اسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الاشعث:
أبو القاسم بن أبي بكر السمرقندي، الدمشقي المولد، البغدادي الدار، كان أبوه من أهل سمرقند ونزل دمشق، وولد له بها أبو القاسم، وسمع بدمشق أبا بكر الخطيب، وأبا نصر بن طلاب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وأبوي محمد عبد الله بن إبراهيم كبيبه، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبا الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي، وأبا العباس أحمد بن منصور بن قبيس، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وببيت المقدس أبا بكر محمد بن أحمد الطوسي، وأبا القاسم مكي الرميلي، وأبا سعد حمد بن علي بن حميد الرهاوي، ثم سافر عن دمشق الى بغداد واستوطنها، وسمع بها أبا محمد عبد الله بن محمد هزار مرد، وأبا نصر الزينبي، وأبا القاسم بن البسري، وأبا الحسين بن النقور، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبا القاسم عبد الله بن الحسين الخلال، وأبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وجماعة يطول ذكرهم.
روى عنه: أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (60- ظ) الحافظ الدمشقي، والحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الدمشقي، وجماعة غيرهم.
وروى لنا عنه أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي، واجتاز بحلب أو عملها في طريقه من دمشق الى بغداد.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- قراءة عليه بحلب- قال: حدثنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال: حدثني عبد الله بن محمد الصريفيني قال: حدثنا عمر بن إبراهيم الكتاني، وأبو القاسم عبيد الله بن محمد ابن اسحاق بن حبابه- تلقينا- كل واحد مفردا قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي، ح.
وقال: حدثنا اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن(4/1617)
النقور البزاز قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال: حدثني عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا طالوت بن عباد قال: حدثنا فضال بن خير قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم» «1» .
وأخبرنا ابن طبرزد قال: حدثنا اسماعيل بن أحمد قال: حدثنا الشيخ أبو محمد عبد الله الصريفيني قال: حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني المقرئ قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي البصري قال: حدثنا خراش بن عبد الله قال: سمعت أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الصوم جنة» «2» (61- و) .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور (السمعاني) «3» قال: قرأت على أبي القاسم اسماعيل ابن أحمد بن السمرقندي بباب المراتب «4» عن أبي أحمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن عمر العنبري:
سل الركب عن ليل الثوية «5» من سرى ... أمامهم يحدو به وبهم حادي
ومن أذهل الحيّ الحلول بذي الغضا ... وقد مر مجتازا على يمنة الوادي
أشمس أضاءت من خلال سحابة ... أم الرشأ «6» البادي من السجف البادي
وو الله ما أبكي لنفسي وإنما ... بكائي لأرواح رهائن أجساد
غدا البين في الغادين يسبي قلوبهم ... وراح فما راحوا مع الرائح الغادي(4/1618)
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سألت أبا القاسم بن أبي بكر السمرقندي المقرئ عن مولده فقال: ولدت يوم الجمعة وقت الصلاة، الرابع من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وأربعمائة بدمشق.
قال: وحمله والده الى بغداد في سنة تسع وستين إن شاء الله.
قال أبو سعد: سمعت أبا القاسم اسماعيل بن أبي بكر السمرقندي مذاكرة يقول:
ما بقي في الدنيا من يروي معجم أبي الحسين بن جميع غيرى، ولا بدمشق أيضا، ولا عن أبي الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي، ثم أنشد:
وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم ... على أنهم ما خلفوا في من بطش (61- ظ)
ثم قال: وهذا البيت من قطعة أنشدناها أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي للوزير أبي القاسم المغربي:
وما ظبيه إدما تحنو على طلا «1» ... ترى الإنس وحشا وهي تأنس بالوحش
غدت فارتعت ثم انثنت لرضاعه ... فلم تلف شيئا من قوائمه الحمش
فطافت بذاك القاع ولهى فصادفت ... سباع الفلا ينهشنها أيما نهش
بأوجع مني يوم ظلت أنامل ... تودعني بالدر من شبك النقش
وأجمالهم تحدى وقد خيل الهوى ... كأن مطاياهم على ناظري تمشي
وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم ... على أنهم ما خلفوا فيّ من بطش
وقال أبو سعد: سمعت أبا القاسم بن السمرقندي يقول مذاكرة: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه مريض، فدخلت وكنت أقبل أخمص رجليه، وأمرّ وجهي عليهما، فحكيت لأبي بكر بن الخاضبة رحمه الله، فقال لي: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء، وانتشار الرواية عنك لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تقبيل رجله اتباع أثره، وأما مرض النبي صلى الله عليه وسلم، فيحدث وهن في الاسلام، فما أتى على هذا الحديث إلا قليلا حتى وصل الخبر أن الأفرنج استولت على بيت المقدس.(4/1619)
وقال أبو سعد: سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد العطار المقرئ بهمذان يقول: ما أعدل بأبي القاسم بن السمرقندي (62- و) أحدا من شيوخ خراسان والعراق.
قال أبو سعد: وسمعت من أثق به أن شيخنا أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي كان يقول: أبو القاسم بن السمرقندي أستاذ خراسان كله والعراق.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: اسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو القاسم ابن أبي بكر السمرقندي، ولد بدمشق وسمع بها أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن ابن أبي الحديد، وأبا نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وعبد الدائم القطان، وأبا العباس بن قبيس وغيرهم.
ثم خرج الى بغداد فاستوطنها الى أن مات بها، وأدرك بها إسنادا حسنا، وسمع بها أبا الحسين بن النقور، وأبا منصور بن غالب العطار، وأبا القاسم بن البسري، وجماعة سواهم من أصحاب المخلص فمن دونهم، وكان مكثرا ثقة صاحب نسخ وأصول، وكان دلالا في الكتب، وسمعته غير مرة يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور- يعني لكثرة ملازمته له وسماعه منه- فقلّ جزء قرىء على ابن النقور إلا وقد سمعته منه مرارا، وبقي الى أن خلت بغداد، وصار محدثها كثرة وإسنادا حتى صار يطلب العوض على التسميع بعد رغبته- كانت- الى أصحاب الحديث في السماع، وحرصه على إسماع ما عنده، وأملى في جامع المنصور زيادة على ثلاثمائة مجلس في الجمعات (62- ظ) بعد الصلاة في البقعة المنسوبة الى عبد الله بن أحمد بن حنبل، وكان مبخوتا في بيع الكتب، باع مرة صحيح البخاري، وصحيح مسلم في مجلدة لطيفة بخط أبي عبد الله الصوري الحافظ بعشرين دينارا، وقال لي: وقعت على هذه المجلدة بقيراط لأنني اشتريتها وكتاب آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار، وبقيت هذه المجلدة بقيراط، وكان قدم دمشق سنة نيف وثمانين زائرا لبيت المقدس، فزارها وسمع بها جماعة، وسمع بدمشق نصر بن ابراهيم المقدسي، وحدث بدمشق في دار أبي(4/1620)
الحسن بن أبي الحديد، فسمع منه أبو الحسن بن أبي الحديد، وأبو محمد بن صابر، ثم رجع الى بغداد «1» .
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل العباسي الصالحي- قراءة عليه بحلب وأنا أسمع- قال: أخبرنا الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: اسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي بن أبي بكر المقرئ، كان يسكن باب المراتب الشريفة بعد أن سكن خرابة الزينبيين، شيخ كبير ثقة، حافظ متقن، سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه، وجمع الشيوخ وسمع منهم، وصارت أصول البغداديين من أكثرها له نقل، وحمل عنه الكثير، واشتهر بالرواية والذكاء، وجودة السماع الى من يقرأ عليه.
سمع بدمشق: أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ، وأبا الحسن احمد بن عبد الواحد بن أبي (63- و) الحديد السلمي، وأبا الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي، وأبا محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ، وأبا نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب الخطيب، وأبا محمد عبد الله بن ابراهيم بن كبيبة النجار، وأبا العباس أحمد بن منصور الغساني المالكي؛ وببيت المقدس: أبا القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي الرميلي الحافظ، وأبا سعد حمد بن علي بن حميد بن محمد بن صدقة الرهاوي، وأبا بكر محمد بن أحمد الطوسي المقرئ؛ وببغداد: أبا محمد عبد الله بن محمد بن هزارمرد الخطيب الصريفيني، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وأبا القاسم عبد الله بن الحسن الخلال، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري، وأبا نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، وخلقا يطول ذكرهم.
وتفرد بالرواية عن جماعة من الشاميين، وقد ذكرت جماعة كثيرة في هذا الكتاب من شيوخه، سمعت منه الكثير، وقرأت عليه الكتب الكبار، والأجزاء المنثورة، وعلى الحقيقة ما فاته من الإسناد العالي والنازل شيء ببغداد إلا وسمعه،(4/1621)
وأكثر عن أبي الحسين بن النقور، وكان يلازمه حتى سمعته يقول: سمعت جزء يحيى بن معين عن ابن النقور اثنا عشر نوبة، أو ثلاثة عشر نوبة، الشك مني.
وقال أبو سعد السمعاني: توفي شيخنا أبو القاسم بن أبي بكر بن السمرقندي ليلة الثلاثاء، (63- ظ) ودفن ضحوة يوم الأربعاء الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، بباب حرب في مقابر الشهداء، وصلي عليه بجامع القصر، والمدرسة النظامية، وصلينا نحن عليه عند قنطرة باب حرب رحمه الله.
أخبرنا اسماعيل بن سليمان بن عبد الجبار بن أيداش بدمشق قال أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت قال: توفي أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، رحمه الله، ببغداد.
اسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الخلال:
أبو سعيد الجرجاني الوراق، جال في الآفاق، وسمع ببلاد الجزيرة، وبلاد الشام والعراق، ففي طريقه ما بين الشام والجزيرة دخل حلب، أو بعض عملها، إن لم يكن سمع بها شيئا.
سمع ببلده: عمران بن موسى السجستاني الجرجاني، وبنيسابور أبا العباس الثقفي السراج، وأبا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، ومحمد بن عبد الله الزبيري، وبدمشق: محمد بن صالح بن أبي عصمة، ومحمد بن الفيض، وجماهر الزملكاني وبعسقلان: محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وبحمص: محمد بن جعفر بن يحيى بن رزين الحمصي، وببغداد: حامد بن محمد بن شعيب، والهيثم بن خلف، وجعفر بن محمد بن الصباح الجرجرائي، وبالموصل: أبا يعلى الموصلي، وبالرقة:
الحسين بن عبد الله القطان، وبالبصرة: زكرياء بن يحيى الساجي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وبالكوفة: عبد الله بن زيدان الكوفي، وبمصر: علّان بن علي بن أحمد بن سليمان، وموسى بن عبد الله بن وردان، وأبا جعفر الطحاوي، وجماعة غير هؤلاء.
روى عنه: الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي،(4/1622)
وأبو سعد شعيب بن محمد الشعيبي، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد بن الجارود، وأبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي. (64- و) .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد طبرزد- إذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن مسعدة الجرجاني قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف بن ابراهيم السهمي- في تاريخ جرجان- قال: إسماعيل بن أحمد بن محمد الجرجاني الخلالي، نزيل نيسابور، روى عن ابن قتيبة العسقلاني وغيره من أهل الشام، وزكرياء الساجي «1» .
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبي عثمان الصابوني، وأبي عثمان البحيري وأبي بكر البيهقي، وأبي بكر الحيري، قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال:
اسماعيل بن أحمد بن محمد التاجر، أبو سعيد الخلال الجرجاني، سكن نيسابور، وبها ولد له، وبها مات رحمه الله.
وكان أحد الجوالين في طلب الحديث، والوراقين في (64- ظ) بلاد الدنيا، والمفيدين، سمع في بلده: عمران بن موسى السجستاني وأقرانه، وبنيسابور:
أبا بكر محمد بن اسحاق، وأبا العباس الثقفي، ومحمد بن عبد الله الزبيري وأقرانهم، وببغداد: حامد بن محمد بن شعيب، والهيثم بن خلف وأقرانهما، وبالبصرة:
محمد بن الحسين بن مكرم، وزكريا بن يحيى الساجي وأقرانهم، وبالكوفة:
عبد الله بن زيدان وأقرانه، وبالشام: محمد بن يحيى بن رزين صاحب ابراهيم بن العلاء، وأقرانه، وبالجزيرة: أبا يعلى والحسين بن عبد الله الرقي وأقرانهما، وبالشام: محمد بن الحسن بن قتيبة وأقرانه، وبمصر: أبا جعفر الطحاوي، وعلّان بن علي بن أحمد بن سليمان وأقرانهم.(4/1623)
وانتقى عليه أبو علي الحافظ، ثم عقدت له المجلس بعد وفاته غداة الأحد، فكان يملي من أصوله، وكان يحسن الى أهل العلم، ويقوم بحوائجهم، فإنه صار بتجارته موسعا عليه بنيسابور بعد أحواله القديمة.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: اسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز، أبو سعيد الجرجاني الخلال الوراق، نزيل نيسابور، رحل وسمع بدمشق جماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن الفيض، ومحمد بن صالح بن أبي عصمة، وبغيرها أبا العباس بن قتيبة، ومحمد بن يحيى بن رزين الحمصي العطار، وعمران بن موسى الجرجاني، وأبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس السراج، وحامد بن (65- و) محمد بن شعيب، والهيثم بن خلف، وعبد الله بن زيدان الكوفي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وزكرياء بن يحيى الساجي البصريين، وأبا يعلى الموصلي، والحسين بن عبد الله الرقي، وأبا جعفر الطحاوي، وعلي بن أحمد بن سليمان علان، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبا بكر أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق، وأبا الفضل جعفر بن محمد بن الصباح الجرجرائي، وموسى بن عبد الله بن وردان المصري وغيرهم، روى عنه أبو بكر الجوزقي، والحاكم أبو عبد الله، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد بن الجارود، وأبو سعد عبد الملك ابن أبي عثمان الزاهد.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل من هراة أن أبا القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم- إجازة أو سماعا- عن أبي بكر البيهقي قال:
قال لنا أبو عبد الله الحافظ اسماعيل بن أحمد بن محمد التاجر، أبو سعد الخلالي، توفي بنيسابور سنة أربع وستين وثلاثمائة في يوم الخميس السابع عشر من صفر، وهو ابن سبع وثمانين سنة، ودفن من يومه العشية في مقبرة باب معمر «1» .
(65- ظ)(4/1624)
اسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست دادا:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أبو البركات بن أبي سعد النيسابوري الصوفي، شيخ الشيوخ البغدادي، والد شيخ الشيوخ عبد الرحيم، كان والده من أهل نيسابور وسكن بغداد، وولد له أبو البركات بها، ونشأ على طريقة الصوفية، وتخلق بأخلاقهم حتى صار من شيوخهم المعتبرين، وسادتهم المشهورين، وبه يعرف رباط شيخ الشيوخ ببغداد، وعمره أبوه.
سمع: أبا نصر محمدا، وأبا الفوارس ابني محمد بن علي الزينبي، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وعلي بن أحمد بن البسري، وعلي بن محمد ابن علي الكوفي، واسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي، وأبا عبد الله مالك بن أحمد ابن علي البانياسي، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا الفضل ابن خيرون، وأبا بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر القاري، وأبا علي اسماعيل بن علي الجاجرمي، وأباه أحمد بن محمد بن دوست دادا وبه تخرج وتأدب.
وقدم حلب مجتازا الى زيارة بيت المقدس.
روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد (67- و) عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو البركات اسماعيل بن أبي سعد النيسابوري قال: حدثنا أبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس الذهبي قال:
حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن(4/1625)
المقدام قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال: حدثنا أيوب عن محمد- هو ابن سيرين- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت فواتح الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم البارحة أتيت بمفاتح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي» . قال أبو هريرة: فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتقلونها وربما قال: تتسلونها «1» .
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو البركات اسماعيل بن أبي سعد النيسابوري- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا اسماعيل ابن مسعدة الاسماعيلي- قراءة عليه- قال: أخبرنا حمزة بن يوسف القرشي قال:
أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: سمعت الحسن بن سفيان يقول:
سمعت حرملة يقول: كان الشافعي رضي الله عنه كثيرا يتمثل بهذين البيتين:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تهيّأ لأخرى مثلها فكأن قد «2»
قال أبو سعد عبد الكريم: وسمعت شيخ الشيوخ يقول: كنت صبيا صغيرا فسمعت (67- ظ) بعض الصبيان يقول: الدراج يقول: طاب نبيذ الدّقل «3» ، فحكيت لوالدي بالليل على ما جرت به عادة الصبيان، وقلت يا سيدي الدراج يقول: طاب نبيذ الدّقل، فقال لي: يا بني لا تقول هذا بل تقول: طاب طريق الطلب.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سألت شيخ الشيوخ اسماعيل بن أبي سعد عن مولده، فقال: ولدت في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: اسماعيل بن أحمد بن محمد، أبو البركات بن أبي(4/1626)
سعد الصوفي، المعروف بشيخ الشيوخ، كان أبوه من أهل نيسابور، واستوطن بغداد، وولد له أبو البركات بها.
وسمع أبو البركات أبا القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد ابن بنت السكري، وأبا نصر وأبا الفوارس الزينبيين، وأبا منصور بن العطار، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب، ومالكا البانياسي، وأبا القاسم علي بن محمد الكوفي، وأبا علي اسماعيل بن علي الجاجرمي، وأبا الخطاب نصر بن البطر، وأبا القاسم بن مسعدة الجرجاني، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا بكر الطريثيثي.
كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان قدم دمشق لزيارة بيت المقدس، ونزل في دويرة السميساطي «1» .
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل عبد المطلب العباسي قال: أخبرنا الامام أبو سعد السمعاني قال: اسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست دادا النيسابوري، أبو البركات بن أبي سعد الصوفي، شيخ (68- و) الشيوخ، كان مستمرا على شاكلة حميدة وطريقة سديدة منذ كان حدثا الى أن طعن في السن وكبر، ولم يزل يرقأ بهمته الى جسام الأمور، ومجرى الصواب في مساعيه ومقاصده كلها الى أن صار أوحد عصره، وفريد دهره، وكان وقورا، مهيبا، أديبا، مختصر الكلام موجزه، مع البيان والإفهام، حلو المنطق، حسن الاخلاق، مليح المحاورة، دائم البشر، ما عرف له هفوة، صحبته سنين، وقرأت عليه الكثير، وكنت نازلا عنده في رباطه.
سمع: أبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري، وأبا نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، وأخاه الكامل طرادا، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا القاسم علي بن محمد بن علي الكوفي، وأبا القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي، وأبا بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي، وأبا عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي وجماعة سواهم.(4/1627)
قال: أنشدنا أبو القاسم عبد الله بن القاسم بن علي الجريري- من لفظه، وكتب لي بخطه- قال: أنشدني والدي لنفسه، وهو مما كاتب به شيخ الشيوخ أبا البركات اسماعيل بن أبي سعد.
سلام كأزهار الربيع نضارة ... وحسنا على شيخ الشيوخ الذي صفا
ولو لم يعقني الدهر عن قصد ربعه ... سعيت كما يسعى الملبي الى الصفا
ولكن عداني عنه دهر مكدّر ... ومن ذا الذي واتاه في دهره الصفا
(68- ظ) أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال:
حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال: سألت شيخ الشيوخ أبا البركات عن مولده، فقال: في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربعمائة، ومات ليلة الثلاثاء التاسع عشر من جمادي الأولى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ببغداد «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور قال: سمعت أبا الرضا سعيد بن عبد الله الشهرزوري بمرو يقول: توفي شيخ الشيوخ اسماعيل بن أبي سعد النيسابوري يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، ودفن من الغد عند جامع المنصور، ثم كتب إليّ أبو محمد عبد الله بن محمد بن جرير القرشي من بغداد وأنا بمرو: توفي ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وكان الخلق في جنازته متوفر جدا.
اسماعيل بن أحمد بن أبي عبد الله بن أحمد بن المجبر:
أبو المظفر الأنصاري الدمشقي، حدث بحلب عن الحافظ أبي طاهر السّلفي بالأربعين البلدانية، روى عنه شيخنا يونس بن محمد بن محمد الفارقي، وكان سمعها منه بحلب في صفر سنة ست وستين وخمسمائة.
أخبرنا أبو منصور يونس بن محمد بن محمد الفارسي- فيما أذن لنا أن(4/1628)
نرويه عنه، وسمعت منه بدمشق في منزله- قال: أخبرنا أبو المظفر اسماعيل بن أحمد بن (69- و) أبي عبد الله بن أحمد بن المجبّر الأنصاري الدمشقي بحلب في صفر سنة ست وستين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد ابن ابراهيم السّلفي الأصبهاني، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي، وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي، وأبو حفص عمر بن إيلملك، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وغيرهم، قالوا: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا القاضي أبو العباس عبد الواحد بن اسماعيل بن أحمد الروباني بالريّ قال: أخبرنا أبو غانم أحمد بن علي الكراعي بمرو قال: أخبرنا عبد الله بن الحسين البصري قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة التميمي قال: حدثنا محمد كناسة الأسدي الكوفي قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: قلت يا رسول الله المرء يحب القوم ولمّا يلحق بهم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب» «1» .
اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم بن تميم:
أبو أحمد، غزا الروم واجتاز بناحية حلب في طريقه إلى الغزاة.
روى عنه أبو سعيد بن يونس وذكره في تاريخ مصر فقال: اسماعيل بن اسحاق ابن ابراهيم بن تميم مولى بكر بن مضر، مولى آل شرحبيل بن حسنة، يكنى أبا أحمد، توفي في رجب سنة سبع عشرة وثلاثمائة بمصر، وكان من الغزاة، وكانت له مواقف للروم معروفة، وكتبت عنه حكايات.
حرف الباء في آباء من اسمه اسماعيل (69- ظ)
اسماعيل بن بوري بن طغتكين:
أبو الفتح، الملقب شمس الملوك بن تاج الملوك، صاحب دمشق وليها بعد أبيه(4/1629)
تاج الملوك بوري في سنة ست وعشرين وخمسمائة، واستعاد بانياس «1» من أيدي الفرنج بعد أن استولوا عليها، ونازل حماة وشيزر في سنة سبع وعشرين، وكان شجاعا ظالما.
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين في تاريخه: سنة سبع وعشرين وخمسمائة: نازل اسماعيل بن تاج الملوك، الملقب بشمس الملوك حماة وشيزر.
وقرأت بخطه أيضا فيه قال في حوادث سنة تسع وعشرين: وفيها قتل شمس الملوك اسماعيل بن بوري، قتلته أمه زمرد خاتون، وأجلست أخاه شهاب الدين محمودا.
وقرأت أيضا بخط مرهف بن أسامة بن منقذ مثل ذلك.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد زين الأمناء قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: اسماعيل بن بوري بن طغتكن، أبو الفتح المعروف بشمس الملوك، ولي إمرة دمشق بعد قتل أبيه بوري المعروف بتاج الملوك في العشر الأخير من رجب سنة ست وعشرين وخمسمائة، وكان شهما مقداما مهيبا، استرد بانياس من أيدي الكفار في يومين، وكانت قد سلمها إليهم الاسماعيلية، وأسعر «2» بلاد الكفار بالغارات، ثم مد يده إلى أخذ الأموال، وعزم على مصادرة المتصرفين والعمال.
ولم يزل أميرا على دمشق حتى كتب إلى قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر يستدعيه ليسلم إليه دمشق، فخافته أمه زمرد فرتبت له من قتله في قلعة دمشق في شهر ربيع الآخر (70- و) من سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ونصبت أخاه محمود بن بوري مكانه «3» .(4/1630)
حرف الجيم في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن جعفر بن علي بن المهذب:
أبو إبراهيم المعري التنوخي، حدث بمعرة النعمان عن جده علي بن المهذب، روى عنه الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان، وخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.
أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري عن أبي القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري قال: حدثني الأستاذ أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي السمان- إجازة- قال: حدثنا أبو ابراهيم اسماعيل بن جعفر بن علي بن المهذب- بقراءتي عليه بمعرة النعمان- قال:
حدثنا جدي علي بن المهذب قال: حدثنا محمد بن همّام التنوخي قال: حدثنا محمد بن سليم القرشي قال: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا مقعده من النار» «1» .
حرف الحاء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجي:
ابن المؤمل بن محمد بن علي بن ابراهيم بن يعيش بن سعيد بن سعد بن عبادة ابن الصامت، أبو الطاهر، وأبو الفداء، وأبو العرب، وأبو المحامد بن أبي الشكر ابن أبي القاسم بن أبي الآمال بن أبي الرجاء بن أبي المعالي بن أبي الحسن بن أبي اسحاق الأنصاري الخزرجي القوصي، نزيل دمشق (70- ظ) .
هكذا قرأت نسبه بخطه، وكتب عن نفسه: ذي الكنى الأربع، وكان يلقب بالشهاب شيخ فقيه، فاضل، أديب، حسن المغاضرة «2» ، مليح المحاضرة، وكان له نوادر مطبوعة، وكلمات مسجوعة.
تفقه بالديار المصرية على شهاب الدين الطوسي، وسمع بدمشق: أبا طاهر بركات(4/1631)
ابن ابراهيم بن طاهر الخشوعي، وعماد الدين أبا عبد الله محمد بن محمد الكاتب، وأبا المجد الحسن بن الحسن بن علي بن النحاس، والشريف أبا محمد جعفر بن محمد بن جعفر العباسي، وأبا الفضل جعفر بن أبي الحسن بن علي الهمداني، وشيوخنا أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبا القاسم عبد الصمد بن محمد ابن أبي الفضل الحرستاني، وأبا القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار، وأبا حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبزد، وأبا الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري، وأبا صادق الحسن بن يحيى بن صباح، وأبا القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى، وتاج الأمناء أبو الفضل أحمد، وزين الأمناء أبو البركات الحسن ابني محمد بن الحسن بن هبة الله، وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، وأبا محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد المقدسيين وغيرهم، وسمع بالديار المصرية: أبا الشكر حامد بن أحمد بن ثابت الغرناطي، وأبا الفضل جعفر بن علي بن محمد بن عمر التونسي، وجعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار، وأبا الفضل شلعلع، المصريين، وجماعة آخرون.
وسمع بسنجار: أبا محمد الحسن بن أحمد بن محمود الخجندي.
وولد بقوص، وأقام بدمشق، واتصل بالوزير صفي الدين عبد الله بن علي بن شكر، وزير الملك (71- و) العادل أبي بكر بن أيوب، فنفق عليه، وكان يتنادر عنده على من يقصده ابن شكر، فعلت منزلته عنده، وسيره رسولا عن الملك العادل إلى الملك الظاهر غازي بن يوسف إلى حلب، وإلى سنجار، والموصل، وأخلاط، فتمول، وتولى وكالة بيت المال، وحظي عند ملوك زمنه، وجمع معجما لشيوخه في مجلدات أربعة وسمه بكتاب «تاج المجامع والمعاجم وسراج الأعارب والأعاجم» ، دفعه إليّ، وشيوخه فيه يقاربون ألف شيخ، وانتخبت منه عدة أجزاء من الفوائد التي تتعلق أغراضي بها، وقرأتها عليه، وسألته عن مولده فأخبرني أن مولده بقوص سنة أربع وسبعين وخمسمائة في المحرم.
وسمعته يقول: سيرني الملك العادل الى الملك الظاهر إلى حلب رسولا عنه، وأنشدني الملك العادل أبياتا أمرني أن أنشدها الملك الظاهر عنه، من جملتها:(4/1632)
لا يوحشنك ما صنعت فتنثني ... متجنبا وهواك لا يتجنّب
قال: فلما وصلت الى حلب أنشدتها الملك الظاهر رحمه الله كما أمرني.
أخبرنا شهاب الدين أبو طاهر اسماعيل بن حامد القوصي- قراءة عليه بدمشق- قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب- بقراءتي عليه بدمشق- قلت له: أخبرك أبو الكرم المبارك بن علي بن عبد العزيز، المعروف بابن السمدي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هزار مرد الصريفيني قال: أخبرنا أبو الحسين بن أخي ميمي قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا رباح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (71- ظ) حين قبض مسندا ظهره إليّ، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر عليه، وفي يده سواك، فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت السواك فطيبته، ثم دفعته إليه، فجعل يستن به، فثقلت يده عليه وهو يقول: «اللهم في الرفيق الأعلى» قالت: ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين سحري ونحري «1» .
أنشدنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد قال: أنشدني أبو الفضل جعفر بن عبد الله المعروف بشلعلع المصري بفسطاط مصر لنفسه غزلا.
عضضت له دينار خدّ مضرّج ... فلان ليدرى أنّه غير بهرج
وكان صقيلا أملسا فنقشته ... فأقبل يمحوه بصدغ معوّج
وما زاد الّا بالمحكّ إبانة بأن ... نضار الصّدغ غير مضرّج
وأنشدني أبو العرب اسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الأمير الأجل الفاضل الأديب مجد الملك جعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار لنفسه في الحكم:
هي شدة يأتي الرخاء عقيبها ... وأسى يبشر بالسرور العاجل
وإذا رأيت فإن بؤسا زائلا ... للمرء خير من نعيم زائل(4/1633)
أنشدني أبو الفداء القوصي قال: أنشدني الشيخ الأديب المعتمد طاهر بن محمد بن قريش العتابي البغدادي لنفسه لغزا في غلام اسمه آقش.
أحببت بدرا منيرا ... في جنح ليل بهيم
سمّوه لي لشقاي ... معكوس ضدّ النعيم (72- و)
أنشدنا أبو المحامد القوصي بدمشق، وهو أول اجتماعي به، بحضرة نجم الدين البادرائي رسول بغداد، وكنت قدمتها رسولا، قال: أنشدنا أبو جعفر بن حواري المعري قال: أنشدنا جدي أبو اليقظان لابن أبي حصين القاضي المعري:
وليت الحكم خمسا هن خمس ... لعمري والصبى في العنقوان
فما وضع الأعادي قد رشاني ... ولا قالوا: فلان قد رشاني
قلت: وهذان البيتان لأبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين، وكان تولى قضاء معرة النعمان، وعمره عشرون سنة، وعزل عنه وقد كمل خمسة وعشرين سنة من مولده، وسنذكرها في ترجمته إن شاء الله تعالى.
توفي شهاب الدين القوصي بدمشق يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وخمسين وستمائة، ودفن في داره بدرب زكرى بالقباقبيين داخل حصن جيرون «1» ، ووقفها بعده دار حديث رحمه الله.
ذكر من أسم أبيه الحسن ممن اسمه اسماعيل
اسماعيل بن الحسن بن محمد بن حفص الوكيل العسقلاني:
سمع بحلب أبا القاسم عبيد الله بن احمد بن عبد الأعلى الفقيه الرقي، وحدث عنه بعسقلان.
روى عنه عبد الله بن طلحة التنّيسي، وخرج عنه حديثا ذكره في معجم شيوخه، سقناه بإسناده في ترجمة أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الرّقي الفقيه، فيما يأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا (72- ظ) .(4/1634)
اسماعيل بن الحسن بن أبي بكر الشّعري:
أبو سعد النيسابوري، دخل الشام، وسمع بمعرة النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وبطوس خاله أبا بكر الصرام، وبالبيت المقدس أبا حفص الأبهري، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، وذكره في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: سمعت اسماعيل بن الحسن بن أبي بكر الشّعري النيسابوري ببغداد يقول: سمعت خالي أبا بكر الصرّام بطوس يقول: سمعت أبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: يا أبا سعيد بك يختم التصوف كما ختمت بي النبوة.
أخبرنا أبو يعقوب عن الحافظ أبي طاهر قال: اسماعيل هذا سافر إلى الشام، ورأى مشايخها وقال: سماني أبو سعيد بن أبي الخير، وكناني لما ولدت، وذكر أنه رأى أبا العلاء المعري بالمعرة، وأبا حفص الأبهري بالقدس.
اسماعيل بن حميد، أبو طاهر:
أظنه من أهل معرة النعمان، أو ممن سكن بها من الغرباء، سمع القاضي أبا المجد محمد بن عبد الله بن سليمان أخا أبي العلاء المعري، روى عنه القاضي أبو الراضي مدرك بن سعيد بن مدرك بن سليمان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة الربعي بدمشق (73- و) عن أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي، ونقلته من خط العليمي، قال: أنشدني أبو الراضي مدرك بن سعيد بن مدرك بن سليمان التنوخي- إملاء من حفظه- قال: أنشدني أبو طاهر اسماعيل بن حميد قال:
أنشدني القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان لنفسه.
لئن عظم اشتياق منك نحوي ... ففي قلبي من الأشواق نار
وعلّ الله يجمع بعد بين ... لنا شملا ويقترب المزار
وليس بضائر والودّ باق ... إذا نزحت بأهليها الدّيار(4/1635)
حرف الدال في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن داود:
أحد الفقهاء المذكوريين، أشخصه اسحاق بن ابراهيم المصعبي الى عبد الله المأمون وهو بالرقة في أيام المحنة، سابع سبعة ليمتحنهم بالقول بخلق القرآن، فقدموا الرّقة على المأمون فأجابوا بالقول بذلك، ثم رحل المأمون من الرقة الى الشام، فاستدعاهم بعد رحيله الى الشام، فقدموا عليه العسكر بنواحي حلب.
اسماعيل بن داية:
له ذكر، وفيه صلاح، وكان بشيح الحديد «1» من عمل أنطاكية، ولما مرض يوسف بن أسباط أوصى بأن يكون اسماعيل بن داية فيمن يغسله، وكان موت يوسف بن أسباط بشيح وبها دفن، فكان ابن داية بها، وقد ذكرنا الحكاية مسندة في ترجمة خبيق بن سابق والد عبد الله خبيق.
حرف الزاي في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن زكريا بن صالح بن شيخ بن عميرة:
كان بالثغر الشامي وبه توفي.
أخبرنا عبد الوهاب بن رواح- إذنا- قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال:
أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات- في كتابه- قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار قال: سنة ستين ومائتين وفيها بلغني أن أبا عبد الله اسماعيل بن زكريا بن صالح بن شيخ بن عميرة مات بالثغر (73- ظ) .(4/1636)
حرف السين في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث ابن زهرة القرشي الزهري:
اجتاز بحلب غازيا بلاد الروم فاستشهد بها.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البناء قالا: حدثنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال:
أخبرنا الزبير بن بكار قال: واسماعيل بن سعد بن ابراهيم، لام ولد، استشهد بالروم «1» .
اسماعيل بن سعيد العجلي:
أبو غالب البغدادي، روى بمعرة النعمان عن أبي غالب اسماعيل الاسكافي، وعن أبي الحسن البصروي الشاعر، روى عنه أبو المكارم الفياض بن جعفر بن عبد الكريم بن جعفر بن علي بن المهذب المعري إنشادا، وأورده في كتابه المعروف «بأنس الوحيد» «2» .
نقلت من خط الفياض بن جعفر بن عبد الكريم المعري في كتابه المسمى «أنس الوحيد» : أنشدني الشيخ أبو غالب اسماعيل بن سعيد العجلي البغدادي في ذي الحجة من سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة قال: أنشدني أبو غالب اسماعيل الإسكافي قال: قرأت على مهيار بن مرزويه قوله:
بكر العارض تحدوه النعامى ... فسقاك الريّ يادار أماما
وتمشت فيك أرواح الصبا ... يتأرجن بأنفاس الخزامى (74- و)
وإذا مغنى خلا من زائر ... بعد ما فارق أو زير لماما
فقضى حفظ الهوى أن تصبحي ... للمحبين مناخا ومقاما(4/1637)
أجتدي المزن وماذا أربي ... أن تجود المزن أطلالا رماما
وقليل لك أن أدعو لها ... ما رآني الله استجدي الغماما
أين سكانك لا أين هم ... أحجازا أقبلوها أم شآما
صدعوا بعد التئام فغدت ... بهم أيدي المرامي تترامى
وبجرعاء الحمى قلبي فعج ... بالحمى واقرأ على قلبي السلاما
وترحل فتحدّث عجبا ... أن قلبا سار عن جسم أقاما
قل لجيران الغضا آه على طيب ... عيشي بالغضا لو كان داما
حملوا ريح الصبا نشركم ... قبل أن تحمل شيحا وثماما
وابعثوا أشباحكم لي في ... الكرى إن أذنتم لجفوني أن تناما
وقف الظامي على أبوابكم ... أفيقضي وهو لم يشف الأواما
ما يبالي من سقيتن اللمى ... منعكر الماء عذبا والمداما
أشتكيكم والى من أشتكي ... غلب الداء فمن يبري السقاما
أنتم والدهر سيف وفم ... ما تملأن ضرابا وخصاما
واذا عاتبت في حظّي دهري ... زاده العتب لجاجا وغراما
واذا استرهفت خلا فكأني ... منه جردت على عنقي حساما (74- ظ)
حفظ الله وراعى لرجال مذ ... رعوني لم يضيعوا لي سواما
كفني جودهم أن أجتدي ... وأبى عزّهم لي أن أضاما «1»
ونقلت من خط الفياض في هذا الكتاب قال: وأنشدني- يعني اسماعيل بن سعيد- ما سمعه من أبي الحسن البصروي لنفسه في غلام يعرف بقسيمة.
أقسمت بالنفر الغادين تحملهم ... إلى منى ناحلات مضها «2» السفر
وهم عليها جسوم لا لمحوم لهم ... من السرى غير ما قد ضمت الأزر(4/1638)
لا يقدرون على أهل ولا ولد ... أو يقبلون بما لبوا وما نحروا
فبلغوا قسمي هذا بجملته ... إلى قسيمة حتى يصدق الخبر
لا أبصرت بعده عيني الى أحد ... من الحسان سوى ما يغلط البصر
ولا رقدت ولي إلف يصاحبني ... على الوسادة إلا الهمّ والفكر
حتى أراه وقد ضاق الزحام به ... وأبدت النفس ما تبدي وما تذر
اسماعيل بن سفيان:
وقيل سقير الرعيني الحجري الأعمى المصري، قدم على عمر بن عبد العزيز بعد ولايته خناصرة، أو دابق، وحكى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه ضمام بن اسماعيل، وعبد الرحمن بن شريح.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال:
كتب إليّ أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم، وأبو محمد حمزة بن العباس بن علي، ثم حدثني أبو بكر محمد بن شجاع عنهما قالا: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا (75- و) أبو عبد الله بن مندة،- قال أبو بكر، يعني ابن شجاع-: وأنبأني أبو عمرو بن مندة عن أبيه أبي عبد الله- قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس قال: حدثنا سلامة بن عمر المرادي قال:
حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، أبو قره قال: حدثنا النضر بن عبد الجبار قال: أخبرنا ضمام عن اسماعيل الحجري- حجر رعين- الرعيني قال:
كنت أخرج الى الوليد وسليمان بن عبد الملك فيعطياني، فلما ولي عمر بن عبد العزيز خرجت اليه، وكنت على الباب الذي يخرج منه، فرفعت صوتي بالقرآن فأرسل إليّ ممن أنت؟ قلت: من أهل مصر، قال: ما حملك الينا؟ قلت: إني كنت أخرج الى الوليد وسليمان بن عبد الملك فأصيب منهما، قال: أترى أنا كنا غافلين عنك وعن أشباهك وأنت في بلدك ومنزلك، فأعطاني حمولتي الى مصر وأمرني بالانصراف.
قال: وقال لنا أبو سعيد بن يونس: اسماعيل بن سفيان الرعيني ثم الحجري،(4/1639)
الأعمى، وفد على الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، حدث عنه ضمام بن اسماعيل، وعبد الرحمن بن شريح «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما الحجري بفتح الحاء وسكون الجيم فجماعة منهم: من حجر رعين اسماعيل بن سفيان الرعيني ثم الحجري الأعمى، وفد على الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، حدث عنه ضمام بن اسماعيل، وعبد الرحمن ابن شريح، قاله ابن يونس «2» .
أخبرنا الحسن بن محمد، ومحمد بن نصر فيما أذنا لنا في روايته عنهما قالا:
أخبرنا أبو القاسم (75- ظ) علي بن الحسن قال: اسماعيل بن سفيان الرعيني الحجري المصري الأعمى، حدث عن عمر بن عبد العزيز قوله. روى عنه ضمام بن اسماعيل، وأبو شريح عبد الرحمن بن شريح الاسكندريان، ووفد على الوليد وسليمان، وعلى عمر بن عبد العزيز «3» .
اسماعيل بن سلطان بن علي بن مقلد بن نصر بن مقذ:
أبو الفضل بن أبي العساكر بن أبي الحسن بن أبي المتوّج، الملقب شرف الدولة الكناني الشيزري، وقد سبق تمام نسبه في ترجمة أسامة بن مرشد بن علي، أمير شاعر، فاضل، من أهل شيزر، ولد ونشأ بها، وكان أبوه سلطان أميرها بعد أبيه علي، ثم وليها تاج الدولة أخوه، وأخوه اسماعيل مقيم بها تحت كنفه الى أن خربتها الزلزلة «4» ، ومات أخوه وجماعة من أهله تحت الردم، وتوجه نور الدين محمود ابن زنكي بن آق سنقر الى شيزر فتسلمها، وكان اسماعيل غائبا عنها، فانتقل عند ذلك الى دمشق واستوطنها الى أن مات بها.
روى عنه شيئا من شعره الحافظ أبو القاسم بن عساكر، ولم يفرد له ترجمة(4/1640)
في تاريخ دمشق، وروى عنه مرهف بن الصنديد الشيزري، وأبو الفتح عثمان بن عيسى بن منصور البلطي النحوي.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي الفوارس بن أبي علي بن الامان الشيزري إملاء من لفظه بالهول من بلد سنجار- قال: أنشدني القاضي وجيه الدين مرهف ابن الصنديد الشيزري قال: أنشدني شرف الدولة- يعني أبا الفضل- (76- و) اسماعيل بن أبي العساكر سلطان بن علي بن مقلد لنفسه، وكانت الزلزلة قد خرّبت شيزر في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وسقطت القلعة على أخيه وأولاده وزوجته الخاتون أخت شمس الملوك- يعني بنت بوري بن طغتكين- فسلمت المرأة وحدها دونهم، ونشبت من الردم وخلصت، وجاء نور الدين محمود الى شيزر وطلب من امرأته أن تعلمه بالمال وهدّدها، فذكرت له أن الردم سقط عليها وعليهم ونشبت هي دونهم ولا تعلم بشيء، وإن كان لهم شيء فهو تحت الردم، وكان شرف الدولة غائبا فحضر بعد الزلزلة، وعاين ما فعلت بشيزر وأخيه، وشاهد امرأة أخيه بعد العز في ذلك الذل، فعمل:
ليس الصباح من المساء بأمثل ... فأقول لليل الطويل ألا انجلي
شلت يد الايام ان قسيها ... ما أرسلت سهما فأخطأ مقتلي
لي كل يوم كربة من نكبة ... يهمي لها جفني وقلبي يصطلي
يا تاج دولة هاشم بل يا أبا ... التيجان بل يا قصد كل مؤمل
لو عاينت عيناك قلعة شيزر ... والستر دون نسائها لم يسبل
لرأيت حصنا هائل المرأى غدا ... متهلهلا مثل النقا «1» المتهلهل
كذا أنشدنيه المتهلهل وينبغي أن يكون المتهيل.
لا يهتدي فيه السعاة لمسلك ... فكأنما يسري بقاع مهول (76- ظ)
قال فيها يذكر امرأة أخيه المذكورة:(4/1641)
نزلت على رغم الزمان ولو حوت ... يمناك قائم سيفها لم تنزل
فتبدلت عن كبرها بتواضع ... وتعوضت عن عزها بتذلل
كتب إلينا القاضي الأشرف حمزة بن علي بن عثمان المخزومي من الديار المصرية قال: أنشدنا أبو الفتح عثمان بن عيسى بن منصور بن هيجون البلطي النحوي، وأخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أجاز لنا البلطي قال: أنشدني الأمير شرف الدولة أبو الفضل اسماعيل بن أبي العساكر سلطان بن علي بن منقذ بدمشق لنفسه:
ومهفهف كتب الجمال بخدّه ... سطرا يدله ناظر المتأمّل
بالغت في استخراجه فوجدته ... لا رأي إلّا رأي أهل الموصل
قال البلطي: وأنشدني أيضا لنفسه يصف النحل والزنبور:
ومغردّين ترنما في مجلس ... فنفا هما لأذاهما الأقوام
هذا يجود بما يجود بعكسه ... هذا فيحمد ذا وذاك يذام
أي الذي يعطي هذا عسل، والذي يعطي هذا لسع، وهو عكسه.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج المقدسي قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتاب خريدة القصر قال: وتوفي- يعني اسماعيل بن سلطان بن منقذ- سنة إحدى وستين وخمسمائة بدمشق «1» .
اسماعيل بن سلمة، أبي غيلان الثقفي:
سمع بطرسوس محمد بن مصعب (77- و) القرقساني وحدث عنه، وعن حجاج بن محمد الأعور، روى عنه ابنه عمر بن اسماعيل.
أخبرنا زيد بن الحسن بن زيد فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن(4/1642)
المظفر السراج قال: أخبرنا علي بن عمر السكري قال: حدثنا أبو حفص عمر بن اسماعيل بن أبي غيلان الثقفي قال حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني بطرسوس قال: حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» فقالت له عائشة، أو بعض أزواجه: يا رسول الله إنا لنكره الموت، قال: «ليس من ذاك ولكن العبد المؤمن إذا حضر أجله بشر عند ذلك برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه من لقائه، فأحبّ لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الرجل الكافر إذا حضر أجله بشر بعد ذلك بسخط الله وعقابه فليس شيء أبغض إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه» «1» .
اسماعيل بن سليمان بن أيداش بن عبد الجبار الحنفي:
أبو الطاهر العسكري الدمشقي، يعرف بابن السلار، كان شيخا حسنا خيرا، حسن الصورة، كثير الورع، ملازما للجماعات، من أولاد الجند، سمع بدمشق:
الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي، والحافظ أبا القاسم علي بن الحسن الشافعي، وروى عنهما، اجتمعت به بدمشق في داره (77- ظ) في وليمة دعاني إليها أخوه أمير الحاج علي بن سليمان بعد عودي من الحج في سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمعت منه أحاديث وأناشيد وفوائد انتقيتها من معجم عبد الخالق بن أسد بروايته سماعا منه، وذكر لي ذلك اليوم أنه دخل حلب، وسألت أخاه أمير الحاج علي بن سليمان عن مولد أخيه اسماعيل فقال: قالت لي أمي: لما جاء ملك الألمان وحصر دمشق كان لأخيك عشرة أشهر، وكان نزول ملك الألمان على دمشق سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة «2» ، وسئل عن مولده فقال: في حادي عشر رجب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بدمشق.
أخبرنا أبو الطاهر اسماعيل بن سليمان بن أيداش العسكري في منزله بدمشق(4/1643)
قال: أخبرنا الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن أبي غانم بن أحمد بن محمود الثقفي بقراءتي عليه بأصبهان قال: أخبرنا أبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن المظفر بن ماجه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الجوزداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف الأسدي قال: حدثنا أبو العباس الفضل بن الخصيب بن نصر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة قال: حدثنا محمد بن عبد الملك قال: حدثنا عثمان بن القاسم بن عروة عن أبيه عن عائشة أن امرأة نذرت أن تضرب بالدف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له فقال: «أوفي بنذرك» فضربت بالدف على رأسه، فبينما هي تضرب إذ طلع عمر بن الخطاب، فلما رأته سقط من يديها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يفرق من حس عمر» «1» (78- و) .
أنشدنا شمس الدين أبو الطاهر اسماعيل بن سليمان بن أيداش قال: أنشدنا أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي- قراءة عليه- قال: أنشدنا أبو محمد شميلة بن محمد بن جعفر بن محمد بن أبي هاشم الحسني ببغداد قال:
أنشدنا محمد بن عبد الله الشيرازي بمكة:
ولقد كتمت هواك أوثق صاحب ... عندي مخافة أن يكون عدوّا
حذرا عليك وأنت موضع ظنتي «2» ... لا زلت فيك مسلّما مكلوّا «3»
لا نال قلبي من وصالك سوله ... إن كان قلبي رام عنك سلوّا
أنشدنا أبو الطاهر اسماعيل بن سليمان بن أيداش قال: أنشدنا عبد الخالق قال: أنشدني أبو علي الفرج بن أحمد بن الأخوة البغدادي بها لنفسه:
إن الضغائن من نعمان هجن هوى ... يا طال ما هيّج الاطراب نعمان
لما رأين دمي أنكرن سافكه ... نفرن عنه وبعض النكر عرفان(4/1644)
دمي الذي صار مسكا في نوافجها «1» ... فكيف تنفر منه وهي غزلان
أخبرني أمير الحاج شجاع الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن السلار- وقد سألته بحلب عن وفاة أخيه أبي الطاهر اسماعيل شيخنا- فقال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاثين وستمائة- يعني بدمشق- رحمه الله.
ثم أخبرني زكي الدين محمد بن يوسف البرزالي أنه توفي يوم الجمعة رابع ذي القعدة من السنة المذكورة، ودفن يوم السبت بسفح جبل قاسيون (78- ظ) .
اسماعيل بن سودكين بن عبد الله النوري:
أبو الطاهر، كان والده من عتقاء نور الدين محمود بن زنكي، وكان رجلا خيرا صالحا، سكن مصر وولد له ابنه اسماعيل هذا في سنة ثمان أو تسع وسبعين وخمسمائة بالديار المصرية، ونشأ بها على الخير والصلاح، واشتغل بالعلم، وسماع الحديث، وكلام الصوفية، وانتقل مع أبيه الى حلب حين انتقل إليها المبارز يوسف ابن ختلج الحلبي لقرابة كانت بينهما.
ومال اسماعيل الى الصوفية وخالطهم وانتفع بكلامهم، وسمع بالقاهرة: أبا الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وبحلب: إبراهيم بن عثمان بن درباس المازاني، وحدثنا بحلب عنهما، وسمع بحلب: شيوخنا افتخار الدين أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، وأبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وعمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وغيرهم.
وكان حسن الأخلاق، طيب المعاشرة، رقيق الحاشية، وكان ينظم شعرا حسنا علقت عنه شيئا يسيرا، وكتب عنه شيخه محمد بن علي بن العربي شيئا من شعره.
أخبرنا أبو الطاهر اسماعيل بن سودكين النوري بحلب قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن يوسف بن علي الغزنوي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح عبد الوهاب ابن محمد بن الحسين الصابوني قال: أخبرنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن(4/1645)
ميمون النرسي الكوفي قال: أخبرنا أبو الحسن مشرق بن عبد الله الحنفي الزاهد بحلب قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا عبد الله بن الحسين الصابوني قال: حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا (79- و) معاوية- يعني ابن سلام- عن زيد بن سلام أن أبا سلام حدثه قال: حدثني الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم «أن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن، قال: فكان يبطئ بهن، فقال له عيسى: إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل يعملوا بهن فإما أن تأمرهم بهن وإما أن أقوم فآمرهم بهن، فقال يحيى: انك إن تسبقني بهن أخاف أن أعذب، أو يخيف بي، فجمع بني اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات، فوعظ الناس ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن: إن أولهن أن لا تشركوا بالله شيئا، فإن من أشرك بالله مثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق «1» ثم قال له: هذه داري وعملي فاعمل وأد إليّ عملك، فجعل يعمل ويؤدي عمله الى غير سيده، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله لغير سيده، وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا، ثم قال: إن الله أمركم بالصلاة، فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلي له، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو ينصرف؛ وأمركم بالصيام فإن مثل الصائم كمثل رجل معه صرة مسك وهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره فكلهم يشتهي يجد ريحها، فإن فم (79- ظ) الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ وأمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروا يده الى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: لا تقتلوني فإني أفتدي منكم نفسي بكذا وكذا من المال، فأرسلوه فجعل يجمع لهم حتى فدا نفسه، وكذلك الصدقة؛ وأمركم بكثرة ذكر الله فإن مثل ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو فانطلقوا في طلبه حتى أتى حصنا حصينا وأحرز نفسه، كذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد(4/1646)
منه أنفسهم إلّا بذكر الله» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن: الجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد، فمن خرج من الإسلام قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلّا أن يراجع، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من حثاء «1» جهنم» ، فقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وإن صام وصلى؟ قال: «نعم وإن صام وصلى، ادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمون المؤمنون عباد الله» «2» .
أنشدني بعض الفقراء ممن صحب اسماعيل بن سودكين أبياتا لإسماعيل المذكور وهي:
ما هبّ من نسمات نشرك عابق ... إلّا وسرّ الوجد مني ناشق
أو لاح من برق ثغرك لامع ... إلّا وقابله فؤاد خافق
يا أهل ذياك الحمى قلبي بكم ... أبدا وإن عزّ التلاقي وامق «3»
قدمت عهودكم فزادت حرمة ... عندي وحقت للذمام حقائق (80- و)
وسلا أناس إذ تقادم عهدهم ... وأنا لكم ذاك المحبّ الصادق
ومن شعر اسماعيل بن سودكين ما وجدته بخط شيخه محمد بن علي بن العربي الحاتمي الطائي:
اعتلّ بعدكم النسيم ... وتنكّرت تلك الرسوم
دمن سقتها أدمعي ... إن لم تسحّ بها الغيوم
جزع الغداة الجزع لل ... ترحال وانصرم الصريم
يا راحلين عن الحمى ... وعليهم أسفي مقيم
وحياتكم في كل قلب ... من وداعكم كلوم
من لم يمت يوم الودا ... ع صبابة فهو الظلوم(4/1647)
أجبابنا وحياتكم ... قسم على قلبي عظيم
ما عشت إلّا حين كا ... ن عليّ للبلوى رسوم
من كان بالصبر الجمي ... ل إذا قضت روحي يقوم
ومن الذي هو للشجو ... ن وللغرام بكم غريم
أحبابنا ما ضاع عن ... د حفاظي العهد القديم
بل صنته في باطن ... هو للوفا أبدا حريم (80- ظ)
توفي أبو الطاهر اسماعيل بن سودكين بحلب بعد عوده من زيارة البيت المقدس بأيام، يوم الأربعاء قبل طلوع الشمس الثالث والعشرين من صفر سنة ست وأربعين وستمائة، ودفن قبل الظهر بتربة أنشأها بالقرب من مشهد الدعاء خارج باب النصر، وكان عمره يومئذ سبعه وستين سنة.
حرف الصاد في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي:
حدث عن أبيه صالح بن علي، روى عنه طاهر بن اسماعيل، وسليمان بن سعيد والوليد بن مسلم، وكان شاعرا مجيدا بليغا، متقدما في ضرب العود والغناء، وغنى الرشيد فولاه مصر سنة اثنتين وثمانين ومائة، ثم عزله وولاه جند قنسرين والعواصم، وولد ببطياس قصر أبيه خارج مدينة حلب، وكان أكثر مقامه بحلب وبها مات.
وقال ابن عفير: ما رأيت أحدا على هذه الأعواد أخطب من اسماعيل بن صالح ابن علي.
وقرأت بخط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي الحلبي: كان اسماعيل ابن صالح أصغر ولد أبيه، أفضت إليه وصيته وأوقافه، وذلك أنها كانت في ولد صالح بن علي الأكبر فالأكبر والباقي بعد الماضي حتى انتهت إليه وهو آخر من 81- و) بقي منهم، فكانت في يده وأيدي ولده من بعده على السن والقعدد،(4/1648)
وولد ببطياس ومات بحلب، وكان جليلا متقدما جامعا لكل سؤدد، بارعا في العلم والأدب والفلسفة والنجوم، وكان الرشيد يقدمه ويفضله ويستكفيه، ولاه مصر فأقام عاملا عليها سنين ثم عزله عنها وولاه جند قنسرين والعواصم، ثم ولاه دمشق وأعمالها، وأقطعه ما كان له في سوق مدينة حلب، وهي الحوانيت التي بين باب أنطاكية الى العروفة بالدلبة، وقدرها قدر جليل جسيم.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي- فيما أذن لي في الرواية عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو البركات الانماطي قالا: أخبرنا أبو الحسين النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، ح.
قال أبو القاسم بن أبي محمد: وأخبرنا أبو القاسم، وأبو البركات أيضا، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو الدر ياقوت بن عبد الله عتيق ابن البخاري قالوا: أخبرنا أبو محمد الصريفيني، ح.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي البيهقي قال: أخبرنا أبو علي محمد بن اسماعيل بن محمد العراقي قالا: حدثنا أبو طاهر المخلص- إملاء- قال: حدثنا أبو أحمد عبد الواحد بن المهتدي بالله- إملاء- قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن القاسم بن طاهر بن اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس قال: حدثني أبي القاسم قال: حدثني أبي طاهر قال: حدثني أبي اسماعيل (81- ظ) قال: حدثني أبي صالح قال: حدثني أبي علي قال: حدثني أبي عبد الله- زاد ابن النقور «ابن عباس» - قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم- زاد ابن النقور «على بغلته» وقالا- وأنا ابن ثمان سنين وهو يريد عمته بنت عبد المطلب، قال: فوقف- زاد ابن النقور «بي» وقالوا- في طريقه على شجرة قد يبس ورقها وهو يتساقط فقال: «يا عبد الله» قلت: لبيك يا رسول الله قال: «ألا أنبئك بما يساقط الذنوب عن بني» - قال: وقال ابن النقور: عن ولد- آدم كتساقط الورق عن هذه الشجرة» ؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: «سبحان الله» . وفي حديث الصريفيني وابن النقور قال: «قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فانهن الباقيات الصالحات المنجيات المعقبات» «1» .(4/1649)
هكذا ذكر في هذا الإسناد «وقال: حدثني أبي طاهر قال: حدثني أبي اسماعيل» وليس لإسماعيل بن صالح ولد اسمه طاهر، بل ولد ولده طاهر بن محمد ابن اسماعيل بن صالح، فلعله سقط من الاسناد ذكر محمد بن اسماعيل أو تجوز بذكر جده وسماه أبا، والله أعلم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: كتب إلينا أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي الإمام، ح.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أسعد بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قالا:
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين (82- و) الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن محمد الطالقاني قال: حدثني فضل اليزيدي عن محمد بن اسماعيل بن صبيح قال:
قال الرشيد للفضل بن يحيى، وهو بالرقة،: قد قدم اسماعيل بن صالح بن علي وهو صديقك، وأريد أن أراه، فقال له: إن أخاه عبد الملك في حبسك وقد نهاه أن يجئك، قال الرشيد: فاني أتعلّل حتى يجيئني عائدا فتعلل، فقال الفضل لإسماعيل: ألا تعود أمير المؤمنين؟ قال: بلى، فجاءه عائدا، فأجلسه ثم دعا بالغذاء فأكل وأكل اسماعيل بين يديه فقال له الرشيد: كأني قد نشطت برؤيتك الى شرب قدح، فشرب وسقاه، ثم أمر باخراج جوار يغنين وضربت ستارة، وأمر بسقيه، فلما شرب أخذ الرشيد العود من يد جارية ووضعه في حجر اسماعيل وجعل في عنق العود سبحة فيها عشر درات اشتراها بثلاثين ألف دينار وقال: غنني يا اسماعيل وكفر عن يمينك بثمن هذه السبحة فاندفع فغنى بشعر الوليد بن يزيد في عالية أخت عمر بن عبد العزيز، وكانت تحته وهي التي ينسب اليها سوق عالية بدمشق.
فأقسم ما أدنيت كفيّ لريبة ... ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلني رأي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة ... من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي
(82- ظ)(4/1650)
فسمع الرشيد أحسن غناء من أحسن صوت، وقال: الرمح يا غلام، فجىء بالرمح فعقد له لواء على إمارة مصر.
قال اسماعيل: فوليتها ست سنين أو سعتهم عدلا، وانصرفت بخمسمائة ألف دينار.
قال: وبلغت عبد الملك أخاه ولايته فقال: غنى والله الخبيث لهم، ليس هو لصالح بابن.
وفي غير هذه الرواية قال: وقد كان أخوه عبد الملك وجه إليه «إنما يريدونك لأمر، وإن فعلت فما أنت أخي ولا ترث صالحا «1» .
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو منصور العكبري عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولى- إجازة- قال: حدثني علي بن سراج المصري قال: حدثنا معاوية بن صالح قال:
كان اسماعيل بن صالح يألف قينة بحلب، وكانت في نهاية حسن الوجه والغناء فاشتراها الرشيد فقال اسماعيل:
يا من رماني الدهر من فقده ... بفرقة قد شتتت شملي
ذكرت أيام اجتماع الهوى ... وقرة الأعين بالوصل
ونحن في صحبة دهر لنا ... نطالب الأزمان بالذحل
فكدت أقضي من قضاء النوى ... علي بعد العزّ بالذلّ
وليس ذكري لك عن خاطر ... بل هو موصول بلا فصل
قال الصولي: ومن شعره فيها: (83- و)
فديت من يهجرني كارها ... بلا اختيار منه للهجر
ومن دهاني الدهر في فقده ... من ذا الذي يعدى على الدهر
ومن تجرعت له لوعة ... أحر في القلب من الجمر(4/1651)
لا أستطيع الدهر ذكرا له ... إلّا بجاري الدمع والفكر «1»
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حدثنا ابن أبي سعيد قال: حدثني عمر بن محمد بن حمزة الكوفي قال: حدثني سليمان بن سعيد قال: حدثني اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله- وكان انقطاعه الى الرشيد- قال: دخلت على الرشيد- وقد عهد الى محمد والمأمون- فيمن يهنيه من ولد صالح بن علي، فأنشأت أقول:
يا أيها الملك الذي ... لو كان نجما كان سعدا
اعقد لقاسم بيعة ... واقدح له في الملك زندا
الله فرد واحد ... فاجعل ولاة العهد فردا
قال: فاستضحك هرون، وبعثت إلي أم جعفر «كيف تحبنا وأنت شآم» ؟
وبعثت إلي أم المأمون «كيف تحبنا وأنت أخو عبد الملك بن صالح» ؟! وبعثت إلي أم القاسم بعشرة آلاف درهم فاشتريت بها ضيعتي بأرتاح. (83- ظ)
قلت: أرتاح قرية كبيرة عامرة من عمل حلب بالقرب من حارم، وكان لها حصن مذكور، وحولها ضياع تضاف إليها، وإليها ينسب الأرتاحي.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار- إذنا- قال:
أخبرنا أبو أحمد الفرضي- إجازة عن أبي بكر الصولي- قال: حدثني علي بن سراج قال: حدثني معاوية بن صالح قال: غزا اسماعيل بن صالح، فرأى غلاما من أبناء المقيمين بطرسوس أملح الناس وآدبهم، فاستصحبه فقال له الغلام:
بلغني أن فيك ملّة؟ فقال له اسماعيل: هي فيّ لها، فضحك الغلام وقال: الآن طابت صحبتك، فصحبه، فقال فيه اسماعيل:(4/1652)
أحسن من بدر الدجى في الدجى ... ومن طلوع الكوكب اللابث
ومن فتى يحلف أن لم يخن ... عهدا وما الصادق بالحانث
ظبي بأرض الثغر ما إن له ... في الحسن من ثان ولا ثالث
ترسل عيناه هواه الى ... كل سقيم دنف لاهث
أعدمني حبي له قوتي ... وكنت أقوى من أبي الحارث «1»
قلت له إذ زارني في ال ... هوى قولة مازح عابث
ما خلق الله على ظهرها ... أحمل مني للهوى الماكث
قال الصولي: ومن شعر اسماعيل في أخيه عبد الملك بن صالح: (84- و)
يا أخي أنت عدتي وعديدي ... وافتخاري ورغم أنف حسودي
أنت صنوي وقد خلقت جليدا ... وأراني في الخلق غير جليد
لا أطيق الذي تطيق من الأ ... مر فبعض العتاب والتفنيد «2»
قرأت بخط علي بن موسى بن اسحاق الزّرار في نوادر أبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان- سماعه منه- قال ابن المرزبان: وأنشدت لاسماعيل بن صالح ابن علي:
زعم الناس أن ليلك يا بغ ... داد ليل يطيب فيه النعيم
ولعمري ما ذاك إلا لأن حا ... لفهم بالنهار منك السّموم
وقليل الرخاء يتّبع الش ... دة عند الأنام حظ عظيم
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي منصور العكبري قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد ابن أبي مسلم- إذنا- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي- إجازة- قال: حدثنا الحسين بن يحيى قال: حدثنا اسحاق الموصلي قال: كان اسماعيل بن صالح أحسن الناس غناء وصوتا، حتى أن حسن صوته ليبين في كلامه، وكان(4/1653)
صديقا للفضل بن يحيى بن خالد، فلما دخل الرشيد الرقة ومعه الفضل بن يحيى كتب الفضل الى اسماعيل بن صالح وهو بحلب يشتاقه، فقدم عليه اسماعيل الرقة، فصادف الفضل عظيم الشغل بأمر الرشيد لا يمكنه مفارقته، فأقام اسماعيل أياما ثم غضب وانصرف الى حلب، وكتب الى الفضل: (84- ظ)
قليتك فاقلني واطلب خليلا ... سواي فإنني باغ سواكا
إذا ما سمتني الاكرام مني ... وسمتني الهوان فدام ذاكا
فلو أني علمت العلم حقا ... بأن الغدر غاية منتهاكا
لسمتك بالقطيعة من قريب ... ولم تعلق قوى حبلي قواكا
أبعدي يرتجيك أخ لعهد ... ألا يا طول خيبة من رجاكا
فلما وصلت هذه الأبيات الى الفضل بن يحيى، كتب يسترضيه، ووصله بمائة دينار ودينار من ضربهم وكان في كل دينار عشرة دراهم «1» .
وقال أبو بكر الصولي: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثني عبد الله بن محمد الحلبي قال: كان اسماعيل بن صالح من آدب الناس وأرقهم طبعا، وكان شاعرا حسن الغناء مقدما في ضرب العود.
وقرأت في كتاب معجم الشعراء للمرزباني: اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، كان سريا أديبا، حسن الغناء، مقدما في ضرب العود، غنى الرشيد فقلده مصر «2» .
وقرأت في تاريخ الأمير مختار الملك المسبّحي: سنة احدى وثمانين ومائة، ثم وليها- يعني مصر- اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس من قبل الرشيد على صلاتها يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين «3» .(4/1654)
قال ابن عفير: ما رأيت أحدا على هذه الأعواد أخطب من اسماعيل بن صالح ابن علي.
فوليها الى أن صرف (85- و) عنها في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو بكر المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن عرفة قال: وكانت وفاة الرشيد بطوس «1» ، ودفن هناك، وكان على حجبته الفضل بن الربيع، ثم ذكر ولاة البلاد وقال: وعلى منبج اسماعيل بن صالح ابن علي.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله عمي قال: اسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، حدث عن أبيه صالح بن علي، روى عنه: ابنه طاهر بن اسماعيل، والوليد بن مسلم، وسليمان بن سعيد، وهو ممن دخل دمشق «2» .
اسماعيل بن الطير المقرئ، قرأ عليه بحلب يوسف بن علي بن جبارة الهذلي البسكري:
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السّلفي قال يوسف بن علي بن جبارة الهذلي البسكري في كتاب «الكامل في القراءات» قال: وما أخذته عن الشيوخ المتفرقة، فذكر جماعة وقال: وعبد الله بن منيرة بقنّسرين، وأبو المجد، وابن المهذب بالمعرة، واسماعيل بن الطّير بحلب. (85- ظ) .
***(4/1655)
حرف الظاء في آباء من اسمه إسماعيل
اسماعيل بن ظفر بن أحمد بن ابراهيم بن مفرح بن منصور بن ثعلب بن عنيبة:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أبو الطاهر المنذري النابلسي ثم الدمشقي الحنبلي الحافظ، رجل فاضل حافظ، أصله من نابلس، وولد بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة، أنبأنا بذلك عبد العظيم بن عبد القوي المنذري عنه، رحل في طلب الحديث، وسمع بمصر: أبا القاسم البوصيري، وأبا عبد الله بن حمد الأرتاحي، والحافظ عبد الغني المقدسي، وبحلب: شيخنا أبا هاشم الهاشمي، وبحرّان: الحافظ عبد القادر الرهاوي، وانقطع إليه مدة، وبخراسان: منصور الفراوي، والمؤيد الطوسي، وزينب الشعرية وبأصبهان أبا المكارم اللبان، وأبا جعفر الصيدلاني، وأبا عبد الله الكرّاني، وكتب بخطه الكثير، وحدث بدمشق وحران.
روى عنه الحافظ عبد العظيم المنذري «1» ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي، وخرج عنه في معجم شيوخه، وتوفي بدمشق في الرابع من شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة، ودفن بجبل قاسيون.(4/1657)
حرف العين في آباء من اسمه إسماعيل
ذكر من اسم أبيه عبد الله ممن اسمه اسماعيل
اسماعيل بن عبد الله بن اسماعيل بن حمدون بن اسماعيل بن حمدون بن أبي صالح:
أبو الحسن المؤدّب، حدث بمعرة النعمان عن قاضيها أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، روى عنه الحافظ أبو سعد السّمان، وخرج عنه حديثا في معجم شيوخه. (89- و) .
أخبرتنا الحرّة زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور قالت: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري- إجازة- قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين الرازي السمان- إجازة- قال: حدثني أبو الحسن اسماعيل بن عبد الله بن اسماعيل بن حمدون بن اسماعيل ابن حمدون بن أبي صالح المؤدب- بقراءتي عليه في جامع معرة النعمان- قال:
حدثنا يزيد بن جهور قال: حدثنا الربيع بن نافع قال: حدثنا مسلمة بن علي عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن جعفر المدني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يعادون صاحب الرمد، والحبن، والضّرس» «1» .
قلت: الحبن عظم البطن «2» .
اسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد:
أبو عبد الله القرشي العبدري الرقيّ المعروف بالسكري القاضي، قاضي دمشق، حدث عن محمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما،(4/1658)
وعن أبي اسحاق الفزاري، ومحمد بن سلمة الحراني، وبقيّة بن الوليد الحمصي، وعيسى بن يونس، وأبي المليح الرقّي، ومحمد بن أبي فديك، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ويعلى بن الأشدق، وعبد الله بن رجاء المكي، والوليد بن مسلم، ومحمد بن حرب الأبرشي، وعبد الملك بن محمد الصنعاني.
روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، وأبو حاتم محمد ابن إدريس الرازي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبو العباس بن زنجويه القطّان، والعباس بن سعيد، وجماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن هشام النميري، وأبو الميمون ابن راشد.
وحدث عن مشايخ الثغر. (91- ظ) .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني الحافظ في تاريخ الرقة قال: اسماعيل بن عبد الله بن خالد، أبو عبد الله السكري، ولي قضاء دمشق «1» .
أنبأنا أبو نصر بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني- لفظا- قال: أخبرنا تمام ابن محمد- إجازة- قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مروان قال: حدثنا ابن فيض قال: لم يل القضاء بدمشق بعد محمد بن يحيى بن حمزة أحد في خلافة المعتصم وخلافة الواثق حتى كانت خلافة جعفر المتوكل، فولّى ابن أبي دؤاد اسماعيل بن عبد الله السكّري في أول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، فأقام قاضيا الى أن عزل أحمد بن أبي دؤاد وولي يحيى بن أكثم، فعزل اسماعيل بن عبد الله السكري عن القضاء، وولي محمد بن هاشم بن ميسرة مكانه.(4/1659)
قال علي بن أبي محمد: (92- و) أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال:
حدثنا عبد العزيز بن أحمد- ونقلته من خطه- قال: أخبرنا القاضي أبو نصر محمد ابن أحمد بن هرون بن الجندي قال: أخبرنا أبو العباس جمح بن القاسم بن عبد الوهاب المؤذن قال: أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الروّاس قال: قال لي خالي- يعني ابراهيم بن أيوب الحوراني- قلت لاسماعيل بن عبد الله القاضي:
بلغني أنك كنت صوفيا، من أكل من جرابك كسرة افتخر بها على اصحابه.
فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلّال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: اسماعيل بن عبد الله بن خالد السكّري الرقّي، أبو عبد الله، روى عن: أبي المليح الرقي، وعبيد الله بن عمرو، كتب عنه أبي بالرقة؛ سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: روى عن محمد بن سلمة، ومحمد بن حرب، وأبي اسحاق الفزاري، وبقيّة، وعبد الله بن رجاء المكي، وابن أبي فديك، سئل أبي عنه، فقال: صدوق «1» .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال اسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد، أبو عبد الله القرشي العبدري الرقّي، المعروف بالسكّري، قاضي دمشق، روى عن أبي المليح الحسن بن عمر، وعبيد الله بن عمرو الرقّيين، ومحمد بن سلمة الحرّاني، ويعلى بن الأشدق، ومحمد ابن حرب الأبرش، وأبي اسحاق (92- ظ) الفزاري، وبقيّة بن الوليد، وعبد الله بن رجاء المكي، ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، ومحمد بن أبي فديك والوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني.(4/1660)
روى عنه العباس بن سعيد، وأبو الميمون بن راشد، ومحمد بن هشام بن ملاس النميري، وجماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي والحسن بن أبي جعفر الحلبي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زنجويه القطان، وأبو بكر الباغندي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، وكتب عنه أبو حاتم الرازي «1» .
هكذا عدّ الحافظ أبو القاسم الحسن بن أبي جعفر الحلبي في الرواة عنه، وهو من الرواة عن ابن زرارة، وقد أخبرنا علي بن شجاع قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد المولى قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو حاتم بن المدبّر قال: أخبرنا أبو اسحاق النقاش قال: حدثنا أبو عبد الله الجرجاني قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد العطار قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أبي جعفر البطناني قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الله بن زرارة، فذكر حديثا.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السّلفي، وأخبرنا به أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل- إجازة عنه- قال: أنبأنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني عن أبي الحسن علي بن الحسين بن أحمد التغلبي قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علّان الحراني الحافظ قال: اسماعيل بن عبد الله ابن خالد الأقطع القرشي السكّري من أهل الرقّة، مات بعد الأربعين، كان يرمى بالجهم «2» .(4/1661)
اسماعيل بن عبد الله بن زرارة:
أبو الحسن الرقي السكري، سمع الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي نزيل حلب، بحلب أو برصافة هشام، وروى عنه وعن عفيف بن سالم، وعبد العزيز ابن عبد الرحمن القرشي البالسي، وداود بن الزّبرقان، وشريك بن عبد الله النخعي، وعبد الوهاب الثقفي، وحماد بن زيد، واسحاق وعبد الله بن حرب الليثي، ومحمد بن ربيعة الكلابي.
روى عنه: ابنه ابراهيم بن اسماعيل، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا (89- ظ) القرشي، وهلال بن العلاء الرقي، وعبد الله بن أحمد بن محمد ابن حنبل، والحسن بن علي بن الوليد، الفارسي، واسحاق بن سنين الختّلي، ومحمد بن الفضل بن جابر السّقطي، وأبو محمد جعفر بن محمد بن سوار الحافظ، وأبو علي الحسن بن أبي جعفر الحلبي، وأبو عمرو عثمان بن خرزاد.
أخبرنا القاضي شمس الدين أبو المظفر حامد بن أبي العميد بن أميري بن ورشي القزويني- قراءة عليه بحلب-، والفقيه بهاء الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن ابراهيم بن أحمد المقدسي- قراءة عليه بنابلس- والشيخ أبو محمد محفوظ بن هلال بن محفوظ الرسعني- برأس عين- قالوا: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري- قال محفوظ: في كتابها- قالت: أخبرنا الشريف الكامل أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد ابن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال:
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الله بن زرارة قال: حدثنا حجاج بن أبي منيع الرصافي عن جده عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه- يعني نحو حديث ذكره قبله- قال: «بينما ثلاثة رهط يتماشون أخذهم المطر، فأووا الى غار في جبل، فبيناهم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم الغار» «1» فذكر حديث الرقيم بطوله.
أخبرنا سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري(4/1662)
(90- و) بدمشق، وأبو المفضل مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أبي الصقر القرشي- بحلب- قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمّر المسدّد بن علي الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم ابن يعقوب الحلبي المؤدّب قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي قال: حدثنا ابراهيم بن اسماعيل بن عبد الله بن زرارة السكّري قال:
حدثنا أبي عن عفيف بن سالم عن عبد الله بن لهيعة عن سعد بن ابراهيم عن المسور ابن مخرمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يغرّم السارق إذا أقيم عليه الحد» «1» .
ذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب «الجرح والتعديل» قال: اسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقّي، روى عن شريك ونظرائه، وأدركته ولم أكتب عنه، سمعت أبي يقول ذلك «2» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: اسماعيل بن عبد الله زرارة، أبو الحسن السكري الرقي، قدم بغداد وحدث بها عن حماد بن زيد وعبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، وعبد الوهاب الثقفي، وشريك بن عبد الله النخعي، وداود بن الزبرقان.
روى عنه أبو بكر بن (90- ظ) أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن الفضل بن جابر السّقطي، واسحاق سنين الختّلي، والحسن بن علي ابن الوليد الفارسي وغيرهم.
قال الخطيب: حدثني الحسن بن محمد الخلال عن أبي الحسن الدارقطني قال: اسماعيل بن عبد الله السكّري ثقة «3» .(4/1663)
قلت: هكذا أورد الخطيب عن أبي الحسن الدارقطني هذا الكلام في ترجمة اسماعيل بن عبد الله بن زرارة أبي الحسن، ويحتمل أن يكون قول الدارقطني عن اسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد أبي عبد الله السكري، الآتي «1» ذكره، وهو به أشبه لوصف أبي حاتم الرازي له بالصدق، ولم يذكر في ابن زرارة شيئا غير ما أوردناه.
وقد أنبأنا أبو الفرج بن القبّيطي قال: أخبرنا أبو الكرم بن الشهرزوري عن أبي القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال في ذكر عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي: وعبد العزيز هذا يروي عن خصيف أحاديث بواطيل، يرويها عنه اسماعيل بن زرارة، واسحاق بن خلدون البالسي، وفيها غير حديث خصيف عن أنس، وسائر ذلك كله ليس لها أصول، ولا يتابعه الثقات عليها «2» .
وقد ذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر قول الدارقطني بإسناده الى الخطيب في ترجمة أبي عبد الله اسماعيل بن عبد الله القاضي الآتي «3» ذكره «4» .
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن (91- و) الحراني الحافظ قال: سمعت ابراهيم ابن اسماعيل بن عبد الله بن زرارة يقول: مات أبي بالبصرة سنة تسع وعشرين ومائتين.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأخبرنا به أبو القاسم ابن رواحة إجازة عنه قال: أنبأنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد ابن الأكفاني عن أبي الحسن علي بن الحسين بن أحمد التغلبي قال: أخبرنا أبو القاسم تمّام بن محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن(4/1664)
علان الحراني الحافظ قال: اسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي، قال لنا محمود:
انه مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين «1» .
قلت: هو محمود بن محمد بن الفضل.
اسماعيل بن عبد الله بن يزيد بن أسد:
ابن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن عمعمة بن جرير بن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار ابن أراش بن عمرو بن الغوث، وقيل: عمرو بن نبت بن زيد بن كهلان، وقيل:
عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، أبو هاشم القسري العبقري البجلي، وقال بعضهم: هو منسوب الى قصر ابن هبيرة وأبدلوا الصاد سينا وقال آخرون: هو منسوب الى قصر بجيلة، موضع (93- و) بالكوفة، وهو بجلي، والأول هو الصحيح.
وأبو هاشم القسري هو أخو خالد القسري، روى عن أخيه خالد، روى عنه أيوب بن سويد الرملي، ومحمد بن عمران، وولي إمرة الموصل ففي طريقه إليها اجتاز بحلب أو ببعض عملها.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي في كتابه، ثم أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله ابن أحمد بن حبيب، وأبو منصور بزغش بن عبد الله عنه قال: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال: حدثنا أبو العباس الأصم، ح.
قال أبو القاسم: وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع ابن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم قال: حدثنا أيوب بن سويد قال:
حدثنا اسماعيل بن عبد الله القسري عن أخيه خالد بن عبد الله عن أبيه عن جده يزيد بن أسد أنه قدم على عمر بن الخطاب من دمشق فقال له: يا بن أسد، الشهداء(4/1665)
فيكم؟ فقال: الشهيد يا أمير المؤمنين من قاتل في سبيل الله حتى يقتل، قال: فما تقولون فيمن مات حتف أنفه، لا يعلمون منه إلّا خيرا؟ قال عبد عمل خيرا ولقي ربا لا يظلمه، يعذب من عذب بعد الحجة عليه والمعذرة فيه، أو يعفو عنه، قال عمر: كلا والله ما هو كما تقول.
وقال الشيروي: يقولون من مات مفسدا في الأرض ظالما للذمة عاصيا للإمام (93- ظ) غالا للمال، ثم لقي العدو فقاتل فقتل شهيدا، ولكن الله عز وجل قد يعذب عدوه والبر والفاجر، ومن مات حتف نفسه لا يعلمون منه إلا خيرا كما قال الله عز وجل: «من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين «1» الآية.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الشويخ الأرموي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن سنبك قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن محمد الأنصاري قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبو القاسم هرون بن أبي نمر السلمي قال: أخبرني محمد بن زبان عن محمد بن عمران عن اسماعيل بن عبد الله القسري قال: قال خالد بن عبد الله القسري لبنيه: انكم قد شرفتم، وقمن «2» أن تطلب اليكم الحوائج فمن يضمن حاجة امرئ مسلم فليطلبها بأمانة الله عز وجل.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد- فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري- قال: أخبرنا عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال:
ومن بجيلة- وهم بنو أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن بنت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن (94- و) يعرب بن قحطان: يزيد بن أسد(4/1666)
ابن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبيد الله بن عبد شمس بن عمعمة بن جرير بن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار، وقد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ولم يكن ممن اختط بالكوفة ولا نزلها، ونزل الشام. من ولده: خالد بن عبد الله بن يزيد وأخوه اسماعيل بن عبد الله ولي الموصل، وكان في صحابة أبي جعفر. «1» .
وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي: ولم يولد لعبد الله بن عبد شمس إلّا واحد الى يزيد بن أسد واحد واحد بولد. «2» .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله- اجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: اسماعيل بن عبد الله القسري، روى عنه أيوب بن سويد الرملي. «3» .
اسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله بن حسين بن عبد الله:
أبو الطاهر بن أبي محمد الحافظ الأنصاري المصري، المعروف بابن الأنماطي، رحل في طلب الحديث، وسمع منه الكثير بمصر، وبغداد، ومكة، وإربل، وحلب، ودمشق.
سمع بمكة: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الأشكيذباني، وأبا عبد الله محمد بن ابراهيم الشيرازي، وسمع بمصر: من البوصيري، وابن حمد الأرتاحي، وأبي الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي، وأبي عبد الله محمد بن عبد المولى بن محمد الليثي، ومحمد بن يوسف الغزنوي وأبي عبد الله محمد الكاتب، وأبي الثناء حماد بن هبة الله، ومرتضى بن حاتم بن مسلم بن أبي(4/1667)
العز الحارثي، وزين الدين علي بن نجا الواعظ (94- ظ) وصاحبته فاطمة بنت سعد الخير الأنصارية زوج ابن نجا، وسمع ببغداد عبد الوهاب بن علي بن علي المعروف بابن سكينة، وأبا محمد عبد العزيز بن الاخضر وغيرهما، وبواسط:
أبا الفتح المندائي، وبإربل: حنبل بن عبد الله المكبر، وشيخنا أبا حفص بن طبرزد وبالاسكندرية: أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وأبا القاسم عبد الرحمن بن مكي، وبحلب شيخنا أبا هاشم الهاشمي، وبدمشق: أبا محمد القاسم ابن علي بن الحسن بن عساكر، وأبا طاهر الخشوعي، وشيوخنا القاضي أبا القاسم ابن الحرستاني، وأبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وزين الأمناء وأبا منصور ابني محمد بن الحسن وغيرهم ممن يطول ذكرهم، ويكثر عددهم.
وكان قد سيره الملك المحسن أحمد بن يوسف بن أيوب الى اربل لإحضار حنبل بن عبد الله الى دمشق لسماع مسند أحمد بن حنبل، فمضى الى اربل وأحضره الى دمشق واجتاز به بحلب فأقام بها يوما أو يومين بظاهرها، ولم يسمع على حنبل بها إلّا الشيء اليسير.
وكان تقي الدين أبو الطاهر الأنماطي هذا كثير الافادة حريصا على تحصيل الفوائد، حسن الأخلاق، سمحا باعارة كتبه وأصوله حتى الى البلاد النائية عنه، وكان يضبط سماع الطلبة ويؤدبهم في مجالس الحديث ويكتب الطباق بخطه.
ونفق على الوزير عبد الله بن علي المعروف بابن شكر، وقرر له بدمشق معلوما على المصالح، وكان ما لكي المذهب، ثم انتقل الى مذهب الشافعي، واجتمعت به بدمشق في سنة أربع عشرة (95- و) وستمائة، وأفادني عن جماعة من الشيوخ، وأعارني أصوله، وسمعت بقراءته وسمع بقراءتي، ولم يتفق لي سماع شيء منه إلّا ما جرى في المذاكرة، وحدث بدمشق، وكتب عنه جماعه من المحدثين من أقرانه وغيرهم، وروى لنا عنه أبو المحامد القوصي حديثا خرجه عنه في معجم شيوخه، والحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي حكاية ذكرها أيضا في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي- قراءة عليه بدمشق- قال:
حدثنا المحدث الأجل تقي الدين أبو الطاهر اسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن(4/1668)
الأنصاري، المعروف بابن الأنماطي المصري قال: أخبرنا رضي الدين مرتضى بن حاتم بن مسلم الحارثي المصري القدسي- قال القوصي: وأجازه لي الشيخ المذكور قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحضرمي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد المهندس قال: أخبرنا محمد بن محمد الباهلي قال: حدثنا محمد بن أبان البلخي قال:
أخبرنا سفيان عن أبي اسحاق عن أبي حية بن قيس عن علي بن أبي طالب أنه توضأ ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم شرب فضل وضوئه، ثم قال: من سره أن ينظر الى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فلينظر الى هذا.
هكذا أخبرنا أبو المحامد القوصي عن أبي الطاهر عن مرتضى عن أبي عبد الله الحضرمي، وأبو الطاهر الأنماطي سمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي وقد أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي العطار قال: سمعت شيخنا أبا الحسن شجاع بن سيدهم المدلجي المالكي، وكان من خيار عباد الله وصلحائهم من بقية أهل الخير بمصر يقول: كان شيخنا أبو العباس بن الحيطة رحمه الله سديدا في دين الله، فظا غليظا على أعداء الله أهل البدع، لقد كان يحضر مجلسه داعي الدعاة مع عظم سلطانه ونفوذ أمره، فما يحتشمه ولا يكرمه، ولقد كان يقول بحضرته في بعض المسائل التي يرد فيها على الشيعة والروافض: والإسماعيلية أحمق الناس في هذه المسألة، الروافض خالفوا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفروا بالله كفرا صريحا، بلا تأويل هذا ومعناه.
قال الحافظ أبو الحسين العطار: الحافظ أبو الطاهر بن الأنماطي مصري من أعيان المحدثين وفضلائهم المعتبرين، سمع الكثير بمصر، ثم رحل الى العراق ودخل بغداد بعد التسعين، وحصل من المسموعات والفوائد جملة كثيرة، وكتب بخطه الكثير، وقطع جل عمره في طلب العلم، وكان كثير الافادة، واستجاز لخلق كثير من المصريين والشاميين وغيرهم ابتداء من غير سؤال من أكثرهم، ولم يحدث إلّا باليسير مما حصله. سمع بالاسكندرية: من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن الحضرمي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، رأيت سماعه عليه لسداسيات(4/1669)
الرازي في جمادي الاولى من السنة المذكورة، وسمع بها أيضا من غيره، وسمع معنا على جماعة من الشيوخ بمصر والشام، وكان مولده بمصر، وتوفي رحمه الله ليلة الاثنين الثالث عشر من شهر رجب سنة تسع عشرة وستمائة بدمشق.
أخبرني أبو المحامد القوصي قال: توفي أبو الطاهر بن الأنماطي بدمشق في شهور سنة تسع عشرة وستمائة. (95- ظ) .
اسماعيل بن عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن علي بن أبي الحجاج الصويتي:
المقدسي، ثم المصري الجذامي- وصويت بطن من جذام- ويلقب علم الدين، قرأ الأدب على أبي محمد بن بري، وسمع الحديث بالاسكندرية من الحافظ أبي طاهر السلفي وحدث عنه. سمع منه ولده صديقنا ورفيقنا ضياء الدين محمد بن اسماعيل، وكان عارض جيش الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله بعد موت أبيه، ثم وليه بعد لابنه الملك العزيز عثمان بن يوسف ولمن تجدد بعده من ملوك الديار المصرية الى زمن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، فحصل في نفس وزيره صفي الدين عبد الله بن شكر منه شيء أوجب أذاه وعزله، ففارق مصر وقدم حلب في سنة ثلاث وستمائة وافدا على الملك الظاهر غازي بن يوسف ابن أيوب، فأكرمه وأحسن اليه، وأجرى له رزقا حسنا، ولم يزل مقيما بحلب في كنفه وجاريه الى أن مات بها بعد أن أصابه الفالج مدة بحلب، ولم أسمع منه شيئا.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج- اذنا- قال: أخبرنا والدي اسماعيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني، ح.
وأخبرنا به سماعا عاليا أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي، وأبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفيان وآخرون قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن ابراهيم الاصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن (96- و) محمود الثقفي رئيس أصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وتوفي سنة تسع، ومولده سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة- قال:(4/1670)
أخبرنا عبد الله بن يعقوب الكرماني قال: حدثنا يحيى بن يحيى الكرماني قال:
حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم اليوم على دين واني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقرى بعدي» .
كتب لي رفيقنا ضياء الدين محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج بخطه، وذكر حال والده وقال: وقرأ والدي الأدب على الشيخ أبي محمد عبد الله بن بري وصحبه مدة طويلة، ومولده بدرب الأسواني بالقاهرة في سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ومن شعره ما سمعته من لفظه، وقد دخل عليه مملوك صغير وقد لحقه رمد تشيف بأشياف ورد «1» :
أقول لما أن طرفه مشيفا: ... سبحان من أعلى على نرجس وردا مضعفا
قال: ونقلت من خطه من شعره:
يقول أناس إن في الملح حرمة ... موكدة حتى نساهم في البلوى
فقلت لهم: إن كان حقا حديثكم ... فماذا عساه أن يكون من الحلوا
قال: ونقلت من خطه- يعني من شعره:
وردّ الجواب كرد السلام ... بمثل التحية أو أحسن
قال: ولما شاهد الثلج بحلب عند سقوطه قال: (96- ظ) .
رأيت الثلج عم الأرض حتى ... تساوى الوهد منه بكل سن
كأن الأرض مد بها إزار ... ووقع الثلج من نداف قطن
قال: والعجب أنه تولى ديوان الجيش الناصري بعد موت أبيه، وكانت وفاة والده في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة في البيت المقدس الى أن صرف منه في حادثة الصفي عبد الله بن علي المعروف بابن شكر، في ذي الحجة سنة اثنتين وستمائة، أقام فيه تسع عشرة سنة، وتولاه أبوه في سنة أربع وستين وخمسمائة، وتوفي في(4/1671)
السنة المذكورة- يعني سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة- فأقام فيه تسع عشرة سنة، فاتفق هو ووالده في مدة توليهما الجيش، واتفقا أيضا في العمر، لأن والده ولد في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وتوفي في السنة المذكورة، فعاشا عمرا واحدا، وهو أحد وستون سنة.
قال: وتوفي- يعني أباه- بمحروسة حلب في عشية الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة عشر وستمائة.
قلت: وكان العلم بن أبي الحجاج ماهرا في صناعة التصرف، وبضاعته في العلوم مزجاة «1» رحمه الله.
اسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن عامر بن عائذ:
أبو عثمان الصابوني النيسابوري، الامام الحافظ المفسر الواعظ، قدم حلب حاجا سنة اثنتين وأربعمائة، وحدث بها، وسمع منه جد جدي أبو الفضل هبة الله ابن «2» أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة، واجتاز بمعرة النعمان، وسمع من أبي «3» (97- و) العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان شيئا من شعره رواه عنه، وحدث بمعرة النعمان فسمع منه أبو غانم عبد الرزاق بن أبي حصين المعري، وحدث بدمشق ونيسابور وغيرهما من البلاد عن أبي العباس أحمد بن محمد بن اسحاق البالوي، وأبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، وأبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ، واسحاق بن ابراهيم الهروي، وأبي عبد الرحمن محمد ابن الحسين بن موسى السمسار، وأبي منصور محمد بن عبد الله بن جمشاد الواعظ، وأبي الحسن محمد بن الحسين بن داود الحسني، وأبي الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي، وأبي بكر محمد بن عبد الله الحوزقي، وأبي طاهر ابن خزيمة، وأبي محمد الحسن بن أحمد المخلدي، وأبي محمد بن أبي شريح، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وأبي حفص عمر بن أحمد(4/1672)
ابن محمد بن عمر بن حفص الرازي، وأبي معاذ الشاه ابن أحمد الهروي، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن الرومي، وأبي الحسن عبد الرحمن بن ابراهيم المزكي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وروى عن أبي الفتح البستي شيئا من شعره.
روى عنه: أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين، وأبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ البيهقيان وآباء الحسن علي بن محمد بن شجاع الربعي، وعلي ابن الخضر السلمي الدمشقيان، ونجا بن أحمد العطار، وعلي بن الحسين بن صصرى، وعلي بن عبد الله الواعظ النيسابوري، وطريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري، وأبوا علي (97- ظ) الحسين بن أحمد بن عبد الواحد الصوري، ونصر الله بن أحمد بن عثمان الحشنامي، وأبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الغساني، وأبو المحاسن الروياني، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، ومحمد بن علي بن أحمد بن المبارك الفرّاء، ومحمود بن سعادة السلماسي، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل، وغير هؤلاء ممن يطول ذكرهم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي الصوفي بدمشق، وشيخ الشيوخ أبو الحسن بن عمر بن أبي الحسن بن محمد بن حمّوية بحلب بالياروقية «1» قالا: أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي بن محمد بن الطائي قال: أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي قال:
أخبرنا الإمام حقا، وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد عمر بن حفص الرازي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن خداش قال: حدثنا سعدان ابن نصر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين سنة، فكن أمهاتي يحثثنني على خدمته، فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم دارنا فحلبنا له من شاة لنا داجن وشيب له من ماء بئر في(4/1673)
الدار، وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه (98- و) فشرب النبي صلى الله عليه وسلم وعمر ناحية، فقال عمر: أعط أبا بكر، فناول الأعرابي وقال: «الأيمن فالأيمن» «1»
حديث صحيح أخرجاه في صحيحيهما.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي عبد الله محمد ابن الفضل بن أحمد الفراوي قال: أخبرنا الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل ابن عبد الرحمن الصابوني قال: أنشدني أبو العلاء التنوخي الأديب بمعرّة النعمان لنفسه:
محمود الله والمسعود خائفه ... فعدّ عن ذكر محمود ومسعود «2»
ملكان لو أنني خيرت ملكهما ... وعود صلب أشار العقل بالعود
القبر لا ريب منزول فما أربي ... إلي ارتفاع رفيع السمك مصعود
قوتي غناي وطمري ساتري وتقى ... مولاي كنزي وورد الموت موعودي
والنفس أمارة بالسوء ما اجترمت ... إلّا وسيىء طبعي قائل عودي
قال أبو عبد الله الفراوي: أنشدنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني لنفسه:
ما لي أرى الدهر لا يسمو بذي كرم ... ولا يجود بمعوان ومفضال
ولا أرى أحدا في الناس مشتريا ... حسن الثناء بأنعام وأفضال
ولا أرى أحدا في الناس مكتنزا ... ظهور أثنية أو مدح مقوال
صاروا سواسية في لومهم ... شرعا كأنما نسجوا فيه بمنوال
(98- ظ) قال أبو عثمان: ورأيت في بعض أجزائي مكتوبا:
طيب الزمان لمن خفّت مؤونته ... ولن يطيب لذي الأثقال والمؤن
فاستحسنته وأضفت إليه من قبلي:(4/1674)
هذا يزجي بيسر عمره طربا ... وذاك ينماث» في غم وفي حزن
فاجهد لتزهد في الدنيا وزينتها ... إن الحريص على الدنيا لفي محن
قال: وكنت قلت في باب ولدي أبي نصر عبد الله الخطيب رحمة الله ورضوانه عليه:
غاب وذكراه لم تغب أبدا ... وكان مثل السّواد في الحدقه
لو ردّه الله بعد غيبته ... جعلت مالي لشكره صدقه
فلم يرد الله سبحانه رده إلي، وقبض روحه في بعض ثغور أذربيجان متوجها إلى بيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيه محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، فصبرا لحكمه، ورضا بقضائه، وتسليما لأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين، وإلي الله جل جلاله الرغبة في التفضل عليه بالمغفرة والرضوان، والجمع بيننا وبينه في رياض الجنان بمنه وفضله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال:
حدثنا أبو الفرج بن أبي الحسين بن يوسف- من لفظه- قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن اسحاق بن موسى المخزومي بقرية سراك من نواحي نيسابور قال: حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي قال لما عزم شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني على الحج، فابتكر يوما وقد أسرجت الدواب، وزمت الركاب، وهيئت الأقتاب، وهو يبكي مودعا أهله وينشد هذه الأبيات:
ما كنت أعلم ما في البين من جزع ... حتى تنادوا بأن قد جىء بالسفن
قالت تودعني والدمع يغلبها ... كما يميل نسيم الريح بالغصن
وأعرضت ثم قالت وهي باكية: ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر قال: ومن ذلك- يعني شعر أبي عثمان- قوله: (99- و)(4/1675)
إذا لم أصب أموالكم ونوالكم ... ولم آمل المعروف منكم ولا البرا
وكنتم عبيدا للذي أنا عبده ... فمن أجل ماذا أتعب البدن الحرا
أخبرنا أبو يعقوب بن محمود الصوفي بالقاهرة عن أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد بن فضل الله أبي الخير الميهني الشيخي بثغر جنزة «1» يقول: سمعت أبي يقول: كان جدي الشيخ أبو سعيد فضل الله بن أبي الخير في آخر عمره يقعد على دكة من خشب، ولم يك يصعدها من علماء نيسابور إذا رأوه سوى ثلاثة أحدهم إسماعيل الصابوني.
هذا ما ذكره عبد الرحمن، وقال لي علي بن عيسى الواعظ النيسابوري المعروف بالعيار بمرند «2» وكان قد رأى الصابوني- الحكاية، وقال: سوى اسماعيل الصابوني، وأبي محمد الجويني، وأبي القاسم القشيري.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت بخط الإمام والدي رحمه الله:
سمعت أبا الحسن ظريف بن محمد الحيري يقول: دخلت مع والدي على شيخ الإسلام اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني فقال: كنا ثلاث وستين رجلا، من أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ، وهم المقدمون من أصحابه الذين كانوا يسمعون منه متى شاءوا من غير نوبة، وغيرهم كان لهم نوبة، فلم يبق من أولئك إلّا ثلاثة، يعني نفسه، والشيخ (99- ظ) أبا بكر محمد بن عبد العزيز الحيري والشيخ أحمد بن الحسين البيهقي.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني إذنا قال: أخبرنا أبو المظفر بن عبد الكريم القشيري في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ قال:
أخبرنا إمام المسلمين حقا، وشيخ الاسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بحكاية ذكرها «3» .
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أبي البناء بن الحسين الساوي الصوفي بالقاهرة(4/1676)
- قراءة عليه- قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: سمعت أبا علي الحسن بن عبيد الله بن سعادة الزريقي بسلماس «1» يقول: سمعت أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني- وقت وداعه الناس-: يا أهل سلماس لي هاهنا عندكم أشهر أعظ في كل يوم ولم أشرع إلّا في تفسير آية واحدة وما يتعلق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة لما تعرضت لغيرها، والحمد لله تعالى.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: حدثني أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد السلماسي الواعظ بدمشق قال: أخبرنا أبي أبو طاهر بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي الفقيه قال: حدثني أبو الحسين البغدادي قال: كان الشيخ الإمام أبو الطيب رضي الله عنه إذا حضر محفلا من محافل التهنئة أو التعزية، أو سائر ما لم يكن يعقد إلّا بحضوره فكان المفتتح به والمختتم، الرئيس بإجماع الموالف والمخالف المقدم، (100- و) أمر بإلقاء مسألة، وكانت المتفقهة لا يسألون غيره في مجلس حضره، فإذا تكلم عليها ووفى حق الكلام فيها وانتهى إلى آخرها، أمر أبا عثمان فترقل الكرسي، وتكلم على الناس على طريق التفسير والحقائق، ثم يدعو، ويقوم أبو الطيب فيفرق الناس. قال: وهو يومئذ في أوائل سنة. «2»
قال ابن كاكا: وحدثني أبو سعد يحيى بن الحسن الهروي الفقيه نزيل نيسابور عن الإمام أبي علي الحسن بن العباس قال: اتفق مشايخنا من أئمة الفريقيين وسائر من ينتمي الى علم التفسير والتذكير أن أبا عثمان كامل في آلاته مستحق للإمامة بصفاته، لم يترقل الكرسي في زمانه على ظرفه وبيانه وثقته وصدق لسانه.
قال ابن كاكا: وحدثني أبو طالب الحراني وكان قد أمضى في خدمة العلم طرفا صالحا من عمره بنيسابور وقرأ على أبي منصور البغدادي وأبي محمد الجويني(4/1677)
قال: توسطت مجالس أعيان الوقت أيام السلطان أبي القاسم «1» رحمه الله، فصادفتهم مجمعين على أن أبا عثمان إذا نطق بالتفسير قرطس في غرض الإجادة والإصابة، وإذا أخذ في التذكير والرقائق أجابته القلوب القاسية أحسن الإجابة، وإنه في علم الحديث علم بل عالم، وبسائر العلوم متحقق عالم.
قال: وحدثني الشيخ أبو منصور المقرئ الأسد أباذي وقد جمع في أسفاره بين بلاد المشرق والمغرب قال: كانوا يعدون بخراسان وأفنية العلم رحاب، ويد العدل تجاب (100- ظ) والعيش عذب مستطاب، في علوم التفسير رجلين: أبا جعفر فاخر السجستاني، والصابوني بخراسان لا يثلثهما فاضل ولا يدخل في حسابهما كامل.
قال أبو منصور: فأما اليوم فلا مثل لأبي عثمان في الموضعين.
قال: وحدثني أبو عبد الله الخوارزمي- شيخ تفقه ببغداد ووقع إلينا- قال: دخلت نيسابور عند اجتيازي إلى العراق لطلب العلم فرأيت أبا عثمان مائسا في حلة الشباب ولمته يومئذ كجناح الغداف «2» أو حنك الغراب، وشيوخ التفسير إذ ذاك متوافرون، كأبي سعد وأبي القاسم، وهو يعد على تقارب سننه صدرا وجيها وشيخا نبيها، له ما شئت من إكرام وإعظام وإجلال وافضال.
قال: وحدثني أبو شيبة مولى الهرويين قال: وفد أبو عثمان عن السلطان المعظم «3» الى الهند فلما صدر منها دخل هراة، وعقد المجلس أياما، وأبو زكريا- يعني- يحيى بن عمار في قيد الحياة قد انتهت اليه رئاسة الحنابلة في جميع الإقليم، فكان إذا فرغ من المجلس جاءه من جلس عنده وأبو زكريا يظهر السرور بمكانه، ويصرح أنه من حسنات قرانه.
قال: وحدثني أبو الفضل محمد بن شعيب النديم قال: كان مشايخنا الذين ينظم بقولهم عقد الإجماع يسلمون لأبي عثمان مقاليد الإمامة في علم التفسير(4/1678)
والحديث وما يتعلق بهما من الفنون أيام السلطان (101- و) المعظم والمراتب متنافس فيها.
قال: وحدثني أبو الوفاء الكرماني- وكان حميد الخليقه، سديد الطريقة، كثير الإقامة بنيسابور، وقد سمع بها الكثير، وعاشر الصدور- قال: لقيت المسان من الرواة ومن نبغ من الفقهاء العصريين بعدهم، فذكر من أولئك: الحيري، والطرازي، ومن هؤلاء: العمري والجويني وغيرهم من الأئمة الذين هم المعتمدون في أصول الفقه وفروعه، المدرسون لمفترق الشرع ومجموعه، فاذا نطقوا خرست الألسن هيبة وإجلالا، وإذا أفتوا همت الكواعب بأن تخر لتقبيل فتاويهم سراعا عجالا، أو نازلوا الخصم في المناظرة وقوة الكلام صاعا بصاع سجالا فأنزلوا به آجالا لا أو جالا.
قال: ويجاوبهم الى من يتحقق بعلم التنزيل أو التأويل ويطلع على خبايا التحقيق والتحصيل، فكانت آراؤهم على أن أبا عثمان منهم عين الاكليل وأنه:
يجلو القلوب بوعظه وكلامه ... كالثلج بالعسل المشوب لسانه
قال: وحدثني الحسين بن إبراهيم، مستملي المالكي، قال: ما زلت أسمع بالعراق من الشيوخ، ثم بديار بكر من القاضي أبي عبد الله المالكي أن الصابوني في الحفظ والتفسير وغيرهما ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال.
قال: وحدثني محمد بن عبد الله العامري الأسفرائيني الفقيه قال: أدركت آخر أيام الأئمة الذين كانوا أئمة الأرض دون خراسان كأبي اسحاق، وأبي منصور البغدادي وأبي بكر القفال (101- ظ) إمام الشفعوية في المشرق، وأبي زكريا يحيى بن عمار المفسر، وكان الناس يطلقون القول في مجالس النظر المعقودة عندهم أن أبا عثمان لا يدافع في كماله ولا ينازع في شيء من خصاله.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي بالديار المصرية قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الحافظ قال: سمعت أبا نصر أحمد بن سعد بن أبي صابر الطريثيثي- وكان من شيوخ الصوفية بوراوي من مدن(4/1679)
أذربيجان- يقول: كان أبو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الحافظ بهراة يقول: لم أر في أئمة العلم أقل حسدا من اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بنيسابور.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في تعليق له: سمعت الموهبي أبا الحسن مكي بن أبي طالب البروجردي بهمذان يقول: سمعت أبا القاسم عبد الله بن علي بن اسحاق الطوسي بنيسابور يقول: كنا نقرأ على اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني جزءا، فلما بقي منه قدر قريب قام وتوضأ ورجع وقال: شككت في الوضوء فلم أر لي أن أكون شاكا في وضوئي ويقرأ عليّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي قال: اسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عائذ الأستاذ الإمام، شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني، الخطيب المفسر، المحدث، الواعظ، أوحد وقته في طريقته، وعظ المسلمين في مجالس التذكير سبعين سنة، وخطب وصلى في الجامع نحوا من عشرين سنة، وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعا وحفظا ونشرا لمسموعاته، وتصنيفا وجمعا، وتحريضا على السماع، وإقامة لمجالس الحديث، سمع الحديث بنيسابور، وذكر بعض شيوخه، وبسرخس، وبهراة، وسمع بالشام والحجاز والجبال وغيرها من (102- و) البلاد، وحدث بخراسان الى غزنة وبلاد الهند، وبجرجان، وآمل، وطبرستان، والثغور، وبالشام وبيت المقدس، والحجاز.
وأكثر الناس السماع منه، ورزق العز والجاه في الدين والدنيا، وكان جمالا للبلد، زينا للمحافل والمجالس، مقبولا عند الموافق والمخالف، مجمعا على أنه عديم النظر، وسيف السنة ودافع أهل البدعة، وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به لأجل التعصب والمذهب، وقتل وهذا الإمام صبي بعد، حول تسع سنين، وأقعد بمجلس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئمة الوقت مجالسه، وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في تربيته وتهيئة أسبابه، وكان يحضر مجالسه(4/1680)
ويثني عليه، وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ أبي اسحاق الأسفرائيني، والاستاذ الإمام أبي بكر بن فورك، وسائر الأئمة، ويتعجبون من كمال ذكائه وعقله وحسن إيراده الكلام، وحفظه للأحاديث حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال، ولم يزل يرتفع شأنه حتى صار الى ما صار إليه وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات ووظائف الطاعات، مبالغ في العفاف والسداد وصيانة النفس، ومعروف بحسن الصلاة وطول القنوات واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل، وكان محترما للحديث.
قرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين أنه قال: ما رويت خبرا ولا أثرا في المجلس إلّا وعندي إسناده، وما (102- ظ) دخلت بيت الكتب قط إلّا على الطهارة، وما رويت الحديث ولا عقدت المجلس، ولا قعدت للتدريس قط إلّا على الطهارة.
قال السكري: ورأيت كتاب الاستاذ الإمام أبي اسحاق الأسفرائيني إليه كتبه بخطه وخاطبه بالاستاذ الجليل سيف السنة، وفي كتاب آخر غيظ أهل الزيغ.
وحكى الاستاذ أبو القاسم الصيرفي المتكلم أن الإمام أبا بكر بن فورك رجع عن مجلسه يوما فقال: تعجبت اليوم من كلام هذا الشاب، تكلم بكلام عذب بالعربية والفارسية.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن في روايته عنه قال:
أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: اسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عائذ، أبو عثمان الصابوني النيسابوري الحافظ الواعظ، قدم دمشق حاجا سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وحدث بها، وعقد مجلس التذكير، وروى عن أبي طاهر بن خزيمة، وأبي علي زاهر بن أحمد السرخسي الفقيه، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي العباس أحمد بن محمد بن اسحاق البالوي، وأبي محمد الحسن بن أحمد المخلدي، وأبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، وأبي سعيد محمد بن الحسين بن موسى السمسار، وأبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، وأبي بكر أحمد بن(4/1681)
الحسين بن مهران المقرئ، وأبي معاذ الشاه بن أحمد الهروي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن الرومي، وأبي الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي (103- و) والسيد أبي الحسن محمد بن الحسين بن داود الحسني، وأبي الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وأبي منصور محمد بن عبد الله بن جمشاد الواعظ، والحاكم أبي عبد الله الحافظ، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي محمد بن أبي شريح، وخلق سواهم.
وروى عنه من أهل دمشق أبو الحسن: علي بن محمد شجاع الربعي، وعلي ابن الخضر السلمي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو العباس بن قبيس ومحمد بن علي بن أحمد بن المبارك الفراء، وأبو الحسن علي بن الحسين بن صصرى، ونجا بن أحمد العطار، وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل الدمشقيون، ومن غيرهم: أبو الحسن علي بن عبد الله النيسابوري الواعظ نزيل أصبهان، وأبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي النيسابوري، وأبو علي الحسين بن أحمد بن عبد الواحد الصوري وجماعة كثيرة من أهل نيسابور وغيرهم.
وحدثنا عنه: أبو عبد الله الفراوي.
قال الحافظ أبو القاسم أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني بقراءتي قال:
حدثني الحسن بن سعيد العطار قال: سمعت من أبي عثمان الصابوني جميع كتاب الموطأ رواية أبي مصعب عن مالك، ثم ورد كتابه الى دمشق يذكر فيه أن بعضه ليس بسماع له من شيخه، فذكرت ذلك للشيخ الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن أحمد فقال: إليّ ورد كتابه من نيسابور يذكر فيه أن كتاب القراض والفرائض من الموطأ غير مسموعين له، ووعدني باخراج الكتاب، وذكر لي بعد ذلك أنه لا يعلم أين تركه، ولم يزل يزجي الأمر رحمه الله الى أن توفي (103- ظ) .
قال: وحدثني الشيخ الفقيه الثقه أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الغساني قال: أراني أبو محمد عبد العزيز أحمد الكتاني الصوفي في نصف جمادى الأولى من سنة تسع وثلاثين وأربعمائة كتاب الإمام أبي عثمان الصابوني إليه يذكر فيه أن كتاب القراض والفرائض من الموطأ رواية أبي مصعب الزهري غير مسموعين(4/1682)
له ولا لشيخه زاهر بن أحمد، وبقية الموطأ سماعه من زاهر، فليعلم الجماعة بذلك ليعلموه ولا يرووا عنه من الموطأ هذين الكتابين، فإنهما غير مسموعين له ولا لشيخه زاهر.
قال الحافظ أبو القاسم: أنشدنا أبوا جعفر: محمد بن الحسين بن أبي القاسم ابن الحسين الجالوسي، ومحمد بن الخليل بن أبي بكر بن أبي جعفر السلال الطبريان بمرو وقالا: أنشدنا أبو علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي إملاء قال: أنشدني والدي لنفسه من قصيدة أنشأها في مدح شيخ الاسلام ويهنيه بالقدوم من الحج.
من أبر شهر «1» الآن إذ هبت بها ... ريح السعادة بكرة وأصيلا
بقدوم من أضحى فريد زمانه ... أعني أبا عثمان اسماعيلا
فعدلا وعقلا واشتهار صيانة ... وعلو شان في الورى وقبولا
من شاء أن يلقى الكمال بأسره ... خدم احتسابا ربعه المأهولا
لا زال ركنا للمفاخر والعلى ... ما لاح نجم للسراة دليلا
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البار قال: أخبرنا (104- و) أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الحاكم بهراة قال:
سنة تسع وأربعين وأربعمائة وورد الخبر بوفاة الإمام شيخ الإسلام اسماعيل الصابوني بنيسابور في المحرم، وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وكان أول مجلس عقده بنيسابور بعد قتل والده أبي نصر في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وسمعته يقول: هراة وسجستان مجمع الأسرة، وبوشنج «2» مقطع السرة، ونيسابور موضع النصرة.
وذكر غير الكتبي أن مولده ببوشنج ليلة الاثنين للنصف من جمادى الآخرة.
قال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو الحسن الفارسي قال: حكى الأثبات والثقات أنه كان يعقد المجلس، وكان يعظ الناس ويبالغ فيه إذ دفع إليه كتاب ورد(4/1683)
من بخارى، يشتمل على ذكر وباء عظيم وقع بها، واستدعى فيه أغنياء المسلمين بالدعاء على رؤوس الملأ في كشف ذلك البلاء عنهم ووصف فيه أن واحدا تقدم الى خباز يشتري الخبز فدفع الدراهم الى صاحب الحانوت، فكان يزنها والخباز يخبز والمشتري واقف، فمات الثلاثة في الحال، واشتد الأمر على عامة الناس، فلما قرأ الكتاب هاله ذلك، واستقرأ من القارئ قوله تعالى: «أفأ من الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض «1» » ونظائرها، وبالغ في التخويف والتحذير، وأثر ذلك فيه، وتغير في الحال، وغلبه وجع البطن من ساعته، وأنزل من المنبر وكان يصيح من الوجع، وحمل الى الحمام الى قريب من غروب الشمس، فكان يتقلب ظهرا (104- ظ) لبطن ويصيح ويأن، فلم يسكن ما به، فحمل الى بيته وبقي فيه سبعة أيام لم ينفعه علاج، فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار سكره الموت فودع أولاده، وأوصاهم بالخير، ونهاهم عن لطم الخد وشق الجيوب والنياحة، ورفع الصوت بالبكاء، ثم دعا بالمقرىء أبي عبد الله خاصته حتى قرأ سورة يس وتغير حاله، وطاب وقته، وكان يعالج سكرات الموت الى أن قرأ اسناد ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة «2» » ثم توفي رحمه الله من ساعته عصر يوم الخميس، وحملت جنازته من الغد عصر يوم الجمعة- الى ميدان الحسين- الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة، واجتمع من الخلائق ما الله أعلم بعددهم، وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى، ثم نقل الى مشهد أبيه في سكة حرب، وكان مولدة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وكان وقت وفاته طاعنا في سبع وسبعين.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا القاضي أبو علي الحسن بن أبي طاهر الحنبلي قال: توفي الأستاذ أبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله في سنة خمسين وأربعمائة.
قال عبد العزيز: وكان شيخا ما رأيت في معناه زهدا وعلما، كان يحفظ من(4/1684)
(105- و) كل فن، لا يقعد به شيء، وكان يحفظ القرآن وتفسيره من كتب كثيرة، وكان من حفاظ الحديث وكان مقدما في الوعظ والأدب وغير ذلك من العلوم.
قال ابن الأكفاني: ثم حدثني أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدهستاني- قدم علينا- قال: حضرت وفاة أبي عثمان بنيسابور لأربع ليال مضت من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وصلى عليه ابنه أبو بكر.
قال الحافظ أبو القاسم: وهذا هو الصحيح في وفاته، وقال: سمعت أبا أحمد معمر بن عبد الواحد بن رجاء بن الفاخر بجرباذقان «1» قال: سمعت أبا محمد عبد الرشيد بن ناصر الواعظ ببطحاء مكة من لفظه قال: سمعت اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي بنيسابور قال: سمعت الإمام أبا المعالي الجويني قال: كنت بمكة أتردد في المذاهب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: عليك باعتقاد ابن الصابوني.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل قال: ومن أحسن ما قيل فيه ما كتبت بهراة للإمام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي البوشنجي:
أودى الإمام الحبر اسماعيل ... لهفي عليه فليس منه بديل
بكت السما والأرض يوم وفاته ... وبكى عليه الوحي والتنزيل
والشمس والقمر المنير تناوحا ... حزنا عليه وللنجوم عويل (105- ظ)
والأرض خاشعة تبكي شجوها ... ويلي تولول أين اسماعيل
أين الإمام الفرد في آدابه ... ما إن له في العالمين عديل
لا تخد عنك منى الحياة فإنها ... تلهي وتنسي والمنى تضليل
وتأهبن للموت قبل نزوله ... فالموت حتم والبقاء قليل
قال عبد الغافر: وحكى بعض الصالحين أنه رأى أبا بكر بن أبي نصر المفسر(4/1685)
المقبري الحنفي جالسا على كرسي وبيده جزء يقرأه، فسأله عما فيه فقال: إذا احتاج الملائكة الى الحج وزيارة بيت الله العتيق جاءوا الى زيارة قبر اسماعيل الصابوني.
قال عبد الغافر: وقرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن السيد أبي إبراهيم بن أبي الحسن بن ظفر الحسيني أنه قال: رأيت في النوم السيد النقيب أبا القاسم زيد بن الحسن بن محمد بن الحسين رحمه الله وبين يديه طبق من الجواهر ما شاء الله، فسألته فقال: أتحفت بهذا مما نثر على روح اسماعيل الصابوني.
قال: وحكى المقري محمد بن عبد الحميد الأبيوردي، الرجل الصالح، عن الإمام فخر الإسلام أبي المعالي الجويني أنه رأى في المنام كأنه قيل له: عدّ عقائد أهل الحق، قال: فكنت أذكرها إذ سمعت نداء، كان مفهومي منه أني أسمعه من الحق تبارك وتعالى يقول: «ألم تقل إن ابن الصابوني رجل مسلم» ؟!
قال: وقرأت (106- و) أيضا من خط السكري حكاية رؤيا رآها الشيخ أبو العباس الشقاني، رأى الحق سبحانه، وأنه قال: وأما ابن ذلك المظلوم فإن له عندنا قربى ونعمى وزلفى في منام طويل «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بحماة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الأصبهاني قال: قال لي الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني المعدّل بدمشق: هذه نسخة وصية الأستاذ الامام شيخ الاسلام أبي عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمة الله عليه ورضوانه وقعت إلي من جهة أعتمد عليها.
قال الحافظ أبو طاهر: وقد أجاز اسماعيل لنسيبي أبي الطيب الطهراني، وهو قد أجاز لي قبل رحلتي ودخولي الى دمشق واجتماعي بابن الأكفاني، وآخرون سوى نسيبي رحمهم الله قال: هذا ما أوصى به اسماعيل بن عبد الرحمن بن اسماعيل أبو عثمان الصابوني الواعظ غير المتعظ، الموقظ غير المستيقظ، الآمر غير المؤتمر، الزاجر غير المتزجر، المعلم، المعرف، المنذر، المخوف، المخلط،(4/1686)
المفرط، المسرف، المقترف للسيئات، المعترف، الواثق مع ذلك برحمة الله سبحانه، الراجي لمغفرته، المحب لرسوله صلى الله عليه وسلم تسليما وشيعته، الداعي للناس الى التمسك بسنته وشريعته، أوصى وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها (106- ظ) واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا، الأول الآخر، الظاهر، الباطن، الحي القيوم، الباقي بعد فناء خلقه، المطلع على عباده، العالم بخفيات الغيوب. الخبير بضمائر القلوب، المبدي، المعيد، «الغفور، الودود. ذو العرش المجيد» «1» ، الفعال لما يريد «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» «2» ، هو مولانا «فنعم المولى ونعم النصير» «3» ، يشهد بذلك كله مع الشاهدين، مقرأ بلسانه عن صحة واعتقاد وصدق يقين، ويتحملها عن المنكرين الجاحدين، وبعدها ليوم الدين، «يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم» «4» ، «يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، الا من رحم الله انه هو العزيز الرحيم «5» ، ويشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله «بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون» «6» ، ويشهد أن الجنة وجملة ما أعد الله تبارك وتعالى فيها لأوليائه حق، ويسأل مولاه الكريم جل جلاله أن يجعلها مأواه ومثواه، فضلا منه وكرما، ويشهد أن النار، وما أعده الله فيها لأعدائه حق، ويسأل مولاه الكريم أن يجيره منها ويزحزحه عنها، ويجعله من الفائزين الذين قال الله عز وجل: «فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» «7» ، ويشهد أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمر، وهو من المسلمين «8» ، والحمد لله رب العالمين، وأنه رضي بالله ربا وبالإسلام دينا،(4/1687)
وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، على ذلك يحيا (107- و) وعليه يموت إن شاء الله عز وجل، ويشهد أن الملائكة حق، والنبيين حق، «وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور» «1» ، ويشهد أن الله سبحانه وتعالى قدر الخير وأمر به ورضيه وأحبه، وأراد كونه من فاعله، ووعد حسن الثواب على فعله، وقدر الشر وزجر عنه ولم يرضه، ولم يحبه وأراد كونه من مرتكبه غير راض به ولا محب له تعالى ربنا عما يقول الظالمون علوا كبير «2» ، وتقدس عن أن يأمر بالمعصية أو يحبها أو يرضاها، وجل أن يقدر العبد على فعل شيء لم يقدره عليه، أو يحدث من العبد ما لا يريده ولا يشاؤه، ويشهد أن القرآن كتاب الله وكلامه، ووحيه وتنزيله، غير مخلوق، وهو الذي في المصاحف مكتوب، والألسنة مقروء، وفي الصدور محفوظ، وبالآذان مسموع، قال الله تعالى: «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله» «3» وقال: «بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم» «4» وقال: «ان الذين يتلون كتاب الله» «5» وقال: «ان هو إلا ذكر وقرآن مبين» «6» ، ويشهد أن الإيمان تصديق بالقلب بما أمر الله أن يصدق به، وإقرار باللسان بما أمر الله أن يقرّ به، وعمل بالجوارح بما أمر الله أن يعمل به، وانزجار عما زجر عنه، من كسب قلب، وقول لسان، وعمل جوارح وأركان، ويشهد أن الله سبحانه وتعالى مستو على عرشه استواء غلبة كما بينه في كتابه في قوله تعالى: إن ربكم «الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا» «7» في آيات أخر، والرسول صلوات الله عليه وسلم تسليما ذكر فيمل نقل (107- ظ) عنه من غير أن يكيّف استواءه عليه، أو يجعل لفعله وفهمه أو وهمه سبيلا الى إثبات كيفيّة، إذ الكيفيّة عن صفات ربنا منفية.(4/1688)
قال إمام المسلمين في عصره أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه في جواب من سأله عن كيفية الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك زنديقا، أخرجوه من المسجد.
ويشهد أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفاته العلى التي وصف نفسه بها في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، لا ينفي شيئا منها، ولا يعتقد شبها لها بصفات خلقه بل يقول: إن صفاته لا تشبه صفات المربوبين، كما لا تشبه ذاته ذوات المحدثين، تعالى الله عما تقول المعطلة والمشبهة علوا كبيرا، ونسلك في الآيات التي وردت في ذكر صفات الباري جل جلاله، والأخبار التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بابها، كآيات مجيء الرب يوم القيامة، وإتيان الله في ظلل من الغمام، وخلق آدم بيده، واستوائه على عرشه، وكأخبار نزوله كل ليلة الى السماء الدنيا، والضحك والنجوى، ووضع الكنف «1» على من يناجيه يوم القيامة وغيرها مسلك السلف الصالحين، وأئمة الدين من قبولها وروايتها على وجهها بعد صحة سندها، وإبرازها على ظاهرها والتصديق بها، والتسليم لها، واتقاء اعتقاد التكييف والتشبيه فيها، واجتناب ما يودي الى القول بردها، وترك قبولها أو تحريفها بتأويل مستنكر مستكره، ولم ينزل الله به سلطانا، ولم يجر به للصحابة والتابعين والسلف الصالحين لسانا (108- و) وينهى في الجملة عن الخوض في الكلام والتعمق فيه، والاشتغال بما كره السلف رحمهم الله الاشتغال به ونهوا وزجروا عنه، فإن الجدال فيه والتعمق في دقائقه والتخبط في ظلماته كل ذلك يفسد القلب، ويسقط منه هيبة الرب جل جلاله، ويوقع الشبة الكثيرة فيه، ويسلب البركة في الحال، ويهدي الى الباطل والمحال والخصومة في الدين والجدال، وكثرة القيل والقال في الرب ذي الجلال الكبير المتعال، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا «2» ، والحمد لله على ما هدانا من دينه وسنة نبيه صلوات الله عليه حمدا كثيرا، ويشهد أن القيامة حق، وكل ما ورد به الكتاب أو الأخبار الصحاح من أشراطها وأهوالها ما وعدنا وأوعدنا به(4/1689)
فيها حق نؤمن به، ويصدّق الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عنه كالحوض، والميزان، والصراط، وقراءة الكتب، والحساب، والسؤال والعرض، والوقوف، والصدر عن الحشر الى جنة أو نار مع الشفاعة الموعودة لأهل التوحيد، وغير ذلك مما هو مبين في الكتاب، ومدون في الكتب الجامعة لصحاح الأخبار، يشهد بذلك كله في الشاهدين، ويستعين بالله تبارك وتعالى في الثبات على الشهادات الى الممات حتى يتوفى عليها في جملة المسلمين المؤمنين الموقنين الموحدين، ويشهد أن الله تعالى يمن على أوليائه بوجوه «ناضرة. الى ربها ناظرة» »
، ويرونه عيانا في دار البقاء، لا يضارون في رؤيته ولا يمارون ولا يضامون.
ويسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل وجهه من تلك الوجوه. ويقيه كل بلاء وسوء (108) ومكروه، ويلقيه كل ما يأمله من فضله ويرجوه بيمنه، ويشهد أن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، ويترحم على جميع الصحابة ويتولاهم ويستغفر لهم، وكذلك ذريته وأزواجه أمهات المؤمنين، ويسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله معهم، ويرجو أن يفعله به فإنه قد صح عنده من طرق شتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المرء مع من أحب» «2» .
ويوصي الى كل من يخلفه من ولد، وأخ، وأهل، وقريب، وصديق، وجميع من يقبل وصيته من المسلمين عامة أن يشهدوا بجميع ما شهد به، وأن يتقوا الله حق تقاته ولا يموتوا إلا وهم مسلمون «3» «ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» «4» .
ويوصيهم بصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والإحسان الى الجيران(4/1690)
والأقارب والإخوان، ومعرفة حق الأكابر، والرحمة على الأصاغر، ويناهم عن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد ويأمرهم أن يكونوا اخوانا، وعلى الخيرات أعوانا وأن يعتصموا «بحبل الله جميعا» «1» ولا يتفرقوا، ويتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه علماء الأمة وأئمة الملة، كمالك بن أنس، والشافعي، وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، واسحاق بن ابراهيم، ويحيى بن يحيى، وغيرهم من أئمة المسلمين وعلماء الدين رضي الله عنهم أجمعين، وجمع بيننا وبينهم في ظل طوبى ومستراح العابدين.
أوصى بهذا كله اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الى أولاده وأهله وأصحابه ومختلفة مجالسه وأوصى أنه إذا نزلت به المنية التي لا شك أنها نازلة، والله يسأل خير ذلك اليوم الذي تنزل (109- و) المنية به فيه، وخير تلك الليلة التي تنزل به فيها، وخير تلك الساعة وخير ما قبلها وخير ما بعدها- أن يلبس لباسا حسنا طيبا، طاهرا نقيا، وتوضع على رأسه العمامة التي كان يشدها في حال الحياة وضعا على الهيئة التي كان يضعها على رأسه أيام حياته، ويوضع الرداء على عاتقيه ويضجع مستلقيا على قفاه موجها للقبلة، ويجلس أولاده عند رأسه، ويضعوا المصاحف على حجورهم، ويقرءوا القرآن جهرا، وحرج عليهم أن يمكنوا امرأة لاقرلة بينه وبينها ولا نسب ولا سبب من طريق الزوجية تقرب من مضجعه في تلك الساعة، أو تدخل بيتا يكون فيه، وكذلك يحرّج عليهم أن يأذنوا لأحد من الرجال في الدخول عليه في تلك الساعة، بل يأمرون الأخ والأختان وغيرهم أن يجلسوا في المدرسة، ولا يدخلوا الدار، ويساعدوا الأصحاب في قراءة القرآن، وإمداده بالدعاء، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهون عليه سكرات الموت، ويسهل له اقتحام عقبة الموت على الاسلام والسنة في سلامة وعافية.
وأوصى إذا قضى نحبه وأجاب ربه، وفارقت روحه جسده أن يشد ذقنه، وتغمض عينه، وتمد أعضاده، ويسجى بثوب، ولا يكشف عن وجهه لينظر(4/1691)
إليه الى أن يأتيه غاسله فيحمله الى مغتسله جعل الله ذلك الحمل مباركا عليه، ونظر بعين الرحمة اليه، وغفر ما قدمه من الأعمال السيئة بين يديه.
وأوصى أن لا يناح عليه، وأن يمنع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وجميع الناس من الرجال والنساء أنفسهم عن السلق (109- ظ) والحلق، والتخريق للثياب والتمزيق، وأن لا يبكوا عليه إلا بكاء حزن قلب ودموع عين لا يقدرون على ردها ودفعها، فأما دعاء بويل ورن شيطان، وخمش وجوه ولطمها، وحلق شعر وتنفه، وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فلا، وهو بريء ممن فعل شيئا- ذلك كما توفي النبي صلى الله عليه وسلم- منهم.
وأوصى أن يعجل تجهيزه وغسله وتكفينه وحمله الى حفرته، ولا يحبس ولا يبطأ به، وإن مات ضحوة النهار، أو وقت الزوال، أو بكرة، فإنه لا يؤخر تجهيزه الى الغد، ولا يترك ميتا بين أهله بالليل أصلا، بل يعجل أمره فينقل الى حفرته نقلا بعد أن يغسل وترا، ويجعل في آخر غسلة من غسلاته كافور، ويلف في ثلاثة أثواب بيض سحولية «1» إن وجدت، فإن لم توجد سحولية كفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، ويجمر كفنه وترا لا شفعا قبل أن يلف عليه، ويسرع بالسير بجنازته، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحمل للصلاة عليه الى ميدان الحسين ويصلي عليه ولده أبو نصر ان كان حاضرا، فان عجز عن القيام بالصلاة عليه فأمر الصلاة عليه الى أخيه أبي يعلى، ثم يرد الى المدرسة فيدفن فيها بين يدي والده الشهيد رضي الله عنه، ويلحد له لحدا، وينصب عليه اللّبن نصبا، ولا يشق له شقا، ولا يتخذ له تابوت أصلا، ولا يوضع في التابوت للحمل الى المصلى، وليوضع على الجنازة، ملفوفا في الكفن مسجى بثوب أبيض ليس فيه ابريسم بحال، ولا يطين قبره ولا يجصص، ويرش عليه الماء، وتوضع عليه الحصا، ويمكث عند قبره مقدار ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى يعلم ما يراجع (110- و) به رسل ربه جل جلاله، ويسأل الله تعالى على رأس قبره التثبيت الموعود لجملة المؤمنين في قوله تعالى «يثبت الله الذين آمنوا(4/1692)
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة» «1» ويستغفر له ولوالديه، ولجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، ولا ينسى بل يذكر بالدعاء، فإن المؤمن إذا قبض كان كالغريق المتغوث ينتظر دعوة صالحة تلحقه، ولا يمكن أحد من الجواري والنسوان أن يكشفن عن رؤوسهن، وأن يندبنه في ذلك الوقت، بل يشتغل الكل بالدعاء والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يهون عليه الأمر في ذلك الوقت، وييسر خروج منكر ونكير من قبره على الرضا منه، وينصرفان عنه وقد قالا له: نم نومة العروس ولا روعة عليك، ويفتحان في قبره بابا من الجنة «فضلا من الله» «2» ومنّة فيفوز «فوزا عظيما» «3» ، ويجوز ثوابا كريما، ويلقى روحا وريحانا «4» ، وربّا كريما رحيما.
آخر الجزء الثمانين، ويتلوه في أول الجزء الحادي والثمانين اسماعيل بن عبد المجيد بن اسماعيل بن محمد، أبو سعد القيسي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه المصطفى، وعلى آله الطاهرين، وصحبه الأكرمين وسلم. (110- ظ) ***(4/1693)
اسماعيل بن عبد المجيد بن اسماعيل بن محمد،
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أبو سعد القيسي، درّس الفقه بمدينة سيواس من بلد الروم، واجتاز بحلب في دخوله الى الروم، أو ببعض عملها من الثغور، وكان فقيها فاضلا، أخذ الفقه عن أبيه عبد المجيد.
اسماعيل بن عبيد الله بن أفرم:
أبي المهاجر، أبو عبد الحميد، مولاهم، غزا الصائفة غير مرة، ومرّ بحلب، واستعمله عمر بن عبد العزيز على افريقية من بلاد المغرب، وأدرك معاوية بن أبي سفيان، وكان يؤدب أولاد عبد الملك بن مروان، وحدث عن أنس بن مالك، وفضالة ابن عبيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والسائب بن يزيد، والحارث بن الحارث الغامدي، وعبد الرحمن بن غنم، وعطية بن عروة السعدي، وقبيصة بن ذؤيب، وعلي بن عبد الله بن عباس، وأبي عبد الله الأشعري، وخالد بن عبد الله بن حسين، وعبد الملك بن مروان، وقيس بن الحارث الكندي، وعطاء بن يزيد الليثي، وأم الدرداء الصغرى، وكريمة بنت الحسحاس، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم وميسرة مولى فضالة.
روى عنه أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، وابنه عبد العزيز بن اسماعيل بن عبيد الله، وسعيد بن عبد العزيز، وربيعة ابن يزيد الدمشقي، والهيثم بن عمران العبسي، ومحمد بن (112- و) مهاجر، ومحمد بن الحجاج القرشي، وأبو محمد عيسى بن موسى القرشي، ومنصور بن رجاء، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعمرو بن واقد، وعبد ربه بن(4/1695)
ميمون الأشعري، وعبد الرزاق بن عمر الثقفي، ومدرك بن أبي سعد الفزاري، وكلثوم بن زياد المحاربي، وأبو المقدام رجاء بن أبي سلمة، ومحمد بن سعيد المصلوب، ومنصور بن رجاء.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السّلفي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد السوذرجاني قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ابن أحمد قال: حدثنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا الحسن بن جرير الصوري قال: حدثنا يحيى بن عبد العزيز بن اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن اسماعيل بن عبيد الله قال: قال لي عبد الملك: يا اسماعيل أدّب ولدي فإني معطيك، قلت: وكيف بذلك يا أمير المؤمنين وقد حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يأخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله قوسا من نار» «1» .
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل- إذنا، واجتمعت به في دارنا بحلب في مجلس والدي- قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني.
قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله بن (112- ظ) عبد العزيز التنوخي عن اسماعيل ابن عبيد الله- وكان ثبتا- عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ستر فاحشة فكأنما أحيا موؤدة» . «2»
قال جابر بن عبد الله: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تمام: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام قال: حدثنا أبو زرعة قال: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم(4/1696)
ابن علي بن القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة الرابعة اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ولاه عمر بن عبد العزيز افريقية، وقال ابنه عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل بن أبي المهاجر: هو مولى الأرقم بن الأرقم، دمشقي، ولده بها، مخزومي.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال:
أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العز ثابت بن منصور بن المبارك قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسين- زاد الأنماطي: وأبو الفضل بن خيرون- قالا: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن (113- و) اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الطبقة الثالثة من أهل الشامات: اسماعيل بن عبيد الله بن مهاجر، مولى لقريش، دمشقي «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله البغدادي عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن عبد الجبار، ومحمد بن علي النرسي- أبو الغنائم واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: اسماعيل بن عبيد الله ابن أبي المهاجر الشامي مولى بني مخزوم، سمع السائب بن يزيد، وأم الدرداء؛ سمع منه سعيد بن عبد العزيز.
قال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن اسماعيل بن عبيد الله المخزومي: قال له رجاء بن حيوة: يا أبا عبد الحميد «2» .
قال ابن ناصر: أنبأنا أبو الفضل بن الحكّاك قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي(4/1697)
قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد بن شعيب قال:
قال أبي أبو عبد الرحمن النّسائي: أبو عبد الحميد اسماعيل بن عبيد الله.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر الشّقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم ابن الحجاج يقول: أبو عبد الحميد اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، سمع السائب بن يزيد، وأم الدرداء؛ روى عنه سعيد بن عبد العزيز «1» .
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو (113- ظ) محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني هشام عن الهيثم بن عمران عن الأوزاعي قال:
قدم علينا اسماعيل بن عبيد الله بيروت مرابطا زمن مروان، قال: فقال لي: لعلك منهم؟ يعني قدريا، قلت: لا يا أبا عبد الحميد «2» .
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- قالا:
أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، مولى بني مخزوم، روى عن السائب بن يزيد، وأم الدرداء، روى عنه الأوزاعي، وسعيد ابن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك؛ زاد أبو زرعة: واسم أبي المهاجر أقرم، يعد في الدمشقين؛ زاد أبي: وكان مؤدبا لعبد الملك بن «3» مروان، وكان عمر بن عبد العزيز استعمله على افريقية، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك، والحارث بن الحارث الغامدي، وعطية السعدي، وأدرك معاوية.(4/1698)
قال أبو محمد: روى عن علي بن عبد الله بن عباس، روى عنه ربيعة بن يزيد الدمشقي.
قال أبو محمد: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل قال: حدثنا أيوب بن تميم القارئ عن الأوزاعي أنه كان إذا حدث عن اسماعيل بن عبيد الله قال: وكان مأمونا على ما حدث.
قال أبو محمد: وحدثنا أبي أبو حاتم قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل قال: حدثنا أبو مسلمة قال: كان سعيد بن عبد العزيز (114- و) إذا حدث عن اسماعيل بن عبيد الله قال: وكان ثقة صدوقا.
وقال أبو القاسم بن أبي محمد: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن أبي تمام علي بن محمد بن الحسن عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا الهيثم بن عمران بن عبد الله بن جرول قال: رأيت اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، وكان من صالحي المسلمين يخضب رأسه ولحيته.
وقال أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: سمعت الدارقطني يقول:
اسماعيل هذا ثقة.
قال أبو القاسم: أنبأنا أبو علي الحداد عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن عمر بن يزيد الصفّار قال: حدثنا جدي أبو بكر عبد الله بن أحمد بن القاسم، ح.
قال: وأنبأنا أبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن شاذان الأعرج قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد المقرئ قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه قال: حدثنا محمد بن يعقوب بن حبيب قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل قال: حدثنا الوليد(4/1699)
ابن مسلم قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: أشرفت أم الدرداء على وادي جهنم ومعها اسماعيل بن عبيد الله فقالت: يا اسماعيل اقرأ، فقرأ: «أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فو رب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون» «1» (114- ظ) فخرّت على وجهها وخرّ اسماعيل على وجهه، فما رفعا رؤوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من دموعهما «2» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن لي أن أرويه عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا ضمرة عن رجاء قال: سمعت معنا التنوخي يقول: ما رأيت في هذه الأمة زاهدا غير اثنين: عمر بن عبد العزيز واسماعيل بن عبيد الله المخزومي، وكان خالا لهشام بن عبد الملك، فقال رجاء: كان اسماعيل بن عبيد الله إذا قفل من الصائفة افترش براذعه وكان هو وأم ولده ودوابه في بيت واحد، دوابه في ناحية، وهو وأم ولده في ناحية، قال: وكان يقول: لو أنّ هذا الجدار يفجر عن قدير ما أذعت به، يعني القدير الطبيخ.
