يومئذ هو وأخوه بكر بن هوذة، وقد ذكرنا (331- و) ذلك في ترجمة أبان ابن قيس.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي محمد عبد الله بن أحمد النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا ابن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال:
حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد بإسناده الأول في خبر صفين يعني عن الحارث بن حضيرة عن أبي الكنود وغيره، قال:
فاجتلدوا بالسيوف من صلاة الغداة الى نصف الليل والأشتر في ميمنة الناس وابن عباس في الميسرة وعلي عليه السلام في القلب، والناس يقتتلون فجعل علي يزحف بأصحابه ويقول لهم: ازحفوا قيد رمحي هذا، فإذا فعلوا سألهم مثل ذلك، حتى التقوا ثم دعا علي عليه السلام نفر يسير «1» ، وركز رايته، وكانت مع حيان بن هوذة النخعي، فاقتتلوا الى نصف الليل لم يصلوا لله عز وجل صلاة إلا تكبيرا فافترقوا على سبعين ألف قتيل، قال: وهي ليلة الهرير وجعل يهر بعضهم الى بعض ويكدم بعضهم بعضا. قال: وخرج علي يومئذ وهو يسير على فرسه في كيانته فقال: من يشري نفسه لله عز وجل «2» ***(6/3008)
ذكر من اسمه حيدرة
حيدرة بن أحمد بن عمر بن موسى:
أبو تراب الربعي الحراني، ويعرف بابن قطرميز، رجل فاضل أديب شاعر، كان مبرزا في علم القرآن العظيم وله اطلاع على سائر العلوم وله (331- ظ) شعر لا بأس به، كان منقطعا الى الأمير شرف الدولة مسلم بن قريش «1» ، جليسه ومحادثه، وانقطع بعده الى أبي سلامة مرشد بن منقذ، روى عنه مرشد.
قرأت بخط أبي المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ في جزء كتبه لابن الزبير جوابا عن أسماء جماعة من الشعراء فكتب له في الجزء المذكور جماعة وشيئا من أشعارهم ليودعه في كتاب جنان الجنان.
وأنبأنا به أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أجاز لنا أسامة بن مرشد وقال: الرئيس أبو تراب حيدرة بن أحمد بن عمر بن موسى رجل عالم قد خاض في كل العلوم، ونال منها حظا جسيما، وبرز في قراءة القرآن وعلومه، ولم يكن مشتهرا بالشعر، وكان أقل فضائله، وليس هو من أهل الشام وإنما ورد إليه من الشرق خاطرا فتمسك به والدي أبو سلامة مرشد بن علي رحمه الله، وترك له ما اقترح، وقرأ عليه القرآن والنحو وعلم النجوم، وكان هذا الرجل يعرف بابن قطرميز وسبب ذاك أن رجلا من أماثل أهل الجزيرة يعرف بابن قطرميز تزوج والدته، وكان له ولد(6/3009)
في عمر أبي تراب، فألزمه بقراءة العلوم وأبو تراب معه، فمهر أبو تراب وبلغ ما لم يبلغه ولده، واشتهر فنسب الى زوج أمه.
قال أسامة: شاهدت منه كتابا الى والدي رحمه الله يقول فيه: وقد كنت بحسن رأيه وبدوام علائه رضي البال بالغ الآمال، فحين علم الزمان ذلك من عيشتي الراضية رماني بسهام قاضية فأعادت الصفاء رنقا «1» والعذاب طرقا.
فلو كان قلبي كالقلوب أذابه ... فراقكم لكنه جلمد صخر
(332- و)
أقول إذا اشتد اشتياقي إليكم ... ودون لقائي مسلك فدفد «2» وعر
الى الله أشكو ما جنته يد النوى ... على مدنف أحشاؤه حشوها جمر
خليليّ مالي والليالي كأنما على ... الدهر من تفريق إلفتنا نذر
فوا لهفي حتام ألقاه عاتبا ... ووا اسفا كم أرتجي نفد العمر
فلو كان للأيام عهد عتبتها ... ولكنها الأيام شميتها الغدر
وحتى متى أدعو الزمان وأين من ... أنادي كأن الدهر في أذنه وقر
فإن كان لي زين الدولة الملك حافظا ... عهودي فما آسي على ما حمى الدهر
همام أعاد الدهر طوع إرادتي ... فليس له نهي عليّ ولا أمر
فتى شرّفته نفسه وجدوده ... وبيض المواضي والمثقفة السمر
وقال أسامة- ونقلته من خطه في الكتاب المذكور- وصنف لوالدي كتابا في النجوم سماه «المنهاج» أحسن فيه افتتحه بقصيدة لم أحفظ منها سوى هذين البيتين:(6/3010)
فأفّ من الحياة وأفّ مني ... فكم أغضي على قهر وقسر
فطورا في كفر طاب وطورا ... الى حرّان أنضيها وأسري
قال أسامة: وكان له أهل بحرّان وأهل بشيزر، فإن كان هذا المذكور هو الذي اشتمل عليه الرقم ووسم بأبي تراب الربعي فذاك، وإلا فما أعرف سواه.
قرأت في مجموع جمعه بعض أهل حلب قال: حيدرة (332- ظ) ابن أحمد ابن عمر بن موسى أبو تراب الربعي، من أهل الشرق، ورد الى حلب، ثم انقطع الى ابن منقذ، وكان عنده أنواع من العلوم، وذكر له الأبيات الرائية المرفوعة.
حيدرة بن اسماعيل بن سالم:
الكاتب كان أحد كتاب الوزير أبي العز بن صدقة وزير أبي المكارم مسلم بن قريش، وكان ذا أدب وافر وعلم ظاهر، وفخر سني وكتابة حسنة وكان بليغا.
قرأت في المجموع الذي جمعه بعض أهل حلب وقدمت ذكره في الترجمة المتقدمة قال: وقيل- يعني- لحيدرة بن اسماعيل لما أراد الاتصال بخدمة ابن الفرات: بماذا تخدم الوزير؟ قال: بأن لا أكذبه إذا سأل، ولا أصدقه إذا سكت، ولا أخونه إذا ولّى، ولا أذمه إذا عزل، ولا أساعد له عدوا، ولا أجالس من كان عنده ظنينا، ولا أسأله عما لم ينله نظري، ولا أرتفع فوق قدري، ولا أكتسب من غيره، ولا أشكر على نعمته سواه، وإن حسن موقعي منه شكرته للزيادة فيما فزت به، وإن جرى المقدار بخلاف ذلك، كنت غير لائم لنفسي ولا أعتب على فعلي، قال: ومن شعره:
إن كنت في الحق لا تجوزني ... فإنني قد أجوز في الغلط
إن لم أكن من خيار ما ضمّه ال ... عدل فهبني لفاقه السقط(6/3011)
كذا كان في المجموع المشار إليه لما أراد الاتصال بخدمة ابن الفرات، ويغلب (333- و) على ظني أنه تصحف عليه أبي العز بابن الفرات، وأظن أن آخر البيت الثاني: «فهبني نفاية السقط» والله أعلم.
حيدرة بن الحسن بن أحمد:
ابن علي بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بهلول الحلبي، أبو تراب العدل الخطيب ابن أبي أسامة، من ولد أسامة بن زيد من بيت مشهور بحلب، وفيهم جماعة من أهل العلم والحديث والأدب والخطابة بحلب، وقد ذكرنا جده أحمد وعم أبيه أبا القاسم الحسين، وسنذكر جد جد جده الخطيب أبا أسامة عبد الله، وأباه محمد بن بهلول، وكان أبو تراب هذا خطيبا بليغا له ديوان خطب حسنة الإنشاء، وله شعره، وكان إمامي المذهب، خطب بجامع حلب سنة ثلاث وستين وأربعمائة وقت حصار العادل ألب أرسلان بحلب محمود بن نصر بن صالح، ثم عزل، ثم خطب ثانيا بحلب للمصريين حين خطب الملك رضوان بن تتش للمصريين وقطع خطبة بني العباس، وعزل جدّ أبي القاضي أبا غانم عن القضاء والخطابة في سنة تسعين وأربعمائة «1» ، وقيل إن أبا تراب لم يعش بعد ذلك إلا مدة يسيرة، ومات وكان قد أسنّ، ووقفت على شهادته في كتاب من كتب أوقاف الحلبيين مؤرخة بسنة خمس وثلاثين وأربعمائة، فيدل على أن مولده كان في حدود الأربعمائة بعدها.
وذكر لي بعض بني أسامة الحلبيين أنه ما زال مستمرا في الخطابة للمصريين بالبياض الى آخر سنة خمس وسبعين وأربعمائة وليس كذلك، بل خطب لبني العباس بالسواد في (333- ظ) سنة اثنتين وستين وأربعمائة في أيام محمود ثم أعاد الخطبة للمصريين حين حصره ألب أرسلان، ثم أعادها لبني العباس في سنة(6/3012)
ثلاث وستين حين خرج الى ألب أرسلان وأطاعه، واستمرت الخطبة لبني العباس الى زمن رضوان كما ذكرناه.
وسمع أبو تراب الخطيب الحديث من أبي عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير العابد الأسدي، سمع منه ولداه: أبو القاسم عبد الله بن حيدرة، وأبو الفرج عبد الواحد بن حيدرة، وعبد الله بن عبد السلام النائب بحلب.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، وأخبرنا به أبو اليمن الكندي- إذنا عنه- قال: وفي هذه السنة- يعني- سنة تسعين وأربعمائة خطب الملك رضوان بحلب للمصريين، وكان الخطيب أبو تراب له حكاية معروفة، وكان هذا الخطيب رأى مناما أنه لا يموت حتى يعود يخطب للمصريين دفعة ثانية، لأنه خطب لهم بحلب في حصار السلطان العادل فكان كذلك «1» .
قرأت في خطب أبي تراب حيدرة من نسخة بخط ولده، وقرأها عليه:
أيها الناس العجل العجل قبل مرافصة «2» الأجل وظهور القلق والوجل ومقام التوبيخ والخجل عند الوقوف بين يدي الله عز وجل، فكأنكم بطارق المنية قد قطع الأمنية، ونزل الحق الصراح، فنادى بعز لا براح، فلو أن له ما في الأرض جميعا ومثله معه ما دفع عنه ما نزل به ولا نفعه، فعلت الضجة عند تلف المهجة، وأرملت الصاحبة وندبت (334- و) النادبة ووجبت نقلته من منزله وإزعاجه، وقال أحب الناس إليه: كرامته اخراجه فأصابه من جميع ما ملكه أكفانه وما حوته من الطيب أجفانه، وشيعه الأماثل الى أن أودعوه لحده وخلفوه مفردا وحده فعاين هنالك أحواله، فإذا كل ما هو فيه عليه لا له، فرحم الله امرءا سمع فوعى، وكان بما يسمعه(6/3013)
منتفعا قبل فوت الإمكان، واشتمال الندامة على ما أسلفه من عمله ورآه قدامه.
ومن خطبة أخرى:
أيها الناس ما للقلوب حائدة عن سبل الخشوع وما للأبصار جامدة عن فيض الدموع، وما للأنصار قد أهلكها طول الهجوع، أتحققتم النجاة في المآب، أم تيقنتم الأمان في معادكم من العقاب، أم رضيتم بأعمالكم لمسائلة رب الأرباب، أم عدلتم على بصيرة عن نهج السبيل، أم رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، «وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل» «1» .
ومن أخرى:
أيها الناس، إن بقاءكم في هذه الدنيا الفانية قطع مسافة الى مدى واشتغالكم بجمع حطامها إقدام على مرافصة الردى، وإهمالكم طاعة ربكم في يومكم أمان مما يحدث غدا، كأنكم لا تعلمون أن أرواحكم لدعوة الحمام صدى، أو تجهلون أن الموت يبقى منكم أحدا.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدني القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة لنفسه من أبيات كتبها الى الخطيب أبي تراب حيدرة بن أبي أسامة:
يا أوحد الخطباء غير منازع ... وجمال منبره وعالم عصره
ومهجّن الفصحاء في أقوالهم ... ومصرّف الكلم الفصاح بأمره
عزّت على طلابها فكأنها ... جعلت حبائس نظمه أو نثره
تهدي لسامعها لشدة عجبه ... سكرا وفيها صحوة من سكره
سلب البلاغة كل نطق ... فاغتدى ربّا لها لما غدت في أسره(6/3014)
وسما فحط الشهب في أفلاكها ... نثرا فنظمها طرائق شعره
ضلّ الذي جاراه في علمه ... يرجو اللحاق به ولا في قدره
هنّاه من أعطاه بارع فضله ... وأبان كل غريبة من فكره
توفي أبو تراب الخطيب في سنة تسعين وأربعمائة، أو بعدها بقليل على ما ذكرناه. (334- ظ)
حيدرة بن علي بن محمود:
ابن ابراهيم بن الحسين، أبو المنجا بن أبي تراب الأنطاكي القحطاني عابر الأحلام المالكي، أصله من أنطاكية، وسكن دمشق، وأظنه كان بأنطاكية بعد أن فتحها سليمان بن قطلمش «1» .
سمع أبا علي الحسن بن علي بن الحسن الكفرطابي، وأبا محمد عبد الرحمن ابن عثمان بن أبي نصر، والقاضي أبا العباس أحمد بن محمد البسطامي، وأبا الحسن رشاء بن نظيف، والقاضي أبا محمد عبد الوهاب بن علي بن أبي نصر المالكي، وأبا عمر وعثمان بن خلف الأندلسي، وعلي بن حمدان بن محمد البلخي، وأبا الحسن ابن عوف، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الشهرزوري المالكي، وعنه أخذ علم تعبير الرؤيا.
روى عنه الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا الحافظ، وأبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، والقاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني، وأبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني، أبو محمد بن الأكفاني. (335- و)(6/3015)
حيدرة بن أبي القاسم بن أبي تراب:
أبو تراب الأستاذ الكفر طابي الناسخ كان علما بحلب، وأظن والدي وعمي كتبا عليه بحلب، وكان يكتب خطا لا بأس به.
حدّث عن أبي الحسن بن أبي الفضل السلمي الفرضي. روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وخرج عنه في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو الغنائم سالم بن الحسن بن هبة الله بن صصرى- إذنا- قال:
أخبرنا أبي أبو المواهب الحافظ قال: أخبرنا الشيخ أبو تراب المكتب وجماعة قال:
أخبرنا أبو الحسن بن أبي الفضل السلمي الفرضي- قراءة عليه ونحن نسمع- قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الصوفي- وأذن لنا فيه غير واحد عن الصوفي- قال: أخبرنا أبو تغلب محمد بن الأغلب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن بطة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمود السراج قال: أخبرنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر وعمامته السوداء في العيدين والجمعة «1» .
حيوبل بن ناشرة:
ابن عبد عامر بن أيم بن الحارث الكنعي، أبو ناشرة المصري الأعور، كان من أشراف أهل مصر، روى عن عمرو بن العاص، روى عنه جماعة من أهل الشام ومصر، وشهد مع معاوية صفين «2» . (336- و) .
***(6/3016)
[الجزء السابع]
حرف الخاء «1»
خاقان المفلحي:
خادم الرشيد، له ذكر وغناء في الجهاد، وكان مرابطا بطرسوس وإليه تنسب دار خاقان بطرسوس، وهي دار الإمارة وفيها دفن عبد الله المأمون حين مات «2» .
ذكر من اسمه خالد
خالد بن برمك الاصغر:
ويسمى عبد العزيز بن برمك الأكبر، ويسمى عبد الله بن يشتاسف بن جاماس، أبو العباس وأبو عون وأمه بنت ملك الصغانيان.
حدّث عن عبد الحميد بين يحيى الكاتب، روى عنه ابنه يحيى بن خالد البرمكي وقدم وهو صبي مع أبيه برمك الى رصافة هشام بن عبد الملك حين قدم أبوه على هشام، ونشأ بها مع ولد هشام، وقدم حلب صحبة المهدي حين قدمها وأغزاه المهدي الصائفة مع ابنه هارون في سنة ثلاث وستين ومائة، وقلد كتابة هارون وتدبير أمر عسكره ابنه يحيى بن خالد، وكان خالد بن برمك أحد العشرين الذين اختارهم الشيعة لإقامة دعوة بني العباس بعد النقباء الاثني عشر. (336- ظ)
قرأت في «كتاب أخبار البرامكة» تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني «3» قال: وحدثني سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك، وكان يحمل الحديث عنه قال: حدثتني رضوى حاضنة أبي أن خالد بن برمك كان يبيت مع مسلمة في لحاف واحد وهما صبيان، وأنه نشأ معه في موضع واحد. قال سعيد: وكان مسلمة أبي لا يولد له فوصف له برمك دواء فتعالج به فولدت له، فكانوا يسموني البرمكي على عهد هشام.(7/3019)
قال ابن الأرزق: حدثني شيخ قديم قال: وكان برمك واقفا بباب هشام فمر به محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فأعجبه ما رأى من هيئته فسأل عنه فأخبر بقرابته من النبي صلّى الله عليه وسلم فقال لابنه خالد بن برمك: يا بني إن هؤلاء أهل بيت النبي وهم ورثته وأحق بخلافته والأمر صائر إليهم فإن قدرت يا بني أن يكون لك في ذلك أثر تنال به دينا ودنيا فافعل، قال: فحفظ خالد ذلك عنه وعمل عليه عند خروجه في الدعوة، وكان خالد بن برمك أحد العشرين الذين اختارهم الشيعة لإقامة الدعوة بعد النقباء الاثني عشر.
قال أبو حفص بن الأزرق: سار برمك- يعني- من عند هشام بن عبد الملك حتى قدم جرجان، فنزل على يزيد بن البراء وأعلمه ما صار إليه من الخليفة وزوج ابنه خالد بن برمك من أم خالد بنت يزيد، وكان خالد أحب ولده إليه، وكان يقول فيما ذكر المشايخ عنه: به يجبر الله ولدي وأهل بيتي (337- ظ)
قال ابن الأزرق: وحدثني عمرو بن بحر الجاحظ قال: حدثني ثمامة بن أشرس قال: كان أصحابنا يقولون: لم يكونوا يرون لجليس خالد بن برمك دارا إلا وخالد بناها له، ولا ضيعة إلا وخالد ابتاعها له، ولا ولدا الا وخالد وهب له أمه، ولا دابة الا وخالد وهبها له إما من نتاجه أو غير نتاجه.
قال وحدثني بشر بن حرب بن يزيد الطالقاني، وغيره من مشايخ الدعوة أنهم كانوا يسمون خالد بن برمك أمين آل محمد.
قال: وحدثني بشر بن فاستك شيخ من أهل الباميان «1» عن علي بن عصمة قال: كان يقال: ما من أحد من أهل خراسان إلا ولخالد بن برمك عليه منّة، وذاك أنه قسط الخراج عليها وأحسن فيه الى أهلها.
قال ابن الأزرق: وكان خالد بن برمك سمع من أبيه ذلك القول في محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وحفظ عنه وبحث عن الأمور بعد أبيه حتى انكشفت له فكاتب الإمام وراسله، وكانت رسل الإمام تأتيه وأمره ونهيه يرد عليه، وصير من الدعاة الذين يتلون النقباء فكان اسمه في كتاب الدعوة فيهم مع نظرائه من الدعاة(7/3020)
حتى حدث من أمر البرامكة في أيام الرشيد ما حدث، فأسقطه منه أبو عصمه وغيره من الشيعة تقربا الى الرشيد بذلك، فهو يوجد في خواص الكتب.
قال ابن الأزرق: فحدثني أبو يحيى الخليل الشيعي قال: قدم عبد الملك بن يزيد وخالد بن برمك على الإمام «1» فقال لعبد الملك: نعم العون أنت لنا فأنت أبو عون، وأنت يا خالد فانك (338- و) ستصير وزيرا لولد العباس، فأنت أبو العباس، فهو الذي كناهما.
قال: فكان خالد بن برمك يختلف فيما بين جرجان وطبرستان والري وتيك النواحي، فيدعو لبني هاشم ويظهر أن اختلافه في التجارة فيجلب معه الدواب والرقيق إلى تلك الكور، على خوف شديد ومخاطرة عظيمة لم يكن يظن بأحد هذا الرأي فضلا عن الدعاء إليه إلّا أتى عليه وعلى أهل بيته.
قال: وقد أخذ خالد في ذلك غير مرة فتأنّي واحتال حتى تخلص.
وقال ابن الأزرق- بعد ذكر البيعة لأبي العباس السفاح: وأدني خالد بن برمك إلى الإمام أبي العباس وهو في محمل من الجراحة التي كانت به، فظن أبو العباس أنه من العرب، لما رأى من فصاحته وهيئته، فقال: ممن الرجل؟ فقال:
مولاك يا أمير المؤمنين، قال: ممن أنت رحمك الله؟ قال أنا من العجم، قال: فمن أنت منهم؟ قال: أنا خالد بن برمك، ووصف له حالهم التي كانت بخراسان قبل الإسلام، وأن الله هداهم بهم أهل البيت، وأنه في محبتهم والتشيع لهم كما قال الكميت:
ومالي إلّا آل أحمد شيعة ... ومالي إلّا مشيع الحق مشعب «2»
قال: فأعجب به أبو العباس قال: وأقر أبو العباس خالد بن برمك على مكان يتولى في العسكر من الغنائم، ثم جعل ديوان الخراج وديوان الجند إليه.
قال: ولما صار الديوانان إلى خالد بن برمك حسن فيهما مذهبه وكثر حامد، وعلى يديه جرت قطيعة العكي وقطيعة أبي حميد وقطائع كثيرة غير ذلك (338- ظ)(7/3021)
قال: وكانت الدفاتر في ديوان الجند صحفا مدرجة، فجعلها خالد بن برمك دفاتر فهو أول من فعل ذلك وأول من جعل ديوان الجند على ما هو عليه اليوم.
قال: وحسن خالد بن برمك عند أبي العباس وجل قدره عنده، ووضعه في موضع المشاورة في الأمور، وحل محل الوزير.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي في كتابه عن زاهر بن طاهر الشحامي قال: أنبأنا أبو القاسم البندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي- اجازة- أن الإمام أبا العباس السفاح لما استخلف أدخل عليه خالد بن برمك فبايعه وتكلم فأعجبته فصاحته، فظنه من العرب قال: ممن الرجل؟
قال مولاك يا أمير المؤمنين، قال: فمن أنت يرحمك الله؟ قال: من العجم، أنا خالد بن برمك، وأبي وأهلي في موالاتكم والجهاد عنكم كما قال الكميت:
فما لي إلّا آل أحمد شيعة ... ومالي إلّا مشعب الحق مشعب
فأعجب به أبو العباس وجعله بعد ذلك خليفة لأبي الجهم عبد الله بن عطيه بن عبد الله بن كيسان على ديوان الخراج وديوان الجند، فحسن أثره وما زالت الحال تترامى به إلى أن صار وزيرا.
عدنا إلى ما ذكره ابن الأزرق، قال: ودفع أبو العباس إلى خالد بن برمك ابنته ريطة بنت أبي العباس فأرضعتها زوجة خالد وربتها، وأرضعت أم سلمة زوج أبي العباس أمير المؤمنين أم يحيى بنت خالد بلبان ابنتها ريطة.
قال: وحدثني اسحاق بن ابراهيم عن هارون (339- و) بن ديزويه قال:
دخل خالد يوما على أبي العباس فقال له: يا ابن برمك أما رضيت حتى استعبدتني؟
قال: ففزع خالد لذلك، قال: وكيف يا أمير المؤمنين بل أنا عبدك فضحك أبو العباس، وقال: ريطة بنت أمير المؤمنين وأم يحيى بنت خالد: تبيتان في فراش واحد فاتعارّ من الليل فأجدهما قد تكشفتا فأمد اللحاف عليهما، قال: فقبل يده وتشكر ذلك له.
قال ابن الأزرق: وقال له أبو العباس يوما، وخرج على الناس يوما وأحب ان يعرفهم مكانه منه: يا خالد ما أحد أخص بأمير المؤمنين منك، أنت معي، وأهلك مع أهلي، وولدك مع ولدي، فشكره ودعا له.(7/3022)
قال: فلم يزل خالد مع أبي العباس أمير المؤمنين على تلك الحال حتى مضى أمير المؤمنين أبو العباس.
قال: واستخلف المنصور فأقر خالدا على حاله ومرتبته وعلى ديوان الخراج، وكان به معجبا، فمكث بذلك عدة سنين، ثم غلب عليه أبو أيوب المورياني فثقل على أبي أيوب مكان خالد، وأحب أن يخلو بأبي جعفر، فكان لا يألو ما حمّل أبا جعفر عليه الى أن أتيهم انتقاض فارس وغلبة الأكراد عليها، فأعظم أبو جعفر ذلك وأمر أبا أيوب بارتياد رجل يصلح لها، فقال: قد أصبته يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: خالد بن برمك، قال: صدقت هولها، فعقد له على فارس فشخص اليها فافتتحها، وجلا الاكراد عنها، وصلحت فارس على يدي خالد، وأقام بها سنين ودخل اليه وجوه الناس وأشرافهم من الأمصار (339- ظ) وامتدحه الشعراء فوصلهم وحباهم وصرفهم راضين، فحمدوه في سائر الأمصار، وشاع ذكره بالسماحة وسعى أبو أيوب المورياني بخالد الى أبي جعفر فقال له: قد اقتطع خالد من خراجك ثلاثة آلاف ألف درهم، ووصل بها الناس، فأغضبه عليه، فصرف خالدا عن فارس، فلما قدم عليه ألزمه بعض ذلك المال، فدعا به بعد أن باع في أداء ذلك المال الدواب والرقيق والمتاع فلما دخل عليه قال: أخذت مالي واجترأت علي وفرقته في الناس فقال له خالد: كل ما قال أمير المؤمنين فقد صدق، غير أني يا أمير المؤمنين اقتصرت على أرزاقي ونظرت الى معونتي من أمير المؤمنين وما تفضل به عليّ فصرفته الى أشراف الناس وتفضلت به عليهم لأنه لم يكن شكري يحيط بنعم أمير المؤمنين علي فجمعت الى شكري شكر هؤلاء، وذلك كله لأمير المؤمنين ان جعل السبيل اليه وأعانني عليه، فسره ذلك، قال: صدقت وأحسنت أقر الله عينك يا خالد قد زينتا وزينت نفسك لنا، فأنت في حل مما جرى على يدك من أموالنا، وقد رضيت عنك، وعظم في عينه بعد ذلك.
قال ابن الأزرق: وذكر علي بن الفرج، وكان الفرج أبوه لأبي أيوب، ثم صار لأبي جعفر قال: لم يكن أبو أيوب يأمن ناحية خالد بن برمك وان يرده أبو جعفر الى كتابته وديوان الخراج، فكان يحتال عليه، وكان مما احتال به أن دس الى بعض الجهابذة مالا عظيما وقال له: اذا سألك أمير المؤمنين على هذا المال فقل له(7/3023)
انه استودعنيه (340- و) خالد بن برمك، قال: ثم دس من رفع الى أبي جعفر في ذلك.
قال: فدعا أبو جعفر بالنصراني فسأله فقال: نعم عندي مال لخالد بن برمك استودعنيه، قال: فبعث أبو جعفر الى خالد فأحضره وسأله عن ذلك المال فحلف أنه لم يجمع مالا قط ولا ادخره ولا رأى النصراني قط، ولا عرفه، ثم قال: يا أمير المؤمنين ترسل الى الجهبذ وأكون في موضعي حيث يراني فان عرفني فقد صدق علي وان لم يعرفني فقد أظهر الله براءتي. قال: فبعث أبو جعفر الى النصراني فقال:
أصدق أمير المؤمنين عن هذا المال، قال: يا أمير المؤمنين المال لخالد، وما قلت إلّا حقا، قال: أفتعرف خالدا ان رأيته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أعرفه ان رأيته فالتفت أبو جعفر الى خالد فقال: قد أظهر الله براءتك، وهذا مال أصبناه بسببك، ثم قال للنصراني: هذا الجالس خالد فكيف لم تعرفه؟ قال: الأمان يا أمير المؤمنين فآمنه فأخبره بالقصة فأمره أبو جعفر بحمل المال الى بيت المال، وكان بعد ذلك لا يقبل في خالد قولا من أحد وازداد به ثقة وتقديما.
قرأت في كتاب الوزراء لابن عبدوس الجهشياري قال: وأغزى المهدي هارون ابنه الصائفة في سنة ثلاث وستين ومائة وأنفذ معه خالد بن برمك، وقلد كتابته وتدبير أمر عسكره يحيى بن خالد ففتح عليهم وحسن أثر يحيى فيما قام وأحمد فعله فيه وتدبيره «1» . (340- ظ) .
أنبأنا أبو روح الهروي في كتابه قال: أخبرنا زاهر بن طاهر- اذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم البندار- كتابة- عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي اجازة- قال: مات خالد بن برمك في جمادى الأولى سنة خمس وستين ومائة وهو ابن خمس وسبعين، مولده سنة تسعين «2» (341- و) .(7/3024)
خالد بن الحارث بن أبي خالد:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي «1» قيس بن خلدة بن مخلّد، وقد قيل مخلّد بن عامر بن زريقي بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء ابن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد- واسمه دراء- بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الانصاري، هكذا نقلت نسبه من خط الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي وقال: وفي صلة نسب قحطان كلام ليس هذا موضعه.
شهد خالد العقبة وبدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وقتل بها. (3- و) . «2»
قرأت بخط الوزير أبي القاسم بن المغربي قال: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمارة النسابة، المعروف بابن القداح، مولى بني ظفر، من الأوس في كتابه الذي صنفه لنسب الأوس والخزرج: كان أبو خالد أحمد بن قيس هذا بدريا عقبيا، وابناه:(7/3025)
خالد ومحلد صحبا النبي صلى الله عليه وسلم، وحضرا صفين فقتلا يومئذ، وأمهما أميمة، امرأة من بني زريق من قومهما فقالت:
أعيني جودا بدمع سرب ... على فتية من خيار العرب
وما ضرهم غير حين النفوس ... أي أميري قريش غلب (3- ظ)
خالد بن الحباب:
أبو الحباب، نزيل حماة، بلدة من العواصم قد ذكرناها في مقدمة الكتاب «1» حدث عن سليمان التيمي، روى عنه أبو القاسم عبد الواحد بن شعيب الجبلي، وأبو حاتم محمد بن ادريس الرازي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال: حدثني أحمد بن محمد بن مؤمل قال: حدثنا عبد الواحد بن شعيب الجبلي بجبلة قال: حدثني خالد بن حباب قال: حدثنا سليمان عن أبي عثمان عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى أنت آدم الذي خلقك الله تعالى بيده، وأسجد لك ملائكته عملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة؟ قال آدم: أنت موسى، الذي اصطفاك الله برسالته وأنزل عليك التوراة وكلمك تكليما، فبكم خطيئتي سبقت خلقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى «2» . (4- و) .
خالد بن الحصين السكسكي:
شهد صفين مع معاوية، وشهد على كتاب الحكمين بينه وبين علي في ما ذكره زيد بن حسن، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة علقمة بن يزيد فيما يأتي في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.(7/3026)
خالد بن حيان بن الاعين:
الحضرمي المصري قدم حلب أو بعض أعمالها مع صالح بن علي بن عبد الله بن العباس غازيا، خرج معه من مصر وكان من وجوه أهل مصر وأعيانهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة- اجازة- عن أبي القاسم خلف بن أحمد بن الفضل الحوفي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي قال: حدثني علي بن الحسن بن حديد قال:
حدثنا عبيد الله بن سعيد عن أبيه قال: حدثني عمرو بن بحري الشيباني، أن صالح بن علي الهاشمي لما خرج من مصر الى الشام خرج بنفر من وجوه أهل مصر، منهم معاوية بن عبد الرحمن بن مخرم الخولاني، وخالد بن حيان بن الأعين الحضرمي، وشرحبيل بن مذيلغة الكلبي، وعوف بن سليمان الحضرمي، وعمرو بن الحارث الفقيه «1» . (4- ظ) .
خالد بن رباح:
أبو رويحة الحبشي، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أخو بلال بن رباح، له صحبة ولا رواية له، استعمله عمر رضي الله عنه على الأردن، وقيل انه كان بحلب ومات بها. (5- و) .
أخبرنا أبو ابراهيم شعبان بن ابراهيم بن أبي طالب الحمصي وأبو حميد محمود ابن حميد بن خضير الداريان بداريا قالا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، قال: أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله أحمد بن محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني من لفظه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن طوق الطبراني- قراءة عليه بداريا- قال: أخبرنا أبو علي عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم الخولاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو أسامة الحلبي(7/3027)
قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سعد عن عدي بن عبد الرحمن أن بلالا رضي الله عنه مات بحلب فدفن عند باب الاربعين، وقد قيل ان الذي بحلب قبر خالد بن رباح أخو بلال والله أعلم. «1» (6- و) .
خالد بن الريان المحاربي:
مولاهم، كان على حرس عبد الملك بن مروان، وابنيه الوليد وسليمان، وكان مع سليمان بدابق، فلما توفي سليمان وولي عمر بن عبد العزيز عزله وولى عمرو بن مهاجر، وكان حين توفي سليمان جاء هو ورجاء بن حيوة الى عمر بن عبد العزيز بدابق فقالا له: قم حتى جلس على المنبر، فخطب، فلما فرغ أخذ خالد بن الريان أشراف الناس فشرط عليهم أن يسمعوا ويطيعوا له.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل- كتابة- قال: أخبرنا أبو المكارم محمد ابن أحمد اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال:
حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قنيبة قال: حدثنا ابراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى قال: حدثني أبي عن جدي قال: كان عمر بن عبد العزيز ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية، ويقول ضمنهم الحبوس حتى يحدثوا توبة، فأتي سليمان بحروري مستقتل فقال له سليمان: هيه قال: ايه نزع لحييك يا فاسق بن الفاسق، فقال سليمان: عليّ بعمر بن عبد العزيز فلما أتاه عمر عاود سليمان الحروري، فقال: ماذا تقول؟ قال: وماذا أقول يا فاسق بن الفاسق، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه يا أبا حفص؟ فسكت عمر، فقال عزمت عليك لتخبرني ماذا ترى عليه؟ قال: أرى عليه أن تشتمه كما شتمك وتشتم أباه كما شتم أباك.
قال سليمان: ليس إلّا فأمر به فضربت عنقه وقام سليمان وخرج (6- ظ) عمر فأدركه خالد بن الريان، صاحب حرس سليمان، فقال: يا أبا حفص تقول لأمير المؤمنين: ما أرى عليه إلّا أن تشتمه كما شتمك وتشتم أباه كما شتم أباك، والله لقد كنت متوقعا أن يأمرني بضرب عنقك، قال: ولو أمرك فعلته؟ قال: أي والله(7/3028)
لو أمرني فعلت، فلما أفضت الخلافة الى عمر جاء خالد بن الريان فقام مقام صاحب الحرس، وكان قبل ذلك على حرس الوليد وعبد الملك، فنظر اليه عمر فقال: يا خالد ضع هذا السيف عنك وقال: اللهم اني قد وضعت لك خالد بن الريان فلا ترفعه أبدا، ثم نظر في وجوه الحرس، فدعا عمرو بن مهاجر الأنصاري، فقال: يا عمرو والله لتعلمن أنه ما بيني وبينك قرابة إلّا قرابة الاسلام، ولكن قد سمعتك تكثر تلاوة القرآن ورأيتك تصلي في موضع تظن أن لا يراك أحد، فرأيتك تحسن الصلاة.
وأنت رجل من الأنصار، خذ هذا السيف فقد وليتك حرسي (7- و) .
خالد بن زيد بن كليب:
ابن ثعلبة بن عبد عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار، وقيل خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وأمه هند بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، وشهد معه بدرا والعقبة وأحدا، والمشاهد كلها، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على مقدمته، وقيل انما شهد معه يوم النهر، وغزا مع يزيد بن معاوية في حياة أبيه معاوية في سنة اثنتين وخمسين القسطنطينية ومات بها في تلك الغزاة.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيّ بن كعب، وأبي هريرة رضي الله عنهما، روى عنه البراء بن عازب وأبو أمامة وجابر بن سمرة، وعبد الله بن زيد الخطمي، والمقدام بن معدى كرب وعطاء بن يزيد الليثي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد الرحمن الحبلى، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وعاصم بن سفيان، وطلحة بن نافع الواسطي وعمر بن ثابت الأنصاري وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، والأصبغ بن نباتة، وأبو سورة ابن أخي أبي أيوب، وأبورهم،(7/3029)
وأبو عمران والقرثع، وأبو صرمة، وكان أبو أيوب معدودا في أهل الصفة «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا (7- ظ) «2» أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن ابراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا حسين بن حسن الاشقر قال: حدثنا قيس بن الربيع عن سعد بن طريف عن الأصبع بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم على الصراط، قال: فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كممر البرق. «3» .
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد بن روح قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوز جانية، قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن مهدي المروزي ببغداد قال: حدثنا علي بن خشرمه قال:
حدثنا الفضل بن موسى السيناني عن عبد الله بن كيسان قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال: خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجرة، فسمع بذلك عمر فخرج، فاذا هو بأبي بكر، فقال يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: أخرجني والله ما أجد في بطني من حلق «4» الجوع، فقال: وأنا والله ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك اذا خرج عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أخرجكما هذه الساعة؟
فقالا: أخرجنا والله ما نجد في بطوننا من حلق الجوع، فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره فقاموا فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب (8- و) الأنصاري وكان أبو أيوب قد ذخر لرسول الله صلى الله عليه(7/3030)
وسلم طعاما أو لبنا فأبطأ يومئذ فلم يأت لحينه، فأطمعه أهله وانطلق الى نخل يعمل فيه فلما أتوا باب أبي أيوب خرجت امرأته فقالت: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أبو أيوب؟ قالت:
يأتيك يا رسول الله الساعة، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصر به أبو أيوب وهو يعمل في نخل له فجاء يشتد حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مرحبا بنبي الله ومن معه، فقال: يا رسول الله ليس بالحين الذي كنت تجيئني فيه، فرده فجاء الى عزق النخل فقطعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت الى هذا؟ فقال: يا رسول الله أحببت أن تأكل من رطبه وبسره وتمره وتذنوبه «1» ، ولأذبحن لك مع هذا، فقال: إن ذبحت فلا تذبحن ذات در فأخذ عناقا «2» له أوجديا فذبحه، وقال لامرأته اخبزي وأطبخ أنا، فأنت أعلم بالخبز، فعمد إلى نصف الجدي فطبخه وشوى نصفه، فلما أدرك الطعام وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجدي فوضعه على رغيف، وقال: يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: خبز ولحم وبسر وتمر ورطب، ودمعت عيناه، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فكبر ذلك على (8- ظ) أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصبتم مثل هذا وضربتم بأيديكم فقولوا:
بسم الله وبركة الله، فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي أشبعنا وأروانا وأنعم وأفضل فإن هذا كفاف بهذا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتي إليه أحد معروفا إلّا أحب أن يجازيه، فقال لأبي أيوب ائتنا غدا، فلم يسمع فقال له عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه: فلما أتاه أعطاه وليدة، فقال يا أبا أيوب استوص بهذه خيرا فإنا لم نر إلّا خيرا ما دامت عندنا، فلما جاء بها أبو أيوب قال: ما أجد لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا خير من أن أعتقها فأعتقها.(7/3031)
لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلّا الفضل بن موسى «1» .
أخبرنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي الحسيني قال: أخبره عمي أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الله بن أبي جراده قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي قال: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير القاضي المنبجي قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا الحسين بن الحكيم قال:
حدثنا الحسن بن الحسين قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي عن الأعمش بن ابراهيم عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري بعد ما انصرف مع علي عليه السلام من صفين فقلنا: يا أبا أيوب إن الله جلّ وعز أكرمك بنبيه إذ أوصى الى راحلته فبركت (9- و) على بابك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا لك فضيلة من الله فضلك بها، أخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب عليه السلام فقال أبو أيوب: فإني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معي في هذا البيت الذي أنتما فيه وعلي عن يمينه وأنا عن يساره، وأنس بن مالك قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال البني صلى الله عليه وسلم: انظر من بالباب، فخرج أنس فنظر فقال: يا رسول الله هذا عمار، فقال:
افتح لعمار الطيب المطيب ففتح أنس فدخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرحب به ثم قال: يا عمار إنه سيكون من بعدي في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني، يعني عليا عليه السلام فإن سلك الناس واديا وعلي واديا فاسلك وادي علي، وخل عن الناس، إن عليا لا يزول عن هدى ولا يدلك ردى، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله عز وجل «2» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي- إذنا- قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي(7/3032)
دارم قال: حدثنا اسحاق بن يحيى بن محمد بن بشر بن سليم الدهقان قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن خليفة قال: أخبرنا ابن عمروس عن يحيى بن يعلى عن محمد ابن عبد الله بن أبي رافع عن عون بن عبد الله (9- ظ) بن أبي رافع عن أبيه عبيد الله- وكان كاتب علي عليه السلام- عن تسميه من شهد مع أمير المؤمنين من قريش والأنصار ومهاجري العرب والتابعين الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة- وأبناء أهل بدر من بني هاشم وعبد مناف، فذكر جماعة، وقال:
أبو أيوب خالد بن زيد بدري، وهو الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، وهو كان على مقدمة عليّ يوم صفين، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان «1» ، وهو الذي قال لمعاوية حين سبّ عليا: كف يا معاوية عن سب علي في الناس، فقال معاوية: ما أقدر على ذلك منهم، فقال أبو أيوب: والله لا أسكن أرضا أسمع فيها سب علي، فخرج إلى ساحل البحر حتى مات رحمه الله.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير قال: كتب إلينا الفضل بن سهل الحلبي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال:
أخبرنا أبو علي بن إدريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حدثنا اسماعيل- يعني- ابن عليهّ عن شعبة قال: قلت للحكم بن عتيبة: شهد أبو أيوب مع علي صفين؟
قال: لا، ولكن شهد معه قتال أهل النهر «2» .
كذا قال الحكم، والصحيح أنه شهدها مع علي رضي الله عنه، وأكثر الحفاظ والأئمة على ذلك.
أخبرنا أبو الفضل المرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن محمد الكتاني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد البغدادي قال: حدثنا أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي (10- و) قال: أخبرنا الحسين بن عمرو بن عمران الضراب قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال: حدثنا محمد بن(7/3033)
عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش عن أبي حسان- والصواب أبي ظبيان- قال: غزا أبو أيوب الروم فمرض فلما حضر قال: إذا أنا مت فاحملوني فإذا صاففتم العدو فادفنوني تحت أقدامكم، وسأحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا حالي هذا ما حدثتكموه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: حدثنا صفوان بن صالح قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا ابن جابر أن أبا أيوب لم يقعد عن الغزو في زمان عمر وعثمان ومعاوية، وأنه توفي في غزاة يزيد ابن معاوية القسطنطينية.
قال الوليد: فحدثني شيخ من أهل فلسطين أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطينيه فقالوا قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيت تلك البنية، فرأيت قبره في تلك البنية وعليه قنديل معلق بسلسلة «2» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الوكيل بقراءتي عليه، ح.
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء قال: أخبرنا مسعود بن الحصين قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن البسري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا (10- ظ) أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا: سمعنا يزيد ابن أبي حبيب يقول: حدثني أبو عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وقد أحطن به، وقال الوكيل: وقد أحيط به، وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها حتى يأتي الله آمنا.(7/3034)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
أخبرنا أبو المكارم أحمد بن عمر بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن الحدّاد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: فأما أسامي أهل الصفة فقد رأيت لبعض المتأخرين تتبعا لذكرهم وجمعهم على حروف المعجم وذكر منهم جماعة، ثم قال: وذكر خالد بن زيد أبا أيوب الأنصاري، أهل الصفة من قبل محمد بن جرير، وأبو أيوب هو صاحب الدار المشهور، والذي نزل عليه العلم المنشور رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة الى أن بني المسجد والحجرة، وداره اليوم أيضا بالمدينة مذكورة استغنى عن الصفة ونزولها، شهد بدرا والعقبة، لا من أهل الصفة، توفي بالقسطنطينية ودفن في أصل سورها.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا فاروق الخطابي قال: حدثنا زياد بن الخليل قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح قال: حدثنا موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري (11- و) في تسمية من شهد العقبة أبو أيوب خالد بن زيد «1» .
أنبأنا علي بن المفضل المقدسي عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا أخبرنا أبو عمر النمري قال:
أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال في كتاب الحروف: ذكر من اسمه خالد من الصحابة، وهم جماعة، منهم: أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن مالك بن النجار، هكذا حدثني بنسبه محمد بن أبي عوانة الحراني قال: حدثنا سليمان بن يوسف قال: حدثنا سعيد بن بزيع عن محمد بن اسحاق قال: ومن السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة الثانية: أبو أيوب خالد بن زيد، وشهد بدرا، ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله حين هاجر الى المدينة: فأقام في منزله حتى بنى مسجده ومساكنه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهده كلها، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم(7/3035)
بينه وبين مصعب بن عمير، وشهد بعد ذلك مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين، ثم سكن دمشق، فلم يزل يغزو الروم حتى قبض في غزوة غزاها مع يزيد بن معاوية، ودفن في أصل حصن القسطنطينية سنة اثنتين وخمسين، وقد شهد فتح مصر.
وروى عنه من الصحابة جماعة منهم: المقدام بن معد يكرب والبراء بن عازب وجابر بن سمرة وأبو أمامة، وعبد الله بن يزيد الخطمي.
وقد روى أبو أيوب عن رسول الله (11- ظ) صلى الله عليه وسلم حديثا.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري- كتابه إلينا من مكة- قال:
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، أبو أيوب الأنصاري النجاري، من بني غنم بن مالك بن النجار، غلبت عليه كنيته، أمه هند بنت سعد بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه من بني عمرو بن عوف، حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل صلى الله عليه وسلم الى مسكنه، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عمير.
قال أبو عمر: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي رهم السماعي أن أبا أيوب الأنصاري حدثه قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا الاسفل وكنت في الغرفة فأهريق (12- و) ماء في الغرفة فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة نتبع الماء شفقة أن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مشفق، فقلت: يا رسول الله إنه ليس ينبغي- أن نكون فوقك، انتقل الى الغرفة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتاعه أن ينتقل، ومتاعه قليل، وذكر تمام الحديث.(7/3036)
وكان أبو أيوب الأنصاري مع علي بن أبي طالب في حروبه كلها، ثم مات بالقسطنطينية من بلاد الروم في زمن معاوية، وكانت غزاته تلك تحت راية يزيد، هو كان أميرهم يومئذ، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين من التاريخ وقيل بل كان ذلك سنة اثنتين وخمسين وهو الأكثر في غزوة يزيد القسطنطينية.
قال أبو عمر: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن وضاح قال: حدثنا ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أشياخه عن أبي أيوب أنه خرج غازيا في زمن معاوية فمرض، فلما ثقل قال لأصحابه: إذا أنامت فاحملوني فإذا صاففتم العدو فادفنوني تحت أقدامكم ففعلوا، وذكر تمام الحديث.
قال أبو عمر: قال شعبة: سألت الحكم أشهد أبو أيوب صفين؟ قال لا، ولكنه شهد النهروان، وغيره يقول شهد صفين مع علي رضى الله عنه، وقال ابن الكلبي وابن اسحاق: شهد أبو أيوب مع علي الجمل وصفين، وكان على مقدمته يوم النهروان ولأبي (12- ظ) أيوب عقب «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه قال: أخبرنا عبد الوهاب بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السّلمي قال: خاند بن زيد، أبو أيوب الأنصاري من أهل الصفة، قال محمد بن جرير الطبري: وهو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك النجار، شهد بدرا والعقبة والشاهد كلها، توفي بالقسطنطينية سنة اثنتين وخمسين.
قال أبو عبد الرحمن: أخبرنا أبو عبد الله عبد الله بن محمد بن حمدان العكبري قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا ابن عون اسحاق قال: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن(7/3037)
مالك بن عمرو بن الجموح وهو ممن شهد بدرا من الأنصار، وشهد مع علي الجمل وصفين ونهروان، ومات بأرض الروم زمن معاوية سنة اثنتين وخمسين، ودفن في أصل سور قسطنطينية، وغزا في تلك الغزوة مع يزيد بن معاوية، فلما دفن قالت الروم: لقد مات فيكم عظيم، قال يزيد اكبتوهم وقولوا: هذا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أقدمهم إسلاما وقد قبرناه حيث رأيتم والله لئن مسّ لا يضرب ناقوس بأرض الروم ما كانت لنا مملكة، فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وبنى الروم على قبره بناء، وعلقوا عليه أربع قناديل (13- و) تسرج.
وقال: سمعت أحمد بن سعيد المعداني يقول: سمعت عبد الله بن محمد البزناني يقول: سمعت أحمد بن سيار يقول: سمعت عبيد الله بن يحيى بن بكير يقول: أم أبي أيوب الأنصاري هند بنت سعد بن قيس بن الخزرج. (13- ظ)
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل، وأبو الحسن محمد بن أبي جعفر. قال أبو بكر:
أخبرنا أبو القاسم الحافظ. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر. قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله ابن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد- إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن. قالا: حدثنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي المقرئ قال: حدثنا الأصمعي عن أبيه عن جده عن أبي أيوب الأنصاري- وهو خالد بن زيد، غزا بلاد الروم فمات بالقسطنطينية، فقبر مع سور المدينة، وبني عليه، فلما أصبحوا أشرف عليهم الروم فقالوا: يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأن؟ فقالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، وو الله لئن نبش لا ضرب بنا قوس في بلاد العرب، قال: فكان الروم إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فأمطروا «1» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد(7/3038)
عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز ابن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أبو أيوب الأنصاري اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار، شهد بدرا وأحدا (14- ظ) والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي بالقسطنطينية من أرض الروم سنة خمسين، وقيل سنة احدى وخمسين في خلافة معاوية تحت راية يزيد وقيل إن يزيد أمر بالخيل فجعلت تقبل وتدبر على قبره حتى خفي أثر قبره، روي هذا عن مجاهد، وقد قيل إن الروم قالت للمسلمين صبيحة دفنهم لأبي أيوب: لقد كان لكم الليلة شأن؟ فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاما، وقد دفناه بمكان رأيتم، والله لئن نبش لا ضرب لكم بنا قوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.
وروي هذا المعنى أيضا عن مجاهد، قال مجاهد: فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وقال ابن القاسم عن مالك بلغني عن قبر أبي أيوب أن الروم يستصحون به ويستسقون.
وروى أيوب عن محمد بن سيرين قال: أنبئت أن أبا أيوب شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ثم لم يتخلف عن غزوه في كل عام الى أن مات بأرض الروم، فلما ولىّ معاوية يزيد على الجيش الى القسطنطينية، جعل أبو أيوب يقول:
وما علي أن أمّر علينا عاب، فمرض في غزوته تلك، فدخل عليه يزيد يعوده وقال له: أوصني، فقال: إذا مت فكفنوني ثم مر الناس فليركبوا ثم يسيرون في أرض العدو حتى إذا لم يجدوا مساغا فادفنوني، قال: ففعلوا ذلك.
قال: وكان أبو أيوب يقول: قال الله عز وجل: «انفروا خفافا وثقالا» «1» ولا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا «2» (15- و) .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أخبرنا أبو حازم العدوي قال: أخبرنا القاسم بن غانم المهلبي(7/3039)
قال: أخبرنا محمد بن ابراهيم البوشنجي قال: سمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول: مات أبو أيوب سنة اثنتين وخمسين «1» .
أنبأنا علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال:
أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثني هارون بن عيسى البلدي قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا يحيى ابن بكير قال: توفي أبو أيوب الأنصاري سنة ثنتين وخمسين في غزوة يزيد بن معاوية القسطنطينية ويقال أن مجاهدا حضر دفن أبي أيوب يومئذ «2» .
أخبرنا أبو علي الأوقي- فيما أذن لنا في روايته- قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال:
أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وأربعين ويقال: أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري بأرض الروم- يعني- مات، ثم قال:
سنة اثنتين وخمسين أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري مات بأرض الروم، فدفن هناك في أصل سور القسطنطينية، وأجريت الخيل على قبره.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو طالب- يعني- أحمد بن نصر الحافظ قال: حدثنا أبو زرعة- وهو- الدمشقي قال (15- ظ) مات أبو أيوب الأنصاري سنة خمس وخمسين بالقسطنطينية «3» .
وقال الخطيب: أخبرنا أبو القاسم علي بن الفضل بن طاهر إمام الجامع بدمشق قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي قال: حدثنا أحمد بن عمر بن يوسف قال: سمعت أبا الحسن محمود بن ابراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم سميع(7/3040)
يقول: وأبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، بدري من بني النجار، قبره بالقسطنطينية «1» .
خالد بن سنان:
ابن غيث بن مريط بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العبسي النبي صلى الله عليه وسلم.
كان نبيا في الفترة، ويقال إنه كان بمنبج وأن قبره بها، وموضع قبره بمنبج معروف من شرقي المدينة وعليه مسجد يزار.
أخبرني الشيخ علي بن أبي بكر الهروي في كتاب الزيارات قال: وبها- يعني بمنبج- مشهد النور يزعمون أن به بعض الأنبياء، ويقولون إنه خالد بن سنان العبسي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك نبي أضاعه قومه «2» .
أخبرني القاضي أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الشافعي قاضي منبج- قراءة عليه في منزلي بحلب- قال: أنبأنا أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم الحلبي قال: أخبرنا أبو الأسوار عمر بن منخل الدربندي قال:
أخبرنا محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الغفار وتميم بن عبد الواحد وعمر بن أحمد (16- و) بن عمر قالوا: حدثنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمر بن مهدي النقاش قال: أخبرنا أبو بكر احمد بن ابراهيم بن اسماعيل الجرجاني قال: حدثني محمد بن عمر الرازي الحافظ قال: حدثني عمرو ابن اسحاق بن العلاء قال: حدثنا جدي ابراهيم بن العلاء قال: حدثنا أبو محمد القرشي الهاشمي قال: حدثنا هشام بن عروة عن ابن عمارة عن أبيه عمارة بن حزن ابن شيطان قال: كانت لنا حرة يقال لها حرة الحدثان، وكان إذا كان الليل فهي نار تشتعل فإذا كان النهار فهي دخان يسطع وكانت طيء تعشي إبلها بضوء تلك النار من مسيرة سبع ليال، فأتاه خالد بن سنان من قريظ «3» فقال: إن الله تعالى أمرني(7/3041)
أن أطفىء عنكم هذه النار فليقم معي منكم من كل بطن رجل، فقام معه عشرة رجال وكنت أحدهم حتى أتى القليب، فخرج منه عنق من النار ثم استدار علينا حتى صرنا في مثل كفة الميزان، فجعلنا نتقيها بالعصي حتى احترقت، ثم بالعمائم حتى احترقت، فقلنا له: يا خالد أهلكتنا، قال: كلا إنها مأمورة وإني مأمور، ثم جعل يضربها بعصاه وهو يقول: بدّا، كل حق لله مؤدى، أنا عبد الله الأعلى، فلم يزل يضربها حتى ردها الى القليب، ثم تقدم خلفها وعليه قميصان له أبيضان، فأبطأ علينا فقال ابن عم له: لا يخرج منها أبدا، ثم خرج علينا وقميصاه ينطفان عرقا، وهو يقول: بدّا، بدّا، كل حق هو مؤدى، أنا عبد الله الأعلى، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها أبدا، قال: فأهل ذلك البيت يدعون ابن راعية المعزى إليّ اليوم، فقلنا له: يا خالد ما الذي رأيت؟ قال: رأيت أحدا تحشها فشدختهن وقد طفيتها عنكم، وكانت تضربنا في الكلأ والمرعى، وكان من أعاجيبه أنه وقف علينا فقال: امضوا معي فمضينا معه حتى أتى مكانا من الأرض فقال:
احتفروا فاحتفروا، فأبدى لنا (16- ظ) عن صخرة فيها كتاب قد زبر زبرا وحفر حفرا: «الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد» فاحتملناها، فكانت إذا نزلت بنا شدة أبدانا عنها فتكشف عنا، وكنا إذا قحط بنا المطر جللها ثوبا ثم قام يصلي ويدعو فمطر حتى إذا روينا كشف الثوب عنه فيمسك المطر، وكان من أعاجيبه أنه قال: إن امرأتي حامل غلام واسمه مرّة وهو أحيمر كالذرة ولن يصيب المولى معه مضرة، ولن تروا ما دام فيكم معرة، ثم قال: إني ميت الى سبع فادفنوني في هذه الأكمة، ثم اخرجوا الى قبري بعد ثالثة، فإذا رأيتم العير الأبتر يطوف حول قبري ويسوف «1» بمنخره فانبشوني تجدوني حيّا أخبركم بما يكون حتى تقوم الساعة، فخرجوا بعد ثالثة الى قبره فإذا نحن بالعير الأبتر يطوف حول قبره ويسوف بمنخره فأردنا أن ننبشه فمنعنا قومه من ذلك قالوا: لا ندعكم تنبشوه تعيرنا به العرب، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أتته ممياة بنت خالد فاتنسبت له فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وقال:
بنت أخي نبيّا ضيعهّ قومه.(7/3042)
وقالوا: حدثنا أبو سعيد النفاش قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم الغسال قال: حدثنا علي بن الحسن بن جنيد قال: حدثنا يعلى بن مهدي الموصلي قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفىء نار الحدثان (17- و) فقال له رجل من قومه يقال له عمارة بن زياد: والله يا خالد ما قلت لنا قط إلا حقّا فما شأنك ونار الحدثان تزعم أنك تطفئها، فخرج خالد ومعه ناس من قومه فيهم عمارة بن زياد فخط لهم خالد خطّا فأجلسهم فيها فإذا هي تخرج من شق جبل في حرة يقال لها حرة أشجع فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد بعصاه فجعل يضربها ويقول: بدا بدا كل هدي مؤدى، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندا، وقد كان خالد قال لهم: فإن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فأبطأ عليهم فقال لهم عمارة بن زياد: إن صاحبكم والله إن كان حيّا لقد خرج إليكم بعد، فادعوه باسمه، قالوا له: إنه قد نهى أن ندعوه باسمه، فدعوه باسمه، فخرج إليهم فقال لهم: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي فقد والله قتلتموني، احملوني فادفنوني فإذا مرت عليكم الحمر منها حمار أبتر فانبشوني فإنكم ستجدوني حيّا، فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فأرادوا نبشه، فقال لهم عمارة بن زياد: لا تنبشوه لا والله ما تحدث مضر أنّا ننبش موتانا، وقد كان خالد قال لهم: إن في عكم «1» امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم شيء فانظروا فيها، فإنكم ستجدون ما تريدون، ولا تمسها حائض، فأتوا امرأته فسألوها عنها فأخرجتها إليهم، وهي حائض فذهب ما كان فيها من علمه.
قال أبو يونس: قال سماك سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نبي أضاعه قومه.
قال أبو يونس: (17- ظ) قال سماك: إن ابن خالد بن سنان أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا يا بن أخي.
قال أحمد بن حنبل: أبو يونس الذي روى عنه أبو عوانة حديث خالد النبي لا أعرفه.(7/3043)
وفي غير هذه الرواية أن ابنته أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ:
قل هو الله أحد، فقالت: كان أبي يقول ذا.
خالد بن صفوان بن عبد الله
ابن عمرو بن سنان- المعروف بالأهتم- بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر ابن أسد بن الحارث- المعروف بمقاعس- بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو صفوان التميمي المنقري البصري، يعرف بالأهتم أيضا لأنه ضرب بقوس على فيه فهتمت أسنانه، وكان معدودا من الخطباء البلغاء الفصحاء.
روى عن ميمون بن مهران الجزري. روى عنه شبيب بن شبة وحفص ابن غياث، ويونس النحوي، وإبراهيم بن سعد، والمغيرة بن مطرف، وقدم رصافة قنسرين على هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا شبيب بن شبة عن خالد بن صفوان أنه كان (18- و) بالرصافة عند هشام بن عبد الملك فذكر حكاية ذكرناها في ترجمة الأحنف بن قيس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قال:
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: وحدثني عم أبي أبو العباس أحمد بن بشار بن الحسن بن بيان قال: حدثنا اسحاق بن بهلول بن حسان بن سنان التنوخي الأنباري قال: حدثني أبي البهلول بن حسان قال: حدثنا اسحاق بن زياد من بني سامة بن(7/3044)
لؤي عن شبيب بن شبة عن خالد بن صفوان الأهتم قال: أوفدني يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك في وفد العراق فقدمت عليه وقد خرج متبديا قرابينه وأهله وحشمه وغاشية من جلسائه فنزل في أرض قاع صحصح «1» متنايف «2» أفيح في عام قد بكر وسميه «3» وتتابع وليه «4» ، وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر وأملح مختبر وأحسن مستمطر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب، وقد ضرب له سرادق من حبرة كان صنعه له يوسف بن عمر باليمن فيه أربعة أفرشة من خز أحمر، مثلها مرافقها، عليه دراعّة من خز أحمر، مثلها عما متها وقد أخذ الناس مجالسهم فأخرجت رأسي من ناحية السماط (18- ظ) فنظر إليّ مثل المستنطق لي فقلت: أتم الله عليك يا أمير المؤمنين نعمه وسوغكها بشكره وجعل ما قلدك من هذا الأمر رشدا وعاقبة ما يؤول إليه حمدا خلّصه لك بالتقى، وكثره لك بالنماء لا كدر عليك منه ما صفا، ولا خالط مسروره بالردى، فقد أصبحت للمسلمين ثقة ومستراحا إليك يفزعون في مطالبهم ويلجؤون في أمورهم، وما أجد يا أمير المؤمنين- جعلني الله فداءك- شيئا هو أبلغ في قضاء حقك وتوفير مجلسك لما منّ الله به علي من مجلسك والنظر إلى وجهك من أن أذكرك نعمة الله عليك فانهلّ على شكرها، وما أجد في ذلك شيئا هو أبلغ من حديث من تقدم قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته، وكان متكئا، فاستوى قاعدا فقال: هات يا بن الأهتم، فقلت: يا أمير المؤمنين إن ملكا من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير «5» في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخذت الأرض فيه زينتها في اختلاف ألوانها من نور ربيع مونق فهو في أحسن منظر وأملح مختبر، وأحسن مستمطر بصعيد كأن ترابه قطع الكافور حتى لو أن بضعة ألقيت فيه لم تترب وكان قد أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والنماء، فنظر فأبعد النظر فقال: لمن هذا الذي أنا فيه، هل رأيتم مثل ما أنا فيه(7/3045)
هل أعطي أحد مثل ما أعطيت، وعنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومنهاجه، فقال له: أيها (19- و) الملك إنك قد سألت عن أمر أفنأذن في الجواب؟ قال: نعم، قال أرأيتك هذا الذي قد أعجبت به أهو شيء لم تزل فيه، أم هو شيء صار إليك ميراثا عن غيرك، وهو زائل عنك، وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: فكذلك هو، قال: أولا أراك إنما أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلا، وتغيب عنه طويلا، وتكون غدا بحسابه مرتهنا؟ قال: ويحك أين المهرب، وأين المطلب؟ قال: إما أن تقيم في ملكك فتعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك؟ قال: فإذا كان السحر فاقرع على بابي فإن أخترت ما أنا فيه كنت وزيرا، وإن اخترت خلوات الأرض وفقر البلاد كنت رفيقا لا تخالف، فلما كان السحر قرع عليه بابه فإذا هو قد وضع تاجه ووضع أطماره ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة، فلزما والله الجبل حتى أتتهما آجالهما، وذلك حيث يقول أخو بني تميم عدي بن زيد العبادي:
أيها الشامت المعير بالدهر ... أأنت المبرأ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من ... الأيام بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون خلدن أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك ... أبو ساسان أم أين قبله سابور (19- ظ)
وبنو الأصفر الكرام ملوك ... الروم لم يبق منهم مذكور
وأخو الحضر «1» إذ بناه وإذ ... دجلة تجبى إليه والخابور
شاده مرمرا وخلله كلسا ... فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور
وتأمل رب الخورنق إذ ... أشرف يوما وللهدى تفكير
سرّه حاله وكثره ما يملك ... والبحر معرضا والسدير
فارعوى قلبه وما غبطة ... حي إلى الممات يصير
ثم بعد الفلاح والملك ... والأمة وارتهم هناك القبور(7/3046)
ثم أضحوا كأنهم ورق جف ... فألوت به الصبا والدبور «1»
قال: فبكي هشام حتى أخضل لحيته وبلّ عمامته، وأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابينه وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه ولزوم قصره.
قال: فاجتمعت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت إلى أمير المؤمنين نغصت عليه لذته وأفسدت عليه باديته؟ فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل أن لا أخلو بملك إلّا ذكرته الله عز وجل.
قال أبو بكر بن الأنباري: الذي حفظناه من شيخنا «متنايف أفيح» وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الصواب «مسايف أفيح» والمسايف جمع مسافه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال (20- و) أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو أحمد الحبلى قال: أخبرنا أبو حفص النسائي قال: حدثني محمد بن عمرو بن الهيثم بن عدي قال: خرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أخوه إلى مصانع قد هيئت له، وزينت بألوان النبت، وتوافى إليه بها وفود أهل مكة والمدينة وأهل الكوفة والبصرة، قال: فدخلوا عليه وقد بسط له في مجالس متشرفه مطلعة على ما شق له من الأنهار المحفة بالزيتون وسائر الأشجار فقال: يا أهل مكة أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا بيت الله المستقبل، ثم التفت إلى أهل المدينة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا قبر نبينا المرسل، ثم التفت إلى أهل الكوفة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقالوا: لا، غير أن فينا تلاوة كتاب الله تعالى المنزل، ثم التفت إلى أهل البصرة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقام إليه خالد بن صفوان فقال أصلح الله أمير المؤمنين إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم ولو كان من له لسان وبيان لأجاب عنهم فقال له هشام: أفعندك في بلدك غير ما قالوا؟ فقال: نعم أصف بلادي وقد رأيت بلادك فتقيسها فقال: هات، فقال: يغدو قانصانا فيجيء هذا بالشبوط(7/3047)
والثيم «1» ، ويجيء هذا بالظبي والظليم، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا وخزا وديباجا وخريدة (20- ظ) مغناجا وبرذونا هملاجا «2» ، ونحن أكثر الناس قندا «3» ونقدا، ونحن أوسع الناس برية وأريفهم بحرية، وأكثرهم ذرية، وأبعدهم سرية، بيوتنا ذهب ونهرنا عجب، أوله رطب وآخره عنب، وأوسطه قصب، فأما نهرنا العجب فإن الماء يقل وله عباب ونحن نيام على فرشنا حتى يدخل أرضنا، فيقتل نتنها، ويعلو متنها فنبلغ منه حاجتنا ونحن نيام على فرشنا، لا ننافس فيه من قله، ولا نمنع لذله، يأتينا عند حاجتنا إليه ويذهب عنا عند رينا وغنانا عنه.
النخل عندنا في منابته كالزيتون عندكم في مآركه «4» ، فذاك في أوله كهذا في إبانه، ذاك في أفنانه كهذا في أغصانه يخرج أسفاطا عظاما، وأوساطا، ثم ينفلق عن قضبان الفضة منظومة بالزبرجد الأخضر ثم يصير أصفر وأحمر، ثم يصير عسلا في شنة من سخاء ليست بقربة «5» ولا إناء، حولها المذاب ودونها الحراب، لا يقربها الذباب مرفوعة عن التراب، من الراسخات في الوحل الملقحات بالفحل المطعمات في المحل وأما بيوتنا الذهب فإن لنا عليهم خرجا في السنين والشهور، نأخذه في أوقاته، ويدفع الله عنه آفاته وننفقه في مرضاته.
قال: فقال هشام: وأنى لكم هذا يا بن صفوان ولم تسبقوا إليه ولم تنافسوا عليه؟ فقال ورثناه عن الآباء، ونعمره للأبناء، فيدفع لنا عنه رب السماء، فمثلنا فيه كما قال أوس بن مغراء (21- و) :
فمهما كان من خير فإنا ... ورثناه أوائل أولينا
ونحن مورثوه كما ورثناه ... عن الآباء إن متنا بنينا(7/3048)
قال: فقال له هشام: لله درك يا بن صفوان لقد أوتيت لسانا وعلما وبيانا فأكرمه وأحسن جائزته وقدمه على أصحابه «1» .
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني قال:
أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي قال:
حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قدم خالد بن صفوان على هشام بن عبد الملك، فقال له: مرحبا بك يا ابن صفوان، قال: رحب واديك يا أمير المؤمنين وعز ناديك، وهطلت عليك مكفهرات الغمام، قال: كيف أنت في مسيرك؟ قال: من الله في نعم متواترة لا أتعرف فيها إلا المزيد منه، حتى اذا كنا بثنية السماوة «2» بعث الله علينا ريحا حرجفا، «3» احمرت لها آفاق السماء وانحجرت لها الطير في أوكارها، والسباع في اسرابها فلم أهتد لعلم لا مع، ولا لنجم طالع فكنت كالمحر نجم «4» ان تقدم عقر وان تأخر كسر، فبينا نحن كذلك إذا نحن بفتية من بني مروان كأنهم قضب الشوحط «5» على خيول لهم لا حقة الاياطل «6» تهوي بهم هوي الاجادل «7» ، عليها غطريف مترف كالحسام المرهف خلفهم سلوقيه «8» (21- ظ) في أعناقها تلع «9» وفي أعجازها «10» قمع، وفي ارساغها(7/3049)
فدع، «1» ، فبينا نحن كذلك إذ وردنا على موز لعبد الملك بن مروان كأنه خشب اليرابيع «2» ، قد أحلولك أفناؤه وجاد به أصحابه، فنزلنا فكنا بين آكل وناسع وطاه ولاه، ومستو، فيالك من منزل كريم ما به، جاد به أربابه، فأجابه هشام بجواب حسن، وقال له: امض فالمم بأهلك وعجل الرجعة إلينا لتنال من دنيانا وننال من طيبك، فحسده رجل من القوم فقال: ممن الرجل؟ فقال: من أهل العراق، قال: من أي أهل العراق؟ قال: من البصرة، فأمسك عما سوى ذلك وانقطع: فقال له خالد: قد سألت فأجبناك فممن الرجل؟ قال: من أهل الحجاز، فقال: بخ بخ بلد العرب ومنشؤ أهل الادب، فمن أي أهل الحجاز قال: مكة، قال: بخ بخ حرم الله وأمنه، ومهاجر ابراهيم واسماعيل، فمن أي أهل مكة؟ قال: من بني عبد الدار قال: لم تصنع شيئا يا أخا بني عبد الدار: هشمتك هاشم، وأمتك أمية، ولوت عليك لؤي، وغلبتك غالب، ونفتك مناف، وزهرت عليك زهرة، فأنت عبدها وابن عبيدها، تغلق وراءها إذا خرجت، وتفتح دونها اذا دخلت «3» ، قم فاسمك العبقري نبات الروابي، فكان ذلك سببا لهرب العبدي من الشام.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (22- و) الجريري قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أبو جعفر محمد بن ابراهيم ابن يعقوب بن داود قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال، فحضره ذات ليلة في سفره ابراهيم بن مخرمة الكندي، وناس من بني الحارث بن كعب وهم أخواله، وخالد بن صفوان بن ابراهيم التميمي، فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضرو اليمن، فقال ابراهيم: يا أمير المؤمنين ان اليمن هم(7/3050)
العرب الذين دانت لهم الدنيا، وكانت لهم القرى، ولم يزالوا أربابا ورثوا ذلك كابرا عن كابر، أولا عن آخر، منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتتابعة ومنهم من حمت لحمه الدبر «1» ، ومنهم غسيل الملائكة «2» ومنهم من اهتز لموته العرش، ومنهم مكلم الذئب «3» ، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا «4» ، وليس شيىء له خطر إلا إليهم ينسب من فرس رائع، وسيف قاطع، ودرع حصينة، أو حلة مصونة، أو درة مكنونة، ان سئلوا أعطوا، وان سيموا أبوا، وان نزل بهم ضيف قروا، لا يبلغهم مكاثر ولا ينالهم مفاخر، هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة. «5»
قال أبو العباس: ما أظن التميمي يرضى بقولك، ثم قال: ما تقول يا خالد؟ قال: ان اذنت لي في الكلام وآمنتي من الموجدة تكلمت، قال: قد اذنت لك فتكلم ولا تهب أحدا، فقال: أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم، ونطق بغير صواب فكيف يكون ما قال والقوم ليست لهم ألسن (22- ظ) فصيحة ولا لغة صحيحة ولا حجة نزل بها كتاب ولا جاءت بها سنه، وهم منا على منزلتين ان جاروا عن قصدنا اكلوا وان جازوا حكمنا قتلوا، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي عليه، ونفخر عليهم بخير الانام واكرم الكرام محمد عليه السلام، ولله علينا المنة وعليهم، لقد كانوا أتباعه، فبه عزوا وله اكرموا، فمنا النبي المصطفى، ومنا الخليفة المرتضى، ولنا البيت المعمور والمشعر وزمزم، والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة والبطحاء، معما لا يخفى من المآثر ولا يدرك من المفاخر وليس يعدل بنا عادل، ولا يبلغ فضلنا قول قائل، ومنا الصديق والفاروق والوصي وأسد الله سيد الشهداء «6» وذو الجناحين «7» وسيف الله، عرفوا الدين وأتاهم اليقين(7/3051)
فمن زاحمنا زاحمناه، ومن عادانا اصطلمناه، ثم التفت فقال: أعالم انت بلغة قومك؟
قال: نعم، قال: فما اسم العين؟ قال: الحجمة، قال: فما اسم السن؟ قال: اليدن، قال: فما اسم الاذن؟ قال: الصنارة، قال: فما اسم الاصابع؟ قال: الشناتر، قال:
فما اسم اللحية قال: الزبّ، قال: فما اسم الذئب؟ قال: الكنع، قال: فقال له:
أفمؤمن أنت بكتاب الله تعالى، قال: نعم، قال: فان الله تعالى يقول: «أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون» «1» وقال: «بلسان عربي مبين» «2» وقال: «وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومة» «3» فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل، ألم تر ان الله قال: «العين بالعين» «4» ولم يقل الحجمة بالحجمة وقال: (23- و) «السن بالسن» «5» ولم يقل الميدن بالميدن، وقال: «الاذن بالاذن» «6» ولم يقل الصنارة بالصنارة وقال: «أصابعهم في آذانهم» «7» ، ولم يقل شناترهم في صناراتهم وقال:
«لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي» «8» ولم يقل لا تأخذ بزبي، وقال: «أكله الذئب» «9» ولم يقل أكله الكنع.
ثم قال: أسألك عن أربع إن أنت أقررت بهن قهرت وان جحدتهن كفرت، قال:
وما هن؟ قال: الرسول منا أو منكم؟ قال: منكم، قال: فالقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال: عليكم، قال: فالبيت الحرام لنا أو لكم؟ قال: لكم، قال:
فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال: فيكم، قال خالد: فما كان بعد هذه الاربع فلكم.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا اسمع- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.(7/3052)
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر، قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: سمعت ابن السكيت يقول: قال خالد بن صفوان: فوت الحاجة خير من طلبها الى غير أهلها، وأشد من المصيبة سوء الخلف منها، وأنشد لامرأة من ولد حسان بن ثابت في مثله:
سل الخير أهل الخير قدما ... ولا تسل فتى ذاق طعم العيش منذ قريب
قال: وحدثنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا أبو نصر (23- ظ) عن الاصمعي قال: قيل لخالد بن صفوان: أي الاخوان أحب إليك؟ قال: الذي يسد خللي، ويغفر زللي، ويقبل عللي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي قال: أخبرنا أبو المفاخر عبد الغفور بن لقمان بن محمد الكردي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.
قال: شيخنا أبو محمد: وأخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب اذنا عن أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات بن الحداد قال أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أنبأنا محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن محمد بن محمد المطرز قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن بكر قال: حدثنا العباس بن الفرج قال: حدثنا عبد الله بن شبيب المكي قال: قيل لخالد بن صفوان: أي اخوانك أحب اليك قال: الذي يغفر زللي، ويقبل عللي، ويسد خللي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين، بالديار المصرية، قال:
أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين(7/3053)
محمد بن أحمد بن مردوية الممناباذي بأصبهان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي ابن أصبهبذ الاصبهاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبدان بن محمد الشيرازي الحافظ- املاء بتستر- قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم (24- و) قال: حدثنا القحذمي قال عن أبيه قال: قال خالد بن صفوان البرشيء هين، وجه طليق، وكلام لين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الحموي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن محمد الحافظ- اذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد الازجي قال: حدثنا أبو طالب المكي قال:
حدثنا عبد الله بن يحيى القرشي قال: حدثنا محمد بن الحسين اللخمي قال: حدثنا أبو العيناء السلمي قال: حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال: قال خالد بن صفوان: لا تسأل الحوائج ثلاثة رجال: لا تسألها كذوبا، فإنه يقرب بعيدها ويباعد قريبها، ولا تسألها أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، ولا تسألها رجلا له الى صاحبك حاجة فإنه يصير حاجتك بطانة لحاجته.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء- اجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال حدثنا الزيادي عن الاصمعي قال: قيل لخالد بن صفوان:
ما بلغ من علم الحسن؟ قال: استغنى (24- ظ) «1» .(7/3054)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن داود قال:
حدثنا المازني عن الاصمعي قال: قال خالد بن صفوان: بتّ ليلة اتمنى ليلتي كلها حتى كسيت البحر الاخضر بالذهب الاحمر، ثم نظرت فإذا يكفيني- من ذلك رغيفان وكوزان وطمران.
وقال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا محمد ابن سلام قال: قال خالد بن صفوان: لا تطلبوا ما لا تستحقون فإن من طلب مالا يستحق استوجب الحرمان.
قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا محمد ابن سلام الجمحي قال: قال خالد بن صفوان: اربع لا يطمع فيهن أحد عندي:
القرض، والفرض والهريس «1» ، وان اسعى لاحد في حاجة، فقيل له: فما يصنع بك بعد هذا؟ قال ماء بارد، وحديث ما ينادى وليده «2» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي عبد الرحمن محمد ابن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي قال: أخبرنا يوسف بن آدم قالا: أخبرنا أبو(7/3055)
بكر محمد بن منصور السمعاني- اذنا- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الساجي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن (26- و) جعفر قال: حدثنا أبو العباس الجمال قال حدثنا أبو غسان قال: حدثنا الاصمعي قال رأى خالد بن صفوان رجلا يأكل جبنا فقال:
ما ترجو منه انه خشن المدخل عسر المخرج، ثم رآه الرجل بعد يأكله، فقال: ألم تنه عنه؟ قال: نعم، ولكنه يفتق الشهوة وهو حمض من حمض العرب.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن ابراهيم وأبو الوحش المقرئ عنه قال: أخبرنا ابراهيم بن علي بن ابراهيم البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو حاتم سليمان بن أحمد المادرائي قال:
حدثني أبي قال: حدثنا جدي قال: كان خالد بن صفوان بن الاهتم التميمي يأكل خبزا وجبنا، اذ سلم عليه اعرابي فقال له: هلم الى هذا الخبز والجبن فإنه حمض من حمض العرب، وهو يسيغ اللقمة، ويفتق الشهوة، وتطيب عليه الشربة، فانحط الاعرابي فلم يبق شيئا منهما، فقال: يا جارية زيدينا خبزا وجبنا، فقالت ما بقي عندنا منهما شيء، فقال خالد: الحمد لله الذي صرف عنا معرته وكفانا مؤونته والله اني ما علمته ليقدح في السن ويخشن الحلق، ويربو في المعدة ويعسر في المخرج، فقال الاعرابي: والله ما رأيت قط قرب مدح من ذم أقرب من هذا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات المنبجي ثم الحلبي قال: أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن آدم المراغي بحلب، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان (26- ظ) عن أبي عبد الرحمن محمد بن محمد الكشميهني قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: ركب خالد بن صفوان يوما ومعه أصحاب له فأخذتهم السماء وهو على حمار، فقال: أما علمتم أن قطوف «1» الدابة أمير القوم،(7/3056)
فساروا معه، فلما كان الغد ركب برذونا هملاجا «1» ، وأخذتهم السماء فرفع برذونه فقالوا: أبا صفوان ما كان هذا كلامك بالأمس قال: فلم غالينا بالهماليج.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي قال: أخبرنا أبو منصور بن شكرويه ومحمد بن أحمد بن علي أبو بكر السمسار قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا المحاملي أبو عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: أخبرنا الحسن بن علي بن منصور قال: حدثنا محمد سعيد الرازي قال: حدثنا محمد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن مغراء قال: سمعت شبيب بن شيبة يقول: لقيني خالد بن صفوان على حمار له، فقلت له: يا أبا صفوان أين أنت عن الهماليج؟ قال: تلك للطلب وللهرب، ولست بطالب ولا هارب، قلت: فأين أنت عن البراذين؟ قال: تلك للمغذين المسرعين، ولست بمغذ ولا مسرع، قلت: فأين أنت عن البغال؟ قال: تلك للأنزال والأنفال، ولست بصاحب نفل ولا نزل، قلت: فما تصنع بحمارك هذا؟ قال: أدبّ عليه دبيبا وأقرّب (27- و) تقريبا وأزور عليه إذا شئت حبيبا.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن اسحاق قال: حدثنا الزيادي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال خالد بن صفوان: من تزوج امرأة فليتزوجها عزيزة في قومها ذليلة في نفسها، أدّبها الغنى، وأذلها الفقر، حصان من جارها متحصنة على زوجها.
وقال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن داود قال: حدثنا محمد ابن سلّام قال: قالت امرأة لخالد بن صفوان: انك لجميل فقال خالد: كيف تقول هذا، فو الله ما فيّ عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه، فأما عمود الجمال(7/3057)
فالطول، وأما رداؤه فالبياض، وأما برنسه فسواد الشعر، وأنا أصلع آدم «1» فصير، لكن قولي: إنك لحلو.
وقال ابن مروان: وحدثنا محمد بن موسى البصري قال: حدثنا محمد بن سلام الحمصي قال: قيل لخالد بن صفوان: ما لك لا تنفق فإن مالك عريض؟ فقال:
الدهر أعرض منه، فقيل كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله، فقال: ولا أخاف أن أموت في أوله «2» .
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أحمد بن علي قال: أخبرني أبو الحسن الجواليقي- في كتابه- قال: أخبرنا أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا عبد الله بن بحر قال: حدثنا عمر (27- ظ) ابن محمد بن عبد الحكم قال: حدثنا محمد بن عمرو الوراق عن علي بن محمد القرشي المدائني قال: كان خالد بن صفوان إذا أخذ جائزته قال للدراهم: أما والله لأطيلن ضجعتك ولأديمن صرعتك.
قال: وأتى خالد بن صفوان رجل فسأله فأعطاه درهما، فقال له: سبحان الله يا أبا صفوان أسألك فتعطيني درهما! فقال له خالد: يا أحمق أما تعلم أن الدرهم عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف والألف عشر العشرة آلاف، ألا ترى كيف ارتفع الدرهم الى دية المسلم، والله ما تطيب نفسي بدرهم أنفقه إلا درهما قرعت به باب الجنة أو درهما أشتري به موزا فآكله.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي- بدمشق بقراءتي عليه- قال: أخبرنا شيخنا الامام أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ قال: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر ابن حفص الحمامي المقرئ قال: حدثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر قال: حدثنا وكيع قال: حدثني محمد بن خلاد قال: حدثنا الوليد بن هشام القحذمي قال:
دخل خالد بن صفوان الحمام وفيه رجل مع ابنه، فأراد أن يعرف خالدا ما عنده من(7/3058)
البيان فقال: يا بني ابدأ بيداك ورجلاك، ثم النفت الى خالد فقال: يا أبا صفوان هذا كلام قد ذهب أهله، قال: هذا كلام ما خلق الله له أهلا قط.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال: أخبرنا أبو عبد الله (28- و) محمد بن علي بن محمد المالكي بواسط قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران قال حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه في كتاب عيون الأخبار قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: قال رجل لخالد بن صفوان: ما بالي إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار وتتناشدون الأشعار وتدارسون الآثار وقع عليّ النوم؟ قال: لانك حمار في مسلاخ إنسان «1» .
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا اسماعيل بن اسحاق السراج قال: حدثنا الزيادي عن مؤرّج قال: قال رجل لخالد بن صفوان: إني إذا رأيتكم تتذاكرون الأحساب، وتتذاكرون الآثار وتتناشدون الأشعار وقع عليّ النعاس، قال: لأنك حمار في مثال إنسان.
وقال: أخبرنا ابن مروان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد عن أبي عبيدة قال: قال خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها ولا تطلبوها الى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع أهلا.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور البغدادي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام:
قال خالد بن صفوان التميمي: (28- ظ) .(7/3059)
وما المرء إلا الأصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصو
وما الزين في ثوب تراه وإنما ... يزين الفتى مخبوره أو يقصر
فإن طرة راقتك فاخبر فربما ... أمرّ مذاق العود والعود أخضر «1»
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي إذنا عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد المدائني قال:
أخبرنا أحمد بن محمد اللبناني قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: قال شبيب بن شيبة قال خالد بن صفوان: إن رجالا قد أصابوا مالا فتكلموا وعلوا وقال:
قد أنطقت الدراهم بعد عي ... أناسا طالما كانوا سكوتا
فما عادوا على جار بخير ... ولا رفعوا لمكرمة بيوتا
كذاك المال يجبر كل عيب ... ويترك كل ذي حسب صموتا
قرأت بخط توزون بن ابراهيم بن محمد الطبري في أمالي أبي عمرو محمد محمد بن عبد الواحد صاحب ثعلب- باستملائه منه في سنة ثماني وعشرين وثلاثمائة- قال: وأخبرنا ثعلب قال: وحدثني عمر بن شبة قال: حدثني الزّعل- ويقال الزعل- ابن الخطاب قال: بنى أبو نخيلة داره فمر به صفوان فوقف عليه، فقال له أبو نخيلة: يا صفوان كيف ترى؟ قال: رأيتك سألت الحافا، وأنفقت فيها إسرافا وجعلت إحدى يديك سطحا وملأت الأخرى (29- و) سلحا، فقلت من وضع في سطحي وإلّا رميته بسلحي «2» ، ثم مضى فقيل له: ألا تهجوه؟ فقال: إذا يقف على المجالس سنة يصف أنفي لا يعيد حرفا.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي قال: قال الأصمعي: مرض خالد بن صفوان التميمي وكان بخيلا فوصف له الطبيب فروجا، فقال: وما الفروج إذا أحب الله العافية، ثم ألح عليه الطبيب فاشترى فروجا بنصف درهم، فأكل بعضه، ودخل(7/3060)
عليه رجل من قريش يعوده فخاف أن يأكل معه، فقال خالد: تتغذى بنصف هذا الفروج وتنعشى بنصفه ثم تمثل:
نداري زمانا قد ألح بصرفه ... ومن لا يداري عيشه لا يعقّل
فخرج القرشي وهو يقول:
تعلّمت تدنيق المعيشة بعدما ... كبرت وأعداني على اللوم خالد.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقيّر البغدادي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي- إجازة- قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله الحبّال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال:
أخبرنا أبو الفتح ابراهيم بن علي بن ابراهيم- قراءة عليه، وزعم أن أبا بكر محمد ابن يحيى أخبرهم- قال: حدثنا أبو أحمد عبد الوهاب بن الحارث قال: حدثنا عبد الله (29- ظ) بن موهوب الخازن قال: سمعت سعدا الحاجب يقول: قال خالد ابن صفوان بن الأهتم: دخلت على أبي العباس السفاح فصادفته جالسا ليس عنده أحد، فقلت له: يا أمير المؤمنين إنني والله ما زلت منذ قلدك الله الخلافة أطلب أن أصير الى مثل هذا الموقف منك في الخلوة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بامساك الباب لأفرغ مما أريد ذكره له، ونصيحتي له فعل، فأمر الحاجب بذلك فقلت له:
يا أمير المؤمنين لم يمكنني ذكر ما أردت ذكره لك إلّا في يومي هذا، قال: قل، قلت: يا أمير المؤمنين فكرت في أمرك وأجلت الرأي فيك، فلم أجد أحدا له مثل قدرك أقل اتساعا في الاستمتاع بالنساء ولا أضيق فيهن عيشا، إنك ملكت نفسك امرأة واحدة من نساء العالمين فاقتصرت عليها فإن مرضت مرضت وإن غابت غبت، وإن تحركت تحركت وحرمت على نفسك التلذذ باستطراف الجواري ومعرفة اختلاف حالاتهن والتلذذ بما يشتهى منهن، إن منهن يا أمير المؤمنين الطويلة التي تتثنى للنجابة، والركماء «1» الجسيمة التي تشتهى لحسنها ووثارتها، والبيضاء اللطيفة التي تحب لبراعتها، ومنهن الصفراء العجزاء واللذيذة الشجية، وأين أنت يا أمير المؤمنين عن بنات سائر الملوك، وما خصصن به من الخفر وحسن الأنس والتلذذ(7/3061)
بلذيذ العيش، وتخلل خالد بلسانه فأطب في صفات ضروب الجواري، وشوقه إليهن وأمير المؤمنين يريه أنه يعجبه ما يقول، فلما فرغ قال له: يا خالد ما سلك مسامعي قط كلام (30- و) أعجب إليّ ولا أحسن من كلام سمعته منك فأعده عليّ فقد وقع مني موقعا خاصا فأعاده عليه بأحسن مما ابتدأه به، ثم قال له: انصرف وبقي أبو العباس مفكرا فيما سمع من خالد وهو يصرّف رأيه ويقسم أمره إذ دخلت عليه أم سلمة وكان أبو العباس حلف لها ألا يتخذ عليها سريّة ولا حرة، فلما رأته متفكرا متغيرا قالت: إني لأنكرك يا أمير المؤمنين فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال لها: لا والحمد لله، ثم لم تزل تدنو منه وتستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد، فارتاعت وقالت: فما قلت لابن الزانية؟ فقال: أينصحني وتشتمينه، فخرجت فأرسلت الى موالي لها من البخارية، فأمرتهم بضرب خالد، قال خالد: فركبت بالعشي اليه وأنا مسرور بما ألقيت الى أمير المؤمنين فبينما أنا مع الصحابة واقف إذ أقبلت البخارية تسأل عني، فتحققت الجائزة، فقلت: ها أنا ذا خالد، فسبق أحدهم إليّ بخشبة، فلما أهوى إليّ غمزت برذوني، ولحقه فضرب كفله، وتعادى إليّ الباقون وغمزت برذوني ففتّهم، واستخفيت في منزلي أياما ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة وطلبني أمير المؤمنين فلم يجدوني، فلم أشعر إلّا بقوم قد هجموا عليّ، وقالوا: أجب أمير المؤمنين فسبق إليّ أنه الموت، فقلت: إنا لله لم أر دم شيخ من العرب أضيع من دمي، فركبت وركبوا معي، ثم أذن لي فرأيته خاليا فرجع إليّ عقلي، ورأيت في المجلس بيتا عليه ستور رقاق، فقال:
يا خالد لم أرك؟ قلت: كنت عليلا (30- ظ) يا أمير المؤمنين فقال: ويحك إنك وصفت لي آخر دخلة دخلتها عليّ من أمر النساء والجوار صفة لم يخترق مسامعي كلام أحسن منه فأعده عليّ وسمعت حركة خلف الستر، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين أعلمتك أن العرب إنما اشتقت من اسم الضرتين من الضرّ، وإن أحدا يكون عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضرّ، فقال: ويحك لم يكن هذا في حديثك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين، قال: فأتمم الحديث، قال: وأخبرتك أن ثلاثا من النساء كأثافي القدر تغلي عليهن أبدا، قال: برئت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت سمعت بهذا منك قط ولا من غيرك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين إنما بهذا حدثتك قال: فأتمم الحديث، قلت: وأخبرتك أن الأربع من النساء(7/3062)
شر مجموع لصاحبهن يشيبنه ويهرمنه، قال: والله ما سمعت مثل هذا منك ولا من غيرك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين قال: أتكذبني؟ قلت: أفتقتلني، نعم والله يا أمير المؤمنين وأخبرتك أن أبكار الجوار رجال إلّا أنهن ليست لهن خصى، قال خالد: فسمعت ضحكا من خلف الستر، فأنست، وقلت: نعم والله يا أمير المؤمنين وأعلمتك أن بني مخزوم ريحانة قريش وأن عندك من بني مخزوم ريحانتها، فعندك ريحانة الريحان وتطمح عينك الى النساء والجوار، فقيل من وراء الستر: صدقت والله يا عماه لهكذا حدثت وبهذا أخبرته ولكن غير حديثك ونطق عن غير لسانك، فقال أبو العباس: ما لك قاتلك الله وفعل بك وفعل، وانسللت (31- و) وخرجت ولم ألبث أن بعثت إليّ أم سلمة بعشرة آلاف درهم وتخت ثياب وحملتني على برذون وقالت: ارفع حوائجك.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: حدثنا ابراهيم بن نصر قال:
حدثني ابراهيم بن بشار قال: سمعت ابراهيم بن أدهم يقول: بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال لخالد بن صفوان: عظني وأوجز قال: فقال خالد: يا أمير المؤمنين إن أقواما غرهم ستر الله عز وجل وفتنهم حسن الثناء فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك أعاذنا الله وإياك أن نكون بالستر مغرورين وبثناء الناس مسرورين وعن ما افترض الله متخلفين ومقصرين، والى الأهواء مائلين، قال: فبكي، ثم قال: أعاذنا الله وإياك من اتباع الهوى.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير قال:
أخبرنا ابراهيم بن نصر المنصوري قال: حدثني ابراهيم بن بشار قال: سمعت الفضيل يقول: بلغني أن خالد بن صفوان دخل على عمر، فقال له عمر بن عبد العزيز:
عظني يا خالد، فقال: ان الله عز وجل لم يرض أحدا أن يكون فوقك، فلا ترض أن يكون أحدا أولى بالشكر منك، قال: فبكى عمر حتى غشي عليه، ثم أفاق، فقال: هيه يا خالد لم يرض أن يكون أحد فوقي فو الله لأخافنه خوفا، ولأحذرنه حذرا، ولأرجونه رجاء، ولأحبنه محبة ولا شكرنه شكرا ولا حمدنه (31- ظ)(7/3063)
حمدا يكون ذلك كله أشد مجهودي وغاية طاقتي، ولأجتهدن في العدل والنصفة والزهد في فاني الدنيا لزوالها، والرغبة في بقاء الآخرة لدوامها حتى ألقى الله عز وجل، فلعلي أنجو مع الناجين، وأفوز مع الفائزين، وبكى حتى غشي عليه، فتركته مغشيا عليه وانصرفت.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب أحمد، وأبي عبد الله يحيي ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني. قال أبو غالب: وأنبأنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد قال:
أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خالد بن صفوان بن الأهتم مشهور برواية الأخبار، كان يجالس هشام بن عبد الملك وخالد بن يزيد القسري.
قال أبو الفتح عبد الكريم: قال لنا أبو الحسن الدارقطني: عمرو بن الأهتم واسم الأهتم سنان بن سمي بن سنان التميمي، من ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: عمرو بن الأهتم، اسم الأهتم سنان بن سمي من ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم أحد الفصحاء «2» .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، وهو سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر (32- و) بن أسد بن مقاعس واسمه الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن عبد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو صفوان التميمي النقري الأهتم البصري أحد فصحاء العرب، وفد على عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، وسمي الأهتم لأنه ضرب بقوس على فيه فهتمت أسنانه، روى عنه شبيب بن شيبة «3» .(7/3064)
قرأت في كتاب البيان والتبيين تأليف أبي عمرو عثمان بن بحر الجاحظ قال:
وقد كانت الحال بين خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، الحال التي تدعو الى المفارقة بعد المحاسدة والمنافسة للذي اجتمع فيهما من اتفاق الصناعة والقرابة والمجاورة، فكان يقال: لولا أنهما أحلام تميم لتباينا نباين الأسد والنمر، وذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال: ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية فلم يعارضه شبيب، وبدّا كلمة خالد هذه على أنه يحسن يسب سبّ الأشراف «1» .
خالد بن عبد الله بن الفرج:
أبو هاشم العبسي، ويعرف بخالد سبلان، مولى بني عبس ولقب سبلان لعظم لحيته شهد مع معاوية صفين، وسمع معاوية وعمر بن العاص وروى عن كهيل بن حرملة النمري الأزدي، روى عنه سعيد بن عبد العزيز التنوخي وخالد بن دهقان.
(32- ظ) .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصاء- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: قال عبد الرحمن بن ابراهيم: حدثني أبو مسهر عن سعيد- يعني- ابن عبد العزيز عن مكحول في قوله تعالى: «يبدل الله سيئاتهم حسنات» «2» قال: يجعل مكان السيئات حسنات، قال: فقال خالد سبلان: يخرجهم من السيئات الى الحسنات، قال: فرأيت مكحولا غضب حتى جعل يرتعد.
وقال: أخبرنا أحمد بن عمير- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة الرابعة خالد سبلان دمشقي مولى (33- و) بني عبس.
وقال أحمد: حدثني يزيد بن أحمد عن أبيه قال: خالد جدي لأمي، ونسبه(7/3065)
خالد بن عبد الله بن الفرج وانما دعي سبلان لطول كان في لحيته أصهب داره دارنا، مولى بني عبس.
وقال أحمد بن عمير: خالد بن عبد الله بن الفرج، وهو خالد سبلان، مولى بني عبس، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحسن عن أبيه بنسبه، وحدثني يزيد بن أحمد عن أبيه بنسبه، قال يزيد: دار خالد دارنا، وهو جدي لأمي.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري، قال: خالد سبلان عن كهيل بن حرملة الشامي، روى عنه خالد بن دهقان، سمع منه سعيد بن عبد العزيز «1» .
أنبأنا سليمان بن الفضل الدمشقي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الصوفي قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال: خالد سبلان مولى لبني عبس عن أبي مسهر.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال:
أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خالد سبلان يعد في الشاميين، روى عن كهيل ابن حرملة «2» .
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد (33- ظ) عبد الكريم ابن حمزة- اجازة عن أبي نصر بن ماكولا- قال: أما سبلان بفتح السين والباء المعجمة بواحدة، خالد سبلان هو خالد بن عبد الله بن الفرج مولى بني عبس، ولقب سبلان لطول كان في لحيته، يعد من الشاميين، يروي عن كهيل بن حرملة، روى عنه خالد بن دهقان «3» .(7/3066)
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن اسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: خالد سبلان قال أبو مسهر: هو ثقة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبوا محمد: هبة الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد في كتابيهما قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن خالد بن دهقان عن خالد سبلان قال: كنت فيمن شهد صفين، فبينا نحن كذلك اذا جاء الخبر الى معاوية أنه قد بايع رجل من همدان اثنا عشر ألفا من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم لا ينثنوا دون أن يقتلوا معاوية أو ينهزم الناس أو يموتوا من آخرهم، فأعظم ذلك معاوية وأقبل على عمرو بن العاص فقال: اثنا عشر ألفا كلهم قد بايع بيعة الموت، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو: اضربهم بمثلهم من قومهم، فأرسل الى عضاة- أو قال: ابن عضاة- فأخبره عن الهمداني وأصحابه وقال: ما عندك؟ قال: ألقاهم بمثل عدتهم من همدان.
قال: فخرج اليه قبائل من همدان فخطبهم متوكئا على قوسه، وما انتهك من حرمته وركب به، يعني «1» ، فبكوا حتى نشجوا، ثم ذكر الذين قتلوه، وأنه يحق على كل مسلم أن يطلب دم عثمان، والعوذ من قتلته، ونحو هذا من الكلام، وأن الهمداني قد بايعه منكم، فأخبرهم بما صنعوا، فما عندكم؟ قالوا: عندنا أن نلقاهم بيعة الموت، قال: بيعة الموت، قالوا: بيعة الموت، فأعادها، قال: بيعة الموت، قالوا: بيعة الموت، فأعادها ثم استدار على قوسه، ووثبوا وثبة رجل، فاستداروا مرات واعتنق بعضهم بعضا، وبكى بعضهم الى بعض، فغدا الهمذاني في أصحابه فاقتتلوا فيما بين أول النهار الى صلاة العصر، فما انهزم هؤلاء ولا هؤلاء، فأرسل علي الى معاوية يناشده الله في البعثة الى كف أصحابه، ويكف أصحابه، فلم يزل معاوية يكف أصحابه ويزعهم وعلي بمثل ذلك حتى حجزوا بينهم.(7/3067)
خالد بن عبد الله بن يزيد:
ابن أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير ابن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر ابن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث، وقيل عمرو بن نبت بن زيد بن كهلان، أبو الهيثم العبقري البجلي القسري، وهو بطن من بجيلة، وقد يقال القصري أيضا، بالسين، والصاد، فمن نسبه بالصاد فهو منسوب الى قصر ابن هبيرة، وقيل الى قصر بجيلة، وهما موضعان، حدث عن أبيه عبد الله بن يزيد ومحمد بن زياد، روى عنه حميد بن تيرويه الطويل، وسيار أبو الحكم، وحبيب بن أبي حبيب واسماعيل بن أوسط البجلي، واسماعيل بن أبي خالد وأخوه اسماعيل بن عبد الله القسري والوليد بن (34- و) نوح مولى أم حبيب وعبد الله بن بزيع، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي، وكان أميرا بمكة للوليد وسليمان ابني عبد الملك، وهو الذي صفح باب الكعبة والميزاب والاساطين بمكة بثلاثين ألف دينار سيرها اليه الوليد وولي «2» العراقيين لهشام بن عبد الملك، وقدم دير سمعان على عمر بن عبد العزيز حين هم بازالة الزخرفة في جامع دمشق فصدفه عن ذلك، وكان له غزو الى بلاد الروم واجتاز بحلب في طريقه من الروم.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الاقصى قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن أحمد بن زكريا الصحاف قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن عيسى بن مزيد الخشاب قال: حدثنا ابراهيم بن سعيد بن معدان بهمذان قال: حدثنا الحارث بن عبد الله قال: حدثنا هشيم عن سيار أبي الحكم قال: سمعت القسري- يعني خالدا- يخطب وهو يقول: حدثني أبي عن جدي قال:
قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا يزيد بن أسد أحب للناس ما تحب لنفسك «1» .
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف قال: أخبرنا سعيد بن أحمد بن الحسن قال:(7/3068)
أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا روح عن عطاء ابن أبي ميمونة قال: حدثنا سيار أبو الحكم أنه شهد خالد بن عبد الله القسري وهو يخطب على المنبر يقول: حدثني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسد أتحب الجنة؟ قال: قلت: نعم، قال: فأحب لأحد المسلمين ما تحب نفسك «1» .
أخبرنا الامام أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الشافعي بدمشق قال: أخبرنا الامام عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبوا محمد:
هبة الله بن أحمد وعبد الكريم بن حمزة قالا: حدثنا عبد العزيز، قال: أخبرنا (34- ظ) تمام وعبد الوهاب قالا: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أحمد بن المعلى، ح.
قال تمام: وأخبرني أبو اسحاق- اجازة- قال: حدثنا ابن المعلى، ح.
قال تمام: وأخبرني يحيى بن عبد الله قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال:
حدثنا ابن المعلى، ح.
قال: وأخبرني صفوان بن صالح- أملاه علي- قال حدثنا الوليد ابن مسلم قال: حدثنا محمد بن مهاجر قال: سمعت أخي عمرو بن مهاجر قال:
سمعت عمر بن عبد العزيز، وذكر مسجد دمشق، فقال: رأيت أموالا أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت- وقال الميداني: أدركت منها- فراده الى بيت المال، أعمد الى ذلك الفسيفساء والرخام فأقلعه وأطينه، وأنزل تلك السلاسل وأجعل مكانها حبالا، وأنزع تلك البطائن فأبيع جميع ذلك وأدخله بيت المال، فبلغ ذلك أهل دمشق فاشتد عليهم، فخرج اليه أشرافهم فيهم خالد القسري، فقال لهم خالد: ائذنوا لي حتى أكون أنا المتكلم، فأذنوا له فلما أتوا دير سمعان استأذنوا على عمر فأذن لهم، فلما دخلوا سلموا عليه، فقال له خالد: يا أمير المؤمنين بلغنا أنك هممت في مسجدنا بكذا وكذا؟ قال: نعم رأيت أموالا أنفقت في غير حقها، وأنا مستدرك ما أدركت منها فراده الى بيت المال، فقال له: والله ما ذلك لك(7/3069)
يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لمن هو لأمك الكافرة، وغضب عمر، وكانت أمه نصرانية أم ولد رومية، فقال خالد: ان تك كافرة فقد ولدت مؤمنا فاستحى (35- و) عمر وقال: صدقت، فما قولك ما ذاك لي، قال: لأنا كنا معشر أهل الشام وإخواننا من أهل مصر واخواننا من أهل العراق نغزو فيعرض على الرجل منا أن يحمل من أرض الروم فقيزا بالصغير من فسيفساء وذراع في ذراع من رخام فيحمله أهل العراق وأهل حلب الى حلب ويستأجر على ما حملوا الى دمشق ويحمله أهل حمص الى حمص ويستأجر على ما حملوا الى دمشق، ويحمل أهل دمشق ومن وراءهم حقهم الى دمشق، فذلك قولي ما ذاك لك، فسكت عمر.
قال: ثم جاءه بريد من مصر من واليها يخبره أن قاربا ورد عليه من رومية فيه عشرة من الروم عليهم رجل منهم يريدون الوفود الى أمير المؤمنين، فكتب اليه أن وجههم إليّ، ووجه معهم عشرة من المسلمين عليهم رجل منهم كلهم يحسن بالرومية ولا يعلمونهم بذلك حتى يحملون إليّ كلامهم، فساروا حتى نزلوا دمشق خارج باب البريد، فسأل الروم رئيس العشرة من المسلمين أن يستأذن لهم الوالي في دخول المسجد فأذن لهم فمروا في الصحن حتى دخلوا من الباب الذي يواجه القبة، فكان أول ما استقبلوا المقام «1» ثم رفعوا رؤوسهم الى القبة فخر رئيسهم مغشيا عليه، فحمل الى منزله فأقام ما شاء الله أن يقيم، ثم أفاق فقالوا بالرومية: ما قصتك، عهدناك بالرومية وما ننكرك وصحبتنا في طريقنا هذه فما أنكرناك فما الذي عرض لك حين دخلت (35- ظ) هذا السجد؟ قال: لأنا معشر أهل رومية تتحدث ان بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدة سيبلغونها، فلذلك أصابني الذي أصابني فلما قدموا على عمر أخبروه بما سمعوا منه، فقال عمر: ألا أرى مسجد دمشق غيظا على الكفار، فترك ما كان هم به من أمره «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو(7/3070)
الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: ومن بجيلة بن أنمار بن أراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ: يزيد بن أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار، وهو جد خالد بن عبد الله القسري.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مطكود السوسي قال:
أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: حدثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا أحمد بن عمير- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن بن سميع قال:
خالد بن عبد الله بن أسد القسري.
كذا قال، وانما هو عبد الله بن يزيد بن أسد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر، في كتابه، قال: أخبرنا (36- و) عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: خالد بن عبد الله القسري البجلي اليماني كان بواسط، ثم قتل بالكوفة قريب من سنة مائة وعشرين، عن أبيه عن جده، روى عنه سيار أبو الحكم، وهو الذي قال يوم الاضحى: اني مضح بالجعد بن درهم زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما، ولم يتخذ ابراهيم خليلا، ثم نزل فذبحه.
قال قتيبة: حدثنا القاسم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب عن أبيه عن جده قال: شهدت خالدا وهو أخو أسد وهو ابن يزيد بن أسد ابن كرز أبو الهيثم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الاديب قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو علي اجازة، ح.(7/3071)
قال ابن منده: وأخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن خلف التميمي قال: حدثنا يحيى الحماني قال: قيل لسيار: تروي عن مثل خالد؟ قال: انه كان أشرف من أن يكذب.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم قال: أنبأنا أبو نصر بن ماكولا قال: وأما قسر، بفتح القاف وسكون السين المهملة، فهو قسر ابن عبقر قبيل من بجيلة ينسب (36- ظ) اليها يزيد بن أسد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ولده خالد بن عبد الله القسري أمير العراق، يروي عنه عن أبيه عن جده، يقال جده يزيد بن أسد، ويقال أنه ليس من ولده «1» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما أذن لنا فيه، وسمعت منه بدمشق- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خالد بن عبد الله ابن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر بن عبقري، أبو الهيثم البجلي القسري أمير مكة للوليد وسليمان، وأمير العراقين لهشام بن عبد الملك، وهو من أهل دمشق.
روى عن أبيه، روى عنه سيار أبو الحكم، واسماعيل بن أوسط البجلي، وحبيب بن أبي حبيب، وحميد الطويل، واسماعيل بن أبي خالد، وداره بدمشق هي الدار الكبيرة التي في مربعة القز، تعرف اليوم بدار الشريف الزيدي، واليه ينسب الحمام التي تقابل باب قنطرة سنان بباب توما.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات عبد الملك وعلى مكة نافع ابن علقمة بن صفوان، فأقره الوليد سنين ثم عزله وولى خالد بن عبد الله القسري وذلك سنة تسع وثمانين، فلم يزل بها واليا حتى مات الوليد وأقر- يعني- سليمان ابن عبد الملك عليها خالد بن عبد الله (37- و) القسري ثم عزله وولى داوود بن طلحة. وفيها- يعني، سنة ست ومائة- ولي خالد بن عبد الله القسري العراق.
وقال: سنة عشرين ومائة فيها عزل هشام خالد بن عبد الله القسري عن العراق(7/3072)
وولاها يوسف بن عمر. قال: وفيها يعني سنة تسع وثمانين ولي خالد بن عبد الله القسرى- مكة. وقال خليفة: حدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده وعبد الله بن المغيرة عن أبيه، وأبو اليقظان وغيرهم قالوا: جمعت العراق لخالد بن عبد الله بن أسد بن كرز البجلي في سنة ست ومائة، وعزل سنة عشرين ومائة. «1» .
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن محمد السمناني وأبو القاسم بن السمرقندي قالا: أخبرني أبو محمد الصريفيني- قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا ابن هانىء قال:
حدثنا أحمد بن حنبل قال: سمعت طلق النخعي قال: مات معبد في ولاية خالد وولي خالد سنة ست عشرة وتوفي سنة عشرين.
قال الحافظ أبو القاسم: كذا قال، وهو وهم «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله ابن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا أبو عبد الله قال: ولي خالد سنة ست ومائة، وعزل سنة عشرين.
قال أبو القاسم بن السمرقندي: (37- ظ) أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال:
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله جعفر قال: حدثنا يعقوب قال:
سمعت عبد الرحمن بن ابراهيم قال: قال أبو مسهر في حديث: ماتت أم خالد القسري فخرج معها خالد وقال: كذب من قال ان خالدا ولي العراق سنة ولي هشام، سنة خمس ومائة فأقام عليها الى سنة عشرين ومائة.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكّري قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا(7/3073)
سلمة بن بلال عن مجالد قال: ولي العراق عمر بن هبيرة الفزاري فكان على شرطه سويد بن فلان المزني، وعلى شرطة الكوفة خالد بن عبد الله القسرى. ثم ولي العراق خالد بن عبد الله القسري.
وأخبرنا أيضا عمر بن طبرزد- كتابة- قال أخبرنا أبو السعود بن المجلى- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن علي قال: حدثنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي ابن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي عن ابن عباس قال في تسمية من ولي العراق وجمع له المصران: خالد بن عبد الله.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل أحمد بن الحسن، قالا: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن بشران (38- و) قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد عن الهيثم بن عدي قال: قال ابن عباس: الأشراف من أبناء النصرانيات خالد بن عبد الله القسري.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الله بن سليمان قال: أنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أنا علي بن الحسين الفراء- إجازه- قال: أنا عبد الله بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: أخبرنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن الحارث قال:
سمعت المدائني يقول: أول ما عرف به سؤدد خالد بن عبد الله القسري أنه مرّ في سوق دمشق وهو غلام فأوطأ فرسه صبيا فوقف عليه، فلما رآه لا يتحرك أمر(7/3074)
غلامه فحمله، ثم أتى به إلى مجلس قوم فقال: إن حدث بهذا الغلام حدث فأنا صاحبه أوطأته فرسي ولم أعلم «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن أحمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن (38- ظ) القاسم قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: وحدثنا أبو المليح قال: سمعت خالد القسري على المنبر يقول: قد اجتمع من فيئكم هذا ألف ألف لم يظلم فيها مسلم ولا معاهد.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال:
أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا أبو المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن محمد بن خالوية النحوي قال: حدثني اليزيدي قال: حدثني أبو موسى عن دماذ عن الأصمعي قال: حرم خالد بن عبد الله القسري الغناء، فأتاه حنين ابن بلوّع في أصحاب المظالم ملتحفا على عود فقال: أصلح الله الأمير شيخ كبير ذو عيال، كانت له صناعة حلت بينه وبينها، قال: وما ذاك؟ فأخرج عوده وغنى:
أيها الشامت المعيّر بالشيب ... أقلّن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب قبلك حينا ... فوجدت الشباب ثوبا معارا
فبكى خالد، وقال: صدق والله إن الشباب لثوب معار، عد إلى ما كنت عليه ولا تجالس شابا ولا معربدا «2» .
هكذا قال أبو الفرج الحسين بن محمد بن خالويه، ووهم في اسم أبيه وهو الحسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه، وقد ذكرنا ترجمته فيما سبق.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي (39- و) - بقراءتي عليه(7/3075)
بحلب- قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك بن عبد الرحمن بن زريق الشيباني، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي المعدّل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: عرض خالد بن عبد الله القسري سجنه، فكان فيه يزيد بن فلان البجلي، فقال له خالد في أي شيء حبست يا يزيد؟
قال: في تهمة أصلح الله الأمير، قال: تعود إن أطلقتك؟ قال: نعم أيها الأمير وكره أن يصرح بالقصة أو يومي إليها فيفضح معشوقته لكي لا ينالها أهلها ببعض المكروه، فقال خالد لأولياء الجارية: أحضروا رجال الحي حتى نقطع كفه بحضرتهم وكان ليزيد أخ فكتب شعرا ووجه به إلى خالد:
أخالد قد أنطيت والله غشوة ... وما العاشق المسكين فينا بسارق
أقر بما لم يأته المرء أنه رأى ... القطع خيرا من فضيحة عاشق
ولولا الذي قد خفت من قطع كفه ... لألفيت في أمر الهوى غير ناطق
إذا بدت الرايات للسبق في العلى ... فأنت ابن عبد الله أول سابق
فلما قرأ خالد الأبيات علم صدق قوله، فأحضر أولياء الجارية فقال: تزوجوا (39- ظ) يزيد فتاتكم، فقالوا: أما وقد ظهر عليه ما ظهر فلا، فقال: لئن لم تزوجوه طائعين لتزوجنه كارهين، فزوجوه ونقد خالد المهر من عنده.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء ابن نظيف بن ما شاء الله المعري قال: أخبرنا الضراب أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عبدان قال:
حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت الأصمعي قال: قال أعرابي لخالد بن عبد الله(7/3076)
القسري: أصلح الله الأمير لم أصن وجهي عن مسألتك، فصن وجهك عن ردّي وضعني من معروفك حيث وضعتك من رجائي، فأمر له بما سأل.
ودخل إليه أعرابي ومعه جراب فقال: أصلح الله الأمير يأمر لي بملأ جرابي دقيقا فقال خالد املئوه دراهم، فخرج على الناس، فقيل له: ما صنعت في حاجتك؟
قال: سألت الأمير ما أشتهي فأمر لي بما يشتهي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال:
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا أبو أحمد الختلي قال: أخبرنا أبو حفص- يعني- النسائي، قال: قرأت في كتاب عن عبد الملك (38- و) بن قريب الأصمعي قال: دخل أعرابي على خالد ابن عبد الله القسري فقال: أصلح الله الأمير إني قد امتدحتك ببيتين ولست أنشدكهما إلّا بعشرة آلاف وخادم فقال له خالد قل فأنشأ يقول:
لزمت نعم حتى كأنك لم تكن ... لزمت من الأشياء شيئا سوى نعم
وأنكرت لا حتى كأنك لم تكن ... سمعت بلا في سالف الدهر والأمم
فقال خالد بن عبد الله: يا غلام عشرة آلاف وخادما يحملها.
قال: ودخل عليه أعرابي وقال: إني قد قلت شعرا وأنشأ يقول: «1»
أخالد إني لم أزرك لحاجة ... سوى أنني عاف وأنت جواد
أخالد إن الأجر والحمد حاجتي ... فأيهما تأتي وأنت عماد
فقال له خالد بن عبد الله: سل يا أعرابي، قال: قد جعلت المسألة إليّ أصلح الله الأمير؟ قال: نعم، قال: مائة ألف درهم، قال: أكثرت يا أعرابي، قال: أفأحطك أصلح الله الأمير؟ قال: نعم قال: قد حططتك تسعين ألفا، فقال له خالد:
يا أعرابي ما أدري من أي أمريك أعجب، فقال له: أصلح الله الأمير إنك لما جعلت المسألة إليّ سألتك على قدرك وما تستحقه في نفسك، فلما سألتني أن أحط حططتك(7/3077)
على قدري وما أستاهله في نفسي، فقال له خالد: والله يا أعرابي لا تغلبني، يا غلام مائة ألف فدفعها إليه «1» .
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد الفنكي عن أبي المعالي بن صابر قالا: (40- ظ) أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة المعزية قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا علي بن الحسين الفراء- إجازة- قال أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو الحسن الربعي قال حدثنا الزيادي عن العتبي قال: دخل أعرابي على خالد القسري فقال: إني امتدحك ببيتين فاسمعهما، قال: هات فأنشأ يقول:
أخالد إني لم أزرك لحاجة ... سوى أنني عاف وأنت جواد
أخالد بين الأجر والحمد حاجتي ... فأيهما تأتي فأنت عماد
فقال خالد: سلني يا أعرابي، قال: قد جعلت المسألة إليّ؟ قال: نعم، قال:
مائة ألف درهم، قال: أسرفت يا أعرابي قال: أفأحطك أصلح الله الأمير؟ قال:
نعم، قال: حططتك تسعين ألفا، قال: ما أدري يا أعرابي أي أمريك أعجب حطيطتك أم سؤالك، فقال: أصلح الله الأمير، إني سألتك على قدرك وحططتك على قدري، وما استاهل في نفسي، قال خالد إذا والله لا تغلبني، أعطه يا غلام مائة ألف.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال حدثنا (41- ز) عبد الملك ابن قريب الأصمعي قال: حدثني عمر بن الهيثم قال: بينما خالد بن عبد الله بظهر(7/3078)
الكوفة متنزها إذ حضره أعرابي فقال: يا أعرابي أين تريد؟ قال: هذه القرية- يعني الكوفة- قال: وماذا تحاول بها؟ قال: قصدت خالد عبد الله متعرضا لمعروفه، قال: فهل تعرفه؟ قال: لا، قال: فهل بينك وبينه قرابة؟ قال: لا ولكن لما بلغني من بذله المعروف، وقد قلت فيه شعرا أتقرب به إليه، قال خالد: فأنشدني ما قلت: فأنشأ يقول:
إليك ابن كرز الخير أقبلت راغبا ... لتجبر مني ما وهى وتبددا
إلى الماجد البهلول ذي الحلم والندى ... وأكرم خلق الله فرعا ومحتدا
إذا ما أناس قصروا بفعالهم ... نهضت فلم تلفى هنا لك مقعدا
فيالك بحرا يغمر الناس موجه ... إذا يسأل المعروف جاش وأزبدا
بلوت ابن عبد الله في كل موطن ... فألفيت خير الناس نفسا وأمجدا
فلو كان في الدنيا من الناس خالد ... لجود بمعروف لكنت مخلدا
فلا تحرمني منك ما قد رجوته ... فيصبح وجهي كالح اللون أربدا
فحفظ خالد الشعر، وقال له: انطلق صنع الله لك، فلما كان من غد دخل الناس الى خالد واستوى السماطان بين يديه، تقدم الأعرابي وهو يقول:
إليك ابن كرز الخير أقبلت راغبا ...
فأشار إليه خالد بيده أن اسكت، ثم أنشد خالد بقية الشعر، وقال له:
يا أعرابي قد قيل هذا (41- ظ) الشعر قبل قولك، فتحير الأعرابي وورد عليه ما أدهشه، وقال: تالله ما رأيت كاليوم شيئا لخيبة وحرمان، فانصرف وأتبعه خالد برسول ليسمع ما يقول، فسمعه الرسول يقول:
ألا في سبيل الله ما كنت أرتجي ... لديه وما لاقيت من نكد الجهد
دخلت على بحر يجود بماله ... ويعطي كثير المال في طلب الحمد
فحالفني الجد المشوم لشقوتي ... وقاربني نحسي وفارقني سعدي
فلو كان لي رزق لديه لنلته ... ولكنه أمر من الواحد الفرد
فقال له الرسول: أجب الأمير فلما انتهى الى خالد قال له: كيف قلت؟
فأنشده، ثم استعاده فأعاده ثلاثا إعجابا منه به ثم أمر له بعشرة آلاف درهم.(7/3079)
قال المعافى: قوله فلم تلفى، والوجه فلم تلف، ولكنه اضطر فجاء به على الأصل كما قال الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد
وقد استقصينا هذا الباب في غير هذا الموضع «1» .
وقال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: حدثنا الأصمعي قال: ذكروا أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك أنشأ عطايا كثيرة، وأذن للناس إذنا عاما فدخلت عليه أعرابية قسرية فأنشأت تقول: (42- و)
إليك يا بن السادة المواجد ... يعمد في الحاجات كلّ- عامد
فالناس بين صادر ووارد ... مثل حجيج البيت نحو خالد
وأنت يا خالد خير والد ... أصبحت عند الله بالمحامد
مجدك مثل الشمّخ الرواكد ... ليس طريف الملك مثل التالد
قال: فقال لها خالد: حاجتك كائنة ما كانت؟ فقالت: أصلح الله الامير أناخ علينا الدهر بجرانه وعضنا بنابه فما ترك لنا صافنا ولا ماهنا، فكنت المنتجع واليك المفزع، قال: فقال لها خالد: هذه حاجة لك دوننا، فقالت: والله لئن كان لي نفعها ان لك لأجرها وذخرها، مع أن أهل الجود لو لم يجدوا من يقبل العطاء لم يوصفوا بالسخاء، قال لها خالد: أحسنت، فهل لك من زوج؟ فقالت: لا وما كنت لا تزوج دعيا وان كان موسرا غنيا، وما كنت اشتري عارا يبقى بمال يفنى، واني بجزيل مال الامير لغنيه، قال الاصمعي: فأمر لها بعشرة آلاف درهم.
قال القاضي: أما قولها فما ترك لنا صافنا ولا ماهنا: الصافن من الخيل فيما ذكره أبو عبيدة الذي يجمع بين يديه وبين طرف سنبك احدى رجليه، والسنبك مقدم الحافر، قال: وقال بعض العرب: بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجليه، وهو مخيم، يقال أخام برجله، وقال الفراء: الصافنات فيما ذكر الكلبي باسناده: القائمة على ثلاث، وقد انافت الاخرى على طرف (42- ظ)(7/3080)
الحافر من يد أو رجل، وهي قراءة عبد الله صوافن، فإذا وجبت يريد معقولة على ثلاث، وقد رأيت العرب تجعل الصافن القائم على ثلاث أو غير ثلاث، وأشعارهم تدل على أن القائم خاصة والله أعلم بصوابه.
وقد روي عن ابن عمر انه قال لرجل يريد نحر ناقته: انحرها معقوله اليسرى واليمنى قائمه على ثلاث سنه محمد صلى الله عليه وسلم، أو نحو هذا القول.
وقد قرئ: «فاذكروا اسم الله عليها صوافن» «1» على ما تقدم من الحكاية عن ابن مسعود، وصوافن بمعنى خالصة لله عز وجل من الصفا والخلوص، فأما قراءة الجمهور الاعم والسواد الاعظم فإنه صواف، على جمع الصافة وهي المصطفة، ورسم مصاحف المسلمين شاهد لهذه القراءة بالصحة مع استفاضة النقل لها في الامة، وقد قال عمرو بن كلثوم في معنى هذه اللفظة:
تركنا الخيل عاكفة عليه ... مقلدة أعنتها صفونا «2»
وأما قولها: ولا ماهنا، فإنها تعني ولا خادما، ومن الماهن قول الشاعر:
وهربن مني ان رأين مويهنا ... تبدو عليه شتامة المملوك
المويهن تصغير ماهن، والخويدم تصغير خادم، والشتامة القبح، والكلوح، يقال وجه شتيم، أي باسر قبيح، ومن هذا الشتم والشتيمة في القول، معناه قبحه وقذعه والمشاتمة المسابة، وهما من هجر القول وفحشه، وقال بعض اللغويين: عضنا الدهر إنما يقال فيه عظنا بالظاء والمعروف (43- و) فيه الضاد.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى بني هاشم قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي الاصمعي(7/3081)
عن الأصمعي قال: اتى خالد بن عبد الله رجل في حاجة فقال له: تكلم، فقال الرجل:
أتكلم بحدة الجأش أم بهيبة الأمل؟ قال: بل بهيبة الأمل، فسأله فقضى حاجته.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الوهاب السلامي قال: أخبرنا أبو الفوارس النقيب قال أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين الجوزي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه قال:
حدثني الوليد بن نوح مولى لام حبيبة بنت أبي سفيان قال: سمعت خالد القسري على المنبر يقول: إني لاطعم كل يوم ستة وثلاثين الفا من الاعراب تمرا وسويقا.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش- إجازة- قال:
أخبرنا أبو يعلى بن الفراء قال: أخبرنا اسماعيل بن سعيد بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن القاسم (43- ظ) بن جعفر الكوكبي قال: حدثنا محمد بن موسى المارستاني المقرئ قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا ثابت بن سليمان البجلي عن خالد بن سليمان بن مهاجر قال سقط خاتم للرائقة جارية خالد بن عبد عبد الله القسري اشتراه لها بعشرين ألف درهم، في بلاعة الدار، فاغتمت وقالت:
يا مولاي جئني بمن يخرجه فقال لها: نخلفه عليك ولا يعود في يدك وقد صار في ذلك الموضع، يدك أعز علي من ذلك ثم قال:
أرائق لا تأسي على خاتم هوى ... فللأرض من حظ الكرام نصيب
فاشترى لها بدله فصا بخمسة آلاف دينار.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد بن عمر الدمشقي قال: أخبرنا عمر بن عبد الملك بن عمر الشاهد قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه البزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الاوقي قال: أخبرنا أبو طاهر(7/3082)
أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن عبد الله بن الشويخ الارموي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن سنبك قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الانصاري- واللفظ له- قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني أبو القاسم هارون بن أبي يحيى السلمي قال: أخبرني محمد بن ريان عن (44- و) محمد بن عمران عن اسماعيل بن عبد الله القسري قال: قال خالد بن عبد الله القسري لبنيه: إنكم قد شرفتم وقمن أن تطلب إليكم الحوائج، فمن تضمن حاجة امرئ مسلم فليطلبها بأمانة الله عز وجل. «1»
أخبرنا أبو علي الاوقي قال: أخبرنا أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الحطاب قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الواحد ابن محمد قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:
حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب عن عمه قال: قال خالد القسري لرجل من قريش: ما يمنعك أن تسألنا؟ قال: إذا سألتك فقد أخذت ثمنه (44- ظ) .(7/3083)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال:
أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح قال: حدثنا محمد بن عمران عن أبيه قال: كتب خالد بن عبد الله القسري الى أبان بن الوليد البجلي، وكان قد ولاه المبارك «1» :
أما بعد فإن بالرعية من الحاجة الى ولاتها مثل الذي بالولاة من الحاجة إلى رعيتها وإنما هم من الوالي بمنزلة جسده من رأسه وهو منهم بمنزلة رأسه من جسده، فأحسن الى رعيتك بالرفق بهم، والى نفسك بالاحسان إليها ولا يكونن هم الى صلاحهم أسرع منك اليه، ولا عن فسادهم أدفع منك عنه، ولا يحملك فضل القدرة على شدة السطوة بمن قل ذنبه، ورجوت مراجعته ولا تطلب منهم إلا مثل الذي تبذل لهم، واتق الله في العدل عليهم والاحسان إليهم و «ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» «2» أصرم فيما علمت، واكتب إلينا فيما جهلت يأتك أمرنا في ذلك ان شاء الله والسلام «3» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن الانماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال:
أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن (46- و) عمرو العقيلي(7/3084)
قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أبو نعيم قال:
حدثني الفضل بن الزبير قال: سمعت خالد القسري وذكر عليا فذكر كلاما لا يحل ذكره.
قال العتيقي: وحدثنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت يحيى بن معين قال: خالد ابن عبد الله القسري كان واليا لبني أمية، وكان رجل سوء وكان يقع في علي بن أبي طالب.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الاصمعي قال: خبرت أن خالد بن عبد الله القسري ذم بئر زمزم، قال: يقال ان زمزم لا تنزح ولا تذم بلى والله انها تنزح وتذم ولكن هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة، وكان ذلك أيام هشام بن عبد الملك.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم النبيل قال: ساق خالد ماء الى مكة فنصب طستا الى جانب زمزم- قال أبو عاصم: قد رأيتها- ثم خطب فقال: قد جئتكم بماء الغادية لا تشبه أم الخنافس، يعني زمزم.
قال: وحدثنا الاصمعي قال: حدثنا أبو عاصم قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: لما أخذ خالد سعيد بن جبير وطلق بن حبيب خطب فقال: كأنكم أنكرتم ما صنعت، والله ان لو كتب الى أمير المؤمنين لنقضتها حجرا حجرا، يعني الكعبة.
قال: (46- ظ) وحدثنا الاصمعي قال: وسمعت شبيب بن شيبة يقول:
ولي خالد العراق بضع عشرة سنة من قبل هشام بن عبد الملك.
قال: وكان سبب عزله أن امرأة أتت خالدا فقالت له: ان غلامك فلانا توثب عليّ وهو مجوسي، فأكرهني على الفجور وغصبني نفسي، فقال: كيف وجدت قلفته؟
فكتب بذلك حسان النبطي الى هشام بن عبد الملك فعزله وولى يوسف بن عمر العراق.(7/3085)
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا الاصمعي قال: حدثنا شبيب بن شيبة قال: خطب خالد بن عبد الله القسري فقال وهو على المنبر: يسومونني أن أقتد «1» من كاتبي وان أقدت منه لقد أقدت من نفسي، وان أقدت من نفسي لقد أقاد أمير المؤمنين من نفسه، وان أقاد أمير المؤمنين من نفسه لقد أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه، ولئن أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه ليقيدن هاه هاه هاه، يومي بيده- أو قال باصبعه- الى فوق جل ربنا وتعالى علوا كبيرا.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن (47- و) عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: قتل خالد سنة ست وعشرين ومائة وهو ابن نحو ستين سنة «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء- اذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل اجازة، ح.
قال أبو غالب بن البناء: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد- اجازة- قال:
أخبرنا أبو بكر بن تيري- قراءة عليه- قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال:
أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا صالح بن سليمان قال: أراد الوليد بن يزيد الحج وقال: أشرب فوق ظهر الكعبة، فهم قوم أن يفتكوا به اذا خرج فجاؤوا الى خالد بن عبد الله القسري فسألوه أن يكون معهم(7/3086)
فأبى، فقالوا له: فاكتم علينا، فقال: أما هذا فنعم، فجاء الى الوليد فقال له:
لا تخرج فاني أخاف عليك قال: من هؤلاء الذين تخافهم عليّ؟ قال: لا أخبرك بهم قال: ان لم تخبرني بهم بعثت بك الى يوسف، قال: وان بعثت بي الى يوسف، قال فبعث به الى يوسف فعذبه حتى قتله.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء- في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة- قال: أبو اسحاق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار ابن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة:
(47- ظ) أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال:
حدثني جدي قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا الحنفي- يعني- أحمد ابن الاسود قال: حدثنا ابن أبي شيخ قال: حدثنا أبو سفيان الحميري وصالح بن سليمان قالا: أراد الوليد بن يزيد الحج وهو خليفة، فاتعد فتية من وجوه أهل اليمن أن يفتكوا به في طريقه، وسألوا خالدا القسري أن يكون معهم فأبى، قالوا:
فاكتم علينا: فأتاه خالد فقال: يا أمير المؤمنين دع الحج فاني خائف عليك قال: ومن الذي تخافهم عليّ سمهم، قال: قد نصحتك ولن اسميهم لك، قال: اذا أبعث بك الى عدوك يوسف بن عمر قال: وان فعلت، فبعث به الى يوسف بن عمر فعذبه حتى قتله، ولم يسم له القوم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: فلبث خالد يوما في العذاب ثم وضع على صدرته المضرسة فقتل من الليل، ودفن بناحية الحيرة في عباءته التي كان فيها، وذلك في المحرم سنة ست وعشرين ومائة، في قول الهيثم، فأقبل عامر بن سهلة الاشعري فعقر فرسه على قبره، فضربه يوسف سبعمائة سوط «1» .(7/3087)
أنبأنا أحمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: (48- و) أخبرنا أبو محمد الجوهري في كتابه قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني- اجازة- قال:
أخبرنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما قتل خالد بن عبد الله القسري لم يرثه أحد من العرب على كثرة أياديه عندهم الا أبو الشغب العبسي فقال:
ألا ان خير الناس حيا وهالكا ... أسير ثقيف عندهم في السلاسل
لعمري لقد أعمرتم السجن خالدا ... وأوطأتموه وطأة المتثاقل
فان تسجنوا القسري لا تسجنوا اسمه ... ولا تسجنوا معروفه في القبائل
خالد بن عبد الرحمن:
روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه داود بن عبد الرحمن، وكان بعسكر سليمان بن عبد الملك بدابق.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين النساج قال: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي، ح.
وقال ثابت: وأخبرتنا ست الاخوة بنت محمد بن أبي منصور الكرخي قالت:
أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم قالا: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبيد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم بن كثير قال:
حدثنا أبو اسحاق الطالقاني عن الفضل بن موسى عن داود بن عبد الرحمن عن خالد ابن عبد الرحمن قال: كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من (48- ظ) الليل فأرسل اليهم بكرة فجيء بهم فقال: ان الفرس لتصهل فتستودق لها الرمكة، وان الفحل ليخطر فتضبع له الناقة، وان التيس ليثب فتستحرم له العنز، وان الرجل ليتغنى فتشتاق اليه المرأة، ثم قال: اخصوهم، فقال عمر بن عبد العزيز: هذا مثله ولا يحل، فخلى سبيلهم «1» .(7/3088)
خالد بن عرفطة «2» :
ابن أبرهة بن سنان بن صيفي- وقيل صيفي- بن العيلة بن عبد الله بن غيلان- وقيل عيلان- بن أسلم بن حراز بن كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن فحطان العذري.
صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن حبيب بن سالم، وسالم بن عبيد روى عنه مولاه مسلم وأبو عثمان النهدي وهلال وعبد الله بن يسار، وشهد فتح المدائن، وولاه سعد بن أبي وقاص قتال الفرس يوم القادسية، وكان في صحبة معاوية حين توجه من الشام وعبر معه جسر منبج الى الاخنونية «1» ، وصالح الحسن ابن علي رضي الله عنه وكان خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتى دخل معه الكوفة.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال:
حدثنا محمد بن غالب قال: حدثني عبد الصمد قال: حدثنا ورقاء عن منصور عن هلال قال: كنا في مسير فعطس رجل من القوم، فقال: السلام عليكم، فقال له سالم ابن عبيد الاشجعي: وعليك وعلى أمك، قال: لعلك ساءك ما قلت؟ قال: ما يسرني أن تذكر أمي بخير ولا شر، قال: أما اني لا أقول الا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وعطس- يعني رجلا من القوم- فقال: السلام عليكم، فقال: عليك وعلى أمك، وذكر تمام الحديث، وسنذكره في ترجمة سالم بن عبيد.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق العطار البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويّه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران(7/3089)
ابن عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي السمرقندي قال: أخبرنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبان ابن يزيد عن قتادة قال: كتب اليّ خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم: ان غلاما كان ينبز فرفورا، فوقع على جارية (51- و) امرأته، فرفع الى النعمان بن بشير فقال:
لأقضين فيه بقضاء شاف ان كانت أحلتها له جلدته مائة، وان كانت لم تحل له رجمته فقيل لها: زوجك، فقالت: اني قد أحللتها له، فضربه مائة، قال يحيى هو مرفوع.
وقال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا صدقة ابن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد بن عرفطة البكري، حليف بني زهرة له صحبة، روى عنه أبو عثمان النهدي، وعبد الله بن يسار، ومسلم مولى خالد بن عرفطة، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال أبو محمد بن أبي حاتم: خالد بن عرفطة روى عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير، روى أبان بن يزيد العطار عن قتادة عنه، سألت أبي عنه فقال: هو مجهول لا أعرف أحدا يقال له خالد بن عرفطة الا واحد الذي له صحبة «1» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري- فيما كتب الينا من مكة- قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الاشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: (51- ظ) أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان الليثي ويقال البكري من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، ويقال بل هو من قضاعة من بني عذرة، ومن قال هذا قال: هو خالد بن عرفطة بن صعير بن أخي ثعلبة بن صعير، عذري من بني حراز بن كاهل(7/3090)
ابن عذرة حليف لبني زهرة، يقال العذري ويقال الحرّازي، ويقال البكري، ومن جعله عذريا قال: هو خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان بن صيفي بن الهائلة بن عبد الله بن غيلان بن أسلم بن حراز بن كاهل بن عذرة بن سعد هذيم وهذا هو الصواب في نسبه، والحق ان شاء الله والله أعلم.
قال: وقال خليفة بن خياط: لما سلّم الامر الحسن الى معاوية خرج عليه عبد الله ابن أبي الحرشاء بالنخيلة، فبعث اليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة، فقتل ابن أبي الحرشاء ويقال ابن أبي الحمساء، وذلك في جمادى سنة احدى وأربعين فيما ذكر أبو عبيدة والمدائني، وفي ذلك الشهر كان الاجتماع على معاوية «1» .
قال أبو عمر: سكن خالد بن عرفطة الكوفة ومات بها سنة ستين وقيل سنة احدى وستين عام قتل الحسين، وفيها ولد عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبو عثمان النهدي ومسلم مولاه وعبد الله بن يسار «2» (52- و) .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن سليمان الاصبهاني قال: حدثنا يونس بن أبي النعمان عن أم حكيم بنت عمرو الجدلية قالت: لما قدم معاوية- يعني الكوفة- فنزل النخيلة، دخل من باب الفيل، وخالد بن عرفطة يحمل راية معاوية، حتى ركزها في المسجد.
خالد بن عمرو بن خالد السلفي الحموي:
أبو الأجل نزيل حماه، بلدة من العواصم قد ذكرناها في مقدمة الكتاب. روى عن بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، وأبي حاتم بن ادريس الرازي، ومروان بن معاوية الفزاري، ويحيى بن محمد الطائفي، وهو حمصي نزل حماه.(7/3091)
قال أبو محمد بن أبي حاتم الرازي: خالد بن عمرو السلفي، كان ينزل حماة، على مسيرة يومين من حمص، سمع من أبي في الرحلة الاولى «1» .
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال:
خالد بن عمرو بن خالد أبو الاخيل السلفي الحمصي، روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس، وكان جعفر الفريابي يقول: رأيت أبا الاخيل هذا بحمص ولم أكتب عنه لانه يكذب.
وقال ابن عدي: سمعت بعض أصحابنا يذكره عن الفريابي.
قال ابن عدي: ولأبي الأخيل أحاديث مناكير «2» .
أنبأنا عبد البر قال: أخبرنا البرمكي قال: أخبرنا ابن مسعدة قال: أخبرنا حمزة قال: أخبرنا أبو أحمد قال: سمعت أحمد بن أبي الأخيل يقول: مات أبو الأخيل خالد بن عمرو سنة ست وثلاثين ومائتين (49- و) .
خالد بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص:
القرشي حدث بالمصيصة عن سفيان الثوري، وروى عنه الليث بن سعد وشيبان وهشام الدستوائي، والمغيرة بن زياد ومالك بن مغول واسرائيل وابراهيم بن صالح ابن درهم، وشعبة بن الحجاج، وابن أبي ذئب ومسعر بن كدام.
روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وأبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وعبد الله بن عمر بن أبان، وحاجب بن سليمان المنبجي وأحمد بن منصور الرمادي، وكثيّر بن أبي صابر القنسريني، ومحمد بن حميد، وعمر بن يزيد السياري، وأبو عبد الله محمد بن الفرج بن الضحاك، وأبو علي محمد بن يزيد بن أبي الخناجر.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن(7/3092)
عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي العشاري قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن شمعون قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن أبي حذيفة الدمشقي قال: حدثنا أبو علي محمد بن يزيد بن أبي الخناجر قال: حدثنا خالد بن عمرو القرشي قال: حدثنا مسعر عن منصور عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فزاد أو نقص، فقيل له: أحدث في الصلاة شيء؟
قال: لو حدث لانبأتكم، هل أنا الا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فأيكم زاد في صلاتنا أو نقص فليتحرى الصلوات وليتم وليسجد سجدتي السهو «1» .
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى- قراءة عليه وأنا أسمع بالكلاسة من جامع دمشق- قال: أخبرنا جدي لأمي أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، قيل له: أخبركم أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن ميمون الربعي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله الكندي قال: أخبرنا سعيد- هو- أبو عثمان بن عبد العزيز بن مروان المعروف بالحلبي قال: حدثنا خالد بن عمرو عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عبد الله الصنابحي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يقول عز وجل: إن كنتم ترجون رحمتي فارحموا خلقي «2» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- فيما أذن لي في روايته عنه- (49- ظ) قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني- في كتابه- قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن جعفر المغازلي قال: أخبرنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو عبد الله بن سعيد بن العاص بالمصيصة قال حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين «3» .(7/3093)
أنبأنا أبو محمد بن عبد البر بن الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا ابن حماد قال:
حدثنا العباس قال: سمعت يحيى يقول: خالد بن عمرو السعيدي ليس حديثه بشيء.
وقال ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني عبد الله قال: سألت أبي عن خالد بن عمرو القرشي فقال: ليس بثقة، وهو ابن عم عبد العزيز بن أبان، يروي أحاديث بواطيل.
وقال ابن عدي: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: خالد بن عمرو يعد في الكوفيين أراه قرشي، قال أحمد: منكر الحديث، سمع منه (50- و) أبو عبيد القاسم بن سلام.
وقال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: خالد بن عمرو عن شيبان وهشام الدستوائي، روى عنه أبو عبيد منكر الحديث «1» .
قال: وقال النسائي فيما أخبرني محمد بن العباس عنه قال: خالد بن عمرو الأموي ليس بثقة «2» .
قال ابن عدي- بعد ما ذكر عنه أحاديث، منها الحديث الذي بدأنا بذكره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه-: وهذه الاحاديث التي رواها خالد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عندنا من حديث يحيى بن بكير وقتيبة وابن رمح وابن زغبة ويزيد بن موهب وليس فيه من هذا شيء، وذكر بعدها أحاديث حدث بها عن غير الليث بن سعد وقال: وخالد بن عمرو له غير ما ذكرت من الحديث عن من يحدث عنهم وكلها أو عامتها موضوعة، وهو بيّن الأمر في الضعف «3» (50- ظ) .(7/3094)
خالد بن عمران بن نفيل بن جابر الأزدي
الموصلي، أخو المعافى بن عمران، وسنذكر نسبه في ترجمة أخيه المعافى، وكان خالد يتولى أعمالا للسلطان، وقدم المصيصة، وحكى عنه العلاء بن أيوب.
أنبأنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله، وأبو البركات سعد بن محمد بن ادريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن ادريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد الطوسي قال:
أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن اياس الأزدي قال: حدثني العلاء بن أيوب قال:
صار خالد بن عمران إلى المصيصة، وهو في أعمال السلطان، فبعث إلى عبد الكبير ابن المعافى، فلم يأته، فصار إليه خالد وهو في حانوت يبيع البقل وما شاكله، فوقف على حانوته فقال له: فضحتنا يا عبد الكبير، فقال عبد الكبير: ما فضحنا غيرك يا خالد، يعني لأعماله.
خالد بن قطن
روى شيئا من خبر صفين، ويغلب على ظني أنه شهدها روى عنه عمر بن سعد، وسنذكر ذلك في ترجمة زياد بن النضر الحارثي، فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
خالد بن كيسان
ولي غزو البحر في أيام بني أمية، فأسره الروم، وذهبوا به إلى القسطنطينية ثم أهدوه إلى الوليد بن عبد الملك في السنة التي غزا فيها مسلمة بن عبد الملك، فقد اجتاز بحلب أو عملها في عوده من القسطنطينية الى الشام.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إذنا عن أبي محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيويه- قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن اسحاق قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي قال: سنة تسعين فيها أسرت الروم خالد بن(7/3095)
كيسان صاحب البحر فذهبت (52- ظ) به الى مدينة الكفر القسطنطينية، فأهداه صاحبها الى الوليد بن عبد الملك، وهو عام غزا مسلمة، ففتح الله على يديه «1» .
خالد بن محمد بن نصر بن صغير بن خالد القيسراني
أبو البقاء الخالدي المخزومي من ولد خالد بن الوليد المخزومي، وكان أصله من قيسارية الشام، وولد أبوه بعكا وانتقل الى حلب بعد استيلاء الفرنج عليها، وولد له ولده خالد، وكان خالد كاتبا مجيدا في الخط، كثير التحرير بخطه متبعا طريقة علي بن أبي هلال المعروف بابن البواب اتباعا حسنا، لا سيما في قلم المحقق، فإنه أبدع فيه وأحسن كل الاحسان.
وخدم الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بحلب، وتقدم عنده، ونفق عليه، وولى وزارته وجمع في ولايته بين الإنشاء والاستيفاء، وسيره رسولا إلى الديار المصرية إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، بعد أن استولى عليها لتقرير الأمور بها، فسمع بها الحديث من الحافظ أبي طاهر السّلفي ومن أبي محمد بن رفاعة السعدي وسمع بدمشق قبل ذلك الحافظ أبا القاسم علي بن الحسن الشافعي، وكان قد سمع والده أبا عبد الله وحدث بشيء من حديثه بحلب وأجاز لجماعة.
سمع منه القاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين السقسيني، وشيخنا أبو البقاء يعيش بن علي ابن يعيش، روى لنا عنه شيخ الشيوخ أبو محمد بن عمر بن علي بن حمويه بإجازته منه، وأبو محمد عبد الحق بن عبد السلام (53- و) بن عبد الحق الصقلي شعرا ذكر أنه أنشده إياه لنفسه، ولما عاد من الديار المصرية وجد نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله قد مات بدمشق، فقدم إلى حلب، ولزم بيته واشتغل بعمارة أملاكه والقناعة بها حتى مات.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حمويه بدمشق قال: أنبأنا(7/3096)
خالد بن محمد بن نصر القيسراني الوزير قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن احمد بن ابراهيم السّلفي، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن داود الدربندي، وأبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي رئيس أصبهان حدثنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي الإمام بنيسابور قال: أخبرنا عبد الله بن يعقوب الكرماني قال: حدثنا حماد ابن زيد عن مخالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم اليوم على دين وإني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي «1»
أخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي- إجازة- قال: أخبرنا أبو البقاء خالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني بحلب سنة ثمانين وخمسمائة بداره قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريا البيع قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل (53- ظ) بن محمد المحاملي قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الطرسوسي قال: حدثنا اسحاق بن منصور السلولي قال: حدثنا اسرائيل عن جابر عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره وما ذهب بصر عبد فصبر إلّا دخل الجنة «2» .
أخبرنا شيخ الشيوخ أبو عمر بن حمويه قال: أخبرنا خالد بن محمد بن نصر- في كتابه إلينا من حلب- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن الذكواني قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال: حدثنا(7/3097)
أبي قال: حدثنا داود بن عطاء المدني قال: حدثنا عمر بن صهيان قال: حدثني صفوان ابن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل عين باكية يوم القيامة إلّا عين غضت عن محارم الله، وعين سهرت في سبيل الله، وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عز وجل «1» .
أنشدنا أبو محمد عبد الحق بن عبد السلام بن عبد الحق الصقلي التميمي بدمشق قال: أنشدني الوزير موفق الدين أبو الوليد خالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني لنفسه بحلب:
أخ لي عاداه الزمان فأصبحت ... مذممة فيما لديه المطالب (54- و)
متى ما تذوقه التجارب صاحبا ... من الناس تردده الى التجارب «2»
وأنشدنا عبد الحق الصقلي قال: أنشدنا خالد لنفسه:
أما تريني قد بليت وغاضني ... ما نيل من بصري ومن أجلادي
وعصيت أصحاب الصبابه والصبا ... وأطعت عاذلتي ولان قيادي «3»
هكذا أنشدنا عبد الحق الأبيات الأربعة وذكر أن خالدا أنشده إياها لنفسه، والبيتان الأولان لدعبل بن علي والآخران للأسود بن يعفر، ولعل خالدا أنشده الأبيات ولم يسم قائلا فظنها له والله أعلم، ولا يظن بخالد أنه يدعي ما ليس له لا سيما في الشعر، فإنه كان على ما بلغني يكره أن ينسب إلى أبيه ويستره جهده فكيف في حق نفسه.
سمعت القاضي بهاء الدين أبا محمد الحسن بن ابراهيم بن سعيد بن الخشاب الحلبي يقول: سمعت الرئيس أبا الحسن علي بن الحكم الحلبي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن نصير القيسراني يقول: قد أبطأ علي أمر خالد، يعني ولده.
قال لي أبو محمد بن الخشاب: وكان أبو عبد الله يعرف علم النجوم معرفة(7/3098)
جيدة وكأنه استنبط من تسيير مولد ولده خالد أنه يكون له شأن ورئاسة وتقدم فكان ينتظر ذلك منه، فقدر الله تعالى أن الأمر وقع كما كان ينتظره.
أخبرني شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر، قاضي العسكر، قال: كان موفق الدين خالد بن القيسراني يجلد تجليدا حسنا ويكتب خطا جيدا وكان التجليد سبب (54- ظ) تقدمه عند الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وذلك أنه وصف تجليده لنور الدين فأحضره ليجلد له كتبا فوقف على خطه فأعجبه وراق له، فطلب منه أن يكتب له «شعب الإيمان» للبيهقي، فاختار له موفق الدين خالد من الورق أجوده وصقله وتكلف لكتابته وتحرير خطه فيه وسعه، وجوّد خطه فيه وجعل في أول كل مجلدة منه ثلاثة أوراق بيضاء لم يكتب فيها شيئا، وجعلها غواشي للكتاب، وأقام في كتابته مدة طويلة حتى فرغ منه وجلده، وكان نور الدين غائبا عن مدينة حلب، أظنه قال: بتل باشر، فاستعار خالد بغلة، أو قال فرسا وركبها وحمل معه الكتاب ومضى الى عسكر نور الدين، وتوسل الى الشيخ اسماعيل الخزاندار أن يقدمه له بين يدي نور الدين، فحمل له الكتاب وعرضه على نور الدين، فصفح القائمة الأولى فوجدها بيضاء ثم فعل بالثانية فوجدها كذلك ثم بالثالثة فوجدها كذلك فلم يتعدها الى غيرها ولم يتأمل الكتابة، وقال: يكتب على هذه المجلدات الوقف على مقصورة الخضر بجامع دمشق ويرسل إليها ولم ينظر في الكتاب ولا وقف على ما كتب، فشق ذلك على خالد مشقة عظيمة لكونه اعتنى بالكتاب وقاسى التعب في تحرير خطه فيه، وصقل ورقه وتجليده والاعتناء به، ولم يقف نور الدين عليه ولم يحتفل به، وأقام بالعسكر وبات في المخيم فسرقت الدابة التي استعارها فأنهي أمرها الى نور الدين فقال: هو فرّط (55- و) لم لم يحفظ دابته؟ فازداد خالد حرجا على حرج وهما على هم، وتوسل له اسماعيل الخزاندار الى نور الدين حتى أمر باستخدامه في بعض الجهات البرانية من عمل حلب فخدم بها مدة وقل ما بيده ومرض، فترك الجهة التي كان فيها ودخل منها بغير دستور، وكان نور الدين معسكرا في بعض الجهات التي قصدها فقصد العسكر وجاء الى الشيخ اسماعيل الخزاندار وأعلمه بحاله وبانفصاله، فقال له: وانفصلت عن غير دستور؟ قال: نعم لعجزي فعنفه ولامه وقال له: ليس(7/3099)
لك ذنب وإنما الذنب لي حيث نسبت لك في هذا الأمر، فوجم خالد وندم ندامة عظيمة وشق عليه مواجهة الشيخ اسماعيل له بما واجهه به من الكلام الذي أغلظ له فيه، ثم إنه أعلم نور الدين بمجيئه وانفصاله عن الجهة فأحضره نور الدين مجلسه وأجلسه، ودفع إليه ورقة ودواة، وقال له: اكتب فيها شيئا.
قال خالد: فأخذت الورقة وكتبت فيها سطرين، وأنا تارك من المرض الذي لحقني، فكتبت فيها سطرين لم أكتب مثلهما قط في الجودة، وكان ذلك ابتداء السعادة، قال: فأخذهما نور الدين وتأملهما واستحسنهما وكتب تحتهما بخطه نقلا منهما، ثم أمر ان يكون في صحبته واستكتبه، وقرر له رزقا يستعين به، ثم ارتفع أمره عنده وازدادت منزلته، وعلت مرتبته، وجعل أمره يترقى الى ان كان منه ما كان رحمه الله. حكي لي معنى ما ذكرته وأظنه والله أعلم أسنده (55- ظ) الى الخطيب هاشم خطيب حلب.
قرأت في كتاب خريدة القصر، تأليف عماد الدين أبي عبد الله محمد الكاتب الاصبهاني، وأجازه لي صديقنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج قال:
أخبرنا العماد الكاتب في ترجمة أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال:
ولما وصلت الى الشام والتبست بخدمة نور الدين وجدت موفق الدين خالدا ولد أبي عبد الله القيسراني صدر مناصبها، وبدر مراتبها وجمعت بيني وبينه الصحبة، لانه كان مستوفي المملكة وأنا منشئها تارة ومشرفها أخرى، فلما سيره نور الدين الى مصر قمت بجميع الامور بعده وكان نور الدين قد رفعه واصطنعه، وبلغ به مبلغا من الامر كأنه اشركه في ملكه، وقد كان حقيقا بذلك لبيقا به، وما زلنا سفرا وحضرا تتناشد أشعار أبيه حتى لعله قد أتى في الانشاد على معظم شعر والده، وكان قد بلغ الى حد خدمه ممدوحو والده، وقصدوه ورجوه واجتدوه، وكأنه أنف من مدح والده لهم وكره لنفسه كيف قصدهم وأملهم «1» .
أخبرني فخر الدين ابراهيم بن خالد بن محمد بن نصر القيسراني أن أباه خالدا توفي في يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائه، ودفن(7/3100)
بداره بحلب. قال لي: واتفق أنه نقل من داره بعد ذلك بسنتين الى ظاهر حلب، ودفن في تربة بنيت له بناحية مقام ابراهيم عليه السلام (56- و) ونقلناه إليها في يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة. قال: فقلت لعمي يعني مهذب الدين ماجد ابن محمد، ونحن خلف جنازته: ما أظن أنه اتفق من يوم توفي يوم جمعة وهو رابع عشر جمادى الآخره غير يومنا هذا.
خالد بن معدان بن أبي كرب:
أبو عبد الله الكلاعي الحمصي، كان يتولى الشرطة ليزيد بن معاوية، وغزا الروم مرات متعددة واجتاز بحلب وكان اذا نودي بالغزاة كان فسطاطه أول فسطاط ضرب بدابق.
حدث عن أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت وأبي أمامة الباهلي، وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمر، والمقدام بن معد يكرب، وثوبان، وأبي ذر الغفاري، وعتبة بن الندر، وعبد الله بن بشر وعبد الرحمن بن أبي عميرة، والحارث بن الحارث الغامدي، وأبي الغادية وعتبة بن عبد، وذي مخبر، وجبير بن نفير، وعمير بن الأسود، وعبد الله بن عائذ الثمالي، وكثير بن مرة وأبي زهير الانماري، وعبد الرحمن بن عمرو السلمي، وأبي يزيد بن مزيد الهمداني، وربيعة بن الغاز الحرشي وعبد الله بن سعد الأنصاري، وحجر بن حجر الكندي، وعبد الله بن عمرو، وأبي قبيلة، وأبي بحريه ومالك بن يحامر وأبي زياد حيان بن سلمة، وعبد الرحمن بن أبي بلال، والصدي بن عجلان.
روى عنه بحير بن سعد والاحوص بن حكيم، وثابت بن ثوبان وابنه عبد الرحمن بن ثابت، وثور بن يزيد وابراهيم بن أبي عبلة، وحريز بن عثمان (56- ظ) ويزيد بن عبد الرحمن وابنته عبدة بنت خالد بن معدان، وعمر بن موسى.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد البغدادي- قراءة عليه بحلب- قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى بن شعيب السجزي قال:
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي(7/3101)
قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: حدثنا بقية بن الوليد الميتمي قال: حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير الحضرمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لقد جاءكم رسول اليكم ليس بوهن ولا كسيل ليختن قلوبا غلفا ويفتح أعينا عميا ويسمع آذانا صما، ويقيم ألسنة عوجا حتى يقال لا اله الا الله وحده» .
أخبرنا ثابت بن مشرف وموسى بن عبد القادر قالا: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم قال: حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن رجلا جر على وجهه من يوم ولد الى ان يموت هرما في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة «2» (57- و) .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو القاسم الازهري قال:
أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا العباس بن العباس بن محمد بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال: أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال:
قال أبي: خالد بن معدان أبو عبد الله.
وقال أبو البركات: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الاحوص ابن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي عن يحيى بن معين قال: خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي قال: أخبرنا أبو القاسم بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي.(7/3102)
قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول:
خالد بن معدان الكلاعي حمصي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر قال: في الطبقة الثالثة خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي يكنى أبا عبد الله توفي سنة أربع ومائة «1» (57- ظ) سمعت نسبه من علي بن عباس.
أنبأنا الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال:
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: خالد بن معدان الكلاعي، سمع أبا أمامة وعمير بن الاسود، وجبير بن نفير، والمقدام وكثير بن مرة، وقال اسحاق: كنيته أبو عبد الله، قال: وقال عمرو بن علي: مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومائه.
وقال: وقال يزيد بن عبد ربه: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائه «2» .
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: حدثنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله خالد بن معدان، سمع أبا أمامه، روى عنه بحير بن سعد «3» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر السلامي عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله خالد ابن معدان.(7/3103)
أخبرنا أبو الفضل بن هاشم بن أحمد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو بن محمد بن اسحاق بن مندة قال:
أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد ابن معدان الكلاعي شامي لقي من الصحابة: (58- و) أبا أمامة، والمقدام بن معدي كرب، وعتبة بن عبد، وابن أبي عميرة، وعبد الله بن بسر، والحارث بن الحارث الغامدي، وذا مخبر، وعتبة بن ندر، وأبا الغاديه، وعبد الله بن عائذ الثمالي روى عنه بحير بن سعد، وثور بن يزيد، سمعت أبي يقول ذلك «1» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجوبه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق قال: أبو عبد الله خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي الشامي الحمصي سمع الصدي بن عجلان، والمقدام بن معد يكرب وحكى أبو عمرو السكسكي عنه أنه قال: لقيت سبعين رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه محمد بن ابراهيم بن الحارث وبحير بن سعد، وثور بن يزيد وزياد بن سعد بن عبد الرحمن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل المقدسي قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال:
أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر الكلاباذي قال: خالد بن معدان أبو عبد الله الكلاعي الشامي، سمع أبا أمامة، والمقدام بن معدي كرب وعمير بن الأسود العبسي، روى عنه ثور بن يزيد في البيوع والأطعمة وغير ذلك، قال البخاري: وقال يزيد بن عبد ربه: مات سنة أربع ومائة، وقال عمرو بن علي: مات (58- ظ) سنة ثلاث ومائة، قال الواقدي والهيثم بن عدي: مات سنة ثلاث ومائة.(7/3104)
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن معدان بن أبي كرب أبو عبد الله الكلاعي الحمصي، كان يتولى شرطة يزيد بن معاوية، روى عن أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وأبي أمامة، وثوبان والمقدام بن معدي كرب، وأبي ذر الغفاري، وعتبة بن الندر، وعبد الله بن بسر، وعبد الرحمن بن أبي عميرة، والحارث بن الحارث الغامدي وذي مخبر، وعتبة بن عبد، وأبي الغادية، وعبد الله بن عائذ الثمالي، وجبير بن نفير، وكثير بن مرة وعمير بن أسود وأبي زهير الأنماري، وربيعة بن الغاز الحرشي، وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن سعد الأنصاري، وأبي عثمان يزيد بن مزيد الهمذاني، وعبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر الكندي، وأبي قبيلة ومالك بن يخامر، وأبي بحريه، وأبي زياد حيان بن سلمة، وعبد الرحمن بن أبي بلال.
روى عنه بحير بن سعد وثور بن يزيد، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، والاحوص بن حكيم، وابراهيم بن أبي عبلة، وثابت بن ثوبان وابنه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وحريز بن عثمان، وابنته عبدة بنت خالد بن معدان.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا عمي رحمه الله قال: أخبرنا أبو طالب الزينبي قراءة، ح.
قال: وأخبرنا أبي رحمه الله (59- و) قال: أخبرنا أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي في كتابه قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: أخبرنا بكر بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني يزيد بن محمد، ح.
قال: وأنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله قال:
حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا ابن عباس قال: حدثتنا عبدة بنت خالد وأم الضحاك راشد مولاة خالد قالتا: حدثنا معاوية(7/3105)
ابن عمرو عن أبي اسحاق الفزاري عن صفوان بن عمرو قال: كان خالد بن معدان اذا أمر الناس بالغزو كان فسطاطه أول فسطاط يضرب بدابق.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نطيف ابن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء- اجازة- قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الغساني قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا ابراهيم بن سهلويه قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا أبو أسامة قال: كان الثوري اذا جلسنا معه انما نسمع الموت الموت، فحدثنا عن ثور عن خالد بن معدان قال: لو كان الموت علما يسبق اليه ما سبقني اليه أحد الا أن يسبقني رجل بفضل قوته، قال: فما زال الثوري يحب خالد ابن معدان منذ بلغه هذا الحديث عنه «1» (59- ظ) .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، ح.
قال أبو نعيم: وحدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو أسامة قالا: حدثنا سفيان عن ثور، قال ابن الزبير: عن رجل قال: قال خالد بن معدان: ما أحب أن دابة في بر ولا بحر تفديني الموت، ولو كان الموت غاية يسبق اليها ما سبقني اليها أحد إلا سابق يسبقني اليها بفضل قوته.(7/3106)
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الاحوص بن حكيم عن خالد ابن معدان قال: والله لو كان الموت في مكان موضوعا لكنت أول من يسبق اليه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، وأبو الحسن الأنباري، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، وأبو اسحاق ابراهيم بن عبد الواحد المقدسيان بدمشق وأبو بكر محمد بن بهروز البغدادي بمعرة النعمان، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم ابن مسلم الإربلي بحلب قالوا: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد الآبري قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قالوا: أخبرنا (61- و) أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن ادريس قال: حدثنا محمد بن وهب الدمشقي قال: حدثنا بقية عن العباس ابن الاخنس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه فاني أتعلمه.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد ابن الحسن بن الطفال قال: أخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا عطية بن بقية بن الوليد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا بحير بن سعد قال: سمعت خالد بن معدان يقول: من التمس المحامد في مخالفة الله رد الله تلك المحامد عليه ذما، ومن اجترأ على الملاوم في موافقة الحق رد الله تلك الملاوم عليه حمدا.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم وأبو محمد بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: أخبرنا أبو علي بن منير قال: أخبرنا أبو بكر بن خريم قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عامر بن يحيى(7/3107)
عن من حدثه عن خالد بن معدان قال: ما أحدث الله تعالى لي نعمة قط إلا أحدثت له بها شكرا حتى أن الرجل ليسلم عليّ أو يوسع لي في المجلس فأومي للسجود لله شكرا.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الاوزاعي عن بحير عن خالد بن معدان قال: الناس عالم ومتعلم، وما بين ذلك همج لا خير فيه (60- ظ) .
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا أبي وأبو محمد بن حيان قالا:
حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا علي بن سهل البرمكي قال: حدثنا الوليد عن عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها قالت: قل ما كان خالد يأوي الى فراش مقيله إلا وهو يذكر فيه شوقه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى أصحابه من المهاجرين والانصار، ثم يسميهم ويقول: هم أصلي وفصلي وإليهم يحن قلبي، طال شوقي اليهم، فعجل ربي قبضي اليك حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا حاتم بن الليث الجوهري قال: حدثني رجل من ولد خالد بن معدان قال: مات خالد بن معدان وهو صائم.
قال: وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا ابراهيم بن جعفر قال: حدثنا سلمة قال: كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات وضع على سريره ليغسل، جعل يشير باصبعه ويحركها يعني بالتسبيح.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو نصر(7/3108)
الجبان قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: حدثنا أبو الليث المسلم بن معاز قال: حدثنا أبو علي بن أبي منصور قال: حدثني علي بن عاصم من (61- و) ولد مسلمة بن عبد الملك قال: حدثني سعيد بن عثمان الاطرابلسي قال: حدثنا أبو علي الحمصي عن أبي مطيع يعني معاوية بن يحيى أن شيخا من أهل حمص خرج يريد المسجد وهو يرى أنه قد أصبح، فاذا عليه ليل، فلما صار تحت القبة سمع صوت جرس الخيل على البلاط فاذا فوارس قد لقي بعضهم بعضا، قال بعضهم لبعض: من أين قدمتم؟ قالوا: ولم تكونوا معنا، قالوا: لا، قالوا: قدمنا من جنازة البديل خالد بن معدان، قالوا: وقد مات ما علمنا بموته، قالوا: فمن استخلفتم بعده؟
قالوا: أرطأة بن المنذر، فلما أصبح الشيخ حدث أصحابه، فقالوا: ما علمنا بموت خالد بن معدان، فلما كان نصف النهار قدم البريد من أنطرسوس يخبر بموته.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيويه قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا المدائني قال: خالد بن معدان توفي سنة ثلاث ومائة، ويقال انه مات وهو صائم في ولاية يزيد ابن عبد الملك.
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: توفي خالد بن معدان سنة ثلاث ومائة.
وقال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال:
حدثني عمرو بن علي قال: مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومائة (61- ظ) .
قال علي بن الحسن: أنبأنا أبو غالب محمد بن محمد بن أسد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمرو، ح.
قال: وأنبأنا أبو سعد بن الطيوري عن عبد العزيز بن علي الازجي قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو بن خمّة قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال:(7/3109)
حدثنا جدي قال: وخالد بن معدان ثقة لم يلق أبا عبيدة، هو كلاعي يعد من الطبقة الثالثة من فقهاء أهل الشام بعد الصحابة في سنة ثلاث مائة «1» .
أخبرنا أبو اليمن الكندي اذنا عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أحمد ابن الحسين بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال:
قال الهيثم: مات خالد بن معدان الكلاعي سنة ثلاث ومائة.
أنبأنا سعيد بن هاشم عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام خالد بن معدان الكلاعي، قال محمد بن عمر، والهيثم:
مات سنة ثلاث ومائة «2» .
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خالد بن معدان الكلاعي وكان ثقة، أجمعوا على أن خالد بن معدان توفي (62- و) سنة ثلاث ومائة في خلافة يزيد بن عبد الملك «3» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد- اذنا- عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال:
حدثنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم: وفيها- يعني- سنة ثلاث ومائة مات أبو بردة بن أبي موسى، وطاوس اليماني، وعامر بن شراحيل الشعبي، وخالد بن معدان بالشام، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن الهيثم بذلك.(7/3110)
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد- اذنا- قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الأسفراييني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني العباس بن الوليد بن صبح قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا عفير بن معدان الكلاعي قال: قدم علينا عمر بن موسى حمص فاجتمعنا اليه في المسجد فجعل يقول: حدثنا شيخكم الصالح، حدثنا شيخكم الصالح، فلما أكثر قلت له: من شيخنا الصالح هذا، سمّه لنا نعرفه؟ قال: فقال:
خالد بن معدان، قلت له: في أي سنة لقيته؟ قال: لقيته سنة ثمان ومائة، قال: قلت:
وأين لقيته؟ قال: لقيته في غزاة أرمينية، قال: فقلت له: اتق الله يا شيخ ولا تكذب مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة، وأنت تزعم أنك لقيته بعد موته بأربع سنين، وأزيدك أخرى لم يغز أرمينية قط، كان يغزو الروم «1» .
قلت: وقد قيل (62- ظ) : ان خالد بن معدان توفي سنة ثمان ومائة، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن حماد بن محمد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: خالد بن معدان الكلاعي مات سنة أربع ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: سمعت عبد الرحمن بن ابراهيم يقول: خالد بن معدان زعموا سنة أربع ومائة. قال يعقوب وسمعت سليمان بن سلمة الخبائري الحمصي قال: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة. قال: يعقوب فحدثني بعض ولده يكنى أبا سعيد قال: مات جدي سنة أربع ومائة، ويكنى أبا عبد الله.(7/3111)
قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا العباس بن الوليد بن صبح قال: حدثني يحيى بن صالح قال: حدثنا عفير بن معدان قال: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: قرأت في ديوان العطاء (63- و) مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة «1» .
وقال أبو القاسم بن الحسن: أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمد قال: أخبرنا علي ابن المحسن قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: حدثنا بكر بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى قال: وخالد بن معدان بن أبي كرب أبو عبد الله توفي سنة أربع ومائة بأنطرسوس، وكانت له عبادة وفضل.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: حدثنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا أبي محمد قال: حدثنا حبيش بن يزيد عن يحيى بن صالح قال: قال اسماعيل بن عياش:
مات خالد بن معدان سنة خمس وثلاثمائة «2» .
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الله البيروتي قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا اسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا: ها هنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت له: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة، فقلت أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين! قال اسماعيل: مات خالد سنة ست ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري عن (63- ظ)(7/3112)
محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني القاسم بن سلام قال:
سنة ثمان ومائة فيها توفي خالد بن معدان بالشام.
أخبرنا أبو نصر القاضي- اذنا- قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في سنة ثمان ومائة مات خالد بن معدان الشامي «1» .
أخبرنا زيد بن الحسن- اجازة- قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا محمد ابن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: خالد بن معدان الكلاعي مات سنة ثمان ومائة حمصي يكنى أبا عبد الله «2» .
خالد بن المعمر بن سلمان:
ابن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الذهلي.
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وأبلى بلاء حسنا، وكان على بكر بن وائل في رؤوس الاخماس الذين قدموا من البصرة مع ابن عباس الى صفين، ثم جعله علي أميرا على الذهليين من أهل البصرة، وكان رئيسا في قومه، وبايعته ربيعة بصفين على الموت حتى اعتقد لأهل الوبر منها ولأهل (64- و) المدر ونجى الله تعالى به أهل اليمامة، وكان قد غدر بالحسن بن علي بعد قتل علي عليهما السلام، ولحق بمعاوية فوصله، وكان شاعرا.
وأنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد الاحمدي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال:(7/3113)
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم ابن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد عن يزيد عن أبي الصلت التميمي قال: سمعت أشياخنا من بني تيم الله يقولون: كانت رايات ربيعة كلها كوفيها وبصريها مع خالد بن المعمر السدوسي وكان من أهل البصرة قال: وسمعتم يقولون: لو كان خالد بن المعمر وشقيق بن ثور البكري، من أهل الكوفة، وقد اصطلحا أن يوليا راية بكر بن وائل الحضين بن المنذر وكان من أهل البصرة.
وكلنا قد تنافسنا فيها، ثم قالا: هذا فتى مناله حسب فنجعلها اليه حتى نرى رأينا، ثم ان عليا أعطى رايات ربيعة كلها خالد بن المعمر «1» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال:
أخبرنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن أحمد بن خمة الخلال قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة قال: حدثني (64- ظ) جدي قال: حدثني خلف بن سالم قال: حدثنا وهب- يعني- ابن جرير قال: حدثنا أبو الخطاب عن محمد بن سواء قال: حدثني بسر شبيل بن عزرة أن بني الحارث وثبوا مع خالد بن المعمر يعني يوم صفين على شقيق بن ثور فانتزعوا الراية منه، واستطال عليه ابن الكواء اليشكري ورجا أن تدفع اليه فقال قائل: ويلكم يا بني ذهل لا تخرجوها منكم فجيء بحضين ابن المنذر وانه لغلام في رأسه ذؤابة فدفعت اليه يومئذ.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا ابراهيم بن الحسن بن علي الكسائي قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثني نصر بن مزاحم قال حدثنا عمر- يعني- ابن سعيد قال:(7/3114)
ورجع الى حديثه عن يزيد بن أبي الصلت التميمي عن أشياخ منهم أن معاوية كان ضرب يومئذ- يعني صفين- لحمير سهمهم على ثلاث قبائل على: ربيعة ومذحج وهمدان، فلما وقع سهم حمير على ربيعة قال: ذو الكلاع قبحك الله من سهم كرهت الضراب اليوم، ثم أقبل ذو الكلاع في حمير ومعهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف من رجال أهل الشام قد بايعوا على الموت فلما دنوا من ربيعة، وهي حذاء ميمنة أهل الشام، وعلى ميمنتهم ذو الكلاع فحملوا على ربيعة (65- و) وهم ميسرة أهل العراق وفيهم يومئذ ابن عباس وهو على الميسرة، فحمل عليهم ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر بخيلهم ورجلهم حملة شديدة، فتضعضعت رايات ربيعة وثبتوا إلّا قليلا منهم، ثم ان أهل الشام انصرفوا فمكثوا قليلا، ثم كروا فشدوا على الناس شدة شديدة، وعبيد الله بن عمر يحرضهم فثبتت له ربيعة فقاتلوا قتالا شديدا وصاح خالد بن المعمر بأناس من قومه انهزموا يومئذ، فتراجعوا فكان معهم من عنزه أربعة آلاف بصفين.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق الطيبي قال:
حدثنا عمر بن سعد في اسناده قال: وكان معاوية قد نذر سبي نساء ربيعة وقتل المقاتلة، فقال في ذلك خالد بن المعمر:
تمنى ابن حرب نذره في نسائنا ... ودون الذي يرجو سيوف قواضب
وتطلب ملكا أنت حاولت خلعه ... بني هاشم قول امرئ هو كاذب «1»
قلت: لا يظن بمعاوية رضي الله عنه أنه ينذر سبي نساء المسلمين أو يستحل ذلك، وهذا من وضع نصر بن مزاحم والله أعلم (65- ظ) .
***(7/3115)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر المعري عن أبي محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب بن الحسين قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن ابن ننجاب قال: حدثنا ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى ابن سليمان قال حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال: أخبرني ابن أخي عتاب بن لقيط البكري، وذكر شيئا من خبر صفين قال: فبعث معاوية الى خالد بن المعمر: ان لك امرة خراسان ان ظفرت ولم تتم فانصرف بأصحابك، فطمع خالد فلم يستتم على ما كان فيه فأمره معاوية حين ولي على خراسان، فمات خالد قبل أن يصل اليها «1» .
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: حدثنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي وجعل على رجالتها الذهليين خالد بن المعمر السدوسي. وقال يعقوب في أسامي أمراء علي بن أبي طالب يوم صفين: خالد بن المعمر البكري.
وقال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا قرة عن قتادة عن مضارب العجلي قال: التقى رجلان من بكر بن وائل أحدهما من شيبان والآخر من ذهل، فقال الشيباني: أنا أفضل منك وقال الذهلي: بل أنا أفضل (67- و) منك فتحاكما الى رجل من همذان، فقال: لست مفضلا أحدا منكما على صاحبه، ولكن اسمعا ما أقول لكما: من أيكما كان علباء(7/3116)
ابن الهيثم الذي قتل يوم الجمل وهو سيد ربيعة، وكان يأخذ في الاسلام ألفين وخمسمائة؟ قال الذهلي: كان مني، قال: فمن أيكما كان حسان بن مخدوج الذي قتل يوم الجمل وهو سيد ربيعة وكندة، ونزع عنه الأشعث بن قيس؟ قال الذهلي:
مني، قال: فمن أيكما كان خالد بن المعمر الذي بايعته ربيعة بصفين على الموت، حتى اعتقد لأهل الوبر منها ولأهل المدر، ونجى الله به أهل اليمامة؟ قال الذهلي كان مني، قال: فمن أيكما كان حضين بن المنذر صاحب الراية السوداء.
لن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدّما
قال الذهلي: كان مني «1» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال:
أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: معمر مخفف كثير لا نذكره، ونذكر معمّرا بالتشديد لانه هو الذي يشكل، فمنهم خالد بن المعمر السدوسي رأس بكر بن وائل في خلافة عمر، وهو الذي غدر بالحسن بن علي وبايع معاوية فقال الشاعر (67- ظ) :
معاوى أمّر خالد بن معمر ... معاوى لولا خالد لم تؤمر
قال الحافظ أبو القاسم: خالد بن المعمر بن سلمان بن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر ابن وائل الذهلي، شهد صفين مع علي، ثم غدر بالحسن بن علي ولحق بمعاوية.
قال: ذكر أبو محمد الحسن بن محمد الإيجي الكاتب أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: لما قتل علي بن أبي طالب أراد معاوية الناس على بيعة يزيد فتثاقلت ربيعة ولحقت بعبد القيس بالبحرين(7/3117)
واجتمعت بكر بن وائل الى خالد بن المعمر، فلما تثاقلت ربيعة، تثاقلت العرب أيضا، فضاق معاوية بذلك ذرعا، فبعث الى خالد فقدم عليه، فلما دخل اليه رحب به فقال: كيف ما نحن فيه؟ قال: أرى ملكا طريفا وبغضا تليدا، فقال معاوية: قل ما بدا لك فقد عفونا عنك، ولكن ما بال ربيعة أول الناس في حربنا وآخرهم في سلمنا؟ قال له خالد: انما أتيتك مستأمنا ولم آتك مخاصما ولست للقوم في حجتهم وان ربيعة ان تدخل في طاعتك تنفعك، وان تدخل كرها تكن قلوبها عليك، وأبدانها لك، فاعط الأمان عامتهم: شاهدهم وغائبهم، وأن ينزلوا حيث شاؤوا، فقال:
أفعل، فانصرف خالد الى قومه بذلك، ثم إن معاوية بدا له فبعث الى خالد فدعاه، فلما دخل اليه قال: كيف حبك (68- و) لعلي؟ قال: أعفني يا أمير المؤمنين مما أكره فأبى أن يعفيه فقال: أحبه والله على حلمه اذا غضب، ووفائه اذا عقد، وصدقه اذا أكد، وعدله اذا حكم، ثم انصرف ولحق بقومه وكتب الى معاوية:
معاوي لا تجهل علينا فإننا ... يد لك في اليوم العصيب معاويا
متى تدع فينا دعوة ربعية ... يجبك رجال يحصنون العواليا
أجابوا عليا إذ دعاهم لنصره ... وجروا بصفين عليك الدواهيا
فإن تصطنعنا يا بن حرب لمثلها ... تكن خير من تدعو اذا كنت داعيا
ألم ترى أهديت بكر بن وائل ... اليك وكانوا بالعراق أفاعيا
اذا نهشت قال السليم لأهله ... رويدا فإني لا أرى لي راقيا
فأضحوا وقد أهدو ثمار ... قلوبهم اليك وأفراق الذنوب كماهيا
ودع عنك شيخا قد مضى لسبيله ... على أي حاليه مصيبا وخاطيا
فانك لا تستطيع رد الذي مضى ... ولا دافعا شيئا اذا كان جائيا
وكنت أمرى يهوى العراق وأهله ... اذا أنت حجازي فأصبحت شاميا
وكتب الاعور الشني الى معاوية:
أتاك بسلم الحي بكر بن وائل ... وكنت منوطا كالسقيا الموكر
معاوي أكرم خالد بن معمر ... فانك لولا خالد لم تؤمر
فخادعته بالله حتى خدعته ... ولم يك خبّا خالد بن المعمر (68- ظ)(7/3118)
ولم يجزه والله يجزي بسعيه ... وتسديده ملكي سرير ومنبر
فدعاهما معاوية فوصلهما فقال الشني:
معاوي اني شاكر لك نعمة ... رددت بها ريشي عليّ معاوية
وكم من مقام غائظ لك قمته ... وداهية أشهرتها بعد داهية
فموّتها حتى كأن لم أقم بها ... عليك وأوتادي بصفين باقية
فأبلعتني ريقي وكانت مقاتلي ... بكفيك لو لم يكذب السهم باديه
فقال معاوية:
لقد رضي الشنيّ من بعد عتبه ... بأيسر ما يرضى صاحب العتب «1»
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن اسعد الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى ابن زكريا بن يحيى النهرواني قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا العتبي عن أبيه عن أبي بكر الدمشقي أن معاوية بن أبي سفيان قال لخالد بن المعمّر السدوسي: انك لتحب عليا حبا مفرطا! قال: أحبه والله لحلمه اذا غضب، وعدله اذا حكم، ووفائه اذا وعد «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح الضبي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال خالد (69- و) بن المعمر: قال الاعور الشني:
معاوي أكرم خالد بن معمر ... فإنك لولا خالد لم تؤمر «3»
قال أبو عبيدة: وفد خالد بن المعمر السدوسي على معاوية فسأله مداجاة «4»(7/3119)
على علي، وكان معاوية قد وصله وولاه أرمينية، فوصل الى نصيبين، ويقال إنه احتيل له شربة فمات فقبره بنصيبين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي في كتابه عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما معمر بضم الميم الاولى وفتح العين وتشديد الميم الثانية وفتحها: خالد بن معمر السدوسي وفد على معاوية فولاه أرمينية، فوصل الى نصيبين، فيقال انه احتيل له شربة فمات فقبره بها «1» .
خالد بن ناجذ الازدي الغامدي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها يومئذ مع جندب بن زهير هو وأخوه عبد الله بن ناجذ، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة جندب بن زهير.
ذكر من اسم أبيه الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة:
ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو سليمان المخزومي، ويقال له سيف الله، وأمه عصماء، وهي لبابة الصغرى،- وقيل الكبرى- بنت الحارث بن (69- ظ) حزن الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث، أسلم يوم الأحزاب، وقيل أسلم مع عمرو بن العاص في سنة ثمان من الهجرة، وقيل قبل ذلك، وقيل أسلم في الهدنة طوعا وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه.
روى عنه عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله، وقيس بن أبي حازم وأبو أمامة الباهلي والمقدام بن معد يكرب، ومالك بن الحارث الاشتر النخعي، وأبو عبد الله الأشعري، واليسع بن المغيرة المخزومي، واستعمله أبو بكر الصديق على قتال مسيلمه وأهل الردة بنجد.(7/3120)
ثم وجهه الى العراق ثم الى الشام وأمره على أمراء الشام، فلما ولي عمر عزله وولى أبا عبيدة، وشهد فتح حلب وقنسرين، وولي قنسرين في أيام عمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال أخبرنا أبو محمد الدارمي قال أخبرنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال: حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري أن عبد الله بن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته وخالة ابن عباس فوجد عندها ضبا محنوذا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قل ما يقدم يده لطعام حتى (70- و) يحدّث به ويسمّى له فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الضب، فقالت امرأة من نسوة الحضور:
أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمتن قلن: هذا الضب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فقال خالد بن الوليد: أتحرم الضب يا رسول الله؟ قال أراه لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد: اجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق العطار وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغداديون قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدثنا أحمد بن واقد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم(7/3121)
خبرهم فقال: أخذ الراية زيد، فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم «1» .
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف (70- ظ) بابن البن بدمشق قال: أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن محمد المصيصي المعروف بابن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وأبو نصر محمد ابن أحمد بن الجندي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر المعروف بابن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن شاكر المعروف بابن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي قال:
حدثنا محمد بن عائذ القرشي قال: فأخبرني الوليد- يعني- ابن مسلم قال:
فحدثني أبو سليمان عبد الرحمن بن سليمان عن من حدثه ذلك الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لما قتل عبد الله بن رواحة جال الناس جولة وأخذ الراية رجل من الأنصار فقاتل بها، إذ مرّ به خالد بن الوليد فقال له الأنصاري: يا خالد خذ الراية، قال: أنت أحق بها، أنت أخذتها، قال له الأنصاري:
أنت أحق بها فإنك أشجع مني، فأخذها خالد.
قال الوليد: فحدثني العطاف بن خالد المخزومي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه في مجلسه فقال: التقى القوم فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل زيد ابن حارثة، وأخذ الراية جعفر ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم قتل جعفر، وأخذ الراية عبد الله بن رواحة، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم قتل ثم قال: أخذ الراية خالد بن الوليد، ثم قال الآن حمي الوطيس.
قال الوليد: حدثني غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهو يخبر عن وقعتهم، ثم قال: أخذ الراية خالد بن الوليد نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من (71- و) سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقى بالمسجد الأقصى قال:(7/3122)
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم من محمد بن حشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف المعروف والده بأزرتق قال:
أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبو المظفر أحمد بن محمد بن علي الكاغدي. قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وقال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن زكريا قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر ابن درستويه النحوي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال:
حدثنا وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي قال: لما استعمل أبو بكر خالد بن الوليد على قتال أهل الردة كلم في ذلك فأبى أن يرده، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم الفتى خالد، ونعم أخو العشيرة، وخالد بن الوليد سيف من سيوف الله عز وجل سله الله عز وجل على الكفار والمنافقين، ثم قال لي أبو بكر رضي الله عنه: يا وحشي اخرج فجاهد في سبيل الله كما جاهدت لتصد عن سبيل الله، قال: فخرجت مع خالد (71- ظ) «1»
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن اسماعيل الفضيلي قال: أخبرنا أحمد بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا الهيثم بن كليب قال:
حدثنا ابن المنادي قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا ضمرة. قال الشيباني:
أخبرني عن أبي العجماء قال: قيل لعمر بن الخطاب: لو عهدت يا أمير المؤمنين؟
قال لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال: لم استخلفته على أمة محمد؟ قلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح «2» ، ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: من استخلفت على أمة محمد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول:
لخالد سيف من سيوف الله سله على المشركين «3» .(7/3123)
وقال الحافظ أبو القاسم: كذا قال، وإنما هو أبو العجفاء السلمي، واسمه هرم بن نسيب، شامي.
قال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الله بن عمير قال:
استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام وعزل خالد بن الوليد قال: فقال خالد بن الوليد: بعث عليكم أمين هذه الأمة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أمين هذه الأمة أبو عبيدة (72- و) بن الجراح، فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خالد سيف من سيوف الله نعم فتى العشيرة. «1»
وقال الحافظ: أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت: قرئ على ابراهيم ابن منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا عبد الله بن عون الخزاز قال: حدثنا أبو اسماعيل المؤدب قال: حدثنا اسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابن أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا خالد لم تؤذي رجلا من أهل بدر، لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله، فقال:
يا رسول الله يقعون فيّ فأردّ عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله عز وجل صبةّ الله على الكفار «2» .
أخبرنا الشريف أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن هاشم بن الحسين الهاشمي الصالحي، وأبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله بن مشرّف الحلبيان بها قال:
أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن الحداد- قراءة عليه وأنا حاضر- قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن فارس قال: حدثنا محمد بن عاصم قال:
حدثنا الجعفي عن زائدة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: كان بين خالد(7/3124)
ابن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف بعض ما يكون بين (72- ظ) الناس قال:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذروا لي أصحابي- أو أصيحابي- فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه «1» .
أخبرنا القاضي الإمام أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفرائيني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله الأزدي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال:
حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ساعيا على الصدقة، فمنع ابن جميل وخالد بن الوليد، والعباس بن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلّا أن كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا إن خالدا قد احتبس أدراعه واعتاده في سبيل الله، وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليّ ومثلها معها، ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه «2» .
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم ازهر بن طاهر- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن موسى قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن اسماعيل بن يحيي الحربي قال: أخبرنا أبو حاتم (73- و) مكي بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عيسى- هو- ابن يزيد القراطيسي قال: حدثنا اسحاق بن محمد عن أسامة بن زيد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح وعطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة من هذا؟ فأقول فلان، فيقول: نعم عبد الله فلان، ويمر فيقول: من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول: فلان، فيقول: بئس عبد(7/3125)
الله، حتى مرّ خالد بن الوليد فقلت: هذا خالد بن الوليد يا رسول الله، فقال:
نعم عبد الله، خالد سيف من سيوف الله.
أخبرنا عمر بن محمد المؤدب- إذنا- قال: أنبأنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيي ابنا الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير ابن بكار قال: حدثني محمد بن سلام قال: حدثني محمد بن حفص التميمي قال:
لما كانت الهدنة «1» بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش ووضعت الحرب، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشي يكيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحية، فقال له: يا عمرو تكلمني في رجل يأتيه الناموس كما كان يأتي موسى بن عمران، قال: قلت وكذاك هو أيها الملك؟ قال: نعم، قال: فأنا أبايعك له فبايعه على الإسلام، ثم قدم مكة فلقي خالد بن الوليد بن المغيرة، فقال له:
ما رأيك؟ قال: قد استقام الميسم (73- ظ) والرجل نبي، قال: فأنا أريده، قال:
وأنا معك، قال له عثمان بن أبي طلحة: وأنا معك، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام: قال لي أبان بن عثمان: فقال عمرو بن العاص: فكنت أسن منهما، فقدمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما فأضمرت أن أبايعه على أن لي ما تقدم وما تأخر، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدم نسيت ما تأخر، قال محمد بن سلام: قال محمد بن حفص، فقال ابن الزبعرا:
أنشد عثمان بن طلحة حلفنا ... وملقى نعال القوم عند المقبّل
وما عقد الآباء من كل حلفة ... وما خالد من مثلها بمحلّل
أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي ... وما تبتغي عن مجد بيت مؤثّل
قال: وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله ومحمد بن الضحاك هذا الشعر مخالفا به في الألفاظ. قال: وقال عمي مصعب بن عبد الله: أقبل عمرو بن العاص(7/3126)
من عند النجاشي فلقي عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد بالهدة «1» يريدان الهجرة فمضى معهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا مرجّا بن أبي الحسن بن شقيرة الواسطي قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطى- بها- قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا عيسى ابن علي بن عيسى قال: أخبرنا عبد الله (74- و) بن محمد قال: حدثنا داود بن عمرو قال: أخبرنا أبو راشد المثنى بن زرعة بن محمد بن اسحاق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي عن حبيب بن أوس قال: حدثني عمرو ابن العاص من فيه قال: لما انصرفنا من الأحزاب عند الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم: والله إني أرى أمر محمد يعلو الأمر علوا منكرا، وإني قد رأيت رأيا فما ترون فيه؟ قالوا: وما ذاك الذي رأيت؟ قال:
قلت رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون معه فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلم يأتنا منهم إلّا خير؟ قالوا: هذا الرأي، قلت: فاجمعوا له ما نهدي له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم، فجمعنا له أدما كثيرا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو ابن أمية، ولو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت به ذلك رأت قريش أن قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد، قال:
فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحبا بصديقي، أهديت لنا من بلادك شيئا؟ قلت: نعم (74- ظ) أهديت لك أدما «2» كثيرا، ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك قد رأينا رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطينيه لأقتله، قد أصاب من أشرافنا.
قال: فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، لو اتسعت(7/3127)
الأرض لدخلت فيها فرقا منه، ثم قلت: أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتك، قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام! قال: قلت: أيها الملك أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فانه والله على الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال: قلت: أتبايعني على الاسلام؟ قال: نعم فبسط يده فبايعته على الاسلام، ثم خرجت الى أصحابي وقد حال رأيي وما كان عليه فكتمت اسلامي فأتيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقتبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ فقال: والله لقد استقام المنير وان الرجل لنبي أذهب والله أسلم حتى متى، قال: قلت: فأنا والله ما جئت إلّا للاسلام، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت: يا رسول الله اني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، قال: ولا أذكر ما تأخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو بايع فان الاسلام يجب ما قبله، وان الهجرة تجب ما (75- و) ما كان قبلها، قال: فبايعت ثم انصرفت.
أخبرنا أبو اليمن الكندي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس قال أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبّه قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: فحدثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت أبي يحدث يقول: قال خالد بن الوليد: لما أراد الله بي من الخير ما أراد، قذف في قلبي حب الاسلام، وحضرني رشدي، وقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس موطن أشهده إلّا وأنصرف واني أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحديبية خرجت في خيل المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه بعسفان «1»(7/3128)
فقمت بازائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر آمنا منا فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا، وكانت فيه خبرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهموم به، فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك مني موقعا، وقلت: الرجل ممنوع وافترقنا، وعدل عن سنن خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالراح قلت في نفسي: أي شيء بقي أين المذهب، الى النجاشي فقد اتبع محمدا وأصحابه آمنون عنده فأخرج الى هرقل (75- ظ) فأخرج من ديني الى نصرانية أو يهودية فأقيم مع عجم تابع أو أقيم في داري فمن بقي؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية «1» وتغيبت فلم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم، عمرة القضية فطلبني فلم يجدني، فكتب إليّ كتابا فاذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد فاني لم أر أعجب من ذهاب رأيك على الاسلام، وعقلك عقلك، ومثل الاسلام جهله أحد، وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين خالد؟
فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثل خالد جهل الاسلام، ولو كان جعل نكايته وحدّه مع المسلمين على المشركين لكان خيرا له، ولقدّمناه على غيره، فاستدرك يا أخي ما فاتك منه، فقد فاتتك مواطن صالحة.
قال: فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الاسلام، وسرني مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال خالد: وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة جديبة، فخرجت الى بلد أخضر واسع، فقلت: ان هذه لرؤيا، فلما قدمت المدينة قلت: لأذكرنها لأبي بكر، قال:
فذكرتها، فقال: هو مخرجك الذي هداك الله للاسلام، والضيق الذي كنت فيه الشرك، فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: من أصاحب إلى محمد؟ فلقيت صفوان بن أمية، فقلت: يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه انما نحن أكلة رأس (76- و) وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد فاتبعناه فان شرف محمد لنا شرف، فأبى أشد الاباء وقال: لو لم يبق(7/3129)
غيري من قريش ما اتبعته أبدا فافترقنا، وقلت: هذا رجل موتور يطلب وترا قتل أبوه وأخوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبي جهل، فقلت له ما قلت لصفوان، فقال لي مثل ما قال صفوان، قلت: فاطو ما ذكرت لك، قال: لا أذكره وخرجت الى منزلي، فأمرت براحلتي تخرج إلي الى أن ألقى عثمان بن طلحة، فقلت: ان هذا لي صديق ولو ذكرت له ما أريد، وذكرت من قتل آبائه، فكرهت أذكره، فقلت: وما علي وأنا راحل من ساعتي، فذكرت له ما صار الامر اليه، وقلت انما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صبّ عليه ذنوب «1» من ماء خرج، قال: فقلت له: نحوا مما قلت لصاحبيه، فأسرع الاجابة وقال: لقد غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو، وهذه راحلتي بفج «2» مناخة، قال: فاتعدت أنا وهو يأجج «3» ان سبقني أقام وان سبقته أقمت عليه، قال: فأدلجنا سحره فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج، فغدونا حتى التقينا الى الهدة، فنجد عمرو بن العاص بها فقال: مرحبا بالقوم، قلنا: وبك قال:
أين مسيركم؟ قلنا: ما أخرجك قال: فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة فأنخنا بظاهر الحرة ركابنا، وأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر بنا، فلبست من صالح ثيابي، ثم عمدت الى رسول الله صلى الله عليه (76- ظ) فلقيني أخي فقال: أسرع فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بك فسّر بقدومك وهو ينتظركم، فأسرعت المشي فطلعت فما زال يتبسم حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق، فقلت: اني أشهد أن لا إله الا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا ورجوت أن لا يسلمك إلّا الى خير، قلت: يا رسول الله قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندا عن الحق فادع الله يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الاسلام يجب ما قبله، قلت: يا رسول الله على ذلك، فقال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كلما وضع عنه من صد عن سبيلك، قال(7/3130)
خالد: فقدم عمرو وعثمان فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قدومنا في صفر من سنة ثمان، فو الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم أسلمت يعدل بي أحدا من أصحابه فيما حزبه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد ابن زبر قال: حدثنا العباس بن محمد بن حاتم قال: حدثنا أبو بكر- يعني- ابن أبي الاسود قال: سألت الأصمعي عن خالد بن الوليد متى أسلم، قال: ما بين الحديبية وخيبر.
أخبرنا أبو نصر القاضي- فيما أذن لنا أن (77- و) نرويه عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها- يعني سنة ست- أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وقال في سنة سبع فيها: أسلم أبو هريرة وعمران ابن حصين زمن خيبر، وخالد بن الوليد بين الحديبية وخيبر «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي- قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال:
قال الواقدي: لم يشهد خالد بن الوليد خيبر انما هاجر خالد بن الوليد أول يوم من صفر سنة ثمان من الهجرة «2» .
أخبرنا أبو حفص المكتب- اذنا- قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء- في كتابه- قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وولد الوليد بن المغيرة بن عبد(7/3131)
الله بن عمر بن مخزوم: خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله، وكان مباركا ميمون النقيبة.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال عمي مصعب: هاجر- يعني- خالدا بعد الحديبة هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم: رمتكم مكة بافلاذ كبدها، ولم يزل يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل، ويكون في مقدمته في مهاجرة العرب، وشهد فتح مكة، ودخل في مهاجرة العرب في مقدمة رسول الله (77- ظ) صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل الزبير ابن العوام في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار من أعلى مكة «1» .
أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال:
خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أمه لبابة الكبرى، ويقال عصماء بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال، هي خالة بني العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا سليمان، مات بالشام في خلافة عمر بن الخطاب سنة احدى وعشرين «2» .
وقال الكندي: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- اجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال:
في الطبقة الثالثة: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويكنى أبا سليمان، وأمه عصماء، وهي لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن قيس عيلان، وهي(7/3132)
أخت أم الفضل بنت الحارث أم بني العباس بن عبد المطلب «1» .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا (78- و) قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم يكنى أبا سليمان وأمه لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، مات بحمص سنة احدى وعشرين، وأوصى الى عمر بن الخطاب، ودفن في قرية على ميل من حمص. قال الواقدي: فسألت عن تلك القرية فقيل لي قد دثرت «2» .
وقال علي بن أبي محمد: أخبرنا أبو محمد الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز ابن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، يكنى أبا سليمان. قال عبد الرحيم- يعني- ابن ابراهيم: مات بالمدينة.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن علي المدائني- قال:
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: ومن بني مخزوم من يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمه لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال ابن عامر بن صعصعة، يكنى أبا سليمان، أسلم يوم الأحزاب، ويقال انه أسلم مع عمرو بن العاص في صفر سنة ثمان من الهجرة، وقد جاء في الحديث أنه شهد خيبر، وكانت خيبر في أول سنة سبع، وقال مالك بن أنس: سنة ست، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب (78- ظ) فيما ذكر سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار،(7/3133)
ويقال أنه توفى بالمدينة سنة اثنتين وعشرين، ويقال أنه توفي بحمص سنة احدى وعشرين.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: حدثنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: خالد بن الوليد بن المغيرة أبو سليمان القرشي، مات على عهد عمر، من المهاجرين، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، قاله سليمان ابن حرب عن الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير عن عبد الله بن رياح عن أبي قتادة «1» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا عبد الوهاب ابن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في تسمية من شهد فتح دمشق: خالد بن الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة، يكنى أبا سليمان، كان أميرا على ربع، قال عبد الرحمن بن ابراهيم: توفي خالد بن الوليد بالمدينة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام- اذنا- قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال:
أخبرنا الحاكم أبو أحمد (79- و) محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمه لبابة الكبرى ويقال لها عصماء بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر، وهي خالة بني العباس بن عبد المطلب، له صحبة من النبي صلى الله(7/3134)
عليه وسلم، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، مات بحمص سنة احدى وعشرين، وأوصى الى عمر بن الخطاب، ودفن في قرية على ميل من حمص.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- اجازة- قالا:
أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعد بن عثمان بن السكن قال: ومنهم- يعني من اسمه خالد من الصحابة- خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب ويكنى أبا سليمان القرشي بابنه سليمان، يقال أسلم قبل فتح مكة وهاجر بعد الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها.
وروى جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل خالد ابن الوليد أحاديث منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين، ولم يزل خالد يجاهد (79- ظ) الكفار حتى قبض الله رسوله، ثم استعمله أبو بكر الصديق في غزوة اليمامة «1» ، فكان أميرهم يومئذ وفتح الله عليه، ثم استعمله عمر بعد ذلك فافتتح دمشق سنة أربع «2» عشرة، ثم عزله عمر وولى مكانه أبو عبيدة بن الجراح.
كان لخالد أخوان: الوليد وهشام أسلما وحسن اسلامهما، وأم خالد بن الوليد لبابة بنت الحارث بن حزن من بني عبد الله بن هلال، وتوفي خالد بمدينة حمص سنة احدى وعشرين، ويقال توفي بالمدينة والله أعلم، وهو معدود فيمن سكن الشام من الصحابة، وقد روى عنه جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس والمقدام بن معد يكرب، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة وغيرهم، وروي عن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث «3» .(7/3135)
أنبأنا أبو نصر القاضي قال. أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، أبو سليمان، وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله عز وجل، هاجر بعد الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، ومات بحمص سنة احدى وعشرين ومات على عهد عمر «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد (80- و) الملك بن الحسن قال:
أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذي قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو سليمان المخزومي القرشي المدني سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال: الواقدي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابن عباس وقيس بن أبي حازم في الاطعمة، مات في عهد عمر بن الخطاب وقال الواقدي: مات بحمص سنة احدى وعشرين وأوصى الى عمر بن الخطاب، وقال ابن نمير مثله، ولم يذكر وصيته.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه من مكة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الاشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: خالد بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، أبو سليمان وقيل أبو الوليد، أمه لبابة الصغرى، وقيل بل هي لبابة الكبرى، والاكثر على أن أمه لبابة الصغرى بنت الحارث بن الحزن الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولبابة أمه خالة بني العباس بن عبد المطلب، لان لبابة الكبرى زوج العباس وأم بنيه.(7/3136)
كان خالد أحد أشراف قريش في الجاهلية، واليه كانت القبة والاعنه، فإنه كان يكون على خيول قريش في الحروب، ذكر ذلك الزبير واختلف في وقت اسلامه وهجرته، فقيل هاجر خالد بعد الحديبية، وقيل بل كان اسلامه بين الحديبية وخيبر، وقيل بل كان اسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم (80- ظ) من بني قريظة، وقيل بل كان إسلامه سنة ثمان مع عمرو بن العاصي وعثمان بن طلحة، وكان خالد على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية «1» ، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست وخيبر بعدها في المحرم وصفر سنة سبع، وكانت هجرته مع عمرو بن العاصي وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العزى وكان بيتا عظيما لقريش وكنانة ومضى بنخلة فهدمها وجعل يقول:
كفرانك اليوم ولا سبحانك ... اني رأيت الله قد اهانك «2»
قال: أبو عمر لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان- فيما أجازه لنا- قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو سليمان المخزومي، سيف الله وصاحب رسول الله في بعض مغازيه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه ابن عباس وجابر والمقدام بن معدي كرب ومالك بن الحارث الاشتر، واليسع بن المغيرة المخزومي،(7/3137)
وأبو عبد الله الأشعري، واستعمله أبو بكر على قتال مسيلمة ومن ارتد من (81- و) الأعراب بنجد ثم وجهه الى العراق، ثم وجهه الى الشام وأمّره على أمراء الشام، وهو أحد الامراء الذين ولوا فتح دمشق.
وقال الحافظ: حدثنا أبو بكر يحيى بن ابراهيم قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن علي بن عمر عن رواد بن الجراح عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: خالد بن الوليد أبو وهب.
قال الحافظ: كذا قال والمحفوظ أبو سليمان.
وقال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال:
أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا علي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي له صحبة «1» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: خالد بن الوليد ابن المغيرة يكنى أبا سليمان سيف الله.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم ابن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو سليمان خالد بن المغيرة المخزومي.
أخبرنا أبو نصر القاضي- كتابة- قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي قال: حدثنا (81- ظ) أبو الحسين بن المهتدي، ح.
قال: وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبي أبو يعلى قالا: أخبرنا(7/3138)
أبو القاسم الصيدلاني قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عباس، ح.
قال: وأخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا نصر بن ابراهيم قال:
أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا يزيد بن محمد بن اياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: خالد بن الوليد بن المغيرة يكنى أبا سليمان.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن أبي تمام علي ابن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: خالد بن الوليد أبو سليمان.
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا الحسن الحمامي قال: أخبرنا ابراهيم بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا ابراهيم بن أبي أمية، قال: سمعت نوح بن حبيب يقول:
خالد بن الوليد بن المغيرة يكنى أبا سليمان.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالويه قالا:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: وكنية خالد بن الوليد أبو سليمان.
أخبرنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور (82- و) قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا رضوان بن أحمد- اجازة- قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا يونس بن بكير عن ابن اسحاق قال: وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة وبعث الى خالد ابن الوليد أن لا يقتلن أحدا، وأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بقتل من لقيت، فقتل، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى(7/3139)
قريش: مه، أغلبتم؟ فقالوا: غلبنا والله، فقال: سأقول كما قال أخي يوسف:
«لا تثريب عليكم اليوم» «1» ، قالوا: وصلتك رحم.
وقال: وبعث الى خالد بن الوليد: ما حملك على ذلك؟ فقال «2» : يا رسول الله أرأيت، ان كنت أمرتني أن آمره ان لا يقتل أحدا، فذهب وهمي الى أن أقول له:
اقتل من لقيت لشيء أراده الله، فكف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: حدثنا يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث قال:
مر خالد بن الوليد على اللات والعزى فقال:
كفرانك لا سبحانك ... اني رأيت الله قد أهانك
ثم مضى.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:
حدثني أبي قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حنين عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد الى العزى، وكانت لهوازن، وكانت سدنتها بنو سليم فقال: انطلق فإنه تخرج عليك امرأة شديدة (82- ظ) السواد طويلة الشعر، عظيمة الثديين قصيرة، قال: فقالوا يحرضونها:
يا عز شدي شدة لا سوى لها ... على خالد ألقي الخمار وشمري
فإنك ان لم تقتلي اليوم خالدا ... تبوئي بذنب عاجل وتنصري
فشد عليها أبو سليمان فضربها فقتلها، وجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا خالد ما صنعت؟ قال: قتلتها، قال: ذهبت العزى ولا عزى بعد اليوم.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- اذنا ان(7/3140)
لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال:
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد- يعني- الهذلي عن سعيد بن عمرو الهذلي قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان، فبث السرايا في كل وجه، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الاسلام، فخرج هشام بن العاص في مائتين قبل يلملم «1» وخرج خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة «2» وبعث خالد بن الوليد الى العزى يهدمها فخرج خالد بن الوليد في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها ثم رجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدمت؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئا؟ قال: لا، قال: فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها، فرجع خالد وهو مغتبط فلما انتهى إليها جرد سيفه فخرجت (83- و) إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها.
قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري فجعل يصيح:
أعزّى شدي شدة لا تكذبي ... أعزى فالقي القناع وشمري
أعزى ان لم تقتلى اليوم خالدا ... فبوئي بذنب عاجل وتنصرى
قال: وأقبل خالد بالسيف اليها وهو يقول:
كفرانك لا سبحانك ... إني وجدت الله قد أهانك
قال: فضربها بالسيف فخزلها باثنتين، ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: نعم تلك العزى قد أيست ان تعبد ببلادكم أبدا، ثم قال خالد:
أي رسول الله، الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا من الهلكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي العزى نحيره مائة من الابل والغنم فيذبحها للعزى، ويقيم عندها ثلاثا ثم ينصرف الينا مسرورا، فنظرت الى مامات عليه أبي، وذلك الرأي الذي كان يعاش(7/3141)
في فضله كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان هذا الامر الى الله فمن يسره الله للهدى تيسر ومن يسر للضلالة كان فيها.
وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان، وكان سادنها أفلح بن النضر الشيباني من بني سليم، فلما حضرته الوفاة دخل عليه وهو حزين، فقال له أبو لهب: ما لي أراك حزينا؟ قال: أخاف ان تضيع العزى (83- ظ) من بعدي، قال أبو لهب: فلا تحزن فأنا أقوم عليها من بعدك فجعل كل من لقي قال: ان تظهر العزى كنت قد اتخذت يدا عندها بقيامي عليها، وان يظهر محمد على العزى، ولا أراه يظهر- فابن أخي، فأنزل الله عز وجل: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ»
ويقال انه قال هذا في اللات.
أنبأنا ابن طبرزد قال أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء- اجازة ان لم يكن سماعا منهما أو من أحدهما- قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال: فكان خالد يوم حنين في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنى سليم، وجرح فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم- بعد ما هزمت هوازن- في رحله فنفث على جراحه فانطلق منها وبعثه- الى الغميصاء «1»
، وكان بها قوم من بني كنانة يقال لهم بنو جذيمة، ومعه بنو سليم فاستباحهم، فادعوا الاسلام، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حضر مؤتة فلما قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة مال المسلمون الى خالد فانحاز بهم فعيرهم المسلمون حين رجعوا الى المدينة فقالوا لهم: انتم الفرارون، فشكوا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بل انتم الكرارون فكف الناس عنهم.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن الأسدي المعروف (84- و) بابن البن- قراءة عليه بدمشق وأنا أسمع- قال أخبرنا جدي(7/3142)
أبو القاسم الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن محمد المصيصي المعروف بابن أبي العلاء.
قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وأبو نصر محمد بن أحمد بن الجندي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن ابراهيم بن شاكر المعروف بابن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن ابراهيم القرشي قال:
حدثنا محمد بن عائذ قال: فأخبرني الوليد- يعني- ابن مسلم قال: فحدثني العطاف بن خالد وغيره أن خالد بن الوليد- يعني- يوم مؤتة بات لم يصبح غاديا وقد جعل مقدمته ساقة وساقته ميمنة وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة فأنكروا ما جاء به من خلاف ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا قد جاءهم مدد فانهزموا وقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم.
قال الوليد: وأما السلامي فإنه أخبر عن غير واحد أن خالد بن الوليد لما أخذ الراية قاتلهم قتالا شديدا، ثم انحاز الفريقان كل عن كل قافلا عن غير هزيمة، فقفل المسلمون على طريقهم التي أخذوا منها حتى مروا بتلك القرية والحصن الذين كانوا شدوا على ساقتهم وقتلوا منهم رجلا، فحاصروهم في حصنهم حتى فتحه الله عليهم عنوة، فقتل خالد بن الوليد مقاتلتهم في بقيع الى جانب حصنهم صبرا فيها سمى ذلك البقيع بقيع الدم الى اليوم، وهدموا حصنهم هدما لم يعمر بعده الى اليوم.
قال الوليد: فحدثني عبد الله بن المبارك عن (84- ظ) عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد يخبرنا بالحيرة فقال: لقد رأيتني يوم مؤتة وقد انقطع في يدي تسعة أسياف حتى وقعت في يدي صفيحة يمانية فصبرت.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد- من لفظه- قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: حدثنا الحسن بن اسماعيل(7/3143)
الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال:
قال خالد بن الوليد: لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فصبرت في يدي صفيحة يمانية.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا ابراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد- أحسبه قال- الى بني جذيمة فدعاهم الى الاسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: (85- و) صبأنا صبأنا، وجعل خالد بهم قتلا وأسرا، قال:
ثم دفع الى كل رجل منا أسيرا حتى اذا أصبح يوما أمرنا فقال: ليقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر: فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، قال: فقدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ما صنع خالد، فقال: فرفع يديه فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين أو ثلاثا.
(85- ظ) ***(7/3144)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبّة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: لما قدم خالد على النبي صلى الله عليه وسلم- يعني- بعدما صنع ببني جذيمة عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع فقال: يا خالد أخذت بأمر الجاهلية، قتلتهم بعمك الفاكه قاتلك الله، قال: وأعانه عمر بن الخطاب على خالد، فقال خالد: أخذتهم بقتل أبيك، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت والله لقد قتلت قاتل أبي بيدي وأشهدت على قتله عثمان بن عفان، ثم التفت الى عثمان فقال: أنشدك الله هل علمت أني قتلت قاتل أبي؟ فقال عثمان:
اللهم نعم، ثم قال عبد الرحمن: ويحك يا خالد ولو لم أقتل قاتل أبي كنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية؟ قال: ومن أخبرك أنهم أسلموا؟ قال: أهل السرية كلهم يخبرونا أنك وجدتهم قد بنوا المساجد وأقروا بالاسلام ثم حملتهم على السيف قال: جاءني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير عليهم فأغرت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت على رسول الله صلى الله عليه (86- و) وسلم وغالظ عبد الرحمن، وأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وغضب عليه وبلغه ما صنع بعبد الرحمن فقال: يا خالد ذروا لي أصحابي متى ينك أنف المرء ينكى المرء، ولو كان أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن.(7/3145)
قال: وحدثنا الواقدي قال: حدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنه لخالد: ويحك يا خالد أخذت بني جذيمة بالذي كان من أمر الجاهلية أوليس الاسلام قد محا ما كان في الجاهلية؟ فقال: يا أبا حفص والله ما أخذتهم إلا بالحق أغرت على قوم مشركين فامتنعوا فلم يكن لي بدا إذ امتنعوا من قتالهم فأسرتهم، ثم حملتهم على السيف، فقال: أي رجل تعلم عبد الله بن عمر؟
قال: أعلمه والله رجلا صالحا، قال: فهو الذي أخبرني غير الذي أخبرتني، وكان معك في ذلك الجيش، قال خالد: فإني أستغفر الله وأتوب إليه، قال: فانكسر عنه عمر وقال: ويحك ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك.
قال: وحدثنا الواقدي قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أهله عن أبي قتادة- وكان في القوم- قال: لما نادى خالد في السحر من كان معه أسير فليدافه «1» . أرسلت أسيري وقلت لخالد: اتق الله فإنك ميت وإن هؤلاء قوم مسلمون، قال: رحمك الله يا أبا قتادة إنه لا علم لك (86- ظ) بهؤلاء، قال أبو قتادة: فإنما يكلمني خالد على ما في نفسه من التّرة عليهم «2» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحسين قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون قال: حدثنا اسحاق بن أبي اسرائيل قال: حدثنا الحكم بن ظهير عن السري عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي على سرية ومعه في السرية عمار بن ياسر، قال: فخرجوا حتى إذا أتوا قريبا من القوم الذين أرادوا أن يصبحوهم، نزلوا في بعض الليل، قال: وجاء القوم النذير فهربوا حيث بلغهم، قال: فأقام رجل منهم كان قد أسلم هو وأهل بيته فأمر أهله فتحملوا، ثم قال: قفوا حتى أسلم، ثم جاء حتى دخل على عمار فقال: يا أبا اليقظان إني قد(7/3146)
أسلمت وأهل بيتي فهل ذلك نافعي إن أنا أقمت، فإن قومي قد هربوا حيث سمعوا بكم؟ قال: فقال له عمار: فأقم فأنت آمن، فانصرف الرجل هو أهله.
قال: وصبح خالد القوم فوجدهم قد ذهبوا، فأخذ الرجل هو وأهله، فقال له عمار: لا سبيل لك على الرجل قد أسلم، قال: وما أنت وذاك أتجير عليّ وأنا الأمير؟ قال: نعم أجير عليك وأنت الأمير إن الرجل قد آمن، ولو شاء أن يذهب كما ذهب أصحابه، فأمره «1» بالمقام لإسلامه، فتنازعا في ذلك حتى تشاتما فلما قدما (87- و) المدينة اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر عمار الرجل وما صنع فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان عمار، ونهى يومئذ أن يجير أحد على أمير، فتشاتما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد:
يا رسول الله أيشتمني هذا العبد «2» عندك أما والله لولاك ما شتمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كف يا خالد عن عمار فإنه من يبغض عمارا يبغضه الله عز وجل، ومن يشتم عمارا يشتمه الله عز وجل، ومن يلعن عمارا يلعنه الله عز وجل، ثم قام عمار فولى وأتبعه خالد بن الوليد حتى أخذ بثوبه فلم يزل يترضاه حتى رضي ونزلت هذه الآية: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»
أمراء السرايا «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ»
فيكون الله ورسوله هو الذي يحكم فيه «ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا»
»
يقول خير عاقبة.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبّة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا يوسف بن يعقوب بن عتبة عن عثمان بن محمد الأخنسي عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أن يغير على بني كنانة إلا أن يسمع آذانا أو يعلم إسلاما (87- ظ) .(7/3147)
فخرج حتى انتهى الى بني جذيمة فامتنعوا أشد الامتناع، وقاموا وتلبسوا السلاح فانتظرتهم «1» صلاة العصر والمغرب والعشاء لا نسمع آذانا ثم حمل عليهم فقتل من قتل وأسر من أسر، فادعوا بعد الاسلام.
قال عبد الملك: وما عتب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولقد كان المقدم حتى مات، ولقد خرج معه بعد ذلك الى حنين على مقدمته، والى تبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أكيدر دومة الجندل «2» فسبا من سبا، ثم صالحهم، ولقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بلحارث بن كعب الى نجران أميرا وداعيا الى الله، ولقد خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فلما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه أعطاه ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحدا إلا هزمه الله تعالى.
ولقد قاتل يوم اليرموك فوقعت قلنسوته فجعل يقول: القلنسوة القلنسوة، فقيل له بعد ذلك: يا أبا سليمان عجبا لطلبك القلنسوة وأنت في حومة القتال؟ فقال:
إن فيها ناصية النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ألق بها أحدا إلّا ولى.
ولقد توفي خالد يوم توفي وهو مجاهد في سبيل الله وقبره بحمص فأخبرني من غسله وحضره ونظر الى ما تحت ثيابه ما فيه مصح ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ولقد كان عمر بن الخطاب الذي بينه وبينه ليس بذلك ثم (88- و) يذكره بعد فيترحم عليه ويتندم على ما كان صنع في أمره ويقول: سيف من سيوف الله تعالى، ولقد نزل رسول الله حين هبط من لفت «3» في حجته ومعه رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال الرجل: فلان قال: بئس عبد الله فلان، ثم طلع آخر فقال: من الرجل؟ فقال: فلان، فقال: بئس عبد الله فلان ثم طلع خالد بن الوليد، فقال: من هذا؟ قال: خالد بن الوليد، قال: نعم عبد الله خالد بن الوليد «4» .(7/3148)
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلى- إجازة- إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن النضر الديباجي قال: حدثنا علي ابن عبد الله بن مبشر الواسطي قال: حدثنا محمد بن حرب أبو عبد الله النسائي قال:
حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام عن عروة أن أبا بكر بعث خالد بن الوليد الى بني سليم حين ارتدوا عن الإسلام فقتل وحرق بالنار، فكلم عمر أبا بكر فقال: بعثت رجلا يعذب بعذاب الله انزعه، فقال أبو بكر: لا أشيم سيفا سله الله عز وجل على الكفار، حتى يكون الله الذي يشيمه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسن بن محمد قال:
حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا (88- ظ) سعيد بن منصور قال:
حدثنا هشيم قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري عن أبيه قال: لما كان يوم اليرموك فقد خالد بن الوليد قلنسوة له، فقال اطلبوها فطلبوها فلم يجدوها، فقال:
اطلبوها فطلبوها فوجدوها فإذا هي قلنسوة وسخة فقال: اعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فبدر الناس الى شعره فسبقتهم الى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فما شهدت قتالا- وهي معي- إلّا رزقت النصر.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن كليب قال: سمعت شيخين في المسجد ممن سمع خالد بن الوليد قال أحدهما لصاحبه: أتذكر ما لقينا يوم الكمّة بسباطة الحيرة؟ قال: نعم ما لقينا يوما قط أشد منه، وقعت كّمة خالد بن الوليد فقال: التمسوها وغضب فوجدناها فوضعها على رأسه، ثم اعتذر إلينا فقال: لا تلوموني فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه فانتهبنا شعره، فوقعت ناصيته بيدي فجعلتها ناصية في هذه الخرقة، فإنما شق على حين وقعت «1» .
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا(7/3149)
أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن عمرو عن الشعبي قال: لما فتح خالد الحيرة صلى صلاة الفتح ثماني ركعات لا يسلم فيهن (89- و) ثم انصرف وقال: لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف، وما لقيت قوما كقوم لقيتهم من أهل فارس، وما لقيت من أهل فارس قوما كأهل ألليس «1» .
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن المسبح قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن منير الخشاب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن اسحاق البغدادي قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن حماد الرملي قال: أخبرنا الحسين ابن زياد التميمي عن أبي اسماعيل محمد بن عبد الله الأزدي النصري قال: وحدثني اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت خالد بن الوليد وهو بالحيرة آمنا ما يخاف أحدا، وهو متوشح ثوبا قد شد طرفيه في عنقه وقد سمعته وهو يقول بالحيرة: لقد اندق في يدي تسعة أسياف يوم مؤتة وبقي في يدي صفيحة يمانية.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى النهرواني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا العكلي قال:
حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب عن عوانة (89- ظ) ابن الحكم وشرقي بن قطامى وأبي مخنف قالوا: لما انصرف خالد بن الوليد من(7/3150)
اليمامة ضرب عسكره على الجرعة التي بين الحيرة والنهر وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض، وقصر ابن بقيلة، فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى نفدت، ثم رموه بالخزف، من آنيتهم، فقال له ضرار بن الأزور: ما لهم مكيدة أعظم مما ترى فبعث إليهم ابعثوا إليّ رجلا من عقلائكم أسائله ويخبرني عنكم، فبعثوا عبد المسيح ابن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة، فأقبل يمشي الى خالد، فلما رآه قال: ما لهم أخزاهم الله بعثوا إلى رجلا لا يفقه فلما دنا من خالد قال: أنعم صباحا أيها الملك، فقال خالد: قد أكرمنا الله بغير هذه التحية بالسلام، ثم قال له خالد: من أين أقصي أثرك؟ قال: من ظهر أبي، قال:
من أين خرجت؟ قال: من بطن أمي، قال: على ما أنت؟ قال: على الأرض، قال:
فيم أنت ويحك؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل؟ قال: نعم وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد، قال خالد: ما رأيت كاليوم قط أسائله عن شيء وينحو في غيره، قال: ما أجبتك إلا عما سألت عنه، فاسأل عما بدا لك، قال: كم أتى لك؟ قال: خمسون وثلاثمائة، قال: أخبرني ما أنتم؟ قال: عرب استنبطنا، ونبط استعربنا، قال فحرب أنتم أم سلم؟ قال: بل سلم، قال: فما بال هذه الحصون؟
قال: بنيناها لنحبس السفيه حتى ننهاه بالحليم.
قال: ومعه سم ساعة (90- و) يقلبه في يده، فقال له: ما هذا معك؟ قال:
هذا السم، قال: فما تصنع به؟ قال: أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله، وإن كانت الأخرى لم أكن أول من ساق إليهم ضيما وبلاء فآكله وأستريح، وإنما بقي من عمري يسير، فقال: هاته فوضعه في يد خالد، فقال:
بسم الله وبالله رب الأرض، ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء ثم أكله فتجلته غشية فضرب بذقنه على صدره، ثم عرق وأفاق فرجع ابن بقيلة الى قومه، فقال:
جئت من شيطان أكل سم ساعة فلم يضره أخرجوهم عنكم فصالحوهم على مائة ألف، فقال له خالد: ما أدركت؟ قال: أدركت سفن البحر ترقأ إلينا في هذا الجرف، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج الى الشام في قرى متواترة ما تزود رغيفا، وقد أصبحت خرابا يبابا وكذلك دأب الله في العباد والبلاد، وقال عبد المسيح حين رجع:
أبعد المنذرين أرى سواما ... يروح بالخورنق والسدير(7/3151)
تحاماها فوارس كل حي ... مخافة ضيغم عالي الزئير
وبعد فوارس النعمان أرعى ... رياضا بين ذروة والحفير
فصرنا بعد هلك أبي قبيس ... كمثل الشاء في يوم المطير
تقسمها القبائل من معد ... علانية كأيسار الجزور «1»
وكنا لا يباح لنا حريم ... فنحن كصرة الناب الضجور (90- ظ)
كذاك الدهر دولته سجال ... يصرف بالمساءة والسرور «2»
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس ابن اسحاق قال: حدثنا أبو السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحيرة فنزل على قوم بني أم المرازبة، فقال لهم ائتوني بالسم، فلما أتوه به وضعه في راحته، ثم قال: بسم الله فاقتحمه فلم يضره بإذن الله شيئا.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت خالد بن الوليد أتي بسم، فقال: ما هذا؟ قالوا: سم، فقال بسم الله وشربه، وأشار سفيان بيده إلى فيه، قال عبد الله بن الزبير: وذلك بالحيرة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس، وأبو المظفر حامد بن العميد أبي المظفر بن أميري القاضي القزويني بحلب قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، وأخبرنا محفوظ بن هلال بن محفوظ الرسعني بها قال: أخبرتنا شهدة- إجازة- قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن(7/3152)
صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو (91- و) عبد الله محمد بن اسحاق السهمي عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن خيثمة قال: أتي خالد ابن الوليد برجل معه زق خمر فقال: اللهم اجعله عسلا، فصار عسلا.
قال: وحدثني إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثني قومي عن رجل منهم يقال له صعصعة قال:
فشت الخمر في عسكر خالد بن الوليد، فجعل يطوف عليهم، وكان رجل منا بعث به أصحابه فاشترى زقا من خمر وحمله بين يديه، فاستقبله خالد كفة لكفة، فقال:
ما هذا؟ قال: خل قال جعله الله خلا فانطلق به إلى أصحابه ففتحوه فإذا خل كأجود ما يكون من الخل.
أخبرنا.... «1» قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا السري بن يحيى قال:
حدثنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن أبي عثمان عن أبيه أن خالدا أتي في قنسرين برجل معه زق خمر فقال: اللهم اجعله خلا، فأكلت منه فإذا هو خل مسطار «2» ، وأقبل الرجل يعدو.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال:
أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عبيد عن اسماعيل (191- ظ) بن أبي خالد عن زياد قال: قال خالد بن الوليد عند موته: ما كان في الأرض ليلة أحب إليّ من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا الوليد(7/3153)
ابن عبد الله بن جميع قال: حدثني رجل أثق به أن خالد بن الوليد أم بالناس بالحيرة فقرأ من سور شتى، ثم التفت الى الناس حين انصرف فقال: شغلني عن تعليم القرآن الجهاد.
قال: وحدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا اسماعيل عن قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد منعني كثيرا من القراءة الجهاد في سبيل الله عز وجل.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله ابن عمر العمري قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا يعلى قال:
حدثنا اسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: طلق خالد بن الوليد امرأته فقال: أما إني لم أطلقها لشيء رابني منها، ولكن لم يصبها بلاء مذ كانت عندي.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن حسن (92- و) المخزومي عن نصر بن مزاحم عن معروف بن خربود قال: من انتهى اليه الشرف من قريش ووصله الإسلام عشرة نفر من عشر بطون من هاشم، وأمية ونوفل، وأسد وعبد الدار، وتيم، ومخزوم، وعدي، وسهم، وجمح.
قال: فكانت القبة والأعنة إلى خالد بن الوليد، فأما الأعنة فإنه كان يكون على خيول قريش في الجاهلية في الحرب، وأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون لها ما يجهزون به الجيش.
أنبأنا أبو حفص عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال:
حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عتبة بن جبيرة عن عاصم بن عمر عن قتادة. قال: وحدثني محمد بن عبد(7/3154)
الله عن الزهري عن حنظلة بن علي الأسلمي. قال: وحدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة عن أبيه قال: دخل حديثهم في حديث بعض قال: لما ارتد من ارتد من العرب وامتنعوا من الصدقة شاور أبو بكر الصديق في غزوهم وقتالهم، فأجمع البعثة إليهم وخرج هو بنفسه الى قناة «1» فعسكر بها، وأظهر أنه يريد غزوهم بنفسه ليبلغهم ذلك فيكون أهيب لهم، ثم سار من قناة في مائة من المهاجرين، وخالد بن الوليد يحمل لواءه حتى نزل نقعا وهو ذو القصة «2» وأراد أن يتلاحق به الناس، ويكون أسرع (92- ظ) لخروجهم فلما تلاحقوا به استعمل خالد بن الوليد عليهم وأمره أن يسير الى أهل الردة فيقاتلهم على خمس خصال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام شهر رمضان.
ورجع أبو بكر إلى المدينة ومضى خالد بن الوليد ومعه أهل السابقة من المهاجرين والأنصار فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبطاح «3» وقتل مالك بن نويرة ثم أوقع بأهل بزاخه «4» وحرقهم بالنار وذلك أنه بلغهم «5» عنهم مقالة سيئة، وشتموا النبي صلى الله عليه وسلم وثبتوا على ردتهم، ثم مضى الى اليمامة فقاتل بها مسيلمة وبني حنيفة، حتى قتل مسيلمة وصالح خالد أهل اليمامة على الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع «6» ونصف السبي وكتب الى أبي بكر: إني لم أصالحهم حتى قتل من كنت أقوى به، وحتى عجف الكراع ونهك الخفّ ونهك المسلمون بالقتل والجراح.
وقدم خالد بن الوليد من اليمامة ومعه سبعة عشر رجلا من وفد بني حنيفة فيهم مجاعة بن مرارة وأخوته، فلما دخل خالد بن الوليد المدينة دخل المسجد وعليه قباء عليه صدأ الحديد، متقلدا السيف معتما، في عمامته أسهم فمر بعمر فلم يكلمه،(7/3155)
ودخل على أبي بكر فرأى منه كلما يحب فخرج مسرورا فعرف عمر أن أبا بكر قد أرضاه، فأمسك عن كلامه وإنما كان وجد عمر عليه (93- و) فيما صنع بمالك ابن نويرة من قتله إياه، وتزوج امرأته وما كان في نفسه قبل ذلك من أمر بني جذيمة.
قال محمد بن عمر: فهذا أثبت عندنا أن خالد بن الوليد رجع من اليمامة إلى المدينة، وقد روى قوم من أهل العلم أن أبا بكر كتب إلى خالد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق ففعل.
أنبأنا أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي- اذنا أو سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: ذكر حسان بن عبد الله عن ابن لهيعة قال: حدثنا أبو الأسود عن عروة قال: فلما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة جاءه كتاب من أبي بكر الصديق يأمره بالمسير إلى الشام فيمد أهل الإسلام، فمضى خالد على وجهه فسلك عين التمر «1» فمر بدومة الجندل، فأغار عليهم فقتل بها رجالا وهزمهم الله وسبى بنت الجودي، ومضى حتى قدم الشام وبها يومئذ أبو عبيدة بن الجراح على جند، ويزيد بن أبي سفيان على جند، وعمرو بن العاص على جند فقدم عليهم خالد بن الوليد بأجنادين «2» فهزم الله عدوه.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن أحمد ابن المسلمة قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الصواف قال: أخبرنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا اسماعيل بن عيسى العطار قال: حدثنا أبو حذيفة اسحاق بن بشر قال: وأخبرنا (93- ظ) السّدي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قال عمر: أما والله لئن صير الله هذا الأمر إليّ لأعزلن المثنى بن حارثة عن العراق وخالد بن الوليد عن الشام حتى يعلما إنما نصر الله دينه ليس إياهما نصر.(7/3156)
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال: حدثنا معاذ عن ابن عون قال: لما ولي عمر قال: لأنزعن خالدا حتى يعلم أن الله إنما نصر دينه.
قال: وحدثنا خليفة قال: حدثنا علي وموسى عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة: إني قد استعملتك وعزلت خالدا.
قال خليفة: وعزل- يعني عمر- خالد بن الوليد حين ولي، وولى أبا عبيدة ابن الجراح حين فتح الشامات يزيد بن أبي سفيان على فلسطين وناحيتها، وشرحبيل ابن حسنة على الأردن، وخالد بن الوليد على دمشق، وحبيب بن مسلمة على حمص «1» .
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، وأبو المظفر القشيري قالا: أخبرنا محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد قال:
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الزعفراني قال: حدثنا محمد بن الليث قال: حدثنا ابن عثمان قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا سعيد بن زيد قال: سمعت الحارث بن يزيد (94- و) الحضرمي يحدث عن علي بن رباح عن ناشرة بن سمي اليزني قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول يوم الجابية فذكر الحديث، وقال فيه: إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد إني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس والشرف، وذا اللسان فنزعته، وأمرت أبا عبيدة بن الجراح، فقال: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: ما أعذرت يا عمر بن الخطاب، لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدت سيفا سله رسول الله، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم، فقال عمر بن الخطاب: إنك لقريب القرابة حديث السن، مغضب في ابن عمك.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا(7/3157)
الحسن قالا: أخبرنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن مسلمة عن مالك بن أنس قال: قال عمر بن الخطاب لأبي بكر الصديق: اكتب إلى خالد بن الوليد أن لا يعطي شاة ولا بعيرا إلّا بأمرك، قال: فكتب أبو بكر بذلك فكتب إليه خالد بن الوليد: إما أن تدعني وعملي: والا فشأنك بعملك، قال: فأشار عليه عمر بعزله، فقال أبو بكر: من يجزي عني جزاة خالد؟ قال عمر: أنا قال: فأنت.
قال مالك: قال زيد بن أسلم: فتجهز عمر حتى أنيخت الظهر في الدار وحضر الخروج فمشى أصحاب النبي صلى الله (94- ظ) عليه وسلم إلى أبي بكر فقالوا:
ما شأنك تخرج عمر من المدينة وأنت إليه محتاج، وعزلت خالدا وقد كفاك؟ قال:
فما أصنع؟ قالوا: تعزم على عمر فيجلس وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله، ففعل، فلما ولي عمر كتب إلى خالد أن لا تعطي شاة ولا بعيرا الا بأمري، قال: فكتب إليه خالد بمثل ما كتب إلى أبي بكر، فقال عمر: ما صدقت الله ان كنت أشرت على أبي بكر بأمر ولم أنفذه فعزله، وكان يدعوه الى أن يستعمله فيأبى إلّا أن يخليه يعمل ما يشاء فيأبى عمر «1» .
أنبأنا «2» ....
قال أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة قالوا: فما زال خالد على قنسرين حتى غزا غزوته التي أصاب فيها وقسم منها ما أصاب لنفسه.
وعن أبي المجالد مثله. قالوا: وبلغ عمر أن خالدا دخل الحمام فتدلك بعد(7/3158)
النورة بثجير «1» عصفر معجون بخمر، فكتب إليه: بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها، وحرم ظاهر الاثم وباطنه وقد حرم مس الخمر إلّا أن يغسل كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس وإن فعلت فلا تعودوا، فكتب إليه خالد إنا قيلناها «2» فعادت غسولا غير خمر فكتب (95- و) إليه عمر: إني لأظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه، فانتهى لذلك، وقال خالد في ذلك:
سّهل أبا حفص فإن لدينا ... شرائع لا يشقى بهن المسهل
أنجست في الخمر الغسول ولا يرى ... من الخمر بثقيف المحيل المخلل
وهل يشبهن طعم الغسول ... وذوقه حميّاء الخمور والخمور تسلسل
قال: وحدثنا سيف عن الربيع وأبي عثمان وأبي حارثة قالوا: وأدرب سنة سبع عشرة خالد وعياض فسارا فأصابا أمرا عظيما، وكانا توجها من الجابية، فرجع عمر إلى المدينة وعلى حمص أبو عبيدة، وخالد تحت يديه على قنسرين، وعلى دمشق يزيد بن أبي سفيان، وعلى الاردن معاوية، وعلى فلسطين علقمة بن محرز، وعلى الأهراء عمرو بن عبسة، وعلى السواحل عبد الله بن قيس، وعلى كل عمل عامل، فقامت مسالح الشام ومصر والعراق على ذلك إلى اليوم، ولم يجاز أمة الى أخرى خلفها بعد إلّا أن يقتحموا عليهم بعد كفر منهم، فيقدموا مسالحهم، واعتدل ذلك سنة سبع عشرة.
قال: وحدثنا سيف عن أبي المجالد والربيع وأبي عثمان وأبي حارثة باسنادهم قالوا: لما قفل خالد وبلغ الناس ما أصابت تلك الصائفه انتجعه رجال، فانتجع خالدا رجال من أهل الآفاق وكان الأشعث انتجع خالدا بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف وكان عمر لا يخفى (95- ظ) عليه شيء في عمله، فكتب إليه من العراق بخروج من خرج منها، ومن الشام بجائزة من أجيز فيها، فدعا البريد وكتب معه إلى أبي(7/3159)
عبيدة أن يقيم خالدا ويعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث أمن مال الله عز وجل، أم من ماله، أومن إصابة أصابها، فإن زعم أنه أصابها فقد أقر بخيانه، وان زعم أنها من ماله فقد أسرف واعزله على كل حال واضمم إليك عمله، فكتب أبو عبيدة إلى خالد فقدم عليه، ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر، فقام البريد فقال: يا خالد أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة، فلم يجبه حتى أكثر عليه، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا، فقام بلال اليه فقال إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا، ثم تناول عمامته فنقضها لا يمنعه سمعا وطاعة ثم وضع قلنسوته، ثم أقامه فعقله بعمامته وقال: ما تقول: أمن مالك، أو من إصابة؟ قال: لا بل من مالي، فأطلقه وأعاد قلنسوته، ثم عممه بيده وقال: نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا.
قال: وحدثنا سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة، والربيع وأبي المجالد قالوا: وأقام خالد منخزلا لا يدري أمعزول أو غير معزول، وجعل أبو عبيدة يكرمه ويزيده تفخيما ولا يخبره، حتى إذا طال على عمر أن يقدم، ظن الذي قد كان، فكتب اليه بالإقفال، فأتى خالد أبا عبيدة، فقال: رحمك الله ما أردت الى الذي صنعت تكتمني أمرا كنت أحب أن أعلمه قبل اليوم، فقال أبو عبيدة فإني والله ما (96- و) كنت لأروعك ما وجدت من ذلك بدا، وقد علمت أن ذلك يروعك، قال فرجع خالد الى قنسرين فخطب أهل عمله وودعهم، وتحمل، ثم أقبل الى حمص فخطبهم وودعهم، ثم خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر فشكاه، وقال: لقد شكوتك الى المسلمين، وبالله إنك في أمري غير مجمل يا عمر، فقال عمر: من أين هذا الثرى؟ قال: من الأنفال والسهمان، قال: ما زاد على الستين ألفا فلك، فقوم عروضه فخرجت عليه عشرون ألفا، فأدخلها بيت المال، ثم قال: يا خالد والله إنك عليّ لكريم، وإنك إليّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء.
قال: وحدثنا سيف عن أبي ضمرة وأبي عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: عزل عمر خالد، فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم خالد من قبل غيره، فأتاه فقال: يرحمك الله ما دعاك الى أن لا تعلمني؟ فقال: كرهت أن أروعك، وعمل فيما فتح الله عز وجل، وصالح فيما سن، وقال خالد في إدرابه:(7/3160)
صدمت جموع الروم صدمة صادق ... بجيش تراه في الفضاء مفضّل
ذعرت به الكلبين حتى تحصنا وحامى ... غداة الروع حيث تمهلوا
وما جبنوا أن حل جيش بدارهم ... ولكن لقوا نارا سناها مكمّل
قال: وحدثنا سيف عن عبد الله بن المستورد عن أبيه عن عدي بن سهيل قال:
كتب عمر في الأمصار: إني لم أعزل خالد عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخشيت أن يوكلوا اليه ويبتلوا فأحببت أن يعلموا أن (96- ظ) الله هو الصانع وأن لا يكونوا معرض فتنة.
قال: وحدثنا سيف عن مبشّر عن سالم قال: ولما قدم خالد على عمر قال عمر متمثلا:
صنعت فلم يصنع كصنعك صانع ... وما يصنع الأقوام فالله أصنع
فأغرمه شيئا ثم عوضه منه، وكتب فيه الى الناس بهذا الكتاب ليعذره عندهم ولينصرهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي الحسن علي بن أحمد ابن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال:
أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا محمد بن سليمان بن داود المنقري البصري قال: حدثنا أبو عثمان المازني قال: حدثنا الأصمعي عن سلمة بن بلال عن مجالد بن سعيد عن الشعبي قال: اصطرع عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وهما غلامان، وكان خالد ابن خال عمر، فكسر خالد ساق عمر، فعولجت وجبرت، وكان ذلك سبب العداوة بينهما «1» .
وقال ابن زبر قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد أن خالد بن الوليد دخل على عمر وعلى خالد قميص حرير، فقال له عمر:
ما هذا يا خالد؟ قال: وما بأسه يا أمير المؤمنين، أليس قد لبسه ابن عوف؟ فقال:(7/3161)
وأنت مثل ابن عوف ولك مثل ما لابن عوف عزمت على من في البيت إلّا أخذ كل واحد منهم طائفة مما يليه، قال: فمزقوه حتى لم يبق منه شيء.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر بن محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد (97- و) بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال: لما قدم خالد بن الوليد من الشام، قدم وفي عمامته أسهم ملطخة بالدم قد جعلها في عمامته، فاستقبله عمر لما دخل المسجد فنزعها من عمامته، وقال أتدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعك أسهم فيها دم، وقد جاهدت وقاتلت، وقد جاهد المسلمون قبلك وقاتلوا.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن الفتح الجلي المصيصي قال: حدثنا محمد بن سفيان موسى قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال: سمعت ابن المبارك عن حماد بن زيد قال: حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل- ثم شك حماد في أبي وائل- قال: لما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال:
لقد طلبت القدر مظانة فلم يقدر لي إلّا أن أموت على فراشي، وما من عمل شيء يعدل عندي بعد لا إله إلا لله من ليلة بتها وأنا متترس، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار، ثم قال: إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله، فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله: ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقلة.
قال ابن المختار: النقع التراب على الرأس، واللقلقة الصياح. (97- ظ) .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي- من لفظه- قال أنبأنا أبو المعالي ابن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.(7/3162)
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن حمد قال:
أخبرنا أبو الحسن الفراء- اجازة- قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن قالا:
أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا الحارث قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا الواقدي عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه أن خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة بكى وقال: لقيت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي شبر إلّا وفيه ضربة سيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.
أنبأنا أبو «1» ....... قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن مبشر عن سالم قال: فأقام خالد بالمدينة حتى إذا ظن عمر أن قد سبكه «2» وبصّر الناس حج وقد عزم توليته «3» ، واشتكى خالد بعد وهو خارج من المدينة زائرا لأمه، فقال: أحدرونى الى مهاجري فقدمت به المدينة ومرضته، فلما ثقل وأظل عمر لقيته لاق على مسيره (98- و) صادرا عن حجه فقال له عمر: مهيم «4» ؟
فقال: خالد بن الوليد ثقيل لما به، فطوى ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى فرق عليه واسترجع، وجلس ببابه حتى جهز وبكته البواكي، فقيل لعمر ألا تسمع ألا تنهاهن؟
فقال: وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقه، فلما أخرج بجنازته رأى عمر امرأة محتزمة تبكيه وتقول:
أنت خير من ألف ألف من الناس ... إذا ما كبت وجوه الرجال
أشجاع فأنت أشجع من ليث ... عرين جهم أبى أشبال(7/3163)
أجواد فأنت أجود من سيل ... دياس «1» يسيل بين الجبال
فقال: عمر من هذه؟ فقيل: أمه، فقال: أمه والإله- ثلاثا- هل قامت النساء عن مثل خالد، قال: فكان عمر يتمثل في طيه تلك الثلاث في ليلة، وبعد ما قدم:
نبكي ما وصلت به الندامى ... ولا نبكي فوارس الجبال
أولئك إن بكيت أشد فقدا ... من الإذهاب والعكر «2» الجلال
تمنى بعدهم قوم مداهم ... ولم يدنوا لأسباب الكمال «3»
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد ابن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال:
حدثني ابراهيم بن المنذر قال: حدثني عمر بن عثمان التميمي قال: حدثني اسحاق ابن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة قال: خرجت مع أبي طلحة ابن عبيد الله (98- ظ) الى مكة مع عمر بن الخطاب فلما كنا بعرق الظبية «4» نزل عمر من هذا الجانب، ونزل أبي من هذا الجانب، فبينا نحن نحط رواحلنا أقبل راكب من المدينة حتى أهوى الى ناحية عمر، فما قلنا أناخ حتى إذا بعمر قد أقبل يصيح:
يا أبا محمد، يا طلحة، فقال أبي: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: هلك أبو سليمان هلك خالد بن الوليد رحمه الله، فقال له أبي طلحة:
لأعرفنك بعد الموت تند بني ... وفي حياتي ما زودتني زادا
أخبرنا أبو الفتوح الحصري في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال:
أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: وتوفي خالد بن الوليد بحمص، وقيل توفي بالمدينة سنة احدى وعشرين، وقيل بل توفي بحمص، ودفن في قرية على ميل من حمص سنة(7/3164)
احدى وعشرين أو اثنتين وعشرين، وفي خلافة عمر بن الخطاب، وأوصى الى عمر بن الخطاب «1» .
ذكر البلاذري في أخبار البلدان فيما حكاه عن محمد بن سعد عن الواقدي قال:
أثبت ما سمعنا في أمر عياض بن غنم أن أبا عبيدة مات في طاعون عمواس «2» سنة ثماني عشرة واستخلف عياضا، فورد عليه كتاب عمر بتوليته حمص وقنسرين والجزيرة، فسار الى الجزيرة يوم الخميس للنصف من شعبان سنة ثمان عشرة في خمسة آلاف وعلى مقدمته ميسرة بن مسروق العبسي، وعلى ميمنته سعد بن عامر ابن حذيم الجمحي وعلى ميسرته صفوان بن المعطّل السلمي، وكان خالد بن الوليد على ميسرته، ويقال إن خالدا لم يسر تحت لواء أحد بعد أبي عبيدة ولزم حمص حتى توفي بها سنة احدى وعشرين وأوصى الى عمر، وبعضهم يزعم أنه مات بالمدينة وموته بحمص أثبت «3» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيّوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف (99- و) قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان يقول: لم يزل خالد بن الوليد مع أبي عبيدة حتى توفي أبو عبيدة، واستخلف عياض بن غنم الفهري، فلم يزل خالد معه حتى مات عياض بن غنم فاعتزل خالد الى ثغر حمص فكان فيه وحبس خيلا وسلاحا، فلم يزل مرابطا بحمص حتى نزل به، فدخل عليه أبو الدرداء عائدا له فقال خالد بن الوليد: إن خيلي التي حبست في الثغر وسلاحي هو على ما جعلته عليه عدة في سبيل الله قوة يغزى عليها، وتعلف من مالي، وداري بالمدينة صدقة حبس لا تباع ولا تورث، وقد كنت أشهدت عليها عمر بن الخطاب ليالي قدم الجابية، وهو كان أمرني بها، ونعم العون هو على الاسلام، والله يا أبا الدرداء إن مات عمر لترين(7/3165)
أمورا تنكرها قال: قال أبو الدرداء،: وأنا والله أرى ذلك، قال خالد: قد كنت وجدت عليه في نفسي في أمور لما تدبرتها في مرضي هذا، وحضرني من الله حاضر عرفت أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل، كنت وجدت في نفسي حين بعث إليّ من يقاسمني مالي حتى أخذ فرد نعل، وأخذت فرد نعل فرأيته فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، ومن شهد بدرا، وكان يغلظ علي وكانت غلظته على غيري نحوا من غلظته عليّ، وكنت أدل عليه بقرابته فرأيته لا يبالي (99- ظ) قريبا ولا لوم لائم في غير الله، فذلك الذي أذهب ما كنت أجد عليه، وكان يكثر عليّ عنده، وما كان ذلك مني إلّا على النظر، كنت في حرب ومكايدة، فكنت شاهدا، وكان غائبا فكنت أعطي على ذلك فخالفه ذلك من أمري، فقد جعلت وصيتي وتركتي وإنفاذ عهدي الى عمر بن الخطاب.
قال: فقدم بالوصية على عمر فقبلها وترحم عليه، وأنفذ ما فيها وتزوج عمر بعد امرأته.
وقال: حدثنا محمد بن سعد. قال: أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس بن أبي اسحاق عن أبي السفر قال: مرض خالد بن الوليد بالشام فحضره أناس وهو يسوق فقال بعضهم: والله انه ليسوق، فسمعه فقال: أجل فأستعين الله على ذلك.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد وغيره قالوا: وقدم خالد بن الوليد بعد أن عزله عمر بن الخطاب معتمرا فمر بالمدينة، فلقي عمر ثم رجع الى الشام فانقطع الى حمص، فلم يزل بها حتى توفي سنة احدى وعشرين.
قال: وحدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن عبد الله بن رباح عن أبي رباح خالد بن رباح قال: سمعت ثعلبة بن أبي مالك يقول:
رأيت ابن الخطاب بقباء يوم السبت ومعه نفر من المهاجرين والأنصار، فإذا أناس من أهل الشام يصلون في مسجد قباء حجاجا، فقال: من القوم؟ قالوا: من اليمن قال: أي مدائن الشام نزلتم؟ قالوا: حمص، قال: هل كان من مغربه خبر؟(7/3166)
قالوا: موت (100- و) خالد بن الوليد يوم رحلنا من حمص، قال: فاسترجع عمر مرارا ونكس، وأكثر الترحم عليه، وقال: كان والله سدادا لنحور العدو، ميمون النقيبة، فقال له علي بن أبي طالب: فلم عزلته؟ قال: عزلته لبذله المال لأهل الشرف وذوي اللسان، قال علي: فكنت تعزله عن التبذير في المال وتتركه على جنده؟ قال: لم يكن يرضى، قال: فهلا بلوته؟.
قال: وحدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يزيد بن عبد الملك عن الحارث بن الحكم الضمري عن شيخ من بني غفار، قال سمعت عمر ابن الخطاب بعد أن مات خالد بن الوليد وعمر فيما بين قديد «1» وعسفان «2» يقول- وذكر خالدا وموته- فقال: قد ثلم في الإسلام ثلمة لا توثق، فقلت: يا أمير المؤمنين لم يكن رأيك فيه في حياته على هذا؟ قال: ندمت على ما كان مني اليه.
قال محمد بن عمر: وحدثني غير يزيد بن عبد الملك قال: حج عمر بن الخطاب ومعه زبيد بن الصلت، وكان كثيرا ما يسايره، قال: فعرسنا «3» من الليل بأسفل ثنية «4» غزال فجعلت الرفاق تمر من الشام يذكرون خالد بن الوليد بعد موته ويقول راجزهم:
اذا رأيت خالدا تجففا ... وكان بين الأعجمين منصفا
وهبت الريح شمالا حرجفا
قال: فجعل عمر يترحم عليه، فقال له زبيد: ما وجدت مثلك ومثله إلّا كما قال الشاعر:
لا أعرفنك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي
فقال عمر: لا تقل ذلك فو الله ما نقمت على خالد في شيء إلّا في اعطائه المال (100- ظ) والله ليته بقي ما بقي بالحمى حجر.(7/3167)
أنبأنا أبو اليمن الكندي- قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن علي: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا الاحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال:
حدثني سعد بن عامر قال: حدثنا جويريه ولا أعلمه إلّا عن نافع قال: لما مات خالد ابن الوليد لم يوجد له الّا فرسه وغلامه وسلاحه، فقال عمر: رحم الله أبا سليمان ان كنا لنظنه على غير هذا.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- اجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن عثمان ابن السكن قال: حدثني أبو عمران موسى بن العباس قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا سفيان عن اسماعيل عن قيس قال: قال عمر لما مات خالد بن الوليد: رحم الله أبا سليمان كنا نظن به أشياء، وقال مرة: أمورا ما كانت «1» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي- قراءة عليه في منزلي بحلب- قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني عبد الرحمن بن حمزة (101- و) اللخمي قال: حدثنا أبو علي الحرمازي قال: دخل هشام بن البختري في ناس من بني مخزوم على عمر بن الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في خالد بن الوليد، فأنشده فقال: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله ان كان ليحب أن يذل الشرك وان كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله، ثم قال عمر قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره:
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى قبلها فكأن قد
فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي ... ولا موت من قد مات يوما بمخلدي(7/3168)
- ويروى ولا موت من قد مات قبلي- ثم قال: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه، ولقد مات فقيدا وعاش حميدا، ولكن رأيت الدهر ليس بقابل «1» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد ابن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: قال محمد بن سلام: وحدثني أبان ابن عثمان قال: لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد، يقول حلقت رأسها.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام: وحدثني غير واحد قال: سمعت يونس النحوي يسأل عنه غير مرة أن عمر بن الخطاب قال: دع نساء بني المغيرة يبكين أبا سليمان يرقن من دموعهن سجلا أو سجلين ما لم يكن نقع أو لقلقة، قال يونس: النقع مدّ الصوت بالنحيب واللقلقة حركة اللسان نحو الولولة (101- ظ) .
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر الخزاز قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا جويريه بن أسماء عن نافع قال: لما مات خالد بن الوليد لم يدع إلّا فرسه وسلاحه وغلامه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: رحم الله أبا سليمان خالدا، كان على غير ما ظنناه به.
قال: وأخبرنا ابن سعد قال: أخبرنا كثير بن هشام قال حدثنا جعفر بن برقان قال: حدثنا يزيد بن الأصم قال: لما توفي خالد بن الوليد بكت عليه أم خالد فقال عمر: يا أم خالد أخالدا وأجره تؤثرين جميعا، عزمت عليك أن ألا تبيتي حتى تسودي يديك من الخضاب.(7/3169)
قال: وأخبرنا ابن سعد قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، وأبو معاوية الضرير وعبد الله بن نمير قالوا: حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة من بني المغيرة في دار خالد يبكين عليه، قال: فقيل لعمر:
انهن قد اجتمعن في دار خالد وهن خلقا أن يسمعنك بعض ما تكره، فأرسل إليهن فانهاهن فقال عمر: وما عليهن أن يرقن من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقعا.
أو لقلقة. قال وكيع. النقع الشق، واللقلقة الصوت.
قال: وأخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر ابن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد الله بن عكرمة (102- و) قال: عجبا لقول الناس ان عمر نهى عن النوح، لقد بكى على خالد بن الوليد بالمدينة، ومعه نساء بني المغيرة شيعا يشققن الجيوب ويضربن الخدود، وأطعموا الطعام تلك الأيام حتى مضت، ما ينهاهن عمر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي الحسين المزكي قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي طاهر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون البجلي قال: أخبرنا أبو زرعة قال: سأل محمود- يعني- ابن سميع عبد الرحمن ابن ابراهيم عن موت خالد بن الوليد فقال: بالمدينة.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو سعد محمد بن محمد، وأبو علي الحسن ابن أحمد قالا: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي قال: حدثنا المفضل بن غسان الغلابي، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو البركات قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: حدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الواقدي قال: مات خالد بن الوليد سنة احدى وعشرين.
وقال الحافظ: أنبأنا جد أبويّ القاضي أبو المفضل القرشي وغيره عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله التيمي قال: أخبرنا محمد بن ابراهيم(7/3170)
قال: حدثنا أبو عبد الله القرشي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو عبد الله التميمي قال: مات خالد بن الوليد (102- ظ) بحمص سنة احدى وعشرين.
وقال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي قال: حدثنا عبد الله بن عيسى قال: حدثنا ابراهيم بن المنذر قال: وخالد بن الوليد يكنى أبا سليمان مات بحمص سنة احدى وعشرين «1» .
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي- فيما أجازه لي- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن بن خشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة احدى وعشرين أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي وله ستون سنة بحمص- يعني- مات.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن المؤدب قال: أخبرنا أبو سليمان بن أبي محمد قال: أبو سليمان خالد بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، مات بحمص سنة احدى وعشرين.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل الجنزوي قال:
أخبرنا ابن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا المسدد ابن علي بن عبد الله الحمصي قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا عبد الصمد بن سعيد القاضي قال: أخبرنا أحمد بن عمير قال: أخبرني عمران بن موسى بن أيوب قال:
خالد بن الوليد يكنى أبا سليمان مات بحمص سنة احدى وعشرين.
أنبأنا أبو المحاسن (103- و) سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو(7/3171)
الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد ابن عمران قال: حدثنا موسى التستري قال: قال أبو عمرو العصفري: وفيها- يعني سنة احدى وعشرين- مات خالد بن الوليد رحمه الله بالشام «1» .
وقال أبو القاسم: وأنبأنا أبو علي وأبو سعد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال:
حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال: حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ح.
قال: وأنبأنا أبو سعد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا الحضرمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير قال: مات خالد بن الوليد سنة احدى وعشرين، زاد الطبراني، بحمص.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن محمد بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص- اجازة- قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخبرني أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الصيرفي قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال:
سنة احدى وعشرين فيها توفي خالد بن الوليد أبو سليمان بحمص، وكانت أمه لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية.
سمعت عمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة (103- ظ) يقول: حدثني الشيخ ربيع بن محمود المارديني الزاهد قال: جئت قبر خالد بن الوليد بحمص أزوره فرأيت عنده رجلا من الاكراد، وهو يكثر البكاء والنحيب ويرفع صوته عند ذلك فقلت له: ما لك هكذا؟ فقال: جرى لي مع صاحب هذا القبر أمر أوجب ما ترى فسألته عنه، فقال جاءنا الفرنج مغيرين على حمص وأحدقوا بالمدينة، وغلقت الابواب بأسرها ولم يبق غير باب واحد، فجئت الى هذا القبر وقلت: اللهم بحرمته(7/3172)
عندك هب لي شجاعته هذه الساعة، ثم خرجت لا أخاف من أحد فلم يكن للفرنج في عيني من المقدار شيء، فحملت فيهم وقتلت فارسين، وأسرت فارسين، وأخذتهما وخيلهما، ودخلت بذلك الى الملك العادل نور الدين محمود، فهذا الذي حملني على ما ترى.
خالد بن الوليد الأنصاري:
له ذكر في وقعة صفين شهدها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
خالد بن هشام بن اسماعيل:
ابن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي خال هشام بن عبد الملك، كان بناحية رصافة هشام، وكان من أهل المدينة فخرج مع سليمان بن هشام لقتال مروان بن محمد، حين اقتتلا فقبض عليه مروان وقتله.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت على أبي الوفاء (104- و) حفاظ بن الحسن عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ابن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا عبد الوهاب بن ابراهيم قال: حدثني أبو هاشم مخلد بن محمد بن صالح قال: وأتي مروان بخال لهشام بن عبد الملك، يقال له خالد بن هشام المخزومي، وكان بادنا كثير اللحم، فأدني إليه وهو يلهث، فقال: أي فاسق أما كان لك في خمر المدينة وقيانها ما يكفيك عن الخروج تقاتلني؟ قال: يا أمير المؤمنين أكرهني- يعني- سليمان بن هشام، فأنشدك الله والرحم، قال: وتكذب أيضا، كيف أكرهك وقد خرجت بالقيان والزقاق والبرابط «1» معك في عسكره، فقتله.
قال: وكان هذا سنة سبع أو ثمان وعشرين ومائة «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء-(7/3173)
اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: ومن ولد هشام بن اسماعيل: خالد بن هشام بن اسماعيل، حدثني محمد بن مسلمة عن عمه محمد بن يحيى بن محمد بن هشام قال: سابق الوليد بن عبد الملك بين الخيل فجاء فرس لخالد بن هشام بن اسماعيل سابقا، فقال الوليد لمن هذا الفرس؟ فقال خالد: هذا فرس أمير المؤمنين الذي أهديت إليه البارحة، فقال: وصل الله رحمك، قد قبلنا هديتك وسوغناك سبقك، وعوضناك منه ألف دينار، وفي رواية أخرى وكان الوليد (104- ظ) يجزع اذا سبق.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وفد على الوليد بن عبد الملك «1» (015- و) .
ألب أرسلان بن محمود «2» :
ابن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن جغري بك التركي كان هو وأخوه فرخشاه المعروف بالخفاجي في كفالة زنكي بن آق سنقر، وكان فرخشاه بالموصل، وكان أبوهما السلطان محمود قد كتب لزنكي توقيعا بالشام، فاتفق أن فرخشاه بلغ وأدرك وتأسد، وكانت زوجة زنكي السكمانية تربيه ففهدته، وحدثته نفسه بالملك، وكان نصر الدين جغر نائب زنكي بالموصل، وكان ظالما، فركب في بعض الايام، ودخل الى دار الملك للتسليم عليه فقتل في الدهليز، وأركبوا الملك، ودخل القلعة فقتل بها، وكان أخوه ألب أرسلان معتقلا بسنجار فسار زنكي الى الموصل، وأخرج ألب أرسلان من معتقله بسنجار وعطف عليه وأوهمه أنه كان في حبس أخيه(7/3174)
فرخشاه، وعاد زنكي الى حلب واستصحب معه ألب أرسلان، ثم جاء الى حصار قلعة جعبر وألب أرسلان معه، وحصرها الى أن قتل بها على ما هو مشروح في ترجمته وافترقت عساكره، فمضى نور الدين محمود بن زنكي الى حلب، واستمال جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور الملك ألب أرسلان، وأطمعه في المملكة، وكاتب زين الدين على كوجك على أن يستدعي (105- ظ) سيف الدين غازي ابن زنكي، وكان في خدمة السلطان مسعود بأمر والده زنكي ليأمن غائلة السلطان ومكائده، فاتفق وصول الخبر اليه وهو بشهرزور «1» فدخل الموصل، ثم دخل جمال الدين والعسكر، وبقي الملك ألب أرسلان منفردا فاستوحش، وطلب صوب الجزيرة، فسيروا في طلبه من داهنه وأظهر له الطاعة والعبودية عن غازي، وأنه اذا فارقه زالت عنه سمه الاتابكية، فلا تشمت به أعداءه، وأنه سيأخذ البلاد باسمك، فأجابهم ودخل الموصل في أبهة جميلة واستقبال ونثار، ودخل الدار فخنقوه، واتفق غازي مع نواب أبيه: زين الدين وجمال الدين والدبيسي، وكان ذلك في سنة احدى وأربعين وخمسمائة.
***(7/3175)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
ذكر من اسم أبيه يزيد ممن اسمه خالد
خالد بن يزيد بن حمدان التميمي الخراساني:
له ذكر، اجتاز بمنبج وحران مع مروان بن محمد بن مروان، حين انهزم من عبد الله بن علي الى مصر، وقتل ودخل خالد مع ابني مروان: عبد الله وعبيد الله الى بلاد النوبة، قرأت ذلك بخط أبي سعيد السكري. «1»
خالد بن يزيد بن خالد:
ابن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر البجلي أبو الهيثم القسري الدمشقي وجده، خالد هو أمير مكة والعراقين الذي قدمنا ذكره، قدم الثغور الشامية غازيا.
وحدث عن محمد بن سوقه واسماعيل بن أبي خالد، وخالد بن صفوان بن الاهتم التميمي، وسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وأبي حمزة ثابت بن أبي صفية الثمالي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وحريث، ويحيى بن عبيد الله التميمي، ومجالد بن سعيد، ومحمد بن سوقة، وفطر بن خليفة وأبي روق عطية بن الحارث الوادعي، ويزيد بن عبد الله بن أبي بردة الكوفي، وعمار بن أبي معاوية الدهني، وعمرو بن ميمون، ويحيى بن عبيد الله، وعمرو بن دينار، وجعونة بن قرّة، والكلبي وأبي سعد البقال، والصلت بن بهرام، ومحمد بن عمرو وابراهيم بن يزيد الجوزي، وعبد الله بن عون وأبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان التميمي وهشام بن عروة وسهيل (106- و) بن أبي صالح.
روى عنه من أهل الثغور والعواصم يوسف بن سعيد بن مسلم، وأبو الوليد(7/3176)
أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصيان وأبو سعيد أحمد بن بكر البالسي، ومن غيرهم أبو الحسن أحمد بن ابراهيم بن موسى المصاحفي، وهشام بن عمار الدمشقي وسليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، ومحمد بن عبيد الله قاضي أذرعات، والوليد بن مسلم، وهشام بن خالد، وأبو عبد الرحمن الطبري، وعبد الرحمن بن ابراهيم المعروف بدحيم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- بقراءتي عليه بحلب- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد ابن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا اسحاق بن موسى الرملي قال: حدثنا يوسف بن مسلم المصيصي قال: حدثنا خالد بن يزيد القسري عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير عن عائشة قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضب «1» .
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد العطار الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا محمد بن الفضل البزاز بحلب قال حدثنا أحمد بن بكر البالسي قال: حدثنا خالد بن يزيد الدمشقي قال: حدثنا أبو سعد البقال عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رجع من غزوته قال: آئبون تائبون (106- ظ) ان شاء الله لربنا حامدون.
قال: ابن عدي وهذا الحديث لأبي سعد البقال عن أبي الزبير لا أعلم رواه غير أحمد بن بكر، ولعل البلاء فيه من خالد بن يزيد الدمشقي «2» .
أخبرنا أبو محمد «3» عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو عبد(7/3177)
الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الامام أبو الحسن علي بن أحمد المؤذن قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد ابن الحسن السكوني قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدثنا أبو شرحبيل عيسى بن خالد قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا اسماعيل عن سعيد بن عبد العزيز ان الحجاج بن يوسف سأل خالد بن يزيد عن الدنيا فقال: ميراث، فقال: فالايام قال: دول، قال: فالدهر؟ قال: أطباق والموت بكل سبيل فليحذر كل عزيز الذل، وكل غني الفقر، فكم من عزيز قوم قد ذل، وكم من غني افتقر.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود بن الحسن الثقفي قال:
أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد بن يزيد القسري، روى عنه هشام بن خالد، سألت أبي عنه، فقال: ليس بقوي.
وقال ابن أبي حاتم: (107- و) خالد بن يزيد البجلي روى عنه دحيم «1» .
هكذا ذكر ابن أبي حاتم وظنهما اثنين ففرق بينهما، والقسري هو البجلي بعينه وهو واحد وهم فيه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن النسائي، قال: أبو الهيثم خالد بن يزيد بن أسد عن أبي حمزة الثمالي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: في قسر بفتح القاف والسين المهملة منهم(7/3178)
خالد بن يزيد القسري، يحدث عن هشام بن عروة واسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، روى عنه أحمد بن بكر البالسي وغيره «1» .
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: كتب الي أبو نصر القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
سمعت أبا علي يقول: خالد بن يزيد القسري معروف.
قلت: يريد أبا علي الحسين بن يزيد النيسابوري الحافظ.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد العطار قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر الله بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال:
خالد بن يزيد بن أسد البجلي القسري وأحاديثه كلها لا يتابع عليها (107- ظ) لا اسنادا ولا متنا، ولم أر للمتقدمين الذين يتكلمون في الرجال لهم فيه قولا، ولعلهم غفلوا عنه، وقد رأيتهم تكلموا فيمن هو خير من خالد هذا، فلم أجد بدا من ذكره وان أبين صورته، وهو عندي ضعيف وأحاديثه افرادات، ومع ضعفه كان يكتب حديثه «2» .
كذا قال ابن عدي: خالد بن يزيد بن أسد فأسقط ثلاثة من أجداده بين يزيد وأسد والصواب ما ذكرناه في ترجمته.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمر بن موسى العقيلي قال: خالد بن يزيد القسري لا يتابع على حديثه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: قسر بفتح القاف وسكون السين(7/3179)
المهملة، فهو قسر بن عبقر، قبيلة من بجيلة، منها خالد بن يزيد القسري، يحدث عن هشام بن عروة واسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، روى عنه أحمد بن بكر البالسي وغيره «1» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خالد بن يزيد بن خالد بن عبد الله ابن يزيد بن أسد بن كرز أبو الهيثم القسري، وجده خالد أمير العراق، من أهل دمشق، حدث عن اسماعيل بن خالد وعمار الدهني، وأبي حمزة ثابت (108- و) ابن أبي صفيه الثمالي، وفطر بن خليفة وأبي روق عطية بن الحارث الهمداني الوادعي، والكلبي صاحب التفسير، ويزيد بن عبد الله بن أبي بردة الكوفين، وخالد بن صفوان بن الاهتم التميمي، وجعونه بن قرة ومحمد بن عمرو، وأبي سعد البقال، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، والصلت بن بهرام، وسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وابراهيم بن يزيد الجوزي، وأبي حيان يحيى بن سعد بن حيان التميمي، وهشام بن عروة، ومحمد ابن سوقة، وعبد الله بن عون، ويحيى بن عبيد الله التميمي.
روى عنه الوليد بن مسلم، وهشام بن عمار، وهشام بن خالد، ودحيم وسليمان بن عبد الرحمن ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأحمد بن بكر البالسي، ومحمد بن عبد الله قاضي أذرعات، وأبو عبد الرحمن الطبري، وأبو الحسن أحمد ابن ابراهيم بن موسى المصاحفي الرملي، وأحمد بن جناب المصيصي «2» .
