الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ فَأَنا أُنفِّذها فَقَالَ لَا إِلاَّ إِذا حكم بهَا هَذَا حكمتُ بصحّتها وَطَالَ التَّنَازُع فِي ذَلِك وَلم يرجع هَذَا وَلَا نَفَّذ هَذَا لَهُ حكما
وأظنّه وَالله أعلم مَاتَ معزولاً وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي أوَّل شهر رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وتألَّم لَهُ أَصْحَابه
أَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام عز الدّين حَمْزَة بن شيخ السَّلامِيَّة قَالَ لي رَأَيْته لَيْلَة مَاتَ قبل دَفنه فقلتُ لَهُ مَا مُتَّ قَالَ بلَى قلتُ فَمَا رَأَيْت الله قَالَ بلَى لمَّا يغمى على الْمَيِّت فِي النزع ذَلِك الْوَقْت يرى الميتُ الله تَعَالَى قلت فَمَا قَالَ لَك قَالَ قَالَ لي أَهلا بعبدي وحبيبي أَو كَمَا قَالَ
3 - (النَّوْفَلِي الْمَالِكِي)
عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْمَكِّيّ وثَّقه أَحْمد وَغَيره وروى لَهُ البُخَارِيّ والتِّرمذي والنَّسائي وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ ابْن عمّ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن وروى عمر هَذَا عَن طَاوُوس وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَابْن أبي مُليكة وَعَمْرو بن شُعيب وروى عَنهُ رَوْح بن عُبادة وَيحيى القطَّان وَأَبُو أَحْمد الزُّبَيْري وَسَعِيد بن سَلام العطَّار وَطَائِفَة)
3 - (أَخُو سُفْيَان الثَّوْريّ)
عمر بن سعيد بن مَسْرُوق أَخُو سُفْيَان الثَّوْريّ روى عَن أَبِيه وَأَشْعَث بن أبي الشَّعثاء وعمَّار الدُّهني وروى عَنهُ أَخُوهُ مبارك وَابْنه حَفْص بن عمر وَإِبْرَاهِيم بن طَهْمان وسُفْيَان بن عُيينة وثَّقه النَّسائي وَتُوفِّي وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّسائي
3 - (الْأَشْقَر)
عمر بن الْحَاكِم أبي سعد الْفَقِيه أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بالأشقر هُوَ من شعراء دمية الْقصر قَالَ الباخرزي مقطَّعاته حلوةٌ كالشَّهد وَإِن كَانَت مَقْصُورَة على مُرِّ الزُّهد فَمِنْهَا قَوْله
(عجبا لقومٍ يُعجَبون برأيهم ... وَأرى بعقلهمُ الضَّعِيف قصورا)
(هدموا قصورهمُ بدار بقائهم ... وَبَنُو لعمرهمُ الْقصير قصورا)(22/297)
وَقَوله
(عمري قصيرٌ وَمَا قدَّمتُ من عملٍ ... لله ذَاك ولمَّا أَقْضِ من وَطَرِ)
(وأتعبتْنيَ دنيا مَا لَهَا خطرٌ ... يَظَلُّ من حرصها ديني على خطرِ)
وَقَوله
(المرءُ يسْعَى لدنياه ويزجره ... سَوْطُ الزَّمَان ويُدنيه من الأجلِ)
(وَلَيْسَ يسْعَى لما فِيهِ النجاةُ لَهُ ... كأنَّه آمِنٌ فِيهَا من الوَجَلِ)
وَقَوله
(إلهيَ حاجاتي إِلَيْك كثيرةٌ ... وأنتَ بحالي عالمٌ وخبيرُ)
(وأنتَ رَحِيم بالبريَّةِ فاقْضِها ... جَمِيعًا وَذَا سهلٌ عَلَيْك يَسيرُ)
(ذُنُوبِي ذُنُوبِي حُطَّ عنِّيَ ثقلهَا ... فقد أثقلتْ ظَهْري وأنتَ غفورُ)
3 - (الهَمْداني الْكُوفِي)
عمر بن سَلِمَة الهَمْداني سمع عليًّا وَابْن مَسْعُود وَحضر النَّهْروان مَعَ عليّ وَأَبوهُ بِكَسْر اللَّام هُوَ وَعَمْرو بن سَلِمَة الْجرْمِي وَسَيَأْتِي ذكره فأمَّا عَمْرو بن سَلَمَة بِفَتْح اللَّام فشيخٌ مَجْهُول لِلْوَاقِدِي وشيخٌ آخر قزويني ويروي عَنهُ أَبُو الْحسن القطَّان
3 - (المظفَّر صَاحب حماة)
)
عمر بن شاهنشاه بن أيّوب الْملك المظفَّر تقيّ الدّين أَبُو سعيد بن نور الدولة صَاحب حماة وَهُوَ ابْن أخي السُّلْطَان صَلَاح الدّين تقدَّم ذكر(22/298)
أَبِيه كَانَ شجاعاً مقداماً منصوراً فِي الحروب مؤيَّداً فِي الوقائع ومواقفه مَشْهُورَة مَعَ الفرنج وَله آثارٌ فِي المصافَّات دلَّت عَلَيْهَا التواريخ وَله فِي أَبْوَاب البرّ كلّ حَسَنَة مِنْهَا مدرسة منَازِل العِزّ يُقَال إنَّها كَانَت دَار سكنه فَوقف عَلَيْهَا وَقفا كثيرا وَجعلهَا مدرسةً وَكَانَت الفيُّوم وبلادها إقطاعه وَله بهَا مدرستان شافعيَّة ومالكيَّة وَعَلَيْهِمَا وقفٌ جيِّد وَبنى بِمَدِينَة الرُّها مدرسة لمَّا كَانَ صَاحب الْبِلَاد الشرقيَّة وَكَانَ كثير الْإِحْسَان إِلَى الْعلمَاء وأرباب الْخَيْر
وناب عَن عمّه صَلَاح الدّين بالديار المصريَّة فِي بعض غيباته عَنْهَا لأنَّ الْملك الْعَادِل كَانَ نَائِبا عَن أَخِيه صَلَاح الدّين فلمَّا جَاءَ من الكَرَك سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة فِي شهر رَجَب طلب أَخُوهُ من مصر بالعساكر وسيَّر إِلَيْهَا تقيّ الدّين عمر نَائِبا عَنهُ ثمَّ استدعاه إِلَيْهِ إِلَى الشَّام ورتَّب مَكَانَهُ الْعَزِيز عُثْمَان وَمَعَهُ الْعَادِل فشقَّ ذَلِك على تقيّ الدّين وعزم على دُخُوله بِلَاد الغرب ليفتحها فقبَّح أصحابُه عَلَيْهِ ذَلِك فامتثل قَول عمّه صَلَاح الدّين وَحضر إِلَى خدمته وَخرج السُّلْطَان والتقاه بمرج الصُفَّر واجتمعا هُنَاكَ وَفَرح بِهِ وَأَعْطَاهُ حماة فتوجَّه إِلَيْهَا وتوجَّه إِلَى قلعة مَنازْكِرْدَ من نواحي خِلاط ليأخذها فحاصرها مدَّة وَتُوفِّي عَلَيْهَا يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر شهر رَمَضَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَقيل توفّي بَين خِلاط وماردين وَنقل إِلَى حماة ودُفن بهَا ورُتِّب مَكَانَهُ وَلَده الْمَنْصُور أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد وَقد تقدَّم ذكره
وَقَالَ فِي وَصفه صَاحب الخريدة ذُو السَّيْف والقلم والبأس وَالْكَرم كَانَ يساجل العظماء ويجالس الْعلمَاء ولكثرة امتزاجه بالفضلاء نظمَ الشّعْر طبعا وَلم يُميِّز خفضاً ونصباً ورفعاً
وَمن مُخْتَار مَا أنْشد لَهُ قولُه
(جاءتك أَرض الْقُدس تخطُب ناكحاً ... يَا كُفْأها مَا العُذْرُ عَن عذْرائها)
(زُفَّتْ عَلَيْك عروسَ خِدْرٍ تُجتلى ... مَا بَين أَعْبُدِها وَبَين إمائها)
(إيهٍ صَلَاح الدّين خُذْها غادةً ... بِكْراً ملوكُ الأرضِ من رُقبائها)
(كم خاطبٍ لجمالها قد ردَّه ... عَن نَيلها أنْ لَيْسَ من أكفائها)(22/299)
وَقَوله)
(يعاتبني قومٌ يعزُّ عليهمُ ... مسيريَ مَا هَذَا السُّرى فِي السَّباسبِ)
(فقلتُ لَهُم كُفُّوا وَمَا وكفتْ لكم ... جفونٌ وَلَا ذُقتم فِرَاق الحبائبِ)
وَقَوله
(مَا أحسنَ الصبرَ ولكنَّني ... أنفقتُ فِيهِ حاصلَ العُمْرِ)
(فليتَ دهري عَاد لي مرَّةً ... بِبَعْض عمرٍ ضاعَ فِي الصَّبْرِ)
وَقَوله
(أحبابنا والهوى لَا حلتُ بعدكمُ ... عَن العهود وَلَا استهواني الغِيَرُ)
(فإنْ أحُلْ بخلتْ كفِّي بِمَا ملكتْ ... وَلَا أحببتُ النَّدى إنْ قيل يَا عمرُ)
وَقَوله
(كلمَّا زدتمُ جَفا ... زادَ قلبِي تلهُّفا)
(جَار فِي يومِ بينِكم ... حاكمٌ مَا توفَّقا)
وَقَوله
(يَا مَالِكًا رِقِّي برقَّة خدِّه ... ومُعذِّبي دون الأنامِ بصدِّهِ)
(ومكذِّبي وَأَنا الصَّدوقُ وهاجري ... وَأَنا المَشوقُ ومانِعي من رِفدهِ)
(أشتاقهُ وَأَنا الجريحُ بلحظهِ ... وأحبُّه وَأَنا الطعينُ بقدِّهِ)
وَقَوله
(آهِ من قومٍ بُليتُ بهم ... أدمُعي من بعدهمْ تَكِفُ)
(عرفُوا أنِّي أُحبُّهُمُ ... وبلائي بِالَّذِي عرفُوا)
وَقَوله
(نعمَ الأراكُ بِمَا حوتهُ شفاهها ... يَا لَيْتَني أصبحتُ عودَ أراكِ)
(سَعِدَت بكم تِلْكَ البقاعُ وأهلُها ... مَن لي بأنْ أحتلَّها وأراكِ)
وَقَوله
(إِذا أدلَّت أذلَّت قلبَ عاشقها ... مَا أطيبَ الحبَّ إدلالاً وإذلالا)
(ترنَّحتْ بنسيمِ العتبِ مائلةً ... لَو لم يكنْ قدُّها غُصناً لمَا مَالا)(22/300)
وَقَوله)
(يَا بَائِنا أبان عَن ... عَيْني لذيذَ الوسنِ)
(وَيَا مريضَ المقلةِ ال ... كحلاءِ كم تُمرِضُني)
(لَهْفي على الظَّلم الَّذِي ... بِمَنْعه يظلمني)
(يجني عليَّ خدُّهُ ... بِمَنْعه الوردَ الجَني)
وَقَوله
(قد فازَ من أصبح يَا هَذِه ... وذنبُه وصلُك يومَ الحسابْ)
(كأَنَّكِ الجنَّةُ مَن حَلَّها ... نَالَ أَمَانًا من أليمِ العذابْ)
وَقَوله
(قلبِي وَإِن عذَّبوه لَيْسَ ينقلبُ ... عَن حبِّ قومٍ مَتى مَا عذَّبوا عَذُبوا)
(راضٍ إِذا سَخِطوا دانٍ إِذا شَحَطوا ... هُمُ المنى لي إنْ شطُّوا وَإِن قَرُبوا)
3 - (أَبُو زيد النَّحوي)
عمر بن شبَّة بن عَبيدَة بن رَيطة أَبُو زيد الْبَصْرِيّ مولى بني نُمير وَاسم شبَّة زيدٌ وإِنَّما سمِّي شبَّة لأنَّ أمَّه كَانَت ترقِّصه وَتقول
(يَا بِأبي وشبَّا ... وعاش حتَّى دبَّا)
شَيخا كَبِيرا خَبَّا توفّي عمر فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بسامرَّاء وَبلغ من الْعُمر تسعين سنة وَكَانَ راوية للْأَخْبَار عَالما بالآثار أديباً فَقِيها صَدُوقًا وَله من التصانيف كتاب الْكُوفَة كتاب الْبَصْرَة كتاب أُمَرَاء الْمَدِينَة كتاب أُمَرَاء مَكَّة كتاب السُّلْطَان كتاب مقتل عُثْمَان كتاب الكتَّاب كتاب الشّعْر وَالشعرَاء كتاب الأغاني كتاب التَّارِيخ كتاب أَخْبَار الْمَنْصُور كتاب أَخْبَار إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد ابْني عبد الله بن حسن كتاب أشعار الشُّراة كتاب النَّسب كتاب أَخْبَار بني(22/301)
نُمير كتاب مَا يستعجم النَّاس فِيهِ من الْقُرْآن كتاب الِاسْتِعَانَة بالشعر وَمَا جَاءَ فِي اللُّغَات كتاب الاستعظام كتاب النَّحْو وَمن كَانَ يلحن من النحويِّين كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء
وَلأبي زيد ابنٌ اسْمه أَبُو طَاهِر أَحْمد وَكَانَ شَاعِرًا مجيداً اعتُبط قبل أَن يبلغ بُلُوغ الْمَشْهُورين مَاتَ بعد أَبِيه بِعشر سِنِين وَقد مرَّ ذكره فِي الأحمدين فِي مَكَانَهُ)
وَقد وثَّق أَبَا زيد الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وروى عَنهُ ابنُ ماجة وَابْن صاعد وَكَانَ عَالما بالسِّيَر والمغازي وَالْأَخْبَار وروى الْقِرَاءَة عَن ابْن جَبَلَة بن مَالك عَن المفضَّل عَن عَاصِم بن أبي النُّجود وَسمع الْحُرُوف من مَحْبُوب بن الْحسن وروى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَعَمْرو بن عَليّ وروى الْقِرَاءَة عَن عبد الله بن سُلَيْمَان وَعبد الله ابْن عَمْرو الورَّاق وَأحمد بن فَرح وَسمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود وسُئل عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ فَقَالَ صَدُوق وَهُوَ الْقَائِل لِلْحسنِ بن مخلد
(ضاعتْ لديك حقوقٌ واستهنتَ بهَا ... والحُرُّ يألم من هَذَا ويمتعضُ)
(إنِّي سأشكر نُعمى منكَ سالفةً ... وَإِن تَخَوَّنها من حادثٍ عَرَضُ)
3 - (المُسلي)
عمر بن شبيب المُسلي قَالَ ابْن مَعين لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ أَبُو زرْعَة صَالح الحَدِيث وَقَالَ النَّسائي لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ ابْن حِبَّان كَانَ صَدُوقًا ولكنَّه يُخطئ كثيرا على قلّة رِوَايَته توفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ ابْن ماجة
3 - (المَغازلي الْمُقْرِئ)
عمر بن ظَفَر بن أَحْمد الشَّيْبَانِيّ أَبُو حَفْص المَغازلي الْمُقْرِئ البغداذي قَرَأَ بالروايات الْكَثِيرَة على الْمَشَايِخ وَسمع الْكثير وَأكْثر عَن المتأخّرين وَكتب بخطِّه كثيرا وحدَّث بِأَكْثَرَ مسموعاته وروى عَنهُ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ وَأحمد ابْن سُكينة ويوسف بن الْمُبَارك الخفَّاف وَغَيرهم(22/302)
مولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة ووفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ صَالحا فَاضلا
3 - (الْمَالِكِي الأندلسي)
عمر بن عَبادل أَبُو حَفْص الرُّعيني الأندلسي من كورة ريَّة أحد الزُّهَّاد المتبتِّلين وَالْعُلَمَاء الراسخين كَانَ بَصيرًا بِمذهب مَالك إِمَامًا متواضعاً يحرث ويحتطب ويمتهن نَفسه توفِّي سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة صحب الْفَقِيه مُعَوِّذاً الزَّاهِد
3 - (عمر بن عبد الله)
3 - (الدبَّاس البغداذي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ)
عمر بن عبد الله بن أبي السَّعادات أَبُو الْقَاسِم بن أبي بكر الدبَّاس أَخُو مُحَمَّد وَعلي كَانَ أسنّ مِنْهُمَا وَكَانَ حنبليًّا ثمَّ صَار شافعيًّا أشعرياً وَسكن النظامية ببغداذ وبرع فِي النَّحْو واللغة وَسمع الْكثير وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الشُّيُوخ وَكتب بخطِّه قَالَ نحبُّ الدّين بن النجَّار وَسَمعنَا بقرَاءَته وَسمع من أبي الْفَتْح بن شاتيل وَأبي السَّعادات بن زُريق وَأبي الْفرج بن كُليب وَكتب كثيرا من النَّحْو واللغة وَالْأُصُول وَكَانَ ذكيًّا ألمعيًّا ذَا فكرة جَيِّدَة وَإِدْرَاك صَحِيح وَكَانَ من أظرف الشَّبَاب وأجملهم وَأَحْسَنهمْ لباساً وزيًّا وألطفهم خلقا وَعشرَة
وتولَّى الإشراف على كتب النظاميَّة
ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وأدركه أَجله سنة إِحْدَى وست مائَة قَالَ محبُّ الدّين بن النجَّار ورأيتُه فِي الْمَنَام بعد مَوته بِخَمْسَة عشر يَوْمًا وَهُوَ فرحان فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ الْآن خرجتُ من السجْن
3 - (ابْن أبي ربيعَة المَخْزُومِي)
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعَة بن الْمُغيرَة بن عبد الله(22/303)
بن عمر بن مَخْزُوم بن يقظة بن مُرَّة الْقرشِي المَخْزُومِي الشَّاعِر أَبُو الخطَّاب الْمَشْهُور
كَانَ كثير الْغَزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة وَله فِي ذَلِك حكاياتٌ مَشْهُورَة مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني لأبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ وَغَيره وَكَانَ يتغزَّل فِي شعره بالثُّريَّا ابْنة عَليّ بن عبد الله بن الْحَارِث بن أُميَّة الْأَصْغَر بن عبد شمس بن عبد منَاف الأمويَّة قَالَ السُّهيلي هِيَ الثريا ابْنة عبد الله وَلم يذكر عليًّا ثمَّ قَالَ وقُتَيْلَة ابْنة النَّضر جَدَّتها لأنَّها كَانَت تَحت الْحَارِث بن أُميَّة وَقد تقدَّم ذكر الثريا فِي حرف الثَّاء فِي مَكَانَهُ
وَفد عمر على عبد الْملك بن مَرْوَان وامتدحه فوصله بِمَال عَظِيم لشرفه وبلاغة نظمه قيل إنَّه ولد فِي زمن عمر رَضِي الله عَنهُ حدَّث عَن سعيد بن المسيَّب وروى الْأَصْمَعِي عَن صَالح بن أسلم قَالَ قَالَ عمر بن أبي ربيعَة إنِّي قد أنشدت من الشّعْر مَا بلغك وربِّ هَذِه البَنِيَّة مَا حللت إزَارِي على فرجٍ حرامٍ قطّ قَالَ ابْن خلِّكان وِلَادَته فِي اللَّيْلَة الَّتِي قُتل فِيهَا عمر رَضِي الله عَنهُ وَهِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين)
لِلْهِجْرَةِ وغزا فِي الْبَحْر فأحرقوا السَّفِينَة فَاحْتَرَقَ فِي حُدُود سنة ثَلَاث وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين توفّي فِي حُدُود الْعشْرَة بعد الْمِائَة
وَمن شعره
(حَيِّ طيفاً من الأحبَّةِ زارا ... بَعْدَمَا صرَّع الْكرَى السُّمَّارا)
(طَارِقًا فِي الْمَنَام تَحت دجى اللي ... لِ ضنيناً بِأَن يزور نَهَارا)
(قلتُ مَا بالنا جُفينا وكنَّا ... قبل ذَاك الأسماعَ والأبصارا)
(قَالَ إنَّا كَمَا عهدتَ ولكنْ ... شَغَلَ الحَلْيُ أهلَه أَن يُعارا)
وَمِنْه
(أَمن آل نُعْمٍ أَنْت غادٍ فمُبْكِرُ ... غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمُهَجِّرُ)
(بحاجة نفسٍ لم تقل فِي جوابها ... فتُبلغَ عُذراً والمقالَةُ تعذِرُ)
(تهيمُ إِلَى نُعمٍ فَلَا الشملُ جامعٌ ... وَلَا الحبلُ موصولٌ وَلَا الْقلب يقدرُ)
(وَلَا قرب نُعمٍ إِن دنتْ لَك نافعٌ ... وَلَا نأيُها يُسلي وَلَا أَنْت تصبرُ)
(وَأُخْرَى أَتَت من دون نعمٍ ومثلُها ... نهى ذَا النهى لَو ترعوي أوتفكّرُ)
(إِذا زرت نعما لم يزل ذُو قرَابَة ... لَهَا كلَّما لاقيته يتنمر)(22/304)
(عزيزٌ عَلَيْهِ أَن يلمَّ ببيتها ... يُسِرُّ ليَ الشَّحناءَ للبغض مُظهرُ)
(ألِكْني إِلَيْهَا بِالسَّلَامِ فإنَّه ... يُشهِّر إلمامي بهَا وينكَّرُ)
(على أنَّها قَالَت غداةَ لقيتُها ... بمدفعِ أكنانٍ أَهَذا المُسهَّرُ)
(قفي فانظري أسماءُ هَل تعرفينه ... أَهَذا المُغيريُّ الَّذِي كَانَ يُذكرُ)
(أَهَذا الَّذِي أطريتِ نعتاً فَلم أكن ... وعيشكِ أنساه لَدَى يومِ أُقبرُ)
(فَقَالَت نعم لَا شكَّ غيَّر لَونه ... سُرى الليلِ حتَّى نصَّه والتهجُّرُ)
(لَئِن كَانَ إيَّاه لقد حَال بعدَنا ... عَن الْعَهْد والإنسانُ قد يتغيَّرُ)
(رأتْ رجلا أمَّا إِذا الشَّمْس عارضتْ ... فيضحى وأمَّا بالعشيِّ فيحضرُ)
(أَخا سفرٍ جوَّاب أرضٍ تقاذفتْ ... بِهِ فَلَواتٌ فَهُوَ أشعثُ أغبرُ)
(قليلٌ على ظهر المطيَّةِ ظلُّه ... سوى مَا نفى عَنهُ الرداءُ المحبَّرُ)
(وأعجبَها من عيشها ظلُّ غُرفةٍ ... وريَّانُ ملتفُّ الحدائق أخضرُ)
)
(ووالٍ كفاها كلَّ شيءٍ يهمُّها ... فليستْ لشيءٍ آخرَ الليلِ تسهرُ)
(وَلَيْلَة ذِي دَوْرانَ جشَّمني السُّرى ... وَقد يَجشمُ الهولَ المحبُّ المغَرَّرُ)
(فبتُّ رقيباً للرفاق على شفاً ... أراقبُ مِنْهُم من يطوف وأنظرُ)
(إِلَيْهِم مَتى يستأخذ النومُ فيهمُ ... ولي مجلسٌ لَوْلَا اللُّبانةُ أوعرُ)
(وباتتْ قَلُوصي بالعراء ورحلُها ... لطارق ليلٍ أَو لمن جَاءَ مُعْوِرُ)
(وبتُّ أُناجي النفسَ أَيْن خِباؤها ... وأنَّى لما آتِي من الأمرِ مصدرُ)
(فدلَّ عَلَيْهَا النفسَ ريَّا عرفتُها ... بِهِ وَهوى الحبِّ الَّذِي كَانَ يُضمرُ)
(فلمَّا فقدتُ الصوتَ مِنْهُم وأُطفئتْ ... مصابيحُ شُبَّتْ بالعِشاءِ وأَنوُرُ)
(وَغَابَ قُمَيْرٌ كنتُ أَرْجُو غيوبَه ... وروَّح رعيانٌ ونوَّمَ سُمَّرُ)
(وخُفِّضَ عنِّي الصوتُ أقبلتُ مِشيةَ ال ... حُبابِ ورُكني خيفةَ القومِ أَزْوَرُ)
(فحيَّيتُ إذْ فاجأتُها فتوهَّلتْ ... وكادتْ بمرجوعِ التحيَّةِ تَجهرُ)
(فلمَّا كشفتُ السترَ قَالَت فضحتَني ... وأنتَ امرؤٌ ميسورُ أَمرك أعسرُ)
(أريتك إذْ هُنَّا ألم تخفْ ... رقيباً وحولي من عدوِّكَ حُضَّرُ)
(فوَاللَّه مَا أَدْرِي أتعجيل حاجةٍ ... سرتْ بك أم قد نَام من كنتَ تحذرُ)(22/305)
(فقلتُ لَهَا بل قادني الشوق والهوى ... إِلَيْك وَمَا نفسٌ من النَّاس تشعرُ)
(فقالتْ وَقد لانتْ وأَفرَخَ روعُها ... كَلاكَ بحفظٍ ربُّك المتكبِّرُ)
(فَأَنت أَبَا الخطَّابِ غيرَ مُنازعٍ ... عليَّ أميرٌ مَا مكنتَ مُؤمَّرُ)
(فيا لَك من ليلٍ تقاصرَ دونه ... وَمَا كَانَ ليلِي قبل ذَلِك يَقصرُ)
(وَيَا لَك من ملهًى هُنَاكَ ومجلسٍ ... لنا لم يكدِّرهُ علينا مُكدِّرُ)
(يمُجُّ ذكيَّ المسكِ مِنْهَا مُفَلَّجٌ ... نقيَّ الثنايا ذُو غروبٍ مؤشَّرُ)
(يرفُّ إِذا تفترُّ عَنهُ كأَنَّه ... حَصى بَرَدٍ أَو أُقحوانٌ منوِّرُ)
(وترنو بعينيها إليَّ كَمَا رنا ... إِلَى ظبيةٍ وسطَ الخميلةِ جؤذَرُ)
(فلمَّا تقضَّى الليلُ إلاَّ أقلَّه ... وكادت هوادي نجمه تتغوَّرُ)
(أشارتْ بأنَّ الحيَّ قد حَان منهمُ ... هبوبٌ ولكنْ موعدٌ لَك عَزْوَرُ)
(فَمَا راعني إلاَّ منادٍ تحمَّلوا ... وَقد لَاحَ معروفٌ من الصبحِ أشقرُ)
)
(فلمَّا رأتْ من قد تنوَّرَ منهمُ ... وأيقاظَهم قَالَت أشِرْ كَيفَ تأمُرُ)
(فَقلت أُناديهم فإمَّا أفوتُهم ... وإمَّا ينالُ السيفُ ثأراً فيثأرُ)
(فقالتْ أتحقيقٌ لما قَالَ كاشحٌ ... علينا وتصديقٌ لما كَانَ يُؤثرُ)
(فإنْ كَانَ لَا بدَّ مِنْهُ فَغَيره ... من الأمرِ أدنى للخفاءِ وأسترُ)
(أقصُّ على أختيَّ بَدْء حديثنا ... وَمَا ليَ من أَن يعلمَا متأخَّرُ)
(لعلَّهما أَن يبغيا لَك مخرجا ... وَأَن يَرْحبا سرباً بِمَا كنتُ أحصَرُ)
(فقامتْ كئيباً لَيْسَ فِي وَجههَا دمٌ ... من الْحزن تُذري عِبْرَة تتحدَّرُ)
(فَقَالَت لأختيها أَعينا على فَتى ... أَتَى زَائِرًا والأمرُ للأمرِ يُقْدَرُ)
(فأقبلتا فارتاعتا ثمَّ قَالَتَا ... أقلِّي عَلَيْك اللوم فالخطب أيسرُ)
(يقوم فَيَمْشِي بَيْننَا متنكِّراً ... فَلَا سرُّنا يفشو وَلَا هُوَ يظهرُ)
(وَكَانَ مِجَنّي دون من كنت أتَّقي ... ثلاثُ شخوصٍ كاعبان ومُعْصِرُ)
(فلمَّا أجزنا ساحةَ الحيِّ قُلنَ لي ... أَلا تتَّقي الأعداءَ والليلُ مقمرُ)
(وقلن أَهَذا دأبكَ الدهرَ سادِراً ... أما تَسْتَحي أَو ترعوي أَو تفكِّرُ)
(إِذا جئتَ فامنحْ طرفَ عينكَ غيرَنا ... لكَي يحسبوا أَن الهَوَى حَيْثُ تنظرُ)(22/306)
(على أنِّني قد قلتُ يَا نعمُ قولةً ... لنا والعِتاقُ الأرْحَبِيَّةُ تزجَرُ)
(هَنِيئًا لبعلِ العامريَّةِ نشرُها الل ... ذيذُ وريَّاها الَّذِي أتذكَّرُ)
(وقمتُ إِلَى حرفٍ تحوَّر نيَّها ... سُرى الليلِ حتَّى لحمُها مُتحسِّرُ)
(وحبسي على الْحَاجَات حتَّى كأَنَّما ... بليَّةُ لوحٍ أَو سِحارٌ مُؤبَّرُ)
(وماءٍ بمَوماةٍ قليلٌ أنيسهُ ... بسابسَ لم يحدُثْ بهَا الصيفَ محضَرُ)
(بِهِ مُبتنًى للعنكبوتِ كأنَّه ... على طرفِ الأرجاءِ خامٌ منشَّرُ)
(وردتُ وَمَا أَدْرِي أما بعدَ موردي ... من الليلِ أم مَا قد مضى مِنْهُ أكثرُ)
(وطافتْ بِهِ معلاة أرضٍ تخالها ... إِذا التفتتْ مَجْنُونَة حِين تنظرُ)
(يُنازعني حرصاً على الماءِ رأسُها ... وَمن دون مَا تهوى قَليبٌ مُغَوَّرُ)
(محاوِلةً للوِردِ لَوْلَا زمامها ... وجذبي لَهَا كادتْ مرَارًا تكسَّرُ)
(فلمَّا رأيتُ الصبرَ منِّي وأنَّني ... ببلدةِ قفرٍ لَيْسَ فِيهَا معصَّرُ)
)
(قصرتُ لَهَا من جانبِ الحوضِ مُنشأٌ ... صَغِيرا كقيد الشبرِ أَو هُوَ أصغرُ)
(إِذا شرعتْ فِيهِ فَلَيْسَ لملتقى ... مشافرها مِنْهُ قِدَى الكفِّ مُسْأرُ)
(وَلَا دَلْوَ إلاَّ القعبُ كَانَ رشاءهُ ... إِلَى المَاء نسعٌ والجديلُ المُضَفَّرُ)
(فسافَتْ وَمَا عافتْ وَمَا صدَّ شربَها ... عَن الريِّ مطروقٌ من الماءِ أكدرُ)
وَمِنْه
(بنفسيَ من شفَّني حبُّهُ ... وَمن حُبُّهُ باطنٌ طاهرُ)
(وَمن لستُ أصبرُ عَن ذكره ... وَلَا هُوَ عَن ذِكرنا صابرُ)
(وَمَا إنْ ذُكرنا جرى دمعهُ ... ودمعي لَدَى ذكره مائرُ)
(ومَن أعرف الودَّ فِي وجههِ ... وَيعرف وُدِّي لَهُ الناظرُ)
وَقَالَ فِي نُعْمٍ من أَبْيَات
(فلمَّا الْتَقَيْنَا سلَّمتْ وتبسَّمتْ ... وقالتْ مقالَ المُعرضِ المتجنِّبِ)
(أَمن أجلِ واشٍ كاشحٍ بنميمةٍ ... مَشى بَيْننَا صدَّقتهُ لم تكذب)(22/307)
(قطعتَ وصالَ الحبلِ مِنْهَا وَمن يُطعْ ... بِذِي ودِّهِ قولَ المحرِّش يُعتبِ)
(فَبَاتَ وِسادي معصمٌ من مخضَّبٍ ... حديثةِ عهدٍ لم تُكدَّر بمشربِ)
(إِذا ملتُ مالتْ كالكثيب رخيمةً ... منعَّمةً حُسَّانةَ المتجَلبَبِ)
قيل إنَّ عمر بلغه يَوْمًا أنَّ نعما اغْتَسَلت فِي غَدِير مَاء فَنزل عَلَيْهِ فَلم يزل يشرب مِنْهُ حتَّى نضب قيل مَا دخل على الْعَوَاتِق أضرُّ من شعر عمر وَكَاد حمَّاد الراوية يُسمِّي شعره الفستقَ المقشَّر وَسمع الفرزدق شَيْئا من شعره فَقَالَ هَذَا الَّذِي كَانَت الشُّعَرَاء تطلبه فأخطأتْه
ويل إنَّه عَاشَ ثَمَانِينَ سنة فتكَ أَرْبَعِينَ سنة ونسكَ أَرْبَعِينَ سنة وَمن شعره
(جرى ناصحٌ بالودِّ بيني وَبَينهَا ... فقرَّبني يَوْم الحِصاب إِلَى قَتْلِي)
(فطارتْ بحدٍّ من سهامي وقرَّبتْ ... قريبتُها حبلَ الصفاءِ إِلَى حبلي)
(فلمَّا توافقنا عرفتُ الَّذِي بهَا ... كَمثل الَّذِي بِي حذوَك النعلَ بالنعلِ)
(فقلنَ لَهَا هَذَا عِشاءٌ وأهلُنا ... قريبٌ ألمَّا تسأمي مركَبَ البغلِ)
(فَقَالَت فَمَا شئتنَّ قُلْنَ لَهَا انزلي ... فلَلأرضُ خيرٌ من وقوفٍ على رجلِ)
)
(نجومٌ دراريٌّ تكنَّفنَ صُورَة ... من البدرِ قُبٌّ غيرُ عُوجٍ وَلَا ثُجْلِ)
(فسلَّمتُ واستأنستُ خِيفةَ أَن يرى ... عدوٌّ مقَامي أَو يرى كاشحٌ فعلي)
(فقالتْ وأرختْ جانبَ السِّترِ إنَّما ... معي فتكلَّمْ غيرَ ذِي رِقْبَةٍ أَهلِي)
(فقلتُ لَهَا مَا بِي لَهُم من ترقُّبٍ ... ولكنَّ سرِّي لَيْسَ يحملهُ مثلي)
(فلمَّا اقتصرْنا دونهنَّ حديثَنا ... وهنَّ طبيباتٌ بحاجة ذِي الثُّكلِ)
(عرفنَ الَّذِي نهوى فَقُلْنَ ائذَني لنا ... نَطُفْ سَاعَة فِي بَرْدِ ليلٍ وَفِي سهلِ)
(فَقَالَت فَلَا تلبثنَ قُلْنَ تحدَّثي ... أتيناكِ وانَسَبْنَ انسيابَ مها الرملِ)
(وقُمنَ وَقد أفهمنَ ذَا اللبِّ أنَّما ... أتينَ الَّذِي يأتينَ ذَلِك من أَجلي)
وَمِنْه
(ولمَّا توافقنا وسلَّمتُ أشرقتْ ... وجوهٌ زهاها الحسنُ أنْ تتقنَّعا)(22/308)
(تبالَهْنَ بالعِرْفان لمَّا عرفْنَني ... وقلنَ امرؤٌ باغٍ أَكَلَّ وأَوضعا)
3 - (ابْن أبي سَلمَة الصَّحَابِيّ)
عمر بن عبد الله أبي سَلَمَة أَبُو حَفْص ربيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة ولد بِالْحَبَشَةِ وَهُوَ آخر من مَاتَ من الصَّحَابَة من بني مَخْزُوم قيل توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَقيل فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْمدنِي)
عمر بن عبد الله الْمدنِي مولى غُفرة أدْرك ابْن عَبَّاس وحدَّث عَنهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فَمَا أَدْرِي سَمَاعا أم لَا وَله رِوَايَة عَن أنس بن مَالك وَسَعِيد بن المسيَّب وَأبي الْأسود الدُّؤلي وَمُحَمّد بن كَعْب
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَيْسَ لَهُ بأسٌ لكنَّ أَكثر حَدِيثه مَرَاسِيل وَقَالَ مَعين وَغَيره ضَعِيف توفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
3 - (قَاضِي الْقُضَاة السُّبكي الْمَالِكِي)
عمر بن عبد الله بن صَالح بن عِيسَى الإِمَام شرف الدّين قَاضِي الْقُضَاة أَبُو حَفْص السُّبكي الْمَالِكِي ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة تفقَّه على الإِمَام أبي الْحسن الْمَقْدِسِي الْحَافِظ(22/309)
وَصَحبه وَولي الْحِسْبَة مدَّةً بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ ولي الْقَضَاء لم ا)
3 - (قَاضِي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ)
عمر بن عبد الله بن عمر بن عِوَض قَاضِي الْقُضَاة عزّ الدّين أَبُو حَفْص الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ
ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وتوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة سمع من جَعْفَر الْهَمدَانِي والضياء مُحَمَّد وَحضر ابْن اللَّتِّي وانتقل إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع من ابْن رَواج وسِبْط السِّلفي وتفقَّه بهَا على شمس الدّين بن الْعِمَاد وبرع فِي الْمَذْهَب وَأفْتى ودرَّس وَكَانَ متثبِّتاً فِي الْأَحْكَام وَكَانَ أَبيض الرَّأْس واللحية سميناً تامَّ الشكل كاملَ الْعقل
3 - (تَقِيّ الدّين بن شُقَير الْحَنْبَلِيّ)
عمر بن عبد الله بن عبد الْأَحَد بن شُقَير تقيّ الدّين أَبُو حَفْص الحرَّاني الْحَنْبَلِيّ شيخٌ فاضلٌ دَيِّنٌ مشهورٌ سمع الْكثير بِنَفسِهِ وَدَار على الْمَشَايِخ وَسمع من الْقَاسِم الإربِلي وَالْفَخْر عَليّ وَزَيْنَب وَخلق وَنسخ بعض الْأَجْزَاء وروى الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وسمعتُ مِنْهُ وتوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (القَاضِي إِمَام الدّين)
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد قَاضِي الْقُضَاة إِمَام الدّين أَبُو الْمَعَالِي الْقزْوِينِي الشَّافِعِي قَاضِي الشَّام ابْن القَاضِي سعد الدّين ابْن القَاضِي إِمَام الدّين وَهُوَ أَخُو قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي وَقد تقدَّم ذكره فِي المحمدين
ولد إِمَام الدّين الْمَذْكُور بتبريز سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة توفّي رَحمَه الله بِالْقَاهِرَةِ(22/310)
سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة واشتغل فِي الْعَجم وَالروم وَقدم دمشق فِي الدولة الأشرفيَّة هُوَ وَأَخُوهُ جلال الدّين فأُكرم مورده لرئاسته وفضله وَعلمه