قال ضمرة: وسمعت من يذكر عن اسماعيل بن عبيد الله أنه قدّم الى رجل زبيبا فجعل يأكل ويطرح حبه، فقال له: إن كنت شبعت فاتركه.
قال عبد الله بن جعفر: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد قال: كنا نجلس بالغدوات مع يزيد بن أبي مالك، وسليمان بن موسى، وبعد الظهر مع اسماعيل بن عبيد الله، وربيعة بن يزيد، وبعد العصر مع مكحول.
أخبرنا أبو حفص إذنا عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن (115- و) الحسين قال: أخبرنا عبد الله(4/1700)
ابن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وروى الأوزاعي عن اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، مخزومي، شامي، ثقة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي- إذنا- قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي كتابة قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال:
قال أبي: كان اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر من موالي بني مخزوم، وهو أدب سعيدا ويزيد ومسلمة بني عبد الملك، والعباس بن الوليد، وهو ممن يرضى به في الحديث.
وقال أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر ومحمد بن الحسن، وأحمد بن محمد العتيقي قالوا: أخبرنا الوليد ابن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا صالح بن أحمد العجلي قال: حدثني أبي قال: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، شامي، تابعي، ثقة.
أخبرنا أبو القاسم القاضي إذنا عن أبي بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: سمعت العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى يقول:
اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر كان معلما.
وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال:
أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل قال: أخبرنا (115- ظ) أبي قال: قال يحيى ابن معين: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر مولى بني مخزوم، معلم.
أنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي محمد طاهر بن سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق قال: أخبرنا أبو بكر النجاد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا(4/1701)
الهيثم بن عمران قال: سمعت اسماعيل بن عبيد الله يقول: ينبغي لنا أن نحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفظ القرآن لأن الله يقول: «وما أتاكم الرسول فخذوه» «1» .
أنبأنا أبو القاسم عن أبي الحسن الفقيه قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم وأبو محمد بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: أخبرنا أبو علي بن منير قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خريم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا الهيثم ابن عمران قال: سمعت اسماعيل بن عبيد الله، وسمع ربيعة بن يزيد يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ثنى فحدث اسماعيل عن كسرى، ثم ثنى ثم ثلّث، فقال ربيعة: غفر الله لك أبا عبد الحميد، حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدث عن كسرى فقال: ما حدثت عنه إلا من أجلك، انظر كيف تحدث يا ربيعة، فإنك ترى الإمام على المنبر يتكلم بالكلام، فما تخرجون من المسجد حتى تختلفوا عليه، والله لأن أكذب على كسرى أحب إليّ من أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وسمعت اسماعيل بن عبيد الله يحدث قال: قال (116- و) لي عمر بن عبد العزيز: كم أتت عليك يا اسماعيل سنة؟ قلت: ستون سنة وشهور، قال: يا اسماعيل إياك والمزاح.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني هشام ومحمود بن خالد قالا: حدثنا الهيثم بن عمران قال:
سمعت اسماعيل بن عبيد الله قال: كنت أعلّم بني عبد الملك من عاتكة: يزيد ومروان ومعاوية ومروان أصغرهم، فأخبرني عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل قال:
سمعت الوليد بن مسلم يقول: أم الدرداء أشارت به على عبد الملك.(4/1702)
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم- قراءة عليهما- قالا: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي البغدادي قال: قرىء على أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا عمر بن شبّة قال: قال عبد الملك بن مروان: ما رأيت مثلنا ومثل هذه الأعاجم، كان الملك فيهم دهرا طويلا، فو الله ما استعانوا منا إلا برجل واحد- يعني النعمان بن المنذر- ثم عادوا عليه فقتلوه، وان الملك فينا مذ هذه المدة، فقد استعنا منهم برجال حتى في لساننا، هذا اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر يعلم ولد أمير المؤمنين العربية.
قال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو شجاع ناصر بن (116- ظ) محمد بن أحمد البوقاني بها قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي- بها وهي محلة من محال بخارى- قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر بن كاتب البخاري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر بن سعيد الحافظ الهروي المعروف بشكر قال: حدثنا محمد بن ادريس الرازي قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل بن عبيد الله المخزومي قال: حدثنا عبد الأعلى بن مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: سمعت اسماعيل بن عبيد الله يقول لبنيه: يا بني أكرموا من أكرمكم وان كان عبدا حبشيا وأهينوا من أهانكم وان كان رجلا قرشيا.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط في تسمية عمال عمر بن عبد العزيز على افريقية، قال: ثم ولى اسماعيل بن عبيد الله، مولى بني مخزوم، فقدمها سنة مائة فأسلم عامة البربر في ولايته، وكان حسن السيرة، حتى مات عمر «1» .
وقال الحافظ: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا(4/1703)
أو زرعة قال: حدثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن جابر قال: عقد عمر بن عبد العزيز لاسماعيل بن عبيد الله على جند افريقية، وبها من بها من قريش وغيرهم، وهو مولى لبني مخزوم. (117- و) .
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سعيد- يعني ابن أسد- قال:
حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن اسماعيل بن عبيد الله المخزومي قال: كلمت رجاء بن حيوة، وعدي بن عدي في شيء، فكأنهما وجدا في أنفسهما، فقلت لهما:
انه ليس يحسن من رأيكما أن تنزلا رأيكما بمنزله من لا ينبغي أن يرد عليه منه شيء، فقال رجاء بن حيوة: يا أبا عبد الحميد من عد منا ذلك منه فلا نعدمه منك يا أبا عبد الحميد.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد إذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله قال: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، واسم أبي المهاجر أقرم أبو عبد الحميد، مولى لبني مخزوم، من أهل دمشق، كانت داره ظاهر باب الجابية عند طريق القنوات، وكان يؤدب ولد عبد الملك بن مروان، واستعمله عمر ابن عبد العزيز على افريقية.
روي عن: فضالة بن عبيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك، والسائب بن يزيد، والحارث بن الحارث الغامدي، وعطية بن عروة السعدي، وعبد الرحمن بن غنم، وقبيصة بن ذؤيب، وعلي بن عبد الله بن عباس، وخالد بن عبد الله بن حسين، وأبي عبد الله الأشعري، وقيس بن الحارث الكندي الأشعري المذحجي، وعبد الملك بن مروان، وعطاء بن يزيد الليثي، وأم الدرداء الصغرى، وكريمة بنت الحسحاس (117- ظ) وميسرة مولى فضالة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم، وأدرك معاوية.
روى عنه: الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وربيعة بن يزيد الدمشقي، وابنه عبد العزيز بن اسماعيل، والهيثم بن عمران العبسي،(4/1704)
وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكلثوم بن زياد المحاربي، ومحمد بن الحجاج القرشي الدمشقي، وعمرو بن واقد، وأبو محمد عيسى بن موسى القرشي، ورجاء بن أبي سلمة، وأبو المقدام، ومنصور بن أبيّ، وعبد ربه بن ميمون الأشعري، وعبد الرزاق بن عمر الثقفي، ومدرك بن أبي سعد الفزاري، ومحمد بن سعيد المصلوب، ومحمد بن مهاجر.
قال: كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو مسعود عبد الجليل بن محمد، وأبو بكر محمد بن شجاع عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، مولى بني مخزوم، دمشقي، ولي أمر افريقية لعمر بن عبد العزيز، توفي سنة احدى وثلاثين ومائة، وكان مولده سنة احدى وستين.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن زنبيل قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: ومات اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر في خلافة مروان بن محمد، أظنه حكاه عن ابن بكير.
وقال: أنبأنا أبو القاسم النسيب، وأبو الوحش (118- و) المقرئ عن رشاء ابن نظيف المقرئ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثني سليمان ابن أشعث عن عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال:
توفي اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي سنة احدى وثلاثين ومائة.
وقال: أخبرنا أبو محمد بن الأنطاكي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: وحدثني عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل بن عبيد الله قال: حدثني ابراهيم بن أبي شيبان قال: مات اسماعيل بن عبيد الله قبل دخول عبد الله بن علي دمشق بثلاثة أشهر، سنة اثنتين وثلاثين ومائة.(4/1705)
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: اسماعيل بن عبيد الله مولى بني مخزوم ثقة.
قال أبو مسهر: مات في خلافة مروان بن محمد، وقد أدرك معاوية وهو غلام.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أجاز لي أبو القاسم التنوخي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن أحمد الطبري قال: حدثتنا أم الضحاك عاتكة بنت أحمد بن عمرو بن عاصم النبيل قال: قرأت في كتاب أبي أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وأجاز لي أن أروي عنه، قال: سنة احدى وثلاثين ومائة: اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، يعني مات. «1» .
ذكر من أسم أبيه علي ممن اسمه اسماعيل
اسماعيل بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسن بن زنجويه الرازي:
أبو سعد السمان، الحافظ الزاهد، رحل الى البلاد وجال، وأكثر من الشيوخ في الترحال، (118- ظ) وكان في الحفظ والثقة على أجمل حال، وأفسد حسن هذه الأفعال بانتحاله مذهب الاعتزال، وكان شيوخه نحوا من أربعة آلاف، وكان اماما في فقه أبي حنيفة رضي الله عنه، ومعرفة الخلاف، وله معجمان: معجم الشيوخ، ومعجم البلدان، ودخل في رحلته حلب، ومعرة النعمان.
سمع بحلب: أبا محمد عبد الباقي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بن موسى ابن أبي جرادة الشاهد، والقاضي أبا يعلى عبد المنعم بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز بن سنان الخفاجي، المعروف بالقاضي الأسود، وأبا الحسن محمد ابن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي، والخطيب أبا أسامة عبد الله بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة، وعمه أبا القاسم الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة، وأبا مسلم أحمد(4/1706)
ابن محمد بن الحسن العدل، والشريف أبا عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد الحسيني الاسحاقي، وأبا الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب الطيوري، وأبا علي الحسن، وأبا طاهر محمد ابني عبد الوهاب بن علي بن أحمد الصائغ، وأبا الحسن محمد بن علي بن يوسف بن يش بن يعقوب بن يوسف التميمي الحلبيين، وأبا الفتح أحمد، وأبا الحسين علي ابني القاضي أبي عمر وعثمان بن عبد الله ابن ابراهيم العجلي الطرسوسي، والمؤيد بن أحمد الخطيب، وأبا بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن أحمد بن أبي هزان الأنطاكي، وأبا العشائر هبة الله بن أحمد ابن البيع اللبان.
وسمع بمعرة النعمان: أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وأبا العباس أحمد بن خلف الممتع الأديب، وأبا (119- و) العباس أحمد، وأبا الفضل جعفر ابني عبيد الله بن محمد بن خباءة، وأبا الحسن سلامة بن علي بن عبيد الله بن محمد ابن سلامة، وأبا الفضل أحمد بن محمد بن مسعر، وأخويه أبا المحاسن المفضل، وأبا محمد هبة الله ابني محمد بن مسعر، وأبا المجد محمد بن عبد الله بن سليمان والمهذب بن علي بن المهذب، وأبا ابراهيم اسماعيل بن جعفر بن علي بن المهذب، وأخويه أبا النضر عبد الكريم، وأبا الفتح الفضل ابني جعفر بن علي، وأبا القاسم شهاب بن محمد بن عامر بن أحمد بن محمد بن همام، وأبا عبد الرحمن معن بن عمرو بن أحمد بن محمد بن همام، وأبا حصين عبد الله بن المحسن التنوخيين المعريين، وأبا الفضل صالح بن الحسن بن علي بن محمد بن يحيى بن الفرج البوقي وأبا الخير الفرج بن محمد بن عبد الله بن ناشب الاديب، وأبا الحسن المؤمل بن عذير بن اسماعيل، وأبا محمد الحسن بن علي بن عبد العزيز بن حبابة البالسي.
وسمع بمكة شرفها الله: أبا حفص عمر بن القاسم المصري، وأبا الحسن أحمد ابن ابراهيم بن فراس، وأبا أسامة محمد بن أحمد الهروي، وأبا الحسن علي بن عبد الله بن جهضم.
وبدمشق: أبا محمد عبد الرحمن بن عثمان التميمي، وأبا زكريا أحمد بن محمد(4/1707)
ابن أحمد بن سليمان الصوفي، وأبا بكر محمد بن عبد الرحمن القطان، وأبا القاسم عبد الدائم بن المحسن بن عبيد الله، وأبا الحسن علي بن محمد الحنائي.
وبصور: أبا القاسم الحسن بن أحمد بن نصر الصوري، وبأطرابلس: أبا النمر (119- ظ) أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الاطرابلسي، وبقيسارية: أبا أحمد محمد بن سهل القفلي، وبكفر- بطنا أبا الحسن علي بن أبي الهول، وبضمير:
أبا الفتح محمد بن علي بن الحسين، وبمدين شعيب: اسماعيل بن عمرو الحداد.
وببغداد: أبا عبد الله محمد بن بكران بن عمران، والحسن بن حيدرة الداودي وأبا طاهر المخلص، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن موسى، وأبا القاسم عبيد الله ابن أحمد المقرئ، وعلي بن عمر التمار، وكوهي بن الحسن الفارسي، وأبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين، ومحمد بن علي بن أحمد السقطي، ومحمد بن عمر بن محمد بن حميد بن بهثة.
وبتكريت: أبا محمد الحسن بن محمد بن موسى، وبالكوفة: أبا عبد الله محمد بن عبد الله الجعفي، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد التميمي، وأبا محمد عبد الله بن مجالد بن بشر، وبواسط: عبد السلام بن عبد الملك بن حبيب، وأبا الحسن علي بن الحسن الحازوي، ومحمد بن علي السقطي، وبالاهواز: أبا نصر أحمد بن علي بن عبدوس، وبعسكر مكرم: طاهر بن محمد بن سمعان الجواليقي، والحسن بن عبد الله بن سهل، وبالري: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة وأبا علي عبد الملك بن محمد بن مهدي، وأبا حاتم محمد بن عبد الواحد الخزاعي، وبهمذان: أبا بكر أحمد بن علي بن لال، وأحمد بن ابراهيم بن تركان، وأبا بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله الجعفي، وبقزوين: أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن الفراء، وعبد الله بن عمر بن زاذان، وبالسوس: أبا الحسين أحمد بن الحسين السوسي، وأبا القاسم ابراهيم بن أحمد ابن (120- و) موسى، وأبا عبد الله اسحاق بن محمد بن يوسف، وأبا القاسم بحر(4/1708)
ابن الحسين الضرير، وبأرجيش «1» : أبا بكر محمد بن عبد الله بن يزداد وجماعة آخرون يطول ذكرهم، ويشق حصرهم.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن علي الخطيب، وأبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وابن أخيه أبو بكر طاهر بن الحسين بن علي، وأبو الحسين بن مردك، وأبو الحسن المطهر بن علي العلوي المعروف بالمرتضى، وجماعة غيرهم.
أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها الينا من نيسابور قالت: أخبرنا الامام أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري- اجازة- قال: حدثني الأستاذ الأمين أبو الحسين علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان- اجازة- قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي- بها لفظا- قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلّام الطرسوسي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا اسحاق الأزرق عن سفيان عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «على اثر كل صلاة ركعتان إلّا العصر والفجر» . «2» .
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأخبرنا به- اجازة أو سماعا- أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الكاتب- بالري- قال: أخبرنا اسماعيل بن علي بن الحسين الحافظ السمان قال: أخبرنا أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي- بمعرة النعمان-، وأبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب- بحلب قالا: حدثنا أبو القاسم اسماعيل بن القاسم الحلبي- وقال المؤيد: المعروف بالمصري بحلب- قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن المعروف بابن أبي نضلة، الشيخ الصالح، قال: حدثني أبي قال:(4/1709)
حدثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس قال: «استعدى رجل على علي بن أبي طالب الى عمر بن الخطاب، وكان علي جالسا في مجلس عمر ابن الخطاب، فالتفت عمر الى علي فقال: يا أبا الحسن- وقال المؤيد: قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك- فقام علي فجلس مع خصمه فتناظرا، وانصرف الرجل ورجع علي الى مجلسه فجلس فيه، فتبين عمر التغير في وجهه فقال له: يا أبا الحسن مالي أراك متغيرا، أكرهت ما كان؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ولم؟ قال:
لأنك كنيتني بحضرة خصمي، فألّا قلت لي: قم يا علي فاجلس مع خصمك، فأخذ عمر برأس علي فقبل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنتم، بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظلمات الى النور.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم ابن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن أبي القاسم القصراني- بأذون- قال: أخبرنا أبو بكر طاهر بن الحسين بن علي بن الحسين السمان- بالري- قال: حدثنا عمي أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان الحافظ قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن اسماعيل النيسابوري قال: أخبرنا مكي ابن عبدان قال: حدثنا سعيد بن محمود الطوسي قال: حدثنا جعفر بن عمر قال:
حدثنا الفرات بن السائب قال: حدثني ميمون بن مهران قال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء رحمة للمساكين» . «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي الموصلي قال:
أخبرنا أبو الفضل محمد بن علي السقسيني قال: (120- ظ) أخبرنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي قال: أخبرنا الامام فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن أبي طالب- بالري- قال:
أخبرنا أبو بكر طاهر بن الحسين بن علي السمان قال: حدثنا عمي الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة- بحلب(4/1710)
قال: أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن يعقوب بن ثوابة الحمصي قال: حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا محمد بن مهاجر عن الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ويح لبيد اذ يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب «1»
فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! فقال عروة: رحم الله عائشة فكيف لو أدركت زماننا هذا؟! قال الزهري: رحم الله عروة فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! فقال الزبيدي: يرحم الله الزهري فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال لنا عثمان: رحم الله ابن مهاجر كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال يعقوب بن ثوابة: رحم الله ابن عوف، كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال الشيخ أبو سعد: قال أبو القاسم الحسين ابن علي وأنا أقول: رحم الله ابن ثوابة كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو سعد وأنا أقول رحم الله أبا القاسم بن أبي أسامة، كيف لو أدرك زماننا هذا؟! (121- و) قال أبو بكر طاهر بن الحسين: وأنا أقول: رحم الله عمي أبا سعد كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو علي: وأنا أقول: رحم الله طاهرا كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال فخر خوارزم: رحم الله شيخنا أبا علي فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو المؤيد: رحم الله شيخنا فخر خوارزم فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو القاسم: رحم الله أبا الفضل فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قلت: رحم الله أبا القاسم فكيف لو أدرك زماننا هذا؟!.
نقلت من خط الامام الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وأخبرنا به أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي- قراءة عليه بحلب وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو جعفر بن محمد بن اسماعيل بن محمد الطرسوسي عن أبي الفضل محمد بن طاهر قال: سمعت أبا الحسن المطهر بن علي العلوي، المعروف بالمرتضى،(4/1711)
بالري يقول: سمعت أبا سعد السمان يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الاسلام.
قال أبو الفضل المقدسي: المرتضى رحمه الله كان امام الشيعة في وقته، وأبو سعد امام المعتزلة وله في الحديث رحلة حسنة، ومعرفة، والله تعالى وفقه الانصاف حتى جرى على لسانه هذا الكلام.
أخبرنا زين الامناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن- إذنا- قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: اسماعيل بن علي ابن الحسين (121- ظ) بن محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي، المعروف بالسمان الحافظ، قدم دمشق طالب علم، وكان من المكثرين الجوالين، سمع من نحو من أربعة آلاف شيخ، وسمع بدمشق: أبا محمد بن أبي نصر وجماعة سواهم، وببغداد أبا طاهر المخلص، ومحمد بن بكران بن عمران، ومحمد بن عمر بن محمد بن بهثة ومحمد بن علي بن أحمد السفطي، وبالري: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة، وعلي بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن يحيى الفقيه، وبمكة: أبا محمد ابن النحاس، وأحمد بن ابراهيم بن فراس.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وجماعة من أهل بلده، منهم ابن أخته أبو بكر طاهر بن الحسين.
قال الحافظ أبو القاسم: سألت أبا منصور عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم الحمدوني الرازي بالري عن وفاة أبي سعد السمان الرازي، فقال: توفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وكان عدلي المذهب، يعني معتزليا، وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنف كتبا كثيرة، ولم يتأهل قط.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز ابن أحمد الكتاني قال: بلغتني وفاة أبي سعد اسماعيل بن علي الحافظ الرازي(4/1712)
السمان بالريّ، في شعبان سنة سبع وأربعين، قدم علينا دمشق، وسمع بها من شيوخنا عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وغيره، حدث عن أبي طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص البغدادي وغيره، وكان من الحفاظ الكبار، وكان فيه زهد وورع (122- و) وكان يذهب إلى الاعتزال «1» .
شاهدت بخط جار الله محمود بن عمر بن محمد الزمخشري: في أصل معجم أبي سعد السمان، والنسخة جميعها بخط الزمخشري ما مثاله، وأنبأتنا به زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالت: أخبرنا محمود بن عمر الزمخشري- إجازة- قلت: وقرأته بخطه: ذكر الاستاذ أبو علي الحسين بن محمد بن مردك في تاريخه:
مات بالريّ شيخهم، وعالمهم، وفقيههم، ومتكلمهم، ومحدثهم الشيخ الزاهد أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان رحمة الله عليه، وقت العتمة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان إماما بلا مدافعة في القراءات، والحديث، ومعرفة الرجال والأنساب، والفرائض والحساب، والشروط، والمقدرات، وكان إماما أيضا في فقه أبي حنيفة وأصحابه، وفي معرفة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، وفي فقه الزيديه، وفي الكلام، وكان يذهب مذهب الحسن البصري رحمه الله، ومذهب الشيخ أبي هاشم، وكان قد حج بيت الله وزار القبر، ودخل العراق، وطاف الشامات والحجاز وبلاد المغرب، وشاهد الرجال والشيوخ، وقرأ على ثلاثة آلاف رجل من شيوخ زمانه، وقصد أصبهان لطلب الحديث في آخر عمره، وكان يقال في مدحه وتقريظه أنه ما شاهد مثل نفسه، وكان مع هذه الخصال الحميدة زاهدا، ورعا، مجتهدا، قواما، صواما، قانعا، راضيا، لم يتحرم في مدة (122- ظ) عمره، وقد أتى عليه أربع وسبعون سنة، بطعام أحد، ولم يدخل إصبعه في قصعة انسان، ولم يكن لأحد عليه منّة ولا يد في حضره ولا سفره، مات رحمه الله ولم يكن له مظلمة ولا تبعة من مال ولا لسان، كانت أوقاته موقوفة على قراءة القرآن والتدريس والرواية، والارشاد والهداية، والوراقة، والعبادة، خلف ما جمعه في طول عمره من الكتب وقفا على المسلمين،(4/1713)
كان رحمه الله تاريخ الزمان، وشيخ الاسلام، وبقية السلف والخلف، مات وما فاته في مرضه فريضة ولا واجب من صلاة وغيرها، وما سال منه لعاب، ولا تلوث له ثياب، ولا تغير لونه، وكان مع ما به من الضعف، وتساقط القوة يجدد التوبة، ويكثر الاستغفار، ويقرأ القرآن، مضى لسبيله وهو يتبسم كالغائب يقدم على أهله، وكالمملوك المطيع يرجع إلى مالكه، ودفن رحمة الله عليه غد ليلة يوم الاربعاء بجبل طبرك «1» بقرب الفقيه محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، بجنب قبر أبي الفتح عبد الرزاق بن مردك رحمهم الله.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
حدثنا أبو محمد عمر بن محمد الكلبي قال: وجدت على ظهر جزء: مات الشيخ الزاهد أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان وقت العتمة ليلة الاربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة، شيخ العدلية وعالمهم، وفقيههم، ومتكلمهم (123- و) ومحدثهم، وكان إماما بلا مدافعة في القراءات والحديث، ومعرفة الرجال والأنساب والفرائض، والحساب، والشروط، والمقدرات «2» ، وذكر كلام ابن مردك الذي نقلته من خط الزمخشري إلى آخره.
أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الشعري قالت: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، وقرأته بخط الزمخشري على النسخة التي بخطه من معجم السمان، والنسخة موقوفة على تربة الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ببغداد، وصورة ما شاهدته بخط الزمخشري نسخة كتاب وصية نقلتها من خطه: هذا ما أوصى اسماعيل بن علي بن الحسين السمان، المعروف بأبي سعد، في صحة من عقله وبدنه وجواز أمره، وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وهو يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير «3» ، ويشهد أنه تعالى واحد لا ثاني له في الأزل وأنه قادر لذاته، عالم لذاته، حي، سميع، بصير، غني فيما لم يزل ولا يزال، وأنه(4/1714)
لا يشبه الأجسام ولا الأعراض، «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير «1» » ، ويشهد أن أفعاله كلها حسنة، وأنه منزه عن فعل القبائح وأنه تعالى لا يريد المعاصي ولا يشاؤها ولا يرضاها ولا يختارها، ولا يحبها، ولا يكلف العباد ما لا يطيقونه (123- ظ) ولا يعذب أحدا بغير ذنب، وأنه متكبر عن ظلم عبيده صادق في جميع وعده ووعيده.
ويشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلوات الله عليه، وصلوات ملائكته.
ويشهد أن الموت حق، والحساب حق، والجنة حق، والنار حق، وأن «الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور «2» » وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له «3» وبذلك أمر، وهو من المسلمين، وأنه قد رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله نبيا، وبالقرآن إماما، وبالمسلمين إخوانا، على ذلك حيي، وعليه يموت، وعليه يبعث حيا إن شاء الله، وأوصى من خلف بعده أن يعبدوا الله في العابدين، وأن يحمدوه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين، وأن لا يموتن إلا وهم مسلمون.
وأوصى أنه إذا حدث به حدث الموت الذي جعله الله عدلا بين عباده، وحتما على خلقه أن يبدأ من تركته بكفنه وحنوطه، وما لا بد منه في تجهيزه بالسنة، والمعروف، ثم يقضى دينه، ويترضى غرمائه، ثم يخرج من جميع ما خلفه من العين والدين والكتب جميع ماله مما مات عنه من سائر أملاكه من دور وأراض، وغير ذلك، ثلث جميعه تاما وافيا كملا فيتصدق به على فقراء المسلمين من أهل العدل والتوحيد، المعتزلة منهم، والزيدية، والهارونية «4» (124- و) يخرج ذلك عن سائر حقوق الله الواجبة كانت عليه، اللازمة له من زكاة واجبة، أو ندر، أو كفارة،(4/1715)
أو صدقة واجبة، لزمه في حال حياته صرفها الى الفقراء، وعن سائر القرب اللازمة كانت له، قل أو كثر، مما سمي أو لم يسم، وأسند وصيته هذه الى فلان، وفلان، وأوصى إليهما والى المسلمين عامة بأن يبروه بما أمكنهم من وجوه البر من حج، أو عمرة، أو زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو غيره من قبور الأنبياء، والأئمة، والصالحين أو صدقة، أو قراءة قرآن، أو غير ذلك مما يجوز أن يبر به الميت بعد وفاته على ما يسوغه الشرع، أو يدعو له بأدعية حسنة صالحة، ليغفر الله ذنوبه من صغير أو كبير بعد ما تاب وندم على جميع ما ترك من الواجبات، أو أتى من المقبحات لقبحها، وعزم أن لا يعود إليها، وأوصى أن يستحلوا له كل من عرفوا، أو ظنوا أن له تبعة أو حقا عنده، وأن يقوموا بحق الله، وكل ما أوصى به، وأن يحذروا تأخير ما يمكن تعجيله، والتهاون بما يجب الجد والانكماش فيه، فقبل ذلك كله فلان وفلان بعد أن قرىء عليهما الكتاب، فعرفا ما فيه، واعترفا بصحته، وذلك في صحة من عقلهما وبدنهما، وجواز أمرهما، طائعين غير مكرهين وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
هذا ما نقلته من خط الزمخشري (124- ظ) وأنا أستغفر الله من إجراء قلمي بكل ما هو على خلاف السنة، وعلى موافقة البدع.
اسماعيل بن علي بن عبيد الله، أبو الفداء الموصلي الواعظ:
ويعرف بابن عبيد، سافر الكثير، وسمع ببغداد أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي والكروجي، وبالاسكندرية أبا طاهر السلفي، وبحلب أبا عبد الله محمد بن نصر القيسراني.
وحدث بمصر، والاسكندرية، والموصل، وغيرها من البلاد عن الشيخ العارف أبي بكر محمد بن بركة بن محمد بن كرما الصلحي وغيره.
روى لنا عنه شيخنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن الحسن بن الحدوس الشافعي الموصلي، وأثنى عليه معي، ووصفه بالكياسة والظرف، والعلم.
وروى عنه أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي، وكتب إلينا أبو عبد الله بن الدبيثي الواسطي قال: سئل ابن عبيد عن مولده، فذكر أنه ولد في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.(4/1716)
أخبرنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان الموصلي قال:
أخبرنا أبو الفداء اسماعيل بن علي بن عبيد الله الموصلي الواعظ، بالموصل، قال:
أخبرنا الشيخ العارف أبو بكر محمد بن بركة بن محمد بن كرما الصلحي قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الدهان المرتب قال: أخبرنا الشريف أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن المهتدي بالله قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن (125- و) بكران بن عمران الرازي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا الحزامى قال: حدثنا خالي محمد ابن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة قال: حدثنا عبد الرحمن بن خارجة عن عبد الله بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كان أبي إذا قضى نسكه وودّع البيت، وركب دابته تمثل بهذين البيتين:
فلما قضينا من منى كل حاجة ... ومسّح ركن البيت من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضّل المقدسي الاسكندراني قال: أنشدني أبو الفداء الواعظ قال: أنشدني القيسراني الشاعر لنفسه بحلب:
تناهى الى ألحاظه السحر والظبى ... فراح وفي عينيه بابل والهند
فلا تتركوا ثاري فلي عنده دم ... إذا كتمته العين نمّ به الخد «1»
أخبرنا أبو محمد بن الحدوس الفقيه قال: أنشدني جمال الدين أبو الفداء اسماعيل بن علي الواعظ قال: دخلت على الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بعد أن فتح مصر، وكان مساء فدهشت فقلت: صبّح الله المولى بالسعادة، فأنكر على الحاضرون، فلما قعدت رجعت الى نفسي وأحسست بالغلط، قال:
فحضرني أن أنشدته هذين البيتين:(4/1717)
صبحته عند المساء فقال لي: ... ماذا الصباح وظن ذاك مزاحا
(125- ظ)
فأجبته إشراق وجهك غرّني ... حتى تيقنت المساء صباحا
ذكر أبو عبد الله محمد بن ساكن، المتصدر بجامع مصر في تسمية شيوخه أن أبا الفداء ورد مصر سنة خمس وستين وخمسمائة، وقد توفي بعد ذلك.
اسماعيل بن علي بن محمد العثماني، الكوراني،
الكردي، شيخ حسن صالح، متعفف، منقطع عن أهل الدنيا، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قدم علينا حلب، وأقام مدة طويلة في مسجد باب الأربعين «1» لا يخالط أحدا من أرباب الدنيا، ولم يقبل من أحد من الملوك صلة، وكان يغلظ لهم في الأقوال، ويخشن عليهم في الموعظة، والنهي عن الظلم، والتقريع لهم على ذلك.
سمع بحلب من القاضي أبي الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، وحدث عنه بدمشق شيخنا أبا بكر عبد الله بن عمر القرشي، واجتمعت به مرارا متعددة بحلب وبدمشق، وصار بيني وبينه ود ومؤانسة ولم يتفق لي سماع شيء منه، ووهبني فرجية من صوف من ملابسه.
وتوفي بدمشق ليلة السبت ثامن عشر شعبان سنة أربع وأربعين وستمائة، ودفن بظاهرها في مقابر الصوفية رحمه الله.
اسماعيل بن علي الدمشقي،
أبو محمد الكاتب، الشاعر، المعروف بابن العينزربي، أصله من عين زربة وانتقل أبوه منها حين استولى الروم عليها، وولد له اسماعيل بدمشق، روى عنه شيئا من شعره أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي، وكان بينه وبين الوزير أبي نصر بن النحاس الكاتب الحلبي مشاعرة، وأظنه تعرف(4/1718)
به بحلب، وذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني في خريدة القصر، في شعراء حلب، وكان شاعرا مجيدا حسن النظم جيد الكتابة «1» .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن- فيما أذن لنا في روايته- قال: أخبرنا عمي أبو القاسم بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الحلبي قال: أنشدنا أبو محمد اسماعيل بن العينزربي الكاتب بدمشق:
ترك الظاعنون قلبي بلا قل ... ... ب وعيني عينا من الهملان
وإذا لم تفض دما سحب أجفا ... ني على بعدهم فما أجفاني
حلّ في مقلتي فلو فتشوها ... كان ذاك الانسان في انساني
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا علي بن أبي محمد (126- و) الشافعي قال: قرأت بخط حمزة بن علي بن العينزربي لأخيه أبي محمد اسماعيل بن علي:
أيا راقد الليل حق يقال ... إذا هجع الجفن زار الخيال
فمالي وعهدك عهد به ... ولا سرّ جفني منه اكتحال
أحنّ الى ساكنات الحجاز ... وقد حجزتني أمور ثقال
وأحنو على ظبيات هناك ... وقد تشتهي النفس ما لا تنال
زجرتك يا قلب عن حبهن ... وقلت: أما آن منهن آل
وما هنّ سمر طوال برزن ... بلى في الحشاهنّ سمر طوال
بكيت وفاضت بحور الدموع ... وكان لها من جفوني انثيال
وظن العواذل أن قد سلوت ... لفقد البكاء وجاءوا فقالوا:
حقيق حقيق وجدت السّلوّ ... عنها فقلت: محال محال
دليل على أنني ما سلوت ذاك ... التثني وذاك الدلال
لهيفاء ينفث من طرفها إذا ... ما بدت لك سحر حلال
وهي أطول من هذا. وقرأت بخط أخيه حمزة أيضا له:(4/1719)
ما على ما قلت تعويل ... كله مطل وتعليل
كلما حملت من سقم ... فعلى الأجفان محمول
ربّ ليل ظل يجمعنا ... كله ضمّ وتقبيل
أشرفت كاساته وعملت ... في أعاليها أكاليل (126- ظ)
أشموس لحن مشرقة أم ... كؤوس أم قناديل
في يدي بدر يطوف بها ... من جنان الخلد منقول
لم يشن أعطافه قصر ... فيه تهجين ولا طول
وكأن الحسن صاح بنا ... حين وافى نحوه ميلوا
كم أباطيل نعمت بها ... حبذا تلك الأباطيل
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه قال: أنشدنا خالي أحمد بن محمد بن عقيل الشهرزوري لإسماعيل ابن العين زربي:
وحقكم لأزرنكم في دجنة ... من الليل تخفيني كأني سارق
ولا زرت إلّا والسيوف هواتف ... إليّ وأطراف الرماح لواحق «1»
قرأت في شعر الوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي من قصيدة كتب بها الى اسماعيل بن العين زربي الكاتب:
نبذتم الحفظ نبذ العار بينكم ... كأنكم كفّ إسماعيل في الأزم
تفرعن يده الأموال عالمة ... بأنها عنده مخفورة الذمم
لولا الذكاء الذي يذكيه خاطره ... لأعشبت في يديه صفحة القلم
الدهر فيك مواعيد نطعن بها ... فضائل نسقت عن أكرم الشيم
لما اشتملت المعالي زدتها شرفا ... وأصبح المجد يجلو ثغر مبتسم
على الكتابة مذ لابستها عبق ... تضوع النور غب الوابل الرذم «2»
(127- و)(4/1720)
إذا الملم «1» علت يوما مراجله ... وأصبح الخطب موقوفا على قدم
واستشهد القوم والألباب عازبة ... عن الصواب وضاقت خطة الكلم
جلوت فصل خطاب تستقل به ... غرب «2» اللسان وحد الصارم الحذم «3»
إن الطروس «4» على خديك مثنية ... وربّ مثن وإن لم يتصل بفم
لو أن كفيك مدت باليسار على ... مقدار قدرك زالت سنة العدم
لا بد أن يستقيل الدهر غفلته ... وتستنيب الليالي فيك عن أمم «5»
إني مدحتك أبغي الود عن ثقة ... بأن عهدك محمي من التهم
فأقر اعتقادي اخلاصا يصدقه ... فحرمة الود عفوا أوكد الحرم
أهل الكتابة ما زالت طرائفهم ... في الشعر إلاك هجنا رزح الكلم
فإن أجد فمقالي فيك أنطقني ... وإن أقصر فإني لا حق بهم
أنبأنا أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: اسماعيل بن علي، أبو محمد بن العين زربي، شاعر محسن ذكر شيخنا أبو محمد بن الأكفاني أن اسماعيل بن العين زربي، مولده بدمشق، وتوفي بها في شهور سنة سبع وستين وأربعمائة. «6» .
اسماعيل بن عمر بن يوسف بن قرناص الحموي:
أبو العرب، ويلقب مخلص الدين، فقيه فاضل، أديب شاعر ناثر، من أهل حماة، ولي التدريس بمدرسة بني قرناص، خارج مدينة حماة، واجتمع بي بحماة وأنشدني شيئا من شعره، وذكر لي أن (127- ظ) مولده سنة أربع وستمائة.
أنشدني مخلص الدين أبو العرب اسماعيل بن عمر بن يوسف بن قرناص بحماة لنفسه، وكتبها على قصيدة أبي القاسم بن فيرة الشاطبي الرعيني التي نظمها في القراءات على قافية اللام ألف:(4/1721)
جلا الرعيني لنا مبدعا ... عروسه البكر وياما جلا
لو رامها مبتكر غيره ... قالت قوافيها له الكل: لا
فأنشدني أيضا لنفسه:
أما والله لو شقت قلوب ... ليعلم ما بها من فرط حب
لأرضاك الذي لك في ضميري ... وأرضاني رضاك بشق قلبي
اسماعيل بن عياش بن سليم:
أبو عتبة الأزرق العنسي الحمصي، سافر الى بغداد ثم بعثه المنصور الى الشام، ودخل أنطاكية، وحكى أنه كان جالسا الى عاملها وقد ورد عليه كتاب أبي جعفر المنصور يأمره بنبش القبور، فنبشوا في جبل أنطاكية قبر عوذ بن سام ابن نوح وعند رأسه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنا عوذ بن سام بن نوح بعثت الى أهل أنطاكية فكذبوني وقتلوني، وقد ذكرنا الحكاية في باب ما ورد من الكتابة القديمة على الأحجار بحلب وعملها، رواها عنه أبو يحيى.
وروى عن محمد بن زياد الألهاني، وشرحبيل بن مسلم الخولاني، وسليمان الأعمش، وأبي عمرو الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومحمد بن عمرو، وبجير بن سعد، وأبي (128- و) بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وضمضم بن زرعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعمرو بن قيس السكوني، وثور بن يزيد، وعمرو ومحمد ابني مهاجر، والحجاج بن أرطاة، واسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهشام بن الغاز، وهشام بن عروة، وعطاء بن عجلان، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وعمر بن محمد بن زيد العمري، وابن سمعان، وموسى بن عقبة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن اسحاق، ويحيى بن عبيد الله، وجعفر بن الحارث، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم.
روى عنه سفيان الثوري- وهو من شيوخه-، وعبد الله بن وهب، وضمرة ابن ربيعة، ومعمر بن سليمان، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي، وأبو عبيدة عتبة بن رزين الألهاني، ويحيى بن معين وعبد الله بن المبارك، وهرون بن معروف، وبقية بن الوليد، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبو داود الطيالسي، والأبيض(4/1722)
ابن الأغر، ومحمد بن اسحاق، والفرج بن فضالة، ويحيى بن حسان، والحسن بن عرفة، وعبد الوهاب بن الضحاك، ومنصور بن أبي مزاحم، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وداود بن رشيد، وعلي بن عياش، ويزيد بن هرون، ومنصور بن أبي مزاحم، وابراهيم بن العلاء، ومحمد بن حمير، وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وشبابة بن سوار، وكثير بن الوليد، وأبو اليمان، وأبو معمر القطيعي، وأبو الجماهر، وزهير بن عباد، وأبو عبيد، وأبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي، والهيثم بن خارجة، وعبد الرحمن بن واقد الواقدي، وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة، وموسى بن أعين، ومروان بن محمد، والليث بن سعد، وحجاج بن محمد الأعور، والوليد بن مسلم، ومحمد بن بكار (128- ظ) بن الريان، وعبد الله بن صالح العجلي، وهشام بن عمار، وداود بن عمرو الضبي، وأبو ابراهيم الترجماني، ويحيى بن عثمان البصري، ويحيى بن يحيى، وعلي بن حجر، وشيبان بن عبد الرحمن.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، البغدادي- بقراءتي عليه بحلب- قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن محمد بن الحصين- بقراءة أخي عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن ابراهيم ابن غيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال:
حدثني اسحاق بن الحسن الحربي قال: حدثنا يحيى بن عثمان البصري قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعذابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين، وان يحضرون فإنها لن تضره» «1» . قال: فكان عبد الله يعلمها من بلغ من ولده ومن لم يبلغ منهم، كتبها في صك وعلقها في عنقه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي في(4/1723)
ببياباد «1» قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن ابراهيم المزكي، ح.
قال أبو سعد: وأخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن حيان النسوي بنيسابور قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن بكر الورثاني يقول: سمعت أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة يقول: حدثنا عبد الصمد بن سعيد قال: حدثنا سليمان بن عبد يقول: سمعت يحيى بن صالح يقول: كنا نأتي اسماعيل ابن عياش فيكرمنا ويبرنا وينزلنا أشرف المنازل، ويقدم إلينا من الفواكه ما نتحير فيه من ألوان التفاحات والرمان والسفرجل، ويبرد لنا الماء بالثلج ويقول لنا:
كلوا يا سادتي فإن الله تعالى وصف الجنة بصفة الصيف لفواكهها لا بصفة الشتاء فقال تعالى: «في سدر مخضود. وطلح منضود. وظل ممدود. وماء مسكوب.
وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة» «2» .
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: حدثنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي عن يحيى بن معين قال: واسماعيل بن عياش مولى عنس «3» .
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا (129- و) أبو القاسم عبيد الله بن عتاب بن عتاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عمير إجازة، ح.
وأنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن أبي القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، ح.
وأخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا القاسم بن علي قال: أخبرنا نصر بن(4/1724)
مطكود قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمير- قراءة- قال:
سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة السادسة: اسماعيل بن عياش، أبو عتبة الحمصي، عنسي.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن أحمد قال: حدثنا ابراهيم بن أبي أمية قال:
سمعت نوح بن حبيب يقول: اسماعيل بن عياش، يكنى أبا عتبة.
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم محمد بن علي النرسي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زادا بن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: اسماعيل بن عياش، أبو عتبة الحمصي، أراه العنسي، سمع شرحبيل ابن مسلم، ومحمد بن زياد، روى عنه ابن المبارك، ما روى عن الشاميين فهو أصح «1» .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن لنا في روايته عنه، وسمعت منه بعضه (129- ظ) قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر السقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال:
أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عتبة اسماعيل بن عياش الحمصي عن محمد بن زياد ويحيى بن سعيد الأنصاري، روى عنه ابن المبارك ويحيى بن يحيى «2» .
قال أبو القاسم الحافظ: قرأنا على أبي عبد الله بن البناء عن أبي تمام الواسطي عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر(4/1725)
ابن أبي خيثمة قال: واسماعيل بن عياش، يكنى أبا عتبة، حدثنا بذلك الوليد بن شجاع، وسمعت أبي يقول: كان اسماعيل بن عياش أحول «1» .
قال الحافظ أبو القاسم «2» : أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه قال:
حدثنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الفتح سليم بن أيوب قال:
أخبرنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان الموصلي قال: حدثنا أبو القاسم علي ابن ابراهيم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدّمي يقول: اسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق، أبو عتبة «3» .
أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن القبيطي في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي، قال: حدثنا عن عبد الله البغوي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثني أبو مسهر (130- و) قال حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري قال: كان أخي محمد بن مهاجر يقول لي: لا تسألني كما يسألني هذا الأحمر الحمصي، يعني اسماعيل بن عياش «4» .
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة- إذنا- قال: أخبرنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، ح.
قال شيخنا ابن الحرستاني: وأنبأنا أبو القاسم نصر بن مقاتل بن مطكود قال: أخبرنا ابراهيم بن يونس بن محمد قال: أخبرنا أبو زكريا البخاري قال:
أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: وأما العنسي الحمصي بعين وسين مهملتين ونون فعدد كثير منهم: اسماعيل بن عياش أبو عتبة العنسي الحمصي، وقال عبد الغني بن سعيد: عياش بالياء، معجمة باثنتين والشين معجمة.
أنبأنا ابن الحرستاني عن عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا قال:
أما عياش بياء مشددة معجمة باثنتين من تحتها وآخره شين معجمة، اسماعيل بن(4/1726)
عياش، أبو عتبة «1» . قال ابن ماكولا: وأما العنسي بالنون فجماعة منهم: اسماعيل ابن عياش، أبو عتبة العنسي «2» .
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري قال:
وأما عياش تحت الياء نقطتان والسين منقوطة منهم: اسماعيل بن عياش الحمصي مشهور. (130- ظ)
[مولد ابن عياش]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد ابن رزق قال: أخبرنا اسماعيل بن علي الخطبي وأبو علي بن الصواف قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: قال أبي: ولد ابن عياش- يعني اسماعيل- سنة ست ومائة.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال: سألت عمرو بن عثمان عن اسماعيل بن عياش قال: قال أبي: قال ابن عيينة: مولد ابن عياش قبلي سنة ست.
قال: وكيف ذهب عنه أصحابنا وأنا مولدي سنة ثمان؟! قال: قلت: يا أبا محمد وأنت بكّرت.
قال: وأخبرنا الطناجيري قال: أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثنا اسحاق بن موسى الرملي قال: سمعت محمد بن عوف يقول: سمعت يزيد بن عبد(4/1727)
ربه يقول: كان مولد اسماعيل بن عياش سنة اثنتين ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين ومائة «1» .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ عمي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد اسماعيل بن عياش سنة ست ومائة «2» .
(132- و)
أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن فضيل قال: سمعت سعيد بن عمرو يقول: سمعت بقية يقول: كانت إذا جاءت مسألة الى اسماعيل بن عياش يقول: اذهبوا بها الى ذلك الغلام. قال بقية: وإنما بيني وبينه خمس سنين، ولد سنة خمس ومائة وولدت سنة عشر ومائة.
قال: وأخبرنا أبو أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة قال:
حدثنا أبو التقى قال: قال لي بقية: قال لي عبد الله بن صالح الهاشمي: يا أبا يحمد أيكما أكبر أنت أو اسماعيل بن عياش؟ قلت: مولد اسماعيل سنة ثمان ومائة ومولدي سنة اثنتي عشرة ومائة. قال: فقال عبد الله: إنكما لترب «3» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ.
قال الخطيب: وأخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثني أبي(4/1728)
قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمويه بالبصرة قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: ما رأيت رجلا أكبر نفسا من اسماعيل (132- ظ) ابن عياش، كنا إذا أتيناه الى مزرعته لا يرضى لنا إلا بالخروف والخبيص، وسمعته يقول: ورثت عن أبي أربعة آلاف دينار فأنفقتها في طلب العلم.
قال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: قال أحمد بن محمد بن حنبل: ليس أحد أروى لحديث الشاميين من اسماعيل بن عياش، والوليد بن مسلم.
قال: وحدثنا يعقوب قال: كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند اسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم.
قال: وسمعت أبا اليمان يقول: كان أصحابنا لهم رغبة في العلم وطلب شديد بالشام والمدينة ومكة، وكانوا يقولون: نجهد في الطلب، ونتعب أبداننا، ونغيب فإذا جئنا وجدنا كلما كتبنا عند اسماعيل.
قال يعقوب: وتكلم قوم في اسماعيل، واسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين.
وقال الخطيب: أخبرني الحسين بن علي الطناجيري قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثنا ابن صدقة قال: قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: اسماعيل بن عياش ثقة، والعراقيون يكرهون حديثه «1» .
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن زهير قال: سئل يحيى بن معين عن اسماعيل بن عياش فقال: ليس به بأس، من أهل الشام، والعراقيون يكرهون حديثه.(4/1729)
قيل ليحيى: أيما أثبت بقية أو اسماعيل بن عياش؟ فقال: كلاهما صالحان.
وقال ابن عدي الحافظ: حدثنا محمد بن علي بن اسماعيل قال: حدثنا عثمان ابن سعيد الدارمي قال: قلت ليحيى بن معين (133- و) فاسماعيل بن عياش كيف هو عندك؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.
قال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن عباس عن يحيى قال: كان اسماعيل بن عياش أحب الى أهل الشام من بقية، وقد سمع ابن عياش من شرحبيل، وابن عياش ثقة وهو أحب إليّ من فرج بن فضالة «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى ابن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيى بن معين قال: اسماعيل بن عياش ثقة.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن إجازة، وأخبرنا عنه عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو بكر خليل بن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب قال: حدثنا العباس بن الوليد بن صبح الخلال قال: حدثنا مروان قال: حدثنا محمد بن مهاجر قال: قال لي أخي عمرو بن مهاجر: ليس يحسن تسأل، ألا تسألني مسألة، هذا الأزيرق ما سألني أحد أحسن مسألة منه، يعني اسماعيل بن عياش. قال محمد:
فقلت له: كيف أريد أن أكون أنا مثل هذا، وهذا فقيه.
قال أبو البركات: وأخبرنا عمي الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وحدثني أبو البركات بن أبي (133- ظ) طاهر الفقيه عنه قال: أخبرنا رشاء بن نظيف- إجازة- قال: أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي- ونقلته من خطه- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي قال: حدثنا عبد الصمد(4/1730)
ابن سعيد بن عبد الله بن يعقوب الحمصي قال: سمعت محمد بن عوف يقول:
سمعت أبا اليمان يقول: كان منزل اسماعيل بن عياش الى جانب منزلي، فكان يحيى الليل، فكان ربما قرأ، ثم قطع، ثم رجع فقرأ من الموضع الذي قطع منه، فلقيته يوما فقلت: يا عم قد رأيت منك شيئا وقد أحببت أن أسألك عنه، إنك تصلي من الليل، ثم تقطع ثم تعود الى الموضع الذي قطعت فتبتدي منه؟ فقال: يا بني ما سؤالك عن ذلك؟ قلت: أريد أن أعلم، قال: يا بني إني أصلي فأقرأ فأذكر الحديث في الباب من الأبواب الذي أخرجتها فأقطع الصلاة فأكتبه فيه، ثم أرجع الى صلاتي فأبتدى من الموضع الذي قطعت منه.
فقال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم عن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد أحمد الفرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي قال: حدثنا عثمان بن صالح قال: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث بن سعد، فحدثهم بفضائل عثمان فكفوا عن ذلك، وكان أهل حمص ينتقصون علي بن أبي طالب حتى نشأ فيهم اسماعيل بن عياش فحدثهم (134- و) بفضائله فكفوا عن ذلك.
وقال: أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال:
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي يعقوب قال: حدثني أحمد بن داود الحراني قال: سمعت عيسى بن يونس، وذكر اسماعيل بن عياش فقال: أبو عتبة، هو أرشدني الى الشاميين.
وقال أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: سمعت سليمان بن أحمد الواسطي يقول: سمعت(4/1731)
يزيد بن هرون يقول: ما رأيت شاميا ولا عراقيا أحفظ من اسماعيل بن عياش «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد- فيما أذن لنا في روايته- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد- إجازة إن لم يكن سماعا-.
وأخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي، قالا: أخبرنا اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال:
سمعت الهيثم بن خارجة يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما رأيت أحفظ من اسماعيل بن عياش، ما أدري ما سفيان الثوري «2» .
أخبرنا أبو اليمن الكندي- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر (134- ظ) الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال:
أخبرنا اسماعيل بن علي الخطبي قال: قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي لداود بن عمرو الضبي، وأنا أسمع: يا أبا سليمان كان يحدثكم اسماعيل بن عياش هذه الأحاديث بحفظه؟ قال: نعم، ما رأيت معه كتابا قط، فقال له: قد كان حافظا، كم كان يحفظ؟ قال: شيئا كثيرا، قال له: كان يحفظ عشرة آلاف؟ قال: عشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف، قال أبي: هذا كان مثل وكيع.
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الحلواني أبو أحمد قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: سمعت علي بن عبد الله بن جعفر يقول: رجلان هما صاحبا حديث بلديهما: اسماعيل بن عياش وعبد الله بن لهيعة.
وقال الخطيب: أخبرني محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي(4/1732)
الآجري قال: سمعته- يعني أبا داود السجستاني يقول: قال يزيد بن هرون:
ما رأيت عربيا أحفظ من اسماعيل بن عياش، قال أبو داود: قدم اسماعيل قدمتين، قدم هو وجرير بن عثمان الكوفة في مساحة أرض حمص، وقدمة قدمها الى بغداد، سمع منه البغداديون، وسمع يزيد بن هارون من اسماعيل بن عياش ببغداد في القدمة الاولى.
قال الخطيب: وأخبرنا الحسين- (135- و) بن علي الصيمري قال:
أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مضيت الى اسماعيل بن عياش فرأيته قاعدا عند دار الجوهري على غرفة وما معه إلا رجلين ينظران في كتابه، فرجعت ولم أسمع شيئا، وكان يحدثهم بنحو من خمسمائة في اليوم أكثر أو أقل، وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة الى الليل.
وزاد غيره عن يحيى: فرجعت ولم أسمع شيئا «1» .
أخبرنا به أبو الفرج بن القبيطي كتابة قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال:
حدثنا البغوي قال: حدثنا عباس عن يحيى قال: مضيت الى اسماعيل بن عياش فرأيته عند دار الجوهري قاعد على غرفة ومعه رجلان ينظران في كتابه، فيحدثهم خمسمائة في اليوم، أقل أو أكثر، وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة الى الليل، قال يحيى: فرجعت ولم أسمع شيئا.
وقال ابن عدي: وذكر عبد الرحمن بن أبي بكر بن عياش عن يحيى، وذكر عنده ابن عياش فقال: كان يقعد ومعه ثلاثة أو أربعة فيقرأ كتابا والناس مجتمعون، ثم يلقيه إليهم فيكتبونه جميعا، ولم ينظر في الكتاب إلا أولئك الثلاثة أو الأربعة.
وشهدت ابن عياش وهو يحدث هكذا فلم أكن آخذ منه شيئا ولكني شهدته يملي إملاء فكتبت عنه.(4/1733)
قال ابن عدي: حدثنا يوسف بن الحجاج (135- ظ) قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: لم يكن بالشام بعد الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز مثل اسماعيل بن عياش «1» .
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: وأخبرني الحسن ابن محمد الخلال قال: حدثنا يوسف بن عمر القواس قال: سمعت أبا طالب أحمد بن نصر بن طالب الحافظ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى ابن معين يقول: قدم علينا اسماعيل بن عياش فنزل شارع عمرو الرومي فقعد على روشن وقرأ على الناس صحيفة ورمى بها إليهم، فلم آخذ منها شيئا لأني لم أكن أنظر فيها «2» .
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن أبي البركات في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال:
أخبرنا عبد الوهاب المداني قال: حدثنا أبو هاشم السلمي قال: حدثنا القاسم بن عيسى العصار قال: حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن يعقوب الجورجاني قال: سألت أبا مسهر عن اسماعيل بن عياش وبقية فقال: كل كان يأخذ عن غير ثقة، فإذا أخذت حديثه عن الثقات فهو ثقة، أما اسماعيل بن عياش فقلت لأبي اليمان: ما أشبه حديثه بثياب سابور يرقم على الثوب المائه ولعل شراءه دون عشرة، قال: من أردى الناس عن الكذابين، وهو في حديث الثقات من الشاميين أحمد منه في حديث غيرهم.
أنبأنا ابن القبيطي قال: أخبرنا ابن الآبنوسي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال:
أخبرنا السهمي قال: أخبرنا ابن عدي قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي:
سألت أبا مسهر عن اسماعيل بن عياش وبقية فقال: كل كان يأخذ عن غير ثقة، فإذا أخذت حديثهم عن الثقات فهو ثقة.
قال: وقال النسائي: اسماعيل بن عياش ضعيف «3» .(4/1734)
وقال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: اسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو أصح.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب أحمد ابن حميد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح.
وقال ابن أبي عصمة: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين فهو صحيح وما روى عن (136- و) أهل المدينة وأهل العراق ففيه ضعيف يغلط.
وقال ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: سألت يحيى بن معين عن اسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن الشيوخ الثقات مثل محمد ابن زياد وشرحبيل بن مسلم، قلت ليحيى: كتبت عن اسماعيل بن عياش؟ قال: نعم سمعت منه شيئا. قال عبد الله: وقد حدثنا عنه يحيى بن معين وهرون بن معروف قالا: حدثنا اسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزعيم غارم» «1» .
أخبرنا أبو محمد بن رواج- إذنا- قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال:
سمعت المبارك بن عبد الجبار الصيرفي يقول: سمعت أبا مسلم الليثي يقول: سمعت علي بن أبي بكر الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن علي السجزي يقول: وسمعته- يعني الحاكم أبا عبد الله- يقول: اسماعيل بن عياش مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: وأخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا هبة الله بن محمد ابن جيش الفراء قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين- وذكر عنده اسماعيل بن عياش- فقال: كان ثقة فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فما روى عن غيرهم فخلط فيها.(4/1735)
قال: وأخبرنا أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن شهريار الأصبهاني قال: أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: اسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وما روى منه عن أهل الحجاز فإن كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق الأسفراييني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألته- يعني (136- ظ) أحمد بن حنبل- عن اسماعيل بن عياش فحسن روايته عن الشاميين، وقال: وهو فيهم أحسن حالا مما روى المدنيين وغيرهم.
قال: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه العرزمي قال:
أخبرنا الحسين بن ادريس الانصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال:
وسألت أحمد عن اسماعيل بن عياش فقال: ما حدث عن مشايخهم، قلت: الشاميين؟
قال: نعم، فأما حديث غيرهم فعنده مناكير.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن النضر العطار قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سألت عليا- يعني ابن المديني- عن اسماعيل بن عياش فقال: كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه ضعيف.
قال الخطيب: وأخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال:
واسماعيل بن عياش ثقة عند يحيى بن معين وأصحابنا فيما روى عن الشاميين خاصة، وفي روايته عن أهل العراق وأهل المدينة اضطراب كثير، وكان عالما بنا حيته.
قال: وأخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال:
حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: واسماعيل ابن عياش إذا حدث عن أهل بلاده فصحيح، فإذا حدث عن أهل المدينة مثل هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد، وسهل بن أبي صالح، فليس بشيء «1» .(4/1736)
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي (137- و) قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله- إجازة- قالا:
أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سألت أبي عن اسماعيل بن عياش فقال: هولين يكتب حديثه، لا أعلم أحدا كف عنه إلا أبو اسحاق الفزاري.
قال: وسمعت أبي يقول: وسئل ابراهيم بن موسى عن اسماعيل بن عياش كيف هو في الحديث؟ قال: كان حسن الخضاب.
وسئل أبو زرعة عن اسماعيل بن عياش فقال: صدوق إلا أنه غلط في حديث الحجازيين والعراقيين.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال:
سمعت وكيعا يقول: قدم علينا اسماعيل بن عياش فأخذ مني أطرافا لاسماعيل بن أبي خالد، فرأيته يخلط في أخذه.
قال أحمد بن أبي الحواري: قال لي وكيع: يروون عندكم عنه؟ فقلت: أما الوليد ومروان فيروون عنه، وأما الهيثم بن خارجة ومحمد بن إياس فكأنّهم، قال:
رأي شيء الهيثم وابن اياس، انما أصحاب البلد الوليد ومروان «1» .
كتب الينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، ح.
وأخبرنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الحيّاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عمرويه الجلودي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن سفيان قال: سمعت أبا الحسين مسلم بن الحجاج يقول: (137- ظ) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال:
أخبرنا زكريا بن عدي قال: قال لي أبو اسحاق الفزاري: اكتب عن بقيّة ما روي عن المعروفين، ولا تكتب عنه ما روي عن غير المعروفين، ولا تكتب عن اسماعيل بن عياش ما روي عن المعروفين ولا عن غيرهم.(4/1737)
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفتح الكروخي قال:
أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم، وأبو نصر الغورجي، وأبو بكر التاجر، قالوا:
أخبرنا أبو محمد الحرّاني قال: أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: سمعت محمد بن اسماعيل يقول: ان اسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير، كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، وقال: انما حديث اسماعيل بن عياش عن أهل الشام. وقال أحمد: اسماعيل بن عياش أصلح من بقيّة، ولبقيّة أحاديث مناكير عن الثقات.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال:
سمعت أبا سعيد بن رميح يقول: سمعت عمر بن رميح بحير يقول: سألت محمد ابن اسماعيل البخاري عن اسماعيل بن عياش فقال: اذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر «1» .
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو صالح الفراء قال: قلت لابي اسحاق (138- و) الفزاري: إني أريد مكة وأريد أمر بحمص وثم رجل يقال له اسماعيل بن عياش فأسمع منه؟ قال: لا ذاك رجل لا يدري ما يخرج من رأسه.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال علي بن المديني: ضرب عبد الرحمن على حديث اسماعيل بن عياش، وعلى حديث المبارك بن فضالة.
وقال الخطيب: أخبرنا علي بن طلحة المقرئ قال: أخبرنا محمد بن ابراهيم الطرسوسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: اسماعيل بن عياش ضعيف الحديث.(4/1738)
أنبأنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة الحراني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال:
أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال:
كتب الى محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا عمرو بن علي قال: كان عبد الرحمن لا يحدث عن اسماعيل بن عياش، فقال له رجل مرة: حدثنا أبو داود عن أبي عتبة، فقال له عبد الرحمن: هذا اسماعيل بن عياش، فقال له الرجل: لو كان اسماعيل لما كتب عنه شيئا، فسألت عنه أبا داود «1» فقال: حدثنا اسماعيل بن عياش أبو عتبة.
قال أبو أحمد بن عدي: اسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي، وذكر له أحاديث لم يروها غيره، ثم قال: وهذه الأحاديث من أحاديث الحجاز ليحيى بن سعيد، ومحمد بن عمر، وهشام بن عروة، وابن جريج، وعمر بن محمد، وعبيد الله الوصّافي، وغير ما ذكرت من حديثهم ومن حديث (138- ظ) العراقيين، اذا رواه ابن عياش عنهم فلا يخلو من غلط يغلط فيه اما ان يكون حديثا برأسه أو مرسلا يوصلة أو موقوفا يرفعه، وحديثه عن الشاميين اذا روى عنه ثقة فهو مستقيم، وفي الجملة اسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه ويحتج به خاصة في حديث الشاميين «2» .
أخبرنا أبو القاسم بن محمد القاضي اجازة عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر فيما قرأته عليه قال: قرىء على أبي بكر محمد بن اسحاق وأنا أسمع قال: لا أحتج باسماعيل بن عياش.
وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: اسماعيل بن عياش ضعيف.
أنبأنا زيد بن الحسن البغدادي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العقيقي قال: حدثنا يوسف بن أحمد قال: أخبرنا(4/1739)
أبو جعفر قال: حدثنا زكريا بن يحيى، ومحمد بن زكريا البلخي قالا: حدثنا محمد بن المثنى قال: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن اسماعيل بن عياش شيئا قط.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن محمد بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم ابن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عتبة اسماعيل بن عياش الحمصي ليس ممن يعتمد عليه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: اسماعيل بن عياش بن سليم، أبو عتبة العنسي من أهل حمص، سمع محمد بن (139- و) زياد الالهاني، وشرحبيل بن مسلم، وبحير ابن سعد، وأبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسهيل ابن أبي صالح، وعبد الله بن عثمان بن خثيم.
روى عنه سليمان الأعمش، وفرج بن فضالة، وعبد الله بن المبارك، ويزيد ابن هرون، وأبو داود الطيالسي، وعبد الله بن صالح العجلي، ومحمد بن بكار ابن الريان، وأبو ابراهيم الترجماني وداود بن عمر الضبي، والحسن بن عرفة العبدي، وكان اسماعيل قد قدم بغداد على أبي جعفر المنصور، وولاه خزانة الكسوة، وحدث ببغداد حديثا كثيرا «1» .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: اسماعيل بن عياش بن سليم أبو عتبة العنسي الحمصي، روى عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، ومحمد بن زياد الالهاني وبحير بن سعد، وثور بن يزيد، وأبي بكر بن أبي مريم، وعمرو بن قيس السكوني، وعمرو ومحمد ابني مهاجر، وضمضم بن زرعة، والأوزاعي، وهشام بن الغاز الشاميين، وعطاء بن عجلان، وعمر بن محمد بن زيد العمري، وسهيل بن أبي صالح، وعبد الله بن عثمان بن خثيم المكي، وابن سمعان، وابن جريج، ويحيى ابن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة، واسحاق بن عبيد الله بن أبي فروة الحجازيين، والحجاج بن أرطاة، وسفيان الثوري، وروى عن الأعمش، وروى عنه سفيان الثوري، والليث بن(4/1740)
سعد، ومحمد بن اسحاق، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله (139 ظ) بن وهب، وضمرة بن ربيعة، وحجاج بن محمد الأعور، ومعتمر بن سليمان، ومروان بن محمد الاسدي، والوليد بن مسلم، وموسى بن أعين، وهشام بن عمار، وسليمان ابن عبد الرحمن، وبقية بن الوليد، وأبو داود الطيالسي، وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، والفرج بن فضالة، ويزيد بن هرون، ويحيى بن حسان، ويحيى بن معين، وعبد الرحمن واقد الواقدي، وهرون بن معروف، والهيثم بن خارجة، والحسن بن عرفة، ومنصور بن أبي مزاحم، وكثير بن الوليد، والأبيض بن الأغر، وأبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي، وأبو عبيدة عبيد بن رزين الألهاني، وعبد الوهاب بن الضحاك، وابراهيم بن العلاء، ومحمد بن حميد، وأبو اليمان، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي، وأبو مسهر، وأبو معمر الطّيعي، وداود بن رشيد، وعلي بن عياش، وأبو الجماهير، وزهير بن عباد، وشبابة بن سوار، وأبو عبيد، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وغيرهم.
وكان حجاجا، وكانت طريقه على دمشق، حج بضع عشرة حجة، وبعثه أبو جعفر المنصور الى دمشق، فعدّل أرضها الخراجية.
وقال: أخبرنا عمي الحافظ: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد اسماعيل بن عياش سنة ست ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين «1» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل (140- و) القاضي قال: مات أبو عتبة اسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق في سنة إحدى وثمانين ومائة، وكان ينزل بغداد، وولاه المنصور خزانة الكسوة.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين المتوشي قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا الحسن بن علي قال: سمعت حيوة بن شريح يقول: مات اسماعيل بن عياش سنة إحدى وثمانين.(4/1741)
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت الحجاج بن محمد الخولاني قال: مات اسماعيل ابن عياش سنة إحدى وثمانين ومائة، يوم الثلاثاء لست مضين من جمادى «1» .
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال:
أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال:
قال أبو عبد الله: وابن عياش فيها مات- يعني سنة إحدى وثمانين ومائة.
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم محمد بن علي- واللفظ له- قالوا:
أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني- قالا:
أخبرنا: أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: قال لنا حيوة: مات- يعني اسماعيل بن عياش- سنة إحدى وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن عبيد الله بن أحمد الكوفي، ح. (140- ظ) .
قال أبو حفص المؤدب: وأخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي- إذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن علي بن عبيد الله بن سوار قال:
أخبرنا عبيد الله بن أحمد الكوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أخبرنا عبد الله بن أبي داود قال: حدثنا ابن مصفى قال: واسماعيل بن عياش توفي يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومائة.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في(4/1742)
خامسة أهل الشامات: اسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي مات سنة اثنتين وثمانين ومائة «1» .
أنبأنا أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني عباس قال: حدثنا أبو مسلم قال:
مات اسماعيل بن عياش سنة اثنتين وثمانين.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص- إجازة- قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال:
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة اثنتين وثمانين ومائة، فيها مات (141- و) اسماعيل بن عياش بحمص.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال:
أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الخامسة من أهل الشام اسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبدان الجدري في كتابه الينا من شيراز قال: حدثنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال:
سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات اسماعيل بن عياش الحمصي، يكنى أبا عتبة.(4/1743)
قال الخطيب: وأخبرنا أبو سعيد بن حسنوية قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات اسماعيل بن عياش سنة اثنتين وثمانين ومائة.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن علي الابار قال: سألت عمرو بن عثمان عن اسماعيل بن عياش متى مات قال: سنة إحدى أو اثنتين وثمانين «1» . (141- ظ) .
حرف الغين في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن غازي بن عبد الله النقيب:
أبو محمد الحراني، حكي عن زاكي المجنون الحراني، وكان يرجع إلى فضل وخير، روى عنه ابنه ابراهيم الذي قدمنا ذكره، ذكر لي ذلك رفيقنا أبو محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني، وحكى لنا عنه، وذكر لي أنه دخل حلب غير مرة.
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شجانة الحراني بها قال: أخبرني ابراهيم بن اسماعيل النقيب قال: قال أبي: خرجت من حرّان الى الموصل في زمن الشتاء والوحل والأمطار، وكانت جمال الناس تقع كثيرا، وقاسى الناس شدة عظيمة، وكنت أخشى على نفسي لما أعلم من ضعفي، فنمت فسمعت قائلا يقول: ألا أعلمك شيئا إذا قلته لم يقع جملك وتأمن به؟ فقلت له: بلى والله ولك الأجر، فقال لي: قل: «إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا «2» » الآية، فقلتها فما وقع جملي حتى دخلنا الموصل، وهلك للناس شيء كثير من سقوط جمالهم وسلم ما معي.
أنشدني أبو محمد بن شجانة قال: أنشدني أبو اسحاق الحراني قال: أنشدني أبي اسماعيل قال: سمعت زاكي المجنون الحراني ينشد:(4/1744)
قد تحرق النار من له كبد ... فمن هو النار كيف يحترق
قالوا: به جنّة ولو علموا ... أن جنوني به لما نطقوا (142- و)
توفي أبو محمد النقيب بإربل.
حرف الفاء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن فضائل بن سعيد:
أبو محمد البدليسي الصوفي، من أهل بدليس، إحدى بلاد أخلاط، قدم الشام منها واجتاز بحلب أو ببعض عملها في طريقه.
ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه بما أنبأنا به أبو البركات الحسن ابن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: اسماعيل بن فضائل بن سعيد، أبو محمد البدليسي، من أهل بدليس من بلاد أرمينية، قدم دمشق، ونزل دويرة الصوفية «1» مدة ثم جعل اماما في الجامع، وسكن دار الخيل، وكان متصوفا، قليل التبذل، حافظا للقرآن بروايات، ملازما لبيته، فأقام اماما في الجامع نيفا وثلاثين سنة الى ان ظهر عليه شيء في اعتقاده من ميله الى التشبيه، فعزل عن الإمامة في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ونصب أبو محمد بن طاوس مكانه، وجرت في ذلك تعصبات ومرافعات الى الوالي، فاستقر الامر على أنه لا يتقدم في الجامع غير امام الشافعية، وامام الحنفية لا غير، وبقي الأمر كذلك مدة، وكان البدليسي في ابتداء أمره صوفيا مجردا، حكي عنه أنه كان في الدويرة، فاذا أصابه احتلام اغتسل بالماء البارد، فقال له بعض الناس:
لو جعلت تحت سجادتك صحيحا تدخل به الحمام، فقال: أنا أظهر التصوف فكيف أدخر شيئا (142- ظ) ثم أثرى بعد ذلك من التجار فيما كان يأخذه من الأجر على الصلاة، ومن قبول الصلات، واشترى بستانا، ومات وخلف قطعة من المال، وكانت وفاته في الثالث من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن ببستانه من أرض كفر يا مقرى «2» .(4/1745)
اسماعيل بن الفضل:
حدث بطرسوس عن أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، روى عنه أحمد بن محمد بن هرون الخلال، وسمع منه بطرسوس.
حرف القاف في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن القاسم بن اسماعيل الامام:
أبو القاسم الحلبي الخياط المؤدب، وبعضهم ينسبه المصري، كان حلبيا، وأظنه سكن مصر فنسب اليها، ثم سكن دمشق، وحدث بحلب، وحمص، وحماة، ودمشق.
سمع بحلب: أبا العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي، ومحمد بن أحمد ابن عبد الله الرافقي وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبا الفضل العباس بن الفضل بن حبيب الدباج السامري الحافظ، وبأنطاكية اسحاق بن أبي عبد الرحمن الأطروش، وأبا الطاهر الحسين بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وأبا العباس الوليد ابن عبد العزيز بن أبان، وأبا الحسن يعقوب بن اسحاق بن أبي عبد الرحمن العطار الأنطاكيين، وبطرسوس أبا عبد الله محمد بن أحمد السوانيطي، وأبا عبد الله محمد بن يزيد الذرقي، وبأذنة أبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، وروى عنهم وعن أبي أحمد العباس بن (143- و) الفضل بن جعفر المكي، ومكحول البيروتي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسين، المعروف بابن أبي نضلة، وأبي الحسن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بن يزيد العسقلاني، وابن خيرة الرقي.
روى عنه أبو المعمر المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي الحمصي، وأبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، والقاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله ابن ابراهيم الطرسوسي، وأبو الحسن علي بن محمد بن الطيوري الحلبي الفقيه، وأبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب، وأبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله ابن الجبان، وعبد الوهاب الميداني، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، وأبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصايغ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي الصوفي، وأبو علي الحسن بن علي بن شواش،(4/1746)
وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو الحسن عبيد الله بن الحسن بن أحمد بن الوراق، ومكي بن محمد بن العمر، وأبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان المعري.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر بن سرور المقدسي بقراءة أبي عليه قال: أخبرنا القاضي الخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال:
أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي قال: حدثنا أبو القاسم اسماعيل بن القاسم بن اسماعيل الحلبي بحمص يوم الجمعة لسبع وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال: حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب (143- ظ) عن عكرمة عن ابن عباس قال: دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال: «ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلّا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها» «1» .
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: اسماعيل بن القاسم بن اسماعيل، أبو القاسم المصري الخياط المؤدب، كان يسكن باب كيسان «2» ، روى عن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي نزيل حلب، وأبي عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، وأبي الطاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدرقي نزيل طرسوس، ومكحول البيروتي، وأبي العباس الوليد بن أبان الأنطاكي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن بصلة، وأبي العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي.(4/1747)
وأبي الحسن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بن يزيد العسقلاني، وأبي يعقوب اسحاق ابن أبي عبد الرحمن الأنطاكي العطار، وأبي الفضل العباس بن الفضل الدباج البغدادي نزيل حلب.
روى عنه تمام بن محمد، وعبد الوهاب الميداني، وأبو نصر بن الجبان، ومكي ابن محمد بن الغمر، وأبو الحسين علي بن عبد القاهر الأزدي الصائغ، وأبو المعمر المسدد بن علي الحمصي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي وأبو علي الحسن بن علي بن شواش، وأبو الحسن (144- و) عبد الله بن الحسن ابن أحمد الوراق، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العباس أحمد ابن محمد بن زكريا النسوي الصوفي «1» .
كذا قال الحافظ أبو القاسم في ذكر شيوخ أبي القاسم هذا: يحيى بن علي بن هاشم الكندي الحمصي، وليس بحمصي، بل هو يحيى بن علي بن محمد بن هاشم الخفاف الكندي الحلبي مولدا ودارا، وستأتي ترجمته في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وذكر في جملة شيوخه أيضا: أبا الفضل العباس بن الفضل الدباج البغدادي نزيل حلب، فذكرناه نحن أيضا اعتمادا على قول الحافظ، وتقليدا له، وفي النفس منه شيء، فإنني أخشى أن يكون أبا أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فإنه من شيوخ اسماعيل الحلبي، ووقع لنا جزء من حديثه رواه لنا شيخنا أبو القاسم ابن صصرى، وقد أوردنا حديثا منه في أول الترجمة، وروى في ذلك الجزء عن العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فلعل روايته عن العباس بن الفضل المكي وقعت الى الحافظ أبي القاسم فظنه العباس بن الفضل الدباج، فعده من جملة شيوخه، وليس منهم، ولم يقع إليّ ما يدل على أنه روى عن الدباج غير ما ذكره الحافظ، والدباج هو من أقران أبي القاسم الحلبي فنهبت على ذلك الى أن يتضح الامر فيه ان شاء الله تعالى.(4/1748)
مات أبو القاسم اسماعيل بن القاسم الحلبي بعد ذي القعدة من سنة سبعين وثلاثمائة، فانه حدث بحمص في هذا التاريخ كما أوردناه في الحديث الذي أسندناه. (144- ظ) .
اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان:
أبو العتاهية، وقيل اسمه القاسم بن اسماعيل، وقيل اسمه ابراهيم، وكنيته أبو اسحاق، وأبو العتاهية لقب له، وبكنى كيسان أبا سويد، وقيل كيسان لقب جد أبيه، وأبو سويد اسمه، ولقب كيسان في صغره لذكائه وكيسه، وهو مولى لعنزة، قيل هو مولى عباد بن رفاعة العنزي، وقيل هو مولى لعطاء بن محجن، وقيل انه كان بائع جرار، وكان شاعرا سهل الألفاظ حلوها، قادرا على النظم، غزا مع هرون الرشيد غزاته التي فتح فيها هرقلة «1» ، ومدحه عند فتحها بأبيات سنذكرها ان شاء الله تعالى.
لقي أبو العتاهية بقية بن الوليد، وأظنه كتب عنه، وروى عن سليمان بن مهران الاعمش.
روى عنه ضرام- وقبل صدام، وقيل صدران- بن ريحان بن جميل، ويحيى ابن معين، والرياشي، وأشجع السلمي، وأبو سلمة الغنوي، وأبو أيوب سليمان ابن أبي شيخ، وابراهيم بن أبي شيخ، وأحمد بن الحسن الصوفي، ويعقوب السواق، وعبد الله بن الضحاك، واسحاق بن ابراهيم الموصلي، واسحاق بن أحمد ابن نهيك، وأبو الشمقمق، ومساور السياف، وابنه محمد بن أبي العتاهية، وأبو رياح، وسلم بن وارع الخواص، وعلي بن عبيدة الريحاني، ومنصور بن عمار الزاهد، وأبو الحواجب محمد بن يحيى الأنصاري، وأبو توبة صالح بن عبد الله بن زياد بن دراج، وأحمد بن علي بن مرزوق، ومشرف بن سعيد، وأبو سعيد محمد بن النعمان، وحسن بن شقرة، وأبو شعيب الحجام، ومخارق المغني(4/1749)
ومحمد بن صالح العدوي، ومحمد بن عيسى الحربي، وأبو دعامة اسماعيل بن علي، ومحمد بن عمرو الطرسوسي الشاعر، وداود بن يحيى بن عيسى بن النجار (145- و) .
أخبرنا لؤلؤ بن عبد الله الحارمي الغنوي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا محمد بن بركات السعيدي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو عبد الله القضاعي قال: حدثنا أبو حازم محمد بن الحسين بن محمد ابن خلف بن الفراء البغدادي- املاء من كتابه- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه- قراءة عليه- قال: حدثنا أبو صخر مالك بن الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان بن عصام بن خشيته بن أسود بن مرثد بن عوف بن كعب بن سعد ابن زيد مناة بن تميم قال: حدثنا أبو الحسن صعصعة بن الحسين الرقي الأنصاري حافظ ثقة- بمرو قال: حدثنا محمد بن ضرام بن ريحان بن جميل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو العتاهية القاسم بن اسماعيل «1» الشاعر، ح.
وأخبرنا به عاليا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن فيه- قال:
أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرنا محمد بن طلحة قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد ابن سهل الفارسي- قدم علينا من مرو حاجا- قال: حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان السعدي المروزي من لفظه بمرو قال: حدثنا صعصعة بن الحسين الرقي بمرو قال: حدثنا محمد بن صدام بن ريحان بن جميل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو العتاهية الشاعر اسماعيل بن القاسم قال: حدثنا سليمان بن مهران الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كثر- وقال أحمد بن محمد بن غالب: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» «2» .
ونقلت هذا الحديث من خط الحافظ أبي طاهر السلفي، وذكر أنه انتخبه من من أصول سماعات القاضي أبي الطيب الجنزي، وقرأه عليه، وأنبأنا به أبو القاسم(4/1750)
عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أنبأنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن المسدد بن المظفر الجنزي بثغر جنزة «1» قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري بثغر تفليس «2» قال: أخبرنا حمزة بن عبد العزيز بن محمد المهلبي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن علوية الأبهري قال: حدثنا مصعب بن الحسين الرقي قال: حدثنا محمد بن صدران بن ريحان بن جميل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو العتاهية، واسمه القاسم بن اسماعيل الشاعر، قال: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» (145- ظ)
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، أبو اسحاق العنزي، المعروف بأبي العتاهية الشاعر، أصله من عين التمر «3» ، ومنشأه الكوفة، ثم سكن بغداد، وأبو العتاهية لقب لقّب به لاضطراب كان فيه، وقيل بل كان يحب المجون والخلاعة، فكني لعتوه أبا العتاهية وهو أحد من سار قوله، وانتشر شعره، وشاع ذكره، ويقال: ان أحدا لم يجمع له ديوانه بكماله، لعظمه، وكان يقول في الغزل والمديح والهجاء قديما، ثم نسك وعدل عن ذلك الى الشعر في الزهد، وطريقة الوعظ، فأحسن القول فيه وجود، وأربى على كل من ذهب ذلك المذهب، وأكثر شعره حكم وأمثال، وكان سهل القول، قريب المأخذ، بعيدا عن التكلف مقدما في الطبع. «4» .
نقلت من أخبار أبي العتاهية «5» للآمدي- وذكر كاتبها أنه نقلها من خط الآمدي- قال: وكان مولد أبي العتاهية سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ويقال: بل ولد في سنة ثلاثين ومائة.(4/1751)
قال: وكان في صباه غلاما مليحا قصيفا، له وفرة جعدة سوداء.
قال: وقال المبرد: بل كان قبيح الوجه، مليح الحركات والشمائل، حلو الانشاد، وكان منشأه الكوفة، وبها تأدب، وكان اعتزاؤه الى بني نصر بطن من عنزة بن أسد بن ربيعة، وكانت أم أبي العتاهية تدعى أم زيد بنت زياد، وكان زياد من عظماء أهل بخارى، (146- و) وكان انقطاع أبي العتاهية لما آثر الاتصال بالسلطان الى أبي عصمة حماد بن سالم الشيعي، من أهل كرمان، وسالم هذا مولى أبي الهندي الشاعر، فأثبت أبو عصمة اسم أبي العتاهية في ديوانه في خلافة المنصور وجعله أحد أصحابه الى أن صرف أبو عصمة فأسقط من الديوان.
قال: وكان لأبي العتاهية ابن يقال له محمد، ويكنى أبا عبد الله، وابنتان يقال لأحدهما بالله والأخرى لله، وأمهم يقال لها هاشمية بنت عمرو اليمامي مولى معن بن زائدة، كان اشتراها واستولدها.
وقال: وكان معن أعتق عمرا وولده، فلما توفي معن بيع ولد عمرو وهم:
ابنان وأربع بنات، فاشترى أبو العتاهية هاشمية وأخويها.
قال: وقيل كيسان جد أبيه لقب، وأبو سويد اسمه، ولقب كيسان في صغره لذكائه وكيسه، وكان من أهل عين التمر من النيف والسبعين صبيا الذين سباهم خالد في خلافة أبي بكر، ولم يكن فيهم من أولاد الأعاجم غير سيرين أبي محمد بن سيرين، فأمر بهم أبو بكر رضي الله عنه ففرقوا في عشائرهم، فدفع أبو سويد الى عباد بن رفاعة العنزي أحد بني نصر لأنه ذكر أنه من عنزة فتبناه، وكان معه بالكوفة في عسكر سعد بن أبي وقاص أيام القادسية، فلما أدرك كيسان نزل له عباد عن سرية كانت له وكان له منها ولد يقال له زيد، فولدت لكيسان ابنا سماه سويدا، وكان زيد بن عباد وسويد بن كيسان أخوين لأم، ثم ان عبادا وكيسان توفيا وأعقب زيد بنين، ثم توفي فكان سويد الكافل لهم، والقائم بأمرهم، وولد (146- ظ) لسويد القاسم أبو أبي العتاهية، ومحمد واسماعيل وعبد الرحمن وحسان، فهؤلاء الأربعة عمومة أبي العتاهية.(4/1752)
ونقلت من كتاب المستنير «1» في أخبار الشعراء تأليف أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمد بن أبي العتاهية الملقب بعتاهية قال: اسم أبي اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، وكنيته أبو اسحاق، وهو مولى لعباد ابن رفاعة العنزي، وكان كيسان جده من أهل عين التمر.
قال المرزباني: وحدثني علي بن هارون قال: أخبرني أبي قال: أبو العتاهية اسمه اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان مولى عنزة، يقال مولى لعطاء بن محجن العنزي، أحد بني نصر بن سعد بن حبّان، ويقال اسمه ابراهيم بن اسحاق ويكنى أبا اسحاق.
قال: وذكر عافية بن شبيب عن علي بن بريد أن أبا العتاهية اسمه اسماعيل ابن ابراهيم، وكان جرارا من أهل الكوفة يبيع الخزف.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال: كان سبب اسم أبي حي، سمي اسماعيل أن أحد عمومته كان اسمه اسماعيل، وعمومته أربعة: محمد، واسماعيل، وعبد الرحمن، وحسان بنو سويد بن كيسان، وكان يقال انه من عنزة، وكان كيسان في وقت دخول خالد بن الوليد الكوفة صبيا صغيرا يتيما من أبويه جميعا، فكفله قرابة له، ولم يكن محمد ابنه يخبر من أمره أكثر من هذه الجملة.
قال: فدخل خالد الناحية، وكيسان صغير يتيم، فوقع في يد (147- و) خالد مع عدة من الصبيان، فوجه بهم الى أبي بكر الصديق، وكان عباد بن رفاعة العنزي، أحد بني نصر بن سعد، وهم بطن من بني يقدم بن عنزة بن أسد بن ربيعة ابن نزار حاضرا لأبي بكر وقت موافاته بالصبية، فلما سائلهم أبو بكر عن أنسابهم خبره كل واحد منهم بمبلغ معرفته بنسبه، ووقع في أذن عباد بن رفاعة من كيسان ذكر عنزة، فسأل أبا بكر هبته له، فأجابه الى ذلك بعد أن كان كيسان قد حصل لأبي بكر خالصا لنفسه، وكيسان لقب غلب عليه في قطنه «2» ، لكيسه وتوقده في حال(4/1753)
صعره وذكائه، فكان كيسان في يد عباد، وتبنّاه حتى شب، وأدخله معه الكوفة في معسكر سعد بن أبي وقاص يوم القادسية، وكان لعباد ابن من سرية له اسمه زيد، فلما بلغ كيسان مبلغ الرجال أعتق عباد أم ولده، وزوجه بها، فولدت له ابنا فسماه عباد بن رفاعة سويدا، فكان زيد بن عباد وسويد بن كيسان أخوين لأم، وتوفي عباد وبعده كيسان، وبلغ سويد مبلغ الرجال، وقد أعقب زيد أخوه لأمّه عدة بنين، وتوفي زيد أيضا، فكان سويد بن كيسان هو القائم بأمور ولد أخيه زيد، ورزق سويد الولد فكان من ذكور ولده: القاسم، ومحمد، واسماعيل، وعبد الرحمن، وحسان، ثم ان البعث ضرب على ولد زيد بن عباد مع قتيبة بن مسلم الى خراسان، فخرجوا جميعا، وأقام سويد بن كيسان عمهم وولده في ديارهم بالكوفة، وأعقب القاسم بن سويد ابنين وبنتا، فأحد الابنين (147- ظ) اسماعيل أبو العتاهية، وهو أصغر ولده، والآخر زيد وهو بكره، وانما سماه القاسم زيدا باسم عمه زيد بن عباد بن رفاعة، وكانت أم زيد واسماعيل بنت رجل من عظماء أهل بخارى يقال له زياد، ومن ولده يحيى بن جرير، كان بالكوفة له نسل، ويحيى هو ابن خال أبي العتاهية لحّا «1» ، وكان زياد جد أبي العتاهية من قبل أمه مولى محمد ابن هاشم بن عمرو بن عتبة الزهري، زهرة قريش، أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن مالك بن عتبة هو الذي كان على الناس يوم جلولاء الوقيعة «2» ، المرقال «3» من بني عمه.
قال: ولما لم يصح لأبي العتاهية من نسبه أكثر من هذه الجملة اقتصر على الظاهر دون الخفي وانتمى الى ولاء عباد بن رفاعة العنزي من قبل أعمامه، والى ولاء محمد بن هاشم القرشي من قبل أخواله، وكان لا يرى التفاضل بالأنساب والمناكح واجبا، ومما قال في ذلك:(4/1754)
وإذا تناسبت الرجال فما أرى ... نسبا يقاس بصالح الأعمال «1»
وله أيضا يومئ الى ذلك:
ما بال من أوّله نطفة «2» ... وجيفة آخره يفخر «3»
قال: ولم يكن يصاهر إلا الموالي ولا يضع نفسه إلا في جملتهم وعدادهم.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا أبو أحمد البربري قال: حدثني ابن مهرويه قال: حدثني الحسن بن علي قال:
حدثني أحمد بن الحجاج العنزي قال: حدثني صعب بن دوبل أبو دوبل الحداني قال: كنت عند (148- و) مندل وحبّان ابني علي بن الحارث بن قيس العنزي، وهما من ولد عمرو بن عامر بن سعد بن حبان بن حبيب بن أوس بن طريف بن النمر ابن يقدم بن عنزة، فأتاهما أبو العتاهية مشجوجا قد ضرب، فقال لهما: من أنا؟
فقال حبان ومندل: أنت اسماعيل بن القاسم، أخونا وابن عمنا ومولانا، قال: فان فلانا الجرار ضربني وقال لي: يا نبطي، فغضبا له، وقاما معه حتى أخذا له بحقه.
وقال: حدثني أبو عبد الله الحكمي، وأبو بكر الصولي قالا: حدثنا محمد ابن موسى قال: حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني الحسن بن علي البصري قال: حدثني محمد بن محمد بن معاوية الأسدي عن جباره بن المغلس قال:
أبو العتاهية مولى لعطاء بن محجن من سادة أهل الكوفة، فخاصم يسير بن عبد الرحمن العجلي، وكان على شرطة الكوفة، فذهب ليقنّعه «4» فبدر عطاء بن محجن فقنّعه حتى فر منه.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أحمد بن خيثمة قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال: كنية أبي أبو اسحاق، وأبو عتاهية لقب، وكان(4/1755)
المهدي قال له يوما: أنت انسان متعتّه متحذلق تجهدل، فاستوت له من ذلك اليوم كنية غلبت عليه، وسارت له دون اسمه وكنيته.
وقال الآمدي فيما نقلته من كتابه: وقيل انما لقب بهذا اللقب لاضطراب كان في خلقه كأنه معتوه.
قال: ويقال: بل كان ابنه محمد يلقب عتاهية فكني به (148- ظ) .
قلت: وقد روى بعض أصحاب الجاحظ عنه أنه قال: كان أبو العتاهية غلاما بالكوفة مخنّثا، وكان أبوه جرّارا، وكان مولى لعنزة، وكان يلقب بثاته «1» ، فخرج من الكوفة على ذلك، فصار الى بغداد ففتح له من الشعر فقاله، وكسب المال وصار الى ما صار اليه.
وقال أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمّار في أخبار أبي العتاهية: ولم يصنع الجاحظ في قوله «كان مخنثا» شيئا، لكن حالته في أول أمره كانت خسيسة، وكان أبوه من السوقة بالكوفة، ففي كلامه لين وترصيع بطبع رقيق وقريحة صحيحة فكان كلامه نقيّا مختصرا، ومعانيه قريبة المأخذ، وكان يحب أن يحكي كلام كل صنف من الناس.
قرأت في كتاب الورقة تأليف محمد بن داود بن الجرّاح قال: أبو العتاهية اسماعيل بن القاسم كيسان، كوفي، مولى لعنزة، وكان يتكسب بالعشق، ويتوصل الى مدح الخلفاء، وله من الشعر الجيد في الرقيق والمدح والزهد ما ليس لأحد، وعلى ذلك كثر غثاؤه وسقطه، وكان سلم «2» يقول: هو أشعر الأنس والجن «3» .
وقرأت في معجم الشعراء تأليف أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، وأنبأنا به ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله قال:(4/1756)
أبو العتاهية اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان مولى عباد بن رفاعة العنزي الكوفي، وكان كيسان جده من أهل عين التمر، وأبو العتاهية لقب، وكنيته أبو اسحاق، ولقب بذلك لاضطراب كان فيه، ويقال: هو مولى لعطاء بن محجن العنزي أحد بني نصر بن سعد بن حبان (149- و) ويقال: اسم أبي العتاهية ابراهيم بن اسحاق، والاول أصح، وكان جرارا يبيع الخزف بالكوفة، وأمه أم زيد بنت زياد البخاري، مولى لبني زهرة، وولد في سنة ثلاثين ومائة، ومات ببغداد في سنة عشر ومائتين، وقيل في سنة احدى عشرة، وقيل قبل ذلك وبعده، والاول أصح، وقبره في الجانب الغربي من مدينة السلام قبالة قنطرة الزياتين، وكان أبيض اللون، أسود الشعر، قصيفا، طريقا له وفرة جعدة، وهيئة حسنة، وخضب في آخر عمره بالحناء، وأخباره مع المهدي، والهادي، والرشيد، والامين، والمأمون مشهورة، وكان ذا منزلة عند الخلفاء والوزراء وعلية أهل الدولة، ومذهبه في سهولة الطبع وقرب المأخذ، والبعد من التكلف متعالم غير مدافع، حتى أن قائلا لو قال: انه أطبع الناس أجمعين لما خولف في قوله، وهو مفتن في سائر أجناس الشعر وأنفذ قوله في آخر عمره فيما لم يشركه أحد ممن تقدمه من الشعراء ولا من تأخر عنه من القول في الزهد، والمواعظ، والعبر، والامثال «1» .
وقرأت في كتاب المستنير لأبي عبيد الله المرزباني قال: حدثني علي بن أبي عبد الله الفارسي قال: أخبرني أبي عن أبي دعامة علي بن بريد قال: كان أبو العتاهية كوفيا مولى لعنزة، وكان جرارا، وكان أبوه يكنى أبا اسماعيل، وكان في الديوان دهرا، فلما نسك أبو العتاهية، وترك الديوان، وقال في الزهد، تعلم الحجامة ليذل نفسه بذلك ويتواضع به، فأخبر يحيى بن (149- ظ) خالد، فقال: ما دعاه الى هذا؟ قيل: أراد أن يذل نفسه، قال: أما كانت له صناعة قبل هذا؟ قيل: بلى، كان يبيع الجرار، فقال: لقد كان له في بيع الجرار من الذل ما يغنيه عن الحجامة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي بالقاهرة قال:
أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أيوب(4/1757)
البزاز، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو علي الطوماري قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا أبو العباس المبرد عن الرياشي قال: أقبل أبو العتاهية ومعه سلة محاجم، فجلس الينا وقال: لست أبرح أو تأتوني بمن أحجمه، فجئناه ببعض عبيدنا فحجمه، ثم أنشأ يقول:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم ... وحبّك للدنيا هو الذلّ والعدم
وليس على عبد تقي نقيصة ... إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم «1»
قرأت في كتاب المستنير للمرزباني عن محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه قال: وأخبرني الحسين بن محمد العرمرم قال: أخبرنا محمد بن يزيد النحوي قال: كان أبو العتاهية يبيع الجرار بالكوفة، وكانت له ابنتان سمى أحدهما بالله والأخرى لله، فخطب إحداهما منصور بن المهدي، فلم يزوجه أبو العتاهية، وقال: إنما مالت نفسه إليها لأنها بنت أبي العتاهية وأن اسمها لله، وكأني به في غد قد ملها وضامها، فلم يكن الى الانتصاف منه سبيل، وما كنت لأزوجها إلا بائع جرار (150- و) لا يطول عليها، ولكني أختاره مؤسرا.
وقال: حدثني علي بن أبي عبد الله الفارسي قال: أخبرني أبي قال: حدثني علي بن مهدي قال: حدثني عبد الله بن عطية قال: رأيت أبا العتاهية أيام محمد «2» على قنطرة الصراة شيخا مخضوبا عليه رداء ونعل، يوم الجمعة والناس يمرون الى الصلاة وهو يمشي وخلفه غلام له على حمار، فسألت غلامه لم لا يركب؟ قال:
لا يمضي الى صلاة الجمعة إلا راجلا، فإذا انصرف ركب. (150- ظ)(4/1758)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي وقال أبو عبيد الله المرزباني: حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني محمد ابن موسى البربري قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثني يحيى بن الحسن قال: أخبرني محمد بن سعيد بن منصور خال المهدي قال: كان أبو العتاهية من أهل الكوفة، وكانوا ستة أخوة يتصرفون في تجاراتهم، وكان أبو العتاهية أوضعهم حالا، فقالت له أمه: كم تصبر على هذا الضر وتنتظر ما يكون من اخوتك، فلو صرت الى بغداد، فأطاع أمرها، وصار الى بغداد واتخذ تختا يبيع فوقه الفلوس، قال أبو العتاهية: فحضرتني أبيات قلتها في سعيد بن منصور فقال لي: لو قلت شيئا في أمير المؤمنين المهدي أوصلته إليه، فقلت أبياتا على الدال منها:
شهدت قريش والقبائل كلها ... بفضل أمير المؤمنين محمد «1»
فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فأخذتها، وانفتح لي الشعر فقلت فيه،، فأمر لي بمثلها حتى وصل إليّ منه مائة ألف درهم، وكان سعيد بن منصور السبب في ذلك، ثم انفتحت لي الأمور.
وقال: حدثني محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال: كان أبي في صغره أحد أهل الفتك والمزح، ولم يكن له تشاغل عن الأدب بشيء، وكان مكفيا قد ورث أباه عقارا يقيمه، وكان يأتي الحيرة ونواحيها كثيرا (152- و) للنزهة والشرب هناك.
وقال: كان أبي يسلك في الأدب مسلك عبد الله بن المقفع، ولم يكن يقدم على علوم الأوائل من الهند والروم وأهل فارس علما، ولا يزيد على حكمتهم شيئا،(4/1759)
وكان يقول بالتوحيد غير أنه كان يزعم أن الله عز وجل أحدث جوهرين متضادين لا من شيء، ثم إنه بنى العالم هذه البنية منهما، وكان يقول: إن العالم حديث العين والصنعة لا محدث له ولجميع ما فيه إلا الله تعالى وحده، كان يزعم أن الله عز وجل سيعيد كل شيء مما خلق على هذه الصنعة الى الجوهرين المتضادين، أو قال:
الأصلين الحديثين لا من شيء قبل أن تفنى الأعيان جميعا، وكان يذهب الى أن المعارف واقعة بقدر الفكر والبحث والاستدلال طباعا، وكان يقول: إن الله عز وجل لم يزل موصوفا بالحي، «وإنه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار» «1» وكان يذهب الى أن الحوادث كلها خيرها وشرها مذ برأ الله العالم والى أن يبيده فلكية على مذهب الزيدية، وكان يتشيع لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن يتنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من أمهات المؤمنين رحمهن الله، ولم يكن يرى الخروج على السلطان، ولا يرى الجدل والمراء في الدين، وكان يذهب الى خلع الدنيا والزهد فيها والتصوف والقناعة، وكان يقول: الاستطاعة مع (152- ظ) الفعل، وإن الله عز وجل قضى السيئات والحسنات.
وقال: كانت لأبي جارة تشرف على سطحه، فرأته ليلة يقنت، فروت عنه أنه يكلم القمر، واتصل الخبر بحمدويه «2» صاحب الزنادقة، فصار الى منزلها وبات وأشرف على أبي العتاهية فرآه يصلي، فلم يزل يرقبه حتى قنت وصار الى مضجعه، فانصرف حمدويه خاسئا.
قال المرزباني: أخبرني محمد يحيى قال: حدثنا أبو ذكوان قال: حدثنا العباس بن رستم قال: كان حمدويه صاحب الزنادقة أراد أن يأخذ أبا العتاهية ففزع من ذلك فجلس حجاما.
قال المرزباني: أخبرني الصولي قال: حدثني عون بن محمد قال: سمعت العباس بن رستم يقول: كان أبو العتاهية مذبذبا في مذهبه، يعتقد شيئا، فإذا سمع طاعنا عليه ترك اعتقاده وأخذ غيره، قال: وشعره يدلك على ذلك.(4/1760)
وقال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثني شيخ من مشايخنا قال: حدثني أبو شعيب الحجام صاحب ابن أبي دؤاد قال: قلت لأبي العتاهية: القرآن مخلوق أو غير مخلوق؟
فقال: سألت عن الله أو غير الله؟ قلت: عن غير الله، فأمسك حتى أعدت عليه هذا مرات، يقول لي مثل قوله، فقلت: مالك لا تجبيبني؟ قال: قد أجبتك، ولكنك حمار.
قال: وأخبرني محمد بن العباس قال: حدثني أبو أحمد يحيى بن علي قال:
حدثني ابن مهرويه قال: حدثنا العباس بن ميمون طائع عن رجاء بن سلمة قال:
سمعت أبا العتاهية يقول: قرأت البارحة «عم يتساءلون» ثم قلت قصيدة خيرا منها.
وقال: (153- و) أخبرني الحسين بن علي قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني أحمد بن سليمان الحنفي قال: حدثني أبي قال: شهد رجل على أبي العتاهية بالزندقة، ونحن بطوس مع الرشيد، فحبسه الرشيد منذ غدوه إلى العصر، وطلبوا شاهدا آخر فلم يجدوا فأطلقه، ثم حبسه ثانية، فدخلنا عليه الحبس فأنشدنا:
هي الأيّام والعبر ... وأمر الله ينتظر
أتيأس أن ترى فرجا ... فأين الله والقدر «1»
فأطلقه الرشيد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أذن لنا أن نرويه- قال:
أخبرنا أبو منصور القزّاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا محمد بن العباس بن محمد الخزّار قال:
حدثنا محمد بن المرزبان قال: أخبرني عبد الله بن محمد قال: أخبرني الحسين ابن عبد الرحمن قال: قال الرشيد لأبي العتاهية: الناس يزعمون أنك زنديق؟! فقال: يا سيدي كيف أكون زنديقا وأنا القائل:(4/1761)
أيا عجبي كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده جاحد
وفي كل شيء له آية ... تدلّ على أنّه واحد «1»
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب قال: حدثنا عبد الواحد ابن محمد الخصيبي (153- ظ) قال: حدثني أبو الفضل ميمون بن هرون قال:
حدثني العبر قال: جلس منصور بن عمار بعض مجالسه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنّي أشهدكم أنّ أبا العتاهية زنديق، فبلغ ذلك أبا العتاهية، فكتب إليه:
إنّ يوم الحساب يوم عسير ... ليس للظالمين فيه نصير
فاتخذ عدة لمطلع القب ... ر وهول الصراط يا منصور
ووجه بها أبو العتاهية الى منصور، فندم على قوله، وحمد الله وأثنى عليه وقال: أشهدكم أن أبا العتاهية قد اعترف بالموت والبعث، ومن اعترف بذلك فقد برىء مما قذف به «2» .
قرأت في كتاب المستنير للمرزباني قال: حدثني علي بن أبي عبد الله قال:
أخبرني أبي قال: حدثني علي بن مهدي الكسروي قال: حدثني محمد بن يزيد العميّ عن عمرو بن مالك المذاري قال: كان أبو العتاهية من عندنا وكان أبوه بياع الجرار، وكان ضيق المعاش، وكان أبو العتاهية كثيرا ما يجالس من يجتاز بنا من النساك، وكان قليل العلم، فخرج مع بعض النساك فأقام بعبادان حينا، فرجع وقد تفقه وحسن أدبه، وقال الشعر في الزهد، ثم شخص إلى الكوفة فتأدب هناك، ثم قدم بغداد ورأى نفسه متخلفة عن أولئك الشياطين، وأراد أن يكون له سبب الى الملوك يتعيش به، فأشار عليه الهيثم بن عدي أن يشببب بالخيزران، فجبن(4/1762)
عن ذلك، فأغراه بعتبة جارية ريطة بنت أبي العباس، فلبس مدرعة صوف، وطلب عتبة (154- و) وسأل عنها فدل عليها وهي تسأل بعض عجائز القصر أرق مسألة، فتعرض لها أبو العتاهية فقال:
فديتك تجميش «1» العجوز بلية ... ولا سيما من برة متبتلة «2»
فأمرت فوجىء في عنقه ورأته في زي مجنون فخلت سبيله، فرجع إلى الهيثم ابن عدي فشكا إليه، فقال: إنما أشرت عليك أن تشبب بها وتدعي عشقها، لم أشر عليك أن تأمرها بالمعروف وتنهاها عن المنكر، وقد وقع الجنون بحيث أردت فالزم هذا فعسى ان تنال خيرا، ففعل فكان يتبع عتبة في الطرقات وينشدها أشعاره، وإذا دخلت إلى بيتها جلس لها حتى تخرج، فاستطرف الناس ذلك منه، وكنوه بأبي العتاهية، وضرب وحبس فلم يزده ذلك إلّا بصيرة في أمره، وكان ذلك سببا له إلى بلوغ ما أمّل.
أخبرنا عبد الصمد بن الحرستاني- إذنا- قال: أخبرنا أبو الحسن بن أحمد الغساني قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال:
حدثني محمد بن موسى البربري قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الهاشمي عن أبي شعيب أحمد بن يزيد صاحب ابن أبي دؤاد قال: قلت لأبي العتاهية: يا أبا اسحاق حدثني بقصتك مع عتبة فقال لي: أحدثك، قدمنا من الكوفة ثلاثة فتيان شبابا أدباء، وليس لنا ببغداد من نقصده، فنزلنا غرفة بالقرب من الجسر فكنا نبكر فنجلس في المسجد (154- ظ) الذي بباب الجسر في كل غداة، فمرت بنا يوما امرأة راكبة معها خدم سودان، فقلنا: من هذه؟ قالوا: خالصة، فقال أحدنا: قد عشقت خالصة، وعمل فيها شعرا فأعناه عليه، ثم لم يلبث أن مرت أخرى راكبة معها خدم بيضان، فقلنا: من هذه؟ فقالوا عتبة، فقلت: قد عشقت عتبة، فلم نزل كذلك في كل يوم الى أن التأمت لنا أشعار كثيرة، فدفع صاحبي شعره الى خالصة ودفعت أنا شعري الى عتبة، وألححنا الحاحا شديدا، فمرة تقبل أشعارنا، ومرة نطرد، الى(4/1763)
أن جدوا في طردنا، فجلست عتبة يوما في أصحاب الجوهر، ومضيت فلبست ثياب راهب، ودفعت ثيابي الى انسان كان معي، وسألت عن رجل كبير من أهل السوق، فدللت على شيخ صانع، فجئت إليه فقلت: إني قد رغبت في الاسلام على يدي هذه المرأة، فقام معي وجمع جماعة من أهل السوق، وجاءها فقال: إن الله قد ساق إليك أجرا، هذا راهب قد رغب في الاسلام على يديك، قالت: هاتوه، فدنوت منها فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وقطعت الزنار، ودنوت فقبلت يدها، فلما فعلت ذلك رفعت البرنس فعرفتني، فقالت: نحوه لعنه الله، فقالوا: لا تلعنيه فقد أسلم، فقالت: إنما فعلت ذلك لقذره، فعرضوا علي كسوة، فقلت ليست بي حاجة الى هذه، وإنما أردت أن أشرف بولائها، فالحمد لله الذي من علي بحضوركم، وجلست فجعلوا يعلمونني الحمد، وصليت (155- و) معهم العصر وأنا في ذاك بين يديها أنظر إليها لا تقدر لي على حيلة، فلما انصرفت لقيت خالصة فشكت إليها، فقالت: ليس يخلو هذان من أن يكونا عاشقين أو مستأكلين، فصح عزمهما على امتحاننا بمال على أن ندع التعرض لهما، فإن قبلنا المال فنحن مستأكلان وإن لم نقبله فنحن عاشقان، فلما كان الغد مرت خالصة فعرض لها صاحبها فقال له الخدم: اتبعنا فاتبعهم، ثم لم نلبث أن مرت عتبة فقال لي الخدم: اتبعنا، فاتبعتهم، فمضت بي الى منزل خليط لها بزاز «1» ، فلما جلست دعت بي فقالت لي: يا هذا إنك شاب وأرى لك أدبا، وأنا حرمة خليفة، وقد تأنيتك فإن أنت كففت وإلا أنهيت ذلك الى أمير المؤمنين، ثم لم آمن عليك.
قلت: فافعلي بأبي أنت وأمي، فإنك إن سفكت دمي أرحتني، فأسألك بالله إلّا فعلت ذلك، إذ لم يكن لي فيك نصيب، فأما الحبس والحياة ولا أراك فأنت في حرج من ذاك، فقالت: لا تفعل يا هذا وأبق على نفسك وخذ هذه الخمسمائة الدينار واخرج عن هذا البلد، فلما سمعت ذكر المال وليت هاربا، فقالت: ردوه، فلم تزل تردني فقلت: جعلت فداءك ما أصنع بعرض من الدنيا وأنا لا أراك، وإنك لتبطئين يوما واحدا عن الركوب فتضيق بي الأرض بما رحبت، وهي تأبى إلا ذكر المال حتى جعلت لي ألف دينار، فأبيت وجاذبتها مجاذبة شديدة وقلت: لو أعطيتني جميع(4/1764)
ما يحويه الخليفة ما كانت لي فيه حاجة وأنا لا أراك بعد أن أجد السبيل الى رؤيتك، وخرجت (155- ظ) فجئت الغرفة التي كنا ننزلها فإذا صاحبي مورم الأذنين، وقد امتحن بمثل محنتي فلما مد يده الى المال صفعوه، وحلفت خالصة لئن رأته بعد ذلك لتودعنه الحبس، فاستشارني في المقام فقلت: اخرج وإياك أن يقدر عليك، ثم التقتا فأخبرت كل واحدة صاحبتها الخبر، وأحمدتني عتبة وصح عندها أني محب محق، فلما كان بعد أيام دعتني عتبة فقالت بحياتي عليك إن كنت تعزها إلا أخذت ما يعطيك الخادم فأصلحت به من شأنك، فقد غمني سوء حالك، فامتنعت، فقالت: ليس هذا مما تظن، ولكني لا أحب أن أراك في هذا الزي، فقلت: لو أمكنني أن تريني في زي المهدي لفعلت ذلك، فأقسمت عليّ، فأخذت الصرة فإذا فيها ثلاثمائة دينار، فاكتسيت كسوة حسنة واشتريت حمارا.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو حنيفة عبد الوهاب بن علي بن الحسن المؤدب قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ابراهيم الحكيمي قال:
أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا عتاهية بن أبي عتاهية قال: أقبل أبي يمدح المهدي ويجتهد في الوصول إليه، فلما تطاولت أيامه أحب أن يشهر نفسه بأمر يصل إليه، فلما بصر بعتبة راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة تعرض لها وأمل أن يكون تولعه بها هو السبب الموصل الى محبته وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها، والتفرد بذكرها واظهار شدة (156- و) عشقها، وكان أول شعر قاله فيها:
راعني يا يزيد صوت الغراب ... لحذاري للبين من أحبابي
يا بلائي ويا تقليل أحشائي ... ونفسي لطائر نعاب
أفصح البين بالنعيب وما ... أفصح لي في نعيبه بالإياب
فاستهلت مدامعي جزعا منه ... بدمع ينهل بالتسكاب
ومنعت الرقاد حتى كأني ... أرمد العين أو كحلت بصاب(4/1765)
قلت للقلب إذ طوى وصل ... سعدى لهواه البعيد بالأنساب
أنت مثل الذي يفر من القط ... ر حذار الندى الى الميزاب «1»
وهي طويلة.
قال: وقال في عتبة:
ولقد طربت إليك ح ... تى صرت من ألم التصابي «2»
يجد الجليس إذا دنا ... ريح الصبابة في ثيابي
وقال فيها أيضا:
وإني لمعذور على طول حبها ... لأن لها وجها يدلّ على عذري
إذا ما بدت والبدر ليلة تمه ... رأيت لها فضلا مبينا على البدر
وتهتز من تحت الثياب كانها ... قضيب من الريحان في ورق خضر
أبى الله إلّا أن أموت صبابة ... بساحرة العينين طيبة النشر
وتبسم عن ثغر نقي كأنه من ... اللؤلؤ المكنون في صدف البحر
(156- ظ)
يخبرني عنه السواك بطيبه ... ولست به لولا السواك بذي خبر «3»
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني بحلب قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر ببغداد قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير- يعني ابن بكار- قال: حدثني جعفر بن الحسين اللهبي قال: أرسل أمير المؤمنين المهدي يوما الى أبي العتاهية فدعاه فقال:
أنت الذي يقول في عتبة:
الله بيني وبين مولاتي ... أبدت لي الصدّ والملامات(4/1766)
متى وصلتك حتى تنكر صدها عنك؟ قال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول:
يا ناق سيرى بنا ولا تعدي ... نفسك مما ترين راحات
حتى تنيخي بنا الى ملك ... توّجه الله بالمهابات
يقول للريح كلما صفقت: ... هل لك يا ريح في مباراتي «1»
قال: فأطرق مليا وجعل ينكت بقضيب كان في يده، ثم رفع رأسه فقال: أنت الذي تقول:
ألا ما لسيدتي مالها ... لقد سكن الحبّ سر بالها
ما يدريك ما في سر بالها؟ فقال: يأمير المؤمنين وأنا الذي أقول:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
(157- و)
فلم تك تصلح إلا له ... ولا كان يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
قال: فنكس رأسه ونكت بقضيبه، ثم رفع رأسه فسأله عن شيء فعيي بجوابه، فأمر به فجلد، ثم أخرج مجلودا فلقي عتبة على الباب فقال:
بخ بخ يا عتب من مثلكم ... قد قتل المهدي فيكم قتيل
قال: فدخلوا فأخبروا المهدي بما قال: فضحك، ثم أمر له بعشرين ألف درهم فأخذها، فلما خرج كان على الباب المرابطة فقسمها فيهم، فأخبر المهدي بذلك، فدعاه فقال له: ما الذي حملك على أن أكرمتك بكرامة فقسمتها؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما كنت لآكل ثمن من أحببت، فأطلقها له، وتقدم إليه ألا يبذرها «2» .
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو حنيفة المؤدب قال: حدثنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا(4/1767)
عسل بن ذكوان قال: أخبرنا دماذ عن حماد بن شقيق قال: قال أبو سلمة الغنوي: قلت لأبي العتاهية: ما الذي صرفك عن قول الغزل الى قول الزهد؟ قال:
إذا والله أخبرك، إني لما قلت:
الله بيني وبين مولاتي ... أهدت لي الصدّ والملالات
منحتها مهجتي وخالصتي ... فكان هجرانها مكافاتي
(157- ظ)
هيّمني حبّها وصيّرني ... أحدوثة في جميع جاراتي «1»
رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال: ما أصبت أحدا تدخله بينك وبين عتبة يحكم لك عليها بالمعصية إلا الله تعالى؟! فانتبهت مذعورا، وتبت الى الله من ساعتي من قول الغزل.
وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب مروج الذهب: قال أبو العباس يحيى ثعلب: كان أبو العتاهية قد أكثر مسألة الرشيد في عتبة، فوعده بتزويجها، إن أجابت وتجهيزها ثم إن الرشيد سنح له شغل فحجب عنه أبو العتاهية فدفع الى مسرور الكبير ثلاث مراوح، فدخل بها مبتسما فقرأ الرشيد على إحداهن:
ولقد تنسّمت الرياح لحاجتي ... فإذا لها من راحتيك نسيم
قال: أحسن الخبيث، وإذا على الأخرى:
أعلمت نفسي من رجائك ماله ... عنق يخبّ اليك بي ونسيم
فقال: وقد أجاد، وإذا على الأخرى:
ولربما استيأست ثم أقول لا ... إن الذي ضمن النجاح كريم
فقال: قاتله الله، ثم دعا به فقال: ضمنت لك يا أبا العتاهية وإني قاعد لقضاء حاجتك، وبعث الى عتبة: انتظريني الليلة في منزلك فلي اليك حاجة، فصارت هي اليه، فحلف ألا يذكر حاجته الا عندها، فلما كان الليل صار اليها في خواص خدمه(4/1768)
فقال: لست أذكر حاجتي أو تضمنين لي قضاءها (158- و) قالت: أنا أمتك وأمرك في نافذ إلا أبا العتاهية فإني حلفت لأبيك رضي الله عنه بأيمان لاتحد كفارتها بالمضي الى مكة حافية، كلما قضيت حجة وجبت حجة أخرى، وكلما أفدت شيئا تصدقت به، وبكت بين يديه، فرحمها ورقّ لها، وانصرف عنها، وغدا عليه أبو العتاهية لا يشك في الظفر، فقال له: ما قصرت في أمرك، ومسرور وحسين ورشيد وغيرهم شهود لي، وشرح له الخبر.
قال أبو العتاهية: لما خبرني بذلك لم أدر أين أنا، ثم قلت: الآن يئست منها إذ ردّتك، وعلمت أنها لا تجيب أحدا بعدك، فلبس الصوف وقال:
قطعت منك حبائل الآمال ... وخططت عن ظهر المطيّ رحالي
ووجدت برد اليأس بين جوانحي ... فغنيت عن حل وعن ترحال «1»
وذكر أبو عبيد الله المرزباني في كتاب المستنير، وقرأته فيه في أخبار أبي العتاهية، وأخبرنا به إجازة أحمد بن الأزهر بن السباك قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا الزبير بن بكار قال:
حدثني ثابت بن الزبير بن حبيب قال: أخبرني ابن أخت أبي خالد الحراني قال:
قال لي هرون الرشيد: احبس أبا العتاهية حتى يقول شعرا رقيقا، وأمرني بالتضييق عليه، قال: فأخذته فحبسته في بيت خمسة أشبار في خمسة أشبار، فصاح الموت، أخرجوني أنا أقول لكم ما شئتم، قال: فقلت له: فقل، فقال: أخرجني حتى أتنفس فأخرجته وأعطيته قرطاسا ودواة فكتب فيه: (158- ظ) .
من لعبد أذله مولاه ... ما له شافع اليه سواه
يشتكي ما به اليه ويخشا ... هـ ويرجوه مثلما يخشاه «2»
قال: فجئت بها مسرورا، فأدخلها الى أمير المؤمنين، فتقدم الرشيد الى ابراهيم الموصلي فغنّى بها، ودعا به فقال: أنشدني:(4/1769)
يا عتب سيدتي أمالك دين ... ......
فأنشده إياها، فوعده أن يزوجه بها، فلما خرج قال له النساء: إنه شبّب بها وشهرها في الناس وان زوجته اياها حققت عليها ما قال فيها، فأمر له عوضا من ذلك بخمسين ألف درهم.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال: غنّي الرشيد يوما في شعر أبي وهو في الحبس:
خليليّ مالي لا تزال مضرّتي ... تكون على الأقدار حتما من الحتم
كفاك بحق الله ما قد ظلمتني ... فهذا مقام المستجير من الظلم
ألا في سبيل الله جسمي وقوتي ... أما مسعد حتى أنوح على جسمي «1»
فأمر الرشيد بإحضاره فقال له: أيجوز لك هذا، بالأمس ينهاك أمير المؤمنين المهدي عن القول في عتبة فتأبى إلا لجاجا ومحكا، واليوم آمرك بالقول فيها فتأبى ذلك؟! قال: يا أمير المؤمنين ان الحسنات يذهبن السيئات، كنت أقول في الغزل ولي شباب وحدة، وبي حراك وقوة، واليوم فأنا شيخ ضعيف لا يحسن بمثلي لهو ولا تصاب، فقال: والله لا رضيت منك (159- و) إلا بالذي كنت عليه، ثم قال له:
أنشدني بعض ما قلت فيها، فسكت، فقال: والله لتنشدني شيئا من ذلك، فأنشده:
نفسي بشيء من الدنيا معلقة ... الله والقائم المهدي يكفيها
إني لآيس منها ثم يطمعني ... فيها احتقارك للدنيا وما فيها «2»
فقال له الرشيد: هل لك في التزويج بها؟ قال: لا والله، قال: انك ان قبلت ذلك خليت سبيلك وزدت في منزلتك، قال: عليّ عهد الله عز وجل ألا أتزوج على أم ولدي حتى ألقى الله، فاعفني من ذلك يا أمير المؤمنين عفا الله عنك، فأمر الرشيد برده الى الحبس.(4/1770)
وقال المرزباني: حدثني علي بن الفارسي قال: أخبرني أبي قال: حدثني علي بن مهدي عن أحمد بن حمدون قال: أخبرني مخارق قال: لما تقرّأ «1» أبو العتاهية ولبس الصوف، أمره الرشيد أن يقول شعرا في الغزل، فامتنع فضربه ستين عصا، وحلف ألا يخرج من حبسه حتى يقول شعرا في الغزل فلما رفعت المقارع عنه قال للرشيد: كل مملوك له حر، ومرته طالق ان تكلم سنة إلا بلا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأن الرشيد تحوّب «2» مما فعل به، فأمر بأن يحبس في دار ويوسع عليه، ولا يمنع من الدخول اليه.
قال مخارق: وكانت الحال بيني وبين ابراهيم الموصلي لطيفة، فكان لا يزال يبعث بي اليه في الايام أتعرف خبره، فاذا ادخلت اليه الى حبسه وجدت بين يديه ظهورا ودواة يكتب إليّ بجميع ما يريد، وأكلمه أنا، فمكث كذا سنة، واتفق (159- ظ) أن ابراهيم صنع صوته:
أعرفت أن الحيّ بالحجر ... فسر وريان فقبّة العمر
وهجرتنا وألفت رسما باليا ... والرسم كان أحق بالعمر «3»
فقال لي ابراهيم: اذهب الى أبي العتاهية حتى تغنيه هذا الصوت، فأتيته في اليوم الذي تنقضي فيه يمينه، فكتب إليّ بعد أن غنيته: هذا اليوم الذي تنقضي فيه يميني، فأحب أن تقيم عندي الى الليل، فأقمت عنده نهاري كله حتى إذا أذّن الناس المغرب، كلمني فقال: مخارق، قلت: لبيك، قال: قل لصاحبك: يا ابن الزانية، أما والله لقد أبقيت للناس فتنة الى يوم القيامة، فانظر أين أنت من الله غدا، قال مخارق: فقلت له: دعني من هذا، قلت شيئا نتخلص به من هذا الموضع؟ قال:
قد قلت في امرأتي شعرا، قلت: فأنشدنيه، فأنشدني:(4/1771)
من لقلب متيم مشتاق ... شقّه شوقه وطول الفراق
طال شوقي الى قعيدة بيتي ... ليت شعري فهل لنا من تلاق
فهي حظي قد اقتصرت عليها ... من ذوات العقود والاطواق
جمع الله عاجلا بك شملي ... عن قريب وفكّني من وثاقي «1»
قال: فكتبتها وصرت بها الى ابراهيم، فصنع فيها لحنا، ثم دخل على الرشيد، فكان أول ما غنّاه في ذلك المجلس، فأعجبه، وقال: لمن هذا الغناء والشعر؟ قال:
ابراهيم: أما الغناء فلي، وأما الشعر فلا سيرك أبي العتاهية، قال: أو فعل؟ قال:
نعم قد كان ذاك، فدعا (160- و) به، ثم قال لمسرور: كم كنا ضربنا أبا العتاهية؟
قال: ستين عصا، فأمر له بستين ألفا، وخلع عليه وأطلقه.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال:
حدثنا محمد بن أبي العتاهية، ح.
قال: وحدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا عبد الله ابن أبي سعد قال: قال لي محمد بن أبي العتاهية: لم يزل أبي يقول الشعر في عتبة الى ان خرج الرشيد في خلافته الى الرقة، وكان أبو العتاهية ينادم الرشيد، ولا يفارقه في سفر ولا حضر إلا في وقت الحج إذا كان بالعراق، وكان الرشيد يجري عليه في كل سنة خمسين ألف درهم سوى المعاون والجوائز، فلما قدم الرشيد الرقة أظهر أبو العتاهية التزهد، وتصوف وترك حضور المنادمة والقول في الغزل، فأمر الرشيد بحبسه فحبس، فلما طالت أيامه في الحبس كتب الى الرشيد قصيدة يقول فيها:
تذكر أمين الله حقي وحرمتي ... وما كنت توليني لعلك تذكر
ليالي تدني منك بالقرب مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت قبلها ... إليّ بها نفسي فداؤك تنظر «2»(4/1772)
فبعث اليه الرشيد لما قرأها: لا بأس عليك، فكتب اليه:
أرقت وطار عن عيني النعاس ... ونام السامرون ولم يواسوا
أمين الله ظلك ظل أمن ... عليك من التقى فيه لباس
وجودك يستهل ندى ويحيا ... به من كل ناحية أناس
(160- ظ)
تساس من السماء بكل سعد ... وأنت به تسوس كما تساس
كأن الخلق في تركيب روح ... له جسد وأنت عليه راس «1»
قال: وحدثني أبو عبد الله الحكمي قال: حدثني محمد بن موسى عن الزبير، ح.
قال: وأخبرني الحسين بن علي قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثني الزبير ابن بكار قال: حدثنا أبو غزيّة قال حدثني أبو يحيى العباداني عن اسحاق بن ابراهيم قال: لمّا حبس الرشيد أبا العتاهية كتب إليّ يسألني أن أتكلم فيه، قال: فكتبت اليه: قد قال أمير المؤمنين ليس عليك بأس، وأنا أتكلم في أمرك وأعمل في خلاصك، قال: فكتب إليّ:
أرقت وطار عن عيني النعاس ... ونام السامرون ولم يواسوا
فديتك ان غم السجن باس ... وقد أرسلت: ليس عليك باس
قال: فعملت فيه لحنا غنيته الرشيد، فقال: لمن هذا الشعر؟ قلت: لأبي العتاهية، فأمر بإطلاقه.
وقال المرزباني: أخبرني ابراهيم بن محمد النحوي عن محمد بن يزيد النحوي قال: كان على الروم امرأة «2» ، وكانت تكتب الى المهدي، والهادي، والرشيد في أول خلافته بالتعظيم والتبجيل، وتدرّ عليهم الهدايا حتى بلغ ابن لها، فصار الملك(4/1773)
دونها، وانما تملك الروم المرأة من أهل بيت المملكة إذا لم تجد منهم رجلا، وكذلك فارس تفعل، فلما بلغ ابنها عاث وأفسد، وخاشن الرشيد، فخافت على ملك الروم أن يذهب، وعلى بلادهم أن تعطب، لعلمها بالرشيد، وخوفها من سطوته، فاحتالت على ابنها فسملت عينه، فبطل من الملك، فعاد اليها، فاستنكر (161- و) ذلك أهل المملكة، وأبغضوها من أجله، فخرج عليها نقفور، وكان كاتبها، فأعانوه وعضدوه، فقام بأمر الملك، وضبط أمر الروم، فلما قوي على أمره، وتمكن من ملكه، كتب الى الرشيد:
من نقفور ملك الروم الى هرون ملك العرب، أما بعد:
فان هذه المرأة كانت قد وضعتك وأباك وأخاك موضع الشاه، ووضعت نفسها موضع الرخّ، وأنا الشاه وأنت الرخ، وقد عزمت على تطرف بلادك والهجوم على أمصارك، أو تؤدي إليّ ما كانت المرأة تؤديه اليك. وكلاما شبيها بهذا، فلما ورد على الرشيد كتب اليه:
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله هرون، أمير المؤمنين، الى نقفور كلب الروم، أما بعد فقد فهمت كتابك، وجوابك عندي: ما تراه فضلا أن تسمعه.
ثم شخص من شهره يؤم بلاد الروم في جمع لم يسمع بمثله، وقواد لا يجارون رأيا ونجدة، فلما بلغ ذلك نقفور ضاقت عليه الارض بما رحبت، وشاور في أمره، وجاء الرشيد حتى توغل بلاد الروم يقتل ويسبي ويغنم، ويخرب الحصون، ويعفي الآثار حتى صار الى طريق متضايقة دون قسطنطينية، فلما بلغها ألفاها وقد أمر نقفور بالشجر فقطع، ورمي به في تلك الطرق، وأشعلت فيه النيران، فكان ذلك ما تحصن به عند نفسه، فقال الرشيد: ما ترون في هذه النيران؟ فكان أول من تلبس ثياب(4/1774)
النفاطين وخاضها محمد بن يزيد بن مزيد الشيباني، ثم اتبعه الناس، فبعث اليه نقفور بالهدايا، وخضع له أكثر الخضوع، وأدى اليه الجزية عن رأسه فضلا عن (161- ظ) أصحابه، ففي ذلك يقول أبو العتاهية:
امام الهدى أصبحت بالدين معنيا ... وأصبحت تسقي كل مستمطر ريا
لك اسمان شقا من رشاد ومن هدى ... وأنت الذي تدعى رشيدا ومهديا
اذا ما سخطت الشيء كان مسخطا ... وان ترضى شيئا كان في الناس مرضيا
بسطت لنا شرقا وغربا يد العلى ... فأوسعت شرقيا وأوسعت غربيا
ووشيت وجه الدين بالجود والندى ... فأصبح وجه الأرض بالروض موشيا
وأنت أمير المؤمنين فتى التقى ... نشرت من الاحسان ما كان مطويا
قضى الله أن صفى لهارون ملكه ... وكان قضاء الله في الخلق مقضيا
تحلبت الدنيا لهارون بالرضا ... وأصبح نقفور لهارون ذميا «1»
فرجع الرشيد عند ما أعطاه نقفور الى الرقة، فلما سقط الثلج، وأمن نقفور أن يغزى، وتمكن بالمهلة من التدبير نقض ما كان بينه وبين الرشيد، ورجع الى حالته الأولى، فلم يجتر يحيى بن خالد، فضلا عن غيره، على اخبار الرشيد بذلك فبذل هو وبنوه للشعراء الأموال على أن يقولوا أشعارا في إعلام الرشيد بغدر نقفور، فكلهم كاع وأشفق إلّا شاعرا من أهل جدة يكنى أبا محمد عبد الله بن يوسف، كان مجيدا جيد النفس، قوي الشعر، فاختصه ذو اليمينين في أيام المأمون، ورفع قدره جدا، فإنه أخذ مائة ألف، وأدخل الى الرشيد فأنشده:
نقض الذي أعطيته نقفور ... فعليه دائرة البوار تدور (162-)(4/1775)
أبشر أمير المؤمنين فإنه ... فتح أتاك به الإله كبير
فتح يزيد على الفتوح تأمنا ... بالنصر فيه لواؤك المنصور
فلقد تباشرت الرعية أن أتى ... بالنقض عنه وافد وبشير
ورجت بيمنك أن تعجل غزوة ... تشفي النفوس نكالها مذكور
أعطاك جزيته وطأطأ خده ... حذر الصوارم والردى محذور
فأجرته من وقعها وكأنها ... من حرها شعل الضرام تطير
وصرفت بالطول العساكر قافلا ... عنه وجارك آمن مسرور
نقفور إنك حين تغدر أن نأى ... عنك الإمام لجاهل مغرور
أظننت حين غدرت أنك مفلت ... هبلتك أمك ما ظننت غرور
ألقاك حينك في زواخر بحره ... فطمت عليك من الإمام بحور
إن الامام على اقتسارك قادر ... قربت ديارك أو نأت بك دور
ليس الامام وإن غفلنا غافلا ... عما يسور لحزمه ويدير
ملك تجرد للجهاد بنفسه ... فعدوه أبدا به مقهور
يا من يريد رضى الإله بسعيه ... والله لا يخفى عليه ضمير
لا نصح ينفع من يغش إمامه ... والنصح من نصحائه مشكور(4/1776)
نصح الإمام على الأنام فر ... يضة ولأهله كفارة وطهور «1»
فلما أنشده قال الرشيد: أوقد فعل؟ وعلم أن الوزراء احتالوا في ذلك، فغزاه في بقية (162- ظ) الثلج، فافتتح هرقلة في ذلك الوقت، فقال أبو العتاهية:
ألا نادت هرقلة بالخراب ... من الملك الموفق للصواب
غدا هرون يرعد بالمنايا ... ويبرق بالمذكرة القضاب
وغايات «2» يحل النصر فيها ... تمر كأنها مر السحاب
أمير المؤمنين ظفرت فاسلم ... وأبشر بالغنيمة والإياب «3»
قال: أراد قول امرئ القيس:
وقد طوفت في الآفاق ... حتى رضيت من الغنيمة بالإياب «4»
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال:
حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم ابن الحسن قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكّري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني علي بن الحسن بن عبيد الشيباني قال:
حدثني هرون بن سعدان قال: كنت جالسا مع أبي نواس في بعض طرق بغداد، وجعل الناس يمرون به وهو ممدود الرجل بين بني هاشم وفتيانهم والقواد وأبنائهم، ووجوه أهل بغداد، فكل يسلم عليه، فلا يقوم الى أحد منهم، ولا يقبض رجله اليه، إذ أقبل شيخ راكبا على حمار مريسي، وعليه ثوبان دبيقيان، قميص ورداء قد تقنع به، ورده على أذنيه، فوثب اليه أبو نواس، وأمسك الشيخ عليه حماره، واعتنقا، وجعل أبو نواس يحادثه وهو قائم على رجليه، فمكثا بذلك (163- و) مليا حتى رأيت أبا نواس يرفع احدى رجليه ويضعها على الاخرى(4/1777)
مستريحا من الاعياء، ثم انصرف الشيخ، وأقبل أبو نواس فجلس في مكانه، فقال له بعض من بالحضرة: من هذا الشيخ الذي رأيتك تعظمه هذا الاعظام وتجله هذا الإجلال؟ فقال: هذا اسماعيل بن القاسم أبو العتاهية، فقال له السائل: لم أجللته هذا الإجلال، وساعة منك عند الناس أكثر منه؟! قال: ويحك لا تفعل فو الله ما رأيته قط إلّا توهمت أنه سماوي وأنا أرضي.
أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي- في كتابه الينا من الاسكندرية- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم المحسن بن حمزة بن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الدّيبلي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي قال: حدثني أبو علي محمد بن همّام عن يعقوب بن اسحاق الرخامي عن أبيه قال: كنت جالسا مع أبي نواس على باب داره بالبصرة، فبينا نحن كذلك اذ أقبل شيخ على حماره، فلما بصر به أبو نواس قام فتلقاه، ومشى معه يحادثه، وشيعه، ثم رجع، فقلت له: بالله ما رأيت كاليوم قط، قال: وما ذاك؟ قلت: أنا جالس معك منذ الغداة يمر بنا طبقات الناس من بني هاشم وغيرهم، ما رأيتك حفلت بأحد منهم، حتى أقبل هذا الشيخ ففعلت به ما رأيت، فقال: أو ما تعرف هذا، هذا أبو العتاهية الذي يقول:
إذا قل مال المرء قل صديقه ... وضاق به عما يريد طريقه (163- ظ)
وقصر طرف العين منه كلالة ... وأسرع فيما لا يحب شقيقه
وذم إليه خدنه طعم عوده ... وقد كان يستحليه حين يذوقه «1»
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال: حدثنا أحمد بن محمد بن اسحاق الوراق قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا ابن أبي شيخ قال: بكرت الى سكة ابن نيبخت في حاجة(4/1778)
فرأيت أبا نواس في السكة، فجلست اليه، فمر بنا أبو العتاهية على حمار، فسلم، ثم أومأ برأسه الى أبي نواس وأنشأ يقول:
لا ترقدن لعينك السهر ... وانظر إلى ما تصنع العبر
انظر الى عبر مصرفة ... إن كان ينفع عينك النظر
وإذا سألت فلم تجد أحدا ... فسل الزمان فعنده الخبر
أنت الذي لا شيء تملكه ... وأحق منك بمالك القدر
قال: فنظر إليّ أبو نواس، ثم قال: «أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون» «1» .
أخبرنا عبد الصمد بن محمد- اذنا- قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال: أخبرنا اسماعيل بن سعيد المعدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: قال لي أبو عبد الله محمد بن القاسم: أخبرني العتبي قال: رؤي مروان بن أبي حفصة «2» واقفا بباب الجسر كئيبا آسفا ينكث بسوطه في معرفة دابته، فقيل له: يا أبا السمط ما الذي نراه بك؟ قال: أخبركم بالعجب، مدحت (164- و) أمير المؤمنين، فوصفت له ناقتي من خطامها الى خفّيها، ووصفت الفيافي من اليمامة الى بابه أرضا أرضا، ورملة رملة، حتى اذا أشفيت منه على غنى الدهر جاء ابن بياعة الفخاخير- يعني أبا العتاهية- فأنشده بيتين، فضعضع بهما شعري، وسواه في الجائزة بي، فقيل له:
وما البيتان؟ فأنشد:
إن المطايا تشتكيك لأنها ... تطوي إليك سبا سبا ورمالا
فإذا رحلن بنا رحلن مخفة ... وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا «3»(4/1779)
قلت: أخذ هذا المعنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو اتكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتعود بطانا» «1» .
نقلت من خط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي، وحدثنا الصدائي عن المبرد عن علي بن عمروس الشاعر عن أشجع السلمي قال: أذن المهدي للشعراء، فدخلت مع من دخل، فاتفق أن جلست الى جانب بشار، فإنا لسكوت اذ سمعنا حسا، فقال لي بشار: من هذا يا أشجع؟ قلت: أبو العتاهية، فقال أترى تحمله قحته وجهله على أن ينشد في مثل هذا المحفل شعرا؟! قلت: لا علم لي، إذ استأذن في النشيد فأذن له، فأنشد:
ألا ما لسيدتي مالها ... أدلت فأحمل إدلالها
قال: فنخسني بشار ثم قال: أما ترى ما أجبس هذا الجاهل، ينشد هذا الشعر الركيك في مثل هذا المحفل العظيم، فلما بلغ الى قوله: (164- ظ) .
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلّا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات النفو ... س لما قبل الله أعمالها «2»
فقال لي بشار: ويحك يا أشجع انظر هل طار أمير المؤمنين عن سريره سرورا؟! قال: فلا والله ما أخذ أحد من الشعراء في ذلك اليوم جائزة أسنى من جائزته «3» .
