقيقٌ فما فيه معاب لذي (ض) حِجرِ
يقَوْلون لِي: صبرًا عَلَى مضَض النَّوى ... كأنّ قلوب العاشقين من (ط) الصَّخرِ
وكيف أُسرُّ الوَجْد والدّمعُ فاضحٌ ... وأحْلى الهوى مَا كَانَ جَهْرًا عَلَى جَهرِ
وقرأها (ظ) عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الْحَافِظ بدل بْن () أَبِي المُعَمَّر فسَمِعْتُهَا:
أبى الصبرَ قلبٌ بالصَّبابة مولعٌ ... ونشْوةَ حبٍ دونها نشوةُ الخَمْرِ(1/437)
فإنْ تعذُراني فالهوى ليَ عاذرٌ ... وإنْ تعذُلاني زدتُ سُكرًا عَلَى سُكرِ
يُرنحني خمرٌ وجَمرٌ من الهوى ... فَلَا حَمَدتْ خمري وَلَا خَمدتْ جمري
مُهفهفةٌ ترنو بألحاظِ شادنٍ ... وتُسفرُ عَنْ وردٍ وتبسمُ عَنْ دُرِّ
بدا ثغرُها لمّا بدتْ بحديثها ... فمن لؤلؤٍ نظمٍ ومن لؤلؤٍ نثرِ
وما خِلت أنَّ الدُّر يخرج تارةً ... من الدُّر لولا مَا بعينيكِ من سِحرِ
فأيّهما (ع) أحلى وأكثر عاشقًا ... أدرك أم دري، وسحرك أم سحري (غ) ؟
وأيّهما (ع) أندى وأوسع نائلا ... ندى شرف للدين (ف) أم لجّة البحر؟
أبي البركات (ف) المُرتَجي- دام ظله- ... أخي الكرم، ابْن الجُود في العسر واليسر
مبارك (ف) وجه يمنه متهلّل ... وموهوب (ق) مالٍ فِي الورى دائمِ القطْرِ
تملّكَ واستوفى (ك) نصابَ كماله ... وأحسنَ واستولى عَلَى نُوَب الدَّهرِ
هو الصّدر (ل) للإسلام والظُّهر للهُدى ... فبُورك من صدرٍ وبُورك من ظهر (م)
هُوَ الفاضل الرَّيان فضلًا ونائلًا ... هُوَ الماجدُ المذكور في الخلق بالحرّ
إلى رأيه (ن) العالي مآل مؤمّل ... لدى حاجة عدرا (ر) أو حادثٍ نُكْرِ
لَهُ العزمُ تنجابُ الخُطُوبُ لضوئه ... كَمَا انجابت الظَّلماء عَنْ وضَحَ الفَجر
/ لَقَد خَلَقتْ كفّاهُ للنّاس آيةً ... فيُمْناه من يُمنٍ ويُسراه من يُسرِ
هما أبحرٌ عشرٌ (لا) وفي الأرض سبعةٌ ... تفيض وتطفو والكمالُ مَعَ العَشرِ
أيا زينة الدُّنيا ويا نَجْعةَ الورى ... ويا عُدّة الرّاجي ويا عُصْرة العَصْرِ
وقفتُ على تنقيح ذا النظم ليلة ... وفكّرت حتّى كدت أغرق (ى) فِي الفِكرِ
فجاءت عروسٌ تنْجلي وجناتها ... تغار عَلَيْهَا كلُّ غانيةٍ بِكْرِ
مُخدّرةٌ يَعْرى عَنِ الحَلْي جِيدُها ... قريبةُ عهدٍ بالبُروز من الخِدْرِ
شقيقةُ دُرٍ تبتغي مَهْر مِثلها ... وَلَا بُدَّ للمخْطُوبة البِكْر من مَهْر
وَلَا مهرَ إلا حسن تربيتي (أأ) بها ... لدى حضرة السّلطان (أب) فِي مَنهجِ البِّر
إِذَا اهتمَّ مولانا بسعيٍ مُعجَّلٍ ... فليس عجيبًا من فضائله الغُرِّ
فقد غبتُ عَنْ قومي سنينَ وقصّتي ... يُجادل عَنْ إيرادها ألْسنُ النَّثرِ(1/438)
أُسرتُ لدى الإفرنج بالرُّوم مدةً ... فأنقذني لُطف الإله من (أت) الأسْرِ
نصارى ولكنْ فيهمُ فرْط رِقةٍ ... وطولُ بكاءِ اللَّيْل بالأدمُعِ الغُزْرِ
إِذَا سمعوا الْقُرْآن صاحوا وأنصتوا ... وحنّوا حنينًا هاجه شدّةُ الذُعر
فخلَّوا سبيلي والعجائبُ جمةٌ ... وألطافُ ربي لَا يَقُوم بِهَا شُكْري
أعود إِلَى أرضي وماليَ عُدَّةٌ ... سوى فضلك الفيّاض والكرمِ الوَفْرِ
إِذَا مَا اشترى الحرُّ العبيدَ بماله ... فأنت الذي تستعبدُ الحرَّ بالبِشْر
أيا ناشرَ النَعْمى ويا طاويَ الأذى ... نشرتَ بلا طيٍّ، طويتَ بلا نَشْر
وقفتُ بناديك الرَّفيع فأشرقتْ ... وجوهُ رجائي من مكارمك الزُّهر
إِذَا كنتَ مأمولي فخيرٌ مُؤملًا ... وإنْ كُنْتُ ممدوحي كفانيَ من فَخْر (هـ)
/ فضلتَ عَلَى أَهْل الفضائل والعُلا ... بهمَّتك العلياءِ ونائِلك الغَمْرِ
كَمَا فضل البدرُ المنير عَلَى السُّهى ... وطمَّ الخضمُّ المستطيلُ عَلَى النَّهر
فخذْ يا ابن موهوب (ف) ثنائي ومِدْحتي ... فما فِي بني الْأَيَّام مِثلُك من حُرِّ
وإني فِي نظمي إليك كمُتحفٍ ... إلى البصرة النّوع الرديء من التّمر
على أنّني حاشاي (أث) لستُ بشاعرٍ ... وإنْ كَانَ شِعري بالمناقب لَا يُزري
فعندي فنونُ الْفَضْل إِن شئتَ فامتحنْ ... فبعضُ خفايا الشَيْء يظهر بالسَّبر
بقيتَ- وَهَذَا للورى غاية الدُّعا- ... ودُمتَ دوامَ الفَرقَدين مَعَ النِّسر
إِلَى أنْ ينال العينُ مثلكَ فِي الدُّنا ... وذلك شَيْء لَا يكون إِلَى الحَشْر
ووقفني أبو الفتح مُحَمَّد بْن بدل بْن أَبِي المُعَمَّر عَلَى مجلدة صغيرة فيها شعر الحسن ابن عَلِيّ بْن أَحْمَد المَاهَاباذي (9) ، قرأه عَلَيْهِ أَبُو الحسن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ النيسابوري (10) ، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ خَطِّهِ فِي رَبِيع الآخر من سَنَة سبع وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وأَجَازَ لَهُ إِجَازَة مطلقة. وَقَد انتحل أَبُو الرشيد عَبْد الرشيد بْن أَبِي طَاهِر الْأَصْبَهَانِيّ مِنْهَا أَبْيَاتا (أج) ، منها قوله: (الطويل)
لَقَد كنتُ أبكي والَّلآلئ حَلْيتي ... فها أَنَا أبكي والعقيق على نحري (أح)(1/439)
فيا قوت قلبي إن ياقوت ناظري ... دم سال ما بَيْن الجَّوانح والصَّدْر
وكيف أُسرُّ الوَجْد والدّمعُ فاضح ... وأحلى (أخ) الهوى مَا كَانَ جَهْرًا عَلَى جَهرِ
يقَوْلون لِي: صبرًا عَلَى مضَض النَّوى ... كَأَنَّ قلوبَ العاشقين من الصَّخرِ
وَغَيْره قَوْله:
إِذَا كنتَ لِي كنزًا فحسبيَ وَفْرَةً ... وإنْ كنتَ لِي ظهرا فحسبي من فخر (هـ)
/ مما تقدم فِي قصيدته، وَأَخَذَ قَوْله:
أيا ناشر النعمى ويا طاوي الأذى ... نشرت بلا طيٍّ، طويتَ بلا نَشْر
إِذَا مَا اشترى النّاس العبيد بمالهم ... فأنت الذي يستعبد الحرّ بالبرّ
فضلتَ عَلَى أَهْل الفضائل والعُلا ... بهمَّتك العلياءِ والنّائل الغمر
كما فضل البدر (أد) المنير عَلَى السُّهى ... وطمَّ الخضمُّ المستطيلُ عَلَى النَّهر
وَأَخَذَ أَبُو الرشيد بْن أَبِي طَاهِر من شعر الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الماهاباذي أبياته التي أولها قوله: (البسيط)
لم ترتدي شجر (أذ) الوادي وترعاه ... ظبي اللِّوى وقلوبُ النَّاس مَرعاهُ
وكيف يأوي إِلَى غبراء ما حلة (أر) ... وفي حَشا كلِّ سامي الطَّرف مَأواهُ
فليرعَ قلبي فإنَّ القلب مَرْتعهُ ... وليشربنَّ دموعي فهيَ سقياه
ظبي يصدّ غنى عنّا (أز) فيقتلُنا ... ولو يشاءُ لأحيانا مُحيّاهُ
لَهُ نوافثُ سِحرٍ من لواحظهِ ... يقلنَ للنّاس إيّاكُمْ وإيّاهُ
رُضابهُ الشَّهدُ لكنْ عزَّ موردهُ ... وخدُّه الوردُ لكنْ عزَّ مجناهُ
لَا تحسَبوا الدُّرَّ حبًّا ضمه صدف ... ما الدر عندي إلا ما حوى فاهُ
كَذَا فِي النسخة: «حوى» .
نصفان غصن ودعص راق (أس) حُسنُهما ... فالدَعْصُ أسفله والغُصنُ أعلاهُ(1/440)
قَالُوا: فأيُّ بديعٍ من محاسنهِ ... أحلى؟ فقلتُ لَهُم: عيناهُ عيناهُ
وَمِنْهَا قَوْله:
قَالُوا: أهلَّ هلالُ العيد، قلتُ لَهُم: ... لَا أعرف العيدَ إلا يومَ ألقاهُ
أو يومَ ألقى فتى الفتيان تفعُمُني ... من عَرْف مَعروفِهِ الْمَعْرُوف رَيَّاهُ
321- قاضي السويداء ( ... - بعد سنة 628 هـ)
أَبُو المجد، أسعد بْن أَبِي الفَهْم بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْن أَبِي الفَهْم الكناني (1) الحَرَّاني، الحاكم بالسُّوَيْداء (2) . /وَرَدَ إِرْبِلَ فِي خامس عشر رَبِيع الْأَوَّل من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، رسولا إلى الفقير إلى الله- تعالى- أبي سعيد كوكبوري بن علي، أنشدني (أ) عنه: (البسيط)
رحلتُ عنكمْ وَقَد خلَّفتُ عندكمُ ... قلبًا يُهيجُ لَهُ التذكار بَلْبالا
يَا مَنْ جفونا وأولَوْنا مُقاطعةً ... نسيتُمونا وعهدُ البُعْد مَا طالا
لَا تحسبونا تبدَّلنا بغيركمُ ... الحبُّ باقٍ وذاك الوَجْدُ مَا زالا
هل تذكرونا عَلَى بُعْدِ الدِّيار ... كما نهذي غدوّا بذكراكم وآصالا؟
إن قدر الله أن الدار تجمعنا ... أُبدي لكم من صفات الوَجْد أحوالا
(الطويل) (ب)
ذهبت أداوي سقم جسمي وأبتغي ... حكيما (ت) عليمًا بالعِلاج وبالطِّبّ
فعارضَني بَرْح من الشوق زادني ... سَقامًا عَلَى سُقمي وكَرْبًا عَلَى كَرْبي
وَقَد كنتُ أشكو علّة الجسم وحده ... فقد صرت أشكو علّة الجسم (ث) والقلب
(الكامل) (ب)
يا نازحًا أدْنى بيومِ نُزوحهِ ... منّي المنيَّةَ حين أقْصى الرُّوحا
لَو كنتَ تعلم وحْشةً بي أورثتْ ... قلبي الجَّوى والوَجْد والتَّبريحا
مَا كنتَ تُزمِعُ رحلةً عَنْ أرضنا ... طولَ الزّمان وَلَا تحبّ نزوحا(1/441)
(البسيط) (ب)
إنّ الوزير ضياء الدِّين (3) مدّ يدًا ... بيضاء جلّي سناها غيهب الظّلم
فأنتاشني جابذا (ج) ضبعي بِهَا وحنا ... عليَّ مثل الحميم الواصل الرَّحم
سباقُ غاياتِ مجدٍ كلما رُفعت ... راياتُ حمد حوتها راحة (ح) الكرمِ
تكملت فِيهِ شتى المكرمات ... كَمَا تكملتْ قبله فِي سيد الأممِ
.. بالقرائن كُلّ عارفه (خ) ... ومالك الرّق والآلاء والنّعم
(البسيط) (ب)
/ ترى هل يقرُّ اللَّه عيني بقربكم ... ونحظى بجمع الشَّمل فِي هَذَهِ الدّنيا؟
وإني لأخشى أنْ أموتَ وَلَم تقرْ ... برؤيتكم عيني، ومن لِي بأنْ أحيا
أحنُّ إليكم لوعةً وصبابةً ... وعندي لكم من فرط وجدْي بكمْ أشيا
322- عَبْد القاهر (أ) بْن الْحَسَن ( ... - بَعْد سَنَة 629 هـ)
عَبْد الْقَاهِرِ بْن الْحَسَن بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد (1) ، إِلَى هنا ذكر من (ب) نسبه، وذكر أَنَّهُ من بني السَّمين (2) ، فَقِيه موصلي، ورد إربل في شهر ربيع الأول من سَنَة تسع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. شاب أشقر رَبْعة، ناولني بخطه رقعة يذكر فيها عمّال دار الْحَدِيث بِالْمَوْصِلِ- وَهِيَ معرّاة من نقط-، وأنشدنيها:
(الطويل)
وعُمّالها سدّوا المَسالك كلَّها ... وَلَا مُصلحٌ للحال إلّا الدّراهم
وصالوا ومالوا واصطلوا (ت) كلّ وارد ... وما المسلم المحروم إلّا المسالم
وو الله لَم أسألْ سواك لحالةٍ ... أُؤمِّلها والحرُّ للحرِّ راحم
وفيها (ث) وسبيلها سبيل الأولى: (الخفيف)
أهّلك الله للمكارم والسّوء ... دد والحمدِ والعطاءِ المُكمَّلْ
وحماكم كَمَا حمى اللَّه الرُّسل ... وأعطاك كل أمرٍ مسهّل(1/442)
مَا سطا أسمرٌ وصالَ حسام ... وسرى مُسرعٌ لأمر وهرول
ونقلت من خطه: (الكامل)
وحياةِ رأسك وَهُوَ مثل المُصحفِ ... عندي، ولولا حقّه لم أحلف (ج)
إنّي على عزم المسير صبيحة ال ... اثنتين بَعْد غدٍ بغير توقُّفِ
والصبرُ والزَّادُ المُعدُّ لأنّني ... بلقاء مولانا معد المتلف (ح)
«لَا زالت أيامه مواسمَ الجُّود، ومعالمَ الوفود، ومناظم عقود الجدود، وملاحم كيد العدوّ (خ) / والحَسود، حتّى تصبح القلوبُ عَلَى ولايته عاكفه، وفواضلُ أياديه عَلَى مُؤمِّليه عاطفه» . كتبها يَوْم السبت خامس عشر رَبِيع الْأَوَّل سَنَة تسع وعشرين (د) .
ونقلت من خطه: (الطويل)
إذا المدقع الملهوف لم يغش منهل ال ... - كرام (ذ) فأينَ المتَّكا والمعوَّلُ؟
وإنْ هُوَ لَم يأملْ نداه فمن ترى ... يؤمّله في النّائبات ويسألُ؟
وما منعَ العبدَ المقرَّ برقِّه ... عَنِ السّعيّ إلّا خوفه أن يثقل (ر)
كَذَا بِخَطِّهِ: «أَن يثقل» ، وإصلاحه: «إلا خوفه لَا يثقل» .
323- ابْن الغُتْمي ( ... - بَعْد سَنَة 631 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد الْعَزِيز بْن مَنْصُور بن علي بن حامد الموصلي (1) ، يعرف بان الغُتْمي- بالغين المعجمة المضمومة، والتاء المثناة أعلاها الساكنة-، وَلَا أتحقق هَذَهِ النسبة (2) . وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَجَب من سَنَة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
عدل من عدول الموصل والمدبرين عند قضاتها.
أنشدني لنفسه، يمدح الأمير أبا الفضائل لؤلؤ بن عبد الله والي الموصل:
(البسيط)(1/443)
الحمدُ لِلَّهِ زال الخوفُ والحذرُ ... وأقبلتْ نحوك الآمالُ تبتدرُ
يَا أصْوبَ النّاس آراءً وأرهفُهم ... عزما (أ) وأوسعهم عفوا إذا قدروا
وحد (ب) من هو في يوم العطا أبدا ... ودونه البحرُ ذو الَّتِيار والمطرُ
ومَنْ سما فوق أبناء العُلا وحَوى ... من المناقبِ مَا لَم يحوهِ بشرُ
ومن صفا لظماء الخلق موردُه ... فالحمد لله لا نزر ولا كدر (ت)
/ ومن أتى خيفةً يبغي مراحمه ... ويطلبُ الأمن جيش العجم والتتر
وكان قد غرّهم قبل اللّقا طمعٌ ... فقدّروا ضدُّ مَا يختارهُ القدرُ
وكيف يُغلبُ جيشٌ يهتدي بسنا ... بدر (ث) إِذَا جاد أدْنى جوده البدرُ
هُوَ المليك الّذي أضحى بصارمه ... وعزمه عسكرُ الْإِسْلَام يفتخرُ
لَو حلَّ بَيْن ملوك الأرض مستترًا ... سما عليهم فأضحى وَهُوَ مشتهر
أَبَا الفضائل يَا من عِنْدَهُ أبدًا ... زلات شعري إِذَا وافاه تغتفر (ج)
أشكو إليك لعلمي أنّ عدلك (ح) لي ... بغير شكّ من الأيّام ينتصر (خ)
حالًا متى عِلمُك السَّامي أحاط بِهَا ... جاءت إليَّ صروفُ الدَّهر تعتذرُ
أَنَا الّذي فيك عاتبت (د) القريض فما ... أشاع شعري إلّا مدحك (ذ) العَطرُ
ولي ببابك تشريفٌ أعدُّ مدى ... أيام غيبته عنّي وأنتظر
وكان في الصّيف يأتيني بلا طلبٍ ... فقد تأخر حتّى أدركَ المطر
وأرتجي منك مرسوما تكمّله ... بفروة مثلها للبَردِ تدَّخرُ
وأنت يَا واهبَ الدُّنيا بِمَا علقت ... مطامعي كافلٌ أَن يحصل الوَطَرُ
أنالكَ اللَّهُ مَا ترجو وَلَا قعدتْ ... عَنْكَ السَّعادةُ والتأييدُ والظَّفرُ
وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، يذكر موضعا بناه لؤلؤ بن عبد الله البدري (ر) ويصفه:
(الطويل)
كذا ما هدت ركبا سرى أنجم (ز) زُهْرُ ... تُناط بك العلياءُ والنهيُّ والأمرُ
وتبلغُ مَا أدناه أسمى من السُّهى ... وتخدمُ مَسعاكَ السّعادة والنّصر(1/444)
وتهنى بك الأيّام طرّا ويعتلي ... بك الدّهر والأيامُ والصّوم والفطرُ
صح من جود المليك........ ... ........... (س)
وتمنحك الدُّنيا بعز مخلّد ... يدوم عَلَى عَلْياك مَا طلعَ الفجرُ
ومُلِّيتَ بُستانًا جرى فِي غروسه ... وبركته لما حللت به بحر
ولا مست من أشجاره كُلّ مَا ذوى ... فأينعَ واهتزَّت بِهِ ورقٌ خُضْرُ
وراق لعين النّاظرين رِواقُه ... المديد ومَدٌّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ جزْرُ
تُسافر فِيهِ العينُ حتَّى لَو أنَّها ... تروم صلاةً فيه جاز لها القصر
وأنشدنا لنفسه، يذكر حريقا وقع في بعض الخزائن: (الكامل)
لمَّا رحلتَ عَنِ الْبِلاد تغيَّرت ... وبَدت عقيبَ صفائها الأكدارُ
فَمِنَ الخزائن مَا لحَرِّ فراقك احت ... رقت وشبَّ بجانبيها النَّارُ
وعلا فلولا أَن تعاجلَ كفَّهُ ... كفُّ المليك وجُوده المِدرارُ
آليتُ مِنْهُ عجائبًا تسري بِهَا ... الرُّكبان أو تتحدَّثُ السُّمارُ
هَذَا وَكَانَ تمامُ مَا لاقى الورى ... من بعدكم مَا حاول الكُفّارُ
فالدينُ لولا أَن تباين سعدهُ ... لَم يضمحِلَّ وَلَا علاهُ غُبارُ
وكذلك لولا نور طلعة بدره (ث) ... لَم يبد فِي ذاك الظلام نهار
وَأَنْشَدَنِي لنفسه، يصف قصيدة له: (البسيط)
لَو جاء بشار (3) وَهِيَ تجلى ... عريانة صانها ببرد
وأنشدني لنفسه، وقد شرّف بجبة أطلبس حمراء مُعْلَمة فَلَمْ يَرَ لبسها، فَقَالَ يمدح سنبلا (4) دزدار (ش) الموصل، ويذكر ذلك: (البسيط)
مَا كَانَ كَعْبٌ وَلَا قَسٌّ ولا هَرِمُ (5) ... وَلَا رجالٌ إِذَا مَا خُودعوا كَرَموا
حازوا [الكثير] من المجد [الذي] (ص) خلدوا ... به وأعظُمُهُم تَحْت الثَّرى رِمَمُ
/ وما تنافست الأموال عندهم ... لمّا تنافست الأقدار والشّيم(1/445)
ومَنْ أَرَادَ جميل الذَّكْر أحرزه ... وما تقدَّم إِلَّا من لَهُ قدمُ
وأنتَ أشرفهم قدرًا وأحسنُهم ... ذِكرًا وأحلمُ مِنْهُم إِن هُمُ حَلَموا
ملكت رقّي بتشريفٍ بعثتَ بِهِ ... ليلا فأشرق وانْجابتْ بِهِ الظُّلَمُ
جلا العيون يُوافي غِلْسةً (ض) فَلَهُ ... بالشُّكر يُنْشرُ مَا بَيْن الورى عَلَمُ
لكنَّه بدم الأعداء مُنْغَمِسٌ ... وَلَا تحلُّ صلاةٌ والقميصُ دمُ
فإنْ جعلت تمامَ الحجّ لِي عوضًا ... عَنْهُ فأنت الصَّفا والرُّكنُ والحَرَمُ
لَا زلت تُولي المُنى راجيك مُبْتسمًا ... وأعظمُ الجّود أَن تُعطي وتبتسِمُ
324- أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِيّ (600- بَعْد سَنَة 630 هـ)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد مَنْصُور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ النَّابلسي (1) ، وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَعْبَانَ من سَنَة ثلاثين وَسِتِّمِائَةٍ. وَحَدَّثَنِي أَنّ مَوْلده بدمشق سنة ستمائة. شاب تاجر، قرأ على ابن عنين (أ) جملة من شعْره، وَهُوَ من أَصْحَاب الطباع، وعنده شَيْء من محفوظ أشعار.
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ فِي رَمَضَان من سَنَة ثلاثين، يقَوْله لبيِّع (ب) من أولاد مهاجر (ت) باع عنده متاع التجارة: (الطويل)
جبلتم عَلَى الإحسان آل مهاجر ... وحزتم رقاب الفخر والحمد والمجد
وجودكم قَد سار شرقا ومغربا ... وطبّق عرض الأرض (ث) غورا إِلَى نجد
غدوتم لجيد الدهر عقدا منظما ... بيسر وعز الدِّين (2) واسطة العقد
أيجمل أَن يحيا بجودكم الورى ... جميعا وأعرى مِنْهُ دونهم وحدي؟
وَكَانَ يَكْتُب خَطًّا حسنا. وَأَنْشَدَنَا جملة من أشعار أَبِي الْمَحَاسِن مُحَمَّد بْن نَصْر اللَّه ابْن/ عُنَيْن، سَمِعْتُ مِنْهَا عَلَى ابْن عُنَيْن بعضها.
حَدَّثَنِي، قَالَ: أَنْشَدَ الشَّيْخ أبو العباس أحمد بْن عَلِيّ بْن مَعْقِل المُهَلَّبي (3)(1/446)
ثُمَّ الأزدي أَبْيَاتا أنشدها الْإِمَام أَبُو اليُمْن زَيْد بْن الْحَسَن بْن زَيْد الكندي لِنَفْسِهِ:
(الطويل)
مضى أكثري فِي سعي دنيا مُضلةٍ ... وإنّ قليلي عن قليل (ج) لتابعُ
بَرَتْنِي يد الْأَيَّام حَتَّى لَو انبرت ... لحملي لَم أثقل عَلَيْهَا الأصابع
تنهكن جثماني فعدت كأنني ... من الرجز، البيت الذي هُوَ رابع
قَالَ ابْن مَعْقِل، فأنشدتُه حذوها، ولكن في غير المعنى: (المنسرح)
بأبي شادن شغفت بِهِ ... لما بدا سانحا (ح) عَلَى نشز
فسقت من أدمُعي سُحبًا ... يروى بِهَا ترب أرضه الجرز
لما بدا أولُ الطويل ... (خ) ... غدا الجسمُ آخر الرجز
قَالَ الْمُبَارَك بْن أَحْمَد: فِي هَذَا الشعر ردّ عَلَى الكندي، لأنّ رابع الرجز يقال له «المشطور» ، وخامسه- وَهُوَ الأخير- يقال لَهُ «المنهوك» .
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أنشدنا ابن معقل لنفسه: (المتقارب)
سقى بعلبك إِلَى جلق (4) ... من الغيث كُلّ سحاب هتون
فكم قَد لهونا بتلك الجنان ... الجنية فِي خفض عيش ولين
إِذَا مَا أغرنا عَلَى ثمرها ... وَقَد راح مشمشها فِي الكمين
رمتنا بنادق (د) من عسجد ... بأيدي النسيم قسي الغصون
325- الأثري الموصلي (583- 651 هـ)
هو عبد الكريم (أ) بْن مَنْصُور بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن جابر الأثري (1) ، وَرَدَ/ إِرْبِلَ، وما سمّع بها لأنه (ب) وردها وأقام بِهَا مريضًا، وَهُوَ مقيم بِبَغْدَادَ. كَانَ يَكْتُب فِي نسبته: «الْمَوْصِلِيّ الأثرِي» . نَقَلْتُ من خَطِّهِ وَكَتَبَهُ لِي الْمُبَارَك بْن أَبِي بكر ابن حمدان الْمَوْصِلِيّ إِلَى إِرْبِلَ فِي ذي القعدة من سنة(1/447)
خَمْس وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَد سَأَلْتُهُ عَنْ نسبه، وهل ورد إِرْبِلَ؟ فَقَالَ:
«وَهَذَا نسبي، أَبُو مُحَمَّد عَبْد الكريم بْن مَنْصُور بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن جابر، من «باوَشْنايا» ؛ قرية من أعمال الْمَوْصِل. ولدتُ فِي شَهْر رَجَب المعظم سَنَة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بباوَشْنايا (ت) بتاريخ فَتْح صلاح الدِّين- رَحِمَهُ اللَّه- بيت المَقْدِس- عمّره اللَّهُ بالأمن-. وأما كوني وردت إِرْبِلَ، فنعم، فإنّي جئت إليها من سِنِينَ، نزلت (ث) دار الْحَدِيث المظفرية للأمير سَعْد الدِّين بْن كي ارسلان (ج) بْن جكاجك بْن بكاجك أحد أشياخي- رَحِمَهُ الله، وأقمت بإربل أسبوعا، وكنت مريضا إذا ذاك فَلَمْ أسَمِّع فِيهَا شَيْئًا. وأما مَا كان من لقيت (ح) من الْمَشَايِخ للسَّماع عليهم، فَلَا أرى ذكره، وأسأل اللَّه العفو. وَقَد سَمِعْتُ بِبَغْدَادَ كثيرًا وبالشام، وَلَقِيَتُ جَمَاعَة من القُراء والفقهاء. وَقَد عملت هذه الأبيات بعد خروجك (خ) من بَغْدَاد مادحًا الأئمة الثلاثة، مَالِك بْن أَنَس الأصْبحي، ومحمد بْن إدريس الشَّافِعِيّ المُطَّلبي، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَل الشَّيباني- رحمهم الله- وهي هذه: (الرجز)
وقائلٍ عَبْد الكريم مَا لكا ... لَا تمدح الحبر الْإِمَام مَالِكا
وتمدح المُطَّلبي بعده ... وابن هلالٍ أَحْمَد الْمُبَارَكا؟
قلتُ لَهُ: اسمع مديحي (ذ) فِيهِم ... فإنني لست لذاك تاركا
/ وكيف لَا أمدح أشياخ الهدى ... وكلهم للحق كَانَ سالكا؟
أما الْإِمَام الأصبحي مَالِك ... فحبه للقلب أمسى مَالِكا
فَقِيه دار الهجرة المفتي بِهَا ... ناهيك عَنْ فخر لَهُ بذالكا
نجم الرواة ذو الوقار لَا ترى ... فِي مَجْلِس الْعِلْم لديه ضاحكا
طوبى لَهُ من رَجُل مؤيد ... بالحق قَوَّالٍ بِهِ طوبي لكا
والشَّافِعِيّ لست أَنَسى ذكره ... ألق لمدحيه خليلي بالكا
ذاك الشريف (ذ) العالم الحبر ال ... ذي مَعَ العلوم كَانَ برا ناسكا
حوى التقى والعلم غَيْر زائغ ... عَنْ سُنَّةِ المختار، فاعلم ذالكا(1/448)
جزاه ربي الْخَيْر عَنْ صنيعه ... وعظم الأجر لَهُ هنالكا
والثالث ابْن حَنْبَل أكرم بِهِ ... قدوة أهل الْحَقّ لَن يشاركا
فِي محنة الْقُرْآن (2) والضرب الذي ... لجسمه لِلَّهِ أضحى هالكا (ر)
لو أنّه أجابهم بقولهم (ز) ... تبدل الْإِسْلَام كفرًا حالكا
قام مقامًا لَم يقصه غَيْره ... وناصح اللَّه الكريم المَالِكا
فأعظم اللهم فِي جواركا ... فِي جنة الخلد لَهُ ثوابكا
وبلغ اللهم عنا أحمدا ... نبينا وآله سلامكا
وصحبه والتّابعين بعده (س) ... وكل عَبْد كَانَ من عبادكا
واغفر لِي اللهم ذنبي كله ... إِن لَم تجد كُنْتُ بجرمي هالكا
«وَقَد أجزت لك- أيها الأخ- أن ترويَ عنِّي هَذَهِ الأبيات بطريق الإجازة» .
وأول هَذَا الْكِتَاب: «من الخادم عَبْد الكريم للأَخ السَّيِّد الأديب/ الأَديب مبارك- بارك اللَّه لَهُ فِي دينه وخواتم عمله، ووقاه كلّ مكروه ومحذور، وفعل ذَلِكَ بكل مُسْلِمٍ ومسلمة آمين-، لَا شك فِي محبته، وصفاء مودته: (الكامل)
وَإِذَا شككت من امرئ فِي وده ... فاسأل فؤادك عَنْهُ فهو خبير
«ذكر لِي الأخ جمال الدِّين (3) - وفقه اللَّه- إنك أنفذت إِلَيْهِ تطلب نسبي، وهل وردت إربل؟، وتطلب ذكر من لقيت من المشايخ واستفدت منه (ش) وسمعت عليه؟. وها أنا ذاكر الذي أمكن ذكره فِي هَذَهِ الورقة.
وقصدُك- أيها الأخ- تنويه ذكري لمحبّتك، والويل لِي، ثُمَّ الويل لِي إنْ لَم ينّوه اللَّه بذكري بَيْن قبيل أَهْل «السعادة» . فليس الشَيْء المُتَنافَس فِيهِ إلا ثَمَّ من سُكنى دار القرار ومجاورة الجبّار. وَقَد حكى لِي شَيْخ من مشايخي- وَكَانَ عَلَى(1/449)
قدم الخائفين الخاشعين- قَالَ: رَأَيْت شَيْخِي أَبَا الْبَرَكَاتِ الطَنْزي (4) - وَكَانَ شَيْخِي هَذَا من طَنْزة (5) أَيْضًا نسبيا لأبي الْبَرَكَاتِ، واسم شَيْخِي سَعْد بن علي ابن كركوش (6) - قَالَ: رَأَيْت أَبَا الْبَرَكَاتِ فِي المنام، فقلتُ: أين أَنْت؟، فَقَالَ: فِي مَقْعد صِدْق عند مليك مقتدر (ص) . فَاللَّهُ يُسعدنا، وَعَن رحمته لَا يُبعدنا. ويرزقنا فِي الحياة بِمَا درج عَلَيْهِ السَّلف الصَّالح. وَهَذَا نسبي: أَبُو مُحَمَّد عَبْد الكريم بْن مَنْصُور بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بْن إبراهيم (ض) بن جابر» ، ووصله بما تقدّم (ط) .
أَنْشَدَنِي الْمُبَارَك بْن أَبِي بَكْر بْن حمدان، قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الصّالح أَبُو مُحَمَّد، عَبْد الكريم بْن مَنْصُور بْن أَبِي بَكْر الْمَوْصِلِيّ لنفسه، وكتبه/ الى كمال الدين أبي الكرم مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مهاجر الْمَوْصِلِيّ (ظ) : (الكامل)
أكمال دين اللَّه عش فِي رفعة ... وسيادة وسعادة تتجدد
فِي حفظ رب العالمين وصونه ... عَنْ كُلّ مَا أمل الحسود الأبعد
يسدي إِلَى أَهْل العفاف عوارفا ... ومكارما فِيهَا يؤم ويقصد
وهب الإله لك التّقى ووقاك مك ... روه الدّنا وكلاك مولى (ع) يعبد
وأقر عينك بالمعين (7) وحاطه ... من شر ذي شر وعين تحسد
وأناله حفظ الْكِتَاب وفهمه ... ومن العلوم سواه مما يحمد
خذها أبيّات امرئ ما شأنه ... صوغ القريض (غ) وَلَا لَهُ يتعمد
داع لكم بالصالحات مواصل ... للمسلمين نداكم يتفقّد (ف)
ما رغبتي في حاجتي (ف) من رغبة (ق) ... عندي لدنيا بل بِهَا أتزهد
قصدي زراعة ما يحلّ لطعمة ... مرضيّة عند (ك) امرئ يتعبد
واللَّهِ لولا ذا لخضت كخائض (ل) ... فِي كُلِّ مورد شهوة تتورد
لكنني أخشى الإله ومقته ... وعقاب زلات لها يتوعد
جاد الإله عَلَى الْجَمِيع بجوده ... فضلا فذالكم الإله الأوحد (م)(1/450)
صلّى على من بالمدينة قبره ... ذاك النيّ أَخُو المحامد أَحْمَد
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا قَوْله على طريقة اهل المعرفة (ن) : (السريع)
عاص هوى نفسك يَا عاصي ... وادن من الخيرات يَا قاصي
لَا تغفلن عَنْ ذكر مولى (و) الورى ... وليكن الذكر بإخلاص
وَأَنْشَدَنِي، قَالَ أَنْشَدَنِي لنفسه: (المديد)
/ تب عَلَى عَبْد لَهُ عمل ... لَو بِهِ جازيته هلكا
غافل عما يراد بِهِ ... مسلك العاصين قد سلكا (هـ)
هَذَا الشَّيْخ الأثري، رأيته مَعَ مودود بْن كي أرسلان (لا) بِإِرْبِلَ بدار الْحَدِيث، وَلَم أُنبّه عَلَيْهِ فاجتمع بِهِ اجتماعي بغيره ممن عرفته أو عُرِّفته، فأستنشده من شعْره مَا هُوَ غرض هَذَا الكتاب (ى) .
وَحَدَّثَنِي الْمُبَارَك بْن أَبِي بَكْر بْن حمدان الْمَوْصِلِيّ أَنَّهُ من أَهْل الْخَيْر والورع والدين والصَّلاح، استظهر الْكِتَاب الْعَزِيز، وَقَرَأَ النحو وَالْفِقْه، وَسَمِعَ الْكَثِير من الْحَدِيث، وَلَم يُرَ مثله فِي انقطاعه وقناعته عَلَى مَا عِنْدَهُ من مسيس الحاجة.
واللفظ لِي.
326- خلف الكِنَّري (545- 627 هـ)
هُوَ أَبُو الذُّخر خلف بْن مُحَمَّدِ بْنِ خلف الكِنَّري الْعِرَاقِيّ (1) ، يعرف بجابي العقار. سَمِعَ الْحَدِيث عَلَى جماعة من مَشَايِخ الْمَوْصِل وَغَيْرهم. فيه خير ودين، مقيم بالموصل. سمع محمود اللبّان (أ) وأبا منصور (ب) بْن مكارم المُؤَدِّب، ونَصْر اللَّه بْن سلامة الهيتي، وأبا الفرج الثقفي (ت) ، والبلدي (2) الشّروطي.(1/451)
327- ابن زنزف ... (أ) الْبَغْدَادِيّ (القرن السَّادِس- السَّابِع)
................. (1) الْبَغْدَادِيّ. وَرَدَ إِرْبِلَ وحدَّث بِهَا.
أَنْشَدَنِي عَنْهُ منشد فِي الباذنجان: (الطويل)
ودوحة إبذنج تأملت حسنها ... لها منظر يزهو بغير نظير (ب)
/ وقد لاح في أرجائها فكأنّه (ت) ... قُلُوب ظباء فِي أكف صقور
328- ابْن بزوان ( ... - بَعْد سَنَة 641 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاس بن بزوان (أ) بْن طرخان بْن بزوان بْن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْن المُعَمَّر الشَّيباني الْإِرْبِلِيّ (1) . سَمِعَ معنا الْحَدِيث، وقدم بَغْدَاد وَالْمَوْصِل، وَسَمِعَ عَلَى رجالهما. رقيق الحال لا يملك بيت (ب) ليلة، حسن القراءة للحديث.
أنشدني لنفسه: (الوافر)
ذر الدّنيا (ت) وَلَا تَغتَّر فِيهَا ... بصُحبة صاحبٍ ووِدادِ خِلِّ
وكنْ فردًا تعشْ فِيهَا حميدًا ... وَلَا تركن إِلَى ولدٍ وأهل
ففي الْأَوَّلاد متعبة، وعز ... الأهل مقرون بذلّ
وانشدني «2» لنفسه (الكامل)
هل أَنْت بَعْد الظاعنين صبور ... هيهات صبرك والفؤاد (ج) عقير
عهدي بدمعك وَهُوَ قبل فراقهم ... خوفًا من البين المشتّ غزير(1/452)
والآن حق لك البكاء وإنني ... لك لَو بكيت دمًا إذًا لعذير
إِن المحب إِذَا نأى محبوبه ... أو صدّ عَنْهُ بالحمام جدير
وَمِنْهَا:
يَا من كست شمس الضحى من نورها ... فلذاك لَم يغلب (ث) عَلَيْهَا نور
وأعارت الهندي فتك لحاظها ... فلذاك تحكم فِي الطلي وتجور
لَا تسمعي قَوْل الوشاة فإنّه ... حسد عليك (ح) لمن يحبك زور
مَا رمت أَن تهنى لعيني الكرى ... إِلَّا عسى طيف الخيال يزور
329- الْخَطِيب الكرخيني (501- 601 هـ)
هُوَ أَبُو الْحَسَنِ/ عَلِيّ بن عمّار بن علي بْن جميل بْن صَالِح بْن عُثْمَان بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بْن عمير بْن عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف الزُّهري القُرشي (1) ، خَطِيب الكَرْخيني. أصله من رَاذان العراق (2) ، ولد بكَرْخيني، وحفظ الْقُرْآن.
أَنْشَدَنِي وَلَده عَبْد المؤمن بْن عَلِيّ (3) ، قَالَ: أَنْشَدَنِي والدي لِنَفْسِهِ فِي الْفَقِير أَبِي سَعِيد كوكبوري يعرّض بيوسف (4) بن لبد الحبل (أ) وكان والى كرخينى (ب) : (الوافر)
ألا يا أيّها الْمَلِك المطاع ... ومن ذلت لسطوته السباع
بكرخييننا (ث) أسد ضري ... أَخُو بأس يقال لَهُ الشجاع
يناصحكم مناصحة بصدق ... وأوفر همّة (ث) لَا تستطاع
تكاد القلعة العلياء تسمو ... بِهِ لَو قبلها سمت القلاع
كَأَنَّ تجاوب الحراس فِيهَا ... مثاني العود حركه السماع
فدم- لَا زال ملكك فِي دوام- ... عَلَى الْأَيَّام لَيْسَ له انقطاع(1/453)
وأنشدني، قال: أنشدني والدي لنفسه: (المنسرح)
زار وجيشُ الظلام مفلول ... وسيف نجم الصباح مسلول
مهفهف صيغ من محاسنه ... فهو بماء النفوس مجبول
قَد كتب الْحَسَن فوق عارضه: ... كُلّ محب بالهجر مقتول
سرى بأنفاس مقلتي قمر ... منقوط حدّ العذار مشكول (ج)
هَذَا بيت فاسد المعنى، وَمِنْهَا:
يَا أيها المجد أَنْت من كرم ... ترجي إِذَا زادت الأقاويل
عزّ فهما (ح) عَلَى من لَيْسَ يفهمه ... علما فإن الغريب مجهول
/ وانعم وجد واغنم (خ) الثنا ثمنا ... إِن الورى فاضل ومفضول
تُوُفِّيَ أَبُو الْحَسَنِ يَوْم الجمعة، مُستهلّ شهر رَمَضَان سَنَة إِحْدَى وَسِتِّمِائَةٍ بالكَرْخيني، وبلغ عمرًا طويلاً.
330- نَصْر اللَّه الدِّمَشْقِيّ (606- 674 هـ)
هُوَ أَبُو الْفَتْح نَصْر اللَّه بْن عَبْد المنعم بْن نَصْر اللَّه بْن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جَعْفَر بْن حوارى التّنوخي الدمشقي (1) الحنفي. ورد [صحبة] (أ) والده (2) صغيرًا، ثُمَّ وَرَدَ إِرْبِلَ فِي صَفَرٍ من سَنَة سبع وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ لسماع الْحَدِيث بِبَغْدَادَ وغيرها حين استتم عذاره. سَأَلْتُهُ عَنْ مَوْلده، فَقَالَ: سَنَة سِتّ وَسِتِّمِائَةٍ بِدِمَشْقَ.
أَنْشَدَنِي لنفسه في ثامن صفر: (الطويل)
سألتكم بِاللَّهِ من مر مِنْكُم ... عَلَى جلق يقرا السّلام على أصحابي (ب)
ويخبرهم شوقي ووجدي وغربتي ... وإني كَثِير الاشتياق إلى أحبابني (ت)
فإن هجروني لَم أكن هاجرًا لَهُم ... وإن هُم نسوني كَانَ ذكرهم دابي
سلامٌ عليهم لَا تغير حسنهم ... وَلَا زالت الأرواح تخبرهم مَا بي
وَهَذَا شعر ترك إثباته أولى.(1/454)
331- أَبُو الْمُظَفَّر الواسطي (588- بَعْد سَنَة 625 هـ)
هُوَ أَبُو الْمُظَفَّر عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْقَاسِمِ أسعد بْن أَبِي المجد عَلِيّ بْن الْمُبَارَك بْن عَبْد الغفار بْن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بابن رشاده الواسطي الْوَاعِظ (1) . يرد إِرْبِلَ ويقيم بِهَا، فقير الحال. مَوْلده سحر يَوْم الثلاثاء ثالث عشر شوال سنة ثمان وثمانين (أ) وخمسمائة بواسطة القصب، وسألته عن تسميتها بذلك، فلم يجب بشيء (ب) .
أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ، فِي غلام اسمه حسن بْن مرجّى في شهر (ت) ذي الحجّة من سنة خمس وعشرين (ث) (المنسرح)
/ أفدى الذي كاسمه محاسنه ... من حادثات الزمان والمحن
بدر دجى كالقضيب قامته ... عِنْد التثني تهتزّ كالعصن
كُلّ عذاب الهوى بليت بِهِ ... وكل معنى للحسن في الحسن (ج)
أقسمت لَا زال عَنْ محبته ... قلبي وأَنَسى هواه فِي كفني
وكيف تسلو قلبي محبته ... وَهُوَ حياتي والروح فِي بدني
بِهِ اشتغالي عَنْ كُلّ شاغلة ... وَهُوَ مناي فِي السر والعلن
يَا ابْن مرجى أرجوك تسمح لِي ... مِنْكَ بوصل فالصبر عَنْكَ فني
تظفر مِنِّي بالشكر يَا أملي ... طول حياتي مَا عشت فِي الزمن
وَأَنْشَدَنَا، قَالَ: أَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ أَبِي (2) ، وَكَانَ كَتَبَهُ إليَّ من واسط وَأَنَا مقيم بجزيرة ابن عمر (3) ، صدر كتاب: (الكامل)
أحباب قلبي لَا الطلاقة بعدكم ... عندي وَلَا ذاك السرور بباقي
جهمت وجها كَانَ قبل فراقكم ... طلقًا وساءت بعدكم أخلاقي
قسمت قلبًا كَانَ غَيْر مقسم ... وأرقت دمعًا كَانَ غَيْر مراق(1/455)
نفدت (ح) عَلَى الإنفاق كُلّ ذخيرة ... ولأدمعي مدد عَلَى الإنفاق
دمعًا لو ان الورق تبكي شجوها ... يَوْمًا بِهِ عطلت من الأطواق
صبرًا عَلَى نوب الزمان فربما ... سمح الزمان برجعة وتلاقي
وأنشدني، قال: أنشدني أبي (خ) لنفسه: (الكامل)
أشكو إليك ومن صدودك أشتكي ... وأظن من شغفي بأنك منصفي
وأصد عَنْكَ مخافة من أَن يرى ... منك الصدود فيشتفي من يشتفي
/ توفي أبو القفم (د) في جمادى الآخرة من سنة ست عشرة وَسِتِّمِائَةٍ بواسط- رَحِمَهُ اللَّه-، كَانَ واعظًا فقيها شافعيًا مقرئا. سَمِعْتُ البيت الْأَوَّل يقَوْله الْفَقِير إلى الله- تعالى- أبو سعيد كوكبوري بن عَلِيّ قديما، وَأَنَا أشكُّ فِيمَا أَنْشَدَهُ ابْن رشاده جميعه.
332- أَبُو الْقَاسِمِ الْأَنْصَارِيّ (592- 662 هـ)
هُوَ مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن سُراقة الْأَنْصَارِيّ الأندلسي (1) من شَاطِبة (2) ، مَالِكي المذهب. ختم الْقُرْآن الكريم، وَسَمِعَ الْحَدِيث عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَر بْن كرم الدَّيْنَوَرِيِّ (3) ، وَأَبِي علي الحسن بن المبارك (أ) بْن مُحَمَّد الزَّبيدي (4) ، وَأَبِي الْفَضْلِ عَبْد السَّلَام بْن بكران (5) بِبَغْدَادَ. وَأَخَذَ فِي قراءة كِتَاب «البسيط» للواحدي (6) عَلَى أَبِي الْخَيْر بدل بْن أبي (ب) المُعَمَّر. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل سنة ست وعشرين وستمائة. أنشدني لنفسه.