وَكَانَ تامَّ الشكل مسمَّناً وسيماً جميلاً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً فَاضلا عَاقِلا درَّس بِدِمَشْق بعدّة مدارس ووليَ الْقَضَاء سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة وصُرف القَاضِي بدر الدّين فَأحْسن السِّيرَة فِي النَّاس وداراهم وساس الْأُمُور ولمَّا بلغه خبر الْهَزِيمَة ركب وانجفل إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا جُمُعَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى وشيَّعه خلقٌ كثير وصُلِّي عَلَيْهِ)
بِدِمَشْق غَائِبا بعد مدَّة
3 - (نور الدّين الطَّالقاني الْحَنَفِيّ)
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن جِبْرِيل الشَّيْخ نور الدّين الطَّالقاني الْحَنَفِيّ كَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب عَارِفًا بأصوله لَهُ معرفَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَفِيه زهد وَانْقِطَاع توفِّي سنة تسعين وست مائَة
3 - (أَبُو الحكم الكِرماني)
عمر بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ الكِرماني القُرطبي أحد تلاميذ أبي الْقَاسِم المَجريطي كَانَ أحد الراسخين فِي علم الْعدَد والهندسة قَالَ القَاضِي صاعد أَخْبرنِي تِلْمِيذه الْحُسَيْن بن مُحَمَّد المهندس المنجِّم عَن الكِرماني أنَّه مَا لَقِي أحدا يجاريه فِي علم الهندسة وفكِّ غوامضها وَاسْتِيفَاء أَجْزَائِهَا رَحل إِلَى الْمشرق وانْتهى إِلَى حرَّان وعُني بِطَلَب الهندسة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الأندلس واستوطن سَرَقُسْطة وجلب مَعَه رسائل إخْوَان الصَّفا وَلَا يُعلم أحدٌ أدخلها إِلَى الأندلس قبله وَله عنايةٌ بالطبّ ومجرَّباتٌ فاضلة فِيهِ ونفوذ مَشْهُورَة فِي الكي وَالْقطع والشقّ والبطّ وَلم يكن بَصيرًا بالْمَنْطق وَلَا بِعلم النُّجُوم وتوفِّي بسرقسطة سنة ثمانٍ وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَقد بلغ تسعين سنة
3 - (عماد الدّين خطيب الْقُدس)
عمر بن عبد الرَّحِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم الزُّهري الشَّافِعِي عماد الدّين قَاضِي الْقُدس وخطيبه كَانَ يخْطب وَيقْرَأ الْفَاتِحَة قِرَاءَة عَجِيبَة من التبديل(22/311)
وَكَانَ فَخر الدّين ناظرُ الْجَيْش يعتني بِهِ فَجمع لَهُ بَين الْقَضَاء والخطابة وَأقَام بالخطابة زَمَانا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (عمر بن عبد الْعَزِيز)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو حَفْص الْأمَوِي رَضِي الله عَنهُ
ولد بِالْمَدِينَةِ سنة ستسن لِلْهِجْرَةِ عَام توفّي مُعَاوِيَة أَو بعده بِسنة أمه أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الخطَّاب
روى عَن أَبِيه وَأنس وَعبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَابْن قارِظ ويوسف بن عبد الله بن سَلام وَسَعِيد بن المسيَّب وَعُرْوَة بن الزُّبير وَأبي بكر ابْن عبد الرَّحْمَن وَالربيع بن سُبْرَة وَطَائِفَة
وَكَانَ أَبيض رَقِيق الْوَجْه جميلاً نحيف الْجِسْم حسن اللِّحْيَة غائر الْعين بجبهته أثر حافر دابَّة وَلذَلِك سمِّي أشجّ بني أميَّة وخطه الشيب قيل إنَّ أَبَاهُ لمَّا ضربه الْفرس وأدماه جعل أَبوهُ يمسح الدَّم وَيَقُول إِن كنتَ أشجَّ بني مَرْوَان إنَّك لسَعِيد رَوَاهُ ضَمرة عَنهُ
بَعثه أَبوهُ إِلَى مصر يتأدَّب بهَا كَانَ يخْتَلف إِلَى عبد الله بن عُبيد الله يسمع مِنْهُ الْعلم فَبَلغهُ أَن عمر ينتقص عليًّا رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ مَتى بلغك أنَّ الله سخط على أهل بدر بعد أَن رَضِي عَنْهُم ففهم وَقَالَ معذرةً إِلَى الله وَإِلَيْك لَا أَعُود(22/312)
ولمَّا مَاتَ أَبُو عبد الْعَزِيز طلب عبد الْملك بن مَرْوَان عمر إِلَى دمشق وزوَّجه بابنته فَاطِمَة
وَكَانَ قبل الإمْرَة يُبَالغ فِي التنعُّم ويُفرط فِي الاختيال فِي المِشية قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ مَا صلَّيتُ وَرَاء إمامٍ أشبهَ برَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم من هَذَا الْفَتى يَعْنِي عمر بن عبد الْعَزِيز
وَقَالَ زيد بن أسلم كَانَ يتمّ الرُّكُوع وَالسُّجُود ويخفِّف الْقيام وَالْقعُود
سُئِلَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن عمر فَقَالَ هُوَ نجيب بني أميَّة وإنَّه يُبعث يَوْم الْقيام أمة وَحده وَقَالَ عَمْرو بن مَيْمُون بن مِهران عَن أَبِيه كَانَت الْعلمَاء مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز تلامذة
وَقَالَ نَافِع بلغنَا عَن عمر أَنه قَالَ إنَّ من وَلَدي رجلا بِوَجْهِهِ شَيْنٌ يَلِي فَيمْلَأ الأَرْض عدلا
قَالَ نَافِع فَلَا أَحْسبهُ إلاَّ عمر بن عبد الْعَزِيز ولمَّا طلب للخلافة كَانَ فِي الْمَسْجِد فسلَّموا عَلَيْهِ بالخلافة فعُقر بِهِ فَلم يسْتَطع النهوض حتَّى أُخذ بضبعَيه فأصعدوه الْمِنْبَر فَجَلَسَ طَويلا لَا)
يتكلَّم فلمَّا رَآهُمْ جالسين قَالَ أَلا تقومون إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فتبايعونه فنهضوا إِلَيْهِ فَبَايعُوهُ رجلا رجلا
وروى حمَّاد بن زيد عَن أبي هَاشم أنَّ رجلا جَاءَ إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ لقد رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي النّوم أَبُو بكر عَن يَمِينه وَعمر عَن شِمَاله فَإِذا رجلَانِ يختصمان وَأَنت بَين يَدَيْهِ جَالس فَقَالَ لَك يَا عمر إِذا عملتَ فاعمل بِعَمَل هذَيْن لأبي بكر وَعمر فاستحلفه عمر بِاللَّه لرأيت هَذَا فَحلف لَهُ فَحلف لَهُ فَبكى وَقيل إنَّ عمرَ نَفسه الَّذِي رأى فِي الْمَنَام
وَتُوفِّي عمر رَضِي الله عَنهُ بدير سمْعَان لعشرٍ بقينَ من شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَمِائَة سقَاهُ بَنو أميَّة السُّمَّ لمَّا شدَّد عَلَيْهِم وانتزع كثيرا مِمَّا فِي أَيْديهم وصلَّى عَلَيْهِ يزِيد بن عبد الْملك وَهُوَ ابْن تسع وَثَلَاثِينَ سنة وَسِتَّة أشهر وَكَانَت خِلَافَته سنتَيْن وَخَمْسَة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا لأنَّه بُويع لَهُ يَوْم الْجُمُعَة لعشرٍ خلون من صفر سنة تسع وَتِسْعين بِعَهْد من سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَكَانَ يكْتب لَهُ لَيْث بن أبي رُقيَّة وَكتب لَهُ مُزاحم مَوْلَاهُ وَكَانَ يَحْجُبهُ حنس مَوْلَاهُ ومزاحم مَوْلَاهُ وَنقش خَاتمه عمر يُؤمن بِاللَّه
وَهُوَ الَّذِي بنى الْجحْفَة وَاشْترى ملفيه من الرّوم بِمِائَة ألف أَسِير(22/313)
وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَله ذكر فِي تَرْجَمَة يَعْقُوب بن دِينَار الْمَعْرُوف بالماجِشُون فليُطلب هُنَاكَ وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد عبد الْملك وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب ومُوسَى وَعبد الله وَعبد الْعَزِيز وَعبد الله الْأَصْغَر وَعَاصِم وريَّان وَمُحَمّد الْأَصْغَر وَيزِيد وَبكر وَإِبْرَاهِيم وآمنة وأمُّ عمار
وَفِي عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ يَقُول الشريف الرضي
(يَا ابنَ عبد الْعَزِيز لَو بكتِ العي ... نُ فَتى من أميَّةٍ لبكيتكْ)
(غير أنِّي أَقُول إنَّك قد طِبْ ... تَ وَإِن لم يطبْ وَلم يزكُ بيتكْ)
(أنتَ نزَّهتنا عَن السبِّ والقذ ... فِ فَلَو أمكن الجزءُ جزيتُكْ)
(ولَوَ انِّي رَأَيْت قبرك لاستح ... ييتُ من أَن أُرى وَمَا حيَّيتكْ)
(وقليلٌ أنْ لَو بذلتُ دِمَاء ال ... بُدْن صِرفاً على الذُّرى وسقيتُكْ)
(ديرَ سمعانَ فِيك مأوى أبي حف ... صٍ فودِّي لَو أنَّني آويتكْ)
(أَنْت بِالذكر بَين عَيْني وقلبي ... إنْ دانيتُ مِنْك أَو إنْ نأيتكْ)
)
(وعجيبٌ أنِّي قَلَيْتُ بني مر ... وانَ طُرًّا وأنَّني مَا قليتكْ)
(قَرُبَ العدلُ مِنْك لمَّا نأى الجو ... رُ بهم فاجتويتهم واجتبيتُكْ)
(فلَوَ انَّي ملكتُ دفعا لما نَا ... بك من طَارق الردى لفديتُكْ)
قلتُ وَالْفضل مَا شهِدت بِهِ الْأَعْدَاء
3 - (ابْن مازة البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مازة أَبُو حَفْص بن أبي المفاخر البُخَارِيّ علاّمة مَا وَرَاء النَّهر تفقَّه على وَالِده العلاّمة أبي المفاخر وبرع فِي مَذْهَب أبي حنيفَة وَصَارَ شيخ الْعَصْر وتوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة(22/314)
3 - (أَبُو حَفْص الشَّطرنجيّ)
عمر بن عبد الْعَزِيز أَبُو حَفْص الشِّطرنجي مولى بني الْعَبَّاس كَانَ أَبوهُ أعجميًّا من موَالِي الْمَنْصُور وَنَشَأ عمر فِي دَار الْمهْدي وَمَعَ أَوْلَاد موَالِيه فَكَانَ كأحدهم وتأدَّب وَكَانَ مشغوفاً بلعب الشطرنج ولمَّا مَاتَ الْمهْدي انْقَطع إِلَى عُلَيَّة وَخرج مَعهَا لمَّا زُوِّجت وَعَاد مَعهَا لمَّا عَادَتْ إِلَى الْقصر وَكَانَ يَقُول لَهَا الْأَشْعَار فِي مَا تريده من الْأُمُور بَينهَا وَبَين إخوتها وَبني أَخِيهَا من الْخُلَفَاء فتنتحل بعض ذَلِك وتترك بعضه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الجهم الْبَرْمَكِي رأيتُ أَبَا حَفْص الشطرنجي فرأيتُ مِنْهُ إنْسَانا يُلهيك حُضُوره عَن كلِّ غَائِب وتسليك مُجَالَسَته عَن كل الهموم والمصائب قربه عُرْسٌ وَحَدِيثه أُنْسٌ وجدُّه لعبٌ ولعبُه جدٌّ دَيِّنٌ ماجنٌ إِن لبستَه على ظَاهِرَة لبستَه مَومُوقاً لَا تملّه وإنْ تتبَّعته لتنظرَ خبرته وقفتَ على مروءةٍ لَا تطور الْفَوَاحِش بجنباتها وَكَانَ مَا عَلمته أقلّ مَا فِيهِ الشّعْر وَهُوَ الَّذِي يَقُول
(تجنَّبْ فإنَّ الحبَّ داعيةُ الحبِّ ... وَكم من بعيد الدَّار مستوجبُ القربِ)
(إِذا لم يكن فِي الحبِّ سخطٌ وَلَا رضى ... فَأَيْنَ حلاواتُ الرسائل والكتبِ)
(تفكَّر فإنْ حدِّثتَ أنَّ أَخا هوى ... نجا سالما فارجُ النجاةَ من الحُبِّ)
(وأطيبُ أَيَّام الهَوَى يَوْمك الَّذِي ... تُروَّعُ بالهجران فِيهِ وبالعَتْبِ)
وَمن شعره
(وَقد حسدوني قربَ داريَ منكمُ ... وَكم من قريبِ الدارِ وَهُوَ بعيدُ)
)
(دخولك من بَاب الهَوَى إِن أردته ... يسيرٌ ولكنَّ الخروجَ شديدُ)
وَقَالَ لَهُ الرشيد يَوْمًا يَا حَبِيبِي لقد أَحْسَنت مَا شئتَ فِي بَيْتَيْنِ قلتهما فَقَالَ مَا هما يَا سَيِّدي فَمن شرفهما استحسانك فَقَالَ قَوْلك
(لم ألقَ ذَا شجنٍ يبوح بحبِّه ... إلاَّ حسبتكَ ذَلِك المحبوبا)
(حذرا عَلَيْك وإنَّني بك واثقٌ ... أَن لَا ينالَ سوايَ مِنْك نَصِيبا)(22/315)
فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ليسَا لي هما للعبَّاس بن الْأَحْنَف فَقَالَ صدقك وَالله أعجبُ إليَّ وَلَك وَالله أحسن مِنْهُمَا حَيْثُ تَقول
(إِذا سرَّها أمرٌ وَفِيه مساءتي ... قضيتُ لَهَا فِيمَا تُرِيدُ على نَفسِي)
(وَمَا مرَّ يومٌ أرتجي فِيهِ رَاحَة ... فأذكره إلاَّ بكيتُ على أمسي)
غضب الرشيد على عُلَيَّة بنت الْمهْدي فَأمرت أَبَا حَفْص الشطرنجي شاعرها بِأَن يَقُول شعرًا يعْتَذر فِيهِ عَنْهَا ويسأله الرضى عَنْهَا فَقَالَ
(لَو كَانَ يمنعُ حسنُ الْفِعْل صَاحبه ... من أَن يكونَ لَهُ ذنبٌ إِلَى أحَدِ)
(كَانَت عُلَيَّة أبرا الناسِ كلّهمُ ... من أَن تكافَى بسوءٍ آخِرَ الأبدِ)
(مَا لي إِذا غبتُ لم أُذكرْ بواحدةٍ ... وإنْ سقمتُ فطال السقم لم أُعَدِ)
(مَا أعجبَ الشيءَ ترجوه فتحرمه ... قد كنت أَحسب أَنِّي قد مَلَأت يَدي)
فغنَّت فِيهِ عليَّة لحناً وألقته على جمَاعَة من جواري الرشيد فغنَّينه إيَّاه فِي أوَّل مجلسٍ جلس فِيهِ معهنَّ فطرب طَربا شَدِيدا وَسَأَلَ عَن الْقِصَّة فأخبرنَه بذلك فأحضر عليَّة وقبَّلت رَأسه واعتذرت وسألها إِعَادَة الصَّوْت فغنَّته فَبكى وَقَالَ لَا غضبتُ عليكِ مَا عشتُ أبدا
3 - (الطرابلسي الْمَالِكِي)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عُبيد بن يُوسُف الطرابلسي الْمَالِكِي لقِيه السِّلفي وَأثْنى عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ الْقَائِل فِي كتب الغزَّالي
(هذَّبَ المذهَبَ حَبْرٌ ... أحسن الله خَلاصَهْ)
(بسيطٍ ووسيطٍ ... ووجيزٍ وخُلاصَهْ)
وسافر إِلَى بغداذ وَمَات بهَا سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْوَزير فَخر الدّين بن الخليلي)
)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن الْحسن الصاحب فَخر الدّين بن الخليلي الدَّارِيّ توفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة عَن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة كَانَ وَالِده مجد الدّين من الصُّلحاء أَقَامَ بِمصْر وَحضر إِلَى دمشق وَكَانَ يلوذ ببني(22/316)
صَصْرَى وَتُوفِّي مجد الدّين سنة ثَمَانِينَ وست مائَة ثمَّ إنَّ وَلَده الصاحب فَخر الدّين لَاذَ ببني حِنَّا وَصَارَت لَهُ صورةٌ فِي الدول وتولَّى نظر الصُّحْبَة فِي أَيَّام الْمَنْصُور قَلاوون ووزرَ للْملك الصَّالح عَليّ بن الْمَنْصُور وتولَّى الوزارة أَيَّام الْعَادِل كَتْبُغا وَحضر صحبتَه إِلَى الشَّام سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة وصُرف بعد ذَلِك وأُعيد إِلَى الوزارة ثمَّ صُرف عَنْهَا فِي الدولة الناصريَّة ثمَّ أُعيد إِلَى الوزارة ثمَّ صُرف ثمَّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى يَوْم عيد الْفطر فِي التَّارِيخ المتقدِّم وَكَانَ يُكتب عَنهُ فِي التواقيع بِالْإِشَارَةِ الْعَالِيَة المولويَّة الصاحبيَّة الوزيريَّة الفخريَّة سيد الْعلمَاء والوزراء
كتب إِلَيْهِ السرَّاج الورَّاق
(عَسى خبرٌ من الإنجازِ شافٍ ... لمبتدأٍ من الوعدِ الجميلِ)
(فَعلم النَّحْو دانَ لسيبويهٍ ... وَكَانَ الأَصْل فِيهِ مِنَ الخليلي)
3 - (قطب الدّين الْمَالِكِي المعمَّر)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن عَتيق الْفَقِيه المعمَّر قطب الدّين الرَّبَعي الْمَالِكِي المعدَّل
روى عَن ابْن المُقَيِّر ومحيي الدّين بن الْجَوْزِيّ وتوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة وَله سبع وَتسْعُونَ سنة
3 - (شمس الدّين بن المفضَّل الأُسواني الشَّافِعِي)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن نصر بن المفضَّل القَاضِي شمس الدّين الفَرَضي الأُسواني كَانَ من الْفُقَهَاء الْفُضَلَاء المعتبرين الرؤساء الْأَعْيَان الكرماء رَحل من أسوان إِلَى قُوص ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة للاشتغال وَأقَام بهَا سِنِين يشْتَغل على ابْن عبد السَّلَام
وَقَرَأَ العقليات على الْأَفْضَل الخُونَجي وَكَانَت تَأتي إِلَيْهِ الْكتب من أَهله فَلَا يَقْرَأها حتَّى حصَّل مقصودَه من الْعلم وَكَانَ فَقِيها نحويًّا أديباً شَاعِرًا تولَّى الحكم بأسوان مدَّة ثمَّ عُزل وَأقَام بهَا وَكَانَ قد اسْتَدَانَ من شخص يُعرف بِابْن المزوِّق دينا لَهُ صُورَة فَحَضَرَ بِهِ شمس الدّين وشقَّ عَلَيْهِ نسبةُ ذَلِك إِلَيْهِ فطُلب إِلَى الْقَاهِرَة بِسَبَب ذَلِك وَقَامَ مَعَه الْعلمَاء والأعيان وبعَّدوا ذَلِك عَنهُ وتوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست مائَة ومولده بأسوان سنة اثْنَتَيْ عشرَة)
وست مائَة
وَمن شعره
(إِن كنتَ تسْأَل عَن عِرضي فَلَا دنسٌ ... أَو كنتَ تسْأَل عَن حَالي فَلَا حالُ)(22/317)
(قد ضيَّع المجدَ مالٌ ضيَّعتْه يَدي ... مَا أضيعَ المجدَ إِن لم يحمِه المالُ)
وَمِنْه
(أصبح القلبُ سليما ... فِي هوى حُسن سَليمَهْ)
(وَغدا الحبُّ مُقيما ... وسطَ قلبِي وصميمَهْ)
(يَا ابنةَ العربِ صِليني ... أنتِ فِي الناسِ كريمَهْ)
(لَا جزى اللهُ جميلاً ... كلَّ من ينسى قديمهْ)
3 - (ابْن هِلَال)
عمر بن عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَاحِد بن عبد الرَّحْمَن بن هِلَال توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي حادي عشر شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ قد سمع من إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر والمؤمَّل بن مُحَمَّد البالِسي وَمُحَمّد بن عبد الْمُنعم بن القوَّاس وَغَيرهم وَأَجَازَ لي بخطِّه فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (أَبُو الفتيان الدِّهستاني الرُّؤاسي)
عمر بن عبد الْكَرِيم بن سَعْدَوَيْه بن مهمَتْ أَبُو الفتيان الدِّهستاني الرُّؤاسي الْحَافِظ الرحَّال
رَحل إِلَى خُرَاسَان وَالْعراق والحجاز وَالشَّام ومصر والسواحل كَانَ أحد الحُفَّاظ المبرّزين حسن السِّيرَة كتب مَا لَا يُوصف كَثْرَة وَدخل آخر عمره طوس وصحَّح الغزَّالي عَلَيْهِ الصَّحِيحَيْنِ وروى عَنهُ السِّلفي وتوفِّي سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة
3 - (عمر بن عبد الْملك)
3 - (الرزَّاز الشَّافِعِي)
عمر بن عبد الْملك بن عمر بن خلف بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْقَاسِم الرزَّاز البغداذي الشَّافِعِي
شهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغاني وقِبَلَهُ(22/318)
وَسمع من مُحَمَّد بن أَحْمد بن رِزقويْهِ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مَخلَد وَالْحسن بن أَحْمد ابْن شَاذان وَعبد الْملك بن مُحَمَّد بن بِشران وَغَيرهم وَكَانَ رجلا صَالحا فَقِيها ابتُلي بِمَرَض وَبَقِي سنتَيْن مُقعداً ومولده سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة
3 - (بن النَّضير المَذحجي)
عمر بن عبد الْملك أَبُو النَّضير المَذحجي الشَّاعِر مولى بني جُمَح وَقيل اسْمه الْفضل
انْقَطع إِلَى البرامكة وَله فيهم مدائح كَثِيرَة فأغنوه إِلَى أَن مَاتَ ولمَّا هلك البرامكة عَاد إِلَى الْبَصْرَة فَصَارَ يُقَيِّنُ على جوارٍ لَهُ
ولد للفضل بن يحيى مَوْلُود فَدخل إِلَيْهِ أَبُو النَّضير وَلم يعرف الْخَبَر فلمَّا رأى النَّاس يهنَّئونه قَالَ مرتجلاً
(ويفرحُ بالمولود من آلِ بَرْمكٍ ... بُغاةُ النَّدى وَالسيف وَالرمْح ذِي النَّصْلِ)
وتنبسط الآمال فِيهِ لفضلِهِ ثمَّ أُرتج عَلَيْهِ فَلم يدرِ مَا يَقُول فَقَالَ لَهُ الْفضل بن يحيى الْبَرْمَكِي يلقِّنه وَلَا سيَّما إِن كَانَ من وَلَدِ الفضلِ فَاسْتحْسن النَّاس بديهة الْفضل وأُمر للشاعر بصلَة وَقَالَ الْفضل يَوْمًا لَهُ يَا أَبَا النَّضير أَنْت الْقَائِل فِينَا
(إِذا كنتَ من بغداذَ فِي رَأس فرسخٍ ... وجدتَ نسيمَ الْجُود من آلِ برمكِ)
قَالَ نعم قَالَ لقد ضيَّقتَ علينا جدًّا قَالَ فلأجل ذَلِك أيُّها الْأَمِير ضَاقَتْ عليَّ صلتك وَضَاقَتْ عنِّي مكافأتك وَأَنا الَّذِي أَقُول
(تشاغلَ الناسُ ببنيانهم ... والفضلُ فِي بَنْيِ العُلى جاهدُ)
(كلُّ ذَوي الرَّأْي وَأهل النُّهى ... للفضل فِي تَدْبيره حامدُ)
وعَلى ذَلِك فَمَا قلت الْبَيْت الأول كَمَا بلغ الْأَمِير وإِنَّما قلتُ)
(إِذا كنتَ من بغداذ فِي مقطع الثرى ... وجدتَ نسيمَ الْجُود من آلِ برمكِ)
فَقَالَ لَهُ الْفضل إنَّما أخَّرتُ ذَلِك لأُمازحك وَأمر لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم
وَكَانَ أَبُو الْفضل يزْعم أَن الْغناء على تقطيع الْعرُوض وَيَقُول هَكَذَا كَانَ الَّذين مضوا يَقُولُونَ وَكَانَ مستهزئاً بِالْغنَاءِ حتَّى تعاطى أَن يغنِّي وَكَانَ إِبْرَاهِيم الْموصِلِي يُخَالِفهُ فِي ذَلِك(22/319)
وَيَقُول الْعرُوض مُحدَث والغناء قبله بِزَمَان فَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ينصر أَبَاهُ
(سكتُّ عَن الْغناء فَلَا أماري ... بَصيرًا لَا وَلَا غير البصيرِ)
(مخافةَ أَن أُجَنِّنَ فِيهِ نَفسِي ... كَمَا قد جُنَّ فِيهِ أَبُو النَّضيرِ)
قلت لَيْسَ مَه إِسْحَاق وَلَا مَعَ أَبِيه إِبْرَاهِيم حقّ وَالصَّوَاب مَا قَالَه أَبُو النَّضير لأنَّ الْغناء تقطيع الصَّوْت على وزنٍ مَخْصُوص وَالْعرُوض تقطيع اللَّفْظ على وزن مَخْصُوص وَقَول إِبْرَاهِيم الْموصِلِي لأنَّ الْعرُوض مُحدث لَا يَنْفَعهُ ذَلِك لأنَّ الْعرُوض كَانَ فِي الْوُجُود بالقوَّة إِلَى أَن أظهره الْخَلِيل بن أَحْمد كَمَا قَالَ الْقَائِل
(قد كَانَ شعر الوَرَى صَحِيحا ... من قبل أَن يُخْلَقَ الخليلُ)
وكلُّ من نظم شعرًا فَهُوَ لَا يخرج عَن الْعرُوض سواءٌ قطَّعه على الْعرُوض أم لَا فإنَّ أبحر الشّعْر مركوزةٌ فِي طباع من رزقه الله نظم الشّعْر فالعروض مَا زَالَ مَوْجُودا أأخرجه الْخَلِيل إِلَى الْوُجُود أم لَا ولليونان شعرٌ أَيْضا ويسمُّون تقطيعه الْأَيْدِي والأرجل وَقَالَ الرئيس ابْن سينا وَاضع النَّحْو وَالْعرُوض فِي العربيَّة يشبه وَاضع الْمنطق والموسيقى فِي اليونانيَّة
3 - (نَاصِر الدّين بن القوَّاس الْمسند)
عمر بن عبد الْمُنعم بن عمر بن عبد الله بن غَدِير الشَّيْخ المعمَّر مسنِد الشَّام نَاصِر الدّين أَبُو حَفْص بن القوَّاس الطَّائِي الدِّمَشْقِي ولد سنة خمس وست مائَة وَسمع حضوراً من ابْن الحرستاني وَمن ابْن أبي لُقمة وَمن أبي نصرٍ الشِّيرَازِيّ وكريمة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْيمن الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَابْن مندويه وَابْن مُلاعب وَابْن البنَّاء والجلاجلي وَخلق كثير
وحجَّ وَكَانَ ديِّناً خيِّراً محبًّا للْحَدِيث وَأَهله مليح الإصغاء كثير التودُّد روى الْكثير فِي آخر عمره قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين الْمُبْهِج فِي الْقرَاءَات وَكتاب السَّبْعَة لبن مُجَاهِد والكفاية فِي الْقرَاءَات السِّت عَن الْكِنْدِيّ وخرَّج لَهُ مشيخةً صَغِيرَة وخرَّج لَهُ أَبُو عَمْرو المُقاتلي مشيخةً بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة وأكثرا عَنهُ وَسمع مِنْهُ المِزِّي وَولده والبِرزالي وَابْن سامَة)
وَالشَّيْخ عَليّ الْموصِلِي والنابلسي سِبط الزين خَالِد وَأَبُو بكر الرَّحبي وَأَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن الْحَارِثِيّ وَالشَّمْس السرَّاج سبط ابْن الحلوانية وَمُحَمّد بن المدرِّس القوَّاس وتوفِّي سنة بِدِمَشْق بدرب مُحرز ودُفن بسفح قاسيون سنة ثمانٍ وَتِسْعين وست مائَة(22/320)
3 - (عمادُ الدّين الأُصولي اللَّزني)
عمر بن عبد النُّور بن ماخُوخ بخاءين معجمتبن الشَّيْخ الأديب الأُصولي عماد الدّين اللَّزني الصُّنهاجي أَبُو حَفْص نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِدِمَشْق فِي المحرَّم سنة أَربع عشرَة وست مائَة فِي من يُعرف أَبوهُ بالعُصَيْفير
(مَتى نَيْلُ التَّعوُّضِ من غزالٍ ... على الأحشاء سلَّط مقلتيهِ)
(كأنَّ فؤادَ عاشقه المُعَنَّى ... سَمِيُّ أَبِيه يخْفق فِي يديهِ)
(نبذتُ سواهُ مغتبطاً لأنِّي ... أرى التعذيبَ عَذْباً من لديهِ)
وأنشدني لَهُ فِيهِ عَلِقْتُ عُصيفيراً من الْإِنْس شكلهسجيَّتُهُفينا الملالةُ والهجرُ
(يتيه علينا ابنُ البُغاثِ نفاسةً ... فَكيف بِهِ لَو كَانَ والدَه النَّسرُ)
3 - (الزَّاهِد الحريري)
عمر بن عبد النصير بن مُحَمَّد بن هَاشم بن عزّ الْعَرَب الْقرشِي السَّهمي القوصي الإسْكَنْدراني الأَصْل يُعرف بالزاهد الحريري كَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ مجد الدّين القُشيري وطلبته وباشر مشارفة الْمدرسَة النجيبيَّة وَكَانَ مؤدَّباً بِالْمَدْرَسَةِ السابقيَّة وَكَانَ شَاعِرًا ظريفاً سمع من ابْن المُقَيِّر وَالشَّيْخ بهاء الدّين ابْن بنت الجُمَّيزي وَغَيرهمَا وحدَّث بقوص ومصر والقاهرة والإسكندرية سمع مِنْهُ زين الدّين عمر بن الْحسن بن عمر بن حبيب والفقيه تَاج الدّين عبد الغفَّار ابْن عبد الْكَافِي السَّعدي وَالشَّيْخ فتح الدّين بن سيِّد النَّاس وشهاب الدّين أَحْمد الهَكَّاري وعَلَم الدّين البِرزالي ومحبّ الدّين بن تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَغَيرهم
وَكتب عَنهُ العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان وَغَيره
أَنْشدني إجَازَة الْحَافِظ فتح الدّين بن سيِّد النَّاس قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(عُد للحمى ودعِ الرسائلْ ... وعنِ الأحبَّةِ قف وسائلْ)
(واجعلْ خضوعك والتذلُّ ... لَ فِي طِلابهمُ وسائلْ)
)
(والدمعُ من فرطِ البكا ... ءِ عليهمُ جارٍ وسائلْ)
(واسأل مراحمهم فه ... نَّ لكلِّ محرومٍ وسائلْ)(22/321)
وَمن شعره
(مَا لأجفاني جَفَتْ طِيبَ كراها ... واستقلَّت بسُهادٍ قد براها)
(وأتاح البينُ لي من بَينهَا ... عَبَراتٍ عَبَّرَتْ عمَّا وراها)
وَمِنْه
(لستُ ممَّن يزورُ من يزدَريه ... فيُلاقي مَذَلَّةً واحْتِقارا)
(وَهْو عِنْدِي أرَاهُ بينَ البَرايا ... كهباءٍ فِي عاصفِ الرِّيح طارا)
توفّي بالإسكندرية فِي منتصف المحرَّم سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة ومولده بقُوص سنة خمس عشرَة وست مائَة
(الْجُزْء الرَّابِع وَالْعشْرُونَ)(22/322)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(حرف الْفَاء)
(فرقد)
3 - (الربعِي الصَّحَابِيّ)
فرقد الْعجلِيّ الربعِي وَيُقَال التَّمِيمِي الْعَنْبَري يذكر فِي الصَّحَابَة ذهبت بِهِ أمه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت لَهُ ذوائب فَمسح بِيَدِهِ عَلَيْهِ وبرك ودعا لَهُ
3 - (صَحَابِيّ آخر)
فرقد أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطعم على مائدته الطَّعَام
قَالَ البُخَارِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام عَن الْحسن بن مهْرَان الْكرْمَانِي قَالَ رَأَيْت فرقداً صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطعمت مَعَه وَكَانَ قد أكل على مائدة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(الألقاب)
ابْن الْفرس الْحَافِظ المغربي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم وَابْن الْفرس الْمَالِكِي اسْمه عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد
ابْن الْفرس عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم)
الفركاح تَاج الدّين عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الفرغاني مُحَمَّد بن يَعْقُوب
الفرنسيس الإفرنجي اسْمه بواش(24/5)
(فَرْوَة)
3 - (البياضي الصَّحَابِيّ)
فَرْوَة بن عَمْرو بن وذفة بن عبيد بن عَامر البياضي شهد الْعقبَة وَشهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين عبد الله بن مخرمَة العامري
روى مَالك حَدِيثه فِي الْمُوَطَّأ وَلم يسمه كَانَ ابْن وضاح وَابْن مزين يَقُولَانِ إِنَّمَا سكت مَالك عَن اسْمه لِأَنَّهُ مَكَان أعَان على قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
قَالَ ابْن عبد الْبر هَذَا لَا يعرف وَلَا وَجه لما قَالَاه وَلم يكن لقَائِل هَذَا علم بِمَا كَانَ مِمَّن الْأَنْصَار يَوْم الدَّار
قد خُولِفَ مَالك فِي حَدِيثه ذَلِك فَرَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي حَازِم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقمه حَمَّاد وَالْقَوْل قَول مَالك وَلم يخْتَلف فِي اسْم البياضي هَذَا
3 - (الجذامي الصَّحَابِيّ)
فَرْوَة بن عَمْرو بن النافرة الجذامي ثمَّ النفاثي كتب بِإِسْلَامِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وكامن مَوْضِعه بمعان من أَرض فلسطين وَكَانَ عَاملا للروم على فلسطين وَمَا حولهَا وعَلى مَا يَلِيهِ من الْعَرَب
3 - (الجذامي الصَّحَابِيّ هُوَ الأول)
فَرْوَة بن عَامر كَذَا قَالَ الْخَطِيب لَا ابْن عَمْرو قَالَ بعث فَرْوَة بن عَامر الجذامي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَامِهِ وَأهْدى لَهُ بلغَة بَيْضَاء
وَكَانَ فَرْوَة عَاملا لقيصر على مَا يَلِيهِ من الْعَرَب وَكَانَ منزله عمان وَمَا حولهَا فَلَمَّا بلغ الرّوم ذَلِك حبسوه فَلَمَّا أَجمعُوا على صلبه على مَاء يُقَال لَهُ عفراء بفلسطين وَذكر أبياتاً قَالَهَا حِينَئِذٍ مِنْهَا)
