الدين أيدمر الظاهري ونائب السلطنة بالشام انتهى. ووقفها كما رأيته في مصادقة
بين بهاء الدين الباعوني وولده البقاعي إبراهيم وملخصها أن التربة العزية بصالحية دمشق بالجسر الأبيض والمسجد بها والرباط والوقف على ذلك الحصة وقدرها إحدى وعشرون قيراطا من قرية دسيا الدال المهملة ثم سين مهملة مفتوحة ثم ياء تحتانية مشددة ثم ألف مقصورة وهي من وادي بردى وجميع الخان بمحلة باب الجابية المعروف بخان العميان الذي حده من القبلة خان ابن حجي ومن الشرق البايكة من جملة أوقاف التوريزي1 وتمامه الدخلة وفيه الباب قبلي تربة الجيهان ومن الشام أملاك الحمصاني ومن شركه ومن الغرب الخان المعروف قديما بابن الحارة ويومئذ بخان المراءة وجميع الفرن المعروف قديما بوقف التربة المذكورة والله تعالى أعلم انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 7: 90.(2/131)
174- خانقاه القصر
مطلة على الميدان إنشاء شمس الملوك قاله ابن شداد وقال ابن كثير في تاريخه في سنة إحدى وسبعين وستمائة: الخطيب فخر الدين أبو محمد عبد القاهر بن عبد الغني بن محمد بن القاسم بن محمد بن تيمية الحراني الخطيب بها وبيته معروف بالعلم والخطابة والرياسة توفي رحمه الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية وقد قارب الستين سنة وقد سمع الحديث من جده الخطيب فخر الدين1 صاحب ديوان الخطب المشهورة وتوفي بخانقاه القصر المذكور ظاهر دمشق انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 5: 102(2/131)
175- الخانقاه القصاعية
بالقصاعين قال ابن شداد إنشاء خاتون ابنة خطلجي انتهى. وقد أخبرني ناظرها وعاملها بان اسمها فاطمة وقال السيد شمس الدين في ذيل العبر في سنة تسع وأربعين وسبعمائة: والعدل بهاء الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم(2/131)
الدمشقي الحنبلي حضر عمر بن القواس وسمع من طائفة وولى العقود ومشيخة الاسدية وامه سكينة بنت الحافظ شرف الدين اليونيني حدث عن ابيها والقاضي تاج الدين عبد الخالق والثقة شهاب الدين محمد بن محمد بن هارون الساوجي الصوفي عن نحو سبعين سنة حدث بالترمذي عن ابن البخاري وولي مشيخة الخانقاه القصاعين انتهى
176- الخانقاه الكججانية
ظاهر دمشق بالشرف الأعلى بين خانقاه المعروفة بالطواويس والمدرسة العزية البرانية الحنفية قال الحافظ السيد الحسيني في ذبل العبر لشيخه الذهبي في سنة إحدى وستين وسبعمائة: وفي هذا العصر أنشأت الخانقاه الكججانية بالشرف الأعلى جوار خانقاه الطواويس ظاهر دمشق انتهى. زاد الأسدي بخطه من الهامش وكانت دار الأمير بلاط وقد تهدمت وخربت انتهى. ورأيت بخطه على ظهر سنة ست وعشرين وثمانمائة الكججانية البرانية وقف إبراهيم الكججاني رحمه الله تعالى في شهور سنة أربع وأربعين وسبعمائة انتهى فليحرر.(2/132)
177- الخانقاه المجاهدية
قال ابن شداد رحمه الله تعالى: منسوبة لمجاهد الدين إبراهيم1 أخي زين الدين أحمد أمير خازندار الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل كانت على الشرف القبلي انتهى. وقال الأسدي في تاريخه1 سنة ست وخمسين وستمائة: قال ابن عساكر: وفيها فتح المجاهد إبراهيم المكان الذي جدده بالشرف القبلي وجعله خانقاه للصوفية وقرر فيه عشرين صوفيا وهو مستمرض توفي رحمه الله تعالى في هذه السنة وهو إبراهيم ابن ارينا الأمير مجاهد الدين أمير خزندار الملك الصالح نجم الدين أيوب وولي ولاية دمشق ونيابة القلعة في أيام الملك الصالح أيوب توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول من هذه السنة ودفن بخانقاهه ثم ذكر أبياتا من شعره وقال ابن كثير في تاريخه سنة ست وسبعين وستمائة: علي بن علي اسفنديار نجم الدين الواعظ بجامع
__________
1 شذرات الذهب 5: 264.(2/132)
دمشق أيام السبوت في الأشهر الثلاثة وكان شيخ الخانقاه المجاهدية وبها توفي في هذه السنة وكان فاضلا بارعا وكان جده يكتب الانشاء للخليفة الناصر واصلهم من بوشنج ومن شعره نجم الدين المذكور هذا قوله
إذا زار بالجثمان غيري فانني ... أزور مع الساعات ربعك بالقلب
وما كل ناء عن ديار بنازح ... ولا كل دان في الحقيقة ذو قرب
وقال الصفدي علي بن اسفنديار بن الموفق ابن ابي علي العالم الواعظ نجم الدين ابو عيسى البغدادي ولد سنة ست عشرة وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى سنة ست وسبعين وستمائة وسمع من ابن اللتي والحسين ابن رئيس الرؤساء وابن القبيطي وقدم دمشق ووعظ وحصل له القبول التام وازدحم الناس على ميعاده لحسن ايراده ولطف شمائله ولي مشيخة المجاهدية روى عنه ابن العطار وابن الخباز وجماعة ودفن بمقابر الصوفية وروي انه استاذن الامام الناصر في الوعظ فلم ياذن له ايام ابن الجوزي قال القاضي شمس الدين بن خلكان كان يحكي لي شيخ نجم الدين الحكاية ثم يعيدها فأتمنى انه لا يفرغ من حكايته وتنميقه انتهى وقال الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت وفي يوم الخميس عاشر ذي القعدة توفي الشيخ الحافظ الصالح المحدث شهاب الدين محمد بن تاج الدين علي بن ابي بكر الرقي المعروف بابن القدسية بطريق الحجاز الشريف بوادي الاخضر ووصل خبره الى دمشق في منتصف ذي الحجة وكان شيخ الخانقاه المجاهدية ظاهر دمشق وله مواعيد حديث يقل بها بجامع دمشق بالجامع السيفي وباماكن اخر وكان فيه تعبد وانقطاع وكرم وسخاء وحج مرات وجاور وسمع على عمر ابن القواس ويوسف الغسولي وغيرهما وسمع ببعلبك من الشيخ تاج الدين عبد الخالق وحدث انتهى والله تعالى أعلم(2/133)
178- الخانقاه النجيبية
ويقال لها النجيبية البرانية وخانقاه القصر لكونها بحارته وهي مطلة على الميدان إنشاء النجيبي جمال الدين اقوش الصالحي النجمي وقد مرت ترجمته في المدرسة النجيبية داخل دمشق وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: لما كان يوم الجمعة رابع عشرين ذي القعدة سنة ثمان سبعين وستمائة ركب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من دار السعادة بعد صلاة العصر وبين يديه جماعة من الأمراء والجند مشاة وقصد باب القلعة الذي يلي المدينة فهجم منه ودخل القلعة واستدعى الأمراء فبايعوه على السلطنة ولقب بالملك الكامل وذلك لما بلغه خلع العادل ولد الملك الظاهر وتوليه قلاوون مك أنه فخرج حينئذ عن طاعته وأقام بقلعة دمشق ونادت المنادية بذلك فلما أصبح يوم السبت استدعى القضاة والعلماء والأعيان وروؤساء دمشق إلى مسجد أبي الدرداء الذي بالقلعة وحلفهم وأرسل عسكر إلى غزة حفظا للاطراف وأخذ الغلات وفي مستهل سنة تسع ركب الكامل المذكور من قلعة دمشق وخرج إلى الميدان وبين يديه الأمراء ومقدمو الحلقة وعليهم الخلع والقضاة والأعيان ركاب معه فسير في الميدان ساعة ثم رجع إلى القلعة وأمر أن تضاف البلاد الحلبية إلى ولاية القاضي شمس الدين بن خلكان وولاه تدريس الأمينية انتزعها من ابن سني الدولة. ولما بلغ السلطان الملك المنصور قلاوون بالديار المصرية ما كان من أمر سنقر أرسل إليه جيشا فلما وصل الجيش إلى قرب دمشق أمر الملك الكامل سنقر المذكور أن يضرب دهليزه بالجسورة وذلك يوم الأربعاء ثاني عشر صفر وأنفق أموالأ جزيلة واستخدم خلقا ونزل هناك وفي سادس عشرة أقبل الجيش المصري صحبة الأمير علم الدين سنجر الحلبي وتقابل الفريقان إلى رابعة النهار وثبت الكامل سنقر المذكور ولكن خامر عليه جيشه فهرب على جهة المرج في طائفة يسيره إلى قرية الرحبية ثم بعث الأمراء الذين خامروا عليه فأخذوا لهم أمانا من الأمير سنجر وقد نزل في ظاهر دمشق فراسل نائب القلعة إلى أن فتح له باب الفرج وفتحت القلعة من داخل البلد فتسلمها للمنصور قلاوون وفي(2/134)
هذا اليوم جاء ابن خلكان ليسلم على الأمير سنجر المذكور فاعتقله في علو الخانقاه النجيبية وعزله في يوم الخميس العشرين من صفر ورسم للقاضي نجم الدين بن سني الدولة بالقضاء فباشره ثم جاء البريدية ومعهم كتاب من الملك المنصور قلاوون بالعتب على طوائف والعفو عنهم كلهم وتقليد نيابة الشام للأمير حسام الدين لاجين السلحدار المنصوري فدخل معه علم الدين سنجر المذكور فرتبه بدار السعادة وأمر سنجر القاضي ابن خلكان أن يتحول من المدرسة العادلية الكبرى ليسكنها نجم الدين بن سني الدولة وألح عليه في ذلك فاستدعى جمالا لينقل أهله وثقله إلى الصالحية فجاء البريد بكتاب من السلطان فيه تقرير ابن خلكان على القضاء والعفو عنه وشكره والثناء عليه وذكر خدمته المتقدمة ومعه خلعة سنيه فلبسها وصلى بها الجمعة وسلم على الأمراء فأكرموه وعظموه وفرح الناس به وبما وقع من الصفح عنه انتهى. وفي ذي الحجة جاء تقليد ابن خلكان أيضا بإضافة المعاملة الحلبية إليه فرتب لها من شاء من نوابه وفي محرم سنة ثمانين وستمائة وصل الملك المنصور قلاوون إلى دمشق اهـ. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: وفي العشر الأول من ذي القعدة فتحت المدرسة النجيبية إلى أن قال وفتحت الخانقاه النجيبية وقد كانت أوقافهما تحت الحوطة إلى الآن انتهى. وممن ولي مشيختها علي بن مجاهد علاء الدين المجدلي اشتغل ببلده ثم قدم القدس الشريف فلازم التقي وهوالقلقشندي ثم قدم دمشق فاشتغل وقدم مصر سنة ثمانين فأخذ عن الضياء القرمي1 وعاد إلى دمشق وتصدر بالجامع واشتغل الناس وأختص بالقاضي سري الدين واضاف إليه قضاء المجدل ثم وقع بينهما فأخذت وظائفه ثم غرم مالا حتى استعادها وولي مشيخة النجيبية باخرة وسكنها وكان فهمه جيدا متوسطا في الفقه توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة أربع وتسعين وسبعمائة انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 6: 226.(2/135)
179- الخانقاه النحاسية
والتربة بها غربي الذهبية وشمالي حمام شجاع بطرف مقبرة الفراديس أنشأها الخواجا الكبير شمس الدين بن النحاس الدمشقي توفي بجده من أعمال الحجاز في شهر رجب سنة اثنتين وستين وثمانمائة وترك أموالا وأولادا رحمه الله تعالى انتهى.(2/136)
180- الخانقاه النجمية
بنواحي باب البريد قال ابن شداد: أنشأها نجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوسف تعرف بالشيخ صدر الدين البكري 1 المحتسب بدرب قطمطة انتهى. قال أبو شامة رحمه الله تعالى في سفر نجم الدين أيوب إلى عند ولده صلاح الدين يوسف إلى مصر قلت: ووقف رباطا داخل الدرب الذي بقرب العوينية بباب البريد انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وستين وخمسمائة: وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك وهم صلاح الدين يوسف وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون واخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل به إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة وكان يلقب بالأجل الأفضل ودفن عند أخيه ثم نقل سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية وأول ما ولي نجم الدين ولاية قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز2 نائب بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين فقصد اتابك زنكي فاستخدمهما فلما ولي بعلبك بها استناب نجم الدين فعمر بها الخانقاه الكبيرة وغيرها وكان دينا عاقلا كريما انتهى. وقال الأسدي في تاريخه المنتقى من تاريخ الإسلام للذهبي وتاريخ ابن كثير في سنة ثمان وستين وخمسمائة: الأمير نجم الدين أيوب وهو أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الأمير نجم الدين أبو الشكر الكردي الدويني والد الملوك كان أبوه من أهل دوين ومن أبناء اعيانها وبها ولد
__________
1 شذرات الذهب 5: 274.
2 ابن الأثير 11: 106.(2/136)
أيوب وكان أسن من أخيه شيركوه وكان شاذي صديقا لكمال الدولة بهروز فلما ولي بهروز نيابة بغداد استصحب معه شاذي وأولاده ثم اعطاه السلطان قلعة تكريب فإنه لم يثق بأمرها بسوى شاذي فأرسله إليها فأقام بها مدة إلى أن توفي بها ثم تولى عليها ولده نجم الدين فقام في أمر القلعة أحسن قيام فشكره بهروز وأحسن إليه ثم وقع من شيركوه ما أوجب أن بهروز كتب إليه ما لستما على حق واشتهى أن تخرجا من بلدي فخرجا إلى الموصل فأحسن إليه ما أتابك زنكي وأكرمهما وفي ليلة خروجهما من القلعة ولد صلاح الدين يوسف فتشاءما به فلما ملك زنكي بعلبك استناب بها نجم الدين أيوب ووليها لنور الدين أيضا قبل أن يستولي على دمشق فولد له بها الملك العادل أبو بكر وعمر بها خانقاه للصوفية ولما توجه أخوه أسد الدين إلى مصر وغلب عليها كان نجم الدين في خدمة نور الدين بدمشق فلما ولي الوزارة صلاح الدين سره نور الدين إلى ابنه صلاح الدين فدخل القاهرة في رجب سنة خمس وستين وخرج العاضد للقائه وترجل ولده في ركابة وكان يوما مشهودا ولما خرج صلاح الدين لحصار الكرك خرج نجم الدين في بعض الأيام من باب النصر فشب به فرسه فرماه فحمل إلى داره وبقي تسعة أيام ومات في ذي الحجة ودفن إلى جانب أخيه أسد الدين بالدار ثم نقلا إلى المدينة الشريفة في سنة تسع وسبعين ودفنا بتربة الوزير جمال الدين الجواد1. وكان نجم الدين رجلا خيرا مباركا كثير الصدقات سمحا وافر العقل قليل الكلام جدا لا يتكلم إلا عن ضرورة وكان يلقب بالأجل الأفضل ولأيوب من الأولاد: صلاح الدين يوسف والعادل أبو بكر وشمس الدوله وتوران شاه2 صاحب اليمن وشاهنشاه والد صاحب بعلبك فرخشاه وصاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه وسيف الإسلام طغتكين3 صاحب اليمن وتاج الملوك بوري وهو أصغرهم وست الشام وربيعة خاتون وشاذي اسم عجمي معناه فرحان ودوين بضم الدال وكسر الواو بلدة بآخر أذربيجان تجاور بلاد الكرج وله بمصر خانقاه ومسجد
__________
1 ابن كثير 12: 267.
2 شذرات الذهب 4: 255.
3 شذرات الذهب 4: 311.(2/137)
وقناة خارج باب النصر وله بدمشق خانقاه بباب البريد انتهى. كلام الأسدي وقال شيخنا ولده في كتابه الكواكب الدرية في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ولما تملك يعني جمال الدنين محمد بن تاج الملوك1 وكان ببعلبك قبل ذلك ولاها يعني بعلبك لنجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوسف وكتب له ثلثها واستقر فيها هو واهله ولم يزل بها إلى الأيام النورية يعني نور الدين محمود انتهى. وقال في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة: وقتل الأتابك عماد الدين زنكي آق سنقر وهو يحاصر قلعة جعبر قتله نفر من ممالكيه غليه وهو نائم ثم هربوا وختم له بالشهادة رحمه الله تعالى. وفيها سار مجير الدين2 صاحب دمشق في عسكر إلى بعلبك وحاصرها وبها نائب زنكي نجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين يوسف فسلمها صلحا له وأخذ منه مالا وملكه قرايا من أعمال دمشق وانتقل نجم الدين أيوب إلى دمشق وأقام بها انتهى. وقال في سنة خمسين وخمسمائة: وفيها تسلم نور الدين بعلبك وكانت بيد نجم الدين أيوب وكانت قلعتها بيد رجل يقال له ضحاك البقاعي وأحضر نجم الدين إلى دمشق واقطعه اقطاعا حسنة وجعل ابنه توران شاه شحنة دمشق ثم بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف وهو شحنة الشحنة وجعله من خواصه لا يفارقه سفرا ولا حضرا لأنه كان حسن الشكل حسن اللعب بالكرة وكان نور الدين رحمه الله تعالى يحب لعب الكرة انتهى. وقال في سنة ثمان وستين وخمسمائة: وفيها كانت وفاة الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي والد السلطان صلاح الدين سقط في فرسه فمات بعد ثمانية أيام رحمه الله تعالى وكان صلاح الدين قد عاد من الكرك فبلغه خبره بالطريق فحزن عله وتاسف حيث لم يحضره انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 4: 105.
2 شذرات الذهب 4: 211.(2/138)
181- الخانقاه الناصرية
أنشأها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن غازي بن أيوب بجبل قاسيون مجاورة تربته على نهر يزيد قاله ابن شداد رحمه الله تعالى وقد مرت ترجمته في دار الحديث الناصريه رحمهم الله تعالى انتهى.(2/138)
182- الخانقاه الناصريه
قال ابن شداد رحمه الله تعالى: منسوبه إلى الناصر صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بدرب خلف قاساريه الصرف كانت داره لما كان واليا بدمشق انتهى. وقال ابن قاضي شهبة رحمه الله تعالى في سنة إحدى وعشرين في أول هذه السنه: قاساريه الصرف عمرها السلطان الملك المؤيد حجارة محازن وطباق وقد جعل بعضها للجهه التي كانت موقوفه عليها انتهى. وقد مرت له ترجمة من كلام الذهبي في المدرسه الصلاحيه مختصره وهذه ترجمته هنا ملخصه من تاريخ الإسلام له وتاريخي ابن كثير والصفدي وغيرهما وهي السلطان الملك ناصر صلاح الدين يوسف أبو المظفر ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني الأصل التكريتي المولد ودوين بلدة من طرف أذربيجان من جهة اران والكرج أهلها أكراد قال ابن كثير أصلهم أكراد من الأكراد الهذانيه وأنكر بنو أيوب النسبه إلى الأكراد وقالوا: إنما نحن عرب نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في ترجمة أسد الدين شيركوه في سنة أربع وستين وخمسمائه ولد بتكريت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائه اذ أبوه وإليها وسمع من أبي طاهر السفلي والإمام أبي حسن ابن بنت أبي سعد وأبي طاهر بن عوف1 وعبد الله بن بري النحوي والقطب مسعود النيسابوري وغيرهم وحدث بالقدس سمع منه الحافظان أبو المواهب ابن صصري وأبو محمد القاسم بن علي الدمشقيان والفقيهان أبو محمد عبد اللطيف ابن الشيخ أبي النجيب السهروردي وأبو المحاسن بن شداد وغيرهم من النبلاء وملك البلاد ودانت له العباد وافتتح المفتوحات وكسر الفرنج مرات وجاهد في سبيل الله بنفسه وماله وكان خليقا بالملك أقام في السلطنه أربعا وعشرين سنه وروى عنه يونس بن
__________
1 شذرات الذهب 4: 268.(2/139)
محمد ألفارقي والعماد الكاتب وغيرهما وقد أسمع وهو في بعض مصافه جزءا وهو بين الصفوف لا بين الصفين ويتبجح بذلك وقال: هذا موقف لم يسمع فيه أحد حديثا وكان ذلك بإشارة العماد الكاتب وكان كريما جوادا شجاعا بطلا كامل القوى والعقل شديد الهيبة ضحوك الوجه كثير البشر لا يتضجر من خير يفعله افتتح بسيفه وبما قال به من اليمن إلى الموصل إلى أوائل المغرب إلى أسوان قال الموفق عبد اللطيف: أتيت الشام وكان السلطان صلاح الدين بالقدس فأتيته فرأيت ملكا عظيما علا العيون روعة والقلوب محبة قريبا بعيدا مجيبا وأصحابه يتشبهون ويتسابقون إلى المعروف وأول ليلة حضرته وجدت مجلسا محفوفا بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم وهو يحسن الاسماع والمشاركة ويأخذ في كيفيه بناء الأسوار وحفر الخنادق ويفقه في ذلك ويأتي بكل معنى بديع وكان مهتما في بناء سور بيت المقدس وحفر خندقه يتولى ذلك بنفسه ينقل الحجارة على عاتقه ويتأسى به جميع الناس الاغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر فيأتي داره فيمد السماط ثم أنه يستريح ويركب وقت العصر ويرجع في ضوء المشاعل ويصرف أكثر الليل فيما يعمل نهارا وكان يحفظ الحماسة ويظن أن كل فقيه يحفظها فكان ينشد القطعة فإذا توقف في موضع استطعم فلا يطعم وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل ولم يكن يحفظها فخرج من عنده فلم يزل حتى حفظها ولما كان شحنة دمشق كان يشرب الخمر فمذ باشر الملك طلق الخمر واللذات وكان محببا خفيفا على قلب نور الدين يلاعبه بالكرة وملك مصر وكانت وقعته مع السودان سنة بضع وستين وكانوا نحو مائتي ألف فانتصر عليهم وقتل أكثرهم وهرب الباقون وابتنى سور القاهرة وقطع حطبة العاضد بمصر وخطب للمستضيء ومات العاضد واستولى صلاح الدين على القصر وذخائره وفي سنة تسع وستين مات نور الدين وافتتح أخوه شمس الدولة اليمن وقتل المتغلب عليها عبد النبي وفي سنة سبعين سار من مصر وتملك دمشق ودخلها يوم الاثنين سلخ شهر(2/140)
ربيع الأول ولم ينتطح فيها عنزان ولا أختلف سيفان فنزل في دار والده وهي دار العقيقي وهي التي بنيت مدرسة الملك الظاهر بيبرس وأحسن إلى أهل دمشق غاية الإحسان وكان في القلعة إذ ذاك الطواشي جمال الدين ريحان الخادم فلم يزل يكاتبه ويفعل له في الذروة والغارب حتى استماله وأجزل نواله فسلمها إليه ووفد عليه ومثل بين يديه فأكرمه واحترمه وأحسن إليه وأظهر أنه أحق بتربية ولد نور الدين لما له عليهم من الإحسان المتين وذكر أنه خطب لنور الدين بديار مصر وظرب باسمه السكه ثم عامل الناس بالجميل وأمر بوضع ما حدث بعد نور الدين من المكوس والضرائب في أيام والده إسماعيل الصالح وكان قاضي دمشق قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري وتوفي في أول سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وكان من خيار القضاة واخص الناس بنور الدين الشهيد رحمهم الله تعالى وفي سنة ثلاثة وسبعين كسرته الفرنج على الرمله وفي سنة خمس وسبعين كسرهم وأسر ملوكهم وأبطالهم وفي سنة ست أمر ببناء قلعة القاهرة على جبل المقطم وفي سنة ثمان عبر الفرات وفتح سنجار وسروج ونصبين وامد والرها وحران والرقة والبيرة وحاصر الموصل وملك حلب المحروسة ثم حاصر الموصل ثانيا وثالثا وأنزل أخاه العادل عن قلعة حلب المحروسة وسلمها لولده الملك الظاهر غازي وعمره إحدى عشرة سنة وسير أخاه العادل إلى مصر ثانيا كان تقي الدين عمر بها فقدم الشام وفي سنة ثلاث وثمانين فتح السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى طبرية ونازل عسقلان وكانت وقعة حطين وكان الفرنج فيها أربعين ألفا فأخذهم عن بكرة أبيهم وأسر ملوكهم وأخذ عكا وبيروت وقلعة كوكب والسواحل وسار فأخذ القدس الشريف بالأمان بعد قتال ليس بالشديد ودخل قراقوش التركي مملوك تقي الدين عمر المغرب فاستولى على أطرافها وكسر عسكر تونس وخطب لبني العباس ثم إن الفرنج نازلوا عكا مدة طويله وكانوا مما لا يحصون كثرة يقال بلغت جموعهم مائة الف ويقال ستمائة الف وقتل منهم مائة الف وتعب المسلمون واشتد الأمر وآل إلى أخذها قال عبد اللطيف: ومدة أيامه لم يختلف(2/141)
عليه أحد من أصحابه وكان الناس يأمنون ظلمه ويرجون بره وأكثر ما كان عطاؤه يصل إلى أهل العلم وأهل البيوتات ولم يكن ليمطل ولا لصاحب هزل عنده نصيب وكان حسن الوفاء بالعهد حسن القدرة إذا قدر كثير الصفح وإذا نازل بلدا وأشرفوا على أخذه ثم طلبوا منه الأمان أمنهم فكان يتألم جيشه لذلك لفوات حظهم وقد عاقد الفرنج وهادنهم عندما ضرس عسكره الحرب ومكر قال القاضي بهاء الدين بن شداد: قال السلطان في بعض محاورته في الصلح أخاف أن أصالح وما أدري أي شئ يكون مني فتقوى يد العدو وقد بقيت لهم بلاد فيخرجون الاستفادة ما في أي دي المسلمين ويرى كل واحد من هؤلاء يعني أخاه ويعني أولاده وأولاد أخيه قد قعد في رأس تلة يعني قلعة وقال لا أنزل ويهلك المسلمون فكان والله كما قال توفي رحمه الله تعالى عن قريب واستقل كل واحد من أهل بته بناحية ووقع الخلف بينهم فكان الصلح مصلحة فلو قدر موته والحرب قائمة لكان الإسلام على خطر.
وقال أبو المظفر بن الجوزي: حسب ما أطلعه مدة مقامه على عكا مرابطا للفرنج إلى أن تقاله كان معه اثنا عشر ألف رأس من الخيل العراب والأكاديش الجياد وقال المنذري: ومآثره رحمه الله تعالى في فتح بيت المقدس والاستيلاء على معاقل الفرنج وبلادها بالساحل مشهورة ومكارمه فيما أرصده في وجوه البر بالديار المصرية والشامية مذكورة وقال ابن خلكان: قدم به أبوه وهو رضيع فناب أبوه بعلبك لما أخذها الاتابك زنكي في سنة ثلاث وثلاثين ثم خدم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين نور الدين الشهيد فصيرهما أمرين وكان أسد الدين أرفع منهما منزلة عنده فإنه كان مقدم جيوشه وولي صلاح الدين وزارة مصر وهي كالسلطنة في ذلك الوقت سنة أربع وستين فلما هلك العاضد في أول سنة سبع استقل بالأمر مع المداراة لنور الدين ومخادعته إلى أن قال وفي سنة ثلاث وثمانين افتتح بلاد الفرنج وقهرهم وأباد عساكرهم وأسر ملوكهم وفتح القدس وعكا وطبرية وغير ذلك وافتتح في هذا العام من الفتوحات ما لم يفتحه ملك قبله فطار صيته في الدنيا وهابته الملوك وبقي مرابطا على عكا نحو من(2/142)
سنتين وكان متشرعا في ملبسه ومأكله ومشربه ومركبه فلا يلبس إلا الكتان والقطن والصوف ولا يعرف أنه تخطى مكروها بعد أن انعم الله تعالى عليه بالملك وكان همه الأكبر نصر الإسلام وكان عنده فضيلة تامة في اللغة والأدب وأيام الناس قي لأنه كان يحفظ الحماسة بكاملها وكان يفهم ما يقال بين يديه من البحث والمناظرة ويشارك في ذلك مشاركة قريبة حسنة وان لم يكن بالعادة المصطلح عليها وكان قد جمع له القطب أبو المعالي مسعود النيسابوري نزيل دمشق عقيدة فكان يحفظهما ويحفظها من عقل من أولاده وكان يحب سماع القرآن العظيم ويواظب على سماعه وسماع الحديث الشريف وكان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماعه كثير التعظيم لشعائر الدين وكان قد لجأ إلى ولده الظاهر غازي وهو بحلب شاب يقال له الشهاب السهروردي1 وكان يعرف الكيمياء وشيئا من الشعوذة والأبواب النارنجيات فافتتن به ولده وقربه واحبه وخالف فيه حملة الشرع فكتب إليه أن يقتله لا محالة فصلبه ولده عن أمر والده وشهره ويقا لأنه حبسه بين حائطين حتى مات كمدا وذلك في سنة ست وثمانين وكان صلاح الدين رحمه الله تعالى مواظبا على الصلوات في اوقاتها في جماعة يقا لأنه لم تفنه الجماعة في صلاة قبل وفاته بدهر طويل حتى في مرض موته وكان يدخل الإمام فيصل به ويتجشم القيام مع ضعفه واستهلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة وهو في غاية الصحة والسلامه وخرج هو وأخوه أبو بكر العادل معه إلى الصيد شرقي دمشق وقد اتفق الحال بينه وبين أخيه العاد لأنه بعدما قد يفرغ من أمر الفرنج هذه المدة يسير هو إلى بلاد الروم ويبعث أخاه إلى بغداد وكان همه الأكبر ومقصوده الاعظم نصر الإسلام وكسر الاعداء اللئام ويعمل فكره في ذلك ورايه وحده ومع من يثق به وبرأيه ليلا ونهارا سرا وجهرا فإذا فرغا من شأنه ما سارا جميعا إلى بلاد أذربيجان وبلاد العجم فإنه ليس دونهما أحد يمانع عنها ولا يصدهم ولما قدم الحجيج من الحجاز الشريف في يوم الاثنين حادي عشر صفر منها خرج لتلقيهم وكان معه ولد
__________
1 شذرات الذهب 4: 290.(2/143)
أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن فأكرمه والتزمه واحترمه وعاد إلى القلعة المنصورة فدخلها من باب الحديد وكان ذلك آخر ما ركب في هذه الدنيا ثم أنه اعتراه حمى صفراوية ليلة السبت سادس عشره فلما أصبح دخل عليه القاضي وابن شداد وابنه الأفضل فأخذ يشكو إليهم كثرة قلقة البارحة وطاب له الحديث وطال مجلسهم عنده ثم تزايد به المرض واستمر وفصده الأطباء في اليوم الرابع فاعتراه يبس وحصل له عرق شديد بحيث نقذ إلى الأرض فقوي اليبس أيضا فأحضره الأمراء والأكابر والرؤساء فبويع الأفضل نور الدين علي وكان نائبا على ملك دمشق وذلك عندما ظهرت مخايل الضعف الشديد وغيبوبة الذهن في بعض الأوقاف وكان الدين يدخلون عليه في هذه الحال القاضي الفاضل وابن شداد وقاضي البلد ابن الزكي وتفاقم به الحال ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر المذكور واستدعي الشيخ أبو جعفر إمام الكلاسة ليبيت عنده يقرأ القرآن ويلقنه الشهادة إذا جد به الأمر فذكر أنه كان يقرأ عنده وهو في غمرات الموت فقراء قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} "الآية". فقال: وهو كذلك صحيح فلما إذن الصبح جاء القاضي الفاضل فدخل عليه وهو بآخر رمق فلما قرأ القاريء قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} تبسم وتهلل وجهه وسلمها إلى ربه عز وجل ومات رحمه الله تعالى وأكرم مثواه وجعل جنة الفردوس مأواه عن سبع وخمسين سنة وغلقت بالأسواق واحتفظ على الحواصل وأخذوا في تجهيزه وغسله وحضر جميع أولاده واهله ويعز عليهم أن يأتوا بمثله وكان الذي تولى غسله خطيب البلد الفقيه الصالح ضياء الدين عبد الملك الدولعي وكان الذي أحضر الكفن ومؤنه التجهيز هو القاضي الفاضل من صلب ماله الحلال هذا وأولاده الكبار والصغار يبرزون وينادون ويبكون وأخذ الناس في العويل والانتحاب والابتهال وابرز نعشه في تابوت بعد صلاة الظهر وأم الناس في الصلاة عليه قاضي القضاة محي الدين محمد بن الزكي الشافعي ثم دفن في داره بالقلعة المنصورة وارتفعت الاصوات بالبكاء وعظم الضجيج حتى إن العاقل كان يتخيل أن الدنيا تضج(2/144)
صوتا واحدا وتأسف الناس عليه حتى الفرنج لما كان عليه من صدق ووفائه إذا عاهد وقال ابن شداد: وجد الناس عليه شبها بما يجدونه على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما رأيت ملكا حزن الناس لموته سواه لأنه كان محببا يحبه البر والفاجر والمسلم والكافر وشرع ابنه في بناء تربة له ومدرسة للشافعية بالقرب من مسجد القدم لوصيته بذلك قديما فلم يكمل بناؤها ولم يتم وذلك حين قدم ولده العزيز وكان محاصرا لأخيه الأفضل فاشترى له الأفضل دارا شمالي الكلاسة في وراء ما زاده القاضي الفاضل في الكلاسة فجعلها تربة وبني فيها قبة شمالي الجامع وهي التي شباكها القبلي إمام الكلاسة ونقله من القلعة إليها في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة وصلي عليه تحت النسر قاضي القضاة محمد بن علي القرشي بن الزكي عن إذن الأفضل له ودخل في لحده ولده الأفضل فدفنه بنفسه وهو السلطان الشام ويقال أنه دفن معه سيفه الذي كان يحضر به الجهاد وذلك عن أمر القاضي الفاضل تفاؤلا بأن يكون يوم القيامة معه يتوكأ عليه حتى يدخل الجنة لما أنعم الله عليه تعالى من كسر الأعداء ونصر الأولياء ثم عمل عزاه في الجامع الأموي ثلاثة أيام بحضرة الخاص والعام رحمه الله تعالى. قال العماد الكاتب وغيره: لم يترك رحمه الله تعالى في خزانته من الذهب سوى دينار واحد صوري وسته وثلاثين درهما قلت: وفي الروضتين في أخبار الدولتين لأبي شامة رحمه الله تعالى أن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله تعالى لم يخلف في خزانته إلا سبعة وأربعين درهما ولم يترك دارا ولا عقارا ولا مزرعة ولا سقفا ولاشيئا من أنواع الأملاك هذا وله من الأولاد سبعة عشر ذكرا وابنه واحدة وتوفي له في بعض حياته غيرهم والذين تأخروا بعده ستة عشر ذكرا أكبرهم الملك الأفضل نور الدين علي ولد بمصر سنة خمس وستين ليلة عيد الفطر ثم العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان ولد بمصر أيضا في جمادى الأولى سنة سبع وستين ثم الظافر مظفر الدين أبو العباس الخضر ولد بمصر أيضا في نصف شعبان سنة ثمان وستين وهو شقيق الأفضل ثم الظاهر غياث الدين أبو منصور غازي ولد بمصر أيضا في نصف شهر رمضان(2/145)
سنة ثمان وستين ثم العزيز فتح الدين أبو يعقوب إسحاق ولد بدمشق في شهر ربيع الأول سنة سبعين ثم المؤيد نجم الدين أبو الفتح مسعود ولد بدمشق سنة إحدى وسبعين وهو شقيق العزيز ثم الأغر شرف الدين أبو يوسف يعقوب ولد بمصر سنة اثنتين وسبعين وهو شقيق العزيز أيضا ثم الزاهر مجد الدين1 أبو سليمان داود ولد بمصر أيضا سنة ثلاث وسبعين وهو شقيق الظاهر ثم أبو الفضل قطب الدين موسى وهو شقيق الأفضل ولد بمصر أيضا سنة ثلاث وسبعين ثم نعت بالمظفر ثم الأشرف معز الدين أبو عبد الله محمد ولد بالشام سنة خمس وسبعين ثم المحسن ظهير الدين أبو العباس2 أحمد ولد بمصر أيضا سنة سبع وسبعين وهو شقيق الذي قبله ثم المعظم فخر الدين أبو منصور توران شاه ولد بمصر أيضا في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وتأخرت وفاته إلى سنة ثمان وخمسين وستمائة ثم الجواد ركن الدين أبو سعيد أيوب ولد سنة ثمان وسبعين وهو شقيق العزيز ثم الغالب نصير الدين أبو الفتح ملك شاه ولد في شهر رجب سنة ثمان وسبعين وهو شقيق المعظم ثم المنصور أبو بكر أخو المعظم لابويه ولد بحران بعد وفاة السلطان وعماد الدين شاذي لام ولد ونصرة الذين مروان لام ولد أيضا وأما البنت فهي مؤنسة خاتون تزوجها ابن عمها الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب رحمهم الله تعالى أجمعين رحمهم أموات المسلمين وترجمته طويلة مشهورة ذكرها ابن خلكان رحمه الله تعالى في أربعين ورقه كبارا وقد ذكر الشيخ أبو شامة رحمه الله تعالى في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين وكتاب الذيل عليها طرفا صالحا من سيرته وأيامه وعدله في سره وعلانيته وأحكامه. وقال أبو المظفر بن الجوزي رحمه الله تعالى: ذكره ابن شداد وأثنى عليه وحكى عنه العجائب ولم سكت اثنت عليه الحقائب. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ومدة نور الدين صلاح الدين متقاربة في السنين والأيام والعدل واجتناب الاثام وكلاهما لم يبلغ كل منها ستين سنة وكم حصلا من فضيلة وسنة حسنة رحمهما الله تعالى انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 5: 148.
2 شذرات الذهب 5: 167.(2/146)
183- الخانقاه النهرية
المشهورة بخانقاه عمر شاه وهي بأول شارع نهر القنوات ولي مشيختها والنظر عليها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسيني الحنبلي الدمشقي المصري قال الأسدي رحمه الله تعالى في صفر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: كان يقرأ المواعيد قراءة صحيحة فصيحة مليحه وولي إمامة البراقيه عند جامع دنكز وبها كان يسكن وولي مشيخة خانقاه عمر شاه والنظر عليها وعمل نقابة القاضي الباعوني شهاب الدين في سنة أربع وتسعين ثم أنه سافر بعد الفتنة فيما أظن إلى مصر وأقام بها وحصل له بها جهات تقوم به واشتهرت هناك وبلغني أنه عرض عليه قضاء الشام عدة نوب فلم يفعل وكان فاضلا في الحديث والعربية يحفظ كثيرا من السيرة النبويه والتفسير والأحاديث وقد قال شيخنا رحمه الله تعالى عند ذكر ولايته نقابة الباعوني: وهو أفضل من كثير من قضاء الشام مطلقا ومن الباقي في فهم المعاني الكتاب والسنة والعربية وغير ذلك بلغني وفاته يوم الجمعة يوم عرفه بالديار المصرية وأظنه جاوز السبعين وصلي عليه بجامع الأموي صلاة الغائب في الجمعة الاتيه انتهى. وولي مشيختها أيضا القاضي ناصر الدين محمد الحموي الدمشقي الحنفي المعروف بابن اللبودي اشتغل قليلا ودخل دمشق وجلس شاهدا بمركز باب الفرج فلما صارت الدولة للمؤيد ذهب المذكور إلى مصر وناب في الحكم بها مدة. ثم عزل بالقاضي ناصر الدين البارزي مقدم دمشق ورتب له القاضي شهاب الدين بن العز شيئا لأنه كان فقيرا واستنابة مدة عزله واستنابه القاضي شهاب الدين الصفدي مدة ثم افجع لم أرى مستخلفه لأي لتفت إليه وكان نفسه أنه قد احتيج إليه وكانت بضاعته مع العلم مزجاة ومع ذلك علق شيئا على ما نقله من الكتب من غير فهم وذكر أنه كان يقرأ ما يكتبه على مشايخه وكان له تصدير في الجامع وكان فقيرا جدا ودفن بباب الفراديس وقد جاوز السبعين أو قاربها توفي رحمه الله تعالى في يوم الخميس ثامن عشر انتهى.(2/147)
184- الخانقاه اليونسيه
بأول شرف العالي الشمالي غربي الخانقاه الطواويسه أنشأها الأمير الكبير الشرفي يونس داودار الظاهر برقوق في سنة أربع وثمانين وسبعمائة كما هو مكتوب على بابها وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين المذكورة كما هو مكتوب في الداير داخلها ولعل الأول كان ابتداء الشروع في عمارتها والثاني انتهاؤها وذلك بنظر الكافلي بيدمر الظاهري وشرط في كتاب وقفها الأصلي أن يكون الشيخ بها والصوفية حنيفة إفاقية ولم يشرط في المختصر بكونهم إفاقية وشرط فيهما أن يكون الإمام بها حنيفا وعشره من القراء ووقف عليها الدكاكين خارج باب الفرج ثم احترقت في أيام الملك المؤيد شيخ فعمرها وأدخلها في وقفه وعوض الخانقاه بحمام العلاني خارج باب الفرج والفراديس والحمام بكفر عامر والآن ال إليها من وقف ذريته قطعة الأرض بسكة الحمام والقاعة لصيق الخانقاه وولي مشيختها الشيخ شمس الدين بن عزيز الحنفي وقد مرت ترجمته في المدرسة العزيزية ثم ولي مشيخة اليونسية الشيخ شمس الدين بن عوض الحنفي إمام جامع يلبغا قال تقي الدين ابن قاضي: شهبة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة اشتغل في الفقه على الشيخ شرف الدين بن منصور وغيره واشتغل في غير الفقه على جماعات وكان يستحضر من الحاوي الصغير ولم يكن مبرزا في شيء وأم بجامع يلبغا مدة وولي مشيخة الخانقاه اليونسية وكان له تصدير بالجامع الأموي وربما جلس للاشتغال في بعض الأحيان وحصل له في آخر عمره غفلة شديدة توفي في ليلة الاثنين رابع عشره عن نحو سبعين سنة وترك ابنين لأي صلحان لصالحه وقررا في غالب جهاته فلا حول ولا قوة إلا بالله انتهى.(2/148)
158- خانقاه مجهولة
رأيت في كتاب العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة وابن السفاري أمير الحاج عماد الدين يوسف ابن أبي النصر أبو الفرج الدمشقي حدث بالصحيح مرات(2/148)
وروى لنا عن الناصح والإربلي وجماعة وحج مرات توفي في زمن التتار ووضع في تابوت فلما امن الناس نقل إلى النيرب ودفن بقبته التي في الخانقاه وله نحو من سبعين سنة انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.(2/149)
فصل الرباطات
الرباط البياني
...
فصل الرباطات
186- الرباط البياني
داخل باب شرقي قال ابن شداد في ذكر الربط: رباط أبي البيان بناه بحارة درب الحجر انتهى. قال الذهبي في العبر: فيمن مات سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وأبو البيان بنا بن محمد بن محفوظ القرشي الشافعي الدمشقي الزاهد ويعرف بابن الحوراني سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وغيره كان صالحا ملازما للعلم والمطالعة كثير المراقبة كبير الآن بعيد الصيت صاحب أحوال ومقامات ملازما الأثر له تآليف ومجاميع ورد على المتكلمين وله أذكار مسجوعة وأشعار مطبوعة وأصحاب مريدون وفقراء بهديه يقتدون كان هو والشيخ رسلان شيخي دمشق عصرهما وناهيك بهما توفي في شهر ربيع الأول وقبره يزار بباب الصغير رحمه الله تعالى انتهى. ودفن بجانب الشيخ العالم الرباني الفندلاوي رحمه الله تعالى وقال الذهبي فيها أيضا في سنة خمس وثلاثين وستمائة: ومحمد بن نصر الدين بن عبد الرحمن بن محمد بن محفوظ القرشي الدمشقي شرف الدين ابن أخي الشيخ أبي البيان أديب شاعر صالح زاهد وولي مشيخة رباط أبي البيان وروى عن ابن عساكر توفي في شهر رجب رحمه الله تعالىانتهى.(2/150)
187- الرباط التكريتي
بالقرب من الرباط الناصري بقاسيون. قال ابن كثير في سنة سبعين وستمائة: وجيه الدين محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد التكريتي التاجر الكبير ابن سويد ذو الأموال الكثيرة وكان معظما عند الدولة ولا سيما عند الملك الظاهر كان يجله ويكرمه لأنه قد كان أسدى إليه جميلا في حال أمرته قبل أن يلي السلطنة ودفن برباطه وتربته بالقرب من الرباط الناصري بقاسيون وكانت كتب الخليفة ترد إليه كل وقت وكانت مكاتباته مقبولة عند جميع الملوك حتى ملوك الفرنج في السواحل وفي أيام التتار وهولاكو وكان كثير الصدقات والبر انتهى رحمه الله تعالى انتهى.(2/150)
188- رباط صفية
قال البرزالي في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة من تاريخه في ترجمة بنت قاضي القضاة عبد الله بن عطاء الحنفي: إنها كانت شيخة رباط صفية القلعية جوار بيتنا بالقرب من المدرسة الظاهرية انتهى.(2/151)
رباط زهرة ورباطات أخرى
...
189-رباط زهرة
بقرب حمام جاروخ بجوار دار الأمير مسعود ابن الست عذرا صاحبة المدرسة سثم صارت هذه الدار للأمير جمال الدين موسى ابن يغمور.
وقد ذكر ابن شداد بعد أن ذكر هذه الربط المتقدمة رباطات أخرى وهي:
190- رباط طمان من أمراء بني سلجوق تحت القلعة.
191- رباط جاروخ منسوب لجاروخ التركماني.
192- رباط الغرس خليل كان واليا بدمشق.
193- رباط المعراني بدرب المهراني.
194- رباط البخاري عند باب الجابية.
195- رباط السفلاطوني.
196- رباط الفلكي.
197- رباط بنت السلار داخل باب السلام.(2/151)
198- رباط عذراء خاتون داخل باب النصر.
199- رباط بدر الدين عمر.
200- رباط الحبشية بمحلة قصر الثقفيين يعني بمحلة المعينية.
201- رباط أسد الدين شيركوه قبالة داره بدرب زرعة.
202- رباط القصاعين.
203- رباط بنت الدفين داخل المدرسة الفلكية.
204- رباط بنت عز الدين مسعود صاحب الموصل قلت زاد بعضهم.
205- الرباط الدواداري داخل باب الفرج ولي مشيخته نور الدين بن قوام.
206- الرباط الفقاعي بسفح قاسيون ذكره البرزالي في سنة خمس وثلاثين وستمائة.
فائدة: قال الشيخ كمال الدين الدميري1 في باب الاحياء والأموات والخانكاه بالكاف وهي بالعجمية دار الصوفية ولم يتعرضوا للفرق بينها وبين الزاوية والرباط وهو المكان المسبل للأفعال الصالحة والعبادة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا أدلكم على ما يمحو به الخطايا ويرفع الدرجات" قلنا: بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وأنتظار الصلاة فذلكم الرباط" أو كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله تعالى: {وَرَابِطُوا} قيل هي انتظار الصلاة بعد الصلاة ولم يكن في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزو يرابط فيه انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 7: 79.(2/152)
فصل الزوايا
207- الزواية الأرموية
فوق الروضة بجبل قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: والشيخ عبد الله بن يونس الأرموي الزاهد القدوة صاحب الزاوية بجبل قاسيون كان صالحا متواضعا مطرحا للتكلف يمشي وحده ويشتري الحاجة وله أحوال ومجاهدات وقدم في الفقر توفي رحمه الله تعالى في شوال وقد شاخ انتهى. وقال فيها في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة في ترجمة الشيخ غانم بن علي المقدسي الزاهد ما عبارته: واتفق موته عند صاحبه الشيخ عبد الله الأرموي في غرة شعبان فدفن عنده انتهى. وقال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: والأرموي الشيخ الزاهد إبراهيم ابن الشيخ القدوة عبد الله روى عن الشيخ الموفق وغيره توفي رحمه الله تعالى في المحرم وحضر جنازته ملك الأمراء والقضاة وحمل على الرؤوس وكان صالحا خيرا متقيا قانتا لله انتهى. قال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة خمس وخمسين وسبعمائة: بالصالحية الشيخ الصالح المعمر القدوة علاء الدين علي بن إبراهيم بن الشيخ عبد الله الأرموي حدث عن الفخر بن البخاري في شوال ودفن بزاوية جده انتهى.
208- الزاويه الروميه الشرقيه
بسفح قاسيون قال الشيخ الذهبي في العبر في سنة أربع وثمانين وستمائة: الشيخ الزاهد شرف الدين محمد ابن الشيخ الكبير عثمان بن علي صاحب الزاوية التي(2/153)
بسفح قاسيون كان عجيبا بالكرم والتواضع ومحبة السماع توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى وقد نيف على السبعين من السنين انتهى.
209- الزاوية الحريرية
ظاهر دمشق بالشرف القبلي قال الذهبي في العبر في سنة خمس وأربعين وستمائة: والشيخ علي الحريري أبو محمد ابن أبي الحسن علي بن مسعود الدمشقي الفقير ولد بقرية بسر من حوران ونشأ بدمشق وتعلم بها على الشيخ العتابي ثم تمفقر وعظم أمره وكثرت أتباعه وأقبل على المطيبة والراحة والسماعات والملاح وبالغ في ذلك فمن يحسن به الظن يقول: هو كان صحيحا في نفسة صاحب حال وتمكن وصول ومن خبر أمره ورماه بالكفر والضلال وهو أحد من لا يقطع عليه بجنة ولا نار فإنا لانعلم بما ختم له به لكنه توفي رحمه الله تعالى في يوم شريف يوم الجمعة قبيل العصر السادس والعشرين من شهر رمضان وقد نيف عن التسعين فجأه انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وأربعين المذكورة: وممن توفي فيها من المشاهير الشيخ علي الحريري ابن أبي الحسن على بن منصور البسري المعروف بالحريري أصله من قريه بسر شرقي زرع وأقام بدمشق مدة يعمل صنعة الحرير ثم ترك ذلك وأقبل يعمل الفقيري على يدي الشيخ علي المغربل تلميذ الشيخ أرسلان التركماني الجعبري فاتبعه طائفة من الناس يقال لهم الحريرية وابتنى لهم زاوية على الشرف القبلي وبدت منه أفعال انكرها عليه الفقهاء كالشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين بن الصلاح والشيخ أبي عمر وابن الحاجب شيخ المالكيه وغيرهم فلما كانت الدولة الأشرفيه سجنه بقلعة عزتا مدة سنين ثم أطلقه الصالح إسماعيل واشترط عليه أن لا يقيم بدمشق فلزم بلده قرية بسر حتى كانت وفاته في هذه السنة انتهى. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة في الذيل: وفي شهر رمضان توفي الشيخ علي المعروف بالحريري بقرية بسر في زاويته وكان يتردد إلى دمشق وتبعه طائفة من الفقراء وهم المعرفون بالحريرية أصحاب(2/154)
الزي المنافي للشريعة وباطنهم شر من ظاهرهم إلا من رجع إلى الله تعالى منهم وكان عند هذا الحريري من الاستهزاء بأمور الشريعة والتهاون بها من إظهار شعار أهل الفسوق والعصيان شئ كثير وانفسد بسببه جماعة كثيره من أولاد كبراء الدماشقه وصاروا على زي أصحابه وتبعوه بسبب أنه كان خلع العذار يجمع مجلسه الغناء الدائم والرقص والمردان وترك الانكار على ذلك فيما يفعله وترك الصلوات وكثرة النفقات وأظل خلقا كثيرا وأفسد جمعا غفيرا ولقد أفتى في قتله مرارا جماعة من علماء الشريعة ثم أراح الله تعالى منه هذا لفض بحروفه انتهى. كلام ابن كثير. وقال الصفدي رحمه الله تعالى في المحمدين من كتابه الوافي: محمد بن علي هو ابن الشيخ علي الحريري رجل صالح دين خير ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة ولم مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فطلب منهم شروطا لم يقدر أصحابه على اشتراطها فتركهم وانعزل عنهم توفي رحمه الله تعالى بدمشق في سنة إحدى وخمسين وستمائة ودفن عند الشيخ رسلان عاش سبعا وأربعين سنة والله أعلم.