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال: أخبرنا الحسين بن القاسم(4/1780)
الكوكبي قال: حدثنا ابن أبي سعد قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن معاوية المهلبي قال: حدثني أبو تمام قال: يكتب من شعر أبي العتاهية خمسة أبيات، فان أحدا لم يشركه فيها، ولا تهيأ لأحد مثلها، قوله:
الناس في غفلاتهم ... ورحا المنية تطحن «1»
والذي قال في أحمد بن يوسف:
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى ... وأن الغنى يخشى عليه من الفقر «2»
وقوله في موسى أمير المؤمنين:
ولما استقلوا بأثقالهم ... وقد أزمعوا بالذي أزمعوا
قرنت التفاتي بآثارهم ... وأتبعتهم مقلة تدمع «3»
وقوله:
هب الدنيا تساق اليك عفوا ... أليس مصير ذاك الى زوال «4»
وقال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني علي بن أيوب القمي قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة عن محمد بن يزيد النحوي قال: لا أعلم شيئا من غزل أبي العتاهية ومديحه يخلو من صنعة، وربما كانت من القصيدة في موضعين، فمن شعره الذي كان يستطرف قوله:
آه من غمي وكربي ... آه من شدة حبي
ما أشد الحب يا سب ... حانك اللهم ربي
ولقد قلت وجمر الح ... ب قد أقرح قلبي:
يا بلائي من غزال ... قد سبا قلبي ولبي(4/1781)
لم أنك منه نوالا ... غير أن كدر شربي
أنت ممن خلق الرح ... من من ذا الخلق حسبي «1»
قال: ومن مليح أشعاره قوله:
من لم يذق لصبابة طعما ... فلقد أحطت بطعمها علما
إني منحت مودتي سكنا ... فرأيته قد عدها جرما
يا عتب ما أنا عن صنيعك بي ... أعمى ولكن الهوى أعمى
والله ما أبقيت من جسدي ... لحما ولا أبقيت لي عظما
إن الذي لم يدر ما كلفني ... ليرى على وجهى به وسما «2»
قال: ومن شعره المختار قوله: (165- ظ) .
يا عتب هجرك مورث الأدواء ... والهجر ليس لودنا بجزاء
يا صاحبي لقد لقيت من الهوى ... جهدا وكل مذلة وعناء
علق الفؤاد بحبها من شقوتي ... والحب داعية لكل بلاء
اني لأرجوها وأحذرها فقد ... أصبحت بين مخافة ورجاء
بخلت علي بودها وصفائها ... ومنحتها ودي ومحض صفائي
فتخالف الأهواء فيما بيننا ... والموت عند تخالف الأهواء «3»
نقلت من أخبار أبي العتاهية في كتاب المستنير للمرزباني: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا عون بن محمد الكندي قال: حدثني محمد بن النضر كاتب غسان بن عباد قال: أخرجت رسولا إلى عبد الله بن طاهر، وهو يريد مصر، فنزلت على العتابي، وكان لي صديقا، فقال: أنشدني لشاعر العراق، يعني أبا نواس، وكان قد مات، فأنشدته ما أحفظ من ملحه، وقلت له: ظننتك تقول أنشدني لأبي العتاهية؟ فقال: لو أردت هذا لقلت: أنشدني لأشعر الناس، ولم أقتصر على العراق.(4/1782)
وقال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني محمد بن موسى قال: حدثني أحمد بن بشر الحلبي أبو طاهر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن برية الهاشمي قال: حدثني السدري قال: سمعت الأصمعي يقول: شعر أبي العتاهية مثل كساحة الملوك يقع فيه الجوهر والذهب.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد التميمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن إبراهيم (166- و) الطرازي بأصبهان قال: أنبأنا أحمد بن مهدي السلامي قال: أخبرنا محمد بن أبي القاسم الأزرق قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد النقاش أن أحمد بن يحيى ابن زيد أخبرهم قال: أتى أبا العتاهية بعض إخوانه فقال له: أعرني دفتر كذا وكذا، فقال: إني أكره ذاك، فقال له: أما علمت أنّ المكارم موصولة بالمكاره، فدفع إليه الدفتر.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن رستم بن كيلان شاه الديلمي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن يحيى، المعروف بابن البوقي الواسطي قال: حدثنا والدي أبو جعفر هبة الله قال: قرىء على أبي طاهر بركة بن حسان الجوزي، وأنا حاضر أسمع، فأقرّ به قيل له: أخبركم أبو منصور زيد بن طاهر اللالكي، قدم عليكم، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن بلال بن عبدان قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سيف قال: حدثنا محمد بن القاسم قال:
حدثنا أبو الحسن بن النوبي قال: حدثني أبو العباس الذي يكثر لهارون الرشيد قال: بعث الرشيد إلى أبي العتاهية، وهو بالرقة، فأحضره، قال: من أمرك بقطع القول في الزهد، عد إلى القول فيما كنت تقول، فقال: يا أمير المؤمنين قد قلت وما سمعت مني، فإن استحسنته وأمرتني بالقول في مثله فعلت، وإلّا رجعت إلى ما كنت أقول، فقال: قل، فقال: وأنا خلف القبة.
قل لأهل القبور: كيف وجدتم ... طعم مر البلى وثقل التراب
في بيوت سقوفها اللبن فيها ... أسكن الموت جوفها أحبابي
(166- ظ)(4/1783)
وأتاها البلى فمر عليها ... فأبت أن تسيغ رد الجواب
أكل الدود من وجوه حسان ... لم تزل في غضارة وشباب
بدد الموت شملهم فتنادوا ... بنزال إلى بيوت خراب
فله الحمد إذ قضاه علينا ... منزل القطر من متون السحاب «1»
فلما بلغ أبو العتاهية إلى قوله:
أكل الدود من وجوه حسان....
بكى هرون الرشيد، وقال له لما فرغ منها: قل في هذا المعنى.
قال: وكنا رؤساء المكثرين ثلاثة، فأمر لنا بعشرة آلاف درهم، فلم نزل نكثّر بهذه الأبيات حول قبته طول ليلته.
وذكر أبو عبد الله المرزباني فيما قرأته في كتاب المستنير قال: حدثنا أبو عبد الله الحكمي، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن موسى البربري قال: حدثني محمد بن صالح العدوي قال: أخبرني أبو العتاهية قال: كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلّالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوما لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعرا لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعرا في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعرا للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعرا (167- و) يحزن به ولا يسره، فعملت شعرا ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فلما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:
خانك الطرف الطموح ... أيها القلب الجموح
لدواعي الخير والشر ... دنو ونزوح(4/1784)
هل لمطلوب بذنب ... توبة منه نصوح
كيف اصلاح قلوب ... إنما هن قروح
أحسن الله بنا أ ... نّ الخطايا لا تفوح
فإذا المستور منا ... بين ثوبيه فضوح
كم رأينا من عزيز ... طويت عنه الكشوح
صاح منه برحيل ... صائح الدهر الصيوح
موت بعض الناس في ... الأرض على قوم فتوح
سيصير المرء يوما ... جسدا ما فيه روح
بين عيني كل حي ... علم الدهر يلوح
كلنا في غفلة وال ... موت يغدو ويروح
لبني الدنيا من الدن ... يا غبوق وصبوح
رحن في الوشي وأصبح ... ن عليهن المسوح
كل نطاح من الده ... ر له يوم نطوح
نح على نفسك يا ... مسكين إن كنت تنوح
لتموتن ولو عم ... رت ما عمر نوح «1»
فلما اندفع الملاحون يغنون جعل الرشيد يبكي وينتحب، كلما زادوا بيتا زاد في بكائه ونحيبه، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة، وأشدهم عسفا في وقت الغضب والغلظة، فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه وما قد تداخله أو ما إلى الملاحين أن أمسكوا.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني عبد الكريم بن محمد قال: سمعت عبد الله بن عمر- يعني الإصطخري- يقول:
سمعت أبا طاهر الرازي يقول: سمعت عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد، أبا طاهر الصوفي، يقول: سمعت أبا الفتح محمد بن أحمد (167- ظ) بن محمد ابن علي بن محمد بن النعمان النحوي الأنباري قال: سمعت أبي أبا بكر أحمد(4/1785)
قال: سمعت أبي أبا جعفر محمد يقول: سمعت أبي أبا الحسن علي يقول: سمعت أبي أبا سعيد محمد بن النعمان يقول: أنشدني أبو العتاهية لنفسه:
الخير والشر مزداد ومنتقص ... فالخير منتقص والشر مزداد
فما أسائل عن قوم صحبتهم ... ذوي محاسن إلّا قيل بادوا
ولا أسائل عن قوم عرفتهم ... ذوي مساوي إلّا قيل قد زادوا
فالخير ليس بمولود له ولد ... لكن له من بنات الشر أولاد «1»
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي بحلب قال:
أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السماك قال: حدثنا أبو القاسم اسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ أبو أيوب قال: أنشدني أبو العتاهية:
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها ... لقد حذرتنا لعمري خطوبها
وما نحسب الساعات تقطع مدة ... على أنها فينا سريع دبيبها
كأني برهطي يحملون جنازتي ... إلى حفرة يحثى علي كثيبها
فكم ثم من مسترجع متوجع ... وباكية يعلو عليّ نحيبها
(168- و)
وداعية حرى تنادي وإنني ... لفي غفلة عن صوتها لا أجيبها
وإني لممن يكره الموت والبلى ... ويعجبه ريح «2» الحياة وطيبها
أيا هادم اللذات ما منك مهرب ... تحاذر منك النفس ما سيصيبها
رأيت المنايا قسمت بين أنفس ... ونفس سيأتي بعدهن نصيبها «3»(4/1786)
قال أبو القاسم بن سنين: وأنشدني- يعني محمد بن مزيد- لأبي العتاهية:
قد نغص الموت عليّ الحياه ... إذ لا أرى منه لحي نجاه
من جاور الموتى فقد أبعد الدار ... وقد جاور قوما جفاه
ما أبين الأمر ولكنني أرى ... جميع الناس عنه عماه
لو علم الأحياء ما عاين ال ... موتى إذا لم يستلذّوا الحياة «1»
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قراءة عليه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين ابن عبد الجبار الصيرفي- بانتخابي عليه من أصول كتبه- قال: حدثنا محمد بن علي الصوري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني قال:
أخبرنا محمد بن مخلد الدوري قال: سمعت مشرف بن سعيد يقول: سمعت أبا العتاهية يقول:
أرى علل الدنيا عليّ كثيرة ... وصاحبها حتى الممات عليل
ومن ذا الذي ينجو من الناس ... سالما وللناس قال بالظنون وقيل «2»
وقال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد (168- ظ) بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الصولي قال: حدثنا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: رأيت الناس في النفر وقد اجتمعوا على رجل وهو ينشد:
أجاب الله داعيك ... وعادى من يعاديك
كأنّ الشمس والبدر ... جميعا في تراقيك
وفي فيك جنيّ النح ... ل ما أحلاه من فيك
وقد شاع بأن الخ ... زّ يؤذيك ويدميك
وما تدرين من ذل ... ك أسماء جواريك(4/1787)
ولافا «1» ختة النخل ... من الطاووس والديك
تعالى الله ما أحس ... ن ما براك باريك «2»
فقال له رجل: يا شيخ أفي مثل هذا الموضع؟! قال: وما على من قضى حجه أن يشكو بثه، ويصف من هداه.
أخبرنا الشيخان الزاهدان: أبو محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان، والخطيبان: أبو البركات سعيد، وأبو الفضل عبد الواحد ابنا هاشم بن أحمد بن هاشم الأسديون الحلبيون، وأبو الحجاج يوسف بن عبيد بن سوار السلمي البرجيني- قراءة عليهم متفرقين بحلب- قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو القاسم (169- و) بن بيان الرزاز قال: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن الصقر قال: حدثنا أبو الحسن شاكر بن عبد الله المصيصي القارئ قال: حدثنا عمران بن موسى قال:
سمعت أحمد بن الحسن العوفي قال: سمعت أبا العتاهية ينشد هذه الأبيات:
إن كان يعجبك السكوت فإنه ... قد كان يعجب قبلك الأخيارا
ولئن ندمت على سكوتك «3» مرة ... فلقد ندمت على الكلام مرارا
إن السكوت سلامة ولربما ... زرع الكلام عداوة وضرارا
وإذا تقرب خاسر من خاسر «4» ... زاد بذاك خسارة وتبارا «5»
أخبرنا أبو القاسم بن قميرة التاجر البغدادي قراءة عليه بحلب قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت بن الآبري قالت: أخبرنا طراد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال:
حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: كتب بكر بن المعتمر الى أبي العتاهية من السجن يشكو إليه طول السجن وشدة الغم، فكتب إليه:(4/1788)
هي الأيام والعبر ... وأمر الله ينتظر
أتأيس أن ترى فرجا ... وأين الله والقدر «1»
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وعبد السلام بن المطهر بن أبي سعد بن أبي عصرون، وأبو الحجاج يوسف بن عبيد بن سوار المصري، وأبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن علي الحنفي قالوا: أخبرنا أبو سعد عبد الله (169- ظ) بن محمد بن هبة الله بن أبي عصرون قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر الشهرزوري قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي قال:
أخبرنا أبو الحسن الليث بن الحسن بن الليث بسرخس قال: أخبرني علي بن الفضل ابن محمد ببغداد أن أبا العتاهية كتب الى بعض اخوانه:
صديقي من يقاسمني همومي ... ويرمي بالعداوة من رماني
ويحفظني إذا ما غبت عنه ... وأرجوه لنائبة الزمان «2»
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر القرشي- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن القزار، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله ابن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن جعفر ابن سهل الخرائطي قال: أنشدني أبو عبد الله المارستاني لأبي العتاهية:
الناس يخدع بعضهم بعضا ... محضوا التخادع بينهم محضا
فلقل ما تلقى بها أحدا ... متنزها تحمي له عرضا
البس جميع الناس محتملا ... للعالمين وكن لهم أرضا(4/1789)
فلئن غضبت لكل حادثة ... ترمى بها فلقل ما ترضا «1» (170- و)
أخبرنا أبو الطاهر اسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن عزون بالقاهرة، وأبي محمد يونس بن خليل بن عبد الله بحلب قالا: أخبرنا أبو الطاهر اسماعيل ابن صالح بن ياسين قال: أخبرنا أبو عبد الله الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عبيد الله بن محمد الهمذاني بمصر قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن علي النحوي بالرملة قال: حدثني أبي قال: أنشدني إبراهيم بن السري الزجاج لأبي العتاهية:
اصبر لدهر نال منك ... فهكذا مضت الدّهور
فرح وحزن مرة ... لا الحزن دام ولا السرور «2»
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال:
أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد ابن موسى بن حماد قال: حدثنا محمد بن منصور البغدادي قال: لما حبس أمير المؤمنين الرشيد أبا العتاهية، جعل عليه عينا له يأتيه بما يقول، فوجده يوما وقد كتب على الحائط:
أما والله إن الظلم لوم ... وما زال المسىء هو الظلوم
الى ديان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم «3»
(170- و)(4/1790)
قال: فأخبر بذلك الرشيد فبكى، ودعا به، فاستحله ووهب له ألف دينار.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- إذنا- قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري كتابة عن أبي منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني- إجازة كتبها لي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة- قال: أخبرني عبد الله بن يحيى قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثنا هرون بن الحسن قال: أتينا بقية بن الوليد ومعنا أبو العتاهية، فانقبض بقية ولم يحدث فقال له أبو العتاهية: بلغني رحمك الله أن لكل شيء دسما، ودسم العلماء البشاشة والطلاقة، فانبسط، وسألناه أن يحدث فأبى، فقال أبو العتاهية: إن لكل شيء زكاة وزكاة العلماء الفوائد، قال: فحدث (171- و) .
***(4/1791)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم ابن سننين قال: حدثنا محمد بن مزيد قال: حدثنا سعيد بن أبي سكينة قال: أتى أبو العتاهية باب أحمد بن يوسف، فأخبره الحاجب أنه نائم، فمكث ساعة ثم دعا بدواة وقرطاس، فكتب هذا البيت، ثم قال للحاجب: إذا انتبه فادفع إليه هذه الرقعة:
ألم تر أنّ الفقر يرجى له الغنى ... وأنّ الغنى يخشى عليه من الفقر «1»
قال ابن سنين: أنشدني محمد بن مزيد لأبي العتاهية:
لله ما وارى التراب من الألى كانوا ... الكرام هم إذا نسب الكرام
أفناهم من لم يزل يفني القرون ... وللفناء وللبلى خلق الانام
يا صاحبي نسيت دار اقامتي ... وعمرت دارا ليس لي فيها مقام
دار يريد الدهر نقلة أهلها ... وكأنهم عما يريد بهم نيام «2»
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني قال:
أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور(4/1793)
قال: حدثنا الزبير (172- و) - يعني ابن بكار- قال: حدثني جعفر بن الحسن اللهبي قال: دخل أبو العتاهية الى بعض الهاشميين، فبينا هو عنده إذ أتاه خبر عن وكيل له يخبره باختلال في ضيعته، فغمه ذلك حتى تبين الغم في وجهه، فقال أبو العتاهية:
ليد المنية في تلمسها عن ... ذخر كل شقيقة فحص
وكأنّ من وافى منيته لم ... يبق منه لناظر شخص
تبغي من الدنيا زيادتها ... وزيادة الدنيا هي النقص «1»
قال: فأسفر لونه، وسكن ما به.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن عبد الملك الأسدي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبيد الله الصفار قال: حدثنا عمر بن محمد بن سيف قال: أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد الطبري المعروف بابن رستم النحوي قال: أنشدني ابن أبي العتاهية لأبيه:
ما من صديق وإن تمت مودته ... يوما بأبلغ في الحاجات من طبق
إذا تعمم بالمنديل منطلقا ... لم يخشى نبوة بواب ولا غلق
لا تكذبن فإن الناس مذ خلقوا ... عن رغبة يعظمون الناس أو فرق
(172- ظ)
أما الفعال ففوق النجم مطلعه ... والقول يوجد مطروحا على الطرق «2»
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب البغدادي قال:(4/1794)
أخبرنا الشريف أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عبد الصمد بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: أنشدنا محمد بن المرزبان قال أنشدني الحسن بن صالح الأسدي لأبي العتاهية:
سبحان خيار السماء ... إن المحبّ لفي عناء
من لم يذق حرق الهوى ... لم يدر ما جهد البلاء
لو كنت أحسب عبرتي ... لوجدتها أنهار ماء
كم من صديق لي أسا ... رقه البكاء من الحياء
فإذا تفطن لامني ... فأقول ما بي من بكاء
لكن ذهبت لأرتدي ... فأصبت عيني بالرّداء
حتى أشككه فيس ... سكت عن ملامي والمراء
يا عتب من لم يبك لي ... مما لقيت من الشّقاء
بكت الوحوش لرحمتى ... والطير في جوّ السماء
والجن عمار البيوت ... بكوا وسكان الفضاء
والناس فضلا عنهم ... لم تبك إلّا بالدماء
يا عتب إنك لو شهد ... ت علي لولة النساء
وموجها مستبسلا ... بين الأحبّة للقضاء
لجزيتني غير الذي ... قد كان منك من الجزاء
أفما شبعت ولا روي ... ت من القطيعة والجفاء
لم تبخلين على فتى ... محض المودّة والصّفاء
يا عتب سيدتي أعيني ... حسن وجهك بالسخاء
مهلا عليك وإن بخل ... ت عليّ بالحسن العزاء
وأكثر أكثر من ترى ... وأقلهم أهل الوفاء
والياس مقطعه المنى ... والصّبر مفتاح الرجاء «1»(4/1795)
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقيّر بمصر بالجامع العتيق قال: أخبرنا الحافظ أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن الفاخر قال: أنشدنا الإمام (173- و) أبو المحاسن- يعني عبد الواحد بن اسماعيل بن أحمد الروياني قال: أنشدنا الإمام اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إملاء قال: أنشدنا زاهر بن أحمد قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن جعفر بن المنادي قال: أنشدني أبو بكر يونس بن يعقوب المقرئ الواسطي لأبي العتاهية:
كم يكون الشتاء ثم المصيف ... وربيع يمضي ويأتي الخريف
وانتقال من الحرور الى الظل ... وسهم الردى عليك منيف
يا قليل البقاء في هذه الدن ... يا الى كم يغرك التسويف
عجبا لامرىء يذلّ المخلو ... ق ويكفيه كل يوم رغيف «1»
أخبرنا أبو الفضل اسماعيل بن سليمان بن ايداش الحنفي الدمشقي بها قال:
أخبرنا عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحافظ قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا رجاء بن عبد الواحد قال: حدثنا أبو عبد الله- يعني محمد بن ابراهيم اليزدي- قال أنشدنا أبو الحسين محمد بن محمد قال: أنشدنا محمد بن القاسم بن بشار قال: أنشدني محمد بن المرزبان لأبي العتاهية:
يا صاحب الدار التي ... ليست له بمواتيه
أحببت دارا لم تزل ... عن نفسها لك ناهيه
أأخيّ فارم محاسن ال ... دنيا بعين قاليه
أترى شبابك عائدا ... من بعد شيبك ثانيه «2»
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم ابن محمد التميمي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أنشدني كيخسره بن يحيى(4/1796)
الشيرازي- املاء من حفظه- أنشدني أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي بباب المراتب «1» قال: أنشدني بعض أشياخي عن عتاهية بن أبي العتاهية لأبيه:
يا أيها المختال في مشيه ... هل لك أن تنظر في القبر
حتى ترى القبر ومن حله ... ثم ترى رأيك في الكبر «2»
أخبرنا محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن يوسف قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم بن ابراهيم بن سنين قال: أنشدني محمد بن أبي رجاء لأبي العتاهية:
ألا أيها القلب الكثير علائقه ... ألم تر أن الدهر تجري بوائقه «3»
تسابق ريب الدهر في طلب المنى ... بأي جناح خلت أنك سابقه
وترخي على السوء الستور ... وانما تقلب في علم الإله خلائقه
ألا أيها الباكي على الميت بعده ... رويدك لا تعجل فانك لاحقه
رويدك لا تنسى المقابر والبلى ... وطعم حسا الموت الذي أنت ذائقه
فما الموت الا ساعة غير أنه ... نهار وليل بالمنايا تساوقه
اذا حل من قد كنت تدنيه قبره ... فما هو الا الدفن ثم تفارقه
وما تخطب الساعات الا على الفتى ... تغافصه «4» طورا وطورا تسارقه
(174- و)
فأي هوى أو أي لهو أصبته ... على لذة إلا وأنت مفارقه
إذا اعتصم المخلوق من فتن ... الهوى بخالقه نجاه منهن خالقه
ومن هانت الدنيا عليه فإنني ... ضمنت له أن لا تذم خلائقه
ومن ذا الذي يخشى من الناس فاقة ... ورزاق هذا الخلق ما عاش رازقه
أيا نفس فارضي بالإله فإنه ... مغاربه لي عرضه ومشارقه(4/1797)
أرى صاحب الدنيا مقيما بجهله ... على ثقة من صاحب لا يوافقه
هي الدار دار تستذلّ عزيزها ... وإن كان مغشيّا عظيما سرادقه
إذا نطق النطاق فيها برغبة ... تعرفت فيها الذل حين تناطقه
إذا كنت في دين تمتّ بغيره ... وتزعمه دينا فأنت منافقه
تفاضل أهل الدين فيه غدا ... كما تفاضل في يوم الرهان سوابقه «1»
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان الكاشغري، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغداديان بحلب، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني بها قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطّي قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري قال:
أنشدنا أبو صالح عبد الله بن صالح، أظنه لأبي العتاهية:
المرء دنيا نفسه فإذا ... انقضى فقد انقضت
(174- ظ)
تغتاله في غيّه وتع ... ود فيمن خلّفت
ما خير مرضعة بكأس ... الموت تفطم من غذت
بينا ترين صلاحه ... إذ أفسدت ما أصلحت «2»
أخبرنا افتخار الدين عبد المطلب بن أبي المعالي العباسي قال: سمعت أبا سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني يقول: أنشدنا أبو النجيب الرازي بها قال: أنشدنا محمد بن أبي حاتم القزويني قال: أنشدنا أبو سعد الخطيب ببلخ قال: أنشدنا عبد الملك بن مروان قال: أنشدنا مكحول بن الفضل قال: قال أبو العتاهية:
نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب
فكن مستعدا لريب المنون ... فكل الذي هو آت قريب(4/1798)
ألسنا نرى شهوات النفو ... س تغني وتبقي علينا الذنوب
يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف ترى حال من لا يتوب «1»
أخبرنا أبو جعفر بن جعفر البغدادي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوّار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثنا محمد بن منصور قال: أنشدني الزبير لأبي العتاهية في الناس:
يا رب «2» ان الناس لا ينصفونني ... فكيف وان أنصفتهم ظلموني
وان كان لي شيء تصدوا لأخذه ... وان جئت أبغي شيئهم منعوني
وان نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... وان أنا لم أبذل لهم شتموني
(175- و)
وإن طرقتني نكبة فكهوا لها ... وان صحبتني نعمة حسدوني
سأمنع قلبي أن يحن اليهم ... وأحجب عنهم ناظري وجفوني «3»
أخبرنا ابن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد المروزي- إذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عبد الرحيم بن علي الشاهد، بقراءتي عليه بأصبهان، قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن محمد الجمال قال: سمعت الحجاج البارد يقول: سمعت الكسائي ينشد لأبي العتاهية:
حتى متى أنا في حل وترحال ... وطول سعي بإدبار واقبال
أنازع الدهر ما انفك مغتربا ... عن الأحبة لا يدرون ما حالي
في مشرق الأرض طورا ثم مغربها ... لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتاني الرزق في مهل ... ان القنوع الغنى لا كثرة المال «4»(4/1799)
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل- قراءة عليه- قال:
أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الأسفراييني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن مكي بن عثمان الأزدي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الأخميني قال: أنشدنا محمد بن يزيد لأبي العتاهية:
عيال الله أكرمهم عليه ... أبثّهم المكارم في عياله «1»
قال محمد بن يزيد: أخذ أبو العتاهية هذا القول من الحديث الذي روى «ان الخلق عيال الله فأحبهم اليه أنفعهم لعياله» «2» . (175- ظ) .
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن محمد ابن عبد الله البسطامي قال: قرأت على أبي منصور بن خيرون: أخبركم الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال:
حدثنا أحمد بن علي بن مرزوق قال: دخلت على أبي العتاهية في مرضه الذي مات، وكان له صديقا، وكان أبو العتاهية قد أغمض عينيه، قال: فقالوا لي: كلّمه، فقلت يا أبا اسحاق، فلما سمع صوتي فتح عينيه، فقلت له: أعزز على العلماء بمصرعك، قال: فقال لي أبو العتاهية:
ستمضي مع الايام كل مصيبة ... وتحدث أحداثا تنسي المصائبا «3»
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغسّاني قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: أنشدني- يعني أحمد بن علي بن مرزوق- لأبي العتاهية، وهو يكيد بنفسه:(4/1800)
يا نفس قد مثلت حا ... لي هذه لك منذ حين
وشككت أني ناصح ... لك فاستملت الى الظنون
فتأملي ضعف الحرا ... ك وكله بعد السكون
وتيقني أن الذي ... بك من علامات المنون «1»
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله (176- و) محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء، في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة قال الحبال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر الحسن ابن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي ابن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي- قالا: حدثنا محمود بن محمد بن الفضل قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثني محمد بن سعيد الترمذي قال: قيل لأبي العتاهية وهو يموت: ما تشتهي؟ قال: أشتهى أن يكون زلزل «2» عن يميني ومخارق عن يساري في حجر كل واحد منهما عود يدخلان في وتر واحد ويغنياني بهذا البيت:
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ... ويحدث بعدي للخليل خليل «3»
أخبرنا محمد بن ابراهيم بن مسلم قال: أخبرتنا شهدة بنت الآبري قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحنائي قال:
أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم قال: حدثني محمد بن أبي رجاء قال: حدثني يعقوب السواق قال: قال لي أبو العتاهية، وقد حضرته الوفاة، وسمع كلاما ببابه، فقال: ما هذا الكلام؟ فاعتللت عليه بشيء، فقال: لا هؤلاء قوم بلغهم أني ميت فجاءوا، فتمثل بهذا البيت:
وما زالت تنعي برجم الظنون ... وقد جاءت النعية الصادقة «4»(4/1801)
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن الغسّاني قال:
أخبرنا أبو بكر (176- ظ) أحمد بن علي قال: أخبرنا ابراهيم بن مخلد إجازة قال: أخبرنا عبد الله بن اسحاق بن ابراهيم البغوي قال: أخبرنا الحارث بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: سنة احدى عشرة ومائتين، فيها: مات أبو العتاهية الشاعر يوم الاثنين لثمان ليال خلون من جمادى الآخرة.
وقال أبو بكر أحمد بن علي: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: مات أبو العتاهية اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان الجرار.
مولى عنزة، فيما ذكر، سنة ثلاث عشرة ومائتين ببغداد.
وقال أبو بكر: ذكر محمد بن أبي العتاهية أن أبا العتاهية ولد في سنة ثلاثين ومائة، وأنه مات ببغداد، وقبره على نهر عيسى قبالة قنطرة الزيّاتين «1» .
نقلت من خط صالح بن ابراهيم بن رشدين المصري ما صورته: يقال ان أبا العتاهية مات في خلافة المأمون سنة ثلاث عشرة ومائتين، مات أبو العتاهية، وابراهيم الموصلي، وأبو عمرو الشيباني بمدينة السلام في يوم واحد.
ونقلت من أخبار أبي العتاهية للآمدي، ونقله كاتبه من خطه: قال أبو سويد عبد القوي بن محمد بن أبي العتاهية: مات أبو العتاهية سنة عشر ومائتين.
وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: مات أبو العتاهية سنة خمس ومائتين.
وروي عن غيرهما أنه مات سنة ثمان عشرة ومائتين في آخر خلافة المأمون.
وروي عن مخارق المغني، وكان من خلصان أبي العتاهية، أنه توفي في خلافة المأمون سنة ثلاث عشرة ومائتين، ويقال: انه مات هو وابراهيم أبو اسحاق الموصلي، وأبو عمرو (177- و) الشيباني بمدينة السلام في يوم واحد، وفي هذه السنة مات أبو عبيدة وقد بلغ سنّا نحو المائة، وقبره ببغداد قبالة قنطرة الزياتين.(4/1802)
وقد ذكرنا في أثناء الترجمة عن أبي عبيد الله المرزباني أنه مات ببغداد في سنة عشر ومائتين، وقيل في سنة احدى عشرة، وقيل قبل ذلك وبعده، قال: والاول أصح، يعني سنة عشر.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني عبد العزيز بن علي الوراق قال: سمعت عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ يقول: سمعت محمد بن مخلد العطار يقول: سمعت اسحاق ابن ابراهيم البغوي يقول: قرأت على قبر أبي العتاهية:
أذن حي تسمّعي ... اسمعي ثم عي وعي
أنا رهن بمضجعي ... فاحذّري مثل مصرعي
عشت تسعين حجة ... ثم فارقت مجمعي
ليس زاد سوى التقى ... فخذي منه أو دعي «1»
قلت: وهذه الابيات ليست لأبي العتاهية، لأنه على الاختلاف في مولده ووفاته لم يعش تسعين حجة، والابيات قديمة العصر، رواها محمد بن أبي العتاهية عن هشام الكلبي، أخبرنا بها أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحنّائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال:
أخبرنا أبو القاسم اسحاق بن ابراهيم بن سنين قال: حدثني محمد بن أبي رجاء قال: حدثني محمد بن أبي العتاهية قال: حدثنا هشام الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس (177- ظ) قال: أصيب في الجاهلية جمجمة عليها مكتوب:
أذن حي تسمعي ... اسمعي ثم عي وعي
أنا رهن بمصرعي ... فاحذري مثل مصرعي «2»(4/1803)
قال: فأتيت أبي فأخبرته فاستحسنه، وزادني فيه بعض أصحابنا:
ليس شيء سوى التقى ... فخذي منه أو دعي «1»
اسماعيل بن قيراط العذري:
أبو علي، سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي، وهو اسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط، أبو علي العذري، روى عنه أبو أحمد عبد الله ابن محمد بن شجاع المفسر حديثا أوردناه فيما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة مالك بن يحيى، ونسبه الى جد أبيه قيراط، وستأتي ترجمته ان شاء الله تعالى فيمن اسم أبيه محمد.
حرف الميم في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن المبارك بن كامل بن مقلد بن علي بن المقلد بن نصر بن منقذ:
أبو الطاهر بن أبي الميمون الكتاني الشيزري الأصل، المصري المولد والمنشأ، وقد استقصينا نسبه في ترجمة ابن عم جده أسامة بن مرشد بن علي، واسماعيل هذا أمير فاضل، شاعر، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب، وولده الملك الكامل محمد ابن أبي بكر، وسيره الملك الكامل رسولا الى حلب وغيرها من البلاد، وواليا على حران، فقدم علينا حلب، وأقام بها أياما، ولم يتفق لي اجتماع به.
وروى شيئا من الحديث عن الحافظ أبي طاهر السّلفي، وشيئا من شعر أبي الحسن علي بن يحيى بن الذروي.
روى لنا عنه أبو المجاهد اسماعيل بن حامد القوصي، وأبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري، ومحمد بن علي بن الصابوني. (178- و) .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العظيم بالقاهرة قال: أخبرنا الأمير الأجل أبو(4/1804)
الطاهر اسماعيل بن المبارك بن كامل بن منقذ قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي، ح.
وأخبرنا به أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو القاسم عبد الله ابن الحسين بن عبد الله الأنصاري قالا: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر القارئ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريا، المعروف بابن البيّع قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل المحاملي قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا الطفاوي قال: حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال الناس: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه، فلما نظرت اليه عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب، فكان أول ما سمعت من كلامه قال: «أيها الناس أفشوا السلام، وصلوا الأرحام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» «1» .
أنشدنا أبو حامد اسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدنا الأمير الكبير أبو الطاهر اسماعيل بن سيف الدولة المبارك بن منقذ قال: أنشدني القاضي وجيه الدين أبو الحسن علي بن يحيى بن الذروي مديحا في والدي الأمير سيف الدولة قصيدته الذالية ومطلعها: (178- ظ) .
لك الله عرج على ربعهم فذي ... رسوم يفوح المسك من عرفها الشذي
وذا يا كليم الشوق واد مقدس ... لدى الحب فاخلع ليس تمشيه محتذي
وقفنا فسلمنا على كل منزل ... نلذذ فيه العين كل تلذذ
ولم يبكني إلا ادكار مجدّد ... لأشجان قلب بالغرام مجذّذ «2»
فيا حرقى ذا آخر الدمع فاشربي ... ويا سقمي ذي فضلة القلب فاغتذي
مر بي ظبي أنس كمل الله حسنه ... وقال لأفواه الخلائق عوذي(4/1805)
جلا تحت ياقوت اللمى ثغر جوهر ... رطيب وأبدى شاربا من زمرد
وبي عذّل أبدي التشاغل عنهم ... إذا أخذوا في عذلهم كل مأخذ
يقولون لي من ذا الذي متّ في الهوى ... به أسفا يا رب لا علموا الذي
ورب أديب لم يجد في ارتحاله ... جوادا إذا ما قال هات يقل خذ
أقول له إذ قام يرحل مسغبا ... وسلّمه طول السقام وقد خذي
مبارك عيس الوفد باب مبارك ... وهل منقذ القصّاد إلا ابن منقذ
أنشدني جمال الدين محمد بن علي بن الصابوني قال: أنشدنا جمال الدين اسماعيل بن المبارك بن منقذ لنفسه:
صار داء الهوى لقلبي عاده ... فلهذا جفاه من كان عاده
لو أتاه هجوده وشفاه ... كان يشتاق سقمه وسهاده
ألف الهمّ والكآبة حتّى ... لو أتاه سروره ما أراده
(179- و)
ليس ذا قسوة ولكن مرادي ... أن ينال الحبيب مني مراده
ان حرمت الوصال منه حياة ... فلعلي فيه أنال الشهادة
يا رشيق القوام أخجلت بالبان ... تثني غصونه المياده
قد سلبت الفؤاد والطرف جمعا ... ذا سويداءه وذا سواده
هل ترى فيهما تكوّن صدغاك ... فخطا على العذار مداده
قل لنبل القسيّ ما أنت إلا ... عند لحظ الحبيب شوك القتاده
ولقرب السيوف أنت جفون ... لعيون قد ودنا قداره
ولسمر الرماح ما نلت شبها ... بقويم القوام يا ميّاده
ولغيث السحاب سحقا فباقي ... كاسنا قد أبان فيك الزهاده
أنت تسقي وتحجب البدر عنا ... وهو يسقي وبدره في زياده
منطقته العيون حسنا ولولا ... خشية من سناه كن قلاده(4/1806)
ونقلت هذه الأبيات الدالية من خط الأمير حسام الدين أبي بكر محمد بن مرهف بن مرهف بن أسامة بن منقذ للأمير جمال الدين اسماعيل بن الأمير سيف الدولة مبارك بن منقذ، وذكر أنه سمع منه هذه الأبيات، ونقلت من خطه من شعر ابن عمه اسماعيل المذكور:
ظبى اللحاظ وهي في أجفانها ... قد قتل الانسان من إنسانها
مشهورة قتلتها مشهورة ... فكيف تردي وهي في أجفانها
أسد الحمى وان غدت فاتكة ... تفر بعد اليأس من غزلانها
(179- ظ)
لو لم تكن رماحها قدودها ... ما كانت الألحاظ من خرصانها
بكيت وجدا بهم حتى بكت ... حمائم الأيك على أغصانها
فان تك صادقة في نوحها ... مثلي وداعي النوح من أشجانها
لم تلبس الأطواق في أعناقها ... وتخضب الحناء في بنانها
قال لي أبو بكر محمد بن عبد العظيم: اسماعيل بن المبارك أحد أمراء الدولتين العادلية والكاملية، سمع بالاسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي الأصبهاني، وبمصر من والده، وحدّث، وسئل عن مولده فقال: في العشرين من رجب سنة تسع وستين وخمسمائة بالقاهرة، وتوفي في شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة بمدينة حران.
أخبرنا شهاب الدين أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي قال: وهذا الأمير جمال الدين اسماعيل بن منقذ رحمه الله كان أميرا كاملا، وكبيرا فاضلا، وندبه السلطان الملك الكامل رحمه الله رسولا الى الغرب، فأبان عن نهضة وكفاية، وحسن سفارة، لما كان جامعا له من حسن صورة، وسيرة، وعذوبة لفظ، وسداد عبارة، وولّاه ولاية مدينة حران، وجمع له بين الولاية والإمارة، وتوفي بها في شهور سنة سبع وعشرين.
قال: ومولده بمصر في شهور سنة تسع وستين وخمسمائة في العشرين من ذي القعدة.(4/1807)
قرأت في تعليق وقع إليّ بخط مرهف بن مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ، ذيل به على تعليق في التاريخ بخط أبيه مرهف بن أسامة (180- و) بن منقد في ما حدث في سنة سبعين وخمسمائة: ولد اسماعيل بن مبارك بن كامل بن منقذ.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: في ذكر من توفي سنة ست وعشرين وستمائة، في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي شهر رمضان توفي الأمير الأجل أبو الطاهر اسماعيل بن الامير الاجل سيف الدولة أبي الميمون المبارك بن كامل بن مقلد بن علي بن نصر بن منقذ الكناني، الشيزري الاصل، المصري المولد والدار، المنعوت بالجمال، بحران ودفن بظاهرها.
سمع بالاسكندرية من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني، وبمصر من والده سيف الدولة أبي الميمون المبارك.
وحدّث، وتولى حران وغير ذلك، سمعت منه وسألته عن مولده فقال: في العشرين من رجب سنة تسع وستين وخمسمائة بالقاهرة، وكان له شعر وأدب، كثير تلاوة القرآن الكريم، وترسّل عن السلطان الملك الكامل الى الفرنج خذلهم الله تعالى، وهم إذ ذاك بثغر دمياط المحروس، فبلغنا أنه كان ختم بها في كل يوم ختمة «1» .
ذكر من اسم أبيه محمد ممن اسمه اسماعيل
اسماعيل بن محمد بن أيوب بن شاذي:
أبو الفداء، الملك الصالح عماد الدين بن الملك العادل، دفع اليه أبوه الملك العادل أبو بكر بن أيوب مدينة بصرى وعملها، فأقام بها بعد موت أبيه الى أن ولى أخوه الملك الأشرف موسى دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة، فانضم اليه، فاستنابه بها، ومرض الملك الأشرف، فأوصى له بدمشق وبعلبك، ثم توهم منه أنه يؤثر موته، فأراد أن يرجع عما عهد به له، فلم يتيسر له ذلك، فلما مات الملك الأشرف استولى عماد الدين المذكور على ما كان بيده(4/1808)
من البلاد، فنزل اليه أخوه الملك الكامل من الديار المصرية طالبا أخذ دمشق، فسير اليه نجدة من حلب، فحصره الملك الكامل الى أن استولى على دمشق، وابقى عليه بعلبك وبصرى، ومات الملك الكامل بدمشق، وبها ابن أخيه الملك الجواد يونس، فتراسل الملك الجواد والملك الصالح أيوب بن المالك الكامل، وكان ملك الديار الجزرية، واتفقا على أن يسلم الملك الصالح اليه الرقة، وسنجار، وعانة ويسلم اليه الملك الجواد دمشق، وتمت المقايضة بينهما، وتسلم الملك الصالح أيوب دمشق، وجعل فيها ولده عمر الملقب بالملك المغيث، وصعد طالبا للديار المصرية فنزل نابلس، وهي في يد ابن عمه الملك الناصر داود (180- ظ) بن عيسى ابن أبي بكر بن أيوب، فحالف اسماعيل ابن أخيه، ووعده بالصعود اليه الى نابلس، وموافقته على قصد الديار المصرية، فاتفق اسماعيل والملك المجاهد شير كوه صاحب حمص على مكاتبة جماعة من أهل دمشق، وعلى أن يكون للملك المجاهد نصيب فيها، والبلد لاسماعيل، وواعد أهل دمشق في يوم معين، وسار اسماعيل من بعلبك وشير كوه من حمص، وهجماها، واستعصت القلعة أياما قلائل، وبها عمر بن أيوب، وعجز من بها عن حفظها فسلموها اليه على أن يطلق الملك المغيث عمر، فلما تسلم القلعة غدر بعمر المذكور وقبض عليه، وعند ما انتهى الخبر الى الملك الناصر داود سير عسكرا الى الملك الصالح أيوب وقبض عليه وسجنه عنده في قلعة الكرك، ودام اسماعيل بدمشق، وعسف رعيتها وظلمهم، وأعانه على ذلك وزيره أمين الدولة الذي كان سامريا وأسلم، وقاضيها المعروف بالرفيع الجيلي، الى أن أخرج الملك الناصر داود الملك الصالح أيوب من السجن، ووافقه على أخذ الديار المصرية من يد الملك العادل ابن الملك الكامل أخيه، وتوجها جميعا الى مصر، وكاتبا جماعة من الخدم ومن كان بها من الأشرفية، وخرج العادل الى بلبيس في عسكر كثيف، وكنت اذ ذاك عنده رسولا بالقاهرة، فقبض العسكر على العادل وتسلم الصالح أيوب الديار المصرية، وابنه عمر في حبس عمه الصالح اسماعيل، وهو لا يفرج عنه، فاتفق أن مات عمر في حبسه بقلعة دمشق، وخاف اسماعيل فاتفق مع الفرنج. وسير (181- و) الملك المنصور ابراهيم بن شير كوه صاحب(4/1809)
حمص مقدما على عسكره الى غزة ومعه الفرنج، وبها عسكر مصر، فالتقى الجيشان، فانهزم الملك المنصور والفرنج، وتقدم العسكر المصري بعد ذلك الى بيسان، وتحالف الملك الصالح أيوب، والسلطان الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز صاحب حلب، ونزل العسكر المصري ومقدمه الوزير معين الدين ابن الشيخ ابن حمّوية محاصرا دمشق، ووصلت اليه نجدة حلب، وكنت أنا الرسول الى مصر في المحالفة، ففتح العسكر المصري دمشق، وسلمها الصالح اسماعيل الى ابن الشيخ ومضى الى بعلبك، وأنكر أيوب على عسكره ترك بعلبك، فخرج عنها الصالح، والتجى الى الخوارزمية «1» ، ونزلوا على طرف البحيرة من بلد حمص، فخرج عسكر حلب والملك المنصور ابراهيم صاحب حمص، وكسروا الخوارزمية، وقتل مقدمهم بركة خان، وانفلت جموعهم وفتحت بعلبك، وهرب الملك الصالح اسماعيل وقدم الى حلب مستجيرا بالسلطان الملك الناصر ابن الملك العزيز، وملقيا نفسه اليه، فأنزله بدار جمال الدولة، وجعل عليه توكيلا طلبا لرضا الملك الصالح أيوب وسيرني رسولا الى مصر أشفع الى أيوب في اسماعيل، فلم يجب الى ذلك، وفسد ما بين السلطان الملك الناصر وبينه بسبب ذلك، ومات الملك المنصور ابراهيم صاحب حمص بدمشق، وتسلم نواب أيوب بصرى، وعزم أيوب على تجهيز عسكر الى الشرق، فمنعه الملك الناصر، وأزال التوكيل عن الصالح اسماعيل وسيرني اليه (181- ظ) واستحلفته يوم الاثنين ثامن عشر ذي القعدة، وخلع عليه، وأقطعه اقطاعا حسنا، وقدمه على عسكره، والأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني يتولى تدبير العسكر، وتوجه العسكر الى حمص ففتحها من يد الملك الأشرف موسى بن ابراهيم وكان قد مال الى جانب الصالح أيوب، فنزل أيوب الى دمشق، وسير العسكر الى حمص وحصرها، فخرج السلطان الملك الناصر والعسكر معه والصالح اسماعيل وورد نجم الدين البادرائي رسول الخليفة، ورحل العسكر عن حمص، وخرج(4/1810)
الفرنج الى دمياط واستولوا عليها، وتوفي الصالح أيوب، ووصل ولده المعظم تورانشاه، وأسر ملك الفرنج «1» ، وقتله عسكره وتوجه السلطان الملك الناصر يوسف وافتتح دمشق، وصعد الى الديار المصرية، والصالح اسماعيل في صحبته وانفل وعاد، وأسر الصالح اسماعيل، ودخل به الى القاهرة، وسجن في قلعة الجبل، ثم أخرج وخنق، وذلك في سنة ثمان وأربعين وستمائة.
وكان حسن السيرة في أول مملكته، مؤثرا للعدل الى أن ابتلي بقرناء السوء، فحسنوا له الظلم، وحببوه إليه، فأفرط فيه، وكان سببا لزوال ملكه مع أنه كان حسن العقيدة، محسنا ظنه في أهل الدين، يشتغل بتلاوة القرآن في كثير من أوقاته والله يتجاوز عنه.
اسماعيل بن محمد بن سنان بن سرج:
أبو الحسن الشيزري، القاضي، حدث بشيزر عن محمد بن حماد بن المبارك المصيصي، وأبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي. (182- و) .
روى عنه أبو القاسم الطبراني، والحسين بن أحمد الثقفي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن علي بن الحكم، وأبو العباس محمد بن موسى بن السمسار، والحافظ أبو الحسين محمد بن المظفر.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قال: أخبرنا أبو بكر ابن ريذة الضبي قال: أخبرنا الإمام أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا اسماعيل بن محمد بن سنان الشيزري، بشيزر، قال: حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا الأوزاعي، وسعيد ابن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب(4/1811)
ابن سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل من البراة الربع، ومن الرجعة الثلث.
قال الطبراني: لم يروه عن الأوزاعي إلّا بقية. «1» .
اسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط:
أبو علي العذري الدمشقي، سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي، وبالمصيصة أحمد بن لقيط المصيصي، وروى عنهما وعن هشام بن عمار وعبد الله ابن أحمد بن بشير بن ذكوان، وحرملة بن يحيى، ويزيد بن محمد الرهاوي، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصي، وأحمد بن صالح وابراهيم بن العلاء، ومحمد بن اسماعيل بن أبي شيبة، وهرون بن سعيد الأيلي، وعبد الوهاب بن الضحاك، ومحمد بن مصفى الحمصي، وكثير بن عبيد (182- ظ) الحذاء الحمصي، وعبد الله بن عبد الجبار الخبايري، وعبد الرحمن بن ابراهيم، وصفوان بن صالح، وسليمان بن سلمة الخبايري، والحسن بن شاكر، وأبي عامر موسى بن عامر، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وابراهيم بن المنذر الحزامي.
روى عنه آباء القاسم: سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، والمظفر بن حاجب ابن أزكين الفرغاني، وعلي بن يعقوب بن ابراهيم بن أبي العقب، وأبوا بكر:
محمد بن ابراهيم بن سهل بن حية، ومحمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو عوانة الأسفراييني، وخيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وهرون بن محمد بن هرون، ومحمد بن هرون بن شعيب، والفقيه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن الناصح المفسر، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عمر بن فضالة، وابراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، وعبد الرحمن بن جيش الفرغاني،(4/1812)
وسنذكر في ترجمة مالك بن يحيى الحديث الذي سمعه منه بمعرة النعمان ان شاء الله.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا اسماعيل بن قيراط الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن ابنة شرحبيل قال: حدثني الوليد ابن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلق القفا إلّا للحجامة.
(183- و) . قال الطبراني: لم يروه عن قتادة إلّا سعيد، تفرد به الوليد بن مسلم «1» .
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله الدوري قال: حدثنا أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة قال: حدثنا اسماعيل بن محمد بن قيراط أبو علي العذري قال: حدثنا أحمد بن صالح المصري قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا ابن لهيعة، وسعيد بن أبي أيوب، والليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد النوم جمع يديه فنفث فيهما بقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما رأسه وجسده «2» . قال عقيل: ورأيت ابن شهاب يصنع ذلك.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: اسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط، أبو علي العذري حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، وأحمد بن صالح، وهرون(4/1813)
ابن سعيد الأيلي، وحرملة بن يحيى، وهشام بن عمار، وابراهيم بن العلاء، وعبد الوهاب بن الضحاك، وعبد الله بن عبد الجبار الخبايري، ومحمد بن مصفى، وصفوان بن صالح، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وسليمان بن سلمة الخبايري وأبي عامر موسى بن عامر، وابراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن شاكر وكثير ابن عبيد الحذاء، ومحمد بن اسماعيل بن أبي شيبة، وأبي الأخيل خالد بن عمر الحمصي، ويزيد بن محمد الرهاوي، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان.
روى عنه أبو الحسن بن جوصاء، وخيثمة بن سليمان، وأبو القاسم بن أبي العقب، وهرون بن محمد بن هرون، وأبو عمر بن فضالة، ومحمد بن هرون بن شعيب، وابراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، وسليمان الطبراني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو بكر محمد بن ابراهيم ابن سهل بن حية، وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح الفقيه، وعبد الرحمن ابن جيش الفرغاني، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عوانة الأسفراييني. «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا مكي (183- ظ) ابن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة سبع وتسعين ومائتين، فيها مات اسماعيل بن محمد بن قيراط العذري.
اسماعيل بن محمد بن علي بن حميد بن مكنسة القرشي:
أبو الطاهر الإسكندراني الشاعر، ويعرف بالقائد شاعر مجيد مشهور، وفاضل بليغ مذكور، روى عنه شيئا من شعره علي بن منجب بن سليمان المعروف بابن الصيرفي «2» ، وعطايا بن الحسن القرشي، ودخل حلب وسمع بها انشاد أبي الحسن علي بن مقلد بن منقذ.
قرأت في رسالة أبي الصلت أمية بن عبد العزيز في صفة «3» مصر ومن بها من(4/1814)
الفضلاء قال: ومن شعرائها المشهورين أبو الطاهر اسماعيل بن محمد المعروف بابن مكنسة، وهو شاعر كثير التصرف، قليل التكلف، مفتن في نوعي جد القريض وهزله، وضارب بسهم دقيقه وجزله، وكان في ريعان شبيبته وعنفوان حداثته يتعشق غلاما من أبناء العسكرية المصريين يدعى عز الدولة بن فائق، وهو الآن بمصر من رجال دولتها المعدودين، وأكابرها المقدمين، ولم يزل مقيما على عشقه له وغرامه به الى أن محا محاسنه الشعر، وغير معالمه الدهر، ولم يزل عز الدولة هذا محسنا اليه مشتملا عليه الى أن فرق الموت بينهما.
وكان في أيام أمير الجيوش بدر الجمالي منقطعا الى عامل من النصارى يعرف بأبي مليح بن مماتي، وأكثر أشعاره فيه، فلما انتقل الامر الى الأفضل تعرض لا متداحه واستماحه، فلم يقبله (184- و) ولم يقبل عليه، وكان سبب حرمانه ما سبق من مدائحه لأبي مليح ومراثيه، ولا سيما قوله:
طويت سماء المكرما ... ت وكورت شمس المديح
وتناثرت شهب العلا ... لما ثويت أبا مليح
من أبيات منها:
ماذا أرجي في حياتي ... بعد موت أبي المليح
كفر النصارى بعد ما ... غدروا به دين المسيح
قرأت بخط صديقنا عمر بن الربيب أبي المعالي أسعد بن عمار الموصلي في مجموع ذكر أنه نقل هذا الخبر من مجموع بالديار المصرية: لما توفي ابن مماتي عامل ديوان النظر الخاص يومئذ فرثاه ابن مكنسة، شاعر الدولة المصرية، والوزارة الأفضلية بقصيدة من جملتها:
طويت سماء المكرمات ... وكورت شمس المديح
يا نفس ماذا تصنعيين ... وقد فقدت أبا مليح
وكان متواتر الصلة اليه، فاتصل ذكر هذه الأبيات بالأفضل أمير الجيوش، وزير الآمر، فعظم عليه، وقال: يقول كذا وكذا، وكرر القول مرارا، وقال: اذا(4/1815)
كان قولك هذا في نصراني خنزير فما الذي أبقيت لنا؟ تقول: «طويت سماء المكرمات» وما بقي بعده كريم، ثم أمر بابعاده من مصر وقطع جاريه وجرايته ورسمه، وقال: ان سمعت بخبره ضربت رقبته، فلما طال الأمر عليه، وحرم رزقه وعجز عن قيام أوده، عدّى في مركب حتى أرسى تحت الروضة، فلما رآه الأفضل انتهره وقال: ما سمعت أني متى رأيتك في الدنيا ضربت عنقك؟ أحضروا السياف، فقال: وحق نعمتك ما أنا في الدنيا، ولا أنا إلّا في الآخرة في النعيم المقيم، وهذه روضة الجنة، ثم أنشده قصيدة من جملتها:
أين محل النجوم من هممك ... وأين فيض السحاب من كرمك
وبالمعالي التي شرفت بها ... حتى كأن النجوم من خدمك
(184- ظ)
احتكمت فيه كل نائبة ... حكم المداد الذي على قلمك
فعفا عنه، وأجرى عليه راتبه، وأجري على الانشاد بالحضرة الأفضلية، وقيل انه أنشده القصيدة التي فيها:
لا تغررنك وجنة محمرة ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد
وقيل انه كتب اليه:
هل أنت منقذ شلوى من يدي زمن ... أضحى يقد قميصي قد منتهس
دعوتك الدعوة الأولى وبي رمق ... وهذه دعوتي والدهر مفترسي
فأحضره وعفا عنه، وسأله عن قيام أوده في هذه المدة، فأخبره أنه باع حتى الثوب الذي عليه، إلى أن سببّ الله له باجتماعه بإنسان فأعلمه بعلته، فاشتراه، فاستعلمها الشيخ الأجل منه «1» ، فقال له الأفضل: ما سألته عن حاله في أيّام عسرته، تسأله عن شيء أغناه الله به عنا! واستكتمه، وقال له: أمسك، ثم قال:
أنشدنا مما رّقفت وزينت لفظه ولفّقت، فقال ارتجالا:
(و) «2» لما رأيتك فوق السرير ... ولاح لي الستر والمستند(4/1816)
فقال: ما أتيت بشيء، فما انقطع، وقال:
رأيت سليمان في ملكه ... يخاطبني وأنا الهدهد
قلت: والبيتان اللذان على قافية السين هما لبعض الشعراء المتقدمين، وليسا له، بل تمثل بهما. (185- و) .
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي قال: حكى لي الشيخ الفقيه أبو علي منصور بن أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري قال: حدثني الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن عيسى بن قيصر الأزدي قال: حضر ابن مكنسة الشاعر وولد ابن منقذ الشاعر بن يدي الأفضل شاهنشاه بن بدر أمير الجيوش، وقد رأيت أنا «1» ابن مكنسة هذا، فقال له الأفضل: يا أبا الطاهر والد هذا يزعم أنك كذاب، فقال: يا مولانا ما الذي اطلع من كذبي؟ قال: قولك:
أقول ومجرى النيل بيني وبينكم ... ونار الأسى مسعورة بضلوعي
تراكم علمتم أنني لو بكيتكم ... على النيل لاستغرقته بدموعي
فقال له: أنا أعرف لوالد هذا أشد من هذا، وقد خرجنا من حلب نقصد إلى شيزر (185- ظ) فأنشدني لنفسه:
أحبابنا لو لقيتم في إقامتكم ... من الصبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم يبسا ... والبرّ من أدمعي ينشق بالسفن
فالتفت الأفضل إلى ولد ابن منقذ فقال: ما تقول؟ فقال: هما أهل صناعة واحدة، فلا أدخل بينهما.
قلت: وهذان البيتان لأبي الحسن علي بن مقلد بن منقذ.
أنشدنا رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي من لفظه بالقاهرة قال: أنشدنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي، وقد أجاز لنا أبو(4/1817)
الحسن في كتابه، قال: أنشدنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني قال:
أنشدنا عطايا بن الحسن القرشي قال: أنشدنا أبو الطاهر اسماعيل بن مكنسه لنفسه:
لئن تأخرت عن مفروض خدمته ... تحشما فضميري غير متهم
سعى إليه ابتهالي بالدعاء له ... والسعي بالقلب فوق السعي بالقدم
نقلت من خط علي بن منجب بن سليمان المعروف بابن الصيرفي قال: أنشدنا ابن مكنسة في الخمر من أبيات:
أيام عودك مطلول بوابلها ... والدهر في غفلة من مسها خبل
تنزو إذا قرعتها كف مازجها ... كأنما نارها بالماء تشتعل
وقوله في وصف كأس: (186- و) .
وخضبية بالراح يجلوها ... عليك خضيب راح
ما زال يقدح نارها في ... الكاس بالماء القراح «1»
ونقلت من خطه: وحدثني ابن مكنسة قال: حضرت جنازة ابن الطائي المقرئ فرأيت من اعظام الناس له وهو محمول على نعشه ما لم يكن له منهم في حياته، فقلت بديها:
أرى ولد الطائي أصبح يومه ... تعظمه الأقوام أكثر من أمس
وقد كرموه في الممات تراهم ... يظنون أن الجسم أزكى من النفس «2»
ومما وقع إلي من مستحسن شعر ابن مكنسة، وأنشدته له، قوله، واختارها أبو الصلت:
رقت معاقد خصره فكأنها ... مشتقة من عهده وتجلدي
وتجعدت أصداغه فكأنها ... مسروقة من خلقه المتجعد(4/1818)
ما باله يجفو وقد زعم الورى ... أنّ الندى يختص بالوجه الندي
لا تخدعنك وجنة محمرة ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد
اسماعيل بن محمد بن قبيصة النيسابوري:
حدث بطرسوس عن حامد بن محمود النيسابوري روى عنه أبو الفرج أحمد بن القاسم البغدادي.
اسماعيل بن محمد بن مرشد بن سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب:
أبو الفتح المعري، رجل حسن، خير، من أرباب البيوت بمعرة النعمان.
حدثنا بجزء (186- ظ) إبراهيم بن هدبة عن عمه أبي المعافى سالم بن مرشد بن سالم بن المهذب المعري.
أخبرنا أبو الفتح اسماعيل بن محمد بن مرشد بن سالم قراءة عليه بمعرة النعمان قال: أخبرنا عمي سالم بن مرشد بن سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب المعري بها قال: حدثنا أبو المجد عبد الواحد بن المهذب بن المفضل بن محمد بن المهذب قال: حدثنا والدي الشيخ أبو الحسن المهذب بن المفضل قال: حدثنا جدي الشيخ أبو صالح محمد بن المهذب بن علي، ح.
وأخبرنا به عاليا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر القرطبي، وأبو اسحاق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي الدمشقيان قالا:
أخبرنا أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان، وأبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الكافي بن علي بن موسى الربعي، وأبو القاسم هبة الله بن صدقة الكولمي قالا: أخبرنا أبو المظفر أسامة، ح.
وأخبرنا أبو العباس أحمد بن المفرج بن علي بن مسلمة الدمشقي قال: أخبرنا أبو اليسر قال: أخبرنا جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان، ح.
وقال أسامة: حدثنا أبو الحسن علي بن سالم السنبسي، قالا: أخبرنا أبو(4/1819)
صالح محمد بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو الحسن علي بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو حامد محمد بن همام قال: حدثنا محمد بن سليم القرشي، قال: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررت بأقوام قد نزع الشيطان بينهم فأمر بإصلاح، يصلح الله لك دينك، ويكتب أثرك في الصالحين «1» (187- و) .
اسماعيل بن محمد بن يوسف المغربي:
المعروف بالبرهان، سمع شيخنا عمر بن طبرزد وحدث عنه، وسمع معنا بالبيت المقدس على شيخنا حسن بن أحمد الأوقي، وبالمدينة على ساكنها السلام على الجمال عبد المنعم ... «2» الواسطي، وحج معنا في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمع معنا من جماعة من الشيوخ، وقدم علينا حلب مرارا متعددة، وكان لي به اختلاط وصحبة، وعنده دين وافر وحسن صحبة، وكرم أخلاق، وحسن قناعة، ورتب بالبيت المقدس إماما بالصخرة، الى أن سلم البيت المقدس الى الفرنج سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فلما استعاد المسلمون البيت المقدس رتب في إمامة الصخرة غيره فلم يثابر على ذلك وأقام بالبيت المقدس مجاورا لم يخرج منه، واجتمعت به فيه في سنة اثنتين وأربعين في ذي الحجة، فأنشدني لنفسه بيتين قالهما، وذكر لي أنه كتبهما على حائط كنيسة صهيون بالقدس «3» بعد ما خربت.
هي الديار فقف في ربعها الخالي ... لا يوحشنك فهو العاطل الحالي
واستسقه القطر والثم تربة سحبت ... أذيالها في ثراها ربة الخال
قال: فلقيني نجم الدين بن اسرائيل وقال لي: وجدت بيتيك اللذين كتبتهما وقد زدت عليهما بيتا ثالثا وهو:(4/1820)
عفا ولم تعف من قلبي صبابته ... لقاطنيها الألى هم أصل بلبالي
أخبرني اسماعيل بن محمد بالبيت المقدس قال: أخبرني فقير صالح كان ببيت المقدس (187- ظ) قال: أخبرني بعض الصالحين ببيت المقدس أنه لما خرب البيت المقدس سمع هاتفا يهتف بهذين البيتين:
إن يكن في الشام قل نصيري ... ثم خربت واستمر هلوكي
فلقد أصبح الغداة خرابي ... سمة العار في جباه الملوك
توفي اسماعيل بن محمد بالبيت المقدس ليلة الخميس الثالث والعشرين من محرم سنة ست وخمسين وستمائة.
اسماعيل بن محمد الحلبي:
روى عن محمد بن يزيد الذرقي أبي عبد الله، نزيل طرسوس، روى عنه ... «1» .
اسماعيل بن محمد المصيصي:
أبو اليسع بن أبي الجعد، حدث بمكة عن يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي وعباس البيروتي.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي، وأبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيداني
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي في المسجد الحرام قال: حدثنا أبو اليسع اسماعيل بن محمد المصيصي بمكة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا داود بن أخت مخلد قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا علي بن زيد بن جدعان عن(4/1821)
أنس بن مالك قال: مطرت السماء بردا، فقال لي أبو طلحة: ناولني من ذلك البرد فناولته، فجعل يأكل منه وهو صائم في رمضان. قال: فقلت له: ألست صائم؟
قال: بلى إن هذا (188- و) ليس بطعام ولا شراب وإنه برد من السماء يطهر به قلوبنا، قال أنس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال:
«خذ عن عمك» . «1»
أخبرنا عبد الله بن الحسين قال: أخبرنا أبو طاهر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيدناني بمكة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: سمعت علي بن بكار يقول: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: اتخذ الله صاحبا وذر الناس جانبا.
اسماعيل بن محمود بن زنكي بن آق سنقر:
أبو الفتح الملك الصالح، نور الدين بن الملك العادل نور الدين بن قسيم الدولة الشهيد بن قسيم الدولة التركي، ملك حلب بعد موت أبيه في سنة تسع وستين وخمسمائة، وهو إذ ذاك صبي لم يبلغ الحلم، وكان بدمشق مع والده.
فختنه في هذه السنة، وسر بختانه، وأخرج صدقات كثيرة وكسوات للايتام، ختن منهم جماعة وزين البلد، وأظهر سرورا كثيرا، وتوفي بعد ختانه بأيام في يوم الاربعاء حادي عشر شوال، فحلف أهل دمشق لولده الملك الصالح، ووصل كتاب على جناح طائر الى حلب الى شاذبخت الخادم والي قلعة حلب بوفاة نور الدين، فأمر في الحال بضرب الكوسات والدبادب والبوقات، وكتم موته، وأحضر المقدمين والاعيان والفقهاء والامراء، وقال: هذا كتاب الطائر قد وصل يذكر فيه أن مولانا الملك العادل قد ختن ولده، وولاه العهد بعده، ومشى بين يديه، فسروا بذلك، وحمدو الله سبحانه عليه، ثم قال لهم: تحلفون لولده الملك الصالح كما أمر بأن حلب له، وأن طاعتكم له وخدمتكم كما كانت لأبيه، فاستحلف الناس على ذلك على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم في ذلك اليوم، ولم يترك أحدا منهم يزول من مكانه، ثم قام(4/1822)
شاذبخت الى مجلس آخر (188- ظ) ولبس الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله عزاءكم في الملك العادل، فإن الله سبحانه نقله الى جنات النعيم، فأظهروا الحزن والكآبة والأسف والبكاء، واستقر الملك للملك الصالح.
وتوجه المؤيد ابن العميد، وعثمان زردك، وهمام الدين الى حلب يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال لاثبات ما في خزائن حلب وختمها بخاتم الملك الصالح رحمه الله.
وكان شمس الدين علي بن محمد ابن داية نور الدين بقلعة حلب مع شاذبخت وكان قد حدث نفسه بأمور، واختلفت كلمة الأمراء، وتجهز الملك الناصر صلاح الدين من مصر للخروج الى الشام وطلب أن يكون هو الذي يتولى أمر الملك الصالح وتدبير ملكه وترتيبه، ووقعت الفتنة بين السنة والشيعة بحلب، ونهب الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين أبا يعلى بن أمين الدولة، ونزل أجناد القلعة من القلعة، وأمرهم ابن الداية أن يزحفوا الى دار أبي الفضل بن الخشاب، فزحفوا اليها ونهبوها، فاختفى ابن الخشاب.
واقتضى الحال أن الاتفاق وقع على وصول الملك الصالح من دمشق الى حلب فسار فوصل ظاهر حلب في اليوم الثاني من المحرم سنة سبعين وخمسمائة ومعه سابق الدين عثمان بن الداية، فخرج بدر الدين حسن للقائه، فقبض على سابق الدين، وصعد الملك الصالح الى القلعة، وظهر القاضي أبو الفضل بن الخشاب، وركب في جمع عظيم الى القلعة، وصعد إليها والحلبيون من أتباعه تحت القلعة، فقتل في القلعة (189- و) وتفرق من كان تحت القلعة منهم وقبض على شمس الدين علي، وبدر الدين حسن ابني الداية، وأودعا السجن مع أخيهم سابق الدين.
ووصل الملك الناصر من مصر الى دمشق، فدخلها سلخ شهر ربيع الآخر وسار الى حمص وفتحها في جمادى الأولى، وسار الى حلب ونازلها يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح الى المدينة وقال لأهلها: أنا ولدكم، وذكرهم بحقوق والده واستعان بهم على دفع الملك الناصر، فبكى الحلبيون ودعوا له، ووعدوه من أنفسهم بكل ما يؤثره وبلغ سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي(4/1823)
صاحب الموصل ما جرى، فسير أخاه عز الدين مسعودا الى لقاء الملك الناصر، فرحل عن حلب في مستهل شهر رجب، وعاد الى حماه ووصل عز الدين الى حلب وأخذ من كان بها من العسكر، وخرج الى لقاء الملك الناصر، وتصاف العسكران عند قرون «1» حماه في تاسع عشر شهر رمضان، فكسر عز الدين، وسار الملك الناصر عقيب الكسرة ونزل على حلب، فصولح على أن أخذ المعرة وكفر طاب، وأخذ بارين «2» .
وكان سيف الدين غازي محاصرا لأخيه عماد الدين زنكي، فصالحه وسار عبر الفرات، وراسل الملك الصالح، وسعد الدين كمشتكين، وخرج كمشتكين إليه واستقر اجتماع الملك الصالح به، فوصل حلب وخرج الملك الصالح الى لقائه فالتقاه قريب القلعة واعتنقه وضمه إليه وبكى، ثم أمره بالعود الى القلعه، فعاد، وسار سيف الدين ونزل بعين المباركة «3» ، وعسكر حلب يخرج (189- ظ) الى خدمته في كل يوم، وصعد سيف الدين الى قلعة حلب جريدة، ثم رحل الى تل السلطان «4» ومعه عسكر كثيف، وطلب الملك الناصر عسكر مصر، وسار نحوهم والتقى العسكران في بكرة الخميس العاشر من شوال سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فانكسر سيف الدين غازي، وعاد الى حلب فأخذ منها خزانته وسار الى بلاده، وسار الملك الناصر فتسلم منبج، ونزل على قلعة عزاز ففتحها، وسار الى حلب فنزل عليها في السادس عشر من ذي القعدة فأقام عليها مدة، وبذل الحلبيون جهدهم في القتال والمحاماة عن الملك الصالح.(4/1824)
وحكى لي والدي أنهم كانوا يقاتلون عسكر الملك الناصر حتى يصلوا المخيم، وأنهم قبضوا على جماعة، فكانوا يشرحون أسافل أقدامهم ليمنعهم ذلك عن المشي، فلا يردهم ذلك عن القتال، فلما لم ينل من حلب ما أراد صالحهم، وسار عنها فأخرجوا إليه ابنة نور الدين أخت الملك الصالح، وهي صغيرة، فقال لها: ما تشتهين؟ فقالت:
أريد أن تعيد إلينا عزاز فوهبها إياها، وكان التدبير بحلب الى والدته، والى شاذبخت الخادم، وأمير لالا، وخالد بن القيسراني.
ثم إن الملك الصالح رحمه الله مرض بالقولنج في تاسع شهر رجب من سنة سبع وسبعين، فأخبرني قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: في ثالث وعشرين من رجب أغلق باب القلعة لشدة مرضه، واستدعي الامراء، وأخذ واحد واحد واستحلفوا لعز الدين مسعود صاحب الموصل.
قال: وفي خامس وعشرين منه توفي رحمه الله، وكان لموته وقع عظيم في قلوب الناس. (190- و) وكان الملك الصالح رحمه الله قد ربي أحسن تربية، وكان دينا عفيفا ورعا، كريما محبوبا الى قلوب الرعية لعدله وحسن طريقته ولين جانبه لهم.
قال لي والدي رحمه الله: إن اليوم الذي مات فيه انقلبت المدينة بالبكاء والضجيج، ولم ير الا باك عليه، مصاب به.
قال لي: ودفن بقلعة حلب، ولم يزل قبره بها الى أن ملك الملك الناصر حلب وتسلم قلعتها فحول قبره الى الخانكاه التي أنشأتها والدته تحت القلعة «1» .
قال لي: ولما حول، ظهر من الناس من البكاء والتأسف كيوم مات، قال:
ووجد من قبره عند نبشه شبيه برائحة المسك، رحمه الله. وحكى لي ذلك أيضا غير والدي.
وكان رحمه الله على صغر سنه كثير الاتباع للسنة، والنظر في العواقب، وأخبرني والدي قال: حكى لي العفيف بن سكرة اليهودي الطبيب، وكان يتولى معالجة الملك الصالح في مرضه الذي مات فيه، وكان به قولنج، قال: قلت له يوما:
يا مولانا والله شفاؤك في قدح من خمر، وأنا أحمله اليك سرا ولا تعلم به والدتك،(4/1825)
ولا اللّالا، ولا شاذ بخت، فقال لي: يا حكيم كنت أظنك عاقلا، نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها، وتقول لي أنت هذا، وما يؤمنني أن أشربه وأموت وألقى الله تعالى، وهو في جوفي، والله لو جاءني جبريل وقال لي: شفاؤك فيه لما شربته» ، وتوفي وله نحو من ثمانية عشر سنة.
سمعت شيخنا موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرني (190- ظ) الأمير حسام الدين محمود بن الختلو، شحنة حلب، قال: لما عزل محيي الدين بن الشهرزوري عن قضاء حلب وتوجه الى الموصل جاء إليّ الفقيه عالي الغزنوي، وكان يدرس بمدرسة الحدادين «1» الي داري، وكانت تحت القلعة، فقال لي: قد توجه محيي الدين ابن الشهرزوري الى الموصل ويحتاجون قاضيا، فتأخذ لي قضاء حلب، قال: فصعدت الى الملك الصالح وقلت له: هذا عالي الغزنوي فقيه جيد، والمصلحة أن يوليه المولى قضاء حلب، فالتفت الي وقال: بالله وبحياتي هو سألك في هذا؟
فقلت له: أي والله هو جاء وسألني في ذلك، فقال: والله ما وقع في خاطري أن أولي قضاء حلب أحدا غيره، ولكن حيث سأل هو الولاية والله لا وليته إياه.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين في تاريخه في هذه السنة- يعني سنة سبع وسبعين وخمسمائة- مات الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب، وبلغني أن وفاته كانت في شهر رجب عن تسع عشرة سنة، وكانت وفاته بقلعة حلب.
وقرأت بخط عبد الرزاق بن أحمد الاطرابلسي الشاعر، أن وفاة الملك الصالح كانت في العشر الآخر من رجب من سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
اسماعيل بن مسعدة التنوخي:
ختن أبي توبة، أصله من حلب، وسكن طرسوس، حدث عن.. «2»
روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني «3» (191- و) .(4/1826)
اسماعيل بن معمر البصري:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي حدث بطرسوس عن محمد بن القاسم الحبطي، روى عنه محمد بن عبد الله السلمي.
أنبأنا الفقيه أبو الحسن علي بن المفضل بن عبد الله المقدسي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن عطاء بن أبي بكر بن خداداد النشوي الصوفي- إجازة- قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي البغدادي قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو المظفر عبد الجليل ابن عبد الجبار المروزي قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن ابراهيم بن مند قال:
حدثنا محمد بن ابراهيم قال: حدثنا عمر بن محمد قال: حدثنا حفص بن عمر قال:
حدثنا سعيد بن عمرو قال: حدثنا محمد بن عبد الله السلمي قال: حدثنا اسماعيل ابن معمر البصري بطرسوس قال: حدثنا محمد بن القاسم الحبطي قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل بكحل فيه مسك عاشوراء لم ترمد عينه سائر سنته «1» .
هذا حديث موضوع، وفي اسناده غير واحد من المجهولين.
اسماعيل بن مفروج بن عبد الملك بن ابراهيم:
أبو العرب، ويعرف بابن معيشة الكناني السّبتي، من أهل سبته «2» ، بلدة بالمغرب، وهو من الملثّمة «3» (193- و) الباديسين، أديب فاضل متكلم، شاعر(4/1827)
مجيد، كاتب بليغ، قدم حلب وأقام بها مدة، ومدح بها الملك الظاهر غازي ابن يوسف.
روى عنه: أبو عبد الله بن الدبيثي الواسطي، والفقيه علي بن ظافر بن أبي المنصور الاسكندراني، وروى لنا عنه شيئا من شعره الخطيب تاج الدين أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم خطيب حلب، وأثنى عليه، وقال لي: كان من نوادر الزمان، وكان على غاية من الفضل والعلم.
قال لي: وخرج هاربا من المغرب وركب البحر، فرماه الهواء الى اللاذقية، فسأل عن أقرب البلاد اليه، فدلّ على حلب، فسار اليها ودخلها، ومدح بها الملك الظاهر غازي.
قال لي: وكان على غاية من الكرم والجود، وحضرت يوما معه وهو في حمام النطاعين «1» بحلب، ورجل يخاصم ناطور الحمام على شاش علم ضاع له في الحمام، وكان على رأسه بقيار «2» مثمن خلعه عليه الملك الظاهر، فالتفت اليه وقال له: اسكت فأنا أقاسمك على البقيار الذي على رأسي، فظن أنه يسخر منه، فقال له: والله ما أقول لك إلّا حقا، واستدعى منه سكينا وقطع البقيار بينه وبينه.
قرأت في كتاب بدائع البداية تأليف الفقيه أبي الحسن علي بن ظافر بن أبي المنصور قال: وأخبرني الفقيه أبو العرب بن معيشة الكناني السبتي قال: أخبرني شيخ من أهل اشبيلية كان قد أدرك دولة آل عباد، وكان عليه آثار كبر السن، ودلائل التعمير ما يشهد له بالصدق، وينطق بأن قوله الحق، قال: كنت في صباي حسن الصورة بديع الخلقة لا تلمحني عين أحد الا ملكت قلبه وخلست خلبه، وسلبت لبه، وأطلت كربه، فبينا أنا واقف على باب دارنا اذا بالوزير أبي بكر بن «3» عمار قد(4/1828)
أقبل في موكب زجل على فرس كالصخرة الصماء قدّت من قنة الجبل، فحين حاذاني ورآني اشرأب الي ينظرني، وبهت يتأملني، ثم دفع بمخصرة كانت بيده في صدري وأنشد:
كفّ هذا النهد عني ... فبقلبي منه جرح
هو في صدرك نهد ... وهو في صدري رمح
أنشدني الخطيب محمد بن هاشم قال أنشدني اسماعيل بن معيشة أبو العرب المغربي لنفسه بحلب في الملك الظاهر:
جنب السرب وخف من أن تصد ... أيها الآمل جهدا أن يصد
واجتنب رشقة ظبي إن رنا ... أثبت الأسهم في خلب الكبد (193- ظ)
ثعلى الطرف طائي الحشا ... مازني الفتك صخري الجلد
أهيف لاعبه من شعره ... أرقم ماس على خوطة قد
جادها الحسن يحتفي ردفه ... برذاذ الورد من تغييم ند
فانثنت غصنا ومن أزهاره ... بدر تم حلّ في برج الفند «1»
منعته عقربا أصداغه من ... حنا لثم ومن تخميش يد
وحسام من لحاظ خلته ... صارم الظاهر يوم المطّرد
ملك قامت له هيبته ... عوض الجيش وتكثير العدد
خطب الحرب فولى عقدها ... مرهف الهند فأمضى وعقد
جعل المهر لها خوض الوغا ... وطلا تقطف أو كفا تقد
فأتت عذراء تجلى وأتى ... يسحب اللامة ليثا ذا لبد
لبس الدرع فقلنا غصن ... غاص في جدول ماء فجمد
أو هلال قد تردّى حندسا ... فبدت غرته دون الجسد
وثنى الرمح فقلنا أرقما ... طلبت نصرته كفّ الأسد(4/1829)
وامتطى من طرفه ذا حسب ... مايع «1» الجلده سباح العضد
سابق الافلاك في سرعتها ... برهان فحوى سبق الأمد
فأتى في حلة من شفق ... طفت الشهب عليها كالزّند
علق الفرقد في جبهته ... والثريا في عذار فوق خد (194- و)
وأرانا سرجه شمس الضحى ... فحسبنا أنه برج الأسد
كتب إلينا الحافظ أبو عبد الله الدبيثي الواسطي قال: اسماعيل بن مفروج ابن عبد الملك بن ابراهيم الكناني، أبو العرب الباديسي المغربي، منسوب الى بلدة بالمغرب تسمى باديس «2» ، شاب فاضل كاتب له معرفة حسنة بعلم الكلام والادب، وله شعر جيد، فدم بغداد، وأقام بها، وتكلم مع جماعة من أهلها في علم الكلام، وجالس العلماء، وناظر، وانحدر منها الى واسط، ولقيته بها، وسمعت منه قصائد من شعره وأناشيد لغيره، وصار منها الى البصرة، وتستر، وعاد الى بغداد، ثم توجه الى بلده فأدركه أجله قبل وصوله اليه، ويقال قتل في طريقه والله أعلم.
كذا قال ابن الدبيثي «منسوب الى بلدة بالمغرب تسمى باديس» ، وهو وهم فاحش، وباديس اسم رجل ينتسب اليه جماعة من الملثمة، وفيهم ملوك منهم: تميم ابن باديس «3» ، وهذا سبتي وباديس التي هي المدينة ليس هذا منها، والله أعلم.
قال لي الخطيب أبو عبد الرحمن بن هاشم: سار ابو العرب بن معيشة الى بلد الروم، ثم عاد منه، وصعد الى مصر في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، فوجد فيها الحكيم أبا موسى اليهودي، وكان قد أهدر دمه في بلاد المغرب لفساد ظهر منه،(4/1830)
فاصطنعه أبو العرب وهربه منها، فنمى خبره الى ملك المغرب، فطلب أبا العرب، فهرب وحصل في نفس أبي موسى منه شيء، فرشا انسانا بمال جزيل، فترك أبا العرب على شاطىء النيل وأتاه من خلفه فضربه بخشبة عظيمة، فسقط (194- ظ) في النيل فمات.
قال لي: وقيل: انما فعل به أبو موسى اليهودي هذا لأن ابا العرب كان عرف من حاله أنه أسلم في بلاد الغرب، وحفظ القرآن، فشهد عليه بذلك، وأراد اقامة البنية عليه، ففعل به ذلك «1» .
اسماعيل بن موسى الفزاري:
أبو محمد، وقيل أبو اسحاق الكوفي، ابن بنت السدي، والسدي اسمه اسماعيل بن عبد الرحمن، وقيل هو نسيب السدي وليس بابن ابنته.
سمع بالمصيصة عمر بن شاكر البصري، وبدمشق الوليد بن مسلم، وحدث عنهما وعن مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله النخعي، وابراهيم بن سعد الزهري، وعبد السلام بن حرب الملائي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعلي بن عابس الكوفي، وعدي بن ثابت، وعباد بن أبي يزيد، وعبد الله البجلى.
روى عنه أبو داود سليمان بن الاشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبو عبد الله بن ماجه القزويني، وأبو يعلى الموصلي، وأبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأبو بكر بن خزيمة، واسماعيل بن هرون الكوفي، وزكريا بن يحيى الساجي، والحسن بن الطيب، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن صالح، والوليد بن أبي ثور الهمداني، ودليل بن عبد الملك الحلبي، وأبو الحسين علي بن الحسين بن بشير الدهقان، وأبو لبيد محمد بن ادريس السرخسي، وأبو جعفر محمد بن الحسن الخثعمي، وعلي بن جعفر الرماني وأبو الاصبغ محمد بن عبد الرحمن القرقساني، وأبو محمد عبيد الله بن محمد بن معاوية وزائدة بن قدامة، واسماعيل بن هرون الكوفي. (195- و) .(4/1831)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سعيد بن سعد بن محمد الميهني الحلبي عن أبي المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة، ح.
وأنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي عن أبي الحسن بن أبي جرادة قال: أخبرني أستاذي أبو محمد عبد الله بن شافع بن مرزوق العابد بحلب قال: أخبرنا الشيخ الزاهد مشرق بن عبد الله الفقيه، الحنفي الفقيه بحلب قال: حدثنا عبد الصمد بن زهير بن أبي جرادة قال: حدثنا ابو الفوارس نما بن عبد العزيز الصبحي قال: حدثنا الحسن بن الطيب قال: حدثنا اسماعيل بن موسى الفزاري السدّي قال: حدثنا عمر بن شاكر بالمصيصة قال: حدثني أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح.
وأخبرناه عاليا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو طاهر الحنائي قال: أخبرنا الشيخان أبو علي أحمد وأبو الحسين محمد ابنا «1» عبد الرحمن بن أبي نصر قالا:
أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا اسماعيل بن هرون الكوفي بالكوفة قال: حدثنا اسماعيل بن موسى الفزاري عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر» «2» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن أبي الحسين الكرابيسي، وأبو علي الحسن بن بشير بن (195- ظ) عبد الله النقاش البلخي- قراءة عليهما وأنا اسمع ببلخ- وأبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ، وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان ابن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا: أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي قال:(4/1832)
أخبرنا الأديب أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا اسماعيل بن موسى الفزاري قال: أخبرنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب «1» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال:
حدثنا علي بن محمد بن كاس النخعي قال: حدثنا علي بن جعفر بن الرماني قال:
حدثنا اسماعيل بن ابنة السدي قال: كنت في مجلس مالك أكتب عنه فسئل عن فريضة فيها اختلاف بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت فقلت: فما قال فيها علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود؟ فأومأ الى الحجبة، فلما هموا بي حاضرتهم وحاضروني فأعجزتهم وبقيت محبرتي وكتبي بين يدي مالك، فلما أراد أن ينصرف قال له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته؟ قال: اطلبوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إليّ ورفقوا بي حتى جئت معهم فقال (196- و) لي: من أين أنت؟ فقلت من أهل الكوفة، فقال لي: ان أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خلفت الادب؟ قال: قلت: انما ذاكرتك لأستفيد، فقال: ان عليا وعبد الله لا ينكر فضلهما، وأهل بلدنا على قول زيد، واذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكره.
قال: ثم حججت في سنتي، وقدمت الشام، فدخلت دمشق فجلست في حلقة الوليد بن مسلم، فلم أصبر أن سألته عن مسألة، فأصاب، فقلت له: أخطأت يا أبا العباس، فقال: تخطئني في الصواب وتلحن في الاعراب؟! فقلت له: خفضتك كما خفضك ربك، وداخلته بالاحتجاج فمال الناس اليّ وتركوه، وقالوا: أهل الكوفة أهل الفقه والعلم، فخفت أن يبدأني منه ما بدأني من مالك بن أنس، فاذا رجل له حلم ودين، وزعة «2» عن الاقدام.(4/1833)
أنبأنا أبو الحسن بن المقيّر قال: أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر قال:
أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي، واللفظ له، قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الاصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: اسماعيل بن موسى بن بنت السدي الكوفي الفزاري، أبو اسحاق، سمع شريك، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
قرأت بخط أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني الحافظ في كتاب بيان ما أخطأ فيه محمد بن اسماعيل البخاري في كتابه المؤلف في تاريخ حملة الآثار (196- ظ) عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي وبيان ما وافقه أبو حاتم محمد بن ادريس الرازي وخالفه، قال: اسماعيل بن موسى الفزاري بن ابنه السدي، أبو اسحاق، قال أبو زرعة: وانما هو أبو محمد.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: وسمعت أبي يقول: ليس هو ابن ابنة السدي أنا سألته فذكر نسبة طويلة «1» .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد- فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله بن محمد- اجازة- قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: اسماعيل بن موسى الفزاري، أبو محمد، نسيب السدي، روى عن مالك، وشريك، وابن أبي الزناد، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وقالا: يعد في الكوفيين، وسمعت أبي يقول: سألت اسماعيل بن موسى عن قرابته من السدي، فأنكر أن يكون ابن ابنه، واذا قرابته منه بعيدة، وسألت أبي عنه فقال: صدوق «2» .(4/1834)
قلت: تخطئة أبي زرعة محمد بن اسماعيل البخاري في تكنيته: أبا اسحاق، وقوله: إنما هو أبو محمد، غير مسلم إليه بل يحتمل أنه يكنى أبا اسحاق ويكنى أبا محمد أيضا فإن هذا من الأمور الواقعة، فإن الشخص الواحد تكون له كنيتان وثلاثة وأكثر من ذلك، فلا وجه لذلك.
وقد كناه مسلم بن الحجاج، وأبو عبد الرحمن النسائي: أبا اسحاق، وسنذكر ذلك إن شاء الله (197- و) وأما تخطية البخاري في قوله: ابن ابنة السدي، فلم بنفرد بهذا القول فإن علي بن جعفر الرماني قال في الحكاية التي أسندناها عن المعافى ابن زكريا عن علي بن محمد بن كاس عنه: حدثنا اسماعيل بن ابنة السدي، وذكر الحكاية. وتابع البخاري: مسلم بن الحجاج، وأبو عبد الرحمن النسائي، ومحمد ابن سعد كاتب الواقدي على ذلك.
أما مسلم بن الحجاج فأخبرنا زين الأمناء أبو البركات إذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن عبدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو اسحاق اسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الكوفي، سمع مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله «1» .
وأما النسائي: فأخبرنا أبو الحسن بن المقير إجازة عن ابن ناصر عن القاضي أبي الفضل جعفر بن يحيى بن ابراهيم المكي قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي قال: أخبرنا أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد بن شعيب قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن قال: أبو اسحاق اسماعيل بن موسى بن بنت السدي، كوفي ليس به بأس.
وأما محمد بن سعد فأنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال:
أخبرنا أبو غالب بن البناء- إجازة إن لم يكن سماعا- عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين(4/1835)
ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة التاسعة من أهل الكوفة:
اسماعيل (197- ظ) بن موسى بن بنت اسماعيل بن عبد الرحمن السدي ويكنى أبا محمد، روى عن شريك بن عبد الله وغيره «1» .
فبان أن محمد بن اسماعيل لم ينفرد بهذا القول، وبان أن اسماعيل بن موسى كان يعرف بابن بنت السدي، وقول أبي حاتم الرازي لا يشك فيه، وقد كان بين السدي وبين اسماعيل بن موسى نسب، فيحتمل أن بنت السدي أرضعته فنسب إليها، وأنها ربته لما كان بينهما من القرابة، فعرف بكونه ابنها وليس بابنها حقيقة، وهذا أمر واقع فإن كثيرا من الناس ينسبون الى غير آبائهم بسبب التربية، وقصة أسامة بن زيد معروفة «2» ، وإذا كان معروفا بابن بنت السدي فلا وجه الى تخطئة البخاري والتصريح بأنه أخطأ ولم يخطئ.
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: اسماعيل بن موسى الفزاري الكوفي ابن بنت السدي، سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة أن هناد بن السري أنكر علينا ذهابنا الى اسماعيل هذا، وقال ايش عملتم عند ذا الفاسق الذي بشتم السلف.
قال ابن عدي: واسماعيل هذا يحدث عن مالك، وشريك وشيوخ الكوفة، وقد أوصل عن مالك حديثين، وقد تفرد عن شريك بأحاديث، وإنما أنكروا عليه الغلو في التشيع، وأما في الرواية فقد احتمله الناس ورووا عنه «3» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم (198- و) بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو علي بن المسلمة وأبو(4/1836)
القاسم عبد الواحد بن محمد بن فهد قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: مات أبو محمد اسماعيل بن موسى الفزاري سنة خمس وأربعين ومائتين، وكان صدوقا لا يخضب.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان ابن زبر قال: قال الحسن بن علي: فيها- يعني سنة خمس وأربعين ومائتين- مات اسماعيل بن موسى بن بنت السدي.
أخبرنا حسن بن أحمد الأوقي- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث وأربعين ومائتين- يعني مات فيها- ثم قال بعد ذلك: سنة خمس وأربعين ومائتين، وقيل ابن بنت السدي فيها.
حرف الهاء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن هبة الله بن سعيد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن محمد بن باطيش:
أبو محمد بن أبي البركات بن أبي الرضا الموصلي، الفقيه الشافعي، قرأ الفقه في بلده الموصل، وسافر الى بغداد وتفقه بها مدة في المدرسة النظامية حتى برع في المذهب والخلاف والجدل والأصولين واشتغل بالأدب والحديث، وسمع من أصحاب أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر بن عبد الباقي وأبي غالب بن البناء، وأبي العز ابن كادش وطبقتهم، وعاد الى بلده ورتب معيدا في المدرسة البدرية، وقدم حلب في سنة اثنتين وستمائة، وسمع بها شيخنا أبا هاشم الهاشمي، ثم قدم علينا حلب في سنة عشرين وستمائة في ذي (198- ظ) القعدة، وكتبت عنه شيئا من شعره، وكان قد وردها حينئذ في شغل يتعلق بكمال الدين بن مهاجر، وكان ورد في صحبته من(4/1837)
الموصل الى الرقة، وقد وردها الى الملك الأشرف موسى بن الملك العادل، ففارقه من الرقة، وقدم علينا حلب فسمع بها شيخنا قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع ابن تميم، وأبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وسئل عن مولده وأنا أسمع فقال: في يوم الأحد السادس عشر من المحرم من سنة خمس وسبعين وخمسمائة بالموصل، ثم إنه توجه الى بلده فأقام به مدة الى أن أرسل إليه بلديه الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وكان بينهما صحبة في الموصل، وكان يعتقد عليه، وسمعته مرارا يثني على صحبته، فاستدعاه الى حلب، فخرج من الموصل متوجها الى حلب، فخرج العرب على القافلة التي كان فيها فأخذوها فيما بين حران ورأس عين، وأخذوا كتبه ومتاعه، وسلم بنفسه ووصل إلينا الى حلب في سنة اثنتين وعشرين وستمائة، فأنزله شمس الدين لؤلؤ في داره، ومال إليه بجملته واعتمد عليه في أموره، ودام على ذلك مدة، وفوض إليه قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف ابن رافع بن تميم التدريس بالمدرسة النورية المعروفة بالنفري «1» فأقام بها ولازم الإشغال والاشتغال، واستقل بحلب بالفتوى على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
وصنف كتبا عديدة حسنة، منها كتاب في طبقات أصحاب الشافعي، وكتاب (199- و) في مشتبه النسبة، وكتاب شرح فيه ألفاظ التنبيه لأبي اسحاق الفيروزآبادي والأسامي المودعة فيه، وكان رجلا متدينا كيسا فاضلا حسن الطريقة، مشتغلا بما يعنيه، وله نظم حسن، كتبت عنه فوائد.
أنشدنا عماد الدين أبو محمد اسماعيل بن هبة الله بن باطيش لنفسه، وذكر أنه كتبها في كتاب الى بعض أصدقائه ببغداد يداعبه.
بأيّ لسان بعد بعدك أنطق ... لأبدي شكايات جناها التفرق
سهاد بجفن العين مني موكل ... وقلب لتذكار الأحبة يخفق
وشوق إلى الزوراء يزداد كلما ... ترنّم قمري وناح مطوّق(4/1838)
وما شاقني جسر ولا رقة ولا ... صراة بها الماء الفرات مرقرق
ولا نهر عيسى والحريم ودجلة ... ولا سقنها أمست تخبّ وتعنق
ولكن لييلات تقضت بسادة ... برؤيتهم شمل الهموم يفرّق
ولاغرو أن تذرى الدموع ببعدهم ... ومنهم حليف المكرمات الموفق
سلام عليه كلما ذر شارق ... وإن كان يلهيه الغزال المقرطق «1»
توفي اسماعيل بن باطيش بحلب في العشر الأول من جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وستمائة، وبلغتني وفاته وأنا بدمشق في هذا الشهر المذكور.
حرف الياء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل يحيى الحراني:
سمع بأنطاكية أحمد بن أبي يحيى الفقيه، وحدث (199- ظ) عنه بمصر، روى عنه أبو أحمد عبد الله بن عدي الخياط، وقد سقنا عنه حديثا سمعه بأنطاكية من أحمد الفقيه، وذكرناه في ترجمة أحمد.
ذكر الكنى في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن أبي البركات بن منصور الموصلي الربعي:
إمام الربوة بدمشق، ذكر لي أنه دخل حلب وسمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي الحلبي، وسمع بالموصل أبا منصور سعيد بن مكارم المؤدب، وهو شيخ حسن كيس فاضل متدين، لقيته بالربوة من ظاهر دمشق في الرحلة الثالثة، وكتبت عنه شيئا من الحديث والفوائد، ثم اجتمعت به في الرحلة الرابعة حين مررت بدمشق مجتازا الى الحج في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسألته عن مولده، فقال:
إما في سنة ثلاث أو في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
أخبرنا الشيخ الزاهد اسماعيل بن أبي البركات بن منصور الموصلي الربعي(4/1839)
قال: أخبرنا الشيخ أبو منصور سعيد بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن صفوان قال: أخبرنا الشيخ أبو البركات سعد بن محمد قال:
أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: قرأت على أبي منصور المظفر بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: حدثنا اسحاق ابن الحسن قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال: حدثنا عمارة بن زادان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السبّاق أربعة، أنا سابق العرب (200- و) وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبش» «1» .
أنشدني اسماعيل بن أبي البركات بالربوة إملاء من لفظه لبعضهم:
لا تحسبي مزح الرّجال طرافة ... إن المزاح هو السباب الأصغر
قد يحقر الملك المطاع ممازحا ... ويهاب سوقي الرجال الأوقر
توفي إمام الربوة اسماعيل بن أبي البركات في سنة أربع أو خمس وعشرين وستمائة بدمشق.
اسماعيل بن أبي بكر:
كان بدابق حين ولي عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه، روى عن عبدة بن أبي لبابة، روى عنه ضمرة بن ربيعة.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الدامغاني- إجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو العز بن المختار بن محمد قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا هرون بن معروف قال:
حدثنا ضمرة عن اسماعيل بن أبي بكر قال: كنت بدابق حين مات سليمان «2» وولي عمر بن عبد العزيز رحمه الله، قال: قلت: لأهجرن «3» حتى أدنو فأسمع خطبة أمير(4/1840)
المؤمنين، قال: فهجرت فلما انتهيت الى المسجد إذا بالناس منصرفين قد صلى بهم.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي فيما أذن أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو علي المذهب قال: حدثنا أبو بكر القطيعي قال: (200- ظ) حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن اسماعيل بن أبي بكر قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين استخلف وعليه قميص ملاحف ورداء ملاحف.
ذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، وأنبأنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة-؛ قال ابن مندة: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمود قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال: اسماعيل بن أبي بكر، روى عن عبدة بن أبي لبابة، روى عنه ضمرة بن ربيعة، يعد في الشاميين، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وسمعت أبي يقول: هو مجهول «1» .
اسماعيل بن أبي حكيم القرشي:
مولاهم المدني، قيل إنه مولى عثمان بن عفان، وقيل مولى الزبير بن العوام، وكان يصحب عمر بن عبد العزيز، وكان معه بخناصرة، وما زال في صحبته بالشام وبدابق، وسيره في الفداء الى القسطنطينية، وقيل إنه (كان) «2» كاتبا له، واستعمله على بعض الاعمال، روى عن عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب، وعروة بن، الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبيدة بن سفيان الحضرمي، وسعيد بن مرجانة.
روى عنه: مالك بن أنس، ومحمد بن اسحاق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وزهير بن محمد، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن، وعبد السلام بن حفص،(4/1841)
وجويرية بن أسماء، واسماعيل بن جعفر، وعبد الله بن سعيد أبي هند، والضحاك ابن عثمان، وموسى بن سرجس، والحارث بن محمد الفهري (201- و) .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا القاضي اسماعيل بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن أبي بكر قال: حدثنا أبو الأسود حميد بن الأسود قال: حدثنا الضحاك بن عثمان عن اسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما تضورت «1» من هذه الليلة إلا سمعت في المسجد صوتا» فقلت: يا رسول الله تلك الحولاء بنت تويت لا تنام إذا نام الناس، فذكر كلاما حتى رأيت ذلك في وجهه وقال: «إن الله لا يمل حتى تملوا «2» » .
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو سعيد الراراني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد- إجازة إن لم يكن سماعا- قال:
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا عبد الله بن بندار قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال:
حدثنا موسى بن ابراهيم بن الحارث التيمي قال: حدثنا اسماعيل بن أبي حكيم قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز بخناصرة في يوم الفطر فأخرج إلينا تمرا فقال: كلوا قبل أن تعيدوا، فقلنا له: عندك في هذا شيء؟ فقال نعم، حدثني ابراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي سعيد الخدري (201- ظ) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم يوم الفطر قبل أن يعيد، ويأمر الناس بذلك. «3»
لا يروي هذا الحديث عن عمر بن عبد العزيز إلا بهذا الإسناد، تفرد به الواقدي.(4/1842)
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال:
حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم: اسماعيل بن حكيم، وأخوه اسحاق بن أبي حكيم لم يعرفه يحيى.
أنبأنا أبو الحسن بن المقيّر عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم محمد بن علي واللفظ له قالوا:
أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون: ومحمد بن الحسن الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: اسماعيل بن أبي حكيم مولى عثمان بن عفان مدني قرشي عن سعيد بن المسيب وعبيدة بن سفيان، روى عنه: مالك، ومحمد بن اسحاق.
وقال محمد بن مسلمة «اسماعيل بن حكيم» وهو وهم، وقال لنا المكي: حدثنا عبد الله بن سعيد عن اسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير، وسمع عمر بن عبد العزيز «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرنا سليم بن أيوب الرازي (202- و) قال: أخبرنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن أحمد قال:
حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي يقول: اسماعيل بن أبي حكيم: روى عنه: مالك بن أنس وأهل المدينة، كان كاتب عمر بن عبد العزيز حين كان عمر أمير المدينة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- إذنا- عن أبي غالب بن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي(4/1843)
خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: اسماعيل بن أبي حكيم، يقال له مولى الزبير، وهو مولى أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، تزوجها الزبير، وكان معهم فقيل مولى الزبير.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن- فيما أذن لنا في روايته- قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا محمد بن جعفر الزراد قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا عمي عن أبيه عن ابن اسحاق قال: اسماعيل بن حكيم مولى آل الزبير.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة-، ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد الفأفاء قالا:
أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: اسماعيل بن أبي حكيم، مولى عثمان بن عفان، مدني، روى عن القاسم بن محمد، (202- ظ) وعمر بن عبد العزيز، وعبيدة بن سفيان الحضرمي، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن مرجانة.
روى عنه مالك، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن اسحاق، وعبد الله ابن سعيد بن أبي هند، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك. قال أبو محمد:
روى عنه زهير بن محمد، ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال:
اسماعيل بن أبي حكيم، صالح. قال: وسئل أبي عن اسماعيل بن أبي حكيم فقال: يكتب حديثه، كان عاملا لعمر بن عبد العزيز.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن ابراهيم الأشناني قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سألت يحيى بن معين، قلت: فاسماعيل بن أبي حكيم؟ فقال: ثقة «1» .(4/1844)
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال:
أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيّوية قال: أخبرنا سليمان ابن اسحاق بن ابراهيم الجلاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: اسماعيل بن أبي حكيم مولى لبني عدي بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، من لا يعرف ولاءهم، نسبهم الى ولاء آل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، وتوفي سنة ثلاثين ومائة، وكان قليل الحديث.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: (203- و) أخبرنا أبو بكر الشافعي قال:
ومن حديث اسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد قال الواقدي: هو مولى لآل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، وتوفي في سنة ثلاثين ومائة، وكان قليل الحديث.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري عن أبي طاهر المخلص قال:
حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي محمد بن المغيرة قال: حدثني أبو عبيد القاسم ابن سلّام قال: سنة ثلاثين ومائة، فيها مات اسماعيل بن أبي حكيم، وهو مولى آل الزبير بن العوام، وكان كاتب عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إذنا عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: حدثنا علي بن أحمد المقابري قال: حدثنا موسى بن اسحاق الأنصاري قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن نمير قال: مات يزيد بن رومان واسماعيل بن أبي حكيم سنة ثلاثين ومائة. «1»
أنبأنا عبد الصمد عن أبي محمد عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن(4/1845)
محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الواقدي: وفيها يعني سنة ثلاثين ومائة مات اسماعيل بن أبي حكيم، وذكر أن أباه أخبره عن الحارث عن محمد بن سعد عن الواقدي بذلك.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني (203- ظ) قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: اسماعيل ابن أبي حكيم مولى لآل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، توفي سنة ثلاثين ومائة.
قال علي بن الحسن: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران بن موسى قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفي سنة ثلاثين مات اسماعيل بن أبي حكيم بالمدينة «1» .
قال علي بن الحسن: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ قال: أخبرنا محمد بن الحسين ابن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال: ومات اسماعيل بن أبي حكيم، ويزيد بن رومان في سنة ثلاثين ومائة «2» .
أنبأنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسين الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:
أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاثين ومائة: اسماعيل بن أبي حكيم، مولى آل الزبير بن العوام، نزل المدينة، يعني مات.(4/1846)
اسماعيل بن أبي خراسان:
غزا بلاد الروم واجتاز بحلب أو بعملها، روى عنه جعفر بن محمد الفسوي.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن المبارك بن الأخضر في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن محمد الكروخي قال:
أخبرنا أبو اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو يعقوب قال:
أخبرنا جدي قال: أخبرنا يعقوب بن اسحاق قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن (204- و) ماهان قال: حدثنا جعفر- هو ابن محمد الفسوي- قال- سمعت اسماعيل بن أبي خراسان يقول: كنا إذا توسطنا أرض الروم اجتمعنا فقلنا:
لا إله إلا الله، على الكرابيسي لعنة الله «1» .
اسماعيل بن أبي الخير بن الفضل بن خلف بن عبد الله بن يعقوب:
الكفرطابي الأصل، الحموي المولد والمنشأ، أبو الفضل الحكيم، المعروف بالمهذب، كان عارفا بالطب والمعالجة، ويرجع الى دين وأدب، وكان عبد الله بن خلف بن عبد الله النحوي المعروف بسطيح- وسنذكر ترجمته فيما يأتي من كتابنا هذا- جده لأمه وعم أبيه.
قدم إلينا الى حلب مرارا، ثم أقام بالقاهرة يطب الناس، واجتمعت به مرارا متعددة، وكتبت عنه شيئا من أحوال جده، وروى شيئا يسيرا بالقاهرة، وكتبت عنه، وكان كيسا، حسن الأخلاق، توفي يوم السبت ثامن عشر صفر من سنة احدى وخمسين وستمائة بالقاهرة.
اسماعيل بن أبي الفتح السنجاري:
شاعر حسن المحاضرة، اجتمعت به بسنجار، وروى لنا عن المعتمد طاهر بن محمد العتابي شيئا من شعره، وأنشدنا من شعره أيضا نفسه، وذكر لي أنه دخل حلب صحبة نور الدين بن عماد الدين صاحب قرقيسيا، بعد سنة ثلاث عشرة(4/1847)
وستمائة، حين كان الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب بحلب (204- ظ) .
أنشدني مجد الدين اسماعيل بن أبي الفتح السنجاري بها قال: أنشدني طاهر العتابي لنفسه، وكان له رسم في شهر رجب على بني مهاجر بالموصل، فجاء رجب في بعض السنين، فأعرضوا عنه ولم يعطوه شيئا، فقال فيهم، وأنشدنيه لنفسه:
يا عصبة عن مودتي هربوا ... عودوا إلينا فقد مضى رجب
عودوا إلينا فالمال في دعة ... لا فضة بيننا ولا ذهب
أنشدني اسماعيل بن أبي الفتح السنجاري بها لنفسه:
أماني نفس ليس تقضى عهودها ... وآمال دهر ليس يدنو بعيدها
وديمة أضغان تسح بساحتي ... بوارقها مشبوبة ورعودها
تحوك رياض الضيم لي فأعافها ... وتخلي مراعي الهم لي فأرودها
كأن الليالي أقسمت لا تحلني ... بدار ولم يذعر سوامي سيدها
سئمت المقام في عراص أهيلها ... صدورهم تغلي عليّ حقودها
أناسيهم بغضاءهم لي مغالطا ... وأسألهم في حاجة لا أريدها
وأصرف طرفي أن يشيم بروقهم ... وأمنع نفسي رفدهم وأذودها «1»
وفي حشرات الأرض والليث ساغب ... مطاعم لو أن الفرير يصيدها
عذيري من دنيا أحاول وصلها ... وقد شفّني هجرانها وصدودها
تحملّني مكروهها متتابعا ... كأنيّ مما ساءني أستزيدها
تروح على أهل الصلاح نحوسها ... وتغدو الى أهل الفساد سعودها
(205- و)
فبعدا لأثواب السلامة ملبسا ... إذا فوّفت للخالعين برودها
وسحقا لأرض تنبت الذلّ تربها ... وتعلو على الأحرار فيها عبيدها
يظل بها الفدم «2» الغبيّ يسوسها ... ويمسي بها النكس الدّني يسودها(4/1848)
ولا حرمة الراجين تقضى حقوقها ... ولا ذمّة اللاجين ترعى عهودها
ألا ليت شعري هل تحل عرى النوى ... وتبيض من أيامها النكد سودها
ويحيى حشاشات المطالب بعدها ... تطاول في طيّ الأياس همودها
وأعدو العوادي وهي خزر عيونها «1» ... وأخطو الأعادي وهي صعر «2» خدودها
توفي اسماعيل بسنجار في حدود الخمسين والستمائة.
اسماعيل بن أبي مسعود:
أحد العلماء المذكورين، قدم نواحي حلب الى عسكر المأمون وهو طالب الغزاة الى بلد الروم، أشخصه اليه اسحاق بن ابراهيم بن مصعب، سابع سبعة ليمتحنهم بالقول بخلق القرآن.
اسماعيل بن أبي موسى:
غزا الصائفة مع سليمان بن هشام بن عبد الملك، واجتاز معه في غزاته بناحية حلب، وأخبر عن تلك الغزاة، حكى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، وأبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاريان قالا: أخبرنا أبو محمد الصوفي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال:
أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: وأخبرني (205- ظ) اسماعيل بن أبي موسى أنه كان فيمن غزا مع سليمان بن هشام صائقة من تلك الصوائف، فقصد الى عمّورية، فلما دنوا منها نادى مناديه: أيها الناس أظهروا سلاحكم فإنكم ستفضون غدا على عمورية، قال: فأصبحنا على ظهر قد أظهرنا السلاح فبينا سليمان في موكبه، وخيول(4/1849)
الأجناد على راياتهم ميمنة وميسرة، لم يرعنا إلا بخيول عمورية، نحو من عشرة آلاف، فشدوا على من بين يدي سليمان حتى صيروهم الى سليمان، فوقف سليمان وثارت الأبطال، فشدوا عليهم حتى هزمهم الله، وتبعناهم نقتلهم حتى أدخلناهم مدينة عمورية «1» .
ذكر من لم ينته الينا اسم أبيه ممن اسمه اسماعيل
اسماعيل الجعفري الكوفي:
قدم المصّيصة، ولقي بها أبا اسحاق الفزاري سنة احدى وثمانين ومائة، حكى عنه سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الحارث السعدي قال: أخبرنا أبي محمد قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد بمناقب أبي حنيفة رضي الله عنه وقال فيه:
حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي يقول:
خرج عبد الله بن المبارك من المصيصة في شعبان سنة احدى وثمانين فشيّعه أبو اسحاق الفزاري، ومخلد بن (206- و) الحسين، وعلي بن بكار مشاة الى باب الشام يبكون، ثم قدم علينا اسماعيل الجعفري الكوفي فقال لأبي اسحاق: يا أبا اسحاق شهدت عبد الله بن المبارك بهيت وقد خرج عليلا من السفينة فمات بها ليلة الثلاثاء لصبيحة الاربعاء لثلاث عشرة مضت من رمضان، فبكى أبو اسحاق بكاء شديدا، وجزع، وعزّاه الناس.
اسماعيل الديلمي:
كان بطرسوس، وحكى مناما رآه لجعفر المتوكل، رواه عنه سعيد بن عثمان الخياط.(4/1850)
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن بركات بن ابراهيم بن طاهر، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم الشافعي- إجازة من كل واحد منهما- قالا:
أخبرنا أبو محمد عبد الرزاق بن نصر بن المسلم بن نصر النجار قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر السلمي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن ابراهيم الحنّائي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا علي بن عبد القادر الطرسوسي قال: حدثنا أبو عبد الله علي بن المثنى قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن سهل النيسابوري قال: حدثنا سعيد بن عثمان الخياط قال: حدثنا اسماعيل الديلمي قال: رأيت جعفر المتوكل على الله بطرسوس في النوم، وهو في نور جالس، فقلت: المتوكل؟ قال: المتوكل، قلت ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بقليل من السنة أحييتها.
اسميفع بن باكورا:
هو ذو الكلاع الحميري «1» ، شهد صفين، سنذكره (206- ظ) في حرف الذال ان شاء الله تعالى.
ذكر من اسمه أسود
الاسود بن حبيب بن حماية بن قيس بن زهير الغطفاني العبسي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان من رؤساء قومه، وأولي الذكر والنباهة، وقد ذكرناه في ترجمة عيّاش بن شريك، فيما يأتي في كتابنا هذا ان شاء الله تعالى.
الاسود بن ربيعة:
أحد بني ربيعة بن مالك بن حنظلة، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بصفين، قاله سيف بن عمر فيما حكاه عن ورقاء ابن عبد الرحمن الحنظلي، أورده أبو حفص بن شاهين.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور البزاز قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف قال: حدثنا السّري بن يحيى قال:(4/1851)
حدثنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن ورقاء بن عبد الرحمن الحنظلي قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسود بن ربيعة، أحد بني ربيعة بن مالك بن حنظلة فقال: «ما أقدمك» ؟ قال: أتقرب بصحبتك، فترك الأسود، وسمي المتقرب «1» ، فصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد مع علي صفّين.
الاسود بن قيس:
ذكر المدائني أنه شهد صفين مع علي رضي الله عنه، روى عن جندب بن سفيان البجلي، ونبيح العنزي، وثعلبة، روى عنه عبيدة بن (207- و) حميد، وسفيان، وشعبة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الأسفرائيني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي قال:
أخبرنا جدي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق قال: حدثنا القاضي الحسين ابن اسماعيل الضبي ببغداد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سوادة قال: حدثنا عبيدة- يعني ابن حميد- عن الأسود بن قيس عن جندب بن سفيان البجلي، ثم العلقي أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى. قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ذبحت قبل أن يصلي، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله «2» .
أنبأنا علي بن المفضّل عن الحافظ أبي طاهر السّلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي ابن أحمد الأطرابلسي قال: حدثنا أبو مسلم- يعني صالح بن أحمد بن عبد الله(4/1852)
العجلي- قال: حدثني أبي قال: الأسود بن قيس، تابعي ثقة، سمع من جندب ابن عبد الله.
وقال: حدثني أبي قال: الأسود بن قيس، حسن الحديث، ثقة، روى عن جندب بن عبد الله، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في عداد الشيوخ من كبار أصحاب سفيان «1» .
الاسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر:
أبو عمرو، وقيل أبو عبد الرحمن النخعي، أحد التابعين، وقيل انه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، روى عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وبلال، وعائشة، روى عنه ابنه عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وابراهيم النخعي، وأبو اسحاق، وأشعث بن أبي الشعثاء، وكان من فقهاء الكوفة، وأعيانهم، وعبادهم.
روى الأعمش عن عمارة، وسئل عن الأسود قال: كنت إذا نظرت إليه كأنه راهب من الرهبان، وشهد صفين مع علي عليه السلام.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا (207- ظ) أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، وأبو حفص عمر بن علي الكرابيسي، وأبو علي الحسن بن بشير بن عبد الله النقاش- قراءة عليهم وأنا أسمع ببلخ- وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان بن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا: أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي قال: أخبرنا الأديب أبو سعد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال:
حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود ابن يزيد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» .(4/1853)
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي قال:
أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا سعيد بن الربيع قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود بن يزيد، ومسروقا يشهدان على عائشة أنها شهدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن عندها يوما إلّا صلى هاتين الركعتين، قال أبو محمد: يعني (208- و) بعد العصر.
قال الدارمي: أخبرنا يعلى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: حاضت صفية، فلما كانت ليلة النفر قالت: آي حلقي، آي عقري بلغة لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألست قد طفت يوم النحر؟ قالت: بلى، قال: فاركبي «1» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد بن الدباغ قال أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال:
حدثنا خلف بن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال: حدثنا أحمد ابن محمد القشيري قال: حدثنا علي بن خشرم قال: قلت لوكيع: من سلم من الفتنة؟ قال أمّا المعروفون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأربعة: سعد بن مالك «2» ، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم، قال ولم يشهد أمرهم من التابعين إلّا أربعة: الربيع بن خثيم، ومسروق ابن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو عبد الرحمن السلمي.(4/1854)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء، وأبو الحسن بن عمر بن حمّوية قالا: أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين التوني رحمه الله قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى قال: أخبرنا محبوب بن محمد البردعي قال: حدثنا يحيى بن (208- ظ) محمد ابن صاعد قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال:
حدثنا محمد بن طلحة، وعبد الرحمن بن مروان، أن الأسود بن يزيد كان يجتهد في العبادة، ويصوم في الحر حتى يخضر جسده، ويصفر لونه، فقال له علقمة بن قيس: لم تعذب هذا الجسد؟ فيقول الأسود: كرامته أريد، إنّ الأمر جد، فجدوا.
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء- قال ابن حمد: إجازة- قال:
أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا يحيى بن اليمان قال: حدثني حنش بن الحارث قال: رأيت الأسود ابن يزيد قد سالتا عيناه على خديه من ظمأ الهواجر.
أنبأنا نصر بن أبي الفرج قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يره.(4/1855)
قال: روى شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال: قضى فينا معاد ابن جبل باليمن ورسول الله صلى الله عليه وسلمّ حي، في رجل ترك ابنته واخته، فأعطى الابنة النصف وأعطى الأخت النصف.
روى شعبة أيضا عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن يزيد (209- و) مثله، ولم يقل: ورسول الله حيّ «1» .
قال ابن عبد البر: والأسود بن يزيد هذا هو صاحب ابن مسعود أدرك الجاهليه، وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين، روى عن أبي بكر، وعمر، وكان فاضلا عابدا، سكن الكوفة.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم في كتابه إلينا من مرو قال:
أخبرنا أبو البركات الفراوي، ح.
وأخبرنا القاسم بن عبد الله في كتابه قال: أخبرتنا عمة أبي عائشة بنت أحمد قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال: حدثنا أبو إسماعيل السلمي قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: والأسود بن يزيد سنة خمس وسبعين، يعني مات.
قرأت في تاريخ محمد بن أحمد بن مهدي، في سنة خمس وسبعين قال: وفيها مات أبو عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن يزيد النخعي. قال: والأسود من أكابر أصحاب عبد الله ابن مسعود رحمه الله، ويقال إنه حج واعتمر ثمانين حجة وعمرة.
قرأت في كتاب الجرح والتعديل لأبي محمد بن أبي حاتم قال: الأسود بن يزيد النخعي، أبو عمرو، روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، وابراهيم النخعي، يعد في الكوفيين، سمعت أبي يقول ذلك.(4/1856)
حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي قال: حدثنا أبان بن عمران النخعي عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثني أبي- وكان ثقة- أنه صلى خلف عمر بن الخطاب.
وقال: حدثنا محمد بن حمّوية بن الحسن قال: سمعت أبا طالب قال: قلت لأحمد بن حنبل: الأسود- يعني ابن يزيد-؟ قال: ثقة من أهل الخير.
ذكره أبي عن يحيى بن معين أنه قال: الأسود- يعني ابن يزيد- ثقة «1» .
وأنبأنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال:
أخبرنا أحمد بن عبد الله- إجازة، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم.
أنبأنا علي بن المفضل عن الحافظ أبي طاهر قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال:
أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله قال: حدثني أبي قال:
والأسود بن يزيد بن قيس النخعي، كوفي، تابعي، جاهلي، وكان رجلا صالحا متعبدا، فقيها.
وقالت عائشة: ما بالعراق أحد أعجب إلي من الأسود، وكانت عائشة تكرمه، وصام حتى ذهبت إحدى عينيه، فقال له علقمة: ما تعذب هذه النفس؟ فقال: إنما أريد راحتها، وكان يحج كل سنة، فإذا حضرت الصلاة أناخ ولو على حجر، وهو ابن أخي علقمة بن قيس، وعلقمة أصغر منه، وهو زف أم علقمة إلى جده، وكان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرءون، ويفتون.(4/1857)
وقال: حدثنا أبو مسلم قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن منصور بن إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرءون ويفتون ستة: علقمة، والأسود، وعبيدة، وأبو ميسرة، والحارث بن قيس، ومسروق بن الأجدع.
أخبرنا أبو علي الأوقي- إجازة- قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال:
أخبرنا أبو محمد الصفار، قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع أن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ابن أخي علقمة مات سنة ست وسبعين.
***(4/1858)
ذكر من اسمه أسيد وأسيد
أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني:
ورواه بعضهم بالشك أسيد، وأسيد، قدم دابق، ولقي بها رجاء بن حيوة، ومكحولا، وحكى عنهما وعن صالح بن جبير الفلسطيني، والعلاء بن زياد، ومقبل بن عبد الله (209- ظ) الفلسطيني، وفروة بن مجاهد، وابن محيريز، وخالد بن دريك، وأبي واقد صالح بن محمد الليثي، وقيل لم يرو عن ابن محيريز، وإنما روى عن خالد عنه، روى عنه الأوزاعي، والمغيرة بن المغيرة الرملي، وإسماعيل بن عياش، وعبد الله بن حسان، وكان ثقة قليل الحديث.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد ابن المظفّر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية قال:
أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن ابن محيريز قال: قلت لأبي جمعة- رجل من الصحابة-:
حدّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، أحدثك حديثا جيدا، تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة فقال:
يا رسول الله، أحد خير منا، أسلمنا وجاهدنا معك؟ قال: نعم، قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني «1» .
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز(4/1859)
الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة قال: حدثني عبد الله بن حسان عن أسيد بن عبد الرحمن قال: رأيت مكحولا يسلم على رجاء ابن حيوة (210- و) بدابق راجل ورجاء راكب، وهو يقول: يا أبا المقدام عليك السلام، فما يرد عليه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن مطكود السوسي قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الرّبعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمير- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن محمود بن ابراهيم بن سميع يقول: في الطبقة الخامسة أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي.
أنبأنا أبو الحسن بن المقيّر عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الواسطي- زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: أسيد بن عبد الرحمن الفلسطيني عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي «1» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، ح.
قال ابن البناء: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني في باب أسيد، بفتح الألف: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري قال: أخبرنا عبد(4/1860)
الغني بن سعيد قال: أسيد (210- ظ) بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة عن مجاهد، وابن محيريز.
أخبرنا ابن المقير- فيما أذن لنا أن نرويه- عن الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: قال أبو الحسن، وأبو محمد- يعني الدارقطني-، وعبد الغني بن سعيد جميعا: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي.
قال الخطيب: وهذا الكلام ذكره البخاري في تاريخه ومنه نقلاه الى كتابيهما وهو خطأ وذلك أن أسيدا لا يروي عن ابن محيريز، وإنما يروي عن خالد بن دريك.
عنه روى عن الأوزاعي عنه حديثه كذلك غير واحد «1» .
قلت: وهذا القول من أبي بكر الخطيب تحكم على البخاري مع كونه إمام أهل الحديث، وأكثرهم تنقيبا على رجاله وكشفا لأحوالهم، ومواقع الصواب والخطأ منهم، وكذلك على هذين الحافظين: أبي الحسن الدارقطني، وأبي محمد عبد الغني ابن سعيد، وهما هما في هذا الفن، وإطلاقه الخطأ عليهم في أن أسيدا لا يروي عن ابن محيريز، وإنما يروي عن خالد بن دريك عنه الحديث الذي أوردناه، غير مسلم له، فإن رواية أسيد عن خالد عن ابن محيريز هذا الحديث لا ينفي روايته عن ابن محيريز وغيره، فإن من عادة الرواة إذا رأوا عند غيرهم من الشيوخ حديثا قد سمعه ذلك الشيخ من شيخه، ولم يسمعه منه أن يكتبه عنه عن شيخه، ولا ينفي ذلك روايته عن ذلك الشيخ حديثا غيره، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى بعضهم عن بعض عن النبي صلى الله عليه وسلم غيرها، لأنه لم يسمع ذلك الحديث (211- و) من النبي صلى الله عليه وسلم، فرواه عن صحابي آخر عنه، وذلك كثير، فكذلك هذا يجوز أن يكون أسيدا سمع من ابن محيريز غير هذا الحديث، وروى هذا الحديث عن خالد بن دريك عنه، اللهم إلّا إن أثبت بالنقل أن أسيدا لم يدرك ابن محيريز، فحينئذ يسوغ له تخطئة هؤلاء الأئمة فيما ذكروه، وقد تابع الإمام أبا عبد الله محمد بن اسماعيل(4/1861)
البخاري في قوله إن أسيدا روى عن ابن محيريز غير الدارقطني وعبد الغني، وهو إمام أهل العلم والحديث؛ ورئيسهم المتقن المصنف أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، فإن زين الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن أنبأنا قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال:
أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر العدل قال:
أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: فأما أسيد- السين مكسورة والياء ساكنة- فمنهم: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني، روى عن ابن محيريز، وفروة بن مجاهد روى عنه الأوزاعي، واسماعيل بن عيّاش.
وكذلك تابعه أبو حاتم الرازي، وابنه أبو محمد فيما ذكره في كتاب الجرح والتعديل، فإنه قال: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني، روى عن ابن محيريز، وفروة بن مجاهد، روى عنه الأوزاعي، واسماعيل بن عياش، والمغيرة بن المغيرة الرملي، سمعت أبي يقول ذلك «1» .
أنبأنا بذلك أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلّال قال: أخبرنا أبو القاسم ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله إجازة، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة (211- ظ) - قال أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم. (212- و، ظ) -.(4/1862)
[تنبيه]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا، ح.
وأنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، روى عن فروة بن مجاهد، وخالد بن دريك عن محيريز عن أبي جمعة حديثا يختلف فيه، وروى عن أبي واقد الليثي صالح بن محمد، وعن العلاء بن زياد روى عنه الأوزاعي، وهو قليل الحديث «1» .
قال الحافظ أبو القاسم: قول ابن ماكولا إنه «روى عن أبي واقد الليثي» وهم أخذه عن الخطيب، وإنما قيل في نسبه «ابن محمد» خطأ أخطأ فيه الأوزاعي والله أعلم «2» .
قلت: وتخطئه الحافظ أبي القاسم: الأوزاعي، والخطيب، تحكم أيضا، والأوزاعي أقدم زمانا وأعرف بنسب شيخ شيخه وأدرى به.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: وروى- يعني الأوزاعي- عن شيخ يقال له أسيد بن عبد الرحمن، شامي، ثقة «3» .(4/1863)
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا الحافظ عمي قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم تمّام بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال في تسمية نفر متقاربين في (213- و) - السن عمّروا: أسيد بن عبد الرحمن.
أنبأنا أبو البركات قال: أخبرنا الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال:
حدثنا عبد العزيز قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة قال: توفي أسيد بن عبد الرحمن بالرملة سنة أربع وأربعين ومائة، قال: ورأيته يصفّر لحيته؛ وقال في موضع آخر: حدثنا ضمرة قال: رأيت أسيد، قال: وتوفي أسيد بن عبد الرحمن- من أهل الرملة- سنة أربع وأربعين ومائة «1» .
أسيد بن ثعلبة الانصاري:
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه بدرا، وشهد صفّين مع علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة شرفها الله قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الاشيري قال:
أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدبّاغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البرّ النمري قال:
أسيد بن ثعلبة الأنصاري، شهد بدرا، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه «2» .
أسيد بن مالك أبو عمرة الانصاري:
وقيل أسيد بن عمرو بن محصن بن عمرو الأنصاري، وقيل أسير، وقيل يسير بن عمرو بن محصن، وقيل ثعلبة بن عمرو بن محصن، وقيل بشر، وقيل بشير، وقيل عمرو بن محصن، من بني مازن بن النجّار، وهو(4/1864)
معروف بأبي عمرة الأنصاري، ووقع الاختلاف (213- ظ) - في اسمه، شهد مع علي رضي الله عنه صفين، وقتل بها.
وذكر الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الحازمي قال: أسيد بن عمرو ابن محصن بن عمرو، أبو عمرة الأنصاري رضي الله عنه، من بني عمرو بن مبذول ثم من بني النجار، شهد بدرا، من أهل المدينة، اختلف في اسمه، فقيل بشر، وقيل بشير، وقيل ثعلبة، ذكروه في غير باب الألف، إلّا أن من طلبه في كتبهم في باب الألف لم يره، وعسى أن لا يعرف أنه مختلف في اسمه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد قال: أخبرنا محمود الصيرفي قال: أخبرنا ابن فاذشاه قال: أخبرنا الطبراني قال:
أسير بن مالك، أبو عمرة الأنصاري، ويقال يسير بن عمرو بن محصن، ويقال ثعلبة بن عمرو بن محصن، ويقال عمرو بن محصن، من بني مازن بن النجار، ويقال أن أبا عمرة أعطى عليا رضي الله عنه يوم صفين مائة ألف درهم أعانه بها يوم الجمل، وقتل بصفّين، وقال الطبراني: حدثنا محمد بن علي بن المديني قال:
حدثنا إبراهيم الجوهري عن الواقدي قال: وفيها توفي أبو عمرة المازني- سنة سبع وثمانين.
***(4/1865)
أشجع
أشجع بن عمرو:
أبو عمرو، وقيل أبو الوليد السلمي اليماني، وقيل الرقّي، ثم البصري الشاعر، شاعر مشهور مذكور، من ولد الشريد بن مطرود، قيل انه ولد باليمامة ونشأ بالبصرة، وقيل هو من أهل الرقة، وقدم البصرة، مدح الرشيد بالرقة، وغزا معه بلاد الروم، ومدح البرامكة واختص بجعفر بن يحيى وخرج معه الى دمشق حين ندبه الرشيد للإصلاح بين أهلها «1» ، وقد اجتاز بحلب مع الرشيد، وجعفر، حكى عن أمير المؤمنين محمد بن عبد الله المهدي، وأبي العتاهية، وبشار بن برد، وسنان بن يرحم، روى عنه علي بن عثمان، وسعيد بن سلم الباهلي، وأحمد ابن سيّار الجرجاني الشاعر، وأسد بن جديلة السلمي، وأبو دعامة، وكان مجيدا في جميع أصناف الشعر (214- و) -.
قرأت بخط المحسن بن عبد الله بن مهبروذ: أشجع بن عمرو السلمي، يكنى أبا الوليد وأخوه أحمد بن عمرو، وهما شاعران مجيدان، مدح الرشيد والبرامكة، ولأشجع في كل صنف من أصناف الشعر قول كثير.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أشجع بن عمرو، أبو الوليد، وقيل أبو عمرو السلمي الشاعر، من أهل الرقة، قدم البصرة فتأدب بها، ثم ورد بغداد فنزلها، واتصل بالبرامكة، وغلب من بينهم على جعفر بن يحيى، فحباه، واصطفاه، وأبرّه، وأدناه، وكان أشجع حلوا ظريفا، سائر الشعر، وله كلام جزل، ومدح رصين، فمدح جعفرا بقصائد كثيرة، ووصله بهرون الرشيد، فمدحه وهو بالرقة بقصيدة نمكنت بها حاله عند الرشيد، وأوّلها:(4/1866)
قصر عليه تحية وسلام ... نشرت عليه جمالها الأيّام
ويقال إنه لما أنشده هذه القصيدة أعطاه هرون مائة ألف درهم «1» .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أشجع بن عمرو، أبو الوليد، وقيل أبو عمرو السلمي، شاعر من ولد الشريد بن مطرود، مشهور، ولد باليمامة، ونشأ بالبصرة وتأدب بها، وقال الشعر، ثم قصد الرشيد بالرقة وامتدحه، ومدح البرامكة، واختص بجعفر بن يحيى، وخرج معه الى دمشق حين ندبه الرشيد للاصلاح بين أهلها، حكى (214- ظ) - عن المهدي وسنان بن يرحم، روى عنه أسد بن جديلة السلمي، وأحمد بن سيّار الجرجاني الشاعر، وسعيد بن سلم الباهلي، وعلي بن عثمان، وأبو دعامة «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الطبري قال: حدثني علي بن محمد بن أبي عمرو البكري- من بكر بن وائل- قال: حدثني علي بن عثمان قال: حدثني أشجع السلمي قال: أذن لنا المهدي والشعراء في الدخول عليه، فدخلنا، فأمرنا بالجلوس فاتفق أن جلس الى جنبي بشّار، وسكت المهدي، وسكت الناس، فسمع بشار حسّا، فقال لي: يا أشجع من هذا «3» ؟ فقلت: أبو العتاهية، قال: فقال لي أتراه ينشد في هذا المحفل؟ فقلت: أحسب سيفعل، قال: فأمره المهدي أن ينشد، فأنشد:
ألا ما ليّدتي مالها ... .....
قال: فنخسني بمرفقه، فقال: ويحك رأيت أجسر من هذا، ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟!(4/1867)
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرّر أذيالها
فلم تك تصلح إلّا له ... ولم يك يصلح إلّا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات النفوس ... لما قبل الله أعمالها
قال: فقال بشار: انظر ويحك يا أشجع هل طار الخليفة عن فرشه؟
قال: لا والله ما (215- و) - انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية. «1» .
قرأت في بعض ما علقته من الفوائد: قال أشجع بن عمرو السلمي: شخصت من البصرة الى الرقة فوجدت الرشيد غازيا، ونالتني خلة «2» ، فخرجت حتى لقيته منصرفا من الغزو، وكنت قد اتصلت ببعض أهل داره، فصاح صائح ببابه: من كان هاهنا من الشعراء فليحضر يوم الخميس، فحضر سبعة وأنا ثامنهم، فأمرنا بالبكور في يوم الجمعة، فبكرنا فأدخلنا، وقدم واحد، واحد منا ننشد على الأسنان وكنت أحدث القوم سنا، وأرثهم حالا، فلما بلغ إليّ حتى كادت الصلاة أن تجب، فقدمت والرشيد جالس على كرسي، وأصحاب الاعمدة بين يديه سماطان، فقال لي: أنشد، فخفت أن أبتدىء من أول قصيدتي بالتشبيب فتجب الصلاة، ويفوتني ما أردت، فتركت التشبيب، وأنشدته من موضع المديح في قصيدتي التي أولها:
تذكر عهد البيض وهو لها ترب ... وأيام تصبي الغانيات ولا تصبو
فابتدأت قولي في المديح:
إلى ملك يستغرق المال جوده ... مكارمه ثرو معروفه سكب
وما زال هرون الرضا ابن محمد ... له من مياه النصر مشربها العذب
متى تبلغ العيس المراسيل بابه ... بنا فهناك الشمل والمنزل الرحب(4/1868)
لقد جمعت فيك الظنون ولم يكن ... بغيرك ظن يستريح له قلب
جمعت ذوي الأهواء حتى كأنهم ... على منهج بعد افتراقهم ركب (215- ظ) -
بثثت على الأعداء أبناء دربة ... فلم يقهم منهم حصون ولا درب
وما ترميهم بهم متفردا ... أينساك حزم الرأي والصارم العضب
جهدت ولم أبلغ علاك بمدحة ... وليس على من كان مجتهدا عتب
فضحك الرشيد، وقال: خفت أن يفوت وقت الصلاة فينقطع المديح عليك، فابتدأت به وتركت التشبيب، وأمرني أن أنشده التشبيب، فأنشدته اياه، فأمر لكل واحد من الشعراء بعشرة آلاف درهم، وأمر لي بضعفها «1» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله- اذنا- قال: أخبرنا أبو الفرج بن كليب قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أحمد بن سيار الجرجاني، وكان شاعرا، راوية، مدّاحا ليزيد بن مزيد قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الخزاعي على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا اليه، فتقدم التميمي فأنشده أرجوزة يذكر فيها نقفور ووقعه الرشيد بالروم فنثر عليه الدر من جودة شعره، وأنشده أشجع:
قصر عليه تحية وسلام ... ألقت عليه جمالها الأيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام (216- و) -
يثني على أيامك الإسلام ... والشاهدان: الحل والإحرام
وعلى عدوك يا بن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا «2» ... سلت عليه سيوفك الأحلام(4/1869)
القصيدة:
قال: وأنشدته:
زمن بأعلى الرقتين قصير ... ......
يقول فيها:
لا تبعد الأيام إذ ورق الصبى ... خضل «1» واذا غصن الشباب نضير
قال: فأعجب بها، وبعث إليّ الفضل بن الربيع ليلا فقال: اني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري فابعث بها الي، فبعثت بها اليه. «2»
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوما في قبة، وسعيد بن سلم عديله، فدعا محمدا الرواية- يعرف بالبيذق لقصره، وكان إنشاده أشد طربا من الغناء- فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم، فقال له سعيد بن سلم: يا أمير المؤمنين استنشده قصيدة أشجع التي مدحك بها، فقال: الشعر في ربيعه سائر اليوم، فلم يزل به سعيد حتى استنشده فأنشد، فلما بلغ قوله:
وعلى عدوك يا بن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
ذكر أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب في كتاب الأغاني (216- ظ) - قال: أخبرني علي بن صالح قال: حدثني أحمد بن أبي فنن قال: حدثني داود بن مهلهل قال: لما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام، فنزل في مضربه، وأمر باطعام الناس، فقام أشجع فأنشده:(4/1870)
فئتان طاغية وباغية ... جلت أمورهما عن الخطب
قد جاءكم بالخيل شازبة «1» ... ينقلن نحوكم رحا الحرب
لم يبق إلّا أن تدور بكم ... قد قام هاديها على القطب «2»
أخبرنا زين الامناء، أبو البركات الحسن بن محمد كتابة قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف- ونقلته من خط رشاء- قال:
حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن يحيى الصولي قال: من أجمع ما في هذا المعنى وأحسنه ما قاله أشجع السلمي لعثمان بن نهيك، حدثني به يحيى بن البحتري عن أبيه، في خبر لأبيه مع الفتح:
كم تغضبت بالجهالة مني ... بعد ملك الرضا على عثمان
ملك ناعم الخليقة يطري ... هـ بكل المديح كل لسان
وإذا جئته يبين لك الاك ... رام منه في أوجه الغلمان
فامتحنت الأنام جهدي حتى ... ردني صاغرا إليه امتحاني
وأراني زماني الغض من جد ... واه أرعى السرور خير زمان
(217- و)
فتلقى بالفضل سيء فعلي ... وذنوبي بالعفو والاحسان «3»
قال رشاء: وحدثنا أبو الفتح ابراهيم بن علي بن سيبخت البغدادي قال:
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن الحارث قال: حدثنا مساور بن لاحق- وكان أحد الكتاب الحذاق قال: اعتل يحيى بن خالد، فدخل عليه أشجع السلمي فأنشده:(4/1871)
لقد قرعت شكاة أبي علي ... صفاة معاشر كانوا صحاحا
فإن يدفع لنا الرحمن عنه ... صروف الدهر والأجل المتاحا
فقد أمسى صلاح أبي علي ... لأهل الأرض كلهم صلاحا
اذا ما الموت أخطأه فلسنا ... نبالي الموت حيث عدا وراحا «1»
قال: وحدثنا الصولي قال: حدثني حسين بن فهم عن أبيه قال: كتب أشجع ابن عمرو السلمي الى الرشيد في يوم عيد:
لا زلت تنشر أعيادا وتطويها ... تمضي بها لك أيام وتبنيها
مستقبلا جدة الدنيا وبهجتها ... أيامها لك نظم في لياليها
والعيد والعيد والأيام بينهما ... موصولة لك لا تفنى وتفنيها
ولا تقضت بك الدنيا ولا برحت ... تطوي لك الدهر أيام وتطويها «2»
وقال رشاء: حدثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن معاذ قال: حدثني أبو عبد الله محمود بن علي القزويني قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن عبد الله لأشجع بن عمرو السلمي: (217- ظ) .