(الطويل)
إِلَى كم أمني النفس مَا لَا تناله ... فيذهب عمري والأماني لَا تقضى؟
وَقَد مر لِي خَمْس وعشرون حجةً ... وَلَم أرض فِيهَا عيشتي فمتى أرضى؟
وأعلم أَنِّي والثلاثون مدتي ... حر بمغاني (ت) اللهو أوسعها رفضا
فماذا عسى فِي هَذَهِ الخمس أرتجي ... ووجدي (ث) إِلَى أوب من العشر قد أفضى؟(1/456)
فيا رب عجل لِي حياة لذيذة ... وإلا فبادرني إلى العمل الأرضا (ج)
عمّى (ح) له أبو علي حسن بن (خ) عَلِيّ بْن شَمَّاس الإربلي (7) بحروف وضعها عَلَى طريق الترجمة (د) ، قوله: (الخفيف)
تلك نعم لَو أنعمت بوصال ... لشكرنا فِي الوصل (ذ) إنعام نعم
فقال: (الخفيف)
بأبي من أَرَادَ خبرة فهمي ... بمعمى فديته من تعمي
/ فانجلي مَا عماه عَنْ بيت شعر ... محكم من أرق معنى ونظم
تلك نعم لَو أنعمت بوصال ... لشكرنا الوصال إنعام نعم
وأنشدني (ر) لنفسه: (الطويل)
لقاؤك عيدٌ بالنجاح بشير ... وتقبيل يمنى راحتيك حبور
بهاؤك فِي لحظ المواسم موسمٌ ... ونشرك في ريّا العبير عبير
وما عادنا من عيدنا غَيْر وافد ... يحول عَلَيْهِ الحول ثُمَّ يزور
لَهُ أمل فِي لثم يمناك (ز) مدرك ... وطرف بما (س) يرنو إليك قرير
سرى نحوكم مذ عام أول جاهدا ... يجوب عراض البيد وهي (ش) شهور
فبشراؤه (ص) في النّفس مل فؤادها ... سرورا وإن أعيت (ض) وطال مسير
وناجيت نفسي والهوى يبعث الهوى ... فطال (ط) بي التسويف وهو (ش) غرور
أأترك مُوسَى (8) لَيْسَ بيني وبينه ... سوى ليلة إنّي إذا لصبور (ظ)
فملت بودي وانحياشي وهمتي ... إليك وَفِيهَا عَنْ سواك نفور
وأيقنت إنّي إن (ع) أخذت بحبلكم ... عَلَى ريب دهري من أشَاءَ أجير
هما منثنى (غ) الأعناق نحو علائه ... كمالٌ بأهواء النفوس جدير
ينوب عَنِ الدر النفيس كَلَامه ... وما ناب عَنْ جدوى يديه بحور
إذا صفرت (ف) أيدي السحاب فكفه ... سحاب بآفاق السماح درور(1/457)
مولده (ق) بشاطِبة فِي رَجَب سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
333- أَبُو عَلِيّ الدَّكالي (594- بَعْد سَنَة 626 هـ)
هُوَ أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي مُحَمَّد عَبْد الصَّمَدِ (1) بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الحليم بْن أَبِي الحَرْث- بسكون الراء- بْن عتيق اللَّه/ بن يوسف الماجري الدّكالي (أ) ، مولده ومنشأه بمدينة تسمى «أسَفي» (2) عَلَى ساحل مراكُش (3) ، وَهِيَ آخر مراسي البحر المحيط (4) ، تصل إِلَيْهِ المراكب من بر الأندلس وغيرها من بلاد الشرق. ورد إربل في شهر ربيع الأول من سَنَة سِتّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ. شاب سَمِعَ الْحَدِيث بالمغرب وَغَيْره. سَمِعَ عَلَى أَبِي الْخَيْر بدل بن أبي المعمّر.
أنشدني لنفسه: (الطويل)
ألا مبلغ عنّي صحابي [بما رمت] (ب) ... النَّوى فِي فؤادي بعدهُم من عجائبِ
وخبِّرهم عني بأني بعدهم ... مُقيمٌ عَلَى ولائهمُ غيرُ ناكبِ
وإنّي وإنْ شطّت بنا الدّار ذاكرٌ ... فضائلهم ولست عنها بغائب
وأدّت (ت) رسالاتي خصوصا إلى التي بها ... تقتدي (ث) فِي الحُسْن كلُّ الكواعبِ
إليها انتمت فِي الوصف ليلى (ج) وعندها ... عفاف عن (ح) الفحشَاءَ وكل الأجانبِ
لديها فؤادي مُوثقٌ فِي حبالها ... تروحُ بِهِ وتغتدي غيرُ عازبِ
يُقلّبه فِي الحبِّ أيَّ مقلِّبٍ ... عَلَى بُعْدها مِنِّي بأقصى المغارب
بها إن ذكرتها (خ) أطيب وإن آتي ... بعيد المدى عَنْهَا طَوِيل المذاهب
بِهَا طاب عيشي فِي صباي وكلما ... يراد لديها تُغْنِ عَنْ كلِّ كاعبِ
تخالُ ضياءَ الشمس من حُسْن وجهها ... وبدرُ الدُّجى ثاو لها في الترائب (د)
تميتُ وتُحيي تارةً بسيوفها ... مُحدِّقةً من بَيْن حدّ الحواجبِ
وترمي بسهمٍ صائبٍ عَنْ لحاظها ... تُصيبُ بِهِ قلبَ المحبِّ المُصاحبِ
أيُرجى لنا فِيهَا التَّلاق فنرْتَجي ... أم الدَّهر حال بيننا والمطالب؟(1/458)
عَلَيْهَا سلامُ اللَّه فِي كُلّ بقعةٍ ... بِعدِّ الرِّمال والحصى والكواكب
وَهَذَا شعر ينبغي أَن يُطَّرح، ولكنّي كتبته لغرابة نسب قائله وبعد منزله. (الطويل)
/ يقيم الرِّجَال الأغنياء بأرضهم ... وترمي النوى بالمقترين (ز) المراميا (ر)
مَوْلده سَنَة أَرْبَع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
334- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيّ (603- بَعْد سَنَة 626 هـ)
مُحَمَّد بْن أَبِي المُنى مَنْصُور بْن دُبيس بْن أَحْمَدَ بْنِ دِرْع بْن أَحْمَد الْمَوْصِلِيّ الْوَاعِظ (1) الْمَعْرُوف بابن الحدّاد (أ) ، من أَصْحَاب إِبْرَاهِيم بْن الْمُظَفَّر بْن البَرْني (ب) . مَوْلده فِي شَعْبَانَ من سَنَة ثَلَاث وَسِتِّمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ، أمرد طَوِيل. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي رَبِيع الأول سنة ست وعشرين.
أنشد (ت) لنفسه: (البسيط)
حُيِّيتِ إِرْبِلُ من دارٍ ومن وطنٍ ... وَلَا تعدَّاك صَوْب العارض الهَتنِ
وطاب مِنْكَ نسيمُ الرِّيح فِي السَّحر ... الأعلى لأنَّك مأوى الإِلفِ والسّكن
وكيف لا أخلص الودّ الصّحيح لمغ ... ناك الأنيس- رعاك اللَّه- من وطن
وفي مغانيك ميّادُ القوام لَهُ ... لحظٌ يَغُلُّ سيوف الهند واليمن
مُبلبلُ الصِّدغ فِي أجفانه مرضٌ ... بِهِ إِذَا مَا رنا نحوي يُبلبلُني
نأى فجمَّع أحزانا يبلبلها (ث) ال ... بلوى ويُفرِّق بَيْن الجفن والوسن
واعتاض عني بِمَذْقٍ لَا وفاء لَهُ ... كأنَّه لَم يكن فِي الدّهر واصلني
فظلت [أهتف] (ج) من وجدي (ح) ... ومن أسفي: يَا ليت مَا كَانَ فِيمَا قبل لم يكن
وبالحمى جيرة (خ) شيلتْ حُمُولُهُم ... وخلَّفوني حليف الهم والحُزُن
يَا نازحين ولي من بعدهم كبدٌ ... تذوب شوقا وإذكار يؤرّقني(1/459)
استقبسوا نفسي إِن عازكم قبس ... ودمع عيني يغنيكم عَنِ المزن
335- ابْن الوَزّان ( ... - 594 هـ)
هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن الْحَسَن الواسطي (1) الْمَعْرُوف بابن الوَزّان، صوفي يطوف الْبِلاد/ ذو معرفة شَيْء من الأدب، ثُمَّ تركه وصار إلى التصوّف، ولزم التجريد (أ) إِلَى أَن مات بِالْمَوْصِلِ فِي جُمَادَى الأولى من سَنَة أَرْبَع وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، كَذَا أُخبرت عَنْهُ.
أَنْشَدَنِي الشَّيْخ أَبُو عَبْدِ الْقَادِرِ، عَبْد الْوَاحِد بْن بدر بْن أَبِي بَكْر خَطِيب الكرخيني (2) قَالَ: سَمِعْتُ ابْن الوَزّان ينشد لِنَفْسِهِ: (الطويل)
أنيخا بباب الدّير- حيّيتما- العيسا ... (ب) وحُطّا لنَلَقِيَ اليومَ روحًا وتَنْفيسا
وفي الدَّير حانوت وفيه قينة (ت) ... وَقَد ذكروا عَنْهَا تُضيفُ المفاليسا
طَرقنا عَلَيْهَا الحان (ث) فِي غلس الدُّجى ... عطاشًا وحتى بَرَّك الرَّكبُ تعريسا (ج)
فما فتحت حتّى تساقط كبرنا (ح) ... سكارى بكاسات الهوى ومناعيسا (خ)
فقدّمت الكأس الكبير ولا رأت (د) ... خلوقته (ذ) تنفي القذى والوساويسا
فلمّا رأوها صلّبوا (ر) وتمايلوا ... وخروا لرُؤياها ودقَّوا النَّواقيسا
فَقَالَتْ: عُقيبَ الهمِّ لَا شكَّ أنَّه ... سيفرحُ بالصَّهباء خيِّرُنا عيسى
جلوها على أيدي السّقاة فأصبحت ... عروسًا وكلٌّ زفَّها بات عِرِّيسا
336- الكُوْمي الندرومي ( ... -؟)
وجدت على حائط من حيطان مسجد باصيدا مَا صورته: «يَا ربُّ سَلِّم الكُومي الندرومي (1) » . كتبتُه لغرابة نسبته، وأثبتُّه عَلَى مَا وجدتُه عَلَيْهِ.
337- ابْن المُكبِّر ( ... - 640 هـ)
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيّ [بن] (أ) نفيس بن أبي منصور بن أبي المعالي بن(1/460)
المَقْدِسِي (1) الْبَغْدَادِيّ، يعرف بابن المُكبِّر، ضعيف الحال. سَمِعَ الْحَدِيث بِبَغْدَادَ ودمشق ومصر والإسكندرية وغيرها. وذكر أَنَّهُ سَافَرَ إِلَى الإسكندرية عَلَى رجليه مرتين، معه كيس فيه استجازات (2) /بخلق كَثِير. أيّ بلد دخله أَخَذَ منه (ب) خطوط من به من أرباب (ت) الْحَدِيث. وَرَدَ إِرْبِلَ غَيْر مَرَّة، وآخرها فِي رَجَب من سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَافَرَ فيه، ثم وردها فِي رَجَب من سَنَة ثلاثين وَسِتِّمِائَةٍ، لما هو عليه (ث) .
تمّ بحمد الله وعزّته وتأييده، وهو في يوم الجمعة عند الرّواح في الزّهر (أ) من شهر شوال من عام واحد وأربعين وستمائة، وصلّى الله على محمد المرسل بالصّلاح، وَلَا حول وَلَا قوة إِلَّا بِاللَّهِ العلي العظيم، وإيّاه نستعين، إنّه ولي ذلك.(1/461)
الجزء الثاني (%) () (-/) (%) كتبت عبارة «الجزء الثاني» وحدها بخط الناسخ في ذيل الخاتمة.
() كتب ازاء الخاتمة بسطور مائلة عددها أربعة هذه العبارة:
«مجموع عدد أوراق هذا الكتاب، تاريخ دولة بني العباس، مائتين وثمانية وعشرون ورقة» .
وهذه العبارة ليست بخط الناسخ لاختلاف الخط والحبر. وأغلب الظن أنها بخط محمد راضي النجفي صاحب التعليقات التي مرّ ذكرها.
(-/) كتب في النصف الأسفل من الورقة الأخيرة، بخط الثلث الغليظ، وبحبر أحمر هذه العبارة موزّعة على ثمانية أسطر، ونصّها:
« «الجزء الثاني من تاريخ إربل، سنت خمس مائة وثنين وسبعين تصنيف ابي البركات المبارك هو (كذا) ابن احمد بن موهوب المعروف بابن المستوفي، في بني العباس» .(1/462)
ثالثا الحواشي والتعليقات المتعلقة بالنص (مرتبة حسب التراجم) .
الترجمة- 1
أ- في الأصل «شهرت» .
ب- «أخوجه» تعني السيد الكبير، وهو ما كان يطلق على الصدور والوزراء. وقد وصف بها نظام الملك، كما وصف بها نصير الدين الطوسي وزير هولاكو. وذكر القلقشندي أنها من ألقاب التجار في مصر.
(أمين- «العراق في العصر السلجوقي» - ص 36، وابن كثير- البداية والنهاية- 13/267، والقلقشندي- «صبح الأعشى» - 6/165) .
هذا وتكتب أحيانا «خواجا» (ابن الجوزي- «المنتظم» - 10/36، 120) .
ب- قال الفيومي: «وغزالة قرية من قرى طوس، واليها ينسب الإمام ابو حامد الغزالي. أخبرني بذلك سنة 710 هـ مجد الدين محمد بن محمد، سبط أبي حامد، وقال: أخطأ الناس في تثقيل اسم جدنا، وإنما هو مخفف نسبة إلى غزالة القرية المذكورة « (الفيومي- «المصباح المنير» - 2/44 انظر ايضا ابن خلكان- «الوفيات» - 1/80) .
ت- الإجازة من مصطلحات الحديث، وهي إذن الشيخ لتلميذه برواية مسموعاته او مؤلفاته (الاسنوى- «طبقات الشافعية» - 2/590، ثبت المصطلحات)
ث- وردت في المنتظم «ثم وعظ» .(1/463)
ج- كتب الناسخ اسم بغداد في الغالب «بغذاذ» ، وقد ورد في معجم «لسان العرب» بان مدينة السلام تسمى بغداد وبغداذ وبغذاذ (ابن منظور- «لسان العرب» ) ، إلا أنني فضلت رسمها بالشكل المألوف الشائع الآن.
ح- توهم محقق «مرآة الزمان» فقال عن الغزالي هذا إنه جلس في «الناحية الشرقية» ، وهو وهم ظاهر لان المراجع التي ترجمت لأبي الفتوح، ومنها «المنتظم» الذي نقل عنه صاحب «المرآة» ذكرت أن جلوسه للوعظ كان في «التاجية» . والتاجية مدرسة ببغداد بناها تاج الملك المرزبان بن خسرو فيروز من رجال ملكشاه السلجوقي. (سبط ابن الجوزي- «مرآة الزمان» - 8/119، ياقوت- «البلدان» - 1/810، ابن عبد الحق- «المراصد» - 1/194، ابن الفوطي- «معجم الالقاب» - 1/471) .
خ- في الأصل «فسمع ناعورة» ، والتصحيح عن (ابن الجوزي- «المنتظم- 9/260) ، هذا وقد سبق لأحد العلماء أن مرّ على ناعورة بحماة فوقف يبكي وقد أزعجه حنينها، فرمى طيلسانه وأنشد شعرا (سبط ابن الجوزي- «المرآة» - 8/119) .
د- عبارة «فتمزق قطعا» غير موجودة في «المنتظم» .
ذ- وردت «الموضوعة» في «المنتظم» .
ر- المقصود «ابن الجوزي» .
ز- كلمة «لما» غير موجودة في «المنتظم» .
س- كذا في الأصل، وهي إشارة إلى آية في سورة الاعراف (7/19) ،(1/464)
وهي (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربه، قال ربّ أرني أنظر إليك.
قال لن تراني)
ش- وردت «الاخيار» في «المنتظم» .
ص- استأنف المؤلف الاشارة إلى نقله من «المنتظم» .
ض- إشارة إلى آية في سورة طه (20/115) وهي (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس أبى ... ) .
ط- وردت «عند» في «المنتظم» .
ظ- ذكر ابن كثير أنه كان يقول بالمشاهدة. (البداية- 12/196) لعل المقصود هنا هو الزعم القائل بأن أحمد الغزالي كان يرى الرسول- ص- عيانا في يقظته. والمشاهدة ايضا من تعابير الصوفية. انظر رسالة «الفناء في المشاهدة» لابن العربي.
ع- كلمة «شيئا» غير موجودة في «المنتظم» .
غ- وردت «فقبل» في «المنتظم» .
ف- لعل المقصود أن العماد الاصفهاني ترجمه في «الخريدة» ، إلا أنني لم اجد ذكرا لأبي الفتوح ولا لهذه الأبيات التي رويت عنه، في الاقسام المطبوعة من «الخريدة» .
ق- مشيخة الشيوخ من المناصب الدينية ومهمتها النظر في امور المشيخات (المؤسسات) الاجتماعية والدينية مثل مشيخة الصوفية ومشيخة دور العلم ونحوها (الاسنوى- «طبقات الشافعية» - 2/615، ثبت المصطلحات)(1/465)
ك- ليس واضحا من المقصود هنا بالذات، إذ يوجد عبد الله بن عبد الغني بن عبد السلام بن سكينة الصوفي المقرئ، وكان احد الصوفية في رباط جده لامه شيخ الشيوخ، آنف الذكر، وقد توفي سنة 652 هـ. ولشيخ الشيوخ هذا سبط آخر هو احمد بن عبد الوهاب بن علي بن عبيد الله البغدادي المتوفي سنة 607 هـ. ولعل الأخير هو المقصود لانه كان صاحبا لابن الجوزي وملازما لمجلسه.، ولأن ابن الجوزي قد أشار إليه في القصة المنوه عنها في المتن. (ابن الفوطي- «معجم الالقاب» - 1/588، ابن الاثير «الكامل» - 11/114، ابن كثير- «البداية» - 13/61) .
ل- روى ابن حجر هذه القصة بشكل آخر وأسندها لابن الجوزي دون ذكر اسم المصدر. ( «لسان الميزان» - 1/293) .
م- بياض في الاصل، ولعل الناسخ أراد أن ينبه إلى انتهاء هذه الفقرة وبداية فقرة جديدة.
ن- كلمة «في» اضافها المحقق.
هـ- هذه الأبيات غير موجودة في ديوان ابن هاني. ولم أجدها في ترجمة ابن شرف في المراجع المتيسرة. أما كتاب «الانموذج» فلم أقع عليه.
والبيت الثالث عجزه غير موزن، ولعل صوابه «وإما من له وجهان» .
وكذا في الأصل، والصحيح «منه» .
لا- بياض في الأصل، وهو موضع الشهر. وقد ورد التاريخ بالاصل هكذا وصحيحه «سنة اربع عشرة» .
ى- كلمة «ان» اضافها المحقق.(1/466)
أأ- في الأصل وردت «لا انه» .
أب- المقصود هنا بالعجم هم الاقوام التي تقطن بلاد فارس وخراسان وما اليها. فقد ذكر ياقوت مثلا أنه من فضائل فارس أنها قريش العجم، وذكر ايضا في مادة «جيلان» بأن العجم يقولون «كيلان» ( «البلدان» - 2/179 و 3/837) .
أت- كلمة «جامع» مكتوبة في الحاشية ومؤشر موضعها في المتن.
أث- وردت في الأصل «لنقل»
أج- وردت في الاصل «اما بعث»
أح- المقصود ان ما تصدق به الحاضرون- بعد أن أخذهم الوجد- من مال ومتاع قوّمت قيمته فبلغت ألوفا.
أخ- لم اجد في المطبوع من «الانساب» ذكرا لأبي الفتوح الغزالي ولا لهذه الابيات. ولعل المقصود أن السمعاني رواها في «ذيل تاريخ بغداد» ، وهذا لم اعثر عليه.
أد- روى الصفدي بيتا آخر بعد هذا البيت- وهو الذي سبق وروده، في الورقة- 2 ب من المخطوطة، أي (أرقت عيني لبرق فشربناها وصاموا) انظر «الوافي» 8/117.
أذ- يمكن قراءتها «لعذولي» كما في الورقة 3- أمن المخطوطة، وكما في رواية «الوافي»
أز- فيه إقواء وصحيحه «ليس حراما» .(1/467)
الترجمة- 2
أ- ورد في «تاج العروس» وقاموس «المحيط» أن المكّوك مكيال معروف لأهل العراق، يختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس. وقيل إنه يسع صاعا ونصفا، وقيل إنه نصف رطل. وفي حديث أنس- رض- ان رسول الله- ص- كان يتوضأ بمكوك.
ب- بارية أي خصيرة القصب، وهي لا تزال معروفة في العراق بهذا الاسم.
وجاء في «لسان العرب» الباري والبارياء «الحصير المنسوج» .
ت- كوكبوري، هكذا ضبطه ابن خلكان، وهو اسم تركي معناه «ذئب أزرق» ( «الوفيات» - 3/270)
ث- كذا في الأصل. ويبدو أن عبارة «وأنبأني الزرزاري» زائدة، إذ يستقيم المعنى بدونها، أو ينبغي القول «قالا» إذا كان المؤلف يروي عن ابن الاثير والزرزاي معا.
ج- لم يرد هذا الحديث في الكتب المعتمدة ما عدا «مسند ابن حنبل» فقد رواه مطابقا لرواية ابن المستوفي في النص والسند ( «المسند» - 6/157) ، كذلك ورد الحديث في كتاب «الحيوان» للجاحظ.
ح- كلمة «أبي» مضافة بخط مختلف.
ح ح- كذا بالاصل.
ح ح ح- سمّاه المنذري «يوحن» .
ج ج- كذا بالاصل وصحيحه «اخبرنا» .
خ- روى ابن حبّان أنه خدم النبي- ص- عشر سنين، وقال البخاري مثل(1/468)
ذلك. أما الحديث نفسه فقد ورد في «صحيح البخاري» مرتين، وفي «صحيح مسلم» مرة (ابن حبان- «مشاهير الرجال» - ص 37، البخاري- أدب 39 ووصايا 25، مسلم- فضائل الصحابة 109)
د- وردت في الأصل كلمة «الناس» مكررة، وفوق الثانية وضع الناسخ اشارة الغلط. ثم ان كلمة «هاب» ينبغي أن تكون «فهاب» كما يقتضي السياق.
الترجمة- 3
أ- وردت في الأصل عبارة «هو شيخنا» مكررة، وبعدها كلمة «ابن» بدلا من «أبو» .
ب- إشارة ضمنية إلى حديث عن عائشة بأن النبي- ص- لم يكن يضحك وانما كان يتبسّم ( «صحيح البخارى» - تفسير 46- 2) .
ت- بياض في الأصل بمقدار كلمة، ولعل المراد التنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ث- في الأصل «أنوشكين» ، والتصحيح عن المراجع التي ترجمت له. أما ابن خلكان فقد كتب الاسم «نشتكين» (ابن الجوزي- «المنتظم» 9/232، الذهبي- «العبر» 4/125 ابن خلكان- «الوفيات» 4/97) .
ج- انظر سورة «المطففين» - 83/6. أما الحديث فقد ورد في عدد من كتب الحديث (ابن ماجة- «السنن» 2/1430، «صحيح مسلم» 8/157، «صحيح البخارى» - 3/372 و 4/237، «جامع(1/469)
الترمذي» - 2/68 و 3/235، «مسند ابن حنبل» - 2/64 و 70) .
ح- وردت هذه الكلمة في الأصل «بحسها» ، وهي غير منقوطة.
خ- يمكن ايضا قراءة الشطر الأول هكذا «هل من حرمه جنة الموصل» وهو على كل حال غير موزون.
د- في الأصل «عبد الله» والتصحيح عن ابن الجوزي- «المنتظم» 8/283، وابن العماد- «الشذرات» 3/324.
ذ- يمكن قراءتها «لا» أو «الا» ، وفي كلا الحالين لم اهتد إلى غرض المؤلف.
ر- كانت في الأصل تشبه كلمة «طالبة» أو «عادية» ، حيث أن أحد القراء أعاد تحبير الكتابة مما جعل قراءة الأصل متعذرة. ولعل ما اثبتنا هو الصحيح.
ز- البيت الاخير مضمّن من معلقة زهير بن أبي سلمى (الزوزني- «المعلقات» ص 87)
س- في الأصل «يا ساداتي» .
ش- المقصود سنة 598 هـ.
ص- إشارة إلى حديث عن عائشة حول ادخال النبي- ص- عليا وفاطمة والحسن والحسين تحت كسائه وتلاوته «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»
( «صحيح مسلم» - 3/17، النووي- «شرح صحيح مسلم» 5/163) .
ض- هنا كلمة ممحاة، والظاهر أن محوها لم يؤثر على السياق.(1/470)
ط- وردت العبارة في الأصل على هذه الصورة، ولم أهتد إلى معناها، أو أتمكن من اقتراح صيغة لها.
ظ- في الأصل «سألت» .
الترجمة- 4
أ- إشارة إلى آيتين في سورة «الرحمن» - 55/2 و 3.
ب- بياض في الأصل بمقدار كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ت- في الأصل «المحايز» ، ولا أظنها هي المقصود لأن «المحز» هو النكاح، أما «النحائز» ومفردها «نحيزة» ، فهي الطبيعة، ونحيزة الرجل طبيعة (لسان العرب) .
ث- احتبى بثوبه احتباء أي اشتمالا، والاسم «الحبوة والحبوة والحبية» (لسان العرب) .
ج- ويمكن قراءتها أيضا «عرنها أو عرفها» ولكن اخترنا «عونها» لأنها تلائم السياق، فالعون هي العوان من البقر وغيرها النصف في سنها. فيقال خيل عون، وكذلك يقال للمرأة المجربة والثّيب (انظر «لسان العرب» ) .
ح- ويمكن قراءتها «حفقه» .
خ- ويمكن قراءتها «مدجة أو موجة أو مذحة» ، ولكنني لم أهتد إلى معنى الكلمة. والمذحة من المذح وهو التواء في الفخذين أو اصطكاك الفخذين (انظر «لسان العرب» ) .
د- المقصود والده جمال الدين الاصفهاني وزير مملكة الموصل، وسترد(1/471)
أخباره في مكان آخر.
ذ- روى ابن الاثير هذين البيتين في وصف الملك القاهر صاحب الموصل، هكذا:
ساد الملوك لسبع عشرة حجة ... لذّاته إذ ذاك في الاشغال
قعدت بهم همته (كذا) وسمت به ... همم الملوك وسورة الابطال
والمعروف أن هذا الشعر قيل في مدح محمد بن القاسم الثقفي المتوفى سنة 98 هـ، وكان عاملا للحجاج على السند وهو الذي فتحها.
أما الشعر فقد نسبه الزركلي للشاعر حمزة الحنفي بينما قال المرزباني إنه لزياد الأعجم أو لغيره، وقد رواه «ولداته عن ذلك في اشغال» و «قعدت بهم اهواؤهم وسمت به» (ابن الاثير- «اتابكية» ص 370، «الكامل» - 4/241، البلاذرى- «فتوح البلدان» ص 441- 446، الزركلي- «الاعلام» 7/225 المرزباني «معجم الشعراء» ص 344) .
ر- وردت العبارة على هذه الصورة، ولم أستطع ردها الى اصلها.
ز- هكذا وردت في الأصل، ولعل المقصود بصاحب المجموع، هو مؤلف الكتاب المذكور
س- أي الكتاب موضوع البحث
ش- هذه العبارة غير واضحة، وقد تعذر عليّ فهمها.
ص- في الأصل «تناهى» .
ض- الألّ هو البريق أو الصياح (انظر «لسان العرب» )
ط- لعله يقصد أنه ينقل من الكتاب المذكور.(1/472)
ظ- في الأصل «دينا» ، والدنى جمع دنيا، وبها يستقيم الوزن.
ع- روى ابن خلكان هذا الشطر كالآتي: «واصدعنك مخافة من أن يرى» ، وذكر أن الشعر للعلاء بن علي بن محمد السوادي الواسطي المتوفى سنة 556 هـ ( «الوفيات» 3/150) .
غ- غير واضح عما إذا كانت هذه العبارة هي لا بن المستوفي أو أنها تتمة لقول الخزاعي في كتابه «درج الغرر» الذي نقل عنه ابن المستوفي الشعر المتقدم.
الترجمة- 5
أ- في الأصل «مرهوب» والتصحيح عن ابن الجوزي «المنتظم» 9/205، وابن الاثير «الكامل» 11/6 (ط- بولاق) ، وتصحف اسمه الى «الحسين» بدلا من «الحسن» .
ب- في الأصل بياض في موضع اسمه واسم ابيه وجده، وقد أكملنا الاسم عن ابن الجوزي «المنتظم» 9/126.
ت- في الأصل بياض كما في الحاشية- ب، وقد اكملناه عن ياقوت «معجم الادباء» 6/336.
الترجمة- 6
أ- أي في الترجمة السابقة، رقم- 5.
الترجمة- 7
أ- المقصود هو السماع المشار اليه في التراجم السابقة.
ب- أي أحمد بن محمد الطوسي آنف الذكر.(1/473)
ت- في الأصل «مرهوب» والمقصود الحسن بن إبراهيم بن برهون (انظر ترجمة- 5) .
ث- في الأصل «بديل» ، وقد سبق ذكر عمر بن يوسف التبريزي بين الذين حضروا السماع موضوع البحث. كما أنه يوجد محدث اسمه بدل بن محمود التبريزي (ورقة 61- أمن هذه المخطوطة) ، إلّا أنه لا يمكن ان يكون هو المقصود لأنه توفي سنة 636 هـ عن 84 سنة في حين أن صاحبنا كان حيا سنة 463 هـ. وهناك محدث آخر هو بدل بن المحبر المتوفى سنة 215 هـ فلا يمكن أن يكون هو. وذكر ابن المستوفي بدلا بن محمد الارموي والد الكاتبة الأرموية التي وردت إربل سنة 616 هـ، وهذا أيضا لا يصح أن يكون المقصود. (الذهبي- «التذكرة» 1/383 و 4/1424، الورقة 117- ب- من هذه المخطوطة) .
الترجمة- 8
أ- أي السماع الوارد ذكره في التراجم السابقة.
ب- لا حظ اختلاف الاسم، ففي الترجمة السابقة ورد اسم «مرهوب» وهنا «برهون» وهو الصحيح كما أسلفنا. إلا أن اسمه تصحف إلى «الحسين» (انظر حاشية- أ- ترجمة 5) .
الترجمة- 9
أ- المقصود أن جده الأعلى اسمه «محمد بن داود بن عبد الله» ، بدلا من «محمد ابن عبد الله» ، وهذا يتفق وما ذكره المنذري في «التكملة» 4/275.
ب- إشارة إلى حديث عن عائشة (انظر ترجمة 3- حاشية ب) .(1/474)
ت- في الاصل بياض بمقدار كلمة أو كلمتين، ولعل المؤلف أراد أن يذكر اسم القائل.
ث- كلمة «صغير» مكتوبة في الحاشية ومؤشر موضعها في المتن بعد كلمة «خل» .
ج- في الأصل «حرب» .
ح- وردت كلمة «قراءة» مكررة مرتين.
خ- كتب في الأصل هكذا «» غير منقوطة.
د- لم يرو هذا الحديث سوى ابن ماجة من أصحاب الكتب الستة، وروى البخاري حديثا مقاربا لهذا الحديث (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1349، البخاري «الصحيح» 4/368 والسيوطي- «الجامع الصغير» - 1/44- 45 محمد بن سليمان «جمع الفوائد» 2/711) وذكره الذهبي في «المغنى» 1/26.
ذ- إشارة إلى آيتين من سورة «الاعراف» - 7/142 و 198، الاولى نصها: (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ، فَخُذْها بِقُوَّةٍ
الخ..) والثانية تقول: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) .
ر- في الأصل «المهدي» ، إلا انه من العسير معرفة الكلمة الأصلية لأن أحد القراء أعاد تحبير هذا الجزء من الورقة. لكنني أميل إلى الاعتقاد بأن الجزء المقصود هو «المهذب» لأبي إسحاق الشيرازي (إبراهيم بن علي الفيروزآبادي المتوفى سنة 476 هـ) ، وهو أشهر الكتب المسماة بهذا الاسم (حاجي خليفة- «الكشف» ص 1913، بروكلمان- «تاريخ(1/475)
آداب اللغة العربية» - ملحق 1/669) .
ز- هكذا في الأصل، ولعلها «وأثنى عليه» .
الترجمة- 10
أ- يبدو أن اسم «باخل» كان مألوفا في ذلك العصر، فهناك «شيركوه بن باخل» ومحمد بن باخل الهكّاري متولي الاسكندرية المتوفى سنة 683 هـ (ابن شداد «سيرة صلاح الدين» ص 194، اليونيني «ذيل المرآة» - 3/88) .
ب- كتبت في الأصل «امير او ببير» ، وانه من العسير الاهتداء إلى صحتها، لأن أحد القراء أعاد تحبير هذه الترجمة كلها مما أدى إلى اضطرابها بشكل لا يخفى على القارئ. وكلمة «بير» بالباء الفارسية المثلثة، معناها الأب أو المسن أو رئيس طائفة دينية أو ما يشبه ذلك (راجع قاموس فرهنك «برهان قاطع» ) . هذا وفي المخطوطة شخص آخر اسمه «بير حسين» أيضا وهو الحسين بن أبي بكر الزرزاري المتوفى سنة 621 هـ، في حين أن صاحب هذه الترجمة توفي قبل سنة 614 هـ (ورقة 132- أمن المخطوطة) » .
ت- هكذا كتب هاتان الكلمتان في الأصل المعاد تحبيره، ولم أستطع ردهما الى أصلهما، ولعل صحيح العبارة «كان يتخذ إماما» .
ث- في الأصل «بعلّبة» .
ج- للمكاري معنيان، الأول هو الذي يكرو بيده في مشيه، وهو الحادي، والثاني هو الذي يكريك دابته، والثاني هو المقصود هنا (راجع لسان العرب) .
ح- أي أن «أميري بن بختيار» صحب باخلا.
الترجمة- 11
أ- بياض في الأصل بمقدار كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.(1/476)
ب- وردت كلمة «حدثني» في الأصل مرتين، وكذلك عبارة «وكان من قبل» وردت مكررة.
ت- كلمة «زيارة» كتبت مكررة في الحاشية وعليها علامة «صح» .
ث- جزء من آية في سورة «النمل» - 27/65، وتمامها (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون) .
الترجمة- 12
أ- بياض بمقدار كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ب- إنها قدح ضخم من جلود الإبل أو الخشب مدورة كالقصعة (لسان العرب) .
ت- في الأصل «لان» .
ث- إن رؤية الرسول- ص- في المنام لها أهمية غير قليلة، إذ تعتبر رؤيا صادقة إذ رويت أحاديث عدة بهذا الشأن منها «من رآني فقد رآني، فان الشيطان لا يتمثل بي، ولا بالكعبة» (محمد بن سليمان- «جمع الفوائد» 2/103)
ج- في الأصل «المهالك» .
ح- ليس في كتب الحديث التي راجعتها مثل هذا الحديث.
خ- هكذا روي البيت في الأصل، وقد تنبه المؤلف إلى غرابة روايته على تلك الصورة فنبّه إلى ذلك ثم أعاد رواية البيت بالشكل الصحيح.
د- هو علم مبني في الطريق على كل ثلث فرسخ، وقيل بل هو قدر منتهى مد البصر. وسميت الأعلام المبنية على طريق مكة «أميال» لأنها بنيت على مقادير مد البصر ( «لسان العرب» ، التهانوي- «كشاف الاصطلاحات» 2/1346) .
ذ- المقصود محمد بن ناصر السلامي، وقد مر ذكره.
ر- كذا في الأصل، ولعل الصحيح هو «أثبت ما أملي عليّ وما ذكره» .
ز- كذا في الأصل، وقد ورد في «طبقات الشعراني» اسم ابيه «بطو» .(1/477)
الترجمة- 13
أ- قال القلقشندي: إن العادة جرت «أن أبناء العلماء والرؤساء تثبت عدالتهم على الحكام؛ ويسجل لهم بذلك، ويحكم الحاكم بعدالة من تثبت عدالته لديه، ويشهد عليه بذلك» ( «صبح الاعشى» 14/346) .
ب- عرف حاجي خليفة علم الشروط والسجلات، بأنه «علم باحث عن كيفية ثبت الأحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات على وجه يصح الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال. وموضوعة تلك الاحكام من حيث الكتابة. وبعض مبادئه مأخوذ من الفقه وبعضها من علم الانشاء، وبعضها من الرسوم والعادات والامور الاستحسانية. وهو من فروع الفقه من حيث كون ترتيب معانيه موافقا لقوانين الشرع..» (راجع «كشف الظنون» ) .
ت- في الأصل «محمد» ثم صحح بخط مختلف إلى «يحيى» ، وهو الصحيح.
ث- نسبة الى «النخع» وهي قبيلة كبيرة من مذحج باليمن. ولقد ذكر ابن الفوطي في نسبه «النخعي» (ابن خلكان- «الوفيات» 1/6، ابن الفوطي- «معجم الالقاب» - 1/485) .
ج- ذكر ابن الأثير أن سبب تسمية عماد الدين بأتابك لأنه كان دائما في صحبة الملك السلجوقي ألب أرسلان بن السلطان محمود، وقد كان أتابكه ومربيه، وكان يظهر للخلفاء وللسلطان مسعود وأصحاب الأطراف بأن البلاد التي بيده، أنما هي للملك ألب أرسلان، وأنه نائبه فيها.
والأتابك لفظ تركي مركب من «أتا» ومعناه الأب، و «بك» ومعناه الأمير، فيصبح معنى اللقب «الأب الأمير» أو المربي والمرشد والمشير (ابن الأثير- «اتابكية» ص 126 و 152، اسنوى «طبقات الشافعية» - 2/590 ثبت الاصطلاحات، الجميلي- «اتابكة الموصل» ص 27) .(1/478)
ح- وردت عبارة «قلت انصره» في الحاشية أيضا، وم أهتد إلى سبب تكرارها.
خ- انظر «مسند ابن حنبل» - 3/99، «سنن الدارمي» 2/220، السيوطي- «الجامع الصغير» 1/91، «صحيح مسلم» 4/338.
د- لعل المقصود «الطبراني» .
ذ- في الأصل «يبغلني» بدلا من يبلغني.
ر- في الأصل «من» ، ولكن «بين» أفضل في المعنى وتؤمن استقامة الوزن.
ز- في الأصل هكذا «
ونضع الامى ... كمال الدين تنصيد المرانح» .
س- عبارة «حتى يخسف» مكتوبة في الحاشية ومؤشر موضعها من المتن.
ش- كلمة «عمر» أعيد تحبيرها فصارت «حمس» ، وكلمة «نداك» في الشطر الثاني صارت وكأنها «بذلك» . أما «عمر» المقصود هنا فهو عمر الملّاء (ورقة 16 ب من المخطوطة) .
ص- المقصود هنا الإمام علي بن أبي طالب- رض-.
ض- بليدة في أطراف الشام تقع على طريق الحاج بين الشام ووادي القرى (ياقوت «بلدان» 1/907) .
ط- لم يرو ابن خلكان هذا البيت ضمن القصيدة.
ظ- وردت في المتن «النور» ، وفي الحاشية «الشعر» وهذا ما أورده ابن خلكان.
ع- القلب سوار المرأة، أو الحية البيضاء على التشبيه بالسوار (انظر «لسان العرب» .) .
غ- عجز هذا البيت مضمّن من بيت للمتنبي، وصدره «بليت بلى الاطلال إن لم أقف بها» ، وهو من قصيدة في مدح سيف الدولة (انظر «ديوان المتنبي» ص 290) .
ف- طسم الطريق اي درس، وطسم الرجل أي أتخم، والطاسم هو الطامس من الآثار، والطسوم هي قطع السحاب، والأخير هو المقصود. (ابن(1/479)
رشيق «العمدة» 1/211» ، «لسان العرب» ، «تاج العروس» ) .
ق- عجز هذا البيت مضمّن من بيت للمتنبي، وصدره «قفي تغرم الاولى من اللحظ مهجتي» . كلمة «بثانية وردت في «ديوان المتنبي» «ووفيات ابن خلكان» (ط وستنفيلد واحسان عباس) إلا أن محقق الطبعة المصرية كتبها «تبانية» ومعناها الفطنة والذكاء (انظر «لسان العرب» ) .
ك- في المتن «روائمه» وصححت في الحاشية الى «روازمه» وهذا ما رواه ابن خلكان، وقد تقرأ «رواسمه» أيضا وهي الإبل التي تمشي الرسيم من ثقل أحمالها. والروازم من الابل الثابت على الأرض الذي لا يقوم من الهزال، من رزم أي سقط (انظر «لسان العرب» ) .
ل- إلى هنا تقف رواية ابن خلكان، وقد قال عنها بأنها قصيدة طويلة، أجاد فيها وقد وازن بها قصيدة المتنبي في سيف الدولة. وذكر أنه استعمل أنصاف أبيات من قصيدة المتنبي على وجه التضمين- كما أشرنا في الحاشيتين ع، غ اعلاه- «ديوان المتنبي» ص 290.
م- الناقة المسنّة تسمى «النّيّوب» وجمعها نيب (انظر «القاموس المحيط» ) .
ن- النهى أي العقل.
هـ- اللّوى في الأصل منقطع الرمل، وهو أيضا موضع بعينه، واد لبني سليم. وهناك عدة مواضع باسم اللوى، ومنها «سقط اللوى» الوارد في شعر امرئ القيس. ويكثر وروده في العشر (ياقوت «بلدان» 4/366، الزوزني «المعلقات» ص 7، ابن الفوطي «معجم الالقاب» 2/763، 3/299) .
وفي الأصل «اماهمه» ، ولعل الصحيح ما اثبتنا. والهماهم بمعنى الهموم (لسان العرب) .
لا- ليس من المعروف من هو المقصود بابن شيبان، والكلمة في الأصل غير منقوطة.(1/480)
ى- سهم لونه إذا تغير حاله لعارض، والخيل ساهمة أي محمولة على كريهة، وإبل سواهم إذا غيّرها السفر (لسان العرب) .
أأ- هنيدة على التصغير اسم علم على المائة، وقيل من الإبل خاصة، أو أنها 100 سنة، وهند 200 سنة (ابن خلكان «وفيات» 1/290، «لسان العرب» ) . والإفال هي صغار الإبل، كما في «لسان العرب» .
أب- في الأصل «وطيهم» .
أت- في الأصل «السماع» .
أث- في الأصل «على» .
أج- في الأصل «البيتان التي» .
أح- بياض بمقدار كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
أخ- يمكن قراءتها أيضا «بعدي» .
أد- في الأصل «اولا» .
أذ- ضبطها السبكي بفتح الحاء والدال وسكون الواو ثم السين ( «طبقات الشافعية» 5/156) .
أر- في الحاشية كتبت «تهينوني» بخط مختلف وأشر موضعها بعد كلمة «العوام» الواردة في المتن ولكنني لم أهتد إلى المقصود.
أز- في الأصل «شيب» .
أس- ورد هذا البيت في «ديوان جرير» ، وفيه «تواضعت» بدلا من «تهدمت» (1/161) .
أش- هذا البيت وما يليه يلحقان بالبيت الأول وهو «مولاي يا شرف الدين الخ..» .
أص- رواه ابن الشعار «يا من سحائب الخ..» وروى «المطر» بدلا من «مطر» كما في الأصل فصححناها ليستقيم الوزن. والثعنجز هو السائل من الماء والدمع والمطر (لسان العرب) .(1/481)
أض- في الأصل «العجز» وصححناها عن ابن الشعار ليستقيم المعنى.
أط- في الحاشية كلمة «الحصر» ومؤشر موضعها في المتن بعد كلمة «بي» ، ولم أفهم المراد. هذا وقد روى ابن اشعار عجز البيت كالآتي «أفضى بي الأمر عن عجز إلى حصر» .
أظ- في الأصل «و» بدلا من «في» ، والتصحيح عن «وفيات ابن خلكان» .
أع- في الأصل «عبد» بدون لام.
الترجمة- 14
أ- في الأصل «ورأيته» ، وهو يشير إلى القصيدة المزدوجة.
ب- المقصود البيتان آنفا الذكر.
ت- في الأصل «الانتباه» فصححناها ليستقيم المعنى، والانتباذ هو شرب النبيذ كما في «لسان العرب» .
ث- رويت هذه الأبيات مرة أخرى (الورقة 20 ب، من هذه المخطوطة) .
ج- وقع مثل هذا في القرآن الكريم في قوله: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء..) سورة البقرة- 2/284.
ح- في «لسان العرب» وردت كلمة «سماد» بفتح السين. هذا وقد ترك الناسخ بعد هذه الجملة بياضا بقدر كلمة للتنبيه على انتهاء فقره وبداية اخرى.
خ- اختلف أهل اللغة في كون كلمة «توت» و «توث» وهل هي بالتاء أو بالثاء (لسان العرب) .
د- بياض في الأصل، ولم يذكر بقية البيت.
ذ- نوع من النبات يسمى «القرع» (لسان العرب) .(1/482)
ر- يمكن قراءتها «المهدمة أو الممهدمة، أو الممهرة» . وقد حاولت العثور على ما يدل على مكانها وقراءتها الصحيحة فلم أوفق.
ز- نيلوفر ونينوفر شيء واحد وهو ضرب من الرياحين ينبت في الماء الراكد (قاموس المحيط) .
س- خصر هو الماء البارد، وقيل البارد من كل شيء (لسان العرب) .
ش- في الأصل «الدين» بدلا من «الدنف» ، وقد صححناها ليستقيم المعنى.
ص- في الأصل «المشاهر فالتقى» ، فصححناها الى «المشاهد فاتقى» ليستقيم المعنى.
ض- في الأصل «فكأنما» وقد صححها الناسخ، وفي «حسن المحاضرة» للسيوطي وردت «فكأنها» . وقد روى السيوطي الابيات الثلاثة للطغرائي (2/244) .
ط- وردت «راحتها» في «حسن المحاضرة» للسيوطي 2/244.
ظ- أضاف المحقق كلمة «يتفق» ليستقيم المعنى.
ع- يقصد القصيدة المزدوجة آنفة الذكر.
ع ع- هذا البيت مضطرب الوزن.
غ- ضباب- بالفتح- هو ندى كالغيم، والضبابة سحابة تغشى الأرض كالدخان والغبار، أما ضباب- بالكسر- فهو جمع ضبب وهو حيوان معروف (لسان العرب) .
ف- جمع «نون» وهو الحوت، وقد يجمع «انوان» . إما إذا قرئت «تينان» فهو الذئب كما في «لسان العرب» .
ق- جمع «حوذانة» وهي بقلة من بقول الرياض لها نور أصفر رائحته طيبة (لسان العرب) .(1/483)
ك- عبهر هو الياسمين، والضّال هو السدر البري، واحدته ضالة، وقيل إنه شجرة تنبت نبات السرو ولها برمة صفراء ذكية الرائحة (لسان العرب) .
ل- في الأصل «صدفة» فصححناها إلى «سدفة» ليستقيم المعنى، إذ يقال أسدف الليل إذا أظلم، وجاء فلان في السدف والسدفة (الزمخشري- «أساس البلاغة» ص 290) .
م- في الأصل «بسمر انفذ» .
ن- يقال «أخدج الرجل أمره» إذا أحكمه (لسان العرب) .
هـ- جبل في بلاد بني نمير بنجد به ماء ونخيل (ياقوت- «بلدان» 1/941) .
وفي الأصل «يطع» وأشر في الحاشية إزاءها بعلامة الغلط، ومعنى «هطع» أقبل على الشيء ببصره فلم يرفعه عنه، أو نظر إليه بخشوع، وأهطع البعير في سيره إذا أسرع (لسان العرب) .
لا- بياض في الأصل بقدر كلمة، ولعل المقصود انتهاء الكلام على الارجوزة واستئنافه على أبيات الشعر التي سبق للمؤلف أن أوردها (ورقة- 18 ب من المخطوطة) .
ى- لاحظ الفرق بين هذه الرواية وما ورد في (ورقة- 18 ب من المخطوطة) .
أأ- في الأصل «صفيحة» فصححناها، كذلك وردت في الأصل «تلقى» بدلا من «يلقى» .