(أبلغ سراة الْمُسلمين بأنني ... سلم لرَبي أعظمي وبناني)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
فَرْوَة بن النُّعْمَان وَقيل ابْن الْحَارِث بن النُّعْمَان بن يسَاف الْأنْصَارِيّ(24/6)
الخزرجي من بني مَالك بن النجار قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا وَكَانَ قد شهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد
3 - (الْمرَادِي اليمني)
فَرْوَة بن مسيك وَقيل ابْن مُسَيْكَة وَالْأول أَكثر ابْن الْحَارِث بِمن سَلمَة بن الْحَارِث بن كريب الغطيفي ثمَّ الْمرَادِي أَصله من الْيمن
قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة تسع فَأسلم وَقيل سنة عشر وانتقل إِلَى الْكُوفَة زمن عمر رَضِي الله عَنهُ
روى عَنهُ الشّعبِيّ وَأَبُو سُبْرَة النَّخعِيّ وَسَعِيد بن أَبيض أَبُو هَانِئ الْمرَادِي
وَكَانَ من وُجُوه قومه وَهُوَ شَاعِر محسن وَأنْشد لَهُ ابْن إِسْحَق فِي السّير شعرًا حسنا وَهُوَ الْقَائِل
(إِن نغلب فغلابون قدماً ... وَإِن نهزم فَغير مهزمينا)
(وَمَا إِن طبنا وَلَكِن ... منايانا ودولة آخرينا)
(كَذَاك الدَّهْر دولته سِجَال ... تكر صروفه حينا فحينا)
(وَمن يغرر بريب الدَّهْر يَوْمًا ... يجد ريب الزَّمَان لَهُ خؤونا)
(فَقل للشامتين بِنَا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كَمَا لَقينَا)
وَقد تمثل بِالثَّلَاثَةِ الأول يزِيد بن الْمُهلب لما نظر إِلَى مسلمة بن عبد الْملك وَجَمِيع أهل الشَّام مَعَه وَقيل إِن الْحُسَيْن رَحْمَة الله عَلَيْهِ تمثل بهَا أَيْضا يَوْم قتل
وينسب إِلَيْهِ أَيْضا مَا فِي الحماسة وَهُوَ
(فَلَو أَن قومِي أنطقتني رماحهم ... نطقت وَلَكِن الرماح أجرت)
3 - (الْأَشْجَعِيّ الصَّحَابِيّ)
فَرْوَة بن مَالك الْأَشْجَعِيّ روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي قَالَ ابْن عبد الْبر حَدِيثه مُضْطَرب لَا يثبت وَقد قيل فِيهِ فَرْوَة بن نَوْفَل وَهُوَ من الْخَوَارِج خرج على الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي صدر الْخلَافَة مُعَاوِيَة مَعَ)
الْمُسْتَوْرد فَبعث إِلَيْهِم الْمُغيرَة خيلاً فَقتلُوا سنة خمس أَرْبَعِينَ فَإِن كَانَ هَذَا فَلَا صُحْبَة لَهُ وَلَا رُؤْيَة وَإِنَّمَا يروي عَن أَبِيه وَعَن عَائِشَة(24/7)
روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي وهلال بن يسَاف وَشريك بن طَارق وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
وَقَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه فَرْوَة بن نَوْفَل الْأَشْجَعِيّ كُوفِي كَانَ رَئِيس الشراة بالنخيلة وَهُوَ الْقَائِل
(مَا إِن نبالي إِذا أَرْوَاحنَا قبضت ... مَاذَا فَعلْتُمْ بأجسادٍ وأبشار)
(لقد علمت وَخير الْعلم أنفعه ... أَن السعيد الَّذِي ينجو من النَّار)
3 - (الصَّحَابِيّ الْأَسدي)
فَرْوَة بن خميصة الْأَسدي أَعْرَابِي يماني شَاعِر كَانَ يُصِيب الطَّرِيق بنواحي فيد
وهاجى عمَارَة بن عقيل بن بِلَال بن جرير وَله سبع عشرَة سنة وَعمارَة قد جَاوز السِّتين فَمن قَول فَرْوَة بن عمَارَة
(وَابْن المراغة عائذٌ من خوفنا ... بالوشم منزلَة الذَّلِيل الصاغر)
(يخْشَى الرِّيَاح بِأَن تكون طَلِيعَة ... أَو أَن تحل بِهِ عُقُوبَة بَادر)
(وليت ظهرك واتقيت بنسوةٍ ... سود المعاصم وَالْوُجُوه حواسر)
(وأجوب فِي الْهَرَب الْبَقَاء وَقد ترى ... سَبَب الْمنية قد بدا للنَّاظِر)
فَأَجَابَهُ عمَارَة بقصيدة مِنْهَا
(مَا فِي السوية أَن تجر عَلَيْهِم ... فَتكون يَوْم الروع أول صادر)
وَكَانَ فَرْوَة قتل بِيَدِهِ ثَلَاثَة من بني حَنْظَلَة فَلَمَّا قَالَ عمَارَة هَذَا الْبَيْت استفز فَرْوَة وَكَانَ صَبيا لم يجرب وَحمله على أَن صَبر فِي الْحَرْب بعد أَن انْصَرف اصحابه وَقَاتل وَحده فَقتل فَقيل لعمارة قتلت فَرْوَة فَقَالَ مَا قتلته ولكنب عرضته للْقَتْل
3 - (الصَّحَابِيّ مولى اللخميين)
فَرْوَة بن مجَالد مولى اللخميين من أهل فلسطين روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَكْثَرهم يجْعَلُونَ حَدِيثه مُرْسلا روى عَنهُ حسان بن عَطِيَّة والمغيرة بن الْمُغيرَة)
وَكَانَ فَرْوَة هَذَا معدوداً فِي الأبدال مستجاب الدعْوَة
3 - (الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ)
فَرْوَة الْجُهَنِيّ شَامي لَهُ صُحْبَة روى عَن بشير مولى(24/8)
مُعَاوِيَة أَنه سَمعه فِي عشرةٍ من أَصْحَابه يَقُولُونَ إِذا رَأَوْا الْهلَال اللَّهُمَّ اجْعَل شهرنا الْمَاضِي خير شهر وَخير عَاقِبَة وَأدْخل عليما شهرنا هَذَا بالسلامة واليمن وَالْإِيمَان والعافية والرزق الْحسن
3 - (الْكِنْدِيّ الْكُوفِي)
فَرْوَة بن أبي المغراء ابو الْقَاسِم بِمَ معدي كرب الْكِنْدِيّ الْكُوفِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ وَعبد الله الدَّارمِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم
قَالَ ابو حَاتِم هُوَ صَدُوق وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين ومئتين
(الألقاب)
ابْن أبي فَرْوَة إِسْحَاق بن عبد الله
ابْن أبي فَرْوَة عبد الله بن كيسَان
الْفَروِي إِسْحَاق بن مُحَمَّد
(فريدة)
3 - (الْكُبْرَى الْمُغنيَة)
فريدة الْكُبْرَى كَانَت مولدة نشأت بالحجاز ثمَّ وَقعت إِلَى آل الرّبيع فَعلمت الْغناء فِي دُورهمْ ثمَّ صَارَت إِلَى البرامكة
فَلَمَّا قتل جَعْفَر هربت وطلبها الرشيد فَلم يجدهَا ثمَّ إِنَّهَا صَارَت إِلَى الْأمين فَلَمَّا قتل خرجت فَتزوّجت الْهَيْثَم بن سَالم فَولدت لَهُ ابْنه عبد الله ثمَّ مَاتَ عَنْهَا فَتَزَوجهَا السندي بن الجرشِي وَمَاتَتْ عِنْده
وَكَانَ لَهَا صَنْعَة جَيِّدَة فِي الْغناء وَلها صَوت فيشعر الْوَلِيد بن يزِيد وَهُوَ
(وَيْح سلمى لَو تراني ... لعناها مَا عناني)
(وَاقِفًا فِي الدَّار أبْكِي ... عَاشِقًا حور الغواني)
3 - (جَارِيَة الواثق)
فريدة الصُّغْرَى جَارِيَة الواثق بِاللَّه كَانَت لعَمْرو بن بانة الْمُغنِي وأهداها للواثق كَانَت من الموصوفات المحسنات
قَالَ مُحَمَّد بن الْحَارِث ابْن بسخنر طلبني الواثق يَوْمًا فِي غير نوبتي فسرت إِلَيْهِ مرتاعاً وأدخلت إِلَى دور الْحَرِيم وَهُوَ فِي رواقٍ أرضه وحيطانه مفروشة بالصخر ملبسة بالوشي المنسوج بِالذَّهَب(24/9)
وغلى جَانِبه فريدة عَلَيْهَا مثل ذَلِك وَفِي حجرها عود فَلَمَّا رَآنِي قَالَ أقبل وبادر إِلَيْنَا فَطلب لي أكلا فَقلت أكلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هاتوا لمُحَمد رطلا فِي قدح فأحضرت ذَلِك وغنت فريدة
(أهابك إجلالاً وَمَا بك قدرَة ... عَليّ وَلَكِن ملْء عينٍ حبيبها)
(وَمَا هجرتك النَّفس يل ليل أَنَّهَا ... قلتك وَلَا أَن قلّ مِنْك نصِيبهَا)
(وَلَكنهُمْ يَا أَمْلَح النَّاس أولعوا ... يقولٍ إِذا مَا جِئْت هَذَا حبيبها)
قَالَ فَجَاءَت وَالله بِالسحرِ وَجعل الواثق يجاوبها وَفِي خلال ذَلِك تغني الصَّوْت بعد الصَّوْت وَأغْنِي أَنا فِي خلال غنائهما فَمر لنا يَوْم أحسن مَا مر لأحد
فَإنَّا لكذلك إِذْ رفع رجله فَضرب بهَا صدر فريدة ضَرْبَة تدحرجت مِنْهَا من أَعلَى السرير إِلَى)
الأَرْض وتفتت عودهَا وَمَرَّتْ تعدو وتصيح وَبقيت أَنا مروعاً لم أَشك أَن عينه وَقعت عَليّ فَنَظَرت إِلَيّ أَو نظرت إِلَيْهَا فأطرقت إِلَى الأَرْض متحيراً أتوقع ضرب الْعُنُق فَإِنِّي لكذلك إِذْ قَالَ لي يَا مُحَمَّد فَوَثَبت قَائِما فَقَالَ أَرَأَيْت أعجب من هَذَا فَقلت السَّاعَة تخرج روحي فعلى من أصابتنا عينه لعنة الله فَمَا السَّبَب أَو الذَّنب قَالَ لَا وَالله وَلَكِنِّي فَكرت أَن جعفراً يَعْنِي أَخَاهُ المتَوَكل يقْعد هَذَا المقعد وتقعد مَعَه فريدة كَمَا قعدت معي فَلم أطق الصَّبْر وخامرني مَا أخرجني إِلَى مَا رَأَيْت فَقلت بل يقتل الله جعفراً ويحيا أَمِير الْمُؤمنِينَ ووقبلت الأَرْض وَقلت الله الله يَا سَيِّدي ارحمها فَقَالَ لبَعض الخدم مر فجِئ بهَا فَأَقْبَلت وَفِي يَدهَا عود وَعَلَيْهَا غير الثِّيَاب الأولى فَلَمَّا رَآهَا جذبها إِلَيْهِ وعانقها وَبكى وبكت وبكيت أَنا فَقَالَت مَا ذَنبي يَا سَيِّدي فَأَعَادَ ذَلِك عَلَيْهَا فَقَالَت سَأَلت بِاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا ضربت عنقِي السَّاعَة واسترح من الْفِكر فِي هَذَا وبكينا سَاعَة ثمَّ أَشَارَ إِلَى الخدم فأحضروا أكياساً فِيهَا عينٌ وورق ورزم ثِيَاب كَثِيرَة ودرجاً فَتحه وَأخرج مِنْهُ عقدا مَا رَأَيْت مثله فألبسه إِيَّاهَا وَأمر لي ببدلة وَخَمْسَة تخوت وعدنا إِلَى أمرنَا وَلم نزل إِلَى اللَّيْل ثمَّ تفرقنا
وَضرب الدَّهْر ضرباته وَمَات الواثق وَولي المتَوَكل فَإِنِّي لفي يَوْم غير نوبتي إِذْ طلبت مثل ذَلِك الطّلب فَدخلت إِلَى تِلْكَ الديار بِعَينهَا والحجرة بِعَينهَا وَإِذا المتَوَكل قَاعد على سَرِير الواثق وفريدة إِلَى جَانِبه فَقَالَ لي وَيحك مَا ترى إِلَى مَا أَنا فِيهِ مَعَ هَذِه أَنا مُنْذُ غدْوَة أطلبها أَن تغني فتأبى فَقلت لَهَا بحياته غَنِي لنا فاندفعت فغنت(24/10)
(مُقيم بالمجازة من قنونا ... وَأهْلك بالأجيفر فالثماد)
(فَلَا تبعد فَكل فَتى سَيَأْتِي ... عَلَيْهِ الْمَوْت يطْرق أَو يغادي)
ثمَّ رمت بِالْعودِ إِلَى الأَرْض ورمت بِنَفسِهَا عَن السرير وَمَرَّتْ تعدو وتصيح واسيداه فَقَالَ لي وَيحك مَا هَذَا قلت لَا أَدْرِي قَالَ فَمَا ترى قلت أَنا أنصرف أَنا وتحضر هَذِه وَمَعَهَا غَيرهَا فَإِن الْأَمر إِلَى مَا يُرِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَانْصَرف فَانْصَرَفت وَلم أدر مَا كَانَت الْقِصَّة
(فريعة)
3 - (الصحابية بنت معوذ)
فريعة بنت معوذ بن عفراء لَهَا صُحْبَة وَكَانَت مجابة الدعْوَة حَدِيثهَا فِي الرُّخْصَة فِي الْغناء وَضرب الدُّف فِي الْعرس من حَدِيث أهل الْبَصْرَة وَهِي أُخْت الرّبيع بنت معوذ
3 - (الصحابية أُخْت أبي سعيد الْخُدْرِيّ)
فريعة بنت مَالك بن سِنَان أُخْت أبي سعيد الْخُدْرِيّ شهِدت بيعَة الرضْوَان وَأمّهَا حَبِيبَة بنت عبد الله بن أبي بن سيلول
رَوَت عَن الفريعة هَذِه زَيْنَب بنت كَعْب بن عجْرَة حَدِيثهَا فِي سُكْنى الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فِي بَيتهَا حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله اسْتَعْملهُ أَكثر فُقَهَاء الْأَمْصَار
(الألقاب)
الْفرْيَابِيّ الْحَافِظ جَعْفَر بن مُحَمَّد
ابْن فسوة عتيبة بن مرداس
الْفَسَوِي الحافزظ يَعْقُوب بن سُفْيَان
ابْن فسايخس جمَاعَة مِنْهُم الْوَزير مُحَمَّد بن الْعَبَّاس وَمِنْهُم الْعَبَّاس بن مُوسَى وَمِنْهُم سعيد بن عبد الله
فستقة الْحَافِظ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفضل(24/11)
3 - (الفصيح)
3 - (الْحلِيّ الْعجلِيّ)
الفصيح بن عَليّ بن عبد السَّلَام بن عطا بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْعجلِيّ من بِلَاد الْحلَّة كَانَ يذكر أَنه من أَوْلَاد أبي دلف الْعجلِيّ
كَانَ أديباً فَاضلا لَهُ شعر ولد سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره
(هذي الديار وَهَذَا الضال وَالسّلم ... وَحَيْثُ كَانَت قباب الحبي والخيم)
(يَا صَاحِبي قفا بِي فِي مَنَازِلهمْ ... نبكي الديار الَّتِي كُنَّا بهَا وهم)
)
(وَأي عذرٍ لقلبٍ لَا يحركه ... طيب الأسى ولدمع الْعين ينسجم)
(لَيْت الْأَحِبَّة إِذْ جد الْفِرَاق بهم ... بِمَا المحبون فِيهِ وبعدهم علمُوا)
(بانوا فكم دمعةٍ فِي إِثْر عيسهم ... سحت وَكم لوعةٍ فِي الدَّار اضطرم)
(نلوم صرف النَّوَى فِيمَا بِنَا صنعت ... واللوم أولى بِهِ الوخادة الرَّسْم)
(لم تخل لَوْلَا المطايا وَهِي آهلة ... دارٌ وَلَا شت شملٌ وَهُوَ ملتئم)
(الألقاب)
الفصيحي النَّحْوِيّ عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ
(فضَالة)
3 - (الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ فضَالة بن عبيد)
فضَالة بن عبيد بن نَافِذ بن قيس بن صُهَيْب الْأنْصَارِيّ الْعمريّ الأوسي أَبُو مُحَمَّد أول مشَاهد أحد ثمَّ شهد(24/12)
الْمشَاهد كلهَا ثمَّ انْتقل إِلَى الشَّام وَسكن دمشق وَبنى دَارا وَكَانَ فِيهَا قَاضِيا لمعاوية وَمَات بهَا سنة ثَلَاث وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وَقيل تسع وَسِتِّينَ وَالْأول أصح
وَحمل مُعَاوِيَة سَرِيره وَقَالَ لِابْنِهِ عبد الله أَعنِي يَا بني وَإنَّك لَا تحمل بعده مثله
لما حضرت أَبَا الدَّرْدَاء الْوَفَاة قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ من لهَذَا الْأَمر قَالَ فضَالة بن عبيد فولاه الْقَضَاء لما خرج إِلَى صفّين وَقَالَ لَهُ أمات إِنِّي لم أحبك بهَا وَلَكِن استترت بك من النَّار فاستر
ثمَّ أمره مُعَاوِيَة على الْجَيْش فغزا الرّوم فِي الْبَحْر وشتا بأرضهم وَكَانَ فضَالة أحد من بَايع بيعَة الرضْوَان وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (اللَّيْثِيّ الصَّحَابِيّ)
فضَالة اللَّيْثِيّ قَالَ ابْن عبد الْبر اخْتلف فِي اسْم أَبِيه فَقيل فضَالة بن عبد الله وَقيل فضَالة بن وهب بن بحرة بن يحيى بن مَالك الْأَكْبَر اللَّيْثِيّ وَقَالَ بَعضهم الزهْرَانِي فَأَخْطَأَ والزهراني غير اللَّيْثِيّ الزهْرَانِي تَابِعِيّ
يعد فضَالة اللَّيْثِيّ فِي أهل الْبَصْرَة حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ حَافظ على العصرين يَعْنِي الصُّبْح وَالْعصر روى عَنهُ ابْنه عبد الله
3 - (مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
)
فضَالة مَذْكُور فِي موَالِي رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعرفهُ بِغَيْر ذَلِك
3 - (الْأَسدي الشَّاعِر)
فضَالة بن شريك كَانَ من بني أَسد شَاعِرًا فاتكاً لَهُ ابْنَانِ شاعران أَحدهمَا عبد الله بن فضَالة الَّذِي وَفد على عبد الله بن الزبير وَالْقَائِل لَهُ إِن نَاقَتي قد نقبت ودبرت فَقَالَ لَهُ ارقعها بجلد وأخصفها بهلب وسر بهَا البردين فَقَالَ إِنِّي جئْتُك مستحملاً لَا مستشيراً فلعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك فَقَالَ ابْن الزبير إِن وراكبها فَانْصَرف وَقَالَ
(أَقُول لغلمتي شدوا ركابي ... أجاوز بطن مَكَّة فِي سَواد)
(فَمَالِي حِين أقطع ذَات عرقٍ ... إِلَى ابْن الكاهلية من معاد)(24/13)
(شَكَوْت إِلَيْهِ أَن نقبت قلوصي ... فَرد جَوَاب مشدود الصفاد)
(يضن بناقةٍ ويروم ملكا ... محالٌ ذاكم غير السداد)
وَهِي طَوِيلَة ذكرهَا صَاحب الأغاني فِي تَرْجَمَة فضَالة
وَقيل إِن هَذِه الْقِصَّة تمت لفضالة نَفسه فَلَمَّا ولي عبد الْملك سَأَلَ عَنهُ فَقيل مَاتَ فَأمر لوَرثَته مائَة نَاقَة برا وَتَمْرًا
وهجا فضَالة عَاصِم بن عمر بن الْخطاب فاستعدى عَلَيْهِ عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة فهرب فضَالة حَتَّى أَتَى يزِيد بن مُعَاوِيَة فَعرفهُ ذَنبه فأعاذه وَكتب إِلَيْهِ إِن فضَالة أَتَانِي واستجار بِي وَإنَّهُ يحب أَن تهبه لي وَضمن أَنه لَا يعود لهجائه فَقل ذَلِك عَاصِم فَقَالَ فضَالة يمدح يزِيد
(إِذا مَا قريشٌ فاخرت بقديمها ... فخرت بمجدٍ يَا يزِيد تليد)
(بمجد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلم يزل ... أَبوك أَمِين الله غير بليد)
(بِهِ عصم الله الْأَنَام من الردى ... وَأدْركَ تبلاً من معاشر صيد)
(ومجد أبي سُفْيَان ذِي الباع والندى ... وحربٍ وَمَا حَرْب العلى بزهيد)
(فَمن ذَا الَّذِي إِن عدد النَّاس مجده ... يَجِيء بمجدٍ مثل مجد يزِيد)
3 - (ابْن النَّاقِد)
)
أَبُو الْفَضَائِل ابْن النَّاقِد الْمُهَذّب كَانَ طَبِيبا مَشْهُورا وعالماً مَذْكُورا وَكَانَ يَهُودِيّا مَشْهُورا بالطب والكحل إِلَّا أَن الْكحل كَانَ أغلب عَلَيْهِ وَكَانَ كثير المعاش وَكَانَ أَكثر الطّلبَة يشتغلون عَلَيْهِ وَهُوَ رَاكب فِي وَقت دورناه وافتقاده للمرضى
وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ وَأسلم وَلَده أَبُو الْفرج وَكَانَ كحالاً أَيْضا
أَتَى إِلَى أبي الْفَضَائِل صَاحب لَهُ من الْيَهُود ضَعِيف الْحَال وَطلب مِنْهُ أَن يرفده بِشَيْء فأجلسه عِنْد دَاره وَقَالَ لَهُ معاشي الْيَوْم لَك بختك رزقك وَركب حِمَاره وَدَار على المرضى والرمدا وَلما عَاد أخرج عدَّة الْكحل وفيهَا قَرَاطِيس كَثِيرَة مصرورة وَجعل يفتحها شَيْئا بعد شَيْء فيجحد مِنْهَا مَا فِيهِ الدِّينَار وَالْأَكْثَر وَمَا فِيهِ الدَّرَاهِم الناصرية وَمَا فِيهِ دَرَاهِم السوَاد فَكَانَ ذَلِك مَا يُقَارب الثلاثمائة دِرْهَم وَقَالَ لَهُ وَالله مَا أعرف الَّذِي أَعْطَانِي الذَّهَب من الدَّرَاهِم
3 - (الناصرية من الدَّرَاهِم السَّوْدَاء)(24/14)
فضَّة جَارِيَة الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ العباسي لَهَا ذكر وترجمة فِي تَرْجَمَة الْمُسْتَنْصر واسْمه مَنْصُور بن مُحَمَّد فليكشف من هُنَاكَ عَن ترجمتها وَالله الْمُوفق
3 - (الْفضل)
3 - (النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ)
الْفضل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْكُوفِي أَبُو الْعَبَّاس النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ أَخذ الْقِرَاءَة عَن الْكسَائي لَهُ اخْتِيَار فِي أحرف يسيرَة
3 - (المسترشد بِاللَّه)
الْفضل بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام أَبُو مَنْصُور المسترشد بِاللَّه ابْن المستظهر بن الْمُقْتَدِي بن الْقَائِم بن الْقَادِر بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور بُويِعَ بالخلافة لَيْلَة الْخَمِيس الرَّابِع وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة)
وَأول من بَايعه اخوته أَبُو عبد الله مُحَمَّد وَأَبُو طَالب الْعَبَّاس وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَأَبُو نصر مُحَمَّد وَأَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل وَأَبُو الْفضل عِيسَى ثمَّ تلاهم عمومته أَوْلَاد الْمُقْتَدِي
قَالَ الصولي بَايعه سَبْعَة من أَوْلَاد الْخُلَفَاء وَكَانَ المسترشد أشقر أعطر أشهل خَفِيف العارضين وَجلسَ بكرَة الْخَمِيس جُلُوسًا عَاما وَبَايَعَهُ النَّاس وَكَانَ الْمُتَوَلِي لأخذ الْبيعَة قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الدَّامغَانِي وَبَايع النَّاس إِلَى الظّهْر ثمَّ أخرجت جَنَازَة المستظهر فصلى عَلَيْهِ المسترشد وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَجلسَ للعزاء أَيَّامًا وَكَانَ عمره لما بُويِعَ سبعا وَعشْرين سنة لِأَن مولده سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ أَبوهُ خطب لَهُ بِولَايَة الْعَهْد وَنقش اسْمه على السِّكَّة فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ
وَكَانَ يتنسك فِي أول زَمَانه ويلبس الصُّوف ويتفرد فِي بَيت لِلْعِبَادَةِ وَختم الْقُرْآن وتفقه وَكَانَ مليح الْخط لم يكن قبله فِي الخفاء من كتب أحسن مِنْهُ وَكَانَ يسْتَدرك على كِتَابه أغاليطهم وَكَانَ ابْن الْأَنْبَارِي يَقُول أَنا وراق الْإِنْشَاء وَمَالك الْأَمر يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ الشَّرِيفَة(24/15)
وَكَانَ ذَا هَيْبَة وإقدام وشجاعة وَضبط الْخلَافَة ورتبها أحسن تَرْتِيب وَأَحْيَا رميمها وشيد أَرْكَان الشَّرِيعَة وَخرج عدَّة نوب إِلَى الْحلَّة والموصل وَطَرِيق خُرَاسَان
لم تزل أَيَّامه مكدرة بِكَثْرَة التشويش من الْمُخَالفين وَكَانَ يخرج بِنَفسِهِ لدفع ذَلِك ومباشرته إِلَى أَن خرج الخرجة الْأَخِيرَة فَكسر وَأسر وَقَتله الْمَلَاحِدَة جهزهم عَلَيْهِ السُّلْطَان مَسْعُود فَهَجَمُوا عَلَيْهِ وخيمه بِظَاهِر مراغة سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
وَكَانَت خِلَافَته سبع عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر وأياماً وَكَانَ عمره خمْسا وَأَرْبَعين سنة وأشهراً
وَكَانَ قد سمع الحَدِيث مَعَ اخوته من أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن بَيَان الرزاز وَمن مؤدبه أبي البركات أَحْمد بن عبد الوهَّاب بن هبة الله بن السيبي
وَحدث وروى عَنهُ وزيره عَليّ بن طراد الزَّيْنَبِي وَأَبُو الْفتُوح حَمْزَة بن عَليّ بن طَلْحَة الرَّازِيّ وَأَبُو عَليّ إِسْمَاعِيل بن طَاهِر بن الملقب وَغَيرهم وَمن شعره لما كسر وأشير عَلَيْهِ بالهزيمة قَالُوا تقيم وَقد أحَاط بك الْعَدو وَلَا تَفِر
(فأجبتهم الْمَرْء مَا ... لم يتعظ بالوعظ غر)
)
(لَا نلْت خيرا مَا حييّ ... ت وَلَا عداني الدَّهْر شَرّ)
إِن كنت أعلم أَن غير الله ينفع أَو يضر وَمن شعره
(أَقُول لشرخ الشَّبَاب اصطبر ... فولى ورد قَضَاء الوطر)
(فَقلت قنعت بِهَذَا المشيب ... وَإِن زَالَ غيمٌ فَهَذَا مطر)
(فَقَالَ المشيب أيبقى الْغُبَار ... على جمرةٍ ذاب مِنْهَا الْحجر)
وَمِنْه
(أَنا الْأَشْقَر الْمَوْعُود بِي فِي الْمَلَاحِم ... وَمن يملك الدُّنْيَا بِغَيْر مُزَاحم)
(ستبلغ أَرض الرّوم خيلي وتنتضى ... بأقصى بِلَاد الصين بيض صوارمي)
وَمِنْه لما استؤسر
(وَلَا عجبا للأسد أَن ظَفرت بهَا ... كلاب الأعادي من فصيح وأعجم)
(فحربة وَحشِي سقت حَمْزَة الردى ... وَمَوْت عَليّ من حسام ابْن ملجم)(24/16)
وَمِنْه وَقد خرج لقِتَال الْأَعَاجِم لأقلقلنّ العيس دامية الأخفاق من بلدٍ إِلَى بلد
(إِمَّا يُقَال مضى فأحرزها ... أَو لَا يُقَال مضى وَلم يعد)
قَالَ مَسْعُود بن عبد الله التيتاري اتّفق أَن المسترشد رأى فِيمَا يرى النَّائِم فِي الْأُسْبُوع الَّذِي اسْتشْهد فِيهِ كَأَن على يَده حمامة مطوقة فَأَتَاهُ آتٍ وَقَالَ خلاصك فِي هَذَا فَلَمَّا أصبح حكى لِابْنِ سكينَة الإِمَام مَا رَآهُ فَقَالَ مَا أولته يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أولته بِبَيْت أبي تَمام الطَّائِي
(هن الْحمام فَإِن كست عيافةً ... من حائهنّ فهن حمام)
وخلاصي فِي حمامي وليت من يأتيني فيخلصني مِمَّا أَنا فِيهِ من الذل وَالْحَبْس فَقتل بعد الْمَنَام بأيام
وَكَانَ المسترشد قد خرج للإصلاح بَين السلاطين السلجوقية وَاخْتِلَاف الأجناد وَكَانَ مَعَه جمع كثير من الأتراك فغدر أَكْثَرهم لَهُ وَلَحِقُوا بالسلطان مَسْعُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه ثمَّ التقى الْجَمْعَانِ فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلا وانهزموا عَن المستشرد وَقبض على المسترشد وعَلى خواصه وحملوا إِلَى قلعة بِقرب همذان وحبسوا بهَا وَكَانَ ذَلِك فِي شهر رَمَضَان وَبَقِي مَعَه إِلَى)
النّصْف من ذِي الْقعدَة وَحمل مَعَ مَسْعُود إِلَى مراغا وَأنزل بِنَاحِيَة من االمعسكر فَدخل عَلَيْهِ جمَاعَة من الباطنية من شرخ الْخَيْمَة وتعلقوا بِهِ وضربوه بالسكاكين فَوَقَعت الصَّيْحَة وَقتل مَعَه جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عبد الله ابْن سكينَة وَابْن الْجَزرِي وَخرج جمَاعَة منهزمين فتقلوا وأضرمت النَّار فيهم وَبقيت يَد أحدهم لم تحترق وَهِي خَارِجَة من النَّار مَضْمُومَة كلما ألقيت النَّار عَلَيْهَا لَا تحترق ففتحوا يَدعه فَإِذا هِيَ يَده وفيهَا شَعرَات من كريمته فَأَخذهَا السُّلْطَان مَسْعُود وَجعلهَا فِي تعويذ ذهب ثمَّ جلس السُّلْطَان للعزاء وَخرج الْخَادِم وَمَعَهُ الْمُصحف وَعَلِيهِ الدَّم إِلَى السُّلْطَان وَخرج أهل المراغة وَعَلَيْهِم المسوح وعَلى وُجُوههم الرماد الصغار والكبار وهم يستغيثون ودفنوه عِنْدهم فِي مدرسة أحمدك وَبَقِي العزاء بمراغة أَيَّامًا
وَخلف من الْأَوْلَاد أَبَا جَعْفَر منصوراً الراشد وَأَبا الْعَبَّاس أَحْمد وَأَبا الْقَاسِم عبد الله وَإِسْحَاق توفّي فِي حَيَاته ووزر لَهُ ربيب الدولة مُحَمَّد بن الْحُسَيْن نِيَابَة عَن أَبِيه وَأَبُو عَليّ بن صَدَقَة
وَعلي بن طراد وانو شرْوَان بن خَالِد وقضاته أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد(24/17)
الدَّامغَانِي وَعلي بن الْحُسَيْن الزَّيْنَبِي وحجابه ابْن المعوج وَابْن البقشلام وَابْن الصاحبي
3 - (أَبُو عَامر الْجِرْجَانِيّ)
الْفضل بن إِسْمَاعِيل التَّمِيمِي أَبُو عَامر الْجِرْجَانِيّ كَانَ أديباً أريباً فَاضلا مليح الْخط صَحِيح الضَّبْط حسن التَّأْلِيف لَهُ نظم ونثر
لَهُ كتاب الْبَيَان فِي عُلُوم الْقُرْآن وَكتاب عروق الذَّهَب فِي أشعار الْعَرَب وَكتاب سلوة الغرباء وقلائد الشّرف فِي الشّعْر وَغير ذَلِك
سمع من أبي سعد ابْن رامش وَأبي نصر ابْن رامش الْمُقْرِئ وَأبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن خلف الشِّيرَازِيّ
كَانَ مَوْجُودا فِي حَيَاة الْحَافِظ عبد الغافر وَذكره الباخرزي فِي الدمية
وَمن شعره فِي هرة
(إِن لي هرة خضبت شواها ... دون أَوْلَاد منزلي بالرقون)
(ثمَّ قلدتها لخوفي عَلَيْهَا ... ودعاتٍ ترد شَرّ الْعُيُون)
(كل يومٍ أعولها قبل أَهلِي ... بزلالٍ صافٍ وَلحم سمين)
(وَهِي تلعابةٌ إِذا مَا رأتني ... عَابس الْوَجْه وارم الْعرنِين)
)
(فتغني طوراً وترقص طوراً ... وتلهى بِكُل مَا يلهيني)
(لَا أُرِيد الصلاء إِن ضاجعتني ... عِنْد برد الشتَاء فِي كانون)
(وَإِذا مَا حككتها لحستني ... بلسانٍ كالمبرد الْمسنون)
(وَإِذا مَا جفوتها استعطفتني ... بأنينٍ من صَوتهَا ورنين)
(وَإِذا مَا وترتها كشفت لي ... عَن حرابٍ لَيست مَتَاع الْعُيُون)
أَمْلَح الْخلق حِين تلعب بالفار فتلقيه فِي الْعَذَاب المهين
(وَإِذا مَاتَ حسه أنشرته ... بشمالٍ مكرومةٍ أَو يَمِين)
وتصاديه بالغفول فَإِن رام انحجاراً علته كالشاهين
(وَإِذا مَا رجا السَّلامَة مِنْهَا ... عاجلته ببطشة التنين)(24/18)
وكذاك الأقدار تفترس الْمَرْء وتغتاله بِقطع الوتين
(بَيْنَمَا كَانَ فِي نشاطٍ وأنسٍ ... إِذا سقَاهُ ساقٍ بكاس الْمنون)
وَمن شعره وَكَانَ غواصاً على الْمعَانِي
(علقتها بَيْضَاء ظامئة الحشا ... تسبي الْقُلُوب بحسنها وبطيبها)
(مثل الشقائق فِي احمرار خدودها ... للناظرين وَفِي اسوداد قلوبها)
(وَقد يَسْتَقِيم الْمَرْء فِيمَا ينوبه ... كَمَا يَسْتَقِيم الْعود فِي عَرك أُذُنه)
(ويرجح من فضل الْكَلَام إِذا مَشى ... كَمَا يرجح الْمِيزَان من فضل وَزنه)
وَمِنْه
(إِنِّي بليت بشادنٍ ... يبلواه عِنْدِي تسْتَحب)
(فَإِذا بلوت طباعه ... فالماء يشرب وَهُوَ عذب)
(وَإِذا نضوت ثِيَابه ... فاللوز يقشر وَهُوَ رطب)
(وقصار وصفي أَنه ... فِيمَا أحب كَمَا أحب)
ومه
(أَصبَحت مثل عطاردٍ فِي طبعه ... إِذْ صرت مثل الشَّمْس فِي الْإِشْرَاق)
(فلذاك مَا أَلْقَاك يَوْمًا وَاحِدًا ... إِلَّا قضيت عَليّ بالإحراق)
وَمِنْه)
(قد ضَاقَ صَدْرِي من صُدُور زَمَاننَا ... فهم جماع الشَّرّ بِالْإِجْمَاع)
(يتضارطون فَإِن شَكَوْت ضراطهم ... شفعوا سَماع الضرط بالإسماع)
(هَذَا يفرقع بالضراط وذاكم ... يَرْمِي بِمثل حِجَارَة المقلاع)
(وَمن البلية أَن تعاشر معشراً ... يتضارطون الدَّهْر بالإيقاع)
وَمِنْه(24/19)
(ونائمٍ عَن سهري قَالَ لي ... وَقد طواني حبه طيا)
(أَأَنْت حيٌّ بعد قلت انتبه ... فالميت فِي النّوم يرى حَيا)
وَمن شعره قَوْله
(عذيري من شادنٍ لأغضبوه ... فَجرد لي مرهفا باتكا)
(وَقَالَ أَنا لَك يَا ابْن الْوَكِيل ... وَهل لي رجاءٌ سوى ذلكا)
وَقد أوردتهما فِي تَرْجَمَة صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر وتكلمت عَلَيْهِمَا
وَمن شعر أبي عَامر الْجِرْجَانِيّ عود لسَانك أَن يلين على الخطابة وَالْخطاب وتعهد الْفِكر الْحَدِيد بصرفه فِي كل بَاب فتآكل السَّيْف الصَّقِيل بطولٍ مكثٍ فِي القراب وَمِنْه لَا تنكرن حق الأديب لِأَن ترعى من ثِيَابه فالسيف أهيب مَا يكون إِذا تجرد من قرَابه وَمِنْه