هي الشمس التي تطل ... ع بين الثغر والعقد
كأن الشمس طل ... عت في ثوبها الوردي
بياض الغرة البيضاء ... ء تحت الشعر الجعد
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي المؤدب- فيما أجازه لنا- قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسن بن محمد بن الفضل بن المأمون قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال: قرأت على أبي لأشجع بن عمرو السلمي يمدح جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي:(4/1872)
أتصبر يا قلب أم تجزع ... فان الديار غدا بلقع
غدا يتفرق أهل الهوى ... ويكثر باك ومسترجع
وتختلف الدار بالظاعنين ... فنونا تشتّ ولا تجمع
وتفنى الطلول ويبقى الهوى ... ويصنع ذو الشوق ما يصنع
فها أنت تبكي وهم جيرة ... فكيف تكون اذا ودعوا
وراحت بهم أو غدت أينق ... تخبّ على الأين «1» أو توضع
أيطمح في العيش بعد الفراق ... محب لعمرك ما يطمع
هنالك يقطع من يشتهي ال ... وصال ويوصل من يقطع
لعمري لقد قلت يوم الفراق ... فأسمعت صوتك من يسمع
فما عرجوا حين ناديتهم ... وقد قتلوك وما ودعوا «2» (218- و)
فإن تصبح الدار عريانة ... تهبّ بها الشمال الزعزع «3»
فقد كان ساكنها ناعما ... له محضر وله مربع
ومغترب ينقضي ليله ... فنونا ومقلته تهمع
يؤرقه ما به في الفؤاد ... فما يستقر به مضجع
ألا إنّ بالغور لي حاجة ... تؤرق عيني فما أهجع
إذا الليل ألبسني ثوبه ... تقلب فيه فتى موجع
يجاذبه بالحجاز الهوى ... إذا اشتملت فوقه الأضلع
ولا يستطيع الفتى سترة ... إذا جعلت عينه تدمع
لقد زادني طربا بالعراق ... بوارق غورية تلمع
اذا قلت قد هدأت عارضت ... بأبيض ذي رونق يسطع
ودوية بين أقطارها ... مفاوز أرضين لا تقطع
يضل القطا بين أرجائها ... إذا ما سرى الفتى المصقع
تخطيتها فوق عيرانة «4» ... من الريح في مرّها أسرع(4/1873)
إلى جعفر نزعت همتي ... فأي فتى نحوه تنزع!
إذا وضعت رجلها عنده ... تضمنها البلد الممرع «1»
وما لامرىء دونه مطلب ... ولا لامرىء دونه مقنع
رأيت الملوك تغضّ الجفون ... إذا ما بدا الملك الأتلع «2» (218- ظ)
يفوت الرجال بحسن القوام ... ويقصر عن شأوه المسرع
إذا رفعت كفه معشرا ... أبى الفضل والعزّ أن يوضعوا
فما يرفع الناس من حطه ... ولا يضع الناس من يرفع
يريد الملوك مدى جعفر ... وهم يجمعون ولا يجمع
وكيف ينالون غاياته ... وما يصنعون كما يصنع
وليس بأوسعهم في ال ... غنى ولكنّ معروفه أوسع
هو الملك المرتجى للتي ... تضيق بأمثالها الأذرع
يلوذ الملوك بأركانه ... إذا نابها الحدث المفزع
بديهته مثل تفكيره ... إذا رمته فهو مستجمع
إذا همّ بالأمر لم يثنه «3» ... هجوع «4» ولا شادن أفرع
فللجود في كفه مطلب ... وللسرّ في صدره موضع
شديد العقاب على عفوه ... إذا السيف ضمنه الأخدع
وكم قائل إذ رأى همتي ... وما في فضول الغنى أصنع
غدا في ضلال ندى جعفر ... يجر ثياب الغنى أشجع
كأن أبا الفضل بدر الدجى ... لعشر خلت بعدها أربع
لفرقته اكتأبت بابل ... وأشرق إذ أمه المطلع
فقل لخراسان تغشي الطريق ... فقد جاءها الحكم المقنع (219- و)
ولا يركب الميل منها امرؤ ... فيصرف عن غبّ ما يصنع(4/1874)
فقد حببت بابن يحيى البلاد ... وكل الى ملكه أنزع «1»
الاشتر بن الحارث:
واسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة النخعي، والأشتر لقب غلب على اسمه، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان شهد فتح حلب، وقنسرين مع أبي عبيدة بن الجراح، ودخل الدرب غازيا إذ ذاك، وقيل انه أول من دخله، وسنذكر ترجمته ان شاء الله تعالى في حرف الميم فيمن اسمه مالك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: الاشتر بن مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة النخعي، فارس، شاعر، صحب عليا رضي الله عنه، وروى عنه وعن خالد بن الوليد، روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو حسان الأعرج «2» .
الأشرف بن الأعز بن هاشم بن القاسم:
ابن محمد بن سعد الله بن أحمد الأزرق بن محمد بن عبيد الله بن محمد الأدرع ابن الأمير عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو هاشم، وقيل أبو الأعزّ، وقيل أبو العز، الحسني الرملي النسابة، المعروف بتاج العلى، وابن النافلة، وقيل في نسبه:
أبو الأعز، الأشرف بن الأعز بن هاشم بن القاسم بن أبي الفضل أحمد بن أبي البركات سعد الله بن أبي طالب الأزرق بن أبي جعفر الأدرع بن الأمير عبيد الله بن (219- ظ) عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. ذكر العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني أنه ذكر له نسبه هكذا.(4/1875)
حدث عن أبي القاسم بن فضلان الطرسوسي، وسمع أسامة بن مرشد المنقذي، وكان يدعي أنه سمع مسند الترمذي من الكروخي، وسمعته يقول أنه سمع من أبي محمد الحريري المقامة الكرجية من انشائه.
روى عنه: أبو عبد الله الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام القزويني، والد شيخنا أبي المجد محمد، والعماد أبو عبد الله عبد الله محمد بن محمد الكاتب، وسمعته يعظ في مجلس الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب بحلب، وسمعت شيئا من شعره من لفظه غير مرة، وكان شيخا مسنا، فاضلا، فصيحا، عارفا بالتواريخ وأيام العرب، حسن المذاكرة، جيد الشعر، عالما بالأنساب، قدم حلب في جمادى الاخرة سنة ستمائة، فأكرمه الملك الظاهر، ونفق عليه، واجرى له معلوما يكفيه، واستكتب ولده الأكبر المعروف بشرف العلى في ديوان الانشاء، وكان أصله من الكوفة، وانتقل بعض سلفه الى الرملة.
وكان يذكر أن مولده في شهر ربيع الثاني سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وأظنني سمعته يذكر ذلك. وأخبرني ولده شرف العلى هاشم بن الأشرف أن مولد أبيه في هذا التاريخ، وكان كثير من الناس يكذبونه في زعمه ذلك، فانه كان يدعي أن عمره مائة وثلاثة عشر «1» سنة، وكان غير مأمون على ما ينقله، كثير الكذب فيما يخبر به، وشاهدت نسخته من مسند الترمذي (220- و) وقد بيعت بعد موته، وهي بخط بعض المغاربة، وفي آخرها تسميع يتضمن سماعه للكتاب على الكروخي، ذكر كاتبه أنه بخط الكروخي، وهو مزور بغير شك، فانه ذكر تاريخ التسميع، وتصفحت الأجزاء من النسخة، فرأيت تاريخ كتابة النسخة قد كشط في مواضع عدة وأصلح، وظهر لي في النسخة أنها كتبت بعد تاريخ طبقة السماع- التي شاهدتها، وعزاها أنها بخط الكروخي- بمدة وغطى فضائله التي جمعها بما كان يستعمله من الكذب.
أخبرنا الشيخ أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد القزويني- إذنا، وناولني الجزء بخطه، ونقلت الحديث منه، وسمعت منه بعضه- قال: أخبرنا والدي(4/1876)
وسيدي الإمام أبو عبد الله الحسين بن القاضي الإمام زين الدين أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام القزويني في شوال سنة احدى وثمانين وخمسمائة قال: حدثني الأمير السيد تاج العلى الأشرف بن الأعز بن هاشم الطالبي النسابة بميا فارقين في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وخمسمائة قال: حدثنا الامام الصدوق أبو القاسم بن فضلان الطرسوسي الكناني بمكة حرسها الله سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قال:
أخبرنا نقيب النقباء أبو القاسم علي بن طراد الزينبي رحمة الله عليه قال: حدثنا والدي السيد الاجل الكامل طراد بن محمد بن علي الزينبي- إملاء من لفظه- قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي الشيخ الصالح قال: حدثنا محمد بن عمرو البختري الرزاز (220- ظ) إملاء قال: حدثنا يحيى بن جعفر قال:
حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح، فيقول لي الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول بك أمرت أن لا أفتح لاحد قبلك» «1» .
ظفرت بكتاب كتبه مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ الكناني الى أخيه أبي المغيث منقذ بن مرشد على يد تاج العلى الى آمد، دفعه اليّ القاضي بهاء الدين أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب يتضمن التنبيه على فضل تاج العلى وذكر مناقبه، فنقلت من خط أسامة في أثناء الكتاب:
ينهي عبدك أنه اجتمع بالامير السيد الأجل الأوحد، العالم علاء الدين أبي العزّ، الأشرف بن الأعز الحسني، أدام الله علوه، فرأى آذي «2» بحر لجميع العلوم، زاخر، مضاف الى النسب الشريف الفاخر، جليسه منه بين روضة وغدير، وأدب بارع، وفضل غزير، قد احتوى على فنون الأدب، وأحكم معرفة السير والنسب، وما أصف لك يا مولاي فضله غير أنني والله ما رأيت مثله، وما أنت يا مولاي- جعلت فداءك- ممن ينبه على فضيلة، ولا يحث على مكرمة، فاصرف همتك الى ما تلقاه به من الاكرام والتبجيل لفضل علمه الغزير، وشرفه الأصيل.(4/1877)
نقلت من خط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في كتاب السيل والذيل الذي ذيل به على خريدة القصر (221- و) وأجاز لنا ذلك عنه جماعة منهم: أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي قال: الشريف شرف الدين، الاشرف ابن الأعز بن هاشم الحسني الرملي، المعروف بالناقلة»
، النسابة، المقيم بحصن كيفا «2» ، مولده بحمران بين مكة والمدينة، وقد سافر الى بلاد المغرب والمشرق، والأندلس وصقلية، ومصر وأذربيجان وغيرها، حضر عندي بالخيمة على آمد في خامس المحرم سنة تسع وسبعين وخمسمائة، ورأيته مفوها منطيقا، ورأيته بسيماء الشباب، فسألت عن سنه، فقال: أربيت على الخمسين.
فهذا يدل على أن مولده كان في حدود الثلاثين قبلها، وقد كان العماد يظن أن سنه أصغر مما ادعاه، وتدرج بعد ذلك الى أن ادعى أن مولده سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وآفة الكذب النسيان.
حدثني شيخنا عز الدين علي بن محمد بن محمد بن الأثير قال: حدثني أخي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الشيباني قال: كنت يوما جالسا بالموصل مع حمزة بن مضر العلوي وقد مرّ علينا تاج العلى وهو شاب، وابن مضر شيخ أنقى، فقال: انظر الى هذا الفاعل الصانع، والله الذي لا إله الّا هو، أعرفه وأنا صبي لم ينبت وجهي، وصورته كما تراه، وها هو على تلك الحالة وأنا أنقى.
وسمعت شيخنا ابن الاثير المذكور يقول لي: كان تاج العلى عندنا بالموصل، فاتفق أن حضر عند أخي مجد الدين، وعنده ذو النسبين المعروف بابن دحية، فالتفت أخي الى تاج العلى فقال له: هذا السيد ذو النسبين ابن دحية والحسين (221- ظ) فقال: أسمعني فاني قليل السمع، فقال له: هو ينتسب الى دحية، فقال: حاشى هذا السيد أن ينتسب الى دحية الكلبي ودحية لم يعقب، فان النسابين كلهم قالوا ان دحية كان له عقب، وامتد عقبه الى ما بعد الثلاثمائة، ثم(4/1878)
انقطع، فلم يبق منهم أحد على وجه الارض، فقال له ابن دحية: تكذب يا شيخ السوء، فقال له من غير اكتراث ولا انزعاج، على تؤدة من القول، من غير غضب:
لا تسفه، أنا لا أقول هذا من تلقاء نفسي، وإنما أنقله عن الناس، فان فلانا قد ذكر ذلك، وذكره فلان، وفلان، فاحتد ابن دحية، وسبه، وهو لا يرد عليه، ويكلمه كلام عاقل ثابت من غير اكتراث بقوله، ثم قال له في أثناء كلامه: وأي فخر لك في الانتماء الى هذا النسب، فان دحية لم يتميز على الصحابة إلّا بالجمال، فهلا انتسبت الى أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو غيرهم من كبار الصحابة، ثم أورد تاج العلى حكاية، فقال ابن دحية: أنا والله أحفظها خيرا منك، فقال: أنا ما أوردت الحكاية وادعيت أن أحدا لا يحفظها، فهل لحنت فيها؟ قال: لا، قال: فهل زدت فيها؟ قال: لا، قال: فهل نقصت منها؟ قال: لا، قال: فأي حفظ هو خير من هذا؟!
وسمعت شيخنا عز الدين يقول لي، فيما يحكيه عن تاج العلى،: لما قدم تاج العلى الى الموصل لم يوفه أولاد النقيب بنو عبيد الله حقه من الكرامة، وجرى له معهم أمر أوجب أن لبس ثوبا أزرق، وعمامة صغيرة، وكحل عينيه، وقص شاربه (222- و) وانتمى الى مذهب الحنابله، وجعل يجلس في مجالس الوعظ، ويذكر مناقب بني أمية، ويغض من الطالبيين، فشق ذلك على أولاد النقيب، ولم يقدروا على مقابلته، وعظم أمره، وانتمى إليه خلق من أهل السنة، ثم رحل من الموصل، وفي قلوبهم منه شيء عظيم، ثم عاد إليها، ودخل على أخي مجد الدين، وأقام أياما، وعزم على الرحيل، فقال له أخي: إن أتابك صاحب الموصل على شرف الموت، وستحضر عزيته، فاصبر حتى تعظ في عزيته، فقال: مبارك إن شاء الله، فقال له:
هل أن أصلح بينك وبين أولاد النقيب، ويرضخوا لك بشيء، فأعجبه ذلك وأجاب إليه، قال: فاجتمع أخي بأولاد النقيب وقال لهم إن تاج العلى قد قدم، فهل لكم في مصالحته؟ فقالوا: نعم، فقال: ولا بد أن يصل إليه منكم شيء، فقالوا: أي شيء رسمته فعلناه، قال: فأصلح بينهم، وجلس مجلسا ذكر فيه مناقبهم وفضائلهم، فلما انفصل المجلس أرسل كل منهم إليه بشيء من الثياب، والذهب، وغير ذلك.
قال: ومات أتابك صاحب الموصل، فجلس في عزيته وتكلم، وحصل له شيء،(4/1879)
وسافر عن الموصل، وحصل في آمد، وجرى بينه وبين ضياء الدين ابن شيخ السلامية وزير صاحبها، وكان مكنيا عنده خماشة، فنال من ضياء الدين، وتسمج في عرضه، فأخذه ضياء الدين وأركبه حمارا وضربه في أسواق آمد مشهورا، فكان كلما جاء الى مكان من الاسواق قال لمن حوله: اصبروا بارك الله فيكم، ثم يقول: يا أهل آمد أتدرون لم فعل بي ابن شيخ (222- ظ) السلامية هذا، إنما فعل ذلك لانني نهيته عن الانتماء الى نسبه الملعون، فإنه من أولاد الشمر قاتل الحسين عليه السلام، ولعن الله قاتله، العنوا الشمر وأولاده، قال: فيضج أهل البلد باللعنة على الشمر وعلى من أولد، ففعل ذلك في كل محلة وسوق يمرون به فيه، قال: فحصل لابن شيخ السلامية من التأذي والشهرة أكثر مما حصل له، ثم حبسه فلم يزل في الحبس حتى سير الملك الظاهر غازي رحمه الله من حلب رسولا الى صاحب آمد وشفع فيه، واستخرجه من السجن، وأحضره الى حلب المحروسة.
أخبرني القاضي عز الدين أبو علي الحسن بن محمد القيلوي قال: لما حبس تاج العلى بآمد كلم الوزير نظام الدين محمد بن الحسين الملك الظاهر في أمره، وأشار عليه أن يرسل رسولا الى صاحب آمد بشفاعة من عنده في تاج العلى، فأجابه الملك الظاهر الى ذلك، وسير الشريف أبا محمد العلوي الحلبي الى صاحب آمد رسولا، فشفع فيه وأخرجه من السجن.
قال القيلوي: فحكى لي الشريف أبو محمد قال: لما سرت من حلب ووصلت الى آمد تنكرت ولبست غير زيي، ودخلت آمد وسألت عن السجن الذي فيه تاج العلى، وكان في برج من أبرجة آمد، فدللت عليه، فجئت إليه واجتمعت به، ثم عدت الى مكاني الذي نزلت فيه خارج البلد، ولبست ثيابي، وأخذت غلماني، ودخلت آمد، فاستحضرني صاحبها، فأديت إليه رسالة الملك الظاهر وما قاله من الشفاعة فيه، فقال (223- و) لي صاحب آمد: ما لي به علم منذ سجنه ضياء الدين ابن شيخ السلامية، فقلت له: الساعة كنت عنده، وهو محبوس بالمكان الفلاني، وما زلت به حتى أخرجه من السجن وسلمه إليّ، فأخذته وجئت به الى حلب.
حضرت مجلس الملك الظاهر رحمه الله مرارا، وأنشده تاج العلى لنفسه قصائد من شعره يمدحه فيها، وسمعتها من لفظه في تلك المجالس، وكان ينشد عنه في الأحيان(4/1880)
ولده زيد لأنه أضرّ في آخر عمره، فمما سمعته من لفظه ينشد السلطان الملك الظاهر رحمه الله قصيدة رثى بها آخاه الملك الأشرف محمد بن الملك الناصر يوسف ابن أيوب رحمهم الله، وكان قد اقترح عليه هذا الروي، وما أودع القصيده من ذكر الكوائن، والقصيدة:
داء المنيّة ما له من آس ... عقد اليقين حباهم بالياس
راجع نهاك فأنت أهدى ... والتفت نظرا الى الآثار والأرماس
تا لله ما الدنيا بدار إقامة ... لمسوّف أو ذاكر أو ناس
هي ما رأيت وما سمعت وهل ... ترى إلّا معالم أربع أدراس
ومعاهدا كانت حمى فتنكرت ... بعد الأنيس وبهجة الإيناس
شربوا على العلّات كأسا فرّقت ... جمع الفريق فيا لها من كاس
أو ما هي الدنيا وحاصلها المنى ... والمستفاد مصائد الأنفاس
يا بوس ما صنعت بسادة معشر ... غرّ الأسرّة قادة أشواس
(223- ظ)
بسط الأكفّ على انقباض زمانهم ... وضح المكارم غير ما أجباس «1»
عرضت لهم ختلا بهيئة مومس ... لبست ملابسها على ألباس
حتى إذا لانت لهم وتلوّنت ... وأرت تفحّج «2» غير ذات شماس
وسقت لهم وهي النّوار بمريها ... فمروا حواسكها على استيناس
زبنتهم «3» فهووا وكم زبنت ... وما ألوت على مسح ولا إبساس «4»
عطفت على الجعدي «5» عطفة ثائر ... ففرته بالأنياب والأضراس
لم ينجه منها النجاء وما اجتنى ... لفراره من سبق الأفراس
قد كان يفترس الأسود فمزعّت ... أشلاءه بالمخلب الفرّاس(4/1881)
سل بالفوارس من ذؤابة هاشم ... حلب العلى والقصر من بطياس «1»
وسل الليالي عن مدى العرب الأولى ... حطموا الصليب بجانبي بغراس
عقدوا بأمراس الأماني سعيهم ... ومناهم حلّت عرى الأمراس
ضربت لك المثل القريب وإنما ... ضرب الآلى الأمثال للأكياس
وأرتك أمس قصور مصر وملكها ... متوالي الأعياد والأعراس
تتلو مواكبه مواكب سادر ... في اللهو بين المقس والمقياس
حتى إذا بلغ المدى وتتابعت ... إحن الخلاف على هوى السّواس
طلعت عليه بواصب مستأصل ... أصل الجميع وحاصب رجّاس
فهوت مراتبه وشتت شمله ... وخلت مجالسه من الجلّاس
(224- و)
ما شئت من غير وحسبك ما ترى ... بعد المشيب بغصنك المياس
من يعر عن ثوب الشباب ومن ... يعش كلأ ومن يحجب عن الأناس
تقصر خطاه فما يجيء بطائل ... أين المناسم من سمو الرّاس
من جاوز الستين أغلق رهنه ... وأتت عليه هواجس الوسواس
من صاحب الأيام مصّت عوده ... وحسا حشاشته الرغيب الحاسي
أعسوت بعد هنيدة والى متى ... آن انتقالك أيّهذا العاسي
ماذا طوت منك الليالي من أخي ... ثقة عديم الروع والايحاس
ريّان من ماء المروءة عازف ... بالطبع عن مستحقب الأدناس
ذي مرّة وذكاء مجتمع القوى ... أربى وزاد على ذكاء إياس «2»
يا دهر أين غضارتي ونضارتي ... ومعاشري ومعاشري وأناسي
لا تكذبن هبوب عاصفة الردى ... تأتي على المشكاة والنّبراس
يشفي البكاء عليل قلبك فابكهم ... ما في البكاء عليهم من باس
هي فرقة الأبد التي أخلى بها ... من ألفة الآرام كل كناس(4/1882)
أمحمد إن متّ مات محمد خير ... الورى وأبوك خير الناس
ولكافل الأيتام أطول مدّة ... تعطيه نافلة الندى والباس
غازي وقل ما شئت في الملك ... الذي هو صبغة جبل الإله الراسي
بالظاهر الملك الغياث زماننا ... خضر يروق نضارة كالآس
(224- ظ)
بالطيّب المحيي الرجاء لأنه ... من طيّب الأعراق والأجناس
عار عن العار الذي وصموا به ... ومن المحامد والمكارم كاس
غرس زكا ونما فنور غصو ... نه وثماره من أكرم الأغراس
يا كافل الأيتام في زمن به ... قلب العقوق على القرابه قاس
أنت المراد لها ورافع طرفها ... عند انتكاس مكايد الأنكاس
بأبيك أرسى الدين في مصر ... على تلك الحوادث ثابت الأساس
أو ما أبوك أغاث دين محمد ... وأعاد مصر الى بني العباس
واستنقذ البيت المقدس ... رافعا علم النبوة من يد الأنجاس
وأذل في حطين عزّ صليبهم ... بالمشرفية والقنا الدّعاس
وإليك تالدها يحنّ وإنما ... تمحو الطريف عواقب الأبلاس
يا منتهى الآمال أنت كفلتني ... فسروت ثوب معرة الإفلاس
ولبست في حلب من العمر الذي ... جددت لي بالبر خير لباس
وغفرت ما جنت النوى وحللت ... عن ظهر المطي معاقد الأحلاس
فلأبقين لك الثناء وإنما ... تتلو الثناء صحائف الأحراس
أنشدني نجيب الدين داود بن أحمد الطيبي التاجر، وكتبه لي بخطه قال:
أنشدنا تاج العلى الأشرف بن الأعز الرملي لنفسه:
أتعرف رسم الدار من أم سالم ... برامة أقوت بعد بيض نواعم (225- و)
عهدنا بها الشمّ الأنوف فبدّلت ... عراص رباها بالمها والنعائم(4/1883)
ونحن ندير الكاس صرفا ونجتني ... جنى ثمرات الوصل من آل فاطم
كأن ليالينا بجرعاء مالك ... وطرف الصبي يقظان أضغاث حالم
ولما رأينا الدار قفرا تبادرت ... دراكا مدولات الدموع السواجم
على معشر شطت بهم غربة النوى ... نعمنا بهم والشمل عذب المناسم
فواكبدي من لاعج الشوق والهوى ... إلى الرملة الغناء ذات الرواسم
لقد حكم البين المشتت بصرفه ... عليّ وصرف البين أجور حاكم
وقائلة يا بن الأعز اصطبر فقد ... رمتك العدا بالموبقات القواصم
أجدك ما أصبحت إلا أكيلة ... تروح وتغدو بين لاح ولائم
أنشدني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قاضي حلب قال: أنشدنا تاج العلى لنفسه، ولا يبعد أنني سمعتهما من تاج العلى فيما سمعته من شعره وشذ عن خاطري:
بنو زمانك هذا فاخش نقلهم ... فإنهم كشرار بثّه لهب
إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا ... شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني قال:
وأنشدني- يعني الأشرف بن الأعز- لنفسه وصية لولده:
بنيّ بارك فيك الله من ولد ... نماه للخير جدّ صالح وأب
(225- ظ)
تعلم العلم وابغ الخير مجتهدا ... فالعلم ينفع مالا ينفع النسب
توفي تاج العلى النسابة بحلب في يوم الأحد سلخ صفر من سنة عشر وستمائة.(4/1884)
ذكر من اسمه أشعث
أشعث بن شعبة أبو أحمد المصيصي البزاز،
كوفي الأصل، وسكن المصيصة، وقيل إنه خراساني نزل البصرة، ثم خرج الى المصيصة فسكنها.
وقال ابن الفرضي: إنه يخالف في بعض حديثه.
حدّث بالمصيصة، ومصر عن الربيع بن صبيح، وحنش بن الحارث النخعي، وابراهيم بن أدهم، وأرطاة بن المنذر، ومنصور بن دينار التميمي، وابراهيم بن محمد الفزاري، وأبي مطيع معاوية بن يحيى، والسري بن يحيى، وعبد الله بن ضرار الملطي، وورقاء «1» ...
روى عنه يعقوب بن كعب الحلبي، وابراهيم بن الحسين الأنطاكي، وأبو صالح الفراء، وسفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، ويمان بن سعيد المصيصي، والمسيّب بن واضح التلمنسي، وعبيد بن القاسم الرقي، والقاسم بن عبد الرحمن، ومحمد بن عيسى الطباع، والخليل بن بكير، ومحمد بن سعيد، وعلي بن معبد، وأبو جعفر محمد بن زكريا، وسلمة بن عفان، والحسن بن الربيع، وأحمد بن عمرو بن السرح، وهشام بن الفضل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- إجازة إن لم يكن سماعا-(4/1885)
قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن ابراهيم الورداني- قراءة عليه- قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن موسى (226- و) بن مردويه الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا أبو علي الحسين بن زيد الهمداني بمكة قال: حدثنا عبيد بن القاسم الرّقي قال: حدثنا أشعث بن شعبة بالمصيصة قال: لما قدم هرون الرقة أشرفت أم ولد لهارون من قصر من خشب، فرأت الغبرة قد ارتفعت والمقال قد تقطعت، وانجفل الناس، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من خراسان يقال له عبد الله بن المبارك، فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هرون الذي لا يحمده الناس إلا بالسوط والخشب.
قرأت بخط أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في تاريخ أبي سعيد بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال في تاريخ الغرباء القادمين على مصر:
أشعث بن شعبة، كوفي يكنى أبا أحمد، ويعرف بالمصيصي لسكناه المصيصة، وقال في موضع آخر: يقال إنه من أهل خراسان، نزل البصرة، وخرج الى الثغر فأقام به، ثم قدم الى مصر سنة إحدى وتسعين ومائة وحدّث بها. «1»
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: قال: أشعث بن شعبة المصيصي روى عن أرطاة بن المنذر، وحنش بن الحارث، روى عنه محمد بن عيسى بن الطباع، وأحمد بن عمرو بن السرح، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك؛ زاد أبي: وروى عنه المسيّب بن واضح، روى هو عنه عن ابراهيم بن أدهم، روى عنه سلمة بن عفان، والحسن بن الربيع، وهشام بن الفضل صاحب أحمد الدورقي، وزاد أبي:
أصله خراساني (226- ظ) سكن الثغر، سئل أبو زرعة عن أشعث بن شعبة الذي روى عن منصور بن دينار، فقال: ليّن «2» .(4/1886)
أشعث بن عمرو،
ويقال ابن عمر، ويقال ابن عثمان، التميمي الحنظلي البصري، قدم دابق وافدا على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين استخلف، وحكى عنه، روى عنه عنبس بن بيهس.
أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو الحسن الفقيه، ح.
وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي الحسن الفقيه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء- قراءة-، وأبو الفتح نصر بن ابراهيم الزاهد- لفظا- قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: حدثنا محمد بن موسى بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن خريم قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا عنبس بن بيهس عن رجل من بني تميم يقال له الأشعث ابن عمرو أنه أتى عمر بن عبد العزيز بالشام حين استخلف، قال: فكلمته، قلت:
اسقني سقاك الله، قال: أين؟ قلت: بالخرنق «1» ، قال: وما الخرنق؟ قلت:
غائط بالشحر «2» لا يطأه طريق، قال له: الويل، ما تصنع بغائط لا يطأه طريق؟
قلت: أنا رجل صاحب سائمة أريد الفلاة، قال: أثّر بالغائط أحد قبلك أثرا؟
قلت: نعم، حفر عبد الله بن عامر بها ركية، قال: كم صوبها؟ قلت: خمسون ذراعا أو خمسون قامة، قال: كم هي من البصرة؟ قلت: مسيرة (227- و) ثلاث ليال، فكتب الى عدي بن أرطاة: أتاني رجل من بني تميم فاستحفرني بالخرنق، وزعم أنها منك مسيرة ثلاث ليال، فاذا أتاك فأحفره، وأحفر من جاءك من أسود وأبيض واشترط، أظنه قال- الشك من يحيى-: ابن السبيل أول ريّان، وأن حريمها طول رشائها «3» .(4/1887)
أنبأنا أبو الحسن بن المقيّر عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون. وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: أشعث بن عمر التميمي الحبطي البصري، سمع عمر بن عبد العزيز كتب الى عدي: أن احفر، وابن السبيل أول ريان، وأن حريمها طول رشائها، قاله لنا قتيبة بن عنبس بن بيهس، وقال لنا موسى بن اسماعيل: حدثنا عنبس سمع أشعث ابن عمرو «1» .
رواه أحمد بن ابراهيم الدورقي عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا إياس بن بيهس عن أشعث بن عمرو مختصرا وخالفهما في اسم عنبس «2» ووهم في ذلك.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: قرأت بخط عبد الوهاب الميداني في سماعه من أبي سليمان بن زبر عن أبيه:
أخبرنا حمدان بن علي قال: حدثنا معلى بن أسد قال: حدثنا عنبس بن بيهس قال: زعم الأشعث بن عمرو، رجل من بني تميم، أحد بني حنظلة، سمعته يحدث أنه أتى عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فكلمه فذكر نحوها. (227- ظ) .
قال أبو القاسم الحافظ في نسخة: ما شافهني بي أبو عبد الله الخلال قال:
أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي ابن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: أشعث بن عثمان التميمي، ويقال أشعث بن عمرو الحبطي، سمع عمر بن عبد العزيز كتب الى عدي بن أرطاة، روى عنه عنبس بن بيهس سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وزاد أبو زرعة. يعدّ(4/1888)
في البصريين، قال: وأخبرنا ابن أبي خيثمة- فيما كتب إلي- قال: سئل أبي ويحيى بن معين عن أشعث بن عمرو التميمي فقالا: لا نعرفه «1» .
قال أبو القاسم الحافظ: وكذا قالا الحبطي، فالله أعلم. وقال أبو القاسم الحافظ: أشعث بن عمرو، ويقال ابن عمر، ويقال ابن عثمان التميمي الحنظلي البصري، وفد على عمر بن عبد العزيز، وروى عنه قوله، روى عنه عنبس بن بيهس «2» .
أشعث بن قيس بن معدي كرب:
ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر، بن الحارث الأكبر بن معاوية. وقيل معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندي بن عفير. وقيل مرتع بن معاوية بن ثور بن عفير بن عدي بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. أبو محمد الكندي. قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد كندة، وأسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث يسيرة.
روى عنه (228- و) عامر الشعبي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو حازم ومسلم بن هيصم، وعبد الرحمن بن عدي، وقيس بن أبي حازم، وابراهيم النخعي.
وقيل كان اسمه معدي كرب، وكان أبدأ أشعث الرأس، فسمي الأشعث. وأبوه قيس- هو الأشج- بن معدي كرب.
وأم الأشعث كبشة بنت يزيد بن شرحبيل بن يزيد بن امرئ القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار «3» بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية ابن ثور. وقيل إن أمه هند بنت الحارث بن عمرو، من بني آكل المرار.(4/1889)
وكان سيدا في كندة في الجاهلية والاسلام، وارتد عن الاسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وزوجه أبو بكر بأخته أم فروة بنت أبي قحافة، وهي أم ابنه محمد بن الأشعث.
وانتجع الأشعث خالد بن الوليد بقنسرين في سبع عشرة، بعد أن غزاها خالد غزوته التي أصاب فيها ما أصاب «1» ، فأجازه خالد بعشرة آلاف درهم، وكانت سبب عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالدا عن قنسرين.
وقيل أول من قطع الدرب من المسلمين بعد فتح أنطاكية: الأشعث بن قيس «2» ، أنفذه أبو عبيدة بن الجراح، فقطع اللكام، وفتح عدة حصون، وعاد إليه.
وشهد فتح العراق مع سعد رضي الله عنه، وشهد اليرموك، وأصيبت عينه يومئذ، وسكن الكوفة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله على الميمنة، وعلى راية كندة، وشهد معه النهروان «3» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي- قراءة مني عليه بمنزله بدمشق (228- ظ) قال أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن ابراهيم بن عيسى الباقلاني قال: حدثنا أبو بكر ابن مالك القطيعي- إملاء- قال: حدثنا أحمد بن محمد بن منصور الحاسب قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف عن يمين ليقتطع(4/1890)
بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان «1» . وقال الأشعث بن قيس: ففيّ كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: ألك بينة؟ قلت: لا، فقال لليهودي: أتحلف؟ فقلت يا رسول الله إذا والله يذهب بمالي، فأنزل الله عز وجل: «الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا» «2» .
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى- قراءة عليه بدمشق- قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا أبي وعبد الله قالا: حدثنا عبد الله عن زيد عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين صبرا «3» ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل. قال: فقرأ هذه الآية: «إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا» (229- و) قال: فمرّ الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم ابن مسعود؟ قالوا: حدثنا كذا وكذا، قال: صدق والله، نزلت هذه الآية فيّ وفي صاحب لي كان بيني وبينه شيء في أرضي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاختصمنا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل لك بينة؟
فقلت: لا، فقال لصاحبي: احلف، فعند ذلك قال هذا.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيّوية قال:
أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن الزهري(4/1891)
قال: قدم الأشعث بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بضعة عشر راكبا من كندة، فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم مسجده قد رجّلوا جممهم واكتحلوا، عليهم جباب الحبرة قد كفوها بالحرير، وعليهم الديباج ظاهر مخوص «1» بالذهب، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسلموا؟ قالوا: بلى، قال: فما بال هذا عليكم؟ فألقوه، فلما أرادوا الرجوع الى بلادهم أجازهم بعشرة أواق، عشرة أواق، وأعطى الأشعث بن قيس اثنتي عشرة، أوقية «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال:
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط (229- ظ) قال: ومن عفير بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد، ثم من كندة، وهم ولد ثور بن عفير: الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندي بن عفير، أمه كبشة بنت يزيد، من ولد الحارث بن عمرو بن معاوية، يكنى أبا محمد، مات في آخر سنة أربعين، بعد قتل علي عليه السلام قليلا «3» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا عمر بن حيّوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من كندة، وهو كندي، واسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: الأشعث ابن قيس، وهو الأشج، بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن كندة، وهو ثور بن عفير، وأمه كبشة بنت يزيد بن شرحبيل(4/1892)
ابن يزيد بن امرئ القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة، وإنما سمي كندة لأنه كند أباه النعمة- كفره- وكان اسم الأشعث معدي كرب، وكان أبدا أشعث الرأس، فسمي الأشعث.
ووفد الأشعث بن قيس على النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا من كندة، وكل اسم في كندة وفد (230- و) بوفادته الى النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس، وقد كتبنا كل من قدرنا عليه منهم- هذا كله في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
أنبأنا الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد ابن يوسف قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر بن أبان قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: فيمن نزل الكوفة:
الأشعث بن قيس الكندي أحد بني الحارث بن معاوية، ويكنى أبا محمد، ابتنى بها دارا، ومات بها، والحسن بن علي بن أبي طالب يومئذ بالكوفة حين صالحه، وهو صلى عليه «1» .
وقال علي بن الحسن: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي في كتابه، وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن المظفر قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن بن شعيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي قال: ومن كندة، واسم كندة ثور بن مرتع بن عفير بن عمرو بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن الهميسع ابن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ: الأشعث بن قيس بن معدي كرب ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع، يكنى أبا محمد، وكان أعور أصيبت عينه يوم اليرموك، وتوفي سنة أربعين قبل قتل علي بيسير، له أحاديث يسيرة.(4/1893)
كذا قال: قبل قتل علي، والصواب بعد قتل علي، والله أعلم. (230- ظ) أخبرنا أبو البركات إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم- قراءة عليه وأنا أسمع- قال قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: الأشعث بن قيس الكندي أبو محمد.
قال أبو بكر: وهو الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع.
أخبرنا أبو الفتوح نصر أبي الفرج بن علي الحصري في كتابه إلينا من مكة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: الأشعث بن قيس بن معدي كرب ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور بن عفير بن عدي بن مرة بن أدد بن زيد الكندي، وكندة هم ولد ثور بن عفير، يكنى أبا محمد، وأمه كبشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في وفد كندة، وكان رئيسهم.
قال ابن اسحاق عن ابن شهاب قدم الأشعث بن قيس في ستين راكبا من كندة، وذكر خبرا طويلا فيه ذكر إسلامه وإسلامهم، وقول رسول الله: نحن بنو النصر ابن كنانة، لا نقفو أمنا، ولا ننتفي من أبينا.
كان في الجاهلية رئيسا مطاعا (231- و) في قومه، وكان في الاسلام وجيها في قومه، إلا أنه كان ممن ارتد عن الاسلام بعد النبي عليه السلام، ثم راجع الاسلام في خلافة أبي بكر الصديق، وأتي به أبو بكر أسيرا.
قال أسلم مولى عمر بن الخطاب: كأني أنظر الى الأشعث بن قيس وهو في الحديد يكلم أبا بكر، وهو يقول: فعلت وفعلت حتى كان آخر ذلك، سمعت الأشعث يقول: استبقني لحربك، وزوجني أختك، ففعل أبو بكر.
قال أبو عمر رضي الله عنه: أخت أبي بكر الصديق التي زوجها من الأشعث(4/1894)
ابن قيس هي أم فروة بنت أبي قحافة، وهي أم محمد بن الأشعث، فلما استخلف عمر، خرج الأشعث مع سعد الى العراق، فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوندا، واختط بالكوفة دارا في كندة، ونزلها وشهد تحكيم الحكمين، وكان آخر شهود الكتاب. مات سنة اثنتين وأربعين، وقيل سنة أربعين بالكوفة، وصلى عليه الحسن بن علي «1» .
وروي أن الأشعث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكبا من كندة، فقالوا له: يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار، فتبسم رسول الله وقال: نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا.
وروى الأشعث أحاديث عن النبي عليه السلام.
روى عنه قيس بن أبي حازم، وأبو وائل والشعبي، وابراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن عدي الكندي.
روى سفيان بن عيينة عن اسماعيل بن أبي خالد قال: شهدت جنازة فيها جرير والأشعث، فقدم الأشعث جريرا، وقال: إني ارتددت ولم ترتد، وقال الحسن بن عثمان: مات الأشعث الكندي، ويكنى أبا محمد سنة (231- ظ) أربعين بعد مقتل علي بأربعين يوما فيما أخبرني ولده، وقال الهيثم بن عدي: صلى عليه الحسن بن علي «2» .
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف- إجازة، إن لم يكن سماعا- قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران بن عمران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار في الأسامي والكنى قال: الاشعث بن قيس أبو محمد، حدثنا بذلك العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا يعلى- يعني- ابن عبده- قال: حدثنا الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخل الأشعث على عبد الله- يعني- ابن مسعود وهو يتغدى يوم عاشوراء، فقال:
يا أبا محمد ادن الغداء. (232- و) .(4/1895)
[نسب اشعث بن قيس]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي قرأت في كتاب «القرع والشجر» «1» لأبي الحسين محمد بن القاسم النسابة التميمي قال: وكان الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي ربما عصت عليه العرب، فنفته عن كندة، وألحقته بسينبخت، وهذا من الباطل الذي لا يقبل، وسينبخت هو ملك كندة وحضر موت، وهو أخو سنداد ابنا مهربوذ بن جاندان بن خسرو بن أدد من نسل سهراب بن مذغتز بن توسفان بن كنازيك بن نرسي بن شاه ابن ساسان.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور- وهو كنده- بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وأمه كبشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو، وكنية الأشعث أبو محمد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة، ويعد فيمن نزل الكوفة من الصحابه، وله عن النبي رواية، وقد شهد مع سعد بن بن أبي وقاص قتال الفرس بالعراق. وكان على راية كندة يوم صفين مع علي بن أبي طالب، وحضر قتال الخوارج بالنهروان، وورد المدائن، ثم عاد الى الكوفة، فأقام بها حتى مات في(4/1896)
الوقت الذي صالح فيه الحسن (233- و) بن علي معاوية بن أبي سفيان «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما مرتع- بضم الميم وسكون الراء وكسر التاء المعجمة باثنتين من فوقها وتخفيفها- فهو مرتع بن معاوية بن ثور الأكبر- وهو كنده- بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة أدد- وسمى مرتعا لأنه كان يقال له أرتعى في أرضك، فيقول قد ارتعت مكان كذا وكذا.
وقال ابن الكلبي: انما سمي عمرو بن معاوية بن ثور مرتعا، وقيل فيه مرتّع، بفتح الراء وتشديد التاء وكسرها «2» .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا شجاع بن علي بن شجاع قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن الحارث بن معاوية بن ثور الكندي، يكنى أبا محمد، وكان قد ارتد ثم راجع الاسلام في خلافة أبي بكر وزوجه أخته أم فروة، شهد القادسية ومدائن، وجلولاء، ونهاوند والحكمين على عهد علي، وفيه نزلت: «إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا» الآية.
توفي بالكوفة سنة اثنتين وأربعين، وصلى عليه الحسن بن علي «3» .
أنبأنا ابن المقير عن ابن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين ابن الطيوري وأبو الغنائم بن النرسي- واللفظ له- زاد ابن خيرون: ومحمد بن أحمد الأصبهاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل(4/1897)
(233- ظ) قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: أشعث بن قيس الكندي سكن الكوفة، وله صحبة «1» .
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر السقائي قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف، قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو محمد الأشعث بن قيس له صحبة «2» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا النهرواني قال: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو موسى- يعني- تينة قال: حدثنا القحذمي قال: تزوج قيس بن معدي كرب بنت الحارث عمرو من بني آكل المرار، فولدت له الأشعث بن قيس فقال أبو هانىء الكندي:
بنات الحارث الملك بن عمرو ... تخيّرها فتنكح في ذراها
لها الويلات إذا أنكحتموها ... ألا طعنت بمديتها حشاها
وقد نبئتها ولدت غلاما ... فلا عاش الغلام ولا هناها
فأجابه أبو قساس الكندي:
ألا أبلغ لديك أبا هني ... ألا تنهي لسانك عن رداها
فقد طلبت هندا قبل قيس ... لتنكحها فلم تك من هواها
فطافت في المناهل تبتغيها ... فلاقت منهلا عذبا شفاها (234- و)
شديد الساعدين أخا حروب ... إذا ما سئل منقصة أباها
وما حثّت مطيته إليها ... ولا من فوق ذروتها أتاها
قال عيسى: قال القحذمي: وآل الأشعث ينشدون هذا الشعر ولا ينكرونه.
قال: والأشراف لا يبالون أن يكون أخوالهم أشرف من أعمامهم.(4/1898)
قال القاضي الجريري قوله في الشعر: ألا تنهي لسانك عن رداها.
أنث اللسان، وذكر أهل العلم بالعربية أن العرب تذكر اللسان وتؤنثه، وقيل إن من أنثه أراد به اللغة والرسالة كقول الشاعر:
إني أتتني لسان لا أسر بها ... من علو لا صخب فيها ولا سحر «1»
أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر بن عبد الدائم الغزال في كتابه قال:
أخبرنا أحمد بن علي بن هبة الله بن المأمون- ونقلته أنا من خطه- قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن أحمد بن البناء قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن دينار الكاتب قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي قال: الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي كان شاعرا وسيدا كريما، وهو القائل يوم صفين:
ميعادنا اليوم بياض الصبح ... دبو إلى القوم بطعن سمح
حسبي من الاقدام قيد رمح
قال الآمدي: ووهب جارية نفيسة لرجل من جهينة ضافه، ولامه أهله، وقالوا:
يا شيخ قد ذهب عقلك فقال:
تملكها وكان لذاك أهلا ... أشم الأنف أصيد كالفنيق «2»
نماه من جهينة خير نام ... إلى العلياء والحسب العتيق (234 ظ)
فظل يلاعبها عروسا ... على لباتها عبق الخلوق
فلا تذهب نفوسكم عليها ... ولا تسمو الى الخطر الدقيق «3»(4/1899)
أنبأنا أحمد بن الأزهر السباك في كتابه إلينا من بغداد أن القاضي أبا بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري أخبرهم من كتابه عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال في معجم الشعراء: الأشعث بن قيس الكندي، مخضرم، نزل الكوفة له شرف في قومه، وله مع علي بن أبي طالب أخبار، وهو القائل في يوم صفين، وشهده مع علي صلوات الله عليه: «1»
ميعادنا اليوم بياض الصبح ... لا يصلح الزاد بغير ملح
لا لا ولا الأمر بغير نصح ... دبوا إلى القوم بطعن سمح
لا صلح للقوم وأين الصلح ... حسبى من الأقدام قاب رمح
وتهدده علي عليه السلام لشيء بلغه عنه فعيرته امرأته بذلك فقال:
ولقد دخلت على عليّ مرة ... فخرجت منها أقلّ عطافا
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا رضوان ابن أحمد قال: حدثنا يونس بن بكبر عن ابن اسحاق «2» قال: وكان من حديث كندة حين ارتدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إليهم رجلا من الأنصار يقال (235- و) له زياد بن لبيد، وكان عقبيا، بدريا، أميرا على حضر موت فكان فيهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطيعونه ويؤدون اليه صدقاتهم لا ينازعونه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغهم انتقاض من انتقض من العرب ارتدوا وانتقضوا بزياد بن لبيد.
وكان سبب انتقاضهم به أن زيادا أخذ فيما يأخذ من الصدقة قلوصا لغلام من كندة، وكانت كوماء من خيار إبله، فلما أخذها زياد فعقلها في ابل الصدقة ووسمها،(4/1900)
جزع الغلام من ذلك فخرج يصيح الى حارثة بن سراقة بن معدي كرب فقال: أخذت الفلانية في إبل الصدقة، فأنشدك الله والرحم، فإنها أكرم ابلي عليّ بعيرا وأعزه، فخرج معه حارثة حتى أتى زيادا فطلب إليه أن يردها عليه ويأخذ مكانها بعيرا فأبى عليه، وكان رجلا صلبا مسلما، وخشي أن يروا ذلك منه ضعفا وخورا للحديث الذي كان، فقال: ما كنت لأردها وقد وسمتها في إبل الصدقة، ووقع عليها حق الله عز وجل، فراجعه حارثة فأبى، فلما رأى ذلك حارثة قام الى القلوص فحل عقالها ثم ضرب وجهها فقال: دونك وقلوصك لصاحبها وهو يرتجز ويقول:
يمنعها شيخ بخديه الشيب ... قد لمع الوجه كتلميع الثوب
اليوم لا أخلط بالعلم الريب ... وليس في منعي حريمي من عيب
وقال حارثة بن سراقة الكندي: (235- ظ) .
أطعنا رسول الله ما دام وسطنا ... فيالعباد الله ما لأبي بكر
أيأخذها قسرا ولا عهد عنده ... يملكه فينا وفيكم عرى الأمر
فمن يك يهدها إليه بلا هدى ... وقد مات مولاها النبي ولا غدر
فنحن بأن نختارها وفصالها ... أحق وأولى بالامارة في الدهر
إذا لم يكن من ربنا أو نبينا ... فذو الوفر أولى بالقضية في الوفر
أيجرى على أموال الناس حكمهم ... بغير رضا إلى التسلم بالقسر
بغير رضا منا ونحن جماعة شهودا ... كأنا غائبين عن الامر
فتلك إذا كانت من الله زلفة ... ومن غيره احدى القواصم للظهر «1»
فأجابه زياد بن لبيد:
سيعلم أقوام أطاعوا نبيهم ... بأن غوي القوم ليس بذي قدر
أذاعت عن القوم الأصاغر لعنة ... قلوب رجال في الحلوق من الصدر
وذمّوا لعقباه إذا هي ضرمت ... هواديه الأولى على حين لا عذر
فإن عصا الاسلام قد رضيت ... به جماعته الأولى برأي أبي بكر(4/1901)
فإن كنتم منهم فطوعا لأمره ... وإلّا فأنتم من مخافته صغر
فنحن لكم حتى نقيم صعوركم «1» ... بأسيافنا الأولى وبالذبل السمر
أبعد التي بالأمس كنتم غريتم ... لما تبتغون الغي من فرط الصغر
(236- و)
وكان لهم في أسود «2» عبرة ... وناهية عن مثلها آخر الدهر
تلفت فيكم بالنساء ابن غيه ... وبالقوم حتى نالهن بلا مهر
فإن تسلموا فالسلم خير بقية ... وإن تكفروا تستو «3» بلوا غبة الكفر
وتفرق الناس عند ذلك طائفتين: طائفة مع حارثة بن سراقة، قد ارتدوا عن الاسلام، وطائفة مع زياد بن لبيد، فلما رأى ذلك زياد قال لهم: نقضتم العهد وكفرتم، فأحللتم بأنفسكم واغتنمتم أولاها بعد عقباها فقال حارثة: أما عهد بيننا وبين صاحبك هذا الأحدث، فقد نقضناها وإن أبيت إلّا الأخرى أصبتنا على رجل فاقض ما أنت قاضيا، فتنحى زياد فيمن اتبعه من كندة وغيرهم قريبا، وكتب الى المهاجر «4» أن يمده وأخبره خبر القوم، فخرج المهاجر إليه، وسمع الأشعث بن قيس صارخا من أعلى حصنهم في شعراء من الليل:
عشيره تملك بالعشيرة ... في حائط يجمعها كالصيره «5»
والمسلمون كالليوث الزبرة ... قبائل أقلها كثيره
فيها أمير من بني المغيرة «6»(4/1902)
فلما سمع الأشعث الصارخ إلى ما قد رأى من اختلاف أصحابه بادرهم فخرج من تحت ليلته حتى المهاجر وزيادا فسألهما أن يؤمناه على دمه وماله حتى يبلغاه أبا بكر فيرى فيه رأيه، ويفتح لهم باب الحصن ففعلا، ويفتح «1» (236 ظ) لهم باب الحصن، فدخل المسلمون على أهل الحصن فاستنزلوهم فضربوا أعناقهم، واستاقوا أموالهم، واستبوا نساءهم، وكتبوا الى أبي بكر بذلك، واستوثقوا من الأشعث حتى بعثوا به الى أبي بكر في الحديد موثقا، فقال له أبو بكر: كيف ترى صنيع الله بمن نقض عهده؟ فقال الأشعث: أرى أنه قد أخطأ حظه، وتعس جده، فقال له أبو بكر: فما تأمرني فيك؟ قال: آمرك أن تمنّ علي فتفكني من الحديد وتزوجني أختك أم فروة ابنة أبي قحافة، ففعل أبو بكر، فقال الأشعث حين زوجه أبو بكر:
لعمري وما عمري عليّ بهين ... لقد كنت بالأخوان جدّ ضنين
أحاذر أن تضرب هناك رؤوسهم ... وما الدهر عندي بعدها بأمين
فليت جنوب الناس تحت جنوبهم ... ولم ترم أنثى بعدهم بجنين
وكنت كذات البوّ «2» أنخت ... وأقبلت عليه بقلب واله وحنين
فأجابه مسلم بن صبيح السكوني:
جزى الأشعث الكندي بالغدر ربه ... جزاء مليم في الأمور ظنين
أخا فجرة لاتستقال وغدرة ... لها أخوات مثلها ستكون
فلا تأمنوه بعد غدرته بكم ... على مثلها فالمرء غير أمين
وليس امرؤ باع الحياة بقومه ... أخا ثقة أن يرتجى ويكون
هدمت الذي قد كان قيس يشيده ... ويرضى من الأفعال ما هو دون
(237- و)
وألبست ثوب المسبة بعدها ... فلا زلت محبوسا بمنزل هون(4/1903)
أرى الأشعث الكندي أصبح ... بعدها هجينا بها من دون كل هجين
سيهلك مذموما ويورث سبة ... يبيت بها في الناس ذات قرون
أخبرنا ابن طبرزد- إذنا عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف بن بشر قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خالد بن القاسم عن زرعة بن عبد الله بن زياد بن لبيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل زياد بن لبيد على حضر موت وقال له: سر مع هؤلاء القوم- يعني وفد كندة- فقد استعملتك عليهم، فسار زياد معهم عاملا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على حضر موت على صدقاتها: الثمار والخف والماشية والكراع والعشور، وكتب له كتابا، فكان لا يعدوه الى غيره ولا يقصر دونه فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر كتب الى زياد يقره على عمله، ويأمره أن يبايع من قبله ومن أبى وطئه بالسيف ويستعين بمن أقبل على من أدبر، وبعث بكتابه إليه مع أبي هند البياضي، فلما أصبح زياد غدا فنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الناس، وأخذهم بالبيعة لأبي بكر وبالصدقة، فامتنع قوم من أن يعطوا الصدقة وقال الأشعث بن قيس: إذا اجتمع الناس فما أنا إلا كأحدهم، ونكص عن التقدم الى البيعة، فقال له امرؤ القيس بن عابس الكندي: أنشدك الله (237- ظ) يا أشعث ووفادتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلامك أن تنقضه اليوم، والله ليقومن بهذا الأمر من بعده من يقتل من خالفه، فإياك، وأبق على نفسك فانك إن تقدمت تقدم الناس معك، وإن تأخرت افترقوا وأخلفوا، فأبى الأشعث وقال:
قد رجعت العرب الى ما كانت الآباء تعبد، ونحن أقصى العرب دارا من أبي بكر، أيبعث أبو بكر لنا الجيوش؟ فقال امرؤ القيس: أي والله، وأخرى لا يدعك عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجع الى الكفر، فقال الأشعث: من؟ قال: زياد ابن لبيد، فتضاحك الأشعث، وقال: أما يرضى زياد أن أجيره؟ فقال امرؤ القيس:
سترى، ثم قام الأشعث فخرج من المسجد الى منزله وقد أظهر ما أظهر من الكلام القبيح من غير أن ينطق بالردة، ووقف يتربص، وقال: نقف أموالنا بأيدينا ولا ندفعها، ونكون من آخر الناس.(4/1904)
قال: وبايع زياد لأبي بكر بعد الظهر الى أن قامت صلاة العصر، فصلى بالناس العصر ثم انصرف الى منزله، ثم غدا على الصدقة من الغد كما كان يفعل قبل ذلك، وهو أقوى ما كان نفسا، وأشده لسانا، فمنعه حارثه بن سراقة بن معدي كرب العبدي أن يصدّق غلاما منهم، وقام فحلّ عقال البكرة التي أخذت في الصدقة وجعل يقول:
يمنعها شيخ بخديه الشيب ... ملمّع كما يلمع الثوب
ماض على الريب إذا كان الريب
فنهض زياد بن لبيد وصاح بأصحابه المسلمين، ودعاهم الى النصرة لله ولكتابه، فانحازت طائفة من المسلمين الى زياد، وجعل من ارتد ينحاز الى حارثة، فكان زياد (238- و) يقاتلهم النهار الى الليل، فقاتلهم أياما كثيرة، وضوى الى الأشعث ابن قيس بشر كثير، فتحصن بمن معه، ممن هو على مثل رأيه في النّجير، فحاصرهم زياد بن لبيد، وقذف الله الرعب في أفئدتهم وجهدهم الحصار، فقال الأشعث بن قيس: الى متى نقيم في هذا الحصن، قد غرثنا «1» فيه، وغرث عيالنا، وهذه البعوث تقدم عليكم ما لا قبل لنا به، والله للموت بالسيف أحسن من الموت بالجوع، ويؤخذ برقبة الرجل كما يصنع بالذرية، قالوا: وهل لنا قوة بالقوم.
أرتأي فأنت سيدنا قال: أنزل فآخذ لكم أمانا تأمنون به قبل أن تدخل عليكم هذه الأمداد ما لا قبل لنا به ولا يدان.
قال: فجعل أهل الحصن يقولون للأشعث افعل، فخذ لنا الأمان فإنه ليس أحد أحرى أن يقدر على ما قبل زياد منك، فأرسل الأشعث الى زياد: أنزل فأكلمك وأنا آمن؟ قال زياد: نعم، فنزل الأشعث من النجير «2» فخلا بزياد فقال: ابن عم قد كان هذا الأمر ولم يبارك لنا فيه، ولي قرابة ورحم، وإن وكلتني الى صاحبك قتلني- يعني المهاجر بن أبي أمية- إن أبا بكر يكره قتل مثلي، وقد جاءك كتاب أبي بكر ينهاك عن قتل الملوك من كندة، فأنا أحدهم، وأنا أطلب منك الأمان على أهلي ومالي، فقال زياد بن لبيد: لا أومنك أبدا على دمك وأنت كنت رأس الردة،(4/1905)
والذي نقض علينا كندة، فقال: أيها الرجل دع عنك ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت عليك، فتؤمني على دمي وأهلي ومالي حتى أقدم على أبي بكر، فيرى في رأيه؟ فقال زياد: وماذا؟ قال: وأفتح لك النجير، فأمنه زياد على أهله (238- ظ) ودمه وماله، وعلى أن يقدم به على أبي بكر، فيرى فيه رأيه ويفتح له النجير.
قال محمد بن عمر: وهذا أثبت عند أصحابنا من غيره، وقد حدثنى صدقة ابن عتبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن جده أبي مغيث قال: كنت فيمن حضر أهل النجير فصالح الأشعث زيادا على أن يؤمن من أهل النجير سبعين رجلا، ففعل، فنزل سبعون ونزل معهم الأشعث، فكانوا أحدا وسبعين فقال له زياد: أقتلك، لم يكن لك أمان، فقال الأشعث: تؤمنني على أن أقدم على أبي بكر فيرى في رأيه، فآمنه على ذلك، وقيل ان السبعين نزلوا واحدا واحدا، فلما بقي هو قام اليه رجل واحد فقال: أنا معك، قال: إن الشرط سبعون، ولكن كن فيهم وأنا أتخلف فآثره بالحياة، وتخلف هو فيمن تخلف أسيرا، فالله أعلم.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الزبير بن موسى بن عبد الله بن أبي أمية عن عمه مصعب بن عبد الله بن أبي أمية قال: آمن زياد بن لبيد الأشعث ابن قيس على ان يبعث به وبأهله وماله الى أبي بكر فيحكم فيه بما يرى، وفتح له النجير، فأخرجوا المقاتلة وهم كثير، فعمد زياد الى أشرافهم سبعمائه رجل فضرب أعناقهم على دم واحد، ولام القوم الأشعث، فقالوا لزياد: غدر بنا الأشعث وأخذ الأمان لنفسه وماله وأهله، ولم يأخذه لنا جميعا، فنزلنا ونحن آمنون، فقتلنا، فقال زياد: ما آمنتكم، قالوا: صدقت، خدعنا الأشعث.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين قال: بعث (239- و) زياد بن لبيد مع نهيك بن أوس بن حرمة الأشهلي الى أبي بكر، وبعث معه ثمانين من بني قتيرة، وبعث بالأشعث معهم في وثاق.
قال: وحدثني خالد بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن بن الحويرث بن نقيد قال: رأيت الأشعث بن قيس يوم قدم به المدينة في حديد، مجموعة يداه الى عنقه،(4/1906)
بعث به زياد بن لبيد والمهاجر بن أمية الى أبي بكر، وكتبا إليه: إنا لم نؤمنه إلّا على حكمك، وقد بعثنا به في وثاق، وبأهله وماله الذي خف حمله معه فترى في ذلك رأيك.
قال: ونزل نهيك بن أوس بالسبي في دار رملة «1» بنت الحارث، ومعهم الأشعث بن قيس، فجعل يقول: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كفرت بعد اسلامي، ولكن شححت على مالي، فقال أبو بكر: ألست الذي تقول: قد رجعت العرب الى ما كانت الآباء نعبد، وأبو بكر يبعث إلينا الجيوش، ونحن أقصى العرب دارا، فرد عليك من هو خير منك فقال لك: لا يدعك عامله ترجع الى الكفر، فقلت: من؟ فقال: زياد بن لبيد، فتضاحكت، فكيف وجدت زيادا أذكرت به أمه؟
فقال الأشعث: نعم كل الاذكار، ثم قال الأشعث: أيها الرجل أطلق أساري واستبقني وزوجني أختك أم فروة بنت أبي قحافة، فإني قد تبت مما صنعت، ورجعت الى ما خرجت منه من منعي الصدقة، فزوجه أبو بكر أم فروة بنت أبي قحافة، فكان بالمدينة مقيما حتى كانت ولاية عمر بن الخطاب، وندب الناس الى فتح العراق، فخرج الأشعث (239- ظ) بن قيس مع سعد بن أبي وقاص، فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند، واختط بالكوفة حين اختط المسلمون وبنى بها دارا في بني كندة، ونزلها الى أن مات بها، وولده بها الى اليوم «2» .
قال شيخنا ابن طبرزد أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: أخبرنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر التميمي «3» عن سهل بن يوسف عن أبيه عن كثير بن الصلت قال: ولما رأى أهل النجير المواد لا تنقطع عن المسلمين، وأيقنوا أنهم غير منصرفين عنهم،(4/1907)
خشعت أنفسهم، وخافوا القتل، وخافوا على أنفسهم، ولو صبروا حتى يجيء المغيرة «1» لكانت في الثالثة الصلح على الجلاء نجاة، فعجل الأشعث، فخرج الى عكرمة «2» بأمان، وكان لا يأمن غيره، وذلك أنه كانت تحته أسماء بنت النعمان ابن الجون، يخطبها وهو يومئذ بالجند «3» ينتظر المهاجر، فأهداها إليه أبوها قبل أن تبادوا، وكان تزوجها على خبيصة «4» ، فابتنى بها ثم غزا بها، فأبلغه عكرمة المهاجر واستأمنه لنفسه ونفر معه تسعة على أن يؤمنهم وأهليهم على أن يفتحوا لهم الباب، فأجابه الى ذلك، وقال: انطلق واستوثق لنفسك، ثم هلم كتابك أختمه.
قال: وحدثنا سيف عن أبي اسحاق الشيباني عن سعيد بن أبي بردة عن عامر أنه دخل عليه فاستأمنه على أهله وماله وتسعة ممن أحب، وعلى أن يفتح لهم الباب فيدخلون على قومه، فقال له (240- و) المهاجر اكتب ما شئت، وأعجل، فكتب أمانه وأمانهم، وفيهم أخوه وبنو عمه وأهلوهم، ونسي نفسه، عجل ودهش، ثم جاء بالكتاب فختمه ورجع، فسرب الذين في الكتاب، وقال الأجلح والمجالد: لما لم يبق إلا أن يكتب نفسه وثب عليه جحدم بشفرة، وقال: نفسك أو تكتبني، فكتبه وترك نفسه.
قال ابن اسحاق: فلما فتح الباب، اقتحمه المسلمون، فلم يدعوا فيه مقاتلا إلا قتلوه، وضربوا أعناقهم صبرا، وأحصى ألف امرأة ممن في النجير والخندق من بين سليب أو متبع، ووضع على السبي والفيوء الأحراس، وشاركهم كثير.
وقال كثير بن الصلت: لما فتح الباب وفرغ ممن في النجير وأحصى ما أفاء الله عليهم، دعا الأشعث بأولئك النفر، ودعا بكتابه فعرضهم، فأجاز من في الكتاب، فإذا الأشعث ليس فيه، وإذا هو قد نسي نفسه، فقال المهاجر: الحمد لله الذي(4/1908)
خطاك نوءك «1» يا أشعث يا عدو الله، فقد كنت أشتهي أن يخزيك الله، فشده وثاقا، وهم بقتله، فقالوا له: أخره وأبلغه أبا بكر فهو أعلم بالحكم في هذا، وإن كان رجلا نسي اسمه أن يكتبه وهو ولي المخاطبة أفذاك يبطل ذاك؟ فقال المهاجر: إن أمره لبين، ولكني أتبع المشورة وأوثرها وأجيره «2» ، وبعث به الى أبي بكر مع السبي، وكان معهم، يلعنه المسلمون، وتلعنه سبايا قومه، وسماه سبايا قومه عرف الباز- كلام يماني يسمون به الغادر- وقد كان المغيرة تخير ليلة للذي أراد الله عز وجل، فجاءوا القوم في (240- ظ) دمائهم والسبي على ظهر، وسارت السبايا والأسرى، فقدم القوم على أبي بكر بالفتح والسبايا والأسرى، فدعا بالأشعث وقال:
استزلك بنو وليعة «3» ، ولم تكن لتستزلهم ولا ليروك لذلك أهلا، وهلكوا وأهلكوك إنا نخشى أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصل إليك منها طرف، ما تراني صانعا بك؟ قال: اني لا علم لي برأيك، وأنت أعلى برأيك، قال:
فإني أرى قتلك، قال: فاني أنا الذي راوضت القوم في عشرة، فما يحلّ دمي، قال:
أفوضوا القوم اليك؟ قال: نعم، قال: ثم أتيتهم بما فوضوه اليك فختموه لك؟ قال:
نعم قال: فإنما وجب الصلح بعد ختم الصحيفة على من في الصحيفة، وإنما كنت قبل ذلك مراوضا.
فلما خشي أن يوقع به قال: أو تحتسب فيّ خيرا فتطلق أساري وتقيلني عثرني وتقبل اسلامي، وتفعل بي مثلما فعلت بأمثالي، وترد علي «4» زوجتي- وكان قد خطب أم فروة بنت أبي قحافة الى أبي قحافة مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجه وأخرها الى أن يقدم الثانية، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل الأشعث ما فعل، فخشي أن لا ترد عليه- تجدني خير أهل بلادي لدين الله، فتجافى له عن دمه، وقبل منه، ورد عليه أهله وقال: انطلق فليبلغني عنك «5» ، وخلىّ النفر(4/1909)
فذهبوا، وقسم أبو بكر السبي، فباعه في الناس، وترك الخمس، واقتسم الخمس أربعة أخماس.
وقال: حدثنا سيف بن عمر عن موسى بن عقبة عن أبيه، وسعيد بن عبد الله الجمحي (241- و) عن عبد الله بن أبي مليكة، والوليد بن عبد الله عن أبي الطفيل قالوا: تزوج الأشعث مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أبي قحافة أم فروة، وهو ثالث أزواجها، والأوسط منهم تميم «1» ، وأزمع بالهجرة والمقام، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره الذي أراد أيسه من الهجرة الى المدينة بعد الفتح، فرجع وأراد الانطلاق بأم فروة، فأبى عليه أبو قحافة، وقال: لا تغترب إلا في مغترب الينا، فرجع الى اليمن، وفعل الذي فعل، فلما أتي به أبو بكر تجافى له عن دمه، ورد عليه أهله بالنكاح الاول كما فعل بغيره.
قلت فبان بما نقله سيف أن الاشعث كان تزوج أم فروة من أبي قحافة، ولم يدخل بها، فلما ارتد بانت منه فأعادها أبو بكر إليه بنكاح جديد، ولهذا قال لأبي بكر: زوجني أختك، فزوجه- يعني- بنكاح جديد، وقوله في رواية سيف: ورد عليه أهله بالنكاح الاول، يريد بالمهر الذي كان أولا.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد، قالا: أخبرنا أبو نعيم، ح.
قال: وأخبرنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قالا:
أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلم قال: حدثنا عبد المؤمن بن علي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: لما قدم بالاشعث بن قيس أسيرا على أبي بكر الصديق، أطلق وثاقه، وزوجه أخته واخترط سيفه، ودخل سوق الإبل (241- ظ) فجعل لا يرى جملا ولا ناقة إلا عرقبه، وصاح الناس، كفر الاشعث، فلما فرغ طرح سيفه وقال: إني(4/1910)
والله ما كفرت، ولكني زوجني هذا الرجل أخته، ولو كنا في بلادنا لكانت وليمة غير هذه، يا أهل المدينة انحروا وكلوا، ويا أصحاب الإبل تعالوا: خذوا شرواها.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن المقرئ قال: حدثنا سفيان عن اسماعيل عن قيس قال: شهدت الاشعث وجرير بن عبد الله في جنازة وقدمه- يعني الاشعث قدم جريرا- ثم التفت فقال: اني ارتددت، وهذا لم يرتد «1» .
أخبرنا أبو اليمن الكندي إذنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم بن الحسن قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الحريري قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزّاز قال: أخبرنا أبو الحسن المدائني عن شيوخه الذين روى عنهم خبر النهروان قال: وأمر علي بالرحيل- يعني بعد فراغه من قتال الحرورية- وقال لأصحابه: قد أعزكم الله، وأذهب ما كنتم تخافون، فامضوا من وجهكم هذا الى الشام، فقال الاشعث: يا أمير المؤمنين: نفدت نبالنا، وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا، فلو أتينا مصرنا حتى نستعد ثم نسير الى عدونا، فركن الناس الى ذلك، فسار عليّ يريد الكوفة، فأخذ على الناس حتى انتهى الى النخيلة «2» (242- و) فنزلها. وساق بقية الحديث.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان في أسامي من غزا مع علي بن أبي طالب يوم صفين:
الاشعث بن قيس الكندي.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله النجار عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا(4/1911)
أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري وأبو الغنائم بن النرسي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الاصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن حيان أبي سعيد التيمي قال: حذّر الاشعث بن قيس الفتن فقيل له:
أخرجت مع علي؟ قال: ومن له إمام مثل علي!.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال:
حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وقال أبو عبيدة: كان على الميمنة- يعني من أصحاب علي يوم صفين-: الأشعث بن قيس الكندي. قال:
وحدثنا خليفة قال: حدثنا علي بن محمد عن مسلمة بن محارب عن حرب بن خالد ابن يزيد بن معاوية قال: فصل معاوية في تسعين ألفا، ثم سبق معاوية فنزل الفرات، وجاء علي (242- ظ) وأصحابه فمنعهم معاوية الماء، فبعث علي الاشعث بن قيس في ألفين، وعلى الماء لمعاوية أبو الأعور السّلمي في خمسة آلاف، فاقتتلوا قتالا شديدا، وغلب الأشعث على الماء «1» .
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الاسدي المعروف بابن البنّ- بقراءتي عليه غير مرة- قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن علي بن جعفر الميداني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الغفار بن محمد بن أحمد بن اسحاق- قدم علينا- قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال: سبق أصحاب معاوية الى الماء بصفين قبل أصحاب علي، وعلى أصحاب معاوية رجلان أحدهما أبو الأعور السلمي، والآخر بسر بن أبي أرطاة، فلما قدم أصحاب علي منعوهم الماء واحتازوه دونهم فأرسل علي الى معاوية أن يطلق الماء لعسكره فلو كان أصحابي سبقوا اليه ما منعوك.(4/1912)
قال: فاستشار عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي سرح، وكان أخا عثمان لأمه، فقال عمرو: أرى أن تطلق الماء، وقال ابن أبي سرح: لا تطلق الماء، حتى يموتوا عطشا كما قتلوا أمير المؤمنين عطشا- يعني بذلك عثمان-، فمال معاوية الى قوله، وترك قول عمرو، فلما ضرّ بأصحاب علي ذلك، أصبح على باب حجرة علي اثنا عشر ألفا من أصحاب البرانس، وقالوا: يا أمير المؤمنين أنهلك ونحن ننظر الى الماء؟ قال: فمن له؟ قال الاشعث بن قيس: أنا، قال: فشأنك، قال: فتقدم بهم، قال: (243- و) فجعل يلقي رمحه ويمشي بطوله وهو راجل وهو يقول:
ميعادنا اليوم بياض الصبح ... هل يصلح الأمر بغير نصح
لا لا ولا الزاد بغير ملح ... ادنوا الى القوم بطعن كدح
حسبي من الاقدام قاب رمحي
قال: فحملوا عليهم فأزالوهم عن الماء، وقعدوا عليه، فقال عمرو لمعاوية:
شمت بك، أتراك تضارب على الماء كما ضربوك بالأمس؟ قال معاوية: هم خير من ذلك، وأرسل علي الى الاشعث أن خلّ بينه وبين الماء.
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- عن أبي القاسم يوسف بن محمد بن المهرواني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي المقرئ قال: أخبرنا أبو صالح القاسم بن سالم الأخباري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال:
حدثني أبي- أملأ عليّ إملاء- قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال:
حدثني أبو الصلت سليم الحضرمي، قال: شهدنا صفين، فإنّا لعلى صفوفنا وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء، فأتانا فارس على برذون مقنعا بالحديد فقال: السلام عليكم فقلنا: وعليك. قال: فأين معاوية؟ قلنا هو ذا فأقبل حتى وقف، ثم حسر عن رأسه فاذا هو أشعث بن قيس الكندي، رجل أصلع ليس في رأسه الا شعرات، فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هبوا انكم قتلتم أهل العراق فمن للبعوث والذراري، أم هبوا انا قتلنا أهل الشام فمن للبعوث والذراري (243- ظ) الله الله فان الله يقول: «وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا(4/1913)
بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تقيىء الى أمر الله» «1» ، فقال له معاوية: فما الذي تريد؟ قال: أن تخلوا بيننا وبين الماء، فو الله لتخلن بيننا وبين الماء، أو لنضعن أسيافنا على عواتقنا، ثم نمضي حتى نرد الماء أو نموت دونه، فقال معاوية لأبي الاعور عمرو بن سفيان: يا أبا عبد الله خلّ بين اخواننا وبين الماء، فقال أبو الاعور لمعاوية: كلا والله يا أم عبد الله لا نخلي بينهم وبين الماء، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا حتى كان الصلح بينهم، ثم انصرف معاوية الى الشام بأهل الشام، وعليّ الى العراق بأهل العراق.
قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الاعرابي قال: أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد ابن عمر بن حبيب العدوي قال: حدثنا ابراهيم بن بشار عن سفيان عن اسماعيل عن قيس قال: دخل الاشعث بن قيس على عليّ في شيء، فتهدده بالموت، فقال عليّ:
بالموت تهددني ما أبالي سقط علي أو سقطت عليه، هاتوا له جامعة وقيدا. قال:
ثم أومأ الى اصحابه فطلبوا اليه فيه، قال: فتركه. قال سفيان: فحدثني ابن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: فسمعوا لصوت رجليه حفيفا، قال علي: فرقناه ففرق.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن (244- و) الحسن قال: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة، ح.
قال: وقرأنا على أبي عبد الله عن أبي الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد ابن عبيد بن الفضل بن يبرى قالا: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيخ قد سماه عن أبي اسحاق قال: صليت الفجر في مسجد الاشعث أطلب غريما لي، فلما صلى الإمام وضع رجل بين يدي حلّة ونعلا، فقلت اني لست من أهل هذا المسجد، فقال: ان الاشعث- يعني ابن قيس- قدم البارحة من مكة، وأمر لكل من صلى في المسجد بحلة ونعل.(4/1914)
وقال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يوه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثنا هارون ابن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو اسرائيل الملائي عن أبي اسحاق قال:
كان لرجل على رجل من آل الاشعث بن قيس حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له: صلّ معي الغداة، قال: فذهب فصلى معه فقال الاشعث بن قيس لا يخرج أحد من المسجد، قال فبعث الى كل رجل بحلة ونعلين قال: فأخذ حلة ونعلين وأخذ حقه.
قال: وحدثنا عبد الله قال: كتب إليّ أبو سعيد- يعني الأشبح- حدثني الهذيل بن عمر عن يحيى بن زكريا عن مجالد عن عامر قال: أرسل معاوية بن حديج السكوني (244- ظ) الى الاشعث بن قيس بخمسمائة فرس معلمة محذقة «1» ، فقسمها الاشعث في قومه، وكتب اليه أعهدتني نخاسا، قال أبو سعيد: فحدثت به شيخا من ولد الاشعث فقال: قد كان بعث إليّ بثمنها «2» .
أخبرنا أبو حفص المؤدب- إذنا- عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا الفضل بن دكين قال:
حدثنا محمد بن اسماعيل بن رجاء الرشيدي قال: سمعت الشيباني يذكر عن قيس ابن محمد بن الاشعث أن الاشعث كان عاملا على أذربيجان استعمله عثمان، وأنه أتاه رجل من قومه فأعطاه ألفين فشكاه، فلما قدم الأشعث أرسل اليه فقال: انما استودعتك المال، قال: انما أعطيتنيه صلة، فحمي الاشعث فحلف، فكفر عن يمينه بخمسة عشر ألفا.
قال شيخنا أبو حفص: أنبأنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: حدثنا محمد بن محمد الباغندي قال: حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني اسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: كان الاشعث بن قيس حلف على يمين فأخذ بها(4/1915)
مالا، قال: فصلى الغداة وقد وضع المال في ناحية المسجد فقال: قبحك الله من مال، أما والله ما حلفت الا على حق، ولكنه رد على صاحبه، وهو ثلاثون الفا، صدقة مقامي الذي قمته.
أخبرنا ابن طبرزد- اذنا- قال: أنبأنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء قال: أخبرنا اسماعيل بن سعيد بن اسماعيل بن سويد قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو علي الحسن بن عليل قال: حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عباس قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على الحسن ابنه، أم عمران بنت سعيد بن قيس الهمداني، فقال: فوقي أمير أوامره- يعني أمها- فقال: قم فوامرها فخرج من عنده فلقيه الاشعث بن قيس بالباب، فأخبره الخبر، فقال: ما تريد الى الحسن يفخر عليها ولا ينصفها، ويسيئ اليها، فيقول: ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وابن أمير المؤمنين، ولكن هل لك في ابن عمها فهي له وهو لها؟ قال: ومن ذاك؟
قال: محمد بن الاشعث، قال: قد زوجته، ودخل الاشعث على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين خطبت على الحسن ابنة سعيد؟ قال: نعم، قال: فهل لك في أشرف منها بيتا، واكرم منها حسبا، وأتم جمالا، وأكثر مالا؟ قال: ومن هي؟ قال: جعدة بنت الاشعث بن قيس، قال: قد قاولنا رجلا، قال: ليس الى ذلك الذي قاولته سبيل، قال: انه فارقني ليؤامر أمها، فقال: قد زوجها من محمد ابن الاشعث، قال: متى؟ قال: الساعة بالباب. قال: فزوج الحسن (245- و) جعدة، فلما لقي سعيد الاشعث قال: يا أعور خدعتني؟ قال: أنت يا أعور، جئت تستشيرني في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست أحمق، ثم جاء الاشعث الى الحسن فقال: يا أبا محمد ألا تزور أهلك؟ فلما أراد ذلك قال: لا تمشي والله الا على أردية قومي، فقامت له كندة سماطين، وجعلت له أرديتها بسطا من بابه الى باب الاشعث.
أخبرنا ابن طبرزد اذنا عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم(4/1916)
قال: حدثنا ابن سعد قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا فرات بن سلمان قال:
حدثنا ميمون بن مهران، ح.
قال ابن سعد: وأخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: أول من مشت معه الرجال وهو راكب: الأشعث بن قيس، وكان المهاجرون اذا رأوا الدهقان راكبا، والرجال يمشون قالوا: قاتله الله جبارا «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد أبي الفضل قال أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر قال حدثنا ابراهيم بن مهدي بن عبد الرحمن الايلي قال: حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: سمعت الاصمعي يقول: أول من دفن في جوف منزله وصلى عليه الحسن بن علي، وكانت ابنة الاشعث تحنه. قال: وأول من مشي بين يديه وخلفه بالاعمدة الأشعث بن قيس.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي (245 ظ) قال:
أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم ابن حبابة قال: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال لما توفي الاشعث بن قيس قال الحسن بن علي:
لا تعجلوا، فلما فرغ من غسله وضأه بحنوطه وضوءا «2» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو سعد بن حسنويه قال:
أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد بن اسحاق الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: الاشعث بن قيس، يكنى أبا محمد، مات في آخر سنة أربعين بعد عليّ قليلا «3» .(4/1917)
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ابن يحيى المزكي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي السراج قال:
رأيت في كتاب أبي حسان الزيادي: الأشعث بن قيس، يكنى أبا محمد، مات بعد قتل ابن أبي طالب بأربعين ليلة فيما أخبر عن ولده وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي وأبي القاسم بن السمرقندي- قال أبو محمد: حدثنا أبو بكر الخطيب، وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري- قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت موسى ابن عبد الرحمن بن مسروق الكندي قال: مات الأشعث بن قيس في زمن معاوية وفي آخر إمرة، وكان يكنى أبا محمد، وكانت ابنته تحت الحسن بن (246- و) علي. قال أبو يوسف زعموا أنها هي التي سمته.
هكذا وقع في النسخة: وفي آخر إمرة، وأظنه سقط من الكتاب «الحسن» ، والصحيح: وفي آخر إمرة الحسن، وقد سبق القول بأنه مات في الوقت الذي صالح فيه الحسن بن علي معاوية.
قال أبو محمد السلمي: أنبأنا أبو محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم بن عدي، وأبو موسى محمد بن المثنى والمدائني: وفي سنة أربعين مات أبو رافع، وحسان بن ثابت، والأشعث بن قيس، وذكر غيرهم.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها- يعني سنة أربعين- مات الأشعث ابن قيس «1» .
قال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان قال: أخبرنا أبو الحسن بن(4/1918)
الآبنوسي قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: سمعت هارون بن عبد الله يقول: الأشعث بن قيس الكندي، كنيته أبو محمد، توفي بالكوفة حيث صالح الحسن بن علي معاوية، وصلى عليه الحسن بن علي. قال عبد الله: بلغني عن بعض ولد الأشعث، أن الأشعث توفي بعد مقتل علي عليه السلام بأربعين ليلة ودفن في داره «1» .
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم بن البشري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص- إجازة- (246- ظ) قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن السكري قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال:
حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة أربعين فيها مات الأشعث بن قيس الكندي «2» .
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: وبلغني أنه مات الأشعث بن قيس في سنة أربعين بعد مقتل علي بن أبي طالب وكنيته أبو محمد وكان الحسن بن علي تزوج ابنته.
أشناس التركي:
قائد مذكور مشهور، قدم حلب صحبة المأمون حين قدمها للغزو، ووجهه المأمون الى حصن سندس «3» غازيا، فأتاه برئيسه، وكان أيضا على مقدمة المعتصم حين فتح عمورية، واجتاز بحلب، وولاه الواثق الجزيرة والشام جميعه، ومصر والمغرب، فكانت حلب وعملها في ولايته، وتوجه الى ولايته في شهر رمضان سنة(4/1919)
ثمان وعشرين ومائتين، وتوجه الواثق وألبسه وشاحين بالجوهر، ذكر ذلك ابن أبي الأزهر «1» في تاريخه وقال: ونظر في صلات المعتصم لأشناس فوجد مبلغها أربعين ألف ألف درهم.
وقرأت في الأخبار الطوال تأليف أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري قال:
إن أحمد بن أبي دؤاد وجد على الأفشين لكلام بلغه عنه فأشار على المعتصم بالله أن يجعل الجيش نصفين نصفا مع الأفشين ونصفا مع أشناس، ففعل المعتصم ذلك فوجد الأفشين منه (247- و) وطال حزنه واشتد حقده «2» .
وقرأت في تاريخ ابن أبي الأزهر قال: وذكر الفضل بن مروان أن أشناس كان اذا سكر عربد، وكانت امرأته غالبة عليه، وكان يخافها خوفا شديدا، فإذا بلغها عربدته شدت عليها ثيابها وأخذت قوسها وسهامها، ووقفت بإزائه تشتمه وتهدده فينام، فشق ذلك على المعتصم، فبعثني إليها أنكر عليها فعلها، وأعرفها محل أشناس وجلالته، وأن هذا يغض منه، فقالت: ما أجيبك إلا بحضرته، فلما حضر قالت له: أتكره ما أفعله أم تحبه؟ قال: بل أحبه وأسربه، فقالت: ما عندي لك جواب غير هذا، قال، فرجعت الى المعتصم، فأخبرته فأمسك عنها.
قال ابن أبي الأزهر: ومات أشناس سنة ثلاثين ومائتين في شهر ربيع الاول.
كتب إلينا أبو روح عبد العزيز بن محمد بن أبي الفضل من هراة أن زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم- إذنا- قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي- إجازة- قال: سنة اثنتين وخمسين ومائتين مات أشناس، وخلف خمسمائة ألف دينار فأخذها المعتز «3» .(4/1920)
أشهب النخعي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال شعرا يومئذ ذكره أبو مخنف لوط في كتابه «1» وقال: وحدثني الحارث بن حصير عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود أن عليا سار من النخيلة في أكثر من تسعين ألفا فكثر فيهم الكلام، وجعلوا يسألونه عما لا ينبغي أن يسألوه وظهر الاختلاف (247- ظ) فكانوا لا يرتحلون من منزل إلا نقصوا وكان جل القوم علي ما يحب علي فقال النجاشي «2» :
أرانا نخالف أمر الامام ... وفي كل منزلة ننقص
وذكر أبياتا، وقال: فلما سمع علي قول النجاشي شق عليه، ولم يكن مع علي حي أجمع على ما يريد من النخع، فلما رأت النخع ثقل ما قاله النجاشي على على، وكانوا جماعة كثيرة غدا الأشهب النخعي على علي والناس مجتمعون فقال:
يا أمير المؤمنين إني لا أقول قول صاحبي ولكني أقول:
إذا جعل الناس أهل العراق ... فإن رجال العراق النخع
هم هامة الحي من مدحج ... وحاموا الظعائن عند الفزع
يضرون يوما كما ينفعون ... ومن ضر في حال ضر نفع
دعانا علي فلم نأته غداة ... دعانا لحب الطمع
ولكن أجبنا الى دعوة بها ... نفع الله أهل البدع
أطعنا فلم نعصه جمّة ... وكان متى يدع فينا نطع
فكم فئة قد فقا عينها ... وعزّ أذل وعات قمع
وخطة حق دعا منهضا ... إليها وخطة ضيم منع
وغاية حق جرى سابقا ... إليها فلما أتاها نزع
وأمر يشاد بنا دونه ... حواه وأنف أشم جدع
فلولا ولا ليت في أمره ... لدين ودنيا وكلّا جمع «3»(4/1921)
ذكر من اسمه أصبغ
أصبغ بن الاشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي:
وقد سبق تمام نسبه في ترجمة أبيه، قيل إنه قدم دابق أميرا على كندة وغسان في جيش مسلمة بن عبد الملك الذي جهزه عبد الملك بن مروان مع ابنه مسلمة الى القسطنطينية، وتوجه بهم مسلمة من دابق الى المصيصة، ثم دخل الى بلاد الروم.
روي ذلك عن عبد الله بن سعيد بن قيس الهمداني.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبوا محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي وهبة الله بن أحمد الأكفاني قالا: أخبرنا أبو الحسين طاهر بن أحمد القائني- زاد الأكفاني: وأبو بكر الخطيب، ح.
قال أبو القاسم: وحدثنا أبو القاسم وهب بن سلمان السلمي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسين طاهر القائني وأبو بكر الخطيب، قالا: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا أبو علي الحسن بن سلام السواق قال: حدثنا الصباح بن بيان البغدادي قال: حدثنا يزيد بن أوس الحمصي عن عامر بن شرحبيل عن عبد الله بن سعيد بن قيس الهمداني- في حديث طويل في جزء أخبرنا بإسناده أبو النجم بدر بن عبد الله، قال: أخبرنا- وأبو الحسن بن سعيد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه فذكره بإسناده ولم يسق الحديث بتمامه. (248- ظ)
قال: لما قدم الناس من جميع الآفاق، قام- يعني- عبد الملك فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن العدو قد كلب عليكم، وقد طمع(4/1922)
فيكم وهنتم عليه لترككم الغزو لهم، واستخفافكم بحق الله، وتشغلكم عن الجهاد في سبيل الله، وقد علمتم ما وعد ربكم في الجهاد لعدوه، وقد أردت أن أغزيكم غزاة كريمة شريفة الى صاحب الروم أليون «1» ، والله مهلكهم ومبدد شملهم، ولا قوة إلا بالله العظيم، وقد جمعتكم يا معشر المسلمين وأنتم ذوو البأس والنجدة والشجاعة، وإن من حق الله تعالى أن تقوموا لله سبحانه بحقه ولنبيه صلى الله عليه وسلم بنصرته، وقد أمّرت عليكم مسلمة بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، ترشدوا وتوفقوا، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن خالد بن الوليد المخزومي، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن عبد العزيز، وقد وليت الغنائم رجاء بن حيوة وصيرته أمينا على مسلمة وعليكم، وقد وليت على تميم محمد بن الأحنف، وعلى همدان عبد الله بن قيس، فقلت: يا أمير المؤمنين ولّ غيري فإني قد آليت أن لا أكون أميرا أبدا، فولى همدان صدقة بن اليمان الهمداني، وعلى ربيعة عبد الرحمن بن صعصعة، وعلى طيء ولخم وجذام عبد الله بن عدي بن حاتم الطائي، وولى على قيس الضحاك بن مزاحم الأسدي، وولى على بني أمية وجماعة قريش محمد بن مروان بن الحكم وولى على كندة وغسان الأصبغ بن الأشعث (249- و) الكندي، وولى على رؤساء أهل الحجاز عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال، وولى على رؤساء أهل مصر يزيد بن مرة القبطي، وولى على رؤساء أهل الكوفة الهيثم بن الأسود النخعي، وولى على أهل البصرة سليمان بن أبي موسى الأشعري، وولى على رؤساء أهل اليمن جابر بن قيس المذحجي، وولى على رؤساء أهل الجبال عبد الله بن جرير بن عبد الله البجلي.
ثم أقبل على مسلمة بن عبد الملك فقال: يا بني إني قد وليتك على هذا الجيش فسر بهم، وأقدم على عدو الله أليون كلب الروم، وكن للمسلمين أبا رحيما، ارفق بهم وتعاهدهم وإياك أن تكون جبارا عنيدا مختالا فخورا، ثم عرض الناس فانتخب منهم ثلاثين ألفا من أهل البأس والنجدة، واتخذ من الخيل والفرسان ثلاثين ألفا، وقال: يا بني صيّر على مقدمتك محمد بن الأحنف بن قيس، وعلى(4/1923)
ميمنتك محمد بن مروان، وصيّر على ميسرتك عبد الرحمن بن صعصعة، وصيّر على ساقتك محمد بن عبد العزيز، وكن أنت في القلب، وصيّر على طلائعك البطال، وأمره فليعس في الليل العسكر فإنه أمين ثقة مقدام شجاع.
وذكر بقية وصيته، قال: فخرج مسلمة يوم الجمعة بعد صلاة الظهر وذلك أول يوم من رجب، وخرجنا معه، وخرج عبد الملك معنا يشيعنا حتى بلغ باب دمشق، ثم خرج معنا مسلمة وعسكرنا على رأس أربع فراسخ من دمشق وذكر القصة بطولها. (249- ظ)
أصبغ بن ذؤالة الكلبي،
أبو ذؤالة كان في صحبة مروان بن الحكم بعد ما بويع له بالخلافة حين قدم الرصافة متوجها الى الرقة، وكان الأصبغ بتدمر منابذا لمروان مع أهل تدمر، فسار إليهم الأبرش بن الوليد الكلبي، حتى توجه مروان إليهم، فأجابه منهم جماعة فيهم الأصبغ بن ذؤالة، وابنه حمزة، وهرب الباقون الى برية كلب، فانصرف الأبرش بمن تابعه الى مروان وفيهم الأصبغ، فساروا في صحبته الى الرصافة حين توجه الى الرقة لتوجيه ابن هبيرة الى العراق، ولمحاربة الضحاك ابن قيس «1» .
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أصبغ بن ذؤالة، أبو ذؤالة الكلبي، له ذكر في أهل دمشق.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان زبر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا علي بن محمد عن يزيد بن مصاد الكلابي عن عمرو بن شراحيل قال:
أجمع على قتل الوليد- يعني- ابن يزيد قوم من قضاعة واليمانية من أهل دمشق خاصة، فأتى حريث (250- و) وشبيب بن أبي مالك الغساني، ومنصور بن(4/1924)
جمهور، ويعقوب بن عبد الرحمن وحبال بن عمرو ابن عم منصور، وحميد بن نصر اللخمي والأصبغ بن ذؤالة وطفيل بن حارثة، والسري بن زياد بن علاقة خالد بن عبد الله فدعوه الى أمرهم، فلم يجبهم، فسألوه أن يكتم عليهم، قال:
لا أسمي أحدا منكم، وأراد الوليد الحج فخاف خالد أن يفتكوا به في الطريق فأتاه فقال يا أمير المؤمنين أخر الحج العام، قال: ولم؟ فلم يخبره، فأمر بحبسه، وأن يستأدي ما عليه من أموال العراق «1» .
أصبغ بن ضرار:
شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وأسره الأشتر بن الحارث النخعي ثم أطلقه بإذن علي رضي الله عنه وكان شاعرا.
قرأت في كتاب الفتوح لأبي محمد بن أعثم في خبر صفين قال: وجاء الليل فحجز بين الفريقين، وكان رجل من أهل الشام يقال له الأصبغ بن ضرار يخرج من الليل من عسكر معاوية فيكون حارسا وطليعة لمعاوية، قال فبدر له علي رضوان الله عليه الأشتر، وقال: إن قدرت عليه فخذه ولا تقتله وجئني به، قال: فاحتال عليه الأشتر فأخذه أسيرا من غير أن يقاتله ثم جاء به الى رحله ليلا فشد وثاقه ينتظر به الصباح قال: وأيقن الرجل بالقتل، وكان مفوها شاعرا فأنشأ يقول:
ألا ليت هذا الليل أطبق سرمدا ... على الناس لا يأتيهم نهار
(250- ظ)
يكون كذا حتى القيامة إنني ... أحاذر في الاصباح ضرمة نار
فيا ليل طل لي ان لي فيك راحة ... وفي الصبح قتل أو فكاك أساري
ولو كنت تحت الارض تسعين واديا ... لما رد عني ما أخاف حذاري
فيا نفس مهلا ان للموت غاية ... فصبرا على ما ناب يا بن ضرار
أأخشى ولي في القوم رحم قريبة ... من الأمر ما أخشى والأشتر جاري
ولو أنه كان الاسير ببلدة ... أطاع بها شمرت ذيل إزاري
ولو كنت جار الأشعث الخير ... فكني وفرّ من الأمر المخوف فراري(4/1925)
وجار المرادي العظيم وهانىء ... وزحر بن قيس ما كرهت نهاري
ولو أنني كنت الأسير لبعضهم ... دعوت عميد القوم عند عثاري
فإلّا يغثني في الصباح بنعمة ... يفك بها عني فقبري داري
قال: فلما سمع الاشتر هذه الابيات كأنها حركته، ثم غدا به الاشتر على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقال: يأمير المؤمنين هذا رجل أخذته البارحة أسيرا بلا قتال، والله لو عملت أن قتله الحق لقتلته وقد بات عندي البارحة، وحركني بأبيات قالها، فإن أحببت قتله فأقتله، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لي، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هو لك يا مالك، فإذا أصبت أسيرا فلا تقتله، فإن أسير أهل القبلة لا يقتل ولا يقاد قال: فرده الأشتر الى رحله، فأحسن إليه ورد عليه ما كان (251- و) أخذ منه وأطلقه «1» .
أصبغ بن عمر بن عبد العزيز:
ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي كان بخناصره مع أبيه، وشهد وفاته بدير سمعان، وقد ذكرنا في ترجمة أخيه ابراهيم بن عمر أنه لما احتضر عمر دعا بنيه وهم بضعة عشر ذكرا، فنظر إليهم فذرفت عيناه، ثم قال: بنفسي الفتية الذين تركتهم عيلا، لا شيء لهم بل بحمد الله تركتهم بخير، الى آخر القصة، وكان أصبغ أحدهم.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال:
أصبغ بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي له ذكر وأعقب عقبا «2» (251- ظ) .
***(4/1926)
أصبغ بن نباته:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أبو القاسم التميمي المجاشعي الحنظلي الدارمي الكوفي، شهد صفين مع علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عنه وعن الحسن بن علي رضي الله عنه وأبي أيوب الأنصاري.
روى عنه سعد بن طريف الاسكاف، وعلي بن حزور، وثابت بن أبي صفية الثمالي، ويحيى بن أبي الهيثم الكوفي وفطر، والأجلح.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا الحسين بن عمر الثقفي الكوفي قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن بزيع قال حدثنا علي بن حزور عن الأصبغ بن نباتة عن علي في حديث ذكره قال: إن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب مع الملائكة، لم ينحل «1» أحد ممن مضى من الامم غيره شيء أكرم الله به محمدا صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني في كتابه إلينا منها قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: أصبغ بن نباتة صاحب علي بن أبي طالب رضي الله، يروى عنه أحاديث غير محفوظة.(4/1927)
أخبرنا حسن بن أحمد بن يوسف إذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بندار قال أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي أحمد إملاء من حفظه قال: أصبغ بن نباتة، كوفي تابعي ثقة.
قال: أبو أحمد بن (252- و) عدي قال: حدثنا محمد بن علي المروزي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: الأصبغ بن نباتة؟ قال:
ليس بشيء.
قال أبو أحمد: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول:
أصبغ بن نباتة ليس بثقة.
وقال حدثنا ابن حماد قال: حدثنا معاوية عن يحيى قال: أصبغ بن نباتة ليس بشيء.
وقال: حدثنا أحمد بن علي المظفري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الأصبغ بن نباتة ليس حديثه بشيء.
وقال كتب إلي محمد بن الحسن البصري: حدثنا عمرو بن علي قال: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن الاصبغ بن نباتة بشيء قط.
وقال كتب إلي محمد بن أيوب حدثنا يحيى بن معين قال: قال: جرير كان المغيرة لا يعبأ بحديث الأصبغ بن نباتة «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر الاسكندراني، بمنظرة سيف الاسلام بين مصر والقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن الحلال قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان قال: الأصبغ بن نباتة متروك الحديث «2» .(4/1928)
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله النجار عن الفضل بن سهل الحلبي قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال:
أخبرنا الحسين بن إدريس قال: سمعت (252- ظ) ابن عمار يقول: وأصبغ بن نباتة ضعيف «1» .
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز الكتاني قال:
أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: حدثنا أبو هاشم السلمي قال: حدثنا القاسم بن عيسى العصار قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: كان أصبغ بن نباتة زائفا.
ذكر أبو محمد بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل قال: الأصبغ بن نباتة أبو القاسم الحنظلي التميمي روى عن علي، روى عنه فطر والأجلح، وسعد بن طريف. سمعت أبي يقول ذلك. قرىء على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: الأصبغ بن نباتة ليس بشيء. قال: سألت أبي عن أصبغ بن نباتة فقال: لين الحديث، قلت وعقيصا؟ قال: ما منهم غير أن أصبغ أشبه «2» .
أخبرنا أبو محمد بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين بن زياد الكوفي قال: حدثني يحيى بن زكريا اللؤلؤي قال: حدثنا محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قلت للأصبغ بن نباتة: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم- يعني عليا رضي الله عنه؟ قال:
ما أدري ما يقولون إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أومأ إليه ضربناه.
قال ابن عدي: وأصبغ بن نباتة لم أخرج له هاهنا شيئا، لأن عامة ما يرويه عن علي لا يتابعه أحد عليه، وهو بين الضعف، وله عن علي أخبار وروايات، وإذا(4/1929)
حدث عن الأصبغ ثقة فهو البأس بروايته، وإنما أتي من الانكار من جهة من روى عنه لأن الراوي عنه لعله يكون ضعيفا «1» .
أصبغ صاحب أبي مسهر الدمشقي:
حكى عن أبي مسهر وكان خرج في صحبته من دمشق الى الرقة حين امتحنه المأمون، واجتاز في طريقه معه بحلب (253- و) أو ببعض عملها إن لم يكن دخلها. حكى عنه أبو محمد التميمي.
الاصيلح المعلم الكفرطابي:
كان معلما بكفر طاب وله شعر.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد القرطبي عن مؤيد الدولة أبي المظفر أسامة ابن مرشد بن علي بن منقذ قال: كان الأصيلح معلما في كفر طاب، وكان يوسف بن المنيرة أبو أستاذي حائكا ثم تأدب، وصار معلما فقال فيه الأصيلح:
أي عقل لحائك في الأنام ... لا ولو قيد نحوه بزمام
نصفه نازل مع الجن في البئر ... وباقيه قاعد في قيام
***(4/1930)
من اسمه الاعز
الاعز بن فضائل بن العليق:
أبو نصر، حدث عن شهدة بنت الآبري، ولاحق بن كاوه، وأبي الحسين بن يوسف.
أخبرني بعض أهل الحديث أنه سأله عن دخوله حلب، فأخبره أنه دخلها.
الاعز بن كرم بن محمد بن علي أبو محمد الحربي:
التاجر المعروف بابن الاسكاف ويعرف أيضا بابن كداياه من أهل الحربية «1» سمع الحديث من أبي المعالي عمر بن بنيمان المستعمل وأبي القاسم يحيى بن ثابت ابن بندار البقال، وأبي العز عبد المغيث بن زهير بن زهير الحافظ الحربي وغيرهم.
وأجازت له الكاتبة شهدة بنت الآبري وغيرها وحدث بالكثير، وروى لي عنه صاحبنا أبو حفص عمر بن علي بن هجان البصري حديثا، وذكر لي انه دخل حلب، وسافر في التجارة الى كثير من البلاد شرقا وغربا. قال لي: وكان شيخا صالحا مهيبا، سهلا حسن الوجه مليح الشيبة سخيا كريما، ذا مروءه، وقف الوقوف وسبل السوابل، وكان كثير الصدقة والمعروف، (253- ظ) كان يطوف بالليل على المساكين والارامل بنفسه، فيعطيهم سرا ولا يعلمون من هو. قال لي:
وكان مولده في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
حدثنا عز الدين أبو حفص عمر بن علي بن دهجان البصري بالجانب الغربي من بغداد، وكتبه لي بخطه، قال: أخبرنا الأعز بن كرم- بقراءتي عليه وهو يسمع بالحربية- قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار- قراءة عليه في شعبان سنة ثلاث وستين وخمسمائة- قال: أخبرنا أبي ابو المعالي ثابت- قراءة عليه-(4/1931)
قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بكير البزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن سلم الختلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم الابار قال:
حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثنا ابن مهدي قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقولن احدكم اللهم اغفر لي إن شئت فإنه لا مكره له ولكن ليعزم المسألة «1» .
أخبرني ابن دهجان البصري أن الأعز بن كرم توفي في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من صفر سنة إحدى وأربعين وستمائة، ودفن في يوم الاربعاء بباب حرب رحمه الله.
الاعسر بن مهارش الكلابي:
فارس شاعر أعرابي من بني كلاب، قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، وحكى له حكاية عشقه الصيقل بنت طراد بن خشرم الأسدي، فاستحسن سيف الدولة خبره وزوجه إياها (254- و) وأحسن اليهما.
قرأت الحكاية في مجموع عتيق مكتوب في أيام سيف الدولة، أو قريب من عصره، وشاهدتها في المجموع على الصورة التي أذكرها بخط بعض الاخباريين في جزء وقفت عليه في وقف الامام الناصر أبي العباس أحمد بالخلاطة في الجانب الغربي ببغداد.
قال: وبلغني أن سيف الدولة- رحمه الله، وفد عليه الأعسر بن مهارش الكلابي في ثلاثين رجلا من بني كلاب، بعد ما صالح سيف الدولة بني كلاب، فدخلوا عليه فخطبوا خطبا حسنة، فأجازهم، وأعطاهم، وكانوا أتوا في رسائل، فأقاموا ينتظرون الجواب لرسائهم، وكان الأعسر يحضر مجلس الامير سيف الدولة في كل يوم، فإنه ذات يوم في مجلسه اذ أخذوا في حديث العشق والتتيم، فقال أبو فراس الحارث بن حمدان: أيها الأمير بلغني أن مع الأعسر طرفا من ذلك فاسأله يخبرك، فقال سيف الدولة: حدثنا حياك الله فإنا نحب حديثك، فقال: أيها الامير أما إذ سألتني قبل إعلامي لك فإني سأحدثك: إعلم أيها الأمير أطال الله بقاءك،(4/1932)
إنا كنا نسكن بسنجار، وخيامنا هناك، وكان على فرسخين من حلتنا حلة بني أسد، وكان لي فيها ودّ كان لوالدي وصديق يقال له طراد بن خشرم، وكنت كثيرا أطرقه وأسلم عليه وعلى جماعة أودهم من الحلة، وإني طرقته أيها الأمير في بعض الأوقات فلما قربت من الحلة، وإذا أنا بعطعطة «1» وزعقات، فأجريت فرسي فإذا أنا بأهل (254- ظ) الحلة في حرب عظيم وأمر مهول، فتقدمت الى أول بيت لقيني فقلت:
يا أهل البيت أنعموا صباحا، فخرجت وليدة سوداء فقالت: وأنت نعم لك الصباح، قلت: ما أوقع الحرب بين هذين الفيلقين؟ فقالت: إعلم أن طراد بن خشرم له ابنة يقال لها صيقل من أحسن النسوان، لم ير أحد مثلها، وأن خفاف بن ندبة كان ودا لوالدها وصديقا، وكان يطرقة كثيرا، ويقيم عنده، فرأته ابنته ورآها فتحاببا وتعاشقا، وزاد ذلك حتى فشا في الحي، فلما كان قريبا وجه يتهدده، ويقول له:
والله لئن لم تزوجني لأكبسن الحلة ولأدوسنها ببني قشير، فقال له: ما أنت إلا أهل لذلك، ولكن قد فشا الحديث بين أهل الحي، وأنا أكره القالة القبيحة، فعاوده فسبه وخرج خفاف مغضبا يزأر، ولم نشعر به حتى طرقنا البارحة بسحرة، في بني أبيه من بني قشير وأحلافهم من عجلان وطئ، وقد طحنوا الحلة طحنا، فلما سمعت ذلك تهلزت «2» للحرب، وأردت أري أهل الحلة شجاعتي وفروسيتي وتنكرت، واختلطت ببني أسد، ثم خرجت بين الصفين والقوم زردقا «3» زردقا، فضربت ميمنة وميسرة وقلبا وارتجزت وقلت:
من منكم ينشط للنزول ... الى شجاع بطل بهلول
يفرق الجمع ولا يزول ... يرديكم من فوق ذي الخيول
حتى يغادي جيشكم مفلول (255- و)
فانتدب لي شاب من بني عجلان يقال له حنظلة بن دارم فخرج وجال بين الصفين وقال:(4/1933)
أنا الشجاع البطل البهلول ... لتعلمن غب ما تقول
سوف أعممك على الفلول ... بصارم ليس يرى مفلول
وتدانى إلي وتدانيت إليه، وكف العسكران، وأحجموا ينظرون إلينا، فطال بيننا الضرب الى أن ضربته ضربة على حبل عاتقه حلت كتفه وأرديته عن فرسه وجريته الى أصحابي، وجلت بين الصفين وأنشأت وأنا أقول:
من شيمتي الكر على القبائل ... والخوض في دم الفتى المقاتل
إني أنا الفارس والحلاحل «1» ... قبيلتي تسمو على القبائل
معروفة بالكر في الجحافل
فبرز لي رجل من طيء يعرف بهمدان بن عكرمة فجال بين الصفين وارتجز وهو يقول:
الحرب تارات أبا مقاتل ... لا تحسبني مثل ذاك الفاشل
لتعلمن أينا حلاحل ... وأينا يفلل الجحافل
ويقتل السادات في القبائل
ودنا مني ودنوت منه، وجرى بيننا أمر عظيم، وبدرني بضربة في قمتي كشطت من رأسي قطعة، وضربته ضربة في هامته قطعتها، وحمل أصحابه عليه فأخذوه واشتملت وجعلت أجول بين الصفين، فتغيظ مني أمير الجيش وهو خفاف بن ندبة، فقال: من هذا الذي قد فلّل جموعكم وقتل أبطالكم؟ قالوا: ما نعلم غير أنه (255- ظ) بطل، فقال: دونكم فرسي الغضبان، فأتي بفرسه، فركبه وتدرع وخرج وهو غائص في الحديد وبارزني فتجاولنا ومضت بيننا عركات ورأيته ثبتا جريّ الجنان، قوي القلب لا رعديد ولا فشل، فلما لم يكن لي معه شيء خاتلته وأخذت من طريق الخديعة وقلت: أخذتك ورب الكعبة، وأريته أني أضرب رجليه فاشتغل بها فضربت يده أطرتها، ونفرت به فرسه فأردته، وحمل أصحابي فأخذوه(4/1934)
وهو حي إلّا أن يده قد ذهبت ونصف ساعده، فلما علموا أن رئيسهم قد مضى وقع الصراخ والبكاء وانطفأ الحرب، وكفّ الناس وعملوا المواتيم، وأتيت طرادا فقلت له: ما هذه الحروب؟ فأخذ يحدثني وقال لي: لولا أن الله من علينا برجل لا أعلم من هو، غير أني رأيت دابته حنفاء «1» ، وكانت فرسي حنفاء غير انه لم يكن مثلها في السباق والركض، فقلت له: إن رأيت الفرس «2» حاسرا تعرفه قال: نعم فحدرت لثامي فقال: الله أكبر الأعسر ورب الكعبة مرحبا، وقام فقبل رأسي ورأس بني عمي، وكان صحبني من الحلة خمس من بني عمي كانوا معي في الحرب، وبقي خفاف تلك الليلة الى الصباح ينزف دمه، ولم تأت الظهيرة حتى قضى نحبه، ووقع في الحي البكاء والنحيب وفرغوا من أمره، وأخذ أهبته ودفن، وكثر البكاء والنحيب في بني قشير، وأقمت عند طراد ثلاثا، ثم ودعته في اليوم الرابع وقلت: المضي، قال والله (256- و) لا أقمت عندي إلّا عشرا لأكرمك وأقضى بعض واجب حقك، فسأله بنو عمي الانصراف فأذن لهم بعد شدة، فأقمت أنا عنده يومين بعد ذلك، وكنت لا أصبر عن الشراب، إنما هو قوام حياتي، فقلت لطراد: اني أريد الشراب قال: وكرامة، وأنقذ فأتاني من بعض الحانات بشراب، فسمطت «3» طعاما وشرابا على فرسي وخرجت ومعي عشرة من شباب بني أسد نتنزه ونشرب وأمعنا في السير الى أن وقعنا على موضع خضر نضر فيه شجر قد عرش، وزهر قد انفرش، وماء جار، وموضع طيب فشربنا على الغدير إلى قرب العصر، ثم فني شرابنا فكررنا راجعين فقال لي بنو عمي: ترغب في السباق إلى الحي؟ قلت: نعم، وطمعوا فيّ لأنهم رأوا دابتي حنفاء فأطلقنا أعنة خيولنا ومررنا سباقا الى الحلة، فسبقتهم أنا بأجمعهم بنحو الميل ووقفت على كثيب أحمر على ظهر الحلة على نشز منها أنتظر أصحابي، فأنا واقف إذ سمعت بكاء وشجى وحنينا وعويلا، فالتفت فأنا «4» بجارية جالسة على قبر مبيض جديد، وهي تبكي بكاء شجي حرق وتندبه وهي تقول:(4/1935)
يا واحدا لست بناسيه ... نعى إليّ العيش ناعيه
والله ما كنت أرى أنني ... أقوم في الباكين أبكيه
والله لو لم يتقبل فدية ... لكنت بالمهجة أفديه
بيضت منك القبر يا سيدي ... لأنني لست بناسيه
عاذلتي في جزعي أقصري ... قد غلق الرهن بما فيه
(256- ظ) فبهت أنظر إليها والى حسن وجهها، ورأيت ما لم أر مثله قط فحاذيتها، وأنشأت أقول:
جرى الدمع من عينيك كالسلك إذ ... وهى من العقد أو كالطل «1» في ورق الورد
فخلت البكاء من رقة الخدّ أنه ... يؤثر من حر على صفحة الخد
فلو أنت أقصرت البكاء ودعيته ... لناداك بالحسنى وقام من اللحد
فلما علمت بي ردت البرقع على وجهها، فكأن الشمس كانت تحجبها بالغيم، وقالت اعدل عني يا عبد الله فما أنا لك بصاحبة فلا تكن طامعا، أما تستحي من ربك أن تنظر ما ليس لك بمحرم، ولحقني أصحابي وأنا في النار فقالوا: سبقت والله بالحنفاء أعيذك بالله، فقلت يا قوم دعوني فإني في حالة، قالوا من أيش؟ قلت:
رأيت هذه الجارية فوقعت والله في نفسي، وقد شغلتني عن سائر أهلي، فقالوا:
تدري هذه من؟ قلت: لا، قالوا هذه ابنة الأمير طراد، وهي التي وقع الحرب من جهتها، وهذا قبر خفاف، قلت: هذه صيقل؟ قالوا: نعم، وكان طراد سيدا في قومه يركب وحده ويرجع في خمسمائة عنان، وسرنا حتى دخلنا الحلة، وأنا كالمريض من جهتها، فأقمت عنده عشرة أيام، فلما كان اليوم الحادي عشر قلت:
قد فعلت ما أمرت، وقد أحببت أن تضيف الى أياديك المخلوفة، وأفاعيلك المألوفة أن تشرفني، قال: بماذا؟ قلت: توصل حبلي بحبلك وتزوجني من الصيقل ابنتك، قال: (257- و) حبذا والله أنت، ولكن ليس نجيب أحدا بعد الماضي، وإنما الحرب جرى من جهتها وفي سبيلها، ولكني أخاطبها ويكون بمحضر منك.(4/1936)
ثم أخذ بيدي أيها الأمير وأتى بي مضربها، فأجلسني برّا منه حيث أسمع ما يدور بينهما، ودخل اليها فقال لها: يا بنية، الأعسر ممن تعلمين فضله وكرمه وسؤدده، وقد أتانا خاطبا لك فلا تلجين وأنعمي، فبكت وقالت: والله لئن لم تتركني لأقتلن نفسي فعاودها دفعات وهي تأبى، فخرج وهو يشتمها ويلعنها، وخبرني فجزيته خيرا، وودعته وسرت وأنا قلبي عند الصيقل حتى أتيت أهلي ففرحوا بي وتباشروا، واجتمع أهلي وبنو عمي فقلت لهم:
مضيت من عندكم بقلبي ... وعدت مضنى بغير قلب
وكنت حيا فصرت ميتا ... من حسرة بي تشد كربي
كدت وحق الإله حقا ... والبيت والقاصدين سغب «1»
أقضي من حرقة ووجد ... ولوعة في الفؤاد نحبي
حسبي يا صيقل بهذا لا ... تكثري في الجفا فحسبي
فبهت أهلي وأصحابي، وقالوا: ما الذي دهاك؟ قلت لا تنطق «2» ، وأسرع فأحمل الى طراد جميع ما يطلبه وأطرح عليه جميع من قدرت عليه حتى يزوجني من ابنته، وحدثته الحديث فاغتنم وبكى، وأنفذ الى طراد يرغبه وأكثر له «3» وهي تأبى أن تتزوج بأحد.
فأقمت مدة بأسوإ حال، ثم إني اشتقت اليها ذات يوم (257- ظ) وطرقني خيالها ليلا، فغدوت أريدها فسرت على فرسي حتى أتيت الحلة، فشممت على قدر ميل نتن روائح وجيفة، فلما وصلت الى الحلة اذا بقتلى كثيرة بعضهم فوق بعض، وأهل الحي زردق زردق، ومحفل محفل في المواتيم والبكاء والنحيب، فتقدمت الى بيت لقيني فناديت يا أهل البيت أنعموا صباحا، فخرجت جارية كالمهاة، وقالت(4/1937)
وأنت نعم لك الصباح ما تريع؟ «1» قلت: ما طرق الحي، من بني أسد؟ قالت وهي تعصر عينيها من البكاء: طرقهم أسد أخو خفاف بن ندبة فسبى حريمهم وقتلهم وشردهم، وفعل بهم ما ترى قلت: فما فعل طراد وابنته صيقل؟ قالت أسرهما جميعا أسد وهما عنده، فبكيت لذلك، وأتيت أصدقائي في الحي فعزيتهم وهم يبكون فهمت نفسي أن أصير الى حي بني أسد لما أصابني من الحب والوجد، وأن أتحيل في تخليصها، فقلت لهم: وعلى كم فرسخ نحن من حي بني قشير؟ قالوا:
ثلاثة فراسخ، فودعتهم وكان مغيب الشمس وسرت على العيوق «2» والنسرين أطلب قاع الريح، وكانوا بها نازلين، فلم يمض الثلث من الليل حتى أشرفت على الحي واذا الخيام والقباب والأحمال كالكواكب، ولم أصل الى الحي حتى أطفئت المصابيح وهدأ النبيح، وكانت ليلة مقمرة، فنظرت والحي هاد الأخبية مطنبة الى جوانب الجدرانات، فحملت في واد كثير العوسج والمدر فاختفيت فيه، ثم اني فكرت وحسبت من الأسد، فارتقيت في أعلى شجرة دوم «3» أتنظر راعي غنم، راعي إبل، بعض عجائز (258- و) الحي ممن يخرج يلتقط الحنظل، فاني لكذلك، وإذا بجويرية سمراء قد أقبلت ومعها عباء فبسطتها وأقبل معها شاب فبركا جميعا يتحادثان ويتشاكيان أطيب من قضم السكر، ومن الشهد المصفى، فأقاما على ذلك ساعة من الليل، ثم قال يا بصيرة ارقدي حتى نرقد ساعة، قالت: والله يا محبوب ما الى ذلك من سبيل لأني مع النسوان الذين قد وكلوا بحفظ الصيقل، فأصغيت حينئذ اليها، فقال لها: والله ما بد لي من ذلك، ثم أكرهها، ورقدا جميعا فمكثا هويا من الليل، ثم قاما، وعاد الرجل الى نومه، وقامت الجارية فنزلت فاعترضتها في سنم الوادي، فقلت لها: ممن أنت؟ قالت من هذا الحي، قلت اجلسي أتعرفيني، قالت: لا، قلت: أنا الأعسر وقد رأيتك وما صنعت مع محبوب. فاكتمي عليّ(4/1938)
أكتم عليك، قالت: قل يا انسان فو الله لا تقول شيئا بعد ما رأيتنا الا ويكون عندي كقول الشاعر:
جعلت فؤادي مقرا لسرارة ... فما أن له طول الزمان ظهور
كذا الميت لا يرجو الخروج ولا ... اللقاء ولا النشر إلّا أن يكون نشور
قلت: جزاك الله خيرا، إعلمي أن هذه الصيقل حبتي، وقد أتيت الليلة أريد أخنسها «1» فأريد أن تتوصلي اليها وتقولين لها: ان الأعسر بوادي الاراك ومعه دابته الحنفاء، وموعدك الشجرات فاخرجي، قالت: وكرامة ومضت وأتيت أنا الوادي فعقلت فرسي وأنفقت «2» بالرجل فقال: ممن أنت؟ فأعلمته (258- ظ) أني قد رأيتهما وقلت: حدثني حديثك، قال: أعلم أن هذه ابنة عمي وان أسد- لعنه الله- أغار علينا، ونحن من بني كنانة فأخذ نسوان جماعة استعبدهم منهن ابنة عمي، وكنت أجد بها وجدا عظيما، فلما فقدتها ضاقت علي الأرض بما رحبت، ولم أزل أتوصل حتى خدمت أخاه خفافا في غنمه، فكنا نجتمع في كل ليلة، فلما قتل خفاف صرت معه وقد رضيت منها بهذا، ولا أقدر أخنسها لئلا يتبعنا ويأخذ وله عيون ومراصد، فقد قنعت بهذا، وبكى فرحمته، وأنا أحدثه اذ زعق أفزعني فنظرت فاذا أفعى عظيم أسود سالخ قد لدغه، فاضطرب ساعة وخمد فأصابني والله أمر عظيم، ووقفت بصف الطريق أتنظر النصيرة، واذا بها قد أقبلت فقالت: سوف أخرج، وهي والله فرحانة بذلك، فعرفتها أمر حبيبها المسكين، فبكت بكاء عظيما، وغشي عليها دفعات وأفاقت فتركتني ومضت الى الحي، ثم ركبت فرسي وقد مضت الكواكب، وبدت كواكب السحر تتحدر، واذا بصوت الحديد وخشخشته، واذا بها قد أقبلت في نسوان جماعة فلما وقفت بي، علمت موضعي فقالت: بالله يا أخوات قفن غير صاغرات حتى أقضي حاجة، قلن والله لئن جاء وعلم باخراجك ليقتلنا، قالت لهن: وأين خرج؟ قلن خرج الى ابن عم له عليه مال يريد قبضه ولعله يغيب يومه أو يوما وليلة، فقالت لهن: فلست أتأخر، قلن: فامضي فدخلت إليّ فقالت:(4/1939)
فك قيدي، فتمطيت في قيودها فقطعتها وأركبتها الحنفاء (259- و) وأنا أسير خلفها عريان إلّا سراويل عليّ شاهرا سيفي وأبطت عن النسوان فنذروا بنا فتزاعقوا وتصارخوا، وقام أهل الحي فركبوا خيولهم، فبين مسرج وملجم ومزعج ومرهج فامتد خلفنا ثلاثمائة عنان بين أيديهم العبيد بالحجارة يرمونا، وأنا أعدو فكلما علمت أنهم قد قاربوني أتقدم اليهم فأقتل واحدا واثنين وأعطي رجلي الريح، فقطعتهم على ذلك فرسخين، ثم صحت بها خذي عرضا فانك على غلط، فأخذت عرضا وسرنا وهم خلفنا فصرنا قريبا من الحلة، واذا صوت حوافر، فلم نشعر إلّا وقد طلع أسد في مائتي رجل من قومه شاكين في السلاح، عليهم السكينة والوقار، فلما سمعوا الزعقات أمسكوا أعنتهم وحبسوها، وأحجموا ساعة حتى عرفوا أصحابهم، وفطنت أنا بذلك فصحت بها الحقي بأهلك فأنت قريبة منهم، فأطلقت للفرس عنانه فمر كالريح الهبوب، أو كالماء السكوب حتى دخلت الحلة، واجتمع عليّ الفيلقان وداروا بي كالإكليل، ولما دخلت الصيقل الحي أنذرت أهلها فركبوا على كل صعب وذلول، واستنجدوا ببني تميم أحلافهم، وساروا نحوي فلحقوا بي، فقاتلوا عني حتى خلصوني وفيّ ضربة مثخنة في كتفي، وأنا أقاتل فساعدني القوم فقتلنا منهم مقتلة عظيمة، وأسرنا أسدا وانهزم الباقون، وأخذته أقوده الى الحي، فلما أدخل وقعت البشارة وفرحوا فرحا تاما، فأقام (259- ظ) محبوسا ثلاثة أيام ونفذ بنو قشير يسألوني أن أخلص أسد فقلت: لا أفعل أو يدفعون الى طرادا ومائة ناقة حمرا بحلالها قالوا: لا ولكن ندفع اليك طرادا، قلت: لا إلّا ومائة ناقة، فلما رأوا مني التصعب أنفذوا الي طرادا ومائة ناقة فسرحت أسدا، ووقع الفرح في الحي وتشكر لي سائر أهل الحي وأقمت عشرة أيام وأنفذت الى طراد أسأله التزويج فكلمها، فأبت فعاودها دفعات فأبت فكتبت إليها بشعر هذا وأومأ الى أبي الطيب المتنبي «1» .
أرى ذلك القرب صار إزورارا ... وصار طويل السلام اختصارا
تركتني اليوم في حيرة أموت ... مرارا وأحيى مرارا
أسارقك اللحظ في خفية ... وازجر في الخيل مهري سرارا(4/1940)
فلما قرأت ذلك ووقفت عليه لم تجبني عليه، وأبت وقد رحلت بها وبأبيها اليك أيها الامير- أطال الله بقاءك، وأدام نعماءك، وكثر في العلو ارتقاءك- وأنا وأبوها نسألك أن تنفذ اليها فتسألها أن تجيب أو تحتم عليها، فاستحسن حديثه سيف الدولة ورحمه وكل من حضر، وأنفذ الى الصيقل فأمرها بالطاعة والتزويج فقبلت، فزفت في دار سيف الدولة الى الأعسر، وأقاما في كنك سيف الدولة في رفاهية من العيش حتى أتاهما اليقين.
أعين بن ضبيعة المجاشعي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله أميرا (260- و) على بني عمرو وحنظلة البصرة، وقيل على رجالة البصرة.
أنبأنا أبو الفتوح بن الحصري قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر ابن عبد البر قال: وكان معاوية بعث الحضرمي- يعني عبد الله بن الحضرمي- ليأخذ البصره، وبها زياد خليفة لابن عباس، فنزل عبد الله بن الحضرمي في بني تميم، وتحول زياد الى الأزد، وكتب إلى عليّ، فوجه اليه أعين بن المجاشعي فقتل «1» .
قلت: وأظن قتل أعين كان سنة تسع وثلاثين.
الاغر بن أحمد بن عبد المنعم بن سنان:
أبو الفضل القاضي الحلبي، شاعر حسن الشعر، كان بعد الاربعمائة.
وكان أحد قواد ناصر الدولة الحسين بن الحسن بن حمدان «2» ، وكان معه بمصر، ويغلب على ظني أنه من بني القاضي الأسود «3» عبد المنعم بن عبد الكريم ابن أحمد بن سنان الخفاجي.(4/1941)
أنشدني أبو السعادات المبارك بن حمدان الموصلي قال: قرأت في مجموع عتيق هذه الأبيات للأغر بن سنان الحلبي وهي:
سهرت وأجفاني صحاح ولم أنم ... ونامت ولم تسهر وأجفانها مرضى
ومن أجل ذاك السقم في جفن عينها ... سهرت فلم أعرف رقادا ولا غمضا
فياليت هذا العرف لم يك بيننا ... فأصبح لا حبا عرفت ولا بغضا
قرأت بخط أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين المعري قاضي حمص في أشعار والده أبي غانم عبد الرزاق بن عبد الله أبي حصين في القاضي الأغر أبي الفضل بن سنان الحلبي قال: وكان جرى منه كلام في حقه عند ناصر الدولة- يعني- ابن حمدان أوجب ذلك وكان ينسب الى الأبنة، وأخبرنا بذلك أبو اليمن الكندي وغيره اجازة عن أبي البيان القاضي عنه:
اذا كان سر في فؤادي كتمته ... وإن أبده يوما فاني كان
قلبتم لنا ظهر المجن ولم نكن ... لنبدأ كم بالغدر آل سنان
فثالثة العشرين من سورة النساء ... فراش لما في النحل بعد ثمان
يريد بثالثة العشرين ما ذكر في الآية أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم «1» وسائر من ذكر في الآية ويريد بقوله ما في النحل بعد ثمان ما ذكر في الآية (260- ظ) والخيل والبغال والحمير «2» .
***(4/1942)
الاغيبر مولى هشام بن عبد الملك بن مروان:
كان معه برصافة هشام وحكى عن ابن شهاب الزهري، روى عنه رشدين.
أنبأنا زين الامناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبوا محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الله بن السمرقندي قالا:
حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا العلاء بن أبي المغيرة قال: أخبرنا علي بن بقاء الوراق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد قال: حدثني الحسين بن عبد الله أبو القاسم قال: حدثنا محمد بن محمد الباهلي قال: حدثنا محمد بن الوزير قال: حدثنا مروان قال حدثني رشدين بن سعد قال: حدثني أغيبر مولى هشام ابن عبد الملك قال: سمعت ابن شهاب الزهري يقول: ثلاثة ليس من أمه محمد صلى الله عليه وسلم الجعدي والمناني والقدري «1» ، قال بعض أصحابنا: هم أصحاب ماني الزنديق: كذا قيده عبد العزيز «2» .
قلت: قوله: هم أصحاب ماني، يعني المنانية.
***(4/1943)
ذكر من أسمه أفلح
أفلح أبو كثير:
وقيل أبو عبد الرحمن مولى أبي أيوب الانصاري، وكان يكنى بولديه: كثير وعبد الرحمن، كان مع مولاه بصفين وفي غزاة الروم وكان لا يفارقه، وأدرك زمان عمر بن الخطاب وقيل سمع منه ورأى عثمان بن عفان، وعبد الله بن سلام وروى عن مولاه أبي (261- و) أيوب وحكى عن معاذ بن عفراء، روى عنه محمد بن سيرين، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث، وأبو الورد بن أبي بردة، وأبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، ووافد بن عمرو ابن سعد بن معاذ.
قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال:
أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا ثابت يعني- ابن زيد قال: حدثنا عاصم عن عبد الله بن الحارث عن أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل، وأبو أيوب في العلو، فكان يصنع طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث اليه، فاذا رد اليه سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيتبع أثر أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيأكل من حيث أثر أصابعه، فصنع ذات يوم طعاما فيه ثوم، فأرسل به اليه فسأل عن موضع أثر أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لم يأكل، فصعد اليه فقال: أحرام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكرهه، قال: فاني أكره ما تكره، أو قال: ما كرهته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى «1» .(4/1944)
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، وأبو القاسم بن السمرقندي- إذنا منهما (261- ظ) قال أبو محمد:
حدثنا أبو بكر الخطيب، وقال أبو القاسم: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري قالا:
أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال:
حدثنا عمار بن الحسن عن سلمة بن الفضل عن ابن اسحاق قال: ثم سار خالد حتى نزل على عين التمر «1» ، وأغار على أهلها فأصاب منهم، ورابط حصنا بها فيه مقاتلة كان كسرى وضعهم فيه، وسبى من عين التمر فكان من تلك السبايا أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ثم أحد بني مالك بن النجار «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو بكر بن بيري- إجازة- قال: حدثنا أبو عبد الله الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله قال: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، يكنى أبا كثير، وهو من سبي عين التمر، وابنة كثير ابن أفلح وأخوه عبد الله بن أفلح، وأخوه محمد بن أفلح، روي عنهم.
قال أبو حفص: أخبرنا محمد بن ناصر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي- واللفظ له- قالوا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال أخبرنا محمد بن سهل، قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: أفلح أبو كثير مولى أبي أيوب الأنصاري يعد في أهل المدينة.
رأى عثمان وعبد الله بن سلام وأبا أيوب. سمع منه محمد بن سيرين وأبو بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن الحارث أبو الوليد. (262- و) وقال موسى عن جرير سمعت محمدا: أخبرني أفلح مولى أبي أيوب، قال لي معاذ بن عفراء في زمن عمر: بع هذه الحلة، كناه يزيد بن هارون «3» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا(4/1945)
ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل الغلابي قال: حدثنا أبي قال: قال أبو زكريا: أفلح مولى أبي أيوب كان يكنى أبا كثير.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيي يقول في تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال:
أخبرنا ابو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الاولى من تابعي أهل المدينة:
أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ويكنى أبا كثير، قال محمد بن عمر: وكان أفلح من سبي عين التمر الذي سبا خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وبعث بهم الى المدينة، وقد سمعت من يذكر أن أفلح كان يكنى أبا عبد الرحمن، وسمع من عمر، وله دار بالمدينة وقتل يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث (262- ظ) وستين في خلافة يزيد بن معاوية، وكان ثقة قليل الحديث «1» .
أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الكرخي وأحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا عمر بن أحمد الأهوازي قال:
حدثنا خليفة بن خياط قال في الطبقة الثانية من أهل المدينة: أفلح مولى أبي أيوب خالد بن زيد بن كليب، يكنى أبا عبد الرحمن، قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين «2» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، فيما أذن لنا في روايته، قال:(4/1946)
أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الاولى من تابعي أهل المدينة: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ويكنى أبا عبد الرحمن، وهو من سبي عين التمر، الذين سبى خالد بن الوليد، وله دار بالمدينة وقتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين «1» .
أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أفلح مولى أبي أيوب مدني تابعي ثقة من كبار التابعين.
أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أحمد ابن علي قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران (263- و) قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر قال: حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي اسحاق الفزاري عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال حلف مسلمة «2» ابن مخلد لا يركب معه في البحر أعجمي، فقال له رجل ما أراك إلّا قد حرمت خير الجند، قال: من هو؟ قال: أبو أيوب، قال: لا أركب مركبا ليس معي فيه أفلح، قال: ما كنت أرى يميني بلغت أفلح وذوي أفلح فلقي أبا أيوب فقال: اني كنت حلفت ألا يركب معي في البحر أعجمي، فهذه مراكب الجند فاختر أيها شئت، فاحمل فيه أفلح، واركب أنت معي، فقال: لا حسد عليك ولا على سفينتك، ما كنت لأركب مركبا ليس معي فيه أفلح، فلما رأى ذلك أعتق رقبة، وقال لأفلح:
اركب معنا.
كتب إلينا أحمد بن أزهر من بغداد أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي أنبأهم(4/1947)
عن أبي محمد الجوهري: قال أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسن بن الفهم الفقيه قال: أخبرنا محمد بن سعد، قال:
أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن أبا أيوب كاتب أفلح على أربعين ألفا، فجعل الناس يهنؤونه ويقولون: ليهنك العتق أبا كثير، فلما رجع أبو أيوب الى أهله ندم على مكاتبته، فأرسل إليه فقال: إني أحب أن ترد الكتاب إليّ، وأن ترجع كما كنت، فقال له ولده وأهله: لم ترجع رقيقا وقد أعتقك الله؟ فقال أفلح: والله لا يسألني شيئا إلّا أعطيته (263- ظ) إياه فجاءه بمكاتبته فكسرها، ثم مكثت ما شاء الله، ثم أرسل إليه أبو أيوب فقال: أنت حر وما كان لك من مال فهو لك «1» .
أخبرنا أبو حفص الدارقزي فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي عن أحمد بن عبيد بن بيري قال: حدثنا محمد ابن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبيد الله بن عمر قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد أن أبا أيوب أعتق أفلح وقال: مالك لك.
قال: وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع قال: حدثنا عبد العزيز بن فربر أن محمد بن سيرين حدثه قال: كان لأفلح مولى أبي أيوب برذون فباعه، فقال له أبو أيوب: يا أفلح ما جعل فلانا أحق بحمالة منك؟
أخبرنا أبو نصر القاضي إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أفلح، أبو كثير، ويقال أبو عبد الرحمن مولى أبي أيوب الأنصاري، أدرك زمان عمر، ورأى عثمان وعبد الله بن سلام، وحدث عن مولاه أبي أيوب، روى عنه محمد بن سيرين وأبو بكر بن محمد عمرو بن حزم، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث، نسيب ابن سيرين، ووافد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وأبو الورد بن أبي بردة، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، وكان مع مولاه أبي أيوب في مغازيه «2» .(4/1948)
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد بن هبة الله بن الحسن، وعلي بن أحمد بن محمد بن حميد قالا: (264- و) أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء قال: أخبرنا علي بن المديني قال: ومات أفلح مولى أبي أيوب سنة ثلاث وستين قبل يوم الحرة.
قلت وقد ذكرنا فيما نقلناه أنه قتل يوم الحرة وهو أصح.
أخبرنا ابن طبرزد- إذنا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي واللفظ له قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني- زاد ابن خيرون:
وأبو الحسين الأصبهاني- قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: قال لي ابراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن معمر قال: ابن سيرين: قتل كثير بن أفلح وأبوه، وكانا موليين لأبي أيوب الأنصاري يوم الحرة، فلقيته في المنام فقلت: أشهداء أنتم؟ قال: لا «1» .
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد ابن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا سعيد بن عامر قال: حدثنا هشام بن حسان قال:
قال محمد بن سيرين: بينا أنا ذات ليلة نائم إذ رأيت أفلح- أو كثير بن أفلح، شك أبو محمد، يعني سعيدا- وكان قتل يوم الحرة، فعرفت أنه ميت، وإني نائم وإنما هي رؤيا رأيتها، فقلت: ألست قد قتلت؟ قال: بلى، قلت: فما صنعت؟
قال: خيرا، قلت: أشهداء (264- ظ) أنتم؟ قال: لا، إن المسلمين إذا اقتتلوا(4/1949)
فقتل بينهم قتلى فليسوا بشهداء، قال سعيد: قال هشام: كلمة خفيت علي، فقلت لبعض جلسائه: ماذا قال؟ قال: ولكنا بدنا «1» .
أفلح العتقي الاندلسي:
مولى العتقيين، قدم حلب في سنة سبع وعشرين، أو ثمان وعشرين وثلاثمائة، وسمع بها من أبي بكر محمد بن شهمرد الفارسي وسليمان بن محمد بن إدريس ابن رويط الحلبي، وسمع بقنسرين من أبي البهاء محمد بن عبد الصمد القرشي، وببالس من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بكر المعروف بابن حمدون.
ذكره القاضي أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الفرضي الأندلسي في كتاب «تاريخ الأندلسيين» فقال: أفلح مولى محمد بن هارون العتقي، رأيت له كتبا «2» من أسمعه بالمشرق سنة سبع وعشرين، وثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد:
من المحاملي ومن أبي الحسن علي بن الحسن بن العبد، وبالرقة: من أبي علي محمد ابن سعيد بن عبد الرحمن الحراني، وبحلب: من أبي بكر بن شهمرد الفارسي وابن رويط العدل، وبدمشق من أبي الطيب أحمد بن ابراهيم بن عبد الوهاب- يعرف بابن عبادل- وأبي يحيى زكريا بن يحيى بن موسى القاضي البلخي، وأبي علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك، وبالرملة: من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بكر المعروف بابن حمدون، ولم أقف لأفلح هذا على خبر إلا ما حكتيه عن كتبه (265- و) .
افولاختن طربانوش الملك
مر معه بأنطاكية حتى انتهى الى بيت المقدس وهو خراب، فأمره المالك(4/1950)
طريانوش «1» بعمارة البلدة، وولاه إياها وأمره أن يسميها إيلياء، ومكنه من الاموال وكان أفولا حكيما عالما بالنجوم، فلما رأى أفولا الآيات والعجائب التي كان تلاميذ الحواريين يعملونها رغب في النصرانيه واعتمد وتنصر، ولم يكن مع ذلك يترك عمل النجوم والسحر الذي كان قديما يعمل به، فلما رأى ذلك تلاميذ الحواريين نهوه عنه نهيا شديدا، فلم ينته فحرموه وأقصوه فحمله الغضب والأنفه والحمية الى أن بعث المصاحف التي انتسخها بطليموس فانتسخ جميعها، ثم نزع الى اليهودية فتهود ونسخ مصاحف بالعبرانية والسريانية من الكلام الرومي من تلقاء نفسه، والحجج الباطنة ما قدر أن يبطل به أمر المسيح ومجيئه وظهوره، فتلك الكتب التي كتبها في أيدي اليهود الى يومهم هذا، وتفسير الاثنين وسبعين مصحفا التي فسرت لبطليموس في أيدي اليونانيين الى هذه الغاية.
ذكر هذا سعيد بن بطريق في تاريخه، ونقلته من خط يحيى بن علي بن عبد اللطيف المؤرخ المعري «2» .
***(4/1951)
ذكر من اسمه اقبال
اقبال بن منصور بن أبي الخير بن بالغ:
أبو العز التاجر، كتب عنه بمنبج (265- ظ) عمر بن محمد العليمي المعروف بابن حوائج كش.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن الدمشقي النسابة بدمشق قال:
أخبرنا أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي- إجازة، ونقلته أنا من خط العليمي- قال: أنشدني أبو العز إقبال بن منصور بن أبي الخير بن بالغ بمنبج لمحمد بن نصر ابن بسام.