210- الزاويه الحريرية الأعقفية
بالمزة قال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: الشيخ أحمد الأعقف الحريري شهاب الدين بن حامد بن سعيد التنوخي الحريري ولد سنة أربع وأربعين وستمائة واشتغل في صباه على الشيخ تاج الدين الفزاري في التنبيه ثم صحب الحريريه وخدمهم ولزم مصاحبة الشيخ نجم الدين ابن اسرائيل1 وسمع الحديث وحج غير مرة وكان مليح الشكل كثير التودد إلى الناس حسن الأخلاق توفي يوم الأحد ثالث عشرين شهر رمضان بزاويته بالمزة ودفن رحمه الله تعالى بمقبرة المزة وكانت جنازته حافلة مشهودة انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 5: 359.(2/155)
211- الزاوية الدهستانية
عند سوق الخيل بدمشق. قال ابن كثير في سنة عشرين وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ إبراهيم الدهستاني وكان قد أسن وعمر وكان يذكر أن عمره حين أخذت التتار بغداد أربعون سنة وكان يحضر هو وأصحابة تحت قبة النسر إلى أن توفي ليلة الجمعة السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر بزاويته التي عند سوق الخيل بدمشق ودفن بها رحمه الله تعالى وله من العمر مائة وأربع سنين كما قال هو والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى.
212- الزاوية الحصنية
أنشأها الشيخ تقي الدين الحصني1 بالشاغور وقف عليها وعلى ابن أخيه شمس الدين محمد وقفا الأمير سودون بن عبد الله التنبكي الدواداري في مرض موته لما ولي أستاذه نيابة دمشق في أول سنة خمس وسبعين وكان دوادارا ثانيا فجعله دوادار كبيرا في صفر سنة سبع وتسعين وباشر بعفة وعقل وسكون فلما مات السلطان الملك الظاهر في أواخر سنة إحدى وثمانمائة وعصى أستاذه سافر إلى مصر في رسالة ورجع فأشار على أستاذه بعدم العصيان فلم يلتفت إليه وعزله من دواداريته فلما جاء السلطان وانكسر تنبك أعطي أمرة طبلخ أنه وشكره المصريون على صنيعة ثم ترك الأمرة وأقبل على الزراعة والغراس والاشتغال باستئجار الأرض وشرائها وحصل أملاكا جيدة كثيرة وكان عاقلا ساكنا متدينا توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء سادس عشر شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة وهو في عشر الستين ودفن بمقبرة الصوفية انتهى.
213- الزاوية الدينورية
بسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة تسع وعشرين وستمائة: والشيخ
__________
1 شذرات الذهب 7: 188.(2/156)
عمر بن عبد الملك الدينوري الزاهد نزيل جبل قاسيون كان صاحب أحوال ومجاهدات وأتباع وهو والد خطيب كفر بطنا جمال الدين1 انتهى. وقال الأسدي في تاريخه الأعلام في السنة المذكورة: عمر بن عبد الملك بن إبراهيم الدينوري الزاهد نزيل جبل قاسيون كان شيخا زاهدا عابدا قانتا محببا منقطعا إلى عبادة الله تعالى عز وجل صاحب أحوال ومجاهدات له زاوية وأصحاب قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد وزرت شيخه وبدلالتي قدم الشام وسكن الجبل. قال الذهبي: وهو والد جمال الدين محمد الخطيب والإمام بقرية كفر بطنا مات رحمه الله تعالى في شعبان انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وثمانين وستمائة: والدينوري خطيب كفر بطنا الشيخ جمال الدين أبو البركات ابن القدوة العابد الشيخ عمر بن عبد الملك الصوفي الشافعي ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بالدينور وقدم مع أبيه وله عشر سنين فسكن بسفح قاسيون وسمع الكثير ونسخ الأجزاء واشتغل وحصل وحدث عن ابن الزبيدي والناصح ابن الحنبلي وظائفه توفي رحمه الله تعالى في شهر رجب وكان دينا فاضلا عالما رحمه الله تعالى وأموات المسلمين انتهى.
214- الزاوية الدينورية الشيخية
قال ابن كثير في سنة إحدى وستين وستمائة: الشيخ أبو بكر الدينوري هو باني الزاوية بالصالحية وكان له فيها جماعة مريدون يذكرون الله تعالى بأصوات حسنة طيبة انتهى. 215- الزاوية السيوفية
بسفح قاسيون على نهر يزيد غربي دار الحديث الناصرية والعالمة قال الذهبي رحمه الله تعالى في المختصر الذي هو أصغر من العبر: في سنة عشر وسبعمائة مات الشيخ السيوفي بزاويته التي بسفح قاسيون وهو نجم الدين عيسى بن شاه أرمن
__________
1 شذرات الذهب 5: 393.(2/157)
الرومي انتهى. ولم يذكره في ذيل العبر وأوقف عليها وعلى ذرية الشيخ نجم الدين الملك الناصر قريتي عين الفيجة ودير مقرن بوادي بردى الثلث للزاوية والثلثان للذرية وبنى له ولجماعته بيوتا حولها رحمهم الله تعالى.
216- الزاوية الداودية
بسفح قاسيون تحت كهف جبريل أنشأها الشيخ الصالح العالم الرباني زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ أبي بكر بن داود القادري الصوفي الصالحي ميلاده سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة قال بعضهم: أنشا هذه الزاوية التي لا نضير لها بدمشق وعمر خانا بقرية الحسينيه من وادي بردى على طريق بعلبك وطرابلس يأوي إليه المسافرون وسهل وعزل عقبة دمر وغيرها من الطرق وعمر مدرسة أبي عمر الصالحية لما كان ناظرا عليها وكذلك البيمارستان القيمري وكان ذا مكانة زائدة عند الحكام شاما ومصرا ذا نفع متعدد يساعد المظلوم والمظلومين عند الظلمة ويصدهم عنهم وكان يتردد إليه نائب الشام وأعيانها وكان مشاركا في علوم وله عدة مصنفات لم يأت الزمان من أبناء جنسه بمثله انتهى. توفي رحمه الله تعالى من غير علة ولا ضعف ليلة الجمعة تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثمانمائة عن نحو من ثلاث وسبعين سنة من غير ولد ذكر دفن بزاويته هذه والذي في حفظي أن الذي أنشأها أي هذه الزاوية الداودية هو الشيخ أبو بكر والده وكانت وفاته رحمه الله تعالى سنة ست وثمانمائة انتهى.
217- الزاوية السراجية
بالصاغة العتيقة داخل دمشق. قال السيد الحسيني في ذيله على العبر للذهبي فيمن توفي سنة أربع وستين وسبعمائة: وشيخنا الإمام العلامة الزاهد القدوة بهاء الدين أبو الأدب هارون الشهير بعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الولي الأخميمي المراغي المصري ثم الدمشقي الشافعي وكان عارفا(2/158)
للمعقولات تخرج بالشيخ علاء الدين القونوي وروي لنا عن يونس بن إبراهيم الدبابيسي1: وألف أشياء منها "كتاب المنقذ من الزلل في القول والعمل" وكان يؤم بمسجد درب الحجر. توفي رحمه الله تعالى ودفن بزاوية ابن السراج بالصاغة العتقية داخل دمشق بالقرب من سكنه انتهى.
218- الزاوية الشريفية التغاراتية
شرقي المدرسة الناصرية الجوانية أنشأها السيد محمد الحسيني التغاراتي وكان يقيم وقته فيها ليلة الأربعاء مات رحمه الله تعالى ودفن بها انتهى.
219- الزاوية الطالبية الرفاعية
يقصر حجاج قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وثمانين وستمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ طالب الرفاعي بقصر حجاج وله زاوية مشهورة به وكان يزور بعض المريدين فمات انتهى.
220- الزاوية الوطية
شمالي جامع جراح برسم المغاربة على أختلاف اجناسهم بشرط أن لا يكون النازل بها مبتدعا ولا شريرا وقفها الرئيس علاء الدين علي المشهور بابن وطية الموقت بالجامع الأموي سنة اثنتين وثمانمائة ووقف عليها حوانيت وطباقا حولها وشرط على شيخها أن لا يكون بأبواب القضاة والحكام كذا وقف على كتاب وقفها في أواخر جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعمائة وتعرف الآن بزاوية المغاربة انتهى.
221- الزاوية الطيبية
شمالي القيمرية الكبرى قال ابن كثير في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: الشيخ
__________
1 شذرات الذهب 6: 92.(2/159)
طي المصري أقام مدة في زاوية له بدمشق عند الرحبة التي يباع فيها الصناديق عند دار بني القلانسي شرقي حمام أسامة وكان ظريفا كيسا زاهدا يتردد إليه الأكابر مات رحمه الله تعالى ودفن بزاوينه المشهورة والله أعلم.
222- الزاوية العمادية المقدسية
عند كهف جبريل بسفح قاسيون قال شيخنا برهان الدين بن مفلح في طبقاته أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور الشيخ الإمام عماد الدين ابن الشيخ العماد المقدسي الصالحي سمع من أبي القاسم بن الحرستاني وابن ملاعب والشيخ موفق الدين ثم رحل إلى بغداد متفرجا وله حظ من صيام وصلاة وذكر سمع منه المزي والبرزالي وافام مدة بزاوية له بسفح قاسيون عند كهف جبريل وكف يصره في آخر أمره توفي رحمه الله تعالى ودفن يوم عرفة عند قبر والده بالروضة سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى.
223- الزاوية الغسولية
بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة: ومات بقاسيون شيخ الفقراء أبو عبد الله محمد بن أبي الزهر الغسولي عن ثلاث وثمانين سنة روى عن إبراهيم بن خليل حضورا وعن العماد ابن عبد الهادي وابن عبد الدايم وجماعة وله زاوية ومريدون رحمه الله تعالى انتهى.
224- الزاوية الفقاعية
بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في تسع وثلاثين وسبعمائة: والصواب سنة تسع وسبعين وستمائة والشيخ يوسف الفقاعي الزاهد ابن نجاح بن موهوب توفي رحمه الله تعالى في شوال ودفن بزاويته بسفح قاسيون وقد نيف على الثمانين وكان عبدا صالحا خائفا قانتا كبير القدر له أصحاب ومريدون انتهى.(2/160)
225- الزاوية الفرنثية
بسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة إحدى وعشرين وستمائة: والشيخ علي الفرنثي الزاهد صاحب الزاوية والأصحاب بسفح قاسيون وكان صاحب حال وكشف وعبادة وصدق توفي رحمه الله تعالى في جمادة الآخرة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه المعروف بالأعلام وفي السنة المذكورة: علي الفرنثي. قال الذهبي: الرجل الصالح كبير القدر صاحب كرامات ورياضيات وصيانة وله أصحاب ومريدون وله زاوية بسفح قاسيون وذكر الشيخ محمد بن أبي الفضل قال: شاهدت الشيخ الفرنثي والحجر ينزل من المقطع فيشير إليه يامبارك يمين فينزل يمينه ويقول: يامبارك شمال فينزل شمالا توفي رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة بقاسيون وبني على قبره قبة اهـ. وقال الذهبي في المشتبه والزاهد: الشيخ الفرنثي بسفح قاسيون وأولاده. قال ابن ناصر الدين في مسودة توضحية في حرف الفاء: الكمال أبو الحسن علي بن محمد بن حسين بن علي الفونثي بفتح الفاء وسكون الواو وفتح النون وكسر المثلثة ويقال الفونفي بالفاء بدل المثلثة سمع من ابن اللتي ومن طبقته مات رحمه الله تعالى في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة بسفح قاسيون وكان الشيخ لزاويتهم بعد أبيه وأبيه هو خليفة الشيخ علي الفرنثي وابن زوجته وخادمه وصاحبة وقائم مقام ولده فيما ذكر العلم ابن البرزالي وأخوه موسى مات رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة ست وثمانين بزاويتهم بالجبل انتهى. كلام ابن ناصر الدين وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ست وأربعين وسبعمائة: ومات الشيخ الصالح الزاهد أبو عبد الله محمد بن موسى بن محمد بن حسين الفرنثي الصوفي الصالحي أحد مشايخها الزهاد ولد سنة ست وستين وسمع الحديث عن الشيخ شمس الدين وابن البخاري وغيرهما وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان ودفن بزاوية جده بقاسيون انتهى.(2/161)
226- الزاوية القوامية البالسية
غربي قاسيون والزاوية السيوفية ودار الحديث الناصرية على حافة نهر يزيد قال الذهبي فيمن مات في سنة ثمان وخمسين وستمائة من تاريخه العبر وابن قوام الشيخ الزاهد الكبير أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي جد شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر كان زاهدا عابدا صاحب حال وكشف وكرامات وله زاوية واتباع ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة وتوفي رحمه الله تعالى في سلخ شهر رجب ببلاد حلب المحروسة ثم نقل تابوته ودفن بسفح قاسيون في أوائل سنة سبعين وقبره ظاهر يزار انتهى. قال في ذيل العبر في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: ومات في صفر بزاوية الإمام القدوة بركه الوقت الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي عن سع وستين سنة روى لنا عن أصحاب ابن طبرزد وكان محمود الطريقه متين الديانة انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في السنة المذكورة: وفيها توفي شيخنا القدوة الشيخ محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكر بن قوام البالسي وله ثمان وستون سنة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة ثمان عشر وسبعمائة: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ العالم العامل الصالح الناسك الورع الزاهد القدوة بقيمة السلف والخلف أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح عمر ابن السيد القدوة الناسك الكبير العارف أبي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي ولد سنة خمسين وستمائة ببالس وسمع من أصحاب ابن طبرزد وكان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت مقصدا لكل أحد كثير الوقار عليه سيماء الخير والعبادة إلى أن قال: توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين الثاني والعشرين من صفر بالزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والناصرية والعادلية وصلي عليه بها ودفن فيها وحضر جنازته ودفنه خلق كثير وجم غفير إلى أن قال: ولم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة ولا غيرهم ولا لزاويته مرتب ولا وقف وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل وكان يزار وله معرفة تامة وكان حسن العقيدة صحيح الطوية ومحبا للحديث واثار السلف كثير التلاوة يحب الخلوة وقد(2/162)
صنف جزءا فيه أخبار جده رحمه الله تعالى انتهى. وقال الصفدي رحمه الله تعالى: وقف عليها بعض التجار بعض قرية وجمع سيرة لجده قل أن ترى العيون مثله توفي رحمه الله تعالى سنة ثماني عشرة وسبعمائة ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون وله من العمر ثمان وستون سنة انتهى. وخلف من الأولاد: ولده الشيخ الأصيل الفقيه نور الدين أبا عبد الله محمد ميلاده في شهر رمضان سنة سبع عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة وتفقه ودرس وحدث قال ابن كثير: كان من العلماء الفضلاء درس بالناصرية البرانية مدة سنتين بعد أبيه وبالرباط الداوداري داخل باب الفرج وكان يحب السنة وبفهمها جيدا وقال الحافظ ابن رافع: سمع وتفقه ودرس وكان حسن الخلق توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بزاويتهم انتهى. وقد مر ذكره في دار الحديث الناصرية وترجمة والده أيضا رحمهم الله تعالى انتهى.
227- الزاوية القلندرية الدركزينية
قال الأسدي في ترجمة محمود بن محمد شرف الدين الطالبي الدركزيني1: أنه توفي بدركزين قال: وهي بدال مهملة مفتوحة ثم راء ساكنه ثم كاف مكسورة ثم زأي بعدها ياء تحتية ثم نون هي بلدة من همدان بينهما اثني عشر فرسخا.
وهذه الزاوية بمقبرة باب الصغير شرقي محله مسجد الذبان وشرقي مئذنة البصية قال الشيخ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي رحمه الله تعالى في المحدين من كتاب الوافي بالوفيات ما صورته: محمد بن يونس الشيخ جمال الدين الساوجي الزاهد شيخ الطائفة القلندرية قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم وسكن قاسيون في زاوية الشيخ عثمان الرومي وصلى بالشيخ عثمان المذكور مدة ثم حصل له زهد وفراغ من الدنيا فترك الزاوية وأقام بمقبرة الباب الصغير بقرب
__________
1 شذرات الذهب 6: 139.(2/163)
موضع القبة التي بنيت لأصحابة وبقي مدة بقبة زينب بنت زين زين العابدين رضى الله تعالى عنهم واجتمع بالجلال الدركزيني والشيخ عثمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية ثم إن الساوجي حلق وجهه ورأسه ولاق حاله بأولئك فوافقوه وحرقو مثله ثم إن أصحاب الشيخ عثمان طلبوا الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه وقبحوا فعله فلم ينطق ثم أنه اشتهر وتبعه جماعة وحلقوا وذلك في حدود العشرين وستمائة ثم إنه لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط فأنكروا حاله وزيه فزيق بينهم ساعة ثم أنه رفع رأسه فإذا هو بشيبة بيضاء كبيرة على ما قيل فاعتقدوا فيه وتوفي رحمه الله تعالى بدمياط وقبره هناك مشهور وذكر شمس الدين بن الجوزي في تاريخه: أنه رأى كراريس بخطه من تفسير له وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصغير جلال الدركزيني وبعده الشيخ محمد البلخي الذي شرع لهم الجولق الثقيل وأقام الزاوية وأنشأها وكثر أصحابه وكان للملك الظاهر فيه اعتقاد فلما تسلطن طلبه فلم يمض إليه فبنى لهم السلطان هذه القبة من مال الجامع وكان إذا قدم الشام يعطيهم ألف درهم وشقتي بسط ورتب لهم ثلاثين غرارة قمح في السنة وفي اليوم عشرة دراهم وكان السويداوي منهم يحضر سماط السلطان الملك الظاهر ويمازح السلطان ولما أنكروا في دولة الأشرف موسى على الشيخ علي الحريري أنكروا على القلندرية ونفوهم إلى قصر الجنيد وذكر نجم الدين ابن اسرائيل الشاعر: أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة ست عشرة وستمائة وكانت وفاة الساوجي المذكور في حدود الثلاثين والستمائة رحمه الله تعالى انتهى. كلامه في الجزء الثامن من العشرة وقال والد شيخنا الأسدي في آخر الجزء الثاني من تاريخه المسمى بالأعلام المنتقى من تاريخ الإسلام للذهبي وما اضيف إليه من تاريخ ابن كثير والكتبي وغيرهما ماصورته محمد الشيخ جمال الدين الساوجي الزاهد شيخ الطائفة القلندرية قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم وسكن جبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرومي وصلى بالشيخ عثمان مدة ثم حصل له زهد وفراغ عن الدنيا وترك الزاوية وانكمش وأقام بمقبرة الباب الصغير بقرب موضع القبة التي بنيت(2/164)
لأصحابه وبقي مدة مديدة بقبة زينب بنت زين العابدين رحمهم الله تعالى واجتمع فيها بجلال الدركزيني والشيخ عمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية ثم إن الساوجي حلق رأسه ولحيته فانطلى حاله الشيطاني على جماعه فوافقوه وحلقوا ثم فتش أصحاب الشيخ عثمان على الساوجي فوجدوه بالقبه فسبوه وقبحوا فعله فلم ينطق ولا رد عليهم ثم اشتهر وتبعه خلق وحلقوا. قال الذهبي: وذلك في حدود العشرين والستمائة فيما أظن ثم لبس دلق شعر وسافر إلى دمياط فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع فزيق بينهم ساعة ثم رفع رأسه فإذا هو بشيبه فيما قيل كبيرة بيضاء فاعتقدوا فيه وضلوا به حتى قيل إن قاضي دمياط وأولاده وجماعه حلقوا لحاهم وصحبوه والله تعالى أعلم بصحة ذلك وتوفي بدمياط وقبره بها مشهور وله هناك اتباع. وذكر شمس الدين بن الجوزي في تاريخه: أنه رأى كراريس من تفسيرات الفران للساوجي وبخطه وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصغير الشيخ جلال الدين الدركزيني وبعده الشيخ محمد البلخي وهو أعني البلخي من مشاهير القوم وهو الذي شرع الجولق الثقيل وأقام الزاوية وأنشأها وكثر أصحابه وكان للمك الظاهر فيه اعتقاد فلما تسلطن طلبه فلم يمض إليه فبنى لهم السلطان هذه القبه من مال الجامع وكان إذا قدم يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتب لهم ثلاثين غرارة قمح في السنة وعشرة دراهم في اليوم قال الذهبي: ولما أنكروا في دولة الأشرف موسى على الشيخ علي الحريري أنكروا على القلندرية وتفسيره بالعربية المحلقين ونفوهم إلى قصر الجنيد وذكر ابن اسرائيل الشاعر: أن هذه الطائقة ظهرت بدمشق سنة ست عشر وستمائة ثم أخذ يصف حالهم الملعون وطريقتهم الخارجة عن الدين انتهى. كلام الأسدي
228- الزاوية القلندرية الحيدرية
قال ابن كثير في سنة خمس وخمسين وستمائة: وفيها دخلت الفقراء الحيدرية الشام ومن شعارهم لبس الفراجي والطراطير ويقصون لحاهم ويتركون(2/165)
شواربهم وهو خلاف السنة وتركوها لمتابعة شيخهم حيدر حين أسره الملاحده فقصوا لحيته وتركوا شواربه فاقتدوا به في ذلك وهو معذور ماجور وليس لهم فيه قدوة وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك وقد بنيت لهم زاوية بظاهر دمشق قريبا من العوينه انتهى.
229- الزاوية اليونسية
بالشرف الشمالي بدمشق غربي الوراقة والمدرسة العزية البرانية قال الذهبي في العبر في سنة تسع عشرة وستمائة: والشيخ يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي القنيي والقنية قرية من نواحي ماردين وهذا شيخ الطائفة اليونسية أولى الشطح وقلة العقل أبعد الله شرهم وكان رحمه الله صاحب حال وكشف يحكى عنه كرامات وقال ابن خلكان في وفياته: الشيخ يونس بن يوسف بن جابر بن إبراهيم بن مساعد الشيباني المخارقي شيخ الفقراء اليونسية وهم منسوبون إليه ويعرفون به وكان رجلا صالحا وسألت جماعة من أصحابه عن شيخه من فقالوا: لم يكن له شيخ وإنما كان مجذوبا وهم يسمون من لا شيخ له بالمجذوب يريدون بذلك أنه جذب إلى طريق الخير والصلاح ويذكرون له كرامات كثيرة أخبرني الشيخ محمد بن أحمد بن عبيد وكان قد رآه وهو صغير وذكر أن أباه أحمد كان صاحبه قال: كنا مسافرين والشيخ يونس معنا فنزلنا في الطريق على عين بوار وهي التي يجلب منها الملح البواري وهي بين سنجار وعانة قال: وكانت الطريق مخوفة فلم يقدر أحد منا أن ينام من شدة الخوف ونام الشيخ يونس قال: فلما انتبه قلت له: كيف قدرت تنام فقال لي: والله ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام وتدرك القفل فلما أصبحنا رحلنا سالمين ببركة الشيخ يونس قال: وعزمت مرة على دخول نصيبين وكنت عند الشيخ يونس في قريته فقال لي: إذا دخلت البلد فاشتر لام مساعد كفنا قال: وكانت في عافية وهي ام ولده فقلت: وما بها حتى نشتري لها الكفن قال: ما يضر فذكر أنه لما عاد وجدها قد ماتت وذكر له غير هذا من الأحوال والكرامات وأنشد له مواليا:(2/166)
أنا حميت الحمى وأنا مكثت فيه ... وأنا رميت الخلائق في بحار التيه
من كان يبغي العطا مني أنا أعطيه ... أنا فتى ما أداني من به تشبيه
وذكر الشيخ محمد المذكور: أن الشيخ يونس توفي في سنة تسع عشرة وستمائة في قريته وهي القنية من أعمال دارا وهي بضم القاف وفتح النون وتشديد الياء المثناة من تحت تصغير قناة وقبره مشهور بها يزار رحمه الله تعالى وقد كان ناهز التسعين سنة من عمره انتهى. وقال الأسدي في سنة تسع عشرة وستمائة: الشيخ يونس شيخ الطائفة اليونسية يونس بن يوسف بن مساعد الشيباني المخارقي المشرقي القنيي والقنية قرية من أعمال دارا من نواحي ماردين قال الذهبي: هذا شيخ الطائفة اليونسية من أولى الدعارة والشطارة والشطح وقلة العقل أبعد الله شرها كان شيخا زاهدا كبير الآن له الأحوال والمقامات والكشف قال ابن خلكان: سألت رجلا من أصحاب الشيخ يونس فقلت له: من شيخ الشيخ؟ فقال: لم يكن له شيخ بل كان مجذوبا. قال القاضي: ويذكرون له كرامات وذكر الذهبي أنه سمع ابن تيميه ينشد للشيخ يونس بيتا ظاهره شطح والحاد قال: وفي الجملة لم يكن الشيخ يونس من أولي العلم بل من أولي الحال والكشف وكان عاريا من الفضيلة وكان ابن تيميه يتوقف في أمره أولا ثم أطلق لسانه فيه وفي غيره من الكبار والثبات في ثبوت ما ينقل عن الرجل أولي والله تعالى المطلع.
وأما اليونسية فهم شر طوائف الفقراء ولهم أعمال تدل على الاستهتار والانحلال قولا وفعلا أستحي من الله تعالى ومن الناس التفوه بها قال: ولا يغتر المسلم بكشف ولا بحال فقد تواترت الكشف والبرهان عن الكهان والرهبان وذلك الهام الشيطان اما حال أولياء الله وكراماتهم فحق وأخبار ابن صياد بالمغيبات حال شيطاني دجالي وحال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وحال العلاء الحضرمي1 رضي الله عنه حال رحماني ملكي وكثير من المشايخ يتوقف
__________
1 شذرات الذهب 1: 32.(2/167)
في أمرهم فلا يتبين للناس أي القسمين حالهم والله تعالى أعلم انتهى. كلام الأسدي رحمه الله تعالى وقال الشيخ شهاب الدين بن العماد في كتاب الانتقاد على طائفتي الشهود والاعتقاد. فرع: جهلنا فسق الشاهد ولكن رأيناه يظهر الكرامات والمشي على الماء والطيران في الهواء وغير ذلك لم ينعقد النكاح به لثلاثة اوجه الأول أنه يجوز اظهار الكرامة على الكافر كما ظهرت على يد السامري في رؤيته لفرس جبريل عليه السلام دون بني اسرائيل حتى أخذ من تراب موضع حافر فرسه الثاني أن الولي يجب عليه اخفاء الكرامة كما صرح به أبو محمد في أول كتاب في اللطائف والحكم الثالث لو رأيت صاحب بدعة يطير في الهواء لم أقبله حتى يتوب من بدعته ذكره أبو نعيم1 في ترجمة الإمام الشافعي رضي الله عنه انتهى. وقال الذهبي في سنة عشرين وثلاثمائة من مختصر تاريخه: وفيها مات زاهد الشام أبو عمر الدمشقي وكان يقول: فرض على الولي كتمان الكرامات لئلا يفتتن بها انتهى.
وقال أبو يزيد البسطامي2 رحمه الله تعالى: لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وآداب الشريعة انتهى. وقال ابن كثير في سنة ست وسبعمائة: الشيخ الجليل سيف الدين الرجيحي بن سابق بن هلال بن يونس شيخ اليونسية بمقامهم صلي عليه سادس شهر رجب بالجامع ثم أعيد إلى داره التي سكنها داخل باب توما وتعرف بدار أمين الدولة فدفن بها وحضر جنازته خلق كثير من الأعيان والقضاة والأمراء وكانت له حرمه كبيرة عند الدولة وعند طائفته وكان ضخم الهامة جدا محلوق الشعر وخلف أموالا وأولادا انتهى. وقال في السنة التي قبلها: وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عيسى بن الشيخ سيف الدين الرجيحي بن سابق ابن الشيخ يونس القنيي ودفن بزاويتهم التي بالشرف الشمالي بدمشق غربي الوراقة والعزية يوم الثلاثاء تاسع المحرم انتهى. وقال في سنة سبع وعشرين وسبعمائة: وفي ذي القعدة توفي الشيخ فضل ابن الشيخ
__________
1 شذرات الذهب 3: 245.
2 شذرات الذهب 2: 143.(2/168)
الرجيحي اليونسي وأجلس أخوه يوسف مكانه بالزاوية انتهى. وولي مشيختها ونظرها صاحبنا القاضي محيي الدين عبد القادر بن محمد بن محمد بن عمر بن عيسى ابن الشيخ يوسف أي سيف الدين الرجيحي بن سابق بن هلال ابن الشيخ يونس اليونسي1 الشيباني الحنبلي ميلاده في صبيحة الجمعه ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة عرض على شيخنا بدر الدين ابن قاضي شهبة وعلى علماء الحنابلة ثم فوض إليه ابن خاله قاضي الحنابلة العلامة برهان الدين بن مفلح ثم ولي مشيخة زاوية جده اليونسية وكان بالمزة ثم انتقل إلى الصالحية وبنى بها زاوية بحارة الجوبان ووقف عليها وقفا.
فائدة: عبد الله بن أبي الحسن علي بن أبي الفرج2 الطرابلسي الشامي الفقيه الزاهد أسلم وعمره إحدى عشرة سنة وقرأ القراآت بحلقة الحنابلة بالجامع وذكر له شيخنا ترجمة في طبقاته وأنه قال: كنت أسمع كتاب "حلية الأولياء" على شيخنا أبي الفضل بن ناصر فرق قلبي وقلت في نفسي اشتهيت أن انقطع عن الخلق وأن اشتغل بالعبادة فمضيت وصليت خلف الشيخ عبد القادر الجيلي فلما صلينا جلسنا بين يديه فنظر إلي وقال: أردت الإنقطاع فلا تنقطع حتى تنفقه وتجالس الشيوخ وتتأدب بهم فحينئذ يصلح لك الإنقطاع وإلا فتمضي وتنقطع قبل أن تنفقه وأنت فريخ ما ريشت فإن إشكل عليك شيء في أمر دينك تخرج من زاويتك وتسأل عن أمر دينك ما أحسن صاحب الزواية أن يخرج من زوايته ويسأل الناس عن أمر دينه ينبغي لصاحب الزاوية أن يكون كالشمعة يستضاء بنوره سمع منه ابن القطيعي وابن خليل في معجمه توفي رحمه الله تعالى في ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وستمائة بأصبهان والله سبحانه وتعالى أعلم.
230- الزاوية العمرية
غربي محلة العقبية بالقرب من جامع التوبة قال ولد مؤلف هذا الكتاب
__________
1 شذرات الذهب 8: 46.
2 شذرات الذهب 5: 15.(2/169)
سيدنا ومولانا شيخ الإسلام بقية السلف الكرام أبو زكريا محيي الدين يحيى الشهير بوالده مؤلف هذا الكتاب: أنشا هذه الزاوية رجل يقال له الشيخ عمر الاسكاف الحموي1 أتى دمشق في أواخر قانصوه الغوري2 واشتهر في أول تولية السلطان سليم3 نصره الله تعالى على هذه المملكة الشامية وبني لنفسه هذه الزاوية والدار سكنه بجانبها في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. وكان يدعي بأنه يربي الفقراء ويأمرهم بأن يلبسوا الفروة مقلوبة ويركبوا القصبة ويعلقوا في أرقابهم معلاق رأس الغنم ويدوروا بذلك في الشوارع دمشق لأجل كسر النفس كما يزعم لهم شيخهم المذكور وهم يقولون لا إله إلا الله بأعلا صوتهم ولم يسلموا على أحد من غير طريقتهم وصار له أتباع كثيرة من دمشق وضواحيها وغيرهم ومن غضب عليه الشيخ منهم أخرجه وطرده فيستمر يأتي ويضع وجهه على عتبة باب الزاوية ويذكر مع الفقراء من خارج باب فيما يزعم ويقرأ الآية من القرآن بلحن فاحش ويتكلم عليها برأيه وكذلك غالب أكابر أتباعه وأمر غالب من اتبعه إذا توفي أن يدفن شمالي باب الفراديس وغربيها وجعل بينهما وبين التربه جدارحائط دائرة بها لتكون خاصة برسم فقرائه ولم يدفن هو عندهم فيها بل جعل له غربي زاويته المذكورة قبة برسم دفنه تحتها وشباك حديد مطل للطريق السالك لسويقة صاروجا والصالحية وغيرها. ولما كان عشية يوم الاثنين سلخ شهر ربيع الثاني سنة إحدى وخمسين وتسعمائة حادي عشرين تموز توفي الشيخ عمر المذكور وفي بكرة يوم الثلاثاء مستهل جمادى الأولى غسل وكفن وصلي عليه ودفن تحت القبة المذكورة بزاويته المذكورة وترك ولدين رجلين محمد وعلي ثم من بعده انحلت غالب أتباعه عن طريقته وصار ولده محمد المذكور مكانة بالزاوية المذكورة يجتمع عليه بها أناس قلائل يتكلم لهم بها على طريقة والده انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 8: 289.
2 شذرات الذهب 8: 113.
3 شذرات الذهب 8: 143.(2/170)
231- الزاوية الصمادية
داخل باب الصغير شمالي السور على كتف نهر قليط بالزقاق الأخذ إلى باب الجابية أنشأها الشيخ محمد ابن الشيخ خليل الصمادي1 في سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة وجعل له دار سكنه شم إليها وجعل للزاوية المذكورة بركة ماء ومرتفعات وعلى بابها سبيل يجري إلى ذلك كله الماء من نهر القنوات توفي بكرة النهار يوم الجمعة خامس عشرين جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة سابع عشر أيلول وغسل وكفن وصلي عليه بالجامع الأموي قبل صلاة العصر إماما شيخ الإسلام وقدوة سائر الأنام بقية السلف الكرام مفتي المسلمين وصدر العلماء والمدرسين سيدنا الشيخ بدر الدين محمد بن رضي الدين الغزي2 ثم صلى عليه بعد العصر ثانيا بجماعة اخرين ثم أعيد به إلى الزاوية المذكورة وصارت المشيخة بعده لولده الشيخ محمد وأما الشيخ خليل والد المتوفي تحت القبة بقرية اذرعات فمشهور هناك. وفي شهر جمادى الأولى من سنة أربع وخمسين وتسعمائة حصل بدمشق قلقلة كبيرة بين الشيخ الإمام يونس العيثاوي الشافعي إماما وخطيبا بالجامع المعروف بدمشق بالجامع الجديد وبجانباك وبين الشيخ محمد ابن الشيخ محمد ابن الشيخ خليل الصمادي3 المذكور اعلاه وبين اتباعهم بسبب ضرب طبل الباز الذي يتخذونه في حلق الذكر فأنكره عليهم الشيخ يونس العيثاوي ولم يلتفت إليه ذلك والحال أننا أدركنا مشايخنا القدماء من السادة الشافعية رحمهم الله تعالى لم ينكروه عليهم بل أقروه لهم وتبركوا بهم منهم: شيخنا شيخ مشايخ الإسلام تقي الدين أبو بكر ابن قاضي عجلون سلطان الفقهاء ومنهم شيخنا شيخ الإسلام السيد الحسيب النسيب كمال الدين محمد ابن السيد حمزة الحسيني ومنهم شيخ مشايخ الإسلام تقي الدين أبو بكر البلاطنسي4 ومنهم شيخ الإسلام علاء الدين علي بن أبي اللطيف المقدسي5
__________
1 شذرات الذهب 8: 275.
2 شذرات الذهب 8: 403.
3 شذرات الذهب 8: 435.
4 شذرات الذهب 8: 213.
5 شذرات الذهب 8: 203.(2/171)
ومنهم شيخ الإسلام نجم الدين محمد بن شكم1 ومنهم شيخ مشايخ الإسلام الشيخ رضي الدين الغزي2 ومنهم الشيخ محمد الكفرسوسي ومنهم تقي الدين أبو بكر القاري وغيرهم رحمهم الله تعالى ومن السادة الحنفية شيخ الإسلام جمال الدين يوسف بن طولون وابن أخيه الشيخ شمس الدين محمد بن طولون3 والشيخ قطب الدين محمد ابن سلطان4 وغيرهم رحمهم الله تعالى ومن السادة الحنابلة قاضي القضاة نجم الدين عمر بن مفلح5 وشيخ الإسلام شهاب الدين أحمد الشويكاني وابن أخيه شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحمن الشويكاني6 وبقية الحنابلة رحمهم الله تعالى ومن السادة المالكيه شيخ الإسلام عبد النبي المغربي7 المالكي والشيخ علاء الدين علي الخيوطي من بقية المالكية رحمهم الله تعالى ولم نسمع احدا من هؤلاء من انكر عليهم ذلك إلا إذا ضريوا الطبول في المساجد ولم يقع ذلك منهم قط. بل يضربون طبولهم في الطرقات في بعض الأوقات عند قدوم أقاربهم وملاقاتهم وفي وداعهم حين السفر ويضربونها أيضا في زواياهم وفي بعض بيوت مريديهم التي يقيمون فيها الذكر كما جرت به عوائدهم ولم ينكر عليهم في ذلك قديما ولا حديثا وثم الآن بدمشق المحروسة جماعة آخرون من السادة الشافعية ورؤسائهم ويرأسهم شيخنا شيخ الإسلام سيدي بدر الدين بن محمد بن رضي الدين الغزي وولده العلامة البحر الفهامة الشيخ العالم العامل الورع سيدي الشيخ شهاب الدين أحمد عفا الله عنه وبقية العلماء ولم ينكر عليهم في ذلك أحد غير هذا الرجل المشار إليه الشيخ يونس العيثاوي وحده فقط وله طلبة غالبهم صبيان مردان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى. قول ولد المؤلف شيخ الإسلام أبو زكريا محيي الدين ختم الله له بخير وعفا عنه.
__________
1 شذرات الذهب 8: 93.
2 شذرات الذهب 8: 209.
3 شذرات الذهب 8: 298.
4 شذرات الذهب 8: 283.
5 شذرات الذهب 8: 92.
6 شذرات الذهب 8: 231.
7 شذرات الذهب 8: 126.(2/172)
232- الزاوية السعدية
خارج دمشق برأس العمائر نزل بها الشيخ المبارك حسن الجناني السعدي قال والدي المؤلف لهذا الكتاب المشار إليه تغمده الله برحمته في تاريخه: وفي يوم الخميس حادي عشر جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة توفي الشيخ المبارك حسن الجناني السعدي كان النساء وغالب العوام يعتقدون أنه يشفي من الجنون وأنه غريزة في أصله وفصله انتقل من بلدة بيت جن وسقف تربة النائب أي نال الجمكي كان نائب دمشق قديما.......... ...............................................ولم يتمها ولم يدفن بها حتى نزل الشيخ حسن المذكور وسقفها وهي بأواخر قبلي دمشق وسكن بها ومات وله عدة أولاد وأولاد الأولاد ودفن قبلي الحصي جوار تربة شيخنا شهاب الدين أحمد ابن قرار رحمه الله تعالى. قال ولد المؤلف لهذا الكتاب مولانا الشيخ العالم العلامة شيخ الإسلام الشيخ أبو زكريا محيي الدين النعيمي عفا الله عنه في ذيله على تاريخ والده المشار إليه: ثم ولي المشيخة مكانه بالزاوية المذكورة ولده الشيخ حسين واستمر على طريقة والده بفقراء وحلقات في غالب البلدان إلى أن توفي يوم الاثنين رابع عشر ربيع الثاني سنة ست وعشرين وتسعمائة. ودفن عند والده المذكور أعلاه وخلف أولادا كثيرة المتجه منهم للمشيخة بالزاوية المذكورة اثنان هما أحمد1 وسعد الدين لكن أحمد أكبرهم فولي المشيخة بالزاوية المذكورة بعد والده وجده واستمر على طريقة والده وجده بفقراء وحلقات في غالب البلدان وحصل سعد في إنفاذ الكلمة عند الحكام وبين الناس مع قلة ذات اليد من المال وكثرة الدين عليه لكثرة إطعامه الطعام لكل من يرد عليه دائما حتى قيل أنه وهاب نهاب توفي صبيحة يوم الأحد تاسع عشرين رجب الفرد سنة ثلاث وستين وتسعمائة سابع حزيران ودفن عند والده وجده رحمه الله تعالى وخلف بعده ولدا رجلا اسمه حسين من زوجته كانت ابنة الشهابي أحمد المحجوب التي هي
__________
1 شذرات الذهب 8: 334.(2/173)
الآن زوج للشيخ بركات الهندباني الشهير الآن بالموصلي ثم تولى المشيخة بالزاوية المذكورة بعده الشيخ سعد الدين أخو المتوفى المذكور وأن الشيخ سعد الدين سقف الزاوية وعلاها وعمل قوس قنطرة من حجارة منحوتة وسقفها جديدا بالعريض وجعل لها قماري مضيئة وبيضها بالجص وذلك في أواخر سنة أربع وستين وتسعمائة وهو مستمر على طريقة والده وجده إلى يومنا هذا على ما كان عليه أخوه الشيخ أحمد انتهى. قول ولد المؤلف عفا الله عنه.(2/174)
فصل الترب
223- التربة الأسدية
بالجبل. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة ثمان عشرة وستمائة: علي بن عبد الوهاب بن علي بن الخضر بن عبد الله نجم الدين أبو الحسن القرشي الأسدي الزبيري الدمشقي العدل أخو كريمة ولد سنة اثنتين وخمسين وسمع من علي بن أحمد الحرستاني وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني وحمزة ابن الجبولي وغيرهم وأجاز له جماعة وروى عنه ابن خليل والضياء المقدسي والشهاب القوصي توفي في صفر رحمه الله تعالى وله تربة في الجبل انتهى.
234- التربة الأفريدونية
وبها دار قرآن شرقي جامع حسان خارج باب الجا بية بالشارع الأعظم غربي خندق سور المدينة قريبا منه ومن تربة الأمير سيف الدين بهادر المنصوري1 ومن تربة الأمير فرج بن منجك شماليهما. قال الحسني في ذيل العبر فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة: والتاجر الكبير شمس الدين أفريدون العجمي واقف المدرسة المليحة الأفريدونية خارج باب الجابية والذي يعلم من وقفها الآن المزرعة المعينية جوار العدمل بالمرج وبستان معبد بقرية زيدين وخمس قطع أراضي بقينية وحصة من بستان يعرف بدف الجوز بالجيم بأرض أرزة
__________
1 شذرات الذهب 6: 93.(2/175)
ونصف قرية سكاكة بالسن من بصره وبستانان بقرية عين ترما وقطع أرض تعرف بحقول العجمي بقرية كفر بطنا والحصة من قاعة الحديثي بقصر حجاج والحصة من خان الطحين بباب الجابية ومحاكرة ابن الصلاح الغزولي جوار المدرسة البادرائية وقاعة النشا تجاه التربة من الغرب وربع القيسارية وبستان بتل كفر سوسيا وبيت بزقاق الداراني وبيت بزقاق حمام الزين وقاعة واصطبل داخل باب الفراديس بزقاق الماء وبيتان بحارة القصاصية وبيتان بقرية كفر سوسيا أيضا وشيء بتل الشعير انتهى.
235- التربة الايدمرية
بالقرب من اليغمورية بحارة السكر بسفح قاسيون هي تربة الأمير عز الدين أي دمر بن عبد الله الحلبي الصالحي كان من أكابر الأمراء واحظاهم عند الملوك ثم عند الملك الظاهر كان يستنيبه إذا غاب فلما كان سنة سبع وستين وستمائة أخذه معه فكانت وفاته بقلعة دمشق ودفن بتربته بالقرب من اليغمورية وخلف أموالا جزيلة وأوصى إلى السلطان في أولاده وحضر السلطان عزاه بجامع دمشق قاله ابن كثير في السنة المذكورة وقال شيخه الذهبي في عبره في سنة سبع بمعناه في بعض نسخه رحمهم الله تعالى انتهى.
236- التربة الايدمورية
عند الجسر الأبيض بالخانقاه العزية. قال الذهبي في عبره في سنة سبعمائة: أيدمر الأمير الكبير عز الدين الظاهري الذي كان نائب دمشق في دولة مخدومه حبس مدة ثم أطلق فلبس عمامة مدورة وسكن بمدرسة عند الجسر الأبيض توفي في شهر ربيع الأول ودفن بتربة وكان أبيض الرأس واللحية انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبعمائة المذكورة: والأمير عز الدين أيدمر الذي كان نائب دمشق في دولة الظاهر انتهى. والله أعلم(2/176)
237- التربة الاكزية
قبلي تربة بهادر شرقي تربة يونس الدوادار خارج باب الجابيه قال الأسدي في الذيل في محرم سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين أكز الفخري أصله من مماليك الأمير أياس أحد المقدمين بالشام ونائب طرابلس وغيرها وذكر لي أن أستاذه اشتراه أيام قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة وعمره سبع سنين وتنقل في هذه الفتن وكان من حزب الأمير نوروز ثم صار أمير طبلخانة بالشام ثم ولي نيابة القلعة في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وتمكن وأثرى وكان يكتب إلى مصر فلا ترد مكاتبته ودخل في المحكمات حتى قطع على النائب والحجاب وكان أحد السعاة في هلاك النائب تنبك البجاسي فإنه كاتب مع غيره إلى السلطان بأنه عاص ثم عزل من نيابة القلعة بعد أربع سنين وثلاثة أشهر في شعبان سنة تسع وعشرين واستمر على أمرته وعمر له عمارة حسنة شرقي تربة يونس الدوادار وكان من عقلاء الترك يعيب على القضاة وغيرهم ما يقضون فيه وفيه مروءة ومساعدة ولا يشرب الخمر ولا يفعل الفاحشة وكان قد توجه مع العسكر في السنة الماضية إلى الرها فمات له ولدان فلما رجع سلمت عليه وعزيته بولديه فرأيته راضيا محتسبا. وقال لي: أحد ما يعصى على أستاذه. توفي ليلة السبت ثاني عشرية أو الليل واشتغل الناس عن جنازته من الغد لدخول المحمل ودفن بتربة التي أنشأها بباب الجابية إلى جانب تربة بهادر وكان الفراغ منها في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وعمره ستون سنة تقريبا رحمه الله تعالى انتهى.
238- التربة الاستدارية
جوار تربة ابن تميرك بقاسيون وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة: شمس الدين بن استادار الأمير قال السبط: كان كيسا متواضعا حسن العشرة كريم الأخلاق مليح الصورة جوادا من بيت مشهور وكانت داره مأوى الفضلاء والعلماء والفقراء والأعيان توفي رحمه الله(2/177)
تعالى ودفن بتربة بقاسيون المجاورة لتربة ابن تميرك انتهى.
239- التربة الجيبغائية
شمالي تربة مختار الطواشي خارج باب الجابية يمنة الذاهب في الطريق السلطاني وهي الآن قبلي الجامع الصابوني تجاه تربة سنبل الطواشي خازندار سودون بن عبد الرحمن وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة أربع وخمسين وسبعمائة: ومات الأمير الكبير المعمر سيف الدين الجيبغ أي العادلي توفي بدمشق انتهى. ولم يزد فليحرر والله أعلم.
240- التربة البزورية
بسفح قاسيون فوق سوق القطن قال الذهبي في العبر في سنة أربع وتسعين وستمائة: وابن البزوري أبو بكر محفوظ بن معتوق البغدادي التاجر روى عن ابن القبيطي ووقف كتبه على تربته بسفح قاسيون. كان نبيلا سريا جمع تاريخا وذيل به على المنتظم توفي رحمه الله تعالى في صفر عن ثلاث وستين سنة وهو أبو الواعظ نجم الدين انتهى كلامه
241- التربة البهادرآصية
غربي مقبرة باب الصغير تجاه الخندق بجانب تربة اكز الفخري وشمالي المزار المعروف بأويس1 قبلي الأفريدونية وتجاه تربة الأمير فرج بن منجك قال الذهبي في ذيل عبره في سنة ثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق سيف الدين بهادارآص المنصوري عن نيف وسبعين سنة وكان من أمراء الألوف بدمشق وتربته خارج باب الجابية انتهى. ورأيت بخط الحافظ المؤرخ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين وسبعمائة: في ليلة الثلاثاء التاسع عشر من صفر توفي الأمير الكبير سيف الدين أبو محمد بهادر بن عبد الله المنصوري الناصري بداره بدمشق
__________
1 شذرات الذهب 1: 46.(2/178)
وحمل منها إلى الجامع بكرة الثلاثاء وصلي عليه ودفن بتربته خارج باب الجابية وحضر الجنازة نائب السلطنة والأمراء والقضاة وجمع كثير وكان أكبر الأمراء بدمشق لا يتقدمه أحد وطال عمره في الأمر ة والحشمة والتقدم وكان مشهورا بالصدقة وله بر ظاهر معروف مشهور انتهى. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله تعالى: الأمير الكبير رأس ميمنة الشام سيف الدين بهادرآص ابن عبد الله المنصوري الناصري أكبر أمراء دمشق وممن طال عمره في الروة والحشمة وهو من اجتمعت به الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} الآية. وكان محببا إلى العامة وله بر وصدقة وإحسان توفي ليلة الثلاثاء تاسع عشر صفر بداره داخل باب توما المشهورة وحضر نائب السلطنة تنكز والأمراء جنازته ودفن بتربته خارج باب الجابية وهي مشهورة أيضا انتهى. وقال الصفدي رحمه الله تعالى في كتابه الوافي بالوفيات في حرف الباء الموحدة: بهادراص الأمير الكبير سيف الدين أكبر أمراء دمشق كان من المنصورية وكان هو القائم بأمر السلطنة أي السلطان الملك الناصر لما كان في الكرك تجئ إليه رسله في الباطن وتنزل عنده وهو الذي يفرق الكتب ويأخذ أجوبتها ويحلف الناس في الباطن إلى أن استتبت له الأمور وكان آخر من يبوس الأرض ويد السلطان بالشام وكان ذا زخرف عظيم وعدة كاملة وسلاح هائل وتوجه إلى صفد نائبا سنة إحدى عشرة وسبعمائة كما قاله الذهبي في ذيله وأقام بها مدة تقارب سنة ونصف ثم عاد إلى دمشق على حاله وجاء صفد بعده الأمير سيف الدين قطلوبغا الكبير ثم عزل بالأمير سيف الدين بلبان طرناه المتقدم ذكره ولما كان مع الأمير سيف الدين تنكز على ملطية أشار بشيء فيه خلافة فقال: بهادارص كما نحن بالصبية فحقدها وكتب عليها إلى السلطان يقبض عليه وأقام في الاعتقال مدة سنة ونصف ثم أفرج عنه وأعيد إلى مك أنه واقطاعه ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة ثلاثين وسبعمائة فيما أظن زدفن في تربته خارج باب الجابية وخلف خمسة أولاد ذكور: الأمير ناصر الدين محمد والأمير علاء علي والأمير تقي الدين أبا بكر فلحقه الأمير زين الدين عمر وكان أحسنهم(2/179)
صورة ثم الأمير شرف الدين أحمد وهو أصغرهم وكان الأمير علي أمير عشرة انتهى. ورأيت بخط الحافظ علاء الدين البرزالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أنه ولد لبهادارص المذكور تقي الدين عمر وكان مسافرا مع العسكر فمرض وحمل من حلب المحروسة في محفة على بغلين ووصل دمشق قبل موته بليلة واحدة إلى داره ولم يفق على والدته واهله وأنه توفي تاسع عشر ذي الحجة منها وأنه دفن بالتربة المذكورة وأنه كان شابا مليحا قد قارب الثلاثين سنة رحمه الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى.
242- التربة البلبانية
جوار مئذنة فيروز قرب المدرسة المسمارية الحنبلية وهي تربة الأمير سيف الدين طرناه بلبان وكان الأمير المذكور خازندار بالديار المصرية ثم أنه جهزه السلطان الملك الناصر إلى صفد نائبا فحضر إليها ووقع بينه وبين الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام فعزله السلطان ورسم بتوجيهه إلى دمشق يطلبه فلما وصل إليها ودخل إليه ليقبل يده ويسلم عليه قبض عليه وبقي في الاعتقال عشر سنين فما حولها ثم أنه شفع فيه فأخرج من الاعتقال وجعل أمير مائة مقدم الف ثم إنه أقبل عليه واختص به وكان يشرب معه القمر؟ ولم يزل إلى أن توفي بعد الاربع والثلاثين وسبعمائة ودفن بتربة جوار داره عند مئذنة فيروز قاله الصفدي رحمه الله تعالى وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الأمير سيف الدين بلبان طرناه بن عبد الله الناصري كان من المقدمين بدمشق وجرت له فصول يطول ذكرها ثم توفي بداره عند مئذنة فيروز ليلة الأربعاء حادي عشر شهر ربيع الأول من السنة ودفن بتربة اتخذها إلى جانب داره ووقف عليها مقرئين ورتب عنده مسجدا بامام ومؤذن رحمه الله تعالى انتهى. والله أعلم(2/180)
243- التربة البلبانية
بطريق الصالحية غربي سويقه صاروجا قال تقي الدين بن قاضي شهبة في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين بلبان الحموي تنقل إلى أن استقر أتابك العسكر بدمشق لما انتزعها المؤيد من نوروز في صفر سنة تسع عشرة ثم قبض عليه في شوال منها وسجن بقلعة دمشق ثم أطلق ونفي إلى طرابلس ثم أعطي تقدمة في شهر رمضان سنة عشرين ثم انتقل إلى تقدمه أخرى خير منها وهي التي كانت أقطاع الحجوبية فالقصير منها والمعظمية أيضا وحج بالناس سنة تسع وعشرين وعمر دارا حسنة بطريق الصالحية غربي سويقه صاروجا وعمر مصنع ماء غباغب ووقف عليه نصف البلد اشتراه من السلطان ووقفه واستمر في دمشق إلى أن نقل إلى حجوبية طرابلس في المحرم من السنة الخالية فباشرها بعنف زائد وكان موصوفا بالشجاعة وعنده مروءة كثيرة ومساعدة لمن يقصده لكنه كان مضرا على أنواع من الفواحش توفي بطرابلس في هذا الشهر بعد مرض كثير وسر أهل طرابلس بموته وحمل إلى دمشق فدفن بتربة شرقي داره وكان قد جدد فيها وبيضها ودفن بها ابنه أيضا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب انتهى.