(مَا فِي زَمَانك وَاحِد ... لَو قد تَأَمَّلت الشواهد)
(فاشهد بِصدق مَقَالَتي ... أَو لَا فَكَذبنِي بِوَاحِد)
قلت هُوَ مثل قَول ابْن حسول
(قد مَاتَ فِي دَهْرنَا الْكِرَام وَمن ... يعرف قدر الثَّنَاء والمدح)
(وَإِن شَكَكْتُمْ فِي الَّذِي قلته ... فكذبوني بواحدٍ سمح)
وَمن شعر أبي عَامر الْجِرْجَانِيّ)
(تختم فِي الْيَسَار فلست تلقى ... طراز الْكمّ إِلَّا فِي الْيَسَار)
(وَمَا نَقَصُوا الْيَمين بِهِ وَلَكِن ... لِبَاس الزين أولى بالصغار)
(كَذَاك ترى الأباهم عاطلاتٍ ... وَهن على الأكف من الْكِبَار)(24/20)
ومه
(إِنِّي بليت بحاجبٍ حجب الورى ... بمطاله عَن نيله الْمَطْلُوب)
(أَبَت الملاحة أَن تفتح عينه ... إِلَّا بِقدر تَبَسم المكروب)
وَمِنْه
(استرزق الله فالأرزاق فِي يَده ... وَلَا تمد إِلَى غير الْإِلَه يدا)
(وحاذر الدَّهْر أَن يلقاك مُنْفَردا ... فمهرك النَّرْد مَأْخُوذ إِذا انفردا)
وَمِنْه
(يَا رب كوماء خضبت نحرها ... بمدية مثل الْقَضَاء السَّابِق)
(كَأَنَّهَا وَالدَّم جاشٍ حولهَا ... سوسنةٌ زرقاء فِي الشقائق)
قلت ذكرت هُنَا قولي أَنا
(وسيوفٍ إِذا بَدَت فِي جراحٍ ... قلت هَذَا بنفسجٌ فِي شَقِيق)
(ينشد الْجِسْم روحه من ظباها ... ودماه بَين النقا والعقيق)
وَمن شعر أبي عَامر الْجِرْجَانِيّ
(ادرع الصَّبْر وَكن آخِذا ... بالرفق والإشفاق وَالْخَوْف)
(وَلَا تكن أعجل من فيشةٍ ... عنانها أطلق فِي الْجوف)
وَمِنْه
(أوجعت قَلْبك إِذْ أهديت لي مائَة ... فَالله يجْزِيك عني يَا أَبَا الْفرج)
(الضرط فِي ذقنك المنتوف شَاربه ... والأير فِي است أمك المنهوكة الشرج)
وَمِنْه
(يَا ذَا الَّذِي ضاف أَبَا مجد ... فَبَاتَ فِي جوعٍ وَفِي جهد)
(تغد فِي الْبَيْت إِذا ضفته ... فخبزه فِي ربعَة الند)
وَمِنْه وَقد قيل لَهُ إِن غلامك يهرب على فرس لَك)
(أتهرب مَعَ فرسي يَا خَبِيث ... أراحني الله من شركا)
(وَلست أَظُنك تقوى عَلَيْهِ ... وَإِن أَنْت دققت فِي فكركا)
(فَإِن مقيلي على ظَهره ... وَإِن مبيتي على ظهركا)(24/21)
وَمِنْه يهجو خَطِيبًا
(أما تسحي ويك من منظرك ... وَمن سوء مَا شاع من مخبرك)
(وتزعم أَنَّك أَنْت الْخَطِيب ... فَلم يخطبون على منبرك)
وَقَالَ عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ يصف أَبَا عَامر الْجِرْجَانِيّ الْمَذْكُور
(مَا أَبُو عامرٍ سوى اللطف شَيْء ... إِنَّه جملةٌ كَمَا هُوَ روح)
(كل مَا لَا يلوح من سر معنى ... عِنْد تفكيره فَلَيْسَ يلوح)
وَقَالَ أَبُو الْفرج ابْن هندو أَيْضا
(هَذَا سروري بِأبي عامرٍ ... مغرقي فِي لجه الغامر)
(فَتى إِذا جاراه فِي مفخرٍ ... مساجل خاطر بالخاطر)
(النثر جسم وَهُوَ روحٌ لَهُ ... وَالنّظم عينٌ وَهُوَ كالناظر)
وَمن شعر أبي عَامر الْجِرْجَانِيّ يهدجو أهل نيسابور
(أرى أهل نيسابور كالمعدن الَّذِي ... ينَال الجدى مِنْهُ بِحَفر المعاول)
(إِذا فزعوا كَانُوا بغاثاً مسفةً ... وَإِن أمنُوا طاروا بريش الأجادل)
وَمِنْه
(أَقُول لَهُ لما تلبس خلعةً ... تحشرج فِيهَا من أولي الْعلم عَالم)
(رَأَيْتُك مثل النعش لم ير لابساً ... لخلعته إِلَّا وَفِي الْحَيّ مأتم)
ومه
(خُذُوا صفة الزَّمَان عني فَإِن لي ... لِسَانا عَن الْأَوْصَاف غير قصير)
(حقاقٌ كأمثال الكرات تَضَمَّنت ... فصوص بلخشٍ فِي غشاء حَرِير)
وَمِنْه
(يَا نرجساً لم تعد قامته ... سهم الزمرد حِين ينتسب)
(فرصافه عظمٌ وقذته ... قطع اللجين وفوقه ذهب)(24/22)
)
وَمِنْه
(وسهمٍ من الميناء فضَض رَأسه ... بقدرة باريه وَذهب فَوْقه)
(يغايظ أحداق الغواني وَإِنَّهَا ... تراجع إِن قيست بِهِ ويوفق هُوَ)
3 - (ابْن المنجم النَّحْوِيّ)
الْفضل بن ثَابت بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الْكَرْخِي الْمَعْرُوف بِابْن المنجم
قَالَ محب الدّين ابْن النجار رَأَيْت لَهُ كتابا سَمَّاهُ السَّامِي فِي شرح اللمع لِابْنِ جني بِخَط يَده وتصنيفه
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُطِيع)
الْفضل بن جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُطِيع لله أَبُو الْقَاسِم بن المقتدر بن المعتضد ولي بعد المستكفي وَأمه أم ولد اسْمهَا مشغلة أدْركْت خِلَافَته بُويِعَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ومولده أول سنة إِحْدَى وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
قَالَ ابْن شاهين وخلع نَفسه غير مكره فِيمَا صَحَّ عِنْدِي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَنزل عَن الْخلَافَة لوَلَده أبي بكر عبد الْكَرِيم ولقبوه الطائع لله وسنه يَوْمئِذٍ ثَمَان وَأَرْبَعُونَ سنة
ثمَّ إِن الطائع خرج إِلَى وَاسِط وَمَعَهُ أَبوهُ الْمُطِيع لله فَمَاتَ فِي الْمحرم من السّنة الْمَذْكُورَة وَمَاتَتْ أم الْمُطِيع سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة
وَكَانَ الْمُطِيع أَبيض تعلوه صفرَة أقنى جميل الْوَجْه وَكَانَت خِلَافَته تسعا وَعشْرين سنة وَخَمْسَة أشهر وواحداً وَعشْرين يَوْمًا
وَفِي أَيَّامه أُعِيد الْحجر الْأسود إِلَى الْبَيْت من القرامطة وَلم يزل قَائِما بِالْأَمر إِلَى أَن وَقع الْخلف بَين سبكتكين مولى معز الدولة حَاجِبه وَبَين أَوْلَاد معز الدولة بختيار وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم وعاونهم الديلم وعاون سبكتكين الأتراك وَجَرت بَينهم مناوشة وَحرب
وأحرق الْحَاجِب سوق الثُّلَاثَاء إِلَى الرحبة الْكَبِيرَة وَحصر مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيم ابْني معز الدولة فِي دارهما وبختيار بالأهواز ثمَّ إِن الْحَاجِب أسر مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيم وأمهما وأحدرهما إِلَى وَاسِط وَجَرت فتْنَة عَظِيمَة بَين الأتراك والديلم واستدعى الْمُطِيع القَاضِي عبيد الله بن أَحْمد بن مَعْرُوف وَأَرْبَعَة من الشُّهُود وأشهدهم على نَفسه أَنه جعل الْخلَافَة فِي ابْنه أبي بكر عبد الْكَرِيم وخلع نَفسه)
وَكَانَ كَاتب الْمُطِيع أَبُو أَحْمد ابْن الْفضل بن عبد الرَّحْمَن(24/23)
بن جَعْفَر ثمَّ إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عِيسَى بن دَاوُد بن سعيد النَّصْرَانِي ثمَّ الْحسن بن مُحَمَّد الصَّالِحِي ثمَّ أَبُو سعيد وهب بن إِبْرَاهِيم بن طازاد وحاجبه أَحْمد بن خاقَان ثمَّ أَبُو بكر عبد الْوَاحِد الْمَعْرُوف بِابْن أبي عَمْرو الشرابي ثمَّ أَخُوهُ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَخَلفه ابْنه أَبُو الْمَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
وَمن شعره يمدح بِهِ سيف الدولة ابْن حمدَان
(تخيرت سَيْفا من سيوف كثيرةٍ ... فَلم أر فِيهَا مثل سيف لدولتي)
(أرى النَّاس فِي وسط الْمجَالِس يشْربُوا ... وَذَاكَ بثغر الشَّام يحفظ بيضتي)
3 - (أَبُو عَليّ الْبَصِير)
الْفضل بن جَعْفَر بن يُونُس أَبُو عَليّ النَّخعِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالبصير من أهل الْكُوفَة سكن بِبَغْدَاد وَكَانَ قدم من سر من رأى أول خلَافَة المعتصم ومدحه ومدح جمَاعَة من قواده ومدح المتَوَكل وَالْفَتْح بن خاقَان وَكَانَ يتشيع تشيعاً فِيهِ بعض الغلو وَله فِي ذَلِك أشعار وَكَانَ أعمى وَإِنَّمَا لقب بالبصير على الْعَادة فِي التفاؤل وَقيل إِنَّمَا لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يجْتَمع مَعَ إخوانه على النَّبِيذ فَيقوم من صدر الْمجْلس يُرِيد الْبَوْل فيتخطى الزّجاج وكل مَا فِي الْمجْلس من آلَة وَيعود إِلَى مَكَانَهُ وَلم يُؤْخَذ بِيَدِهِ
وَبَقِي إِلَى أَيَّام المعتز وَقيل توفّي فِي الْفِتْنَة وَقيل توفّي بعد الصُّلْح وَهُوَ الْقَائِل
(لَئِن كَانَ يهديني الْغُلَام لوجهتي ... ويقتاني فِي السّير إِذْ أَنا رَاكب)
(فقد يستضيء الْقَوْم بِي فِي أُمُورهم ... ويخبو ضِيَاء الْعين والرأي ثاقب)
وَمِنْه
(قلت لأهلي وراموا أَن أَمِيرهمْ ... بِمَاء وَجْهي وَلم أفعل وَلم أكد)
(لَا يَسْتَوِي أَن تهينوني وأكرمكم ... وَلَا يقوم على تقويمكم أودي)
(فطيبوا عَن رَقِيق الْعَيْش أَنفسكُم ... وَلَا تمدوا إِلَى أَيدي اللئام يَدي)
(تبلغوا وادفعوا الْحَاجَات مَا اندفعت ... وَلَا يكن همكم فِي يومكم لغد)(24/24)
(فَرب مدخرٍ مَا لَيْسَ آكله ... ومستعد ليومٍ لَيْسَ فِي الْعدَد)
(وَرب مجتهدٍ مَا لَيْسَ بالغه ... وبالغٍ مَا تمنى غير مُجْتَهد)
وَقَالَ يمدح إِسْحَاق بن سعد)
(مَا عَلَيْهَا أحد أقصده ... كل من أبلوه أستبعده)
(خول المَال أناسٌ كلهم ... مَا لَهُ رب لَهُ يعبده)
(وَالَّذِي تسمو بِهِ همته ... للعلى فالدهر لَا يسعده)
(غير إِسْحَاق بن سعد إِنَّه ... عقلت عَنهُ لساني يَده)
إِن إِسْحَاق بن سعدٍ رجلٌ يحسن الْيَوْم ويرجى غده
(قد بلوناه على علاته ... فخبرنا مِنْهُ مَا نحمده)
(فاقتعدناه أَخا ننهضه ... فِي الملمات فَمَا يقعده)
(واعترفنا بِالَّذِي أودعنا ... وعدو الْعرف من يجحده)
وَمِنْه
(فَلَا تعتذر بِالشغلِ عَنَّا فَإِنَّمَا ... تناط بك الْحَاجَات مَا اتَّصل الشّغل)
وَقَالَ
(إِذا مَا غَدَتْ طلابة الْعلم مَا لَهَا ... من الْعلم إِلَّا مَا يخلد فِي الْكتب)
(غَدَوْت بتشميرٍ وجد عَلَيْهِم ... ومحبرتي سَمْعِي ودفترها قلبِي)
وَقَالَ
(فِي كل يومٍ لي ببابك وقفةٌ ... أطوي إِلَيْهِ سَائِر الْأَبْوَاب)
(فَإِذا حضرت وغبت عَنْك فَإِنَّهُ ... ذنبٌ عُقُوبَته على البواب)
وَقَالَ إِن أرم شامخا من الْعِزّ أدْركهُ بذرعٍ رحبٍ رباعٍ طَوِيل وَإِذا نابني من الْأَمر مَكْرُوه تلقيته بصبر جميل مَا ذممت الْمقَام فِي بلد يَوْمًا فعاتبته بِغَيْر الرحيل(24/25)
وَقَالَ
(يَا أَحْمد ابْن أبي دوادٍ دعوةٍ ... يقوى بهَا المتهضم المستضعف)
(كم من يدٍ لَك قد نسيت مَكَانهَا ... وعوارفٍ لَك عِنْد من لَا يعرف)
(نَفسِي فداؤك للزمان وريبه ... وصروف دهرٍ لم تزل بك تصرف)
وَتغَير عقل أبي على قبل مَوته بِقَلِيل من سَوْدَاء عرضت لَهُ وَلم تزل بِهِ إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ)
رُبمَا ثاب إِلَيْهِ عقله فِي بعض الْأَوْقَات وَفِي ذَلِك يَقُول أَحْمد ابْن أبي طَاهِر
(خبا مِصْبَاح عقل أبي عليٍ ... وَكَانَت تستضيء بِهِ الْعُقُول)
(إِذا الْإِنْسَان مَاتَ الْفَهم مِنْهُ ... فَإِن الْمَوْت بِالْبَاقِي كَفِيل)
3 - (الْوَزير ابْن الْفُرَات ابْن حنزابة)
الْفضل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْحسن بن الْفُرَات أَبُو الْفَتْح الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن حنزابة تقدم ذكر أَخِيه فِيهِ جَعْفَر وَضبط اسْم أمه هُنَاكَ كَانَ كَاتبا مجوداً وديناً متأهلاً مؤثراً للخير محباً لأَهله وزر للمقتدر بِاللَّه يَوْم اثْنَيْنِ لليلتين بَقِيَتَا من شهر ربيع الآخر سنة عشْرين وثلاثمائة إِلَى أَن قتل المقتدر وَولي القاهر فولاه الدَّوَاوِين وَلما خلع القاهر وَولي الراضي ولاه الشَّام فَتوجه إِلَيْهَا
ثمَّ إِنَّه وزر للراضي سنة خمس وَعشْرين وثلاثمائة وَهُوَ مُقيم بحلب وَعقد لَهُ الْأَمر وكوتب بالمصير إِلَى الحضرة فوصل إِلَى بَغْدَاد فَرَأى اضْطِرَاب الْأُمُور واستيلاء الْأَمِير ابي بكر مُحَمَّد بن رائق عَلَيْهَا فأطمع ابْن رائق فِي أَن يحمل إِلَيْهِ الْأَمْوَال من مصر وَالشَّام وشخص إِلَى هُنَاكَ واستخلف أَبَا بمكر عبد الله بن عَليّ النقري بالحضرة
فأدركه أَجله بغزة وَقيل بالرملة لثمان خلون من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة وسنه سبع وَأَرْبَعُونَ سنة
3 - (الجُمَحِي ابْن الْحباب)
الْفضل بن الْحباب بن مُحَمَّد بن شُعَيْب بن صَخْر(24/26)
الجُمَحِي أَبُو خَليفَة كَانَ من رُوَاة الْأَخْبَار والأشعار والآداب والأنساب وَهُوَ ابْن أُخْت مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي
توفّي بِالْبَصْرَةِ سنة خمس وثلاثمائة وَكَانَ أعمى وَولي الْقَضَاء بِالْبَصْرَةِ
روى عَن خَاله كتبه وَعَن غَيره
وَمن شعره
(شَيبَان والكبش حدثاني ... شَيْخَانِ بِاللَّه عالمان)
(قَالَا إِذا كنت فاطمياً ... فاصبر على نكبة الزَّمَان)
قلت الْكَبْش ابو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وشيبان هُوَ ابْن فروخ الأبلي)
وألقيت إِلَيْهِ رقْعَة فِيهَا
(قل للحكيم أبي خَليفَة ... يَا زين شيعَة أبي حنيفه)
(إِنِّي قصدتك للَّذي ... كاتمت من حذرٍ وخيفه)
(مَاذَا تَقول لطفلةٍ ... فِي الجسر منزلهَا شريفه)
(تصبو إِلَى زين الورى ... من غير مَا بأسٍ عفيفه)
فَقَرَأَ الرقعة ثمَّ كتب على ظهرهَا
(يَا من تَكَامل ظرفها ... حَال الْهوى حَال شريفه)
(إِن كنت صَادِقَة الَّذِي ... كاتمت من حذرٍ وخيفه)
فلك السَّعَادَة وَالشَّهَادَة وَالْجَلالَة يَا شريفه
(هَذَا النصاح بِعَيْنِه ... وَبِه يَقُول أَبُو حنيفه)
وَكَانَ أَبُو خَليفَة كثير اسْتِعْمَال السجع فِي كَلَامه وَكَانَ فِي الْبَصْرَة رجل يتحامق ويتشبه بِهِ يعرف بِأبي الرطل لَا يتَكَلَّم إِلَّا بالسجع هزلا كُله فَقدمت هَذَا الرجل امْرَأَته إِلَى أبي حنيفَة وَادعت عَلَيْهِ الزَّوْجِيَّة وَالصَّدَاق فَأقر بهما لَهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو خَليفَة أعْطهَا مهرهَا فَقَالَ أَبُو الرطل كَيفَ أعطيها مهرهَا وَلم تفلح مسحاتي نهرها فَقَالَ لَهُ أَبُو خَليفَة فأعطها نصف(24/27)
صَدَاقهَا فَقَالَ لَا أَو أرفع بساقها وأضعه فِي طاقها فَأمر بِهِ ابو خَليفَة فصفع
وَكَانَ هَذَا أَبُو الرطل إِذا سمع رجلا يَقُول لَا تنكر لله قدرَة قَالَ هُوَ وَلَا للهندباء خضرَة وَلَا للزردج صفرَة وَلَا للعصفر حمرَة وَلَا للقفا نقرة
وَكَانَ هَذَا أَبُو خَليفَة يتشيع وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ سرا ديوَان عمرَان بن حطَّان ويبكي فِي مَوَاضِع مِنْهُ فَقَالَ المفجع الْبَصْرِيّ
(أَبُو خَليفَة مطوي على دخنٍ ... للهاشميين فِي سر وإعلان)
(مَا زلت أعرف مَا يخفي وَأنْكرهُ ... حَتَّى اصْطفى شعر عمرَان بن حطَّان)
وَاشْترى القَاضِي أَبُو خَليفَة جَارِيَة فَوَجَدَهَا خشنة فَقَالَ يَا جَارِيَة هَل من بزاق أَو بصاق أَو بساق الْعَرَب تنقل السِّين صاداً وزاياً فَتَقول أَبُو الصَّقْر والزقر والسقر فَقَالَت الْجَارِيَة الْحَمد لله الَّذِي مَا أماتني حَتَّى رَأَيْت حرى قد صَار ابْن الْأَعرَابِي يقْرَأ عَلَيْهِ غَرِيب اللُّغَة
3 - (أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ الْبَاهِلِيّ)
)
الْفضل بن خَالِد أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ الْمروزِي مولى باهلة روى عَن عبد الله بن الْمُبَارك وَعبيد بن سليم وروى عَنهُ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق وَأهل بَلَده مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ لَهُ كتاب فِي الْقُرْآن حسن
وروى عَنهُ الْأَزْهَرِي فِي كتاب التَّهْذِيب وَأكْثر وَذكره مُحَمَّد بن حبَان فِي تَارِيخ الثِّقَات فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة
3 - (ابْن سهل)
الْفضل بن الْحسن بن سهل كَانَ المعتصم قد انحرف عَن الْحسن بن سهل بعد وَفَاة الْمَأْمُون وَحَازَ عَنهُ وَعَن أَوْلَاده كثيرا من ضياعهم فَذكر الجهشياري فِي كتاب الوزراء أَن بوران قَالَت لأَخِيهَا الْفضل إِنِّي نظرت فِي حِسَاب هَذَا فَوَجَدته يدل على شَيْء يجب أَن يحذر عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْت مَعَه نكبة من جِهَة الْخشب فَاجْتمع مَعهَا على النّظر فِي ذَلِك فَوجدَ الْأَمر على مَا قَالَت فَقَالَ لَهَا لست آمن مَعَ انحرافه عَنَّا أَن لَا يَقع هَذَا مِنْهُ موقعه فَقَالَت اقْضِ مَا عَلَيْك وَهُوَ أعلم بِمَا يخْتَار فَصَارَ إِلَى بَاب المعتصم وَاسْتَأْذَنَ اسْتِئْذَان من يُنْهِي شَيْئا مهما فَلَمَّا عرف خَبره استثقله وَأذن لَهُ على كره فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ قدم مُقَدّمَة من ذكر مَا يلْزمه من النصح والصدق عَمَّا يقف عَلَيْهِ وعرفه مَا وقف عَلَيْهِ من أَحْكَام(24/28)
النُّجُوم فقلق المعتصم لذَلِك فَقَالَ لَهُ أتأذن لي أَن ألزم حضرتك إِلَى انْقِضَاء الْوَقْت قَالَ افْعَل فَلَزِمَهُ يَوْمه وَلَيْلَته إِلَى آخرهَا لم يجد شَيْئا يُنكره فَلَمَّا كَانَ فِي وَقت الصُّبْح أقبل الْخَادِم بِالْمَاءِ للْوُضُوء والمساويك فَنَهَضَ الْفضل فَقبض على المساويك فَمَنعه الْخَادِم مِنْهُ فَقَالَ لَيْسَ وَالله بُد من أَن آخذه وارتفع الْكَلَام بَينهمَا إِلَى أَن سمعهما المعتصم فَقَالَ لَهُ أعْطه المسواك فَدفعهُ إِلَيْهِ فَقَالَ تقدم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى هَذَا الْخَادِم بِأَن يستاك بِهَذَا السِّوَاك فَلَمَّا استاك بِهِ سَقَطت أَسْنَانه ولثته وَسقط مَيتا من وقته فَوَقع ذَلِك من المعتصم وَكَانَ سَببا لرجوع الْحسن بن سهل وَأَوْلَاده
3 - (ابْن تازي كره)
الْفضل بن الْحُسَيْن أَبُو الْعَبَّاس الهمذاني الْحَافِظ الْمَعْرُوف بِابْن تازي كره كَانَ ثِقَة توفّي سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة أمْلى عَن إِبْرَاهِيم بن ديزيل وَيحيى بن عبد الله الْكَرَابِيسِي وروى عَنهُ صَالح بن أَحْمد وَالْحسن بن عَليّ بن بشار والهمذانيون)
3 - (أَبُو سعيد الميهني الصَّالح)
الْفضل بن أبي الْخَيْر أَبُو سعيد الميهني صَاحب الْأَحْوَال والمناقب تكلم فِيهِ ابْن حزم وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (وَزِير بَغْدَاد)
الْفضل بن الرّبيع بن يُونُس بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي فَرْوَة كيسَان مولى عُثْمَان بن عفَّان رَضِي الله عَنهُ هُوَ أَبُو الْعَبَّاس تقدم ذكر أَبِيه فِي حرف الرَّاء لما آل الْأَمر إِلَى هَارُون الرشيد واستوزر البرامكة كَانَ الْفضل يتشبه بهم ويعارضهم وَلم يكن لَهُ من الْقُدْرَة مَا يدْرك اللحاق بهم فَكَانَ فِي نَفسه مِنْهُم إحنٌ وشحناء
قَالَ عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب إِذا أَرَادَ الله إهلاك قوم وَزَوَال نعمتهم جعل لذَلِك أسباباً فَمن زَوَال ملك البرامكة تقصيرهم بِالْفَضْلِ با الرّبيع وسعي الْفضل بهم وَتمكن بالمجالسة من الرشيد فأوغر قلبه عَلَيْهِم ومالأه على ذَلِك كاتبهم إِسْمَاعِيل بن صبيح حَتَّى كَانَ مَا كَانَ
ويحكى أَن الْفضل دخل يَوْمًا على يحيى بن خَالِد وَقد جلس لقَضَاء حوائج النَّاس وَولده جَعْفَر بَين يَدَيْهِ يُوقع على الْقَصَص فَعرض الْفضل عَلَيْهِ عشر رقاع للنَّاس فتعلل يحيى فِي كل رقْعَة بعلة وَلم يُوقع على شَيْء مكنها فَجمع الْفضل الرّقاع وَقَالَ ارْجِعْنَ خائبات(24/29)
خاسئات وَخرج يَقُول
(عَسى وَعَسَى يثني الزَّمَان عنانه ... بتصريف حالٍ وَالزَّمَان عثور)
(فتقضى لباناتٌ وتشفى حسائف ... وَيحدث من بعد الْأُمُور أُمُور)
فَسَمعهُ يحيى ينشد ذَلِك فَقَالَ لَهُ عزمت عَلَيْك يَا أَبَا الْعَبَّاس إِلَّا رجعت فَرجع فَوَقع لَهُ فِي جَمِيع الْقَصَص ثمَّ مَا كَانَ إِلَّا قَلِيل حَتَّى نكبوا على يَده وَولي بعدهمْ وزارة الرشيد
وَفِي ذَلِك يَقُول أَبُو نواس وَقيل أَبُو حرزة
(مَا رعى الدَّهْر آل برمك لما ... أَن رمى ملكهم بأمرٍ فظيع)
(إِن دهراً لم يرع عهدا ليحيى ... غير راعٍ ذمام آل الرّبيع)
وَفِي تَرْجَمَة مَنْصُور النمري الشَّاعِر للفضل ذكر حسن ومديح يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه)
وتنازع جَعْفَر يَوْمًا هُوَ وَالْفضل بن الرّبيع بِحَضْرَة الرشيد فَقَالَ جَعْفَر للفضل يَا لَقِيط إِشَارَة إِلَى مَا كَانَ يُقَال عَن أَبِيه الرّبيع لِأَنَّهُ كَانَ لَا يعرف أَبوهُ فَقَالَ الْفضل اشْهَدْ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنت حَاكم الحكامومات الرشيد وَالْفضل مُسْتَمر على وزارته وَكَانَ فِي صُحْبَة الرشيد فقرر الْأَمر للأمين وَلم يعرج على الْمَأْمُون وَهُوَ بخراسان وَلَا الْتفت إِلَيْهِ فعزم الْمَأْمُون على أَن يُجهز إِلَيْهِ عسكراً يعترضونه فِي طَرِيقه لما انْفَصل عَن طوس فَأَشَارَ على الْمَأْمُون الْفضل بن سهل أَن لَا يتَعَرَّض لَهُ
وزين الْفضل بن الرّبيع للأمين خلع الْمَأْمُون وَيجْعَل ولَايَة الْعَهْد لمُوسَى بن الْأمين
وَلما قويت شَوْكَة الْمَأْمُون استتر الْفضل فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين ثمَّ ظهر وَلما ولي إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي الْخلَافَة بِبَغْدَاد اتَّصل بِهِ الْفضل بن الرّبيع فَلَمَّا اختلت حَال إِبْرَاهِيم استتر الْفضل ثَانِيًا وَشرح ذَلِك يطول
ثمَّ إِن طَاهِر بن الْحُسَيْن سَأَلَ الْمَأْمُون الرضى عَن الْفضل وَأدْخلهُ عَلَيْهِ وَلم يزل بطالاً إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وعمره ثَمَان وَسِتُّونَ سنة
وَكتب إِلَيْهِ أَبُو نواس يعزيه بالرشيد ويهنئه بِولَايَة الْأمين
(تعزّ أَبَا الْعَبَّاس عَن خير هالكٍ ... بأكرم حَيّ كَانَ أَو هُوَ كَائِن)
(حوادث أيامٍ تَدور صروفها ... لَهُنَّ مساوٍ مرّة ومحاسن)
(وفى الْحَيّ بِالْمَيتِ الَّذِي غيب الثرى ... فَلَا أَنْت مغبونٌ وَلَا الْمَوْت غابن)(24/30)
وَفِيه قَول أبي نواس الْمَشْهُور
(وَلَيْسَ لله بمستنكرٍ ... أَن يجمع الْعَالم فِي وَاحِد)
وتحيز الْفضل بن الرّبيع بعد موت الرشيد إِلَى مُحَمَّد الْأمين ووزر لَهُ وَكَانَ مَعَ الرشيد بطوس لما مَاتَ فساق الْعَسْكَر وَالْأَمْوَال إِلَى الْأمين وَلم يعرج على الْمَأْمُون وَحسن للأمين خلع الْمَأْمُون وساعده بكر بن الْمُعْتَمِر فَقَالَ يُوسُف بن مُحَمَّد الْحَرْبِيّ شَاعِر طَاهِر بن الْحُسَيْن
(أضاع الْخلَافَة رَأْي الْوَزير ... وحمق الْأَمِير وَجَهل الْوَزير)
(فبكرٌ مشيرٌ وفضلٌ وزيرٌ ... يُريدَان مَا فِيهِ حتف الْأَمِير)
(فَمَا كَانَ إِلَّا طَرِيقا غرُورًا ... وَشر المسالك طرق الْغرُور)
)
(فيا رب فاقبضهم عَاجلا ... إِلَيْك وخلدهم فِي السعير)
(وَنكل بفضلٍ وأشياعه ... وصلبهم حول هذي الجسوء)
وَمِنْهَا
(وَمن يُؤثر الْفسق يخل بِهِ ... وتنفر عَنهُ بَنَات الضَّمِير)
(لواط الْخَلِيفَة أعجوبةٌ ... وأعجب مِنْهُ بغاء الْوَزير)
(فَهَذَا ينيك وَهَذَا يناك ... كَذَلِك لعمري اخْتِلَاف الْأُمُور)
(فَلَو يستعفان هَذَا بذا ... لكانا بعرضة أمرٍ ستير)
(وَلَكِن ذَا لج فِي كوثرٍ ... وَلم تشف هَذَا أيور الْحمير)
وَلما رأى الْفضل بن الرّبيع قُوَّة الْمَأْمُون واتصال ضعف الْأمين وتخليطه وانفلال النَّاس عَنهُ وتمزق الْأَمْوَال الَّتِي كَانَت فِي يَده استتر فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (أَبُو نعيم الْملَائي)
الْفضل بن دُكَيْن أَبُو نعيم الإِمَام الْكُوفِي الْملَائي الْأَحول روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى الْجَمَاعَة عَن رجل عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين(24/31)
وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو خَيْثَمَة وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي وَغَيرهم
قَالَ بشر بن عبد الْوَاحِد رَأَيْت أَبَا نعيم فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله بك يَعْنِي فِيمَا كَانَ يَأْخُذ على الحَدِيث فَقَالَ نظر القَاضِي فِي أَمْرِي فوجدني ذَا عِيَال فَعَفَا عني وَكَانَ أَبُو نعيم أجلّ شيخ للْبُخَارِيّ
وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو البركات كَاتب صَاحب حماة)
الْفضل بن سَالم بن مرشد أَبُو البركات التنوخي المعري الْكَاتِب صَاحب الْإِنْشَاء والترسل لصَاحب حماة روى عَن أَبِيه وَكَانَ ذَا حظوة وَتقدم عِنْد مخدومه وَله شعر
توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (وَزِير الْمَأْمُون)
الْفضل بن سهل أَبُو الْعَبَّاس السَّرخسِيّ أَخُو الْحسن بن سهل وَقد تقدم ذكر أَخِيه فِي مَكَانَهُ)
من حرف الْحَاء أسلم على يَد الْمَأْمُون سنة تسعين وَمِائَة وَقيل إِن أَبَا سهل أسلم على يَد الْمهْدي ووزر الْفضل لِلْمَأْمُونِ وَاسْتولى عَلَيْهِ حَتَّى ضايقه فِي جَارِيَة أَرَادَ شِرَائهَا
وَلما عزم يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي على اسْتِخْدَام الْفضل لِلْمَأْمُونِ وَصفه بِحَضْرَة الرشيد فَقَالَ الرشيد أوصله إِلَيّ فَلَمَّا أدخلهُ لحقته حيرة فَنظر الرشيد إِلَى الْوَزير يحيى نظر مُنكر لاختياره لَهُ فَقَالَ الْفضل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن من أعدل الشواهد على فراهة الْمَمْلُوك أَن تملك قلبه هَيْبَة سَيّده فَقَالَ الرشيد لَئِن كنت سكت لتوصغ هَذَا الْكَلَام لقد أَحْسَنت وَإِن كَانَ بديهة لأحسن وَأحسن ثمَّ لم يسْأَله بعد ذَلِك عَن شَيْء إِلَّا أجَاب بِمَا يصدق وصف يحيى لَهُ
وَكَانَت لَهُ فَضَائِل وَكَانَ يلقب ذَا الرياستين لِأَنَّهُ تقلد الوزارة وَالسيف وَكَانَ يتشيع وَكَانَ من أخبر النَّاس بِعلم النجامة وَأَكْثَرهم إِصَابَة فِي أَحْكَامه
يُقَال أَنه اخْتَار لطاهر بن الْحُسَيْن لما خرج إِلَى الْأمين وقتا وَعقد لَهُ فِيهِ لِوَاء وَسلمهُ إِلَيْهِ وَقَالَ عقدت لَك لِوَاء لَا يحل خمْسا وَسِتِّينَ سنة
وَكَانَ بَين خُرُوج طَاهِر ذَلِك الْوَقْت إِلَى أَن قبض يَعْقُوب بن اللَّيْث الصفار على مُحَمَّد بن طَاهِر بن عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بنيسابور سِتُّونَ سنة
وَلما توفّي الْفضل طلب الْمَأْمُون من وَالِدَة الْفضل مَا خَلفه فَحملت إِلَيْهِ سلة مختومة مقفلة فَفتح قفلها فَإِذا صندوق صَغِير مختوم وَإِذا فِيهِ درج وَفِي الدرج مَكْتُوب بِخَطِّهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا قضى الْفضل بن سهل على نَفسه قضى أَنه يعِيش(24/32)
ثمانياً وَأَرْبَعين سنة ثمَّ يقتل بَين مَاء ونار فَعَاشَ هَذِه الْمدَّة وَقَتله غَالب خَادِم الْمَأْمُون فِي حمام بسرخس وَكَانَ قد ثقل أمره على الْمَأْمُون فَدس عَلَيْهِ غَالِبا مغافصة وَمَعَهُ جمَاعَة وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقيل ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ
وَفِيه يَقُول مُسلم بن الْوَلِيد
(أَقمت خلَافَة وأزلت أُخْرَى ... جليلٌ مَا أَقمت وَمَا أزلتا)
وَفِيه يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي
(لفضل بن سهل يدٌ ... تقاصر عَنْهَا الْمثل)
(فنائلها للغنى ... وسطوتها للأجل)
(وباطنها للندى ... وظاهرها للقبل)
)
وَفِيه يَقُول ابْن أَيُّوب التَّمِيمِي
(لعمرك مَا الْأَشْرَاف فِي كل بلدةٍ ... وَإِن عظموا للفضل إِلَّا صنائع)
(ترى عُظَمَاء النَّاس للفضل خشعاً ... إِذا مَا بدا وَالْفضل لله خاشع)
(تواضع لما زَاده الله رفْعَة ... وكل جليلٍ عِنْده متواضع)
وَقَالَ الْفضل يَوْمًا لثمامة بن الأشرس مَا أَدْرِي مَا أصنع فِي طلاب الْحَاجَات فقد كَثُرُوا عَليّ وأضجروني فَقَالَ لَهُ زل من موضعك وَعلي أَن لَا يلقاك أحد مِنْهُم قَالَ صدقت ثمَّ إِنَّه انتصب لقَضَاء أشغال النَّاس
قَالَ الْحسن بن سهل لما قتل المخلوع جمعت حَمْزَة العطارة وَكَانَت تتولى خزن الْجَوْهَر مَا بَقِي من الْجَوْهَر بعد مَا فرقه المخلوع ووهبه وشخصت بِهِ إِلَى خُرَاسَان ووردت على الْمَأْمُون وَمَعَهَا جمع كثير من الخدم الْبيض والسود وَالنِّسَاء الَّذين كَانُوا حفظَة خَزَائِن الْجَوْهَر فَبعث الْمَأْمُون إِلَى ذِي الرياستين الْفضل بن سهل وعَلى من فِي خدمته ليعرض الْجَوْهَر عَلَيْهِم فأحضرت حَمْزَة العطارة أسفاط الْجَوْهَر وخرائط كَثِيرَة وعَلى كل خريطة ورقة رقْعَة بِعَدَد مَا فِيهِ من الْجَوْهَر وأصنافه وأوزانه وَقِيمَته فَقَالَ الْمَأْمُون يَا أَبَا مُحَمَّد أرج قيمَة هَذَا الْجَوْهَر فأرجتها فبلغت ألف ألف ألف ثَلَاث مَرَّات وَمِائَة ألف ألف مرَّتَيْنِ وَسِتَّة عشر ألف ألف دِرْهَم مرَّتَيْنِ فتحمد الْمَأْمُون الله عز وَجل وشكره وشكر الْفضل شكرا كثراً(24/33)