يا ثقيلا على القلوب إذا ... عن لها أيقنت بطول البعاد
يا قذى في العيون يا غلة ... بين التراقي حرارة في الفؤاد
يا طلوع العذول ما بين ألف ... يا غريما أتى على ميعاد
يا ركودا في غيم وصيف ... يا رجوة التجار يوم الكساد
خل عنا فإنما أنت فينا ... واو عمرو وكالحديث المعاد
وامض في غير صحبة الله ... ما عشت ملقى من كل فج وواد
يتخطى بك المهامة والبيد ... دليل أعمى كثير الرقاد
خلفك الثائر المصمم بالسيف ... ورجلاك فوق شوك القتاد
اقبال بن عبد الله الحبشي:
الخادم الملقب جمال الدولة عتيق ضيفه خاتون بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب، كان أحد خدمها المختصين بها، فسخط عليه الملك الظاهر غازي بن يوسف ابن أيوب وقيده وحبسه في قلعة عزاز، فأخرجه الاتابك طغرل بن عبد الله الظاهري في(4/1952)
ولايته (266- و) بعد موت الملك الظاهر، ولم يمكنه من الصعود الى قلعة حلب، فمضى الى دمشق، واستقل الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر بمملكة حلب، فأعادته سيدته والدة الملك العزيز ضيفه خاتون الى خدمتها بقلعة حلب، ولما مات ولدها الملك العزيز وصار تدبير مملكة ولده الملك الناصر الى جدته المذكورة، قدمت إقبال المذكورة، وتمكن في الدولة، وحكم على الأمراء والرعية، وتولى أمور المملكة، وحكم في حلب حكم الملوك، وكان عنده اقدام وجرأة وظلم وسماحة، وحمق وجهل، فدام أمره كذلك الى أن توفيت مولاته، فازداد تمكنه واستقل بالتصرف في الملك، وأهان أكابر الأمراء، وانقادوا له الى أن قدم التتار الى ظاهر حلب في سنة احدى وأربعين وستمائة، فمرض لشدة خوفه في صفر من السنة المذكورة وتوفي في الشهر المذكور «1» ودفن في التربة التي أنشأها لنفسه ظاهر مدينة حلب ووقفها مدرسة على أصحاب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه.
ومما بلغ من جنونه وجهلة أنه قال يوما من الأيام، وقد أطغاه ما هو فيه: أنا خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في خدمته فراش أعرفه، فقال له:
تكذب يا عبد السوء، ومن أنت؟ فأمر به فضرب ضربا مبرحا وهو يشتمه الى أن تركه، نعوذ بالله من الخذلان. وذكر لي يوما أن أباه كان ملك الحبشة، والله أعلم بحاله (266- ظ) .
اقبال بن عبد الله الخادم:
كان خادما لسالم بن مالك العقيلي، حسن الصورة، له في الفروسية اليد الطولى، ويكتب الخط البديع على طريقة علي بن هلال المعروف بابن البواب، وكان دكيا فطنا كان مع مولاه سالم بحلب، فأهداه الى نظام الملك حين توسط له مع ملك شاه بقلعة جعبر، وقد ذكرنا قصته في ترجمة سالم بن مالك في حرف السين من هذا الكتاب «2» .(4/1953)
الاقرع بن فارع الطائي
قيل إنه شهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وله ذكر في الفتوح.
ذكر من اسمه آق سنقر
آق سنقر بن عبد الله:
المعروف بقسيم الدولة، مملوك السلطان أبي الفتح ملك شاه، وقيل أنه لصيق له، وقيل اسم أبيه إل ترغان، من قبيلة ساب يو، نقلت ذلك من خط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي «1» ، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي وغيره عنه.
وتزوج آق سنقر داية السلطان ادريس بن طغان شاه، وحظي عند السلطان ملك شاه، وقدم معه حلب في سنة تسع وسبعين وأربعمائة حين قصد تاج الدولة تتش أخاه، فانهزم عن حلب، وكان قصدها وملكها السلطان ملك شاه في شهر رمضان من سنة تسع وسبعين، وخرج عنها الى أنطاكية وملكها، وخيم على ساحل البحر أياما، وعاد الى حلب، وعيد بها عيد الفطر، ورحل عنها، وقرر ولاية حلب لقسيم الدولة آق سنقر في أول سنة ثمانين وأربعمائة، فأحسن فيها السياسة والسيرة، وأقام الهيبة، وجمع الذعار، وأفنى قطاع الطرق، ومخيفي السبل، وتتبع اللصوص والحرامية في كل موضع، فاستأصل شأفتهم، وكتب إلي الأطراف ان يفعلوا مثل فعله لتأمن الطرق وتسلك السبل، فشكر بذلك الفعل وأمنت الطرق والمسالك (267- و) وسار الناس في كل وجه بعد امتناعهم لخوفهم من القطاع والأشرار، وعمرت حلب في أيامه بسبب ذلك بورود التجار إليها والجلا بين من جميع الجهات، ورغب الناس في المقام بها للعدل الذي اظهره فيهم رحمه الله.(4/1954)
وفي أيامه جدد عمارة منارة حلب بالجامع في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة واسمه منقوش عليها الى اليوم؛ وهو الذي أمر ببناء مشهد قرنبيا ووقف عليه الوقف وأمر بتجديد مشهد الدكة «1» .
أخبرني عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري قال: كان قسيم الدولة آق سنقر أحسن الأمراء سياسة لرعيته، وحفظا لهم، وكانت بلاده بين عدل عام، ورخص شامل، وأمن واسع، وكان قد شرط على أهل كل قرية في بلاده متى أخذ عند أحدهم قفل، أو أحد من الناس، غرم أهلها جميع ما يؤخذ من الأموال من قليل أو كثير، فكانت السيارة إذا بلغوا قرية من بلاده ألقوا رحالهم وناموا، وقام أهل القرية يحرسونهم الى أن يرحلوا، فأمنت الطرق، وتحدث الركبان بحسن سيرته «2» .
سمعت والدي القاضي أبا الحسن- رحمه الله- يقول لي فيما يأثره عن أسلافه: إن قسيم الدولة آق سنقر كان قد نادى في بلد حلب بأن لا يرفع أحد متاعه ولا يحفظه في طريق، لما حصل من الأمن في بلده.
قال: فخرج يوما يتصيد، فمر على قرية من قرى حلب، فوجد بعض الفلاحين (267- ظ) قد فرغ من عمل الفدان وطرح عن البقر النير ورفعه على دابة ليحمله الى القرية، فقال له: ألم تسمع مناداة قسيم الدولة بأن لا يرفع أحد متاعا ولا شيئا من موضعه؟! فقال له: حفظ الله قسيم الدولة قد أمنا في أيامه، وما نرفع هذه الآلة خوفا عليها أن تسرق، لكن هنا دابة يقال لها ابن آوى تأتي الى هذا النير فتأكل الجلد الذي عليه، فنحن نحفظه منها، ونرفعه لذلك.
قال: فعاد قسيم الدولة من الصيد، وأمر الصيادين فتتبعوا بنات آوى في بلد حلب فصادوها حتى أفنوها من بلد حلب.
قلت: وهي الى الآن لا يوجد في بلد حلب منها شيء إلا في النادر دون غيرها من البلاد.(4/1955)
قرأت في كتاب «عنوان السير» «1» تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال:
وأقطع السلطان حلب وقلعتها مملوكه آق سنقر، ولقبه قسيم الدولة، وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فأحسن السيرة، وظهر منه عدل لم يعرف بمثله، واستغلها في كل يوم ألف وخمسمائة دينار، ولم يزل بها حتى قتله تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
قلت وكان تاج الدولة تتش قتله صبرا بين يديه بسبعين «2» ، قرية من قرى حلب من نقرة بني أسد على نهر الذهب، وقيل بكارس الى جنبها وذلك أن تتش كان قد حصل في نفسه شيء من قسيم الدولة، وكان (268- و) قسيم الدولة يستصغر أمر تتش، حتى أنني قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه؛ سنة أربع وثمانين وأربعمائة وفيها:
نزل تاج الدولة الى السلطان، يعني نزل تتش الى ملك شاه، فلما رآه ترجل له، وكان في الصيد، خيفة أن يتخيل منه، وحضر هو وقسيم الدولة في حضرته، فقال تاج الدولة تتش: كان من الأمر كذا وكذا، فقال له قسيم الدولة: تكذب؛ فقال له السلطان: تقول لأخي كذا! قال: نعم، يطلع الله في عينيه ما يريده لك، ويطلع في عيني ما أريده لك.
قلت: وعاد تتش من خدمة أخيه الى دمشق، فلما توفي السلطان ملكشاه برز تاج الدولة تتش في شهر ربيع الأول من سنة سبع وثمانين، وخرج معه خلق من العرب، ولقيه عسكر أنطاكية بالقرب من حماه مع يغي سغان «3» ، وسار تاج الدولة، وقطع العاصي في شهر ربيع الآخر من السنة، ورعى عسكره الزراعات، ونهب المواشي وغيرها، واتصل الخبر بآقسنقر وهو بحلب، وكاتبه السلطان بركيارق وخطب له بحلب، فجمع وحشد، واستنجد بمن جاوره، فوصل إليه كربوقا صاحب(4/1956)
الموصل، وبزان صاحب الرّها، ويوسف بن آبق صاحب الرحبة في ألفي فارس وخمسمائة فارس، منجدين قسيم الدولة على تتش، وحصل الجميع بحلب، ووصل تاج الدولة تتش الى الحانوته، ورحل منها الى الناعورة، واغارت خيله على المواشي بالنقرة، وأحرقوا بعض زرعها، ورحل من الناعورة قاصدا نحر الوادي (268- ظ) وادي بزاعا، فتهيأ آق سنقر للقائه، والخروج إليه، واستدعى منجما ليأخذ له الطالع فحضر عنده واختار له وقتا، وقال: تخرج الساعة، فركب ومعه النجدة التي وصلته، وجماعة كثيرة من بني كلاب مع شبل بن جامع ومبارك بن شبل، وكان اطلقهما من الاعتقال، ومحمد بن زائدة، وجماعة من احداث حلب، والديلم والخراسانية، في أحسن زي، وأكمل عدة، وقيل إنه قدر عسكره بعشرين ألف فارس، وقيل كان يزيد عن سنة آلاف، وقصد تاج الدولة يوم السبت التاسع من جمادى الاولى من السنة، وقطع آق سنقر سواقي نهر سبعين قاصدا عسكر تتش «1» ، فاقاموا على حالهم، وكان أول من برز للحرب آق سنقر، فالتقى الفريقان.
ولم يثق آق سنقر بمن كان معه من العرب، فنقلهم من الميمنة الى الميسرة في وقت المصاف، ثم نقلهم الى القلب، فلم يغنوا شيئا، وحمل عسكر تتش على عسكر آق سنقر، فلم يثبت، وانهزمت العرب وعسكر كربوفا وبزان، وكربوقا وبزان معهم الى حلب، ووقع فيهم القتل، وثبت قسيم الدولة، فأسر وأكثر أصحابه، وحمل الى تاج الدولة تتش، فلما مثل بين يديه أمر بضرب عنقه وأعناق بعض خواصه ودخل تتش الى حلب وملكها على ما نذكره في ترجمته إن شاء الله «2» .
وبلغني أن تاج الدولة تتش قال لقسيم الدولة آق سنقر لما حضر بين يديه: لو ظفرت بي ما كنت صنعت؟ (269- و) قال: كنت أقتلك، فقال له تتش: فأنا أحكم عليك بما كنت تحكم علي، فقتله صبرا.(4/1957)
وقرأت بخط بعض الحلبيين أن السلطان ملك شاه بن العادل وصل؛ يعني الى حلب، في شعبان سنة تسع وسبعين، فتسلم البلد والقلعة وسلمها الى قسيم الدولة آق سنقر، فأقام بحلب ثمان سنين فقتل بكارس من أرض النقرة، نقرة بني أسد، في صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة، قتله تاج الدولة بن العادل.
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين الشيباني في تاريخه:
في جمادى الاولى، يعني سنة سبع وثمانين، كان المصاف بين تاج الدولة تتش وبين الأميرين آق سنقر وبوزان ومن أمدهما به بركيا روق قريبا من حلب، فلما التقى الصفان استأمن ابن آبق الى تتش وانهزم الباقون، وأسر آق سنقر، فجيء به الى تتش، فقال له تتش: لو ظفرت بي ما كنت صانعا في؟ قال: أقتلك، قال: فاني أحكم عليك بحكمك في، وقتله.
قال: وكان آق سنقر من أحسن الناس سياسة، وآمنهم رعية وسابلة.
وقرأت بخط أبي منصور هبة الله بن سعد الله بن الجبراني الحلبي: الصحيح أن قسيم الدولة قتل يوم السبت عاشر جمادى الآخرة سنة سبع وثمان وأربعمائة.
ونقلت من خط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه سنة سبع وثمانين وأربعمائة؛ فيها: كانت وقعة قسيم الدولة (آق) سنقر وتاج الدولة يوم السبت تاسع جمادى الأولى (269- ظ) وذلك ان تاج الدولة لما أراد العبور مختفيا ليمضي الى خراسان، فبلغ خبره قسيم الدولة، فخرج اليه، فقال لأصحابه الحقوني بحبال لكتاف الاسرى استصغارا لهم، فقال له سكمان بن أرتق: حركش هم- أي أرانب هم-؟ ولم يتمهل الى حين تصله خيله، فمضى واستعجل، فكسره تاج الدولة بأرض نبل، وأسره ورحل من موضع الكسرة الى حلب فملكها، واستولى على المواضع التي كانت لقسيم الدولة وجلس في قلعة حلب وشرب فيها، وأحضر قسيم الدولة، كما حدثنا رومي بن وهب، قال: حضرته وقد أحضر قسيم الدولة، فدخل وفي رقبته بند قبائه يسحب، فلا والله ان انكرت من عزّة نفسه شيئا مما كنت أعرفه، فما زال يمشي حتى وقعت عينه على تاج الدولة، فجلس وأدار ظهره إليه، فسحبوه وكلموه. فما رد جوابا ولا تحرك، فقام اليه تاج الدولة فكلمه، فلم(4/1958)
يرد له جوابا مرتين أو ثلاثة، فضرب رقبته بيده، وقطع رأسه فطيف به البلاد وحملت جثته فدفنت عند مشهد قرنبيا.
وبقي ليلتين، وسار تاج الدولة الى خراسان، وبقي قسيم الدولة في قبره، وقد طوف برأسه اقليم الارض من الشام، من سنة خمس وثمانين الى سنة ست وعشرين، الى حين ولىّ السلطان، والخليفة المسترشد بالله، ولده زنكي بن آق سنقر وهو عماد الدين، ملك الامراء. بهلوان جيهان، عمر له مدرسة تولى أمرها الشيخ الأجل الفقيه الإمام أبو طالب بن العجمي ووقف عليها ضيعتين (270- و) يساوي معلهما ألف دينار كل سنة، وعمر بها عمارة معجزة، ونقل رمته اليها رأيتها في سنة سبع وعشرين ولم تكن كملت، وهي تزيد عن الوصف، وجعل قبره قبالة البيت المسجد من الشمال، وأجرى اليها قناة ماء. وغرس وسطها، وجعل القبر مثل قبر أبي حنيفة رضي الله عنه.
هكذا نقلت من خط ابن منقذ وفيه أوهام من جملتها انه قال: «فكسره تاج الدولة بأرض نبل» وليس كذلك، بل بأرض سبعين أو كارس من نقرة بني أسد، ونبل ليست من هذه الكورة وبينهما مسافة يوم. ومن جملة أوهامه أنه قال: «جلس في قلعة حلب، وضرب رقبة آق سنقر فيها» وليس الامر كذلك، بل ضرب رقبته عقيب الكسرة بسبعين، أو كارس، ورومي بن وهب حكى له صورة قتله، لا انه كان بحلب والذي قتله تاج الدولة صبرا بحلب هو بزان صاحب الرها، وكان انهزم في هذه الوقعة الى حلب. فلما دخلها تاج الدولة أحضره وقتله، وقيل بل أسره، وحمله الى حلب فقتله على ما نذكره في ترجمته ان شاء الله تعالى؛ وقال: «بقي قسيم الدولة في قبره من سنة خمس وثمانين الى سنة ست وعشرين» ، وهذا طغيان من القلم، فان قسيم الدولة قتل سنة سبع وثمانين، وقد ذكره كذلك. وقال: «عمّر- يعني ولده زنكي له- مدرسة، ووقف عليها ضيعتين. والمدرسة لم يعمرها زنكي بل عمرها سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، وابتدأ في عمارتها في سنة سبع عشرة، واسمه وتاريخ عمارتها على جدارها، لكن قسيم الدولة آق سنقر (270- ظ) لما قتل دفن الى جانب مشهد قرنبيا بالقبة الصغيرة المبنية بالحجارة من غربي المشهد، وكان قسيم الدولة بنى مشهد قرنبيا لمنام رآه بعض أهل زمانه، ووقف عليه وقفا،(4/1959)
فدفن الى جنبه، وعمر على قبره تلك القبة، فلما ملك زنكي حلب آثر أن يبني لأبيه مكانا ينقله اليه، وكانت المدرسة بالزجاجين لم تتم، وكان شرف الدين أبو طالب بن العجمي هو الذي يتولى عمارة هذه المدرسة، فأشار على زنكي أن ينقل أباه اليها فنقله، وأتم عمارة المدرسة، ووقف على من يقرأ على قبره القرية المعروفة بشامر، وهي جارية الى الآن، وأما كارس التي هي وقف على المدرسة، فأظنها وقف سليمان بن عبد الجبار.
وأخبرني أبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أراد أتابك زنكي أن ينقل أباه الى موضع يجدده عليه، ويليق به، فقال له أبي: أنا قد عمرت هذه المدرسة بالزجاجين، وسأله أن ينقل أباه اليها ففعل، واتخذ الجانب الشمالي تربة لأبيه، ولمن يموت من ولده وغيرهم.
وحكى لي والدي رحمه الله أن أتابك زنكي لما نقل أباه من قرنبيا، وأدخله الى مدرسة الزجاجين لم يدخل به من باب من أبواب مدينة حلب، وانهم رفعوه من بعض الأسوار ودلوه الى المدينة، لانهم يتطيرون بدخول الميت الى البلدة.
قال لي أبي: ووقف زنكي القرية المعروفة بشامر على تربة أبيه آق سنقر رحمه الله.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العظيمي، وأنبأنا به عنه المؤيد ابن محمد (271- و) الطوسي وغيره، قال: سنة ثمانين وأربعمائة دولة قسيم الدولة وزيره أبو العز بن صدقة. فيها استقرت الرتبة بحلب للأمير قسيم الدولة آق سنقر من قبل السلطان العادل أبي الفتح، وتوطدت له الامور بها، وأقام الهيبة العظيمة التي لا يقدر عليها أحد من السلاطين، وأظهر فيها من العدل والانصاف مع تلك الهيبة ما يطول شرحه. ورخصت الاسعار في أيامه الرخص الزائد عن الحد، وقرب الحلبيين وأحبهم الحب المفرط. وأحبوه أضعاف ذلك، وأقام الحدود. وأحبا(4/1960)
أحكام الاسلام وعمر الاطراف، وآمن السبل، وقتل قطاع الطرقات، وطلبهم في كل فج. وشنق منهم خلقا. وكلما سمع بقاطع طريق في موضع قد قصده، وأخذه وصلبه على أبواب المدينة. وكثرت في أيامه الامطار، وتفجرت العيون والانهار، وعامل أهل حلب من الجميل بما أحوجهم أن يتوارثوا الرحمة عليه الى آخر الدهر.
قال: وفيها، يعني سنة احدى وثمان وأربعمائة، خرج الامير قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله يودع تابوت زوجته داية السلطان أبي الفتح، ماتت بحلب، وقيل انه جلس وفي يده سكين، فأومأ بها اليها، فوقعت في مقتل وهو غير متعمد لها، فماتت في الحال، فوضعها في تابوت. وحملت الى الشرق.
وخرج لوداعها يوم الاثنين مستهل جمادى الآخرة.
وقال: سنة أربع وثمانين وأربعمائة، فيها تسلم الأمير قسيم الدولة قلعة أفامية من يد ابن ملاعب «1» يوم الخميس ثالث رجب. وشحن بها بعض بنى منقذ (271- ظ) .
وقال: سنة ست وثمانين وأربعمائة. فيها فتح الامير قسيم الدولة آق سنقر ومعه تاج الدولة مدينة نصيبين يوم الاثنين ثامن ربيع الاول، وقيل في صفر. حدثني بهذا والدي الرئيس أبو الحسن علي بن محمد العظيمي قال: كنت مع الامير قسيم الدولة في هذا الفتح.
قال: وفيها شرق قسيم الدولة رحمه الله الى بغداد الى عند السلطان بكيارق ابن «2» أبي الفتح. وعاد الى حلب في شوال سنة ست وثمانين.
قال: سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وكان قسيم الدولة عاد الى حلب والتقى هو(4/1961)
وتاج الدولة، فكسر تاج الدولة قسيم الدولة وقتله على نهر سبعين شرقي حلب سابع جمادي الاولى. وقيل يوم السبت تاسع جمادي الاولى، وأصبح تاج الدولة يوم الاحد على حلب ومعه رأس الامير قسيم الدولة رحمه الله، فتسلم تاج الدولة مدينة حلب العصر من يوم الاحد عاشر جمادي الاولى وتسلم القلعة يوم الاثنين وقتل مع قسيم الدولة رحمه الله أربعة عشر مقدما منهم نختكين شحنة بغداد، وقجقر شحنة حلب، وطغان، واسرائيل، وقتل بحلب غلامه طغريل، وله حكاية معروفة، وعلي بن السليماني، وأخوه، ومحمد البخاري الذي قفز على أنطاكية، وأخواجه أبو القاسم، والطندكيني مع سليمان، والطرنطاس خاص ملك شاه. وانهزم الى حلب بزان وكربوقا، ويوسف بن آبق. فأما بزان فانه قتل «1» (272- و) .
***(4/1962)
آق سنقر بن عبد الله البرسقي:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي وقيل اسمه سنقر وكان مملوك الأمير برسق مملوك السلطان، فترقت به الحال الى أن ولاه السلطان محمود بن محمد الموصل وولاه شحنكية بغداد، وتقدمة عسكرها في أيام المسترشد ثم عزل عن شحنكية بغداد في سنة ثمان عشرة وخمسمائة فوصل الى الموصل، واستدعاه الحلبيون الى حلب وقد حصرهم الفرنج وضاق بهم الامر فوصل اليهم في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ورحّل الفرنج عنها وملك حلب وأحسن الى أهلها، وعدل فيهم، وأزال المكوس والمظالم، ووقع إليّ نسخة التوقيع الذي كتبه لاهل حلب بازالة المكوس والضرائب وتعفية أثار الظلم والجور وكان رحمه الله على ما يحكى حسن الأحوال، كثير الخير، جميل النية، كثير الصلاة والتهجد والعبادة والصوم، وكان لا يستعين في وضوءه بأحد، وقتل رحمه الله شهيدا وهو صائم.
وكان من حديثه في ملك حلب واستيلائه عليها: أن بلك بن بهرام بن أرتق لما قتل بمنبج «1» ملك ابن عمه تمرتاش بن ايلغازي بن أرتق حلب، فباع تمرتاش بغدوين ملك الفرنج وكان أسيرا في يد بلك، فباعه نفسه، وهادنه وأطلقه ومات شمس الدولة بن ايلغازي صاحب ماردين، فتوجه تمرتاش اليها واشتغل بملك ماردين وبلاد أخيه، فلما علم بغدوين بذلك غدر بالهدنة (273- و) واتفق هو ودبيس بن صدقه، وابراهيم بن الملك رضوان بن تتش على أن نازلوا حلب، واتفقوا على أن تكون البلاد للمسلمين وأن حلب لابراهيم بن الملك رضوان لانها(4/1963)
كانت لأبيه، وأن تكون الأموال للفرنج، وطال حصار حلب واشرفت على الاستيلاء عليها، وبلغ بهم الضر الى حالة عظيمة حتى أكلوا الميتات والجيف، ووقع فيهم المرض، فحكى لي والدي أنهم كانوا في وقت الحصار مطرحين من المرض في أزقة البلد، فاذا زحف الفرنج، وضرب بوق الفزع قاموا كأنما نشطوا من عقال وقاتلوا حتى يردوا الفرنج، ثم يعود كل واحد من المرضى الى فراشه، وما زالوا في هذه الشدة الى أن أعانهم الله بقسيم الدولة آق سنقر البرسقي، فأخلص النية لله في نصرتهم، ووصل الى حلب في ذي الحجة من سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وأغاث أهلها ورحل العدو عنها، وكانت رغبات الملوك فيها اذ ذاك قليلة، لمجاورة الفرنج لها وخراب بلدها وقلة ريعه، واحتياج من يكون مستوليا عليها الى الخزائن والاموال والنفقة في الجند.
فاخبرني والدي أبو الحسن أحمد وعمي أبو غانم محمد، وحديث أحدهما ربما يزيد على الآخر، قالا: سمعنا جدك- يعنيان- أباهما أبا الفضل هبة الله يقول:
لما اشتد الحصار على حلب، وقلت الأقوات بها وضاق الأمر بهم، اتفق رأيهم على أن يسيروا أبي القاضي أبا غانم قاضي حلب والشريف زهرة وابن الجلى الى حسام الدين (273- ظ) تمرتاش الى ماردين وكان هو المتولي حلب، وهي في أيدي نوابه وقد تركها ومضى الى ماردين واشتغل بملك تلك البلاد عن حلب، قال: فاتفقوا على ذلك وأخرجوا أبي والشريف وابن الجلى ليلا من البلد، فلما أصبح الصباح صاح الفرنج الى أهل البلد: أين قاضيكم وأين شريفكم؟ قال: فانقطعت ظهورنا وتشوشت قلوبنا، وأيقنا بأنهم ظفروا بهم، فوصلنا منهم كتاب يخبر أنهم قد وصلوا الى مكان أمن عليهم بالوصول، فطابت قلوب أهل حلب لذلك.
قال عمي ووالدي: فسمعنا والدنا يقول: سمعت أبي أبا غانم يقول: لما وصلنا الى ماردين ودخلنا على حسام الدين تمرتاش وذكرنا له ما حل بأهل حلب وما هم فيه من ضيق الحصار والصبر، وعدنا بالنصر وأنه يتوجه اليها ويرحل الفرنج عنها، وانزلنا في مكان بماردين، وجعلنا نطالبه بما وعد وهو يدافعنا من يوم الى يوم وكان آخر كلامه أن قال: خلوهم اذا أخذوا حلب عدت وأخذتها فقلنا في أنفسنا(4/1964)
ما هذا الا فرصة، وقلنا له: لا تفعل ولا تسلم المسلمين الى عدو الدين، فقال:
وكيف أقدر على لقائهم في هذا الوقت؟ فقال له القاضي أبو غانم: وأيش هم حتى لا تقدر عليهم ونحن أهل البلد اذا وصلت الينا نكفيك أمرهم.
قال القاضي أبو الفضل: فكتبت كتابا من حلب الى والدي أبي غانم أخبره فيه بما حل بأهل حلب من الضر، وأنه قد آل الامر بهم الى أكل القطاط (274- و) والكلاب والميتة، فوقع الكتاب في يد تمرتاش وشق عليه وغضب وقال: انظروا الى جلد هؤلاء الفعلة الصنعة قد بلغ بهم الامر الى هذه الحالة، وهم يكتمون ذلك ويتجلدون ويغرونني ويقولون: اذا وصلت الينا نكفك أمرهم.
قال القاضي أبو غانم: فأمر تمرتاش بأن يوكل «1» علينا، فوكل بنا من يحفظنا خوفا أن ننفصل عنه الى غيره، فأعملنا الحيلة في الهرب الى الموصل، وأن نمضي الى البرسقي ونستصرخ به ونستنجده، فتحدثنا مع من يهربنا وكان للمنزل الذي كنا فيه باب يصر صريرا عظيما اذا فتح أو أغلق، فأمرنا بعض أصحابنا أن يطرح في صائر الباب زيتا ويعالجه لنفتحه عند الحاجة ولا يعلم الجماعة الموكلون بنا اذا فتحناه بما نحن فيه، وواعدنا الغلمان اذا جن الليل أن يسرجوا الدواب ويأتونا بها، ونخرج خفية في جوف الليل ونركب ونمضي.
قال: وكان الزمان شتاء، والثلج كثير على الأرض؛ قال القاضي أبو غانم: فلما نام الموكلون بنا جاء الغلمان بأسرهم إلا غلامي ياقوت وأخبر غلمان رفاقي أن قيد الدابة تعسر عليه فتحه وامتنع كسره، فضاقت صدورنا لذلك، وقلت لأصحابي:
قوموا أنتم وانتهزوا الفرصة ولا تنتظروني، فقاموا وركبوا والدليل معهم يدلهم على الطريق، ولم يعلم الموكلون بنا بشيء مما نحن فيه، وبقيت وحدي من بينهم مفكرا لا يأخذني نوم حتى كان وقت السحر فجاءني ياقوت غلامي بالدابة، وقال (274- ظ) الساعة انكسر القيد، قال: فقمت وركبت لا أعرف الطريق ومشيت في الثلج أطلب الجهة التي أقصدها، قال: فما طلع الصبح إلا وأنا وأصحابي الذين سبقوني في مكان واحد وقد ساروا من أول الليل وسرت من آخره، وكانوا قد ضلوا عن الطريق،(4/1965)
فنزلنا جميعا وصلينا الصبح وركبنا وحثثنا دوابنا وأعملنا السير حتى وصلنا الموصل، فوجدنا البرسقي مريضا قد أشفي وهو يسقى أمراق الفراريج المدقوقة، فأعلم بمجيئنا، فأذن لنا، فدخلنا عليه ووجدناه مريضا مدنفا، فشكونا اليه وطلبنا منه أن يغث المسلمين، وذكرنا له ما حل بهم من الحصار والضيق وقلة الأقوات، وما آل اليه أمرهم، فقال: كيف لي بالوصول الى ذلك، وأنا على ما ترون؟ فقلنا له: يجعل المولى في نيته وعزمه ان خلّصه الله من هذا المرض أن ينصر المسلمين، فقال: أي والله، ثم رفع رأسه الى السماء وقال: اللهم اني أشهدك على أنني ان عوفيت من مرضي هذا لأنصرنّهم، قال: فما استتم ثلاثة أيام حتى فارقته الحمى واغتدى، ونادى في عسكره للغزاة، وبرز خيمته وخرجت عساكره وعملوا أشغالهم، وتوجه بهم حتى أتى حلب، فلما قاربها، وأشرفت عساكره من المرتب رحل الفرنج، ونزلوا على جبل جوشن وتأخروا عن المدينة، وساق الى أن قارب المدينة وخرج أهلها الى لقائه، فقصد نحو الفرنج وأهل البلد مع عسكره، فانهزم الفرنج من يديه، وهو يسير وراءهم على مهل حتى (275- و) أبعدوا عن البلد، فأرسل الشاليشية «1» وأمرهم برد العسكر.
قال: فجعل القاضي أبو الفضل بن الخشاب «2» يقول له: يا مولانا، لو ساق المولى خلفهم أخذناهم بأسرهم فإنهم منهزمون، فقال له: يا قاضي كن عاقلا أتعلم أن في بلدكم ما يقوم بكم وبعسكري، لو قدر والعياذ بالله علينا كسرة من العدو؟
فقال لا، فقال: فما يؤمنا أن يكسرونا وندخل البلد ويقووا علينا ولا ننفع أنفسنا، والله تعالى قد دفع شرهم فنرجع الى البلد ونقويه، ونرتب أحواله وبعد ذلك نستعد لهم ويكون ما يقدره الله تعالى، ونرجو إن شاء الله تعالى أننا نلقاهم ونكسرهم، قال:
ودخل البلد ورتب الأحوال وجلب إليه الغلال وأمن الناس واستقروا.
قال: وكان ذلك في آذار فجعل الناس يأخذون الحنطة والشعير ويبلونها بالماء ويزرعونها فاستغل الناس في تلك السنة مغلا صالحا. هذا معنى ما حدثني به والدي وعمي.(4/1966)
ونقلت من خط عبد المنعم بن الحسن بن اللّعيبة الحلبي: دخلت سنة تسع عشرة وخمسمائة ووصلت العساكر من الشرق، ومقدّمها آق سنقر البرسقي، وكان الأفرنج نزلوا على حلب في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وخمسمائة وحاصروها وضيقوا على أهلها ومضى القاضي ابن العديم والأشراف، وقوم من مقدمي أهلها مستصرخين لأنه ما كان بقي من أخذها شيء، فوصل البرسقي (275- ظ) معهم في محرم سنة تسع عشرة وخمسمائة، ونزل بالس وكانت رسله مذ وصل الرحبة متواترة الى حمص ودمشق يستدعي مالكها، وسار الأمير صمصام الدين عن حمص في أول ربيع الأول، فلقي الأمير قسيم الدولة البرسقي بتل سلطان بعد انفصاله عن حلب، وانهزام الأفرنج عنها، وكان سرى إليهم من بالس، ووصل الى حلب وخرج أهل حلب ونهبوا من خيام الأفرنج مقدار المائة خيمة، من على جبل جوشن، وما بقي من هلاكهم شيء، لكن الله أمسك أيدي الترك عنهم بمشيئته.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين في تاريخه في حوادث سنة ثمان عشرة وستمائة «1» : وفي ثاني عشري ذي حجتها دخل البرسقي الى حلب، وفي عده رحل الفرنج عن حلب.
قلت: وبعد أن أقام البرسقي بحلب ورتب أحوالها ترك ولده بها وعاد الى الموصل فقتله الاسماعيلية بها على ما نذكره.
قال لي شيخنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري: كان آق سنقر البرسقي خيرا، عادلا، لين الأخلاق حسن العشرة مع أصحابه.
قال لي: أخبرني أبي محمد بن عبد الكريم: حكى بعض الغلمان الذين يخدمون البرسقي، قال: كان يصلي البرسقي كل ليلة صلاة كثيرة وكان يتوضأ هو بنفسه ولا يستعين بأحد، قال: فرأيته في بعض ليالي الشتاء بالموصل وقد قام من فراشه وعليه فرجية وبر صغيرة، وبيده (276- و) ابريق نحاس، وقد قصد دجلة ليأخذ ماء يتوضأ به، قال: فلما رأيته قمت إليه لآخذ الإبريق من يده فمنعني، وقال:
يا مسكين ارجع الى مكانك فإنه برد، فاجتهدت به لآخذ الإبريق من يده، فلم يفعل،(4/1967)
ولم يزل حتى ردني الى مكاني، ثم توضأ ووقف يصلي؛ قال: وذكر لي من أحواله الحسنة أشياء يطول ذكرها «1» .
سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة بهاء الدين أبا المحاسن يوسف بن رافع ابن تميم، يقول: كان البرسقي دينا عادلا قال: ومما يؤثر عنه أنه قال يوما لقاضي الموصل، أظنه المرتضى بن الشهرزوري، أريد أن تساوي بين الرفيع والوضيع في مجلس الحكم، وأن لا يختص أولو الهيئات والمراتب بزيادة احترام في مجلس الحكم، فقال له القاضي: وكيف لي بذلك؟ فقال: ما لهذا طريق إلا أن ترتاد خصما يخاصمني في قضية ويدعوني الى مجلس الحكم، وأحضر إليك وتلتزم معي ما تلتزمه مع خصمي، وسوف أرسل إليك خصما لا تشك في أنه خصم لي، ويدعي علي بدعوى، فادعني حينئذ الى مجلس الحكم لأحضر إليك، وجاء الى زوجته الخاتون ابنة السلطان محمود- فيما أظن- وقال لها وكلي وكيلا يطالبني بصداقك، فوكلت وكيلا، ومضى الوكيل الى مجلس الحكم، وقال: لي خصومة مع قسيم الدولة البرسقي وأطلب حضوره الى مجلس الحكم، فسير القاضي إليه ودعاه فأجاب وحضر مجلس (276- ظ) الحكم، فلم يقم له القاضي، وساوى بينه وبين خصمه في ترك القيام والاحترام، وأدعى عليه الوكيل وأثبت الوكالة، واعترف البرسقي بالصداق، فأمره القاضي بدفعه إليه فأخذه، وقام الى خزانته ودفع إليه الصداق، ثم انه أمر القاضي أن يتخذ مسمارا على باب داره يختم عليه بشمعه، وعلى المسمار منقوش أجب داعي الله، وأنه من كان له خصم حضر، وختم بشمعه على ذلك المسمار ويمضي بالشمعة المختومة الى خصمه كائنا من كان ولا يجسر أحد على التخلف عن مجلس الحكم.
قرأت بخط الحافظ أبي الطاهر السلفي: وسنقر البرسقي ولي العراق سنين، وبلغ مبلغا عظيما، ثم وني ديار مضر ودار ملكه الموصل، ثم حلب، وكثيرا من مدن الشام، وجاهد الأفرنج، ثم قتله بعض الملاحدة «2» ، لعنهم الله، وكان سيفا(4/1968)
عليهم، قلما يرى في جيشه مثله، رحمه الله ورضي عنه، رأيته بالعراق في حال ولايته وبالشام قبل أن وليها.
قال لي عز الدين أبو الحسن بن الأثير في سنة عشرين وخمسمائة: وقتل آق سنقر البرسقي بالجامع العتيق بالموصل بعد الصلاة يوم الجمعة، قتله باطنية، وكان رأى تلك الليلة في منامه أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضها ونال منه الباقون أذى شديدا، فقص رؤياه على أصحابه فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام، فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبدا وكان يشهدها في الجامع مع العامة فحضر الجامع على عادته، فثار به من الباطنية ما يزيد على عشرة أنفس فقتل بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله «1» .
قرأت بخط أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم في تاريخه الذي جمعه «2» ، ووقع إلي منه أوراق نقلت منها في حوادث سنة عشرين وخمسمائة أن البرسقي سلّم حلب وتدبيرها الى ولده الأمير عز الدين مسعود فدخل (277- و) حلب، وأجمل السيرة وتحلى بفعل الخير، وسار أبوه الى الموصل والجزيرتين، وما هو جار في مملكته حتى دخل شهر ذي القعدة من السنة، فلما كان يوم الجمعة تاسع الشهر قصد الجامع بالموصل ليصلي جماعة، ويسمع الخاطب كما جرت عادته في أكثر الجمع، فدخل الجامع وقصد المنبر فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زي الزهاد فاخترطوا خناجر وقصدوه، وسبقوا الحفظة الذين حوله فضربوه حتى أثخنوه، وجرحوا قوما من حفظته، وقتل الحفظة منهم قوما، وقبضوا قوما، وحمل البرسقي بآخر رمقه الى بيته، وهرب كل من في الجامع، وبطلت صلاة(4/1969)
الجمعة، ومات الرجل من يومه وقتل أصحابه من بقي في أيديهم من الباطنية، ولم يفلت منهم سوى شاب كان من كفر ناصح، ضيعة من عمل عزاز من شمالي حلب.
قال حمدان فيما نقلته من خطه: وحدثني رجل منها: أنه كان له والدة عجوز لما سمعت بفتكة البرسقي، وكانت تعرف أن ولدها من جملة من ندب لقتله فرحت واكتحلت، وجلست مسرورة كأنه عندها يوم عيد، وبعد أيام وصلها سالما، فأحزنها ذلك، وقامت جزّت شعرها وسودت وجهها.
الاكوع بن عباد المزني:
قيل إنه شهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وله ذكر في الفتوح (277- ظ) .
***(4/1970)
ذكر من اسمه ألب رسلان
ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن تقاق بن سلجوق،
وقيل سلجق، وله ولكل واحد من آبائه اسم آخر بالعربية، اسمه بالعربية محمد بن داود بن ميكائيل بن سليمان، أبو شجاع بن أبي سليمان الملقب بالعادل النوري، وأصلهم من قرية يقال لها النور.
وتقاق أول من دخل منهم في الاسلام، وتقاق بالتركية القوس من الحديد، وقيل في نسب سلجق الأعلى: هو سلجق بن داود بن أيوب بن دقاق بن الياس بن بهرام بن يوسف بن عزيز.
ملك ألب أرسلان خراسان بعد أبيه جغري بك، وفتح العراق من يد ابن عم أبيه قطلمش بن اسرائيل سنة ست وخمسين وأربعمائة، واستقر في السلطنة حين توفي عمه السلطان طغرلبك في الثامن من شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وكان ولي عهد عمه، لأن عمه لم يكن له نسل، فملك ألب رسلان بعده، وهو أول من ذكر على منابر بغداد بالسلطان.
وقدم حلب مخاصرا لها وفيها محمود بن نصر بن صالح بن مرداس سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فدام على حصارها الى أن خرج إليه محمود مع والدته السيدة، فأنعم عليه بحلب، وسار الى الملك ديوجانس «1» . وقد خرج من القسطنطينية، فالتقاه وأسره، ثم منّ عليه وأطلقه، وغزا الخزر والأبخاز، وبلغ ما لم يبلغ أحد من الملوك. وكان ملكا عادلا مهيبا مطاعا (278- و) .(4/1971)
حدثني والدي رحمه الله يأثره عن سلفه قال: قدم السلطان، يعني ألب أرسلان، وحاصر حلب، وكان نازلا بميدان قنسرين، ونصب على برج الغنم منجنيقا وتواتر ضرب المنجنيق عليه، فأخذ عوام حلب شقة أطلس وربطوها على ذلك البرج استهزاء به، يعنون أن البرج قد صدعه رأسه من ضرب المنجنيق، فسأل السلطان عن ذلك، فقالوا: إنهم قد عصبوا البرج، يعنون أن البرج قد صدعه رأسه من ضرب المنجنيق، وقد عصبوه على رأسه ليستريح من الصداع الذي يلحقه من ضرب المنجنيق.
قال: فاستشاط السلطان غضبا وفرق تلك الليلة في عسكره كذا وكذا ألف فردة نشاب من الخلنج «1» غير ما كان من غيرها، وباكر البلد بالزحف حتى أشرف على الأخذ، فخرجت إليه السيدة أم محمود ومعها ابنها محمود، وحملا مفاتيح البلد والقلعة ودخلا تحت طاعته، ووطئا بساطه، والناس في خدمته بالميدان صفان، فدخلت وابنها بين الصفين، وجعلا يقبلان الارض خدمة له حتى انتهيا إليه، فأكرمهما وقال للسيدة: أنت السيدة؟ فقالت: سيدة قومي، فاستحسن ذلك منها، ورد البلد على ابنها وأكرمه، وعاد الى المدينة مكرما مسرورا.
قال: وقصد بتطويل الحصار تعظيم البلدة لكونها مجاورة للروم، فيقع عندهم أن هذا السلطان مع عظم قدره، وكثرة عساكره نزل عليها هذه المدة، ولم ينل منها ما أراد، فلا يطمع فيها العدو (278- ظ) .
وقيل إن السيدة أقامت في البلد، وخرج محمود إليه، وأن دخولها عليه كان بالرّها. توجهت اليه وهو متوجه الى حلب، فسألها: أنت السيدة؟ فأجابته بما ذكرناه.
وقرأت بخط أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم: إن محمود ووالدته خرجا إليه، فعفا لهما عن حلب بعد أحد وثلاثين يوما من مقامه.
وسمع أن ملك الروم ديوجانس قد خرج من القسطنطينية على طريق الثغور(4/1972)
والدروب، فرحل عن حلب بعد خروج محمود إليه بخمسة أيام، وقصده حتى لحقه على منازكرد، فحاربه حتى هزمه، وأسر ملك الروم، وغنم معسكره، وكانت عدة الترك ستمائة ألف رجل.
وقرأت في بعض التواريخ التي لم يسم جامعها أن ألب أرسلان العادل نزل على حلب محاصرا لها في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وبها محمود بن نصر بن صالح، ثم ملكها بالأمان، خرج إليه محمود بن نصر في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة من السنة، فأنعم عليه وآمنه، وولاه حلب من قبله.
ثم رحل عنها في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة قاصدا بلد الروم في طلب ملكهم وقد توجه الى منازجرد، فلحقه في عساكره وأوقع به، فهزمه، وقيل ان ملك الروم كان في ستمائة ألف. وألب أرسلان في أربعمائة ألف من الأتراك، وحصل ملك الروم أسيرا في أيدي المسلمين، وصار الى ألب أرسلان، فلم تزل المراسلات بينه وبينه الى أن تقرر إطلاقه (279- و) على مهادنة منها: أن لا يعرض لبلاد المسلمين، ثم سيره الى بلاده، فيقال إن أهل مملكته قتلوه لأمور نقموها عليه.
قرأت بخط الحافظ أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد النسابة عنه قال: وجدت بخط ابي الحسن يحيى بن علي بن محمد بن زريق: ذكر أخبار السلطان الشهيد المعظم ألب أرسلان، أبي شجاع محمد بن داود، برهان أمير المؤمنين، نضّر الله وجهه، والسبب في وصوله الى الشام:
كان هذا السلطان رحمه الله ولي الأمر بعد وفاة عمه السلطان الأعظم أبي طالب طغرلبك بن ميكائيل في سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وعمر السلطان طغرلبك على ما ذكر قد أناف على ثمانين سنة، ونازع السلطان المذكور في المملكة قتلمش ابن عمه، ولم يثبت لمقاومته، وذكر أنه لقيه في تسعين ألفا، ومع السلطان يومئذ اثنا عشر ألفا، فكسره، وانهزم قتلمش على وجهه، وسقط عن دابته في هزيمته، فوجد ميتا، وحمل ودفن بالري. وكانت الدامغان دار مملكته، وقيل ان اللقاء بقرب ضيعة تعرف بده نمك، وكان أخو السلطان قاورت متملك كرمان، وكان بينهما منازعات، وآلت الحال بينهما الى الصلح والاتفاق.(4/1973)
وفي أيامه أغمدت سيوف الفتنة بخراسان، وبطل ما كان عليه الترك من الفساد والعبث قبل استقرار المملكة، وفتح البلاد، وعظمت هيبته (279- ظ) واستقامت مملكته، وانتشر عدله ودعوته.
وكان سبب ظهوره الى الشام ما حدثني به الفقيه أبو جعفر محمد بن أحمد ابن البخاري رسول ناصر الدولة بن حمدان، المتغلب على مصر إليه، يستدعي عساكره ليسلم ديار مصر، ويغير الدعوة، وذلك لما كان بينه وبين جماعة من الأمراء بمصر، منهم يلدكوز العجمي وغيره بمصر، وأمير الجيوش بدر الجمالي بالشام، وكانت المراسلة في سنة اثنتين وستين على يد الفقيه المذكور، فحين ورد عليه الى خراسان، جهز العساكر التي تملأ الفضاء وتضيق بها الدهناء، عدّة وعدة، ووصل من بلاده على طريق ديار بكر، ونزل الرّها في أول سنة ثلاث وستين، وأقام عليها نيفا وثلاثين يوما، وسير الفقيه المذكور رسولا الى محمود بن نصر بن صالح صاحب حلب يستدعيه الى وطء بساطه وخدمته أسوة بمن وفد عليه من الملوك، مثل شرف الدولة مسلم بن قريش، وابن مروان، وابن وثاب، وابن مزيد «1» ، وأمراء الترك والديلم، فلم يفعل، وخاف منه.
فسار عن الرّها الى الشام قاصدا له، وقطع الفرات في النصف من شهر ربيع الآخر من السنة، وهو اليوم التاسع عشر من كانون الثاني، وكان قد راسله السلطان في سنة اثنتين وستين يأمره باقامة الدعوة العباسية، والمسارعة الى الخدمة، وأنفذ له خلعا وتشريفا، فامتثل أمره من إقامة الدعوة للامام القائم بأمر الله أمير المؤمنين، والسلطان المعظم بعده، ولبس الخطيب السواد، وبطلت الدعوة (280- و) المصرية من الشام في شوال من سنة اثنتين وستين.
ولما قطع السلطان المعظم الفرات من نهر الجوز نزل بعض المروج على الفرات، فرآه حسنا، فأعجب به، فقال له الفقيه أبو جعفر: يا مولانا احمد الله تعالى على ما أنعم به عليك، فقال: وما هذه النعمة؟ فقال: هذا النهر لم يقطعه قط تركي إلا مملوك وأنتم اليوم قد قطعتموه ملوك، قال: فلعهدي به وقد أحضر جماعة من(4/1974)
الأمراء والملوك، وأمرني بإعادة الحديث، فأعدته، فحمد الله هو وجماعة من حضر عنده حمدا كثيرا.
ونزل السلطان المعظم نقرة بني أسد الى أرض قنسرين الى الفنيدق، والرسل مترددة الى محمود ليخرج الى الخدمة، وهو خائف منه ممتنع عليه، وتمادى الأمر نحو شهرين، وحصن محمود حلب، وجفل الناس من سائر الشام إليها، ودخل الرعب في قلوب الناس لعظم هيبته وبأسه ونجدته وما اجتمع إليه من العساكر الجمة والجيوش الكثيفة الضخمة، وكان الأمر بخلاف ما ظن الناس من ذلك الخوف، وأنه رحمه الله لما يئس من خروج محمود إليه عاد منكفئا من منزل يعرف بالفنيدق، ونزل حلب في آخر جمادى الآخرة من السنة، وكانت الخيام والعساكر من حلب، الى نقرة بني أسد الى عزاز، الى الأثارب، متقاربة بعضها من بعض، وبعض العساكر ببلد لروم وسائر مروج الشام.
وسار بعض (280- ظ) عساكره مع ابن جابر بن سقلاب الموصلي أحد الكتاب الى طرابلس لتقرير أمرها.
وأقام محاصرا لحلب شهرا واحدا ويومين، ولم يقاتلها غير يوم واحد، فحدثني من كان مع محمود صاحب حلب وهو يطوف داخل السور لتحريض الناس على القتال في وقت الزحف، انه لم يعبر محلة من محال حلب إلا وأهلها قد أشرفوا على الهجم عليهم، ونقب البرج المعروف ببرج الغنم، وهو أحصن برج بها، وعلق «1» فظفر أهل حلب بمن دخل ذلك النقب، فأخذوا بعضهم ووقع الردم على الباقين، وحمل السلطان في ذلك اليوم، فوقعت يد فرسه في خسف كان هناك، وأصاب في الحال رأس فرسه حجر المنجنيق فركب غيرها وعاد وصرف الناس عن الحرب بعد أن أشرف البلد على الأخذ.
وذكر عن هذا السلطان أنه قال: أخشى أن أفتح هذا الثغر بالسيف فيصير(4/1975)
الى الروم، وراسل السلطان أمراء بني كلاب وأحضرهم من البرية، فوصلوا إليه، وعزم على تقليد بعضهم وتركه في مقابلة محمود، وعوده لأجل ما بلغه من ظهور متملك الروم ووصوله في الخلق العظيم الى بلاد أرمينية طالبا لبلاد خراسان، فشعر محمود بوصول أمراء العرب، وأنه إن تم ذلك خرج الشام من يده، فراسل السليماني «1» المتردد اليه، كان في المراسلة، يعلمه أنه قد عزم على وطء بساطه وخدمته خوفا مما أشرف (281- و) عليه، وخرج الى السلطان على غفلة منه في أول شعبان من السنة، فرأى منه من الاكرام والتشريف والخلع ما زاد على أمنيته، وفي الحال رده الى حلب، وقال: ارجع الى والدتك، وكانت والدته المعروفة بالسيدة علوية بنت وثاب قد خرجت إليه برسالة ابنها عند كونه بالرّها وتردد خروج محمود دفعة بعد أخرى، وقرر معه السلطان أن يخرج بعساكره ويضيف إليه السليماني، وأن يتوجها الى بلاد دمشق والاعمال المصرية ليفتحها، ففعل ما أمر به.
وحكى الأمير أبو الحسن علي بن منقذ أن خواجا بزرك «2» الوزير سأله عند حضوره عند وقت خروج محمود إليه عمن قتل بحلب يوم الحرب، فقال: إنهم نفر يسير، فتعجب من ذلك، وقال: في ذلك اليوم رمي من الخزانة بثمانين ألف نشاب، سوى ما رماه بقية العسكر، ودفع الله عن أهل الشام، ولم يقاتل فيه مدينة ولا حصن ولا سبيت حرمة، ولا اعترض لأحد من المسلمين وذلك من حسن سيرة هذا السلطان، وعظم هيبته، تغمده الله بالغفران.
وعاد السلطان منكفئا الى بلاده على طريق العراق، معرجا منه نحو بلاد أرمينية قاصدا لمتملك الروم، وأسرع في سيره بمن خف معه، ووصل فالتقى متملك الروم بالقرب من خلاط «3» وتلك البلاد، فاعتبر من وصل معه من عسكره، فكانت (281- ظ) عدتهم ثلاثة عشر ألفا، وتصاف العسكران في يوم الجمعة،(4/1976)
ووقف السلطان عن قتاله انتظارا لوقت الصلاة والدعاء على منابر الاسلام، وترقبا للاجابة في نصرة المسلمين، فلما صلى الظهر ناجزهم الحرب فأظفره الله تعالى بعسكر الروم، وأجراه على جميل العادة في الظفر، ومكنه ممن بغى وكفر، ونهب العسكر بأسره، وأسر متملك الروم، وأقامه بين يديه ومعه باز وكلب صيد، ثم أنعم عليه، وخلع وأكرمه، واصطنعه وسيره مع قطعة من عسكره ليعده الى بلاده ومملكته، فاختلت الأمور عليه، ولم يتم له ما أراد، وذكر أنه كحل ومات بعد مدة.
ولم يجر في الاسلام منذ ظهر مثل هذا الظفر، ولا أسر للروم متملك قبل هذا في الاسلام، وكان السلطان سأل متملك الروم عند حضوره بين يديه ما سبب خروجه وتعريضه نفسه وعسكره لهذا السبب، فذكر أنه لم يرد إلا حلب، إذ كان كلما جرى على الروم كان محمود هو السبب فيه، والباعث عليه لمن قصدها من الترك.
وغنم من هذا العسكر ما يفوت الاحصاء والعد، وتجاوز الامد والحد، وبيع من غنائمه ما يساوي مائة دينار بدينار واحد، فلله الحمد على ذلك كثيرا.
قلت: ومن ذلك اليوم عرف تل السلطان بتل السلطان لنزول ألب أرسلان على التل (282- و) وكان يعرف المكان أولا بالفيدق، وكان فيه فندق صغير يأوي اليه الناس، شاهدته قبل أن يجدد الامير سيف الدين علي بن سلمان بن جندر هذا الخان الذي هو الآن موجود.
قرأت بخط أبي الحسن بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه: في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، في ذكر العادل ألب أرسلان وحصاره حلب قال: حدث الامير طغتكين صاحب دمشق أبي قال: كنت حامل وراء السلطان حين ضربه حجر المنجنيق، ولو سلم ساعة لأخذها، وكان قد وصل الشام يريد الطلوع الى مصر ليفتحها، ولو طلع لاخذ البلاد جميعها، وأخذ مصر.
قال: وحدثني مولاي أبي قال: كانت خيامه من شمالي مسجد مرج دابق(4/1977)
الى قناطر قنسرين، أي موضع عبرت فيه ورأيت السرادق والخيام قلت في هذه السلطان.
وقال: قال أبي: وحدثني وزير تاج الدولة أبو النجم «1» قال: شرب السلطان على حلب وسكر، وضل رشده بالسكر، فقال: هاتو الأمير البدوي، يعني محمود، لأضرب رقبته، فجاء الغلمان الى خواجا بزرك وقالوا: قد قال السلطان كذا وكذا، فمضى اليه خواجا بزرك، وقال له: يا سلطان العالم يظهر عنك مثل هذا وكان السلطان قد بلغ منه السكر، فضربه بالمغسل الذي في دست الشراب، وقال: أريده، ففتح أثرا في وجهه (282- ظ) فمضى خواجا الى جانب السرادق الى خاتون فقال، بادرينا يا خاتون والا الساعة يتلف العسكر وينهب بعضه بعضا، كان كذا وكذا، فقامت تمشي اليه. فقال لها: خاتون ما جاء بك؟ فقالت: نم أنت سكران. وتفرقوا، فلما أصبحت قالت له: ما تحتشم تفتح عليك باب غدر! قال: لا إن شاء الله! قالت:
البارحة أردت تحضر الامير البدوي وتضرب رقبته، وأنت قد أعطيته أمانك، هذا وأنت تريد تفتح مصر وما دونها، وفعلت كذا وكذا بخواجا بزرك! قال: والله ما معي علم من هذا جميعه، ولما حضر عنده خواجا قال له: يا حسن ما هذا الاثر في وجهك؟ فقال: يا سلطان العالم هذا أثر، وقعت البارحة وأنا خارج من خيمتي ضربني عمود الخيمة، ولم يعلمه بذلك، فاستحسن الناس منه ذلك، ثم رحل السلطان من حلب يريد مصر، فرحل مرحلة واحدة فجاءه الخبر بأن ملك الروم ذيو خانس قد خرج لما رأى البلاد خالية من العساكر، فرحل على أدراجه يريد ملك الروم.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين: سار السلطان ألب أرسلان يعني في سنة ثلاث وستين وأربعمائة الى ديار بكر، فخرج اليه نصر بن مروان وخدمه بمائة ألف دينار، وقصد حلب وحاصرها، فخرج اليه محمود بن نصر ليلا، ومعه والدته، فدخلا على السلطان، فقالت له: هذا ولدي فافعل به ما تحب، ففعل معه الجميل وخلع عليه، وغزا السلطان ألب أرسلان بلاد الروم، وخرج أمر (283- و) الخليفة القائم الى الخطباء على المنابر بالدعاء له بما صيغته:(4/1978)
اللهم أعلي راية الاسلام وناصره، وادحض الشرك بجب غاربه، وقطع أواصره، وامداد المجاهدين في سبيلك الذين في طاعتك بنفوسهم سمحوا، وعلى متابعتك بمهجهم فازوا وربحوا، بالعون الذي تطيل به باعهم، وتملأ بالامن والظفر رباعهم، واحب شاهنشاه الاعظم برهان أمير المؤمنين بالنصر الذي تنشر به أعلامه، وتستبشر بمكانه من اختلاف الظلال أيامه، وأوله من التأييد الضاحكة مباسمة، القائمة أسواقه ومواسمه ما تقوي به في إعزاز دينك يده، ويقضي بأن يشفع يومه في الكفار غده، واجعل جنوده بملائكتك معضودة، وعزائمه على اليمن والتوفيق معقودة، فانه قد هجر في كريم مرضاتك الدعة، وتاجرك من بذل المال والنفس ما انتهج فيه مسالك أوامرك الممثلة المتبعة، فانك تقول، وقولك الحق: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ»
«1» .
اللهم فكما أجاب نداءك ولباه، واجتنب التثاقل عن السعي في حياطة الشريعة وأباه، ولاقى أعداءك بنفسه وواصل في الانتصار لدينك يومه بأمسه، أنت أخصصه بالظفر، وأعنه في مقاصده بحسن مجاري القضاء والقدر، وحطه بحرز يدرأ عنه من الأعداء كل كيد، ويشمله من جميل صنعك بأقوى أيد، ويسر له كل (283- ظ) مطلب يرومه ويزاوله حتى تكون نهضته الميمونة عن النصر مسفرة، ومقلة أحزاب الشرك مع اصرارهم على الضلال غير مبصرة، فابتهلوا معاشر المسلمين الى الله تعالى في الدعاء له بنية صافية، وعزيمة صادقة، وقلوب خاشعة، وعقائد في رياض الاخلاص راتعة، وواصلوا الرغبة إلى الله في اعزاز جانبه، وفل غرب مجانبه، واعلاء رايته، وإنالته من الظفر أقصى حده وغايته.
وأنفذ السلطان في مقدمته أحد الحجاب، فصادف عند خلاط صليبا «2» تحته متقدم الروسية في عشرة آلاف من الروم، فحاربوهم، وأعطى الله المسلمين النصر عليهم، فأخذ الصليب، وأسر المقدم، وتقارب السلطان، وعظيم الروم في مكان(4/1979)
يعرف بالزهرة بين خلاط ومنازكرد في يوم الاربعاء خامس ذي القعدة، وكان السلطان في خمسة عشر ألفا، وصاحب الروم في مائتين ألوف.
وراسل السلطان ملك الروم في الهدنة، فقال ملك الروم: لا هدنة إلّا بالري، فعزم الله على السلطان على الرشد، ولقيه يوم الجمعة وقت الزوال، وهو سابع ذي القعدة، وأعطى الله المسلمين النصر فقتلوا منهم قتلا ذريعا، وأسر ملك الروم، وضربه ألب أرسلان، ثلاث مقارع، وقطع عليه ألف ألف وخمسمائة ألف دينار، وأي وقت طلب السلطان عساكر الروم نفذها ملكهم إليه، وأن يسلم كل أسير من المسلمين عنده (284- و) .
ذكر صاحب ملك نامه «1» الذي صنفه لألب أرسلان محمد بن داود أنه استفاد انسابهم واحسابهم من الأمير اينانج بك، إذ كان أسن القوم وأعرفهم بأنسابهم وأحسابهم، قال: كان الأمير سلجوق بن دقاق من أعيان ترك خزر، وكان دقاق يلقب بتمر بالغ أي شديد القوس.
قال اينانج بك: لما مر زمان على الأمير دقاق، ولد له مولود مبارك سماه سلجوقا، وكان يلقبه بسباشي، يعني مقدم الجيش، وكان لسلجوق أربعة أولاد:
ميكائيل، وموسى، وأرسلان الملقب بيبغو «2» اكلان، وآخر توفي زمن شبابه.
وكان للأمير ميكائيل بن سلجوق ولدان: طغرلبك، وداود جغري بك، فعلى هذا يكون ألب أرسلان محمد بن جغري داود بن ميكائيل بن سلجوق ابن دقاق.
وقرأت في بعض التواريخ أن أباه جغري بك عهد إليه في سنة احدى وخمسين وأربعمائة حين مرض باليرقان، وضعف مزاجه، وجهز اليه السلطان مودود «3» جيشا الى خراسان، ففوض ولاية عهده الى ابنه ألب أرسلان، فأقام ألب أرسلان ببلخ(4/1980)
مدة حتى انكشفت عنه وعثاء السفر. ولما سمع مودود بذلك جمع الجنود، ولزموا مكانهم، فحمل عليهم السلطان ألب أرسلان حملة ساق التقدير منها الى جيوش غزنة قتلا ذريعا، وانهزاما سريعا، وأسر ألب أرسلان ألف رجل من القواد، وغنم من الخيل والسلاح ما لا يدخل في الحساب، فلما دخل على أبيه جغري بك سر بذلك وزال (285- و) مرضه، ثم سار بعد ذلك جغري بك وألب أرسلان الى ترمذ ووالي القلعة بها الكاتب البيهقي «1» ، فخرج منها، وتوجه الى غزنة، وسلمها الى جغري بك، ففوض جغري بك ولاية بلخ وطخيرستان وترمذ وخش وولوالج الى ألب أرسلان، وشد أزره بوزارة أبي علي بن شاذان، فعمر بلاده بحسن كفايته، ولما قرب موته سأل ألب أرسلان أن يفوض الوزارة بعده الى نظام الملك.
ثم ورد خاقان الترك ترمذ وخربها ونهبها، فطرده ألب أرسلان عنها، فمضى الخاقان وخيم على جيحون من جانب بخارى، وطلب المصالحة، مصالحة جغري بك، واجتمع به، ثم افترقا، وأثر المرض في جغري بك، وزاد ضعفه، وكان عمره سبعين سنة، فقضى نحبه في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة في سرخس، وقام مقامه في الملك السلطان ألب أرسلان، وكان ملكشاه حينئذ ابن ست سنين، وعاش طغرلبك السلطان بعد جغري بك ثلاث سنين.
قرأت في كتاب الربيع «2» تأليف غرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال بن الحسن بن ابراهيم بن هلال الصابئ، وأخبرنا به أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف ابن علي البغدادي وغيره اجازة عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال:
أنبأنا أبو عبد الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن قال: حدثني بعض الخراسانية، قال: خرج ألب أرسلان بن داود، الملقب عضد الدولة، وهو صبي الى الصيد فرأي شيخا ضعيفا على رأسه شوك قد قطعه وتعب به، وهو ذا يقاسي (285- ظ) من حمله شدة وصعوبة، فقال له: يا شيخ، قال: لبيك، قال: أتحب(4/1981)
ان اريحك مما أنت فيه من هذا الكدّ والتعب والنصب مع الشيخوخة وكبر السن؟
فظن الشوكي أنه يعطيه ما يكفه به عن ذاك ويعينه، فقال: أي والله يا مولاي، فرماه بنشابة قتلته مكانه.
وهذا صدر من ألب أرسلان في حال الصبوة والجهل، وحمله عليه سكر الشباب، أما في حالة اكتهاله واستقراره في الملك، فكان من أعدل الملوك وأحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد ونصرة الدين.
قرأت في منتخب من كتاب زبدة التواريخ للامير أبي الحسن علي بن الشهيد أبي الفوارس ناصر بن الحسيني قال: لما استبد السلطان ألب أرسلان بالامر، واستوى على سرير الملك بسط على الرعايا جناح العدل ومدّ عليهم ظل الرأفة والبذل، وقنع من الرعايا بالخراج الأصلي في نوبتين من كل سنة، وكان يتصدق في كل سنة في شهر رمضان بأربعة آلاف دينار ببلخ، وألف بمرو، وألف بهراة، وألف بنيسابور، ويتصدق بعشرة آلاف في حضرته.
وكتب السعاة اليه سعاية بنظام الملك، وتعرفا بمكاسبه، ووضعوه على طرف مصلاه، فدعا السلطان نظام الملك وقال له: خذ هذا الكتاب فان صدقوا فيما كتبوه فهذب أخلاقك، وأصلح أحوالك، وان كذبوا فاغفر للجارم، وأشغل الساعي بمهم من مهمات الديوان حتى يعرض عن الكذب والبهتان «1» .
قرأت بخط أبي غالب (286- و) بن الحصين: في شهر رمضان- يعني من سنة ست وخمسين وأربعمائة- وصل ركابي من تبريز بكتاب من نظام الملك يخبر ان السلطان ألب أرسلان أوغل في الغزاة ببلاد الخزر، وبلغ حيث لم يبلغ أحد من الملوك وافتتح بلدا عظيما يسمى أسد شهر، وقتل نحو ثلاثين ألف رجل، وسبى ما يوفى على خمسين ألف مملوك، وهادن ملك الأبخاز، وعاد من ذلك الثغر، ونزل على مدينة آني من بلاد الروم ففتحها عنوة وهي مدينة عظيمة تشتمل على سبعمائة ألف دار، واسر منه خمسمائة ألف إنسان.(4/1982)
قال: وهو أول من ذكر على منابر مدينة السلام بالسلطان عضد الدين ألب أرسلان.
وقرأت بخط أبي غالب أيضا، سنة خمس وستين وأربعمائة: في أولها غزا السلطان ألب أرسلان جيحون، وكان معه زيادة على مائتي الف فارس، وعبر عسكره اليهم في نيف وعشرين يوما من صفر، وكان قد قصده شمس الملوك تكين بن طمغاج، وأتاه وأصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي، وحمل الى قرب سريره، وهو مع غلامين، فتقدم بأن يضرب له أربعة أوتاد، وتشد أطرافه اليها، فقال: يا مخنث مثلي يقتل هذه القتلة! فاحتد السلطان ألب أرسلان، واخذ القوس والنشابة، وحرص على قتله، وقال للغلامين: خلياه فخلياه ورماه، فأخطأه، ولم تخطىء له قط نشابة غير هذه، فعدا يوسف اليه وكان السلطان جالسا على سدّة، فنهض ونزل فعثر ووقع على وجهه، وقد وصله يوسف فبرك عليه وضربه (286- ظ) بسكين كانت معه في خاصرته، ودخل السلطان الى خيمته وهو مثقل، ولحق بعض الفراشين يوسف فقتله بمروة «1» كانت في يده، وقضى ألب أرسلان نحبه، وجلس للعزاء به ببغداد ثامن جمادي الآخرة، ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبلغ من العمر أربعين سنة وشهرين. ودفن السلطان ألب أرسلان عند قبر أبيه بمرو.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: ملك البلاد ألب أرسلان وهو محمد ابن داود، كسر قتلمش بديه نمك «2» في ذي الحجة سنة خمس وخمسين، واستخلص الملك، وغزا الروم في شعبان سنة ثلاث وستين، وكسر الروم، وأسر ملكهم، ونودي عليه في السوق، ثم منّ عليه وخلاه، ورده الى ملكه، وقتل ببليدة يقال لها نرزم على طرف جيحون، سلخ صفر، أو غرة شهر ربيع الاول سنة خمس وستين واربعمائة، وحمل الى مرو، ودفن بجنب أبيه.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي عن محمد بن هلال قال:(4/1983)
حدثني أبو الحسن البصروي الشاعر قال: رأيت أبا طاهر بن أبي قراط العلوي في المنام وأنا أقول له: ما فعل الله تعالى بك، وكنت أعلم فساد اعتقاده، فلم يجبني، فلما كررت عليه القول وهو على حاله في ترك الاجابة قال لي: دع عنك هذا فقد ضرب الله نيسابور اثنين وسبعين عصا، وانتبهت، ففسرته على بعض من يدخل إليّ ممن له بذلك معرفة. فقال: عد يا سيدنا اثنين وسبعين يوما وانظر ما يتجدد بنيسابور. فكان قتل عضد الدولة ألب أرسلان بن داود سلطانها على جيحون في الجانب الشرقي، وقد عبر لقتال شمس الملك بن بوريخان صاحب سمرقند وبخارى وتلك الاعمال في اليوم الثالث والسبعين من المنام، وكان ذلك عجيبا، ويقال إن أهل بخارى وسمرقند وما يتاخمها من الاعمال اجتمعوا بسمرقند لما أظلتهم من عساكر ألب أرسلان، وكانت عظيمة، والاكثر يقول: انها قاربت مائتي ألف فارس، وأن لم يكن لسلطانهم ولهم به قوة، وبدأ الاجتياح والنهب في الاعمال، وبات صلحاء الناس بسمرقند في الجامع مدة اسبوع يصومون ويفطرون على الرماد والملح، ويدعون الله كفايتهم ما قد أظلهم وامر من قد قصدهم، فلم تنسلخ أيام الاسبوع حتى ورد اليهم خبر قتله، وأن يوسف أحد أصحاب شمس الملك لما أخذ من قلعة هناك أحضر بين يديه، فتهدده وتوعده، ثم ضرب اليه نشابة، وقال لغلامين اتراكا كانا يمسكانه: خلياه ورماه فلم يصبه، وعدا اليه يوسف فبرك عليه وجرحه بسكين كانت في خفه جراحة عاش منها ثلاثة أيام ومات «1» .
ألب أرسلان،
ويسمى محمدا أيضا، بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك ابن سلجون بن تقاق، أبو شجاع، الملقب تاج الدولة، الأخرس، وألب أرسلان الذي قدمنا ذكره جد أبيه.
ملك حلب حين مات أبوه رضوان وهو صبي، وتولى تدبير أمره خادم أبيض كان من خدم أبيه اسمه لؤلؤ (288- ظ) ويعرف باليايا، فلم تتم له سنة حتى قتله غلمانه بالمركز من قلعة حلب، ووافقهم على ذلك لؤلؤ اليايا.
وكان الثغ لا يحسن الكلام فدعي بالأخرس لذلك. وكان مهوّرا قليل العقل، سفاكا للدم منهمكا في المعاصي.(4/1984)
سمعت والدي رحمه الله يقول: جمع تاج الدولة الأخرس بن رضوان جماعة من الأمراء والأجناد وادخلهم إلى موضع بالقلعة شبيه بالسرداب أو المصنع لينظروه، فلما حصلوا كلهم فيه قال لهم: ايش تقولون فيمن يضرب رقابكم هاهنا، فتضرعوا إليه، وأيقنوا بالقتل، وقالوا: يا مولانا نحن مماليك وبحكمك، وخضعوا له حتى اخرجهم، ثم إنهم خافوا على أنفسهم منه فاجمعوا على قتله فقتلوه.
وقال لي الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم: كان جدي مالك من جملة الأمراء الذين فعل بهم ذلك، فلما نزل من القلعة سار عن حلب الى قلعة جعبر، وترك المقام بحلب خوفا على نفسه.
قال: ومضى أكثر الأمراء من حلب من خدمته إلى أن قتل، عمل عليه لؤلؤ الخادم مملوك أبيه مع جماعة من الامراء، فقتلوه.
قال: ثم إن لؤلؤ خاف فأخذ الاموال من قلعة حلب، وسار طالبا بلاد الشرق، فلما وصل الى دير حافر قال سنقر الجكرمشي: تتركونه يقتل تاج الدولة، ويأخذ الاموال، ويمضي! فصاح بالتركية- يعني- الأرنب الأرنب، فضربوه بالسهام فقتلوه.
قال: ولما هرب لؤلؤ (287- ظ) اقامت القلعة في يد آمنة خاتون بنت رضوان يومين فلما قتل لؤلؤ، ملكوا سلطان شاه بن رضوان. هكذا قال لي، ولؤلؤ، هو الذي نصب سلطان شاه بعد قتل أخيه، وبقي سنة وثمانية أشهر يدير دولته.
وقرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وولي بعده- يعني رضوان- أبو شجاع محمد بن رضوان، وكان لا يحسن أن يتكلم واستولى على حلب وله من العمر تسع عشرة سنة، وقتل خلقا من أصحاب أبيه.
فاغتاله خادم كان خصيصا به اسمه لؤلؤ في رجب سنة ثمان وخمسمائة، وكان ملكه بحلب سنة واحدة.
قال لي بدران بن حسين بن مالك: بلغني أن تاج الدولة الاخرس خرج يوما الى عين المباركة، ونصب بها خيمه، وأخذ معه أربعين جارية، ووطئهن كلهن في ذلك اليوم.(4/1985)
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: ألب أرسلان بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان التركي ولي امرة حلب بعد موت أبيه رضوان في جمادي الآخرة سنة سبع وخمسمائة وهو صبي عمره ست عشر سنة، وتولى تدبير أمره خادم لأبيه اسمه لؤلؤ، ورفع عن أهل حلب بعض ما كان جدد عليهم من الكلف، وقتل أخويه ملك شاه وميريجا «1» ، وقتل جماعة من الباطنية، وكانت دعوتهم قد ظهرت في حلب في أيام أبيه، ثم كاتب (288- هـ) طغتكين أمير دمشق، ورغب في استعطافه، فأجابه طغتكين الى ذلك، ودعا له على منبر دمشق في شهر رمضان من هذه السنة، ثم قدم الب أرسلان في هذا الشهر دمشق، وتلقاه طغتكين وأهل دمشق في أحسن زي وأنزله في قلعة دمشق، وبالغ في اكرامه، فأقام بها أياما، ثم عاد الى حلب في أول شوال، وصحبه طغتكين، فلما وصل حلب لم ير طغتكين ما يحب ففارقه وعاد الى دمشق.
وساءت سيرة ألب أرسلان بحلب وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم، وخافه لؤلؤ اليايا، فقتله بقلعة حلب في الثامن من شهر ربيع الآخرة من سنة ثمان وخمسمائة ونصب أخا له طفلا عمره ست سنين، وبقي لؤلؤ بحلب الى أن قتل في آخر سنة عشر وخمسمائة «2» .
قرأت في مدرج وقع الي بخط العضد مرهف بن أسامة بن منقذ فيه تعاليق من الحوادث في السنين قال: وفيها- يعني سنة ثمان وخمسمائة، قتل الاخرس ابن الملك رضوان في يوم الاثنين خامس شهر ربيع الآخر.
قلت: ومن العجب العجيب الذي فيه عبرة لكل أريب أن رضوان لما ملك(4/1986)
حلب قتل أخوين كانا له، فقوبل في عقبة، فلما ولي ألب أرسلان قتل أخويه ابني رضوان.
نقلت من خط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي عنه قال: سنة سبع وخمسمائة، فيها: مات الملك رضوان بحلب، وجلس موضعه ولده تاج الملوك ألب أرسلان، وصار أتابكه لؤلؤ الخادم، وقتلوا من الخدم والخواص جمعا حتى استقام أمرهم، وقبض على أخوته وفيها قتل تاج الدولة بن الملك رضوان أخوته ملك شاه وابراهيم صبيين أحسن الناس صورا، وقتل خادم أبيه التونتاش المجني، وقتل الفتكين الحاجب وخافه الناس، فألب عليه خادمه أتابكة لؤلؤ من قتله.
ثم قال: سنة ثمان وخمسمائة، فيها: قتل تاج الدولة ألب أرسلان بن رضوان صاحب حلب بداره في قلعة حلب بتدبير أتابكه لؤلؤ، وأجلسوا موضعه أخاه الملك سلطان شاه بن رضوان «1» .
كذا قال العظيمي: «ملك شاه وابراهيم» وهو وهم وانما هو وميريجا، وأما ابراهيم فانه آخر من بقي من ولد رضوان، ولم يبق من ذرية رضوان الا عقبة الى يومنا هذا.
ذكر من أسمه الياس
الياس بن محمد بن الياس بن ابراهيم التميمي البالسي:
حدث عن أبيه محمد بن الياس بن ابراهيم البالسي روى عنه ابنه أبو الأسد محمد بن الياس الخطيب البالسي.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي البغدادي، فيما أذن لنا (288- ظ) في روايته عنه، قال: أخبرنا عمر بن علي بن الخضر القرشي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علوان الحلبي قال: أخبرنا(4/1987)
الفقيه معدان بن كثير بن الحسن بن المعمر البالسي بحلب قال: حدثنا القاضي الاجل أبو التمام عبد العزيز بن محمد بن الياس قال حدثنا والدي محمد بن الياس قال: حدثنا والدي الياس بن محمد قال: حدثنا والدي محمد بن الياس قال:
حدثنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار بالمصيصة قال حدثنا محمد ابن قدامة قال حدثنا جرير عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يشكر الله من لا يشكر للناس» «1» .
الياس بن عبد الله:
أبو الخير، عتيق أبي منصور المظفر بن عبد القاهر بن الحسن السهروردي، قاضي الموصل سمع بالموصل خطيبها أبا الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، وروى لنا بالموصل، وذكر لي أنه قدم حلب مع مولاه حين اجتاز بها رسولا، قال لي:
وقدمتها مرارا كثيرة في تجارة، وكان شيخا حسنا صحيح السماع أمينا.
أخبرنا الياس بن عبد الله مولى ابن السهروردي بالموصل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي الخطيب بالموصل قال: أخبرنا أبو المظفر ميمون بن محمد بن أحمد في داره المعمورة بترمذ قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق المرغيناني قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم الحكيم الاشبارياني قال: أخبرنا نسطور الرومي (289 و) بقرية من قرى بارات «2» يقال لها تكركان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة ورفع له في الجنة ألف درجة، ويطعمه الله تعالى من ثلاث جنان: من العدن، والفردوس، والخلد. «3» .
الياس بن....
الفقيه الملقب بناصح الدين، فقيه كان بسيواس يدرس الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، فأرسله صاحب سيواس الملك ياغي يسن بن الدانشمند(4/1988)
الى حلب ليأخذ الفتاوى من أئمتها على الملك فخر الدين بسبب يمين جرت بين ابن الدانشمند وبين فخر الدين، وأدعى أنه قد نقض العهد وخالف اليمين حين نزل يحاصر آمد، والغالب عليها يومئذ الملاحدة، وكانوا يومئذ معاهدين لمن حالف الملك ابن الدانشمند، فدخل بلاد الملك فخر الدين ونهبها، ونفذ الفقيه الياس لأخذ خطوط الأئمة بها، وكانا قد تحالفا على أن يكون كل واحد منهما صديق الآخر، وعدو عدوه كائنا من كان، وكان بحلب يومئذ علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي، وتاج الدين عبد الغفور الكردي الحنفيان، وشرف الدين عبد الله بن عصرون رحمهم الله أجمعين.
اليون المرعشي:
كان روميا من أهل مرعش، وكان قد مضى مع مسلمة بن عبد الملك في أيام أخيه سليمان بن عبد الملك، فملكه الروم عليهم بالقسطنطينية.
قال البلخي في تاريخه: وجهز سليمان مسلمة حتى بلغ القسطنطينية في مائة ألف وعشرين ألفا، وكان استصحب البون المرعشي ليدله على الطريق والعورات، وأخذ عهوده ومواثيقه على الوفاء والمناصحة، فعبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية فلما برح بهم الحصار عرضوا الفدية على مسلمة فأبى أن يفتحها إلّا عنوة، قالوا:
فابعث الينا اليون فانه رجل منا، ويفهم كلامنا مشافهة، فبعثه اليهم فسألوه عن وجه الحيلة فقد ضاق بهم الامر، فقال: يا أهل قسطينطينية إن ملكتموني عليكم لم أفتتحها لمسلمة، فبايعوه على الملك والامرة، فخرج اليون وقال لمسلمة: قد أجابوني انهم يفتحونها، غير أنهم لا يفتحون ما لم تتنح عنهم، قال مسلمة: أخشى والله ان هذا منك غدر، فحلف له أليون أن يدفع اليه كل ما في قسطنطينية من ذهب وفضة وديباج وسبي، ورحل مسلمة وتنحى الى بعض الرساتيق ودخل اليون، فلبس التاج، وقعد على سرير الملك، (289 ظ) وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج فملأوا الاهراء وشحنوا المطامير، وبلغ الخبر مسلمة فعلم أنه كان غدرا، فأقبل راجعا فأدرك شيئا من الطعام، وغلقوا الابواب دونه، وبعث الى اليون يناشده الوفاء الى العهد، فأرسل اليه اليون: ملك الروم لا يبايع بالوفاء، ونزل بفنائهم(4/1989)
مسلمة ثلاثين شهرا، حتى أكل أهل عسكرة الميتة والعظم، وقتل منهم خلق عظيم ثم رحل وانصرف «1» .
أمجد بن عبد الملك:
أبو المجد الوركاني القاضي قاضي بلاد الروم، ووركان قرية من قرى قاشان، وكان فاضلا أديبا شاعرا واعظا متفننا في علوم شتى، ودخل حلب أو عملها في طريقة الى بلاد الروم، ووقع الي من شعره قوله:
يؤرقني ذكر عهودي ومشهدي ... متى لاح برق ببرقة ثهمد «2»
وتذري غروبي كلما هبت الصبا ... دموعا كمن فض الجمان المبدد
اذا نشرت أيدي الظلام فروعه ... طويت على جمر الغضا المتوقد
***(4/1990)
ذكر من اسمه امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر الملك بن الحارث الملك بن عمرو المقصور الملك بن حجر آكل المرار الملك بن عمرو الملك بن معاوية الملك بن الحارث بن يعرب وقيل معاوية الملك بن ثور الملك بن مرتع وهو عمرو أول ملوك كندة بن معاوية بن ثور، وهو كندة، أبو وهب، وقيل أبو عمرو وقيل أبو يزيد، وقيل أبو الحارث وقيل أبو كبشة الكندي، أحد ملوك كندة وابن ملوكهم.
وقال الوزير أبو القاسم بن المغربي في كتاب النسب الذي جمعه ووسمه بالايناس: امرؤ القيس بن حجر حندج «1» .
وقال في كتاب «فائت كتاب المكائرة عند المذاكرة «2» » : وأما امرؤ القيس ابن حجر فاستغني باشتهاره عن ذكر شيء من أخباره وأشعاره فأحببت أن أثبت اسمه فهو، صح لي حندج والحندج الرملة العظيمة، والجمل العظيم، والقيس الشدة.
وامرؤ القيس من شعراء الجاهلية، وهو أول من فتح (290 و) باب الشعر، وذكر بعض الرواة، أن امرأ القيس كان مليح الوجه، حسن الاخلاق، غير أنه كان مبغضا الى النساء.
وقرأت بخط أبي عبد الله بن خالويه: كان امرؤ القيس مفركا «3» أي تبغضه النساء.(4/1991)
وقرأت بخط غيره: ويقال ان بعض من كان يلوذ به من النساء فركته، وقالت أشم منك رائحة كلب، فيقال أنه أرضع من لبن كلبة.
وأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كلب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين، وكانت بنو أسد قتلوا أباه حجرا، وامرؤ القيس غائب، فانتدب لطلب ثأر أبيه، فلما علم أنه لا طاقة له بذلك سار الى قيصر ملك الروم، مستنجدا به على الاخذ بثأر أبيه، واجتاز في طريقه بظاهر مدينة حلب وبحماة وشيزر، وقد ذكر مواضع من قرى حلب وأعمالها في قصيدته الرائية التي يذكر فيها مسيره الى بلد الروم، وقصده قيصر وأولها:
سما لك شوق بعد ما كان أقصرا ... وحلت سليمى قرن ظبي فعرعرا «1»
كنانية بانت وفي الصدر ودها ... مجاورة نعمان «2» والحي يعمرا
بعنيك «3» ظعن الحي لما تحملوا ... على «4» جانب الافلاج «5» من جنب تميرا «6»
قال فيها:
ولما بدت حوران والآل دونها ... نظرت فلم تنظر بعينك منظرا
تقطع أسباب اللبانة والهوى ... عشية جاوزنا حماة وشيزرا (290 ظ)
عشيه جاوزنا حماة وشيزر «7» ... أخو الجهد لا يلوي على من تعذرا
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لا حقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينيك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعدرا «8»(4/1992)
قال فيها:
ألا رب يوم صالح قد شهدته ... بتاذف ذات التل من فوق طرطرا «1»
تاذف قرية في وادي بزاعا الى جانب باب بزاعا من اقليم وادي بطنان، وطرطر هي باططل الآن تعرف بذلك، وقيل طرطر اسم نهرها.
وقرأت بخط توزون الطبري فيما رواه عن أبي عمر الزاهد قال: وقال أبو عمرو بن الطوسي: وأما طرر فأخبرني الوليد بن عبيد البحتري الشاعر قال: هي قرية عندنا بناحية منبج يقال لها باطرطل باللام.
وقرأت في شعر امرئ القيس عن أبي نصر عن أبي سعيد الأصمعي رواية أبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي في تفسير هذا البيت: تاذف قرية بالشام لبني كلاب فيها حصن، وطرطر أيضا قرية هناك وانما هي باطرطر، ثم قال فيها:
ولا مثل يوم في قذاران ظلته ... كأني وأصحابي على قرن أعفرا «2»
يقول لم نكن على طمأنينة كأنا كنا على قرن ظبي أعفر، وقذاران قرية في وادي بطنان أيضا من شمالي باب بزاعا معروفة، وقد جاء في بعض الروايات:
«ولا مثل يوم في قذار ظلته» وهي قرية أيضا من قرى حلب من ناحيتها (291- و) القبلية من أعمال السهول والنهريات القبلية، وأكثر هذه القرية جار في ملكي، والآن تسمى أقذار، وتسمى التي في وادي بطنان أقذاران.
ويروى في هذه القصيدة:
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ... ولابن جريج كان في حمص أنكرا
يذكرها أوطانها تل ماسح ... مساكنها من بر بعيص وميسرا «3»
وقال ابن الكلبي: بربعيص بحمص، وتل ما سح «4» بقنسرين.(4/1993)
قرأت في كتاب «أدب الخواص «1» » تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن المغربي، قال: أول ما سمع حجر من شعر ابنه امرئ القيس قوله:
اسقيا حجرا على علاته ... من كميت لونها لون العلق «2»
قال الوزير: واني لأستقبح أن يقول قائل لأبيه «على علاته» ، وأظن ذلك هو الذي غاض حجرا، فلما سمعه أمر الساقي بلطم وجهه واخراجه ونهاه عن قول الشعر، ثم سمعه يوما وهو يشرب من فضلة أبيه، وهو يقول:
وهر تصيد قلوب الرجال ... وأفلت منها ابن عمرو حجر «3»
يعني هر بنت سلامة بن عبد الله بن عليم من بني كليب، وابنها الحارث وهو الملقب بالخرساء، وقيل: إن هرا جارية كانت لأبيه، والأول أصح، فوثب اليه أبوه فضربه، وأمر مولى له أن يقتله، فلم يقتله وأظهر قتله، ثم ندم على ذلك.
وقال غير الوزير أبي القاسم: إنه لما نهاه أبوه عن قول الشعر ولم ينته أمر حجر حاجبه (291- ظ) ربيعة «4» بقتله وأخبر أنه قتله، فتبين ندمه، فقال: لم أقتله وإنما تركته على جبل فأمره بإحضاره، ثم طرده عنه، فلم يزل يسير في العرب ومعه قيانه وهجائنه يصيد ويشرب الخمر، فبينما هو في شربه إذ نعي اليه أبوه، وأن بني أسد قتلته، وكان ملكهم، قتلوه لعسفه وظلمه، انتخى له علباء بن الحارث ابن حارثة بن هلال أحد بني كاهل بن أسد، فضربه بعكاز فأصاب نساه «5» فمات، وانتهبوا أمواله، وكان حجر قتل أباه.
ولما بلغه قتله قال: ضيعني صغيرا وحملني ثقل الثأر كبيرا، اليوم خمر وغدا(4/1994)
أمر، وقال أبياتا، ثم نهض واستنهض بكر بن وائل فأجابوه، فهجم على بني كنانة، فقتل فيهم ظنا منه أنهم بنو أسد، حتى أخبرته عجوز بهم، ثم واقع بني أسد، ولم يدرك منهم ثأره، وبعد ذلك أبت بكر وتغلب أن تتبعه لقتله كنانة ظلما، وآل أمره حتى دخل الروم واستنجد بملكهم واسمه أسطاس «1» .
قال الوزير أبو القاسم: وقيل أنه لما قتل حجر تنازع امرؤ القيس ابنه، وثعلبه ابن مالك أحد بني عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن كندة في الملك بعده فأجمعا للحرب فأكف امرؤ القيس أصحابه، وبرز الى ثعلبة وحده، وطعن فيهم، فحملوا عليه فولى هاربا، وهم في طلبه، فخرج عليهم أصحاب امرئ القيس فكسروهم وأسر ثعلبة وقتله صبرا وقال:
لا وأبيك ابنة العامري ... لا يدّعي القوم أني أفر «2»
قلت: قد ذكر الوزير أنه قال:
وهر تصيد قلوب الرجال ... وأفلت منها ابن عمرو حجر (292- و)
وثب إليه أبوه وضربه، وأمر مولاه بقتله، ثم قال: انه لما قتل حجر تنازع امرؤ القيس وثعلبة، وأنه أسر ثعلبة، وقتله صبرا، وقال:
لا وأبيك ابنة العامري
البيت، والبيتان جميعا في قصيدة واحدة وفي ذلك من التناقض ما لا يخفى.
قال الوزير: بعض الناس يظن أن وفادة امرئ القيس الى الروم كانت للاستجاشة على بني أسد، وليس كذلك، وانما سببها أن المنذر بن ماء السماء اللخمي لما عاد الى الملك أيام أنوشروان أنفذ في طلب بني آكل المرار جيشا من بكر وتغلب، فأسر منهم ستة عشر رجلا، وقيل اثني عشر، فضرب أعناقهم بالحيرة، في دور بني مرينا، وهي تسمى لذلك تل الأملاك، ولذلك قال عمرو بن كلثوم:(4/1995)
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبنا بالموك مصفدينا «1»
ونجا امرؤ القيس بالهرب ولجأ الى هانىء بن مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، فاستجاره فلم يجره، فأتى سعد بن الضباب الإيادي، وكان سيد قومه في وقته فأجاره زمنا فمدحه وهجا هانىء وقيل إن أم سعد كانت تحت حجر فطلقها، وهي حامل فتزوجها الضباب، فولدت عنده سعدا فنسب إليه.
ثم تنقل في الاحياء في طيء، وذكر الوزير كثيرا ممن نزل عليه، ثم قال: إنه نزل على المعلى بن تيم بن ثعلبة بن جدعان بن مقصور واسمه لوذان بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن بن فطرة بن طىء، (292- ظ) فلما تغيب المعلى عن بيته اغتنمها المنذر، وقصد بيته وفتشه فأدخل ابنه امرأ القيس إلى نسائه، فلم يجده عندهم وعاد، فمدحهم امرؤ القيس:
كأني إذ نزلت على المعلى ... نزلت على البواذخ من شمام
فما ملك العراق على المعلى ... بمقتدر ولا الملك الشآمي
أصد نشاص ذي القرنين ... حتى تولى عارض الملك الهمام
أقر حشا امرئ القيس بن حجر ... بنو تيم مصابيح الظلام «2»
فسموا مصابيح الظلام لهذا القول، ثم خرج امرؤ القيس من فوره يريد قيصر «3» .
قلت: وقال امرؤ القيس في الملوك الذين قتلهم المنذر بن ماء السماء من بني آكل المرار بالحيرة.
ألا يا عين بكي لي سنينا ... وبكي لي الملوك الذاهبينا
ملوكا من بني حجر بن عمرو ... يساقون العشية يقتلونا(4/1996)
فلو في يوم معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا
بنو مرينا قوم من أهل الحيرة.
فلم يغسل جماجمهم بغسل ... ولكن بالدماء مزملينا «1»
وذكر أبو عمرو عثمان بن بحر الجاحظ في تقدير ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين امرئ القيس أنه نحو مائتي سنة، أو مائة وخمسين سنة، وأورده في الحيوان «2» .
وقال الوزير ابن المغربي: والصحيح الذي يوجبه التقريب في التقدير أن بين مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبين موت امرئ القيس خمسا وخمسين سنة، وبين مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبين هجرته ثلاثا وخمسين سنة «3» (293- و) .
***(4/1997)
[امرؤ القيس فى كلام النبي (ص) ]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه وأنا أسمع بحلب، قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد الزينبي- قراءة عليه- وأبو القاسم السمرقندي، وابن مسعود المجلي وغيرهما- إجازة ان لم يكن سماعا منهم أو من أحدهم- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي البصري يقول: حدثنا بكر بن علي ابن محمد الصيدلاني قال: حدثنا أبو هفان الشاعر قال: حدثنا الأصمعي عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء الى النار «1» .
هكذا وقع وقد سقط بين الأصمعي وابن سيرين ابن عون، والله أعلم.
أخبرنا به على الصواب أبو علي المبارك بن أبي الحسن بن الحسين بن المطرز في كتابه قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن مخلد قال: حدثنا أبو بكر جنيد بن حكيم الأزدي قال: حدثنا أبو هفان الشاعر قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: امرؤ القيس بن حجر قائد لواء الشعراء يوم القيامة الى النار.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب العدل قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد العجمي قال: أخبرنا أبو الحسن بن محمد البزاز أبو الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان الواسطي قال: حدثنا أبو الحسن نهشل قال: حدثنا حميد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا(4/1998)
أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء وقائدهم الى النار.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي ببلخ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار (294- و) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن السني قال: أخبرنا أبو يعلى- يعني الموصلي- قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا هشيم عن أبي الجهم الواسطي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء الى النار.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين ابن زكريا وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان.
قال أبو الفضل: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي.
وقال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون.
قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي الفارسي قال: حدثنا ابو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال حدثنا حميد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء الى النار «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر(4/1999)
الحافظ قال: سمعت اسماعيل بن عبد الجبار الماكي قال: سمعت أبا يعلى (294- ظ) الخليلي يقول: حدثنا جدي والقاسم بن علقمة قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا أحمد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد لواء الشعراء الى النار.
أخبرنا مرجا بن أبي الحسن الواسطي قال: أخبرنا محمد بن علي بن احمد الكتاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا عثمان بن نصر الطائي قال: حدثنا يحيى بن أكثم قال: حدثنا المأمون أمير المؤمنين عن هشيم عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء بأزمتهم الى النار.
أخبرنا فراس بن علي العسقلاني قال: أخبرنا أبو طاهر الخشوعي قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: أخبرنا أبو القاسم الحنائي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله ابن محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد الخصاص قال:
حدثنا حميد قال: حدثنا هشيم عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء في النار.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو نصر محمد بن حمد بن عبد الله الكبريثي قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن مهرايزد النحوي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال حدثنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: حدثنا الخضر (295- و) بن محمد بن شجاع قال: أخبرنا هشام عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء في النار لانه أول من أحكم قوافيها.(4/2000)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن محمد بن بوش الآزجي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش العكبري- قراءة عليه وأنا اسمع- قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قراءة قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى النهرواني الجريري- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي قال: حدثنا سليمان بن سيف قال حدثنا حبان أبو عبد الله جار أبي عاصم قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب قال: حدثني فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل وفد من اليمن فقالوا: يا رسول الله لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس قال: وكيف ذاك؟ قالوا: أقبلنا نريدك حتى اذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق، فمكثنا ثلاثا لا نقدر عليه فتفرقنا الى أصول طلح وسمر ليموت كل رجل منا في ظل شجرة فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير معتم، فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع: (295- ظ) .
لما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي «1»
فقال الراكب: من يقول هذا الشعر- وقد رأى ما بنا من الجهد، قال: قلنا:
امرؤ القيس بن حجر، قال ما كذب وإن هذا لضارج، أو ضارج عندكم، فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحو من خمسين ذراعا فحبونا اليه على الركب، فإذا هو كما قال امرؤ القيس على العرمض يفىء عليه الظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة شريف في الدنيا خامل في الآخرة، بيده لواء الشعراء يقودهم الى النار.
قال: وأخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: وحدثناه أحمد بن عيسى بن السكين البلدي قال: حدثني أبو داود سليمان بن سيف الحراني قال: حدثنا(4/2001)
حبان بن هلال أبو عبد الله البصري جار أبي عاصم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن السائب قال: حدثنا فروة بن عفيف- أو قال: عفيف- بن معد يكرب عن أبيه عن جده قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم من الاعراب حفاة عراة، فقالوا: يا رسول الله لقد أنجانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر فقال: كيف ذاك؟ قالوا: يا رسول الله أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أضللناه ثلاثا، لا نقدر عليه فبينا نحن كذلك عمد كل رجل منا الى ظل شجرة أو سمرة ليموت (296- و) تحتها فإذا راكب على بعير له يوضع، فلما رآه بعضنا قال: والراكب يسمع:
لما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دام
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طام
قال: فقال الراكب: يا عبد الله من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس بن حجر قال: والله ما كذب وإن عنده الآن لضارجا عليه العرمض يفيء عليه الظل، قال: فنظرنا فاذا ليس بيننا وبينه إلا فدر عشرين ذراعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة بيده لواء الشعراء يقودهم الى النار «1» .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو المعالي بن عبد الرحمن بن صابر إجازة- قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: أخبرنا محمد بن موسى بن حماد قال: حدثنا محمد بن سهل الأزدي عن هشام بن محمد عن أبيه قال: أقبل قوم من اليمن يريدون النبي صلى الله عليه وسلم فأضلوا الطريق وفقدوا الماء، فمكثوا ثلاثا لا يقدرون على الماء فجعل الرجل منهم يستدري بفيء السمرة(4/2002)
أو (296- ظ) الطلح آيسا من الحياة حتى خفت كلامهم من العطش، فبيناهم كذلك أقبل راكب وهو ينشد بيتين لامرىء القيس:
ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا؟ قالوا: امرؤ القيس، فقالوا: فأين ضارج؟
قال: هو ذا خلفكم، فانحرفوا إليه، فإذا ماء غدق، وإذا عليه العرمض والظل يفيء عليه فشربوا منه وحملوا حتى بلغوا الماء، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه وقالوا: أحيانا ببيتين من شعر امرئ القيس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء الى النار.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي عن أبي علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو جعفر احمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني برزويه قال: حدثني محمد بن الحسن الأعرج عن البرقي عن ابن الكلبي: أن قوما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشعر الناس، فقال ائتوا ابن الفريعة- يعني حسان- فأتوه، فقال: ذو القروح- يعني امرئ القيس- فرجعوا فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
صدق رفيع في الدنيا خامل في الآخرة، شريف (297- و) في الدنيا وضيع في الآخرة، هو قائد الشعراء الى النار. أو كما قال.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، وأبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النسوي الصوفي قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر قال: أخبرنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف قال: فحدثني علي بن بكر قال: حدثنا أحمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو زيد بن عبيدة قال: حدثني علي بن الصباح قال: حدثنا هشام بن محمد عن فروة(4/2003)
ابن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال: قدم قوم من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر، قال: وكيف ذاك؟ قال: قالوا: أقبلنا نريدك فضللنا فبقينا ثلاثا بغير ماء فاستظللنا بالطلح والسّمر، فأقبل راكب متلثم بعمامة وتمثل رجل منا ببيتين:
ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس بن حجر، قال فلا والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، فحبونا على الركب الى ماء كما ذكر عليه العرمض يفيء عليه الطلح فشربنا رينا، وحملنا ما بلغنا الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل (297- ظ) فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء الى النار.
ويقال أن لبيدا قدم المدينة قبل إسلامه، فقال نفر من قريش لرجل منهم:
انهض الى لبيد فاسأله أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشعر الناس؟
فنهض إليه فسأله، قال: إن شئت أخبرتك من أعلمهم؟ قال: بل أشعرهم قال:
يا حسان أعلمه فقال حسان: الذي يقول:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحنتف البالي
قال: هذا امرؤ القيس، فمن الثاني؟ قال: يا حسان أعلمه، قال الذي يقول:
كأن تشوفه بالضحى ... تشوف أزرق ذي مخلب
إذا سلّ عنه جلال له ... يقال سليب ولم يسلب
قال لبيد: وهذا له أيضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أدركته لنفعته، ثم قال: معه لواء الشعراء يوم القيامة حتى يتدهدأ بهم في النار، فقال لبيد: ليت هذه المقالة قيلت لي وإني أدهدأ في النار، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه «1» .(4/2004)
أخبرنا عمر بن طبرزد- إذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري البزاز- إجازة- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد ابن سلم بن راشد الختلي قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال:
حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن زياد الجمحي في كتاب طبقات الشعراء الجاهليين في الطبقة الأولى: امرؤ (298- و) القيس بن حجر بن الحارث ابن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة «1» .
قال ابن طبرزد: وأنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال:
أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: قال ابن الكلبي: إنما سمي حجر بن عمرو بن معاوية الأكرمين آكل المرار لأن امرأته هند بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية الأكرمين لما أغار عليه ابن الهيولة السليحي، فأخذها فقال لها: كيف ترين الآن حجرا؟
فقالت: أراه والله خبيث الطلب شديد الكلب، كأنه بعير أكل مرارا، والمرار نبت حار يأكله البعير فيتقلص منه مشفره، وكان حجرا أفوه الأسنان، فشبهته به فسمي آكل المرار بعد ذلك «2» .
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني- إجازة- قال في معجم الشعراء: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار الكندي، وامرؤ القيس أحد ملوك كندة، وابن ملوكهم وسمي عمرو المقصور لاقتصاره على ملك كندة دون غيرهم، وسمي حجر آكل المرار، لأن امرأته قالت: هو شديد الكلب، سريع الطلب، مزبد شدقاه، كأنه جمل آكل مرار، فسمي بذلك، والمرار نبت حار يتقلص منه مشفر البعير، وقد اختلف في نسب آكل المرار، فقال أبو عبيدة: هو آكل المرار بن عمرو بن(4/2005)
معاوية بن عمرو بن معاوية بن ثور (298- ظ) وثور هو كندة، وقال عمر بن شبة ومن قال بقوله: هو آكل المرار بن عمرو بن حجر، وهو أول ملوك كندة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن كندة بن مرتع بن عفير «1» .
وقال محمد بن سلام: هو آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة «2» .
وقال هشام بن محمد الكلبي: كندة اسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان، وقد خولف ابن شبة وابن سلام وابن الكلبي في هذا النسب، والخلاف فيه مشروح في الكتاب المونق «3» .
قال: وقيل كنية امرئ القيس أبو عمرو، وقيل أبو الحارث، وقيل أبو كبشة ويلقب ذا القروح، ويقال ذو القروح، ونسب الى ذلك للبسه الحلة المسمومة التي أهداها إليه قيصر فقرحت جسده، وهو الملك الضليل، وسمي بذلك لأن ملك كندة ضل على يده لما تنقل في أحياء العرب طالبا ثأر أبيه، ثم ارتحل الى قيصر يستنجده، فمات بأرضه وبطل ملكهم، وأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كلب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني- إذنا- قال أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زبر قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثنا مسعود بن بشر قال: سمعت الأصمعي (299- و) يقول: امرؤ القيس بن حجر، يكنى أبا يزيد، وأبا وهب.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي الخضر القرشي التاجر- قدم علينا(4/2006)
حلب قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش الحلبي النحوي، قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثنا علي بن الأعرابي قال: حدثنا علي بن عمروس عن هشام بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح قال: كان يدخل مكة رجال متعممون من جمالهم مخافة أن يفتتن بهم، منهم: عمرو الطهوي، وأعيفر اليربوعي وسبيع الطهوي، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، وكان يقال له برجد من حسنه، والزبرقان بن بدر، وعمرو ابن حممة الدوسي، وأبو خيثمة بن رافع، وزيد الخيل بن مهلهل الطائي، وقيس بن سلمة، وشراحيل الجعفي، وذو الكلاع الحميري، وامرؤ القيس بن حجر الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي.
قرأت في رسالة أبي علي الحاتمي في الشعر والشعراء قال: ولا خلاف بين الرواة أن امرأ القيس كان راوية أبي دؤاد، وأنه لم يزل يقتضب شعره (299- ظ) وينتزع معانيه فمن ذلك قول أبي دؤاد «1» :
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... أناف بجذع مثل جذع السحوق
فقال امرؤ القيس:
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... تقول هرير الريح مرت بأثأب «2»
وقال أبو دؤاد:
وقد أغتذي والطير في وكناتها ... بمنجرد ضافي السبيب عتيق(4/2007)
فقال امرؤ القيس:
وقد أغتدي والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل «1»
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري- إجازة- قال: أجاز لي أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني.
قلت: ونقلته من نسخة عليها خط المرزباني وسماع عبد السلام البصري فيها قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري- إملاء من كتابه- قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنزي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد التوزي قال: قرأت على أبي عبيدة معمر بن المثنى، ح.
قال العنزي: وحدثنا ابراهيم بن شعبان قال: حدثنا أبو الحسن الأثرم قال:
قرأت على أبي عبيدة قال: اتفقت العرب العكاظيون أن لا يعدوا من الشيء إلا ثلاثة، ثم يكفوا ولا يزيدوا عليها شيئا، فإن لحق بعد ذلك شيء لم يعدوه، فاتفقوا على أن أشعر الشعراء في الجاهلية ثلاثة: امرؤ القيس بن حجر الكندي، ونابغة بني ذبيان، وزهير بن أبي سلمى، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: امرؤ القيس أولهم فتح لهم الشعر فاستوقف، وبكى في الدمن وذكر ووصف ما فيها ثم قال:
دع ذا رغبة عن المنسبة «2» .
وكتب فوقه التشبيه وعلم عليه ص، فتبعوا أثره، وهو أول من شبه الخيل بالعصا واللقوة والسباع والظباء والطبر، قال: واللقوة العقاب، فشبهوها بهذه الأوصاف، وكان ما شبه بالعصا قوله:
كميت كأنها هراوة منوال «3» .
وما شبه باللّقوة وهي العقاب قوله:(4/2008)
كأني بفتخاء الجناحين لقوه ... صيود من العقبان طاطات شملال «1»
وما شبه بالسباع:
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل «2»
وقال من فضل النابغة: هو أوضحهم كلاما وأقلهم سقطا وحشوا، وأجودهم مقاطع، وأحسنهم مطالع، ولشعره ديباجة إن شئت قلت: ليس بشعر مؤلف من ثابته ولينه، وإن شئت قلت: صخر لو رديت به الجبال لأزلتها.
وقال الذين فضلوا زهيرا: هو أمدح القوم وأشدهم أسر شعر.
قلت هذا من قولهم: أسر قتبه أسرا أي شده بالقد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي عن أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب السكري قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر قال: أخبرنا الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: أخبرني يونس بن حبيب أن علماء البصرة كانوا يقدمون امرؤ القيس بن حجر، وأن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وأن أهل الحجاز والبادية يقدمون زهيرا والنابغة.
قال ابن سلام وأخبرني أبان بن عثمان البجلي قال: مر لبيد بالكوفة في بني نهد فأتبعوه رسولا مسئولا، فسأله: من أشعر الناس؟ قال الملك الضليل، فأعادوه إليه، قال: ثم من؟ (300- و) قال: الغلام القتيل، وقال غير أبان: ابن العشرين، يعني طرفة، قال: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل، يعني نفسه.
قال محمد بن سلام أخبرني شعيب بن صخر عن هارون بن ابراهيم قال:(4/2009)
سمعت قائلا يقول للفرزدق: من أشعر الناس يا أبا فراس؟ قال: ذو القروح، يعني امرؤ القيس، قال: حين يقول ماذا؟ قال: حين يقول:
وفاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب «1»
قال ابن سلام: واحتج لامرىء القيس من يقدمه وليس أنه قال ما لم يقولوا، ولكنه سبق العرب الى أشياء ابتدعها استحسنتها العرب واتبعته فيها الشعراء منها:
استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخبل بالعقبان والعصي، وقيد الأوابد، وأجاد في التشبيه وفصل النسيب وبين المعنى، وكان أحسن طبقته تشبيها، وأحسن الاسلاميين تشبيها ذو الرمة «2» .
قلت: والى ذلك أشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله. وذكر امرأ القيس فقال: خسف لهم عين الشعر، وافتقر عن معان عور أصح بصر «3» .
وقد تكلم أبو سليمان الخطابي على معنى قول عمر رضي الله عنه، بما أخبرنا به المؤيد بن محمد في كتابه عن أبي عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: قال أبو سليمان الخطابي: (300- ظ) في حديث عمر أنه ذكر امرئ القيس فقال خسف لهم عين الشعر وافتقر عن معان عور أصح بصر، فسره ابن قتيبة في كتابه فقال: خسف من الخسيف وهو البئر تحفر في حجارة فيستخرج منها ماء كثير، وافتقر فتح، وهو من الفقير، والفقير فم القناة، وقوله عن معان عور يريد أن امرأ القيس من اليمن وليست لهم فصاحة.
قال أبو سليمان هذا لا وجه له، ولا موضع لاستعماله فيمن لا فصاحة له، إنما أريد بالعور هاهنا غموض المعاني ودقتها، من قولك عورت الركية، إذا دققتها، وركية عوراء، قال الشاعر:
ومنهل أعور احدى العينين ... بصيره الأخرى أصم الأذنين(4/2010)
جعل العين التي تنبع بالماء بصيرة، وجعل المندفنه عوراء فالمعاني العور على هذا هي الباطنة الخفية، كقولك هذا كلام معمى أي غامض غير واضح، أراد عمر أنه قد غاض على معان خفية على الناس، فكشفها لهم، وضرب العور مثلا لغموضها وخفائها وصحة البصر مثلا في ظهورها وبيانها، وذلك كما أجمعت عليه الرواة من سبقه الى معان كثيرة لم يحتذ فيها على مثال متقدم كابتدائه في القصيدة بالتشبيب والبكاء في الاطلال، والتشبيهات المصيبة والمعاني المقتضبة التي تفرد بها فتبعه الشعراء عليها وامتثلوا (301- و) رسمه فيها.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد- إجازة إن يكن سماعا- قال:
أخبرنا أبو الحسن بن النقور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الاصمعي قال: سألت بشار الاعمى: من أشعر الناس؟ فقال: اختلف الناس في ذلك، فأجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفة بن العبد.
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي العز بن كادش قال: أخبرنا أبو يعلى بن الفراء قال:
أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن سعيد بن اسماعيل بن محمد بن سويد قال: حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي قال: حدثنا العنزي قال أخبرنا دماد قال: قال أبو عبيدة: ذهب اليمن بجد الشعر وهزله، فجده امرؤ القيس وهزله أبو نواس.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف. وأنبأني أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرئ عنه قال:
أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي قال: حدثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ قال: حدثنا اسماعيل بن يونس قال: حدثنا محمد بن الجهم قال: سئل الفراء يحيى بن زياد القيسي عن أشعر العرب فأبى أن يقول، فقيل له: إنك لهذا موضع فقل، فقال: كان زهير بن أبي سلمى (301- ظ) واضح الكلام مكتفية بيوته، البيت منها بنفسه كاف، وكان جيد المقاطع، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء، والمقطع تعرف في شعره(4/2011)
قدرته على الشعر لم يخالطه ضعيف الحداثة، وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم، وإنه إن كان خارجا من جيد الشعراء يفوقهم وكان لطرفة شيء ليس بالكثير، وليس كما يذهب إليه بعض الناس لحداثته وكان لو متع بسن حتى كبر معه شعره كان خليقا أن يبلغ المبالغ، وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء، وكان الحطيئة نفي الشعر، قليل السقط، حسن الكلام مشربه، وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرى واحدا في خشونة الكلام وصعوبته، وليس ذلك بمحمود عند أهل الشعر، وأهل العربية يشتهونه لكثرة غريبه، وليس يجود الشعر عند أهله حتى يكون صاحبه يقدر على تسهيله وايضاحه، فاذا نزلت عن هؤلاء بجرير والفرزدق فهما اللذان فتقا الشعر، وعلما الناس وكادا يكونان خاتمي الشعر، وكان ذو الرمة شيخ الشعر، يشبه فيجيد ويحسن، ولم يكن هجاء ولا مداحا، وليس الشاعر إلا من هجا فوضع، أو مدح فرفع كالحطيئة والأعشى فإنهما كانا يرفعان ويضعان، ثم قال الفراء: والله الرافع الواضع.
وأنبأنا الحسن (302- و) قال: أخبرنا علي قال: أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي عن أبي علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الحسن المخزومي قال: قيل لحسان بن ثابت: من أشعر الناس؟ قال: أبو أمامة- يعني النابغة الذبياني، قيل: ثم من؟ قال: حسبك بي مناضلا أو منافحا، قيل: فأين أنت عن امرؤ القيس؟ قال إنما كنت في ذكر الانس.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن الخضر البغدادي- قراء عليه- قال:
أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد ابن الفرج، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد. قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن العلاف قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد(4/2012)
ابن ابراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري قال حدثنا الزبير بن بكار قال:
أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال: حدثني أبي أن امرأة لقيت كثير عزة وكان قليلا دميما، فقالت: من أنت؟ قال: كثير عزة، قالت: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، قال: مه رحمك الله فاني أنا (302- ظ) الذي أقول:
فإن أك معروق العظام فإنني ... إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن «1»
قالت: وكيف تكون بالقوم وازنا، وأنت لا تعرف إلا بعزة! قال: والله لئن قلت ذاك، لقد رفع الله عز وجل بها قدري وزين بها شعري وإنها لكما قلت:
فما روضه بالحزن طاهرة الثرى ... يمج الندى جثجاثها «2» وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهنا ... وقد وقدت بالمندل الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقوه ... وبالحسب المكنون صاف نجارها
فإن برزت كانت لعينك قرة ... وإن غبت عنها لم يعممك عارها «3»
قالت: أرأيت حين تذكر طيبها إذا استجمرت بالمندل الرطب، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها، ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
خليليّ مرابي على أم جندب ... نقضي لبانات الفؤاد المعذب
ألم تر بأني كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيب «4»
قال: الحق والله خير ما قيل، هو والله أنعت لصاحبته مني.
قلت الذي يقع لي أن كثير عزة أراد الروضه بقوله: «وقد وقدت بالمندل الرطب نارها» وفي الكلام تقديم وتأخير وقوله: هو أنعت لصاحبته (303- و) مني، إن صح الخبر، ففيه اعتراف بتفضيل بيتي امرؤ القيس على شعره والأمر كذلك(4/2013)
لعذوبة ألفاظها، وصفها بأنه إذا طرقها وجد بها طيبا، وإن لم تطيب وليس في أبيات كثير مثل ذلك لأنه وصف أرادنها بأن الروضة الموصوفة ليست بأطيب منهما ويحتمل أن أرادنها كانت مطيبة، وكذلك يحتمل صرف قوله: «وقد قدت بالمندل الرطب نارها» الى عزة كما وقع للمرأة التي لقيته، وإن يكن أراده، وبيتا امرؤ القيس مخلصان من ذلك، فاعترف بفضلها على شعره، لا أنه اعترف بأنه رد الضمير في قوله «نارها» الى عزة والله أعلم.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر.
قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن علي، وقال أبو الحسن: أنبأنا عبد الله ابن عبد الرحمن، قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال:
أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وأنشد لامرىء القيس:
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي «1»
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب- إجازة- قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز- قراءة- قال أخبرنا أحمد بن جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام قال: واستحسن الناس من (303- ظ) من تشبيه امرؤ القيس:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي «2»
وقوله:
نظرت إليها والنجوم كأنها ... قناديل رهبان تشّبّ لقفال «3»(4/2014)
وقوله يصف فرسا:
عظيم طويل مطمئن كأنه ... باسفل ذي ماوان سرحه «1» مرقب
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وصهوة عير قائم فوق مرحب
له جؤجؤ «2» رحب كأن لجامه ... يعالى به في رأس جذع مشذب
وعينان كالماوتين ومحجر ... إلى سند مثل الرتاج المضبب
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... يقول هزيز الريح: مرت بأثأب
كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حناء بشيب مخضب «3»
قرأت في نسخة عتيقة من شعر امرؤ القيس عن أبي نصر عن أبي سعيد الاصمعي قال الفرزدق: اصابنا مطر بالبصرة جود، فلما أصبحت ركبت بغلتي وخرجت نحو المربد، فإذا أنا بآثار دواب قد خرجن الى ناحية البادية، فظننت أن قوما قد خرجوا يتنزهون وهم خلقاء أن تكون معهم سفرة وشراب، فاتبعت آثارهم حتى انتهيت الى بغال عليها رحائل موقوفة على غدير من ماء، فأسرعت المشي الى الغدير فأشرفت فإذا فيه نسوة مستنقعات في الماء الى حلوقهن (304- و) فقلت: لم أر كاليوم قط، ولا يوم دارة جلجل، ثم انصرفت فنادينني. يا صاحب البعلة ارجع نسألك عن شيء فانصرفت اليهن. فقعدن في الماء، ثم قلن: بالله ألا حدثتنا حديث يوم دارة جلجل.
قال: فأخبرهن بما كان.
قال عبد الله بن والان رجل من بني تميم، كان راوية للفرزدق، قلت للفرزدق: حدثنا أيضا به، قال: حدثني جدي وأنا يومئذ غلام حافظ لما أسمع أن امرئ القيس، كان عاشقا لابنة عم له يقال لها عنيزة وأنه طلبها زمانا فلم يصل اليها، وكان يطلب الغرة من أهله ليزورها، فلم يتفق له حتى كان يوم الغدير، وهو يوم دارة جلجل، وذلك أن الحي احتملوا فتقدم الرجال، وخلفوا النساء والعبيد والعتقاء فلما رأى امرؤ القيس ذلك تخلف بعد قومه غلوة فكان في غيب من الارض حتى مرّ به النساء فاذا فتيات ومعهن عنيزة فلما وازين الغدير قلن: لو نزلنا واغتسلنا في هذا(4/2015)
الغدير ليذهب عنا بعض الكلال فقالت احداهن: افعلن فنزلن ونحين العبيد عنهن، ثم تجردن ودخلن الغدير فأتاهن امرؤ القيس مخاتلا وهن غوافل فأخذ ثيابهن وهن بالغدير، وقعد وقال: والله لا أعطي جارية منكن ثوبها ولو ظلت في الغدير الى الليل حتى تخرج متجردة وتكون هي التي تأخذ ثوبها، فأبين ذلك عليه حتى تعالى النهار وخشين أن يقصرن دون المنزل الذي يردنه فخرجت احداهن فوضع لها ثوبها ناحية فمشت (304- ظ) اليه فأخذته فلبسته، ثم تتابعن على ذلك حتى بقيت عنيزة وحدها فناشدته الله أن يضع لها ثوبها فقال لها: والله لا تمسينه دون أن تخرجي عريانة كما خرجن فنظر اليها مقبلة ومدبرة، فوضع لها ثوبها فلبسته فأقبل النسوة عليه فقلن له حبستنا وعذبتنا وجوعتنا قال: فان نحرت لكن ناقتي تأكلن منها؟ قلن:
نعم فاخترط سيفه فعفرها ثم كشطها وجمع حطبا، وأجج نارا عظيمة فجعل يقطع لهن من كبدها وسنامها وأطايبها فيرمينه على الجمر ويأكلنه، ويشربن من فضلة كانت معه ويغنيهن وينبذ الى العبيد من الكباب حتى شبعن وطربن، فلما أردن الرحيل قالت احداهن: أنا أحمل طنفسته. وقالت الاخرى: أنا أحمل حشيته وأنساعه، فتقسمن رحله، وبقيت عنيزة لم تحمل شيئا، فقال لها امرؤ القيس: يا بنت الكرام ليس لك بد من أن تحمليني معك فاني لا أطيق المشي، ولم أتعوده فحملته على غارب بعيرها، فكان يجتنح اليها، ويدخل رأسه في خدرها اذا شاء أن يقبلها، فاذا امتنعت عليه مال حدجها فتقول: يا امرأ القيس قد عقرت بعيري فسر بنا، فسار كذلك حتى اذا كان قريبا من الحي نزل فأقام حتى اذا جنه الليل اتى أهله. وقال امرؤ القيس في ذلك- وكلب يزعمون ان خمسة أبيات من أولها لامرىء القيس بن حمام «1» الكلبي ولا يزيدون على الخمسة شيئا: (305- و) .
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمال
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل
وان شفائي عبرة مهراقة ... وهل عند رسم دارس من معوّل(4/2016)
كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل
اذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ففاضت دموع العين مني صبابة ... على النحر حتى بل دمعي محملي
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فيا عجبا من رحلها المتحمل
فظل العذارى يرتمين بلحمها ... وشحم كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت: لك الويلات انك مرجلي
تقول وقد مال الغبيظ بنا معا ... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها: سيري وأرخي زمامه ... ولا تبعديني من جناك المعلل
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
اذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشق وتحتي شقها لم يحول
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت ... علي وآلت حلفة لم تحلل
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل ... وان كنت قد أزمعت هجري فاجملي
(305- ظ)
فان تك قد ساءتك مني خليفة ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك الا لتضربي ... بسهميك في اعشار قلب مقتل «1»
وذكر تمام القصيدة.
نقلت من خط أبي الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف، وكان عالما بالتاريخ قال: لما افترق أهل اليمن وملك كل قوم رئيسهم من قبائل اليمن، وصارت كندة الى أرض معد فجاورتهم ثم ملكوا رجالا منهم كان أول ملوكهم يقال له مرتع بن معاوية بن ثور فملك عشرين سنة، ثم ملك ابنه ثور بن مرتع، فلم يقم الا يسيرا حتى مات، فملك بعده معاوية بن ثور، ثم ملك الحارث بن معاوية أربعين سنة، ثم ملك وهب بن الحارث عشرين سنة، ثم ملك معاوية بن الحارث أحد وأربعين سنة ثم ملك(4/2017)
عمرو بن معاوية اثنتين وعشرين سنة، ثم ملك حجر بن عمرو آكل المرار ثلاثة وعشرين سنة، وهو الذي حالف بين كندة وربيعة بالربائث، وهو موضع، ثم ملك عمرو بن حجر أربعين سنة وغزا الشام ومعه ربيعة فلقيه الحارث بن شمر فقتله، فملك بعده المحارب بن عمرو، وامه ابنة عوف الشيباني، ونزل الحيرة ففرق ملكه على ولده وهم:
حجر، وشرحبيل وسلمة والعلفاء، فملك حجر بني أسد وكنانة، وملك شرحبيل على غنم وطيئ والرباب، وملك سلمة والعلفاء على قيس عيلان، فقتل الحارث وقام ولده بما كان في أيديهم وصبروا على قتال المنذر حتى كافؤوهم، فلما رأى المنذر ذلك (306- و) نفسهم فغلبهم على أرض العرب، وأوقع الشرور بينهم فاختلفوا وتنكرت بنو أسد لحجر بن الحارث وساءت سيرته فيهم، وكانت عنده أخت كلب بن ربيعة ومهلهل بن ربيعة، فلما خاف على نفسه حملها فاجتمعت بنو أسد على قتله وقتلوه «1» ، وكان القائم بأمر بني أسد علباء بن الحارث التغلبي، وكان امرؤ القيس غائبا، فلما بلغه مقتل أبيه جمع جمعا قصد به بني أسد، ونزل بالقرب منهم في الليل فذعر القطا فطار عن مجاثمه، فمر ببني أسد فقالت بنت علباء:
ما رأيت كالليلة قطا أكثر، فقال علباء: ولو ترك القطا لغفا، وناما، فأرسلها مثلا، وعرف أن جيشا قد قرب منه فارتحل، وأصبح امرؤ القيس أوقع بكنانة، فأصاب فيهم وجعل يقول يا ثارات حجر، فقالوا: والله ما نحن بثاراك، نحن من كنانة، فقال:
يا لهف نفسي على قوم هم ... كانوا الشفاء فلم يصابوا
وقاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالاشقين ما كان العذاب
وفلّتهن علباء حريصا ... ولو أدركته صفر الوطاب «2»
ومضى امرؤ القيس الى اليمن، لما لم يكن له قوة على بني أسد ومن معهم من قبائل قيس فأقام زمانا يشرب مع ندامى الشرب، الى أن سمع من يعيرة بقتل أبيه(4/2018)
فخرج الى قومه فأمدوه بخمسمائة مدجج، فخرج بهم فأوقع بقبائل معه، وقتل الاشعر بن عمرو، وشرب في قحف رأسه خمرا، وتفرق من كان معه الى اليمن، (306- ظ) وطلبت قبائل معد امرئ القيس، فلما علم أنه لا قوة له على طلب المنذر واجتماع القبائل من معد، ولم يتمكن يرجع، فصار الى سعد بن الضباب الايادي، وكان عاملا لكسرى في بعض العراق فاستتر عنده حينا حتى مات سعد، فخرج امرؤ القيس الى طيىء وجديلة ونبهان فتنقل بينهم مدة وصار الى تيماء الى السموأل ليجيره، فقال أنا لا أجير على الملوك، فأودعه ادراعا، وسار عنه الى ملك الروم فمدحه واستنصره فأمده بتسعمائة من البطارقة، فصار الطّماح الاسدي الى قيصر فقال له: ان امرئ القيس يشتمك في شعره وزعم أنك علج أغلف «1» ، فوجه قيصر الى امرئ القيس بحلة مسمومة، فلبسها فتقطع جلده ومات بأنقرة من أرض الروم.
وقد قيل في انفاذ قيصر الحلة المسمومة لامرىء القيس قول آخر وهو: أن امرئ القيس هوته ابنة قيصر، وراسلته، وصار بينه وبينها أمر بلغ قيصر فأوجب أن فعل به ذلك.
وقيل بأن الطماح بن قيس بن طريف الاسدي، وشى به الى ملك الروم بسبب ابنته، وكان حجر والد امرئ القيس، قتل أباه، فقال له ملك الروم: ائتنا بأمارة فأتاه بقارورة من طيب الملك، فبعث بها الطماح الى قيصر، وأخبره بالحديث فعرفه وعلم صحته، وأنفذ اليه الحلة المسمومة.
ذكر ذلك الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المغربي- في أدب الخواص- قال ابن المغربي: وقيل ان امرئ القيس لما وصل عند الملك مستغيثا به على من قتل أباه من العرب زوجه الملك بابنته، وأعطاه الرجال وخرج من عند الملك (307- و) فتخلفه الطماح قبيحا، وأوغر عليه قلب الملك، وقلب ابنته، فأعطاه خلعة مسمومة، وقال: الحق امرأ القيس، وادفع اليه هذه الخلعة، وقل له: ان الملك أكرمك بهذه الخلعة من جسده، ففعل وأعطاه الحلة فلمسها وعلم أنها مسمومة فقال:(4/2019)
وقد طمح الطماح بي من بلاده ... فلبسني من دائه ما تلبسا
وبدلت قرحا داميا بعد نعمة ... فيا لك من نعمى يبدلن أبؤسا «1»
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال:
أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين الشافعي- اجازة- قال:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي. قال البوصيري: أخبرنا. وقال الارتاحي: أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز ابن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا الزيادي قال: لما احتضر امرؤ القيس بأنقرة نظر الى قبر، فسأل عنه فقالوا: قبر امرأة عربية: فقال: (307- ظ) .
أجارتنا ان المزار قريب ... واني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا انا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب «2»
قال: وعسيب حبل كان القبر في سنده.
قلت: عسيب جبل عظيم عال بقيصرية من الروم، وأنقرة هي أنكورية، والبلدان متباعدان بينهما مسيرة، وشاهدت أنا عسيب وقيل لي ان في أعلاه قبرين أحدهما قيل قبر امرئ القيس، والصحيح أن امرأ القيس مات بأنقرة، ولما أحس بالموت قال:(4/2020)
كم طعنة مثعنجره
وجفنة مبعثرة
مدفونة بأنقرة «1»
وانما ذكر عسيب، لانه جبل عظيم ببلاد الروم، أراد: اني مقيم بها ما أقام عسيب والله أعلم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل- اجازة- قال: أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا أبو علي الاهوازي قال: حدثنا أبو الحسن مكي ابن محمد بن الغمر التميمي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن هارون البرذعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن وديع القاضي بطبرية قال: حدثنا ابراهيم ابن محمد الاهوازي قال: حدثنا الفضل بن جعفر قال: حدثني محمد بن بكر بن زكريا عن شيخ من بني هاشم، يكنى أبا جعفر، قال: وجد على قبر امرئ القيس مكتوبا:
أجارتنا ان الخطوب تنوب ... واني مقيم ما أقام عسيب (308 و)
أجارتنا انا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب
امرؤ القيس بن الحمام بن مالك بن عبيدة بن ذهل الكلبي:
السكوني الشاعر، شاعر جاهلي صحب امرئ القيس بن حجر لما مر بأحياء كلب قاصدا قيصر، واجتاز معه بالاماكن التي مر بها امرؤ القيس من أعمال حلب، وقد ذكرنا في ترجمة امرئ القيس أن كلبا يزعمون أن خمسة أبيات من أول قصيدة ابن حجر التي أولها: «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل» لامرىء القيس بن حمام الكلبي، ولا يزيدون على الخمسة شيئا.
وقال أبو جعفر الجرجاني: وامرؤ القيس بن الحمام السكوني ذكر الاصمعي انهم كانوا في الجاهلية يسمونه الذائد لقوله:
أذود القوافي عني ذيادا ... وعلام غوى جرادا
فأعزل مرجانها جانبا ... وآخذ من درها المستجادا(4/2021)
قال: وهو جاهلي قديم، وقد ذكر بعض الناس نسبة فقال: هو امرؤ القيس ابن الحمام بن مالك بن عبيدة بن ذهل بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن رفيدة بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة «1» .
وقرأت في كتاب أدب الخواص تأليف أبي القاسم بن المغربي ان امرأ القيس ابن حمام الكلبي تبع امرئ القيس بن حجر حين قصد ملك الروم حين خرج من عند المعلى «2» يريد قيصر، ومر بكلب فتبعه منهم (308 ظ) امرؤ القيس بن حمام الشاعر، وكان من المعمرين، وعاش مائتي سنة فيما قالوا «3» .
وقرأت في كتاب أدب الخواص تأليف أبي القاسم بن المغربي ان امرأ القيس قال: وحكى ابن الكلبي وأبو عبيدة أن امرأ القيس بن حمام الكلبي كان يصحب امرأ القيس بن حجر، وأنه أول من وصف الديار، وبكى الآثار وإياه أراد امرؤ القيس بقوله:
يا صاحبي قفا النواعج ساعة ... نبكي الديار كما بكى ابن حمام «4»
قال وابن حمام القائل:
لآل هند بجنبي نفنف دار ... لم تمح جدتها ريح وأمطار
أما تريني بجنب البيت مضطجعا ... لا يطبيني لدى الحين أبكار
فرب نهب تصم الحي رجته ... أفأته وان بعض القوم عوّار «5»
قال: وهي أبيات في شعر كلب، قال ابن الكلبي: اذا سئل علماء كلب عما وصف به ابن حمام الديار أنشدوا أبياتا من «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل» وذكروا أن امرأ القيس انتحلها وخمل ابن حمام.(4/2022)
امرؤ القيس بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث:
وهو الولّادة، سمي بذلك لكثرة ولده، ابن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي وفيه يقول امرؤ القيس بن حجر:
ألا هل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرئ القس بن تملك بيقرا «1» (309 و)
وذلك أنه كان قد صحبه حين خرج من عند المعلى يريد قيصر، فلم يزل معه الى أن فارقه بأرض الروم، فلذلك قال: بيقر، أي سافر، وقيل أراد أتى أرض العراق، وتملك والدة السمط، وقال آخرون من أهل النسب ثقات: الذي عناه امرؤ القيس بن المنذر بن امرئ القيس بن السمط والله أعلم. ذكر هذا كله أبو القاسم بن المغربي في «كتاب أدب الخواص» فقد اجتاز امرؤ القيس بالنواحي التي ذكرناها في ترجمة امرئ القيس بن حجر.
وذكر ابن الكلبي نحوا من ذلك، وقال: تملك بنت عمرو بن زبيد بن مذحج رهط عمرو بن معدي كرب.
امرؤ القيس بن المنذر بن امرئ القيس بن السمط:
قيل هو الذي كان في صحبة امرئ القيس بن حجر، وخرج معه من عند المعلى الى قيصر، وفارقه بأرض الروم.
وقيل بل هو الذي قدمنا ذكره كما ذكر الوزير أبو القاسم، وأيهما كان فقد اجتاز مع امرئ القيس بن حجر بالاماكن التي ذكرناها.
***(4/2023)
أمير أميران بن زنكي بن آق سنقر:
الملقب نصرة الدين أخي الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر واسمه محمد دخل حلب، وملك المدينة دون القلعة، وكان أخوه نور الدين مريضا بالقلعة، وأرجف بموته، ومال اليه جماعة من الشيعة وأعادوا الاذان الى ما كان الحلبيون عليه قديما، بزيادة حي علي خير العمل، فلما عوفي نور الدين خرج من حلب «1» ، وسنذكر قصته في المحمدين ان شاء الله تعالى، توفي سنة ستين وخمسمائة. (309 ظ) .
أميرك بن أبي المعروف بن ناصر بن علي:
أبو المحاسن، ويقال أبو اليمن الجربوقاني الاسفراييني الفارسي وجربوقان من خطة أسفرايين «2» .
قدم حلب وسمع بها من خطيبها أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الحلبي سنة احدى وسبعين وخمسمائة، وسمع بتبريز أبا منصور محمد بن أسعد ابن محمد حفدة العطاري، وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الشحاذي، وبمصر أبا بكر محمد بن محمد بن يبقى الخزرجي.
وحدث بالقاهرة عن بعض شيوخه وعن الرشنائي بن بندار بن الرشنائي بن الزنجاني.
سمع منه عبد العزيز بن عيسى اللخمي وولده عيسى، وأبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
أنبأنا أبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان قال: أخبرنا أبو المحاسن(4/2024)
أميرك بن أبي المعروف بن ناصر الجربوقاني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أسعد بن حفدة العطاري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن الحسن الطبسي، وأبو الفتح عبد الرزاق ابن حسان المنيعي، والقاضي أبو بكر محمد بن الحسين، وشيخي أبو محمد الحسين بن مسعود، قالوا: أخبرنا أبو علي حسان ابن سعيد المنيعي قال: أخبرنا الاستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي قال: أخبرنا عبد الرزاق بن همام قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال:
هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الصف في الصلاة فان اقامة الصف من حسن الصلاة «1» .
***(4/2025)
ذكر من اسمه أمية
أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية القرشي:
أبو عثمان الأموي حدث عن أبيه وعكرمة مولى ابن عباس، وغزا الصائفة ووفد على عمر بن عبد العزيز وحكى عنه. روى عنه محمد بن مروان بن أبان بن عثمان ومحمد بن اسحاق، ويحيى بن سليم الطائفي، واجتاز بحلب أو ببعض عملها في غزاته، وكانت من دابق.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال:
حدثنا محمد بن اسحاق الصغاني قال: حدثنا صدقة أبو عمرو المقعد- هو ابن سابق- قال: قرأت على محمد بن اسحاق: حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان بن الحكم- وهو أمير المدينة- قال: خلق الله عز وجل الملائكة لعبادته أصنافا وإن منهم لملائكة قياما صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، فاذا كان يوم القيامة تجلى لهم تبارك وتعالى، ونظروا الى وجهه الكريم قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.
أنبأنا زين الامناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن النجار قال: حدثنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الوليد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد فيما كتب إليّ قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد علي اللخمي الباجي (310- و) قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا منصور بن بشير قال: حدثنا شعيب أبو يحيى وهو ابن صفوان عن محمد بن مروان بن أبان عن أمية بن عبد الله بن عمرو(4/2026)
ابن عثمان بن عفان قال: قدمت الصائفة غازيا فدخلت على عمر بن عبد العزيز فرحب بي، وقال: أين يا أبا عثمان؟ قلت: غازيا إن شاء الله، قال: صنعت الذي يشبهك، وما كان عليه أوّلوك، وخيار سلفك، إن هاهنا شيئا قد أمرنا به لمثل من كان في وجهك، قال: فقبلت ذلك، وكان خمسين دينارا، فلما رجعت مررت عليه فقال مثل مقالته الأولى، فقلت: يا أمير المؤمنين ما يقع مني هذا موقعا، قال ما يزيد على هذا أحد، ولو وجدت سبيلا إلى أن أعطيك غيره من بيت مال المسلمين لفعلت، فقلت:
إن لي لولدا، قال: هذا حق، نكتب لك الى عاملك من كان منهم يطيق معاملة المسلمين في مغازيهم فرض له في عيال المسلمين، قلت فإن عليّ دينا فاقضه عني، قال: هذا حق نكتب لك الى عاملك فيبيع مالك فيقضي دينك، فما فضل عليك قضاه من بيت مال المسلمين، فقلت له: والله ما جئتك لتفلسني وتبيع مالي، قال والله ما هو غيره.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي، واللفظ له قالوا: أخبرنا أبو أحمد الواسطي- زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني- قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: أمية بن عبد الله (310- ظ) ابن عمرو عن عكرمة، قال لي أحمد بن عاصم: حدثنا عبد الله بن هارون قال:
حدثني أبي قال: حدثني ابن اسحاق قال: حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان- وهو أمير المدينة- قال: خلق الله الملائكة لعبادته.
وقال لي حسين بن حريث: حدثنا يحيى بن سليم، سمع أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، سمع عمر بن عبد العزيز قوله حديث آخر، وهو أخو محمد بن عبد الله القرشي الأموي، حجازي «1» .
قال ابن طبرزد أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن علي بن أبي عثمان قال: أخبرنا الحسن بن الحسن(4/2027)
ابن علي بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن أمية ابن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: كنا عمر بن عبد العزيز، فقال رجل لرجل:
تحت إبطك، فقال عمر: وما على أحدكم أن يتكلم بأجمل ما يقدر عليه، قالوا:
وما ذاك؟ قال: لو قال: تحت يدك كان أجمل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان ابن إسحاق بن ابراهيم بن الخليل الجلّاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، قال:
حدثنا محمد بن سعيد قال في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأمه أم عبد العزيز بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية وقد (311- و) روي عنه، وأمية بن عبد الله هو الذي لقيته طيء يوم المنتهب فهزموه «1» .
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر من المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال حدثنا الزبير بن بكّار قال في تسمية ولد عبد الله بن عمرو بن عثمان:
أمية وعبد العزيز، وأم عبد الله وخليدة، وعثيمة بني عبد الله لأم عبد العزيز بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية.
وأمية الذي كان غزا طيئا يوم المنتهب فهزمته أيام مروان بن محمد، وكان عبد الواحد بن سليمان استعمله على أسد وطئ، فجاءه سبعون رجلا من فزاره، فسألوه أن يخرج بهم معه ليغيروا على طيء لثأر لهم، فخرج بهم وتجمع إليه ناس من أهل المعادن طلبا للغنائم، فلقيه معدان بن راس الطائي بالمنتهب في جماعة من طيء فهزموه، وفي ذلك يقول معدان بن راس يعتذر إلى عبد الواحد بن سليمان،(4/2028)
والى أهل المدينة، ويذكر عرضهم على أمية أن يرد فزارة، ويأتي فيمن أحب، فيأخذ صدقه أموالهم، فقال معدان بن راس:
ألا هل أتى أهل المدينة عرضنا ... خصالا من المعروف نعرف حالها
على عاملينا والسيوف مصانة ... بأغمادها ما زايلتها نصالها
أتينا الى بزاخ «1» سمعا وطاعة ... نؤدي زكاة حين حان عقالها
ومن قبل ما جئنا وجاءت وفودنا ... الى فيد «2» حتى ما تعذر حالها
فقالوا أغز بالناس تعطيك طيء ... إذا وطئتها الخيل واجتيح مالها (311 ظ)
ودون الذي منوا أمية عيبة ... من الضرب لا يجلى بخيل طلالها
دعوا بنزار فاغتزينا لطيء ... أسود الغضا أقدامها ونزالها
دعوا بنزار فاغتزينا لطيء ... هنالك زلت من نزار نعالها
وقد انقرض ولد أمية «3» .