أب- ليس معروفا من هو المقصود بمحي الدين، ولعله محي الدين الشهرزوري القاضي الشهير واسمه محمد بن كمال الدين، وقد ولي قضاء الشام وتدبير مملكة حلب ثم عاد إلى الموصل حيث تمكن عند(1/484)
صاحبها واستولى على جميع الامور، وكان من الشخصيات البارزة في عصره، وعرف بالجود والكرم، وله صلات جمة: للفقهاء والأدباء والشعراء وذوي الحاجات. وكانت له مشاركة في الأدب ولا سيما الشعر، وتوفي بالموصل سنة 586 هـ عن 76 سنة. ولعله هو المقصود بهذين البيتين (ابن خلكان- «الوفيات» ترجمة- 610) .
أت- لم أجد حديثا بهذا المعنى في الكتب المعتمدة، الا انه ورد في كتاب «الاسرار المرفوعة في الاخبار الموضوعة» ص 192 حديث «خير البر عاجله» ، وقال المؤلف «لا يصح مبناه، وقد ورد عن العباس في معناه» .
أث- لعله يقصد الجزازة المنوه عنها في (الورقة- 19 أمن هذه المخطوطة) .
أج- في الأصل «عوار» غير منقوطة، أما «غوار» فمن الغارة فيقال «رجل مغوار بيّن الغوار» أي مقاتل كثير الغارات (لسان العرب) .
أح- بياض في الأصل، ولعل المقطوعة مخمسة.
أخ- بياض في الأصل بقدر ثلاث كلمات.
أد- لعل كلمة «في» زائدة.
أذ- سبق ورويت هذه الأبيات في (ورقة- 18 ب من المخطوطة) .
أر- في الأصل «فقلت» ، فصححناها ليستقيم الوزن.
أز- هو عرق في الذراع يعرف بعرق البدن، وأصل الكلمة يوناني (راجع «قاموس البستان» ) .(1/485)
أس- قرقف الخمر وهو اسم لها لأنها ترعد شاربها، والقرقفة الرعدة (لسان العرب) .
أش- تصغير «يوم» مجموعا.
أص- في الأصل «الاداني» والصحيح ما ذكرنا نسبة إلى «أوانا» وهي بليدة كثيرة البساتين من نواحي دجيل بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت (ياقوت- «بلدان» 1/395) .
أض- العميد هو الحاكم الإداري أو رئيس البلدية لمدينة ما. والعميد هو الرئيس وسيد القوم (ابن الفوطي «معجم الالقاب» 2/942، «لسان العرب» ، «قاموس دوزي» ) .
أط- الرّوق هو القرن من كل ذي قرن، كقرن الثور (لسان العرب) .
أظ- بياض بمقدار كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية أخرى.
أع- الواو غير موجودة في الأصل.
أغ- الأيم الحية (لسان العرب) .
أف- أشر بالحاشية ازاء البيت بعلامة الغلط «ط» .
أق- كذا بالأصل والصحيح «نسبة» .
الترجمة- 15
أ- لم أهتد إلى هذا الحديث في الكتب التي راجعتها، وهناك عدة أحاديث عن تسبيح المخلوقات جميعها وبعض الحيوانات بالذات، وبينها حديث يقول بأن آجال هذه الحيوانات هو في التسبيح، فاذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها (الحاكم «المستدرك» 4/297، الدميري «حياة الحيوان»(1/486)
2/434، الجاحظ «الحيوان» 4/18، و 3/315، الطبري «التفسير» 15/61، القرطبي «التفسير» 10/266- 268: المتقي الهندي «كنز العمال» 1/342) .
ب- لم أهتد إلى هذا الحديث في الكتب التي راجعتها، وهناك بعض الأحاديث التي تضمنت شيئا من المعاني التي أشار إليها هذا الحديث، وقد رواها الغزالي في «إحياء علوم الدين» (1/61) . والظاهر أن سند الحديث الذي رواه المؤلف، ناقص إذ لا يمكن لجد الإمام موسى بن جعفر، وهو محمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب- رض- أن يروي عن الرسول- ص-، لأنه لم يكن هو ولا والده قد ولدا يوم وفاة النبي.
ت- الغرقد شجر عظام، واحدته غرقدة وهي العوسجة إذا عظمت، وفي حديث الساعة، (إن الغرقد من شجر اليهود) كما في «لسان العرب» .
ث- كذا في الأصل، ولعل المراد «النفز» ، فقد ورد في الحديث (إن الله يبغض العفرية النفزية) أي المنكر الخبيث. أو «النقز» وهو الخسيس من الناس (لسان العرب) . أو «النقد» نوع من الشجر واحدته «نقدة» كما في كتاب «النبات» للأصمعي ص 19.
ج- بياض في الاصل بقدر كلمة واحدة، وقد وردت هذه العبارة مبتورة على هذه الصورة.
ح- ليس في المعاجم التي راجعتها كلمة بهذا التركيب، وهناك «نود» فيقال ناد الرجل نوادا إذا تمايل من النعاس. ونودان اليهود في مدارسهم مأخوذ من هذا (لسان العرب) .
خ- هذه الكلمة في الأصل غير منقوطة. وقد ورد في الحديث (إن في جهنم واديا يقال له هبهب، يسكنه الجبارون) كما في «لسان العرب» .(1/487)
د- لم أجد معنى لكلمة «اردشين» .
ذ- الدردور هو الماء الذي يدور ويخاف منه الغرق، أو هو موضع في وسط البحر يجيش ماؤه لا تكاد تسلم منه السفينة، أو هو مضيق بساحل بحر عمان يخاف منه أهل البحر (تاج العروس) .
ر- لم أعثر على حديث لتميم الداري بهذا المعنى في الكتب التي راجعتها.
ز- في الأصل «كراء» ولعل الصحيح «كر» ، فهناك الامير كر بن عبد الله الكردي، والملك الحسن بن محمد بن كر ابن أبي الهيجاء الشيباني (ابن الفوطي «معجم» 1/283 و 3/34) .
س- لا أدري كيفية ضبط هذا الاسم، وإنما رسمته وفقا لما ورد في المخطوطة.
ومن الاسماء المقاربة «نميرك» و «فورك» و «أميرك» وهو تصغير امير بالفارسية، و «ميّرك» (سبط ابن الجوزي «مرآة» - 8/453 و 538، ابن خلكان «وفيات» 3/402 والعماد «الخريدة- العراق» 1/128، ابن العديم «تاريخ حلب» 3/48، طلس «الكشاف» ص 108) .
ش- إنه من ألقاب المماليك الخصيان الذين يسمون بالطّواشيه (القلقشندي «صبح» 5/489 و 12/260، الذهبي «المشتبه» ص 421، النعيمي «الدارس» 1/326) .
ص- من العسير ضبط هذا الاسم إذ ورد «برنقش» و «يرنقش» و «برتقش» و «يرتقش» ، (ابن الجوزي «المنتظم» 9/224 و 225 و 227 و 255، اسبط «مرآة» 8/192، ابن الاثير «الكامل» 10/221 و 11/4 و 9 و 13 و 30، «اتابكية» ص 80 و 88، العماد «الخريدة- العراق» 1/214، البنداري «زبدة النصرة» ص 71 و 238، ابن الفوطي(1/488)
«معجم» 3/594، «الحوادث» ص 45، ابن الشعار «عقود» 1/ورقة 288، ابو الفداء «تاريخ» 3/93، ابن كثير «البداية» 12/194) .
ض- كلمة «في» غير موجودة بالاصل، فأضفناها ليستقيم المعنى.
الترجمة- 16
أ- كتبت في الأصل «خميس» ثم صححت بحبر مختلف إلى «خميسة» .
أما بالنسبة إلى ابن «الأردخل» فلم أعثر له على خبر، إلا أن هناك شخصا اسمه محمد بن الحسن بن يمن الانصاري الموصلي الشاعر، كان يسمى بهذا الاسم (577- 628 هـ) . ولكنه لا علاقة له بصاحب الترجمة. (ابن خلكان «وفيات» 4/418، الكتبي «الفوات» 2/378، الصفدى «الوافي» 2/358، القفطي «المحدون» ص 122، البغدادي «ذيل الكشف» 1/484، البغدادي «هدية العارفين» 2/126، زركلي «الاعلام» 6/316، كحالة «معجم المؤلفين» 9/228) . وقد ذكر القفطي أن «الأردخل» بلغة أنباط الموصل هو البنّاء.
ب- بياض بقدر كلمة واحدة للتنبيه على انتهاء العبارة وبداية غيرها.
ت- في الأصل «الفضيلة» فصححناها عن «بلدان ياقوت» ، وهي قرية كبيرة كالمدينة من نواحي الموصل قرب باعشيقا (ياقوت «بلدان» 3/903، ابن عبد الحق «المراصد» 2/357) .
ث- بياض في الأصل بقدر ثلاث كلمات، وهو مخصص لادراج اسم الشيخ الجزار الأعمى.(1/489)
ج- هكذا في الأصل، ولعله أراد ان يقول «فما كان ولا يزال..» الخ العبارة.
ح- في الأصل «وقع» ولكن أحد القراء غيّرها إلى «وقف» وقد أثبتنا الأصل لأنه هو الصحيح. وقد روى ابن خلكان هذا البيت ضمن أبيات أخرى لعلي بن إسحاق بن خلف البغدادي المعروف بالزاهي والمتوفى سنة 352 هـ، وهذا نصه (وفيات- 3/53) .
وكم أبصرت من حسن، ولكن ... عليك لشقوتي وقع اختيارى
خ- معناه دأبه وديدنه، وتنطق هجّيراه، إجريّاه، إهجيرا، إهجيراء، (لسان العرب) .
د- المقصود ابن الحداد آنف الذكر.
الترجمة- 17
أ- كتب الناسخ في الحاشية حذاء السطر عبارة «اساء الصفة» ، ويبدو أنه كان معاصرا للمؤلف فهو يتعقبه ويحكم على روايته بما عرفه هو نفسه.
والكلثمة هي اجتماع لحم الوجه بلا جهومة، والكلثوم كزنبور، الكثير لحم الخدين والوجه (تاج العروس) .
ب- بياض في الأصل بقدر ثلاث كلمات للتنبيه على انتهاء عبارة وبداية اخرى.
ت- في الأصل «ألم تقوما» وهو تصحيف ظاهر، إذ المقطوعة أعيد تحبيرها فتصحفت.
ث- المقصود ان سورة «الانسان أو الدهر» وهي برقم 76، قد نزلت بحق آل بيت النبي- ص- (الرازي «تفسير» 8/290 و 295، الطوسي «تفسير التبيان» 10/211) .(1/490)
ج- أي إن كل صلاة يؤديها المسلم ينبغي أن يختمها بعد التشهد بالصلاة على النبي- ص- وآل بيته وفقا لما ورد في «مسند ابن حنبل» 4/119 وقد ورد في كتاب «الاسرار المرفوعة في الاخبار الموضوعة» ص 348 حديث نصه «من صلى عليّ ولم يصل على آلي، فقد جفاني» . وقال المصنف «لم يوجد» . هذا وقد سبق للشافعي أن نظم في هذا المعنى، إذ قال (انظر «ديوان الشافعي» ص 150) :
يا آل بيت رسول الله حبكم ... فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنّكم ... من لم يصل عليكم لا صلاة له
ح- في الأصل «بكل» ، فصححناها ليستقيم الوزن والمعنى.
خ- في الأصل أشر فوق كلمة «يقول» بعلامة الغلط، ولم أفهم المراد.
د- المقصود يونس بن محمد بن منعة، فهو يلقب برضي الدين (ابن خلكان «وفيات» 6/252) .
ذ- في الأصل «فما» ، علما بان المقطوعة أعيد تحبيرها ولعل الأصل غير ذلك. صححنا الكلمة ليستقيم الوزن.
ر- كتبت هذه الكلمة في الحاشية.
ز- أعوج هو فرس سابق ركب صغيرا فاعوجت قوائمه، والخيل الاعوجية منسوبة اليه، وهو فحل كريم. وقيل هو فرس لبني هلال وتنسب اليه الأعوجيات وبنات اعوج (لسان العرب) .
س- هذا الشطر في الأصل بدون «صدغا» ، وفوقه عبارة «هذه ناقصة- صدغا» . ولم اهتد لقراءته. ولعل الصواب «على» بدلا من «فوق»(1/491)
وبها يستقيم الوزن.
ش- في الأصل «سميت» فصححناها ليستقيم المعنى، علما بأنني لم أجد الشعر في ترجمة البحراني. وقد وجدت الابيات التي أشار اليها ابن المستوفي في «ديوان الوأواء» ص 228 وهي:
تَبَارَكَ مَنْ كَسَا خَدَّيْكَ وَرْدًا ... تَطَلَّعُ مِنْ فروع الْيَاسَمِينِ
وِصَالُكَ جَنَّتِي وَجَفَاكَ نَارِي ... وَوَجْهُكَ قِبْلَتِي وهواك ديني
أكلّ الناس تمطلهم بدين ... لقد أوثقت نفسك بالديون
ص- تصحفت في الأصل الى «صدكفه» فصححناها (راجع ابن الشعار «عقود» 3/ورقة 83) .
ض- في الأصل «ثغره» وفي الحاشية «عقدة» مع إشارة التصحيح، فصححناها.
ط- المقصود قايماز بن عبد الله، وقد مر ذكره.
ظ- هو الكريم المتخرق بالكرم (لسان العرب) .
ع- في الأصل «للغواني» وتصحيحها في الحاشية «المغاني» فصححناها.
غ- يريد بقوله «ذا بيض» ذا شيب، و «بالعنفوان» الشباب.
ف- طرف سابح أي الحصان، والذبل أي الرماح، والسمر أي السيوف، ويقال ذبل وذبّل (لسان العرب) .
ق- كتب في الحاشية «اجنها» وعليها علامة «صح» ، ولم أفهم المقصود.(1/492)
ك- لعل المقصود أنه لم يصح عنده من حيث الوزن أن يقول «المجاهد ... » الخ البيت.
ل- يبدو أن المؤلف يهزأ هنا بالشاعر لالتزامه بما لا يلزم.
م- أي سن الرمح.
ن- بياض بقدر كلمتين للتنبيه على انتهاء عبارة وبداية اخرى.
هـ- في «لسان العرب» الأرج نفحة الريح الطيبة، وأرج الطيب بالكسر، يأرج أرجا، ولم يروها باسكان الراء.
والفوف هو البياض، وهو ايضا الزهر. وهناك ثياب يمنية رقاق موشاة تسمى به (لسان العرب) .
لا- المقصود «صب المطر» .
ى- مثنى «طرب» وهو الفرح والحزن، أو خفة تعتري الانسان عند شدة الفرح والحزن والهم (لسان العرب) .
أأ- بقق ابيض، ويقق شديد البياض ناصعه (لسان العرب) .
أب- المرت مفازة لانبات فيها، والقرقر أرض مطمئنة لينة (انظر «لسان العرب» و «البستان» ) .
أت- الذّميل، كأمير هو السير اللّين (تاج العروس) .
أث- وقوله «لظى الخمس» أي لم تشرب من خمسة ايام.
الترجمة- 18
أ- بياض في الأصل بمقدار ست كلمات.(1/493)
الترجمة- 19
أ- بياض بقدر كلمة واحدة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ب- مكتوب بالحاشية «سقط ثنا عبد القادر- أو عبد الواحد- حدثني» ، وقد أشر موضعها في المتن. وهذا صحيح لأنه لا يمكن أن يروي أبو بكر بن مالك المولود سنة 274 هـ عن أبي النضر المتوفى سنة 207 هـ، ولا بد بينهما من واسطة. هذا وكتب «النضر» بالظاء القائمة، والصحيح ما أثبتنا (راجع الورقة 5 ب من المخطوطة) .
ت- ورد هذا الحديث في عدد من الكتب ولكن بنصوص مختلفة تتفق من حيث المعنى (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1366، «سنن أبي داود» 2/421- 422 و «مستدرك الحاكم» 4/442 و 464، «مسند ابن حنبل» 3/17 و 36) .
ث- العبارة في الأصل «إلا آخر ايسره من آخره» ، فحذفنا «آخر» الاولى ليستقيم المعنى.
ج- كذا في الأصل، ولعل الصحيح «جزازة أو جزء» .
ح- في الأصل «مع» .
خ- كذا بالاصل ولعله أراد «طريقته» انسجاما مع ما قبلها.
الترجمة- 20
أ- كذا في الأصل، ولكن ينبغي ذكر كلمة «بن» . غير أنني أرجح أن المقصود هنا هو زين الدين علي والد كوكبوري، لأن سياق الكلام يدل على ذلك، إذ قال المؤلف إن الامير تعرف على المغربي في مكة، والمعروف أن الذي حج هو زين الدين وليس كوكبوري. ثم قال بعد ذلك(1/494)
«فوجد علي قوما يثنون.. فقال علي: جيد ... » ، وفضلا عن ذلك فان المؤلف ترحم على الأمير في حين أنه لم يترحم على كوكبوري في أي مكان آخر من كتابه، بل كان يدعو له بالعزة والنصر. وكذلك يقول المؤلف إنه أقام عنده بالموصل، والمعروف ان الذي أقام بالموصل هو زين الدين علي (ابن الاثير «الكامل» 11/9، «اتابكية» ص 205، المخطوطة- ورقة 35 أ، 45 ب، 138 أ، 141 أ، وغيرها) .
ب- أي زين الدين علي، انظر الحاشية السابقة.
ت- بسبب إعادة تحبير هذه الترجمة تصحفت الكلمة الى «احرفها» فصححناها ليستقيم المعنى.
ث- أي كوكبوري.
ج- كذا بالأصل، ولعل الصحيح «فقيل» .
الترجمة- 21
أ- لعل المقصود بالدولة اليوسفية هو تولي صلاح الدين يوسف الحكم، أو عهد زين الدين يوسف في إربل، إذ درج المؤرخون على القول:
«الدولة الصلاحية» و «الدولة الأشرفية» ويعنون عهد صلاح الدين وعهد الملك الأشرف (ابن كثير «البداية» 13/236 و 243) . ويبدو أن المؤلف يشير إلى زيارات ابن نجا لبغداد سنة 540 هـ و 564 هـ، ويرجح أنه زار إربل أثناء ذلك، وقد حدث هذا قبل تولي صلاح الدين للحكم بالنسبة للزيارة الأولى على الأقل، وكذلك قبل تسلم زين الدين يوسف حكم إربل سنة 563 هـ. وهنا يحسن بي أن أشير الى توهم الاستاذ عباس العزاوي بأن يوسف هذا تولى الحكم سنة 556 هـ، الأمر الذي لا يمكن قبوله لأن والد يوسف توفي سنة 563 هـ، ولا يعقل تولّيه(1/495)
الحكم قبل ذلك (ابن خلكان «وفيات» ترجمة 856، السبط «مرآة» 8/383 و 384 و 406؛ ابو الفداء «تاريخ» 3/79، العزاوي «مجلة مجمع دمشق» 11/544) .
ب- لعل المقصود ان المؤلف قرأ خطا يستفاد منه بأن أشخاصا سمعوا على ابن نجا «سنن النسائي» ، دون أن يذكر الأسماء.
الترجمة- 22
أ- بياض في الأصل بقدر ست كلمات ولعل المقصود التنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ب- أي صاحب هذه الترجمة.
ت- كذا بالأصل، من هذا ما نقله المرحوم مصطفى جواد (مجلة المجمع العراقي 1/334) وعن ابن الدبيثي- عند ما ذكر تاريخ ولادة ابيه، قال انها كانت في «يوم السبت سابع عشرى صفر سنة 577» . وقال الأستاذ جواد (مصدر سابق 6/426 حاشية) في وضع مشابه «في الأصل (وفي رابع عشريه) وهو الصواب اي الرابع والعشرين، والمتأخرون يضيفون العقود ويحذفون النون للاضافة» .
الترجمة- 23
أ- كلمة «في» غير موجودة في الأصل، فأضفناها ليستقيم المعنى.
ب- في الأصل «سالته» ، فصححناها ليستقيم المعنى.
الترجمة- 24
أ- بسبب إعادة التحبير تصحفت الى «عيين» ، فصححناها وفقا لما ذكره(1/496)
المؤلف (ورقة 28 ب و 29 أ) . أما كلمة «علي» فقد كتبت في الحاشية وأشر موضعها في المتن.
ب- في الأصل «سققت دحاحه» ، وهي لا تفيد أي معنى، فاخترنا ما هو مثبت في المتن.
ت- روى ابن الجوزي 24 بيتا من هذه القصيدة، ولكنه لم يرو بعض ما رواه ابن المستوفي، كما ان في الروايتين بعض الاختلاف أحيانا، من ذلك روى «حان» في هذا البيت بدلا من «كان» ولم يرو البيت الرابع والأبيات الثلاثة الأخيرة من المقطوعة أابن الجوزي «المنتظم» 10/17) .
ث- روي في «المنتظم» عبارة «يا موحشين لنا» بدلا من «يا بني حسن» .
ج- الحب بكسر الحاء، أي المحب.
ح- نصب كلمة «عتيق» لأنها مفعول به لفعل مقدر، تقديره «اعني» .
خ- كلمة «بالقاف» غير موجودة بالأصل، فأضفناها ليستقيم الوزن والمعنى، والمقصود «القيح» .
د- في الأصل «الخطيب» .
ذ- سبق ووردت نسبته «الحلّي» وسترد هذه النسبة مرة اخرى (ورقة 29 أو 170 ب) ، وسماه السبكي «الحلوي الجاواني» ، والراجح ان تكون «الحلّوي» نسبة للحلة ( «طبقات الشافعية» 6/153) .(1/497)
الترجمة- 25
أ- في الأصل «الكرحى» وبعدها بياض بقدر كلمتين لم أدرك الغرض منه.
ويبدو ان المقصود بهذا الموضع «الكرخيني» أو قلعة «كرخيني» ، وهي قلعة حصينة بين إربل ودقوقا، ويظن أنها كركوك الحالية التي كانت تسمى «قورية» (ياقوت «بلدان» 4/257، العزاوي «مجلة مجمع دمشق» 22/228، «الموسوعة الاسلامية» 2/1027، فاي «آشور المسيحية» 3/43- 44) .
ب- كذا في الأصل، مع بياض بقدر ثلاث كلمات، يبدو ان المؤلف خصصه لذكر تاريخ الوفاة عند العثور عليه.
الترجمة- 27
أ- تصحفت في الأصل الى «الحي» ، واللحي هو منبت اللحية (لسان العرب) .
ب- بياض بقدر كلمتين، ولعله للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ت- في الأصل «محمد» والظاهر ان المؤلف يقصد «محمود بن علي الخواتيمي» الذي سمع كتاب «الشهاب» على المزيدي، أو أنه يقصد تكملة اسم القضاعي، وهو محمد. ولقد تعذر عليّ الترجيح لوجود خرم بعد هذه الكلمة.
ث- سقطت هنا بعض الأوراق.
الترجمة- 28
أ- سقطت هنا بعض الأوراق، وأن هذه الورقة وما بعدها تعود الى ترجمة(1/498)
شخص آخر هو يوسف أو سيف الزيلعي- كما هو ظاهر من خاتمتها-.
وقد حاولت أن أجد بداية لهذه الترجمة في اي مكان آخر فلم أوفق. ولذا فصلتها عن سابقتها ووضعت لها عنوانا من عندي.
ب- الاشارة هنا الى يوسف الزيلعي، كما يتضح من الورقة 30 ب من المخطوطة.
ت- كذا في الأصل، ولم أدرك المقصود.
ث- يقال «ناقة علجوم» أي شديدة، وهو ايضا ذكر الضفادع أو الضفدع عامة، أو المسنّ من الوحش، وقيل إنه طوال الابل، وجمعه علاجيم (لسان العرب) .
ج- البخل والبخل، ضد الكرم. ويقال رجل بخل (لسان العرب) .
ح- هبل صنم لقريش كان في الكعبة (لسان العرب) .
خ- أي زينب بنت النبي- ص-.
د- كذا في الأصل، ويبدو ان المؤلف أراد أن يقول «وصل الى إربل في تاريخ كذا» .
ذ- في الأصل «على» ، فصححناها ليستقيم المعنى.
ر- بياض بقدر ثلاث كلمات، وأظن ان المؤلف اراد ان يكمل الجملة فسها.
ز- «عن» غير موجودة في الأصل فأضفناها. وبعد هذه العبارة بياض بقدر أربع كلمات.
س- وضع الناسخ هنا اشارة الخطأ، وكتب في الحاشية «خطأ» وتحتها عبارة «هذا خلف كله» دون أن يبين السبب.(1/499)
الترجمة- 29
أ- ورد في الأصل بعد ذكر الموصل «إليه» وفوقها علامة الخطأ فحذفناها لأنها زائدة.
ب- رويت «وافتك» في «تحفة القادم» .
ت- كلمة «كأنها» غير موجودة في الأصل فأضفناها من «تحفة القادم» ، وقوله «جنح» أي جنح الليل فلم يرد في «التحفة» ، وروي بدلا عنه «ليل» .
ث- رويت في «التحفة» كلمة «ثديها» بدلا من «درها» . والمقطوعة في وصف المحبرة والقلم.
ج- «وخيما» في البيت الأول تعني الثقيل من الرجال، أما هي في البيت الثاني فتعني «من حاز مجدا وخلقا حسنا» فالواو هنا حرف عطف وليست من الكلمة، وهي «الخيم» أي الشيمة والطبع والخلق وسعة الخلق (زمخشري «اساس البلاغة» و «لسان العرب» ) .
الترجمة- 30
أ- بياض بقدر كلمتين ولعله للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ب- في الأصل «مسجد» بدون أداة التعريف.
ت- المقصود صاحب الترجمة «علي بن محمد بن محمود» .
ث- بياض بقدر كلمة للتنبيه على انتهاء نص الحديث. أما الحديث نفسه فقد رواه المؤلف عدة مرات- كما سنرى- وهو موجود في بعض كتب الحديث باختلاف يسير (انظر «سنن ابي داود» 2/568، «جامع الترمذي»(1/500)
1/365، «مسند ابن حنبل» 4/424) .
ج- بياض بقدر ثلاث كلمات للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ح- المقصود الحسين المحاملي، وقد مر ذكره.
خ- بياض بقدر ثلثي السطر، وأظنه للتنبيه على انتهاء الحديث. وعن الحديث انظر حاشية- ث اعلاه.
د- في الأصل «محمود» ، والتصحيح عن «تكملة المنذري» 2/301 و «تذكرة الذهبي» 4/1255.
ذ- كذا في الأصل، ولعل الصحيح «ولما يدخل» .
ر- بياض بقدر ثلاث كلمات للتنبيه على انتهاء الحديث. وعن الحديث انظر حاشيه- ث.
ز- المقصود سعيد بن عبد الله بن جريج، وقد مر ذكره (الورقة 32 أمن المخطوطة) .
س- أي ليلة 25 ذي الحجة سنة 591 هـ المذكورة في (ورقة 31 ب من المخطوطة) .
ش- فيما يتعلق بالأحاديث التي تروى في العلم انظر (الغزالي «إحياء» 4/436، «سنن الدارمي» 2/48- 49، «مستدرك الحاكم» 4/391 و 393، «مسند ابن حنبل» 2/246- ط المعارف) وكلها تؤيد صحة تلك الأحاديث (انظر ايضا «مسند ابن حنبل» 4/191) .
أما بالنسبة لهذا الحديث فلم أعثر عليه في الكتب التي راجعتها، وهناك أحاديث عن حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (الحاكم «المستدرك»(1/501)
3/75 و 90 و 98 و 111 و 126، الهيتمي «الصواعق» ص 76 و 77 و 79) روى الهروي في «الاشارات» عند ذكر «باب الفراديس» حديثا مناميا عن زيارة ضريح احد آل البيت عند عدم الاستطاعة لزيارة قبر النبي- ص-.
ص- كذا في الأصل، ولم اهتد الى تاريخ وفاته بصورة مضبوطة.
الترجمة- 31
أ- وتكتب أيضا «خانقاه» ، وهي لفظة مولدة تعني رباط الصوفية (إسنوي «طبقات الشافعية» 2/599، ثبت الاصطلاحات) .
ب- في الأصل «المجاهد بها» ، لقد أعيد تحبير هذه الكلمة فتصحفت، ولعل الصحيح ما أثبتنا، وهي نسبة الى مجاهد الدين قايماز. إذ ذكر المؤلف «الرباط المجاهدي» و «خانكاه أبي منصور قايماز» في مواضع اخرى من المخطوطة، وهما بطبيعة الحال مؤسسة واحدة (ورقة 74 ب و 87 ب من المخطوطة) .
الترجمة- 32
أ- في الأصل «خالده» ، والتصحيح عن (ابن حبان «مشاهير الرجال» ص 98، الذهبي «تذكرة» 1/62) .
ب- لم أهتد الى تحقيق هذه الوصية.
الترجمة- 33
أ- في الأصل «ابو القاسم» والتصحيح بخط ابن الشعار.
ب- في الأصل «كفر حدنان» ، ولعلها تصحفت عن «كفر جديا» أو «كفر(1/502)
جدايا» ، إذ ذكر ياقوت صاحب الترجمة في مادة «باجدّا» وهي قرية قرب الرقة. وذكر أيضا «كفر جديا» بأنها من قرى الرها أو حران، فلعل القريتين مكان واحد. أما ابن الشعار فقد سماه «كفر جداياني» نسبة الى قرية من قرى حران (ياقوت «بلدان» 1/453، ابن الشعار «عقود» 6/ورقة 266) .
ت- في الأصل بياض في موضع اسم الكتاب، وقد أضيف فيما بعد بخط مختلف، ولم يكف الفراغ لكتابته فأكمل في الحاشية. والراجح عندي بأن الاضافة بخط ابن الشعار.
ث- بياض في الأصل بقدر أربع كلمات للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ج- إشارات ضمنية الى آيات قرآنية هي على التوالي (والنخل باسقات لها طلع نضيد) و (فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا) و (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) انظر 50/10، 56/35 و 36، 50/34.
ح- في الأصل «توفي في..... سنة اثنتين وعشرين وستمائة» إلا أن التاريخ أضيف كاملا- مع ذكر السنة مرة اخرى- بخط مختلف، ولم يكف الفراغ كتابته فأكمل في الحاشية. وهنا أيضا أرجح أن تكون الاضافة بخط ابن الشعار، خصوصا وان الأخير ذكر وقت الوفاة وتاريخها في كتابه بصورة متطابقة تماما.
خ- أورد هذه العبارة أيضا ابن رجب «ذيل طبقات الحنابلة» 2/152.
د- الأبدال جمع بدل وهو اصطلاح صوفي يعني قطب، والأبدال عند الصوفية سبعة رجال، ومن سافر منهم عن موضعه ترك جسدا على صورته حتى لا(1/503)
يعرف أحد أنه فقد. وقيل إنهم قوم من الصالحين، بهم يقيم الله الأرض (التهانوي «كشاف» 1/146، إسنوي «طبقات الشافعية» 2/590، ثبت الاصطلاحات، «لسان العرب» ، الجرجاني «تعريفات» ص 37.
ذ- في الأصل «ابن المرى» فصححناها، وقد ذكر أبو شامة بأن صاحب الترجمة تفقه على أبي الفتح ابن المنّي، «ذيل الروضتين» ص 146.
ر- في الأصل «فيه» ، وقد أورد هذه العبارة ابن رجب ايضا «الذيل» 2/152.
ز- كذا في الأصل، وحقها أن تكون «ابي» معطوفة على «ابي الفتح» ، وينبغي أن تكون على هذه الصورة في بقية الكنى.
س- هو عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ، وقد مر ذكره.
ش- في الأصل «الشهرزوري» ، وهذا تصحيف واضح فصححناه.
ص- عبارة «في شهر شعبان» مضافة بخط مختلف، وأظنه خط ابن الشعار.
ض- المقصود أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، المعروف بابن البطي، فقد سمع على مالك البانياسي، وسمع عليه صاحب الترجمة وفقا لما ذكره ابن الدبيثي في «المختصر المحتاج اليه» 1/77. سبق ومر ذكر ابن البطي (ورقة 34 ب) .
ط- بياض بقدر ثلاث كلمات للتنبيه على انتهاء نص الحديث. أما بالنسبة للحديث نفسه- وسيرويه المؤلف في الورقات- 41 ب، 72 ب، 98 ب، 130 ب، 185 ب- فقد روي بنصوص متشابهة تؤدي كلها الى المعنى نفسه (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1413، «صحيح مسلم»(1/504)
6/48، «صحيح البخاري» 1/4 و 3/35 و 4/399 و «سنن النسائي» 1/58 و 6/158، «سنن ابي داود» 1/510، «مسند ابن حنبل» 1/227 ط المعارف، الغزالي «الاحياء» 4/311) .
ظ- بياض بقدر كلمتين للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ع- في الأصل «غمضا» ، والتصحيح عن «وفيات ابن خلكان» . وقد وردت في «واقي الصفدي» «غمّضا» .
غ- في الأصل «وحق الهوى» والتصحيح عن «وافي الصفدي» .
ف- في الأصل «وجبهتي» ، ولعله أراد «وجنتي» ، إلا أنها في «وفيات ابن خلكان» وردت «جبهتي» بدون واو يسبقها.
ق- لم يرد هذا البيت في «وفيات ابن خلكان» . ومعنى «روّضا» صار روضة.
الترجمة- 34
أ- كتب في الحاشية «بعبادة» ، والمقصود انها رويت هكذا أيضا علاوة على رواية المتن.
ب- بياض بقدر عشر كلمات للتنبيه على انتهاء الحديث. أما بشأن الحديث نفسه، فانه موجود في عدد من الكتب بنصوص متشابهة، ولكن بتقديم بعض العبارات وتأخير البعض الآخر، إلا أنها لا تخرج بمعناها عن رواية المؤلف (انظر «صحيح مسلم» 1/171 و 360، 4/226 و 229، «سنن النسائي» 8/222، «جامع الترمذي» 2/63، «موطأ مالك» 2/952- 953، السيوطي «الجامع الصغير» 2/26. كذلك رواه البخاري في كتاب «الحدود» .(1/505)
ت- كذا بالأصل «تقل» بالتاء.
ث- لم أجد هذا الحديث بنصه في المراجع المتيسرة، إلا أنني وجدت حديثا عن أشراط الساعة تضمن المعنى الذي أشار اليه هذا الحديث (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1343 «صحيح مسلم» 8/58، «صحيح البخاري» 1/32، 3/453، 4/28 و 299، «جامع الترمذي» 2/32، «مسند ابن حنبل» 3/98) .
ج- بالأصل «أصلة» بالصاد، والأسلة هي طرف اللسان (انظر «لسان العرب» ) .
الترجمة- 35
أ- بياض في الأصل بمقدار سطر واحد، وقد كتب فيه ابن الشعار تاريخ وفاة ابن الحداد وفقا لما هو مثبت في المتن.
ب- كذا بالأصل، وهو كلام مبتور.
الترجمة- 36
أ- سماه المنذري «ابن حبن» (انظر «التكملة» 2/353 و 354) .
ب- كذا في الأصل، ولم أهتد الى المعنى، ولعلها مصحفة عن «مغلاتها» .
ت- في الأصل «عبيد» ، ثم أضيف كلمة «الله» بخط مختلف، أحسبه خط ابن الشعار.
ث- في الأصل «الزغواني» ، فصححناها لأنه منسوب الى «زاغونى» كما في «بلدان ياقوت» .(1/506)
ج- اثر حك بعد هذه الكلمة.
ح- في الأصل «فان» فصححناها ليستقيم المعنى، علما بأن العبارة الأخيرة من الحديث في رواية ابن حنبل وردت هكذا «فلقد رأيتنا نعلمه إماء أهل المدينة» ، ولم يروه غيره، «المسند» 4/263. إلا أن هناك أحاديث في الحث على هجو المشركين (انظر «صحيح مسلم» 7/163 و 164، «صحيح البخاري» 2/309، 3/149، 4/100.
خ- بياض بقدر سبع كلمات للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
د- في الأصل ورد المقطع الأول من الكلمة «الد» واختفى المقطع الثاني بسبب التآكل، فأكملناها.
ذ- بياض بقدر كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ر- كذا في الأصل، ولا شك ان المقصود سنة 598 هـ.
الترجمة- 37
أ- في الأصل ورد المقطع الأول من الكلمة «الر» واختفى المقطع الثاني بسبب التآكل، فأكملناها.
ب- بياض بقدر كلمة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ت- في الأصل «قرّ خزاذ» بالقاف، إلا أنني لم أهتد الى أصل هذه التسمية، وقد وجدت نسبة مقاربة هي «الفرّخزادي» (ياقوت «بلدان» 3/486، «طبقات السبكي» 6/402) .
ث- ورد هذا الحديث في عدد من الصحاح (انظر «صحيح مسلم» 8/42، البخاري «الصحيح» 4/153، «مسند ابن حنبل»(1/507)
3/202، ابن الساعي «الجامع المختصر» ص 13- 14، وروى السيوطي حديثا يتضمن بعض معنى هذا الحديث في «الجامع الصغير» 2/172.
ج- هو محمد بن مسلم الزهري الوارد ذكره في ورقة- 39 أمن المخطوطة.
ح- وقع مثل هذا في الورقات- 50 ب، 62 ب، 64 ب من المخطوطة.
والمقصود بقوله «كأنني سَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَصَافَحْتُهُ، وَكَأَنَّ شيخي سمعه من البخاري» ، ان المؤلف وقع له هذا الحديث باسناد عال، أي أن سلسلة سند الحديث بينه وبين النبي- ص- كانت قصيرة، يتساوى فيها عدد الرواة بعدد الرواة بين مسلم والنبي- ص- في الحالة الأولى، وبين البخاري والنبي- ص- في الحالة الثانية. وقد صرح بذلك ابن المستوفي عند ما قال: «فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَأَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْإِسْنَادَ مِنَ الْبُخَارِيِّ نَفْسِهِ وَسَاوَيْتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَدَدِ «رغم أن البخاري توفي سنة 256 هـ في حين توفي ابن المستوفي سنة 637 هـ. وعليه فانه تعلو الرواية وتكون أسانيدها عالية كلما قلّ عدد الشيوخ في السند (إسنوي «طبقات الشافعية» 2/591 و 600، ثبت الاصطلاحات) .
الترجمة- 38
أ- بياض بقدر كلمة للتنبيه على بداية نص الإجازة.
ب- تصحفت في الأصل الى «واخذت» .
ت- بياض بقدر خمس كلمات للتنبيه على انتهاء الفقرة.
ث- أي في كتاب «تحفة المحدثين» آنف الذكر.
ج- في الأصل «واولها» ، ولعل الصحيح ما أثبتنا.(1/508)
ح- في الأصل «الحسن» وقد أشر إزاءها بعلامة الخطأ، فصححناها عن «منتظم ابن الجوزي» و «تذكرة الذهبي» .
خ- ورد هذا الحديث في عدد من الصحاح بما لا يخرج عن النص الوارد في المتن (انظر «صحيح مسلم» 3/6- 7، «صحيح البخاري» 1/224 و 228، 2/380، «سنن النسائي» 3/85، «مسند ابن حنبل» 2/274 و 341، «سنن ابن ماجة» 2/1434) .
د- هنا في الأصل «و» وهي زائدة لأن كنية محمود هذا هي «ابو الفتح» .
ذ- بياض بقدر أربع كلمات للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ر- كذا في الأصل.
ز- أي الباب الأول.
س- في الأصل «بقراءتي» فصححناها ليستقيم المعنى. وقد يكون المقصود بقراءة «عبد الغفار» .
ش- في الأصل «الشحري» والصحيح «السجزي» نسبة الى سجستان.
ص- كلمة «عن» غير موجودة في الأصل.
ض- لم أعثر على هذا الحديث في الكتب التي راجعتها، وهناك بعض الأحاديث عن فضل العلم والعلماء والتعليم والتعلم (انظر الغزالي «إحياء» 1/5، «سنن ابن ماجة» 1/89) .
ط- كذا بالأصل، والصحيح «الاربعة عشر» .
الترجمة- 39
أ- ضبطها ابن خلكان هكذا، ولم يذكر معناها «وفيات» 2/373.(1/509)
ب- أي العماد الكاتب.
ت- خرقة الصوفية، او خرقة التصوف، أو خرقة المتصوفة هي لباسهم.
والخرقة المباركة هي التي يلبسها الشيخ لمريده وتسمى «خرقة الارادة» . وقد يلبس المريد خرقتين من شيخين مختلفين. ولبس الخرقة مصطلح صوفي معناه أخذ المريد الطريقة عن شيخه وانتمائه اليه.
(التهانوي «كشاف» 1/444، إسنوي «طبقات» 2/612، ثبت الاصطلاحات، «قاموس دوزي» ) .
ث- في الأصل «فحبي» ولعل الصحيح ما أثبتنا، وكلمة «باديا» في آخر البيت منصوبة على الحال.
ج- لعل المقصود انه آخر كلام العماد الاصفهاني، علما بأنني لم أجد ذكرا لعبد القاهر هذا في المطبوع من «الخريدة» .
ح- أي عمر بن محمد السهروردي الواردة ترجمته في هذه المخطوطة (ورقة- 88) .
خ- راجع ترجمته في هذه المخطوطة (ورقة- 76) .
د- في الأصل كلمة (بن) وردت قبل «محمد» ، وأشر عليها بعلامة الخطأ.
ذ- في الأصل «بن أبي المظفر» ، ولم أجد بين رجال الحديث في هذه الفترة من هو بهذا الاسم، فلعل الصحيح ما أثبتّ.
ر- كتب في الحاشية «ينكحها» وفوقها علامة «صح» .
ز- بياض بقدر ثلاث كلمات للتنبيه على انتهاء نص الحديث. لقد سبق(1/510)
وروي هذا الحديث (راجع ورقة- 36 أمن المخطوطة) .
س- في الأصل تصحفت الى «سعيد» فصححناها (انظر ورقة- 3 أمن المخطوطة) .
ش- بياض بقدر كلمة واحدة للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ص- في الأصل «ابن أبي تيمية» فصححناها، والمقصود محمد بن الخضر ابن تيمية، وقد مرت ترجمته في هذه المخطوطة (ورقة- 34 ب) .
ض- بياض بقدر خمس كلمات للتنبيه على انتهاء فقرة وبداية اخرى.
ط- في الأصل «عبد الله القاهر» .
ظ- تصحفت في الأصل الى «الروطي» ، وهو أبو القاسم زاهر بن أبي عبد الرحمن طاهر الشحّامي (المخطوطة- ورقة 26 ب، الذهبي «العبر» 4/91) .
ع- هو القاضي محمد بن عمر الأرموي السابق ذكره (ورقة 34 أمن المخطوطة) ، وكان يدعى أيضا باللوزي لسكناه في محلة اللوزية ببغداد (انظر «انساب السمعاني» مادة «اللوزي» ، و «تكملة المنذري» 2/271) .)
غ- هو محمد بن عبد الباقي الأنصاري السابق ذكره (ورقة 42 ب) .
ف- في الأصل «فاجاز» ولعل الصحيح ما أثبتنا.
ق- له ترجمة في هذه المخطوطة (ورقة- 98 ب) .
ك- كذا في الأصل ولعل الصحيح سنة 508 هـ، لأن ابن نبهان توفي سنة 511 هـ، (انظر ورقة- 41 ب من هذه المخطوطة) .(1/511)
ل- ورد هذا الحديث في أغلب الكتب المعتمدة (انظر «صحيح مسلم» 3/121، «صحيح البخاري» 1/274، 2/321، «جامع الترمذي» 3/66، «مسند ابن حنبل» 2/357، مالك الموطأ» 1/310- 311، «سنن ابن ماجة» 1/226، «مستدرك الحاكم» 1/421، السيوطي «الجامع الصغير» 1/20) . ويبدو ان ورود الحديث في «المستدرك على الصحيحين» رغم وروده فيهما، سببه أن الحاكم رواه بسند مغاير لما في الصحيحين.
م- بياض بقدر كلمة.
ن- ورد في «أساس البلاغة» بأن «صفده وصفّده» أوثقه بالحديد، و «صفده وأصفده» أعطاه (ص 356) .
هـ- بياض بمقدار كلمة واحدة المراد به القول: «الخ البيت» . وقد ورد البيت في «ديوان النابغة» بالنص الآتي:
(هذا الثناء فإن تسمع لقائله ... فلم أعرّض- أبيت اللعن- بالصفد)
وقال الشارح عن «أبيت اللعن» إنها تحية جاهلية معناها «أمنت ما تذم عليه وتلعن» ، وان «الصفد» هو العطاء أو التعويض (ص 214) .
وأي ابن المستوفي المؤلف.
لا- وردت هذه العبارة بالأصل «ويجلس على طرف ما ببيع من غير» ، ولعل ما أثبتنا هو الصحيح.
ى- بياض بمقدار ثماني كلمات للتنبيه على انتهاء الكلام.(1/512)
الترجمة- 40
أ- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ب- ورد هنا بالأصل «واقا» وفوقها علامة الخطأ فحذفناها.
ت- هو أحمد بن المبارك وسيأتي ذكره في هذه المخطوطة (ورقة- 46 ب) .
ث- الكفر عزي قاضي إربل، وقد مر ذكره في المخطوطة (ورقة- 23 أ) .
ج- أي البوازيجي الذي ستأتي ترجمته في المخطوطة (ورقة- 176 أ) .
ح- سترد ترجمته في هذه المخطوطة (ورقة- 152 أ) .
خ- في الأصل «ابو طالب» فقط، وقد أكمل الاسم بخط مختلف أحسبه خط ابن الشعار.
د- في الأصل «فيض» ، فصححناها ليستقيم المعنى.
ذ- في الأصل «كالاسباب» ، فصححناها ليستقيم المعنى.
ر- البازل من البعير هو المسنّ، والعود مثل ذلك. جاء في «لسان العرب» قولهم بزل البعير بزولا، فطر نابه أي انشق، فهو بازل ذكرا أو انثى، أما العود فهو الجمل المسنّ وفيه بقية. والأسقاب جمع سقب، وهو ولد الناقة، وقيل الذكر من ولدها.
ز- في الأصل «وحرب الحراب» .
س- وردت في الأصل كلمة «بعد» يعجز فحذفناها لأنها زائدة.(1/513)
الترجمة- 41
أ- المقصود عبد القادر الجيلي، وقد مر ذكره.
ب- بياض بقدر ست أو سبع كلمات للتنبيه على انتهاء الفقرة.
ت- في الأصل «أخي الشيخ عدي» ، والصحيح ما أثبتنا (انظر ترجمته في المخطوطة، ورقة 46 أ) .
ث- ذكر ابن كثير انه عاش 70 سنة «البداية» 12/243.
ج- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 120 ب) .
ح- في الأصل «رأيتك مارا» وفوق الكلمة الثانية علامة الخطأ.
خ- كلمة فارسية تكتب «دركاه» بالكاف الفارسية، ومعناها باب أو ديوان يتمتع بالحرمة كدواوين السلاطين والملوك (انظر «قاموس فرهنك» ) .
د- بياض بقدر كلمتين للتنبيه على انتهاء الفقرة.
ذ- بياض بقدر كلمتين.
ر- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 109 ب) .
ز- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 46 ب) .
س- هناك اختلاف في تاريخ الوفاة بين 555 هـ و 557 هـ (انظر ورقة 45 من المخطوطة حاشية 1) .
الترجمة- 42
أ- أي ان اسم والده وكنيته شيء واحد.(1/514)
ب- الشبابة آلة موسيقية هي الناي، وكان بعض الصوفية يستعملونها أثناء غنائهم (ابن العماد «شذرات» 5/152، إسنوي «طبقات» 2/605، ثبت الاصطلاحات، «قاموس دوزي» ) .
ت- أي الاعتقاد بأن النقطة والشكلة قديمة قدم القرآن الكريم (ورقة 47 ب من المخطوطة) . هذا وقد روي للحسن بن عدي الآتية ترجمته بيتان في الغزل ضمّنهما الاشارة الى الشكل والنقط (الكتبي «الفوات» 1/242) ، وهما:
سطا وله في مذهب الحب أن يسطو ... مليح له في كل جارحة قسط
ومن فوق صحن الخد للنقط غاية ... تدل على ما يفعل الشكل والنقط
الترجمة- 43
أ- مرت ترجمة (ورقة- 37 ب من المخطوطة) .