وَوصف تَدْبيره وَكَثْرَة مناقبه وَحسن آثاره فِي خدمته وَفِي دولته ثمَّ قَالَ لَهُ وَقد جعلت هَذَا الْجَوْهَر لَك فأكب ذُو الرياستين على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ يقبلهما وَيَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا جَوْهَر الْخلَافَة وَذُخْرهَا فَكيف آخذه وَمَا أصنع بِهِ واستعفاه فَقَالَ فَخذ نصفه فَنَاشَدَهُ الله فَقَالَ فَخذ النيف على آلَاف آلَاف الْألف فَأبى فَضرب الْمَأْمُون يَده إِلَى عقد قِيمَته ألف ألف دِينَار وَقَالَ فَخذ هَذَا العقد وَحده فَامْتنعَ فَغَضب الْمَأْمُون وَكنت إِلَى جَانب أخي وَقلت لَهُ قد راجعت الْأَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى أغضبته فَخذه ثمَّ اررده وقتا آخر فَأَخذه فانصرفنا فَدَعَا بِعَبْد الله بن بشير قهرمانه فَدفعهُ إِلَيْهِ
قَالَ الْحسن فَحَدثني عبد الله قَالَ بَينا أَنا لَيْلَة من اللَّيَالِي فِي فلراشي إِذْ أَتَانِي رَسُول ذِي الرياستين فِي الْحُضُور فَحَضَرت فَوَجَدته قَاعِدا فِي فرَاشه وَعَلِيهِ صدار وَإِزَار فَقَالَ أحضرني العقد السَّاعَة فأحضرته وَكَانَ فِي سفطين أَحدهمَا دَاخل الآخر فَنظر إِلَيْهِ ورده)
وَقَالَ أكاتب فِي الْجلد بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أحضرني أَمِير الْمُؤمنِينَ يَوْم كَذَا من شهر كَذَا سنة كَذَا ودعا بِحَمْزَة العطارة فعرضت عَلَيْهِ مَا قدمت بِهِ من الْجَوَاهِر الَّتِي سلمت بعد الْفِتْنَة وأرجنا قِيمَته بَين يَدَيْهِ على مَا ثَبت فِي الرّقاع الْمَوْجُودَة عَلَيْهِ وَذكر الْقيمَة فوهبه لي أَمِير الْمُؤمنِينَ فاستعفيت وراجعني وَأَمرَنِي بِأخذ نصفه فامتنعت فَأمرنِي بِأخذ مَا ينيف على آلَاف آلَاف الْألف فامتنعت فَأخذ هَذَا العقد وَقِيمَته ألف ألف دِينَار فَدفعهُ إِلَيّ فامتنعت فازداد غَضَبه فَأَخَذته مِنْهُ مُعْتَقدًا أَنه وَدِيعَة عِنْدِي فَإِن حدث بِي فِي هَذِه اللَّيْلَة أَو فِيمَا بعْدهَا حدث فَهَذَا العقد للْإِمَام الْمَأْمُون أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ لي وَلَا لورثتي فِيهِ قَلِيل وَلَا كثير
ثمَّ علق الْجلد على السفط وختمه وَأَمرَنِي بإحرازه
وَلما قتل الْفضل أحضر الْمَأْمُون كل من اتهمَ بقتْله وَضرب أَعْنَاقهم وَبعث برؤوسهم إِلَى أَخِيه الْحسن بن سهل وَمِنْهُم سراج الْخَادِم وَقد مر ذكره مَكَانَهُ وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان وَقد مر ذكره مَكَانَهُ ومؤنس الْخَادِم وسوف يَأْتِي ذكره مَكَانَهُ
قَالَ الْفضل بن مَرْوَان قَالَ لي الْمَأْمُون اجتهدت بِالْفَضْلِ بن سهل كل الْجهد أَن أزَوجهُ بعض بَنَاتِي فَأبى وَقَالَ لَو قتلتني مَا فعلت
وَفِي تلقيبه بِذِي الرياستين يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس من يلقب بِغَيْر معنى فقد لقبت يَا ذَا الرياستين بِحَق وَإِذا مَا الخطوب جلت وكاع الْقَوْم عَنْهَا فِي رتق أمرٍ وفتق
(بذهم ذُو الرياستين برأيٍ ... واعتزامٍ مِنْهُ بحزمٍ ورفق)
(نصحه للْإِمَام نصح طباعٍ ... لَا اختلافٍ وَلَا مشوب بمذق)(24/34)
وَكَانَ الْفضل بن سهل أول وَزِير لقب وَأول وَزِير اجْتمع لَهُ الوزارة واللقب والتأمير
وَلما مَاتَ قَالَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يرثيه بقصيدة مِنْهَا
(إِحْدَى الملات الجلائل ... أودت بفضلٍ والفضائل)
(برزت غَدَاة حلولها ... من كل منزلةٍ بثاكل)
يَا ذَا الرياسة والسياسة وَابْن ذادتها الْأَوَائِل عمرت ببهجتك الْقُبُور وأوحشت مِنْك الْمنَازل
(وَالْأَرْض أصبح ظهرهَا ... وحشاً وبطن الأَرْض آهل)
)
كَانَت حياتك للعفاة وَيَوْم موتك للواحل الْيَوْم أعفيت المطيعطى لضَرُورَة الْحل وعطلت مِنْهَا الرَّوَاحِل الْيَوْم أيتمت العفاة وصال بِالْإِسْلَامِ صائل
(من للعديم وللغريم ... ولليتامى والأرامل)
من يحمل الْخطب الْجَلِيل ويقصم البطل الحلاحل
(نزلت بآل محمدٍ ... وَالنَّاس منسية النَّوَازِل)
درست سَبِيل الراغبين وعطلت مِنْهَا المناهل
(يَا فضل دَعْوَة لائذ ... فِي الْحزن والدرر الهوامل)
عدم الأسى فِيك الْمُصَاب وَأَنت أسرة كل هابل
(الْمَوْت بعْدك نعمةٌ ... والعيش بعْدك غير طائل)
(مَا مت بل مَاتَ الَّذِي ... أبقيت من عافٍ وآمل)
إِمَّا يَزُول بك الزَّمَان فَإِن ذكرك غير زائل مَا مَاتَ من حسن أَخُوهُ وَمثله فِي مَا يحاول وَقَالَ فِيهِ مُسلم بن الْوَلِيد
(ذهلت فَلم أمنع عَلَيْك بعبرةٍ ... وأكبرت أَن ألفى بيومك ناعيا)
(فَلَمَّا بدا لي أَنه لاعج الأسى ... وَأَن لس إِلَّا الدمع للعين شافيا)(24/35)
(أَقمت لَك الأنواح فارتج بَينهَا ... نوادب يندبن اللهى والمعاليا)
(عفت بعْدك الْأَيَّام لَا بل تبدلت ... وَكن كأعيادٍ فعدن مباكيا)
(فَلم تَرَ عَيْني بعد يَوْمك ضَاحِكا ... وَلم أر إِلَّا بعد موتك باكيا)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الْأَثِير الْحلَبِي)
الْفضل بن سهل بن بشر بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْمَعَالِي الإِسْفِرَايِينِيّ ابْن أبي الْفرج الْوَاعِظ كَانَ يعرف بالأثير الْحلَبِي ولد بِمصْر وَنَشَأ بالقدس وَقدم دمشق مَعَ وَالِده وَكَانَ وَالِده مُحدثا مَشْهُورا وَسمع بِدِمَشْق من أبي الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ المصِّيصِي وَأبي سعيد الطريثيثي وَأبي الْفَتْح نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَغَيرهم
وَسمع من وَالِده كثيرا وَأخذ لَهُ وَالِده من أبي بكر الْخَطِيب إجَازَة بِجَمِيعِ مروياته ومصنفاته)
وسافر إِلَى حلب وَأقَام بهَا يعْقد مجْلِس الْوَعْظ مُدَّة وَأرْسل إِلَى بَغْدَاد فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ عسراً فِي التحديث وانخرط فِي سلك الْكتاب وأرباب الدَّوَاوِين وَبَقِي مَعَهم مُدَّة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وفجأة
وَمن شعره
(يَا صَاحب الْمرْآة من قَادَهُ ... إِلَى لقائي قدرٌ نَافِذ)
(أريتني وَجْهي بثمنٍ وَمَا ... يسوى الَّذِي أنظر مَا تَأْخُذ)
وَله وَقد حضر مجلي أنس وَلم يشرب فَسَكِرَ من الرَّائِحَة
(سكرت من ريح مَا شربتم ... والراح محمودة الفعال)
(فيا لَهَا سكرة حَلَالا ... كَأَنَّهَا زورة الخيال)
3 - (الْحَافِظ الْبَغْدَادِيّ الْأَعْرَج)
الْفضل بن سهل أَبُو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ الْأَعْرَج الْحَافِظ(24/36)
أحد الأثابت روى عَنهُ البُخَارِيّ وملم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ مَوْصُوفا بالذكاء والمعرفة والإتقان وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين والمائتين
3 - (اليمامي النَّحْوِيّ)
الْفضل بن صَالح أَبُو الْمَعَالِي اليمامي الحسني النَّحْوِيّ توفّي فِي نَيف وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَه عبد الغافر قَالَ وَحضر نيسابور وَسمع الحَدِيث من مَشَايِخنَا الَّذين رأيناهم وَلَا شكّ أَنه سمع فِي أَسْفَاره الْكثير
3 - (العباسي نَائِب دمشق)
الْفضل بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس نَائِب دمشق ووالي الديار المصرية للمهدي مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَة ووفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة وَهُوَ الَّذِي عمل أَبْوَاب جَامع دمشق والقبة الَّتِي فِي الصحن وتعرف بقبة المَال وَهُوَ ابْن عَم الْمَنْصُور
3 - (الْقَائِد الفاطمي)
الْفضل بن صَالح الْقَائِد الفاطمي وَإِلَيْهِ تنْسب منية الْقَائِد فضل بالديار المصرية كَانَ رجلا كَبِيرا نبيلاً كَرِيمًا ممدحاً وَكَانَ مكيناً فِي دولة الْحَاكِم ثمَّ إِنَّه نقم عَلَيْهِ وحبسه وَضرب عُنُقه فِي مَجْلِسه فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وتعسين وثلاثمائة وَلم يظْهر مِنْهُ جزع)
ولف فِي حصيرة وَأخرج من الْحُجْرَة الَّتِي كَانَ بهَا مَحْبُوسًا
وَمن شعر عبيد الْغفار شَاعِر دولة الْحَاكِم ابْن الْعَزِيز
(إِنَّمَا الْفضل غرةٌ ... فِي وُجُوه المدائح)
(أريحيٌ رياحه ... عبقات الروائح)
(كعبة الْجُود كَفه ... بَين غادٍ ورائح)
إِنَّمَا تصلح الْأُمُور بِرَأْي ابْن صَالح
3 - (حفيد الْمَأْمُون)
الْفضل بن الْعَبَّاس بن عبد الله الْمَأْمُون بن هَارُون الرشيد توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ حفيد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون(24/37)
3 - (الْحَافِظ فضلك الرَّازِيّ)
الْفضل بن الْعَبَّاس أَبُو بكر الرَّازِيّ الملقب بِفَضْلِك الصَّائِغ الْحَافِظ رَحل وطوف وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين والمائتين
ابْن أبي لَهب الشَّاعِر الْفضل بن الْعَبَّاس بن عتبَة بن أبي لَهب هُوَ أحد شعراء بني هَاشم وفصحائهم مر بالأحوص وَهُوَ ينشد وَعَلِيهِ النَّاس مُجْتَمعين فحسده فَقَالَ لَهُ الْأَحْوَص إِنَّك شَاعِر وَلَكِنَّك لَا تعرف الْغَرِيب وَلَا تعرب قَالَ بلَى وَالله إِنِّي لَأبْصر النَّاس بالغريب وَالْإِعْرَاب قَالَ فأسألك قَالَ نعم فَقَالَ
(مَا ذَات حبلٍ يَرَاهَا النَّاس كلهم ... وسط الْجَحِيم وَلَا تخفى على أحد)
(كل الحبال حبال النَّاس من شعرٍ ... وحبلها وسط أهل النَّار من مسد)
فَقَالَ الْفضل
(مَاذَا أردْت إِلَى شتمي ومنقصتي ... مَاذَا أردْت إِلَى حمالَة الْحَطب)
(ذكرت بنت قرومٍ سادةٍ نجب ... كَانَت حَلِيلَة شيخٍ ثاقب النّسَب)
وَانْصَرف عَنهُ
وَحكي أَنه مر بِهِ الحزين الشَّاعِر يَوْم جُمُعَة وَعِنْده قوم ينشدهم فَقَالَ لَهُ الحزين أتنشد الشّعْر وَالنَّاس يروحون إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ الْفضل وَيحك يَا حَزِين أتتعرض لي كَأَنَّك لَا تعرفنِي)
قَالَ بلَى وَالله إِنِّي لأعرفك ويعرفك معي من يقْرَأ سُورَة تبت
وَقَالَ يهجوه
(إِذا مَا كنت مفتخراً بجد ... فعرج عَن أبي لهبٍ قَلِيلا)
(فقد أخزى الْإِلَه أَبَاك دهراً ... وقلد عرسه حبلاً طَويلا)
فَأَعْرض عَنهُ الْفضل وتكرم عَن جَوَابه
وَكَانَ الْفضل بَخِيلًا ثقيل الْبدن إِذا أَرَادَ حَاجَة اسْتعَار مركوباً فطال ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بعض بني هَاشم أَنا أَشْتَرِي لَك حمارا تركبه فَاشْترى لَهُ حمارا وَكَانَ يستعير السرج(24/38)
فتواصى النَّاس بِأَن لَا يعيروه سرجاً فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ اشْترى سرجاً بِخَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ
(وَلما رَأَيْت المَال مَا كف أَهله ... وصان ذَوي الأقدار أَن يتبذلوا)
(رجعت إِلَى مَالِي فعاتبت بعضه ... فأعتبني إِنِّي كَذَلِك أفعل)
ثمَّ قَالَ للَّذي اشْترى لَهُ الْحمار إِنِّي لَا أُطِيق علفه فإمَّا أَن تبْعَث لي بقوته وَإِلَّا رَددته وَكَانَ يبْعَث بعلفه كل لَيْلَة من التِّبْن وَالشعِير وَلَا يدع هُوَ أَن يطْلب من كل من يأنس بِهِ علفاً لحماره فيبعث إِلَيْهِ وَكَانَ يعلفه التِّبْن وَيبِيع الشّعير فهزل الْحمار وَكَاد يعطب فَرفع الحزين إِلَى ابْن حزم قصَّة وَكتب فِي رَأسهَا قصَّة حمَار اللهبي وشكا فِيهَا أَنه يركبه وَيَأْخُذ علفه وقضيمه من النَّاس وَيبِيع الشّعير ويعلفه التِّبْن وَيسْأل أَن ينصف مِنْهُ فَضَحِك مِنْهُ وَأمر بتحويل حمَار اللهبي إِلَى إصطبله ليعلفه وَإِذا أَرَادَ ركُوبه دفع إِلَيْهِ
3 - (الْعَدوي الاستراباذي)
الْفضل بن الْعَبَّاس بن مُوسَى أَبُو نعيم الْعَدوي الاستراباذي كَانَ فَاضلا مَقْبُول القَوْل عِنْد الْعَام وَالْخَاص عبر أَحْمد بن عبد الله الطاغي على أسترباذ فعزم على نهبها فاشتراها مِنْهُ بستمائة ألف دِرْهَم ووزعها على النَّاس
وَيُقَال إِن مُحَمَّد بن زيد الْعلوِي قَتله سرا وروى عَن الْفضل بن دُكَيْن وَكَانَ ثِقَة توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو أَحْمد كَاتب المستكفي)
الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر الشِّيرَازِيّ أَبُو أَحْمد الْكَاتِب قدم بَغْدَاد وَكَانَ يكْتب بَين يَدي الْوَزير أبي عَليّ ابْن مقلة وَله بِهِ اخْتِصَاص)
وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال واستكتبه المستكفي بِاللَّه مُدَّة قبل خِلَافَته وَبعدهَا ثمَّ كتب للمطيع مُدَّة وعزله فلحق بعضد الدولة بشيراز فَأَقَامَ عِنْده إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمائة
وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً شَبِيها طَرِيق ابْن مقلة
وَمن شعره
(أروع حِين يأتيني رَسُول ... وأكمد حِين لَا يَأْتِي الرَّسُول)
(أؤملكم وَقد أيقنت أَنِّي ... إِلَى تَكْذِيب آمالي أؤول)
وَمِنْه
(أَهلا وسهلاً بالحبيب الَّذِي ... يصفيني الود وأصفيه)
(محَاسِن النَّاس الَّتِي فرقت ... فيهم غَدَتْ مَجْمُوعَة فِيهِ)
(قد فَضَح الْبَدْر بإشراقه ... والغصن غضاً من تثنيه)
(وجلّ فِي سَائِر أَوْصَافه ... عَن كل تَمْثِيل وتشبيه)
(أفديه أحميه وَقلت لَهُ ... من عَبده أفديه أحميه)(24/39)
3 - (الرقاشِي الشَّاعِر)
الْفضل بن عبد الصَّمد الرقاشِي الْبَصْرِيّ من فحول الشُّعَرَاء مدح الْخُلَفَاء والكبار وَبَينه وَبَين أبي نواس مهاجاة ومباسطة
توفّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وَكَانَ مولى رقاش وَهُوَ من ربيعَة وَكَانَ مطبوعاً قَالَ ابو الْفرج صَاحب الأغاني قبل إِنَّه كَانَ من الْعَجم من أهل الرّيّ ومدح الرشيد وَأَجَازَهُ إِلَّا أَن انْقِطَاعه كَانَ إِلَى بني برمك فأغنوه عَن سواهُم وَكَانَ كثير التعصب لَهُم وَلما صلب جَعْفَر اجتاز بِهِ الرقاشِي وَهُوَ على الْجذع فَبكى أحر بكاء وَقَالَ الأبيات الميمية الَّتِي مِنْهَا
(على اللَّذَّات وَالدُّنْيَا جَمِيعًا ... ودولة آل برمكٍ السَّلَام)
وَهِي مَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة جَعْفَر الْبَرْمَكِي فكبت أَصْحَاب الْأَخْبَار إِلَى الرشيد فَأحْضرهُ وَقَالَ مَا حملكم على مَا قلت فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ إِلَيّ محسناً فَلَمَّا رَأَيْته على تِلْكَ الْحَال حركني إحسانه فَمَا ملكت نَفسِي حَتَّى قلت الَّذِي قلت قَالَ فكم كَانَ يجْرِي عَلَيْك قَالَ ألف دِينَار فِي كل سنة قَالَ فَأَنا قد أضعفتها لَك
قَالَ ابْن المعتز حَدثنِي أَبُو مَالك قَالَ قَالَ الْفضل بن الرّبيع للفضل بن عبد الصَّمد الرقاشِي)
وَيلك يَا رقاشي مَا أردْت بوصيتك إِلَّا الْخلاف على الصَّالِحين فَقَالَ لَهُ جعلت فدَاك لَو علمت أَنِّي أعافى من علتي مَا أوصيت بهَا فَإِنَّهَا من الذَّخَائِر النفيسة الَّتِي تدخر للممات
ووصيته هَذِه أرجوزة مزدوجة يَأْمر فِيهَا باللواط وَشرب الْخمر والقمار والهراش بَين الديكة وَالْكلاب وزهو يزْعم لتهتكه وخلاعته أَنَّهَا من الْفَوَائِد الَّتِي تدخر للْوَصِيَّة عِنْد الْمَوْت وأولها
(أوصى الرقاشِي إِلَى إخوانه ... وَصِيَّة الْمَحْمُود فِي أخدانه)
وَهِي مَشْهُورَة مَوْجُودَة
وَلما قَالَ ابو دلف قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا ناوليني الدرْع قد طَال عَن الْحَرْب فطامي أَجَابَهُ الرقاشِي فَقَالَ جنبني الدرْع قد طَال عَن القصف جمامي واكسري الْبَيْضَة والمطرد وآبدي بالحسام(24/40)
واقذفي فِي لجة الْبَحْر بقوسي وسهامي
(وبترسي وبرمحي ... وبسرجي ولجامي)
واعقري مهري أصَاب الله مهري بالصدام أَنا لَا أطلب أَن يعرف فِي الْحَرْب مقَامي
(وبحسبي أَن تراني ... بَين فتيَان كرام)
سادة تَغْدُو مجدين على حَرْب المدام واصطفاق الْعود والنايات فِي جَوف الظلام
(نهزم الراح إِذا مَا ... هم قوم بانهزام)
ونخلي الضَّرْب والطعن لصداء وهام لشقي قَالَ قد طَال عَن الْحَرْب فطامي
3 - (الْفضل بن عبد الْعَزِيز)
الْفضل بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفضل بن يَعْقُوب قَالَ السَّمْعَانِيّ هُوَ وَالِد شَيخنَا هبة الله الشَّاعِر توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو طَالب النَّحْوِيّ)
)
الْفضل بن عبد الْوَاحِد بن عبد المحسن بن أبي الْوَقار الْأنْصَارِيّ أَبُو طَالب النَّحْوِيّ الدِّمَشْقِي سكن بَغْدَاد وَسمع بهَا أَبَا الْوَفَاء عَليّ بن عقيل بن عَليّ الْحَنْبَلِيّ وَأَبا لقاسم هبة الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن الحُصين وَغَيرهمَا
وَكَانَ مولده اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن ابْن حزم)
الْفضل بن عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم ابو رَافع الْقُرْطُبِيّ ابْن الْحَافِظ ابي مُحَمَّد ابْن حزم كَانَ ذَا أدب ونباهة وروى عَن أَبِيه وَابْن عبد الْبر وَكتب بِخَطِّهِ علما كثيرا وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَقد تقدم ذكر وَالِده الْحَافِظ أبي مُحَمَّد فِي حرف الْعين مَكَانَهُ وَذكر جده أَحْمد بن سعيد فِي الأحمدين مَكَانَهُ
وَقتل أَبُو رَافع فِي نوبَة الزلاقة مَعَ مخدومه الْمُعْتَمد بن عباد
3 - (أَبُو الْكَرم الشَّيْبَانِيّ)
الْفضل بن عمار بن فياض أَبُو الْكَرم الشيابني الضَّرِير ذكره أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَقَالَ شَاب لَهُ معرفَة باللغة وَالْأَدب أَظُنهُ من بعض سَواد بَغْدَاد إِذْ رَأَيْته(24/41)
بِالْمَسْجِدِ الَّذِي على بَاب دَار شَيخنَا أبي الْفَتْح ابْن البطي وكتبت عَنهُ أنشدنا لنَفسِهِ
(أَمن شجنٍ عَيْنَاك جَادَتْ شؤونها ... نجيعاً وَمَا ضنت بِذَاكَ جفونها)
(نأت بنت عَوْف بن الخطيم غديةً ... إِلَى الْحلَّة الرجلاء تحدى ظعونها)
(فَإِن تَكُ هندٌ حلت الرمث فالغضا ... فلسنا وَإِن شط المزار نخونها)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الْحلْوانِي)
الْفضل بن عمر بن أبي مَنْصُور الْحلْوانِي أَبُو الْمَعَالِي الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات الْكَثِيرَة على أبي عبد الله بن عَليّ سبط أبي مَنْصُور الْخياط وَسمع الْكثير من مُحَمَّد بن يُوسُف الأرموي وَمُحَمّد بن نَاصِر وَسعد الْخَيْر الْأنْصَارِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب أبي نصر وطراد بن الزَّيْنَبِي وَابْن البطر وَابْن طَلْحَة وأقرأ النَّاس الْقُرْآن
قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَمَا أَظُنهُ روى شَيْئا وَكتب لنَفسِهِ كثيرا وَكَانَ متعففاً متقللاً
3 - (ابْن الرائض المجود)
)
الْفضل بن عمر بن مَنْصُور بن عَليّ أَبُو مَنْصُور يعرف بِابْن الرائض الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ بالعشر على عَليّ بن عَسَاكِر البطائحي وخطه جيد إِلَى الْغَايَة على طَريقَة ابْن البواب
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسع وسِتمِائَة
ابْن أخي القَاضِي إِمَام الدّين الْقزْوِينِي الشَّافِعِي فضل الله بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد هُوَ القَاضِي بدر الدّين ابْن إِمَام الدّين الْقزْوِينِي الشَّافِعِي قدم دمشق ليحج وَنزل بتربة أم الصَّالح عِنْد ابْن أَخِيه القَاضِي إِمَام الدّين والخطيب جلال الدّين وَحصل لَهُ ضعف فَلم يُمكنهُ السّفر
وَكَانَ فِي شيخوخته يُكَرر على الْوَجِيز وَكَانَت لَهُ حَلقَة إقراء بتبريز ثمَّ ولي قَضَاء نيكسار بَلْدَة بالروم
وَكَانَ لَهُ خبْرَة بِالْحِسَابِ وَغير ذَلِك توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وشيعه الْخلق لأجل ابْن أَخِيه
3 - (الوسطي الخزاز)
الْفضل بن عَنْبَسَة الوَاسِطِيّ الخزاز قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة من كبار أَصْحَاب الحَدِيث توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة وَقيل سنة ثَلَاث وَتِسْعين وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ(24/42)
3 - (أَبُو النَّجْم الشَّاعِر)
الْفضل بن قدامَة الْعجلِيّ الراجز من طبقَة العجاج فِي الرجز وَرُبمَا قدمه بَعضهم على العجاج لَهُ مدائح فِي هِشَام بن عبد الْملك توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَمِائَة
قَالَ مُعَاوِيَة يَوْمًا لجلسائه أَي أَبْيَات الْعَرَب فِي الضِّيَافَة أحسن فَأَكْثرُوا فَقَالَ قَاتل الله أَبَا النَّجْم حَيْثُ يَقُول
(لقد علمت عرسي فُلَانَة أَنَّهَا ... طويلٌ سنا نَارِي بعيدٌ خمودها)
(إِذا حلّ ضَيْفِي بالفلاة فَلم أجد ... سوى منبت الْأَطْنَاب شبّ وقودها)
وَكَانَ الْأَصْمَعِي يغمز عَلَيْهِ
وَأَبُو النَّجْم الْقَائِل)
(والمرء كالحالم فِي الْمَنَام ... يَقُول إِنِّي مدركٌ أَمَامِي)
(فِي قابلٍ مَا فَاتَنِي فِي الْعَام ... والمرء يُدْنِيه من الْحمام)
(مر اللَّيَالِي السود وَالْأَيَّام ... إِن الْفَتى يصبح للأسقام)
(كالغرض الْمَنْصُوب للسهام ... أَخطَأ رامٍ أم أصَاب رام)
بعث الْجُنَيْد بن عبد الرَّحْمَن المري إِلَى خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي بسبي من الْهِنْد فَجعل يهب أهل الْبَيْت كَمَا هُوَ للرجل منق ريش من وُجُوه النَّاس حَتَّى بقيت عِنْده جَارِيَة وَاحِدَة كَانَ يدخرها لجمالها فَقَالَ لأبي النَّجْم هَل عنْدك فِيهَا شَيْء حَاضر وتأخذها السَّاعَة قَالَ نعم أصلحك الله
فَقَالَ الْعُرْيَان بن الْهَيْثَم النَّخعِيّ كذب مَا يقدر على ذَلِك وَكَانَ على شرطة خَالِد فَقَالَ ابو النَّجْم
(علقت خوداً من بَنَات الزط ... ذَات جهازٍٍ مضغطٍ ملط)
(رابي المجس جيد المحط ... كَأَنَّهُ قطّ على مقط)
(إِذا بدا مِنْهُ الَّذِي تغطي ... كَأَن تَحت ثوبها المنعط)
(شطاً رميت فَوْقه بشط ... لم يعل فِي الْبَطن وَلم يخط)
(فِيهِ شفاءٌ من أَذَى التمطي ... كهامة الشَّيْخ الْيَمَانِيّ الثط)(24/43)
وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى هَامة الْعُرْيَان فَضَحِك خَالِد وَقَالَ للعريان هَل ترَاهُ احْتَاجَ أَن يروي فِيهَا فَقَالَ لَا وَالله وَلكنه مَلْعُون ابْن مَلْعُون ثمَّ أَخذ الْجَارِيَة وَانْصَرف
وَقَالَ هِشَام يَوْمًا لأبي النَّجْم يَا أَبَا النَّجْم حَدثنِي قَالَ عني أَو عَن غَيْرِي قَالَ لَا بل عَنْك
قَالَ إِنِّي لما كَبرت عرض لي الْبَوْل فَوضعت عِنْدِي شَيْئا أبول فِيهِ فَقُمْت من اللَّيْل أبول فِيهِ فَخرج مني صَوت فتشددت ثمَّ عدت فَخرج مني صَوت آخر فأويت إِلَى فِرَاشِي فَقلت يَا أم الْخِيَار هَل شمعت شَيْئا فَقَالَت لَا وَلَا وَاحِدَة مِنْهُمَا فَضَحِك هِشَام وَأم الْخِيَار هَذِه هِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا
(قد أَصبَحت أم الْخِيَار تَدعِي ... عَليّ ذَنبا كُله لم أصنع)
وَهِي أرجوزة طَوِيلَة
قلت ولأرباب الْمعَانِي وَالْبَيَان عَلَيْهِ كَلَام طَوِيل لِأَنَّهُ مَتى روى عَليّ ذَنبا كُله لم أصنع)
بِرَفْع اللَّام من كُله كَانَ لَهُ معنى وَهُوَ أَنَّهَا ادَّعَت عَلَيْهِ ذَنبا لم يصنع شَيْئا مِنْهُ وَمَتى رُوِيَ كُله لم أصنع بِفَتْح اللَّام تغير مَعْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهَا ادَّعَت عَلَيْهِ ذَنبا صنع بعضه دون كُله لِأَن الْعُمُوم فِي الرّفْع وَعَدَمه فِي النصب لم يكن لخصوصية إِعْمَال الْفِعْل فِي الْحل وَترك إعماله فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ لتسلط الْكُلية على النَّفْي عِنْد الإعمال وتسلطه عَلَيْهَا عِنْده حَيْثُ كَانَ حرف النَّفْي بِحَيْثُ يَصح انْفِصَاله عَن الْفِعْل لَكَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا أأعمل الْفِعْل أم لم يعْمل كَقَوْلِه مَا كل رَأْي الْفَتى يَدْعُو إِلَى الرشد وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ فِي قَوْله يَا رَسُول الله أقصرت الصَّلَاة أم نسيت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل ذَلِك لم يكن فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ بعض ذَلِك قد كَانَ
وَالْمعْنَى عَلَيْهِ السَّلَام نفى كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَو قَالَ لم يكن كل ذَلِك لَكَانَ اعترافاً بِأَنَّهُ قد كَانَ بعضه وعَلى هَذَا فَلَا يجوز أَن يُقَال كلهم لم يأتني لَكِن بَعضهم لتناقضه وَيجوز لم يأتني كلهم لَكِن بَعضهم إِذْ لَا تنَاقض وَلَا يحْتَمل هَذَا الْمَكَان أَكثر من هَذَا الْكَلَام لِأَنَّهُ لَيْسَ بموضعه
رَجَعَ وَقَالَ هِشَام لأبي النَّجْم كم لَك من الْوَلَد وَالْمَال قَالَ أما المَال فَلَا مَال وَأما الْوَلَد فلي ثَلَاث بَنَات وَبني يُقَال لَهُ شَيبَان قَالَ هَل أخرجت من بناتك أحدا قَالَ نعم زوجت ابْنَتَيْن وَبقيت وَاحِدَة تجمز فِي أَبْيَاتنَا كَأَنَّهَا نعَامَة قَالَ وَمَا وصيت بِهِ الأولى قَالَ وصيتها وَاسْمهَا برة(24/44)
(أوصيت من برةٍ قلباً حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا)
(لَا تسأمي ضربا لَهَا وجراً ... حَتَّى ترى حُلْو الْحَيَاة مرا)
(وَإِن كستك ذَهَبا ودراً ... والحي عميهم بشرٍ طرا)
فَضَحِك هِشَام وَقَالَ فَمَا قلت لِلْأُخْرَى قَالَ قلت
(سبي الحماة وابهتي عَلَيْهَا ... وَإِن دنت فازدلفي إِلَيْهَا)
(وأوجعي بالفهر ركبتيها ... ومرفقيها واضربي رِجْلَيْهَا)
وظاهري النّذر لَهَا عَلَيْهَا فَقَالَ هِشَام رِيحك مَا هَذِه الْوَصِيَّة يَعْقُوب وَلَده فَقَالَ وَلَا أَنا كيعقوب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ)
فَمَا قلت للثالثة قَالَ قلت
(أوصيك يَا بِنْتي فَإِنِّي ذَاهِب ... أوصيك أَن يحمدك القرائب)
(وَالْجَار والضيف الْكَرِيم الساغب ... وَيرجع الْمِسْكِين وَهُوَ خائب)
(وَلَا تني أظفارك السلاهب ... مِنْهُنَّ فِي وَجه الحماة كَاتب)
وَالزَّوْج إِن الزَّوْج بئس الصاحب قَالَ وَأي شَيْء قلت فِي تَأْخِير زواجها قَالَ قلت
(كَأَن ظلامة أُخْت شَيبَان ... يتيمةٌ ووالداها حَيَّان)
(الرَّأْس قملٌ كُله وصئبان ... وَلَيْسَ فِي السَّاقَيْن إِلَّا خيطان)
تِلْكَ الَّتِي يفزع مِنْهَا الشَّيْطَان فَضَحِك هِشَام حَتَّى ضحك النِّسَاء لضحكه فَقَالَ هِشَام للخصي كم بَقِي من نَفَقَتك قَالَ ثَلَاثمِائَة دِينَار قَالَ أعْطه إِيَّاهَا ليجعلها فِي رجل ظلامة مَكَان الْخَيْطَيْنِ
3 - (أَبُو بَرزَة الحاسب)
الْفضل بن مُحَمَّد أَبُو بَرزَة الحاسب كَانَ حيسوب بَغْدَاد وَثَّقَهُ الْخَطِيب توفّي فِي حُدُود الثلاثمائة
3 - (أَبُو الْعَبَّاس اليزيدي)
الْفضل بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد اليزيدي أَبُو الْعَبَّاس تقدم(24/45)
ذكر جمَاعَة من أهل بَيته كَانَ أَبُو الْعَبَّاس أحد الروَاة الْعلمَاء النُّحَاة النبلاء أَخذ النَّاس عَنهُ وروى الْعلم عَنهُ الجم الْغَفِير
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
كتب الْفضل يَوْمًا إِلَى أبي صَالح ابْن يزْدَاد وَكَانَ يداعبه وَجَرت بَينهمَا جفوة
(استحي من نَفسك فِي هجري ... واعرف بنفسي أَنْت لي قدري)
(وَاذْكُر دخولي لَك فِي كل مَا ... يجمل أَو يقبح من أَمْرِي)
(قد مر لي شهرٌ وَلم ألقكم ... لَا صَبر للي أَكثر من شهر)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر اجْتمع يَوْمًا عِنْدِي الْفضل اليزيدي والبحتري وَأَبُو العيناء فَجَلَسَ الْفضل يلقِي على بعض فتياننا نَحوا فَقَالَ لَهُ أَبُو العناء فيمَ أَنْتُم فَقَالَ فقي بَاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول فَقَالَ هَذَا بَابي وَبَاب الوالدة حفظهَا الله فَغَضب الْفضل وَانْصَرف وَخرج البحتري)