244- التربة البلبانية
شرقي مدرسة الخبيصية وقبلي حمام الجيعان وغربي الزنجبيلية ودار الأطعمة وليها ابن خطيب عذرا ثم الشمس البرماوي1 ثم البهاء حجي ثم البرهان بن المعتمد ولم أقف على ترجمة واقفها.
245- التربة البصية
خارج باب الجابية جوار مسجد الذبان تجاه وجه المار في الطريق إلى القبلة
__________
1 شذرات الذهب 7: 197.(2/181)
والمئذنة شرقية على جانب المقبرة وهذا المسجد شرقي التربة الركنية المنجكية الآن وعنده يصلي على الجنائز وهي تربة أمين الدين ابن البص كان رحمه الله رجلا محبا للخير قال الحافظ علم الدين قاسم بن محمد البرزالي في تاريخه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ومن خطه نقلت: وأما الشيخ أمين الدين بن البص التاجر فإنه كان رجلا جيدا له مقاصد صالحة وانفق جملة من ماله في سبيل الخير بلغني أنه حسب ما أنفقه فبلغ مائتي ألف وخمسين ألفا فما عمر: خان بالمزيريب بحوران حصل النفع به للمسافرين إلى الديار المصرية وغيرها وعمر مسجد الذبان والمئذنة والتربة وغير ذلك ووقف عليها الأوقاف وقرر الوظائف وكان مجتهدا في ذلك تقبل الله منه انتهى. ورأيت بخط الحافظ شهاب الدين بن حجى أنه عمر أيضا خان اللجون براس وادي عارة قبالة مصطبة السلطان تقبل الله منه ورحمه توفي ليلة الأربعاء سابع ذي الحجة كما ذكره الحافظ علم الدين في سنة إحدى وثلاثين انتهى. ورأيت اتجاه المسجد المذكور داير الحجر المنحوت الفوقاني ثم بالعتبة تحت ذلك مكتوبا بإتقان ما صورته: بسم الله الرحمن الرحيم جدد عمارة هذا المسجد المبارك والمئذنة والتربة العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج عثمان بن أبي بكر بن محمد التاجر السفار غفر الله له ووقف على مصالح هذا المسجد والمئذنة والتربة وعمارته وفرشه وتنويره وعلى الإمام والمؤذن والقيم به جميع المعصرة وعلوها المسجد والطبقتين غربية والطبقة من شرق المئذنة والطبقة شرق المسجد والطباق التي من شام المئذنة وشرقي الأرض التي قبلي المعصرة ودكاكين التي غربي المعصرة يصرف على ما نطق به كتاب وقف ذلك الثابت المحكوم به وكان الفراغ منه في شهور سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة فمن غير ذلك أو بدله عليه ما يستحقه انتهى.
246- التربة البدرية
بميدان الحصى فوق خان النجيبي قال ابن كثير في سنة ست عشرة وسبعمائة: الأمير بدر الدين محمد بن الوزيري كان من الأمراء المقدمين ولديه فضيلة(2/182)
ومعرفة وخبرة وقد ناب عن السلطان بدار العدل مرة بمصر وكان حاجب ميسرة وتكلم في الأوقاف وفيما يتعلق بالقضاة والمدرسين ثم نقل إلى دمشق فمات بها في سادس عشر شعبان ودفن بتربته بميدان الحصى فوق خان النجيبي وخلف تركة عظيمة انتهى.
247- التربة البدرية
مقابل الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدنيا والآخرة أمين وهي تربة الأمير بدر الدين حسن بناها سنة أربع عشرة وثمانمائة وكان أول أمره معمما ولما ولي المؤيد شيخ نيابة طرابلس في سنة عشر خدمه إلى أن صار وزيرا بمصر وعادى جميع المباشرين فحطموا عليه عند السلطان إلى أن بكت به مرة بعد أخرى ثم سعوا في أبعاده عن السلطان ثم في قتله فلما جاء السطان قبض عليه وسلمه إلى المير أرغون شاه فعاقبه بأنواع العقوبات وآخر الأمر غمره في بسط حتى مات ليلة الأحد حادى عشرين شهر رجب سنه أربع وعشرين وثمانمائة واخرج من الغد في نعش ليس عليه غطاء وليس معه أحد فذهب به إلى بيته فغسل وحمل إلى تربته مقابل الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى ورحمنا به في الدارين فدفن هناك وكان قد بنى هذه التربة أيام مباشرته بدمشق سنة أربع عشرة وجعل فيها مسجدا ومكتبا للأيتام ومن غريب ما وقع أن الذي تولى قتله بعد أيام طلع إلى سطح فوقع فمات وقد رأى له بعض الصالحين مناما حسنا وفيه أنه قال: غفر لي بمن كنت أكفنه بمصر في الطاعون والقمصان التى كنت أرسلها إلى مكة المشرفة وبمعاقة أرغون شاه والله سبحتنه أعلم انتهى.
248- التربة البهنسية
بسفح قاسيون. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سنة ثمان وعشرين وستمائة: المجد البهنسي وزير الملك الأشرف ثم عزله وصادره ولا توفي دفن بتربته التي أنشأها بسفح قاسيون وجعل كتبه بها وقفا وأجرى عليها أوقافا جيدة دارة والله تعالى أعلم. انتهى.(2/183)
249- التربة البرسيائية الناصرية
بسويقة صاروجا غربي الشامية البرانية أنشأها والجامع لصيقها الحاجب الكبير بدمشق برسب أي الناصري ووقف عليها وقفا جيدا جليلا ثم تولى نيابة مدينة طرابلس ثم حلب المحروسة ثم طلب الإقالة منها وأن يقيم بدمشق فأجيب إلى ذلك وأعفي منها ثم خرج من حلب الشباء قاصدا دمشق وهو مستضعف فتوفي بمنزلة سراقب بالقرب من حلب المحروسة فغسل وكفن وأحضر إلى دمشق في تابوت ثم وضع في نعش وصلي عليه بجامع يلبغا ودفن رحمه الله تعالى بتربته في الجامع المذكور في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة والله أعلم.
250- التربة البهائية
بالقرب من اليغمورية ودار الحديث الناصرية بينهما بصالحية دمشق قال ابن مفلح في طبقاته محمود بن سلمان1 بن فهد الحلبي ثم الدمشقي شهاب الدين أبو الثناء كاتب السر وعلامة الأدب سمع بدمشق من الرضا بن برهان وابن عبد الدايم وتعلم الخط المنسوب وتفقه على الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر وأخذ العربية عن الشيخ جمال الدين بن مالك2 وتأدب بالمجد بن الظهير وفتح له في النظم والنثر وكان يكتب التقاليد بلا مسودة وله تصانيف في الإنشاء وغيره ويقال إنه لم يكن بعد القاضي الفاضل مثله وله خصائص ليست لغيره فإنه بقي في ديوان الإنشاء نحوا من خمسين سنة بدمشق ومصر وحدث روى عنه الذهبي في معجمه وتوفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وسبعمائة بداره بدمشق وهي دار القاضي الفاضل بالقرب من باب الناطفين وشيعه أعيان الدولة وحضر الصلاة عليه بسوق الخيل نائب السلطنة ودفن بتربته التي أنشأها بالقرب من اليغمورية انتهى. وهي في غابة اللطافة والحسن وقال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: الشهاب محمود هو
__________
1 شذرات الذهب 6: 69.
2 شذرات الذهب 5: 339.(2/184)
الصدر الكبير الشيخ الإمام العلامة شيخ صناعة الإنشاء الذي ليس له نظير وله خصائص ليس للفاضل فهو شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي ثم الدمشقي ولد سنة أربع وأربعين وستمائة بحلب وسمع الحديث وقد مكث في ديوان الإنشاء نحوا من خمسين سنة ثم عمل كتابة السر بدمشق نحوا من ثماني سنين إلى أن توفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان في منزله قريبا من باب الناطفين وهي دار القاضي الفاضل وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة له أنشأها بالقرب من اليغمورية انتهى. ملخصا.
251- التربة التكريتية
يسوق الصالحية يسفح قاسيون قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة: والتقي البيع الصاحب الكبير أبو البقاء توبة بن علي بن مهاجر التكريتي توفي في جمادى الآخرة ودفن بتربته بسفح قاسيون وكان ناهضا كاتبا كاملا في فنه وافر الحشمة والغلمان عاش ثماني وسبعين سنة وكان مولده بعرفة انتهى. وقال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات في المحمدين: محمد ابن علي بن مهاجر الصاحب كمال الدين أبو الكرم الموصلي قدم دمشق وسكنها وسمع وروى. قال نجم الدين ابن السابق سكن في دار ابن البانياسي وشرع في الصدقات وشراء الأملاك لوقفها وكان اتفق مع والدي على عمل رصيف عقبة الكتان يدمشق وقال تجيء غدا وتأخذ دراهم تعملها فلما أصبح بعث إليه الأشراف جرزة بنفسج وقال: هذه بركة السنة فأخذها وشمها فكانت القاضية فأصبح ميتا فورثه السلطان وأعطوا من تركته ألف درهم فاشتروا له تربة في سوق الصالحية. قال الشيخ شمس الدين: فلما كان بعد ذلك بني الصاحب تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر التكريتي في حيطان التربة خمس دكاكين وادعى أنه ابن عمه. قال أبو المظفر بن الجوزي: بلغ قيمة ما خلف الصاحب كمال الدين التكريتي ثلاثمائة ألف دينار وأراني الأشرف مسبحة فيها مائة حبة مثل بيض الحمام يعني من التركة وكانت وفاته رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وستمائة انتهى.(2/185)
252- التربة التنكزية
بجانب جامع تنكز وجوار الخانقاه العصمية. قال السيد الحسيني في أول ذيل شيخه الذهبي وهي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة: في المحرم منها أو في أواخر العام الماضي قبض على الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام وأخذ إلى القاهرة فاعتقل بالاسكندرية أياما ثم قتل ودفن هناك ولي نيابة دمشق في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وسار في سنة خمس عشرة وسبعمائة فافتتح ملطية وقتل وسبا وكان رجلا عبوسا شديد الهيبة وافر الحرمة لأ يجترىء أحد من الأمراء أن يتكلم بحضرته وكان مع جبروته له من يضاحكه ومن يغنه وقد زار مرة شيخنا ابن تمام يعني السبكي وسمع من أبي بكر بن عبد الدايم وعيسى وابن الشحنة وما علمته حدث وله آثار حسنة في أماكن من البلاد الإسلامية ولي بعده نيابة دمشق الأمير علاء الدين طنبغا1 نائب حلب انتهى. ثم قال فيه: في سنة أربع وأربعين في شهر رجب جيء بتنكز مصبرا في تابوت من مدينة الاسكندرية فدفن بتربته جوار جامعة بدمشق انتهى. وقد ذكرت ترجمته مبسوطة في الكلام على دار الحديث والقرآن له فراجعها تجدها مهمة وفيها مواعظ واعتبارات انتهى. والله أعلم.
253- التربة التغربورمشية
قبلي جامع يلبغا على حافة بردا أنشأها دوادار نائب الشام جقمق اسمه حسين أصله من بهنسا ما التسمه رق قط وإنما ابتداء أمره قدم القاهرة وهو غلام فخيط بالأجرة عند خياط تحت القلعة وسمي نفسه تغري ورمش ثم خدم تبعا عند قراسنقر من مماليك الظاهر برقوق مدة طويلة وتنقل بعده إلى خدمة الأمراء إلى أن خدم عند جقمق الدوادار المويدي فجعله داوداره إلى أن ولي نيابة الشام فخرج معه فلما قبض جقمق المذكور على برسب أي الدقماقي
__________
1 ابن كثير 14: 205.(2/186)
الذي صار سلطانا وسجنه وأراد قتله فقام تغري ورمش المذكور في الذب عن قتله والمدافعة عنه فلما آل أمر الدقماقي إلى السلطنة عرفها له وجازاه فجعله من أمراء مصر ثم ولاه نيابة القلعة ونيابة الغيبة بالديار المصرية لما توجه السلطان إلى أمد ثم ولي أمير أخور كبير ثم نيابة حلب المحروسة فلما تسلطن الظاهر جقمق وقتل الأمير الكبير قرقماش الشعباني عصى هو وجرى له ما جرى إلى أن قتل صبرا بقلعة حلب المحروسة في ثالث عشر ذى القعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ومن وقفها قرية جزين من قرى صيدا قال الأسدي في تاريخه: وفي شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين دخل إلى دمشق عشرة خاصكية من مصر وقد أقطعهم السلطان بعض قرية جزين وكان قد وقفها الأمير ثغري ورمش على مدرسته التي أنشأها تحت القلعة وقيا أنه فعل ذلك بمدرسة حلب المحروسة انتهى.
254- التربة التورزية
والجامع بها أنشأها الأمير غرس الدين خليل التوريزي الدستاري صاحب الحجاب بدمشق. قال الأسدي في تاريخه في آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: وفيها فرغ الأمير غرس الدين التوريزي من بناء تربة له عظيمة برأس الشويكة وبقي فيها حتى مات ثم بلغني أنه أشير عليه بأن يعمل جانبها مسجدا فشرع في ذلك كما سيأتي ذكره انتهى. ثم قال: في شهر رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة: توفي التوريزي المذكور سنة ثمان عشر وثمانمائة انتهى. وفي يوم الجمعة خامس عشر أقيمت الجمعة المسجد الذي أنشأه الأمير التوريزي إلى جانب ترتبه شمالي قبر عاتكة انتهى. كلامه كذا وجدت فليحرر. ثم قال في سنة ثمان وأربعين في شهر ربيع الأول منها: وفي هذه الأيام فتح حمام الأمير غرس الدين خليل التوريزي شرقي مدرسته وهو حمام كبير حسن وأوجر في كل يوم أكثرر من أربعين درهم انتهى.(2/187)
255- التربة التبكميقية
لصيق تربة أبي ذي النون أصلها أنشأها أمير حاج أستاذ دار العثماني قال الأستاذ والد شيخنا الأسدي في ذيله في سنة ست وعشرين ثم قال في وفاته: تنبك ميق نائب السلطنة بعد أن ذم حاله وأنه هم بقتل قاضي القضاة نجم الدين بن حجي وأنه أخذه الله عن قريب إلى أن قال ثم مات تنبك ميق في سابع عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة ودفن عند بناته بتربته المغصوبة انتهى. ملخصا والله أعلم.
256- التربة الجمالية الاسنائية القوصية
بقاسيون. قال الأسدي في تاريخه سنة خمس وعشرين وستمائة: عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن شيث جمال الدين الأموي القرشي الاسنائي القوصي صاحب ديوان الإنشاء للملك المعظم ولد باسنا في سنة سبع وخمسين ونشأ بقوص وتفنن بها وبرع في الأدب وفي العلم وكان دينا ورعا حسن النثر والنظم منشئا بليغا ولي الديوان بقوص ثم بالأسكندرية ثم بالقدس الشريف ثم ولي كتابة الإنشاء للملك المعظم ويقال وزر له. قال الضياء: كان يوصف بالمروءة والكرم والاحسان إلى الناس ما قصده أحد في شفاعة فرده خائبا وكان يمشي بنفسه مع الناس في قضاء حوائجهم وكان كثير الصدقات واسع المعروف غزير الاحسان وكان القاضي الفاضل يحتاج إليه في الرسائل وكان إماما في فنون العلم توفي رحمه الله تعالى في المحرم ودفن بتربة له بقاسيون انتهى.
257- التربة الجماليه المصرية
برأس درب الدريحان من ناحية الجامع الأموي وهي شرقي دار القرآن التنكزية وشرقي الصدرية الحنبلية التي تجاه القليجية الحنفية كانت هذه التربة دار قاضي القضاة العلامة المفنن جمال الدين أبي محمد وأبي الوليد وأبي الفرج(2/188)
المصري1 سمع من علي بن هبة الله الكاملي وغيره وروى عنه البرزالي والشهاب القوصي وغيرهما وترسل عن العادل إلى الديوان العزيز أقامه ونوه بذكره الصاحب بن شكر وولاه تدريس مدرسة الأمينية. قال ابن كثير وتبعه الأسدي توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة ودفن في مجلسه في قاعة شرق القليجية من قبلي الخضرا ولتربته شباك شرقي المدرسة الصدرية اليوم وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمينية مطولة وأشرنا إليها في المدرسة العادلية الكبرى انتهى.
258- التربة الجوكندارية
شرقي مسجد النارج ومصلى العيدين. قال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين سبعمائة: الأمير صارم الدين إبراهيم بن قراسنقر الجوكندار مشد الخاص ثم ولي دمشق ولاية ثم عزل عنها قبل موته بستة أشهر توفي تاسع شهر رمضان ودفن بتربته المشرفه المبيضة شرقي مسجد النارج كان قد أعدها لنفسه. انتهى. وقال البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي ليلة الاثنين سابع عشر شوال توفي الأمير صلاح الدين محمد ابن الأمير صارم الدين الجوكندار المعروف أبوه بوالي الخاص وبوالي دمشق حمل من النيرب إلى مقبرة باب الصغير فدفن بتربة والده وكان أمير عشرة ومقدم خمسين من الحلقة وكان فيه من الكرم وسماحه أهـ.
259- التربة الحافظية
والمسجد بها قبلي جسر كحيل وشمالي تربة القيمرية بدرب الصالحية الشبلي كانت بستانا للنجيب ياقوت خادم تاج الدين الكندي اشترته ارغوان الحافظية قال ابن كثير في سنة ثمان وأربعين وستمائة: وفيها كانت وفاة الخاتون ارغوان الحافظية سميت بالحافظية لخدمتها وتربيتها للحافظ صاحب قلعة جعير
__________
1 شذرات الذهب 5: 112.(2/189)
وكانت امرأة عاقله مدبره عمرت دهرا ولها أموال جزيلة عظيمة وهي التي كانت تصلح الاطعمه للمغيث عمر ابن الصالح أيوب1 فصدرها الصالح إسماعيل وأخذ منها أربع مائة صندوق من المال وقد وقفت دارها بدمشق على خدامها واشترت بستان النجيب ياقوت الذي كان خادم الشيخ تاج الدين الكندي وجعلت فيه تربة ومسجدا ووقفت عليهما أوقافا جيده انتهى. ومنها بستان بصاروا انتهى.
260- التربة الخطابية
بسفح قاسيون: قال ابن كثير في سنة خمس وعشرين وسبعمائة: خطاب باني خان خطاب الذي بين الكسوة وغياغب الأمير عز الدين خطاب بن محمود ابن مرتعش العراقي كان شيخا كبيرا له ثروة من المال كبيره وأموال وأملاك وله حمام بحكر السماق وقد عمر الخان المشهور المذكور بعد موته إلى ناحية كتف المصري ما يلي غباغب وهو بمرج الصفر وقد حصل الكثير من المسافرين به رفق توفي في تاسع عشر ربيع الآخر ودفن بتربته بسفح قاسيون رحمه الله تعالى.
261- التربة الخاتونية
على نهر يزيد بصالحية دمشق قبيلى المدرسة الجهار سكية وهي تربة عصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين زوجة نور الدين ثم صلاح الدين واقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية وقد مرت ترجمتها فيها والخانقاه التي عند جامع تنكز أنشأها سنة سبع وسبعين وخمسمائة كما هو مكتوب على الشباك المطل على الطريق وقد وسع هذه التربة وعملها جامعا ويعرف الآن بجامع الجديد وأقيمت فيه الجمعة الفقيرة إلى الله تعالى سليمان بن حسين العقيري التاجر وذلك بتولي الفقير إلى الله تعالى علي بن التدمري وذلك في شهور سنة تسع وسبعمائه
__________
1 شذرات الذهب 5: 215.(2/190)
غفر له الله تعالى ولهم أمين ثم أنشأ الخواجا أبو بكر بن العيني تربة له شمالي هذه يسلك إليهما من بابين أحدهما من الجامع المذكور وتجاههما إيواناً بمحراب مضافا إلى الجامع المذكور ثم أوقف عليه ولده شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحمن ابن العيني أوقافا ورتب في الأيوان المذكور مدرسا وعشر من الفقهاء ووقفا في كل ليلة جمعة وشرط للمدرس والفقهاء أن يكونوا حنفية وأوقف كتبه تم والله تعالى أعلم انتهى.
262- التربيه الدوباجية الجيلانية
عند المكارية شرقي الجامع المظفري بسفح قاسيون. قال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة أربع عشر وسبعمائة: وقدم سلطان جيلان وهو شمس الدين دوباج1 للحج فمات بقباقب من نحية تدمر ونقل فدفن بقاسيون وعلمت له تربة امليحه وعاش أربعا وخمسين سنة وهو الذي رمى خطلوشاه2 بسهم فقتله وانهزم التتار انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع عشر وسبعمائة المذكورة: وفي خامس شوال دفن الملك شمس الدين دوباج بن ملك شاه بن رستم صاحب جيلان بتربته المشهورة بسفح قاسيون وكان قد قصد الحج في هذا العام فلما كان بقباقب أدركته منيته يوم السبت سادس عشرين شهر رمضان فحمل إلى دمشق وصلي عليه ودفن في هذه التربة اشتريت له وتممت وجاءت حسنة وهي مشهورة عند المكارية شرقي الجامع المظفري وكان له في مملكته جيلان خمس وعشرون سنة وعمر أربعا وخمسين سنة وأوصى أن يحج عنه جماعة ففعل ذلك وخرج الركب في ثالث شوال وأميره شمس الدين سنقر الإبراهيمي وقاضية محيي الدين قاضي الزبداني انتهى. وقال السيد في ذيل العبر في سنة أربع عشرة وسبعمائة: ومات صاحب جيلان الملك شمس الدين دوباج ابن فيشاة بن رستم بقرب تدمر ونقل فعمل له تربة عند تربة الرقي انتهى.
__________
1 ابن كثير 14: 73.
2 ابن كثير 14: 49.(2/191)
263- التربة الرحبية
بالمزة. قال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: العدل نجم الدين التاجر عبد الرحيم بن أبي القاسم بن عبد الرحمن الرحبي باني التربة المشهورة بالمزة وقد جعل فيها مسجدا ووقف عليها أوقافا دارة وصدقات هناك وكان من خيار أبناء جنسه عدل مرضي عند جميع الحكام وترك أولادا وأموالا جمة ودارا هائلة وبساتين بالمزة وكانت وفاته يوم الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة ودفن بتربة المذكورة بالمزة رحمه الله. وقال البرزالي في سنة خمس المذكورة ومن خطه نقلت: وفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة توفي الشيخ العدل نجم الدين عبد الرحيم ابن أبي القاسم بن عبد الرحيم الرحبي بالمزة ودفن يوم الخميس بعد الظهر بتربته بها وكان رجلا أمينا يشهد على الحكام وعمر بالمزة مسجدا وتربة ورتب بها جماعة وكان من التجار المشهورين وأوصى من ثلث تركته بخمسين ألف درهم يشتري بها ولده عقارا ويوقفه صدقة وترك ثلاثة أولاد وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى.
264- التربة الزويزانية
بميدان الحصى عند مسجد الفلوس قال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وستمائة: جمال الدولة خليل بن زويزان رئيس قصر الحجاج كان كيسا ذا مروءة له صدقات كثيرة وله زيارة في مقابر الصوفية من ناحية القبلة مات ودفن بتربة عند مسجد الفلوس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في السنة المذكورة: خليل بن إسماعيل بن علي بن علوان بن زويزان المولى جمال الدين رئيس قصر حجاج وإليه تنسب قطاع زويزان مات في شهر ربيع الأول وخلف عقارا وعينا ما يزيد على مائتي الف دينار ودرهم وتصدق بثلث ماله ووقف ذلك على القراء والعلماء بتربته بميدان الحصى عند مسجد الفلوس انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة ست عشرة وسبعمائة: ومات المعمر المقرئ المسند صدر الدين أبو الفدا إسماعيل بن يوسف بن مكتوم بن أحمد القيسي(2/192)
الدمشقي بدمشق في شوال عن ثلاث وتسعين سنة سمع ابن اللتي ومكرما وابن الشيرازي والسخاوي وقرأ عليه بثلاث روايات وكان فقيها في المدارس ومقرئا بالزويزانية وله أملاك وتفرد بأجزاء رحمه الله تعالى انتهى.
265- التربة الزاهرية
شرقي مدرسة الشيخ أبي عمر رحمه الله تعالى على حافة نهر يزيد بقاسيون قال صلاح الدين الصفدي في أول حرف الشين المعجمة: شاذي الملك الاوحد ابن الأمير الكبير تقي الدين بن الزاهر مجير الدين داود ابن المجاهد شيركوه صاحب حمص ابن محمد بن شركوه بن شاذي الحمصي ثم الدمشقي ولد سنة ثمان وأربعين وتوفي سنة خمس وسبعمائة بالبقاع ونقل إلى دمشق ودفن بتربة أبيه بقاسيون كان أحد الأمراء الكبار حفظ القرآن وساد أهل بيته وكان ذا رأي وسؤدد وفضيله وشكل ومهابة سمع من الفقيه اليونيني1 وابن عبد الدايم وسمع ولده الملك صلاح الدين من ابن البخاري وحدث وسمع منه علم الدين البرزالي وكان قد أختص بالأفرم وولاه أمر ديوانه وتدبير أمره ولما توجه الأفرم بالعسكر إلى جبل كسروان توجه معه ومرض هناك ونقل بعد ما توفي رحمه الله تعالى انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثمانين وستمائة: وفي يوم السبت الرابع والعشرين من ذي القعدة توفي الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك الزاهر داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن شاذي صاحب حمص ودفن بتربتهم بقاسيون انتهى. ورأيت بخط محمد بن كنان على حاشية الدارس ما صورته قتل: الآن وجد آثار العمارة وآثار مسجد عظيم بزخرفة ونقوش قريبا من النهر شرقي العمرية ولا أعلم في ذلك الخط ولعله كان سابقا سكنا فلما خربت تلك البيوت خرب في جملة ما خرب وعدم العلم به لكونه كالبيت لا يعلم داخله فيقع النسيان والغلط لتباعد المدد والدهور والفناء والنهر وهذا على الظن اذ لا مانع أن يكون بقرب
__________
1 شذرات الذهب 5: 294.(2/193)
النهر مكان آخر فصار حديقة أو بستانا لكن هذا ظاهر في هذا الخط لكن جداره باقي مقلوب وباقية خراب انتهى.
166- التربة السنقرية الصلاحية
قال الأسدي في تاريخه في سنة عشرين وستمائة: سنقر الحلبي الصلاحي الأمير مبارز الدين كان من كبار الدولة بحلب المحروسة ثم انتقل عنها إلى ماردين فتخيل الأشرف منه فأرسل إليه المعظم ووعده بأن يعطيه نابلس فلما قدم أعرض عنه المعظم وندم هو على قدومه وتفرقه عن أصحابه قال أبو المظفر ويقا لأنه كان مملوك شمس الدولة ابن أيوب ولم يكن في زمانه من الصلاحية وغيرهم أكرم ولا أشجع منه وكانت له المواقف المشهورة مع صلاح الدين وغيره وكانت الدنيا عنده لاتساوي قليلا ولا كثيرا وكان قد وصل معه إلى الشام ذهب وجمال وخيل وغيرها ما قيمته مائة ألف دينار ففرق الجميع ولم يخلف ذهبا وكان شبل الدولة صديقه فاشترى له تربة على رأس زقاق شبل الدولة عند المصنع وكانت وفاته في شعبان انتهى.
267- التربة السلامية
قال الذهبي في ذيل العبر في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: ومات بدمشق ناظر الجيش الصدر قطب الدين موسى بن أحمد ابن شيخ السلامية في ذي الحجة عن اثنتين وسبعين سنة ودفن بتربة مليحة أنشأها وكان من رجال الدهر وله فضل وخبره انتهى. وقال صلاح الصفدي في حرف الباء: الشيخ براق1 ورد إلى دمشق ومعه جماعة في أيام الأفرم بعد قازان كان في الأصل مريدا لبعض الشيوخ في البلاد الرومية وخرج قطب الدين ابن شيخ السلامية إلى القابون وعرضهم واستسماهم وحلاهم وعدهم وجهز بذلك ورقة إلى باب السلطان ولما أرادوا الدخول على الأفرم إلى الميدان أرسلوا عليه نعامة كان قد
__________
1 ابن كثير 14: 43.(2/194)
عظم أمرها فتفاقم شرها فلا يكاد يقاومها أحد فلما عرضوه لما قصدته فتوجه إليها وركب عليها فطارت في الميدان قدر خمسين ذراعا إلى أن قرت فلما قرت قال له الأفرم: أطير بها إلى فوق أشياء آخر فقال: لا ثم أحسن تلقية وأكرم نزله وطلب التوجه إلى القدس الشريف فاعطاه الأفرم من خزائنه ألفي درهم فاها وأخذها جماعة فزار وعاد ودخل البلاد ومات تحت السيف صحبة قطليجا1 نائب قازان فأول ما ظهر ذلك للقان قازان فاحضر وسلط عليه سبعا ضاريا فركب على ظهره ولم ينل منه شيئا فأعظم ذلك قازان ونثر عليه عشرة الآف دينار فراح ولم يتعرض لشئ منها وكان معه محتسب على جماعته يؤدب كل من ترك سنة من السنين عشرين عصا تحت رجليه ومعه طبل خاناه وكان شعاره حلق الذقن وترك الشارب فقط وحمل الجوكان على الكتف ولكل منهم قرنا لباد يشبهان قرني الجاموس وهو بقر محناة وعليهم الأجراس وكل منهم مكسور الثنية إلا أنه كان يلازم الصلاة والتعبد فقيل له في ذلك فقال: أردت بهذا الشعار أن أكون مسخرة للفقراء وعلى الجملة فكانوا أشكالا عجيبة حتى أنهم حاكوهم في الخيال ونظم فيهم الأديب السراج ثم ذكر نظمه إلى آخره. وقال في ذيل العبر في سنة ست وسبعمائة: قدم من الشرق الشيخ براق العجمي في جمع نحو المائة وفي رؤوسهم قرون من لبابيد ولحاهم دون الشوارب محلقة وعليهم أجراس ودخلوا في هيئة غريبة يجرون بشهامة فنزلوا في المنيع ثم زاروا القدس وشيخهم من أبناء الأربعين فيه إقدام وقوة نفس وكان يدق له توبة وأنفذ إليه الأكابر غنما ودراهم انتهى.
268- التربة السنبلية العثمانية
شرقي تربة الجيغ أي شمالي تربة مختار أنشأها الأمير سنبل بن عبد الله الطواشي عتيق ملك الأمراء الطنبغا العثماني وباشر الزمامة لملك الأمراء سودون ابن عبد الرحمن قال الأسدي في شوال سنة سبع وعشرين ما صورته: وفي يوم
__________
1 ابن كثير 14: 49.(2/195)
السبت ثاني عشر ولي نظر الجامع الأموي زمام نائب الطواشي سنبل انتهى.
269- التربة السودونية
فوق المعظمية بالسفح من قاسيون أنشأها سودون النوروزي وكان اسمه بين الأمراء سودون المغربي لبخله وسوء خلقه وكان حاجب الحجاب وأمير التركمان بدمشق هو من بقية جماعة الظالم الغاشم نوروز الحافظي مات سنة ثمان وأربعين وثمانمائة ودفن بتربته هذه بالصالحية ثم استقر بعده في الحجوبية وأمرة التركمان الأمير جاني بك النصاري دوادار برسباي الحاجب الكبير الذي كان بدمشق انتهى.
270- التربة الشهيدية
بباب الفراديس وجدت بخط ابن ناصر الدين: وفي يوم الجمعة خامس عشر صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة قتل السلطان فرج بن برقوق وكان بقلعة دمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس بتربة ابن الشهبد انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وعشرين في المحرم وفي ليلة الثلاثاء رابع عشرية خرج النائب تنبك البجاسي ومعه الهجن والبغال لملاقاة الحج ففعل معهم خيرا عظيما بحيث أنه كان يعين العاجز بنفسه ويركب المنقطع ويركب المنقطع ويأمر بمواراة الميته وبلغني أن الثلج وصل إلى القطيفة ووقعت صاعقة على برج قلعة عجلون فهدمته وكان في يوم الاثنين سلخة رجع ملك الأمراء من ملاقاة الحج وقد بالغ بالإحسان إليهم وكان سببا لنجاة بعضهم من الموت ودعا الناس له دعاء كثيرا ثم تبين أن السلطان برسباي الأشرف كان قد عزله وولي سودون بن عبد الرحمن قبل ذلك بخمسة أيام فوصل الخبر بالقبض عليه فبعد أيام نقب من السور عند المسجد العمري وأجرى فرسه فتقنطرت فرسه به عند مكان حجارة فنزل ودافع عن نفسه بنفسه إلى أن طعن في رأسه وخاصرته فقبض وجر في الطين إلى القلعة ثم ورد مرسوم بقتله فقطع رأسه وعلق على الطارمة ليلة الخميس مستهل شهر ربيع(2/196)
الأول سنة سبع وعشرين وأخذت جثته فغلست بالذهبية وصلى عليه خلق كثير بجامع التوبة ودفن بالتربة التي أنشأها على قبر فرج بن برقوق وقال ابن حجي أبدلنا الله مكانه شهيدا فكان في ذاك ثلاث خصال مذمومة: شكله وقبح لفظه وبغضه لأهل العلم وهذا سالم منها مات في عشر الخمسين انتهى.
271- التربة الشهابية
بالصالحية. قال تقي الدين ابن قاضي شهبة في شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة: وممن توفي فيه بدر الدين بن غانم الموقع وناظر التربة الشهابية بالصالحية توفي ليلة الأربعاء حادي عشره وكان مسرفا على نفسه ذميم السيرة توفي على نحو ستين سنة انتهى.
272- التربة الشرابيشية
قبالة جامع جراح قال الحافظ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت: في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من صفر توفي شهاب الدين أحمد بن نور الدولة علي بن أبي المجد بن محاسن الشرابيشي التاجر السفار ودفن يوم الجمعة بالمكان الذي وقفة والده خارج الباب الصغير قبالة جامع جراح وكان له همة ونهضة وتودد إلى الناس انتهى. ومحاسن هذا لعله واقف المدرسة المحاسنية الموقوفة على الحنابلة المعروفة بالضائية المحاسنية انتهى.
273- التربة الصصرية
عند الركينة بسفح قاسيون بها الحافظ أبو المواهب وأخوه أبو الغنائم ابنا صصري رحمهما الله تعالى انتهى.
274- التربة الصوابية
غربي سفح قاسيون وشمالي دار الحديث الناصرية قال الصفدي في الوافي(2/197)
بالوفيات: الخادم بدر الجيش الصوابي الطواشي الأمير بدر الدين أبو المحاسن وهو منسوب إلى الطواشي صواب العادلي1 وكان موصوفا بالشجاعة والرأي في الحرب والعقل والرزانة والفضل والديانة والبر والصدقة والإحسان إلى أصحابة وغلمانه وكان أميرا مقدما أكثر من أربعين سنة وجنده مائة فارس قال شمس الدين: قرأت عليه جزءا سمعه من ابن عبد الدايم وحج بالناس غير مرة ونيف عن الثمانين ومات فجأة سنة ثمان وتسعين وستمائة بقرية خيارة ودفن بتربته التي بناها بلحف الجبل شمالي الناصرية رحمه الله تعالى وقال الذهبي في العبر في سنة ثمان وتسعين وستمائة: والصوابي الخادم الأمير الكبير بدر الجيش من المقدمين بدمشق وله مائة فارس توفي فجأة بقرية الخيارة في جمادى الأول وكان دينا معمرا موصوفا بالشجاعة والعقل والرأي روى لنا عن ابن عبد الدايم انتهى. وقال فيها في سنة أربع وثمانين وستمائة وشبل الدولة الطواشي الأمير أبو المسك كافور الصوابي الصالحي الصفوي خازندار قلعة دمشق روى عن ابن رواح وجماعة وكان محبا للحديث عاقلا دينا توفي في شهر رمضان وقد نيف عن الثمانين انتهى. وقد رأيت في ذيل العبر في سنة ست وسبعمائة ومات بالكرك الطواشي المعمر شمس الدين صواب السهلي وكان محتشما متمولا بعيد الصيت انتهى. وصواب المنسوب إليه صاحب هذه التربة هو شمس الدين العادلي الخادم مقدم الجيش للكامل وفاته في صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وله شعر وترجمة طويلة انتهى.
275- التربة الصارمية البرغشية العادلية
غربي الجامع المظفري. قال ابن كثير في سنة ثمان وستمائة: صارم الدين برغش العادلي نائب القلعة بدمشق توفي في مصر ودفن بتربته غربي الجامع المظفري وهو الذي نفى الحافظ عبد الغني المقدسي إلى مصر وبين يديه كان عقد المجلس وكان من جملة من قام عليه ابن الزكي والخطيب الدولعي وقد
__________
1 شذرات الذهب 5: 149.(2/198)
توفوا أربع تهم وغيرهم ممن قام عليه واجتمعوا عند ربهم الحكيم العدل سبحانه انتهى.
276- التربة الطوغانية الناصرية
شمالي تربة الخواجا شمس الدين بن مزلق برأس الزقاق برأس حارة ابن مسعود شمالي مسجد الذبان والمئذنة البصية غربي مقبرة الباب الصغير قال والد شيخنا الأسدي في ذيله: في سنة سبع وأربعين وثمانمائة وفي يوم السبت تاسع عشري شهر ربيع الأول منها جيء بالأمير طوغان ميتا من صفد وكان أمير عشرة مشد العشر مدة وهو من الناصرية ثم نقل إلى صفد أميرا كبيرا فمات بها وجىء به فدفن بتربته شمالي تربة الخواجا شمس الدين بن المزلق انتهى. وهي تجاه تربة نائب السلطنة قصروه وعلى كتف نهر قليط.
277- التربة العزية والمسجد الحلبيين
بسفح قاسيون قال الصفدي: وهو عبد العزيز بن منصور بن محمد ابن وداعة الصاحب عز الدين الحلبي ولي خطابة جبلة في أوائل أمره وولي للملك مشد الداواوين بدمشق وكان يعتمد عليه وكان يظهر النسك والدين ويقتصد في ملبسه وأموره فلما تسلطن الظاهر ولاه وزارة الشام ولما ولي النجيبي نيابة السلطنه حصل بينة وبين ابن وداعة وحشة لأن ابن النجيبي كان سنيا وكتب ابن وداعة إلى السلطان يطلب منه مشدا تركيا فظن أنه يكون بحكمه ويستريح من النجيبي فرتب السلطان الأمير عز الدين كستغدي القشيري فوقع بينهما وكان يهينه ثم كاتب فيه فجاء المرسوم بمصادرته فصودر وأخذ خطة بجملة كثيرة وعلقه وعصره وضربه بقاعة الشد وباع موجوده وأملاكه التي كان وقفها وحل عنها ثم طلب إلى مصر فتوجه ومرض في الطريق ودخل مثقلا فمات بالقاهرة سنة ست وستين وستمائة وله تربة ومسجد بقاسيون وله وقف وبر انتهى. والله تعالى أعلم.(2/199)
278- التربة العلائية الأميرية
يمقبرة الصوفية وهي تربة الأمير علي نائب الشام كان قال الأسدي في تاريخه في شهر رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة: وهي بناها على أن يدفن بها فمات بمصر وولاها الأمير قرابغا الحاجب كان إلى أن قال: وفي كتاب الوقف أربعة مقرية يقرأون القرآن في التربة كل يوم انتهى. ورأيته في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين أن سيف الدين أركماس السيفي المؤيدي أحد المقدمين في دمشق دفن في الصوفيه بتربة الأمير علي المارداني فليحرر هل هي هذه أم لا انتهى.
279- التربة العزية الأيبكية الحموية
بالسفح غربي زاوية ابن قوام قال ابن كثير في سنة ثلاث وسبعمائة: الأمير الكبير عز الدين أيبك الحموي ناب بدمشق ثم عزل عنها إلى صرخد ثم نقل قبل موته بشهر إلى نيابة حمص وفيها توفي يوم العشرين من شهر ربيع الآخر ونقل إلى تربته بالسفح غربي زاوية ابن قوام وإليه ينسب الحمام بمسجد القصب الذي يقال له حمام الحموي عمره في أيام نبابته انتهى رحمه الله.
280- التربة العديمية
عند زاوية الحريري غربي الزيتون على الشرف القبلي قال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة: قاضي القضاة مجد الدين عبد الرحمن بن جمال الدين عمر بن أحمد بن العديم الحلبي ثم الدمشقي ولي قضاء الحنفية بعد ابن عطاء الله بدمشق وكان رئيسا ابن رئيس له كرم أخلاق وقد ولي الخطابة بجامع القاهرة الكبير وهو أول حنفي وليه توفي بجوسقة بدمشق في شهر ربيع الأول من هذه السنة وتربته عند زاوية الحريري ودفن بها على الشرف القبلي غربي الزيتون انتهى رحمه الله تعالى.(2/200)
281- التربة العمادية
شمالي تربة جركس بقاسيون قال الصفدي في ترجمة أبي بكر بن الداية: واتفق موته وموت العمادي بدمشق فخزن عليهما نور الدين الشهيد وقال: قص جناح أي وأعطى أولاد العمادي بعلبك وكانت وفاة ابن الدايه سنة خمس وستين وخمسمائه وللعمادي المذكور بقاسيون تربه مشهوره شمالي تربة جركس وهي أول تربة بنيت بالجبل واسمه مكتوب على بابها انتهى. ملخصا وقد قال الذهبي وتبعه الأسدي في سنة خمس وستين المذكورة وقال أبو شامة في الروضتين أولاد الدايه خمسة: سابق الدين عثمان وشمس الدين على وبدر الدين حسن وبهاء الدين عمر ومجد الدين محمد وهو الأكبر وكان رضيع نور الدين الشهيد وقد تربى معه ولزمه وتبعه وقد ذكر كل واحد وما جرى له فيها والله تعالى أعلم.
282- التربه العزيه البدرانيه الحمزيه
بالصالحيه عند الجامع الأفرم أنشأها حمزة بن موسى بن أحمد بن الحسين بن بدران الشيخ الإمام العلامه عز الدين أبو يعلى المعروف بابن شيخ السلاميه وسمع من الحجاز وتفقه على جماعة ودرس بالحنبليه قال ابن قاضي شهبة: ووقف درسا بتربته بالصالحيه وكتبا وعين لذلك الشيخ زين الدين بن رجب توفي ليلة الأحد حادي عشرين ذي الحجة سنة تسع وستين وسبعمائة ودفن عند والده وجده عند جامع الآف رم بتربته انتهى.
283- التربه العادليه البرانيه
غربي دار الحديث الناصرية البرانيه بسفح قاسيون قال الذهبي في ذيل العبر في سنة اثنتين وسبعمائة: ومات متولي حماه الملك العادل زين الدين كتبغا المعلى المنصوري ونقل ودفن بتربته بسفح قاسيون مات يوم الجمعة يوم الأضحى وكان في آخر الكهولة أسمر قصيرا دقيق الصوت شجاعا قصير العنق(2/201)
منطويا على دبن وسلامة باطن وتواضع تسلطن بمصر عامين وخلع في صفر سنة ست وتسعين فالتجأ إلى صرخد ثم أعطى حماة انتهى. وقال تلميذه ابن كثير في سنة اثنتين المذكورة: الملك العادل زين كتبغا توفي بحماة نائبا عليها بعد صرخد يوم الجمعة يوم عيد الأضحى ونقل إلى تربته بسفح قاسيون غربي الرباط الناصري يقال لها العادليه وهي تربة مليحة ذات شبابيك وبوابة ومئذنه وله عليها أوقاف دارة على وظائف من قراءة وأذان وأمامه وكان من كبار الأمراء المنصورية وقد ملك البلاد بعد مقتل الأشرف خليل بن المنصور ثم انتزع الملك منه لاجين وجلس في قلعة دمشق ثم تحول إلى صرخد فكان بها حين قتل لاجين وأخذ الملك الناصر بن قلاوون فاستنابه بحماه حتى كانت وفاته بها كما ذكرنا وكان من خيار الملوك وأعدلهم وأكثرهم براوكان من خيار الأمراء والنواب رحمه الله تعالى انتهى. ولنا كتبغا غير هذا معاصرا له. قال الذهبي في ذيل العبر سنة إحدى وعشرين وسبعمائه: ومات كبير الحجاب زين الدين كتبغا رأس النوبه بدمشق وكان فيه كرم وخير انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين المذكورة: الأمير حاجب الحجاب زين الدين كتبغا المنصوري حاجب دمشق كان من خيار الأمراء وأكثرهم برا للمساكين والفقراء يحب الختمة والمواعيد وسماع الحديث ويكرم أهله ويحسن إليهم كثيرا إلى أن توفي يوم الجمعة آخر النهار ثامن عشرين شوال ودفن من الغد بتربته قبلي القبيبات وشهده خلق كثير واثنو عليه انتهى. وقد وافق في الإسلام واللقب والنسبة.
284- التربة العادلية الجوانيه بالمدرسة العادلية الكبرى
تجاة الظاهرية قال الأسدي في تاريخه في سنة خمس عشرة وستمائة: الملك العادل أبو بكر بن أيوب بن محمد بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدويني ثم التكريتي ثم الدمشقي السلطان الملك العادل أبو بكر ابن الأمير نجم الدين أيوب ولد ببعلبك في سنة أربع وثلاثين وهو أصغر من أخيه السلطان صلاح الدين يوسف بسنتين وقيل مولده سنة ثمان وثلاثين وقيل في أول(2/202)
سنة أربعين نشا في خدمة نور الدين الشهيد مع أبيه واخوته وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاته وكان صلاح الدين يعول عليه كثيرا واستنابه بمصر مدة ثم أعطاه حلب المحروسة ثم أخذها منه لولده الظاهر واعطاه الكرك عوضها ثم حران.
قال بعضهم: وكان أقعد الملوك بالملك وملك من بلاد الكرج إلى قرب همدان والجزيرة والشام ومصر والحجاز واليمن وحضرموت وابطل كثيرا من الظلم المكوس وقال أبو المظفر السبط: كان خليقا بالملك حسن التدبير حليما صفوحا مجاهدا عفيفا متصدقا أمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر طهر جميع ولايته من الخمور والمكوس والخواطئ والمظالم وكان الحاصل من ذلك بدمشق خصوصا مئة ألف دينار فأبطل الجميع لله تعالى. وأعانه على ذلك وإليه المعتمد1 ثم ذكر ما نقله في غلاء مصر وبالغ حتى نسبة الذهبي إلى المجازفة وقض أياه مشهورة مع الأفضل والعزيز وآخر الأمر استقل بمملكة الديار المصرية ودخل القاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وملك معها البلاد الشامية والشرقية وصفت له الدنيا ثم ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة، ولما تمهدت البلاد قسمها بين أولاده الكامل والمعظم والأشرف وكان يتردد بينهم وينتقل من مملكة إلى أخرى وكان في الغالب يصيف بالشام ويشتي بمصر وأمر بعمارة قلعة دمشق وألزم كل واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج وقال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: كان أصغر الاخوة واطولهم عمرا وأعفهم ذكرا وأنظرهم في العواقب وأشدهم إمساكا وأحبهم للدرهم وكان فيه حلم وأناة وصبر على الشدائد وكان سعيد الحظ مظفرا بالأعداء وكان أكولا نهما يحب الطعام ويحب اختلاف الألوان وكان أكثر أكله بالليل وبالخل وعندما ينام آخر الليل يصنع له ويأكل رطلا بالدمشقي من خبيص السكر وكان كثير الصلاة ويصوم الخميس وله صدقات في كثير من الأوقات فخاصة عندما تنزل به الآفات وكان كريما على الطعام يحب من
__________
1 ابن كثير 13: 124.(2/203)
يواكله وكان قليل الأمراض وكان يكثر من اقتناء السراري وكان عفيف الفرج لا يعرف له نظر إلى غير حلاله نجب له أولاد وكان العادل قد وقع بغضه في قلوب رعاياه والمخامرة عليه في قلوب جنده وعملوا في مقتله أنواعا وأصنافا من الحيل الدقبقة مرات كثيرة وعندما يقال أن الحيلة قد تمت تنتسخ وتنكشف وتنحسم موادها ولولا أولاده يعولون بلاده لما ثبت ملكه بخلاف أخيه صلاح الدين فإنه إنما حفظ ملكه بالمحبة له وحسن الطاعة ولم يكن بالمنزلة المكروهة وإنما الناس قد ألفوا دولة السلطان صلاح الدين وأولاده فتغيرت عليهم العادة دفعة واحدة ثم إن وزيره ابن شكر بالغ في الظلم وتفنن ومن صفات العادل الجميلة أنه كان يعرف حق المحبة والصحبة ولا بتغير على أصحابة ولا يضجر منهم وهم عنده في حظوة وكان يواظب على خدمة أخيه السلطان صلاح الدين يكون أول داخل عليه وآخر خارج من عنده وكان أخوه يشاوره في الأمور لما جرب من نفوذ رأيه وحصل له في آخر عمره ضعف ورعشة توضأ مرة فقال: اللهم حاسبني حسابا يسيرا فقال له رجل: فاجر يا مولانا إن الله قد يسر حسابك قال: ويلك وكيف ذلك فقال: إذا حاسبك فقل له المال كله في قلعة جعبر لم أفرط منه في قليل ولا كثير وكانت خزانته بالكرك ثم نقلها إلى قلعة حعبر ثم نقلها إلى قلعة دمشق فحصلت في قبضة المعظم فلم ينازعه فيها إخوته توفي بعالقين بقرب دمشق في جمادى الآخرة فحمل إلى القلعة فلما صار بالقلعة أظهروا موته ودفنوه بالقلعة ثم نقل إلى تربته بمدرستة في سنة تسع عشرة وكان له من الأولاد الذكور سبعة عشر ولدا مات بعضهم في حياته وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد ويضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع عشرة وستمائة: وفيها انقضت الهدنة التي كانت بين العادل والفرنج واتفق قدوم العادل من مصر فاجتمع هو وابنه المعظم ببيسان فركبت الفرنج من عكاء وبمقدمتهم وصحبتهم ملوك السواحل كلهم وساروا كلهم قاصدين معافصة الملك العادل فلما أحس بهم فر منهم لكثرة جيوشهم وقلة من كان معه فقال له ابنه(2/204)
المعظم إلى أين يا أبت؟ فشتمه أبوه بالعجمية وقال له: أقطعت الشام مماليك وتركت أبناء الناس بها خلقا فتوجه العادل إلى دمشق وكتب إلى وليها المعتمد ليحصنها من الفرنج وينقل إليها من المغلات من داريا وغيرها إلى القلعة ويرسل الماء على أراضي داريا وقصر حجاج والشاغور ففزع الناس من ذلك وابتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء وكثر ضجيجهم بالجامع وأقبل السلطان فنزل بمرج الصفر وأرسل إلى ملوك الشرق لقتال الفرنج فكان أول من ورد صاحب حمص أسد الدين شيركوه فتلقاه الناس فدخل من باب الفرج وجاء فسلم على ست الشام بدارها عند البيمارستان ثم عاد إلى داره ولما قدم أسد الدين المذكور سري عن الناس وأمنوا ولما أصبح توجه إلى السلطان بمرج الصفر وأما الفرنج فإنهم وردوا إلى بيسان فنهبوا ما كان بها من الغلات والدواب وفتكوا وأسروا أشياء كثيرة وعاثوا في الأرض فسادا يقتلون وينهبون ويسبون ما بين بيسان إلى بانياس وخرجوا إلى أراضي الجولان إلى نوى وخسفين وغير ذلك من الأراضي وسار الملك المعظم فنزل على عقبة اللبن بين نابلس والقدس خوفا على القدس الشريف ثم حاصرت الفرنج حصن الطور حصارا هائلا ومانع فيه الذين به من الأبطال ممانعة عظيمة ثم كر الفرنج راجعين إلى عكا وجاء الملك المعظم إلى الطور فخلع على الأمراء الذين به وطيب نفوسهم وأمر بخرب حصن الطور فخرب ونقل ما فيه من آلات الحرب إلى البلدان خوفا عليها من الفرنج ثم التقى المعظم والفرنج على القيمون فكسرهم وقتل منهم خلقا كثيرا وأسر من الداورية مائه فأدخلهم القدس منكسة أعلامهم ثم قصدوا بلاد مصر من ثغر دمياط فنزلوا عليه فحاصروه مدة أربعة أشهر والكامل محمد مقابلهم يقاتلهم ويمانعهم ويصدهم عما يريدون فتملكوا على المسلمين برج السلسلة وهو كالقفل على ديار مصر وصفته في وسط جزيرة في النيل عند انتهائه إلى البحر ومن هذا البرج إلى دمياط وهو على شاطيء النيل وعلى حافته سلسلة منه إلى الجانب الآخر وعليه الجسر وسلسلة أخرى لتمنع دخول المراكب من البحر إلى النيل ولما ملكت الآف رنج هذا البرج(2/205)
شق ذلك على المسلمين بديار مصر وغيرها وحين وصول الخبر إلى الملك العادل وهو بمرج الصفر تأوة لذلك شديدا ودق بيده على صدره أسفا وحزنا ومرض من ساعته مرض الموت لأمر يريده الله تعالى عز وجل فلما كان يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة من السنة الآتية بعدها توفي رحمه الله تعالى بقرية عالقين فجاء ولده المعظم إليه مسرعا فجمع حواصله وأرسله في محفة ومعه خادم بصفة أنه مريض وكلما جاء أحد من الأمراء ليسلم عليه منعه عنه الخادم يعني لضعفه عن الرد عليهم فلما انتهى. به إلى القلعة دفن بها مدة ثم حول إلى تربته بمدرسة العادلية الكبرى وقد كان من خيارهم وأجودهم سيرة وأحسنهم سريرة دينا عاقلا صبورا وقورا أبطل المحرمات والخمور والمعازف والمكوس من ممالكه كلها وقد كانت مملكته ممتدة من أقصى بلاد مصر واليمن والجزيرة والشام إلى همدان كلها أخذها بعد أخيه السلطان صلاح الدين سوى حلب فإنه أقرها بيد ابن أخيه الظاهر غازي بن صلاح الدين لأنه كان زوج ابنته ضيفة الست خاتون وكان صفوحا صبورا على الأذى كثير الجهاد وحضر مع أخيه مواقعه كلها أو أكثرها وله في تلك الأيام اليد البيضاء والراية العلياء وكان ماسك اليد لكنه أنفق في عام الغلاء بمصر أموالا عظيمة جدا وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئا كثيرا ثم في العام بعده في الفناء كفن ثلثمائة ألف إنسان من الغرباء وكان كثير الصدقة في أيام مرضه حتى كان يخلع ما عليه جميعا ويتصدق به وبركوبه وما يحبه من أومواله وكان كثير الأكل ممتعا بصحته وعافيه مع كثير صيامه يأكل في اليوم الواحد أكلات عدة ثم بعد كل هذا ياكل وقت النوم رطلا بالدمشقي من الحلوى السكرية اليابسة وكان يعتريه مرض في أنفه في زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان لأي قدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد وكان يضرب له الوطاق بمرج الصفر ثم يدخل البلد بعد ذلك وتوفي عن خمس وسبعين سنة وكان له من الأولاد جماعة محمد الكامل صاحب مصر وعيسى المعظم صاحب دمشق وموسى الأشرف صاحب الجزيرة وخلاط وحران وغير ذلك والأوحد(2/206)
أيوب ومات قبله والفائز إبراهيم1 والمظفر غازي صاحب الرها والعزيز عثمان والأمجد حسن وهما شقيق المعظم والمغيث محمود2 والحافظ أرسلان صاحب جعبر والصالح إسماعيل والقاهر إسحاق ومجير الدين يعقوب وقطب الدين أحمد وخليل وكان أصغرهم وتقي الدين عباس وكان آخرهم وفاة بقي إلى سنة ستين وستمائة وكان له بنات أشهرهن الست ضيفة خاتون زوجة الظاهر غازي صاحب حلب وأم الملك العزيز ولد الناصر يوسف الذي ملك دمشق وإليه تنسب الناصريتان بدمشق والجبل وهو الذي قتله هولاكو انتهى. كلام ابن كثير ملخصا. وقال في سنة أربع وخمسين وستمائة: مجير الدين يعقوب ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب توفي ودفن عند والده بتربة العادلية انتهى. وولي مشيخة الأقراء والنحو بهذه المدرسة التي فيها هذه التربة جماعة قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة إحدى وستين وستمائة: والعلم أبو القاسم والأصح أبو محمد القاسم بن أحمد بن موفق بن جعفر المرسي اللورقي المقرئ النحوي المتكلم شيخ القراء بالشام ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة وقرأ القراءات على ثلاثة من أصحاب ابن هزيل3 ثم قرأها على أبي الجود4 ثم على الكندي وسمع ببغداد من ابن الأخضر5 وكان عارفا بالكلام والأصلين والعربية اقرأ واشتغل مدة وصنف التصانيف ودرس بالعزيزية نيابة وولي مشيخة الإقراء والنحو بالعادلية توفي رحمه الله تعالى في سابع شهر رجب وقد شرح الشاطبية انتهى. وقال الصفدى في حرف الباء: أبو بكر بن يوسف بن أبي بكر بن محمود بن عثمان بن عبد الله الإمام المقرىء المدرس بقية المشايخ زين الدين المزي الدمشقي الشافعي عرف بالحريري لأن أمه تزوجت بالشمس الحريري نقيب ابن خلكان فرباه، ولد سنة ست وأربعين تقريباً، وتوفي سنة ست وعشرين وسبعمائة، تلا بالسبع على الزواوي وغيره، وسمع من الصدر
__________
1 ابن كثير 13: 99.