ب- بياض بقدر كلمتين. أما الفتوى فسيأتي ذكرها (ورقة- 47 أمن المخطوطة) .
ت- السلعة زيادة تحدث في الجسد كالغدة- كما في «لسان العرب» .
ث- في الأصل «تحجل» وفوقها علامة الخطأ، وكتب في الحاشية «تحجب» .
ج- كذا بالأصل، والذبل هو الطاعون والجدول، وقيل أنه ميعة الشباب، ولعل المعنى الأخير هو المراد (انظر «لسان العرب» و «قاموس البستان» ) . اما «الذبل» فهو وصف للقنا، فيقال «قنا ذابل دقيق لاصق» والجمع ذبّل وذبل، كما في «اللسان» .(1/515)
ح- روى ابن خلكان أن عمر السهروردي أنشد البيت الآتي مع بيت آخر:
أنت الكريم ولا يليق تكرما ... أن يعبر الندماء دور الكاس
وروى ابن العماد البيتين المذكورين، إلا أنه روى الشطر الثاني من البيت «أن يصبر الندماء دون الكاس» (انظر «وفيات 3/119، «شذرات» 5/154) ، تاريخ عمر ابن الوردي 2/238.
خ- أي صاحب الترجمة.
د- كذا: في الأصل، والبيت غير موزن فلعل الصحيح «إذ ارتحل» ، وبه يستقيم الوزن.
ذ- هي الفتوى التي سبق وأشار اليها المؤلف (ورقة- 46 ب من المخطوطة) .
ر- جزء من آية في سورة العنكبوت (29/13) وتمامها (وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم، وليسئلنّ يوم القيامة عماّ كانوا يفترون) .
ز- كذا في الأصل وهو حديث ناقص، ونصه (من سنّ سنّة حسنة فعمل بها، كان له أجرها، ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا. ومن سنّ سنّة سيئة فعمل بها، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لا ينقص من أوزارهم شيئا) . وقد ورد هذا الحديث في عدد من الصحاح (انظر «سنن ابن ماجة» 1/74- 75، «صحيح مسلم» 3/87، 8/61، «سنن النسائي» 5/75- 76، «سنن الدارمي» 1/107- 108، «مسند ابن حنبل» 4/363، «موطأ مالك» 1/218) » والظاهر ان ناسخ المخطوطة سها عن نقل الحديث كاملا فتشوّه.
س- كلمة «على» غير موجودة في الأصل.
ش- الاشارة هنا الى آيات من سورة الكهف (18/103 و 104 و 105 و 106) ، وتمامها (هل أنبّئكم بالأخسرين أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا. ذلك جزاؤهم بما(1/516)
كفروا واتخّذوا آياتي ورسلي هزوا) .
الترجمة- 44
أ- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 69 ب) .
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.
ت- له ترجمة اخرى تحمل معلومات أوفى في هذه المخطوطة (ورقة- 144 ب) .
الترجمة- 45
أ- كذا في الأصل.
ب- في الأصل «الشاسي» .
ت- كذا في الأصل، ويمكن قراءتها أيضا «البانردى» ، هذا ولم أوفق الى القراءة الصحيحة.
الترجمة- 46
أ- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ب- بياض بقدر سبع كلمات خصص لادراج تاريخ الوفاة.
الترجمة- 47
أ- كذا في الأصل، ولعل المقصود سنة 580 هـ لأن الحازمي ولد سنة 549 هـ وتوفي سنة 584.
ب- لعل المقصود سنة 233 هـ لأن الراوي «جعفر الفاريابي» ولد سنة 207 هـ وتوفي سنة 301 هـ.
ت- عبارة «وهو الشافعي، قال سمعت» مكتوبة في الحاشية ومؤشر مكانها(1/517)
في المتن.
ث- بياض بقدر خمس كلمات. والظاهر ان في ما قاله محمد بن عجلان هو إشارة الى حديث أو قول مأثور، ولكنني لم أجد في الكتب التي راجعتها حديثا بهذا النص، غير أنني وجدت أحاديث وأقوالا توصي بعدم الاجابة عن غير علم، وأن «لا أدري نصف العلم» (انظر «سنن الدارمي» 1/56- 58، «مسند ابن حنبل» 4/141 ط المعارف، الغزالي «إحياء» 1/63) . وفي المرجع الاخير ورد قوله: «جنة العالم لا أدري، فإن أخطاها أصيبت مقاتله» . وجاء في كتاب «الاسرار المرفوعة في الاخبار الموضوعة» ص 380 حديث «لا ادري نصف العلم» ، وقيل «لا ادري ثلث العلم» ، وقال المصنف ان هذا الحديث رواه بعض المحدثين.
ج- بياض بقدر كلمتين.
ح- خ- بياض بقدر أربع كلمات.
د- كذا في الأصل، والسفينة- كما في «قاموس دوزي» - كتاب كبير جدا وطويل، أو كتيب مستطيل، أو مجموعة من عدة كتب، أو مجموعة أغاني. ويبدو ان المقصود هنا مجموعة كتب في الحديث. هذا ولم أوفق في العثور على كتاب للحازمي بهذا الاسم.
ذ- تصحفت كلمة «الفيصل» فصارت «التفصيل» ، والصحيح ما ذكرناه في الحاشية 3 (ورقة- 54 ب من المخطوطة) .
ر- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ز- أي بخط أبي بكر الحازمي.(1/518)
س- المقصود ان المؤلف نقل العبارة التي حصرناها بين علامتي الاقتباس، وأنها بخط القزويني.
الترجمة- 48
أ- وأضاف ابن الفوطي كنية اخرى هي «أبو الفرج» وسمّاه «يوسف بن أحمد بن يحيى الشيرازي ثم العراقي» ، ولقبه «عضد الدين» و «مجير الدين» (انظر «معجم الالقاب» 1/460، 5/ترجمة- 648) .
ب- لم يفصح المؤلف عمن يقصد بالثقة الصدوق.
ت- إنها عبارة غامضة، إذ لم يبين المؤلف ماهية الأمر الآخر، ولعله أراد أنه لم يقم في بلاد العجم بطلب الحديث.
ث- في الأصل «عبد الله» ، والتصحيح عن «تكملة المنذري» (1/207) ، إذ ورد فيها انه سمع أَبَا الْفَتْحِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ الكروخي (ابن الفوطي «المعجم» 1/547، والمخطوطة، ورقة- 38 أ) .
ج- أي ابن المزاغوني، وقد مر ذكره (المخطوطة- ورقة 38 أ) .
ح- في الأصل «البذنحى» ، ولم أهتد الى صحة قراءتها، ولعلها مصحفة عن «البندنيجي» أو «الزرنجري» أو «الجرزي» وما الى ذلك.
خ- بياض بقدر ثلاث كلمات.
د- في الأصل «احمد» ، وكتبه المؤلف في الورقة (72 ب) «محمد» والتصحيح عن «تذكرة الذهبي» (2/568) في ترجمة أبي حاتم الرزازي، و «شذرات ابن العماد» (2/362) .(1/519)
ذ- هو عثمان بن جبلة، والد عبدان وقد مر ذكره (المخطوطة- ورقة 39 ب) .
ر- بياض بقدر كلمتين. أما الحديث فقد روى في أغلب الكتب التي راجعتها بصيغ متقاربة لا تخرج عن رواية المؤلف (انظر «صحيح مسلم» 2/133، «سنن ابن ماجة» 1/240 و 313، «صحيح البخارى» 1/181، «سنن النسائي» 2/70 و 76 و 77 و 80 و 104، «جامع الترمذي» 1/458، «سنن الدارمي» 1/230، «سنن أبي داود» 1/137، السيوطي «الجامع الصغير» 2/204، «مسند ابن حنبل» 3/48 و 51 و 84 و 163) .
ز- فيما يتعلق بالمعنى الذي قصد اليه المؤلف راجع حاشية- ج (ورقة 39 ب من المخطوطة) .
س- أي سورة «العلق» ورقمها 96، ولم أهتد الى مقصود المؤلف إذ ليس في كتب الحديث التي راجعتها حديثا باسم السورة. ولعله يريد الأحاديث التي تقول بأنها أول سورة نزلت، أو الأحاديث المفسرة لها، أو تلك الأحاديث التي رويت فيما يتعلق عن أسباب نزول بعض آيها، وهي مبثوثة في كتب الحديث (انظر «مستدرك الحاكم» 2/220، «المتقي الهندي كنز العمال» 2/35، «جامع الترمذي» 2/238، «كشاف الزمخشري» 2/554، «صحيح البخاري» 3/379) . وإنني أرجع الاحتمال الثاني، لأن ما قاله المؤلف عن رواية البخاري حديث هذه السورة عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرَوَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد العزيز بن أبي رزمة ينطبق من حيث المعنى والسند وما روي في «صحيح البخاري» عن تفسير السورة المذكورة.
ش- كذا في الأصل «والمقصود «ابن الدبيثي» .(1/520)
ص- أي اسماعيل بن احمد السمرقندي، وقد مر ذكره.
الترجمة- 49
أ- الإسناد العالي هو ما قرب رجال سنده من الرسول- ص- بسبب قلة عددهم إذا قيسوا بسند آخر يرد في ذلك الحديث نفسه بعدد كبير (راجع الصالح «علوم الحديث» ص 236)
ب- السند النازل هو ما قابل العالي (انظر المرجع السابق ص 240) .
ت- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 56 ب) .
ث- بياض بمقدار ثماني كلمات.
ج- كلمة «مولى» غير موجودة في الأصل فأضفناها ليستقيم الوزن.
الترجمة- 50
أ- كذا بالأصل، ولعله أراد أن معرفته بالأدب لا بأس بها.
ب- في الأصل «يا ست عبدها هذه ... الخ» فصححناها ليستقيم الوزن والمعنى.
ت- كلمة «اين» مكتوبة في الحاشية إزاء هذا البيت ولم يؤشر موضعها.
ث- هو لقب محمد بن محمد بن عبد الله الشهرزوري آنف الذكر.
ج- هي كنية محمد الشهرزوري المذكور في الحاشية السابقة.
ح- الأين بمعنى الاعياء، كما في «لسان العرب» .
خ- في الأصل «سربن» ، فصححناها ليستقيم المعنى.(1/521)
د- أي غاليات الثمن.
ذ- له ترجمة في المخطوطة (ورقة- 181 أ) .
ر- هذه الفقرة بكاملها أضيفت بخط مختلف، هو خط ابن الشعار، على ما أظن.
الترجمة- 51
أ- في الأصل «عبد الرحمن بن محمد بن عبد الغني» ، فحذفنا «محمد» اعتمادا على ابن الدبيثي (مخطوطة كمبرج- ورقة 37) وعلى ما ذكره المؤلف نفسه من أن أباه هو «عبد الغني» (انظر المخطوطة- ورقة 53 ب، 54 أ) .
ب- في الأصل «من أحد عدول» فحذفنا «من» ليستقيم المعنى.
ت- هو «الجامع الصحيح» وقد مر ذكره (ورقة- 4 ب من المخطوطة) هذا وقد اشتهر أبو الوقت السجزي بأنه راوي «صحيح البخاري» .
ث- في الأصل «شاهد» فصححناه ليستقيم المعنى.
ج- بياض بقدر كلمة واحدة.
ح- ذكر ابن الجوزي وفاته سنة 544 هـ ( «المنتظم» 10/140) ، وحيث ان ولادة صاحب الترجمة كانت سنة 540 هـ- وهي سنة وفاة والده وفقا لرواية ابن المستوفي- فلا أدري كيف تسنى له السماع بافادة والده أولا، وكيف أمكن له السماع مع والده سوية ثانيا؟! (راجع المخطوطة- ورقة 53 أ) .
خ- في الأصل «ابي محمود» فحذفنا «ابي» لأنها زائدة.(1/522)
د- في الأصل «المغيرة» وهو تصحيف واضح.
ذ- سبق ذكره في المخطوطة (ورقة- 14 ب) ، وقد توفي سنة 540 هـ.
ر- بياض بقدر سبع كلمات.
ز- ذكر ابن الدبيثي وفاته سنة 614 هـ (مخطوطة كمبرج- ورقة 37) .
الترجمة- 52
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- في الأصل «الولي» ، ولعل الصحيح ما أثبتنا إذ ذكر ابن الفوطي «محمود بن عبد الله الحراني والي حران» (انظر «المعجم» 2/1165) .
ت- نقل المنذري هذه العبارة بنصها في ترجمة عبد القادر الرهاوي «التكملة» 4/163.
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ هِبَةَ اللَّهِ الموصلي، وقد مر ذكره في المخطوطة (ورقة 35 ب) .
ح- في الأصل «يحيى ابنه عمر الله» ، وكتب فوق «عمر» كلمة «عبد» . ويبدو ان الناسخ أراد في البداية ان يكتب اسم «شهدة ابنة عمر» ثم أدرك أن المطلوب هو «يحيى» .
خ- هو الحسن بن العباس الرستمي، وقد مر ذكره في المخطوطة (ورقة- 50 ب) .(1/523)
د- كذا في الأصل والصحيح «جمادى الاولى» وفقا لما ذكره ابن الدبيثي «مخطوطة كمبرج» ورقة- 92. قال المنذري إنه توفي في 2 جمادى الاولى سنة 612 هـ «التكملة» 4/160.
ذ- أي عند ما كان كوكبوري اميرا على حران (راجع ترجمة كوكبوري في هذه الرسالة) .
ر- هو عبد الحق بن عبد الخالق، وقد مر ذكره في المخطوطة (ورقة 2 ب) .
الترجمة- 53
أ- في الأصل «ابن ابنه» ، ولعل الصحيح ما أثبتنا.
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.
الترجمة- 54
أ- نسي الناسخ أن يكتب «محمد بن» فأضافها فوق عبارة «ابو الحسن احمد بن» وأشر فوقها بعلامة «صح» .
ب- هذه الكلمة بالأصل غير منقوطة ووقع بعدها تآكل بقدر كلمة، ولعله أراد ان يقول إنه قرأ «أكثر البخاري» أو «صحيح البخاري» ، وهذا تعبير متعارف عليه، فقد قال ابن الدبيثي إنه سمع عليه «أكثر البخاري» (انظر ما جاء في نهاية هذه الترجمة) . اما قوله «بالإثبات» فقد ورد مثله في «المنتخب المختار» ص 183 قول ابن الفوطي عن احد المترجمين «سمع عليه بالاثبات البخاري وجامع الترمذي ... » وهناك ايضا قول ابن الفوطي ايضا بانه سمع «معجم الادباء» ثم استطرد قائلا «وثبتني في ذلك شيخنا جلال الدين عكير ... » اشار الى التثبت لانه كان صغيرا يومئذ، وفقا لما ورد في «مجلة المجمع العراقي» 9/44.
اقول واغلب الظن ان هذا هو المعنى بالإثبات.(1/524)
ت- في الأصل كلمة «محمد» مسبوقة بكلمة «بن» وهذا وهم من الناسخ.
ث- في الأصل كلمة «ابن» مسبوقة بالواو، ووردت بعدها كلمة «ابي» وكلاهما زائد.
ج- انتهى ما اقتبسه المؤلف من «تاريخ ابن الدبيثي» .
الترجمة- 55
أ- بياض بقدر كلمة واحدة للتنبيه على بداية ما قرأه المؤلف على صاحب الترجمة.
ب- كذا بالأصل، ولعلها «حاج» أو «جناح» ، ولم أهتد الى صحة قراءتها.
ت- في الأصل «كما» .
ث- في الأصل «ارتجفت» .
ج- في الأصل «لنا» .
ح- إنه من شعر الحلّاج وقد ورد في «ديوانه» (ص 93) ولكنه على هذه الصورة:
أَنَا مَنْ أَهْوَى وَمَنْ أَهْوَى أَنَا ... نَحْنُ روحان حللنا بدنا
فاذا أبصرتني أبصرته ... واذا أبصرته أبصرتنا
خ- كلمة «من» غير موجودة بالأصل، فأضفناها ليستقيم المعنى.
د- يشير الى قول جرير في رثاء عمر بن عبد العزيز (انظر «الديوان» 1/141) :
فالشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا(1/525)
الترجمة- 56
أ- في الأصل «تغالوا» .
ب- في الأصل «ونقلته» .
ت- في الأصل كذا، وقد سبق ووردت كنيته في ترجمته «ابو بكر» (المخطوطة- ورقة 51 أ) .
ث- بالاصل «ناشيا» .
ج- أظن أن ما نقله ابن المستوفي من خط محمد بن احمد الأرموي، ينتهي هنا.
ح- في الأصل «الحليل» ، فصححناها الى «الفضل» .
خ- في الأصل «عبيدة» والتصحيح عن «صحيح الترمذي» (2/286) .
د- بياض بقدر كلمتين للتنبيه على انتهاء نص الحديث. أما الحديث نفسه فالظاهر انه اعتراه بعض الخلط، وقد علق أحد القراء عليه بأن فيه زيادة ليس بالمتفق عليها، وكتب الناسخ علامة الخطأ في الحاشية تنبيها على ورود كلمة «ارجح» وصحتها «ادعج» وكلمة «اجود» بدلا من «ارحب» . هذا ولم أعثر عليه في أغلب كتب الحديث التي راجعتها، إلا أنها روت أحاديث عن صفات الرسول- ص- تجمع في مجموعها هذه الصفات (انظر «صحيح مسلم» 7/83- 87، «موطأ مالك» 2/919، السيوطي «الجامع الصغير» 2/82- 83) ، ولكن ابن كثير روى أحاديث مشابهة لما في المخطوطة في «شمائل الرسول» (ص 5- 56، وخصوصا ص 44) . إلا أن أكثر الأحاديث انطباقا على ما رواه المؤلف هو ما ورد في «صحيح الترمذي» (2/286- 287) ، والظاهر ان طبعة بولاق قد سقط منها بعض الحديث بدليل أنها قد تضمنت شرحا لمعاني كلمات من الحديث غير موجودة في المتن. ذكر الترمذي أن معنى «الأدعج» الشديد سواد العين، و «الأهدب» الطويل الأشفار، و «الكتد» مجتمع الكتفين وهو الكاهل، و «المسربة» هو الشعر الدقيق الذي هو كأنه قضيب من الصدر الى السرة، و «جليل المشاش» يريد(1/526)
رؤوس المناكب، و «العشرة» الصحبة والممغط الذاهب طولا، والمتردد الداخل بعضه في بعض قصرا، والقطط الشديد الجعودة، والرجل الذي في شعره حجونة قليلة، والمطعم البادن كثير اللحم، والمكلثم المدور الوجه، والشنن الغليظ الاصابع من الكفين والقدمين، والشقلع ان يمشي بقوة، والصبب الحدور.
ذ- بياض بقدر كلمتين.
ر- بياض بقدر كلمتين، ولعله أراد تخصيصه لكتابة اسم الأب.
ز- ليس صحيحا ما ذكره ابن المستوفي عن نسبته، وانما هو منسوب الى «كوتم» وهي بليدة من نواحي جيلان، وأن هبة الله هذا منسوب اليها ( «بلدان ياقوت» 4/316) .
س- هنا تنقطع الترجمة، وما يأتي بعد ذلك يعود الى ترجمة شخص آخر، ولم أهتد الى تتمتها في بقية أجزاء المخطوطة.
ش- ليس واضحا عما إذا كان ما نقله المؤلف من خط الأرموي ينتهي هنا أم في موضع الحاشية- ج.
الترجمة- 57
أ- في الأصل «واتاه» .
ب- في الأصل «احاديث» ، وكتب فوقها «حديث» ومؤشر عليها بعلامة «صح» .
ت- في الأصل «شبثا» أو «سبثا» ، ولعل الصحيح ما أثبتنا، هذا ولم أجد في المعاجم لشبث أو سبث معنى يصلح للعبارة الواردة هنا.
ث- كلمة «شاء» غير موجودة في الأصل، فأضفناها ليستقيم المعنى، علما بأن الناسخ أشر على جانبي السطر الذي فيه العبارة موضوع البحث بعلامة الخطأ.(1/527)
ج- عبارة «احمد بن» مضافة على المتن ومؤشر عليها بعلامة «صح» . أما ابو جعفر العباسي فقد مر ذكره في المخطوطة (ورقة- 13 ب) .
ح- هو الشريف محمد بن أحمد بن علي الخطيب الهاشمي، وقد مر ذكره في المخطوطة، (ورقة- 50 أ) .
خ- كتب في الحاشية إزاء البيت «انشد مناسبهم» .
د- في الأصل «كانوا بني» .
ذ- في الأصل «اعضاهم» .
ر- بياض بقدر كلمتين.
ز- في الأصل «الادبيلي» والتصحيح عن «طبقات الإسنوي» 2/416.
س- كتب في الحاشية كلمة «المسلمين» ، وفوقها علامة «صح» ، ولم يؤشر موضعها.
ش- في الأصل «وفيت به» فحذفنا «به» ليستقيم الوزن.
ص- في الأصل «احصارهم» بدلا من «اعضاؤهم» ، وكتب «وبجهنم» وقد شطب عليها وكتب بدلها «وسجنهم» .
ض- يمكن قراءة الاسم «هندي» أو «هندو» أيضا.
ط- القوصرة والقوصرّة وعاء من قصب يرفع فيه التمر، كما في «لسان العرب» .
ظ- السيلان هو عصير التمر، كما في «قاموس دوزي» .
ع- بياض بقدر أربع كلمات.(1/528)
غ- في الأصل «ابو عبد الله بن محمد» ، وهذا وهم واضح فصححناه.
ف- في الأصل «ابو محمد بن يحيى» ، والصحيح ما أثبتنا (انظر ورقة 34 أمن المخطوطة) .
ق- فى الأصل «عن» بدلا من «بن» .
ك- ورد هذا الحديث في أغلب الكتب التي راجعتها بنص لا يختلف عن رواية المؤلف وسند ينتهي الى أبي هريرة (انظر «سنن الدارمي» 2/142، «مسند ابن حنبل» 2/113 و 4/261 ط، المعارف، 2/264 ط بولاق، «صحيح مسلم» 2/624- 64، 7/58، «صحيح البخاري» 2/242، 4/355 و 419، «سنن النسائي» 6/3، «جامع الترمذي» 1/293، السيوطي «الجامع الصغير» 1/105) .
ورويت الكلمة الأخيرة «تنتثلونها» بالثاء ( «صحيح البخاري» 4/65 ط الحلبي، «صحيح مسلم» 2/63- 64) .
ل- بياض بقدر خمس كلمات.
م- كذا في الأصل، وأظن ان الصحيح «خامس عشرى» ، أو «الخامس والعشرين من ... » انظر الحاشية (ث) للترجمة (22) .
الترجمة- 58
أ- في العبارة بعض الغموض، ولعل المقصود ان الناس تحدثوا في امر صاحب الترجمة.
ب- المقصود عم صاحب الترجمة.
ت- في الأصل «كذلك» وفي العقد «ولذاك»
ث- في الأصل غير منقوطة وفي العقد «تزل» .(1/529)
ج- في «العقد الثمين» وردت «سامر» .
ح- في «العقد الثمين» وردت «التي هي» .
خ- تصحفت في «العقد» الى «وزهير» .
د- في «العقد» وردت «صفت وضفت وقصر» .
ذ- في الأصل «منا» .
ر- ورد في «لسان العرب» خيل عون، النصف بين الفارض- وهي السنّة- والبكر، وهي الصغيرة. اما العون وهو الظهير، ويجمع اعوان.
ز- لعله «اغرب» .
س- في الأصل «تؤرق» .
ش- في الأصل «سنح» .
ص- في الأصل «حد» .
ض- ولعل الصحيح «بسماع» .
ط- تعليق بخط الناسخ كتب في الحاشية ازاءه، نصه «ما قصّر لله درّه» .
ظ- في الأصل «الحران» .
ع- كذا بالاصل ولعل الصحيح «وجوب» .
غ- الكلمة غير واضحة وهي تشبه «ينتقدها» ، وكتب الناسخ في الحاشية «معائبها» واشر موضعها في المتن عند هذه الكلمة الغامضة. ولعلنا وفقنا الى كتابة الصحيح.(1/530)
ف- اي عمه الحسن كاتب هذه القطعة النثرية.
ق- كانت وفاته سنة 596 هـ (راجع ورقة 60 أحاشية 2) .
الترجمة- 59
أ- اي كوكبوري.
ب- في الأصل «خمسين» وصححت في الحاشية.
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- بياض بقدر أربع كلمات.
ج- هو احمد بن عبد الله بن يونس، وقد مر ذكره (ورقة 32 أ) .
ح- اي بالسند نفسه.
خ- هو احمد بن يوسف بن خلاد، وقد مر ذكره.
د- هو الفضل بن الحباب الجمحي، وقد مر ذكره (ورقة 15 أ) .
ذ- في الأصل «البد» وهي غير واضحة، وارجح ان تكون كما اثبت.
ر- ورد هذا الحديث في اغلب الكتب المعتمدة (انظر «صحيح مسلم» 7/141، «صحيح البخاري» 3/453، 4/466، «سنن ابن ماجة» 1/643- 44، «جامع الترمذي» 2/319، «سنن ابي داود» 1/478، ابن قتيبة «المعارف» ص 188.
ز- في الاصل «عمر» والتصحيح عن ابن حبان ص 133 وابن حجر «التهذيب» 9/371، وعن المؤلف نفسه اذ سمّاه «عمر» في موضع آخر من هذه الصفحة.(1/531)
س- هو محمد بن مسلم الزهري، وقد مر ذكره (ورقة 39 أ) .
ش- هو سليمان بن الاشعث، وقد مر ذكره (ورقة 10 ب) .
ص- المقصود محمد بن عمرو بن حلحلة آنف الذكر.
ض- فيما يتعلق بالمعنى الذي قصده المؤلف راجع ترجمة- 37 حاشية ح.
ط- بالاصل «احمد» فصححناها (راجع ورقة 32 ب) .
ظ- بالاصل «محمود» فصححناها (راجع ورقة 32 ب) .
ع- هو ابراهيم بن عبد الله بن مسلم، وقد مر ذكره (ورقة 15 أ) .
غ- بالاصل «الشعبي» فصححناها الى «الشعيثي» نقلا عن «انساب السمعاني» و «تهذيب ابن حجر» و «مشتبه الذهبي» ص 301، وعن المؤلف (ورقة 99 أ) .
ف- هو عامر بن شراحيل الشعبي، وقد مر ذكره (ورقة 5 ب) .
ق- بالاصل «تحسره» والتصحيح عن «سنن النسائي» 6/241.
ك- سيرد ذكر هذا الحديث في موضع آخر. ولقد روى في عدد من الكتب المعتمدة بنصوص لا تخرج عن رواية المؤلف (انظر «جامع السيوطي» 1/128، «سنن ابن ماجة» 2/1318، «صحيح مسلم» 5/50- 51، «صحيح البخاري» 1/21، 2/5، «سنن النسائي» 6/241، «جامع الترمذي» 3/511، «سنن ابي داود» 2/218، «سنن الدارمي» 2/161، «مسند احمد» 4/267- 68.
ل- هو الليث بن سعد وقد مر ذكره.
م- اي احمد بن الحسن الحيري، وقد مر ذكره (ورقة 39 أ) .(1/532)
ن- هو محمد بن يعقوب بن يوسف، وقد مر ذكره (ورقة 39 أ) .
هـ- هو احمد بن عبد الجبار العطاردى، وقد مر ذكره (ورقة 42 ب) .
وبالاصل «الحسين» فصححناها (انظر ورقة 63 أحاشية 3) .
لا- كلمة «اصل» غير موجودة بالاصل، واشر الناسخ بعلامة الخطأ ازاء السطر الذي هي فيه، وقد اضفناها نقلا عن «سيرة ابن هشام» .
ى- في «السيرة» وردت «ملحنا» اي ارضعنا او مالحنا.
أب- بالاصل «حرن» . اما «حرب» بالتحريك نهب مال الانسان وتركه لا شيء له، وحرب الرجل حربا اى اشتد غضبه، وحرب اى غضب، كما في «لسان العرب» ، والمعنى الأول هو المقصود.
أت- لم يرد هذا البيت في «السيرة الحلبية» (2/249) ولا في «مغازي الواقدي» (3/949) .
أث- كتب بالاصل فوق البيت كلمة «مؤخر» والمقصود بشالت نعامته، اي تفرقت كلمتهم وذهب عزهم، كما في «قاموس المحيط» .
أج- كتب بالاصل فوق البيت كلمة «مقدم» ، والدرر هي الدفعات الكثيرة من اللبن (انظر «السيرة الحلبية» 2/250) .
أخ- وردت بالاصل «واما المهاجرون» وصححها الناسخ في الحاشية بما اثبتنا في المتن.
أد- كذا بالاصل وهو يطابق ما ورد في «سيرة ابن هشام» ، وقد وردت العبارة في «مغازي الواقدي» و «السيرة الحلبية» هكذا «فقال العباس» ، ولعل الصحيح «فصار يقول العباس الخ..» .(1/533)
أذ- بالاصل «قلائص من اول في نصيبه» والتصحيح عن «سيرة ابن هشام» و «السيرة الحلبية» .
أر- هو حماد بن سلمة، وقد مر ذكره (ورقة 7 أ) .
أز- بسبب اعادة التحبير تصحف في الاصل الى «عبيد الله وماحش» ، والصحيح ما اثبتنا وفقا لما ذكره الذهبي في «المغني» 1/243، والمقرئ في «نفح الطيب» . ولقد تصحف اسم ابيه في «جمع الفوائد» لمحمد بن سليمان، فصار «زماحس» (1/151) .
أس- بسبب اعادة التحبير تصحف الى «ابن عمر» ، فاثبتنا الصحيح.
أش- بالاصل «ابا جرول زهير ابا صرد الحسمي» ، فاثبتنا ما اعتقدنا انه الصحيح، اذ ليس من المتعارف ان تكتب كنيتان في آن واحد. وقد ورد في «الروض الانف» للسهيلي «انه يكنى ابا صرد وقيل ابا جرول» ، وكناه الذهبي في «المغني» (1/243) بابي جرول. وتصحفت الكنية في كتاب «الاستيعاب» (1/205) الى «ابي خردل» .
وزهير هذا ينتمي الى بني «جشم» (انظر «انساب» السمعاني، «جمهرة» ابن حزم ص 254، 258، 259، «نهاية الارب» للقلقشندي ص 215، «مشتبه» الذهبي ص 109) .
أص- هوازن القبيلة العربية المار ذكرها (ورقة 43 أ) ، والمقصود بيوم هوازن هو اليوم الذي هزمت فيه تلك القبيلة في غزوة حنين آنفة الذكر.
وقد ورد ذكر خبرها في بعض كتب الحديث، (انظر «صحيح البخارى» 3/148، 4/345، «سنن ابي داود» 2/57، «مسند احمد» 9/206 ط المعارف، «جمع الفوائد» لمحمد بن سليمان 2/149- 52، «سيرة ابن هشام» ص 488- 90، «مغازى(1/534)
الواقدي» ص 949- 52، «السيرة الحلبية» 2/249- 251) .
أض- صححت في الحاشية الى «ننتظر» وهي تطابق رواية المقرى في «نفح الطيب» .
أط- في «نفح الطيب» وردت «مشتت» .
أظ- بالاصل «حزن» ، انظر حاشية أب اعلاه.
أع- في «السيرة الحلبية» وردت «يا أرجح» .
أغ- في «السيرة الحلبية» روى هذا الشطر «اذ فوك مملوءة من مخضها الدرر» .
أف- في «الروض الانف» روى هذا الشطر «اذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها» .
أق- رواها المؤلف في موضع آخر «يربيك» (ورقة 63 ب) ، وفي «نفح الطيب» وردت «يربيك» من التربية.
أك- بالاصل «اذ» والتصحيح عن «مغازى الواقدي» . و «السيرة الحلبية» وبه يستقيم المعنى. وفي «المغازي» روى «قدمت» بدلا من «كفرت» ، وفي «الروض» و «الحلبية» وردت «آلاء» بدلا من «النعماء» .
أل- في «الروض» وردت «تلبسه» .
أم- في المرجع السابق رويت «هذي» .
أن- في «الحلبية» رويت «ان» .(1/535)
أه- في «الروض» ورد هذا الشطر «فاغفر عفا الله عما انت راهبه» ، وفي «نفح الطيب» روى «راهبه» بدلا من «واهبه» .
أو- بالأصل «رماحش» ، وتصحف في «لسان الميزان» الى «رماجس» .
ألا- النغر من صغار العصافير كما في «لسان العرب» .
أى- ورد الحديث في عدد من الكتب المعتمدة (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1226، «صحيح مسلم» 6/176- 177، «صحيح البخاري» 4/142 و 159، «جامع الترمذي» 1/68 و 359، «سنن ابي داود» 2/589، «مسند احمد» 3/115، 119، 171، 188، «طبقات السبكي» 2/297. هذا ولم اهتد اليه في «سنن النسائي» التي ذكر المؤلف انه موجود فيها.
ب ب- هو شعبة بن الحجاج، وقد مر ذكره (ورقة 39 ب) .
ب ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب ث- ان جميع الاحاديث المار ذكرها هي برواية الشيخ بدل التبريزي، ويبدو ان الترجمة لم تكتمل، فاما ان يكون المؤلف نسي ان يكملها او ان اوراقا قد سقطت، حيث ان كلمة «النسائي» جاءت في نهاية الورقة- 64.
الترجمة- 60
أ- عبارة «من اهل هراة، وابو الحسن «اضيفت في الحاشية بخط مختلف واشر موضعها في المتن واظنها بخط ابن الشعار.(1/536)
ب- اي جعفر بن محمد الكفر عزى (ابن الباقي ص 343) .
ت- في الأصل «جداه» وفوق الالف اشارة الحذف، فيكون المراد «جده» ، والجد هو الحظ والرزق والغنى، وقيل لفلان في هذا الأمر جد اذا كان مرزوقا منه. اما «الجدأ» فهو العطية والمطر العام، ومنه الجدوى، كما في «لسان العرب» .
ث- بالأصل «لعام» .
ح- بياض بقدر اربع كلمات للتنبيه على انتهاء الفقرة.
خ- كلمة «ابو» مضافة بخط مختلف، واشر بالحاشية ازاءها بعلامة الخطأ.
د- كلمة «فيما» مضافة بالحاشية ومؤشر موضعها من المتن.
ذ- اشر ازاء السطر بعلامة الخطأ، ولم اهتد الى المقصود.
ر- بياض بقدر كلمة للتنبيه على ان ما يليه هو ما كتب على التربة.
ز- كتب الناسخ بالحاشية ازاءه «الآمال الارزاق» وفوقها علامة «صح» ، ولم اهتد للغرض.
س- بياض بقدر خمس كلمات.
ش- رواها ابن الشعار «حبيس» وهو الأنسب.
ص- بالاصل «بؤس» والتصحيح عن ابن الشعار.
ض- اي على الجانب الغربي من التربة.
ط- وهي السورة 31، والآيتان 33 و 34 منها، ونصهما «يا أيها الناس اتقوا(1/537)
ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، إن وعد الله حق فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
إن الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير.»
ظ- انها من سورة «المائدة» ورقمها 5/18.
ع- نقل محقق «كتاب الاشارات» في لوحة 2 ما يأتي «وعلى البير الذي ظهرت في هذا الموضع ونسبت الى ابراهيم الخليل- عليه السلام- (اظهر الله هذه البير المباركة سنة اثنتين وستمائة) وذكر في مقدمة الكتاب (ص 4) البئر وانها في تربة المؤلف وهي قبلي مدينة حلب على الجادة الآخذة الى طريق دمشق.
غ- بالاصل «الله» وكتب بالحاشية ازاءها «ربه» واشر عليها بانها هي الصحيح.
ف- بالاصل «المتعرف» فصححناها ليستقيم المعنى.
ق- ذكر محقق «كتاب الاشارات» في المقدمة (ص 12) ، انه كتب على حائط التربة ما يأتي:
قل لمن يغتر بالدنيا لقد طال عناه ... هذه التربة، من شيّد هذا وبناه
طال ما اتعبه الحرص وقد هدّ قواه ... طلب الراحة في الدنيا فما نال مناه
ك- بياض بقدر سبع كلمات.
ل- بسبب اعادة التحبير تشوهت الكلمة ولعلها المسيرى او المشترى.(1/538)
الترجمة- 61
أ- بسبب اعادة التحبير تشوهت الكلمة ويمكن قراءتها «بابل او نائل» ، ولعلها تصحفت من «باد» وهو اسم احد اجداد صاحب الترجمة.
ب- هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الطُّوِسِيِّ، خَطِيبِ الْمَوْصِلِ وقد مر ذكره (ورقة 11 ب) .
الترجمة- 62
أ- كذا جاء ضبطها في «مشتبه» الذهبي ص 31 وتصحفت في تاريخ ابن كثير الى «البذى» 13/109.
ب- هو محمد بن عبد الباقي المار ذكره (ورقة 34 ب)
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- بالأصل «ورد امر» فقط، وقد اضيفت بقية العبارة «ها اليه» بخط مختلف واشر ازاءها بعلامة «صح» ، واحسبها بخط ابن الشعار.
ج- الاشارة هنا الى قول القائلين بان الحرف والصوت في القرآن الكريم قديمة قدم القرآن نفسه.
ح- اي يزيد بن معاوية الخليفة الأموي، ويقال ان الحنابلة لا يستنكرون قتل الحسين- رض- من قبل جيشه.
خ- لم اجد في المعاجم اصلا لهذه الكلمة ولعلها لهجة بغدادية قديمة. وفي «لسان العرب» ورد «تبصبص» وهو التملق، و «ترصيص» ومنه ترصيص الكوز بالرصاص، وهو ايضا ان تنتقب المرأة فلا يرى الا عيناها، وهناك «رصّ» ومنها رصص البنيان ورصرصه اي احكمه، والرصص في(1/539)
الاسنان هو التقارب ما بين الأضراس، او التقارب ما بين الفخذين او الركبتين. والذي ارجحه ان الكلمة مصحفة عن «التبصبص» وهو التملق.
د- بالاصل «التمشغر» ولم اجد له معنى في المعاجم، أما التمشعر فهو اتباع مذهب الاشعري ذكر ابن الجوزى (المنتظم 10/204) في حق صدقة بن وزير الواسطي انه اخذ قلوب العوام باشياء منها «التمشعر» وقال «فانه كان يميل الى مذهب الاشعري» .
ذ- السبلة هي ما على الشارب من الشعر، وقيل طرفه. والجمع سبال كما في «لسان العرب» .
ر- كلمة «عدل» بالأصل مكتوبة «بعدل» في الحاشية، ولعل موضعها كما اثبتنا.
ز- اي كتابة الشروط وقد سماها حاجي خليفة (كشف ص 1045) «علم الشروط والسجلات» وقال انه علم باحث في كيفية ثبت الأحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات على وجه يصح الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال. وموضوعه تلك الاحكام من حيث الكتابة، وبعض مبادئه مأخوذ من الفقه، وبعضها من علم الإنشاء والرسوم والعادات والامور الاستحسانية. وهو من فروع الفقه من حيث كون ترتيب معانيه موافقا لقوانين الشرع. واول من صنف فيه هلال بن يحيى البصري المتوفي سنة 245 هـ. ولابي زيد احمد بن زيد الشروطي ثلاثة كتب.
الخ.
س- كلمة «ابي» مضافة بخط ابن الشعار.(1/540)
ش- بالاصل «ساكتا» .
ص- المدّ والكرّ مكاييل، الاول ربع صاع، والثاني مكيال اهل العراق، كما في «لسان العرب» .
ض- كتب ازاء البيت «مضمن» ، وهذا صحيح اذ رواه الثعالبي لعلي بن محمد البديهي من اهل شهرزور، وكان كثير الشعر نابه الذكر (اليتيمة 3/339) .
ط- اي سنة 620 هـ.
ظ- بياض بقدر ثلاث كلمات.
الترجمة- 63
أ- وقع حك في هذه الكلمة.
ب- بالاصل «فنقل» ولعل الصحيح «فنقص او فبقي» .
ت- يبدو انه يشكر ابن المستوفي على مساعدته له باطلاق ما تبقى بذمته من مال.
ث- نوع من الشجر تسوّى منه الاقداح، كما في «لسان العرب» .
ج- الايك الشجر الملتف الكثير، وقيل الغيضة تنبت السدر والاراك ونحوهما، او الجماعة من كل الشجر حتى من النخل. وخص بعضهم منبت الاثل. (انظر شرح القاموس والصحاح ولسان العرب) .
ح- اشارة الى آية قرآنية من سورة الشعراء ورقمها 36/176.
خ- بياض بالاصل بقدر كلمتين، ولعله اراد ان يقول «كما كان يكتبه» او ما أشبه.
د- سبق وورد اسمه «احمد بن احمد» (ورقة 23 أ) .
ذ- بالاصل «له» والتصحيح عن ابن الشعار.(1/541)
ر- كذا بالاصل والكتابة اعيد تحبيرها.
ز- بالاصل «عزائي» والتصحيح عن ابن الشعار.
س- هذا لقب القاضي احمد بن محمد بن منعة، وفقا لما ذكره ابن الفوطي 2/974.
ش- بالأصل «مرمر» والتصحيح عن ابن الشعار.
الترجمة- 64
أ- بالأصل «عزله عنها بطريقة» ، وفوق الكلمة الاخيرة علامة الخطأ فحذفناها.
ب- بياض يقدر اربع كلمات.
ت- بياض بقدر سبع كلمات، ولعله خصصه لكتابة تاريخ اليوم والشهر الذي سافر فيه.
الترجمة- 65
أ- بالأصل «المؤذن» وصححت بالحاشية، وهذا يتفق وما ذكره ابن الدبيثي (مخطوطة ورقة 116) .
ب- بالأصل «حتى سمع بما حدث» وصححت بالحاشية الى ما اثبتنا بالمتن.
ت- بالاصل «ابو» فصححناها.
ث- كذا بالأصل الى ان احدهم حرّفها الى «فغبرت» .
ج- اي خصّ بالذكر ابن طبرزذ وحنبلا، والاخير ستأتي ترجمته. ولقد اشار المؤلف الى قصة استقدامهما مرة اخرى (ورقة 163 أ) .(1/542)
ح- اي ديوان الخليفة، وقد ذكر المرحوم مصطفى جواد أن المراد بالديوان العزيز هو «ديوان الزمام» للدولة العباسية (اكمال ابن الصابوني حاشية ص 27) ، ولم يشر الى المرجع. ثم قال في مقدمته للكتاب المذكور (ص 49) بانه يعني «دار الخلافة» ، والعزيز والعزيزة من الالقاب الرسمية دون ذكر المصدر. ولقد ذكر المؤرخون «الديوان العزيز» كثيرا وعنوا به ديوان الخليفة كما يتضح من عبارة الملك الناصر داود الموجهة للخليفة المستعصم «أعزّ الله سلطان الديوان العزيز النبوي الخ.» .
(ابن الصابوني ص 27، ابن خلكان 3/276، اليونيني 1/153، صبح الاعشى 5/500، المنتظم 10/263 و 269، اتابكية 360- 360، ابن المستوفى ورقة 70 أو 162 أ) .
خ- كلمة «احمد» اضيفت بخط مختلف واحسبه خط ابن الشعار.
د- بالاصل «خمسمائة» وصححت بالحاشية.
ذ- كلمة «مولده» غير موجودة بالاصل فاضفناها ليستقيم المعنى استنادا لما ورد في تاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة ورقة 116) .
ر- هو القاسم بن علي صاحب «المقامات» وقد مر ذكره (ورقة 40 أ) .
ز- اي هبة الله بن محمد، وقد مر ذكره (ورقة 64 ب) .
س- هو محمد بن عبد الباقي المعروف بقاضي المرستان، وقد مر ذكره (ورقة 41 ب) .
ش- بالاصل «من» بدلا من «بن» ، فصححناها ليستقيم المعنى.
ص- بياض بقدر ثلاث كلمات.(1/543)
ض- هو محمد بن المظفر وقد مر ذكره (ورقة 41 ب) .
ط- رواها مسلم «اقدد» (3/90- 91) .
ظ- لم اهتد اليه في «صحيح البخاري» الا انه ورد في «صحيح مسلم» في باب الزكاة و «سنن ابن ماجة» «2/77، و «سنن النسائي» 5/63.
ع- بالاصل «حسرون» والتصحيح عن المشتبه ص 194، وقد سبق ومر ذكره (ورقة 40 أي) .
غ- اي الخطيب البغدادي وقد مر ذكره (ورقة 10 ب) .
ف- استدرك الناسخ فكتب هذين البيتين والسطر التالي لهما بالحاشية مشيرا الى موضعها بالمتن.
ق- ذكر ياقوت ان ابا بكر السراج انشده البيتين دون ذكر الناظم، وهما يطابقان رواية المؤلف ما عدا صدر البيت الأول فرواه «وكم تجرعت من غيظ ومن حزن» (ادباء 3/18- 19) .
الترجمة- 66
أ- بالاصل «بجامع الرصافة المهدي» فصححناها عن «بلدان ياقوت» 2/783 وابن الفوطي 1/289، 2/876، ومنها يتضح ان المهدي بنى جامع الرصافة (ابن الفوطي 3/202 ايضا) .
ب- اي مسند احمد بن حنبل، وهو مطبوع عدة مرات منها طبعة بولاق سنة 1313 هـ، ومصر سنة 1954 م، وبيروت سنة 1969 م.
ت- اي عمر بن الحسن، على ما ارجح.
ث- المقطع «ئي» اضيف بخط مختلف.(1/544)
ج- بياض بقدر كلمة واحدة.
ح- الصحيح انه توفي سنة 605 هـ حسب اجماع المؤرخين خصوصا وقد ذكر ذلك ابن الدبيثي الذي يعول على روايته لان المندائي احد مواطنيه ومعاصريه بواسط (المختصر المحتاج اليه 1/18) .
خ- بعد كلمة «السنة» وردت بالاصل عبارة «على ابن الحصين» وهي زائدة فحذفناها.
د- اي «حنبل» صاحب الترجمة.
الترجمة- 67
أ- اي ان الخزاعي سمع ذلك الجزء على صاحب الترجمة عن احمد بن المقرب، على ما اظن.
ب- بالاصل «محمد بن احمد» والصحيح ما اثبتنا لان ابا نصر- شيخ طراد الزينبي- اسمه احمد بن محمد وفقا لما ذكره المؤلف (ورقة 200 ب) والذهبي في «المشتبه» ص 523.
ث- بالاصل «عمر» والتصحيح عن «صحيح مسلم» 1/130.
ت- بالاصل «عمر» والتصحيح عن «المشتبه» ص 26.
ج- ليس صحيحا ان مسلما تفرد باخراجه (انظر 1/130) اذ رواه احمد في مسنده (3/136) ، انظر ايضا «الجامع الصغير» للسيوطي 3/3 و «الجامع المختصر» لابن الساعي ص 26، و «المختصر المحتاج اليه «لابن الدبيثي 2/13، وتاريخ ابن الدبيثي (ورقة 100) ، ورواه السلفي بسنده عن طراد ايضا (مختارات من معجم السفر لاحسان عباس ص 94) .(1/545)
الترجمة- 68
أ- بالاصل «الزيف» والتصحيح عن «تكملة» المنذري 2/189، والمختصر المحتاج اليه» 1/153 ح.
ب- بالاصل «نصر» وصححها احد القراء واظنه ابن الشعار.
ت- بالاصل «الحسن بن الحسين بن اللبن» والتصحيح عن «المختصر المحتاج اليه» 1/153، و «المشتبه» ص 53، و «الشذرات» لابن العماد 4/158.
ث- كذا بالاصل وحقها ان تكون «وغيرهم» .
ج- بياض بقدر ست كلمات.
ح- بياض بقدر عشر كلمات.
خ- بالاصل «محمد» (راجع ورقة 50 ب) .
د- سبقت رواية هذا الحديث (ورقة 36 أ) .
ذ- بالاصل «محمد» (راجع اسمه اعلاه) .
ر- بالاصل «نفيثا» او ما اشبه، انظر البيتين (ورقة 133 ب من المخطوطة) .
ز- كذا بالاصل، ويبدو ان الذهبي لم ينقل في «المختصر اليه» 1/153 عن ابن الدبيثي تاريخ اليوم الذي ولد فيه صاحب الترجمة واكتفى بالقول انه ولد في رجب سنة 533 هـ.(1/546)
الترجمة- 69
أ- بالاصل «كتابه» .