إِلَى سامراء وَكتب إِلَيّ أَوله ذكرتنيك روحةٌ للشمول وهجا فِيهَا الْفضل فَقَالَ جلّ مَا عمده التَّرَدُّد فِي الْفَاعِل من وَالِديهِ وَالْمَفْعُول قَالَ إِبْرَاهِيم فَأمرت أَن يكْتب جَوَاب الْكتاب وَيُوجه إِلَيْهِ بِمِائَة دِينَار وَدخل أَبُو العيناء فأقرأته الشّعْر فَقَالَ أَعْطِنِي نصف الْمِائَة فَإِنَّهُ هجاه وَالله بكلامي فَأخذ خمسين وووجهت إِلَى البحتري بِخَمْسِينَ وعرفته الْخَبَر فَكتب إِلَيّ وَالله صدق مَا بنيت أبياتي إِلَّا على مَعْنَاهُ
3 - (القصباني النَّحْوِيّ)
الْفضل بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفضل أَبُو الْقَاسِم القصباني النَّحْوِيّ الْبَصْرِيّ هُوَ شيخ الحريري صَاحب المقامات كَانَ وَاسع الْعلم غزير الْفضل إِمَامًا فِي علم الْعَرَبيَّة وَإِلَيْهِ كَانَت الرحلة فِي زَمَانه
وَكَانَ مُقيما بِالْبَصْرَةِ توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة أَيَّام الْقَائِم
وَأخذ عَنهُ أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عَليّ التبريزي وَله كتاب فِي النَّحْو وَكتاب حواش على الصِّحَاح كتاب الأمالي كتاب فِي مُخْتَار أشعار الْعَرَب وَهُوَ كَبِير وسمه بالصفوة
وَمن شعره(24/46)
(فِي النَّاس من لَا يرتجى نَفعه ... إِلَّا إِذا مس بأضرار)
(كالعود لَا يطْمع فِي رِيحه ... إِلَّا إِذا أحرق بالنَّار)
وَكَانَ القصباني أعمى
3 - (الصُّوفِي الْوَاعِظ النَّيْسَابُورِي)
الْفضل بن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مهْدي بن سعيد بن عَاصِم بن عبد الله بن سَلمَة أَبُو مُحَمَّد الصُّوفِي الْوَاعِظ النَّيْسَابُورِي سمع عبد الرَّحْمَن بن حمدَان النصروي وَعبد القاهر بن طَاهِر الْبَغْدَادِيّ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن جَعْفَر الْمُزَكي وَعبد الغافر بن مُحَمَّد الْفَارِسِي وَعمر بن أَحْمد بن مسرور وَأَبا الْقَاسِم عبد الْكَرِيم الْقشيرِي وَسمع بأصبهان وَولد سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخَمْسمِائة
3 - (الْهَرَوِيّ الْكَاتِب الشَّافِعِي)
)
الْفضل بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو بكر الْهَرَوِيّ الْكَاتِب الشَّافِعِي قدم بَغْدَاد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمَعَ بهَا من جمَاعَة وَحدث بِجَامِع الْمَنْصُور بِحَدِيث واجحد مَوْضُوع رَوَاهُ عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ الشَّاشِي ذكر أَنه سَمعه مِنْهُ بلوهور من بِلَاد وَرَوَاهُ عَنهُ من أهل بَغْدَاد ابو البركات ابْن السَّقطِي وَسعد الله بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن أَيُّوب وَكتب عَنهُ أَبُو عبد الله الْحميدِي أناشيد
مولده قبل الْعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ ثِقَة
3 - (نَاصح الدّين السامري الشَّافِعِي)
فضل الله بن مُحَمَّد بن أبي الشريف أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد السامري الشَّافِعِي الْوَاعِظ سبط أبي طَاهِر مُحَمَّد بن درسْتوَيْه بن مُحَمَّد الْوَاعِظ الْمُفَسّر الْمَعْرُوف بالقصار الهمذاني كَانَ يلقب بالناصح
قَرَأَ الْفِقْه وَالْخلاف وَسمع الحَدِيث وسافر فِي طلبه وَسكن تستر وَتَوَلَّى الخطابة بهَا وحظي عِنْد أمرائها بني شملة
وَلما أزيلت أَيْديهم عَن الْبِلَاد رَجَعَ إِلَى بَغْدَاد سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَلَقي بهَا قبولاً من الدِّيوَان وَجلسَ للوعظ بِبَاب تربة الْجِهَة أم الْخَلِيفَة وحضره خلق عَظِيم
ثمَّ ولي خطابة جَامع ابْن الْمطلب ثمَّ نفذ رَسُولا إِلَى بعض الْأَطْرَاف فَمضى وَعَاد وَلم تحمد طَرِيقه وَلم يكن حَافِظًا لِلِسَانِهِ عَمَّا يَنْبَغِي فعزل وَقبض عَلَيْهِ فحبس إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْحَافِظ الشعراني)
الْفضل بن مُحَمَّد بن الْمسيب أَبُو مُحَمَّد الْبَيْهَقِيّ الشعراني من(24/47)
ذُرِّيَّة باذان الْملك بِالْيمن الَّذِي أسلم بِكِتَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْحَافِظ كَانَ يُقَال لم تبْق مَدِينَة لم يدخلهَا أَبُو الْفضل لطلب الحَدِيث
قَالَ الْحَاكِم كَانَ أديباً فَقِيها عابداً عَارِفًا بِالرِّجَالِ كَانَ يُرْسل شعره فلقب بالشعراني توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (وَزِير المعتصم)
الْفضل بن مَرْوَان بن ماسرجس وَزِير المعصم)
هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَخذ الْبيعَة للمعتصم وَكَانَ يَوْمئِذٍ بِبِلَاد الرّوم مَعَ أَخِيه الْمَأْمُون لما توفّي فاعتد لَهُ المعتصم بهَا يدا عِنْده وفوض إِلَيْهِ الوزارة يَوْم دُخُوله بَغْدَاد مستهل رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ وخلع عَلَيْهِ ورد أُمُوره كلهَا إِلَيْهِ فغلب عَلَيْهِ بطول خدمته وتربيته إِيَّاه وَكَانَ نَصْرَانِيّ الأَصْل لَيْسَ لَهُ خبْرَة بِعلم وَإِنَّمَا يخبر خدمَة الْخُلَفَاء وَله ديوَان رسائل
وَكتاب المشاهدات وَالْأَخْبَار الَّتِي شَاهدهَا
وَمن كَلَامه مثل الْكَاتِب كالدولاب مَتى تعطل انْكَسَرَ وَكَانَ قد جلس يَوْمًا لقَضَاء أشغال النَّاس وَرفعت إِلَيْهِ قصَص الْعَامَّة فَرَأى فِي جُمْلَتهَا وقة فِيهَا مَكْتُوب
(تفرعنت يَا فضل بن مَرْوَان فَاعْتبر ... فقبلك كَانَ الْفضل وَالْفضل وَالْفضل)
(ثَلَاثَة أَمْلَاك مضوا لسبيلهم ... أبادتهم الأقياد وَالْحَبْس وَالْقَتْل)
(وَإنَّك قد أَصبَحت فِي النَّاس ظَالِما ... ستودي كَمَا أودى الثَّلَاثَة من قبل)
أَرَادَ بذلك الْفضل بن يحيى وَالْفضل بن الرّبيع وَالْفضل بن سهل
ثمَّ إِن المعتصم تغير عَلَيْهِ وَقبض عَلَيْهِ فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَقَالَ عصى الله فِي طَاعَتي فسلطني عَلَيْهِ ثمَّ خدم بعد ذَلِك جمَاعَة من الْخُلَفَاء وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الآخر سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وعمرهخ ثَمَانُون سنة وَقيل ثَلَاث وَتسْعُونَ
وَأخذ المعتصم مِنْهُ لما نكبه ألف ألف دِينَار عينا وأثاثاً وآنية بِأَلف ألف دِينَار وحبسه خَمْسَة أشهر ثمَّ أطلقهُ واستوزر بعده أَحْمد بن عمار وَقيل ابْن الزيات وَسبب تغيره عَلَيْهِ أَن المعتصم كَانَ يكثر الْإِطْلَاق على اللَّهْو وَكَانَ الْفضل لَا يمْضِي ذَلِك فِي بعض الْأَحَايِين
وَمن كَلَامه لَا تتعرض لعدوك وَهُوَ مقبل فَإِن إقباله يُعينهُ عَلَيْك وَلَا تتعرض لَهُ وَهُوَ مُدبر فَإِن إدباره يَكْفِيك أمره
وَقَوله أَيْضا مثل عَامل السُّلْطَان كَمثل الْخياط يقطع يَوْمًا ديباجاً بِأَلف دِينَار وَيَوْما قوهياً بِعشْرين درهما(24/48)
وَقَالَ أَبُو هفان كنت يَوْمًا عِنْد الْفضل بن مَرْوَان فَقَالَ لي فِي شَيْء جرى الله الْمُسْتَعَان مَا أحسن بِالرجلِ أَن يذكر ربه على كل حَال قَالَ فَقلت لَهُ هَذَا الَّذِي ذكرته لَيْسَ هُوَ رَبك فَقَالَ لي قد قلت لَك غير مرّة إِنِّي لَو كنت أحسن الْعرُوض كنت أَقُول الشّعْر مثلك وكما تَقوله أَنْت)
وَقَالَ عَليّ بن الْحُسَيْن الإسكافي جلس المعتصم للمظالم بعد قَبضه على الْفضل بن مَرْوَان ووزيره أَحْمد بن عمار بَين يَدَيْهِ يقْرَأ الْقَصَص عَلَيْهِ فمرت قصَّة فِيهَا
(لَا تعجبن فَمَا بالدهر من عجبٍ ... وَلَا من الله من حصنٍ وَلَا هرب)
(يَا فضل لَا تجزعن مِمَّا بليت بِهِ ... من خَاصم الدَّهْر جاثاه على الركب)
(كم من كريمٍ نشا فِي بَيت مكرمةٍ ... أَتَاك مختنقاً بالهم وَالْكرب)
(أوليته مِنْك إذلالاً ومنقصةً ... فخاب مِنْك وَمن ذِي الْعَرْش لم يخب)
(وَكم وَثَبت على قومٍ ذَوي شرفٍ ... فَمَا تحرجت من وزرٍ وَلَا كذب)
(خُنْت الإِمَام وَهَذَا الْخلق قاطبةً ... وَجَرت حَتَّى أَتَى الْمِقْدَار بالعجب)
(جمعت شَتَّى وَقد أديتها جملا ... لأَنْت أخسر من حمالَة الْحَطب)
فَقَالَ المعتصم عَليّ بِصَاحِب الرقعة فدعي فَلم يجب فَقَالَ وَالله لَو أجَاب لأنصفته وَلَو أَتَت مظلمته على مَا بَقِي من مَاله
3 - (السينَانِي)
الْفضل بن مُوسَى السينَانِي بِالسِّين الْمُهْملَة وياء آخر الْحُرُوف ونونين بَينهمَا ألف وسينان قَرْيَة من قرى مرو
قَالَ وَكِيع أعرفهُ ثِقَة صَاحب سنة وَقَالَ أَبُو نعيم هُوَ أثبت من ابْن الْمُبَارك توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَكَانَ أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام
3 - (ابْن البانياسي)
الْفضل بن نبا بن أبي الْمجد الْفضل بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْمجد ابْن البانياسي الْحِمْيَرِي الدِّمَشْقِي ولد بحلب وَسمع جده لأمه الْحَافِظ بهاء الدّين ابْن عَسَاكِر وَأَبا طَاهِر الخشوعي وَكَانَ أديباً فصيحاً شَاعِرًا لكنه تكلم فِي دِيَته وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة(24/49)
3 - (الْبَرْمَكِي وَزِير الرشيد)
الْفضل بن يحيى بن خَالِد بن برمك أَبُو الْعَبَّاس الْبَرْمَكِي أَخُو جَعْفَر الْبَرْمَكِي وَقد تقدم ذكره كَانَ الْفضل كمن أَكْثَرهم كرماً أكْرم من أَخِيه جَعْفَر وَلَكِن جَعْفَر أبلغ فِي الرسائل وَالْكِتَابَة مِنْهُ)
ولاه الرشيد الوزارة قبل أَخِيه جَعْفَر فَقَالَ يَوْمًا لِأَبِيهِ يحيى يَا أَبَت إِنِّي أُرِيد الْخَاتم الَّذِي لأخي الْفضل لأخي جَعْفَر وَكَانَت أم الْفضل قد أرضعت الرشيد وَاسْمهَا زبيدة من مولدات الْمَدِينَة والخيزران أم الرشيد قد أرضعت الْفضل فَكَانَا أَخَوَيْنِ من الرضَاعَة وَفِي ذَلِك قَالَ مَرْوَان بن أبي حَفْصَة يمدح الْفضل
(كفى لَك فضلا أَن أفضل حرةٍ ... غذتك بثديٍ والخليفة وَاحِد)
(لقد زنت يحيى فِي الْمشَاهد كلهَا ... كَمَا زَان يحيى خَالِدا فِي الْمشَاهد)
وَقَالَ الرشيد ليحيى وَقد احتشمت من الْكِتَابَة إِلَى الْفضل فِي ذَلِك فاكفينه
فَكتب وَالِده إِلَيْهِ قد أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ بتحويل الْخَاتم من يمنك إِلَى شمالك فَكتب الْفضل قد سَمِعت مقَالَة الْمُؤمنِينَ فِي أخي وأبلغت وَمَا انْتَقَلت عني نعْمَة صَارَت إِلَيْهِ وَلَا غربت عني نعْمَة طلعت عَلَيْهِ فال جَعْفَر لله أخي فَمَا أنفس نَفسه وَأقوى منَّة الْعقل فِيهِ وأوسع فِي البلاغة ذرعه
وَكَانَ الرشيد قد جعل وَلَده مُحَمَّدًا فِي حجر الْفضل والمأمون فِي حجر جَعْفَر
ثمَّ إِن الرشيد قلد الْفضل عمل خُرَاسَان فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة فوصل كتاب صَاحب الْبَرِيد بخراسان إِلَى الرشيد وَيحيى جَالس بَين يَدَيْهِ ومضمونه أَن الْفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدمان اللَّذَّات عَن النّظر فِي أُمُور الرّعية عَن هَذَا فَكتب إِلَيْهِ يحيى على ظهر كتاب صَاحب الْبَرِيد حفظك الله يَا بني وأمتع بك قد انْتهى إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أَنْت عَلَيْهِ من التشاغل بالصيد والمداومة اللَّذَّات عَن النّظر فِي أُمُور الرّعية مَا أنكرهُ فعاود مَا هُوَ أزين بك فَإِنَّهُ من عَاد إِلَى مَا يزينه أَو يشينه لم يعرفهُ أهل دهره إِلَّا بِهِ
وَكتب فِي أَسْفَله
(انصب نَهَارا فِي طلاب العلى ... واصبر على فقد لِقَاء الحبيب)
(حَتَّى إِذا اللَّيْل أَتَى مُقبلا ... واستترت فِيهِ وُجُوه الْعُيُوب)
(فكابد اللَّيْل بِمَا تشْتَهي ... فَإِنَّمَا اللَّيْل نَهَار الأريب)
(كم من فَتى تحسبه ناسكاً ... يسْتَقْبل اللَّيْل بأمرٍٍ عَجِيب)(24/50)
(غطى عَلَيْهِ اللَّيْل أستاره ... فَبَاتَ فِي لهوٍ وعيشٍ خصيب)
(وَلَذَّة الأحمق مكشوفةٌ ... يسْعَى بهَا كل عَدو رَقِيب)
)
والرشيد ينظر إِلَى مَا يكْتب فَلَمَّا فرغ قَالَ أبلغت يَا أَبَت فلمال ورد الْكتاب على الْفضل لم يُفَارق السجد نَهَارا إِلَى أَن انْصَرف من عمله
وَكَانَ الْفضل لما ورد إِلَى خُرَاسَان دخل إِلَى بَلخ وَهِي وطنهم وَبهَا النوبهار وَهُوَ بَيت النَّار الَّتِي كَانَت الْمَجُوس تعبدها وَكَانَ جدهم خَالِد خَادِم ذَلِك الْبَيْت فَأَرَادَ الْفضل هدم ذَلِك الْبَيْت فَلم يقدر عَلَيْهِ لإحكام بنائِهِ فهدم مِنْهُ نَاحيَة وَبنى فِيهَا مَسْجِدا
وَلما وصل إِلَى خُرَاسَان أَزَال سيرة الْجور وَبنى الْمَسَاجِد والحياض والربط وأحرق مراكز البغايا وَزَاد الْجند وَوصل الزوار والقواد وَالْكتاب فِي سنة سبع بِعشْرَة آلَاف ألف دِرْهَم واستخلف على عمله وشخص آخر السّنة إِلَى الْعرَاق فَتَلقاهُ الرشيد وَجمع لَهَا النَّاس وأكرمه غَايَة الْإِكْرَام وَأمر الرشيد الشُّعَرَاء بمدحه والخطباء بِذكر فَضله فَكثر المادحون لَهُ فَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي
(لَو كَانَ بيني وَبَين الْفضل معفرةٌ ... فضل بن يحيى لأعداني على الزَّمن)
(هُوَ الْفَتى الْمَاجِد الميمون طَائِره ... وَالْمُشْتَرِي الْحَمد بالغالي من الثّمن)
وَكَانَ أَبُو الهول الْحِمْيَرِي قد هجا الْفضل فَرَآهُ رَاغِبًا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَيلك بِأَيّ وجهٍ تَلقانِي فَقَالَ بِالْوَجْهِ الَّذِي ألْقى بِهِ رَبِّي عز وَجل وذنوبي إِلَيْهِ أَكثر من ذُنُوبِي إِلَيْك فَضَحِك وَوَصله
وَمن كَلَام الْفضل مَا سرُور الْمَوْعُود بالفائدة كسروري بالإنجاز
ويحكى أَنه دخل عَلَيْهِ حَاجِبه يَوْمًا وَقَالَ إِن بِالْبَابِ رجلا يزْعم أَن لَهُ سَببا يمت إِلَيْك بِهِ فَقَالَ أدخلهُ فَدخل شَاب حسن رث الْهَيْئَة فَسلم فَأَوْمأ إِلَيْهِ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ بعد سَاعَة مَا حَاجَتك فَقَالَ أعلمتك بهَا رثاثة حَالي قَالَ نعم فَمَا الَّذِي تمت بِهِ قَالَ ولادَة تقرب من ولادتك وَجوَار يدنو من جوارك وَاسم مُشْتَقّ من اسْمك فَقَالَ أما الْجوَار فَيمكن وَقد يُوَافق الِاسْم الِاسْم وَلَكِن من أعلمك بِالْولادَةِ قَالَ أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا لما ولدتني قيل لَهَا ولد هَذِه اللَّيْلَة ليحيى بن خَالِد غُلَام وَقد سَمَّاهُ الْفضل فسمتني فضيلاً إكباراً لاسمك أَن تلحقني بِهِ وصغرته لقُصُور قدري عَن قدرك فَتَبَسَّمَ الْفضل وَقَالَ كم(24/51)
أَتَى عَلَيْك من السنين قَالَ خمس وَثَلَاثُونَ سنة قَالَ صدقت هَذَا الْقدر أعد قَالَ فَمَا فعلت أمك قَالَ مَاتَت قَاتل فَمَا مَنعك من اللحاق بِنَا قَدِيما قَالَ لم أَرض نَفسِي للقائك لِأَنَّهَا كَانَت فِي عامية مَعهَا حَدَاثَة تقعد بِي عَن لحاق الْمُلُوك وعلق هَذَا بقلبي مُنْذُ أَعْوَام فشغلت نَفسِي بِمَا يصلح للقائك حَتَّى رضيت)
عَن نَفسِي قَالَ فَمَا تصلح لَهُ قَالَ للكبير من الْأَمر وَالصَّغِير قَالَ يَا غُلَام أعْطه لكل سنة مَضَت من سنيه ألف دِرْهَم وأعطه عشرَة آلَاف دِرْهَم يتجمل بهَا إِلَى وَقت اسْتِعْمَاله وَأَعْطَاهُ مركوباً سرياً
وَكَانَ الرشيد قد غضب على العتابي فشفع لَهُ الْفضل فَرضِي عَنهُ فَقَالَ
(مَا زلت فِي غَمَرَات الْمَوْت مطرحاً ... يضيق عني وسيع الرَّأْي من حيلي)
(فَلم تزل دائباً تسْعَى بلطفك لي ... حَتَّى اختلست حَياتِي من يَدي أَجلي)
وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء
(مَا لَقينَا من جود فضل بن يحيى ... ترك النَّاس كلهم شعراء)
وعابوه كَونه مُفردا فَقَالَ أَبُو العذافر ورد القمي علم المفحمين أَن ينظموا الْأَشْعَار وَمنا الباخلين السخاء وَفِي الْفضل يَقُول مَرْوَان بن أبي حَفْصَة
(ألم تَرَ أَن الْجُود من كف آدم ... تحدر حَتَّى صَار فِي رَاحَة الْفضل)
(إِذا مَا أَبُو الْعَبَّاس غامت سماؤه ... فيا لَك من هطلٍ وَيَا لَك من ويل)
وَفِيه يَقُول أَيْضا
(إِذا أمّ طفلٍ راعها جوع طفلها ... غذته بِذكر الْفضل فاستطعم الطِّفْل)
(لحي بك الْإِسْلَام إِنَّك عزه ... وَإنَّك من قومٍ صَغِيرهمْ كهل)
فوصله بِمِائَة ألف دِرْهَم ووهب لَهُ طيفور جَارِيَته كاسية حَالية وشيئاً كثيرا من الْعرُوض فَقيل حصل لَهُ سَبْعمِائة ألف دِرْهَم وَلأبي نواس فِيهِ مدائح كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله
(طرحتم من الترحال أمرا فغمنا ... فَلَو قد رحلتم صبخ الْمَوْت بَعْضنَا)(24/52)
وَركب مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام دين فَصَارَ إِلَى الْفضل وَمَعَهُ حق فِيهِ جَوْهَر فَقَالَ لَهُ قصرت غلاتنا وأغفل أمرنَا خليفتنا وتزايدت مؤننا ولزمنا دين احتجنا لأدائه إِلَى ألف ألف دِرْهَم وكرهت بذل وَجْهي للتجار وإذالة عرضي بَينهم فاطلب من شِئْت مِنْهُم ومره بذلك فَإِن معي رهنا ثِقَة بذلك فَدَعَا الْفضل بِالْحَقِّ وَرَأى مَا فِيهِ وختمه بِخَاتم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ثمَّ قَالَ لَهُ نجح الْحَاجة أَن تقيم فِي منزلنا عندنَا الْيَوْم فَقَالَ إِن فِي الْمقَام عَليّ مشقة فَقَالَ لَهُ وَمَا يشق عَلَيْك من ذَلِك إِن رَأَيْت أَن تلبس شَيْئا من ثيابنا دَعَوْت بِهِ وَإِلَّا أمرت بإحضار ثِيَاب من)
مَنْزِلك فَأَقَامَ ونهض الْفضل فَدَعَا بوكيله وَأمره بِحمْل المَال وتسليمه إِلَى خَادِم مُحَمَّد وَتَسْلِيم الْحق الَّذِي فِيهِ الْجَوْهَر إِلَى الْغُلَام بِخَاتمِهِ وَأخذ خطه بِقَبض المَال
وَأقَام مُحَمَّد عِنْده إِلَى الْمغرب وَلَيْسَ عِنْده شَيْء من الْخَيْر وَانْصَرف إِلَى منزله فَرَأى المَال وأحضره الْخَادِم الْحق فغدا على الْفضل ليشكره فَوَجَدَهُ قد سبقه بالركوب إِلَى دَار الرشيد فَانْصَرف إِلَى منزله فَوجدَ الْفضل قد وَجه إِلَيْهِ بِأَلف ألف دِرْهَم أخر فغدا عَلَيْهِ ليشكره فَأعلمهُ أَنه أنهى أمره إِلَى الرشيد فَأمره بالتقدير لَهُ وَلم يزل بِمَا كَسبه لَهُ إِلَى أَن تقرر الْأَمر لَهُ على ألف ألف دِرْهَم وَأَنه ذكر أَنه لم يصلك بِمِثْلِهَا قطّ وَلَا زادك على عشْرين ألف دِينَار فشركته وَسَأَلته أَن يصك بهَا صكاً بِخَطِّهِ ويجعلني الرَّسُول فَقَالَ مُحَمَّد صدق أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه لم يصلني قطّ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذكر وَهَذَا إِنَّمَا تهَيَّأ بك وعَلى يدك وَمَا أقدر على شَيْء أَقْْضِي بِهِ حَقك وَلَا عَن شكر مَا أودي مَعْرُوفك غير أَن عَليّ وَعلي أيماناً مُؤَكدَة إِن وقفت بِبَاب أحد سواك وَلَا سَأَلت غَيْرك حَاجَة أبدا وَلَو استففن التُّرَاب فَكَانَ لَا يركب إِلَى غير دَار الْخَلِيفَة وَيعود إِلَى منزله
وَعُوتِبَ بعد تقضي أَيَّام البرامكة فِي إتْيَان الْفضل بن الرّبيع فَقَالَ وَالله لَو عمرت ألف عَام ثمَّ مصصت الثماد مَا وقفت بِبَاب أحد بعد الْفضل بن يحيى وَلَا سَأَلته حَاجَة أبدا وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَت ولادَة الْفضل لسبع بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَقيل سنة ثَمَان
ووفته بالسجن سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة فِي الْمحرم غَدَاة جُمُعَة بالرقة وَقيل فِي شهر رَمَضَان
وَقَالَ لما بلغت الرشيد وَفَاته قَالَ أَمْرِي قريب من أمره وَكَذَا كَانَ فَإِن الرشيد توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة من هَذِه السّنة وَقيل فِي جُمَادَى الأولى
وَكَانَ الرشيد لما قتل أَخَاهُ جعفراً قبض على أَبِيه يحيى وأخيه الْفضل وَكَانَا عِنْده ثمَّ توجه الرشيد إِلَى الرقة وهما مَعَه وَجَمِيع البرامكة فِي التَّوْكِيل غير يحيى
فَلَمَّا وصلوا إِلَيْهَا وَجه الرشيد إِلَى يحيى أقِم بالرقة أَو حَيْثُ شِئْت فَوجه إِلَيْهِ إِنِّي أحب أَن أكون مَعَ وَلَدي فَوجه إِلَيْهِ أترضى بِالْحَبْسِ فَقَالَ نعم فحبس مَعَه ووسع عَلَيْهِمَا ثمَّ كَانَا حينا يُوسع عَلَيْهِمَا وحيناً يضيق ثمَّ إِن الرشيد سير مَسْرُورا الْخَادِم إِلَى السجْن فَقَالَ للمتوكل أخرج الْفضل فَأخْرجهُ فَقَالَ لَهُ إِن أَمِير(24/53)
الْمُؤمنِينَ يَقُول لَك إِنِّي أَمرتك أَن تصدقني عَن)
أَمْوَالكُم فَزَعَمت أَنَّك قد فعلت وَقد صَحَّ عِنْدِي أَنَّك قد بقيت لَك مَالا كثيرا وَقد أَمرنِي إِن لم تطلعني على المَال أَن أضربك مِائَتي سَوط وَأرى لَك أَن لَا تُؤثر مَالك على نَفسك
فَقَالَ وَالله مَا كذبت قطّ فِيمَا أخْبرت وَلَو خيرت بَين الْخُرُوج من ملك الدُّنْيَا وَأَن أضْرب سَوْطًا وَاحِدًا لاخترت الْخُرُوج من الدُّنْيَا وأمير الْمُؤمنِينَ يعلم بذلك وَأَنت تعلم أَنا كُنَّا نصون أعراضنا بِأَمْوَالِنَا
فَأخْرج مسرور أسواطاً كَانَت مَعَه فِي منديل فَضَربهُ مِائَتي سَوط وَتَوَلَّى ضربه الخدم فضربوه اشد الضَّرْب وهم لَا يحسنون الضَّرْب فكادوا يتلفونه
وَكَانَ هُنَاكَ رجل بَصِير بالعلاج فطلبوه لمعالجته فَقَالَ يكون قد ضربوه خمسين سَوْطًا فَقيل لَهُ بل مِائَتي سَوط فَقَالَ مَا هَذَا إِلَّا أثر خمسين سَوْطًا لَا غير وَلَكِن يحْتَاج أَن ينَام على ظَهره على بَارِية وأدوس صَدره فجزع الْفضل من ذَلِك ثمَّ أجَاب إِلَيْهِ فألقه على ظَهره وداسه ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ وجذبه عَن البارية فَتعلق بهَا من لحم ظَهره شَيْء كثير ثمَّ اقبل يعالجه إِلَى أَن نظر يَوْمًا إِلَى ظَهره فَخر المعالج سَاجِدا فَقيل لَهُ مَا بالك قَالَ قد برِئ وَنبت فِي ظَهره لحم حَيّ ثمَّ قَالَ أَلَسْت قد قلت هَذَا قد ضرب خمسين سَوْطًا أما وَالله لَو ضرب ألف سَوط مَا كَانَ أَثَره بأشد من هَذَا وَإِنَّمَا قلت ذَلِك لتقوى نَفسه فيعينني على علاجه
ثمَّ إِن الْفضل اقْترض من بعض أَصْحَابه عشرَة آلَاف دِرْهَم وسيرها إِلَيْهِ فَردهَا عَلَيْهِ فَاعْتقد أَنه استقلها فاقترض عَلَيْهَا عشرَة أطلاف دِرْهَم أُخْرَى وسرها فَأبى أَن يَأْخُذهَا وَقَالَ مَا كنت لآخذ على معالجة رجل من الْكِرَام أُجْرَة وَالله لَو كَانَت عشْرين ألف دِينَار مَا قلتهَا فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْفضل قَالَ وَالله إِن الَّذِي فعله هَذَا أبلغ من الَّذِي فَعَلْنَاهُ فِي جَمِيع أيامنا من المكارم وَكَانَ قد بلغه أَن ذَلِك المعالج فِي شدَّة وضائقة
وَقيل إِن الْفضل مر بِعَمْرو بن جميل وَهُوَ يطعم النَّاس فَقَالَ يَنْبَغِي أَن نعين هَذَا على مروءته فَبعث إِلَيْهِ بِأَلف ألف دِرْهَم وَكَانَت عطاياه من هَذِه النِّسْبَة
وَكَانَ باراً بِأَبِيهِ وَكَانَ يحيى لَا يَسْتَطِيع أَن يشرب المَاء الْبَارِد فِي السجْن وَكَانَ الْفضل يدع آنِية المَاء فِي عبه دَائِما ليسخن المَاء لأجل وَالِده
وَلما نقل الْفضل بعد وَفَاة أَبِيه يحيى من محبس إِلَى محبس وجد فِي ثني مُصَلَّاهُ رقْعَة فِيهَا مَكْتُوب)
(إِن العزاء على مَا فَاتَ صَاحبه ... فِي راحةٍ من عناء النَّفس والتعب)(24/54)
(وَالصَّبْر خير معينٍ يستعان بِهِ ... على الزَّمَان وَمن فِيهِ لم يصب)
(لَو لم تكن هَذِه الدُّنْيَا لَهَا دَرك ... من الْبَريَّة بالآفات والعطب)
(إِذن صفت لأناسٍ قبلنَا وبهم ... كَانَت تلِيق ذَوي الأخطار والحسب)
(وَلم تنلنا وَفِيمَا قد ذكرت أسى ... وعبرةٌ لِذَوي الْأَلْبَاب وَالْأَدب)
(ألستم مثل من قد كَانَ قبلكُمْ ... فارضوا وَإِن أسخطتكم نوبَة الْعقب)
(وَالله مَا أسفي إِلَّا لواحدةٍ ... أَن لَا أكون تقدّمت الْمنون أبي)
(فَكَانَ يُؤجر فِي ثكلي وينفعني ... دعاؤه وَدُعَاء الْوَالِد الحدب)
فَسئلَ السجان عَنْهَا فَقَالَ قَالَهَا البارحة لما أَتَيْته بِالْمِصْبَاحِ
وَلما مَاتَ الْفضل بن يحيى رحمهمَا الله تَعَالَى تضاغط النَّاس وازدحموا فِي جنَازَته وَدفن إِلَى جَانب قبر أَبِيه وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء
(لَيْسَ نبكيكم لكم يَا بني بر ... مك أَن زَالَ ملككم فتقضى)
(بل نبكيكم لنا ولأنا ... لم نر الْخَيْر بعدكم حلّ أَرضًا)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْعلوِي الْحَاجِب)
الْفضل بن يحيى بن عبد الله بن جَعْفَر بن زيد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي جَعْفَر ابْن أبي عَليّ الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْبَغْدَادِيّ ولد بحلب وَنَشَأ بالموصل وَقدم بَغْدَاد واستوطنها وصاهر بَيت المعمر النُّقَبَاء
وَكَانَ صَدرا نبيلاً وقوراً أديباً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً تولى حجابة بَاب النوبي سنة أَربع وسِتمِائَة وَعَاد إِلَى الكرخ وَلزِمَ منزله إِلَى حِين وَفَاته سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (الرخامي)
الْفضل بن يَعْقُوب الْبَغْدَادِيّ الرخامي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَابْن ماجة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة حَافظ توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْجَزرِي)
الْفضل بن يَعْقُوب الْجَزرِي)
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَتُوفِّي بعد الْخمسين والمائتين(24/55)
3 - (قَائِد الْعَزِيز)
فضل الْقَائِد الْمصْرِيّ كَانَ من أكبر قواد الْعَزِيز قربه الْحَاكِم وَأَدْنَاهُ ثمَّ إِنَّه نقم عَلَيْهِ وَضرب عُنُقه سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة وَإِلَيْهِ تنْسب منية الْقَائِد
3 - (جَارِيَة المتَوَكل)
فضل جَارِيَة المتَوَكل الشاعرة كَانَت من مولدات الْيَمَامَة لم يكن فِي زمانها امْرَأَة أفْصح مِنْهَا وَلَا أشعر أدبها رجل من عبد الْقَيْس
توفيت فِي حُدُود السِّتين والمائتين قَالَ لَهَا يَوْمًا عَليّ بن الجهم
(لَاذَ بهَا يشتكي إِلَيْهَا ... فَلم يجد عِنْدهَا ملاذا)
فَقَالَ لَهَا المتَوَكل أجيزي فَقَالَت
(وَلم يزل ضارعاً إِلَيْهَا ... تهطل أجفانه رذاذا)
(فعاتبوه فَزَاد عشقاً ... فَمَاتَ وجدا فَكَانَ مَاذَا)
وَقَالَ ابْن المعتز كَانَت تهاجي الشُّعَرَاء ويجتمع عِنْدهَا الأدباء
وَلها فِي الْخُلَفَاء وَسَائِر الْمُلُوك مدائح كَثِيرَة وَكَانَت تتشيع وتتعصب لأهل مذهبها وتقضي حوائجهم بجاهها عِنْد الْمُلُوك والأشراف
وعشقت سعيد بن حميد الْكَاتِب وَكَانَ من أَشد النَّاس نصبا وانحرافاً عَن آل الْبَيْت رَضِي الله عَنْهُم وَكَانَت فضل نِهَايَة فِي التَّشَيُّع فَلَمَّا هويت سعيداً انقلبت إِلَى مذْهبه وَلم تزل على ذَلِك إِلَى أَن توفيت وَمن قَوْلهَا فِيهِ
(يَا حسن الْوَجْه سيء الْأَدَب ... شبت وَأَنت الْغُلَام فِي الْأَدَب)
وَيحك إِن القيان كالشرك الْمَنْصُوب بَين الْغرُور وَالْكذب
(بَينا تشكى إِلَيْك غذ خرجت ... من لحظات الشكوى إِلَى الطّلب)
(فلحظ هَذَا ولحظ ذَاك وَذَا ... لحظ محب بِعَين مكتسب)
قَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنِي جَعْفَر بن قدامَة حَدثنِي سعيد بن حميد قَالَ قلت لفضل الشاعرة أجيزي)
من لمحب أحب فِي صغره فَقَالَت غير متوقفة فَصَارَ أحدوثةً على كبره(24/56)
فَقلت من نظر شفه وأرقه فَقَالَت وَكَانَ مبدا هَوَاهُ من نظره
ثمَّ شغلت هنيهة وَقَالَت
(لَوْلَا الْأَمَانِي لمات من كمدٍ ... مر اللَّيَالِي يزِيد فِي فكره)
(لَيْسَ لَهُ مسعدٌ يساعده ... بِاللَّيْلِ فِي طوله وَفِي قصره)
وَمن شعرهَا قد بدا شبهك يَا مولَايَ يَحْدُو بالظلام فانتبه نقض لبانات اعتناق والتثام قبل أَن تفضحنا عودة أَرْوَاح النيام وَألقى عَلَيْهَا يَوْمًا أَبُو دالف الْعجلِيّ
(قَالُوا عشقت صَغِيرَة فأجبتهم ... أشهى الْمطِي إِلَيّ مَا لم يركب)
(كم بَين حَبَّة لؤلؤٍ مثقوبة ... من بَين حَبَّة لؤلؤٍ لم تثقب)
فَقَالَت تجيبه
(إِن المطية لَا يلذ ركُوبهَا ... مَا لم تذلل بالزمام وتركب)
(وَالْحب لَيْسَ بنافعٍ أربابه ... مَا لم يؤلف بالنظام ويثقب)