خالد بن يزيد بن محمد:
أبو الهيثم الخزاعي، ويعرف بابن مخبط، سمع بالمصيصة وبعين زربة من ابراهيم بن سعيد الجوهري البصري، وحدث عنه بالمصيصة، وروى عن أبي سليمان داود بن معاذ بن أخت مخلد بن حسين، وعن قزعة، روى عنه يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو حفص عمر بن داود بن شلبون الانطرسوسي، وأبو بكر(7/3180)
محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الابهري، ومحمد بن محمد بن الحسن الرشيدي (108- ظ) .
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بحلب قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبو المظفر أحمد بن محمد بن علي الكاغدي.
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وقال أبو المظفر:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي قالا: أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا خالد بن يزيد أبو الهيثم المخبطي قال: حدثنا قزعة عن حميد عن الأعرج عن الزهري عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اذا حضرتم موتاكم فاغمضوا بصره، فإن البصر يتبع الروح، وقولوا خيرا، فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الاخضر البغدادي في كتابه قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا الحاجب قراتكين بن الاسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الابهري قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن يزيد، ويعرف بابن مخبط- من كتابه- قال: حدثنا أبو سليمان داود بن معاذ بن أخت مخلد بن حسين منذ خمس وثمانين سنة قال: حدثنا مسمع بن عاصم المسمعي عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يكون العبد مؤمنا حتى يحب للمسلم ما يحب لنفسه من الخير «2» (109- و) .
خالد بن يزيد بن مزيد:
ابن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن عبد الله بن مطر بن شريك، أبو يزيد ابن أبي خالد الشيباني، كان مذكورا ممدحا، وله أشعار حسنة وكان بقنسرين، ومدحه أبو تمام الطائي بها بقصيدته التي أولها:(7/3181)
يقول أناس في حنينا وقد رأوا ... عمارة رحلي من طريف وتالد «1»
قرأت في نسخة من شعر أبي تمام الطائي مما أخذ عن أبي النضر بن أسباط النحوي نزيل حلب، وأبي الحر عبيد الله بن حفص التغلبي قال: حنينا موضع بقنسرين، وقيل بنواحي الثغور والجزيرة، قلت: والصحيح ان حنينا بناحية قنسرين بالقرب من رصافة هشام ودير حنينا كان ينزله معاوية بن هشام بن عبد الملك.
قرأت في كتاب الورقة في اخبار الشعراء، تأليف أبي عبد الله محمد بن داود ابن الجراح قال: خالد بن يزيد بن مزيد أبو يزيد الشيباني شاعر بغدادي له أشعار ملاح أنشد له أبو هفان:
قالوا رزقت من العباد مودة ... فأجبت لو كانت مودة واحد
فارحم تضرع خالد يا من به ... ودلاله قامت قيامة خالد
قال ومن قوله:
وقائلة حزنا عليّ من الردى ... وقد قلت هاتي ناوليني سلاحيا
(109- ظ)
لك الخير لا تعجل الى قتل معشر ... فريدا وحيدا وابغ نفسك نائيا
فقلت: أخي سيفي ورمحي ناصري ... ودرعي لي حصن ومهري بلاغيا
ستتلف نفسي أو سأبلغ همتي ... فأغني وأقني من أردت بماليا
وتقصر يمنى من أراد بي الردى ... إذا أومأت يوما إليه شماليا
فلا الفقر أضناني ولا البخل عاقني ... ولكن مالي ضاق بي عن فعاليا «2»
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي الكناني- اجازة- قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي قال: أخبرنا(7/3182)
أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد قال: أخبرني محمد بن الحسن- يعني- ابن المظفر الكاتب اللغوي المعروف بالحاتمي، قال أخبرني أبو بكر الصولي. قال التنوخي: وهو فيما أجازه لي أبو بكر الصولي، وقد ذكره في شعر أبي تمام، قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن خلّاد قال: رفع بعض العمال الى المعتصم، وكان يلي الخراج في موضع يلي فيه خالد بن يزيد الحرب، أن خالد بن يزيد اقتطع الأموال واحتجز بعضها، فغضب المعتصم وحلف ليأخذن أموال خالد ولينفينه ويعاقبنه، فلجأ خالد الى أحمد بن أبي دؤاد القاضي، فاحتال حتى جمع بينه وبين خصمه فلم تقم على خالد حجة، فعرّف المعتصم ابن أبي دؤاد ذلك، وشفع إليه في خالد، فلم يشفعه، وأحضر خالد وأحضرت آلات العقوبة، وقد كان قبل ذلك (110- و) قبض أمواله وضياعه وصرفه عن العمل، وحضر ابن أبي دؤاد المجلس، فجلس دون مجلسه الذي كان يجلس فيه، فقال له المعتصم: ارتفع الى مكانك، فقال: يا أمير المؤمنين ما أستحق إلّا دون هذا المجلس، قال: وكيف؟ قال: الناس يزعمون أنه ليس محلي محل من يشفّع في رجل قرف «1» بما لم يصح، قال: فارتفع الى موضعك، قال: مشفعا أو غير مشفع؟ قال: بل مشفعا قد وهبت لك خالدا ورضيت عنه، قال: إن الناس لا يعلمون بهذا، قال: قد رددت عليه أعماله وضياعه وأمواله، قال: ويشرفه أمير المؤمنين بخلع تظهر للعامة، فأمر أن تفك قيوده، ويخلع عليه، ففعل ذلك ورد الى حضرته، فقال ابن أبي دؤاد: قد استحق هو وأصحابه رزق ستة أشهر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجعلها صلة له؟ قال: ليحمل معه فخرج خالد وعليه الخلع، وبين يديه المال والناس منتظرون الايقاع به، فلما رأوه على تلك الحال سروا، وصاح به رجل: الحمد لله على خلاصك يا سيد العرب، فقال: كذبت سيد العرب والله ابن أبي دؤاد لا أنا وفي هذه القصة يقول أبو تمام الطائي:
يا سائلي عن خالد وفعاله ... رد فاعترف علما بغير رشاء
قد كان خطب عاثر فأقاله ... رأي الخليفة كوكب الخلفاء
فخرجت منه كالشهاب ولم تزل ... مذ كنت خرّاجا من الغماء (110- ظ)(7/3183)
ما سرني بخداجها من حجة ... ما بين أندلس الى صنعاء «1»
خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:
صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو هاشم الأموي، خرج مع عبد الملك بن مروان من دمشق حين خرج لقتال مصعب بن الزبير، فلما كان دون بطنان حبيب بليلة، فجلس خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد فتذاكرا أمر عبد الملك ومسيرهما معه، فرجع عمرو بن سعيد الى دمشق وشجعه خالد بن يزيد وقد ذكر «2» ذلك في ترجمة عمرو بن سعيد الأشدق.
وروى خالد بن يزيد عن دحية بن خليفة الكلبي، وأبيه يزيد بن معاوية، وسمع أبا أمامة الباهلي. روى عنه محمد بن شهاب الزهري، والعباس بن عبد الله بن العباس، ورجاء بن حيوة وعلي بن رباح اللخمي المصري وابراهيم بن أبي حرّة الحراني، وخالد بن عمر الزيادي المصري، وأبو الأخضر مولى خالد بن يزيد المذكور، وكان فصيحا بليغا شاعرا (111- و) .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء- اذنا أو سماعا- قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فولد يزيد بن معاوية: معاوية وخالدا وأبا سفيان، وأمهم أم هاشم بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة، وكان خالد بن يزيد يوصف بالعلم، ويقول الشعر، قال عمي مصعب بن عبد الله: زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وعظمه، وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك، وتزوج أمه أم هاشم، وقد كانت أمه تكنى به، لها يقول أبوه يزيد بن معاوية:
ما بي يوم اسنعبرت أم خالد ... بمرضى ذوي داء ولا بصحاح «3»(7/3184)
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو السعود بن المجلي- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: خالد بن يزيد بن معاوية يكنى أبا هاشم.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شبيبة قال: خالد بن يزيد بن معاوية أبو هاشم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم (112- و) علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن مقاتل السوسي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة الثالثة خالد بن يزيد بن معاوية، ثم ذكر مرة أخرى فقال: وخالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان داره دار الحجارة باب الدرج شرقي المسجد.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام ابن محمد البجلي قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو زرعة قال:
ومن بني أمية ممن يحدث خالد بن يزيد بن معاوية.
وقال أبو القاسم الحافظ: كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، قال أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان دمشقي قدم مصر مع مروان بن الحكم، روى عنه خالد بن عامر الزيادي «1» .
.(7/3185)
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: خالد بن يزيد بن معاوية أخو عبد الرحمن بن يزيد شامي روى (112- ظ) عنه الزهري، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول هو من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام «1» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه الأصفهاني قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: أبو هاشم خالد بن يزيد بن معاوية القرشي، قوله سمع منه أبو بكر محمد بن مسلم الزهري هو أخو عبد الرحمن ومعاوية ابني يزيد.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال أصحابنا: كان خالد بن يزيد إذا لم يجد أحدا يحدثه حدث جواريه، ثم يقول:
إني لأعلم أنكن لستن له بأهل، قال: فمعاوية وعبد الرحمن وخالد أخوة، وكانوا من صالحي القوم «2» .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن عبد شمس ابن عبد مناف، أبو هاشم الأموي روى عن أبيه يزيد، ودحيه بن خليفة الكلبي، روى عنه الزهري، ورجاء بن حيوة، والعباس بن عبد الله بن العباس (113- و) ابن عبد المطلب، وابراهيم بن أبي حرة الحراني، وعلي بن رباح اللخمي وخالد بن عمر الزيادي المصريان، وأبو الأخضر مولاه.(7/3186)
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو مسهر سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد ربّ الزاهد قال: قلت لأبي الأخضر مولى خالد بن يزيد: قد علم علم العرب والعجم ففي ذلك وجد بناء هذه الدار، يعني دار الحجارة «1» .
قال- يعني- أبا زرعة: وحدثني هشام عن مغيرة بن مغيرة عن عروة بن زياد عن رجاء بن حيوة قال: قال خالد بن يزيد كنت معنيا بالكتب، وما أنا من العلماء ولا من الجهال «2» .
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حامد ابن الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيي الذهلي قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا يحيي بن أيوب عن عقيل عن ابن شهاب أن خالد بن يزيد بن معاوية كان يصوم الأعياد كلها: السبت والأحد والجمعة «3» .
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن سلام عن بعض العلماء قال: ثلاثة أبيات من قريش توالت خمسة في الشرف، كل رجل (113- ظ) منهم من أشرف أهل زمانه: خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان بن حرب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خالد.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.(7/3187)
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: أنشدنا محمد بن فضالة النحوي لرجل في خالد بن يزيد، وذكر أنه أتاه، فقال: إني قد قلت فيك بيتين ولست أنشدهما إلّا بحكمي، قال: قل فقال:
سألت الندى والجود حراّن أنتما؟ ... فقالا جميعا: إننا لعبيد
فقلت، ومن مولاكما فتطاولا ... عليّ وقالا: خالد بن يزيد
فقال له: سل؟ قال: مائة ألف درهم فأمر لها بها «1» .
نقلت من فوائد أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بخطه أو بخط كاتبه قال: وقف علي بن عبد الله بن العباس بباب عبد الملك بن مروان ينتظر الاذن، فجاء خالد بن يزيد بن معاوية، فوقف الى جانبه، قال: فجرى بينهما كلام في بني هاشم وبني أمية، فقال خالد لعلي: ألا تعجب؟ فقال علي: أعلم فلا أعجب، ولو كنت لا أعلم لعجبت، فأغلظ له خالد في الجواب، فقال له علي: أما والله ما النهار (114- و) على الليل بنائم، ولا السيف عن الظالم بصائم، وليعضن كريم على ناجذه حتى يقيمه الذي أقعده.
قال: وخرج الاذن الى خالد، فلما أراد الدخول قال له: على السر ما بيني وبينك يا أبا هاشم، فلما دخل على عبد الملك قال له: مالي أراك مغضبا يا أبا هاشم؟
قال: أو محجوجا يا أمير المؤمنين، قال: ومن هذا الذي يغلبنك بالحجة، فو الله ما لسانك إلّا شفرة تطبق على مفاصل الكلم، قال: وقفت بباب أمير المؤمنين مع علي بن عبد الله آنفا فمت برحم أعرفها، وذكر دينا لا أنكره، وما مثله ضاع ببابك يا أمير المؤمنين، قال: فإنّا قد أمرنا له بمائة ألف درهم صلة، قال: فخرج خالد الى علي بن عبد الله، وقال: يا أبا محمد قد تخطينا ما تكره الى ما تحب، وقد(7/3188)
أمر لك أمير المؤمنين بمائة ألف درهم صلة، فقال له علي: وصلتك رحم إذا ذهب آل حرب ذهب الحلم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا ابراهيم بن هانىء النيسابوري قال: حدثنا سعيد بن عفير قال: أخبرنا يحيى بن أيوب بن خالد بن يزيد الجمحي عن خالد بن يزيد بن معاوية قال: إذا رأيت الرجل لجوجا مماريا فقد تمت خسارته.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني، وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي. قال عتيق: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد. وقال أبو الحسن: (114- ظ) .
أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا اسماعيل بن اسحاق قال: حدثنا على بن عبد الله قال، سمعت سفيان بن عيينة يقول: قيل لخالد بن يزيد: ما أقرب شيء وأبعد شيء وآنس شيء، وأوحش شيء؟ فقال: أقرب شيء الأجل، وأبعد شيء الأمل، وآنس شيء الصاحب، وأوحش شيء الموت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين- بالقاهرة- قال: أخبرنا محمد بن حمد الارتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال: حدثني جدي أبو الحسن بن بندار قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا ابن الهيثم قال: حدثنا العتبي عن أبيه قال: قال عبد الملك لخالد بن يزيد: ما أقبح شيء رأيت قط؟ قال: الميت.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم(7/3189)
قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الامام أبو الحسن علي بن أحمد المؤذن قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد ابن (115- و) الحسن السكوني قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدثنا أبو شرحبيل عيسى بن خالد قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا اسماعيل عن سعيد ابن عبد العزيز أن الحجاج بن يوسف سأل خالد بن يزيد عن الدنيا فقال: ميراث فقال: فالايام؟ قال: دول، قال: فالدهر؟ قال: أطباق والموت بكل سبيل، فليحذر كل عزيز الذل وكل غني الفقر، فكم من عزيز قوم قد ذل، وكم من غني افتقر.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني قال: كان بين خالد بن يزيد بن معاوية وبين عبد الملك بن مروان كلام، فجعل عبد الملك يتهدده، فقال له خالد أتهددني ويد الله فوقك مانعة وتمنعني وعطاء الله دونك مبذول.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم بن قيراط- قراءة عليهما- قالا:
أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي قال: قرأت على أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال:
حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا أبو غسان المدني قال: أجرى عبد الله بن يزيد بن معاوية الخيل مع الوليد بن عبد الملك، فسبقه عبد الله فدخل الوليد على (115- ظ) خيل عبد الله فعقرها، فجاء عبد الله خالدا أخاه، فقال: ألم تر أني سابقت الوليد فسبقته فعقر خيلي، والله لهممت بقتله، قال: فدخل خالد على عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين أتاني عبد الله فحلف لهمّ بقتل الوليد، فقال عبد الملك: ولم يقتله؟ قال: سابقه فسبقه فدخل على خيله فعقرها: فقال عبد الملك:
«إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ»
«1»(7/3190)
فقال خالد: يا أمير المؤمنين أقرأ الآية الأخرى: «وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً
«1» قال عبد الملك أما والله لنعم المرء عبد الله على لحن فيه، قال: أفعلى لحن ابنك تعول؟ قال:
ان أخا الوليد سليمان، قال: وأخو عبد الله خالد، قال: مدحت والله نفسك يا خالد قال: وقبلي والله مدحت نفسك يا أمير المؤمنين، قال: ومتى قال: حين قلت: أنا قاتل عمرو بن سعيد، قال: حق والله لمن قتل عمرا أن يفخر بقتله، قال: أما والله لمروان كان أطولهما باعا، قال: أما اني أرى ثأري في مروان صباح مساء، ولو أشاء أن أزيله لازلته، وعنى بقوله أن أم خالد قتلت مروان، قال: اذا شئت أن تطفىء نورك فافعل، قال: ما جرأك عليّ يا خالد خلني عنك، قال: لا والله ما قال الشاعر:
ويجر اللسان من أسلات «2» الحرب ... ما لا يجر منها البيان
قال: فاستحيا عبد الملك وقال: يا وليد أكرم أخاك وابن عمك فقد رأيت (116- و) أباه يكرم أباك وجده يكرم جدك.
قرأت بخط أحمد بن أبي طاهر في جواب التعريض قال: وقال الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عباس المستوف قال: دخل خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان على عبد الملك بن مروان فقال: يا خالد كأنك قد عضضت على صوفه، فقال خالد:
ان النساء يلثمن فاي، ولا يشممن قفاي، يعرض له بالبخر، وكان عبد الملك يكنى أبا الذبان من شدة بخره.
قال: ودخل خالد بن يزيد على عبد الملك بن مروان، فتلقاه عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري اعظاما له، وكان خالد يسحب ثيابه، فقال له عبد الرحمن:
بأبي وأمي أنت لم تطعم الارض فضول نيابك؟ فقال: أكره أن أكون كما قال الشاعر وعرّض به:
قصير القميص فاحش عند بيته ... وشر قريش في قريش مركبا(7/3191)
والشعر لعدي بن الغدير الغنوي في الضحاك بن قيس الفهري.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني- اذنا- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو القاسم علي ابن يعقوب بن ابراهيم وأبو بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله قالا: حدثنا ابراهيم بن عبد الرحمن بن ابراهيم، ح.
قال: وأخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خريم قالا: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا المغيرة بن المغيرة قال:
حدثنا عروة بن رويم عن رجاء بن حيوة عن (116- ظ) خالد بن يزيد قال: بينا أنا أسير في أرض الجزيرة اذا مررت برهبان وقسيسين وأساقفة، فسلمت فردوا السلام فقلت: أين تريدون؟ قالوا: نريد راهبا في هذا الدير نأتيه في كل عام فيخبرنا بما يكون في ذلك العام حتى لمثله من قابل، فقلت: لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما عنده وكنت معنيا بالكتب، فأتيته وهو على باب ديره، فسلمت فرد السلام، ثم قال: ممن أنت، فقلت: من المسلمين، فقال: أمن أمة أحمد؟ فقلت: نعم، فقال: من علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قلت: ما أنا من علمائهم ولا أنا من جهالهم، قال: فانكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة وتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا تبولون فيها ولا تتغوطون؟ قلت: نحن نقول ذلك، وهو كذلك، قال: فان له مثلا في الدنيا فأخبرني بما هو؟ قلت: مثله كمثل الجنين في بطن أمه يأتيه رزق الله في بطن أمه ولا يبول ولا يتغوط، قال: فتربّد وجهه، ثم قال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت: ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم قال: فانكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا ينقص ذلك منها شيئا؟ قلت: نعم، نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال: فان له مثلا في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت مثله في الدنيا كمثل الحكمة لو تعلم منها خلق الله أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا، فتربّد وجهه، ثم قال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من (117- و) جهالهم، قال: وأنتم تزعمون أن الحسنة بعشر أمثالها، قلت: نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني(7/3192)
ما هو؟ قلت: مثله في الدنيا كمثل الرجل يمر على الملأ فيهم العشرة أو أكثر من ذلك، فيسلم عليهم فيردون عليه السلام أجمعون، قال: فتربّد وجهه، وقال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت: ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم قال: وأنتم ترون حقا عليكم في صلاتكم أن تستغفروا للمؤمنين والمؤمنات؟ قلت نعم قال: فالتفت الى أصحابه فقال: ما منهم من أحد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات إلّا كتب الله له من كل مؤمن ومؤمنة حسنة، قال: وأنتم ترون حقا عليكم أن تقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟ قلت: نعم، فالتفت الى أصحابه فقال: ما منهم من أحد يقول ذلك إلّا رد الله عليه السلام من كل عبد صالح من أهل السماء والأرض مضى أو هو كائن الى يوم القيامة، ثم قال: هل فيكم ذو القرن يقوم اليه طفل من أطفاله فيرد قوله، ويصرف وجهه؟ قلت: قد كان ذلك، قال: هيهات هلكت هذه الامة لن تقوم الساعة على دين أرق من هذا الدين، وأرجو أن يكون كذب ان شاء الله، فقلت لعروة: كم تعدون القرن؟ قال ابن ستين سنة.
واللفظ لابن حزم «1» .
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي (117- ظ) القرشي القاضي قال: أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن، ح.
قال الحافظ: وحدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن صابر قال: أخبرنا علي بن الحسن بن عبد السلام: وعبد الله بن عبد الرزاق بن عبد الله، ح.
قال: وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الجزور قالوا: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا منصور بن جعفر بن ملاعب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد النحوي قال: حدثنا ابن قتيبة قال: حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال: لزم خالد بن يزيد بيته، فقيل له كيف تركت مجالسة الناس وقد عرفت فضلها، ولزمت بيتك؟ فقال: وهل بقي إلّا حاسد على نعمة أو شامت بنكبه «2» .(7/3193)
أخبرنا أبو البركات محمد بن أبي الامانة جبريل بن المغيرة بن سلطان في كتابه الينا من الديار المصرية- ونقلته من خطه- قال: أخبرنا أبو الجيوش عساكر بن علي ابن اسماعيل بن نصر المقرئ، قيل له: أنبأكم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين المعروف بابن الطفال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين المصبعي قال: حدثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة ابن موسى بن الفرات قال: قال محمد- يعني- بن عبد الله بن عبد الحكم: أول من ضرب الدنانير في الاسلام عبد الملك بن مروان، وانما كانت الدنانير تأتي من بلد الروم، ويطلق لهم القراطيس، وكان يكتب في رؤوس الطوامير «لن يستنكف المسيح أن يكون (118- و) عبد الله ولا الملائكة المقربون» «1» الى آخر الآية، فلما نظر ملك الروم الى الكتاب قال: ما هذا؟ فقرىء له، شتموا- الهك الذي تعبد، يعنون عيسى، فغضب وكتب الى عبد الملك يقول: والله لئن كتبت بعد هذا في الطوامير لأنقشن في الدنانير شتم نبيك، فاغتم عبد الملك، فدخل عليه خالد بن يزيد بن معاوية وكان داهيا، فأخبره فقال له خالد: لا تغتم اجعل عندك دارا للضرب، واضرب فيها وامنعه القراطيس فانه سيحتاج اليها فيأخذها على ما تشاء، وأبى ففعل، فكان أول من ضربها في الاسلام.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي- بقراءتي عليه بحلب- قال:
أخبرنا أبو السعادات نصر الله المبارك بن عبد الرحمن بن محمد، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الآبرى، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش- قراءة عليه بحلب- قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي قالوا: أخبرنا أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال:
حدثنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال: حدثنا هشام عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: حج عبد الملك بن مروان وحج معه خالد بن يزيد(7/3194)
ابن معاوية، وكان من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوف بالبيت اذ بصر برملة بنت الزبير بن العوام فعشقها عشقا شديدا، ووقعت بقلبه وقوعا (118- ظ) متمكنا، فلما أراد عبد الملك القفول هم خالد بالتخلف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمه، فبعث اليه فسأله عن أمره، فقال:
يا أمير المؤمنين رملة بنت الزبير رأيتها تطوف بالبيت، قد أذهلت عقلي، والله ما أبديت اليك ما بي حتى على صبري، ولقد عرضت على عيني النوم، فلم تقبله والسلو على قلبي فامتنع منه، فأطال عبد الملك التعجب من ذلك، وقال: ما كنت أقول إنّ الهوى يستأسر مثلك، فقال: واني لأشد تعجبا من تعجبك مني، ولقد كنت أقول: ان الهوى لا يتمكن إلّا من صنفين من الناس، من الشعراء والاعراب، فأما الشعراء فانهم ألزموا قلوبهم التفكر في النساء والغزل، فمال طبعهم الى النساء فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى فأسلموا اليه منقادين، وأما الأعراب فإن أحدهم يخلو بامرأته فلا يكون الغالب عليه غير حبه لها، ولا يشغله شيء عنه فضعفوا عن دفع الهوى، فتمكن منهم، وجملة أمري فيما رأيت، نظرة حالت بيني وبين الحزم، وحسنت عندي ركوب الاثم، مثل نظرتي هذه فتبسم عبد الملك، وقال: أوكّل هذا قد بلغ بك؟ فقال: والله ما عرقتني هذه البلية قبل وقتي هذا، فوجه عبد الملك الى آل الزبير يخطب رملة على خالد، فذكروا لها ذلك، فقالت: لا والله أو يطلق نساءه، فطلق امرأتين كانتا عنده إحداهما من قريش والاخرى من الأزد، وظعن بها الى الشام وفيها يقول: (119- و) .
أليس يزيد الشوق في كل ليلة ... وفي كل يوم من حبيبنا قربا
خليلي ما من ساعة نذكر أنها ... من الدهر إلّا فرجت عني الكربا
أحب بني العوام طرا لحبها ... ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... لرملة خلخالا لا يجول ولا قلبا «1»
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كزتيلا قال: أخبرنا أبو بكر محمد(7/3195)
ابن علي الخياط قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي قال:
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن مروان السعدي قال: وقال خالد بن يزيد بن معاوية يرثي جده وأباه:
تجلد للعداة الشامتينا ... ولا تر للحوادث مستكينا
وعز النفس ان سخطت بصبر ... ينسيها التشكي والأنينا
فقد صكت قناتك بالمرادي ... شعوب صدعت منها متونا
وغالت من بني حرب رجالا ... هم كانوا الرجال الكاملينا
وهم كانوا الحماة من المخازي ... وهم كانوا السقاة المطعمينا
يأذن الله والساعيين فيما ... يشرف أمر دين المؤمنينا
فغالتهم شعوب غيبتهم ... وهم عمد لأمر المسلمينا
فلو بقيت نفوسهم عليهم ... ولم تجرزهم «1» الدنيا المنونا (119 ظ)
لأصبح ما أهل الأرض عدنا ... وأصبح لحم دنياهم سمينا
رأيت الناس لا قوا بعد جدي ... معاوية الذي أبكى العيونا
وبعد أخي معاوية بن أخي ... وبعد أبي يزيد الأقورينا
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الأسدي قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن لوه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أنشدني أبي لخالد ابن يزيد بن معاوية:
أتعجب أن كنت ذا نعمة ... وأنك فيها شريف مهيب
فكم ورد الموت من ناعم ... وحب الحياة اليه عجيب
أخاف المنية لما دعت ... وكرها يجيب لها من يجيب
سقته ذنوبا من أنفاسها ... ويذخر للحي منها ذنوب
قال: وأنشدني أبي لخالد بن يزيد:(7/3196)
ان سرك الشرف العظيم مع التقى ... وتكون يوما أشد خوف وائلا
يوم الحساب اذا النفوس تفاضلت ... في الوزن اذ غبط الأخف الثاقلا
فاعمل لما بعد الممات ولا تكن ... عن حظ نفسك في حياتك غافلا
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: بلغني أن خالد بن يزيد وأمية (120- و) بن خالد بن عبد الله بن أسد، وروح بن زنباع ماتوا بالصنبره «1» في عام واحد، وبلغني من وجه آخر أن روح بن زنباع مات في سنة أربع وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان.
وقال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن ابن ماهان: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: أخبرني أحمد بن محمد بن القاسم قال: حدثني أبي عفير قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد الرقي قال توفي خالد بن يزيد بن معاوية سنة تسعين، فشهده الوليد بن عبد الملك وهو يومئذ خليفة فصلى عليه، وقال:
ليلق بني أمية الأردية على خالد فلن يتحسروا على مثله. «2»
خالد بن يزيد:
أبو عبد الله الأزدي، حكى عن عمر بن عبد العزيز، وولي شرطته حين ولي الخلافة، وكان معه بدابق وبخناصرة، روى عنه المدائني، والليث بن سعد.
قرأت بخط أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه في مجلس أملاه عليه أبو عبد الله بن عرفة نفطويه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني عن خالد ابن يزيد الأزدي، وكان على شرطة عمر بن عبد العزيز حين استخلف قال:
كان عمر بن عبد العزيز مع أبيه بمصر فضربه فرس فأصاب جبهته، فغشى عليه، وقالوا: مات وجاء رجل الى عبد العزيز فقال: أصلح الله الأمير احتسب (120- ظ) ابنك عمر فان دابة ركضته فمات، فقال الأصبغ بن عبد العزيز: والله ما مات وجاء رجل آخر فقال: أصلح الله الأمير ان عمر ركضته دابة فغشي عليه ثم أفاق(7/3197)
وقد شجه على وجهه، فقال الأصبغ: الله أكبر، فقال عبد العزيز: ما هذا قلت ما قلت ثم قلت الآن هل بلغك في ذلك شيء؟ فقال: نعم هو أشج بني مروان الذي يعدل في الناس، قال: فما تقول فيّ؟ قال: لا تلي الخلافة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وثلاثين ومائة: خالد بن يزيد أبو عبد الله روى عنه الليث بن سعد، يعني، مات فيها.
خالد بن يزيد:
أبو الهيثم التميمي الكاتب، الخراساني الأصل، البغدادي الدار، كان كاتب الجيش ببغداد وولاه محمد بن عبد الملك الزيات الإعطاء بالثغور الشامية، فخرج اليها، ثم عاد الى بغداد ووسوس في آخر عمره.
حدث عن أبي تمام حبيب بن أوس الطائي بحديث ذكرناه في ترجمة حبيب ابن أوس، روى عنه أبو علي مفضل بن الفضل الشاعر، وأبو القاسم بن أبي حبة، وأبو الحسن أحمد بن جعفر البرمكي المعروف بجحظه، وهلال بن العلاء، وأبو العباس ثعلب، والحسين بن اسحاق (121- و) وكان كاتبا شاعرا.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال:
أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي جحظه قال: حدثني خالد الكاتب، قال: قال لي علي بن الجهم: هب لي بيتك: «ليت ما أصبح من رقة خديك بقلبك» قال: فقلت أرأيت أحدا يهب ولده «1» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير- اذنا- عن أبي طالب المبارك(7/3198)
ابن علي بن محمد بن خضير الصيرفي قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي- قراءة عليه- قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ويعرف بابن بشران قال: حدثنا علي بن منصور الحلبي قال: حدثنا علي بن محمد الشمشاطي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن جعفر البرمكي قال: حدثني خالد الكاتب قال: خرجت متنزها ذات يوم فرفع لي دير فأممته- فاذا فيه شاب لم أر أحسن وجها ولا أفصح لسانا منه مكبلا في الحديد فسلمت، فرد السلام ورحب، ثم قال: من تكون؟ فقلت خالد الكاتب، فقال: أصاحب المقطعات؟ فقلت: نعم فقال: أنشدني من مقطعاتك فأنشدته:
ترشفت من مقلتيها العقارا ... وقبلت من خدها جلّنارا (121 ظ)
وعانقت منها كثيبا مهيلا ... وغصنا رطيبا وبدرا أنارا
وأبصرت من نورها في الظلام ... بكل مكان بليل نهارا
فقال: أحسنت والله، ثم قال ألا أنشدك بيتين لتجزهما لي؟ فقلت: هاتهما، فأنشدني:
رب ليل أشفّ من نفس العاشق ... طولا قطعته بانتحاب
وحديث ألذ من نظر المعشوق ... بدلته ببؤس العتاب
قال خالد: فو الله ما قدرت على اجازتها، وأنا مذ عشرون سنة أفكر في ذلك ولا أقدر عليه.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد قال: أخبرنا ثعلب قال: ما أحد من الشعراء تكلم في الليل إلّا قارب الا خالد الكاتب فانه أبدع في قوله «وليل المحب بلا آخر» فانه لم يجعل لليل آخرا وأنشدنا.
رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقاد ... ما صنع الدمع بالناظر(7/3199)
أيا من تعبدني طرفة أجرني ... من طرفك الجائر
وخذ للفؤاد فذاك الفؤاد ... من طرفك الفاتن الفاتر
فمضيت الى خالد في سنة احدى وستين فأنشدني هذا الشعر. (22 دو) .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:
أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: قال أحمد بن كامل القاضي: حدثت عن خالد الكاتب قال: قيل له من أين قلت في قصيدتك: «وليل المحب بلا آخر» ؟ فقال: وقفت على باب، وسائل عليه مكفوف، وهو يقول:
الليل والنهار عليّ سواء، فأخذت هذا منه.
قلت: أنشدني شيخنا الحسن بن عمرو النحوي المعروف بابن دهن الحصا هذا المعنى:
فالآن ليلي مذغابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا القاضي أبو حامد أحمد بن محمد بن أبي عمرو الدلّوي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري قال: سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن المظفر الأنباري يقول: سمعت أبا القاسم بن أبي حبة يقول سمعت خالد بن يزيد الكاتب يقول: بينا أنا مارّ بباب الطاق اذا راكب خلفي على بغلة، فلما لحقني نخسني بسوطه فقال: أأنت القائل يا خويلد: «وليل المحب بلا آخر» ؟ قلت: نعم قال: لله أبوك، وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات، ووصفه بشار بن برد في ثلاثة أبيات وبرزت عليهم بشطر كلمة فلله أبوك، قلت: وبم وصفه امرؤ القيس فقال بقوله (122- ظ) .
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل «1»(7/3200)
قلت: وبم وصفه النابغة؟ فقال: بقوله:
كليني لهمّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وصدر أراح الليل عازب همه ... فضاعف فيه الهم من كل جانب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يهدي النجوم بآئب «1»
قلت: بم وصفه بشار؟ فقال: بقوله:
خليليّ ما بال الدجى لا يزحزح ... وما بال ضوء الصبح لا يتوضح
أظنّ الدجى طالت وما طالت الدجى ... ولكن أطال الليل سقم مبرح
أضل النهار المستنير طريقه ... أم الدهر ليل كله ليس يبرح «2»
قلت له: يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق اليه؟ قال: نعم فقلت:
كلما اشتد خضوعي ... لجوى بين ضلوعي
ركضت في حلبتي ... خديّ خيل من دموعي
قال: فثنى رجله عن بغلته، وقال: هاكها فاركبها، فأنت أحق بها مني، فلما مضى سألت عنه فقيل هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي في مجموع وهبنيه والدي (123- و) رحمه الله قال: وحدث أيضا جحظة قال: حدثني خالد الكاتب قال:
أدخلت على ابراهيم بن المهدي، وأنا غلام، فقال لي: أنت خالد؟ قلت: نعم، قال:
أنشدني شيئا، قلت: أعز الله الأمير أنا حدث أفرح وأقول في شجون نفسي لا أمدح ولا أهجو فان رأى الامير أن يعفيني فعل، فقال: والله لتقولن فان الذي تقوله في شجون نفسك أشد لدواعي البلاء فأنشدته:
عاتبت نفسي في هواك ... فلم أجدها تقبل
وأطعت داعيها اليك ... ولم أطع من يعذل
لا والذي جعل الوجوه ... لحسن وجهك تمثل(7/3201)
لا قلت إن الصبر عنك ... من التصابي أجمل
قال: فصاح ابراهيم: وأي عليك ابراهيم ثم أنشده:
لو ترى ما أراه منك إذا ... ما جال ماء الشباب في وجنتيك
لتمنيت أن تقبّل خديك ... وإن لم تصل إلى خدّيك «1»
ثم أنشدته:
عش فحبّيك سريعا قاتلي ... والضنا إن لم تصلني واصلي
ظفر الحب بقلب دنف بك ... والسقم بجسم ناحل
فهما بين اكتئاب وبلى ... تركاني كالقضيب الذابل
فبكى العاذل لي من رحمة ... فبكائي لبكاء العاذل (123- ظ)
قال: أحسنت والله، ثم قال: يا نصركم معك من العين؟ قال: ستمائة وخمسون دينارا، قال: ادفع إلى الفتى نصفها واجعل الكسر له سليما، فأخذتها وعدت الى منزلي، فاشتريت المنزل الذي كنت فيه فسترني وستر عيالي.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر ابن أبي أحمد قال أخبرني علي بن أيوب القمي قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني الحسين بن اسحاق قال: حدثني أبو الهيثم خالد بن يزيد الكاتب الشاعر قال: لما بويع ابراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني، وقد كان يعرفني، وكنت متصلا ببعض أسبابه، فأدخلت اليه فقال لي:
يا خالد أنشدني من شعرك، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شعري من الشعر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان من الشعر حكما «2» ، وإنما أمزح وأهزل وليس مما ينشده أمير المؤمنين، فقال: لا تقل هذا يا خالد فإن جدّ الأدب وهزله جدّ، أنشدني فأنشدته:(7/3202)
عش فحبيّك سريعا قاتلي ... والضنا إن لم تصلني واصلي
ظفر الشوق بقلب كمد فيك ... والسقم بجسم ناحل
فهما بين اكتئاب وبلى ... تركاني كالقضيب الذابل
وبكى العاذل لي من رحمة ... فبكائي لبكاء العاذل
فاستملح ذلك ووصلني.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن أبي علي قال: حدثنا الحسين بن محمد (124- و) بن سليمان الكاتب قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن السقاء الواسطي بها قال: حدثني جحظة قال: قال لي خالد الكاتب: أضقت حتى عدمت القوت أياما، فلما كان في بعض الأيام بين المغرب وعشاء الآخرة فاذا بابي يدق، فقلت: من هذا؟ فقال: من إذا خرجت اليه رأيته، فخرجت فرأيت رجلا راكبا على حمار عليه طيلسان أسود، وعلى رأسه قلنسوة طويلة ومعه خادم، فقال لي: أنت الذي تقول:
أقول للسقم عد إلي بدني ... حبّا لشيء يكون من سبيلك
قال: قلت: نعم، قال: أحب أن تنزل لي عنه، فقلت: وهل ينزل الرجل عن ولده؟ فتبسم، ثم قال: يا غلام أعطه ما معك، فأومأ إليّ بصره في ديباجة سوداء مختومة، فقلت: إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه، فمن أنت؟ قال: أنا ابراهيم بن المهدي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي الساوي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلقي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن البرداني(7/3203)
الشيخ الحافظ، قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال:
أنشدنا عبد الله بن محمد بن حمدان العكبري بعكبرا «1» قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد لخالد الكاتب:
هل أنت منتفع بعلمك ... مرة والعلم نافع
ومن المشير عليك بالرأي ... السديد وأنت سامع (124- ظ)
فالموت حوض أنت فيه ... لا محالة منه كارع
فمن التقى فازرع فانك ... حاصد ما أنت زارع (125- و)(7/3204)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علّان الوراق قال: أخبرنا أبو الفرج أحمد بن محمد بن أحمد الصامت قال: حدثني أحمد بن جعفر أبو الحسن البرمكي جحظة قال: كنا جلوسا على باب عبد الصمد ابن علي ومعنا رجل ينشدنا أشعار عبد الصمد بن المعذل اذ أقبل أبو الهيثم خالد ابن يزيد الكاتب فجلس الينا، فقال: فيم كنتم؟ فقلنا: بجهلنا، هذا ينشدنا شيئا من شعر عبد الصمد، فالتفت اليه خالد فقال: يافتى من الذي يقول:
تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي ... كأنك بعد الضر خال من النفع
ثم قال له: يافتى هل أحسن عبد الصمد أن يجعل للسمع سمعا؟ قال: لا، ثم أنشده:
لئن كان أضحى فوق خديه روضة ... فان على خدي غديرا من الدمع
ثم نهض فقال لنا المنشد: من هذا؟ فقلنا: خالد فعدا خلفه، وانقطعت نعله، وانقلبت محبرته حتى كتب البيتين «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي الحلبي- بها قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- قلت: ونقلته أنا من خط السمعاني من أصل سماع شيخنا أبي هاشم- قال: أنشدنا يحيى بن علي ابن محمد بن علي البغدادي بها قال: أنشدنا عبد الصمد بن علي بن محمد المأموني(7/3205)
قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن الحسن (126- و) بن المأمون الهاشمي قال:
أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال: أنشدني أبي هذه الأبيات يخبر أنها لخالد الكاتب.
السن نضحك والأحشاء تحترق ... وانما ضحكها زور ومختلف
ليت الذين رأوني ضاحكا زعموا ... رأوا بكائي اذا ما أظلم الأفق
لولا مراقبة الأعداء لإستبقت ... مني الدموع كما في السر تستبق
يا ربّ باك بعين قلبه فرح ... ورب ضاحك سن ما به رمق
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن يونس قال:
أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال:
أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا ابراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني قال: حدثني أبو بكر بن ضباب قال: سمعت بعض أصحابنا بالرقة يقول: كبر خالد الكاتب حتى دق عظمه، ورق جلده فوسوس، فرأيته ببغداد والصبيان يتبعونه ويصيحون به: يا بارد يا بارد، فأسند ظهره الى قصر المعتصم، فقال لهم:
كيف أكون باردا وأنا الذي أقول:
بكى عاذلي من رحمتي فرحمته ... وكم مسعد من مثله ومعين
ورقّت دموع العيون حتى كأنها ... دموع دموعي لا دموع جفوني
وكان خالد يتعمد في شعره مثل هذا «1» .
أنبأنا عمر بن محمد الدار قزي قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا (126- ظ) الحسن بن أبي بكر قال:
أخبرنا أحمد بن كامل- فيما أجاز لنا روايته عنه- قال: أخبرني أبو الحسين علي ابن الحسن بن أحمد القرشي- من أهل حران- قال: سمعت هلال بن العلاء يقول رأيت خالد الكاتب الشاعر بمدينة السلام والناس يصيحون: يا بارد، يا بارد، ويرمونه بالحجارة فتساند الى حائط، وقال: ويلكم كيف أكون باردا وأنا الذي أقول:(7/3206)
ولا مسه قلبي فآلم كفه ... فمن لمس قلبي في أنامله عقر
ومرّ بفكري خاطرا فجرحته ... ولم أر خلقا قط يجرحه الفكر
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن طلحة المقرئ قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن عمران قال: حدثنا صالح بن محمد قال: حدثنا القاسم بن سهل قال: مر خالد الكاتب يوما بصبيان فجعلوا يرجمونه ويزنونه، ويقولون له: يا خالد يا بارد.
فقال لهم: ويلكم أنا بارد، وأنا الذي أقول:
سيدي أنت لم أقل سيدي أنت ... لخلق سواك والصب عبد
خذ فؤادي فقد أتاك بود ... وهو بكر ما اقتضه قط وجد
كبد رطبة يفتتها الوجد ... وخذ فيه الدمع خدّ
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي بن النخاس المدائني الحلبي في مجموع وهبنيه والدي رحمه الله قال: حدثني أبو الصقر المؤدب قال: أخبرني بعض تلامذة (127- و) خالد بن يزيد الكاتب قال: رأيته يوما بعد ما كبر وهو راكب قصبة والصبيان من حوله، فقلت له: يا أستاذ ما الذي صار بك الى ما أرى فأنشأ يقول:
الهموم والسهر ... والسهاد والفكر
سلّطت على جسد ... فيه للهوى أثر
لا ومن كلفت به ... ما يطيق ذا بشر
فقلت: يا أستاذ أريد أن تنشدني أرق ما تعرف، فقال أكتب:
رق فلو مرت به ذرة ... أرجلها منعلة بالحرير
لأثرت فيه كما أثرت ... مدامة في العارض المستنير
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب.
أضمر أن أضمر حبي له ... فيشتكي إضمار إضماري
رق فلو مرت به ذرة ... لخضّبته بدم جار(7/3207)
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا فقال: أكتب:
صافحته فاشتكت أنامله ... وكاد يبقى بنانه بيدي
وكنت اذا صافحت يداه ... يدي كأني قابض على البرد
لو لحظته العيون مدمنة ... لذاب من رقة فلم يجد
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
رقّته ما مثلها رقة ... فان جفا فالويل من صدهّ (127 ظ)
قدرة عينيه على مهجتي ... كقدرة المولى على عبده
قد جال ماء الحسن في خده ... وضجت الأغصان من قده
فانقش بما شئت على خاتم ... وشربه تقرأه من خده
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
توهمه طرفي فأصبح خده ... وفيه مكان الوهم من نظري أثر
وصافحه كفي فآلم كفه ... فمن غمز كفي في أنامله عقر
ومر بفكري خاطرا فجرحته ... ولم أر جسما قط يجرحه الفكر
فلو أن كتاب العراق أكفهم ... حوت قصب الآجام أمدادها البحر
يخطون ما جاءت به الصين كاغدا ... وما نشرت من طيّ قرطاسها مصر
لما كتبوا معشار عشر عشير ... ما تضمنه من حبك القلب والصدر
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
تكوّن من نور الإله بلا مسّ بقول ... عزيز: كن من الروح بالقدس
فلما رأته الشمس أحمد نورها ... وقالت له: بالله أنت من الأنس
فقال لها: إني أظنك ضرتي ... وخمّس بالكف المليح على الشمس
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: قد تقدمت الى المنزل أن يصلحوا عدسا بسليق وأنا ألقاك غدا بشيء رقيق، وتركني وانصرف.
ونقلت من خط أبي الفتح المدائني المذكور في هذا المجموع: حدث أبو بكر(7/3208)
(128- و) قال: حدثني صديق لي قال: كنت ببغداد فرأيت خالد الكاتب يخاطب غلاما:
وهو يقول له:
ما آن أن يرحمني قلبك؟
فقال الغلام: لا
فقال خالد:
حتى متى يلعب بي حبك؟
فقال الغلام: أبدا
فقال خالد:
وكم أقاسي فيك جهد البلا؟
فقال الغلام: حتى تموت
فقال خالد:
لا كل ذا يا سيدي حسبك
فقال الغلام: بلى
فقال خالد:
لا أعدم الله فؤادي الهوى
فقال الغلام: آمين
فقال خالد:
يوما ولا جرّ به قلبك
فقال الغلام: فعل الله ذاك
فقال خالد:
إن كان ربي قد قضى ذا الهوى
فقال الغلام: فما علي أنا؟
فقال خالد:
وشدة الحب فما ذنبك؟
فقال الغلام: سل نفسك(7/3209)
قال المحدث: فقلت للغلام: أما تستحي من هذا الرجل في جلالته؟ فقال:
فديتك كل من يلقى يقول له مثل هذا.
ذكر اليوسفي صاحب الرسائل، وهو في غالب ظني أحمد بن يوسف قال:
وحدثني أبو الحسن الشهرياري أن خالدا وقع بينه وبين الحلبي الشاعر الذي يقول فيه البحتري: «سل الحلبي عن حلب» «1» ، وهي قصيدة، خلاف في معنى شعره، فقال له الحلبي: لا تعد طورك فأخرسك، فقال له خالد: لست هناك ولا فيك موضع للهجاء، ولكن ستعلم أني سأجعلك ضحكة، وكان الحلبي أوسخ الناس فجعل يهجو جبته وثيابه وطيلسانه فمن ذلك (128- ظ) قوله:
وشاعر ذي منطق رائق ... في جبة كالعارض البارق
قطعاء شلاء رباعية ... دهرية مرقوعة العاتق
قدّمها العري على نفسه ... تفصيلها في القدر السابق
وقوله:
وشاعر معدم له قوم ... ليس عليهم في نصره لوم
قد ساعدوه في الجوع كلهم ... فقرأ فكلّ غذاؤه الصوم
يأتيك في جبة مرقعة ... أطول أعمار مثلها يوم
وطيلسان كالآل «2» يلبسه ... على قميص كأنه غيم
من حلب في صميم سفلتها ... غناه فقر وعزّه ضيم
قال: وقال فيه أيضا:
تاه على ربه فأفقره ... حتى أراه الغنى فأنكره
فصار من طول حرفه علما ... يقذفه الرزق حين يبصره
يا حلبيا قضى الإله له ... بالتيه والفقر حين صوره
لو خلطوه بالملك وسّخه ... ولو رموه في البحر كدره(7/3210)
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي في كتابه عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال: (129- و) أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني إجازة إن لم يكن سماعا قال: في ذكر خالد الكاتب في كتاب الأغاني: هو خالد بن يزيد، ويكنى أبا الهيثم من أهل بغداد وأصله من خراسان، وكان أحد كتاب الجيش، ووسوس في آخر عمره، وقيل إن السوداء غلبت عليه، وقال قوم بل كان يهوى جارية لبعض الملوك الوجوه ببغداد، فلم يقدر عليها، وولاه محمد بن عبد الملك الإعطاء بالثغور، فخرج فسمع في طريقه منشدا ينشد ومغنية تغني:
من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والشجن
فبكى حتى سقط على وجهه مغشيا عليه، ثم أفاق مختلطا واتصل ذلك حتى وسوس وبطل «1» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:
خالد بن يزيد أبو الهيثم التميمي خراساني الأصل، كان أحد كتاب الجيش ببغداد، وله شعر مدون، وشعره كله في الغزل، وعاش دهرا طويلا واختلط في آخر عمره، ويقال إنه عاش إلى خلافة المعتمد» .
خالد بن يوسف بن سعد
ابن الحسن بن المفرج بن بكار أبو البقاء النابلسي، ولد بنابلس ونشأ بدمشق وسمع بها الحافظ أبا محمد القاسم بن علي بن الحسن بن عساكر، وحنبل بن عبد الله المكبر، وشيوخنا: أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبا حفص بن طبرزد، وأبا البركات بن ملاعب، والقاضي أبا القاسم (129- ظ) عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني، وتاج الأمناء أبا الفضل أحمد وأبا البركات الحسن ابني محمد بن الحسن ابن هبة الله، وجماعة غيرهم يطول ذكرهم، ورحل الى بغداد فسمع بها من الحافظ(7/3211)
أبي محمد بن الاخضر وأبي عبد الله الحسين بن شنيف، وأبي العباس أحمد بن بركة ابن بركة بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا وغيرهم.
ثم عاد إلى دمشق واجتاز في طريقه بحلب، وسمع بها من أبي الحجاج يوسف ابن خليل بن عبد الله، ولم يسمع بها من غيره، وكتبت عنه بدمشق، وسألته عن مولده، فقال سنة خمس وثمانين وخمسمائة تخمينا (130- و) .
خالد بن أبي خالد
له ذكر في وقعة صفين، شهدها مع علي رضي الله عنه، وقتل بها وهو في غالب طني خالد بن الحارث بن أبي خالد الأنصاري، الذي قدمنا ذكره، والله أعلم.(7/3212)
خالص بن أحمد:
ابن خالص بن عبد الله بن خالص أبو القاسم بن أبي العباس الغافقي الإشبيلي ثم الشقري. قدم حلب وصحب بها محمد بن علي بن العربي، وتوجه منها صحبته إلى بلد الروم، ولم يتفق لي به اجتماع حين ورد حلب، وكان شاعرا مجيدا كتب عنه رفيقنا رشيد الدين محمد بن الحافظ عبد العظيم المنذري، وقرأت بخطه أنشدني الشيخ الجليل الفاضل أبو القاسم خالص بن أبي العباس أحمد بن خالص بن عبد الله بن خالص الغافقي الادريسي الاشبيلي الأصل، الشقيري المولد- مولده بجزيرة شقر «1» سنة تسع وثمانين وخمسائة ظنا- بالقاهرة في مستهل جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وستمائة، قال: أنشدني الأديب أبو الحسن علي بن أحمد بن حريق لنفسه بمرسيه «2» فيما أظن، وقد سمعت منه كثيرا من شعره:
يا ليلة جادت الأماني بها ... على رغم أنف دهري
أسبل فيها عليّ نعمى ... يقصر عنها طويل شكري
إذ بات في منزلي حبيبي ... وقام في أهله بعذر
فبت لا حالة كحالي ضجيع ... بدر صريع خمر
(131- و)
يا ليلة القدر في الليالي ... لأنت خير من ألف شهر
ونقلت من خطه أيضا: أنشدني أبو القاسم خالص المذكور لنفسه في التاريخ أعلاه من قصيدة:
سرت عطلا خوف العيون الرواصد ... وجرس خليّ في الفضيحة جاهد(7/3213)
وخافت تفرّي الليل عن صبح ... وجهها فلادت فلم تحفل بإرسال وارد
ولولا نسيم الريح عرف عرفها ... لنيل وصال دون واش وحاسد
وكم حيلة للهائم الصب في الهوى ... يكيد بها والدهر جم المكائد
وما زال هذا الدهر يعتاق بالمنى ... مناما ويسقينا سمام الأساود
يريد بنا ما لا نريد سفاهة ... ويوردنا لا كان شر الموارد
ونقلت من خطه: وأنشدنا لنفسه في ذم دمشق.
لأهل دمشق في الدنيا شقاء ... بسكناها وهون غير هين
مساكن من مساكنهم وإن لم ... يحسّوا وهي شر الشقوتين
فإن لم تغتفر لهم ذنوب به ... دخلوا جهنم مرتين
وفي أبو القاسم خالص بن أحمد «1» .(7/3214)
خبيق بن سابق:
أبو عبد الله الكوفي ثم الأنطاكي، كان من أهل الكوفة وتحول إلى أنطاكية هو وابنه عبد الله الزاهد، وحكى عن يوسف (131- ظ) بن أسباط روى عنه ابنه عبد الله بن خبيق.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الفنكي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي ابن ابراهيم بن العباس قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن مروان المالكي قال: حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال:
سمعت أبي يقول: قال لي يوسف بن أسباط في مرضه الذي مات فيه: يا أبا عبد الله إذا أنا مت فصير اسماعيل بن داية فيمن يغسلني، قال: فقلت له: يا أبا محمد اسماعيل ليس من أصحابك، وهو من أصحاب السلطان، فأي شيء مذهبك في هذا؟
قال: دخلت الحمام فخدمني ولم أكافئه، وأنا أعلم أنه يسر أن يكون فيمن يغسلني فيكون هذا مكافأة لما كان منه.
قال ابن خبيق: قال أبي: دعونا سليمان الطبيب ليداوي يوسف وكان يرجع إليه عقله أحيانا، فيقول: إلّا قليل، فلم يزل به حتى داواه وصح، فلما فرغ وأراد أن يخرج سليمان الطبيب، قال: يوسف أي شيء تعطونه؟ قلنا: لا يريد منك شيئا، قال: يا سبحان الله جئتم بطبيب الملوك ولا أعطيه شيئا! قلت: أعطه دينارا، فقال: خذ هذا فادفعه إليه وأعلمه أني لا أملك غيره، لأن لا يتوهم أني أقل مروءة(7/3215)
(132- و) من الملوك، فدفع إليّ صرة فيها خمسة عشر دينارا: فأخذتها فدفعتها إليه وجعل يوسف يعمل الخوص «1» بيده حتى مات.
ختلغ أبه
ويقال قتلغ أبه، وهو اسم تركي، ويعرب فيقال: خطلبا، وهو من مساليك السلطان محمود بن ملكشاه، ملك حلب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة سلمها إليه بتوقيع الى نائبه مسعود بن آق سنقر البرسقى فأقام بها ستة أشهر ومدّ يدة في ظلم الرعية، واجتياح أموالهم والطمع فيها، واتهم أبا طالب عبد الرحمن بن العجمي بأن المجن بركات الفوعي أودعه وديعة، وسجنه وسجن عمه أبا عبد الله ابن العجمي، وضيق على أبي طالب وعذبه وثقب كعبه، وكان بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق بحلب، فصاح أهل حلب بشعاره، وقام فضائل بن بديع رئيس حلب معه، واتفقوا على أن حصروا ختلغ آبه وقبضوا على أصحابه، ووصل إليهم الى حلب إبراهيم بن الملك رضوان بن تتش، وكان بدر الدولة زوج أخت إبراهيم، فكانا يجبيان دخل حلب بينهما، وطال الحصار بختلع أبه الى نصف ذي الحجة، واتفق الأمر بينهم على أن استدعوا أتابك زنكي، فوصل وتسلم حلب وأخذ ختلع آبه وكحله «2» ، وانتقم الله منه لأهل حلب.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن نزار التنوخي المعروف بابن العظيمي الحلبي في كتابه «الموصّل على الأصل الموصل» وهو التذكرة من سير الإسلام، وأخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- إجازة- (132- ظ) قال: أجاز لنا أبو عبد الله بن العظيمي وقال: سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، ولما شرق عز الدين مسعود البرسقي ولىّ بحلب والقلعة الأمير تومان، فلما استقامت أموره بالشرق نفذ سرية مع أمراء منهم: ينال، وسنقر دراز وغيره، فلما وصلوا الى حلب لم يدخل تومان في الطاعة، فحالفه رئيس حلب فضائل بن بديع وأدخلهم الى حلب وأنزلهم قلعة الشريف «3» ، ووقع بين الوالي وأهل حلب،(7/3216)
وبعد ذلك بأيام يسيرة وصل الى حلب غلام السلطان محمود واسمه ختلغ آبه بتوقيع عز الدين مسعود بحلب، وصحبته عمدة الدين سنقر الطويل صاحب حران المعروف بدراز، وسلم التوقيع الى تومان بتسليم الموضع الى خطلبا، فلم يقبل واحتج بعلامة بينه وبين عز الدين لم يتضمنها التوقيع واعترف بالخط حسب، وكانت العلامة بينهما صورة غزال، لأن عز الدين كان أحسن الناس نقوشا وتصاوير، وكان من الذكاء على أمر عظيم، وطال الأمر على خطلبا، وأشاروا عليه بالعودة فعاد، وكان عز الدين محاصر الرحبة وفيها قراقش الأمير حسين، رجل فارسي الأصل، فاستأمن ونزل، ونزل الموضع غيره: فمات عز الدين، فوصل في خمسة أيام فوجد مسعودا قد مات، وهو مطروح على قطعة بساط والعسكر مشغولون عن دفنه قد نهب بعضهم بعضا، فعاد خطلبا الى حلب في ثلاثة أيام، وعرف الناس بموته، فأدخله ابن بديع المدينة إلى (133- و) داره، واستنزلوا تومان من القلعة بعدما صح عنده وفاة صاحبه فصانعهم على ألف دينار، وسلم القلعة، وملكها خطلبا واستحلفه الحلبيون، واستوثقوا منه، وطلع المركز بتاريخ الخميس لست بقين من جمادى الآخره من هذه السنة والقمر في الجوزاء على قران المريخ، ولما صعد وبقي أياما ظهر أنه من أهل الشر والظلم، فتشوشت قلوب الرعية وحمله قوم من أهل السوء على الطمع فتغير وبدّل ما حلف عليه، وصار يختم على تركة من يموت، ويرفع ماله إليه، ولا يكشف هل له وارث أم لا، وصح هذا عند الأمير بدر الدولة، والرئيس فضائل بن بديع، وأنه قد عوّل على قبضهما، فتحالفا عليه، واتفق معهما أحداث «1» حلب، فقاموا عليه ليلة الثلاثاء ثاني شوال ليلا، والقمر في القوس في ست درج على تسديس زحل، وكان غلمان خطلبا وحجابه وأصحابه في قلة، وكلهم يشربون في البلد لانه عشية عيد الفطر عند أصدقائهم ومعارفهم، فقبضهم الحلبيون وملأوا بهم الحبوس والمساجد، ودار ابن الأقريطشي، وقيدوهم وأصبحوا معتقلين، وزحف الناس كافة إلى باب القلعه، وحصروا القلعة، فقاتلهم النهار أجمع، ولما كان، الليل نزل أحرق القصر الذي لم يكن في البلاد مثله، وأتلف فيه من السقوف(7/3217)
والأبواب والأخشاب والرخام، ودار الذهب حتى تواقع بعضه على (133- ظ) بعض، وهجم الناس صبيحة تلك الليلة فنهبوا منه كلما قدروا عليه، وقتل من الناس جماعة، ووصل إلى باب حلب الأميران حسان بن كمشتكين البعلبكي وأخوه حسن صاحبا منبج وبزاعة بتاريخ السبت سابع شوال، وساماه الخروج معهما فأبى ذلك على ان يسلم حلب إلى بياض البلد وابن مالك ويتسكع، فلما أبى طال الحصار.
وصل بعد ذلك جوسلين «1» الى باب حلب في مائتي فارس ونزل بابلا «2» وتقدم الى بانقوسا «3» ، ونفذ رسوله الى حلب بتاريخ الأحد ثامن شوال، وطلب خدمة فصانعوه ودفعوه.
وفي آخر شوال وصل الملك إبراهيم بن رضوان، فأدخلوه إلى حلب فأكرموه ونادوا بشعاره، وخرج صاحب أنطاكية البيمند ونزل صلدع «4» بتاريخ الأربعاء حادي عشر شوال، والمراسلة تعمل، وركبوا بكرة ذلك اليوم، وضايقوا حلب، وركب الملك إبراهيم بن رضوان، وبدر الدولة، ونفر الحلبيون والرئيس ابن بديع في خلق عظيم وتراسلوا، فاستوت الهدنة، ووقعت الأيمان على المدة المعلومة، وحمل إليه ما اقترحه يوم الخميس ثاني عشر شوال، بعد أن أشرف الناس على الخطر العظيم ودخل رسول الافرنج قبض من حلب ألف دينار، وقرر ألفا أخرى وعاد إلى أنطاكية، وصار كلما غاب من الحلبيين رجل قد قتل أو صلب، وطال الأمر على خطلبا، وحفروا خندقا حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل إليها أخذ إلى نصف ذي الحجة وصل (134- و) الأمير سنقر دراز والأمير حسن قراقش وجماعة أمراء في عسكر قوي إلى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وخطلبا الى باب الموصل الى المولى الاصفهسلار «5» الملك عماد الدين قسيم الدولة زنكي ابن قسيم الدولة آق سنقر إلى الموصل، فلمن ولىّ عاد الى منصبه، وأقام بحلب(7/3218)
الأمير حسن قراقش والرئيس فضائل بن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وطمع بملك البلد وسير سرية إلى حلب مع الأمير الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل الى حلب، وأطلع الى القلعة واليا من قبله، ورتب الأمور، وجرت على يده على السداد.
وقال ابن العظيمي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، في جمادى الآخره، وصل قسيم الدولة أبو سعيد زنكي إلى حلب، وملكها وصعد القلعة، وبات بها، وعاد إلى نقرة بني أسد وقبض على خطلبا وحمله إلى حلب وسلمه الى عدوه ابن بديع، فكحلوه بداره في النصف من رجب «1» .(7/3219)
ذكر من اسمه خداش
خداش بن بشر بن خالد
ابن الحارث بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل: ابن خالد بن نبيه بن قرط بن سفيان ابن محاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أدبن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو يزيد، وقيل أبو مالك التميمي المجاشعي، وهو المعروف بالبعيث البصري شاعر إسلامي، قدم الشام ونزل على آل القعقاع العبسي (134- ظ) أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم، وكانت منازلهم بناحية قنسرين بالحيار وما والاها.
وقيل إنه كان أخطب بني تميم، وكانت أمه أمة من أصبهان يقال لها بردة وقيل أمه سجستانية تسمى فرتنا.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء- إجازة- قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني. وقال أبو غالب: أنبأنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: البعيث الشاعر اسمه خداش بن بشر بن أبي خالد بن نبيه- بفتح الباء- «1» بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم يكنى أبا يزيد هو الذي هاجاه جرير وفيه يقول جرير:
لما وضعت على الفرزدق ميسمي ... وضغا «2» البعيث جدعت أنف الأخطل «3»(7/3220)
وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه وسمي البعيث بقوله:
تبعث مني ما تبعث بعدما ... أمرّت قواي واستمرّ عزيمتي «1»
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزه السلمي قال: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال:
وأما البعيث واسمه خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل ابن خالد بن نبيه- بفتح الباء- بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم، يكنى أبا يزيد، ويقال أبو مالك، هو الذي كان يهاجي جريرا، وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، والأول أصح. ثم قال ابن ماكولا في باب خداش بكسر الخاء المعجمة وبعدها (135- و) دال مهملة وآخره شين معجمة خداش بن بشر بن خالد وذكره «2» .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه ابن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو يزيد التميمي ثم المجاشعي، المعروف بالبعيث أحد الشعراء المجيدين، بصري قدم الشام وكان خطيبا شاعرا «3» .
أخبرنا عمر بن محمد المؤدب- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- إجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري البزاز- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري- قراءة عليه- قال: قرىء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم بن راشد الجبلي قال:(7/3221)
أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب الجمحي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن زياد اللخمي في طبقات الشعراء الاسلاميين، قال: الطبقة الثانية من الإسلاميين أربعة: البعيث واسمه خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة، والقطامي، وكثير، وذو الرمة «1» .
وقال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثني أبو الغراف قال: ورد على غسان السليطي الأعور النبهاني مر طيء، فسأله فقرن له، وقال: ألا تغن عنا جريرا؟
فقال: (135- ظ) .
إذا طلع العيوق أول كوكب ... كفى اللّوم عند النازلين جرير
ألست كليبيا وأمه كلبة ... لها بين أطناب البيوت هرير
ولو عند غسان السليطي عرّست ... رعا قرن منها وكاس عفير «2»
أتنسى نساء باليمامة منكم ... نكحهن عبيدا مالهن مهور
فقال جرير:
وأعور من نبهان يعوي ودونه ... من الليل بابا ظلمة وستور
رفعت له مشبوبه يهتدي بها ... يكاد سناها في السماء يطير
وأعور من نبهان أما نهاره ... فأعمى وأما ليله فقصير
تساق من المعزى مهور نسائهم ... وفي شرط المعزى لهن مهور «3»
قال: وحدثنا ابن سلام قال: حدثني أبو يحيى الضبي قال: كانوا كذلك حتى ورد البعيث المجاشعي عليهم، وكان ولدهم وولدوه فيشكوا إليه قهر جرير صاحبهم، فقال البعيث:
إذا نشرت معزى عطية وارتعت ... بلاغا من المروت «4» أخوى حميمها
تعرضت لي حتى صككتك صكة ... على الوجه يكبو لليدين أميمها(7/3222)
أليست كليب ألأم الناس كلهم ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها
وكانت أم البعيث أمة حمراء سجستانية تسمى فرتنا، وكان يقال له ابن حمراء العجان، فهجاه جرير فثاوره، فضج إلى الفرزدق يومئذ بالبصرة (136- و) وقد قيد نفسه وآلى لا يفك قيده حتى يقرأ القرآن، فقال البعيث:
لعمري لئن ألهى الفرزدق قيده ... ودرج نوار ذو الدهان وذو الغسل
لينبعثن مني غداة مجاشع بديهة ... لا وان الجزاء ولا وغسل
فقال جرير:
جزعت إلى درجي نوار وغسلها ... فأصبحت عبدا ما يمرّ وما يحلى
وعده الناس مغلوبا حين استغاث.
قال: وقال الفرزدق إني إن وثبت على جرير الآن حققت على البعيث الغلبة، ولكن كأنني وثبت عليهما فأدع البعيث وآخذ جريرا، فقال: الطبيب أطب، فقال الفرزدق:
لودّ جرير اللّوم لو كان غائبا ... ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وليس ابن حمراء العجان بمفلتي ... ولم يزدجر طير النحوس الأشائم
وإنكما قد هجتماني عليكما ... ولا تجزعا واستسمعا للمراجم «1»
وقال:
فإن يك قيدي كان نذرا نذرته ... فما بي عن أحساب قومي من شغل «2»
وقال:
دعاني ابن حمراء العجان فلم يجد له ... إذ دعا مستأخرا عن دعائيا
فنفست عن سميه حتى تنفسا ... وقلت له لا تخشى شيئا ورائيا(7/3223)
فلما استطار كل واحد منهما في صاحبه قال البعيث (136- ظ) :
أشار كتني في ثعلب قد أكلته ... فلم يبق إلا رأسه وأكارعه
فدونك خصييه وما ضمت استه ... فإنك رمام خبيث مرتعه
قال: وسقط البعيث بينهما، ولج الهجاء نحوا من أربعين سنة، ولم يغلب واحد منهما على صاحبه، ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيا به، وأشعارهما أكثر من أن نأتي عليها، ولكنما نكتب منها النادر «1» .
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي- فما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو القاسم ابن أبي محمد قال: قرأت في كتاب محمد بن محمد بن الحسن الديناري بخط بعض أهل الادب: وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني- وأجازه لي- قال أخبرنا أبو الحسن الأسدي قال: حدثنا حماد- يعني- ابن اسحاق الموصلي عن أبيه قال: حدثني مروان بن أبي حفصة قال: هجا البعيث بطنا من باهلة يقال لهم بنو صحب، فاستعدوا عليه ابراهيم بن عربي في خلافة الوليد بن عبد الملك فضربه بالسياط وأمر به فطيف به في سوق حجر مجلودا فقال جرير يهجوه:
لئن هجوت بني صحب لقد تركوا ... للأصبحية في جنبيك آثارا
قوم هم القوم لو عاد الزبير بهم ... لم يسلموه وزادوا الحبل أمرارا
وكان البعيث وجرير والفرزدق يومئذ أحدّ ما كانوا في الهجاء، فخرج البعيث مراغما لابراهيم بن عربي لما صنع به فلحق بالشام ونزل البادية (137- و) فجاور بني القعقاع أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم وهجا ابن عربي، وجعل جرير والفرزدق يهجوانه فروت العرب أشعارهما وخمل شعره لاعتزائه، فقال البعيث مما كان يهجو ابن عربي:
ترى منبر العبد اللئيم كأنما ... ثلاثة غربان عليه وقوع
قال: فكان بعد ذلك ابن عربي اذا صعد المنبر تغامز به الناس، واذا رأى ابن عربي غرابا ساقطا يقول: لعنة الله على البعيث.(7/3224)
قلت ومن مختار شعر البعيث قوله:
ألا طرقت ليلى الرفاق بغمرة ... ومن دون ليلى يذبل «1» فالقعاقع «2»
على حين ضم الليل من كل جانب ... جناحيه وانصب النجوم الخواضع
طمعت بليلى أن تريغ وانما ... تقطع أعناق الرجال المطامع
وتابعت ليلى في الخلاء ولم يكن ... شهود على ليلى عذول مقانع
فما أنت من شيء اذا كنت كلما ... تذكرت ليلى ماء عينيك دامع
خداش المنبجي:
حكى عنه أبو زرعة أحمد بن موسى.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم تمام ابن محمد بن عبد الله الرازي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سليمان قال:
حدثني أبو زرعة أحمد بن موسى (137- ظ) قال: وقال خداش المنبجي: قيل لبعض الرهبان: لم لبستم السواد وآثرتموه على لباس البياض؟ قال: هو محلة الاحزان ومعدن الهموم، ومسلك الصيانات.(7/3225)
خراش بن بحدل الكلبي:
شاعر فارس تروى له هذه الأبيات يخاطب بها عبد الملك بن مروان، أنبأنا بها أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: ذكر أبو العباس محمد بن يزيد المبرد فيما حكاه عبد الله بن سعد القطر بلي عنه، وقرأته بخطه قال: حدثني الرياشي قال: وقف خراش بن بحدل الكلبي على عبد الملك بن مروان بعد أن ملك فقال:
أعبد المليك ما شكرت بلاءنا ... فكل في رضاء العيش ما أنت آكل
بجابية الجولان «1» لولا ابن بحدل ... لكنت وما يسمع لقيلك قائل
وكنت اذا دارت عليك عظيمة ... تضاءلت إن الخاشع المتضائل
فلما علوت الناس في رأس شاهق ... من المجد لا يسطيعك المتطاول
قلبت لنا ظهر العداوة معلنا ... كأنك مما يحدث الدهر جاهل
فقال عبد الملك: أراك احتجت الى المال؟ قال: أجل قال: فأيه أحب اليك؟ قال الإبل، قال: يا أبا الزعيزعة أعطه مائة برعاتها، ثم التفت اليه فقال: لا تعد فتنكرني.
وفي هذه الأبيات بيت آخر وهو: (138 و) «فلو طاوعوني يوم بطنان» بطنان موضع بين حلب ومنبج، كان ينزله عبد الملك اذا توجه لحرب مصعب بن الزبير فان ثبت أن هذه الابيات له، فقد اجتاز بناحية حلب، والابيات تروى لأبي جندل عبيد بن الحصين الراعي، وهي في ديوان شعره، وسنذكرها في ترجمته فيما يأتي من كتابنا هذا ان شاء الله تعالى.(7/3226)
حريم بن فاتك بن الاخرم:
وقيل خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن القليب بن عمرو، وقبل القليب هو لقب فاتك بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر ابن نزار الأسدي، أبو أيمن، وقيل أبو يحيى، وهو والد أيمن بن خريم، وقد قدمنا ذكره، وهو أخو سبرة بن فاتك صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث، وشهد معه بدرا، وقيل لم يشهد بدرا وانما شهد الحديبية، وروى عن كعب الأخبار، روى عنه ابنه أيمن بن خريم الأسدي، وبشر أبو قيس التغلبي القنسريني، والمعرور بن سويد، ووابصة بن معبد، وعبد الله بن عباس وأبو هريرة، وشمر بن عطية وأيوب بن ميسرة الخولاني، وحبيب بن النعمان الأسدي ويسير ابن عميلة الفزاري، ودخل الشام ونزل الرقة، ومات بها، ففي طريقه ما بين الرقة والشام دخل حلب أو بعض عملها.
وعده بعضهم من أهل الصفة.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عبد الكريم المعروف بقورجة قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة قال: (138- ظ) أخبرنا أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري قال:
حدثنا محمد بن ابراهيم بن يحيى الجزوري قال: حدثنا لوين قال: حدثنا خديج ابن معاوية عن أبي اسحاق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن فيك اثنتان كنت أنت أنت، قلت:
يا رسول الله تكفيني واحدة، قال: تسبل ازارك وتوفر شعرك.
قال: وحدثنا لوين قال: حدثنا أبو المعطل الزيدي عن أبي اسحاق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد فيه: لا جرم والله لا أفعل.(7/3227)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله ابن ابراهيم قال: حدثنا أبو برزة الفضل بن محمد الحاسب قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سلمة بن صالح عن أبي اسحاق عن شمر بن عطية عن خريم ابن فاتك قال: نظر إليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي رجل أنت لولا أن فيك خصلتين، قلت: وما يا رسول الله ان واحدة تكفي فما هما؟ قال: تسبيل ازارك وتوفير شعرك، قال فرفع ازراره وأخذ من شعره «1» .
رواه قيس ابن الربيع عن أبي اسحاق مثله.
قال الحافظ أبو نعيم: فأما أسامي أهل الصفة فقد رأيت لبعض المتأخرين تتبعا على ذكرهم وجمعهم على حروف المعجم، وسألني بعض أصحابنا الاحتذاء على (139- و) كتابه وذكر جماعة، ثم قال أبو نعيم: وذكر خريم بن فاتك الأسدي ونسبه من أهل الصفة، ونسبه الى أحمد بن سليمان المروزي قال: وخريم شهد بدرا، وهو الذي هتف به الهاتف حين جنه الليل: بأبرق الغراف، فقال:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والإفضال
واقتر آيات من الأنفال ... ووحد الله ولا تبال
فعمد الى المدينة فقدمها فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على منبره قائما يخطب، فأسلم وشهد معه بدرا» .
قلت: الذي أشار أبو نعيم الى أنه جمع أهل الصفة على حروف المعجم هو أبو عبد الرحمن السلمي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن أبي الحسن بن علي بن حموية قال: أخبرنا عبد الوهاب بن اسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله(7/3228)
ابن خلف الشيرازي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال:
خريم بن فاتك الأسدي من أهل الصفّة قاله أحمد بن سليمان البوشنجي المروزي، سمعت عبد الله بن محمد بن حيان يقول: قال ابن منيع: خريم بن فاتك، وفاتك جد جده، وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك، شهد بدرا.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو سهل محمد بن ابراهيم المزكى قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الرحمن ابن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال: حدثنا محمد ابن هارون الروياني قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو اسحاق الجرجاني قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن العلاء الشامي بعبادان قال: حدثنا عبد الله بن يونس الاسكندراني عن محمد بن اسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال خريم بن فاتك لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين ألا أخبرك كيف كان بدو اسلامي؟ قال: بلى، قال: بينا أنا في طلب نعم لي أنا منها على أتر إذ جنني الليل بابرق الغراف: فناديت بأعلى صوتي: أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه إذا هاتف يهتف:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والافضال (139- ظ)
واقتر آيات من الأنفال ... ووحد الله ولا تبال
قال: فذعرت ذعرا شديدا، فلما رجعت إليّ نفسي قلت:
يا أيها الهاتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل
بين لنا هديت ما الحويل «1»
قال:
إن رسول الله ذو الخيرات ... بيثرب يدعو الى النجاة
يأمر بالصوم وبالصلاة ... ويزع الناس عن الهنات(7/3229)
قال: فانبعثت راحلتي فقلت:
أرشدني رشدا هديت ... هديت لا جعت ولا عريت
ولا برحت سيدا مقيت «1» ... لا توري عليّ الخير الذي أتيت
قال: فاتبعني وهو يقول:
صاحبك الله وسلم نفسكا ... وبلغ الأهل وأدّى رحلكا
آمن به أفلج ربي حقكا ... وانصره عن ربي فقد اخبرتكا
قال: فدخلت المدينة وذلك يوم الجمعة فأطلعت في المسجد فخرج إليّ أبو بكر الصديق، فقال ادخل رحمك الله فانه قد بلغنا اسلامك، قلت: لا أحسن الطهور، فعلمني، فدخلت المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب كأنه البدر، وهو يقول، ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يحفظها ويعقلها إلّا دخل الجنة «2» . فقال لي عمر بن الخطاب: لتأتين (140- و) على هذا ببنية أو لأنكلن بك، فشهد لي شيخ قريش عثمان بن عفان، فأجاز شهادته.
أخبرنا أبو اليمن الكندي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن أحمد الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون المعدل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا المنجاب ابن الحارث قال: أخبرنا أبو عامر الأسدي عن ابن سمعان المديني قال: قد أسنده.
قال المنجاب: وأخبرني به أيضا بعض أصحابنا وهو خلاد الاحول عن قيس ابن الربيع قال: قال خريم بن الفاتك الأسدي: كان بدو اسلامي أني أضللت إبلا لي فخرجت في طلبها حتى إذا كنت بأبرق العراف «3» ، وهو واد لا يتوارى جنه،(7/3230)
وأجنني الليل أنخت راحلتي وعقلتها، ثم قلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي، أعوذ بسيد هذا الوادي.
قال ابن سمعان: وهو قول الله عز وجل «وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادهم رهقا «1» » قال: فإذا هاتف يهتف بي لا أراه وهو يقول:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والافضال
ووحد الله ولا تبال ... ما هوّل الجن من الأهوال
قال: فاستويت جالسا، واقشعر جلدي وأفزعني فقلت:
يا أيها الهاتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل (140- ظ)
أبن لنا هديت ما الحويل
فقال:
هذا رسول الله ذو الخيرات ... بيثرب يدعو الى النجاة
يأمر بالصيام والصلاة ... ويزع الناس عن الهنات
قال: فقلت والله لا أرجع الى أهلي، ولا أطلب إبلي حتى آتي المدينة فأعلم هذا الخبر.
قال: فحللت راحلتي، ثم ركبتها وصحت بها، فانبعثت، قال: فأنشأ الجني يقول:
صحبك الله وسلم رحلكا ... وأوجب الأجر وأعظم حقكا
آمن به أفلج ربك أمركا ... وانصره أعز ربي نصركا
قال: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عمر بن أثال وأنا عامله على جن نجد المسلمين، وكفيت إبلك حتى تقدم على أهلك، قال: فخرجت حتى أتيت المدينة،(7/3231)
قال: فأقدمها يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، والناس والمسجد غاص بأهله قال: قلت أجلس حتى يخرج الناس ويقضوا حاجتهم، ثم أدخل عليه، قال: فإني لجالس أنتظر ذاك إذ خرج إليّ رجل طويل آدم «1» كأنه من رجال أزد شنؤة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول لقد بلغني إسلامك، فادخل فصل مع الناس، قال: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا جندب بن جنادة الغفاري، قال أبو عامر: وهو أبو ذر، قال: فدخلت معه فصيلت، فلما فرغ رسول الله صلى (141- و) الله عليه وسلم من صلاته دنوت منه، فأخذ بيدي قال: فشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله جزى الله صاحبي خيرا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما علمت، إنه قد أدّى إبلك الى أهلك؟ قال: قلت: يا رسول الله جزاه الله خيرا، قال: فأسلمت فهو كان بدو إسلامي.
قال: وحدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن تسنيم أبو طاهر الوراق قال: حدثنا ابن خليفة الأسدي عن رجل من أهل أذرعات- قد سماه محمد بن تسنيم- باسناد أجود من هذا عن خريم بن فاتك، وفيه اختلاف في الشعر، قال:
قال خريم بن فاتك: خرجت في بغاء إبل لي فأصبتها بأبرق الغراف، قال: وكنا إذا نزلنا بواد يقول قلنا «2» : نعوذ بعزيز هذا الوادي، نعوذ بسيد هذا الوادي، فإذا بهاتف يهتف بي وهو يقول:
عذ بالله ذي الجلال ... منزّل الحرام والحلال
ووحد الله ولا تبالي ... ما كيد ذي الجن من الأهوال
إذ يذكر الله على الأميال ... وفي سهول الأرض والجبال
وصار كيد الجن في سفال ... إلا التقى وصالح الأعمال
قال: فقلت له:
يا أيها القائل ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل؟(7/3232)
فقال: (141- ظ)
هذا رسول الله ذو الخيرات ... جاء بياسين وحاميمات
وسور بعد مفصلات ... يأمر بالصلاة والزكاة
ويزجر الأقوام عن هنات ... قد كن في الأيام منكرات
قال: قلت له: من أنت؟ قال: أنا ملك بن ملك الجني، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد، قال: قلت: أما لو كان من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي لأتيته حتى أسلم على يده، قال: فأنا أؤديها، قال: فركبت بعيرا منها، ثم قدمت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فلما رآني قال: ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك أما إنه قد أداها سالمة، قال: قلت: رحمه الله، قال:
أجل فرحمه الله.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري القاضي- في كتابه- قال: أنبأنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو سعد الجنزرودي قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن بشر البصري قال: أخبرنا محمد بن إدريس السامي قال: حدثنا سويد بن سعيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن خريم بن فاتك الأسدي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني لأحب الجمال حتى إني لأحبه في شراك نعلي وحلاز «1» سوطي وإن قومي زعموا أنه من الكبر؟ قال:
ليس الكبر أن يحب أحدكم الجمال، ولكن الكبر ان يسبقه الحق ويغمص الناس «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: كتب إلينا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن (142- و) أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد، قال في الطبقة الرابعة: خريم بن فاتك، والفاتك جد جده وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك، وهو القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة، وخريم هو
بغية الطلب في تاريخ حلب ج/ 7 م (203)(7/3233)
أبو أيمن بن خريم الشاعر، وكان الشعبي يروي عن أيمن بن خريم قال: إن أبي وعمي شهدا بدرا وعهدا إليّ أن لا أقاتل، قال محمد بن عمر: وهذا مما لا يعرف عندنا، ولا عند أحد ممن له علم بالسيرة أنهما شهدا بدرا ولا أحدا ولا الخندق، وإنما أسلما حين أسلمت بنو أسد بعد فتح مكة، وتحولا إلى الكوفة فنزلاها بعد ذلك «1»
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: خريم بن فاتك الأسدي شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو اسحاق: كنيته أبو يحيى هو والد أيمن «2» .
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خريم بن فاتك الأسدي، وهو ابن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك من بني عمرو بن سبرة بن فاتك، شهد بدرا هو وأخوه يكنى أبا يحيى، (142- ظ) نزل الرقة ومات بها، له ذكر في حديث وابصة وأبي هريرة، وسهل بن الحنظلية وأنس بن مالك.
هكذا قال البخاري وأبو عبد الله بن مندة أنه شهد بدرا. واعتمدا في ذلك على ما أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح الماهاني قال: أخبرنا أبو منصور المصقلي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن زياد قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار عن أبي معاوية، ح.
قال: وحدثنا محمد بن عمر بن حفص قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال:
حدثنا يعلى بن عبيد جميعا عن اسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أرسل مروان الى أيمن بن خريم فقال: ألا تعيننا؟ قال: إن أبي وعمي شهدا بدرا ثم ذكر الحديث لم يزد على هذا.(7/3234)
قال الحافظ أبو القاسم رواه شعبة عن اسماعيل عن مطرف عن الشعبي وقال: إن أبي وعمي شهدا الحديبية وهو الصواب.
وقال الحافظ: أخبرني أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق قال أخبرنا والدي أبو عبد الله قال أخبرنا محمد ابن الحسين القطان قال: حدثنا ابراهيم بن الحارث، ح. «1»
قال أبو عبد الله: أخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا الحسين بن مكرم قالا: حدثنا يحيى بن أبي بكر قال: حدثنا شعبه عن اسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عبد الملك بن مروان قال لأيمن بن خريم: نقاتل ناسا من المسلمين؟ فقال:
ان أبي وعمي (143- و) شهدا الحديبية وإنهما عهدا إليّ أن لا أقاتل مسلما وقال أبياتا:
ولست بقاتل رجلا يصلي ... على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعلي إثمي ... معاذ الله من جهل وطيش
أأقتل مسلما في غير شيء ... فليس بنا فعي ما عشت عيشى
وقد تابع البخاري أيضا أبو علي سعد بن عثمان بن السكن في أن خريما شهد بدرا، فقال: مما أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في كتابه عن أبي القاسم ابن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: خريم بن فاتك الأسدي وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو من بني أسد بن خزيمة، شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن النبي أحاديث، وكنيته أبو يحيى حديثه في الكوفيين، قال علي بن المديني: خريم بن فاتك، وسمره أخوان لهما صحبة وقد مضى ذكر ابنه أيمن بن خريم في الصحابة، ويقال ليس لأيمن صحبة، والفاتك جد جده، يقال هو ابن شداد بن عمرو بن الفاتك وهو القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة، أسلم خريم وابنه أيمن بعد فتح مكة «2» .(7/3235)
قلت: والعجب من أبي علي بن السكن أنه يقول شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: أسلم خريم وابنه أيمن بعد فتح مكة، وهذا وهم فاحش (143- ظ) .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء في كتابهما قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، ح.
وقال أبو غالب: أنبأنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن محمد المحاملي قال:
أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خريم بن فاتك هو خريم بن أخرم بن شداد ابن عمرو بن فاتك، وفاتك جد جده، ولخريم صحبة، ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه يسير بن عميلة وغيره وابنه أيمن بن خريم بن الأخرم، روى عنه الشعبي، وعبد الملك بن عمير، زاد المحاملي فاتك هو القليب بن عمرو ابن أسد بن خزيمة «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قالا: خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه يسير بن عميلة وغيره، وأكثر ما يقال فيه خريم بن فاتك وابنه أيمن بن خريم له صحبة ورواية أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه الشعبي، وعبد الملك بن عمير، وهو شاعر.
وقال في موضع آخر: وأما القليب أوله قاف مضمومة وآخره باء معجمة بواحدة خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك، وهو القليب (144- و) بن عمرو بن أسد بن خزيمة.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري الحافظ في كتابه إلينا من مكة، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد(7/3236)
العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: خريم بن فاتك الأسدي، وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك بن القليب بن عمرو بن أسد ابن خزيمة، وأبوه الأخرم يقال له فاتك، وقد قيل إن فاتكا هو ابن الأخرم، يكنى خريم بن فاتك أبا يحيى، وقد قيل أبا أيمن بابنه أيمن بن خريم، شهد بدرا مع أخيه سبرة بن فاتك، وقد قيل إن خريما هذا وابنه أيمن بن خريم أسلما جميعا يوم فتح مكة، والأول أصح، وقد صحح البخاري وغيره أن خريم بن فاتك وأخاه سبرة بن فاتك شهدا بدرا، وهو الصحيح إن شاء الله عداده في الشاميين، وروينا من وجوه عن أيمن بن خريم أنه قال لمروان حين سأله أن يقاتل معه بمرج راهط: إن أبي وعمي شهدا بدرا وأوصياني أن لا أقاتل مسلما.
وروى اسرائيل عن أبي اسحاق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك قال: قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رجل أنت لولا خلتان فيك، قلت: يا رسول الله: وما هما؟ قال: تسبل إزارك وترخي شعرك، قال: قلت: لا جرم، فجز خريم شعره، ورفع إزاره «1» .
وروينا مثل ذلك أيضا من حديث سهل بن الحنظلية قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته واسبال (144- ظ) إزاره فبلغ ذلك خريما، فقطع جمته الى أذنيه ورفع إزاره إلى نصف ساقه.
يعد في الكوفيين روى عنه المعرور بن سويد، وشمر بن عطية، والربيع بن عميلة، وحبيب بن النعمان الأسدي.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود بن الحسن قال:
أخبرنا أبو عمرو بن مندة- سماعا أو إجازة- قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: خريم بن فاتك الأسدي بدري له صحبه كوفي، روى عنه المعرور بن سويد، والربيع بن عميلة وحبيب بن النعمان الأسدي، سمعت أبي يقول ذلك «2» (145- و) .(7/3237)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- فيما أذن لنا أن نروي عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خريم بن فاتك ابن الاخرم أبو أيمن، ويقال أبو يحيى الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أخو سبرة بن فاتك، وأبو أيمن بن خريم وقيل إنه شهد بدرا.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن كعب الأحبار، روى عنه ابنه أيمن ووابصة بن معد، وأبو هريرة، وابن عباس وشمر بن عطية، ويسير بن عميلة الفزاري، وبشر أبو قيس التغلبي، وأيوب بن ميسرة الخولاني، وحبيب بن النعمان الأسدي والمعرور بن سويد.
«1» وقال: كتب إليّ أبو محمد عبد الله بن علي الأبنوسي، ح.
وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي قال: ومن بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر خريم بن فاتك الأسدي له حديثان، وكان بالشام.
وقال الحافظ: أخبرنا: أبو القاسم زاهر بن طاهر قال، أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا أبو الحسن الكازري قال:
حدثنا علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبيد: سمعت اسماعيل يحدث عن أيوب قال: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل قد قطعت يده في سرقة (146- و) وهو في فسطاط، فقال: من آوى هذا العبد المصاب؟ فقالوا: فاتك أو(7/3238)
خريم بن فاتك، فقال: اللهم بارك على آل فاتك كما آوى هذا العبد المصاب «1» .
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله عن أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام بن محمد بن ساندي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خرقة الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن واصل بن حيان الأحدب عن المعرور بن سويد عن ابن فاتك، يعني خريم بن فاتك قال: قال لي كعب: إن أشد أحياء العرب على الدجال لقومك.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد بن عمر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال:
حدثنا صفوان قال: حدثنا عمر- يعني- ابن عبد الواحد قال: سمعت الأوزاعي قال: دخل خريم بن فاتك على معاوية ومئزرة مشمر، فقال معاوية: لو كانت هاتين الساقين لامرأة، فقال خريم: في مثل عجيزتك «2» .
أخبرنا أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال: حدثنا عمرو ابن أبي سلمة عن سعيد بن عبد العزيز قال: خرج خريم بن فاتك بجارية له من (146- ظ) باب الجابية الى جنان فوطئها، فبصر به رجلان، فأخذ بيدها حتى أتى بها الى حلقة قرية، فقال: من هذه؟ قالوا: هذه جاريتك.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يحيى خريم بن فاتك الأسدي له صحبة «3» .(7/3239)
أنبأنا ابن المقير قال: أخبرنا محمد بن ناصر في كتابه عن جعفر بن يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال:
أبو يحيى خريم بن فاتك.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السّلفي- إجازة- إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر بن محمد قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح قال: قال أبي أحمد بن عبد الله: خريم بن فاتك، يكنى أبا يحيى، وقيل أبا أيمن، نزل الرقة، وقيل: إنه مات بها في عهد معاوية، وإمرته.(7/3240)
ذكر من اسمه خزعل
خزعل بن عاصم
نقيب طيء، له ذكر في الفتوح، وشهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجرح رضي الله عنه، روى عنه ابن ابنه السديد بن (147- و) بن مازن بن خزعل.
خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي
أبو محمد المقرئ النحوي، وقيل كنيته أبو المجد الشفاوي، من أهل شفا وقرون «1» ، رجل فاضل ورع له معرفة تامة بالقراءات والنحو، تأدب على عمه، وعلى منوجهر بن محمد بن تركانشاه، وعلى عبد الرحمن بن محمد الأنباري، وقرأ عليه عامة مصنفاته، وسمع من أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، وكان له شعر حسن اجتمعت به بالبيت المقدس، وكان متصدرا بها لإقراء القرآن العظيم.
وإفادة علم العربية، وكان يتردد بها إلى عمي أبي غانم، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وأجاز لي الرواية عنه، ولما خرب البيت المقدس «2» انتقل الى دمشق وسكنها الى أن مات.
روى لنا عنه أبو الحسين يحيى بن علي القرشي العطار بمصر، وأبو الفداء اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجى القوصي، وأبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني بدمشق شيئا من شعره.
وذكر لي ابن الصفار عنه أنه دخل حلب في سفره إلى بغداد.
أنشدنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد وأبو الحسين يحيى بن علي القرشي،(7/3241)
وأبو الفتح نصر الله بن أبي العزّ بن أبي طالب الصفار قالوا كلهم: أنشدنا تقي الدين أبو محمد خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي لنفسه، وقد سأله بعض الفضلاء أن ينشده من شعره، فقال بديها وأجاز ذلك لنا فيما أجازه:
يقولون أنشدنا من الشعر قطعة ... فقلت أمثلي ينشد السادة الشعرا
(147- ظ)
ومن كان مثلي في الحضيض محله ... أينشد شعرا من علا قدره الشعرا
أخبرنا أبو الفداء اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجى القوصي قال:
أنشدني الإمام العالم المقرئ النحوي اللغوي العروضي تقي الدين أبو محمد خزعل ابن عسكر رحمه الله لنفسه في أقسام الواوات في العربية، وكنت سألته أن ينظمها حالة، حالة قراءتي عليه بقوص، عند قدومه اليها حاجا في جمادى الآخره سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وممتحن يوما ليهضمني هضما عن الواو ... وكم قسما فقلت له نظما:
فقسمتها عشرون ضربا تتابعت ... فدونكها إني لأرسها رسما
فاصل وإضمار وجمع وزائد ... وعطف وواو الرفع في الستة الأسما
ورب ومع قد نابت الواو عنهما ... وواوك في الأيمان فاستمع العلما
وواوك للإطلاق والواو ألحقت ... وواو بمعنى إذ فدونك والحزما
وواو أتت بعد الضمير الغائب ... وواوك في الجمع الذي يورث السقما
وواو الهجا والحال واسم لما له ... سنامان من دون الجمال به يسمى
وواو في تكسير دار وواو إذ ... وواو ابتداء ثم عدّي بها تما
قال أبو الفداء: وهذا الإمام تقي الدين رحمه الله أول من اشتغلت عليه بعلم العربية،
ورويت عنه جملة من الكتب الأدبية فرضي الله عنه رضوانا واسعا، فلقد كان للدين والفضل جامعا ولقد (148- و) أقام في البيت المقدس حرسه الله مدة سنين مؤهلا لإقراء كتاب الله تعالى، ولنفع المسلمين، وورد إلى دمشق وأقام بها لما غلب على القدس استيلاء المشتركين طهره الله منهم ببركة سيد المرسلين، وأهل بيته(7/3242)
الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وتوفي بدمشق، وكان مولده بالديار المصرية في بلدة يقال لها شفا وقرون.
أخبرني الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي العطار القرشي قال: الشيخ أبو المجد خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي النحوي المقرئ، هذا كان أحد القراء المشهورين عارفا بالعربية ذكر لنا أنه دخل بغداد وقرأ على الأنباري أكثر تصانيفه، وعند رجوعه من بغداد قطع عليه الطريق، وأخذ جميع ما كان معه من الكتب، وأقام بعد ذلك بالبيت المقدس زمانا يقرئ الناس القرآن، ثم تحول الى دمشق واستوطنها الى أن توفي بها وكانت وفاته في الثالث والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة وذكر لي غيره أنه دفن بمقابر باب الصغير.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي الثالث أو الثاني والعشرين من رجب توفي الأديب الفاضل أبو المجد خزعل بن عسكر بن خليل الشني المقرئ النحوي اللغوي بدمشق، ودفن من الغد بباب (148- ظ) الصغير حدث بشيء من شعره، وكان يذكر أنه سمع من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني، وأنه دخل بغداد، وقرأ على الكمال أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري أكثر تصانيفه، وعند عوده من بغداد قطع عليه الطريق، وأخذ ما كان معه من الكتب، أقرأ القرآن الكريم بالبيت المقدس مدة، ثم تحول إلى دمشق وسكنها إلى أن مات «1» .
ذكر من اسمه خزيمة
خزيمة بن ثابت:
ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان، ويقال عنان ويقال غيّان، ابن عامر بن خطمة، واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن الاوس بن حارثة بن ثعلبة ابن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الازد بن الغوث بن مالك بن زيد ابن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود، أبو عمارة الأنصاري الخطمي ذو الشهادتين، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعل النبي صلى(7/3243)
الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، وقيل في نسبه خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن عمرو بن عدي بن وائل بن منبه بن امرئ القيس بن سلمى بن حبيب بن عدي بن ثعلبة بن امرئ القيس بن علقمة بن معاوية بن جشم بن مالك بن الاوس.
وأمه كبيشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن خطمة.
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة فتح مكة، وكان يحمل راية بني خطمة، وشهد غزوة مؤتة، وشهد صفين مع علي (149- و) بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل بها ليلة الهرير.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه جابر بن عبد الله الانصاري، وزيد بن ثابت، وابنه عمارة بن خزيمة، وعطاء بن يسار، وأبو عبد الله ابن عبد الجدلي، وأبو غطفان المري، وعمر بن أحيحة بن الجلاح، وهرمي بن عبد الله.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى بن شعيب السجزي، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا أبو محمد عبد بن حميد بن نصر قال: حدثني ابن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه ان خزيمة رأى في المنام كأنه يسجد على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ان الروح لا تلقى الروح- أو أن الروح تلقى الروح، شك يزيد- فأقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه «1» ، وأمره فسجد من خلفه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» .
وأخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بالكلاسة «3» من جامع دمشق(7/3244)
قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عبد الله المبارك بن علي بن عبد الباقي بن علي البغدادي- بدمشق- قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون (149- ظ) الكوفي النرسي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن ابن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد الرزاز قال:
أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي قال: حدثنا عثمان ابن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه أن خزيمة رأى في المنام أنه يسجد على جبين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الروح لا تلقى الروح، أو أن الروح تلقى الروح، فأقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ثم أمره فسجد من خلفه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عمه أن خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين رأى في المنام أنه يسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صدّق رؤياك فسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين بن ابراهيم الداراني، قال: أخبرنا (150- و) سهل ابن بشر قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي الفارسي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا ابراهيم بن محمد- هو- الشافعي قال: حدثني محمد بن علي قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب أنه لقي عمر بن أحيحة بن الجلاح، فسأله هل سمعت في إتيان المرأة في دبرها شيئا قال:
أشهد لسمعت خزيمة بن ثابت الأنصاري، الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اني آتي امرأتي من دبرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقالها مرتين أو ثلاثا، ثم فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أمن دبرها في قبلها فنعم، فأما في دبرها، فان الله ينهاكم أن تأتوا النساء في أدبارهن.(7/3245)
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن خريم قال: حدثنا أبو محمد عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت قال: لما كتبنا المصاحف فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما، فوجدتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» حتى «تبديلا» «1» قال: وكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين أجاز رسول الله (150- ظ) صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين وقتل يوم صفين مع علي رحمة الله عليهما.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال:
حدثنا محمد بن سعد قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عاصم بن سويد عن محمد بن عماره بن خزيمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خزيمة لم تشهد ولم تكن معنا؟ قال: يا رسول الله أنا أصدقك بخبر السماء، ألا أصدقك بما تقول، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
قال محمد بن سعد: وأخبرنا هشيم قال: أخبرنا زكريا عن الشعبي، وجوهر عن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين.
قال: وأخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا زكريا قال: سمعت عامرا يقول:
كان خزيمة بن ثابت الذي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين قال: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض البيع من رجل، فقال الرجل:
هلم شهودك على ما تقول، فقال: خزيمة: أنا أشهد لك يا رسول الله، قال: وما(7/3246)
علمك؟ قال: أعلم أنك لا تقول إلا حقا قد أمنّاك على أفضل من ذلك، على ديننا فأجاز شهادته.
قال: وأخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: حدثنا (151- و) همام بن يحيى قال: حدثنا قتادة ان رجلا طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحق، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم، فشهد خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق عليه، وأنه ليس له عليه حق، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: أشهدتنا؟ قال: لا قد عرفت أنك لم تكذب، قال: فكانت شهادة خزيمة بعد ذلك تعدل شهاده رجلين «1» .
وقال أبو عمر بن حيويه: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حية قال: أخبرنا محمد ابن شجاع الثلجي قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: حدثني بكير بن مسمار عن عمارة بن خزيمة عن أبيه قال: حضرت مؤتة فبارزت رجلا يومئذ فأصبته، وعليه بيضة له فيها ياقوتة، فلم يكن همي إلا الياقوتة، فأخذتها فلما انكشفنا وانهزمنا رجعت بها الى المدينة، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفلينها فبعتها من عمر بن الخطاب بمائة دينار، فاشتريت بها حديقة نخل بيني خطمة.
وقال أبو عمر بن حيوية: قال: حدثنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من بني خطمة بن جشم بن مالك بن مالك بن الاوس خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن خطمة، واسم خطمة عبد الله بن جشم بن مالك بن الاوس، وأم خزيمة بن ثابت بن الفاكه: كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن (151- ظ) عامر بن خطمة، وكان خزيمة بن ثابت وعمير بن عدي بن خرشه يكسران أصنام بني خطمة، وخزيمة بن ثابت هو ذو الشهادتين.
قال محمد بن عمر: كانت راية بني خطمة مع خزيمة بن ثابت في غزوة الفتح،(7/3247)
وشهد خزيمة بن ثابت صفين مع علي بن أبي طالب، فقتل يومئذ سنة سبع وثلاثين، وله عقب، وكان يكنى أبا عمارة «1» .
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل- اذنا- قال: أخبرنا علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن ابن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثانية: خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكه أحد بني خطمة من الاوس، ويكنى أبا عمارة، وهو ذو الشهادتين، قتل بصفين مع علي بن أبي طالب له عقب «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا:
أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد قال:
حدثنا خليفة بن خياط قال: ومن بني جشم بن مالك، ثم من بني خطمة خزيمة بن ثابت بن فاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة، وخطمة هو عبد الله بن جشم بن مالك بن الاوس أمه كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر ابن خطمة «3» .
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق بن (152- و) عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال:
أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: خزيمة ابن ثابت الأنصاري قال: عبد الله بن صالح: عن الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عمارة بن خزيمة عن عمه قال: خزيمة الذي أجاز النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين «4» .(7/3248)
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أنبأنا أبو غالب أحمد بن الحسن عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال: عنان هو من أجداد خزيمة بن ثابت الانصاري فيما حدثنا علي بن محمد بن عبيد قال: حدثنا أحمد ابن أبي خيثمة قال: سمعت سعد بن عبد الحميد بن جعفر يقول: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة، وهكذا نسبه شباب «1» أيضا فيما أخبرنا القاضي أبو الطاهر عن موسى بن زكريا عنه، وذكر الطبراني نسب خزيمة بن ثابت فقال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة ابن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس «2» .
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي عن أبي القاسم بن بشكوال قال:
أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- اجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد (152- ظ) ابن عثمان بن السكن قال: ومن الصحابة ممن اسمه خزيمة منهم خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان «3» بن عامر بن خطمة ذو الشهادتين، سكن الكوفة، وتوفي في خلافة عمر بالمدينة.
وقال معمر عن الزهري: قتل خزيمة بن ثابت مع علي يوم صفين سنة سبع وثلاثين، يكنى أبا عمارة، روى عنه من الصحابة جابر بن عبد الله، فقال: هو من بني خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس، وكانت راية بني خطمة مع خزيمة يوم الفتح وهو ممن افتخرت به الاوس على الخزرج، فقالوا: منا ذو الشهادتين، وأمه كبشة بنت أوس، روى خزيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث «4» .
أخبرنا أبو اليمن الكندي- كتابة- عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني(7/3249)
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: ومن بني خطمة- واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن اوس- خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة وهو ذو الشهادتين، وقتل يوم صفين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الانصاري (153- و) من بني خطمة من الاوس، روى عنه جابر بن عبد الله، وابناه: عبد الله وعمارة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: قال أبو نعيم الحافظ: خزيمة بن ثابت بن الفاكه ابن عمرو بن عدي بن وائل بن منبه بن امرئ القيس بن سلمى بن حبيب بن عدي ابن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الازد بن الغوث بن مالك ابن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود، وقيل خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الانصاري من بني خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس «1» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه الينا من مكة شرفها الله، قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الاشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال:
خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخطمي الانصاري من بني خطمة من الاوس، يعرف بذي الشهادتين، جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته كشهادة رجلين يكنى أبا عمارة، شهد بدرا، وما بعدها من المشاهد، وكانت راية خطمة (153- ظ) بيده يوم الفتح، وكان مع علي رضي الله عنه بصفين، فلما قتل عمار جرد سيفه فقاتل حتى قتل، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين.(7/3250)
قال أبو عمر: روي عن محمد بن عمارة بن خزيمة من وجوه قد ذكرتها في كتاب الاستظهار في طرق حديث عمار قال: ما زال جدي خزيمة بن ثابت مع علي بصفين كافا سلاحه، وكذلك فعل يوم الجمل، فلما قتل عمار بصفين قال خزيمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل «1» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: ذكر الدارقطني- يعني- جد خزيمة بن ثابت في الترجمة بكسر العين، وفي سياقه النسب بفتحها، وكان ينبغي أن ينسب ما ذكره في الترجمة من كسر العين الى قائله، وقد نسب خزيمة كذلك أبو بكر البرقي، فأخبرنا أبو القاسم الازهري وأبو محمد الجوهري قالا: أخبرنا محمد بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن المدائني قال: حدثنا أبو بكر بن البرقي قال: خزيمة بن ثابت، ثم ساق نسبه مثل ما ذكر سعد بن عبد الحميد سواء، غير أنه قال: عنان- بكسر العين- وقال: أيضا حنظلة بدل خطمة، وقوله حنظلة خطأ والصواب (154- و) خطمة بغير شك، وأما ما حكاه عن الطبري «2» من قوله في نسب خزيمة غيان بدل عنان، فقد ذكره كذلك عبد الله بن محمد بن عمارة بن القداح في نسب الانصار.
أنبأنا الحسين بن محمد الرافقي قال: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي قال:
أخبرني أحمد بن سعيد بن شاهين قال: حدثنا مصعب بن عبد الله عن ابن القداح قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن غيان بن عامر بن خطمة شهد أحدا، وما بعدها من المشاهد، وهو ذو الشهادتين. قال الخطيب: ولم يذكر بين ساعدة وبين غيان عامرا، فالله أعلم بالصواب.(7/3251)
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه الاصبهاني قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال: أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكه بن ساعدة بن عامر ابن عنان بن عامر بن خطمة، وخطمة هو عبد الله بن جشم بن الاوس الأنصاري الخطمي، وأمه كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن خطمة، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كانت شهادته بشهادتين، قتل بصفين مع علي ابن أبي طالب.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما عنان بفتح العين، فهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن (154- ظ) عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس هكذا نسبه سعد بن عبد الحميد بن جعفر، وشباب، وقال أبو بكر بن البرقي كما ذكرنا، الا أنه قال: عنان، بكسر العين، وقال: عوض خطمة، حنظلة، وهو غلط بغير اشكال.
وقال الطبري في نسبه مثل ما ذكر شباب، وابن عبد الحميد إلا أنه قال غيّان بغين معجمة وياء مشددة، وقال ابن القداح في نسبه: وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه ابن ثعلبة بن ساعدة بن غيان بن عامر بن خطمة، وأسقط عامرا بين ساعدة وغيان، ووافق ابن جرير في أنه بغين معجمة، والصحيح اثبات عامر لاتفاق الجماعة عليه «1» .
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله- كتابة- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيّان، ويقال عنان بن عامر بن خطمة، واسمه عبد الله بن جشم ابن مالك بن الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن عمارة الأنصاري الخطمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ذو الشهادتين، شهد مع النبي صلى(7/3252)
الله عليه وسلم غزوة الفتح، وكان يحمل راية بني خطمة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عمارة بن خزيمة، وأبو عبد الله بن عبد ويقال عبد الرحمن بن عبد الجدلي، وعطاء بن يسار وشهد غزوة مؤتة.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أحمد بن محمد الطريثيثي قال: أخبرنا (155- و) أبو الفضل السعدي قال: أخبرنا منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا جعفر بن أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: قال أبو نعمى الفضل بن دكين في تسمية من نزل الكوفة من الصحابة: خزيمة بن ثابت الأنصاري قتل بصفين.
وقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد ابن اسماعيل قال: حدثني محمود قال: حدثني عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال:
قال الزهري: قتل خزيمة بن ثابت يوم صفين مع علي «1» .
أخبرنا جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وأبو محمد بن أبي العطاف في كتابيهما قالا:
أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد بن ابراهيم الرازي، ح.
قال الهمذاني: وأخبرنا أبو القاسم بن مكي بن موقّى- قراءة عليه- قال:
أنبأني أبو عبد الله الرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفارسي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن محمد بن المفسر قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن اسماعيل الكوفي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدي كافا سلاحه يوم الجمل، حتى اذا كان يوم صفين فقتل عمار بن ياسر بصفين رحمه الله، سل سيفه فقاتل حتى قتل.
وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا(7/3253)
أبو القاسم (155- ظ) بن البسري وأبو طاهر أحمد بن محمد، وأبو محمد، وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان وعاصم بن الحسين، والحسن بن أحمد بن محمد بن طلحة قالوا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن حفص- يعني- المدائني عن أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال:
كان جدي كافا سلاحه يوم الجمل ويوم صفين حتى قتل عمار، فلما قتل عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل.
قال: وحدثنا جدي قال: حدثنا الفضل دكين قال: حدثنا عبد الجبار- يعني- ابن العباس الهمداني، وهو عبد الجبار الشامي، عن أبي اسحاق قال:
لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عليه سلاحه ثم سن «1» عليه من الماء، ثم قاتل حتى قتل.
أنبأنا علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال:
أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان قال: أخبرنا محمد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن منصور الطوسي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبي اسحاق قال: قيل لخزيمة بن ثابت: قتل عمار بن ياسر، فدخل فسطاطا، فاغتسل ثم خرج فقاتل حتى قتل.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله- إذنا- قال: أخبرنا محمد ابن أبي زيد الكراني قال (156- و) أخبرنا محمود بن اسماعيل الصيرفي قال:
أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا محمد ابن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا أبو معشر عن محمد ابن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قاتل خزيمة بن ثابت يوم صفين حتى قتل.
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر بن عبد الله بن سليمان قال: أخبرنا عبد الله بن(7/3254)
أحمد في كتابه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا ابراهيم بن الجراح عن أبي يوسف عن محمد بن اسحاق عن صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثني شيخ من أسلم شهد يوم صفين قال: والله إن الناس لعلى شاكلتهم، رجل يصلح سرجه وآخر يصلح لجامه وآخر يعلف دابته فما راعنا إلا صوت عمار: أيها الناس من رائح الى الله عز وجل الظمأ بردوا، إنما الجنة تحت أطراف العوالي.
وقال: حين كادت الشمس أن تعتدل، قال: فقتل عمار يومئذ وخزيمة بن ثابت الأنصاري وعبد الرحمن بن كلدة، وكانت بيننا قتلى مثل الجبال.
أنبأنا أحمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن عمر قال:
حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضل عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال:
شهد (156- ظ) خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفا، وشهد صفين، وقال:
أنا لا أقتل أحدا حتى يقتل عمار، فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة:
قد بانت لي الضلالة ثم اقترب فقاتل حتى قتل.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: التقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين فلم يزالوا يقتتلون بها أياما، وقتل بصفين عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي رضي الله عنه «1» .
أنبأنا حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال أخبرنا ابن خشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا ابن قانع قال: سنة سبع وثلاثين، خزيمة بن ثابت الأنصاري بصفين، يعني قتل.(7/3255)
أخبرنا ... «1» قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعيد بن سيف قال: حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى قال:
حدثنا معاوية بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن عبد الله عن الحكم قال: قيل له: أشهد خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الجمل؟ قال: ليس به، ولكنه غيره من الأنصار، مات ذو الشهادتين في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
والصحيح أن خزيمة عاش الى زمن علي رضي الله عنه وقتل بصفين (157- و) .
خزيمة بن خازم بن خزيمة النهشلي:
القائد، كان له مكانة ومنزلة عند الرشيد، وابنه الأمين، ولاه الرشيد حجابته وشرطته، ثم عزله سنة اثنتين وسبعين ومائة عن الشرط، وولى مكانه المسيب بن زهير، وولاه الرشيد قنسرين وحلب والعواصم في سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل إن ابنه القاسم بن هارون كان معه، ولما توفي الرشيد ولى الأمين أخاه القاسم على قنسرين والعواصم وولى خزيمة بن خازم الجزيرة وحدها، ثم عزل أخاه عن قنسرين سنة أربع وتسعين ومائة وولاها خزيمة بن خازم، ثم ان الامين ولى عبد الملك بن صالح الجزيرة والشام بعد أن أخرجه من حبس أبيه الرشيد بعد موته، فلما توفي عبد الملك بن صالح ولى خزيمة بن خازم قنسرين وحلب والعواصم سنة سبع وتسعين ومائة، وأظن أنه عزل عنها سنة ثمان وتسعين ووليها عبد الله بن طاهر.
حدث خزيمة بن خازم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب وأبي جعفر المنصور، والربيع بن يونس الحاجب، وابنه الفضل بن الربيع، روى عنه يعقوب ابن يوسف الأصم وأبو بلال الأشعري، وعبد الرحمن بن محمد الحاسب.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن(7/3256)
محمد بن همام الحافظ (157- ظ) قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن علي بن النعمان بن البندار قال: حدثنا الجراح بن مخلد قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الأصم قال: حدثنا خزيمة بن خازم القائد عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أصبح رضيت بالله ربّا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا، رضي الله عنه «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي- بقراءتي عليه- قال:
أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو المكارم رزق الله بن محمد القياوي ببخارى قال: أخبرنا أبو الفضل الزرنجري- إملاء- قال: حدثنا السيد زيد بن حمزة الحسني قال: حدثنا اسماعيل بن أحمد الفضائلي قال: أخبرنا أبو أحمد القاضي قال: حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن موسى السمرقندي قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي، ح.
قال: أبو سعد السمعاني وأخبرناه عاليا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله الهاشمي في داره بباب البصرة قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري- إملاء- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن عثمان بن بكران بن جابر العطار- قراءة عليه- قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن خلاد أبو بكر قال: أخبرنا أحمد ابن كثير بن الصلت قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي عن أبي بلال عن خزيمة بن خازم عن الفضل بن الربيع عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهما (158- و) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الصيف خرج من البيت ليلة الجمعة، وإذا كان الشتاء نزل ودخل البيت ليلة الجمعة.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خزيمة بن خازم النهشلي القائد، كان له تقدم ومنزلة عند الخلفاء، ودرب خزيمة ببغداد إليه ينسب وأظن أصله خراسانيا إلا أنه نزل بغداد وأقام بها الى حين وفاته، وقد روي عنه عن محمد بن عبد الرحمن(7/3257)
ابن أبي ذئب حديث مسند أخبرناه أحمد بن أبي جعفر القطيعي «1» وذكر الحديث الذي بدأنا بذكره أولا، قلت: وقد وقع لنا والحمد لله عنه حديث آخر وهو الذي ثنينا بذكره.
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء في كتابه قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران- إجازة- قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال: كانت وفاة الرشيد بطوس «2» ، ودفن الرشيد هنالك، وعلى حجبته الفضل بن الربيع، وذكر الولاة وقال: وعلى حرب الجزيرة خزيمة بن خازم.
وقال: ثم دخلت سنة أربع وتسعين- يعني- ومائة، وعزل الأمين القاسم بن الرشيد، وهو المؤتمن- عن قنسرين والثغور، وولى مكانه خزيمة بن خازم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر (158- ظ) قال:
أخبرنا محمد بن ابراهيم الجوزي في كتابه قال: أخبرنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة ثلاث ومائتين فيها مات خزيمة بن خازم يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان.
قال الخطيب: أخبرني الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن عرفة قال: مات خزيمة بن خازم سنة ثلاث ومائتين بعد أن عمي «3» .(7/3258)
خسر فيروز:
وقيل خرزاد فيروز، وقيل فناخسر بن فيروز خسره بن خسر فيروز بن خسرو ابن الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهي- الملك- بن شيرزيل الاصغر ابن شيركذه بن شيرزيل الاكبر بن شيران شاه بن شيرفنه بن سستان شاه بن سسن فرو بن شروزيل بن سسنادر بن بهرام جور الملك بن يزدجرد الملك بن هرمز الملك كرمانشاه بن سابور الملك بن سابورذي الاكتاف بن هرمز الملك بن برسي الملك بن بهرام الملك بن بهرام الملك بن هرمز الملك بن سابور الملك بن أزدشير الملك الجامع ابن بابك بن ساسان الاصغر بن بابك بن ساسان الاصغر بن بابك بن ساسان أبو منصور الملك الملقب بالملك العزيز بن أبي طاهر جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة أبي علي بن أبي شجاع البويهي، كان عالما فاضلا شاعرا مجيدا ذا رأي وتدبير وسياسة، وسيرة حسنة، قدم (159- و) منبج بعد زوال ملكه، وله اقامة بها، وذكر ذلك في شعره، وزوج ابنته من محمود بن نصر بن صالح، فأولدها ابنه سابق، وصعد بهاء الدولة ابنه الى الديار المصرية وعاد منها الى حلب، فأقام بها مدة حين وليها ابن أخته سابق بن نصر بن محمود المرداسي الكلابي.
وكان الملك العزيز يحب الادب وأهله، وصنف له أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب كتاب المفاوضة في نحو ثلاثين كراسة «1» ، روى عنه شيئا من شعره أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب وأبو البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي وولد بالبصرة في يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة سبع وأربعمائة.
واختلف النسابون في بني بويه فقيل انهم ينتسبون الى تمام بن كوهي،(7/3259)
وبنو كوهي عشيرة ترجع الى يزدجرد الملك المعروف بالاثيم بن الملك سابور الثاني ابن الملك سابور الاول ذي الاكتاف بن الملك هرمز بن الملك برسا بن بهرام الملك الثاني بن بهرام الملك الاول بن هرمز الملك بن سابور الجنود الملك بن أردشير الملك الجامع- ملك فارس بعد الفرقة، وقاتل ملوك الطوائف وواضع أدب الفرس- بن بابك شاه بن سامان الاصغر الراجع نسبه الى كيومرت بن نفيس بن اسحاق بن ابراهيم، ويقال انهم يرجعون بنسبهم الى الديلم «1» بن باسل بن ضبة بن أد بن طابخة ابن الياس وهو خندف.
وأبو اسحاق الصابئ الكاتب اعتمد على الاول، وهو الذي ذكرناه في نسب الملك العزيز في هذه الترجمة (159- ظ) .
أنبأنا عبد العزيز بن دلف المقرئ الخازن قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بنت الآبري قالت: أخبرني القاضي أبو المعالي عزيزي شيذله قال:
أنشدني الرئيس أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب بقرية بشيلي من نهر ملك «2» قال: أنشدني الملك العزيز نصير أمير المؤمنين بن الملك جلال الدولة لنفسه:
أعليك أنفاس النسيم ترفق ... برسوم منبج والربى من جلق
واذا ونيت وسرت في عرصاتها ... فاستبق جدتها التي لم تخلق
عل الزمان يعيد منبج كالذي ... عاينت أو تبقى بقية ما بقي
أرض اذا رق النسيم بجوها ... سقيتها من دمعي المترقرق
سقيا لها ولمستعفين صحبتهم ... زمنا بمنبج في الزمان المونق
باكرتهم والصبح يرفل في الدجى ... وجيوب أقمصه الدجى لم تشقق
والطير بين مصفق مستبشر ... فرحا وبين مهموم لم ينطق
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أنشدنا أبو(7/3260)
البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي قال: أنشدنا خرزاد فيروز الملك العزيز لنفسه:
وراقص يستحث الكف بالقدم ... مستملح الشكل والأعطاف والشيم
(160- و)
ترى له نبرات من أنامله ... كأنها نبضات البرق في الظلم
يراجع الحث في الايقاع من طرب ... تراجع الرجل الفأفاء في الكلم
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف النحوي- في كتابه- عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي عن غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن الصابئ قال: وحدثني أبو ... «1» بن عاصم قال: لما انحدر الملك العزيز بن بويه قاصدا البصرة محاربا لها وطامعا فيها شيعته وخدمته وكنت في جملة الغلمان دائما على رأسه، فأنشد شيئا من شعره، وأخذ الحاضرون يصفونه ويمدحونه وذكر في شيء منه انحداره هذا وقصده ورجاء النجاح فيه والثقه به، فأردت أن أدخل نفسي في جملة من يمدحه ويتكلم بين يديه وكنت أحفظ له ثلاثة أبيات فيها ذكر الانحدار فقلت: يا مولانا لك في ذكر الانحدار شيء حسن، فقال: ما هو؟ فقلت:
وما شكرت زماني حين أصعدني ... فكيف أشكره في حال منحدري
تلاعبت بي أمور لو رمين بها ... جوانب الفلك الدوار لم يدر
تزيدني قسوة الايام طيب ثنا ... كأنني المسك بين الفهر «2» والحجر
فتطير من ذلك وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا أحسن الله تعالى جزاءك فرجعت الى نفسي وعرفت غلطي، وهربت على وجهي خجلا ولنفسي معنفا (160 ظ) وكسر في هذا الوجه ورجع كما لا يحب.(7/3261)
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي من مجموعه الذي وهبنيه والدي رحمه الله: تعليق من شعر الملك العزيز فناخسر بن الملك الاعظم شاهنشاه جلال الدولة أبي طاهر:
إن كان فرعك ذا كريم الغرس ... فاترك مجالسة الذليل المعطس
وابغ العلى بفوارس قد آثروا ... لثم الرماح على الظباء الكنس
واذا دعوتهم ليوم كريهة ... والخيل بين مقعص ومدعس
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا ... يتنازعون على ذهاب الانفس
قال: وله في ايوان كسرى، وأنشدني والدي هذين البيتين:
يا أيها المغرور بالدنيا اعتبر ... بديار كسرى فهي معتبر الورى
عمرت زمانا بالملوك وأصبحت ... من بعد حادثة الزمان كما ترى
قال وله:
وبالقطيعة من بغداد لي قمر ... نفسي تقطع من وجد به قطعا
أصانع القلب عنه وهو في يده ... يجني عليه ولا يعنى بما صنعا
أشكو الى الله قلبا في تقلبه ... فإن قلبي وطرفي في دمي شرعا
يا من فؤادي أسير في بيوتهم ... يعل فيهم بكاسات الاسى جرعا
إني لأسألكم بقيا على كبدي ... فلا تظنوا سؤاليها لكم هلعا
(161- و)
إلا مخافة أن تستأصلوا بدمي ... فتهلكوا وفؤادي في الغرام معا
أهل القطيعة هم أهل القطيعة ... بل أهل الخيانة أظهروا البدعا
هم تصدوا فصدوا بعد أن ملكوا ... وأورثونا ولم يرثوا لنا جزعا
إني اذا سمحوا يوما بقربهم ... فلست أفكر فيمن شح أو منعا
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك بن الحسين الرازي بأصبهان(7/3262)
- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن عبد الملك بن عمر الفقيه الكاتب في كتابه للملك العزيز:
خليلي هذا الدهر ما تريانه ... خمول نبيه أو علو سفيه
فإن تسألوني ما الذي قد لقيته ... فأيسر ما لاقيت ما أنا فيه
نقلت من خط أبي الحسن علي بن مقلد بن علي بن منقذ في تاريخه، وذكر أحوال سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، وضعف أمره وقال في أثناء كلامه: والامير سديد الملك مقيم بالجسر «1» لعلمه أن الداء قد أعضل، وكان سبب ذلك أن الامير بهاء الدولة بن الملك فناخسرو، وهو خاله، قد نزل من مصر لما تولى ابن اخته حلب، كانت جاريته قد اعتقلها أمير الجيوش بدر «2» بمصر، وأراد يضرب رقبتها لانها كانت أوفى طبقة في الغناء، فكان الأمراء بمصر يتقاتلون عليها، فقتل من أجلها عدة من الأمراء، فقال لسابق: ما يقدر أحد يخلص جاريتي وأولادي إلا الامير سديد الملك، فإنني رأيت له بمصر صيتا وافيا وقال من بها (161- ظ) : لو كان جعل مقره بمصر عوض طرابلس كانت الدولة في قبضته، فثقل على الأمير الى أن كتب وسير الى أمير الجيوش في أمر الجارية، فقال: والله ما أردت أخرجها أبدا من الحبس، ولكني لا أرد مسألة ذلك المحتشم فسيرها الى طرابلس الى دار جدي، فأحضرها الى حلب ومعها ابناها: دارا، وبهمن، فلما حضرت في مجلس سابق أول صوت غنت:
نفسي فداؤك كيف تصبر طائعا ... عن فتية مثل البدور صباح
حنت نفوسهم إليك فأعلنوا ... نفسا يغل مسالك الأرواح
وغدوا لراحهم وذكرك فيهم ... أذكى وأطيب من نسيم الراح
فإذا اجزت خبئا وذكرك فيهم ... جعلوك ريحانا على الأقداح(7/3263)
ثم قامت وقبلت الأرض وقالت: يا أمير أبو الحسن أنا مصطنعتك وكذلك أولادي فتخيل «1» مولاها وخاف أن يكون الأمير أبو الحسن يخرجه من منزله اذ كان يعلم أنه من غير شكله، ولا هو من رجال سديد الملك، فاشتغل عنهم بحصنه وبلدة كفر طاب «2» يشتو بالجسر ويضيف بكفر طاب الى أن غلب سابق واستحكم بأسه.
وهذه الحكاية لا تتعلق بالملك العزيز بل بابنه وكتبت سهوا وهي مما ينبغي أن يكتب في ترجمة سديد الملك علي بن منقذ.
قرأت في بعض تعاليقي أن الملك العزيز بن بويه توفي في شهر ربيع الآخر بميافارقين سنة احدى وأربعين وأربعمائة (162- و) .
خصيف بن عبد الرحمن:
وقيل ابن يزيد أبو عون الحراني الحضرمي الأموي مولاهم، قيل هو مولى عثمان بن عفان، وقيل مولى معاوية بن أبي سفيان.
حدث عن أنس بن مالك، وقيل انه رأى أنسا ولم يسمع منه، وروى عن مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، وأبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر ومقسم وكعب بن محمد بن كعب القرظي، روى عنه محمد بن اسحاق بن يسار، وأبو حنيفة النعمان ابن ثابت وعطاء الخراساني وسفيان بن سعيد الثوري وشريك بن عبد الله القاضي، وعبد الله بن أبي نجيح المكي وأبو صخر عبد الوارث بن صخر الحمصي، وأبو جعفر حكيم بن نافع، ومعمر بن سليمان الرقيان، واسرائيل بن يونس، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي، ومحمد بن سلمة الحراني، ومحمد بن فضل ابن غزوان، وهارون بن حيان الرقي، وعبد الواحد بن زياد، ومروان بن شجاع وعبد السلام بن حرب الملائي، وعثمان بن عبد الرحمن، وأبو سعيد محمد بن(7/3264)
مسلم بن أبي الوضاح المؤدب، وعتاب بن بشير، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وخطاب بن القاسم، وعثمان بن ساج.
وقدم الرصافة على هشام بن عبد الملك وحدث بها.
أخبرنا الامام شهاب الدين أبو نصر عمر بن محمد السهروردي، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد وأبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغداديون، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان ابن يوسف الكاشغري، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي، كلهم بحلب (162- ظ) وموسى بن عبد القادر الجيلاني البغدادي بدمشق، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بها، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، ح.
قال أبو سعد ثابت: وأخبرنا أبو بكر يحيى بن عبد الباقي الغزال قالا:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا عبد السلام عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل في دبر الصلاة «1» (163- و) .
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي- اذنا- قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد البزاز قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن فورك قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمرو بن أبي عاصم قال حدثنا القاضي أبو القاسم علي بن محمد بن كاس قال: حدثنا سليمان بن الربيع قال: حدثنا حامد بن آدم قال: حدثنا محمد بن الفضل أنهم دخلوا على خصيف مع أبي حنيفة فنهض اليه واستقبله وأقبل عليه وعظمه، فسأله أبو حنيفة عن حديث ابن مسعود في بيضة النعام يصيبها المحرم، ان فيه قيمته.(7/3265)
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص ببغداد- قراءة عليه وانا اسمع- قال:
أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: حدثنا محمد بن الحارث البزاز قال: حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف قال: رأيت أنس بن مالك، ح. (163- ظ) .
قال: أبو عروبة: وحدثنا أحمد بن بكار وسليمان بن عمر بن خالد قالا:
حدثنا عتاب عن خصيف قال: كنت مع مجاهد فرأيت أنس بن مالك، فأردت أن آتيه فمنعني مجاهد، فقال: لا تذهب إليه فإنه يرخص في شرب الطلاء «1» فلم ألقه ولم آنه.
قال عتاب: قلت لخصيف: ما كان أحوجك الى أن تضرب كما يضرب الصبي الصبي بالدرة، تدع أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم على كلام مجاهد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام أن الحافظ أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني كتب إليهم: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال:
حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا اسحاق بن عبد الله قال: حدثنا عطاء الخراساني قال: أقبلت أنا ومكحول نريد هشام بن عبد الملك وهو بالرصافة يومئذ، فانتهينا الى واسط الرقة، فإذا نحن بخصيف بن عبد الرحمن يحدث، فوقفنا عليه فقلنا: حدثنا يرحمك الله، فتأملنا، ثم قال: العلماء إذا ما عرفوا غابوا، وإذا ما غابوا طلبوا، واذا ما طلبوا هربوا، قال: فالتفت أحدنا الى صاحبه، فقال: موعظة، فأكفينا رؤوس رواحلنا فرجعنا الى منازلنا، ولم نأت هشاما.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن مسعود بن(7/3266)
البدن، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن (164- و) بن الطيوري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف بن العلاف الواعظ قال:
أخبرنا أبي أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم بن أبي حسان الأنماطي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثني علي بن أبي الحسن ومحمد بن منصور قالا: خرج مكحول وعطاء الى هشام، فلما دخلوا الرصافة أناخوا رواحلهم ودخلوا المسجد يركعون، فإذا بخصيف يحدث، فلما رآهما قال: كان العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا عرفوا، فإذا عرفوا هربوا، قال: فقال أحدهما لصاحبه: ما يعني إلا لنا، قال:
فركبوا رواحلهم ورجعوا ولم يدخلوا على هشام.
قال أحمد: فحدثني بعض مشيختنا قال: فبلغ ذلك هشاما، فبعث بالجائزة في طلبهم (164- ظ) .(7/3267)
[حج خصيف بن عبد الرحمن]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص ببغداد قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله ابن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي ابن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: حدثنا أحمد بن أبي شعيب قال: حدثنا أبي قال: حججت أنا وموسى بن أعين مع عبد الكريم وخصيف، فلما وصلنا الى الكوفة اجتمع الناس على خصيف وعبد الكريم فكانوا على عبد الكريم أكثر فقال خصيف: لقد طلبت العلم وإن له لجّمة «1» .
وقال: أخبرنا أبو عروبة قال: حدثني أبو الحسين- يعني- أحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو فروة قالا: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال: رأيت على خصيف ثياب سود، قلت: أي شيء من ثيابه؟ قال: كلها، زاد أبو فروة: وكان على بيت المال.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال:
أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال:
أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا الواقدي قال: كان خصيف وخصاف ومخصف وعبد الكريم الجزري موالي معاوية، كانوا من الخضارمة، قال أبي: كان خصاف أفضلهم وأعبدهم (166- و) .
قال أبو البركات الأنماطي أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني قال:(7/3268)
أخبرنا أبو محمد يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد المهندس قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيي بن معين يقول في تسمية أهل الجزيرة: خصيف بن عبد الرحمن.
أنبأنا أبو اليمن عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: أخبرنا علي بن محمد بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيي بن معين يقول خصيف كنيته أبو عون «1» .
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سالم الأفطس وعبد الكريم الجزري وعلي بن بذيمة وخصيف كلهم من أهل حران. قال: وإن كنا نحب خصيفا فإن سالم أثبت حديثا، وكان سالم يقول بالارجاء «2» .
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد قال:
أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا ابراهيم ابن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا ابراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول: خصيف الجزري، هو خصيف بن عبد الرحمن.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم (166- ظ) محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: خصيف بن عبد الرحمن، أبو عون، وقال بعضهم: ابن يزيد الجزري، سمع سعيد بن جبير ومجاهدا، روى عنه الثوري(7/3269)
واسرائيل، كناه محمد بن عبيد عن عتاب بن بشير عن خصيف بن عبد الرحمن أبو عون، يقال مات سنة سبع وثلاثين ومائة، مولى معاوية» .
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول:
أبو عون خصيف بن عبد الرحمن الجزري سمع مجاهدا، وعكرمة، روى عنه عتاب ومحمد بن سلمة «2» .
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- عن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله الدقاق والمبارك بن عبد الجبار قالا: أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن السري الدارمي قال: حدثنا عبد الملك بن بدر بن الهيثم قال: حدثنا أحمد بن هارون الحافظ قال: في الطبقة الثالثة من الأسماء المنفردة خصيف الجزري، روى عنه الثوري واسرائيل وعتاب بن بشير، ومحمد بن سلمة الحراني.
وقال ابن ناصر: أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا هبة الله بن عمر قال: أخبرنا محمد بن أحمد (167- و) بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن الجزري.
حدثنا ابراهيم بن يعقوب قال: حدثني النفيلي قال: حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف قال: قال لي مجاهد: أنا أحبك يا أبو عون في الله عز وجل.
وقال ابن ناصر: أنبأنا جعفر بن يحيي قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال:
أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال:
أخبرني أبي أبو عبد الرحمن النسائي قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن،(7/3270)
جزري صالح، وقيل ابن يزيد. أخبرني سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيي يقول:
خصيف ثقة «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر رواج بمنظرة سيف الاسلام بين مصر والقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيي المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد ابن شعيب بن علي النسوي قال: خصيف ليس بالقوي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن، ويقال ابن يزيد الخضرمي القرشي الجزري الحراني، مولى عثمان أو معاوية، رأى أنس بن مالك، وسمع سعيد بن جبير، وعكرمة، ليس بالقوي عندهم.