الترجمة- 70
أ- بالاصل «من» .
ب- بالاصل «كثيرا» ، والعبارة مفككة على ما يبدو.
ت- بياض بقدر خمس كلمات.
ث- اي النعجة وليس الشاه ملك الفرس، وهي تورية.
ج- راجع ترجمته (ورقة 165 أ) .
ح- بياض بقدر ست كلمات.
خ- سماها ياقوت «العظمى» التي بأرض مصر تمييزا لها عن مدن اخرى سميت باسمها (بلدان 1/254- 56 والمراصد لابن عبد الحق 1/62) .
د- بالاصل «سعود» .
ذ- هو علي بن ابراهيم بن نجا الانصاري، وقد مر ذكره (ورقة 27 ب) .
ر- بالاصل «القرشي» .
ز- ويعرف بالحرستاني وقد مر ذكره (ورقة 41 ب) .
س- اي عبد العزيز بن محمود الجنابذي، وقد مر ذكره (ورقة 54 أ) .
ش- كذا بالاصل، ولم اهتد الى صحة قراءته.(1/547)
ص- كذا بالاصل والمعروف ان كنيته «ابو الفتح» واسم جده «بختيار» وليس «محمد» (ورقة 71 ب) .
ض- اي محمد بن عبد السميع الهاشمي وقد مر ذكره (ورقة 55 أ) .
ط- بالاصل «الف» .
ظ- لقد سبق للمؤلف ان ذكر حادثا مماثلا (ورقة 62 ب) ، ثم ان المنذري كان حنبليا وتحول الى المذهب الشافعي (بشار معروف ص 32) . وذكر ابن خلكان (3/299) عن المبارك بن المبارك ابن الدهان المعروف بالوجيه المتوفى سنة 612 هـ انه قد تحول من المذهب الحنبلي الى الحنفي ثم الى الشافعي، فقال فيه الشاعر:
ومن مبلغ عنّي الوجيه رسالة ... وان كان لا تجدي اليه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لمّا اعوزتك المآكل
وما اخترت قول الشافعي تديّنا ... ولكنّما تهوى الذي منه حاصل
الترجمة- 71
أ- بياض بقدر عشر كلمات.
ب- بالاصل «مؤذنا» .
ت- يبدو ان «الكجك» او «الكشك» هو ما يبنى خارج المدن للاستراحة والاستجمام او عند الخروج للصيد، وقد ذكره ابن الجوزي بمناسبة خروج الخليفة للصيد وغيره (المنتظم 10/205 و 235 و 263، انظر ايضا «اتابكية» ابن الاثير ص 341) .
ث- هنا بالاصل وردت كلمة «الصمت» وعليها علامة الخطأ فحذفناها لانها زائدة.(1/548)
ج- روى هذا الحديث النسائي (3/80) واحمد في مسنده (5/105) كما ورد في «جمع الفوائد» لمحمد بن سليمان (2/413) .
الترجمة- 72
أ- بالاصل «متولي» .
ب- هي دار الحديث المظفرية بالموصل (ورقة 54 ب) .
ت- ويعرف بالبطائحي وقد مر ذكره (ورقة 36 أ) .
ث- هو المبارك بن طاهر شيخ المؤلف، مرت ترجمته (ورقة 6) .
الترجمة- 73
أ- هو عبد الله بن الحسن الزاهد وقد مرت ترجمته (ورقة 37 ب) .
ب- بالاصل «ليس» .
ت- اي والي الموصل وقد كان قايماز كما يتضح مما يأتي.
ث- الفدّان والفدان آلة الحرث او المزرعة والحقل، وجمعها فدن، اما الفدن فهو صبغ احمر او القصر المشيد (انظر «لسان العرب» و «قاموس المحيط» و «قاموس دوزي» ) .
ج- كذا بالاصل وقد ورد في المراجع العربية «كشك» بالشين وهو بالفرنسية KIOSQUE وقال عنه دوزي انه شبه رواق بارز عن مساواة بقية البيت (انظر «قاموس دوزي» وترجمة 71 حاشية ت) .
ح- بالاصل «اسو» .
خ- بالاصل «عبيد الله» (انظر ورقة 17 ب من المخطوطة.)(1/549)
د- اي ألزموا الكيمياوي.
ذ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ر- بالاصل «البرز» ، ولعل الصحيح ما اثبتنا (انظر «المشتبه» ص 39) .
الترجمة- 74
أ- أي الخانكاه المجاهدية التي مر ذكرها (ورقة 33 ب) .
ب- البيتان من نظم الامام الشافعي- رض- وقد وردا في ديوانه ص 128، مع اختلاف يسير، فروى «الوصول الى سعاد ودونها» في الشطر الاول من البيت الاول، «والرجل حافية ولا لي» في البيت الثاني.
الترجمة- 75
أ- هو احمد بن شافع وقد مر ذكره (ورقة 34 ب) .
ب- كتب بالاصل «لنفسه» بعد كلمة «أبي» وعليها علامة الخطأ فحذفناها.
ت- بالاصل «ايرون» فصححناه وفقا لما ورد في البيت الاول، ثم ان الاسم «ابزون» كان معروفا وهو اسم شاعر عماني مر ذكره (ورقة 10 ب) انظر «تاج» العروس 9/139.
ث- رواها الخطيب البغدادي «منظري» ، وروى قصة اهداء الحبر والابيات، لكنه لم يذكر اسم المهدى اليه (تاريخ بغداد 13/426) .(1/550)
ج- ترجمته ستأتي (ورقة 85) .
ح- بالاصل «رواية.
خ- كذا بالاصل، ولعله قصد ان ابن صاحب الترجمة هو الذي روى لابن الدبيثي تاريخ الوفاة.
الترجمة- 76
أ- لم اهتد الى شخصية هذا الثقة.
ب- اي صلاح الدين الايوبي.
ت- بياض بقدر سبع كلمات.
ث- اي عبد الاول بن عيسى وقد مر ذكره (ورقة 4 ب) .
ج- اي محمد بن عمر (انظر ترجمته ورقة 51) .
ح- بالاصل «يقظه» والتصحيح عن «المشتبه» ص 561، والمقصود هو محمد بن عبد الغني وستأتي ترجمته (ورقة 118) .
خ- بياض بقدر اربع كلمات.
د- اي كتاب «معاني الحقيقة» .
ذ- وهو بضم القاف وفتحها، وفتح اللام وكسرها، وهو مرض معوي مؤلم ويسمى بالفرنسية) COLIQUE انظر طبقات الاسنوي 2/611 ثبت الاصطلاحات، وقاموس «البستان» و «قاموس دوزي» .
ر- اي ان شهادة السماع مثبتة على الكتاب.
الترجمة- 77
أ- ليس واضحا عما اذا كان المؤلف اخذ يتحدث بعد كلمة «وجدته» عن(1/551)
صاحب الترجمة ام عن ابيه. ان ما ذكره يتفق الى حد ما مع ترجمة شخص آخر اسمه «ابو الحسن محمد بن المبارك ابن الخل المتوفى سنة 553 هـ» اما الشخص الذي ذكره المؤلف فقد توفي سنة 558 هـ ودفن في مقبرة باب ابرز، ودفن الاول في اللوزية او الوردية وهذه المقابر كلها تقع في مكان واحد (انظر «المنتظم» 10/179، وطبقات السبكي 4/96 ط الحسينية، والكامل حوادث سنة 535 و 551 هـ) .
ب- لم اجد له ذكرا في «المختصر المحتاج إليه» من تاريخ ابن الدبيثي.
الترجمة- 79
أ- اي يبيع الحلاوة- كما في انساب السمعاني-.
ب- بالاصل «الناس» ، والمقصود هو الياس بن عبد الله متولي اربل.
الترجمة- 80
أ- هو ابو الخير احمد بن اسماعيل القزويني، وقد مر ذكره (ورقة 6 ب) .
ب- بالاصل «الحسين» والتصحيح عن «انساب السمعاني» و «بلدان ياقوت» ، مادة «موسياباذ» .
ت- اي آخر كلام ابن الدبيثي وهو يتفق في بعضه وما ورد في مستدرك «المختصر المحتاج اليه» 2/237.
ث- ورد الحديث بصيغ متشابهة في عدد من الكتب (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1321- 22، «جامع الترمذي» 2/107، «سنن الدارمي» 2/158، «سنن ابي داود» 2/503، «مسند احمد» 4/102، «الفرق بين الفرق» لعبد القاهر البغدادي- المقدمة و 1/3، 9) .(1/552)
ج- اي خلف ثلاثتهم.
ح- بالاصل «انكرك» .
خ- المجادلة اي المناظرة لاظهار الصواب والزام الخصم (كشاف الاصطلاحات 1/242) .
د- بالاصل «لان» .
ذ- كتب بالحاشية بخط الناسخ «غير» وعليها علامة «صح» ولم يؤشر موضعها من المتن.
ر- بالاصل «الى الريح» .
ز- بالاصل «سبعين» .
س- اشارة الى آية قرآنية من سورة «يس» ورقمها 36/78.
ش- اشارة الى آية قرآنية من سورة «النجم» ورقمها 53/4.
ص- كذا بالاصل ولعلّ الصحيح «مومياء» وهي نوع من الاسفلت الذي يمكن به سد الخروق التي تحدث في السفن.
الترجمة- 81
أ- كذا بالاصل، وليس واضحا عما اذا كان المقصود «ابن صبغة» او ان «صبغة» لقب للقاسم هذا.
ب- بالاصل «احمد بن المقرب بن الحسن بن ابي الحسن» والتصحيح عن المؤلف (ورقة 9 أ) وعن «المختصر المحتاج اليه» 1/219.
ت- بياض بقدر كلمتين.(1/553)
ث- بالاصل احمد بن المقرب بن الحسن (انظر حاشية ب اعلاه) .
ج- هو مجالد بن سعيد (ورقة ب) .
ح- هو عامر بن شراحيل الشعبي (ورقة 5 ب) .
خ- بالاصل «اطيعك» فصححناها ليستقيم الوزن.
د- هنات وهنوات، واحدها هنت او هنة اي شرور ومفاسد او شدائد- كما في «لسان العرب» -.
الترجمة- 82
أ- المعدل اسم لمن عدّل وزكّي وقبلت شهادته عند القضاة (انساب السمعاني) .
ب- هو سعد بن محمد بن سعد التميمي، وقد مر ذكره (ورقة 24 ب) .
ت- بالاصل «حجر» وصححت بخط مختلف الى حجرة، ولعلها تصحيف لكلمة «مهرة» لان سياق الكلام يقتضي ان يكون المطلوب فرسا لقوله «فنزل اصحابه عن خيلهم فاعطوه اياها.» .
ث- من الثّعجرة اي انصباب الدمع، والمثعنجر هو السائل من الماء والدمع والمطر (لسان العرب) .
ج- بالاصل «متار» .
ح- بالاصل «حياة» .
خ- بالاصل «لاورار» ولعلنا اثبتنا الصحيح، الأوار شدة حر الشمس ولفح النار ووهجها والعطش- كما في «لسان العرب» - والمقصود هنا نار الشوق.(1/554)
د- كذا بالاصل وينبغي ان يكون «ثعلا» ، الثعل والثعل والثعل هو زيادة في أطباء الناقة او البقرة والشاة، وشاة ثعول تحلب من ثلاثة امكنة واربعة للزيادة التي في الطبي، والاثعل السيد الضخم له فضول معروف (لسان العرب) هذا ويحتمل ان تكون الكلمة مصحفة عن «مغل» من الغلة.
ذ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ر- كذا بالاصل، ولا ادري كيف تكون قراءة «جاعلي» فعلا، الا ان الصحيح انها اسم- كما ذكر المؤلف، اي اسم فاعل. ذكر ابن عقيل في «شرح الالفية» (3/87) انه «يجوز في اسم الفاعل العامل اضافته الى ما يليه من مفعول ونصبه له. فإن كان له مفعولان- كما في هذه الحالة- واضفته الى احدهما وجب نصب الآخر، فتقول «هذا معطي زيد درهما او معطي درهم زيدا» .
ز- بياض بقدر ثماني كلمات.
س- كذا بالأصل ولم اهتد الى قراءتها، ولا ادري عما اذا كانت «كفار من علج» .
الترجمة- 83
أ- بالاصل «بفقير» وكتب الناسخ بالحاشية «بفقر» وعليها علامة «صح» ، ولعلها كما اثبتنا.
ب- اشارة الى آية قرآنية من سورة «الطلاق» ورقمها 65/3.
ت- اشارة الى آية قرآنية من سورة «آل عمران» ورقمها 3/175.
ث- هو صدقة بن الحسين بن وزير المار ذكره (ورقة 58 أ) ، والجدير بالذكر(1/555)
ان اغلب من ترجم له كناه بابي الحسن، وفعل مثل ذلك المؤلف ايضا (ورقة 58 أ) .
ج- بالاصل «ناولني» .
ح- بالاصل «صحبك» .
خ- اي قيراط من الذهب اذ كانوا يتعاملون بالقراضة بالحبة والقيراط ونحو ذلك- كما قال الذهبي في «العبر» 5/127- اما القرّاط والقيراط من الوزن فهو نصف دانق، وهو ايضا نصف العشر او جزء من 24 جزء من الدينار (لسان العرب) .
د- التوكل هو الثقة بما عند الله واليأس بما في ايدي الناس (التعريفات ص 62) .
ذ- بالاصل «قال» وكتب الناسخ بالحاشية «فقال» وعليها علامة «صح» واشر موضعها من المتن. وكتب في الحاشية ايضا هذه العبارة «رضي الله عنه، وما ذكر في الكتاب غيره» ، ولم يؤشر موضعها ولعلها تسبق عبارة «بلى والله» او تسبق «انا أتحمّل عنك» .
الترجمة- 84
أ- اي محمد بن علي بن المهتدي وقد مر ذكره (ورقة 7 ب) ، ولم اعثر له على مشيخة.
ب- كذا بالاصل ولم افهم القصد من ذكر حرف الجر «على» ولا علاقة محمد بن الزعفراني بالمشيخة المذكورة، علما بأنني لم أجد للزعفراني مشيخة ما في المراجع المتيسرة.
ت- ستأتي ترجمته (ورقة 127) .(1/556)
الترجمة- 85
أ- هو عبد الله بن احمد الطوسي (ورقة 11 ب) .
ب- ستأتي ترجمته (ورقة 152) .
ت- ليس واضحا من بني هذه الدار الموصوفة ويبدو انه ملك او سلطان وليس احمد القيسي.
ث- بياض بقدر اربع كلمات.
ج- بالاصل بياض بقدر كلمة وبعده كلمة «في» ، ولعله اراد ان يدرج اسم اليوم الذي توفي فيه وتاريخه وهو الثلاثاء 10 رجب من السنة المذكورة، وفقا لما ذكره ابن الدبيثي (مخطوطة ورقة 98) .
الترجمة- 86
أ- بالاصل «ابراهيم» فصححناها وفقا لما ذكره المؤلف في السطر التالي، ولما ذكره ابن الدبيثي (مخطوطة ورقة 121) والمنذري (تكملة 2/65) .
ب- بالاصل «لما» وهي غير واضحة.
ت- اي محمد بن عمر (ورقة 4 ب) .
ث- هو طاهر بن مكارم وقد مر ذكره (ورقة 74 أ) .
ج- هو الحسن بن احمد الحداد (ورقة 27 أ) .
ح- المقصود القاسم بن علي بن عساكر، وقد مر ذكره (ورقة 41 ب) .
خ- اي علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، وقد مر ذكره، وتاريخه هو(1/557)
تاريخ دمشق الذي مر ذكره ايضا (ورقة 41 ب و 61 ب) .
د- كذا بالاصل والصحيح «ابو عمرو» .
ذ- كذا بالاصل وفي الحاشية «ادب» وعليها علامة «صح» ، لكنني فضلت ابقاءها «أرب» لا سيما وقد رواها ابن الدبيثي على هذه الصورة، وقد روى المقطوعة كاملة (مخطوطة ورقة 121) .
ر- بالاصل «لنا» والتصحيح عن ابن الدبيثي.
ز- كتب الناسخ بالحاشية «أحسن» استحسانا للشعر.
س- كتب بالحاشية «علي» وعليها علامة «صح» والغرض التأكيد على صحة الاسم.
ش- ستأتي ترجمته (ورقة 120) .
ص- بالاصل «للخلق» فصححناها ليستقيم الوزن.
ض- كتب الناسخ بالحاشية «احسن لا فض فوه» استحسانا. والجدير بالذكر ان هذه المقطوعة والتي قبلها لم يروهما احد ممن ترجم للطوسي هذا.
ط- بالاصل «ابن» .
الترجمة- 87
أ- عبارة «عمر بن» كتبها الناسخ بالحاشية وأشر موضعها من المتن.
ب- هو عبد الحق بن عبد الخالق آنف الذكر.(1/558)
الترجمة- 88
أ- كلمة «من» غير موجودة بالاصل.
ب- يبدو ان بعض الكلمات سقطت في هذا الموضع مما جعل البيت ساقط الوزن مما تنبه له المؤلف.
ت- بالاصل «للسلطر» لقد اعيد تحبير هذين البيتين فمسخت بعض الكلمات وهذه واحدة منها.
ث- بياض بقدر ست كلمات.
ج- ذكرها المؤلف في موضع آخر وسماها «مقبرة الزمنى والعميان» (ورقة 114 ب) .
الترجمة- 89
أ- مرت ترجمته (ورقة 6) وكذلك اخباره مبثوثة في ثنايا هذا الكتاب.
ب- بياض بمقدار سطر مخصص لذكر اسماء الشيوخ الذين سمع عليهم صاحب الترجمة.
ت- كلمة «في» غير موجودة بالاصل.
الترجمة 90
أ- لم يذكر ابن الدبيثي في «المختصر المحتاج إليه «بألا تظهروا ... » .
ب- بياض بقدر كلمتين.
ت- هو احمد بن محمد بن عبد العزيز (ورقة 13 ب) .(1/559)
ث- اي علي بن احمد البسري (ورقة 7 أ) .
ج- كذا بالاصل، وفي «العقد الثمين» 4/317 وردت «الحراوي» .
ح- كذا بالاصل ولم اهتد الى صحة قراءتها فهل هي «انتقاء او انتقار» او غير ذلك، والانتقار هو الاختيار- كما في «لسان العرب» .
خ- كذا بالاصل والصحيح «ابن الدبيثي» .
د- كلمة «انه» غير موجودة بالاصل فاضفناها ليستقيم المعنى.
ذ- بالاصل «كان» وبعدها بياض بقدر ست كلمات.
ر- بالاصل «الالوف» .
ز- بياض بقدر كلمتين.
س- يبدو ان الاجازة هنا هي لابن الدبيثي، لان المؤلف لم يعرف الرجل الا اذا كان قد راسله بعد ان عرف مقامه بمكة فاستجازه.
ش- بالاصل «المبارك بن احمد بن الحسن» ، واشر فوق احمد «مؤخر» وفوق الحسن «مقدم» .
ص- بالاصل «حمد» والتصحيح عن تذكرة الذهبي (2/564) .
ض- هو عبد الرزاق بن همام الحميري (ورقة 39 ب) .
ط- اي معمر بن راشد الازدي (ورقة 39 ب) .
ظ- اي محمد بن مسلم (ورقة 39 أ) .
ع- هو عبد الله بن عمر بن الخطاب (ورقة 7 أ) .(1/560)
غ- لم اجد لهذا الحديث ذكرا إلا في «سنن ابن ماجة» 2/1178 و «مسند احمد» 8/25 ط معارف.
الترجمة- 91
أ- هو يحيى بن ثابت بن بندار البقال (ورقة 35 أ) .
ب- تصحفت الى «ابا جعفر» .
ت- اي عبد الله بن احمد الخشاب (ورقة 27 أ) .
ث- بالاصل «حسين بن حسن بن حبيش» والتصحيح عن «تاريخ الخطيب البغدادي» 8/43، و «المنتظم» 8/14، «عبر الذهبي» 3/116، و «شذرات ابن العماد» 3/200.
ج- بالاصل «تعجيلها» فصححناها ليستقيم المعنى.
الترجمة- 92
أ- بالاصل «الكران» جاء في «المشتبه» الكرّاني نسبة الى كران محلة باصبهان (ص 441) ، ولكن نسبته جاءت واضحة الى «كرمان» كما في عنوان الترجمة ووفقا لما ذكره ابن الشعار (ج 7 ورقة 228) .
ب- لعل المقصود رباط الجنينة (ورقة 69 ب) .
ت- ستأتي ترجمته (ورقة 88) .
ث- بياض بقدر كلمة واحدة.
ج- كلمة «بها» مكتوبة بالحاشية وهذا موضعها وفقا لابن الشعار.
ح- اعيد تحبير المقطوعة فتشوهت وتصحفت العبارة الاخيرة فصارت «اخذ(1/561)
موقنين» فصححناها عن ابن الشعار. ومما يذكر ان ابن الاثير روى في ( «الاتابكية» ص 179) ابياتا في مدح زنكي منها:
واعاد وجه الحق ابيض ناصعا ... إصلاته وصلاته وصلاته
ووجدت رسالة للمرحوم مصطفى جواد في آخر الجزء الثاني من «مفرج الكروب» يعلق على ما ورد فيه (ص 122 سطر 8) وهو الشطر الثاني من البيت، فيقول معنى الكلمة الاولى «إصلاته السيف» .
خ- بالاصل «تحياز شاد» وقرأها ابن لشعار «يختار شأو» ، وقد فضلنا القراءة الواردة بالمتن.
د- بالاصل «لينشر» والتصحيح عن ابن الشعار.
ذ- جمع حول وهو السنة.
ر- رواها ابن الشعار «نافذ» .
ز- رواها ابن الشعار «حرماته.
س- بالاصل «اربع» والتصحيح عن ابن الشعار.
ش- بالاصل «دفعت» .
ص- وقف ابن الشعار عند هذا البيت وقال: «وهي ابيات كثيرة وعقبها بكلام منثور ... » .
ض- بالاصل «تهو» .
ط- العبارة الاخيرة بالاصل «نرب الرمان وزبه» .
ظ- بالاصل «ترقى» ولعل الصحيح ما اثبتنا، وترقأ اي تجف الدموع وتنقطع(1/562)
(لسان العرب) .
ع- بالاصل «تهتان لاحيانا» ، وعلعلنا اهتدينا الى القراءة الصحيحة.
غ- بالاصل «زمن» .
ف- بالاصل «الاقبال» .
ق- اشارة الى آية قرآنية من سورة «القمر» ورقمها 54/55.
الترجمة- 93
أ- لم اهتد للموضع الذي اشار اليه المؤلف، ولعلنا في الاجزاء المفقودة من الكتاب.
ب- ليس معروفا من هو المقصود هنا، وارجح احد شخصين الاول محمد بن علي الماراني قاضي اربل وقد مر ذكره (ورقة 30 ب) والثاني ابراهيم بن عثمان الماراني وهو ممن قابل المؤلف وستأتي ترجمته (ورقة 100 ب) .
ت- اي «سنن النسائي» كما ذكر ابن الشعار (ج 6 ورقة 220) .
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- بالاصل «الاخرى» .
الترجمة- 94
أ- بالاصل «الدني» والتصحيح عن «تكملة المنذري» 2/161 الذي ضبط نسبته ولم يذكر معناها.
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.(1/563)
ت- اي الرباط المجاهدي وقد مر ذكره (ورقة 33 ب و 75 ب) .
ث- بياض بقدر ثلاث كلمات.
الترجمة- 95
أ- هو زاهر بن طاهر الشحامي وقد مر ذكره (ورقة 26 ب) .
ب- بياض بقدر كلمتين.
الترجمة- 96
أ- اي في سهرورد.
ب- كلمة «البطي» غير موجودة بالاصل ويبدو انه المقصود.
ت- بالاصل «ومن ابي المظفر الكرخي وابي الْمُظَفَّرِ بْنِ ... الشِّبْلِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ المقرب الكرخي» . فصححناها الى ما ترى، اعتقادا منا بان الناسخ قد خلط بين الشبلي والكرخي فركب كنية الاول على نسبة الثاني، ثم اعاد كتابتها صحيحة دون ان ينتبه.
ث- هو هبة الله بن احمد الشبلي وفقا لما ورد في «عبر الذهبي» 5/129 مخطوطتنا (ورقة 58 أ) .
ج- بياض بقدر ست كلمات.
ح- بالاصل «قرأت» .
خ- بياض بقدر كلمة واحدة.
د- اي محمد بن محمد الاصبهاني العماد الكاتب (ورقة 2 ب) ، هذا ولم اجد في المطبوع من «الخريدة» ذكرا لهذا النسب.(1/564)
ذ- بياض بقدر كلمتين.
ر- كذا بالاصل وصوابه «ابن الدبيثي» .
ز- اي زاهر بن طاهر الشحامي (ورقة 26 ب) .
س- هو ابو يعلى الموصلي، وقد مر ذكره (ورقة 87 ب) .
ش- بالاصل «يزيد» والصحيح ما ذكرنا وهو تصغير «برد» (انظر «العبر) 1/182» ) .
ص- رواه ابن ماجة (2/1410) عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة بن الاسقع.
ض- لم اجد هذا الحديث الا في «سنن ابن ماجة» 2/1410 و «جامع الترمذي» 2/49- 50 و «الجامع الصغير» للسيوطي 1/9 و 2/81 بنصوص متقاربة، وهو حديث غريب وقيل ضعيف.
ط- ستأتي ترجمته (ورقة 134) .
ظ- رواها ابن خلكان «بكلما» وفي الشذرات «بكل من» .
ع- رواها ابن خلكان وابن العماد «فما» .
غ- رواها ابن خلكان وابن العماد «وعنده» .
ف- رواها ابن الشعار «إن رمتم» .
ق- روى ابن خلكان البيت كما يأتي:
احييتموني وكنت ميتا ... وبعتموني بغير غالي
ولم يروه ابن العماد اما ابن الشعار فرواه كرواية المؤلف.(1/565)
ك- روى ابن خلكان وابن العماد الشطر الثاني «وحبكم في الحشا حلالي» .
ل- بالاصل «كلما» .
م- لم يرو ابن خلكان وابن العماد هذا البيت وأوردا بيتا غيره وهو:
تشربت اعظمي هواكم ... فما لغير الهوى ومالي
ن- رواها ابن خلكان وابن العماد «فيا له موردا» .
هـ- روى ابن الجوزي في «المنتظم» 10/207 وابن الاثير في «الكامل» 11/111 ابياتا للشاعر هبة الله بن الفضل بن عبد العزيز المتوئي المتوفى سنة 558 هـ مطلعها (وهي دو بيت) :
يا من هجرت ولا تبالي ... هل ترجع دولة الوصال
ووالجدير بالذكر ان ابن الشعار (ج 5 ورقة 154) روى اربعة ابيات فقط من المقطوعة، بينما روى ابن خلكان (3/119) وابن العماد (5/154) سبعة مع تقديم وتأخير وحذف واضافة كما بيّنا.
الترجمة- 97
أ- مر ذكره (ورقة 55 ب حاشية 8) .
ب- مر ذكره (ورقة 55 ب حاشية 7) .
ت- كلمة «الفه» غير موجودة بالاصل.
ث- رواها ابن الشعار وابن خلكان واليافعي «بالقذى» ورواها ابن العماد «بالعدا» .
ج- رواها ابن العماد «فاحمده» ، هذا وروى الاسنوي هذه المقطوعة في(1/566)
ترجمة ابن الدبيثي (1/543) .
ح- رواها ابن الشعار «قوته» .
خ- رواها ابن الشعار «تصفو» .
د- بالاصل «حفرته» والتصحيح عن ابن الشعار.
ذ- ذكر ابن خلكان وابن الشعار ان ولادته كانت في 26 رجب من السنة المذكورة.
ر- مر ذكر «دبيثا» (ورقة 89 ب) .
ز- بالاصل «تعربت» .
الترجمة- 98
أ- بالاصل «فناخسر» والتصحيح عن «المختصر المحتاج اليه» و «معجم ابن الفوطي» .
ب- اي دار المؤلف وقد ورد ذكر هذا السماع في معجم ابن الفوطي (1/507 و 2/841 و 7/580) .
ت- بالاصل «الدواودي» والتصحيح عن «العبر» 3/264.
ث- بالاصل «السرجسي» والتصحيح عن «العبر» 3/17.
ج- رواه البخاري عن مسلم بن ابراهيم عن شعبة الخ السند (الصحيح 1/365) .
ح- هو شعبة بن الحجاج وقد مر ذكره (ورقة 49 ب) .
خ- روي هذا الحديث في عدد من الكتب المعتمدة منها «صحيح البخاري»(1/567)
1/365 و «صحيح مسلم» 3/83 و «سنن النسائي» 5/64 و «سنن الدارمي» 2/218 و «مسند احمد» 4/395 و 411.
د- كلمة «أنشدنا» كتبت بالاصل فوق «حدثنا» .
ذ- اى صاحب الترجمة.
ر- هو يوسف بن محمد (ورقة 58 أ) .
ز- عبارة «الشيخ ابو الحسن النوري قال: أنشدنا ابن» كتبها الناسخ بالحاشية واشر موضعها من المتن، واعيد تحبيرها.
س- بالاصل «ابن ابو الجواليقي» لم اجد احدا يسمى بابي الجواليقي، ولعل المقصود هو موهوب بن احمد الجواليقي (ابن خلكان 3/441) خاصة وقد ذكر ابن الفوطي (2/988) ان موهوبا هذا كان كثيرا ما ينشد هذه الابيات.
ش- روى ابن خلكان «وليذهبن إثر» بدلا من «وسينقضي بعد» .
ص- هو احمد بن يحيى (ورقة 71 أ) .
ض- وردت في «المنتظم» بدلا من بيتها «النصف» وفي «الكامل» وردت «نصفه» .
ط- لم يرد هذا البيت في «الكامل» ورواه ابن خلكان كرواية المؤلف.
ظ- روي هذا الشطر في «المنظم» و «الكامل» كالآتي «فتزودوا من ثعلب فبمثل ما» .
ع- رواها ابن خلكان «قريب» .
غ- روى ابن الجوزى وابن الاثير «اوصيكم» بدلا من «ارى لكم» .
ف- روى ابن الجوزي في المنتظم (6/10) ثمانية ابيات من هذه القصيدة(1/568)
وذكر ما يقال من انها لثعلب في رثاء المبرد، وقال هل ذلك مؤلف «نزهة الالباء» ص 157، وقال آخرون انها للحسن بن علي المعروف بابن العلاف، ومن هذا الرأي ابن خلكان (وفيات 3/441) .
ق- كذا بالاصل، ويبدو ان المؤلف سها عن ادراج تاريخ الوفاة او انه لم يكن يعرفه، او ان الناسخ سها عن نقله، اذ انتقل فجأة الى الترجمة التالية دون ان يترك بياضا كالمعتاد.
الترجمة- 99
أ- بالاصل كلمة «ابو» تكررت مرتين وفوقها علامة الخطأ؛ ولعل الاولى تصحيف ل «أو» .
ب- اي آخر كلام ابن الدبيثي.
الترجمة- 100
أ- تصحفت في «تذكرة الذهبي» الى «سمار» .
ب- تصحفت في «التذكرة» الى «العويش» .
ت- بالاصل «باقه» والتصحيح عن «تكملة المنذري» 2/82.
ث- هو عبد الرحمن بن محمد الشريحي وقد مر ذكره (ورقة 59 أ) .
ج- بياض بقدر كلمتين، اما الحديث فقد ورد في عدد من الكتب المعتمدة بنصوص متشابهة (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1376، «صحيح مسلم» -/ 156، «جامع الترمذي» 2/52، «مسند احمد» 4/229- 230، «الجامع الصغير» للسيوطي 2/119) .
ح- ذكر المرحوم مصطفى جواد ان اسمه محمد وقد لقبه الوزير ابن هبيرة(1/569)
بمسمار لانه كان يراه في مجالس الحديث وهو جالس ساكن فقال كأنه مسمار» (معجم ابن الفوطي 1/537 حاشية) .
الترجمة- 101
أ- هكذا ضبطها السمعاني في «الانساب» وقال انها نسبة الى حفّاظ الباغ والبستان.
ب- بالاصل «على» .
ت- مر ذكره (ورقة 72 ب) .
ث- تناول المحدثون هذا الحادث ورووه باسهاب (انظر «صحيح مسلم» 5/168- 69،» صحيح البخاري» 2/216 و 218 و 230 و 257، 3/147، «جامع الترمذي» 1/316، «مسند احمد» 4/280- 81، «الجامع الصغير» للسيوطي 1/89) . وجميع النصوص متشابهة.
الترجمة- 102
أ- كلمة «وجده» مكررة بالاصل مرتين.
ب- بالاصل «هذان البيتان» وحك احدهم النون الاولى وكتب فوق الثانية «البيت» وكتب بالحاشية عبارة «الاول صح» فصارت الجملة كما هو مثبت في المتن.
ت- هو ابن الشعار وستأتي ترجمته (ورقة 181) .
ث- بياض بقدر كلمة واحدة.
ج- كذا بالاصل ولعله يريد «الماء» وهو «آب» بالفارسية.(1/570)
ح- بالاصل «همسا» او ما اشبه، وقد اشر في الحاشية ازاء هذا البيت بعلامة الخطأ.
خ- بالاصل «فمكّن ما استطعت يداك بخلا» ، فلعل الصحيح ما اثبتنا علما بان هذه المقطوطة والمقطوعات التالية لها اعيد تحبيرها من قبل احدهم مما ادى الى تشويه بعض الكلمات.
د- رواها ابن خلكان وابن العماد «يداه» .
ذ- بالاصل «لكنها» وفي المرجعين السابقين «فانها» .
ر- علق ابن خلكان (4/34) على البيتين قائلا انه وجدهما منسوبين الى ابي بكر الخوارزمي في ابن عباد، غير انه وجد في «معجم الشعراء» للمرزباني ان معاوية بن سفيان وهو ابو القاسم الاعمى الشاعر البغدادي قد هجا الحسن بن سهل- وكان يؤدب اولاده- فقال:
لا تحمدن حسنا بالجود إن مطرت ... كفاه غزرا ولا تذممه إن زرما
فليس يمنع إبقاء على نشب ... ولا يجود لفضل الحد مغتنما
لكنها خَطَرَاتٌ مِنْ وَسَاوِسِهِ ... يُعْطِي وَيَمْنَعُ لَا بُخْلًا ولا كرما
وهذا يتفق وما ورد في معجم المرزباني (ص 316) . راجع كذلك «نزهة الالباء» ص 223.
ز- روى ابن خلكان (4/34) هذا البيت على الوجه الآتي:
اقول لركب من خراسان قافل ... أمات خوارزميكم؟ قيل لي: نعم
ورواه ابن العماد كرواية المؤلف، ولكنه ذكر «خوارزم» بدلا من خراسان في الشطر الاول.
س- بالاصل «افخاذ» .(1/571)
ش- كذا بالاصل ولم اهتد الى صحة قراءتها.
ص- بالاصل «الدجج» والتصحيح عن «برد الاكباد» للثعالبي ص 112، اذ رواها «لولا اتخاذ الغلمان الحسان والرجح السمان، ما اشتعلت بخدمة السلطان» . ويقال امرأة رجاح وراجح اي ثقيلة العجيزة من نسوة رجّح، وجمع المرأة الرجاح رجح- كما في «لسان العرب» .
الترجمة- 103
أ- اي «والد ابي بكر محمد» وستأتي ترجمته (ورقة 83 ب) .
ب- اي ان محمد الشهرزوري كان شيخا لعبد الكريم بن السمعاني، ايد ذلك ابن خلكان 3/232.
ت- بالاصل «ابو سعيد» .
ث- هنا بالاصل كلمة «فيما» وفوقها علامة الخطأ فحذفناها.
ج- اي تاريخ الخطيب البغدادي.
ح- في المنتظم والوافي «الثريا» ورواها ابن خلكان «الزبانا» والزبانى كواكب على شكل زبانى العقرب- كما في «لسان العرب» .
خ- في «الوافي» نسب البيتان لمحمد بن القاسم الشهرزوري، ورواهما الاسنوي (2/96) للقاسم نفسه واشار الى ما يقال عن نسبتهما لابنه محمد. وقال اليافعي «مرآة الجنان» 3/150 ان ابن المستوفي نسبهما الى القاسم وانما هما ولده وهذا وهم من اليافعي لان ابن المستوفي لم ينسبهما للقاسم وانما نسبهما- نقلا عن ابن الجوزي- الى ابنه محمد كما هو واضح من المتن ونقل ابن خلكان (3/232) الخبر عن ابن المستوفي وتوهم ان البيتين للقاسم، وعلق على ذلك قائلا بانه وجد في(1/572)
تاريخ ابن السمعاني انهما لمحمد (انظر المنتظم 10/112) .
د- في المنتظم «تتفانى» .
ذ- في المطبوع من «المنتظم» تنتهي الترجمة عند نهاية البيت الثاني.
ر- بالاصل وردت كلمة «سنه» بعد «ببغداد» وعليها علامة الخطأ.
ز- انظر «باب ابرز» وقد مر ذكرها (ورقة 77 أ) .
س- اي المؤلف.
ش- روى ابن خلكان في موضع هذا البيت البيتين الآتيين:
فلا وصل ولا هجر ... ولا نوم ولا أرق
ولا يأس ولا طمع ... ولا صبر ولا قلق
ص- رواها ابن خلكان «فليتهم وإن قطعوا» .
ض- بالاصل «مودتهم بي» واشرت علامة الخطأ فوق المقطع «تهم» رواه ابن خلكان!
أأفنى في محبتهم ... وطيب محبتي عبق
ط- وزاد عليه بيتا آخر:
كمثل الشمع يمتع من ... ينادمه وينمحق
ظ- اى عن الرسالة.
ع- بالاصل «الوصال» وفوقها اشارة الخطأ، وكتب بالحاشية ازاءها «الصدود» .(1/573)
الترجمة- 104
أ- سبق ذكره (ورقة 16 ب) .
ب- بالاصل «ابو عمر» والتصحيح عن «العبر» 3/298 (ورقة 16 ب) .
ت- هو محمد بن يحيى بن سلمان المروزي (ورقة 74 أ) .
ث- هو عبد الرزاق بن همام (ورقة 39 ب) .
ج- اي معمر بن راشد الازدي (ورقة 39 ب) .
ح- هو محمد بن مسلم الزهري (ورقة 39 ب) .
خ- اي سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد مر ذكره (ورقة 85 أ) .
د- هو عبد الله بن عمر بن الخطاب (ورقة 7 أ) .
ذ- ورد هذا الحديث في اغلب الكتب المعتمدة بنصوص متقاربة (انظر «سنن ابن ماجة» 1/22، 2/1400، «صحيح مسلم» 1/46، «صحيح البخاري» 1/140، «سنن النسائي» 8/110 و 121، «جامع الترمذي» 1/361 و 2/102، «سنن ابي داود» 2/522 و 552، «مسند احمد» 7/165، 9/155 ط المعارف، «الموطأ» 2/905.
ر- اي ابن طبرزد مرت ترجمته (ورقة 69 ب) .
ز- بالاصل «ابو محمد بكر احمد» واشرت علامة الخطأ فوق «محمد» .
س- هو ابراهيم بن عبد الله الكشي (ورقة 15 أ) .
ش- سبق ذكره (ورقة 62 ب) .(1/574)
ص- اي عبد الله بن عون (ورقة 62 ب) .
ض- هو عامر بن شراحيل (ورقة 6 ب) .
ط- سبقت رواية هذا الحديث (راجع 62 ب) .
ظ- بالاصل بعد «انشدني» وردت «من او بن» ، ولعلها زائدة.
ع- هو عبد الله بن محمد (ورقة 7 ب) .
غ- بالاصل تصحفت الى «فليس يأتيك منها» .
ف- في الحاشية عبارة غير واضحة يمكن قراءتها «انما هي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه» ، وقد وجدتهما بالفعل في «العمدة» لابن رشيق (1/20) وانهما للخليفة عمر.
ق- اي المؤلف.
ك- اسمه عمر بن محمد مرت ترجمته (ورقة 69) .
ل- هو احمد بن عبد الله آنف الذكر.
م- لم اجد البيتين في «يتيمة الدهر» ولا ذكرهما ابن خلكان، وروى ابن كثير (13/17) ليحيى بن علي المعروف بابن فضلان شيخ الشافعية ببغداد، المتوفى سنة 595 هـ هذين البيتين:
واذا اردت منازل الاشراف ... فعليك بالاسعاف والانصاف
واذا بغى باغ عليك فخلّ ... هـ والدهر فهو له مكاف كاف
ن- بالاصل «قال» وفوقها علامة الخطأ، فلعل الصحيح ما اثبتنا لان السند يشير الى ابن طبرزذ والطوسي.(1/575)
وبالاصل «محمد بن علي» والتصحيح عن «اليتيمة» 4/302- 334 حيث رويت له هذه الابيات.
هـ- الديبا جتان هما الخدان، وديباجة الانسان بشرة وجهه- كما في «لسان العرب» .
لا- كذا بالاصل وفي «اليتيمة» وردت «من باجتي» و «باج» هو الوجه والطريقة، ومنه قول عمر- رض- «لأجعلن الناس باجا واحدا» اي طريقة واحدة في العطاء- كما في «لسان العرب» ، واصله بالفارسية «باها» اي الوان الطعام. أما قاموس «برهان قاطع» الفارسي فقال ان «باج» تعني الخراج الذي يفرضه السلاطين الكبار على الحكام التابعين لهم، او ما يفرضه الحكام على رعاياهم، او هو الاتاوة التي يفرضها قطاع الطريق على المسافرين. وفي قاموس «فرهنگ اندراج» جاء انها تعني شباكا صغيرا كشباك بيع التذاكر في المسارح والمحطات. وفي «لسان العرب» ايضا ان باجه تعني الاختلاط.
ى- في «اليتيمة» وردت «تحفظ» .
أأ- بالاصل غير منقوطة، ويمكن قراءتها «الحلي والحبلي والختلي والخبلي والخيلي والحنبلي والجيلي» ، فاذا كان الحلي هو المقصود فلعله محمد ابن علي العراقي الذي اقام مدة باربل وتوفي سنة 561 هـ (راجع ورقة 29 أمن المخطوطة) .
أب- كذا بالاصل والصحيح «الفرشي» بالفاء.
أت- بياض بقدر كلمتين، ولعله اراد ان يقول «في مدح او في الامام» وما اشبه.
أث- بالاصل «الامانة» .(1/576)
أج- بالاصل «مسلمة» بفتحتين.
أح- لم اهتد الى موضع هذا الاقتباس في المطبوع من «المنتظم» إذ جاءت ترجمة محمد بن القاسم خالية منه كما اشرنا آنفا.
أخ- بالاصل «الدني» .
أد- هو ابراهيم بن علي الفيروزآباذي (ورقة 10 ب) .
أذ- بالاصل «ثلاث» وعليها علامة الخطأ وكتب في الحاشية «ثمان» .
أر- بياض بقدر كلمة.
أز- بالاصل «ابي» .
الترجمة- 105
أ- هو محمد بن عبد الكريم وقد مر ذكره (ورقة 49 ب) .
ب- ستأتي ترجمته (ورقة 165) .
ت- بالاصل «ابي» .
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- نسبة الى «غورج» وهي قرية قرب هراة، وكروخ التي ينسب اليها ايضا هي قريبة من هراة كذلك، وفقا لما ذكر في «بلدان ياقوت» بالنسبة للموضعين.
ح- اي المبارك بن سلمان الآتي ذكره.
خ- هو «الجامع الصحيح» (ورقة 42 ب) .(1/577)
د- بالاصل «قيل» .
ذ- بالاصل كتبت «القصارين» ولعله يقصد «درب القصارين» المار ذكره (ورقة 95 ب) .
ر- بياض بقدر كلمتين للتنبيه على انتهاء الفقرة.
الترجمة- 106
أ- هو محمد بن احمد بن عبد الباقي (ورقة 10 ب) .
ب- راجع «مختصر تاريخ السمعاني» لابن المكرم (مخطوطة كمبرج ورقة 107) .
ت- راجع «المنتظم» 10/121.
ث- هذا هو عنوان الفصل الذي وردت ضمنه الترجمة في «المنتظم» .
ج- كلمة «محمد» الثانية غير موجودة في «المنتظم» .
ح- بالاصل «ابن» .
خ- هو ابراهيم بن علي الشيرازي (ورقة 10 ب) .
د- في «المنتظم» وردت «وحضر» .
ذ- الى هنا تنتهي ترجمته في «المنتظم» .
ر- بياض بقدر اربع كلمات.
ز- هذه العبارة المنسوبة الى السمعاني لا محل لها هنا، اذ ذكرها المؤلف حرفيا في نهاية الترجمة (ورقة 96 ب الآتية) ، كما انها لا ترتبط والعبارة التالية لها. ولعل ذلك من فعل الناسخ.(1/578)
س- يبدو ان المقصود ليس كتابا قائما بنفسه وانما هو فصل من كتاب «معارف الادب» الآتي ذكره- كما يتضح من الورقة 173 ب-.
ش- اي سماع الحديثي للكتاب المذكور على علي بن فضال.
ص- بالاصل «اربعين» وهو وهم واضح.
ض- بياض بقدر كلمة واحدة.
ط- اي ابن طوق وقد مر ذكره (ورقة 10 ب) .
ظ- بالاصل «ابراهيم بن هناد النسفي» والتصحيح عن «المنتظم» 8/284 و «العبر» 3/260.
ع- اي بجرجان.
غ- بالاصل «منضور» .
ف- رواها ابن خلكان وابن العماد والاسنوي (1/300) «أحسن» ، ورواها ابن المكرم «اكرم» ، ورواها السبكي «أعلى قيمة» .
ق- بالاصل «مما» والتصحيح عن ابن خلكان وابن العماد.
ك- بالاصل «سعد» .
ل- كتبت «ابو نصر» بالحاشية ومؤشر موضعها من المتن.
م- الزينبي وقد مر ذكره (ورقة 16 أ) .
ن- سبق وذكرت هذه العبارة حرفيا في آخر الورقة 96 أ.
الترجمة- 107
أ- هو علي بن الحسين الزينبي وقد مر ذكره.(1/579)
ب- ذكر ابن الدبيثي انه تولى القضاء يوم 12 ربيع الآخر سنة 566 هـ (مخطوطة كمبرج ورقة 54) .
ت- يبدو ان عبارة سقطت قبل كلمة «ودفن» ولعلها تقول «حتى وفاته سنة 570» وبها يستقيم المعنى.
ث- بالاصل «الجرجاني» والتصحيح عن «بلدان ياقوت» 2/418، وخرجان قرية من قرى اصبهان.
ج- عبارة «هبة الله بن محمد» غير موجودة بالاصل وبياض فى موضعها.
ح- بالاصل «ابو» .
خ- هو محمد بن عبد الباقي (ورقة 41 ب) .
د- راجع «المختصر المحتاج اليه» 2/69.
ذ- بالاصل «يستطيعه» .
ر- هنا سقطت كلمة مما أدى الى سقوط الوزن.
ز- بالاصل «المبحور» .
الترجمة- 108
أ- بالاصل «احمد» وصححت في الحاشية الى «محمد» ، وقد مر ذكر محمد بن المبارك (ورقة 56 أ) .
الترجمة- 109
أ- كذا بالاصل.
ب- بالاصل «مشكبهر» والتصحيح عن «بلدان ياقوت» .(1/580)
الترجمة- 110
أ- بالاصل «غير» .
ب- اي الحسين بن نصر.
ت- بياض بقدر ثلاث كلمات.
الترجمة- 111
أ- بالاصل «ابي الشيخ» .
ب- هو ابراهيم بن علي وقد مر ذكره (ورقة 10 ب) .
ت- هو محمد بن محمد الزينبي (ورقة 93 ب) .
ث- بالاصل «كتبت» ثم صححت الى «كتب» .
ج- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ح- بالاصل «الشكمي» وهو تصحيف «التنكتي» كما في «المنتظم» 9/79 و «العبر» 3/314، وتصحف في «التذكرة» 3/1200 الى «الشكتي» وفي «الشذرات» 3/379 الى «الشكسي» وقال ابن العماد انها نسبة الى شكس سكة بنيسابور والصحيح «تنكت» احدى مدن الشاش في ما وراء النهر كما في «اللباب» .