وَقَالَ عَليّ بن الجهم كنت يَوْمًا عِنْد الْفضل فلحظتها لَحْظَة استرابت بهَا فَقَالَت بديهةً مسرعةً وَلم تتَوَقَّف
(يَا رب رام حسنٍ تعرضه ... يَرْمِي وَلَا يشْعر أَنى غَرَضه)
فَقلت مجيباً لَهَا
(أَي فَتى لحظك لَيْسَ يمرضه ... وَأي عقدٍ محكمٍ لَا ينْقضه)
فَضَحكت وَقَالَت خُذ فِي غير هَذَا
وبوم أهديت إِلَى المتَوَكل قَالَ لَهَا أشاعرة أَنْت قَالَت كَذَا يزْعم من بَاعَنِي واشتراني فَضَحِك)
وَقَالَ أنشدينا شَيْئا من شعرك فَأَنْشَدته
(اسْتقْبل الْملك إِمَام الْهدى ... عَام ثلاثٍ وثلاثينا)
(خلَافَة أفضت إِلَى جعفرٍ ... وَهُوَ ابْن سبعٍ بعد عشرينا)(24/57)
(إِنَّا لنَرْجُو يَا إِمَام الْهدى ... أَن تملك الدُّنْيَا ثمانينا)
(لَا قدس الله امْرَءًا لم يقل ... عِنْد دعائي لَك آمينا)
فَاسْتحْسن الأبيات وَأمر لَهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَم
3 - (وَزِير بَغْدَاد)
أَبُو الْفضل عماد الدّين الْقزْوِينِي الْوَزير الْكَبِير صَاحب الدِّيوَان بِبَغْدَاد ولي الْعرَاق لهولاكو بعد ابْن العلقمي فَكَانَ ظَالِما فَقتل سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة بِسيف الْمغل وَولي بعده الصاحب عَلَاء الدّين صَاحب الدِّيوَان
3 - (رَأس الحدثية)
فضل الحدثي المعتزلي رتب الطَّائِفَة الحدثية من الْمُعْتَزلَة مَذْهَبهم كمذهب الحائطية إِلَّا أَنهم زادوا عَلَيْهِ بالْقَوْل بالتناسخ وَأَن الْحَيَوَان جنس وَاحِد متحمل للتكليف وكل حَيَوَان مُكَلّف
وَهَؤُلَاء كفار لاعتقاد التناسخ وَقد تقدم ذكر الحائطية فِي حرف أَحْمد بن حَائِط فِي الأحمدين
3 - (الْوَزير رشيد الدولة)
فضل الله ابْن أبي الْخَيْر بن عالي هُوَ رشيد الدولة فَخر الوزراء مشير الدول الهمذاني الطَّبِيب الْعَطَّار وَالِده تشتغل بالطب وعلوم الْأَوَائِل وَأسلم وَمَات أَبوهُ على دين الْيَهُود واتصل هُوَ بغازان وخربندا وَعظم شَأْنه جدا وَكَثُرت أَمْوَاله وَصَارَ فِي رُتْبَة الْمُلُوك
وَلما طبب خربندا وَهلك شغب عَلَيْهِ الوزراء عَليّ شاه فدارى عَن نَفسه بقناطير من الذَّهَب والجواهر فَيُقَال إِن جوبان أَخذ مِنْهُ ألف ألف مِثْقَال ثمَّ قَتَلُوهُ وَقتلُوا ابْنه قبله سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وَكَانَ فِيهِ حلم وتواضع وسخاء وبذل للْعُلَمَاء والصلحاء وَكَانَ لهر أَي ودهاء ومروءة وَفسّر الْقُرْآن وَأدْخل الفلسفة فِيهِ وَيُقَال إِنَّه كَانَ جيد الْإِسْلَام عَاشَ بضعاً وَسبعين سنة ثمَّ وزر وَلَده مُحَمَّد بعد ذَلِك بسنوات وَتمكن وَصَارَ هُوَ الْكل)
وَلما قَتَلُوهُ فصلت أعضاؤه وَبعث كل عُضْو إِلَى بلد وأحرقت جثته وَخلف عدَّة بَنِينَ وَبَنَات
وَله تصانيف وعمائر فاخرة وأموال لَا تَنْحَصِر وأحرقت تواليفه بعده
ابْن فضلان القَاضِي الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن يحيى تقدم ذكره فِي المحمدين ووالده يحيى بن عَليّ بن الْفضل
ابْن الْفضل الْقطَّان الشَّاعِر اسْمه هبة الله بن الْفضل(24/58)
3 - (الفضيل)
3 - (الرقاشِي العابد)
الفضيل بن زيد الرقاشِي أحد زهاد الْبَصْرَة وعبدها لَهُ ذكر وَهُوَ أحد التَّابِعين توفّي سنة خمس وَتِسْعين
3 - (ابْن غَزوَان الْكُوفِي)
فُضَيْل بن غَزوَان بن جرير الْكُوفِي وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمسين وَمِائَة أَو مَا قبلهَا
3 - (النميري الْبَصْرِيّ)
فُضَيْل بن سُلَيْمَان النميري قَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِثِقَة رَوَاهُ عَبَّاس الدوري عَنهُ وَقَالَ أَبُو زرْعَة لين وَقَالَ النَّسَائِيّ بَصرِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَقيل إِن وَفَاته سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الإِمَام الْمَشْهُور فُضَيْل الزَّاهِد)
فُضَيْل بن عِيَاض بن مَسْعُود الْأُسْتَاذ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام أَبُو عَليّ التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْمروزِي الزَّاهِد روى عَن مَنْصُور وَبَيَان بن بشر وَأَبَان بن أبي عَيَّاش وحصين بن عبد الرَّحْمَن وَيزِيد بن أبي زِيَاد وَعَطَاء بن السَّائِب وَعبيد الله بن عمر وَهِشَام بن حسان وَصَفوَان بن سليم وَأبي هرون الْعَبْدي وَالْأَعْمَش
كَانَ أَولا شاطراً يقطع الطَّرِيق بَين أبيورد وسرخس وَكَانَ سَبَب تَوْبَته أَنه عشق جَارِيَة فَبينا هُوَ يرتقي الجدران إِلَيْهَا سمع رجلا يَتْلُو ألم يَئِن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله وَمَا)
نزل من الْحق فَقَالَ يَا رب قد آن فَتَابَ وَرجع وجاور الْحرم إِلَى أَن مَاتَ فِي حُدُود التسعين وَمِائَة
قَالَ ابْن عيننة وَالْعجلِي وَغَيره ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَقيل وَفَاته يَوْم عَاشُورَاء سنة(24/59)
سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ دمشق وَفِي الْحِلْية وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
يحْكى أَن الرشيد قَالَ لَهُ يَوْمًا مَا أزهدك فَقَالَ لَهُ أَنْت أزهد مني فَقَالَ وَكَيف ذَلِك قَالَ لِأَنِّي زهدت فِي الدُّنْيَا وَأَنت زهدت فِي الْآخِرَة وَالدُّنْيَا فانية وَالْآخِرَة بَاقِيَة
وَقيل إِنَّه قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه فِي رجل فِي كمه ثَمَر وَيقْعد على رَأس الكنيف فيطرحه فِيهِ ثَمَرَة ثَمَرَة قَالُوا هُوَ مَجْنُون قَالَ وَالَّذِي يطرحه فِي بَطْنه حَتَّى يحشوه أجن مِنْهُ فَإِن هَذَا الكنيف يمْلَأ من هَذَا الكنيف
وَمن كَلَامه إِذا أحب الله عبدا أَكثر غمه وَإِذا أبْغض عبدا وسع عَلَيْهِ دُنْيَاهُ
وَقَالَ لَو أَن الدُّنْيَا بحذافيرها عرضت عَليّ لَا أحاسب عَلَيْهَا لَكُنْت أتقذرها كَمَا يتقذر أحدكُم من الجيفة يمر بهَا أَن تصيب ثَوْبه
وَقَالَ ترك الْعَمَل لأجل النَّاس هُوَ الرِّيَاء وَالْعَمَل لأجل النَّاس هُوَ الشّرك
وَقَالَ إِنِّي لأعصي الله فأعرف ذَلِك من خلق غلامي وَقَالَ لَو كَانَت لي دَعْوَة مجابة لم أجعلها إِلَّا فِي إِمَام لِأَنَّهُ إِذا صلح الإِمَام أَمن الْعباد
وَقَالَ لِأَن يلاطف الرجل أهل مجليه وَيحسن خلقه مَعَهم خير لَهُ من قيام ليله وَصِيَام نَهَاره
وَقَالَ أَبُو عَليّ الرَّازِيّ صَحِبت الفضيل ثَلَاثِينَ سنة فَمَا رَأَيْته ضَاحِكا وَلَا مُبْتَسِمًا إِلَّا يَوْم مَاتَ ابْنه فَقلت لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن الله أحب لي أمرا فَأَحْبَبْت ذَلِك الْأَمر
وَكَانَ وَلَده الْمَذْكُور شَابًّا سرياً من كبار الصَّالِحين وَهُوَ مَعْدُود فِي جملَة من قتلته محبَّة الْبَارِي تَعَالَى وَقَالَ ابْن خلكان وهم مذكورون جمَاعَة فِي جُزْء سمعناه قَدِيما وَلَا أذكر الْآن من مُؤَلفه
وَكَانَ عبد الله بن الْمُبَارك يَقُول إِذا مَاتَ الفضيل ارْتَفع الْحزن من الدُّنْيَا
3 - (أَبُو كَامِل الجحدري)
فُضَيْل بن الْحُسَيْن بن طَلْحَة أَبُو كَامِل الجحدري)
روى عَنهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا وروى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة وَكَانَ ثِقَة مَشْهُورا وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الفضيل الْهَرَوِيّ)
الفضيل بن مُحَمَّد بن أبي الْحُسَيْن أَبُو عَاصِم ابْن الشَّهِيد الْحَافِظ أبي الْفضل الْهَرَوِيّ الْفَقِيه وَإِلَيْهِ ينْسب الفضليون بهراة
كَانَ فِيهَا حاذقاً توفّي سنة(24/60)
أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (الجرفي الصَّالح)
فُضَيْل بن عَرَبِيّ بن مَعْرُوف بن كلاب الجرفي قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي مطوع مبارك حكى عَنهُ الْجَمَاعَة مكاشفات قَالَ لي بعض الجرفية إِنِّي زرعت أَنا وَهُوَ مقثأة فَظهر فِيهَا بطيخة كَبِيرَة فَصَارَ بعض الفلاحين يَشْتَهِي أَن يسرقها ويخشى من الْفَقِير فقطعها الشَّيْخ فُضَيْل وَدفعهَا إِلَيْهِ وَقَالَ خُذْهَا حَلَالا
قَالَ وَحكى لي نَفِيس الخولي وَقد أسلم وَحسن إِسْلَامه قَالَ رَأَيْت ثعباناً كَبِيرا فِي النّوم وقصدني ثمَّ صَار إنْسَانا وَقَالَ لي تب عَن الْقَضِيَّة الْفُلَانِيَّة فَوَقع فِي نَفسِي أَنه فُضَيْل فَلَمَّا وصلنا إِلَى الجرف قلت يَا شيخ فُضَيْل أَنا من قبيل أَن تعامليني بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة فَقَالَ مَا هِيَ الْقَضِيَّة الْفُلَانِيَّة نعم أَنا هُوَ
وَحكى لي بعض الجرفية أَنه كَانَ يَوْمًا بأدفو يَوْم أحد ركبُوا إِلَى أَن وصل إِلَى قلاوة الكوم وَهِي أَرض كشف فَوقف فِي مَكَان وحوق حواقة وَقَالَ ادفنوني هُنَا ثمَّ توجه إِلَى بَيته فَأَقَامَ ثَلَاثَة أَيَّام أَو نَحْوهَا وَتُوفِّي ودفناه بِتِلْكَ الْبقْعَة وَبَينهَا وَبَين مَسْكَنه مَسَافَة طَوِيلَة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة والجرف قَرْيَة من نواحي أدفو
(فطر)
3 - (أَبُو بكر الْخياط الْكُوفِي)
فطر بن خَليفَة أَبُو بكر الْكُوفِي الْخياط مولى عمر بن حُرَيْث وَثَّقَهُ أَحْمد وَقَالَ ابو حَاتِم صَالح الحَدِيث وَقَالَ الْعجلِيّ ثِقَة حسن الحَدِيث فِيهِ تشيع قَلِيل
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ ابْن شُعْبَة ثِقَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ لَا يتْرك أحدا يكْتب عَنهُ لَهُ سنّ ولقاء وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَالْبُخَارِيّ مَقْرُونا
ابْن فطيس الْوراق أَحْمد بن مُحَمَّد
فَقير الأسواني فَقير بن مُوسَى بن فَقير بن عِيسَى بن عبد الله أَبُو الْحسن(24/61)
الأسواني ذكره ابْن يُونُس وَقَالَ رَأَيْته وَقدم علينا الْفسْطَاط روى عَن أبي حنيفَة قحزم بن عبد الله الأسواني صَاحب الشَّافِعِي وروى عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي مَرْيَم وَلم يكن بِهِ بَأْس كَانَت كتبه جياداً
وَذكر أَنه توفّي بأنصنا سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة
(الألقاب)
ابْن الفقاعي اسْمه أَحْمد بن الْعَبَّاس
ابْن الفقاعي أَيُّوب بن عمر
ابْن الفكاه الشَّاعِر المغربي هُوَ عبد الْخَالِق بن إِبْرَاهِيم
الفكيك عِيسَى بن عبد الْعَزِيز
الفلكي ركن الدّين اسْمه منكورس
الْفلك المسيري الْوَزير اسْمه عبد الرَّحْمَن بن هبة الله
الفلكي شيخ السميساطية اسْمه سعيد بن سهل
الفلكي صَاحب الدَّار وَالْحمام بِدِمَشْق اسْمه عَبْدَانِ
الفلكي الحاسب أَحْمد بن الْحسن
الفلاس الْحَافِظ أَبُو حَفْص هُوَ عَمْرو بن عَليّ بن بَحر ابْن الفلاس مُصَنف ابْن الفلاس)
مُصَنف كتاب سبل الْخيرَات يحيى بن نجاح
ابْن فلوس المارديني إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم
(فليح)
3 - (أَبُو يحيى الْمدنِي)
فليح بن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة الْمدنِي أَبُو يحيى مولى آل زيد بن الْخطاب يُقَال إِن اسْمه عبد الْملك ولقبه فليح روى عَن نعيم المجمر وَنَافِع مولى ابْن عمر وَالزهْرِيّ وعباس بن سهل بن سعد وَعَبدَة بن أبي لبَابَة وَسَعِيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ وَجَمَاعَة
وَعنهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَشُرَيْح بن النُّعْمَان وَيحيى الوحاظي وَأَبُو الرّبيع الزهْرَانِي(24/62)
وَسَعِيد بن مَنْصُور وَمُحَمّد بن جَعْفَر الْوَركَانِي وَخلق مِنْهُم ابْنه مُحَمَّد
قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِقَوي وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَا يحْتَج بِهِ
توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (فليح الْمُغنِي)
فليح بن العوراء كَانَ رجلا من أهل مَكَّة مولى لبني مَخْزُوم أحد من غنى للدولة العباسية قَالَ الْفضل بن الرّبيع إِن الْمهْدي كَانَ يسمع المغنين جَمِيعًا ويحضرون مَجْلِسه ويغنونه من وَرَاء الستارة لَا يرَوْنَ وَجهه إِلَّا فليح بن العوراء فَإِن عبد الله بن مُصعب الزبيرِي كَانَ يرويهِ شعره يُغني فِيهِ مدائح الْمهْدي فَدس فِي أضعافهما بَيْتَيْنِ يسْأَله فيهمَا أَن ينادمه وَسَأَلَ فليحاً أَن يغنيهما وهما يَا أَمِين الْإِلَه فِي الشرق والغرب على الْخلق وَابْن عَم الرَّسُول مَجْلِسا بالْعَشي عنْدك فِي الميدان وَالْإِذْن ثمَّ لي فِي الْوُصُول فغناه فليح إيَّاهُمَا فَقَالَ الْمهْدي يَا فضل أجب عبد الله إِلَى مَا سَأَلَ وأحضره مجلسي إِذا حضر أَهلِي وموالي وزده على ذَلِك أَن ترفع بيني وَبَين رَاوِيه فليح الستارة فَكَانَ فليح أول مغن عاين وَجه الْخَلِيفَة فِي مَجْلِسه
قَالَ زِيَادَة بن أبي الْخطاب دَعَاني مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ وَقَالَ لي قد قدم فليح فَإِن)
جَاءَنِي قبل أَن يدْخل إِلَى الرشيد خلعت عَلَيْهِ خلعة من قماشي ووهبته خَمْسَة آلَاف دِرْهَم فعرفته ذَاك فَدخل إِلَى حمام كَانَ بِقُرْبِهِ وَأعْطى الْقيم دِرْهَمَيْنِ وَسَأَلَهُ أَن يَجِيئهُ بِشَيْء يَأْكُلهُ ونبيذ يشربه فَجَاءَهُ بِرَأْس عجل ونبيذ دوشابي غليظ رَدِيء فآليت عَلَيْهِ أَن لَا يَأْكُل وَلَا يشرب إِلَّا عِنْد مُحَمَّد فَأبى وَأكل وَشرب فَلَمَّا طابت نَفسه غنى وغنى الْقيم مَعَه ثمَّ إِنَّه خَاطب الْقيم بِمَا أغضبهُ وتواثبا فَضَربهُ الْقيم فشج رَأسه وَجرى دَمه ثمَّ إِنَّه عالج جرحه بصوفة محرقة وتعمم وَقَامَ فَدخل دَار مُحَمَّد بن سُلَيْمَان فَرَأى تِلْكَ الْفرش والآلة والنبيذ وآلته ومدت الستائر وغنى الْجَوَارِي فَأقبل عَليّ وَقَالَ سَأَلتك بِاللَّه أَيّمَا أَحَق بالعربدة مجْلِس الْقيم أَو مجْلِس الْأَمِير فَقلت لَا بُد من عربدة فَقَالَ لَا وَالله مَا لي فِيهَا من بُد فأخرجتها من رَأْسِي هُنَاكَ فَقلت أما على هَذَا الشَّرْط فَهَذَا أَجود
فسألن مُحَمَّد عَمَّا نَحن(24/63)
فِيهِ فَأَخْبَرته فَقَالَ وَالله هَذَا الحَدِيث أطيب من كل غناء وخلع عَلَيْهِ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم
(فناخسرو)
3 - (عضد الدولة بن بويه)
فناخسرو بن الْحسن بن بويه بن فناخسرو بن تَمام مخففاً ابْن كوهي بن شيرزيل الْأَصْغَر بن شيركدة بن شيرزيل الْأَكْبَر بن شيران شاه بن شيرفنه بن سستان شاه بن سسن فرو بن شروزيل ابْن سسناذ بن بهْرَام جور الْملك بن يزدجرد الْملك بن هُرْمُز الْملك كرمانشاه بن سَابُور الملمك بن سَابُور ذِي الأكتاف بن هُرْمُز الْملك بن نرسي الْملك بن بهْرَام الْملك بن بهْرَام الْملك بن هُرْمُز الْملك بن سَابُور الْملك بن أردشير الْملك الْجَامِع بن بابك بن ساسان الْأَصْغَر بن بابك بن ساسان الْأَكْبَر أَبُو شُجَاع ابْن أبي عَليّ ابْن أبي شُجَاع الملقب بعضد الدولة ابْن ركن الدولة كَانَ كَامِل الْعقل غزير الْفضل حسن السياسة شَدِيد الهيبة بعيد الهمة ذَا رَأْي ثاقب وتدبير صائب محباً للفضائل تاركاًُ للرذائل باذلاً فِي أَمَاكِن الْعَطاء حَتَّى لَا يُوجد بعده ممسكاً فِي أَمَاكِن الحزم حَتَّى كَأَن لَا جود عِنْده يستصغر الْأُمُور الْكِبَار ويستهون الْعَظِيم من الأخطار
وَكَانَ محباً للْعلم مشتغلاً بِهِ مقرباً لأَهله كثير المجالسة لَهُم مبالغاً فِي تعظيمهم
وَكَانَت لَهُ يَد فِي الْأَدَب متمكنة وَيَقُول الشّعْر الْجيد)
وَكَانَ أَبوهُ قد قدمه على اخوته وولاه ملك فَارس ورتب مَعَه أَبَا الْفضل ابْن العميد الْكَاتِب الْمَشْهُور فهذبه وأدبه
لما مرض عَمه عماد الدولة بِفَارِس أَتَاهُ أَخُوهُ ركن الدولة واتفقا على تَسْلِيم مملكة فَارس إِلَى أبي شُجَاع الْمَذْكُور فتسلمها بعد عَمه الْأَكْبَر عماد الدولة أبي الْحسن وَابْن عَمه بختيار بن معز الدولة
وَهَؤُلَاء كلهم مَعَ جلالتهم وَعظم شَأْنهمْ لم يبلغ أحد مِنْهُم مَا بلغه عضد الدولة من سَعَة المملكة والاستيلاء على الْمُلُوك وممالكهم فَإِنَّهُ جمع بَين مملكة الْمَذْكُورين وَضم إِلَى ذَلِك الْموصل وبلاد الجزيرة ودانت لَهُ الْبِلَاد والعباد
وَهُوَ أول من خُوطِبَ فِي الْإِسْلَام بِالْملكِ شاهنشاه وَأول من خطب لَهُ على المنابر بِبَغْدَاد بعد الْخَلِيفَة
وَكَانَ من جملَة ألقابه تَاج الْملَّة وَلما صنف ابو إِسْحَاق الصَّابِئ كتاب التاجي فِي أَخْبَار بني بويه أَضَافَهُ إِلَى هَذَا اللقب
وَوجدت لَهُ تذكرة فِيهَا مَكْتُوب إِذا فَرغْنَا من حل كتاب إقليدس كُله نتصدق بِعشْرين ألف دِرْهَم وَإِذا فَرغْنَا من كتاب أبي عَليّ النَّحْوِيّ نتصدق بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وكل ابْن(24/64)
يُولد لنا نتصدق بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَإِن كَانَ من فُلَانَة فبخمسين ألف دِرْهَم
وَكَانَ يدْخلهُ فِي كل سنة ثَلَاثمِائَة ألف ألف وَعشْرين ألف ألف فَقَالَ أُرِيد أَن أبلغ بهَا ثَلَاثمِائَة ألف ألف وَسِتِّينَ ألف ألف ليَكُون دَخَلنَا كل يَوْم ألف ألف دِرْهَم
وَله صنف ابو عَليّ الْفَارِسِي كتاب الْإِيضَاح والتكملة فِي النَّحْو وقصده الشُّعَرَاء ومدحوه مِنْهُم أَبُو الطّيب المتنبي ورد عَلَيْهِ بشيراز فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة وَفِيه يَقُول من جملَة القصيدة الهائية
(وَقد رَأَيْت الْمُلُوك قاطبةً ... وسرت حَتَّى رَأَيْت مَوْلَاهَا)
(وَمن مناياهم براحته ... يأمرها فيهم وينهاها)
(أَبَا شجاعٍ بفارسٍ عضد ... الدولة فناخسرو شهنشاها)
(أسمياً لم تزِدْه معرفَة ... وَإِنَّمَا لَذَّة ذَكرنَاهَا)
وَفِيه يَقُول من جملَة القصيدة النونية)
(يَقُول بشعب بوانٍ حصاني ... أعن هَذَا يسَار إِلَى الطعان)
(أبوكم آدمٌ سنّ الْمعاصِي ... وعلمكم مُفَارقَة الْجنان)
(فَقلت إِذا رَأَيْت أَبَا شجاعٍ ... سلوت عَن الْعباد وَذَا الْمَكَان)
(فَإِن النَّاس وَالدُّنْيَا طريقٌ ... إِلَى من مَا لَهُ فِي الْخلق ثَان)
وَفِيه يَقُول القصيدة الكافية الَّتِي مِنْهَا
(أروح وَقد ختمت على فُؤَادِي ... وقلبي أَن يحل بِهِ سواكا)
(وَقد حَملتنِي شكرا طَويلا ... ثقيلاً لآ أُطِيق بِهِ حراكا)
وَمِمَّنْ مدحه أَيْضا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله السلَامِي بقصيدة مِنْهَا
(إِلَيْك طوى عرض البسيطة جاعلٌ ... قصارى المطايا أَن يلوح لَهَا الْقصر)
(فَكنت وعزمي فِي الظلام وصارمي ... ثَلَاثَة أشباهٍ كمات اجْتمع النسْر)
(وبشرت آمالي بملكٍ هُوَ الورى ... ودارٍ هِيَ الدُّنْيَا ويومٍ هُوَ الدَّهْر)(24/65)
وَأخذ الأرجاني هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ
(يَا سائلي عَنهُ لما جِئْت أمدحه ... هَذَا هُوَ الرجل العاري من الْعَار)
(كم من شنوفٍ لطافٍ من محاسنه ... علقن مِنْهُ على آذان سمار)
(لَقيته فَرَأَيْت النَّاس فِي رجلٍ ... والدهر فِي ساعةٍ وَالْأَرْض فِي دَار)
وَمثل هَذَا قَول أبي الطي بالمتنبي
(هِيَ الْغَرَض الْأَقْصَى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدُّنْيَا وَأَنت الْخَلَائق)
وَمن شعر عضد الدولة
(وفاؤك لازمٌ مَكْنُون قلبِي ... وحبك غايتي والهم زادي)
(وخالك فِي عذارك فِي اللَّيَالِي ... سوادٌ فِي سوادٍ فِي سَواد)
(فَإِن طاوعتني كَانَت ضيائي ... وَإِن عاصيت كَانَت من حدادي)
وَمِنْه
(طربت إِلَى الصبوح مَعَ الصَّباح ... وَشرب الكاس وَالْغرر الملاح)
(وَكَانَ الثَّلج كالكافور نثراً ... ونارٌ عِنْد نارنجٍ وَرَاح)
(فمشروبٌ ومشمومٌ وثلجٌ ... ونار والصبوح مَعَ الصَّباح)
)
(لهيبٌ فِي لهيبٍ فِي لهيبٍ ... وصبحٌ فِي صباحٍ فِي صباح)
وَمِنْه
(أأفاق حِين وطِئت ضيق خناقه ... يَبْغِي الْأمان وَكَانَ يَبْغِي صَارِمًا)
(فلأركبن عَزِيمَة عضديةً ... تاجيةً تدع الْمُلُوك رواغما)
وَمِنْه
(هبني خضبت مشيبي ... تسرتاً من حَبِيبِي)
(فَهَل أروح وأغدو ... إِلَّا بوجهٍ مريب)(24/66)
وَمِنْه فِي الخيري
(يَا طيب رائحةٍ من نفحة الخيري ... إِذا تمزق جِلْبَاب الدياجير)
(كَأَنَّمَا رش بالماورد واغتبقت ... بِهِ دواخن ند عِنْد تبخير)
(كَأَن أوراقه فِي الْقد أجنحةٌ ... حمرٌ وصفر وبيضٌ من دَنَانِير)
وَمِنْه
(لَيْسَ شرب الراح إِلَّا فِي الْمَطَر ... وغناءٌ من جوارٍ فِي السحر)
(غانياتٌ سالباتٌ للنهى ... ناغماتٌ فِي تضاعيف الْوتر)
(مبرزات الكأس من مطْلعهَا ... ساقيات الراح من فاق الْبشر)
(عضد الدولة وَابْن ركنها ... ملك الْأَمْلَاك غلاب الْقدر)
وَلم يفلح من بعد هَذَا الْبَيْت
وَلما احْتضرَ لم ينْطق إِلَّا بِتِلَاوَة مَا أغْنى عني ماليه هلك عني سلطانيه وَيُقَال إِنَّه مَا عَاشَ بعد هَذِه الأبيات إِلَّا قَلِيلا وَتُوفِّي بعلة الصرع يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة بِبَغْدَاد وَدفن بدار الْملك ثمَّ نقل تابوته إِلَى الْكُوفَة وَدفن بمشهد عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وعمره سبع وَأَرْبَعُونَ سنة وَأحد عشر شهرا وَثَلَاثَة أَيَّام
والبيمارستان العضدي بِبَغْدَاد مَنْسُوب إِلَيْهِ أعد لَهُ من الْآلَات مَا يقصر الشَّرْح عَنهُ
وَهُوَ الَّذِي أظهر قبر عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه بِالْكُوفَةِ وَبنى عَلَيْهِ المشهد وعزم عَلَيْهِ أَمْوَالًا عَظِيمَة
وَلما ملك الأهواز وَالْبَصْرَة وواسط توجه إِلَى بَغْدَاد فَاسْتَقْبلهُ النَّاس الْخَاص وَالْعَام وَخرج)
الإِمَام الطائع لتلقيه فِي الطيار واجتمعا فِي دجلة وَدخل بَغْدَاد مجتازاً فِي قصبتها حَتَّى نزل بَاب الشماسية ثمَّ انْتقل إِلَى دَاره لتسْع ليالٍ خلون من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ وَحضر إِلَى دَار الْخلَافَة وخلع الطائع عَلَيْهِ خلع المملكة وسوره وطوقه وعهد إِلَيْهِ وَقُرِئَ الْعَهْد بِحَضْرَة الْخَلِيفَة وعقدت لَهُ الألوية وألبس التَّاج المرصع بالجواهر الثمينة وَعَاد إِلَى دَاره وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَكَانَ شِيعِيًّا وَله بَغْدَاد آثَار حَسَنَة
وَكَانَ فَاضلا نحوياً لَهُ مُشَاركَة فِي عدَّة فنون
ويحكى أَن عضد الدولة كَانَ قد أَمر أَبَا عَليّ النديم بملازمته وأفرد لَهُ دَارا عِنْده فَقَالَ أَبُو عَليّ إِنِّي مَا أقدر على الْإِقَامَة لِأَنِّي كثير الْأكل فَأمر حَاجِبه أَن يرتب لَهُ فِي كل يَوْم(24/67)
مائدتين من طَعَام أول النَّهَار وَآخره وألزمه أَن يحفظ من شعره ليغنيه
فاتفق أَن أَتَوْهُ يَوْمًا بِطَعَام فِيهِ جدي بَات وتغيرت رَائِحَته فَلم يطب لَهُ أكله فَمر بِهِ صديق فَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك قَالَ كَيفَ حَال من يَأْكُل من هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الطَّعَام ويحفظ كمن هَذَا وَأَشَارَ إِلَى شعر عضد الدولة فَنقل صَاحب الْخَبَر ذَلِك إِلَى عضد الدولة فَأمر بِضَرْب أبي عَليّ النديم عشْرين سَوْطًا فَلَمَّا ضرب قَامَ ونفض ثِيَابه وَقَالَ أَكثر الله خَيركُمْ فَبلغ ذَلِك عضد الدولة فَأمر بضربه مائَة سَوط عدلية والعدلية أَن يضْرب زِيَادَة على الْمِائَة عشْرين لِئَلَّا يكون مِنْهَا شَيْء غير مؤلم فَتكون تِلْكَ الْعشْرُونَ معدلة فَفعل لَهُ ذَلِك فَقَامَ بعد فَرَاغه من الضَّرْب وَقَالَ مَا عَسى أَن أَقُول فِيكُم يَا بني بويه صَلَاتكُمْ الْمِائَة سَبْعُونَ وعقوبتكم الْمِائَة الْمِائَة وَعِشْرُونَ فَرفع ذَلِك إِلَى عضد الدولة فَقَالَ دَعوه فَلْيقل مَا شَاءَ فَمَا يسْتَحق الْقَتْل فَلَا تعلموني بِمَا يصدر عَنهُ
(فنج)
3 - (فنج الْفَارِسِي)
فنج بِالْفَاءِ وَالنُّون وَالْجِيم بن درج
قَالَ ابْن عبد الْبر روى عَنهُ وهب بن مُنَبّه فِي إِدْرَاكه نظر وَالَّذِي عِنْده أَنه لَا يَصح لَهُ ذكر فِي الصَّحَابَة وَحَدِيثه مُرْسل وَرِوَايَته عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن يعلى بن أُميَّة أَيْضا
ذكره قوم بِالتَّاءِ والحاء غير الْمُعْجَمَة وَذكره عبد الْغَنِيّ ابْن سعيد فِي المؤتلف والمختلف فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ فنج بالنُّون وَالْجِيم
قَالَ فنج كمنت أعمل فِي الْمَدِينَة إِذْ عالج فِيهَا فَلَمَّا قدم يعلى وَهُوَ ابْن أَمِين أَمِيرا على الْيمن جَاءَ مَعَه بِرِجَال فَجَاءَنِي رجل مِمَّن قدم مَعَه وَأَنا فِي الزَّرْع أصرف المَاء فِيهِ وَفِي كمه جوز فَجَلَسَ على ساقية وَهُوَ يكسر من ذَلِك الْجَوْز وَيَأْكُل قَالَ ثمَّ أَشَارَ إِلَيّ فَقَالَ يَا فَارسي هَلُمَّ فدنوت مِنْهُ فَقَالَ يَا فنج أتأذن لي فِي غرس من هَذَا الْجَوْز على هَذَا المَاء فَقَالَ لَهُ فنج مَا يَنْفَعنِي ذَلِك فَقَالَ الرجل سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نصب شَجَرَة فَصَبر على حفظهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا حَتَّى تثمر كَانَ لَهُ بلك شَيْء يصاب من ثَمَرهَا صَدَقَة عِنْد الله فَقَالَ لَهُ فنج سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم يَا فنج قا فَأَنا أضمنها لله فغرز جوزة ثمَّ سَار
3 - (أَبُو زيد)
فند هُوَ أَبُو زيد كمولى عَائِشَة بنت سعد بن أبي وَقاص نَشأ بِالْمَدِينَةِ(24/68)
وَكَانَ خليعاً متهتكاً يجمع بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي منزله وَلذَلِك يَقُول فِيهِ ابْن قيس الرقيات
(قل لفندٍ يشيع الأظعانا ... طالما سر عيشنا وكفانا)
(صادراتٍ عَشِيَّة عَن قديدٍ ... وارداتٍ مَعَ الضُّحَى عسفانا)
(زودتنا رقية الأحزانا ... يَوْم جَازَت حمولها السكرانا)
وَقيل فِيهِ قند بِالْقَافِ وَالصَّحِيح الْفَاء وَيضْرب بِهِ الْمثل فِي الإبطاء كَانَت عَائِشَة أَرْسلتهُ ليجيئها بِنَار فَخرج لذَلِك فلقي عيرًا خَارِجَة إِلَى مصر فَخرج مَعَهم فَلَمَّا كَانَ بعد سنة رَجَعَ فَأخذ نَارا وَدخل على عَائِشَة وَهُوَ يعدو فَسقط وَقد قرب مِنْهَا فَقَالَ تعست العجلة وَقَالَ)
شَاعِر
(مَا رَأينَا لعبيدٍ مثلا ... إِذْ بَعَثْنَاهُ يَجِيء بالمشمله)
(غير فندٍ بعثوه قابساً ... فثوى عَاما وَسَب العجله)
وَقَالَ الحريري فِي بعض مقاماته إبطاء فند وصلود زند
3 - (الْأَمِير فيال المنصوري)
كَانَ بِالْقَاهِرَةِ أَمِير عشرَة يسكن بالحسينية وينوب الْأُسْتَاذ دارية ويصحب بن معضاد وَيتَكَلَّم بِشَيْء من كَلَامه ثمَّ نقل إِلَى طرابلس مشداً وأميراً وَبَقِي بهَا مُدَّة ثمَّ تنقل إِلَى دمشق مشداً بامرة ونكب ثمَّ نقل إِلَى حلب ثمَّ إِنَّه قطع خبزه وَقدم دمشق وَكَانَ لَهُ نِيَّة فِي التَّوَجُّه إِلَى مصر فَتوفي فِي دَاره بدرب تليد بِدِمَشْق فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَسبع مائَة
(الألقاب)
ابْن فنجله الْمُقْرِئ الْحسن بن أَحْمد
ابْن أبي الْفُنُون النَّحْوِيّ اسْم نصر بن أبي نصر مُحَمَّد بن المظفر فِي حرف النُّون إِن شَاءَ الله تَعَالَى
ابْن أبي فنن اسْم أَحْمد بن صَالح
(فنون الطَّبِيب)
فنون الطَّبِيب كَانَ مُخْتَصًّا بِخِدْمَة بختيار وَكَانَ مخدومه يُكرمهُ
اتّفق أَن بختيار عرض لَهُ رمد فَقَالَ أُرِيد أَن تبرئني فِي يَوْم وَاحِد فَقَالَ إِذا شِئْت أَن تَبرأ فِي(24/69)
يَوْم وَاحِد فَمر الغلمان أَن يأتمروني كونك فِي هَذَا الْيَوْم فَفعل ذَلِك فَطلب إجانة ملأى عسلاً وغمس يَدي بختيار فِيهَا ثمَّ جعل يداوي عَيْنَيْهِ بالأشياف الْأَبْيَض وَجعل بختيار يُنَادي الغلمان فَلَا يجِيبه أحد وَلم يزل يكحله إِلَى آخر النَّهَار فبرئ
3 - (الْخَادِم الإخشيدي أَمِير دمشق)
فنك الْخَادِم مولى كافور الإخشيدي خرج من مصر بعد موت مَوْلَاهُ إِلَى الرملة فَبَعثه الْحسن بن عبد الله بن طغج أَمِير الرملة أَمِيرا إِلَى دمشق فَدَخلَهَا وَأقَام بهَا فَلَمَّا اتَّصل بِهِ أَن الرّوم أخذُوا حمص يَوْم الْأَضْحَى نَادَى فِي النَّاس النفير إِلَى ثنية الْعقَاب فَخرج الْجَيْش والمطوعة وَغَيرهم فَلَمَّا خلا الْبَلَد انتهز الفرصة ورحل بثقله نَحْو عقبَة دمر وَسَار بخواصه وَطلب نَحْو السَّاحِل فنهبوه وطمعوا فِيهِ وَقتلُوا من تَأَخّر من رِجَاله وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وثلاثمائة