2 ابن كثير 13: 60.
3 شذرات الذهب 4: 213.
4 شذرات الذهب 5: 17.
5 شذرات الذهب 5: 46.(2/207)
البكري وخطيب مراد وجماعة ودرس التنبيه وغيره ودرس بالقلجية الصغرى وغيرها وولي القراآت والنحو بالعادليه مدة ويسمع ابنه وابن ابنه شرف الدين وكان فيه ود وخير سمع منه قاضي القضاة عز الدين بن جماعة وابنه والطلبة انتهى. وقال الذهبي في معجمه: محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الشيخ العلامة قاضي القضاة علم الدين ابن القاضي شمس الدين السعدي الأخنائي المصري قاضي دمشق مولده في شهر رجب سنة أربع وستين وستمائة بالقاهرة وسمع الكثير وأخذ عن الدمياطي وغيره وولي قضاء الاسكندرية ثم الشام بعد وفاة القونوي وكان من نبلاء العلماء وقضاة السداد وقد شرع في تفسير القرآن وجملة من صحيح البخاري وكان أحد الاذكياء وكان يبالغ في الاحتجاب عن الحاجات فتعطل أمور كثيرة ودائرة علمه ضيقة لكنه وقور قليل الشر انتهى. وقال ابن كثير: كان عفيفا نزها ذكيا كثير العبادة محبا للفضائل ومعظما لأهلها كثير الأسماع للحديث بالعادلية الكبرى خيرا دينا توفي بدمشق في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بتربة العادل كتبغا ثم ولي هذه المشيخة شيخ القراء العلامة شمس الدين بن الجزري وقد مرت ترجمته في دار القرآن له ثم انتقلت إلى ولده فتح الدين ثم نزل عنها قبيل وفاته في صفر سنة أربع عشرة للشيخ شرف الدين صدقة الضرير ثم تلقاها عنه الشيخ فخر الدين عثمان ابن الصلف رحمهم الله انتهى.
285- التربة الغرلية
بقاسيون. قال الذهبي في ذيل العبر في سنة تسع عشرة وسبعمائة: ومات بدمشق الأمير سيف الدين غرلو العادلي الذي استابه العادل كتبغا على دمشق في آخر سنة خمس وتسعين وكان أحد الشجعان العقلاء وله تربة مليحة بقاسيون انتهى.(2/208)
286- التربة القراجية الصلاحية
في قبة على جادة الطريق عند تربة ابن تميرك بالسفح قال ابن كثير في سنة أربع وستمائة: الأمير زين الدين قراجا الصلاحي صاحب صرخد وكانت له دار عند باب الصغير عند قناة الزلاقة وتربة بالسفح على جادة الطريق عند تربة ابن تميرك وأقر العادل ولده يعقوب على صرخد أهـ.
287-التربة القراجية
بميدان الحصى. قال ابن كثير في المحرم سنة ثلاث وسبعمائة: وفي هذا الشهر توفي الأمير زين الدين قراجا أستاد دار الآف رم ودفن بتربة بميدان الحصا عند النهر انتهى.
288- التربة القيمرية
قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وخمسين وستمائة وسيف الدين القيمري صاحب البيمارستان بالجبل وكان من جملة الأمراء وأبطالهم المذكورين توفي بنابلس ونقل ودفن بتربته التي هي تجاه البيمارستان انتهى. وقال في المختصر في السنة المذكورة: فيها توفي الأمير البطل الأوحد سيف الدين القيمري ودفن بقبته التي تجاه البيمارستان الذي عمله بسفح قاسيون انتهى. قال ابن كثير في سنة أربع وخمسين وستمائة: واقف بيمارستان الصالحية المير الكبير سيف الين أبو الحسن يوسف بن أبي الفوارس موسك القيمري الكردي أكبر أمراء القيامرة كانوا يقفون بين يديه كما تعامل الملوك ومن أكبر حسناته وقفه البيمارستان الذي بسفح قاسيون وكانت وفاته ودفنه بالسفح بالقبة التي تجاه البيمارستان المذكور وكان ذا مال كثير وثروة رحمه الله تعالى انتهى.(2/209)
289- التربة القطلوبكية
شمالي باب الفراديس وهي تربة الأمير سيف الدين قطلوبك الشنكير1 الرومي كان من أكابر الأمراء وولي الحجوبية في وقت وهو الذي عمر القناة بالقدس توفي يوم الاثنين سابع شهر ربيع الأول ودفن بتربة شمالي باب الفراديس وهي ممشهورة حسنة وحضر جنازته بسوق الخيل النائب والأمراء رحمه الله تعالى انتهى.
290- التربية القطينية
قال الذهبي بذيل العبر في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: ومات كبير المتولين بدمشق شهاب الدين أحمد بن محمد بن القطينة الزرعي عن ثمانين سنة ودفن بتربة مليحة بطريق القابون بلغت زكاته في عام قازان خمسة وعشرين ألفا وفي دولة الظاهر كان رأس ماله ألف درهم انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة: شهاب الدين أحمد بن محمد بن قطينة الزرعي التاجر المشهور بكثرة الأموال والبضائع والمتاجر قيل بلغت زكاة ماله في سنة قازان خمسة وعشرين ألف دينار وتوفي في شهر ربيع الأول من هذه السنة ودفن بتربته التي بباب بست أنه المسمى بالموقع عند ثوري في طريق القابون وهي تربة هائلة وكان له أملاك انتهى رحمه الله تعالى.
291- التربة القمارية
بسفح قاسيون رأيت بخط الأسدي: قماري خاتون بنت حسام الدين الحسن بن ضياء الدين أبي الفوارس القيمري وقفت الخان بمسجد القصب سنة أربع وتسعين وستمائة وهي صاحبة التربة بالسفح انتهى. رحمها الله تعالى.
__________
1 ابن كثير 14: 150.(2/210)
292- التربة القانبائية البهلوانية
قبلي تربة يونس الدوادار لصيقها الآتية عمرها قان باي البهلوان تنقل في ولايات صفد ثم حماة إلى أن تولى نيابة حلب المحروسة عن قان باي وهو الحمزاوي في شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثمانمائة واستقر عوضه برسب أي الناصري نائب طرابلس رحمه الله تعالى انتهى.
293- التربة الكركية الاياسية الفخرية
بطريق الصالحية عند حمام الورد. قال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة: فخر الدين أياسي الكركي الحاجب الثالث توفي في تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وثلاثين المذكورة انقطع يومين فقط ودفن بتربة عند حمام الورد وكان يأخذ أمور هـ كلها بالضحوكية ووطأته على الناس خفيفة ويداري العرب بطريق الحجاز ويضحك عليهم باليسير والناس معهم بسببه بخير عمل أمرة الحاج مرارا انتهى. ملخصا وكان فراغه من انشائها سنة ثمان وعشرين وثمانمائة كما هو مرسوم عقب ذكر وقفها بالواجهة الحجر فوق الشبابيك وتفتح أبوابها إلى جهة الغرب وقد أحكم بنائها فإنها قبو مكين وله فيها فستقيتان وعلى هذا البناء الروح رحمه الله تعالى انتهى.
294- التربة الكوكبائية
وهي تربة الست ستيته الخوندة المعظمة المحجبة بنت الأمير سيف الدين الكبير كوكبائي المنصوري زوجة نائب الشام تنكز الملقب بسيف الدين شرقي الأكزية وغربي الطيبة وقبلي النورية الكبرى قال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة: وصاحبة التربة بباب الخواصين توفيت بدار الذهب وصلي عليها بالجامع ودفنت بالتربة التي أمرت بإنشائها عند باب الخواصين وفيها مسجد والي جانبها الغربي رباط للنساء ومكتب للأيتام وفيها صدقات وبر وصلاة وقرأ كل ذلك أمرت به وكانت قد حجت في العام الماضي رحمها الله تعالى(2/211)
انتهى. وقال البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين المذكورة ومن خطه نقلت: وفي ليلة الاثنين ثالث شهر رجب توفيت زوجة نائب السلطنه بالشام المحروسة الأمير سيف الدين تنكز الملكي الناصري وهي الست الكبيرة المحترمة بنت الأمير سيف الدين كوكب أي المنصوري الناصرى وصلي عليها بكرة الاثنين بجامع دمشق ودفنت بمكان اشترته لدفنها إلى جانب المدرسة الطيبة بقرب الخواصين داخل دمشق وحضرها جمع كثير القضاة والأمراء والأكابر وعامة الناس وعمل عزاها بالمدرسة القليجية جوار الدار التي توفيت فيها وشرع في عمارة المكان الذي دفنت فيه وأحضرت الآلات والصناع وحصل الأتمام بذلك وبلغني أنها أوصت أن يعمل قبة على الضريح وفي جواره مسجد ورباط للنساء رحمها الله وتقبل منها فعمل ذلك جميعه وكانت حجت بالعام الماضي وتصدقت وأثنى الناس عليها انتهى.
295- التربة الكندية
بسفح قاسيون وهي تربة العلامة تاج الدين أبي اليمن الكندي الحنفي قال الصفدي في تاريخه في حرف الزاي: ودفن بتربته بالسفح وله ترجمة طويله في نحو كراسة مذكورة فيه لخصت منها شيئا في المدرسة التاجية الحنفية فراجعها انتهى.
296- التربة الكاملية الصلاحية البرانية
بالجبل تحت كهف جبريل قال الحافظ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة الأربعاء وقت السحر الثالث والعشرين من شوال توفي الشيخ الفقيه الإمام المحدث المفيد العدل شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم بن وافد بن المهندس الصالحي الحنفي وصلي عليه عقيب الظهر بالجامع المظفري بسفح جبل قاسيون ودفن بتربة والده بالقرب من المدرسة المعظمية ومولده في سنة خمس وستين وستمائة تقريبا وكان(2/212)
اشتغل بالفقه وسمع الكثير من أصحاب ابن طبرزد وحنبل والكندي ومن بعدهم ونسخ بخطه كثيرا وحصل النسخ والأصول وتعب في ذلك وخرج لنفسه ولبعض الشيوخ ورحل إلى الديار المصرية وإلى حلب المحروسة وحج مرات وزار القدس الشريف وسمع في البلاد وحصل تحصيلا كثيرا وكان من أعيان الشهود العدول لازم الشهادة وكتابة الشروط مدة طويلة وكان رجلا جيدا فيه ديانة وخير ومحبة للعلم وأسمع جملة من مسموعاته ورافقته في الحج فرأيت فيه حرصا على العبادة والخير وكان شيخ الحديث بمشهد ابن عروة وبالتربة الكاملية الصلاحية بالصالحية وله وظائف وجهات انتهى. وقال الذهبي في ذيل العبر في سنة ثلاث وثلاثين المذكورة: ومات الإمام المحدث العدل شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنائم بن المهندس الصالحي الحنفي في شوال عن ثمان وستين سنة سمع ابن أبي عمر وابن شيبان ومن بعدهما وكتب الكثير ورحل وخرج وتعب ونسخ تهذيب الكمال للمزي مرتين مع الدين والتواضع ومعرفة الشروط انتهى. وقال السيد في ذيل العبر في سنة سبع وأربعين وسبعمائة: ومات شيخنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن المهندس الحنفي سمع الفخر وابن شيبان وخلقا باعتناء أخيه المحدث شمس الدين وولي مشيخة الكامليه بالجبل بعد أخيه توفي في شوال انتهى رحمه الله تعالى.
297- التربة الكاملية الجوانية
شرق الخناقاه السميساطية قال عز الدين الأنصاري الحلبي: ولما ملكها يعني دمشق الملك الكامل وتوفي بها عمدت بناته الثلاث إلى أماكن في جوار باب الناطفافئيين فاشتروها وعمروها تربة مفتوحة الشبابيك إلى الجامع وبها قراء انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة خمس وثلاثين وستمائة: والكامل سلطان الوقت ناصر الدين أبو المعالي محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة وتملك الديار المصرية تحت جناح ولده عشرين سنة وبعده عشرين سنة وملك دمشق قبل موته بشهرين وتملك حران وأمد وتلك الديار(2/213)
وله مواقف مشهوده وكان صحيح الإسلام معظما للشريعة والسنة وأهلها محبا لمجالسة العلماء فيه عدل وكرم وحياء وله هيبة شديده مرض بقلعة دمشق بالسعال والأسهال نيفا وعشرين ليلة وكان في رجله نقرس ومات في الحادي والعشرين من شهر رجب ومن عدله المخلوط بالجبروت والظلم شنق جماعة من اجناده على امد في اكيال شعير غصبوه انتهى. وقال في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس وثلاثين المذكورة: وفيها مات الأخوان الملك الأشرف مظفر الدين موسى في أول السنة وتملك البلد الملك الكامل فمات في القلعة بعد ستة أشهر وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة فأما الأشرف إلى أن قال: وأما الكامل فإنه تملك الديار المصرية أربعين سنة وعمر دار الحديث بها وقبة على ضريح الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وله مواقف مشهودة في الجهاد وكان معظما للسنن محبا لمجالسة العلماء فيه عقل ودين ولما بلغه موت الأشرف أخيه سار إلى دمشق وقد تسلطن بها أخوه الصالح إسماعيل فأخذها منه واستقر بالقلعة فما بقي شهرين حتى فاجأته المنية بالسعال والاسهال وكان فيه نقرس وكان فيه أيضا جبروت وسخف انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين المذكورة: أيضا وكان الملك بعده لأخيه الصالح إسماعيل فلما توفي أخوه الأشرف المذكور ركب في أبهة الملك ومشي الناس بين يديه وركب إلى جانبه صاحب حمص أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه1 بن شاذي وعز الدين أي بك المعظمي حامل الغاشية على رأسه وصادر جماعة من الدماشقة الذين قبل عنهم أنهم مع أخيه الكامل صاحب مصر منهم: المعلم معاسف وأولاد ابن مزهر وحبسهم ببصرى وأطلق الحريري من قلعة عزتا وشرط عليه أن لا يدخل دمشق ثم قدم أخوه الكامل من مصر وانضاف إليه الناصر داود صاحب الكرك ونابلس والقدس فحاصروا دمشق حصارا شديدا وقد حصنها الصالح إسماعيل وقطعت المياه ورد الكامل ماء بردى إلى ثورى وأحرقت العقبة وقصر حجاج وجرت
__________
1 شذرات الذهب 5: 184.(2/214)
خطوب كثيرة ثم آل الحال في آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة إلى أن سلم الصالح دمشق إلى أخيه الكامل على أن له بعلبك وبصرى وسكن الأمر وكان الصلح بينهما على يد القاضي محيي الدين يوسف ابن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي لأنه كان بدمشق قد قدم في رسالة من جهة الخليفة إلى دمشق فجزاه الله خيرا ودخل الكامل دمشق وأطلق الفلك بن الميسري1 من سجن الحيات بالقلعة الذي أودعه فيه الأشرف ونقل الأشرف إلى تربته شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها وأمر الكامل في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة أئمة الجامع الأموي أن لا يصلي أحد منهم المغرب سوى الإمام الكبير لما كان يقع من التشويش والخلاف والإختلاف بسبب اجتماعهم في وقت واحد ولنعم ما فعل رحمه الله تعالى وقد فعل هذا في زماننا في صلاة التروايح اجتمع الناس على قارئ واحد وهو الإمام الكبير في المحراب المقدم عند المنبر ولم يبق معه إمام حينئذ سوى الذي بالحلبية عند مشهد علي ولو ترك لكان حسنا ولد الكامل في سنة ست وسبعين وخمسمائة وكان أكبر أولاد الملك العادل سيف الدين أبي بكر بعد مودود وإليه أوصى الملك العادل لعلمه بثباته وكمال عقله ووفور معرفته وقد كان جيد الفهم يحب العلماء ويسألهم أسئلة مشكلة وله كلام جيد على صحيح مسلم وكان ذكيا مهيبا ذا بأس شديد عادلا منصفا له حرمة وافرة وسطوة قوية ملك مصر ثلاثين سنة كاملة وكانت الطرقات في زمانه آمنة والرعايا متناصفة لا يتجاسر أحد أن يظلم أحد شنق جماعة من الاجناد أخذوا شعيرا لبعض الفلاحين بأرض آمد واشتكى إليه بعض الركبدارية أن أستاذه استعمله سته أشهر بلا أجرة وأحضر الجندي وألبسه ثياب الركبداري والبس الركبداري ثياب الجندي وأمره أن يخدم الركبداري ستة أشهر على هذه الهيئة ويحضر الركبداري الموكب والخدمة حتى ينقضي الأجل فتأدب الناس بذلك غاية الأدب رحمه الله تعالى. وكانت له اليد البيضاء في رد ثغر دمياط إلى المسلمين بعد أن استوحذ عليه الفرنج فرابطهم أربع سنين حتى استنقذه منهم
__________
1 شذرات الذهب 5: 221.(2/215)
وكان يوم أخذه له واسترجاعه إياه يوما مشهودا ثم بعد شهرين من حين تملك دمشق حدث له أمراض مختلفة من ذلك سعال وإسهال ونزلة في حلقة ونقرس في رجليه وكانت وفاته ليلة الخميس ثاني عشرين شهر رجب في البيت الصغير الذي توفي فيه جده الملك الناصر من قلعة دمشق ولم يكن عند الكامل أحد عند موته من شدة هيبته بل دخلوا عليه فوجدوه ميتا رحمه الله تعالى ودفن بالقلعة المذكورة حتى كملت تربته التي أنشأها بناته بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشبابيك التي هناك قريبا من مقصورة ابن سنان وهي الكندية التي عند الحلبية فنقل إليها ليلة الجمعة حادي عشرين شهر رمضان منها ومن شعره يستحث أخاه الملك الأشرف من بلاد الجزيرة حين كان محاصرا بدمياط وهو قوله:
يامسعفي إن كنت حقا مسعفي ... فارحل بغيري تفند وتوقف
ودع المنازل والديار ولا تلج ... إلا على باب المليك الأشرف
قبل يديه لاعدمت وقل له ... عني بحسن تعطف وتلطف
إن مات صنوك عن قريب تلقه ... ما بين حد مهند ومثقف
أو تبط عن إنجاده تلقاه في ... يوم القيامة في عراص الموقف
وكان قد عهد لولده العادل وكان صغيرا بالديار المصرية وبالبلاد الشامية ولولده الصالح أيوب ببلاد الجزيره فأمضى الأمراء ذلك انتهى. ملخصا وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام: فلما مات الكامل كان بالحضرة عز الدين أيبك صاحب المدرسة العزية وسيف الدين علي بن قليج صاحب المدرسة القليجية وفخر الدين ابن الشيخ1 وأخوه وركن الدين ابن الهكاري فاشتوروا فيمن يسلطنون وكان الملك الناصر بن المعظم بدار أسامة فهموا أن يولوه وكان أضر ما عليه عماد الدين ابن الشيخ2 لأنه أهانه في بحث فأشار بالجواد فوافقه الأمراء وأرسلوا في الوقت أميرا إلى الناصر ليخرج من البلد فخرج إلى القابون
__________
1 شذرات الذهب 5: 238.
2 شذرات الذهب 5: 181.(2/216)
وسلطنوا الملك الجواد مودود بن العادل فأنفق الأموال وبذر وسارع الناصر وأخذ غزة وأما مصر فسلطنوا بها الملك العادل ولد الكامل انتهى. وفي سنة إحدى وأربعين وستمائة ترددت الرسل بين الصالح نجم الدين أيوب وبين عمه الصالح إسماعيل ابن الملك العادل صاحب دمشق على أن يرد إليه ولده المغيث عمر بن الصالح نجم الدين أيوب المعتقل في قلعة دمشق وتستقر دمشق في يد الصالح إسماعيل فوقع الصلح على ذلك وخطب للصالح أيوب صاحب مصر بدمشق فخاف الوزير أمين الدولة أبو الحسين غزال المسلماني وزير الصالح إسماعيل فقال لمخدومه: لا ترد هذا الغلام لأبيه تخرج البلاد من يدك هذا خاتم سليمان في يدك فعندها أبطل ما كان وقع من الصلح ورد الغلام إلى القلعة وقطعت الخطبة للصالح أيوب فوقعت الوحشة بين الملكين وأرسل الصالح أيوب إلى الخوارزمية يستحضرهم لحصار دمشق وكانوا قد أخذوا بلاد الروم من ملكها ابن علاء الدين1 الذي مات من عضة السبع لما لعب به وكان قليل العقل يلعب بالكلاب والسباع ويسلطها على الناس فاتفق أنه عضه سبع فمات فتغلبوا حينئذ على البلاد وفي سنة اثنتين وأربعين توفي الملك المغيث عمر ابن الصالح أيوب كان الصالح إسماعيل عم أبيه قد أسره وسجنه في برج قلعة دمشق حين أخذها في غيبة الصالح أيوب أبيه فاجتهد أبوه بكل ممكن بخلاصه فلم يقدر وعارضه فيه أمين الدولة غزال المسلماني المذكور وهو واقف المدرسة الأمينية ببعلبك فلم يزل محبوسا بالقلعة من سنة ثمان وثلاثين إلى ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر من هذه السنة فأصبح ميتا في محبسه غما وحزنا ويقال أنه قتل والله سبحانه وتعالى أعلم وكان من خيار الملوك ومن أحسنهم شكلا وأكملهم عقلا ودفن عند جده الكامل في تربته شمالي الجامع فاشتد حنق أبيه الصالح أيوب سلطان مصر على الصالح صاحب دمشق وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة بعث الصالح أيوب الخوارزمية ومعهم ملكهم بركات خان في صحبته معين الدين ابن الشيخ فاحاطوا بدمشق يحاصرون عمه الصالح إسماعيل
__________
1 شذرات الذهب 5: 209.(2/217)
أبا الجيش صاحب دمشق وأحرق قصر الحجاج وحكر السماق وجامع جراح وباب الصغير ومساجد كثيرة ونصب المنجنيق عند باب الصغير وعند باب الجابية ونصب داخل البلد أيضا منجنيقات: وترامى الفريقان وأرسل الصاحب الصالح إسماعيل إلى الأمير معين الدين ابن الشيخ بسجادة وعكازة وابريق وأرسل يقول له اشتغالك بهذا أولى من اشتغالك بمحاصرة الملوك فأرسل إليه المعين بزمر وجنك وغلالة حرير أحمر وأصفر وأرسل يقول له: أما السجادة فإنها تصلح لي وأما أنت فهذا الأولى بك ثم أصبح ابن الشيخ واشتد الحصار بدمشق وأرسل الصالح إسماعيل فأحرق جوسق والده العادل وامتد الحريق في زقاق الرمان إلى العقيبة فاحترقت بأسرها وقطعت الأنهار وغلت الأسعار وأخيفت الطرك وجرى بدمشق أمور شنيعة بشعة جدا لم يتم عليها قط وامتد الحصار شهورا من أول هذه السنة إلى جمادى الأولى فأرسل أمين الدولة يطلب من الأمير معين الدين ابن الشيخ شيئا من ملابسه فأرسل إليه بفرجية وعمامة وقميص ومنديل فلبس ذلك الأمين وخرج إلى معين الدين فاجتمع به بعد العشاء طويلا ثم عاد ثم خرج مرة أخرى فاتفق الحال على أن يخرج الصالح إسماعيل إلى بعلبك ويسلم دمشق إلى الصالح أيوب ودخل معين الدين ابن الشيخ إلى دمشق ونزل دار أسامة فولي وعزل وقطع ووصل وفوض قضاء القضاة إلى صدر الدين بن سني الدولة وعزل القاضي محيي الدين بن الزكي واستناب ابن سني الدولة التفليسي1 الذي ناب لابن الزكي والفوز السنجاري وأرسل معين الدين ابن الشيخ أمين الدوله غزال المسلماني وزير الصالح إسماعيل تحت الحوطة إلى الديار المصرية وأما الخوارزمية فإنهم لم يكونوا حاضرين وقت الصلح فلما علموا بالصلح غضبوا وساروا نحو داريا فنهبوها وساروا نحو بلاد الشرق فكاتبوا الصالح إسماعيل فحالفوه على الصالح أيوب ففرح بذلك ونقض الصلح الذي كان وقع منه وعادت الخوارزمية فحاصروا دمشق وجاء إليهم الصالح إسماعيل من بعلبك فضاق الحال على الدماشقة فعدمت الأقوات وغلت الاسعار
__________
1 شذرات الذهب 5: 337.(2/218)
جدا حتى أنه بلغت الغرارة ألفا وستمائة وصار قنطار الدقيق بسبعمائه والخبز كل أوقتين إلا ربعا بدرهم ورطل اللحم بسبعة وأبيعت الأملاك بالدقيق وأكلت القطاط والكلاب والميتات والجيف وتماوت الناس في الطرقات وعجزوا عن الغسل والتكفين والأقبار فكانوا يلقون موتاهم في الآبار حتى أنتنت المدينة وضج الناس فإنا لله إنا إليه راجعون وفي هذه الأيام توفي الشيخ تقي الدين بن الصلاح شيخ دار الحديث وغيرها من المدارس فما أخرج من باب الفرج ودفن بالصوفية إلا بالجهد الجهيد وما صحبه إلى التربة إلا نحو العشرة أنفس رحمه الله تعالى. ولما بلغ الصالح أيوب أن الخوارزمية قد مالأوا عليه وصالحوا عمه الصالح إسماعيل كاتب الملك المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه1 صاحب حمص فاستماله إليه وقوى جانب نائب دمشق معين الدين ابن الشيخ ولكنه توفي في شهر رمضان منها ودفن إلى جانب أخيه عماد الدين بقاسيون ولما رجع المنصور صاحب حمص عن موالاة إسماعيل الصالح شرع في جمع الجيوش من الحلبيين والتركمان والأعراب لاستنقاذ دمشق من الخوارزمية ومن حصارهم أيها فبلغ الخوارزمية ذلك فخافوا من ذلك وعائلته وقالوا: دمشق ما تفوت والمصلحة قتاله عند بلده فساروا إليه إلى عند بحيرة حمص وأرسل الناصر داود جيشه إلى الصالح إسماعيل مع الخوارزمية فساق جيش دمشق فانضافوا إلى صاحب حمص وألقوا مع الخوارزمية عند بحيرة حمص وكان يوما مشهودا قتل فيه عامة الخورازمية وقتل ملكهم بركات خان وجيء برأسه على رمح وتفرق شملهم وتمزقوا شذر مذر وساق المنصور صاحب حمص على بعلبك فتسلمها للصالح أيوب وجاء إلى دمشق فنزل ببستان سامه خدمة للصالح أيوب ثم حدثته نفسه بأخذها فاتفق مرضه فمات في السنة الآتيه وهي سنة أربع وأربعين ونقل إلى حمص وتسلم نواب الصالح أيوب بعلبك وبصرى ولم يبق للصالح إسماعيل بلد ياوي إليه ولا أهل ولا مال بل أخذ جميع ماله
__________
1 شذرات الذهب 5: 229.(2/219)
ونقلت عياله تحت الحوطة إلى الديار المصرية وسار هو فاستجار بالملك الناصر ابن العزيز ابن الظاهر غازي صاحب حلب المحروسة فأواه وأكرمه واحترمه وأما الخوارزمية فساروا إلى ناحية الكرك فأكرمهم الناصر داود صاحبها وصاهرهم وأنزلهم بالصلت فأخذوا معها نابلس فأرس الملك الصالح جيشا مع فخر الدين ابن الشيخ فكسرهم على الصلت وأجلاهم عن تلك البلاد وحاصر الناصر بالكرك وأهانه غاية الإهانة وقدم الملك الصالح نجم الدين أيوب من الديار المصرية فدخل دمشق في أبهة عظيمة وأحسن إلى أهلها وتصدق وسار إلى بعلبك وإلى بصرى وصرخد فتسلمها من صاحبها عز الدين أيبك وعوضه عنها ثم عاد إلى مصر في سنة أربع وأربعين مؤيدا منصورا مسرورا ولله الحمد وجميع هذه الفتن نشأت عن رأي الوزير السامري الذي أسلم في الظاهر وهو واقف الأمينية التي ببعلبك أمين الدوله أبو الحسن غزال وزير الصالح إسماعيل أبي الجيش الذي كان مشؤوما على نفسه وعلى سلط أنه وسبب زوال النعمة عنه وعن مخدومه وهذا هو وزير السوء وقد اتهمه السبط بأنه كان مستترا بالدين وأنه لم يكن في الحقيقة دين فأراح الله تعالى منه عامة المسلمين وكان قتله في سنة ثمان وأربعين لما عدم الصالح إسماعيل بديار مصر عمد من الأمراء إليه والى ناصر الدين بن يغمور فشنقوهما وصلبوهما على القلعة بمصر وقد وجد لأمين الدوله هذا من الأموال والتحف والجواهر والأثاث ما يساوي ثلاثة الآف ألف دينار وعشرة الآف بخط منسوب وغير ذلك من الخطوط النفيسه الفائقة وهو الذي أهلك قاضي القضاة رفيع الدين الجيلي في الدنيا والآخرة انتهى.
وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه: محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الملك الكامل ناصر الدين ابن الملك السعيد ابن السلطان الملك الصالح ابن العادل الأيوبي سبط السلطان الملك الكامل وابن خاله صاحب الشام الناصر سيف وابن خاله صاحب حماه ولد سنة ثلاث وخمسين وحدث عن ابن عبد الدائم وكان دينا خيرا خبيرا بالأمور وفيه انبساط كثير ولطف وافر وله النوادر في التعذيب الحلو الداخل وهي مشهورة بين أهل دمشق وبسط(2/220)
الصفدي نوادره إلى أن قال: وكان من أكابر أمراء دمشق أوصى عندما توفي أن يدفن عند أبيه بتربة الكامل فما أمكن ودفن بتربة جدتهم أم الصالح وله أولاد أمراء ولم يزل هو وهم في ديون ضخمة من كرمهم وتبذيرهم وكانت وفاته سنة سبع وعشرين وسبعمائة انتهى. وقال الأسدي في شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله على تاريخ شيخه: وما وقع في هذا الشهر منازعة بين الشيخ شهاب الغزي وابن خطيب نقربين في نظر الكاملية بأن الشيخ شهاب الدين بيده تفويض من قاضي القضاة ابن الاخنائي وفتوى من شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بأن القاضي إذا فوض النظر المشروط له نظره لم يجز عزله بعد ذلك وبيد ابن خطيبب نقربين ولايته من نوروز وجرى بينهما أمور واجتمع الغزي بنوروز واستمر في وظيفته انتهى. قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ترجمة قاضي القضاة بدمشق كمال الدين الشهرزوري: ولاه نور الدين الشهيد قضاء دمشق وهو الذي أحدث الشباك الكمالي الذي يصلي فيه نواب السلطنة اليوم انتهى. ورأيت في الروضتين وإليه ينسب الشباك الكمالي بجامع دمشق الغربي وهو الذي حكمت به القضاة مدة ويصلون فيه الجمعة في زماننا انتهى.
298- التربة المختارية الطواشية
وهي تربة الطواشي ظهير الدين مختار وهو البلبيسي الخازندار بالقلعة وأحد أمراء الطبلخانات بدمشق كان خيرا دينا فاضلا يحفظ القرآن ويؤديه بصوت حسن طيب ووقف مكتبا للأيتام على باب قلعة دمشق ورتب لهم الكسوة والجامكية وكان يمتحنهم بنفسه ويفرح بهم وعمل له تربة خارج باب الجابية ووقف عليها القريتين وبنى عندها مسجدا حسنا ووقفه بإمام وهي أول ما عمل من الترب بذلك الخط وهي قبلي الصابونية الآن ودفن بها في يوم الخميس عاشر شعبان وقد كان حسن الشكل والأخلاق وعليه سكينة ووقار وهيبة وله وجاهة في الدولة وولي بعده الخزانة سمية مختار وهو الملقب بظهير الدين رحمهما الله تعالى انتهى.(2/221)
299- التربة المؤيدية الشيخية
على الشرف الشمالي فوق المدرسة العزية ودفن بها زوجة ملك الأمراء نائب الشام اقبية وهي مستولدة السلطان الملك المؤيد شيخ أم ولده الأمير إبراهيم1 توفيت نفساء بدمشق ثالث عشر جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة وحضر جنازتها القضاة والأمراء وبطل القضاة الحكم بسببها وكانت قد قدمت دمشق في العام الماضي مارة إلى حلب المحروسة لما تولاها زوجها ونزلت الميدان وراح لها فيه عمله ثم جاءت إلى دمشق لما وليها زوجها لخصت ذلك من ذيل تقي الدين ابن قاضي شهباء في سنة عشرين ثم قال في صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الاثنين خامس عشره دخل سيدي إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد شيخ إلى دمشق إلى أن قال: وعمل ابن الملك المؤيد عند قبر أمه ختمة حضرها القراء والقضاة وقف على التربة وقفا ورتب بها مقرئة أربعة انتهى والله أعلم.
300- التربة المؤيدية الصوفية
بدمشق. قال الذهبي رحمه الله تعالى في سنة تسع وأربعين وخمسمائة: ومؤيد الدولة بن الصوفي الدمشقي وزير صاحب دمشق آبق وكان ظالما غشوما فسر الناس بموته سرورا عظيما ودفن بداره بدمشق انتهى.
301- التربة المراغية
داخل دمشق بزاوية الشيخ السراج وهي بالصاغة العتيقة بالقرب من سكن الميت قال الحسيني رحمه الله تعالى في آخر ذيل العبر في آخر سنة أربع وستين وسبعمائة: وشيخنا الإمام العلامة الزاهد القدوة بهاء الدين أبو الأدب هارون الشهير بعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوالي الأخميمي المراعي
__________
1 شذرات الذهب 7: 159.(2/222)
المصري ثم الدمشقي الشافعي كان بارعا في العقولات تخرج بالشيخ علاء الدين القونوي وروى لنا عن يونس الدبابيسي وألف كتاب "المنقذ من الزلل في القول والعمل" وكان يؤم بمسجد درب الحجر ودفن بزاوية ابن السراج بالصاغة العتيقة داخل دمشق بالقرب من سكنه رحمه الله تعالى انتهى.
302- التربة المنكبائية
تجاه باب المصلى قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وممن وصل فيه خبر وفاته الأمير الكبير حاجب الحجاب الأمير سيف الدين منكب أي الأزدمري تنقلت به الأحوال إلى أن أعطى أمرة عشرة بعد خروج ايتمش والأمراء من مصر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة: صار أمير طبلخانة وحج بالركب المصري سنة أربع وثمانمائة ثم أخرجت إمرته في آخر خمس وثمانمائة ونفي إلى القدس وقدم دمشق في سنة ثمان حاجا من دمشق فلما انكسر نوروز وهرب هرب معه فصار من حزبة وولي حجوبية الحجاب غير مرة وقبض عليه المؤيد في فتنة نوروز وسجن في المرقب ثم أطلق في سنة ثمان عشرة وولي نيابة حماة في شهر رجب سنة عشرين ثم نقل قبل سنة إلى حجوبيته بدمشق على عادته ثم قبض عليه في ذي القعدة من السنة الحالية وسجن بقلعة دمشق ثم أطلق وأرسل إلى نيابة حماة فمات بها في آخر سنة ثلاث وعشرين ونقل إلى دمشق فدفن بتربته تجاه باب المصلى وكان خيرا قوي النفس وينسب إلى شجاعة وهو حسن الشكل انتهى.
303- التربة المزلقيه
بطريق مقابر باب الصغير الأخد إلى الصابونية أنشأها رأس الخواجكية تاجر الخاص الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي بكر المعروف بابن المزلق ميلاده سنة أربع وخمسين وسبعمائة وكان أبوه لبانا أدركه جماعة وهو يباشر ملبنته عند جامع يلبغا فنشأ ولده هذا ودخل في(2/223)
البحر وحكى عن نفسه أن أول سفرة سافرها كسب فيها مائة ألف دينار وثمانمائة ألف درهم وانفتحت الدنيا عليه وعمر أملاكا كثيرة وأنشأ على درب الشام إلى مصر خانات عظيمة بالقنيطرة وجسر يعقوب والمنية وعيون التجار وأنفق على عمارتها مايزيد على مائة ألف دينار وكل هذه الخانات فيها الماء وجاءت في غاية الحسن ولم يسبقه أحد من الملوك والخلفاء لمثل ذلك وهو صاحب المآثر الحسنة بدرب الحجاز ووقف على سكان الحرمين الشريفين الأوقاف الكثيرة الحسنة وعين للحجرة الشريفة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة وأتم السلام الشمع والزيت في كل عام وكان رحمه الله تعالى رجلا من رجال الدهر حسن الكلام له جرأة وأقدام وجرى له أمور ومخاصمات مع جماعات من الحكم واسمه مشهور في الممالك كلها يكاتب ملوك الأطراف ويقضون حوائجه ويهاديهم وكلمته نافذة عندهم وكذلك العربان كانوا يراعونه ويحفظون متاجرة وكان مكتئبا حريصا على جمع المال وكان يحب الدنيا غارقا في بحارها لا يبالي من أي وجهة يحصل الدنيا كذا قال الأسدي. ثم قال الأسدي: وقد عمر خانات ضروريات وله في غير دمشق أوقاف وقراء وكان قد ضعف بصره قبل أن يموت بسنتين ثم تزايد ذلك إلى أن قارب العمى وهو متمتع ببقية حواسه وكان بخيلا على نفسه غير مترف توفي ليلة الأحد تاسع عشريه وصلي عليه بالجامع الأموي وحضر النائب الصلاة عليه خلق كثير ودفن بتربته المذكورة يعني في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في جمادى الآخرة منها وأوصى بثلث ماله في أنواع من القربة وكان قد وقف أملاكه قبل ذلك وجعل النظر في ذلك لحاجب الحجاب وخطيب الجامع الأموي والقاضي نظام الدين الحنفي واحد من أولاده أظنه قال: أرشدهم انتهى. وترك ولدين وهما الخواجا بدر الدين حسن والخواجا شهاب الدين أحمد وبنات ثم سافر ولده هذا إلى مصر لأجل تركته انتهى والله تعالى أعلم بالصواب.
304- التربة الملكية الأشرفية
قال ابن شداد: ولما ملكها يعني دمشق الملك الأشرف موسى إلى أن قال:(2/224)
ولما توفي عمل له تربة شمالي الكلاسة لها شبابيك إلى الطريق وإلى الكلاسة ودفن بها ورتب فيها قراء انتهى. وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين وستمائة: ونقل الأشرف إلى تربة شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها انتهى. وهو الأشرف موسى ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة ونشأ بالقدس الشريف في كفالة الأمير فخر الدين عثمان الزنجاري وكان أبوه يحبه وكذلك أخوه المعظم ثم استنابه أبوه على مدن كثيرة بالجزيرة منها الرها وحران ثم اتسعت مملكته حتى ملك خلاط وكان من أعف الناس وأحسنهم سيرة وسريرة لا يعرف غير نسائه وجواريه مع أنه كان يعاني الشراب وهذا من أعجب الأمور وحكى عنه في ذلك حكاية عجيبة لا نطيل بذكرها ولما ملك دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة نادى مناد بها أن لا يشتغل أحد من الفقهاء بشيء من العلوم سوى الحديث والتفسير والفقه ومن اشتغل بالمنطق وعلم الأوائل نفي من البلد وبنى للشافعية دار الحديث التي كانت دار الأمير قايماز وحمامة بها المجاورة لقلعة دمشق في سنة ثلاثين وستمائة وخرب خان الأمير فخر الدين الزنجاري الذي كان بالعقيبة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة لما فيه من الخواطيء والمنكرات وأمر بعمارته جامعا وسمي جامع التوبة وبني مسجد القصب ومسجد دار السعادة وجامع الجراح وأوقف عليها الزعيزعية بالمرج وسبل المقبرة غربي خانقاه عمر شاه بالقنوات وبنى بالسفح لمقادسة الصالحيه دار حديث أخرى وكان له ميل إلى الحديث وأهله وجدد مسجد أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه بالقلعة وزخرفه وفيه كان أكثر جلوسه وجعل في دار الحديث الشافعية نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التى أوصى بها نظام ابن أبي الحديد التاجر له بعد موته وكان ضنينا بها ونقل إليها أيضا كتبه النفيسة وقد استدعى من بغداد الزبيدي حتى سمع هو الناس عليه صحيح البخاري وغيره وكان له ميل إلى الحديث وأهله وكانت القلعة لا تغلق في ليالي رمضان كلها وصحون الحلاوات خارجة منها إلى الجوامع والخوانق والربط والصالحية إلى الصالحين والفقراء والرؤساء وغيرهم وكان شهما شجاعا كريما جوادا(2/225)
وكانت البلدية في غاية من الأمن والعدل وله في ذلك حكاية في ولد مملوكه وابتدأ في مرض الموت في شهر رجب سنة خمس وثلاثين واختلفت عليه الأدواء حتى كان الجرائحي يخرج العظام من رأسه وهو مع ذلك يسبح الله عز وجل وتزايد به المرض آخر السنة واعتراه إسهال مفرط فخارت قوته فشرع يتهيأ للقاء الله تعالى وأعتق مائتي غلام وجارية ووقف دار فروخ شاه التي يقال لها دار السعادة وبست أنه الذي بالنيرب على ابنته وتصدق بأموال جزيله وأحضر له كفنا كان قد أعده له من ملابس الفقراء والمشايخ الذين لقيهم من الصالحين وتوفي في قلعة دمشق في يوم الخميس رابع المحرم سنة خمس وثلاثين ودفن بالقلعة المذكورة حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة ثم حول ونقل إليها رحمه الله تعالى في جمادى الأولى ورآه بعضهم في المنام وعليه ثياب خضر وهو يطير مع جماعة من الصالحين فقال له: ما هذا وقد كنت تعاني الشراب في الدنيا؟ فقال: ذلك البدن الذي كنا نفعل به ذاك عندكم في الدنيا وهذه الروح التي كنا نحب بها هؤلاء فحشرنا معهم رحمهم الله تعالى وقد صدق قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المرء مع من أحب" وكان قد أوصى بالملك لأخيه الصالح إسماعيل وركب بعده في أبهة الملك ثم صالح بها لأخيه الملك الكامل في آخر جمادى الأولى منها. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة: وفيها عمل جامع العقيبة بناه الملك الأشرف موسى وكان قبل ذلك خانا للفواحش والخمر ولهذا قيل له جامع التوبه انتهى. وقال فيه في سنة خمس وثلاثين وستمائة: وفيها مات الإخوان السلطان الملك الأشرف مظفر الدين موسى في أول السنه وتملك البلاد الملك الكامل فمات في القلعة بعد ستة أشهر وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة فأما الأشرف فأعطاه أبوه الرها وحران فأقام هناك مدة وتملك خلاط وهي قصبة أرمينه ثم تملك دمشق بعد تسع سنين فعدل وأحسن للرعية وكان على لعبه ولهوه فيه خوف من الله يعالى وكرم مفرط وتذلل للصالحين وشجاعة وشدة باس وكان مليح الشكل حلو الشمائل حضر عدة حروب ولم تهزم له راية تمرض(2/226)
أشهرا ومات على توبة وخير وأما الكامل وقد مر في التربة الكاملية وقال في العبر في سنة خمس وثلاثين المذكورة: والملك الأشرف مظفر الدين أبو الفتح موسى بن العادل ولد سنة ست وسبعين بالقاهرة وروى عن ابن طبرزد وتملك حران وخلاط وتلك الديار مدة ثم ملك دمشق تسع سنين فأحسن وعدل وخفف الجوار وكان فيه دين وتواضع للصالحين وله ذنوب عسى الله تعالى أن يغفرها له وكان حلو الشمائل محببا إلى رعيته موصوفا بالشجاعة لم تكسر له راية قط توفي يوم الخميس رابع المحرم وتسلطن بعده أخوه إسماعيل انتهى. وقال فيها في سنة تسعين وستمائة والشهاب بن مزهر الشيخ أبو عبد الله محمد ابن عبد الخالق بن مزهر الأنصاري الدمشقي؛ قرأ القراآت على السخاوي وأقرأها وكان فقيها عالما أوقف كتبه بالأشرفيه توفي في شهر رجب انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة خمس وعشرين وستمائة في ترجمة نظام الدين أبي العباس أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي: مولده بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة وهو من بيت مشهور وروى منهم جماعة وفيهم خطباء وعلماء وحصل كتبا وجملة من الكتب النفيسة واتصل بخدمة الأشرف ابن العادل ثم قال: وكانت معه فردة نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورثها من آبائه والأمر فيه معروف فإن ابن السمعاني ذكر أنه رأى هذا النعل لما قدم دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد سنة ست وثلاثين وخمسمائة وكان الأشرف يقربه لأجل أن يشتريه منه ويضعه في مكان المارة حتى يزار فلم يسمح بذلك وسمح بأن يقطع له منها قطعة ففكر الأشرف أن الباب يفتح في ذلك فامتنع من ذلك ثم رتبه الملك الأشراف بمشهد الخليل المعروف بالذهبانية بين حران والرقة وقرر له معلوما فأقام هناك إلى أن توفي في شهر ربيع الأول وأوصى بالنعل للأشرف ففرح بها وأقره بدار الحديث الأشرفية
قلت: ولم يزل بدار الحديث إلى الفتنة التمرلنكيه فأخذه التمرلنك وأخذ الفردة الآخرى من المدرسة الدماغية وكان العلامة بدر الدين ابن مكتوم رحمه الله تعالى يقول: وإن التي في الأشرفية اليسار وإن التي في الدماغية اليمين وكانت(2/227)
الشهرة للتي في الأشرفية لشهرة مكانها وخفاء مكان الآخرى فأخذ التمرلنك الفردتين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أهـ. وقال الصفدي في ترجمة محمد بن رشيد السبتي: وله أبيات كثيرة كتبها على حذو نعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدار الحديث الأشرفيه وهي قوله:
هنيئا لعين رأت نعل أحمد ... فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي
وقبلته أشفي الغليل فزادني ... فيا عجبا زاد الظما عند موردي
وكانت لذاك اليوم عيدا ومعلما ... بطلعة أرخت ساعة أسعدي
عليه صلاة نشرها طيب كما ... يحب ويرضى ربنا لمحمد
ولي مشيخة الأقراء بهذه التربة العلامة شهاب الدين أبو شامة وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية. وقال الذهبي في ذيل عبره: ومات بدمشق شيخ القراء والنحاة والنجامين مجد الدين أبو بكر ابن محمد بن قاسم التونسي الشافعي في ذي القعدة عن اثنتين وستين سنة أخذ القراآت والنحو عن الشيخ حسن الراشدي وتصدر بتربة الأشرفية وبتربة أم الصالح وتخرج به الفضلاء وكان دينا حينا ذكيا حدثنا عن الفخر علي من سنة ثمان عشرة وسبعمائة. وقال الصفدي: الشيخ مجد الدين التونسي محمد محمد بن قاسم ذي النون مجد الدين أبو بكر المرسي ثم التونسي المقري النحوي الشافعي الأصولي نزيل دمشق ولد سنة ست وخمسين وقدم القاهرة مع أبيه فأخذ النحو والقراآت عن الشيخ حسن الراشدي وحضر حلقة الشيخ بهاء الدين ابن النحاس وسمع من الفخر علي والشهاب بن مزهر وتصدر بدمشق للقراآت وهو في غضون ذلك يتزايد في العلوم ويناظر في المحافل وكان فيه دين وسكينة ووقار وخير وولي الأقراء بتربة أم الصالح وبالتربة الأشرفية وتخرج به أئمة وتلا الشيخ شمس الدين عليه في السبع وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبعمائة وتأسف الطلبة وكان آية في أنه كما حدثني غير واحد ممن أثق به لم ير مثله وقيل أن الناس سألوا الشيخ شمس الدين الأيكي عن الشيخ كمال الدين الزملكاني وعن الشيخ صدر الدين بن الوكيل أي هما أذكى؟ فقال: ابن الزملكاني ولكن هنا(2/228)
مقرئ أولى منهما يعني به الشيخ مجد الدين المذكور وكان نحوي عصره بدمشق وامتحن علي يدي الأمير سيف الدين كراي النائب بدمشق فضربه بباب القصر الأبلق بالعصي ضربا شديدا لما ألقى المصحف وسب الأمير الخطيب جلال الدين قال له الشيخ مجد الدين: اسكت وقوى نفسه فرماه وضربه وكان في وقت قدوم الشمس الباجربقي ودخل عليه أمره ثم أنه أناب وتاب وجاء إلى القاضي المالكي واعترف عنده وناب وهو الذي كشف أمره انتهى. وقد مرت ترجمته في الصالحية وهي تربة أم الصالح التي كان حقها أن توضع في هذا الفصل باختصار وقال ابن كثير في سنة ثماني عشرة وسبعمائة: في يوم الأربعاء ثاني عشرين شوال باشر بدر الدين محمد بن بضحان مشيخة الاقراء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي وحضر عنده الأعيان والفضلاء وقد حضرته يومئذ وقبل ذلك باشر مشيخة الاقراء بالأشرفية عوضا عن الشيخ محمد بن خروف الموصلي انتهى. وقال الحسيني في ذيله في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة: ومات بدمشق مقريها العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الرقي ثم الدمشقي الحنفي الاعرج عن أربع وسبعين سنة حدث عن الفخر وطائفة وقرأ على الفاروثي والفاضل وأقرأ بالأشرفية توفي سلخ شهر صفر ثم أقرأ بها الإمام سيف الدين الحريري وقد مرت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ثم أقرأ بها المفنن شهاب الدين بن النقيب وقد مرت ترجمته في الصالحية وهي تربة أم الصالح ثم أقرأ بها الشيخ شهاب الدين ابن بلبان وقد مرت ترجمته في أم الصالح أيضا المذكورة ثم ولي هذه التربة بعده الشيخ أمين الدين عبد الوهاب بن السلار والله تعالى أعلم.