خ- بالاصل «التنكيتي» .
د- كذا بالاصل وسماه ياقوت في «البلدان» 3/187 محمد ابن عمر (وليس عمرو) الجرشي، ودعاه السبكي (3/291) محمد ابن عمرو الحرشي. ولم اهتد الى صحة النسبة.(1/581)
ذ- هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب (ورقة 37 أ) .
ر- هو مالك بن انس صاحب المذهب.
ز- سبق وورد هذا الحديث اكثر من مرة (راجع ورقة 36 أ) .
س- بالاصل «عليه» وصححت بالحاشية الى «على» .
الترجمة- 112
أ- سبق للمؤلف ان كناه بابي الفداء، وذكر اسم جده «سليمان» بدلا من سلمان (ورقة 42 أ) .
ب- بياض بقدر كلمتين.
ت- لم اجد سببا لذكر سماعه على الحسين بن نصر مرتين الا السهو.
ث- بياض بقدر كلمة واحدة.
ج- اي محمد بن عبد الله بن رئيس الرؤساء (ورقة 98 ب) .
الترجمة- 113
أ- بالاصل «الموقعاني» ، والمقصود احمد بن المبارك بن سعد المار ذكره في هذه الصفحة.
ب- بياض بمقدار سطر ولعله خصص لذكر تاريخ الوفاة ومكان الدفن.
الترجمة- 114
أ- بياض بقدر عشر كلمات.
ب- المقصود رباط الصوفية.(1/582)
ت- اي رباط الجنينة (ورقة 69 ب) .
ث- بالاصل «محمد بن احمد بن عبد الباقي» ، فحذفنا «احمد» لانها زائدة، والمقصود هنا «ابن البطي» المار ذكره (ورقة 34 ب) علما بان من ترجم له ذكر اسم جده «سليمان» ، غير ان ابن الجوزى سماه «سلمان» (المنتظم 10/229) .
ج- بالاصل «احمد بن المقرب بن الحسين بن الحسين» والتصحيح عن المختصر المحتاج اليه» 1/219 وعن المؤلف (ورقة 99 أ) .
ح- بياض بقدر كلمتين.
خ- بالاصل «الاقبال او الأفعال» وما اشبه.
د- بالاصل «العين.
الترجمة- 115
أ- هو ابراهيم بن مسلم الاربلي (انظر ترجمته ورقة 99 أ) .
ب- هو الوزير محمد بن عبد الله بن هبة الله (ورقة 99 أ) .
ت- نقل الذهبي عن ابن الدبيثي في «المختصر المحتاج اليه» 1/23، انه روى عنه.
ث- بالاصل «فحدث» .
ج- بياض بقدر كلمتين.
ح- ذكر الذهبي هذا اللقب في «المشتبه» ص 397، ولم يذكر معناه.
خ- ذكر ابن الدبيثي في «المختصر المحتاج اليه» انه سأله عن مولده «فلم(1/583)
يحققه، الا انه ذكر ما يدل انه في سنة 559 تقريبا» .
د- كلمة «ابي» غير موجودة بالاصل.
ذ- اي ان ولادة محمد وقعت يوم الخميس الخ..
ر- بياض بمقدار سطر ولعله خصص لادراج بقية اخباره كتاريخ وفاته ومكان دفنه.
الترجمة- 117
أ- بالاصل «دربيس» والتصحيح عن ابن خلكان (2/407) والمراجع الاخرى.
ب- عبارة «رضي الله عنه» مكتوبة بالحاشية بخط الناسخ.
ت- بالاصل «ابن ابي» .
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- ولذا فتكون اجازة السلفي له وهو ابن سنتين.
ح- بياض بقدر ثلاث كلمات ولعله خصص لاسم عمه.
خ- بالاصل «انا» .
الترجمة- 118
أ- بالاصل «الحب» وصححت بالحاشية الى «الشوق» .
ب- بالاصل «نظري» .
ت- بالاصل «موثق» .(1/584)
ث- لعله يشير الى ان «كي» في البيت السابق تنصب ما بعدها، بينما هو رفع فعل «نتحقق» .
ج- بالاصل «فذا» .
ح- بالاصل «أخدني» .
خ- هذا البيت من بحر «الكامل» وحقه ان يكون من «الطويل» تبعا للبيت الاول.
د- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ذ- انتقل الى مقطوعة اخرى من بحر وقافية مختلفتين دون ان ينبه الى ذلك، ويبدو ان المؤلف وجدها على هذه الصورة في الجزء الذي نقلها منه.
ر- عبارة «اكثر من هذا قد تكلفها» مكتوبة بالحاشية ولعلها هنا.
ز- بالاصل «فيها» .
س- بالاصل «المعدى» .
ش- ستأتي ترجمته (ورقة 231 أ) .
ص- بياض بقدر ست كلمات.
ض- بالاصل «علي» وكتب الناسخ فوقها «عليا» .
ط- كلمة غير مفهومة وهي تشبه ما اثبتنا بالمتن.
ظ- الى هنا والمقطوعة مكتوبة ضمن المتن وكأنها نثر إذ لم يفطن الناسخ الى كونها شعرا، إلا ان الناظم لم يلتزم الوزن بدقة في المقطوعة كلها.
ع- بالاصل «في» او ما يشبهها.(1/585)
غ- كذا بالاصل ولم اهتد الى المقصود، ولعله يريد القول بأنها الكتب المسماة بالاجازة الاولى.
الترجمة- 119
أ- كتب بالاصل بعد الكنية «الد» او ما اشبه وعليها علامة الخطأ.
ب- بالاصل «بختياري» والتصحيح عن «اكمال ابن الصابوني» ص 152.
ت- هي باجبّاره (ورقة 74 ب) .
ث- الرسيس هو اول الحمى الذي يؤذن بها كما في «لسان العرب» و «اساس البلاغة» .
ج- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ح- بالاصل «عربد» والتصحيح عن «بغية الوعاة» ص 298 ط قديمة.
خ- بالاصل «النشتبري» وهو التصحيح وتصحفت في «شذرات ابن العماد» 5/245 الى «البشيري» وكذلك سماه الذهبي «النيشتبري» ولكن المحقق ضبط النسبة بكسر النون والتاء بينما ضبطهما ياقوت بالفتح، بلدان 4/783.
الترجمة- 120
أ- رواها ابن الفوطي «الاسفار» .
ب- بالاصل «بندق» والتصحيح عن ابن خلكان (4/79) وروى سبط ابن الجوزى (ص 511) البيتين كرواية المؤلف تماما عن حمد بن صديق الحراني عن حماد بن هبة الله (انظر ايضا ابن الصابوني ص 245 حاشية) .(1/586)
ت- رواها ابن كثير «زينته» .
ث- هو احمد القيسي وستأتي ترجمته (ورقة 152 أ) .
ج- بالاصل «برنس السلامي» والتصحيح عن ابن الشعار (ج- 10 ورقة 287) وسماه «السلابي» .
ح- هو غازي بن صلاح الدين الايوبي (ورقة 46 أ) .
خ- كذا بالاصل وقد تقرأ «اخيه» ولكن ابن الشعار رواها «اخته» .
د- الاجهر وهو كل ضعيف البصر في الشمس، والاجهر الاحول ايضا كما في «لسان العرب» ودوزى.
ذ- هو عبد الرحمن بن عمر بن شحانة وستأتي ترجمته (ورقة 165 أ) .
ر- بالاصل «الحافظ وابا الطاهر» .
الترجمة- 121
أ- بالاصل «عليها» .
ب- بالاصل «من» .
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- سبق ذكره (ورقة 23 أ) وكانت كنيته «ابا الثناء» واسم جده «الحسن» . ولم اهتد الى تحقيقه.
ج- بالاصل «حسنا» .
ح- بالاصل «الالف» .(1/587)
خ- بالاصل «عندي» .
د- ستأتي ترجمته (ورقة 176 أ) .
ذ- كذا بالاصل ولعله كان يتضايق من مثل ذلك الحديث.
ر- لعله يقصد محمد بن ابراهيم البستي الذي مرت ترجمته (ورقة 43 ب) .
ز- بياض بقدر اربع كلمات.
س- بالاصل «فيه» .
ش- هو عبد الله (او محمد) بن يوسف الواسطي (ورقة 90 ب) .
الترجمة- 122
أ- اصطلاح صوفي مر ذكره (ورقة 35 ب) .
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.
ت- اي من أشنه وقد مر ذكرها (ورقة 11 ب) .
ث- كتب الناسخ بالحاشية عبارة «وَكَانَ أُسِرَ بِالْقُدْسِ فَكَانَ يُؤَذِّنُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» وأشر موضعها بالمتن.
الترجمة- 123
أ- كلمة «ابي» غير موجودة بالاصل.
ب- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ت- كذا بالاصل وحقها ان تكون «غير هما» .
ث- بياض بقدر خمس كلمات وهو مخصص لذكر تاريخ وروده الى اربل(1/588)
الترجمة- 124
أ- راجع ورقة 104 (حاشية 5) والعتابي نوع من القماش «التفتا» ، يرجع تاريخ الكلمة الى العهد الاموي وهي مشتقة من عتّاب (قاموس دوزي) وذكر الذهبي في «المشتبه» ص 345 ان العتابي نسبة الى نسيج العتابي والى محلة ببغداد.
ب- بياض بقدر كلمتين، ولعل المؤلف اراد ان يكتب فيه «ابن الاشقر» .
ت- بالاصل «الحسين» والتصحيح عن «المنتظم» 7/188 و «الشذرات» 3/160.
ث- بالاصل «محمد» والتصحيح عن «المنتظم» 6/149 و «التذكرة» 2/689 و «الشذرات» 2/247.
ج- هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (ورقة 32 ب) .
ح- لم يرد هذا الحديث في الصحاح ما عدا «جامع الترمذي» 2/308، رواه ايضا السيوطي في «الجامع الصغير» 1/9 والذهبي في «ميزان الاعتدال» 2/432، وابن حجر الهيتمي في «الصواعق» ص 170، ومحمد بن سليمان في «جمع الفوائد» 2/577.
خ- بياض بقدر ثلاث كلمات ولعله محجوز لبيان مكان الولادة.
د- بياض بقدر كلمتين.
ذ- اي أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال آنف الذكر.
ر- بالاصل «بايسن» او ما يشبهها.(1/589)
الترجمة- 125
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- بالاصل «ابن احمد» وهذا خطأ لان ابا الفرج هو احمد.
ت- بالاصل كتبت علامة الخطأ فوق الاسم، ولعل المقصود حذف «سمنان» اذ لم اجد بين مترجميه احدا ذكر ذلك في نسبه.
ث- هو محمد بن عبد الباقي وقد مر ذكره (ورقة 34 ب) .
ج- هو عبد الله بن محمد (ورقة 62 ب) .
ح- بياض بقدر كلمتين.
خ- بالاصل «عباس» والتصحيح عن «التذكرة» 3/847 و «الشذرات» 2/335.
د- بالاصل «جاء» وفوقها علامة «صح» وكتب الناسخ بالحاشية «اتى» وعليها «صح» ايضا.
ذ- ورد هذا الحديث في عدد من الكتب المعتمدة بلفظه او بمعناه (انظر «صحيح البخارى» 1/123، «سنن الدارمي» 1/264، «سنن ابن ماجة» 1/353، «مسند احمد» 5/295 و 296 و 303 و 309 و 311. «الموطأ» 1/162، انظر كذلك «صحيح مسلم» كتاب صلاة المسافر- 6) .
ر- في «المختصر المحتاج اليه» ورد «عمر» بدلا من «محمد» (راجع ورقة 85 ب) .
ز- بالاصل «اسهدوست» والتصحيح عن «المنتظم» 8/308.(1/590)
س- بالاصل «لحابه» وعليها علامة الخطأ، وصححت بالحاشية بخط الناسخ.
ش- حرّش اي افسد واغرى بعضهم البعض كما في (لسان الرب) .
ص- اي بالاسناد آنف الذكر نفسه.
ض- اي ترك فؤادي بحال يرثى لها، ويسمى هذا «اكتفاء» .
الترجمة- 126
أ- كلمتان او ثلاث انمحت في هذا الموضع، وربما كان بموضعها «من مشايخها» وعندئذ ينبغي ان تقرأ العبارة «سمع بها» .
الترجمة- 127
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- اي في دقوقا.
ت- بالاصل «عنه وهو» ومؤشر على الكلمة الاخيرة بعلامة الخطأ فحذفناها ليستقيم المعنى.
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ح- كلمة «منار» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها بالمتن.
خ- كلمة «مدار» كما في حاشية ح.
د- بالاصل غير منقوطة.(1/591)
ذ- اشارة الى آية قرآنية من سورة «يس» ورقمها 36/39.
ر- الكلمات الاربعة الاخيرة غير واضحة بسبب اللمس.
ز- اشارة الى آية قرآنية من سورة «آل عمران» ، رقمها 3/103.
س- اشارة الى آية قرآنية من سورة «البقرة» ورقمها 2/83.
ش- كذا بالاصل ولم اجد لها معنى في المعاجم سوى ان الشعث هو انتشار الشعر وتغيره لقلة العناية به، وتشعث القوم اي تفرقوا، كما في «اساس البلاغة» ، ولا اظنه هو المعنى المناسب.
ص- انها من الغبن، كالشتيمة من الشتم، وغبنه خدعه، ويقال «لحقته في تجارته غبينة» ، وقيل انها الحزن والاسف) «regret» انظر «لسان العرب» و «اساس البلاغة» و «قاموس دوزى» .
الترجمة- 128
أ- بياض بقدر كلمة.
ب- بالاصل «رواد» .
ت- بالاصل «وعشرين» وقد كتب فوقها بخط ابن الشعار «عشرة» وهو الصحيح لان صاحب الترجمة توفي سنة 622 هـ ولا يمكن ان يكون قد انشد شيئا سنة 625.
ث- رواها ابن خلكان «ير» (6/90) .
ج- روى ابن خلكان (6/90) ان ابن شداد كان يتمثل بهذين البيتين كلما نظر الى نفسه على تلك الحالة من الضعف والعجز عن القيام والقعود والصلاة. ثم قال انه وجد البيتين للظهير اسحاق بن ابراهيم قاضي(1/592)
السلامية (الا انه لم يذكرهما في ترجمته رغم ذكره مقطوعات اخرى- ج 1/17) ، وذكر السبكي (8/362) عن ابن شداد مثل ذلك. هذا ولم أجد للبيتين ذكرا في ديوان الامام الشافعي. ورواهما ابن الفرات (مج 5 ج 1/140) لابراهيم المذكور، وتصحفت كلمة «احبائه» فصارت «احبابه» .
الترجمة- 129
أ- هو عثمان بن ابي بكر بن ابراهيم بن جلدك الموصلي (ورقة 51 أ) .
ب- اي الحسن بن هبة الله بن صصري (ورقة 51 أ) .
ت- سماه الهروي «حسين» .
ث- بالاصل «موهيا» والتصحيح عن «المنتظم» و «الوفيات» .
ج- رواها ابن الجوزي «فبدا» وابن خلكان «فمضى» .
ح- رواه ابن الجوزي وابن خلكان «فصده» وابو الفرج في «الاغاني» «ورده» .
خ- رواها ابن الجوزي وابن خلكان «ضلوعه» .
د- رواه ابو الفرج «يا قلب لا يذهب بحلمك باخل» .
ذ- لم يرو ابن الجوزى ولا ابن خلكان هذا البيت، وروى كل منهما (المنتظم 7/93 والوفيات 4/419) الابيات الثلاثة الاولى، وقال ابن خلكان نقلا عن «الاغاني» ان الشعر للشريف ابي عبد الله محمد بن صالح الحسيني. ولدى مراجعة «الاغاني» (ط بولاق 15/88- 98) وجدت الابيات ضمن قصيدة من 13 بيتا وان الشاعر محمد بن صالح قالها(1/593)
في السجن، وقد غنيت للمتوكل فاعجب بها وسأل عن قائلها فاخبر، وعندها امر المتوكل باطلاق سراحه مما حمل الشاعر على مدحه.
ر- اي المؤلف.
ز- بياض بقدر كلمتين.
س- بالاصل «بان ابا ياسر» .
ش- سماه ابن ماكولا (1/157) «الاسكري بسين مهملة وذكر مجالسته لتميم ورواية الزبيري عنه، وذكر ياقوت في «البلدان» قرية «أشكر» من قرى مصر بالشرقية.
ص- اضفنا كلمة «بي» عن «المنتظم» .
ض- العبارة المبتدئة بكلمة «وقت» غير موجودة بالمنتظم.
ط- كذا بالاصل والصحيح «كحاشية» .
ظ- كتبت هذه الأسطر بالاصل بهذا الترتيب.
ع- لم اعثر على الحكاية في موضع آخر من المخطوطة، ويبدو انها ذكرت في الاجزاء المفقودة.
الترجمة- 131
أ- بياض بمقدار سطر واحد خصص لكتابة اسم صاحب الترجمة الذي لقيه المؤلف قبل شروعه في تأليف الكتاب، ويبدو انه نسي اسمه او فقده.
ولعل اسمه «احمد» وكنيته «ابو العباس» لان ترجمته وقعت بين ترجمتي شخصين لهما هذا الاسم وتلك الكنية.(1/594)
ب- لم اهتد لقراءتها وهل هي بالقاف أو بالفاء، فان كانت الاولى فهي من الوقر وهو الثقل يحمل على الظهر او على الرأس او الحمل الثقيل او الخفيف وما بينهما، ووقر العظم كسره كما في «اساس البلاغة» . اما اذا كانت بالفاء، فمنها القول «وفرت عرضه اذا اثنيت عليه» ، ويقال وفرا وفورا اي كرم ولم يتبذل، والوفور التمام كما في «لسان العرب» .
ت- كلمة «ذا» غير موجودة بالاصل.
ث- اي يوسف الصديق- ع-.
ج- ابتلاه بمعنى امتحنه والاسم «البلوى» والبلاء يكون في الخير والشر، وقيل البلوى وهي الحاجة والفقر (انظر «لسان العرب» و «قاموس دوزى» ) ولعل المقصود ببني البلوى هم البشر.
ح- يبدو انه رواه بالضم- كما يتضح من تعليق المؤلف في آخر المقطوعة- والصحيح ان يكسر لوقوعه بعد «سوى» .
خ- بياض في موضع الشطر الأول وربما نسيه المؤلف.
د- هو جد المؤلف.
ذ- يقال «يكتب كتبا» وهو المصدر المقيس (تاج العروس) .
الترجمة- 132
أ- هنا بالاصل كلمة «حياله» وعليها علامة الخطأ فحذفناها.
ب- بالاصل «حسين» والتصحيح عن ابن الشعار (ج 4/ورقة 200) .
ت- هنا بالاصل كلمة «ألم» فحذفناها ليستقيم الوزن.(1/595)
ث- اظلف القوم اي وقعوا في الموضع الشديد الصلب. والبلابل والبلبال شدة الهم والوسواس في الصدور (لسان العرب) .
ج- هو الذي يتبع الضيف (لسان العرب) .
ح- هنا بالاصل «لقوم» فحذفناها ليستقيم الوزن.
خ- وردت العبارة الاخيرة بالاصل هكذا، فوقها علامة الخطأ التي كتبت ايضا في الحاشية ازاءها، ولم اهتد الى صحة قراءتها.
د- بالاصل «مماثل» وكتب فوقها «طال» ، ولعل الصحيح ما اثبتنا.
ذ- بالاصل «يغتسل» .
ر- ذكر الجاحظ في «الحيوان» (3/249 و 5/143) الاحمران الذهب والزعفران، والابيضان الماء واللبن، والاسودان الماء والتمر. وجاء في «لسان العرب» ان الابيضين الشحم والشباب، وقيل الخبز والماء، وقيل الماء واللبن.
ز- اي كوكبوري، اذ كان علي بن شماس وزيرا له وفقا لما ذكره ابن الشعار (ج 4/ورقة 200) .
س- بالاصل «رقبا» .
ش- لم افهم هذه العبارة.
ص- مر ذكره (ورقة 15 أ) .
ض- بالاصل «الى» والتصحيح عن «لسان العرب» .
ط- بالاصل «وما هو» وكتب فوقها «لي» وعليها علامة «صح» . وقد ورد(1/596)
في «لسان العرب» قول هذيل الاشجعي من شعراء الحجاز
ولكنما يَمْضِي لِيَ الْحَوْلُ كَامِلًا ... وَمَالِيَ إِلَّا الْأَبْيَضَيْنِ شراب
من الماء او من درّ وجناء ثرة ... لها حالب لا يشتكي وحلاب
ظ- بياض بقدر اربع كلمات لعله خصص لا دراج يوم الوفاة والشهر.
ع- بالاصل «الغر» مكررة وكتب فوقها «الزهر» وعليها علامة «صح» .
غ- بالاصل «الشحر» ، والشحر هو ساحل اليمن او الشط، والشحير ضرب من الشجر (لسان العرب) ، وحيث ان هذه المعاني لا تناسب السياق فالراجح عندي انها تصحفت من «السحر» .
ف- بالاصل «بعسجد» فصححناها ليستقيم الوزن.
ق- بالاصل «وللاحى» ولعل الصحيح ما اثبتنا ومعناها «اللاجئون» .
الترجمة- 133
أ- بالاصل «الكمش» وعليها علامة الخطأ، وصححت بالحاشية.
ب- كذا بالاصل، وليس معروفا لمن كان الخط المنقول عنه.
ت- اي قصدا، الأمّ القصد، ويقال أممته اي قصدته (لسان العرب) .
ث- بالاصل «ما رام تعرفه» وصححت بالحاشية كما اثبتنا، وفوقها علامة «صح» .
ج- بالاصل «فمن فأول» والتصحيح عن ابن الشعار (ج 5/ورقة 178) وقد روى المقطوعة كلها.
ح- بياض بقدر كلمتين.(1/597)
الترجمة- 134
أ- بياض بقدر سطرين لعله خصص للشعر الذي كان المؤلف عازما على روايته.
ب- بالاصل «طب» ولعل ما اثبتنا هو الافضل.
ت- حيث اعيد تحبير هذه القطعة فقد تصحف الاسم الى «شهر رقد» ، وشهرزور كورة واسعة في الجبال بين اربل وهمذان، والمدينة في الصحراء وعليها سور ضخم كما قال ياقوت. وذكر ابن خلكان (3/233) انها من اعمال اربل، بناها زور بن الضحاك، ومعناها «بلدة زور» . وهي الآن خربة تسمى «ياسين تبه» اي تل ياسين وفقا لما ذكره صاحب «تاريخ الكرد» ص 133 و 166 و 209 و 209 و 232 (انظر بلدان ياقوت 3/240 ومراصد الاطلاع 2/136، والعراق في العصر السلجوقي ص 345 ومجلة سومر لسنة 1961.
الترجمة- 135
أ- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ب- هو القاسم بن علي بن الحسن (ورقة 41 ب) .
ت- هو علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر المؤرخ الشهير (ورقة 41 ب) ث- بالاصل «سمعته» .
ج- هو بركات بن ابراهيم وقد مر ذكره (ورقة 73 ب) .
ح- توهم ابن كثير (13/82) فنسب البيتين لعلي بن القاسم بن عساكر صاحب الترجمة، وذكر اليونيني (2/270) انهما لشرف الدين عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ هِبَة اللَّه بن ابي عصرون المتوفى سنة 583 هـ. ولم يذكر(1/598)
احد ممن ترجم لابن الاكفاني هذين البيتين.
خ- بالاصل «حق» والتصحيح عن «ذيل الروضتين» ص 98 وقد روى ابو شامة البيتين المذكورين.
د- في «التذكرة» 3/1076 ورد اسمه «عمران» .
ذ- اي عبد الله بن عباس (ورقة 32 ب) .
ر- اشارة الى آية قرآنية من سورة «التحريم» ورقمها 66/4، اما بالنسبة لمعناها فان المفسرين اختلفوا فقيل ان المقصود «ابو بكر وعمر» ؛ وقيل الانبياء او الصحابة، وقيل الخلفاء منهم، او الصالح من المؤمنين. وقد انفرد المتقي الهندي في «كنز العمال» برواية حديث- دون ذكر سنده- عن الامام علي يفيد بان المقصود بالآية هو «علي بن ابي طالب» 2/13) انظر ايضا «تفسير الجلالين» ص 746، «كشاف» الزمخشري 2/471، «تفسير الطبري» 28/94، «تفسير البيضاوي» 2/341، «التفسير الكبير» للرازي 8/173، «الصواعق» للهيتمي ص 156.
ز- تعليق بالحاشية بخط الناسخ نصه «الصحيح هو جبريل عليه السلام» ، ولكنه لم يوضح المقصود وهل يريد بأن النص الصحيح هو «وجبريل وصالح المؤمنين» وفقا لما ورد في الآية، او ان المقصود بصالح المؤمنين هو جبريل.
س- المقصود القاسم (ورقة 111 ب) .
الترجمة- 136
أ- المعيد هو الذي يتولى التدريس نيابة عن الاستاذ، وتفهيم بعض الطلبة،(1/599)
ورتبته هي الثانية بعد رتبة المدرس (طبقات الاسنوي 2/616 ثبت الاصطلاحات، العراق في العصر السلجوقي ص 232) .
ب- بالاصل «ابي البركات» والتصحيح بخط ابن الشعار.
ت- بالاصل «مر» ولعل الصحيح ما اثبتنا.
ث- بالاصل «سلم» .
ج- يمكن قراءتها «ضده» .
الترجمة- 137
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- بالاصل «ارمتببه» ولعل الصحيح ما اثبتنا، ووقع بعد هذه الكلمة بياض بقدر كلمة واحدة.
ت- هو عبد اللطيف بن عبد القاهر (ترجمته ورقة 76) .
ث- اي محمد بن عبد الباقي بن احمد (ورقة 34 ب) .
ج- بالاصل «وغيرهما» .
ح- بياض بقدر كلمتين.
خ- تصحف اسم جده بالاصل الى «الفضل» (راجع ترجمته ورقة 91 ب حاشية 1) .
د- بالاصل «جناب» ومثله في «لسان الميزان» 6/756 و «تهذيب التهذيب» 11/131، والتصحيح عن «تاريخ البخاري» 4/141 و «المشتبه» ص 127 و «ميزان الاعتدال» 4/336.(1/600)
ذ- هو عمرو بن عبد الله الهمداني (ورقة 92 أ) .
ر- كذا بالاصل دون ذكر العبارة المعتادة التي تذكر قبل ايراد نص الحديث كقولهم «انه قال» وما اشبه.
ز- يبدو أنّ بعض العبارات قد سقطت في هذا الموضع، ولعلها تفيد بان الدعاء يكون محجوبا من الله حتى يصلى ... الخ. اما بالنسبة للحديث نفسه فلم اجده في الكتب المعروفة، ولكن الهيتمي روى في «الصواعق» ص 146 حديثا اخرجه الديلمي بدون سند معه «الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد واهل بيته، اللهم صل على محمد وآله» (انظر ايضا المرجع السابق ص 231) .
س- ان هذه العبارة لا مكان لها بعد ان ذكر المؤلف تاريخ وفاتها، ولعله كتبها قبل ان يصله خبر وفاتها، ثم اضيفت العبارة الاخيرة دون حذف الاولى، مما يعزز الاعتقاد بان الكتاب مسودة.
ش- لم اهتد الى ضبطه لعدم عثوري عليه في المراجع المتيسرة.
الترجمة- 138
أ- ورد في تاريخ ابن الدبيثي (ورقة 45) إنّ اسم جده الاعلى «كندرتا» .
ب- هو عبد الاول السجزي (ورقة 4 ب) .
ت- هو قايماز بن عبد الله (ورقة 17 ب) .
ث- بياض بقدر كلمة واحدة، ولم اهتد الى ضبط هذه التسمية.
ج- بالاصل «مرواح» والتصحيح عن «صحيح مسلم» 1/62 و «بلدان ياقوت» 4/809 و «تهذيب التهذيب» 12/227.
ح- اي ابو ذر- كما يتضح من رواية مسلم 1/62 للحديث-.
خ- بياض بقدر كلمتين. اما الحديث فانه لم يرد في الكتب المعتمدة ما عدا(1/601)
صحيح مسلم 1/62 كما روى احمد في مسنده (6/372) اجزاء منه، وفي «الموطأ» رويت الفقرة المتعلقة بالعتق، ومثل ذلك في «صحيح البخاري» في كتاب «العتق» الباب الثاني (انظر الموطأ 2/779) .
د- بالاصل «لجيب» واشر ازاءها بالحاشية بعلامة الخطأ، فلعل الصحيح ما اثبتنا.
ذ- بالاصل «البدى» فلعل ما اثبتنا هو الصحيح.
ر- الكودن هو البرذون (لسان العرب) .
ز- طرق بمعنى أتى المرأة كما في «لسان العرب» ، ولعله يقصد انه رجل يأتي النساء جزافا.
س- بالاصل «بكز» .
ش- بالاصل «طيب» .
ص- بالاصل «واهب» .
ض- بالاصل «مواهب» .
ط- في الابيات إقواه، وهذا مما يعاب في الشعر عروضيا. ظ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ظ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ع- بالاصل «نهار» .
الترجمة- 139
أ- راجع الترجمة السابقة.
ب- المشتري هو البائع، شرى الشيء واشتراه اي باعه (لسان العرب) .
ت- بالاصل «ابي سعد» ثم صححت بخط ابن الشعار على الاغلب.
ث- كذا بالاصل، وقد غيّرها احدهم ولعله ابن الشعار الى «خمس وعشرين» وقد آثرنا ابقاء الأصل لانه اقرب للصحة اذ لا يعقل ان يرد المذكور الى اربل مرتين في شهرين متتاليين موفدا من قبل ملكين مختلفين. فلعله ورد في(1/602)
الاولى سنة 615 هـ موفدا من قبل الملك الكامل عقب توليه الحكم في جمادى الآخرة من السنة المذكورة، والثانية سنة 625 هـ جاءها موفدا من قبل الملك الاشرف.
ج- بياض بقدر كلمتين، ولم افهم العبارة الاخيرة، ولعله اراد بان ذا النسبين افاده بصحة نسبته.
ح- اي ابو الخطاب عمر بن الحسن الكلبي الاندلسي وقد مر ذكره (ورقة 71 ب) ولكنني لم اجد احدا ممن ترجم له ذكر انه كان قاضيا.
خ- ذكر ابن خلكان (3/121) بان ذا النسبين ورد إربل سنة 604 هـ وليس 616 هـ.
د- لم يذكر المؤرخون بان ابن المسيري اعتقل وضيق عليه.
ذ- الصاحب من القاب الوزراء وهو مختص بارباب القلم، وممن تلقب به الصاحب بن عباد (طبقات الاسنوي 2/606، ثبت الاصطلاحات) .
الترجمة- 140
أ- كذا بالاصل وسماه ابن الدبيثي (مخطوطة ورقة 170) وابن رجب (2/125) «نابت» بالنون.
ب- بياض بقدر ثماني كلمات ولعله خصص لادراج اسماء شيوخه.
ت- بياض بقدر اربع كلمات.
ث- بالاصل «اعلم» وكتب الناسخ بالحاشية «تعلم» ، واظنه هو الصحيح.
ج- بالاصل «كلما» .
ح- اراد الشاعر «بأم دفر» الدنيا، فقد جاء في «لسان العرب» الدّفر وأم دفر من اسماء الدواهي ومن اسماء الدنيا. والبيتان من نظم ابي العلاء المعري (لزوم ما لا يلزم 2/87) وقد روى فيه عجز البيت الاول «منك الاضاعة والتفريط والسرف» ، ورواه محقق «ديوان الشافعي» (ص 86(1/603)
حاشية) . «فيك الخناء وفيك البؤس والسرف» . أما البيت الثاني فقد ورد في «اللزوميات» كالآتي:
لو انك العرس اوقعت الطلاق بها ... لكنك الام هل لي عنك منصرف؟
ورواه محقق «ديوان الشافعي» كرواية ابن المستوفي دون ان يشير الى مصدره.
خ- عرس الرجل امرأته كما في «أساس البلاغة» .
د- اي عبد الرحمن بن علي بن الجوزى (ورقة 2 أ) .
ذ- هو يحيى بن محمد بن هبيرة (ورقة 90 ب) .
ر- هو الخليفة العباسي يوسف بن محمد (ورقة 90 ب) .
ز- اشارة الى آية قرآنية من سورة «الطلاق» ورقمها 65/2.
الترجمة- 141
أ- بالاصل «فقلقي او نقلقي» وما يشبه ذلك.
ب- بياض بقدر خمس كلمات ولعله خصص لادراج تاريخ ورود صاحب الترجمة الى اربل.
الترجمة- 142
أ- هو نصر بن نصر بن علي العكبري (ورقة 56 أ) ولكن ليس واضحا من هو الذي قرأ على العكبري.
ب- بالاصل «اي ستكين» والصحيح ما اثبتنا (راجع ورقة 6 ب) .
ت- اي علي بن احمد بن البسري (ورقة 7 أ) .
الترجمة- 143
أ- كذا ضبطها في «طبقات السبكي» 8/133، وذكر ابن الفوطي (4/621) اسما مماثلا كتبه «بارس طغان» الذي ورد اسمه في «النجوم الزاهرة» 5/80 «بارز طغان» ، وذكر ابن الاثير في حوادث سنة 428 هـ اميرا باسم «بارس طغان» .(1/604)
ب- تصحفت في «طبقات السبكي» ط الحسينية الى «القوى» .
ت- الطباق جمع طبقة وهي مجموعة مما ترويه طبقة من الشيوخ المحدثين المتعاصرين، وفيه اسماء الآخذين عنهم وتصديقهم للاخذ عنهم كتابة (ابن الصابوني ص 14، حاشية، الاسنوي 2/607) .
ث- اي محمد بن الخضر بن تيمية (ترجمته ورقة 34 ب) .
ج- بياض بقدر اربع كلمات لعله خصص لادراج اسم ابن سرور المقدسي.
ح- بياض بقدر كلمة واحدة.
خ- كذا بالاصل ولعله اراد انه وجد في الجزازة شعرا للمملوك الاندلسي القرموني.
د- اللهى- بالضم او الفتح- العطايا (اساس البلاغة) .
ذ- بالاصل «بما» .
ر- بالاصل «برعبه»
ز- اي غصن املد وهو الغصن الطري المهتز (لسان العرب) .
س- اي تطير بحثا عن الماء، والمذانب هي مسيل الماء (اساس البلاغة) .
الترجمة- 144
أ- وقد تقرأ «ممن» .
ب- الكلمة غير واضحة وهي تشبه ما اثبتنا.
ت- العبارة بين «ابي» و «الشيباني» مضافة بخط ابن الشعار- على الاغلب- الذي ترجم له في كتابه (ج 5 ورقة 64) ، وكان موضعها بياضا بمقدار 14 كلمة.
ث- سماه ابن الشعار «دخينة» .
ج- لم يسبق للمؤلف ان ذكره في المخطوطة، الا اذا كان يقصد عليا بن ملاعب الشيباني المتوفى سنة 604 هـ (ترجمته 68 ب) ولا اظنه لان صاحب الترجمة ورد اربل سنة 616 هـ.(1/605)
ح- اي عبد الله بن الحسين العكبري آنف الذكر.
خ- يبدو انه لم ينشده البيت الثامن تأدبا لما فيه من لفظ ناب.
د- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ذ- بياض بقدر كلمة واحدة، واظن انه اراد ان يقول «يا ايها الشرف» اذا كان مقصوده مديح ابن المستوفي ولقبه «شرف الدين» .
ر- لعله يريد ان يقول «كذا» بدلا من «كان» .
ز- بالاصل «ورثها» .
الترجمة- 145
أ- وقد تقرأ «الشيحي» بالحاء المهملة او «الشبجي» الاولى نسبة الى «شيحة» من قرى حلب، والثانية نسبة الى قرية بمرو. أما اذا كانت بالخاء فهي نسبة الى «شيخ» (انساب السمعاني) .
ب- سبقت الاشارة الى «سوق الصفر» باربل (ورقة 56 أ) .
ت- يقصد ابن اختها محمد بن حامد الارموي آنف الذكر. هذا وكتب الناسخ بالحاشية علامة الخطأ.
الترجمة- 146
أ- له ترجمة أوفى (راجع ورقة 167) .
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.
ت- اي احمد بن علي بن خلف الشيرازي (ورقة 94 أ) .
ث- اي صاحب الترجمة.
ج- بالاصل «عبد الوهاب بن عبد الوهاب» والتصحيح عن المخطوطة (ورقة 167 أ) و «التذكرة» 4/1390 و «العبر» 5/32 و «الشذرات» 5/37. هذا وليس في المراجع المعروفة ذكر لشخص اسمه «ابو الفضل عبد الوهاب بن عبد الوهاب.. الخ» .
ح- بالاصل «الحسين» والتصحيح عن «العبر» 4/85 و 5/32، وهو ابو(1/606)
جعفر محمد بن ابي علي الحسن بن محمد الهمذاني (ورقة 87 ب) .
خ- المزكي هو الذي يتولى تزكية الشيوخ، او تزكية الشهود العدول (طبقات الاسنوي 2/614) .
الترجمة- 147
أ- اي الجوزدانية وقد مر ذكرها (ورقة 64 أ) .
ب- هو محمد بن عبد الله بن احمد (ورقة 64 أ) .
ت- اي سليمان بن احمد بن ايوب (ورقة 15 أ) .
ث- بالاصل «وابو» .
ج- بالاصل «عباس» والتصحيح عن «صحيح البخاري» 1/162 و «سنن ابن ماجة» 1/239
ح- بياض بقدر كلمتين، اما الحديث فقد ورد في عدد من الكتب المعتمدة (انظر «سنن ابن ماجة» 1/239، «صح البخاري» 1/162 و 3/274- 75، «سنن النسائي» 2/27، «جامع الترمذي» 1/413 «مسند احمد» 3/354، «سنن ابي داود» 1/126.
خ- بالاصل «يقظه» .
د- روى البيتان في «المنتظم» 8/328 و «الوفيات» 4/26، ورواهما القفطي في «المحمدون من الشعراء» ص 270، وقد قدم «السراء» على «الضراء» وتصحفت «مرارة» الى «حرارة» .
ذ- بياض بقدر كلمة واحدة، وقد ذكر ابن كثير (13/133) ولادته في سنة 579 هـ.
ر- بياض بقدر كلمة واحدة.(1/607)
ز- ستأتي ترجمته (ورقة 120) .
الترجمة- 148
أ- بالاصل حرف «و» غير موجود.
ب- في الشذرات «الانام» .
ت- في الشذرات «يضرك» .
ث- في الشذرات «الفظ بها فيما لفظت» .
ج- بالاصل «لمحوا» ولعل الصحيح ما اثبتنا، ولمح اي نظر او اختلس النظر (لسان العرب واساس البلاغة) .
ح- اشارة الى آية قرآنية من سورة «البقرة» ورقمها 2/32.
خ- كذا بالاصل والمقصود «صلة» اي عطية.
د- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ذ- وردت القصة في «الشذرات» 4/183 بشكل مماثل وجاء في ختامها ان عبد المؤمن تفرس في الرجل بانه قائل البيتين وانه وصله بالف دينار فلم يقبلها.
الترجمة- 149
أ- بياض بقدر كلمتين.
ب- اي حضر لدى الحسين بن نصر.
ت- وردت كنيته في اغلب المراجع التي ترجمت له «ابو سعيد» وانفردت(1/608)
«يتيمة الدهر» بتكنيته «ابو سعد» . وسماه الزركلي «ابن درست» ، بينما جاءت تسميته «ابن دوست» في «اليتيمة» و «بغية الوعاة» و «الفوات» ، وفي المرجع الاخير ذكر ان «دوست لقب جده محمد» وروى البيتان المذكوران بالشكل الآتي- وهو يتفق مع رواية «اليتيمة» -:
عليك بالحفظ دون الجمع في كتب ... فَإِنَّ لِلْكُتْبِ آفَاتٍ تُفَرِّقُهَا
الْمَاءُ يُغْرِقُهَا، وَالنَّارُ تحرقها ... والفار يخرقها، واللص يسرقها
ث- كان حريا به ان يقول «ليس تشفى» لازالة الزحاف.
الترجمة- 150
أ- بالاصل «الباب» ثم صححت بخط مختلف
ب- بالاصل «ريبة» .
ت- بالاصل غير منقوطة ولعل الصحيح ما اثبتنا.
ث- بياض بالاصل بقدر كلمة واحدة.
الترجمة- 151
أ- بياض بقدر خمس كلمات، ولعله خصص لادراج تاريخ الوفاة.
الترجمة- 152
أ- كذا بالاصل ولعل الصحيح «ابو الشكر» .
ب- كذا بالاصل ولم اتحقق مراد المؤلف، ولعله اراد بان صاحب الترجمة التالية يتفق مع سابقه في الاسم والكنية والنسبة.(1/609)
الترجمة- 153
أ- كذا بالاصل ولعل الصحيح «ابو الشكر» .
ب- بالاصل «اشهر» .
ت- بياض بقدر خمس كلمات.
ث- آداه على كذا اي قوّاه عليه واعانه (اساس البلاغة) .
ج- بالاصل حرف «و» غير موجود.
ح- بالاصل «كثيرا» .
خ- تشوه هذا البيت بسبب اللمس، ولا ادري عما اذا وفقت الى قراءته الصحيحة ام لا.
د- بالاصل «بنقص» .
ذ- بالاصل «الى ما» وفوق «الى» علامة الشطب فشطبناها.
ر- بالاصل «تضاعف» .
ز- اشارة الى آية قرآنية من سورة «آل عمران» ورقمها 3/185.
س- بالاصل «عبد» .
ش- بالاصل «اسد حزت» .
ص- ورد هذه الحديث في بعض الكتب بنصوص مختلفة (انظر «الجامع الصغير» للسيوطي 2/117 «الموطأ» 1/236، «سنن ابن ماجة» 1/510، «سنن الدارمي» 1/40، «ارتياح الاكباد» للسخاوي(1/610)
ورقة 156) وفي المرجع الاخير روي الحديث عن ابن ابي الدنيا مرسلا عن عائشة- رض-.
ض- بياض بقدر كلمة واحدة.
ط- بالاصل غير واضحة ولا منقوطة ولعلها «رتاج» .
ظ- بياض بقدر كلمة للتنبيه على انتهاء رسالة التعزية.
ع- كذا بالاصل والصحيح «عافنا» .
غ- آية قرآنية من سورة «البقرة» ورقمها 2/151.
الترجمة- 154
أ- اي محمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري وقد مر ذكره (ورقة 52 أ) .
ب- بياض بقدر كلمتين.
الترجمة- 155
أ- بياض بقدر سبع كلمات وربما خصص لايضاح موقع سنهور.
ب- بياض بقدر كلمتين.
ت- ورد في «الشذرات» 4/96 انه يسمى «فقيه الحرم» وانه صحب «امام الحرمين» .
ث- بالاصل «الزكي» ، والمزكي هو الذي يزكي الشهود ويبحث عن حالهم ويعرّف ذلك للقاضي (لباب) .
ج- هو محمد بن خازم الكوفي (ورقة 89 أ) .(1/611)
ح- اي سليمان بن مهران (ورقة 32 أ) .
خ- هو ذكوان السمان المدني (42 ب) .
د- ورد هذا الحديث في عدد من الكتب المعتمدة ولكن ترتيب عباراته مختلف عما رواه المؤلف، الا انه لا يخرج عنها في المعنى والسند (انظر «الجامع الصغير» للسيوطي 2/157، «صح البخاري» 1/28 «سنن ابن ماجة» 1/82، «صح مسلم» 8/71- 72، «جامع الترمذي» 2/114 و 155 «سنن الدارمي» 1/83، «سنى ابي داود» 2/285، «مسند احمد» 2/252 و 296 و 325 و 407) وورد في «كتاب الاسرار المرفوعة من الاخبار الموضوعة» ص 313 حديثا نصه «من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» .
ذ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ر- هو القاضي محمد بن احمد بن بختيار الواسطي (ورقة 71 ب) .
ز- يبدو ان الرواية هنا هي على لسان السنهوري صاحب الترجمة. وقد ورد في «لسان الميزان» 4/203 البيت الأول والثاني والرابع، وقد رويت عن الصورى وهي لعلي بن أحمد النعيمي البصري الحافظ الشاعر المتوفى سنة 423 هـ، ورواها السبكي في «الطبقات» 5/238 كاملة للنعيمي المذكور.
س- اي جلال الدين علي بن شماس الاربلي احد وزراء اربل (ورقة 79 أ) .
ش- بالاصل «لك» .
ص- بالاصل «اذ» .
ض- اشارة الى آية قرآنية من سورة «الصافات» ورقمها 37/123.(1/612)
ط- هو اسماعيل بن عبد الله الانماطي (ترجمته ورقة 73) .
ظ- هو زيد بن الحسن الكندي (73 ب ورقة) .
ع- بياض بقدر كلمة واحدة.
غ- بالاصل «شهد» .
الترجمة- 156
أ- هكذا ضبطه المنذري (مخطوط كمبرج- ورقة 113) وقد وهم محقق «ذيل الروضتين» ص 162 فجعله «ناوان» .
ب- بالاصل «ابن مكي» ولكنها صححت بخط ابن الشعار الذي كتب بالحاشية ازاءها عبارة «هو ابو طالب محمد بن علي بن عطية المكي» .
ت- اشارة الى ما ورد في آية قرآنية من سورة «فاطر» رقمها 35/35.
ث- بالاصل «حفظه» .
الترجمة- 157
أ- اي كتاب «مصابيح السنة» المار ذكره (ورقة 44 أ) ومؤلفه الحسين بن مسعود البغوي (ورقة 27 ب) .
الترجمة- 158
أ- كلمة «الحميد» غير واضحة بالاصل وصححت بخط وحبر مختلفين، وقد كتب الناسخ بالحاشية ازاءها «الحميد» وفوقها علامة «صح» .
ب- اسمه «عرفة» وفقا لما ذكره ابن الدبيثي (مخطوط ورقة 180) ، اما نسبه فقد ذكره ابن الفوطي (1/498) - ونذكره للمقارنة- كالآتي «ابو(1/613)
المكارم عرفة بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ بْنِ دِينَارِ بْنِ شليمه بْنِ قَد هُرْمُزَ بْنِ آهِ بْنِ أَوْهِ بْنِ اشك بْنِ شكرك بْنِ زَاذَانَ فروخ الاكبر- وزير الحجاج بن يوسف- اخو يزد جورد بن شهريار آخر ملوك الفرس، يعرف بابن بصلا- وهو عيسى بن محمد بن حمدويه-» .
ت- كذا بالاصل واظن ان الناسخ وقع هنا في التباس وربما اراد ان يقول انه «وزير الحجاج بن يوسف» فسقطت العبارة كلها ما عدا «بن يوسف» وقد ذكر ذلك المؤلف بوضوح في الفقرة الآتية، كذلك فان هذا النسب يتفق الى حد كبير وما ذكره ابن الفوطي ولا سيما في هذه النقطة (انظر حاشية ب) .
ث- بياض بقدر ست كلمات.
ج- بالاصل «له» وكلمة «معه» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها.
ح- راجع تاريخ ابن الدبيثي (مخطوط، ورقة 180) .
خ- بالاصل «عبد الله» (انظر ورقة 36 أ) .
د- بالاصل «اربعمائة» وهذا وهم من الناسخ، هذا ولم اجد له ذكرا في تاريخ ابن الدبيثي المخطوط.
ذ- اي صاحب الترجمة.
ر- بياض بقدر كلمة واحدة.
ز- اظن انه محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الكوفي المتوفى سنة 445 هـ اذ كان يروى عن البكائي ويروى عنه النرسي، وقد مر ذكره (ورقة 85 ب) .(1/614)
س- هو عبد الله بن محمد بن ابراهيم (ورقة 39 ب) .
ش- كذا بالاصل وحقها ان تكون «قالا» .
ص- هو سلمان بن مهران (ورقة 32 أ) .
ض- صح «ما ذكره المؤلف من ان مسلما قد اخرجه عن أبي بكر بن ابي شيبة (صحيح مسلم 1/61) وورد ايضا في عدد من الكتب المعتمدة (انظر «سنن النسائي» 8/116- 17، «سنن ابن ماجة» 1/42، «مسند احمد» 2/57 و 102 و 236 ط معارف، «جامع الترمذي» 2/299، «جمع الفوائد» 2/517.