أنبأنا الحسن بن محمد قال أخبرنا عمي أبو القاسم قال: في نسخة ما أخبرنا به أبو عبد الله الخلّال شفاها قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد ابن عبد الله- إجازة. قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال:
أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سئل أبي عنه- يعني عن أميه بن عبد الله- فقال: ما بحديثه بأس «4» .
قلت: وذكره أبو محمد في كتاب الجرح والتعديل بما أخبرنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- فيما أجازه لي- قال: كتب إلينا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق ابن مندة- اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا(4/2029)
أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، روى عن عكرمة، وأبيه، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه ابن اسحاق، ويحيى بن سليم الطائفي، سمعت أبي يقول ذلك، وسئل عنه، فقال: ما بحديثه بأس «1» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أمية بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، أبو عثمان القرشي الأموي. روى عن أبيه، وعكرمة مولى ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، ووفد عليه. روى عنه محمد ابن اسحاق، ويحيى بن سليم الطائفي، ومحمد بن مروان بن أبان بن عثمان «2» .
أخبرنا الفقيه أبو منصور عبد الرحمن بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن (312- و) «3» .
***(4/2030)
[الجزء الخامس]
بغية الطلب في تاريخ حلب صنفه ابن العديم الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن ابى جرادة الجزء الخامس حققه وقدّم له الدكتور سهيل زكار دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
[حرف الحاء]
[ذكر من اسمه الحجاج]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي «1»
الحجاج بن هشام*:
كان مع مسلمة بن عبد الملك غازيا ببلاد الروم، وحكى حكاية جرت لبعض أسراء الروم مستملحة:
وقع إلي ببغداد كتاب صنفه أحمد بن محمد بن اسحاق الزيات صاحب كتاب البلدان «2» ويشتمل على نوادر وغرائب وطرق وعجائب، فنقلت منه، وقال الحجاج ابن هشام: كنا مع مسلمة بن عبد الملك ببلاد الروم، فقفل منها، فنزل منزلا، ثم دعا بالأسارى فجعل يضرب رقابهم «3» ، فقدم إليه شيخ منهم فأمر بضرب عنقه.(5/2035)
فقال له الشيخ: وما أربك الى قتلي، أنا شيخ كبير فان تركتني فديت نفسي بأسيرين من المسلمين في يدي، قال: لو وثقت بك لتركتك، قال:
فاتركني فاني لا أغدر، قال ما تطيب بذلك نفسي الا أن تأتيني بضمين، قال ومن يضمني في عسكرك، فدعني أجل فيه فانظر، فأرسل معه رجلا يحفظه فجعل يدور ويتصفح وجوه الناس، حتى مر بفتى يحس فرسا له، فقال: هذا يضمنني، من غير أن يكلمه أو يعرفه، فأقبل الرسول على الفتى فقال: أتضمنه؟ قال: نعم، قال:
أتعرفه؟ قال: لا. قال: فكيف تضمنه؟ قال: رأيته يتصفح وجوه الناس فلم يرج عند أحد منهم فرجا غيري، فما كنت لأخيبه، فضمنه اياه وأطلقه، فما لبث أن جاء بأسيرين من المسلمين، فدفعهما (2- و) الى مسلمة، ثم قال لمسلمة: ائذن للفتى يخرج معي حتى أكافئه، قال: قد أذنت له، فأقبل الرومي على الفتى فقال:
أنت والله يافتى ابني، قال: وكيف وأنا رجل من العرب من بني كلاب وأنت من الروم؟ قال: والله ما هو الا أن رأيتك فتحركت في رحم، علمت أنها بيني وبينك فمن أمك؟ قال رومية قال: هي والله ابنتي سبيت صبية، ثم مضى به الى قريته، فنظر الفتى الى ابنة الرومي، وهي خالته فكأنما رأى أمه، ثم أخرج اليه حليا وثيابا مقطعة كانت لأمه، قد صانوها وحفظوها فدفعوها الى الفتى، ثم زوده وأرسلوا الى أمه بالسلام، وقالوا له: أخبرها بسلامة أمها وأختها فأقبل الفتى حتى صار الى أهله، وأخرج لهم بعض الحلي، فنظرت اليه فارتاعت وأرسلت عينها بالبكاء، وقالت: ظهرتم على قريتنا وانهبتموها؟ قال: لا تراعي وقص عليها القصة وأخبرها بسلامتهم «1» .
الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور:
ابن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، وهو قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر الثقفي، أبو محمد دخل الثغور الشامية وولي بها، وقرأت في بعض مطالعاتي أنه كان بنى موضعا للسلاح(5/2037)
بالمصيصة وجعل فيه السلاح ذخيرة للمسلمين، وكان يليها حينئذ. وكان في صحبه عبد الملك بن مروان، حين توجه لقتال مصعب بن الزبير، ونزل معه بطنان حبيب من أرض قنسرين.
رأى عبد الله بن عباس (2- ظ) وحدث عن: أنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وأبي بردة بن أبي موسى، وعبد الملك بن مروان.
روى عنه: أنس بن مالك، وثابت البناني، ومالك بن دينار، وحميد الطويل وسعد بن أبي عروبة وقتيبة بن مسلم وجراد بن مجالد.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو العلاء صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان الشعيبتي الماليني «1» بهراة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أبي بكر بن أحمد السقطي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد ابن الجارود الجارودي الحافظ املاء بهراة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي بجر جرايا «2» قال: حدثنا جعفر بن أحمد الدهقان قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا سيار عن جعفر عن مالك بن دينار قال: دخلت يوما على الحجاج فقال لي: يا أبا يحيى ألا أحدثك بحديث حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: بلى، فقال: حدثني أبو بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له الى الله حاجة فليدع بها دبر كل صلاة مفروضة «3» .
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال:
أخبرنا الحسن بن علي اللباد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبي قال:
أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمد بن بشر القرشي قال: أخبرني أبي قال: حدثنا أبو الحكم قال: حدثني محمد بن ادريس الشافعي قال: سمعت من يذكر أن المغيرة(5/2038)
ابن شعبة نظر الى امرأته (3- و) وهي تتخلل من أول النهار فقال: والله لئن كانت باكرت الغداء انها لرغيبة، وان كان شيء بقي في فيها من البارحة انها لقذرة فطلقها، فقالت: والله ما كان شيء مما ذكرت، ولكني باكرت ما تباكره الحرة من السواك فبقيت شظية في فيّ، قال: فقال المغيرة بن شعبة ليوسف أبي الحجاج بن يوسف:
تزوجها فانها لخليقة أن تأتي بالرجل يسود، فتزوجها، قال الشافعي: فأخبرت أن أبا الحجاج لما بني بها واقعها فنام، فقيل له في النوم: ما أسرع ما ألقحت بالمبير «1»
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الزينبي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:
أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد «2» .
وقال يزيد بن عبد ربه: حدثنا أصحابنا عن أبي منصور عن عمرو بن قيس أن الحجاج بن يوسف سأله عن مولده فقال سنة الجماعة «3» سنة أربعين، فقال الحجاج وهو مولدي.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد الانصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر قال: سنة أربعين فيها ولد الحجاج بن يوسف.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم وأبو الوحش (3- ظ) سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نطيف قال: أخبرنا أبو شعيب عبد الرحمن بن محمد وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا محمد بن(5/2039)
حميد قال: حدثنا علي بن مجاهد قال: حدثني عبد الله بن محمد بن مرة قال:
سمعت زياد بن عبد الرحمن الكاتب يقول: ولد الحجاج بن يوسف سنة تسع وثلاثين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال:
أخبرنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها يعني سنة احدى وأربعين ولد الحجاج بن يوسف «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال:
أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي ليس بثقة ولا مأمون.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن أبي القاسم بن أبي محمد قال في نسخه ما شافهني به أبو محمد الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله اجازة قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد، روى عن أنس، روى عنه مالك بن دينار (4- و) وثابت وجراد بن مجاهد سمعت أبي يقول ذلك «2» .
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني في معجم الشعراء، قال:
الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك ابن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن(5/2040)
هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر له شعير قليل «1» .
أخبرنا أبو نصر القاضي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر ابن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف واسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن أبو محمد الثقفي، سمع ابن عباس وروى عن أنس بن مالك وثابت البناني وحميد الطويل ومالك بن دينار وجراد بن مجالد وقتيبة بن مسلم وسعيد بن أبي عروبة، وكانت له بدمشق آدر منها دار الزاوية التي تقرب قصر ابن أبي الحديد، ولاه عبد الملك الحجاز فقتل ابن الزبير، ثم عزله عنها وولاه العراق وقدم وافدا على عبد الملك «2» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن (4- ظ) أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار. قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر عن أبي سعيد بن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: كانت في الحجاج خلتان وددت أنهما لم تكونا فيه: حبه للقرآن وأهله، وقوله عند موته: اللهم إنهم يزعمون أنك لا تغفر لي فاغفر لي.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدى أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثني(5/2041)
أبي قال: قال ابن عون: كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ، عرفت أنه طال مادرس القرآن.
أنبأنا ابن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن المزرقي قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم الآدمي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان قال: حدثنا هرون بن سليمان ويحيى بن حكيم قالا: حدثنا عبد الرحمن بن بكر السهمي قال: حدثنا عمرو بن منخل السدوسي قال: قال مطهر بن خالد الربعي عن أبي محمد الحماني قال:
عملناه- يعني تجزئه القرآن- في أربعة أشهر وكان الحجاج يقرأه في كل ليلة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الاقصى قال:
أخبرنا (5- و) أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الرحبي بفسطاط مصر قال:
أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن علي بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال:
حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة الكوفي قال أخبرنا قبيصة عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: عجبا لاخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ابراهيم أنه كان اذا ذكر الحجاج قال: ألا لعنة الله على الظالمين.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الاجلح عن الشعبي قال: أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله- يعني الحجاج.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ابراهيم قال: كفى بمن يشك في أمر الحجاج لحاه الله.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ قال: حدثنا أبو منصور محمد بن محمد ابن أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، ح.
قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب قال:(5/2042)
أخبرنا أبو بكر بن الجراح الخزاز قال أخبرنا أبو بكر بن دريد- واللفظ للقاضي- قال: أخبرنا الحسن- يعني- ابن الخضر قال: أخبرنا ابن عائشة قال: أتي الوليد بن عبد الملك برجل من الخوارج فقال له: ما تقول في أبي بكر؟ قال: خيرا، قال: فعمر؟ قال: خيرا، قال فعثمان؟ قال خيرا، قال فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: الآن جاءت المسألة: ما أقول في رجل الحجاج خطيئة من خطاياه.
أخبرنا أبو بكر عيسى بن أبي الفضل السماني- قراءة عليه وأنا أسمع- قال:
أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي، قال: أخبرنا محمد بن يونس قالا: أخبرنا أبو أحمد عن القاسم ابن حبيب عن العيزار بن جرول قال: خرجت مع زاذان إلى الجبان «1» يوم العيد فصلى وستور الحجاج ترفعها الرياح، فقال: هذا والله المفلس، فقلت له: تقول مثل هذا وله مثل هذا؟ فقال: هذا المفلس من دينه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة، قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال:
أخبرنا (6- و) أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن مروان المالكي قال: حدثنا ابن أبي الدنيا وابراهيم الحربي عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا صالح بن سليمان قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم(5/2043)
وجئنا بالحجاج لغلبناهم وما كان يصلح لدينا ولا لآخرة، لقد ولي العراق، وهو أوفر ما يكون للعمارة، فأخسّ به حتى صيّره إلى أربعين ألف ألف دينار، ولقد أدي إليّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدّي إليّ ما ودّي إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مائة ألف ألف وعشرة ألف ألف.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الدجاجي قال: أخبرنا.
اسماعيل بن سعيد بن سويد قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد زياد بن الاعرابي قال: قال الهيثم بن عدي:
مات الحجاج بن يوسف وفي سجنه ثمانون ألف محبوس، منهم ثلاثون ألف امرأة، فوجد في قصّة رجل بال في الرحبة، وخري في المسجد، فقال أعرابي:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط ... خرينا وصلينا بغير حساب
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور عبد الباقي ابن محمد قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله السكري قال (6- ظ) زكريا بن يحيى المنقري: قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم عن عباد بن كثير عن قحذم قال: أطلق سليمان بن عبد الملك في غداة: إحدى وثمانين ألف أسير، وأمرهم أن يمشوا ويلحقوا بأهلهم، وعرضت السجون بعد الحجاج فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفا، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب، وكان فيمن حبس أعرابي أخذ يبول في أصل ربض مدينة واسط، فكان فيمن أطلق فأنشأ يقول:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط ... خرينا وصلينا بغير حساب
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو الفتح الكروجي قال أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو نصر الترياقي وأبو بكر الغورجي قالوا أخبرنا أبو محمد الجراحي قال أخبرنا أبو العباس المحسوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا أبو(5/2044)
داوود سليمان بن سلم البلخي قال: أخبرنا النضر بن شميل عن هشام بن حسان قال:
أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق- قراءة عليه وأنا اسمع- قال أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال أخبرنا رشاء نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا حلبس قال: قيل لأعرابي- وأراد الحجاج قتله: إشهد على نفسك بالجنون، قال:
لا أكذب على ربي وقد ... عافاني وأقول قد أبلاني
قال: وحدثنا أحمد قال: حدثنا اسماعيل (7- و) بن يونس قال: حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن مبشر بن بشر أن رجلا هرب من الحجاج فمر بساباط فيه كلب بين حبين يقطر عليه ماؤهما فقال: يا ليتني كنت مثل هذا الكلب، فما لبث أن مرّ بالكلب في عنقه حبل، فسأل عنه، فقالوا: جاء كتاب الحجاج يأمر بقتل الكلاب.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو قاسم بن السمرقندي- اجازه ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال:
أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال: كانوا يرمون بالمنجنيق من أبي قبيس «1» وهم يرتجزون ويقولون:
خطارة مثل الفنيق «2» المزبد ... أرمي بها عراز «3» هذا المسجد
قال: فجاءت صاعقة فأحرقتهم، فامتنع الناس من الرمي، فخطبهم الحجاج فقال ألم تعلموا أن بني اسرائيل كانوا اذا قربوا قربانا فجاءت نار فأكلتها، علموا(5/2045)
أنه قد تقبل منهم، وإن لم تأكلها، قالوا: لم تقبل؟! قال: فلم يزل يخدعهم حتى عادوا فرموا.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن السّلمي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف: قال أخبرنا الحسن ابن اسماعيل الغساني قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال حدثنا زيد بن اسماعيل قال: حدثنا برد قال: أخبرنا يمان بن المغيرة (7- ظ) عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع ابن الزبير في البيت، فكان الحجاج اذا رمى ابن الزبير بحجر وقع الحجر على البيت، فسمعت للبيت أنينا كأنين الانسان: أوه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري- قراءة عليه بدمشق- قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد الاسفرايني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الوليد بن عرق الحمصي قال: حدثنا أبو معاوية عثمان بن خالد بن عمرو السلفي قال: حدثنا أبي قال حدثنا عكرمة بن يزيد الالهاني قال: حدثني الابيض ابن الاغر بن الصباح التميمي عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: كنت عند اسماء بنت أبي بكر، إذ دخل عليها الحجاج. قال: فقالت له:
إنك قاتل عبد الله بن الزبير؟ قال: فقال: نعم، قالت: أما انك قد قتلت صواما قواما، إني سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف ثلاثة كذاب ومبير وذيال «1» فأما الكذاب فقد مضى وهو مختار «2» ، وأما المبير فهو أنت، فقال: أبير المنافقين، فقالت بل تبر المؤمنين، وأما الذيال فلم نره وسوف يرى «3» .(5/2046)
قال أبو الحسن الحلبي. غريب من حديث سفيان عن سهيل وهو غريب من حديث الابيض بن الأغر عن سفيان الثوري، تفرد به عكرمة بن يزيد (8- و) .
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال:
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: حدثنا ابراهيم بن خريم قال: حدثنا عبد ابن حميد قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثني من سمع أسماء- يعني بنت أبي بكر الصديق تقول للحجاج حين دخل عليها يعزيها بابنها ابن الزبير، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج من ثقيف رجلان مبير وكذاب «1» » ، فأما الكذاب فابن أبي عبيد تعني المختار، وأما المبير فأنت.
أخبرنا أبو القاسم بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة:
أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي قالا: حدثنا محمود بن محمد، قال: حدثنا الحنفي- يعني- أحمد بن الاسود قال: حدثني ابن عائشة عن أبيه عن ابن أبي شميلة قال: كان الديماس «2» في زمن الحجاج حائطا لا سقف عليه، وكان الأحراس يجلسون على الحائط، فإذا تنحى المسجنون الى الظل رماهم الأحراس بالحجارة حتى يرجعوا الى الشمس وكان يطعمهم خبز الشعير قد خلط فيه الرماد والملح بالزيت (8- ظ) ، فلا يلبث الرجل أن يتغير، فجاءت امرأة تسأل عن ابنها فنودي به فخرج اليها فلما رأته قالت: ليس هذا ابني، ابني أشقر أحمر وهذا زنجي، فقال: بلى يا أمه أنا ابنك واختي فلانة وأخي فلان، ومنزلنا بموضع كذا وكذا، فلما علمت أنه ابنها شهقت فوقعت ميتة، فأعلم الحجاج
.(5/2047)
بذلك فأمر باطلاق من في الديماس فما منهم أحد حل قيده إلا في منزله مخافة أن يبدو له.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد المصري قال: حدثنا أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الهيثم ابن جميل عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان حطيط «1» صواما قواما يختم في كل يوم وليلة ختمة، ويخرج من البصرة ماشيا حافيا الى مكة في كل سنة، فوجه الحجاج في طلبه فأخذ، فأتي به الحجاج فقال له: إيها، قال: قل فإني قد عاهدت الله لئن سئلت لاصدقن، ولئن ابتليت لأصبرن، ولئن عوفيت لأشكرن، ولأحمدن الله على ذلك، قال: ما تقول في؟ قال: أنت عدو الله تقتل على الظنة، قال: فما قولك في أمير المؤمنين؟ قال: أنت شررة من شرره، وهو أعظم جرما، قال: خذوا ففظعوا عليه العذاب، ففعلوا فلم يقل حسا ولا بسا، فأتوه فأخبروه فأمر بالقصب فشقق، ثم شد عليه وصب (9- و) عليه الخل والملح وجعل يستل قصبة قصبة، فلم يقل حسا ولابسا، فأتوه فأخبروه، فقال: أخرجوه الى السوق فاضربوا عنقه، قال جعفر: فأنا رأيته حين أخرج، فأتاه صاحب له فقال: لك حاجة؟ قال شربة من ماء، فأتاه بماء فشرب ثم ضربت عنقه، وكان ابن ثماني عشرة سنة.
انبأنا الكندي، أنبأنا أبو عبد الله بن البناء عن أبي الحسين بن الآبنوسي قال:
أخبرنا أحمد بن عبيد عن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة، قالا: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبد الوهاب ابن نجدة قال: حدثنا عتاب بن بشير عن سالم الافطس قال: أتي الحجاج بسعيد بن جبير «2» وقد وضع رجله في الركاب، فقال: لا أستوي على دابتي حتى تبوأ مقعدك(5/2048)
من النار، فأمر به فضربت عنقه، قال: فما برح حتى خولط «1» قال: قيودنا قيودنا، فأمر برجليه فقطعتا ثم انتزعت القيود منه. قال عتاب: وقال علي بن بذيمة: ختم الدنيا بقتل سعيد بن جبير، وافتتح الآخرة بقتل ماهان «2» . وأخبرني غير علي: أن الحجاج كان يفزع بسعيد.
قال: وحدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا ابن ظفر قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن بسطام بن مسلم عن قتادة قال: قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج؟
قال: أي والله، ما خرجت عليه حتى كفر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا أبو القاسم (9- ظ) علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا علي بن الحسين. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، قالا: أخبرنا أبو محمد بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال:
حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داوود عن عمارة ابن زاذان قال: حدثنا أبو الصهباء قال: قال الحجاج بن يوسف لسعيد بن جبير:
اختر أي قتلة شئت؟ فقال له سعيد بن جبير: بل أنت فاختر لنفسك فإن القصاص أمامك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي(5/2049)
الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا ابن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة.
وذكره أبو حاتم عن العتبي أيضا قال: كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لها فراشة، وكانت ذات نية في رأي الخوارج تجهز أصحاب البصائر منهم، وكان الحجاج يطلبها طلبا شديدا فأعجزته، فلم يظفر بها، وكان يدعو الله أن يمكنه من فراشه، أو بعض من جهزته «1» فمكث ما شاء الله ثم جيء برجل، فقيل هذا ممن جهزته فراشه، فخر ساجدا ثم رفع رأسه فقال له: يا عدو الله، قال: أنت أولى بها يا حجاج، قال أين فراشه؟ قال مرت تطير منذ ثلاث، قال: أين تطير؟ قال:
تطير ما بين السماء والارض (10- و) قال: أعن تلك سألتك عليك لعنة الله، قال، عن تلك أخبرتك عليك غضب الله، قال سألتك عن المرأة التي جهزتك وأصحابك، قال: وما تصنع بها؟ قال: دلنا عليها، قال: تصنع بها ماذا؟ قال أضرب عنقها، قال: ويلك يا حجاج ما أجهلك، تريد أن أدلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله «قد ضللت اذا وما أنا من المهتدين» «2» ! قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال: ولم لا أم لك؟ قال:
انه أخطأ خطية طبقت ما بين السماء والأرض، قال: وما هي؟ قال: استعماله اياك على رقاب المسلمين، فقال الحجاج: ما رأيكم فيه؟ قالوا: نرى أن تقتله قتلة لم تقتل مثلها أحدا، قال: ويلك يا حجاج جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك، قال: وأي أخوتي تريد؟ قال فرعون حين شاور في موسى، فقالوا:
«أرجئة وأخاه» «3» ، وأشار عليك هؤلاء بقتلي. قال فهل حفظت القرآن؟ قال وهل خشيت فراره فاحفظه! قال: هل جمعت القرآن؟ قال: ما كان متفرقا فأجمعه قال: أقرأته ظاهرا؟ قال معاذ الله بل قرأته وأنا اليه «4» . قال: فكيف تراك تلقى الله ان قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي وتلقاه بدمي. قال: اذا أعجلك الى النار، قال(5/2050)
لو علمت أن ذاك اليك أحسنت عبادتك، واتقيت عذابك، ولم أبغ خلافك ومناقضتك قال: اني قاتلك؟ قال: اذا أخاصمك لان الحكم يومئذ الى غيرك، قال: نقمعك عن الكلام السيئ، يا حرسي اضرب عنقه وأومأ الى السياف ألّا تقتله، فجعل يأتيه من بين يديه ومن خلفه، ويروعه بالسيف، فلما طال ذلك عليه رشح جبينه قال:
(10- ظ) جزعت من الموت يا عدو الله. قال: لا يا فاسق ولكن أبطأت علي بما لي فيه راحة. قال: يا حرسي أعظم جرحه. فلما أحس بالسيف قال: لا اله الا الله، والله لقد أتمها ورأسه في الأرض. «1» .
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد القرطبي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان. قال: وحدثنا محمد بن موسى قال:
حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني قال: أتي الحجاج برجل من الخوارج وهو في خضراء واسط فلما مثل بين يديه ونظر الى بنيانه قال: «أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. واذا بطشتم بطشتم جبارين» «2» .
قال بعض جلسائه: اقتلوه قتله الله، فقال الخارجي: جلساء أخيك كانوا خيرا من جلسائك! قال الحجاج: أي أخوتي تعني؟ قال فرعون موسى حين قالوا لموسى:
«أرجئة وأخاه» وقالوا هؤلاء لك: اقتله، قال: فأمر بقتله فقتل.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري: قال: أخبرني الأصمعي قال:
حدثنا علي بن سلم الباهلي قال: أتي الحجاج بن يوسف بامرأة من الخوارج فجعل يكلمها ولا تكلمه معرضة عنه، فقال بعض الشرط: الامير يكلمك وأنت معرضة؟
فقالت إني لاستحي (11- و) أن أنظر الى من لا ينظر الله اليه، فأمر بها فقتلت.(5/2051)
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثني جليس لهشام بن أبي عبد الله قال: قال عمر بن عبد العزيز لعنبسه بن سعيد قال: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجاج فقال له: يا أمير المؤمنين كنا جلوسا عنده ذات ليلة، قال: فأتي برجل فقال: ما أخرجك هذه الساعة وقد قلت لا أجد فيها أحدا الا فعلت به وفعلت؟ قال: أما والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمي منذ ثلاث فكنت عندها، فأفاقت الساعة فقالت:
يا بني مذ كم أنت عندي؟ فقلت لها: منذ ثلاث، قالت: أعزم عليك الا رجعت الى أهلك فانهم مغمومين بتخلفك عنهم فكن عندهم الليلة وتعود الي غدا، فخرجت فأخذني الطائف، فقال: ننهاكم وتعصونا اضربوا عنقه. ثم أتي برجل آخر فقال:
ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: والله لا أكذبك لزمني غريم لي على بابه فلما كانت الساعة أغلق بابه دوني وتركني على بابه، فجاءني طائفك فأخذني فقال: اضربوا عنقه فضربت عنقه، ثم أتي بآخر فقال: ما أخرجك هذه الساعة، قال كنت مع شربة أشرب، فلما سكرت (11- ظ) خرجت فأخذني الطائف فذهب عني السكر فزعا، فقال يا عنبسة ما أراه الا صادقا خليا سبيله. فقال عمر بن عبد العزيز لعنبسة:
فما قلت له شيئا؟ لا. فقال: لا. فقال عمر لآذنه: لا تأذنن لعنبسة علينا الا أن تكون له حاجة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا محمد الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري قال: حدثني أبي قال:
حدثنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: دخل أنس بن مالك على الحجاج ابن يوسف، فلما وقف بين يديه سلم عليه، فقال: إيه، إيه يا أنس، يوم لك مع علي ويوم لك مع ابن الزبير ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما(5/2052)
تستأصل الشأفة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة «1» ، قال أنس: إياي يعني الأمير أصلحه الله؟ قال: اياك سك «2» الله سمعك، قال أنس: إنا لله وانا اليه راجعون، والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتله قتلت، ولا أي ميتة مت، ثم خرج من عند الحجاج فكتب الى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظمه ذلك من الحجاج، وكان كتاب أنس بن مالك الى عبد الملك بن مروان:
بسم الله الرحمن الرحيم:
الى عبد الملك بن (12- و) مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد:
فان الحجاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا، ولم أكن لذلك أهلا فخذ لي على يديه، فاني أمت «3» بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فبعث عبد الملك الى اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجاج فقال له: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد الى العراق، فأبدأ بأنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادفع كتابه اليه وأبلغه مني السلام، وقل له يا أبا حمزة قد كتبت الى الحجاج الملعون كتابا اذا قرأه كان أطوع لك من أمتك، وكان كتاب عبد الملك الى أنس بن مالك:
بسم الله الرحمن الرحيم:
من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين الى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكاتك للحجاج وما سلطته عليك ولا أمرته بالاساءة اليك، فان عاد لمثلها فاكتب الي بذلك، أنزل به عقوبتي وتحسن لك معونتي والسلام.(5/2053)
فلما قرأ أنس كتابه وأخبر برسالته قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا وعافاه وكافاه عني بالجنة، فهذا كان ظني به والرجاء منه.
فقال اسماعيل بن عبيد الله لأنس: يا أبا حمزة إن الحجاج عامل أمير المؤمنين وليس بك عنه غنا ولا بأهل بيتك ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك لقدر أن يضر وينفع فقاربه (12- ظ) وداره. فقال أنس: أفعل إن شاء الله، ثم خرج اسماعيل من عنده فدخل على الحجاج، فلما رآه الحجاج قال: مرحبا برجل أحبه وكنت أحب لقاءه، فقال له اسماعيل: أنا والله قد كنت أحب لقائك في غير ما أتيتك به. قال:
وما اتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو أشد الناس عليك غضبا ومنك بعدا، قال: فاستوى الحجاج جالسا مرعوبا، فرمى إليه اسماعيل بالطومار، فجعل الحجاج ينظر فيه مرة ويعرق وينظر إلى اسماعيل أخرى فلما نقضه قال: قم بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونتوصاه، فقال له اسماعيل: لا تعجل، قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة «1» . وكان في الطومار إلى الحجاج بن يوسف.
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف أما بعد:
فإنك عبد طمت به الأمور فسموت فيها، وعدوت طورك وجاوزت قدرك، وركبت داهية أدا، وأردت أن تبورني، فإن سوغتكها مضيت قدما، وإن لم أسوغكها رجعت القهقري، فلعنك الله عبدا أخفش»
العينين، منقوض الجاعرتين «3» ، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل، يا بن المستفرمة «4» بعجم الزبيب، والله لاغمزنك غمز الليث الثعلب، والصقر الأرنب، وثبت على رجل من أصحاب رسول الله صلى(5/2054)
الله عله وسلم بين أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه ولم تجاوز له (13- و) اساءته جراءة منك على الرب عز وعلا، واستخفافا منك بالعهد والله لو أن اليهود والنصارى، رأت رجلا خدم عزير بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته، فكيف وهذا أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه ثمان وسنين، يطلعه على سره ويشاوره في أمره، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا، فكن أطوع له من خفه ونعله، والا أتاك مني سهم مشكل بحتف قاض، «ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون» «1» .
قال القاضي: قول الحجاج سكّ الله سمعك، يقال استكت الأذنان واصطكت الركبتان، وقوله للحجاج يا بن المستفرمة بعجم الزبيب: كانت المرأة تستعمل عجم الزبيب لتضييق قبلها في ما ذكر بعض أهل العلم، وهو حبّه والنوى كله، يقال له عجم، واحدته عجمه، قال الأعشى:
مقادك بالخيل أرض العدو ... وجذعانها «2» كلقيط «3» العجم
قيل صارت من صلابتها مثل النوى، وقال أبو عبيدة: عجم عجما أي لبك، لأنه نوى الفم، فهو أصلب لأنه ليس بنوى خلّ ولا نبيذ، فهو أصلب وأملس، وإنما أراد صلابتها وضمرها، ولقيط أراد ملقوط، مثل جريح ومجروح، ويروى كلقيط العجم أي ملقوط ملقى.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، قال أخبرنا الحسن بن علي الجوهري (13- ظ) قال: أخبرنا محمد بن العباس قال:
أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال:
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي ذئب عن اسحاق بن يزيد قال: رأيت أنس ابن مالك مختوما في عنقه،، ختمة الحجاج أراد أن يذله بذلك، قال محمد بن عمر:(5/2055)
وقد فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد أن يذلهم بذلك، وقد مضت العزة لهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» .
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ ابو القاسم الدمشقي قال:
أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: أخبرنا أبو الحسن النسائي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن سماك بن موسى الضبي قال: أمر الحجاج ان توجأ عنق أنس بن مالك وقال: أتدرون من هذا، هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتدرون لم فعلت به هذا؟ قالوا: الأمير أعلم، قال: سيء البلاء في الفتنة الأولى غاش الصدر في الفتنة الآخرة «2» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي- قال أبو عبد الله إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الحسن بن اسماعيل، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أحمد بن علي من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن السلمي، ح.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي (14- و) الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال:
أخبرنا أبو محمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال عبد الملك بن مروان للحجاج: إنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك، فقال: أعفني يا أمير المؤمنين، فأبى، فقال:
أنا لجوج حقود حسود، فقال عبد الملك: ما في الشيطان شر مما ذكرت.(5/2056)
أخبرنا عمر بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن من حدثه قال:
جاء رجل الى عمر بن الخطاب، فأخبره أن أهل العراق قد حصبوا أميرهم، فخرج غضبانا، فصلى لنا صلاة فسها فيها حتى جعل الناس يقولون: سبحان الله سبحان الله، فلما سلم، أقبل على الناس فقال: من هاهنا من أهل الشام؟ فقام رجل، ثم قام آخر، ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم انهم قد لبسوا علي فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن (14- ظ) الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوي قال: حدثنا سعيد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا العوام بن حوشب، قال: حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: قال علي لرجل: لامت حتى تدرك فتى ثقيف، قيل له: يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف؟ قال: ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاوية من زوايا جهنم، رجل يملك عشرين أو بضع وعشرين سنة، لا يدع لله تعالى معصية إلا ارتكبها حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة فكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها يقتل بمن أطاعه من عصاه.
قال: وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري قال: أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي قال: حدثنا محمد بن النضر الجارودي قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم الدورقي قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أيوب عن مالك بن أوس ابن الحدثان عن علي أنه قال: الشاب الذيال أمير المصرين يلبس فروتها ويأكل خضرتها ويقتل أشراف أهلها يشتد منه الفرق «1» ويكثر منه الأرق فيسلطه الله على شيعته.(5/2057)
قال: وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن عباد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا جعفر بن سليمان بن مالك بن دينار عن الحسن قال: قال علي لأهل الكوفة: اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت (15- و) لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية قال يقول الحسن: وما خلق الحجاج يومئذ.
وقال أبو القاسم علي بن الحسن: أخبرنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا:
أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا اسماعيل بن موسى السهمي قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي عن أم حكيم بنت عمرو بن سنان الجدلية قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي عليه السلام، فرده فأدمى أنفه فخرج علي فقال: ما لك وله «1» يا أشعث أم والله لو بعبد ثقيف تمرست، اقشعرت شعيرات استك، قيل له: يا أمير المؤمنين ومن عبد ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب يعني: إلّا ألبسهم ذلا، قيل كم يملك؟ قال عشرين ان بلغ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال:
أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن أحمد الحلبي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: حدثني أبي قال: أراد الحجاج الخروج من البصرة الى مكة فخطب الناس فقال: يا أهل البصرة اني أريد الخروج الى مكة، وقد استخلفت عليكم محمدا ابني، أوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلى الله (15- ظ) عليه وسلم في الانصار، فانه أوصى في الانصار أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، ألا واني قد أوصيته فيكم ألا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم، ألا وانكم قائلون بعدي كلمة، ليس يمنعكم من اظهارها الا الخوف، ألا وانكم(5/2058)
قائلون: لا أحسن الله له الصحابة، واني معجل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة «1» .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا الاصمعي قال: قيل للحسن «2» انك كنت تقول: الآخر شر، وهذا عمر ابن عبد العزيز بعد الحجاج؟! فقال الحسن: لابد للناس من متنفسات.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد ابن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن أيوب الرقي قال:
حدثنا ميمون بن مهران قال: بعث الحجاج الى الحسن وقد هم به فأدخل عليه فقام بين يديه، قال: يا حجاج: كم بينك وبين آدم (16- و) من أب؟ قال: كثير، قال فأين هم؟ قال: ماتوا، قال: فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم العلوي، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد بن علي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن سيده قال:
أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو سعيد الازدي- يعني الحسن ابن الحسين السكري قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا عباس الازرق عن السري بن(5/2059)
يحيى قال: مر الحجاج في يوم جمعة فسمع استغاثة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، قال: قولوا لهم: «اخسئوا فيها ولا تكلمون» «1» قال: فما عاش بعد ذلك الا أقل من جمعة حتى مات.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله المكي عن مسعود بن محمد الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال: أخبرنا الحسين بن ادريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن عمار ابن زاذان قال: حدثني أبو الصهباء قال: بينما أنا عند سعيد بن جبير، قال له رجل:
ما تقول فيما يقوله الحسن؟ قال: وما يقول؟ قال: ان الحجاج كان أخذ الرجل قال:
أكفرت حيث خرجت علي؟ قال: فان قال نعم، خلا سبيله، وان قال: لا، ضرب عنقه، قال: رحم الله الحسن لا تقيه في الاسلام، ثم انه أبتلي وأخذ من العام المقبل في ذلك الشهر في ذلك اليوم، فركبت في سبعة أو تسعة حتى قدمنا واسطا، فأتي بسعيد بن جبير، فخرج الحجاج فقال: يا بن جبير (16- ظ) أكفرت حين خرجت علي؟ قال: ما كفرت منذ أسلمت، قال: فاختر بأي قتلة تشتهي أن أقتلك، قال:
اختر أنت لنفسك فان القصاص أمامك، قال: فقتله فما قتل أحدا بعده.
أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن بهزاد بن مهران قراءة عليه يوم الاثنين سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك الهرادي قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: أتي الحجاج بن يوسف برجل من الخوارج، فأدخل عليه والحجاج يتغذى، فجعل الخارجي ينظر الى حيطانه وما قد تجسد «2» فجعل يقول: اللهم اهدم، اللهم اهدم، اللهم اهدم، فقال له الحجاج، هيه كأنك لا تدري ما يراد بك؟ فقال الخارجي: هيه نزع الله ما ضغيك، وما عليك لو دعوتني الى طعامك؟ أما ان فيك ثلاث خلال مما نعت الله به عادا، فقال: «أتبنون(5/2060)
بكل ربع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. واذا بطشتم بطشتم جبارين» «1» ! فامتلا الحجاج غيظا عليه فأمره بقتله، فأخرجوه الحرس «2» الى الرحبة ليقتلوه، فقال لهم: دعوني أتمثل بثلاثة أبيات فقالوا: تمثل بما شئت، فأنشأ يقول:
ما رغبة النفس في الحياة وان ... عاشت طويلا فالموت لاحقها
(17- و)
أو أيقنت أنها لا تعود كما ... كان براها بالامس خالقها
ألّا تمت غبطة تمت هرما ... للموت كأس «3» والمرء ذائقها
ثم مد عنقه فضربت فانصرف قاتلوه الى الحجاج فأخبروه بقوله، فقال: لله دره ما كان أصرمه في حياته وعند وفاته.
أخبرنا عتيق السلماني ومحمد بن أحمد بن علي، قراءة من لفظه- قال عتيق:
أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن- قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وأنشد ابن قتيبة لرجل في الحجاج بن يوسف:
كأن فؤادي بين أظفار طائر ... من الخوف في جو السماء محلق
حذار أمرى قد كنت أعلم أنه متى ... ما يعد من نفسه الشر يصدق
وقد حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم بن حبيب قال: حدثنا محمد بن سلام عن القحذمي عن عمه عن سلم بن قتيبة قال: عددت أربعة وثمانين لقمة من خبز الماء، في كل لقمة رغيف وملء كفه سمك طري، يعني على الحجاج.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا يحيى بن أسعد بن بوش قال:
أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن(5/2061)
زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا ابن أبي سعد قال: حدثنا علي بن الحسن قال: أخبرني ابراهيم بن محمد عن الهيثم بن الربيع قال: قال الحجاج (17- و) : اني لارى الناس قد قلوا على موائدي فما بالهم؟ فقال رجل من عرض الناس: أصلح الله الآمير انك أكثرت خير البيوت فقل غشيان الناس لطعامك فقال:
الحمد لله وبارك الله عليك من أنت؟ قال: أنا الصلت بن قران العبدي، فأحسن اليه «1» .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي- قال: البوصيري: أخبرنا، وقال الارتاحي: أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا علي بن الحسن الشافعي، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن سيده قالا: أخبرنا علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف البزوري قال: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عروبة قال: حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة ودعا بالغداء فقال لحاجبه: ابصر من يتغذى معي واسأله عن بعض الامر، فنظر نحو الجبل فاذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر نائم، فضربه برجله وقال: ائت الامير فأتاه فقال له الحجاج: اغسل يدك وتغدا معي فقال:
انه دعاني من هو خير منك فأجبته، قال ومن هو؟ قال: الله تبارك (18- و) وتعالى دعاني الى الصوم فصمت قال: في هذا الحر الشديد! قال: نعم صمت ليوم هو أشد حرا من هذا اليوم، قال: فأفطر وتصوم غدا، قال: ان ضمنت لي البقاء الى غد، قال: ليس ذاك إلي، وقال رشاء بن نظيف: ذلك إلي؟ قال: فكيف تسألني عاجلا(5/2062)
بآجل لا تقدر عليه، قال: انه طعام طيب، قال: لم تطيبه أنت ولا الطباخ ولكن طيبته العافية.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال: وحدثنا ابراهيم بن محمد بن عرفة الازدي قال: حدثنا محمد بن عيسى الانصاري عن عبيد الله بن محمد التيمي قال: أتى الحجاج رجل متهم برأي الخوارج فقال له الحجاج:
أخارجي أنت؟ قال: لا والذي أنت بين يديه غدا أذل مني بين يديك اليوم ما أنا بخارجي، فقال له الحجاج: اني يومئذ لذليل وأطلقه «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم ابن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عمر بن بكير قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الطائي قال: أخبرنا أبو بردة ابن عبد الله بن أبي بردة قال: كان يقال أن ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، قال:
فأقبل ابناه من خراسان فدنا خلافي العريف «2» الى الحجاج فقال: أيها الامير:
(18- ظ) ان الناس يزعمون أن ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان، فقال الحجاج علي به فلما جاءه قال: أيها الشيخ قال: ما تشاء، قال: ما فعل ابناك؟ قال: المستعان بالله خلفتهما في البيت، قال: لا جرم لا أسؤك فيهما هما لك.
أخبرنا أبو محمد بن هلاله قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الاصبهاني قال:
أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: حدثني عبد القاهر بن السري قال: اختفى رجل عند أبي السوار العدوي زمن الحجاج بن يوسف، فقيل للحجاج: انه عند أبي السوار العدوي، فبعث اليه الحجاج فأحضره، فقال له: الرجل الذي عندك، فقال ليس عندي، فقال:(5/2063)
والا ابن أبي السوار «1» طالق؟ يعني امرأة أبي السوار فقال: ما خرجت من عندها وأنا أنوي طلاقها، فقال والا أنت بريء من الاسلام؟ فقال: فالى أين أذهب؟ فخلى سبيله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي- قراءة عليه وأنا اسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال:
أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد العزيز العجلي- اجازة- قال: أخبرنا الحسين بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن المقتدر بالله الهاشمي ببغداد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري- لفظا- قال: حدثنا ابن الانباري قال:
(19- و) حدثني أبي عن أبي محمد عن أبي سعيد عن محمد بن عبد الله عن محمد ابن عمر قال: أمر الحجاج باحضار رجل من السجن، فلما حضر أمر بضرب عنقه، فقال: أيها الامير أخرني الى غد، قال: ويحك وأي فرج لك في تأخير يوم، ثم أمر برده الى السجن فسمعه الحجاج يقول، وهو يذهب الى السجن:
عسى فرج يأتي به الله انه ... له كل يوم في خليقته أمر
قال الحجاج: والله ما أخذه إلا من القرآن «كل يوم هو في «2» شأن» وأمر باطلاقه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد- قال البوصيري:
أخبرنا، وقال ابن أحمد أنبأنا- أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال:
حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد عن الاصمعي قال: أتى يزيد بن أبي مسلم(5/2064)
رجل برقعة وسأله أن يرفعها الى الحجاج فنظر فيها يزيد فقال: ليس هذه من الحوائج التي ترفع الى الأمير، فقال له الرجل: فإني أسألك أن ترفعها فلعلها (19- ظ) توافق قدرا فيقضيها وهو كاره، فأدخلها وأخبره بمقالة الرجل فنظر الحجاج في الرقعة فقال: يا يزيد قل له: قد وافقت قدرا وقد قضيناها ونحن كارهون.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الأدمي الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: حدثنا الهيثم ابن عدي عن عوانة قال: أوتي الحجاج بأسارى من أصحاب قطري من الخوارج فقتلهم إلا واحدا كانت له عنده يد، وكان قريبا لقطري، فأحسن إليه وخلا سبيله، فصار الى قطري فقال له قطري: عاود قتال عدو الله، فقال: هيهات غل يدا مطلقها، واسترق رقبة معتقها، ثم قال:
أأقاتل الحجاج عن سلطانه ... بيد تقر بأنها مولاته
إني إذا لأخو الدناءة والذي ... طمت على إحسانه جهلاته
ماذا أقول إذا وقفت إزاءه ... في الصف واحتجت له فعلاته
أأقول جار عليّ لا إني إذا ... لأحق من جارت عليه ولاته
(20- و)
وتحدث الاقوام أن صنائعا ... غرست لدي فحنظلت نخلاته
هذا وما ظني بجبن إنني ... فيكم لمطرق «1» مشهد وعلاته «2»
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير «3» : ثم كانت سنة إحدى وسبعين، وفيها: سار عبد الملك الى العراق يريد مصعبا، فبلغ ذلك مصعبا فتوجه اليه فالتقوا(5/2065)
بمسكن «1» قال: وفي غزاته هذه استخرج الحجاج بن يوسف، وكان سبب ذلك أنه كان إذا نزل المنزل لم تنزل الساقة «2» الى وقت رحلته، فقال لكعب بن حامد العبسي وهو على شرطته: ابغني رجلا يكفني الساقة وينزلهم بنزولي ويرحلهم برحيلي، فقال: ان في الشرط لرجل من ثقيف، كثيف الوجه، له جراءة وإقدام يقال له الحجاج ابن يوسف، فولاه الساقة، وكان ينزل بنزول عبد الملك ويرحل برحلته فأعجب به عبد الملك.
قال أبو عثمان أخبرنا يحيى بن فليح أن عبد الملك لما توجه الى مسكن انتشر عليه من حاله، ولم يستطعه من ولاه الساقة، فذكر ذاك لروح بن زنباع فقال: والله لقد رأيت غلاما أخلق به، فلو وليته، فدعا به فولاه الساقة، فلما رحل الناس تخلف ثقل روح بن زنباع وأمرهم بالرحيل فتلكؤوا فأمر بعقر دوابهم، فلما بلغ ذلك روحا أتى عبد الملك ثم قال: ما أصبنا من صاحبك، ثم أخبره بما صنع وضبط الساقة فلم يكن يتخلف أحد (20- ظ) .
قال: ومنهم من قال: كان هذا في سنة اثنتين وسبعين، قال: وفيها دخل عبد الملك الكوفة فوجه منها الحجاج بن يوسف الى ابن الزبير بعد هزيمة مصعب، وقال:
ثم كانت سنة اثنتين وسبعين فكان فيها محاصرة الحجاج ابن الزبير وقطع المواد عنه وأقام الحج للناس الحجاج ولم يطف بالبيت، منعه ابن الزبير من ذلك.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الاسدي عن الحافظ أبي القاسم بن أبي محمد قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر المقري قال: أخبرنا أبو الطيب الزراد قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: قال أبي قال: ودخل عبد الملك الكوفة وبعث منها الحجاج بن يوسف الى عبد الله بن الزبير، ورجع عبد الملك الى دمشق فحج الحجاج على الموسم سنة اثنتين وسبعين، فلم يطف بالبيت وحاصر ابن الزبير قريب من سبعة أشهر، وقطع عنه المواد، وحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين وهو بمكة يومئذ وأمير المدينة(5/2066)
يومئذ طارق، ثم جمعت له مكة والمدينة ثم حج بالناس الحجاج سنة أربع وسبعين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران الاشناني قال: حدثنا موسى ابن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط (21- و) قال: سنة ثلاث وسبعين أقام الحج الحجاج بن يوسف، وقال: سنة أربع وسبعين أقام للناس الحج الحجاج بن يوسف «1» .
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بالكوفة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عقبة قال: حدثنا هرون بن حاتم قال:
حدثنا أبو بكر بن عياش قال: ثم بايع الناس عبد الملك بن مروان فحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين، وابن الزبير محصور، وحج بالناس الحجاج سنة ثنتين وسنة ثلاث واربع وسبعين، ثم حج بالناس عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني سلمة قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا اسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: وكان الحجاج بن يوسف حج وابن الزبير محصور سنة اثنتين وسبعين.
قال ابن بكير قال الليث: وحج عامئذ بالناس الحجاج بن يوسف فقاتل هو وابن الزبير وأقام للناس الحج، وفي سنة ثلاث وسبعين حج بالناس الحجاج بن يوسف
قال يعقوب: ويقال حج بالناس سنة أربع وسبعين الحجاج بن يوسف.
قال يعقوب: وفي سنة تسعين فتح على الحجاج بخارا، وفي سنة احدى وتسعين(5/2067)
فتح على الحجاج بن يوسف بلخ «1» . وفي سنة اثنتين وتسعين فتح للحجاج خفان «2» وفي سنة أربع وتسعين (21- ظ) فتح للحجاج بن يوسف السند وبيل «3» . وفي سنة خمس وتسعين فتح على الحجاج بن يوسف الصغد.
قرأت في تاريخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني «4» ما ذكره في حوادث سنة احدى وخمسين وثلاثمائة قال: ورد على خزرون الاخشيدي كتاب ممن يكاتبه أنه وجد في هذا الشهر في جامع المصيصة أذج «5» تحت الجامع مبني طبقين وفيه صناديق كثيرة فيها خمسة آلاف درع، يغطي الفارس، كل درع ببرنس معمول منه وبه، وخمسة آلاف جوشن «6» وخمسة آلاف خوذة وخمسة آلاف ساعد حديد وخفاف حديد بساقات وخمسة آلاف رمح بأسنتها، ونفط ودهن بلسان وقسي كثيرة للرجل ونشاب وخوابي فيها كبود قد طبخت وجففت وطيبت للقوت في الحصار يقتات بها، وانه وجد طابق حديد بحلقه فقلعت فوجد الأزج، ووجد على الازج مكتوب من عهد عبد الملك بن مروان، وبعضه الحجاج بن يوسف وبعض هرون الرشيد (22- و) .(5/2068)
[امر حجاج بن يوسف]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال:
حدثني أبي قال: أخبرني أحمد بن عبيد عن أبي عبد الله محمد بن زياد الاعرابي قال: بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك، فتاكا شجاعا قد أغار على أهل حجر «1» وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب الى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به، ويأمره بالاجتهاد في طلبه والتجرد في أمره، فلما وصل الكتاب اليه، أرسل الى فتية من بني يربوع من بني حنظلة، فجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا، أو أتوا به أسيرا، فانطلق الفتية حتى اذا كانوا قريبا منه أرسلوا اليه انهم يريدون الانقطاع اليه والتحرز به، فاطمأن اليهم، ووثق بهم، فلما أصابوا منه غرة، شدوه كتافا وقدموا به على العامل، فوجه به معهم الى الحجاج، وكتب يثني عليهم خيرا، فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالك، قال: ما حملك على ما كان منك، قال: جرأة الجنان وجفاء السلطان، وكلب الزمان، فقال له الحجاج: وما الذي بلغ منك فيتجرىء جنانك ويجفوك سلطانك ويكلب زمانك، قال: لو بلاني الامير أكرمه الله، لوجدني (24- و) من صالحي الأعوان وبهم «2» الفرسان، ولوجدني من أنصح رعيته، وذلك أني ما لقيت فارسا(5/2069)
قط الا كنت عليه في نفسي مقتدرا، قال له الحجاج: إنا قاذفون بك في حائر «1» فيه أسد عاقر ضار، فإن هو قتلك كفانا مؤونتك وان أنت قتلته خلينا سبيلك، قال:
أصلح الله الامير أعظمت المنة وأعطيت المنية وقربت المحنة، فقال الحجاج: فانا لسنا بتاركيك لتقاتله الا وانت مكبل بالحديد، فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه، وأرسل به الى السجن، فقال جحدر لبعض من يخرج الى اليمامة: تحمل عني شعرا وأنشأ يقول:
ألا قد هاجني فازددت شوقا ... بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بلحن أعجمي على ... غصنين من غرب وبان «2»
فقلت لصاحبي وكنت أحزو «3» ... ببعض الطير ماذا تحزوان
فقالا الدار جامعة قريب ... فقلت: بل أنتما متمنيان
فكان البان ان بانت سليمى ... وفي الغرب اغتراب غير دان
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وايانا فذلك بنا تدان
بلى وترى الهلال كما تراه ... ويعلوها النهار اذا علاني
اذا جاورتما نخلات حجر ... وأودية اليمامة فانعياني
وقولا جحدر أمسى رهينا ... يحاذر وقع مصقول يماني
(24- ظ) قال: وكتب الحجاج الى عامله بكسكر «4» أن يوجه اليه بأسد ضارعات، يجر على عجل، فلما ورد كتابه على العامل امتثل أمره، فلما ورد الاسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر، وأجيع ثلاثة أيام، فأرسل الى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة الى عنقه، وأعطي سيفا والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم، فلما نظر جحدر الى الاسد أنشأ يقول:(5/2070)
ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو أنف ومحك
وشدة في نفسه وفتك ... أن يكشف الله قناع الشك
فهو أحق منزل يترك
فلما نظر اليه الاسد، زأر زأرة شديدة، وتمطى وأقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح، وثب وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة، حتى خالط لباب السيف لهواته، فخر الاسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الاسد، وموضع الكبول، فكبر الحجاج والناس جميعا وأنشأ جحدر يقول:
يا جمل انك لو رأيت كريهتي ... في يوم هول مسدف وعجاج
وتقدمي لليث أرسف موثقا ... كيما أثاوره على الاحراج
شثن براثنه «1» كأن نيوبه ... زرق المعاول أو شباه زجاج
يسمو بناظرتين تحسب فيهما ... لهبا احدهما شعاع سراج
(25- و)
وكأنما خيطت عليه عباءة ... برقاء أو خرق من الديباج
لعلمت أني ذو حفاظ ماجد ... من نسل أقوام ذوي أبراج
ثم التفت الى الحجاج فقال:
ولئن قصدت بي المنية عامدا ... اني لخيرك بعد ذاك لراج
علم النساء بأنني لا أنثني اذ ... لا يثقن بغيرة الأزواج
وعلمت أني ان كرهت نزاله ... اني من الحجاج لست بناج
فقال له الحجاج: ان شئت أسنينا عطيتك، وان شئت خلينا سبيلك، قال: لا بل أختار مجاورة الحجاج أكرمه الله، ففرض له ولاهل بيته وأحسن جائزته.
قال القاضي: مسدف مظلم من السدفة، والرسف مشي المقيد، والبراثن مخالب الاسد، والشبا والشباة حد الاسنة. قال أبو بكر: البرقاء التي فيها سواد وبياض «2» .(5/2071)
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل وأبو الحسن بن أبي جعفر- قراءة علينا من لفظه، قال أبو بكر: أخبرنا علي بن أبي محمد بن الحسين، وقال أبو الحسن أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن اجازة- قالا: أخبرنا علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال: أخبرنا أبو محمد العسالي قال: حدثنا أبو بكر الدينوري قال: وحدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا حفص بن النضر السلمي قال: خطب الحجاج الناس يوما فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام اليه رجل فقال: (25- ظ) يا حجاج ويحك ما أصفق وجهك وأقل حياءك تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا؟ فأمر به فأخذ فلما نزل عن المنبر دعا به: لقد اجترأت علي، فقال له: يا حجاج أنت تجترىء على الله فلا تنكره على نفسك واجترئ أنا عليك فتنكره علي، فخلا سبيله.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز العكبري قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا أبو الفرج الجريري، قال:
حدثنا الحسين بن المرزبان النحوي، قال: حدثني علي بن جعفر بن بيان الجزري، قال: حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد- يعني- المدائني عن أبي المضرجي قال: أمر الحجاج محمد بن المنتشر بن أخي مسروق بن الاجدع أن يعذب ازاذمرد «1» بن الهربد فقال له ازاذمرد: يا محمد ان لك شرفا قديما وان مثلي لا يعطي على الذل شيئا فاستأدني وارفق بي فاستأداه في جمعة ثلاثمائة ألف، فغضب الحجاج وأمر معدا صاحب العذاب أن يعذبه، فدق يده ورجليه فلم يعطهم شيئا.
قال محمد: فاني لأسير بعد ثلاثة أيام اذا أنا بازاذمرد معترضا على بغل قد دقت يداه ورجلاه، فقال لي: يا محمد، فكرهت أن آتيه فيبلغ الحجاج، وتذممت من تركه اذ دعاني فدنوت منه فقلت: حاجتك؟ فقال: قدوليت مني مثل هذا فأحسنت الي ولي عند فلان مائة ألف درهم فانطلق فخذها، قلت: لا والله لا آخذ منها درهما وأنت على هذه الحال، قال: فاني أحدثك حديثا سمعت من أهل دينك يقولون: اذا أراد الله تعالى بالعباد خيرا أمطرهم في أوانه، واستعمل (26- و) عليهم خيارهم وجعل المال عند سمحائهم، واذا أراد بهم شرا أمطروا في غير ابانه، واستعمل عليهم(5/2072)
شرارهم، وجعل المال في أشحائهم، ومضى، فأتيت منزلي فما وضعت ثيابي حتى جاءني رسول الحجاج فأتيته وقد اخترط سيفه فهو في حجره، فقال: ادن فدنوت قليلا، ثم قال: ادن، فقلت ليس بي دنو وفي حجر الامير ما أرى فاضحكه الله تعالى لي وأغمد السيف، فقال: ما قال لك الخبيث؟ فقلت: والله ما غششتك منذ استنصحتني ولا كذبتك منذ صدقتني ولا خنتك منذ ائتمنتني، فأخبرته بما قال فلما أردت ذكر الرجل الذي عنده المال، صرف وجهه وقال: لا تسمه، وقال: لقد سمع عدو الله الاحاديث «1» .
وقال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن دريد قال: حدثنا أحمد بن عيسى عن العباس بن هشام عن أبيه عن عوانة قال: خطب الحجاج الناس بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل العراق تزعمون أنا من بقية ثمود، وتزعمون أني ساحر وتزعمون أن الله عز وجل علمني اسما من أسمائه أقهركم وأنتم أولياؤه بزعمكم وأنا عدوه، فبيني وبينكم كتاب الله تعالى، قال عز وجل «فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه «2» » ، فنحن بقية الصالحين ان كنا من ثمود، وقال عز وجل: «انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى» «3» والله أعدل في خلقه (26- ظ) من أن يعلم عدوا من أعدائه اسما من أسمائه يهزم به أولياءه. ثم حمى وكثر كلامه فتحامل على رمانة المنبر فحطمها فجعل الناس يتلاحظون بينهم وهو ينظر اليهم، فقال: يا أعداء الله ما هذا الترامز أنا حديا الظبي السانح والغراب الأبقع، والكوكب ذي الذنب، ثم أمر بذلك العود فأصلح قبل أن ينزل من المنبر. قال المعافى: قول الحجاج: أنا حديا الظبي فانه أراد: إنا لثقتنا بالغلبة والاستعلاء نتحدى ارتفاع الظبي سانحا وهو أحمد ما يكون في سرعته ومضائه، والغراب الأبقع في تحدره وذكائه ومكره وخبثه ودهائه، وذا الذنب من الكواكب فيما ينذر من غرائب مكروه بلائه، والله ذو البأس الشديد، بالمرصاد له ولحزبه وأوليائه «4» .(5/2073)
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل ومحمد بن أحمد القرطبي من لفظه. قال عتيق:
أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن سيدة، قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب، قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر بن مروان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا هاشم بن الوليد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي قال: سمعت الحجاج يقول: يزعم أهل العراق أني بقية ثمود، ونعم والله البقية «1» ثمود ما كان مع صالح إلا المؤمنون.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم (27- و) بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ بقراءتي عليه، قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران الجندي، قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن بنان قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو منصور الصاغالي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني أبو عبد الله الفراوي عن مالك ابن دينار قال: ما رأيت أحدا أبين من الحجاج ان كان ليرقى المنبر فيذكر احسانه الى أهل العراق، واساءتهم اليه، وتعديهم عليه حتى أقول في نفسي: اني لأحسبه صادقا واني لأظنهم ظالمين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال، قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، قال: أخبرنا أبو عبيد الله أحمد بن عمرو الواسطي، قال:
حدثنا عبد الله بن أبي سعيد، قال: حدثني مسعود بن عمرو، قال حدثني أبو عمرو النحوي، قال: حدثنا أبو زيد الانصاري عن أبي عمرو بن العلاء، قال: ما رأيت أحدا أفصح من الحسن ومن الحجاج، فقلت: فأيهما كان أفصح: قال: الحسن.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم: قال: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: ذكر سليمان(5/2074)
ابن أبي شيخ عن صالح بن سليمان قال: قال عتبة بن عمرو: ما رأيت عقول الناس إلّا قريبا بعضها من بعض إلّا الحجاج وإياس بن معاوية، فان عقولهما (27- ظ) كانت ترجح على عقول الناس «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم المؤدب قالت: أخبرنا علي بن الحسن بن الفضل الأديب قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن خالد قال: أخبرنا علي بن عبد بن العباس الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني علي بن صالح قال: وخطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم فقال:
يا أهل العراق ان الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والاسماع والاطراف والاعضاء والشغاف، ثم أفضى الى الامخاخ والأسماخ، ثم ارتفع فعشعش، ثم باض وفرخ فحشاكم شقاقا ونفاقا، وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم موعظة، أو يحجزكم اسلام، أو يردكم تبيان، ألستم أصحابي بالاهواز حيث رمتم الكفر وسعيتم بالغدر واستجمعتم للمكر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تسللون لو اذا وتنهزمون سراعا، ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية بها كان فشلكم وتسارعكم، وبراءة الله منكم ونكوص وليكم عليكم، اذ وليتم كالإبل الشوارد الى أعطانها، النوافر الى أوطانها، لا يسأل المرء عن أخيه (28- و) ولا يلوي الشيخ على بنية، حتى عضكم السلاح وتقصفت فيكم الرماح، ثم يوم الجماجم بها كانت المعارك والملاحم «2» .
ضرب يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات، «3» والغزوات(5/2075)
بعد النزوات، ان بعثتكم الى ثغوركم غللتم وخرتم وخنتم وجبنتم، وان أمنتم أرجفتم واخترصتم وطعنتم، ونافقتم، لا تذكرون حسنة ولا تشكرون نعمة، هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو استنفركم عاص أو استفزكم ظالم أو استعضدكم خالع الا اتبعتموه وآويتموه ونصرتموه، يا أهل العراق هل شغب، شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر إلّا كنتم أشياعه وأنصاره، ألم تنهكم المواعظ ألم تزجركم الوقائع؟!.
ثم التفت الى أهل الشام فقال: أنا كالظليم «1» الرامح عن فراخه ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويقيها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة «2» والرداء، وأنتم العدة والحذاء.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش، قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي (28- ظ) قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن عباس عن عطاء- يعني- ابن مصعب عن عاصم قال: خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم، فقال: يا أهل العراق إن الشيطان قد استنبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والاطراف ثم أفضى الى الأسماخ والأمخاخ، ثم ارتفع فعشش ثم باض وفرخ، ثم دب ودرج فحشاكم نفاقا وشقاقا وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تشاورونه، فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان، ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وأجمعتم على الكفر، وظننتم أن الله جل وعز يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لو اذا، وتنهزمون سراعا، يوم الزاوية بما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم اذ وليتم كالإبل الشاردة عن أوطانها، النوازع، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح ونخستكم الرماح، يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم، بها كانت المعارك والملاحم:
بضرب يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله(5/2076)
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والعذرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات ان بعثناكم الى ثغوركم غللتم وجبنتم، وان أمنتم أرجفتم، وان خفتم نافقتم، لا يتذكرون نعمة ولا يشكرون معروف، هل استخفكم (29- و) ناكث، أو استغواكم غاو، أو استفزكم عاص أو استنصركم ظالم أو استعضدكم خالع الا لبيتم دعوته وأجبتم صيحته، ونفرتم اليه خفافا وثقالا وفرسانا ورجالا، يا أهل العراق هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر ألا كنتم اتباعه وأنصاره، ألم تنفعكم المواعظ، ألم تزجركم الوقائع، ألم يشدد الله عليكم وطأته، ويذقكم حر سيفه، وأليم بأسه ومثلاته.
ثم التفت الى أهل الشام فقال: يا أهل الشام انما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه، ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء، وأنتم الملاءة والحذاء، أنتم الاولياء والانصار، والشعار دون الدثار بكم يذب عن البيعة والحوزة وبكم ترمى كتائب الاعداء، ويهزم من عاند وتولى «1» .
أخبرنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي أذنا ولقيته بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وحدثني أبو اسحاق ابراهيم بن طاهر الخشوعي عنه، قال: أخبرنا مشرف بن علي ابن التمار، اجازة: قال: أخبرنا أبو خازم محمد بن الحسن بن محمد بن خلف بن الخضر قال: قرأت على محمد بن أحمد بن القاسم الضبي قال: حدثنا أحمد بن كامل- قراءة عليه- قيل له: حدثكم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد- قال ابن كامل:
وأنا أشك في سماعه- قال: حدثني التوزي في أسناد (29- ظ) ذكره وآخره عبد الملك بن عمير الليثي قال: بينا نحن بالمسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة يومئذ ذووا حال حسنة، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه، أتانا آت فقال: هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق: فاذا به قد دخل المسجد متعمما بعمامة قد غطا بها أكثر وجهه متقلدا سيفا متنكبا قوسا يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بني أمية،(5/2077)
حيث تستعمل مثل هذا على العراق، فقال عمير بن ضابي البرجمي «1» : ألا أحصبه لكم؟ قالوا: أمهل حتى ننظر، فلما رأى عيون الناس اليه، حسر اللثام عن فيه، ونهض فقال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
والله يا أهل الكوفة اني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، واني لصاحبها كأني انظر الى الدماء بين العمائم واللحا.
هذا أوان الشد فاشتدى زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم «2»
قد لفها الليل بعصلبي ... أروع خراج من الدوي «3»
مهاجر ليس بأعرابي
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا
والقوس فيها وتر عرد «4» ... مثل ذراع البكر «5» أو أشد (30- و)
اني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كغمز التين، ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة، وان أمير المؤمنين نثر كنانته فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا، فرماكم بي لأنكم طال ما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لاحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فانكم لكأهل «قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف» «6» واني والله ما أقول إلّا وفيت، ولا أهم الا أمضيت ولا أحلق الا فريت، وان أمير المؤمنين أمرني(5/2078)
باعطائكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة «1» ، واني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام الا ضربت عنقه، يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين، فقرأ:
بسم الله الرحمن الرحيم:
من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم.
فلم يقل أحد شيئا، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس فقال:
أسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا عليه شيئا؟ هذا أدب ابن نهيه «2» ، أما والله لأؤدبنكم غير هذا الادب، أو لتستقيمن، اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فقرأ فلما بلغ الى قوله: سلام عليكم، لم يبق في المسجد أحد إلّا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام، ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبرا (30- ظ) فقال: أيها الأمير اني من الضعف على ما ترى، ولي ابن هو أقوى على الأسفار مني، أفتقبله مني بديلا؟ فقال له الحجاج: تفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الامير؟ قال: لا، قال هذا عمير بن ضابىء البرجمي الذي يقول أبوه:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولا، فوطىء بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه فقال: ردوه، فلما رد قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت الى أمير المؤمنين عثمان بديلا يوم الدار، ان قتلك أيها الشيخ صلاح للمسلمين، يا حرسي اضربا عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه بعض أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، وفي ذلك يقول ابن عبد الله بن الزبير الأسدي.(5/2079)
تجهز فاما أن تزور ابن ضابىء عميرا واما أن تزور المهلبا
هما خطتا خسف نجاؤك منهما ... ركوبك حوليا من الثلج أشهبا
فأضحى ولو كانت خراسان دونه ... رآه مكان الشوق أو هو أقربا «1»
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا أبو سعيد الأزدي يعني الحسن ابن الحسين السكري قال: سمعت (31- و) الزيادي أبا اسحاق يقول: سمعت الأصمعي يقول: أرجف الناس بموت الحجاج فخطب فقال: ان طائفة من أهل العراق وأهل الشقاق والنفاق نزع الشيطان بينهم، فقالوا: مات الحجاج، ومات الحجاج، فمه؟»
وهل يرجو الحجاج الخير إلّا بعد الموت، والله ما يسرني إلّا أموت وان لي الدنيا وما فيها، وما رأيت الله رضي التخليد الا لأهون خلقه عليه ابليس حيث «قال أنك لمن المنظرين «3» » فانظره الى يوم الدين، ولقد دعا الله العبد الصالح فقال: «هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي «4» » فأعطاه ذلك إلّا البقاء، فما عسى أن يكون أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل كأني والله بكل حي منكم ميتا، وبكل رطب يابسا ثم نقل في ثياب أكفانه الى ثلاثة أذرع طولا في ذراع عرضا، فأكلت الارض لحمه ومصت صديده وانصرف الحبيب من ولده يقسم الحبيب من ماله، ان الذين يعقلون يعقلون ما أقول. ثم نزل.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة- قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم(5/2080)
عبد الجبار ابن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار- قال: حدثنا محمود ابن محمد الاديب، قال: حدثنا أبو القاسم (31- ظ) علي بن الحسن بن بيان قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي قال: مرض الحجاج، فقال الناس: مات. فأفلق فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل العراق والشقاق والنفاق والمراق، قلتم مات الحجاج فمه؟ فو الله ما سرني أني ممن لا يموت، والله ما رضي الله البقاء إلّا لأهون خلقه عليه ابليس، ولقد سأل الله العبد الصالح سليمان فقال: «رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي» «1» ، فأعطاه الله ذلك كله، ثم صار الى الموت. أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل، كأني بك وقد انطلق بك على سريرك الى ثلاث أذرع من الارض في ذراعين، ثم سن عليك التراب سنا «2» ، فأكلت الديدان لحمك، ومصت دمك، ورجع الحبيبان أحدهما يقسم للآخر: حبيبك من ولدك يقسم حبيبك من مالك، ثم يمرون بحبوة قبرك بعد ثالثة فانهم لم يعرفوك، أما ان الذين يعلمون، يعلمون ما أقول.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم الخبري قالت: أخبرنا علي بن الحسن الشاعر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب، قال: أخبرنا أبو محمد بن المغيرة قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني علي بن صالح عن عامر بن صالح قال: مرض الحجاج مرضا (32- و) شديدا، فأرجف أهل العراق بموته، فخرج مندملا من مرضه حتى أوفى على ذروة المنبر فقال: ألا إن أهل العراق أهل الشقاق والنفاق نفخ الشيطان في مناخرهم، فقالوا: مات الحجاج ومات الحجاج، وإن مت فمه؟ والله ما أحب ألا أموت، وهل أرجوا الخير كله الا بعد الموت، وما رأيت الله علا ذكره وتقدست أسماؤه رضي التخليد لأحد من خلقه إلا لأخسهم(5/2081)
وأهونهم عليه إبليس، ولقد سأل العبد الصالح ربه فقال: «هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي» ففعل، ثم اضمحل فكأن لم يكن، يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، والله لكأني بي فيكم قد صار كل حي منا ميتا، وكل رطب يابسا، ونقل امرؤ في ثياب طهره الى أربع أدرع طولا في ذراعين عرضا، وأكلت الارض شعره وبشره، ومصت صديده ودمه، ورجع الحبيبتان أهله وولده، يقتسمان حبيبه من ماله، ألا إن الذين يعلمون يعلمون ما أقول حقا، ثم نزل.
أخبرنا عبد الغني بن سليمان بن بنين قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء- إجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا عتيق السلماني وأبو الحسن بن أحمد- من لفظه، قال عتيق: أخبرنا علي بن أبي محمد، وقال أبو الحسن: أنبأنا عبد الله بن صابر- قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا: أخبرنا (32- ظ) الحسن ابن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله الحلواني قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا الحسن الحفري قال: سمعت مالك بن دينار يقول: سمعت الحجاج على هذه الأعواد وهو يقول: امرؤ وزن عمله، امرؤ حاسب نفسه، امرؤ فكر فيما يقرأه في صحيفته ويراه في ميزانه، وكان عند قلبه زاجرا، وعند همه آمرا، امرؤ أخذ بعنان عمله كما يأخذ بخطام جمله، فإن قاده الى طاعة الله تبعه، وان قاده الى معصية الله كفّه.
أخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة- قال الحبال:
أخبرنا عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار- قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن بن أخت هاني قال: أخبرني الحسن بن عرفة عن زياد بن السكن عن الشعبي قال: سمعت الحجاج على المنبر يقول: أما بعد فإن الله كتب على الدنيا(5/2082)
الفناء، وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل.
وقال: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال حدثنا الحنفي، يعني أحمد بن الأسود (33- و) قال حدثنا رفيع بن سلمة العبدي عن أبي عبيدة قال: خطب الحجاج فقال: والله ما يسرني ما مضى لي من الدنيا بعمامتي هذه ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي بحلب قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد الفرج قالت: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثني محمد بن عمر بن علي الثقفي، قال: حدثني عبيد بن حسين بن ذكوان المعلم عن سلام بن مسكين، قال: خطب الحجاج،- أو قال: خطبنا- فقال: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، زمّوا أنفسكم، وأخطموها بأزمتها الى طاعة الله، وكفوها بخطمها عن معصية الله.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني أبو محمد التيمي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شهاب بن خراش قال: حدثنا سيار أبو الحكم قال:
سمعت الحجاج بن يوسف على المنبر يقول: يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها فقادها بخطامها الى طاعة الله وعنجها «1» بزمامها عن معاصي الله.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار بن ابراهيم، قال: أخبرنا أبو تغلب عبد الوهاب بن علي بن الحسن الملحمي، قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري- إملاء- قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة عن أشياخه قال:(5/2083)
لما ولى عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف العراق، اتصل به سرفه في القتل، وأنه أعطى أصحابه الأموال، فكتب إليه عبد الملك.
أما بعد: فقد بلغني سرفك في الدماء، وتبذيرك الأموال، وهذا لا أحتمله لأحد من الناس، وقد حكمت فيك في القتل في العمد بالقود «1» ، وفي الخطأ بالدية، وأن ترد الأموال الى مواضعها، فإنما المال مال الله عز وجل، ونحن خزانه، وسيان منع حق وإعطاء باطل فلا يؤمننك إلا الطاعة ولا يخيفنك الا المعصية، وكتب في أسفل الكتاب:
إذا أنت لم تترك أمورا كرهتها ... وتطلب رضاي في الذي أنت طالبه
وتخشى الذي يخشاه مثلك هاربا ... الى الله منه ضيّع الدر جالبه
فإن تر مني غفلة قرشية فيا ... ربما قد غص بالماء شاربه (33- ظ)
وإن تر مني وثبة أموية فهذا ... وهذا كله أنا صاحبه
فلا تعد ما يأتيك مني فإن تعد ... تقم فاعلمن يوما عليك نواد به
فلما ورد الكتاب على الحجاج وقرأه، كتب جوابه.
أما بعد: فقد جاءني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سرفي في الدماء، وتبذيري الأموال، فو الله ما بالغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حق أهل الطاعة، فإن يكن قتلي للعصاة سرفا وإعطائي أهل الطاعة تبذيرا، فليمض لي أمير المؤمنين ما سلف، وليحدد لي أمير المؤمنين فيما يحدث حدا أنتهي إليه ولا أتجاوزه، وكتب في أسفل الكتاب:
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي ... أذاك فيومي لا توارت كواكبه
إذا قارف الحجاج فيك خطيئة ... فقامت عليه في الصباح نواد به
أسالم من سالمت من ذي هوادة ... ومن لم تسالمه فإني محاربه(5/2084)
إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه ... وأقصي الذي تسري إلي عقاربه
فمن يتقي يومي ويرجو إذا غدي ... على ما أرى والدهر جما عجائبه «1»
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال في معجم الشعراء: كتب إليه- يعني الحجاج- عبد الملك بن مروان بأبيات ينكر عليه فيها إسرافه في الدماء والأموال، فأجابه الحجاج: (34- و)
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي ... أذاك فيومي لا توارى كواكبه
وما لامرىء يعصي الخليفة جنة ... تقيه من الأمر الذي هو راهبه
أسالم من سالمت من ذي قرابة ... وإن لم تسالمه فإني محاربه
إذا قارف الحجاج فيك خطيئة ... فقامت عليه في الصباح نوادبه
إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه ... وأقص الذي تسري إليك عقاربه
وأعطي المواسي في البلاء عطية ... ترد الذي ضاقت عليه مذاهبه
فمن يتقي يومي ويرعى مودتي ... ويخشى غدي والدهر جم عجائبه
والأمر إليك اليوم ما قلت قلته ... وما لم تقله لم أقل ما يقاربه
فقف بي على حد الرضا لا أجوزه ... يد الدهر حتى يرجع الدر «2» حالبه
وإلا فذرني والأمور فإنني ... رفيق شفيق أحكمته تجاربه
قال المرزباني: وله أيضا جواب لعبد الملك أوله:
لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم ... قراطيس تملأ ثم تطوى فتطبع
كتاب أتاني فيه لين وغلظة ... وذكّرت والذكرى لذي اللب تنفع
قال وهي أبيات.
وأخبرنا بها أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم(5/2085)
يحيى بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكرياء القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا (34- ظ) أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما قتل الحجاج ابن الأشعث وصفت له العراق قدّم قيسا، واتسع في إنفاق الأموال، فكتب إليه عبد الملك.
أما بعد: فقد بلغ أمير المؤمنين أنك تنفق في اليوم ما لا ينفقه أمير المؤمنين في أسبوع، وتنفق في الأسبوع ما لا ينفقه أمير المؤمنين في الشهر:
عليك بتقوى الله في الأمر كله ... وكن لوعيد الله تخشى وتضرع
ووفر خراج المسلمين وفيئهم ... وكن لهم حصنا تجير وتمنع «1»
فكتب إليه الحجاج:
لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم ... قراطيس تملى ثم تطوى فتطبع
كتاب أتاني فيه لين وغلظة ... وذكرت والذكرى لذي اللب تنفع
وكانت أمور تعتريني كثيرة ... فأرضخ أو أعتل حينا فأمنع
إذا كنت سوطا من عذاب عليهم ... ولم يك عندي في المنافع مطمع
أيرضى بذاك الناس أم يسخطونه ... أم أحمد فيهم أم ألام فأقذع
وكانت بلاد جئتها حيث جئتها ... بها كل نيران العداوة تلمع
فقاسيت منها ما علمت ولم أزل ... أضارع حتى كدت بالموت أضرع «2»
فكم أرجفوا من رجفة قد سمعتها ... ولو كان غيري طار مما يروّع
وكنت إذا هموا بإحدى هناتهم ... حسرت لهم رأسي ولا أتقنع (35- و)
فلو لم تزد عني صناديد منهم ... تقسّم أعضائي ذئاب وأضبع
فكتب إليه عبد الملك: اعمل برأيك «3» .(5/2086)
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الدمشقي، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال:
أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عيسى المؤدب قال: حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: خطب الحجاج يوما ثم أنشد قول سويد بن أبي كاهل:
كيف ترجون سقاطي بعدما ... جلل الرأس بياض وصلع
ربّ من أنضحت غيظا صدره ... لو تمنى لي موتا لم يطع
ويراني كالشجا في صدره ... عسرا مخرجه لا ينتزع
جرذ يخطر ما لم يرني فإذا ... أسمعه صوتي انقمع
لم يضرني غير أن يحسدني ... فهو يزقو مثل ما يزقو الضرع
ويحييني اذا لاقيته ... واذا يخلو له لحمي رتع
قد كفاني الله ما في نفسه ... واذا ما يكف شيئا لم يضع «1»
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور محمد بن الحسن الجمال قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم (35- ظ) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عبد الله بن ابراهيم الجمحي قال:
حدثني سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد قول مالك بن أسماء بن خارجة «2» :
يا منزل الغيث بعد ما قنطوا ... ويا ولي النعماء والمنن
يكون ما شئت أن يكون وما ... قدّرت أن لا يكون لم يكن
يا جارة الحي كنت لي سكنا ... وليس بعض الجيران بالسكن(5/2087)
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفا من كلامها الحسن
ومن حديث يزيدني مقة ... ما لحديث الموموق «1» من ثمن
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة- قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد.
قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين- قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثنا أبو كثير عبد القاهر بن السري قال: كتب الحجاج الى قتيبة بن مسلم.
أما بعد: فإني نظرت في سنيك فوجدتها مثل سني وكتب:
وإن امرأ قد سار خمسين حجة ... الى منهل من ورده لقريب (36- و)
اذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب
وما الدنيا إلا كما قال الشاعر:
أراها وان كانت تحب فإنها ... سحابة صيف عن قليل تقشّع
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي ابن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد بن اسماعيل قال:
أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ربما دخل الحجاج على دابته حتى يقف على حلقة الحسن، فيسمع الى كلامه، فإذا أراد أن ينصرف يقول: يا حسن لا تمل الناس، قال: فيقول الحسن: أصلح الله الامير، إنه لم يبق إلا من لا حاجة له.(5/2088)
وقال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما بال الحجاج لا يهيجك كما يهيج الناس؟ قال: لأنه دخل المسجد مع أبيه فصلى فأساء صلاته فحصبته، فقال الحجاج: لا أزال أحسن صلاتي ما حصبني سعيد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي بدمشق، وأبو حفص عمر بن محمد ابن طبرزد قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد بن ماسي قال حدثنا (36- ظ) أبو مسلم الكجي، قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري- قال ابن عون: حدثنيه- قال:
دخلت أنا ومسلم البطين على أبي وائل فقلنا لجارية له يقال لها بريرة: قولي لأبي وائل يحدثنا ما سمع من عبد الله بن مسعود، فقالت: يا أبا وائل حدث القوم ما سمعت من ابن مسعود، قال: سمعت ابن مسعود يقول: أيها الناس إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعكم الداعي وينفذكم البصر ألا وإن الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فقلنا لها: قولي له بما تشهد على الحجاج؟ قالت: يا أبا وائل بما تشهد على الحجاج، تشهد أنه في النار؟ فقال: سبحان الله أحكم على الله عز وجل!
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل، ومحمد بن أحمد- قراءة من لفظه. قال عتيق:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن ابن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محرز قال: حدثنا عبد العزيز بن منيب عن عبد الله بن عثمان بن عطاء الخراساني قال: حدثني شهاب ابن خراش قال: حدثني عمي يزيد بن حوشب قال: بعث إلى المنصور أبو جعفر فقال: حدثني بوصية الحجاج بن يوسف، فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين، قال:
حدثني بها، فقلت:(5/2089)
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف:
أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى، وعليها يموت، وعليها يبعث وأوصى بتسعمائة درع حديد: ستمائة منها لمنافقي أهل العراق يغزون بها، وثلاثمائة للترك.
قال: فرفع أبو جعفر رأسه الى أبي العباس الطوسي، وكان قائما على رأسه، فقال: هذه والله الشيعة لا (37- و) شيعتكم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء- في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة، قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار. قال:
حدثني جدي أبو الحسن بن الحسين بن بندار- قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب، قال: حدثنا علي بن عمر النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد ابن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما حسدت أحدا على شيء قط إلا الحجاج، حسدته على اثنتين: حبه للقرآن وإعطائه «1» ، وقوله عند موته: اللهم إن الناس يزعمون انك لا تغفر لي، فاغفر لي.
وقالا: حدثنا محمود الأديب قال: حدثنا حنش بن موسى قال: أخبرنا المدائني عن جويرية أن الحجاج قال عند الموت: اللهم اغفر لي، فإن هؤلاء يزعمون أنك لا تغفر لي. فبلغت الحسن كلمته قال: أو قالها؟ قالوا: نعم قال: عسى.
وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا الماجشون عن الزهري قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما آسي إلا على(5/2090)
كلمة بلغني أن الحجاج قالها عند موته: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي.
وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم قال: أخبرنا الوليد بن هشام قال (37- ظ) قال: لما احتضر الحجاج بن يوسف جعل يقول: لئن كنت على ضلالة بئس حين المنزع، ولئن كنت على هدى لبئس حين المجزع.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الحسن على بن المسلم الفقيه قال:
أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو علي بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا محمد بن جعفر بن ملاس قال: حدثنا ربيعة بن الحارث الحمصي قال: حدثنا سليمان بن سلمة قال حدثنا محمد بن حمير قال: حدثنا عبد الملك قال: حدثنا الاحوص بن حكيم العبسي عن أبيه عن جده قال: حضرت نزيع الحجاج بن يوسف، فلما حضره الموت جعل يقول: مالي ولك يا سعيد بن جبير «1» .
أخبرنا «2» أبو المظفر يوسف بن زغلي بن عبد الله سبط الجوزي بحلب قال:
أخبرنا جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل بن نظيف قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي قال: حدثنا هرون بن عيسى قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال: حدثنا حرملة بن عمران قال: حدثنا ابن ذكوان أن الحجاج بعث الى سعيد بن جبير فأصابه الرسول بمكة، فلما سار به الرسول ثلاثة أيام رآه يصوم نهاره، ويقوم ليله، فقال له الرسول: والله إني لا علم أني أذهب بك الى من يقتلك، فاذهب أي الطريق شئت، فقال له سعيد:
إنه سيبلغ الحجاج أنك أخذتني، وإن خليت عني خفت أن يقتلك. قال: اذهب «3» بي إليه، فذهب به، فلما دخل قال له الحجاج: ما اسمك؟ قال سعيد بن جبير، فقال:
شقي بن كسير، فقال: أمي سمتني، قال شقيت، قال: الغيب يعلمه غيرك قال(5/2091)
الحجاج: (43- و) أما والله لأبدلنك من دنياك نارا تلظى، قال: لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلها غيرك. فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الى أن قال: ما تقول في؟ قال: أنت بنفسك أعلم، قال: بثّ فيّ علمك قال: إذا أسؤوك ولا أسرك، قال: بثّ قال: نعم ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله عز وجل، قال: والله لاقطعنك قطعا، قال: إذا تفسد علي ديناي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك، قال: الويل لك، قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار «1» ، قال: اذهبوا به فاضربوا عنقه قال سعيد: فإني أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله، فلما ذهبوا به ليقتل تبسم، فقال الحجاج: مم ضحكت؟ قال: من جرأتك على الله عز وجل قال: أضجعوه للذبح، فاضطجع، فقال: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض» «2» .
فقال: اقلبوا ظهره الى القبلة، فقرأ سعيد: «فأينما تولوا فثم وجه «3» الله» ، فقال: كبوه على وجهه. فقرأ سعيد: «منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى «4» » ، فذبح فبلغ ذلك الحسن فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج فما بقي إلا ثلاثة، وقع في جوفه الدود فمات. (43- ظ) .
وقال ابن المسلم أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الهمذاني قال: حدثنا أوس بن أحمد قال: حدثنا محمد بن اسحاق السراج قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عبد الله التميمي قال: لما مات الحجاج بن يوسف لم يعلم بموته حتى اشرفت جارية فبكت فقالت: ألا إن مطعم الطعام ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد مات، ثم أنشأت تقول:
اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم يأمننا من كان يخشانا
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال:(5/2092)
أخبرنا أبو (38- و) محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثني محمود بن خالد وغيره قالا: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا عمير بن المغلس قال: حدثني أيوب بن منصور قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: قال لي الحجاج: متى كان مولدك يا أبا ثور؟ قلت: عام الجماعة سنة أربعين، قال وهي مولدي، قال فتوفي الحجاج سنة خمس وتسعين، وتوفي عمرو بن قيس سنة أربعين، كذلك أخبرني محمود الصواب أبو منصور.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر قال: أخبرنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قال أبي: ثم توفي الحجاج لأربع وعشرين من رمضان- يعني- سنة خمس وتسعين.
قال: وحدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاثة وثلاثين: ومات وهو ابن ثلاثة وخمسين سنة.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا الهروي قال: قرأت على الرشيدي أن موسى بن هرون البردي حدثهم قال: سمعت ابن عيينة يقول. مات الحجاج سنة خمس وتسعين في شوال وهو يومئذ ابن اربع وخمسين.
قال: وأخبرنا أبي أبو محمد قال: حدثنا اسماعيل (38- ظ) هو ابن اسحاق قال: قال ابن المديني: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال:
أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال:
حدثني- يعني- ابن سعيد قال: مات الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين.
وقال: حدثنا حنبل قال: وحدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال:
قال ابن شوذب: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.(5/2093)
قال: وحدثنا أبو نعيم قال: والحجاج بن يوسف في سنة خمس وتسعين، مات في رمضان ليلة سبع وعشرين، وولي سنة خمس وسبعين.
قال: وقال أبو نعيم: قدم الحجاج الكوفة وهو ابن ثلاث وثلاثين، وولينا عشرين سنة، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال:
حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الأصمعي قال: توفي الحجاج وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وولي العراق عشرين سنة.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا سهل بن أبي الصلت قال: مات الحجاج في رمضان سنة خمس وتسعين.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا الحسن بن (39- و) محمد بن اسحاق قال:
حدثنا اسماعيل بن اسحاق قال: سمعت علي بن المديني يقول: مات الحجاج سنة خمس وتسعين، وفيها مات ابراهيم «1» ، وفيها قتل سعيد بن جبير.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن اللالكاى قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير:
هلك الحجاج في سنة خمس وتسعين، وهلك الوليد سنة ست وتسعين.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الحبار قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد بن عثمان الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي ابن قانع قال: سنة خمس وتسعين، وفيها: مات الحجاج بن يوسف بعد سعيد بأيام، وهو الصحيح، ثم قال ابن قانع بعد ذلك: سنة ست وتسعين، وقيل فيها مات الحجاج بن يوسف.(5/2094)
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما اذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وفيها- يعني سنة خمس وتسعين- مات الحجاج في شهر رمضان وهو ابن ثلاث وخمسين «1»
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: قال يحيى بن سعيد: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات لأنماطي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال:
أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: ولي الحجاج العراق (39- ظ) سنة سبعين فاقام بالكوفة خمس سنين وأقام بواسط عشرين سنة ومات في سنة خمس وتسعين.
أنبأنا الكندي عن أبي عبد الله بن البناء عن أبي تمام عن أبي عمر الخزاز قال: أخبرنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال: وقال أبو سفيان الحميري: ولي الحجاج العراق عشرين سنة، قدمها سنة خمس وسبعين، ومات سنة خمس وتسعين في شهر رمضان ليلة سبع وعشرين، ولي في خلافة عبد الملك بن مروان إحدى عشرة سنة، وتسع سنين في خلافة الوليد، وكان الحجاج ولي الحجاز ثلاث سنين، وله ثلاثون سنة، ثم ولي العراق فمات وله ثلاث وخمسون سنة ودفن بواسط.
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة أربع وسبعين ففيها قدم الحجاج الكوفة، ومنهم من قال قدمها في رجب سنة خمس وسبعين، وقال: ثم كانت سنة خمس وتسعين، وفيها مات الحجاج بن يوسف بواسط، وكان يكنى(5/2095)
أبا محمد، مات لأربع بقين من شهر رمضان، ومنهم من قال لثلاث خلون من شهر رمضان، وقد بلغ من السن ثلاث وخمسين سنة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أحمد، عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي ابن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقري قال: أخبرنا الحسن بن (40- و) اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال:
حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: لما مات الحجاج قال الحسن البصري: اللهم قد أمته فأمت عنا سننه، ثم قال: إن الله عز وجل قال لموسى عليه السلام: ذكر بني اسرائيل أيام الله، وقد كانت عليكم أيام كأيام القوم.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا علي بن زيد قال: كنت عند الحسن فجاءه رجل فقال: مات الحجاج فسجد الحسن.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا ابن ادريس عن اسماعيل بن حماد عن أبيه قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فبكى، وقال ما كنت أرى أحدا يبكي من الفرح.
أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي عن أبي عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر القطان قال: حدثنا أحمد ابن يوسف السلمي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاووس قال: دخل رجل على أبي فقال: مات (40- ظ) الحجاج بن يوسف يا أبا عبد(5/2096)
الرحمن، قال: فقال له أبي أربعوا «1» على أنفسكم، حبس رجل عليه لسانه، وعلم ما يقول، فقال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن برح الخفاء هذه نساء وافد بن سلمة قد نشرن أشعارهن وخرقن ثيابهن ينحن عليه، قال: أفعلوا؟ قال: نعم قال:
«فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين» «2» .
أخبرنا المؤتمن أبو القاسم بن قميرة التاجر البغدادي- قراءة عليه بمنزلي بحلب- قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج البغدادية قالت: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثني عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال: حدثني عمي قال:
حدثني أبو عمرو بن العلاء قال: هربت من الحجاج وكنت باليمن على سطح يوما فسمعت قائلا يقول:
ربما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحلّ العقال
قال: فخرجت فإذا رجل يقول: مات الحجاج، فما أدري بأيهما كنت أشد فرحا بفرجة أو بموت الحجاج، قال عمي: والفرجة من الفرج والفرجة فرجة الحائط.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الكناني (41- و) قال: أخبرنا سهيل بن بشر الاسفراييني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين النيسابوري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا أبو شعيب الحراني قال: حدثنا عفان قال: حدثنا سليم بن أخضر عن ابن عون قال: لما بلغ الحسن موت الحجاج قال:
اللهم إن أمتّه فأذهب عنا سنته. قال ابن عون: فقال لي محمد حين مات الحجاج:
إن لقيت خالدا الربعي فاسأله هل يعود علينا مثل الحجاج. قال ابن عون: فلقيت خالدا الربعي فسألته، فقلت: هل تجده يعود علينا مثل الحجاج؟ قال: لا ولكنها تلون خاص.(5/2097)
أخبرنا أبو حفص المؤدب إذنا قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا أبو حفص عمر بن ابراهيم الكتاني املاء قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو عبد الله الابزاري قال: حدثنا داود بن رشيد قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: كنت عند الرشيد، فدخل عليه رجل فقال: رأيت يا أمير المؤمنين الحجاج البارحة في النوم، قال: في أي زي رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما يا ماصّ بظر أمه، قال هرون: صدقت والله أنت رأيت الحجاج حقا، ما كان أبو محمد ليدع صرامته حيا وميتا.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إذنا إن لم أكن سمعته أبو طالب بن أبي عقيل قال: أخبرنا أبو الحسن (41- ظ) الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: حدثنا عبد الله العتكي قال: حدثنا علي بن الحسين الدرهمي قال: حدثنا الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا، ثم رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما سألت عن هذا عام أول.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إذنا إن لم أكن سمعته منه- قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال: حدثنا ابن شوذب عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في منامي بحال سيئة، قلت: يا أبا محمد ما صنع بك ربك؟ قال: ما قتلت أحدا قتلة إلّا قتلني بها، قلت: ثم مه؟ قال: ثم أمر بي إلى النار، قلت: ثم مه؟
قال: ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلّا الله، قال: فكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، قال: فبلغ ذلك الحسن، قال: فقال الحسن: أما والله ليخلفن الله عز وجل رجاءه فيه، يعني ابن سيرين.
- أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن(5/2098)
الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن علي بن أحمد. وحدثنا أبو الحسن علي ابن مهدي عنه قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبان قال:
حدثنا الفضل بن (42- و) جعفر المؤذن قال حدثنا محمد بن العباس بن الدرفس قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا إلّا ذكر الحجاج فدعا عليه، قال: فرآه في منامه، قال: فقال: أنت الحجاج؟ قال: أنا الحجاج، قال: ما فعل الله بك؟ قال: قتلت بكل قتلة قتلة، ثم عزلت مع الموحدين، قال: فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه «1» .
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال:
حدثني أبي قال: أخبرني أبو بكر محمد بن علي دعامة القومسي قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي قال: حدثني الحسن بن عبد الرحمن الفزاري قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: مات رجل عندنا بالمدينة، فلما وضع على مغتسله ليغسل استوى قاعدا، ثم أهوى بيده إلى عينيه فقال: بصر عيني بصر عيني بصر عيني إلى عبد الملك بن مروان وإلى الحجاج بن يوسف يسحبان أمعاءهما في النار، ثم عاد مضطجعا كما كان.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف قال حدثنا أبو بكر أحمد ابن سعيد بن فرصح قال حدثنا موسى بن الحسن قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي قال: حدثنا ابراهيم بن عيينة أخو سفيان بن عيينة عن سماك بن حرب قال: قيل لي في النوم إياك والغيبة (42- ظ) إياك والنميمة، إياك وأكل أموال اليتامى، إياك، والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت أن أقصمه كما قصم عبادي.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس- هو الأصم- قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي فذكره، غير أنه قال: إياك والكذب، إياك والنميمة، إياك وأكل لحوم الناس، إياك والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت لأقصمنه كما كان يقصم عبادي.(5/2099)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
الحجاج بن يوسف بن عبيد بن أبي زياد الرصافي
أبو محمد بن أبي منيع، وقيل أبو منيع كنية جده عبيد الله بن أبي زياد.
من أهل رصافة هشام بن عبد الملك، وهو مولى لآل هشام، وقيل مولى آل أبي سفيان، وقيل كان جده عبيد الله بن أبي زياد كاتبا لبعض بني مروان، وقيل إنه جده لأمه، والصحيح أنه جده لأبيه كما ذكرناه، وسنذكر ترجمته في موضعها إن شاء الله تعالى. سكن الحجاج حلب إلى أن مات بها، وحدث بها عن جده عبيد الله.
روى عنه أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو أسامة عبد الله بن محمد أبي أسامة، وعبد الصمد بن ابراهيم بن أبي سكينة الحلبيان، وهلال بن العلاء، ومحمد بن علي بن ميمون واسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقيون، والحسين بن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، وعمر بن بكير الناقد وأبو عبد الله محمد بن أسد الحسني الأسفرائيني وأبو جعفر محمد بن مهدي بن رستم الاصبهاني ومحمد بن ابراهيم بن الفضل الحراني وأبو بكر أحمد بن هاشم الأنطاكي المعروف بالاشلّ وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث البجلي الكزبرائي، ومحمد بن جبلة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس (44- و) قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكرياء الطريثيثي، وأبو سعد محمد ابن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشي بحلب، قال: أخبرنا(5/2100)
أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وأبو المظفر أحمد بن محمد علي الكاغذي قال: أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن هرون. وقال أبو المظفر:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي- قالا: أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد ابن إبراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي الفارسي في رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد بحلب، قال: حدثنا جدي عن الزهري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان بن عمرو، من بني بكر بن كلاب فدخل بها فطلقها.
فقال حجاج: حدثنا جدي قال: حدثنا محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فدّل الضحاك بن سفيان من بني أبي بكر بن كلاب عليها رسول الله عليه وسلم فقال له، وبيني وبينهما الحجاب: يا رسول الله هل لك في أخت أم شبيب، وأم شبيب امرأة الضحاك «1» .
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، ح.
قال: (44- ظ) الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو المظفر القشيري قال أخبرنا أبي الاستاذ أبو القاسم قالا: أخبرنا أبو عوانة الحافظ: قال حدثني أحمد بن هاشم الأنطاكي، أبو بكر الأشل قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع- وهو الحجاج بن يوسف، ويكنى يوسف بأبي منيع سنة عشرين ومائتين قال: حدثني جدي عبيد الله ابن أبي زياد، قال: هذا كتاب ما ذكرنا محمد بن مسلم الزهري مما سألناه عنه من أول مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر صدرا من الحديث، وقال: فكان أول مشهد شهده الرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فذكر حديثا طويلا ذكر فيه غزواته صلى الله عليه وسلم «2» .(5/2101)
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم قال:
أخبرنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع يوسف بن عبيد فذكر حديثا.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل: قال أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري (45- و) قال: حجاج بن أبي منيع الشامي سمع جده عبيد الله ابن أبي زياد عن الزهري. «1» .
أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر المقدسي نزيل سروج «2» - في كتابه الينا منها قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: في الطبقة الخامسة من أهل الجزيرة: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، سمعت هلالا يقول: أبو منيع عبيد بن أبي زياد، وهو مولى لآل هشام بن عبد الملك، قال وكنية الحجاج أبو محمد، وكان لزم حلب في آخر عمره.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بدار الوزارة بالقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد الحراني، في تاريخ الرقة، قال: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي أبو منيع اسمه عبيد الله ابن زياد، يكنى أبا محمد مولى لآل هشام بن عبد الملك» .(5/2102)
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي- اذنا- قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني اجازة، ح.
وأنبأنا عمر بن محمد بن هشام عن أبي العلاء الهمذاني الحافظ (45- ظ) قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال أخبرنا أبو أحمد بن علي بن منجوية قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو محمد الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن زياد الشامي، سكن الرصافة بالجزيرة، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد الشامي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي، وأبو عثمان بن محمد ابن بكر الناقد البغدادي، كناه لنا أبو عروبة السلمي، سمع هلالا- يعني- ابن العلاء يقوله.
وقال الحاكم أبو أحمد في ترجمة أبي منيع: أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الشامي، مولى لآل هشام بن عبد الملك، ويقال اسمه يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان، يعرف بالرصافي، سكن رصافة الرقة، روى عنه حجاج ابن أبي منيع الرصافي، وقال: قال حسين بن حسن المروزي: الحجاج بن أبي منيع الرصافي، رصافة الرقة، واسم أبي منيع يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان. قال حسين: حدثني رجل منهم بهذا الكلام.
قلت: هكذا نسبه الحاكم: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد، وهو وهم والصحيح: الحجاج بن يوسف بن عبيد الله، أبو منيع هو يوسف أو عبيد الله على ما ذكره في ترجمة أبي منيع، وقوله: سكن الرصافة بالجزيرة، وهم أيضا، فان الرصافة من أعمال قنسرين من الشام، وليست من الجزيرة، وجده عبيد الله (46- و) منها، لكنه رأى أبا عروبة ذكره من أهل الجزيرة فظن الرصافة من الجزيرة، وقوله أيضا: رصافة الرقة عرفها بالرقة لقربها منها، لا أنها من أعمالها، وهي شامية، وبعمل حلب قرية أخرى تعرف بالرصافة، بالقرب من قنسرين، وببغداد الرصافة، فعرفها برصافة الرقة لتميز عنهما، والله أعلم.
أخبرنا أبو الوحش بن أبي منصور بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، في تاريخ دمشق، قال: الحجاج بن يوسف(5/2103)
ابن أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد، أبو محمد الرصافي، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد، أبا منيع الرصافي، روى عنه عمرو بن محمد بن بكير الناقد، وأبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي الأسفراييني، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني. «1» .
قلت: أورد الحافظ أبو القاسم ذكره في تاريخ دمشق كما ذكرناه عنه، ولم يذكر في ترجمته دليلا على أنه دخل دمشق، ولا أنه سكنها، ولا أنه اجتاز بها، وليس من شرطه كل من كان بالشام، وكونه من موالي آل هشام لا يدل على شيء من ذلك، والمعروف بالولاء لآل هشام هو جده عبيد الله بن أبي زياد، وهو رصافي أيضا.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو نصر محمد بن الحسن بن البناء، وأبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن الدوري، قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:
أخبرنا محمد بن العباس بن حيوية، قال: حدثنا الحسين (46- ظ) بن محمد- يعني- ابن عبد الله بن عبادة الواسطي قال: سمعت هلال بن العلاء يقول: كان حجاج بن أبي منيع من أعلم الناس بالارض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفرس من ناصيته الى حافره، وأعلم الناس بالبعير من سنامة الى خفه، وكان مع بني هشام في الكتّاب، وهو شيخ ثقة.
ذكر أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب تاريخ الثقات، في الطبقة الرابعة، قال: حجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، من أهل الشام كنيته أبو محمد، سكن حلب، يروى عن جده عبيد الله بن أبي زياد عن الزهري، روى عنه الحسين ابن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، مات بحلب سنة احدى وعشرين ومائتين. «2» .
الحجاج القضاعي الشاعر:
كان من جملة الشعراء الوافدين على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة، وفد عليه بدابق وبخناصرة مع جرير والفرزدق وكثير وغيرهما «3» .(5/2104)
ذكر من اسمه حجر
حجر بن عدي:
الادبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كنده بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، أبو عبد الرحمن الكندي، وقيل في نسبه: حجر بن عدي بن الادبر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية ابن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور (47- و) بن مرتع بن كندي بن عفير، وقيل هو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وكان يقال له: حجر الخير، وسمي أبوه الادبر لانه طعن موليا في دبره فسمي الأدبر، وقيل ضرب بالسيف على أليته، وقيل ان الأدبر جده جبلة، وقيل الأدبر عدي جد أبيه، وقال بعضهم: حجر هو الادبر، وكان من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وشراحيل وقيل شرحيل بن مرة، روى عنه أبو ليلى الكندي المدني مولاه، وعبد الرحمن ابن عابس، وأبو البختري الطائي، وشهد صفين مع عليّ عليه السلام أميرا على كندة وقضاعة وحضر موت ومهرة.
وكان أحد الشهود على كتاب التحكيم وقال ابن سعد في كتاب الطبقات:
كان ثقة معروفا «1» .
«2» أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي (47- ظ) قال: أخبرنا أبو عبد الله بن منده قال: أخبرنا محمد بن(5/2105)
عبد الله العماني قال: حدثنا أبو حصين الوادعي قال: حدثنا عبادة بن زياد الاسدي قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي اسحاق السبيعي عن أبي البختري عن حجر بن عدي قال: سمعت شراحيل بن مرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
ابشر يا علي حياتك وموتك معي «1» .
«2» أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن محمد بن عبيد الدقاق المعروف بالعسكري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن أبي اسحاق عن أبي ليلى الكندي عن حجر بن عدي قال:
حدثنا علي أن الطهور «3» نصف الايمان.
قال ابن مندة: وأخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا محول بن ابراهيم عن عمر بن شمر عن أبي طوق عن جابر الجعفي وذكر عن محمد بن بشر قال: قام حجر بن عدي يخطب على شاطىء الفرات حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أشهد أني سمعت شراحيل بن مرة يزعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبشر يا علي حياتك وموتك معي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية ابن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: في أهل الكوفة حجر بن الادبر الكندي سمع من علي.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري، عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية(5/2106)
قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة (48- و) الرابعة من الصحابة: حجر الخير بن عدي الأدبر.
- وانما طعن موليا فسمي الادبر- بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي جاهلي اسلامي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد القادسية وهو الذي افتتح مرج عذرا، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء وقتله معاوية بن أبي سفيان وأصحابه بمرج عذراء، وابناه عبيد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرا، وكان يتشيعان، وكان حجر ثقة معروفا، ولم يرو عن غير علي شيئا. «1» .
قلت: قد روى حجر عن شراحيل بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي قدمنا ذكره في فضل علي عليه السلام، وروى عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قوله.
أنبأنا أبو الوحش بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن ابن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الاولى من تابعي أهل الكوفة حجر بن الأدبر الكندي، والأدبر بن عدي بن جبلة، قتله معاوية «2» .
قال علي بن الحسن كذا فيه، وعدي الثاني مزيد. قلت: والذي يعلب على (48- ظ) ظني أنه والادبر هو عدي، وعدي بن جبلة ليقع موافقا لما رواه ابن الفهم عن محمد بن سعد وقد تصحف على الناسخ والله أعلم.
وقد نسبه ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب فقال: حجر بن عدي بن الادبر ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن(5/2107)
ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
قال ابن الكلبي: وكان قد طعن في دبره فسمي حجر الادبر لذلك، جاهلي اسلامي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانيء، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء، وشهد القادسية، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام، قتله معاوية وأصحابه بمرج عذراء، وكان الذي تولى قتله أبو الاعور السلمي «1» .
كتب إلينا أبو عبد الله بن عمر بن نصر أن عبد الحق بن عبد الخالق أخبره قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: حجر بن عدي الكندي قتل في عهد عائشة قاله عمرو بن عاصم: عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان، وسمع عليا وعمارا بصفين قولهما، يعد في الكوفيين، روى عنه أبو ليلى الكندي وعبد الرحمن بن عابس (49- و) وهو ابن الأدبر، والأدبر عدي «2» .
أنبأنا أبو حفص الدارقزي عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
قال ابن البناء: وأنبأنا أبو الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، وقيل الأدبر هو عدي، روى عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي، قيل إنه يكنى أبا عبد الرحمن قتل سنة احدى وخمسين.
أنبأنا أبو نصر بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الاصبهاني(5/2108)
قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابي بكر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: فأما حجر- بالحاء المضمومة والجيم ساكنة، ويجوز ضمها في اللغة- فمنهم حجر بن عدي بن الأدبر جاهلي اسلامي يذكر بعضهم أنه وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه، وأكثر أصحاب الحديث لا يصححون له رواية، شهد القادسية وافتتح مرج عذراء، وشهد الجمل وصفين مع علي، ثم قتله معاوية بعد ذلك. وكان مع علي بصفين: حجر الخير، وحجر الشر فأما حجر الخير فهذا، وأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة (49- ظ) السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال:
وأما أدبر، عوض الزاي دال مهملة، فهو حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، واسم الأدبر جبلة، وقيل: إن الأدبر هو عدي، وقال المرزباني: قد روي أن حجر بن عدي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانىء بن عدي، وقد روى حجر عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال:
أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: وحجر بن عدي هو الأدبر، والأدبر عدي بن جبلة.
أنبأنا..... «2» عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال:
أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن، قال: وحجر الخير بن عدي بن الأدبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين، وفد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ويقال إنما سمي جده الأدبر: لأنه طعن موليا، فسمي الأدبر، وشهد حجر القادسية، وافتتح مرج عذراء، وشهد(5/2109)
صفين، والجمل مع علي، لم أجد له عن رسول الله رواية إلا أن كلامه مروي من وجوه كثيرة «1» .
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال:
أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد البر النمري قال:
حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، يكنى أبا عبد الرحمن، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وإنما سمي الأدبر لأنه ضرب بالسيف على أليته فسمي بهذا الأدبر، كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين، وعلى الميسرة يوم النهروان «2» ، ولما ولّى معاوية، زيادا العراق وما وراءها وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر، ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته، وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه، فكتب فيه زياد الى معاوية فأمره أن يبعث به (50- و) إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا كلهم في الحديد، فقتل معاوية منهم ستة، واستحيى ستة، وكان حجر ممن قتل فبلغ ما صنع بهم زياد الى عائشة أم المؤمنين، فبعثت الى معاوية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه، فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال لمعاوية:
أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه، ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عني مثلك من قومي، قال: والله لا تعدّ لك العرب حلما بعدها أبدا ولا رأيا، قتلت قوما بعث بهم إليك أسارى من المسلمين، قال: فما أصنع كتب إلي فيهم زياد يشد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون علي فتقا لا يرقع، ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل(5/2110)
حجر، في كلام طويل جرى بينهما ثم قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا، والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه يعرف بمرج عذراء.
قال أبو عمر بن عبد البر حدثنا خلف- يعني- ابن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما خبيب «1» وحجر وهما فاضلان.
قال أحمد: وحدثنا ابراهيم بن مرزوق (50- ظ) قال حدثنا يوسف بن يعقوب الواسطي، وأثنى عليه خيرا، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول- وقد ذكر معاوية وقتله حجرا وأصحابه- ويل لمن قتل حجرا وأصحاب حجر. قال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك أن حجرا كان مستجاب الدعوة قال: نعم وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم «2» .
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن عدي الأدبر بن جبلة بن عدي ابن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وسمي أبوه الأدبر لأنه طعن موليا فسمي الأدبر، أبو عبد الرحمن الكندي من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع عليا، وعمار بن ياسر وشراحيل بن مرة، ويقال شرحيل.
روى عنه أبو ليلى الكندي مولاه، وعبد الرحمن بن عابس، وأبو البختري الطائي وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء، وشهد صفين مع علي أميرا، وقتل بعذراء من قرى دمشق ومسجد قبره بها معروف «3» .(5/2111)
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي قال:
أخبرنا عبد الواحد بن علي العلاف قال: أخبرنا علي بن أحمد الحمامي قال: أخبرنا القاسم (51- و) بن سالم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: كان حجر بن عدي رجلا من كندة وكان عابدا، قال: ولم يحدث قط إلا توضأ، ولم يهريق ماء إلا توضأ، وما توضأ إلا صلى «1» .
قال القاسم: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو همام الوليد بن شجاع السكوني قال: حدثني ابراهيم بن أعين عن السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد أن حجر بن عدي بن الأدبر كان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غلظ يده، فينقلب على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها.
أنبأنا عمر بن محمد بن معمر قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: في تسمية أمراء يوم صفين من أصحاب علي حجر بن عدي هو أدبر الكندي «2» .
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- إذنا- قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكرياء التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال في تسمية الأمراء من أصحاب علي يوم صفين: قال أبو عبيدة: وعلى كندة حجر بن عدي الكندي «3» (51- ظ) .
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الامين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد(5/2112)
ابن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال:
حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا عمر بن سعد بإسناده الاول- يعني فيما اقتصه من خبر صفين- قال: وبيتهم الشتاء حتى إذا كان ذو الحجة جعل علي يأمر الرجل الشريف من أصحابه فيخرج معه الجماعة فيقاتل ويخرج إليه رجل من أصحاب معاوية في جماعة فيقاتل ثم ينصرفان، فكان علي مرة يخرج الأشتر في خيله، ومرة حجر بن عدي الكندي، ومرة شبث بن ربعي، وذكر غير هؤلاء.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا عبد الواحد بن علي قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يعقوب بن اسحاق بحبان «1» قال: حدثنا أبو ظفر عن جعفر بن سليمان الضبعي قال: حدثني صاحب لنا عن يونس بن عبيد قال: كتب معاوية الى المغيرة بن شعبة: إني قد احتجت الى مال فأمدني بمال، فجهز المغيرة إليه عيرا تحمل المال، فلما فصلت العير، بلغ حجرا وأصحابه فجاء حتى أخذ بالقطار، فحبس العير، قال: لا والله حتى توفي كل ذي حق حقه، فبلغ المغيرة ذلك أنه قد رد العير معه، فقال شباب ثقيف: ائذن لنا أصلحك الله فيه فنأتيك برأسه الساعة، قال: لا والله ما كنت لأركب هذا من حجر (52- و) أبدا، فبلغ معاوية فاستعمل زيادا وعزل المغيرة «2» .
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن هشام بن حسان عن محمد قال: أطال زياد الخطبة، فقال له حجر:
الصلاة، فمضى زياد في خطبته فضرب حجر بيده الى الحصا وقال الصلاة وضرب الناس بأيديهم الى الحصا، فنزل زياد وصلى، وكتب فيه زياد الى معاوية، فكتب معاوية أن سرح به إلي، فسرح به إليه، فلما قدم عليه قال: السلام عليك يا أمير(5/2113)
المؤمنين، قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم لا أقيلك ولا استقيلك، قال: فأمر بقتله، فلما انطلق به قال لهم: دعوني فلأصلي ركعتين، قالوا: نعم. قال: فصلى ركعتين ثم قال لهم: لولا أن تروا أن بي غير الذي بي لأحببت أن يكونا أطول مما كانتا، ثم قال: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما، وادفنوني في ثيابي، فإني لاق معاوية بالجادة، وإني مخاصم، قال هشام: فكان محمد إذا سئل عن الشهيد يغسل، ذكر حديث حجر.
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري ثم البغدادي بحلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا أبو الفضل أحمد بن ملاعب قال: حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن معمر عن هشام بن سيرين قال: أتى (52- ظ) حجر بن عدي حيث دعا به معاوية فقال: إني لأرى هذا قاتلي، فإن هو قتلني فلا تطلقوا عني حديدا، وادفنوني في ثيابي ودمي فإني ملاق معاوية على الجادة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب الطيبي قال:
حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: أخبرنا يحيى بن سليمان الجعفي قال:
حدثنا أبو بكر بن عياش وابن الأجلح حدثني ببعضه وأحمد بن بشير وغيرهم من أشياخنا، ومن اسماعيل بعضه، وبعضهم يزيد على بعض: أن معاوية بعث زياد بن أبي سفيان على الكوفة والبصرة، فقدم زياد الكوفة، فبعث الى حجر بن الأدبر الكندي وكانا جليسين متواخيين وكانا يريان رأي علي، وعلى حبه، ومن شيعته فقال له زياد: قد علمت الذي كنت أنا وأنت عليه من الرأي، وإني رأيت عليا ومعاوية اقترعا فقرعه معاوية، فسلمنا لأمره، فهلم فأبلغ بك وأشرفك في قومك(5/2114)
وأقضي لك حوائجك، وأقضي دينك. وأخرج لك رزق أهلك، فاخرج معي الى البصرة، فقال حجر: لا والله إني لمريض، فقال زياد: صدقت إنك لمريض القلب، والهوى، والرأي، وأخاف أن أخلفك فتوغل على الناس وتوغرهم.
ثم سار زياد إلى البصرة وخلفه، واستعمل عمرو بن حريث المخزومي على الكوفة (53- و) وأنزله القصر، وأوصى عمرا به فقال: كن عينا على حجر فانظر من جلساؤه في المسجد ومن غاشيته في أهله، وأعلمني ما يكون من أمرهم، ثم سار زياد إلى البصرة فقدمها، فكتب عمرو بن حريث من الكوفة الى زياد وهو بالبصرة: أخبرك إن حجرا قد عظمت حلقته في المسجد وكثرت غاشيته في أهله، فإن كانت لك في الكوفة حاجة فأقبل، فما هو الا أن قرأ كتابه قال زياد لأصحابه:
تجهزوا، فتجهزوا، ثم خرج فنزل الجلحاء «1» فإذا راكب من بني أسد يركض على فرس رسول لعمرو بن حريث فقال: أين الأمير، أين الامير، فقالوا: هو ذا، فأتاه فقال له زياد: ما وراءك، قال: أخبرك أن حجرا قد أعلن أمره وقد أظهر السلاح، واجتمع إليه في المسجد وخلع أمير المؤمنين «2» ، فقال: لا ولكنك خلعت أنت، قال:
فما فعل أميري؟ - يعني عمرو بن حريث- قال: في الدار، فقال لاصحابه سيروا حتى نزل بقرية الجزماء «3» فإذا راكب على فرس، فقال: أين الأمير؟ فقالوا: هذا الأمير فما وراءك؟ قال: ظهر حجر وأعلن أمره واجتمع اليه، قال فما فعل أميري؟
قال: هو في الدار، قال: سيروا، فساروا حتى نزلوا قرية الرمان «4» ، فإذا راكب يركض فقال مثل ما قال صاحباه، وقد كان حجر حين علم أن زيادا قد أقبل يريد الكوفة قال لأصحابه: إن هذا الطاغية قد أقبل فضعوا سلاحكم (53- ظ) وقوموا، فإن هو أعطانا الذي نحب، والا أعلمناكم فرأيتم رأيكم، فقدم زياد الكوفة فجاءه وجوه أهلها وأشرافهم فجلسوا اليه وسلموا عليه، وأقبل محمد بن(5/2115)
الأشعث اليه فدخل فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، فقال: من هذا؟ قال: محمد بن الأشعث «1» ، فقال: لا مرحبا ولا أهلا ما فعل الرجل والله لتأتيني به أو لاسلكن من السيف في بطنك شبرا، فقال: أصلح الله الأمير قد علم الناس عداوته لي، والذي بيني وبينه، والله لا يأمنني على شيء من أمره، فقال زياد، والله لتأتيني به أو لاسلكن من السيف في بطنك شبرا، قال: فخرج محمد كئيبا محزونا فلقي جرير بن عبد الله «2» فقال جرير: مالك؟ فقال: قد علمت الذي بيني وبين حجر ومجانبته لي، وقد غضب الأمير عليّ منه ووعدني القتل ان لم آته به، قال: فما تريد؟ قال: أريد أن يرضى عني ويعفيني من أمره، فأقبل جرير حتى دخل على زياد فرحب به زياد، فقال له جرير: أصلحك الله كلفت محمدا أن يأتيك بحجر، وقد عرفت عداوة حجر له ومجانبته إياه، فإنا نحب أن ترضى عنه، وأنا آتيك بحجر، قال: وتفعل؟ قال: نعم قال: فإنا قد رضينا عنه فأتنا به، فانطلق جرير حتى أتى حجرا، فدخل عليه في بيته وهو في اثني عشر رجلا من أصحابه، فكلمه جرير وقال له: أجب أميرك، فقال حجر: والله لا أفعل الا أن يعطيني موثقا وإيمانا لا يهجنا حتى يبعث بنا إلى (54- و) معاوية فنكلمه ويرى فينا رأيه فإني قد عرفت أنه لن يدعنا، فرجع جرير الى زياد فقال له: أجئت به؟ قال: نعم أصلحك الله، وقد سأل شيئا، قال: ما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: فذلك له، فأعطاه الأمان على ذلك، فأقبل حجر مع جرير حتى دخل على زياد فلما رآه زياد قال: مرحبا بك أبا عبد الرحمن فو الله إنك كما علمت حرب في السلم، سلم في الحرب، ولقد ركبت صدورا قد أهلك الله من ركب أعجازها، ما كنت قلت لك إنك ستوغر الناس وتفعل وتوغر عليّ، تجهز أنت وأصحابك، فتجهزوا، وكتب معهم زياد كتابا الى معاوية شديدا يخبره بأمرهم وأن تركهم فساد للناس، فساروا حتى نزلوا بمرج عذراء فحبسوا فيها، وكان فيما كتب زياد الى معاوية: إن لهم الأمان حتى يكلموك وتكلمهم، فسار اليهم معاوية حتى أتاهم بمرج عذراء ومعه الناس، فكلمهم وكلموه، ثم انصرف عنهم فاستشار وجوه أهل الشام فيهم، فأشاروا عليه بقتل القوم كلهم الا(5/2116)
يزيد بن أسد البجلي وهو جد خالد بن عبد الله القسري فانه قال: يا أمير المؤمنين أنتم الأئمة ونحن المؤتمون، وأنتم العمد ونحن المعمدون، فان تعف نقل قد أحسنت وأجملت، وان تقتل فرأيك أثبت، فبعث اليهم معاوية رجلا أعور فأمره فقال: انطلق اليهم فاقتل شيوخهم واترك شبانهم، فأقبل الرسول فلما رأوه قال رجل من القوم: هذا (54- ظ) رجل مقبل قد بعث اليكم، إحدى عينيه ميتة والأخرى حية وهو خليق أن يميت نصفكم، فأتاهم فأخذ شيوخهم فضرب أعناقهم وهم ستة حجر أحدهم، واستحيى ستة، فما هو الا أن قتلهم ندم معاوية وسقط في يده، ودخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا أمير المؤمنين ماذا صنعت لا تعدّ لك العرب حلما ولا رأيا، قتلت قوما بعث بهم أسرى في يدك! قال:
فما أصنع كتب إليّ زياد يشدد أمرهم وذكر أنهم سيفتقون علي فتقا ليس له أول ولا آخر، فكان فساد هؤلاء في صلاح أمة محمد، خير من فساد أمة محمد في صلاح هؤلاء، وغبت أنت عني وأصحابك، فقال له: ألا فرقتهم في كور الشام، وأطعمتهم من الكعك والزيت حتى تكفيكهم طواعين الشام!
وقال حدثنا يحيى- يعني- الجعفي قال: حدثنا ابن داوود قال حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي وعبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن رزين الغافقي عن علي انه قال: يقتل منكم يا أهل الكوفة سبعة مثلهم مثل أصحاب الاخدود، قال فبعث معاوية الى بضعة عشر رجلا من أهل الكوفة فاختار منهم سبعة فقتلهم منهم حجر بن الأدبر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- إذنا- قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قال أخبرنا علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن (55- و) حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال:
حدثنا أبو معشر قال: فاعترف «1» به معاوية وأمره على العراقين، يعني زيادا: قال: فلما(5/2117)
قدم الكوفة دعا حجر بن الأدبر فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تعلم حبي لعلي قال:
شديدا، قال: فان ذاك قد انسلخ أجمع. فصار بغضا فلا تكلمني بشيء أكرهه، فاني أحذرك، فكان إذا جاء ابان العطاء قال حجر لزياد: أخرج العطاء فقد جاء أبانه، فكان يخرجه، وكان لا ينكر حجر شيئا من زياد الا رده عليه، فخرج زياد الى البصرة واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث فصنع عمرو شيئا كرهه حجر، فناداه وهو على المنبر، فرد عليه ما صنعه وحصبه هو وأصحابه قال: فأبرد عمرو مكانه بريدا الى زياد وكتب اليه بما صنع حجر، فلما قدم البريد على زياد، ندم عمرو بن حريث وخشي أن يكون من سطواته ما يكره، وخرج زياد من البصرة الى الكوفة فتلقاه عمرو بن حريث في بعض الطريق فقال: انه لم يك شيء تكرهه وجعل يسكنه، فقال زياد: كلا والذي نفسي بيده حتى آتي الكوفة، فأنظر ماذا أصنع، فلما قدم الكوفة سأل عمرا عن البينة، وسأل أهل الكوفة، فشهد شريح في رجال معه على أنه حصب عمرا ورد عليه، فاجتمع حجر وثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلبسوا السلاح وجلسوا في المسجد، فخطب زياد الناس وقال: يا أهل الكوفة ليقم كل رجل منكم الى سفيهه فليأخذه، فجعل (55- ظ) الرجل يأتي ابن أخيه وابن عمه وغريبه فيقول:
قم يا فلان، قم يا فلان حتى بقي حجر في ثلاثين رجلا فدعاه زياد فقال: ابا عبد الرحمن قد نهيتك أن تكلمني، وان لك عهدا لله ألا تراب بشيء حتى تأتي أمير المؤمنين وتكلمه فرضي بذلك حجر، وخرج الى معاوية ومعه عشرون رجلا من أصحابه، ومعه رسل زياد حتى نزلوا مرج العذراء فقال حجر: ما اسم هذا المكان؟ قالوا: هذا مرج العذراء قال: أما والله اني لاول خلق الله كبر فيه.
قال وحدثنا عبد الله قال: أخبرت عن جعفر بن سليمان عن هشام قال: قال ابن سيرين: لم يكن لزياد هم لما قدم الكوفة الا حجرا وأصحابه، فتكلم يوما زياد وهو على المنبر فقال: ان من حق أمير المؤمنين، من حق أمير المؤمنين مرارا، فقال:
كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر اليه ثم عاد في كلامه فقال: ان من حق أمير المؤمنين، ان من حق أمير المؤمنين مرارا، قال حجر: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر اليه، ثم عاد في كلامه فقال: ان من حق أمير المؤمنين، ان من حق أمير(5/2118)
المؤمنين مرارا نحوا من كلامه، فأخذ حجر كفا من حصا فحصبه، وقال: كذبت عليك لعنة الله، قال: فانحدر زياد من المنبر فصلى ثم دخل الدار وانصرف حجر، فبعث اليه زياد الخيل والرجال: أجب، قال حجر: اني والله ما أنا بالذي يخاف ولا آتيه أخاف على نفسي. قال هشام: قال ابن سيرين: لو مال لمال أهل الكوفة معه، ولكن كان رجلا ورعا فأبى زياد ان يقلع عنه الخيل والرجال حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة ويرسله في ثلاثين من أصحابه الى (56- و) معاوية، فلما خرج اتبعه زياد بردا بالكتب، بالركض الى معاوية: ان كان لك في سلطانك حاجة، أو في الكوفة حاجة فاكفني حجرا، وجعل يرفع الكتب الى معاوية حتى ألهفه عليه، فقدم فدخل عليه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال معاوية: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم ثلاثا، فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلا من أصحابه، قد كتب زياد فيهم وسماهم، وأخرج حجرا وأصحابه الخمسة عشر وقد أمر بضرب أعناقهم، فقال حجر للذي أمر بقتله: دعني فلأصلي ركعتين قال: صلّه، قال: فصلى ركعتين خفيفتين، فلما سلم أقبل على الناس فقال: لولا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس مما كانتا وايم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ماهان بنافعتي شيئا، ثم أخذ برده فتحرم به، ثم قال لمن يليه من قومه ومن يتحرم به: لا تحلوا قيودي ولا تغسلوا عني الدم، فاني اجتمع أنا ومعاوية غدا على المحجة.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو محمد بن أبي الحسن الجوهري قال:
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن الزبير الحنظلي عن فيل مولى زياد قال: لما قدم زياد الكوفة أميرا، أكرم حجر بن الأدبر، وأدناه، فلما أراد الانحدار الى البصرة دعاه فقال: يا حجر انك قد رأيت ما صنعت بك واني أريد البصرة، فأحب أن تشخص معي، فاني أكره أن تخلف بعدي فعسى أن (56- ظ) أبلغ عنك شيئا فيقع في نفسي، فاذا كنت معي لم يقع في نفسي من ذلك شيء، فقد علمت رأيك في علي بن أبي طالب، وقد كان رأيي فيه قبلك على مثل رأيك فلما رأيت الله صرف ذلك الأمر عنه الى معاوية، لم أتهم الله، ورضيت به، وقد رأيت الى ما صار أمر علي واصحابه واني أحذرك أن تركب أعجاز(5/2119)
أمور، هلك من ركب صدورها، فقال له حجر: اني مريض ولا استطيع الشخوص معك، قال: صدقت والله انك لمريض، مريض الدين، مريض القلب، مريض العقل، وايم الله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرصن على قتلك فانظر لنفسك أودع.
فخرج زياد فلحق بالبصرة. واجتمع الى حجر قراء أهل الكوفة، فجعل عامل زياد لا ينفذ له أمر، ولا يريد شيئا الا منعوه اياه، فكتب الى زياد: اني والله ما انا في شيء وقد منعني حجر وأصحابه كل شيء فأنت أعلم، فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة، فلما قدمها تغيب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا هو جالس يوما وأصحاب الكراسي حوله، فيهم الأشعث بن قيس، اذ أتى الاشعث ابنه محمد، فناجاه وأخبره أن حجرا قد لجأ الى منزله، فقال له زياد: ما قال لك ابنك؟
قال لا شيء، قال: والله لتخبرني ما قال لك حتى أعلم انك قد صدقت أو لا تبرح مجلسك حتى اقتلك، فلما عرف الاشعث اخبره، فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم: قم فاتني به، قال: اعفني أصلحك الله من ذلك ابعث غيري. قال: لعنة الله عليك خبيثا مخبثا (57- و) والله لتأتيني به أو لأقتلنك، فخرج الرجل حتى دخل عليه، فأخذه وأخبر حجر الخبر، فقال له: ابعث الى جرير بن عبد الله فليكلمه فيك فاني أخاف ان يعجل عليك، فدخل جرير على زياد فكلمه فقال: هو آمن من أن أقتله ولكن أخرجه فابعث به الى معاوية، فجاء به على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطا معه وكتب الى معاوية: أن اغن عني حجرا، إن كان لك فيما قبلي حاجة، فبعث معاوية فتلقي بالعذراء: فقتل هو وأصحابه، وملك زياد العراق خمس سنين ثم مات سنة ثلاث وخمسين.
قلت: هكذا جاء في هذه الرواية فيهم الأشعث بن قيس وهو وهم فاحش، فان هذه القصة كانت في سنة إحدى وخمسين أو في سنة خمسين، والأشعث مات في سنة أربعين قبل هذه الواقعة باحدى عشرة سنة، وقد ذكرنا فيما نقلناه من ابن ديزيل أن الذي طلب منه معاوية «1» احضار حجر اليه هو محمد بن الأشعث.(5/2120)
والعجب أن الحافظ أبا القاسم ذكر هذه القصة بهذا الاسناد ولم ينبه على هذا الوهم «1» .
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا ابو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وذكر بعض أهل العلم أنه يعني حجرا، وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانىء بن عدي، وكان من أصحاب علي، فلما قدم زياد بن أبي سفيان واليا على الكوفة، دعا حجر بن عدي فقال: تعلم أني أعرفك وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت، يعني من حب (57- ظ) علي بن أبي طالب وإنه قد جاء غير ذلك واني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فاستفرغه كله، إملك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدي، فاكفني نفسك فاني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك، واياك وهذه السفلة، وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك، فانك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي، فقال حجر: قد فهمت، ثم انصرف الى منزله، فأتاه أخوانه من الشيعة: فقالوا: ما قال لك الأمير؟ قال: كذا وكذا، قالوا: ما نصح لك، فأقام وفيه بعض الاعراض، وكانت الشيعة يختلفون اليه ويقولون: انك شيخنا وأحق الناس بانكار هذا الامر، وكان اذا جاء الى المسجد مشوا معه، فأرسل اليه عمرو بن حريث، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة، وزياد بالبصرة: أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة، وقد أعطيت الامير من نفسك ما قد علمت، فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه اليك وراءك أوسع، فكتب عمرو ابن حريث بذلك الى زياد، وكتب اليه: ان كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل، فأخذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل الى عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله البجلي، وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة، والى عدة من أشراف أهل الكوفة، فأرسلهم الى حجر بن عدي ليعذر اليه وينهاه عن هذه الجماعة وان (58- و) يكف(5/2121)
لسانه عن ما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم الى شيء، ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر قال: وبكر في ناحية الدار، فقال له عدي بن حاتم:
أمجنون أنت أكلمك بما أكلمك به، وأنت تقول يا غلام اعلف البكر فقال عدي لاصحابه: ما كنت اظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى، فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض، وخزنوا بعضا، وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به، فقال: لست اذا لأبي سفيان، وأرسل اليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه، وأتى به زياد وبأصحابه، فقال له: ويلك مالك؟ قال: اني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال:
اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه اليه، وبلغ عائشة الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي الى معاوية يسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي:
جذاذها جذاذها، «1» لا يغن بعد العام أثرا، فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، ولكن اعرضوا علي كتاب زياد، فقرىء عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية ابن أبي سفيان: أخرجوهم الى عذراء فاقتلوهم هنالك، قال: فحملوا اليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء قال: الحمد لله، أما والله اني لأول مسلم نبح كلابها في (58- ظ) سبيل الله، ثم أتي بي اليوم اليها مصفودا، ودفع كل رجل منهم الى رجل من الشام ليقتله قال: ودفع حجر الى رجل من حمير فقدمه ليقتله، فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت أجزعت، فانصرف فقال: ما توضأت قط إلّا صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا، وكانت عشائرهم جاؤوهم بالاكفان وحفروا لهم القبور، ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث اليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم انا نستعديك على أمتنا، فان أهل العراق شهدوا علينا، وان أهل الشام قتلونا. قال:(5/2122)
فقيل لحجر: مد عنقك، فقال: ان ذاك لدم ما كنت لأعين عليه، فقدم فضربت عنقه، وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض- قال الصوري: وفي نسخه قبّاص مضبوط مجوّد- فقتلهم وكان أعور، فنظر اليه رجل منهم من خثعم، فقال: ان صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا، قال:
فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل سبعة ونجا ستة، أو قتل ستة ونجا سبعة، قال: وكانوا ثلاثة عشر رجلا، وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان (59- و) فقال: غيبة مثلك عني من قومي، وقد كانت هند ابنة زيد بن مجرية- قال الصوري: وفي نسخة مخربة- الأنصارية وكانت شيعية قالت حين سير حجر الى معاوية:
ترفع أيها القمر المنير ... ترفع هل ترى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله كما زعم الخبير
تجبرت الجبابر بعد حجر ... وطاب لنا الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا ... كأن لم يحبها يوم مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك ما أردى عديا ... وشيخا في دمشق له زئير
فان تهلك فكل عتيد قوم ... الى هلك من الدنيا يصير «1»
وتروى هذه الأبيات لهند أخت حجر بن عدي، ويروى فيها بيت قبل البيت الاخير، وبعد السادس:
يرى قتل الخيار عليه حقا ... له من شر أمّته وزير
ويروى فيها بيت آخر هو:
ألا يا ليت حجرا مات موتا ... ولم ينحر كما نحر البعير(5/2123)
وفي بعض الروايات: «أخاف عليك ما أردى عليا» وهو أشبه.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: (59- ظ) أخبرنا عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا نوح بن حبيب القومسي قال: سمعت أبا بكر بن عياش، وذكر عنده حجر، فقال: لما انطلق بحجر الى معاوية قالت أخته:
ألا يا أيها القمر المنير ... تبصر هل ترى حجرا يسير
يسير الى معاوية بن حرب ... فيقتله كما زعم الأمير
ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور
قال نوح: قال أبو بكر بن عياش: قاتلها الله ما كان أشعرها.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عمران بن بكار بن راشد البراد المؤذن الحمصي قال: حدثنا هاشم بن عمرو أبو عبد الله شقران قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن شرحيل بن مسلم الخولاني قال: لما أتي معاوية بن أبي سفيان بحجر بن عدي الادبر وأصحابه، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، ثم دخل منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أين عمرو بن الاسود؟ فقام عمرو بن الاسود، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
ألا انا بحصن من الله حصين لم نمله، ولم نؤمر بتركه، فذكر الحديث.
قال ابن عياش: فقلت لشرحيل بن مسلم: كيف صنع بهم؟ قال: قتل بعضا، وخلى سبيل بعض، فقلت لشرجيل بن مسلم: ما كان شأنهم؟ قال: وجدوا كتابا لهم الى أبي بلال «1» ، وأن محمدا وأصحابه قاتلوا على التنزيل فقاتلوا أنتم (60- و) على التأويل.
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون قال: أخبرنا محمد بن علي بن(5/2124)
الحسن أبو عبد الله الحسيني المعروف بابن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن الفضل الدهقان قال: حدثنا محمد بن علي بن السمين قال: حدثنا محمد بن زيد الرطاب قال: حدثنا ابراهيم بن محمد الثقفي قال:
أخبرني المسعودي قال: حدثنا معاوية بن هشام عن عطاء بن مسلم عن عمرو بن قيس قال: والله لحدثينه بعض أصحابنا أن حجر بن عدي كان عند زياد وهو يومئذ على الكوفة، اذ جاءه قوم قد قتل منهم رجل فجاء أولياء القتيل وأولياء المقتول فقالوا: هذا قتل صاحبنا، فقال أولياء القاتل: صدقوا ولكن هذا نبطي «1» ، وصاحبنا عربي، ولا يقتل عربي بنبطي، فقال زياد: صدقتم ولكن أعطوهم الدية، فقالوا: لا حاجة لنا في الدية، انما كنا نرى أن الناس فيه سواء، فقام حجر بن عدي فقال: تعطيل كتاب الله، وخلاف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأنا حي لتقتلنه أو لأضربن بسيفي حتى أموت والاسلام عزيز، قال: فو الله ما برح حتى وضع السكين على حلقه، وكان يقال: أول ذل دخل على الكوفة قتل حجر بن عدي قال: اسم المسعودي هذا يوسف بن كليب.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال:
أخبرنا أبو القاسم بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو صالح الاخباري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا أحمد بن (60- ظ) ابراهيم قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا أبو معشر قال: فركب اليهم معاوية حتى أتاهم بمرج العذراء، فلما أتاهم سلم عليهم وسألهم: من أنت من أنت؟ حتى انتهى الى حجر فقال: من أنت؟ قال: حجر بن عدي، قال: كم مربك من السنين؟
قال: كذا وكذا، قال: كيف أنت والنساء اليوم؟ فأخبره، قال: كيف أنت والطعام اليوم؟ فأخبره، ثم انصرف وأرسل اليهم رجلا أعور معه عشرون كفنا، فلما رآه حجر تفاءل وقال: يقتل نصفكم ويترك نصفكم: قال فجعل الرسول يعرض عليهم التوبة والبراءة من علي، فأبى عشرة وتبرأ عشرة، فقتل الذين أبوا وترك الذين تبرءوا وحفر لهم قبورا، فجعل يقتلهم ويدفنهم، فلما انتهى الى حجر، جعل حجر يرعد، فقال له الذي أراد قتله: مالك ترعد؟ قال: قبر محفور وكفن منشور،(5/2125)
وسيف مشهور، قال: تبرأ من علي؟ قال: لا أتبرأ منه، فضرب عنقه ودفنه، فلما كان بعد ذلك دخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: أقتلت حجر ابن الأدبر؟ قال: أقتل حجر بن الادبر أحب اليّ من أن أقتل معه مائة ألف قال:
أفلا سجنته فتكفيكه طواعين الشام؟ قال: غاب عني مثلك من قومي يشير علي مثل هذه المشورة، فلما حج معاوية دخل على عائشة فقالت له: يا معاوية قتلت حجر بن أدبر؟ قال: أقتل حجرا أحب الي من أقتل معه مائة ألف.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو المغيرة الخولاني عبد القدوس بن الحجاج عن ابن عياش- يعني- اسماعيل قال: حدثني شرحبيل بن مسلم قال: حدثني أبو (61- و) شرحبيل شيخ ثقة من ثقات أهل الشام قال: لما بعث بحجر بن عدي الادبر وأصحابه من العراق الى معاوية بن أبي سفيان استشار الناس في قتلهم فمنهم المشير ومنهم الساكت، فدخل معاوية الى منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم جلس على المنبر، فقام المنادي فنادى:
أين عمرو بن الاسود العنسي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: انا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه، قولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم وانما علينا أن نقول:
«سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير» «1» قال معاوية: أما عمرو بن الاسود فقد تبرأ الينا من دمائهم ورمى بها ما بين عيني معاوية، ثم قام المنادي فنادى:
أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد ولا والله ما أبغضناك منذ أحببناك ولا عصيناك منذ أطعناك ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتك منذ بايعناك، سيوفننا على عواتقنا، ان أمرتنا أطعناك وان دعوتنا أجبناك، وان سبقتنا أدركناك، وان سبقناك نظرناك، ثم جلس، ثم قام المنادي فقال أين عبد الله بن محمد الشرعبي؟ فقام فحمد الله، ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق إن تعاقبهم فقد أصبت، وان تعفو فقد احسنت، ثم جلس، ثم قام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري؟ فقام فحمد الله(5/2126)
وأثنى عليه، ثم قال: (61- ظ) يا أمير المؤمنين رعيتك وولايتك وأهل طاعتك ان تعاقبهم، فقد جنوا على أنفسهم العقوبة، وان تعفو فان العفو أقرب للتقوى «1» يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوما لنفسه ظلوما بالليل نؤوما عن عمل الآخرة سؤوما، يا أمير المؤمنين ان الدنيا قد انخسفت أوتادها ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها واقترب منها ميعادها، ثم جلس فقلت لشرحبيل: فكيف صنع؟
قال: قتل بعضا واستحيى بعضا، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر.