روى عنه عبد الله بن أبي نجيح الثقفي ومحمد بن اسحاق بن يسار (167- ظ) وسفيان الثوري.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال: فأما الخضرمي بالخاء المعجمة المجرورة وضاد معجمة، فهم عدد يكونون بأرض الجزيرة، منهم خصيف بن عبد الرحمن أبو عون، وأخوه خصاف.
قال عبد الكريم بن حمزة: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما الخضرمي بكسر الخاء وسكون الضاد المعجمة: خصيف بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن، وقال غيره أصلهم من قرية من قرى اليمامة يقال لها خضرمة «2» .(7/3271)
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خصيف بن عبد الرحمن، ويقال ابن يزيد، أبو عون الجزري الحراني الخضرمي مولى بني أمية أخو خصاف، وكانا توأما، وخصيف أكبرهما، حدث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ومقسم وعكرمة مولى ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه عبد الله بن أبي نجيح المكي، ومحمد بن اسحاق صاحب المغازي وابن جريج، واسرائيل بن يونس، وسفيان الثوري، وعتاب بن بشير، ومعمر بن سليمان الرقي، وهارون بن حيان الرقي، وشريك بن عبد الله القاضي، ومحمد بن فضيل بن غزوان، وأبو سعيد محمد بن مسلم بن أبي الوضاح المؤدب، وعبد الواحد بن زياد، ومروان بن شجاع، وعبد العزيز بن عبد الرحمن (168- و) أبو الأصبغ البالسي، ومحمد بن سلمة الحراني وغيرهم.
وقدم على عمر بن عبد العزيز، وقدم على هشام بن عبد الملك الرصافة.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الحسن قالت: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر المقرئ قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن سعد بن ابراهيم قال: حدثنا عمي قال: حدثنا أبي عن ابن اسحاق قال:
حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي أنه حدثه خصيف، رجل من أهل الجزيرة قال ابن أبي نجيح: وكان امرئ من صالح الناس فيما نعلم «1» .
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا مسعود الثقفي كتابة عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال:
أخبرنا الحسين بن إدريس قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عمار يقول خصيف الجزري، ما سمعت أحدا تركه.
قال الخطيب: خصيف بن عبد الرحمن الخضرمي، أبو عون، رأى أنس بن مالك وحدث عمن بعده، روى عنه مروان بن شجاع الجزري «2» .(7/3272)
أنبأنا عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السّلفي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال:
أخبرنا الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم- يعني- صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: وخصيف (168- ظ) الجزري ثقة «1» .
أنبأنا سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ذكر أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيي بن معين أنه قال:
خصيف صالح.
قال: وسمعت أبي يقول: خصيف صالح يحفظ، وتكلم في سوء حفظه، وسئل أبو زرعة عن خصيف بن عبد الرحمن فقال: ثقة «2» .
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيي بن معين: فعبد الكريم أحب إليك أو خصيف؟
قال: عبد الكريم أحب إليّ وخصيف ليس به بأس.
قال أبو أحمد بن عدي: ولخصيف نسخ وأحاديث كثيرة، وإذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه وبرواياته إلّا أن أن يروى عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي، يكنى أبا الأصبغ، فإن رواياته بواطيل، والبلاء من عبد العزيز لا من خصيف، وتروي عنه نسخة عن أنس بن مالك، وعن جماعة من التابعين، وقد ذكر عن خصيف أنه ترك أنس بن مالك ولم يسمع منه ولزم مجاهد «3» .
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن(7/3273)
الفضل قال: (169- و) أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن خصيف، جزري، يكنى أبا عون، لا بأس به «1» .
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز قال: أخبرنا علي بن الحسن الربعي، ورشاء بن نظيف قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن ابراهيم بن محمد الطرسوسي قال: حدثنا محمد بن محمد بن داود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال: خصيف الجزري لا بأس به.
وقال أبو القاسم: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر قال: قرىء على أبي بكر محمد بن اسحاق، وسئل عن خصيف الجزري فقال: لا يحتج بحديثه.
وقال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عبد الله بن هريسة قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن البرقاني قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول خصيف بن عبد الرحمن جزري، يعتريه، يهم.
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: كتب إليّ ابن أيوب: أخبرنا ابن حميد قال:
حدثنا جرير قال: كان خصيف الجزري تكلم في الارجاء، روى بآخره أحاديث منكرة، وما أرى أنها من قبل خصيف. قيل له: فكيف حديث خصيف؟ قال: عند أصحاب الحديث عبد الكريم أحمد (169- ظ) منه، وهو أثبت من خصيف في الحديث، وسالم الأفطس أقوى في الحديث من خصيف، وعبد الكريم صاحب سنة وليس هو فوق خصيف، قال: وخصيف أضعفهم «2» .
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي(7/3274)
قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب قال: سئل أحمد بن حنبل عن عتاب بن بشير قال: أرجو أن لا يكون به بأس روى بآخره أحاديث منكرة، ما أرى أنها إلّا من قبل خصيف، قيل له فكيف حديث خصيف؟ قال: عند أصحاب الحديث عبد الكريم أحمد منه عندهم، وهو أثبت من خصيف في الحديث، وسالم الأفطس أقوى من خصيف، وعبد الكريم صاحب سنة، وليس هو فوق سالم. قال:
خصيف أضعفهم؟ فشنج بين عينيه يضعّفه.
قال أبو أحمد بن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا عبد الله- يعني- ابن أحمد عن أبيه قال: خصيف ليس هو بقوي في الحديث، وأخبرنا به عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا اسماعيل بن مسعدة، فذكره باسناده «1» .
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الحسين الصيرفي قال: أخبرنا ابراهيم البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر الدقاق قال: حدثنا أبو حفص الجوهري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هانىء عن أحمد بن حنبل، وذكرنا خصيفا في حديث، فقال: خصيف، كأنه يضعفه.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا (170- و) أبو الحسن أحمد ابن محمد العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن عمرو العقيلي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن خصيف، فقال:
ليس هو بقوي في الحديث. قال: وسمعته مرة أخرى يقول: خصيف ليس بذاك، قال: وسمعت أبي يقول: خصيف شديد الاضطراب في المسند.
وقال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا صالح ابن أحمد قال: حدثنا علي بن المديني قال: قلت ليحيي: أيما أعجب إليك خصيف عن مجاهد عن ابن عباس: الحج عرفة، أو قتادة عن زرارة عن ابن عباس؟ قال قتادة عن زرارة. قلت ليحيي: سمع زرارة من ابن عباس؟ قال: ليس فيها شيء(7/3275)
سمعت، ولكنها إسناد، قلت: فمجاهد عن ابن عباس؟ قال: من دون مجاهد، قلت:
خصيف؟ قال: لو كان دونه منصور انه خصيف، ثم قال يحيي: ما كتبت عن سفيان عن خصيف بالكوفة شيئا، إنما كتبت عنه عن خصيف بآخره، كأن يحيي ضعّف خصيفا.
قال: وحدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا الحسن بن شجاع قال: قلت لعلي: كيف ذكرت عن يحيي؟ قال: قال لي يحيي، وقلت له: زرارة عن ابن عباس أحب إليك أو خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال:
الحج عرفات؟ فقال: زرارة، قال: فقال له يحيي: لم نكن نكتب حديث خصيف في ذلك الزمان.
قال: وحدثنا العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا صالح قال:
حدثنا علي قال: سمعت (170- ظ) يحيى يقول: كنا تلك الايام نجتنب خصيفا.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا ابن حماد قال: حدثني صالح قال: حدثنا علي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما كتبت عن خصيف بالكوفة شيئا انما كتبت عنه عن خصيف بآخره، كأن يحيى ضعف خصيفا «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال:
أخبرنا الأحوص ابن المفضل عن يحيى بن معين قال: وحديث خصيف فيه ضعف، وقد قاله القطان، فيما حكي عنه.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا(7/3276)
علي- هو- بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول لنا تلك الايام: نجتنب حديث خصيف.
وقال اسماعيل بن أحمد: أخبرنا اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا أحمد بن بكار والشهيدي- يعني- اسحاق ابن ابراهيم بن حبيب بن الشهيد قالا:
حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه (171- و) تشهد ابن مسعود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم السنة سنة عبد الله، نعم السنة سنة عبد الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقل:
اللهم اني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
وقال اسماعيل بن أحمد: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن المثنى النخعي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب أن خصيفا قال عند الموت: ليجىء ملك اذا شاء، اللهم إنك لتعلم أبي أحبك وأحب رسولك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال:
أخبرنا أبو سليمان بن أبي محمد الربعي قال: وفيها- يعني سنة اثنتين وثلاثين ومائة- مات خصيف الجزري.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود الثقفي قال:
أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا ابراهيم بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو موسى محمد ابن المثنى قال: سنة ثنتين وثلاثين فيها مات خصيف.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا ابن رزق قال: أخبرنا ابن السماك قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد الله قال: بلغني عن أبي جعفر السويدي قال: مات خصيف سنة ست وثلاثين (171- ظ) .(7/3277)
أخبرنا المبارك بن مزيد البغدادي بها- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين ابن محمد بن مودود الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: سمعت أبا جعفر النفيلي يقول: كنيته أبو عون، يعني خصيفا، ومات بالعراق سنة ست وثلاثين ومائة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خصيف ابن عبد الرحمن، ويكنى أبا عون من أهل حران، مولى لعثمان بن عفان ولمعاوية بن أبي سفيان، مات سنة سبع وثلاثين ومائة أول خلافة أبي جعفر، وكان ثقة «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن أبي تمام علي بن محمد قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا عتاب بن بشير قال: مات خصيف بن عبد الرحمن في سنة سبع وثلاثين ومائة. قال ابن أبي خيثمة: بلغني أن كنية خصيف أبو عون.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي- فيما أذن لنا في روايته عنه (172- و) وسمعت منه الكثير بالمسجد الأقصى- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة سبع وثلاثين ومائة خصيف بن عبد الرحمن الجزري مولى بني أمية، يكنى أبا عون، يعني مات فيها.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك-(7/3278)
اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: وفيها- يعني سنة سبع وثلاثين ومائة- مات أبو عون خصيف ابن عبد الرحمن.
قلت: والأكثرون على هذا، وكذلك ذكر أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري- وقد قدمنا ذكره ويؤيد ذلك ما أنبأنا به أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال:
حدثنا هاشم بن محمد قال: قال الهيثم: مات خصاف الجعفي زمن أبي العباس، ومات خصيف الحنفي وبينهما قريب.
وأظن أنه الجزري في الموضعين وقد تصحف.
أنبأنا سعيد بن هاشم عن مسعود الثقفي قال: كتب الينا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: كتب إليّ محمد بن ابراهيم الجوزي من شيراز أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال: حدثنا أحمد بن يونس (172- ظ) الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة ثمان وثلاثين ومائة، مات خصيف ابن عبد الرحمن من أهل حران، مولى معاوية بن أبي سفيان، يكنى أبا عون.
أنبأنا عمر بن طبرزد أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص- اجازة- قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة ثمان وثلاثين ومائة، توفي فيها خصيف بن عبد الرحمن مولى آل أبي سفيان بالجزيرة.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال:
أخبرنا محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا(7/3279)
أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال:
وفيها- يعني سنة ثمان وثلاثين ومائة- مات خصيف «1» .
قلت: وقد روى أبو حفص الأهوازي عن خليفة بن خياط أنه توفي سنة تسع وثلاثين، وهو قول لم ينقل عن غيره، وأظن أنه تصحف سبع بتسع وكيف ما كان فقد اختلف قوله.
أنبأنا بذلك أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون قالا:
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن اسحاق قال:
أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن (173- و) خياط قال: خصيف ابن عبد الرحمن مولى لبني أمية مات سنة تسع وثلاثين ومائة، حراني. «2» .
ذكر من اسمه الخضر
الخضر بن آدم:
عليه السلام لصلبه، وقيل هو خضرون بن قابيل بن آدم، وقيل خضرون بن عميائل بن اليفن بن العيص بن اسحاق بن ابراهيم صلى الله عليه وسلم، وقيل هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن شالم بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.
وعن وهب بن منبه أن اسم الخضر بليا، وقيل إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل اسمه ارميا بن حلقيا.
وذكر اسماعيل بن أبي أويس قال: اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد.(7/3280)
وقال غيره: الخضر من ولد العيص بن اسحاق بن ابراهيم، ويقال ان اسمه ارميا بن حليفا- ويقال انه من الفرس.
وهو صاحب موسى عليه السلام دخل معه أنطاكية في قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى- «حتى اذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما» «1» قال هي أنطاكية، وقد ذكرنا ذلك في باب ذكر أنطاكية وفي ذكر صخرة موسى في مقدمة الكتاب «2» . وفي ظاهر حلب مسجد يقال أنه مسجد الخضر عليه السلام.
وقد نقل أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثا رواه (173- ظ) عنه أبو المظفر الخيام السمرقندي يكتب للتعجب، وقيل ان الله بعثه نبيا بعد أيوب عليه السلام.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل الساوي بنيسابور، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن القاضي بخرق «3» قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الثابتي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفزاري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الدندانقاني قال:
أخبرنا أبو المظفر الخيام السمرقندي قال: حدثني الخضر والياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان العالم بين ظهراني الجهال كالحي يمشي على ظهور الأموات.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكى قال:
حدثنا محمد بن اسحاق بن خزيمة قال: حدثنا محمد بن أحمد بن زيد- أملّه علينا(7/3281)
بعبادان- قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا الحسن بن رزين عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس- قال: ولا أعلمه إلّا مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم- قال: يلتقي الخضر والياس في كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان (174- و) عن هؤلاء الكلمات: بسم الله، ما شاء الله لا يسوق الخير إلّا الله، ما شاء الله لا يصرف السوء إلّا الله، ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلّا بالله.
قال: وقال ابن عباس، من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات آمنه الله من الغرق والحرق والسرق، وأحسبه قال: من الشيطان والسلطان، ومن الحية والعقرب.
حديث غريب من حديث ابن جريج لم يحدث به غير هذا الشيخ عنه.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن أبي منصور جعفر بن عبد الله الدامغاني قال: أخبرنا والدي أبو منصور جعفر بن عبد الله قال: أخبرنا القاضي أبو مسلم عبد الرحمن ابن عمر السمناني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن اسحاق بن خزيمة، فذكره بالاسناد مثله.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سليمان الإربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار قال: أخبرنا أبو علي بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني الحسن- يعني- ابن عبد العزيز عن ضمرة عن السري بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال:
الياس والخضر رضي الله عنهما يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السيبي- اجازة- قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله المعروف بابن النخاس- اجازة- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد(7/3282)
المعروف بالمحاسبي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع- فيما كتب إليّ من صيدا- قال: حدثنا أبو راشد الريان بن عبد الله قال: حدثنا الفضل بن يزيد قال: حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن واصل الأحدب عن أم يحيى قالت: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت ريدة جارية عمر بن الخطاب، وكانت من المجتهدات في العبادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيها لما يعلم منها، فقالت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا رسول الله، فرد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله كنت قد عجنت لأهلي عجينا، فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقي الثياب، طيب الريح، كأن وجهه دارة القمر ليلة البدر على فرس أغر محجل، فدنا مني فقال: السلام عليك يا ريدة ورحمة الله فقلت:
وعليك السلام ورحمه الله، فقال: أأنت مبلغ محمدا ما أقول؟ فقلت: نعم ان شاء الله، فقال: إذا أتيت محمدا فقولي له: اني لقيت الخضر وهو يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد ما فرحت بمبعث نبي ما فرحت بمبعثك ان الله عز وجل أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة، يدخل محسنهم باحسانه الجنة ومسيئهم بشفاعتك يا محمد، الا وإن الله أعطاك نهرا في الجنة يقال له الكوثر طوله طول الجنة، وعرضه أربعون عاما، عدد آنيته نجوم السماء من شرب منه لم يظمأ أبدا، ألا وان أنهار الجنة لتفجر من ذلك النهر، ارفعي جرزتك «1» يا ريدة، فرفعتها، فكعت «2» عنها، وذلك أني كنت صائمة يا رسول الله، فقال لي: ضعيها يا ريدة وأومأ بيده الى كمه فأخرج قضيبا أخضر كأنه قطع من ساعته تلك، فنقر به الجرزة فمرت تخطر بين يدي حتى وقعت على باب المدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: تعرفي الموضع؟ قالت: نعم، فأخذ جماعة من أصحابه ومضى الى الموضع فإذا بممر الحزمة وبآثار قوائم الدابة ولم نر هناك أحدا (174- ظ) .
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو سعد الماليني، ح.(7/3283)
قال الحافظ: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قالا: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن يوسف بن عاصم- زاد ابن مسعدة البخاري- قال: حدثنا أحمد بأن اسماعيل القرشي قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فسمع كلاما من ورائه- وفي حديث الماليني من زاوية- فاذا هو بقائل يقول: اللهم أعنّي على ما ينجيني مما خوفتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك: ألا تضم اليها اختها فقال الرجل: اللهم ارزقني شوق الصالحين الى ما شوقتهم اليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك، وكان معه: اذهب يا أنس اليه فقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: استغر لي، فجاءه أنس فبلغه، فقال له: يا أنس أنت رسول رسول الله إلي؟ فقال كما: أنت، فرجع فاستثبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل له: نعم، فقال له: اذهب لرسول الله- وفي حديث الماليني- فقل له ان الله فضلك على الانبياء بمثل ما فضل به رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الامم بمثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الايام، فذهبوا ينظرون (175- و) فاذا هو الخضر عليه السلام.
قال الحافظ: وقد روي هذا الحديث عن أنس، أخبرناه أبو القاسم تميم بن أبي سعد بن أبي العباس وأبو القاسم الشحامي قالا: أخبرنا أبو سعد أحمد بن ابراهيم بن موسى المقرئ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد الاصبهاني قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال: حدثنا محمد بن سلام المنبجي قال: حدثنا الوضاح بن عباد الكوفي عن عاصم الأحول عن أنس، زاد الشحامي قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي أحمل له الطهر إذ سمع مناديا، فقال: يا أنس صه «1» ، فقال: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قال أختها معها فكأن الرجل لقن ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وارزقني(7/3284)
شوق الصادفين الى ما شوقتهم اليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت يا أنس دع- وقال تميم: ضع- هذا الطهور وائت هذا المنادي فسله أن يدعو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينه على ما ابتعثه به، ويدعو لامته وان يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق، فقال لي: من أرسلك؟ فكرهت أن أعلمه ولم أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وما عليك يرحمك الله تدعو بما سألتك، فقال: لا أو تخبرني من أرسلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: فقال: قل له أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم (175- ظ) فقال: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسوله، أنا كنت أحق أن آتيه أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، وقل له: الخضر يقرئك السلام، ويقول- زاد الشحامي: لك- وقالا: ان الله قد فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل أمتك على الجميع كما فضل يوم الجمعة على سائر الايام، فلما وليت عنه سمعته يقول: اللهم اجعلني مع هذه الامة المرحومة المرشدة المتوب عليها.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر بن باكويه قال: حدثنا محمد بن بشر بن مطر قال: حدثنا كامل بن طلحة قال: حدثنا عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبح فتخطا رقابهم، فبكى ثم التفت الى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ان في الله تعالى عزاء من كل مصيبة وعوضا من كل فائت، وخلفا من كل هالك فالى الله فأنيبوا واليه فارغبوا، ونظره اليكم في البلاء، فانظروا فان المصاب من لم يجبر، وانصرف فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل، فقال أبو بكر وعلي: نعم هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام.
قال البيهقي عبادة بن عبد الصمد ضعيف وهذا منكر «1» بمرة (176- و) .(7/3285)
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن الدامغاني بحلب قال: أخبرنا أبي قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير- يعني- ابن بكار قال:
حدثني أبو الحسن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال: أول نبي بعثه الله تبارك وتعالى في الارض ادريس، واسمه أحنوخ، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن أحنوخ، وكان سام بن نوح نبيا، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله ابراهيم نبيا، واتخذه خليلا، وهو ابراهيم بن تارح، واسم تارح آزر.
ثم بعث اسماعيل بن ابراهيم فمات بمكة، ودفن فيها، ثم اسحاق بن ابراهيم مات بالشام ثم لوط بن هارون، وابراهيم عمه، ثم يعقوب، وهو اسرائيل بن اسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن يوبب، ثم هود بن عبد الله، ثم صالح بن آسف، ثم موسى وهارون ابنا عمران، ثم أيوب ثم الخضر، وهو خضرون، ثم داود بن أيشا، واقتص بقية الأنبياء على ما ذكرناه بهذا الاسناد في ترجمة ابراهيم صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حدثنا محمد بن الفتح القلانسي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا رواد بن الجراح قال: حدثنا مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس قال: الخضر بن آدم لصلبه ونسىء «1» له في أجله حتى يكذب الدجال (176- ظ) .
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد ابن أحمد الخواري قال: قال لنا علي بن أحمد الواحدي المفسر: الخضر اسمه بليا ابن ملكان، انما سمي الخضر لانه اذا صلى في مكان أخضر ما حوله.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير قال: أخبرنا الفضل بن سهل الحلبي(7/3286)
في كتابه عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن اسحاق الكاتب قال: أخبرنا أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي قال: حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان- املاء- قال: سمعت مشيختنا، منهم: أبو عبيدة وغيره، وأبو اليقظان وهو عامر بن حفص ولقبه سحيم وهو مولى بلعجيف، ومحمد بن سلام الجمحي، قالوا:
ان أطول بني آدم عمرا الخضر صلى الله عليه وسلم، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم.
وذكر ابن اسحاق قال: حدثنا أصحابنا أن آدم لما حضره الموت جمع بنيه فقال:
يا بني ان الله منزل على أهل الارض عذابا فليكن جسدي معكم في المغارة، حتى اذا هبطتم فابعثوا بي وادفنوني بأرض الشام، فكان جسده معهم، فلما بعث الله تعالى نوحا ضمّ ذلك الجسد وأرسل الله تعالى الطوفان على الارض، فغرقت الارض زمانا فجاء نوح حتى نزل ببابل وأوصى بنيه الثلاثة وهم: سام، ويافث، وحام أن يذهبوا بجسده الى المغار الذي أمرهم أن يدفنوه به فقالوا: الارض وحشة لا أنيس (177- و) بها ولا نهتدي الطريق، ولكن نكف حتى يأمن الناس، ويكثر واو تأنس البلاد وتجف، فقال لهم نوح: ان آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه الى يوم القيامة، فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه وأنجز الله له ما وعده فهو يحيى الى ما شاء الله له أن يحيى «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد- فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد- اجازة ان لم يكن سماعا- عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع قال: أخبرنا أبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة قال: حدثني محمد بن حازم بن عبد الله بن ماهان البغوي بأطرابلس قال: حدثنا محمد بن مشكان قال: حدثني حسين بن اسحاق الرافقي قال: حدثنا منصور بن عمار القاص قال:(7/3287)
حدثنا رشدين بن سعد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن جبير قال: الخضر عليه السلام أمه رومية، وأبوه فارسي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الخضر، يقال انه ابن آدم عليهما السلام لصلبه، وهو صاحب موسى عليه السلام، وذكر اسماعيل بن أبي أويس قال: اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم المعمّر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الازد، وقال غير اسماعيل: الخضر من ولد العيص بن اسحاق بن ابراهيم، وذكر عن وهب بن منبه ان اسم الخضر بليا وقيل بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح ويقال (177- ظ) أرميا بن حليقا، ويقال انه من الفرس، ويقال هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن شالم بن ارفخشد بن سام بن نوح.
وقال ابن قتيبة: اسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقال هو خضرون بن عميائل بن اليفن بن العيص بن اسحاق بن ابراهيم «1» .
أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن الحلبيان قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد- قراءة عليه وأنا حاضر- قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخضر إنما سمي خضرا لانه جلس على فروة بيضاء فاذا هي تحته تهتز خضراء.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: وحدثنا أبو أحمد- يعني- الغطريفي قال:
حدثنا ابن شيرويه قال: حدثنا اسحاق قال: حدثنا يحيى بن آدم به.(7/3288)
وقال أخبرنا أبو نعيم قال: حدثناه أبو بكر الطلحي قال: حدثنا الحسن بن جعفر القتات قال: حدثنا عبد الحميد بن صالح عن ابن المبارك عن عمار عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن رواج الاسكندري بالديار المصرية قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد (178- و) ابن الحسين السراج قال: أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا يوسف بن عمر الزاهد أبو الفتح قال: حدثنا جعفر بن محمد بن يحيى بن عبد الجبار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: انما سمي خضرا لانه جلس على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء «1» .
أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي- في كتابه- قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي قال: أخبرنا عبد الغافر بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو سليمان الخطابي قال: قال أبو عمرو: الفروة الارض البيضاء لا نبات فيها، وقال غيره أراد بالارض الهشيم اليابس شبهه بالفروة، ومنه قيل فروة الرأس وهي جلدته بما عليها من الشعر قال الراعي:
ولقد ترى الحبشي حول بيوتنا ... جذلا إذا ما نال يوما مأكلا
صعلا أسك «2» كأن فروة رأسه ... بذرت فأنبت جانباه فلفلا «3»
قال الخطابي: ويقال انما سمي الخضر خضرا لحسنه واشراق وجهه.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس، وعلي بن المسلم السلمي- إجازة إن لم يكن سماعا منهما أو من أحدهما- قالا: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا الحسن بن علي بن يحيى الشعراني قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال:(7/3289)
حدثنا سفيان عن منصور (178- ظ) عن مجاهد قال: انما سمي الخضر لانه اذا صلى اخضر ما حوله.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار وثابت بن مشرف ابن أبي سعد البناء وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغداديون قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم قال:
حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس الفزاري في صاحب موسى قال: ابن عباس، هو خضر فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس، فقال: اني ماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل الى لقيه هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما موسى في ملأ من بني اسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال: لا، فأوحى الله الى موسى: بلى عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل اليه، فجعل له الحوت آية، وقيل له اذا فقدت الحوت فارجع فانك ستلقاه، فكان يتبع الحوت في البحر فقال لموسى فتاه: «أرأيت اذ أوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره» فقال موسى: «ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا» «1» (179- و) فوجدا خضرا فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه «2» .
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف قال: أخبرنا عبد الأول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الحموي قال: أخبرنا ابراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الله بن موسى عن اسرائيل بن يونس عن أبي اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس(7/3290)
وكنا عنده فقال القوم: ان نوف الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني اسرائيل، قال: وكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال: كذلك يا سعيد بن جبير؟ قلت: أنا سمعته يقول ذلك، قال ابن عباس: كذب نوف، حدثني أبيّ بن كعب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيى وأخذته ذمامه من صاحبه، فقال له: «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» «1» لرأى من صاحبه عجبا»
. قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شيئا عن الأنبياء بدأ بنفسه فقال: رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد «3» ، ثم قال: إن موسى عليه السلام بينا هو يخطب قومه ذات يوم اذ قال لهم: ما في الأرض أحد أعلم مني فأوحى الله عز وجل إليه: ان في الأرض من هو أعلم منك، وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا فقدته فهو حيث تفقده، فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى اذا بلغا المكان الذي أمروا به، فلما انتهوا الى الصخرة انطلق موسى يطلب (179 ظ) ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب «فاتخذ سبيله في البحر سربا» «4» قال فتاه: اذا جاء نبي الله حدثته فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابهما ما يصيب المسافرين من النصب والكلال، ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافرين من النصب والكلال حتى جاوز ما أمر به، فقال موسى لفتاه: «آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا» «5» فقال له فتاه: يا نبي الله «أرأيت إذ أوينا الى الصخرة فإني نسيت الحوت» أن أحدثك «وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر سربا» «قال ذلك ما كنا نبغي» فرجعا «على آثارهما قصصا» «6» يقصان الأثر حتى انتهيا الى الصخرة فأطاف بها فاذا هو مسجى بثوب، فسلم فرفع رأسه فقال له: من أنت؟(7/3291)
قال: موسى، قال: من موسى؟ قال: موسى بني اسرائيل، قال: فما لك؟ قال:
أخبرت أن عندك علما فأردت أن أصحبك، «قال إنك لن تستطيع معي صبرا» «1» قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا» «2» قال: «كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» «3» قال: قد أمرت أن أفعله «ستجدني إن شاء الله صابرا» «قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة» فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له موسى تخرقها «لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا» «4» فانطلقا حتى أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام (180- و) ليس في الغلمان أحسن ولا أنظف منه فأخذه فقتله فنفر موسى عند ذلك وقال: «أقتلت نفسا (زاكية) بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا» «5» ، قال: فأخذته ذمامة من صاحبه واستحيى ف «قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية» لئام وقد أصاب موسى جهد شديد فلم «يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه» ، فقال له موسى بما أنزل بهم من الجهد: «لو شئت لاتخذت عليه أجرا. قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك» فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال: حدثني فقال: «أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر» «وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا» فإذا مر عليها فرآها متخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة خشب فانتفعوا بها «وأما الغلام» فانه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما «خيرا منه زكاة وأقرب رحما. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما» الى قوله «ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا» «6» .(7/3292)
رواه مسلم عن عبد بن حميد «1» .
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قال: أخبرنا أبو القاسم (180- ظ) علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي قال: حدثنا سعيد بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد عن أبي اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام موسى عليه السلام يوما في قومه فذكرهم بأيام الله، وأيامه نعماه، ثم قال: ليس أحد خيرا مني ولا أعلم مني، فأوحى الله إليه، أما خير منك فالله أعلم من هو خير منك، وأما أعلم منك فرجل على شاطىء البحر، فلما أراد أن يطلبه قيل له تزود معك حوتا مالحا، فحيث تفقد الحوت ثم تجد الرجل، قال: فخرج هو وفتاه حتى أتيا الصخرة وهو على شاطىء البحر فقال موسى لفتاه: مكانك حتى آتيك، فانطلق موسى لحاجته فحز الحوت فوقع في البحر فاضطرب فجعل لا يصيب شيئا من ذلك الماء إلا جمد ذلك الماء، فاتخذ سبيله في البحر شبه النقب، فقال الفتى: لو جاء موسى لأخبرته بما رأيت من العجب فجاء موسى، ونسي الفتى قال: فانطلقا فأصابهما ما يصيب المسافر من التعب والنصب فقال موسى لفتاه: «آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا» قال: فذكر الفتى، فأخبره، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا، يقتصان الأثر حيث جاءا حتى أتيا شط البحر، فإذا رجل نائم مستغش ثوبه (181- و) فسلما عليه فرد عليهما، فقال: من أنتما؟
فقال: موسى بني اسرائيل، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قال: فما كان فيما أنزل الله عليك من التوراة شفاء إنك ستراني أعمل أشياء أمرت بها ولا تستطيع عليها صبرا، قال: «ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا» فانطلقا حتى أتيا سفينة، وكانت تلك السفينة لا يركبها أحد حتى يعطي(7/3293)
الكراء، فركبا ولم يعطيا الكراء، فلما بلغ شط البحر خرقها، قال له موسى:
سبحان الله، «أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا» فانطلقا حتى أتيا على غلمان يلعبون فنظر الى أنضرهم وجها وأخدرهم فأخذه فذبحه، فقال له موسى: سبحان الله «أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» والزكية التي لم تذنب، قال: فكأن موسى تذمم مما قال له، فانطلقا حتى أتيا أهل قرية استطعما أهلها فلم يطعموهما ويضيفوهما، فوجدا فيها جدارا مائلا فنقضه فأقامه فقال له موسى عليه السلام: سبحان الله والله ما أبلوك هذا البلاء، استطعمتهم فلم يطعموك وتضيفتهم فلم يضيفوك، فلو اتخذت عليه أجرا، قال:
فقال له الخضر: «سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا» قال: فأخذ موسى بثوبه فقال: بيّن لي، فقال: «أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر» الى قوله: «غصبا» إلا سفينة يرى بها عيبا، فخرقها فإذا تركها الملك رقعها أصحابها خشبة وانتفعوا بها، وأما الغلام (181- ظ) فإنه طبع على الكفر، وكان قد ألقى عليه من أبويه محبة منه، فتخوفنا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، «فأراد ربك أن يبدلهما» الآية، فثقلت أمه بغلام هو «خيرا منه زكاة وأقرب رحما. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة» الى قوله: «صبرا» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رحمة الله علينا وعلى موسى أما إنه لو صبر لرأى الأعاجيب.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء- إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الحسن بن اسماعيل، قالا: حدثنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب أن(7/3294)
الخضر قال لموسى عليهما السلام: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها.
قال: وأخبرنا ابن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا ابن خبيق قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: بلغني أن الخضر قال لموسى عليهما السلام لما أراد أن يفارقه: يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به.
قال: وحدثنا ابن مروان قال: أخبرنا الحسن بن علي بن موسى بن طريف عن يوسف بن أسباط قال: بلغني أن موسى قال للخضر: ادع لي، فقال له الخضر:
يسر الله عليك طاعتك «1» .
أخبرنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد الحريري قال: أخبرنا أبو طالب العشاري قال: حدثنا أبو الحسين بن شمعون الواعظ قال:
حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي قال:
حدثنا محمد بن يزيد بن حبيش قال: حدثنا محمد بن جعفر المخزومي عن المغيرة ابن زياد عن الشعبي قال: قال ابن عباس: الكنز الذي ذكره الله في كتابه: «وكان تحته كنز» في ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب فيه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها. (182- و) .
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الخطيب أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن حميد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد ابن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الوقاز قال: حدثنا عبد الله بن وهب وأنا أسمع على الثوري قال مجاهد: قال أبو الودّاك: قال أبو سعيد: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال أخي موسى عليه السلام: يا رب أرني الذي كنت أريتني في السفينة،(7/3295)
فأوحى الله إليه يا موسى إنك ستراه، فلم يلبث موسى إلا يسيرا حتى أتاه الخضر عليهما السلام وهو طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها، فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك عز وجل يقرئك السلام، قال: ورحمة الله وبركاته. قال موسى عليه السلام: هو السلام ومنه السلام والحمد لله رب العالمين، لا أحصي نعمه ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته، ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك، قال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك، واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل (182- ظ) ولا قرار، وإنما جعلت بلغة للعباد ولتزودوا منها للمعاد، يا موسى وطّن نفسك على الصمت تلقّى الحكمة وأشعر قلبك التقوى تنل العلم ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكونن مكاثرا بالمنطق مهذارا، فإن كثرة المنطق يشين العلماء ويبدي مساوىء السخط، وليكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجاهل واحلم عن السفهاء فإن ذلك فعال الحكماء، وزين العلماء، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حليما، وجانبه حزما فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر وأعظم يا بن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا فإن الانكلاف والتعسف من الإقحام والتكلف، يا بن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه، يا بن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي منها رغبته كيف يكون عابدا، ومن يحقر حاله ويتهم الله عز وجل فيما قضى له كيف يكون زاهدا هل يكف عن الشهوات من قد غلب عليه هواه أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه، لأن سفره الى آخرته وهو مقبل على دنياه، يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به، فيكون عليك بوره، ويكون لعيرك نوره، يا موسى اجعل الزهد والتقوى لباسك والعلم والذكر كلامك، واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات وزعزع ما (183- و) بالخوف قلبك فإن ذلك يرضي ربك، واعمل خيرا فإنك لا بد عامل شرا. وقد وعظت إن حفظت، قال: فتولى الخضر عليه السلام حزينا مكبوتا ينظر.(7/3296)
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي- بقراءتي عليه بحلب- قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر محمد بن نصر بن منصور بن علي بسمرقند قال: أخبرنا السيد أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني البغدادي- إملاء- بسمرقند قال:
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي اليقطيني قال: حدثنا محمد بن المعافى الصيداوي بصور قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الوقار قال: قرىء على عبد الله بن وهب وأنا أسمع قال الثوري: قال مجالد: قال أبو الوداك، قال أبو سعيد الخدري، قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أخي موسى عليه السلام يا رب وذكر كلمة فأتاه الخضر، وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك يقرأ عليك السلام، قال موسى: هو السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على شكره إلا بمعونته، ثم قال موسى عليه السلام: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعذك، قال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فارغ فانظر ماذا تحشو به وعاءك، وانحرف عن الدنيا وانبذها فإنها ليست (183- ظ) لك بدار ولا لك فيها محل قرار وإنما جعلت بلغة للعباد وتزود منها للمعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإن العلم لمن تفرغ له ولا تكونن مكثارا بالمنطق مهذارا فإن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوىء السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال وباطلهم واحلم عن السفهاء فإن ذلك فعل الحلماء وزين العلماء إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلما، وجانبه حزما فإن ما بقي من جهله عليك وسبّه إياك أعظم يا بن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا فإن الاندلاث والتعسف من الاقتحام والتكلف، يا بن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي وأبو محمد بختيار بن عبد الله الهندي بغية الطلب م (207) .(7/3297)
قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن اسماعيل التككي قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد السماك قال: حدثنا الحسن ابن عمرو قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: قال موسى للخضر عليهما السلام:
أوصيني قال: ستر الله عليك طاعته.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: (184- و) أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشاهد بقراءتي عليه في دار أبيه الخليل، ح.
وأنبأنا أبو اليمن الكندي عن وجيه بن طاهر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علي التاجر قال: أخبرنا أبو بكر بن عمر بن روح بن علي النهرواني بها قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الحسين بن محمد قال: سمعت كثير بن الحارث يقول: لما ودع الخضر داوود عليهما السلام قال:
ستر الله عليك طاعتك. (184- ظ) .(7/3298)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الحلبي قاضي منبج، قال: أنبأنا الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم الحلبي، قال: أخبرنا أبو الاسوار عمر بن منخّل الدربندي، قال: حدثنا محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الغفار، وتميم بن عبد الواحد، وعمر بن أحمد بن عمر الأصبهانيون بها، قالوا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو ابن مهدي، قال: أخبرنا أبو الحسن المحمودي محمد بن محمود بن عبد الله الفقيه، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن هشام الرازي بمرو، قال: حدثنا أحمد ابن العلاء بن هلال القاضي، قال: حدثنا سليمان بن عبد الله، ح.
قال أبو سعيد: وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أيوب النقاش، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر الضحاك، قال: حدثنا محمد بن علي بن ميمون العطار، قال: حدثنا أبو الخطاب سالم بن عبد الله، قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا محمد بن زياد الأرهاني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
بينا هو ذات يوم يمشي في سوق من أسواق بني اسرائيل، إذ أبصره رجل مكاتب، فقال: تصدق عليّ بارك الله فيك، فقال الخضر: آمنت بالله ما يرد الله من أمر يكن، ما عندي من شيء أعطكيه، فقال المسكين: أسألك بوجه الله أن تتصدق عليّ إني نظرت الى سيماء الخير (186- و) في وجهك، ورجوت البركة عندك.
فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شيء أعطيك إلا أن تأخذني فتبيعني، قال المسكين:
فهل يستقيم هذا؟. قال: نعم. الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما إني لا أخيبك بوجه ربي، فبعني. فقدمه الى السوق فباعه بأربعمائة درهم، قال:(7/3299)
فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء، فقال الخضر: إنما ابتعتني التماس خيري فأوصني بعمل، قال: أكره أن أشق عليك، قال: ليس يشق علي، فقال:
أضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك، ومضى الرجل لسفره، فرجع وقد شيد بناءه، قال: أسألك بوجه الله ما حسبك، وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقفني في العبودية، وقال الخضر: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني، فأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلد ولا لحم إلا عظم يتقعقع، فقال الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا رسول الله ولم أعلم. فقال: لا بأس أبقيت وأحسنت، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أحكم في أهلي ومالي ما أراك الله أن أخيرك «1» فأخلي سبيلك، فقال: أحب أن تخلي سبيلي يا عبد الله، فخلى سبيله، فقال الخضر:
الحمد لله الذي أوقعني في العبودية وأنجاني «2» منها.
وفي هذا دليل على أن الخضر كان نبيا مرسلا لقوله: يا رسول الله في إخبار رسول الله صلى (186- ظ) الله عليه وسلم عن قول القائل يا رسول الله.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا حسين بن علي بن مهران قال: حدثنا عامر بن فرات عن أسباط عن السدي، قال: كان ملك، وكان له ابن يقال له الخضر والياس أخوه أو كما قال، قال: فقال الناس للملك: انك قد كبرت وابنك الخضر لا يدخل في ملكك فلو زوجته لكي يكون ولده ملكا بعدك، فقال له:
يا بني تزوج، قال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأة بكرا، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته، وان شئت طلقتك؟ قالت: بل أعبد الله معك، فلا تظهري سري فإنك(7/3300)
ان حفظت سري حفظك الله وان أظهرت عليه أهلك أهلكك الله، فكانت معه سنة لم تلد فدعاها الملك، فقال: أنت شابة، وابني شاب فأين الولد، وأنت من نساء ولّد؟
فقالت: انما الولد بأمر الله، ودعا الخضر فقال له: أين الولد يا بني فقال: الولد بأمر الله، فقيل للملك: فلعل هذه المرأة عقيم لا تلد، فزوجه امرأة قد ولدت، فقال للخضر: طلق هذه، فقال: تفرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها. قال: لا بد، فطلقها (187- و) ثم زوجه ثيبا قد ولدت، فقال لها الخضر كما قال للأولى، فقالت: بل أكون معك، فلما كان الحول دعاها فقال: إنك ثيّب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك، فقالت: هل يكون الولد إلا من بعل، وبعلي مشتغل بالعبادة لا حاجة له في النساء.
فغضب الملك وقال: اطلبوه. فهرب، فطلبه ثلاثة، فأصابه اثنان منهم، فطلب إليهما ان يطلقاه، فأبيا، وجاء الثالث فقال: لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده، فأطلقاه، ثم جاؤوا الى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وان الثالث أخذه منهما. فحبس الثالث، ثم فكر الملك فدعا الاثنين، فقال: أنتما خوفتما ابني حتى ذهب، فأمر بهما فقتلا، ودعا بالمرأة فقال لها: أنت هربت ابني، وأفشيت سره لو كتمت عليه لاقام عندي، فقتلها، وأطلق المرأة الأولى والرجل. فذهبت المرأة فاتخذت عريشا على باب المدينة فكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه، فخرج رجل من المدينة فقير، فقال: بسم الله. فقالت المرأة: وأنت تعرف الله؟ قال: أنا صاحب الخضر، قالت:
وأنا امرأة الخضر، فتزوجها وولدت له، وكانت ماشطة ابنه فرعون.
فقال أسباط عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها بينا هي تمشط ابنة فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: سبحان ربي، فقالت ابنة فرعون: أبي؟. قالت: لا، ربي ورب أبيك، فقالت: أخبر أبي؟. قالت: نعم، فأخبرته فدعا بها فقال: ارجعي، فأبت. فدعا بنقرة من نحاس وأخذ بعض ولدها (187- ظ) فرمى به في النقرة وهي تغلي، ثم قال: لها: ترجعين؟ قالت: لا فأمر بها، قالت: إن لي حاجة. فقال: وما هي؟. قالت: إذا ألقيتني في النقرة، تأمر بالنقرة أن تحمل ثم تكفى في بيتي الذي على باب المدينة وتنحى النقرة، وتهدم البيت علينا حتى يكون قبورنا، فقال: نعم ان لك علينا حقا، قال: ففعل بها ذلك.(7/3301)
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي فشممت رائحة طيبة. فقلت: يا جبريل ما هذا؟ فقال: هذا ريح ماشطة فرعون وولدها «1» .
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر، وهبة الله بن محمد بن محمد، قالا:
أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن حبيب، قال: حدثنا أبو عبد الملك القرشي قال:
حدثنا أبو الطاهر أحمد بن السرح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب عمن حدثه عن ابن عجلان عن محمد بن المنكدر، قال: بينما عمر بن الخطاب يصلي على جنازة، إذ بهاتف يهتف من خلفه لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله. فانتظره حتى لحق بالصف، فكبر عمر، وكبر معه الرجل، فقال الهاتف: ان تعذبه فكثير عصاك، وان تغفر له ففقير الى رحمتك، قال: فنظر عمر وأصحابه الى الرجل فلما دفن الميت وسوى الرجل عليه من تراب القبر، قال: طوبى لك يا صاحب القبر ان لم تكن عريفا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيا، فقال عمر: خذوا لي الرجل، نسأله عن صلاته وكلامه هذا عمن هو قال: فتوارى عنهم (188- و) فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع فقال عمر: هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد الحافظ بأصبهان- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز بن علي ببغداد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن رزقويه قال: حدثنا أبو علي حامد بن محمد الرفاء الهروي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حماد قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن الوليد قال: حدثنا محمد بن جميل الهروي عن سفيان الثوري عن عبد الله ابن محمد عن يزيد الأصم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بينا أطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا(7/3302)
يغلطه السائلون، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، فقال علي: أعد عليّ الكلام يا عبد الله، قال: وسمعت؟. فقال: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده- وكان هو الخضر- ما من عبد يقولهم في دبر الصلاة المكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه وان كانت مثل رمل عالج «1» أو مثل زبد البحر أو مثل عدد ورق الشجر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه بدمشق وأنا اسمع- قال: أنبأنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن ابراهيم النسيب قال: (188- ظ) أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن شيخ الاسلام محمود بن الملثم بالقاهرة قال:
أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا، وأبو عبد الله محمد بن حمد الارتاحي قال: أنبأنا أبو الحسن الفراء قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو اسماعيل الترمذي قال: حدثنا مالك بن اسماعيل قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود عن محفوظ بن عبد الله الحضرمي عن محمد بن يحيى قال: بينما علي بن أبي طالب رضي الله عنه يطوف بالكعبه اذا هو برجل متعلق بأستار الكعبه وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبترم بالحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، قال: فقال له علي عليه السلام: يا عبد الله دعاؤك هذا، قال: وقد سمعته؟. قال: نعم. قال: فادع به في دبر كل صلاة، فو الذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء ومطرها وحصى الارض وترابها لغفر لك اسرع من طرفة عين.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد(7/3303)
ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم الباهلي قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا الحجاج بن فرافصه قال:
(189- و) كان رجلان يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فمر عليهم رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف: يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك ان حلفت ولا ينقص من رزقك ان لم تحلف، قال: امض لما يعنيك. قال: ان ذا مما يعنيني، فلما أخذ ينصرف عنهما قال: اعلم أنه من آية الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن يكون في قولك فضل على عملك، واحذر الكذب في حديث غيرك، ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر لأحد الرجلين: الحقه فاستكتبه هؤلاء الكلمات، فقام فأدركه، فقال: اكتبني هؤلاء الكلمات رحمك الله، قال: ما يقدره الله من أمر يكن، قال: فأعادهن عليّ حتى حفظتهن، ثم مشى معه حتى إذا وضع رجله في باب المسجد فقده، قال: فكأنهم كانوا يرون انه الخضر أو الياس «1» .
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال:
قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي قال: أخبرنا أبو سهل محمود ابن عمر بن محمود العكبري قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن ينال البغدادي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سليمان الماوردي قال: حدثنا أبو القاسم علي بن المخرمي قال: حدثنا عمر بن روح قال: حدثنا عبد الرحمن بن حبيب الحارثي عن سعد بن سعد عن أبي ظبيه عن كرز بن وبره قال: أتاني أخ لي من أهل الشام فقال لي: يا كرز اقبل مني هذه الهديه فإن ابراهيم التيمي حدثني قال: كنت جالسا في (189- ظ) فناء الكعبه أسبح، وأهلل فجاءني رجل فسلم عليّ وجلس عن يميني، فلم أر رجلا أحسن وجها منه ولا أطيب منه ريحا، فقلت له: من أنت رحمك الله؟
قال: أنا أخوك الخضر جئتك لأسلم عليك وأعرفك ان من قرأ عند طلوع الشمس وانبساطها الحمد سبع مرات، وقل هو الله أحد سبع مرات، وقل يا أيها الكافرون(7/3304)
سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر سبع مرات، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم سبع مرات، واستغفر لنفسه ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات سبع مرات حاز من الاجر ما لا يصفه الواصفون، فقلت للخضر: علمني شيئا ان عملته، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي. فقال: أفعل ان شاء الله، اذا انت صليت المغرب فواصل الصلاة الى عشاء الآخرة، ولا تكلم أحدا وسلم من كل ركعتين واقرأ في كل ركعة ما تيسر من القرآن، فاذا انصرفت الى منزلك، فصل فيه ركعتين خفيفتين ثم ارفع يديك الى ربك وقل: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام، يا إله الأولين والآخرين يا رحمن الدنيا والآخره ورحيمهما، يا رب يا رب يا رب، يا الله، يا الله، يا الله صلى على محمد وعلى آل محمد، وافعل ذلك وأنت مستقبل القبلة ونم على شقك الايمن حتى تغرق في نومك وأنت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلت ذلك فذهب عني النوم من شدة الفرح- فأصبحت على تلك الحال (190- و) حتى صليت الضحى ثم وضعت رأسي فذهب بي النوم فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وأجلسني فقلت له: يا رسول الله ان الخضر عليه السلام أخبرني بكذا وكذا، فقال: صدق الخضر، قالها ثلاثا، وكلما يحكيه الخضر حق وهو عالم أهل الارض، ورأس الابدال وهو من جنود الله في الارض.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال:
أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت محمد بن عبد الله الصوفي قال: أخبرنا أبو سعيد الجسري- ان شاء الله- قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن علي الميانجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المطرف قال: حدثنا محمد ابن الحسين العسقلاني قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: اشتكى محمد بن السماك فأخذنا ماءه وانطلقنا الى طبيب نصراني فبينا نحن بين الحيرة والكوفة استقبلنا رجل حسن الوجه طيب الرائحة، نقي الثوب، فقال لنا: الى أين تمرون؟
فقلنا: نريد فلان الطبيب نريه ماء ابن السماك، فقال: سبحان الله، تستعينون بعدو الله على ولي الله، اضربوه الارض وارجعوا الى ابن السماك، وقولوا له: ضع(7/3305)
يدك على موضع الوجع وقل: وبالحق انزلناه، وبالحق نزل، ثم غاب ولم نره، فرجعنا الى ابن السماك فأخبرناه بذلك فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل فعوفي في الوقت وقال: ذاك الخضر عليه السلام.
نقلت من خط القاضي أبي عمرو عثمان (190- ظ) ابن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي قاضي معرة النعمان قال: حدثنا محمد بن سعيد الشفق قال: حدثنا محمد ابن أحمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: سمعت يعقوب بن كعب يقول: قفلنا من غزاة لنا فنزلنا تل سويد، قال: فنام أصحابي وبقيت أنا، قال: فإذا بهاتف يهتف من وراء التل وهو يقول: سبحان خالق النور، سبحان مدبر الامور، سبحان باعث من في القبور، طوبى لمن يسكن الثغور، قال: فأيقظت أصحابي فأخبرتهم، قال: فدرنا على التل على ان نرى أحدا فلم نر احدا فظننا انه الخضر عليه السلام.
أخبرنا يوسف بن خليل- فيما أجازه لنا، وسمعت منه بعضه- قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الحسن ابن مقسم يحكي عن أبي محمد الجريري قال: سمعت أبا اسحاق المارستاني يقول:
رأيت الخضر عليه السلام فعلمني عشر كلمات وأحصاها بيده: اللهم اني أسألك الاقبال عليك والاصغاء اليك، والفهم عنك، والبصيرة في أمرك والنفاذ في طاعتك، والمواظبة على ارادتك والمبادرة في خدمتك وحسن الادب في معاملتك والتسليم والتفويض اليك.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن الحسين ابن محمد العطار قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد التميمي قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا اسحاق بن ابراهيم (191- و) الاذرعي قال:
حدثنا الحسين بن حميد العكي قال: حدثنا زهير بن عباد قال: حدثني محمد بن جامع قال: بلغنا أن الخضر عليه السلام بينا هو يساير رجلا اذ جلسا للغذاء فإذا بينهما شاة مشويه فلم يروا من وضعها مما يلي الخضر قد شوي ومما يلي الرفيق نيئا لم يشو، فقال له الخضر: إنك زعمت أنك لا تنال رزقك الا بالصب والعناء فيه فقم(7/3306)
فأعن به واشوه. أما أنا فقد كفيته لأني زعمت أنه من يتوكل على الله كفاه فقد كفيته.
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي- اجازة- قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا محرز بن حيان عن سفيان بن عيينة قال: رأيت رجلا في الطواف حسن الوجه حسن الثياب منيفا على الناس، قال: فقلت في نفسي ينبغي ان يكون عند هذا علم، قال: فأتيته فقلت: تعلمنا شيئا، لعل شيئا، قال: فلم يكلمني حتى فرغ من طوافه قال: فأتى المقام فصلى خلفه ركعتين خفف فيهما، ثم قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا وماذا قال ربنا؟ قال: أنا الملك الذي لا أزول فهلموا إليّ أجعلكم ملوكا لا تزولون، ثم قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا: ماذا قال ربنا؟ قال:
قال: أنا الملك الحي الذي لا أموت فهلموا إليّ أجعلكم أحياء لا تموتون، ثم قال:
أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا: ماذا قال؟ قال: أنا الذي إذا أردت أمرا أقول له كن فيكون، يعني فهلموا إليّ أجعلكم اذا أردتم أمرا قلتم له كن فيكون (191- ظ) .
قال ابن عيينه: فذكرته لسفيان الثوري فقال: أما انا فعندي أنه كان ذاك الخضر عليه السلام ولكن لم تعقله.
أنبأنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: حدثنا ابو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل- املاء- قال: حدثنا عبد الواحد بن اسماعيل الروياني في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخبازي قال: سمعت أبا الحسن النهاوندي الزاهد في ديار المغرب يقول: لقي رجل خضرا النبي عليه السلام فقال له: أفضل الاعمال اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، قال الخضر: وافضل الصلوات عليه ما كان عند نشر حديثه واملائه يذكر باللسان، ويكتب في الكتاب، ويرغب فيه شديدا، ويفرح به كثيرا، اذا اجتمعوا لذلك حضرت ذلك المجلس معهم.
وقال علي بن أبي محمد: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن المزوقي قال:(7/3307)
أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: اخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا أبو نصر القمار قال: حدثنا مسكين ابو فاطمة عن مورع بن موسى عن عمرو بن قيس الملائي قال: بينما أنا أطوف بالكعبة اذا أنا برجل بارز من الناس وهو يقول: من أتى الجمعة فصلى قبل الامام وصلى مع الامام وصلى بعد الامام، ومن أتى الجمعة فصلى مع الامام وصلى بعد الامام كتب من العابدين، ومن اتى الجمعه فلم يصل قبل الامام ولا بعد الامام كتب من الغابرين ثم ذهب فلم أره، فخرجت من الصفا اطلبه بأبطح مكة، فأحتبست عن اصحابي فسألوني فأخبرتهم (192- و) قالوا: الخضر؟
قلت: الخضر صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي- قراءة من لفظه- قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء ابن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب، قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا أبي قال: حدثنا ابراهيم بن خالد عن عمر ابن عبد العزيز القرشي قال: رأيت الخضر صلى الله عليه وسلم يمشي مشيا سريعا وهو يقول: صبرا يا نفس صبرا لأيام ينفذ لتلك الايام الأبد، صبرا لايام قصار لتلك الايام الطوال «1» .
أخبرنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني محمد بن عبد العزيز قال:
حدثنا ضمرة عن السريّ بن يحيى عن رباح بن عبيدة قال: رأيت رجلا يماشي عمر ابن عبد العزيز معتمدا على يديه، فقلت في نفسي: إن هذا لرجل كافي، فلما انصرف من الصلاة قلت: من الرجل الذي كان معتمدا على يدك آنفا: قال: وهل رأيته(7/3308)
يا رباح؟ قلت: نعم، قال: ما أحسبك إلّا رجلا صالحا، ذاك أخي الخضر بشرني أني سألي وأعدل.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي (192- ظ) بن المسلم السلمي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النسوي البويطي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف قال: حدثنا أبو عبد الله بن خالد قال: حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله الملطي امام مسجد الجامع بمصر قال:
حدثني أبي قال: كان سعيد الأدم يصلي في اليوم والليلة ألف ومائتي ركعة وكان قطوبا عبوسا، فاتصل به عن أبي عمرو ادريس الخولاني وكان رجلا صالحا حسن الخلق ولم يكن له اجتهاد مثل سعيد الأدم في الاجتهاد والعبادة، وكان الخضر يزور ادريس الخولاني، فجاء إليه سعيد فسأله واستشفع به الى الخضر ليكون له صديقا قال: فقال له ادريس لما رآه: إن سعيد الأدم سألني مساءلتك لتكون له صديقا، وأنا أسألك أن تكون له صديقا وتلقاه فتسلم عليه، قال: فلقيه وهو داخل من باب البرادع فأخذ يده بكلتا يديه وقال له: يا مرحبا يا أبا عثمان كيف أنت، وكيف حالك؟ قال: فقال له سعيد: ما بقي إلّا أن تدخل في حلقي، قال: فالتفت فلم يره، فعلم أنه هو الخضر، فكان غرضه أن صلى الغداه، فخرج سعيد يريد ادريس، وكان سعد يدخل مع النجم ويخرج مع النجم، فصلى الغداة وخرج الى ادريس فوجد الخضر قد سبقه إليه، فقال له: يا أبا عمرو كان حالي مع سعيد كذا وكذا، والله لا رآني بعدها أبدا، إن حدثت أن جبلا زال عن موضعه فصدق، وإن حدثت عن رجل أنه زال عن خلقه فلا تصدق (193- و) .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال: حدثنا محمد ابن يحيى الذهلي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال فقال فيما حدثنا: يأتي الدجال وهو محرم عليه(7/3309)
أن يدخل نقاب المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس- أو من خيرهم-، فيقول: أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحيى: والله ما كنت أشد بصيرة مني الآن، قال: فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه.
قال معمر: بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة نحاس، وبلغني انه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحييه.
- الخضر بن أحمد أبو ذر الطبري:
نزل طرسوس وروى عن قاضيها أبي العباس أحمد بن أبي أحمد القاص، روى عنه أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن الفتح الجليّ.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقيّر عن الفضل بن سهل الحلبي (193- ظ) قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو طالب عمر بن ابراهيم ابن سعيد الفقيه قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن الفتح الحلبي قال:
حدثني أبو ذر الخضر بن أحمد الطبري قال: قال لي أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص: لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد إذا عدلت نقلته، وسلم من النّسخ حكمه.
- الخضر بن التونتاش:
الأقرع بن أسن بن بكلار، أبو البركات الخاقاني الأمير، أمير فاضل شاعر حسن الشعر كان مقيما بحماة، وكان يكتب خطا حسنا وسمع من علي بن ثروان الكندي، ومسافر بن مختار الشيزري، ذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في «كتاب ذيل الخريدة وسيل الجريدة» بما أخبرنا به أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي- إجازة عنه- قال: أبو البركات خضر بن ألتونتاش مدح صفي الدين ابن القابض وأنفذها إليه من حماة الى دمشق يهنيه بشهر رمضان سنة ثمانين:
حيّ بالخيف خيالا زار وهنا ... أخذ الخوف وأعطى الصب أمنا(7/3310)
أرسل النوم غرارا ريثما ... بذل الوصل غرورا واستسنا
يا له من طارق تحت الدجى ... كدت أحظى بالتمني لو تأنّا
يا أصيحابي على الحب أما من ... معين لفتى أضحى معنّى
كلما راوح أرواح الصّبا ... راح ذا شوق إلى الإلف وحنّا (194- و)
يتسلى بأكاذيب المنى ... فإذا جنّ عليه الليل جنّا
لائمي في الحب حسبي كلفي ... لا تزدني بعدهم شوقا وحزنا
مقلتي عبرى عليهم أسفا ... لم تذق طعم الكرى والجسم مضنى
لا تخوفني تلافي في الهوى ... فإذا متّ خليا متّ غبنا
آه وا لهفي على عيش مضى ... في الحمى ما كان أصفاه وأهنا
حيث صرف الدهر في غفلته ... صارفا وجه النّوى والبين عنّا
وقضيت تحت بدر في دجى ... يخجل الأغصان حسنا إن تثنى
ما جنا باللحظ من وجنتيه ... لحظ مفتون به إلا تجنّى
تارة ألثم منه قمرا ... وإذا ماس صبا ألزم غصنا
أحسنت حسن وجمل أجملت ... ورضى أرضت ولبناي بلبنى
بذلت سر الهوى مازحة ... وكتمنا الحب إجلالا وصنّا
وادّعت أنصافنا ظالمة ... فسقى الله الحيا الظالم منا
كلما جارت عدلنا طاعة ... أو دعتنا لتباريح أجبنا
ودليل الصدق في الحب لها ... كلما عزّت مع الهجران هنّا
أين قلبي ما أرى قلبي معي ... فارق الصدر ضحى لما افترقنا
أيها الساري على عيرانة «1» ... تقطع البيد بها سهلا وحزنا
زر دمشق إن ترم رفدا فما ... بعدها للمستفيد الرّفد مغنى
(194- ظ)
زر صفي الدين إن شمت الغني ... لتصب صوب حيا جما وحسنا
زر أبا الفتح ترى الفتح من ... الله والنصر قريبا مطمئنا
شرعت يسراه للوّراد يسرا ... ودعت يمناه للقصاد يمنا(7/3311)
ومنها:
فتهنّ الصوم يأخذن العلى ... فيك الأشهر والصوم يهنّا «1»
- الخضر بن حسن بن عامر البابي:
من أهل باب بزاعا، ونشأ بحلب وتولى بها في ديوان السلطان ثم في ديوان القاضي بحلب، وأبوه كان قاضي باب بزاعا، وقد ذكرناه فيمن اسمه الحسن، وسمع الخضر هذا أبا الفرج يحيى بن محمود الثقفي وحدث عنه بحلب، سمع منه رفيقنا محب الدين محمد بن محمود النجار وغيره، وكان لي به اجتماع وخلطة ولم أسمع منه شيئا وتوفي بحلب في سنة تسع وأربعين وستمائة.
- الخضر بن الحسن بن يوسف الحلبي المقرئ:
سمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي، وأبا الطيب محمد ابن الحسين الزعري الفقيه المقرئ وأبا محمد عبد الله بن ابراهيم بن محمد المقرئ الطرسوسي، وكان معتنيا بالحديث، وأقرأ القرآن بحلب وأظن أنه حدّث ولم يقع إليّ شيء من حديثه متصل الاسناد، وقرأت بخطه: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن محمد الزعري قال: حدثنا محمد بن بركة القنسري أبو بكر سنة عشرين وثلاثمائة وقال: لفظ لي (195- و) يعني بهذا الاسناد في داره، قال: حدثنا يوسف- يعني- ابن سعيد بن مسلم المصيصي قال: حدثنا حجاج عن عثمان ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به «2» .
- الخضر بن شبل بن الحسن بن علي بن عبد الواحد:
أبو البركات بن أبي طاهر الحارثي الدمشقي المعروف بابن عبد، خطيب دمشق صحب الفقيه أبا الحسن أحمد بن علي بن قبيس وتفقه على الشيخين الفقيهين جمال الاسلام أبي الحسن علي بن المسلم السلمي، وأبي الفتح نصر الله المصيصي، وسمع أبا القاسم علي بن ابراهيم العلوي وأبا الحسن بن الموازيني، وأبا طاهر الحنائي،(7/3312)
وأبا القاسم عبد المنعم بن علي بن الغمر الكلابي، وأبا الوحش سبيع بن المسلم المقرئ.
وحدث بحلب في سنة أربع وأربعين وخمسمائة عن أبي محمد هبة الله بن أحمد ابن الأكفاني، سمع منه بحلب الأستاذ أبو محمد عبد الله بن علوان بن عبد الله الأسدي وأبو نصر عبد الصمد بن ظافر القباتي، وأبو عبد الله محمد بن علي العظيمي الأديب وأبو الجيوش عسكر بن خليفة الحنفي الحموي، وأبو طالب محمد بن سعد الله بن ابراهيم الكلابي الدمشقي، ويوسف بن الخضر بن عبد الله المعروف بالبدر الأبيض، والشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الملك الهاشمي الحلبي.
وحدث عنه جماعة من الأئمة الكبار منهم أبو سعد (195- ظ) عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، وابنه أبو محمد القاسم بن علي، وأبو المواهب الحسن بن هبة الله الحافظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي.
وشيوخنا: أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني، وأبو الفتوح محمد بن محمد البكري، وأبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي وأبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى، وزين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد وغيرهم.
وروى لنا عنه أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- باجازة منه- وكان فقيها متميزا من الفقهاء الشافعية، كتب كثيرا من الفقه والحديث، ودرّس الفقه في جامع دمشق، وبالمدرسة المجاهدية «1» وبزاوية الفقيه نصر المقدسي، ووقف عليه نور الدين محمود بن زنكي مدرسته التي داخل باب الفرج ودرّس بها، وتولى الخطابة بجامع دمشق وكان متقنا في علوم شتى، كثير المحفوظ.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، قال: أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل بن الحسن الحارثي بحلب يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى
.(7/3313)
الأولى سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني سنة اثنتين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو الحسين طاهر (196- و) بن أحمد القائني المحمودي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر بن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن السوسي البزاز قال: حدثنا حمزة بن عمر بن الحسين ابن عمر قال: حدثنا علي بن داود القنطري قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال:
حدثنا المعلى بن هلال عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي أمينين ووزيرين فأمينيّ ووزيريّ من أهل السماء: جبريل وميكائيل ووزيريّ وأمينيّ من أهل الأرض: أبو بكر وعمر «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل بن الحسن الحارثي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر بن علي المهدوي، قال شيخنا أبو محمد: وأخبرنا به- إجازة- مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي بكر بن علي قال: حدثنا عبد العزيز بن علي قال: سمعت علي بن عبد الله يقول: أنشدنا محمد بن عطية لابن عطاء هو أحمد بن سهل بن عطاء:
ومستحسن للهجر والوصل أعذب ... أطالبه ودي فيأبى ويهرب
تعلمت ألوان الرضا خوف هجره ... وعلّمه حبي له كيف يغضب
ولي ألف وجه قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السّلفي قال: أبو البركات هذا- يعني- الخضر (196- ظ) بن شبل الحارثي- أفادني كثيرا عند قدومي دمشق في أواخر سنة تسع وخمسمائة عن شيوخها: أبي طاهر الحنائي وابني الموازيني وغيرهم، وكان يتوقد ذكاء، وقرأ الفقه على نصر الله وابن الشهرزوري الشافعيين، وابن قيس المالكي وصار بعد موتهم ممن يفتي ويدرس مذهب الشافعي، وفوضت إليه الخطابة في الجامع. وكتب عن أبيه شبل حديثا أو أكثر، وسمع الخضر(7/3314)
علي شيئا يسيرا في مجلس أبي محمد الأكفاني. وبلغني أنه توفي في أوائل شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم ابن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن، قال فيما ألحقه في تاريخ أبيه: الخضر بن شبل بن الحسين بن عبد الواحد أبو البركات بن أبي طاهر الحارثي الفقيه الشافعي المعروف بابن عبد.
سمع أبا القاسم النسيب، وأبا الحسن الموازيني وأبا طاهر الحنائي وأبا الوحش المقرئ، وجماعة كثيرة من أهل دمشق.
وتفقه على الفقيه أبي الحسن بن أبي الفتح المصيصي، وكتب كثيرا من الحديث والفقه، ودرس الفقه في سنة ثمان عشرة في حلقة ابن الفرات، وأفتى وكان سديد الفتوى، واسمع المحفوظ ثبتا في روايته، نزه النفس ذا مروءة ظاهرة، ودرس في المدرسة المجاهدية مدة، ثم تولى التدريس بالزاوية الغربية، ثم وقف عليه نور الدين رحمه الله مدرسته التي تلي باب الفرج، وتولي الخطابة بجامع دمشق، سمعت منه الحديث ولزمت درسه مدة، وعلقت عنه من مسائل الخلاف وكان عالما بالمذهب يتكلم في مسائل الخلاف والاصول، سأله والدي عن مولده فقال في شعبان سنة ست وثمانين (197- و) وأربعمائة ومات ليلة الاربعاء ودفن يوم الاربعاء الثاني عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الفراديس. «1» .
أخبرنا أبو الغنائم سالم بن الحسن بن صصرى- اجازة- قال: أخبرنا أبو المواهب قال: توفي الفقيه أبو البركات رحمه الله في ليلة الاربعاء، ودفن صبيحتها ثاني عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين، ودفن بمقبرة باب الفراديس، حضرت دفنه والصلاة عليه، وحضره خلق عظيم من الأعيان والعوام، وكان رحمه الله متحريا في فتاويه وشهاداته، وولي بآخره الخطابة، فكان رحمه الله لتفننه وكثرة محفوظه لا يعتمد على ايراد المعهود عند الناس، بل يأتي من كل شيء بطرف، فحصل من(7/3315)
السامعين النكرة له، ولم يكن ذلك بالعائب له ولا الناقص من منزلته رحمه الله وايانا.
- الخضر بن عبد الله بن الخضر بن حلوان:
روى عن أبيه عبد الله بن الخضر، وأبي سالم واصل بن محمد بن واصل المعري التنوخي، والأصفهسلار عبد المجيد الصوفي الهمذاني وأبي الحسن علي بن مقلد الدمشقي، وقدم حلب في سنة عشرين وخمسمائة فانني قرأت بخطه ما صورته:
دخلت معرة النعمان في سنة عشرين وخمسمائة، فقرأت كتابة على باب المسجد الجامع بها، وهي: يقول القاضي، وتمام الحكاية مذكورة في ترجمة أخيه.
وقرأت بخطه: وأخبرني الشيخ أبو سالم واصل بن محمد بن واصل المعري التنوخي رحمه الله قال: دخل القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان معرة النعمان بعد ما جرى عليها من الخراب، وتفرق الاصحاب، فوقف على دار أخيه القاضي أبي مسلم وادع بن عبد الله بن سليمان رحمه الله، فكتب على حائط منها:
مررت بالدار وقد عط ... لت معالم منها وآثار
فقلت والقلب به لوعة ... محرقة والدمع مدرار
أين زمان بك قضيته ... وأين سكانك يادار
فأجابه ابن عمه القاضي أبو سهل مدرك بن سليمان، وكتب تحت الأبيات:
أجابت الدار على عيها ... ان سكوت الدار إخبار (197- ظ)
أخنى على من كان بي ساكنا ... صروف أزمان وأقدار
وأرتجع العيش ولذاته ... معيرة والدهر دوار
وها أنا اليوم كما قد ترى ... مقفرة ما في ديّار
ومن خط الخضر أيضا قال: وحدثني الاسفهسلار عبد المجيد الصوفي الهمذاني وكان من مشايخ الصوفيه وظرافهم، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة قال: خرجت من الري الى مزدغان «1» فدخلت بعض مساجدها فاذا على حائط مكتوب:(7/3316)
اقتنع بقوت فإن المرء مرتحل ... من هذه الدار عريانا كما دخلا
وتحته مكتوب: كتبه طاهر بن سعد بن علي. ثم دخلت دمشق واجتمعت بالوزير كمال الدين رحمه الله، فأنشدته البيت فقال من أين سمعت هذا البيت فقلت: يا مولانا قرأته على مسجد بمزدغان فقال الوزير: هذا والله خطي، كتبته وعمري سبع سنين.
ونقلت ذلك من خط الخضر وقد أثبته في آخر آداب الغرباء لأبي الفرج الأصبهاني مع حكايات غيرها جعلها ذيلا على الكتاب، وتوفي سنة ثمان وستين وخمسائة أو بعدها فانني شاهدت بخطه تاريخ كتاب كتبه في سنة ثمان وستين وخمسمائة.
الخضر بن عبد الله بن الهيثم بن جابر الطرسوسي المقرئ:
قرأ القرآن برواية الكسائي على أبي شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد الواقدي عن أبيه وأبي عمر الدوري عن الكسائي، قرأ عليه بها أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين الجبي المقرئ.
- الخضر بن عبد الله البالسي أبو القاسم:
سمع بحلب أبا القاسم بن بريه الرقي القاضي، روى عنه أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الغراء القارئ.
أخبرنا محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن النجار البغدادي (198- و) قال: أنبأني ذاكر بن كامل ويحيى بن أسعد عن محمد بن مرزوق الزعفراني، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالمسجد الاقصى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد ابن مرزوق الزعفراني قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الفراء المقرئ الربعي بالقدس قال: سمعت أبا القاسم الخضر بن عبد الله البالسي يقول:
قال لنا القاضي أبو القاسم بن برية الرقي بحلب ونحن ندرس عليه الفرائض والحساب وغير ذلك: العلم أشد المعشوقين دلالا، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت اذا أعطيته كلك على غرر من اعطائه لك البعض.(7/3317)
- الخضر بن عبد الواحد بن علي بن الخضر:
أبو القاسم بن أبي المنى الحلبي القاضي هو ولد شيخنا السابق أبي المنى الشروطي، ولد بحلب ونشأ بها، وسار منها الى خراسان وتفقه على أبي الخطاب الطبري، وسمع الحديث بنيسابور من المؤيد بن محمد بن علي الطرسوسي، ثم قدم علينا حلب ونزل بها عند أبيه، ولازم درس شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف ابن رافع بن تميم، وأعاد درسه وشاهدته وسمعت بحثه، ثم سار الى مكة حرسها الله تعالى واستوطنها وتولي بها التدريس بالمدرستين المعروفة احداهما بزبيدة والأخرى بمظفر الدين صاحب إربل، وأقام بمكة مجاورا مشتغلا بالفتوى وإفادة المسلمين ثم تولى قضاء (198- ظ) مكة سنة ست وعشرين وستمائة ولاه اياه الملك المسعود اقس بن الملك الكامل محمد، فاستمر على ذلك الى أن هجم راجح «1» مكة وانهزم منه وقصد أذاه وعزله عن القضاء، ودام مجاورا بمكة الى أن توفي- وكنت اجتمعت به بمكة في السنة التي حججت فيها في سنة ثلاث وعشرين وستمائة مرارا ولم أسمع منه شيئا، وروى لنا عنه أبو الحسين يحيى بن على القرشي ومحمد بن أحمد بن علي القسطلاني.
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي القرشي العطار بمصر قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو القاسم الخضر بن عبد الواحد بن علي بن الخضر الشافعي الحلبي- بقراءتي عليه بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة- قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المؤيد بن محمد بن علي الطوسي بنيسابور، ح.
وأجازه لنا المؤيد غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصامدي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد المروزي قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال:
حدثنا مروان- يعني- ابن محمد الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي ادريس الخولاني عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما(7/3318)
يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظلموا، يا عبادي كلكم (199- و) ضال الا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلّا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي انكم تخطئون الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلّا كما ينقص المحيط اذا أدخل البحر، يا عبادي انما هي أعمالكم أحصيها لكم أوفيكم إيّاها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلّا نفسه «1» .
قال سعيد، كان أبو ادريس الخولاني اذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
قال مسلم: حدثنيه أبو بكر بن اسحاق قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثني سعيد بن عبد العزيز بهذا الاسناد غير أن مروان أتمهما حديثا.
أنشدني قطب الدين محمد بن أحمد بن علي القسطلاني المكي قال: أنشدني الخضر بن عبد الواحد قاضي مكة ولم يسم قائلا:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح ركن البيت من هو ماسح
(199- ظ)
أخذنا بأطراف الاحاديث بيننا ... وسألت بأطراف المطي الأباطح
وأنشدني ابن القسطلاني قال: أنشدنا الخضر القاضي ولم يسم قائلا، وذكر أنه كان في العجم، وكان عندهم في المدرسة انسان غريب وكان ينشد هذين البيتين فيشوق الغرباء:(7/3319)
اذا ما الصبا في آخر الليل هبت ... فلست ألوم النفس إن هي صبت
وما هي إلّا أنها مشرقية ... اذا نسمت أدت نسيم أحبتي
قال لي الحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي العطار قال: القاضي أبو القاسم الحلبي هذا من أعيان فقهاء الشافعية وأكابرهم ويعرف بابن السابق، استوطن مكة وجاور بها الى حين وفاته، وكان يدرس بالحرم الشريف ويفتي واستقضي في آخر وقت بها، وقرأت عليه أحاديث يسيرة من صحيح مسلم ولم أقف على سماعه، وانما اعتمدت في ذلك على قوله، وكان ممن يعتمد عليه والحمد لله وسألت الشيخ أبا عبد الله بن أبي الفضل الاندلسي عنه فوثقه، وأخبرني الفقيه جابر بن أسعد اليماني بمصر أنه توفي في ذي الحجة سنة احدى وثلاثين وستمائة بعد الوقفة، رضي الله عنه.
قلت: أخبرني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بحلب عند ورود أبي القاسم بن السابق أنه سمع صحيح مسلم بنيسابور من المؤيد الطوسي، وواعدني على أن نسمع منه شيئا، فلم يتفق وسافر ولم نسمع منه.
سمعت محمد بن أحمد القسطلاني المكي يقول ان القاضي أبا القاسم دام مجاورا بمكة (200- و) الى أن توفي بها في ذي الحجة سنة احدى وثلاثين وستمائة ودفن بالمعلاة «1» .
- الخضر بن عبد الوهاب بن يحيى بن جعفر بن منصور بن سوار:
أبو القاسم الحراني سمع باطرابلس خيثمة بن سليمان الاطرابلسي وبالموصل أبا جابر عرس بن فهد بن أحمد الازدي، روى عنه أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن ودعان الموصلي، ومحمد بن الحسين بن ابراهيم الخفاف، وأبو محمد هشام بن محمد بن هشام الكوفي اليماني، ونزل الموصل ودخل حلب أو بعض عملها في طريقه ما بين حران واطرابلس.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما اذن لنا في روايته عنه- قال:(7/3320)
أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا القاضي أبو المظفر هناد بن ابراهيم بن نصر النسفي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن ودعان الفقيه بالموصل قال: حدثنا الخضر بن عبد الوهاب بن يحيى الحراني قال: حدثنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا محمد بن عوف الطائي بحمص قال: حدثنا عثمان بن سعد قال: حدثنا محمد بن مهاجر الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: رحم الله لبيدا اذ يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب «1»
فقالت عائشة: كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال عروة: رحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا؟ قال الزهري: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا هذا، قال الزبيدي: رحم الله الزهري كيف لو أدرك زماننا هذا، قال ابن (200- ظ) مهاجر: رحم الله الزبيدي: كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال خيثمة: رحم الله ابن عوف، كيف لو أدرك زماننا هذا، قال الخضر: رحم الله خيثمة كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال ابن ودعان: رحم الله الخضر كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال هناد:
رحم الله ابن ودعان كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال الحافظ أبو القاسم: رحم الله أبا الحسن كيف لو أدرك زماننا هذا.
وقال الحافظ: كذا وقع في هذه الرواية وقد سقط قول عثمان بن سعدة «2» .
- الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام:
أبو القاسم السمسار، وقيل اسمه الحسين، ذكر أنه شهد الفقيه نصر بن ابراهيم المقدسي، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا البركات بن طاوس، وأبا محمد بن الحسن البعلبكي، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطار في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن ابن محمد بن ياسر- قراءة عليه وأنا حاضر أسمع- قال: أخبرنا أبو موسى هارون(7/3321)
ابن محمد الموصلي قال: حدثنا أبو يحيى زكريا قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: الخضر بن علي ابن الخضر بن أبي هشام، أبو القاسم السمسار، ويسمى أيضا الحسين، سمع الفقيه أبا الفتح نصر بن ابراهيم، وأبا محمد عبد الله بن الحسين بن حمزة بن أبي محمد البعلبكي، وأبا البركات بن طاوس، وذكر لي أنه سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، ولم أظفر بسماعه منه، وسمعت منه شيئا يسيرا.
قال: سألت أبا القاسم عن مولده فقال: سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وشهدت حصار أنطاكية سنة تسعين وأنا بالغ، مات ليلة الاحد الثامن من ربيع الاول سنة خمس وستين وخمسمائة، ودفن في مقبرة الباب الصغير، وكان يترفض «1» .
- الخضر بن علي بن محمد الانطاكي:
أبو القاسم البزاز الاموي مولاهم حدث عن أبي بكر محمد بن القاسم بن الأنباري، روى عنه أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الطيان الغساني.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال: أنبأنا الحافظ أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، وأبو نصر غالب بن أحمد بن المسلم قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن زهير التميمي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان الطيان الغساني قال: حدثنا أبو القاسم الخضر بن علي بن محمد الانطاكي البزاز- قدم علينا دمشق- قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري قال: حدثنا ابن ناجيه قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
ما أمعر حاج قط «2» .(7/3322)
قال ابن الانباري معناه ما افتقر قط، وأصله من (201- و) قولهم: مكان معناه اذا ذهب نباته.
- الخضر بن محمد بن أزهر:
أبو القاسم الجماهيري، شاعر من أهل معرة النعمان، أو من الطارئين عليها، وقفت له على أبيات في مراثي بني المهذب المعريين، يرثي بها أبا عبد الله الحسين بن اسماعيل بن المهذب، وقد توفي سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو صغير، والأبيات:
قد غرّ اكثر هذا العالم الأمل ... وكلهم بسوافي روحه أجل
وإنما المرء طيف والحياة له ... كالآل والموت ورد شر به علل
فلا تغرّنّك الدنيا وزينتها ... فإنها زخرف يا أيها الرجل
هل أنت فيها مقيم لا تفارقها ... أم أنت فيها مع الأيام مرتحل
أين النبي الذي القرآن آيته ... وأين من قبله الأحبار والرسل
أين الملوك الألى اغتروا بما فعلوا ... وساكنوا الأرض قبل اليوم ما فعلوا
لا شكّ أنهم في الأرض قد دفنوا ... وأنّهم قد عفت آثارهم وبلوا
ونحن لا بد حتما أن نموت كما ... ماتوا وننهل في الورد الذي نهلوا
يا حسرتا إن هذي الأرض قد أكلت ... هياكلا كان فيها جوهر صقل
مثل الحسين بن اسماعيل حين ثوى ... طفلا يقصر عن عليائه زحل
ما كان إلّا حساما ماضيا فمضى ... فيه القضاء وأسباب الدّنا دول
عمّ البرية هذا الخطب حين قضي ... على الحسين ومات السّهل والجبل
(201- ظ)
فكلّ قلب به ما حاز طاقته ... أحزنا وقد دميت من دمعها المقل
يال المهذّب صبرا إن أسرتكم ... من أسرة عرفوا الدنيا فما جهلوا
لا يطربون إذا ما نالهم فرح ... ولا إذا نابهم صرف الردى نكلوا
لكنهم صبر في كل فادحة ... وكلّ أمر عظيم خطبه جلل
الفضل صفهم والحلم خلقهم ... والفخر ما فخروا والرّفد ما بذلوا
فاصبر على الحزن اسماعيل محتسبا ... والجأ الى الله إن ضاقت بك السّبل(7/3323)
إن الجديدين سارا بالذين مضوا ... قصد الفناء فلم يدركهما ملل
ونحن في إثرهم نسعى كسعيهم ... إلى النوى دائبا نسري ونرتحل
فاستيقظوا يا أولي الأبصار واعتبروا ... بالغابرين ففي آثارهم مثل
جدّوا إلى عمل في الدار يسعدكم ... فليس يقبل في الأخرى لكم عمل
يا ربّ عفوك إن النفس تأمله ... فلا يخيبنّ منها عندك الأمل
- الخضر بن محمد بن عبد الله المصيصي:
ثم الحلبي المعروف بابن أبي الرماح، أصله من المصيصة، واستوطن حلب، وحدث بها عن أبي القاسم حسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي، وأبي علي محسّن ابن هبة الله بن عبيد الله الشافعي الرملي.
روى عنه ابنه إبراهيم بن الخضر الحلبي، ووقع إليّ جزء من حديثه بخط ابنه ابراهيم المذكور، وهو مترجم بما صورته: جزء فيه أخبار منتخبة حسان عن الشيوخ الثقات العوالي رضي الله عنهم، سماع لإبراهيم بن الخضر بن محمد بن عبد الله الحلبي (202- و) من أبيه الخضر بن محمد بن عبد الله المصيصي، فنقلت منه: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن الحسين الصابوني قال: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن قال: حدثنا سعيد بن هبيرة قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنان يوم القيامة على منبرين: أنا على منبر من نور، وعلى رأسي تاج من نور، في يدي قضيب من نور، في رجلي نعل من نور، وأمتي بين يديّ غر محجلون، وأنا أخطب على منبري وأقول: الحمد لله الذي صير مصيري ومصير أمتي إلى الجنة لا موت فيها أبدا وابليس لعنه الله على منبر من نار عليه ثياب من نار، في رجله نعل من نار، على رأسه تاج من نار، في يده قضيب من نار، بين يديه اليهود والنصارى والمجوس وأتباعه، وهو يقول في خطبته:
الويل لي ولكم إذ صير مصيري ومصيركم الى النار لا موت فيها أبدا «1» .(7/3324)
- الخضر بن يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان
أبو الدوام، وقيل أبو العباس بن أبي المظفر الملقب بالملك الظافر بن الملك الناصر.
سمع بالاسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السّلفي، وحدث عنه بحران، والفقيه أبا الطاهر اسماعيل بن مكي بن اسماعيل بن عوف، وحدث عنه بدمشق، وسمع بمصر أبا القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبا سعيد محمد بن عبد الرحمن البنجديهي، وأبا الفتح محمود بن أحمد الصاعدي، وأبا القبائل عشير بن أحمد المزارع وأبا محمد عبد الله بن بري النحوي.
سمع منه بعض (202- ظ) أصحابنا شيئا يسيرا، خرج عنه صاحبنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي حديثا في معجم شيوخه، وروى لنا عنه أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي انشادا أخرجه عنه في معجم شيوخه، وكان يزور عمي أبا غانم، وكنت أجمع به عنده في المسجد المعروف بنا، فلم أتحقق ما سمعته منه، فإنه كان يورد أشياء حسنة، لم أتحقق منها إلّا مناما ذكره له، وكان حضر لوداعه وهو يريد الحج وذكر لعمي: وأنا أسمع، قال: رأيت كان امرأة وابنتها حضرتا، وقد وطئت البنت وعزمت على وطء الأم، وذكر ذلك لعمي على وجه أن المنام قد تحقق لشروعه في التوجه الى الحج.
فمضى الى الحج ودخل المدينة، فسير الملك العادل أبو بكر أيوب ورده من الطريق من بدر خوفا أن يدخل اليمن ويملكها، فتوسل الى من حضر لرده أن يؤخذ تحت الحوطة والتضييق حتى يقضي حجه، فلم يجيبوه الى ذلك، وعاد الى حلب واجتمع بعمي ووالدي وأنا معهما، وذكرهما بالمنام الذي قصه علينا لما ودع عمي:
وقال: الأم هي مكة أم القرى، والبنت هي المدينة، ووطئت المدينة وهي البنت، ولم يتهيأ لي وطء الأم وهي مكة، وكان هذا من أعجب المنامات التي تحقق تأويلها.
وكان جوادا سخيا شجاعا عارفا بالتواريخ وأيام الناس، وكان من جلة بني الملك الناصر يوسف بن أيوب وكان ينبز بالملك المشمر، بحيث أنه غلب على لقبه الملك الظافر، وبلغني أنه إنما غلب عليه هذا اللقب لأن أباه قسم البلاد على أكابر(7/3325)
اخوته، فقال: أنا مشمرّ، فغلب عليه المشمرّ، وهجر ما سواه، وأقام بحلب عند أخيه الملك الظاهر غازي (203- و) سنين عديدة، وسكن بالياروقية ظاهر حلب، وابتنى بها منازل وحماما، فلما مرض الملك الظاهر مرضته التي توفي فيها خاف منه على ابنه الملك العزيز محمد، فأمر برحيله من حلب، وأقطعه اقطاعا حسنا مضافا الى ما كان له عليه، فتوجه الى منبج ومات الملك الظاهر، فلم يتم له أمر الاقطاع، فتوجه الى أخيه وشقيقه الملك الأفضل علي الى سميساط وأقام بها الى أن مات الملك الأفضل، فانتقل الى حران وأقام بها عند ابن عمه الملك الأشرف موسى بها الى أن توفي بها رحمه الله.
وكانت أمه أم ولد، وهي أم الملك الأفضل علي، وأخبرني أخوه الملك المحسن أحمد أن مولد أخيه الملك الظافر خضر بمصر سنة ثمان وستين وخمسمائة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي- إجازة- قال: أخبرنا الأمير أبو الدوام الخضر بن السلطان الملك الناصر أبي المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي- بقراءتي عليه بجبل قاسيون، بظاهر دمشق، في يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة- قال: أخبرنا الفقيه أبو الطاهر اسماعيل بن مكي بن اسماعيل بن عوف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي- نزيل الاسكندرية- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أحمد بن عيسى الفسوي الفارسي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع المفسر الدمشقي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد بن ابراهيم (203- ظ) القاضي المروزي في زقاق عطاف «1» قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن البغدادي قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم قال: حدثنا أبي عن اسحاق قال: حدثني يحيى بن الأشعث عن اسماعيل ابن اياس بن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال: كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب أبتاع منه بعض التجارة، وكان امرأ تاجرا، قال:
فو الله إني لعنده إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر الى الشمس، فلما رآها مالت قام يصلي، قال: ثم خرجب امرأة من ذلك الخباء الذي قد خرج منه ذلك(7/3326)
الرجل، فقامت خلفه، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام يصلي، فقلت للعباس: ما هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي، قال: فقلت من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة ابنة خويلد قال: فقلت من هذا؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عمه، قال: فقلت: ما هذا الذي يصنع؟ قال:
يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلّا امرأته وابن عمه، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر، قال: وكان عفيف وهو ابن عم الأشعث بن قيس يقول- وأسلم بعد ذلك فحسن اسلامه- لو كان الله رزقني الاسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي بن أبي طالب.
أنشدني أبو الفداء اسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الملك الظافر مظفر الدين أبو العباس الخضر بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبي (204- و) المظفر يوسف بن أيوب رحمه الله في طريق مكة شرفها الله تعالى، وكان أمير الحاج يومئذ سنة عشر وستمائة لرضي الدين يحيى بن سالم بن أبي حصينة المعري يمدح والده الملك الناصر:
قالوا نرى ناصر الاسلام منذ ولى ... لم يدّخر ذهبا عن أهل دولته
وكل من قد مضى من قبل من ملك ... بالجمع للمال أفنى طول مدته
أما ترى النحل يحوي قوته سنة ... والليث لا يقتني قوتا لليلته
فقلت للضعف أضحى ذاك مدّخرا ... وترك ذا الذخر من إفراط شدّته
قال لنا القوصي: وأنشدني رحمه الله لرجل من أدباء أهل الأندلس، ورد على والده السلطان الملك الناصر رحمه الله، وأنشده هذه الأبيات الثلاثة، وأجازه عليها جائزة:
يا ملك مصر وملك الشام واليمن ... ومن عساكره في البر والسفن
ومن تملّك ما لم يحوه ملك ... ما يلحق المرء من هذا سوى الكفن
فاستغنم الخير فالدنيا على أحد ... ليست تدوم وهذي عادة الزمن(7/3327)
أخبرنا أبو الفداء القوصي قال: هذا الملك الظافر مظفر الدين الخضر بن يوسف رحمه الله، كان كريما لطالب جاهه ومسترفد رفده، وجمع لي في طريق مكة تلك السنة بين تلطفه وحسن وده الى أن وصل عسكر من الديار المصرية برجوعه عن وجهته، ورده، فصدّ ونحن ببدر عن (204- ظ) تتميم قصده وكان يخشى من دخوله الى اليمن، وقلّ ما تسلم الملوك أو الرعايا من حوادث الزمن، وكان شقيق أخيه الملك الأفضل نور الدين أبي الحسن، وكان مولده بالقاهرة في خامس من شعبان سنة ثمان وستين وخمسمائة، أخبرني بذلك شيخنا الامام عماد الدين ذو البلاغتين الأصبهاني الكاتب.
بلغني خبر وفاة الظافر خضر أنه توفي بحران في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وستمائة (205- و) .(7/3328)
- خضر
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
رجل كان بطرسوس روى عن اسحاق بن راهويه، روى عنه أبو بكر المزوّدي وسمع منه بطرسوس.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو بكر المزودي قال: سمعت خضرا بطرسوس يقول: سمعت اسحاق بن راهويه يقول: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل امامنا.(7/3329)
ذكر من اسمه خطاب
- الخطاب بن سعد بن عثمان
أبو القاسم الخير الأزدي، وقيل هو الخطاب بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى ابن مسلمة بن عبد الله بن قرط الحمصي الدمشقي.
سمع بحلب أبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وحدث عنه وعن المؤمل بن إهاب وهشام بن عمار، والربيع بن سليمان، وهاشم بن القاسم الحراني ومحمد بن رجاء السجستاني ومحمد بن سماعة الرملي، وعمرو بن عثمان الحمصي، ونصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة، وأبي عمرو عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد الحمصي، وأبي جعفر محمد بن عبيد الهاشمي، والفتح بن نصر بن عبد الرحمن، وعبد الله بن عبد الوهاب، ومحمد بن أحمد بن ابراهيم.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أيوب بن شنبوذ، وأبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث الزجاج، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري وأبو عمرو سعيد (206- و) بن عثمان ابن نصر الهمذاني وابن أخيه أحمد بن ابراهيم بن سعد بن عثمان.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الخطاب بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى بن مسلمة بن عبد الله بن قرط، أبو القاسم الأزدي أصله من حمص، وسكن دمشق، وحدث عن هشام بن عمار وهاشم ابن القاسم الحراني، ونصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة، والمؤمل بن اهاب ومحمد بن رجاء السجستاني، وأبي عمرو عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد الحمصي، وعبد الله بن عبد الوهاب، وأبي نعيم الحلبي ومحمد بن أحمد بن ابراهيم، والربيع ابن سليمان، ومحمد بن سماعة الرملي وأبي جعفر محمد بن عبيد الهاشمي، وعمرو ابن عثمان الحمصي والفتح بن نصر بن عبد الرحمن.(7/3330)
وروى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد بن أيوب بن شنبوذ، وأبو علي بن شعيب الأنصاري، وسليمان (206- ظ) بن أحمد الطبراني، وابن أخيه أبو عمر أحمد بن ابراهيم بن سعد الخير وأبو عمرو سعيد بن عثمان بن نصر الهمذاني، وأبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث الزجاج «1» .
- خطاب بن سنان الحراني:
أخو حسين بن سنان، نزل أنطاكية وحدث عن بقية بن الوليد وروى عنه صالح ابن زيادة بن شعيب السوسي.
- الخطاب صاحب عروة بن مروان:
غزا الصائفة الى بلاد الروم مع عبد الملك بن صالح بن علي بن العباس، حكى عن عبد الله بن المبارك، روى عنه عروة بن مروان.
أخبرنا محمد بن هبة الله بن محمد القاضي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إليّ أبو نصر القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن عمر قال:
حدثنا محمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الحدثي قال: حدثنا عروة بن مروان قال: أخبرني الخطاب- صاحب لنا- قال: رأيت الجفان بأرض الروم على رؤوس الشرط فيها الكعك والسويق والتمر فقلت: لأتبعنّها حتى أنظر الى من يذهب بها، قال: فجيء بها الى رحل ابن المبارك، فقالوا: بعث بها عبد الملك، فسمعته يقول للشرط: انطلقوا لا حاجة لي فيها فردها.
خطاب بن عبد الله:
مملوك السلطان محمود، ملك حلب، ويقال له: ختلغ أبه أيضا ويعرّب فيقال خطلبا وقد ذكرناه فيما تقدم (207- و) .(7/3331)
- خفاف بن منصور التميمي المروروذي:
كان من أهل خراسان، وصحب عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس حين ورد حلب، وشهد معه حصار دمشق وله ذكر في التاريخ.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال:
خفاف بن منصور التميمي المروروذي، شهد حصار دمشق مع عبد الله بن علي، تقدم ذكر ذلك في ترجمة جبريل بن يحيى «1» .
- خفيف بن عبد الله:
أبو علي الغازي الدينوري، غزا بلاد الروم فعرف بذلك، روى عن هشام بن عمار وابراهيم بن موسى النجار الطرسوسي، وحماد بن يحيى البلخي، روى عنه أبو أحمد القاسم بن الحسن بن القاسم الهمذاني وأبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الدينوري.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زهير قال: حدثنا علي بن محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن عبد الله بن الهيثم البهراني الخطيب، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الخزرجي الأنصاري البخاري قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن الحسين ابن الحارث بهمذان قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن الحسن قال: حدثنا أبو علي خفيف بن عبد الله الغازي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا صالح بن رستم أبو عبد السلام مولى(7/3332)
(207- ظ) بني هاشم عن عبد الله بن حواله أنه قال: يا رسول الله اكتب لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك، قال: عليك بالشام ثلاثا، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته الشام قال: هل تدرون ما يقول الله عز وجل، يقول: يا شام يا شام أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرتي من عبادي، أنت سيف نقمتي وسوط عذابي، أنت الأندر وإليك المحشر، ورأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة، قلت: ما تحملون؟ قالوا: عمود الاسلام أمرنا أن نضعه بالشام، وبينا أنا نائم رأيت كتابا أختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فاتبعت بصري فإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه وليسق من غدره، فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله.
قال الحافظ: روى عنه علي بن محمد بن شجاع حديثا آخر فقال: خفيف الرازي- بالراء-.
قال الحافظ: خفيف بن عبد الله أبو علي الدينوري الغازي، سمع بدمشق هشام بن عمار، وحماد بن يحيى البلخي وابراهيم بن موسى النجار الطرسوسي.
روى عنه أبو أحمد القاسم بن الحسن بن القاسم الهمذاني، وأبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الدينوري نزيل قينية «1» .(7/3333)
ذكر من اسمه خلف
- خلف بن تميم بن أبي عتاب مالك التميمي:
أبو عبد الرحمن الجعدي الدارمي (208- و) وقيل البجلي وقيل المخزومي المصيصي مولى آل جعدة بن هبيرة كوفي نزل المصيصة وأنطاكية، وكان من العباد الخشن في العبادة، وطاف بلاد الشام، وحدث عن أبيه تميم بن مالك وعبد الله بن السري الأنطاكي الزاهد، وابراهيم بن أدهم، واسماعيل بن مهاجر الكوفي، وسفيان ابن سعيد الثوري وأبي الأحوص سلام بن سليم، وعبد الله بن محمد بن سعد الأنصاري، وعاصم بن محمد بن زيد العمري، والمفضل بن يونس وزائدة بن قدامة الثقفي، ومحمد بن عبد العزيز التميمي، وعمارة بن شبيب وعبد الجبار بن عمر الأيلي، وعبد الله بن المبارك.
روى عنه أبو اسحاق ابراهيم بن محمد الفزاري وعلي بن محمد بن علي بن أبي المضاء وعبد الله بن خبيق، ومحمد بن غالب بن غصن، والفضل بن سهل الأعرج الأنطاكيون، وأبو حميد عبد الله بن محمد بن تميم، وأبو الحسن محمد بن أحمد ابن عبد الله بن صفوة، ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصيون، وأبو سعيد أحمد ابن بكر البالسي، ومحمد بن اسماعيل بن علي الأنصاري، ومحمد بن اسحاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة، والحسن بن الصباح، ومحمد بن يزيد المستملي، وعبد العزيز بن المبارك الدينوري، واسماعيل بن أبي الحارث، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وعباس بن محمد الدوري، وهارون بن الحسن، وأحمد بن ابراهيم الدورقي، ومحمد بن الحسين بن اشكاب ومحمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأحمد بن الخليل البغدادي، ومحمد علي السرخسي ومحمد ابن الحسين البرجلاني ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة (208- ظ) والعلاء بن سلمه، وسريج بن يونس، وأبو جعفر محمد بن جعفر السمناني، واسحاق بن بهلول.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو يعلى بن كروس السلمي قال: حدثنا الفقيه نصر بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرنا(7/3334)
أبو المعمر الاملوكي، قال: حدثنا أبو حفص العتكي قال: أخبرنا أبو عمير عدي.
ابن أحمد الأذني قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن المهاجر قال: حدثنا اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ان الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، واذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، وما من أهل بيت يحرمون الرفق إلّا وقد حرموا «1» .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن (209- و) بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المعدل قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبي قال: سمعت خلف بن تميم يقول: رأيت ابراهيم بن أدهم بجبيل وسألته: منذكم قدمت الشام؟ قال: مذ أربع وعشرين سنة، فقلت هنيئا لك مرابط ومجاهد، فقال: والله ما قدمت مرابطا ولا مجاهدا وانما قدمت الشام لأشبع من خبز الحلال، تراني أحمل هذا الحطب من الجبل فأبيعه فلا يراني أحد إلّا قال فلاح أو حمال «2» .
أنبأنا أبو القاسم بن صصرى قال: أخبرنا أبو الكرم بن الشهرزوري- اذنا عن أبي القاسم بن مسعدة- قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا يحيى بن صاعد قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى صاحب السابري ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ومحمد بن اشكيب «3» ومحمد بن اسحاق وعباس بن محمد وغيرهم قالوا: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله(7/3335)
عليه وسلم: اذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم يومئذ فليظهره، فان كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: قال لنا ابن صاعد: وقد رواه سريج بن يونس وقدماء شيوخنا عن خلف بن تميم هكذا وكانوا (209- ظ) يرون ان عبد الله بن السري هذا شيخ قديم، ممن لقي ابن المنكدر، وسمع منه، وممن صنف المسند، فقد رسمه باسمه في الشيوخ الذين رووا عن ابن المنكدر، فحدثنا به عن شيخ خلف بن تميم، فاذا هو أصغر منه واذا خلف قد أسقط من الاسناد ثلاثة نفر.
قال ابن عدي: حدثناه ابن صاعد، قال: حدثنا موسى بن النعمان أبو هارون بمصر قال: حدثنا عبد الله بن السري بأنطاكية قال حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة ابن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فان كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: قال لنا ابن صاعد: وقد حدثونا عن الشيخ الذي حدث به عنه شيخ خلف بن تميم، قال: حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي قال: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: حدثناه الحسين بن الحسن بن سفيان ببخارى قال: أخبرنا أحمد ابن نصر قال: حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي قال: حدثنا سعيد (210- و) بن زكريا المدائني عن عنبة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا لعن(7/3336)
آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يؤمئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم. «1» .
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: حدثنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدثنا الحسن بن الصباح قال:
حدثنا خلف بن تميم أبو عبد الرحمن الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، قال أبو عبد الله: لا أعرف عبد الله ولا له سماعا من ابن المنكدر «2» .
قلت عبد الله بن السري الأنطاكي معروف وكان من الصالحين، وستأتي ترجمته في هذا الكتاب، وإنما أنكره البخاري بروايته عن محمد بن المنكدر، وعصره لا يقتضي ذلك، وقد بين ابن عدي في ذلك ما فيه كفاية.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال:
أخبرنا أبو صالح المؤذن قال: حدثنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا عباس بن محمد قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله ابن المبارك قال: سمعته (210- ظ) يقول: من أراد الشهادة فليدخل دار البطيخ بالكوفة ويترحم على عثمان، قال خلف بن تميم: فدخلت دار البطيخ بالكوفة فرأيت الأرطال والكيالج، فكرهت أن أقول شيئا.
قال يحيى بن معين: وكان الفزاري يحدث عن خلف بن تميم يقول: خلف مولى جعدة بن هبيرة.
وأنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب قال:(7/3337)
أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الاحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: أخبرنا أبي قال: قال أبو زكريا يحيى بن معين:
خلف بن تميم مولى جعدة بن هبيرة.
أنبأنا الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال:
أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل قال: خلف بن تميم أبو عبد الرحمن، سمع اسماعيل بن ابراهيم بن مهاجر يقال مولى جعدة بن هبيرة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم التميمي الدارمي من أنفسهم، ويقال: مولى جعدة بن هبيرة المصيصي، سمع اسماعيل بن ابراهيم وزائدة، روى عنه ابراهيم بن محمد أبو اسحاق. (211- و) ..
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قيس الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا خلف بن تميم البجلي أبو عبد الرحمن قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن المهاجر فأسند حديثا.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: خلف بن تميم بن مالك أبي عتاب، أبو عبد الرحمن التميمي الدارمي، ويقال البجلي، ويقال المخزومي مولى آل جعدة بن هبيرة، كوفي نزل المصيصة، وطاف بالشام، سمع ابراهيم بن أدهم بجبيل من ساحل دمشق، وحدث عنه وعن اسماعيل بن ابراهيم بن مهاجر الكوفي، وعبيد الله بن محمد بن سعد الأنصاري، وعبد الله بن السري الزاهد الأنطاكي، وزائدة بن قدامة الثقفي وأبي الأحوص(7/3338)
سلام بن سليم، ومحمد بن عبد العزيز التيمي، والمفضل بن يونس وعمارة بن شبيب وسفيان الثوري، وعاصم بن محمد بن زيد العمري، وأبيه تميم بن مالك.
روى عنه أبو اسحاق ابراهيم بن محمد الفزاري، والحسن بن الصباح، وعبد العزيز بن المبارك الدينوري، وعلي بن محمد بن علي بن أبي المضاء، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي وهارون بن الحسن، والفضل ابن سهل الأعرج، وأحمد بن ابراهيم الدورقي، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأحمد ابن الخليل البغدادي نزيل نيسابور، وأبو حميد عبد الله (211- ظ) بن محمد ابن تميم المصيصي، ومحمد بن الحسين البرجلاني، ومحمد بن علي السرخسي، وشريح بن يونس، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ومحمد بن الحسين بن بشران، ومحمد بن غالب بن حصن الأنطاكي، ومحمد بن اسحاق الصغاني، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن بكر البالسي، واسماعيل ابن أبي الحارث، ومحمد بن يزيد المستملي، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن صفوة المصيصي ويعقوب بن شيبه وغيرهم.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم ابن الحجاج يقول: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم المصيصي سمع اسماعيل بن ابراهيم بن مهاجر وعمار بن محمد. «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى بن ابراهيم التميمي- قراءة- قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله، قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم «2» .
قال ابن ناصر: أنبأنا أبو طاهر بن الأنباري قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم(7/3339)
قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن المهتدي قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال:
أبو عبد الرحمن خلف بن تميم «1» .
أخبرنا أبو القاسم بن الحسين بن رواحة- فيما أذن لنا فيه- قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد عن المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قال:
أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن حمه الخلال قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن أحمد (212- و) بن يعقوب بن شيبه قال: حدثني جدي قال: وخلف بن تميم أبو عبد الرحمن ثقة صدوق، أحد النساك والمجاهدين، صحب ابراهيم بن أدهم.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود بن الحسن الثقفي قال:
أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خلف بن تميم بن أبي عتاب أبو عبد الرحمن سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: ثقة صالح الحديث «2» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- عن أبي القاسم بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعد قال: سألت يحيى بن تميم عن خلف بن تميم أي شيء حاله؟ فقال:
هو المسكين شيخ صدوق «3» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي بها قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري الحافظ قال: أخبرنا القاضي عياض بن موسى- اذنا- قال: أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ، ح.
وأنبأنا الحافظ أبو الحسن على بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبار قال: حدثنا أبو الحسن الفالي قال:
حدثنا القاضي ابن جلاد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الغزاء قال: حدثنا يوسف(7/3340)
ابن مسلم (212- ظ) قال: حدثنا خلف بن تميم قال: كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة: يا أبا الصلت اني كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فقال لي: لا تحدث إلّا بما تحفظ بقلبك وتسمع بأذنك، قال: فألقيتها.
قال أبو الحسن المقدسي: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبار قال: حدثنا أبو الحسن الفالي قال: حدثنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان قال:
حدثنا يوسف بن مسلم قال: حدثنا خلف بن تميم قال: أتيت حيوة بن شريح فسألته، فأخرج إليّ كتابا، فقال: اذهب فانسخ هذا واروه عني، قلت: لا نقبله إلّا سماعا، قال: كذا أفعل بغيرك فإن أردته وإلّا فذره، قال: فتركته.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي القاسم نصر بن أحمد ابن مقاتل قال: أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا أبو علي الأهوازي قال: أخبرنا عمران بن الحسن بن يوسف الخفاف قال: حدثنا عبد الله بن ضوء الرقي قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا محمد بن العباس قال: كنت (عند) يوسف ابن أسباط وعنده خلف بن تميم فقال له خلف: أوصني، قال أوصيتك يا عم بترك الحديث، فقال له خلف: يا أبا محمد فلم كتبناه وأدلجنا فيه بالاسحار، ولم رحلنا فيه؟ فقال له يوسف: يا أبا عبد الرحمن أليس قد أكل به الألبّاء العقلاء واستزاروا به الولاة (213- و) واستطالوا به على أهل بلادهم، أينا جلس مجلسا فأحب أن يقوم منه حتى يعرف مكانه، فمن سلم من هذا فما أخشى ما هذا، أو كلام هذا معناه.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد الساتر الزيادي بتنيس قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر بن نصير قال:
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي قال: حدثنا أبو أمية محمد ابن ابراهيم الطرسوسي قال: حدثنا أبو مسلم المستملي قال: ومات حجاج الأعور(7/3341)
سنة ست ومائتين وفيها مات الهيثم بن عدي، ويزيد بن هارون، وشبابه بن سوار، ومحاضر، وعمر بن حبيب، وخلف بن تميم، ومحمد بن جعفر المدائني.
قال أبو القاسم: وذكر أبو عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي- فيما سقط من رواية أحمد بن معروف، عن الحسين بن الفهم عنه. قال: خلف بن تميم الكوفي كان عالما توفي بالمصيصه سنة ثلاث عشرة ومائتين في خلافة عبد الله بن هارون.
قال أبو القاسم: وذكر أبو عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي- فيما سقط بباب الصغير، وأن قبره الى جانب مقبرة ابن المصيصي وهي مقبرة البهجة ابن أبي عقيل «1» .
أخبرنا أبو علي الأوقى- إذنا- قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار (213- ظ) قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة ومائتين: خلف بن تميم، قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى- يعني- مات فيها.
- خلف بن سالم أبو محمد المخرمي السندي مولى المهالبة:
دخل حلب صحبة أحمد بن حنبل وسمعا بها من مبشر بن اسماعيل الحلبي، ثم خرج معه إلى طرسوس، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أحمد بن حنبل.
روى عن مبشر بن اسماعيل، وعبد الصمد بن عبد الوارث ويحيى بن آدم، وأبي بكر بن عياش، وهشيم بن بشير ومعن بن عيسى، ويحيى بن سعيد القطان، وسعد ويعقوب ابني ابراهيم بن سعد، وعبد الرزاق بن همام، واسماعيل بن عليه، ومعن بن عيسى، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي نعيم الفضل بن دكين:
ويزيد بن هارون، ومحمد بن جعفر غندر، ووهب بن جرير.
روى عنه أبو علي صالح بن محمد البغدادي وأبو بكر يعقوب بن يوسف(7/3342)
المطوعي، وأبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي واسماعيل بن أبي الحارث، والحسن بن علي المعمري، ويعقوب بن شيبة وعباس الدوري، وأحمد بن أبي خثيمه، وحاتم بن الليث وجعفر الطيالسي، وعبد الله بن محمد البغوي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب العباسي، قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد الخلمي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد ابن الحسين بن خدام البخاري قال: حدثنا الفقيه الصالح أبو اسحاق ابراهيم بن مسلم الشكاني قال: أخبرنا أبو حفص أحمد بن أحيد بن حمران قال: حدثنا أبو علي صالح بن محمد البغدادي (214- و) قال: حدثنا خلف بن سالم قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا محمد بن ثابت قال: حدثني أبي ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا يا رسول الله: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن عدي بن زحر البصري- في كتابه- قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: قال أبو داود سليمان بن الأشعث: سمعت من خلف بن سالم خمسة أحاديث سمعتها من أحمد بن حنبل، وكان أبو داود لا يحدث عن خلف بن سالم.
وقال أحمد بن علي: حدثت عن محمد بن العباس بن الفرات قال: أخبرني الحسن بن يوسف الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرنا علي بن سهل بن المغيرة البزاز قال: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن خلف بن سالم: قال:
لا يشك في صدقه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو(7/3343)
بكر الحافظ قال: حدثنا البرقاني قال: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا أبو عوانه يعقوب بن اسحاق الأسفراييني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألته- يعني- أحمد بن حنبل عن خلف المخرمي فقال: نقموا عليه تتبعه هذه الأحاديث، قلت: هو صادق؟ قال: ما أعرفه يكذب مع أنه قد دخل مع الأنصاري في شيء يحكي عنه أمر بغيض كان اذا أمر لإنسان (214- ظ) بشيء اشتراه قلت: كان يعيّن؟ قال: العينة أحسن من ذا، ثم قال: كنت أعرفه عفيف البطن والفرج.
وقال الحافظ أبو بكر: أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن اسماعيل الفارسي قال: حدثنا بكر بن سهيل قال: حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: سألت يحيى بن معين عن خلف المخرمي فقال: صدوق، فقلت له: يا أبا زكريا انه يحدث بمساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قد كان يجمعها وأما أن يحدث بها فلا «1» .
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال:
أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ليس بخلف بن سالم المسكين بأس لولا أنه سفيه.
وقال أحمد بن زهير: أخبرني من سمع أبا المحلّم يقول: إن أخانا خلف بن سالم ليس عليه أحد بسالم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن يعقوب بن شيبه قال: حدثنا جدي قال: حدثنا خلف بن سالم- وكان ثقة ثبتا- قال: وذكر جدي مسددا والحميدي فقال: كان خلف بن سالم أثبت منهما «2» .(7/3344)
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن ابراهيم التميمي قال: أخبرنا أبو نصر (215- و) عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال:
أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد خلف بن سالم بغدادي مخرمي ثقه.
أخبرنا أبو حفص بن طبرزد- إذنا- قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: خلف بن سالم أبو محمد المخرمي مولى المهالبه، وكان سنديا، سمع أبا بكر بن عياش وهشيم بن بشير ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي واسماعيل بن عليّه، وسعد بن ابراهيم بن سعد وأخاه يعقوب بن ابراهيم ومعن بن عيسى وأبا نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن جعفر غندرا، ويزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وعبد الرزاق بن همام.
روى عنه إسماعيل بن أبي الحارث وحاتم بن الليث ويعقوب بن شيبه، وأحمد ابن أبي خيثمة وجعفر الطيالسي، وعباس الدوري، ويعقوب بن يوسف المطوعي، والحسن بن علي المعمري، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي «1» .
أخبرنا أبو الفرج حمزة القبيطي الحراني في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الأبنوسي قال: اخبرنا ابو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال سمعت يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بن يزيد يقول: سمعت عباس بن محمد الدوري يقول: سمعت خلف بن سالم يقول:
سماع الحديث هين والخروج منه شديد «2» .
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد (215- ظ) قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: كتب إلي محمد ابن ابراهيم الجوزي من شيراز يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال:
.(7/3345)
حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: كان موت خلف بن سالم ببغداد وهو ابن سبعين سنة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال: ح.
قال الخطيب أبو بكر: وأخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات خلف بن سالم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، زاد البغوي في آخر شهر رمضان، قال: وقد رأيته وسمعت منه.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي بدمشق قال: أخبرنا القاضي أبو بكر الميانجي قال: قال لنا الصوفي- وهو- أحمد بن الحسن بن عبد الجبار: مات خلف بن سالم يوم الأحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وهو ابن تسع وستين سنة.
وقال الخطيب أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق بن وهب البندار قال: حدثنا أبو غالب علي ابن أحمد بن النضر قال: ومات خلف بن سالم سنة ثنتين وثلاثين، قال الخطيب:
والقول الأول الصواب والله أعلم «1» .
- خلف بن القاسم بن سهل
وقيل ابن سهلون بن محمد بن يونس بن (216- و) الأسود أبو القاسم الأزدي القرطبي الحافظ المعروف بابن الدباغ، سمع بالأندلس أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة، ثم رحل الى المشرق، وحج وسع بمصر أبا الحسن محمد بن عثمان بن أبي التمام إمام الجامع، وأحمد بن محمد بن موسى الحضرمي والحسن ابن الخضر الأسيوطي، وأبا أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح بن المفسر، وحمزة ابن محمد الكتاني، والحسن بن رشيق، وأبا بكر محمد بن الحارث الأطروش،(7/3346)
وأبا بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي، وأبا الفضل يحيى بن الربيع ابن محمد العبدي، وأبا علي سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ.
وحج إلى بيت الله الحرام، فسمع بمكة أبا بكر أحمد بن محمد بن سهل الحداد، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت، وسمع بدمشق أبا القاسم علي بن يعقوب بن ابراهيم بن أبي العقب، وأبا الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي، وبحرّان أبا عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأبا الحسن علي ابن الحسن بن علّان، وجماعة يطول ذكرهم.
ففي طريقه ما بين دمشق وحران اجتاز بحلب أو ببعض اعمالها.
روى عنه أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر الحافظ، وأبو عمرو عثمان ابن سعيد بن عثمان الداني، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، وأبو الفتح بن مسرور البلخي.
كتب إلينا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال في كتابه قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران (216- ظ) بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال:
أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن مروان الحراني وبشر بن سعيد أبو الطيب الرافقي، وسلم بن معاذ الدمشقي.
قال: وحدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن نصر ومحمد بن ابراهيم الأنماطي ومحمد بن سعيد الحراني قالوا كلهم: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن المفضل الحراني قال: حدثنا مسكين بن بكير قال: حدثنا المسعودي عن عبد الملك بن عمير عن أيمن بن خريم بن فاتك عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الفتى خريم بن فاتك لو قصر من شعره ورفع من إزاره، قال خريم: لا يفارق شعري أذني ولا إزاري كعبي «1» .(7/3347)
قال ابن السكن وليس يروى عن خريم هذا الحديث باسناد متصل إلّا من هذا الوجه. أخبرنا الشيخ أبو الحسن ... «1» (217- و) .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم صدقه بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي- قراءة- قال: قرأ لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ بلفظه من كتابه بدمشق قال: قرأت في كتاب أبي الفتح عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي بخطه: قال: حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم بن سهلون الأندلسي قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة قال: حدثني أبي قال: حدثني خالي ابراهيم بن قاسم بن هلال قال: حدثني فطيس السبائي قال: سمعت مالكا يقول في قول الله عز وجل: «ما يلفظ من قول إلّا لديه رقيب عتيد» «2» ، قال: يكتب عليه حتى الأنين في مرضه «3» .
قال: وأخبرنا أبو القاسم صدقه بن محمد قال: قال لنا أبو عبد الله الحميدي في «كتاب تاريخ الأندلس» تصنيفه: خلف بن قاسم بن سهل، ويقال له أيضا ابن سهلون بن أسود، أبو القاسم، المعروف بابن الدباغ، كان محدثا مكثرا حافظا، سمع بالأندلس من يحيى بن زكريا بن الشامة وغيره، ورحل قبل الخمسين وثلاثمائة الى مصر ومكة (217- ظ) والشام وسمع جماعة منهم أبو الحسن محمد بن عثمان ابن أبي التمام إمام جامع مصر، صاحب أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي وأبو قتيبة سلم بن الفضل البغدادي، وأبو بكر محمد بن الحارث الأبيض القرشي الأطروش وأحمد بن محمد بن موسى بن عيسى الحضرمي صاحب أحمد بن شعيب النسائي، والحسن بن الخضر الأسيوطي وأبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح بن شجاع المعروف بابن المفسر بمصر، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت المكي صاحب علي بن عبد العزيز وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد ابن زنجويه البغدادي وعلي بن يعقوب بن ابراهيم بن أبي العقب الدمشقي، وأبو(7/3348)
محمد الحسن بن رشيق المصري المعدل، وأبو بكر محمد بن أحمد بن المسور المعروف بأبي طنه، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي صاحب أبي زرعة الدمشقي، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الكتاني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الخالق الحطاب- بالحاء المهملة- وأبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأحمد بن محبوب بن سليمان الفقيه وأبو العباس أحمد بن ابراهيم بن علي الكندي، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علّان صاحب تاريخ الجزيرة، وأحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن أشنه صاحب كتاب المحبر في القراءات، والحسن بن أبي هلال صاحب النسائي، وأبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي صاحب ابن مجاهد، لقيه بمصر، وأبو حفص عمر ابن محمد بن (218- و) القاسم التنيسي صاحب بكر بن سهل الدمياطي، وأبو الفضل يحيى بن الربيع بن محمد العبدي لقيه بمصر، وأبو الحسن علي بن العباس ابن محمد بن عبد الغفار، المعروف بابن الونّ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن كامل ابن الوليد بن صالح بن خروف، وأبو علي عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن أبي الخصيب، وأبو الحسن علي بن محمد بن ابراهيم المعلم الحلّاب، وأبو عمر محمد ابن يوسف بن يعقوب، وعبد الله بن محمد بن اسحاق بن معمر الجوهري والحسين ابن جعفر الزيات، وأحمد بن ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الحداد، والسليل بن أحمد بن السليل صاحب محمد بن جرير الطبري، وأبو علي سعيد بن السكن الحافظ.
وذكر غيرهم ثم قال: وجمع مسند حديث مالك بن أنس، ومسند حديث شعبة ابن الحجاج، وأسماء المعروفين بالكنى من الصحابة والتابعين وسائر المحدثين، وكتاب الخائفين وأقضية شريح، وزهد بشر بن الحارث وغير ذلك.
روى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ فأكثر، وكان لا يقدم عليه من شيوخه أحدا، وذكره لنا فقال: أما خلف بن القاسم بن سهل الحافظ، فشيخ لنا وشيخ لشيوخنا أبي الوليد بن الفرضي وغيره، كتب بالمشرق عن نحو الثلاثمائة رجل وكان من أعلم الناس برجال الحديث، وأكتبهم له وأجمعهم لذلك وللتواريخ(7/3349)
والتفاسير، ولم يكن له بصر بالرأي، يعرف بابن الدباغ وهو محدث الأندلس في وقته.
قال الحميدي: وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد (218- ظ) بن محمد ابن مسرور «1» .
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خلف بن القاسم بن سهل بن محمد بن يونس بن الاسود أبو القاسم المعروف بابن الدباغ الأزدي القرطبي الحافظ، سمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، وأبا القاسم بن أبي العقب، وبمكة أبا بكر أحمد بن محمد بن سهل بن رزق الله، المعروف ببكير الحداد وأبا بكر بن أبي الموت، وبمصر عبد الله بن محمد بن المفسر الدمشقي، وحمزة بن محمد الكتاني الحافظ، والحسن بن رشيق وغيرهم.
روى عنه أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر الحافظ، وأبو الفتح بن مسرور البلخي، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني.
قال الحافظ: ذكر أبو الوليد عبد الله بن محمد الفرضي أنه قرأ القرآن على جماعة من أهل القراءة، وكان حافظا للحديث عالما بطرقه، ألف كتبا حسانا في الزهد، ومولده سنة خمس وعشرين، وتوفى ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ودفن يوم الاحد «2» .
خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي أبو محمد الحافظ:
حدث بمعرة النعمان وغيرها عن أبي بكر أحمد بن ابراهيم بن العباس الإسماعيلي، وأبي الحسن أحمد بن ابراهيم البدوي النيسابوري، وعبد الله بن محمد بن عثمان المزني وأبي بكر (219- و) أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي،(7/3350)
وأبي الفضل محمد بن عبد الله خميرويه، والحسين بن أحمد الديني، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن معدان المروزي الفقيه، وأبي محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عيسى بن بشر بن شيرويه القشيري، وأبي محمد عبد الله بن ماسي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد، وأبي سليمان محمد بن عبد الله ابن أحمد بن زبر الدمشقي.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، والحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عثمان الازهري، وعبد الرحمن بن علي بن محمد بن رجاء الاطرابلسي، وأبو صالح محمد بن المهذب المعري التنوخي، وأبو الحسن علي بن محمد الحنائي الدمشقي وأبو علي الحسن بن علي الاهوازي، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو عبد الرحمن محمد ابن علي الصوري.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي- فيما أذن لي فيه غير مرة- قال: أخبرنا محمد بن كامل بن ديسم في كتابه عن أبي صالح محمد بن المهذب بن علي المعري قال: حدثنا أبو محمد خلف بن علي الحافظ الواسطي رحمه الله في المسجد الجامع بمعرة النعمان في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن حمدان بن وهب الدينوري الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن محمد المقدسي قال: كنت بمكة (219- ظ) فسمعت أبا عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه يقول:
سلوني أخبركم من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام اليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تبارك وتعالى: «ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» «1» .
وحدثنا سفيان بن عيينه عن مالك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال:(7/3351)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر «1» .
وحدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن المحرم يقتل الزنبور.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وعبد الرحمن بن عمر الغزّال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري كتبوا اليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: خلف بن محمد الواسطي أبو محمد، وكان من الحفاظ، قدم نيسابور سنة احدى وسبعين وثلاثمائة فسمع من مشايخه ثم دخل مرو وهراة، وانصرف الينا مدة ولنا به انس، ثم انصرف الى العراق وثبت على طلب الحديث، ودخل الشام ومصر وورد عليّ كتابه وقد أخذ لي جملة من الإجازات بأحاديث استفدتها، وكان حافظا لحديث شعبة وغيره (220- و) .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل- فيما أجازه لنا، وقرأت عليه إسناده- قال: أخبرنا ... «2» قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال:
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي، قدم علينا قدمتين وصحبناه بنيسابور وأصبهان من الكتبة، آخر قدمته علينا سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة «3» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون، أبو محمد الواسطي سمع عبد الله بن محمد بن عثمان المزني، وورد بغداد فسمع من ابن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، ووافق أبا الفتح بن أبي الفوارس في رحلته فكتب الكثير، وسمع من أبي بكر الاسماعيلي بجرجان، ودخل بلاد خراسان، فكتب عن(7/3352)
شيوخها وعاد الى بغداد فأقام بها مدة، ثم خرج الى الشام فسمع ممن أدرك بها ودخل مصر فانتقى على شيوخها، وكتب الناس بانتخابه، وخرج أطراف الصحيحين وكان له حفظ ومعرفة، ونزل بعد ذلك ناحية الرملة واشتغل بالتجارة، وترك النظر في العلم الى ان مات هناك، وقد كان حدّث ببغداد شيئا يسيرا، حدثني عنه الأزهري «1» .
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون، أبو محمد الواسطي الحافظ صاحب كتاب أطراف أحاديث (220- ظ) صحيحي البخاري «2» ومسلم، حدث عن أحمد بن جعفر القطيعي والحسين بن أحمد المديني، وأبي بكر الاسماعيلي، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن معدان المروزي الفقيه، وأبي الحسن أحمد بن ابراهيم العدوي النيسابوري، وأبي الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد وأبي محمد الحسن ابن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عيسى بن بشر بن شيرويه القشيري.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو الحسن علي بن محمد الحنائي الدمشقي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري، وعبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر بن رجاء بن أبي العيش الأطرابلسي «3» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن علي قال: سمعت الأزهري يقول: كان خلف بن محمد الواسطي حافظها، وكان محمد بن؟؟؟ أبي الفوارس أستاذه. قال أحمد بن علي: وقال لي محمد بن علي الصوري: مات؟؟؟ خالد الواسطي بعد سنة أربعمائة.(7/3353)
خلف بن ملاعب الاشهبي الملقب سيف الدولة «1»
كان كريما شجاعا جبارا ظالما، يقطع الطريق، ويخيف السبيل، وإليه تنسب قبة ابن ملاعب، وهي حصن دثر في طرف بلد حلب، بينها وبين سلمية، وكان في يده حمص وأفامية، فكتب الولاة بالشام الى السلطان ملك شاه وشكوا إليه خلف ابن ملاعب، فكتب الى أخيه تاج الدولة تتش صاحب دمشق، والى قسيم الدولة آق سنقر صاحب حلب، والى (221- و) بزان صاحب الرها والى يفي سغان صاحب انطاكية يأمرهم بمحاصرته وانتزاع معاقله من يده وحمله إليه، فاجتمعوا عليه وهو بحمص وسبقهم بزان فلم يمكنه من الخروج من حمص، فافتتحوا حمص وسيروا خلف بن ملاعب في قفص حديد الى السلطان ملك شاه فأطلق حمص لأخيه تتش، وحبس ابن ملاعب، وبقي في حبسه الى أن أطلقته خاتون امرأة السلطان ملك شاه «2» ، فمضى الى مصر الى الأفضل امير الجيوش جماعة من أهل أفامية في سنة تسع وثمانين، وقيل سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وكان ولاتهم فيها، والتمسوا منه واليا يكون عليهم، ووقع اقتراحهم على ابن ملاعب، فوصل في ذي القعدة من إحدى السنتين، ودخل أفامية وملكها وتجددت وحشة بينه وبين ابن منقذ، أظنه أبا المرهف نصر بن علي بن منقذ «3» ، وكان قسيم الدولة آق سنقر حين فتح أفامية جعله بها واتصلت غارات ابن ملاعب على شيزر وكفر طاب والجسر «4» وزحف ابن منقذ إليه ومعه خلق من رجاله فظفر بهم ابن ملاعب وكان في نفر يسير، فقتل جماعة، وأسر جماعة وباعهم أنفسهم، واستقرت الحال بينهم بعد ذلك ثم عمل الباطنية «5» حيلة على القلعة وعليه حتى قتلوه في سنة تسع وتسعين وأربعمائة.(7/3354)
قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرشد بن علي بن منقذ الذي ذيل به تاريخ أبي غالب همام «1» بن المهذب المعري قال: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فيها كتب ولاة الشام الى السلطان ملك شاه يشكون فيها ما يلقونه من خلف بن ملاعب (221- ظ) بحمص من قطع الطريق وإخافة السبيل، فأمر السلطان أن يسير إليه بوزان «2» وقسيم الدولة وتاج الدولة ويغي سغان، فسبق إليه بزوان، فنزل قريبا من حمص فكتمه ما يريد حتى بلغ منه غرضا، ودخل إليه رسوله فقال: عاش لك ملاعب، ثم حصر بزان المدينة واجتمع عليها كل من في الشام «3» فافتتحت، وكل من الأمراء المذكورين طلبها، فكتبوا جميعا الى السلطان فأنعم بها على أخيه تاج الدولة، وأمر السلطان بحمل خلف بن ملاعب في قفص من حديد الى قلعة أصبهان، فحمل وحبس بها حتى مات السلطان.
وقال سنة أربع وثمانين وأربعمائة وفيها نزل قسيم الدولة آق سنقر على أفامية، وملكها وسلمها الى عمي عز الدولة أبي المرهف نصر بن سديد الملك، وذلك في شعبان.
أنبأنا أبو محمد بن عبد الله الأسدي قال: كتب إلينا أبو المظفر أسامة بن مرشد ابن علي بن منقذ قال: كانت حمص في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة لسيف الدولة خلف بن ملاعب الأشهبي فنزل على سلمية وأخذ الشريف ابراهيم الهاشمي فرماه في المنجنيق الى برج سلمية، وأخذ قوما من بني عمه مأسورين فمضى من بفي منهم واستغاثوا عليه بالخليفة والسلطان ملك شاه، فخرج أمر السلطان الى أمراء الشام:
تاج الدولة تتش صاحب دمشق، وقسيم الدولة صاحب حلب، وبزان بن ألب صاحب الرها ويغي سغان صاحب أنطاكية بالنزول على حمص والقبض على سيف الدولة خلف بن ملاعب (222- و) وتسييره إليها فنزلوا على حمص وحاصروه وأخذوه وسيروه الى السلطان، فأقام في الحبس الى ان توفي ملك شاه في شوال(7/3355)
سنة خمس وثمانين وأربعمائة فأطلقته خاتون امرأة السلطان وتسلم قسيم الدولة آق سنقر مدينة حمص وقلعتها، فلما قتل قسيم الدولة، قتله تاج الدولة، وتسلم البلاد وسلم حمص الى جناح الدولة حسين.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي وقال: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة: وفيها سار الأمير قسيم الدولة وبزان وغسيان «1» وتاج الدولة، ونزلوا حمص وفتحوها من يد ابن ملاعب، وحملوا ابن ملاعب في قفص حديد الى عند السلطان، فلما هلك السلطان خلص ابن ملاعب وصعد الى مصر، وعاد منها تسلم قلعة أفامية، وأقام بها سبعة عشر «2» سنة وقتل.
وقال: سنة أربع وثمانين وأربعمائة فيها تسلم الأمير قسيم الدولة قلعة أفامية من يد ابن ملاعب، وترك فيها بعض بني منقذ، وعاد الى حلب في العاشر من رجب «3» .
قلت هكذا ذكر العظيمي، ونقلته من خطه من كتاب في التاريخ جمعه وسماه المؤصّل على الأصل الموصّل، وقال: وعاد منها يعني من مصر تسلم قلعة أفامية وأقام بها سبعة عشر سنة، وهذا وهم فإن قتل ابن ملاعب سنة تسع وتسعين وعوده من مصر فيها، وإن كان أراد ولايته الأولى فالكلام غير مستقر لأنه أخبر (222- ظ) أنه تسلم قلعة أفامية وأقام بها سبعة عشر سنة، وقتل، وقد خرجت عن يده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وقتل سنة تسع وتسعين فبقيت خارجة عن يده قبل قتله أربع سنين وثلاثة أشهر، وكانت أفامية في يد ابن ملاعب مع حمص في أيام أبي المكارم مسلم بن قريش، فإنني قرأت في كتاب العظيمي بخطه قال: سنة خمس وسبعين وأربعمائة وفيها في صفر حاصر شرف الدولة ابن ملاعب بقلعة حمص، وفيها عاد شرف الدولة الى حلب وقد صالح ابن ملاعب «4» .(7/3356)
قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرشد الذي ذيل به تاريخ ابن المهذب قال:
في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وفيها طلع قوم من أهل أفامية الى الأفضل يسألونه أن يولي عليهم سيف الدولة خلف بن ملاعب فنهاهم، وقال: لا تفعلوا وحذرهم من فسقه، فقالوا: نحن نجعل عيالاتنا لنا ليلة وله ليلة، فسيره معهم، ووصل أفامية ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من ذي القعدة.
قلت: هؤلاء أهل تلك الجبال أكثرهم دهرية درزية يستبيحون ذوات الأرحام ولا يعتقدون تحريم الحرام «1» .
قرأت بخط عمر بن محمد العليمي المعروف بابن حوائج كش الحافظ، وأخبرنا به، إجازة عنه، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة، وذكر العليمي أنه نقله من خط ابن زريق يعني أبا الحسن يحيى بن علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق، وكان عالما بالتاريخ، قال: وقدم الى أفامية يعني خلف بن ملاعب من مصر سنة تسع وثمانين وأربعمائة لأن أهل أفامية مضوا الى مصر (223- و) يلتمسون واليا يكون عليهم، ووقع اقتراحهم عليه، فوصل في يوم الأربعاء الثامن من ذي القعدة، ودخلها وملكها.