ط- بياض بقدر كلمة واحدة.
ظ- اي محمد بن علي بن ميمون النرسي (ورقة 85 ب) .
ع- اي الامام علي بن ابي طالب- كرم الله وجهه-.
غ- اغلب الظن ان المقصود هنا هو «أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد» .
الترجمة- 159
أ- بالاصل «محمد» وعليها علامة الخطأ وصححت في الحاشية الى «احمد» وهو الصحيح (ورقة 72 أ) .
ب- كذا بالاصل، وقد وردت كنيته في مواضع اخرى «ابو القاسم» وهي الكنية التي عرف بها (ورقة 35 ب و 99 ب) .
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- بالاصل «لها» .(1/615)
ج- اشارة الى آية قرآنية من سورة «الجمعة» ورقمها 62/5.
ح- اشارة الى آية قرآنية من سورة «الملائكة» ورقمها 35/25.
خ- ويبدو ان نظم الاجازات شعرا كان متعارفا في العصر العباسي.
الترجمة- 160
أ- كذا بالاصل وقد تقرأ «ورد الشاه» ايضا. ولقد ترجم ابن الفوطي في معجمه (1/629) لامير كردي اسمه «وردسار» ، وكتب الاسم في موضع آخر من هذه الترجمة «وردانشاه» ولا اعرف الصحيح.
ب- كذا بالاصل ولم اهتد لقراءتها، وقد تكون «بيده سبحة كالاخيار» وهي الخرزات التي يعد المسبح بها تسبيحه، واذا قرئت «سبجة او سبيجة» فهي درع او ثوب من جلد، واذا قرئت «شبحة» فهي سلسلة تربط برجل الحصان ويثبت طرفها الآخر بالارض (لسان العرب، قاموس البستان، قاموس دوزى) وقد ورد في «يتيمة الدهر» 3/178 قوله «كبس- اذا دار فاذا نظر الى رجل قد حلّ سستجته كبسه واخذ منه قطعة» ، وقد يقال «شستجه» وهي معرب «شسته» الفارسية ومعناها المغسول والطاهر (القاموس المحيط) وجاء في تاريخ ابن أبي أصيبعة (1/217) قوله «واستدعى قدحا واخرج من شستكه في كمه دواء.. الخ» ، وقال صاحب «الجماهر» ص 201- 202 «في الباذ زهر الاجوف المشتمل على مخاط الشيطان، يؤخذ من جوف ما فيه ويعمل من غزله شستكات وهي التي كانت الاكاسرة تسميها آذر شست (اي المغسول بالنار) .
وقال ابن الفقيه (ص 254) بان «لاهل طبرستان والديلم وقزوين حظ من عمل الاكسية.. واتخاذ الشستانك والمناديل واشياء كثيرة من الثياب» . وجاء في مجلة المجمع العراقي 6/415 نص مفاده «قد عرق(1/616)
والسواد يجري على جبينه وهو يمسحه بشستجة في يده» ولا ادري اي من هذه المعاني تصلح هنا.
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- بالاصل «خاحد» او ما أشبه.
ج- بالاصل «ورد وردان شاه» (انظر ورقة 126 أ) .
الترجمة- 161
أ- بالاصل «تلك او ملك» وكتب فوقها «سلك» .
ب- وردت في موضع آخر «دروزه» . أما «دوزه» فهي نوع من الزهر الصغير محاط بالاشواك يتحول الى نوع من الثمر بحجم البندق (معجم ( «فرهنك اندراج» ) . وقال دوزى «متدورز اي درويش» ، أما «قاموس البستان» فيذكر «مدروز» وهو الذي يعاني الصنائع السافلة كصنع المكانس وغيرها، ولا ادري ما هو المقصود، وهل هو ان صاحب الترجمة كان يأكل «دوزه» أم انه كان يعاني صناعة حقيرة؟ .. الا انه جاء في كتاب «الحوادث الجامعة» ص 116 ما يحدد المعنى بشكل لا يقبل الشك، فقد ورد في حوادث سنة 636 هـ أن احدهم مضى «الى حلب وصحب الفقراء ودروز معهم في الاسواق الخ ... » .
ت- اي المغنون الذين ينشدون الاشعار الزهدية في الاجتماعات الصوفية (انظر «كشف المحجوب» الترجمة الانكليزية ص 139 و 171 و 415 و «قاموس دوزى» .
ث- كلمة فارسية الأصل وتكتب «جامكي» ومعناها مرتب شهري يدفع للاتباع ثمنا للالبسة ثم تطور المعنى فاصبح يدل على الجراية او المرتب المدفوع لاي غرض آخر (معجم «فرهنك آنندراج» وقاموس(1/617)
«دوزى» ) وقد استعملت باللغة العربية بالمعنى الثاني اي المرتبات التي تدفع لاي فئة من الناس من الطباخ الى الجندي والفقيه والخطيب، بل وسماها ابن الشعار واردات المدارس من اوقافها (انظر «مرآة الزمان» 8/312 و 366 و 739، «اتابكية» ص 140 و 148، «تاريخ ابن الشعار» ج 7 ورقة 31 «الفوات» 1/564 «اخبار الدولة السلجوقية» ص 151، «السلوك» للمقريزي 1/53- حاشية 2) .
ح- بالاصل «سعيد» (راجع ترجمته ورقة 176) .
خ- يبدو انه يقصد طريق «الملامتية» وقد سماها بالفعل بهذا الاسم في موضع آخر من هذه الترجمة وقد ذكر الهروى في «الاشارات» الى ان هذه الطريقة ظهرت في نيسابور. وقد رأيت «رسالة الملامتية» لمحمد بن الحسين السلمي (330- 412 هـ) وقد حققها ابو العلا عفيفي ونشرها بمجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول سابقا) في عدد مايو 1942، وذكر في المقدمة ص 47) ان الملامتية او الملامية فرقة من الصوفية ظهرت في القرن الثالث الهجري بنيسابور، واشار الى بحث نشره ريجارد فون هارتمان في مجلة der islam في العدد الثامن (ابريل 1918 ص 157- 203) ، وللسيد عفيفي نفسه مقال عن «الملامتية والصوفية واهل الفتوة» نشره في مجلة كلية الآداب المذكورة آنفا في عدد مايو 1943. وجاء في كتاب «التعريفات» ص 206 و 235 ان الملامتية «هم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بواطنهم أثر البتة، وهم اعلى الطائفة، وتلامذتهم يتقلبون في اطوار الرجولية» .
د- لم اجد في المعاجم التي راجعتها صيغة «مباحي» ، وقد ذكر دوزى «اباحي» وهو الذي يعتقد بان كل شيء مباح.
ذ- كذا بالاصل ولعل المراد «بالف دينار» .(1/618)
ر- وردت في موضع آخر «دوزه» (ورقة 176 ب) ولقد شرح المعنى في الحاشية (د) من الترجمة 161.
ز- لم اجد في المراجع المتيسرة التي ترجمت لمحمود بن زنكي هذه القصة
الترجمة- 162
أ- مرت ترجمة عبد الله كما مرت ترجمة والده (ورقة 6 و 84) .
ب- كلمة «سنة» كتبت بالحاشية وعليها «صح» .
ت- يبدو انه سقط هنا اسم احد الرواة، اذ ليس ممكنا ان تتم الرواية بين الفربري المتوفى سنة 320 هـ والصفار المولود سنة 460 هـ بواسطة شخص واحد هو الاخسيكثي الا اذا عاش الاخير اكثر من 140 سنة.
ث- كذا بالاصل.
ج- بالاصل «ابو احمد بن محمد» فحذفنا «بن» اعتمادا على «المنتظم» 7/97 و «الشذرات» 3/67.
ح- مر ذكره (ورقة 122 أ) باسم ابراهيم الزاهد.
خ- بالاصل «السرجسي» ووردت «الشيرزى» غير منقوطة وبشكل قد تقرأ «التبريزي» ، والتصحيح عن «انساب السمعاني» و «بلدان ياقوت» مادة «شيرز» و «طبقات السبكي» 7/250 والاسنوي 2/48.
د- بياض بقدر كلملة واحدة.
ذ- اي صاحب المقامات المعروفة.
ر- لعل المقصود ابراهيم بن اسماعيل الصفار آنف الذكر (ورقة 127 ب) .(1/619)
ز- لم اهتد الى صحة هذه النسبة ولعلها مصحفة عن «اشروسني» نسبة الى اشروسنه بلدة فيما وراء النوبر (بلدان ياقوت) ، و «الاشموصي» نسبة الى اشموص من قرى صعيد مصر (انساب السمعاني) .
س- بالاصل «عن احمد» واظنه وهم من الناسخ.
ش- هذه الكلمة بالاصل غير واضحة وقد تقرأ «سهل او سهلان او سهلك او شهاب» .
ص- بالاصل «نصر» وصححها الناسخ الى «بندر» ، واظن ان موضع عبارة «ولمثبت الاجازة.. الخ» ينبغي ان يكون بعد عبارة «فليفعل ذلك مثابا» ، اذ المقصود ان يجيز له ايضا.
ض- بياض بقدر خمس كلمات.
ط- اى انه اجاز لكل من عبد الله بن المبارك الخزاعي ولمثبت الاجازة حمزة بن بندر.
ظ- بياض بقدر كلمتين.
ع- هو محمد بن الحسن الخالدي وقد مر ذكره (ورقة 81 ب) .
غ- تصحفت هذه الكلمة الى «عدة» بسبب اعادة تحبير هذه الفقرة.
ف- بالاصل بياض بقدرست كلمات خصصت لاسم الراوى، ولعل المقصود هو «ابو بكر عتيق بن علي بن عمر الهروى البامنجي نزيل الموصل حيث اقام يدرس بها ويفتي حتى مات سنة 594 هـ، وهو منسوب الى «بامئين» من اعمال هراة، رآها ياقوت وذكر ان النسبة اليها «بامنجي» (انظر «البلدان» و «طبقات السبكي» . / 207) .(1/620)
ق- كذا «الحسين» هنا وفي اول الترجمة «الحسن» .
ك- ان اسم جده «محمود» وهو هنا «احمد» فلعله كان جده لامه او ابا جده وهو بمقام الجد عرفا.
ل- تصحفت بالاصل الى «بن» .
م- في «المنتظم» 10/94 ورد الاسم «الحسن بن وهرة» .
ن- كذا بالاصل ولعل الصحيح «التفكري» نسبة الى التفكر، او الى «التعكر» وهو اسم لقلعتين في جبال اليمن (انظر «اكمال ابن ماكولا» 4/230 و «بلدان ياقوت» 1/855)
الترجمة- 163
أ- ألفه ابو علي الفارسي وقد مر ذكره (ورقة 31 أ) ب- بالاصل «بن حمزة على» وعليها علامة الخطأ فصححناها اعتمادا على «المنتظم» 10/130 وغيره.
ت- بالاصل «حمزون» (راجع ورقة 42 أ) .
ث- هذا يتعارض وما ذكر عن شربه الخمر وسبّه الصحابة، كما انه خلاف ما ورد في «المختصر المحتاج اليه» عنه من انه «غير محمود الطريقة» .
ج- بالاصل «هي» فصححناها ليستقيم الوزن.
ح- بالاصل «السحرى» .
خ- تصحفت الى «نسيت» بسبب اعادة تحبير المقطوعة ولعل الصحيح ما اثبتنا.
د- هو يوسف وهبة الله في آن واحد، وستأتي ترجمته (ورقة 139 ب) ،(1/621)
هذا وقد تصحفت «هبة» فصارت «عبة» بسبب اعادة التحبير.
ذ- بالاصل «هزامرد» والتصحيح عن «المنتظم» 8/309.
ر- تصحف في «لسان الميزان» 4/434 الى «جبر» .
ز- اي تمسّكوا او خذوا (الموطأ 1/118 ح) .
س- ورد الحديث في عدد من الكتب، ووردت الكلمة الاولى منه في بعضها «اكفلوا» ، كما ان نصه جاء مختلفا بعض الشيء (انظر «الجامع الصعير» 1/46، «صح مسلم» 1/56، «صح البخاري» 1/16، 2/162، 187، 4/135، «سنن النسائي» 8/16- 17، «مستدرك الحاكم» 4/358- 359، «جامع الترمذي» 2/105، «ميزان الاعتدال» 3/347) .
الترجمة- 164
أ- بالاصل «بغداد» وعليها علامة الخطأ وصححت بالحاشية بخط الناسخ
الترجمة- 165
أ- هو محمد بن اسعد الطوسي (ورقة 27 ب) .
ب- كذا بالاصل ولم تجر العادة ان يقال «في السبت» ، بل «يوم السبت» .
ت- عبارة «بن محمد» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها.
ث- كذا بالاصل ولعله يقصد «الباباني» نسبة الى بابان وهي محلة بمرو كما في «انساب السمعاني» و «بلدان ياقوت» ، او «البابائي» او «الباباي» (معجم ابن الفوطي 1/580 و 2/849 و 4/643) .(1/622)
ج- بالاصل «ابو عبد الله بن محمد الرحمن عبد الله بن محمود» وعلامات الخطأ مكتوبة فوق «الله» الاولى و «بن محمد» التي بعدها، ولعل الاسم الصحيح هو «أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ» وهو ما اثبتناه.
ح- بالاصل «كان» وقد صححتها استنادا الى كتب الحديث.
خ- سبق وروى هذا الحديث في مواضع اخرى (راجع ورقة 36 أ) .
الترجمة- 166
أ- كلمة «محمد» مكتوبة بالحاشية بخط الناسخ ومؤشر موضعها من المتن واضفنا بعدها كلمة «بن» ليستقيم النسب.
ب- بالاصل «وحدث ذلك على الحس» وفوقها علامة الخطأ فصححناها كما ترى ليستقيم المعنى.
ت- كذا بالاصل ولعل المقصود «ابوه» حيث ان والد «ابن ابي العوام» اسمه احمد بن ابي العوام الرياحي التميمي، وليس من المعقول ان يكون هو نفسه «احمد بن حوز الخراساني» ومع ذلك فانني لم اجد لاي منهما ذكرا في المراجع المتيسرة.
ث- كذا بالاصل، ولعلها «العمرى» .
ج- اي عبد الله بن عباس (ورقة 32 ب) .
ح- ليس في كتب الحديث المعروفة ذكر لهذا الحديث، الا ان هناك بعض الاحاديث التي تتضمن الحث على الجماعة ونبذ الفرقة (انظر «سنن النسائي» 7/93 و 123، «جامع الترمذي» 2/25، «سنن(1/623)
الدارمي» 2/158 «مسند احمد» 4/164 و 245، 5/370، «سنن ابي داود» 2/542، والجدير بالملاحظة ان المؤلف لم يرفع الحديث الى النبي- ص- خلافا للمعتاد، وانما وقف عند ابن عباس ولذا فهناك احتمال ان يكون هذا القول مجرد قول مأثور يتفق في عمومه مع السنة النبوية.
الترجمة- 168
أ- اي ابن الاستاذ صاحب الترجمة- 166.
ب- المقصود كتاب «بيان فوق المبتدعين» آنف الذكر (ورقة 130 ب) .
الترجمة- 169
أ- بالاصل «اخرى» .
ب- بالاصل «اعتماد الستة» ولم اهتد الى المقصود وهل هذا يعني انه اسم الكتاب موضوع البحث.
ت- تكرر الاسم مرتين بالاصل، ستأتي ترجمته (ورقة 132) .
ث- يبدو ان في الامر التباسا لان لعيسى بن لل ولدا اسمه محمد وكنيته ابو بكر وقد سبق ذكره (ورقة 131 أ) وستأتي ترجمته، بينما نحن هنا حيال ولدين احدهما محمد والآخر ابو بكر، ولعله وقع سهوا.
ج- كذا بالاصل وحقها ان تكون «سبع عشرة» .
ح- يمكن قراءتها «للان او بلان» ، ولم اجد في كتب البلدان قرية بهذا الاسم.(1/624)
خ- اي من قبل البابكرية حكام اربل.
د- بياض بقدر كلمتين.
ذ- اي راوي القصة انفة الذكر.
الترجمة- 170
أ- ستأتي ترجمته (ورقة 132 ب) باسم «ابن سربالا» بالباء.
ب- بالاصل الكلمة غير واضحة تشبه «حدر» .
ت- كذا بالاصل ولكن ابن الصابوني (ص 340) سماه «حريز» ، الا اننا آثرنا ابقاءها اعتمادا على ما ورد في «انساب السمعاني» اذ ذكر «جرير بن احمد بن جرير السلماسي» المتوفي سنة 419 هـ، وهو من الائمة المشهورين، وورد مثل ذلك في «بلدان ياقوت» ، وذكر في «المشتبه» ص 105 «حريز بن اسحاق السلماسي» .
ث- بياض بقدر كلمة واحدة.
ج- اظن ان المقصود علي بن احمد الهكاري (ورقة 131 ب) .
ح- بالاصل «الاعتقادى» علامة الخطأ فوق الياء.
خ- بالاصل «محمد بن احمد بن حنبل» وهذا وهم من الناسخ اذ لا يوجد احد بهذا الاسم. وقد ورد في «طبقات الحنابلة» 2/64 ذكر محمد بن احمد بن صالح بن احمد بن حنبل المتوفي سنة 330 هـ ولا شك انه ليس بالمقصود.
د- بالاصل «الحسن بن علي محمد» وعلامة الخطأ فوق «علي» ذ- اي عبد العزيز بن علي الاشنهي (ورقة 21 ب) .(1/625)
ر- كذا بالاصل ولعل الصحيح «في عشر مضين من شهر المحرم» .
ز- بياض بقدر ثماني كلمات.
الترجمة- 171
أ- كذا بالاصل ولم استطع تقويم هذه العبارة.
ب- لعل المقصود «الحسن بن محمد بن هارون الحاذلي» المار ذكره (ورقة 132 ب) .
ت- بالاصل «احد» .
ث- بالاصل «ستمائة» وصححها الناسخ الى «خمسمائة» ولكنها بقيت بشكل يسمح بقراءتها على الوجهين.
الترجمة- 172
أ- سبق وقال المؤلف (ورقة 131 أ) ان هذا الكتاب من تأليف عيسى بن لل.
ب- بالاصل «آخره» وصححت بالحاشية واشر موضعها من المتن.
ت- اي «الذي سمعه» .
ث- وتكتب ايضا «خانكاه وخانقاه» (راجع ورقة 34 ب) .
الترجمة- 173
أ- يقصد صاحبي الترجمتين 167 و 168، علما بان هذا السطر قد تشوه(1/626)
بسبب اللمس فصارت قراءته من الصعوبة بمكان ولا سيما اسم صاحب الترجمة واسم ابيه ونسبته.
ب- بالاصل «الكتاب» والتصحيح فوقها.
ت- اعيد تحبير هذه المقطوعات مما ادى الى تشويه بعض عباراتها ومنها هذه العبارة التي صارت «يؤمر بن بفتينا» ، سبق ان ورد البيتان (ورقة 73 أ) .
ث- بالاصل «يامر» .
ج- هنا وقع اقواء، والصحيح «عيونا» .
ح- بالاصل «عصرا» .
الترجمة- 174
أ- اي في سنة 563 هـ.
الترجمة- 175
أ- بياض بالاصل بقدر اربع كلمات.
ب- بالاصل «الحسياري» ولعلها تصحفت بسبب اعادة التحبير فصححناها عن «المشتبه» ص 119 و 193.
ت- نقل البيتين المرحوم مصطفى جواد عن ابن جماعة الكناني وهما منسوبان للحسين بن احمد الخياري المذكور اعلاه (المختصر المحتاج اليه 2/34 حاشية) .
ث- الطرف هو الفرس الكريم (اساس البلاغة ص 388) .(1/627)
ج- سبب الفرس شعر ذنبه وساب يسبب مشى مسرعا (لسان العرب) .
الترجمة- 176
أ- بياض بقدر كلمتين.
ب- هو علي بن احمد بن محمد الرزاز المار ذكره (ورقة 34 ب) .
ت- اي محمد بن سعيد بن نبهان (ورقة 41 ب) .
ث- هو عبد القادر بن محمد بن يوسف (ورقة 26 ب) .
ج- هو محمد بن محمد بن عبد العزيز المار ذكره (ورقة 26 أ) .
ح- بياض بالاصل بمقدار سطرين ولعله خصص لادراج بعض المعلومات عن حياته باربل.
الترجمة- 177
أ- كلمة «سنة» كتبها الناسخ بالحاشية واشر موضعها من المتن.
ب- بياض بالاصل بمقدار سطر ونصف السطر. رغم ان الكلام قد انتهى، فلعل الفراغ خصص لمعلومات اخرى عن الرجل كان يراد اضافتها.
الترجمة- 178
أ- سبق وورد الاسم في صدر الترجمة «معالي» فقط.
ب- بالاصل «ادفئت» .
ت- اعيد تحبير هذه المقطوعات مما ادى الى تشويه بعض العبارات، وقد تصحف هذا الشطر الى «ايوان مملونا ولو لك لا منا» .(1/628)
ث- عبارة «محمد بن» كتبها الناسخ بالحاشية واشر موضعها.
ج- اي المؤلف.
ح- هو محمد بن يزيد الازدي (ورقة 90 ب) .
خ- بياض بقدر كلمتين.
د- لم اهتد الى هذه العبارة في «مقامات الحريري» ولا في «الكامل» للمبرد، وبعد التنقيب وجدتها في «المنتظم» 5/17، ذلك ان يحيى بن معاذ الرازي المتوفى سنة 258 هـ زاره احد العلويين ببلخ فقال هذه العبارة. وقد نقلت الخبر «مجلة رابطة العالم الاسلامي» الصادرة بمكة المكرمة (عدد تموز 1970) ولكنها لم تذكر المصدر.
الترجمة- 179
أ- العبارة بين معكوفتين غير موجودة بالاصل، فاضفناها ليستقيم المعنى.
ب- بالاصل غير منقوطة ويمكن قراءتها ايضا «الحكم» ولعلها «ابو الحكم» وقد سقطت «ابو» .
ت- يمكن قراءتها «النشائي» وما اشبه.
ث- بسبب اعادة تحبير المقطوعة تصحفت هذه الكلمة الى «قطعت» ، والمضعفة هي الوردة، وقد ورد في «حسن المحاضرة» 2/409:
«أضعف قلبي النرجس المضعف ولا عجب إن صبا مدنف» .
الترجمة- 180
أ- بالاصل «سبعه» .(1/629)
ب- بياض بقدر تسع كلمات.
ت- بالاصل «التمكي» .
ث- اشارة الى آية قرآنية من سورة «آل عمران» ورقمها 3/167.
ج- نسبة الى حرف «ق» .
ح- بياض بالاصل بقدر كلمة واحدة.
خ- بالاصل غير منقوطة.
د- بسبب اعادة تحبير المقطوعة تصحفت العبارة الى «لمّا فهمت» .
ذ- للسبب نفسه تصحفت الكلمة فصارت «بلمة» .
ر- بيت مضمن من شعر المتنبي (الديوان ص 663 ط أوربا) .
ز- هذا الشطر من شعر المتنبي ايضا وهو الشطر الأول من مطلع قصيدة في مدح كافور (وفيات 1/104) .
س- تلدّد تلفت يمينا وشمالا، وتحير متلددا (لسان العرب) .
ش- بالاصل «طله» ، وضلّة الفتح هي الغيبوبة في خير او شر، وبالضم الحذاقة بالدلالة في السفر، وبالكسر الضلال، ولعل المراد هنا هو المعنى الاول.
ص- هذا الشطر من شعر المتنبي (الديوان ص 664 ط اوربا) وأصل البيت:
أحنّ الى اهلي وأهوى لقاءهم ... واين من المشتاق عنقاء مغرب(1/630)
ويبدو ان الشعراء اعجبهم استعمال «عنقاء مغرب» من ذلك ما ورد في «الوافي» 7/343 لضياء الدين احمد بن محمد الانصاري القرطبي:
وقد ابدعت في فضلها وبديعها ... فجاءت الينا وهي عنقاء مغرب
وذكر الدميري في «حياة الحيوان» 2/192 ان عنقاء مغرب ومغربة من الالفاظ الدالة على غير معنى قيل هو طير غريب يبعد في طيرانه، وسميت بذلك لانه كان في عنقها بياض كالطوق، وقيل هو طائر عند مغرب الشمس.. الخ (انظر ايضا (كشاف الاصطلاحات 2/1042)
الترجمة- 181
أ- كذا بالاصل ولعل المقصود انه أكد ما ذكره من نسبه.
ب- بياض بقدر كلمتين او ثلاث.
ت- بالاصل «المكارم» .
ث- وردت «عارضي» في «ديوان الشافعي» ص 20- 21 ط الزعبي.
ج- في الديوان «اصفرّ» .
ح- ورد البيتان في «ديوان الامام الشافعي» ص 29 ضمن قصيدة مطلعها:
خبت نار نفسي باشتعال مفارقي ... وأظلم ليلي اذ أضاء شهابها
خ- كذا بالاصل ولعل اصلها «عندي» فتصحفت باعادة التحبير.
د- كذا بالاصل.
ذ- الكلمة تشوهت باعادة التحبير وصارت تقرأ «انفصل» او ما شبه.(1/631)
ر- سبب الانكار عليه هو عدم امكان الجمع في النسب بين الحسني- وهو علوي- والعباسي.
الترجمة- 182
أ- هي المدرسة التي بناها مجاهد الدين قايماز وقد مر ذكرها (ورقة 88 أ) وذكرها الاسنوي وذكر تدريس عمر المذكور بها (طبقات 1/495) .
ب- كلمة «من» غير موجودة بالاصل.
ت- هو ابن سكينة وقد مر ذكره (ورقة 64 ب) .
الترجمة- 183
أ- كلمة «عليه» غير موجودة بالاصل فاضفناها استنادا الى «تاريخ ابن الدبيثي» (مخطوط ورقة 84) .
ب- اي تاريخ ابن الدبيثي وهو موجود بالفعل (المرجع السابق) .
ت- كتبت عبارة الترحيم فوق كلمة فطمستها ولم استطع قراءتها. والترحيم بخط مختلف عن الاصل، ولعله متأخر، لان الترجمة- على ما يظهر- كتبت في عهد كوكبوري كما يتضح من قول المؤلف عنه في السطر التالي «ادام الله سلطانه» .
ث- لعله يقصد بان الشفاعة كتبت بأعلى قصيدة في مدح كوكبوري.
ج- بياض بقدر كلمتين.
ح- هذه كنية صاعد بن علي الممدوح بهذه القصيدة.(1/632)
خ- بسبب اعادة التحبير تصحفت الى «ربعة» .
د- للسبب نفسه تصحفت الى «المدابج» .
ذ- للسبب نفسه تصحفت الى «مهمة» .
ر- كلمة «بعد» غير موجودة بالاصل اضفناها ليستقيم المعنى.
ز- بالاصل «ازاد» .
س- للسبب نفسه تصحفت الى «اعياها صابوا» .
ش- بالاصل «الشجاع» وقد صححت بالحاشية.
ص- بالاصل «جدبت» وقد اشار الى ذلك المؤلف.
ض- تصحفت الى «بنبت» .
ط- بالاصل «من قد» فحذفنا «قد» ليستقيم الوزن.
ظ- عبارة «منقادة اليه» غير موجودة بالاصل.
ع- هذا البيت غير موجود بالاصل الا ان قارئا متأخرا- واظنه النجفي- دسّه.
وواضح ان معناه لا يستقيم مع بقية القصيدة لان الخليفة لا تأتيه الوزارة، وانما تأتيه الخلافة. والبيت بالاساس لابي العتاهية في مدح الخليفة المهدي (الاغاني 3/142) ومطلع هذه القصيدة:
ألا ما لسيدتي ما لها ... أدلّا فاحمل ادلالها
ومنها البيت المذكور في المتن والذي يليه (راجع «المحمدون» للقفطي ص 126، والمقدسي ص 141) .(1/633)
غ- هذا البيت لابي العتاهية (انظر حاشية- ع السابقة) .
ف- بياض بقدر كلمة واحدة.
ق- هو سعد الله بن نصر بن سعيد (ورقة 36 أ) .
ك- هو محفوظ بن احمد (ورقة 36 ب) .
الترجمة- 184
أ- في تاريخ ابن الشعار «سعيد» .
ب- بياض بقدر كلمة واحدة.
ت- جاء في «أساس البلاغة» ص 555 «هم في الأواء العيش اي في شدته» .
ث- كلمة «انه» غير موجودة بالاصل.
ج- بسبب اعادة التحبير تصحفت الى «الحنفية ولقد مر ذكر رباط الجنينة (ورقة 69 ب) .
الترجمة- 185
أ- بياض بقدر عشر كلمات.
ب- بالاصل «الجوى» واعيدت الكتابة عليها فصارت «الهوى» .
ت- بسبب اعادة تحبير هذه الصحيفة تصحفت الكلمة الى ما يشبه (يوقن» .
ث- للسبب نفسه تصحفت الى «محبها» .(1/634)
ج- كلمة «لي» غير موجودة بالاصل فاضفناها ليستقيم الوزن.
ح- للسبب نفسه تصحفت الى «الخد» .
خ- اي اختارها كما في «لسان العرب» .
د- الصمد هو القصد او المكان الغليظ المرتفع عن الارض (لسان العرب) .
ذ- كذا بالاصل وكتب احد القراء تحتها «وصلها» . والصلت هو الجبين المستوي الجميل، وقيل الاملس (انظر «لسان العرب» و «اساس البلاغة» ) .
ر- للسبب المذكور اعلاه تصحفت الى «يشب» ، والقصد هنا هو «لم ابلغ حد الشيب» .
ز- للسبب المذكور اعلاه تصحفت الى «الرمد» ، ولعل الصحيح هو «الزهد» وهو ضد الرغبة والحرص على الدنيا، أما الزهد- بالفتح- فهو الزكاة، أما الرمد فمعناه الهلاك وهو غير وارد (لسان العرب، اساس البلاغة» ) .
س- تصحفت بالاصل الى «الهوى» .
ش- بالاصل «وهو» .
الترجمة- 186
أ- اشارة الى الحديث القائل ( «القرآن يقرأ على سبعة أحرف، ولا تماروا في القرآن، فان مراء في القرآن كفر) كما ورد في «الجامع الصغير» 1/74.(1/635)
ب- كلمة «الحسن» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها.
ت- بالاصل «العاقلوى» والصحيح ما ذكرنا نسبة الى «دير العاقول» وهي بليدة قرب بغداد، كما في «اللباب» .
ث- كلمة غير واضحة بالاصل، ويقال «رجل أنقى» اي دقيق القصب (تاج العروس) .
ج- هي من اصطلاحات لعبة الشطرنج، وقد ورد ما يشبه ذلك في «وفيات الاعيان» 4/79 لابن الهبارية و «مرآة الزمان» ص 495، ومفرده «فرزان» وهو اعجمي معرب (لسان العرب) .
الترجمة- 187
أ- بالاصل «ثماني» .
ب- هذا البيت رواه ابن خلكان (2/230) للعباس بن الاحنف، وقد نبه الى ذلك المؤلف في آخر الورقة 141 أ.
ت- بسبب اعادة تحبير هذه الصفحة تصحفت الى «مؤديا» .
ث- بالاصل «مقرونا» .
ج- بسبب اعادة التحبير تصحفت الى «رغبه» .
ح- للسبب نفسه تشوهت الكلمة وهي تشبه ما اثبتنا.
خ- كذا بالاصل.
د- بالاصل «وحدثني» .(1/636)
ذ- هذا بيت مضمن (راجع حاشية ب اعلاه) وقد ذكر الرحالة ابن جبير (ص 225) ان ابن الجوزى انشد في مجلس وعظه بدار الخلافة:
اين فؤادي أذابه الوجد ... واين قلبي فما صحا بعد
يا سعد زدني جوى بذكرهم ... بالله قل لي- فديت- يا سعد
ر- بياض بقدر كلمتين.
ز- للسبب نفسه تصحفت الى «الباس» .
س- بالاصل «كأنهم» وكتب فوق المقطع الثاني «نه» .
ش- تصحفت الى «الرند» .
ص- اي الظلمة (اساس البلاغة) .
ض- هو احمد بن منير الطرابلسي الشاعر (ورقة 136 أ) .
ط- يشير الى قول النابغة وهو يصف طول ليلة (العمدة 2/229 والعقد الفريد 5/496) وفيه:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل اقاسيه بطيء الكواكب
ظ- يقال «أسك» لما لا اذن له، وكل الطير سكّ، واذن سّكاء اي قصيرة (اساس البلاغة) وقال ابن خلكان (6/347 ط احسان عباس) «السكاء التي لا اذن لها، والعرب تقول كل سكاء تبيض وكل شرفاء تلد، والشرفاء التي لها اذن طويلة» .
ع- عبارة «وجدت ... التكريتي» مكتوبة بخط غليظ وكأنها عنوان لفصل او لترجمة ولا اعرف السبب.(1/637)
غ- بياض بقدر كلمتين.
ف- بالاصل غير واضحة وقد تقرأ «البالسي» وبالس مدينة بين الرقة وحلب (انساب السمعاني 2/56 وبلدان ياقوت) .
ك- بالاصل «تخوصه» .
ل- بالاصل «مذهب» .
ق- لعله يريد بالحفاظ الملائكة الموكلين باحصاء الحسنات والسيئات المشار اليهم بقوله تعالى «وان عليكم لحافظين» (لسان العرب) . وقد أرسل عمر بن عبد العزيز كتابا إلى بعض عماله يقول فيه «واعلموا ان معكم من الله حفظة عليكم يعلمون ما تفعلون في مسيركم ومنزلكم، فاستحيوا منهم» (ابن عبد الحكم ص 85) .
الترجمة- 188
أ- عبارة «هو سلمان» كتبت مرتين.
ب- بالاصل «ثلاث» .
ت- بالاصل «الباحسري» والتصحيح عن «الشذرات» 4/293 نسبة الى «باجرّا» قرية بالجزيرة.
الترجمة- 189
أ- بالاصل «الحسن» والتصحيح عن «ادباء ياقوت» 7/159 وبقية المراجع بما فيها (ورقة 189 ب من المخطوطة) وقد شذ عن ذلك ابو شامة في «ذيل الروضتين» ص 66 فسماه «الحسن» .
الترجمة- 190
أ- ضبطه الذهبي في «المشتبه» ص 314 وفي «ذيل طبقات الحنابلة»(1/638)
2/201 بضم الصاد وفتح الدال وتصحف الاسم في «العبر» 5/137 و «الشذرات» الى «احمد بن احمد» .
ب- اي في عهد ولاية محمود هذا (ورقة 51 ب) .
ت- هو نصر بن فتيان بن مطر (ورقة 35 ب) .
ث- هو عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ (ورقة 35 ب) وسماه ابن رجب «الحق اليوسفي» (ذيل طبقات الحنابلة 2/201) .
ج- هو احمد بن ابي الوفاء عبد الله البغدادي (ورقة 35 ب) .
ح- وقع هنا بعض الاضطراب فجاء النص كما يأتي «أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عرفة بن يزيد العبدي صالح الصَّفَّارُ النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عرفة بن يزيد العبدي.. الخ» وقد قومناه بالشكل المثبت في المتن. وقد مر ذكر اسماعيل بن محمد الصفار (ورقة 85 أ) كما مر ذكر الحسن بن عرفة (ورقة 113 أ) والجدير بالذكر ان ابن الساعي (ص 26) ذكر هذا السند مطابقا لما اثبتنا.
خ- سبق وورد هذا الحديث (راجع ورقة 72 أ) .
الترجمة- 191
أ- هو احمد بن محمد بن احمد وقد مر ذكره (ورقة 54 ب) .
ب- بالاصل «شحنه» وصححها الناسخ بالحاشية، وستأتي ترجمة عبد الرحمن هذا (ورقة 165 أ) .(1/639)
الترجمة- 192
أ- شوّه احد القراء هذه الكلمة فصارت «الفشبين» .
ب- بياض بقدر سبع كلمات، والعبارة الاخيرة هي من قول ذي النسبين.
ت- بياض بقدر كلمتين.
ث- لعل المقصود طلب العلم وجمع الحديث.
ج- هو اسماعيل بن مكي بن اسماعيل (ورقة 103 ب) .
ح- بالاصل «الياس» والتصحيح عن «العبر» 4/214.
خ- كذا بالاصل ولعله «المرء» .
د- بالاصل «المحررمي» او «المخرومي» او «المحرزي» .
ذ- مر ذكره باسم «هبة الله بن ثابت الانصاري» (ورقة 143 أ) .
ر- بالاصل «المعلى» والتصحيح عن «المختصر المحتاج اليه» 2/146.
ز- هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُسْلِمِ اللَّخْمِيُّ الدمشقي (ورقة 32 أ) .
س- بالاصل «وغيرهم» .
ش- اي العماد الاصبهاني (ورقة 2 ب) .
ص- بياض بقدر اربع كلمات.
ض- اي صاحب الترجمة.
ط- بالاصل «عابر او غابر» او يشبه ذلك، فلعل الصحيح ما اثبتنا.
الترجمة- 193
أ- عنوان الترجمة غير موجود اصلا فاضافه المحقق.
ب- كتبت هذه الجملة بالاصل بخط غليظ وكأنها عنوان للترجمة. اما ابو محمد فهو عبد الرحمن بن عمر الحراني الذي كتب الترجمة السابقة بيده (راجع 144 أ) .(1/640)
ت- هو عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني (ورقة 137 ب) .
ث- هو عبد الرحمن بن علي (ورقة 2 أ) .
ج- هو محمد بن احمد بن بختيار (ورقة 71 ب) .
ح- توهم الناسخ فكتب الاسم «محمد بن احمد» ، اذ لا يوجد في الفترة التي نحن بصددها احد في اصفهان بهذا الاسم، وانما هناك مسند اصبهان ابو المكارم احمد بن محمد بن محمد الاصبهاني (ورقة 61 ب) .
خ- اي محمد بن ابي زيد الكرّاني الاصبهاني وقد مر ذكره (ورقة 32 ب) .
د- الكلام هنا لعبد الرحمن بن عمر الحراني.
ذ- اجمعت المصادر على ان وفاته كانت في المحرم سنة 618 هـ ولعل سبب الاختلاف ان وفاته وقعت ليلة اليوم الأول من المحرم فعدّها المؤلف آخر يوم من ذي الحجة سنة 617 هـ.
ر- جوف الانسان بطنه او معدته (لسان العرب، قاموس دوزى) فلعل المقصود هنا مرض اصاب المعدة.
الترجمة- 194
أ- عنوان الترجمة اضافه المحقق.
ب- كتبت هذه الجملة بخط غليظ (راجع حاشية ب من الترجمة السابقة) .
ت- المتكلم هو عبد الرحمن بن عمر الحراني.
الترجمة- 195
أ- عنوان الترجمة اضافة المحقق.
ب- كتبت هذه الجملة بخط غليظ (راجع حاشية ب- ترجمة 193) .
ت- سبق للمؤلف ان ترجم لعبد العزيز هذا (راجع ورقة 48 ب) وهذا من الاسباب التي تدعونا إلى الاعتقاد بان ما بين ايدينا منقول عن مسودة المؤلف(1/641)
التي لم تتكامل او ترتب بشكلها النهائي، والا لكان من واجب المؤلف نقل المعلومات المدرجة هنا إلى موضعها من ترجمة عبد العزيز المذكور.
ث- الكلام هنا لعبد الرحمن بن عمر الحراني.
ج- اي عبد العزيز بن عثمان صاحب الترجمة (ورقة 48 ب) .
ح- هو حمزة بن علي بن عثمان، مرت ترجمته (ورقة 143 أ) .
خ- كذا بالاصل، وفي «بلدان ياقوت» 1/252 «بشر» .
د- اشارة إلى آية قرآنية من «سورة النمل» ورقمها 27/22.
ذ- هو علي بن عثمان بن يوسف القرشي مر ذكره (ورقة 143 ب) .
الترجمة- 196
أ- عنوان الترجمة اضافه المحقق.
ب- كتبت هذه الجملة بخط غليظ (راجع حاشية ب- ترجمة 193) .
ت- يمكن قراءتها ايضا «موسال» .
ث- هو ابو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي الاسكندراني (ورقة 144 أ) .
ج- بالاصل «وغيرهم» .
ح- الكلام لعبد الرحمن الحراني.
خ- بالاصل «نقل» .
الترجمة- 197
أ- عنوان الترجمة اضافه المحقق.
ب- كتبت هذه الجملة بخط غليظ (راجع حاشية ب ترجمة 193) .
ت- المتكلم هنا هو عبد الرحمن بن عمر الحراني الذي كتب التراجم الخمس السابقة.(1/642)
الترجمة- 198
أ- روى ابن تعرى بردى في «النجوم الزاهرة» 6/87- والشيال في «اعلام الاسكندرية» هذين البيتين للسلفي ووردت عبارة «فلربي الحمد» بدلا من «فبحمد الله» .
ب- بالاصل «كتبه» .
الترجمة- 199
أ- جاء كنيته «ابو سهل» في تاريخ الخطيب 13/95 و «التذكرة» 3/1056 و «لسان الميزان» 6/3.
ب- ويعرف بابن ابي الدنيا (ورقة 7 ب) .
ت- هو الصدى بن عجلان (ورقة 129 ب) .
ث- كذا بالاصل وهو الصحيح وتصحفت كلمة «من» الى «ابن» في «اكمال ابن ماكولا» 5/45.
ج- تصحفت بالاصل الى «افارق» .
ح- كتبت بالاصل وكأنها «شبعا او قنعا» .
خ- بالاصل «شحمة» والتصحيح عن ابن ماكولا 5/45 و «المشتبه» ص 295، بفتح السين المهملة.
الترجمة- 200
أ- هو سرفتكين بن عبد الله الزيني مملوك صاحب اربل ونائبه في حكمها توفي سنة 559 هـ (ورقة 126 ب) .
الترجمة- 201
أ- اي انه من اهل الاعمال الديوانية ذكر ابن الشعار (ج 1 ورقة 72) مثلا عن(1/643)
ابراهيم بن المظفر بن المستوفي انه «كان يتولى التصرف لامير بلده» .
الترجمة- 203
أ- هنا حك بقدر حرفين لم اتبين حقيقته.
ب- ورد في «العبر» 5/92 ذكر كتاب «شرح السنة» ولم يذكر احد للبغوى كتابا بعنوان «السنة وانما له كتاب آخر هو «مصابيح السنة» (راجع ورقة 27 ب، 43 أ) .
ت- بالاصل بياض بمقدار سطر واحد، لعله خصص لاضافة معلومات اخرى على هذه الترجمة.
الترجمة- 204
أ- عنوان الترجمة اضافه المحقق.
ب- يمكن قراءة الاسم ايضا «عبد الغفور بن بدل فتى حمزة.. الخ» .
ت- بالاصل «جزءا منتخبا» .
ث- هنا حك بقدر حرفين لم اتبين حقيقته.
ج- في «التذكرة» 4/1258 «الشيرازي» والصحيح كما بالاصل نسبة الى «شيرز» (انظر «بلدان ياقوت» ) .
ح- بالاصل «ابو عبد الله علي زاهر بن احمد» وفوق «عبد الله» علامة الخطأ، وقد صححنا الكنية عن «التذكرة» 4/1258 و «العبر» 3/43.
خ- هو ابراهيم بن عبد الصمد (ورقة 36 أ) .
د- اي الامام مالك بن انس (ورقة 37 أ) .(1/644)
ذ- عبارة «فذلكم الرباط» مكررة بالاصل ثلاث مرات وعلى الثالثة علامة الخطأ، وقد اختلفت كتب الحديث في أمر هذه العبارة فبعضهم كررها ثلاثا وبعضهم حذفها.
ر- ورد الحديث في عدد من الكتب المعتمدة بنصوص مختلفة بعض الشيء ولا سيما فيما يتعلق بعدد المرات التي ذكرت فيها العبارة الاخيرة منه (انظر «الجامع الصغير» 1/96، «سنن النسائي» 1/89، «سنن ابن ماجة» 1/147- 48، «سنن الدارمي» 1/143، «صح مسلم» 1/151، «جامع الترمذي» 1/72 (ط الحلبي) ، «مسند احمد» 2/235 و 277 و 301 و 303، «الموطأ» 1/161) .
الترجمة- 205
أ- بياض بقدر كلمتين بعد «النظامية» ولعله خصص لذكر اسم ابن فضلان إذ لم يكن موجودا بالاصل اسمه ولا اسم ابيه والمعروف ان الذي درس بالنظامية وعرف بابن فضلان هو يحيى بن علي (ورقة 82 ب) .
ب- تصحف بالاصل الى «الحسين بن عبد الله» (ورقة 216 ب) .
ت- بياض بقدر خمس كلمات واظنه خصص لادراج اسم القاضي الحدادي.
ث- كلمة «باق» غير موجودة بالاصل فاضفناها ليستقيم المعنى.
ج- بياض بقدر كلمة او كلمتين.
ح- عبارة «ابن السوداء الشاعر الواسطي» مضافة بخط ابن الشعار.
خ- اشارة إلى مثل معروف (كتاب المعارف ص 265 والميداني 1/296) .(1/645)
الترجمة- 207
أ- سماه ابن المستوفي في مواضع اخرى «ارسلان» (ورقة 224 ب و 226 ب) ومثل ذلك ابن الفوطي 3/477، وبشار معروف نقلا عن المنذري (ص 130) .
ب- لم اهتد إلى ضبط هذه الاسماء الغريبة، ولعل الكلمة الاخيرة «سيواسي» نسبة لبلدة سيواس في تركيا (بلدان ياقوت 1/895) .
ت- بالاصل «حمله» غير منقوطة.
ث- بياض بقدر كلمة واحدة ولعله خصص لكتابة كنيته «ابو الفضل» .
ج- بالاصل «الها» .
ح- بياض بقدر كلمة واحدة.
خ- القطامي، بالضم او الفتح هو الصقر (اساس البلاغة) .
د- كتب الناسخ بالحاشية «يصيد بعشه» ولم يؤشر موضعها ولعلها بديلة لعبارة «يعيش بكنه» بالمتن.
ذ- اى لا يجوز تخفيفها في غير الشعر، وانها لو شددت هنا لانكسر الوزن.
ر- بالاصل (بب) غير منقوطة.
ز- يمكن قراءتها ايضا «سبع» وقد اخترنا «تسع» اعتمادا على «تكملة المنذري» .
س- كذا بالاصل وهو يناقض ما قبله، ولعل المقصود هو شهر جمادى الآخرة.(1/646)
الترجمة- 208
أ- تصحفت بالاصل الى «الحماله» والتصحيح عن ابن الشعار.
ب- تصحفت بالاصل الى «دوان» والتصحيح عن ابن الشعار.
ت- بالاصل «مشارك» .
ث- بياض بقدر ثلاث كلمات.
ج- راجع معناها (ورقة 41 أ) .
ح- تبلج معناها اسفر واضاء او ضحك وهش (لسان العرب) .
خ- بالاصل «سفاره» .
د- بياض بقدر كلمة واحدة ويبدو انها سقطت عند النسخ.
الترجمة- 209
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- بالاصل «مراسمكم» وصححت بالحاشية بخط الناسخ.
ت- بالاصل «اسدا» ولعلها «أسد» .
ث- وسم من الوسم وهو اثر الكي وكانت ابل الصدقة توسم بكيها بعلامة مميزة (لسان العرب) .
ج- بالاصل «المسبتر او المستنير» او ما يشبه ذلك.
ح- شطحت يد الناسخ فكتب في هذا الموضع «سامق وسمى» وهي بداية(1/647)
البيت التالي.
خ- رواها ابن الشعار «استأسد» .
د- السطا جمع سطوة.
ذ- اي هو غاية المطلوب.
الترجمة- 210
أ- الصواب «شيء شنيع» ، لا حظ ما ذكره المؤلف في نهاية الترجمة.
الترجمة- 211
أ- بالاصل «تسعشر» .
ب- طائفة متطرفة من الصوفية (انظر قاموس «البستان» و «الحوادث الجامعة» ص 286 و «العبر» 5/142) .
ت- دلق ودلق ودلق هو لباس القضاة ورجال الدين (دوزى «معجم الالبسة العربية» ص 183) .