قال: فلما قدم لتضرب عنقه قال: لا تطلقوا عني حديدا وادفنوني، وما أصاب الثرى من دمى فإني ألتقي أنا ومعاوية غدا بالجادة، قال أبي: قال أبو المغيرة، قال: فكان ابن عباس لا يكاد يحدث بهذا الحديث إلّا بكى بكاء شديدا.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال: حدثنا ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر في السوق فنعي له حجر فأطلق حبوته «2» وقام وغلبه النحيب.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا ابن عليه عن ابن عون عن نافع أو عن من حدثه، قال: لما بلغ ابن عمر قتل حجر وهو في السوق حل حبوته ثم انتحب.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا حجاج قال:
قال محمد بن طلحة: وحدثنا أبو عبيد الازدي أن الحسن بن علي أتاه ناس من أهل الكوفة من الشيعة، فشكوا اليه ما صنع زياد بحجر وأصحابه وجعلوا يبكون عنده وقالوا: نسأل الله (62- و) أن يجعل قتله بأيدينا، فقال: مه ان في القتل كفارات، ولكن نسأل الله أن يميته على فراشه- كذا قال: «أبو عبيد» وهو أبو عبيدة.
قال: وحدثنا عبد الله قال: أخبرت عن محمد بن حميد قال: حدثنا جرير عن سفيان الثوري قال: قال معاوية: ما قتلت أحدا إلّا وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به، ما خلا حجر بن عدي فإني لا أعرف فيما قتلته.
.(5/2127)
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: سمعت جريرا الرازي يقول: قال معاوية: ما قتلت أحدا إلّا وأنا أعلم فيم قتلته إلّا حجر بن عدي.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن ابي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني ابن عتاب وابن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن بسطام قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن آدم عن ابي بكر بن عياش عن الأعمش عن زياد ابن علاقة قال: رأيت حجر بن الأدبر حمله زياد الى معاوية على بعير، ورجلاه من جانب (62- ظ) .(5/2128)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد ابن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني حرملة قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء، حجر وأصحابه؟
فقال: يا أم المؤمنين إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة، وأن بقاءهم فساد للأمة، فقالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء «1» .
وقال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال: دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة، فقالت: يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت، أما خشيت أن أخبأ لك رجلا فيقتلك؟ فقال: لا إني في بيت أمان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن» ، «2» يا أم المؤمنين، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمورك؟ قالت: صالح. قال:
فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا عز وجل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: (65- و) أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسين، وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين(5/2129)
محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط:
في التابعين من أهل الكوفة قال: حجر بن عدي قتل سنة احدى وخمسين يكنى أبا عبد الرحمن «1» .
قال أبو البركات الانماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال:
حدثنا أبي قال: وفي سنة إحدى وخمسين قتل حجر بن عدي وأصحابه.
أنبأنا حسن بن أحمد الاوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك ابن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:
أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وخمسين، حجر بن عدي، أبو عبد الرحمن، قتل.
أنبأنا أبو محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة إحدى وخمسين، فيها قتل حجر بن عدي بن الأدبر، سمي بذلك لأنه ضرب بالسيف على أليته «2» .
وقال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا محمد بن جعفر المنبجي قال: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قرأت بخط عمي يعقوب بن إبراهيم: مات زياد بن أبي سفيان سنة ثلاث وخمسين وفيها قتل حجر بن الادبر الكندي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي الحسين محمد بن (65- ظ) كامل بن ديسم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة أبو جعفر- فيما كتب إلي- قال:
أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى- إجازة- قال: أخبرنا أحمد بن القاسم(5/2130)
ابن نصر النيسابوري قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد ابن الحكم قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى قال: قال عبد الله بن خليفة الطائي يرثي حجر بن عدي من قصيدة طويلة:
أقول ولا والله أنسى فعالهم ... سجيس الليالي «1» أو أموت فأقبرا
على أهل عذرا السلام مضاعف ... من الله يسقيها السحاب الكهورا «2»
ولاقى بها حجر من الله رحمة ... فقد كان أرضى الله حجر وأعذرا
ولا زال تهطال ملث «3» وديمة «4» ... على قبر حجر أو ينادى فيحشرا
فيا حجر من للخيل تدمى نحورها ... أو الملك العادي إذا ما تغشمرا «5»
ومن صادع بالحق بعدك ناطق ... بتقوى ومن إن قيل بالجور غبرا «6»
فنعم أخو الاسلام كنت وإنني ... لأطمع أن تعطى الخلود وتجبرا «7»
وقد كنت تعطي السيف في الحرب حقه ... وتعرف معروفا وتنكر منكرا
قال: وقال قيس بن فهدان الكندي يرثيه:
يا حجر يا ذا الخير والحجر ... يا ذا الفعال ونابه الذكر
كنت المدافع عن ظلامتنا ... عند الطلوع ومانع الثغر
أما فقلت فأنت خيرهم ... في العسر ذي العيصاء «8» واليسر
(66- و)
يا عين بكي خير ذي يمن ... وزعيمها في العرف والنكر(5/2131)
فلأبكين عليه مكتئبا ... فلنعم ذو القربى وذو الصهر
يا حجر من للمعتفين «1» إذا ... لزم الشتاء وقلّ من يقري «2»
من لليتامى والأرامل إن ... حقب «3» الربيع وضن بالوفر
أم من لنا في الحرب ان بعثت ... مستبسلا يفري كما يفري
فسعدت ملتمس التقى وسقى ... جدثا أجنك «4» مسبل القطر
كانت حياتك إذ حييت لنا ... عزا وموتك قاصم الظهر
وتريثنا في كل نازلة ... نزلت بساحتنا ولا تبري
يا طول مكتأبي لقتلهم حجرا ... وطول حرارة الصدر
قد كنت أصعق جهرة أسفا ... وأموت من جزع على حجر
فلقد جدلت وقد قتلت ... ومن لم تستعبه «5» حوادث الدهر
فلذاك قلبي مشعر كمدا ... ولذاك دمعي ليس بالنزر
ولذاك نسوتنا حواسر ... يستبكين بالاشراق والظهر
ولذاك رهطي كلهم أسف ... جم التأوه دمعه يجري «6»
حجر بن عنبس الكوفيّ:
أبو العنبس وقيل أبو السكن، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ولم يره، ويقال له كدّام «7» الدم، لأنه شرب الدم في الجاهلية، روى عن: علي رضي الله عنه، ووائل بن حجر. روى عنه: موسى (66- ظ) بن قيس الحضرمي(5/2132)
والمغيرة بن أبي الحر الكندي، وسلمة بن كهيل. وشهد مع علي عليه السلام صفين والنهروان، وقيل إنه قتل بصفين وقبره بالرقة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني، قال: أخبرنا محمود بن اسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجر ابن عنبس، وكان قد أكل الدم في الجاهلية، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، فقال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
هي لك يا علي «1» .
أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر: قال حجر بن عنبس الكوفي، أبو العنبس، وقيل يكنى أبا السكن، أدرك الجاهلية، وشرب فيها الدم، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه آمن به في حياته، روايته عن علي بن أبي طالب ووائل بن حجر، وهو معدود في كبار التابعين.
ذكر البخاري قال: أخبرنا أبو نعيم عن موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجرا، وكان شرب الدم في الجاهلية، قال أبو عمر شعبه: كنى حجرا هذا أبا العنبس في حديث وائل بن حجر عن النبي عليه السلام (67- و) في التابعين وغير شعبة يقول: حجر أبو السكن «2» .
أخبرنا «3» أبو عبد الله الحسين بن عمر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال:(5/2133)
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حجر بن عنبس أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هرون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل.
وقال شعبه: أبو العنبس سمع عليا، ووائل.
قال أبو نعيم عن موسى بن قيس، قال: سمعت حجر وكان شرب الدم في الجاهلية، قال: المكاء الصفير، وقال شعبة، عن سلمة: عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال آمين خفض بها صوته، قال أبو عبد الله: وخولف فيه في ثلاثة أشياء: قيل حجر أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هرون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل، وقال شعبة: أبو العنبس سمع عليا ووائل، قال أبو نعيم: عن موسى قال: سمعت حجر وقال: هو ابن عنبس، وزاد فيه علقمة، وليس فيه وقال: خفض وإنما هو جهر بها «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب كتابة قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حجر بن عنبس، أبو العنبس، ويقال أبو السكن الحضرمي، أدرك الجاهلية، غير أنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن علي بن أبي طالب، ووائل بن حجر (67- ظ) حدث عن سلمة بن كهيل، وموسى بن قيس والمغيرة بن أبي الحر، وكان ممن سكن الكوفة، وصحب عليا، وسار معه الى النهروان لقتال الخوارج، وورد المدائن في صحبته، وكان ثقة «2» .
حجر بن قحطان الوداعي:
يروى له شعر، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ذكر نصر ابن مزاحم في أخبار صفين قال: ولما عبأ معاوية حماة الخيل لهمدان، فردت خيله أسف فخرج بسيفه فحملت عليه همدان ففاتها ركضا، وانكسر أهل الشام، ورجعت همدان الى مكانها وقال حجر بن قحطان الوداعي:(5/2134)
ألا يا بن قيس قرت العين إذ رأت ... فوارس همدان بن زيد بن مالك
على عارفات للقاء عوابس ... طوال الهوادي مشرفات الحوارك
موقرة «1» بالطعن في ثغراتها ... يزلن ويلحقن القنا بالسنابك
عباها علي لابن هند وخيله ... فلو لم يفتها كان أول هالك
وكانت له في يومه عند ظنه ... وفي كل يوم كاسف الشمس حالك
وكانت بحمد الله في كل كربة ... حصونا وعزا للرجال الصعالك
فقل لأمير المؤمنين أن ادعنا ... إذا شئت إنا عرضة للمهالك
ونحن حطمنا السمر من حي حمير ... وكندة والحي الخفاف السكاسك
وعك ولخم شائلين سياطهم ... حذار العوالي كالإماء العوارك «2»
(68- و)
وقد روى ابن أعثم في كتاب الفتوح هذا الشعر لزياد بن كعب الهمداني والله أعلم «3» .
حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين:
ابن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، ويعرف بحجر الشر، وعرف بذلك ليفصلوا بينه وبين حجر بن عدي، وكان حجر بن عدي يعرف بحجر الخير، وكلاهما من كندة، وكان شريرا أيضا فعرف بذلك للفصل بينهما، وكان جد حجر بن عدي جبلة بن عدي بن ربيعة، وجد جد حجر بن يزيد حجر بن عدي بن ربيعة، فكانا أخوين، ووفد حجر بن يزيد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وعاد(5/2135)
الى اليمن، ثم نزل بعد ذلك الكوفة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله على كندة، وهو أحد من شهد من أصحاب علي رضي الله عنه بينه وبين معاوية على كتاب تحكيم الحكمين، وشهد أيضا الجمل مع علي وجعله على خيل كندة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال في تسمية امراء يوم الجمل من أصحاب علي، قال: وجعل على خيل كندة حجر بن يزيد «1» .
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر (68- ظ) اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الفقيه قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر العدل قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال:
وكان مع علي بصفين حجر الخير وحجر الشر، فأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة، وكان شريفا ولاه معاوية بعد ذلك أرمينية، وأرادوا أن يفصلوا بينه وبين حجر بن عدي، فقالوا لهذا حجر الشر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، المعروف بحجر الشر، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم وعاد الى اليمن، ثم نزل الكوفة، وشهد الحكمين بدومة، له ذكر «2» .
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة:(5/2136)
حجر الشر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين كان شريفا، وقد وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وإنما سمي حجر الشر، لأن حجر بن الأدبر (69- و) كان يسمى حجر الخير، فأرادوا أن يفصلوا بينهما، وكان أيضا شريرا، وكان أحد شهود يوم الحكمين مع علي، وولاه معاوية بن أبي سفيان بعد ذلك أرمينية «1» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: بلغني أن حجر بن يزيد بقي الى حين أخذ زياد حجر بن الأدبر وأنفذه الى معاوية، وكان ذلك في سنة إحدى وخمسين «2» .
حجوة بن مدرك الغساني:
الكوفي ثم المنبجي، أصله من الكوفة ونزل منبج، ثم انتقل الى دمشق فسكنها وله أشعار، روى عن: هشام بن عروة، وسفيان الثوري، وسليمان الأعمش، واسماعيل بن أبي خالد، وفضيل بن غزوان، ويونس بن أبي اسحاق، وعبد الملك بن أبي سليمان، وموسى بن عبيدة الربذي، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة.
روى عنه: هشام بن عمار، وسعيد بن اسماعيل بن مساحق، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الحراني، وعيسى بن موسى عنجار، وأبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي، والحكم بن موسى.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، قال: أخبرنا سهل بن بشر، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الطّفال، قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا (69- ظ) حجوة بن مدرك عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا «3» .(5/2137)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء- قراءة- قال: سمعت أبا الحسن ابن سميع يقول في الطبقة السادسة: حجوة بن مدرك الغساني.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي، عن عبد الكريم بن حمزة السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال: وأما حجوة: فحجوة بن مدرك، روى عن هشام بن عروة حديث قبض العلم، روى عنه: عيسى بن موسى التيمي «1» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله- إجازة- ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجوة بن مدرك، كوفي سكن دمشق، سألت أبي عنه فقال: محله الصدق «2» .
وذكر أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الكتاني الأصبهاني قال: قلت لأبي حاتم الرازي: ما تقول في حجوة بن مدرك يروى (70- و) عنه الحكم بن موسى؟ فقال:
الغساني صدوق.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد- فيما أذن لنا في روايته، سمعته بدمشق- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، قال: حجوة بن مدرك الغساني، أصله من الكوفة سكن دمشق وكان يكون بمنبح، وله أشعار في فتنة أبي الهيذام، روى عن: اسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن اسحاق، وفضيل ابن غزوان، وموسى بن عبيدة، وسفيان الثوري، وهشام بن عروة والأعمش، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة، وعبد الملك بن أبي سليمان.(5/2138)
روى عنه: هشام بن عمار، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وأبو الجماهير محمد بن عثمان، وعيسى بن موسى عنجار، والحكم بن موسى، وسعيد بن اسماعيل بن مساحق.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي فيما ذكره عن شيوخه قال: وكان مما قيل في تلك العصبية من الاشعار ما أفادنيه بعض أهل دمشق، عن أبيه، عن جده وأهل بيته من المرثيين قال: قال حجر بن مدرك الغساني يرثي أسعد الغساني:
ألا هبلت أم الفتى أسعد الندى ... لقد ثكلت ليثا شديد الشكائم
أغرّ نمته عصبة يمنية ... طوال الرماح ماضيات الصوارم
أتت بفتى رخو الحمائل صارم ... إذا حام بان الموت فوق الجماجم
سأبكى فتى غسان أسعد ما دعت ... على فنن الاشجار ورق الحمائم
(70- ظ)
وأبكيه إما عشت بالبيض والقنا ... وفتيان صدق كالليوث الضراغم
يخوضون نحو الموت خوضا ... كأنهم مصاعب تحت الداميات المناسم
بأسيافهم زار الحتوف ابن كامل ... ومن بعده مثواه زر بن حاتم
وقال حجوة:
قتلنا أناسا فاستقلنا بقتلهم ... هنات أضعناها لنا أول الأمر
فلا تخدعي يا قيس عيلان واصبري ... رويدك إنّا سوف نعقب بالصبر
ستأتيكم مثل الأسود مغيرة ... على كل طيّار يزيد على الزجر
فإن يك فتياني نبوا عن قتالهم ... بجانب حرلان «1» وخاموا عن النصر «2»(5/2139)
حدير السلمي:
ويقال الأسلمي، أبو قرّة وقيل أبو فوزة، وقيل إن له صحبة، روى عن أبي الدرداء، ولقي كعب الأحبار، وسمع منه، روى عنه يونس بن ميسرة بن حلبس والعلاء بن الحارث وبشير مولى معاوية.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وذهبت عينه يومئذ، وشهد غزو الصائفة في زمن عثمان.
نقلت من كتاب صفين تأليف أبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي، يعرف بابن أمه «1» ، قال: حدثني الوليد بن مسلم، قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: لقي أبو قرة حدير السلمي كعب في فج معلولا «2» فقال: حدثني حديثا ينفعني الله به، قال: كيف أنتم إذا قاتلكم أهل الردة؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين قال: بل من المسلمين، قال: قلت أمن العرب أم من العجم؟ قال:
لا بل من العرب، قال: قلت ولا يكون ذلك أبدا؟ قال: بلى، ثم قال: كيف بكم إذا قاتلتم أهل العاقول؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين؟ قال: لا بل من المسلمين، قلت: أمن العرب أم من (71- و) العجم؟ قال: من العرب، قلت:
لا يكون ذلك أبدا، قال: بلى ثم عسى ألا ينفك حتى تعور فيها عينك ويهدم فيها فوك، فلما كان بصفين أصيبت عينه وهدم فوه حضر ورمي بجلمودة فذهب فوه «3» .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني- بقراءتي عليه- قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا(5/2140)
أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: أخبرني الوليد عن صخر ابن جندلة أنه حدثة عن يونس بن ميسره بن حلبس عن أبي فوزة حدير السلمي قال: خرج بعث الصائفة، فاكتتب فيه كعب، فلما نفر البعث خرج كعب وهو مريض، قال: لأن أموت بحرستا «1» أحب إلي من أن أموت بدمشق، ولأن أموت بدومة «2» أحب إلي من أن أموت بحرستا هكذا قدما في سبيل الله.
قال: فمضى فلما كان بفج معلولا قلت: أخبرني، قال: شغلتني نفسي، قلت:
أخبرني، قال: سيقتل رجل يضيء دمه لأهل السماء، ومضينا حتى إذا كنا بحمص توفي بها فدفناه هنالك بين زيتونات بأرض حمص، ومضى البعث فلم يقفل حتى قتل عثمان «3» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن اسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد قال: ذكر عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صخر بن جندلة أنه سمع يونس بن (71- ظ) ميسرة بن حلبس يحدث عن أبي فروة حدير السّلمي قال: حضرت بعث الصائفة، في آخر خلافة عثمان بن عفان، وقد كان كعب أوقع اسمه في البعث، فأمر باخراجه، وهو مريض فقيل له: إنك مريض، فقال: أخرجوني في البعث فو الله لأن أموت بحرستا أحب إليّ من أن أموت بدمشق ولأن أموت بدومة أحب إليّ من أن أموت بحرستا هكذا قدما في سبيل الله، قال أبو فروة: فأخرجناه فمات حين انتهينا الى حمص «4» .
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن صفوان(5/2141)
البصري قال: حدثنا ابراهيم بن دحيم قال: حدثنا هشام عن صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثني أخ لي يقال له زياد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: «اللهم بارك لنا في شهرنا هذا الداخل «1» » ، فذكر الحديث وقال: توالى على هذا الدعاء ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعوه منه والسابع صاحب الفرس الخزبور «2» والرمح الثقيل حدير ابو فروة السلمي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد- فيما أجازه لنا- قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن اللالكائي قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:
حدثني أبي قال: أخبرنا (72- و) موسى بن داود عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة قال: دخل حدير الأسلمي على أبي الدرداء يعوده، وعليه جبة من صوف، وقد عرق فيها وهو نائم على حصير، فقال: يا أبا الدرداء ما يمنعك أن تلبس من الثياب التي يكسوك معاوية، وتتخذ فراشا؟ قال: إن لنا دارا لها نعمل وإليها نظعن، والمخف فيها خير من المثقل.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا أبو يزيد عن الفضيل قال: كان أبو هريرة إذا أخذ عطاءه صرّ صررا، فبعث بصرة الى حدير وقال للرسول: انظر ما يقول، فلما أتاه قال: اللهم انك تذكر حديرا فاجعل حديرا لا ينساك، فسأل أبو هريرة الرسول، فأخبره، فقال: وضع الشكر عند من صنعه «3» .
كتب الينا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال:(5/2142)
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو الحسن الكارزي قال: أخبرنا علي ابن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: سمعت ابن علية يحدث عن الجريري قال: حدثت أن أبا الدرداء ترك الغزو عاما فأعطى رجلا صرة فيها دراهم، فقال: انطلق فإذا رأيت رجلا يسير بين القوم حجزة «1» في هيئته بذاذة «2» فادفعها اليه، قال: ففعل فرفع (72- ظ) رأسه الى السماء فقال: اللهم لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك قال: فرجع الى أبي الدرداء فأخبره، فقال: ولي النعمة ربها.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الفقيه- اجازة- عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين الداراني قال: أخبرنا أبو الفرج الأسفراييني قال:
أخبرنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال:
حدثنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب قال: حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن العلاء بن الحارث أن أبا فوزة سار ميلا فلم يذكر الله، فرجع ثم قال: اللهم انك لم تنس أبا فوزة فاجعل أبا فوزة لا ينساك.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد ابن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو زرعة قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا أبو فوزة حدير السلمي.
أنبأنا أبو عبد الله بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدير السلمي، وقال يحيى بن حسان: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا العلاء بن الحارث سمع أبا فوزة حدير مولى بني سليم قوله: حدثني عبد الله، قال: حدثنا دحيم قال:
حدثنا الوليد قال: حدثني صخر بن جندلة سمع يونس بن ميسرة (73- و) عن(5/2143)
أبي فوزة حدير السلمي حضر آخر خلافة عثمان، وقال كعب: أخرجوني في البعث وهو مريض، فأخرجناه فمات حين انتهى الى حمص «1» .
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو فوزة حدير مولى بني سليم روى عنه العلاء بن الحارث «2» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو فوزة حدير السلمي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد- فيما أذن لنا في روايته عنه- عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما الأول أبو فروة بتقديم الراء فجماعة، وأما الثاني بتقديم الواو فهو أبو فورة حدير السلمي يروى عنه يونس بن ميسرة ذكره أبو بشر الدولابي في الاسماء والكنى كذا قاله بالراء «3» .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: حدير أبو فوزة ويقال أبو فروة الاسلمي ويقال السلمي مولاهم، يقال إن له صحبة، سكن حمص. روى عن أبي الدرداء وكعب الأحبار، روى عنه العلاء بن الحارث وبشير مولى (73- ظ) معاوية ويونس بن ميسرة بن حلبس، وخرج مع كعب من دمشق الى حمص «4» .(5/2144)
ذكر من اسمه حذيفة
حذيفة بن الحسن المصيصي:
حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي ومحمد بن ابراهيم الدمشقي، روى عنه الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد- إجازة- قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا حذيفة بن الحسن قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الدمشقي قال:
حدثنا يونس بن عطاء عن معروف مولى واثلة قال: سمعت واثلة يقول: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء «1» .
حذيفة بن قتادة المرعشي:
من أهل مرعش كان أحد العباد المذكورين، صحب سفيان الثوري وروى عنه.
روى عنه يوسف بن أسباط وابن أبي الدرداء ونبهان بن المغلس، والفيض بن اسحاق، ومحمد بن أبي الورد، واشتغل بالعبادة عن الرواية.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية، ح.
وأنبأنا زينب بنت الشعري، قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، ح،
وأنبأنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان القاري قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم قالا: أخبرنا أبو القاسم (74- و) عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن رحمه الله يقول:(5/2145)
سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: كان أهل الورع في أوقاتهم أربعة: حذيفة المرعشي ويوسف بن أسباط، وابراهيم بن أدهم، وسليمان الخواص، فنظروا في الورع فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا الى التقلل «1» .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، قال:
ابن حمد- اجازة- قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عمير بن مرداس قال: حدثنا خلف بن تميم قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: حج حذيفة بن قتادة المرعشي من مرعش بعشرة دراهم، قال: وسمعته يقول:
ما حال في نفسي شيء منذ أربعين سنة إلا تركته «2» .
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد (74- ظ) بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسن بن محبوب قال: حدثنا الفيض بن اسحاق قال: ذكر عند حذيفة المرعشي الوحدة وما يكره منها، قال: انما يكره ذلك للجاهل، فأما عالم، يعرف ما يأتي، أي فلا.(5/2146)
وقال: حدثنا الفيض قال: قال حذيفة: ما أعلم شيئا من أعمال البر أفضل من لزومك بيتك، ولو كانت لك حيلة لهذه الفرائض كان ينبغي لك أن تحتال لها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا ذو النون بن أبي الفرج الصوفي- بقراءتي عليه مرة بعد أخرى- قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين المقرئ قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجرهي قال: حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال: سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبي الورد يقول: كتب حذيفة المرعشي الى يوسف بن أسباط:
بلغني أنك بعت دينك بحبتين، وقفت على صاحب لبن فقلت: بكم هذا؟ فقال: هو لك بسدس، فقلت: لا بثمن، فقال هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، واعلم أن من قرأ القرآن، ثم آثر الدنيا، لم آمن من أن يكون بآيات الله من المستهزئين.
بلغني أن حذيفة المرعشي توفي سنة سبع ومائتين (75- و) .
حذيفة بن اليمان:
ابن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل حذيفة بن اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن، وقيل: حذيفة بن حسيل، واليمان لقب حسيل، وقيل حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل: اليمان ابن جابر بن عمرو بن ربيعة، وقيل: جروة هو اليمان الذي ينسب اليه حذيفة، وقيل ابن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، وقيل:
الحارث بن قطيعة بن عبس وقيل: الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، أبو عبد الله العبسي القطعي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: هو حذيفة بن الحسيل بن اليمان. وقال بعضهم:
حذيفة بن حسيل بن جابر بن اليمان بن جابر.
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا وما بعدها، وقتل أبوه يومئذ، قتله بعض المسلمين وهو يظنه مشركا، وأمه الرباب من بني عبد الاشهل، وكان صاحب(5/2147)
سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه صلى الله عليه وسلم، روى عنه عمار ابن ياسر، وجندب البجلي، وأبو أمامة الباهلي، وأبو الطفيل، وابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وأبو حذيفة سلمه بن صهيبة، وربعي بن خراش، وأبو ادريس الخولاني، وطارق بن شهاب، ويزيد بن شريك التميمي، وزيد بن وهب، ومسلم بن نذير، وعلقمة وعبد الله بن الصامت، والوليد بن المغيرة، وهمام بن الحارث، وأبو البختري وأبو واكل شقيق بن سلمه، وصلة بن زفر العبسي، وطلحة بن يزيد، وعمرو بن حنظله، وخالد بن الربيع العبسي الكوفي، وأبو مجلز، وعبد الله بن عكيم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وثعلبة بن زهدم الحنظلي، وحبة بن جوين العرني (75- ظ) وعمرو بن ضرار، وزر بن حبيش، وأبو عبيد المغيرة.
وسيره عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسولا الى ملك الروم الى قسطنطينية، فاجتمع بها بجبلة بن الايهم، وغزا بلاد الروم في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه في جيش أميره الوليد بن عقبة بن أبي معيط فاجتاز بحلب أو بعملها فيهما.
أخبرنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن عيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا اسحاق الحربي قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالمسواك «1» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي- قراءة مني عليه بدمشق- قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق قال: حدثنا القاضي الحسين بن اسماعيل الضبي ببغداد أبو عبد الله قال: حدثنا علي- يعني- ابن شعيب قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم الزهري قال: حدثنا أبي عن صالح- يعني- ابن كيسان عن الزهري قال: قال أبو ادريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: والله اني لأعلم الناس بكل فتنة هي(5/2148)
كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئا أسره إلي لم يكن حدث به غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن بعد الفتن: منهن ثلاث. أو قال:
ثلاث لا يذرن شيئا منهن كرياح الصيف منها صغار، ومنها كبار. قال حذيفة: فذهب ذلك الرهط كلهم غيري «1» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا (76- و) أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن أخي ميمي قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد- املاء سنة ثمان عشرة وثلاثمائه- قال: حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه قال:
حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن جابر قال: حدثني بشر بن عبد الله الحضرمي قال: حدثني أبو ادريس أنه سمع حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية فجاءنا هذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:
نعم، قال: فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وهدنة على دخن، قلت وما دخنه؟
قال: قوم تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على باب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله فان ادركني ذلك، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم «2» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن الحسن الشاشي قال: أنبأنا أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني قال:
أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله العدل قال: أخبرنا حمزة بن محمد قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا عبد الكبير بن المعافى بن عمران قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن حذيفة قال: كان أصحاب(5/2149)
رسول الله صلى الله عليه وسلم (76- ظ) يتعلمون الخير وكنت أتعلم الشر قيل:
لم؟ قال: انه من اعتزل الشر وقع في الخير.
أخبرنا أحمد بن محمد بن سيدهم الانصاري، قراءة عليه في منزله بدمشق، قال:
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال:
حدثنا شعبة عن أبي اسحاق عن الوليد بن المغيرة عن حذيفة قال: قلت يا رسول الله اني ذرب اللسان، وعامة ذلك على أهلي، قال: فأين أنت من الاستغفار اني لاستغفر ربي في اليوم مائة مرة.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد ابن نصر بن أبي الفرج الحصري- قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد- قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد- قال الحصري: وأنا حاضر- قال: أخبرنا سعيد ابن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن اسرائيل بن يونس عن أبي اسحاق عن مسلم ابن نذير عن حذيفة قال: شكوت الى النبي صلى الله عليه وسلم ذربا في لساني فقال:
أين أنت من الاستغفار، فإني لاستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة «1» .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي المرهبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن بزيع قال: حدثنا الحارث بن حجاج عن أبي معمر التيمي عن ساعدة بن سعد بن حذيفة بن اليمان أن حذيفة كان يقول: ما من يوم أقر لعيني، ولا أحب لنفسي من يوم آتي أهلي فلا أجد عندهم(5/2150)
طعاما، ثم يقولون ما نقدر على قليل ولا كثير. وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله (77- و) أشد حمية للمؤمن من الدنيا من المريض أهله من الطعام والشراب، والله أشد تعاهدا للمؤمن بالبلاء من الوالد لولده بالخير «1» .
أخبرنا المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج الحصري- قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد- قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد- قال الحصري: وأنا حاضر- قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، قال: أخبرنا أبو العباس بن النعمان، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن أبي فروة الجهني قال: سمعت عبد الله بن عكيم قال: كنا عند حذيفة بالمدائن، فاستسقى دهقانا فأتاه باناء فيه فضة، فحذفه «2» به حذيفة، وكان رجلا فيه حدة، فكرهوا أن يكلموه، ثم التفت الى القوم فقال: اعتذر اليكم من هذا اني قد كنت تقدمت اليه ألا يسقيني في هذا، ثم قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: لا تشربوا في آنية الفضة والذهب ولا تلبسوا الديباج والحرير، فانه لهم في الدنيا ولكم في الآخرة. «3» .
وقال: حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن عن حذيفة مثله.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عمر بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا حماد بن (77- ظ) سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن حذيفة قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. قال وكان يكنى أبا عبد الله، وسلمان الفارسي يكنى أبا عبد الله.(5/2151)
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي- فيما اذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر بن رضوان وأبو غالب ابن البناء، وعبد الله بن محمد بن نجا، ح.
وأخبرنا به عمر بن طبرزد اجازة عن أبي غالب بن البناء، قالوا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا العباس بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن اسماعيل- يعني- الاحمسي قال: حدثنا عمرو العنقزي قال: حدثنا اسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: قالت لي أمي: متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فذكر الحديث، وقال في آخره سآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لي ولك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى ما بينهما ما بين المغرب والعشاء ثم انصرف فاتبعة، قال: فبينا هو يمشي اذ عرض له عارض فناجاه ثم مضى واتبعته فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة، قال: ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته بالذي قالت لي أمي فقال: غفر الله لك يا حذيفة ولأمك، أما رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: فانه ملك من الملائكة لم يهبط الى الارض قبل ليلته هذه، استأذن ربه في أن يسلم علي (78- و) فيسرني- أو قال:
فأخبرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة- «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد ابن فضالة الحمصي قراءة عليه قال: حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال:
حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني قال: حدثنا فطر بن خليفة عن كثير أبي اسماعيل عن عبد الله بن مليل قال: سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انه لم يكن نبي قبلي إلا أعطي سبعة نجباء وزراء ورفقاء واني أعطيت(5/2152)
أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعلي، والحسن والحسين، سبعة من قريش، وابن مسعود، وسلمان، وعمار، وحذيفة، وأبو ذر، والمقداد وبلال. «1» .
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا يوسف بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال:
حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي قال: حدثنا شريك قال: حدثنا عثمان بن عمير قال: حدثنا زاذان عن حذيفة قال: قلنا: يا رسول الله لو استخلفت؟ فقال: لو استخلفت فعصيتم نزل العذاب، ولكن ما أقرأكم ابن مسعود فاقرؤوه، وما حدثكم حذيفة فاقبلوا، أو قال فاسمعوا «2» .
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن (78- ظ) الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال: أخبرنا جدي الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر، وأبو نصر بن الجندي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: حدثنا أبو عبد الملك قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرني محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس في حديث ذكره قال:
فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث رجلا فيخرج من الخندق فيعلم ما يريدون، فأتى رجلا وقد قبضه القر قال: ائت مطلع القوم فاعتل فتركه، ثم أتى آخر فاعتل فتركه، وحذيفة يسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساكت مما به من البلاء والضر، حتى أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدري من هو، فقال: من هذا؟ قال: أنا حذيفة، قال: اياك أريد، سمعت حديثي الليلة ومساءلتي الرجال لأبعثهم ليخبروا لنا خبر القوم فيأتون، قال: أي والذي أرسلك بالحق اني أسمع، قال: فما منعك أن تقوم؟ قال: القر، قد علم الله الذي بي من البلاء، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القر، ضحك حتى استغرب(5/2153)
ضحكا وقال: قم حفظك الله من فوقك ومن تحتك، وعن يمينك وعن شمالك حتى ترجع إليّ، فقام حذيفة مسرورا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى القوم لا يحس شيئا مما كان يجد، حتى خالط عسكرهم وجالسهم، ثم أقبل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر.
قال وأخبرني الوليد (79- و) بن مسلم قال: أخبرني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم أنه أخبره قال: قال رجل لحذيفة: أشكو الى الله صحبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره، قال حذيفة: ونحن نشكو الى الله ايمانكم به ولم تروه، والله ما تدري لو أدركته كيف كنت تكون؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق ليلة باردة مطيرة، اذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة، قال: فو الله ما قام منا أحد، قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق ابراهيم يوم القيامة؟ فما قام منا أحد، ثم قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي في الجنة، فما قام منا أحد، فقال أبو بكر: يا رسول الله ابعث حذيفة، قال: حذيفة، فقلت: دونك فو الله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حذيفة حتى قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أنت، والله ما بي أن أقتل، ولكني أخشى أن أوسر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انك لن تؤسر، فقلت: يا رسول الله مرني بما شئت فقال: اذهب حتى تدخل في القوم فتأتي قريشا فتقول: يا معشر قريش انما يريد الناس أن يقولوا غدا: أين قادة الناس، أين رؤوس الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم ائت كنانة فقل: يا معشر كنانة انما يريد الناس غدا أن يقولوا:
أين (79- ظ) كنانة أين رماة الحدق، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم ائت قيسا فقل: يا معشر قيس انما يريد الناس غدا أن يقولوا: أين قيس أين أحلاس الخيل، أين فرسان الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، ويكون القتل بكم، ثم قال لي: ولا تحدث في سلاحك شيئا.
قال: حذيفة: فذهبت فكنت بين ظهراني القوم أصطلي معهم على نيرانهم، وأذكر لهم القول الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين قريش، أين(5/2154)
كنانة أين قيس، حتى اذا كان وجه السحر قام أبو سفيان يدعو باللات والعزى ويشرك، ثم قال: نظر رجل من جليسه، قال: ومعي رجل يصطلي، قال: فوثبت عليه مخافة أن يأخذني فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان، قلت: أولى، فلما رأى أبو سفيان الصبح، قال أبو سفيان: نادوا: أين قريش، أين رؤوس الناس، أين قادة الناس، تقدموا، قالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين كنانة، أين رماة الحدق تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين قيس، أين فرسان الناس، أين أحلاس الخيل، تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، قال: فخافوا فتخاذلوا، وبعث الله عليهم الريح فما تركت لهم بناء إلّا هدمته، ولا اناء الا أكفته، وتنادوا بالرحيل.
قال حذيفة: حتى رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول، فجعل يستحثه للقيام، ولا يستطيع القيام لعقاله. قال حذيفة: فو الله لولا ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تحدث في سلاحك (80- و) شيئا، لرميته من قريب. قال:
وسار القوم، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فضحك حتى رأيت أنيابه «1» .
أنبأنا عبد الصمد بن محمد القاضى عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الحسين بن محمد المقري الماوردي، وأبو سعيد عبد الرحمن ابن منصور بن رامش قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي قال: حدثنا عباس بن محمد الدوري قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا زهير بن معاوية عن جابر عن سعد بن عبيدة عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان قال: صليت ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقام يغتسل وسترته، ففضلت منه فضلة في الاناء فقال: ان شئت فأرقه وان شئت فصب عليه، قال: قلت: يا رسول الله هذه الفضلة أحب إليّ مما أصب عليه، فاغتسلت به وسترني، قال: قلت: لا تسترني قال: بلى لأسترنك كما سترتني.(5/2155)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الاخوه وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي- قالت عين الشمس: اجازة- قال: أخبرنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي الكاتب، وأبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي- قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم أبو علي قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا الحسين بن عبد الأول قال: حدثنا أبو خالد قال: حدثنا أبو سعد البقال عن ابراهيم (80- ظ) التيمي عن أبيه عن حذيفة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحدي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن سعد قال: حذيفة بن اليمان بن حسل، ويقال حسيل بن جابر العبسي، حليف بني عبد الاشهل، وابن أختهم الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب ابن عبد الاشهل، يكنى أبا عبد الله، شهد أحدا، وقتل أبوه يومئذ، وجاءه نعي عثمان بن عفان وهو بالمدائن، ومات بها سنة ست وثلاثين، اجتمع على ذلك محمد ابن عمر- يعني- الواقدي، والهيثم بن عدي.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال أخبرنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الثانية: حذيفة بن اليمان وهو ابن حسل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وهو اليمان ابن الحارث بن قطيعة ابن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وجروة هو اليمان من ولده حذيفة، وانما قيل اليمان لان جروة أصاب دما في قومه فهرب الى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لانه حالف اليمانية، وأم حذيفة الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل «1» (81- و) .(5/2156)
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: ومن حلفاء بني عبد الاشهل من العرب، من غير أهل بدر، حذيفة بن اليمان، حليف بني عبد الأشهل، وأمه الرباب من بني عبد الأشهل، وهو حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، لم يشهد بدرا، وشهد أحدا مع أبيه، وقتل أبوه يوم أحد، قتله المسلمون ولا يعرفونه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، حدثنا بذلك كله ابن هشام عن زياد عن ابن اسحاق وتوفي حذيفة بن اليمان سنة ست وثلاثين في أولها، له رواية كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود ابن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي قال: حذيفة بن اليمان، واليمان يقال له: حسيل بن جابر، وقال عمرو بن علي: حذيفة بن الحسل بن اليمان، وقال الواقدي: حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي حليف بني عبد الأشهل وابن أختهم، أبو عبد الله العبسي الكوفي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه قيس بن أبي حازم، وأبو وائل وزيد بن (81- ظ) وهب وأبو ادريس الخولاني، وربعي بن خراش في الوضوء وغير موضع، قال البخاري مات بعد عثمان بن عفان بأربعين يوما «2» ، قال أبو نصر الكلاباذي الحافظ: وذلك أول سنة ست وثلاثين، وقال الذهلي: قال يحيى بن بكير: مات سنة ست وثلاثين، وقال الواقدي مثل يحيى، وقال ابن قتيبة مثل يحيى، وقال عمرو بن علي- يعني:
توفي بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: مات حين قتل عثمان.(5/2157)
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال:
أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حذيفة أبو عبد الله، وقال في موضع آخر: حذيفة بن حسيل بن جابر وهو حذيفة بن اليمان وأبوه حسيل ابن جابر، كان ممن خلف بالمدينة يوم أحد، وهو شيخ كبير، فلما نشبت الحرب خرج فقتل بأحد.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل ابن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن اسحاق قال:
حدثنا خليفة بن خياط قال: ومن بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حذيفة ابن اليمان لقب، اسمه حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، أمه امرأة من الأنصار من الأوس، يكنى أبا عبد الله، مات بالكوفة في أول سنة ست وثلاثين نسبه لى (82- و) رجل من ولده «1» .
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن صاحب النرسي قال: سمعت علي بن المديني يقول: حذيفة بن اليمان، هو حذيفة بن حسل، وحسل كان يقال له اليمان وهو رجل من عبس حليف الأنصار.
أخبرنا أبو حفص المؤدب- إذنا- قال أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد القرميسيني قال: أخبرنا ابراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: حذيفة بن اليمان بن جابر.
كتب إلينا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري من مكة حرسها الله قال:
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا أبو(5/2158)
الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: حذيفة بن اليمان، يكنى أبا عبد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان لقب، وهو حذيفة بن خسل، ويقال حسيل، بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث ابن مازن بن قطيعة بن عبس العبسي القطيعي من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار، وأمه امرأة من الأنصار من الاوس من بني عبد الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد (82- ظ) الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل «1» ، وانما قيل لأبيه حسيل:
اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضا يقال له اليمان لأنه أصاب في قومه دما فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.
شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان أحدا، وقتل أباه يومئذ بعض المسلمين، وهو يحسبه من المشركين، كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بعثه رسول الله يوم الخندق ينظر إلى قريش فجاءه بخبر رحيلهم، وكان عمر بن الخطاب يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم فإن لم يشهد جنازته حذيفة، لم يشهدها عمر، وكان حذيفة يقول: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وهو حليف للأنصار لبني عبد الأشهل، وشهد حذيفة نهاوند «2» ، فلما قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري والدينور على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين وعشرين.
مات حذيفة سنة ست وثلاثين، بعد قتل عثمان، في أول خلافة علي. وقيل توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح. وكان موته بعد أن أتى نعي عثمان إلى(5/2159)
الكوفة، ولم يدرك الجمل، وقتل صفوان «1» وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا عليا بوصية أبيهما بذلك (83- و) إياهما، سئل حذيفة: أي الفتن أشد؟
قال: أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب وقال حذيفة: لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها «2» .
قال: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري- ونقلته من خطه:
زيادة مازن هاهنا في نسب حذيفة خطأ، والله أعلم فإن مازنا إنما هو ابن الحارث ابن قطيعة.
قال أبو عبيد: ومنهم يعني من بني عبس بنو رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة فمازن على هذا هو أخو جروه بن الحارث الذي يقال له اليمان والله أعلم «3» .
وقال ابن السكن في نسبه: حذيفة بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس، وهذا الاختلاف كله يحصل منه أنه من عبس فقط. والله أعلم بصواب ذلك من خطائه. وقيل في حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن اليمان كذا جاء في النسب لأبي عبيد بتقديم ربيعة على عمرو. قال:
واليمان اسمه جروة- كذا ذكره بضم الجيم- بن الحارث بن قطيعة بن عبس.
هذه آخر حاشية الأشيري على ترجمة حذيفة.
قال أبو عمر بن عبد البر في ترجمة أبيه: حسيل بن جابر العبسي القطعي، ويقال حسيل، وهو المعروف باليمان، والد حذيفة بن اليمان، وانما قيل له اليمان لأنه نسب الى جده اليمان بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض، واسم اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس وإنما قيل لجروة اليمان لأنه أصاب في قومه دما فهرب الى المدينة فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية، شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (83- ظ) أحدا، فأصاب حسيلا المسلمون في المعركة فقتلوه يظنونه من المشركين ولا يدرون وحذيفة(5/2160)
يصيح أبي أبي ولم يسمع فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه وقيل إن الذي قتل حسيلا عتبة بن مسعود «1» .
أنبأنا أبو الحسن بن المفضل عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد ابن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال:
أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال:
في كتاب الحروف ومعرفه الصحابة «2» : وحذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي، يقال هو حسيل بن جابر، يعني اليمان، هاجر الى النبي صلى الله عليه وسلم، هو من عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ابن معد، شهد حذيفة مع أبيه حسيل وأخيه صفوان مشاهده بعد بدر، ومات في أول خلافة علي سنة ست وثلاثين، وقال بعضهم: مات بعد عثمان بأربعين يوما سنة خمس وثلاثين بالمدائن، وهو خطأ لأن عثمان قتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، لا خلاف بين أهل السيرة في ذلك، هو معدود في الكوفيين، وهو حليف بني عبد الأشهل، قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وكان ممن هاجر هو وأبوه رحمهما الله، وهو معدود في الأنصار، واختلف في وقت وفاته والصحيح أنه مات أول سنة ست وثلاثين، وروى عنه عمار بن ياسر، وكان عمر يسأله عن المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه بهم، وروى عنه أيضا من الصحابة جندب البجلي وأبو أمامة وأبو الطفيل وغيرهم.(5/2161)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ثابت الخطيب قال: حذيفة ابن اليمان العبسي، حليف بني عبد الأشهل، واليمان لقب، واسمه حسل، ويقال حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان. يكنى حذيفة أبا عبد الله. وأمه من بني عبد الأشهل تسمى الرباب لم يشهد حذيفة بدرا وشهد أحدا، وقتل أبوه يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحضر ما بعد أحد من الوقائع، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقربه منه وثقته به، وعلو منزلته عنده، وولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها الى حين وفاته «1» .
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد- فيما اذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال:
حذيفة بن اليمان، وهو حذيفة بن حسيل، ويقال حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مالك ويقال اليمان بن جابر بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة ابن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث. أبو عبد الله العبسي، حليف بني عبد الأشهل، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سره من المهاجرين.
(85- و) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وزيد بن وهب وأبو حذيفة سلمة بن صهيبة، وأبو الطفيل وربعي بن خراش، وطارق بن شهاب، وهمام بن الحارث وأبو إدريس الخولاني، وصلة بن زفر العبسي، وعمرو بن ضرار، وطلحة بن زيد، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعمر بن(5/2162)
حنطلة، وزر بن حبيش، وعبد الله بن الصامت، وأبو عبيد المغيرة ومسلم بن نذير ويزيد بن شريك التيمي. وشهد اليرموك وكان البريد الى عمر بالفتح «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- إذنا إن لم يكن سماعا- قال أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار قالا: أخبرنا الحسين بن جعفر- زاد ابن الطيوري: وابن عمه أبو نصر محمد بن الحسن- قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد العجلي، قال: حدثني أحمد قال: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أميرا على المدائن استعمله عمه عمر ومات بعد قتل عثمان بأربعين يوما سكن الكوفة وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد (85- ظ) قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن ابراهيم السلماسي قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد المربذي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني عمي الحسن ابن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي ابن عم رواد بن الجراح عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله، هاجر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات بعد عثمان بأربعين يوما،(5/2163)
قاله عبيد الله بن موسى عن سعد بن أوس عن بلال عن حذيفة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثا، ولن يدعها حتى يموت أو ينسيه القوم وقال أبو أحمد الزبيري عن سعد بن أوس عن بلال: بلغني عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح «1» .
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي له صحبة «2» .
وقال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا (86- و) نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا علي بن ابراهيم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد ابن أحمد المقدمي يقول: حذيفة بن اليمان يكنى أبا عبد الله.
وقال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: حذيفة بن اليمان وهو ابن حسيل بن جابر العبسي، أبو عبد الله، حليف بني عبد الأشهل، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي قبل عثمان بأربعين يوما، هاجر الى النبي صلى الله عليه وسلم أيام بدر، وكان نزل نصيبين «3» ، وتزوج بها، شهد أحدا وقتل أبوه يومئذ، قتله المسلمون ولم يشعروا به، روى عنه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما من الصحابة.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني(5/2164)
أبو موسى بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان يقال له حسيل.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البقال قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي عبد الرحمن قال حدثنا عثمان (86- ظ) بن عمر قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة أن حذيفة بن اليمان أحد بني عبس، وكان حليفا في الأنصار، وقتل أبوه مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخطأ به المسلمون، فجعل حذيفة يقول لهم: أبي أبي، فلم يفهموا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فزادت حذيفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأمر به فأوري أو قال:
فأودي.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق قال: أخبرنا أبو داود الحراني قال: حدثنا جعفر بن عون قال:
حدثنا الوليد بن جميع قال حدثني أبو الطفيل عن حذيفة قال: ما منعنا أن نشهد بدرا إلّا أنا أقبلنا أنا وأبي- يعني اليمان- نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، فعارضنا كفار قريش، فأخذونا فقالوا: انكم تريدون محمدا، قال: قلنا ما نريده، قال: فأعطونا عهد الله وميثاقه لتنصر فن إلى المدينة، قال: فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك، قال: فأستعين الله عليهم وتفي لهم بعهدهم ارجعا الى المدينة، قال: فذلك الذي منعنا «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال:
حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن المغيرة عن ابراهيم(5/2165)
- سمع علقمة- قال: قدمت الشام قلت: اللهم (87- و) وفق لي جليسا صالحا، قال: فجلست الى رجل فإذا هو أبو الدرداء فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب الوساد والسواك، يعني ابن مسعود ثم قال:
أليس فيكم صاحب السر الذي لم يكن يعلمه غيره، يعني حذيفة، وذكر الحديث «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل- إجازة- قال: أخبرنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال:
حدثنا عبد الملك بن جريج قال: حدثني رجل عن زاذان أبي عمر قال: كنا عند علي يوما، فقلنا له: حدثنا عن أصحابك، فقال: عن أي أصحابي؟ قلنا: حذيفة بن اليمان قال: علم أسماء المنافقين، وسأل عن المعضلات حين غفل عنها، فإن تسألوه تجدوه بها عالما.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم- إذنا- قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو عمر بن حيوية- إجازة- قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن نافع بن جبير بن مطعم قال: لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة، وهم اثنا عشر رجلا ليس فيهم قرشي، وكلهم من الانصار (87- ظ) أو من حلفائهم.
أنبأنا علي بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد- إجازة- قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن عثمان قال: أخبرنا جعفر بن محمد البزاز قال: حدثنا الحسن بن مكرم قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا مجالد(5/2166)
عن عامر عن صلة بن زفر قال: قلنا لحذيفة. كيف عرفت المنافقين، ولم يعرفهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ولا عمر؟ قال: إني كنت أسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فنام على راحلته، فسمعت ناسا منهم يقولون:
لو طرحناه عن راحلته، فاندقت عنقه، واسترحنا منه، فسرت بينهم وبينه، وجعلت أقرأ وأرفع صوتي فانتبه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذا؟ فقلت:
حذيفة، فقال: من هؤلاء خلفك؟ قلت: فلان وفلان وفلان حتى عددتهم، قال:
وسمعت ما قالوا؟ قلت: نعم ولذلك سرت بينك وبينهم قال: فإن هؤلاء فلان وفلان منافقين فلا تخبرن أحدا «1» .
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسين بن موسى قال:
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن اسماعيل بن يحيى بن زكريا بن حرب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي الطوسي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي خالد قال: سمعت زيد بن وهب الجهني يحدث عن حذيفة قال: مرّ بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد، فقال لي: يا حذيفة إن فلانا قد مات فاشهده، قال:
ثم مضى حتى إذا كاد أن يخرج من المسجد التفت فرآني وأنا جالس، فعرف فرجع إليّ فقال: يا حذيفة أنشدك الله أمن القوم أنا؟ قال: قلت: اللهم لا ولن أبرئ أحدا بعدك، قال: فرأيت عيني عمر جاءتا «2» .
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الأسفراييني قال:
أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا يزيد بن عقبة الازدي عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل حذيفة بن اليمان على بعض الصدقة، فلما قدم، قال: يا حذيفة هل رزىء من الصدقة(5/2167)
شيء؟ قال: لا يا رسول الله أنفقنا بقدر إلا أن ابنة لي أخذت حذيا «1» من الصدقة (88- و) قال: كيف بك يا حذيفة إذا ألقي في النار وقيل لك ائتنا بها؟ قال: فبكى حذيفة ثم بعث إليها فجيء بها فألقاها في الصدقة «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال:
أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب إذا بعث أميرا كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا وأمرته بكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا، فلما بعث حذيفة الى المدائن كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا فأطيعوه، فقالوا: هذا رجل له شأن، فركبوا ليلقوه فلقوه على بغل تحته إكاف، وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد، فلم يعرفوه فأجازوه فلقيهم الناس، فقالوا: أين الأمير؟ قالوا:
هذا الذي لقيتم، قال: فركضوا في أثره فأدركوه، وفي يده رغيف، وفي الأخرى عرق «3» ، وهو يأكل، فسلموا عليه، فنظر الى عظيم منهم، فناوله العرق والرغيف، قال: فلما غفل ألقاه، أو قال: أعطاه خادمه.
أخبرنا أبو نصر القاضي- إذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن محمد القاضي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا عبد الله (88- ظ) بن يزيد المقرئ عن حيوة عن أبي صخر عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه:
تمنوا، فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأنفقه في سبيل الله عز وجل، فقال عمر: تمنوا فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا فأنفقه في سبيل الله، فقال: تمنوا، فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت(5/2168)
جواهر ونحوه فأنفقه في سبيل الله، فقال عمر: تمنوا، فقالوا: ما نتمنى بعد هذا؟
فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان فأستعملهم في طاعة الله.
قال: ثم بعث بمال الى أبي عبيدة وقال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه. قال:
ثم بعث بمال الى حذيفة، قال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه، قال عمر: قد قلت لكم أو كما قال.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة قال: قال أبو عبيدة: ومضى حذيفة ابن اليمان- يعني سنة اثنتين وعشرين- بعد نهاوند الى مدينة نهاوند «1» ، فصالحه دينار على ثمانمائة ألف درهم في كل سنة، وغزا حذيفة مدينة الدينور «2» فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد ثم انتقضت، ثم غزا حذيفة ما سبذان «3» فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد (89- و) فانتقضت.
قال خليفة: وقد قيل في ماه غير هذا، يقال أبو موسى فتح ماه دينار «4» ، ويقال السائب بن الاقرع، وقال أبو عبيدة: ثم غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك، ثم غزا الري فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك وإليها انتهت فتوح حذيفة. قال أبو عبيدة: فتوح حذيفة هذه كلها في سنة اثنتين وعشرين، ويقال: همذان افتتحها المغيرة بن شعبة سنة أربع وعشرين، ويقال جرير ابن عبد الله افتتحها بأمر المغيرة «5» .
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير قال: ثم كانت سنة إحدى وعشرين فيها وقعة نهاوند، قالوا: وكانت أهل فارس والروم وأصبهان، وهمذان وقوس(5/2169)
الماهين قال ابن عفير: الماهين ماه زند وماه فلق «1» ، قالوا: إن صاحب العرب الذي جاءهم بكتابهم، وشرع لهم دينهم، قد مات، وملكوا عليهم بعده هذا الذي أسرع في هلككم ونقلكم عن بلادكم، ولا نظنه منتهيا حتى ينتزع جميع ما في أيديكم، فتعاهدوا وتعاقدوا أن يسيروا الى المسلمين حتى ينفوهم الى بلادهم، فبلغ ذلك عمار بن ياسر، فكتب فيه الى عمر فجمع عمر المسلمين واستشارهم، فكثرت الاقاويل فعزم على أن يكتب الى أهل البصرة فتفرقوا ثلاث فرق: فرقة تقيم في الذرازي حرسا لهم، وفرقة تقيم في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا، وفرقة تسير الى إخوانهم بالكوفة مددا لهم، واستعمل على الناس النعمان بن مقرن (89- ظ) المرى، فإن أصيب، فحذيفة بن اليمان، فإن أصيب فجرير بن عبد الله، فإن أصيب فالمغيرة بن شعبة، فإن أصيب فالأشعث بن قيس، واستعمل السائب بن الأقرع على المقاسم، فخرج حذيفة، فعسكر بأهل الكوفة حتى قدم عليه النعمان، وكان بكسكر عاملا عليها، وقدم أبو موسى على من خرج من أهل البصرة، وخرج جرير بن عبد الله عاملا على حلوان، فالتقى الناس بنهاوند فاستشهد النعمان، وولي أمر الناس بعده حذيفة فهزم الله المشركين، وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. «2»
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي الحلبي- قراءة عليه بها- قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن ابراهيم بن عبد الله الديبلي قال: حدثنا أبو صالح محمد بن أبي الازهر قال:
حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة قال: كنا في جيش بالروم ومعنا حذيفة وعلينا الوليد، فشرب الوليد الخمر، فأردنا أن نحده، فقال حذيفة: أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم، فبلغه، فقال:
لأشربن وإن كانت محرمة، ولأشربن على رغم أنف من رغم.(5/2170)
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي بالبيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي بحبرى بمسجد الخليل عليه السلام (90- و) وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن البطر قال: أخبرنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع قال: أخبرنا الحسين بن اسماعيل المحاملي قال:
حدثنا ابن أبي مذعور قال: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: تعودوا الصبر فيوشك أن ينزل بكم البلاء، مع أنه لا يصيبكم أشد مما أصابنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل قال: قيل لحذيفة: ما ميت الاحياء؟ قال الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن علي- من لفظه بدمشق- قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال:
حدثني أبي عن وكيع عن محمد بن قيس عن عمرو بن مرة قال: قال حذيفة بن اليمان:
خياركم (90- ظ) الذين يأخذون من ديناهم لآخرتهم ومن آخرتهم لدنياهم.
قال أحمد بن مروان: وحدثنا أبو بكر أخو خطاب قال: حدثنا خالد بن خداش قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول بلغني عن حذيفة بن اليمان أنه قال لرجل:
أيسرك أن تغلب شر الناس؟ قال: إنك إن تغلبه تكن شرا منه «1» .(5/2171)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الاخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء- قالت: إجازة- قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود وأبو الفتح بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن بكار قال: حدثنا أحمد- يعني- ابن يونس قال: حدثنا الاحوص- يعني- ابن حواب قال: حدثنا قيس عن حبيب بن أبي ثابت عن خالد بن سعد قال: لما ثقل حذيفة بالمدائن ركب إليه عقبة بن عمرو، وأبو مسعود من الكوفة، فقال له: أوصني فقال له: أوصيك إن الضلال كل الضلال إنكار ما كنت تعرف، وعرفان ما كنت تنكر وإياك والتلون في أمر الله عز وجل فإن أمر الله واحد.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد- اذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا عمر بن شبيب السلمي قال: حدثنا ليث بن أبي سليم قال: لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعا شديدا، وبكى بكاء شديدا، فقيل: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي أسفا على الدنيا بل الموت أحب إلي، ولكن لا أدري على ما أقدم على رضا أم على سخط.
قال: ابن أبي الدنيا: وحدثنا داود بن رشد قال: حدثنا عباد بن العوام قال:
حدثنا أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش أنه حدثهم أن أخته- وهي امرأة حذيفة- قالت: لما كان ليلة توفي حذيفة جعل يسألنا أي الليل هو فنخبره، حتى كان السحر، قالت: فقال: أجلسوني فأجلسناه، قال: وجهوني فوجهناه، قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها.
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا الربيع بن ثعلب قال: حدثنا فرج بن فضالة عن أسد ابن وداعة قال: لما مرض حذيفة مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي؟ قال:
اشتهي الجنة، قالوا: فما تشتكي؟ قال الذنوب (91- و) قالوا: أفلا ندعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، لقد عشت فيكم على خلال ثلاث: للفقر فيكم أحب(5/2172)
إلي من الغنى، والضعة فيكم أحب إلي من الشرف، وان من حمدني منكم ولا مني في الحق سواء، ثم قال: أصبحنا أصبحنا؟ قالوا: نعم، قال اللهم إني أعوذ بك من صباح النار حبيب جاء على فاقة ولا أفلح من ندم.
قال: وحدثني محمد بن أبان البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن اسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت على حذيفة في مرضه الذي مات فيه، فقال: اللهم إنك تعلم لولا أني أرى هذا اليوم أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا، لم اتكلم بما اتكلم به، اللهم إنك تعلم، إني كنت أختار الفقر على الغنى، وأختار الذلة على العز، وأختار الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم ثم تاب.
أخبرنا أبو المظفر يوسف بن زغلي سبط الجوزي قال: أخبرنا جدي أبو الفرج ابن الجوزي قال: أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال:
أخبرنا ابن عبد الله الأصبهاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا محمد بن زيد الآدمي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن اسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش قال: حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال: لولا أني أرى أن هذا اليوم آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من الآخرة لم أتكلم بهذا الكلام، اللهم إنك تعلم أني كنت أحب الفقر على الغنى وأحب الذلة على العز، وأحب الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين- قراءة عليه بالقاهرة- قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن الحسين الفراء في كتابه، عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين- قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا محمود قال: أخبرنا حبش بن موسى قال:(5/2173)
أخبرنا المدائني عن عامر بن حفص عن جويرية بن أسماء (91- ظ) ويونس عن الحسن قال: قال حذيفة وهو في الموت: حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، الحمد لله الذي سبق بي الفتن، أليس بعدي ما أعلم! أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:
حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا داود بن المحبر عن سعيد بن راشد، عن صالح بن حسان أن حذيفة لما نزل به الموت قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك، ثم مات.
أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري البغداديان- قدما علينا حلب- قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال:
أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا الحسن بن سلام السواق قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سعد بن أوس عن بلال قال: لما حضر حذيفة الموت، وانما عاش بعد قتل عثمان رضي الله عنه أربعين ليلة، فقيل له: يا أبا عبد الله ان هذا الرجل قد قتل فما ترى؟ قال: أما إذ أبيتم إلا ما أتيتم، فأجلسوني، فاسنده الى صدره رجل، فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثا، لن يدعها حتى (92- و) يموت أو ينسيه الهرم «1» .
أنبأنا زيد بن الحسن البغدادي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي أحمد(5/2174)
قال: حذيفة بن اليمان، عبسي، مات بالمدائن قبل الجمل، وهو حليف بني عبد الأشهل.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: مات حذيفة حين جاء قتل عثمان.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الطبري قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا ابن درستويه قال:
حدثنا يعقوب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا سعد بن أوس عن بلال ابن يحيى قال: عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي- إجازة- قال: أخبرنا علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري عن عبيد الله بن موسى، عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى عن حذيفة أنه مات بعد عثمان بأربعين يوما.
وقال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الاسعد قال:
أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال:
أخبرنا محمد بن الحسين (92- ظ) بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال:
ومات حذيفة بن اليمان، ويكنى أبا عبد الله، بالمدائن سنة خمس وثلاثين، بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، وحذيفة بن اليمان، هو: حذيفة بن حسل، وقال بعض أهل العلم عسل والصواب حسل.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال:
سنة خمس وثلاثين: حذيفة بن اليمان، أبو عبد الله العبسي، حليف الأنصار، بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، ويقال قبله.(5/2175)
قلت: وقتل عثمان كان لليلتين بقيتا من ذي الحجة، وقتل لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه من سنة خمس وثلاثين، واذا كانت وفاة حذيفة بعده بأربعين يوما، فتكون وفاته في محرم سنة ست وثلاثين.
وقرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة ست وثلاثين، فكان فيها موت حذيفة بن اليمان العبسي في أولها بعد ما بلغه مقتل عثمان، وكان يكنى أبا عبد الله.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عمرو بن علي، ح.
قال: وأخبرنا الأزهري قال: حدثنا محمد بن العباس قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قالا: ومات حذيفة بن اليمان ويكنى بأبي عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، قبل مقتل عثمان بأربعين ليلة، قال الخطيب لفظهما سواء، وقولهما قبل قتل عثمان خطأ، لأن عثمان قتل في آخر سنة خمس وثلاثين «1» .
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا (93- و) خليفة بن خياط قال: وفيها مات حذيفة بن اليمان، في أول سنة ست وثلاثين «2» .
قال علي بن الحسن: أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أبو الزنباع قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: توفي حذيفة سنة ست وثلاثين. قال: وحدثنا محمد بن علي بن حبيش قال:(5/2176)
حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: مات حذيفة سنة ست وثلاثين «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ست وثلاثين فيها: مات أبو عبد الله حذيفة بن اليمان بعد عثمان بأربعين ليلة. وقال الواقدي: مات حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي، ويكنى أبا عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن ابراهيم بن عبد الله البغدادي عن محمد بن سعد عن الواقدي.
أخبرنا أبو اليمن الكندي- إجازة- قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن الفضل قال: حدثنا أبي قال: وفي سنة ست وثلاثين: حذيفة بن اليمان، يعني، مات.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا علي بن أحمد (93- ظ) ابن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص- إجازة- قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد قال:
سنة ست وثلاثين توفي فيها حذيفة بن اليمان بالمدائن، وقد ذكرنا فيما تقدم من ذكر نسبه عن خليفة بن خياط أنه مات بالكوفة، ولم يتابعه على ذلك أحد، والله أعلم.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاوس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد قال: حدثنا زكريا بن عدي قال: سمعت حفص بن غياث يقول: رأيت أبا حنيفة في المنام فقلت له: أي الآراء وجدت أفضل(5/2177)
وأحسن؟ قال: نعم الرأي رأي عبد الله، ووجدت حذيفة بن اليمان شحيحا على دينه «1» .
حذيفة المصيصي:
غير منسوب، حدث مرسلا عن عمر رضي الله عنه. روى عنه محمد بن يوسف.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز، في كتابه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد (94- و) عبد الوهاب بن محمد بن موسى قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل بن كردي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حذيفة المصيصي، قال عمر: مرسل، سمع منه محمد بن يوسف «2» .(5/2178)
الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثويل بن عدي بن جناب الكلبي:
شهد صفين مع معاوية وكانت راية كلب معه يومئذ بعد محرز بن حريث، وقتل محرز، فأخذها الحراق وقتل.
أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن سكينة- في كتابه- قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم قالت: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الكاتب قال:
أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني علي بن المغيرة قال: حدثني أبو المنذر قال: قال عوانة: كانت راية كلب يوم صفين مع ثويل بن بشر، فقتل، فأخذ الراية يزيد بن قيس بن يزيد ابن سبرة بن قيس بن كعب بن عليم، فقتل فأخذها مالك بن يزيد بن مالك بن كعب ابن عليم، فقتل، فأخذها محرز بن حريث بن عدي بن زهير بن عدي بن جناب، فارتث «1» فأخذها الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثويل بن عدي ابن جناب، فارتث، ثم كان الفتح، وكانوا هؤلاء مع معاوية.(5/2179)
ذكر من اسمه حرب
حرب بن بيان:
وقيل بنان بن رفيع بن عوذة بن واصل (94- ظ) بن رياش الأسدي. أبو ذكوان القيسراني، حدث بحلب عن حاجب بن سليمان المنبجي، وروى عن زهير ابن عباد، ومؤمل بن اهاب، وأحمد بن عمرو، وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحافظ الحلبي، وأبو يعقوب المنجنيقي، ومحمد بن سهل العطار، وأبو هريرة بن أبي العصام.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي وولده أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ومحمد بن أحمد بن محمد الطرسوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: اخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين السبيعي الحلبي قال: حدثنا ابو ذكوان حرب بيان بن رفيع بن عوذة ابن واصل بن رياش الاسدي القيسراني بحلب، قال: حدثنا حاجب بن سليان قال:
حدثنا أنس بن عياض عن يزيد بن عياض عن الاعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول عظم يتكلم من ابن آدم من بعد أن يختم على فيه عظم فخذه من جانبه الايسر «1» .
كذا وقع في أصل السماع حرب بن بيان والمشهور حرب بن بنان- بالنون:(5/2180)
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان- قراءة عليه- قال:
أخبرنا الحافظ «1» (95- و) قال: وحرب بن بنان حدث عنه أبو هريرة بن أبي العصام وأبو يعقوب المنجنيقي ذكر ذلك في كتاب المختلف والمؤتلف «2» .
وأنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وحرب بن بنان، أبو ذكوان مصري، حدث عن زهير بن عباد، ومؤمل بن اهاب. روى عنه أبو يعقوب المنجنيقي، وأبو هريرة ابن أبي العصام. «3» .
حرب بن سعيد بن حمدان بن حمدون:
أبو الهيجاء التغلبي، وتمام نسبه قد سبق في ترجمة أخيه أبي فراس الحارث ابن سعيد، قدم حلب في عسكر ابن عمه الامير ناصر الدولة أبي محمد الحسن ابن عبد الله بن حمدان، أمير الموصل حين وفد على أخيه الامير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله، وكان أميرا شجاعا جوادا ممدحا.
قرأت في «كتاب المأثور في ملح الخدور» «4» تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين بن المغربي، بعد أن ذكر الحسين بن سعيد بن حمدان قال: وأخوه أبو الهيجاء حرب بن سعيد، كان بالعراق وتلك الديار وكان جليلا ممدحا، وفيه يقول سري بن أحمد بن السري الكندي: (95- ظ) .
ولو لم أكن جار الأمير لكان لي ... أديم بظفر النائبات ممزق
بجود أبي الهيجا ألبست نعمة ... مجددة تضفو عليّ وتشرق
وفيها يقول:
اذا ما اعتنقنا خلت أن قلوبنا ... تناجى بأفعال النوى وهي تخفق(5/2181)
قال ابن المغربي وله فيه:
أنت سعد الكفاة يا بن سعيد ... وكفاهم بأن ترى أول سعدا
أنا حر اذا انتسبت ولكن ... جعلتني لك الصنائع عبدا
حرب بن عدي:
شهد فتح قنسرين مع أبي عبيدة بن الجراح، وسيره مقدما على ثلاثة ألاف فارس أمد بها يزيد بن أبي سفيان الى قيسارية «1» ، من أهل قنسرين والحاضر «2» ذكر ذلك محمد بن عمر الواقدي.
حرب بن قيس بن حرب الشيزري:
من أهل شيزر. حدث عن أحمد بن عبد الله، روى عنه أبو النضر كعب بن جعفر البلخي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الانصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني- اذنا ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو النضر كعب بن عمرو بن جعفر بن محمد البلخي قال: حدثنا حرب ابن قيس بن حرب الشيزري في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة- املاء- قال: حدثنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا يزيد (96- و) ابن عبيد قال: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت على يدي امرأة أثر المغزل فقالت لها: أبشري بما لك عند الله عز وجل، لو رأيتم بعض ما أعد الله لكم معاشر النساء لما أقررتم ليلا ولا نهارا، ما من امرأة غزلت لزوجها ولنفسها ولصبيانها الا أعطاها الله عز وجل بكل طاقة نورا حتى ملأت مغزلها، فاذا ملأت مغزلها أعطاها(5/2182)
الله عز وجل بيتا في الجنة أوسع من المشرق الى المغرب ولها بكل ثوب مائة ألف وعشرين ألف مدينة وذكر تمام الحديث.
حرب بن محمد بن حرب بن عامر:
أبو الفوارس السلمي الحراني، قدم دمشق وحدث بها واجتاز في طريقه اليها بحلب أو ببعض عملها، وروى عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب المصري القاضي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- اذنا- قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر- قراءة عليه- عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي السجستاني قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن أحمد الحراني من بني قندهور قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة عن الاعمش قال: حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي (96- ظ) قال: قال عبد الله بن قيس:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، يجعلون له ندا، ويجعلون له ولدا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعطيهم. «1» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حرب بن محمد بن حرب بن عامر أبو الفوارس السلمي الحراني، حدث بدمشق عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب القاضي المصري. «2» .
حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي الخطامي:
وخطام فخذ من طيء، وجد جده مازن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم «3» وحرب هو والد علي بن حرب، وأحمد بن حرب استقدمه عبد الله المأمون من(5/2183)
الموصل الى دمشق لتعديل أرض الشام ومساحتها، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
حدث عن المعافى بن عمران ومحمد بن الحسن والمعافى بن عمران «1» وعفيف ابن سالم وهشيم بن بشير وسمع مالك بن أنس والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وأبا الاحوص ومسلم بن خالد وشريكا وغيرهم.
روى عنه ابنه علي بن حرب وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح النصيبي أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد- اذنا ان لم يكن سماعا- قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس- اجازة ان لم أكن سمعته منه- قال:
أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثني أبي قال: حدثنا المعافى بن عمران عن المفضل بن صدقة عن سماك بن (97- و) حرب عن النعمان بن بشير قال: كنا اذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره، حتى نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد سجد. «2» .
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم. وحدثني أبو البركات بن أبي طاهر عنه قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إليّ أبو الفرج محمد بن ادريس الموصلي يذكر أن المظفر بن محمد الطوسي حدثهم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: أبو محمد حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن، الوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رجلا نبيلا ذاهمة، رحل في طلب العلم فكتب عن مالك بن أنس ونظرائه من أهل المدينة، وعن الفضيل بن عياض ومسلم ابن خالد وسفيان بن عينية ونظرائهم من المكيين، وعن شريك وأبي الاحوص(5/2184)
وهشيم والمعافى بن عمران وغيرهم. روى عنه ابنه علي بن حرب ومات سنة ست وعشرين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي زكريا البخاري قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال- باب حرب بالباء: حرب بن محمد الموصلي، والد علي وأحمد ومعاوية.
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوية الطائي الموصلي، والد علي بن حرب. حدث عن عفيف بن سالم الموصلي، ومحمد ابن الحسن والمعافى بن عمران وهشيم بن (97- ظ) بشير. روى عنه ابنه علي بن حرب، وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح الحمصي واستقدمه المأمون الى دمشق لأجل المساحة.
قال الحافظ: قرأت بخط أبي الحسين الرازي، حدثني أبو علي بكر بن عبد الله بن حبيب الأهوازي قال: قال علي بن حرب الموصلي: وفي سنة أربع عشرة ومائتين، قدم عبد الله المأمون دمشق، ففرق المعدلين، يعني المساح، في أجناد الشام في تعديلها، يعني، مساحتها، ووجه في ذلك الى رؤساء أهل الجزيرة والموصل والرقة، فقدم عليه جماعة منهم: حرب بن عبد الله الطائي، وسفيان بن عبد الملك الخولاني، فاستعفوه من التعديل فأعفاهم وصرفهم، واجتلب لتعديل الشام المساح من العراق والأهواز والري، وأقام بدمشق تلك الشتوة على التعديل «1» .(5/2185)
ذكر من اسمه حرملة
حرملة بن حكيم بن عفير، وقيل عمير، بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وقيل همام بن مرة، بن ذهل بن شيبان المري الشيباني، ويعرف بحرملة بن عسلة، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة، ويقال شراك قاتل الجوع الغساني، شاعر جاهلي كان مع الحارث بن جبلة الغساني بقنسرين.
قرأت بخط علي بن الحسن بن عبد الله الغندجاني فيما أخذه عن (98- و) أبي محمد الغندجاني الأسود، المعروف بالأعرابي، وقرأه عليه، وشاهدت خط أبي محمد الأعرابي له بقراءته عليه، قال: أبو محمد الأسود: إن المنذر بن ماء السماء، وهو ذو القرنين «1» دعا ذات يوم الناس فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغساني؟ فقالوا له: حرملة بن عسلة المرّي فقال: يا حرملة اهجه ولك مائة من الإبل، فقال: أبيت اللعن إنهم أخوالي، وإنه لا ينبغي لي أن أهجوهم فتوعده، فقال حرملة بن حكيم بن عفير بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة قاتل الجوع الغساني:
ألم تر أني بلغت المشيبا ... وفي دار قومي عفّا كسوبا
وأن الإله تنصفته «2» بأن ... لا أعق وأن لا أحوبا
وأن لا أكافر ذا نعمة ... وأن لا أخيبه مستثيبا
وغسان قوم هم والدي ... فهل ينسينهم أن أغيبا(5/2186)
فآثر بها «1» بعض من يعتريك ... فإن لها من معد كليبا «2»
وان لخالك مندوحة ... وانّ عليه بغيب رقيبا
أم المنذر كانت نمرية وكلهم من ربيعة فانبرى شهاب بن العيف أخو بني سليمة عن عبد القيس فقال:
اللهم إن الحارث بن جبلة ... زنّا أباه ظالما فقتله
وركب الشادخة «3» المحجلة ... وكان في جاراته لا عهد له
وأي فعل سيء لافعله
فأخذهما الحارث بن جبلة جميعا فقال: يا حرملة اختر ما شئت من ملكي، فسأله جاريتين ضرابتين له، فأعطاهما إياه، فانطلق بهما، فنزل في النمر، فقعد يشرب هو ورجل من النمرّ يقال له كعب، فلما أخذ الشراب في النمري قال:
يا حرملة من هذه المرأة الحمراء، مرها لتسقيني فغضب حرملة، ثم أعادها فضربه حرملة بالسيف، وقال حرملة في ذلك:
يا كعب إنك لو قصرت ... على حسن الندام وقلة الغرم
وسماع داجنة «4» تعللنا ... حتى نؤوب تمايل «5» العجم
ألفيت فينا ما تحاول ... من صافي الشراب ولذة الطعم
وصحوت والنمريّ تحسبه ... عمّ السماك وخالة النجم
هلهل بكعب بعدما وقعت ... فوق الجبين بساعد فعم
انتظر أي: انتظرته أن يعود، يتهكم به(5/2187)
جسد به نضخ الدماء كما ... قنأت «1» أنامل من قاطف الكرم
والخمر ليست من أخيك ... ولكن قد تخون بآمن الحلم
وتزين الرأي السفيه اذا ... جعلت رياح شمولها ترمي (99- و)
وأنا امرؤ من صلب مرة ... ان أكلمكم «2» لا ترقيو كلمي
في أسرة لي ان لقيتهم ... حامي الحقيقة دافعي الظلم
وأخذ ابن العيف فقال له: اختر مني ثلاث خلال: اما أن أطرحك على أسدين ضاريين في بئر، واما أن ألقيك من طار «3» سور دمشق، واما أن يقوم الدلامص- سياف كان له- فيضربك بعصاه هذه ضربة؟ فاختار ضربة الدلامص، فضربه- زعموا- على رأسه فانكسرت فخذه، فاحتمله راهب فداواه حتى برأ، وهو يخمع «4» منها، وكان هذا والحارث بن جبلة بقنسرين «5» .
حرملة بن زيد الجهني. «6»
شهد صفين مع علي رضي الله (عنه) وكان على راية جهينة، فيما ذكره أبو البختري وهب، في خبر صفين له ذكر. (104- و) .
حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة:
وقيل ابن سعد بن الغوث بن الحارث، وقيل ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك ابن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقيل اسمه المنذر بن حرملة أبو زبيد الطائي، شاعر مشهور من المخضرمين، أدرك الجاهلية والاسلام وكان يفد على عثمان رضي الله عنه، ويستنشده شعره وكان نصرانيا في الرقة، ووفد على الحارث بن جبلة الغساني، وكان الحارث بن جبلة ينزل الجابية «7» من(5/2188)
نواحي دمشق ويقدم قنسرين أحيانا، فإما أن يكون وفد اليه الى قنسرين، أو اجتاز بها، أو ببعض عملها في وفادته اليه من الرقة (99- ظ) .
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عبد الوهاب ابن علي بن عبد الوهاب- اجازة- قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: قرىء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن مسلم قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: أبو زبيد الطائي واسمه حرملة بن المنذر ابن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة.
قال محمد بن سلام: وحدثني أبو الغراف قال: كان أبو زبيد الطائي من وزراء- وصوابه زوار الملوك- ولملوك العجم خاصة، وكان عالما بسيرهم، وكان عثمان بن عفان يقربه على ذلك ويدني مجلسه وكان نصرانيا، فحضر ذات يوم عثمان وعنده المهاجرون والانصار، فتذاكروا مآثر العرب وأشعارها فالتفت عثمان الى أبي زبيد فقال: يا أخا بيع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت أنك تجيد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
من مبلغ قومك النائين اذ شحطوا ... أن الفؤاد اليهم شيق ولع
وصف فيها الأسد، فقال عثمان: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت، والله إني لأحسبك جبانا هدانا قال: كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا، وشهدت منه مشهدا لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي (100- و) ومعذور أنا بذلك يا أمير المؤمنين غير ملوم، فقال له عثمان: وأنى كان ذلك؟ قال: خرجت في صيافة «1» أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترمى بنا المهارى بأكسائها القيروانيات على فتو البغال، تسوقها العبدان، ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروط- «2» وفي نسخة فاخرور ط- بنا السير في حماره القيظ «3» حتى(5/2189)
اذا عصبت الافواه وذبلت الشفاه، وشالت المياه «1» ، واذكت «2» الجوزاء المعزي «3» وذاب الصيهد- وصوابه الصيخد «4» - وصر «5» الجندب، «6» وضاف العصفور الضب في جحره، أو قال في وجاره، وقال قائلنا: أيها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي «7» ، واذا واد قد بد يمينا- وفي نسخة قد بدا لنا- كثير الدغل دائم العلل، شجراؤه مغنة وأطياره مرنة «8» ، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات «9» فأصبنا من فضالات المزاود وأتبعناها الماء البارد، فانا لنصف حر يومنا ذلك ومما طلته اذ صر أقصى الخيل أذنيه، وفحص الارض بيديه، فو الله ما لبث أن جال، ثم حمحم «10» فبال، ثم فعل فعله الذي يليه واحد فواحد، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت «11» الابل، وتقهقرت البغال فبين نافر- وصوابه ناد «12» - بشكاله وناهض بعقاله، فعلمت أن قد أتينا، وأنه السبع ففزع كل امرئ منا الى سيفه فاستله من جربانه، ثم وقفنا زردقا «13» ، فاقبل يتطالع (100- ظ) من بغيه كأنه محنوب «14» ، أو في هجار «15» مسحوب لصدره نحيط ولبلاعيمه غطيط، «16» ولطرفه وميض، ولارساغه نقيض. كأنما- يخبط هشيما، أو يطأ صريما، واذا هامة كالمجن وخد كالمسن، وعينان شجراوان كأنهما سراجان(5/2190)
يقدان»
وقصرة ربلة «2» ولهزمة «3» رهلة، وكتد «4» مغبط «5» ، وزور مفرط، وساعد مجدول، وعضد مفتول، وكف شثنة البراثن الى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج، وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مغلولة، وفم أشدق كالغار الاحوق، ثم تمطى فأشرع بيديه، وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه، ثم أقعى فاقشعر، ثم مثل فاكفهر، ثم جهم فازبأر «6» ، فلا والذي بيته في السماء ما اتقينا بأول من أخ لنا من فزارة، كان ضخم الجزارة «7» فوقصه «8» ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه، وجعل يلغ في دمه، فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به، فكر مقشعرا بزبرته «9» كأن به شيهما «10» حوليا، فاختلج رجلا أعجز ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت مفاصله، ثم نهم فقرقر «11» ، ثم زفر فبربر ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فو الله لخلته البرق يتطاير من تحت جفونه من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطت «12» الاضلاع، وارتجت الأسماع وجمحت العيون، ولحقت البطون- وفي نسخة: ولحقت الظهور بالبطون- وانخزلت المتون وساءت (101- و) الظنون.
فقال عثمان: اسكت قطع الله لسانك فقد رعت قلوب المؤمنين «13» .(5/2191)
وقال يصف الأسد:
فباتوا يدلجون وبات يسري ... بصير بالدجى هاد هموسيس
الى أن عرسوا «1» وأغب عنهم «2» ... قريبا ما يحس له حسيس
خلا أن العتاق من المطايا ... حسن به فهن اليه شوس «3»
فلما أن رآهم قد تدانوا ... أتاهم وسط أرجلهم يميس «4»
فثار الزاجرون فزاد منهم ... تقرابا وواجهه ضبيس «5»
بنصل السيف ليس له مجن ... فصد ولم يصادفه حبيس
فيضرب بالشمال الى حشاه ... وقد نادى فأخلفه الأنيس
يشمر كالمحالق في قنوب «6» ... تقيه قضه الأرض الدحيس «7»
فخر السيف واختلفت يداه ... وكان بنفسه وقيت نفوس
فطار القوم شتى والمطايا ... وغودر في مكرهم الرسيس «8»
وجال كأنه فرس صنيع ... يجر جلاله «9» ذيل شموس
كأن بنحره وبساعديه ... عبيرا بات تعنؤه «10» عروس
فذلك أن تلاقوه تفادوا ... ويحدث بينكم أمر شكيس
أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود الثقفي قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال أخبرنا اسماعيل (101- ظ) بن سعيد العدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا الحسن بن غليل العنزي قال حدثنا دماد عن الأصمعي عن هزان الاقرع عن خالد ابن الحريث الطائي قال: كان أبو زبيد جاهليا اسلاميا، وأقام في الاسلام على(5/2192)
النصرانية، وعاش مائة وخمسين سنة، فكان يحمل في كل يوم أحد الى البيعة مع النصارى فيظل يومه يشرب فبينا هو في بعض تلك الآحاد يشرب وحوله النصارى وفي يده الكأس اذ رفع بصره الى السماء فنظر نظرا شديدا طويلا، ثم رمى بالكأس من يده وقال:
اذا جعل المرء الذي كان حازما ... تحل به حل الحوار «1» وترحل
فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا أعف وأحمل
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن عبيد الله بن القاسم المراغي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن بشر البغدادي بصور قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: سمعت أبا محمد التوربي قال: قلت لابن منادر أيهما أشعر قصيدة زياد الاعجم:
ان السماحة والمروة ضمنا ... «2» .
أو قصيدة أبي زبيد:
ان طول الحياة غير سعود ... وضلالا تأميل نيل الخلود «3»
فقال: قصيدة أبي زبيد قال: فقلت: لانك اقتفيتها «4» .
أنبأنا أبو الوحش (102- و) بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي قال: حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة ابن النعمان بن حية بن شعبة، ويقال ابن سعد بن الغوث بن الحارث ويقال ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان(5/2193)
ويقال حية بن شعبة، ويقال شعبة بدل سعد بن الغوث، ويقال اسمه المنذر بن حرملة، أبو زبيد الطائي، شاعر مشهور مخضرم، أدرك الجاهلية والاسلام، ولم يسلم، وكان نصرانيا، وفد على الحارث بن أبي شمر الغساني وكان ينزل بنواحي دمشق.
وقال الحافظ أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن قالوا: أخبرنا مجمد بن أحمد بن محمد قال:
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وفيه- يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط- يقول أبو زبيد الطائي، وكان منقطعا الى الوليد، وكان الوليد يكنى بوهب، فقال أبو زبيد:
من يرى العيس «1» لابن أروى ... على ظهر المرورى «2» حداتهن عجال
مصعدات والبيت بيت أبي ... وهب خلاء تحن فيه الشمال
يعرف الجاهل المضلل أن ... الدهر فيه النكراء والزلزال
بعد ما تعلمين يا أم وهب ... كان فيهم عيش لنا وجمال (102- ظ)
ووجوه تودنا مشرقات ... ونوال اذا يراد النوال
فلعمرو الاله لو كان للسيف ... نصال أو للسان مقال
ما تناسيتك الصفاء ولا ... الود ولا حال دونك الاشغال
ولحميت لحمك المتعصي ضلة ... من ضلالهم ما اعتالوا
أصبح الميت قد تبدل بالحي ... وجوها كأنها الأقتال «3»
غير ما طالبين ذحلا «4» ولكن ... مال دهر على أناس فمالوا
قولهم تشرب الحرام وقد ... كان شراب سوى الحرام حلال
وأبي طالب العداوة الا ... طغيانا وقول ما لا يقال(5/2194)
من يخنك الصفاء أو يتبدل ... أو يزل مثل ما تزول الظلال
فاعلمن أنني أخوك أخو ... الود حياتي حتى تزول الجبال
قال الزبير: أنشدنيها محمد بن فضالة هكذا، وكان أبي وعمي مصعب بن عبد الله ينشدان البيت الاول على غير ما ينشده عليه محمد بن فضالة، كانا يقولان:
من يرى العير لابن أروى ... على ظهر المنقى «1» حداتهن عجال»
أخبرنا أبو الحسن علي بن المقير- اذنا- قال: أنبأنا أبو المعالي الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن اسحاق الكاتب- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي قال: حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال سمعت (103- و) مشيختنا قالوا: وعاش أبو زبيد الطائي، وهو المنذر بن حرملة من بني حية خمسين ومائة سنة، وكان نصرانيا بالرقة، فيما زعم ابن الكلبي عن أبي محمد المرهبي، وكان يجعل له في كل أحد طعام كثير، ويهيأ له شراب كثير، ويذهب أصحابه فيتفرقون في البيعة ويحملنه النساء فيضعنه في المجلس، فجعل له الطعام في أحد من تلك الآحاد، وقدمت أباريقه وحملنه النساء، فجاءه الموت فقال:
اذا جعل المرء الذي كان حازما ... يحل به حل الحوار ويحمل
فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا أعف وأجمل
أتاني رسول الموت يا مرحبا به ... لآتيه وسوف والله أفعل(5/2195)
ثم مات فجاءه أصحابه فوجدوه ميتا «1» .
أخبرنا أبو البركات بن محمد- اذنا- قال: أخبرنا عمي أبو القاسم- اجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن شمة الأصبهانيان قالا: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: كان أبو زبيد الطائي خلا للوليد بن عقبة، فغاب غيبة عن الكوفة فقدم الوليد وقد هلك فأتى قبره فسلم عليه وأنشد يقول:
يا هاجري اذ جئت زائره ... ما كان من عاداتك الهجر (103- و)
يا صاحب القبر السلام على ... من حال دون لقائه القبر «2»(5/2196)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي:
ذكر من اسمه حريث
حريث بن بحدل:
ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة الكلبي أخو ميسون بنت بحدل، زوج معاوية، وخال ابنه يزيد بن معاوية، غزا القسطنطينية مع ابن اخته يزيد، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريث بن بحدل بن أنيف، وساق نسبه كما ذكرناه وقال الكلبي: خال يزيد بن معاوية، أحد وجوه كلب، وهو ممن عمل في البيعة ليزيد، وكان غزا معه القسطنطينية سنة خمسين فيما ذكر الواقدي في كتاب الصوائف، له ذكر «1» .
حريث بن جابر الحنفي:
وقيل الخثعمي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميرا على لهازم البصرة وله رجز وشعر قاله يوم صفين، وهو قاتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: انه قتل ذا الكلاع الحميري، وقيل بل قتله الاشتر النخعي.
أنبأنا زين الامناء أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد عبد الله بن الخشاب قال أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني (105- و)(5/2197)
قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو اسحاق بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال:
حدثنا محمد بن عبيد الله، أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب شد يومئذ وهو يرتجز ويقول:
أنا عبيد الله ينميني عمر ...
وقد ذكرناه في ترجمة عبيد الله، فيما يأتي من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى قال فحمل عليه حريث وهو حريث بن جابر الخثعمي وهو يقول:
قد شاهدت في نصرها ربيعة ... في العصبة السامعة المطيعه
في الحق والحق لها شريعة ... حتى تذوق كأسها الفظيعة
ثم طعن عبيد الله بن عمر، فصرعه فقتله، فقال في ذلك الصلتان العبدي وذكر أبياتا فيها:
حباك أخو الهيجا حريث بن جابر ... بجياشة «1» تحكى الهزبر المزبدا «2»
وذكر أبو البختري وهب بن وهب في خبر صفين قال فيما حكاه عن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: فلما رأى ذلك عبد الله بن بديل، انصرف يريد موقفه فاستقبله عبيد الله بن عمر فشد عليه، وقتل أصحاب عبد الله بن بديل عبيد الله بن عمر، ويقال الذي قتله، أو أسرع في قتله كرب بن وائل العكلي، وقال بعضهم ما قتله إلّا حريث بن جابر الحنفي، وذلك حين شد عليهم عبيد الله في الشدة الاولى وهو يرتجز فلما قال:
قد أبطأت عن نصر عثمان مضر ... والربعيون فلا اسقوا المطر (105- ظ)
سمعها حريث بن جابر فقال:
قد سارعت في نصرها ربيعة ... في الحق والحق لها شريعة(5/2198)
أنت وليس تترك الوقيعة ... ربيعة السامعة المطيعة
قال وقال حريث بن جابر في التداعي الى الحكومة.
لعمرو أبيك والابناء تنمي ... وقد يشقي من الخبر الخبير
لقد نادى معاوية بن حرب ... لا مر لا تضيق له الصدور
دعانا للتي كنا اليها ... دعوناه وذاك لها سرور
فحكمنا القرآن بغير شك ... وكان الله عدلا لا يجور
ولا تعجل معاوية بن حرب ... فان سرور ما تهوى غرور
فانك والخلافة يا بن حرب ... لكا لحادي وليس له بعير
حريث بن شهريار:
ابن دادار بن به كرد بن بهمومي بن بس شاه بن يزدفنّه بن مهردال، مولى معاوية بن أبي سفيان، هكذا قرأت نسبة في «كتاب القرع والشجر في النسب» تأليف «1» أبي محمد النسابة.
قال أبو محمد: وهو من بني ساسان بن أزد شير الملك الجامع.
شهد حريث صفين مع مولاه معاوية بن أبي سفيان، وكان بطلا شجاعا، وكان معاوية يعتمد عليه في أموره في حربه، وقتله علي رضي الله عنه بصفين.
وذكر أبو محمد النسابة في كتاب القرع والشجر، قال: وقيل بأنه بارز علي ابن أبي طالب عليه السلام يوم صفين، فثقف رأسه بالرمح، وقال: لولا أن الحظ فيك لغيري لقتلتك.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن الحسين بن علي الكسائي، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر(5/2199)
- يعني- ابن مزاحم قال: حدثنا محمد بن عبيد الله عن شيخ له قال: كان فارس معاوية الذي (106- و) يعده للمبارزة مولى له يقال له حريث، وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به، فاذا قاتل قال الناس: ذاك معاوية، وان معاوية قال له: يا حريث اتق عليا، ثم ضع رمحك حيث شئت، فقال له عمرو بن العاص: انك والله يا حريث لو كنت قرشيا لاحب معاوية أن تقتل عليا، ولكن كره أن يكون لك حظها، فان رأيت منه فرصة فاقتحم عليه.
فلما خرج الناس الي القتال وتصافوا، خرج علي أمام أصحابه.
قال يحيى: فحدثني عمرو بن عبد الملك بن سلع الهمداني قال: حدثني أبي قال خرج حريث مولى معاوية يوم صفين فدعا عليا الى المبارزة، فقال: هلم يا أبا الحسن الى المبارزة، فخرج اليه علي وهو يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب ... أنا وبيت الله أولى بالكتب
أهل اللواء والمقام والحجب ... نحن نصرناه على جل العرب «1»
ثم حمل عليه علي فطعنه فدق ظهره.
قال: وحدثنا نصر قال حدثنا محمد بن عبيد الله أن معاوية جزع على حريث جزعا شديدا وعاتب عمرا فيما أشار عليه من لقاء علي فأنشأ يقول:
حريث ألم تعلم وعلمك ضائر ... بأن عليا للفوارس قاهر
وأن عليا لم يبارزه فارس ... من الناس الا قصدته الأظافر
أمرتك أمرا حازما فعصيتني ... فجدك اذ لم تقبل النصح عاثر
أنبأنا أبو العلا أحمد بن شاكر بن سليمان عن أبي محمد بن الخشاب قال:
أخبرنا أبو الحسين (106- ظ) بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى قال: حدثني نصر قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر عن تميم(5/2200)
ابن حذيم قال: خرج حريث مولى معاوية يومئذ، وكان شديدا ذا بأس فقال.
أهاهنا علي، هل لك يا علي في المبارزة، أقدم اذا شئت أبا حسن، فأقبل علي نحوه وهو يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب....
فذكر نحوه، يعني، نحو ما ذكرنا أولا.
وقد ذكر أبو البختري فيما نقله عن جعفر بن محمد عن أبيه في خبر صفين زيادة بيتين في شعر معاوية وهما بعد الابيات الثلاثة التي ذكرناها:
أدلّاك عمرو والحوادث جمة ... غرورا فما جرت عليك الجرائر
وظن حريث أن عمرا نصيحه ... وقد يهلك الانسان من لا يحاذر «1»
قلت وفي ذلك يقول سعيد بن قيس الهمداني في أبيات:
أيرجو أن ينال حريث شرا ... أبا حسن وذا ما لا يكون
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حريث مولى معاوية بن أبي سفيان كان فارسا بطلا، وكان معاوية يعتمد عليه في حربه، وشهد معه صفين، وقتل يومئذ «2» .
حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد:
وقيل أحمر بن أسعد، أبو عثمان، وقيل أبو عون، الرحبي الشامي من رحبة «3» الشام، وسكن حمص، واجتاز فيما بينهما (107- و) بنواحي حلب.
ووفد على عمر بن عبد العزيز، وأظنه بخناصرة، حدث عن: عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن ميسرة، وراشد بن سعد(5/2201)
المقرأي، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وسليم بن عامر، وحبيب بن عبيد، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وخالد بن معدان، وحبان بن زيد الشرعبي، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وسلمان بن شمير، وعبد الله بن غابر الالهاني، والقاسم بن محمد الثقفي، وسعيد بن مرشد، وشرحبيل بن شفعة الرحبي، وشبيب ابن أبي روح، وعمران بن محمد، ويزيد بن صبيح، وعمر بن عبد العزيز.
روى عنه: بشر بن اسماعيل الحلبي، وبقية بن الوليد، واسماعيل بن عياش، ويحيى بن سعيد القطان الحمصيون، ومعاوية بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الرحبي، وعيسى بن يونس، ومحمد بن حمير، ويزيد بن هرون، والوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب القرقساني، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي، ومعاذ ابن معاذ، وسفيان بن حبيب واسحاق بن سليمان الرازي، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن عياش وأبو النضر الحارث بن النعمان، وأبو المغيرة الخولاني، ومسلمة بن علي الخشني وعلي بن الجعد، وأبو اليمان، وجنادة بن مروان، والوليد بن هشام، وآدم بن أبي اياس، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والحكم بن نافع، وعمر ابن علي.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي (107- ظ) قال:
أخبرنا أبو محمد الدروبي قال: أخبرنا أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر بن البستي قال: أخبرنا محمد بن هرون الحضرمي قال: حدثنا علي بن مسلم قال:
حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا حريز بن عثمان قال: حدثنا سليمان بن عامر عن أبي أمامة قال: جاء شاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا قال: فأقبل القوم عليه فزجروه، فقال: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لامهاتهم، أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا، وذكر الحديث بطوله وذكر الخالة والعمة. «1» .(5/2202)
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- قراءة عليه بدمشق- قال:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد ابن علي بن فتح العشاري قال: حدثنا أبو الحسين بن سمعون قال: أخبرنا أبو محمد بن نصير قال: حدثنا أحمد بن محمد الطوسي قال: حدثني هرون بن عمر الدمشقي قال: حدثنا مبشر بن اسماعيل قال: حدثني حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: لا تعادين رجلا حتى تعرف الذي بينه وبين الله عز وجل، فان كان محسنا فيما بينه وبين الله، لم يسلمه الله لعداوتك، وان كان مسيئا فيما بينه وبين الله، كفاك عمله.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن ابراهيم الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الاسفراييني قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: (108- و) حدثنا داود بن رشيد قال:
حدثنا أبو الزرقاء عن حريز بن عثمان قال: صليت خلف عمر بن عبد العزيز فسلم تسليمة.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: حدثنا أبو أحمد الغندجاني قال:
أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حريز بن عثمان الحمصي الرحبي عن راشد بن سعد. سمع منه الحكم بن نافع، وقال: يزيد بن عبد ربه: مات حريز سنة ثلاث وستين ومائة ومولده سنة ثمانين «1» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد من كتابه قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك البغدادي قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، ح.
قال: وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر(5/2203)
اليمني بمصر، قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى البغدادي بحمص، قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبر ابن أحمد بن أسعد الرحبي المشرقي، لم يكن له كتاب، انما كان يحفظ مولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين، لا يختلف فيه، ثبت في الحديث.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذى قال: حريز بن عثمان، أبو عثمان الرحبي الحمصي، حدث عن عبد الله بن بسر، وعبد الواحد النصري (108- ظ) روى عنه علي بن عياش، وعصام بن خالد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر بني اسرائيل.
ولد سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، قال: وقال أبو عيسى: مات سنة ثلاث وستين.
أخبرنا أبو نصر القاضي- من كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا محمد بن حماد الدولابي قال: حدثني محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مولد حريز بن عثمان سنة ثمانين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني، وأبو الفضل بن خيرون قالا:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الاهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الطبقة الرابعة من أهل الشام- حريز بن عثمان رحبي حمصي «1» .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم(5/2204)
ابن علي بن الحسن قال أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن أبي الحديد قال أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول:
الطبقة الخامسة حريز بن عثمان الرحبي حمصي (109- و) .
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عثمان حريز بن عثمان عن راشد بن سعد، روى عنه أبو اليمان، وأبو المغيرة وعلي بن عياش «1» .
أنبأنا أبو حفص بن محمد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
قال: وأنبأنا أبو الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، قال:
حريز بن عثمان الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر، يرمى بالانحراف عن علي ابن أبي طالب وعنه في ذلك اختلاف، هو: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، توفى سنة ثلاث وستين ومائة فيما أخبرني الحسن ابن أحمد الماد رائي عن بكر بن أحمد عن أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في تاريخ الحمصيين «2» .
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمر «3» بن أسعد أبو عثمان، وقيل أبو عون، الرحبي الحمصي، سمع عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراشد بن سعد، وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي. روى عنه اسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وعيسى بن يونس، واسحاق بن سليمان(5/2205)
الرازي، ومعاذ بن معاذ العنبري. وعثمان بن كثير بن دينار، ويزيد بن هرون، وشبابة بن سوار (109- ظ) وأبو النصر الحارث بن النعمان البزاز، وعلي بن الجعد، والحسن بن موسى الأشيب، وآدم بن أبي اياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وكان قد قدم بغداد، فسمع بها منه العراقيون. قال شبانة: لقيت حريز بن عثمان ببغداد «1» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي- اجازة ان لم يكن سماعا- عن أبي زكريا البخاري قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: في باب حريز بالحاء: حريز بن عثمان الشامي
قال أبو محمد السلمي أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا قال: وأما حريز، أوله حآء معجمة وراء مكسورة وآخره زاي، وذكر جماعة، وقال: وحريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، روى عن عبد الله بن بسر وغيره، كان يرمى بالانحراف عن علي رضي الله عنه في ذلك اختلاف وقال في باب جبر في الآباء: وحريز بن عثمان بن جبر بن أسعد المشرقي مشهور «2» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد بن أسعد أبو عثمان، ويقال أبو عون الرحبي الحمصي، حدث عن: عبد الله بن بسر، وراشد بن سعد المقرأي وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي، وخالد بن معدان، وحبيب بن عبيد الرحبي، وسلمان بن شمير، والقاسم بن محمد الثقفي، وسليم بن عامر، وعبد الله بن غابر (110- و) الالهاني وشرحبيل بن شفعة الرحبي، ويزيد بن صليح، وعمران بن محمد، وشبيب بن أبي روح، وسعيد بن مزيد، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير.(5/2206)
روى عنه: عيسى بن يونس واسماعيل بن عياش، وبقية ومعاذ بن معاذ، واسحاق بن سليمان الرازي، ويزيد بن هرون، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، وأبو النضر الحارث بن النعمان، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن الجعد، وآدم بن أبي اياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والوليد بن هشام المخرمي، وجنادة بن موسى، ومسلمة بن علي الخشني، ومحمد بن حمير، وأبو المغيرة الخولاني، ويحيى بن سعيد العطار الحمصي والوليد بن مسلم ووفد علي عمر بن عبد العزيز «1» .
كتب الينا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي أن الشريف القاضي أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثماني أخبرهم قال:
أخبرني الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الباهلي، اجازة.
وقرأت على ولده أبي محمد عبد الله بن محمد قالا: حدثنا الفقيه الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن أحمد الغساني في كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل من الاسماء والكنى والانساب لمن ذكر في الكتابين الصحيحين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم» «2» قال في باب الرحبي والأرحبي: فالرحبي بفتح الحاء المهملة، بعده باء منقوطة بواحدة، منسوب الى بني رحبة، بفتح الراء والحاء (110- ظ) بطن من حمير وهو رحبه بن زرعة أخو سدد، بسين مهملة على وزن جمل، بن زرعة بن سبأ الأصغر، منهم: أبو أسماء الرحبي الشامي، فذكر جماعة، وذكر فيهم حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي عن عبد الله ابن بسر قال: وقد تقدم ذكره في حرف الحاء، وانما قدم ذكره في حرف الجيم في باب جرير، وجرير، وحريز فقال: حريز، بحاء مهملة وزاي معجمة في آخر الاسم، هو حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي، ورحبة بفتح الحاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة في حمير، يروى عن عبد الله بن بسر، بسين مهملة، وعبد الواحد النصري بالنون، روى له البخاري ومسلم.(5/2207)
قلت: كذا قال الحافظ أبو علي الغساني، انه منسوب الى بطن من حمير، وهو رحبه في الموضعين، وهذا وهم منه، وانما هو منسوب الى رحبة الشام، وهي رحبة مالك بن طوق، وكان من أهلها، ثم سكن حمص، وروى عن غير واحد من أهلها، ويقال فيه الرحبي بالفتح، والرحبي بالاسكان لان حرف الحلق اذا توسط الكلمة فتح وأسكن.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر، ومحمد بن عبد الواحد الاكبر، قال حمزة: حدثنا، وقال أحمد: أخبرنا، الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله (111- و) العجلي قال: حدثني أبي قال:
حريز بن عثمان الرحبي شامي ثقة، وكان يحمل على عليّ.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت أبا مسلم المستملي يقول: حريز بن عثمان، يكنى أبا عثمان ينتقص عليا، وينال منه، وكان حافظا لحديثه، وسمعت معاذا يحدث عنه ويزيد بن هرون، وعمرو بن علي وشيوخنا.
وقال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث حريز نحو من ثلاثمائة، وهو صحيح الحديث إلّا أنه يحمل على علي رضي الله عنه.
قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: وحريز بن عثمان من الاثبات في الشاميين، يحدث عنه الثقات من أهل الشام، مثل الوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب، واسماعيل بن عياش، ومبشر بن اسماعيل، وبقية، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي وحدث عنه من ثقات أهل العراق: يحيى القطان، وناهيك به،(5/2208)
ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هرون، وسفيان بن حبيب، وغيرهم. وحريز يحدث عن أهل الشام عن الثقات منهم، وقد وثقه يحيى القطان، ومعاذ بن معاذ، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين ودحيم، وانما وضع منه ببغضه لعلي، وقال يحيى ابن صالح الوحاظي: أملى علي حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة (111- ظ) عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في بغض علي حديث منكر منكر جدا لا يروى مسلم «1» ولا يصلح أن يذكر في الكتاب، قال الوحاظي: فلما حدثني بذلك قمت عنه وتركت الكتاب عنه. «2» .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: قال أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:
أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حموية ابن أبرك الهمذاني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن يونس بن نعيم البغدادي بها قال: حدثني أبو علي الحسين ابن أحمد بن علي المالكي قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا اسماعيل بن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان قال: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هرون من موسى «3» » حق، ولكن أخطأ السامع، قلت: فما هو؟ فقال: انما هو أنت مني بمكان قارون من موسى، قلت: عمن ترويه؟ قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر.
قال الخطيب: عبد الوهاب بن الضحاك كان معروفا بالكذب في الرواية، فلا يصح الاحتجاج بقوله «4» .
أخبرنا أبو نصر بن هبة الله اذنا قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:
كتب إليّ أبو سعد محمد بن محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو(5/2209)
القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي، ثم أخبرني أبو المعالي عبد الله بن أحمد ابن محمد الحلواني بمرو قال: أخبرنا أبو علي الحداد (112- و) قالوا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن اسحاق- يعني- السراج قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا اسماعيل بن عياش قال: عادلت «1» حريز بن عثمان من مصر الى مكة، فجعل يسب عليا ويلعنه، كذا وقع في نسخة السماع، وأظنه من حمص والله أعلم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل بن أبي سهل قال:
حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وحريز بن عثمان، كان يتنقص عليا، ينال منه، وكان حافظا لحديثه.
قال أبو حفص: سمعت يحيى يحدث عن ثور عنه.
وقال أبو حفص في موضع آخر: حريز بن عثمان ثبت شديد التحامل على عليّ.
قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال: حدثنا الحسين بن ادريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حريز بن عثمان يتهمونه أنه كان يتنقص عليا، ويروون عنه ويحتجون بحديثه وما يتركونه «2» .
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس قال: حدثنا يحيى بن المغيرة قال: ذكر حريز، أن حريزا كان يشتم عليا على المنابر.(5/2210)
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم (112- ظ) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن ابراهيم ابن محمد النسفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن محمود المعدل قال: حدثنا محمد ابن المنذر بن سعيد الهروي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الآملي قال سمعت يحيى ابن صالح الوحاظي، وقيل: لم لم تكتب عن حريز بن عثمان؟ قال: كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين، فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين لعنة كل يوم «1» .
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا عمران بن أبان قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لا أحبه قتل آبائي- يعني عليا.
قال: وحدثنا العقيلي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: قلت ليزيد بن هرون: هل سمعت من حريز بن عثمان شيئا تنكره عليه من هذا الباب؟ قال: اني سألته أن لا يذكر لي شيئا من هذا، مخافة أن أسمع منه شيئا يضيق عليّ الرواية عنه قال: فأشد شيء سمعته يقول: لنا أمير ولكم أمير- يعني لنا معاوية، ولكم علي، فقلت ليزيد: فقد آثرنا على نفسه؟ قال نعم «2» .
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء في كتابه (113- و) قال:
أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسن بن علي ابن عاصم قال: حدثنا الحسن بن علي بن راشد قال: جلسنا نتذاكر الحديث، فقال بعض اصحابنا: رأيت يزيد بن هرون في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال:(5/2211)
غفر لي وشفعني وعاتبني، فقلت: غفر لك وشفعك ففيما عاتبك؟ قال: كتبت عن حريز بن عثمان، فقلت: ما أعلم إلّا خيرا، قال: انه كان يبغض أبا الحسن علي ابن أبي طالب «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو الفرج الحسين بن عبد الله بن أحمد ابن أبي علّانه المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال:
حدثنا أبو محمد السكري قال: حدثنا يحيى بن اسحاق بن ابراهيم بن سافري قال:
كنت عند أحمد بن حنبل وعنده رجلان- وأحسبه قال: شيخان- قال: فقال أحدهما: يا أبا عبد الله رأيت يزيد بن هرون في المنام، فقلت له: يا أبا خالد ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني، قال: قلت غفر لك وشفعك قد عرفت، ففيم عاتبك؟ قال: قال لي: يا يزيد أتحدث عن حريز بن عثمان؟ قال: قلت: يا رب ما علمت إلّا خيرا! قال: يا يزيد انه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب، قال:
وقال الآخر: وأنا رأيت يزيد بن هرون في المنام، فقلت له: هل أتاك منكر (113- ظ) ونكير؟ قال: أي والله وسألاني: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ قال: فقلت:
ألمثلي يقال هذا، وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا؟ فقالا لي: صدقت فنم نومة العروس لا بؤس عليك «2» .
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل ابن بشر قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن المظفر بن علي الدينوري المقرئ قال: حدثنا ابراهيم بن محمد المزكي ببغداد قال: سمعت أحمد بن محمد الحيري المزكي قال: حدثني عبد الله بن الحارث الصنعاني قال: سمعت حوثرة ابن محمد المنقري البصري يقول: رأيت يزيد بن هرون الواسطي في المنام بعد موته بأربع ليال فقلت: ما فعل الله بك قال: تقبل مني الحسنات، وتجاوز عني السيئات ووهب لي التبعات قلت: وما فعل بك بعد ذلك؟ قال: وهل يكون من الكريم إلّا الكرم، غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة، قلت: بما نلت الذي نلت؟ قال: بمجالس(5/2212)
الذكر، وقولي الحق، وصدقي في الحديث، وطول قيامي في الصلاة، وصبري على الفقر، قلت: منكر ونكير حق؟ قال: أي والله الذي لا إله إلّا هو لقد أقعداني، وسألاني، فقالا لي: من ربك، وما دينك، ومن نبيك، فجعلت انفض لحيتي البيضاء من التراب فقلت: مثلي يسأل أنا يزيد بن هرون الواسطي وكنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس، قال أحدهما: صدق هو يزيد بن هرون، نم نومة العروس (114- و) فلا روعة عليك بعد اليوم، قال أحدهما: اكتبت عن حريز بن عثمان؟ قلت: نعم وكان ثقة في الحديث، قال: ثقة ولكنه كان يبغض عليا أبغضه الله «1» .
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عبد الله السنجي المؤذن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني المؤذن بنيسابور قال: حدثنا أبو زكريا يحيى ابن ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي- املاء- قال: أخبرني أبو بكر محمد بن سليمان الزاهد أن محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدثهم قال أخبرنا أبو القاسم بن بشار البغدادي قال: حدثنا أحمد الوراق قال: سمعت عبيد الله القواريري قال: رأيت يزيد بن هرون بعد ما مات في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني، وعاتبني في روايتي عن حريز بن عثمان.
وقد روي أن هذا المنام رآه يزيد بن هرون نفسه وهو في الحياة، أخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن- اجازة- قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الهيتي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن روح الجواليقي قال: حدثني هرون بن رضى مولى محمد ابن عبد الرحمن بن اسحاق القاضي قال: حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت يزيد ابن هرون يقول: رأيت رب العزة تبارك وتعالى فقال لي: يا يزيد تكتب من حريز ابن عثمان؟ فقلت: يا رب ما علمت منه إلّا خيرا فقال لي: يا يزيد لا تكتب منه شيئا (114- ظ) فانه يسب عليا» .(5/2213)
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: سمعت بعض بعض أصحابنا يذكر عن يزيد بن هرون، قال: قال حريز بن عثمان: لا أحب من قتل لي جدين «1» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الاحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثني أبي قال: ويقال في حريز بن عثمان مع ثبته أنه كان سفيانيا، وقال في موضع آخر: حريز ابن عثمان ثبت.
وقد روي أنه رجع عن مذهبه وروي أنه كان ينكر هذا المذهب.
أخبرنا الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عمران عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: وقال أبو اليمان: كان حريز يتناول من رجل يعني عليا، ثم ترك «2» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي أبو عبد الرحمن- يعني- النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرني أبي أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115- و) .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتا، ويحكى عنه من سوء المذهب، وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.(5/2214)
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي أبو عبد الرحمن- يعني- النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرني أبي أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115- و) .
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتا، ويحكى عنه من سوء المذهب، وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.
قال الخطيب أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وبلغني عن علي بن عياش قال: حدثني حريز بن عثمان وسمعته يقول- يعني لرجل-: ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب، والله ما شتمت عليا قط «1» .
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: حدثني سلمة بن شبيب قال:
سمعت علي بن عياش يقول: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب والله ما شتمت عليا قط «2» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن محمد قال:
أخبرني السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا جعفر بن محمد الازهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: سمعت علي ابن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك أما خفت الله، حكيت عني أني أسب عليا والله ما أسبه ولا سببته قط.(5/2215)
وقال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف ابن أحمد قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا (115- ظ) محمد بن اسماعيل: قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا شبابه قال: سمعت حريز بن عثمان قال له رجل: يا أبا عمرو بلغني أنك لا ترحم على علي؟ قال: فقال له: اسكت ما أنت وهذا، ثم التفت إليّ فقال: رحمه الله مائة مرة «1» .
أخبرنا محمد بن هبة الله بن محمد- فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال:
حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثنا تمام بن محمد قال: حدثني أبي أبو الحسين قال: أخبرني أبو عبد الرحمن مكحول بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي قال:
حدثنا جعفر بن أبان قال: سمعت علي بن عياش، وسأله رجل من أهل خراسان عن حريز، هل كان يتناول عليا، فقال علي بن عياش: أنا سمعته يقول: ان أقواما يزعمون أني أتناول عليا، معاذ الله أن أفعل ذلك حسيبهم الله.
قال الحافظ: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر- فيما قرأته عليه- قال: قرىء على أبي بكر محمد بن اسحاق- يعني- ابن خزيمة، وأنا أسمع، قيل له: لست تحتج بحريز بن عثمان لسوء مذهبه قد احتج بحديث حريز البخاري، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم من الأئمة. «2» .
أخبرنا عمر بن محمد الدارقزي- اذنا- قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل المهندس قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرنا أبو عبيد الله معاوية بن صالح قال: (116- و) حريز بن عثمان الرحبي قال يحيى بن معين: ثقة، وقال لي أحمد- يعني- ابن حنبل: هو من المعدودين مع عبد الرحمن بن يزيد وأصحابه، قال أبو عبد الله: أدرك المهدي وقدم عليه.(5/2216)
قال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي قال: حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الاشعث قال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: أخبرنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي- ولا أخالني رأيت شاميا أفضل منه- يعني حريز بن عثمان.
قال الخطيب: أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا حريز بن عثمان الرحبي الشامي، قال معاذ: ولا أعلمني رأيت شاميا أفضل منه «1» .
أنبأنا عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: حريز بن عثمان أبو عثمان الحمصي الرحبي، قال معاذ بن معاذ: حدثنا حريز بن عثمان أبو عثمان، ولا أعلم أني رأيت أحدا من أهل الشام أفضله عليه «2» .
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: سمعت يحيى يقول: وحريز بن عثمان لا بأس به، وقال النسائي: أبو عثمان حريز بن عثمان شامي حمصي لا بأس به (116- ظ) في الحديث.
أنبأنا عبد البرقال، أخبرنا أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: فحريز بن عثمان؟ قال: ثقة.
وقال ابن عدي: سمعت محمد بن نوح الجنديسابوري ببغداد، وبمصر يقول:
سمعت أبا داود سليمان بن الاشعث يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حريز بن عثمان ثقة.(5/2217)
قال ابن عدي: حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال:
قلت لعبد الرحمن بن ابراهيم دحيم: من الثبت بحمص؟ قال صفوان: وبحير وحريز وثور وأرطاة «1» .
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرني محمد بن أبي علي الاصبهاني قال: حدثنا أبو علي الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعته- يعني أبا داود- يقول:
سألت أحمد بن حنبل عن حريز، فقال: ثقة، ثقة، ثقة.
قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه قال:
حدثنا الحسين بن ادريس الانصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال:
سمعت أحمد قال: ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير، قيل لأحمد:
فصفوان؟ قال: حريز ثقة، وقال ابو داود: سمعت أحمد- وذكر له حريز وأبو بكر بن أبي مريم وصفوان- فقال: ليس فيهم مثل حريز ليس أثبت منه، ولم يكن يرى القدر، وقال: سمعت أحمد مرة أخرى يقول: حريز ثقة ثقة «2» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: (117- و) أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قلت لعبد الرحمن بن ابراهيم: من الثبت بحمص؟ قال:
صفوان، وبحير، وحريز، وثور، وأرطاة، قلت: فابن أبي مريم؟ قال: دونهم.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا أبو الحسن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الاصم قال: سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى يقول: حريز بن عثمان الرحبي ثقة.
قال الحافظ: قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن(5/2218)
حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا ابراهيم بن الجنيد قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو بكر بن أبي مريم وحريز بن عثمان الرحبي هؤلاء ثقات «1» .
أخبرنا ابو اليمن الكندي- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال:
أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت موسى بن ابراهيم ابن النضر العطار يقول: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: وسئل علي بن المديني عن حريز بن عثمان فقال: لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه.
وقال الخطيب: أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم قال حدثنا جعفر بن محمد (117- ظ) بن الأزهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا علي بن عياش الحمصي قال: جمعنا حديث حريز بن عثمان في دفتر، قال: نحوا من مائتي حديث، فأتيناه به فجعل يتعجب من كثرته ويقول:
هذا كله عني، مرتين «2» .
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت يحيى بن صالح الوحاظ يقول: مات شعيب بن أبي حمزة، وحريز بن عثمان، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال:
أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال: حدثني سليمان البهراني قال: سمعت يحيى بن صالح قال: مات شعيب، وحريز، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.
قال الخطيب: أخبرنا عبد الله بن عمر الواعظ، قال: حدثني أبي قال: حدثنا(5/2219)
عثمان بن جعفر الكوفي قال: حدثنا أحمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن مصطفى قال: مات حريز بن عثمان سنة اثنتين وستين.
قال الخطيب: وأخبرنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا اسحاق بن موسى قال: حدثنا محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مات حريز سنة ثلاث وستين.
وقال الخطيب: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، ح.
(118- و) قال وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر اليمني قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبير بن أحمر بن أسعد الرحبي المشرقي، مولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين.
وقال الخطيب: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز سنة ثمان وستين ومائة.
قال الخطيب: وهذا عندي خطأ، وما قبله أصح والله أعلم «1» .
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز بن عثمان سنة ثمان وستين ومائة، وفيها مات سعيد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو علي الأوقي- فيما أجازه لي- قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال:(5/2220)
أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة اثنتين وستين ومائة: حريز بن عثمان وله مذهب رديء، ويقال سنة ثلاث- يعني- مات «1» .
حريش السكوني:
شاعر شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال يومئذ شعرا يخاطب به معاوية.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني عن أبي محمد عبد الله ابن احمد بن احمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر، وعمر (118- ظ) بن سعد في إسنادهما قال:
وفرح أهل الشام بقتل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر فقال رجل من السكون، يقال له حريش، وكان مع علي عليه السلام:
معاوي ما أفلتّ إلا بجرعة من ... الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا
تخب وقد أدميت بالسوط بطنه ... دؤوما على فاس اللجام مشذّبا «2»
فلا تكفرنه واعلمن أن مثلها ... الى جنبها عالى بك الجري أو كبا
فإن تفخروا بابني بديل وهاشم ... فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا
فإنهم ممن قتلتم على الهدى ... أصيبوا فكفوا القول نسفي التحوبا «3»
صبرنا لكم والأمر قد جدّ جده ... وقد كان يوما يترك الطفل أشيبا
صبرنا لكم تحت العجاج نفوسنا ... وكان خلال الصبر جذعا وموعبا «4»
فلم نلق فيها خاشعين أذلة ... ولم يك فيها حبلنا متذبذبا
كسرنا القنا حتى اذا ذهب القنا ... ضربنا فغالبنا الصفيح المجربا
فلم ترفي الجمعين صارف وجهه ... ولا صارفا من خشية الموت منكبا(5/2221)
ولم تر إلّا قحف راس وهامة ... وساقا طنونا «1» أو ذراعا مخضبا
كأنا وأهل الشام أسد مشيحة «2» ... بخفان «3» لا يبقين نابا ومخلبا
إذا الخيل حالت بينها قصد القنا ... نثرت عجاجا ساقطا متنقبا «4»
ذكر من اسمه الحر
(119- و)
الحر بن سهم بن طريف الربعي التميمي:
من ربيعة تميم، شهد صفين مع علي رضي الله، وقال رجزا بين يدي علي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الصابوني- كتابة- قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال:
حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال:
حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر الجعفي عن جابر، ح.
قال ابن ديزيل: وحدثنا عمر بن سعد الأسدي قال: حدثني رجل من الأنصار عن الحارث بن كعب الوالبي عن أبي الكنود، وأحدهما يزيد على الآخر: أن عليا لما أراد الشخوص الى الشام عسكر بالنخيلة «5» ، وذكر خطبة خطبها، وأنه نزل فدعا بدابته فأتي بها فركبها، ثم مضى ومضى أمامه الحر بن سهم بن طريف الربعي وهو يقول:
يا فرسي سيري وأمي الشاما ... وقطعي الأحزان «6» والأعلاما «7»(5/2222)
ونابذي من خالف الإماما ... إني لأرجو إن لقيت العاما
جمع بني أمية الطغامى ... أن نقتل العاصي والهماما
وأن نزيل من رجال هاما «1»
الحر بن الصباح النخعي:
شهد صفين مع علي رضى الله عنه، وروى (119- ظ) شيئا من خبرها روى عنه عمر بن سعد الاسدي.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين- كتابة عن أبي محمد عبد الله ابن أحمد بن الخشاب- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال:
حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: عمر بن سعد عن الحرّ بن الصباح النخعي أن الاشتر كان يقاتل على فرس له، في يده صفيحة يمانية اذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا وإذا رفعها كاد يغشى البصر شعاعها فجعل يضرب بسيفه وهو يقول:
الغمرات ثم تنجلينا ... ويكشفهن «2»
فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي، فلم يعرفه حتى دنا منه، فقال الاشتر:
جزاك الله عن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين خيرا، فقال له الاشتر: ابن جمهان؟
قال: نعم، مثلك يتخلف عن مثل موقفي هذا؟ فقال: ما علمت بمكانك إلّا الساعة لا أفارقكم حتى أموت.
الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس:
كان مع هشام بن عبد الملك بالرصافة في سنة ست ومائة، فولاه مصر، ثم(5/2223)
وفد عليه سنة ثمان، وقيل سنة تسع فعزله عن مصر، وقيل إنه ولي الموصل (120- و) .
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن محمد بن ناصر قال: أجاز لنا ابراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس- إجازة- قال أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز أبو الرقراق قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ابن لهيعة عن موسى بن أيوب أن الحر بن يوسف أمير مصر سأل عبد الرحمن بن عتبة عن أمة اشتراها رجلان فوطئاها في طهر واحد فحملت، فقال: سل ابن خدام- يعني- عبد الله بن يزيد، وهو قاضي المصر، فسأله فقال: كتبت الى عمر بن عبد العزيز في مثل ذلك فكتب إليّ عمر قال: يرثهما الولد ويرثانه، وعاقبهما.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر ابن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فمن ولد يوسف بن يحيى- يعني- ابن الحكم بن أبي العاص الحر بن يوسف بن يحيى والي الموصل «1» .
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله- كتابة- قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عيسى السعدي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن جعفر النخالي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الحضرمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: أخبرنا الليث ابن سعد قال: وفيها (120- ظ) - يعني- سنة ست ومائة أمرّ الحر بن يوسف على أهل مصر، ونزع محمد بن عبد الملك. قال: ووفد الحر بن يوسف الى أمير المؤمنين- يعني- سنة ثمان ومائة فنزع عن مصر، وذكر أبو عمر بن يوسف الكندي أن ولاية الحر كانت على مصر ثلاث سنين سواء «2» .(5/2224)
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: قال الليث:
وفي سنة ست ومائة أمر الحر بن يوسف على أهل مصر، ونزع محمد بن عبد الملك، وفيها- يعني- سنة ثمان ومائة وفد الحر بن يوسف الى هشام أمير المؤمنين فنزع من مصر.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله قال: الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أمره هشام بن عبد الملك على مصر سنة ست ومائة، فلم يزل عليها الى أن وفد عليه سنة ثمان ومائة، فعزله عنها، ويقال وفد عليه في شوال سنة سبع ومائة «1» .
الحر العبسي:
له ذكر
ذكر البلاذري في كتاب البلدان قال: وحدثني أبو صالح الفراء عن رجل من أهل دمشق يقال له عبد الله بن الوليد، عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي- فيما يحسبه- أبو صالح قال: لما غزا معاوية غزوة عمورية في سنة خمس وعشرين وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوسن خالية، فوقف عندهما جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين، ثم انصرف من غزاته، ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين الحر العبسي الصائفة ففعل مثل ذلك وكانت الولاة تفعله «2» .
حزن بن عبد عمرو:
غزا الروم مع يزيد بن معاوية حين غزا الطوانة «3» ، وحكى حكاية وقعت في تلك الغزاة روى عنه محمد بن اسحاق.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبو حفص عمر بن محمد بن(5/2225)
طبرزد- إذنا من كل واحد منهما- قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري- إجازة إن لم (121- و) يكن سماعا- قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن حيوية قال:
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي قال: حدثني أبو موسى هارون بن علي بن الحكم المزوق قال: حدثنا حماد بن المؤمل أبو جعفر الضرير، قال: حدثنا مسلم بن عيسى قال: حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: اكتتبت في غزوة طوانة، فخرجنا حتى دخلنا أرض الروم، فخرجت أنا وأصحاب لي نتعلف فانتهينا الى قرية، فقال لى بعض أصحابي: من يأخذ برءوس دوابنا فيطول لها في هذا المرج حتى ترعى، وننطلق نحن الى القرية فنتعلف؟ فقلت: أنا، فأخذت برءوس دواب أصحابي فطولت لها في المرج وخليّت، وانطلق أصحابي فبينما أنا كذلك اذ سمعت تسليما: السلام عليكم ورحمة الله، فالتفت فإذا رجل عليه ثياب بياض ليست بالغليظة ولا الرقيقة فقلت وعليكم السلام ورحمة الله، فقال لي: أمن أمة محمد أنت؟ قلت:
نعم، قال: اني أراكم تلقون من أمرائكم هؤلاء شدة، قلت: أجل قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس صلوات، وخمس فتن أولا أسميها لك؟ قلت: بلى قال: أمسك، احداها موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، واسمها في كتاب الله بغتة. ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنة ابن الأشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو (121- ظ) يقول: بقيت الصيلم، بقيت الصيلم، بقيت الصيلم، قالها ثلاث مرات، ثم انطلق فلم أر له أثرا.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة- إذنا- قال أخبرتنا الحرة عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حاتم المرادي قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: دخلنا أرض الروم في غزوة الطوانة، فنزلنا مرجا فأخذت أنا برءوس دواب أصحابنا، فطولت لها، وانطلق أصحابي(5/2226)
يتعلفون فبينا أنا كذلك إذ سمعت: السلام عليكم ورحمة الله، والتفت فإذا أنا برجل عليه ثياب بياض، فقلت: السلام عليك ورحمة الله، فقال: من أمة أحمد قال: قلت: نعم قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس فتن، وخمس صلوات قال: قلت: سمهن لي، قال أمسك: احداهن موت نبيهم واسمها في كتاب الله بغته، ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنة ابن الاشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو يقول: وبقيت الصيلم، وبقيت الصيلم، فذهب فلم أدر كيف ذهب.(5/2227)
حسام بن غزي بن يونس المحلي:
أبو المناقب الشافعي، المصري، الفقيه، رجل فاضل أديب، فقيه كيس، دمث الاخلاق كثير المروءة، مطبوع النادرة (122- و) خفيف الروح، جيد الشعر حسن المحاضرة، وكان له وجاهة بدمشق، وسيرّة الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب رسولا الى حلب الى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، واجتمعت به بها في مجلس شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بمدرسته بحلب، ولم يتفق لي سماع شيء منه، ثم اجتمعت به بدمشق في جامعها سنة ثلاث وعشرين وستمائة عند توجهي إلى الحج، وأنشدني عدة مقاطع من شعره، وسألته عن مولدة فقال لي: في حدود الستين وخمسمائة، وبلغني أنه ولد بقوص وربي بالمحلة «1» ، وسمع الحديث من الشيخ أبي الفتح محمود بن الصابوني، ومن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن علي الغزنوي، ومن شيخنا أبي القاسم عبد الصمد ابن محمد بن الحرستاني، وأبي البركات داود بن أحمد بن ملاعب، وحدّث عن:
أبي القاسم البوصيري بشيء من حديثه.
أنشدني عماد الدين حسام بن غزي المحلي لنفسه:
قيل لي من هويته عبث الشعر ... بخدّيه قلت: ماذاك عاره
جمرة الخد أحرقت عنبر ... الخال فمن ذلك الدخان عذاره
وأنشدني لنفسه مما كتبه إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب:
قل للمليك العادل المرتجى ... مقال صدق ليس بالزور(5/2228)
مملوكك العبد المحليّ قد ... شارف أن يقرأ على الدّور
وكلما جمّع في يوسف ... أنفقه في سورة النور-
في قوله شارف أن يقرأ على الدور تورية بالقراءة على أبي عمر الدوري صاحب أبي عمرو ابن العلاء المقرئ.
وأنشدني أبو المناقب حسام بن غزي المحليّ لنفسه مدحا في جمال الدين يحيى (122- ظ) بن يوسف بن شيخ السلامة:
وقائلة من بعد يحيى بن برمك ... ملاذ لملهوف وكنز لمعتف
فقلت لها: إن مات يحيى فعندنا ... الوزير جمال الدين يحيى بن يوسف
أنشدني عماد الدين حسام بن غزي لنفسه:
أنا شاكر لمعاشري ... إذ ساء في أخلاقه
لو كان يحسن عشرتي ... لهلكت عند فراقه
وأنشدني لنفسه:
شوقي إليكم دون أشواقكم ... لنكتة لابد ما تشرح
لأنني عن قلبكم غائب ... وأنتم في القلب لن تبرحوا
سمعت الشيخ شرف الدين الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي قال:
سمعت العماد المحلي يقول: الناس يستحقرون الفلس، والفلس ينتفع به الإنسان يوما، وينتفع به شهرا، وينتفع به سنة، وينتفع به طول العمر، أما منفعة اليوم فيشتري به حمصا يأكله، فيكفيه لقوت يومه، وأنا اكتفي به، وأما منفعته شهرا فيشتري به باقة كبريت ينتفع بها جميع الشهر، وأما منفعته سنة فيشتري به إبرة يخيط بها سنة، وأما منفعته لجميع العمر فيشتري به مسمارا يضربه في الحائط وينتفع به طول عمره.(5/2229)
وكان ممولا رحمه الله ويحكى عنه حكايات في البخل كان (123- و) يتنادر بها، وكان يقرض من ماله من يحتاج الى القرض من غير فائدة، ويصبر بماله على المعسر وينظره.
وبلغني أن العماد حسام بن غزّى المحلي توفي بدمشق في شهر ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين وستمائة في ليلة الاربعاء عاشر الشهر المذكور، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر. (123- ظ) «1»(5/2230)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي:
ذكر من اسمه حسان
حسان بن الحباب بن الوليد القشيري:
أبو الندى الشطي، شاعر متوسط الشعر، أعرابي وتندر له أبيات فائقة، من شعراء الأمير شبل الدولة أبي كامل نصر بن صالح بن مرداس «1» وممن وفد عليه الى حلب واجازه. روى عنه أبو عبد الله أحمد بن محمد الخياط الشاعر الدمشقي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال: أنشدني أبو محمد هبة الله بن الأكفاني سنة سبع عشرة وخمسمائة من خطه قال: أنشدني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الخياط قال: أنشدني الأمير حسان بن الحباب الكناني، وكان يعرف بشاعر آل صالح يخاطب نصر بن محمود:
ما لي الى أبي علي حاجة ... دون الأنام ولا له عندي يد
إلّا يد غمرت فكنت كواحد ... ممن يعان على الزمان ويسعد
قال القيسراني: وأنشدني ابن الأكفاني قال: أنشدني ابن الخياط قال:
أنشدني ابن الحباب لنفسه:
والله لولا قيود في قوائمنا ... من الجميل وفي الأعناق أغلال
لكان لي في بلاد الله مضطرب ... وفي الملوك لبانات وأشغال (125- و)(5/2231)
لي حرمة الضيف والجار القديم ... ومن أتاكم وكهول الحي أطفال
أتيتكم وجلابيب الصبى قشب ... فكيف أرحل عنها وهي أسمال
قال القيسراني: والبيت الآخر أجود من بيت البحتري:
وشرخ شباب قد نضوت جديده ... اليكم كما ينضو الذي سمل البرد «1»
قال: وكان ابن الحباب شاعر بدوي متأدب بالطبع، له أشعار مشهورة في بني صالح.
قلت: قول ابن الخياط: يخاطب نصر بن محمود، أظنه والله أعلم خطأ، وانما هو نصر بن صالح، وما أظن ابن الحباب بقي الى أيام نصر بن محمود، والذي يدل على ذلك قوله: «مالي الى ابن أبي علي حاجة» ، وابن أبي علي هو نصر بن صالح، وأبو علي كنية صالح بن مرداس، وكنية محمود بن نصر أبو سلامة «2» .
قرأت بخط أبي النجم بن بديع في جزء وقع إليّ من كتابه الذي جمعه في الشعراء ذكر فيه جماعة من شعراء حلب، وذكر فيه حسان الشطي، شاعر بني صالح، توفي بحلب وقد جاز ثمانين سنة، وقال فيه: متوسط الشعر، وندر له أبيات، وأورد له هذه الأبيات الأربعة التي ذكرناها: «بالله لولا قيود في قوائمنا» الى آخرها.