قال: ثم قتل في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين، قتله جماعة وصلوا من حلب من أصحاب أبي طاهر الصائغ القائم بمذهب الباطنية بعد موت المنجم المعروف بالحكيم بحلب، وكانوا من أهل سرمين، وقاموا فيها بموافقة رجل داع كان بأفامية يقال له ابن القنج، أصله من سرمين وأقام بأفامية يحكم بين أهلها وقرر ذلك مع أهلها، وأحضر هؤلاء ونقب أهلها نقبا في سورها حتى قارب الوصول، فلما وصل هؤلاء لقيهم ابن ملاعب فأهدوا إليه فرسا وبغلة كانوا أخذوها من أفرنج لقوهم في الطريق، فأعلموه أنهم جاؤوا بنية الغزو الى بلاد الروم وباتوا بظاهر الحصن الى الليل، ودخلوه من ذلك النقب، ورتبوا بعضهم على دور أولاده لئلا يخرجوا ينجدونه، وصعدوا إليه، فخرج إليهم فطعن في بطنه، فرمى(7/3357)
بنفسه ممن القلة «1» يريد دار بعض أولاده فطعن أخرى ومات بعد ساعة، وحين صاح الصائح على القلة، ونادى بشعار رضوان بن تاج الدولة ترامى أولاده وخاصته من السور، فبعضهم قتل وأخذ أكثرهم فيما بين أفامية وشيرز، وقتلوا وسلم الله مصبح ووصل الى شيزر، وأقام عند ابن منقذ مدة وأطلقه، ودخل طنكلي «2» الى أفامية عقيب هذا الحادث طمعا في الحصن ومعه أخ لهذا ابن القنج من سرمين (223- ظ) كان مأسورا فقرروا له شيئا وعاد عنها فوصل بعض أولاد ابن ملاعب الذين كانوا بدمشق والذي كان بشيزر فذكروا لطنكلي قلة القوت بها، فعاد في رمضان نزل عليها فأقام الى آخر السنة وفتحها في الثالث عشر من محرم سنة خمسمائة وأسر ابن القنج والصائغ وعاقب ابن القنج وقتله وأطلق بعض أهل أفامية.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الفنكي قال: أخبرنا مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ الكناني في كتابه أن قوما من أهل أفامية من الإسماعيلية عملوا على مالكها، وتحيلوا عليه بأن جاء منهم ستة نفر وقد حصلوا حصانا وبغلة وعددا أفرنجية وتراسا وزردية، وخرجوا من بلد حلب الى أفامية بتلك العدة والدواب، وقالوا لسيف الدولة خلف بن ملاعب، وكان رجلا كريما شجاعا: جئنا قاصدين خدمتك فلقينا فارس من الافرنج فقتلناه، وجئنا إليك بحصانه وبغلته وعدته، فأكرمهم وأنزلهم في حصن أفامية في دار بمجاورة السور فنقبوا السور وواعدوا الفاميين الى ليلة الاحد الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وأربعمائة، فطلع الفاميون من ذلك النقب فقتلوا خلف بن ملاعب وملكوا حصن أفامية.
قرأت بخط العضد أبي الفوارس مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ سنة(7/3358)
تسع وتسعين وأربعمائة (224- و) فيها قفز أهل أفامية مع القاضي ابن القبج «1» على سيف الدولة خلف بن ملاعب وقتلوه وقتاوا أولاده في الرابع والعشرين من جمادى الاولى.
نقلت من خط أبي عبد الله محمد بن علي بن العظيمي في تاريخه وأنبأنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، والمؤيد بن محمد الطوسي وغيرهما عنه قال: سنة تسع وتسعين وأربعمائة وفيها عمل الباطنية على قلعة أفامية وقتلوا ابن ملاعب فيها غيلة وملكوا القلعة، فعاجلهم الفرنج ونزلوا عليهم وحصروهم بها الى أن أخذوها «2» (224- ظ) .(7/3359)
خلف بن هشام بن عبد الملك بن مروان
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي، كان برصافة هشام مع أبيه، له ذكر.
خلف بن يزيد الأفقم
ابن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، ابن أخي المتقدم، كان برصافة هشام وله ذكر.
خليد بن دعلج السدوسي
أبو عبيد وقيل أبو حلبس، وقيل أبو عمر، وقيل أبو عمرو البصري ثم الجزري، نزل الموصل ثم توجه الى الشام، وسكن بيت المقدس واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
روى عن مالك بن دينار وعطاء بن أبي رباح، وثابت البناني، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وقتادة، ومعاوية بن قره، وكلاب بن أمية، وسعيد بن عبد الرحمن وسعد بن المرزبان البقال، ومطر الوراق.
روى عنه أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي، وأظنه سمع منه بحلب، وموسى ابن داود، والوليد بن مسلم، وأبو توبة جرول بن جيفل النميري، ورواد بن الجراح، وعلي بن معمر القرشي، ويحيى بن يمان، وعمر بن حفص العسقلاني، وزيد بن يحيى بن عبيد الله بن الوليد، واسحاق بن سعيد بن الأركون، وأبو جعفر النفيلي، وروح بن عبد الواحد الحراني، وسلمة بن سليمان بن الموصلي،(7/3360)
ومنبه بن عثمان اللخمي، وعلي بن الحسن القرشي، وأبو الجماهر، ومروان الموصلي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة (226- و) وزوجته نور الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي- قالت إجازة- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو علي الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي بمصر قال: حدثنا أبو حفص عمر بن مضر قال: حدثنا منبه بن عثمان قال: أخبرنا خليد بن دعلج عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال: يا حسن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
لا تسأل الإمارة فإنه من سألها وكل إليها، ومن ابتلي بها، ولم يسألها أعين عليها «1» . قال ابن دعلج: وقال عمر بن عبد العزيز: إن هذا شيء ما سألت الله عز وجل.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا اسماعيل ابن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر الحراني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد الفردواني قال: حدثنا أبي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو عمر البصري، قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن منير قال: حدثنا محمد بن اسماعيل الترمذي قال: حدثنا اسحاق بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو عمر السدوسي قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: خليد بن دعلج يكنى أبا عمر، ويقال أبو عمرو السدوسي جزري ويقال أصله بصري، قال البخاري:
حدث عن قتادة. روى عنه يحيى بن يمان «2» . (226- ظ) .
كتب إلينا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن
.(7/3361)
عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب ابن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: خليد بن دعلج، سمع الحسن وعن ابن سيرين، وسمع عطاء، وقتاده روى عنه يحيى بن اليمان والنفيلي «1» .
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أنبأنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال:
أخبرني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن هشام قال: حدثنا الحسن بن محمد بن بكار بن بلال قال: حدثني أبو سلمة اسحاق بن سعيد بن الأركون أن خليد بن دعلج كان يكنى أبا عمرو، وكان سدوسيا.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم ابن عمر الصواف قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن حماد الدولابي قال: أبو حلبس خليد بن دعلج «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني- في كتابه- قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: أبو عمرو خليد بن دعلج السدوسي بصري الأصل نزل الموصل، وسمع الحسن بن أبي الحسن (227- و) .
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي- في كتابه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: خليد بن دعلج أبو حلبس، ويقال أبو عبيد، ويقال أبو عمرو، ويقال أبو عمر السدوسي البصري سكن الموصل، ثم قدم(7/3362)
الشام فسكن بيت المقدس، حدث بدمشق عن عطاء بن أبي رباح، والحسن، وقتادة، وابن سيرين وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة، ومعاوية بن قرة وأبي سعد سعيد بن المرزبان البقال، وكلاب بن أمية، ومالك بن دينار، وثابت البناني.
روى عنه الوليد بن مسلم، وأبو الجماهر، وزيد بن يحيى بن عبد الله بن الوليد، وموسى بن داود، ورواد بن الجراح، واسحاق بن سعيد بن الأركون، وأبو توبة الربيع بن نافع، وسلمة بن سليمان الموصلي، وروح بن عبد الواحد الحراني، ومنبه بن عثمان اللخمي، ويحيى بن اليمان وأبو جعفر النفيلي، وعلي بن الحسن القرشي، وجرول بن جيفل أبو توبة النميري، وعمر بن حفص العسقلاني، وعلي بن معمر القرشي.
وقال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا الحسن بن عبد الله الكندي قال: قرأت على علي بن جعفر المالكي قلت: حدثكم أبو اسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان أن خليد بن دعلج دمشقي.
وقال الكتاني: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال حدثنا أبو زرعه الدمشقي قال في تسمية نفر قدموا الشام: خليد بن دعلج «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن محمد بن (227- ظ) ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أبو حلبس خليد بن دعلج ليس بثقة.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر- إذنا وقرأت عليه اسناده- قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المدني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد ابن شعيب بن علي النسوي قال: خليد بن دعلج ليس بثقة.(7/3363)
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء- إجازة عن أبي الفتح بن المحاملي- قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال:
خليد بن دعلج، سمع الحسن وابن سيرين، وعطاء، وقتادة، ومطر الوراق. روى عنه يحيى بن اليمان، وأبو الجماهر، ومنبه بن عثمان وسلمة بن سليمان وأبو جعفر النفيلي وغيرهم.
قال ابن طبرزد: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة أو سماعا- قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وخليد بن دعلج بصري الأصل تحول الى الشام، وهو أمثل من سعيد بن بشير «1» .
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن حماد قال:
حدثني عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن خليد بن دعلج فقال ضعيف «2» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- إذنا- قال: أخبرنا أبو (228- و) البركات الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا يوسف ابن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمرو بن موسى قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال: سئل أبي عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف الحديث.
قال العقيلي خليد بن دعلج شامي.
وقال: أخبرنا الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي أبو عبد الرحمن قال: وضعف يحيى بن معين: سعيد ابن بشير وخليد بن دعلج جمعيا، وقال في موضع آخر: سعيد بن بشير وخليد بن دعلج ضعيفان.(7/3364)
قال الأنماطي: وأخبرنا ثابت قال: أخبرنا أبو العلاء قال: أخبرنا الأحوص قال: أخبرنا أبي قال: قال يحيى بن معين: خليد بن دعلج، وسعيد بن بشير، وعثمان بن عطاء يضعّفون.
أنبأنا الكندي عن وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول خليد بن دعلج ليس بشيء.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- فيما أذن لنا فيه- قال: كتب إلينا مسعود بن الحسن الثقفي أن أبا بكر الخطيب أنبأهم في كتابه قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن ابراهيم قال: سمعت (228- ظ) أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فخليد بن دعلج؟ قال: ضعيف.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن أبي طاهر الأسدي عن مسعود بن الحسن قال:
أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: سمعت أبي يقول: سألت يحيى ابن معين عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف الحديث، قلت لأبي: فما تقوله أنت في خليد: فقال: صالح ليس بالمتين في الحديث، حدث عن قتادة أحاديث بعضها منكرة «1» .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: وحكى أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن محمد الكتاني الأصبهاني أنه قال لأبي حاتم: ما تقول في خليد بن دعلج؟ قال: كان بصري الأصل سكن بيت المقدس ليس بمشهور بالبصرة، وليس هو عندي بالمتين.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق قال: أخبرنا محمد بن علي، وعلي بن محمد بن الحسن في كتابيهما عن أبي الحسن الدارقطني، ح.(7/3365)
قال الحافظ: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد قال: أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب- إجازة- قال:
هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني، من المتروكين: خليد بن دعلج، شامي عن قتادة والحسن.
قال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله أيضا قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال سمعت أبا الحسن (229- و) الدارقطني وقلت له: خليد بن دعلج ثقة؟ قال: لا.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: وعامة حديثه- يعني خليدا- تابعه عليه غيره، وفي بعض حديثه إنكار، وليس بالمنكر الحديث جدا «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي- قراءة عليه بنابلس- قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد ابن محمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثنا علي ابن أبي مريم عن خالد بن يزيد قال: حدثنا مروان الموصلي قال: قال لي خليد ابن دعلج: دع من الكلام مالك منه بدّ فعسى إن فعلت ذلك تسلم ولا أراك.
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص البغدادي- بها- قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن القزار قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد الحراني قال: خليد بن دعلج بصري نزل الموصل وحدث عنه أهل حران وأهل الشام يحدث عن قتادة.
وحدثني محمد بن عبيد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو(7/3366)
عمرو السدوسي من أهل البصرة قال: وحدثنا اسحاق بن زيد ومحمد بن يحيى بن كثير قالا: سمعنا أبا جعفر بن نفيل يقول: مات خليد بن (229- ظ) دعلج سنة ست وستين ومائة.
ذكر من اسمه خليفة
- خليفة بن أحمد بن صدقة:
أبو الماضي الشيزري التاجر من أهل شيزر، تاجر كتب عنه القاضي عبد القاهر ابن علوي المعري المعروف بابن خصا البغل.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي قاضي معرة مصرين قال: وأنشدني الشيخ أبو الماضي خليفة بن أحمد بن صدقة الشيزري التاجر قال: رأى هذه الأبيات على فص خاتم:
جعلت تأمّل زرقة في خاتمي وتقول ... فصّك ذا لباس المأتم
فأجبتها مذ غاب وصلك وانقضى ... بكّيته بدم ودمع ساجم
ورغبت في لبس الحداد لأنّه ... لبس الحزينة والحزين الهائم
وخشيت إن أنا في الثياب لبسته ... أن يفطنوا فلبسته في الخاتم
- خليفة بن بركة بن خليفة أبو الماضي التادفي:
شاعر حسن أديب من أهل تادف، قرية في وادي بطنان بناحية بزاعا، كثيرة الماء والأشجار وهي التي ذكرها امرؤ القيس بقوله:
ألا رب يوم صالح قد شهدته ... بتادف ذات التل من فوق طرطرا «1»
روى خليفة هذا عن صاعد بن صاعد الرحبي شيئا من شعره. روى عن الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، وخرج عنه انشادا في معجم السفر وأثني عليه (230- و) .
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة قال: أنبأنا(7/3367)
الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أنشدني أبو الماضي خليفة بن بركة ابن خليفة التميمي التادفي، وهي من قرى حلب بالرحبة قال: أنشدني صاعد بن صاعد الرحبي لنفسه من قصيدة:
من القاصرات الطرف شاقك نعتها ... بما افتنّ فيه الحسن وهو أفانين
فبالخدّ ياقوت وبالثغر لؤلؤ ... بمعدن مرجان حقيق وموضون
وتجلو رضابا لم تشره معسّل ... وتأرج «1» طيبا حيث لا الطيب مظنون
منعمة لم تدر ما أرض بابل ... وحاجبها المقرون بالسحر مقرون
كأن خطّ فيها الله عنوان حسنها ... فسيماه شطر الحاء والسين والنون
وأول القصيدة:
أعين المها بالسجف أم حورها العين ... أم الدر والياقوت فيهنّ مكنون
قرأت بخط رجل أديب يقال له ذو النون بن سعيد بن بديل بن موسى الموقاني قال الشيخ أبو الماضي خليفة بن بركة التميمي التادفي أدام الله توفيقه- وقد كتبها خليفة إليه:
قل للسحاب إذا وافى خراسانا ... مثعنجرا «2» لجب الأرجاء ملآنا
دعج الرعود هزيم الودق منسكبا ... مستصحبا من قرار البحر حيتانا
يحط أثقاله في خير منزلة ... ويستخص من البلدان موقانا «3»
(230- ظ)
يهمي على ربعها المأنوس هيدبه ... حتى يصير يفاع الأرض غدرانا
وتكتسي جنزة «4» البيضاء من حلل ... الديباج والوشي ألوانا وألوانا
من كان ذو النون منها فهي أجدر أن ... يصوبها الغيث أحيانا وأحيانا(7/3368)
عفّ الضمائر محمود طريقته ... يرضيك سرا كما يرضيك إعلانا
صفا فأصفيته ودّي وخوّلني ... ودا فكنا على المعروف إخوانا
لو سامحتني الليالي ما سمحت به ... حتى يصير ببطن الأرض مثوانا
لا كان يوم يفاجئني بفرقته ... لا كان من عدد الأيام لا كانا
أخبرنا أبو يعقوب الساوي عن الحافظ أبي طاهر السّلفي، ونقلته من خط السّلفي، قال: خليفة هذا من أهل الأدب وكان ظاهر الصلاح محمودا ببلده ممدوحا من أهله.
- خليفة بن سليمان بن خليفة بن محمد القرشي:
أبو السرايا الحنفي الحوراني الأصل الحلبي المولد والدار الفقيه المعدل: فقيه حسن، قرأ الفقه بحلب على علاء الدين بن أبي بكر بن مسعود الكاساني ورحل الى بلاد العجم وتفقه بها على جماعة منهم الصفي الأصبهاني صاحب الطريقة وسمع الحديث بدمشق من أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني، وحدث عنه بعوالى الفراوي بحلب، وسمعت منه أحاديث منها، وكان أبوه من أهل بصرى، قدم منها مع الامام برهان الدين أبي الحسن علي بن الحسن البلخي، وولد له ابنه خليفة بحلب واشتغل (231- و) بالعلم ومهر في الشروط واستكتبه والدي رحمه الله حين وليّ القضاء كاتبا بين يديه، وكتب بعد ذلك بين يدي شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وجعله من المعدلين بحلب، وتولى التدريس بالمدرسة الحنفية المعروفة بالجاولي «1» ، ثم ولاه الأتابك طغرل بن عبد الله مدرسته التي وقفها على أصحاب أبي حنيفة «2» رضي الله عنه المجاورة لدار صاحب شيزر مضافة الى الجاولية، وأضيفت كتابة الحكم الى غيره ودام يدرس بالمدرستين الى أن مات.
أخبرنا أبو السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة القرشي الحنفي- قراءة عليه وأنا أسمع بحلب- قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني(7/3369)
بدمشق قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد الفراوي قال:
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب رحمه الله قال: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا حماد بن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت شجرة تضر بالطريق فقطعها رجل فنحاها عن الطريق فغفر له «1» .
قال الفراوي: رواه مسلم عن محمد بن حاتم عن بهز بن أسد عن حماد بن سلمة، فصار كأن شيخي سمعه من مسلم رحمه الله.
أخبرني خليفة بن سليمان الحنفي أن مولده بحلب في سنة ست وستين أو سبع وستين وخمسمائة.
وأخبر غيري أنه ولد سنة خمس وخمسين تقريبا على ما ذكره له والده (231- ظ) وكتب بخطه في إجازة أن مولده سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وتوفي خليفة بن سليمان سحرة يوم الاثنين الثالث والعشرين من شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة بحلب، ودفن يوم الاثنين بتربته بجبانة مقام ابراهيم عليه السلام خارج باب العراق رحمه الله.
- خليفة بن المبارك أبو الاغر السلمي «2» :
قائد مذكور مشهور وليّ حلب في سنة تسع وثمانين ومائتين ولاه إيّاها المكتفي حين تولى الخلافة، وتوجه إليها لمحاربة القرمطي صاحب الخلال، وقدمها في عشرة آلاف فارس فأنفذ القرمطي سرية إليه الى حلب في سنة تسعين ومائتين فخرج أبو الأغر فنزل وادي بطنان، فلما استقر وافاهم جيش يقدمه المطوق غلامه فكبسهم، وقتل منهم خلقا عظيما فانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغر، فدخل حلب ومه ألف رجل لا غير، وصار القرمطي الى باب حلب، فحاربهم أبو الأغر فيمن بقي معه من أصحابه وأهل البلاد فذهبوا وانصرفوا عنه، ثم عزل عن ولاية حلب بعد ذلك.(7/3370)
ذكر أبو عبد الله محمد بن يوسف في رسالته الى أخيه بخبر القرمطي أن القرمطي وجه بخيل كثيرة ورجاله كثيفة مع المعروف بعميطر، وهو أحد دعاته وثقاته، الى ناحية حلب، فلما كان يوم الأربعاء لعشر ليال بقين من شهر رمضان- يعني- سنة تسعين أوقعوا بخليفة بن المبارك المعروف (232- و) بأبي الأغر وهو في عسكره على غاية الطمأنينة، وما يقدر أن خيل المارقة تبلغ إليه، لأنه لم يكن وصل الى حلب، وكان ابنه بها فقتل القرامطة عامة من كان في عسكره من الأولياء والتباع والتجار، فأبيد خلق من الناس وسلم أبو الأغر، فصار الى قرية من قرى حلب وخرج إليه ابنه من المدينة في جماعة من الأولياء والرجالة، فأقاموا على مدينة حلب على سبيل المحاصرة لأهلها، فلما كان يوم الجمعة سلخ شهر رمضان أسرع أهل مدينة حلب الى الخروج للقاء عدوهم، فمنعوا من ذلك، فكسروا قفل الباب، وخرجوا الى الفسقة، فدامت الحرب بين الفريقين، ورزق الله الرعية النصر عليهم، وخرج السلطان فأعانهم فقتل من القرامطة جماعة كثيرة.
ولما كان يوم السبت يوم العيد خرج أبو الأغر خليفة بن المبارك الى المصلّى وعيّد المسلمون وخطب الخاطب ثم عادت الرعية على حال سلامة. وأشرف خليفة ابن المبارك على عسكر الفسقة فما خرج إليه منهم أحد وانصرف فلما آيسوا رحلوا في النصف من ليلة الأحد عن معسكرهم وصاروا الى صاحبهم الخائن.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: سنة تسعين ومائتين خلع على أبي الأغر ووجه لحرب القرمطي بناحية الشام، فمضى الى حلب في عشرة آلاف.
قال: وللنصف من شهر (232- ظ) رمضان مضى أبو الأغر الى حلب، ونزل وادي بطنان قريبا من حلب، ونزل معه جميع أصحابه، فنزع فيما ذكر جماعة من أصحابه ثيابهم ودخلوا الوادي يتبردون بمائه وكان يوما شديد الحر، فبينا هم كذلك إذ وافاهم جيش القرمطي المعروف بصاحب الشامة مقدمهم المعروف بالمطوق، فكبسهم على الحال، فقتل منهم خلقا كثيرا، وانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغر وجماعة من أصحابه، فدخل حلب، وأفلت معه مقدار ألف رجل وكان في عشرة آلاف رجل ما بين فارس وراجل، وقد كان ضم اليه جماعة ممن كان على باب(7/3371)
السلطان من قواد الفراغنة ورجالهم، فلم يفلت منهم إلّا اليسير، ثم صار أصحاب القرمطي الى باب حلب فحاربهم أبو الأغر ومن بقي معه من أصحابه وأهل البلاد فانصرفوا عنه «1» .
قرأت في حوادث سنة سبع وتسعين ومائتين من تاريخ ثابت بن سنان بن ثابت بن قرّة قال: في أيام المقتدر، وفيها قدم أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي من الرقة بغير إذن فقبض عليه وعلى جماعة من أهله، وكسر سيفه وخرق سواده وحبس.
وقال في حوادث اثنتين وثلاثمائة: وفي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من رجب أطلق أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي من الاعتقال في دار السلطان، وخلع عليه خلع الرضا في يوم الخميس مستهل شعبان.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- إذنا- قال: أخبرنا (233- و) أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خليفة بن المبارك أبو الأغر، ولاه المعتضد قتال الأعراب بطريق مكة، فقتل منهم جماعة وأسر رأسهم صالح بن مدرك بالحيلة، وقدم بغداد في المحرم سنة سبع وثمانين ومائتين فخلع عليه وطوق بطوق ذهب، ثم وليّ حلب، وقدم دمشق مع محمد بن سليمان وغيره من الأمراء الذين وجههم المكتفي لحرب الطولونية بمصر، وغزا بلاد الروم مع مؤنس الخادم في ذي القعدة سنة ست وتسعين ومائتين ثم خالف على السلطان فأخذ وأدخل بغداد هو وأولاده فقيدوا يوم الاثنين لأربع بقين من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ثم أطلق يوم الخمس، وخلع عليه يوم الخميس مستهل شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة فمات فجأة يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة من سنة ثلاث وثلاثمائة «2» .
قرأت بخط ثابت بن سنان بن ثابت الصابئ، في كتاب وقع إليّ يتضمن وفاءات من توفي في كل سنة من سنة ثلاثمائة الى السنة التي مات «3» فيها، قال سنة اثنتين وثلاثمائة، أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي مات لسبع خلون من ذي الحجة فجأة.(7/3372)
ذكر من اسمه خليل
- الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل:
ابن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك السجزي أبو سعيد، القاضي الحنفي، وقيل إن اسمه محمد، والخليل لقب له، ويعرف بشيخ الاسلام (233- ظ) وإليه ينسب أبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي الزيادي، رحل الى بلاد العراق والشام والجزيرة والحجاز وخراسان وفي طريقه من حران الى الشام دخل حلب أو بعض عملها، وكان فقيها على رأي أبي حنيفة رضي الله عنه.
روى عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وأبي العباس السراج وأبي بكر عبد الله بن أبي داود، وأحمد بن منيع، وأبي العباس أحمد بن جعفر بن نصر، وأبي محمد يحيى بن صاعد وأبي سعيد الحسن بن علي العدوي، وأبي الحسن محمد بن ابراهيم بن شعيب الغازي، وأبي بكر محمد بن حمدون بن خالد النيلي وأبي جعفر محمد بن ابراهيم عبد الله الديبلي، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء وأبي العباس الأصم.
روى عنه أبو مضر محلم بن اسماعيل بن مضر بن اسماعيل الضبي، وأبو العباس جعفر بن محمد المستغفري، وأبو منصور أحمد بن محمد بن ابراهيم البلخي، والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، وأبو علي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن فضالة الحافظ، وأبو الحسن محمد بن علي ابن جعفر، وأبو الحسن علي بن بشرى، وأبو سهل عبد الرحمن بن يوسف بن داود السجزي، وأبو عمر النوقاني، وعبد الوهاب الخطابي، واسحاق بن ابراهيم الحافظ وأبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله الرشيدي، وأبو بكر عقيل بن محمد الخطيب، وأبو عبد الله محمد بن سعيد بن علي الخطابي وابنه أبو سعد عبد الله بن الخليل بن أحمد، واسماعيل بن محمد المفسر، وكان شاعرا واعظا (234- و) .
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد، وعبد الرحمن بن عمر- في كتابيهما- قالا:
أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري كتبوا اليه: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: الخليل بن أحمد القاضي، شيخ أهل الرأي في عصره وكان من(7/3373)
أحسن الناس كلاما في الوعظ والفكر، مع تقدمه في الفقه، وكان ورد نيسابور قديما.
سمع من محمد بن اسحاق بن خزيمة وأقرانه، وسمع بالري أبا العباس أحمد ابن جعفر بن نصر وأقرانه، وسمع بالعراق أبا القاسم بن منيع، وأبا محمد بن صاعد وأقرانهما، وسمع بالحجاز محمد بن ابراهيم الديبلي وأقرانه، ورد نيسابور محدثا ومفيدا سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وأنا ببخارى، ثم جاء الى بخارى فكتبت بها عنه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن الامير أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما جنك أوله جيم مفتوحة وبعدها نون ساكنة فهو أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل ابن موسى (234- ظ) بن عبد الله بن عاصم بن جنك السجستاني حدث عن ابن صاعد ومحمد بن حمدان بن خالد وغيرهما، جليل مكثر «1» .
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان- كتابة- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الاشرف الحسني المروزي بدمشق قال: قال لنا أبو نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فاخر بن معاذ بن أحمد السجزي بها: القاضي الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى ابن عبد الله كنيته أبو سعيد، سكن سجستان، ثم انتقل الى بلخ وسكنها، وسمع الكبار في البلدان.
روى عن الأصم والثقفي، وابن خزيمة، والبغوي وغيرهم. روى عنه ابنه القاضي أبو سعد وأبو عمر النوقاني، وعبد الرحمن الطبري الحافظ، وأبو الحسن علي بن بشرى، وعبد الرحمن بن يوسف وغيرهم «2» .
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد.... «3» (234- و) .(7/3374)
أخبرنا أبو نصر محمد هبة الله الشيرازي- فيما أجاز لي روايته عنه- قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الخليل بن أحمد بن محمد ابن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي، سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصاء، وبنيسابور أبا العباس السراج، وأبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس أحمد بن جعفر بن نصر بالري، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا سعيد الحسن بن علي العدوي، وأبا جعفر محمد بن ابراهيم بن عبد الله الديبلي وأبا بكر محمد بن حمدون بن خالد النيلي، وأبا الحسن محمد بن ابراهيم بن شعيب الغازي بطبرستان.
روى عنه أبو منصور أحمد بن محمد بن ابراهيم البلخي، وأبو مضر محلم بن اسماعيل بن مضر الضبي، والحاكم أبو عبد الله وأبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز المستغفري، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله الرشيدي اللوكري، وابنه أبو سعيد عبد الله بن الخليل، وأبو الحسن علي بن بشرى، وأبو عمر النوقاني، وأبو سهل عبد الرحمن بن يوسف بن داود بن سليمان السجزيون، وأبو علي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن فضالة النيسابوري الحافظ، وقيل ان اسمه محمد وخليل لقب.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو الفضل محمد بن حمزة بن ابراهيم الزنجاني- بزنجان- قال: أنشدنا القاضي أبو حفص عمر بن أبي بكر البخاري قال:
أنشدنا أبو ابراهيم اسماعيل بن محمد المفسّر (235- ظ) ، قال: أنشدنا القاضي الامام أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه:
قال: أنشدنا القاضي الامام أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه:
سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة ... وسفيان في نقل الاحاديث سيدا
وفي ترك ما لم يعنني عن عقيدتي ... سأتبع يعقوب العلا ومحمدا
وأجعل درسي من قراءة عاصم ... وحمزة بالتحقيق درسا مؤكدا
وأجعل في النحو الكسائي قدوة ... ومن بعده الفراء ما عشت سرمدا
وان عدت للحج المبارك مرة ... جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا
فهذا اعتقادي وهو ديني ومذهبي ... فمن شاء فليبرز ليلقى موحدا(7/3375)
ويلقى لسانا مثل سيف مهند ... يقلّ اذا لاقى الحسام المهندا
أخبرنا أبو الخير بدل بن أبي المعمر التبريزي مشافهة قال: أخبرنا أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار النيسابوري قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر ابن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أنشدنا والدي قال: أنشدنا أبو الفوارس عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أنشدنا عمر بن أحمد بن اسحاق أبو القاسم المعمري قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن علي بن جعفر قال:
أنشدني أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي السجزي لنفسه:
رضيت من الدنيا بقوت يقيمني ... ولا أبتغي من بعده أبدا فضلا
ولست أروم القوت إلّا لأنه ... يعين على علم أرد به جهلا
فما هذه الدنيا بطيب نعيمها ... لأيسر ما في العلم من لذة عدلا «1»
(236- و) أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال:
أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر: البيهقي والحيري وأبوا عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: توفي الخليل بن أحمد بسرخس وهو قاض بها في جمادى الآخرة من سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، ورد بذلك عليّ كتاب أبي محمد الترمذي بخطه. وقال غيره: مات بفرغانه سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
أنبأنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو رجاء هبة الله بن محمد بن علي الشيرازي- اجازة- قال: أنشدني أحمد بن أصرم أبو حامد السجزي- بالبصرة، وكان يكتب معنا الحديث- قال: أنشدني أبو بكر عبد العزيز ابن محمد الطبسي قال: أنشدنا أبو الحسن الضرير قال: أنشدنا أبو بكر الخوارزمي في الخليل بن أحمد في المرثيه:(7/3376)
ولما رأينا الناس حيرى لهدّة ... بدت بأساس الدين بعد تأطّد «1»
أفضنا دموعا بالدماء مشوبة ... وقلنا عمى مات الخليل بن أحمد
خليل بن الياس بن خليل بن عبد الله:
أبو بكر الدمشقي، حدث بحلب عن أبي طاهر الخشوعي، وكان مولده سنة تسعين وخمسمائة بدمشق وتوفي في يوم الأربعاء خامس وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين وستمائة بحلب في آخر النهار (236- ظ) . «2»
خليل بن خمرتكين الحلبي:
كان فقيها من فقهاء الشيعة، وصل الى خراسان وقرأ على القطب الراوندي وصنف كتابا في الاصول، وروى عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي، وأبي الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي المعروف بالحيص بيص.
روى عنه يحيى بن أبي طي النجار، وقرأت بخط يحيى المذكور في تعليق له:
خليل بن خمرتكين من أهل حلب وهو فقيه من فقهاء الامامية، وصل الى خراسان ودخل الى الري وتفقه وأجاد في علم الاصول، وعاد الى حلب وكان مقدما عند الملوك ورحل الى مصر الى طلائع بن رزيك وزير مصر فأعطاه ألف دينار، فعاش بها الى أن مات، ولقي القطب الراوندي، وروى عنه جميع مؤلفاته ورواياته، وروى عن الملك الصالح طلائع بن رزيك كتابه الذي ألفه، ولم يخرج عنه شيء من التصنيف غير مقدمة في الاصول، ولقيته وقرأت عليه وأذن لي في الرواية عنه، وكان يروي ديوان الطغرائي عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي عن الطغرائي، وقد روى شعر الحيص بيص سماعا منه، وروى الكتاب الذي ألفه الوزير ابن هبيرة عنه، وأنشدني بها- يعني- بحلب أبياتا فسألته أهي لك؟ فسكت، فلما مات وجدتها بخطه وقد عزاها لنفسه وهي:
ما أحبّ النبي من مال عن ... حب عليّ أخيه خير الانام
كيف ولا والنبي قد قال: حبي ... حب صنوي المهذب القمقام(7/3377)
وقبيح تهوى من الناس شخصا ... ثم ترمي محبوبه بانصرام
(237- و) قال ابن أبي طبي: وتوفي في- وبيض وكتب بعده- وتسعين وخمسمائة، ودفن بالتربة المستجدة بمشهد الحسين عليه السلام- يعني- بحلب.
الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله:
ابن عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير بن أسد بن يزيد بن عبد الله أبو ابراهيم التميمي القرّائي، سمع بمعرة النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله ابن سليمان المعري، وبصور سليم بن أيوب الرازي، وبمصر القاضي أبا الحسن الهمذاني، وأبا القاسم بن الحسين بن الاقفاصي، ومحمد بن الحسين بن الطفال، وأبا القاسم عبد الرحمن بن مظفر الكحال وغيرهم، وبتنيس أبا الحسن علي بن الحسين ابن عثمان بن جابر، وبقزوين أبا يعلى الخليلي وغيره.
روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، وخرّج عنه حديثا في معجم السفر، وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو البركات بن السقطي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة بحلب، وأبو يعقوب يوسف ابن محمود الصوفي بالقاهرة قالا: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو ابراهيم الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله التميمي القرائي بقزوين قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر القاضي بتنيس قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن علي بن الحسن النقاش قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسوي قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدّخر شيئا (237- ظ) لغد «1» .
وقال أبو طاهر بعد ذكر هذا الحديث الخليل بيتهم بيت الحديث، وله رحلة الى العراق والشام ومصر والحجاز وخراسان وغيرها، وكان ثقة، وروى عن قوم لم(7/3378)
يرولنا عنهم سواه، وهو الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير بن أسد التميمي محدث بن محدث بن محدث بن محدث بن محدث، وبيتهم بيت قديم في العلم، والخليل هذا فقد سمع أبا يعلى الخليلي وآخرين بقزوين، وبمصر ابن الطفال والكحال وابن الاقفاصي والقاضي أبا الحسن الهمذاني ونظرائهم، وبالشام سليم بن أيوب الرازي وأبا العلاء المعري، وبالبصرة وأذربيجان وغيرها من المواضع، وكان ثقة وأمارة الصدق على أجزائه حين تأملتها وانتخبت منها واضحة.
أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن النجار قال: الخليل ابن عبد الجبار بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير ابن أسد بن يزيد بن عبيد الله التميمي أبو ابراهيم القرائي من أهل قزوين من بيت الحديث والرواية. رحل الى خراسان والشام وديار مصر في طلب الحديث ولقي المشايخ. سمع بقزوين عمه علي بن عبد الله وأبا يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي، وبالشام سليم بن أيوب الرازي وأبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري وبمصر أبا الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن الطفال وأبا الحسن عبد الملك بن عبد الله ابن محمود بن مسكين وأبا الحسن علي بن عبيد الله الكناني الهمذاني وأبا القاسم يحيى بن الحسين بن موسى الاقفاصي وأبا القاسم عبد الرحمن بن المظفر الكحال والقاضي أبا عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، وبتنيس القاضي أبا الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر، ودخل بغداد وسمع بها القاضي أبا الحسين محمد ابن علي بن المهتدي بالله وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وغيرهما وحدث باليسير.
روى عنه أبو علي البرداني وأبو البركات بن السقطي.
خليل بن علي بن الحسين بن علي:
أبو علي الحموي الحنفي القاضي، تولى قضاء عسكر الملك العادل أبي بكر بن أيوب بعد الستمائة، وكان عارفا بالفقه وله حظ من الادب وينظم شعرا حسنا، وكان يدرس بدمشق الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه بالمدرسة الخاتونية بقرب(7/3379)
باب البريد وبالمدرسة الريحانية «1» ، قدم علينا حلب مرارا متعددة في رسائل من الملك العادل ومن بعده، واجتمعت به بحلب ودمشق، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وروى لنا عنه شيئا من شعره رفيقنا أبو الفتح (238- و) نصر الله بن الصفار المعروف بالنجيب.
أنشدنا نجيب الدين أبو الفتح بن الصفار قال: أنشدنا القاضي نجم الدين أبو علي خليل بن علي قاضي العسكر لنفسه:
اذا ناب خطب فاستشر فيه صاحبا ... وان كنت ذا رأي تشير على الصحب
فاني رأيت العين تجهل نفسها ... وتدرك ما قد حل في موضع الشهب
وأنشدني ابن الصفار قال: أنشدني خليل بن علي لنفسه:
كأن عذاره لام وفاه ... من الخط البديع الحسن صاد
وطرة شعره ليل بهيم ... فلا عجب اذا سلب الرقاد
يعني نص في الليل.
وأنشدني ابن الصفار قال: أنشدني النجم خليل لنفسه:
ضاهى ابن فيروز مدينة جلق ... وكلاهما يوم الفخار فريد
ألفاظه بردى وصورة خلقه ... ثورى ونقص العقل منه يزيد «2»
توفي القاضي نجم الدين أبو علي خليل قاضي العسكر فجأة يوم الثلاثاء بعد العصر سلخ صفر من سنة إحدى وأربعين وستمائة، ودفن ضحوة يوم الاربعاء، ووصلت الى عذرا «3» ليلة السبت الرابع من شهر ربيع الاول متوجها الى الديار المصرية في رسالة فخرج إليّ من دمشق من أخبرني بوفاته على الوجه المذكور وأخبرت بدمشق أنه في اليوم الذي توفي فيه كان يحدث بموت جماعة ممن مات فجأة، فاتفق انه مات فجأة في ذلك اليوم رحمه الله (238- ظ) .(7/3380)
الخليل بن محمد بن سعيد أبو الحسن الصيمري:
حدث بحلب عن ... «1» .
سمع منه بها أبو الحسن اسماعيل بن أحمد بن أيوب البالسي الخيزراني.
الخليل بن محمد بن فيروز الحلبي:
سمع محمد بن سليمان لوينا، والمسيب بن واضح التلمنسي، وأبا سعيد الاشج، وهشام بن عمار، وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي.
روى عنه أبو الحسين علي بن الحسين الفرغاني.
خمار تاش بن عبد الله البجني التركي:
كان بحلب وذكر أنه رأى بها مناما، كان سببا لبناء المشهد المجدد بدمشق بالقرب من مشهد صهيب «2» ، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأخبرنا به عنه إجازة أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: سمعت خمار تاش بن عبد الله البجني التركي في المشهد المجدد على باب دمشق، وسألته عن سبب بنائه فقال: كنت من شرار الأجناد وأوغادهم، فرأيت ليلة وأنا بحلب فيما يرى النائم كأن الخضر عليه السلام أتاني وأراني هذا الموضع، وكان على الجادة بين طريقين، فقال: هذا موضع شريف، فاقصد فلانا سماه خمار تاش وقل له حتى يبني هذا مشهدا، وانظر وتنبه فمن هاهنا الى مشهد القدم مثل ما من هاهنا الى البلد، وعلى أحد جانبيك مغارة، وعلى الآخر ثلاث شجرات حتى لا تنسى وغاب (239- و) عني فانتبهت وأنا مذعور، فقلت ومن أنا حتى أرى مثل هذا المنام، وسكت ولم أظهر شيئا، فمضى على هذا زمان ثم رأيته في المنام فعاتبني وقال: لم لم تبلغ رسالتنا؟ فلما أصبحت تأهبت للسفر وجئت الى دمشق وذكرت للرجل ما قاله، فتوانى في ذلك وسكت أنا ولم أراجعه، فرأيته في المنام ثالثا وقال: بلغ الرسالة ولا بأس عليك وقل لهم: ههنا آبار ثلاث قد طمت، وقبور من قبور الصالحين قد انطمست، وأراني علامات، فنحن في الحديث وإذا قد(7/3381)
ظهر رجل على فرس اشهب وعليه ثياب بيض وخلفه رجلان على زيه، فقصده الخضر عليه السلام وسلم عليه وعليهما، واستقى من احدى الآبار وشرب وشربوا، فلما ولى الرجل واللذان معه قال: تعلم من هذا؟ هذا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبان له، فلما أصبحت قمت وقلت: ليس بعد هذا شك، وقصدت صاحب البلد وذكرت له القصة، فركب في عسكره وجاء فدللته على البئر الاولى فضحك أمير من أمراء الدولة، فصاح عليه وزبره وأمر بحفر الموضعين فلم يحفروا كثيرا حتى ظهر حجر عظيم فنحوه وإذا البئر كما قيل لي فكبروا واستقوا وشربوا منها وبنوا هذا المشهد، وقد تبت أنا وقعدت في هذا الموضع ولعل الله يغفر لي ذنوبي، وكان هناك نفر فشهدوا له بأن الامر كما ذكر، وأن الموضع به ظهر وقالوا:
تعجب من ذلك أهل دمشق كلهم والاجناد. (239- ظ) .
خمار بن أحمد بن طولون:
أبو الجيش، الأمير المعروف بخمارويه بن الأمير أبي العباس، ولي امرة حلب والثغور، وقنسرين والعواصم ودمشق ومصر بعد أبيه أحمد في سنة سبعين ومائتين، ونزل بعساكره حتى هزم الخزري واتبعه الى بالس، فهرب الخزري الى بريه سنجار، فعاد خمارويه الى حلب، وكاتب الموفق بأن يولى على سائر أعمال جند قنسرين والعواصم وديار مضر، والثغور الشامية والجزرية وعمل الفرات، وديار ربيعة والموصل وأرمينية، وقاليقلا، فإنها كلها كانت قد صارت في يده، ويدعى له على منابرها، فلم يجبه الى ذلك، وتجدد بينه وبين الأفشين محمد بن ديوداد مواحشة آلت الى أن استوحش من الموفق أبي أحمد، فسير الموفق ابنه أبا العباس الملقب بالمعتضد بعد ذلك في أيام أخيه المعتمد على الله في سنة احدى وسبعين ومائتين، ورجع خمارويه، ووصل أبو العباس بن الموفق الى الرملة، فلقي خمارويه بن أحمد ابن طولون وجرت بينه وبينه وقعة الطواحين من أرض الرملة، فهزم أبو العباس خمارويه في شوال سنة اثنتين وسبعين ومائتين، واحتوى على عسكره، ونزل في مضربه، واشتغل أصحاب أبي العباس بالنهب، فكرّ عليهم عسكر خمارويه، فانهزموا ونهب جميع ما في العسكرين، وانحاز أبو العباس الى صور بعد أن قتل من أصحابه وفقد خلق، ثم مضى الى طرسوس، ثم الى بغداد.(7/3382)
وأما خمارويه فإنه لما كسر عسكره انهزم الى مصر، فلحقه من رده وأخبره بما تجدد لعسكره (240- و) من الظفر والغلبة، وعاد ونزل الى دمشق، وقدمها سنة ثلاث وسبعين، ثم وصل خمارويه الى حلب، وكاتب ابن أبي الساج، فخطب له ابن أبي الساج في جميع عمله، وقيل ان خمارويه وجه لابن أبي الساج ولكتابه ستمائة ألف دينار وفسدت الحال فيما بين ابن أبي الساج وبين اسحاق بن كندا جيق، وسير ابن أبي الساج ابنه ديوداد الى ابن طولون رهينة، وقدم ابن طولون عبد الله ابن الفتح الى ابن أبي الساج، ثم صار هو اليه بنفسه، فاجتمعوا على محاربة اسحاق ابن كندا جيق وواقعوه في موضع يعرف بقطيعة سليم على ثلاثة فراسخ من الرقة، فانهزم اسحاق، ودخل خمارويه بن طولون وابن أبي الساج الرافقة، فدعوا بها للأمير الناصر أبي أحمد الموفق، وكنبوا إليه بذلك، فلما وردت كتب ابن طولون وابن أبي الساج الى المرافق أنفذ الموفق الحسين بن عطاف الى خمارويه برسائل وكتب معه من الموفق ومن المعتمد بتجديد العقد له على جميع أعمال المعاون والخراج والضياع والبريد: ببرقة، ومصر والاسكندرية، وأسوان، والمعادن، وطريق الحجاز، وفلسطين والأردن وصور ودمشق وحمص والثغور وقنسرين، والعواصم، وديار مضر وما يتصل بها، وتكنيته في كتب أمير المؤمنين وولي عهده، وحمل الحسين بن عطاف معه الخلع والتاج والوشاح والبدنة من الجوهر، واستقامت ولاية ابن طولون على حلب ورتب فيها نوابه، وعاد الى مصر.
وأما ابن أبي الساج فانه فسد الحال فيما بينه وبين خمارويه بعد اجتماعهما (240- ظ) على محاربة اسحاق وذلك لأنه كان لابن أبي الساج خادم يقال له نقيطا، فطلبه ابن طولون منه وأخذه شبيها بالقهر فأوحش ذلك ابن أبي الساج، واعتقد عداوته واحتال في مفارقته بأن قال له: ينبغي أن تتوجه في طلب اسحاق لئلا يثبت، فعقد له على ديار مصر وكل ما افتتحه من البلدان وأنفذه في طلب اسحاق، وقد حصل في نفسه منه ما حصل فأنفذ ابن أبي الساج كثير بن سلمة الكلابي أحد قواده فسرق نقيطا الخادم من ابن طولون ببالس ورده إليه، فصارت عداوته لابن طولون مستحكمه، وقصده خمارويه بعد ذلك، وجرت بينه وبينه وقعات كثيره ضعف ابن أبي الساج في آخرها عن مقاومته، لقلة من كان معه، وكثرة من مع ابن طولون،(7/3383)
فهرب ابن أبي الساج ولحق بأبي أحمد الموفق في سنة ست وسبعين ومائتين. ولما آل أمر الخلافة الى المعتضد صالح المعتضد على ان يقتصر خمارويه على أعمال حمص ودمشق والأردن وفلسطين ومصر وبرقة وما والاها ما كان في يده، ويخلي عن ديار مضر قنسرين والعواصم، وطريق الفرات والثغور، واتفقا على ذلك، وتزوج المعتضد ابنته قطر الندى، وأفنى خمارويه خزائنه في جهازها، وأظهر من التجمل ما لا يحد ولا يحصى، وقيل إنه دخل معها مائة هاون ذهب في جهازها، فإن المعتضد دخل خزانتها وفيها من المنائر والأباريق والطاسات وغير ذلك من الآنية (241- و) الذهب فقال: يا أهل مصر ما أكثر صفركم، فقال له بعض القوم: يا أمير المؤمنين إنما هو ذهب. وقد ذكرنا في ترجمة المعتضد وترجمة قطر الندى ما فيه كفايه.
قرأت في كتاب الغرباء ممن دخل مصر تأليف أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي المعروف بابن الطحان «1» قال: خمارويه بن أحمد بن طولون أبو الجيش أمير مصر، قتل وهو ابن ثلاثين أو إحدى وثلاثين سنة أخبرني بذلك ابن رشيق عن عدنان بن أحمد بن طولون قال: حدثني عبد الرحمن بن اسماعيل العروضي قال:
حدثني سعيد بن نفيس قال: تنزهنا الى دير القصير «2» في عقب نزهة الأمير خمارويه ابن أحمد إليه، قال: فقرأت في الحائط بخط حسن ما رأيت أحسن منه ولا أتم حروفا:
أيها العاشق المعذب أبشر ... فخطايا ذوي الهوى مغفورة
زفرة في الهوى أحط لذنب ... من غزاة وحجة مبرورة
وتحت ذلك وكتب خمارويه بن أحمد بخطه. قال: وكان أبو الجيش من أحسن الخط كاتب اليد.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: حكى أنه مرض خمارويه بن أحمد بن طولون فدخل إليه السلمي الشاعر ويعرف بالصيرفي فأنشده: (241- ظ) .(7/3384)
كيف أصبحت قد عدمنا العقولا ... عميت مقلة تراك عليلا
جعل الله صحتي لك والأجر ... ولا زال بي ضناك نزيلا أو بديلا
قال: وكان بين يديه سفط جوهر فرمى إليه بجوهرة لها قيمة.
نقلت من خط محمد بن الحسن بن محمد الصيرفي من جزء سمعه من أبي محمد علي بن أحمد المادرائي فيه أخبار ونوادر عن شيوخه قال المادرائي: وحدثني جدي أبو عبيد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم بن الحسن الأطروش المادرائي قال: حدثني أبو علي زكريا بن يحيى بن زيوبه الكاتب قال: دعاني الأمير أبو الجيش خمارويه ابن أحمد بن طولون في يوم من الأيام لشيء أراد أن يأمر به، فدخلت إليه وبين يديه أسد غير مشدود، فحين رأيته أفزعني ووثبت فصرت مع الأمير فوق السرير، فقال لي: ويلك ما هذا؟ فقلت ليس مع الموت لعب، وكان الأسد يدور حوله وينام بحضرته، وكانت معه لبوة تفعل مثل فعله. فصاح على الأسد فلم يبرح، فقبض يده ثم ضرب بها جبهة الأسد ضربة شديدة، فولى الأسد هاربا، ثم أتى الى باب المجلس الذي كان الأمير فيه فقبض على مسمار كبير مقبب كان فيه وعضه فاقتلعه وطرحه ومضى وقد أخرج غيظه عليه، فخاطبني الأمير حينئذ بما أراد وخرجت.
وذكر علي بن أحمد المتطبب في كتاب الآراء والمشاورات «1» قال: حدثني أبو عيسى الداعيه قال: حدثني معلم (242- و) لأبي الجيش خمارويه بن أحمد قال: حدثني خادم لأبي الجيش قال: دخلت في يوم صائف على غفله فوجدت مولاي أبا الجيش وهو يقبل رجل ويد جاريته وهو يقول لها: ويلك لو علم الناس بموضعك مني لما حلفوني إلا بك، وأحب إلي منك أسود بعشرة دنانير يقاتل عني وعنك، قال الخادم:
ولو التفت حتى يراني لذهبت نفسي، فرجعت القهقرى حتى غبت عن عينهما.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم «2» (242- ظ) .(7/3385)
نقلت من خط أبي الحسين بن المهذب في تعليق له في التاريخ قال: وفيها يعني سنة ثماني وثمانين ومائتين قتل أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، قتله خدمه على فراشه بدمشق بحضرة دير مران «1» .
- خناصرة بن عمرو بن الحارث:
ابن كعب بن الوعّاء بن عمرو، وقيل خناصر بن الحارث بن كعب الوكّاء بن عمرو ابن عبدود بن عوف بن كنانه بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيده بن زيد بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان كان ملكا مذكورا بالشام، وبه سميت خناصرة في ناحية الأحص من عمل حلب، وهي التي نزلها عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وقيل بناها خناصرة بن عمرو خليفة الأثرم ابراهيم صاحب الفيل، خلفه بالمثمن بصنعاء إذ سار الى كسرى أنوشروان.
- الخندق:
رجل من أصحاب علي رضي الله عنه، وكان شديدا شهد معه صفين، وقيل إنه قاتل ذي الكلاع الحميري، وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة ذي الكلاع إن شاء الله تعالى.
- خويد بن خالد:
ابن محارب بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو ذؤيب الهذلي أحد الشعراء الهذليين، وكان شاعرا مجيدا أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم (243- و) ولم يلقه، وتوجه الى النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم على يده، فقدم المدينة يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو في سقيفة بني ساعدة، وغزا بلاد الروم، ومات عند قفوله معهم، واجتاز بحلب عند دخوله الى الغزاة (243- ظ) .(7/3386)
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي ابن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حميد الارتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الغساني قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال:
ابرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب:
النفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا نرد الى قليل تقنع (244- ظ)(7/3387)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
قرأت بخط توفيق بن محمد بن الحسن في مجموع: روت الرواة أن أبا ذؤيب غزا أرض الروم مع المسلمين، فلما قفلوا أخذه الموت فأراد ابنه وابن أخيه ان يتخلفا عليه جميعا فمنعهما صاحب الساقه، وقال ليخلف عليه أحدكما وليعلم أنه مقتول، فاقترعا فطارت القرعه لأبي عبيد، فتخلف عليه ومضى ابنه مع الناس، فكان ابن أخيه يحدث قال: قال لي: احفر ذلك الجرف برمحك، ثم اعضد «1» من الشجرة بسيفك واجررني الى هذا النهر فإنك لا تفرغ حتى أفرغ، فاغسلني وكفني بكفني، واجعلني في حفرتك وأهل علي الجرف برمحك، والق علي الغصون والحجارة، ثم اتبع الناس فإن لهم رهجة تراها في الأفق إذا أمسيت كأنها جهامة «2» .
قال: فما أخطأ مما قال شيئا، ولولا نعته لم أهتد لأمر الجيش.
ذكر من اسمه خلاد
- خلاد بن رافع:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وله ذكر.
- خلاد بن محمد بن هاني بن واقد:
أبو زيد الأسدي الخناصري من أهل خناصرة من اقليم الأحص، وكان امام مسجدها.
حدث بحلب (246- و) وبدمشق عن أبيه محمد بن هانىء الأسدي،(7/3388)
والمسيب بن واضح التلمنسي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وأبي رضوان يمان بن سعيد المصيصي وعثمان بن سماك الحمصي. روى عنه أباء بكر: محمد بن الحسين السبيعي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل الأنطاكي وأحمد بن اسحاق الملحمي، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، وأبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الهروي الرفاء.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال:
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والحافظ أبو الشيخ أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي قال: حدثنا أبو يزيد خلاد بن محمد بن هانىء بن واقد الأسدي الخناصري بحلب قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا بقية بن الوليد عن ورقاء عن عبد الله بن ذكوان عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى الرجل في العلانية فأحسن (246- ظ) وصلى في السر فأحسن قال الله تبارك وتعالى: أنت عبدي حقا «1» .
خيثمة بن سليمان بن الحر
ويلقب حيدرة بن سليمان وقيل خيثمة بن سليمان بن الحر بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان بن وبرة المري القرشي، أبو الحسن الاطرابلسي، وقيل خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان بن داوود بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن حيان أبي النضر وقيل ابن النضر، والصحيح هو الأول، وأبو النضر حيان بن وبرة المري صاحب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.(7/3389)
وقرأت بخط بعض أحفاد حيدرة في نسبه: حيدرة الحسن بن سليمان.
رحل خيثمة الى البلاد في طلب الحديث والإسناد، وسمع بحلب من صالح بن علي النوفلي، وأبي عمرو محمد بن عبد الله السوسي، وبأنطاكية من أبي عمرو عثمان ابن خرزاد، وأبي الحسن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وأبي سليمان وأبي داود بن أحمد البوقي وأبي الوليد بن برد الأنطاكيين، وبدمشق من أبي محمد عبد الرحمن ابن عبد الحميد بن فضالة، وبحمص من محمد بن عوف الحمصي، وببيروت من العباس بن الوليد البيروتي، وبجبلة من يوسف بن بحر، وبصور من محمد بن علي الطبري، وبالرقة من أبي علي الحسين بن منصور البغدادي، وببغداد من عبد الله ابن أحمد بن حنبل، وعبد العزيز بن معاوية، وبواسط من أبي الحسن علي بن عبد الله بن علان الواسطي، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وبالكوفة من أبي عبيدة السري بن يحيى الكوفي، وباليمن من اسحاق بن ابراهيم الدبري وجماعة يطول ذكرهم.
روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني وتمام بن محمد الرازي (247- و) وأبو علي محمد بن القاسم بن أبي نصر وأبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف، وأبو الحسين محمد بن أحمد الكرخي، وأبو أحمد عبد الله بن بكر بن محمد الطبراني، وأبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي، وعبد الله بن محمد بن عبد الغفار البعلبكي، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن سلامة الستيني، ومحمد بن يوسف الإخباري، وجماعة آخرون يطول ذكرهم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء الصوفي بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف- قراءة عليه في منزله بدمشق- قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة المكي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن(7/3390)
الزبير الحميدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا داود بن شابور عن أبي قزعة عن أبي الخليل عن أبي حرملة عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صيام يوم عرفة يكفر هذه السنة والسنة التي تليها، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة «1» .
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري بدمشق- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الأسفراييني قال: أخبرنا (247- ظ) أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله الأزدي المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي قال: حدثنا الحسين بن منصور أبو علي البغدادي بالرقة قال: حدثنا أبو الجواب قال: حدثنا عمار بن زريق عن منصور عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله ينهاكم عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال» .
قال أبو الحسن الحلبي: تفرد به عمار بن زريق.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا صالح بن علي النوفلي بحلب قال: سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرى بينه وبينه كلام فقلت: يا أبا جعفر فإنما أريد أجعلك حجة بيني وبين الله عز وجل، قال: ومن أنا؟ قلت: لم أر مثلك قال: يا بن أخي فإنا نقول خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، قلت: يا أبا جعفر إن أحمد بن حنبل ويعقوب بن كعب يقولان(7/3391)
عثمان ويقفان عن علي، قال: أخطيا جميعا، أدركت الناس وأهل السنة (248- و) والجماعة على هذا «1» .
أخبرنا عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي- بانتخابي عليه من أصول كتبه- قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد القيسي قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة ابن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان أبي النضر وسمعته يقول: ولدت سنة خمسين ومائتين، وسمعته يقول: مازح عباس بن الوليد جارية له فدفعته فانكسرت رجله، فلم يحدثنا عشرين يوما، فكنا نلقى الجارية ونقول: حسيبك الله كما كسرت رجل الشيخ وأحرمتينا الحديث.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: خيثمة بن سليمان بن حيدرة، ويقال خيثمة بن سليمان بن الحر بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان أبو الحسن القرشي الأطرابلسي أحد الثقات المكثرين الرحالين في طلب الحديث.
سمع بالشام واليمن وبغداد والكوفة وواسط. حدث عن العباس بن الوليد ابن مزيد البيروتي، ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وأبي عتبة الحجازي وأبي بكر الحسين بن محمد بن أبي معشر، وابراهيم بن عبد الله بن عمر القصار، ومحمد بن عبد الحكم القنطري (248- ظ) الرملي، والحسن بن مكرم وأبي عبيدة السري بن يحيى الكوفي، ومحمد بن عوف الطائي ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، واسحاق بن سيار النصيبي، واسماعيل بن محمد بن اسماعيل الترمذي، وعثمان بن خرزاد، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبد العزيز بن معاوية البغدادي، وأبي عبد الله أحمد بن محمد بن غالب، وأبي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وأبي الحسين خلف بن محمد بن عيسى كردوس، وأبي يحيى بن أبي ميسرة، ومحمد(7/3392)
ابن مسلمة الواسطي، وأبي قلابة الرقاشي ويعقوب بن يوسف القزويني، ومحمد ابن غالب بن حرب تمتمام، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي، وعبد الكريم ابن الهيثم، ومحمد بن سعد العوفي، وأحمد بن حازم بن أبي غرزة، وأبي عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوزي، وعبيد بن محمد الكشوري، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فضالة، سمع منه بدمشق، وأبي الوليد بن برد الأنطاكي وأحمد بن أبي الخناجر، ومحمد بن علي بن زيد الصايغ، وأحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة، وسليمان بن عبد الحميد البهراني وأحمد بن المعلى بن يزيد، والحسين ابن الحكم الحيري، واسحاق بن ابراهيم الدبري، وأبي قرصافة محمد بن عبد الوهاب العسقلاني، وأبي الحسن علي بن عبد الله بن موسى القراطيسي علّان الواسطي، ومحمد بن علي الطبري بصور، وأبي علي بن قيراط، ونجيح بن ابراهيم النخعي، وموسى بن عيسى بن المنذر.
روى عنه أبو علي محمد بن القاسم بن أبي نصر وأبو الحسن بن داود (249- و) المقرئ الداراني، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو الحسين بن جميع وتمام بن محمد، وأبو محمد بن أبي نصر، والحسن بن جبارة الضراب، وأبو عبد الله بن أبي كامل وأبو الحسن أحمد بن محمد بن سلامة الستيني، وعلي بن محمد بن أحمد بن ادريس الأنماطي، وأبو الحسن محمد بن يوسف الإخباري البغدادي الأديب، وعبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان البعلبكي، وأحمد بن عبد الله بن حميد بن زريق، والقاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الصمد بن محمد بن لاو الزرافي، وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن عبيد الله الكلاعي، وأبو نصر عبد الله ابن محمد بن بندار الهمذاني، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو بكر أحمد بن ابراهيم بن تمام بن حبان السكسكي المقرئ
قال: وذكر أبو عبد الله بن أبي كامل أن مولده سنة خمسين ومائتين.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين بالقاهرة قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت الناهض أبا الحسن علي بن يحيى بن هبة الله بغية الطلب في تاريخ حلب ج/ 7 م (213)(7/3393)
الكتامي بالاسكندرية يقول: حكى- يعني- أبا حامد المفضل بن عبيد الله بن المرطل الطرابلسي بها أن خيثمة كان يشهد بطرابلس، قال: ولما علا سنّه امتنع من حضور مجلس القاضي، فورد أمر السلطان بأن يحضر القاضي الجامع، ويحضر خيثمة عنده هناك فيؤدي شهادته، قال: (249- ظ) وكان خيثمة يقول: إذا رأيت أصحاب الخلقان الغرباء هبتهم فالعلم عندهم وتحت خلقانهم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي: سألت أبا بكر الخطيب عن خيثمة ابن سليمان الاطرابلسي فقال: ثقة ثقة، قلت: يقال إنه كان يتشيع، قال: ما أدري غير أنه جمع فضائل الصحابة، لم يخص واحدا عن الآخر «1» .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر الحسن ابن محمد بن ابراهيم الأصبهاني إجازة. وأخبرنا أبي عنه قال: أخبرنا أبو الفضل المقدسي، ح.
وأخبرنا به عاليا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه إلينا غير مرة قال: أخبرنا أبو مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفاء بن أبي طالب الحاجي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن الشيزري بحلب قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد ابن اسحاق بن أبي كامل باطرابلس الشام قال: سمعت خيثمة بن سليمان بن حيدرة يقول: ركبت في البحر وقصدت جبلة أسمع من يوسف بن بحر، وخرجت منها أريد أنطاكية لأسمع من يوسف بن سعد بن المسلم فلقينا مركب من مراكب (250- و) العدو فقاتلناهم وكنت ممن قاتل فسلموا المركب قوم من مقدّمه، فأخذوني فضربوني ضربا وجيعا وكتبوا أسماء الأسرى، فقالوا لي: اسمك؟ قلت خيثمة. قالوا ابن من؟ قلت ابن حيدرة، فقال: اكتب حمار بن حمار. قال: فلما ضربوني سكرت ونمت فرأيت في النوم كأني في الآخرة، وكأني أنظر الى الجنة وعلى بابها الحور(7/3394)
العين جماعة يتلاعبن، فقالت إحداهن لي: يا شقي ايش فاتك، فقالت الأخرى: أي شيء فاته؟. قالت: لو كان قتل مع أصحابه كان في الجنة مع حور العين، قالت لها الأخرى: يا فلانة لئن يرزقه الله الشهادة في عز من الاسلام وذل من الشرك خير من أن يرزقه في ذل من الاسلام وعز من الشرك، ثم انتبهت وجعلت في الأسر فرأيت في بعض الليالي في منامي كأن قائلا يقول لي: اقرأ براءة من الله ورسوله، فقرأتها الى أن بلغت: «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» «1» ، قال: فانتبهت فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر، ففك الله تعالى أسري. (250- ظ)(7/3395)
ذكر من اسمه خير
خير بن علي أبو الفرج الطرسوسي
المعروف بالرسول، وعرف بالرسول لأنه أرسل من طرسوس الى خراسان مستنفرا.
روى عن محمد بن هارون الطزري، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن عبد الله بن ادريس الحافظ الاستراباذي، وذكره في تاريخ «1» سمرقند، فقال: خير بن علي، أبو الفرج الطرسوسي يعرف بالرسول، قدم علينا بسمرقند مستنفرا.
كان أميا ساذجا، حدثنا بحديث وحكاية عن محمد بن هارون بن القاسم الطزري، شيخ كتب عنه بطرسوس، ومات خير هذا بسمرقند سنة تسعين وثلاثمائة.
وثلاثمائة.
خير بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحواري
أبو بشر العميد المعري، شاعر من أهل معرة النعمان وقد ذكرناه في الكنى أيضا لأنه مشهور بالكنية.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي بن المهنا المعري قال: أنشدني الشيخ الأجلّ أبو منصور المؤيد بن أحمد بن الحواري لعمه أبي بشر خير بن محمد بن الحواري المعري، وقد وقف على داره بعد خراب المعرة فنفر منها ثعلب:(7/3396)
أهذه بين إنكاري وعرفاني ... مسارب الوحش أم داري وأوطاني
(257- ظ)
جهلتها ولقد أبدت ملاعبها ... عهد الصبا بين اخواني وخلاني
فعجت أسألها والدمع منسكب ... والقلب من لوعة وجدا بها عان
يا دار مالي وللأيام قد حكمت ... فينا وفيك بحكم الجائر الجاني
فلو أجابت لقالت هكذا فعلت ... قدما بجيرة «1» نعمان ونعمان
وفي مدائن نوشروان معتبر ... للسائلين وفي سيف وغمدان
فاذهب لشأنك فالدنيا لها دول ... تمضي وتأتي وكل بينها فان(7/3397)
حرف الدال
ذكر من اسمه داوود
داوود بن أبشاي
ابن عوبذ بن باعز بن سلمون بن نحشون بن عوينادب بن أرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم صلى الله عليه وسلم، وقيل هو داوود بن زكريا بن بشوي، وقرأت بخط بعض العلماء بالنسب أنه داوود بن أشي ابن عوبذ بن باعز بن سلمون بن نحسون بن عمي نادب بن رام بن حضرون بن فارض ابن يهوذا بن يعقوب النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع إليّ شيخنا أبو الحسن علي ابن محمد بن عبد الكريم الجزري الموصلي جزءا بخط شيخه عثمان بن جلدك الموصلي، ذكر فيه تعاليق كتبها من أبي محمد الفارس، وقال: كان قسيسا وأسلم على يد الملك الناصر يوسف بن أيوب (252- و) .
قال لي شيخنا أبو الحسن: وقال لي عثمان بن جلدك: كان أبو محمد الفارس عالما بالكتب المتقدمة وأخبار الأوائل فقرأت بخط عثمان بن جلدك قال: سمعت الشيخ الجليل أبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله الناصري المعروف بالفارس الذي كان قسيسا للفرنج- بقراءتي عليه بدمشق- يقول وذكر فيما ذكر هذا النسب لداود بهذا الضبط: داود بن إيشاي بن غوبيذ- وضبطه أيضا عويذ- بن بوعز بن سلمون بن عمينا داب بن أرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم عليهم السلام.
وذكر أبو الحسين محمد بن القاسم التميمي النسابة في كتاب «القزع والشجر» وقد عدّ ملوك حمير والسواد أنه داوود بن اشي بن عميناب بن حصرون وكان داوود نبي الله وخليفته في أرضه، ورثه الله نبوة شموئيل وملك طالوت.(7/3398)
وقرأت في تاريخ وقع إليّ لبعض الأوائل أن داوود صلى الله عليه وسلم قدم مع طالوت في جيشه، وأنهم حاصروا مدينة حلب حتى نزل إليهم الملك الذي كان بها وأطاع طالوت «1» .
وقيل إن مشهد برصايا بأرض كفر شيغال من ناحية عزاز، في الجبل المطل على عزاز، هو موضع مقام داوود عليه السلام ومتعبده.
أخبرنا أبو جعفر الدامغاني قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير- يعني- ابن بكار قال: (252- ظ) حدثني أبو الحسن بن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال: أول نبي بعثة الله تبارك وتعالى في الأرض إدريس، ثم ذكر الأنبياء الى أيوب قال:
ثم الخضر وهو خضرون ثم داود بن ابشايم.
واقتص بقية الأنبياء على ما ذكرناه بهذا الاسناد في ترجمة ابراهيم صلى الله عليه.
أخبرنا أبو يعقوب بن محمد السّاوي قال: أنبأنا أبو الطاهر السلفي قال:
أخبرنا أبو عمرو العلاء بن عبد الملك بن منصور بن أحمد بن قيس بن نصران البزاز بنهاوند قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خرجه القاضي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد بجرجرايا قال: حدثنا أبو سعيد علي بن الحسين بن محمد الخلنجي قال: حدثنا أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال أنزل الله تعالى على داوود عليه السلام الزبور مئة مزمور.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال:
أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا عثمان(7/3399)
ابن محمد قال: حدثنا سفيان بن عينيه عن عمرو- يعني- ابن دنيار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو- يرفعه قال: أحب الصيام الى الله صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة الى الله الصلاة داوود كان يصلي نصفا، وينام ثلثا، ويسبح سدسا «1» .
قال أبو محمد هذا اللفظ الأخير غلطا وخطأ وإنما هو أنه كان ينام نصف الليل، ويصلي ثلثه ويسبح تسبيحه. (253- و) .
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي املاء قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن اسحاق قال:
حدثنا بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا حماد بن يحيى الأبحّ قال: حدثنا سعيد بن مينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم أفأصوم الدهر؟ قال لا، قلت: فأصوم يومين وأفطر يوما؟ قال: لا، قال:
فجعلت أناقصه حتى قال لي: صم صوم داوود، كان يصوم يوما ويفطر يوما «2» .
أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إليّ صلاة داوود وأحب الصيام إليّ صيام داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، قال: وكان يصوم يوما ويفطر يوما.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو المظفر محمد بن محمد ابن سعيد بن سعدان الفناكتي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي(7/3400)
قال: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي قال: أخبرنا أبو منصور (253- ظ) محمد بن محمد بن سمعان قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان بن عينيه عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحب الصيام الى الله صيام داوود وأحب الصلاة الى الله صلاة داوود، كان يصوم يوما ويفطر يوما وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء قال: أخبرنا مسعود بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن البسري قال:
أخبرنا أبو محمد بن يحيى السكري قال: أخبرنا أبو علي اسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا عباس بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا بسره بن صفوان قال: حدثنا محمد بن مسلم بن دينار قال: سمعت عمرو بن أوس قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن خير الصيام صيام داوود، وكان يصوم نصف الدهر وخير الصلاة صلاة داوود، كان يرقد نصف الليل، ويصلي آخر الليل حتى إذا بقي سدس الليل رقد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل العباسي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن محمد بن جعفر الخلمي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن خدام البخاري قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسن بن الحسين المراجلي قال: حدثنا أبو حفص أحمد بن أحيد بن حمدان بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن غالب القطان قال: حدثنا سعيد (254- و) بن عبد الرحمن المخزومي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دنيار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. وأحب الصيام إلى الله صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما.
أخبرنا أبو الصادق الحسن بن يحيى بن صباح قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة(7/3401)
قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن ابن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب وأبا سلمة بن عبد الرحمن حدثاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول:
لأصومنّ الدهر، ولأقومنّ الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت الذي يقول لأصومن الدهر ولأقومنّ الليل؟ فقال: قد قلت ذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تستطيع ذلك، فأفطر، وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشرة أمثالها ذلك مثل صيام الدهر، قال: قلت إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم يوما وأفطر يوما، ذلك صيام داوود وهو أعدل الصيام، قلت إني أطيق أفضل من ذلك (254- ظ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك.
قال محمد بن طاهر المقدسي في هذا الحديث: الصواب الليث عن عقيل عن الزهري.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقى في المسجد الأقصى قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ الحمامي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن أحمد بن الحسن بن مهران القريسيني قال: حدثنا الحسن بن سهل قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا ابراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن علقمة عن أبي علقمة عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام صيام داوود، ومن صام الدهر كله فقد وهب نفسه لله.
أخبرنا أبو صادق بن صباح قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد المالكي البزاز قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا(7/3402)
يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عباس القتباني عن يزيد بن قرذر عن كعب قال: كان داوود النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوما ويفطر يوما فإذا وافق صومه يوم الجمعة أعظم فيه الصدقة، ويقول إن صيامه يعدل صيام خمسين ألف سنة كطول يوم القيامة، قال: وكذلك سائر الأعمال تضاعف فيه.
أخبرنا محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان الحلبيان قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد (255- و) بن أبي الحسن المسعودي قال: أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد بن عمر المقدّر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا والدي أبو عبد الله محمد بن اسحاق، ح.
قال المسعودي: وأخبرنا أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم الغانمي بهراة وأبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسين المرو الروذي، وأبو منصور شهر دار بن شيرويه بن شهر دار الديلمي، وأبو علي الحسن بن أحمد بن محمد الموسياباذي بقراءتي عليهم بهمذان، وأبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي- بقراءتي عليه بخيبر- قالوا جميعا: أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي- في كتابه- قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الخليل القطان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السّلمي قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث وقال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خفّف على داوود القرآن، فكان يأمر بدوابه تسرج فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته وكان لا يأكل إلا من عمل يده «1» .
أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد بن حمزة التاجر بداريا وأبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي وأم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشي بدمشق قالوا: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن الحسن: قال: أخبرنا أبو(7/3403)
القاسم علي بن محمد (255- ظ) المصيضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا أبو اسحاق محمد بن أبي ثابت قال: حدثنا محمد ابن حماد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خفف على داوود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، وكان لا يأكل إلّا من عمل يده.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثنا محمد بن أبي بشر قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا الحسين بن جعفر قال: سمعت أبي قال قال وهب بن منبه: كان داوود إذا قرأ القرآن لم يسمعه شيء إلا حجل كهيئة الرقص.
وقال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثنا محمود بن أبي بشر قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: كان داوود النبي عليه السلام يعمل القفة من الخوص ثم يبعث بها فيبيعها وهو على المنبر ويأكل منها.
وقال: حدثنا اسحاق قال: وحدثنا محمد قال: وحدثنا أبو الأحوص قال:
حدثنا حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال: كان داوود يعمل القفاف، ثم يبيعها ويأكل ثمنها وهو موسع عليه. (256- و) .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أبو بكر الشيروي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد القائني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل الجلودي قال: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن قالا: حدثنا الأشجعي عن سفيان عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر(7/3404)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الناس يعودون داوود يظنون أن به مرضا وما به إلّا شدة الخوف من الله عز وجل.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا منصور بن محمد المسعودي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن أحمد الخزاعي بمرو قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشيرنخشيري- إملاء- قال: أخبرنا أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد الشعراني قال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا ابن المبارك قال: حدثنا ابن لهيعه عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن داوود النبي عليه السلام كان يعوده الناس ما يظنون إلّا أنه مريض وما به إلّا شدة الفرق من الله تعالى.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى قال: أخبرنا أبو يعلى بن كردوس السلمي قال: حدثنا الفقيه نصر بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد ابن علي الأملوكي قال: حدثنا أبو حفص (256- ظ) عمر بن علي العتكي قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن فيل قال: حدثنا أبو الجارود مسعود بن محمد الرملي قال: حدثنا عمران بن هارون قال: حدثنا عبد الله بن لهيعه عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما بنى داوود عليه السلام بيت المقدس بنى المحراب أعلى من المسجد، وأوحى الله عز وجل إليه:
يا داوو بنيت لك بيتا، ولي بيتا فجعلت بيتك فوق بيتي ولكن من ملك استأثر يا داوود.
قلت زرت برج المحراب الذي من بناء داوود، وكان برجا عظيما بحجارة عظيمة هائلة وكان ثلاث طبقات والمحراب في الطبقة الوسطى وكان شاهقا، وكان عاليا على المسجد وعلى جميع أبنية البيت المقدس، وهدمه الملك الناصر داوود بن الملك المعظم في سنة سبع وثلاثين وستمائة وحضرت في البيت المقدس وقت هدمه وكنت متوجها الى الديار المصرية في رسالة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل(7/3405)
محمد بن ناصر بن علي- اجازة- قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي أبو يعقوب النحوي املاء قال: حدثنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا اسماعيل- هو- ابن عيسى العطار قال: أخبرنا اسحاق- ويعني- ابن بشر قال:
وأخبرنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن قال: قال داوود لبني اسرائيل حين ملك: والله لأعدلن عليكم (257- و) فلم يستثن فابتلي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم قال: أخبرنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الآبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال:
أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن بشير الكندي قال: حدثنا عبد المجيد المكي عن أبيه عن صدقة بن يسار قال: بينا داوود عليه السلام في محرابه إذ مرت به درّة فنظر اليها وفكر في خلقها وعجب منها وقال: ما يعبأ الله بهذه، قال: فأنطقها الله عز وجل فقالت: يا داوود أتعجبك نفسك فو الذي نفسي بيده لأنا على ما آتاني الله من فضله أشكر منك على ما آتاك الله من فضله.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الاخضر- اجازة- وأخبرنا عنه سماعا أبو المظفر يوسف بن زغلي بن عبد الله الواعظ قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال:
أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو هشام قال: حدثنا أبو الحسين وهو زيد بن الحباب العكلي قال: حدثني أبو كعب عن بكر بن عبد الله المزني قال: قال داوود: يا رب اغفر لي ومن أكثر ذكر الله مني، وقام على صخرة الى جنب نهر حتى أصبح فناداه ضفدع: يا داوود أتمن على الله وأنا ضفدع (257- ظ) أسبح الله الليل والنهار من خشيته. فنظر فإذا هي قائمة على الماء قال: رب اغفر لي فإن نعمتك عليّ أكثر من ذكري لك.
أخبرنا أبو عبد الله بن ابراهيم الأربلي قال أخبرتنا شهدة بنت الآبري قالت:(7/3406)
أخبرنا أبو الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثني خالد بن محدوج أبو روح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: إن داود نبي الله عليه السلام ظن في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وأن ملكا نزل وهو قاعد في المحراب والبركة الى جنبه فقال: يا داوود افهم الى ما تصوت به الضفدع فأنصت داوود فإذا الضفدع تمدحه بمدحة لم يمدحه بها داوود، فقال له الملك: كيف ترى يا داوود أفهمت ما قالت؟ قال: نعم. قال: ماذا؟ قال: قالت سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب، قال داوود: لا والذي جعلني نبيّه إني لم أمدحه بهذا.
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد ابن أحمد الفقيه قال: قال لنا علي بن أحمد الواحدي المفسر في تأويل قوله تعالى: «وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير» «1» قال: وتقدير الكلام:
وسخرنا الجبال يسبحن مع داوود وهو أنه كان إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق هو فيسبح، وقال وهب: كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير.
وقال الواحدي في تأويل قوله تعالى: «ولقد آتينا داوود منا (258- و) فضلا يا جبال أو بي معه والطير» «2» . قال: فضلا يعني النبوة والكتاب، وما أعطي من الملك في الدنيا. «يا جبال أوّبي معه» معناه وقلنا: يا جبال أوّبي معه، فكان إذا سبح داوود سبحت الجبال معه والطير.
قال ابن عباس: وكانت الطير تسبح معه إذا سبح، وقال في تأويل قوله تعالى:
«وعلمناه صنعة لبوس لكم» «3» : اللبوس الدرع لأنها تلبس، قال قتادة: أول(7/3407)
من صنع الدرع داوود، وإنما كانت صفائح، فهو أول من سردها وحلقها فجمعت الخفة والتحصين. وفي قوله تعالى: «وألنّا له الحديد «1» ، حتى صار عنده مثل الشمع، فكان يأخذه بيده فيصير كأنه عجين، فكان يعمل به شيئا من غير نار ولا قرع «أن اعمل سابغات «2» » دروعا كوامل يجرها لابسها على الأرض وقال قتادة:
«وقدر في السرد» نسيج الدرع والمعنى لا تجعل المسامير دقاقا فتقلق ولا غلاظا فتكسر الحلق، وهذا قول جميع أهل التأويل.
أخبرنا أبو المحاسن قال: أخبرنا الجياني قال: أخبرنا عبد الجبار قال: أخبرنا الواحدي قال: أخبرنا سعيد بن العاص القرشي- فيما أجاز لي- قال: حدثنا العباس بن الفضل بن زكريا قال: أخبرنا أحمد بن أبي نجدة القرشي قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: «وقدر في السرد» قال لا تدقق المسامير وتوسع الحلقة، فتسلس ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلقة فتنقصم، اجعله قدرا، قال مقاتل ثم قال الله تعالى لآل داوود «اعملوا صالحا «3» (258- ظ) . قال ابن عباس: اشكروا الله بما هو أهله. وقال الواحدي في تأويل قوله تعالى:
«واذكر عبدنا داوود «4» ذا الأيد» لكي يتقوى على الصبر يذكر قوته على العبادة وهو قوله «ذا الأيد» ذا القوة على العبادة وفي طاعة الله.
قال الزجاج: وكانت قوة داوود على العبادة أتم قوة، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وذلك أشد الصوم، وكان يصلي نصف الليل «إنه أواب» راجع- عما يكره الله الى ما يحب.
وقوله تعالى «وشددنا «5» ملكه» قوينا ملكه بالحرس والجنود، قال سعيد ابن جبير عن ابن عباس: كان يحرسه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل، فإذا أصبح قيل ارجعوا فقد رضي عنكم نبي الله وهذا قول جماعة المفسرين.(7/3408)
قال: وقوله: «وآتيناه الحكمة» «1» قال ابن عباس النبوة والمعرفة بكل ما حكم، وقال مقاتل: الفهم والعلم «وفصل الخطاب» «2» ، يعني الشهود والأيمان البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لأن خطاب الخصوم إنما ينقطع ويفصل بهذا، هذا قول الأكثرين، وقال ابن مسعود ومقاتل: وقتادة هو العلم بالقضاء والفهم.
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو بكر الجياني قال: أخبرنا عبد الجبار الفقيه قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز- فيما أجاز لي- أن أبا الفضل الحدادي أخبرهم عن أبي يزيد الخالدي قال: أخبرنا اسحاق بن ابراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا داوود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس (295- و) ان رجلا من بني اسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داوود فقال: إن هذا غصبني بقرا لي فسأل داوود الرجل عن ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن له بينة، فقال لهما داوود: قوما حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده فأوحى الله الى داوود في منامه أن يقتل الرجل الذي استعدى عليه، فقال: هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت فأوحى الله إليه في منامه أن يقتله، فلم يفعل فأوحى الله إليه الثالثة أن يفعل أو تأتيه العقوبة، فأرسل داوود اليه فقال له: إن الله أوحى إليّ أن اقتلك، فقال الرجل تقتلني بغير بينة؟ قال داوود: نعم والله لأنفذن أمر الله فيك، فلما عرف الرجل أنه قاتله قال: لا تعجل علي حتى أخبرك إني والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت أبا هذا فقتلته فبذلك أخذت، فأمر به داوود فقتل فاشتدت هيبة بني اسرائيل لداوود عند ذلك وشدد به ملكه وهو قوله تعالى «وشددنا «3» ملكه» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير بالقاهرة قال:
أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي السلامي- إجازة- قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال: حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنا يحيى- هو- ابن عبد الله بن بكير قال:
.(7/3409)
حدثني الليث عن (259- ظ) أبي معشر عن سعيد بن أبي سعيد أنه قال: إن داوود دعا الله فقال: يا رب أرني الحق كما تراه، فأوحى الله إليه: إنك لن تطيق ذلك، فاقض بينهم بالبينات، قال: يا رب أرني الحق كما تراه، قال: اقض. فجاءه رجل فقال يا رسول الله: إن فلانا جاء ببقرة فأكل حرثي، فقال لصاحب البقر: اذهب اقتله وخذ ماله، فلما خرج به ليقتله قال: يحلّ لك أن تقتلني عوض بقرك، أكلت حرثي وتقتلني وتأخذ مالي؟ فجاءه: فقال يا رسول الله بقري أكلت حرثه، قال:
فاذهب فاقتله وخذ ماله حتى اذا فعل ذلك ثلاث مرات، فلما جلس ليقتله قال: انه قضى بالحق إني قتلت أباه وأخذت ماله فهو يقتلني كما قتلته، ويأخذ مالي، فأوحى الله عز وجل الى داوود إنك لن تطيق ذلك فاقض بينهم بالبينات.
أخبرنا أبو الحسن عن ابن ناصر قال: أنبأنا أبو اسحاق الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال: حدثنا يحيى ابن أيوب قال: حدثنا يحيى- هو- ابن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث عن أبي معشر عن محمد بن قيس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما كان الناس قط أحوج الى السلسلة منهم اليوم في زمانهم هذا فقالوا: وما السلسلة؟
قال: السلسلة أعطيها داوود في فصل الخطاب، قال: لا يختصم إليه إلّا كان أولاهما بالعذر ينالها وإن كان قصيرا، قال: فاستخبأ رجل رجلا لؤلؤا فابتغاه منه فجحده وقال: قد دفعتها إليك (260- و) قال: فجاء إلى داوود فقال: ان هذا استخبأته لؤلؤا فجحدنيه قال: فاذهبا الى السلسلة قال: فأخذ الرجل عصا فنقبها فجعل فيها اللؤلؤ قال: فجاء صاحب اللؤلؤ فقال: اللهم إن كنت تعلم أني استخبأنه اللؤلؤ ولم يرد إليّ فأسألك أن أنالها، قال: فنال السلسلة وقال: الآخر كما أنت أدعو أنا زيادة قال: أمسك هذه العصا فأخذها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني قد دفعت إليه اللؤلؤ فأسألك أن أنالها، قال: فنالها زيادة، قال داوود: ما هذا ينالها الظالم والمظلوم فأوحى الله إليه إن اللؤلؤ في العصا ورفعت السلسلة.
أخبرنا أبو المحاسن القاضي قال: أخبرنا محمد بن علي بن ياسر قال: أخبرنا الفقيه عبد الجبار الخواري قال: أخبرنا علي بن أحمد الواحدي المفسر قال:(7/3410)
قوله: «وهل أتاك نبؤ الخصم» قال مقاتل: بعث الله الى داوود ملكين جبريل لينبهه على التوبة فأتياه في المحراب وهو قوله: «إذ تسوروا المحراب» قال محمد بن اسحاق: بعث الله إليه ملكين يختصمان اليه مثلا ضربه الله له ولصاحبه، فلم يرع داوود إلّا بهما واقفين على رأسه في محرابه فقال لهما داوود: ما أدخلكما عليّ فقالا: لا تخف وهو قوله: «إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان» أي نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فجئناك لتقضي بيننا وهو قوله:
«فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط» يقال شطّ الرجل وأشط شططا واشطاطا إذا جار في (260- ظ) حكمه وقضيته.
قال المفسرون: لا تجر علينا «واهدنا إلى سواء الصراط» احملنا على الحق لا تخالف بنا إلى غيره فقال داوود: تكلما فقال أحد الملكين: «إن هذا أخي» أي على ديني «له تسع وتسعون نعجة» يعني امرأة والنعجة البقرة الوحشية والنعجة يكنى بها عن المرأة، وتشبه النساء بالنعاج من البقر وإنما عنى بهذا داوود لأنه كانت له تسعة وتسعون امرأة «ولي نعجة واحدة» امرأة واحدة «فقال اكفلنيها» ضمها إليّ واجعلني كافلها وهو الذي يعولها وينفق عليها والمعنى طلقها لأتزوجها «وعزني في الخطاب «1» » . قال عطاء عن ابن عباس كان أعز مني وأقوى على مخاطبتي لأنه كان الملك، والمعنى أنه كان أقدر على الخطاب لعزة ملكه، وهذه القصة تتمثل لأمر داوود مع أوريا زوج المرأة التي أراد أن يتزوج بها، فقال داوود:
«لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه» أي بسؤاله نعجتك ليضمها الى نعاجه، أي إن كان الأمر على ما تقول، فقد ظلمك أخوك بما كلفك من تحولك عن امرأتك ليتزوجها هو، «وإن كثيرا من الخلطاء» هم الشركاء يريد أن الشركاء كثير منهم يظلم بعضهم بعضا وهو قوله: «ليبغي بعضهم على بعض» وظن داوود أنهما شريكان، فلذلك قال: «وان كثيرا من الخلطاء» قال المفسرون: فلما قضى بينهما داوود نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك وصعد إلى السماء فعلم داوود (261- و) أن الله ابتلاه وإن ما ذكرا من القصة تمثيل لقصته، هو قوله: «وظن داوود إنما فتناه» أي أيقن وعلم أنّا ابتليناه بما وقع له من القصة ونظره إلى المرأة وافتتانه(7/3411)
بها وكان قد أعجب بعبادته فلما ابتغى بها هويها وقال لزوجها: تحول لي عنها فعوتب على محبته امرأة من له امرأة واحدة وله تسع وتسعون امرأة، فكان ذلك ذنبا من ذنوب الأنبياء التي يعاتبون عليها وذلك قوله: «فاستغفر ربه» وسأل ربه غفران ذلك الذنب «وخر راكعا وأناب» «1» ، قال ابن عباس: ساجدا، وعبر عن السجود بالركوع لأن كلاهما بمعنى الانحناء. وأناب: راجع ما يحب الله من التوبة والاستغفار.
وقال في قوله تعالى: «فغفرنا له ذلك» «2» قال ابن عباس: غفر له ذلك الذنب «وإن له عندنا لزلفى «3» » ، لقربة ومكانة ومنزلة حسنة، وقال الواحدي: أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا ابراهيم بن عبد الله العسكري قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثني محمد بن منصور البرواني عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار في قوله: «وإن له عندنا لزلفى» ، قال:
يقول الله لداوود وهو قائم عند ساق العرش: يا داوود مجدّني بذلك الرخيم فيقول: كيف وقد سلبته في الدنيا؟ فيقول: إني أرده إليك قال: فيرفع داوود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم أهل الجنة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرح البغدادية قالت: (261- ظ) أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد ابن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا سيار قال:
حدثنا جعفر قال: حدثنا مالك بن دينار في قوله: «وان له عندنا لزلفى وحسن مآب» «4» قال: يقيم الله داوود عند ساق العرش فيقول: يا داوود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم. فيقول: الهي وكيف أمجدك به وقد سلبتنيه في دار الدنيا؟
فيقول: فإني راده عليك اليوم فيردّ عليه، فيرفع داوود صوته فيستنزع صوت داوود نعيم أهل الجنة.(7/3412)
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري المعروف بوالده بأزرتق وأبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب. قال أبو اسحاق:
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز. وقال أبو الحجاح:
أخبرنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال:
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن على بن عبد العزيز بن مزدك البرذعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن حاتم قال:
حدثنا محمد- يعني- ابن يحيى بن عمر الواسطي قال: حدثنا محمد- يعني- ابن الحسين البرجلاني قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا عباد بن كلثوم اليماني عن أبيه عن وهب بن منبه قال: كان لداوود صلى الله عليه وسلم (262- و) حشية محشوة بالرماد ويصلي عليها وكان يسجد فيبكي حتى يبل موضع سجوده، ثم يحول طرفها الآخر فيصلي عليه فيسجد فيبكي حتى يبل موضع سجوده ثم تغلبه الدموع فتجري حتى يبتل الحشيش تحته «1» . قال: وكان ينادي في سجوده:
قرح الجبين وجفت الدمعه وخطيئتي لم تغفر، فقيل له يا داوود أظمآن فتسقى؟
أجائع فتطعم؟ أعار فتكسى؟. قال: فازداد بكاء على بكائه وأخذ في الأنين عند منقطع النحيب قال: فعند ذلك رحم فغفر له.
وقال: حدثنا عبد الرحمن- يعني- ابن أبي حاتم قال: حدثنا محمد قال:
حدثني محمد قال: حدثنا الصلت بن حكيم أبو مريم الواعظ وغيره عن سعد «2» ابن ابراهيم الأموي عن محمد بن خوات أن داوود صلى الله عليه وسلم لما أطال البكاء على نفسه قيل له: اذهب إلى قبر زوج المرأة، فاستوهبه ما صنعت، قال:
فأتى القبر فأذن الله لصاحب القبر أن يتكلم فناداه: يا أوريا أنا داوود ولك عندي مظلمه، قال: قد غفرتها، فانصرف وقد طابت نفسه فأوحى الله إليه، ارجع فبين له ما صنعت، فرجع فأخبره فناداه جبريل: يا داوود هكذا يفعل الأنبياء.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم من مسلم بن سلمان الإربلي قال: أخبرنا(7/3413)
الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم (262- ظ) اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثني محمود بن أبي بشر الخراساني قال:
حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا الحسين بن جعفر قال: سمعت أبي قال: قال سليمان التيمي ومالك بن دينار: لما أصاب داوود الخطيئة أكثر في الدعاء فلم يستجب فلما رأى أنه لا يستجاب له أخذ في نحو من النياحة، فرحم فغفر له.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو التقى صالح ابن بنت أبي جدار قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن موسى النقاش قال: أخبرنا محمد بن صالح الخولاني قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الخولاني قال: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا مجالد بن عبيد الله قال: حدثنا مسمع بن عاصم بن عبد العزيز الراسبي قال: كان داوود عليه السلام يبكي حتى يملأ حجره ثم يأخذ دموعه بيديه فيملأ كفيه ثم يقول: ارحم دموعي، فأوحى الله عز وجل إليه تذكر دموعك وتنسى ذنوبك؟.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا اسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي- املاء- قال: حدثنا عبد الله بن عليّ بن زكرى الدقاق قال: حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران المعدل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا المحول بن عمر قال: حدثنا ابراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل (263- و) عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود أرفع رأسك فقد غفرت لك غير أنه ليس عندك ذاك الود الذي كان.
- أخبرنا حسن بن ابراهيم بن هبة الله بن دينار بالقاهرة المعزية قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد(7/3414)
الله بن بشران قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا محول بن محمد قال: حدثنا ابراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى داوود ارفع رأسك فقد غفرت لك غير أنه ليس لك عندي ذلك الود الذي كان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإربلي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عساكر بن المرحب البطائحي قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الوراق المعروف بابن العسكري.
قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الدقاق، قال: حدثنا القاسم بن بشر قال:
حدثنا الوليد بن مسلم، ح.
وقال شيخنا أبو عبد الله الإربلي: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت الآبري قالت:
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم اسحاق بن ابراهيم بن سنين (263- ظ) قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله الهروي قال: أخبرنا الوليد بن مسلم قال: حدثني عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني. وقال القاسم بن بشر: حدثني عطاء الخراساني أن داوود النبي عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكي لا ينساها فكان إذا رآها اضطربت يداه، أو قال: اضطرب، وقال الهروي: كي لا ينساها، فكان اذا رآها اضطرب أو اضطربت يده.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حميد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حميد: اجازة قال:
أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب(7/3415)
قال: حدثنا أحمد بن مروان حدثنا أحمد بن محرز الهروي قال: حدثنا الحسن بن عيسى قال: حدثنا ابن المبارك عن شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن داوود عليه السلام جعل خطيئته في كفه فكان لا يتناول طعاما ولا شرابا ولا يمد يده إلى شيء إلّا أبصر خطيئته فأبكاه.
وقال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدثنا أبي عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن عطاء الخراساني أن داوود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكي لا ينساها فكان إذا رآها اضطربت يداه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا السيد أبو طالب علي بن الحسين عبد الواحد الصالحاني بأصبهان قال: أخبرنا السيد أبو طالب علي بن الحسين الحسني الهمذاني- إملاء- قال: حدثنا عبد الله بن عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا الفضل بن الفضل بن العباس الكندي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عباد قال: حدثنا أبو صالح السواق قال: حدثنا بشر بن محمد بن أبان اليشكري قال:
حدثنا الحسن بن عبيد الله عن رجل من الأنصار أن داوود عليه السلام لما أصاب الخطيئة عمد إلى غار ينتابه العباد قال: فصرخ لصاحبه فلم يجبه، فلما أطال عليه أجابه وقال: من هذا الذي يدعوني بصوت عال لم تغيّره العبادة، فقال: داوود عليه السلام: أنا داوود، قال: داوود صاحب المدائن الحصينه والخيل المسومة والنساء والشهوات لئن نلت بهذا الجنة لأنت أنت، فقال له داوود عليه السلام:
فمن أنت قال: راغب وراهب مترقب، قال له داوود: فمن أنيسك ومن جليسك؟
قال (264- و) الرجل: هاهناك تراه إن أردت ذلك، قال فتخلل داوود الجبل فإذا غار قد حاذى رأس الجبل فإذا رجل مسجى، فقال: هذا أنيسك وهذا جليسك؟
قال: نعم، قال: فمن هذا؟ قال: هاتلك قصته مكتوبة عند رأسه في لوح من نحاس قال: فأخذه داوود فإذا فيه أنا ملك الأملاك عشت ألف عام وهزمت ألف جيش، وفتحت ألف مدينة وافتضضت ألف عذراء، وأحصنت ألف امرأة، قال: فبينا أنا في ملكي إذ أتاني ملك الموت فأخرجني مما أنا فيه فها أنذا التراب فراشي والدود جيراني والنار أمامي، قال: فخر داوود عليه السلام مغشيا.(7/3416)
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الأرتاحي- إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا حماد بن مسلمة عن ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال: كان داوود عليه السلام ينادي في جوف الليل أوّه من عذاب الله أوّه من قبل أن لا ينفع أوّه. (264- ظ) .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثني علي بن مسلم قال: حدثنا سير قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت البناني قال: لم يشرب داوود شرابا من بعد المغفرة إلّا ونصفه ممزوج بدموع عينيه. (265- و) .(7/3417)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان البغدادي وأبو الحجاج يوسف بن خليل ابن عبد الله الدمشقي. قال ابراهيم: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد، وقال يوسف: أخبرنا ذاكر بن كامل الخفاف ويحيى بن أسعد بن بوش قالوا: أخبرنا عبد القادر بن محمد قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن البرذعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن- يعني- ابن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني محمد بن أبي زكريا قال: حدثنا سعيد بن يونس عن عمران بن أبي الهذيل عن وهب بن منبه قال: لما أصاب داوود الخطيئة قال: يا رب اغفر لي قال: قد غفرت لك وألزمت عارها بني اسرائيل، قال: كيف يا رب وأنت الحكم العدل لا تظلم أحدا أعمل أنا بالخطيئة وتلزم عارها غيري؟ فأوحى الله إليه إنك لما اجترأت عليّ بالمعصية لم يعجلوا عليك بالنكرة.
أخبرني أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال:
أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد الارتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين ابن عمر الموصلي. قال ابن حمد: اجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن ابن اسماعيل الضراب قالا: (266- و) حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب(7/3418)
قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال حدثنا محمد بن عبد العزيز قال:
حدثنا أبي عن الوليد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان داوود صلى الله عليه وسلم يقول في مناجاته: إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، واذا ذكرت رحمتك ارتد إليّ روحي سبحانك الهي أتيت أطباء عبادك ليداووا خطيئتي فكلهم عليك يدلني.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر- اجازة- قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله الحباّل قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال: أخبرنا علي بن جعفر بن أحمد الفريابي قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا محمد ابن صالح قال: حدثني الحسين بن جعفر عن أبيه عن يزيد الرقاشي قال: كان في بني اسرائيل أربعمائة جارية عذارى متبتلات قال: قال فلما كان في يوم نوح داوود عليه السلام قمن حيث يسمعن الصوت، ولم يرون الشخص، وفتح داوود عليه السلام الزبور وأخذ في ضرب من النياحة فصعقن فمتن فلم ير يوما كان أكثر سيتا ولا باكيا من يومئذ.
أخبرنا أبو نصر الزبيدي ببغداد قال: أخبرنا أبو نصر بن السدنك قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: حدثنا ابن السماك قال: حدثنا الحسن قال:
سمعت بشر بن الحارث يقول: أوصى الله تعالى الى داوود: يا داوود إني لم اخلق الشهوات (266- ظ) إلّا للضعفاء من عبادي فأما الأبطال فمالهم وللشهوات.
أخبرنا حسن بن ابراهيم بن هبة الله بن دينار بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد ابن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال:
أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن عمرو قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود إني لم أخلق الشهوات إلّا للضعفاء من عبادي فأما الأبطال فمالهم ولها.(7/3419)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله المقرئ بمرو قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين الربعي ببغداد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن شبيب قال: حدثنا أحمد بن أبي الخواري قال: قال لي أبو سليمان شهدت مع أبي الأشهب جنازة بعبادان فسمعته يقول: أوحى الله عز وجل الى داوود عليه السلام حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها محجوبة عني.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن (267- و) علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال ابن حمد: اجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا بشر بن موسى قال:
حدثنا عبد المتعال قال: حدثنا حمزة بن معاويه عن بجير قال: أوحى الله تبارك وتعالى الى داوود عليه السلام: يا داوود اتخذ نعلين من حديد، وعصا من حديد، واطلب العلم حتى يتخرق نعلاك وتنكسر عصاك.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن ابراهيم الرازي عن أبيه عن أبي العباس الفقيه أن أبا الحسن محمد بن المغلس ابن جعفر البزاز أخبرهم بمصر قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق المعدل قال:
حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن سهل السكري قال: حدثنا عبد الرحمن بن(7/3420)
معاوية قال: حدثنا مهدي بن جعفر قال: حدثنا حمزة عن أبي مطيع معاوية بن يحيى قال: أوحى الله تعالى الى داوود: اتخذ نعلين من حديد وعصا من حديد واطلب العلم حتى يتخرق النعلان وتنكسر العصا.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي قال:
أخبرنا الداوودي قال: أخبرنا الحموي قال: أخبرنا أبو عمران قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا نعيم بن حماد قال: حدثنا بقية عن عبد الله بن عبد الرحمن التستري قال: قال داود النبي صلى الله عليه وسلم: قل لصاحب العلم يتخذ عصا من حديد ونعلين من حديد ويطلب العلم حتى تنكسر العصا ويتخرق النعلان.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو الفوارس الأنباري بها- يعني- خليفة بن محفوظ بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد ابن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن المغلس بن (267- ظ) جعفر بن المغلس البزاز بالفسطاط في الجامع العتيق قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن محمد بن سهل السامري بالرملة قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية قال: حدثنا مهدي بن جعفر قال: حدثنا ضمرة عن أبي مطيع معاوية بن يحيى قال: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: اتخذ نعلين من حديد وعصا من حديد واطلب العلم حتى يتخرق النعلان وتنكسر العصا.
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المعري، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء- إجازة- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن الحسين عن صالح المري قال: أوحى الله تبارك وتعالى الى داوود عليه السلام: يا داوود اسمع مني الحق أقول لك: انه من ذكر ذنوبه في الخلاء فاستحيا عند ذكرها سترتها عن الحفظه وغفرتها له، يا داود اسمع مني الحق أقول لك: إنه من عمل من الذنوب حشو الارض من شرقها الى غربها ثم ندم عليها(7/3421)
خثمائنا سترتها عن الحفظه وغفرتها له، يا داود اسمع مني الحق أقول لك: إنه من عمل حسنه واحدة أدخلته جنتي. قال داود: يا الهي فما تلك الحسنة؟ قال تكشف عن مكروب كربا ولو بشق تمرة.
وقال: حدثنا ابن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسين عن صالح المري قال: قال داود عليه السلام: يا رب دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: آثر هواي على هواك.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي بها قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طاهر الحلبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا قبيصة عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن رجل عن مجاهد قال: قال داوود: يا رب طال عمري وكبرت سني وضعف ركني.
قال: فأوحى الله إليه: يا داوود طوبى لمن طال عمره وحسن عمله.
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي التاجر قال:
أخبرنا العدل أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن الكتاني- قراءة عليه- قال:
أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أسلم بن سهل ابن أسلم الواسطي قال: حدثنا زيد (268- و) بن صالح قال: حدثنا عبد العزيز ابن داوود الواسطي قال: حدثنا فضالة بن حسين بن عبد الرحمن عن عمه موسى بن عبد الرحمن قال: أوحى الله تعالى إلى داوود: يا داوود من لقيني بحسنة واحدة أدخلته الجنة، قال داوود: إلهي وما تلك الحسنة؟ قال: تفرج عن مكروب من المسلمين، قال داوود: إلهي فمن ثم لا ينبغي لاحد أن يقطع رجاءه منك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل الدمشقي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أحمد بن علي بن أشنة قال: أخبرنا أبو سعيد بن علي ابن عمر النقاش قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن شيران قال: حدثنا أحمد بن(7/3422)
محمد عطار الأبلي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبه قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: بلغني ان داوود عليه السلام قال: اللهم ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك؟ قال جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال ابن حمد: اجازة قال: أخبرنا أبو القاسم (268- ظ) عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن ابن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر أخو خطاب قال: حدثنا خالد بن خداش عن صالح المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال: فرأت في مناجاة داوود صلى الله عليه وسلم: إلهي ما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه؟ قال: جزاؤه أن أحرم وجهه عن النار، وأومنه يوم الفزع الأكبر.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الآبري قالت: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن بسام قال: حدثني صالح المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال: قرأت في مسألة داوود أنه قال: أي رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلّا بنعمتك؟ قال: فأتاه الوحي أن يا داوود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى يا رب، قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا.
وقال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبو أيوب القرشي مولى بني هاشم قال: قال داوود: يا رب أخبرني بأدنى نعمك عليّ، فأوحى الله إليه: يا داوود تنفس فتنفس، فقال: هذا أدنى نعمي عليك.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي بها قال: أخبرنا(7/3423)
أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طالب الحلبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسين بن قريش قال: أخبرنا أبو اسحاق (269- و) إبراهيم ابن عمر بن أحمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عمرو بن مرة قال: كان داوود عليه السلام يقول: يا رب كيف أحصي نعمك وانا نعمة كلي.
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت ابن الآبري قالت:
أخبرنا أبو الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الحشمي قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم قال: حدثنا الحسن قال: قال داوود: إلهي لو أن كل شعرة مني لسانين يسبحان الليل والنهار ما قضتا نعمة من نعمك.
أخبرنا أبو اسحاق بن أبي عمرو الزركشي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن المعدل قال: أخبرنا ابن شاذان قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك- إجازة- قال: حدثنا الحسن بن عمرو السبيعي قال: سمعت بشرا يقول: أوحى الله إلى داوود: لا تتخذ بيني وبينك عالما مفتونا يعدل بشكره عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي.
أخبرنا أبو نصر الزبيدي قال: أخبرنا أبو نصر بن السدنك قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا ابن السماك قال: حدثنا الحسن قال: سمعت بشرا قال:
أوحى الله تعالى إلى داوود: يا داوود لا تتخذ بيني وبينك عالما مقترنا فيصدك بشكره (269- ظ) عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي.
وقال: سمعت بشرا يقول: أوحى الله تعالى إلى داوود إغضب لي أشد مما تغضب لنفسك.
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصليحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان(7/3424)
قال: حدثنا أسلم بن سهل بن أسلم قال: حدثنا محمد بن عبد الملك قال: حدثنا فضيل بن عبد الله التمار أبو معاذ قال: حدثنا أبو الربيع الأعرج عمرو بن سليمان قال: حدثنا يزيد بن ابراهيم التستري عن الحسن قال: أوحى الله إلى داوود: يا داوود مالي أراك وحدانيا؟ قال: الهي فارقت الناس فيك، قال: يا داوود خالط الناس، واصبر على أذاهم لعلك تردّ حيرانا عن حيرته، أو سكرانا عن سكرته، فاكتبك عندي جهبذا، ومن كتبته عندي جهبذا ضمّنت السحاب رزقه لا يخاف إذا خاف الناس.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه قال: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه ابن أحمد الشاذياخي، ح.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور قالت:
أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان بن اسماعيل في كتابه إلينا من هراة قال:
أخبرنا أبو الاسعد (270- و) هبة الرحمن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت الاستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله يقول: خرج داوود عليه السلام يوما الى بعض الصحارى منفردا فأوحى الله تعالى إليه: مالي أراك يا داود وحدانيا؟ فقال: إلهي استأثر الشوق إلى لقائك على قلبي فحال بيني وبين صحبة الخلق، فأوحى الله إليه: ارجع اليهم فإنك ان أتيتني بعبد ابق أثبتك في اللوح المحفوظ شهيدا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بنابلس قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني حمزة بن العباس قال: أخبرنا عبدان بن عثمان قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا ابن لهيعه قال: حدثني الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال: سمعت وهب الرمادي يحدث عن فضالة بن عبيد أن داوود النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يخبره بأحب الأعمال إليه، فقال: عشر إذا بغية الطلب في تاريخ حلب ج/ 7 م (215)(7/3425)
فعلتهن يا داوود لا تذكرن أحدا من خلفي إلا بخير، ولا تغتابن أحدا من خلقي، ولا تحسدن أحدا من خلقي، قال: يا رب هؤلاء ثلاث لا أستطيع ان أعملهن.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الاربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج قالت: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد قال:
(270- ظ) أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا علي بن الجعد قال: سمعت سفيان بن سعيد وذكر داوود النبي عليه السلام فقال: قال: الحمد لله حمدا كما ينبغي لكرم وجه ربي تعالى وعز جلاله، فأوحى الله إليه: يا داوود أتعبت الملائكة.
أخبرنا أبو صادق الحسن بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد بن محمد بن عباس الغسال- قراءة عليه وأنا اسمع- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني الحافظ- املاء- قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله الوكيل قال: حدثنا أحمد بن بديل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا عبد الله ابن لاحق عن ابن شهاب قال: قال داوود عليه السلام: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا داوود قد اتعبت الكتبة.
أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن الحسن التميمي الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن حمويه الجويني الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه ابن طاهر الشحامي قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين علي بن محمد الدينوري قال:
أخبرنا أبو الحسين بن بشران الشاهد ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا بكتابه- في ذكر الراضين بقضاء الله- قراءة على الشيخ الحافظ أبو الحجاج يوسف بن محمد بن فيره الأنصاري الأندلسي من أصل الشيخ أبي منصور علي بن محمد الطريثيي بتاريخ السادس من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وخمسائة في أثناء هذا الكتاب (271- و) يقول الله عز وجل لداود عليه السلام: بشر الراضي بالمقدور بالسرور والحبور.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال:(7/3426)
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد السلمي قال: أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا الدوري قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كان داوود عليه السلام يقول: كن لليتيم كالأب الرحيم.
أخبرنا أبو بكر بن أبي المحاسن القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد الكاتبة، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن أحمد الموصلي قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا ابراهيم ابن الجنيد قال: حدثنا محفوظ بن الفضل قال: حدثنا ابراهيم بن خالد الصنعاني قال: حدثني عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال داوود عليه السلام: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: مؤمن حسن الصورة، قال: فأي عبادك أبغض إليك؟ قال كافر حسن الصورة، شكر هذا وكفر هذا.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طاهر الحلبي (271- ظ) قال: أخبرنا أبو العباس بن قريش قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال:
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو أسامة عن الفزاري عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داوود النبي صلى الله عليه وسلم: قل للظلمة ألا يذكروني فإني أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أخبرنا(7/3427)
علي بن أحمد بن قبيس قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن أحمد قال: أخبرنا جدي محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر السامري قال: حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن عبد الرحمن بن أبزي قال:
كان داوود صلى الله عليه يقول: نعوذ بالله من صاحب إن أنت ذكرت الله جل وعز لم يعنك وإن أنت نسيت لم يذكرك.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا نجني بنت عبد الوهاب الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني أبو حاتم الرازي قال:
حدثنا أصبغ قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عبد الحميد بن سالم المهري عن عبد الله بن حبيب أن داوود النبي صلى الله عليه وسلم قال: رب كلام قد ندمت عليه ولم أندم على صمت قط.
أخبرنا أبو بكر عبد الله (272- و) بن عمر بن علي القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد بن الآبري الكاتبة، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي العدل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن أحمد الموصلي قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق قال: حدثنا شيبان بن حاتم العنزي قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال: قال مالك بن دينار قال داوود عليه السلام: يا معشر الأنبياء تعالوا حتى أعلمكم خشية الله عز وجل أيّما عبد منكم أحب أن يحيى ويرى الأيام الصالحة فليحفظ عينيه أن تنظر سوءا ولسانه أن ينطق بالإفك.
أخبرنا أبو عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا(7/3428)
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: اجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد البغدادي قال:
حدثنا معاوية بن عمرو عن طلحة بن زيد عن الأحوص بن حكيم قال: كان من دعاء داوود النبي صلى الله عليه وسلم يا رب يا رازق «1» النعاب في عشه، وذلك أن الغراب إذا فقس عن فرخه خرجت بيضا، فإذا رآها كذلك نفر عنها فتفتح أفواهها ويرسل الله تعالى لها ذبابا فتدخل في أفواهها فيكون ذلك غذاءها حتى تسودّ، فإذا اسودت عاد الغراب فغذاها ويرجع الله الذباب عنها.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن الواسطي بحشل قال: حدثنا الحسن بن زياد بن زبالة المدني قال: حدثنا محمد بن يزيد عن هيثم الجذاب عن حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان من دعاء داوود عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك من مال يكون علي فتنة ومن ولد يكون عليّ رياء ومن حليلة تقرب (272- ظ) الشيب قبل المشيب.
وقال: أخبرنا أبو بكر بن سمعان الحافظ قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري قال: كان داوود النبي صلى الله عليه يدعو: اللهم إني أعوذ بك من مال يكون عليّ وبالا، ومن ولد يكون عليّ رياء، وزوجة تشيبني قبل المشيب، وجار سوء يراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة كتمها وإن رأى سيئة أذاعها.(7/3429)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أنبأنا أبو العباس النيسابوري أن محمد بن موسى بن الفضل أخبرهم قال: أخبرنا محمد بن عبد الله، ح.
وأخبرنا المؤتمن بن أبي السعود بن قميرة البغدادي- بقراءتي عليه بحلب- قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج عن طراد بن محمد الزيبني قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قالا: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال أبو نصر التمار: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال:
قال داوود: سبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، سبحان مستخرج الشكر بالرخاء.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا عبد الغني بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الارتاحي- إجازة- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن. قالا: حدثنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر المالكي قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا ابن خبيق قال: سمعت يوسف ابن أسباط يقول: إن داوود عليه السلام أتاه ملك الموت وهو يرقى في درجة، فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك، قال: فدعني أرقى، قال: لا والله، قال: فدعني أنزل أوصي، قال: لا والله، ثم قال له: يا داوود ما فعل فلان؟ قال:
مات، قال: فما فعل فلان؟ قال: مات، فقال له: يا داوود فما كان لك فيهم عبرة، وقال عبد الغني: أفما كان.
- داوود بن ابراهيم بن تميم:
ابن جابر بن هانىء بن زيد بن عبيد بن مالك بن مربط بن عمرو بن الحارث ابن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن مضر بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أبو الفهم التنوخي الانطاكي.(7/3430)
حدث بأنطاكية. روى عنه ولده القاضي أبو القاسم علي بن داوود.
(273- و) .
ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه داوود
- داوود بن أحمد بن حيان الأنطاكي:
حدث عن تميم بن تميم البصري. روى عنه الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر وعبد الرحمن بن عمر ابن أبي نصر الغزال- في كتابيهما- قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن اسماعيل ابن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أن أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبا بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبا بكر محمد بن عبد العزيز الحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن بندار الزاهد قال: حدثنا الحسن بن صاحب قال: حدثنا داوود بن أحمد بن حيان الأنطاكي قال: حدثنا تميم ابن تميم البصري قال: حدثنا زكريا (273- ظ) بن يحيى عن ابن عون عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال: قال له أصحابه: إنّا نراك إذا صليت الفريضة لم تطوّع بعدها؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: يا أبا ذر لئن تعلّم بابا من العلم خير لك من ألف ركعة تطوعا، وإذا علمت الناس بابا من العلم يعمل بها أو لم يعمل بها خير لك من ألف ركعة تطوعا «1»
- داوود بن أحمد بن سعيد:
ابن خلف بن داوود بن عثمان بن عزيزي الطيبي الواسطي التاجر من أهل الطيب مدينة بين واسط وخوزستان، من أعيان التجار الأخيار والنبلاء الكبار الجوالين في الآفاق، المعروفين بكرم الشمائل والاخلاق، كان شيخا حسنا بهي الخلقة حلو النطق، كثير البشر حسن المحاضرة له معرفة تامة بالتواريخ وأخبار الملوك والوزراء.(7/3431)
سمع ببخارى أبا المظفر أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد البغدادي الصفار وصدر جهان عبد العزيز بن محمد بن عمر بن مازه، وبسمرقند محمد ابن أحمد بن أبي سعد بن أبي الخطاب، وبواسط أبا الغنائم محمد بن علي بن المعلم الهرثي الشاعر وجماعة سواهم.
كتب عنه الحافظ حماد بن هبة الله الحراني، وكتبت عنه بحلب شيئا يسيرا من الحديث، وعلقت عنه مقطعات من الشعر، وسألته عن مولده فقال:
ولدت في الطيب في الثاني عشر من رجب من سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وقدم حلب مرارا (274- و) .
أخبرنا داوود بن أحمد بن سعيد الطيبي بحلب قال: أخبرنا برهان الله والدين صدر جهان عبد العزيز بن محمد بن عمر- املاء- قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن نصر قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور النسفي- املاء- قال: حدثنا الاستاذ شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني قال:
حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد ابن أحيد بن حمدان قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن بجير قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ح.
قال عبد العزيز بن محمد: وأخبرنا تاج الاسلام أبو سعد السمعاني قال:
أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد العقيلي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الحلبي بحلب قال: أخبرنا أبو عبد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين بن صالح السبيعي قال: حدثنا أبو بكر الخضر بن داوود بن عبد الله البزاز بمكة قال: حدثنا زيد بن أخرم قالا: حدثنا حماد بن مسعدة- واللفظ للاسناد الأول- عن عمران القمي عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زلت أشفع إلى ربي ويشفّعني وأشفع ويشفعني حتى أقول: أي ربي شفعني فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول(7/3432)
عز وجل: هذه ليست لك يا محمد إن هذه لي، فوعزتي وحلمي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله. «1»
أخبرنا بهذا الحديث أعلى درجة الى أبي الحسن العقيلي عمي أبو غانم محمد ابن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان وولده القاضي أبو عبد الله (274- ظ) محمد بن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد ابن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد أبي جرادة العقيلي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الحلبي قال: أخبرنا أبو عبد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي فذكره.
أنشدنا نجيب الدين داوود بن أحمد بن سعيد الطيبي التاجر- وكتبه إليّ بخطه- قال: أنشدنا أبو الغنائم محمد بن علي بن المعلم بواسط لنفسه:
يا صاحبيّ الهوى شديد ... ووعد سلطانه وعيد
فعللا بالمنى فؤادا ... قريب أطماعه بعيد
وخلياني فردا وحيدا ... أبكي عسى يرحم الوحيد
هوّن قتلي عليّ علمي ... أنّ قتيل الهوى شهيد
خذا دمي من ظباء نجد ... فلي علها به شهود
إن جحدت سفكه عيون ... فقد أقرت به خدود
غويت في الحب دون صحبي ... ويلي من منهم الرشيد
أهل الهوى لا الشقي منهم ... يعرف أمنا ولا السعيد
يا قاسيا ما وعى اشتكائي ... أصخرة أنت أم حديد
لان لك الصعب من قيادي ... وفي الهوى يخضع الجليد
يا من له عزة الموالي ... صبرا فقد ذلت العبيد
(275- و)(7/3433)
وحق دين الهوى يمينا ... آلى بها المدنف العميد
ما غيّرت عهدي الليالي ... فيك ولا حالت العهود
قالوا أتى العيد قلت أهلا ... إن جاء بالوصل فهو عيد
من ظفرت بالمنى يداه ... فكل أيامه سعود
وأنشدنا داوود الطيبي أيضا وكتبه لي بخطه قال: أنشدنا ابن المعلم لنفسه:
كيف تؤدي التحية الرسل ... ودون ليلى العسّالة الذّبل «1»
أم كيف يلحى من بالغرام له ... دمع وسمع جار ومعتقل
هان علي العاشق الغرام فما ... يزيد منه الملام والعذل
نعم هي العيش للمحب وما ... في ذلك لامريّة ولا عدل
إن قربت فالسيوف مصلتة ... تبطل عنها ما يدّعي البطل
أو سمحت ضنّت الرماح بها ... فجودها لا متناعها بخل
عزّت فلو جاءت الصّبا سحرا ... تسأل عنها أجابها الأسل»
تعافها الأسد وهي آمنة ... خوفا فكيف المروّع الوجل
بلغني في سنة سبع عشرة وستمائة أن النجيب داوود الطيبي قتل ببخارى شهيدا بأيدي التتارحين هجموها.
وأخبرني أبو الفضل المرّجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي أن داوود الطيبي هلك في فتنة التتار بنيسابور هو وأولاده رحمهم الله (275- ظ) .
داود بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن عشائر:
أبو سالم الحلبي، حدث عن جده لأمه أبي طالب عبد الكريم بن عبد المنعم ابن الطرسوسي بحلب، روى لنا عنه أبو طالب عبد الكريم بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم بن عبد المنعم الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي.(7/3434)
أخبرنا أبو طالب عبد الكريم بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد المنعم ابن الطرسوسي وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبيان قالا: أخبرنا أبو سالم داوود بن أحمد بن علي بن عشائر الحلبي في ذي القعدة من سنة تسع وسبعين وخمسمائة قال: أخبرنا جدي لأمي أبو طالب عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله قال: أخبرنا أبي عبد المنعم قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو الحسين علي بن المهذب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن هرون الدينوري قال: حدثنا عبد الله بن محمد السعدي قال: حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم المؤذن قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة في ظل العرش يوم لا ظل إلّا ظله: رجل ذكر الله عز وجل ففاضت دموعه، ورجل يحب عبدا لا يحبه إلّا له، ورجل قلبه في المساجد من شدة حبه إياها، ورجل يعطي الصدقة بيمينه يكاد أن يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه نفسها ذات جمال وحسب فقال: إني أخاف الله رب العالمين، فيتركها لجلال الله عز وجل، ورجل (276- و) كان في سرية مع قوم فانكشفوا فحمى أدبارهم حتى نجا ونجوا أو استشهد «1» .
توفي داود بن أحمد بن عشائر في حد من الثمانين وخمسمائة بحلب.
داوود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن الحارث بن ملاعب:
أبو البركات بن أبي عبد الله البغدادي الآزجي الوكيل، ويعرف بالربيب.
سمع ببغداد من أبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني، وأبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، والحاجب أبي منصور نوشتكين بن عبد الله الرضواني، وأبي العباس أحمد بن محمد العباسي، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبي الكرم المبارك بن أبي الحسن بن الشهرزوري، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبي العباس(7/3435)
ابن المندائي وغيرهم، قدم حلب وأقام بها مدة يورق بباب المسجد الجامع، ثم سافر عن حلب الى دمشق، وأقام بها، وصار فيها وكيلا بمجلس الحكم، واجتمعت به بدمشق، وسمعت منه أجزاء من الحديث، وكان شيخا حسنا صحيح السماع من بيت الحديث والرواية، وسمع الكثير بإفادة أبيه وأخبرني أن مولده في النصف من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وكتبه لي بخطه.
أخبرنا ربيب الدين أبو البركات داوود بن أحمد بن ملاعب- قراءة مني عليه بدمشق- قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن المسلمة قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله (276- ظ) ابن عبد الرحمن الزهري قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد ابن الحسن الفريابي.
أخبرنا أبو البركات بن ملاعب قال: أخبرنا الحاجب الأجل خطير الملك أبو منصور نوشتكين بن عبد الله الرضواني- قراءة عليه وأنا أسمع في شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري- قراءة عليه وأنا أسمع في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة- قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص- قراءة عليه وأنا أسمع في ربيع الآخر سنة احدى وتسعين وثلاثمائة، ح.
قال شيخنا أبو البركات بن ملاعب: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن عبيد الله بن سهل الزاغوني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا الشيخان:
الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي- قراءة عليه وأنا أسمع- وأبو القاسم علي بن البسري- إجازة- قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله- هو- ابن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا أبو عمران محمد بن جعفر الوركاني قال: (277- و) حدثنا سعيد بن ميسرة البكري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة رضي الله عنه سبعين صلاة «1» .
أنبأنا الحافظ عبد العظيم المنذري في كتاب التكملة لوفيات النقلة قال: وفي(7/3436)
رجب يعني من سنة ست عشرة وستمائة توفي الشيخ أبو البركات داوود بن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن الحارث بن ملاعب البغدادي الأزجي الوكيل المعروف بالربيب بدمشق.
سمع ببغداد بإفادة ابنه من أبوي الفضل محمد بن عثمان الفقيه، ومحمد ابن ناصر الحافظ، وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني وأبي القاسم نصر ابن نصر العكبري وأبي العباس أحمد بن بختيار المندائي وأبي الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى وغيرهم، وحدث ببغداد ودمشق، ولقيته بدمشق وسمعت منه وسألته عن مولده فقال: في نصف المحرم سنة اثنتين واربعين وخمسمائة.
هكذا قال عبد العظيم إنه توفي في رجب، ووجدت فيما علقته من الفوائد:
توفي داوود بن أحمد بن ملاعب بدمشق يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمائة «1» .
- داوود بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي بن الحسين:
ابن القاسم الرسي بن ابراهيم طباطبا بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي (277- ظ) بن أبي طالب، أبو الحمد بن أبي الحسن الحسنى، له ذكر.
قدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان فأكرمه وحباه.
قرأت في كتاب «نزهة عيون المشتاقين» «2» تأليف أبي الغنائم الزيدي النسابه قال وحدثني بعض بني عمي أن داوود بن الناصر وفد إلى الأمير سيف الدولة علي ابن حمدان بحلب وهو متقلد بسيف ومصحف، فقال له الأمير سيف الدولة:
ما هذا يا شريف اراك متقلدا بمصحف وسيف؟ فقال: أيها الأمير من خالفني عما(7/3437)
في هذا ضربت رأسه بهذا، فأعجبه وأكرمه وانتقل الرشيد وأبو القاسم الى حلب- يعني- أخويه: أبا الفضل الرشيد وأبا القاسم محمد ابني الناصر.
- داوود بن أحمد أبو سليمان البوقي الأنطاكي:
وبوقه ويقال بوقا هي قرية من قرى أنطاكية. روى عن عبد الله بن جعفر الرقي ومعمر بن مخلد السروجي وسليمان بن سلمة الخبائري. روى عنه خيثمة ابن سليمان الأطرابلسي وأبو بكر محمد بن حمدون بن خالد.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن فارس القيسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال:
أخبرنا أبو الحسن خيثمة (278- و) بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا أبو سليمان داوود بن أحمد البوقي قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر قال: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي في كتابه عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر الهمذاني قال:
أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: داوود بن أحمد البوقي أبو سليمان سكن أنطاكية، سمع أبا عبد الرحمن معمر بن مخلد السروجي كناه لنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد.
- داوود بن بلال بن مالك:
ابن أحيحة بن الجلاح بن خريش بن جحجبا بن كلفه بن عوف بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مالك بن أوس بن حارثة الأنصاري الأوسي أبو ليلى، وقيل اسمه يسار بن عبوة بن بليل بن بلال بن أحيحه، وقيل بلال أخوه، وقيل لا اسم له غير كنيته، وهو والد عبد الرحمن بن أبي ليلى. صحب النبي صلى الله عليه وسلم،(7/3438)
وروى عنه، وكان خصيصا بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد معه صفين، وكان يسمر معه وينقطع إليه.
وسنذكره إن شاء الله تعالى في حرف الياء فيمن اسمه يسار (278- ظ) .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو حازم العبدوي- املاء بنيسابور- قال: سمعت أحمد بن الحسن بن علي القاضي الهمذاني يقول: حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن أسيد- بأصبهان- قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: سمعت محمد بن عمران بن أبي ليلى يقول:
اسم أبي ليلى داوود بن بلال، ولقبه أيسر.
قال أبو بكر الخطيب: وزعم عبد الله بن عمارة بن القداح أن اسم أبي ليلى يسار بن عبوة بن بليل بن بلال بن أحيحة.
وقال الخطيب: أبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى اسمه يسار ويقال داوود «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا أبو سعد ابن حسنويه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وأبو ليلى اسمه يسار بن بلال بن مالك ابن أحيحة بن الجلاح بن حريش بن جحجبا بن كلفه بن عوف بن عمرو بن مالك ابن أوس بن حارثة.
وقال خليفة في موضع آخر: اسم أبي ليلى بلال بن أحيحة وساق نسبه الى ان قال: ابن كلفه بن عوف بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس قال:
ويقال ليس لأبي ليلى اسم. ويقال بلال هو أخو أبي ليلى «2» (279- و) .(7/3439)
- داوود بن رسلان بن غازي الدمشقي:
الملقب بالشرف الحنفي، كان فقيها فاضلا متميزا صالحا، ينظم الشعر، اشتغل بالفقه على برهان الدين مسعود بن شجاع الحنفي، ولزمه بالمدرسة النورية الى أن مات وأعاد عليه، وتولى نيابة القضاء بدمشق، وقدم علينا حلب مرارا وكان يقدم إليها لقبض مغل وقف المدرسة الخاتونية من الحصة الموقوفة على المدرسة بالقرية المعروفة بمعرستان من الأرتيق على مقربة من حلب، واجتمعت به مرارا، وكان يحضر عند عمي أبي غانم ويكايره «1» ، وكان قد خرج مع عمي أبي غانم الى صمّع الفوقا في أيام البطيخ، كما جرت عادة الحلبيين، وكنت معهم فشاهدته وقد كتب أبياتا على حائط قبلة مسجد صمّع وهي:
يا أهل صمّع إني حاسد لكم ... بقربكم من جمال الدين ذي الورع
مولى عبادته لله منذ نشا ... لم يطرّحها ولم يهمل ولم يدع
هنّاكم بل أهنيّ الناس كلهم ... به وأفديه من بؤس ومن وجع
وكان لعمي ملك بهذه القرية وكان يخرج بأهله وأولاده في كل سنة إليها، واتفق في هذه السنة أننا توجهنا مع عمي الى زيارة مشهد روحين، والشرف داوود معنا، فكتب أبياتا حسنة من نظمه على حائط المشهد عند القبور الثلاثة وأنشدناها وأنسيتها، وكان رحمه الله قد انقطع في آخر عمره في مدرسة عز الدين أيبك المعظمي «2» يدرس الفقه وهو منجذب (279- ظ) عن الناس قليل المخالطة لأرباب الدنيا وكان قد تولى تربية أولاد شيخه برهان الدين مسعود بعد موته وأشغلهم بالفقه وكان يذكر الدرس عنهم بمدرسة نور الدين بدمشق الى أن استقل أحدهم بها، وبلغني أنه توفي بدمشق في أحد الجمادين من سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
وأنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في كتاب التكملة لوفيات النقلة في ذكر من توفي في سنة تسع وثلاثين وستمائة: وفي الثامن والعشرين من جمادى الاولى توفي الشيخ الفقيه الصالح داوود الحنفي، مدرس الحنفية بدمشق.(7/3440)
داوود بن رشيد:
أبو الفضل الخوارزمي الاصل البغدادي الدار مولى بني هاشم، كان أبوه رشيد مولى المنصور، وحدث عن المهدي، وكان من خوارزميا، وسمع داوود ابنه بحلب أبا سعيد عمر بن حفص، وروى عنه وعن مجاعه بن الزبير وأبيه رشيد، وزكريا بن منظور ومعمر بن سليمان، واسماعيل بن عليّه، واسماعيل بن جعفر المدني، وهشيم بن بشير، وأبي حفص الابار، وصالح بن عمر الواسطي، وأبي المليح الرقي، وشعيب بن اسحاق والوليد بن مسلم والوليد بن صالح، ويزيد بن هارون، ومحمد بن ربيعة، وحفص بن غياث، ومروان بن معاوية، وعباد بن العوام وعمر بن أيوب، ووكيع بن الجراح، وسويد بن عبد العزيز، واسماعيل بن عياش، وجماعة سوى هؤلاء.
روى عنه أبو بكر (280- و) محمد بن خلف المعروف بوكيع، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وأبو يحيى صاعقه، وعمر بن أيوب السقطي، وأبو جعفر محمد بن المنادي، وعبد العزيز بن محمد بن ناجيه، وابراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وابراهيم بن هانىء النيسابوري، وعياش بن محمد بن عيسى الجوهري، وأبو عيسى موسى بن علي بن موسى الختلي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله البغوي، وأبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم المنجنيقي، وأبو محمد بنان بن أحمد الدقاق، وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الابزازي، وأحمد ابن سعيد المرثدي، وأبو علي حسنون بن الهيثم الدويري، وأبو الحسن علي بن ابراهيم بن مطر السكري وغيرهم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن عبد الله بن هارون الدقاق قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
حدثنا داوود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول(7/3441)
الله صلى الله عليه وسلم: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فإني أبو القاسم أقسم بينكم «1» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن وعمر بن محمد بن طبرزد- إجازة منهما- وأخبرنا عنهما (280- ظ) سماعا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قالا:
أخبرنا علي بن هبة الله بن عبد السلام قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز قال: أخبرنا عمر بن ابراهيم بن أحمد قال: حدثنا عبد الله- هو- ابن محمد قال:
حدثنا داوود- هو- ابن رشيد قال: حدثنا: أبو سعيد عمر بن حفص- لقيته بحلب- عن أبي محمد الأنصاري الساعدي عن يزيد بن زيد عن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبد المودة لمن واددت فإنها أثبت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين الشافعي بالقاهرة قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السبيي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله ابن الحسن التنيسي- إجازة- قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر بن أبي الحديد قال: حدثنا أبو عبد الله- يعني- محمد بن يوسف بن بشير بن النضر بن النضر بن مرداس الهروي بدمشق قال: سمعت أحمد بن سعيد المرثدي ببغداد يقول: سمعت داوود بن رشيد يقول: كنت أستملي لاسماعيل بن ابراهيم بن عليّة فأكثر الناس الرد فغضبت وتكلمت فقال لي اسماعيل: احتملهم فإن أولى الناس بالاحتمال أنا وأنت، الرئاسة لها مؤونة «2» .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبو القاسم النسيب علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سلمان بن بنين الشافعي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء- إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن(7/3442)
اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال اسماعيل بن اسحاق السراج قال: حدثنا داود بن رشيد قال: كانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني علي بن محمد المروزي قال: وسألته- يعني- صالح بن محمد جزرة (281- و) عن داوود بن رشيد فقال: كان يحيى بن معين يوثقه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: داوود بن رشيد، أبو الفضل مولى بني هاشم خوارزمي الأصل، بغدادي الدار، سمع أبا المليح الرقي واسماعيل بن جعفر المدني، والوليد بن مسلم وشعيب بن اسحاق الدمشقيين وهشيم بن بشير واسماعيل بن عليّة وأبا حفص الأبار ومروان بن معاوية، ومحمد بن ربيعة، وعباد ابن العوام، وصالح بن عمر الواسطي، روى عنه أبو يحيى صاعقة، وأبو جعفر ابن المنادي، وابراهيم بن هانىء النيسابوري وابراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعمر بن أيوب السقطي، وأبو القاسم البغوي وغيرهم «1» .