ث- بالاصل غير منقوطة وهي جمع «وفق» الذي ورد ذكره في الموسوعة الاسلامية وقاموس دوزى وهو جدول مربع الشكل مقسم إلى مربعات صغار ويسمى «المربع السحرى» وتدرج في المربعات الصغيرة حروف او اعداد وعندها يسمى «الوفق الحرفي او العددي» . ويلبس الوفق كطلسم او حجاب للوقاية من الامراض او لاغراض سحرية (انظر ايضا «المنقذ من الضلال» ص 158) .
ج- بالاصل «توجدى» .(1/648)
ح- بالاصل «الشيطان» .
خ- الحريم من محلات بغداد (ورقة 104 ب) .
د- يشير إلى قصر التاج الذي تمّ بناؤه، في عهد المكتفي سنة 289 هـ (بلدان ياقوت 1/808) .
ذ- الاشارة هنا إلى بئر زمزم ومقام ابراهيم- ع- في الحرم المكي الشريف.
ر- اي انه رفع كلمة «عنان» في الشطر الاول، وكلمة «ربع» في الشطر الثاني.
ز- بالاصل «اعقوا»
س- بالاصل «النعر» والنغر الغليان والغضب، ونغرت الشاة اذا خرج لبنها احمر اي به دم، ونغرت القدر اذا غلت (لسان العرب واساس البلاغة) ، ولعل الكلمة هنا محرفة عن «المغر» وهو الحمرة.
ش- الجون بالفتح هو الاسود المشرّب حمرة (لسان العرب واساس البلاغة)
الترجمة- 212
أ- عبارة «ابو الخير» كتبت بالاصل مرتين.
ب- ذكر سبط ابن الجوزى (ص 708) شخصا اسمه بهاء الدين بن «مركيشوا» من رجال الملك الناصر الايوبي.
ت- هو يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي (ورقة 13 أ) .
ث- بالاصل «المهتدى» وهذا وهم من الناسخ، وقد مر ذكر ابي علي بن المهدي (ورقة 26 أ) .(1/649)
ج- بالاصل «الرباد» غير منقوطة، والتصحيح عن «مسند احمد» 4/101 (ط معارف) .
ح- بالاصل «قال» والتصحيح عن المرجع السابق.
خ- لم تروه كتب الحديث ما عدا «مسند احمد» (المرجح السابق) بنص مختلف قليلا وبسند يشبه سند المؤلف، كذلك رواه الذهبي في «ميزان الاعتدال» 2/65 بالسند والنص الواردين في «تاريخ اربل» .
الترجمة- 213
أ- كلمة «بن» مضافة بخط مختلف عن الاصل.
ب- بالاصل «المحلون» .
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- اي المؤلف.
ج- اي الذهب والفضة وهما يلمعان كالبرق الخلب (لسان العرب) .
ح- هو عبد الملك بن قريب (ورقة 73 أ) .
خ- هو عجز بيت من السريع ورد في «ديوان امرئ القيس» ص 120 و 257 و «الاصمعيات» ص 143، وهو:
تطعنهم سلكى ومخلوجة ... كرّك لأمين على نابل
ورويت «لفتك» بدلا من «كرك» .
الترجمة- 214
أ- بالاصل «ليل» وصححت بالحاشية، وبذلك يتفق مع ابن الشعار الذي(1/650)
روى البيتين (ج 4 ورقة 21) .
ب- روى ابن الشعار (المرجع السابق) وابن الفوطي (2/923) البيتين بما يطابق رواية المؤلف.
ت- بياض بقدر كلمة واحدة.
ث- بياض بقدر كلمتين.
ج- هو محمد بن احمد الدمشقي المار ذكره (ورقة 24 أ) والبيت موجود في ديوانه (ص 102) وهو:
شد زناره على هيف الخص ... ر وشد القلوب بالزنار
ح- ذكر ياقوت (ادباء 7/152) ان مدركا هذا نظم قصيدة في هوى غلام نصراني- وهي طويلة- ومن ضمنها ما اشار اليه ابن المستوفي، هو قوله:
يا ليتني كنت له زنارا ... يديرني في الخصر كيف دارا
حتى اذا الليل طوى النهارا ... صرت له حينئذ ازارا
خ- بياض بقدر تسع كلمات.
الترجمة- 215
أ- بالاصل «الم» وقد صححت بخط ابن الشعار.
ب- بالاصل «جيش والافكار» فحذفنا الواو واضفنا بدلها «له» ليستقيم الوزن.
ت- بالاصل «قلق» وصححت بخط الناسخ بالحاشية.
ث- بالاصل «الدمر» .(1/651)
الترجمة- 216
أ- بالاصل «فقال» ولعل الصحيح ما اثبتنا.
ب- بالاصل مكتوبة بدون ياء.
ت- بالاصل «قصاقصي» .
ث- بالاصل «ثماني» .
الترجمة- 217
أ- بياض بقدر سبع كلمات.
ب- هو، بفتح اوله وضم الياء، عند الحكماء شيء قابل للصور مطلقا من غير تخصيص بصورة معينة ويسمى المادة (كشاف اصطلاحات 2/1534، كتاب الملل للشهرستاني 3/104، مفاتيح العلوم ص 136، التعرفات ص 230) .
ت- ورد في كتاب «المسالك» 1/18 ان الاطلس هو الفلك التاسع من الافلاك المعروفة عند الاقدمين، وحركته من الشرق إلى الغرب وتتحرك بحركته بقية الافلاك، وجاء في «لسان العرب» ان الاطلس هو الاسود والوسخ او الثوب الخلق، وذئب اطلس اي في لونه غبرة، وفي قاموس «البستان» انه ثوب من حرير منسوج وهو ليس بعربي، وقال ابن خلكان (2/461 ط احسان عباس) انه الذي لا شعر في وجهه، واظن ان المقصود هنا هو الثوب من الحرير (انظر ورقة 18 ب) .
ث- بالاصل «بلال» وصححت بخط ابن الشعار.(1/652)
الترجمة- 218
أ- بالاصل «للشاك» .
ب- كلمة «الشيب» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها من المتن.
ت- كذا بالاصل ولم اهتد إلى صحة قراءتها، فاذا كانت «زينة» فهي معروفة، وورد في قاموس دوزى والبستان ذكر امراض الزينة وهي تتعلق بالشعر والاظفار والجلد كالنمش مثلا. واذا كانت «رينة» فمعناها الخمر لغلبتها على العقول- كما في البستان-، ولم اجد معنى لكلمة «رنية» . اما المغلي فلم اهتد لمعناه الاصطلاحي وذكر دوزى «المغلى» وهو ابريق القهوة، ولو قرئت «المقلى» فهو من قلى الشيء قليا على المقلى او المقلاة، اي أنضجه طبخا. والظاهر ان الشاعر يصف صنع مشبكات الحلوى المسماة «زلابية» .
ث- النقار والنضار اسم للذهب والفضة، وقيل النقرة هي الفضة المذابة وقيل هي القطعة المذابة من الذهب والفضة ويقال «نقرة السبيكة» والجمع نقار (لسان العرب، اساس البلاغة قاموس المحيط) .
ج- كلمة «اذ» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها من المتن.
ح- بالاصل «الفسيح» فلعلنا وفقنا إلى الصحيح.
خ- اجمع من ترجم لعبد الرحيم هذا على ان وفاته كانت سنة 625 هـ.
الترجمة- 219
أ- هنا بالاصل «بن ابي محمد» ثم طمست العبارة كلها.
ب- بالاصل «ثماني» .(1/653)
ت- بالاصل «ان حل» .
ث- تشوه البيت ولا سيما شطره الثاني بسبب اللمس فتعذرت قراءته، ولا ادري عما اذا وفقت فيما اثبت. اما مظفر الدين فهو كوكبوري صاحب اربل.
ج- بالاصل «؟ بايع؟» او ما يشبهها وفوقها «يحارب» وعليها علامة «صح» ح- بالاصل «وجدنا به» وعلامة الخطأ ازاء البيت.
خ- الاشارة هنا إلى قصة قميص يوسف- ع- الذي ألقي على وجه ابيه يعقوب- وكان قد عمي- فارتد بصيرا (انظر سورة يوسف رقم 12/93- 95) .
د- ورد الاسم في صدر الترجمة «مرى» ومثل ذلك في «الشذرات» .
ذ- هو عبد المنعم بن عبد الوهاب (ورقة 137 ب) .
ر- الكلمة غير واضحة بالاصل ويمكن قراءتها «المعمر والمعطر والمعطو والمعطى» ، وقد فضلنا الاولى ولم نجد للثانية اصلا، اما الثالثة فيمكن ان تكون المقطع الاول من «المعطوش» وهناك المبارك بن المبارك ابن هبة الله بن المعطوش وقد مر ذكره (ورقة 144 ب) الا ان كنيته «ابو طاهر» . اما الرابعة فهناك يحيى بن عبد المعطي المغربي الزواوي النحوي المعروف بابن المعطي (564- 628 هـ) وقد رحل إلى الشام ومصر واستوطن القاهرة ودرّس بالجامع العتيق (ياقوت «ادباء» 7/292، «العبر» 5/112، «بغية الوعاة» ص 416 ط بولاق، «الشذرات» 5/119) وكنيته «ابو الحسن» وهو غير بغدادي، والذي نحن بصدده بغدادي وكنيته «ابو المعالي» وكان معاصرا لابن بوش(1/654)
المتوفى سنة 593 هـ، مما لا ينطبق عليه.
ز- هو عبد الرحمن بن علي (ورقة 2 أ) .
س- هو نصر بن سلامة الهيتي (ورقة 38 أ) .
ش- هو احمد بن عبد الله الطوسي خطيب الموصل (ورقة 89 ب) .
ص- بياض بقدر كلمة واحدة.
الترجمة- 220
أ- هو عمر بن محمد بن المعمر (ترجمته ورقة 70) .
ب- هو حنبل بن عبد الله (ترجمته ورقة 71) .
ت- كذا بالاصل ولم اهتد إلى المراد.
ث- بياض بقدر خمس كلمات.
ج- بياض بقدر ست كلمات، والمقصود سنة 624 هـ.
ح- روى ابن شهراشوب في «مناقب آل ابي طالب» 2/17 هذين البيتين وقال انهما «لاحدهم وجاء البيت الاول مطابقا لما في المتن ما عدا كلمة «الملل» فرواها «الامل» ، وجاء صدر البيت الثاني كالآتي:
«فشافعي احمد وابناء ابنته»
الترجمة- 221
أ- هنا بالاصل ما يشبه «تد» ولم اهتد لقراءتها، أما الجبل فهو «قاسيون» كما يتضح من ترجمة الفرنثي.(1/655)
ب- بالاصل «الصالحين» ولعله يريد «الصالحين» او «الصالحية» والاخيرة قرية كبيرة ذات اسواق ولها جامع في لحف جبل قاسيون قرب دمشق وفيها قبور جماعة من الصالحين ويسكنها ايضا جماعة من الصالحين الذين لا تكاد تخلو منهم وفقا لما ذكره ياقوت (راجع البلدان) .
ت- كذا بالاصل ولعل المقصود كانت «ولادته» قبل ولاية المقتفي بستة اشهر. تولى المقتفي الخلافة في ذي القعدة سنة 530 هـ فتكون ولادة الفرنثي في جمادى الاولى من السنة (المنتظم 10/60- 61) .
ث- بياض بقدر كلمة واحدة.
ج- اي بدمشق.
ح- بياض بقدر ثلاث او اربع كلمات لعله خصص لادراج اليوم والشهر.
الترجمة- 222
أ- بالاصل «سعيد» وصححت بخط ابن الشعار، علما بأنني لم اعثر على كنية ليوسف هذا في المراجع الاخرى.
ب- صفده واصفده اي اعطاه او اوثقه بالحديد (اساس البلاغة ص 356) .
ت- كذا بالاصل واللقطة واللقطة هي ما كان مطروحا من شاء اخذه، ويقال «وجدت في المعدن لقطا» اي قطع ذهب وفضة (اساس البلاغة) فعله يقصد هذا، او انه اراد ان يقول كجملة معترضة «هذا لفظه» .
ث- بالاصل «سرى» .
ج- هنا بالاصل كلمات مطموسة لم استطع تبيّنها، وكتب الناسخ بالحاشية عوضا عنها ما يشبه «والعلم ذا المقام» وهذه العبارة صححت ايضا بخط(1/656)
ابن الشعار بالشكل المثبت بالمتن، والمقصود الامام احمد بن حنبل.
كان البيت الخامس من المقطوعة رابعا ثم شطب وكتب فوقه «مؤخر» وكتب فوق البيت الذي يليه «مقدم» ، ثم اعيدت كتابة البيت في موضعه الحالي.
ح- كذا بالاصل وهو جائز في لغة هؤلاء الشعراء.
خ- اي الخليفة الناصر (ورقة 18 أ) .
د- اي كوكبوري صاحب اربل (ورقة 5 أ) .
ذ- اي ايالة اربل (وهي بالاصل غير منقوطة) ومعناها الدولة، والظاهر انها كانت شائعة بالمغرب والاندلس ايضا بهذا المعنى (انظر «كناسة الدكان» للسان الدين بن الخطيب ص 59 و 64) .
ر- بالاصل «طرف» .
ز- بالاصل «نزة» ولعل الصحيح «برّة» وهي حلقة تجعل في انف البعير وتكون من صفر او نحوه او من الخشب وتسمى «الخلخال» (لسان العرب والمصباح) وسماها دوزى «برّة» وقال انها زر.
س- بالاصل «اشرت» .
ش- يشير إلى احتفال كوكبوري بالمولد النبوي.
ص- بالاصل «بخيفه» وقد تنبه المؤلف إلى ذلك فاشار اليه.
الترجمة- 223
أ- نسي المؤلف وعده بذكر الواقعة، ولعله يقصد هجوم التتر على خوارزم سنة 616 هـ وانهزام جيوش خوارزم شاه محمد بن تكش أمامهم (مرآة(1/657)
الزمان ص 609، العبر 5/95، الشذرات 5/65) .
ب- بالاصل «قصر» ولعل الصحيح ما اثبتنا، او انه اراد «دخل كل مصر» .
ت- بالاصل «الاعجاز» وقد صححها الناسخ بالحاشية وهذا يتفق والطبعة المصرية للمعجم 1/48- 49.
ث- سقط هنا مقدار اربعة اسطر (راجع مقدمة الطبعة المصرية) .
ج- وردت «مواضع اخذي ومواطن نقلي» في ط مصر.
ح- عبارة «الاخذ على» غير موجود في ط مصر.
خ- بالاصل «ذكر» (المرجع السابق) .
د- وردت «ثم ثاء» في ط مصر.
ذ- العبارة المحصورة بين قوسين غير موجود في ط مصر.
ر- وردت «بعطف جيد دعائه إليّ» في ط مصر.
ز- وردت العبارة المحصورة بين القوسين بنص مختلف في ط مصر.
س- اشار ابن الشعار إلى هذه السجية لياقوت ايضا.
ش- بالاصل «ذكرته» وصححت بالحاشية.
ص- بالاصل «وغلى» ولم اهتد إلى قراءة البيت.
ض- بالاصل «كم» .
ط- هو عبد الكريم بن محمد السمعاني (ورقة 3 أ) .
ظ- اي القضاعي (ورقة 11 ب) وسماه «المقرى» ط مصر.(1/658)
ع- بالاصل «هذا الكتاب» وصححها الناسخ بالحاشية.
غ- بالاصل ادرج البيتان في المتن على انهما نثر، والتصحيح عن ط مصر حيث روى «علمت» بتسكين التاء، و «تنقضى» بدلا من «ينقضي» .
ف- في ط مصر «شرواه» اي مثاله.
ق- سماه في ط مصر (1/65) «ارشاد الاريب إلى معرفة الاديب» .
ك- بالاصل «ارشاد الاديب إلى معرفة الاريب» وكتب فوق «الاديب» كلمة مؤخر» وفوق «الاريب» كلمة «مقدم» .
ل- كذا بالاصل، وهنا بياض بقدر كلمتين.
م- كلمة «بن» مضافة بخط ابن الشعار، وقد مرت ترجمة عبد الرحيم هذا (ورقة 111 أ) .
ن- بالاصل «معاضلا» والتصحيح عن ط مصر (1/48) ، ولم اجد في المعاجم شيئا عن المعاضلة، ولعله اراد «المعاظلة» وهي اذا شيء ركب شيئا (لسان العرب) اما النضال فهو المباراة.
هـ- بالاصل «رايه؟؟؟» .
وغير واضح من هو المتحدث هنا، فهل هو ياقوت نفسه او ان المؤلف لا يزال مستمرا في نقل ما وجد بخط عبد الرحيم بن وهبان، ولعله ينقل عن ياقوت نفسه ويتضح ذلك مما جاء في (ورقة 159 ب) من قوله «وسألته ان ينشدني من شعره.. الخ» والمقصود ياقوت الذي انشده من شعره، وقد روى ابن الشعار هذا الشعر لياقوت ايضا.
ى- راجع «ديوان المتنبي» ص 49، والبيت من قصيدة مطلعها «اغالب(1/659)
فيك الشوق والشوق أغلب» .
أأ- راجع ديوان امرئ القيس ص 23، وهذا عجز بيت من معلقته، صدره «وانت اذا استدبرته سدّ فرجه» .
أب- انظر ديوان امرئ القيس ص 164.
أت- غير واضح مدى ارتباط هذا الكلام بما سبقه، ولعل المؤلف اراد ان يقول انه عرض على ياقوت ملاحظاته عن بعض الاخطاء الواردة في الكتاب، وان ياقوت لم يجب بشيء.
أث- رواها ابن الشعار «يضاعف» ، اما بردّه فتعني سخنه- كما في «لسان العرب» واظنه هو المقصود.
أج- الظّلم هو الثلج او الماء الذي يجري على الأسنان او بياض الاسنان او ماء الثلج (لسان العرب) .
أح- رواها ابن الشعار «يسالم سلما دائبا» .
أخ- بالاصل «يودر» والتصحيح عن ابن الشعار الذي روى هذا الشطر «ويؤذن حربا منه طالب سلمه» .
أد- بالاصل «فضل» والتصحيح عن ابن الشعار.
أذ- بالاصل «محبسا» والتصحيح عن ابن الشعار.
أر- بالاصل «عقدي» ولعل الصحيح ما اثبتنا.
أز- بالاصل «حى سسه ما» واشر ازاءها بعلامة الخطأ.
أس- بسبب اللمس تشوه هذا البيت وصارت قراءته عسيرة، فلعلنا وفقنا(1/660)
للصحيح.
الترجمة- 224
أ- بالاصل «قان» .
ب- بالاصل «يعصى» ولعل المقصود «يهجو» .
ت- راجع ما ذكرنا عن بني نباته (ورقة 29 أ) وقد تولى منهم القضاء يحيى وابنه علم الدين ابو الحسن.
ث- بسبب اللمس كادت تتعذر قراءة هذا البيت، ان عبارة «حر تأبي» يمكن قراءتها، ايضا «حرباء في» .
ج- للسبب نفسه صارت الكلمة الاخيرة غير واضحة.
ح- لا حظ التلاعب بلفظة «عتيق» وهي من القاب ابي بكر الصديق- رض-.
خ- بالاصل «محمد بن عبد الله بن علي بن النبيه» وهذا وهم من المؤلف او الناسخ، والمقصود هو «علي بن محمد بن الحسن» ولا يوجد غيره في الحقبة التي اشار اليها المؤلف خاصة وانه ذكر وفاته سنة 619 هـ وهي سنة وفاة علي المذكور (العبر 5/84، المشتبه ص 517، الفوات 2/143) .
د- بالاصل «وراء» وصححت بالحاشية الى «وداه» .
ذ- بالاصل «خضر» .
ر- بالاصل «لحياته» .
ز- بالاصل «وصلت» .(1/661)
س- كذا بالاصل وقرأه احد الاخوان «ناءت روادفه بلين قوامه» .
ش- بالاصل «حوى» .
ص- بالاصل «عشرين» وصححها ابن الشعار الى «عشرة» وهذا ما يعزز القول بان المقصود هنا هو علي بن محمد بن النبيه الشاعر (انظر حاشية خ اعلاه) .
ض- بياض بقدر كلمة واحدة، ولعله يقصدانه توفي في اول الشهر.
ط- هو يحيى بن سلامة الحصكفي (ورقة 119 ب) ولم اجد البيتين في ترجمته.
ظ- بالاصل «وليلة قربت» ولعل الصحيح ما اثبتنا.
الترجمة- 225
أ- بالاصل «بهم او فهم» .
الترجمة- 226
أ- كلمة «سمع» سقطت من الاصل فاضفناها ليستقيم المعنى.
ب- مرت ترجمتها (ورقة 112 ب) .
ت- هو عبد اللطيف بن عبد القاهر السهروردي (ترجمته ورقة 76) .
ث- كذا بالاصل ولم افهمها.
ج- بسبب اعادة التحبير تشوهت فصارت «الانذار» والتصحيح عن «الفوات» ، وفيها ورد الشطر الثاني هكذا «عاقني عنك العشية عائق»(1/662)
ح- للسبب المذكور تصحفت «من» الى «بن» والتصحيح عن «الفوات» وفيها رويت «عيني» بدلا من «عيناي» .
خ- للسبب المذكور صارت هذه العبارة «لست استفتح اقتضاك لوعد» .
د- ذكر ابن خلكان (3/299) البيتين في ترجمة المبارك بن المبارك بن الدهان، وقال ابن الفوطي (4/823) انه قرأهما بخط ابي المحاسن بن الحسن بن ابي طالب الحسني، ولم يزد على ذلك.
الترجمة- 227
أ- بسبب اعادة التحبير تصحفت الى «سعيد» والتصحيح عن تاريخ ابن الدبيثي (مخطوط ورقة 69) .
ب- اي ان قومسان هي من اعمال همذان (راجع «بلدان ياقوت» ) .
ت- بسبب اعادة التحبير تشوهت الكلمة فصارت «السخاني» او ما شبه، وآثرنا قراءتها «السجاسي» لان سجاس مدينة من اعمال اقليم الجبال الذي منه همذان (المرجع السابق) .
ث- للسبب المذكور تصحفت الكلمة فصارت «يرد» .
ج- بالاصل «لابي» وكلمة «عن» غير موجودة، وآثرنا قراءتها على الصورة التي اثبتنا في المتن اذ لا يمكن ان يكون «محمود بن علي بن بكران» هو ابو القاسم القاضي الذي يروي عن القضاعي المتوفى سنة 454 هـ، ويروي عنه (اي عن محمود) عبد الغفار القومساني الذي كان حيا سنة 615 هـ ولا بد من توسط شخص واحد على الاقل بين القضاعي وابن بكران، بل ان شخصا واحدا لا يكاد يكفي كي يستقيم السند الا اذا كان الرواة كلهم من المعمرين (ذكر في «مرآة الزمان» ص 132 مثلا ان عبد(1/663)
الله بن محمد بن اسماعيل المصري المتوفى سنة 523 هـ يروي عن القضاعي المذكور) .
الترجمة- 228
أ- بياض بقدر كلمة واحدة.
ب- بالاصل «لحلوله» واظن ان المقصود خلو دار الحديث من الاسماع وهذا ما يفسر اشارة المؤلف على كوكبوري باستقدام حنبلا وابن طبرزذ.
ت- بالاصل بياض بقدر كلمتين فملأنا الفراغ بعبارة «فقد كلمني» ليستقيم المعنى.
ث- هو عمر بن محمد بن المعمر (ترجمته ورقة 70) .
ج- هو حنبل بن عبد الله (ترجمته ورقة 71) .
ح- اي ديوان الخلافة ويسمى ايضا «الديوان العزيز» وقد مر ذكره (ورقة 70 أ) .
خ- مرت ترجمته (ورقة 137 ب) .
د- بياض بقدر ثلاث كلمات ولعله خصص لدرج تاريخ الوفاة.
ذ- بسبب اعادة التحبير تشوهت هذه المقطوعة مما ادى إلى تصحيف بعض كلماتها، وصارت هذه الكلمة «يلوم» .
ر- بالاصل «لطارت» .
ز- للسبب المذكور تصحفت الى «من» .
س- للسبب نفسه تصحفت الى «للبحر» .(1/664)
ش- للسبب المذكور تصحفت الى «مذلبة» .
ص- للسبب نفسه تصحفت الى «فهلا» .
ض- للسبب المذكور تصحفت الى «ولم يران سكر» .
ط- بالاصل «فحل» .
ظ- بالاصل «ناظري» .
ع- بالاصل «قصرت إلى الدنيا به» .
غ- بالاصل «يحيى» .
ف- لم اهتد إلى صحة قراءتها، ويبدو انها مغلوطة من الاساس، فقد اشر الناسخ ازاءها بعلامة الخطأ.
ق- بالاصل «سرى ومحبتي» .
ك- للسبب المذكور تصحفت الى «هتك» .
ل- ورد اسمه اعلاه «هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر بْن زاذان» وسيأتي اسمه فيما بعد «هبة الله بن عمر» .
م- اي عبد الله بن عمر (ورقة 7 أ) .
ن- ورد الحديث في عدد من الكتب المعتمدة بنص مشابه لرواية المؤلف (انظر «صح البخاري 1/21، 3/308- 9، «سنن ابن ماجة» 1/24- 25، «صح مسلم» 1/28- 31، «سنن النسائي» 8/97 و 101 «جامع الترمذي» 2/101، «مسند احمد» 1/184 ط معارف) .(1/665)
هـ- بياض بقدر كلمة واحدة، وهنا يستأنف المؤلف النقل عن الاجازة آنفة الذكر.
وسبق للمؤلف ان قال عنه (ورقة 162 ب) هو «عمر بن محمد بن عمر المعروف بهبة الله» ولعل المراد هنا نسبته الى جده.
ي- بالاصل «كان» والتصحيح عن «كنز العمال» 2/99.
لا- بالاصل «ابن» والتصحيح عن «التذكرة» 2/774 و 3/939.
أب- لم يرد هذا الحديث في الكتب المعتمدة وان جاء في بعضها احاديث متفرقة تتضمن بعض المعاني الواردة فيه (انظر «جامع الترمذي» 2/274، «سنن ابي داود» 2/290، «مسند احمد» 2/292 ط المعارف) لكن المتقي الهندي روى في «منتخب كنز العمال» 2/99 هذا الحديث بنص يتفق ورواية المؤلف عن ابن السني عن الحسن بن علي- رض- عن الرسول- ص- ولكن بدون سند ينزل به عن ابي السني المذكور.
أت- تشوهت المقطوعة بسبب اعادة التحبير فصارت هذه الكلمة «يروقه» .
أث- بالاصل «فتكب» ولم افهم قصد المؤلف.
أج- للسبب نفسه تشوه البيت فصار «تجاذبنا النعاي فاحتدبنا فكان لي العلى في الفخارى، هذا وكتب الناسخ بالحاشية «فاشتهينا» وعليها علامة «صح» ، واظنها «فانتمينا» .
أح- بالاصل «اذ» .
أخ- تصحفت فصارت «ظنى» .(1/666)
أد- تصحفت الى «اثية» .
أذ- تصحفت العبارة الى «وانى بها عن خزوانه» ، والخنزوانة هي الكبر (اساس البلاغة) .
أر- تصحفت فصارت «الرقص» أو «الوقص» وهو قصر العنق، ووقص عنقه اي كسرها، أما الرمص فهو قذى تلفظه العين، وقيل هو صغرها ولزوقها، والرمص جمع أرمص (لسان العرب) والارجح ان هذا هو المقصود.
أز- تشوهت الكلمة وصارت «ايعر» .
أس- من شمّصه اي نزّقه، والخيل تشمص بالقنا (اساس البلاغة) والبجر هو الشر والامر العظيم، والبجر هي العيوب او الهموم (لسان العرب) ولعل المراد هنا «العيوب النزقة» .
أش- كذا بالاصل، ولم اهتد لقراءتها.
أص- بالاصل «سدى» .
أض- اي عمر (هبة الله) بن محمد بن زاذان (ورقة 163 أ) .
الترجمة- 229
أ- رذي اثقله المرض، وفي حديث يونس- ع- «فقاءه الحوت رذيا» والمرذى المنبوذ (لسان العرب) .
ب- بالاصل «ابا» .
ت- بياض بقدر كلمتين.(1/667)
ث- ذكر الاسنوي ان وفاته وقعت في الشهر المذكور سنة 623 هـ، وهذا وهم منه لان ابن المستوفي هو المعول عليه لانه حضر الوفاة، كما ان المتوفى ابن بلده.
ج- كذا بالاصل، ويلي هذه الكلمة بياض بمقدار سطر واحد لعله خصص لادراج نص وجده المؤلف بخط صاحب الترجمة ثم سها عنه.
الترجمة- 230
أ- انه اسم اعجمي، وورد مثله في عدد من المراجع مثل «وهسوذان» ملك الديلم و «وهشوذان» ، و «احمديل بن وهسوذان الروادي» الذي قتله الباطنية سنة 509 هـ، و «وهسوذان بن ماملان» حاكم اذربيجان في اوائل القرن الخامس الهجري (انظر «بلدان ياقوت» 3/149 و 533، «معجم ابن الفوطي» 1/173 حاشية، «تاريخ الكرد» ص 146) .
ب- بالاصل «بانوا فلم يبن قلبي في» ، وآثرنا قراءتها بالشكل الذي اثبتناه لكي يستقيم المعنى والوزن.
ت- الكلمة غير واضحة بالاصل، والحين هو الهلاك، ولو قرأناها «المين» فهو الكذب (لسان العرب واساس البلاغة) .
ث- هنا كلمة ضربتها الرطوبة ولم اتبينها، ولعله اراد «كتبه بالسين» اي اسم ملكيشوع.
الترجمة- 231
أ- بالاصل «الروذراوي» والصحيح «الرّوذراوري» نسبة الى روذراور وهي بليدة بنواحي همذان، هكذا ضبطها ابن خلكان (4/222) .(1/668)
ب- بياض بقدر كلمتين.
ت- بالاصلى «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله بن وهب، اخبرني يونس ابن يزيد» وحيث انه ليس من الممكن ان تكون سلسلة السند بين يونس المتوفى سنة 153 هـ ومحمد بن يعقوب المتوفى سنة 346 هـ مؤلفة من شخص واحد فلا بد من سقوط واحد من رجال السند على الاقل. هذا ولم اجد احدا باسم محمد بن عبد الله بن وهب يروى عن يونس المذكور، بل وجدت عبد الله بن وهب يروى عنه، كما وجدت مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يروي عن ابن وهب، وتوفي محمد هذا سنة 268 هـ اي بعد ولادة محمد بن يعقوب بواحد وعشرين سنة، وقد ذكر الذهبي ان محمد بن يعقوب قد روى عنه فعلا (التذكرة 2/547) فلعل التصحيح الذي ادخلناه هو الصواب.
ث- هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري (ورقة 39 أ) .
ج- هذه الكلمة بالاصل غير واضحة وقد اثبتناها اعتمادا على «صح البخاري» و «صح مسلم» ، اما بالنسبة للحديث نفسه فقد سبق ورواه المؤلف في موضع آخر (راجع ورقة 59 أ) .
ح- في مجلس السماع آنف لذكر.
خ- بالاصل «محمد» الا انني لم اجد احدا بهذا الاسم يصلح للسياق، ولعل الصواب «نصر بن المظفر» لان صاحب الترجمة يروى عن نصر بن المظفر البرمكي المذكور في صدر الترجمة، وهو يروي بدوره عن سليمان ابن ابراهيم.
د- اي محمد بن ابراهيم اليزدي الجرجاني.
ذ- بالاصل غير واضح ويمكن قراءته «عتيبة» ايضا.(1/669)
ر- بالاصل «ابو عبيد» والتصحيح عن ابن الفوطي 2/1115.
ز- كذا بالاصل دون ذكر اسم المريض المريض المعود، الا ان ابن خلكان (؟ / 269) ذكر القصة بشكل مختلف وهي ان كثيّر عزة دخل على الامير الاموي عبد العزيز بن مروان يعوده في مرضه- وهو يومئذ امير على مصر- ثم ذكر اقوال كثيّر في تلك المناسبة وهي تختلف عما رواه مؤلفنا، وختم كلامه بقوله:
ونعود سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكِّي كَانَ بالعواد
لو كان يقبل فدية لفديته ... بالمصطفى من طارفي وتلادي
وذكر السيوطي في «حسن المحاضرة» 2/586- 87 بان الشاعر موضوع البحث هو نصيب وهو قائل البيتين.
س- بالاصل «الفود» .
ش- هو عبد الاول السجزي (ورقة 4 ب) .
ص- بالاصل «عد» .
الترجمة- 232
أ- بالاصل كلمة «خامس» غير واضحة وهي تشبه «ناهز او ناهس» ، وكتبت كلمة «رجب» وكأنها «رحوب» وصححها الناسخ فوقها.
ب- بالاصل «اكتيبت» بدلا من «اكتسبت» ، وكتب ابن الشعار «العدا» بدلا من «العدى» .
ت- بالاصل «لقلبي» والتصحيح عن ابن الشعار.
ث- رواها ابن الشعار «ابرد» .(1/670)
ج- بالاصل «فأصبت» والتصحيح عن ابن الشعار، ولو تابعنا الناسخ لوجب نصب «المكمد» وهذا لا يستقيم مع بقية المقطوعة.
ح- روى ابن الشعار بيتا سادسا:
ودمي بخدك قد اقر بقتلتي ... فعلام يا مولاي جفنك يجحد
خ- نقل صاحب «الغصون اليانعة» (ص 23- 25) البيتين عن مؤلفنا ونسبهما الى يوسف بن الحسين بن المجاور.
د- في الغصون (ص 23- 25) «بالمسك» .
ذ- بسبب اللمس تشوه البيت ولعلنا وفقنا الى الصحيح.
ر- بالاصل «حية» .
ز- هو نجم الدين يوسف بن الحسين بن المجاور (المرجع السابق) .
س- بالاصل «طميم» والتصحيح عن المرجع السابق، وقال المحقق- دون ذكر المصدر- الطسيم هو ما علاه الغم والظلمة، وهو بالخد الذي مازجه سواد المسك أشبه.
ش- الرقيم هو الجبل الذي التجأ اليه اهل الكهف وناموا فيه، والاشارة هنا الى نومهم.
ص- الاشارة هنا الى النار التي القي فيها ابراهيم- ع-، والايم هي الحية، والاشارة هنا الى حية موسى- ع-، وقد وردت هذه الابيات في «الغصون» ص 23- 25.
ض- بالاصل «منه» والتصحيح عن الغصون.(1/671)
ط- بالاصل «بنايل» .
ظ- بالاصل «بمشرف» والتصحيح عن الغصون.
ع- رويت في الغصون «ارفق بما اغتصب الغرام» .
غ- بالاصل «موفقا» والتصحيح عن الغصون.
ف- «تلا» بمعنى قرأ و «تلافي» بمعنى التلف.
ق- اشارة الى ان آيات القرآن الكريم منها المشتبهات ومنها المحكمات.
ك- بالاصل «بلقاي» .
ل- بالاصل «فنذكر» .
م- روى صاحب «الغصون» هذا البيت والبيتين اللذين بعده لابن المجاور، الا انه روى صدر البيت هكذا «ولما تولي الخدّ والي عذاره» .
ن- بالاصل «ضلالتي» وصححت بالحاشية، وروى هذا الشطر في الغصون «فوقع فيها خطه بصبابتي» .
هـ- في الغصون «الخد» .
وكلمة «ثوب» بالاصل ممحاة فأكملناها عن الغصون.
ي- كتبت بالاصل بشكل يقرأ ايضا «خاله» .
لا- بالاصل «وتجعله لما بدا وهو يعلم» والتصحيح عن «الغصون» ، والمعلم هو المرسوم من الثياب.
أأ- اشارة الى حديث نبوي نصه «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» (صحيح مسلم بشرح النووي. 17/165) .(1/672)
الترجمة- 233
أ- هنا تنتهي الورقة، والظاهر ان الكلام ناقص لان ما مرّ ليس سوى مقدمة تقليدية يستفتح بها الكلام، ويبدو ان اوراقا سقطت، وقد اجتهدنا ان نجد البقية فترجح لدينا انها تقع في الورقة 197 أ.
ب- تعذر عليّ ان اجد مكانا مناسبا للفقرة التالية من أي من التراجم، ولذا فقد افردتها- كما يرى القارئ- خاتمة لترجمة، وقد وقع في ظني احتمال كونها تابعة للترجمة (233) مع التأكيد على سقوط ورقة او اكثر بين الفقرة الاولى الواردة في الورقة 166 أو هذه الفقرة. كما ان هناك احتمالا ثانيا هو كون الفقرة الاخيرة هي خاتمة ترجمة لشخص اسمه محمد بن عبد الله الاصبهاني، اذ ورد في آخرها قوله «كتبه محمد بن عبد الله..
الخ» ثم قول المؤلف «آخر مَا نَقَلْتُه من خَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّه» .
ت- اشارة الى اية قرآنية من سورة «يونس» ورقمها 10/11.
ث- اشارة الى حديث في الدعاء ورد فيه قول النبي- ص- «لا اله الا الله، وَلَا حول وَلَا قوة إِلَّا بِاللَّهِ العلي العظيم» (جمع الفوائد 2/670) .
ج- بياض بقدر كلمتين.
ح- بالاصل «الاصب» والتصحيح عن «لسان العرب» ، فالاصم هو رجب لعدم سماع السلاح فيه، وكان عرب الجاهلية يسمونه شهر الله الاصم، لانه لا يسمع فيه صوت مستغيث ولا قعقعة سلاح.
الترجمة- 234
أ- هو اسفنديار بن الموفق البوشنجي (ورقة 97 أ) .(1/673)
الترجمة- 235
أ- كذا بالاصل ولم اهتد الى مدلولها.
ب- السبسب المفازة وهي الارض المستوية البعيدة، وكذلك هي الشجر الذي يتخذ منها السهام (لسان العرب) .
ت- مرخم «ناعمة» .
ث- البرحاء هي الحمى (اساس البلاغة) .
ج- بالاصل غير منقوطة.
ح- ومق يمق عن المحبة، والوماق المحبة من غير ريبة (لسان العرب واساس البلاغة) .
خ- بالاصل «نصبوا» .
د- اي الفرس الكريم (ورقة 134 ب) .
ذ- انه الجمل الفحل وقيل هو الفحل الكريم من الابل او المكرم عند اهله «المقرم» لا يؤذي ولا يركب (لسان العرب؛ اساس البلاغة ص 483 وحياة الحيوان للدميري 2/265) .
ر- تشوه البيت بسبب اللمس فلعلني وفقت في قراءته.
ز- لعله يقصد الوزير علي بن محمد الاصبهاني المار ذكره (ورقة 9 أ) .
س- الخيم الشيمة والطبع والخلق، او سعة الخلق (لسان العرب) .
ش- بالاصل «يشحى» .
ص- بالاصل «يمسى» .(1/674)
ض- بالاصل «معكوفا او معلوفا» .
الترجمة- 226
أ- بالاصل «الفراس» والتصحيح عن «الروضتين» و «الخريدة» و «تاريخ ابن كثير» .
ب- كلمة «حسنا» مكتوبة بالحاشية ومؤشر موضعها من المتن. وهي بخط الناسخ.
الترجمة- 237
أ- هو احمد بن ابي القاسم القيسي (ترجمته ورقة 152) .
الترجمة- 238
أ- اجمع من ترجم له على تكنيته بابي «الفضل» .
ب- الذين ترجموا له اسموا جده «منصور» .
الترجمة- 239
أ- هو احمد بن ابي القاسم القيسي (ترجمته ورقة 152) .
الترجمة- 240
أ- كذا بالاصل ولم أهتد لقراءتها.
ب- بسبب اللمس تشوه البيت، وقد رواه ابن خلكان (1/154 ط احسان عباس) والبيت الذي يليه لمجهول مع اختلاف قليل في البيت الاول، أما(1/675)
البيت الثاني فقد رواه كالآتي:
كالطير لا يحبس من بينها ... الا التي تطرب اصواتها:
ت- بالاصل «يطرب» وعليها علامة الخطأ وفوقها كتب «يحضر» .
ث- بالاصل «انشده» وعليها علامة الخطأ وكتب بعدها «اورده» .
ج- بياض بقدر كلمتين.
ح- لعل المؤلف ابى عليه ذلك لان الطالب ليس من اهل العلم كما انه انتحل شعرا وليس له. هذا وكان من عادة بعض المؤلفين الضنّ بمؤلفاتهم، وقد وقع ذلك لياقوت (ورقة 158 ب- 159) .
خ- هو عبد الله بن منصور بن عمران (ورقة 176 ب) .
د- جاء في «لسان العرب» ان التصريع في الشعر هو تقفية المصراع الاول وهو مأخوذ من مصراع الباب. فيقع في العروض ان تكون حروفه اكثر من الضرب او تنقص عنه من ذلك قول امرئ القيس:
لمن طلل أبصرته فشجاني ... كخط زبور في عسيب يماني
قوله شجاني «فعولن» وقوله يماني مثله، والبيت من الطويل وعروضه المعروف «مفاعلن» . وصرّع البيت من الشعر جعل عروضه كضربه.
وفي «العمدة» فصل ضاف عن الموضوع (ص 149) .
ذ- كلمة «من» اضافها المحقق ليستقيم المعنى.
ر- كلمة «بالله» مضافة بخط ابن الشعار.
ز- أصفنا «قتل» ليستقيم المعنى.(1/676)
س- بياض بقدر ثلاث كلمات ولعله خصص لادراج تاريخ اليوم والشهر.
ش- بالاصل «» غير منقوطة.
ص- لا شك ان المقصود بالترحيم هو القتيل «علي بن الواثق» لا الخليفة المستنصر الذي تأخرت وفاته عن وفاة المؤلف في سنة 637 هـ، بينما توفي المستنصر في سنة 640 هـ.
الترجمة- 241
أ- وهذا يتفق وما ذكره ابن خلكان (2/392- 93) من سماعه عليه باربل في السنة المذكورة.
ب- تشوه هذا السطر بسبب اللمس ولا اظنه يخرج عما اثبتنا.
ت- بياض بقدر ثلاث او اربع كلمات بعد «المقرب» ولعله خصص لادراج الاسم والكنية، وقد اضفنا عبارة «ابا منصور المظفر بن» ليستقيم النص، اذ ليس المقصود هنا «اردشير العبادى» نفسه لانه توفي سنة 497 هـ (المنتظم 9/140) اي قبل ولادة صاحب الترجمة والراجح ان يكون المقصود ابنه المظفر المتوفى سنة 547 هـ.
ث- نقل صاحب «المختصر المحتاج اليه» 1/158 عن ابن النجار ان ولادته كانت في رمضان 538 هـ. وقال ابن خلكان (2/292- 93) انها وقعت في 27 رمضان من تلك السنة.
ج- ستأتي ترجمته (ورقة 201 أ) .
ح- تصحفت وصارت «والده» .
خ- بالاصل «نشا» .(1/677)
د- بياض بقدر ثماني كلمات.
ذ- لم يرد هذا الحديث كاملا في الكتب المعتمدة الا في احدى روايات «مسند احمد» وقد سقطت منه احدى العبارات، الا انه ورد مجزّأ في عدة احاديث» (انظر «سنن ابن ماجة» 2/1386، «صح مسلم» 3/100، «صح البخارى» 4/219، «جامع الترمذي» 2/59- 60 و 76، «مسند احمد» 2/243 و 261 و 539) .
ر- هنا كلمة انمحت بسبب اللمس او الرطوبة التي شوهت السطر بكامله، ووجدت صعوبة بالغة في قراءة هذا الاسم والاسم الذي يليه.
ز- لعل المقصود ابو بكر الشافعي المار ذكره (ورقة 64 ب) .
س- هو محمد بن يونس الكديمي المار ذكره (ورقة 112 أ) .
ش- يقال دهدهت الحجارة ودهديتها اذا دحرجتها (لسان العرب واساس البلاغة) .
ص- اي احمد بن عبد المنعم بن محمد الميهني، او ابوه عبد المنعم. ذلك ان سبط ابن الجوزى (المرآة ص 586) كنى احمدا هذا بابي الفضائل، بينما وردت كنيته في «ذيل الروضتين» ص 103 و «تكلمة المنذري» 4/284 «ابو الفضل احمد بن ابي الفضائل عبد المنعم» .
ض- كذا بالاصل بياض بقدر كلمة او كلمتين، ولعله اراد ان يقول «كتبه إليّ ابن الدبيثي» .
الترجمة- 242
أ- اي يخدم عمه محمد بن هبة الله آنف الذكر.(1/678)
ب- هو عبيد الله بن عبد الله بن محمد (ورقة 36 أ) .
ت- هو مولى عبد الله بن عمر، وكان من الحفاظ. وقدر مر ذكره (ورقة 7 أ) ث- روى هذا الحديث في اكثر الكتب المعتمدة بنصوص متشابهة (انظر «سنن ابن ماجة» 2/961، «الموطأ» 2/446، «صح مسلم» 6/30، «صح البخارى» 2/245، «سنن ابي داود» 2/35، «مسند احمد» 6/235 و 242 و 261 ط معارف) .
ج- بالاصل «اساويكم» والتصحيح عن كتب الحديث الآتي ذكرها.
ح- رواية المؤلف لهذا الحديث ناقصة وما رواه هو الفقرة الاولى منه فقط، او ان الناسخ سها فنقل بداية الفقرة الاولى وبعض كلمات الفقرة الثانية منه، وهذا ما يفسر ورود كلمة «اساويكم» بدلا من «احاسنكم» في الفقرة الاولى. لم يرو هذا الحديث سوى الترمذي (1/363) كما رواه ابن الساعي (ص 245- 46) بسند يشبه سند المؤلف، وذكره الذهبي في التذكرة 1/148، والمبرد في «الكامل» ص 3.
خ- أضفنا «ابو» تصحيحا عن مسند احمد (3/295 ط معارف) ، وقد روى المؤلف في موضع آخر من هذه الصفحة ان سعدان يحدّث عن «ابي معاوية» وهو محمد بن خازم الكوفي (ورقة 89 أ) .
د- هو عمرو بن عبد الله الهمداني (ورقة 92 أ) .
ذ- ورد الحديث في اغلب الكتب المعتمدة (انظر «مسند احمد» 3/295 ط معارف، «سنن ابن ماجة» 2/819، «صح مسلم» 5/11- 26 و 5/13، «صح البخاري» 7/263- 66- 70- 96، «جامع الترمذي» 3/527 و 585 «سنن ابي داود» 2/235 «الموطأ» 2/62)(1/679)
ر- روى ابن ماجة (2/819) عن الصحابي جابر بن عبد الله قوله:
«كانت لرجال منا فضول ارضين يؤجرونها على الثلث والربع، فقال النبي- ص-: «من كانت له فضول ارضين فليزرعها، او ليزرعها أخاه. فإن أبى فليمسك ارضه» .
ز- هو عروة بن الزبير بن العوام (ورقة 113 ب) وهنا يروى عن عائشة خالته.
س- وردت في الديوان «مغالة» وقال الشارح «مغل فلان بفلان عند فلان، إذا وقع فيه اي يأكل بعضهم بعضا» . وقد ورد البيتان في ديوان لبيد (ص 153) من قصيدة في مدح «أربد» وقال الشارح ان هذا الشطر يروى «يتأكلون خيانة وملاذة» او «يتحرثون مخانة وملاذة» ، والمخانة هو مصدر عن الخيانة. وفي البيت الأول يروى «خلف» وهو البدل و «خلف» وهو النسل والبقية. والجدير بالذكر ان الناسخ كتب بالحاشية ازاء المقطوعة كلمات غير واضحة تشبه «خطا، اسل، ملاده، محامه» .
ش- في الديوان «ويعاب» .
ص- كتب الناسخ فوق هذه الكلمة «كذا وقع» ، وفي الحاشية كلمة «خطأ» وتحتها «الا» ، ولعله يقصد ان تحل «الا» محل «على» في البيت.
ض- بالاصل «الوساح» .
ط- بياض بقدر اربع كلمات.
الترجمة- 243
أ- لم اجد احدا نسبه الى «الدبيقي» ، والدبيقية قرية من قرى بغداد (انظر «بلدان ياقوت» ) .
ب- هو عبد العزيز بن معالي المار ذكره (ورقة 140 أ)(1/680)