وقفت في مدائح نصر بن صالح التي جمعها أحمد بن خلف الممتع المعري على قصائد من شعره فيه، بخط الممتع، منها قوله:
قلب تصدع من وجد وبلبال ... وعبرة ذات تسكاب وتهطال
كأن دمعي وقد فاضت بوادره ... ماء الغمام جرى من روس أجبال
صد الحبيب الذي ما كنت أحسبه ... يصد فازداد تسهيدي وتعوالي
لئن نأى وسلا عني وأرقني ... فلست عنه وان سليت بالسالي
يا ليلة جمعتنا تحت حندسها ... وكشفت سترها من بعد اسدال(5/2232)
عودي علينا فقد عادت شقا ... وتنا وان جسمي من تذكارها بال
(125- ظ)
قال فيها:
قتالة لا تزال الدهر جانية ... لا تأتلي من هواني بعد إجلالي
خمصانة الكشح معطار منعمة ... كأنها ظبية بالأمعز الخال
تسلبي الحليم بألحاظ مفتنة ... مغنوجة كحلت من غير إكحال
تمشي اذا برزت من بيت جارتها ... مشي البخاتي في وعث وأوحال
تصغي إذا عذلت فينا فتهجرنا ... ذات الدلال ولا أصغي لعذال
يا من شغفت بها حتى ذللت لها ... كأنني مجرم يدعى الى وال
جودي علينا فقد جاد المليك لنا ... بمفضل عمنا منه بأفضال
ومما نقلته من خط الممتع من مدائح نصر بن صالح قول حسان بن الحباب أيضا من قصيدة:
شمس بألحاظ عينها ظبا البتر «1» ... مشهورة وكلت عيني بالسهر
فتانة فتنت قلبي إذا احتكمت ... في مهجتي فتناهت شدة الضرر
وورد الدمع في خدي تورد ما في ... صحن وجنتها الزاهي مع الخفر
ما قلب القلب في نار وأحرقه ... إلّا تقلب ما يبدو من الأزر
لهفي على دعص «2» رمل حاز مئزرها ... من تحت غصن كغصن البانة النضر
استودع الله قلبي يوم ودعها ... فقد نأى اذ نأت والروح، الأثر
لم أنسها والنوى حلت بساحتها ... وقد بدت بين أتراب لها غرر
(126- و)
بدت لنا بجبين كالهلال سنا ... من تحت أسود حلكوك من الشعر
ترنو بعيني لياح لاح قانصة ... فظل يرمقه من شدة الذعر
لما تراءت رأيت الشمس طالعة ... وقت الضحى ورأيت البدر في السحر(5/2233)
حسان بن كمشتكين «1» التركي:
صاحب منبج وأعمالها، كان أميرا مذكورا شجاعا، له صدقة ومعروف، وابتنى بمنبج مدرسة وقفها على أصحاب الامام (130- ظ) أبي حنيفة رضي الله عنه، ووقف عليها أوقافا حسنة، وكان قد بلغ بلك بن بهرام بن أرتق عنه كلام أوجب تغيره عليه، فسير ابن عمه تمرتاش بن ايلغاري بن أرتق بقطعة من عسكره، وأمره بالمرور بمنبج والتقدم الى حسان بالمسير معهم الى تل «2» باشر، فاذا خرج قبضوه فتوجه تمرتاش اليه في صفر من سنة ثمان عشر وخمسمائة، وفعل ما أمره به، وقبض على حسان، ودخلوا منبج، وعصى عليه الحصن فلم يسلم اليه، وسيره الى «3» خرتبرت، وحبسه في جب، ودام على حصر منبج، ووصل بلك بنفسه، فضربه سهم من الحصن فقتله، وأخرج حسان من الجب وعاد الى منبج، ودام في ولايتها الى أن توفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وقد ذكرنا قصة حسان مع بلك مستقصاه في ترجمة بلك من هذا الكتاب.
قرأت بخط مرهف بن أسامة بن منقذ في مدرج علق فيه شيئا من التاريخ، قال: فيها قبض بلك على حسان البعلبكي، ونزل على قلعه منبج، وكان فيها عيسى أخو حسان، وعذب حسان أنواع العذاب ليسلم اليه منبج، فلم يفعل أخوه عيسى وأنفذ الى جوسلين وأطمعه بتسليم منبج اليه، فجمع جمعا كثيرا، وجاء فنصر الله بلكا عليه، فكسره، وعاد الى حصار منبج فأصابه سهم في ترقوته فمات، وكان قد جعل سجن حسان في قلعة «4» بالو، فلما قتل بلك نزل ابن عمه داود بن سكمان على بالو فأخذها وأفرج عن حسان، وقيل ان ذلك كان في ربيع الاول «5» .(5/2234)
حسان بن مالك بن بحدل:
ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلاب ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن زيد بن مرة بن عمرو بن مالك بن حمير، أبو سليمان الكلبي كان له وجاهة، ومنزلة عند بني أمية، وكان مقدم بني كلب ورئيسهم، وعمته ميسون بنت بحدل زوج معاوية وهي أم يزيد بن معاوية، وشهد مع معاوية صفين، وكان على قضاعة دمشق يومئذ وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم، وكان يسلم عليه بالامرة قبل ذلك وذكر أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قال: حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سلم على حسان بن مالك بن بحدل أربعين ليلة بالخلافة ثم سلمها الى مروان «1» وقال:
فألا يكن منا الخليفة نفسه ... فما نالها إلّا ونحن شهود
وقال بعض الكلبيين:
نزلنا لكم عن منبر الملك بعدما ... ظللتم وما أن تستطيعون منبرا «2»
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن (126- ظ) الحافظ قال: حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، أبو سليمان الكلبي زعيم بني كلب ومقدمهم، شهد صفين مع معاوية وكان على قضاعة دمشق يومئذ، وكان له مقدار ومنزلة عند بني أمية، وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم وقد كان يسلم عليه بالامرة قبل ذلك أربعين ليلة، وكان له شعر وداره بدمشق، وهي قصر البحادلة التي تعرف اليوم بقصر ابن أبي الحديد «3» وأقطعه اياها معاوية.(5/2235)
قال الحافظ: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات يزيد- يعني- ابن معاوية وعلى الاردن «1» حسان بن مالك بن بحدل وضم اليه فلسطين، فولى حسان بن مالك، روح بن زنباع فلسطين «2» .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حسان بن مالك بن بحدل الكلبي، أبو سليمان.
أنبأنا عبد الرحمن بن نجم الحنبلي قال أخبرتنا شهدة (127- و) بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا طراد بن محمد أبو الفوارس الزينبي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين بن البادا قال: أخبرنا حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق الى عمر ابن عبد العزيز في كنيسة كان فلان، وسمى رجلا من الأمراء أقطعه إياها، فقال عمر:
ان كانت من الخمس العشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل اليها.
حسان بن ماهوية الانطاكي:
كان من صحابة هشام بن عبد الملك، وذكر أحمد بن يحيى البلاذري فيما حدثه به محمد بن سهم الأنطاكي عن مشايخ الثغر قال: وكان الذي بنى حصن المثقب هشام بن عبد الملك على يد حسان بن ماهويه الأنطاكي، ووجد في خندقه حين حفر عظم ساق مفرط الطول، فبعث به الى هشام «3» .(5/2236)
حسان بن محمد:
شهد صفين مع معاوية، وجعله أميرا على قيس دمشق فيما حكاه أبو عبيدة.
أنبأنا بذلك القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا (127- ظ) قال: حدثنا خليفة قال:
قال أبو عبيدة: وكان على قيس دمشق حسان بن محمد «1» .
قال أبو القاسم الحافظ كذا قال خليفة، وحكى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي، وزيد بن الحسن بن علي، ورجل آخر أنه حسان بن بحدل الكلبي وهو الصواب وهو حسان بن مالك بن بحدل الكلبي، يعني المقدم ذكره «2» .
قلت: الذي ذكره جابر بن يزيد عن محمد بن علي، وزيد بن الحسن، ومحمد ابن المطلب أن حسان بن بحدل، كان على قضاعة دمشق، وذكروا أن الذي كان على قيس دمشق همام بن قبيصة، وسيأتي ذكره ان شاء الله تعالى، وقد ذكر الحافظ أبو القاسم في ترجمة حسان بن مالك بن بحدل، ما حكيناه عنه، أنه كان على قضاعة دمشق، وجعل في هذه الترجمة أن الصواب أنه كان على قيس دمشق، وهذا وهم وقد ذكر أبو البختري وهب بن وهب بن كثير فيما رواه عن جعفر بن محمد عن أبيه وابن أخي الزهري عن عمه، ومحمد بن اسحاق عن يزيد بن رومان، وابن سمعان عن الزهري، ومحمد بن ابراهيم بن الحارث، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي عن مكحول وغيره، وغير هؤلاء قال: وبعضهم يزيد على بعض، قالوا: وجعل- يعني- معاوية على مضر دمشق، وهي الجند الثاني الضحاك بن قيس القرشي وعلى قضاعتها حسان بن مالك القضاعي.
قلت: وهو ابن بحدل.(5/2237)
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: حسان بن محمد ممن شهد مع معاوية صفين، وجعله على بعض العسكر «1» . (128- و) .
حسان بن مخدوج الذهلي:
كان سيد ربيعة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على ذهل الكوفة وقيل على الذهليين مع رئاسة الحيين- يعني- حي كندة وربيعة، وقيل إنّ عليا عليه السلام عزل الأشعث بن قيس واستعمل عليها حسان بن مخدوج الذهلي، وكان فاضلا ناسكا «2» .
قرأت في كتاب صفين وقد سقط اسم مؤلفه، وأظنه عن المدائني قال: لما أراد عليّ المسير الى صفين بلغه عن الاشعث تثاقل عن المسير من غير أن يصرح، وكانت له رئاسة ربيعة مع كندة، فلما بلغ ذلك عليا بعث اليه فقال: يا أشعث اني أترك عتابك استبقاء لما بيني وبينك، ولست أريد أن أمشي بك القهقري، انه قد بدا لي فيك رأي وستعلمه، فانصرف الاشعث ودعا عليّ حسان بن مخدوج الذهلي، وهو يومئذ سيد ربيعة نسكا وفضلا، فجمع له راية كندة وربيعة، وجعل رئاسة الأشعث له، فتكلم في ذلك رجال من أهل اليمن، فتكلم جابر بن حريث الحنفي فقال:
يا هؤلاء لا تجزعوا فانه ان كان صاحبكم ملكا في الجاهلية، وسيدا في الاسلام، فان صاحبنا أهل لهذه الرئاسة، قال: وغضب الأشعث بن قيس. قال: وقال حسان للأشعث يا أبا محمد أنا عندما يسرك، لك راية كندة، ولي راية ربيعة، فقال الأشعث:
معاذ الله أن أفرق بينهما ما كان لي فهو لك، وما كان لك فهو لي، فقال شقيق (128- ظ) بن عبد الله المرادي، وقال بعضهم: ابن ثور الكندي:
قد أكمل الله للحيين نعمته ... اذ قام بالأمر حسان بن مخدوج
من كان يطمع فينا أن يفرقنا ... بعد الولاء وود غير ممزوج
فالنجم أقرب منه في تناوله ... مما أراه فلا يولع بتهييج
ليست ربيعة أولى بالتي حدثت ... من حي كندة حي غير محجوج(5/2238)
يأبى لنا الله أن نرضى نقيصتكم ... حتى تفتّح يأجوج بمأجوج
قال: فسكن القوم، وقال مالك بن هبيرة من أصحاب معاوية وبعث الى الاشعث شعرا فيه:
من أصبح اليوم مثلوجا بأسرته ... فالله يعلم أني غير مثلوج
زالت عن الأشعث الكندي رايته ... وقلد الأمر حسان بن مخدوج «1»
فترك الأشعث اجابته.
قال: وان حسان بن مخدوج حيث بلغه قول مالك بن هبيرة مشى برايته الى الأشعث، فركزها على داره، ومشى مع حسان وجوه قومه، فقال الاشعث: أترى هذه الرئاسة عظمت على عليّ، والله لهي أخف علي من زف النعام، ومعاذ الله أن تغيرني عن حالي، فعرض عليه عليّ أن يعيدها عليه، فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين إن يكن أولها شرا فليس آخرها بعار، قال علي: لست بالذي يتركك حتى تلي، فقال الأشعث: ذلك اليك، قال: ثم ان عليا كتب الكتائب، قال: (129- و) وجعل على ذهل الكوفة حسان بن مخدوج الذهلي، فولاها حسان أخاه الحسن بن مخدوج.
حسان بن المفرج بن دغفل بن الجراح:
ابن شبيب بن مسعود بن أسعد بن مزر بن سالم بن سعد بن سميع بن حوط ابن معبد بن عيسى بن أفلت بن سلسلة بن عمرو بن سلسلة بن غنم بن ثور بن معن الطائي، أمير كبير من آل الجراح، وكان قد لقب من جهة «2» مصر بعدة الدولة ورضيعها، وقدم الى حلب محالفا صالح بن مرداس الكلابي واتفقا على محاربة العساكر المصرية في أيام الظاهر «3» ومقدمها أمير الجيوش الدزبري «4» وحسان هو الذي هرب اليه أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي «5» حين قتل الحاكم أباه(5/2239)
وعمه واخوته، وحصل عند حسان واستجاره فأجاره، وقدم الحاكم يارختكين وقلده الشام وأمر الناس بالترجل له منهم علي ومحمود ابنا المفرج، فشق عليهما ذلك وأبيا الصبر على هذه المذلة، وكتبا بذلك الى أبيهما وأخيهما حسان، فلما توسط يارختكين «1» الجفار أشار أبو القاسم بن المغربي على حسان بلقائه، وانتهاز الفرصة فيه، فسار حسان الى أبيه، وأجمع رأيهما على لقائه، فخرج يا رختكين من غزة، وكان حسان قد عرف خبره وبث الخيل من كل جانب، ووقعت الوقعة بين الفريقين وكانت الغلبة فيها لحسان والعرب، فأسر يارختكين وحرمه وأولاده واستولي على أمواله، وحصل أكثر ذلك في يد حسان، وعاد حسان وأبوه الى الرملة وهجموها واستولوا عليها وبالغوا في الفتك والهتك بأهلها، وكتب الحاكم الى المفرج يعاتبه وطالبه بانتزاع يارختكين من يد حسان، وحمله اليه الى مصر، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار، فاجتمع أبو القاسم ابن المغربي بحسان وقال: ان والدك سيركب اليك ويثقل عليك في أمر يا رختكين وما يبرح إلّا به، ومتى أفرجتم عنه عاد الى الحاكم فرده اليكم في العساكر الكثيرة، فلما سمع حسان ذلك منه وكانت في رأسه نشوة، أحضر بارختكين في قيوده وأمر بضرب عنقه وأنفذ رأسه الى أبيه المفرج، فشق عليه ثم أشار ابن المغربي على المفرج وحسان بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة ومبايعته، وسار رسولا عنهما وبايع وتلقب بالراشد، وخرج من مكة حتى اجتمع بحسان وأبيه، ودخل الرملة ونلقاه حسان وأبوه وآل الجراح، وقبلوا الارض بين يديه.
وكتب الحاكم الى حسان وأبيه وبذل (129- ظ) لهما بذولا كثيرة واستمال آل الجراح، فمالوا الى الحاكم، وقوي أمره وضعف أمر أبي الفتوح، فاجتمع بالمفرج وقال: قد خفت من غدر حسان، فأبلغني مأمني وسيرني الى وطني فأعطاه ذمامه، وسيره الى مكة.
ثم ان المفرج مات بعد ذلك، واستقل حسان ابنه بالامارة على طيء وتجددت بينه وبين الظاهر بن الحاكم الوحشة، وتحالف هو وصالح بن مرداس الكلابي صاحب(5/2240)
حلب على الانفراد بالشام جميعه وقدم حسان على صالح بن مرداس ومعه سنان ابن عليّان «1» الى حلب، واتفقوا على قصد العساكر المصرية ومقدمها أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري والتقوا بالأقحوانة «2» ، فكسرت العرب، وقتل صالح، وانهزم حسان على ما نذكره في ترجمة صالح ان شاء الله تعالى.
قرأت في مجموع لبعض الادباء من المعريين، أو غيرهم من الشاميين، لعبد المحسن الصوري «3» يمدح زهير وحسان ووصلهما وهما في خيمة نازلان في أطراف بلد حلب:
ما سمعت الخيمة تسع البحر ... وقد حل هذه بحران
عقدت من يدي الأميرين في عز ... زهير وفي علا حسان
فلماذا فخر السماء عليها وهي ... فيها النجوم والقمران
وطلب جائزة القصيدة، فمطل بها، فمضى وقال:
زففت الى حسان من حسن منطقي ... عروسا غدا بطن الكتاب لها خدرا
فقبلتها عشرا وهام بحبها ... فلما طلبت المهر طلقتها عشرا (130- و) «4»
حسان بن نمير أبو الندى الكلبي الدمشقي:
المعروف بالعرقلة، شاعر حسن الشعر، كتب عنه شيئا من شعره أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنشدنا عنه الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي الدمشقي وقدم حلب وقال عند مسيره اليها، ونقلتها من ديوان شعره:(5/2241)
ذر المقام اذا ما ساءك الطلب ... وسر فعزمك فيه الحزم والأرب
لا تقعدن بأرض قد عرفت بها ... فليس تقطع في أغمادها القضب
ألم تكن لك أرض الله واسعة ... ان أقفرت جلق ما أقفرت حلب
ولما كان بحلب عبر على قوم يرتمون بالحجارة، فضربه حجر طائح في عينه فقلعها، وعاد الى دمشق مخلا فقال:
جفاني صديقي حين أصبحت معدما ... وأخرني دهري وكنت مقدما
وسافرت جهلا فانعورت وان أعد ... الى سفرة أخرى قدمت على العما
وكم من طبيب قال تبرى أجبته ... كذبت ولو كنت المسيح ابن مريما
استغفر الله من قول مثل هذا الكلام لما فيه من التنقص بالمسيح عليه السلام «1»
سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: كان العرقلة صاحب نادرة، وكان طيبا، وكان السلطان الملك الناصر (130- ظ) يضحك منه، ومدحه قديما قبل أن يلي مصر وبشره في القصيدة بأخذه مصر، فوعده ان صارت اليه أن يعطيه ألف دينار، فلما ولي مصر جاءه العرقلة وامتدحه بقصيدته الرائية التي يقول فيها مقتضيا ما وعده به:
يا ألف مولاي أين الالف دينار؟،.
فأمر له السلطان الملك الناصر بألف دينار فقال: ما آخذها إلّا تحت النسر «2» بدمشق وإلّا فايش يوصلني بألف دينار الى دمشق وأخاطر بها مع الفرنج في الطريق فضحك منه السلطان وأطلقها له بدمشق.
أنشدنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن سليمان العباسي الدمشقي بها قال: أنشدني العرقلة حسان بن نمير الكلبي لنفسه:
يقولون: لم أرخصت شعرك في الورى؟ ... فقلت: لهم اذ مات أهل المكارم
أجاز على الشعر الشعير وانه ... كثير اذا خلصته من بهائم «3»(5/2242)
أنشدنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف بن أيوب هذين البيتين للعرقلة.
أنشدنا الشريف أبو المحاسن العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:
يا صاح قد صاح الحمام وغردا ... من في المدام وشربها قد فندا
أو ما ترى شجر الخريف كأنما ... أوراقها ذهبا وكن زبر جدا «1»
والكاس تعطينا لجينا كلما ... غنيت من طرب فتأخذ عسجدا
(131- و)
أنشدنا الفضل بن عقيل العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:
ميلوا على الدار من ذات اللمى ميلوا ... كحلاء ما جال في أجفانها ميل
هذا بكائي عليها وهي حاضرة ... لا فرسخ بيننا يوما ولا ميل
جارت على يد الساقي ومقلته ... كذاك جار على هابيل قابيل
ان يحسدوني عليها لا ألومهم ... لكنني بزمام العقل معقول «2»
أنشدنا أبو المحاسن الهاشمي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه، وكتب بها الى المؤيد بن السديد الى بغداد يطلب منه نصفية:
عرجا بالنجيب نجل السديد ... تلقيا منه بحر علم وجود
ثم قولا له ببغداد يا من ظل ... كهفا لقاصد وقصيد
حاجتي شقة تشق على ... كل بغيض من الورى وحسود
فاجعلنها طويلة مثل قرني ... ولساني لا مثل قدي وجيدي
واجعلنها صفيقة مثل وجهي ... جل من صاغ جلده من حديد
كي ترى في الشام شيخا خليعا ... في قميص من العراق جديد «3»
قال شيخنا الشريف أبو المحاسن أظن العرقلة مات بعد السبعين يعني والخمسمائة.(5/2243)
حسان السلماني البدوي:
من أهل سلمية وكان يدخل البادية مع العرب وقدم حماة ومدح ملكها الملك المظفر محمود بن محمد بن عمر بن شاهانشاه، وكان في عصرنا، ولم اجتمع به، وأنشدت من شعره قوله:
قسما بأطراف الرماح الشرع ... والعاديات بكل ربع بلقع
وثنية ملئت بكل مهند ... يرتاع منه كل ليث أروع
لا هاجمن الليل بين خيامكم ... بفؤاد مرتاع لهول المطلع
مثلي يهاب اذا يهم بزورة ... ظلم الحوادث في الظلام الأدرع
يا ربة البيت الذي أطنابه ... أبدا على غير القنا لم ترفع (132- و)
وعقيلة الحي الأولى غاراتهم ... سترت سنا شمس النهار ببرقع
هل تعلمين لمن قتلت اعادة ... نحو الحياة فماله من مطمع
بلغني أن حسان السلماني توفي ما بين العشرين والثلاثين والستمائة.(5/2244)
ذكر من اسمه الحسن
ذكر من اسم ابيه ابراهيم ممن اسمه الحسن:
الحسن بن ابراهيم بن الحسن التنوخي:
أبو محمد الحلبي، شاعر حسن الشعر سمع بحلب انشاد أبي الفتح الحسن ابن عبد الله بن أبي «1» حصينة، روى عنه أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن أحمد بن الاخوة، والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الاصبهاني.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمد ابن الأخوه المخلطي بأصبهان، من لفظه، وكتب لي بخطه، قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم الحلبي لنفسه.
شرفت نفس كريم هي للذل تنافي ... وتصون النفس عن تطلاب ما فوق الكفاف
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوى بالقاهرة، قالا: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أنشدنا أبو محمد (132- ظ) الحسن ابن ابراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي، ببغداد في مجلس أبي زكريا التبريزي اللغوي قال: أنشدني الامير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة:
كأن الفتى يرقى من العمر سلما ... الى أن يجوز الأربعين ويخط «2»
قال الحافظ أبو طاهر: أبو محمد هذا له شعر جيد ومما أنشدني لنفسه:(5/2245)
أرى الناس والدنيا كلابا وجيفة ... وفي نهشها بعض يهر على بعض
جرى حبها بين المفاصل منهم ... وقد طبعت بالصد منهم على البغض
اذا رفعت قدر امرئ ومحله ... تغرّ به حتى تعود الى الخفض
وان طال عمر المرء في الدهر برهة ... فلا بد أن تأتي المنية بالعرض
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أنشدنا عبد الكريم بن محمد الامام قال أنشدنا أبو الفضل بن أبي العباس الوكيل قال: أنشدنا أبو محمد التنوخي لنفسه:
يا من كساني سقاما وجسمه منه عار ... رضيت لو كنت ترضى فيه بذلي وعاري
قرأت بخط بعض الأدباء على ظهر كتاب: للشيخ السيد الأخ أبي محمد حسن ابن ابراهيم التنوخي الحلبي أدام الله حراسته:
كأن الذي نلت من أجلكم ... ومذ كان لي زاجر قد كفاني
(133- و)
لقد كنت آمل في قربكم ... وحبيّك ترفعني في زماني
فقاسيت ضد الذي رمته ... وهل خبر المرء مثل العيان
لحى الله من ترتضي نفسه ... بعيش ولو ساعة في هوان
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي بحلب قال:
أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: الحسن بن ابراهيم التنوخي الحلبي أبو محمد كان شاعرا مجودا من أهل الأدب والفضل من أهل الشام ورد بغداد وكتب عنه أبو الفضل بن أبي عباس بن الأخوة.
الحسن بن ابراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب:
أبو محمد الحلبي القاضي الرئيس الفاضل، أحد الصدور الذين تعقد عليهم الخناصر، وتفخر بذكر محاسنهم الدفاتر، كان لي صديقا صادقا، ورفيقا موافقا، وكان رحمه الله حسن الصورة، تام الخلقة، دمث الأخلاق، جميل الصحبة، صحيح(5/2246)
المودة، حسن المحاضرة حلو المجاورة، كثير المحفوظ عند المذاكرة، وجيها عند الملك الظاهر غازي خصيصا به.
روى لنا عن القاضي محي الدين بن أبي المعالي محمد بن علي القرشي، قاضي دمشق، وعن أبيه القاضي أبي طاهر، وأبي زكرى يحيى بن سعد بن ثابت بن المراوي، وعلي بن الحكم الحلبي، وجماعة من شعراء عصره، وسمع الحديث من شيوخنا: قاضي القضاة (133- ظ) أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، وأبي حفص عمر بن طبرزد البغدادي، وغيرهم، صحبته حضرا وسفرا، وعلقت عنه فوائد وأناشيد، وكان شيعي المذهب لا يقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن مولده فقال: في ثامن عشر شهر رمضان من سنة ثمان وستين وخمسمائة بحلب، وجمع تاريخا ابتداه من سنة خمسمائة الى أن توفي.
أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن أبي طاهر بن سعيد قال أخبرنا القاضي أبو المعالي محمد بن علي «1» (134- و) .
توفي أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب رحمه الله ليلة السبت الثامن عشر من جمادي الآخرة من سنة ثمان وأربعين وستمائة بحلب، ودفن ليلا في التربة المعروفة بسلفه داخل مدينة حلب بمحلة الجرن الأصفر، ودفن على والده أبي طاهر، وصليت عليه، وكان قد طلبني قبل وفاته بثلاثة أيام، وقال لي: أنا راحل الى الآخرة، وو الله لا أكتمك شيئا وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ولا أقدم أحدا من الصحابة على عليّ عليه السلام، وما تنقصت أحدا من الصحابة في باطني ولا في ظاهري ولا بخطي وإنني أعتقد أنهم سادة أئمة قدوة، ذكر لي هذا أو قريبا من معناه رحمه الله.
الحسن بن ابراهيم:
أبو محمد، روى بحلب عن علي بن أحمد الجرجاني، روى عنه محمد بن علي الهمذاني.(5/2247)
أخبرنا أبو طالب أحمد بن حديد، في كتابه الينا من الاسكندرية، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو طاهر خالد بن عبد الواحد بن أحمد الخالدي، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الملك بن سياوش الكازروني قال: أخبرنا محمد بن علي الهمذاني قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم بحلب قال: حدثنا علي بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا بندار قال: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: دعاء أصحاب الحديث للمحدث بمنزلة تكبير الحارس.
ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه الحسن: (135- و)
الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن ابراهيم بن فيل الاسدي:
أبو طاهر البالسي امام مسجد أنطاكية، أصل آبائه من الكوفة وسكنوا بالس «1» ، وانتقل أبوه منها، ونزل انطاكية، وسكنها ابنه أبو طاهر، امام جامعها، وكان يتنقل قبل ذلك في بلاد الشام، وسمع بها الحديث، وبحلب حدث عن: أبيه أحمد بن ابراهيم، وعن حاجب بن سليمان المنبجي، وعامر بن سيار الحلبي النحلي، وأحمد بن بكر، وعمرو بن هشام البالسيين، وابراهيم بن سعيد الجوهري، وسهل ابن صالح الأنطاكي وعمر بن يزيد السياري، وأبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وأحمد بن أبي رجاء ومحمد بن سليمان نوين، ويوسف بن سعيد ابن مسلم وعلي بن بكار المصيصين، ومحمد بن مصفى، ومالك بن سليمان الالهاني وكثير بن عبيد الحمصيين، وسعيد بن عمرو السكوني، ويحيى بن عثمان بن سعيد وأبي كريب محمد بن العلاء الهمداني، ووهب بن بيان المصري، ومحمد بن عمرو البصري واسحاق بن موسى الأنصاري، وعبد الله بن الحسين البزاز، وهارون بن موسى الفروي، وسفيان بن وكيع بن الجراح، ومحمد بن ابراهيم الصوري، وهاشم بن الوليد البيروتي، ومسلم بن عمرو الأسلمي، وأبي حميد عبد الله بن محمد وعمر بن زياد الباهلي، وعبد الجبار بن العلاء ومؤمل بن يهاب المكيين، وصالح بن زياد المقرئ وعقبة بن مكرم العمي ومحمد بن عمرو بن العباس الباهلي، وأبي معاذ عامر بن اسماعيل البغدادي، وهارون بن داود، ونوح (135- ظ) بن حبيب القومسي، واسحاق بن موسى بن عبد الله الأنصاري، وأحمد بن سعيد(5/2248)
الكندي، ومسلم بن عمرو الحذاء، وعيسى بن عبد الله العسقلاني، وسعيد بن نصير، وأبي محمد عبد الواحد بن عبد الملك بن صالح، وأحمد بن المبارك البغداديين روى عنه: آباء بكر: محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، ومحمد بن ابراهيم ابن علي المقرئ، وأحمد بن محمد بن اسحاق السني الحفاظ، وأبو علي: الحسن ابن حجاج الطبراني، نزيل أنطاكية، والحسن بن جعفر الأنطاكي، وأبو حفص عمر ابن علي العتكي الأنطاكي، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجلي الطرسوسي وأبو الحسن علي بن الحسين بن عبيد الله بن بندار قاضي أذنه، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الحفاظ، وحميد بن سنيح، والحسين بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا:
أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي، قال: أخبرنا علي بن عبد الله ابن أبي جرادة الحلبي، قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الحلبي، قال: أخبرنا محمد بن الحسين ابن صالح السبيعي بحلب، قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن ابراهيم بن فيل الانطاكي (136- و) البالسي امام مسجد جامع أنطاكية قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال:
سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: لقد جمع لي رسول الله يوم أحمد أبويه «1» .
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي- قالت: اجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين- قالا: أخبرنا أبو بكر المقرئ قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن فيل البالسي، أبو الطاهر الأنطاكي بها، قال:
حدثنا نوح بن حبيب، فذكر باسناده نحوه.(5/2249)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى والحسن بن محمد الدراع، ح.
قال الحافظ أبو بكر: وأخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن ابراهيم بن فيل قال: حدثنا عمر بن يزيد السياري قالوا: حدثنا عثام بن علي العامري قال: حدثنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت النبي صلى الله عليه (136- ظ) وسلم يعدد التسبيح، زاد عمر بن يزيد بأصابعه «1» .
قلت: كذا وقع في أصل سماع شيخننا أبو الطاهر محمد، وهو خطأ صحف الحسن بمحمد.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن أبي طالب بن شهريار الأصبهاني، في كتابه الينا منها، قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن ابراهيم ابن فيل- وكان يقال انه من الأبدال- قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا خالد ابن عمرو قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
الحرب خدعة. «2» .
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي- قراءة عليه وأنا أسمع بحلب- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي الوزير- قراءة عليه- وأبو القاسم بن السمرقندي وأبو السعود بن المجلى وغيرهما- اجازة ان لم يكن سماعا، منهم أو من أحدهم- قالوا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: وسألته- يعني الدارقطني- عن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية فقال: ثقة.(5/2250)
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن الامام أبي سعد بن محمد بن منصور السمعاني- في كتابه الينا من مرو عن أبيه أبي سعد- قال: أبو طاهر الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي أصله من الكوفة، وكان يتنقل في بلاد الشام، سكن بالس (137- و) مدة، وأنطاكية مدة حتى سكن قرقيسياء «1» وروى عنه أبو حاتم بن حبان وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وتوفي بعد سنة عشر وثلاثمائه.
كذا قال أبو سعد حتى سكن قرقيسياء، وفي ذلك نظر، فانه توفي بأنطاكية ولا أعلم أنه سكن بالس، فان الناقل من بالس أبوه أبو الحسن أحمد بن ابراهيم، وانما نسب أبو طاهر الى بالس لان أصله منها.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله الشاهد قال: أخبرنا أبو يعلى بن كروس قال: أخبرنا أبو الفتح المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر الأملوكي، قال حدثنا أبو حفص العتكي قال: حدثنا أبو الطاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وهو ابن أخي أبي علي الحسين بن ابراهيم بن فيل، وكان امام جامعنا بأنطاكية سنة ثلاثمائة، وتوفي بها سنة احدى عشرة وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين قال: حدثنا الفرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان من الشعر حكمة «2» .
الحسن بن أحمد بن ابراهيم البحري:
الفقيه، أبو محمد الحلبي، وقيل فيه الحسين والصحيح الحسن. سمع بحلب محمد بن معاذ بن المستهل الحلبي المعروف بدرّان، وحدث بها عنه، وعن أبي محمد حفص بن أحمد، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأسدي الحلبي المعروف بالأسير، روى عنه أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأديب، والوليد بن أحمد بن محمد الزوزني، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن روح. (137- ظ) .
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال:(5/2251)
كتب إليّ أبو محمد الحسن بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد الوادعي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الوليد بن أحمد الزوزني قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم البحري، بحلب، قال:
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، المعروف بالأسير، قال: حدثني جدي عبد الرحمن بن عبيد الله قال: حدثني عبيد الله بن عمرو قال: حدثنا عبد الكريم عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمارا، ولم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، فلما جاء الى الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك يا عمار؟ قال: بشر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: فكيف وجدت قلبك؟ قال مطمئن بالايمان، قال: فان عاودوا فعد. «1» .
وأخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد في كتابه الينا من الاسكندرية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الصوري قال: أخبرني أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن قابوس بن خلف الأديب قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن ابراهيم البحري الفقيه الحلبي، قال حدثنا محمد بن معاذ بن المستهل بن أبي جامع دزّان قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله (138- و) قال: قال عبد الله: اني لأحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها.
الحسن بن احمد بن ابراهيم:
أبو علي الحلبي، حدث عن عبد الصمد بن ... «2» بحلب، روى عنه شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد الهكاري، فقال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم الحلبي بحلب قال حدثنا عبد الصمد بن «3» ... وذكر حديثا في فضائل الاعمال.(5/2252)
الحسن بن أحمد بن بكير:
سمع بحلب أبا بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني، في كتابه، قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي المؤذن- قراءة عليه بمرو- قال:
أخبرنا أبو عبد الله اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن بكير قال:
حدثني محمد بن الحسين المعدل بحلب، قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حصين بن مخارق عن مالك بن مغول عن عبد الله بن عمير عن أنس ابن مالك قال: قيل: يا رسول الله لو سعرت لنا؟ قال: إن الله هو المسعر والقابض والباسط، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة «1» .
الحسن بن أحمد بن حبيب:
أبو علي الكرماني، نزيل طرسوس، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا الربيع الزهراني وأبا كريب محمد بن العلاء الهمداني (138- ظ) ومحمد بن نمير وأبا كامل الجحدري ومحمد بن عبيد بن حساب وهدبة بن خالد وأبا سعيد الأشج ومحمد بن خالد العبدي، ومحمد بن عمرو بن مسعدة البيروتي ومسدد بن مسرهد وشيبان بن.... «2» والمقدمي.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو عبد الرحمن النسائي، وقال: لا بأس به ويحيى بن طالب اللكاف، وأحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الجلي الطرسوسي، وأبو الفضل العباس بن أحمد بن الأزهر الخواتيمي، قاضي طرسوس.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي- قراءة علينا من لفظه- قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد(5/2253)
الله الجوزدانية، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني بطرسوس قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري في قوله عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا «1» ) نزلت في خمسة: في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.
لم يروه عن سفيان إلا عمار بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو ربيع «2» .
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني (139- و) - في كتابه إلينا من مرو- قال: أخبرنا والدي الامام أبو سعد السمعاني- إجازة إن لم يكن سماعا- قال في كتاب الأنساب: الكرواني بفتح الكاف والواو بينهما الراء الساكنة ثم الألف والنون، هذه النسبة الى كروان، وظني أنها قرية من قرى طرسوس، والمشهور بهذه النسبة الحسن بن أحمد بن حبيب الكرواني حدث بطرسوس عن أبي الربيع سليمان بن داود الزهراني روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني «3» .
كذا قال أبو سعد في كتاب الانساب، وضبطه هكذا، وهذا وهم فاحش، وإنما هو الكرماني من أهل كرمان ونزل طرسوس فوقع التصحيف والغلط في كتاب أبي سعد فظن أنه الكرواني، وظن أن كروان قرية من قرى طرسوس لمقام أبي علي بها وتحديثه فيها، والله أعلم «4» .
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا عبد الرزاق(5/2254)
ابن أحمد الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان قال: وفي هذه السنة مات الكرماني بطرسوس، يعني، سنة إحدى وتسعين ومائتين.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي- كتابة- قال: أخبرنا منوجهر ابن محمد بن تركانشاه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية (139- ظ) الخزاز قال: قرئ على أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي قال: سياق حال مقبوضي سنة إحدى وتسعين ومائتين قال: وجاءنا الخبر من طرسوس بموت أبي علي الكرماني في رجب، سمع الناس منه مسند مسدد، وغير ذلك، ثقة صالح، مذكور بالخير.
الحسن بن أحمد بن الحسن:
وقيل ابن الحسين أبو علي الوراق الخواص المصيصي، سمع بطرسوس أبا عبد الله محمد بن عمر الغلفي، وروى عنه سليمان بن محمد الخزاعي روى عنه تمام ابن محمد الرازي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد- إذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني- ونقلته من خطه- قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى، قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الخواص المصيصي- في مسجد باب الجابية- قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر الغلفي بجامع طرسوس- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي الرقي- بالرملة- قال: دخلت في بلاد الهند الى بعض قراها فرأيت شجر ورد أسود، يتفتح عن وردة كبيرة طيبة الرائحة، سوداء عليها مكتوب كما يدور بخط أبيض لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق عمر الفاروق، فشككت في ذلك وقلت إنه عمل معمول فعمدت (140- و) الى جنبذة «1» لم تفتح، ففتحتها، فكان فيها وردة سوداء، فيها مكتوب بخط أبيض كما رأيت في سائر الورد، وفي البلد منه شيء كثير عظيم، وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة لا يعرفون الله عز وجل «2» .(5/2255)
الحسن بن أحمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن الحسين التميمي:
أبو طاهر بن أبي العباس بن أبي طاهر بن واصل، أصله من معرة النعمان وانتقل سلفه منها عندما هجم الفرنج المعرة «1» الى دمشق وامه من بني أبي الوقار، ويعرف بابن أبي الوقار لذلك، مولده بدمشق وسألته عنه فقال لي تخمينا في سنة سبع وسبعين، أو ثمان وسبعين وخمسمائة.
شيخ حسن صالح مستور، عليه سيماء الخير، سمع بدمشق أبا سعد عبد الواحد بن علي بن حموية الجويني، وأبا طاهر الخشوعي، والعماد أبا عبد الله محمد ابن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب، وأبا تراب الكرخي البغدادي، وذكر أنه سمع أبا المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ.
وحدث بدمشق والقاهرة، وذكر لي أنه دخل حلب مرتين، وأنه دخل بلاد المغرب وأقام بتونس مدة خمسة عشر «2» سنة سمعت منه شيئا يسيرا بدمشق.
أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن الحسن التميمي- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه الجويني- شيخ الشيوخ، قراءة عليه بدمشق وأنا اسمع- قال: أخبرنا أبو بكر (140- ظ) وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي قال: أخبرنا القاضي الإمام أبو نصر محمد بن علي بن عبيد الله بن أحمد بن ودعان قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي البغدادي قال: حدثنا الحسين بن عصمة الأهوازي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بشار الأنباري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن اسماعيل المنقري قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، فقال: أيها الناس كأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر عما قريب إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن(5/2256)
أنفق مالا اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنه، طوبى لمن ذل في نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة ولم تستهوه البدعة «1» .
الحسن بن أحمد بن صالح بن اسماعيل بن عمر بن حماد بن حمزة السبيعي:
أبو محمد الكوفي، ثم الحلبي الحافظ، رحل وسمع الكثير، وأصله من الكوفة وانتقل أهله الى حلب، وأقاموا بها، ومنهم جماعة من أهل الحديث (141- و) مثل أبي بكر محمد بن الحسين بن صالح، وأبيه الحسين، والى بعضهم ينسب درب السبيعي بحلب.
وأبو محمد هذا كان حافظا متقنا، حدث عن أبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق وعلي بن أحمد الجرجاني، وعبد الله بن اسحاق بن أبي مسلم الصفري، ومحمد بن الفضل بن العباس نزيل حلب، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي بكر أحمد ابن هرون البرديجي، ومحمد بن حبان البصري، وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن محمد بن ناجيه أبي عبد الله، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وعمر بن أيوب السقطي، وعبد الله بن ثابت بن يعقوب، ومحمد بن محمد بن نصر الكاغدي، ويموت بن المزرع العبدي، وأبي معشر الدارمي، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، وأبي الحسن علي بن اسماعيل الشعيري وجعفر بن محمد بن موسى الحافظ، وأبي بكر الباغندي، وجماعة سواهم من الحلبيين وغيرهم.
روى عنه: الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبو عبد الله محمد ابن عبد الله وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظان الأصبهانيان، وأبو بكر البرقاني، وعبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الحميد القطان، وأبو طالب محمد بن الحسين ابن أحمد بن عبد الله بن بكير التاجر.
وكان مولده قبل الثلاثمائة.(5/2257)
أخبرنا الشيخ الامام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الأنصاري قال: أخبرنا أبو سعد المهراني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: حدثنا أبو الحسن الدارقطني، ح.
قال (141- ظ) شيخنا عبد الرحمن: وأخبرنا السيد حمزة بن هبة الله الحسني، كتابة، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري، قال: حدثنا أبو الحسن، ح.
قال عبد الرحمن: وأنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي الحسين بن المهتدي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد بن أبي الفتح القطان الأصبهاني بها، قال: حدثنا أبو الفتح اسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيذ السراج- قراءة عليه وأنا اسمع- قال:
أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني الحافظ قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح الحلبي قال: حدثنا سعيد بن عثمان الوراق: قال: حدثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك قال: حدثنا بقية عن اسماعيل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لازكاة في مال امرئ حتى يحول عليه الحول «1» .
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر، في كتابيهما، قالا:
أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الحافظ، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري، بحلب قال: حدثنا عبد الله بن هاشم بن حبان الطوسي، بانتخاب صالح جزرة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان (142- و) عن مالك قال: حدثني الزهري عن عطاء بن(5/2258)
يسار أن معاوية باع سقاية «1» من فضة بأقل أو أكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا وزنا بوزن. قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ ذاكرني علي بن عمر الحافظ بهذا الحديث، فتحيرت فيه وقلت:
يا سبحان الله الرواة كلهم ثقات، والسبيعي إمام فسألت أبا الحسن أن يحتال لي حتى اسمعه، فسأل أبا محمد ولم يجبه، فسمعته من أبي الحسن الى أن قرب خروجنا، فقصدناه معا فأجابني إليه، وحدثني به لفظا، ثم بعد ذلك كله وجدت الحديث في الموطأ مرسلا «2» .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال لنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي: رأيت أبا الحسن الدارقطني جالسا بين يدي أبي محمد بن السبيعي كجلوس الصبي بين يدي المعلم هيبة له «3» .
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني- في كتابه إلي من مرو- والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار- في كتابه إلي من نيسابور- قال أبو المظفر: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وقال القاسم أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي الأديب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ الحاكم قال: سألت (142- ظ) أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ بالكوفة عن حديث اسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: لهذا الحديث قصة تدل على عوار من لا يصدق في المذاكرة. قرأ علينا عبد الله بن محمد بن ناجية مسند فاطمة بنت قيس سنة ثلاثمائة، فدخلت على أبي بكر الباغندي، عند منصرفي من مجلس ابن ناجية، فسألني من أين جئته، فقلت: من مجلس ابن ناجية، وقال: أيش قرأ عليكم اليوم؟ فقلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: مرّ لكم عن اسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الشعبي،(5/2259)
فنظرت في الجزء، فلم اجد شيئا، فقال: اكتب: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت:
عن من؟ فمنعته من التدليس، وطالبته بالسماع، فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ قال: حدثني محمد بن المعلى الأثرم قال: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال:
حدثنا محمد بن بشر العبدي عن مالك بن مغول عن اسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم «قصة الطلاق والسكنى والنفقة» ثم انصرفت الى حلب، وكان عندنا بحلب بغدادي يحفظ يعرف بابن سهل، فذكرت له هذا الحديث، فخرج الى الكوفة فذاكر أبا العباس بن سعيد، فقال أبو العباس:
ليس عند اسماعيل بن رجاء عن الشعبي قال ثم وجد أبو العباس اسماعيل بن رجاء عن الشعبي، فقال: قد وجدت عن اسماعيل بن رجاء عن الشعبي حرفين، قال السبيعي: قد كتب ابن عقدة هذا الحديث عن ابن سهل عني عن الباغندي، قال السبيعي: فاجتمعت مع فلان وسمى شيخا من أكابر حفاظ (143- و) الحديث سنة ست عشرة وثلاثمائة فذاكرته به في جملة أبواب ذكرناها، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بالرملة، فذاكرته به، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد ذلك بدمشق فاستعادنى اسناده تعجبا، ولم يعرفه، ثم اجتمعنا ببغداد بعد ذلك بسنين، وذكر هذا الباب، فقال لي حدثنا أبو القاسم علي بن اسماعيل الصفار قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة- ولم يعلم أن هذا الأثرم غير ذاك- قال: السبيعي فذكرت قصتي هذه لفلان المقيد وأتى عليه سنون فحدث بالحديث عن الباغندي، وحكى أنه دخل الكوفة، وأن أبا العباس بن سعيد سأله عنه فذكر القصة كما وقع لي، أضافها الى نفسه، ثم قال السبيعي: المذاكرة تكشف عن مثل هذا، فقال لي السبيعي: تذكر هذا الباب؟ فقلت: عن قرة بن خالد عن سيار عن الشعبي، فقال: حدثنا عن يحيى ابن حكيم عن خالد بن الحارث عن قرة. ثم قال: تحفظ عن سعد الكاتب عن الشعبي؟
قلت: لا، فقال: حدثنا عن نصر بن علي عن عبد الله بن داود الخريبي قال: حدثنا سعد الكاتب عن الشعبي، قلت: ابن ناجية حدثكم؟ قال: لا أدري، فقال أبو الحسن الدارقطني: نعم ابن ناجية حدثهم به، والسبيعي ساكت، قلت له: عبد الله ابن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن الشعبي؟ فقال: لا أعرفه، ثم قال لي: تعرفه عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أوحي(5/2260)
إلي محمد صلى الله عليه وسلم في يحيى بن زكريا؟ فقلت: حدثناه الشافعي عن المسمعي عن أبي نعيم، فقال: المسمعي، لا يذكر. حدثنا عن حميد (143- ظ) ابن ربيع الخزاز قال: حدثنا أبو نعيم، قلت: وقد تكلّم في حميد بن الربيع، فقال:
حدثني محمد بن ابراهيم بن جابر الفقيه قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن حميد بن الربيع فقال: دعوا المسكين وعن ماذا يسأل عن أمره؟
ثم قال لي السبيعي: تحفظ عن خالد الحذاء عن رجل عن الشعبي فقط؟ قلت: لا.
قال: حدّثنا عن محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبد الاعلى عن أبي خالد فقال له أبو الحسن ما كتبته في الدنيا إلا عنك عن ابن ناجية. قال الحاكم: أبو عبد الله هذا مجلس كبير مكتوب عندي، ولي معه على هذا النحو مجالس.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الغني بن سعيد، ثم أنبأنيه أبو طاهر بن الحنائي، وأخبرنيه أبو التمام كامل بن أحمد بن أبي جميل عنه، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الغني ابن سعيد قال: سمعت أبا الحسن علي بن عمر رحمه الله يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: كنت بمصر في مجلس حمزة بن محمد الكناني، وفي المجلس جماعة من أصحاب الحديث، وجرت المذاكرة، فذكرت لحمزة بن محمد هذا الحديث- يعني حديث عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن زائدة عن أبي حصين عن أبي صالح عن عائشة قال: صلى النبي صلى الله عليه (144- و) وسلم في ثوب بعضه «1» عليّ، فأنكره غاية النكير، ولحقني من ذلك أمر عظيم، وكان في المجلس رجل قد كتب عن أبي العباس بن عقدة جمعه، حديث أبي حصين، فقال: أنا آتيكم بحديث أبي حصين لابن عقدة، فمضى وأتى به، فنظروا فيه فلم يجدوه، واذا هم ينظرونه في حديث أبي صالح عن ابي هريرة، فأخذت الكتاب فأخرجته من ترجمة أبي صالح عن عائشة، قد حدث به ابن عقدة عن علي ابن حسين بن حبان، فسرى عني. قال عبد الغني: وكان هذا الحديث عند حمزة عن أبي يعلى عن أبي خثيمة عن عبد الصمد عن زائدة نفسه ليس فيه شعبة، قلت(5/2261)
أنا: وابن حبان رواه عن أحمد بن ابراهيم الدورقي عن عبد الصمد عن شعبة عن زائدة «1» .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني- ونقلته أنا من أصل سماع شيخنا منه- قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسن الخلال الأديب في داره بقراءتي عليه- قال: سمعت أبا علي الحسن بن أحمد بن الحسن الدقاق يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله الحافظ، بواسط، يقول: سمعت أبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبا الحسن علي ابن بقاء بن محمد الوراق قالا: سمعنا الشيخ أبا محمد عبد الغني بن سعيد بن علي ابن سعيد بن بشير يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا حلب الوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات «2» ، فتلقاه أهل البلد، وكنت منهم، فقيل له: اني من أصحاب الحديث، فقال لي: تعرف اسنادا اجتمع فيه أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحد منهم يروي عن صاحبه؟
فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في العمالة، فقال لي: صدقت وعرف لي ذلك، وصارت لي به منزلة عنده.
وقد روي أن هذه الواقعة حكاها أبو محمد السبيعي أنها جرت له مع الوزير جعفر بن الفضل أنبأنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور ابن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثت عن أبي الحسن الدارقطنى(5/2262)
قال: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا الوزير جعفر بن الفضل أبو الفضل «1» الى حلب فتلقاه الناس، فكنت فيمن تلقاه فعرف أني من أصحاب الحديث، فقال: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة كل واحد منهم عن صاحبه؟ فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب في العمالة قال: فعرف لي ذلك وصار لي به عنده منزلة «2» (145- و) .(5/2263)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي:
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن صالح، أبو محمد السبيعي، سمع محمد بن حبان المصري، وعبد الله بن ناجية، وأحمد بن هرون البرديجي ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، ويموت ابن المزرع العبدي، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسم بن زكريا المطرز، وأبا معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وجماعة من الغرباء بحلب.
روى عنه الدارقطني، وحدثنا عنه أبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير وغيرهم. وكان ثقة حافظا مكثرا، وكان عسرا في الرواية، ولما كان بآخره عزم على التحديث والاملاء في مجلس عام، فتهيأ لذلك ولم يبق الا- يعني- يوم المجلس، فمات «1» .
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن أحمد بن صالح أبو محمد السبيعي الكوفي الحافظ، حدث عن محمد بن حبان البصري، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبي بكر البرديجي، وأبي جعفر الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء ويموت بن المزرع، وعمر ابن أيوب السقطي، وقاسم المطرز، وأبي معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وأبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق (146- و) وجعفر بن محمد النيسابوري ومحمد بن الفضل العباس نزيل حلب وعلي بن عبد الحميد الغضائري وعبد الله بن ثابت بن يعقوب.(5/2264)
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو عبد الله الحافظ، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير- وقدم دمشق وذاكر بها «1» .
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: قال محمد بن أبي الفوارس: توفي أبو محمد السبيعي يوم الاثنين السابع عشر من ذي الحجة سنة احدى وسبعين وثلاثمائة وكان ثقة قد كتب كتابا كثيرا، وكان يحفظ حفظا حسنا، ويذاكر، وكان عسرا في الحديث، وكان له أخلاق غير مرضية «2» .
الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان بن أبان الفسوي:
أبو علي الفارسي النحوي اللغوي، أخذ عن أبي اسحاق الزجاج، وأبي بكر ابن دريد، وأبي الحسن علي بن سليمان الاخفش، وروى عن علي بن الحسين بن معدان، وأبي بكر بن مجاهد.
قرأ عليه عضد الدولة فنا خسرو «3» بن بويه الأدب وحظي عنده. وروى عنه وكانت مكانته عنده جليلة، وصنف له الايضاح العضدي والتكملة، وقرأ عليه علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي، وأبو الفتح عثمان بن جني، وأبو طالب أحمد بن بكر العبدي، وروى عنه القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن (146- ظ) المالكي وأبو محمد الجوهري وأبو القاسم الازهري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وأحمد بن فارس الأديب المنبجي، وأبو الحسن الزعفراني.
قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وأقام بها عنده مدة، واجتمع بأبي عبد الله الحسين بن خالويه، وأبي سعيد السيرافي بحضرته، وجرت بينهما وبينه بحوث ومناظرات ومسائل، وكان يسمى ابن خالويه الجاهل، وذكر ذلك في غير موضع من كتاب التذكرة.(5/2265)
وأملى بحلب المسائل الحلبية «1» ، وهي المسائل التي وقعت له بحلب، وتكلم عليها، وكان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فانني وفقت على سماع أحمد ابن فارس الأديب منه في جمادي الاولى من هذه السنة بحلب، وقيل: انه ورد حلب رسولا الى سيف الدولة، وكان حسن الكلام ماهرا في علم العربية حسن الغوص على المعاني الدقيقة، وله من الكتب المؤلفة كتاب رد فيه على أبي اسحاق الزجاج في كتاب معاني القرآن، مسائل لقبه «كتاب الاغفال» «2» وله كتاب «الحجة» «3» تكلم فيه على مذاهب القراء السبعة الذين ثبتت قراءتهم في كتاب أبي بكر بن مجاهد، ووجوهها في العربية، واحتج لكل واحد منهم، وله «كتاب الايضاح «4» والتكملة» الملقب بالعضدي عمله للملك عضد الدولة فنا خسرو، وكتاب يعرف «بالعوامل» «5» وكتاب المقصور والممدود «6» «وكتاب التذكرة» «7» وهو كتاب عزيز كبير الفائدة:
تكلم فيه (147- و) على معاني آيات من القرآن، وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاني أبيات من أشعار العرب، ومسائل من النحو والتصريف، أبدع فيه وهو كثير الفائدة، «وكتاب الايضاح «8» الشعري» ، وله كتاب «المسائل الحلبية» التي ذكرناها «والمسائل «9» القصريات» «والمسائل البغداديات «10» »(5/2266)
«والمسائل البصريات» «1» «والمسائل العسكرية» «2» «والمسائل الشيرازية» «3» وكتاب «نقض الهاذور» «4» . وذكر أبو حيان التوحيدي أنه كان يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم.
أخبرنا أبو الفضل المرجى بن أبي الحسن بن هبه الله الواسطي التاجر قال:
أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن محمد بن الكناني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي- قراءة عليه وأنا أسمع- قال: حدثنا علي بن الحسين بن معدان قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن أسعد بن هشام بن عامر كان جارا له، فأخبره أنه طلق امرأته، ثم ارتحل الى المدينة ليبيع عقارا له ومالا فيجعله في الكراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقيه رهط من قومه فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا من «5» قومه أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «أليس لكم فيّ أسوة،» «6» فراجع امرأته. فلما أن قدم علينا أخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله (147- ظ) صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أدلك ألا أنبئك بأعلم أهل الارض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة، فذهبت اليها ومررت بحكيم بن أفلح فاستلحقته اليها، فقال: ما أنا بقاربها اني نهيتها أن تقول بين الشيعتين شيئا، فأبت إلّا مضيا، فأقسمت عليه، فقام معي فأتيناها فسلمنا عليها، ودخلنا، فعرفت حكيما، فقالت من هذا معك؟ قال: سعد بن هشام، فقالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فقالت: نعم المرء كان عامرا قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه(5/2267)
وسلم، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فان خلقه كان القرآن، فهممت أن أقوم فبدالي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: أما تقرأ هذه السورة «المزمل» ؟ قلت: نعم، قالت: فان الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا بعد اذ كانت فريضة، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره «1» ، فيبعثه الله عز وجل لما شاء ان يبعثه من الليل، فيتسوك وهو يتوضأ، ثم يصلي تسع (148- و) ركعات لا يقعد فيهن إلّا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ويصلي التاسعة فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم فتلك احدى عشر ركعة، أي بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين، وهو جالس بعد ما يسلم فتلك تسع أي بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان اذا غلبه عن قيام الليل شيء: نوم أو وجع صلى من النهار اثني عشر ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير شهر رمضان، قال: فرجعت من عندها فأتيت علي ابن عباس فأنبأته بحديثها، فقال صدقت، أما اني لو كنت أدخل عليها لشافهتها به مشافهة، فقال حكيم بن أفلح: أما اني لو كنت أعلم أنك لا تدخل عليها ما أنبأتك بحديثها. «2» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: قال لي التنوخي: ولد أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي بفسا «3» ، وقدم بغداد فاستوطنها(5/2268)
وسمعنا منه في رجب من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته: هو فوق المبرد، وأعلم منه، وصنف كتبا عجيبة حسنة (148- ظ) لم يسبق الى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق، وبرع له غلمان حذاق مثل:
عثمان بن جني، وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما، وخدم الملوك، ونفق عليهم، وتقدم عند عضد الدولة، فسمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي الفسوي في النحو، وغلام أبي الحسين الرازي الصوفي في النجوم.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: سمعت القاضي أبا منصور العمراني بآمد يقول: سمعت أبا الحسن علي بن فضال النحوي يقول: كان عضد الدولة يقرأ الأدب على أبي علي الفارسي ويبالغ في اكرامه، ويحضره معه المائدة، فلما كبر وأضر كان يحضره أيضا على العادة المستمرة، وكان من رسمه أنه اذا فرغ من الأكل يلتفت والفراش قائم فيقلب الماء على يده، فاتفق يوما أن كان الفراش مشغولا، فلما التفت الشيخ ليغسل يده اختلسه عضد الدولة، وجاء مجيء الفراش فأخذ الابريق وقلب على يده الماء، فجاء الفراش، فأومأ اليه أن أمسك الى أن فرغ، وأعطاه المنديل فمسح يده، ورجع الى مكانه فقال الفراش: يا سيدنا تعلم من قلب على يدك الماء؟ فقال: أنت فقال: انما كان مولانا عضد الدولة فقام الشيخ أبو علي قائما وقال: لو لم أجد من حلاوة العلم إلّا هذا لكان فضلا كبيرا، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله أكرمك (149- و) الله الذي أكرمتني لأجله، وجعل يكرره.
قرأت بخط أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي رحمه الله في تعليق له نقله من خط ابن برهان، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي عنه- قال فيما نقله من خط ابن برهان- قال أبو الفتح: بعد أن دعا لأبي علي كان اذا قعد على سريره الذي كان يقعد عليه أوقات درسه لا يرى العالم إلّا دونه، وما كان يفكر في أحد حتى أنه كان اذا جرى حديث عضد الدولة قال صاحب السطح فعل كذا، وصاحب السطح قال كذا، وذلك أن الملك بشيراز كان يقعد في أكثر أوقاته(5/2269)
على سطح له كان فيه مجلسه، فكان أبو علي يجري على ذلك ويقول صاحب السطح ثم قال أبو الفتح: وما كان مع ذلك إلّا بحيث يضع نفسه فانه كان فوق كل من نظر في هذا العلم ولو عاش أبو العباس وأبو بكر «1» وطبقتهما لاخذوا عنه بلا أنفة ولو أدركه الخليل وسيبويه لكانا يقرّان له ويتجملان به، وقرأت عليه بالشام كتاب تصريف المازني، وكنت قليل المعرفة اذ ذاك باللغة، فسألته عن شيء من تفسير اللغة فيه، فنظر الى مغضبا وعبس وجهه، قال أبو الفتح: وكذا: طريقة النحويين.
قال: وذاكرت بكتاب العين «2» يوما شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فان في تصنيفه راحة لطالب الحرف (149- ظ) لانه منساق متوجه وليس فيه التعسف الذي في كتاب الجمهرة، فقال: أرأيت لو أن رجلا صنف لغة بالتركية تصنيفا حسنا، هل كنا نقبلها منه ونستعملها، أو كلاما هذا نحوه قد بعد عهدي به.
وحدثنا قال: حدثني أبو بكر قال: ما رأينا كتاب العين بسر من رأى مع بعض أصحاب حنين، وكان أبو علي يقول: لما هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد ابن الحسن، قال لي: يا أبا علي لا تقرأ هذا الموضع عليّ فأنت أعلم به مني.
محمد بن الحسن هو ابن دريد.
ومما نقله من خط ابن برهان قال ابن جني: وحدثني أبو علي أنه وقع حريق بمدينة السلام، فذهب له جميع علم البصريين، قال وكنت كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتّة إلّا نصف كتاب الطلاق، فسألته عن سلوته وعزائه عن ذلك، فنظر إليّ معجبا، ثم قال: بقيت شهرين لا أكلم أحدا حزنا وهما، وانحدرت الى البصرة لغلبة الفكر عليّ وأقمت مدة ذاهلا متحيرا.
ومما نقله من خط ابن برهان، وذكر ابن برهان أنه نقله من خط أبي الحسن الزعفراني، مما حكاه عن أبي علي، قال أبو علي: من كثرة احتشامي وتقبضي(5/2270)
ما كنت أسمع السماعات الكثيرة، فلا أقول سمعوا لي وإلّا لو كنت ممن لا يحتشم لقد كان من السماع بيد الناس غير قليل، وكان أبو علي اذا عبر عن لفظ ما، فلم- يفهمه القارئة عليه وأعاد (150- و) ذلك المعنى عينه بلفظ غيره ففهمه، يقول: هذا اذا رأى ابنه في قميص أحمر عرفه، واذا رآه في قميص كحلي لم يعرفه، وكان رحمه الله خشن الملمس، حزن المتنفس، يريد من مبتدئي أصحابه أن يفهموا اللفظة من العلم بالكشف من القول، وكان ربما توقف بعضهم عن فهم ما يقوله، فينبو عنه، ويقول له: يا هذا أليس قد مضى في ذلك اليوم لنا شيء يشبه هذا، وو الله ما نعلم الى شيء يومي ولا كم بعد ذلك اليوم من يوم مجلسهما، ولعله أن يكون منذ ذلك اليوم الى وقتهما من الاصول والفروع ما لا يحيط بعلمه إلّا الله خالقهما.
ومما نقله من خط ابن برهان قال أبو الفتح: وكان أبو علي رحمه الله كثيرا ما يروم إبراز الشيء الى لفظه وهو نصب عينه، ونجي فكره وساتر بينه وبين كل مرأي غيره، إلّا أنه مع ذلك معازله متأب عليه غير مسمح ولا منقاد معه، فان لم يكن إلّا آخذ عنه سهل المذهب سرحه، طيع الطبع سجحه «1» قد جاوده الى الأمد، وقاوده الى الخبار «2» والجدد «3» ، وفاتشه الأنقاب، وصحبه في كل أوب وباب، أجبلا «4» فلم ينبطا «5» ، وكان حري أن يحتذا ويختلطا، ثم كيف لنا بعد ساعة من ساعاته، ونفثة من رقياته، وعفا الله عنه فما أقل العوض في هذا السواد منه.
قرأت بخط سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي، ذكر أبو الفتح في النوادر، أن كتب أبي علي الفارسي احترقت بالبصرة في ربيع الاول سنة خمس وثلاثمائة بدار أبي الريان الأهوازي الكاتب، وكان قد اسكنه إياها، ولم يكن بالدار تلك الساعة، فلما علم جاء الى الدار فوقع من غلامه المفتاح وكان الخشب ساجا «6» فلم ينكسر، فصعدوا الى السطوح وكان للدرجة باب مغلق فلم ينفتح وقويت النار فحالت بينه وبين الكتب، وكان في الدار أثاث كثير لصاحبها، فغشي على الشيخ،(5/2271)
وحمل على الظهر الى دار أخرى لأبي الريان، فبقي يوما وليلة لا ينطق، وثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلّا العسير بالكراهية، وبقي واجما سنة لا يقرئ ولا يقرأ، وكان أبو الريان يخدمه ويسليه بكل ما يقدر عليه، وكانت الكتب أربعمائة مجلد، فأعطاه ثلاثمائة دينار مغربية «1» وأربعين حزمة كاغد، وكان يستحثه «2» ويقول له:
الناس يقولون عنك صحفي لأنك عجزت عن العلم بعد مضي الكتب، وكان قد سلم له المجلد الاول من كتاب سيبويه لأنه كان معه، وكان لأبي الريان نسخة بخط السيرافي فوهبها له وعاد الى القراءة.
قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري قال وحدثني الشيخ أبو العلاء (150- ظ) رحمه الله أن أبا علي كان صديقا لجده القاضي أبي الحسن سليمان ابن محمد، وكان صادقه بأنطاكية، ثم ان أبا علي مضى الى العراق وصار له جاه عظيم من الملك فنا خسرو، وأن بعض الناس وقعت له حاجة في العراق احتاج فيها الى كتاب من القاضي أبي الحسن سليمان الى أبي علي الفارسي، فلما وقف على الكتاب قال: اني نسيت الشام وأهله.
قال: وكان أهل بغداد يقولون في زمانه لو عاش سيبويه لاحتاج اليه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان أبو علي الفارسي النحوي سمع علي بن الحسين بن معدان صاحب اسحاق بن راهوية، وكان عنده عنه جزء واحد حدثنا عنه الأزهري، والجوهري، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن المالكي، والقاضي أبو القاسم التنوخي ومن مصنفاته كتاب الايضاح في النحو وكتاب المقصور والممدود وكتاب الحجة في القرآن «3» .
قرأت بخط أبي طاهر السلفي وأنبأنا به أبو القاسم بن الطفيل وابن رواحة وغيرهما قال: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي روى عن أبي اسحاق الزجاج، وأبي بكر السراج، وأبي بكر بن مجاهد المقرئ، وأبي الحسن(5/2272)
الأخفش ونظرائهم، وروى عن علي بن الحسين ابن عم اسحاق بن راهوية فوائد، روى عنه عبد السلام البصري ببغداد وعثمان بن جني بالموصل، وابنه العلاء بن عثمان بصور، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد بمصر وأبو نصر الكسائي بأصبهان وقد روى عنه علي بن عيسى الربعي، وأبو محمد المدائني، وعبد الله بن خسرو وهلال بن ابراهيم الصابئ وأبو محمد الجوهري، ومن تواليفه كتاب الحجة وكتاب الايضاح وغيرهما.
قرأت بخط بهاء الشرق أبي علي الحسن بن جعفر بن المتوكل الهاشمي، وأنبأنا به أبو الحسن بن المقير عنه قال: حدثني أبو الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي قال:
حدثنا أحمد بن عبد الله الخطيب، قال: قيل انه دخل أبو علي الفارسي الى عضد الدولة وقد عزم على التوجه الى الأهواز، فقال: خار الله للملك في عزيمته وبلغه الأمل في طلبته أنشدنا شيخ لنا: (151- و) .
ودعته حين لا تودعه ... نفس ولكنها تسير معه
ثم تولى وفي الفؤاد له ... ضيق محل وفي الدموع معه
فقال له: أحسن الله جزاء الشيخ وأطال بقاءه أنشدنا بعض أشياخنا:
قالوا له قد سار أحبابه ... وبدلوه البعد بالقرب
تالله ما سارت نوى ظاعن ... سار من العين الى القلب
فقال أبو علي: أبت مكارم مولانا أن تخلي خادمها من فائدة.
قلت وذكر أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني في «كتاب روضة الأدباء» أن أبا علي دعا لعضد الدولة وقال: أيأذن مولانا في نقل هذين البيتين؟ فأذن له، فاستملاهما منه وكتبهما عنه.
وذكر أبو عبد الله أيضا أن عضد الدولة عرض عليه أن يكون في صحبته، فقال:
أنا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك في نهضته، وبارك له في عزيمته وجعل الفتح تجاءه والملائكة أنصاره، فقال له عضد الدولة: بارك الله فيك فاني أثق بطاعتك وأتيقن صفاء طويتك.(5/2273)
قرأت في تاريخ سيره إليّ بعض الهاشميين بحلب، جمع أبي غالب همام بن الفضل بن الهذب المعري، قال: وفيها يعني سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي النحوي ببغداد.
وقرأت بخط القاضي أبي المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر النحوي المعري في (151- ظ) كتابه الذي جمعه في أخبار النحويين قال: توفي- يعني- أبا علي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال محمد بن أبي الفوارس: في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الفسوي النحوي، ولم أسمع منه شيئا، وكان متهما بالاعتزال.
وقال الخطيب: حدثني أحمد بن علي بن التوزي قال: توفي أبو علي الفارسي النحوي في يوم الاحد السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «1» .
قرأت في ديوان شعر الشريف الرضي محمد بن الحسين العلوي قال: يرثي أبا علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي، وتوفي ليلة الاحد السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ودفن بالشونيزيه عند قبر أبي بكر الرازي الفقيه، وكان قد نيف على التسعين. «2» .
وقرأت بخط الحافظ السلفي، وذكر أنه نقله من خط علي بن عبد الملك بن الحسين بن عبد الملك الدبيقي: ومات أبو علي الفارسي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: ذكر وفاة بعض الشيوخ الذين أدركتهم، وكتبت عنهم، وسمعت منهم، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وفيها توفي أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي الفارسي النحوي (152- و) .(5/2274)
الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني:
أبو القاسم الأديب، سمع بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، ووفد على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وكان يغشى مجلسه، وكان أديبا فاضلا، شاعرا.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وعبد الرحمن بن عمر الغزال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو القاسم يعني الدهستاني «1» قال: حدثنا محمد ابن عمر بن يحيى المقرئ بالمصيصة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال:
حدثنا حجاج بن محمد قال أخبرنا شعبة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه «2» .
قال الحاكم سمعت أبا القاسم الزاهد يقول: رأيت في المنام منشدا هذا البيت:
أتفرح بالأيام تمضي وتنقضي ... وعمرك فيها لا محالة تذهب
قال: فلما استيقظت أضفت اليه بيتا آخر:
عجبت لمختار الغنى وهو فقره ... وعامر دار وهو في الدار يخرب (152- ظ)
قال الحاكم: وسمعت أبا القاسم يقول: كنا نختلف الى مجالس سيف الدولة بالشام، فكاد أن يقع في نفسي ما ليس من مذهبي فقلت:
الدهر ساومني عمري فقلت له ... لا بعت عمري بالدنيا وما فيها
ثم اشتراه تفاريقا بلا ثمن ... تبت يدا صفقه قد خاب شاريها
ذلت صعاب المعاني لي فأدركها ... فهمي ونفسي أعيتني معانيها
قال وأنشدني لنفسه في المحبرة:(5/2275)
له قلب زنديق ووجه موحد ... وآذان مرجئ وحلقوم مجبر
وقسوة معشوق وذلة عاشق ... وظاهر كافور وباطن عنبر
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرني أبي أبو سعدة- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: في كتاب الانساب: وأبو القاسم الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني الاديب، كان أديبا فاضلا شاعرا بارعا، دخل بلاد الشام، وسمع بها بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وذكره في التاريخ فقال أبو القاسم الاديب الفقيه الزاهد «1» .
وأنبأنا أبو بكر بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي عن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال:
الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني أبو القاسم (153- و) الاديب الفقيه الزاهد، سمع الحديث بالعراقين والحجاز ومصر والشام، وكانت رحلته في التصوف وكان الامير أبو علي بن ناصر الدولة جالسه وتلمذ له، وتخرج به، ورد نيسابور غير مرة فلم يحدث، ثم سألته فحدث بنيسابور سنة احدى واثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفي بقاين «2» في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم:
أبو علي الحلبي، فقيه من فقهاء الشيعة، أديب شاعر متكلم، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي، واشتغل بعلم الأصول والادب وعلم العرب، وصنف للشيعة كتابين أحدهما يعرف «بالتاجي» والآخر يعرف «بمعالم الدين» وله كتاب في الأصول شرح فيه «الملخص» «3» ، ولازم المسجد الجامع بحلب، وقرأ عليه(5/2276)
الحلبيون الفقه والأدب، وكان له شعر جيد فصيح ورسائل حسنة، وكتب في صباه لسبكتكين مملوك أمير الجيوش الدزبري، وكان ولاه مولاه قلعة حلب حين ملكها- أعني سبكتكين- وكان مولد أبي علي الحلبي بمعرة النعمان في حدود الأربعمائة قبلها، وانتقل مع أبيه الى حلب، قرأ عليه الأدب جد أبي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والوزير أبو نصر بن النحاس، وقرأ عليه الفقه والأصول أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي، وإيّاه عنى أبو محمد بقوله في القصيدة، التي كتبها من القسطنطينية يعتب فيها أهله وأصدقاءه:
وأقر السلام على الفقيه وقل له ... وهو العتاد لدفع كل ملمة
حاشاك أن تصف الوداد وأهله ... ويكون حبك كله بالقوة
ما كان ضرك لو بعثت تحية ... وكتبت خمسة أسطر في رقعة
(153- ظ)
أبمثل هذا يخصب البستان ... أو يزداد حسن الدار في السهلية «1»
السهلية محلة من محال حلب، كانت دار أبي علي بها، والبستان هو بستان الميدان خارج باب قنسرين، وكان قد مدح أبو علي بن المعلم سديد الدولة بن الرعباني بقصيدة حسنة أولها:
دعاني فتلك الدار دار بعيدها ... أراجع أشواقي لها وأعيدها
فكان ثواب أبي علي من سديد الدولة أن ينجز توقيعا من صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح صاحب حلب ببستان الميدان هذا المذكور، وأبيات الخفاجي أنشدنا إياها الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم قال:
أنشدني أبي هاشم قال: أنشدني أبي أحمد قال: أنشدني أبو محمد الخفاجي ان لم أكن سمعتها منه.
وقرأت بخط أبي البيان نبأ بن محفوظ الأديب الدمشقي، وذكر أنه نقله من(5/2277)
نسخة نقلت من خط عبد الودود بن عيسى النحوي من شعر أبي محمد الخفاجي، وعليها بخط عبد الودود النحوي عند ذكر أبيات أبي محمد عند قوله: «وأقر السلام على الفقيه» الى آخر الابيات الاربعة. هذا هو الشيخ الفاضل أبو علي المعروف بابن المعلم ولم يكن فقيها فقط، لكن كان ذا فضائل، من جملتها شعر وكتابة وهو ممن يتجمل به الشيعة.
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة في أول جزء يتضمن قصائد وأقطاعا من شعر (154- و) أبي علي بن المعلم: ولد بمعرة النعمان وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم المسجد الجامع، وقرأ علم الاصول ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، فمال اليه الناس، وأحبوه لواضح طريقته، وتنقلت به الحال وكتب لسبكتكين في عنفوان شبابه، ثم انتقل الى اللزوم للجامع.
قرأت بخط أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي علقه للرشيد بن الرشيد، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عنه، قال: ومن شعراء الشام الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد المعلم، ولد بمعرة النعمان، وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم الجامع وقرأ علم الأصول، ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، وتنقلت به الحال ثم لزم الجامع.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في شعر جد جدي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة الذي رواه عنه أبياتا كتبها الى الفقيه أبي علي بن المعلم في غرض له، وأخبرنا بها المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي كتابة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن أبي جرادة، وكتبها الى أبي علي بن المعلم يستنهضه في ولده أبي غانم محمد، وكان يعلمه الادب:
أبا علي هو الدهر الخؤون وما ... يحظى بجدواه إلا الجاهل الغمر
ولست أنكر إن عريّت من نشب ... وقد أطافت بك الآداب والفقر
(154- ظ)(5/2278)
كالطود لا يرتقي يوما أعاليه ... سيل وإن كان محفوفا به الزهر
أغناك فضلك عن مال تجمعه ... لقد تنوّق في تعويضك القدر
من كل قافية فالنجم سائرة ... ما عاق إدلاجها أين «1» ولا ضجر
نتاج فكر حلا مما يقسمه ... كأن ألفاظها من حسنها درر
تطوّف الأرض من سهل الى جبل ... حتى لقد مل من تطوافها السفر
أو خطبة لضروب العلم جامعة ... وللفصاحة في تأليفها أثر
جعلتها حجة للدين قاهرة ... لمعشر أظهروا ضد الذي ستروا
غلو النفاق ولولا الخوف كان لهم ... الى التظاهر إسراع ومبتدر
تحيى القلوب بذكر بها إذا تليت ... كالأرض أحيت بها العرّاصة «2» الهمر
أغنى كلامك عن عبد الحميد «3» كما ... أغنى عن النجم يستضوي به القمر
تقوم كتبك في إصلاح منحرف ... ما لا تقوم به الخطية السمر
كم موقف لك في القرآن قد شهدت ... به المحاريب والآيات والسور
ومن يد لك لم تقصد به عوضا ... ولا تخللها منّ ولا كدر
أسديتها طلبا للأجر في نفر ... فبعضهم شكروا وبعضهم كفروا
حقا فما أنت إلا روضة أنف ... وما لسانك إلا الصارم الذكر
ومن يجاريك يكبو دون مطلبه ... أنّى يساوى الحضيض الأنجم الزهر
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي المظفر أسامة (155- و) ابن مرشد بن علي بن منقذ في ما اختاره من شعر أبي علي بن المعلم وكتبه للرشيد بن الزبير، ووقع إلي أيضا في جزء من شعر أبي علي بن المعلم بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة:
خذ من زمانك واغتنم إمكانه ... ودع التعلل والأماني جانبا
واصبر لأحكام الزمان فانها ... نوب تجيء نوائبا ومواهبا(5/2279)
ماذا أفدت بما جمعت وما الذي ... أغناك صنعك أن بكيت الذاهبا
فتعمد الحسنى ومال على التقى ... وسم النجاة وكن مجدّا طالبا
ما مر مرّ وما تبقى فرصة ... وهي الليالي تستجد مذاهبا
قد أنذرتك الحادثات وبصّرت ... وأرتك فيك من الزمان عجائبا
حالا تحول وعيشة مربوبة ... ونوى تشط وشعر فود شائبا
فعلام تختال الليالي ضلّة ... وتعد أحكام الوجود نوائبا؟
فتغنم الأيام غير مراجع أسفا ... ولا مبق لديك مآربا
قالا: وكان له صديقان توفيا في يوم واحد فقال فيهما:
تقاسما العيش رغدا والردى رنقا «1» ... وما علمت المنايا قبل تقتسم
وحافظا الودّ حتى في حمامهما ... وقلّ ما في المنايا تحفظ الذمم
نقلت من خط الرئيس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي «2» لأبي علي بن المعلم:
ومن عجب أني عليك محسّد ... وأني على دعوى هواك ملام
(155- ظ)
ولم تسلني الأيام عنك بمرّها ... ولا كفّ من وجد عليك ملام
غرام على عهد الصبي والى النهى ... وشوق على شيب العذار غلام
حلوم توقاها الهوى وبقية من ... الصبر عفاها جوى وغرام
ويستام رشدي فيك لو كنت واجدا ... سبيلا الى ما في هواك أسام
وقرأت بخط حمدان بن عبد الرحيم في تعليق له لأبي علي الحسن بن أحمد بن المعلم الحلبي:
استأثر الحسنى بعزم صادق ... وإذا قدرت فعلت فعل الجاهل
لا العلم رادعي الغداة ولا التقى ... أبدا قرين الإثم حلف الباطل
أتبصر الأمر الجلي وأنثني عنه ... بصورة جاهل أو غافل(5/2280)
وألوم إن بخل الصحاب وإنني ... من بينهم نفس الضنين الباخل
يا للرجال وللطباع تحكمت ... فتملكت قود اللبيب العاقل
فدع التعلل واقتبلها عزمة ... فالسيف يقطع عند قصد الحامل
وتعمّد الصنع الجميع مواصلا ... عمل العليم به وعلم العامل
لا عذر إن أنصفت نفسك جاهدا ... وطلبت واضحة الطريق السابل
وقرأت بخطه لأبي علي أيضا:
أما غرامي فهو حيث ترينه من ... سقم جسمي واختلاف عوائدي
أصبو لعارضة النسيم وأنثني ... ظمآن أشرق بالزلال البارد
وعجبت من ليلي وزعمي طوله ... عجب الخلي من المعنّى الواجد
(156- و)
ما طال ليلي فيك لكن خالفت ... حال المسهّد فيه حال الراقد
وقع إليّ بخط بعض الحلبيين كراسة من شعر أبي علي بن المعلم، فاخترت منها قوله، وكتب به الى الشيخ أبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي يعاتبه:
يا صاحبي وما عرفت مصاحبا ... إلا قضية دهره تتقلب
أما نظرت نظرت صوب غمامة ... وإذا انتجعت حيا فبرق خلّب
كالروضة الغناء عاقرها الندى ... وإذا ظللت به فقفر سبسب
لا للجميل ولا لدفع ملمة ... يوما ولا لسماع شكوى تقرب
لا تذكرن لي الصديق فإنه ... قول يقال ومذهب مستغرب
عزت مطالبه فأعوز نيله ... إلا منى من ضلة تتطلب
وإذا جهلت الناس لم أك ... جاهلا نفسي ولا من حالها استعصب
عجماء عن فهم الجميل وإنها ... عجماء تعرب في القبيح وتغرب
ومريضة الآراء طوع ضلالها ... لا ترعوي جهلا ولا تستعتب
واخ على حكم الصفاء اتخذته ... للأمر عرف «1» لليالي يعزب «2»(5/2281)
ضاقت عن الحسنى عوارف طوله ... وثناه طوع هواه قلب قلّب
تبع الليالي شيمة وخليقة ... وعلى مذاهبها يجيء ويذهب
متمرض طوع الحفيظة عاتب ... ما بتّ من هفواته أتعتب
أضحي أسير هواه وهو طليقه ... وأجدّ وهو بوده متطرب
(156- ظ)
وإذا هززت هززت من لا يرعوي ... وإذا عتبت عتبت من لا يعتب
أحنو عليه بعزة مأثورة ... عندي وعاطفة ترق وتعذب
فإذا جفا واصلته وإذا هفا ... أوجدته أني المسيء المذنب
هذي لعمرك يا أخي سجية ... فينا ودين للزمان ومذهب
فاعدل إذا جار الزمان وكن ... على حكم البصيرة عاذرا من تصحب
وسم الصديق مسام نفسك واقتصد ... فالأمر مرّ وأيسر والمنية أقرب
ما أجهل الأقوام جدوا في السرى ... طلبا لمن لا يستبان فيطلب
وأقل توفيق الفتى مع طوله ... لا مورد عذب ولا مستعذب
فإذا عجبت من الزمان وأهله ... فانظر بأمرك فالقضية أعجب
تدعو الى الحسنى وأنت مجانب ... أبدا لها ولأهلها تتجنب
فاعذر أخاك وكن بما هذبته ... ورجوت صالحه به يتهذب
سيان ما أصبحتما تريانه ... شرّقت وهو على هواه مغرب
ومن شعره أيضا:
خليلي هل ماء العذيب كعهده ... برود وهل ظلال الأراك عليل
وكيف أغالي الرمل منذ تقابلت ... تمر عليه شمأل وقبول «1»
فقد طال عهدي بالديار وأهلها ... فعهدي وليلى والسقام طويل
فقا تعلما صوب الغمام فإنني ... أميل مع الأشواق حيث تميل
(157- و)
ولا تنكرا أن الديار تنكرت ... فللشوق فيها والنزاع دليل(5/2282)
رسوم تبقاها البلى لصبابة ... تراجع فيها أو يبل غليل
مواثل قد عرّى الزمان عراصها ... فما يختفي سقم بها ونحول
فيا ساكني أرض الحمى إن جوّه ... رطيب وإن الريح فيه بليل
فما لعيون تجتليه مريضة ... وما لفؤاد بطيبة عليل
وما لدموع العاشقين تجوده ... وأقذاؤها طوع الغرام محول
وما نقلته من الجزء المذكور من شعره:
علاقة تستجد الشوق عارضة ... وصبوة تستزل الحلم والرشدا
ظللت منها على علم وبينة ... أرى الغواية رشدا والضلال هدا
ومن شعره أيضا منه:
أهجرا وقد مالت بكم غربة النوى ... وبات غراب البين للبين يتعب
دعوا للنوى هجرانكم وتجنبوا ... مع القرب منكم أن يكون تجنب
وقال وقد سار معز الدولة ثمال بن صالح الى مصر ثم عاد الى حلب:
مضيت وخلفت المطامع جمة ... تفيض وأنباء الأماني طواميا
وأقبلت إقبال السحاب تبسمت ... بوارقه ثم انثنين بواكيا
فما كان ذاك العيش إلا تعلة ... ولا كانت الأيام إلا لياليا
ولما استبان الرأي فيها إمامها ... ولم ير في كف الحوادث كافيا
أعاد الى الطرف المسهد غمضه ... ورد على مرضى البلاد العواقبا
كان أبو علي بن المعلم حيا في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فإن معز الدولة ثمالا عاد الى حلب من مصر في هذه السنة «1» ، فقد توفي بعد ذلك.
وقع الي رسالة للوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي، كتبها(5/2283)
الى أبي طاهر محمد بن الحسن المعروف بالجدي وذكر فيها أبا علي بن المعلم، وقال بعد ذكره: وعلى ذكره نضر الله وجهه، فعند الله يحتسب ذلك الشيخ الجامع لأشتات الفضائل، وضرائر المحاسن، فلقد كان أثبت شيوخ زمانه فهما، وان لم يفتهم علما وأقواهم تصورا ونفسا وان أوفوا عليه مطالعة ودرسا، وأنىّ لأخوانه الغابرين بعده، الذين لا بد أن يردوا، وان أنظرهم الأجل ورده مثله، ولا مثل له، طيب معاشره، وحسن مذاكرة وحفظا للغيب ومثابرة على ستر العيب:
سقاه ولولا دينه وعفافه ... لقلت شآبيب الشرب المشعشع
الحسن بن احمد بن محمد بن ابراهيم الحلبي:
المعروف والده بالعريف الصناديقي، كان ينزل بسوق الصناديقيين «1» بحلب، وسمع يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي، وصالح بن جعفر ابن عبد الوهاب العباسي القاضي (158- و) الحلبيين وحدث بشيء يسير، سمع منه الشيخ الفقيه مشرق بن عبد الله العابد الحنفي، والحسن بن داود بن بابشاذ، والحسين بن الحسن الطرسوسي وغيرهم، وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة أو بعدها فانه حدث في هذه السنة.
الحسن بن أحمد بن المؤمل أبو محمد الكفرطابي:
ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق، بما أنبأنا به القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن أحمد ابن المؤمل أبو محمد بن الكفرطابي، له ذكر، توفي أبو محمد بن الكفرطابي، فيما بلغني، في الثلث من ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت في رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة. «2» .
حسن بن أحمد بن يوسف الاوقي:
أبو علي الصوفي منسوب الى أوه «3» ، شيخ صالح ورع تقي مجتهد في العبادة(5/2284)
اجتمعت به في البيت المقدس، وشاهدت منه وليا من أولياء الله تعالى، قد أجمع الناس كلهم قاطبة على خيره وصلاحه، صائم النهار قائم الليل، قد أثرت العبادة وقيام الليل في بدنه، نحيل البدن مصفر اللون، ذابل الشفتين، منقطع الى الله مستغن عن الناس، معرض عن الدنيا وزخرفها، دخل الشام ومر بحلب مجتازا في طريقه الى الديار المصرية في سنة سبعين وخمسمائة في دولة الملك الصالح اسماعيل ابن محمود بن زنكي، وأقام بالاسكندرية، وصحب بها الحافظ أبا طاهر السلفي وخدمه، وسمع (158- ظ) منه الكثير، وسمع من غيره من شيوخ الاسكندرية، مثل أبي الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ، وأبي المحاسن المشرف بن مؤيد ابن علي الهمداني وغيرهم، وكان سمع بمكة أبا الفضل يونس بن محمد بندار، ورابط بعد ذلك بعكا مدة، ونزل بالخضراء وهي دويرة بناها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بعسقلان، ووقف بها الاجزاء التي سمعها، وأقام بها الى أن خربت، فانتقل الى البيت المقدس، ولزم المسجد الأقصى، وأقام بدويرة الصوفية التي قبلي المسجد الى جانب المحراب، وانقطع الى الله تعالى الى أن سلم البيت المقدس الى الفرنج في سنة ست وعشرين «1» ، وانتقل منه الناس، فلم يبرح مكانه، ولزم موضعه ذلك وعبادته الى أن أدركه أجله رحمه الله، قرأت عليه الكثير من مسموعاته مدة مقامي بالبيت المقدس، وكان والدي رحمه الله يحضر معي مجلس السماع بالمسجد، وذلك في سنة تسع وستمائة، وكانت تعجبه قراءتي الحديث، أول ما حضرت عنده وطلبت السماع منه: قال لي: هاهنا من يحدث غيري فأعدت الطلب منه، فأخرج إلي جزءا، فلما قرأته مال الي وأخرج الي جميع ما كان عنده من مسموعاته، وتطفل «2» بذلك وكان يجتمع معي جمع وافر للسماع منه رحمه الله.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني بالاسكندرية قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود الثقفي رئيس أصبهان قال:
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال: أخبرنا عبد الله بن يعقوب(5/2285)
الكرماني قال: حدثنا بحر بن بحر الكرماني قال: حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انكم اليوم على دين، واني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي «1» .
أخبرنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: أخبرنا الشيخان:
أبو الفتح محمد بن عبد الواحد بن علي الوكيل وعمر بن محمد بن علكوية الزاهد قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل- املاء- قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا هرون قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا محمد ابن هلال عن أبيه قال: قال أبو هريرة وهو يحدثنا: كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا، واذا قام قمنا قياما حتى نريه قد دخل بعض بيوت أزواجه، قال: فحدثنا يوما فقمنا حتى قام، فنظر الى أعرابي قد أدركه فجبذه بردائه فحمر رقبته، قال: أبو هريرة: وكان رداؤه خشنا، فالتفت الى الاعرابي فقال له الاعرابي: احمل لي على بعيري هذين فانك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا واستغفر الله ثلاثا حتى تقيدني في جبذتك التي جبذتني، قال: فكل ذلك يقول له الاعرابي: لا والله لا أقيدكها، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه (159- ظ) وسلم الينا، ونحن مثل الخيل سراعا كلنا نبادر الأعرابي أن نأخذه، فقال: عزمت على كل رجل سمع صوتي وقولي أن لا يبرح مقامه حتى آذن له، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فقال: لا تعجل يا أبا حفص، ثم دعا رجلا فقال: احمل له على بعيريه هذين، على بعير شعيرا وعلى بعير تمرا، ثم التفت الينا فقال: انصرفوا على بركة الله عز وجل «2» أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: قرأت علي أبي علي الحسن بن حمزة بن محمد بن علي الحجالي، بالكوفة سنة ثمان وتسعين وأربعمائة عن أبي الحسين محمد بن علي بن خشيش التميمي المقرئ قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي(5/2286)
حكمة التمار قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثنا أحمد بن أبي سليم، عن الحسن البصري أنه قال ذات يوم لجلسائه: يا معشر الشيوخ ما ينتظر بالزرع اذا بلغ؟ قالوا: الحصاد، قال: يا معشر الشباب ان الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ
أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل يونس بن محمد بن بندار السيسي بمكة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الواحد بن الفضل بن محمد الفارمذي رحمه الله قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن علي بن عبد الله الطوسي قال: أخبرنا الشيخان أبو منصور بن طاهر بن العباس، وأبو حفص عمر بن الخضر بن محمد الثمانيني قالا: أخبرنا أبو الحسن المغيرة بن عمرو (160- و) بن الوليد قال: حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد بن ابراهيم الجندي قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال:
بينا أنا أطوف ذات ليلة، اذا أنا بجويرية صغيرة تطوف بالبيت، وهي تقول: يا رب كم من شهوة قد ذهبت لذتها، وبقيت تبعنها، يا رب ما كان لك عقوبة ولا أدب إلّا بالنار؟! قال مالك: فلم يزل ذلك حالي وحالها حتى طلع الفجر، قال مالك: ثم وضعت يدي على رأسي فقلت: ثكلتك أمك يا مالك، جويرية صغيرة غلبتك منذ الليلة!
أنشدنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال:
أخبرنا الفقيه أبو الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ قال: أنشدني الشيخ أبو الحسين عبد الكريم التكلي رحمه الله قال: أنشدني الصقلي بالاسكندرية من شعره لنفسه:
مزرفن «1» الصدغ يسطو لحظة غلبنا ... بالخلق جذلان ان يشكو الهوى ضحكا
لا تعبثن بورد فوق وجنة ... فانما نصبته عينه شركا
توفي أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس، في ليلة الجمعة عاشر صفر سنة ثلاثين وستمائة. أخبرني بذلك أبو عبد الله محمد بن يوسف(5/2287)
البرزالي الاشبيلي، ودفن بمقابر ماملا ظاهر القدس الشريف، وزرت قبره بمقبرة دفن فيها الشيخ ربيع بن محمود المارديني وغيره من الصالحين (160- ظ) حين توجهت الى الديار المصرية رسولا في سنة سبع وثلاثين وستمائة.
الحسن بن أحمد بن أبي الحسين:
أبو علي الكاتب الديباجي المصري، أصله من طرابلس، وولد بالديار المصرية ونشأ بها، واشتغل بالادب والعربية والكتابة، ونظم الشعر، وكان يكتب كتابة حسنة خطا ولفظا، وكتب الانشاء للملك الكامل أبي المعالي محمد بن بكر بن أيوب، وحظي عنده، وعلت منزلته، واعتمد عليه في أمر دولته، وكان سديدا عاقلا ذا رأى وسداد، ونباهة ورئاسة، ورد حلب رسولا الى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، روى عنه ولده أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي شيئا من شعره.
أنشدنا أبو السعادات المبارك بن حمدان المعروف بابن المرحل قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي قال: سمعت والدي ينشد لنفسه، وكان جالسا بين يدي الأسعد بن مماتي يلتمس منه توقيعا براتب له، فقال يخاطبه:
أثل «1» وأثر في الانام مآثرا ... تبقى على الأيام موثر شرحها
وافتح دواتك لي ووقع إننى ... أتوقع النصر القريب بفتحها
قال: ومن شعره أيضا يمدح شرف الدين بن الأشرف بن الجبان من قصيدة أولها: (161- و) .
أما وسحر المقل ... وحسن ذاك الكحل
وورد خديه الذي ... صاغته أيدي الخجل
وما حوى ثغرك من ... ذاك الرحيق السلسل
لأخدعن في هواك ... رقية للعّذّل
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري قال:(5/2288)
في ذكر من مات سنة سبع عشرة وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي ليلة الثامن والعشرين من رجب توفي القاضي الأجل، أبو علي الحسن بن أبي المكارم أحمد بن أبي الحسين، المنعوت بالموفق ابن الديباجي، الكاتب بدمشق، وكان فاضلا متأدبا وكتب الخط الحسن، وكتب في ديوان الانشاء الكاملي مدة، وتوجه رسولا الى الشرق وعاد فأدركه أجله بدمشق، وله شعر، ورأيته، ولم يتفق لي السماع منه وكتبت شيئا من شعره عمن سمعه منه «1» .
كان قد بلغني أن الحسن بن أحمد الديباجي الكاتب توفي بدمشق في شهر رجب سنة سبع عشرة وستمائة أخبرني بذلك أبو السعادات بن المرحل، عن ولده أبي عبد الله محمد قال: وكان الملك الكامل يعتمد عليه في مهمات الامور، فحسده على مكانته الوزير يومئذ، وهو الصفي أبو محمد عبد الله (161- ظ) بن علي بن شكر الدميري ودس اليه من سقاه سما فقتله في التاريخ.
الحسن بن احمد البالسي:
حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وعبيد بن أسباط، وفرج ابن جبير، وروى عنه أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، فان لم يكن أبا طاهر ابن فيل فهو غيره.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال:
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك- اجازة قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله ابن سعيد بن حاتم الوائلي قال: أخبرنا الحسن بن بقاء بن محمد الهمداني قال:
أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار أبو بكر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد البالسي قال: حدثنا محمد بن ابراهيم، وهو أبو أمية، قال: حدثنا محمد بن سابق قال:
حدثنا سعر، عن أبي قيس عبد الرحمن بن مروان، عن عمرو بن ميمون، عن أبي مسعود الانصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه- يعني- حديثا ذكره وهو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن(5/2289)
في ليلة، فكبر ذلك في أنفسهم، فقال: «قل هو الله أحد- الله الصمد» . ثلث القرآن «1» .
الحسن بن أحمد أبو أحمد الامام:
سمع بحلب أبا محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الامام الحلبي، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن هرون الرشيدي. روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح. (162- و) .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي محمد البسطامي قال: حدثنا أبو الفتح عبد السلام بن أحمد بن اسماعيل يعرف ببكيرة، ح.
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب- وأبو عبد الله الحسن بن المبارك الزبيدي، بمكة، قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى ابن شعيب السجزي قالا: أخبرنا أبو عاصم الفضل بن يحيى بن الفضل الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح قال: حدثنا أبو أحمد الامام- يعني- الحسن بن أحمد قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الامام، بحلب، قال: حدثنا سليمان بن سيف قال: حدثنا سعيد بن سلام قال:
حدثنا عمر بن محمد عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله الّا الله، ولا قوة إلّا بالله «2» .
الحسن بن أحمد التنوخي:
أنشد عن وهب بن ناجية المري انشادا بحلب، رواه عنه أبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي.
أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي- في كتابه- قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو محمد(5/2290)
جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم المحسن بن حمزة (162- ظ) ابن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الدبيلي قال: أنشدنا ابن عبدوس قال: أنشدني الحسن بن أحمد التنوخي بحلب قال:
أنشدني وهب بن ناجية المري:
كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... منك يوما لما له أنت راج
ان موسى مضى ليقبس نارا ... من ضياء رآه والليل داج
فأتى أهله وقد كلم الله ... وناجاه وهو خير مناج «1»
وكذا الأمر ربما ضاق بالمرء ... فتتلوه سرعة الانفراج
الحسن بن أحمد المعري:
الشاعر المعروف بالوامق، وقرأت بخطه على ظهر قصيدة من شعره: الوامقي هو شاعر من أهل معرة النعمان حسن الشعر.
رأيت بخط أبي العلاء المحسن بن أبي الندى المعري في خبر ذكر فيه جماعة شعراء المعرة فقال في ذكره: الوامق شاعر خليع متهتك، سهل الألفاظ بالمرة.
أخبرني شهاب الدين أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن سليمان، أبو المعالي قاضي معرة النعمان يأثره عن المعريين، قالوا: كان الناظر والوامق ابن الدويدة أضافوا قاضي حمص، فأنزلهم بحمص بمكان يختص به، وأمر من يأتيهم بما يستدعونه من الضيافة، فأحضر لهم ما طلبوه حتى الشراب، وأحضر لهم فرشا (163- و) ناموا فيها، فبالوا في الفرش، وأصبحوا خجلين من القاضي أن يبلغه ذلك فأنشأ الناظر فقال:
لا تلمنا ولم شرابك واصفح ... يا معري من كل عيب ونقص
فقال الوامق:
أنت أصل الفساد والذنب ... للخياط عند التفصيل لا للمقص
فقال ابن الدويدة:(5/2291)
واذا نحن في الحقائق عدنا ... فهي خمر ونحن في أرض حمص
وأخبرني غير قاضي المعرة من المعريين، أن قاضي حمص حضر عندهم، وهم على تلك الحال ليشاهد أدبهم، فحملهم السكر على أن كلموه بكلام قبيح، فعملوا هذه الأبيات اعتذارا اليه والله أعلم.
وقيل ان قاضي حمص المشار اليه هو ابن مهدي وقد ذكرنا ذلك بإسناد آخر في ترجمة أبي الحسين أحمد بن محمد بن الدويدة.
وقعت إليّ أبيات بخط الوامق من شعره، كتب بها الى أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله المعري، قاضي معرة النعمان، يستشفع به الى عبد العزيز بن علي كاتب الامير ابن جبهان، وقد اطلق له ابن جبهان غلّة، فمطله عبد العزيز الكاتب:
يا حاكما أيامنا مشرقة منذ ولي يا قاضيا ألفاظه تفعل فعل الأسل لي صلة ما وصلت قد ضاق فيها حيلي (163- ظ) جاد ابن جبهان بها أكرم أهل الدول فانظر إليّ نظرة تكشف عني غللي صدق ظنوني كلها فيك وحقق أملي اليك أشكو المطل من عبد العزيز بن علي أريد ما صاحبه بخطه وقع لي اذا اغتدا ممتثلا لأمرك الممتثل فوص للكيال بي وصاة شهم بطل كذا بخطه وينبغي أن يكون: «فوصّ لي الكيال بي» .
في هزه قرطاله والرد حتى يمتلي القرطال: الكيل وقل له ان الوفا في الكيل خير العمل(5/2292)
وسل جرّيا بعده يسمح لي بالجمل فلم يزل محسنا وهكذا لم تزل دعائي أن تبقى وأن تمنح طول الأجل.
الحسن بن أحمد أبو علي السامي:
شاعر أظن أنه من أهل حلب، أو من أهل معرة النعمان، سمع بحلب أبا الحسين أحمد بن علي بن أبي أسامة الحلبي في سنة ست وأربعمائة، وأبا الحسن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي بها أيضا. (164- و) .
الحسن بن أحمد المهلبي العزيزي:
رجل فاضل كان متصلا بالعزيز الفاطمي، المستولي على مصر، ووضع له كتاب المسالك والممالك- العزيزي- وهو كتاب حسن في فنه، يوجد فيه ما لا يوجد في غيره من أخبار البلاد وفتوحها وخواصها، ذكر في كتابه هذا أنه دخل حلب، ولحق بقية من ولد صالح بن علي، يقال لهم بنو القلندر، وأنه شاهد لهم نعما ضخمة ورأى لهم منازل في النهاية السرو «1» .
قلت: وهؤلاء بنو القلندر كانت منازلهم بحلب بالقرب من باب قنسرين، والرحبة من مدينة حلب حرسها الله تعالى.
ذكر من اسم أبيه اسحاق ممن اسمه الحسن:
الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد:
أبو محمد المعدل، دخل الشام وسمع بمنبج أحمد بن يوسف بن اسحاق المنبجي وببيت المقدس الفضل بن مهاجر، وروى عن محمد بن سعيد البرجمي، وعمر بن سهل، روى عنه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ.
أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله اجازة قال: أخبرنا مسعود بن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد(5/2293)
الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد قال: حدثنا الفضل بن مهاجر، ببيت المقدس، قال: حدثنا مسعود بن محمد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن موهب قال (164- ظ) حدثنا أبو حازم الزاهد عن سفيان الثوري، عن ابراهيم الهجري، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل مسلم في كل يوم صدقة، قلنا: ومن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: السلام على المسلم صدقة وعيادتك المريض صدقة، وصلاتك على الجنازة صدقة، واماطتك الأذى على الطريق صدقة، وعونك الضعيف صدقة «1» .
وقال أبو نعيم الحسن بن ابراهيم بن زيد أبو محمد المعدل، توفي غرة ذي الحجة من سنة سبعين وثلاثمائة، حدث عن الشاميين والعراقيين، كثير الحديث صاحب أصول واتقان «2» .
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال:
الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد، أبو محمد الأصبهاني، المعدل، رحال سمع الفضل بن المهاجر ببيت المقدس، ومحمد بن سعيد البرجمي بحمص، وعمر بن سهل، واجتاز بدمشق أو بساحلها، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني «3» . (165- و)(5/2294)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
الحسن بن اسحاق بن بلبل:
أبو سعيد النيسابوري، ثم المعري قاضي معرة النعمان، أصله من نيسابور، وقدم معرة النعمان وتولى بها القضاء، وحدث بها.
سمع بحلب عبد الرحمن بن عبيد الله الأسدي، وبحماة أبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني، وبمصر أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى السوانيطي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا جعفر الطحاوي، وأبا الحسن بسام ابن أحمد المعافري، وببيت المقدس أبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان، وبدمشق أبا محمد عبد الرحمن بن اسحاق بن ابراهيم بن اسماعيل الضامدي، وأبا بكر محمد ابن خريم، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن بن عون الوحيدي، وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد، وبالكوفة أحمد بن علي الخلال، وبالري أبا جعفر أحمد ابن محمد بن سليمان القطان.
وحدث عنهم وعن أبي سليمان محمد بن يحيى بن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبي الخير وقاد بن الحسين بن عقبة الكلابي الرقي، وأبي الحسين مسبح ابن حاتم وأبي ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبي محمد القاسم ابن عباد، وأبي بكر موسى بن اسحاق ابن موسى الأنصاري القاضي، وأبي عبد الله محمد بن أيوب بن الضريس الرازي، وأبي عبد الله محمد بن زكريا الغلابي، والسري بن سهل ومطين.
روت عنه ابنته أم سلمة آمنة بنت الحسن، وأبو الحسن علي بن محمد بن (166- و) الطيوري الحلبي، والقاضي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد(5/2295)
المعري، والد أبي العلاء، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح، ومحمد بن عمر بن سماك بن حبيش، ومحمد بن مسعر بن محمد المعريون، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي، وله كتاب مصنف في الرد على الإمام الشافعي، وبيان ما خالف فيه القرآن، وكان يذهب الى رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي النيسابوري في كتابه إليّ منها، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفضل أحمد ابن علي بن عبد اللطيف المعري- املاء بحلب- قال: حدثنا الشيخ أبو العلاء أحمد ابن عبد الله بن سليمان التنوخي قال: حدثتنا جدتي أم سلمة ابنة الحسن بن اسحاق ابن بلبل القاضي قالت: حدثني أبي أبو سعيد الحسن بن اسحاق- بقراءته علي من لفظه- قال: حدثنا أبو عبد الله السوانيطي محمد بن أحمد بن موسى بمصر قال:
حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القرشي قال: حدثنا روح بن صلاح عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي عليكم زمان لا يكون فيه أعز من ثلاثة: أخ يستأنس به، أو سنة يعمل بها، أو درهم «1» حلال. (166- ظ) .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البيان محمد بن عبد الرزاق ابن أبي حصين التنوخي قال: حدثنا أبي أبو غانم عبد الرزاق بن عبد الله قال:
حدثني أبي أبو حصين عبد الله بن المحسن بن عمرو التنوخي قال: حدثتني جدتي أم سلمة ابنة القاضي الحسن بن اسحاق بن بلبل قالت: حدثني أبي الحسن فذكر الحديث باسناده مثله.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله قال: أخبرنا جدي الحسن بن أحمد قال: أخبرنا(5/2296)
أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسين الأيلي، امام جامع دمشق، قال: حدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي قال: أخبرنا الحسن بن اسحاق بن بلبل قال: حدثنا السري بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن رشيد قال:
حدثنا مجاعة بن الزبير، عن قتادة، عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اشتاق الى الجنة سارع الى الخيرات، ومن أشفق من النار لها عن الشهوات، ومن ترقب الموت هانت عليه اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات «1» .
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي- إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: الحسن بن اسحاق بن بلبل أبو سعيد المعري القاضي، سمع بدمشق: أبا بكر محمد بن خزيم، وأبا محمد عبد الرحمن بن اسحاق ابن ابراهيم بن اسماعيل الضامدي، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن الوحيدي وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد وبغيرها (167- و) أبا سليمان محمد بن يحيى ابن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان ببيت المقدس، وأحمد بن علي الخلال بالكوفة، وأبا الخير وقار بن الحسين بن عقبة الكلابي الرقي، وأبا بكر موسى بن اسحاق بن موسى الأنصاري القاضي، ومطينا، وأبا ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبا الحسين مسبح بن حاتم العكلي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا محمد القاسم بن عباد، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن سليمان القطان بالري، وأبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني بحماة، وأبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى بمصر.
روت عنه ابنته آمنة، وروى عنه أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح المعري، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، ومحمد بن عمر بن سماك ابن حبيش المعري وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وهو أكبر منه، وأبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد المعري.(5/2297)
وقال الحافظ: كان ابن بلبل حيا سنة احدى وخمسين وثلاثمائة «1» .
سيّر الى بعض الشراف الهاشميين بحلب تاريخا جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن المهذب المعري، مما وجده بخط جد أبيه أبي الحسين علي بن المهذب، وأخذه عن أبي العلاء سليمان وغيره من أهل بلده قال: وفيها- يعني- سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة توفي القاضي أبو سعيد الحسن بن اسحاق من بلبل النيسابوري، بمعرة النعمان، وبقي قاضيها أربعين سنة، يعزل ويعود، وبها دفن (167- ظ) .
الحسن بن اسحاق الانطاكي:
وقيل فيه الحسين بن اسحاق، حدث عن الوليد بن مسلم، روى عنه الفضل ابن محمد الأنطاكي الاحدب.
الحسن بن أسد:
أبو نصر الفارقي، الأمير، شاعر مجيد، بليغ من أهل ميافارقين، وكان قد رأس بها وتأمر على جماعة من سوقتها فراسله ناصر الدولة بن مروان فملكه إيّاها فاستوزره، فلما قدمها السلطان تتش اليها سلمها أهلها اليه، فهرب من ميافارقين ووصل الى حلب، ثم عاد منها الى حران فقتل لما وقع منه.
وهو شاعر مجيد فصيح حسن الشعر فاضل أديب، عارف بالعربية، حكى عن الوزير أبي القاسم بن المغربي. روى عنه أبو المعالي الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي المعروف بالأثير وأبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباته، وأبو الحسن علي بن السند الشروطي الفارقيان، وعثمان بن عيسى البلطي النحوي.
قرأت بخط الحسن بن جعفر بن المتوكل على الله، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير- اجازة عنه- قال: حدثني الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي- يعني- المعروف بالأثير، قال: اجتمعت بابن أسد بحلب، فقال لي مرّ بي الوزير المغربي، فوقف علي، وقال: نحن بالأشواق الى لقائك لما ينتهي الينا من تلقائك، فلو زرتنا لأنسنا بك، فقلت له: قد كففت ذيل مطامعي ببيت قلته، فقال:
وما هو؟ فأنشدته: (168- و) .(5/2298)
اذا شئت أن تحيا عزيزا ... فلا تكن على حالة إلّا رضيت بدونها
قال: فصفق المغربي وقال: أيها الشيخ هذا بيت تبر لا بيت شعر.
قلت: ووجدت هذا البيت في بعض الكتب منسوبا الى شاعر قديم.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين- بالقاهرة- عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أنشدني أبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباتة- أحد الخطباء بميافارقين- قال: أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد النحوي الفارقي لنفسه:
أيا ليلة زار فيها الحبيب أعيدي ... لنا منه وصلا وعودي
فإني شهدتك مستمتعا به ... بين رنة ناي وعود
وطيب حديث كزهر الرياض ... تضوع ما بين مسك وعود
سقتك الرواعد من ليلة ... بها اخضر يابس عيشي وعودي
فلما نقضت أمرضتني ... فزوري مريضك يوما وعودي
أخبرنا يوسف بن أبي الثناء الصوفي قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد الإمام- اذنا- قال: أنشدني أبو الحسن علي بن السّند الفارقي الشروطي بميافارقين قال:
أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد الفارقي النحوي لنفسه:
يا من هواه بقلبي مقداره ما يحدّ
طرفي حنا ففؤادي لأي شيء يحدّ (168- ط) .
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحاته الحراني بها قال: قرأت بخط الشيخ حماد الحراني قال أنشدني الحافظ أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن معمر العليمي الدمشقي- ح.
وأنبأنا أبو المعالي عبد الرحمن بن علي بن عثمان المخزومي عن أبي الخطاب العليمي قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الخوارزمي بدمشق للحسن ابن أسد الفارقي:(5/2299)
لو أن قلبك لما قيل قد بانوا ... يوم النوى صخرة صماء صوان
لعيل صبرك مغلوبا ونم بما ... أخفيته مدمع للسر صوان
زجرت أشياء في أشياء تشبهها ... اذ بينهن رضاعات وألبان
فقال لي الطلح «1» يوم طالح ونوى ... وحقق البين عندي ما وأى «2» البان
واستحلبت حلب جفني فانحلبا ... وبشرتني بحر القتل حران
فالجفن من حلب ما انفك من حلب ... والقلب بعدك من حران حران
قال: وذكر لي رحمه الله أن ابن أسد عبر من ميافارقين طالبا حلب، ثم عاد منها، فلما وصل الى حران أخذه المتولي بها يومئذ بحران فصلبه لما بلغه عنه من أشياء نقمها عليه، وكان يقول: عجبنا منه كيف جرى على لسانه في شعره مثل ما جرى له.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي- إجازة- قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في خريدة القصر قال: الحسن بن أسد حسن القول أسده فارس (169- و) النظم أشده، ذو اللفظ البليغ والمعنى البديع، والخاطر السريع، والكلام الصنيع، فلفظه عقد، ومعناه ليس بمعقد، وجوهر صنعته في سلك الفضل غير مبدد، فلله در ذا الصانع ذي الدر الناصع الذي تنصع جلود الحساد منه في المناصع «3» ، اليوم عدو ابن أسد ساء نبأ، ودعم ويلا، وحسوده جر من الخجل ذيلا، وفر من الوجل ليلا، حيث أحييت ذكره بإطرائي إياه، وكدر ملؤه الصافي في منبع الفضل فأجريناه، وفي معين عين هذا الكتاب أنبعناه، وفي سوق الكساد ما بعناه، أقدم أهل العصر زمانا، وأقومهم بهذا الشعر صنعة وبيانا، كان في زمان نظام الملك «4» وملكشاه «5» ، وشمله منهما الجاه بعد أن قبض عليه واسئ إليه، فإنه كان متوليا على آمد وأعمالها(5/2300)
مستبعدا باستيفاء أموالها فخلصة الكامل الطبيب «1» . وقضى أربه ذلك الاريب فنشرع في الاشعار بأشعاره، ونشرح فيها بعض شعاره ولا ندع هذا الهم لا مهملا ولا مملا ونملي من فوائده ما يملأ الملأ مفصّلا، أودع فص الفصاحة خاتم كلمه، ونشر في معالم علمه خافق عمله، وشت عبارته بالطيب وشي العبير، ووشت في الحسن وشي التعبير، ورعت كلأ كلامه الافهام، وهامت في استحسانه الاوهام، وكان ينظم الشعر طبعا ويتكلف الصنعة (169- ظ) فيه ويلتزم ما لا يلزم في رويه وقوافيه وكانت له نفس كل نفس يكرمها معتد، ونفس طويل في النظم ممتد سائر شعره شائع ذكره، يقع في منظومه التجنيس الواقع الرائق الرائع، وكان من فحول الشعراء في زمانه ومن المغبرين في وجوه أقرانه. (170- و) «2» .
قرأت في تاريخ ميافارقين تأليف أحمد يوسف بن علي الازرق قال: لما مات السلطان ملكشاه وولى بركيارق السلطنة «3» بعد موت أبيه وصل موت ملكشاه الى ميافارقين، فاختبط الناس واختلفوا ثم وقع اتفاقهم أن نفّذوا الى السلطان بركيارق يستدعونه، وكتبوا إليه يقولون: إن هذه بلاد أبيك وما نريد غيركم فتصل لتأخذها، أو تسير نائبا عنك، فطال الامر ووعدهم بالحضور، واشتغل بتلك البلاد، وأجمع رأيهم على أن قدموا أبا سالم يحيى بن الحسن بن المحور على أن يحفظ البلد للسلطان، وسلموا إليه مفاتيح ميافارقين وأجلسوه، فلما تعذر وصول السلطان، اختلف الناس وماجوا فقال قوم: نستدعي ناصر الدولة بن مروان، وكان عند موت السلطان في أعمال بغداد فصعد الى الجزيرة وملكها، فعزم بعض الناس على استدعائه وكره بعضهم دولة بني مروان لما رأوه من عدل السلطان، وسار بعضهم الى السلطان تاج الدولة تتش الى نصيبين يستدعونه وقالوا: قد حفظنا البلد لكم وأنت أخو السلطان «4» وكان ابن أسد في المدينة، رأس الجهال والسوقة والرعام يدور في(5/2301)
المدينة ويحفظ السور، فانفذ ناصر الدولة الي ابن أسد ووعده الجميل، وطيب قلبه، فأجابه الى ما أراد فاستدعاه وانفقت ميافارقين (170- ظ) خالية من الكبار وأهل البلد والمقدمين لتوجههم الى تتش، فوصلها ابن مروان في أول سنة ست وثمانين وأربعمائه وسلمها إليه ابن اسد، ودخل ناصر الدولة، وملكها واستوزر ابن أسد، ولقب محي الدولة، ثم سار تتش الى ميافارقين، فراسلهم وخوفهم، فحين رآه الناس صاحوا بأسرهم، وسلم البلد، إليه ودخله من يومه في شهر ربيع الاول سنة ست وثمانين وأربعمائة، واستقر السلطان بميافارقين، وسار عنها الى حران يجمع العساكر ليمضي الى بركيارق يصافه، وكان ابن أسد لما ملك السلطان انهزم واختفى ببعض البلاد ثم قصد السلطان وامتدحه بقصيدة يقول فيها بيتا عجيبا:
استحلبت حلب جفني فانهملت ... وبشرتني بحر الشوق حران
ويقال إنه قال: بحر القتل حران، فكان فألا عليه، فلما لقي السلطان وامتدحه وأعجب الناس بشعره، قال بعض الناس: يا مولانا أتعرف هذا؟ فقال: من هو؟ قال:
هو الذي نفذ احضر ابن مروان الى ميافارقين وسلمها إليه قبل وصولك، وغلب على رأي أهل ميافارقين، فأمر بضرب عنقه فقتل بحران سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
«1» ذكر من أسم أبيه اسماعيل ممن اسمه الحسن:
حسن بن اسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه:
أبو علي، وقيل علي بن محمد، أبو (171- و) الحسن الملقب بالقاضي المؤتمن الكاتب المصري، كان من كتاب الدولة الفاطمية، فلما تولى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب استكتب القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني واستقل القاضي المؤتمن بكتابة العاضد «2» الى أن عزل العاضد وخطب لبني العباس، ثم أن الملك الناصر أضافه الى ابنه الملك الظاهر، واستكتبه له، وسيره معه الى حلب مدبرا لامره، وكاتبا، فخدمه بحلب، وصار له عنده وجاهة زائدة، وحرمة وافرة، وملكه قرية من قرى حلب تعرف بالفهيدية من النهريات القبلية، وكان له(5/2302)
نثر جيد ونظم حسن، وقعت له على كتاب وضعه في الجواري نحافيه وضع الثعالبي أبي منصور في كتاب الغلمان، «1» ذكر فيه مائه جارية، وأورد فيه شيئا من شعره، ووجدته مترجما بتأليف: حسن بن اسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه، والصحيح أن اسمه علي بن محمد، وسنذكره في باب من اسمه علي إن شاء الله تعالى.
قرأت في كتاب الجواري لحسن بن اسماعيل بن كاسيبويه ما أورده من شعره في جارية تتلو القرآن:
وجارية مثل الهلال بها أنسي ... وتربو على البدر المنير مع الشمس
اذا تلت القرآن أحسب أنني ... أرى الحور تشدوني به في ذرى الشمس
مكرمة أمسي وأصبح حبها ... بقلبي فيومي في هواها كما أمسي
وهان لها قتلي كأن لم تكن تلت ... كما النص أن النفس تقتل بالنفس «2»
(171- ظ)
ومما أورد في هذا الكتاب من شعره في جارية تروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
روت الحديث عن النبي ... ظريفة في القلب تأوي
وأتت بما عند الرجال ... من المحاسن والمساوي
أخبار تلد غنا بما تحوى ... وليس لهن حاوي
في تارة بالقول تجرحنا ... وفي الاخرى تداوي
يا ليتها في الوصل والهجران ... أنفسنا تساوي
اجتمعت بالقاهرة برجل اسمه علي، ذكر لي أنه ولد القاضي المؤتمن، فذكر لي أن أباه المؤتمن مات بدمشق في مستهل شهر رمضان من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة قال لي شيخنا أبو اليمن الكندي: مات القاضي المؤتمن في داري هذه، وهي بالقرب من جيرون في زقاق العجم.(5/2303)
الحسن بن اسماعيل:
المجالدي المصيصي حدث «1» ....
روى عنه أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي الزاهد، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وقال: مصيصي ثقة.
الحسن بن الاشعث بن محمد بن علي:
أبو علي المنبجي الشافعي، من أهل منبج، حدث بها عن صالح بن الاصبغ أبي الفضل المنبجي، وأبي عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي القاضي، وأبي علي الحسن عبد الله بن سعيد الحمصي، وأبي اسحاق ابراهيم بن اسحاق، وأبي عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.
روى عنه أبو القاسم (172- و) علي بن محمد بن أبي العلاء، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن ابراهيم الاردستاني، وعبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو معشر الطبري المقرئ، وأبو سعد اسماعيل بن علي الرازي السمان.
أخبرنا القاضي أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها، قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي قال: قرأت على أبي علي الحسن بن الاشعث بن محمد بن علي المنبجي- بها في مسجده يوم النصف من ربيع الاول سنة سبع عشرة وأربعمائة- قلت له: أخبركم أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي ببعلبك في مسجد الجامع، يوم الجمعة- قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز بن مروان الحلبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو خالد الاحمر عن عوف الاعرابي عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال:
قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فانجفل الناس إليه، وكنت فيمن انجفل إليه،(5/2304)
فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب فأول ما سمعته يقول: يا أيها الناس أفشوا السلام، وصلوا الارحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام «1» .
أخبرنا أبو نصر بن هبة الله بن محمد القاضي- اذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن أشعث بن محمد بن علي، أبو علي المنبجي، سمع ببعلبك أبا علي الحسن بن عبد الله بن سعيد (172- ظ) البعلبكي الحمصي، وأبا الفضل صالح بن الاصبغ المنبجي وأبا اسحاق ابراهيم بن اسحاق، وأبا عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.
روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء، وسمع منه بمنبج سنة سبع عشرة وأربعمائة، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي، وعبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن ابراهيم الاردستاني.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: حدثني أبو بكر يحيى بن ابراهيم بن أحمد السلماسي عن أبيه أبي طاهر قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الشهرزوري. قال يحيى: وأجازنيه أبو الحسن الشهرزوري قال: كان بمنبج شيخ يقال له أبو علي بن الاشعث، كان مؤاخيا للشريف الحراني، يعني أبا القاسم الزيدي، وكان الشريف إذا قصد منبج مستميحا، نزل عليه فأكرمه وأصلح أحواله، قال: ثم إن هذا الشيخ نعي إليه أخ من اخوانه فقال: هاه، ومات «2» .
قلت: حدث الحسن بن الاشعث يوم النصف من شهر ربيع الاول سنة سبع عشرة وأربعمائة، كما رويناه في الحديث المتقدم، فقد توفي بعد ذلك.
الحسن بن الياس:
أبو علي سمع أبا أميه محمد بن ابراهيم الطرسوسي بها، روى عنه أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي.(5/2305)
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام (173- و) بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج قال: حدثنا أبو علي الحسن بن الياس قال: حدثنا أبو أميه، قال: حدثنا أحمد ابن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان قال: ما ينبغي أن يكون أحد أشد شوقا الى الجنة من أهل دمشق لما يرون من حسن مسجدهم «1» .
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن الياس أبو علي حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم، روى عنه أبو بكر بن البرامي «2» .
الحسن بن أيوب الهاشمي:
سمع بحلب يحيى بن محمد بن علي بن هاشم الخفاف الحلبي، روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت بخط هبة الله بن عبد الرزاق الحافظ الشيرازي في معجم شيوخه: أخبرنا أبو غالب المقرئ بواسط قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن أيوب الهاشمي قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن علي بن هاشم الخفاف قال: حدثنا الضحاك بن حجرة المنبجي قال:
حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا الثوري عن علقمة بن مزيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالعابد يوم القيامة، فيقال له ادخل الجنة بعبادتك، ويقال للعالم قف قليلا فلا يشفع في شيء إلا شفع فيه «3» .(5/2306)
حرف الباء في آباء من اسمه الحسن:
الحسن بن بشر الطرسوسي:
حدث عن محمد بن حمير. روى عنه محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني قال: أخبرنا محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن بن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي قال: حدثنا الحسن بن بشر الطرسوسي، ح.
قال الطبراني: وحدثنا عمر بن اسحاق بن ابراهيم بن المعلى بن زيريق الحمصي قال: حدثنا عمي محمد بن ابراهيم، ح.
قال: وحدثنا موسى بن هرون قال: حدثنا هرون بن داوود النجار الطرسوسي قالوا: حدثنا محمد بن حمير قال: حدثني محمد بن زياد الالهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة (173- ظ) مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت «1» ، زاد محمد بن ابراهيم في حديثه: وقل هو الله أحد «2» .
حرف التاء فارغ:
حرف الثاء في آباء من اسمه الحسن:
الحسن بن ثواب:
حدث..... روى عنه ... «3» .
كتبه لي أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، في تذكرة ذكر فيها من دخل حلب من المحدثين، ولم يتيسر لي شيئا من حديثة.(5/2307)
حرف الجيم في آباء من اسمه الحسن:
الحسن بن جعفر الانطاكي:
أبو علي، حدث بحلب عن أبي طاهر الحسن بن أحمد بن فيل البالسي الأنطاكي روى عنه القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة الربعي:
قرأت بخط نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان القطان الموصلي: أخبرنا الشيخ أبو الفتح المفضل بن الحسين بن علي الطيان قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة بن عبد الله المالكي الربعي قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن جعفر الانطاكي بحلب قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل البالسي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا طلق بن غنام عن شريك، وقيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدي «1» الامانة الى (174- و) من ائتمنك ولا تخن من خانك «2» .
حرف الحاء في آباء من اسمه الحسن:
الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب:
أبو علي الحضائري، الفقيه الشافعي.
سمع بطرسوس أبا أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي، وبأنطاكية العباس بن السندي الأنطاكي، وبمكة أبا جعفر محمد بن اسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود، وببيروت العباس ابن الوليد البيروتي، وبدمشق أبا زرعة الدمشقي، وبدر بن الهيثم، وأبا بكر أحمد ابن علي بن يوسف الخزاز، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقيين، وبحمص أبا العطاف طارق بن مطرف الطائي الحمصي، وبمصر بكار بن قتيبة، والربيع بن سليمان المرادي، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وابراهيم بن مرزوق، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وفهد بن سليمان وأبا زكريا يحيى بن(5/2308)
أيوب العلاف، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وبكر ابن سهل، وجعفر بن محمد بن عبيد الله الطائفي، وأبا يعقوب اسحاق بن الحسن الطحان، وجماعة غيرهم.
روى عنه أبا بكر محمد بن ابراهيم بن المقرئ، ومحمد بن أحمد بن عمران المطرز وأحمد بن محمد بن اسحاق السني، وابن أبي الحديد، وابن أبي (174- ظ) دجانة، وأبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الداودي، وعلي بن الحسن بن طغان وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وابن مهنا، وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان، وابن داود الداراني المقرئ، وآباء الحسين: محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ النيسابوري، وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو الفتح المظفر بن أحمد ابن ابراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وأبو حفص عمر بن شاهين الحافظ، وأبو سليمان بن زبر، وأبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وحميد بن الحسن الوراق، وعبد الوهاب بن الحسين الكلابي، وحديد بن جعفر وغيرهم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري- قراءة عليه في مقصورة الخضر بجامع دمشق- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع (175- و) أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد الداراني قال: أخبرنا أبو الفضل بن الفرات قال: أخبرنا أبو محمد بن معروف قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن حبيب قال حدثنا أبو أمية قال: حدثنا موسى بن داود عن شريك، عن محمد بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن قتل النساء والولدان يوم فتح مكة» . «1» .(5/2309)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا:
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي- قالت اجازة- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن عاصم بن زاذان المقرئ قال: حدثنا حسن بن حبيب بن عبد الملك، امام مسجد باب الجابية بدمشق، قال: حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: سخاء الحديث كسخاء المال.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله- فيما اذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، أبو علي الفقيه الشافعي المعروف بالحضائري، امام مسجد باب الجابية، أحد الثقات الأثبات.
سمع بمصر: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبا محمد الربيع ابن سليمان المرادي المؤذن، وابراهيم بن مرزوق البصري، وبكار بن قتيبة، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم (175- ظ) وعلان علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وفهد بن سليمان، وبكر بن سهل، وأبا يعقوب اسحاق بن الحسن الطحان، وجعفر بن محمد ابن عبيد الله الطائفي، وأبا زكريا يحيى بن أيوب العلاف، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق.
وسمع بالشام: العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وأبا أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي، وأبا جعفر محمد بن هشام بن ملاس، وأبا علي أحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وأحمد بن كعب بن مريم المزي، وأبا العطاف طارق ابن مطرف الطائي الحمصي، وبدر بن الهيثم الدمشقي، وأبا بكر أحمد بن علي بن يوسف الخزاز الدمشقي، وأبا عمران موسى بن الحسن السقلي، وابراهيم بن أبي سفيان القيسراني، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبا هبيرة محمد بن الوليد، وهرون ابن موسى الأخفش، وأبا الجهم عمرو بن حازم القرشي، وحجاج بن الريان، وعمر(5/2310)
ابن مضر العبسي، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وزكريا بن يحيى السجزي، ومنصور بن عبد الله الوراق، وأحمد بن علي المروزي القاضي، وأبا جعفر أحمد ابن عمرو الفارسي، وأبا عبد الملك البسري، وحميد بن هشام الداراني، وأبا زرعة الدمشقي وجعفر القلانسي، والعباس بن السندي، وأبا عبد الله بن أبي الزبر الصوري، وأبا العباس عبد الله بن عبيد بن يحيى بن حرب.
وبمكة: أبا جعفر محمد بن اسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد ابن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود المكيين.
روى عنه تمام بن محمد وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وأبو علي بن مهنا، وأبو الحسن بن داود الداراني المقرئ وأبو محمد بن أبي (176- و) نصر، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وأبو بكر بن أبي دجانه، وأبو القاسم علي بن الحسن بن طغان، وأبو بكر بن المقرئ وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو سليمان بن زبر وأبو الحسين الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عمران الجشمي المطرز، وحديد بن جعفر، وأبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن عبيد الله الداوودي المصري، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وحميد ابن الحسن الوراق، وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي النيسابوري الحافظ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو الفتح المظفر بن أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وعبد الوهاب الكلابي وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان «1»
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الحضائري. روى عن زكرياء بن يحيى السجزي، والعباس البيروتي وأبي أمية الطرسوسي، والربيع بن سليمان وابن عبد الحكم، وأبي زرعة النصري، وابن أبي مسرة المكي، والاخفش المقرئ، ذو رحلة، روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن ابي نصر التميمي، وآخرون من الدمشقيين، وقد روى عنه أبو بكر بن المقرئ الحافظ بأصبهان.(5/2311)
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا مكي بن محمد ابن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فيها:
توفي أبو علي الحسن بن حبيب. قال ابن زبر: وقال لي الحسن بن حبيب، أبو علي: ولدت في سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: توفي أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الفقيه الحضائري بدمشق في سنة (176- ظ) ثمان «1» وثلاثين وثلاثمائة، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وابراهيم بن منقذ، والعباس بن الوليد بن مزيد، وغيرهم من المصريين والشاميين، ثقة نبيل، حافظ لمذهب الشافعي- رحمه الله- حدث بكتاب «2» الأم كله.
وكان مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين، فيما أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله ابن زبر الربعي الحافظ قال: كان مولد الحسن بن حبيب في سنة اثنتين وأربعين ومائتين، قال عبد العزيز: حدثنا عنه أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وغيرهم.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي، في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو علي الحسن ابن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة «3»
ذكر من اسم أبيه الحجاج ممن اسمه الحسن:
الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن جرير بن حيدرة الطبراني:
أبو علي الزيات، نزيل أنطاكية.(5/2312)
سمع بها أبا طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وابنه أبا بكر محمد ابن الحسن بن أحمد، وأبا العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأحدب الأنطاكيين ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وموسى بن محمد بن هاشم الديلمي.
وروى عنهم وعن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ومحمد بن عبد الله بن ابراهيم، وأبي القاسم (177- و) الحسين بن محمد بن داوود مأمون المصري، وأحمد بن محمد بن هارون بن أبي الدلهاث، وأبي الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب.
روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم وأبو العباس محمد بن موسى بن السمسار وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبدان، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني (177- ظ) قال: أخبرنا أبو الحسن بن السمسار قال: أخبرني أخي أبو العباس محمد بن موسى بن السمسار قال: حدثني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب ابن عيسى بن جرير بن حيدرة الطبراني الزيات، ح.
قال الحافظ أبو القاسم: وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى- بقراءتي عليه- قال: أخبرنا تمام ابن محمد قال: أخبرني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير ابن حيدرة الطبراني، ومسكنه أنطاكية، قدم دمشق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن شبويه قال: حدثنا محمد بن مسلمة- وقال ابن السمسار: ابن سلمة- قال: حدثنا يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب «1» .(5/2313)
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن حجاج بن غالب قال: حدثنا محمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي بأنطاكية قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عمر الطرسوسي قال: حدثني الحسين بن هرون قال: حدثني أحمد بن عبد الله العامري قال: سألت راهبا على عمود فقلت له: يا راهب ما أقعدك على هذا العمود، في فقر على عمود صخر لا أنيس لك؟ قال: فقال لي: يا عربي، بل الله ساكن السماء هو يعلم موضع المذنبين من خلقه، أو ليس هو صاحب يوسف في قعر الجب، وصاحب ابراهيم في النار، ينظر اليها الجهال نارا تأجج، وأهل السماء ينظرون اليها روضة خضراء؟ ثم سكت! أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن حيدرة، أبو علي الطبراني الزيات، سكن أنطاكية، وحدث بدمشق ومصر عن محمد بن عبد الله بن ابراهيم ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وأحمد بن محمد بن هرون بن أبي الدلهاث، ومحمد بن أبي طاهر أبي بكر، وأبي طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وأبي العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأنطاكي الأحدب وأبي القاسم الحسين ابن محمد بن داوود مأمون المصري، وأبي الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب وأبي عبد الرحمن النسائي صاحب السنن.
روى عنه أبو العباس بن (178- و) السمسار، وتمام بن محمد، وعبد الرحمن ابن عمر بن نصر، وأبو عبد الله بن أحمد بن عبدان، وأبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحسن بن جهضم.
وقال الحافظ: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب الطبراني الزيات، قدم علينا دمشق من أنطاكية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحديث ذكره «1» .(5/2314)
الحسن بن الحجاج:
أبو محمد البغدادي، حدث بحلب عن أبي موسى محمد بن المثنى، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي الحافظ.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير الأسدي القطبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن الحجاج البغدادي بحلب قال: حدثنا أبو موسى الزّمن، محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال: حدثنا شبعة عن زياد بن كثير العدوي قال: خرج عبد الله بن عامر في يوم جمعة، وهو أمير البصرة فصعد المنبر ليخطب، وعليه ثياب رقاق، قال: فقام رجل (178- ظ) من بين يدي المنبر فقال: أنظروا الى أميركم هذا، يلبس ثياب الفسّاق. وقال أبو بكر صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله يقول: من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله «1» .
ذكر من اسم أبيه الحسن ممن اسمه الحسن.
الحسن بن الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك:
الحضاري الكاتب وأصلهم من جرجرايا «2» ، وقيل فيه الحسن بن الحسين، والصحيح الحسن.
ولي حلب وتوفي بها في جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثمائة، وسنذكره فيمن اسم أبيه الحسين- إن شاء الله تعالى.
قرأت بخط محمد بن علي العظيمي، وأنبأنا به عنه المؤيد بن محمد الطوسي وغيره قال: وفي سنة إحدى وثلاثمائة في جمادى مات بحلب، واليها الحسن بن(5/2315)
الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك، ودفن بها وكان واليا من قبل المكتفى بن المعتضد «1» .
الحسن بن الحسن بن علي بن عبد مناف أبي طالب:
ابن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المدني، وأمه بنت أبي مسعود الأنصاري، وقيل خولة بنت منظور، وهو الصحيح.
قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك بن مروان يخاصم زيد بن علي، ومحمد ابن عمر بن علي في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة إبراهيم بن سعد الزهري، فيما تقدم من كتابنا هذا.
حدث عن أبيه الحسن بن علي، وفاطمة بنت الحسين بن علي، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن بن الحسن، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وابراهيم بن الحسن، والوليد بن كثير، واسحاق بن يسار، وسهيل بن أبي صالح، وسعيد بن أبي سعيد، وأبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، وحمد بن أبي زينب، والفضيل بن مرزوق.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرّف بن أبي سعد البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري قال:
أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا محمد بن هارون قال: حدثنا محمد بن صالح (179- و) بن النطاح قال: حدثنا المنذر بن زياد قال حدثنا عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: من أجرى لله على يديه فرجا لمسلم فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة «2» .(5/2316)
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال أخبرنا أبو البركات الأنماطي- إجازة ان لم يكن يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال:
حدثنا خليفة بن خياط قال: حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، أمه خولة بنت منظور بن زبّان بن سيار من بني فزارة «1» .
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء- إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكّار قال: فولد الحسن بن علي بن أبي طالب: الحسن بن الحسن، وأمه خولة بنت منظور بن زبّان ابن سيار بن عمرو بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بن غطفان، وأمها مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، وأمها تماضر بنت قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض.
وأخوته لأمه: ابراهيم، وداود، وأم القاسم بنو محمد بن طلحة بن عبيد الله، وكان الحسن بن علي خلف على خولة بنت منظور (179- ظ) حين قتل محمد ابن طلحة.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحرامي عن أبيه قال: زوجه إياها عبد الله بن الزبير، وكانت عنده أختها لأمها وأبيها تماضر بنت منظور بن زبان، وهي أم بنيه: خبيب، وحمزة وعباد، وثابت، بني عبد الله بن الزبير، فبلغ ذلك منظور بن زبان فقال مثلي تفتات عليه بنيته، فقدم المدينة، فركز راية سوداء في مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلم يبق قيسي بالمدينة إلّا دخل تحتها، فقيل لمنظور: أين يذهب بك، تزوجها الحسن بن علي، وزوجها عبد الله بن الزبير؟ وملّكه الحسن أمرها، فأمضى ذلك التزويج، وفي ذلك يقول خفير العبسي:(5/2317)
إن الندا من بني ذبيان قد علموا ... والجود في آل منظور بن سيّار
الماطرين بأيديهم ندا ديما ... وكل غيث من الوسمي «1» مدرار
تزور جارتهم وهنا هديتهم ... وما فتاهم لها وهنا بزوار
ترضى قريش بهم صهرا لأنفسهم ... وهم رضا لبني أخت وأطهار «2»
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيورى وثابت بن بندار قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر محمد بن الحسن قالا: حدثنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: وابنه حسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، وأمه ابنة أبي مسعود الأنصاري «3» ، وهكذا قال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي فيما رواه (180- و) صالح ابنه عنه، وبنت أبي مسعود هي أم أخيه زيد بن الحسن بن علي، وأما الحسن بن الحسن فأمه خولة بنت منظور كما رويناه.
أنبأنا ابن طبرزد، عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء، عن الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان ابن اسحاق بن إبراهيم الجلاب قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من أهل المدينة حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وأمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمى بن مازن بن فزارة «4» .
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن(5/2318)
اسماعيل البخاري قال: الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي عن أبيه الحسن، روى عنه الحسن بن محمد وابراهيم بن الحسن، وروى خالد عن سهيل ابن أبي صالح عن حسن بن حسن عن النبي- صلى الله عليه وسلم- مرسل «1» .
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المديني.
روى عن أبيه الحسن، وفاطمة بنت الحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن، وابن عمه (180- ظ) الحسن بن محمد ابن الحنفية وابراهيم بن الحسن وسهيل بن أبي صالح وأبو بكر بن حفص بن عمر ابن سعد بن أبي وقاص، وحميد بن أبي زينب، وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري، واسحاق بن يسار والد محمد بن اسحاق، والوليد بن كثير.
وقدم دمشق وافدا على عبد الملك بن مروان.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، وأبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البناء قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال:
أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان الحسن بن الحسن وصي أبيه وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره، وكان حجاج بن يوسف قال له يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة، وحجاج يومئذ أمير المدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، قال: لا أغير شرط علي ولا أدخل فيها من لم يدخل، قال: إذا أدخله معك، فنكص عنه الحسن حين غفل الحجاج، ثم كان وجهه الى عبد الملك حتى قدم عليه، فتوقف ببابه يطلب الأذن، فمرّ به يحيى بن الحكم، فلما رآه يحيى عدل إليه فسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره وتحفىّ به ثم قال: إني سأنفعك عند أمير المؤمنين- يعني عبد الملك- فدخل الحسن على عبد الملك فرحب به وأحسن مسائلته، وكان الحسن بن الحسن(5/2319)