305- التربة المحمدية الأمينية العيشية الأنصارية
شمالي الجامع المظفري بسفح قاسيون. قال الحافظ البرزالي في تاريخه في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر الثالث المحرم توفي الشيخ الأمين الصدر أمين الدين أبو عبد الله محمد بن فخر الدين أحمد(2/229)
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أبي العيش الأنصاري الدمشقي وصلي عليه عقيب الجمعه بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون شمالي الجامع المظفري وسألته عن مولده فقال: كنت رضيعا سنة ثماني وخمسين وستمائة وبيني وبين تاج الدين بن الشيرازي رضاع سمع صحيح البخاري على ابن أبي اليسر والجماعة في سنة ست وستين وستمائة وحدث به قبل موته بأشهر دخل اليمن بالتجارة وكان رجلا جيدا فيه خير ودين وعمر تحت الربوة مسجدا وطهارة وانتفع الناس بذلك وتكلم في جامع النيرب وفي وقفة ووقف فيه ميعاد حديث قبل الجمعة انتهى.
306- التربة المنجكية
بباب الجابية. قال الأسدي في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة: الأمير تغري بردى ابن الأمير فرج ابن ملك الأمراء سيف الديم منجك كان بيده إمرة عشرة فيما أظن وكان يعرف مسائل في العلم وفي ظنه أنه عالم وكان ذميم الشكل وله أخوه من أبيه بأشكال حسنة توفي يوم الأربعاء ثاني عشرين ودفن بتربة أبيه بباب الجابية رحمه الله تعالى انتهى.
307- التربة النجمية
جوار الحسامية والشامية البرانيه فيها قبر شاهنشاه والد فروخ شاه وتقي الدين عمر والست عذراء المنسوب إليها العذراوية وهو أخو ست الشام قاله أبو شامه في كتاب الروضتين: وقال في سنة إحدى وستين وخمسمائة وفيها توفي فتح الدين ابن أسد الدين شيركوه أخو ناصر الدين وقبره بالمقبرة النجمية إلى جانب قبر عمه شاهنشاه ابن أيوب في قبة فيها أربعة قبور هما الأوسطان منها وفي هذين الأخوين ناصر الدين وفتح الدين يقول عرقلة1 حسان:
لله شبلا أسد خادر ... ما فيهما جبن ولا شح
ما أقبل إلا وقال الورى ... قد جاء نصر الله والفتح
__________
1 شذرات الذهب 4: 220.(2/230)
انتهى. وقال في سنة خمس وسبعين وخمسمائة: وفي هذه السنة توفي الملك المنصور حسن بن السلطان صلاح الدين وقبره القبر القبلي من القبور الأربعة بالقبة التي فيها شاهنشاه ابن أيوب بالمقبرة النجمية بالعزية ظاهر دمشق انتهى.
308- التربة النشابية
غربي الروضة بسفح قاسيون. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة: وابن النشابي الوالي عماد الدين بن حسن بن علي وكان قد أعطى أميرطبلخانه ومات بالبقاع في شوال وحمل إلى تربته بقاسيون انتهى. قال الصفدي في حرف الحاء: الحسن بن علي بن محمد الأمير عماد الدين بن النشابي والذي ولي دمشق معلم الصياغة ثم خدم جنديا وتنقلت به الأحوال وولي ولايات بالبر ثم ولي دمشق مدة ثم أعطي أمير طبلخانه وكان كافيا ناهضا له خبرة بالأمور ومعرفة سياسة البلد وكان من أبناء الخمسين توفي في البقاع سنة تسع وتسعين وستمائة وحمل إلى دمشق فدفن بقاسيون بتربته انتهى.
309- التربة اليونسية
قبلي الخوخه غرب المزار المشهور بأويس القرني الخزرجي بمقابر باب الصغير أنشأها الأمير يونس خازندار ملك الأمراء سودون بن عبد الرحمن انتهى.
310- التربة اليونسية الدوادرية
المعروفة الآن بتربة مقبل قبلي تربة فرج بن منجك التي غربي تربة بهادر وهي تجاهها وهذه التربة شمالي تربة قانباي البهلوان لصيقها وغربي تربة نائب القلعة اكز دفن بها جماعة منهم ما أشار إليه الأسدي في تاريخه حيث قال في سنة ست وثلاثين وثمانمائة: سيف الدين جكم المؤيدي أحد أمراء الطبلخانات توفي بحكر الفهادين ودفن بتربة الأمير مقبل الدوادار خارج باب الجابية مقابل(2/231)
تربة اكز انتهى. وقال في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة: الأمير سيف الدين أبو يزيد الناصري ترقى إلى أن صار رأس نوبة نائب الشام تنبك ميق وبعد وفاة أستاذه حج وحسنت طريقته جدا وحصلت له إمرة طبلخ أنه وكان يباشر نظر الفارسية نيابة عن زوجته بنت الأمير فارس الدوادار توفي بسكنه بحكر الفهادين ليلة الجمعة رابع عشرين الشهر المذكور عن نحو ستين سنة وحضر جنازته الأمراء والحجاب وصلي عليه بجامع يلبغة ثم صلي عليه ثانية عند باب النصر وخرج النائب فصلى عليه ودفن بتربة رفيقه الأمير زين الدين مقبل الدوادار في الخشخاشة التي دفن فيها الأمير جكم المؤيدي وعجب الناس من ذلك فإن المذكور كان قد اشترى دار جكم بعد وفاته وسكن بها إلى أن توفي فدفن معه في قبره انتهى.
فائدة قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة: وتاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد الحسن بن هبة الله بن عساكر من بيت الحديث والرواية وهو أكبر من أخويه زين الأمناء والفخر عبد الرحمن سمع عميه الحافظ أبا القاسم والصائن وكان صديقا للشيخ تاج الدين الكندي وكانت وفاته يوم الأحد ثاني شهر رجب ودفن قبلي محراب مسجد القدم انتهى. وقال في سنة عشرين ستمائة في ترجمة الفخر المذكور: وأمه أسماء بنت محمد بن الحسن بن ظاهر القرشيه المعروف والدها بأبي البركات بن المرار وهو الذي جدد مسجد القدم في سنة سبع عشرة وخمسمائة وفيه قبره وقبرها. ودفن هناك طائفة كثيرة من العلماء وهي أخت آمنه والدة القاضي محي الدين بن علي ابن الزكي انتهى. ودفن أبو القاسم الحافظ الكبير صاحب تاريخ دمشق بصفة الشهداء بمقبرة باب الصغير ودفن فخر الدين عند صهره القطب النيسابوري بمقابر الصوفية ودفن بهاء الدين بن عساكر بسفح قاسيون.
وإذا قد انتهى بنا الأمر إلى هنا فلنختم ذلك بخاتمه تشتمل على ذكر مساجد دمشق وضواحيها مذيلة بذيل يشتمل على ذكر جوامعها ونواحيها ليحوي هذا الكتاب ذكر كل معبد وبالله أستعين على هذا المقصد انتهى.(2/232)
فصل في ذكر المساجد بدمشق داخلها:
مسجد القسطيين
1- مسجد كبير قبلة السوق الداخل من باب الجابية معلق يعرف بسمجد القسطيين له سلم حجر وقد جعل له سلم خشب آخر من شامه له إمام ومؤذن ووقف.
2- مسجد في درب المدنيين سفل فيه شجرة زيتون له إمام ومؤذن ووقف لطيف وجراية
مسجد الصهرجتي.
3- مسجد عند درب عرقل وسويقة الحجامين سفل يعرف بمسجد الصهرجتي وكان يعرف قديما بسمجد الشجرة له إمام ومؤذن وعلى بابه سقاية.
مسجد ابن طغان.
4- مسجد ابن طغان بالفسقار حذاء درب القصاعين يصعد إليه بدرجة له إمام ومؤذن ووقف وعند قبلته قناة تعرف بالخياط.
5- مسجد في درب القصاعين سفل عن يسار الداخل.(2/233)
مسجد العجمي
6- مسجد أبي سعيد العجمي له إمام ومؤذن وعنده قناة.
مسجد الأمير حسن
7- مسجد بناه الأمير حسن ابن الأمير يوسف سفل له وقف في القصاعين أيضا.
مسجد ابن البيطار
8- مسجد بناه ابن البيطار غربي طريق الشارع.
9- مسجد سفل عند دار محمد بن النقار الكاتب فيها أيضا.
مسجد أيمن
10- مسجد سفل قديم عند زقاق عطاف وهومسجد أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي الصحابي رضي الله تعالى عنه.
11- مسجد آخر سلف لطيف فيها أيضا.
12- مسجد عند دار ابن الخياط الكاتب معلق له إمام ومؤذن ووقف فيها أيضا.
13- مسجد عند دار سندقرا سفل.
14- مسجد عند الدار المذكورة معلق له إمام ومؤذن.
15- مسجد عندها أيضا معلق.
مسجد ابن حميد
16- مسجد في سوق الفسقار سفل كبير يعرف بابن احميد له إمام ومؤذن.
مسجد ابن هشام
17- مسجد ابن هشام في سوق الفسقار أيضا سفل كبير له إمام(2/234)
ومؤذن وله منارة وعلى بابه سقاية الشيخ وقناة له. قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة: وفي هذه السنة فرغ من بناء مسجد ابن هشام بالفسقار بناه القاضي بدر الدين بن مزهر من ماله وجاء في غاية الحسن وبني له مئذنه في غاية الظرف انتهى.
18- مسجد عند طاحون السجن سفل لطيف.
مسجد ابن حفاظ
19- مسجد في سوق الفسقار يعرف بابن حفاظ سفل له إمام ووقف.
مسجد الفرجه
20- مسجد الفرجة عند القطانين وراس القلانسيين بقرب سقاية الشيخ.
مسجد الديوان
21- مسجد مقابل دار الوكالة سفل كبير يعرف بمسجد الديوان له إمام ومؤذن ووقف. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة ست وعشرين وستمائه: محمد بن السبتي النجار كان يعده بعظهم من الأبدال قال أبو شامه: وهو الذي بنى المسجد غربي دار الوكاله عن يسار المار في الشارع من ماله ودفن بالجبل وكانت جنازته مشهوده انتهى. 22- مسجد بسوق القلانسيين معلق على باب الخواصين له إمام ووقف ومؤذن.
مسجد القلنسيين
23- مسجد القلانسيين في سوق السراجين الذي جعل سوقا للبر سفل له إمام ومؤذن ووقف.
مسجد الرماحين
24- مسجد الطريفيين يعرف بالرماحين في سوق السراجين سفل له(2/235)
إمام. ومؤذن.
25- مسجد ملاصقه بابه إلى سوق علي.
26- مسجد كان زيادة يعلم فيها الصبيان فجعلت مسجدا.
27- مسجد في الدرب السوسي سفل له وقف وإمام.
28- مسجد في درب محرز سفل قديم لمروان بن الحكم بن أبي العاص له إمام ووقف.
مسجد ابن العميد
29- مسجد يعرف بابن العميد لطيف عند قناة الزلاقة سفل له وقف وإمام.
30- مسجد عند دار ابن ريش قبلة الزلاقة سفل له إمام ووقف ويقال: أنه مسجد واثلة ابن الاسقع رضي الله تعالى عنه.
مسجد الجلادين
31- مسجد الجلادين ويعرف اليوم بمسجد الرماحين كبير سفل له إمام ومؤذن ووقف قال الحافظ البرزالي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: ومن خطه نقلت وفي النصف من شهر رمضان أعيد مسجد الرماحين الكبير إلى الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن تيمية أخي الشيخ العلامة تقي الدين رحمهما الله تعالى وباشر الإمامة به في اليوم المذكور وذلك بمرسوم سلطاني وقرر له أيضا معلوم على المصالح والصدقات انتهى. مسجد الجلادين
32- مسجد الجلادين
بالقلاص كان يعرف بمسجد الطرايفيين سفل له مناره محدثة وإمام ومؤذن وعنده سقاية وقناة.
مسجد ابن القصيفة
33- مسجد عند مسبك الحديد يعرف بابن القصيفه ألفامي له إمام(2/236)
مسجد واثلة
34- مسجد واثله رضي الله تعالى عنه على رأس درب الزلاقة يجلس عنده الجنائزين كبير له إمام ومؤذن ووقف وهو سفل وعلى بابه قناة.
مسجد ابن أبي العود
35- مسجد في سويقة باب الصغير سفل لطيف يعرف بابن أبي العود له إمام ومؤذن ووقف ومنارة محدثة.
36- مسجد في درب العبسي عن يسار الخارج إلى باب الصغير سفل لطيف.
مسجد القطانين
37- مسجد القطانين في طرف المقلاص خلف سوق الصوف سفل كبير له إمام ومؤذن ووقف.
38- مسجد بقرب حمام أبي نصر في الحريق سفل.
مسجد المزين
39- مسجد بناه معالي المزين له وقف وإمام.
40- مسجد في درب الحبالين عند رأس درب الريحان من السوق الكبير سفل يعرف بسمجد الريحان وهو مسجد فضاله بن عبيد الأنصاري1 الصحابي قاضي دمشق رضي الله تعالى عنه عند بابه قناة.
مسجد الجلادين
41- مسجد معلق يعرف بمسجد الجلادين له منارة وإمام ومؤذن ووقف.
42- مسجد لطيف سفل براس درب البزورين وسوق الاكافين له
__________
1 شذرات الذهب 1: 59.(2/237)
وقف وعنده قناه.
43 مسجد في طرف درب البزوريين القبلي سفل لطيف بشباك بناه الأمير سليمان الجزري.
44- مسجد آخر بقربه سفل لطيف له إمام ووقف وهو قديم.
45- مسجد في رأس درب القرشيين الذي ينفذ إلى درب النخلة معلق بناه أبو غالب بن الكرخي البزار.
46- مسجد في السوق الكبير عند رأس درب الريحان سفل لطيف بشباك.
مسجد الكف
47- مسجد في قبة اللحم يعرف بمسجد الكف سفل له بابان وإمام ووقف.
48- مسجد في درب فندق البيع سفل له إمام ووقف وعنده قناة.
49- مسجد في زقاق الشعر قبل أن تصل إلى درب الناقديين.
50- مسجد عند العمود المخلق في زقاق البزوريين سفل له إمام ووقف.
51- مسجد القرشيين.
52- مسجد في درب الناقديين له إمام وقف.
53- مسجد في درب الناقديين سفل قديم.
مسجد ابن المقانعية
54- مسجد آخر في هذا الدرب عند قناة سفل يعرف بابن المفانعية.
مسجد الزبيب
55- مسجد في السوق الكبير يعرف بمسجد الزبيب ويعرف قديما بمسجد ابن قاسم سفل كبير له وقف وإمام ومؤذن.(2/238)
مسجد ابن العرباض
56- مسجد في رأس درب البقل يعرف بابن العرباض له وقف.
مسجد ابن عنقود
57- مسجد في درب البقل يعرف بابن عنقود عنده قناة وله إمام ومؤذن ووقف.
58- مسجد لطيف بشباك مستجد عند دار ابن أبي الخوف في أول حارة الخاطب.
59- مسجد في رحبة الخاطب له منارة وفيه بئر وله إمام ومؤذن قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة سبع وأربعين وثلثمائة: محمد بن علي أبو عبد الله الهاشمي الخاطب الدمشقي كان خطيبا بدمشق في أيام الأخشيدية كان شابا حسن الوجه مليح الشكل كامل الخلق توفي في شهر ربيع الأول وحضر جنازته نائب السلطنة وخلق لا يحصون كثرة ودفن بباب الصغير أرخه ابن عساكر قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وأظنه الذي تنسب إليه رحبة الخاطب من نواحي باب الصغير انتهى. قال الصفدي رحمه الله تعالى: أبو بكر ابن أحمد بن عمر البغدادي الزاهد إمام مسجد حارة الخاطب بدمشق كان صاحب عبادة ودين ومجاهدة سمع بمصر من محمود بن محمد الصابوني وبدمشق من إسماعيل الخيزوري والكندي1 وكان يعرف بالمراوحي. قال الشيخ شمس الدين: وروى لنا عنه بالإجازة أبو المعالي بن الباسلي. قال عمر بن الحاجب: سألت شيخا عنه فقال: بلغني أنه جاور بمكة المشرفة سنة قرأ فيها ألف ختمة رحمه الله تعالى وروى عنه أبو حامد بن الصابوني رحمهما الله تعالى وتوفي في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة انتهى.
60- مسجد آخر في رحبة الخاطر بناه بركات الزراد سفل له منارة خشب ومؤذن وإمام.
__________
1 شذرات الذهب 6: 39.(2/239)
61- مسجد آخر في رحبة الخاطب أيضا كبير له منارة وفيه بئر وله إمام ومؤذن.
مسجد الطباخين
62- مسجد الطباخين عند قنظرة أم حكيم في رأس سوق العلبيين سفل له إمام ومؤذن ووقف.
63- مسجد عند رأس درب الجبن ملاصق الحمام على باب قناة سفل كبير قديم جدده الرئيس أبو الذواد مفرج بن الصوفي.
64- مسجد عند دار الشريف الجعفري ويعرف اليوم بدار خطلخ الباسلي سفل لطيف بناه اكسوك بن خطلخ الباسلي.
65- مسجد داخل درب الجبن عند درب الديلم سفل له إمام ومؤذن ووقف.
مسجد الحدادين
66- مسجد الحدادين سفل له وقف وإمام ومؤذن.
67- مسجد عند رأس درب العدس بينهما الطريق سفل كبير له إمام ومؤذن.
مسجد سوق اللؤلؤ
68- مسجد معلق يعرف بمسجد سوق اللؤلؤ كبير له إمام ومؤذن ووقف وعنده سقاية واحترق منذ أعوام وقد شرع في تجديده والله سبحانه وتعالى يسهل اتمامه فهو من المساجد القديمه.
69- مسجد في داخل درب العدس سفل لطيف.
70- مسجد لطيف في رأس سوق الطير سفل بشباك.
مسجد سوق الطير
71- مسجد قبليه عند رأس درب الحبالين يعرف بمسجد سوق الطير(2/240)
له ومؤذن ووقف.
مسجد سوق الطير
72- مسجد في درب الحبالين سفل يعرف بمسجد سوق الطير أيضا له إمام ووقف.
73- مسجد داخل درب الحبالين قبلي النهر عند دار مقلد الشوى سفل لطيف.
74- مسجد في درب الفراش عند بستان القط سفل قديم جدده أبو الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز1.
75- مسجد عند رأس درب أبي نصر سفل لطيف بشباك.
76- مسجد معلق كبير له وقف وإمام.
77- مسجد عند رأس درب التميمي في سوق دار البطيخ لطيف بشباك له وقف.
مسجد دار البطيخ
78- مسجد دار البطيخ المعلق كبير له وقف وإمام ومنارة ومؤذن وله بابان عند أحدهما قناة.
مسجد الاجابة
79- مسجد يعرف بمسجد الاجابة في سوق دار البطيخ ينزل إليه بدرج قديم له إمام ومؤذن ووقف.
80- مسجد في درب الفراش مستجد بناه أبو يعلي النصراني عامل القسمة عنده قناة.
__________
1 شذرات الذهب 4: 257.(2/241)
مسجد بني علان
81- مسجد داخل منه كبير سفل له منارة خشب يعرف ببني علان له إمام ووقف. مسجد الخشابين.
82- مسجد الخشابين بين فنادق الخشب بحضرة سوق البقل ومسبك الزجاج سفل كبير له إمام ومؤذن.
مسجد السكاكينيين
83- مسجد في الدقاقين يعرف بمسجد السكاكينيين سفل كبير قديم له وقف وإمام ومؤذن.
مسجد التاشي
84- مسجد معلق عند حمام اللؤلؤ المعروف قديما بالبريدين ويعرف بمسجد التاشي كبير له وقف وإمام ومؤذن.
مسجد الكشك
85- مسجد الكشك الذي فوق الأعمدة مستجد كان دارا فبناه الملك العادل نور الدين رحمه الله تعالى مسجدا وبنى له منارة له إمام ومؤذن ووقف.
86- مسجد في درب شداد قبلة مسجد الكشك كان قديما لطيفا فزاد فيه أبو غالب بن الشيرجي ووسعه.
مسجد السلالين
87- مسجد السلالين1 عند رأس درب التبان سفل قديم كبير له
__________
1 ابن كثير 14: 156.(2/242)
إمام ووقف وفيه بئر.
88- مسجد في درب التبان لطيف سفل كان خرابا فجدده أبو المكارم ثم غير ربعده.
مسجد دوس
89- مسجد داخل منه لطيف معلق يعرف بمسجد دوس.
90- مسجد ملاصق لكنيسة اليهود على النهر، سفل لطيف.
91- مسجد معلق فوقية فيه مغارة بناه نور الدين رحمه الله تعالى.
92- مسجد عند باب المدينة سفل بناه الشريف أبو الحسن الجعفري له وقف.
مسجد صدقه
93- مسجد صدقة الملاصق لكنيسة مريم معلق له مغارة وفيه إمام ومؤذن وله وقف ويقال إن صدقة كان شوا نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه.
94- مسجد آخر تحته معطل لا يفتح.
95- مسجد آخر في درب كنيسة مريم عند معصرة الشيرج قديم سفل له وقف وإمام.
مسجد الثلاج
96- مسجد الثلاج في سوق كنيسة مريم سفل كبير له وقف وإمام ومؤذن.
97- مسجد في درب الفراتي ويعرف اليوم بدرب الشيخ سفل قديم بشباك لطيف.
98- مسجد بقربة من الجانب الشرقي سفل قديم.
99- مسجد عند دار أبي محمد القلانسي في درب سحنون أسفل له إمام ووقف.(2/243)
مسجد عقيل
100- مسجد في السوق الذي بين كنيسة مريم ودرب الحجر ويعرف بمسجد عقيل سفل له وقف وإمام ومؤذن.
101- مسجد قبليه عند موقف الشيخ قديم يقال إن النذر فيه له فضيلة.
102- مسجد في درب البياعة لطيف قديم سفل جدده ابن الفسيتقه.
مسجد ابن الشهرزوري
103- مسجد كبير في هذا الدرب كان قديما كنيسة لليهود ثم جعل مسجدا ويعرف بمسجد ابن الشهرزوري لأنه كان يجلس به رحمه الله تعالى للوعظ.
مسجد كليلة
104- مسجد كليلة في حارة اليهود قبل درب البياعة والدرب يعرف قديما بكلية القاضي فقيل درب كليلة وقوله العامة إن الدرب ينسب إلى كليلة أي اليهودية لم يصح.
مسجد درب الحجر
105- مسجد درب الحجر قديم سفل كبير له منارة ووقف ومؤذن وإمام وله بابان على أحدهما قناة وعلى الآخر سقاية.
مسجد ابن الجسطار
106- مسجد العميد بن الجسطار سفل كبير له إمام ومؤذن وعلى بابه سقاية وقناة.
107- مسجد في درب كيسان المعروف اليوم بدرب الفواخير مقابل درب القرب سفل لطيف له وقف.(2/244)
108- مسجد آخر قبلية له وقف.
109- مسجد آخر كبير معلق له وقف وإمام ومؤذن.
110- مسجد ملاصق لباب كيسان1 سفل له منارة وإمام ومؤذن ووقف مسجد ابن الأعمى الفاخوري.
111- مسجد يعرف بابن الاعمى الفاخوري بقرب درب نمير سفل لطيف.
مسجد موسى الكردي
112- مسجد في سويقة الباب الشرقي يعرف بمسجد موسى الكردي سفل قديم جدده موسى وعنده قناة.
113- مسجد لطيف خفي في دهليز دار نمير الذي يدخل إليه من درب ربيع.
114- مسجد آخر في صدر درب نمير لطيف سفل.
115- مسجد آخر في سويقة باب شرقي قديم جدده الرئيس أبو الفوارس بن الصوفي له وقف وإمام.
مسجد الوزير
116- مسجد الوزير في السويقة بقربة سقاية مجددة.
117- مسجد في أول درب الاندر سفل صغير بناه ناصر السابق.
مسجد ابن باقي
118- مسجد داخل منه يعرف بابن باقي سفل لطيف له إمام ووقف ومؤذن.
__________
1 ابن كثير 14: 322.(2/245)
هذه المساجد التي قبلي السوق الأوسط وإمام ساجد الناحية الشامية عن يمين الداخل من الباب الشرقي فمن ذلك:
119- مسجد في درب ابن خلال1 له إمام ووقف.
مسجد الحراقلة
120- مسجد يعرف بمسجد الحراقلة بقرب الكنيسة المصلبة قديم له وقف.
121- مسجد في درب كشكشة سفل لطيف له وقف وإمام جدده أبو عبد الله محمد بن ناجية.
122- مسجد آخر فيه لطيف سفل.
مسجد النيبطون
123- مسجد النيبطون سفل كبير له منارة وإمام ومؤذن ووقف على بابه سقاية وقناة وكان عنده مسجد صغير يصعد إليه بدرجة معطل.
124- مسجد في درب الداراني له وقف.
125- مسجد في درب ابن صامت خراب.
126- مسجد عند معصرة الزيت بقرب دار ابن المهتار النصراني.
مسجد أبي الصرف
127- مسجد يعرف ب أبي الصرف له إمام ومؤذن ووقف.
128- مسجد في خربة البواب لطيف سفل.
مسجد ابن عطاف
129- مسجد آخر فيه يعرف بابن عطاف سفل.
130- مسجد لطيف له شباك عند رأس درب الحجر.
131- مسجد في وسط درب الحجر2.
__________
1 شذرات الذهب 4: 219.
2 ابن كثير 13: 232.(2/246)
132- مسجد كان فرنا فجعله أبو المواهب بن الشيرازي مسجدا له وقف وإمام ومؤذن.
133- مسجد عند رأس المربعة طرف درب الحجر له إمام ومؤذن ووقف.
134- مسجد في أول قنطرة سنان سفل كبير له إمام.
135- مسجد آخر معلق في طرف قنطرة سنان من الشرق قال الأسدي رحمه الله تعالى في تاريخه في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة: وممن توفي فيها إبراهيم ابن محمد بن صالح بن سنان أبو إسحاق القويني المخزومي الدمشقي مولى خالد بن الوليد رضى الله عنه وإلى جده تنسب قنطرة سنان التي بباب توما سمع أبا زرعة1 الدمشقي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وجعفر بن محمد وهو الفريابي2 وجماعة كثيرة وروى عنه ابنه أحمد وابن منده3 وعبد الوهاب الكلابي4 وتمام الرازي5 وآخرون توفي رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول من السنة ووثقه الكناني6 انتهى.
مسجد الظلم
136- مسجد عند رأس درب الظلم من رحبة خالد يعرف بمسجد الظلم سفل لطيف له وقف.
مسجد القطيطة
137- مسجد عند قنطرة ابن مدلج يعرف بمسجد القطيطة قال البرزالي رحمه الله تعالى هو داخل باب توما له إمام ومؤذن وعلى بابه قناة تعرف بالمنحدرة
__________
1 شذرات الذهب 2: 177.
2 شذرات الذهب 2: 235.
3 شذرات الذهب 3: 147.
4 شذرات الذهب 3: 147.
5 شذرات الذهب 3: 200.
6 شذرات الذهب 3: 325.(2/247)
مسجد الزينبي
138- مسجد الزينبي في سويقة باب توما له إمام ومؤذن وعند بابه قناة قديمة وسقاية مستجدة.
مسجد صعلوك
139- مسجد عند باب توما يعرف بصعلوك النجار عند بابه قناة.
مسجد النوري
140- مسجد معلق عن يسار الداخل من باب توما عند معصرة يعرف بالنوري ملاصق للسور معطل.
141- مسجد عند دار عضد الدولة سفل في درب حمام العلوي.
142- مسجد في مربعة القز سفل كبير بناه الشريف الزيدي له وقف وإمام.
مسجد الفران
143- 144- مسجد بحذاء دار الأمير نوح التي تعرف بدار ابن عصفد النصراني كان متبنا فجعله نوح المذكور مسجدا في زقاق الجيش سفل لطيف طباقة مسجد علو لهما منارة يعرف بمسجد عبده الفران.
145- مسجد برحبة خالد سفل قديم على بابه قناة.
146- مسجد قبلة كنيسة اليعقوبيين سفل لطيف له منارة.
147- مسجد آخر شامي الكنيسة سفل كبير.
مسجد ابن عمير
148- مسجد عند رأس درب طلحة من سويقة باب توما يعرف بمسجد ابن عمير سفل كبير له إمام ووقف.(2/248)
مسجد ابن الفراش
149- مسجد شرقية بالسويقة سفل لطيف في سويقة ابن عمير بشباك يعرف بابن الفراش.
150- مسجد عند دار الشريف النصيبي التي تعرف اليوم بابن بوري حسان1 على بابه قناة.
151- مسجد عند الشلاحة في درب السوسي له منارة مستجدة وله إمام ووقف.
مسجد ابن البياعة
152- مسجد في رأس سوق الغزل العتيق عند قناة درب الغلق يعرف بابن البياعة له إمام ووقف.
153- مسجد آخر في سوق الغزل فيه شجرة زيتون وعنده سقاية جدده نور الدين رحمه الله تعالى.
مسجد الشريف خير الهاشمي
154- مسجد مربعة القطن ويعرف بمسجد الشريف خير الهاشمي المحتسب.
مسجد ابن أبي الحديد
155- 156- مسجد ابن أبي الحديد المعلق فوق القناة كبير قديم له إمام وعند درجته مسجد سفل متهجد.
مسجد ابن عوف
157- مسجد ابن عوف في سوق القناديل عند حمام جديد سفل لطيف له إمام ووقف.
__________
1 شذرات الذهب 4: 78.(2/249)
مسجد فيروز
158و159- مسجد سفل بشباك وفوقه مسجد معلق له منارة وإمام ومؤذن يعرفان بمسجدي فيروز ومنارة فيروز.
قال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الأمير سيف الدين بلبان طرناه بن عبد الله الناصري كان من المقدمين بدمشق وجرت له فصول يطول ذكرها ثم توفي بداره عند مئذنة فيروز ليلة الأربعاء حادي عشرين شهر ربيع الأول ودفن بتربة اتخذها إلى جانب داره ووقف عليها مقرتين ورتب عندها مسجدا بامام ومؤذن انتهى. قال البرزالي رحمه الله تعالى زيادة: فأوصى أن يعمل له تربة ويشتري ملك ويوقف عليها وعلى المرتبين بها فعمل ذلك انتهى.
160- مسجد عند قناة ابن الماشكي سفل كبير له إمام كان كنيسة للنصارى فجعلت مسجدا قال الذهبي رحمه الله تعلى في العبر في سنة أربع المذكورة: وعلي بن بلبان المحدث الرحال علاء الدين أبو القاسم المقدسي الناصري الكركي مشرف الجامع وإمام مسجد الماشكي تحت مأذنة فيروز ولد سنة اثنتي عشرة وسمع من ابن اللتي والقطيعي وخلق كثير بالشام والعراق وعني بالحديث وخرج العوالي توفي رحمه الله تعالى في أول شهر رمضان انتهى.
161- مسجد عند قناة صالح بقرب درب كرار من الفورنق معلق لطيف تحته قناة صالح.
162- 163- مسجد بدرب حميد بن درة عند الزقاقين سفل لطيف قديم له وقف وفوقه مسجد معلق بناه ابن أبي الصقيل وخرب.
164- مسجد عند رأس درب النقاشة كان كنيسة للنصارى ثم خربت فجعلت بعد ذلك مسجدا له منارة خشب وإمام ومؤذن ووقف.
مسجد ابن المخشي
165- مسجد عند رأس درب كرار المعروف بابن المخشي له إمام(2/250)
ووقف ثم هذا المسجد هجر مدة إلى أن أذن الله تعلى بعمارته سنة تسع وستين وتسعمائة وهم في عمارته وتبييضه وإقامة شعائره وجدد فيه إيوانا شماليا وخلوة من جهة الشرق الشيخ العلامة مقري دمشق أبو العباس شهاب الدين أحمد ابن الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد الطيبي1 الشافعي رحمه الله تعلى ورحمنا بهما أمين.
مسجد الجينيق
166- مسجد في الفورنق الذي يعرف اليوم بالجينيق سفل كبير كان كنيسة للنصارى فجعل مسجدا وجدده الخادم يوسف على يد أبي اليمن المصري متولي الشرطة فعرف به على بابه سقاية مستجدة بناها نور الدين رحمه الله تعالى.
167- مسجد داخل الجينيق بقرب الشلاجة بدرب سابور كان قديما فخرب فجدده أبو طالب بن محسن القاضي.
مسجد الجينيق
168- مسجد في الجينيق أيضا يعرف بمسجد الجينيق له إمام ووقف.
169- مسجد في شامي سوق الطير بناه القاضي ابن نجاح له وقف وإمام وعنده قناة. 170- مسجد في الديماس عنده عمود مخلق لطيف سفل.
171- مسجد في زقاق صفوان سفل لطيف.
172- مسجد عند حمام أبن أبي المطير بناه أبن فيروز.
مسجد الأذرعي
173- مسجد الاذرعي مقابل ابن البري2 قديم جددته ابنة الرئيس أبي الذؤاد مفرج بن الصوفي وبنت فيه منارة له إمام ووقف
__________
1 شذرات الذهب 8: 393.
2 شذرات الذهب 4: 273.(2/251)
مسجد ابن خمار
174- مسجد ابن خمار في درب عجلان خلف قيسارية الفرس قديم له إمام ووقف.
مسجد العباسي
175- 176- مسجد سوق الاحد يعرف بمسجد العباسي قبلة المطرزين له بابان على أحدهما سقاية وقناة وعلى الآخر قناة أخرى عندها مسجد لطيف بشباك.
مسجد خواجا يعقوب
177- مسجد في الجينيق يعرف بخواجا يعقوب له وقف وإمام ومؤذن.
178- مسجد عند دار ابن الشحاذة جدده علي الشنباشي له وقف وإمام.
179- مسجد في طرف سوق اللؤلؤ في درب ابن شقوف بشباك.
180- مسجد في سوق أم حكيم سفل لطيف بشباك عنده قناة.
مسجد رحبة البصل
181- مسجد رحبة البصل سفل كبير له بابان وعنده قناة وقيسارية وسقاية.
182- مسجد في دار الوزير المزدقاني1 معلق أنشأه الوزير أبو علي المزدقاني1 المذكور سابقا.
183- مسجد رأس عقبة الصوف معلق له منارة مستجدة أنشأها المزدقاني1 المذكور سابقا.
184- مسجد في عقبة الصوف في دار ابن الأعيرج سفل لطيف مستجد.
__________
1 شذرات الذهب 4: 66.(2/252)
مسجد السراجين
185- مسجد السراجين معلق عند رأس الاساكفة العتيق الملاصق لحصن جيرون له إمام ومؤذن.
186- مسجد بسوق الصفارين له بابان إلى الصفارين وإلى الأساكفة وله إمام ووقف.
187- مسجد عند حمام ابن كلي سفل.
188- مسجد عند درب الماء خلف الحصن يعرف بسكنى الأشراف الجعفريين سفل مستجد.
مسجد نميس
189- مسجد مقابل السلامة سفل يعرف بمسجد نميس له إمام ووقف.
190- مسجد في درب القلي سفل لطيف بشباك قديم يقا لأنه مسجد اوس بن اوس الثقفي الصحابي رضي الله تعالى عنه.
191- مسجد في جيرون بين البابين لطيف سفل بشباك يقال ذبح فيه يحيى بن زكريا على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ويقال إن الدعاء فيه مستجاب.
192- مسجد فوقه معلق له وقف وإمام.
193- مسجد في سقيفة القطيعي داخل جيرون بشباك عنده قناة.
194- مسجد في المدرسة المعروفة بدار طرخان وهي كانت قديما للشريف أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن فوقفها سنقر الموصلي وجعلها مدرسة لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه.
195- مسجد في طرف درب خفيف سفل بناه الفقيه أبو البركات في بيته.
196- مسجد آخر في درب خفيف سفل بناه أبو الفضل.
197- مسجد آخر في بستان مقابل دار أبي الفهم ابن الشيرجي.(2/253)
مسجد الرأس
198- مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمسجد الرأس فيه قناة يقال أن رأس الحسين رضي الله تعالى عنه وضع فيه حين أتي به إلى دمشق له إمام.
مسجد عمر
199- مسجد على الدرج يعرف بمسجد عمر رضي الله تعالى عنه بناه رجل من العجم وما رتب له إمام.
200- مسجد في درب كشك عند الأطباقيين وكان الدرب يعرف قديما بقراقرون الحجري سفل صغير بشباك.
201- مسجد آخر داخل هذا الدرب كان قد تغلب عليه وجعل مسجدا متينا فرده أنر بن عبد الله التركي المعروف بمعين الدين مسجدا وهو قديم.
202- مسجد في مدرسة الحنابلة عند قناة جيرون.
مسجد باب الفراديس
203- مسجد باب الفراديس داخل الباب ملاصق السور له منارة وفيه قناة.
204- مسحد في درب تليد عند سوق الكبير بناه القائد دلال سفل لطيف.
مسجد ابن عبدان
205- مسجد ابن عبدان في درب الريحان لطيف سفل بشباك يقال أنه مسجد يزيد بن مبشر القرشي الصحابي رضي الله تعالى عنه.
206- مسجد آخر في درب الريحان سفل لطيف له وقف وإمام.
207- مسجد لطيف سفل بشباك عند دار ابن معرور وعند حمام سويد(2/254)
208- مسجد في سوق القمح مقابل قيسارية الوزير في الكتابين سفل كبير له إمام.
209- مسجد آخر في سوق القمح عند باب الحمام الجديد النوري سفل لطيف له إمام على بابه قناة وكان فيه كاس يجري فيه الماء فعطل.
210- مسجد عند زقاق الدر في الطريق النافذ إلى قيسارية السلطان سفل.
211- مسجد بناه ابن العكبري، له إمام ومؤذن ووقف.
مسجد درب العميان
212- مسجد يعرف اليوم بدرب العميان سفل.
213- مسجد في المدرسة الأمينية التي مقابل دار الخيل بناه كمشتكين ابن عبد الله الأتابكي المعروف بأمين الدولة.
214- مسجد في المدرسة النورية التي في القبانين بقرب الخواصين ورأيت في ترجمة رضي الدين أبي الفضل الحراني ثم الدمشقي الجواد المعروف بابن دبوقه أنه أضر في آخر عمره وانقطع في مسجد براس الخواصين إلى الإقراء والإمامة رحمه الله تعالى.
215- مسجد مستجد في درب معين صغير بشباك.
216- مسجد أيضا في مدرسة بزان بن يامين الكردي المعروف بمجاهد الدين التي كانت دار الشريف القاضي ابن أبي الجن.
مسجد عائشة
217- مسجد في القباب عند القنطرة يعرف بمسجد عائشة سفل صغير ولم تدخل عائشة رضي الله تعالى عنها الشام قط له إمام.
218- مسجد في المدرسة الصادرية التي على باب الجامع الأموي مما يلي باب البريد بناها الأمير صادر وبناه.
219- مسجد بحضرةحمام العقيقي سفل كبير على بابه قناة وسقاية(2/255)
وله إمام.
220- مسجد في درب اللبان عند كنيسة ثولين صغير سفل بشباك.
مسجد ابن القاشي
221- مسجد آخر في طرف درب اللبان يعرف بابن القاشي صغير سفل.
222- مسجد في المدرسة التي وقفها الأمير اكز في محلة الكنيسة.
223- مسجد معلق قبلة هذه المدرسة أنشأه الشريف ولي الدولة أبو القاسم ابن أبي الجن. 224- مسجد صغير بشباك في رأس حارة البلاطة.
225- مسجد مستجد معلق بناه شرف العرضي في حارة البلاطة له إمام ومؤذن.
مسجد حجر الذهب
226- مسجد حجر الذهب عند دار ابن يغمور على بابه قناة وله إمام وعنده شجرة توت.
227- مسجد في رأس درب الانصار على طريق باب البريد سفل لطيف عنده قناة. 228- مسجد في دار الحديث التي أنشأها نور الدين رحمه الله تعالى في محلة حجر الذهب.
229- مسجد في قصر الثقفيين عند المدرسة النورية سفل.
230- مسجد في المدرسة المعينية في قصر الثقفيين.
231- مسجد عند باب حمام القصير لطيف كان سفلا فجعل علوا علي بابه قناة وله إمام.
232 مسجد في المدرسة النورية التي داخل باب الفرج ملاصقة لزقاق العسل والسور عند حمام القصير.(2/256)
233- مسجد صغير داخل باب الفرج أيضا لم يحوط عليه بحائط خرب.
234- مسجد في درب الهاشمي من حجر الذهب عند دار الأمير كجك له وقف وإمام. 235- مسجد فوق نهر التفليسي من حجر الذهب له إمام ووقف.
236- مسجد في المدرسة النورية التي وقفها على المالكية في حجر الذهب.
237- مسجد لطيف عند باب دار الشريف السيد من حجر الذهب بناه الأمير اكز. 238- مسجد شام هذه الدار سفل له إمام بناه سنقر الموصلي.
239- مسجد باب درب الشعارين لطيف سفل.
مسجد عطية
240- مسجد عند باب الجابية يعرف بمسجد عطية الحائك في رأس درب الأسديين سفل كبير له منارة وإمام ووقف. قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة: عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد المقري المفسر العدل الدمشقي قرا على أبي الحسن محمد بن النضر ابن الآخرم وجعفر بن أبي داود وحدث عن ابن جوصا1 وعلي بن عبد الله الحمصي وأبي علي الحظايري2 روى عنه محمد بن أبي نصر وعبد الله بن سوار العميس وأبو نصر بن الجبان3 وكان إمام مسجد باب الجابية رحمه الله تعالى ورحمهم أجمعين. وقال عبد العزيز بن الكناني: كان يحفظ فيما يقال خمسين ألف بيت شعر في محل الاستشهاد على معاني القرآن الشريف وغيره وكان ثقة حدث علي بن الحسن الربعي عنه رحمه الله تعالى توفي في شوال رحمه الله تعالى قال الكتبي رحمه الله تعالى: وإليه ينسب مسجد عطية داخل باب الجابية انتهى.
قال الصفدي رحمه الله تعالى في حرف الحاء: الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي أبو علي الشافعي الحظايري حدث بكتاب الأم للشافعي
__________
1 شذرات الذهب 2: 285.
2 شذرات الذهب 2: 346.
3 شذرات الذهب 3: 229.(2/257)
رضي الله تعالى عنه وعن أصحابه رحمهم الله تعالى أجمعين وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وسمع الربيع بن سليمان المؤذن1 ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم2 وأبا أمية الطرطوسي3 وقرأ على هارون بمن موسى الأخفش4 وروى عنه عبد المنعم بن غلبون5 وابن جميع وتمام الرازي وغيره. وقال عبد العزيز الكناني: هو ثقة نبيل حافظ المذهب الشافعي رحمه الله تعالى. قال ابن عساكر رحمه الله تعالى: كان إمام مسجد باب الجابية انتهى.
241- مسجد لطيف في حارة الغرباء.
242- مسجد عند اسطبل العمارة عند النهر سفل لطيف له وقف وإمام أنشأه محمد التائب.
243- مسجد عند باب الدركاه بالقلعة سفل لطيف.
244- مسجد في الدركاه أيضا سفل لطيف أنشأه نور الدين رحمه الله تعالى يقال أنه مسجد الضحاك بن قيس رضي الله تعالى عنه فيه عريش وسقاية.
مسجد الضحاك بن قيس
245- مسجد آخر في قلعة فيه عريش وله إمام ويقال أنه مسجد الضحاك بن قيس.
246- مسجد داخل باب القلعة معلق فيه سقاية.
قال العز بن شداد رحمه الله تعالى في كتابه الاعلاق الخطيرة: فهذه مساجد البلد المحصاة بالتعريف والعدد ومبلغها مائتان وأربعون مسجدا يعني وعلى هذا اقتصر من سبقه على تعدادها.
ثم قال: ذكر ما لم يذكر في هذه الترجمة:
__________
1 شذرات الذهب 2: 159.
2 شذرات الذهب 2: 154.
3 شذرات الذهب 2: 164.
4 شذرات الذهب 2: 209.
5 شذرات الذهب 3: 131.(2/258)
1- مسجد الخضر قبلي الجامع, 2- مسجد البياطرة, 3- مسجد الحافظية, 4- مسجد الأصفهاني, 5- مسجد البغدادي, 6- مسجد المرحم, 7- مسجد الصحابة رضي الله تعالى عنهم بدرب المعلي جدد في الأيام الناصرية, 8- مسجد الزنجيلي, 9- مسجد الجهيني, 10- مسجد البوق, 11- مسجد الغساني, 12- مسجد السبتي, 13- مسجد الخابية داخل باب توما, 14- مسجد الجمجمة, 15- مسجد بئر عنتر, 16- مسجد جوار دار ابن شكر, 17- مسجد أبي بكر بسوق الغنم, 18- مسجد جوار البيمارستان جدد في أيام الناصرية, 19- مسجد جوار دار العزيز, 20- مسجد جوار دار ابن التبني, 21- مسجد بكتوت الحراني, 22- مسجد بدرب القونقي, 23- مسجد قناة الزاوية بالقصاعين, 24- مسجد جوار دار القاضي محي الدين مستجد, 25- مسجد الحدادين بين السورين, 26- مسجد حبيب الكردي بحكر النعنع, 27- مسجد العجمي عند دار الجوكان, 28- مسجد جوار حمام جاروخ مستجد فهذه ثمانية وعشرين أيضا فاما ما عداها من المساجد التي في ظاهر دمشق وارباضها فالتي منها في ناحية القبلية.
مسجد شجاع أو مسجد الباشورة
1- مسجد على باب الصغير ملاصق للسور كبير يعرف بمسجد شجاع له منارة خربت وله وقف وإمام ومؤذن ويعرف اليوم بمسجد الباشورة وكان به درس للفقيه في الأيام النورية والصلاحية والعادلية وفيه بئر وعلى بابه مطهرة.
مسجد عبد الملك
2- مسجد يعرف بعبد الملك بالشاغور لطيف عند بابه سقاية
مسجد العنابة.
3- مسجد العناية بالشاغور عند دار ابن أبي الفدا كبير له إمام ووقف.(2/259)
مسجد مسعود
4- مسجد زقاق المدقف المعروف بمسعود له إمام.
5- مسجد زقاق الساقية له إمام ووقف.
مسجد نصر الله
6- مسجد عند زقاق ابن باقي يعرف بنصر الله.
7- مسجد عند زقاق الجوز عند دار بنت درداس.
8- مسجد كبير معلق على المزاز1 له وقف وإمام.
مسجد القبة
9- مسجد القبة مستجد عند دار عبد الرحمن بن القطبي.
10- مسجد عند باب القشر له إمام.
مسجد قبيبة النور أو مسجد اللباد
11- مسجد يعرف بقبيبة النور خارج باب الشاغور قبلة القشر ويعرف الآن باللباد.
12- مسجد بين حجيرا وراوية على قبر مدرك بن زياد الذي يقال إن له صحبة ولم يذكره أهل العلم في كتبهم قلت: سوى الذهبي رحمه الله تعالى.
13- مسجد في راوية مستجد على قبر أم كلثوم رضي الله عنها وأم كلثوم هذه ليست بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي كانت عند عثمان رضي الله تعالى عنهما لأن تلك ماتت في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفنت بالمدينة المشرفة على مشرفها أفضل الصلاة وأتم السلام ولا هي أم كلثوم بنت علي من فاطمة التي تزوجها الإمام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم لأن تلك ماتت هي وابنها زيد بالمدينة المنورة في يوم واحد ودفنها بالبقيع رضي الله تعالى عنهما وإنما هي امرأة
__________
1 ابن كثير 14: 259.(2/260)
من أهل البيت سميت بهذا الاسم ولم يحفظ نسبها ومسجدها بناه رجل قرقوبي من أهل حلب المحروسة.
مسجد الجنائز
14- مسجد الجنائز بباب الصغير بسوق الغنم قديم كبير خرب فجدده جراح المنبجي رحمه الله تعالى فيه بئر.
15- مسجد خارج سوق الغنم من طرف المقبرة بناه رجل اسمه مظلوم.
16- مسجد في فندق ابن أبي طاهر بن عفيف الفارقي شآم المقبرة.
مسجد سكينة
17- مسجد يعرف بسكينة في وسط المقبرة بقرب قبر سيدنا بلال رضي الله تعالى عنه. 18- مسجد في شرقي المقبرة بناه نصر الحفار.
19- مسجد في بستان ابن الشيرجي في طريق المقبرة من الغرب بناه أبو غالب بن الشيرجي.
مسجد الخضر
20- مسجد يعرف بمسجد الخضر وبمسجد سكينة رضى الله تعالى عنها فيه بئر وله منارة لطيفة خرب.
مسجد الصفصافية
21- مسجد الصفصافة قبلي مسجد الخضر فيه بئر.
مسجد السماقة
22- مسجد السماقة شرقي الشاغور بقرب الخندق بناه رجل أعجمي وفيه بئر ويعرف الآن بمسجد سليم.(2/261)
مسجد فذايا
23- مسجد فذايا، قرية كانت فخربت، قبلي مقابر اليهود. خرب ولم يبق منه غير المحراب.
مسجد كنانه
24- مسجد كن أنه رحمه الله تعالى قبلي فذايا المذكورة والذي منها من ناحية الشرق.
مسجد الجنائز
1-مسجد على باب الشرقي يعرف بمسجد الجنائز على بابه بئر وليس له سقف.
2- مسجد ضفة نهر المجدول مستجد.
مسجد عطاء
3- مسجد عطاء الحاجب في الخامس فيه بئر وعطاء هذا هو الأمير عطاء ابن حفاظ السلمي الخادم كان شهما شجاعا وكان نور الدين رحمه الله تعالى لا يتمكن من دمشق معه قال أبو شامة رحمه الله تعالى: وعطاء هذا هو الذي ينسب إليه مسجد عطاء خارج الباب الشرقي بدمشق وجورة عطا ببيت أبيات وهي أرض فيها أخشاب كبار من الجوز ترمى لجامع دمشق وهي وقف عليه وقد مدحه عرقلة الدمشقي وغيره من الشعراء. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: ولما قتل قوي طمع نور الدين رحمه الله تعالى في دمشق انتهى.
مسجد بلاشو الكردي
4- مسجد شرقية يعرف ببلاشو الكردي والذي ورد عن أئمة الحديث أن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ينزل هذا المسجد ينقلونه من طرق كثيرة.(2/262)
5- مسجد عند المائدة الحجر في طريق الغياض بناه نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى.
مسجد أبي صالح
6- مسجد أبي صالح مسجد قديم كان يلازمه أبو بكر بن سند حمدوية الزاهد وخلفه فيه أبو صالح صاحبه فنسب إليه سكنه جماعة من الصالحين وفيه بئر وله وقف وإمام.
7- مسجد شرقية بقرب الرحى الأحد عشرية.
8- مسجد بناه أبو القاسم بن الفسيتقة.
9- مسجد قبلي الباب الشرقي بقرب الخندق مستجد فيه بئر خرب ثم جدد.
10- مسجد في مقبرة آبق المعروف بعضد الدولة.
مسجد خالد بن الوليد
11- مسجد في مقبرة باب توما عند نهر المجدول بقرب الصفوانية يعرف بخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه لأنه صلى فيه وقت الحصار وهو أول مسجد صلى فيه بدمشق.