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال:
سنة تسع وثلاثين ومائتين داوود بن رشيد ببغداد- يعني- مات.
أخبرنا أبو حفص المكتب- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال:
أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات داوود بن رشيد سنة تسع وثلاثين.(7/3443)
ذكر من اسم أبيه سليمان ممن اسمه داوود (281- ظ)
- داوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود:
أبو بشر الكوفي ثم الطرسوسي، حدث عن زكريا بن منظور بن ثعلبة القرظي الغافقي. روى عنه أبو الطيب أحمد بن عبد الله الدارمي.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي بن محمد قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو بشر داوود ابن سليمان بن حفص بن أبي داوود الكوفي كتب عنه بطرسوس عن زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، كناه وسماه لنا أبو الطيب أحمد بن عبيد الله الدارمي بأنطاكية، وأخبرنا عنه.
- داوود بن سليمان بن حميد:
أبو سليمان الصوفي البلبيسي الفقيه المعروف بابن كساء، فقيه صوفي فاضل أديب شاعر قدم حلب وأقام بها سنين في مدرسة شيخنا قاضي الفضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم واجتمعت به مرارا وسمعت منه شيئا من شعره لا أتحققه الآن، وأنشدنا عنه شيئا من شعره الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي العطار القرشي، وكان سمع بحلب من شيوخنا قاضي القضاة أبو المحاسن، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن (282- و) علوان وغيرهم، وسمع معنا بدمشق من أبي الفتوح البكري وغيره، وهو الذي جدد بناء جامع بلدته بلبيس، وكان راغبا في فعل الخير.
أنشدنا رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي القرشي قال: أنشدني الشيخ أبو سليمان داوود بن سليمان بن حميد الصوفي البلبيسي لنفسه:
سلا هل سلا عن بانة العلم الفرد ... فتى يهواها لا يعيد ولا يبدي
وإلّا فكفّا قد كفاه غرامه ... غريما وحسب المستهام الهوى النجدي
سألتكما بالله قلّا فقلّما ... أقال الملام العاشقين من الوجد(7/3444)
ولا تحسبا أني وإن كنت سامعا ... كلامكما في حق قاتلتي يجدي
خليليّ خافا الله فيّ وحققا ... فما بكما من لاعج الشوق ما عندي
ألم ترياني كلما هبّت الصّبا ... صبوت وأعداني الغرام إلى هند
قال رشيد الدين أبو الحسين: هذا من أهل بلبيس صوفي فاضل حسن الأخلاق صحب جماعة من المشايخ، وتأدب بآدابهم ورجل الى بغداد، ولقي بها جماعة من شيوخ التصوف منهم عمر البزاز والخفاف، والشهاب السهروردي، وكان مجتهدا في عمارة بيوت الله تعالى، وما فيه نفع للمسلمين، وله شعر جيد كتبت عنه مقطعات من نظمه، ويعرف بابن كساء بلغني أنه توفي في جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة ببلبيس غفر الله لنا وله. (282- ظ) .
- داوود بن سليمان بن عبد الملك بن مروان:
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، وأمه أم ولد غزا الصائفة في سنة ثمان وتسعين، وكان في الجيش الذي سيره أبوه سليمان بن عبد الملك من دابق لغزو القسطنطينية، وتوفي أبوه وهو بقسطنطينية، وعزم على أن يعهد إليه في مرض موته فصدفه عن ذلك رجاء بن حيوة، فعهد إلى عمر بن عبد العزيز وقيل إن رجاء أشار به أولا فامتنع سليمان لكونه ابن أمة، وكانت بنو أمية يتجنبون ولاية الخلافة لأولاد الإماء، ويقولون إنها تخرج عنهم من يد ابن أمة فخرجت من يد مروان بن محمد وهو آخرهم وكان ابن أمة.
وذكر أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني في كتاب الوصايا قال: وحدثونا عن عياش قال: أخبرني حصن قال: كان ابن سليمان غزا معنا الصائفة قال: فما رأينا رجلا كان أروع ولا أحسن صلاة ولا أكثر صدقة منه، قال: فواله إني لقائم على رأس سليمان أذب عنه إذ تشحم فذكر حديث مرض سليمان ووصيته، وطلبه رجاء ابن حيوة الى أن قال له: من ترى لهذا الأمر يا رجاء؟ قال: ابنك داوود، قال: كيف وهو ابن أم ولد وأهل بيتي لا يرون ذلك، وذكر تمام الحكاية «1» .(7/3445)
- داوود بن سليمان:
إمام طرسوس. روى عنه حفص بن (283- و) عمر الحوضي، روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد أبو محمد.
- داوود بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي:
له ذكر وأمه أم ولد، يقال لها جوهر، ولا عقب له الآن من بني صالح بن علي.
وكان من أكابر ولد صالح بالرصافة، ومات بحلب.
نقلت ذلك من خط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي قاضي حلب في نسب بني صالح بن علي بن عبد الله بن العباس.
- داوود بن عبد الله الحلبي:
وجدت ذكره في تعليق بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، وأخبرنا به إجازة- عنه جماعة منهم أبو علي حسن بن أحمد الأوقي. قال السّلفي- ونقلته من خطه: داوود بن عبد الله الحلبي تتلمذ على أبي الحسن الذماري بسروج «1» وأبي أحمد بن الدّقم الرقي وغيرهما من الصالحين وأرباب الكرامات وحكى عنهم حكايات، وابن الدّقم هذا صحب أبا الحسين بن سمعون البغدادي ومن قبله.
ذكر من اسم أبيه علي ممن اسمه داوود
- داوود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي:
أبو سليمان، عم السفاح والمنصور، حدث عن أبيه علي بن عبد الله.
روى عنه ابنه محمد ومحمد بن أبي ليلى، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان والحسن بن عمارة ومحمد بن شعيب وسعيد بن عبد العزيز وابن حي، ومحمد بن (283- ظ) أبي رزين الخزاعي، وولاه السفاح الحجاز كلها، وهو أول من حج بالناس حين ولي بني العباس، وقدم الرصافة على هشام بن عبد الملك حين كتب يوسف بن عمر الى هشام يذكر أن خالد القسري ادعى عليه وعلى زيد بن علي ابن الحسين وسعد بن ابراهيم الزهري أنه أودعهم مالا.(7/3446)
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن ابن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو بكر جدي قال: أخبرنا أبو محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا عمران بن موسى المؤدب قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أبي ليلى عن داوود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا في المجالس فإن كنتم لا بد فاعلين فردوا السلام وغضوا الأبصار واهدوا السبيل وأعينوا على الحمولة «1» .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي بحلب قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا شاذان بن الحسن بن أحمد القاساني بالفسطاط قال: حدثنا أحمد بن حميد بن بدر القاضي قال: حدثنا مسدد بن يعقوب (284- و) قال حدثنا موسى ابن سفيان قال: حدثنا عبد الله بن الجهم قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى عن داوود بن علي عن أبيه عن ابن العباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوموا عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا يوما قبله وصوموا بعده يوما «2» .
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: سألت يحيى بن معين عن داوود بن علي بن عبد الله بن عباس فقال شيخ هاشم: فقلت:
كيف حديثه؟ قال: أرجو أنه ليس يكذب إنما يحدث بحديث واحد.
وذكر ابن عدي الحديث الذي سقناه في صوم عاشوراء من طرق مختلفة، وقال:
وهذا الحديث ذكر ابن معين إنما يحدث بحديث واحد أظنه يعني هذا الحديث، حديث عاشوراء، وداوود عن أبيه عن جده قد روى غير هذا الحديث بضعة عشر(7/3447)
حديثا، وذكرها ابن عدي بأسانيدها وقال: إنه لا بأس برواياته عن أبيه عن جده، فإن عامة ما يرويه عن أبيه عن جده «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي- إذنا عن أبي الفتح نصر الله ابن محمد- قال: أنبأنا نصر بن ابراهيم المقدسي عن أبي خازم محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء قال: أخبرنا منير بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أبو مسهر أحمد بن مروان الرملي قال: حدثنا الوليد بن طلحة قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة (284- ظ) قال: إنما كان سبب زيد بالعراق انه- يعني- يوسف بن عمر سأل القسري وابنه عن ودائعهم، فقالوا: لنا عند داوود ابن علي وديعة وعند زيد بن علي وديعة، فكتب بذلك الى هشام بن عبد الملك، فكتب هشام الى صاحب المدينة في إشخاص زيد بن علي، وكتب الى صاحب البلقاء في إشخاص داوود بن علي فقدما على هشام، فأما داوود بن علي فحلف لهشام أنه لا وديعة لهم عندي، فصدقه وأذن له بالرجوع الى أهله، وأما زيد بن علي فأبى أن يقبل منه وأنكر أن يكون لهما عنده شيء وذكر القصة.(7/3448)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا القاضي الشريف أبو محمد عبد الله بن القاضي أبي الفضل عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل العثماني الديباجي قال: قرأت على أبي بكر يحيى بن عمر بن شبل فأقرّ به، ح.
قال: وأخبرني السّلفي أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ- فيما أجازه لي- قال: أخبرنا أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني في كتابه إليّ من خراسان، وأخبرني عنه ابن شبل المذكور أيضا- بقراءتي عليه- قال: حدثنا أبو حفص عمر بن الحسن الدهستاني قال: وسمعته- يعني أبا نصر عبد الكريم ابن محمد الداوودي- يقول: سمعت أبا مكتوم الداوودي الشيرازي بها لفظا يقول: سمعت أبا عبد الله بن خفيف الشيرازي يقول: سمعت رويم بن أحمد الصوفي يقول: سئل أبو سليمان داوود بن علي في جامع بغداد عن العقل فقال: ما صحت الربوبية إلّا بابطال العقول إياها عز وجل.
قرأت في «كتاب نسب بني العباس» «1» تأليف أبي موسى هارون بن محمد ابن اسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس: كان مولد داوود بن علي بالشراة سنة اثنين وثمانين، وكان يكنى بسليمان، وتوفي بالمدينة وهو وال عليها سنة ثلاث وثلاثين ومائة وله احدى وخمسون سنة، وحج بالناس سنة اثنتين وثلاثين ومائة وهو عامل الحجاز كلها (286- و) .
وقال أبو موسى: أخبرنا أبو مسلم المؤدب عن المدائني قال: قدم داوود بن علي واسط على خالد بن عبد الله القسري وكان جميلا جهيرا طويل الصلاة، فكان(7/3449)
الناس اذا رأوه قالوا: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهروه فوصله خالد بمائة ألف، ورجع الى الشام.
وقال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي قال: حدثني جارود بن الجارود قال: حدثنا محمد بن أبي رزين الخزاعي قال: سمعت داوود بن علي يخطب وهو مسند ظهره الى الكعبة حين بويع لبني العباس وهو يقول: شكرا شكرا إنّا والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا ولا لنبني قصرا، ظن عدو الله أن لن نقدر عليه، أمهل له في طغيانه، وأرخي له من زمانه حتى عثر في فضل خطامه، الآن أخذ القوس باريها، وعادت النبال الى النزعة، وعاد الملك في نصابه في أهل بيت نبيكم أهل بيت الرأفة والرحمة، والله ان كنا لنسهر لكم ونحن على فرشنا، أمن الاسود والابيض لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، لا ورب هذه البنيه لا نهيج أحدا. ثم نزل.
وقال الزبير: وداوود بن علي أول من ولي المدينة من بني العباس صلوات الله عليهم، وأقام الحج سنة اثنتين وثلاثين ومائة وتوفي بالمدينة واستخلف عليها ابنه موسى بن داوود وهو أول من أقام الحج للناس حين ولي «1» (286- ظ) بنو العباس.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن نصر بن زياد النيسابوري قال: حدثنا عبد الملك بن محمد أبو قلابه عن جارود بن أبي السلمد «2»(7/3450)
قال: حدثني محمد بن رزين الخزاعي قال: سمعت داوود بن علي حين بويع لبني العباس وهو مسند ظهره الى الكعبة فقال: شكرا شكرا، انا والله ما خرجنا لنحتفر فيكم نهرا ولا نبني قصرا، فذكر حكاية تركتها لانه صحف فيها.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد القارئ- كتابة- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي- اجازة- قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار قال:
حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان قال: حدثني منهال الطويل مولى داوود بن علي قال: لما ظهر أبو العباس بالكوفة صار الى المسجد الجامع فصعد المنبر وصعد عمه داوود بن علي، فصار دونه بمرقاة وابتدأ فحمد الله وصلى على نبيه عليه السلام، ثم أراد الكلام فلم يواته، فقال لداوود بن علي: تكلم فقال داوود: شكرا شكرا انا والله ما خرجنا لنحتفر منكم نهرا، ولا لنبني فيكم قصرا ولا لنسير سير الجبابرة الذين ساموكم الخسف ومنعوكم النصف، أظن عدو الله مروان لن يقدر عليه أرخي له في زمانه حتى عثر بفضل خطامه، فالآن (287- و) عاد الامر الى نصابه وطلعت الشمس من مطلعها وأخذ القوس باريها، وصار السهم الى النزعة، ورجع الحق الى مستقره الى أهل بيت نبيكم وورثته، أهل الرأفة والرحمة، والله لقد كنا نتوجع لكم وتتألم لاستمرار الظلم عليكم ونحن على فرشنا، وفي مستحقنا أمن الابيض والاسود، لكم أمان الله وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذمة العباس، وتكلم بعد ذلك بما لا يذكر.
قال: وحدثنا أبو قلابه عبد الملك بن محمد قال: حدثني الجارود بن أبي الجارود السلمي قال: حدثني محمد بن أبي رزين الخزاعي قال: شهدت داوود بن علي وذكر نحوه.
نقلت من خط أبي بكر محمد بن يحيى الصولي: وتوفي داوود بن علي عم السفاح وعامله على الحجاز والطائف مستهل ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين ودفن بالبقيع. (287- ظ) .(7/3451)
داوود بن علي بن محمد بن عبد الله بن هبة الله:
أبو أحمد بن أبي نصر بن أبي الفرج بن أبي الفتوح البغدادي ولد ببغداد في يوم الثلاثاء خامس عشرين من صفر سنة خمس وستين وخمسمائة، وذكر لي عنه أنه قال: دخلت حلب عند مسيري الى دمشق سنة احدى وثمانين وخمسمائة.
داوود بن علي الحلبي:
كتب عنه أبو بكر الخرائطي انشادا.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر التاجر- قراءة عليه بحلب، فأقر به- قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش الحلبي بها قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد ابن علي بن العلّاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن علي الكندي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: أنشدني داوود بن علي الحلبي:
وإني لأهواها وإن طال هجرها ... وأمنحها ودي وإن صرمت حبلي
(288-)
إذا كنت أجزيها بسوء صنيعها ... إليّ فقد صارت إذا في الهوى مثلي
داوود بن علي أبو أيوب الكاتب:
كاتب وصيف البكتمري. كان كاتبا له بحلب في أيام ولايته «1» ، وله ذكر، ومدحه أبو بكر الصنوبري.
داود بن عمر بن حفص:
سمع بطرسوس أبا سهل أحمد بن عمر الهمذاني. وأحمد بن محمد الزنجاني نزيلي طرسوس، وروى عنهما وعن عمر بن عثمان الحمصي، ومحمد بن الحسين القاضي بحلوان.(7/3452)
روى عنه أبو بكر أحمد بن علي الحبال الحلبي لصوفي.
داوود بن عيسى:
ابن أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي بن يعقوب بن مروان، الملقب بالملك الناصر بن الملك المعظم بن الملك العادل اشتغل بالفقه والأدب وحصل منهما طرفا صالحا، وقرأ المنطق على شمس الدين الخسروشاهي «1» ، ولازمه مدة دولته، وملك دمشق حين توفي أبوه الملك المعظم عيسى في سنة أربع وعشرين وستمائة فقصده عمه الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب فسير الى عمه الملك الأشرف موسى يعتضد به الى سنجار، وكنت رسولا عند الملك الأشرف بسنجار، فتوجه إليه الى دمشق وأقام عنده بها والملك الكامل على تل العجول، فصالح الفرنج وتوجه الملك الأشرف الى أخيه الملك الكامل ليصلح أمر ابن أخيه داوود، فاستماله الملك الكامل وجعل له دمشق، وكان الملك الأشرف يحب دمشق حبا مفرطا فاتفقا جميعا على قصد دمشق واخراجها من يد داوود فقصداه وحصراه في دمشق الى أن سلمها إليهما، وملكها الملك الأشرف (288- ظ) في سنة ست وعشرين وستمائة وكنت نازلا بظاهرها بالمزة حينئذ وأبقى في يده من البلاد: البيت المقدس سوى ما صولح الفرنج عليه منه، ومدينة نابلس والكرك والصلت، وأخذ الملك الكامل من الملك الأشراف حران والرها وسروج والرقه ورأس عين، ودامت البلاد التي أقرت في يد الملك الناصر داوود في يده إلى أن مات الملك الأشرف، واستولى الملك الصالح اسماعيل بن أبي بكر بن أيوب على دمشق وانتزعها الملك الكامل، ثم مات الملك الكامل، واستولى الملك الصالح أيوب على البلاد الشرقية، وأخوه الملك العادل أبو بكر على الديار المصرية، وحصلت دمشق في يد الملك الجواد بن ممدود، فراسله الملك الصالح أيوب وعوضه عن دمشق بسنجار وعانة والرقة، وحصل الملك الصالح أيوب بدمشق وعمه اسماعيل ببعلبك، فطمع أيوب بالديار المصرية، وسار إلى نابلس فنزلها، وكاتب أمراء بمصر، وعمل عمه الملك الصالح اسماعيل والملك المجاهد شيركوه على دمشق، واستوليا عليها فقبض الملك الناصر داوود على ابن عمه الملك الصالح أيوب وسجنه بالكرك وترددت(7/3453)
رسله إلى الملك العادل أبي بكر بن الملك الكامل إلى مصر في أمور اقترحها عليه منها مساعدته على أخذ دمشق من عمه اسماعيل، فلم يجبه إلى ذلك، فكاتب أمراء مصر في اخراج الملك الصالح أيوب من سجن الكرك وتمليكه الديار المصرية، فأجابوا إلى ذلك، وأخرجه من السجن وسار به إلى الديار المصرية وقبض الامراء على الملك العادل ببلبيس، ودخل الملك الناصر داوود والملك الصالح أيوب إلى الديار المصرية وملكها (289- و) وأقام الملك الناصر معه بها مدة، وكان قد عاهده على أمور لم يف الملك الصالح له بها، فنزل من الديار المصرية إلى بلاده، ثم حصل بينهما وحشة اقتضت أن أخذ منه نابلس، وبقي في يده الكرك والصلت وعجلون، وفيها علي بن قلج من جهة الملك الناصر، ثم نزل الملك الصالح إلى الشام، وتسلم من الملك الناصر الصلت، ولم يبق بيده غير الكرك، ثم أرسل إلى الكرك عسكرا يحصرها، فنزل الملك الناصر داوود منها، وقصد حلب وأبقى أولاده بها، وقدم حلب وافدا على الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي في يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة سبع وأربعين وستمائة، وخرج الملك الناصر يوسف وتلقاه إلى قرنبيا «1» ، وكنت معه وأنزله في دار قيصر الطاهري بالحاضر، وأقام له الضيافة والراتب، ووصل إليه الخبر بحلب باستيلاء عسكر الملك الصالح أيوب على الكرك بتسليم أولاده إليهم، وبقي بحلب مقيما في ضيافة الملك الناصر إلى أن توجه الملك الناصر يوسف إلى دمشق بعد قتل الملك المعظم توران شاه بن أيوب «2» وفتح دمشق وهو معه وبدت منه أحوال أنكرت عليه، وطلب من الملك الناصر الأذن في التوجه إلى بغداد فأذن له وزوده فأبلغ عنه أنه ربما خبط عليه فاعتقله وسيره إلى حمص وسجنه في قلعتها وشفع فيه الخليفة المستعصم، فأطلق من الاعتقال، وعاد إلى دمشق في شهر شوال من سنة إحدى وخمسين وستمائة، ثم توجه إلى بغداد وشفع المعتصم «3» في أن يرتب له ولأولاده ما يقوم بهم، فأجابه (289- ظ) الملك الناصر الى ذلك وعاد الى دمشق وأقام بها، وأطمعه جماعة من(7/3454)
الأمراء «1» البحرية بملك دمشق وتحدث معهم في ذلك وبلغ الملك الناصر ذلك فاستشعر منه وطلب الاذن في المسير إلى بغداد وسار اليها فلم يؤذن له بالدخول اليها فمضى إلى الحلة، وكان له بها جوهر نفيس أودعه في الديوان فلم يسمحوا له به وصالحوه على أن اطلقوا له ذهبا وطلب العود إلى الشام، وسمح الملك الناصر له في ذلك فعاد إلى جهة الكرك واتصل بالعربان في تلك الناحية وتوهم منه الملك المغيث صاحب الكرك فعمل عليه حتى قبضه وسجنه، واتفق وصول التتار إلى بغداد، فسير المستعصم رسولا في طلبه ليقدمه على العساكر ويلتقي التتار، فوصل الرسول وأخرجه من السجن وقدم به إلى دمشق وأنزل بالبويضا من الغوطة، ووصل الخبر باستيلاء التتار على بغداد فأقام بالبويضا «2» ، ووكل الملك الناصر به بعض الأمراء وهو نازل في دار بالبويضا كانت لعمه مجير الدين يعقوب بن الملك العادل واجتمعت به فيها غير مرة، ولم يزل بها إلى أن مات رحمه الله، وكان فاضلا أديبا شاعرا مجيدا فقيها متكلما شجاعا حسن المحاضرة دمث الأخلاق، فصيح اللسان جميل الصورة.
أنشدني مقاطيع وقصائد من شعره بنابلس وبحلب وبدمشق وكان قبل ذلك قد اجتاز بناحية بزاعا وبمنبج (290- و) متوجها إلى البلاد الشرقية إلى خدمة عمه الملك الكامل في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
أنشدني الملك الناصر داوود بن عيسى بنابلس في أرض بلاطه، وقد خرج إلى لقائي وقد توجهت رسولا إلى مصر، لنفسه يخاطب الله سبحانه وتعالى:
يا من تردى بالجلال جماله ... وله من الأنوار حجب تبهر
مالي اليك وسيلة أنجو بها ... يوم المعاد إذا أزمّ المحشر
إني لمعتذر بذنبي غافل ... فيما يقربني إليك مقصر
لكنني أرجو لكل كبيرة ... ثقتي بعفوك إن عفوك أكبر
وإذا الملوك تكثرت بعد يدها ... ألفيتني بسواك لا أتكثر
وإذا طغت وبغت بما خوّلتها ... أقبلت نحوك خاضعا استغفر(7/3455)
يا مالكا رقّي وقلبي ذائب ... في حبه بين الأنام مشهر
إن النهار بغير وجهك مظلم ... عندي وليلي من بهائك نيرّ
أشتاق وجهك لا سواه إذا غدا ... قوم تشوقهم الجنان النضر
ويروق لي من ماء وجهك شربة ... تروى الصدى إن راق غيري الكوثر
مالي رجاء في جنان زخرفت ... كلا ولا أخشى حميما تسعر
لكن رجائي أن أراك وخشيتي ... من أن تهيجني الذنوب فأهجر
يا من تفرد بالبقاء فماله ... ندّ يضاهي أو شريك يذكر (290- ظ)
أنت الجواد فما يقلل جوده ... ذنب ولا الحسنات فيه تكثر
كن لي اذا الرسل الكرام تعاظمت ... ذنبي فظنت أنه لا يغفر
فلأنت أولى بالتجاوز محسنا ... والعفو عن أهل القنوط وأجدر
وأنشدني الملك الناصر داوود بن عيسى لنفسه بحلب يمدح الامام المستنصر بالله أمير المؤمنين:
ودان ألمت بالكثيب ذوائبه ... وجنح الدجى وحف «1» تجول غياهبه
تقهقه في تلك الربوع رعودة ... وتبكي على تلك الطلول سحائبه
أرقت له لما توالت بروقه ... وحلّت عز اليه وأسبل ساكبه
الى أن بدا من أشقر الصبح قادم ... يراع له من أدهم الليل هاربه
وأصبح ثغر الأقحوانة ضاحكا ... تدغدغه ريح الصبا وتداعبه
تمر على بنت الرياض بليلة ... تجشّمه طورا وطورا تلاعبه
وأقبل وجه الأرض طلقا وطالما ... غدا مكفهرا موحشات جوانبه
كساه الحيا وشيا من الارض فاخرا ... فعاد قشيبا غوره وغواربه
كما عاد بالمستنصر بن محمد ... نظام المعالي حين فلّت كتائبه
إمام تحلى الدين منه بماجد ... تحلت بآثار النبي مناكبه
هو العارض الهتان لا البرق مخلف ... لديه ولا أنواره وكواكبه
إذا السنة الشهباء شحّت بطلّها «2» ... سخي وابل منه وسحت سواكبه
(291- و)(7/3456)
فأحيا ضياء البرق ضوء جبينه ... كما تجلت جود الغوادي مواهبه
له العزمات اللاء لولا نصاله ... لزعزع ركن الدين وانهدّ جانبه
بصير بأحوال الزمان وأهله ... حذور فما تخشى عليه نوائبه
بديهته تغنيه في كل مشكل ... وان حنكته في الامور تجاربه
حوى قصبات السبق مذ كان يافعا ... وأربت على زهر النجوم مناقبه
تزينت الدنيا به وتشرفت ... بنوها فأضحى خافض العيش ناصبه
لئن نوّهت باسم الإمام خلافة ... ورفّعت الزاكي النجار مناسبه
فأنت الإمام العدل والمعزف الذي ... به شرفت أنسابه ومناقبه
جمعت شتيت المجد بعد افتراقه ... وفرقت جمع المال فانهال كاثبه
وأغنيت حتى ليس في الارض معدم ... يجود عليه دهره أو يحاربه
ألا يا أمير المؤمنين ومن غدت ... على كاهل الجوزاء تعلو مراتبه
ومن جده عم النبي وخدنه ... إذا صارمته أهله وأقاربه
أيحسن في شرع المعالي ودينها ... وأنت الذي تعزى اليه مذاهبه
وأنت الذي يغني حبيب بقوله ... ألا هكذا فليكسب الحمد كاسبه
بأني أخوض الدوّ والدو مقفر ... سباريته «1» مغبرّة وسباسبه
وأرتكب الهول المخوف مخاطرا ... بنفسي ولا أعيا بما أنا راكبه
وقد رصد الأعداء لي كل مرصد ... فكلهم نحوي تدبّ عقاربه
(291- ظ)
وآتيك والعضب المهنّد مصلت ... طرير شباه قانيات ذوائبه
وأنزل آمالي ببابك راجيا ... فواضل جاه يبهر النجم ثاقبه
فتقبل مني عبد رق فيغتدي ... له الدهر عبدا طائعا لا يغالبه
وتنعم في حقي بما أنت أهله ... وتعلي محلي فالسها لا يقاربه
وتلبسني من نسج ظلك ملبسا ... تشرف قدر النيرين جلائبه
وتركبني نعمى أياديك مركبا ... على الفلك الاعلى تسير مواكبه
وتسمح لي بالمال والجاه بغيتي ... وما الجاه إلا بعض ما أنت واهبه(7/3457)
ويأتيك غيري من بلاد قريبة ... له الأمن فيها صاحب لا يجانبه
وما اغبر من جوب الفلاحر وجهه ... ولا أنضيت بالسير فيها ركائبه
فيلقي دنوا منك لم ألق مثله ... ويحظى وما أحظى بما هو طالبه
وينظر من لألاء قدسك نظرة ... فيرجع والنور الإمامي صاحبه
يشير بذلك الى مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين بن علي صاحب اربل وكان قد قدم بغداد على المستنصر فأحضره اليه، واجتمع به وسأل الملك الناصر داوود لما قدم بغداد أن يعامل بذلك، وان يجتمع بالخليفة المستنصر كما فعل في اكرام مظفر الدين فما أجيب الى ذلك:
ولو كان يعلوني بنفس ورتبة ... وصدق ولاء لست فيه أصاقبه
لكنت أسلي النفس عما ترومه ... وكنت أذود العين عما تراقبه
(292- و)
ولكنه مثلي ولو قلت أنني ... أزيد عليه لم يعب ذاك عائبه
ولا أنا ممن يملأ المال عينه ... ولا بسوى التقريب تقضى مآربه
ولا بالذي يرضيه دون نظيره ... ولو أنعلت بالنيرات مراكبه
وبي ظمأ رؤياك منهل ريّه ... ولا غرو أن تصفو لوردي مشاربه
ومن عجب أني لدى البحر واقف ... وأشكو الظما والبحر جم عجائبه
وغير ملوم من يؤمك قاصدا ... إذا عظمت أغراضه ومطالبه
وقد رضت مقصودي فتمت صدوره ... ومنك أرجّي أن تتم عواقبه
وأنشدني لنفسه يرثي الامام المستنصر رحمه الله:
أيا رنة الناعي عبثت بمسمعي ... فأجّجت نار الحزن ما بين أضلعي
وأخرست مني مقولا ذا براعة ... يصوغ أفانين القريض الموشع
نعيت إليّ الجود والبأس والندى ... فأوقفت آمالي وأجريت أدمعي
رويدا فقد فاجأتني بقطيعة ... يضيق بها صدر القضاء الموسع
أبا جعفر ياباني المجد بعدها ... تهدّم ركن المجد في كل موضع
ويا كافل الاسلام في كل موطن ... وراعي رعاة الدين في كل مجمع(7/3458)
ومن كنت أرجو أنني في زمانه ... أبادر أيام الزمان المضيع
فأستدرك الماضي بفضل تضرع ... واستقبل الآتي بدرع تورع
أحقا طوتك الحادثات كما طوت ... قرونا مضت من عهد كسرى وتبع
(292- ط)
وغالك ريب الدهر والدهر جائر ... إذا صال لا يبقي وإن جال لا يعي
فأيأس أمالا تداني لها الغنى ... فراحت بفقر من رجائك مدقع
دعا باسمك الناعي على حين غفلة ... فأصمى سويداء الفؤاد المصدع
فقلت وإني في الفصاحة قسّها ... مقالة مسلوب الرويّة ألكع
أيا دهر قد أمنتني كل خيفة ... فلست لميت بعده بمفجع
فعل كل مأمور وكل مؤمّر ... وخذ بعده يا دهر من شئت أودع
ولو كان خطب الموت يقبل فدية ... ويدفعه سعي الكميّ المدرع
فديتك بالنفس النفيسة طائعا ... ودافعت بالجيش اللهام الممنع
بضرب طليق الكف حرّان ثائر ... وطعن ربط الجأش في الروع أروع
ببيض تقدّ البيض من حرّ وقعها ... وسمر ترد القرن قاني المقنع
وكل فتى يلقى المنايا بصدره ... بقلب ثبوت لا بقلب مزعزع
يفضون بنيان المقانب في الوغى ... بكبّات آساد مشابيل جوّع
ولكنه من لا يتاقى ويلتقى ... ببذل فداء أو بأطراف شرّع
لقد كنت لي حصنا حصينا من العدى ... إليه التفاتي في الخطوب ومفزعي
وعارض جود منه أستنزل الندى ... فأسقى بغيث من عطاياه ممرع
فأضحي ومن بحر المكارم مشربي ... وأمسي وفي روض المواهب مربعي
سأبكيه أيام الحياة وان أمت ... بكته عظامي في قرارة مضجعي
(293- و)
وأشكره شكر الثرى لسمائه ... بدرّ من اللفظ البليغ المرصع
وما كلف بالشيء مثل مكلّف ... ولا داعيات الطبع مثل التطبع
ولا كل من يولى جميلا بشاكر ... ولا كل من يدعى خطيبا بمصقع
هو المرء أدناني فأبعد غايتي ... ووسع في ذرعي وطوّل أذرعي(7/3459)
فتى بدا الاحسان حيا وميتا ... بفرط اصطناع لا بفرط تصنع
يا سداء معروف وإلغاء منكر ... يسكنّ مسلوب الجنان المروّع
وتسليمه تاج الخلافة بعده ... الى خير مدعو وأوثق مودع
هوى قمر العلياء من برج سعده ... فأطلع شمس المجد من خير مطلع
بفرع نما من دوحة طاهرية ... نما عرفها عن طيّبها المتضوع
بمستعصم بالله منتصر له ... بحزم التأني لا بحزم التسرع
أقام منار الملك بعد اعوجاجه ... وشيد واهي الدين بعد التضعضع
بإقدام منصور وعزمة قادر ... وسيرة مهديّ وإخبات «1» طيعّ
به رجعت شمس المكارم والعلى ... كما رجعت شمس النهار ليوشع
ففرق شمل المال بعد اجتماعه ... وجمعّ أشتات العلاء الموزّع
سأشكر للايام حيلة برئها ... لإبلال قلب بالرزيّة موجع
بإقبالها تزهي بأكرم مودع ... وإن تك قد ولّت بخير مودّع
ولائي لكم يا آل أحمد صادق ... وإن مان «2» مذّاق وتّمق مدع
وإني لشيعيّ المحبة فيكم ... وإن لم يشن ديني غلوّ التشيع
فلي من نداكم خفض عيش مرفّه ... ولي في ذراكم عز قدر مرفّع
أخبرني الملك الأمجد أبو علي الحسن بن داود بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب قال: سير الخليفة المستعصم الى أبي رسولا عندما قصد التتار بغداد يستصرخه ويحثه على سرعة الوصول اليه ولو على الهجن، ويأمره أن يترك أولاده ويأمرهم أن يستصحبوا معهم من يرى استصحابه من أولاد الملوك والأمراء والأجناد وكان أبي اذ ذاك مع العرب في أطراف تيه بني اسرائيل فوافاه الرسول وقد سير اليه الملك المغيث بن العادل بن الكامل عسكرا فقبضه، ثم سيره الى طور هارون صلى الله على نبينا وعليه وسلم، وتركه هنالك فقصد الرسول الملك المغيث وقال له: الخليفة قد طلب هذا الرجل لهذا المهم العظيم، فسير اليه وأحضره وجاء هو والرسول حتى نزلا بالبويضا خارج دمشق على عزم التوجه الى الخليفة فقال لي أبي: والله يا ولدي ما أنا(7/3460)
متوجه الى بغداد أرجو دنيا ولا تقدما على العساكر، وإنما أريد أن أبذل نفسي في سبيل الله تعالى وأرجو أن أنفع المسلمين وأموت شهيدا فلعل الله أن يكفر عني ما اقترفته فيما مضى من عمري وأقام على هذه النية يقصر الصلاة اعتقادا منه أنه يقيم أياما يسيرة يتجهز فيها، ثم يتوجه الى وجهته، فلما وردت الأخبار بأن التتار قد ضايقوا بغداد أشار عليه جماعة من أصحابه أن يتثبط ريثما يتحقق أمرها فقال: أنا قد بعت (294- و) الله نفسي فما أرجع فيما بيني وبين الله تعالى، فلما وصلت الأخبار بأن التتار قد أخذوا بغداد وتواتر ذلك، أظهر بعض الناس أن الخليفة قد نجا بنفسه والتحق بالعرب، فقال لا بد لي من اللحاق به فإن له بيعة في عنقي وقد أمرني بأمر وما يمكنني مخالفته، والذي يخشاه الناس في ذلك هو القتل، وأنا أتمناه فإن الموت لا بد منه وقد حان حينه، فإن هذا الشيب كما تروه فأحسن ما كان الموت بأيدي المشركين في سبيل الله تعالى، فلما تحقق أن الخليفة أخذ فيمن أخذ توجع لفوات ما أمله، وقال: ما كنت أرجو إلّا أن أكون بين قتلى المعركة ولكن ما يريده الله هو الكائن.
قال لي ولده الحسن: فجزاه الله بنيته وآتاه الشهادة فانه مات بالطاعون، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اتفق عليه الامامان عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطاعون شهادة لكل مسلم» .
قال لي ولده: وحدثت أنه سأل الله عز وجل ذلك قبل مرضه بيوم أو يومين، فإنه حدثني الحاجي عبد الله بن فضل بن ردّاد وفارس بن آق سنقر بن عبد الله الأمجدي قالا: كنا جالسين عند والدك رحمه الله أيام اشتداد الوباء عقب كائنة بغداد، فتسخطنا بالوباء، وقلنا: هذا سخطة أرسلها الله على الناس، فقال: لا تقولوا هذا فإن الطاعون لما وقع بعمواس «2» قال بعض الناس هذا رجز، هذا الطوفان الذي بعث على بني اسرائيل، وبلغ ذلك معاذا فقال: يا أيها الناس لم تجعلون دعوة(7/3461)
نبيكم، ورحمة ربكم عذابا وتزعمون أن الطاعون هو الطوفان الذي بعث على بني اسرائيل (294- ظ) وإن الطاعون لرحمة من ربكم رحمكم بها، ودعوة من نبيكم لكم وكفت الصالحين قبلكم، اللهم أدخل على آل معاذ منه نصيبهم الأوفى فطعن عبد الرحمن بن معاذ وامرأته، ودخل عليه معاذ يعوده فقال: أبني كيف تجدك؟ قال يا أبة «الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»
«1» ، فقال: يا بني «سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ»
«2» ، فمات الفتى وامرأته، وطعنت امرأتان لمعاذ فماتتا في يوم واحد، فأقرع بينهما فقدم احداهما قبل صاحبتها في القبر وطعنت خادمه وأم ولده فتوفيتا فدفنهما، حتى إذا لم يبق غيره طعن في كفه بثبرة صغيرة كأنها عدسة، فجعل ينظر إليها ويقول: إنك لصغيرة، وإن الله ليجعل في الصغير الخير الكبير، ثم يقبلها ويقول: ما أحب أن لي بك حمر النعم، فلما نزل به الموت فجعل يغتّ به ثم يغمى عليه، ثم يتنفس عنه فيقول غم غمك، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك، ثم يقول:
جرعني ما أردت.
قال الحسن بن داوود: قالا لي: فلما فرغ والدك من هذه القصة رفع يديه مبتهلا وقال: اللهم اجعلنا منهم وارزقنا ما رزقتهم، فأصبح من الغد أو من بعد الغد مريضا، وكنت أنا غائبا عنه فلما بلغني مرضه جئت إليه فإذا هو يشكو ألما شديدا بجنبه الأيسر بحيث لا يستطيع الاضطجاع، وكان يقول أحس في جنبي مثل الطعن بالسيف، ولم يزل كذلك أربعة أيام وليلة الخامس الى السحر لم يذق النوم إلّا إغفاء نسند رأسه بأيدينا، ثم وجدنا خفا واضطجع ونام وأصبح بارئا، وبقي على ذلك يومه وليلته، فلما أصبح في اليوم السادس شكا ألما خفيفا بجنبه الأيمن، وأخذ في التزايد يومه وليلته فتحقق في (295- و) اليوم السابع أنه طاعون، واشتد الألم وعاد كما في المرة الأولى، وانحطت قواه فلما كان بين الصلاتين كنت جالسا عنده وقد أغفى فاتتبه ترعد فرائصه وأشار إليّ أن أقترب منه، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والخضر عليه السلام وقد جاءا إليّ يعوداني فجلسا عندي ثم انصرفا، فلما كان أواخر النهار قال لي: ما بقي في رجاء فتهيأ في تجهيزي، فبكيت(7/3462)
وبكى الحاضرون من أولاده وغيرهم، فقال لي: لا تكن إلّا رجلا، ولا تعمل عمل النساء ولا تغير هيئتك، وكن على مقتضى طريقتك، فلما كان الليل اشتد به الضعف وانصرفت في حاجة فحدثني بعض من كان جالسا عنده من أهله أنه أفاق فزعا مرتعبا، فقال: بالله تقدموا إليّ فإني أجد وحشة، فسئل مم ذلك، فقال: أرى صفا عن يميني فيهم أبو بكر وسعد صورهم جميلة، وعليهم ثياب بيض، وصفا عن يساري صورهم قبيحة فيهم أبدان بلا رؤوس وهؤلاء يقولون: تعال إلينا، وهؤلاء يقولون:
تعال إلينا وأنا أريد أن أروح الى أهل اليمين، وكلما قال لي أهل الشمال مقالتهم قلت: والله ما أجيء إليكم خلوني من أيديكم، وقد ارنعبت منهم ثم أغفى اغفاءة، ثم قال: الحمد لله خلصت منهم، وقال: رأيت امرأة جميلة لم أر أحسن منها قد جاءت إليّ فأعرضت عنها فكلمتني كالتي تستميلني فقلت: والله ما لي بك من حاجة هذه زوجتي عندي وأنا عنها مشغول، فروحي عني فإن نومه أحب إليّ فقالت:
زوجتك ما تدوم لك وما يدوم لك إلّا نحن.
قال الحسن: وتوفي رحمه الله صبيحة هذه (295- ظ) الليلة حين تنفس الصبح من يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة بالبويضا.
كذا قال لي ولده، ووجدت تاريخ وفاته بخطي أنه توفي أول طلوع الفجر من يوم السبت الثامن والعشرين من جمادى الأولى من سنة ست وخمسين وستمائة وحضر الملك الناصر يوسف بن محمد الصلاة عليه، واستصحبني معه الى البويضاء، وقدمني للصلاة عليه، فصليت عليه بإذن من أولاده، وكان قد أوصى أن يغسله القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي قاضي دمشق، قال لي ولده الحسن فغمضت عينيه وشددت لحيته وقلبت الماء عليه، فرأيته كأحسن نائم فقلت للقاضي شمس الدين عبد الله: ما ترى وجهه؟ فقال: هو الآن أحسن منه حيا.
وحملت جنازته الى جبل الصالحين، فدفن في تربة أبيه الملك المعظم رحمه الله الى جانبه من الشمال، ودخل الملك الناصر به الى والدته بعد الصلاة عليه وعزاها وسلاها، ووعدها في مخلفيه خيرا رحمه الله رحمة واسعة.(7/3463)
ذكر من اسم أبيه محمد ممن أسمه داوود
- داوود بن محمد بن الجراح:
الكاتب كاتب مذكور مشهور، كان على مظالم المتوكل، وقدم معه حلب اجتاز بها الى دمشق في سنة ثلاث وأربعين ووليّ ديوان الزمام في أيام المتوكل وفي أيام المستعين. (296- و) .
- داوود بن محمد بن الحسن بن خالد:
وقيل ابن أبي خالد، أبو سليمان الخالدي القاضي الإربلي، ثم الموصلي، ثم الحصكفي الشافعي، أصله من إربل، وولد بالموصل، ثم تولى القضاء بحصن كيفا، وقدم حلب رسولا مجتازا الى دمشق، وحدث بها عن أبي منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي وعن ابن بيان وأبي طاهر الفضل بن عمر النسائي. كتب عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وأخوه شيخنا أبو القاسم الحسين، وعبد الله بن عيسى المرادي نزيل حماة، وروى لنا عنه زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا القاضي مجد الدين أبو سليمان داوود بن محمد بن الحسن بن أبي خالد الموصلي الإربلي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي المروزي- قراءة عليه بمرو- قال: أخبرنا جدي أبو غانم أحمد بن علي بن الحسن الكراعي قال:
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين بن الحسن النضري القاضي قال: أخبرنا أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا سفيان بن سعيد عن الأعمش عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن درعه لمرهونة بثلاثين صاعا من شعير.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم- إجازة- قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن فيما ألحقه في تاريخ والده قال: (296- ظ) داوود بن محمد بن الحسن بن أبي خالد، أبو سليمان الإربلي ثم الموصلي الفقيه الشافعي قدم دمشق غير مرة، وحكى لي بعض أصحابنا(7/3464)
أنه ولد بالموصل في سنة ثلاث وتسعين، وتفقه بالعراق، وسمع الحديث من جماعة منهم أبو القاسم بن بيان الرزاز، ودخل خراسان وأقام بمرو مدة، وسمع بها من أبي منصور الكراعي، وأبي طاهر الفضل بن عمر بن أحمد النسائي المعروف بليلى الصوفي، وحدث بدمشق والموصل وغيرهما من البلاد، ووليّ القضاء بحصن كيفا، وذكر لي بعض أصحابنا أنه ذاكره يوما فيما عنده من مسموعات الكتب الكبار، فأخبر أنه سمع منها قطعة صالحة، منها: الجامع الصحيح للبخاري، وذكر أن بينه وبين البخاري فيه ثلاثة أنفس، وسمعت والدي يستبعد ذلك، ويقول: الآفة في ذلك من شيوخ القاضي فإن القاضي أبا سليمان لم يتعمد ذلك وإنما دخل الوهم فيه على شيخه أو شيخ شيخه، ولا شك أنه سقط من الاسناد رجل. توفي رحمه الله بالموصل يوم عيد الأضحى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة «1» .
وقفت على معجم شيوخ الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى بخطه وخرج فيه حديثا عن داوود بن محمد الخالدي وقال: بعده توفي هذا الشيخ رحمه الله في يوم عيد الأضحى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بالموصل فيما حكاه لي أخي عن بعض أصحاب هذا الشيخ ولم يسمه، وكان قد حدثنا أيضا (297- و) عن ابن بيان والكراعي في تلك المرة، وقدم دمشق قدمة أخرى وأنا بالعراق فسمع منه بعض أصحابنا وعاد الى الموصل فاستوطنها، وروى لهم هناك أشياء منها جامع الصحيح للبخاري رحمه الله إلا أنه أسقط عن عدة الشيوخ إليه رجلا فإما أن يكون الوهم مضى عليه أو على شيخه وهو معذور، إذ لم يكن هذا الشأن من صناعته.
أخبرنا بذلك أبو الغنائم سالم بن أبي المواهب- إجازة- قال: أخبرني أبي.
- داوود بن محمد بن محمود بن أحمد القرشي:
الأصبهاني أبو سعيد الحلبي كان أبوه صوفيا من أصبهان، وكان شيخ خانكاه مجد الدين أبي بكر بن الداية التي هي داخل مدينة حلب بالقرب من باب العراق، وولد له داوود هذا بحلب وسمّعه والده من أبي الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية الجويني شيئا من الحديث بحلب وقرأته عليه بها، وكان رجلا صالحا كثير(7/3465)
العبادة خشن العيش متنزها عن الدنيا شديد الحرص على طلب الحلال، وكان يقتات مما يعمل بيده ولا يخالط أحدا من أرباب الدنيا.
أخبرنا شهاب الدين داوود بن محمد بن محمود القرشي قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية قال: حدثنا عبد الوهاب بن اسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن مكي الساوي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن عمر بن مسرور الزاهد قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن حمديه بن موسى قال: حدثنا أحمد بن زيد قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال (297- ظ) حدثنا سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد عن جده أبي سعيد أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:
ما حدثني أحد حديثا لم أسمعه أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أمرته بأن يقسم بالله أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلّا أبو بكر فإنه لا يكذب فحدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ذكر عبد ذنبا فقام حين ذكره فتوضأ وأحسن وضوءه، ثم تقدم فصلى ركعتين ثم استغفر لذنبه ذلك إلّا غفر له «1» .
توفي شيخنا أبو سعيد داوود بن محمد بحلب سنة سبع عشر وستمائة ودفن خارج باب العراق بالقرب من مقام ابراهيم عليه السلام.
- داوود بن محمد:
الامام الطرسوسي، إمام مسجد طرسوس، حدث بها عن محمد بن عبد الرحمن العلاف البصري، ومحمد بن دينار، ومحمد بن خالد وأبي الربيع والقواريري.
روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عوانه يعقوب بن اسحاق الإسفرائيني وكان ثقة.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، ح.(7/3466)
وأنبأنا أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن عمران قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي مسعود الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد (298- و) عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح قالا: أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا داوود بن محمد الإمام بطرسوس، ومحمد بن بشر بن مطر الوراق وجعفر بن عثمان صاحب الطيالسة قالوا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العلاف البصري قال: حدثنا ابن سواء قال: حدثنا ابن عون وهشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوم نقول لجهنم هل امتلأت» ، وقال المخلص قال: «نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ»
«1» فيضع فيها قدمه تبارك وتعالى حتى تقول قط قط «2» بكرمك وعظمتك.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني- في كتابه إلينا من مرو- قال: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، ح.
أخبرنا أبو بكر القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار- في كتابه إلينا من نيسابور- قال: أخبرنا الشيخان أبو الأسعد عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري- قراءة عليه وأنا أسمع- وأبو البركات الفراوي. قال أبو الأسعد: أخبرنا أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري- قراءة عليه- وقال أبو البركات: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبد الله المحمى قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني قال: أخبرنا خالي الإمام الحافظ أبو عوانه يعقوب بن اسحاق الأسفراييني قال: حدثنا داوود بن محمد الطرسوسي قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن عبد الملك بن أبي سليمان (298- ظ) عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تسحروا فإن في السحور بركة «3» .
وقال أبو عوانة: حدثنا داوود بن محمد إمام مسجد طرسوس قال: حدثنا(7/3467)
القواريري قال: حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
- داوود بن محمد أبو صالح الكرجي:
روى بطرسوس عن عبد الله بن علي المقرئ وأبي صالح الفراء. روى عنه ابنه أبو أحمد عبد الله بن داوود الحافظ الكرجي.
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي: حدثنا عبد الله بن داوود أبو أحمد بن أبي صالح الحناط قال: حدثنا أبي وعمومتي عن أبي صالح الفراء عن أشعث قال: كان ابراهيم بن أدهم يقول للرجل: اكتسب فان لم تفعل احتجت فداهنت الناس للطمع والحاجة فتخالف حينئذ الحق وأهله، وكان داوود وأخوته من الغزاة المرابطين بطرسوس من الكرجيين.
- داوود بن معاذ البصري:
أبو سليمان العتكي المصيصي ابن أخت مخلد بن الحسين، أصله من البصره ونزل المصيصه وسكنها. روى عن عبد الوارث بن سعيد وسوار بن مجشّر ومسمع بن عاصم، وحماد بن زيد، وأبي عوانه، وخاله مخلد بن الحسين والحسن الحفري.
- وعنه جعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن مشكان الانطاكي، ويوسف ابن سعيد بن مسلّم وأبو عطاء محمد بن ابراهيم بن الصلت المصيصيين. وأبو الهيثم خالد بن يزيد المعروف بابن مخبط، وهارون بن محمد بن اسحاق أبو موسى صاحب كتاب النسب، وأبو حاتم محمد بن ادريس الرازي.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عبد الله المبارك بن علي بن عبد الباقي بن علي البغدادي قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي النرسي المعروف بأبيّ قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد الرزاز(7/3468)
(299- و) قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي قال: حدثنا داوود بن معاذ المصيصي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر- في كتابه- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا الحاجب الاشرف قراتكين ابن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن يزيد ويعرف بابن مخبط قال: حدثنا أبو سليمان داوود بن معاذ ابن اخت مخلد بن الحسين منذ خمس وثمانين سنة قال: حدثنا مسمع بن عاصم المسمعي عن سعيد بن أبي عروبة عن الأشعث عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه «2» .
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا جعفر الفريابي قال: حدثنا داوود بن معاذ المصيصي بالمصيصه في سنة ثلاث وثلاثين قال حدثنا الحسن الحفري عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية (299- ظ) فو الذي نفسي بيده لما يدهده الجعل بأنفها خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية «3» .
توفي داوود بن معاذ في حدود سنة خمس وأربعين ومائتين.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: قال أخبرنا مسعود بن الحسن- في كتابه- قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة- إجازة أو سماعا- قال: أخبرنا(7/3469)
أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: داوود بن معاذ العتكي ابن ابنة مخلد بن الحسين البصري، سكن المصيصة، روى عن عبد الوارث والحسن بن أبي جعفر، روى عنه محمد بن عبد الرحمن بن أخي حسين الجعفي وسمع منه أبي، سمعت أبي يقول ذلك «1» .
- داوود بن منصور بن أبي سليمان البغدادي:
أبو سليمان قاضي المصيصة، أصله من نسا، وسكن بغداد، ثم تحول الى الثغر وولي قضاء المصيصة، وحدث بها عن مالك بن أنس وجرير بن حازم والياس ابن مطرف وقيس بن الربيع، وعمر بن موسى الوجيهي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومحمد بن راشد المكحولي، والليث بن سعد: وإبراهيم بن طهمان، وأيوب ابن حوط، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ووهب بن خالد، وأبي معشر المدني، وأبي السري منصور بن عمار وهمام.
روى عنه أبو حاتم الرازي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ويوسف بن سعيد ابن مسلم، والهيثم بن خالد وجعفر بن هارون المصيصيون، وأحمد بن هاشم الأنطاكي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي ببلخ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الشخيرّ قال: حدثنا القاسم ابن يحيى بن نصر بن أخي سعدان بن نصر قال: حدثنا ابراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا داوود بن منصور قاضي المصيصة قال: حدثنا عمر الوجيهي عن أبي الزبير بن جابر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل فان فيه قربة الى الله عز وجل وتكفيرا (300- و) للسيئات ومطردة للداء عن الجسد «2» .(7/3470)
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال.
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: داوود بن منصور أبو سليمان، نسائي الأصل، بغدادي الدار، ولي قضاء المصيصة، وانتقل عن بغداد إليها فسكنها، وحصل حديثه عند أهلها، فروى عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو حاتم الرازي، والهيثم ابن خالد المصيصي، وقال ابن أبي حاتم سئل أبي عنه فقال صدوق «1» (300- ظ) .
وقال الخطيب: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: أخبرني الحسن بن يوسف الصيرفي، قال: أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرني محمد بن علي قال:
حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن داوود بن منصور بن أبي سليمان النسائي فقال:
جار أبي نصر التمار؟ قلت: نعم، كان قاضي المصيصة، قال: أعرفه، قلت كيف هو؟ قال لا أدري وكرهه «2» .
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: داوود بن منصور قاضي المصيصة بغدادي سكن المصيصة.
روى عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وحمد بن راشد وإبراهيم بن طهمان وعامر بن كيسان، وأبي معشر، وجرير بن حازم ووهيب، سمع منه أبي في سنة عشرين ومائتين، سئل أبي عنه فقال: صدوق «3» .
- داوود بن الوسيم بن أيوب بن سليمان:
أبو سليمان البوشنجي سمع بطرسوس أبا بكر بن يزيد، وروى عنه وعن عبد الرحمن بن أخي الأصمعي وكثير بن عبيد وموسى بن عبد الله، وابراهيم بن هاني ومحمد بن الوليد، وعلي وموسى ابني سهل الرمليين ويحيى الحمصي، والحسن(7/3471)
ابن عرفة، وابراهيم بن يعقوب ومحمد بن عوف وأبي التقى هشام بن عبد الملك ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأبي سعيد الأشج، ومحمد بن اسماعيل الأحمسي، ومحمد بن خلف، وعمر بن شبه، وأحمد بن سنان، ومحمد بن حسان الأزرق وعمرو بن عبد الله الأودي، والحسن بن محمد بن الصباح، والعباس بن الوليد البيروتي، وجميل بن الحسن العتكي وغيرهم.
روى عنه أبو محمد بن زياد النقاش، وأبو عبد الله محمد بن الحسن النيرجاني، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد البوشنجي، وأبو القاسم منصور بن العباس الفقيه.
أخبرنا مرّجا بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي بن أحمد- فيما أذن لنا في الرواية عنه- قال: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن محمد بن علي الوراق قال: حدثنا القاضي المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد ابن الحسن بن زياد النقاش قال: حدثنا داوود بن وسيم قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: قال لي أبو عمرو بن العلاء، يا عبد الملك كن من الكريم على حذر إذا أهنته، ومن اللئيم على حذر إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته ومن الاحمق إذا (301- و) مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تحدث من لا ينصت لك «1» .
- داوود بن يوسف بن أيوب بن شاذي:
ابن يعقوب بن مروان، أبو سليمان مجير الدين الملك الزاهر بن الملك الناصر صاحب البيرة، وكان شقيق الملك الظاهر غازي، وكان مقيما عنده بحلب، وعهد إليه بالملك قبل أن يولد له ولد، ثم إنه اعطاه البيره «2» والبرسمان اقطاعا ونيابة عنه، وأقام بالبيرة الى أن توفي الملك الظاهر، فاستقل بها مع عدة مواضع غيرها.
وأخبرني أخوه الملك المحسن أبو العباس أحمد أن مولد الملك الزاهر داوود(7/3472)
بمصر لسبع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وكان قد سمع الحديث من الفضل بن سليمان بن البانياسي بدمشق، وأجاز له جماعة من الشيوخ:
أبو محمد بن بري، وأبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن علي الحراني، وأبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ولا أعلم أنه حدث بشيء، وتوفي بقلعة البيرة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، واستولى ابن أخيه الملك العزيز محمد ابن غازي صاحب حلب على ما كان بيده من المعاقل والحصون، وخرج إلى البيرة بنفسه ورتب فيها الولاة من قبله.
- داوود بن المغربي القرشي:
الملقب بالصفي، شاعر مجيد، دخل حلب وامتدح بها الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وسمعت بعض من لقيه يثني عليه كثيرا، ويصفه بالخير والصلاح وحسن العبادة، وخرج عن حلب وأقام بحماة.
وروى لنا عنه شيئا من شعره أبو القاسم عبد الله (301- ظ) بن رواحة وأبو حامد أحمد بن المفضل بن رواحة الأنصاريان الحمويان، وقرأت بخط يحيى بن أبي طي الحلبي أنه ورد حلب سنة خمس وتسعين وخمسمائة واتصل بخدمة أبي الفتح بن الملك الناصر صلاح الدين وامتدحه بقصيدة أولها:
ألحظك أم ما تطبع الهنديا هند....
أنشدنا هذه الأبيات شيخنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال:
أنشدني داوود بن المغربي القرشي لنفسه:
ألحظك أم ما تطبع الهند يا هند ... وقدك أم غصن من البان أم رند
ووجهك أم بدر من النقص آمن ... وشعرك أم قطع من الليل ممتد
وريقك أم صرف من الراح قرقف «1» ... وخدك أم ورد وثغرك أم عقد
وجسمك أم ماء من المزن جامد ... ولفظك أم سحر وقلبك أم صلد
ورياك أم نشر من المسك عابق ... تكسب منه المندل الطيّب والنّد(7/3473)
أبيني لنا يا هند كيف تجمعت ... صفاتك يا من ما يدوم لها عهد
ومنّي على من شفّه الوجد والضنى ... بوصل الى كم ذا التهاجر والصد
تجاوزت حدّ الظلم يا ابنة مالك ... وجرت فمنّي بالوصال ولو وعد
يقول في مدحها:
إذا ما امتطى طرفا وجرد صارما ... صقيلا فأعناق الملوك له غمد
أو اعتقل الرمح الرديني كفه ... غداة هياج فالكماة به عقد
(302- و) أنشدني شهاب الدين أبو حامد أحمد بن المفضل بن رواحة الحموي- وأملاها علي من لفظه بظاهر حمص- قال: أنشدني الصفي داوود بن المغربي القرشي لنفسه في هوى له، ومدح بها الملك المنصور محمد بن تقي الدين بن عمر صاحب حماة.
هاتا الحديث عن الغزال الأغيد ... وتغنيا قول الغريض ومعبد «1»
ثم اسقياني قهوة «2» ذهبية ... صفراء صرفا كالسنا المتوقد
من كف مشوق القوام مهفهف ... كالصعدة السمراء أسر أملد
في خده ورد وآس ناضر ... عطر ذكي النشر ريّان ند
فكأنمما قوس السحاب بخده ... يبدو لنا في أخضر ومورّد
ذي مقلة سحارة سخارة ... كحلاء ما كحلت بكحل الإثمد
آه على برد بفيه منضد ... كالدر في الياقوت تحت زبرجد
والهفتا من لي برشف رضابه ... فهو الشفاء لغلة الدنف الصدي
جان على العشاق فتكة لحظه ... يخشى كبأس محمّد ومحمّد
- داوود الحراني:
له ذكر وجهة المعتصم رسولا إلى الروم فاجتاز بحلب أو ببعض عملها، وحكى عن ملك الروم روى عنه أحمد بن عبد الصمد.(7/3474)
قرأت بخط علي بن أبي موسى عن إسحاق الرزاز في نوادر أبي بكر محمد ابن المزربان سماع الرزاز منه: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثني أبو نصر أحمد ابن عبد الصمد قال: أخبرني داوود الحراني قال: وجهني المعتصم بالله الى ملك (302- ظ) الروم فتغديت معه فأتوه من الأطعمة بما لم أر أكثر منها، ثم دعا بشيء أومأ اليهم، فأتي ببرنية صفراء ملمعه بشقائق النعمان مختومة، ففك الخاتم ثم استخرج من جوفها برنية أخرى، فأخرج بيده منها قضيبين من كبر «1» فأكله، ودفع إليّ مثل ذلك ثم ختمها بيده وقال: عندكم من هذا شيء؟ قلت: عندنا يأكله الدواب كثرة، فقال لي: فبلادكم اذا أخرب بلاد الله لأن هذا لا ينبت إلّا في الخراب، وبلادنا ليس فيها منه شيء إلّا العود بعد العود.
- داران بن كشير داد بن شمر بن قيومرت بن كيكاوس:
ابن صما بخت بن كيار دشير بن كيوسا بن يزدجرد بن سابور كرمانشان بن هرمز بن نرسي بن بهرام بن هرمزان بن سابور بن أردشير بن بابك بن ساسان بن بابه بن ساسان بن بلاس بن شهر أباد، ابن أولاد ملوك الفرس أسلم على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد معه صفين وقتل بها رحمه الله.
- دارا بن منصور بن دارا بن العلاء:
ابن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن عيسى بن يزدجرد بن شهريار الشيرازي أبو الفتح الفارسي الكاتب.
روى عن جده دارا انشادا، رواه عنه القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد الله ابن سليمان الكاتب، وكان بحلب في صحبة نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر يكتب له بالعربي والعجمي، وتولى ديوان الأشراف بحماه وأقام بحمص مدة مرابطا (303- و) لحصن الأكراد «2» وكان جده أبو الفتح دارا كاتبا للسلطان أبي الفتح ملك شاه، وكان من رؤساء فارس وفرسانهم في الأدب، وكان يروي عن(7/3475)
شيوخ خراسان وأبي محمد الأسود والغندجاني، ثم ترك الكتابة وانقطع في منزله وقال يصف حاله أبياتا رواها ابن ابنه أبو الفتح هذا عنه.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي عن القاضي أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان قال: أنشدنا أبو الفتح دارا قال: أنشدنا جدي لنفسه:
قالت أميمة إذ رأت من عطلتي ... ما استنكرته وحق ذا من شاني
أنبا بك الديوان أم بك نبوة ... عنه فتقعد خارج الديوان
إذ أنت من شهد اليراعة أنه ... في خليقتها فارس الفرسان
أو كنت من أفنى ثميله عمره ... وشبابه في خدمة السلطان
ولكم مقام قمت فيه ومجلس ... رفّعت فيه إلى أعز مكان
وكتابة سيرت من ابرادها ... ما سيرته البرد في البلدان
فلم اطّرحت ولم جفتك عصابة ... لهم بحقك أصدق العرفان
فأجبتها إن الأحاظي لم تزل ... مقدورة لرجال كل زمان
إن لم أنل فيها كفاء فضيلتي ... فالفضل ينطق لي بكل لسان
ولو أن نفسي طاوعتني لم أكن ... في نيل أسباب الغني بالواني
ولربما لحق الجواهر بذلة ... من بعدما رصّعن في التيجان
(303- ظ)
دامس أبو الهول:
من موالي طريف من ملوك كندة، كان مع الجيش الذي أمدّ به عمر رضي الله عنه أبا عبيدة رضي الله عنه وهو على حلب، وتسور قلعة حلب مع جماعة وفتحوها على ما نقله بعض الرواة.
وحكي عن الواقدي أنه قال: كان أبو الهول دامش شديد السواد بصاصا، وكان إذا ركب البعير أو الفرس العالي من الخيل تخط رجلاه الأرض واذا ركب البعير العالي البازل من الإبل تقارب رجلاه ركبتي البعير، وكان فارسا شجاعا قد شاع ذكره ونما أمره، وعلا قدرة في بلاد كندة، وأودية حضرموت وجبال مهرة وأرض الشحرة، وقد أخاف البادية، وانتهب أموال الحاضرة، وكان مع ذلك(7/3476)
لا تدركه الخيل العتاق حصونتها، ولا جحورتها، وكان اذا ذكرته العرب في أنديتها تعجب من صولته وشجاعته وجرأته.
- داوداد أبو الساج:
قائد مذكور مشهور من قواد بني العباس ولي ديار مضر وقنسرين والعواصم في أيام المعتز وكانت قنسرين أيضا في ولايته أيام المعتمد.
قرأت في تاريخ «1» في شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين ومائتين عقد صالح ابن وصيف لداوداد على ديار مضر وقنسرين والعواصم.
ونقلت من كتاب بخط أبي الفوارس بن الخازن جمع فيه أخبار الخلفاء من بني العباس (304- و) وأمرائهم قال: وقال الموفق لصاعد- يعني- ابن مخلد، ذي الرئاستين هذه السنة- يعني- سنة اثنتين وسبعين ومائتين سنة الانغلاق لا سنة الافتتاح: مصر وسائر الشامات في يد خمار بن طولون، والجزيرة مع اسحاق لا فضل فيها عنه، وقنسرين والعواصم مع أبي الساج وخراسان وما وراء النهر في يد نصر بن أحمد «2» وطخارستان وبلخ وسمرقند في يد داوود بن هاشم بن كنجور ونيسابور في يد رافع سجستان، وكرمان والسند وفارس وأصفهان في يد عمرو بن الليث «3» وذكر البلاد بأسرها وأسماء من هي في يده، وقال: ليس في الدنيا غير سقي الفرات.
أنبأنا أبو روح عبد المعز محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد القارئ- اذنا- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولى- إجازة- قال في كتاب الأوراق: وانصرف أبو الساج عن عسكر عمرو بن الليث يريد بغداد فمات بجنديسابور في شهر ربيع الآخر- يعني- من سنة ست وستين ومائتين «4» . (304- ظ) .(7/3477)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
دبيس بن صدقة:
ابن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد بن مرثد بن زنجي بن ريان بن عدني ابن عذور وقيل ريان بن عذور بن عدي بن جلد بن حيّ بن عمرو بن أبي المظفار مالك بن عوف بن معاوية بن كسر بن ناشرة بن سعد بن سواءة بن مالك بن سعد ابن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الأمير أبو الأغر بن الأمير سيف الدولة صدقة بن الأمير بهاء الدولة منصور بن الأمير أبي الأغر دبيس بن الأمير سند الدولة علي الأسدي صاحب الحلة المزيدية، هكذا ذكر نسبه أبو السعادات محمد بن عبد الرحمن فيما أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي- اجازة عنه- ذكره في شرح المقامات.
وذكر الأبيوردي أنه أبو الأغر دبيس ملك العرب بن سيف الدولة صدقه بن منصور بهاء الدولة بن دبيس نور الدولة بن علي الأمير بن مزيد الأمير بن مرشد الأمير بن الريان بن عدني بن خالد بن مالك بن حيّ بن عبادة بن مالك بن عوف ابن معاوية بن كسر بن ناشرة بن نصر بن سواء بن مالك بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة، قدم حلب ونزل على ظاهرها في نصف شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة وحاصرها مع ابراهيم بن الملك رضوان ومع الملك بغدوين الرويس الفرنجي فطال حصارهم لها، واجتمع عليها ثلاث رايات لهؤلاء الملوك الثلاثة الى أن تداركها الله (306- و) بآقسنقر البرسقي فوصل الى حلب ورحلوا «1» عنها وقدم دبيس مرة ثانية الى حلب حين أسر بنواحي صرخد أسره ابن طغتكين فباعه على زنكي بن آق سنقر صاحب حلب بخمسين ألف دينار، «2» وخاف من زنكي(7/3478)
فلما وصل الى حلب أطلقه وأكرمه واحترمه وأنزله في دار لاجين بحلب وأعطاء مائة ألف دينار وخلع عليه خلعا سنية.
فأما منازلة دبيس حلب فكان سببها أن دبيسا نهب بلد بغداد في سنة أربع عشرة وخمسمائة وسار بنفسه الى بغداد وضرب خيمته بازاء دار الخليفة المسترشد، وأظهر ما في نفسه منه وتهدد المسترشد، وذكر له أنه طيف برأس أبيه صدقه، فأنفذ المسترشد اليه شيخ الشيوخ اسماعيل برسالة ضمن فيها أن يصلح بينه وبين السلطان محمود فكف عن الأذى، وسار الى الحلة في رجب ووصل السلطان محمود الى بغداد، فأنفذ دبيس زوجته بنت عميد الدولة بن جهير ومعها أموال عظيمة وهدايا سنية، وسأل العفو فأجابه السلطان الى ذلك على قاعدة لم يرض بها، ولم يجب إليها، ثم انه نهب جشير «1» السلطان، فسار السلطان الى الحلة لمحاربته فأرسل دبيس نساءه وأمواله على البطائح، وسار الى ايلغازي ابن أرتق والتجأ اليه وأقام الى سنة خمس عشرة وخمسمائة ووصل السلطان الى الحلة ولم ير بها أحدا، فعاد وعاد دبيس من مستقره عند ايلغازي الى الحلة ودخلها وملكها. وسير دبيس الى المسترشد والسلطان يعتذر اليهما فلم يقبلا عذره، وسيرا عسكرا عظيما اليه، ففارق الحلة وقصد الأزيز «2» ، فوصل العسكر الحلة، وحفظوا الطريق على دبيس فسير الى مقدم العسكر، برنقش يستعطفه وشرط أن ينفذ أخاه منصورا على سبيل الرهن ويدخل في الطاعة (306- ظ) فأجابه، وعاد بالعسكر في سنة ست عشرة، وكان دبيس قد تزوج بنت ايلغازي بماردين حين كان بها، وحملها الى الحلة فسير المسترشد الى ايلغازي بأمره بفسخ نكاح ابنته من دبيس، وذكر أنه كان لها زوج من السلجوقية، وقد دخل بها فقبض عليه السلطان واعتقله، وكان الرسول الى ايلغازي القاضي الهيتي فعرفه أن النكاح فاسد فأجاب بجواب أرضاه، وأما دبيس فكاتب المسترشد يستميله، فعلم أن ذلك خديعة وكان السلطان ببغداد فحثه المسترشد على قتال دبيس فسير اليه جيشا فأحرق دار أبيه بالحلة، وخرج منها الى النيل فأخذ ما فيها من الميرة، ودخل الأزيز فدخل العسكر الحلة، فرأوها خالية فقصدوه(7/3479)
الى الأزيز وحصروه. فسير أخاه منصور الى خدمة السلطان، وخرج بعسكره ووقف بازاء العسكر وتحالف العسكران، وعاد عسكر بغداد ومعهم منصور، ثم ان دبيس واقع آق سنقر البرسقي على الفرات فهزم البرسقي وتبعه الى بغداد، وسأل المسترشد الأمان وأن يكون على الطاعة بشرط القبض على الوزير أبي علي بن صدقة، فقبض عليه، وسمع السلطان محمود بالوقعه مع البرسقي فقبض على منصور وولده وحبسهما ببعض القلاع فجز دبيس شعره ولبس السواد، وآذى الرعية، ونهب البلاد وأغار على كل ما كان للمسترشد فأمر المسترشد العسكر بالخروج، وخرج بنفسه وعبأ البرسقي عسكر بغداد، ووقف المسترشد وراءه وبين يديه الدعاة والمقرئون وبين يدي دبيس الاماء والمخانيث بالدفوف والملاهي (307- و) فحمل العسكر الدبيسي على عسكر الخليفة فكشفه مرتين، فحمل زنكي بن آق سنقر فهزم عسكر دبيس وأسر أميرين من عسكره، وانهزم دبيس بعسكره وألقوا أنفسهم في الماء، وكان ما نذكره، ودخل المسترشد ظافرا يوم عاشوراء، وطلب دبيس غزيه والمنتفق»
واتفق معهم، وتوجه الى البصرة فدخلها وقتل أميرها، ثم خاف فخرج عنها وسار على البرية وحمل ما قدر عليه من أمواله، ووفد على مالك بن سالم بن مالك بقلعة جعبر فاستجار به فأجاره وقبله، وأغضب المسترشد والسلطان، ثم ان دبيسا صادق جوسلين وبغدوين الفرنجيين وصافاهما بوساطة مالك له معهما، واتفق مع الفرنج على حصار حلب، وكاتب قوما من أهل حلب وأنفذ لهم جملة دنانير، وسامهم تسليمها اليه فكشف ذلك رئيسها أبو الفضائل بن بديع، فأطلع عليه تمرتاش بن ايلغازي صاحب حلب، فأخذهم وعذبهم كل عذاب أمكنه، وشنق بعضهم وصادر بعضا وأحرق بعضا، وطمع دبيس بحلب لغيبة تمرتاش بماردين واشتغاله بمملكتها بعد أن خرج تمرتاش من حلب في الخامس والعشرين من رجب سنة ثمان عشرة وخمسمائة وأخرج بغدوين من السجن وقرر عليه ثمانين ألف دينار وأن يسلم قلعة عزار اليه وحلّفه على ذلك، ورهن جماعة من الفرنج اثني عشر نفسا أحدهم ابن الجوسلين، وعجل من المال عشرين ألف دينار، فلما أن خرج غدر ونكث وعزم على قصد حلب وحصارها ورحل الى نهر قويق وأفسد كلما عليه،(7/3480)
وضايق حلب، وكان دبيس قد مضى الى تل باشر الى الجوسلين، فبرزا من تل باشر وقصدا ناحية الوادي وأفسدا ما فيه بما قيمته (307- ظ) مائة ألف دينار.
وأخبرني والدي رحمه الله عن أبيه أن دبيس بن صدقة عاهد الفرنج على أنهم يحاصرون حلب وتكون الأنفس والأموال للفرنج والبلاد لدبيس.
قال لي والدي عن أبيه: ولما طال الحصار بهم وقلت أزوادهم وقع فيهم المرض فكان يمر المار في الاسواق فيجد المرضى على الدكاكين، فاذا قارب الفرنج والعسكر البلد للقتال ووقع الصائح قام المرضى مع شدة مرضهم وقاتلوا أشد قتال وردوا العدو.
قال لي والدي: وبلغني أن عوام حلب كانوا يصعدون أسوار المدينة عند حصار دبيس ويضربون بطبل صغير ويصيحون: يا دبيس يا نحيس.
وتوجه جد أبي القاضي أبو غانم والشريف النقيب وابن الجلي يستغيثون الى تمرتاش فما أغاثهم، فهربوا الى الموصل من ماردين وحضروا عند البرسقي وطلبوا معونتهم فأجابهم ووصل الى حلب ورحلهم عنها وقد ذكرنا ذلك في ترجمة البرسقي، ثم ان دبيسما مضى الى سنجر السلطان فسلمه سنجر الى السلطان محمود في سنة ثلاث وعشرين، وأوصاه فأخذه صحبته فأخذ دبيس ولده في السنة المذكورة حين مرض السلطان محمود وسار الى العراق، وكان مجاهد الدين قد أقطع الحلة مضافة الى شحنكية بغداد، فلما سمع بهروز نائبه بحركة دبيس هرب عن الحلة، فدخلها دبيس في شهر رمضان وقصد عسكر المسترشد، وسار محمود الى العراق وقد عوفي لأجل قتال دبيس ففارق دبيس العراق وقصد البصرة ومعه جمع كثير فاستولى على البصرة فأنفذ (308- و) السلطان محمود اليه عسكرا ففارق البصرة، وطلب البرية ووصل بعد ذلك الى الشام خوفا من أن يسلموه الى المسترشد فوصل الى أرض سرمين هاربا على نجائب في نفر يسير، فالتجأ الى الفرنج فأكرموه وانقلب الى عزاز، واجتمع بجوسلين وكان صديقه فأكرمه ودفعه عند هربه الى قلعة ابن مالك، وسيرت صاحبة قلعة صلخد بعد فقد زوجها الى الأمير دبيس تطلبه لتتزوجه فسار نحو حلة مرى بن ربيعة، ثم انها تزوجت أمين الدولة صاحب بصرى، وسار(7/3481)
دبيس للامر الذي طلبته، فوجد الأمر بخلاف ذلك فنزل بحلة أخي مرى، وكان بدمشق عند تاج الملوك فوصل إليه رسول نائبه بالحلة يخبره بدبيس، وكانت الحلة نازلة بموضع اسمه قصم، فسأله تاج الملوك فأعلمه، فقال: تخرج اليه الساعة وتشغله عن المسير بحجة الضيافة، فخرج اليه وشغله بالضيافة، ووصل عسكر دمشق فقبضوه وكل من معه، فسير زنكي وطلبه، فسير اليه الى حلب.
وقرأت بخط الوزير جمال الدين عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به- اجازة عنه أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار- قال: في سنة أربع وعشرين وخمسمائة وجد دبيس بن صدقة ضالا بحلة حسان بن مكتوم بأعمال صرخد، فأسره ابن طغتدكين صاحب دمشق وباعه على زنكي بن آق سنقر صاحب حلب بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوه فما شك دبيس أنه ابتاعه لهلاكه فلما حصل دبيس في قبضة زنكي أكرمه (308- ظ) وخوله وأطلقه وروسل زنكي من دار الخلافة بتسليم دبيس فقبض على الرسول وهو سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الانباري كاتب الانشاء.
وقيل بأن زنكي اشتراه بمائة ألف دينار، على ما سنذكره ان شاء الله تعالى.
أخبرنا أبو اليمن الكندي- إجازة- عن الاستاذ محمد بن علي العظيمي ونقلته من خط العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة أربع وخمسمائة أظهر العصيان دبيس ابن صدقه الاسدي ملك العرب على الخليفة المسترشد بالله ببغداد، وعلى السلطان محمود، فسار اليه محمود وكسره ونهب الحلة، وهرب دبيس الى الشام فأجاره شهاب الدين بن مالك بالدوسريه «1» وأكرمه وسيره الى نجم الدين بن أرتق الى ماردين، فأكرمه وصارت بينهما زيجة وأعاده الى الحلة.
وقال: وفي جمادى الأولى- يعني- من سنة خمس عشرة كانت كسرة المسلمين ببلاد الكرج، وذلك أن داود ملك الكرج كان قد ظهر على الملك طغرل من الدروب فاستنجد بنجم الدين بن أرتق وجموع التركمان وصحبتهم دبيس بن صدقة(7/3482)
ابن مزيد فانكفت الكرج في الدروب الضيقة وتبعهم خلق من المسلمين فأخذ الكرج عليهم الدروب ورضخوهم بالصخر فانكسروا.
وقال العظيمي: وفي يوم الأربعاء سادس عشر من جمادى الآخرة- يعني- من سنة ثماني عشرة وخمسمائة عبر الامير دبيس بن صدقة بن مزيد من قلعة منبج ونزل بظاهر منبج وكان له عمل في حلب ومكاتبه فانكشفت على يد فضائل (309- و) ابن صاعد بن بديع، وقتل بعض القوم، ونفى بعضا وكان بها التمرتاش حسام الدين ابن نجم الدين ايلغازي بن أرتق.
قال: وفي يوم الجمعة سابع عشر رجب كان خلاص البغدوين- يعني- ملك الفرنج من شيزر، وكان استقر عليه ثمانون ألف دينار وقلعة عزاز، وحلف على ذلك، ورهن جماعة من الفرنج اثنى عشر نفسا أحدهم ابن الجوسلين، وعجل من المال عشرين ألف دينار فما هو الا أن خرج حتى غدر ونكث ونفذ يعتذر الى الامير حسام الدين بن نجم الدين بأن البطريرك لم يوافقه على تسليم عزاز، وان خطيئة اليمين تلزمه وترددت الرسل بينهم الى يوم الاحد ثامن عشر شعبان، وعادت بنقض الهدنة، وخرج الملك الى أرتاح وعزمه على حلب، فخرج التمر تاش من حلب بتاريخ الخامس والعشرين من رجب نحو ماردين ووعد بجمع العساكر، ورحل بغدوين من أرتاح الى نهر قويق وأفسد كلما عليه، وضايق حلب واجتمع على باب حلب ثلاثة ألوية: لواء الملك ابراهيم بن رضوان، ولواء الامير دبيس بن صدقه، ولواء الملك بغدوين، وكان الجوسلين ودبيس قد برزا من تل باشر، وقصدوا ناحية الوادي، وأفسدا كلما فيه ما قيمته مائة ألف دينار، ثم نزلا على باب حلب، وكان نزولهم على حلب على مضي ساعة وكسر من نهار يوم الاثنين سادس عشر من شعبان، والطالع من العقرب عشر درج والمريخ في الطالع في درجة واحدة، وقبل نزولهم بساعتين عند اتساع الفجر انفتح من السماء من نحو المشرق باب من نور (309- ظ) ودام حتى هال الناس(7/3483)
ولما كان في اليوم الثاني في ذلك الوقت عاد انفتح ذلك الباب، ولكن كان أضيق من الاول، وخرج من شيء كاللسان، ينعطف ويتطوق، ونزل الفرنج غربي البلد، وغربي قويق ومعهم علي بن سالم بن مالك، وصاحب بالس أخو بدر الدولة فقطعوا الشجر، وأخربوا المشاهد الظاهرة، وكان عدد الخيم ثلاثمائة خيمة مائة للمسلمين، ونبش الفرنج القبور وأخربوا الموتى بأكفانهم، وعمدوا الى من كان طريا فشدوا الحبال في أرجلهم وسحبوهم مقابل المسلمين «1» .
أخبرني القاضي عز الدين أبو علي حسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي قال:
حدثني والدي قال: أخبرني الشيخ أبو سعد بن النعماني قال: كان المسترشد قد جمع أرباب دولته وسيرهم في الصلح بينه وبين دبيس، واتفق ان ابن أبي العودي الشاعر دخل على دبيس في ذلك اليوم وكنت حاضرا الجلس فأنشده قصيدة أولها:
«جدك يا تاج الملوك قد علا» حتى بلغ الى قوله:
دونك صفين فهذي قد أنت ... آل زياد والحقوق تقتضى
قال: فتغيرت وجوه الجماعة أصحاب المسترشد، وتغير وجه دبيس وأمر بصفعه فصفع وأخرج من بين يديه وحبس وأمر بالجماعة فأنزلوا في الدور، وأكرموا غاية الاكرام، وحمل اليهم كلما يحتاجون اليه، فلما أتى الليل أخرجه من الحبس خلوة وقال له: ويحك أنا قد اجتهدت حتى ينتظم الصلح بيني وبين (310- و) الخليفة وقد أرسل أرباب دولته لاتمام هذا الامر فجئت أنت وقلت ما قلت لتفسد الحال فأنشده:
هم زرعوا العداوة لا لجرم ... فدونك واصطلهم بالحصاد
ولا ترهب قعاقعهم فليست ... قعاقعهم سوى لبس السواد
إذا لي تشف في الدنيا غليلا ... فتذخره إلى يوم المعاد(7/3484)
فقال: أنشدني بقية القصيدة فأنشده:
فهذه ياذا الفخار دول ... ينزعها الله إلى حيث يشا
فانتهز العزيمة قبل فوتها ... وناد بالثأر فقد آن الندا
ولا تكن في النائبات هلعا ... ولا جبانا ذرعا يخشى الوغى
إمّا يقال أدرك العز الذي ... ما مثله أو خانه صرف الردى
فالداء لو يحسمه صاحبه ... إذا بدا أغناء عن شرب الدوا
فهل ترى السلطان إلا رجلا ... يدركه الموت ويرديه البلا
لحم وعظم ودم مركب ... في صورة كبعض أبناء الورى
تنته العرقة «1» أو تؤلمه ... في قرصها البقة شاء أو أبى
لا يستطيع مع حمى سلطانه ... دفع الأذى عنه إذا همّ القضا
فهو وإن عزحمى سلطانه ... يخشى المنايا في الصباح والمسا
قال: فأمر له بمائة دينار وصرفه في تلك الليلة إلى بلدة النيل وجرت بين (310- ظ) دبيس والرسل أرباب دولة المسترشد مقاولات واحتجوا بمراجعة الخليفة في ذلك ومضوا ولم تقض لهم حاجة.
وخرج المسترشد بعد ذلك لقتال دبيس في سنة ست عشرة، ولم ينتظم بينه وبين دبيس صلح، وخرج دبيس بأصحابه إلى لقائه، فنزل على شط النيل تحت مطير أباذ، وأتاه الخليفة من جانب البرية وأقام المصاف، فكانت الكسرة على أصحاب دبيس، وما نجا منهم إلا القليل، وقتل البعض وغرق الباقون في الماء، ونجا بحشاشة نفسه، ووصل إلى فوق مطيرآباذ الى قرية يقال لها قرية أم الأمين، وكانت أم الأمين المذكورة فوق سطح من أسطحة القرية، فقالت له حين رأته:
دبير جئت؟ فقال لها: ويلك دبير من لم يجيء، أين المخاض؟ فقالت: هاهنا(7/3485)
فخاض وعبر ووقف يشق خفه حتى نزل منه الماء، وقد تبعه مماليك المسترشد إلى ذلك الموضع، فسألوا العجوز فضيعتهم عنه الى موضع آخر فلم يقدروا عليه، وانحدر الى أن لحق بالعرب والتفّ بهم، وظهر بالبصرة بعد سنة فدخلها وهرب أمير البصرة، ودخل دار الإمارة وحكم وقال: أتدرون من نصحني والله ما نصحني غير ابن العودي الشاعر فإني لو قبلت منه ذلك اليوم وقتلت الذين سيرهم المسترشد للصلح لبقي المسترشد مدة حتى يحصل رجالا مثل أولئك يعتضد بهم، ولما رجع دبيس الى العراق ملّك العجوز أم الأمين القرية وهي تعرف (311- و) الآن بها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الشريف الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: دبيس بن صدقة بن منصور ابن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي أبو الأغر من ملوك العرب، وكان فاضلا مهيبا كريم الأخلاق، ولعل ما أنجبت عرب البادية بعده بمثله، وقد ترامت به الأسفار الى أكناف الأمصار، وتقلبت به الأحوال الى ارتكاب الأهوال، ورد بلاد خراسان، وجال في أطرافها مدة في ظل السلطان سنجر بن ملكشاه، وكانت خاتمة أمره أن فتك به في قصر السلطان، وختم به شرف بيته.
قلت: هذا قول أبي سعد السمعاني، ولعله رحمه الله لم يبلغه خبر دبيس واتفاقه مع الفرنج على حصار حلب، وبذله أموال المسلمين وأنفسهم لأعداء الدين على ما ذكرناه وبيناه، ولو بلغه هذا الفعل المستهجن القبيح الذي لا يصدر عن من خلص ايمانه، وإن جرى بلفظ الشهادة لسانه، ولا يقع إلّا من سخيف الرأي سيء التدبير، لما قال: ولعل ما أنجبت عرب البادية بعده بمثله، وقال: وختم به شرف بيته، هذا مع علم دبيس أن البغدوين ملك الفرنج كان مأسورا في حبس بلك بن أرتق، وأن تمرتاش أطلقه من الأسر وهادنه على أن لا يخرج عليه فغدر بالهدنة مع تمرتاش والمسلمين، ولم يف له بما استقر معه في اليمين، ولعل البغدوين لو تسلط على حلب لما وفى لدبيس بما كان قرره معه من ملك المدنية، ولعمري لقد محا دبيس شرف أبيه صدقه، ومكارمه المحققة ومآثر آبائه «1» (311- ظ) وأجداده(7/3486)
المذكورون ومناقبهم المشهورة المسطورة بهذه الفعلة الدنيئة التي فعلها والقصة الشنعاء التي سطرها المؤرخ، ونقلها، ومن قبيح فعله خروجه على الإمام المسترشد وجمع العرب لمحاربته ومطاولته مع قيامه بأعباء الخلافة ومساجلته.
ومن قبيح أفعاله وعدم وفائه ما أخبرنا به شيخنا افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: كتبت من «كتاب سر السرور» «1» لأبي العلاء محمد بن محمود النسابوري قاضي غزنه قال: لما قام المسترشد بأعباء الخلافة واستتب أمره خالفه أبو الحسن علي بن أحمد الملقب بالذخيرة، أخو المسترشد بالله وانحدر الى واسط ثم اتصل بدبيس بن صدقة، ولم تطل الأيام حتى خاس بعهده وأخفر ذمته على ما قيل، ومكن أخاه من ربقته فعند ذلك كتب إليه:
أأشمتّ أعدائي وأذهبت قوتي ... وهضت «2» جناحا أنبتته يد الفخر
وما أنت عندي بالملوم وإنما ... لي الذنب هذا سوء حظي من الدهر
فأين فعله هذا من فعل الأمير أبي العز مالك بن سالم بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر معه وقد وفد عليه دبيس هذا منهزما من المسترشد الى قلعة جعبر، فأجاره منه، فكاتبه المسترشد في معناه ليسلمه اليه فمنعه منه ولم يخفر ذمته.
وسمعت الأمير شرف الدولة بدران بن حسين بن مالك (312- و) يقول:
سمعت أبي يقول نقل الى دبيس وهو عند أبي بقلعة جعبر أن أبي يريد أن يسلمه الى المسترشد وانه قد كاتبه في معناه لتسليمه اليه، قال فجلسا يوما، فبكى دبيس، فقال له أبي: أيها الأخ ما يبكيك؟ فقال: بلغني كذا وكذا، قال: فأمر غلامه فأحضر له خريطة فيها كتب المسترشد اليه وأحضر اليه نسخ الكتب التي كتبها في جوابه، وهو يقول: أنا والله لا أسلمه أبدا، فطاب قلب دبيس عند ذلك واطمأن.
وقد ذكر الفقيه معدان بن كثير البالسي فعل مالك بن سالم في قصيدة مدحه بها قرأتها بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة. أخبرنا بها شيخنا(7/3487)
أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي اجازة عن أبي الحسن المذكور قال: أنشدني الفقيه الأديب أبو المجد معدان بن كثير في الأمير أبي العزّ مالك بن سالم بن مالك يذكر وفود الامير ملك العرب دبيس بن صدقة بن مزيد عليه أولها:
سلخت بالغيل آجال ... لليوث الغيل تغتال
قال فيها:
ودبيس حين مال به ... دهره والدهر ميال
واشمأز الناس قاطبة ... منه أجواد وبخال
غير قيل أروع ندس «1» ... لم يرعه القيل والقال
بل تفداه وقال له: ... ادن ولينعم لك البال (312- ظ)
ثم لما أن تكنفه ... واسع الارجاء محلال
آهل بالعز فاء له ... منه اكرام واجلال
وحباه بالصفا أخ ... حافظ للود وصّال
فلأدنى ما تكنفه ... رغبة في وده المال
وإذا نفس الفتى بذلت ... سهلت خيل وآبال
فترى عوف وأخوتها ... بالذي أوليت جهال
ولقد نبّئت أنهم ... شكروا والقوم قفّال
وتألى «2» من بني أسد ... أسد غلب وأشبال
إنه ما أن يزال لهم ... أبدا بالشكر إهلال
ولنعم الفاعلون هم ... ما علمناهم لما قالوا
وأخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك قال: حكى لي والدي قال: لما قدم دبيس على والدي الى قلعة جعبر منهزما من المسترشد أجازه وأقام عنده فكاتبه المسترشد في تسييره اليه فمنعه منه. قال: وقدم مع دبيس أربعمائة ألف دينار عينا ومثلها جواهر، ومثلها عروض وأنفق في حاشية(7/3488)
والدي حتى بيع الدينار بثلاثين قرطيسا «1» . قال: فقال له والدي: يا أيها الملك أرخصت علينا الذهب.
قلت: وقد كان دبيس مع ما ذكر من أفعاله المستقبحة على غاية من الجود، وله خلال محمودة مستملحة فمن ذلك ما أخبرني (313- و) به بدران بن حسين ابن مالك قال: لما قبض على دبيس بنواحي دمشق وقيد وسير الى أتابك زنكي الى حلب، وكان اشتراه بمائة ألف دينار جاءه بعض الشعراء وامتدحه في طريقه وهو مقبوض عليه مكبل، ولم يكن معه شيء فكتب له في رقعة هذين البيتين ودفعهما اليه وهما:
الجود فعلي ولكن ليس لي مال ... فكيف يفعل من بالفرض يحتال
خذ هاك خطي الى أيام ميسرتي ... دينا عليّ فلي في الغيب آمال
قال: فلما قدم حلب على أتابك زنكي أكرمه واحترمه وأنزله دار لاجين بحلب وأعطاه مائة ألف دينار وخلع عليه خلعا سنية فخرج دبيس ذات يوم الى ميدان الحصا يسير فعرض له ذلك الشاعر وقال له: يا أمير لي عليك دين، فقال: والله ما أعرف لأحد علي دينا فقال: بلى وشاهده منك وأخرج له خطه، فلما وقف عليه قال: أي والله دين وأي دين، وأمره أن يأتي اليه اذا نزل فجاءه فأعطاه ألف دينار والخلعة التي خلعها عليه أتابك زنكي وكانت جبة أطلس وعمامة شرب.
أخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل النيلي قال: أسر دبيس بناحية الشام فافتداه أتابك الشهيد بمال جزيل، ولما حصل دبيس عند السلطان مسعود كتب السلطان يستدعي أتابك الشهيد ليفتك به، واطلع دبيس على شيء من ذلك فكتب كتابا الى أتابك يحذره فيه من المجيء اليه فامتنع من ذلك فعلم به السلطان مسعود فكان ذلك سبب قتل دبيس. (313- ظ) .
قال لي أبو علي النيلي: وأخبرني بعض أحفاد أتابك الشهيد قال: كان جدي يقول: فديناه بالمال وفدانا بالروح.(7/3489)
أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعيد السمعاني قال: ذكر صديقنا أبو العلاء محمد بن محمود النيسابوري قاضي غزنة في «كتاب سر السرور» قال: حدثني من صحب ملك العرب أبا الأغر دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي أن هجيراه كان إنشاد هذين البيتين:
ان الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتبسط بينها الاعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان قالا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الفنجديهي: في كتابه قال: سمعت بعض الفضلاء ببغداد يقول: لما سمع الأمير دبيس أن الرئيس أبا محمد الحريري ذكره في مقاماته وأورد فيها بعض صفاته يعني قوله: «خيّل لي أن القرني أويس أو الأمير دبيس» «1» ، نفذ إليه من الخلع السنية والجوائز الهنية بما عجز عنه الوصف وكلّ عنه الطرف واقتضاه علو همته وسمو قدرته.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال: قرأت ببلخ في «كتاب وشاح دمية القصر» كتب الملك بدران بن صدقة الى اخوانه منهم الملك دبيس: (314- و) .
ألا قل لمنصور وقل لمسيّب ... وقل لدبيس انني لغريب
هنيئا لكم ماء الفرات وطيبه ... اذا لم يكن لي في الفرات نصيب
فأجابه دبيس:
ألا قل لبدران الذي حن نازعا ... الى أرضه والحر ليس يخيب
تمتع بأيام السرور فإنما ... عذار الأماني بالهموم يشيب
ولله في تلك الحوادث حكمة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب(7/3490)
ومما وقع إليّ من شعر دبيس بن صدقة ما قرأته بخط عمر بن الربيب في مجموع:
ألا إن أخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رمال لا تقصر في لسعي
ظننت بهم خيرا فلما بلوتهم ... حللت بواد منهم غير ذي ذرع
سمعت بعض الأدباء من أهل الموصل يحكى أن أبا الفوارس الحيص بيص خرج من بغداد سرا إلى الحلة، وامتدح دبيس بن صدقة وعاد وقد أجازه بألف دينار فبلغ المسترشد ذلك، وعلم الحيص بيص فخاف على نفسه فابتدى وعمل هذين البيتين:
وما دبيس إلا كجيفة ميت ... والضرورات ألجأتني إليه
ومن اضطر غير باغ ولا عاد ... فلا اثم في الكتاب عليه
فبلغت المسترشد فسير له خمسين دينارا وزاد في معلومه وقبل عذره.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي سعيد محمد بن عبد الرحمن (314- ظ) بن محمد البندهي قال: قتل الأمير دبيس بن صدقه بن مزيد في سنة ثلاثين أو في سنة تسع وعشرين وخمسمائة قتله السلطان مسعود بن محمد ابن ملكشاه لأمور أنكرها وأسباب امتعض لها نسبت إليه. وكان دبيس قد عصى على الامام المسترشد بالله أمير المؤمنين أبي منصور الفضل بن المستظهر بالله، وسعى في إراقة دمه، وجمع العسكر وحشد وقصد بغداد في عسكر عظيم، وعاث في أطرافها وأفسد في أكنافها فخرج الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين من دار الخلافة، واجتمعت إليه الأخبار وظهر إليه وحمل عليه فهزم دبيسا وعسكره وتم إلى الحلة المزيدية وذلك في المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة، وانهزم دبيس من العراق في خواص أصحابه وغلمانه خوفا من الخليفة وهرب نحو الشام.
قرأت في تاريخ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي بخطه في حوادث سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وأنبأنا به عنه المؤيد بن محمد النيسابوري وغيره قال: تواقع على مراغة(7/3491)
السلطان مسعود والمسترشد بالله، فانكسر المسترشد وأسر فوثب عليه قوم بالسكاكين فقتلوه واضطرب العسكر فأوجب التدبير أن قتل دبيس بن صدقه بحضرة السلطان مسعود «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: قرأت بخط الامام أبي نصر محمد بن محمد السره مرد الشجاعي على جلد كتاب السنن (315- و) لأبي داوود: قتل دبيس بالمراغة «2» يوم الاربعاء الرابع عشر من ذي الحجة سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
نقلت من تاريخ جمعه الرئيس أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الداري، وقع إلي بماردين، قال في حوادث سنة تسع وعشرين وخمسمائة: وفيها قتل دبيس ابن صدقه في ذي الحجة حدثني فراش كان يقال له حسن التمري، قال: كان الأمير المذكور قد استشعر الأمر الرديء من قبل السلطان وكان في تلك الليلة تقدم إلى خواصه أن ارحلوا فرحلوا وتركوا الخيام بآلاتها، وسار «3» مقدّر ثلاث فراسخ، فرده القدر الذي لا بد منه، وقال الصحبة: قد ضجرت من الشّتات في أقطار الجهات وما قضاه الله فقد أمضاه، وعاد ولم يشعر به غير من كان معه، فلما أصبح ركب مع السلطان على عادته، ونزل السلطان في النوبتيه والأمراء معه على العادة المألوفة وحضر الطعام فأكلوا وأخذ الناس في الانصراف، وكان السلطان قد دخل إلى خركاه في جانب النوبتية فأراد الأمير دبيس الانصراف، فتقدم إليه رجل معمم بزي الكتاب وقال له: السلطان يقول لك قد ورد علينا كتب ونشتهي تسمعها، فجلس واستدعى مني خلالا، وجعل يتخلل والكاتب بين يديه فرأيت تركيا قد خرج من الخركاه وبيده صمصامة مجردة فمشى حتى صار على رأس الأمير فلم يلتفت إليه، وعاد دخل الخركاه وليس في النوبتية جالس غيره والكاتب بن يديه (315- ظ) ثم عاد الغلام التركي خرج حتى حاذى الأمير وضربه على رقبته(7/3492)
فرأيت رأسه معلقا بجلدة رقبته، فهربت من ساعتي وكان بباب خويّ «1» ، وحمل بعد ذلك ودفن بالمشهد بماردين قلت: شاهدت المشهد المدفون به دبيس، وهو من غربي مدينة ماردين وقبليها داخل البلد بنته بنت ايلغازي بن أرتق زوج دبيس ونقلته من خوي فدفنته به.
دبيّة بن عدي:
ابن زيد بن عامر بن لوذان بن خطمة بن الأوس الأنصاري الأوسي شهد صفين مع علي عليه السلام، وله ذكر..
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة قال: أخبرنا الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: دبية بن عدي ابن زيد بن عامر بن لوذان بن خطمة بن مالك بن الأوس الأنصاري، قتل مع علي بصفين «2» .
ذخين بن عامر:
أبو ليلى الحجري، غزا بلاد الروم واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها، روى عن عقبة بن عامر.
روى عنه كعب بن علقمة ويزيد بن أبي منصور، وبكير بن سوادة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما دخين بخاء معجمة فهو دخين بن عامر الحجري، يكنى أبا ليلى كاتبا لعقبة بن عامر، يروى عن عقبة بن عامر.
روى عنه يزيد بن أبي منصور، وبكر بن سوادة، وكعب بن عامر وغيرهم يقال قتلته الروم سنة (316- و) مائة «3» .(7/3493)
- دحمان بن الجمال:
واسمه عبد الرحمن بن عمر، أبو عمر مولى بني ليث بن كنانة، ودحمان لقب اشتهر به، وسنذكره إن شاء الله تعالى فيمن اسمه عبد الرحمن.
- درباس بن محمد:
الكردي المؤذن كان شيخا صالحا، كبير السن، كثير التسبيح والذكر، صحب عمي أبا غانم ولازم المسجد المعروف بنا، وكان يؤذن به، وكان عمي يعتقد فيه، ويثني عليه، وتأهل بحلب. وكان يسكن في جوارنا مع أن أعظم أوقاته كان بالمسجد، وأخبرني والدي رحمه الله قال: لم يكن لي ولد ذكر، وكان لي ولد صغير من والدتك فمات، وحزنت أنا ووالدتك عليه حزنا عظيما، وكنت أتمنى ولدا ذكرا، وبقيت والدتك سنين لا تحمل، ثم إنها حملت بك، فجاءني الشيخ درباس وقال لي: رأيت في النوم قائلا يقول لي: قل لنجم الدين- يعني- والدي يولد لك ولد ذكر، فإذا ولد فسمه عمر، فلما ولدت لي سميتك عمر.
وكان سمع الحديث معنا من شيوخنا بحلب من: يحيى بن عقيل السعدي، وعمي أبي غانم، وشيخنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وغيرهم، وتوفي بحلب بعد الستمائة وصلى عليه عمي أبو غانم، وحضرت دفنه والصلاة عليه رحمه الله.
- دريع بن كامل بن عبد الرحمن:
الجمّال البابي الحلبي، أظنه من أهل باب بزاعا، أو من أهل بابلا، والعامة تسميها باب الله، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي وذكره في شيوخه في معجم السفر (316- ظ) .
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي- بالقاهرة- قال:
أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: سمعت دريع بن كامل بن عبد الرحمن الجمال البابي، من ضيعة على باب حلب يقال لها باب الرحمة وهو يحدو في طريق دمشق خلف الجمال، بصوت شجي وهي تسير سيرا عنيفا:(7/3494)
ما للمطايا يا خليلي مالها ... تشكو إلى جماّلها ملالها
وشدة السير وما قد نالها ... ولو درى بحالها رثى لها
ويكرر: رثى لها رثى لها «1» .
- دزبر بن أونيم الديلمي:
كان قائدا كبيرا مشهورا، وكان من جملة الديلم الذين ينسب إليهم درب الديلم بحلب، وكان سيف الدولة بن حمدان قد توجه الى ديار بكر واشتغل بالفداء مع الروم، واستناب بحلب الحاجب قرغويه، فاستأمن دزبر بن أونيم وجماعة من الديلم واطمعوا رشيقا النسيمي في حلب، وتأميره عليهم، وكان قد ضعف أمر سيف الدولة، وكان رشيق بأنطاكيه، وطمع بحلب فسير قرغويه غلامه يمن في عسكر، فخرج إليه رشيق من أنطاكية، فالتقوا بناحية أرتاح، فاستأمن يمن الى رشيق، فسار رشيق إلى حلب وهاجمها، فنزل غلمان الحاجب بعد استيلاء رشيق على البلد وقتلوا رشيق على ما سنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمة رشيق، وملك دزبر بن أونيم أنطاكية بعد رشيق، واستقر قرغويه في حلب، ثم إن قرغويه خرج الى (317- و) دزبر الى أنطاكية، فخرج إليه دزبر فكسره وتبعه الى حلب فملك حلب في جمادى الأولى من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسار سيف الدولة وخرج دزبر إليه، فالتقيا بالضيعة المعروفة بسبعين، فأوقع به سيف الدولة وأسره في ذي الحجة من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وقتله.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي- ونقلته من خط العظيمي- قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ملك مدينة حلب دون القلعة رشيق النسيمي والي أنطاكيه، وكسر عسكر قرغويه الحاجب، وحاصر القلعة فقتل محاصرا القلعة، وعاد قرغويه ملك حلب، وملك أنطاكيه دزبر الديلمي عند قتل رشيق، فسار اليه قرغويه، فخرج دزبر فكسر قرغويه، وانهزم إلى حلب وتبعه دزبر فملك البلد وحصره بالقلعة وملكها وتسلمها منه، وسار إليه سيف الدولة، وخرج إليه دزبر فالتقيا على نهر سبعين(7/3495)
فانكسر دزبر وأسره سيف الدولة ووزيره أبا علي الأهوازي، وملك حلب في ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة «1» .
قرأت بخط ثابت بن سنان الصابئ، في جزء ذكر فيه من مات من الأعيان من سنة ثلاثمائة الى أن مات «2» ، قال: دزبر الديلمي المتغلب على حلب قتل في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. (317- ظ) .
- دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء:
وقيل دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز بن جواس بن خلف ابن عبد بن دعبل بن أنس بن مالك بن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن الياس بن مضر، ويقال في جدّ جدّه:
تميم بن نهشل، وقيل بهنس بن خراش بن خالد بن عبد بن دعبل بن أنس بن خزيمة ابن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، وقيل ان اسمه الحسن وكنيته أبو علي، وقيل ان اسمه محمد وكنيته أبو جعفر وقيل اسمه عبد الرحمن، ودعبل لقب له، والدعبل البعير المسن، وقيل إن دايته لقبته دعبلا لذعابة كانت فيه، فأقلبت الذال المعجمة بالدال، وكان به طرش، وقدم الثغر، وحضر الجهاد، وقدم حلب أو بعض عملها، وقيل هو واسطي وقيل إن أصله من قرقيسيا، وقيل من الكوفة وله شعر مجموع ومصنف في طبقات الشعراء.
روى عن مالك بن أنس، وسفيان الثوري وشعبه بن الحجاج وهارون بن محمد الرشيد وعبد الله بن هارون المأمون، ويحيى بن سعيد الأنصاري وسالم ابن نوح الطائي، والحكم بن عبد الله البصري، وجرير بن عبد الحميد، وشريك ابن عبد الله النخعي، وموسى بن جعفر بن علي بن الحسين، وعبد الله بن كلثوم البصري الخزاعي، وشعبة بن الورد الواسطي وأبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو ابن العلاء، وخالد بن شعبة، ومجمع بن يحيى وعبد الله بن عبد الله بن حسن بن علي(7/3496)
(318- و) ومحمد بن عمر الواقدي وخزيمة بن خازم الأسدي والحسن بن قتيبة الخزاعي، وأبي نواس الحسن بن هانىء، ونصر بن مزاحم، وحفص بن غياث، وموسى بن سهل الراسبي، وسليم بن سفيان السعدي وأبي خالد القرشي.
روى عنه أخوه علي بن علي بن رزين الواسطي، والقاضي أحمد بن أبي داوود، ومحمد بن موسى بن حماد البربري، وعبد السلام بن رغبان الحمصي ديك الجن، وأبو عبد الله بن أسباط، ومحمد بن ميمون المصيصي، وأبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي، والحسن ابن عبد السلام الخطيب، وعون بن محمد وأبو هفان، وأبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وأبو العباس المبرد، ومحمد بن يحيى بن أبي المغيرة، وهارون بن عبد الله المهلبي، وأبو محمد عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبو القاسم بن مهرويه، وابنه الحسن بن دعبل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد الله الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله الخطيب- بمرو، بقراءتي عليه- قال: أخبرنا الفرج بن ابراهيم المرجئ- بفيد قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن الحسين الحنائي- بمصر- قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الدمشقي قال: حدثنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو سليمان محمد بن عبد الله ابن زبر الربعي الحافظ قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن البزاز ببغداد قال:
حدثنا علي بن ابراهيم الشاعر قال: حدثنا محمد بن حفص الصفار الشاعر قال:
حدثنا عبد السلام بن رغبان ديك الجن الشاعر قال: حدثنا دعبل بن علي الشاعر قال: حدثنا أبو نواس الحسن بن هانىء قال: (318- ظ) حدثنا والبة بن الحباب الشاعر قال: حدثنا الكميت بن زيد الشاعر قال: حدثني خالي همام بن غالب أبو فراس الفرزدق الشاعر، قال: حدثنا الطرماح بن عدي الشاعر قال: لقيت نابغة بني جعدة الشاعر فقلت: لقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها:(7/3497)
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا «1»
فقال: الى أين يا أبا ليلى؟ قلت: الى الجنة يا رسول الله، قال: الى الجنة إن شاء الله.
أخبرنا عمر بن محمد المكتب- كتابة- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحمامي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن بدر بن عبد الله السلامي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سليمان البزاز قال: حدثنا اسماعيل ابن علي بن رزين الخزاعي قال: حدثني أبي قال: حدثني أخي دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثنا هارون الرشيد قال: حدثنا سفيان بن عيينه عن ابن جريج عن عطاء عن يعلى بن منبه أن رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم متلطخ بزعفران فقال: إني أهللت بعمرة فكيف أصنع فيها؟ فأوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤي البشر في وجهه ثم قال: أين السائل، اطرح عنك هذه الجبة واغسل عنك هذا الزعفران، واصنع فيها كما تصنع في الحج «2» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل- بالقاهرة- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال سمعت: القاضي أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن (319- و) محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله ابن أحمد الخليلي الحافظ يقول: صدقة بن يسار الجزري يكني أبا محمد، روى عنه مالك عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه «3» ، وكذا في العطاء، يعني مرسلا، وقد رواه غير معتمد وهو دعبل بن علي الشاعر عن مالك موصولا عن أبي هريره.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- كتابة- قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم(7/3498)
ابن الحسن قال: سمعت أبا بكر أحمد بن القاسم أخا أبي الليث، يقول كان دعبل ابن علي أطروش، وكان في قفاه سلعة «1» ، وكان يجيء الى علوي كان بالقرب منا- قد سماه- وعنده كان ينشدنا وأسمع منه.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي التاجر قال: أخبرنا نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرح بن الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي ابن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا الحسين بن أيوب العكبرائي قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن أسباط قال: حدثني دعبل قال: كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت (319- ظ) مع الناس فإذا أنا بفتى يجر رمحه بين يدي، فالتفت فنظر إليّ فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم، قال: اسمع مني بيتين فأنشدني:
أنا في أمري رشاد ... بين غزو وجهاد
بدني يغزو عدوي ... والهوى يغزو فؤادي
ثم قال: كيف ترى؟ قلت: جيد قال: والله ما خرجت إلّا هاربا من الحب، ثم التقينا فكان أول قتيل.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال:
أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان المحولي قال: حدثني اسحاق بن محمد بن ابان قال: كنت قاعدا مع دعبل بن علي بالبصرة، وعلى رأسه غلام يقال له نفنف، فمر به أعرابي يرفل في ثياب خز، فقال لغلامه: ادع هذا الاعرابي إلينا فأومأ الغلام اليه فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل؟ قال: رجل(7/3499)
من بني كلاب، قال: من أي بني كلاب؟ قال: من ولد أبي بكر، قال: أتعرف الذي يقول:
ونبئت كلبا من كلاب تسبني ... ومحض كلاب يقطع الصلوات
فإن أنا لم أعلم كلابا بأنها ... كلاب وأني باسل النقمات
فكان إذا من قيس عيلان والدي ... وكانت إذا أمي من الحبطات «1»
يعني بني تميم هم أعدى الناس لليمن، قال أبو يعقوب: وهذا الشعر لدعبل (320- و) في بني عمرو بن عاصم الكلابي، فقال له الأعرابي: ممن أنت؟ فكره أن يقول له من خزاعة فيهجوه، فقال: أنا أتتمي الى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:
أناس عليّ الخير منهم وجعفر ... وحمزة والسجاد ذو الثفنات
إذا افتخروا يوما أتوا بمحمد ... وجبريل والقرآن والسورات «2»
وهذا الشعر أيضا له.
قال: فوثب الأعرابي وهو يقول: محمد وجبريل والقرآن والسورات ما الى هؤلاء مرتقى، ما الى هؤلاء مرتقى.
أخبرنا أبو الفضل المرّجا بن أبي الحسن محمد بن هبة الله بن شقيره الواسطي- قراءة مني عليه بحلب- قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي عن أبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن الحسن ابن محمد بن شاذان- من لفظه- قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن علي الخزاعي دعبل لنفسه:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالبيت والتعريف والجمرات(7/3500)
ديار عليّ والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذي الثفنات
قفا نسأل الدار التي خف أهلها ... متى عهدها بالصوم والصلوات
(320- ظ)
وأين الألى شطت بهم غربة النوى ... أفانين في الأطراف مختلفات
هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا ... وهم خير سادات وخير حماة
وما الناس إلّا غاصب ومكذب ... ومضطغن ذو أحنة وترات
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر ... ويوم حنين أسبلوا العبرات
وكيف يحبون النبي ورهطه ... وقد تركوا أحشاءهم وغرات «1»
لقد لا ينوه في المقال وأضمروا ... قلوبا على الأحقاد مشتملات
قبور بكوفان وأخرى بطيبة ... وأخرى بفخ نالها صلواتي
وأخرى بأرض الجوزجان محلها ... وأخرى بباخمرى لدى الغربات
وقبر ببغداد لنفس زكية ... تضمنها الرحمن في الغرفات
فأما المصيبات التي لست بالغا ... مبالغها مني بكنه صفاتي
قبور لدى النهرين من بطن كربلا ... معرّسهم منها بشط فرات
أخاف بأن أزدارهم ويشوقني ... معرسهم بالجزع ذي النخلات
تقسمهم ريب المنون فما ترى ... لهم عقوة «2» مغشية الحجرات
خلا أن منهم بالمدينة عصبة ... مذودون أنضاء «3» من الأزمات
قليلة زوّار خلا أن زوّرا ... من الضبع والعقبان والرخمات
لها كل حين نوبة بمضاجع ... لها في نواحي الأرض مختلفات
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها ... مغاوير نحارون في الشتوات
(321- و)
تنكب لأواء السنين جوارهم ... فما تصطليهم جمرة الجمرات
حمى لم تطره المنديات وأوجه ... تضيء من الأستار في الظلمات(7/3501)
إذا أوردوا خيلا تمطر بالقنا ... شارع موت أفرجوا الغمرات
وإن فخروا يوما أتوا بمحمد ... وجبريل والقرآن والسورات
أولئك لا منتوج هند وخدنها ... سميّة من نوكى ومن قذرات
ملائك في أهل النبي فانهم ... أحباي ما زالوا «1» وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لأمري لأنهم ... على كل حال خيرة الخيرات
نبذت إليهم بالمودة طائعا ... وسلمت نفسي طائعا لولاتي
فيا رب زدني في يقيني بصيرة ... وزد حبهم يا رب في حسناتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية ... لفك عناة أو لحمل ديات
وللخيل لما قيد الموت خطوها ... فأطلقتهم منهن بالذربات
أحبّ قصيّ الرحم من أجل حبكم ... وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبكم مخافة كاشح ... عنيف بأهل الحق غير موات
وكيف أداوي من جوى وبي الجوى ... أمية أهل الكفر واللعنات
وآل زياد في الحرير مصونة ... وآل رسول الله في الفلوات
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلّظ الرقبات
أولم تراني مذ ثلاثون حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
(321- ظ)
أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
إذا وتروا مدوا الى واتريهم ... أكفا عن الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد ... تقطع نفسي دونهم قطعات «2»
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والبركات
يبين فينا كل حق وباطل ... ويجزي على الاحسان والنقمات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري ... فغير بعيد كل ما هو آت
ولا تجزعي عن مدة الجور إنني ... كأني بها قد آذنت ببتات(7/3502)
ويروي: ولا تستطيلي مدة الجور ...
فإن قرّب الرحمن من تلك موتي ... وأخرّ من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي ريبة ... وروّيت منهم مقصلي «1» وقناتي
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه ... الى كل نفس دائم اللحظات
سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم ... كفاني ما ألقى من العبرات»
أحاول نقل الشم عن مستقرها ... واسماع أحجار من الصلدات
فمن عارف لم ينتفع أو معاند ... تميل به الأهواء في الشهوات
فإن قلت عرفا أنكروه بباطل ... وغطوا على التحقيق بالشبهات
ويروى: ... بمثله ...
فقصري «3» منهم أن أموت بغصة ... تردّد بين الصدر واللهوات
(322- و)
كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها ... لما ضمنت من شدة الحسرات
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها ... وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي «4»
أخبرنا أبو الفضل المرجي بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني- في كتابه- قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: حدثني أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي قال: حدثني علي بن شيزان بن سهل القاضي بعسكر مكرم «5» قال: حدثني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي- ابن بنت المدبر ببغداد- قال: حدثني محمد بن علي قوس قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر قال: حدثني أبي قال: لما قلت: «مدارس آيات خلت(7/3503)
من تلاوة» قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام الله عليهما وهو بخراسان ولي عهد المأمون، فوصلت إليه فأنشدته إياها فاستحسنها، وقال لي لا تنشدها أحدا حتى آمرك، واتصل خبري بالمأمون فأحضرني وسألني عن خبري ثم قال لي: يا دعبل أنشدني مدارس آيات، فقلت: لا أعرفها يا أمير المؤمنين، فقال:
يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى، قال: فلم يكن بأسرع من أن أحضر، فقال:
يا أبا الحسن سألت دعبلا عن مدارس آيات فذكر أنه لا يعرفها، قال: فالتفت إليّ أبو الحسن وقال: أنشدنا (322- ظ) دعبل فأنشدت القصيدة ولم ينكر ذلك المأمون الى أن بلغت الى بيت منها:
فآل رسول الله هلب رقابهم ... وآل زياد غلظ القصرات
فقال: والله لأهيّننّها، ثم تممتها الى آخرها فاستحسنها، وأمر لي بخمسين ألف درهم، وأمر لي علي بن موسى بقريب منها فقلت له: يا سيدي أريد أن تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرك به وأجعله كفنا، فوهب لي ثوبا قد ابتذله ومنشفة، وأظنه قال: وسراويل قال: ووصلني ذو الرئاستين وحملني على برذون أصفر خراساني عجيب، وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس منه، فأمر لي به ودعا بغيره جديد فلبسه، وقال: إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين، قال: فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، وقضيت حاجاتي وكررت راجعا الى العراق، فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالها ونخان فسلبوني وسلبوا القافلة، وكان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي عليّ وأنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة اللذين وهبهما لي علي بن موسى الرضا إذ مرّ بي واحد من الأكراد تحته الأصفر الذي حملني عليه ذو الرئاستين وعليه الممطر الخز، ثم وقف بالقرب مني وابتدأ ينشد «مدارس آيات» ويبكي، فلما رأيت ذلك عجبت من لص يتشيع، ثم طمعت في القميص والمنشفة، فقلت: يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: ما أنت وذاك ويلك، فقلت لي فيه سبب أخبرك به (323- و) فقال: هي أشهر بصاحبها من أن يجهل فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا، فقلت له: يا سيدي فأنا والله دعبل(7/3504)
وهذه قصيدتي، فقال: ويلك ما تقول؟ قلت: الامر أشهر من ذلك فاسأل أهل القافلة تخبر بصحة ما أخبرتك به، قال: لا جرم والله لا يذهب لأحد من أهل القافلة خلالة فما فوقها، ثم نادى في الناس: من أخذ شيئا فليرده على صاحبه فرد على الناس أمتعتهم وعلى جميع من كان معي حتى ما فقد أحد عقالا، ثم بذرق «1» بنا الى مأمننا، فقال لي قوس: فحدثت بهذا الحديث علي بن بهرام الكردي فقال: ذاك والله أبي الذي فعل هذا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أنبأنا الاثير أبو المعالي الفضل بن سهل عن الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ العطار قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي الكوفي المعروف بابن النجار قال: أخبرنا أبو بكر بن الانباري- قراءة- قال: حدثنا أبي قال: قرأت على أبي جعفر أحمد ابن عبيد قال: قال صيني- وهو أحمد بن عبد الله، راوية كلثوم بن عمرو العتابي، وكان سميرا لعبد الله بن طاهر- ان عبد الله بن طاهر بينا هو معه ذات ليلة اذ تذاكرا الادب وأهله وشعراء الجاهلية والاسلام الى أن صار الى المحدثين فذكرا دعبل ابن علي الخزاعي فقال له عبد الله بن طاهر: ويحك (323- ظ) يا صيني اني أريد أن أوعز اليك بشيء تستره علي أيام حياتي، قال: قلت: أصلح الله الامير أنا عبدك وأنا عندك في موضع تهمة؟ فقال: لا ولكن أطيب لنفسي أن توثق لي بالايمان لأركن إليها ويسكن قلبي عندها فأخبرك قال: قلت: أصلح الله الامير إن كنت عندك في هذه الحال فلا حاجة بك الى افشاء سرك إلي واستعفيته مرارا فلم يعفني فاستحييت من مراجعته، فقلت: ليرى الامير رأيه، فقال: يا صيني قل والله، فقلت: والله فأمرها علي غموسا ووكدها بالبيعة والطلاق وكلما يحلف به مسلم، ثم قال: ويلك يا صيني أشعرت أني أظن أن دعبلا مدخول النسب وأمسك، قال: قلت: أصلح الله الامير أفي هذا أخذت علي الايمان والعهود والمواثيق؟ قال: أي والله، قلت: ولم ذاك؟ قال: لاني رجل لي في نفسي حاجة، ودعبل رجل قد حمل جذعه على عنقه ولا يجد(7/3505)
من يصلبه عليه فأتخوف ان بلغه أن يلقي علي من الخزي ما يبقى علي الدهر وقصاراي ان أنا ظفرت به وامكنني ذلك وأسلمه اليمن، وما أراها تسلمه لانه لسانها وشاعرها والذاب عنها والمحامي دونها، أن أضربه مائة سوط وأثقله حديدا وأصيره في مطبق باب الشام، وليس في ذلك عوضا مما سار من الهجاء، وفي عقبي من بعدي، قلت:
أتراه كان يفعل ويقدم على ذلك؟ قال: يا عاجز أهون عليه مما (324- و) لم يكن أتراه أقدم على سيدي هارون ومولاي المأمون وعلى أبي نضر الله وجهه ولم يكن يقدم علي؟ قال: قلت: اذا كان الامر على ما وصف الامير فقد وفق فيما أخذ علي، قال: وكان دعبل لي صديقا فقلت: هذا قد عرفته ولكن من أين؟ قال الامير: انه مدخول النسب فو الله لعلمته في البيت الرفيع من خزاعه وما أعلم فيها بيتا أكرم منه إلا بيت أهبان مكلم الذئب وهم بنو عمه دنيه.
آخر الجزء الجزء الثامن والتسعين والمائة من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب ويتلوه في أول الجزء التاسع والتسعين والمائة تمام الحكاية قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا ترعرع لا يؤبه له.
الحمد لله رب العالمين كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد نبيه المصطفى وعلى آله الطاهرين وصحبه أجمعين وسلم تسليما دائما الى يوم الدين. (324- ظ) .(7/3506)
[فقر دعبل]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا أيام ترعرع لا يؤبه له، وكان خله لا يدرك بقله، وكان بينه وبين مسلم بن الوليد ازار لا يملكان غيره شيئا، فاذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عاريا، واذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك، وكانا اذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان يطرح هذا شيئا منه عليه والآخر الباقي، وكانا يعبثان بالشعر الى أن قال دعبل بن علي هذا الشعر:
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب فعل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
قصر الغواية عن هوى قمر ... وجد السبيل اليه مشتركا
وغدا بأخرى عز مطلبها ... صبا يطامن دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف يومكما ... يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا «1»
الى آخرها قال: فثقف أوله بعض المغنيين فغنى به هارون الرشيد فاستحسنه جدا واستجاد قوله: «ضحك الشيب برأسه فبكى» فقال للمغني: لمن هذا الشعر ويحك؟ قال: لبعض أحداث خزاعه ممن لا يؤبه له يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟
قال: دعبل بن علي الخزاعي قال: يا غلام أحضرني (326- و) عشرة آلاف درهم وحلة من حللي ومركبا من مراكبي خاصة يشبه هذا، فأحضر ما أمره قال: ادع لي فلانا فدعاه له، فقال له: اذهب بهذا حتى توصله الى دعبل، وأجاز المغني بجائزة عظيمة، وتقدم الى الرجل الذي بعثه الى دعبل ان يعرض عليه المصير الى هارون،(7/3507)
فان صار وإلّا أعفاه من ذلك، فانطلق الرسول حتى أنى دعبلا في منزله، وخبره كيف كان السبب في ذكره، وأشار عليه بالمصير اليه، فانطلق دعبل معه، فلما مثل بين يديه سلم فرد عليه هارون السلام وقربه ورحب به حتى سكن رعبه، واستنشده الشعر فأنشده، وأعجب به وأقام عنده يمتدحه، وأجرى عليه الرشيد أجزل جراية وأسناها، وكان الرشيد أول من ضراه على قول الشعر وبعثه عليه، فو الله ما كان إلا بعد ما غيب هارون في حفرته اذ أنشأ يمتدح آل الرسول صلى الله عليه وسلم ويهجو الرشيد فمن ذلك قوله:
وليس حي من الاحياء تعرفه ... من ذي كان ولا بكر ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم ... كما يشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
أرى أمية معذورين ان قتلوا ... ولا أرى لبني العباس من عذر
أبناء حرب ومروان وأسرتهم ... بنو معيط ولاه الحقد والوغر
(326- ظ)
قوم قتلتم على الاسلام أولهم ... حتى اذا استمسكوا حازوا على الكفر
أربع بطوس على القبر الزكي به ... ان كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس خير الناس كلهم ... وقبر شرهم هذا من العبر «1»
ما ينفع النحس من قرب الزكي ولا ... على الزكي بقرب النحس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت ... يداه حقا فخذ ما شئت أو فذر «2»
قال العباس: والقبران اللذان ذكرهما بطرس: قبر هارون، والآخر قبر الرضا علي بن موسى «3» ، فو الله ما كافأه وكان سبب نعمته بعد الله عز وجل، فهذه واحدة يا صيني وأما الثانية فإنه لما استخلفه المأمون جعل يطلب دعبلا الى أن كان من أمره(7/3508)
مع ابراهيم بن شكله «1» وخروجه مع أهل العراق لطلب الخلافة فأرسل اليه دعبلا شعرا يقول فيه:
علم وتحليم «2» وشيب مفارق ... طلسّن ريعان الشباب الرائق
وإمارة من دولة ميمونة ... كانت على اللذات أشغب عائق
فالآن لا أغدو ولست برائح ... في كبر معشوق وذلة عاشق
أنى يكون وذاك ليس بكائن ... يرث الخلافة فاسق عن فاسق
نفر ابن شكلة بالعراق وأهلها ... فهفا اليه كل أطلس مائق
ان كان ابراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق «3»
فضحك المأمون وقال: قد غفرنا لدعبل ما كان هجانا بهذا البيت:
ان كان ابراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق (327- و)
قال: فكتب الى أبي طاهر أن يطلب له دعبلا حيث كان ويعطيه الامان، قال:
فكتب أبي اليه وكان واثقا بناحيته، فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، وحمله وخلع عليه وأجازه بالكثير، وأشار عليه بالمصير الى المأمون، قال: فتجمل دعبل الى المأمون قال: وثبت في الخلافة المأمون وضرب الدنانير باسمه، وأقبل يجمع الآثار في فضائل آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فتناهى اليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من مني ... وبالركن والتعريف والجمرات
قال: فما زالت تردد في صدر المأمون، حتى قدم عليه دعبل فقال: أنشدني ولا بأس عليك ولك الامان من كل شيء فيها فاني أعرفها وقد رويتها إلا اني أحب أن أسمعها من فيك قال: فأنشده حتى اذا صار الى هذا الموضع:(7/3509)
ألم تر أني مذ ثلاثون حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
وآل رسول الله نجف جسومها ... وآل زياد غلظ القصرات
بنات زياد في الخدور مصونة ... وبنت رسول الله في الفلوات
اذا وتروا مدوا الى واتريهم ... أكفا عن الاوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدا ... تقطع قلبي إثرهم حسرات
(372- ظ)
قال: فبكى المأمون حتى أخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره، وكان دعبل أول داخل اليه وآخر خارج من عنده، فو الله ان شعرنا بشيء الا وقد عتب على المأمون وأرسل اليه بشعر يقول فيه:
ويسومني المأمون خطة ظالم ... أو ما رأى بالامس رأس محمد
يوفى على هام الخلائق مثل ما ... توفى الجبال على رؤوس القردد «1»
لا تحسبن جهلي كحلم أبي (فما) «2» ... حلم المشايخ مثل جهل الامرد
اني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الابعد «3»
فلما سمع بهذا المأمون قال: كذب علي متى كنت خاملا واني لخليفة وابن خليفة وأخو خليفة، متى كنت خاملا فرفعني دعبل فو الله ما كافأه ولا كافأ أبي ما أسدى اليه وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:
وأبقى طاهر فينا خلالا ... عجائب تستخف لها الحلوم
ثلاثة أخوة لأب وأم ... تمايز عن ثلاثتهم أروم
فبعضهم يقول قريش قومي ... ويدفعه الموالي والصميم(7/3510)
وبعض في خزاعة منتماه ... ولاه غير مجهول قديم
وبعضهم يهش لآل كسرى ... ويزعم أنه علج لئيم
لقد كثرت مناسبهم علينا ... فكلهم على حال زنيم «1»
(328- و) فهذه الثالثة يا صيني، وأما الرابعة فانه لما استخلف المعتصم بالله دخل عليه دعبل ذات يوم، فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت والله يا دعبل فاسألني ما أحببت، قال: مائة بدرة قال: نعم على أن تمهلني مائة سنة وتضمن لي أجلي معها، قال:
قد أمهلتك ما شئت، وخرج مغضبا من عنده، فلقي خصيا كان عوده أن يدخل مدائحه الى أمير المؤمنين ويجعل له سهما من الخلوة اذا قبضها، فقال: ويحك اني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجة لي أن أذكرها له، فاذكرها في أبيات وتدخلها اليه، قال: نعم ولي نصف الجائزة، فماكسه ساعة ثم أجابه الى ان يجعل له نصف الجائزة فأخذ الرقعة فكتب فيها:
بغداد دار الملوك كانت ... حتى دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك ... أعاره بلدة سواها
وما سرى مرى بسر مرى ... بل هي بؤس لمن يراها
عجل ربي لها خرابا ... برغم أنف الذي بناها «2»
وختمها ودفعها الى الخصي فأدخلها الى المعتصم فلما نظر اليها، قال للخصي:
من صاحب هذه الرقعة؟ قال: دعبل يا أمير المؤمنين وقد جعل لي يا أمير المؤمنين نصف الجائزة، فطلب فكأن الارض انطوت عليه فلم يعرف له خبر، قال: فقال المعتصم: أخرجوا الخصي فأجيزوه بألف سوط فانه زعم ان له نصف الجائزة، فقد أردنا أن نجيز دعبلا بألفي سوط، قال: ثم لم يلبث أن كتب اليه (328- ظ) من قم أبياتا وهي هذه:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ... ولم تأتنا في ثامن «3» منهم الكتب(7/3511)
كذلك أهل الكهف في الكتب سبعة ... غداة ثووا فيه وثامنهم كلب
وإني لأزهي كلبهم عنك رغبة ... لأنك ذو ذنب وليس له ذنب
كأنك إذ ملكتنا لشقائنا ... عجوز عليها التاج والعقد والإتب
فقد ضاع أمر الناس حين يسوسهم ... وصيف وأشناس وقد عظم الخطيب
وإني لأرجو أن يرى من مغيبها ... مطالع شمس قد يغصّ بها السرب
وهمك تركي عليه مهانة ... فأنت له أم وأنت له أب «1»
واما الخامسة فإن ابن أبي دؤاد «2» كان يعطيه الجزيل من ماله ويقسم له على أهل عمله فعتب عليه فقال فيه:
أبا عبد الاله أصخ لقولي ... وبعض القول يصحبه السداد
ترى طسما تعود بها الليالي ... إلى الدنيا كما رجعت اياد
قبائل جذّ أصلهم فبادوا ... وأودى ذكرهم زمنا فعادوا
وكانوا أغرزوا في الرمل بيضا ... فأمسكه كما غرز الجراد
فلما ان سقوا درجوا ودبوا ... وزادوا حين جادهم العهاد
هم بيض الرماد يشق عنهم ... وبعض البيض يشبهه الرماد
غدا تأتيك أخوتهم جديس ... وجرهم قصرا وتعود عاد
(327- و)
فتعجز عنهم الأمصار ضيقا ... وتمتلىء المنازل والبلاد
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا ... ولم أر مثلهم قلوا فزادوا
توغل فيهم سفل وخور ... وأوباش فهم لهم مداد
وأنباط السواد قد استحالوا ... بها عربا فقد خرب السواد
فلو شاء الامام أقام سوقا ... فباعهم كما بيع السماد «3»
وقال فيه وقد تزوج في بني عجل:(7/3512)
أيا للناس من خبر طريف ... تفرد ذكره في الخافقين
أعجل أنكحوا ابن أبي دؤاد ... ولم يتأثموا فيه ابنتين
أرادوا نقد عاجلة فباعوا ... رخيصا عاجلا نقدا بدين
بضاعة خاسر بارت عليه ... فباعك بالنواة التمرنين
ولو غلطوا بواحدة لقلنا ... يكون الوهم بين العاقلين
ولكن شفع واحدة بأخرى ... يدل على فساد المنصبين
لحى الله المعاش بفرج انثى ... ولو زوجتها من ذي رعين
ولما أن أفاد طريف مال ... واصبح رافلا في الحلتين
تكنى وانتمى لأبي دؤاد ... وقد كان اسمه ابن الفاعلين
فردوه إلى فرج أبيه ... وزرياب فألأم والدين
وهجاه بغير قصيدة، وقال في الحسن بن وهب، وكان على برد الآفاق (327- ظ)
ألا أبلغا عني الامام رسالة ... رسالة ناه عن جنابيه شاحط
بأن ابن وهب حين يسجح ساجح «1» ... يمر على القرطاس أقلام غالط
أحب بغال البرد حبا مداخلا ... دعاه إلى غشيانها في المرابط
ولولا أمير المؤمنين لأصبحت ... نعول بغال البرد حشو الخرائط «2»
وقال فيه أيضا:
من مبلغ عنى امام الهدى ... قافيه للستر هتاكة
هذا جناح المسلمين الذي ... قد قصه تولية الحاكة
أضحت بغال البرد منظومة ... إلى ابن وهب تحمل النّاكة «3»
وهؤلاء أهل قم يعطونه الكثير من أموالهم ويمنعون الخلفاء منه، فكافأهم بأن قال فيهم:(7/3513)
تلاشى أهل قم فاضمحلوا ... تحل المخزيات بحيث حلوا
وكانوا شيدوا في الفقر مجدا ... فلما جاءت الأموال ملوا «1»
وقال فيهم أيضا:
ظلت بقمّ مطيتي يعتادها ... همّان غربتها وبعد المدلج
ما بين علج قد تعرب فانتمى ... أو بين آخر معرب مستعلج «2»
وقال وهجاهم بغير قصيدة، وقال في الحسن بن رجاء بعدما ولي المال يهجوه:
ما زلت تركب كل شيء قائم ... حتى اجترأت على ركوب المنبر
(330- و)
فلأنظرن الى الجبال وأهلها ... وإلى المنابر باحتقار المنظر
ما زال منبرك الذي خلفته ... بالأمس منك كحائض لم تطهر «3»
وقال فيه أيضا:
يا من يقلب طومارا ويلثمه ... ماذا بقلبك من حب الطوامير
شبهت شيئا بشىء أنت وامقه ... طولا بطول وتدويرا بتدوير
لو كنت تجمع مالا مثل جمعكها ... إذا جمعت بيوتا من دنانير «4»
قال: وهذا علي بن عيسى الأشعري قد دل بعض شعره على انه قد اخذ منه ألوفا وذلك في قوله لعلي بن عيسى:
فلا تفسدن خمسين ألفا وهبتها ... وعشرة أحوال وحق تناسب
وشكرا تهاداه الرجال تهاديا ... إلى كل مصر بين جاء وذاهب
بلا زلة كانت وإن تك زلة ... فان عليك العفو ضربة لازب «5»(7/3514)
فما كان بين هذا القول وبين أن هجاه إلا أياما قلائل حتى قال فيه هذه الأبيات:
كنت من أرفض خلق الله إذ كنت صبيا ... فتواليت أبا بكر وأرجأت الوليّا
وتجنبت عليا ... إذ تسميت عليا «1»
قال: وهذه خزاعه هجاهم وهي قبيلته فقال فيهم:
أخزاع غيركم الكرام فاقصروا ... وضعوا أكفكم على الأفواه
(330- ظ)
الراتقين ولات حسين مراتق ... والفاتقين شرائع الأستاه
فدعوا الفخار فلستم من أهله ... يوم الفخار ففخركم نسياه «2»
قال: وهذا المطلب بن عبد الله الخزاعي قال فيه يمتدحه وكان يعطيه الجزيل فقال:
إن كاثرونا جئنا باسرته ... وواحدونا جئنا بمطلب
أبعد مضر وبعد مطلب ... ترجو الغنى إن ذا من العجب «3»
وقال فيه يهجوه:
شعارك في الحرب يوم الوغى ... بفرسانك الأول الأول
فأنت إذا أقبلوا آخر ... وأنت إذا أدبروا أول
فمنك الرءوس غداة الوغى ... وممن يحاربك المقصل
فذلك دأبكما أو يموت ... من القول بينكما الأعجل «4»
قال وهذا الحسن بن رجاء وابنا هشام ودينار بن عبد الله ويحيى بن أكثم وكانوا ينزلون المخرم ببغداد فقال فيهم يهجوهم كلهم:(7/3515)
ألا فاشتروا مني ملوك المخرم ... أبع حسنا وابني هشام بدرهم
وأعطي رجاء بعد ذاك زيادة ... واغلط بدينار بغير تندم
فان ردّ من عيب علي جميعهم ... فليس برد العيب يحيى بن أكثم «1»
وقال ايضا في يحيى بن اكثم يهجوه:
رفع الكلب فاتضع ... ليس في الكلب مصطنع
(331- و)
بلغ الغاية التي ... دونها كل مرتفع
إنما قصر كل ش ... يء إذا طار أن يقع
قل ليحيى بن أكثم ... إن ما خفت قد وقع
لعن الله نخوة ... كان من بعدها ضرع «2»
قال: وهؤلاء بنو أهبان مكلم الذئب، وهم بنو عمه دنية هجاهم فقال فيهم:
تهتم علينا بأن الذئب كلمكم ... فقد لعمري أبوكم كلم الذئبا
فكيف لو كلم الليث الهصور إذا ... جعلتم الناس مأكولا ومشروبا
هذا السيدىّ لا يسوى أتاوته ... يكلم الفيل تصعيدا وتصويبا
فاذهب إليك فإني لا أرى أبدا ... بباب دارك طلابا ومطلوبا «3»
قال: وهذا الهيثم بن عثمان الغنوي قد دل شعره على أنه قد كان إليه محسنا إذ يقول فيه:
يا هيثما يا بن عثمان الذي افتخرت ... به المكارم والأيام تفتخر
أضحت ربيعة والأحياء من يمن ... تيها بنجدية لا وحدها مضر «4»
وقال فيه يهجوه:(7/3516)
سألت أبي وكان أبي عليما ... بساكنة الجزيرة والسواء
فقلت أهيثم من حي قيس؟ ... فقال: نعم كأحمد من دؤاد
فإن يك هيثم من حي قيس ... فأحمد غير شك من إياد «1»
(331- ظ)
وقال في أخيه رزين بن علي الخزاعي يهجوه:
مهدت له ودي صغيرا ونصرتي ... وقاسمته مالي وبوأته حجري
وقد كان يكفيه من العين كله ... رجاء وبأس يرجعان الى فقر
وفيه عيوب ليس يحصى عدادها ... فأصغرها عيبا يجل عن الفكر
ولو أنني أبديت للناس بعضها ... لأصبح من بصق الأحبة في بحر
فدونك عرضي فاهج حيا وان أمت ... فأقسم إلّا ما خريت على قبري «2»
وقال في امرأته يهجوها
يا ركبتي جزر وساق نعامة ... ونثيل «3» كناس ورأس بعير
يا من أشبهها بحمى نافض ... قطاعة للظهر ذات زئير
صدغاك قد شمطا ونخرك يابس ... والصدر منك كجؤجؤ الطنبور
يا من معانقها يبيت كأنه ... في محبس قمل وفي ساجور «4»
قبلتها فوجدت طعم لثاتها ... فوق اللثام كلسعة الزنبور «5»
وله هجاء قبيح في امرأته عليه. وله في جارتيه غزل يهجوها:
رأيت غزالا وقد أقبلت ... فأبدت لعينيّ عن مبصقة
قصيرة الخلق دحداحة ... تدحرج في المشي كالبندقة
كأن ذراعا على كفها ... إذا حسرت ذنب الملعقة(7/3517)
تخطط حاجبها بالمداد ... وتربط في عجزها مرفقة (332- و)
وأنف على وجهها ملصق ... قصير المناخر كالفستقه
وثديان ثدي كبلوطة ... وآخر كالقربة المفهقه
وصدر نحيف كثير العظام ... يقعقع من فوقه المخنقة
وثغر اذا كشفت خلته ... نحانح فاميه مغلقة «1»
وقال في جارتيه برهان يهجوها:
برهان باردة المطبخ ... وحمامها واسع المسلخ
وانك لو نلتها نيلة ... لأفضيت فيها الى بربخ
ولو كشفت لك عن فعلها ... لأبصرت ميلين في فرسخ «2»
وقال فيها أيضا:
برهان لا تطرب جلاسها ... حتى تريك الصدر مكشوفا
شبهتها لما تغنت لهم ... بنعجة قد مضغت صوفا «3»
ثم قال عبد الله بن طاهر لصيني: فعلى من بقي هذا ويحك باصيني لا أحسبه إلّا كما قلت ثم حثّت علينا الكاسات، وبقيت من حفظه لهذه الاشياء متعجبا.
قال فلقيت دعبلا بعد ذلك فخفت أن أذكر له شيئا فضحكت فقال لي: ويلي عليك قد تحاماني الناس ضرطت الخلفاء وأنا عندك عندك موضع مطنزه وسخرية، قلت: لا ولكني انما ضحكت استبشارا بالنظر اليك، قال: ثم لقيته من بعد فضحكت فقال: ويلك أنت على ذاك الذي عهدت فالتفت الى (332- ظ) غلامه نفنف فقال:
خذ برجله ابن كذا وكذا، قال: قلت: يا أبا علي ان هجرتني وصلتك وان وصلتني وددتك وان جفوتني زرتك ولا سبيل الى اخبارك بهذا الذي أنا فيه، فلم يزل كذلك حينا حتى توفى عبد الله بن طاهر.(7/3518)
قال فلقيت دعبلا يوما بكرخ بغداد فضحكت فقال: ليس لضحكك هذا آخر يا بن الفاعلة، قال: فقلت له امض بنا فقد فرج الله عني وعنك، فذهبت به الى منزلي فطعمنا وأخذنا في الشرب وأخبرته الخبر على جهته، فقال: ويلي على ابن العوراء الفاعلة والله لو أعلمتني قبل وفاته لا علمتك كيف كانت تكون حاله، قال:
قلت: هو والله كان أبصر منك، وأعرف بك اذ أخذ عليّ في أمرك ما أخذ، ثم أخذنا في لهونا وأمسك متعجبا.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي- قراءة علينا من لفظه- قال:
أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي ابن ابراهيم العلوى قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: سمعت ابن قتيبة يقول: «1» أدخلت على المعتصم فقال لي: يا عدو الله أنت الذي تقول في بني العباس انكم في الكتب سبعة وأمر بضرب عنقي، وما كان في المجلس إلّا من كان عدوا لي وأشدهم علي ابن شكلة فقام قائما وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي قلت (333- و) هذا ونميته الى دعبل فقال له: وما أردت بهذا؟ قال: لما تعلم بيني وبينه من العداوة فأردت أن أشيط بدمه، قال: فقال: أطلقوه، فلما كان بعد مدة قال لابن شكلة: سألتك بالله أنت الذي قلته؟ فقال: لا والله يا أمير المؤمنين وما نظرة أنظر أبغض إليّ من دعبل فقال له: فما الذي أردت بهذا؟ قال: علم أن ماله في المجلس عدو أعدى مني فنظر إليّ بعين العداوة ونظرت اليه بعين الرحمة، قال: فجزاه خيرا أو نحو ذلك. «2» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله ابن كادش العكبري قال:
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري(7/3519)
قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: قال دعبل لابراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك الى خراسان فقال له ابراهيم: حبذا أنت صاحبا ومصحوبا، ان كنا على شريطة بشار قال وما شريطة بشار قال قوله:
أخ خير من أحببت أحمل ثقله ... ويحمل عني حين يفدحني ثقلي
أخ إن نبا دهر به كنت دونه ... وإن كان كون كان لي ثقة مثلي
أخ ماله لي لست أرهب بخله ... وما لي له لا يرهب الدهر من بخلى «1»
قال: ذلك لك ومزية فاصطحبا.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا جعفر أحمد بن يعقوب ابن يوسف الأصبهاني قال: أنشدنا أبو طالب الدعبلي قال: أنشدنا (33- ظ) علي بن الجهم وليست له وجعله يعيدها ويستحسنها:
لما رأت شيبا يلوح بمفرقي ... صدت صدود مفارق متجمل
فظلت أطلب وصلها بتذلل ... والشيب يغمزها بألا تفعل
قال أبو طالب: ومن حسن ما قيل في هذا المعنى قول جدي:
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ضلّ من هلكا
لا تأخذي بظلامتي أحدا ... طرفي وقلبي في دمي اشتركا «2»
أخبرنا زيد بن الحسن- كتابة- قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المزرباني قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني من سمع دعبلا يقول: أنشدت أبا نواس شعري:(7/3520)
أين الشباب وأية سلكا ... لا أن يطلب ضل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
فقال: أحسنت ملء فيك وأسماعنا قال: وكان والله فصيحا.
كتب الينا أحمد بن الأزهر بن عبد الوهاب السباك من بغداد قال: أجاز لي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران- اجازة قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة (334- و) قال: حكي لي عن عمرو بن مسعدة قال: كنت عند أمير المؤمنين فدخل عليه أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي فقال له المأمون: فهل استحسنت من شعر أخي خزاعة شيئا؟ قال: يا أمير المؤمنين أي أخو خزاعة المحسنون كثير فأيهم هو من المحسنين؟ قال: ومن عندك محسنوهم سمهم لي حتى أنبئك به منهم، قال: يا أمير المؤمنين طاهر بن الحسين، عبد الله بن طاهر، دعبل بن علي، ومحمد بن عبد الله بن زريق خال دعبل- يعني- أبا الشيص، قال: دعبل بن علي، قال: قابل يا أمير المؤمنين احسانا بإساءة وبخل من منعه وجوّد من أعطاه فعدل بالصحيح المعوج وبالضيق المنفرج، قال: حيث يقول ماذا؟ قال: حيث يقول في المطلب بن عبد الله بن مالك، وقد وفد اليه الى مصر ومدحه على أنه من رهطة وقومه فألصق ذمّه بإحسان طلحة الطلحات من قومه، فقوّم ذلك فاعتدل الحمل ولم يجعل بينهما علاوة وهو قوله:
اضرب ندى طلحة الطلحات مبتديا ... ببخل مطّلب فينا وكن حكما
تسلم خزاعة من لؤم ومن كرم ... فلا نعدّ لها لؤما ولا كرما «1»
فقال المأمون: لله دره ما أغوصه وأنصفه وأوصله ثم قال المأمون لعبد الله بن طاهر: ما تحفظ لدعبل؟ قال: يا أمير المؤمنين أبياته في أهل بيت أمير المؤمنين، قال:
هاتها فأنشده:
سقيا ورعيا لأيام الصبابات ... أيام أرفل في أثواب لذاتي (334- ظ)
أيام غصني رطيب من لدونته ... أصبو إلى غير كناتي وجاراتي(7/3521)
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه ... وأقذف برجلك عن متن الجهالات
واقصد بكل مديح أنت قائله ... نحو الهداة بني بيت الكرامات «1»
فقال المأمون: انه وجد والله مقالا، فقال: ونال من بعيد ذكرهم ما من غيرهم لا ينال، قال: ثم أنشد له المأمون في بعض غنيّاته:
وقائلة لما استمرت بي النوى ... ومحجرها فيه دم ودموع
ترى بعد هذا اللذين تحملوا ... إلى بلد فيه الشجيّ رجوع
فقلت: ولم أملك سوابق عبرة ... نطقن بما ضمت لهن ضلوع
«2» قال فكم دار تفرق شملها ... وشمل شتيت عاد وهو جميع
كذاك الليالي صفوهن كما ترى ... لكل أناس جذبة وربيع «3»
يا قاسم ما عرضت على سفر إلّا هيأت هذه الأبيات مخاطبة لي، ونصبا بين عيني ومحدثة لي في أوبتي ومسلية عن فرقتي، ان الفهيم اذا فهم المعنى استحسن وان المستغلق اذا لم يفهمه استبرمه.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا المبارك بن علي الشمري- بقراءتي عليه- قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار- إملاء بجامع المنصور- قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ قال: حدثنا (335- و) أبو طاهر بن أبي هاشم قال: حدثنا اسماعيل بن يونس قال: حدثنا أبي يونس بن ياسين قال: سمعت المعتصم يقول لابن أبي دؤاد: مالي أراك منحرفا عن دعبل، هو ابن علي الخزاعي الشاعر، اني ليعجبني من شعره أشياء حسنة من ذلك قوله:
إنّ القليل الذي يأتيك في دعة ... هو الكثير فاعف النفس من تعب(7/3522)
لا قسم أوفر من قسم تنال به ... وقاية الدين والاعراض والحسب «1»
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال:
أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الطبري قال: حدثني محمد ابن يحيى الحنفي قال: حدثني أبو كعب الخزاعي قال: وفد دعبل بن علي الخزاعي الى عبد الله بن طاهر فلما وصل اليه قام تلقاء وجهه ثم أنشأ يقول:
أتيت مستشفعا بلا سبب ... إليك إلّا بحرمه الأدب
فاقض ذمامي فانني رجل ... غير ملح عليك في الطلب «2»
فانتعل عبد الله ودخل ووجه إليه برقعة معها ستون ألف درهم، وفي الرقعة بيتان فكانا:
أعجلتنا فأتاك أول برنا ... قلّا ولو أخرته لم يقلل-
فخذ القليل وكن كمن لم يقبل ... ونكون نحن كأننا لم نفعل
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال:
أخبرنا (335- ظ) أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي الجريري قال:
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني عون بن محمد قال: لما هجا دعبل المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال:
اضرب ندى طلحة الطلحات متئدا ... ببخل مطلب فينا وكن حكما
تخرج خزاعة من لوم ومنه كرم ... فلا تعدلها لؤما: لا كرما «3»
ويروى «تسلم خزاعة» ، فدعاه بعد ذلك المطلب، فلما دخل عليه قال: والله لأقتلتك لهجاك لي، فقال له: فاشبعني اذا ولا تقتلني جائعا فقال: قبحك الله هذا أهجى من الأول، فوصله فحلف أنه يمدحه ما عاش فقال فيه:(7/3523)
سألت الندى لا عدمت الندى ... وقد كان منا زمانا عزب
فقلت له طال عهد اللق ... اء فهل غبت بالله أم لم تغب
فقال بلى لم أزل غائبا ... ولكن قدمت مع المطلب «1»
قال القاضي أبو الفرح: وفي هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته، وأنبأ عن ذكاء المطلب ودقة فطنته، وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم، فقال له أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشا، فأمر باحضار ماء يسقونهم فأحضر (336- و) فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك فقال: أولى لك وأمر بتخليتهم.
قال: وأخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون قال: أنشدني دعبل لنفسه يرثي المطلب:
مات الثلاثة لما مات مطلب ... مات الحياة ومات الرعب والرهب
لله أربعة قد ضمها كفن ... أضحى يعزى بها الاسلام والعرب
يا يوم مطلب أصبحت أعيننا ... معا يدوم لها ما دامت الحقب
هذي خدود بني قحطان قد لصقت ... بالترب منذ استوى من فوقك الترب «2»
قال القاضي: قول دعبل في شعره الأول في الخبر المتقدم «اضرب ندى طلحة الطلحات» أسكن اللام في قوله الطلحات للضرورة وحقه التحريك، والعرب تقول طلحة الطلحات وحمزة وحمزات، وتمرة وتمرات وجمرة وجمرات، ومثله ومثله الركعات والسجدات، بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب، ما لم تكن العين واوا، أو ياء، أو ألفا وقد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال:
على صروف الدهر أو دلالتها ... تديلنا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها «3»(7/3524)
أنبأنا أبو حفص بن محمد بن المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:
أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد قال:
أخبرنا محمد بن العباس (336- ظ) قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: أهدى بعض العمال الى دعبل بن علي برذونا فوجده زمنا فرده وكتب إليه:
وأهديته زمنا فانيا ... فلا للركوب ولا للثمن
حملت على زمن شاعرا ... فسوف تكافأ بشعر زمن
وقال محمد بن خلف: أخبرني عبد الرحمن بن حبيب قال: قدم صديق لدعبل من الحج فوعده أن يهدي له «1» فأبطأ عليه فكتب إليه:
وعدت النعل ثم صدفت عنها ... كأنك تبتغي شتما وقذفا
فإن لم تهد لي نعلا فكنها ... إذا أعجمت بعد النون حرفا «2»
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي- في كتابه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن السري قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا أبو هفان قال: أنشدنا دعبل لنفسه:
وداعك مثل وداع الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الديم
عليك السلام فكم من وفاء ... أفارق منك وكم من كرم «3»
فقلت له: قد أحسنت غير أنك سرقت البيت الأول من الربعيين النصف الأول من القطامي (337- و) .
ما للكواعب ودعن الحياة بأن ... ودعنني واتخذن الشيب ميعادي
والنصف الثاني من ابن بجرة حيث يقول:(7/3525)
عليك سلام الله وقفا فإنني ... أرى الموت وقاعا بكل شريف
فقال لي: بل الطائي والله سرق هذا البيت بأسره من ابن بجرة في قصيدته التي تعرف بالمسروقة رثى بها محمد بن حميد الطوسي وأولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
إلى قوله:
عليك سلام الله وقفا فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر «1»
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي قال: أخبرنا علي ابن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين العكبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني قال:
أخبرني محمد بن يزيد قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثني أبي قال: بينا أنا جالس على باب دار كنت أنزلها في الكرخ إذ مرت بي غصن جارية ابن الأحدب وكانت شاعرة مغنية بلغني خبرها ولم أكن شاهدتها، فرأيت وجها جميلا، وقدا حسنا وقواما وشكلا، وهي تخطر في مشيتها وتنظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط ... ونوم عيني به انقباض
(337- ظ) فقالت بسرعة:
ذاك قليل لمن دهته ... بحسنها الأعين المراض
فقلت:
فهل لمولاتي عطف قلب ... أم للذي في الحشاء انقراض
فقالت:(7/3526)
إن كنت تهوى الوداد منا ... فالود في ديننا قراض
فما دخل أذني كلام أحلى من كلامها ولا رأت عيني أنضر وجها منها فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أترى الزمان يسرنا بتلاق ... ويضم مشتاقا الى مشتاق
فقالت:
ما للزمان يقال فيه وإنما ... أنت الزمان فسرّنا بتلاق «1»
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الأنباري قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، ح.
قال أبو الحجاج وأخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش قال:
أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان- إجازة، وقد سمعته منه وضاع أصل السماع- قال: (338- و) وأنشد لدعبل بن علي الخزاعي:
عدو راح في ثوب الصديق ... شريك في الصبوح وفي الغبوق
له وجهان ظاهره ابن عم ... وباطنه ابن زانية عتيق
يسرك مقبلا ويسؤك غيبا ... كذاك يكون أبناء الطريق «2»
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن الحسن الشافعي قال: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري قال: كان أبو عمرو علي بن القاسم الخوافي مدح أبا عمرو أحمد بن نصر، وتردد اليه بعد أن مدحه ولم يخرج الجواب كما أحبه فكتب اليه رقعة يقول فيها قال: علي بن الجهم في مثل ما نحن فيه:(7/3527)
يا من يوقع لا في قصتي أبدا ... ماذا يضرك لو وقعت لي نعما
وقّع نعم ثم تنوي الوفاء بها ... إن كنت من قوله باللفظ محتشما
أولا فوقع عسى كيما تعللني ... فإن قولك لا يبكي العيون دما «1»
قال: وكتب في رقعة ومن أحسن ما يذكر لعبد الله بن طاهر:
افعل الخير ما استطعت وإن ... كان قليلا فلست مدرك كله
ومتى تفعل الكثير من الخير ... وإذا كنت تاركا لأقلّه
قال: وكتب في رقعة أن دعبل بن علي كتب في رقعة الى عبد الله بن طاهر:
ماذا أقول إذا انصرفت وقيل لي ... ماذا أخذت من الجواد المفضل
(338- ظ)
إن قلت أعطاني كذبت وان أقل ... ضن الجوّاد بماله لم يجمل
فاحتل لنفسك كيف شئت فإنني ... لا بدّ أخبرهم وإن لم أسأل «2»
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال أبو سعيد بن يونس:
دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، من أهل قرقيسيا قدم مصر هاربا من المعتصم لهجو هجاه به، وخرج منها الى المغرب الى الأغلب، وكان يجالس بمصر جماعة من أهل الأدب، منهم محمد بن يحيى بن أبي المغيرة يحكي عنه حكايات وانشادات «3» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا الحافظ قال: دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن نهشل، وقيل بهنس بن خراش ابن خالد بن عبد بن خزعل بن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن(7/3528)
حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، شاعر محسن، واسمه محمد وكنيته أبو جعفر، ودعبل لقب وهو البعير المسن.
ثم قال في موضع آخر: وأما دعبل- أوله دال مهملة، ثم عين ساكنة وياء معجمة بواحدة مكسورة- فهو دعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور، روى عن مالك ابن أنس وغيره روى عنه (339- و) أخوه علي بن علي، وله كتاب في الشعراء تقدم نسبه في حرف الباء «1» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أجاز لي روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، أبو علي الخزاعي الشاعر أصله من الكوفة، ويقال من قرقيسيا، وكان يتنقل في البلاد، وأقام ببغداد مدة ثم خرج منها هاربا من المعتصم لما هجاه وعاد اليها بعد ذلك، وكان خبيث اللسان قبيح الهجاء، وقد روي عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره، وكلها باطلة تراها من وضع ابن أخيه اسماعيل بن علي الدعبلي فإنها لا تعرف إلّا من جهته، وقد روى عنه قصيدته التي أولها (مدارس آيات) وغيرها من شعره أحمد بن القاسم أخو أبي الليث الفرائضي، وزعم أحمد بن القاسم أن دعبلا لقب، واسمه الحسن وقال ابن أخيه: اسمه عبد الرحمن، وقال غيرهما اسمه محمد وكنيته أبو جعفر والله أعلم «2» .
قلت: هكذا قال الخطيب فإنها لا تعرف إلّا من جهته، وقد ذكرنا في أول الترجمة حديثا رواه عنه ديك الجن عبد السلام بن رعبان، وليس من جهة ابن أخيه.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، ويقال دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز (339- ظ) بن جواش بن خلف بن عبد بن خزعل بن أنس بن مالك(7/3529)
ابن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن الياس بن معن ويقال ابن تميم بن نهشل بن خراش بن خالد بن خزعل بن أنس ابن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقياء، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، له شعر رائق، وديوان مجموع، وصنف كتابا في طبقات الشعراء، يقال إن أصله من الكوفة، ويقال من قرقيسياء، وكان أكثر مقامه ببغداد، وسافر الى غيرها من البلاد، قدم دمشق ومدح بها نوح بن عمرو ابن حوي السكسكي بعدة قصائد، وذكر في بعضها قصده إليه ورحلته نحوه، وخرج منها الى مصر ومدح بها، ويقال إن اسمه محمد وكنيته أبو جعفر، ودعبل لقب، ويقال الدعبل البعير المسنة ويقال الشيء القديم.
حدث عن المأمون، ومالك بن أنس، ويقال إنه حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وسالم بن نوح الطائي، وخزيمة ابن خازم الأزدي، والحكم بن عبد الملك البصري، ومحمد بن عمر الواقدي، وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، وعبيد الله بن كلثوم الخزاعي البصري، وأبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو المقرئ، وشريك بن عبد الله النخعي.
روى عنه أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن موسى بن حماد البربري وأخوه علي بن علي بن رزين.
قال الحافظ: وبلغني أن سبب وفاته أن هجا مالك بن طوق التغلبي فبعث اليه رجلا ضمن له (340- و) عشرة آلاف درهم وأعطاه سما، فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السوس «1» ، فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعكاز لها زج مسموم فمات من غد، ودفن في تلك القرية، وقيل بل حمل الى السوس فدفن بها. «2»
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن(7/3530)
عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:
أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال: حدثنا عمر بن أحمد بن يوسف الوكيل قال: حدثني محمد بن القاسم المعروف بابن أخي السوس قال: قال أبو القاسم اسماعيل بن علي الخزاعي: ولد دعبل سنة ثمان وأربعين ومائة ومات سنة ست وأربعين ومائتين بالطيب فعاش سبعا وتسعين سنة وشهورا من سنة ثمان، ويكنى بأبي علي واسمه عبد الرحمن بن علي وإنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلا فأقلبت الذال دالا «1» .
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب التنوخي المعري، مما نقله من خط جد أبيه علي بن المهذب، ومن غيره قال فيه:
سنة عشرين ومائتين فيها قتل المعتصم دعبل بن علي الخزاعي لهجائه له، وكان قد استجار بقبر الرشيد بطوس فلم يجره، هكذا ذكر والصحيح ما نقل عن ابن أخيه اسماعيل بن علي. (340- ظ) .
- دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن:
أبو محمد السجستاني، دخل الشام، ومر بالثغور الشامية، ووقف بطرسوس دارا على المجاهدين في سبيل الله تعالى، ووقف عليها وقفا، وكان كثير المعروف والصدقات من ألي اليسار والمال الكثير، موصوفا بالعدالة والأمانة.
روى عن محمد بن اسحاق بن راهويه، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وآباء بكر ابن خزيمة، وابن أبي دواود «2» ، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء والحسن بن سفيان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأبي القاسم البغوي، والعباس بن الفضل الاسفاطي، وأحمد بن علي الآبار، ومحمد ابن غالب التمتام وجعفر بن محمد بن الحسن الترك، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وأحمد بن خالد الدامغاني، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأحمد بن محمد بن مهدي الهروي، وأحمد بن ابراهيم بن ملحان، وموسى بن هارون الجمال وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، وعبد الله بن أحمد بن الحسن الحراني،(7/3531)
وأبي مسلم الكجي، وبشر بن موسى ومحمد بن سليمان الباغندي وابنه محمد بن محمد، وأبي المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ العنزي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعبد العزيز بن معاوية ومحمد بن ابراهيم البوشنجي، وهشام بن علي السدوسي ومحمد بن عمرو الجرشي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، ومحمد بن النضر الجارودي، ومحمد بن أيوب الرازي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعلي بن محمد ابن عيسى الهروي، وابراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن شاذان الجوهري، وعلي بن الحسن بن بيان الباولاني، وعبد الله بن موسى الاصطخري (341- و) واسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن رخ البزاز، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي وجماعة غيرهم.
روى عنه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني، وأبو عمر بن حيويه الخزاز، وأبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي، وأحمد ابن علي البادا، وأبو علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله بن المحاملي، وأبو الحسين ابن الفضل القطان، وأبو الحسن بن زرقويه، وأبو الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي، وأبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب، وعلي وعبد الملك ابنا بشران، وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد الحيري، وعلي بن أحمد الرزاز، ومحمد بن أحمد بن رزق البزاز، وعلي بن عبد الملك بن بشران، وغيلان بن محمد السمسار وغيرهم.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري- قراءة عليه- قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع قال: حدثنا دعلج بن محمد بن دعلج أبو محمد السجستاني- بمكة في المسجد الحرام- قال: حدثنا أبو علي محمد بن عمرو بن النضر قشمرد النيسابوري قال: حدثنا حفص- يعني- ابن عبد الله قال: أنه سمع رجلا من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة الى الحج، فقال عبد الله فهي الحلال، فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنها، فقال عبد الله: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتبع أمر أبي أم أمر رسول(7/3532)
الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم (341- ظ) .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إليّ أبو نصر بن القشيري، أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: صنف لدعلج المسند الكبير، فكان إذا شك في حديث ضرب عليه ولم أر في مشايخنا أثبت منه.
قال: وسمعت عمر بن بن جعفر البصري يقول: ما رأت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصح كتبا ولا أحسن سماعا من دعلج بن أحمد. «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقزي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد الزينبي- قراءة عليه وأنا اسمع- وأبو القاسم اسماعيل بن السمرقندي، وابن المجلى وغيرهما- إجازة ان لم يكن سماعا منهم أو من أحدهم- قالوا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال:
أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: سئل أبو الحسن الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال: كان ثقة مأمونا، وذكر له قصة في أمانته وفضله ونبله.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو المظفر بن القشيري في كتابه عن محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: وسألته يعني الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال: الثقة المأمون ملازما لأصوله وكتبه.
أنبأنا سليمان بن الفضل البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال قرأت على أبي محمد السلمي، وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي قال: كتب إليّ أبو ذر عبد بن أحمد وحدثني عبد الغفار (342- و) بن عبد الواحد عنه قال: سمعت علي بن عمر، وذكر حكاية عن دعلج ثم قال: كان أبو محمد قليل الهزو سمعت أن معز «2» الدولة استرجع من غلامه جاشتكين، وأشهد عليه العدول وهو من وراء الستر فشهدوا، فلما شهد الناس قالوا لدعلج: اشهد: قال: أين المشهود عليه، لعله مقيد لعله مكره أبرزوه لي(7/3533)
حتى أراه وأشهد عليه، وكان خلف الستر، فقال معز الدولة: ما كان فيهم مسلم غيره.
قال أبو: ذر وسمعت أن أول ما أخذه معز الدولة من المواريث مال دعلج، خلف ثلاثمائة ألف مثقال ذهب فقال معز الدولة: دغرا «1» ما أريده فقالوا: إنه كثير فأخذه «2» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال: حدثني أبو القاسم الأزهري عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيّويه قال: أدخلني دعلج الى داره وأراني بدرا من المال معبأة في منزله، وقال لي: يا أبا عمر خذ من هذه ما شئته فشكرت له وقلت: أنا في كفاية وغناء عنها ولا حاجة لي فيها.
قال الخطيب: وحدثني أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري قال:
حدثني أبو الحسين أحمد بن الحسين الواعظ قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فضاقت يده وامتدت إليها، فأنفقها، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه وتسليم ماله إليه، وتقدم الى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى الغلام. قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إليّ بذلك ضاقت عليّ الارض بما (342- ظ) رحبت وتحيرت في أمري، لا أعلم من أي وجه أغرم المال، فبكرت من داري وقصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه، فانتهت بي البغلة الى درب السلولي، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد فثنيت رجلي ودخلت المسجد، وصليت خلفه صلاة الفجر، فلما سلم انفتل إليّ ورحب بي وقام وقمت معه، ودخل إلى داره، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة، فقال: يأكل الشريف، فأكلت وأنا لا أحصل أمري، فلما رأى تقصيري قال: أراك منقبضا فما الخبر؟ فقصصت عليه القصة وأنني أنفقت المال، فقال:
كل فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلوا فأكلنا، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب، فإذا خزانة مملوءة زبلا «3» مجلدة، فأخرج إلي بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير منه، واستدعى الغلام والتخت(7/3534)
والطيار فوزن عشرة آلاف دينار وبدّرها، وقال: يأخذ الشريف هذه، فقلت: يثبتها الشيخ عليّ، فقال: أفعل وقمت وقد كاد عقلي يطير فرحا، فركبت بغلتي وتركت الكيس على القربوس وغطيته بطيلساني وعدت الى داري وانحدرت الى دار السلطان بقلب قوي، وجنان ثابت فقلت: ما أظن إلا أنه قد استشعر في أني قد أكلت مال اليتيم واستبددت به، والمال فقد أخرجته، فأحضر قاضي القضاة والشهود والنقباء وولاة العهود، وأحضر الغلام ففك حجره، وسلم المال إليه، وعظم الشكر لي والثناء (343- و) عليّ، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخليفة، وكان عظيم الحال فقال: رغبت في معاملتك وتضمينك أملاكي ببادورا ونهر الملك، فضمنت ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال، وجاءت السنة ووفيته وحصل في يدي من الربح ماله قدر كثير، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين، فلما مضت حسبت حسابي وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه وصليت معه الغداة، فلما انفتل من صلاته ورآني نهض معي إلى داره وقدم المائدة والهريسة، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب، فلما قضى الأكل قال: خبرك وحالك، فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته، معي ثلاثين ألف دينار وهذه منها عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان الله، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت أخذ عوضها، حلّ بها الصبيان، فقلت له: أيها الشيخ ايش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار، فقال: نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث وكنت أتبزّز فوافاني رجل من تجار البحر، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت:
نعم، فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك للتجارة لتتجر به، فما سهل الله من فائدة كانت بيننا، وما كان من جائحه كانت في أصل مالي، وسلم إلي بار ثامجات «1» بألف ألف درهم وقال لي: ابسط يدك، ولا تعلم موضعا ينفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه واستنبت فيه الكفاة، ولم يزل يتردد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا والبضاعة (343- ظ) تنمى، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا فيها قال لي: أنا كثير الاسفار في البحر فإن قضى الله علي بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على أن تصدق منه، وتبني المساجد وتفعل الخير، فأنا أفعل مثل هذا وقد ثمرّ(7/3535)
الله المال في يدي فأسألك ان تطوي هذا الحديث أيام حياتي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: وحدثني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله الحداد، وكان من أهل الدين والقرآن والصلاح عن شيخ سماه فذهب عني حفظ اسمه قال: حضرت يوم الجمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار ظاهر الخشوع دائم الصلاة، لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد الى قرب قيام الصلاة، قال: ثم جلس قال:
فعلتني هيبته ودخل قلبي محبته، ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس الجمعة فكبر ذلك علي من أمره وتعجبت من حاله وغاظني فعله، فلما قضت الصلاة تقدمت اليه وقلت له: أيها الرجل ما رأيت أعجب من أمرك أطلت النافلة وأحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها؟ فقال: يا هذا إن لي عذرا وبي علة منعتني من الصلاة، قلت:
وما هي؟ قال: أنا رجل عليّ دين اختفيت في منزلي مدة بسببه، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له علي الدين، ورآني فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري فأسألك إلّا سترت علي وكتمت أمري، قال:
ومن الذي (344- و) له عليك الدين؟ قال: دعلج بن أحمد قال: وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه، فسمع هذا القول فمضى في الوقت الى دعلج فذكر له القصة: فقال له دعلج: امض الى الرجل واحمله الى الحمام واطرح عليه خلعة من ثيابي وأجلسه في منزلي حتى انصرف من الجامع ففعل الرجل ذلك، فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام فأحضر وأكل هو والرجل ثم أخرج حسابه فنظر فيه وإذا له عليه خمسة آلاف درهم، فقال: له انظر لا يكون عليك في الحساب غلط أو نسي لك نقدة؟ فقال الرجل: لا فضرب دعلج على حسابه وكتب عنه علامة الوفاء، ثم أحضر الميزان ووزن خمسة آلاف درهم، وقال له: أما الحساب الأول فقد حللناك فيما بيننا وبينك فيه واسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف درهم وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في مسجد الجامع أو كما قال (344- ظ) «1» .(7/3536)
[الجزء الثامن]
[حرف الراى]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
راجح بن اسماعيل الحلبي: «1»
سمعت راجح بن اسماعيل الحلبي ينشد الملك الظاهر قصيدة يرثي بها الأمير أبا الحسن علي بن الامام الناصر لدين الله أمير المؤمنين، وقد ورد الخبر الى حلب بوفاته، وجلس السلطان الملك الظاهر للعزاء فأنشدهم:
أكذا يهد الدهر أطواد الهدى ... ويرد بالنكبات شاردة الردى
أكذا تغيب النيرات وينطفي ... ما كان من أنوارها متوقدا
يا للرجال لنكبة نبوية طوت ... العلى قلبا عليها مكمدا
ولحظة شنعاء لاحظها الهدى ... دامي الجفون فغض جفنا أرمدا
لو كنت بالشهباء يوم تواترت ... أنباؤها لرأيت يوما أسودا
يوم تزاحمت الملائكة العلى ... فيه فعزت عن علي أحمدا
قصدت أمير المؤمنين رزية ... عادات وقع سهامها أن تقصدا
هي ضعضعت شم الجبال وأخضعت ... من لم يكن لمذلة متعودا
شنت على حرم الخلافة غارة ... شعواء غادرت الفخار مطردا
فسقت أبا حسن ثراك صنائع ... لك ليس تبرح غاديات عودا
يا طود زلت فزلزلت أرض ... ... أن تتمهدا «2»
يا ليث من يغني غناءك والظبى ... تبكي دما يا غيث من يروي الصدا(8/3539)
يا وحشة المحراب منك اذا دجى ... غسق الظلام ولم يجد متعبدا (2- و)
هذا كتاب الله لم غادرته ... من بعد احكام الذي فيه سدى
أسفي لمنتجع وعاف معيل ... عدما سحابا منك يمطر عسجدا
تا لله ما ظفر الحمام بمثلها ... يوما ولم يمدد إلى أحد يدا
يا دهر لست وإن عرفت بعده ... في البغي أول من طغى وتمردا
أحيا بنيك وما عداك تعطف ... منه ففيم عليه صرفك قد عدا
تعسا لجدك إذ كففت أنا ملا ... يا طالما وكفت «1» ندا وكفت ردا
قال فيها:
ما للامامة أصبحت مفجوعة ... بأعزها حسبا وأزكى محتدا
ورث الخلائف علم يوم مصابه ... فلأجله اتخذوا الشعار الأسودا
منها:
يا خابط البيداء يحمي يومه ... أرق فيرمي بالمطيّ الفدفدا «2»
لاتحدونّ اليعملات «3» وخلها ... تسري سيغنيها الزفير عن الحدا
ميعاد طرفك بالبكاء متى بدا ... علم الحجاز ولاح معتليا كدا «4»
فهناك صح يا آل هاشم دعوة ... تذكي عليلا وتبكيّ جلدا
واقرأ السلام على المشاعر والصفا ... واحبس هنالك النعي مرددا
واكتم عن الوفد الحلول مصابه ... فالقوم صرعى السير من بعد المدا
وصل السّرى حتى تحل بيثرب ... ليلا فعزّ به النبي محمدا
(2- ظ)
وقل ابن عمك يومه أدناه من ... أجل فكن جار الجنان له غدا
واعدل إلى العباس عم المصطفى ... إن أنت عاينت البقيبع الغرقدا
وصف المصاب وقل فجعت بدوحة ... نبوية كادت تطول الفرقدا(8/3540)
وتركت بالزوراء «1» أهل قيامة ... كان النعيم عليهم قد خلدا
صلى الإله على قبور أئمة ... ملئت مع الحلم الشجاعة والندا
صبرا أمير المؤمنين فلم تزل ... في كل حادثة بصبرك يقتدى
إن السماء تكاد عند مصابكم ... تهوي وعقد الشهب أن يتبددا
وامنح غياث الدين صبرا منك لو ... أرشدته يوما إليه لاهتدى
فهو الضعيف إذا تلم ملمة ... بكم وما زال القويّ تجلدا
واسلم فلا سعت الليالي بعدها ... أبدا إليك بما يسر به العدا
أنشدني الأمير شرف الدين راجح بن اسماعيل بن أبي القاسم الحلي لنفسه بحرّان في الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب، وذكر لي أنه كان مرض مرضة عظيمة، وكان هو أيضا مريضا، فلما أبل الملك الأشرف من مرضه عوفي الحلي أيضا فأنشده مهنئا:
هاجت فنون الهوى ورقاء في فنن ... ناهيك من شجر أمرن بالشجن
ناحت وأفياؤها خضر مراتعها ... وإلفها عن فروع البان لم يبن
شدت فأصغيت ملتذا بنغمتها ... جهلا فماذا لقلبي هجتم يا أذني
(3- و)
وقفت ما بين ملتّف الأراك وبي ... من سجعها أنّة النائي عن الوطن
أبكى وتبكي فلولا أن علا نفسي ... فاستيقظ الركب لم يدر الجوى بمن
فبعدها لا أرى بالجزع ذا جزع ... على الديار ولا بالحزن ذا حزن
وأنت يا حامل الخطىّ معترضا ... لقتل عشاقه خفف عن البدن
صل بالقوام ودع ما أنت حامله ... فأين من لدنه فعل القنا اللدن
يا من ثنته شمول من شمائله ... فاهتز مثل اهتزاز الذابل اليزني
في فترة الطرف أرسلت العذار فما ... هذا التثني الذي يدعو إلى الوثن
علمت إذ قمت للعشاق منتصبا ... أن سوف تظهر فيهم دولة الفتن
سل خدك الأحمر القاني أيشعر ما ... شعاره فهو خوف الثأر في جنن(8/3541)
من صرف الخمر في عنقود عارضه ... واطلع البدر تحت الليل في غصمن؟؟؟
واستبق أسراك من أهل الغرام فقد ... طاحت نفوسهم نهبا بلا ثمن
وهات قل لي أزيد الخيل في دمهم ... أفتاك بالفتك أم سيف بن ذي يزن
فمل إلى السّلم فالأيام خالية ... بصفو ملك بني أيوب من إحن
واشرب على برء موسى من ... مشعشعة مشمولة عتقت في الدن من زمن
واطرب على الدولة الغراء مقبلة ... تجر ثوب التهاني معلم الردن
حسب الهدى برء فياض الندى كلف ... بالمكرمات نقي العرض من درن
لاحت بوارق بشراه فأطربني ... ما خلفها من عموم العارض الهتن
(3- ظ)
بشرى عرفت شذاها الشاذوي «1» وقد ... خفيت عن عين عوّادي فلم ترني
جاءت وروحي قد راحت تقسمها ... أيدي الردى فأعادتها إلى بدني
منها
ما بعدكم يا بني أيوب منتجع ... لطالب الرزق يستعدى على الزمن
وكلتم بالرعايا عين عدلكم فما ... درت بعدكم مالذة الوسن
تلاعب بصروف الدهر سطوتكم ... تلاعب الريح في الآذي «2» بالسفن
فالملك بالشرق ممتد الرواق إلى ... فسطاط مصر فأقصى الهند فاليمن
وقل لمفتخر بالباس من مضر ... وبالسماحة من قيس ومن يمن
دعوا العلى أوفعدوا مثل سؤددهم ... هذي المناقب لاقعبان من لبن
ما كل رونق وجه تحته كرم ... هيهات قد ينبت المرعى على الدمن
ما يستوي العود مشتدا عريكته ... وابن اللبون إذا مالذ في قرن
يا من يطوف به وفد العفاة كما ... طاف الحجيج ببيت الله والركن
أجرتني حين جار الدهر معتمدا ... جبري فكم منح عوضت من محن
وجدت لي بالذي صرت الغني به ... وكنت أجوج من ميت إلى كفن(8/3542)
أنشدني راجح بن اسماعيل الحلي لنفسه بحرّان يمدح الملك العظم عيسى ابن الملك العادل، وأنشده إياها بحضرة أخيه الملك الأشرف موسى، وكان قد جرت بينهما وحشة أو جبت أن الملك المعظم أغرى خوارزم شاه جلال الدين «1» (4- و) ببلاد أخلاط، وهي بلاد أخيه الملك الأشرف وأوجب ذلك أن سار الملك الأشرف من الجزيرة إلى دمشق واجتمع بأخيه طمعا في أن تزول الوحشة بينهما، فاتفق أن ورد الخبر إلى دمشق بنزول خوازم شاه على أخلاط محاصرا لها، فأنشده هذه القصيدة يعرض فيها بتقريعه على ما فعل، ويحذره عاقبة الخلاف وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائه:
ملكت كما شاء الهوى فتحكمّ ... وإلّا ففيم الهجر لي وإلي كم
أخذت توريّ عن دمي أوما ... ترى بخديك من أثاره لون عندم «2»
ولو جحدت عيناك قتلي وأنكرت ... أقر به خط العزار المتمم
أيحسن أن تمشي من الحسن مثريا ... وتمنع من ماعونه فقر معدم
وفوق يواقيت الشفاه زبرجد ... نقشت به أفراد در منظم
فما لي إذا حاولت منك التفاتة ... احلت على تمويه طيف مسلم
وهبني أرضى بالخيال وزوره ... فمن لي إذ تجفو بجفن مهوم
وبي حرق بين الجوانح كلما ... خلت منك عيدان الأراك بميسم
تحدّث عن برد الثنايا نسيمها ... فيا طيب ما أداه عن ذلك الفم
فظلت نشاوي مورقات غصونها ... تثنى وباتت ورقها في ترنم
لي الله من غصن وريق ومبسم ... وريق حماه اللحظ عن ورد حوم
فيا شغلي بالفارغ القلب والحشا ... أطلت شقائي بالغزال المنعم
(4- ظ)
وعيس رحلناها قسيا فأرقلت ... الى غرض الآمال منا بأسهم
تظل الثنايا مدميات نحورها ... فتقتص أيديهن من أنف مخرم(8/3543)
وزنجي ليل بات رومي ثلجه ... أغرّيريني منه تحجيل أدهم
تدرعته لما دجا وضريبه ... إذا ضربته الريح لم أتلثم
وفي شعب الأكوار أبناء مطلب ... شعارهم توشيع شعر منمنم
هداهم غلام من خزيمة عالم ... ملئ بأعمال المطيّ المخزّم
جنبنا المذاكي وامتطينا الى العلى ... نجائب من نسل الجديل وشدقم
فكم من هلال فوق بدر تريكه ... إذا هي ألقت حافرا فوق منسم
تيممن أرض الغوطتين فلم تمل ... بنا العيس عن أبواب عيسى المعظم
الى شرف الدين انبرت في برنيها ... حراجيج «1» قد أدمين كل مخدّم
الى ملك من دوحة شاذويه ... تفيء على ورد من الجود مفعم
الى طود حلم ثابت الهضب شامخ ... الى بحر علم زاخر اللج خضرم
الى من كأن اللائذين بظله ... من الأمن ما بين الحطيم وزمزم
الى مخبت «2» يغضي حياء ودمعه ... يصيخ فيرضى دعوة المتظلم
الى كعبة تدعو بحي على الهدى ... وتلبس أثواب الندى كل محرم
تريه وجوه الغيب مرآة فكره ... فتؤمنه من كل ظن مرجّم
ويغشى غمار الموت في كل معرك ... يراع له قلب الخميس العرمرم
(هـ- و)
ويطربه خلع النفوس على القنا ... إذا رنحت أعطافها حمرة الدم
له نشوة في الجود ليست لحاتم ... وشنشنة في المجد ليست لأخزم «3»
فيا من له يوم النوال أنامل ... إليها الغيوث المستهلة تنتمي
سحبن الندى في كل قطر كأنما ... أغرن على نؤي سماك ومرزم «4»(8/3544)
أعيذ علاكم أن يباح لملككم ... حمى وبكم غرّ الممالك تحتمي
فسفح خلاط قاسيون وتركها ... تقلّد طوق العار جيد المقطّم
فقد أنف الجفني من عار لطمة ... فباع بعزّ الكفر ذلة مسلم
وجرّ على عبس وأشجع حتفها ... مغار دريد بعد طعنة زهدم
وصبّح في جوّ اليمامة حاجب ... بأشام يوم عابس حيّ أشأم
وما مات من نجىّ الضغائن هلكة ... وأبقى جميل الذكر كابن مكدم
أبت لكم آباء صدق نمتكم ... تخيل ضغن يقتضي نقض مبرم
فقد جر قبح الغدر مصرع مالك ... فما رده ترصيع شعر يشأم
نصيحة عبد عاش في ظل ملككم ... تقابله بالنجح أوجه أنعم
نداك به نادى فجاء مرخما ... وان كان أصل الوضع غير مرخم
يعني أن راجح إذا رخمته حذفت الحاء فصار راج.
فدونكها أحلى من الامن موقعا ... وأطيب من شوق إلي قلب مغرم
إذا حدّثت أبياتها عن علاكم ... غدت أم أوفى دمية لم تكلم
(هـ- ظ)
قال راجح: فسر الملك الاشرف بهذه، وحنق عليّ الملك المعظم بسببها، فلما خرجنا من المجلس استدعاني الملك الاشرف وقال لي: والله شفيت قلبي في هذا اليوم، وأما الملك المعظم فانه أسرّ ذلك في نفسه حتى خرج الملك الاشرف من دمشق وخرجت عقب خروجه، وقبض على أخي وجعل له حجة وحبسه فبقى في السجن سنة.
أخبرني بعض الاصدقاء أن راجح الحلي توفي بدمشق في يوم الخميس الخامس والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة.
وأنبأنا الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي ليلة السابع والعشرين من شعبان- يعني- من سنة سبع وعشرين وستمائة توفي الشيخ الاديب أبو الوفاء راجح بن اسماعيل بن أبي القاسم الاسدي الحلي الشاعر المنعوت بالشرف(8/3545)
بدمشق، مدح جماعة من الملوك وغيرهم بمصر والشام والجزيرة وحدث بشيء من شعره بحلب وحرّان وغيرهما «1» .
راجح بن الحسين:
- وقيل الحسن- بن عتاب بن عتاب أبو الحسن النشائي منسوب الى النشاء المعمول من الحنطة، حدث بحلب عن محمد بن خلف بن صالح التيمي ومحمد بن كثير البصري. روى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي وأبو الحسن علي بن محمد بن اسماعيل الطوسي.
أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد (6- و) ابن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرطوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي- بها- قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجليّ الحلبي بها قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير العابد الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن الراجح بن الحسين بن عتاب بن عتاب النشائي بحلب قال:
حدثني محمد بن خلف بن صالح التيمي بكناسة الكوفة قال: حدثني سليمان الاعمش قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور في الليل، فقلت في نفسي ما وجه إليّ في هذا الوقت إلّا وهو يريد أن يسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكر الحديث وقال فيه عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة باكية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله عيرنني نساء قريش وزعمن أنك زوجتني معد ما لا مال له، فقال لها رسول الله: والذي بعثني بالحق نبيا يا بنية ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه وأشهد على ذلك جبريل وميكائيل «2» .(8/3546)
راجح بن أبي بكر بن ابراهيم بن محمد:
أبو الوفاء العبدري القرشي الميورقي، شيخ حسن صالح من أهل ميورقه «1» قدم الشام ونزل حماة فاتفق يوما أن (6- و) رأى صاحبها الملك المظفر محمود ابن محمد بن عمر بن شاهانشاه بن أيوب «2» وهو يشرب في مركب في العاصي، فباداه: أما تخاف من الله؟ فنزل إليه وضربه وهو سكران ضربا مبرحا، فلما أفاق ندم على ذلك واعتذر وخرج راجح من حماة، وقدم علينا حلب وأقام بها مدة وتأهل بها، وصار له بها حرمة وافرة ورتب شيخا في الخانقاة التي وقفها قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، ثم إنه رتّب بعد ذلك شيخا في خانقاه ابن المقدم «3» بحلب، ثم عزل عنها ورتب له معلوم على مصالح المسلمين الى أن كسر التتار ملك الروم غياث «4» الدين فخاف من التتار، وخرج من حلب في سنة إحدى وأربعين وستمائة وتوجه إلى الديار المصرية ورافقته من دمشق إلى مصر وكنت إذ ذاك قد سيرت رسولا إلى مصر فحدثني ببيسان بشيء من الحديث عن أبي زكريا يحيى بن علي بن موسى المغيلي بعد مشاهدة سماعه عليه بموطأ يحيى بن يحيى، وأخبرني أنه سمع من محمد بن احمد بن خير، وسألته عن مولده فقال: بميورقة في سنة ثمان وسبعين في آخرها أو أوائل سنة تسع وسبعين وخمسمائة ولم يبق صاحب حماه الملك المظفر بعد ضربه إلّا مدة يسيرة وفلج وبطلت حركته ودام مفلوجا إلى أن مات.
أخبرنا مخلص الدين أبو الوفاء راجح بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد العبدري القرشي المتوفي ببيسان قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي بن موسى(8/3547)
المغيلي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القيسي عرف بابن الرّمامة قال:
حدثنا أبو بحر سفيان (7- و) بن العاصي الأسدي قال: حدثنا أبو عمر يوسف بن عبد البرقال: حدثني أبو عثمان سعد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا ابن وضّاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك، قال أبو عمر ابن عبد البر: وحدثني أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي البزاز قال: أخبرنا أبو عبد الملك محمد بن عبد الله بن أبي دليم عن أبي الحرم وهب ابن ميسرة قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس «1» .
توفي الشيخ راجح بن أبي بكر الميورقي في شوال سنة ثلاث وأربعين وستمائة بمكة شرفها الله ودفن بالمعلا «2» ، أخبرني بذلك عبد المؤمن بن خلف الدمياطي.(8/3548)
ذكر من اسمه راشد
راشد بن سعد المقراني:
ويقال الحبراني الحمصي شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وحدث عنه وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي أمامة الباهلي وعمرو بن العاص، وأبي الدرداء ويعلي بن مرة، وعبد الله بن بشر المازني، والمقدام بن معد يكرب وعبد الله بن نجي الهمداني، وعتبة بن عبد السلمي، وعبد الرحمن بن عائذ الثمالي وجبله بن الأزرق وعبد الرحمن بن قتاده وحمزه بن عبد كلال.
(7- ظ) .
روى عنه حريز بن عثمان الرحبي وثور بن يزيد الكلاعي، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعاوية بن صالح الحضرمي، وأبو ضمرة محمد بن سليمان بن أبي ضمرة السلمي، وبكير بن عبد الله بن أبي مريم، والمقراني منسوب إلى بطن بن حمير وكذلك الحبراني أيضا.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري البغدادي قال:
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين، ح.
قال أبو اسحاق الكاشغري: وأخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون قالوا:(8/3549)
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو روح الربيع الحمصي محمد بن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن راشد بن سعد المقراني عن أبي عامر الهوزني عن أبي كبشه الأنماري أنه أتى رجلا فقال له: أطرقني من فرسك وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أطرق مسلما فعقب له الفرس كان له كأجر ستين فرسا يحمل عليها في سبيل الله عز وجل فإن لم تعقب كان له كأجر فرس في سبيل الله عز وجل «1» . (8- و) .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري- إذنا- عن الحافظ أبي طاهر السّلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال:
أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: راشد بن سعد شامي ثقه «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الدقاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر ابن محمد بن عيسى الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن هاني الطائي الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: راشد بن سعد لا بأس به.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- اذنا- قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: راشد بن سعد المقراني روى عن ثوبان وأبي أمامة ويعلى بن مرة وجبلة بن الأزرق ومعاوية.(8/3550)
روى عنه ثور بن يزيد وحريز بن عثمان ومعاوية بن صالح ومحمد بن سليمان أبو ضمره، سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبي عنه فقال: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا صالح بن أحمد (8- ظ) قال: حدثنا علي بن المديني قال: قلت ليحيى القطان: تروي عن راشد بن سعد؟ قال: ما شأنه هو أحب إليّ من مكحول.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يعقوب بن اسحاق الهروي في كتابه إليّ قال:
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت يحيى بن معين عن راشد بن سعد فقال: ثقة «1» .
ذكر الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في كتاب الأخوة الذين روي عنهم الحديث راشد بن سعد الحمصي، وأخوه هو خالد بن سعد وقال: حدثني اسحاق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال: حدثنا أحمد بن يعقوب الكندي قال: حدثنا خالد بن عمرو قال: حدثنا بقية قال: حدثني صفوان عن راشد بن سعد قال: سألني طاووس: من أين أنت؟ فأخبرته فبسط إليّ يده وقال:
راشد الحمصي؟ قلت: نعم قال: إن هذا لوجه كنت أتمنى- أو قال أشتهي- أراه.
وقال أبو بكر الجعابي: حدثني أحمد بن موسى بن عمران الدوري قال:
حدثنا الفيريابي قال: حدثنا ابن أبي السرى قال حدثنا السري قال: حدثنا حريز بن عثمان عن راشد بن سعد أنه حضر يوم صفين مع معاوية وكان يجيز على الجرحى.
وقال حدثني اسحاق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال:
حدثنا ابن مصفى قال: حدثنا بقية عن صفوان قال: شهد راشد بن سعد صفين وذهبت عينه فيها (9- و) .
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقى قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفى قال:
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو(8/3551)
محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة ومائة راشد ابن سعد المقراني بطن من حمير، يعني مات.
راشد:
غير منسوب غلام كان لعمار بن ياسر، له ذكر، وشهد صفين مع عمار رضي الله عنه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود المحمودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن الخشاب- إذنا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو (9- ظ) الحسن بن ننجاب قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى ابن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن السدى عن ابن حريث قال: أقبل غلام لعمار بن ياسر يومئذ اسمه راشد وهو يحمل شربة من لبن ليسقي عمارا، فقال عمار أما إني سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن آخر زادك من الدنيا شربة من لبن ثم شرب «1» .
***(8/3552)
راغب الخادم:
مولى الموفق أبي أحمد بن جعفر المتوكل كان قائدا معروفا جليلا، وكان فاضلا فصيحا حسن المجالسة وله مال وافر وغلمان متوافرون، ولما مات مولاه انتقل إلى ثغر طرسوس وأقام بها، وابتنى بها دورا ومساكن له ولمواليه، وكان حين وصل إلى حلب سير ماله وثقله إلى طرسوس، وتوجه إلى خمارويه بن أحمد ابن طولون فأقام عنده مدة، وفرح أهل الثغر بكثرة غلمانه ومقامه بهم عنده، وتوهم أهل طرسوس أن خمارويه قبض عليه فعمدوا إلى والي طرسوس، وهو ابن عم خمارويه فقبضوا عليه ونهبوه وسجنوه إلى أن أطلق لهم راغب وهمّ خمارويه بعد ذلك بالقبض عليه فعصمه الله منه، وكان له ولمواليه نكاية في العدو، وآثار حسنه في الجهاد، وقيل إنه لما وصل حلب اجتمع بطفج بن جفّ لما لقيه بحلب، ووعده بأشياء عن خمارويه، فصعد إلى مصر في سنة تسع وستين ومائتين، وردّ راغب خادمه مكنون مع سائر أمواله وسلاحه إلى طرسوس، ومضى إلى خمارويه إلى مصر في خمس غلمان، وكتب طغج إلى محمد (9- ظ) ابن موسى الأعرج بالقبض على مكنون وما معه، ففعل، ووثب عليه أهل طرسوس ومنعوه من ذلك، وكتبوا إلى خمارويه وقالوا: أطلق لنا راغبا حتى نطلق الأعرج، وأنفذ معه أحمد ابن طغان واليا على الثغور، وعزل عنهم الأعرج. ذكر ذلك ابن أبي الأزهر والقطربلي في تاريخهما الذي اجتمعا على تأليفه «1» .
وذكر أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق فيما قرأته في سيرة أبي الجيش خمارويه بن أحمد ابن طولون قال: وفي هذه السنة في هذه السنة في صفر منها- يعني سنة ثمان وسبعين ومائتين- مات أبو أحمد الموفق وعقد العهد لابنه أبي العباس، وكان للموفق غلام خادم من جلة غلمانه يعرف براغب، فلما مات مولاه أحزنه موته،(8/3553)
فأحب أن يسكن طرسوس، فاستأذن في ذلك، فأذن له، فخرج قاصدا يريد الثغر، وكان خمارويه يومئذ بدمشق فلما بلغ راغب إلى حلب وهمّ بالدخول إلى طرسوس قيل له: طرسوس من عمل أبي الجيش، وهو بالقرب منك، فلو صرت إليه زائرا وقضيت حقه، وعرفته ما عزمت عليه من المقام بالثغر ما ضرك ذلك، وكان أجلّ لمحلك وأقوى لك على ما تريده، فبعث بثقله وجميع ما كان معه مع غلام له يعرف بمكنون وأمره أن يتقدمه إلى طرسوس، ورحل هو مخفا إلى دمشق، فلقي أبا الجيش فأحسن أبو الجيش تلقيه وسر بنظره ووصله وأحسن إليه وكان يكثر عنده ويحادثه، وكانت لراغب عارضه وبيان وحسن عبارة (11- ظ) وكان قد رأى الخلفاء وعرف كثيرا من أخبارهم، فكان يصل مجلسه بشيء من أخبارهم وسيرهم، فأنس به خمارويه، وكان يستريح الى حديثه ومذاكرته، فلما رأى راغب ما يخصه به خمارويه من التكرمة والأنس به والاستدعاء إذا تأخر استحيا أن يذكر له الخروج إلى طرسوس، فلما طال مقامه بدمشق ظن مكنون غلامه أن أبا الجيش قد قبض عليه ومنعه من الخروج إلى الثغر، فأذاع ما ظنه عند المطوعة وشكاه إليهم، وأكثر هؤلاء المطوعة من أهل الجبل وخراسان، معهم غلظ الأعجمية وسوء أدب الصوفية فأحفظهم هذا القول وظنوه حقا، فقالوا: تعمد إلى رجل قد خرج إلى سبيل الله محتسبا نفسه لله عز وجل. وفي مقام مثله في الثغر قوة للمسلمين وكبت لأعدائهم من الكافرين، فتقبض عليه وتمنعه من ذلك جرأة على الله فتلففوا وتجمعوا ومشى بعضهم الى بعض وأقبلوا الى واليهم وهو ابن عم خمارويه، فشغبوا عليه، فأدخلهم إليه ليسكن منهم ويعدهم بما يحبون، فقبضوا عليه وقالوا: لا تزال في اعتقالنا أو يطلق صاحبك صاحبنا، فإن قتله قتلناك به، وتسرع سفلهم إلى داره فنبهت وهتكت حريمه ولحقه كل ما يكره، وجاءت الكتب إلى أبي الجيش بذلك فأحضر راغبا وأقرأه الكتب: وقال له: والله ما منعناك ولا حظرنا عليك الخروج ولقد سررنا بقربك وما أوليت وأوليناك (12- و) إلا جميلا، وقد جنى علينا سوء ظن غلامك ما لم نجنه فإذا شئت فارحل مصاحبا، وقل لأهل طرسوس:
يا جهلة ما يومنا فيكم بواحد تتسرعون الى ما نكره مرة بعد أخرى ونغضي عنكم، ويحلم الله عز وجل، ولولا المحافظة على ثغر المسلمين وعز الاسلام لا خشية منكم(8/3554)
ولا من كثرتكم، وإلى الله الشكوى، ولولا الخوف من غضبه عز وجل لجازيناكم على أفعالكم، فودعه راغب ورحل الى طرسوس، فلما صح عند أهل طرسوس خبر راغب أطلقوا عن محمد بن موسى بن طولون، فلما أطلق قال: أصلح الله بلدكم، ورحل عنهم فسكن بيت المقدس، وكان له دين وفيه خير كثير.
وقرأت في سيرة الاخشيد: تأليف أبي محمد بن زولاق قال: وحدثني احمد ابن عبيد الله عن أبيه قال: قال: طغج كنت بدمشق أخلف أبا الجيش فجاءني كتابه يأمرني بالمسير الى طرسوس، وأقبض على راغب وأقتله فسرت الى طرسوس، وكان شتاء عظيما فما أمكن أحد أن يتلقاني، فلقيني راغب وحده في غلمانه، وكان له مائتا غلام قد أشجو العدو، فأنزلني وخدمني وقضى حقي فأمسكت عنه، وحضرت معه غزاة أشجى فيها العدو فقال لي جماعة من أهل طرسوس:
بالله إلّا صنت هذا الرجل وأحسنت إليه، ففعلت وآثرت رضا الله عز وجل فانصرفت الى دمشق وكتب الى أبي الجيش أعتذر وذكرت أشياء منعتني من القبض على راغب.
قال طغج: فما شعرت وأنا بدمشق (12- ظ) حتى وافى أبو الجيش فلقيته وخدمته وجلست معه ليلة للشرب فلما تمكن منه الشراب قال لي: يا طغج شعرت بأنه ما جاء بي الى دمشق سواك، فاضطربت فلما رآني قد تغيرت اقلب الحديث، وانصرفت وأنا خائف منه وعلمت أنه يقتلني كما قتل صافي غلام أبيه بدمشق لأنه سار إليه من مصر وقتله فقتل أبو الجيش تلك الليلة وكفاني الله أمره لأني عملت مع راغب لله فكفيت «1» .
قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور الذي وضعه للوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات قال في ذكر طرسوس ومنازلها: ويلاصق شارع البرامكة الى جهة الغرب دار راغب مولى الموفق بالله، وهي الدار الصغيرة فيها مواليه وموالياته وأولادهم في حجر مفروزة، وكانت الرئاسة فيهم الى بشرى الراغبي ثم انتقلت الى أحمد بن بشرى، ووقوفهم(8/3555)
بنقابلس وغيرها وضياع في أعمال طرسوس بنواحي باب قلمية، منها ما يضمن، ومنها ما يقوم به الموالي، وذكر من الموالي جماعة من أهل العلم ومن أهل النجدة والشجاعة قد ذكرنا بعضهم في كتابنا هذا، ثم قال بعد ذلك: ثم تسير فتجد عجالين وبيادر حتى تصل بها يسارك الى دار راغب الكبرى وهي على مثال دار السيدة، غير أن تلك أعلى فناء، وفي هذه الدار خدم وشيوخ من الفرسان المقدمين، منهم أبو هلال الراغبي، وذكر حاله، وقد ذكرناه أيضا (10- و) في هذا الكتاب.
قال: وما زال الجهاد بأهل هذه الدار حتى قل عددهم ونفد مددهم، وتفانوا موتا وقتلا وأسرا، واختلت جوانبها، حتى رأيت عبد الله بن اشكام الخراساني قد نزلها، ثم رأيت علي بن عسكر بعد نزلها، وخرجنا عن طرسوس وهي معمورة.
وقرأت بخطه في هذا الكتاب: وحدثني أبو بكر أحمد بن أفلح الراغبي قال:
سمعت أبي يحدث عن أبيه راغب مولى الراضي بالله أن قبر المأمون هو هذا الذي يظهر في داره المقببة صحيح يعلمه حقا يقينا.
قلت: إنما قال مولى الراضي لأن ولاءه في بني العباس وقد ذكر أولا أن راغب مولى الموفق، وذكر أن أحمد بن أفلح من موالي راغب «1» .(8/3556)
ذكر من أسمه رافع
رافع بن خديج:
ابن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن يزيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس، أبو عبد الله الحارثي الأوسي الأنصاري، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وشهد معه أحدا والخندق وأكثر مشاهده.
روى عنه عبد الله بن عمر وابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع الأنصاري والسائب ابن يزيد ومحمود بن لبيد من الصحابة، ومن التابعين ابن ابنه عبيد الله بن رفاعة بن رافع، وعامر الشعبي ومجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وأبو النجاشي وعمرة بنت عبد الرحمن، وقيل ابن ابنه عيسى بن سهل بن رافع بن خديج.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وروى زيد بن حسن أنه شهد بصفين على كتاب الحكمين بين علي ومعاوية. (10- ظ) .
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال:
أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج أن بعيرا ندّ وليس في القوم إلّا خيل يسيرة فرماه رجل بسهم فحبسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا «1» .(8/3557)
أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي، ح.
قال أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا محمد بن طلحة عن بنين ابن ثابت بن أنس بن ظهير وأخته سعدى بنت ثابت عن أبيهما عن جدهما قال:
لما كان يوم أحد حضر رافع بن خديج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن (11- و) رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره فقال: هذا غلام صغير وهمّ برده فقال عم رافع بن خديج ظهير: رافع يا رسول الله ابن أخي رجل رام فأجازه فأصيت يوم أحد بسهم في لبته «1» أو في صدره شك محمد بن طلحة، قال فانتضل النصل فجاء به عمه ظهير بن رافع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابن أخي أصيب بسهم، قال ما شئته إن شئت أن تخرجه أخرجناه وإن أحب أن ندعه فإن مات وهو فيه مات شهيدا، قال: أدعه يا رسول الله، قال ابراهيم قال لي محمد بن طلحة: فكان الحسين والمرأة يحدثان عن أبيهما عن جدهما أنه كان يقول كان رافع إذا سعل شخص النصل من وراء اللحم حتى ينظر إليه.
قال لي محمد بن طلحة: هلك رافع بن خديج في زمن معاوية بن أبي سفيان.
(13- ظ)
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال أخبرنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال في كتابه إليّ قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف ابن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: ومن الصحابة من اسمه رافع جماعة منهم: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم(8/3558)
ابن حارثة بن الحارث بن الخزرج أبو عبد الله الأنصاري الحارثي مديني مات قبل ابن عمر في سنة أربع وسبعين ومات وهو ابن ست وثمانين، أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ويقال إنه رمي يوم أحد بسهم فاتنقضت في زمن معاوية وأمه خطمة بنت عروة بن مسعود بن سنان بن عامر بن الخزرج، وروى رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة وهو ابن أخي ظهير ومظهر بن رافع ابن عدي.
وشهد رافع أحدا والخندق والمشاهد كلها، وكان أصابه يوم أحد سهم في ترقوته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت نزعت السهم وتركت القطبة وشهدت يوم القيامة أنك شهيد فتركها، وكان إذا ضحك واستغرب بدا ذلك السهم «1» .
أسقط ابن السكن في نسبه بين زيد وجشم «عمرو بن يزيد» ولله أعلم.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة- إذنا- قال: أخبرنا (14- ط) محمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
رافع بن خديج الحارثي الأوسي البصري المديني أبو عبد الله الأنصاري، له صحبه، روى عنه السائب بن يزيد ومجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة، سمعت أبي يقول ذلك، وروى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد وعمرة بنت عبد الرحمن «2» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري- فيما كتب به إلينا من مكة- قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن عبد البر قال: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمر بن يزيد بن(8/3559)
جشم الأنصاري الحارثي الخزرجي، يكنى أبا عبد الله وقيل أبا خديج روي عن ابن عمر أنه قال له: يا أبا خديج، وأمه حليمة بنت مسعود بن سنان بن عامر ابن عدي بن أمية بن بياضة الأنصاري هو ابن أخي ظهير ومظهر ابني رافع بن عدي، رده رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد، شهد أحدا والخندق، وأكثر المشاهد، وأصابه يوم أحد سهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أشهد لك يوم القيامة، وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان فمات قبل ابن عمر بيسير سنة أربع وسبعين وهو ابن ست وثمانين.
قال الواقدي: (15- و) مات في أول سنة أربع وسبعين وهو بالمدينة.
قال أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد والسائب بن يزيد وأسيد بن ظهير. وروى عنه من التابعين من دون هؤلاء: مجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة بن رافع وعمرة بنت عبد الرحمن.
شهد صفين مع علي رضي الله عنه «1» .
قلت: وهكذا نسب ابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن يزيد بن جشم وكان ابن عمه لحّا، وزاد بعد جشم بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس الأنصاري الحارثي.
وقال في ترجمة عمه ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد «2» ، هو وأخوه مظهر بن رافع، وهو عم رافع بن خديج ووالد أسيد بن ظهير، فذكر نسب أسيد بن ظهير موافقا لنسب رافع بن خديج، وأدخل في نسبته ظهيرا: عمرا ويزيد فيما بين زيد وجشم كما فعل ابن السائب، وقال في ذكر رافع بن خديج: الحارثي الخزرجي، وليس بخزرجي بل هو أوسي من ولد أوس أخي الخزرج الأكبر الذي هو أصل الخزرج ووقع في(8/3560)
نسب رافع الخزرج، وهو الخزرج الأصغر بن عمرو بن مالك بن الأوس لا ينسب إليه الخزرجي وربما توهم أنه من أولاد الخزرج الأكبر أصل الفخذ الثاني، وليس به «1» .
أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل قال: (15- ظ) أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- اجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا محمد بن معاوية قال: سمعت محمد ابن اسماعيل البخاري يقول: مات رافع بن خديج في زمن معاوية «2» . روى عنه عبد الله بن عمر، وقال ابن نمير: مات سنة أربع وسبعين بالمدينة (16- و) .
أنبأنا أبو الحسن المقدسي عن ابن بشكوال قال أخبرنا ابن عتاب وابن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن السكن قال: حدثني محمد بن زهير قال: حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا غسان بن مضر عن أبي مسلمة عن أبي نضرة قال: لما مات رافع ابن خديج جعلن النساء يصرخن، أو يبكين، فقال ابن عمر: ويحكن أنه شيخ لا طاقة له بعذاب الله.
رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان القاضي:
أبو المعالي الفاياني، من الفايا قرية كبيرة من أعمال منبج، ولي القضاء بمنبج: وكان فقيها حنفيا ورعا، درس الفقه بمنبج، وكان تفقه على الامام برهان الدين أبي الحسن علي بن الحسن البلخي، وحدث عنه بأماليه التي أملاها بحلب.
روى عنه الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوى، وحدثنا عنه الفقيهان: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم وأبو بكر بن عثمان بن محمد المنبجيان.(8/3561)
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوى- في كتابه إلينا من حران- وأخبرناه عنه- سماعا- أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني، ح.
وأخبرنا الفقيه بدر الدين أبو بكر بن عثمان بن قجمك السلوري الحنفي المنبجي بحلب قالا: حدثنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان الفاياني. قال عبد القادر إملاء في مدرسته بمنبج قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد بن أبي جعفر البلخي الفقيه بحلب قال: حدثنا القاضي (16- ظ) أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور قال: أخبرنا الاستاذ أبو محمد عبد العزيز ابن أحمد الحلوائي قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي بن اسماعيل القفال قال: حدثنا علي بن اسماعيل قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا محمد ابن محمد بن حفص قال: حدثنا عوف عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس وقيل قدم رسول الله، وكنت فيمن جاء فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما قال أن قال: أيها الناس أفشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام «1» .
أخبرنا ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المنبجي الحنفي- قراءة عليه بباب بزاعا- قال: أخبرنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان بمنبج قال: حدثنا الشيخ الامام برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسن البلخي، إملاء بحلب، قال: حدثنا أبو المعين ميمون بن محمد بن معتمد المكحولي قال:
أخبرنا الحسن بن أبي الحسن الفضلي قال: أخبرنا محمد بن علي الصوري قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثنا عمر بن محمد عن إبراهيم بن عبد الله المخرمي عن أبي الفضل عاصم عن مالك بن أنس رحمه الله عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن أبيه الحسين بن علي عن أبي طالب رضي الله عنه (17- و) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في كل يوم مائة(8/3562)
مرة لا إله إلا الله الملك الحق المبين كان له أمانا من الفقر، وأمن من وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع به باب الجنة «1» .
توفي القاضي رافع بن عبد الله بمنبج في سنة اثنتين وستمائة، أخبرني بذلك إبراهيم بن محمد الأزهر الصريفيني عن بعض أهل منبج.
رافع بن عميرة الطائي:
كان دليلا بصيرا بالطريق حاذقا، دل بخالد بن الوليد على طريق السماوة حين سيره الى الشام، وسلك به المفازة حتى وصل به الى البشر جبل بالقرب من بالس من أعمال حلب وله ذكر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر- اجازة- قالا: أخبرنا الشريف (17- ط) النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المقرئ قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن موسى بن عماد قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني والهيثم بن عدي قال: لما مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر عمر بن الخطاب خالدا بالمسير الى الشام واليا من ساعته «2» فأخذ على السماوة حتى انتهى الى قراقر «3» ، وبين قراقر وبين سوى «4» خمس ليال في مفازة، فلم يعرف الطريق فدل على رافع بن عميرة الطائي، وكان دليلا بصيرا فقال لخالد:
خلف الأثقال واسلك هذه المفازة وحدك إن كنت فاعلا، فكره خالدا أن يخلف أحدا، فقال له رافع والله إن الراكب المنفرد يخشى فيها على نفسه وما يسلكها إلا مغرر فكيف أنت بمن معك؟ فقال: لا بد وأحب خالد أن يوافي المفازة ويأتي(8/3563)
القوم «1» بغتة، فقال له الطائي: إن كان لا بد من ذلك فابغ لي عشرين جزورا سمانا عظاما، ففعل فظمأهن ثم سقاهن حتى روين، ثم قطع مشافرهن، وشرط شيئا من ألسنتهن وكمعهن لئلا تجتر لأن الإبل اذا اجترت تغير الماء في أجوافهن وإذا لم تجتر بقي الماء صافيا في بطونهن، ففعل خالد ذلك وتزودوا من الماء ما يكفي الركب، وسار خالد (17- و) فكلما نزل منزلا نحر من تلك الجزر أربعا، ثم أخذ ما في بطونها من الماء فسقيته الخيل، وشرب الناس ما معهم، فلما سار إلى آخر المفازه انقطع ذلك عنهم، وجهد الناس وعطشت دوابهم، فقال خالد للطائي: ويحك ما عندك؟ فقال: أدركت الري إن شاء الله، انظروا هل تجدون عوسجة على الطريق، فوجدوها فقال: احفروا في أسفلها، فاحتفروا فوجدوا عينا غزيرة فشربوا منها وتزودوا، فقال رافع: ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة، وأنا غلام فقال راجز المسلمين.
لله در رافع أني اهتدى ... فوز من قراقر إلي سوى
أرض إذا سار بها الجيش «2» بكى ... ما سار قبلك من أنس أرى «3»
قال: فخرج خالد من المفازه في بعض الليل فأشرف على البشر وذكر تمام الحكاية»
وقد ذكرناها في آخر الكتاب في المجهولة أسماؤهم.
***(8/3564)
ذكر من اسمه الربيع
الربيع بن خثيم:
أبو عبد الله، وقيل أبو يزيد الكوفي الثوري، من ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر. روى عن عمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي.
روى عنه هلال بن يساف، وأبو عمرو عامر بن شراحيل للشعبي، وأبو عمران إبراهيم (17- ظ) بن زيد النخعي والمنذر الثوري أبو يعلى وكثير بن مره وبكر بن ماعز، وسعيد بن مسروق، وهلال بن مينا، وابراهيم النخعي ونسير بن ذعلوق، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال:
أخبرنا أبو الحسن بن قيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدى أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا سعدان بن يزيد البزاز قال: حدثنا علي بن عاصم عن اسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن الربيع بن خثيم عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في أول النهار لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان معدال أربع رقاب من ولد اسماعيل «1» .
قال عامر: قلت للربيع بن خثيم: من حدثك هذا عن أبي أيوب؟ قال: عبد الرحمن بن أبي ليلي، قال عامر: فلقيت عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني به.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد(8/3565)
ابن محمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال:
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا عبد الرحيم بن راقد قال: حدثنا مسعدة بن صدقة ابو الحسن قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزلة ولا يسلم لذي دين دينه إلّا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالطير بفراخه وكالثعلب بأشباله، ثم قال: ما أبقاه ما اتقاه في ذلك الزمان راعي غنم أقام الصلاة بعلم ويؤتي الزكاة ويعتزل الناس إلّا من خير، ولشاة عفراء أرعاها بسلع «1» أحب إليّ من ملك بني النضير وذلك إذا كان كذا وكذا «2» .
قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث الربيع ومن حديث الثوري لم يروه إلا سعدة بن صدقة وعبد الرحيم بن واقد.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قال:
أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن حمويه قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن خزيم الشاشي قال: أخبرنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الانصار قالت: قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله (18- و) عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن فإنه من قرأ في ليلة: الله الواحد الصمد فقد قرأ الثلث أو قرأ ثلث القرآن «3» .
قرأت بخط أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف قال: حدثنا فضل بن عبد الوهاب قال: حدثنا(8/3566)
يونس بن أرقم عن هارون بن سعد قال: قلت لمنذر الثوري: أشهد الربيع بن خثيم مع على شيئا من مشاهده؟ قال: أما صفين فقد شهدها.
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري وأبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي- قراءة عليهما بحلب في منزلي- قال أبو اسحاق: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وقال أبو الحجاج: أخبرنا الشيخ ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش الآزجي قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد البردعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن سنان الحمصي قال: حدثنا يحيى بن سعيد العطار قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمه بن مرشد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبد الله وأويس القرني وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، وأبو مسلم الخولاني والأسود بن يزيد ومسروق (18- ظ) بن الأجدع والحسن بن أبي الحسن، فذكرهم.
وقال: وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: قد عرفت أن الدواء حق، ولكن ذكرت «عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا» كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى. وقال غيره: ولا الناعت بقي ولا المنعوت له، قال: وقيل له: لا تذكر الناس، قال: ما أنا عن نفسي راض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم.
قال: وقيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.
قال: وكان عبد الله بن مسعود إذا رآه قال: «وبشر المخبتين» «1» ، أما إن محمدا لو رآك لأحبك.(8/3567)
قال: وكان الربيع بن خثيم يقول: أما بعد فأعدّ زادك، وخذفي جهازك، وكن وصي نفسك «1» .
وقال يوسف بن خليل: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي قال:
حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج:
وذكر جميع ما ذكرناه «2» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل (19- و) بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: كتب إلينا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله المطرز أن أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرهم قال:
حدثنا أبي قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: فأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: لقد علمت أن الدواء حق، ولكن ذكرت «عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا «3» » كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن الحداد المقرئ قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن(8/3568)
مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على عبد الله بن مسعود: لم يكن عليه اذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه، قال: فقال عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه (19- ظ) وسلم لأحبك وما رأيتك إلّا ذكرت المخبتين.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن اسماعيل عن حماد بن أبي سليمان قال: كان ابن مسعود إذا رأى ربيع بن خثيم قال: مرحبا يا أبا يزيد ويجلسه إلى جنبه، ويقول: لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وعبد الرحيم بن يوسف ابن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السّلفي- كتابة- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال:
أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: الربيع بن خثيم يكنى أبا يزيد، كوفي تابعي ثقة، من أصحاب عبد الله، وكان خيارا، وكان ابن مسعود إذا نظر إليه قال: «وبشر المخبتين» أما لو رآك نبيك لأحبك، وكان الربيع إذا جاء باب ابن مسعود يستأذن قالت له الجارية: ذاك الأعمى بالباب فيقول ابن مسعود: ليس هذا أعمى، ذاك الربيع بن خثيم «1» . (20- و) .
***(8/3569)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده- إذنا- قال:
أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: الربيع بن خثيم أبو يزيد الثوري، روى عن ابن مسعود، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي ومنذر أبو يعلى وبكر بن ما عز وسريته «1» ، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: أخبرنا ابن أبي خيثمه في كتابه إليّ قال: حدثنا أبو بكر بن أبي النضر قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا الأشجعي عن مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن الشعبي قال: حدثنا الربيع بن خثيم وكان من معادن الصدق.
ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: الربيع بن خثيم ثقة لا يسأل عنه «2» .
أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: في الطبقة الأولى من التابعين ومنهم المخبت الورع القنع الحافظ لسره، الضابط لجهره المعترف بذنبه، المفتقر إلى ربه أبو يزيد الربيع بن خثيم أحد الثمانية من الزهاد، وقيل ان التصوف مشارفة السرائر ومصارفة الظواهر.(8/3570)
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: (21- و) حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا خلاد بن يحيى قال: حدثنا سفيان قال: أخبرتني سريه الربيع بن خثيم قالت: كان عمل الربيع كله سرا، إن كان ليجىء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الربيع بن خثيم أنه كان يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعا خافت.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا مبارك بن سعيد عن أبيه قال: قيل لأبي وائل:
أنت أكبر أم الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: سمعت أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي يقول: حدثنا جدي قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن سفيان عن أبيه عن أبي وائل وقيل له: أيكما أكبر أنت أو الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنا وهو أكبر مني عقلا.
أخبرنا أبو الحجاج الآدمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد قال:
أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن (21- ظ) محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك بن مغول عن الشعبي قال: ما جلس الربيع في مجلس منذ تأزر وقال: أخاف أن نظلم رجل فلا أنصره أو يفترى رجل على رجل فأكلف عليه الشهادة ولا أغض البصر ولا أهدى السبيل أو يقع لحامل فلا أحمل عليه.(8/3571)
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: إجازة قال:
أخبرنا عبد العزيز بن الحسن، قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بكر بن مروان قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا موسى بن مسعود قال: سمعت سفيان الثوري يقول: قيل للربيع بن خثيم: لو أرحت نفسك؟ قال:
راحتها أريد.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفى عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن الصباح قال: حدثنا شعيب ابن حرب عن مالك بن مغول عن الشعبي قال: لم يجلس الربيع بن خثيم في طريق منذ تأزر، قال: أخاف أن يفتري رجل على رجل فاتكلف الشهادة، أو تقع حمولة وغضّ البصر.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا محمد بن علي الوراق قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا جعفر قال:
سمعت مالكا يقول: قالت ابنة الربيع لأبيها: مالي أرى الناس ينامون وأنت لا تنام؟
قال: جهنم لا تدعني (22- ظ) أنام.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيّان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال: حدثنا أبو أيوب قال: حدثنا جعفر بن سليمان(8/3572)
قال: سمعت مالك بن دينار يقول: قالت ابنة الربيع للربيع: يا أبة مالك لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن النار لا تدع أباك ينام.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال:
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن سفيان قال:
بلغنا أن أم الربيع بن خثيم كانت تنادي ابنها الربيع فتقول: يا بني يا ربيع ألا تنام؟
فيقول: يا أمة من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام! قال: فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسهر نادته فقالت: يا بني لعلك قتلت قتيلا؟ فقال:
نعم يا والدة قد قتلت قتيلا، فقالت: ومن هذا القتيل يا بني حتى نتحمل على أهله فيعفوك، والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء والسهر بعد لقد رحموك، فيقول:
يا والدة هي نفسي.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن مساور قال:
حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن نسير بن ذغلوق عن بكر بن ماعز قال: انطلق الربيع بن خثيم وابن مسعود الى شاطىء الفرات فمر بتلك الحدادين، فلما رأى تلك النيران خر مغشيا عليه فجاء به ابن مسعود يحمله (22- ظ) إلى داره، فانطلق فصلى بالناس الظهر فرجع إليه: يا ربيع يا ربيع، فلم يجبه، فرجع وصلى بالناس العصر، ثم رجع إليه: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه فانطلق فصلى بالناس المغرب، ثم رجع: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه، ثم رجع فصلى بالناس العشاء الآخرة، ثم رجع إليه: يا ربيع فلم يجبه حتى ضربه برد السحر.
قال أبو نعيم: رواه أبو وائل عن عبد الله حدثناه أبو بكر بن مالك قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي قال:
حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا عيسى بن سلم عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خثيم فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديدة في النار فنظر ربيع إليها فتمايل يسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطىء الفرات فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: «إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ(8/3573)
مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً»
إلى قوله: «ثبورا «1» » فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به الى أهله قال: ثم رابطه عبد الله الى الظهر فلم يفق، ثم رابطه الى العصر فلم يفق، ثم رابطه الى المغرب فلم يفق، ثم إنه أفاق فرجع عبد الله الى أهله.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن علي عن محمد عن رجل من أسلم من المبكرين الى المسجد قال: كان الربيع بن خثيم اذا سجد فكأنه ثوب مطروح فتجىء العصافير فتقع عليه.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبله (23- و) قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هنّاد قال: حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن الربيع ابن خثيم أنه لبس قميصا سنبلانيا «2» أراه ثمن ثلاثة دراهم أو أربعة فإذا مدّ كمه بلغ أظفاره واذا أرسله بلغ ساعده، فإذا رأى بياض القميص قال: أي عبيد تواضع لربك ثم يقول: أي لحيمة، أي دميّة كيف تصنعان إذا سيرت الجبال و «دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا. وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا. وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ «3» » .
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا أبو حيان قال:
حدثني أبي قال: كان ربيع بعدما سقط شقه يهادى بين رجلين الى مسجد قومه فكان أصحاب عبد الله يقولون: يا أبا يزيد لقد رخص الله لك، لو صليت في بيتك؟
فيقول: إنه كما تقولون ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح فمن سمع منكم ينادي حيّ على الفلاح فليجبه ولو زحفا ولو حبوا.
قال: رواه جرير عن أبي حيان نحوه حدثناه أحمد بن محمد بن سنان قال:
حدثنا أبو العباس الثقفي قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة فقيل له:
إنه قد رخص لك؟ فقال: لقد علمت، ولكني أسمع النداء بالفلاح «4» .(8/3574)
قلت: وقد رواه عبد الله بن المبارك (23- و) عن سفيان عن أبي حيان مثله.
أخبرناه الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن أبي المعالي الصالحي قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن قال: قرأت على محمد بن الحسين الامام: أخبركم محمد ابن عبد العزيز قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا حماد بن أحمد وعبد الله بن محمود قالا: أخبرنا ابراهيم الخلّال قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال:
أخبرنا سفيان عن أبي حيان عن أبيه قال: عرض لربيع بن خثيم الفالج فكان يهادي بين رجلين، فقيل له: يا أبا يزيد لو جلست فإن لك رخصة فقال: إني أسمع حي على الفلاح فإذا سمع أحدكم حي على الفلاح فليجب ولو حبوا.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني زياد بن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عجلان عن نسير قال: بتّ بالربيع بن خثيم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ»
الآية «1» فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثنا زياد ابن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد قال:
حدثنا حماد الأصم الحماني عمن حدثه- بعض أصحاب الربيع- قال:
ربما علمنا شعره عند المساء وكان ذا وفرة ثم يصبح والعلامة كما هي فنعرف أن الربيع لم يضع جنبه ليله على (24- و) فراشه.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا أبو النضر العجلي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سفيان عن نسير بن(8/3575)
ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبل لحيته دموعه فيقول: أدركنا أقواما كنا في جنبهم لصوصا.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يوسف الصفار قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم قال: قيل للربيع بن خثيم ألا تمثّل ببيت شعر فقد كان أصحابك يتمثلون؟ قال ما من شيء يتكلم به إلّا كتب وأنا أكره أن أقرأ في إمامي «1» بيت شعر يوم القيامة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد الحنبلي- بنابلس- قال:
أخبرتنا تجنى بنت عبد الله. قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني العباس بن جعفر قال: حدثنا محمد بن سعيد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم قال: قال رجل للربيع ابن خثيم ما يمنعك أن تمثّل بيتا من شعر فإن أصحابك كانوا يفعلون ذلك؟
قال: إنه ليس أحد يتكلم بكلام إلّا كتب ثم يعرض عليه يوم القيامة واني والله أكره أن أقرأ في إمامي يوم القيامة بيت شعر.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال:
أخبرنا أبو علي (24- ظ) الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا غسان ابن المفضل الغلابي قال: سمعت من يذكر أن الربيع بن خثيم كان بالأهواز ومعه صاحب له فنظرت إليه امرأة فتعرضت له ودعته الى نفسها، فبكى الشيخ، فقال له صاحبه: ما يبكيك؟ قال: إنها لم تطمع في شيخين إلّا ورأت شيوخا مثلنا.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أبي المحاسن القرشي التاجر قال: أخبرنا أبو السعادات بن زريق وشهدة بنت الآبري الكاتبة، خ.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي النحوي قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن(8/3576)
محمد قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم قال: جاء الربيع بن خثيم الى علقمة فدخل المسجد وكان في جانب المسجد جماعة من النساء فجعلن يمررن عليه في المسجد فغضّ بصره فلا يلتفت يمينا ولا شمالا.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال:
حدثنا أبو همام قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال فلان: ما أرى ربيعا تكلم كلاما منذ عشرين عاما إلّا بكلمة نصعد.
وقال أبو نعيم (25- و) حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال رجل: صحبنا ربيع بن خثيم عشرين سنة فما تكلم إلا بكلمة نصعد، وقال آخر:
صحبته سنتين فما كلمني إلا كلمتين.
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا شجاع بن الوليد عن سفيان الثوري عن رجل من بني تيم الله قال: جالست الربيع عشر سنين فما سمعته يسأل عن شيء من أمر الدنيا إلا مرتين قال مرة: حيّة والدتك؟ وقال مرة: كم لكم مسجد؟.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي- قراءة عليه- قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابراهيم العبقسي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن ابراهيم الديبلي قال:
حدثنا أبو صالح محمد بن الأزهر المعروف بابن زنبور قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن منذر الثوري قال: كان الربيع يكنس الحش «1» مرارا فيقال له، فيقول: إني أريد أن آخذ نصيبي منه.(8/3577)
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس قال:
أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين ابن صفوان البرذعي قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا داوود بن عمرو الضبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي عن مفضل عن رجل عن ابراهيم- يعني- التيمي قال: أخبرني من سمع الربيع بن خثيم عشرين سنة لم يتكلم بكلام لا نصعد.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: ما سمعت الربيع بن خثيم يذكر شيئا من أمر الدنيا قط.
أخبرنا الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا (25- ظ) أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر عن الربيع بن خثيم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا، قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال:
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن مالك بن مغول عن الحسن قال:
قيل للربيع بن خثيم يا أبا عبد الله لو جالستنا فقال: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة فسد عليّ.
وقال: حدثنا أبو أحمد الغطريفي قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا غالب بن الوزير الغزّي قال: حدثنا حفص بن عمر قال: كان الربيع بن خثيم لا يعطي السائل أقل من رغيف ويقول: إني لأستحي من ربي أن أرى غدا في الميزان نصف رغيف.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن عجلان عن نسير(8/3578)
ابن ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم إذا جاءه سائل قال: أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال لأهله: اصنعوا لنا خبيصا فصنعوه له فدعا رجلا به خبل فجعل يلقمه ولعابه يسيل، فلما ذهب قال أهله: يكلفنا وصنعنا ما يدرى هذا ما أكل! قال الربيع: لكن الله يدري (26- و) .
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن بكر بن ماعز قال:
كان الربيع بن خثيم خبل من الفالج فكان يسيل من فيه لعاب، قال: فمسحته يوما قرآني كرهت ذلك، قال: والله ما أحب أنه بأعتى الديلم على الله عز وجل.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو عبد الله الارتاحي عن أبي الحسن بن الفراء قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا هاشم بن الوليد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال:
حدثنا عاصم قال: كان الربيع بن خثيم يصلي فسرق فرسه فقال له غلامه: يسرق فرسك وأنت تنظر اليه، هذا عمل الناس؟ قال: كنت بين يدي الله عز وجل ولم أكن أصرف وجهي عن الله تعالى «1» .
أخبرنا يوسف الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي(8/3579)
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا عطاء بن (26- ظ) مسلم قال: سمعت العلاء بن المسيب يقول: سرق للربيع بن خثيم فرس فقال أهل مجلسه: ادع الله عليه، قال: بل أدع الله له: اللهم إن كان غنيا فأقبل بقلبه، وإن كان فقيرا فأغنه.
وقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبه قال: حدثني أبي وعمي أبو بكر قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عمه عن الشعبي- وذكر أصحاب عبد الله- فقال: أما الربيع فأورعهم ورعا.
وقال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا عبيد بن يعيش قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك بن مغول قال: قال الشعبي: أصفهم لك- يعني أصحاب عبد الله كأنك شهدتهم- كان الربيع ابن خثيم أشدهم ورعا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد بن الحسين الحلبيان بحلب والقاضي حسن بن عامر العباسي الكلابي البابي بباب بزاعا قالوا: أخبرنا أبو الفرج الثقفي قال: حدثنا أبو علي بن أحمد الحداد- قراءة عليه وأنا حاضر- قال: حدثنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن علي المعروف بابن أبي الغرائم قال: حدثنا أبو عمرو أحمد ابن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبد الله- يعني- بن موسى قال: حدثنا الربيع بن منذر عن أبيه عن الربيع بن خثيم في قوله: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً «1» »
قال: من كل أمر ضاق على الناس. (27- و) .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجنى بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال:
أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن(8/3580)
صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر ابن ماعز عن الربيع بن خثيم قال: يا بكر بن ماعز اخزن لسانك إلّا فيما لك ولا عليك.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني شريح بن يونس قال: حدثنا المبارك بن سعيد عن رجل عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: يا بكر ابن ماعز اخزن لسانك إلّا فيما لك فإني اتهمت الناس على ديني.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن بكر بن ماعز قال: قال لي الربيع بن خثيم: يا بكر بن ماعز اخزن عليك لسانك إلّا ممّا لك ولا عليك فإني اتهمت الناس على ديني أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله الى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا (27- ظ) أبو الأحوص عن سعيد- يعني- ابن مسروق عن منذر الثوري قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال: اتق الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله الى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيرتكم اليوم بخير ولكنه خير من آخر شر منه وما تتبعون الخير حق اتباعه وما تفرون من الشرّ حق فرارة، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله تعالى بواد، والتمسوا دواءهن، ثم يقول: وما دواءهن إلّا أن تتوب ثم لا تعود.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا النضر بن اسماعيل قال: حدثنا عبد الملك بن الأصبهاني عمن حدثه عن الربيع بن خثيم أنه قال لأصحابه: تدرون ما الداء والدواء(8/3581)
والشفاء؟ قالوا: لا، قال: الداء الذنوب والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب ثم لا تعود.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر، قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء- اجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال:
حدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا قبيصة عن سفيان الثوري قال: قال الربيع بن خثيم: داء البدن الذنوب ودواؤها الاستغفار وشفاؤها ألا تذنب في الدنيا.
قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: كان الربيع بن خثيم يقول في دعائه:
اشكو اليك حاجة لا يحسن بثها إلّا اليك فاستغفرك منها وأتوب اليك.
وقال حدثنا (28- و) أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري قال: حدثنا عثمان ابن زفر قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع بن خثيم: من استغفر الله كتب في راحته آمن من العذاب.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا حفص بن عتاب عن أشعث عن ابن سيرين عن الربيع بن خثيم قال: أقلوا الكلام إلا بتسع: تسبيح، وتكبير، وتهليل، وتحميد، وسؤالك الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءة القرآن.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال أخبرتنا تجني بنت عبد الله قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا(8/3582)
أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: لا خير في الكلام إلّا في تسع: تهليل الله، وتكبير، وتسبيح، وتحميد وسؤالك من الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك القرآن.
أخبرنا الشريف أبو هاشم الهاشمي (28- ظ) قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس الشامي، إمام جامع دمشق بها، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب بالأنبار قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد العلاف قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال:
حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خثيم أنه كان إذا قيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن محمد اللبان قال:
أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن ذر قال: قيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟
قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي شبل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن أبي يعلى قال: كان الربيع إذا قيل له كيف أصبحتم؟ يقول:
(29- و) ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا شريح بن يونس قال: حدثنا اسماعيل بن جعفر عن حبيب بن حسان عن مسلم(8/3583)
البطين أن الربيع بن خثيم جاءته ابنته فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ قال: اذهبي فقولي خيرا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: محمد بن فضيل حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: رأيت لبنت الربيع بن خثيم ابنة فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ فقال: يا بنية اذهبي قولي خيرا.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثني محمد ابن عبد الله الأسدي قال: حدثنا قيس بن سليم العنبري عن خوات التيمي قال:
جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة الى بني له فانكبت عليه فقالت: كيف أنت يا بني؟
فجلس ربيع فقال: أرضعتيه؟ قالت: لا، قال: ما عليك لو قلت يا بن أخي فصدقت.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا (29- ظ) عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا مبارك بن سعد عن ياسين الزيات قال: جاء ابن الكواء «1» الى الربيع بن خثيم قال:
دلني على من هو خير منك، قال: نعم من كان منطقه ذكرا وصمته تفكرا، ومسيره تدبرا فهو خير مني.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن المساور قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال ابن الكواء للربيع بن خثيم: ما نراك تعيب أحدا ولا تذمه؟
فقال: ويلك يا بن الكواء ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذنبي الى حديث الناس إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس وأمنوه على نفوسهم.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا(8/3584)
أبو همام قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن أبي طعمة نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال الربيع بن خثيم: الناس رجلان مؤمن وجاهل، فأما المؤمن فلا توده وأما الجاهل فلا تجاهله.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا خلف بن خليفة عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: أتينا الربيع بن خثيم فقال ما جاء بكم؟ قلنا: جئنا لنحمد الله ونحمده معك ونذكر (30- و) الله ونذكره معك، قال: الحمد لله الذي لم تأتوني تقولون:
جئنا تشرب فنشرب معك وتزني فنزني معك!
أخبرنا عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجنى بنت عبد الله قالت:
أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا الحسين ابن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني علي بن الحسن عن زيد بن الحباب عن صالح بن موسى عن أبيه قال: سمع الربيع بن خثيم رجلا يلاحي رجلا، فقال له: لا تلفظ إلّا بخير ولا تقل لأخيك إلّا ما تحب أن تسمعه من غيرك فإن العبد مسئول عن لفظه محصى عليه ذلك، أحصاه الله ونسوه.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو قدامة عبد الله بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن سالم ابن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم قال: حرف وأيما حرف:
«مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ»
«1» .
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن منذر الثوري قال: قال الربيع بن خثيم سورة يراها الناس قصيرة، وأنا أراها طويلة عظيمة لله تعالى بحتا ليس لها خلط فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئا استقلالا لها وليعلم (30- ظ) أنها مجزية، يعني سورة الاخلاص.(8/3585)
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن مقاتل قال: حدثنا ابن المبارك عن سفيان، ح.
قال: وحدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا جعفر بن الصباح قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا الأشجعي قال: ما سمعت سفيان يقول: قال الربيع ابن خثيم: أريدوا هذا الخير بالله تنالوه لا بغيره، وأكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله، فإن الغائب إذا طالت غيبته رجيت جيئته وانتظره أهله وأوشك أن يقدم عليهم.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع يقول: أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم قال: ما غائب ينتظره المؤمن خير من الموت.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو زبيد عن حصين قال: قال الربيع بن خثيم: عجبت لملك الموت ولثلاثة: لملك ممنّع في حصونه يأتيه ملك الموت فينتزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ومسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه لا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه، ولطبيب (31- و) نحرير يأتيه ملك الموت فينزع نفسه، ويدع طبه خلفه.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مصعب قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع: يا منذر، قلت: لبيك، قال: لا يغرنك كثرة اليأس من نفسك فإنه خالص إليك عملك.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:(8/3586)
حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثني عثمان بن زفر قال: حدثنا ربيع بن منذر عن أبيه الربيع بن خثيم قال: كل ما لا تبتغي به وجه الله يضمحل.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت محمد بن النضر الحارثي قال: كان الربيع بن خثيم يقول تفقه ثم اعتزل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن ابراهيم النسفي القاضي قال: سمعت علي بن عمر ابن بلال قال: سمعت علي بن أحمد بن علي الوراق قال: سمعت محمد بن الحسن الزاهد يقول: أصاب ابن خثيم فالج فقيل له: لو تداويت؟ فقال: قد هممت ثم ذكرت «عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا» كانت (31- ظ) فيهم الأوجاع وكان فيهم الأطباء فهلك المداوى والمداوي ولم يغن الدواء شيئا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الرحمن الكشميهني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال:
أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القاري قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن شاذان قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثني أبي قال أخبرنا علي بن شقيق عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري قال: كتب الربيع خثيم الى بعض أخوانه أن زمّ جهازك وكن وصي نفسك ولا تجعل أوصياءك الرجال.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد ابن سلم قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: أنظروني، قال: فتفكر، ثم قال: «عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا» قال: فذكر من حرصهم(8/3587)
على الدنيا ورغبتهم كانت فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء وكان فيهم مرضى ولا أرى المداوي بقي ولا المداوى، وأهلك الناعت والمنعوت، لا حاجة لي فيه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر قال: أنبأنا (32- و) أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم- بالقاهرة- قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن علي الوراق قال:
حدثنا الحماني عن المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم في مرضه الذي مات فيه: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: أنظروني أتفكر، فقال: «إن عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا» قد كانت فيهم أطباء فما أرى المداوي بقي ولا المداوى.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال:
حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: كتب الربيع بن خثيم وصيته:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هذا ما أوصى به الربيع بن خثيم وأشهد الله عليه «كَفى بِهِ شَهِيداً»
«1» وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا بأن رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا، وأن(8/3588)
آمر نفسي ومن أطاعني أن نعبد الله في العابدين ونحمده في الحامدين وأن ننصح لجماعة المسلمين.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم الحافظ: قال حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن موسى بن العباس قال: حدثنا اسماعيل بن سعيد قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: كانت وصية الربيع: هذا ما أوصى به الربيع، ح.
قال وحدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن الربيع أنه أوصى عند موته فقال: هذا ما أوصى به الربيع على نفسه (32- ظ) وأشهد الله عليه «وكفى به شهيدا» وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا بأني رضيت بالله ربا، وبمحمد نبيا، وبالاسلام دينا، ورضيت لنفسي ومن أطاعني بأن أعبده في العابدين، وأحمده في الحامدين وأنصح لجماعة المسلمين.
قال أبو نعيم رواه شعبة عن سعيد بن مسروق عن الربيع. قال شعبة: فقلت لسعيد: من حدثك بهذا؟ قال: حدثنيه الحسن عن الربيع مثله.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سرية الربيع قال:
لما حضر الربيع بكت ابنته، فقال: يا بنية لم تبكين، قولي: يا بشراي لقي أبي الخير.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن حمد بن حماد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحسين بن عمر الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبّال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسين، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال:
حدثني أبو الحسن بن الحسين قال: حدثنا محمود بن محمد قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا سفيان عن أبي حيان أن الربيع بن خثيم قال عند موته: لا تعلموا بي أحدا وسلوني الى ربي سلا.(8/3589)
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي (33- و) قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي ابن قانع قال: سنة احدى وستين: الربيع بن خثيم، يعني مات فيها.
الربيع بن زياد بن سابور:
ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب، كان بالرصافة كاتبا لهشام ابن عبد الملك على الرسائل، وولي خاتمه وحجابه وحرسه، وحكى عن هشام بن عبد الملك، وحكى عنه علي بن محمد المداري.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال:
حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في تسمية عمال هشام:
الخاتم: الربيع بن زياد بن سابور مولى بني الحريش الحرشي (الحرس) «1» نصير مولاه، ثم عزله وولى الربيع بن زياد مع الخاتم الصغير والخاصة «2» .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الربيع بن زياد بن سابور، ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب كان (33- ظ) حاجبا لهشام بن عبد الملك وكان على خاتمه وحرسه وحكى عن هشام، حكى عنه علي بن محمد المداري وأظنه لم يلقه.
وذكر أبو الحسين الرازي أن الربيع بن زياد كان كاتبا لهشام بن عبد الملك على الرسائل والخاتم.
ربيع بن عبد الله الحموي الشامي:
كان من أهل حماة، روى عنه الشريف النسابة أبو عبد الله محمد بن أسعد(8/3590)
ابن علي الجواني ونقلت من خطه في كتابه المسمى «بالجوهر المكنون في النسب «1» » .
قال مؤلف هذا الكتاب الشريف النسابة، وكان أحد شيوخي في الحديث، ويسمى ربيع بن عبد الله الحموي الشافعي، يرقي العقرب ويأخذها بعد أن يتفل عليها قدامي، ويقول شيئا لا أفهمه، فسألته: ما تقول عليها؟ فقال: لي رقية من بعض شيوخي يسندها عن بعض من هاجر الى الحبشة أنه سمعها من الحبشة يقولونها ويأخذون العقرب بها وهي: «هلسا بلسا بكفى فينا، برزاثا بدهدو، هدّو، دار يكز بالشيينرز بكز مما ركز مؤنسه سمنكرة كرنكر، أره» ثم قالها عليها قدامى بعد أن تفل عليها من ريقه، وأخذها، وقال لي: خذها أنت أبضا فقلت: يا شيخ غر غيري، والله لا مسستها أبدا ولا دنوت منها إلا أن تكون ميتة، واذا كانت ميتة ما أمسكها استقذارا لها.
ربيع بن محمود بن هبة الله:
أبو الفضل المارديني أحد الأولياء (34- و) المعروفين بالكرامات، ورد حلب مرارا، وكان له مع عمي أبي غانم ووالدي صحبة، وكان اذا قدم حلب نزل بالمسجد المعروف بنا، الذي أنشأه جد أبي أبو غانم محمد، وعمر له والدي زاوية الى جانب هذا المسجد كان ينزلها اذا قدم حلب، وآخر قدمه قدم حلب قبل الستمائة أو فيها، وخرج والدي وعمي الى لقائه وأنا معهما، فالتقيناه خارج باب الأربعين بالقرب من خان مجد الدين، وكنت إذ ذاك صبيا لم أبلغ الحلم، وسمع الملك الظاهر غازي بقدومه فخرج الى لقائه، فوصل طاردا فرسه الينا ونحن معه شرقي مسجد السبرير «2» فترجل له عن فرسه، ومشى اليه وتبرك به، ودخل ونحن معه الى الشيخ علي بن الصكاك أبي الحسن الفاسي وأحضرني والدي بين يديه بحضرة الشيخ أبي الحسن واستقرأني شيئا من القرآن العظيم فقرأته، ودعالي رحمه الله، وسمعته في ذلك اليوم يقول للشيخ أبي الحسن: يا شيخ مت حتى نموت فاتفق أن الشيخ أبا الحسن توفي سنة إحدى وستمائة ثم توفي ربيع في أوائل سنة(8/3591)
اثنتين وستمائة ثم إن الشيخ ربيع انفصل من زاوية الشيخ علي الفاسي ودخل معنا الى المسجد، فأقام به عندنا مدة، ثم سافر.
وكان الشيخ ربيع حنفي المذهب، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن علي ابن الحسن، وروى عنه وعن ابن أبي الضيف المكي، روى لنا عنه أبو الفضل محمد بن هبه الله بن أحمد بن قرناص، وعمى أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وحكى لي عنه أبو موسى (34- ظ) عيسى بن سلامة الحضرمي وأبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر الجزري الكردي، والأمير علي بن سليمان بن ايداش أمير الحاج الشامي، والقاضي أبو عبد الله محمد بن شيخنا أبي محمد عبد الرحمن بن الاستاذ، وعمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله والشيخ أبو القاسم الأسعردي نزيل البيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد.
أخبرنا أبو الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص بحلب قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو الفضل ربيع بن محمود بن هبة الله المارديني بحماة، وقد قدم علينا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
قال أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الامام أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الشافعي الدمشقي قال: أخبرنا الامام أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن الفتح السلمي- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد ابن أحمد بن طلاب الخطيب- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن جميع الغساني بصيدا- قراءة منه علينا في داره- قال: حدثنا أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة: اثنين وعشرين حرفا يجتمعون إليها علماء بني اسرائيل يقرءونها كل يوم، أولها: لا كنز أنفع من العلم، ولا مال أربح من الحلم، ولا حسب أربح من الأدب، ولا نسب أوضع من الغضب، ولا قدر أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أكبر من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الشهوات، ولا عقل أفضل من التقى، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوأ من الفقر، ولا دواء ألين من (35- و) الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا دليل أوضح من الصدق، ولا غناء أسمى من الحق،(8/3592)
ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حارس أحرس من الصمت، ولا معيشة أهنأ من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
حدثني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وكتبه لي بخطه قال:
قال لي الشيخ ربيع بن محمود: كنت مع فقراء في البرية في طريق مكة فتمشيت معهم وأبعدنا أمام الحاج، فقال بعضنا: والله كنا نشتهي في هذا الموضع رطبا، فقال فقير من الجماعة: وتريدون ذلك؟ فقلنا: نعم، فمضى وتوارى عنا فجاءنا برطب رطب وما على الارض رطبة واحدة فأكلنا (35- ظ) .
أنشدني أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري قال: سمعت الشيخ ربيع ينشد هذين البيتين، ونحن سائرون من مكة الى المدينة ولم نسمعه ينشد غيرهما، وكان لا يرى إنشاد الشعر ولا سماعه وإذا سمع أحدنا ينشد بيتا ينكر عليه والبيتان.
ليال وأيام تمر حواليا ... من الوصل ما فيها لقاء ولا وعد
إذا قلت هذي مدة قد تصرمت ... أتت مدة أخرى تطول وتمتد
أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي قال: كان الشيخ ربيع من أهل ماردين وحكى لي أنه مضى الى البيت المقدس ليزوره وهو اذ ذاك في يد الفرنج، قال: وكنت أعيش من عمل الفاعل، وكنت أعرف بماردين جماعة من النصارى، فنزلت عندهم في القدس وكنت أعمل عند الرهبان لأنهم لا يمنعوني من الصلاة وكنت أقتات مما يحصل لي من الأجرة، وآخذ ما يفضل لي من الأجرة وأزور به الصخرة، وأزن للذي (36- و) على باب الصخرة لأخذ الجعل من المسلمين قرطسيا في كل مرة، وكلما فضل لي شيء فعلت به هكذا، ودخلت الى الصخرة وزرت وصليت، فكنت في بعض الأوقات لا أجد شيئا فجئت إليه يوما وليس معي شيء فقال: هات فقلت: ما معي شيء، فقال: ادخل، فأنكر عليه النصارى وقالوا له: كيف تترك هذا الرجل يدخل ولا تأخذ منه شيئا؟ قال: انه كان يؤدي الذي يؤديه من وسط قلبه، فلو كان معه شيء لأداه فلهذا تركته.(8/3593)
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة بن سليم بن عبد الوارث الحضرمي الحميري قال: كنت سمعت أن الشيخ ربيع بن محمود أمي لا يعرف الخط، وأنه يقرأ القرآن في المصحف فجئت يوما الى موضعه الذي يقرأ فيه القرآن فتواريت عنه فسمعته يقرأ سورة الفتح ويؤدي أداء حسنا كأنه مارس القراءة ومهر فيها، فسلمت عليه، وقلت: على من قرأت؟ فقال لي: على الذي أنزله، فقلت: هذا أجدر أن تخبرني به، فأطبق المصحف وقال لي: كنت بالمدينة على ساكنها السلام أعمل بالفاعل، وأسقي بالقربة، وما يحصل لي في النهار أعمل به جفنة للفقراء مدة اثنتي عشرة سنة ولما كان بعد ذلك جعلت أرى كل من ألقاه يكلمني بكلام حكمة من الطير والدواب والجماد والحيطان وغيرها فشق علي ذلك وقلت لا اطيق حمل هذا لأنني لا أحسن الكتابة، فوقع لي أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم وأشكو اليه ما نزل بي فجئته (36- ظ) وشكوت اليه ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: يا ربيع ادع الله تعالى أن يسهل عليك قراءة القرآن في المصحف فهي أفضل العبادة، فقمت وتوضأت وجئت الى النبي صلى الله عليه وسلم وصليت ركعتين عنده ودعوت الله بما أمرني به الرسول صلى الله عليه وسلم ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي يا ربيع افتح المصحف واقرأ، فأخذت مصحفا كان عندي ففتحته وجعلت أتبع سوره ويقع لي أن هذه الكلمة الحمد والأخرى لله، وما بعدها كذلك الى أن ختمت القرآن جميعه. قال: وصارت عبادته بعد ذلك الى أن مات رحمه الله.
حدثني الشيخ أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري المعروف بالملقن قال: كان الشيخ ربيع بن محمود الماردي قدس الله روحه لا يدخر لغداء من عشاء، ولا لعشاء من غداء، وكان لا يفطر في كل شهر غير يوم أو يومين، ويؤثر أصحابه على نفسه ولا يأكل من مال سلطان ولا جندي ولا من له قطيعة على وقف وصحبناه مدة طويلة في البلاد مثل مكة والمدينة، ودمشق، وغيرها.
قال: وصليت معه ليلة العشاء الآخرة في الحرم الشريف بمكة، فلما فرغ من الصلاة قال لنا: قوموا بنا الى العمرة، وكنا معه أربعة نفر، وهو، فلما وصلنا الى التنعيم وأحر منا بالعمرة وأقبلنا الى مكة ووصلنا الى متكأ النبي صلى الله عليه (37- و) وسلم وجلسنا ساعة تتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا(8/3594)
متوجهين الى مكة فلما قربنا من موضع يقال له الشبيكة قال لنا الشيخ ربيع: قفوا مكانكم فوقفنا، ثم أخذ على يسار الطريق ومشى متياسرا الى أننا ما بقينا نرى منه في ظلام الليل إلّا شبحه، فسمعناه يقول: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتأملنا واذا بانسان واقف معه، فصافحه ووقف معه ساعة ثم عاد الينا فقال لنا: امضوا فصافحوه، فجئنا فسلمنا عليه وصافحناه فوجدنا يده على غاية من اللين والترف، وقلنا له: ادع لنا، فقال لنا: غفر الله لكم، ثم جذب يده منا ومشى على حاله متوجها الى العمرة، فلما جئنا الى الشيخ ربيع سألناه عنه فقال: هذا اسمه عبد المجيد اليمني من أهل اليمن يصلي الخمس الصلوات في الحرم ولا يرأه أحد.
قال لي يوسف الملقن: ومضيت مع الشيخ ربيع ليلة الى عمرة الحديبية وصلينا بها المغرب فلما أفطرنا أحرمنا وتوجهنا الى مكة وكان الطريق وعرا فتهنا عن الطريق فقال لنا الشيخ ربيع: قفوا فان الطريق قد اشتبه علينا في ظلام الليل فوقفنا على على عزيز أن نقف مكاننا الى الصباح، ثم نمضي ثم بدا للشيخ رأي فقال: سيروا بنا، فما أحسسنا بأنفسنا إلّا في مكة حرسها الله، فسألناه- بعد أن طفنا بالبيت وسعينا- عن ذلك وقلنا: ان هذا لعجب قلت لنا: بيتوا فقد (37- ظ) تهنا، ثم بدا لك فسرت بنا فجئنا على العادة ولم نته عن الطريق؟ فقال: لما قلت لكم قفوا اشتبه علي الطريق، فقلت لكم ذلك، فبعد ساعة رفع الله البيت لي حتى علا على جميع الجبال فوقع نظري عليه فقصدته ولم أزل أؤمه حتى وصلنا.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة والأمير علي بن سليمان ابن ايداش ابن السلار قالا: قال لنا الشيخ ربيع: كنت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا وجاء رجل تركي من أتراك المدينة الى فقير في المسجد يستفتيه فقال له ذلك الفقير: امض الى الشيخ ربيع فهو على مذهبك، يريد أنه حنفي المذهب فجاء إليّ فقال ان رجلا من الزيدية له بنت، وقد سافر عنها زوجها أو غاب وهم يريدون يفسخون النكاح ويزوجوني بها فهل يجوز ذلك لي؟ فقال له الشيخ ربيع:
قد ذكر أبو الحسين القدوري في مختصره أنه لا يحل ذلك حتى يبلغ مائة وعشرين سنة من يوم ولد وبعد ذلك تزوج فقال: فأنا أفعل ذلك، قال الشيخ ربيع: فلما انفصل عني أخذني حياء وخجل من النبي صلى الله عليه وسلم وقلت: من أنا حتى(8/3595)
أفتي بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الفقهاء أنا أم من المفتين، والله ما هذا إلّا جرأة عظيمة وأخذني حياء عظيم وخجل فنمت وأنا قاعد فرأيته صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: أفلحت (38- و) دنيا وآخرة، لو لم تعرف من العلم إلّا هذه المسألة لكفتك، قال: فاستيقظت فسمعته يقول لي وأنا مستيقظ:
أفلحت دنيا وآخرة لو لم تعرف من العلم إلّا هذه المسألة لكفتك، قال: فطاب قلبي وزال عني ما كنت أجده.
قال لي عمي أبو غانم: قال لي الشيخ ربيع: كنت في طريق مكة ولحق الناس عطش شديد، وكان معي أداوة ملأى من الماء فرأيت اثنين من الصوفية وهما ماشيان وقد اسودت وجوههما من شدة العطش فقلت لهما: تريدان الماء؟ فقالا:
نعم فناولتهما الإداوة وقلت: اشربا منها وخليا لي منها فأخذاها فشربا ما كان فيها جميعه ثم دفعاها إليّ فأخذتها وربطتها على الجمل فلما نزل الحاج أخذتها وحللتها فاذا هي ملأى من الماء.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة الحضرمي قال: سافرت سنة سبع وتسعين وخمسمائة الى بلاد المغرب فأقمت بها سنة، ثم خرجت الى الاسكندرية فلما قربت من الاسكندرية رأيت في المنام كأن الشيخ ربيع في الاسكندرية، وقد فتح طاقا على البحر فدعا وقال في أثناء دعائه: كتب الله سلامتك يا عيسى فبعد يومين أو ثلاثة وصلت الى الاسكندرية وسمعت أن الشيخ ربيع فيها، فخرجت اليه، وسلمت عليه، وقلت له: رأيتك في المنام البارحة الاولى وقد فتحت (38- ظ) الطاق ودعوت بكذا وكذا؟ فقال لي: نعم كذا جرى، ثم قدم لنا طعاما فيه سمك، ولم يكن له عادة بأكل السمك، فقلت له: أراك تأكل السمك ولم يكن لك بذلك عادة؟ فقال لي:
كنت في هذا العام بالبيت المقدس فخرج على قلبي طلوع، ولم يزل يكبر الى أن صار قدر الأترجة الصغيرة فضيق عليّ فنمت فرأيت قائلا يقول لي: ان أردت أن يزول هذا عن قلبك فكل السمك، رأيت ذلك مرتين أو ثلاثة، فعزمت على أكل السمك، وقلت: لا أسأل أحدا فيه، ان قدم بين يدي أكلته والا فلا أسأله فأقمت شهرين بالبيت المقدس الى أن وصل رجل صالح فعزم عليّ بالتوجه الى الديار المصرية فرحلت معه الى الديار المصرية، ونزلت عند ابن السكري ومن عادتهم أن(8/3596)
يعملوا لي طعاما ليس فيه سمك ولا لحم فصنعوا لي أرزا بلبن، فلما جاء صاحب المنزل بعد العشاء الآخرة طلب الأرز، وكان قد جاء الى المرأة هدية زبدية فيها سمك مطبوخ فوضعتها الى جانب زبدية الشيخ التي فيها الأرز فطفىء السراج فأرادت أن تدفع اليه الأرز فدفعت اليه زبدية السمك، فلما دخل الى الشيخ وضعها بين يديه، فكشفها فاذا فيها السمك فخجل صاحب البيت وقال: والله ما تعمدت ذلك ولا علمت أن في الدار سمكا وأراد أن يأخذ زبدية السمك ويرفعها (39- و) فقال له الشيخ: دعها وامض وارفع الخبز ووجد فيها السمك فأكله وشرب مرفته؟؟؟ ونام.
قال الشيخ: فرأيت ذلك الشخص الذي رأيته في بيت المقدس في النوم وقال:
يا شيخ ربيع ألم أقل لك انك اذا أكلت السمك برىء هذا الداء فانتبهت فأمررت يدي على صدري فلم أجد شيئا.
قال لي أبو موسى الحضرمي: ثم سألت الشيخ ربيع: ما رأيت في خلوتك هذه وكان في الخلوة خارج الاسكندرية أربعين يوما؟ فقال لي: كنت يوما جالسا اقرأ القرآن في المصحف واذا بغلام صاحب الموضع قد دخل عليّ بطبق فيه مشموم نارنج وليمون وريحان فنظرت اليه، وتركت النظر في المصحف فعميت ولم أر شيئا، وكان زمن الصيف فبقيت كذلك من بكرة ذلك اليوم الى الزوال، وما علمت من أين أتيت فلما كان عند الزوال وقع لي أن ذلك عقوبة ترك النظر الى المصحف والنظر الى ذلك الطبق وكشفت رأسي وسجدت وجعلت أتضرع الى الله تعالى فأبصرت ورفعت رأسي فرأيت الشمس زالت فتوضأت وصليت (39- ظ) .
***(8/3597)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
سمعت القاضي جمال الدين أبا عبد الله محمد بن شيخنا الامام عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان يقول: سمعت الشيخ ربيع يقول لي: لا شك أن طبع البشرية يغلب الانسان في كثير من الأحوال، فانني أحكي لك أنني كنت نائما بمكة فرأيت كأنني راكب في البحر على ساحل الشام أقصد زيارة بعض الاماكن وكأن المركب الذي كنا به قد انكسرت رجله، ولم يكن معنا رجل فخفنا وكدنا نغرق ودعونا الله تعالى، وغلب الناس علينا، واذا بمركب قد لاح لنا وأقبل وجاء نحونا يمشي مسرعا حتى وصل الينا فأخرجوا لنا رجلا فعملناها لمركبنا فسلمنا، قال: وانتبهت وقلت: لأركبن البحر حتى أنظر ما يكون من هذه الرؤيا قال: فجئت الى ساحل جدة وطلبت الركوب في بعض المراكب فجعل أصحاب المراكب يطلبونني، وكل منهم يطلب أن أركب معهم لحسن عقيدتهم فيّ، فركبت في بعض المراكب واذا به ذلك المركب الذي عاينته في المنام بعينه قال: فسرنا في البحر فانكسرت رجل المركب على ما رأيته في النوم ودخل الماء في المركب وخفنا من الغرق واستولى اليأس علينا، وكنت كأحدهم، ولحقني من الجبن والخوف كما لحق الباقين، مع ما ظهر لي من أوائل الامر الذي شاهدته في المنام قال: وجعلت أصيح لصاحب المركب وهو على الصاري انظر الى هذه الجهة وأنا أنتظر الفرج كما شاهدت في النوم قال: فجعل ينظر الى تلك الجهة ثم صاح بعد ساعة جاء (41- و) الفرج قد لاح لنا مركب، قال: فجاء المركب الذي شاهدته في النوم على الصفة التي شاهدتها وساق نحونا حتى وصل الينا، وقد كدنا نهلك وكان معهم رجل دفعوها الينا فأصلحنا بها مركبنا وسلمنا ولله الحمد.
أخبرني يوسف بن أبي طاهر المنبجي قال: ورد الشيخ ربيع بن محمود من مكة(8/3598)
الى حلب وأقام بمسجد جمال الدين عمك أياما ثم خطر للشيخ أبي الحسن علي الفاسي والشيخ ربيع وعمك أبي غانم أن يمضوا لزيارة الشيخ أبي زكريا الى دير النقيرة فقاموا وخرجوا وخرجت معهم ونحن أربعة نمشي حتى بتنا بأقذار قرية والدك، ثم قمنا منها وصلينا الظهر بحاضر طيء وأقمنا بها الى العصر ثم جئنا الى تل باجر وقت المغرب وكنت أنا والشيخ ربيع صائمين لاني قد آليت على نفسي أن لا أفطر حتى أختم القرآن، ولم أكن ختمته بعد فأتانا الفلاحون بطعام وجاؤوا في جملته بصحن كبير فيه بطة وهم فرحون كيف قدموا لنا بطة حتى نأكلها فقال الشيخ ربيع:
كلوا ولا تأكلوا من هذه البطة شيئا فامتثلنا أمره ولم نأكل منها وأنفسنا تشتهيها فقال الفلاحون: يا مشايخ كلوا فما هو لمن جني بل هو لمن رزق، والتفت الفلاح الذي جاء بها الى رفيقه وقال: يا فلان انظر الى فعل ذلك الظالم كيف ألزمنا وكلفنا عمل هذه البطة وأحوجا الى أن نحتال في ثمنها فلم يجعلها الله في رزقه وكانت في رزق هؤلاء السادة، فلما سمعنا منه نظر كل منا الى صاحبه وسكت وحمدنا الله تعالى على (41- ظ) ذلك وعلمنا أن الشيخ ربيع كوشف بذلك.
قال لي يوسف المنبجي: وحججت في بعض السنين قبل أن يفتح البيت المقدس بسنة وكنت قد حججت ماشيا في ذلك العام واجتمعت بالشيخ ربيع بمكة، ولم يشعر بي إلّا وأنا نائم على باب قبة الشراب وكنت قد قيل لي إنه ساكن بها، فرحب بي وقال لي: أنت رفيقي الى الشام بعد الوقفة في هذه السنة فان في هذه السنة الآتية يفتح الله البيت المقدس وبلاد الفرنج ولا تعلم بذلك أحدا، فخرجت بعد قضاء الحج في صحبته فلما أشرفنا على دمشق نزلنا من المحارة وقال للجمال: أنت في حل مما فيها وكان فيها له أشياء مما يحتاج اليه وأقمنا في دمشق أياما ثم صعدنا الى طبرية وقدر الله أن فتحت القدس والساحل في تلك السنة، وحضرت معه فتوح البلاد كلها.
قال لي يوسف المنبجي: وكنت مجاورا مع الشيخ ربيع في بعض السنين وأنا إذ ذاك صبي فاشتقت الى أهلي وقلت: هذه السنة أخرج الى أهلي إن جاءني من أعرف منهم، فلما قضى الحج ولم أر أحدا من أهلي ولا ممن أعرف من البلاد جئت(8/3599)
في بعض الايام وطفت بالبيت، وتقدمت الى الركن اليماني وأنا آيس من العود الى البلاد في تلك السنة ففتح الله عليّ أن قلت: يا رب ان رزقتني جملا أركب، وخبزا آكل وماء أشرب عدت الى أهلي في هذه (42- و) السنة وإلا أقمت بمكة، وكان ذلك ضحوة ذلك النهار، وصليت الظهر في ذلك النهار عند الشيخ ربيع، فالتفت إليّ وقال لي: يا يوسف قد حصلت لك جملا تركب، وخبزا تأكل وماء تشرب، ولم أعلمه بقولي، والتفت الى بعض الجمالين وقال له: هذا الصبي الذي قلت لك في معناه، واكترى لي معه بأربعة دنانير مكفّا والخبز والماء عليه.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: قال لي الشيخ ربيع حججت في بعض السنين ورجعت الى البلاد فلما كنت في بعض الطريق نفد ما كان معي ولم يبق إلّا الناقة فقلت لبعض الجمالين: احملني الى الكوفة وخذا الناقة، ففعل فلما وصلت الى الكوفة قلت لصاحب لي: إيش قعودنا نمضي الى بغداد فمضيت أنا وصاحبي الى بغداد وما أقمنا بها ومضينا منها على البوازيج «1» ووصلنا الى الموصل وما وصل خبر الحاج الى الموصل فوجدنا قضيب البان على باب الموصل فقلنا له: ادع لنا، فقال: أنتم دعاؤكم مستجاب الى أربعين يوما، وكنا إذا قلنا إننا جئنا من الحج لم نصدق.
قال لي عمي: قال لي الشيخ ربيع: كنت مرة مع الحاج من الموصل الى بغداد فنزلت وتمشيت أمام القافلة فرأيت رجلا، فمشيت معه قليلا، فقال لي: امش معي فمشيت معه ساعة، فقال لي: تدري أين أنت؟ (42- ظ) قلت: نعم فودعني ومضى فبقيت في ذلك الموضع تلك الليلة وذلك اليوم الى العشاء الآخرة من الغد حتى وصلت الى قافلة الحاج.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة صاحب الشيخ ربيع قال: كنت مجاورا بمكة في سنة احدى وستمائة في صحبة الشيخ ربيع فقال لي: أريد أن أنفرد في هذه الأشهر يعني شهر رجب وشعبان، وشهر رمضان، بنفسي ولا يقربني أحد ففعل(8/3600)
ذلك، فلما كان يوم العيد جئت الى بابه فأردت الدخول اليه للسلام عليه، فضربت الباب فخرج إليّ وسلم عليّ وسلمت عليه، وجاء الناس يسلمون عليه، فقال: مات الشيخ أبو الحسن الفاسي؟ فقلت له: نعم من أخبرك بهذا، وكنت قد سمعت بموته من مراكب جاءت في البحر، فقال لي: رأيت في المنام كأن ثنيتي العليا قد سقطت، فقلت له: يؤوّل هذا بالأخوة والآباء؟ فقال: أي أب وأخ أعظم من الشيخ أبي الحسن، ثم قال لي: قد قرب الموت يا أصحابنا ما بقينا نجتمع بعد هذه الوقفة إلّا في الدار الآخرة إن شاء الله، ثم قال لي: كنت قد عزمت على أني لا أخرج وأن أصوم الستة أيام أتبع شهر رمضان، وما كنت فعلت هذا قبل ذلك لأن مذهبي وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكره صومها متتابعا، فرأيت الشيخ أبا الحسن الفاسي في المنام وقال: لأي شيء رجعت عن مذهبك، وعادتك، قم فاخرج الى الناس فقمت وخرجت لما سمعت ضربك الباب (43- و) .
قال لي عمي أبو غانم: سمعت الشيخ ربيع يقول: رأيت الشيخ أبا زكريا رحمه الله في المنام فقال لي: يا ربيع أول من يموت منا أنا، ثم الشيخ علي الفاسي، ثم أنت، فمضى لذلك قليل فمات الشيخ أبو زكريا، ثم ان الشيخ ربيع قدم حلب فوجد الشيخ أبا الحسن مريضا، فكان يقول له: يا شيخ مت حتى أموت أنا، فبقي الشيخ علي بعد ذلك مدة ثم مات بحلب، ثم مات بعده الشيخ ربيع بعد مدة قريبة بالبيت المقدس رحمهم الله تعالى.