وأما التي من ناحية الشام بشرقه:
مسجد الأوزاعي:
1- فمسجد على باب توما ملاصق للسور على يمين الخارج يسمى بمسجد إمام الأوزاعي1 التابعي المدفون ببيروت رحمه الله تعالى وله منارة وإمام وعلى بابه سقاية.
__________
1 شذرات الذهب 1: 241.(2/263)
مسجد الكنيسة
2- مسجد على النهر يعرف بمسجد الكنيسة كان كنيسة للنصارى فجعل مسجدا خربه السيل في سنة تسع وستين وستمائة ولم يبق منه إلا القليل.
مسجد التبكير
3- مسجد في عقب الجسر عن يمين الخارج يعرف بمسجد التبكير على بابه قناة.
4- مسجد آخر عند باب الجسر عن يسار الخارج بناه رجل يعرف بالبلبل.
مسجد السبعة انابيب
5- مسجد السبعة أنابيب له منارة خشب وعنده سقاية جدده الشربدار ياقوت الناصري في الأيام الناصرية.
6- مسجد في الجزيرة مقابل حمام عصفور بلا سقف.
7- مسجد على ضفة نهر داعية قبلي عين كيل.
8- مسجد بقبة في رحى الأشنان.
9- مسجد آخر شرقي رحى الأشنان.
10- مسجد آخر شرقية أيضا بنته امرأة.
11- مسجد عند جسر رحى السميرية لم يتمم.
12- مسجد غربي رحى ابن أبي الحديد بقرب دير السروري وهو ميسرة.
مسجد النبي
13- مسجد يعرف بمسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أرض جوبر له منارة.
14- مسجد بالمصيصة قرية كانت عامرة فخربت شرقي بيت لهيا.
15- مسجد لطيف في طريق بيت لهيا عند قسطل قناة الزيني.
16- مسجد عند جسر ثورا قبل أن تصل إلى مسجد العباسي استجده(2/264)
إبراهيم بن محمد السبتي.
17- مسجد العباس على طريق حرستا أيضا بناه إبراهيم المعروف ببني خرب.
مسجد القاعة
18- مسجد القاعة على الجسر على طريق برزة.
مسجد سطرا
19- مسجد سطرا قرية كانت عامرة فخربت بين البساتين بقرب بيت لهيا.
20- مسجد عند جسر فواز على نهر ثورا خراب السقف معطل.
مسجد القصب
21- مسجد عند رأس زقاق سطرا فيه رؤوس الصحابة رضي الله تعالى عنهم يعرف بمسجد القصب قديم على بابه قناة.
22- مسجد عند حرتعله على النهر أنشأه أبو طاهر بن البيضاوي.
23- مسجد في الدباغة خارج باب توما.
24- مسجد على باب طاحونة الدباغة.
25- مسجد عند عين كمشتكين والوراقة القديمة.
26- مسجد في زقاق الرمان بقرب العقيبة له منارة.
مسجد العجمي
27- مسجد العجمي بالعقيبة.
مسجد النحاس:
28- مسجد النحاس خارج باب الفراديس بشجرة الزبيرية بمقبرة باب الفراديس.(2/265)
مسجد التوبة ويعرف بمسجد النقاش:
29- مسجد التوبة خارج باب الفراديس مسجد كبير خارج باب الفراديس في عقب الجسر على يمين الخارج فيه بركة وسقاية وله وقف وإمام وطاقات إلى النهر أنشأه الأمير بزان بن يامين الكردي ويعرف الآن بمسجد النقاش.
30- مسجد على الجسر أيضا عن يسار الخارج لطيف وله شباك على نهر بردى ثم بني ثم خرب ثم بناه الشيخ البطايحي مريد الشيخ عبد الله اليونيني1.
31- مسجد في العقيبة عند الفرن لطيف.
مسجد الجوزة:
32- مسجد الجوزة بالعقيبة فيه بركة وله إمام ووقف وعلى بابه سقاية وأم به الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد المرداوي السبتي ونسخ بخطه مائة مجلدة توفي رحمه الله سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
مسجد نصر الحلبي:
33- مسجد نصر الحلبي بسويقة الجوزة.
34- مسجد صغير على نهر جوار دف المغربل بناه رجل كلاس.
مسجد الزيتونة
35- مسجد الزيتونة قديم تنسب إليه أراضي حوله.
مسجد جعفر الضرير:
36- مسجد آخر بالعقيبة على طريق المقبرة يعرف بجعفر الضرير فيه بئر.
37- مسجد في رأس العقيبة عند مفرق الطرق.
__________
1 شذرات الذهب 5: 73.(2/266)
مسجد فيروز
38- مسجد فيروز في المقابر قديم كان يصلى فيه على الجنائز فخرب وجددته امرأة الحاجب فيروز له بركة ومنارة وعلى بابه قناة.
39- مسجد في غربي المقبرة على النهر لطيف قد أنشأه أبو محمد ابن طاووس المقري خطيب جامع دمشق رحمه الله تعالى.
40- مسجد لطيف شرقي المقبرة عند بستان ابن صدقة.
مسجد شواقة
41- مسجد عند عقب الجسر عند الرحى الزبيرية يعرف بمسجد شواقة.
42- مسجد عند قصر اللباد وهو دير مسكون.
مسجد آدم
43- مسجد عند بيت أبي ات يعرف بمسجد آدم جوار البستان المعروف بالعميقة ملك بني الشيرجي فيه الاسم الأعظم والدعاء فيه مستجاب قديم جدده الحاجب عطاء.
44- مسجد الميطور له منارة بناه السلار إسماعيل بن عمر بن بختيار.
45- مسجد عند الميطور أيضا بناه أبو الفضل سبط أبي الحسن يزيد معطل.
46- مسجد غربية بناه حسن العماني القصاب.
مسجد الخادم
47- مسجد في غربي العقيبة عند رحى المنشر يعرف بمسجد الخادم له على نهر بردى شبابيك.
48- مسجد عند طرف اندر بن أبي عقيل بناه أبو عامر الاجري له منارة لم يتمم.(2/267)
49- مسجد في مقبرة الأمير قرواش عند رحى ابن الحكاك.
مسجد الصرف
50- مسجد الصرف غربي مقبرة باب الفراديس يعرف الآن بمسجد الصفي. قال الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة سبع وثمانين وخمسمائة: الصفي صاحب المسجد الذي بالعقيبة هو الصفي بن نصر الله بن العارض كان قد خدم السلطان صلاح الدين لما كان في شحنكية دمشق وامده بالمال فرأى له ذلك فلما ملك استوزره ثم استنابه على دمشق حتى توفي وكان شجاعا ثقة أمينا، ديناً، ولما نزل الفرنج داريا والسلطان في الشرق جمع من أهل دمشق سواداً عظيماً وخرج إلى ظاهر البلد فرآهم الفرنج فظنوهم عسكرا فرحلوا وكان كثير المعروف وكتب أملاكه لماليكة لأنه لم يكن له ولد وبنى بالعقبية مسجدا ودفن به في شهر رجب رحمه الله تعالى انتهى. وهو على النهر وله منارة وبه بئر.
مسجد أم البنين
51- مسجد مسجد عند عقب نهر يزيد عند طريق المغارة بنته أم البنين ابنة الأمير حسن خان له وقف.
مسجد التمرتاشية
52- مسجد التمرتاشية بالجبل.
53- مسجد لطيف شرقي مسجد أم البنين بناه الفقيه إبراهيم بن المنجا.
مسجد دير شعبان
54- مسجد دير شعبان له منارة.
55- مسجد آخر قبلية.
56- مسجد آخر شامية بنته امرأة تعرف بالحاجبية.
57- مسجد في البستان الذي بني لأجل عبد الرحمن الجلجولي الزاهد(2/268)
دفن لما استشهد قتل الشيخ الفقيه الزاهد عبد الرحمن الجلجولي والشيخ العالم شيخ الإسلام حجة الدين أبو الحجاج يوسف بن درباس المغربي الفندلاوي المالكي كلاهما استشهد رحمهما الله تعالى لما هجم الفرنج على دمشق فوقف الشيخان المذكوران لقتالهم قريب الربوة عند النيرب فاستشهدا رحمهما الله تعالى في ساعة واحدة من يوم السبت سادس شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وكان أمير البلد معين الدين انر. قال أبو شامة رحمه الله تعالى: فقبر الفندلاوي الآن يزار بمقابر باب الصغير من ناحية المصلى وعليه بلاطة كبيرة منقوشة وفيها شرح حاله رحمه الله تعالى وأما عبد الرحمن الجلجولي رحمه الله تعالى فقبره في بستان الشعباني من جهة شرقه وهو المسجد المحاذي لمسجد شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت وكان مقامه في حياته في ذلك المكان انتهى.
58- مسجد آخر عند مسجد شعبان لطيف كان قديما فخرب فجدده أبو البقاء بن البيطار.
59- مسجد آخر غربي مسجد شعبان.
60- مسجد في سفح جبل قاسيون على طريق المغارة أنشأه أبو المجد المطرز.
61- مسجد آخر في طريق المغارة بنته عائشة الزاهدة رحمها الله تعالى "بعد الذي يقال له النفناتية".
مسجد مغارة الدم
62- مسجد مغارة الدم.
63- مسجد آخر فوق المغارة مستجد.
مسجد الدير
64- مسجد الدير الذي كان لرهبان النصارى فجعل مسجدا وخرب.
65- مسجد غربي بابه لطيف بقبة.(2/269)
66- مسجد عند عقب جسر كحيل بناه عثمان الطاقاني.
مسجد جناح الدولة
67- مسجد على ضفة نهر المجدول بقرب باب الفراديس يعرف بجناح الدولة حسين ثم عرف بابن البغدادي له وقف.
مسجد الدهان
68- مسجد غربية يعرف بمسجد الدهان بتطرق إلى كل واحد منهما بجسر.
69- مسجد عند عقب جسر باب الحديد تحت القلعة أنشأه نور الدين رحمه الله تعالى.
مسجد خاتون المعينية
70- مسجد خاتون المعينية تحت القلعة على جسر باب الحديد.
71- مسجد في عقب جسر الوزير صغير بناه رجل أعجمي قبلي الجسر.
72- مسجد آخر شمالي الجسر على نهر بردى بناه إسماعيل الحاجي له وقف.
73- مسجد لطيف عند عين القصارين قبل أن تصعد إلى عوينة الحمى له وقف.
74- مسجد عند مقبرة الأمير أنر لطيف.
75- مسجد شرقي عين القصارين قبل أن يصعد إلى عوينة الحمى.
مسجدعوينة الحمى
76- مسجد عوينة الحمى كبير له منارة.
77- مسجد بجانبه من الغرب لطيف جدده الوزير.(2/270)
مسجد المزدقاني
78- مسجد الوزير المزدقاني عند رأس زقاق الأرزة كبير له منارة وإمام وفيه سقاية وبركة وعلى بابه سقاية.
مسجد بروس
79- مسجد بروس من غربيه لطيف.
مسجد خطلخ
80- مسجد خطللخ من شماليه بينهما الطريق.
81- مسجد في وسط مقبرة الأكراد بناه رجل بغدادي اسمه علي كان حمالا ثم تزهد. 82- مسجد في طريق مقبرة الأكراد صغير بابه من البستان.
مسجد ارزة
83- مسجد ارزة قرية -كانت عامرة فخربت- كبير له وقف وفيه منارة.
84- مسجد عند الجسر الأبيض على نهر ثورا من قبليه له منارة خشب.
85- مسجد من شماليه في عقب الجسر بناه زيد العاملي.
86- مسجد عند دير أبي العباس عند عقب جسر يزيد على طريق الكهف.
87- مسجد آخر بقربه من الشرق.
88- مسجد آخر بقربهما لم يسقف.
مسجد الكهف
89- مسجد الكهف في الجبل بقرب مغاير شداد.(2/271)
90- مسجد في دير الحوراني بقبة.
91- مسجد بناه أبو الحرم بن صعلوك العسقلاني لأحمد الجماعيلي.
92- مسجد بناه رجل أعجمي كان قد ضمن دار الوكالة.
وأما المساجد التي من جهة الغرب.
مسجد الشاطبي
1- مسجد في مرج باب الحديد يسمى الآن بمسجد الشاطبي المعروف بمسجد الأشعريين ويعرف بمسجد الإجابة.
مسجد عزيز الدولة
2- مسجد من شامه على الطريق يعرف بعزيز الدولة له خادم.
مسجد الجفاني
3- مسجد في شمالي المرجة يعرف بمسجد الجفاني.
4- مسجد كبير فيه قبر الملك دقاق المعروف بقبة الطواويس في الرباط بنته خاتون أم دقاق.
5- مسجد من غربيه ملاصق البستان بناه داود الصوفي.
6- مسجد آخر تحته يشرف على عين الديباج التي عند الميدان بناه سالم الفراش.
7- مسجد آخر عند آخر الميدان من شماليه بناه رجل جندي.
8- مسجد عند قصر الملوك بقرب السمانين بناه الحاج نصر الفراش.
9- مسجد في النيرب الأسفل بناه أبو محمد بن منصور النهراني.
10- مسجد في السهم عند بستان ابن الشحاذة مقابل جسر ثورا.
مسجد النيرب
11- مسجد النيرب من مساجد القرى.
12- مسجد الربوة المباركة وسيأتي إن شاء الله تعالى.(2/272)
مسجد العنابة
13- مسجد العنابة بالمزة.
مسجد الخلخال
14- مسجد أمين الدولة الوزير ويعرف بالخلخال.
مسجد بني عمير
15- مسجد بني عمير مستجد.
مسجد بني ضبة
16- مسجد بني ضبة قديم.
مسجد العامري
17- مسجد العامري جوار بستان الشيرازي رحمه الله تعالى.
مسجد صفي الدين الخادم
18- مسجد صفي الدين الخادم مستجد.
مسجد المرج
19- مسجد المرج جوار بستان الصاحب تاج الدين.
مسجد البسطامي
20- مسجد البسطامي جوار بستان ابن سلام.
مسجد حميص
21- مسجد بمغارة حمص المعروف بحميص.
مسجد الريس
22- مسجد الريس على نهر ثورا.(2/273)
مسجد عمري
23- مسجد عمري بكفرسوسيا.
مسجد الريس
24- مسجد الريس بها.
مسجد الأشراف
25- مسجد الأشراف بها.
مسجد الديليمي
26- مسجد اليليمي مستجد.
27- مسجد أنشأه العلم الزاهد.
مسجد باب الجنان
28- مسجد باب الجنان المسدود تحت القلعة كان قديما فتشعث فجددته امرأة الحاجب اسرائيل.
29-مسجد بقبة عند باب بستان ابن خواجامكي بقرب نهر بانياس.
30- مسجد في رباط النساء بنته خاتون1.
31- مسجد على نهر بانياس بنته امرأة من نساء الجند اسمها قرة فيه مقبرة.
32- غربية في رباط ينسب إلى ابن يزيد العجمي.
33- مسجد غربية قبلي نهر بانياس على الطريق بناه المجامري.
34- مسجد من شام النهر من قبلة الميدان صغير بناه الملك العادل رحمه الله تعالى.
35- مسجد غربية كبير بناه الأمير الاسفهلار شيركوه.
36- مسجد موضع القبة المعروفة بقبة ممدود بناه الملك العادل رحمه الله تعالى.
__________
1 ابن كثير 14: 158.(2/274)
37- مسجد في علو الرحى في الرباط الذي وقفه الملك العادل رحمه الله تعالى.
38- مسجد على المنيبع كبير فيه بركة وسقاية بناه الشيخ إسماعيل الملكي العادل.
مسجد الفراش
39- مسجد يشرف على نهر بانياس يعرف بمسجد الفراش بناه محمد فراش خاتون.
مسجد زمرد خاتون
40- مسجد زمرد خاتون1 وهو كبير الذي بني في موضع تل الثعالب محاذي صنعاء له منارة ومؤذن ووقف فيه سقاية.
41- مسجد عند زيتون المساكين من أرض المزة على نهر القنوات.
42- مسجد بناه عمر النجار وسلامه بن صالح رحمهم الله تعالى.
43- مسجد على باب الجابية ملاصق للسور لطيف بشباك.
مسجد ابن حسان
44- مسجد معلق عند الحمام والسقاية يعرف الآن بابن حسان خارج الباب المعروف بباب الجابية بناه الأمير أسد الدين شيركوه رحمه الله تعالى.
45- مسجد مشرف على نهر بانياس ورحى الشرف يجري في ماء القنوات بناه الفلك ملك لم يتمم..
مسجد معاوية
46- مسجد معاوية رضي الله تعالى عنه من أرض قينية على طريق المزه وداريا فيه بئر.
__________
1 شذرات الذهب 4: 178.(2/275)
مسجد الجنودة
47- مسجد الجنودة بين باب الجنان وباب الجابية بناه برغش انكز.
مسجد الكرامية
48- مسجد في طرف زقاق الحصى يعرف بمسجد الكرامية.
مسجد خواجا
49- مسجد خواجا على طريق كفر سوسيا من أرض قرية الحميريين.
مسجد الشليلا
50- مسجد الشليلا كبير في شمال القرية المذكورة.
51- مسجد آخر لطيف قبل أن يصل إلى النهر.
52- مسجد قرية الحميريين كبير كان يقام به الجمعة قبل أن تخرب القرية.
53- مسجد بقبة عند الديلميات بناه الأمير أبو المكارم بن هلال رحمه الله تعالى.
54- مسجد في قصر حجاج كبير على بابه قناة بناه الأمير علي كرد وجدده ابنه الأمير أبو طالب له إمام.
مسجد بني ملتهم
55- مسجد بني ملتهم في حارة الفلاحين.
56- مسجد خلف السور من قصر حجاج.
57- مسجد آخر بقربه.
مسجد منصور المؤذن
58- مسجد منصورالمؤذن في السوق.
59- مسجد في حارة الكوريين(2/276)
60- مسجد في حارة الميدان المعروفه بالمنيه.
61- مسجد آخر فيها.
62- مسجد على الطريق العظمى.
63- إلى جانبه مسجد على النهر بقرب باب الجابية.
64- مسجد آخر على النهر يعرف بحامد.
65- مسجد بقرب اويس القرني رحمه الله تعالى وفندق ابن عباده بنته أمراه.
مسجد الكشك
66- مسجد يعرف بمسجد الكشك عند جسر سوق الدواب.
مسجدالجزورية
67- مسجد من شرقي الجسر يعرف بالجزورية.
68- مسجد آخر لم يتمم من القبله.
مسجد الحجر
69- مسجد الحجر يعرف بمسجد النارنج قبلي المصلى من شرقيه كبير فيه بئر وسقاية وله منارة.
70- مسجد في قصر الجنيد غربي المصلى.
مسجد فلوس
71- مسجد قبلي الميدان على طريق حوران يعرف بمسجد فلوس هو بناه وفيه قبره وعلى بابه بئر وأم به الحافظ زكي الدين البرزالي رحمه الله تعالى ورحمنا به.
72- مسجد على الطريق بناه الأمير اكز له منارة خشب.(2/277)
مسجد الجديد
73- مسجد يعرف بالمسجد الجديد في موضع محلة الساقيين بناء الرجل قرقوبي فيه بئر وعلى بابه منارة. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله تعالى في كتابه الروضتين في أخبار الدولتين في نزول الدين الشهيد رحمه الله تعالى لحصار دمشق بما صورته: فنزل في أرض مسجد القدم وما والاه من الشرق والغرب وبلغ منتهى المخيم إلى مسجد الجديد قبلي البلد قلت هو الذي يسمى في زماننا بمقبرة المعتمد بين مسجد القدم وبين مسجد فلوس انتهى. وقال صلاح الصفدي رحمه الله تعالى في وافية في ترجمة الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف البرزالي رحمه الله تعالى: إن مسجد فلوس بطرف ميدان الحصى ووجدت بخط الحافظ بن ناصر الدين في مسودة توضيح المشتبه قال الذهبي رحمه الله تعالى والميدان بدمشق اثنان. قلت: بل أربعة ميدان الحصى وهو قبلي دمشق وفي أوله مصلى العيدين ثم يمتد وهو محلة كبيرة عامرة الآن ولله الحمد والثاني ميدان ابن أتابك وادي المصنف عني عن هذين الاثنين والثالث ميدان القصير وكانت عليه محلة عامرة بالسكان والمساجد فخربت إلا القليل والرابع ميدان الشرف الأعلى وقد استولى عليه الخراب انتهت الزيادة.
74- مسجد في القطايع شرقي المسجد الجديد في الأندر.
75- مسجد آخر في القطايع أيضا.
76- مسجد القدم بقرب عالية وعويلة قديم جدده أبو البركات محمد بن الحسن بن طاهر القرشي المعروف بأبي البركات بن المرار جدده في سنة سبع عشرة وخمسمائة وبه قبره وقبر ابنته أسما أم الشيخ فخر الدين ابن عساكر وهي أخت آمنة والدة القاضي محي الدين محمد بن محمد الزكي ودفن هناك طائفة كثيرة من العلماء رحمهم الله تعالى قاله الحافظ ابن كثير في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة عشرين وستمائة في ترجمة الفخر بن عساكر وقد ذكرت في آخر كتاب تبيين الأمر القديم تراجم جماعة دفنوا وبه قبر جد أبيه لأمه أبي الحسن علي بن الواعظ الزاهد رحمه الله تعالى ولهذا المسجد منارة ووقف ويقال إن قبر موسى(2/278)
على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فيه وفيه بئر وعلى بابه بئر.
فهذه المساجد التي في أراضي دمشق وظاهرها يعني وعلى هذا اقتصر من سبقه ثم قال: ذكر ما لم يذكر في هذه الترجمة.
1- مسجد عين الكرش.
2- مسجد العاطفية بجبل الصالحية.
3- مسجد الشيخ علي بالجبل.
4- مسجد عمر بالجبل.
5- مسجد تربة خاتون على نهر يزيد.
6- مسجد تربة ريحان بالجبل.
7- مسجد الشيخ عماد الدين النحاس رحمه الله تعالى.
8- مسجد كمال الدين بن تميم رحمه الله تعالى.
9- مسجد القاضي شمس الدين بن سني الدولة رحمه الله تعالى.
10- مسجد طالوت على نهر يزيد.
11- مسجد ابن عمير رحمه الله تعالى.
12- مسجد الحراقلة بالجبل.
13- مسجد الشيخ عبد الله الصايغ رحمه الله تعالى.
14- مسجد الشيخ علي النجار.
15- مسجد أمين الدين التفليسي رحمه الله تعالى.
16- مسجد البياضية.
17- مسجد حارة الحوارنه.
18- مسجد ابن وداعة.
19- مسجد ابن سويد.
20- مسجد الأمير جمال الدين بن يغمور.
21- مسجد المرشدية.
22- مسجد الشيخ الفرنثي.(2/279)
23- مسجد الشيخ عز الدين الدينوري رحمه الله تعالى.
24- مسجد القابون.
25- مسجد خواجا إمام.
26- مسجد الشركسية.
27- مسجد بنت الحنبلي.
28- مسجد طائي وهو الاخوت العزيزي.
29- مسجد الردادين بعقبة دمر.
30- مسجد أمين الدين العجمي.
31- مسجد شبل الدولة العمادي.
32- مسجد المصلى وله وقف بديوان الصالح.
33- مسجد أمين الدين الزنجيلي.
34- المسجد العمري بالسبعة.
35- مسجد حكر ابن مالك ظاهر باب توما.
36- مسجد يعيش ويعرف بالنقاش.
37- مسجد تتش.
38- مسجد الوارقة ظاهر باب السلامة.
39- مسجد الوراقة بسوق الغنم.
40- مسجد عوينة دار البطيخ.
41- مسجد جوار الحيدرية.
42- مسجد الملك العادل رحمه الله تعالى بسوق الخيل.
43- مسجد الملك العادل رحمه الله تعالى بقرب الطواويس.
44- مسجد القاضي ابن أبي عصرون رحمه الله تعالى بطريق النيرب.
45- مسجد الشيخ محمد الساعي رحمه الله تعالى.
46- مسجد حكر الصوفية.
47- مسجد الملكه هدية خاتون رحمها الله تعالى بالحكر.(2/280)
48- مسجد عبد الكريم الأبيض رحمه الله تعالى.
49- مسجد العمري بحكر السماق.
50- مسجد الشيخ قطب الدين النيسابوري رحمه الله تعالى.
51- مسجد اليمني جوار الخانقاه الحسامية1.
52- مسجد خان السبيل جوار النارنج.
53- مسجد حارة العجم.
54- مسجد البرهان الموصلي.
55- مسجد بيت رانس.
56- مسجد ببيلا.
57- مسجد الشاغوري بعقربا.
58- مسجد قصير القوافل.
59- مسجد قصير النور.
60- مسجد الغزلانية.
61- مسجد دير الحجر.
62- مسجد قرحتا.
63- مسجد الأشرفية.
64- مسجد سكا.
65- مسجد السويحة.
66- مسجد ذيرين.
67- مسجد اللقيا.
68- مسجد حران المرج.
69- مسجد العبادية.
70- مسجد الحارثية.
71- مسجد القاسمية.
72- مسجد حزرما.
__________
1 ابن كثير 14: 183.(2/281)
73- مسجد الزنبقية.
74- مسجد الشماسية.
75- مسجد النشابية.
76- مسجد الفضالية.
77- مسجد الرمانية.
78- مسجد الزملكانية.
79- مسجد دير العصافير.
80- مسجد بالا.
81- مسجد حرستا القنطرة.
82- مسجد زبدين.
83- مسجد قرية البلاط.
84- مسجد دير بحدل.
85- مسجد البحدلية.
86- مسجد الخيارة.
87- مسجد بيت قوفا.
88- مسجد جرمانا.
89- مسجد تلفياثا.
90- مسجد العمري بجوبر.
91- مسجد زملكا.
92- مسجد حجيرة.
93- مسجد حمورية.
94- مسجد داعية.
95- مسجد بيت سوا.
96- مسجد كفر مديرة.
97- مسجد مسرابا.
98- مسجد دوما.(2/282)
99- مسجد كفر بطنا.
100- مسجد القاعة بها.
101- مسجد المقصص بها.
102- مسجد العنابة خارج المدينة من جهة باب السلامة.
103- مسجد الوراقة.
104- مسجد الشهاب الفاضلي رحمه الله تعالى.
105- مسجد العفيف بن أبي الفوارس عامل المساجد رحمه الله تعالى.
106- مسجد أبي بكر المهتار جدد في الأيام الصالحية النجمية.
107- مسجد زاوية سوق الخيل.
108- مسجد كريم الدين الخلاطي رحمه الله تعالى.
109- مسجد الغرباء الخارج عن البلد.
110- مسجد الشيخ القرشي رحمه الله تعالى بالحارة الشهرزورية.
111- مسجد الأقطع الهندي رحمه الله تعالى.
112- مسجد سليمان الحلبي رحمه الله تعالى.
113- مسجد ابن دبوقة رحمه الله تعالى بمرج الدحداح رضي الله تعالى عنه.
114- مسجد القطب بن أسود رحمه الله.
115- مسجد الزبيرية.
116- مسجد حسون رحمه الله تعالى.
117- مسجد جوشن رضي الله تعالى عنه بميدان الحصى.
118- مسجد ساباط جراح.
119- مسجد جوار دار البطيخ.
120- مسجد شعيفات التراب رحمه الله تعالى.
121- مسجد صفوان.
انتهى كلام العز بن شداد رحمه الله تعالى مع بعض زيادات وقد وقع له كلام وفي كلامه أوهام فاحشة يعتمد ما ينفرد به وغالب هذه المساجد زالت(2/283)
اعيانها وتغيرت أحوالها وخططها داخل البلد وخارجها وتجددت مساجد كثيرة وخصوصا في ضواحيها وها أنا أذكر ما يحضرني الآن من مشهورها:
مسجد المؤيد. قال الأسدي في ذيله في سنة عشرين وثمانمائة وفي جمادى الأولى منها فرغ من بناء هذا المسجد الذي أنشأه الملك المؤيد تحت القلعة بالمؤيدية وفي هذه السنة شرع في عمارة المدرسة المؤيدية بالقاهرة المعزية انتهى.(2/284)
الذيل في ذكر الجوامع من ملحقات سيدي الوالد الماجد
جامع بني أمية
1- جامع دمشق ويقال له جامع بني أمية والجامع الأموي والجامع المعمور عن يزيد بن ميسرة قال: أربعة أجبل مقدمات بين يدي الله عز وجل طورزيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيماء قال فطور زيتا بيت المقدس وطور سينا طور موسى عليه السلام وطور تينا مسجد دمشق وطور تيماء مكة المشرفة.
وعن قتادة1 أنه قال: أقسم الله تبارك وتعالى بمساجد أربعة فقال: والتين وهو مسجد دمشق والزيتون وهو مسجد بيت المقدس وطور سنين وهو حيث كلم الله تعالى موسى عليه السلام والبلد الأمين وهو مكة المشرفة.
وذكر أن جماعة أدركوا في مسجد دمشق شجرا من تين قبل أن يبنيه الوليد. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الإسلام خلافة الوليد بن عبد الملك كان ولي عهد أبيه فقام بالأمر بعده وكان مهيبا شجاعا ودولته عشرة أعوام بنى جامع دمشق وزخرفة وكان قبله نصفه كنيسة للنصارى ونصف الذي محراب الصحابة به للمسلمين فأرضى الوليد النصارى بعده كنائس صالحهم عليها فرضوا ثم هدمه سوى حيط أنه الأربعة
__________
1 شذرات الذهب 1: 153.(2/285)
وأنشأ قبة النسر والقناطر وحلاه بالذهب والجواهر واستار الحرير وبقي العمل فيه تسع سنين حتى قيل كان يعمل فيه اثنا عشر الف مرخم وغرم عليه من الدنانير المصرية زنة مائة قنطار وأربعة وأربعين قنطارا بالدمشقي حتى صيره نزهة الدنيا وأمر نائبه على المدينة المنورة ببناء مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوسيعه وزخرفته ففعل وهو ابن عمه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه اهـ.
وقال العز بن شداد: أخبرني أحمد بن عبد الكريم المعروف بابن الخلال الحمصي أنه وقف على كتاب الف للوزير الأكرم وفيه أنه قال بحضرة أبي العلاء المعري1 إن حائط جامع دمشق الشرقي أمر الوليد أن لا يبنى إلا على جبل فحفر أسه فوجد حائط فانتهى إليه فأمر أن يحفر أمام الحائط فحفر فوجد في الحائط باب ففتح فوجد خلفه صخرة عليها كتابة فحملت إلى بين يدي الوليد فأمر بغسلها ونقل ما عليها من الكتابة فكان عليها لما كان العالم محدثا ثبت أن له محدثا أحدثه وصانعا صنعه فبنى هذا الهيكل لمضي ثلاثة الآف وسبعمائة سنة لأهل الاسطوان فإن رأى الداخل إليه أن يذكر بانيه عند بارية بخير فعل والسلام فقيل لأبي العلاء من أهل الاسطوان؟ فقال: لا اعرف وأنشد:
سيسأل قوم ما الحجيج وما منى ... كما قال قوم من جديس ومن طسم
ورؤي وقرئ على حجر في المئذنة الشرقية كتابة باليونانية ففسرت بالعربية فإذا عليه مكتوب: لما كان العالم محدثا والحدث داخل عليه وجب ان يكون له محدث وكانت الضرورة تعود إلى التعبد لمحدثه لا كما يقول ذو اللحيين وذو اللسنين وأشباهما فلما دعت الضرورة إلى عبادة هذا الخالق المحدث بالحقيقة تجرد لإنشاء البيت وتولى النفقة عليه محب الخير وتقربا إلى منشئ العالم ومبدئه وإيثارا لما عنده وذلك في سنة ثلثمائة وألفين لأصحاب الاسطوان فليذكر كل من دخل هذا البيت للصلاة فيه العاني به وقال ابن عساكر في تاريخه: وأخبرني
__________
1 شذرات الذهب 3: 280.(2/286)
أبو التقى هشام بن عبد الملك حدثنا الوليد قال: لما أمر الوليد بن عبد الملك ببناء مسجد دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر فيه كتابة نقش فأتوا به الوليد فبعث إلى الروم فلم يستخرجوه فبعث إلى العبرانيين فلم يستخرجوه ثم بعث به إلى من كان بدمشق من بقية الأشبان فلم يستخرجوه فدل على وهب بن منبه1 فبعث إليه فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجد ذلك الحائط بناه هود عليه السلام فلما نظر إليه وهب2 حرك رأسه وقرأه فإذا هو يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم ابن ادم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك وإنما تلقى ندمك إذا زلت به قدمك وأسلمك أهلك وحشمك وانصرف عنك الحبيب وودعك القريب ثم صرت تدعى فلا تجيب فلا أنت إلى أهلك عائد ولا في عملك بزائد فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة وقبل الحسرة والندامة وقبل أن يحل بك أجلك فلا ينفعك مال جمعته ولا ولد ولدته ولا أخ تركته ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة الموتى فاغتنم الحياة قبل الموت والقوة قبل الضعف والصحة قبل السقم قبل أن تؤخذ بالكظم ويحال بينك وبين العمل وكتب في زمان سليمان بن داود عليهما السلام وأنباء أبو الفضائل محمود عن زيد بن واقد3 قال: وكلني الوليد على العمال في يناء جامع دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرفنا الوليد ذلك فلما كان الليل وافى وبين يديه الشمع فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع وإذا فيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه سفط وفي السفط رأس يحيى ابن زكريا عليهما السلام مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال: اجعلوا العمود الذي فيه مغيرا بين الأعمدة فجعل عليه عمود مسفط الرأس. وروى الوليد بن مسلم حدثنا زيد بن واقد قال: ورأيت يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء المسجد الجامع أخرج من تحت ركن من أركان القبة وكانت البشرة والشعر على رأسه لم يتغير وقيل إن رأس يحيى بن زكريا نقل من دمشق إلى بعلبك ثم نقل منها إلى حمص ثم نقل منها إلى حلب
__________
1 شذرات الذهب 1: 344.
2 شذرات الذهب 1: 150.
3 شذرات الذهب 1: 207.(2/287)
المحروسة في جرن رخام فدخل في القلعة وحين استيلاء التتار المخذولين على حلب وقلعتها قنل من قلعتها إلى جامعها وانبا أبو محمد الاكفاني1 عن كعب في قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} الآية. فقال: إذا هدمت كنيسة دمشق يعني كنيسة يوحنا فبنيت مسجدا وظهر لبس القصب فحينئذ تأويل هذه الآية فهدمها الوليد. وقرأت على أبي محمد السلمي2 عن يحيى بن عمر ونحوه وأنبأ أبو الفضل القاسم السمرقندي عن يعقوب بن سفيان3 قال سألت هشام بن عمار4 عن قصة مسجد دمشق وهدم الكنيسة قال: كان الوليد قال للنصارى من أهل دمشق إنا أخذنا كنيسة توما عنوة والكنيسة الداخلة صلحا فأنا أهدم كنيسة توما قال هشام: وتلك أكبر من الداخلة قال فرفضوا أن يهدم الكنيسة الداخلة فهدمها وأدخلها في المسجد قال وكان قبلة المسجد اليوم بالمحراب الذي يصلى فيه قال وهدم الكنيسة في أول خلافة الوليد سنة ست وثمانين وكانوا في بنائه سبع سنين حتى مات الوليد ولم يتم بناؤه فأتمه سليمان من بعده.
وفي كتاب البلاذري5 في البلدان: قالوا لما ولي معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في الجامع فأبى النصارى ذلك فأمسك ثم طلبها عبد الملك في أيامه للزيادة في المسجد وبذل لهم مالا فأبوا ثم إن الوليد بن عبد الملك ابن مروان جمعهم في أيامه وبذل لهم مالا عظيما على أن يعطوه إياها فأبوا فقال: لئن لم تفعلوا لأهدمنها فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين إن لهذه الكنيسة شأنا إن من هذه هذه الكنيسة جن أو أصابه عاهة فاحفظه قولهم ودعى بمعول وجعل يهدم حيطانها بيده وعليه قباء خز أصفر ثم جعل الفعلة والنقاض يهدمونها وبنى الجامع فلما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في الجامع
__________
1 شذرات الذهب 4: 73.
2 شذرات الذهب 4: 78.
3 شذرات الذهب 2: 171.
4 شذرات الذهب 2: 109.
5 ابن كثير 11: 69.(2/288)
عليهم فكره أهل دمشق ذلك وقالوا يهدم مسجدنا بعد أن إذنا فيه وصلينا ويريد بيعه وفيهم يومئذ سليمان بن حبيب المحاربي1 قلت: وهو قاضي دمشق يومئذ وغيره من الفقهاء فأقبلوا على النصارى وسالوهم أن يعطوهم جميع كنائس الغوطة التي أخذت عنوة وصارت في أي دي المسلمين على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا ويمسكوا عن المطالبه لها فرضوا بذلك واعجبهم فكتب به إلى عمر بن عبد العزيز فسره وأمضاه.
وقرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز بن أحمد وأنبأنا أبو محمد بن الاكفاني عن يحيى بن يحيى قال: لما هم الوليد بن عبد الملك بهدم كنيسة يوحنا ليزيدها في الجامع دخل الكنيسة ثم صعد منارة ذات الأصابع المعروفة بالساعات وفيها راهب يأوي في صومعة له فأحدره من الصومعة فأكثر الراهب كلامه فلم يزل الوليد في قفاه حتى أحدره من المنارة انتهى حديث عبد العزيز زاد ابن الأكفاني: ثم هم بهدم الكنيسة فقال له جماعة من نجاري النصارى: ما نجسر على هدمها يا أمير المؤمنين نخشى أن نجن أو يصيبنا شيء فقال الوليد: تحذرون وتخافون ياغلام هات المعول ثم أتى بسلم فنصبه على محراب المذبح وصعد فضرب بيده المذبح حتى أثر فيه أثرا كبيرا ثم صعد المسلمون فهدموها وأعطاهم الوليد مكان الكنيسة التي في المسجد الكنيسة التي تعرف بحمام القاسم بحذاء دار أم البنين في الفراديس قال يحيى بن يحيى: أنا رأيت الوليد بن عبد الملك فعل ذلك بكنيسة مسجد دمشق وقرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الملك2 بن مروان المقري أن المغيرة مولى الوليد بن عبد الملك دخل يوما على الوليد بن عبد الملك ابن مروان فرآه مغموما فقال: يا أمير المؤمنين ماشأنك فأعرض عنه ثم أنه عاوده فقال له: يا أمير المؤمنين ما شأنك؟ فقال له: يا مغيرة إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق بهم المسجد وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد فأبوا علينا وقد أقطعتهم قطائع كثيرةوبذلت لهم
__________
1 شذرات الذهب 1: 171.
2 شذرات الذهب 2: 268.(2/289)
أموالا فامتنعوا فقال له المغيرة: لا تغتم يا أمير المؤمنين قد دخل خالد بن الوليد من الباب الشرقي بالسيف ودخل أبو عبيدة بن الجراح من باب الجابية بالأمان فنماسحهم إلى موضع بلغ السيف فإن يكن لنا فيه حق أخذناه وان لم بكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخله في المسجد فقال له: فرجت عني فتول هذا الأمر قال فتولاه فبلغت المساحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة أربعة أذرع بالذراع الهاشمي فإذا باقي الكنيسة قد دخل في المسجد فبعث إليهم وقال: هذا حق جعله الله عز وجل لنا فقالوا: يا أمير المؤمنين قد أقطعتنا كنائس وبذلت لنا من المال كذا وكذا فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا فعلت فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه فأعطاهم كنيسة حميد بن درة وكنيسة أخرى إلى جانب سوق الجبن وكنيسة المصلبة وكنيسة مريم قال: ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين حتي اجتمعوا لهدم الكنيسة واجتمع النصارى فقال للوليد بعض القسيسين والفاس على كتفه وعليه قباء سفرجلي وقد شد بزور قبائه يا أمير المؤمنين إني أخاف عليك من الشاهد قال: ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد ثم إنه صعد فأول من وضع فأسه في هدم الكنيسه الوليد وسارع الناس في الهدم وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في المسجد.
ولما بلغ ملك الروم هدمها كتب إليه: إنك هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها فإن كان حقا فقد خالفت أباك وإن كان باطلا فقد أخطا أبوك فلم يدر ما جوابه فكتب إلى الكوفة وإلى البصرة وسائر البللدان أن يجيبوه فلم يجبه أحد فوثب الفرزدق فقال: أصلح الله أمير المؤمنين قد رأيت ر أيا فإن كان حقا فخذه وإن كان خطأ فمني وهو قول الله عز وجل: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} الآية. قال: فكتب الوليد إلى ملك الروم فلم يجبه وأنشأ الفرزدق يقول:
فرقت بين النصارى في كنائسهم ... والعابدين مع الأسحار والعتم(2/290)
وهم معا في مصلاهم وأوجههم ... شتى إذا سجدوا لله والصنم
وكيف يجتمع الناقوس يضر به ... أهل الصليب مع القراء لم تنم
فهمك الله تحويلا لبيعتهم ... عن مسجد فيه يتلى طيب الكلم
فهمت تحويلها عنهم كما فهما ... إذ يحكمان لهم في الحرث والغنم
داود والملك المهدي إذ حكما ... أولادها واجتزاز الصوف بالجلم
ما من أب حملته الأرض نعلمه ... خير بنين ولا خير من الحكم
وقيل لما أراد الوليد بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع كثيرة فكتب إلى الطاغيه أن وجه إلي بمائتي صانع من صناع الروم فإني أريد أن أبني مسجدا لم يبن من مضى قبلي ولم يبن من بعدي مثله فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش وأخرجت الكنائس في بلدي وكنيسة بيت المقدس وكنيسة الرها وسائر آثار الروم في بلدي فأراد الطاغية أن يغضه عن بنائه وأن يضعف عزمه فكتب إليه والله لئن كان أبوك فهمها وأغفلت عنها إنها لوصمة عليك وإن فهمتها وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليه وأنا موجه لك ما سألت فأراد أن يجعل له جوابا فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون في ذلك فدخل عليهم الفرزدق فقال: ما بال الناس أراهم مجتمعين حلقا فقيل له السبب كيت وكيت فقال: أنا أجيبه من كتاب الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} الآية. وقال: قرأت في الكتاب الذي فيه أخبار الأوائل أن هذه الدار المعروفة بالخضراء مع الدار المعروفة بالمطبق مع دار المعروفة بدار الخيل مع المسجد الجامع أقاموا وقت بنائها يأخذون لها الطالع ثماني عشرة سنة وقد اجتهدوا في ذلك وما حفروا أساس الحيطان حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان اللذان أرادوا بطلوعهما أن المسجد لا يخرب أبدا ولا يخلو من العبادة وأن هذه الدار إذا بنت لا تخلو أن تكون دار الملك والسلطنة والضرب والحبس وعذاب الناس والقتل ومأوى الجند والعساكر والبلاء والفتنة فبنى عليه هذا وكانت في ذلك الزمان كلها دارا واحدة.
وقد بنى الوليد بن عبد الملك بن مروان كل ما كان داخل حيطان المسجد(2/291)
وزاد في سمكها ولما بنى القبة فيه وستقلت وتمت وقعت فشق ذلك على الوليد فاتاه رجل من البنائين فقال له: أنا أتولى بنيانها على أن تعطيني عهد الله أن لا يدخل معي أحد في بنيانها ففعل ذلك فحفر موضع الأركان حتى بلغ الماء ثم بناها فلما استعلت على وجه الأرض غطاها بالحصر وهرب عن الوليد فأقام بطلبه ولم يقدر عليه فلما كان بعد سنة لم يعلم الوليد إلا وهو على بابه فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت قال: تخرج معي حتى أريك فخرج الوليد والناس معه حتى كشف الحصر فوجد البنيان قد انحط حتى صار مع وجه الأرض فقال: من هذا ثم بناها ببنائها الذي هي عليه حتى قامت ويقال أنه حفر الأساس أي أساس مسجد دمشق حتى بلغ الحفير إلى الماء واقي فيه جراز الكرم وبنى عليه ذلك الأساس وقد روى عن بعض قومه المسجد في بنائه قال: حدث أن الوليد بن عبد الملك بعث إليه يوما عند فراغه من القبة الكبيرة ولم يبق منها إلا عقد رأسها فقال: إني عزمت أن اعقدها بالذهب فقال له: يا أمير المؤمنين هل اختلطت هذا شيء لا تقدر عليه فقال له: يا ماص هن أمه تقول لي هذا وأمر به فضرب خمسين سوطا ثم قال: اذهب فافعل ما أمرت به قال: فذكر لي أنه عمل لبنة من ذهب فأمر بحملها إليه فلما نظر إليه وعرف ما فيها وما تحتاج القبة إلى مثلها قال: هذا شيء لا يوجد في الدنيا فرضي عنه وأمر له أي للمضروب بخمسين دينارا.
ثم أراد أن يبني المسجد اسطوانات إلى الكوى فدخل بعض البنائين فقال: لا ينبغي أن يبني كذا ولكن ينبغي أن يبني فيها قناطر وتعقد أركانها بعضها إلى بعض ثم تجعل أساطين ويجعل عمدا ويجعل فوق العمد قناطر تحمل السقف وتخف عن العمد البناء ويجعل بين كل عمودين ركن فبني ذلك قال ابن الرامي يرفعه عن رجل ولما قطع الوليد بن عبد الملك بن مروان بالرصاص لمسجد دمشق على أهل الكور كانت كورة الاردن أكثرهم في ذلك فطلبوا الرصاص في النواويس فانتهوا إلى قبر من حجارة في داخله قبر من رصاص فأخرجوا الميت الذي فيه فوضعوه فوق الأرض فوقع في هوة من الأرض(2/292)
فانقطع عنقه فسال من فيه دم فهالهم ذلك فسألوا عنه فكان فيمن سألوا عبادة بن نسي الكندي1 فقال لهم: هذا قبر طالوت الملك كذا قراه على عبد الكريم.
وأنبأنا أبو محمد بن الاكفاني قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن بعض المشايخ قال: لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده أتعبت الناس طينته كل سنة ويخرب سريعا فأمر أن يسقف بالرصاص فطلب الرصاص من كل بلد فوصل إليه فبقي عليه موضع لم يجد له رصاصا فكتب إلى عماله يحرضهم في طلبه فكتب إليه بعض عماله: أنا وجدنا عند امرأة منه شيئا وقد أبت أن تبيعه إلا وزنا بوزن من النضار فكتب إليه أن خذه وزنا بوزن فأخذه وزنا بوزن فلما وافاها النضار قالت: هو هدية مني للمسجد فقال لها العامل: أنت أبيتي أن تبيعيني إياه إلا وزنا بوزن شحا منك فكيف تهديه إلى المسجد فقالت: إنما فعلت ذلك ظننت أن صاحبكم يظلم الناس في بنائه ويأخذ أموالهم فلما رأيت الوفاء منكم علمت أنه لم يكن يظلم فيه أحدا ويبتاع وزنا بوزن فكتب إلى الوليد بذلك فأمر أن يعمل في صفائحه لله ولم يدخله في جملة ما عمله فهو إلى اليوم مكتوب عليه لله طبع بطابع على السقف انتهى.
وكان سليمان بن عبد الملك هو المقيم مع الصناع فكان يفضل عند الرجل الفلس ورأس المسمار فيجيء به فيرميه في الخزانة.
أنبأنا أبو الحسن علي الخطيب يرفعه إلى أحمد بن هشام يقول: سمعت أبي يقول ما في مسجد دمشق شيء من الرخام إلا ما كان من رخامي المقام فإنه يقال أنه ما من عرش بلقيس وأما الباقي فكله مرمر. وقيل أنه اجتمع في ترخيمة اثنا عشر ألف مرخم قال بعضهم: كتب لي أبو عبد الله محمد الفراوي2 وقيل أنه ألفاه يخبرني عن أبي بكر أحمد بن الحسين الحافظ يرفعه إلى عبد الرحمن بن عبد
__________
1 شذرات الذهب 1: 155.
2 شذرات الذهب 4: 96.(2/293)
الله بن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: عجائب الدنيا خمسة أشياء أحدها منارتكم هذه يعني منارة ذي القرنين والثانية أصحاب الرقيم الذين هم بالروم اثنا عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا والثالثه مرآة في بلاد الأندلس معلقة على باب المدينة أي مدينة الأندلس الكبيرة فإذا غاب الرجل من بلادهم على مسيرة مائة فرسخ في مائة فرسخ أتى بعض أهله إلى تلك المراة يقعد تحتها وينظر في المرآة يرى صاحبه من مائة فرسخ والرابعة مسجد دمشق وما يوصف به ومن الأنفاق عليه وكثرة محاسنه والخامسة الرخام والفسيفساء فإنه لا يدرى له موضع. ويقال: أن الرخام الذي فيه كله معجون والدليل على ذلك أنه لو وضع على النار لذاب وهذا من العجب العجاب وقيل لما أخذ الوليد في بناء مسجد دمشق وظهر من تزويقه وتنميقه وبنائه وعظم مؤنته ما ظهر تكلم الناس فقالوا: أنفق فيئنا وأتلف ما في بيوت أموالنا في نقش الخشب وتزويق الحيطان ثم كانا به قد حرمنا اعطاءنا واعتل علينا بذهاب المال وقلته فبلغ الوليد كلامهم والذي قالوه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس قد بلغني مقالتكم وانتهى إلي ما خفتم من حبس إعطائكم ودفعكم عن حقوقكم وليس الأمر كما ظننتم أما وإني أمرت بإحصاء ما في بيوت الأموال فأصبت أعطاكم فيه ست عشر سنة مستقبلة من يومي هذا ثم نزل وقيل أنهم حسبوا ما أنفق على الكرمة التي قبل المسجد الأموي فكان سبعين ألف دينار. وقال أبو قصي: ما أنفق في عمارة مسجد دمشق أربع مائة صندوق في كل صندوق أربعة عشر ألف دينار وقيل أنه قال: رأيت كم يا أهل دمشق تفتخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأردت أن يكون مسجدكم الخامس وقيل أنه اشترى العامودين الأخضرين اللذين تحت قبة النسر من حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بألف وخمسمائة دينار وأخبرني أبو الفضل القاسم بن السمرقندي قال: قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان قرأت في صفائح في قبلة مسجد الجامع بدمشق مذهبة بلازورد:(2/294)
بسم الله الرحمن الرحيم
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . إلى آخر الآية لا اله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه ربنا الله وحده وديننا الإسلام ونبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ببناء هذا المسجد وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله الوليد أمير المؤمنين في ذي القعدة من سنة ست وثمانين في ثلاث صفايح منها وفي الرابعة فاتحة الكتاب إلى آخرها ثم النازعات إلى آخرها ثم عبس إلى آخرها ثم إذا الشمس كورت إلى آخرها قال أبو يوسف: وقدمت بعد ذلك فرأيت هذا قد محي وكان هذا قبل المأمون وقال ابن الرومي: سمعت أبا مروان عبد الرحيم بن عمر المازني يقول: لما كان في أيام الوليد بن عبد الملك وبنائه المسجد الجامع احتفر فيه موضعا فوجدوا بابا من حجارة مغلقا فلم يفتحوه وأعلموا به الوليد فخرج من داره حتى وقف عليه وفتح بين يديه فإذا داخله مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة على فرس من حجارة في يد التمثال الواحدة الدرة التي كانت في المحراب ويده الآخرى مقبوضة فأمر بها فكسرت فإذا فيها حبتان حبة قمح وحبة شعير فسأل عن ذلك فقيل لو تركت الكف لم يكسرها لم يسوس في هذا البلد قمح ولا شعير.
وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أخبرني أبو القاسم غنائم بن أحمد الخياط حدثني أبو أحمد الحافظ الوراق وكان قد عمر مائة سنة قال: سمعت بعض الشيوخ يقولون إنه لما دخل المسلمون دمشق وقت فتحها وجدوا على العمود الذي في المقسلاط على السفود الحديدالذي في أعلاه صنما مادا يده بكف مطبقة فكسروه فإذا فيه حبة قمح فسألوا عن ذلك فقيل لهم هذه الحبة القمح جعلها حكماء اليونان في كف هذا الصنم طلسما حتى لا يسوس القمح ولو أقام سنين كثيرة. قال ابن عساكر: قلت ورأيت أنا هذا السفود على قناطر كنيسة بالمقسلاط. وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسني قال: سمعت جماعة من شيوخ أهل دمشق يقولون إن العمود الحجر الذي بين سوق الشعير وبين سوق أم حكيم عليه حجر مدور مثل الكرة كبير لعسر بول الدواب إذا دار الفرس أو الحمار ثلاث(2/295)
مرات حول العمود انطلق البول منه عملته حكماء الروم من اليونانيين.
وكان مبدأ شروع الوليد في عمارة المسجد سنة سبع وثمانين وتوفي يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وكانت مدة ولايته تسع سنين وثمانية أشهر. قال الذهبي في العبر: وكان مع ظلمه كثير التلاوة للقرآن قيل أنه كان يختم في كل ثلاث ويقرأ في شهر رمضان سبع عشرة ختمة ورزق سعادة سعيدة في أيامه فافتتحت الهند في أيامه والترك والأندلس وكان كثير الصدقات جاء عنه أنه قال: لولا ما ذكر الله آل لوط في القرآن ما ظننت أن احدا يفعله وكان يكنى أبا العباس وكان ذميما سافلا يتبختر في مشيه وأدبه ناقص حتى قيل أنه قرأ في الخطبة قوله تعالى: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} . بضم التاء من ليت وأنشا هذا الجامع ولم يكمله كما تقدم فأتمه أخوه سليمان.
وأنبأ أبو محمد الأكفاني عن ابن مسهر1 قال: عملت المقصورة لسليمان بن عبد الملك حين استخلف. وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وسبعين ومائة: وفي هذه السنة توفي أمير دمشق الفضل بن صالح بن علي العباسي2 ابن عم المنصور وهو الذي أنشا القبة الغربية التي بجامع دمشق وتعرف بقبة المال انتهى.
وقال الأسدي في تاريخه في سنة اثنتين وستمائة: قال ابن كثير في شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية التي عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها لتبليط الجامع الأموي بسفارة الوزير صفي الدين بن شكر وزير العادل فكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة وقال ابن كثير في سنة إحدى وتسعين وستمائة: وفي ليلة اللسبت ثالث عشر صفر جيء بهذا الجرن الأحمر الذي بباب البرادة من عكا فوضع في مكانه الآن انتهى.
ورأيت بخط البرزالي في تاريخه في سنة ست وثلاثين وسبعمائة وفي جمادى الأولى أخربت مساطب سوق النحاسين بدمشق فوجدوا حائط دار الخطابة متعتقا فأخرب ووجد فيه حجارة كبار وظهر باب كبير مليح له اسكفة
__________
1 شذرات الذهب 2: 44.
2 شذرات الذهب 1: 281.(2/296)
وجوانب والجميع مخرب خلف مخراب المقصورة ونقلت الحجارة الكبار إلى باب الفرج فاستعين بها في البناء ذكره وذكر ذلك كله شمس الدين سبط ابن الجوزي انتهى.
وباب الجامع القبلي الغربي يعرف بباب الزيادة بباب الساعات وتعرف تلك الحارة بحارة القباب وهناك دار مسلمة بن عبد الملك قال ابن كثير في سنة إحدى وثلاثين وستمائة: وفيها كملت عمارة القاسارية التي هي قبلي النحاسين وحول إليها سوق الصاغة وشغر سوق اللؤلؤة الذي كان فيه الصاغة العتيقه عند الحدادين وفيها جددت الدكاكين التي بباب الزيادة. قلت: وقد جددت شرقي ههذه الصاغة الجديدة قاساريتان في زماننا وسكن بهما الصواغ وتجار الذهب والجوهر وهما حسنتان والجميع وقف الجامع المعمور انتهى.
وقال ابن عساكر رحمه الله تعالى: وأخبرني أبو محمد الاكفاني عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن زيد القاضي قال: إنما سمي باب الساعات لأنه كان عمل عناك منكاب الساعات يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس وحية من نحاس وغراب فإذا تمت الساعة خرجت فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين: محمد بن عبد الكريم مؤيد الدين أبو الفضل الحارثي الدمشقي المهندس كان ذكيا أستاذا في نجارة الدف ثم برع في علم اقليدس ثم ترك نقش الرخام وضرب الخيط وأقبل على الاشتغال وبرع في الطب والعلم الرياضي وهو الذي صنع الساعات على باب الجامع وسمع من السفلي وضع كتبا مليحة واختصر الأغاني وهو بخطه في مشهد عروة وكتاب "الحروب والسياسات" و "الأدوية المفردة" و "مقالة في رؤية الهلال" توفي في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وأورد له ابن أبي اصيبعه في تارخ الأطباء ونقلته من خطه من رسالة في رؤية الهلال الفها القاضي محي الدين بن الزكي ويقول فيها يمدحه:
خصصت بالأب لما أن رأيتهم ... دعوا بنعتك أشخاصا من البشر
ضد النعوت تراهم إن بلوتهم ... وقد يسمى بصيرا غير ذي بصر(2/297)
والنعت ما لم تك الأفعال تعضده ... اسم على صورة خطت من الصور
وما الحقيق به لفظ ييطابقه الـ ... معنى كنجل القضاة الصيد من مضر
فالدين والملك والاسلام قاطبة ... برأيه في أمان من يد الغير
كم سن سنة خير في ولايته ... وقام لله فيها غير معتذر
قلت: هو شعر مقبول غير مردود ومات رحمه الله تعالى بداء الإسهال بدمشق وله سبعون سنة انتهى. وقال الصفدي في حرف الراء رضوان بن محمد ابن علي بن رستم الخراساني فخر الدين بن الساعاتي مولده ومنشؤه بدمشق وكان أبوه من خراسان وانتقل إلى الشام وأقام بدمشق إلى أن توفي وهو الذي عمل الساعات بباب الجامع الأموي ووضعها أيام الملك العادل نور الدين محمود وكان له منه الانعام الكثير ولما توفي خلف ولدين أحدهما بهاء الدين أبو الحسن علي بن الساعاتي والآخر فخر الدين رضوان المذكور انتهى.
وقال الصفدي في المحمدين: محمد بن نصر الدين بن صغير بن خالد هو أبو عبد الله مهذب الدين أو عدة الدين الشاعر المشهور صاحب الديوان المعرف باب القيسراني حامل لواء الشعر في زمانه ولد بعكا سنة ثمان وسبعين وأربع مائة ونشأ بقيسارية الساحل فنسب إليها وسكن دمشق وتولى إدارة الساعات التي على باب الجامع وسكن فيها في دولة تاج الملوك وبعده سكن حلب المحروسة مدة وولي بها خزانة الكتب وتردد إلى دمشق وبها مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة وقرأ الأدب على توفيق بن محمد وأتقن الهندسة والحساب والنجوم وأطال الكلام على ماله من نظم ونثر فراجعه. وقال فيه: علي بن إبراهيم بن محمد بن الهمام أبي محمد إبراهيم بن حسان بن عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري الأوسي هو الإمام فريد الزمان المحق المتقن البارع الرضي أعجوبة الدهر الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الشاطر رئيس المؤذنين بالجامع الأموي بدمشق قرأ على علي بن إبراهيم بن يوسف وكان يعرف بابن الشاطر فسمي هو بذلك سألته عن مولده فقال في خامس عشر شعبان سنة خمس وسبعمائة بدمشق رأيته غير مرة ودخلت إلى منزله في(2/298)
شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة لرؤية الاسطرلاب الذي أبدع وضعه فوجدته قد وضعه في قائم حائط في منزله داخل باب الفراديس في درب الطيار ورأيت هذا الاسطرلاب فأنشأ لي طربا ووجد لي في المعارف أربا وقلت: إن من تقدمه من الأفاضل عند جبل علمه الراسخ هباء ولو رآه إقليدس لما كان عنده إلا نقطة من خطه أو ارشميدس لرأى شكله قطاعا في تحرير وضبطه فسبحان من يفيض على بعض النفوس ما يشاء من المواهب ويجدد في كل عصر من يحييي رسوم الفضل الذي عدم في الليالي الذواهب وصورة الاسطرلاب المذكور قنطرة مقدار نصف أو ثلث ذراع تقريبا يدور أبدا على الدوام في اليوم والليلة من غير رحى ولا ماء على حركات الفلك لكنه قد رتبها على أوضاع مخصوصة تعلم منه الساعات المستوية والساعات الزمانية انتهى. وإليه ينسب عمل المنحرفتين في قبلة مأذنة العروس بالجامع الأموي المذكور انتهى. وحدث أبو الفضل يحيى بن علي1 القاضي أن أدرك في الجامع الأموي قبل حريقه طلسمات لسائر الحشرات معلقة في السقف فوق البطائن مما يلي السبع وأنه لم يوجد في الجامع الأموي شيء من الحشرات قبل الحريق فلما احترقت الطلسمات وجدت انتهى.
وكان حريق الجامع الأموي ليلة النصف من شعبان بعد العصر سنة إحدى وستين وأربع مائة قال الذهبي في كتاب العبر: في سنة إحدى وستين هذه في نصف شعبان احترق جامع دمشق الأموي كله من حرب وقع في الدولة فضربوا بالنار دارا مجاورة لللجامع الأموي فقضي الأمر واشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وانقضت ملاحته انتهى.
ووجد في كتاب لبعض أهل دمشق اقيمت فية بيت الرخام التي فيها فوارة الماء في سنة ست وتسعين وثلاثمائة وقال جعفر بن دواس الكناني المعروف بقمر الدولة يصف هذه الفوارة شعر:
__________
1 شذرات الذهب 4: 105.(2/299)
رأيت بالجامع المعمور معجزة ... في جلق إحدى "كذا" من بها سمعا
فوارة كلما فارت فرت كبدي ... وماؤها فاض بالأنفاس فاندفعا
كانها الكعبة العظمى فكل فتى ... من حيث قابل أنبوبا لها ركعا
وقرأت بخط إبراهيم بن محمد الحناء قال: أنشئت الفوارة المنحدرة وسط جيرون سنة ست عشرة وأربعمائة وجرت ليلة الجمعة لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وأربعمائة وأمر بجر القصعة من ظاهر قصر حجاج إلى جيرون وأجرى ماءها الشريف القاضي فخر الدولة أبو يعلى حمزة بن الحسين بن العباس الحسيني جزاه الله خيرا ونحته بخطه محمد بن أبي نصير الحميدي1 انتهى. وسقطت هذه الفوارة في صفر سنة سبع وخمسين وأربعمائة من جمال تحاكت فيها فأنشئت كرة أخرى ثم سقطت وعمرت وما عليها في حريق اللبادين ورواق دار الحجارة ودار خديجة في سنة اثنتين وستين وخمسمائة وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام: في سنة اثنتين هذه وفيها احترقت اللبادين وباب الساعات بدمشق حريقا عظيما وأذهب أموال الناس طلعت النارمن دكان هراس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: وفيها جدد قاضي القضاة جمال الدين بن حجي الشافعي بالمقصورة من الجامع الأموي ربعة قرآن تفرق على الناس وقت صلاة الجمعة وجعل عليها قبة صغيرة غربي المنبر نظير القبة التي شرقية انتهى. وقال الذهبي في المختصر من تاريخ الإسلام: في سنة إحدى وثمانين وستمائة وفي شهر رمضان احترقت اللبادين والكتبيين والزجاجين المرجانيين والخواتميين وجميع ما فوق ذلك وما تحته وكان منظرا مهولا ذهب فيه من الأموال ما لا يحصى وسلم الله تعالى الجامع الأموي ثم عمر ذلك كله مع الملازمة في سنين انتهى. وقال الأسدي رحمه الله تعالى في ذيله في سنة سبع وعشرين وثمانمائة في شهر: ربيع الآخر منها وفي يوم الأربعاء سادسه جاءالنائب هو الجديد سودون بن عبد الحمن إلى الجامع الأموي وجلس بحراب الحنفية ومعه الشيخ المالكي والشيخ الحنبلي
__________
1 شذرات الذهب 3: 293.(2/300)
وجماعة من الفقهاء بسبب اعتبار أمر الجامع الأموي: فلم يكن للنائب من البصر والبصيرة ما يهديه إلى شيء فقام في الحال وقال: تفعل القضاة المصلحة فلم يحصل بالاجتماع المذكور فائدة وفوض النظر إلى إمامه وهو شخص مصري حنفي يقال له تقي الدين العمادي وكان يباشر القضاء بمصر بمصر بمركز السويس ورسم الناظر المذكور أن لا يمشي الناس في صحن الجامع إلا حفاة فشق ذلك على الناس وعمل على الأبواب درا بزينات انتهى. ثم قال: في شوال من السنة وفي يوم السبت ثاني عشره ولي نظر الجامع زمام النائب الطواشي سنبل عوضا عن تقي الدين العمادي وكان قد ألزم الناس في مشارفته بالمشي في الجامع حفاة وشق على الناس ذلك وبطل في هذا اليوم انتهى. ثم قال: في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائه في شهر ربيع الآخر منها وفي أوائله وقف النائب وهو سودون ابن عبد الرحمن مصحفا كبيرا بخط الشرف موسى الججيني ووضع بمقصورة الجامع الأموي على كراسي مقابل باب المقصورة الشمالي وذكر النائب أنه يجعل وقفا على مقري وخادم وهذا المصحف هو غير المصحف الذي وقفه المؤيد شيخ مقابل باب المقصورة المذكور ورتب له معلوما في وقفه الذي على الذرية.
وقال ابن كثير في سنة سبع وستمائة قال أبو شامة: وفي ثاني شوال من هذه السنة جددت أبواب الجامع الأموي من ناحية باب البريد بالنحاس الأصفر وركبت في أماكنها وفي شوال أيضا شرع في إصلاح الفوارة والشاذروان والبركة وعمل عندها مسجد وجعل له إمام راتب وأول من تولاه رجل يقال له النفيس المصري وكان له بوق الجامع لطيب صوته إذا قرأ على الشيخ أبي منصور الضرير المصدر فيجتمع عليه الناس الكثير انتهى. ثم قال في سنة عشر وستمائة: وفيها أمر العادل أيام الجمع بوضع سلاسل على أبواب الطريق إلى الأموي لئلا تصل الخيول إلى قريب الجامع الأموي صيانة للمسلمين عن التأذي بها والتضيق انتهى. زاد الأسدي ثم ترك وعاد الأمر ما كان عليه وتمثل في ذلك ابن عنبن فقال من أبيات:
إن ذا عام جديد ... إن ذا يوم سعيد
والمدينة هربت ... قيودها بالحديد(2/301)
في جمعة يسحبوها ... لكنهم ما يعرفوها
والنبي لو طلقوها ... ما ترح إلى البريد
ثم قال في سنة إحدى عشرة وستمائة: قال أبو شامة: وفيها شرع في تبليط داخل الجامع الأموي وبدأوا بناحية السبع الكبير وكانت أرض الجامع قبل ذلك حفرا وجورا فاستراح الناس بتبليطه. ثم قال في سنة ثلاث عشرة وستمائة: قال أبو شامة وفيها أحضرت الأوتاد الخشب الأربعة لأجل قبة نسر الجامع طول كل واحد اثنان وثلاثون ذراعا بالنجاري انتهى. ثم قال في سنة أربع عشرة وستمائة: وفي ثالث المحرم كمل تبليط داخل الجامع الأموي وجاء المعتمد مبارز الدين إبراهيم1 المتولي بدمشق فوضع آخر بلاطة منه بيده وكانت عند باب الزيادة فرحا بذلك انتهى. ثم قال في سنة سبع عشرة وستمائة: وفي هذه السنة نصب محراب الحنابلة بالرواق الثالث الغربي من جامع دمشق بعد ممانعة من بعض الناس لهم ولكن ساعدهم بعض الأمراء في نصبه وهو الأمير ركن الدين المعظمي وصلى فيه الشيخ موفق الدين بن قدامة ثم رفع في حدود سنة ثلاثين وسبعمائة وعوضوا عنه بالمحراب الغربي عند باب الزيادة كما عوضوا الحنفية عن محرابهم الذي كان في الجانب الغربي من الجامع بالمحراب المجدد لهم في باب الزيادة حين جدد الحائط الذي هو فيه في الأيام التنكرية على يدي ناظر الجامع ابن مراجل أثابه الله تعالى كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. ثم قال في سنة أربع وتسعين وستمائة في شهر رمضان رسم للحنابله أن يصلوا قبل الإمام الكبير وذلك أنهم كانوا يصلون بعده فلما أحدث لمحراب الصحابة إمام كانو يصلون جميعا في وقت واحد فكان يحصل تشويش بسبب ذلك فاستقرت القاعدة على أن يصلوا قبل الإمام الكبير في وقت صلاة مشهد علي بالصحن عند محرابهم في الرواق الثالث الغربي. قلت: وقد تغيرت هذه القاعدة بعد العشرين وسبعمائة كما سيأتي بيانه انتهى. ثم قال في سنة سبع وعشرين وسبعمائة: وفي العشر الأول من ذي الحجة كمل ترخيم الجامع الأموي: أعني
__________
1 ابن كثير 13: 124.(2/302)
حائطه الشمالي وجاء تنكر حتى نظر إليه فأعجبه وشكر ناظره تقي الدين بن مراجل انتهى. ثم قال في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الآخر نقض الترخيم الذي بحائط جامع دمشق القبلي من جهة الغرب مما يلي باب الزيادة. فوجدوا الحائط متجافيا فخفيف من أمره وحضر النائب تنكر ومعه القضاه وأرباب الخبرة فاتفق رأيهم على نقضه وإصلاحه وذلك يوم الجمعة سابع عشرين شهر ربيع الآخر فكتب نائب السلطنة إلى السلطان يعلمه بذلك ويستأذنه في ذلك فجاء المرسوم بالإذن في عمارته فشرع في نقضه يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأول وشرعوا في عمارتة يوم الأحد تاسع عشر جمادى الآخرة وعمل محراب فيما بين باب الزيادة ومقصورة الخطابة يضاهي محراب الصحابة ثم جدوا ولازموا في عمارته وتبرع كثير من الناس بالعمل فيه من سائر الناس فكان يعمل فيه كل يوم أزيد من مائة رجل حتى كملت عمارة الجدار وأعيدت طاقاته وسقوفه في العشرين من شهر رجب وذلك كله بهمة تقي الدين ابن مراجل وهذا من العجب فإنه نقض الجدار وما سامته من السقف وأعيد في مدة لا يتخيل أحد أن عمله يفرغ في هذه المدة قطعا وجزما وساعدهم على سرعة الاعادة حجارة وجدوها في أساس الصومعة الغربية التي عند الغزالية وقد كان في كل زاوية من هذا المعبد صومعة كما في الغربية والشرقية القبلتين منه فأبيدت الشماليتان قديما ولم يبق منها من مدة ألوف من السنين سوس أس هذه المئذنة الغربية الشمالية فكانت من أكبر المعونة على إعادة هذا الجدار سريعا. ومن العجب أن ناظر الجامع ابن مراجل لم ينقض أحدا من أرباب المرتبات على الجامع شيئا مع هذه العمارة انتهى. ثم قال ابن كثير في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر رجب رسم للائمة الثلاثة الحنفي والمالكي والحنبلي بالصلاة في الحائط القبلي من الجامع الأموي فعين المحراب الجديد الذي بين باب الزيادة والمقصورة للإمام الحنفي وعين محراب الصحابة للمالكي وعين محراب مقصورة الخضر الذي كان يصلي فيه المالكي للإمام الحنبلي وعوض إمام محراب الصحابة بالكلاسة.(2/303)
وقد كان قبل ذلك في حال العمارة قد بلغ محراب الحنفية من المقصورة المعروفة بهم ومحراب الحنابلة من خلفهم في الرواق الثالث الغربي وكانا بين الأعمدة فقلعت تلك المحاريب وعوضوا بالمحاريب المستقرة في الحائط القبلي واستقر الأمر على ذلك انتهى. ثم قال في سنة تسع وعشرين وسبعمائة: وفي الحادي والعشرين من صفر كمل ترخيم الحائط القبلي من جامع دمشق وبسط الجامع جميعه وصلي به الجمعة من الغد وفتح باب الزيادة وكان له أيام امغلقا وذلك في أيام مباشرة تقي الدين بن مراجل المذكور انتهى. ثم قال في سنة ثلاثين وسبعمائة: وفي شهر ربيع الآخر شرع في ترخيم الجانب الشرقي من الجامع الأموي ليشبه الجانب الغربي وشاور تقي الدين بن مراجل النائب والقاضي على جمع الفصوص من سائر الجامع الأموي في الحائط القبلي فرسما له بذلك انتهى. ورأيت بخط البرزالي في يوم السبت مستهل شهر ربيع الأول من السنة المتقدمة حضر نائب السلطنة وقاضي القضاة علم الدين الاخنائي الشافعي إلى جامع دمشق فشاورهما ناظر الجامع المعمور في جمع الفصوص المفرقة في حيطان الجامع وأن تجعل في الحائط القبلي فحصل الاتفاق على ذلك وشرع فيه في خامس الشهر المذكور فنقض الترخيم من الجانب الشرقي وجدد وذهب وعمل نسبة للجانب الغربي الذي تقدم عمله وكمل ذلك في آخر هذه السنة واخر أمر الفصوص انتهى. وقال في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وفي الثالث والعشرين من جمادى الأولى كمل بسط الجامع فاتسع على الناس ولكن حصل حرج بحمل الأمتعة يعني المداسات على خلاف العادة فإن الناس كانوا يمرون وسط الرواقات ويخرجون من باب البرادة ومن شاء استمر يمشي إلى الباب الآخر بنعليه ولم يكن ممنوعا سوى المقصورة لا يمكن لأحد الخول إليها بالمداسات بخلاف باقي الرواقات فأمر نائب السلطنة بتكميل بسطه انتهى. وقال الذهبي في عبره في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة: أبو محمد الشيرازي هبة الله محمد ابن هبة الله ابن ميميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ سمع أبا علي بن نبهان1
__________
1 شذرات الذهب 4: 31.(2/304)
وغيره وروى عنه ابن ابنه أبو المعالي أحمد بن محمد1 وأبو المواهب ابن صصري2 وآخرون ولد ببغداد سنة خمسمائة وكان دينا عاقلا حسن الطريقة فاضلا وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمسمائة وهو شاب فسكنها وأم بمشهد علي يعني مشهد النائب بالجامع الأموي وفوض إليه عقد الانكحة توفي في شهر ربيع الأول وهو في عشر الثمانين وأم بعده بالمشهد ابنه القاضي شمس الدين أبو نصر محمد3 وأبو الفضل وفا بن أسعد التركي الخباز4 روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة توفي في شهر ربيع الآخر وكان شيخا صالحا انتهى. وقال الأسدي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة: خزعل بن عساكر بن خليل العلامة تقي الدين أبو الحسن الثنائي المصري المقري النحوي اللغوي نزيل دمشق ولد بالاسكندرية سنة سبع وأربعين ظنا وذكر أنه سمع من السلفي وأنه دخل بغداد وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأنباري أكثر مصنفاته وعند عوده أخذ في الطريق وراحت كتبه. أقرأ القرآن بالقدس الشريف مدة ثم سكن دمشق وصار إمام مسجد زين العابدين علي وكان يعقد الأنكحة ويشتغل في العربية قال أبو شامة: قرأت عليه عروض الناصح بن الدهان5 أخبرني به عن مصنفه وكان يحثني على حفظ الحديث والتفقه خصوصا حديث مسلم ويقول أنه أسهل من حفظ الكتب الفقهية وأنفع ويحث على مسح جميع الرأس احتياطا وكان لا يرد سائلا أصلا وربما جاءه فيقول له: اقعد فما جاء فهو لك وكان عقد الطلاق لا يأخذ شيئا عليه وكان ذا مروءة تامة وكان ابن الحاجب اقعد في آخر عمره وتمرض فازدحمت عليه الطلبه وكان أعلم الناس بكلام العرب انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة: الشيخ الإمام العالم علاء الدين على بن سعيد بن سالم الأنصاري إمام مشهد علي من جامع دمشق كان بشوش الوجه متواضعا حسن الصوت بالقراءة ملازما
__________
1 شذرات الذهب 5: 213.
2 شذرات الذهب 4: 285.
3 شذرات الذهب 5: 174.
4 شذرات الذهب 4: 263.
5 شذرات الذهب 5: 233.(2/305)
لإقراء القرآن العزيز بالجامع الأموي وكان يؤم نائب السلطنة ولده العلامة بهاء الدين محمد1 وهو مدرس الأمينية ومحتسب دمشق توفي يوم الاثنين رابع شهر رمضان ودفن من الغد بسفح قاسيون انتهى. وقال الحافظ شمس الدين الحسيني في ذيله على العبر في سنة تسع وخمسين وسببعمائة: ومات الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن داود الكردي الشافعي إمام مشهد علي حدث عن التقي بن الواسطي وغيره وتوفي في تاسع ذي القعدة ومنها انتهى. وقال البدر الأسدي في كتابه "الكواكب الدرية في السيرة النورية" في سنة خمس وخمسين وخمسمائة: وفيها استعفى القاضي زكي الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى القرشي من القضاء بدمشق فأعفاه نور الدين وولي مكانه القاضي كمال الدين الشهرزوري وكان من خيار القضاة وإليه ينسب الشباك الكمالي الذي يجلس فيه الحكام وخصوصا النائب بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة من المشهد الغربي بالجامع الأموي انتهى. ورأيت بخط البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: وفي سحر يوم السبت سادس عشر شهر رمضان توفي الشيخ علي بن محمد يوسف الموصلي المعروف بالبالي وصلي عليه ظهر السبت بجامع دمشق ودفن بمقبرة باب الفراديس وكان رجلا مباركا ينوب في الأمانة بمشهد عثمان يعني مشهد المؤذنين بجامع دمشق ثم أنه استقل فيها وسمع من ابن البخاري مشيخة وكتب في الإجازات وحفظ التنبيه واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري انتهى. وقال ابن كثير في سنة ثمان وتسعين وستمائة: وفي يوم السبت حادي عشر شوال فتح مشهد عثمان الذي جدده ناصر الدين بن عبد السلام ناظر الجامع وأضاف إليه مقصورة الخدام من شمالية وجعل له إماما راتبا وحاكى به مشهد علي بن زين العابدين انتهى. وقال في سنة ثمان وعشرين وستمائة ورتب فيها إمام بمشهد أبي بكر "يعني مشهد الجبرت" من جامع دمشق وصليت فيه الصلوات الخمس انتهى. وقال في سنة خمس وعشرين وسبعمائة الشيخ الصالح العابد الزاهد الناسك عبد الله بن موسى بن أحمد الجزري كان مقيما
__________
1 شذرات الذهب 6: 172.(2/306)
بمشهد أبي بكر من جامع دمشق كان من الصالحين الكبار مباركا توفي في صفر منها ودفن بباب الصغير انتهى. ملخصا وقال الذهبي في العبر في سنة ست وتسعين وخمسمائة: وفيها توفي الشيخ شرف الدين عبد الله بن محمد الدمشقي وكان رجلا فاضلا عين لإمامه مشهد عروة يعني مشهد شيخ الإسلام بالجامع الأموي ولم يباشره لأنه كان إلى الآن لم يكمل فتحه انتهى. وقال ابن كثير في سنة تسع وتسعين وستمائة: ومما كان من الحوادث في هذه السنة أنه جدد إمام راتب عند قبر رأس يحيى بن زكريا وهو الفقيه شرف الدين أبو بكر الحموي وحضر عنده ظهر يوم عشوراء القاضي إمام الدين الشافعي1 وحسام الدين2 الحنفي وجماعة ولم تطل مدته إلا شهورا ثم عاد الحموي إلى بلده وبطلب هذه الوظيفة إلى الآن انتهى.
ورأيت في مختصر تاريخ الإسلام للذهبي في سنة سبع وخمسمائة: وكان بطبرية مصحف عثمان فنقله طغتكن إلى جامع دمشق فهو الذي بمقصورة الخطابة انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة أربعين وسبعمائة: وفيها كان الحريق الكبير في دمشق بالدهشة ثم بقاسارية القيسي وذهب لأهلها أموال واحترقت المأذنة الشرقية وذلك من فعل النصارى وأقرت به طائفة فصلت بسبب ذلك أحد عشر نفرا بعد أن أخذ منهم ما يقرب من ألف ألف درهم وأسلم ناس كثير انتهى. وقال في ذيل العبر في السنة المذكورة: وفي ليلة السادس والعشرين من شوال وقع بدمشق حريق كبير شمل اللبادين والقبلية وما تحتها وما فوقها إلى حد سوق الوراقين وسوق الدهشة وحاصل الجامع وما حوله والمأذنة الشرقية وعدم للناس فيه من الأموال والمتاع ما لا يحصى كثرة ونسب فعل ذلك إلى النصارى فأمسك كبارهم وسمروا حتى ماتوا انتهى.
وقال ابن قاضي شهبة في تاريخه وفي شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر سكن سوق الذهبيين شمالي الجامع الأموي وكان قد بنى أيام الأمير نوروز وانتقل إليه تجار دهشة النساء ثم رجعوا بعد ذلك الى
__________
1 شذرات الذهب 5: 451.
2 شذرات الذهب 5: 446.(2/307)
موضعهم بباب البريد وبقي هذا المكان متعطلا مع أنه في غاية الحسن فسكن تجار آخر وامتد السوق الذي بباب الساعات إليه انتهى. وقال في جمادى الأولى من هذه السنة: وفي يوم الاثنين سادس عشره أغلق التجاردكاكينهم بباب البريد وتضجروا منها وزعموا أنها ضيقة عليهم وسألوا النقلة إلى النحاسين يعني سوق الذراع وكانوا قد سمعوا في ذلك غير مرة فلم يجابوا فلما كان في هذا الوقت أجيبوا إلى ذلك وانتقل التجار من باب البريد ومن الزابوق الذي عند باب البيمارستان الصغير من باب النحاسين إلى باب تحت الساعات ضمن السوق جمع ثلاثة أنفس وانتقل النحاسون إلى باب البريد وكذلك العنبرانيون والوراقون واستقر الأخفافيون بالزابوق وانتقل الفرايون إلى قاسارية يلبغا التي عمرت في هذه السنة وقف جامع يلبغا انتهى. وقال في شهر رمضان منها وفي يوم الجمعة ثانيه رأيت المؤذنين يسلمون ويؤذنون بالمنارة الغربية وأظنه أول يوم إذن فيها بعد عمارتها من فتنة تمرلنك وفي هذا اليوم نقل بيع الكتب من باب البريد إلى الجامع إلى باب مأذنة العروس ثم انكر هذا بعد جمع وأعيد إلى مك أنه آخر الشهر انتهى. وقال فيه: في شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة وفي هذه الأيام انتقل الإمام الأول إلى مشهد النائب فإنه لا يصلى في صحن الجامع عند باب الذي مقابل المحراب ويصلي بعد الثاني هناك فلما جاء المطر انتقل الأول إلى مشهد النائب والثاني إلى الجهة الشرقية عند مشهد عروة انتهى. وقال في شهر رمضان منها: وفي هذا الشهر فرغ من تبيض شاذروان الفوارة وجرى فيه الماء وذلك بأمر وزير مصر انتهى. وقال في تاسع شوال منها: ثم جرى من الغد يوم الأربعاء عاشره قضية منكرة أيضا وذلك أن السلطان ركب من دار السعادة في عصر اليوم المذكور ومعه جماعة يسيرة فنزل إلى الجامع الأموي فوجد الإمام الأول يصلي فجاء إلى المقصورة وأمر بإقامة الصلاة فأقيمت وصلى مع الأول ثم خرج ورسم بترخيم الحائط الشرقي والغربي داخل الجامع ولم يكن مرخما سوى القبلي والباقي مبيض وقيل أنه رسم بعمارة المأذنة الغربية أيضا ووصوا على المتصدرين لا غير مع أخذ مالهم في المدارس من الجوامك والشعير من الضياع ثم ما أخذ من الأوقاف ثم جباية المسقف خمسة(2/308)
أشهر فحصل للناس مشقة بذلك لا سيما من هو منقطع إلى الاشتغال بالعلم وقد كان في العشر الأخير من شهر رمضان ووصوا على الجهات من عند الناظر أي ناظر الجيش فاجتمع الجماعة به فقال: كيف يجوز الأخذ من الجامع مع خرابه فقيل له: فرع المتصدرين ليس هو موقوف على عمارة الجامع. وقال: أنتم ما حضرتم في شعبان وشهر رمضان فقيل له نحن في بيوتنا فنشغل الناس ونفتي فقال: الإفتاء للعوام هذا ما يكفي وقال لبعض الجماعة: أنت شيخ على حافة قبرك أريد أن تنقل الذي في صدرك إلى صدر هذا وأشار إلى شخص طالب علم ثم اتفق الحال على أن أخذ له من المتصدرين من كل واحد نحو ثلثي شهر وأعطى ذلك فسكت وبطلت قضية العمارة ولم يرخم سوى يسير من حائط المشهد المعروف بمشهد عروة بالقرب من بابه انتهى. وقال رحمه الله تعالى في ذي القعدة منها وفي هذا الشهر عمل الدرابزين لمأذنة العروس انتهى. وقال: في صفر سنة ست عشرة وثمانمائة فرغ من بناء المأذنة الغربية وقد كان احترق رأسها في الفتنة واستمرت إلى أن كان الفراغ منها في هذا الوقت وقال في شعبان منها: وفي أخر هذا الشهر سكنت الصاغة التى عمرت في أوائل هذه السنة وفرغ منها في هذا الوقت وجاءت في غاية الحسن وسكن في بعضها تجار ثم سكن في الباقي العنبرانيون انتهى. وقال في شوال منها: وفي هذا الشهر انتقل الأول فصلى في مشهد عروة وكان يصلي خارجه فأنفق الناس قدمه وصلوا داخل الجامع ولكن من في غربي الجامع ربما لم يبلغه التكبير انتهى. وقال في شعبان سنة ثمان عشرة وثمانمائة: وفي هذه الأيام انتقل الإمام الأول من مشهد عروة إلى محراب الحنابلة وكان قبل الفتنة يصلي الإمام الأول في المشهد المسمى بالسجن داخل مشهد علي وأما الإمام الثاني وهو الإمام في مشهد علي لا تتركوا لهم شيئا وطلبهم فلم يوجدوا فبيت على مشايخ بالأسواق وعرفائهم ووقع شخص من السكان في الحال فضرب نحو مائتي عصا فلما كان من الغد اجتمع قاضي القضاة بملك الأمراء بعد الصلاة وقال: المصلحة العفو عن هؤلاء ولا سمع الناس إلا حلمك لا سيما في أول ولايتك إلى أن سكن غضبه وجاء القاضي وناظر الجامع(2/309)
إلى مشهد عروة ورسما بأن ينادي في بالأسواق بالأمان لهم وفتح الدكاكين والبيع والشراء واتفق الحال على أخذ شهر دون شهر ومشى الحال انتهى. وقال في شعبان سنة تسع عشر وثمانمائة وفي يوم الأربعاء ثامنه انتقل الإمام الأول من محراب الحنابله إلى محراب المالكية وفي يوم الجمعة عاشره مشى الناس في صحن الجامع بالامتعة بمرسوم قاضي القضاة يعني ابن زيد وكان الناس يمشون به حفاة من سابع عشر ربيع الأول من هذه السنة. وقال في شوال منها: وفي يوم الاثنين ثالث عشرية انتقل الإمام الأول من محراب المالكية إلى محراب الحنفية واتسع الناس وسهل عليهم متابعة الإمام لقربه اهـ. وقال في محرم سنة عشرين وثمانمائة: وفي يوم الخميس آخر السنة الماضية هدمت الدكاكين بباب الجامع الشرقي لأجل فتح البابين الصغيرين وكانا قد سدا في الفتنه وعملا تبييضا في الجامع فلما كان في الوقت سعى الشيخ محمد بن قديدار1 في فتحهما فهدم الصف الذي في حائط الجامع حتى أزيد ما يقابل البابين ثم أعيدت بقية الدكاكين مع أن البناء في هذا المكان من أصله لا يجوز لأن هذا الموضع رحبة الجامع انتهى. وقال في صفر منها: وفي هذا الشهر ركب باب الجامع الصغير الشرقي في جهة الشمال ثم ركب الباب الآخر بعد ذلك وأما البابان الصغيران الغربيان فركبا في العام الماضي انتهى. وقال في ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الخميس ثاني عشره يعني تنبك ميق والقضاة بدار السعادة في أمر الجامع بسبب العطل الذي حصل في هذه السنة وهو أكثر من أربعين ألفا ولم يمكن أن يعمل إلى أن ينقص على الناس شهرين حتى على الناظر والقضاة والخطيب وأما على المؤذنين فشهر واحد كل ذلك عن قبض عام أول وقد كان قبض المتصدرون في سنة تسع عشره الدرهم نصفا ثم في سنة عشرين ردوا إلى الثلث ثم في هذه السنة بسط الثلث على السنة وقطع منه شهر انتهى. وقال في رمضان سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء رابع عشريه حضر ملك الأمراء يعني جمقمق والقضاة وجماعة من الفقهاء إلى الجامع فجلسوا عند محراب الحنفية وقد بيت على
__________
1 شذرات الذهب 7: 218.(2/310)
المتصدرين والمؤذنين ليحضروا والمقصود اختبار من يصلح من غيره فأول ما قريء قلم المباشرين فقطع منهم جماعة ومن جملة ذلك معلوم الناظر قطع منه ستمائة في الشهر فجاء جملة ماقطع من هذا القلم خمسة وثلاثين ألفا فقال النائب هذا المبلغ يكفي العمارة كل سنة. ولا يجتمع بعد ذلك على المتصدرين والمؤذنين ثم قريء قلم المباشرين العمارة وهو عشرة الآف فرسم بقطعة جميعه. وقال للناظر والمباشرين: باشروا ذلك بأنفسكم وإن احتجتم إلى أمين على الآت العمارة هاتوا مغربيا كل يوم بدرهمين فإذا أفرغت حاجتكم منه يروح ثم قريء عليه قلم المتصدرين فقطع منهم من لا يصلح والمبلغ المتوفر من ذلك ليس بكثير. ثم قريء قلم المؤذنين فقطع منهم أربعة عشر نفسا من ليس بصيت أولا يباشر ثم قطع من القراء ستة الآف وكانوا يقبضون ثمانية عشر ألفا وآخر قلم قراء الحديث لينظر فيه قاضي القضاة ونقص من المشارفين ستة وكانوا ثمانية وقطع من الفراشين والذي يبسط السجادة ووعد المؤذنين والمتصدرين بأن يكمل لهم ما نقص في هذه السنة من معالميهم وهو الربع وافترقوا على ذلك ثم لم يفوا بذلك بل استخرج معلوم من قطع وصرف في العمارة وعرف الذي أرصده في أول سنة العمارة فلا حول ولا قوة إلا بالله واتفق في هذا المجلس قضية حسنه سر بها جميع المسلمين وذلك أنه لما قرىء قلم الائمة جاء إمام الكلاسة والنائب في نفسه من عمارة الكلاسة فإنه فتح لها شبابيك من تربته إليها وكان قد رسم على تقي الدين صهر الغزي وشمس الدين صهر الشاذلي عامل الكلاسة على إقامة الحساب وعمارة المكان وألزم صهر الغزي بالقيام بما قبضه الغزي من معلوم التدريس وهو خمسة الآف وكسر وبقيا في الترميم نحو شهر وخرجا على ان يعمرا فلما قرأ إمام الكلاسة قال النائب: من هو إمام الكلاسة؟ فقيل له المجادلي فقال: كم قبض؟ فذكر له. فقال: هاتوه في الحال فرسم عليه وذكر له النائب أن بها صدقة خبز وزبيب وما تعطي أحد شيئا وقال النائب: والله ما هو مسلم ووافقه أهل المجلس بأسرهم ثم إنه سلمه لتغري ورمش مشد العمارة فضربه ضربا عنيفا قيل أنه ثلاثمائة عصا وكان في نفسه منه بسبب أنه سمعه(2/311)
يقول للنائب خذ من مال الغزي أي شئ أردت فإنه رافضي نصراني فغضب هذا الرجل لكلامه في عالم من العلماء المسلمين فأخذه الله بكلامه فيه عاجلا ثم إنه استلخص منه بعض ما قبضه وحبس في القلعة على الباقي ثم أطلق بعده سفر النائب بعد أن التزم بعمارة جانب من الكلاسة وضمن عليه وسر الناس أجمعون بما وقع فيه ولم يرحمه أحد فإنه لارحم ضعيفا إذا استطال عليه ومن لا يرحم لايرحم وأما كذبه وفجوره وترافعه للخلق أجمعين فإنه شاع وذاع وضرب به الأمثال وعلمه القاصي والداني فنسأل الله القادر أن يريح البلاد والعباد منه إنه على كل شئ قدير انتهى. وقال في رجب سنة عشرين وثمانمائة: وفي يوم الأربعاء حادي عشرية دخل النائب إلى الجامع واجتمع القاضي والفقهاء وقرىء عليه أسماء المتصدرين فقطع منهم طائفة ممن لا استحقاق له ورسم لمن بقي أن يترتبوا على الأوقاف ورتب لهم كاتب غيبة وظهر من النائب في هذا المجلس معرفة وذكاء وحسن مقصد انتهى. وقال في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة: وفي هذا الشهر أسكن سوق اشبك الساقي الذي هو بسوق النائب القريب من البزوريين أسكن جماعة مفرقين بأجرة يسيره وقد كان عزمهم أن ينقلوا سوق التجار الذي بالنحاسين إلى سوق النائب فلم يتفق ذلك وجاء مرسوم السلطان بأن يرد سوق التجار إلى الرماحين على عادة ما كان قبل الفتنه فإنه كان التجار في القماشين في هذا السوق مع أن أكثرهم كان في البهنسة وقف الجامع فأخذ العرب المملوك الذي معه الكتاب وذهب الكتاب واستمر التجار في أماكنهم ولو أنه اتفق نقلهم لنقص وقف الجامع نقصا فاحشا هذا مع أنه نقص في هذه السنة عن العام الماضي أكثر من ستين ألفا واستمرت هذه الدكاكين عطلا إلى أن انسكنت في هذا الشهر انتهى. وقال في شعبان ثلاثين وثمانمائة: وفي هذا الشهر كشفوا على رأس الجسور بالجامع الأموي فوجدوا بضعة عشرة جسرا قد تآكلت فشرعوا في عملها طول الشهر وجاء رمضان والأمر على حاله وكان يعزل أيام الجمع للصلاة وبقية الأيام يصلي في المشهد والرواقات انتهى. وفي هذه السنة أخذ النائب سودون بن عبد الرحمن(2/312)
سوق الحجاج من باب البريد ونقله إلى عمارته واستطوى على أوقاف الجامع انتهى. وقال في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة: وفي يوم الجمعة رابع عشرة صلى الإمام الأول بمشهد السجن داخل مشهده والثاني بمشهد علي وكان الإمام الأول يصلي بمحراب الحنفية من سنين وحصل ذلك رفق واتسع الموضع بالمصلين وكان الثاني يصلي عند قبر رأس يحيى بن زكريا فلما كان في هذه الأيام رسم السلطان للجامع الأموي بألف دينار من مال السكر فأخذت وصرفت في ترميم الجامع الأموي بحيث لم يظهر لما صرف المال في كبير أمر وكان في المشهدين الشرقين بعض عمارة فلما فرغ من عمارتها أمر بالصلاة فيها ليظهر للناس أن ذلك عمر من مال السلطان وكان المشهدان المذكوران معطلين من الفتنه إلى الآن انتهى. وقال في الأعلاق الخطيرة: ولما ملك دمشق الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل عمل وزيره أمين الدوله عبد السلام1 السامري بالجامع الأموي طلسما للحمام فلا تدخله وصح في الأيام الصالحية النجمية احترقت المأذنه الشرقية بجامع دمشق عند أول قدومه إليها في سنة خمس وأربعين وستمائة وأقامت خرابا ثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما فأمر السلطان في أوائل سنة سبع وأربعين وستمائة وقيل في سنة ثلاثة وأربعين وستمائة بعمارتها وتولى عمارتها الشهاب الرشيد الصالحي نائب المملكه وكان بباب البريد في وسطه بين الأساطين حوانيت يباع فيها أنواع الفواكه وغيرها من الأطعمة وكان ازجه لاطيا فأخر بها وعلى أزجه وكلسه ومنع من كان يجلس فيه للمعاش. وفي الأيام الناصرية الصالحية ابن الملك العزيز فرض من ماء القنوات زيادة على ماء باناس للجامع الأموي المعمور عند انقطاع ماء باناس مقدار سبع عشرة اصبعا من أصابع الماء للكلاسة وللبركة المجدده بباب البريد القسطل المساق للبيمارستان الدقاقي ولمشهد عروة بتولي عز الدين بن عبد العزيز بن محمد بن وداعة الجيلي.
وفي الأيام الركنية الظاهرية أخرجت بأمره الصناديق والخزائن وفكت
__________
1 ابن كثير 13: 192.(2/313)
المقاصير وكانت قريبا من ثلاثمائة خزانة ومقصورة وجددو فيها قوارير البول والعرس والسجاجيد الكثيرة ومنع أن يبيت أحد من المجاورين بجامع دمشق وأشليت الدربزينات فاستراح الناس والجامع من ذلك واتسع على المصلين وذلك في سنة ثمان وستين وستمائة بولاية افتخار الدين أيار الحراني وكانت قد رفعت من الجامع جميع الخزائن والصناديق في سنة خمس وتسعين وخمسمائة ثم أعيد ت وصلى خلد الله ملكه فيه في هذه السنة بعض الجمع وطاف فرأى الحائط القبلي قد اتسخ رخامه وتشعثت الفسيفساء فأمر بإصلاحها وغسل الأساطين وتذهيب رؤوسها وتغير ما يجب تغيره من الرخام وذهب تازيره والكرمة وهي التي تدور به ولما طاف بالحائط وبقية الحيطان فرآها غير مرخمة أمر بترخيمها على مثال ترخيم الحائط القبلي فجلب إليها الرخام من كل جهة فجاءت أحسن ما عملت قديما وأصرف فيها ما ينوف على عشرين ألف دينار وبنى مشهد السيد زين العابدين وكان قد استولى عليه الخراب ودخل إليه ليلا مستخفيا فرأى فيه قوما نياما وآخرين قياما فأمر للقيام بصدقة سنية وأمر أن لا يسكن به أحد فأخرج من كان مقيما له سنين ولم يبق فيه سوى رجل واحد رآه كثير العبادة مثابرا على ما هو بصدده وكان لكل من كان به مقيما موضع قد أفرده واقتطعه وعمل فيه صندوقا وأحاطه بمقصورة حتى صار بها كأنه خان وأمر بتجديد باب البريد وفرشه بالبلاط ونقل سوق الشماعين إلى الحوانيت التي في حائطه وكان بها قبل سوق الأكفان ولما دخل دمشق المولى الصاحب بهاء الدين علي بن محمد1 مع مولانا السلطان خلد الله ملكه في سنة تسع وتسعين وستمائة نظر في وقوفه وما يصرف منها لأرباب الرواتب ممن كان منهم مستغنيا وليس به انتفاع في علم أبطله ومن كان منهم ذا حاجة ولم يكن لديه علم رتب له على بيت المال ما يقوم به وصرف ما كان مقررا لم أبطله في مصالح الجامع وفيمن للمسلمين الانتفاع بعلمه ورتب فيه مصحفا يقرأ فيه بعد صلاة الصبح تحت قبة النسر وأجرى على القاريء فيه كل شهر شيئا معلوما.
__________
1 شذرات الذهب 5: 258.(2/314)
وكان بصحن الجامع الأموي حواصل للمنجنيقات وحواصل للأمراء وغيرها من خيم وغيرها فأمر بإزالتها فاتسع الجامع وزاد رونقه وتطلب كتب وقفه وكانت قد أهمل النظر فيها وأجرى الوقوف على شروطها من واقفيها وإنما كان المتولي للنظر فيها يعمل بمقتضى ر أيه في منعه واعطائه فحملت إليه بعد ما شق على الباحث عنها وجودها فوجدها قد تمزق القديم منها وما كان وقفه الملك العادل نور الدين محمود ومن بعده من الملوك قد كادت كتبها أن تتلف فأمر بإحياء خطوطها وإثباتها عند سائر القضاة واجتهد فيها حسب ما اقتضته اراؤه السعيدة وأفعاله الرشيده وكذلك فعل في وقف البيمارستان الكبيرة وليس ذلك بمستنكر من خلائفه في إقامة منار الإسلام ورفع من خفضه البخوت على التخوت من العلماء الأعلام وكانت سائر الوقوف المرصدة على ما وقفت عليه مضافة إلى وقف الجامع الأموي وكانت لاتصرف في أربابها وإنما تصرف في مرتب الجامع فأفردها عنه وولاها من يصرفها على شروط من وقفها وأثبت كتبها كما فعل فيما عدها من الأوقاف الجامعية والبيمارستانية.
ويشتمل هذا الجامع في الوقت الذي وضعنا فيه هذا الكتاب على تسعة أئمة يصلون فيه الصلوات الخمس منهم:
الخطيب وإمام في مقصورة الحنفية.
وإمام في مقصورة الحنابلة.
وإمام في الكلاسة.
وإمام في مشهد زين العابدين علي.
وإمام في مشهد أبي بكر.
وإمام في مقصورة الكندي.
وفيه لاقراء القرآن في هذا الوقت ثلاثة وسبعون متصدرا يعسر تعدادهم.
وفيه من الأسباع المجرى عليها الأوقاف:
السبع الكبير وعدة من فيه على ما استقر عليه الحال الآن ثلاثمائة وأربعة(2/315)
وخمسون نفرا.
وسبع الأمير مجاهد الدين إبراهيم.
وسبع مجاهد الدين بزان.
وسبع الساوجي.
وسبع ابن السابق.
وسبع التاج الكندي بمقصورة الخضر عليه السلام.
وسبع بن عبد.
وسبع فخر الدين المالكي.
وسبع المجلى بن الخليلي.
وسبع الفاضل.
وسبع ابن المنجنيقي.
وسبع ابن حبش.
وسبع ابن كلاب.
وسبع ابن نجشان.
وسبع ابن بشر.
وسبع الحلوانية.
وسبع ابن صاحب حمص.
وسبع ابن مصعب.
وسبع القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحراني.
وسبع جهته قبر يحيى بن زكريا عليه السلام.
وسبع المالكية.
وسبع الحنابلة.
وسبع الكورية بعد صلاة العصر تجاه مقصورة الخطابة فيه أربعمائة وعشرون نفرا.
وسبع المتلقنين من الصغار وهم ثلاثمائة وثمانية وسبعون نفرا.(2/316)
وفيه من الخلق للاشتغال بالعلم الشريف المصروف عليها من مال الصالح:
حلقة تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع1 الشافعي.
وحلقة الشيخ رشيد الدين الفارقي2.
وحلقة الشيخ شرف الدين أحمد بن المقدسي3.
وحلقة الشيخ برهان الدين بن المراغي4.
وحلقة القاضي زين الدين بن المرحل5.
وحلقة زين الدين بن المنجا الحنبلي.
وحلقة الشيخ نجم الدين بن الشماع الحنفي.
وحلقة الشيخ تاج الدين عبد الرحمن الزواوي المالكي.
وحلقة القاضي شمس الدين أبي عبد الله محمد الشافعي.
وحلقة الشيخ يحيى الزواوي المالكي.
وحلقة الشيخ مجد الدين المارداني.
وفيه من حلق الحديث الشريف:
ميعاد المجد تجاه قبر رأس يحيى بن زكريا عليه السلام.
وميعاد للأمير سيف الدين بن الغرس.
وميعاد بالكلاسة للقاضي الفاضل.
وفيه من المدارس:
الغزالية وتعرف بالشيخ نصر المقدسي.
والأسدية للملك المظفر أسد الدين شيركوه وهي شافعية.
والمنجائية لابن منجا حنبلية.
والقوصية حنفية.
والسفينية حنفية.
المقصورة الكبيرة حنفية
__________
1 شذرات الذهب 5: 413.
2 شذرات الذهب 5: 409.
3 شذرات الذهب 5: 424.
4 شذرات الذهب 5: 374.
5 شذرات الذهب 6: 118.(2/317)
والزاوية المالكية.
والشيخية لابن شيخ الإسلام.
ما قيل هذا الجامع ما روي عن القاسم قال: أوحى الله إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس قال: ففعل فأوحى الله تعالى إليه أما إذ فعلت فسأبني لك في حضنك بيتا أي في وسطك أعبد فيه بعد خراب الأرض أربعين عاما ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد ظلك عليك وبركتك فهو عند الله تعالى بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع وقد رأيت في بعض التواريخ أن هذا الجامع لم يزل معبدا لسائر الملل منذ خلقت الدنيا إلى أن كانت ملة الإسلام فاتخذ جامعا. وقال الحسن بن يحيى الحسيني: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به صلى بالمسجد الجامع بدمشق.
وما قيل في وصفه نثرا. قال الصاحب صفي الدين من رسالة وصف بها دمشق وهو: مضيت إلى مسجدها الجامع وشنفت بإدراك البصر منه إدراك المسامع فلما وصلت إليه وحللت لديه رأيت من أوصافه ما أصغر الرواية وحصل من الحسن على النهاية ونوره يجلو الابصار وجمعا على الجموع الامصار وعبادة موصولة على الاستمرار وقرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار ومنقطعين إليه قد اتفقوا في الاعتكاف نفائس الأعمار والبركات تحف بجوانية والعلوم تنشر في زواياه ومحارية والأحاديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسند وتروى والمصاحف بين أيدي التالين تنشر فلا تطوى وأعلام البر فيه ظاهرة فلا تخفى ولا تزوى والخلق منقسمون فيه إلى حلق قد نبذ أهلها القلق والإسلام فيها فاش والجهل بلا متلاش وهو مما بناه الأولون لعبادتهم وجعلوه ذخرا لآخرتهم وما برح معبدا لكل ملة اتخذه المجوس والنصارى واليهود قبل الإسلام هيكلا وقبلة وهو بيت المتقين وسوق المتصدقين ليلة للمتهجدين ونهاره للعلماء المجتهدين.