حدثني عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة- وكان قد حج سنة احدى وستمائة- قال: لما وصلت مكة حرسها الله وجدت الشيخ ربيع في أواخر مرض أشفى فيه على الموت أيس منه أصحابه فرآهم منزعجين بسببه، وبكوا حوله، فقال لهم: لا تشغلوا قلوبكم فأني لا أموت إلا في البيت المقدس، فلما قضينا حجنا وكنت قد حججت على العراق، عرضت على الشيخ ربيع أن أحمله الى الشام، وعدت على طريق أيلة، وكان أكثر رغبتي في العود على طريق أيلة صحبة الشيخ ربيع، فصحبته وأصابه الذرب وقوي عليه في الطريق، وجئت الى عقبة أيلة وهي عقبة مشقة لا يركب فيها أحد فلم يمكن الشيخ ربيع النزول وصعد راكبا على الجمل والجمل الذي تحته في العقبة يصعد به كأنه يمشي في أرض سهلة، قال: ووصلنا الى(8/3601)
قبر الخليل عليه السلام وزرناه، ووصلنا الى البيت المقدس واشتد به المرض وفارقته منه فلما (43- ظ) وصلت دمشق وصلني خبر وفاته، أنه توفي بالبيت المقدس في أواخر صفر أوائل شهر ربيع من سنة اثنتين وستمائة.
قال لي عمي أبو غانم: وبلغني أن الشيخ ربيع أوصى بأن يتولى غسله علي بن السلار، وكان ابن السلار بدمشق فتعجب أصحابه وقالوا: ابن السلار بدمشق، فكيف يغسله؟ فبينما هم على ذلك وصل ابن السلار من دمشق قبيل موته، قال:
ولما احتضر خرج أصحابه من عنده فسمعوه من داخل وهو يقول بانزعاج: ألمثلي يقال هذا؟ ثم سكت، ثم قال: «لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ»
«1» فدخلوا اليه فوجدوه قد قضى نحبه.
وقال لي الامير علي بن سليمان بن ايداش بن السلار، أمير الحاج الشامي:
أوصى الشيخ ربيع إليّ في غسله وتجهيزه ودفنه، وكنت بدمشق ولم أعلم بذلك، فبلغني خبر وصوله الى البيت المقدس فعزمت على قصده وجذبني اليه جاذب فركبت من دمشق الى البيت المقدس واجتهدت في السير، وأظنه قال لي: وصلت في ثلاثة أيام فلحقته قبل أن يموت فتوليت غسله وتجهيزه ودفنه رحمه الله.
أخبرني الشيخ أبو القاسم الأسعردي بالمنحنى في طريق الحج، وكان حج في السنة التي حججت فيها على طريق تبوك في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان رجلا صالحا خيارا، قد صحب المشايخ، وتأدب بهم، وجاور البيت المقدس مدة، وكان له زاوية بالحرم مما يلي باب الرحمة، قال: دخل الشيخ ربيع البيت المقدس وهو مريض، وقوي مرضه فسألناه من يغسله (44- و) فقال لنا: الساعة يقدم من دمشق من يتولى ذلك، فقدم هذا شجاع الدين علي بن سليمان بن السلار أمير الحاج، وأشار اليه، قال أبو القاسم: وسمعته يقول وقت موته «لمثل هذا فليعمل العاملون» .
قلت: ودفن بمقبرة البيت المقدس الغربية المعروفة بمامليّ، وزرت قبره(8/3602)
عند مروري بالبيت المقدس، وقبره ظاهر معروف في تربة فيها جماعة من الصالحين، رحمه الله.
الربيع بن نافع:
أبو توبة الحلبي نزيل طرسوس، أحد الثقات الأثبات.
حدث عن عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي، وأبي عثمان سعيد بن شبيب الطرسوسي. وعبد الله بن المبارك وسفيان وعيسى بن يونس وأيوب بن النجار اليمامي، واسماعيل بن عياش، وشريك بن عبد الله، وأبي سليمان عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسي، وأبي كامل يزيد بن ربيعة الرحبي الصنعاني، وعبد الله بن عمرو الرقي، ويحيى بن حمزة، ومحمد بن القراب الجرمي، ومعاوية بن سلام، وسعد بن عبد العزيز، والهيثم بن حميد، وشهاب بن خراش، وأبي الأحوص، ومحمد بن المهاجر الأنصاري، وهشام بن يحيى بن يحيى، وأبو الخطاب مسلمة بن علي، وعلي بن سليمان الكسائي، والحكم بن ظهير، والربيع بن بدر عليلة، ومصعب بن ماهان الخراساني، وشعبة، وعمر بن المغيرة مفتي المساكين، وسليمان بن حيان الكوفي، والمعتمر بن سليمان، وأبي عمر الصنعاني والوليد بن صالح.
روى عنه أبو الليث يزيد بن جهور وعبد الله بن أبي مسلم الطرسوسيان، وأحمد بن خليد الكندي الحلبي، وأحمد بن ابراهيم بن فيل الأنطاكي، وابراهيم ابن سعد الجوهري، وأبو بكر بن محمد بن عبده المصيصي، وأبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد، وأبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدارميان، وفهد بن سليمان، وموسى بن سعيد بن النعمان، والعباس بن أحمد بن الأزهر المستملي اليمامي، وأحمد بن ابراهيم المقرئ، وعبد الكريم بن الهيثم القطان، وأحمد بن محمد بن حنبل، والحسن بن محمد بن الصباح، ومحمد بن عامر الأنطاكي، وأبو حاتم محمد بن ادريس بن المنذر الحنظلي، ورجاء ابن عبد الرحيم، ويحيى بن أكثم القاضي، وأبو جعفر محمد بن بكر، وابراهيم بن الحسين بن ديزيل، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث الدمشقي، وعلي(8/3603)
ابن زيد الفرائضي، وزهير بن محمد بن قمير، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم قاضي عكبرا «1» ، وأبو القاسم عقيل بن الفضل التميمي، وأحمد بن الحسين بن جندب الترمذي، وأبو جعفر محمد بن جعفر السمناني، وأبو اسماعيل محمد بن اسماعيل الترمذي، وروى أبو عبد الله البخاري عنه تعليقا، وروى أبو عبد الله بن محمد بن اسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج، وأحمد بن شعيب النسائي، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني عن رجل عنه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي (45- و) وأبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو طالب بار سطغان بن محمود بن أبي الفتوح القاضي قالوا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السّلفي قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي، قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن ابراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري المزكي قال: أخبرنا حمزة بن العباس بن الفضل قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية- يعني- بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن أبي بكره عن أبي بكرة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الفضة بالفضة إلّا عينا بعين، سواء بسواء، وأن لا نبيع الذهب بالذهب إلّا عينا بعين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تبايعوا الذهب بالفضة كيف شئتم والفضة بالذهب كيف شئتم.
حديث صحيح رواه مسلم عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن صالح عن معاوية»
(45- ظ) .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: حدثنا أبو محمد الحسن(8/3604)
ابن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم بن دازيل «1» قال:
حدثنا الربيع بن نافع قال: قال بعض الحكماء: من أخطأته سهام المنايا قيدته الليالي والسنون «2» (46- و) .
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه الينا- قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل قال: ربيع بن نافع أبو توبة سكن طرسوس، حلبي الاصل، سمع معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم «3» (47- ظ) .
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة- اذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيع بن نافع أبو توبة، روى عن معاوية بن سلام، ومحمد بن المهاجر، وعطاء بن مسلم، روى عنه أبي سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: أخبرنا علي بن أبي طاهر- في كتابه إليّ- قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، وذكر أبا توبة فأثنى عليه، وقال: لا أعلم إلّا خيرا.
سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق حجة «4» (47- ظ) .
ذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في الطبقة الرابعة من تاريخ الثقات قال:
الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي، سكن طرسوس، يروي عن معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم الحلبي، روى عنه ابراهيم بن سعيد الجوهري، مات بعد سنة ثلاث وعشرين ومائتين «5» .(8/3605)
الربيع بن يونس بن محمد بن كيسان أبي فروة:
أبو الفضل الحاجب، وقيل الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولى الحارث الحفار، مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل هو مولى عثمان بن عفان، تولى الحجبة لأبي جعفر المنصور، وقدم معه حلب حين قدمها مجتازا لزيارة البيت المقدس في سنة أربع وخمسين ومائة، ثم صار وزيرا له، ثم تولى الحجبة للمهدي، وقدم معه حلب حين قدمها في سنة ثلاث وستين ومائة وأغزى ابنة هارون، وجعل الربيع معه مدبر جيشه وقيل انه وزر بعد ذلك للهادي.
حدث الربيع عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وعن أبي جعفر عبد الله بن محمد المنصور.
روى عنه ابنه الفضل بن الربيع، وموسى بن سهيل، وعبد الله بن عامر التميمي، وسليمان بن بشير، وخزيمة بن خازم، ومحمد بن عائشة القرشي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قالا: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن (48- ظ) ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الحنائي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن عامر التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة واذا لبس ثوبا جديدا حمد الله وصلى ركعتين وكسا الخلق «1» .
هكذا جاء في رواية أبي بكر الخطيب وقد سقط من الاسناد رجلان والله أعلم.(8/3606)
وقد رواه أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي عن أبي الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان عن محمد بن سهل بن الحسن عن عبد الله بن عامر الأنصاري عن أبي بلال الأشعري عن خزيمة بن خازم عن الربيع الحاجب، وهو أقرب الى الصواب والله أعلم.
أخبرنا بذلك الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو البدر ابراهيم بن محمد ابن منصور القطيعي بكرخ بغداد قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور البزاز قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان قال: حدثنا محمد بن سهل بن الحسن قال:
حدثنا عبد الله بن عامر بن سعد الانصاري قال: حدثنا أبو بلال الأشعري قال:
حدثنا خزيمة بن خازم التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر (49- و) المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الشتاء دخل البيت يوم الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة، وإذا لبس ثوبا جديدا حمد الله تعالى وصلى ركعتين وكسا الخلق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- اذنا- قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: ذكر أحمد بن كامل القاضي أن الربيع حاجب المنصور، هو الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة، قال: واسم أبي فروة كيسان مولى الحارث الحفار مولى عثمان بن عفان قال: وكان ابن عباس المستوف يطعن في نسب الربيع طعنا قبيحا ويقول للربيع: فيك شبه من المسيح يخدعه بذلك، فكان يكرمه لذلك حتى أخبر المنصور بما قال له، فقال انه يقول: لا أب لك فتنكر له بعد ذلك، وفي الربيع يقول الحارث بن الديلمي:(8/3607)
شهدت بإذن الله أن محمدا ... رسول من الرحمن غير مكذب
وأن ولاء كيسان للحارث الذي ... ولي زمنا حفر القبور بيثرب «1»
قرأت بخط بعض علماء النسب أن الربيع الحاجب هو الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة، واسم أبي فروة فريذون بن نرسي بن بهرام بن توزل بن ماهشراد، وكان من أنباء مرازبة عمان وأم أبي فروة من بلي قضاعة، فهلك أبوه فباعه أخواله في أزمة، فسقط إلى عثمان بن عفان في أيامه فأعتقه حين (49- ظ) عرف شرفه، وولي عبد الله بن أبي فروة خراج العراق لابن الزبير، والى الربيع تنسب قطيعة الربيع «2» ، وعم الربيع اسحاق بن عبد الله بن أبي فروة أحد فقهاء المدينة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الربيع بن يونس أبو الفضل حاجب أبي جعفر المنصور ومولاه. «3»
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب صنعه أبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: وقلد المنصور الربيع مولاه نفقاته والعرض عليه، وهو الربيع ابن يونس بن أبي فروة، واسم أبي فروة كيسان، مولى الحارث الحفار مولى عثمان ابن عفان، وكان عبد الله بن أبي فروة كاتب مصعب بن الزبير على العراق، وكان يونس بن محمد شاريا شاطرا بالمدينة، فعلق أمة لقوم بالمدينة غلبها على نفسها فجاءت بالربيع فاستعبد ولم يكن ليونس حال أيام أبي العباس وأهداه إليه فخدمه، وخف على قلبه ثم خدم أبا جعفر بعده فخص به، واستولى على أمره قال: ولما عزم على تقليد الربيع العرض عليه قال له: اجلس في بيتك حتى يأتيك رسولي، فاغتم لذلك، فصار إليه الرسول بدراعة وطيلسان وشاشة، فقال له البس هذا واركب بهذا الزي، فركب وأمر الفراش أن يطرح له مرفقه تحت البساط تقصيرا به عن منزلة المهدي وعيسى بن علي لأنه كان يطرح لهما مرفقتين ظاهرتين، فلما وصل إليه قال له: قد وليتك (50- و) الوزارة والعرض علي، ووليت ابنك الفضل الحجابة(8/3608)
فدخل عليه الربيع يوما والفضل يمشي خلفه، فأخذ الربيع بيده وقال: إن الحاجب لا يمشي خلف إنسان، فقال له المنصور: بلى يا ربيع هذا معك أنت وحدك.
قال: ولما قلد أبو جعفر الربيع العرض عليه حسن مذهبه، وآثر الخيرية حتى عرف بذلك، فكان أبو جعفر إذا أراد لانسان حيزا أمر بتسليمه إلى الربيع، وإذا أراد شرا أمر بتسليمه إلى المسيب فكتب العامل بفلسطين يذكر أن بعض أهلها وثب عليه، واستغوى جماعة منهم فعاث في العمل فكتب إليه أبو جعفر: دمك مرتهن إن لم توجه به فصمد له العامل فأخذه ووجه به فلما مثل بين يدي أبي جعفر قال: أنت المتوثب على عامل أمير المؤمنين لأنثرن من لحمك أكثر مما تبقى على عظمك، فقال وكان شيخا كبيرا بصوت ضئيل:
أتروض عرسك بعدما كبرت ... ومن العناء رياضة الهرم
فقال يا ربيع: ما يقول؟ قال: يقول:
العبد عبدكم والمال مالكم ... فهل عذابك عني اليوم مصروف
فقال أبو جعفر: يا ربيع قد عفوت عنه فخل سبيله واحتفظ به وأحسن إليه.
قال: وهذا الشعر لعبد بني الحسحاس، كان مولاه اتهمه بابنته فعزم على قتله فقال هذا الشعر وأوله: (50- ظ) .
أمن سمّية دمع العين مذروف ... لو أن ذامنك قبل اليوم معروف
كأنها حين تبكى ما تكلمني ... ظبي بعلباء ساجي «1» الطرف مطروف
لا تبك عينك إن الدهر ذو غير ... فيه يفرّق ذو ألف ومألوف
العبد عبدكم والمال مالكم فهل ... عذابك عني اليوم مصروف «2»
قال: ولما استوزر المنصور الربيع ترك أن يسأله حاجة تخفيفا فقال له المنصور يوما: قد انقبضت عن مساءلتي حوائجك حتى أوحشتني، فقال: ما تركت ذاك أني وجدت لها غير أمير المؤمنين ولكني ملت الى التخفيف، قال: فاعرض عليّ(8/3609)
ما تحب من حوائجك قال: حاجتي يا أمير المؤمنين أن تحب الفضل ابني، قال:
ويحك إن المحبة لا تقع ابتداء وإنما تقع بأسباب قال: قد أوجدك الله السبيل إليها قال: وما ذاك؟ قال: تنعم عليه فإذا أنعمت عليه أحبك، فإذا أحبك أحببته قال: فقد والله حببّته إليّ قبل أن يقع من هذا شيء، ولكن كيف اخترت له المحبة من بين سائر الأشياء؟ قال: لأنك إذا أحببته كبر عندك صغير إحسانه وصغر عندك كبير اساءآته وكانت حاجاته عندك مقضية وذنوبه عندك مغفورة.
قال الجهشياري: وكانت وفاه المهدي والهادي مقيم بجرجان وهرون مع المهدي في عسكره، وقد كان الربيع قام بأمر البيعه ببغداد، وشغب الجند عليه وأحرقوا بابه ولقي منهم شرا إلى أن (51- و) أعطاهم أرزاق ثمانية عشر شهرا وسكنهم إلى أن ورد مولى الهادي، وقد كان موسى عتب على الربيع من أجل ما أطلقه من المال واستكثره ولأن الخيزران وجهت إليه وإلى يحيى بن خالد، فأما الربيع فدخل إليها، وأما يحيى فامتنع من ذلك، وقال: أعرف الهادي غيورا وأكره الاقدام على الدخول إلى والدته فعتب على الربيع في دخوله، وأحمد من يحيى امتناعه، فوجه الربيع بابنه الفضل متلقيا له إلى همذان وحمل معه ألطافا وهدايا وأمره بالاعتذار إليه مما أنكره وتعريفه السبب الداعي إليه فقبل هداياه ورجع له، وتجاوز عن زلته وقلده وزارته وتدبير أموره، وما كان عمر بن بزيع يتولاه من دواوين الأزمه.
قال: وحكي أن الربيع لما لقيه شرع في الاعتذار إليه مما أنكره فقال: لا حاجة بك إلى الاعتذار قد كفاك الصفح منا مؤونته، ثم صرف الربيع عن الوزارة وقلدها ابراهيم بن ذكوان الحرّاني الأعور، صاحب طاق الحراني وأقرّ الربيع على دواوين الأزمة، فلم يزل عليها إلى أن توفي في سنة تسع وستين ومائة، وكانت وفاته وسنّه ثماني وخمسون سنة، وصلى عليه الرشيد وهو ولى عهد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي وغيره قالوا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا عن أبي غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وكان المهدي يوم توفي ابن ثلاث(8/3610)
(51- ظ) وأربعين سنة، وكان على رسائله الربيع مولاه وعلى حجابته الفضل بن الربيع، وكان على حجابته قبل الفضل بن الربيع الربيع «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسين علي الصيمري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا محمد بن عمر ابن سلم الحافظ قال: ذكروا أنه لم ير في الحجابه أعرق من ربيع وولده، وكان ربيع حاجب أبي جعفر ومولاه ثم صار وزيره، ثم حجب المهدي، وهو الذي بايع المهدي وخلع عيسى «2» بن موسى، ومن ولده الفضل حجب هرون ومحمد المخلوع «3» وابنه عباس بن الفضل حجب محمد الأمين، فعباس حاجب بن حاجب بن حاجب، وقيل إن الربيع بن يونس وزر للمنصور وللهادي ولم يزر للمهدي وأنه مات في أول سنة سبعين ومائة.
***(8/3611)
ذكر من اسمه ربيعة
ربيعة بن شرحبيل:
له ذكر في وقعة صفين، وشهدها مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه شهد على كتاب لحكمين بين علي ومعاوية.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد بن الصابوني عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفزاء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم ابن الحسين (52- و) بن ديزيل قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا عمرو بن شمر عن جابر قال: سمعت زيد بن حسن يذكر كتاب الحكمين، وزاد فيه شيئا على ما ذكر محمد بن علي والشعبي في كثرة الشهود وفي زيادة في الحروف ونقصان، أملاه عليّ من كتاب عنده وذكره وقال: شهد على ما في هذا الكتاب من أصحاب علي عليه السلام: الأشعث بن قيس، وعبد الله بن العباس، والاشتر مالك بن الحارث، وسعيد بن قيس الهمداني وحصين والطفيل ابنا الحارث، وأبو أسيد ابن ربيعه الأنصاري، ورفاعة بن رافع الأنصاري، وعوف بن مالك بن المطلب القرشي، وبريده بن الحصيب الأسلمي، وعقبة بن عامر الجهني، ورافع بن خديج الأنصاري، وحجر بن عدي الكندي، ووفاء بن سمي البجلي، وعبد الله بن الطفيل العامري، وعبد الله بن جحل العجلي وعقبة بن زياد الأنصاري ويزيد بن جحيّة الكندي، ومالك بن كعب الهمداني، وربيعه بن شرحبيل، والحارث بن مالك، وحجر بن يزيد وعقبة بن حجيّة.
ربيعة بن عاصم العقيلي:
قدم مع زفر بن الحارث الكلابي وسيابة السلمي على معاوية بن أبي سفيان وكان طريقهم على الجزيرة فاجتازوا بقنسرين، أو ببعض عملها في طريقهم ما بين الجزيرة ودمشق وله ذكر في الأخبار (52- ظ) .(8/3612)
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر- قراءة عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم قال: أخبرنا علي بن الحسين بن بندار قال: حدثنا محمود بن محمد قال: وأخبرني حبش بن موسى عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش أن قيسا أقبلت حين قتل عثمان من الكوفة والبصرة يريدون الشام، قال ابن عياش: أخبرني أبي قال: أخبرني زفر بن الحارث الكلابي قال: أتبعنا عليّ خيلا تبيتنا حتى وردنا عانات، قال: فمررنا بالجزيرة فإذا بلاد خصبة ريفية ومزدرع، وسعة، وقلة أهل وإنما كان الفرض والجند بحمص، والجزيرة وقنسرين يومئذ من حمص فقالوا:
من لنا بالمقام بهذه البلاد ولكن مهاجرنا إلى غيرها، فلما قدموا على معاوية، قال:
في الرحب والسعة، إنما هاجرتم إلى دينكم، وقد سبقكم أخوانكم من أهل الشام الى الريف والحدائق، ولكن عليكم بالجزيرة، فانزلوها، فوافق قولة هواهم، فرجعوا فنزلوا على أثناء الفرات والمديبر والمازحين «1» وفيهم ربيعه بن عاصم العقيلي وزفر بن الحارث وسيابة السلمي «2» .
ربيعة بن عباد:
ويقال عبّاد، وقال بعضهم: عبادة: الدّئلي الحجازي، ويقال فيه الدّولي والدّئلي، رأى النبي صلى (53- و) الله عليه وسلم وروى عنه، وكان من شهد أليرموك في خلافة عمر رضي الله عنه وغزا الروم في خلافة عثمان رضي الله عنه، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
روى عنه محمد بن المنكدر، وسعيد بن خالد القارظي، وأبو الزناد، وهشام ابن عروة، وعبد الله بن يزيد، وزيد بن أسلم، وأبان بن صالح، وبكير بن الأشج، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي- قراءة مني عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال:(8/3613)
حدثنا أبو بكر الشافعي- املاء- قال: حدثنا اسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: أخبرنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: حدثنا محمد بن المنكدر أنه سمع ربيعة بن عباد الدؤلي أو عبّاد الدؤلي يقول:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على الناس في منازلهم قبل أن يهاجر إلي المدينة فيقول: أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، قال:
ووراءه رجل يقول: يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، فسألت:
من هذا الرجل؟ فقيل: أبو لهب.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري ومحمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: اجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا احمد بن مروان قال: حدثنا عباس محمد الدوزي قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عباد رجل من بني الدئل قال: رأيت النبي صلم الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز «1» وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل يتعبه برمية يقول: يا أيها الناس إنه صابىء، إنه كذاب فقلت: من هذا فقالوا هذا عمه أبو لهب «2» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي- اذنا، وسمعت منه غيره بدمشق- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا ابراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله (53- ظ) قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء قال: حدثنا حجاج قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي(8/3614)
الزناد عن هشام بن عروة قال: رأيت ربيعة بن عباد وهو يحدث وأبي يسأله، فقال:
إن ابن عفان كان أغزانا في مغزاة فمررنا فيها على معاوية، وكان قد وجد علينا في شيء قد بلغه من أمرنا في غزاتنا تلك، فدخلنا عليه فجعلنا نعتذر إليه ونكذب ما بلغه عنا وجعل يوقفنا على بعض ذلك ويؤنبنا فيه، ثم قام رجل منا فقال: أصلح الله الأمير إنّا مكذوب علينا، فلينظر الأمير في أمرنا فإن كنا أثرنا عرف ذلك لنا، وإن كان لنا ذنب عفاعنا فقال معاوية: فذاك إذا، ثم قال الرجل:
لئن كنت لم أذنب فلا تظلمني ... وإن كنت ذا ذنب فسوف أتوب
قال: ثم التفت في وجوه القوم جلساء معاوية فقال:
ولا ينسى قربان الأمير شفاعة ... لكل امرئ مما أفاد نصيب
قال: فقبل منا معاوية وصنع بنا معروفا.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا احمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله النجاري قال: ربيعه بن عباد الدؤلي حجازي، ويقال عباد لا يصح عباد «1» (54- و) .
انبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: كتب إلينا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمر عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيعه بن عباد الدؤلي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز يتبع الناس في رحالهم يدعوهم إلى الله.
روى عنه ابن المنكدر، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، وسعيد بن خالد، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس سمعت أبي يقول ذلك «2» .(8/3615)
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه الينا من مكة قال:
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: ربيعة بن عباد الدؤلي من بني الدؤل بن بكر بن كنانة، مدني، روى عنه ابن المنكدر وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وغيرهم، يعد في أهل المدينة، وعمّر عمرا طويلا لا أقف على وفاته وسنه، ويقال ربيعه بن عباد والصواب عندهم بالكسر من حديث أبي الزناد عن ربيعة بن عباد وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا ووراءه رجل أحول (54- ظ) ذو غديرتين وهو يقول: انه صابىء، انه صابىء، انه كذاب، فسألت عنه فقالوا:
هذا عمه أبو لهب قال: ربيعة بن عباد وأنا يومئذ أزفّر «1» القرب الأهلي «2» .
قلت: وقع لي نسخة من كتاب الاستيعاب لأبي عمر وهي أصل يعتمد عليه مصحح، وعليه حواش بخط بعض العلماء وأهل الدراية من المغاربة، فقرأت في حاشية الكتاب بخطه عند هذه الترجمة ما صورته قال: عباس عن ابن معين: وفي حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عبادة «3» وهو الصواب، ومن قال عباد فقد أخطأ.
ربيعة بن عمرو الجرشي الشامي:
قيل ان له صحبة وسماعا من النبي صلي الله عليه وسلم، روى عن سعد، روى عنه خالد بن معدان، وعلي بن رباح، وأبو المتوكل الناجي.
ويقال انه جد هشام بن الغاز، وكان فقيها وشهد صفين مع معاوية رضي الله عنه، وفقئت عينه يومئذ (55- و) .
نقلت من «كتاب القضاة» تأليف الحافظ عبد الغني بن سعيد من نسخة منقولة من خطه: حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد املاء قال: حدثنا علي بن محمد بن(8/3616)
حبون قال: حدثنا حرملة قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني ابن لهيعة عن الحارث ابن يزيد قال: لما كان يوم صفين اجتمع أبو مسلم الخولاني وحابس- يعني- الطائي وربيعة الجرشي، وكانوا مع معاوية، فقالوا: ليدع كل انسان منكم بدعوة فقال حابس الطائي: اللهم اجمع بيننا وبينهم، ثم احكم بيننا وبينهم، وقال ربيعه الجرشي: اللهم اجمع بيننا وبينهم ثم ابلنا بهم وابلهم بنا، وقال أبو مسلم الخولاني:
اللهم اكفنا وعافنا، فلما التقوا قتل حابس الطائي، وفقئت عين ربيعه الجرشي وعوفي أبو مسلم وقال في ذلك شاعر أهل العراق:
نحن قتلنا حابسا في عصابة ... كرام ولم تترك بصفين مغضبا «1»
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال:
أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال ربيعة الجرشي: قال بعض الناس: إن له صحته وليس له صحبة، هو شامي، جد هشام بن الغاز، روى عنه خالد بن معدان سمعت أبي يقول ذلك، حدثني أبي قال: حدثنا قرة بن حبيب قال: أخبرنا أبو عقيل الدورقي قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي قال: سألت ربيعة الجرشي، وكان يفقه الناس في زمن معاوية «2» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري- في كتابه- قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر (55- و) قال: ربيعة بن عمرو الجرشي يعدفي أهل الشام، روى عنه علي بن رباح وغيره يقال: إنه جد هشام بن الغازي قال الواقدي: قتل ربيعة بن عمرو الجرشي يوم مرج راهط «3» وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر رحمه الله: له أحاديث منها أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في أمتي خسف ومسخ وقذف قالوا: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال:(8/3617)
باتخاذهم القينات وشربهم الخمور، ومنها قوله عليه السلام: استقيموا وبالحراء ان استقمتم، الحديث.
قال أبو عمر: حدثنا خلف بن قاسم قال: حدثنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة عن الشيباني قال: لما وقعت الفتنة قال الناس: اقتدوا بهؤلاء الثلاثة: ربيعة بن عمرو الجرشي، ومروان الأرحبي ويزيد بن نمران.
قال الشيباني: وقتل ربيعة بن عمرو الجرشي بمرج راهط «1» . (56- و)
ربيعة بن كعب القصبر:
حكى عن سالم بن عبد الله بن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وغزا معهما بلاد الروم واجتاز بحلب أو ببعض عملها، روى عنه أبو خالد يزيد بن يحيى القرشي الدمشقي.
ربيعة بن لقيط بن حارثة بن عميرة التجيبي القردمي المصري:
شهد صفين مع معاوية، وحدث عنه، وعن عمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة الأزدي، ومطعم بن عبيدة البلوي، وعبد الله بن سندر، ومالك بن زهدم.
روى عنه ابنه اسحاق بن ربيعة، ويزيد أبي حبيب. (56- ظ)
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب- إذنا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب «2» قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثني يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني الليث ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه أخبره من حضر صفين مع علي ومعاوية، قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أخبره(8/3618)
قال: شهدنا صفين مع علي ومعاوية، قال: فمطرت السماء علينا دما عبيطا. قال الليث في حديثه: إن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية، وقال ابن لهيعة في حديثه:
حتى إن الصحاف والآنية لتمتلىء ونهريقها (57- و) .
أخبرنا سعيد بن هاشم الأسدي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة ومالك بن زهدم، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، سمعت أبي يقول ذلك «1» . (57- ظ) .
ربيعة بن نجوان:
وقيل اسمه النعمان بن نجوان بن معاوية المعروف بأعشى بني تغلب، أحد بني معاوية بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى، بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار التغلبي النصراني، شاعر مشهور من أهل الجزيرة، قدم دابق وافدا على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة ومدحه فلم يعطه شيئا، وكان في غزوة الطوانة «2» مع مسلمة بن عبد الملك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي- إجازة- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن ابن دينار اللغوي قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب قال:
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن الحسن السكري قال: حدثنا محمد بن حبيب عن أبي عمرو الشيباني قال: كان الوليد بن عبد الملك محسنا الى أعشى تغلب، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد إليه ومدحه فلم يعطه شيئا، وقال: ما أرى للشعراء في بيت المال حقا، ولو كان لهم فيه حق لما كان لك لأنك امرؤ نصراني فانصرف الأعشى وهو يقول:(8/3619)
لعمري لقد عاش الوليد حياته ... إمام هدى لا مستزاد ولا نزر
(58- و)
كأن بني مروان بعد وفاته جلاميد ... ما تندى وإن بلها القطر «1»
وذكر أبو محمد عبد الله بن سعيد القنطري عن الواقدي- يعني- في غزوة الطوانة قال: قيل لمسلمة بن عبد الملك إن القعقاع بن خليد العبسي هو الذي منع العباس بن الوليد بن عبد الملك من تعظيمه فقال لأعشى تغلب- وكان معه-: اهج بني عبس ببيتين لا تزد علبهما، فقال:
تعلّم عبس مشية قرشية ... تلوي بها أستاهها ما تجيدها
فآخر عبس في الحديث نساؤها ... وأول عبس في القديم عبيدها
(58- ظ)
ربيعة الشعوذي:
قدم خناصرة من الأحص من عمل حلب، وافدا على عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه سهل بن شعيب النخعي الكوفي (59- و) .
***(8/3620)
ذكر من اسمه رجاء
رجاء بن أيوب الحضاري:
قدم حلب صحبة المتوكل، وكان على حرسه وولاه الواثق قتال أبي حرب المبرقع «1» الذي خرج بفلسطين، وولاه حرب قوم من ذعار أهل الغوطة والمرج، وكان بالرقة فنفذ منها، الى دمشق. (59- ظ)
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس أن رجاء بن أيوب الحضاري مات في آخر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومائتين منصرفا من دمشق.
رجاء بن حيوة بن حنزل:
- وقيل جرول، وقيل جندل- بن الأحنف بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بني الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرثع بن معاوية بن كندة، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، أبو المقدام، وقيل أبو نصر بن أبي رجاء الكندي السكسكي الفقيه قيل إنه من أهل الأردن، وقيل من فلسطين، وقيل من حمص، وقيل إن جده جرول بن الأحنف له صحبة، وكان صحب سليمان بن عبد الملك بدابق الى أن توفي، وكان كبير الصحبة لعمر بن عبد العزيز، وهو الذي أشار على سليمان بتولية عمر بن عبد العزيز، وتولى أمره وقت ولايته الخلافة بدابق، ودام في صحبته بها وبخناصره.
روى عن أبيه حيوة، وعن عمران بن حصين، ومعاوية بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي أمامة الباهلي، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وعبادة بن الصامت، وأبي سعيد(8/3621)
الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وجمادة بن أبي أمية الدوسي، وأبي الدرداء، وأم الدرداء، والنواس بن سمعان ويعلى بن عقبة، وورّاد كاتب المغيرة وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، وخالد بن يزيد بن معاوية، ونعيم بن سلامة والحارث بن حرمل بن تغلب بن ربيعة الحضرمي (60- و) الرهاوي، وأبي صالح السمان وقبيصة بن ذؤيب.
روى عنه ابنه عاصم بن رجاء ومكحول، وقتادة بن دعامة، وعبد الملك بن عمير، وحميد الطويل، وأبو مجالد جراد بن مجالد، وعبد الله بن عون، وعبد الكريم بن الحارث ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، وأبو سنان عيسى بن سنان، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعبد الله بن أبي زكريا، وعمر بن سعيد الفدكي، وسليمان ابن أبي داوود، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وأبو عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك، وعدي بن عدي، ومحمد بن جحادة، وعروة بن رويم ومحمد بن عجلان، ورجاء بن مهران بن أبي سلمة، ومحمد بن الزبير، وثور بن يزيد الكلاعي، وابراهيم ابن أبي عبلة، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، ومطر الوراق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد- قراءة عليه بحلب- قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا الحسين بن شاكر قال: حدثنا أحمد بن حفص قال:
حدثني أبي عن ابراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن حيوة عن عمران بن حصين أنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلب والجنب، ونهى عن النجش والمس في البيع، ونهى أن يبتاع الرجل على بيع أخيه ويخطب على خطبة أخيه «1» .
وقال: أخبرنا أبو بكر (60- ظ) الشافعي قال: حدثنا محمد بن علي بن الأعرج قال: حدثنا قطن- يعني- ابن ابراهيم قال: حدثنا حفص بن عبد الله قال:(8/3622)
حدثني ابراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا جلب ولا جنب «1» .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار بن محمد بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: كان رجاء يرى تأخير العصر، وكان بصلي ما بين الظهر والعصر.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار في ذكر الأسامي والكنى قال: رجاء بن حيوة يكنى بأبي المقدام، حدثني بذلك أبو الحسن بن أبي قيس قال: حدثنا أبو الأصبغ محمد بن سماعة قال: حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: ودع رجل رجاء بن حيوة فقال: حفظك الله يا أبا المقدام. (61- و) .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عبد الصمد العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا أبو عمران عيسى ابن عمر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا الوليد ابن شجاع قال: حدثني محمد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنا الوليد بن سليمان ابن أبي السائب عن رجاء بن حيوة أنه حدثه قال: كتب هشام بن عبد الملك الى عامله أن يسألني عن حديث، قال رجاء فكنت قد نسيته لولا أنه كان عندي مكتوبا.
(61- ظ)(8/3623)
[فى فضله]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني البغدادي قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال:
أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال:
حدثني محمد بن سلام قال: قال ابن عون: أدركت ستة: ثلاثة يؤدون الحديث بلفظه، وثلاثة إذا حدثوا بالمعنى لم يبالوا كيف قالوا، فأما الثلاثة المؤدون فابن سيرين والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ورجاء بن حيوة، وأما الثلاثة الذين يجيبون بالمعنى: فالحسن وابراهيم والشعبي.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: رجاء بن حيوة السكسكي شامي ثقة «1» .
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر قال: ما رأيت شاميا أفقه من رجاء بن حيوة. (63- و)
أنبأنا أبو الفضل عبد الواحد بن هاشم الأسدي عن مسعود بن الحسن عن أبي(8/3624)
عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: رجاء بن حيوة الشامي الكندي، أبو المقدام روى عن عبد الله بن عمرو، ومعاوية، ومحمود بن الربيع، روى عنه ابن عون وجراد بن مجالد، سمعت أبي يقول «1» ذلك. (64- و)
أخبرنا أبو علي الأوقي- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أخبرنا أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة اثنتي عشرة ومائة رجاء بن حيوة مولى كندة، نزل الشام، يعني مات فيها.
رجاء بن سراج:
له ذكر في التاريخ، وقدم مع عبد الملك بن مروان الى حلب سنة سبعين حين قدمها لقتال مصعب بن الزبير، فلما رجع عمرو بن سعيد الأشدق خالعا لعبد الملك ومتوجها الى دمشق، مضى معه حميد بن حريث بن بحدل ورجاء بن سراج وجماعة من أهل الشام الى دمشق، وفتحوها وملكها عمرو، ذكر ذلك محمد بن أحمد بن مهدي في تاريخه «2» .
رجاء بن عبد الرحيم:
أبو المضاء القرشي الهروي، رحل الى الشام وسمع بطرسوس أبا توبة الربيع ابن نافع الحلبي نزيل طرسوس وبحمص أبا اليمان الحكم بن نافع، وبدمشق أبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي، وحدث عنهم وعن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن عياش وأبي الوليد الطيالسي وعبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وبشار بن موسى الخفاف، ومحمد بن المنهال الضرير، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك، وسعيد بن أبي مريم، والقعنبي.
روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر (64- ظ) ومحمد بن علي ابن عمر المذكر، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، ومحمد بن سليمان بن فارس،(8/3625)
وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، وزنجويه بن محمد اللباد وأبو يحيى البزاز.
يحيى البزاز.
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي- في كتابه إلينا غير مرة- قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، ح.
وأنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن زاهر قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني والبحيري وأبو بكر البيهقي والحيري- إجازة- منهم- قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن داوود قال: حدثنا رجاء بن عبد الرحيم الهروي قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا محمد بن الفرات قال: حدثنا أبو اسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المسلمين احذروا البغي فإنه ليس عقوبة هي أشد من عقوبة البغي، وصلوا أرحامكم فإنه ليس من ثواب هو أعجل من ثواب صلة الرحم وإياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار بلاقع «1» .
قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: رجاء بن عبد الرحيم أبو المضاء القرشي الهروي، أكثر حديثه عن الشاميين: أبي اليمان، وأبي توبة، وعلي بن عياش، وأبي مسهر، وهو كثير المناكير، حدث بنيسابور بالكثير، وسمع منه أبو يحيى البزاز، وابراهيم بن محمد (65- و) بن سفيان، وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، ومحمد بن سليمان بن فارس وغيرهم، حدث بنيسابور بعد الخمسين (65- ظ) .
رجاء بن معبد بن علوان:
ابن زياد بن غالب بن قيس بن المنذر بن حرب بن حسان بن هشام بن مغيث ابن الحارث بن زيد مناة بن تميم التميمي، كان مع مسلمة بن عبد الملك حين دخل بلاد الروم غازيا، واستولى على بلد من بلاد الروم يقال له بلعم، وهو من(8/3626)
أجداد الوزير أبي الفضل محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله ابن عيسى بن رجاء بن معبد «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي- اجازة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا- قال:
وكان رجاء بن معبد استولى على بلعم، وهو بلد من ديار الروم حين دخلها مسلمة بن عبد الملك، وأقام بها، وكثر نسله فيها فنسب ولده إليها «2» .
رجاء بن مهران بن أبي سلمة:
أبو المقدام الفلسطيني الرملي، وكان أصله من البصرة وتحول الى الشام، وسكن الرملة، وكان بدابق ورأى بها الوضين بن عطاء، وروى عن رجاء بن حيوة وعبدة بن أبي لبابة، واسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وسليمان بن موسى، ويونس بن عبيد وعقبه بن أبي زينب والزهري، ونعيم بن سلامة، وابراهيم بن يزيد البصري، وعبادة بن نسي، وعمرو بن شعيب، ويزيد بن عبد الله بن موهب، ومقبل بن عبد الله الفلسطيني.
روى عنه زيد بن الحباب والحمادان: ابن سلمه وابن زيد، ويحيى بن العلاء، وعبد الله بن عون ومحمد بن يوسف وضمرة بن ربيعة وبشر بن المفضل وضمرة بن ربيعة (66- و) .
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار البغدادي قال:
أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدرمي قال: أخبرني العباس بن سفيان عن زيد بن حباب قال:
أخبرني رجاء بن أبي سلمة قال: سمعت عبدة بن أبي لبابة يقول: قد رضيت من أهل زماني هؤلاء أن لا يسألوني ولا أسألهم، إنما يقول أحدهم: أرأيت، أرأيت.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري- فيما أذن لي(8/3627)
روايته- قال: أخبرنا أبو القاسم (66- ظ) علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السلمي: وجدت بخط أبي الحسين محمد ابن عبد الله بن جعفر الرازي الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي قال: حدثني سماعة بن محمد بن سماعة الرملي قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا ضمره- يعني- ابن ربيعة عن رجاء- يعني- ابن أبي سلمة قال: رأيت الوضين بن عطاء بدابق وعليه هيئة رثة، ثم رأيته بدمشق عليه هيئة حسنة فقلت له:
قد رأيتك بغير هذه الهيئة؟ قال: رأيتني وأنا مسافر «1» .
أنبأنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا رجاء بن حامد المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب القراب قال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن حمزة قال: حدثنا شكر قال: حدثنا أبو زرعة قال:
حدثت عن ضمرة بن ربيعة قال: ولد رجاء بن أبي سلمة سنة إحدى وتسعين ومات سنة احدى وستين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني عن رجاء بن حيوة، روى عنه ابن عون، وحماد ابن زيد، ومحمد بن يوسف، وزيد بن حباب، وقال الحسن: عن ضمرة، مات سنة إحدى وستين ومائة «2» (67- و) .
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني الرملي كان ينزل البصرة، ثم تحول الى الشام.(8/3628)
روى عن رجاء بن حيوة، ونعيم بن سلامة، ويزيد بن عبد الله بن موهب، واسماعيل بن عبيد الله وعبادة بن نسي.
روى عنه ابن عون، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وبشر بن المفضل، ويحيى بن العلاء، ومحمد بن يوسف، وضمرة، وزيد بن الحباب، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه إلي قال: سألت أبي عن رجاء بن أبي سلمة فقال: ثقة.
وقال: ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رجاء أبو المقدام ثقة «1» (68- ظ) .
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الحافظ في كتابه قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال:
أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم القراب قال: أخبرنا أحمد بن اسماعيل قال:
حدثنا البخاري قال حدثنا الحسن بن رافع قال: حدثنا ضمرة قال مات رجاء بن أبي سلمة سنة احدى وستين ومائة وكنيته أبو المقدام الفلسطيني روى عنه ابن عون وحماد بن زيد وحماد بن سلمه ومحمد بن يوسف وزيد بن حباب.
أنبأنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:
أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين ومائه رجاء بن أبي سلمه أبو المقدام- يعني مات فيها.
***(8/3629)
رجب بن ابراهيم بن محمد الحنفي:
الفقيه تفقه بحلب، وسمع أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني.
قال لي الفقيه خليفة بن سليمان بن خليفة الحنفي: كان رجب هذا من الفقهاء الحنفيه بحلب، ثم أنه انتقل الى دمشق، درس بها في مسجد من مساجدها، وأثنى عليه خيرا.
***(8/3630)
رزام المجنون:
كان مقيما بطرسوس مجاهدا، يعد في عقلاء المجانين.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان- فيما أذنا لي في روايته عنهما- قالا: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن- في كتابه- قال: (69- ظ) أخبرني علي بن المؤمل قال: أخبرنا أبو عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن اسماعيل الفارسي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب قال: سمعت علي بن عبد الملك بن دهثم القاضي يقول:
كان بطرسوس مجنون يقال له رزام، وكان مدهوشا يهذي ويسمع ويؤذي، فإذا خرج العسكر الى أرض العدو خرج لخروجهم، وحمل درقة وسيفا فكلما لقي العدو أفاق كأن لم يكن به جنون، وكان من أجسر الناس عليهم، وربما قتل في اليوم جملة من العدو فإذا عاد الى أرض الاسلام عاد الى جنونه.
***(8/3631)
ذكر من اسمه رزق الله
رزق الله بن عبد الوهاب:
ابن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ابن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الفضل التميمي الحنبلي قيل إن جده الأعلى عبد الله له صحبه، وكان اسمه عبد اللات فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وعلمه الوحي، وأرسله الى اليمامة والبحرين ليعلمهم أمر دينهم، ومسح بيده على صدره وقال: نزع الله من صدر ولدك الغل والغش الى يوم القيامة، وابنه الهيثم روى عن علي رضي الله عنه وما بين الهيثم، وبين رزق الله كلهم رواة، روى كل واحد منهم عن أبيه وكان رزق الله إمام الحنابلة في وقته في الفقه وكان عارفا بالقراءات تصدر لإفادة القرآن وعلومه والفقه والحديث (70- و) قرأ القرآن العظيم على أبي الحسن علي بن عمر الجمامي وتفقه على أبيه أبي الفرج عبد الوهاب وعمه أبي الفضل عبد الواحد والقاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي، وسمع الحديث من أبيه وعمه المذكور، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي، وأبي علي أحمد بن محمد البرداني، وأبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، وابي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم الواعظ، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي الحسن علي بن أحمد الحمامي، وأبي الحسن أحمد بن علي بن البادا، وأبي علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز، وأبي الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبي الفضل عمر بن ابراهيم بن اسماعيل الهروي، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص وأبي القاسم عبد الملك، وأبي الحسين علي ابني محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد(8/3632)
البزاز، وأبي عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن حمدويه، وأبي القاسم الفضل بن محمد بن الفضل، وأبي الحسن علي بن المظفر الأصبهاني المقرئ، وأبي بكر محمد بن عمر العنبري.
روى عنه أبو مسعود سليمان بن ابراهيم الحافظ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي وأبو الفضل محمد بن ناصر وأبو الحسن علي وأبو بكر محمد ابنا عبد الله بن نصر بن الزاغوني، والحافظ اسماعيل بن محمد (70- ظ) الفضل وأبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد ابن الحسن البغدادي، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري وأبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي، المعروف بشيخ الاسلام، وأبو عبد الله عثمان بن أبي نصر الصالح، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء، وأبو الفضل عبد الملك ابن علي بن يوسف وأحمد بن محمد بن الأخوة، وثابت بن منصور الكليلي، وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين وصدقه بن الحسين بن محمد بن السياف، وأبو الحسين وأبو خارم ابنا أبي يعلى بن الفراء، وأبو الحسين بن محمد بن محمد بن بادويه السهلكي، وأبو مسعود بن كوتاه، والبديع أحمد بن سعد العجلي، وأبو غالب المبارك بن عبد الوهاب الفراء، وأبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الصوفي، وأبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي، وآمنة بنت اسماعيل بن أحمد الصوفي وجماعة غيرهم يطول ذكرهم، وسيأتى في ذكر الحديث عنه أسماء جماعة من الرواة عنه، لم نذكرهم هنا عدولا عن التطويل، وكان قدم الى حلب رسولا من بغداد ولا أعلم أنه حدث بها.
أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة بظاهر مدينة حلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان- المعروف بابن البطي قراءة عليه وأنا حاضر- قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن (71- و) بشران قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز قال: حدثنا سعدان بن نصر قال: حدثنا سفيان بن عينية عن عبدة بن أبي لبابة وعاصم عن زر بن حبيش قال: سألت أبيّ بن كعب عن ليلة القدر فحلف(8/3633)
لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، قلت: بم تقول ذلك أبا المنذر؟ فقال: بالآية- أو بالعلامة- التي قال رسول صلى الله عليه وسلم إنها تصبح في ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد ابن الفضل الحافظ وأبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي، وأبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الغازي، وأبو بكر محمد بن شجاع بن محمد اللفتواني وأبو الخير شعبة بن أبي شكر الصباغ وأبو أحمد محمد بن أبي علي الموري وأبو العز الخليل بن تميم القصار وأبو الوفاء محمود بن عبد الواحد القرشي، وأبو الفتوح محمود بن غانم الحداد، وأبو الفضل عبيد الله بن ابراهيم السعدوي، وأبو محمد عبد الرحيم بن محمد بن الفضل الحداد، وأبو الحسين جابر بن محمد اللاذاني وأبو بكر جابر بن محمد بن أحمد الرناني وأبو الوفاء عمر بن الفضل المميز، وآمنة بنت عباد بن طباطبا العلوية، وأبو الروح محمد بن معمر بن أحمد العبدي، وأبو اسماعيل محمد بن محمد بن عبد الله الاكاف، وأبو الفضل (71- ظ) ظفر بن محمد بن أحمد الحاجي المعلم، وأبو محمد محمود بن أحمد ابن عبد الله الخانيان، وأبو الوفاء محمد بن الفضل بن جله القاضي، وأبو محمد سفيان بن ابراهيم بن عبد الوهاب بن منده التككي، وأبو الفتح محمود بن الحسين ابن محمد الصافي، وأبو علي الحسن بن الفضل بن الحسن الآدمي، وأبو عبد الله محمد بن غانم بن أحمد البيع، وأبو الفضائل موسى بن المفضل الكاتب وأبو الفتح خالد بن عمر بن محمد بن عبد الله الغازي، وأبو حامد محمد بن ظفر الخطيب، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الفضل الحداد، وأبو منصور عبد الملك بن محمد بن عبد الملك السربي وأبو الفضائل داوود بن محمد بن حمد الخباز وأبو الفتح عبد الرزاق بن محمد بن سهل الشرابي، وأبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن كوتاه الحافظ، وأبو الفضل(8/3634)
عبد الرحيم بن غانم العدل، وأبو الموجا الحسين بن محمد بن الفضل العسال، وأبو عبد الله محمد بن أبي الفتح القطان، وأبو جعفر محمد بن عبد الواحد الدلال، وأبو الوفاء أحمد بن ظفر الشاهد، وأبو الفتوح مبشر بن أبي سعد الزاهد، وأبو نصر اسماعيل بن عبد الرزاق الطرقي، وأبو سعيد عبد الجبار بن محمد الهراس، وأبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي، وأبو رشيد محمد بن الفضل الصيدلاني، وعبد الله بن أحمد بن القاسم الخابوطي، وأبو العباس أحمد بن محمد الكسائي، وأبو الرضا حيدر بن أبي طالب العلوي (72- و) وأبو الخير محمود بن حمد بن ابن أحمد الجيراني، وأبو تراب طاهر بن أبي طالب العلوي، وأبو المعالي طاهر بن أبي الحسين بن أبي غالب بن سلة الأصبهاني، وأبو سعيد شيبان بن عبد الله المحتسب وأبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر المهراني وأبو القاسم ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الدواتي، وأم البهاء شهراز رمية بنت عبد الواحد بن الفاخر العبشمي، وأبو الرضا محمود بن عبد الرزاق الخابوطي، وأبو المكارم حامد بن عبد الرزاق البيع، وأبو سعد محمد بن هبة الله الهاروني، وأبو علي سهل بن محمد ابن أحمد الحاجي وأبو الفتوح عبد الرزاق محمد القصري، وأبو المعالي طاهر بن المفضل الكاتب، وأبو المعالي الليث بن أبي الفارس الرازي، وأبو شكر حمد بن طاهر بن حمد الشيباني بأصبهان، وأبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي بهمذان، وأبو الجوائز سعد بن عبد الكريم بن الحسن الغندجاني بواسط، وأبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس الإمام بدمشق، وأبو غالب المبارك بن عبد الوهاب القزاز بعكبرا، وأبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الفوشنجي باشكيذبان، وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي، وأبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وأبو البركات اسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب (72- ظ) وابنه أبو الفتح محمد بن علي ابن هبة الله الكاتب وأبو العباس احمد بن محمد بن محمد بن الاخوة العطار وأبو القاسم ظاهر بن أبي غالب المساميري، وأبو الوفاء محمد بن هبة الله الكاتب وأبو القاسم علي بن طراد بن محمد الوزير الزينبي ببغداد وجماعة سواهم قالوا: أخبرنا(8/3635)
أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي- قراءة عليه، وبعضهم قال: املاء من لفظة- قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا محمد ابن عثمان بن كرامة قال: حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنني بالحرب، ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني عبدي لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن بكره الموت، وأكره مساءته ولا بد له منه «1» .
قال السمعاني: حديث صحيح أخرجه الإمام محمد بن اسماعيل البخاري في جامعة الصحيح عن محمد بن عثمان بن (73- و) كرامة، هو العجلى الكوفي عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال أبي أيوب مولى عبد الله بن عتيق القرشي المدني عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أبي عبد الله القرشي الليثي المدني عن عطاء- هو- ابن يسار أبو محمد عن أبي هريرة.
كما أخرجناه ووقع إلينا عاليا وموافقه ولم يخرجه البخاري إلا عن ابن كرامة حسب من هذا الطريق، وخالد بن مخلد هو أبو القاسم القطواني كوفي روى عنه البخاري في صحيحة، وأخرج هذا الحديث عن ابن كرامه عنه ومن جلالة الرجل عنده يحدث عنه ثم يحدث عن رجل عنه.
قال السمعاني: سمعت أحمد بن سعد بن علي العجلي بهمذان يقول: كان شيخنا أبو محمد التميمي إذا روى هذا الحديث أو قرىء عليه قال: «أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون «2» » .(8/3636)
وسمعت شيخ الشيوخ اسماعيل بن أبي سعد مذاكرة يقول: كان أبو محمد التميمي شيخنا إذا قرأ عليه أبو بكر بن الخاضبه هذا الحديث- يعني حديث عطاء عن أبي هريرة أخذ خده وقرصه وقال: أبا بكر ينبت تحت حبكم من ذا شيء.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي قال: أخبرنا رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود (73- و) ابن سفيان بن يزيد بن أكينة بن الهيثم التميمي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبته يقول: هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن اليعقوبي مولاهم بقراءتي عليه بجامع اشكيذبان «1» قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان الدورقي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك الدقاق قال: حدثنا عمرو بن عبد الغفار قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال:
تعلموا العلم فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: أنشدنا اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- إملاء- قال: أنشدنا أبو محمد التميمي قال: أنشدني أبو بكر محمد بن عمر العنبري لنفسه:
خبروها بأنني أرقد الل.... ل فقالت ماذا من العشاق (74- و) .
قلت إني رقدت أرتقب الطي ... ف، فإني إليه بالأشواق
فاعذريني فلست أرقد ما عشت ولو كان في الرقاد التلاقي(8/3637)
أخبرنا الشريف عبد المطلب قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد قال: أنشدنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاووس الامام المقرئ- إملاء من حفظه بدمشق في منزله بباب جيرون- قال: أنشدنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي لنفسه ببغداد:
وما شنآن الشيب من أجل لونه ... ولكنه حاد إلى البين مسرع
إذا ما بدت منه الطليعة آذنت ... بأن المنايا خلفها تتطلع
فإن قصها المقراض صاحت بأختها ... فتظهر يتلوها ثلاث وأربع
وإن خضبت حال الخضاب لأنه ... يغالب صنع الله والله أصنع
فيضحي كريش الديك فيه تلمّع ... وأفظع ما تكساه ثوب ملمع
إذا ما بلغت الأربعين فقل لمن ... يودّك فيما تشتهيه ويسرع
هلموا لنبكي قبل فرقه بيننا ... فما بعدها عيش لذيذ ومجمع
وخلّ التصابي والخلاعة والهوى ... وأمّ طريق الحق فالحق أنفع
وخذ جنة تنجي وزادا من التقى ... وصحبة مأموم فقصدك مفزع
وقال عبد الكريم: أنشدنا اسماعيل بن أبي بكر الحافظ الدمشقي املاء قال:
أنشدني أبو محمد التميمي لنفسه: (74- ظ)
مررنا على رسم الديار فسلمنا ... وقلنا له يا ربع أين نأوا عنا
وجدونا بدمع كالرذاذ على الثرى ... فصم المنادى فانصرفنا كما كنا
وما ذاك إلّا أن رسم ديارهم ... به كالذي نلقى فقد زادنا حزنا
فلما أيسنا من جواب رسومهم ... نزلنا فقبلنا الثرى قبل أن رحنا
قرأت بخط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب الأصبهاني لأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي البغدادي.
وقفت للسلام يوم التقينا ... ثم قالت بطرفها الفتان
تدعي حبنا وتصبر عنا ... ليس هذا من عادة الفتيان
مدعي حبنا يموت قتيلا ... ولصعب الأمور فينا يعاني «1»(8/3638)
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو القاسم بن السمرقندي- املاء من كتابه- قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:
أبو القاسم بن السمرقندي- املاء من كتابه- قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:
ولما رأت فصي «1» يلوح سواده ... بكت ثم قالت كل يوم إلى نقص
شكوت هوى يا ليته لم يكن ... قضي وأبديت هجرانا وأقسمت أن نعصي
ولكنني وقت الصدود كطائر ... غريب ينوح الدهر من ألم القص
لبست سوادي ثم خفت فضيحتي ... فصار حدادي ما تسوّد من فصي
أخبرنا أبو هاشم قال: أنشدنا أبو سعد قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب قال: أنشدني أبو محمد التميمي ولم يسم قائلا، وأظنه (75- و) من قبله.
وما وطني إلّا الذي تسكنينه ... ولا منزلي إلا الذي فيه أحبابي
بذكراك أدعو في صلاتي لأنني ... أراك إذا صليت في صدر محرابي
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب الحافظ في كتابه إليّ قال: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب الحنبلي بأصبهان يقول: أدركت من أصحاب أبي بكر بن مجاهد واحدا يقال له أبو القاسم عبيد الله بن محمد النقيب الخفاف، وقرأت عليه سورة البقرة، وقرأها على أبي بكر ابن مجاهد، وقال أيضا: وأدركت من أصحاب الشبلي أيضا واحدا وهو أبو القاسم عمر بن تعويذ وسمعت أبا القاسم يقول: رأيت أبا بكر الشبلي في درب سليمان بن علي ببغداد في شهر رمضان في عشية يوم، وقد اجتاز علي البقلي ينادي على البقل:
يا صائما من كل الألوان فلم يزل يكرر هذا اللفظ ويبكي ثم أنشأ يقول:
خليلي إن دام همّ النفوس ... على ما أراه سريعا قتل
فيا ساقي القوم لا تنسني ... ويا ربة الخدر عني رمل
لقد كان شيء يسمى السرور ... قديما سمعنا به ما فعل
قرأت في مشيخة أبي علي الحسين بن محمد الصدفي الأندلسي قال: قدمت مدينة(8/3639)
السلام فلقيت فيها جماعة منهم الشيخ الامام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، ما لقيت في بغداد مثله، قرأت عليه كثيرا، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن التميمي، ما لقيت في بغداد مثله، قرأت عليه كثيرا، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن وصفه لكما له وفضله.
أخبرنا الشريف أبو محمد عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله العثماني في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: سمعت أبا الحسن (75- ظ) علي بن محمد بن سلامة المقرئ الروحاني بمصر يقول: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ببغداد يقول: مولدي سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وقرأت القرآن على أبي الحسن الحمامي سنة سبع عشرة. وفيها توفي الحمامي.
قال الحافظ أبو طاهر السّلفي: وقد أجاز لي رزق الله.
قرأت بخط الامام أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، وأخبرنا به الشريف أبو هاشم الصالحي قال: أخبرنا أبو سعد قال: قرأت بخط أبي الحسين محمد بن محمد الحسين بن الفراء قال: مولد أبي محمد بن أبي الفرج التميمي سنة أربعمائة وقيل سنة احدى وأربعمائة.
قال السمعاني: وسمعت أبا البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الحافظ يقول: مولد أبي محمد التميمي سنة أربعمائة.
وقال السمعاني: قرأت بخط أبي الفضل محمد بن محمد بن محمد بن عطاف الموصلي في جزء خرّجه عن شيوخه وروى فيه أحاديث عن الامام أبي محمد بن أبي الفرج التميمي الواعظ ثم قال عقيبها: كان شيخنا هذا رحمه الله من أحسن من لقيته ببغداد لسانا، وأوضحهم بيانا، عالم بالكلام والأصول، لم أعرف منه غير الخير والصدق.
وقال السمعاني: سمعت أبا البركات اسماعيل بن أبي سعد الصوفي يقول: كان أبو محمد التميمي يجلس في الوعظ كل سنة أربع مرات نوبة منها في رجب عند قبر أحمد، وكان يحضر عنده عالم لا يعلم (76- و) عددهم إلّا الله كثرة.(8/3640)
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا زبر محمد بن الفضل القزازي بآمل «1» يقول: أنشدني المقرئ أبو العز المبارك بن أبي شيبة البغدادي في وسط الفرات عند قفولنا من الحج في السفينة بقرب قرية يقال لها قزاقند على شط النهر، قال: كان الشيخ أبو محمد التميمي إذا طاب المجلس يذكر هذه الأببات:
لو كنت أعلم أن يوم فراقكم ... يقضي عليّ لما ذكرت فراقا
حتى متى نلقي الردى لفراقكم ... وتمر أيامي ولا نتلاقى
والله إن وعد الزمان لقاءكم ... يوم التلاق لقيتكم مشتاقا
أخبرنا جعفر بن علي- في كتابه- قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: سألت أبا غالب شجاع بن فارس الذهلي عن أبي محمد التميمي رزق الله بن عبد الوهاب فقال: كان له لسان وعارضه وحلاوة منطق، وهو أحد الوعاظ المذكورين والشيوخ المتقدمين، حدث عن جماعة من الشيوخ وقد سمعت منه.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السّلفي قال: سألت أبا نصر المؤتمن ابن أحمد الساجي عن أبي محمد التميمي فقال: هو الإمام علما ونفسا وأبوة وما يذكر عنه فتحامل من أعدائه.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث التميمي وما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا وهديا واستقامة قامة منه، ولا أحسن كلاما وأظرف وعظا وأسرع جوابا منه، فلقد كان جمالا للاسلام كما لقب، وفخرا لأهل العراق خاصة ولجميع بلاد الاسلام عامة، وما رأينا مثله، وكان مقدما على الشيوخ الفقهاء، وشهود الحضرة، وهو شاب ابن عشرين سنة، فكيف به وقد ناهز التسعين سنة، وكان مكرما، وذا قدر رفيع عند الخلفاء منذ زمن القادر ومن بعده من الخلفاء إلى خلافة المستظهر «2» .(8/3641)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز ابن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله التميمي أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الفضل كان يسكن باب المراتب، فقيه الحنابلة وإمامهم في عصره، قرأ القرآن والحديث والفقه والأصول والتفسير والفرائض واللغة والعربية، وعمر حتى صار يقصد من كل جانب، وكان حسن الأخلاق، مليح المحاورة كثير المحفوظ، مجلسه كان جمّ الفوائد وكان ينشد الأشعار الرائقة لغيره ولنفسه، حمل عنه ونقل عنه الكثير، وانتفع الناس به، وكان يجلس في حلقة (76- ظ) أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى، وكان حسن العبارة مليح الإشارة فصيح اللسان إلى سنة خمسين وأربعمائة، ثم انقطع عن المضي إلى جامع المنصور، وانتقل إلى دار الخلافة بباب المراتب، وكان يمضي في السنة أربع دفعات: في رجب وشعبان إلى مقبرة أحمد بن حنبل رحمه الله، ويعقد مجلس الوعظ ثم ويجتمع عليه الخلق الكثير والجم الغفير لاستماع كلامه.
قرأ القرآن على أبي الحسن بن الحمامي، وسمع الحديث من أبيه أبي الفرج عبد الوهاب، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيمّ الواعظ، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي علي الحسن بن احمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الحرفي، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الفضل عمر بن ابراهيم بن اسماعيل الهروي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، وأبي الحسين علي بن عبد الله بن بشران السكري، وأخيه أبي القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله القندي وجماعة سواهم.
روى لنا عنه بأصبهان جماعة كثيرة أكثر من ستين نفسا فإنه وردها رسولا في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وأكثر عنه أهل أصبهان، روى لنا عنه بأصبهان الحفاظ:
اسماعيل بن محمد بن الفضل، وأبو نصر (77- و) أحمد بن عمر الغازي، ومحمد ابن أبي نصر اللفتواني، وأبو سعد بن أبي الفضل بن البغدادي، وأبو مسعود بن(8/3642)
كوتاه، وبهمذان أحمد بن سعد العجلي البديع، وببسطام أبو الحسين محمد بن محمد بن بادوية السهلكي وببغداد أبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب بن المبرك الأنماطي، واسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير الزينبي، وبدمشق أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس إمام جامع دمشق، وبمكة آمنة بنت اسماعيل بن أحمد الصوفي، وبعكبرا أبو غالب المبارك بن عبد الوهاب الفراء، وبواسط أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني وبأشكيذبان أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الصوفي، وبمرو أبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي وجماعة كثيرة.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: رزق الله بن عبد الوهاب ابن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ابن أكينه بن الهيثم بن عبد الله التميمي أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الحسن من ساكني باب المراتب، فقيه الحنابلة وشيخهم في وقته، قرأ القرآن بالروايات علي أبي الحسن علي بن عمر الحمامي، وقرأ عليه جماعة من القراء، وأقرؤوا عنه، وتفقه على أبيه وعلى عمه أبي الفضل عبد الواحد، ثم على القاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي، وسمع الحديث من أبيه وعمه وأبي عمر (77- ظ) عبد الواحد بن محمد بن مهدي، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم الواعظ، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي الحسين علي وأبي القاسم عبد الملك ابني محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي الحسن أحمد بن علي بن البادا، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبي علي الحسن بن ابراهيم ابن شاذان، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص، وأبي الفضل عمر ابن ابراهيم بن اسماعيل الهروي وأبي الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وغيرهم.(8/3643)
روى عنه أبو مسعود سليمان بن ابراهيم الحافظ الأصبهاني في معجم شيوخه، وأبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو الحسين وأبو حازم ابنا أبي يعلى بن الفراء، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبو الحسن علي، وأبو بكر محمد ابنا عبيد الله بن نصر الزاغوني، وأبو الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف، وثابت بن منصور الكيلي، وأبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، ومحمد بن ناصر الحافظ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري، وأحمد ابن محمد بن الأخوة، وصدقة بن الحسين بن محمد بن السياف، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وسلامة بن أحمد (78- و) ابن الصدر، وعلي ابن محمد بن أبي عمر البزاز، وشاذي فتى الأنصاري وجماعة غيرهم.
وكان فقيها فاضلا في المذهب والخلاف والأصول، وله في ذلك مصنفات حسنة، وكان واعظا مليح العبارة، لطيف الاشارة فصيح اللسان، طريف المعاني يجلس في حلقة أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتيا إلى سنة خمسين وأربعمائة، ثم انقطع عن المضي إلى جامع المنصور، وكان يمضي في السنة أربع دفعات في:
رجب وشعبان إلى مقبرة أبي عبد الله أحمد بن حنبل ويعقد مجلس الوعظ، ويجتمع عليه الخلق الكثير، وكان جميل الصورة له القبول العام والحرمة الكاملة عند الخلفاء والملوك والأعيان وخواص الناس وعوامهم، وقد روسل من دار الخلافة إلى ملوك العراق وخراسان وما وراء النهر وحدث هناك وروى عنه خلق كثير من أهل أصبهان يجوزون المائة، وكان له شعر أرق من النسيم وأعذب من النعيم وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا في النصف من شعبان سنة ثلاثين وأربعمائة فقبل شهادته، ولم يزل يشهد إلى أن ولي أبو عبد الله الدامغاني قضاء القضاة، فلم يشهد عنده وترك الشهادة.
قال ابن النجار: أنبأنا أحمد بن طارق، ونقلته من خطه، قال: سمعت أبا الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فنجان العجلي يقول: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي يقول: سافرت من بغداد(8/3644)
ودخلت سمرقند وكان السلطان (78- ظ) أبو الفتح ملك «1» شاه يومئذ بها وأتيت برسالة الامام المقتدي بأمر الله «2» أمير المؤمنين إلى السلطان ملك شاه إلّا أنني رأيت أهل البلد هو ذا يروون الناسخ والمنسوخ لهبة الله المفسر عن خمس رجال إليه، فقلت لهم: الكتاب معي وهذا المصنف جدي لأمي ومنه سمعته، ولكن ما اسمعكم كل واحد منكم إلّا بمائة دينار، فما كان الظهر حتى جاءني كيس فيه خمسمائة دينار والجماعة، فسمعوه عليّ وسلموا إليّ الذهب.
قال: فلما عدنا من سمرقند دخلنا أصبهان، وأمليت فيها الحديث في يوم الجمعة فقاموا إلى الجماعة ومدحوني على ما ذكرت، وقالوا: ما سمعنا أحسن من هذا فقلت لهم: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ قال: أنشدنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب:
وما تنفع الآداب والعلم والنهى ... وصاحبها عند الكمال يموت
كما مات لقمان الحكيم وغيره ... وكلهم تحت التراب صموت
فقالوا: ما أحسن هذا لساننا أعجمي وما نقدر نعبر الدعاء كما يجب، فقلت لهم: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب:
سبيلي لسان كان يعرب لفظه ... فياليته من وقفة العرض يسلم
وما تنفع الآداب إذ لم يكن تفى ... وما ضر ذا تقوى لسان معجم (79- و)
قال: فحضر جماعة وقد فاتهم المجلس، فتحسروا وندموا على فواتهم فقلت لهم: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي قال: أخبرنا محمد بن الحسن المقرئ قال: أخبرنا ادريس بن عبد الكريم المقرئ قال: من غاب خاب وأكل نصيبه الأصحاب.(8/3645)
أنبأنا ابن النجار قال: كتب إليّ عبد السلام بن شعيب بن طاهر الهمذاني قال: أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار قال: أخبرنا أبي قال: رزق الله بن عبد الوهاب أبو محمد التميمي شيخ الحنابلة ومقدمهم، قدم علينا رسولا سنة ثمان وخمسين، سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فاضلا، ذا حشمة.
أنبأنا ابن النجار قال: قرأت بخط الحافظ أبي عامر محمد بن سعدون العبدري، وأنبأنيه عنه القاضي عبد الرحمن بن أحمد قال: رزق الله التميمي كان شيخا تقيا ظريفا لطيفا كثير الحكايات والملح، ما أعلم منه إلّا خيرا مولده سنة أربعمائة «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي يقول: توفي شيخنا أبو محمد التميمي في الليلة التي صبيحتها يوم الثلاثاء النصف من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بكرة يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الأولى في داره بباب المراتب وصلى عليه ابنه الأكبر عبد الوهاب، ثم نقل بعد ذلك في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة احدى (79- ظ) وتسعين وأربعمائة الى مقبرة باب حرب، ودفن الى جنب قبر أحمد بن حنبل، وهو اليوم الذي توفي فيه ابنه عبد الوهاب رحمه الله.
رزق الله بن عبيد الجزري السنجاري:
كان رجلا صالحا فقيرا حسنا، وكان قد صحب عمي أبا غانم مدة طويلة بسنجار، وقدم علينا حلب ونزل عند عمي بالمسجد المعروف بنا، وبقي فيه مدة وكان له صوت حسن، وكان يغلب عليه الوجد والحال في بعض الأوقات فينشد البيتين والثلاثة انشادا طيبا ويترنم بصوت حسن من قلب مشتاق وعلقت عنه أبياتا من الشعر لا يحضرني ذكرها، وأملى عليّ يوما من الأيام قال: روي أن بعضهم(8/3646)
عزل عن ولاية فكتب إليه صديق له يتغمم لذلك، فأجابه بأن قال أوزار خفت وأقلام بالسيئات جفت، والجنة بالمكاره حفّت.
قال لي يوسف بن أبي طاهر الكردي المنبجي الملقن كان رزق الله من الأولياء.
وحكى لي الشيخ عبد الله الكردي المحدث نزيل حلب قال: كان رزق الله ابن عبيد رجلا صالحا من الأسخياء الأجواد، وكان ذا مال وثروة، وكان أبوه عبيد من أهل الجزيرة ومات عن مال جزيل مقداره مائة ألف درهم، وكان لرزق الله أخ فدفع إليه رزق الله ما يخص أخاه من التركة، وأنفق رزق الله قسمه على الفقراء وتجرد عن الدنيا.
قال عبد الله: وكان من سيرة رزق الله أنه يكون له دين على (80- و) انسان فإذا لقيه في الطريق رجع واختفى عن المدين ولا يلقاه، ويسير إليه الحجة التي له عليه ويقول والله تعمدت أن لا ألقاك لكي لا تخجل من ديني عليك، وأنت في حل من المال الذي لي عليك، وهذه الحجة التي لي عليك فخرّقها.
خرج رزق الله بن عبيد من عندنا من حلب في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وتوجه إلى سنجار وكان له بها زاوية فأقام بها إلى أن مات في حدود الستمائة رحمه الله.
رزق الله بن يحيى بن رزق الله:
ابن يحيى بن خليفة بن سلطان بن رزق الله بن غنائم بن غنّام، أبو الطيب الباجباري ثم الدنيسري، سافر في طلب الحديث، واجتهد في سماعه وتحصيله، وقدم علينا حلب وسمع معنا من جماعة من شيوخنا بها، سمع: قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، والشريف أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وعمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبا محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان الأسدي، والخطيب أبا البركات سعيد بن هاشم، وأبا حامد عبد الله وعبد الرحمن بن العجمي، وغيرهم، ثم توجه من حلب إلى دمشق واجتمعت به بها، وسمع بها معنا شيخنا قاضيها أبي القاسم عبد الصمد بن محمد(8/3647)
ابن أبي الفضل الحرستاني، وأبي البركات الحسن، وأبي منصور عبد الرحمن ابني محمد بن الحسن بن عساكر، وأبي الفتوح محمد بن محمد البكري، وأبي نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي وغيرهم ثم عاد إلى العراق، وسمع في طريقه (80- ظ) بحران والموصل وإربل وغيرها من البلاد، كتب عنه أبو البركات ابن المستوفي وذكره في تاريخ، وكان ينظم شعرا لا بأس به فمن شعره يهجو رجلا يدعى بالعفيف وأظنني سمعتها منه:
يا عفيفا أخف من ريشه الطير عقله ... وثقيلا على النفوس كثهلان «1» ثقله
وفقيها شرب المثلث «2» مما يحله ... فلقد خاب منزل أنت فيه تحله
ومن شعره ما ذكره أبو البركات بن المستوفي في ترجمته من تاريخ إربل وشاهدته بخطه وقال: أنشدني لنفسه:
توهمت أن العلم آفة حفظه ... لقلة تكرار وكثرة بلغم
وما ذاك وهم صادق غير أن من ... يخاف المعاصي واتقى الله يعلم
توجه رزق الله الباجباري في رحلته إلى هراة، وبلغني أنه توفي بها في شهر ربيع الآخر من سنة خمس عشرة وستمائة.
رزيق بن حيان:
وقيل زريق بتقديم الزاي، أبو المقدام الفزاري، مولى لهم، روى عن عمر ابن عبد العزيز ومسلم بن قرظة، روى عنه عبد الرحمن ويزيد ابنا يزيد بن جابر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ودخل بلاد الروم غازيا في إمارة يزيد بن عبد الملك فاجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها (81- و) وكان أحد الكتاب من أهل دمشق، وولاه عمر بن عبد العزيز والوليد وسليمان ابنا عبد اللك جواز مصر وأخذ عشر أموال التجارة بها.(8/3648)
وقيل إن اسمه سعيد بن حيان ورزيق لقب.
أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن علوان عن الخضر بن الفضل عن أبي عمرو ابن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال:
رزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، كان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز.
روى عن مسلم بن قرظة وعمر بن عبد العزيز، روى عنه يحيى بن سعيد الانصاري وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ويزيد بن يزيد بن جابر، سمعت أبي يقول ذلك ويقال زريق بن حيان، وسمعت أبا زرعة يقول: رزيق بن حيان أصح «1» .
(81- ظ) .
***(8/3649)
رستم بن ترذوا الفرغاني:
كان قائدا جليلا، من كبار القواد في أيام المكتفي، ولي طرسوس والثغور الشامية سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فكان له نكاية وغناء في حرب الروم وغزا الصائفة في سنة أربع وستين، وغزا أيضا في سنة تسع وتسعين ومائتين وأحرق ربض ذي «1» الكلاع، وأظنه عزل عن ولاية الثغور أو مات سنة اثنتين وثلاثمائة.
وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصولي- فيما قرأته بخطه- أن رستم كان قد قدم حلب مع محمد بن سليمان حين تجهز إلى حرب الطولونية، وعاد معه إلى حلب، وقد أمر بالعودة إلى طرسوس للغزو، فورد مبارك القمي إلي محمد- يعني- ابن سليمان يأمره أن يقلد رستم بن ترذوا طرسوس، ففعل ذلك وضم إليه ألف رجل وذلك في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
وقرأت بخط أبي بكر الصولي أيضا، وكان الفداء بين المسلمين والروم في شوال من سنة خمس وتسعين، فبلغت عدة من خرج من بلاد الروم ألفين وثمانمائة انسان، منهم ستمائة امرأة على يدي رستم بن ترذوا الفرغاني «2» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي،- ونقلته من خط العظيمي قال: سنة اثنتين وتسعين ومائتين وفي النصف من شوال دخل مدينة طرسوس رستم بن ترذوا واليا عليها وعلى الثغور الشامية وكان الفداء بين المسلمين والروم لست بقين من ذي القعدة، فكان الفداء ألف ومائتين (82- و) ، ثم غدر الروم فانصرفوا، ورجع المسلمون بمن بقي معهم من الأسرى من الروم، وكان عقد الفداء والهدية مع أبي العشائر والقاضي ابن مكرم، فلما أغار أنذر بقش على مرعش وقتل أبا الرجال عزل أبو العشائر وولي رستم وكان الفداء وتمامه على يديه، وكان المتولي لفداء الروم مقدم اسمه أشكانه.(8/3650)
وقال: سنة أربع وتسعين فيها دخل ابن كيغلع طرسوس غازيا في أول المحرم، وخرج معه رستم، وهي غزاة رستم الثانية فبلغوا اسلند وففتح الله عليهم، وصاروا الى السبى في أيديهم نحوا من خمسة آلاف رأس وقتلوا من الروم مقتلة عظيمة وانصرفوا سالمين.
قال: وفيها كاتب أنذروا بقش السلطان يطلب الأمان، وكان على حرب أهل الثغور من قبل الروم فأمنوه وخلص معه أسرى من المسلمين، وكان ملك الروم بعث اليه من يقبضه فرجع الى ذلك البطريق الموجه اليه فأوقع به وبمن معه وكان رستم قد خف اليه في جمادى الأولى ليخلصه فوجده قد ظفر فتسلم الحصن منه، وانهزم بقية الروم، وحمل أنذروبقش كل ماله الى بلاد المسلمين وخلى سلاحه.
وقال سنة تسع وتسعين ومائتين فيها غزاه رستم بن ترذوا الصائفة من طرسوس وهو والي الثغور، حصر حصن مليح وأحيق؟؟؟ ربض ذي الكلاع «1» .
***(8/3651)
رشاء بن نظيف بن ما شاء الله:
أبو الحسن المقرئ المعري، من أهل معرة النعمان (82- ظ) وسكن دمشق وحدث بها عن محمد بن ابراهيم الطرسوسي وأبي محمد الحسن بن اسماعيل ابن محمد الغساني، المعروف بالضراب، وسمعه بمصر وعن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري ولقيه بمعرة النعمان.
روى عنه الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم بن العباس الحسيني، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم بن العباس الحسيني قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن رشاء بن نظيف ابن ما شاء الله في شهور سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن اسماعيل بن محمد الغساني الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري قال: حدثنا الحارث بن أسامة التميمي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثنا محمد بن أبان عن أبي اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وذكرهم بأيام الله» «1» ، قال: بنعم الله عز وجل «2» . (83- و) .
***(8/3652)
الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أبو اليمن المعري من أهل معرة النعمان، شاعر مجيد، روى عنه شيئا من شعره ابن أخيه علوي بن عبد القاهر بن المهنا.
وهذا الرشيد هو أخو الناظر المعري.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر ابن المهنا للشيخ أبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة يهجو أبا جعفر بن الشويهة:
رأيت في النوم أبي آدما ... فقلت والقلب به وامق
أتعرف الشيخ أبا جعفر ... صلى عليك الملك الخالق
فقال إن كان أبو جعفر ... مني فحواء أمّكم طالق
وقرأت في هذا الكتاب: حدثني والدي- يعني- علوي بن عبد القاهر بن علي قال: حدثني عمي أبو اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة، فذكر حكاية سنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
أنبأنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله الهاشمي قال: أنشدنا عبد القاهر ابن علوي المعري لأبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا في القطائف:
شفاء نفسي لو به أسعفت ... قطايف تعذب في اللّقم
يشهد بالشهد لنا ظاهر ... وباطن في اللون والطعم (85- و)(8/3653)
كأنها الاسفنج في مائه ... غريقة في دهنها الجمّ
قرأت في مجموع لبعض الشامين لأبي اليمن الرشيد المعري:
ونائم عن سهري قال لي ... وقد طواني حبّه طيا
أأنت حيّ بعد قلت انتبه ... فالميت في النوم يرى حيا
رشيد الخادم:
من خواص الرشيد، وكان له ذكر، وكان مع الرشيد في غزاته، ودخل معه الدرب حين غزا الروم، وحكى عنه.(8/3654)
ذكر من اسمه رشيق
رشيق بن عبد الله:
أبو الحسن الرقي المصيصى مولى رزق الله بن الحسن، أظن أن مولاه من الرقة، ونزل رشيق المصيصة فنسب اليها.
وحدث بها وببغداد وغيرهما عن أبي الحسن محمد بن عون الدمشقي وأبي بكر أحمد بن سعد الوراق، وعبد الله بن ابراهيم بن أيوب المخرمي، ومحمود بن محمد الواسطي، وأبي يعلى الموصلي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وجماهر بن محمد الزملكاني وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، ومحمد بن الربيع بن سليمان الحيري، ومحمد بن الحسن العسقلاني، وأبي القاسم عبد الله ابن محمد البغوي، وأبي حفص عمر بن عبد الرحمن، وأبي يزيد خالد بن النضر القرشي البصري، وأبي بكر محمد بن سعيد بن محمد القطان، قاضي عسقلان، وأبي محمد عبد الله بن قحطبة وأبي يعقوب اسحاق بن أحمد الامام.
روى عنه تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن عيسى بن عبد العزيز، وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن عبيد الله (85- ظ) المكتب وسمع منه بالمصيصة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثني أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي ببغداد قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي قال: حدثنا أبو ثميّلة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقعد الرجل مكان أخيه أو يقيمه وقال: تفسحوا «1» .(8/3655)
وذكر تمام بن محمد هذا الحديث في جزء آخر فقال فيه: أخبرني بن رشيق ابن عبد الله المصيصي مولى رزق الله بن الحسن.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البنّاء البغدادي بحلب قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن جعفر بن عبد الله بن صالح بن ابراهيم ابن عبد الله المكتب بطرابلس في مكتبه قلت: حدثكم أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي بالمصيصة في شعبان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عون الدمشقي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد عن جابر عن ابن أبي عائشة (86- و) قال: اذا أراد المتكلم بكلامه غير الله عز وجل زلّ عن قلوب جلسائه كما يزل الماء عن الصفا (86- ظ) .
رشيق بن عبد الله:
أبو الحسن النسيمي، مولى نسيم الشرابي، مولى المقتدر، كان قد حصل في الثغر الشامي مع محمد بن الزيات والي الثغور، وكان له أثر صالح في الجهاد، ولمّا جرى من ابن الزيات ما جرى وعزم على تغريق نفسه على ما نذكره في ترجمته كتب وصيته وتقدم الى أخيه وإلى أبي الحسن رشيق النسيمي أن يطوفوا ليلتهم في طرسوس ويحفظوا البلد، ثم غرق محمد بن الزيات نفسه فوقع الاتفاق من بعده على أبي الحسن رشيق النسيمي لأنه كان يظهر الميل الى سيف الدولة فأهّله أهل طرسوس للإمرة بها وولاية الثغور الشامية، فكان رشيق يغزو بأهل الثغور وينكي في العدو نكايات يظهر أثرها ويتناقل خبرها فمنها غزاته في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة التي سار فيها بأهل النجدة والبأس ودخل الى قرة وقلونية وسمندو، فسبى أهلها ونهب وقتل وأحرق وغنم غنائم كثيرة ومنها غزاته في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة التي غزا من طرسوس بأهلها الى قيسارية وهرقلة فدوخ تلك البلاد وغنم غنائم كثيرة، فلما ضعف أمر الثغور، وتراجع أمر سيف الدولة وكرهه أهل الثغور واستولى الروم على المصيصة وعين زربة وطرسوس «1» ، والتجى(8/3656)
أكثر أهل الثغر الى أنطاكية حصل رشيق النسيمي في أنطاكية وقطع خطبة سيف الدولة وكان سيف الدولة قد توجه الى ديار بكر لإقامة الفداء في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة واستناب (87- و) الحاجب قرغويه في حلب فاستأمن أبو يزيد الشيباني ودزبر بن أونيم الديلمي وجماعة من الديلم الذين كانوا مع الحاجب بحلب الى رشيق وأطمعوا رشيقا في حلب، وحملهم على ذلك رجل ساقط يقال له ابن الأهوازي كان يتضمن الأرحاء بأنطاكية، وأدخلوا معهم في الرأي رجلا علويا يعرف بالأفطسي كان منحرفا عن سيف الدولة فجبى ابن الأهوازي الأموال فلما أظهر رشيق مباينة سيف الدولة وحصل عنده من حصل سيّر الحاجب قرغويه غلامه يمن في عسكر الى رشيق، فخرج اليه رشيق من أنطاكية والتقوا بناحية أرتاح فاستأمن يمن الى رشيق، وخلى عسكره فعادوا الى حلب، وسار رشيق وحصل على باب حلب وحصل على باب اليهود وهو المعروف الآن بباب النصر، وزحف على باب اليهود فخرج إليه بشارة الخادم الاخشيدي «1» خادم سيف الدولة في جماعة معه فقاتل الى وقت الظهر، فانهزم بشارة ودخل من باب اليهود، ودخلت خيل رشيق خلفه وحصلت في المدينة في اليوم الأول من ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وكان الحاجب قرغويه في القلعة فأقام رشيق يقاتل القلعة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وفتح باب الفرج، ونزل غلمان الحاجب من القلعة فحملوا على أصحاب رشيق فهزموهم وأخرجوهم من المدينة فركب رشيق ودخل من باب أنطاكية فوصل الى القلانسيين، وخرج من باب قنسرين ومضى الى باب العراق فنزل غلمان الحاجب من القلعة (87- ظ) وخرجوا من باب الفرج ووقع القتال بينهم وبين أصحاب رشيق، فطعن أبو يزيد الشيباني رشيقا فرماه وأخذ رأسه ومضى به الى الحاجب قرغويه، وكان أبو يزيد الشيباني ممن استأمن الى رشيق من عسكر سيف الدولة، وقيل إن أبا يزيد طعن رشيقا فوقع الى الأرض وضربه حسنش الديلمي واحتز رأسه عبد الله التغلبي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي(8/3657)
العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ملك مدينة حلب دون القلعة رشيق النسيمي والي أنطاكية وكسر عسكر قرغويه الحاجب وحاصر القلعة فقتل وهو محاصر القلعة وعاد قرغويه ملك حلب وملك أنطاكية دزبر الديلمي «1» عند قتل رشيق «2» .
وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري: سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال: وفيها خرج ابن الأهوازي بأنطاكية وكان يتضمن بها المستغلات لسيف الدولة وكان قد حصل في أنطاكية رجل من وجوه أهل الثغر اسمه رشيق يعرف بالنسيمي، فعمل له ابن الأهوازي كتابا ذكر أنه من الخليفة ببغداد بتقليده أعمال سيف الدولة فقرىء على منبر أنطاكية، وكان قد اجتمع لابن الأهوازي جملة من مال المستغل وطالب قوما بودائع ذكر أنها عندهم، فعرض الرجال، وقبّضهم من أموال (88- و) أنطاكية، وفرض لجماعة فرسان ورجالة أكثرهم من أهل الثغر وسار بهم الى حلب في عسكر كبير فحاصروا قرغويه الحاجب في القلعة بحلب، وكان القتال يجري بينهم كل يوم مدة شهور، وقتل رشيق النسيمي في الحرب، وكان فيما قيل متوجعا، وعقد ابن الأهوازي الإمارة بعد رشيق النسيمي لرجل ديلمي كان من رجال سيف الدولة يقال له دزبر، وعاد العسكر الى أنطاكية.
هكذا ذكر العظيمي وابن المهذب كما حكينا عن كل واحد منهما والصحيح أن استيلاء رشيق على مدينة حلب دون القلعة في ذي القعدة من سنة أربع وخمسين، وقتل رشيق على باب حلب في صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان بن قرة «3» المؤرخ في جزء كتب فيه وفيات من توفي من الأعيان من سنة ثلاثمائة الى السنة التي توفي فيها، قال ثابت: رشيق النسيمي المتغلب على حلب قتل في اليوم الرابع من صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.(8/3658)
ذكر من اسمه رضوان
رضوان بن اسحاق القرشي:
أبو زفر السامي من بني سامة بن لؤي من أهل دمشق، سكن أذنه بلدة من الثغور الشامية وحدث بها عن أبي يعقوب اسحاق بن ابراهيم الحنيني، وأبي عبد الله موسى بن داود الضبي القاضي بالثغر، وعثمان بن سعيد الحمصي، وأبي العلاء كثير بن الأسود الحبشي.
روى عنه أبو حاتم (88- ظ) محمد بن ادريس الرازي. (89- و) .
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد الخطيب عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال:
أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رضوان بن اسحاق القرشي أبو زفر الدمشقي من بني سامة بن لؤيء روى عن اسحاق بن ابراهيم الحنيني وعثمان ابن سعيد بن كثير بن دينار، وموسى بن داوود كتب عنه أبي بأذنه عند ابن الطبّاع في رحلته الأولى، سئل أبي عنه فقال: صدوق «1» .
رضوان بن تتش «2» :
ابن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن دقاق، أبو المظفر التركي السلجوقي ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة، ونشأ في دمشق في حجر أبيه، وكانت أمه أو ولد فزوجها أبوه من جناح الدولة حسين «3» ، وجعله أتابكا له ومربيا، ولما توجه أبوه تتش لمحاربة بركيارق ووصل الى همذان كتب الى ولده رضوان الى دمشق «4» ، وكان قد تركه بها، يستدعيه اليه من دمشق، وأمره أن يحضر معه(8/3659)
من تخلف بالشام من المعسكر، فامتثل أمر أبيه وخرج من دمشق بالعسكر متوجها الى أبيه، ووصل الى عانة وقيل الى الأنبار، فبلغه قتل أبيه تتش، فحط خيمه وسار مجدا عائدا، فوصل الى حلب وتسلمها من وزير أبيه أبي القاسم بن بديع في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وتولى حسين زوج أمه تدبير ملكه.
ووصل أخوه دقاق الى حلب، ومضى سرا من رضوان الى دمشق فملكها وقدم يغي سغان، ويوسف بن آبق بعسكرهما من أنطاكية الى خدمة رضوان، وسارا (89- ظ) معه الى الرها ليتسلمها من نواب والده، فأرادا القبض على حسين لينفردا بتدبير رضوان، فبلغ حسين ذلك، فهرب الى حلب، وتبعه رضوان اليها واستوحش رضوان منهما، فرجعا الى أنطاكية.
وسار رضوان الى دمشق ليأخذهما من أخيه دقاق، ونزل جناح الدولة حسين بحلب، وسار معه سكمان بن أرتق، فلما وصل رضوان الى دمشق اعتقل دقاق نجم الدين ايلغازي بن أرتق، ولم يستتب لرضوان أمر دمشق فرجع الى حلب، وتوجه سكمان الى البيت المقدس، وتسلمه من نواب أخيه ايلغازي.
ووصل يوسف بن آبق الى رضوان الى حلب وسكنها فخاف منه رضوان وحسين فتقدما الى المجنّ الفوعي «1» فهجم عليه فقتله.
وخرج رضوان وحسين فتسلما تل باشر، وشيح الدير من نواب يغي سغان، وأغارا على بلد أنطاكية، ثم توجها الى دمشق وسار يغي سغان إليهما منجدا دقاق، فضعفت نفس رضوان عن دمشق، فسار الى البيت المقدس فتبعه دقاق وطغتكين ويغي سغان، وأشرف عسكر رضوان على التلف فهرب حسين على البرية الى حلب، ووصل دقاق وطغتكين الى ناحية حلب، واستنجد رضوان بسليمان بن ايلغازي صاحب سميساط، فوصل الى حلب بعسكر كبير واجتمع العسكران على نهر قويق، وتحاربا، فهرب دقاق وطغتكين الى دمشق ويغي سغان الى أنظاكية.(8/3660)
وتغيرت نية رضوان على حسين فهرب من حلب الى حمص ومعه زوجته أم رضوان.
ثم تجدد بعد ذلك خروج الفرنج (90- و) الى أنطاكية، ووصل يغي سغان الى الملك رضوان الى حلب الى خدمة رضوان، وتزوج رضوان بابنته خاتون جيجك، ونزل الفرنج على أنطاكية، وشنوا الغارات على بلد حلب، ووصل ابن يغي سغان الى حلب مستنجدا على الفرنج، فسير رضوان معه عسكر حلب وسكمان، فلقيهم من الفرنج دون عدتهم، فانهزم المسلمون الى حارم، وغلب أهل حارم من الأرمن عليها، وعاد سكمان بن أرتق مفارقا رضوان، وصار مع دقاق.
واستولى الفرنج على أنطاكية، وضعف أمر رضوان، واستمال الباطنية وظهر مذهبهم بحلب، وشايعهم رضوان، واتخذوا دار دعوه بحلب، وكاتبه ملوك الاسلام في أمرهم، فلم يلتفت، ولم يرجع عنهم، ودام على مشايعتهم.
وقوي الفرنج عليه فباع من أملاك بيت المال عدة مواضع للحلبيين، وقصد بذلك استمالتهم، وأن يتعلقوا بحلب بسبب أملاكهم فيها حتى أنه باع في ساعة واحدة ستين خربة من مزارع حلب لجماعة من أهلها وكتب بها كتاب واحد، يذكر حدود كل خربة ومشتريها وثمنها. وكان الكتاب عندي في جملة الكتب التي كانت لوالدي رحمه الله.
وكان الملك رضوان بخيلا شحيحا يحب المال، ولا تسمح نفسه باخراجه، حتى أن أمراءه وكتابه كانوا ينبزونه بأبي حبّة، وذلك هو الذي أضعف أمره، وأفسد حاله مع الفرنج والباطنية. وجدد في حلب مكوسا وضرائب لم تكن، ومع هذا كله كان فيه لطف ومحاسنة (90- ظ) للحلبيين حتى بلغني أنه مر يوما راكبا ليخرج من باب العراق، فلما وصل الى المرمى، وهو داخل السور بالقرب من باب العراق، سمع امرأة تنادي أخرى يا زليخا تعالي أبصري الملك، فأمسك رأس فرسه ووقف ساعة، ثم نظر فلم ير أحدا، فقال: أين هي زليخا؟ قولوا لها تأتي تبصرنا أو نمشي، وهذا من أبلغ اللطافة من ملك مثله.(8/3661)
وحدثني والدي قال: أخبرني أبي قال: وقع بين والدي أبي غانم وبين القاضي أبي الفضل بن الخشاب مشاجرة في التخم الذي بين قرية والدي أقذار وبين قرية ابن الخشاب عيطين، وآل الأمر في ذلك الى مواحشة وغلظة، فبلغ الملك رضوان فقال: أنا أخرج بنفسي وأقف معكما على التخم، فخرجا مع الملك ووقف معهما وقال لأحدهما: الى أين تدّعي؟ فقال: إلى ها هنا، وقال، للآخر: الى أين تدّعي؟
فقال: الى ها هنا، فقال لكل واحد منهما: أريد أن تهب لي نصف ما تدّعي على صاحبك، فأجاباه جميعا الى ذلك، وأصلح بينهما على أن نزل كل واحد عن نصف المدعى به، وجعل بينهما تخما اتفقا عليه، ورجع الى المدينة، وهذا أيضا من المآثر التي ينبغي أن تكتب وتسطر وتنقل في التواريخ وتذكر.
قرأت بخط الشريف ادريس بن الحسن الادريسي الاسكندراني قال الشيخ أبو الحسن بن الموصول، وأملانيه بدار الشريف أمين الدين أبي طالب أحمد بن محمد النقيب الحسيني الاسحاقي من تعليق لبعض (91- و) أسلافه قال: وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسمائة وصل الى حلب رجل كبير فقيه تاجر يقال له أبو حرب عيسى بن زيد بن محمد الخجندي ومعه خمسمائة جمل عليها أحمال أصناف التجارات، وكان شديدا على الاسماعيلية مسعدا لم يقصدهم، مبالغا في بابهم، أنفق في المجاهدين لهم بسببهم أموالا جليلة، فقام في غلمان له يستعرض أحماله وحوله جماعة من مماليكه وخدمه، وكان قد أصحب من خراسان باطنيا يقال له أحمد بن نصر الرازي، وكان أخوه قتله رجال هذا الخجندي، فدخل الى حلب، واستدل على أبي الفتح الصايغ رئيس الملاحدة بها، وكان متمكنا من رضوان، فصعد الى الملك رضوان، وعرفه ما جرى بينهم وبين الفقيه أبي حرب، وأطمعه في ماله، وأراه أنه بريء من التهمة في بابه إذ كان معروفا بعداوة الملحدة، فطمع رضوان وانتهز الفرصة فيه، وطار فرحا، فبعث بغلمان له يتوكلون به، فبرز الى أبي حرب عيسى الفقيه أحمد بن نصر الرازي وهجم عليه، فقال لغلمانه وأصحابه: أليس هذا رفيقنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعوا عليه فقتلوه، وهجم جماعة من أصحاب أبي الفتح الباطني الحلبي على أبي حرب فقتلوا عن آخرهم، ثم قال أبو حرب: الغياث بالله من هذا الباطني الغادر، أمنا المخاوف وراءنا وجئنا إلى (91- ظ) الأمنة، فبعث علينا من(8/3662)
يقتلنا، فرجعوا الى رضوان، فأخبروه بما قال، فأبلس، وصار السنة والشيعة الى هذا الرجل، وأظهروا إنكار ما تم عليه، وعبث أحداثهم بجماعة من أحداث الباطنية فقتلوهم، وأنهي ذلك الى الملك رضوان فلم يتجاسر على انكاره، وأقام الرجل بحلب، وكاتب أتابك ظهير الدين «1» وغيره من ملوك الشام فتوافت رسلهم عند رضوان بكتبهم ينكرون عليه ما جاءه في بابه، فأنكر وحلف أنه لم يكن له في هذا الرجل نية، وخرج الرجل عن حلب مع الرسل، فخيروه في التوجه نحو الرقة، وعاد الى بلده، ومكث الناس يتحدثون بما جرى على الرجل، ونقص في أعين الناس، فتوثبوا على الباطنية من ذلك اليوم.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في حوادث سنة إحدى وخمسمائة قال: وفي هذه السنة بلغ فخر الملوك رضوان ما ذكر به عن مشايعة الباطنية واصطناعهم، وحفظ جانبهم، وأنه لعن بذلك في مجلس السلطان، فلما بلغه الخبر أمر أبا الغنائم بن أخي أبي الفتح الباطني بالخروج عن حلب فيمن معه، فانسل القوم بعد أن تخطف جانبهم، وقتل منهم أفراد «2» .
قلت ولما ملك رضوان حلب قتل أخوين له كانا من أبيه، فلما مات رضوان وملك ابنه ألب أرسلان قتل أخوين له كانا من أحسن الناس صورة فانظر (92- و) الى هذه المؤاخذة العجيبة.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: وفيها- يعني سنة تسعين وأربعمائة- عصى المجن الموفق على الملك رضوان، وتعصب معه الحلبيون ثم تخاذلوا عنه، واختفى، فقبض عليه الملك رضوان، وعلى ذويه وبنيه، واستصفى أمواله في ذي القعدة وعذبهم بأنواع العذاب، ثم قتله بعد ذلك، وقتلهم حوله.(8/3663)
قال: وفيها وصل رسول مصر الى الملك رضوان، يعني من المستعلي، بالتشريف والخلع، وخطب للمصريين شهرا، ثم عاد عن ذلك «1» .
وقال: سنة ثلاث وتسعين، وفيها كسرت الافرنج للملك رضوان على موضع يقال له كلّا، وكان المسلمون في خلق وكان الافرنج في مائة فارس، فقتلوا خلقا من الناس، وأسروا خلقا، وكانت الكسرة يوم الجمعة خامس شعبان «2» .
وقال: سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فيها كسر الفرنج الملك رضوان على عين تسيلوا من أرض أرتاح. وكان سبب ذلك حصن أرتاح، خرجوا اليه ليأخذوه، وجمع رضوان الخلق العظيم، وخرج لنجدة الحصن، ومعه من الرجّالة الخلق العظيم، وكان المصاف يوم الخميس، فانهزمت الخيل وأسلموا الرجالة، فقتل منهم الخلق العظيم، وفقد من الحلبيين جماعة كثيرة غزاة رحمهم الله، وانهزم أكثر من به «3» .
قلت: بلغني انه قتل من المسلمين مقدار ثلاثة آلاف ما بين فارس وراجل.
وهرب (92- ظ) من بأرتاح من المسلمين، وقصد الفرنج بلد حلب، فأجفل أهله، ونهب من نهب، وسبي من سبي، واضطربت أحوال بلد حلب من جبل ليلون الى شيزر، وتبدل الخوف بعد الأمن والسكون وهرب أهل الجزر وليلون الى حلب، فأدركتهم خيل الفرنج فسبوا أكثرهم وقتلوا جماعة، وكانت هذه النكبة على أعمال حلب أعظم من النكبة الاولى على كلّا، ونزل طنكريد «4» الفرنجي على تل أعذى من عمل ليلون وأخذه، وأخذ بقية الحصون التي في عمل حلب، ولم يبق في يد الملك رضوان من الأعمال القبلية إلا حماه، وليس في يديه من الأعمال الغربية شيء، وبقي في يده الاعمال الشرقية والشمالية وهي غير آمنة.
وضاق الأمر بأهل حلب، ومضى بعضهم الى بغداد واستغاثوا في أيام الجمع،(8/3664)
ومنعوا الخطباء من الخطبة مستصرخين بالعساكر الاسلامية على الفرنج، وكسروا بعض المنابر، فجهز السلطان محمد بن ملكشاه مودود صاحب الموصل وأحمديل الكردي، وسكمان القطبي في عساكر عظيمة ضخمة، ومات سكمان قبل وصوله الى حلب، ووصلت العساكر الى حلب، فأغلق رضوان أبواب حلب في وجوههم، وأخذ الى القلعة رهائن عنده من أهلها لئلا يسلموها، ورتب قوما من الجند والباطنية الذين في خدمته لحفظ السور، ومنع الحلبيين من الصعود اليه، وضبر «1» انسان من السور (93- و) فأمر به فضربت عنقه، ونزع رجل ثوبه ورماه الى آخر، فأمر به فألقي من السور الى أسفل، وبقيت أبواب حلب مغلقة سبع عشرة ليلة، وأقام الناس ثلاث ليال لا يجدون ما يقتاتونه، وكثرت اللصوص، وخاف الأعيان على أنفسهم، وساء تدبير الملك رضوان، فأطلق العوام ألسنتهم بسبه وتعييبه وتحدثوا بذلك فيما بينهم، فاشتد خوفه من الرعية أن يسلموا البلد، وترك الركوب بينهم.
وبث الحرامية تتخطف من ينفرد من العساكر فيأخذونه. وعاث العسكر فيما بقي سالما ببلد حلب بعد نهب الفرنج له، ورحل العسكر الى معرة النعمان بعد استيلاء الفرنج عليها في آخر صفر من سنة خمس وخمسمائة وأقاموا عليها أياما، وقدم عليهم أتابك طغتكين، فراسل رضوان بعضهم حتى أفسد ما بينهم، وظهر لأتابك طغتكين منهم الوحشة، فصار في جملة ممدود «2» ، وثبت له ممدود، ووفى له، وحمل لهم أتابك هدايا وتحفا، وعرض عليهم المسير الى طرابلس والمعونة لهم بالأموال، فلم يعرجوا، وسار أحمديل وبرسق بن برسق، وعسكر سكمان الى الفرات، وبقي مودود مع أتابك، فرحلا من المعرة الى العاصي، فنزلا على الجلالي، ونزل الفرنج أفامية: بغدوين، وطنكريد، وابن صنجيل، وساروا لقصد المسلمين، فخرج أبو العساكر سلطان بن منقذ من شيزر (93- ظ) بأهله وعسكره، واجتمعوا بمودود وأتابك، وساروا الى الفرنج، ودارت خيول المسلمين حولهم ومنعوهم الماء، والأتراك حول الشرائع بالقسي تمنعهم الورد، فأصبحوا هاربين سائرين يحمي بعضهم بعضا.(8/3665)
ونزل طنكريد على قلعة عزاز وبذل له رضوان مقطعة عن حلب، عشرين ألف دينار وخيلا وغير ذلك، فامتنع طنكريد من ذلك، ورأى رضوان أن يستميل طغتكين أتابك إليه، فاستدعاه الى حلب، فوصل إليه وتعاهدا على مساعدة كل منهما لصاحبه بالمال والرجال، واستقر الأمر على أن أقام طغتكين الدعوة والسكة لرضوان بدمشق، فلم يظهر من رضوان الوفاء بما تعاهدا عليه، ووصل مودود الى الشام، واتفق مع طغتكين على الجهاد، وطلب نجدة من الملك رضوان، فتأخرت الى أن اتفق للمسلمين وقعة استظهروا فيها على الفرنج، ووصل عقبيها نجدة للمسلمين من رضوان دون المائة فارس، وخالف فيما كان قرره ووعد به، فأنكر أتابك ذلك وتقدم بابطال الدعوة والسكة باسم رضوان من دمشق في أول شهر ربيع الأول من سنة سبع وخمسمائة.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن تقاق التركي كان بدمشق (93- ظ) عند توجه أبيه الى ناحية الري، فكتب إليه يستدعيه، فخرج إليه، فلما كان بالأنبار بلغه قتله، فرجع الى حلب فتسلمها من الوزير أبي القاسم، وكان المستولي على أمرها جناح الدولة حسين في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ثم قدم دمشق بعد موت أخيه دقاق، فحاصرها وقرر له الخطبة والسكة، فلم تستتب أموره وعاد الى حلب، وأقام بها، وجرت منه أمور غير محمودة في قتال الفرنج، وظهر منه الميل الى الباطنية، واستعان بهم بحلب، ثم استدعى طغتكين أتابك الى حلب ولاطفه، وأراد استصلاحه، وقرر بينهما أمورا وأقام له طغتكين الدعوة والسكة بدمشق، فلم يظهر منه الوفاء بما وعد، فأبطلت دعوته.
وكان لما ملك حلب قد قتل أخويه أبا طالب وبهرام ابني تتش، ومات في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، ونقلته من خطه، قال: سنة سبع وخمسمائة، فيها مات الملك رضوان بن تاج الدولة صاحب(8/3666)
حلب بحلب، وجلس موضعه ولده تاج الدولة ألب أرسلان، وفيها قتل تاج الدولة ابن الملك رضوان أخويه ملك شاه وابراهيم صبيين أحسن الناس صورا «1» .
كذا وجدته، وابراهيم بقي زمانا، ورأيت ولده بحلب. وأظنه مبارك والله أعلم.
وقرأت في كتاب تاريخ وقع (94- ظ) إليّ بماردين جمعه الرئيس أبو علي الحسن ابن علي بن الفضل الداري، وشاهدته بخطه. قال: وفيها، يعني سنة ثمان وخمسمائة مات الملك رضوان بن تتش بحلب، وتولى ولده الأخرس.
وقرأت في بعض ما علقته من الفوائد: مرض رضوان بحلب مرضا حادا، وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة ودفن بمشهد الملك، فاضطرب أمر حلب لوفاته، وتأسف أصحابه لفقده، وقيل أنه خلف في خزانته من العين، والآلات، والعروض، والأواني ما يبلغ مقداره ستمائة ألف دينار.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وملكها- يعني حلب بعده، يعني بعد قتل أبيه تتش- في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة أبو المظفر رضوان بن تتش تسع عشرة سنة وشهورا، وتوفي في سحرة يوم الاربعاء آخر يوم من جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة، وعمره اثنان وثلاثون سنة، وخلف عينا وعروضا تقارب ألف ألف دينار.
رضوان بن سعيد المصيصي:
ذكر أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب في ترجمة أبي العباس محمد بن أحمد بن عبد الكريم البزاز المخرمي، أنه روى عن رضوان بن سعيد المصيصي، وأظنه والله أعلم، وهما وقع في الرواية، وأنه أبو رضوان بن سعيد المصيصي واسمه اليمان «2» .
رضوان بن علي الرقي الطبيب:
من أهل الرقة، سافر الى بلاد الروم وصار بها طبيبا في خدمة كيخسرو بن كيقباذ، ولما دخل التتار بلاد الروم وكسروا كيخسرو. أسروا الحكيم رضوان ثم(8/3667)
أطلقوه حين عرفوا أنه يعرف الطب، وسيره التتار رسولا الى حلب الى الملك الناصر يوسف بن محمد مرتين، واجتمعت به بحلب وأنشدني لنفسه بحلب من أبيات:
(95- و)
من كل أروع يستلذ بطبعه ... طعم الشفار حديدها من صالب
شكت القنا منه الصداع وحاولت ... منه العلاج فشدها بعصائب
بلغني أن رضوان الحكيم توفي بموغان «1» ووصل الينا خبر وفاته في جمادى الآخرة من سنة خمس وأربعين وستمائة.
***(8/3668)
ذكر من اسمه رفاعة
رفاعة بن رافع بن مالك:
ابن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق أبو معاذ الأنصاري الزرقي وأمه أم مالك بنت أبيّ بن سلول، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وشهد معه بدرا وأحدا وسائر المشاهد بعدهما، وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين، وقيل إنه شهد على كتاب التحكيم بين علي ومعاوية، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته ربيعة بن شرحبيل.
وروى عن أنس بن مالك. روى عنه عبيد الله بن عمر وابن أخيه يحيى بن خلاد بن رافع، وابنه معاذ بن رفاعة.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا اسحاق بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع، وكان رفاعة ومالك بن رافع أخوين (95- ظ) من أهل بدر، قال: بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله- شك همام- إذ دخل رجل فاستقبل القبلة فصلى، فلما قضى الصلاة جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع الرجل فصلى وجعلنا نرمق صلاته لا ندري(8/3669)
ما بعيب منها، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل- قال همام:
ولا أدري أمره بذلك مرتين أو ثلاثا- قال الرجل: ما ألوت فلا أدري ما عبت علي من صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه الى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه الى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده ثم يقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه، ثم يكبر فيركع فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ويقول: سمع الله لمن حمده فيستوي قائما حتى يقيم صلبه، فيأخذ كل عظم مأخذه، ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه- قال همام: وربما قال: جبهته من الارض- حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده ويقيم صلبه- فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات (96- و) حتى فرغ- لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك «1» .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء- بقراءتي عليه- قال:
أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري قال:
أخبرنا عبد القاهر بن محمد بن محمد بن أحمد عترة قال: حدثنا محمد بن عمران قال حدثنا اسماعيل- يعني- ابن اسحاق قال: حدثنا اسماعيل بن أبي أويس قال:
حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي حوض بين صنعاء وأيلة وإن آنيته عدد نجوم السماء «2» .
أخبرنا أبو عبد الله بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي بن عفراء، شهد بدرا نسبه قتيبة عن رفاعة بن يحيى، مديني ثم قال البخاري: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري المديني.(8/3670)
قال اسماعيل: حدثني به أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم:
حوضي ما بين صنعاء وأيله «1» .
قلت: هكذا فرق البخاري بينهما وجعلهما اثنين، والذي يغلب على ظني أنهما واحد، وأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أنس بن مالك فظنهما اثنين، وقد تابعه أبو محمد بن أبي حاتم ففرق بينهما، وجعلهما اثنين أيضا.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو بن (96- ظ) مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي البدري، وهو ابن عفراء.
روى علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه، وهو رفاعة بن رافع هذا، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال ابن أبي حاتم: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري، روى عن أنس بن مالك، روى عنه عبيد الله بن عمر، سمعت أبي يقول ذلك «2» ، فجعلهما اثنين أيضا كما ترى.
أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي، أمه أم مالك بنت أبيّ بن سلول، يكنى أبا معاذ، شهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه بدرا أخواه خلاد ومالك ابنا رافع، شهدوا ثلاثتهم بدرا، واختلف في شهود أبيهم رافع بن مالك بدرا، وشهد رفاعة بن رافع مولى علي الجمل وصفين وتوفي في أول إمارة معاوية.
وذكر عمر بن شبة عن المدائني عن أبي مخنف عن جابر عن الشعبي قال: لما خرج طلحة والزبير كتبت أم الفضل بنت الحارث الى علي بخروجهم فقال علي:(8/3671)
العجب لطلحة والزبير إن الله عز وجل لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم قلنا نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا وأيم الله لولا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر، ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على بعض الألم، ثم لم نر بحمد الله إلا خيرا، ثم وثب الناس على عثمان فقتلوه، ثم بايعوني ولم استكره أحدا، وبايعني طلحة والزبير ولم (97- و) يصبرا شهرا كاملا حتى خرجا الى العراق ناكثين، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين.
فقال رفاعة بن رافع الزرقي: إن الله لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم ظننا أنّا أحق الناس بهذا الأمر لنصرتنا الرسول، ومكاننا من الدين فقلتم نحن المهاجرون الأولون وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون، وإنّا نذكركم الله أن تنازعونا مقامه في الناس فخليناكم والأمر، فأنتم أعلم وما كان بينكم، غير أنّا لما رأينا الحق معمولا به والكتاب متبعا والسنة قائمة رضينا، ولم يكن لنا إلا ذلك، فلما رأينا الإثرة أنكرنا لنرضي الله عز وجل، ثم بايعناك ولم نأل، وقد خالفك من أنت في أنفسنا خير منه وأرضى فمرنا بأمرك.
وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري فقال يا أمير المؤمنين:
دراكها دراكها قبل الفوت ... لا وألت نفسي إن خفت الموت «1»
يا معشر الأنصار انصروا أمير المؤمنين، أخرى كما نصرتم رسول الله أولى، والله إن الآخرة لشبيهة بالأولى إلا أن الأولى أفضلهما (97- ظ) .
رفاعة بن شداد:
أبو عاصم، وقيل رفاعة بن عامر القتباني البجلي، وقتبان بطن من بجيلة شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميرا على بجيلة، ونزل الموصل وكان رفيق عمرو بن الحمق، وروى عنه، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان- إجازة- قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب الموصلي قال: أخبرنا أبو(8/3672)
القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب وأبو البركات سعد بن محمد بن ادريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن ادريس (95- ظ) قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب «طبقات محدثي أهل الموصل» «1» وفقائهم قال: ومنهم- يعني- من الطبقة الأولى:
رفاعة بن شداد وكان رفيق عمرو بن الحمق، أخبرني علي بن ابراهيم بن عيسى عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد بن الحكم الشيباني قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد قال: وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبي وابن أبي زائدة عن أبي اسحاق أن حجر بن عدي لما قفّي به من عند زباد نادى بأعلى صوته: اللهم إنّي على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها، سماع الله والناس، وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد يطلب رؤوس أصحاب حجر، فخرج عمرو بن الحمق ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن، ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلا فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل، فاستنكر شأنهما، وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي تلعة، فسار إليهما في الخيل ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا، فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد استسقى، فلم يكن عنده امتناع، وأما رفاعة بن شداد فكان شابا قويا فوثب على فرسه فقال أقاتل عنك، فقال: وما ينفعني أن تقتل، انج بنفسك إن استطعت، فحمل على القوم فأفرجوا له، وخرج يتعدى به فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان راميا (99- هـ) فأخذ لا يلحق به فارس إلا رماه فجرحه أو عقره، فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه: من أنت؟ قال:
إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضر عليكم، فبعث به ابن أبي تلعة الى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، وهو ابن أم الحكم، فلما رأى عمرا عرفه فكتب الى معاوية يخبره، فكتب إليه إنه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات وإنا لا نزيد عليه فاطعنه تسع طعنات، فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الأولى أو في الثانية، فبعث برأسه الى معاوية، وكان أول رأس حمل في الاسلام.(8/3673)
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رفاعة بن شداد القتباني، أبو عاصم، ويقال رفاعة بن عامر، وقتبان بطن من بجيلة، روى عن عمرو بن الحمق، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير سمعت أبي يقول ذلك «1» .
رفاعة بن ظالم الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وله ذكر في الوقعة ذكره المدائني.
رفق بن عبد الله الخادم:
أبو الفضل المستنصري، كان من خدم المستنصر، وكان علي المطالب بمصر وقدمه مولاه المستنصر وولاه دمشق، ووجهه الى حلب في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في الجيوش الكثيفة المصرية (99- ظ) وقيل في سنة اثنين وأربعين وجعله المستنصر أمير الأمراء وأخرجه في التجمل العظيم وشيعه بنفسه عند خروجه ووصل رفق الى حلب ونزل عند مشهد الجفّ، وثمال بن صالح في حلب وقد فسد ما بينه وبين المستنصر، وعصى عليه، وجرى بين الحلبيين وبينه قتال فانكسر رفق وخرج وقبض وهو مجروح فمات في قلعة حلب في الأسر ودفن في مسجد اتخذه لنفسه حين نزل على حلب الى جانب مشهد الجف من شرقيه، وكان قبره ظاهرا في القبة الشرقية التي من قبلي الرواق الشرقي، وخلط ذلك المسجد بمشهد الجف، وكنت شاهدت القبر وأنا صبي فعفي أثره، وقال الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة حين جرى على رفق ما جرى:
يا رفق رفقا ربّ فحل غره ... ذا المشرب الأهنى وهذا المطعم
حلب هي الدنيا تلذ وطعمها ... طعمان شهد في المذاق وعلقم
قد رامها صيد الملوك فما ... انثنوا إلا ونار في الحشا تتضرم «2»
ونهب من العسكر المصري شيء عظيم من المال والقماش والآلات.(8/3674)
قرأت بخط بعض الحلبيين في قصيدة كتبها أبو نصر منصور بن تميم بن زنكل السرميني عن أبي زائدة محمد بن زائدة الكلابي الى أبي الفضائل سابق بن محمود ابن نصر بن صالح صاحب حلب يذكره فيها ويعرفه ما لبني كلاب من الوقائع والأيام المعروفة في نصرة صالح بن مرداس (100- و) وبنيه قال فيها:
أليس هم أحيوا بذا ليوم ميتا ... من الفخر وارتدوا من الملك ذاهبا
ومن قبله لما أتى الخادم التقوا ... عساكره كالأسد لاقت ثعالبا
فكانوا لنا مثل الهشيم لموقد ... فأيسر زاد ليس يشبع ساغبا
ثم كتب كاتب القصيدة تحت هذه الابيات شرحها وقال: هذا الخادم هو أمير الامراء رفق أجل أمراء مصر وصل في عساكر عظيمة بعد انهزام الشيخ ناصر الدولة ابن حمدان عن حلب وكان وصوله في سنة اثنين وأربعين وأربعمائة، ونزل على حلب وعمل عليه أصحابه، فظفر به معز الدولة ثمال بن صالح وأسره مجروحا وانهزمت عساكره وقعد ثلاثة أيام ومات.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن مقلد بن منقذ في تاريخه: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل أمير الامراء أبو الفضل رفق خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم ومضى الى حلب ونزل مسجد الجف فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء فلم يفعل فأشير عليه ان ينشئ سجلا عن السلطان باقطاع معز الدولة الشام فما فعل فلما رآه أمراء العسكر لا يقبل منهم «1» (100- ظ) انهزموا مع العسكر، وانهزم العسكر لما رأى رحيل أكثره، وأتوه أهل حلب وبنو كلاب فأخذوه وضرب على رأسه فشجه فمات بعد مدة في القلعة.
قال: وحدثني أبي قال: سمعت أن هذا الخادم لما أطلع الى قلعة حلب استعظموا خلقته وطوله، فكان بعض الفراشين يخدمه ويكرمه، فوهب له يوما سراويلا من سراويلاته دبيقيّه، ففصلها الفراش له ثوبين وسراويل، أو سراويلين وثوب كما قال،(8/3675)
ومات فدفن في مسجد الجفّ وأخذ من العسكر شيء عظيم من الاموال والآلات والدواب وغير ذلك.
قال: ومضيت أنا الى حلب في سنة سبع وعشرين وخمسمائة فرأيت مسجدا غير مسجد الجف، فشربنا منه فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مسجد الخادم رفق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، ونقلته أنا من خط العظيمي قال: سنة احدى واربعين وأربعمائة، فيها كان السيل الذي أهلك عسكر المصريين على السّعدى وصلدى قبلي حلب، وفيها كان قتل جعفر بن كليّد، وفيها انهزم ناصر الدولة، وسيّرت العساكر مع رفق الخادم وهو كاره لذلك، ولقبوه أمير الامراء المظفر عدة الدولة وعمادها، وكان عمره فوق الثمانين (101- و) ، ثامن عشر ذي القعدة من السنة، وشيعه المستنصر وسيّر معه التجمل العظيم، والعدد الكثير من المشارفة والمغاربة والعرب، وكاتب كل من يلقاه من المقدمين بأن يترجلوا له اذا لقوه، وتوسل ثمال ابن صالح الى الملك قسطنطين أن ينجده، فكتب قسطنطين الى المستنصر في الصفح عن ابن صالح وقال: ان لم تقبل فيه الشفاعة اضطر الى نجدته عليك، فوصل رسول الملك الى الرملة، يوم وصول رفق الخادم اليها فأوصله رفق الى مصر، وأعاد الرسالة وتوقف الوزير عن الجواب طمعا أن يملكوا حلب، ويستأنف الجواب وتحقق الملك قسطنطين توجه العساكر المصرية، فبعث الى أنطاكية عسكرا لحفظ الاطراف من نحو حلب، وبعث لثمال بن صالح مالا عينا وخلعا، وسار مقلّد بن كامل بن مرداس الى حمص واعتصم عليه واليها حصن الدولة حيدره بن منزو الكتامي، فحاصره ثم طلب الامان فآمنه وأنزله من القلعة، وخربها وخرب السور، وعاد الى حماة ففتحها وأخرب حصنها، وانتقل الى معرة النعمان، وأخرب سورها أيضا وظهر من فشل رفق الخادم ما أطمع الجند والكافة فيه، فعاثت السنابسة «1» وهو بالرملة في طرف العسكر، وهربوا الى البرية، فاتبعهم رفق بسرية من العساكر (101- ظ) فعادت العرب عليهم وهزموهم، وأسروا الامير مراد، ونهبوهم فسير اليهم رفق، جعفر بن(8/3676)
حسان بن جراح فاسترجع منهم بعض ما نهبوه، وردهم الى الديوان «1» ، فعرضهم وعليهم أكثر عدد العسكرية، ورحل رفق الى دمشق، وأثبت خلقا من قبائل العرب الكلبيين والطائيين، وانصرف من العسكر فرقة من العبيد والمشارقة ومن البحاترة فرقة والفزارين، وتحاربوا لأربع بقين من المحرم من السنة، وذلك يوم الجمعة، فقتل من الكتاميين نحو من مائة رجل، ونهبوا بعض الخيم، ثم تميزوا من ذلك المكان ونزلوا على باب توما، وبقوا ثلاثة أيام متصافين ولم يجر بينهم قتال، وخاف رفق ودخل بالخيام القصر، وترك مضاربه الخاصة على حالها، وأصلح بين الطوائف، فتوقف الكتاميون حتى وصلهم من ماله بألوف دنانير دية القتلى وعوض الخيام، ونهبت العرب أكثر غوطة دمشق، وهرب أهل القرى الى دمشق، ثم سار رفق الى حمص، وعرض العساكر بها وأثبت من العرب الكلبيين ألف فارس أخرى، وبلغه ان راشد بن سنان بن عليان «2» هرب من الاعتقال بصور، وحصل بظاهر دمشق واحتوى على أكثر أعمالها، وتسرعت العساكرية عند حصول رفق بحماة الى نهب أعمال شيزر اذ هي على أعمال (102- و) حلب، ووصل الى صلدى يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الاول، وخيم على جبل جوشن يوم الاربعاء الثاني والعشرين منه، ووقع الطراد واستأمن سلطان القرمطي «3» في خمسمائة فارس من الكلبيين، وكان أخوه نبهان معتقلا في قلعة حلب، منذ أسر من كفر طاب، واقتتلوا يوم الجمعة واستراحوا السبت والاحد ورد رفق الخزانة السلطانية الى ورائه، ليلة الاثنين سابع عشرين ربيع، وأمر العسكر أن يدفعوا أثقالهم الى معرة مصرين، فاستشعروا الهزيمة، وأخذ العسكر من نصف الليل يرحلون، وانتهى ذلك الى رفق، فأتبعهم برسله يرسم لهم العودة فلم يرجع أحد، وانهزموا وأسفر الصبح وخرج من حلب خيل، وظنوا انها مكيدة فلما تحققوا هزيمة العسكر، نهبوا وأسروا، ونهب العرب بعضهم بعضا والعسكر، وخرج الحلبيون نهبوا آثار العسكر، من غلات وغيرها، ولحقوا رفق الخادم وجرحوه ثلاث جراح وداخلوه الى حلب أسيرا مكشوف الرأس، واختلط عقل رفق لاجل الجراح التي في رأسه، ومات في القلعة بعد ثلاثة(8/3677)
أيام، ودفن في مسجد بظاهر حلب، وأسرت الروم أصحاب الأطراف من العسكر جماعة، فأنكر قسطنطين ذلك عليهم وردهم الى بلد الاسلام وكساهم.
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب (102- ظ) همام بن الفضل بن جعفر بن علي ابن المهذب المعري سيّره إليّ بعض الشرّاف الهاشميين بحلب، قال: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل الامير أبو الفضل رفق، خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم، فانهزمت منه بنو كلاب عن حمص، وتبعها منزلا منزلا، حتى نزل على معرة النعمان، فلما رأى خراب السور، سأل: كم يحتاج الى أن يعود الى ما كان، فقدر له فكان ألفي دينار، فقال: أنا أعمره من عندي بمالي ولا أحوجكم الى غيري، ثم انه مضى الى حلب، ونزل على مسجد الجف، فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه، فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع، فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل، فقيل له أن ينشئ سجلا عن السلطان بأنه قد أقطع الشام لمعز الدولة ويعود بهيبته، فلم يفعل، فلما رآه أمراء العسكر لا يلتفت اليهم، ولا يقبل مشورتهم، انهزموا مع العرب وانهزم العسكر لما رأى العرب قد انهزمت، فأخذ وضرب رأسه فمات في القلعة، ودفن في مسجد الجف، ونهب من العسكر شيء عظيم من الاموال والقماش والدواب وغير ذلك.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي، فيما أجاز لي روايته عنه قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن (103- و) الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد بن الاكفاني في تسمية أمراء دمشق الامير أمير الامراء عدة الدولة رفق، وصل الى دمشق آخر نهار يوم الخميس الثاني عشر من المحرم من سنة احدى وأربعين وأربعمائة في حال عظيمة، وعدد وأموال وأثقال، وسار من دمشق متوجها الى حلب غداة يوم الخميس السادس من صفر من السنة المذكورة «1» .
***(8/3678)
رفيع أبو العالية الرياحي البصري:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
مولى امرأة من بني يربوع، أدرك الجاهلية وأعتق سائبة.
روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبيّ ابن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الاشعري، وسهل بن الحنظلية.
روى عنه داوود بن أبي هند، وقتادة وأبو خلدة، وعنبسة بن سعيد بن عثمان الطويل، وعاصم الاحول، وزياد بن حصين، والربيع بن أنس، وخالد بن دينار، وجعفر بن ميمون، وأبو المنهال، وحفصة بنت سيرين وحضر صفين، ورأى الصّفّين وعاد ولم يقاتل.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري البغداديان ببغداد قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ببيت الله وأنا حاضر قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن المقرئ قال:
أخبرنا أبو محمد اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن يحيى العدني قال: وحدثنا وكيع عن سفيان عن عوف الاعرابي عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جمرة(8/3679)
العقبة قال: (105- و) القطه لي، قال: فناولته مثل حصا الخذف فقال: مثل هذا فارموا واياكم والغلو في الدين «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حميد الدوني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني قال: أخبرنا أبو عروبة قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن الاعمش عن زياد بن الحصين عن أبي العالية عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يرمون فقال: رميا بني اسماعيل فان أباكم كان راميا «2» .
أخبرنا أبو القاسم محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداودي قال: أخبرنا الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عباد بن العوام عن عوف عن أبي العالية قال: سألت ابن عباس عن شيء فقال: يا أبا العالية أتريد أن تكون مفتيا؟
فقلت: لا ولكن لا آمن أن تذهبوا ونبقى، فقال: صدق أبو العالية.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال:
حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية قال: لما كان قتال علي ومعاوية رضي الله عنهما، كنت رجلا شابا، فتهيأت ولبست سلاحي، ثم أتيت القوم فاذا صفان لا يرى طرفاهما، قال: فتلوت هذه الآية: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم» «3» قال: فرجعت وتركتهم.(8/3680)
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: ومنهم، يعني من العبّاد والصوفية، ذو الاحوال السامية والاعمال الخافية، رفيع أبو العالية، كان وصاياه في لزوم الاتباع وعهوده في مجانبة الاحداث والابتداع، روى أبو العالية عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وأبيّ بن كعب، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الاشعري، وسهل بن الحنظلية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم «1» .
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان- فيما أذن لنا فيه- قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمرو بن محمد قال:
(105- ظ) أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
رفيع أبو العالية الرياحي من بني تميم بصري أدرك الجاهلية، وكان أعتق سائبة مولى امرأة، روى عن أبي بكر وهو غير محفوظ، ويثبت له عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي أيوب وابن عباس.
روى عنه قتادة، وعاصم الاحول، والربيع بن أنس، وداوود بن أبي هند، وأبو خلدة، وحفصة بنت سيرين، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه زياد بن حصين ذكر أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رفيع أبو العالية ثقة «2» .
قال عبد الرحمن: سئل أبو زرعة عن أبي العالية رفيع، فقال: بصري ثقة.
أخبرنا أبو عبد الله بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال:
أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: رفيع أبو العالية الرياحي بصري مولى امرأة أعتق سائبة.
وقال الانصاري وزائدة عن هشام عن حفصة عن أبي العالية سمع عليا.
وقال معاذ بن أسد: حدثنا الفضيل بن موسى قال: أخبرنا الحسين بن واقد عن ربيع بن أنس عن أبي العالية قال: دخلت على أبي بكر فأكل لحما ولم يتوضأ.
وقال محمد: حدثنا سلم بن قتيبة عن أبي خلدة قال: سألت أبا العالية: هل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أسلمت في عامين من بعد موته.(8/3681)
وقال النضر: اعتقته امرأة من بني يربوع.
وقال آدم: حدثنا شعبة عن قتادة قال: لحقت أبا العالية، وكان أدرك عليا قال: قال علي: القضاة ثلاثة (106- و) .
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال:
حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا علي بن أنس العسكري قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد عن سعيد بن زيد أخي حماد قال: قال مهاجر أبو خالد مولى ثقيف: كان أبو العالية جاري وكان يقول لي: سلني واكتب عني قبل أن تلتمس العلم عند غيري فلا تجده.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني. وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق، قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله ابن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا:
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل ابن محمد الغساني الضرّاب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال:
حدثنا عبد الرحمن بن خراش قال: حدثنا محمد بن الحارث المروزي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبي خلدة عن أبي العالية (106- ظ) قال: كنت آتي ابن عباس وقريش حوله فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتغامزت قريش ففطن بهم ابن عباس فقال: هكذا هذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرة، قال: ثم أنشد محمد بن الحارث في أثره:(8/3682)
رأيت رفيع الناس من كان عالما ... وإن لم يكن في قومه بنجيب
إذا حل أرضا عاش فيها بعلمه ... وما عالم في بلدة بغريب «1»
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال:
حدثنا أبو بكر محمد بن شجاع بن محمد الحافظ- إملاء من لفظه بأصبهان- قال:
أخبرنا أبو محمد بن أحمد بن عمر التاجر قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال:
حدثنا محمد بن اسحاق- هو- الصنعاني قال: أخبرنا أبو نوح قراد قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأول ما أتفقد منه صلاته، فإن أجده يقيمها أقمت وسمعت منه، وإن أجده يضيعها رجعت ولم أسمع منه، وقلت: هو لغير الصلاة أضيع.
أخبرنا أبو القاسم العطار قال أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا الداوودي قال أخبرنا الحموي قال أخبرنا أبو عمران بن عمر قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا أبو معمر اسماعيل بن ابراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية قال: كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه، فننظر إذا صلى فإن أحسنها جلسنا إليه، وقلنا: هو لغيرها أحسن، وإن أساءها قمنا عنه وقلنا: هو لغيرها أسوأ، قال أبو معمر: لفظه نحو هذا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن موسى بن العباس قال: حدثنا اسماعيل بن سعيد قال: حدثنا قراد أبو نوح عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام، فأول ما اتفقد من أمره صلاته، فإن أجده يقيمها ويتمها، أقمت وسمعت منه، وإن وجدته يضيعها رجعت ولم أسمع منه وقلت:
لغير الصلاة أضيع.(8/3683)
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا حاجب بن أركين قال حدثنا محمد بن اسماعيل الأحمسي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني خالد بن دينار عن أبي العالية قال: تعلمت الكتاب والقرآن فما شعر بي أهلي ولا رؤي في ثوبي مداد قط.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله القاضي قال:
حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير قال: أخبرني من سمع (107- و) أبا العالية يقول: لا يتعلم مستحي ولا مستكبر. «1»
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا يحيى بن مطرف قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا أبو خلدة قال: سمعت أبا العالية يقول:
تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإنه أحفظ لكم، فإن جبريل عليه السلام كان ينزل به خمس آيات، خمس آيات «2» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن حمد الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا علي بن بكار عن أبي خلدة عن أبي العالية. قال يوسف: ثم جعله عن عمر بن الخطاب، وهكذا حدثناه قديما قال: تعلموا القرآن خمسا خمسا كذلك نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم.(8/3684)