وذكر إبراهيم بن الليث الكاتب في رسالة: وقد أفضيت إلى جامعها فشاهدت ما ليس في استطاعة الواصف أن يصفه ولا الرائي أن يعرفه وجملة ذلك أنه بكر(2/318)
الدهر ووحيد العصر ونادرة الاوان واعجوبة الزمان وغريبة الأوقاف وعجيبة الساعات ولقد أبقت أمية ذكرا ما يدرس وخلفت أثرا لا يخفى ولا يدرس انتهى.
وما قيل في وصفه نظما فمن أبيات لبعضهم:
دمشق قد شاع حسن جامعها ... وما حوته ربى مرابعها
بديعة المدن في الكمال لما ... يدركه الطرف من بدائعها
طيبة أرضها مباركة ... باليمن والسعد أخذ طالعها
جامعها جامع المحاسن قد ... فاقت به المدن في جوامعها
بنية بالاتقان قد وضعت ... لا ضيع الله سعي واضعها
تذكر في فضلة ورفعته ... أخبار صدق راقت لسامعها
قد كان قبل الحريق مدهشة ... فغيرته نار في بلاقعها
فاذهبت بالحريق بهجته ... فليس يرجى إياب راجعها
إذا تفكرت بالفصوص وما ... فيها تيقنت حدق صانعها
أشجارها ما تزال مثمرة ... في أرض تبر يغشى بقائعها
فيها ثمار تخالها ينعت ... وليس يخشى فساد يانعها
تقطف باللحاظ لا بجارحه ... الأيدي ولا تجتنى لبائعها
وتحتها من زخامة قطع ... لا قطع الله كف قاطعها
أحكم ترخيمها المرخم قد ... بان عليها أحكام صانعها
وان تفكرت في قناطره ... وسقفه بأن حذق رافعها
وإن تبينت حسن قبته ... تحير اللب في أضالعها
تخترق الريح في مخارمها ... عصفا فتقوى على زعازعها
وأرضه بالرخام قد فرشت
... بنفسج الطرق في مواضعها
مجالس العلم فيه مونقة ... ينشرح الصدر في مجامعها
وكل باب عليه مطهرة ... قد أمن الناس دفع مانعها
يرتفق الخلق في مرافقها ... ولا يصدرون عن منافعها(2/319)
ولا تزال المياه جارية ... فيها الماء شق من مشارعها
كذا وسوقها لا تزال آهلة ... يزدحم الناس في شوارعها
لما يشاؤون من فواكهها ... وما يريدون من بضائعها
كأنها جنة معجلة ... في الأرض لولا سرى فجائعها
دامت برغم العدا مسلمة ... وحاطها الله من قوارعها
وقال أبو بكر الصنبوري من أبيات يذكر فيها دمشق المحروسة ويذكر محاسن جامعها الأموي:
نعمنا في دمشق نعمة ليست بمغموطة
فيا بهجتها إذ هي في البهجة مغطوطة
ويا غبطتها إذ هي بالجامع مغبوطة
تأمله ترى فيه شروط الحسن مشروطه
ترى أفراط بان يأمن الراءون تفريطه
دع الحائط دعه وإن استغربت تحويطه
وصف تقديره إن كنت ذا وصف وتقسيطه
صف المحراب صف تصنيف بانيه وتفريطه
أما يخشى إمام قام في المحراب تغليطه
ووسط طرفة القبة إن حاولت توسيطه
ترى سلطان حسن لا يمل الطرف تسليطه
انح ترخيمه فكرك إن شئت وتبليطه
إذا المنقوش من جوهرة ضاحكة مخروطه
ومن مقدورة من قضب العقيان مقطوعه
حقا في أسطر مكتوبة بالتبر منقوطه
رأيت الناضر العجلان لايسأم تثبيطه
هو الجنة في الأرض أو في الجنة اغطوطه
قصور بينها الاشجار با لأنهار مغطوطه
فمن قصر حكى تقبيله الحسن وتسفيطه(2/320)
وقال علي بن منصور السروجي من أبيات يصف فيها دمشق:
في كل قصر بها للعلم مدرسة ... وجامع جامع للدين معمور
كأن حيطانه زهر الربيع فما ... يمله الطرف فهو الدهر منظور
يتلى القرآن به في كل ناحية ... والعلم يذكر فيه والتفاسير
جامع الكريمي
2- بالقبيبات. قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفي بكرة يوم الاثنين التاسع من صفر قدم القاضي كريم الدين عبد الكريم بن المعلم هبة الله1 وكيل الخاص السلطاني بالبلاد جميعها قدم دمشق فنزل في دار السعادة فأقام بها أربعة أيام وأمر ببناء جامع القبيبات الذي يقال له جامع كريم الدين وذهب إلى زيارة بيت المقدس وتصدق بصدقات كثيرة وافرة وشرع في بناء الجامع بعد سفره انتهى. وقال فيها أيضا وفي سادس عشر شعبان خطب بجامع القبيبات الذي أنشأه كريم الدين وكيل السلطان وحضر فيه القضاة والأعيان وخطب فيه الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الواحد بن يوسف بن الوزير الحراني الآمدي الحنبلي وهو من الصالحين الكبار ذوي الزهادة والعبادة والنسك والتوحيد وطيب الصوت وحسن السمت انتهى. وقال في سنة عشرين وسبعمائة: وفي العشر الأول من شوال جرى الماء بالنهر الكريمي الذي اشتراه كريم الدين وكيل الخاص بخمسة وأربعين ألفا اجراه في جدول إلى جامعة بالقبيبات فعاش به الناس وحصل به الأنس لأهل تلك الناحية ونصبت عليه الأشجار والبساتين وعمل حوض كبير اتجاه الجامع من المغرب يشرب منه الناس والدواب وهو حوض كبير وعمل مطهرة وحصل بذلك نفع كبير ورفق زائد أثابه الله تعالى انتهى. وقال في سنة أربع وعشرين وسبعمائة في شوال وفي الثالث والعشرين منه وجد كريم الدين الكبير وكيل الخاص السلطاني قد شنق
__________
1 شذرات الذهب 6: 63.(2/321)
نفسه داخل خزانة له قد أغلقها عليه من داخل وربط حلقه بحبل وكان تحت رجليه قفص ودفع القفص برجليه فمات في مدينة أسوان وستأتي ترجمته انتهى. وقال في الموضع المذكور: كريم الدين الذي كان وكيل السلطان عبد الكريم بن المعلم هبة الله بن السديد المسلماني حصل له من الأموال والتقدم والمكانة والحظوة عند السلطان ما لم يحصل لغيره في دولة الأتراك وقد وقف الجامعين بدمشق أحدهما بالقبيبات والحوض الكبير الذي اتجاه باب الجامع واشترى له نهر ماء بخمسين ألفا فانتفع الناس به انتفاعا كثيرا ووجدوا رفقا. والثاني الجامع الذي بالقابون وله صدقات كثيره وافرة. تقبل الله تعالى منه وعفى عنا وعنه وقد مسك في آخر أمره وصودر ثم نفي إلى الشوبك ثم إلى القدس ثم إلى الصعيد فخنق نفسه كما قيل في عمامته بمدينة أسوان وذلك في الثالث والعشرين من شوال وقد كان حسن الشكل تام القامة ووجد له بعد موته دخائر كثيرة سامحه الله تعالى انتهى. وقال في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة: وفي منتصف شهر ربيع الآخر أمر الأمير صارم الدين إبراهيم الحاجب الساكن تجاه جامع كريم الدين طبلخ أنه وهو من كبار أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيميه رحمه الله وله مقاصد حسنة صالحة وهو في نفسه رجل جيد انتهى. وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في مختصر تاريخ الإسلام في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفيها أنشئ الجامع الكريمي بالقبيبات عمله الصاحب كريم الدين المصري انتهى. وقال في ذيل العبر في سنة أربع وعشرين وسبعمائة: ومات مخنوقا الصاحب الكبير كريم الدين عبد الكريم بن هبة الله القبطي المسلماني باسوان وكان نفي إلى الشوبك ثم إلى القدس ثم إلى أسوان ثم شنق نفسه سرا وكان هو الكل وإليه العقد والحل وبلغ من الرتبة ما مزيد عليه وجمع أموالا عظيمة عاد أكثرها إلى السلطان وكان عاقلا ذا هيبة حسنة سمحا وقورا مرض نوبة فزينت مصر بعافيته وكان يعظم الدينين وله بر وإيثار قارب سبعين سنة انتهى. وقال السيد الحسيني رحمه الله تعالى في ذيل العبر في سنة ثلاثة وأربعين وسبعمائة ومات الخطيب البليغ شمس الدين محمد بن عبد الواحد بن الوزير الحنبلي خطيب الجامع(2/322)
الكريمي انتهى. وقال الأسدي في ذيله في سنة خمس وثمانمائة: وفي يوم الجمعة عاشره بعد العصر احترق سوق جامع كريم الدين والناس في الصلاة انتهى. وقال البرزالي في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: الشمس محمد بن عيسى التكريدي كان فيه مهابة وصرامة توفي في صفر ودفن عند الجامع الكريمي بالقبيبات انتهى.
جامع المصلي:
3- قبلي البلد من خارج محلة ميدان الحصى. قال ابن شداد: أنشأه الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب بتولي الصاحب صفي الدين بن شكر في شهور سنة ست وستمائة ولم يتهيا له وقف انتهى. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وستمائة: قال أبو شامة: في سابع شوال شرع في عمارة المصلى وبنى له أربعة جذر مشرفة وجعل له ابواب صونا لمكانه من الميتات ونزل القوافل وجعل في قبلته محراب من حجارة ومنبر من حجارة وعقدت فوق ذلك قبة ثم في سنة ثلاثة عشرة وستمائة وعمل في قبلته رواقان وعمل له منبر من خشب ورتب له خطيب راتب وإمام راتب ومات العادل المذكور ولم يتم الرواق الثاني منه وذلك على يد الوزير صفي الدين بن شكر انتهى. وقال في سنة ثلاث عشرة وستمائة: وفيها فرغ من بناء المصلى ظاهر دمشق ورتب له خطيب مستقل وأول من باشرها الصدر معيد الفلكية ثم خطب بعده بهاء الدين بن أبي اليسر ثم بنو حسان وإلى الآن انتهى. وتبعه الأسدي إلا أنه قال: واستمرت الخطابة في بني حسان إلى زماننا الآن فانقرضوا وقال الكتبي في سبع وستمائة: وفي سابع شوال منها شرعوا في عمارة المصلى ظاهر دمشق المجاور لمسجد النارنج برسم صلاة العدين وفتحت له الأبواب من كل جانب وبني له منبر كبير عال بجانب المحراب انتهى.
جامع جراح:
4- خارج الباب الصغير بمحلة سوق الغنم وكان هذا الجامع كما تقدم في المساجد مسجدا للجنائز كبيرا وفيه بئر خرب فجدده جراح المضحي ثم(2/323)
أنشأه جامعا الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل في سنة إحدى وثلاثين وستمائة كما قال ابن كثير والصلاح الكتبي. قال ابن شداد: وجدد معه أيضا مسجدا بدار السعادة داخل باب النصر ووقف على الجامع والمسجد قرية من أعمال مرج دمشق وتعرف بالزعيزعية وشرط فيها للخطيب بالجامع في كل شهر عشرين درهما وللإمام بالمسجد في كل شهر خمسين درهما والمؤذن والقيم ثلاثين درهما ولعشرة قراء في الشهر لكل منهم عشرة دراهم ثم أحرق في أيام الملك الصالح عماد الدين إسماعيل في أواخر سنة اثنتين وأربعين وستمائة لما نازل دمشق معين الدين بن الشيخ ثم جدد بناوه الأمير مجاهد الدين محمد ابن الأمير غرس الدين قيلج النوري في سنة اثنتين وخمسين وستمائة انتهى.
جامع الملاح:
5- خارج باب شرقي أنشأه الصاحب شمس الدين غبريال ناظر الدواوين بدمشق المتشرف بالاسلام في سنة إحدى وسبعمائة كما قاله البرزالي في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. قال ابن كثير في سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفي يوم الجمعة السابع عشر ذو الحجة أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه الصاحب شمس الدين غبريال إلى جانب ضرار بن الأزور رضى الله تعالى عنه بالقرب من محلة الملاح أي القعاطلة وخطب به الشيخ شمس الدين محمد بن التدمري المعروف بابن النيرباني وهو من كبار الصالحين ذوي العبادة والزهادة وهو من أصحاب شيخ الإسلام ابن تيميه وحضره الصاحب المذكور وجماعة من القضاة والأعيان انتهى.
جامع الخليخاني:
6- خارج باب كيسان. قال ابن كثير في سنة ست وثلاثين وسبعمائة: وفي سلخ شهر رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين بن خليخان تجاه باب كيسان من القبلة وخطب به الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية انتهى. ورأيت بخط البرزالي في السنة المذكورة نحو ذلك وزاد وكان قد(2/324)
نودي في البلد لذلك فحضر خلق كثير من الأعيان وغيرهم انتهى.
جامع المزاز
7- بالشاغور قال الأسدي في ذيله في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة السيد تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن جعفر الزيني الجوخي باني جامع المزاز بالشاغور بعد ان كان مسجدا وكان رجلا حسنا منجمعا عن الناس مولده سنة تسع وأربعين وسبعمائة وتوفي يوم الأحد ثامن عشرية ودفن بباب الصغير وهو أخو الشيد شمس الدين محمد الزيني وهو أسن من أخيه رحمهما الله تعالى انتهى.
جامع الطواشي:
8- خارج باب النصر المعروف بباب السعادة. قال الحافظ شهاب الدين ابن حجي في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة: وفي الرابع عشري المحرم منها فرغ من عمارة المسجد المعروف بالعمري خارج باب النصر برأس حكر السماق وكان مسجدا قديما بوسط الطريق فحول إلى غرب الطريق توسعه للطريق على المارة ثم أحدث فيه خطبة في أيامنا ثم خرب في أيام الفتنة فجدده الطواشي مرجان خازندار الأمير شيخ وعمل فيه خطبة ووسعه ووقف عليه وقفا ورتب له إماما وخطيبا وجعل فيه محدثا يقرأ الحديث وقاريء حديث وجعل الشيخ جمال الدين ابن الشرايحي مصدرا لاقراء الحديث انتهى. وقال التقي ابن قاضي شهبة في العشر الأخير من صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وفي هذه الجمعة فرشت الحصر بالجامع الجديد خارج باب النصر بناه مرجان طواشي النائب يعني شيخ الخاصكي وجعل في جوانبه حوانيت ووقفها عليه وجاء في غاية الحسن ولم يفرغ إلى الآن منبره ولادهانه وهم في همة تكميل ذلك وجلست فيه للاشتغال بالعلم في كل أسبوع ثلاثة أيام وفي جامع تنكز يومين اخرين انتهى. وقال في ربيع الأول منها: وفي يوم الجمعة مستهلة خطب بالجامع الجديد خارج باب النصر وحضر بانيه مرجان خاندار النائب وجماعة مع أنه لم يعمل المنبر بعد وإنما هم في همته انتهى.(2/325)
جامع يلبغا
9- على شط نهر بردى تحت قلعة دمشق قال الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه في كلامه على القري: وجدت بخط الشيخ القدوة أبي سعيد مساعد بن ساري1 رحمه الله تعالى سمعت الشيخ محمد بن القرمي2 بالقدس يقول: كان موضع جامع يلبغا تلا يشنق عليه حتى شنق عليه فقير مجذوب شطح فقتل عليه مشنوقا ولم يقتل عليه أحد بعده وكان يرون أن ذلك بسببه انتهت الزيادة. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة سبع وأربعين: وفي هذا العام أنشأ الجامع السيفي يلبغا بدمشق. وقال في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة: وفي جمادى الأولى جاء الخبر إلى دمشق بمسك جماعة من كبراء أمراء مصر منهم آق سنقر والحجازي وبيدمر البدري وغيرهم تتمه سنة فجمع نائب الشام الأمير سيف الدين يلبغا الأمراء بعد الموكب واستشارهم فيما يصنع فاختلفوا عليه فكاتب إلى النواب بالبلاد الشامية فأجابه بالطاعة نائب حلب المحروسة ارغون شاه3 فتحول نائب دمشق بأهله وخزائنه إلى القصر الظاهري فأقام به أياما فقدم عليه أمر السلطان يعلمه أنه قد كتب تقليد ارغون شاه نائب حلب المحروسة نيابة دمشق ويأمره بالشخوص إلى القاهرة فانتهر الرسول ورده بغير جواب فلما كان من الغد وهو يوم الخميس منتصف الشهر خرج بجميع أهله وغلمانه ودوايه وحواصله إلى خارج البلد عند قبته المعروفة به اليوم وخرج معه أبوه وإخوته وجماعة من الأمراء منهم قلاون وسبعة ممن أطاعوه فباتوا ليلتين بأرض القبيبات فلما كان من الغد يوم الجمعة نودي في البلد من تأخر من الأمراء والجند شنق على باب داره فتأهب الناس للخروج وطلع الأمراء فاجتمعوا إلى السنجق السلطاني تحت القلعة فلما تكاملوا ساروا نحوه بعد صلاة الجمعة ليمسكوه فجهز ثقله وزاده وما خف عليه من أمواله ثم ركب بمن أطاعه ووافاه الجيش عند ركوبه وهابوا أن يبتدوه بالشر فتقدمهم وساروا وراءه وأما أهل القبيبات وعوام الناس والأجناد الباطله فنهبوا خيامه
__________
1 شذرات الذهب 7: 143.
2 شذرات الذهب 6: 303.
3 شذرات الذهب 6: 166.(2/326)
وكان قيمة ذلك ما يزيد على مائة ألف درهم فقطعوها ونهبوا مطبخه وما قدروا عليه من الشعير والجمال والمتاع وأما العسكر فساقوا خلفه وتتابعت عليه الجيوش وأحاطت به العرب من كل جانب فألجؤوه إلى واد بين حماة وحمص فدخل إلى نائب حماة بعد أن قاسى من الشدائد ما قاسى فاستجار به فأجاره وأنزله وأكرمه وكتب إلى السلطان الملك المظفر يعلمه بذلك فجاءه الجواب بمسكه فقبض عليه نائب حماه وقيده وأرسل به متحفظا عليه فلما وصل إلى قاقون جاءه أمر الله تعالى فخنق هناك واجتزوا رأسه ومضوا به إلى القاهرة ثم قدم إلى دمشق شيخنا الأمير نجم الدين الزيبق صحبة الصاحب علاء الدين الحراني للحوطة على أموال يلبغا ومن معه من الأمراء انتهى. ثم قال: في ثامن جمادى الآخرة قدم الأمير سيف الدين ارغون شاه من حلب المحروسة على نيابة دمشق انتهى. وقال ابن حبيب1 في هذا الجامع شعرا.
يمم دمشق ومل إلى غربيها ... والمح معاني حسن جامع يلبغا
من قال من حسد رأيت نظيره ... بين الجوامع في البلاد فقد لغا
قال الأسدي في ذيله في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة: في المحرم وفي يوم السبت الرابع والعشرين منه رأيت القبة التي كانت مشهورة بقبة جامع يلبغا قد أزيلت وبني موضعها سقف على المسجد فعل ذلك الأمير محمد بن منجك وكان بسبب ذلك أن الناس كانوا يظنونها قبة يلبغا وأن الزاوية له وإنما ذلك للأمير الأمجد محمد بن منجك رحمه الله تعالى وقبة يلبغا فإنها غربيها انتهى. ولعل صوابه شرقيها والله تعالى أعلم.
جامع تنكز:
10- قال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع عشرة وسبعمائة وفي صفر منها شرع في عمارة الجامع الذي أنشأه أمير الأمراء تنكز نائب الشام ظاهر باب النصر تجاه حكر السماق على نهر بانياس بدمشق وتردد القضاة والعلماء في تحرير قبلته
__________
1 شذرات الذهب 6: 262.(2/327)
فاستقر الحال في أمرها على ما قال الشيخ تقي الدين بن تيمية في يوم الأحد الخامس والعشرين منه وشرعوا في بنائه بأمر السلطان ومساعدته لنائبه في ذلك انتهى. وقال فيها أيضا: وفي شعبان تكامل بناء الجامع الذي عمره الأمير تنكز ظاهر باب النصر وأقيمت الجمعة فيه يوم عاشر شعبان وخطب فيه الشيخ نجم الدين علي بن وداود بن يحيى الحنفي المعروف بالقحفازي1 من مشاهير الفضلاء بدمشق وذوي الفنون المتعددة بها وحضر نائب السلطان والقضاة والأعيان والقراء والمشدون وكان يوما مشهودا انتهى. وقد تقدمت ترجمة منشئه تنكز ملخصة في دار القرآن والحديث له انتهى. والله أعلم.
جامع السلطان
11- خلف مسجد المؤيد. قال الأسدي في ذيله: في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة وفي يوم الثلاثاء تاسعه هموا في عمارة الجامع الذي رسم ببنائه السلطان تحت القلعة مقابل برج باب الحديد وكان له مدة قد بطلوا العمل فيه ولكن نقلوا إليه في هذه المدة حجارة كثيرة كبارا من السور الذي عند باب جيرون انتهى.
جامع التوبة
12- بالعقيبة: قال ابن شداد أنشأه الملك الأشرف أبو الفتح موسى ابن الملك العادل سيف الديين أبي بكر بن أيوب في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وكان يعرف قديما بخان الزنجاري وكان به كل مكروه من القيان وغيره وولي خطابته الركن الطوسي ولم يزل بها إلى أن توفي ووليها بعده العماد المعروف بالواسطي واسمه أحمد ولم يزل بها إلى أن أخرج عن دمشق لأمور أنكرت عليه وقد نظم في ذلك أبياتا شرف الدين بن عنين فقال:
يا مليكا ملأ الرحـ ... ـمن بالعدل زمانه
جامع التوبة قد ... حملني منه أمانة
__________
1 شذرات الذهب 6: 143.(2/328)
قال قل للملك الأشـ ... ـرف أعلا الله شانه
لي إمام واسطي ... يعشق الخمر ديانه
والذي قد كان من ... قبل يغني بالجفانه
فكما كنت وما زلـ ... ـت ولا أبرح حانه
فأعدني النمط الأو ... ل واستبق ضمانه
انتهى. وأخبر المولى البهاء محمد بن النحاس1 أن الصدر المرحوم جمال الدين ابن زوتينية أنشده هذه الأبيات لنفسه والبيت الأول:
يا مليكا قد أقام ... العدل فينا وأبانه
وبعده:
قال قل للملك الاشـ ... ـرف أعلا الله شانه
كم إلى كم أنا في ... ذل وبؤس وإهانة
والذي قد كان من ... قبل يغني بجفانه
فكما نحن وما زلـ ... ـنا وما نبرح حانه
ثم قال ابن شداد: ثم ولي خطابته ونظره الشيخ بدر الدين يحيى ابن الشيخ الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام وجدد قبلته ومحرابه وذهبه وبيض أساطينه البرانية وأروقته الشمالية وصانه أتم صيانة وجدد له ربعا ووقفه عليه وفوض إليه ذلك الإمام فخر الدين بن حمويه في الأيام الصالحية النجمية وتولاه بعده اخوته وهو بأيديهم إلى الآن انتهى.
جامع العقبية:
13- قال الأسدي في ذيله في سنة سبع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر جدد جامع بالعقبية الكبرى بالساحة وجعل فيه خطبة وكان مسجدا فوسع وجعل جامعا وبنى له مأذنة فعل ذلك شخص تاجر انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 5: 442.(2/329)
جامع الجوزة:
14- غربي عمارة السلطان القايتبائية. قال الأسدي في ذيله في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة: وفي هذا الشهر بلغني أن القاضي بدر الدين ناظر الجيش وسع في مسجد الجوزة من شمالية وجعله جامعا وحصل الرفق لأهل تلك الناحية بذلك انتهى. وقال في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين: وممن توفي فيه زوجة القاضي بدر الدين حسن يعني ابن نجم الدين المتشرف بالاسلام ناظر الجيش وكان لها بنت من غيره وهي زوجة الأمير أزبك الدوادار وكانت غالبة على أمر زوجها ولما مات أقران البيت الذي عمره لصيق المدرسة الحنبلية ملكها فوقفته على نفسها ثم على أولادها ثم على الحرمين الشريفين واستولت على تركته وصالحت أرباب الديون والسلطان وشفع أزبك فيها حتى خفف ما كان يطلب منها وتزوجت بقاضي القضاة شهاب الدين ابن العز فلم يمض إلا مدة يسيرة وماتت في اليوم الأخير من شهر رمضان وصلي عليها بالجامع الأموي بعد صلاة العيد وأخرجت يوم العيد من باب شرقي عندما فتح الباب وبلغ ذلك الحاجب والقضاة عندما خرجوا من المصلى جاؤا إلى جنازتها فوجدوا الباب الشرقي لم يفتح بعد فانتظروه حتى فتح وصلوا عليها ودفنت عند زوجها بتربة مقابر أبي وكانت تنسب إلى خير ووقف أوقافا في مرضها على جهات بر فأبطلت بعد موتها وإليها تنسب التوسعة في جام الجوزة سامحها الله وأما زوجها فإنه توفي في جمادى الآخرة من السنة الماضية وهو ناظر الجيش وكاتب السر بدمشق وكان ساكنا في لس أنه لثغة ظاهرة وعمر دارا هائلة متصلة بالمدرسة الناصرية والباذرائية وأخذ أملاك الناس وأدخلها فيها وكان حنيفا جدا أصغر أمر يخرجه عن الاعتدال اتفق أنه تكلم على دار الضرب فأرسل إلى مصر فضة كثيره من مال السلطان فسبك بعضها فوجد في الألف ستين درهما نحاسا فأنكر السلطان عليه وأرسل مرسوما بإنكار كثير على فاعل ذلك وأنه يؤخذ منه تفاوت ذلك ستة الآف دينار ومن المصاريف والمباشرين تتمة عشرة الآف دينار وإن يعطي المستفسر بذلك ألف دينار وقريء ذلك بحضرة القضاة(2/330)
فعظم ذلك عليه لكونه صار زغليا عند السلطان فحمل على قلبه وكان قبل ذلك متضعفا فانقطع أياما ومات ودفن عند والده خارج الباب الشرقي بمقصورة أبي وهو في عشر الستين انتهى. ملخصا والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى.
جامع مسجد الاقصاب
15- قال الحافظ شهاب الدين بن حجي في سنة إحدى عشرة: وفيها وقع بين القاضي المالكي وابن الحسباني1 المباشر لقضاء الشافعية بسبب أن مسجد القصب قصد توسعته من جهة القبلة من أرض خان فارس وأن المالكي يحكم بأخذ الأرض بقيمتها قهرا ومانعه الشافعي فجرت بينهما أمور ثم وقع استفتاء فكتب على الفتوى بعد مراجعة كتب المالكية واستقر الجواب فيها على المنع عند المالكية على ما بينه في الفتوى انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة عقيبة وقد اخرب الأمير ناصرر الدين بن منجك المسجد المذكور وبناه جامعا كبيرا ولكن أخذت أرضه على غير طريق مرضي وحكى الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ المولى خليل القابوني: أنه صلى يوما بمسجد القصب هو والشيخ أحمد الأقباعي فقال الشيخ أحمد لو حصل لهذا من يوسعه لكان جيدا فقال له الشيخ: صار هذا فاتفق أنه عمر بعد وفاة الشيخ انتهى. وقال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة2: وفي الثالث عشر من جمادى الآخرة اقيمت الجمعة بمسجد القصب وخطب به الشيخ علي المناخلي انتهى. وقال الأسدي في ذيله في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وفي يوم الأربعاء ثامن عشرة حضر القاضي محيي الدين المصري بمسجد القصب لأجل تصدير رتبه له الواقف الأمير ناصر الدين محمد بن منجك وحضر عنده قاضي القضاه الشافعي هو ابن الحمرة وحضر جماعة من الأعيان انتهى. وزوج بنت القاضي الشافعي المذكور لابن أخي الشيخ محيي الدين المصري2 المذكور وهو رجل من أهل العلم قيل لي عنه أنه يحفظ مختصر ابن الحاجب في الفروع واسمه تقي الدين القباني واستنابه
__________
1 شذرات الذهب 7: 108.
2 شذرات الذهب 7: 232.(2/331)
المالكي بدمشق في ثالث شهر رجب منها ثم رجع إلى بلده في ذي القعدة منها انتهى.
جامع السقيفة
16- خارج باب توما قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة: وفي هذا الشهر فرغ من الجامع الذي جدد بالسبعة وجعل له شبابيك على النهر وارتفق به أهل تلك المحلة بناه شخص يقال له خليل الطوغاني رأس نوبة في دار السعادة وفي السنة الخالية جددت خطبة بالمدرسة الحلبية فبقي في هذا الخط ثلاث جمع تقام انتهى. يعنى هاتين الاثنتين وخطبة المدرسة الزنجية ثم قال في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانائة غرس الدين خليل الطوغاني نقيب النقباء بدار السعادة أنشأها جامعا عند باب توما على النهر وجاء حسنا ورتب فيه خطيبا ومؤذنين وقارئا للحديث وخرج إلى القسم فمات هناك وحمل إلى دمشق ودفن بها وكان شيخا أن لم يكن من الظلمة فهو من أعوانهم سامحه الله تعالى وخلف ولدين فباشرا عنه وظيفته انتهى كلامه.
جامع القابون
17- قال ابن كثير في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة: وفي منتصف شهر رمضان منها أقيمت الجمعة بالجامع الكريمي بالقابون ويومئذ شهدها القضاة والصاحب وجماعة من الأعيان انتهى. وقد مرت ترجمة الكريمي هذا في جامعه بالقبيبات انتهى.
جامع داريا الكبرى
18- قال شيخنا بدرالدين الأسدي في كتابه الكواكب الدرية في السيرة النورية في سنة خمس وستين وخمسمائة: وفيها أمر نور الدين بعمارة جامع داريا القائم الآن وكان قديما عند أبي سليمان الداراني فأحرقه الفرنج لما تولوا على(2/332)
داريا أيام مجير الدين آبق فعمره نور الدين في هذه السنة وجعله وسط البلد وعمر بها أي بداريا أيضا مشهد أبي سليمان الداراني انتهى.
جامع المزة
19- عمره الوزير صفي الدين بن شكر. قال الأسدي في تاريخه في سنة اثنتين وعشرين وستمائة: عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسن ابن منصور الصاحب الوزير الكبير صفي الدين أبي محمد المصري الدميري المالكي المعروف بابن شكر ولد بالدميرة بين الاسكندرية ومصر سنة ثمان وأربعين وقال ابن كثير سنة أربعين وخمسمائة وتفقه على الفقيه أبي بكر عتيق اليحيائي1 وبه تخرج ورحل إلى الاسكندريه وتفقه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف2 وسمع منه ومن أبي طاهر بن عوف3 وسمع من السلفي4 انشادا وأجاز له أبو محمد بن مربي5 وأبو الحسين بن الموازيني6 وجماعة وحدث بدمشق ومصر وروى عنه الذكي المنذري7 والشهاب القوصي8 وأثنيا عليه ووزر للعادل وتمكن منه ثم غضب عليه وعزله في سنة تسع وستمائة ونفاه إلى الشرق انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام في سنة خمس عشرة وستمائة: وفيها مات السلطان الملك العادل أبو السلاطين الكامل والمعظم والأشرف والصالح والاوحد وغيرهم سيف الدين أبو بكر محمد بن أيوب في جمادى الآخرة بعالقين وحمل في المحفة إلى دمشق وعاش تسعا وسبعين سنة وكان مولده ببعلبك وأبوه والى عملها للاتابك زنكي بن اق سنقر فدفن بقلعة دمشق أربع سنين ثم نقل إلى تربته وكان أصغر من أخيه صلاح الدين بنحو ثلاث سنين انتهى. ثم قال الأسدي في سنة خمس عشرة وستمائة: قال ابن كثير وفيها كان عود الوزير صفي الدين بن شكر من بلاد الشرق من آمد إلى دمشق
__________
1 شذرات الذهب 4: 158.
2 شذرات الذهب 4: 276.
3 شذرات الذهب 4: 268.
4 شذرات الذهب 4: 255.
5 شذرات الذهب 4: 273.
6 شذرات الذهب 4: 283.
7 شذرات الذهب 5: 277.
8 شذرات الذهب 5: 260.(2/333)
بعد موت الملك العادل فعمل فيه الشيخ علم الدين السخاوي1 مقامة يمدحه فيها ويبالغ في شكره وقد ذكر أنه متواضعا يحب الفقهاء ويسلم على الناس إذا اجتاز بهم وهو راكب في أبهة وزارته ثم أنه انكب في هذه السنة وذلك أن الملك الكامل وهو الذي كان سبب طرده وإبعاده كتب إلى أخيه الملك المعظم فيه فاحتاط على أمواله وحواصله وعزل ابنه عن نظر الدواوين وكان ينوب عن أبيه في مدة غيبته. قال ابن كثير وعمل أشياء في أيام وزارته للملك العادل منها: تبليط جامع دمشق واحاطة سور المصلى وعمل الفوارة ومسجدها وعمر جامع المزة انتهى. قال المنذري: وكان مؤثرا للعلماء والصالحين كثير البر بهم والتفقد لهم لا يشغله ما هو فيه من كثرة الاشغال عن مجالستهم ومباحثتهم وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة. وقال أبو شامة: وكان خليقا بالوزارة لم يتولها مثله وصنف كتابا سماه البصائر نور فيه على الأوائل والأواخر وفي آخر أمره فوض إليه الملك الكامل الأمور على عادته في أيام وزارته فتوفي على حرمته كذا ذكره الذهبي. وقال ابن كثير: وبقي معزولا من سنة خمس عشرة إلى أن توفي في نصف شعبان منها ودفن بتربته عند مدرسته بمصر ومنهم من يقول: كان مشكور السيرة ومنهم من يقول: كان ظالما وذكره الموفق عبد اللطيف وبالغ في ثلبه انتهى ملخصا. ثم قال الأسدي فيه في سنة ثلاث عشرة وستمائة: عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الوزير جمال الدين أبو محمد ابن الصاحب الوزير صفي الدين بن شكر سمع من حنبل وابن طبرزد وجماعة ووزر للملك المعظم عيسى وكان كثير الصدقات توفي في ربيع الآخر شابا انتهى.
قال كاتبه خويدم الطلبة والفقراء أبو زكريا يحيى بن النعيمي مؤلف هذا الكتاب تغمده الله برحمته: قد خرب هذا الجامع الصفي وبطلت الصلوات فيه من مدة سنين إلى أن أمر مولانا السلطان سليمان بن عثمان بعمارة جامعه والتكية مكان قصر الملك الظاهر أخذت الآت جامع الصفي إلى ذلك وكذلك الآت
__________
1 شذرات الذهب 5: 222.(2/334)
جامع النيرب وحصل للسيد تاج الدين عبد الوهابب الصلتي بمقتضى ذلك هم وغم كثير وكان ذلك في سنة خمس وستين وتسعمائة: ولم يبق بالمزة جامع غير جامع المررجاني فقط وكنت قديما في سنة خمس عشرة صليت الجمعة الصفي المذكور خلف أفضل الدين محمد بن عمر الرجيحي الحنبلي تمت الزيادة بحروفها من خط المؤلف رحمه الله تعالى.
جامع الأفرم
20- غربي الصالحية. قال ابن كثير في سنة ست وسبعمائة: وفي مستهل ذي القعدة كمل بناء الجامع الذي أنشأه وبناه الأمير جمال الدين نائب السلطنة الأفرم ورتب فيه خطيبا يخطب يوم الجمعة وهو القاضي شمس الدين محمد بن أبي العز الحنفي انتهى.
جامع الجبل
21- المشهور بجامع الحنابلة وبالمظفري بسفح قاسيون. قال ابن كثير في تاريخه وتبعه الأسدي في سنة ثماني وتسعين وخمسمائة: وفيه شرع الشيخ أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي1 في بناء المسجد الجامع الجبل فأنفق عليه رجل يقال له الشيخ أبو داود محاسن الفامي حتى بلغ البناء مقدار قامة فنفد ما كان معه فأرسل الملك المظفر كوكبوري بن زين الدين علي كجك صاحب إربل مالا جزيلا لتتميمه فكمل وأرسل ألف دينار ليساق بها إليه الماء من قرية برزه فلم يمكنه من ذلك الملك المعظم صاحب دمشق واعتذر بأن هذا فرش قبور كثيرة للمسلمين وصنع له بئر وبغل يدور ووقف عليه وقفا لذلك انتهى. وقال الأسدي في تاريخ في سنة ثلاث وستمائة: في ترجمة كوك بوري المذكور هو بضم الكافين بينهما واو ساكنه ثم باء موحدة مضمومة ثم واو ساكنة بعدها راء وهو اسم تركي ومعناه بالعربي دب ازرق هو ابن علي بن بكتكين
__________
1 شذرات الذهب(2/335)
ابن كجك التركماني وبكتكين بفتح الموحدة وسكون الكاف وكسر التاء المثناة من فوق الكاف وسكون مثناة من تحت وبعدها نون وهو اسم تركي وكجك لفظ عجمي ومعناه بالعربي صغير أي صغير لقد انتهى. ملخصا وقال ابن شداد: أول من خط الحاج علي الفامي من محلة مسجد القصب خارج باب السلامة ثم بلغ مظفر الدين كوكنبوري صاحب إربل أن الحنابلة بدمشق شرعوا في عمل جامع بسفح قاسيون وأنهم عاجزون عن العمل فيسير مع حاجب من حجابه يسمى شجاع الدين الإربلي ثلاثة الآف دينار أتابكية للتتميم العمارة ومهما فضل من ذلك يشتري له وقف ويوقف عليه وأول من ولي خطابته الشيخ أبو عمر المقدسي انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وستمائة في ترجمة الشيخ أبي عمر باني المدرسة وولي خطابة الجامع المظفري وهو أول من خطب به وكان يخطب وعليه لباسه الضعيف وعليه أنوار الخشية والتقوى وإنما كان للمنبر الذي فيه ثلاث مراقي وأربعة للجلوس كما كان المنبر النبوي قد حكى أبو مظفر أنه حضر عنده الجمعة وكان شيخ عبد الله اليونيني هناك حاضره فلما انتهى. الشيخ أبو عمر إلى الدعاء إلى السلطان قال: اللهم أصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب فنهض الشيخ أبو عبد الله وترك الجمعة قال: فلما فرغنا ذهبت إليه فقلت: لماذا قمت؟ فقال: يقول لهذا الظالم العادل؟ وبينما نحن في الحديث إذ أقبل الشبيخ أبو عمر ومعه رغيف وخيارتان فكسر ذلك وقال: الصلاة ثم قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بعثت في زمن الملك العادل كسرى" فتبسم الشيخ أبو عبد الله ومد يده فأكل فلما قام الشيخ أبو عمر قال: لي يا سيدنا ما هذا إلا رجل صالح قال الشيخ شهاب الدين أبو شامه: كان الشيخ أبو عبد الله من الصالحين الكبار وقد رأيته وكانت وفاته بعد أبي عمر بعشرة سنين ولم يسامح الشيخ أبي عمر في تساهله مع ورعه ولعه كان مسافرا لا جمعة عليه وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا قد جرى مجرى الأعلام العادل الكامل الأشرف كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود وقد يكون ذلك على الضد من تلك الأسماء وكذلك إطلاق العادل ونحوه أنه قد أدخل إطلاقه على المشترك(2/336)
فهذا أولى قلت هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له وليس هو في بشئ من الكتب المشهورة وعجبا له ولأبي المظفر ثم لأبي شامه في قبول مثل هذا وأخذه منه مسلما والله أعلم انتهى. كلام ابن كثير ورأيت في كتاب التذكرة في الأحاديث المشتهرة حديث "ولدت في زمن الملك العادل" كذب باطل انتهى. وتبع الشيخ جلال الدين السيوطي1 في كتابة "الدرر المنتثرة" في الأحاديث المشتهرة بلفظ "ولدت" وقد قال الله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} وقال البغوي2: أي يشتركون وأصله من مساواة الشيء بالشىء ومنه العدل أي يعدلون بالله غير الله يقال عدلت هذا بهذا إذا ساويته به وقال النضر بن شميل: الباء بمعنى عن أي عن ربهم يعدلون أي يمليون وينحرفون عن المعدول قال الله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي منها قيل تحت قوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} معنى لطيف ومثل قوله القائل: أنعمت عليهم بكذا وتفضلت بكذا ثم تكفررون بنعمتي انتهى. وقال غيره: يعدلون يجعلون له عدلا وأتى الحجاج بامرأة من الخوارج فقال لها: ما تقولين في فقالت: أنت قاسط عادل فقال لمن حضر ما تقولون في كلامها فقالوا: ما نرى به بأسا فقال إنها تقول إني جائر كافر وتلا قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية وقوله تعالى: {وأما الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} والله أعلم انتهى. قال ابن شداد: ثم ولي خطابته بعد الشيخ أبي عمر تقي الدين ابن الحافظ الحنبلي ثم من بعده شمس الدين عبد الرحمن وهو في يومه إلى يومنا هذا في شهور سنة ست وتسعين وخمسمائة وتجددت له من بعد ذلك فتوحات وأوقاف وهي بأيديهم انتهى.
جامع حرستا
22- أنشأه الوزير صفي الدين بن شكر قاله الأسدي في تاريخه وقد تقدمت ترجمة الوزير هذا في جامع المزة انتهى.
__________
1 شذرات الذهب 8: 51.
2 شذرات الذهب 4: 84.(2/337)
جامع النيرب
23- بالقرب من الربوة قال الحافظ ابن ناصر الدين في مسودة توضيحه: النيرب من قرى الغوطة وهي قرية حسناء من محاسن قرى دمشق من إقليم بيت لهيا كثيرة المياه والبساتين وبها جامع حسن تقام فيه الجمعة ويقال في شرقيه قبر حنة أم مريم عليهما السلام. وقال ابن شداد: وليست مريم بنت عمران "ولها حكاية" في تاريخ دمشق لابن عساكر أن الخضر عليه السلام ينتاب هذا المسجد ويصلي فيه ويروي أن عيسى عليه السلام كان فيه انتهى.
وقال ابن كثير في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة: الصدر أمين الدين محمد بن فخر الدين بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ابن أبي العيش الأنصاري الدمشقي باني المسجد المشهور به بالربوة على حافة بردى والطهارة الحجارة إلى جانبه والسوق الذي هناك وله بجامع النيرب ميعاد ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة وسمع البخاري وحدث به وكان من أكابر التجار ذوي اليسار توفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر سادس المحرم ودفن بتربته بقاسيون وقال البزالي وفي بكرة يوم الجمعة وقت أذان الفجر سادس المحرم من سنة الآخرة المذكورة توفي الشيخ الصدر أمين الدين أبو عبد الله محمد ابن فخر الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أبي العيش الأنصاري الدمشقي وصلى عليه عقيب الجمعة بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون شمالي الجامع المظفري وسألته عن مولده فقال: كنت رضيعا سنة ثمان وخمسين وستمائة وبيني وبيت تاج الدين بن الشيرازي رضاع سمع صحيح البخاري على ابن أبي اليسر والجماعة في سنة ست وستين وستمائة وحدث به قبل موته بأشهر ودخل اليمن في التجارة وكان رجلا جيدا فيه خير ودين وعمر تحت الربوة مسجدا وطهارة وانتفع الناس بذلك وتكلم في جامع النيرب وفي وقفه ووقف فيه ميعاد حديث قبل الجمعة انتهى.
وقد خرب هذا الجامع الذي بالنيرب وبطلت الصلوات فيه من مدة سنين(2/338)
وأخذت الآته إلى عمارة الجامع والتكية التي أمر بإنشائها مولانا السلطان سليمان بن عثمان نصره الله تعالى مكان قصر الملك الظاهر وكان أخذ هذه الآلات لذلك في سنة خمس وستين وتسعمائة وحصل بين السيد تاج الدين عبد الوهاب الصلتي وبين الكمال محمد بن الحمراوي شر كثير بمقتضى ذلك انتهى.
جامع الربوة
24- قال الذهب في ذيله على العبر: في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وفي شهر ربيع الأول ولي قاضي القضاة جمال الدين بن جملة1 وجددت بالربوة خطبة وأمسك حاجب السلطان المتكلم عليها الأمير سيف الدين الماس وكان ظلوما انتهى.
جامع ابن العنبري
25- بدرب الصالحية الأخذ إلى الجسر الأبيض قال الأسدي في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وفي شهر ربيع الأول منها توفي علاء الدين علي المعروف بابن العنبري الطرابلسي وكان له دنيا وقدم الشام وأقام بها وكان خصيصا بشاهين دوادار نائب الشام الأمير شيخ وكان له مساعده في بناء جامع التوبة ووقف أوقافا على جهات بر فلما افتقر نقضها وبنى مسجدا غربي سويقه ساروجا على يمين المتوجه إلى الصالحية ثم جعله جامعا وجعل فيه خطبة ثم بطلت الخطبة لما عمر الحاجب برسب أي جامعة بالقرب منه ودارت عليه الدوائر وركبه الدين وأقام بطرابلس وتخمل جدا ثم جاء بعد موت صهره كريم الدين بردك بن منجك إلى دمشق فأقام بها إلى أن توفي ليلة السبت مستهل الشهر المذكور ودفن بالتربة التي مقابل مسجده وكان يتمعقل ويصحب الترك وقارب سنه السبعين ظنا انتهى. جامع الحاجب
26- الدمشقي بسويقه ساروجا قال الأسدي في سنة ثلاثين وثمانمائة وفي
__________
1 شذرات الذهب 6: 119.(2/339)
أواخر شهر رمضان منها صلى بجامع الحاجب بسويقه ساروجا وخطب به يوم الجمعة رابع عشرة ويقال سلخ الشهر المذكور برهان الدين ابن قاضي عجلون وهو الذي كان نائب القاضي في الخطابة بالجامع الأموي انتهى. ثم قال في شوال منها: وفي يوم الجمعة رابع عشر من الشهر المذكور صلى النائب والأمراء بجامع الحاجب الجديد وخطب به قاضي القضاة خطبة بليغة وذكر الأحاديث الوارده في فضل بناء المساجد واختلاف ألفاظها ومن خرجها وهي آخر خطبة خطبها انتهى ملخصا.
جامع النحاس
27- شرقي الركنية بالصالحية. قال ابن كثير في سنة أربعة وخمسين وستمائة: الشيخ عماد الدين عبد الله بن الحسين بن النحاس ترك الخدم وأقبل على الزهادة والتلاوة والعبادة والصيام المتتابع والانقطاع إلى مسجده الجامع بسفح قاسيون نحوا من ثلاثين سنة وكان من خيار الناس ولما توفي دفن عند مسجده الجامع بسفح قاسيون بتربة مشهورة به وحمام ينسب إليه في مشاريق الصالحية وقد أثنى عليه السبط وأرخ وفاته كهلا وقد توفي السبط في أواخر هذه السنة انتهى. ووجدت بخط الحافظ ابن ناصر الدين في مسودة توضيح المشتبه منهم المجد أبو الحسن علي ابن الحسن ابن علي ابن النحاس الأنصاري الدمشقي وإليه ينسب حمام النحاس الذي بطريق الصالحية العتيق بدمشق سمع ابن النحاس هذا من أبي طاهر السلفي وأبي القاسم بن عساكر وتفقه على ابن أبي عصرون وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وستمائة. وقال الأسدي وسمع أبا المظفر الفلكي1 وروى عنه الشهاب القوصي وغيره وإليه ينسب الحمام شرقي الصالحية وقد خرب في زماننا في الفتنة انتهى. جامع المرجاني
28- بضواحي المزة. قال الشريف الحسيني في كتاب ذيل العبر في سنة تسع
__________
1 شذرات الذهب 4: 188.(2/340)
وستين وستمائة: وفيها أكمل جامع المزة وأقيمت فيه الجمعة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر انتهى. وقال في سنة تسع وخمسين وسبعمائة ومات في سادس عشري ذي القعدة شيخنا الزاهد بهاء الدين محمد بن أحمد بن المرجاني صاحب جامع المزة وغيره من الماثر الحسنة حدث عن ابن مزير وغيره انتهى. وقال ابن كثير في سنة عشرين وسبعمائة: وفيها عمر ابن المرجاني شهاب الدين مسجد الخيف وأنفق عليه نحوا من عشرين ألفا انتهى.
جامع قلعة دمشق
29- قال العز ابن شداد: وفي القلعة المحروسة المسجد الكبير الجامع الذي أنشأه نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى فيه منارة وبركة وعلى بابه سقاية وله إمام ومؤذن ووقف انتهى. قال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة: وفي المحرم منها وفي أمر السلطان الملك الناصر بن قلاوون بعمارة جامع القلعة وعمارة جامع مصر العتيقة انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وعشرين وثمانمائة: في جمادى الآخرة منها وفي هذا الشهر فربت المئذنة بجامع القلعة وكان قد الزم بها القاضي شمس الدين الأذرعي1 بسبب أنه مدرس القلعة فذكر أن هذه المئذنة محدثة أحدثها الأمير زبالة يعني زين الدين الفارقاني نائب القلعة في أيام الملك المنصور ابن الملك المحفوظ في سنة اثنتين وستين وسبعمائة فلم يسمع منه وأوذي وأهين فلما كان في هذا الوقت كان قد بقي في رأسها شيء يسير وبياضها فطلبه نائب القلعة واهانه ولربما قيل أنه ضربه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انتهى.
جامع الثابتية
30- قال الأسدي في سنة خمس عشرة وثمانمائة: وفي شهر رمضان منها توفي شمس الدين محمد بن عياش الجوخي قال شهاب الدين ابن حجي: كان ذا ثروة وأموال كثيرة ولم يكن بالجواد على إنفاقها وقد سمع من ابن الخباز
__________
1 شذرات الذهب 7: 204.(2/341)
وحدث في هذا العام توفي في تاسع عشرة بمنزله بالقرب من حمام يلبغا وصلي عليه بجامع الثابتية ودفن بتربة ابن التدمري بالجامع المذكور وقد جاوز السبعين وهو أسن من أخيه المقري الخير شهاب الدين أحمد1 الذي هو الآن ببلاد اليمن وكان يدور البلاد ويقري القرآن انتهى.
جامع ابن منجك
31- عند جسر الفجل وآخر ميدان الحصى أنشأ الأمير العوني الغيائي الهمامي الصارمي إبراهيم ابن الأمير سيف الدين منجك اليوسفي الناصري قتل رحمه الله بوقعة الأمير نعير ولم يعرف جسده من المقتولين وأما والده فقد مرت ترجمته في المدرسة المنجكية الحنفية ملخصة وهي طويلة ومنها ما بلغني عن بعض المشايخ أن الأمير منجك مر على طبقة فسمع صوت أمراه فسأله دواداره عنها فقيل له إن لها أياما في الطلق وتعسر عليها خروج الولد فمضى إلى منزله ثم أرسل إليها سرواله وأن تضعه على ظهرها ففعلت فنزل الولد في الحال فقيل له بم نلت ذلك؟ فقال: لأني ما كشفت ذيلي على معصية أبدا وقيل إن رجل تراهن هو وجماعة على مبلغ خمسمائة درهم إن ركب خلف منجك على فرسه وهو راكب ثم جاء الأمير وهو راكب فركب خلفه فقال له الأمير منجك. وقد غلبت اذهب فخذ الخمسمائة درهم كأنه كاشفه وقيل إن رجلا قدم له قميص مناشف منسوجا لن يضع فيه إبره فلما رآه الأمير منجك قال له من أستاذك في هذا الصناعة قال الرجل: إنما اصطنعت ذلك من نفسي فلما سمع الأمير ذلك طرحه له ولم يلتفت إليه لكونه استقل بذلك من غير أستاذ
وفيه يقول بعض الأدباء حين أمر بحمل الحجارة على العجل لأجل العمارة من أرض العمارة المذكورة:
لنا مليك على البنيان مقتدر ... قلوب صم الحصى من ذكره وجله
ذو همة لو نأى في أمره جبل ... أتى به مسرعا في الحال بالعجلة
__________
1 شذرات الذهب 7: 154.(2/342)
وله ثلاثة أولاد ذكور: أحدهم هذا الأمير فرج وقد مر أنه دفن بتربته بظاهر باب الجابية قبلي تربة افريدون العجمي وغربي تربة الأمير بها درآص والثالث الأمير ركن الدين عمر ودفن بالمكان الذي كان معصره وقفها الحاج عثمان بن البص التاجر بمحلة مسجد الذبان فأخذها بعده أيضا الحاجب فأسسها ليدفن بها فلم يقدر له ذلك فأخذها ركن الدين هذا ودفن بها قبل فتنة تيمور بسنتين ثم احترقت في الفتنة ثم جددها الناصر محمد ابن ابن أخيه إبراهيم وجعل بها خمسة مجاورين وشيخا لهم يقرئهم القرآن الكريم. انتهى ملخصا والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى الكتاب.
انتهى الكتاب(2/343)