(الألقاب)
ابْن فوران الشَّافِعِي الإِمَام اسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
ابْن الفهاد الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
الفوركي أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن
الفوزي خطاب بن عُثْمَان
ابْن الفوطي المؤرخ كَمَال الدّين عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد
فويك الصَّحَابِيّ فويك بِالْوَاو وَالْيَاء وَالْكَاف قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَيناهُ مبيضتان لَا يبصر بهما شَيْئا فَسَأَلَهُ مَا أَصَابَهُ قَالَ كنت أمرت جملا لي فَوقف على بيض حَيَّة فأصيب بَصرِي فنفث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عَيْنَيْهِ فأبصر فرؤي وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة يدْخل الْخَيط فِي الإبرة وَإِن عَيْنَيْهِ لمبيضتان)
(الألقاب)
ابْن الفويره بدر الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الفويرة زكي الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد(24/70)
ابْن الفويه شمس الدّين الاسكندراني اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْهَرَوِيّ)
فياض بن عَليّ الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم الْهَرَوِيّ أثنى عَلَيْهِ صَاحب الدمية وَقَالَ كتبي إِلَيّ
(يَا سَابِقًا فِي كل فن ... نَفسِي تقيك وَقل مني)
(ديوَان شعرك منيتي ... إِن قيل أسرف فِي التَّمَنِّي)
فأجب إِلَيْهِ بِلَا توان مِنْك فِيهِ وَلَا تأن قَالَ فأجبته عَنْهَا من أَبْيَات
(مَا نُطْفَة من حب مزن ... قد بيتوها جَوف شن)
(وسلافة من قلب دنٍ ... بخروه بقلب دن)
(وتصافح بعد القلى ... تصالح غب التجني)
إِلَّا كشعر صديقي الْفَيَّاض فاشد بِهِ وغن
3 - (الْأَمِير عز الدّين ابْن مهنا)
فياض بن مهنا بن عِيسَى الْأَمِير عز الدّين من أكَابِر أُمَرَاء بني مهنا
لما توفّي أَخُوهُ الْأَمِير أَحْمد بن مهنا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة طلب الْأَمِير فياض إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا ورسم لَهُ بالإمرة وَلم يبْق إِلَّا خُرُوجه فَوقف جمَاعَة من أَشْرَاف العارق وَشَكوا عَلَيْهِ للوزير منجك وللنائب الْأَمِير سيف الدّين بيبغا آروس فألزماه بِأَن يعطيهم مَا أَخذه لَهُم وَكَانَ قد أَخذهم وهم قفل كَبِير فَامْتنعَ وجفا فِي الْكَلَام فشتمه الْوَزير منجك فَقَالَ لَهُ وَأَنت يَا ابْن النَّصْرَانِيَّة تَشْتُم ابْن مهنا فغضبا عَلَيْهِ وحبساه بالإسكندرية ورسم بالإمرة لِأَخِيهِ حيار وَلم يزل بهَا إِلَى أَن أمسك الْوَزير والنائب على مَا مر فِي تَرْجَمَة بيبغا فأفرج الْملك النَّاصِر عَنهُ وَالْتزم أَنه يتَوَجَّه إِلَى الْحجاز ويمسك النَّائِب ويحضره إِلَى الْقَاهِرَة فَقدر الله بِأَن النَّائِب مَا أحْوج إِلَى شَيْء وَلم يتَوَجَّه إِلَى فياض
ورسم لَهُ فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِأَن يكون أَمِير آل مهنا عَن حيار أَخِيه)
وَعظم تَعْظِيمًا كثيرا وَأعْطِي قَرْيَة ريحًا الَّتِي بحلب ملكا وَحضر فِي الْمحرم أَو فِي صفر إِلَى دمشق وَأخذ إنعامه بهَا وَتوجه إِلَى بيوته
ثمَّ إِن رَملَة بن جماز لم يزل يسْعَى إِلَى أَن أَخذ ريحًا مِنْهُ ثمَّ أُعِيدَت الإمرة إِلَى حيار أَخِيه شَرِيكا لسيف بن فضل فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ هُوَ بطالاً إِلَى أَن حضر بيبغاروس إِلَى دمشق فجَاء فياض وَنزل على ضمير وَكَانَ على بيبغاروس
وحيار مَعَ(24/71)
بيبغاروس فرعي لَهُ ذَلِك وَأعْطِي نصف الإمرة شَرِيكا لسيف بن فضل فِي سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة
(فَيْرُوز)
3 - (الصَّحَابِيّ فَيْرُوز الديلمي)
فَيْرُوز الديلمي أَبُو عبد الله وَقيل ابو عبد الرَّحْمَن يُقَال لَهُ الْحِمْيَرِي لنزوله بحمير وَهُوَ من أَبنَاء فَارس من فرس صنعاء
وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن عبد الْبر وَحَدِيثه عَنهُ فِي الْأَشْرِبَة حَدِيث صَحِيح
وَهُوَ قَاتل الْأسود الْعَنسِي الْكذَّاب الَّذِي ادّعى النُّبُوَّة ذكر أَن داذويه وَقيس بن مكشوح وفيروز الديلمي دخلُوا عَلَيْهِ فحطم فَيْرُوز عُنُقه وَقَتله وَقدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَأْس الْأسود وَقيل قتل الْعَنسِي سنة إِحْدَى عشرَة وَالصَّحِيح أَن فَيْرُوز قَتله فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر من السَّمَاء فَخرج ليبشر النَّاس وَقَالَ قتل الْأسود البارحة قَتله رجل مبارك من أهل بَيت مباركين قيل وَمن قَتله قَالَ فَيْرُوز الديلمي
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فِيهِ أَبُو الضَّحَّاك الديلمي قَاتل الْعَنسِي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَأْس الْأسود فَوَجَدَهُ قد توفّي فِيمَا قيل وَمَات فَيْرُوز فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الوداعي)
فَيْرُوز الْهَمدَانِي الوداعي مولى عمر بن عبد الله الوداعي أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَهُوَ جد زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة بن مَيْمُون بن فَيْرُوز الْهَمدَانِي الْكُوفِي
3 - (الثَّقَفِيّ فَيْرُوز)
)
فَيْرُوز الثَّقَفِيّ ذكر ابْن قَانِع فِي مُسْنده عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عبد الْملك بن سعد بن فَيْرُوز عَن أَبِيه أَن وَفد قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا فرأيناه يُصَلِّي وَعَلِيهِ نَعْلَانِ لَهما قبالان فبزق عَن شِمَاله
3 - (قَاتل عمر بن الْخطاب)
فَيْرُوز أَبُو لؤلؤة الديلمي غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة
قَالَ عبد الله بن الزبير عَن أَبِيه قَالَ غَدَوْت مَعَ عمر بن الْخطاب إِلَى السُّوق وَهُوَ متكئ على يَدَيْهِ فَلَقِيَهُ أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَقَالَ أَلا تكلم مولَايَ يضع عني من خراجي(24/72)
قَالَ كم خراجك قَالَ دِينَار قَالَ مَا أرى أَن أفعل إِنَّك لعامل محسن وَمَا هَذَا بِكَثِير ثمَّ قَالَ لَهُ عمر أَلا تعْمل لي رحى قَالَ بلَى فَلَمَّا ولى قَالَ أَبُو لؤلؤة لأعملن لَك رحى يتحدث بهَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب
قَالَ فَوَقع فِي نَفسِي قَوْله فَلَمَّا كَانَ فِي النداء لصَلَاة الصُّبْح خرج عمر للنَّاس يؤذنهم للصَّلَاة قَالَ ابْن الزبير وَأَنا فِي مصلاي وَقد اضْطجع لَهُ عَدو الله أَبُو لؤلؤة فَضَربهُ بالسكين سِتّ طعنات إِحْدَاهُنَّ تَحت سرته وَهِي قتلته فصاح عمر أَيْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالُوا هَا هُوَ ذَا فَأمره يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَاحْتَملُوا عمر ودخلوا بِهِ منزله فَقَالَ لِابْنِهِ عبد الله اخْرُج فَانْظُر من قتلني فَخرج فَقَالَ من قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالُوا أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة فَرجع فَأخْبر عمر فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل قَتْلِي بيد رجل يحاجني بِلَا إِلَه إِلَّا الله
وَقَالَ غَيره وجأه بسكين لَهُ طرفان وَطعن مَعَه اثْنَي عشر رجلا فثقال عمر دونكم الْكَلْب فَإِنَّهُ قد قتلني وماج النَّاس بَعضهم فِي بعض فَرمى عَلَيْهِ رجل من أهل الْعرَاق برنياً ثمَّ برك فَلَمَّا رأى أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يَتَحَرَّك وجأ نَفسه فَقَتلهَا وَكَانَ أَبُو لؤلؤة مجوسياً وَقيل نَصْرَانِيّا أَزْرَق
3 - (جلال الدولة ابْن بويه)
فَيْرُوز جرد هُوَ السُّلْطَان جلال الدولة أَبُو طَاهِر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه صَاحب بَغْدَاد ملكهَا سبع عشرَة سنة وَقَامَ بعده ابْنه الْملك الْعَزِيز أَبُو مَنْصُور وخطب لَهُ ثمَّ ضعف عَن الْأَمر وَكَاتب ابْن عَمه أَبَا كاليجار وَهُوَ بالعراق الْأَعْلَى بِأَنَّهُ ملتج)
إِلَيْهِ ومعتمد عَلَيْهِ وممتثل أمره فشكره أَبُو كاليجار ووعده بِكُل خير
وَكَانَ جلال الدولة شِيعِيًّا جَبَانًا وَعَسْكَره قَلِيلا وَحده كليلاً وأيامه منكدة
توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة بِبَغْدَاد
وَكَانَ حِين وَفَاة وَالِده بِالْبَصْرَةِ فلقبه الْقَادِر بِاللَّه ركن الدّين جلال الدولة وحملت إِلَيْهِ الْخلْع السُّلْطَانِيَّة واللواء وَالْكتاب فِي ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة وَخرج الْقَادِر بِاللَّه يتلقاه فِي الطيار بدجلة
وَكَانَ مَوْصُوفا بالرقة والرأفة والحنو على الكافة وَالْعَفو عِنْد الْمقدرَة وَالْأَخْذ بِالْفَضْلِ على ذَوي الْإِسَاءَة
وَكَانَ محافظاً على الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا يخرج الزَّكَاة وَالصَّدقَات مواصل الصَّلَاة فِي الْمَسَاجِد الجامعة المشهودة والمشاهد الْمَقْصُودَة محباً للصالحين كثير الزِّيَارَة لَهُم(24/73)
3 - (بهاء الدولة)
فَيْرُوز بن فناخسرو أَبُو نصر بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه تقدم ذكر وَالِده عضد الدولة فِي أول هَذَا الْحَرْف وَقيل اسْمه خاشاذ
وَهُوَ الَّذِي قبض على الطائع وَقطع أُذُنه وَفعل بِهِ مَا فعل من نهب دَاره وَإِزَالَة الْخلَافَة عَنهُ
كَانَ ظَالِما غشوماً سفاكاً للدماء وَكَانَ خواصه يهربون من قربه
وَجمع من المَال مَا لم يجمعه أحد وصادر النَّاس وَكَانَ يبخل بالدرهم وَينظر فِيهِ ويستكثره
وَلم يكن فِي بني بويه أظلم مِنْهُ وَلَا أقبح سرة وَكَانَ يصرع فِي دسته ورث ذَلِك عَن أَبِيه
وَتُوفِّي بجرجان بعلة الصرع فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة تتَابع الصرع عَلَيْهِ وتقاربت أدواره
وَكَانَت هَذِه الْعلَّة لَازِمَة لَهُ وَلم يحتم من شرب النَّبِيذ ويستعمله لَيْلًا وَنَهَارًا وَيكثر التَّخْلِيط
وَكَانَت مُدَّة إمارته أَرْبعا وَعشْرين سنة وَتِسْعَة أشهر وأياماً وعمره اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين سنة وَتِسْعَة أشهر وَحمل تابوته إِلَى الْكُوفَة وَدفن عِنْد أَبِيه وَأوصى بِالْملكِ بعده لوَلَده أبي شُجَاع
3 - (الْوراق الموسوس)
الفيرزان الْوراق الموسوس كَانَ أديباً مليح الشّعْر لَهُ حكايات)
ذكره أَبُو بكر ابْن أبي الْأَزْهَر فِي كتاب عقلاء المجانين لَهُ قَالَ كَانَ فِي جوارنا بِبَاب الشَّام فَتى يعرف بالفيرزان وَكَانَ يورق فِي دكان عَلان الشعوبي فقد عقله بعد أَن كَانَ مألفاً لأهب الْأَدَب وظرفاء الشُّعَرَاء
ثمَّ آلت حَاله إِلَى أَن كَانَ يسْلك الْأَسْوَاق والطرقات عُرْيَان مسلوباً وَرُبمَا ثاب إِلَيْهِ عقله فيتوارى
وَمن شعره مضى أمسك وَالْأَيَّام يَتْلُو بَعْضهَا بَعْضًا
(فَمَا كَانَ فقد فَاتَ ... بِمَا أَسخط أَو أرْضى)
(ومتا لم يَأْتِ لم تدر ... أتقضي قبل أَن يقْضى)
فبادر قبل أَن تجْعَل فِي الأَرْض لَهَا أَرضًا وَمِنْه
(حياتك إِن فَكرت تغريد طائرٍ ... تمكن مِنْهُ السّمع ثمت طارا)
(وعمرك مَا عمرت أَحْلَام نَائِم ... تنبه عَن ليلٍ رَآهُ نَهَارا)
(فخلّ عَن الدُّنْيَا وَكن متبدلاً ... بدار فناءٍ للمقامة دَارا)(24/74)
وَمِنْه
(لَو قيل للْإنْسَان حصل لنا ... مَا نلته من لَذَّة الأمس)
(أَكَانَ يأتينا بشيءٍ سوى ... أضغاث أَحْلَام هوى النَّفس)
(فَشد على الدُّنْيَا وأقبح بِمن ... يطْلبهَا بالتعس والنكس)
(يطْلبهَا حَتَّى إِذا نالها ... بِزَعْمِهِ غيب فِي الرمس)
3 - (ابو النَّجْم المنجم)
فيروزان بن أردشير بن أسفا مذار الديلمي أَبُو النَّجْم الصُّوفِي من أهل كرمان قَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكر لي أَنه قدم بَغْدَاد يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته
وَكَانَ يكْتب التقاويم ويقرئ النَّاس على النُّجُوم وَكَانَت لَهُ فِيهِ يَد باسطة ثمَّ تولى خزانَة الْكتب بمشهد أبي حنيفَة بِبَاب الطاق ووقف كتبه هُنَاكَ)
وَكَانَ شَيخا لطيفاً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً دينا حسن الطَّرِيقَة متودداً إِلَى النَّاس علقت عَنهُ حديثين وذكرهما توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (الْأَمِير نجم الدّين)
فَيْرُوز نجم الدّين أحد أُمَرَاء الطبلخانات بصفد كَانَ قَصِيرا بطلاً شجاعاً صَاحب رخت عَظِيم وخيل وبرك يتجمل فِي الْخُرُوج إِلَى كل يذك وكل بيكار عمر دَارا بصفد وغلى جَانبهَا تربة ومسجداً وَنقل غَالب أَحْجَار الدَّار والتربة من عكا
أَقَامَ بصفد مُدَّة ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين ارقطاي كتب إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد يشكو مِنْهُ فِي سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة فَأمر باعتقاله فِي قلعة صفد وَخرج خبزه عَنهُ وَأقَام معتقلاً نَحوا من خمس سِنِين
ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز شفع فِيهِ فرسم بالإفراج عَنهُ وَحضر إِلَى دمشق بطالاً وَلم تطل مدَّته حَتَّى توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا
وَكَانَ يرميه أهل صفد بِأَنَّهُ ظفر بإكسير كَانَ مَعَ بعض المغاربة وَأَنه تزوج بِامْرَأَة المغربي وَأخذ الإكسير مِنْهَا
3 - (الْفَيْض)
3 - (وَزِير الْمهْدي)
الْفَيْض بن شيرويه أَبُو جَعْفَر ابْن أبي صَالح وَزِير الْمهْدي(24/75)
كَانَ من أهل الْبَصْرَة وَلم يزل فِي صُحْبَة ليمان بن عَليّ وَولده
وَكَانَ سخياً متخرقاً فِي مَاله كثير الْكبر وَالْكَلَام وَكَانَ أَبوهُ شيرويه نَصْرَانِيّا فَأسلم وَكَانَ من أهل سَابُور
قدم الْبَصْرَة فَاشْترى بهَا ضيَاعًا واتصل بِولد عَليّ بن عبد الله وخاصة سُلَيْمَان بن عَليّ
وَنَشَأ ابْن الْفَيْض أديباً كَاتبا وَكَانَ من غلْمَان ابْن المقفع وَكَانَ آل سُلَيْمَان بن عَليّ يعدونه كالمولى لَهُم
قَالَ الْحسن بن وهب كَانَ النَّاس يعْجبُونَ من كبر أبي عبيد الله وعبوسه
ثمَّ ولي بعده وزارة الْمهْدي يَعْقُوب بن دَاوُد وَكَانَ أَطَأ النَّاس أَخْلَاقًا وألطفهم وَجها ثمَّ ولي)
الْفَيْض مَكَانَهُ آخر أَيَّام الْمهْدي سنتَيْن أَو نَحْوهمَا فأنسى النَّاس تيه ابْن عبيد الله حَتَّى قَالَ فِيهِ الشَّاعِر
(أَبَا جعفرٍ جئْنَاك نسْأَل نائلاً ... فأعوزنا من دون نائلك الْبشر)
(فَمَا برقتْ بالوعد مِنْك غمامة ... يُرْجَى بهَا من سيب راحتك الْقطر)
(وَلَو كنت تُعْطِينَا المنى وَزِيَادَة ... لنغصها مِنْك التتايه وَالْكبر)
وَقَالَ يحيى بن خَالِد وَذكر الْفَيْض بن أبي صَالح فَقَالَ كَانَ يعلم النَّاس الْكَرم
وَكَانَ يحيى إِذا استكثر شَيْء يكون مِنْهُ من الْجُود يَقُول فَكيف لَو رَأَيْتُمْ الْفَيْض بن أبي صَالح وَخرج الْفَيْض يَوْمًا من دَار الْخَلِيفَة وَأحمد بن الْجُنَيْد وَجَمَاعَة من الْكتاب والعمال منصرفين إِلَى مَنَازِلهمْ فِي يَوْم وَحل فَتقدم الْفَيْض وتلاه أَحْمد بن الْجُنَيْد فنضح دَابَّة الْفَيْض على ثِيَاب أَحْمد من الوحل فَقَالَ أَحْمد للفيض هَذِه وَالله مسايرة بغيضة وَلَا أَدْرِي بِأَيّ حق وَجب لَك التَّقَدُّم علينا
فَلم يجب الْفَيْض عَن ذَلِك بِشَيْء وَوجه إِلَيْهِ عِنْد مصيره إِلَى منزله بِمِائَة تخت فِي كل تخت قَمِيص وَسَرَاويل ومنطقة وطيلسان وَمَعَ كل تخت عِمَامَة أَو شاشية وَقَالَ لرَسُوله قل لَهُ وَجب لنا التَّقَدُّم عَلَيْك أَن لنا مثل هَذَا نوجه بِهِ إِلَيْك عوضا مِمَّا أفسدنا من قبائك فَإِن كَانَ لَك مثله فلك التَّقَدُّم علينا وَإِلَّا فَنحْن أَحَق بالتقدم مِنْك
وَتكلم عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري بِحَضْرَة الْمهْدي كلَاما شهر فَاسْتَحْسَنَهُ النَّاس فَقَالَ الْفَيْض وَهُوَ إِذْ ذَاك صَاحب ديوَان والوزير أَبُو عبيد الله يصف عبيد الله بن الْحسن وتعصب لَهُ بالبلاية لِأَنَّهُمَا بصريان
(مقاربٌ فِي بعادٍ لَيْسَ صَاحبه ... يدْرِي على أَي مَا فِي نَفسه يَقع)
(فالصمت من غير عي من سجيته ... حَتَّى يرى موضعا لِلْقَوْلِ يستمع)
(لَا يُرْسل القَوْل إِلَّا فِي موَاضعه ... وَلَا يخف إِذا حل الحبا الْجزع)(24/76)
وَمَات الْفَيْض سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة وَإِلَيْهِ ديوَان الْجند فِي أول دولة الرشيد
وَفِي الْفَيْض قَول الشَّاعِر
(يَا حابسي عَن حَاجَتي ظَالِما ... أحوجك الله إِلَى الْفَيْض)
(ذَاك الَّذِي يَأْتِيك معروفه ... كَأَنَّمَا يمشي على الْبيض)(24/77)
)
(حرف الْقَاف)
(الألقاب)
الْقَابِسِيّ الْمَالِكِي عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف
ابْن الْقَابِض عبد الله بن عبد الْملك
3 - (شمس الْمَعَالِي صَاحب جرجان)
قَابُوس بن وشمكير بن زِيَاد الديلمي شمس الْمَعَالِي صَاحب جرجان وطبرستان وَكَانَ أَبوهُ وشمكير وَعَمه مرداويج من مُلُوك الرّيّ وأصبهان وَتلك النواحي لِأَن أول من ملك من الديلم ليلى بن النُّعْمَان فاستولى على نيسابور فِي أَيَّام نصر بن أَحْمد الساماني وَقَامَ بعده أسافر بن شيرويه
وَكَانَ مرداويج بن زيار أحد قواده فَخرج عَلَيْهِ فحاربه فظفر بِهِ مرداويج فَقتله وَملك مَكَانَهُ وَعمل لنَفسِهِ سريراً من ذهب فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَاشْترى عبيدا كَثِيرَة من الأتراك وَجعل يَقُول أَنا سُلَيْمَان وَهَؤُلَاء الشَّيَاطِين
وَكَانَ فِيهِ ظلم وجبروت فَدخل عَلَيْهِ غلمانه الأتراك فَقَتَلُوهُ فِي الْحمام وولوا عَلَيْهِم أَخَاهُ وشمكير فاستولى على جرجان وطبرستان ودامت الْحَرْب بَينه وَبَين ركن الدولة ابي عَليّ ابْن بويه نيفاً وَعشْرين سنة
وكب فِي آخر أَيَّامه فرسا لَهُ فعارضه خِنْزِير فشب بِهِ الْفرس وَهُوَ غافل فَسقط على دماغه فَهَلَك
وَكتب ابْن العميد عَن ركن الدولة كتابا قَالَ فِيهِ الْحَمد لله الَّذِي أغنانا بالوحوش عَن الجيوش وَقَامَ بعده ابْنه ابو مَنْصُور بهستون وشمكير مقَامه وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
وَكَانَ عضد الدولة بن بويه زوج ابْنة بهستون فنفذ معز الدولة إِلَى الْمُطِيع وَسَأَلَهُ أَن ينفذ إِلَيْهِ الْعَهْد على جرجان وطبرستان وَالْخلْع فَفعل ذَلِك ولقبه ظهير الدولة وَوَصله مَا نفذ إِلَيْهِ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتِّينَ وثلاثمائة فزين بِلَاده للرسول وَنزل عَن سَرِيره عِنْد وُصُول الْخلْع إِلَيْهِ ونثر عَلَيْهِ النثار الْعَظِيم وَنفذ للمطيع فِي جَوَاب اللقب سِتِّينَ ألف دِينَار عينا وَغير ذَلِك من الثِّيَاب وَالْخَيْل)
وَلما توفّي خلف أَخَاهُ قَابُوس بن وشمكير وَنفذ إِلَيْهِ الطائع الْخلْع والعهد على طبرستان وجرجان ولقبه شمس الْمَعَالِي
وَكَانَ قَابُوس فَاضلا أديباً مترسلاً شَاعِرًا ظريفاً لَهُ رسائل بأيدي النَّاس يتداولونها
وَكَانَ(24/78)
بَينه وَبَين الصاحب بن عباد مكاتبات وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ فِيهِ عسف وَشدَّة فسئمه عسكره وتغيروا عَلَيْهِ وحسنوا لِابْنِهِ منوجهر حَتَّى قبض عَلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ إِن لم تقبض أَنْت عَلَيْهِ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ وَإِذا قَتَلْنَاهُ فَلَا نأمنك على نفوسنا فنحتاج إِلَى أَن نلحقك بِهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ وَقَبضه وسجنه فِي القلعة وَمنعه من مَا يتدثر بِهِ فِي شدَّة الْبرد فَجعل يَصِيح أعطوني وَلَو جلّ دَابَّة حَتَّى هلك
وَكَانَ حكم على نَفسه فِي النُّجُوم أَن منيته على يَد وَلَده فأبعد ابْنه دَارا لما كَانَ يرَاهُ من عقوقه وَقرب ابْنه منوجهر لما رأى من طَاعَته وَكَانَت منيته على يَد منوجهر
ثمَّ إِن منوجهر قتل قتلته وَكَانُوا سِتَّة تواطؤوا عَلَيْهِ فَقتل خَمْسَة وهرب السَّادِس إِلَى خُرَاسَان فَقَبضهُ مَحْمُود بن سبكتكين وَحمله إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا فعلت هَذَا لِئَلَّا يتجرأ أحد على قتل الْمُلُوك فَقتل الآخر
ثمَّ مَاتَ منوجهر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فَقَامَ ابْنه أنوشروان بن منوجهر مقَامه وَتُوفِّي أنوشروان سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ ولي ابْنه حسان بن أنوشروان
وَمن شعر قَابُوس
(خطرت ذكرك تستثير صبابتي ... فَأحْسن مِنْهَا فِي الْفُؤَاد دبيبا)
(لَا عُضْو لي إِلَّا وَفِيه صبابةٌ ... فَكَأَن أغصاني خُلِقْنَ قلوبا)
وَمِنْه
(بِاللَّه لَا تنهضي يَا دولة السّفل ... وقصري فضل مَا أرخيت من طول)
(أسرفت فاقتصدي جَاوَزت فانصري ... عَن التهور ثمَّ امشي على مهل)
(مخدمون وَلم تخْدم أوائلهم ... مخولون وَكَانُوا أرذل الخول)
وَكَانَ قد تمت عَلَيْهِ نكبة أخرجته من مقرّ عزه وموطن ملكه فشتتته عَن الأوطان وألحقته بخراسان فَأَقَامَ بهَا بُرْهَة من الزَّمَان إِلَى أَن أَسْفر صبحه وفاز بعد الخيبة قدحه وتحرج الزَّمَان من جوره عَلَيْهِ فَرد ملكه إِلَيْهِ فَقَالَ فِي تِلْكَ الْحَال)
(قل للَّذي بصروف الدَّهْر عيرنَا ... هَل عاند الدَّهْر إِلَّا من لَهُ خطر)
(أما ترى الْبَحْر تطفو فَوْقه جيفٌ ... ويستقر بأقصى قَعْره الدُّرَر)
(فَإِن تكن عبثت أَيدي الزَّمَان بِنَا ... فطالما كَانَ من أشياعنا الظفر)(24/79)
(فَفِي السَّمَاء نجومٌ غير ذِي عددٍ ... وَلَيْسَ يكسف إِلَّا الشَّمْس وَالْقَمَر)
وَكتب إِلَى عضد الدولة وَقد أهْدى لَهُ سَبْعَة أَقْلَام قد بعثنَا إِلَيْك سَبْعَة أَقْلَام لَهَا فِي الْبَهَاء حَظّ عَظِيم مرهفاتٍ كَأَن ألسن الْحَيَّات قد جَازَ حَدهَا التَّقْوِيم وتفاءلت أَن ستحوي الأقاليم بهَا كل واحدٍ إقليم وَقَالَ هُوَ فِي خموله
(لَئِن زَالَ أملاكي وفاتت ذخائري ... وَأصْبح جمعي فِي ضَمَان التَّفَرُّق)
(فقد بقيت لي همةٌ مَا وَرَاءَهَا ... منالٌ لراجٍ أَو بُلُوغ لمرتقى)
(ولي نفسٌ حر تأنف الضيم مركبا ... وَتكره ورد المنهل المتدفق)
(فَإِن تلفت نَفسِي فَللَّه درها ... وَإِن بلغت مَا أرتجيه فأخلق)
(وَمن لم يردني والمسالك جمةٌ ... فَأَي طريقٍ شَاءَ فليتطرق)
وَلما طَالَتْ مُدَّة قَابُوس وَلم ير عِنْد السامانية ناصراً قصد أَطْرَاف بِلَاده فتجمعت إِلَيْهِ الجيوش وَعَاد إِلَى بِلَاده وَقَاتل المستولي عَلَيْهَا حَتَّى عَاد إِلَى سَرِير ملكه بعد ثَمَان عشرَة سنة
وَقَالَ الصاحب بن عباد يهجوه
(قد قبس القابسات قَابُوس ... ونجمه فِي السَّمَاء منحوس)
(وَكَيف يُرْجَى الْفَلاح من رجلٍ ... يكون فِي آخر اسْمه بوس)
فَأَجَابَهُ قَابُوس عَن ذَلِك
(من رام أَن يهجو أَبَا قاسمٍ ... فقد هجا كل بني آدم)
(لِأَنَّهُ صور من مضغةٍ ... تجمعت من نطف الْعَالم)
وَكَانَ مَوته فِي قلعة جناشك وَحمل تابوته إِلَى جرجان وَدفن فِي مشْهد كَانَ قد بناه لنَفسِهِ وَأنْفق عَلَيْهِ الْأَمْوَال الْعَظِيمَة وَبَالغ فِي تحسينه وتحصينه
وَكَانَ خطّ قَابُوس غَايَة فِي الْحسن وَكَانَ إِذا رَآهُ قَالَ هَذَا خطّ قَابُوس أَو جنَاح طَاوُوس)(24/80)
(الألقاب)
القادسي الكتبي المؤرخ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن قادوس اسْمه مَحْمُود بن إِسْمَاعِيل
ابْن قادم النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(قَارب)
3 - (قَارب الثَّقَفِيّ)
قَارب بن عبد الله بن الْأسود بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ مَشْهُور مَعْرُوف من وُجُوه ثَقِيف وَمَعَهُ كَانَت راية الأحلاف أَيَّام قتال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثقيفاً
ثمَّ وَفد فِي وَفد ثَقِيف وَأسلم
(الألقاب)
الْقَارئ الْأَعْوَر هَارُون بن مُوسَى
الْقَارئ الخطمي عُمَيْر بن عدي
3 - (أَخُو ألب أرسلان السلجوقي)
قارودبك بن دَاوُد بن سلجوق بن دقاق بن لبجوق وَقيل قَارون بك وَقيل فاروت بك بِالْفَاءِ هُوَ أَخُو السُّلْطَان ألب أرسلان السلجوقي لما توفّي أَخُوهُ ألب أرسلان الْمَذْكُور فِي المحمدين كَانَ قارودبك بكرمان فَسَار من عمان وَحمل على نَفسه وَركب فِي الْبَحْر فِي فصل الشتَاء وَخَافَ من سبقه إِلَى الرّيّ فَإِن ألب أرسلان اقام وَلَده ملكشاه فِي الْملك بعده وَظن أَن الْعَسْكَر يستأمن إِلَيْهِ وعزم على نُزُوله على التركمان وَكَانُوا بَين الرّيّ وهمذان وَكَانَ مَعَه عَسْكَر يسير ألفا فَارس وَأَرْبَعَة آلَاف راجل فَبلغ خَبره ملكشاه ابْن أَخِيه ووزيره نظام الْملك فأخذا من قلعة الرّيّ خَمْسمِائَة ألف دِينَار وَخَمْسَة آلَاف ثوب وسلاحاً وخرجا من الرّيّ وسبقاه إِلَى التركمان وفرقا الْأَمْوَال فيهم وَوصل قارودبك بعدهمَا بيومين وَقد فَاتَهُ الْمَطْلُوب فَاقْتَتلُوا وَحمل قارودبك على الميمنة فطحنها وَاسْتَأْمَنَ أَكثر أَهلهَا إِلَيْهِ ثمَّ حمل على الميسرة فَكَسرهَا وملكشاه والوزير فِي(24/81)
الْقلب فحملا عَلَيْهِ فاندق هَارِبا وَأسر أَوْلَاده)
فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ إِلَى السُّلْطَان سوَادِي فَقَالَ أَخُوك فِي الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة مَعَ ولد لَهُ فَابْعَثْ معي من يَأْخُذهُ فَسَار السُّلْطَان ملكشاه بِنَفسِهِ وَقدم بَين يَدَيْهِ جمَاعَة فوصلوا إِلَى قارودبك وَحَمَلُوهُ مُقَيّدا وَجَاءُوا بِهِ إِلَى ملشكاه مَاشِيا فَأَوْمأ إِلَى الأَرْض وَقبل يَد السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ يَا عَم كَيفَ أَنْت من تعبك أما تَسْتَحي من هَذَا الْفِعْل أَنْت مَا ق عقدت لأخيك فِي عزاء وَلم تنفذ إِلَى قَبره ثوبا تطرحه عَلَيْهِ والغرباء قد حزنوا عَلَيْهِ وَأَنت أَخُوهُ اطرحت وَصيته وأظهرت الشماتة بِهِ وَالسُّرُور بِمَوْتِهِ لَكِن لقاك الله سوء فعلك
فَقَالَ وَالله مَا قصدت ذَلِك وَلَكِن عسكرك كاتبوني لَيْلًا وَنَهَارًا بالتعجيل فَجئْت لأمر قَضَاهُ الله فَحَمَلُوهُ إِلَى همذان مُقَيّدا فَقَالَ بعض الْحَاضِرين سُبْحَانَ الله لقد ملك هَذَا الرجل ملكا عَظِيما كرمان ثمَّ عمان ثمَّ فَارس وَكَانَ يتَمَنَّى هَلَاك أَخِيه وَيتَصَوَّر ملك الدُّنْيَا بعده
وَكَانَ هَلَاكه مَقْرُونا بهلاكه وَكَذَلِكَ قتلمش مَعَ عَمه طغرلبك فَإِنَّهُ كَانَ ينظر فِي النُّجُوم ويحقق الْقطع الَّذِي مَاتَ عَمه فِيهِ وَيتَصَوَّر أَنه يملك من بعده فَكَانَ هَلَاكه مَقْرُونا بهلاكه
وَلما كَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث شعْبَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة قتل قارودبك تولى خنقه رجل أَعور أرمني من أصاغر الْحَاشِيَة بِوتْر قَوس بعد أَن بذل التَّوْبَة من النّظر فِي ملك وتسليمه أَمْوَاله وبلاده وقلاعه والرضى بالْمقَام فِي مَسْجِد والاعتقال والإبقاء على نَفسه
ثمَّ إِن ملكشاه جمع أَوْلَاده وصهره إِبْرَاهِيم بن ينَال ثمَّ كحلوا بَين يَدَيْهِ وَقدم سُلْطَان شاه إِسْحَاق بن قارودبك وَهُوَ أكبر اخوته وأنجبهم وَهُوَ حِين بقل عذاره فَأخذ اخوته الصغار وَاحِدًا بعد وَاحِد وَجعل يضمه إِلَيْهِ ويقبله وَيَقُول هَذَا قَضَاء الله فَلَا تجزعوا فَإِن الْمَوْت يَأْتِي على جَمِيع النَّاس
وكحل وكحلوا وَمَات مِنْهُم اثْنَان وَلم يهن هَذَا لأمر على الْعَسْكَر وشغبوا ولعنوا نظام الْملك فِي وَجهه وملكشاه وَقَالُوا مَا بِهَذَا أوصى ألب أرسلان وَكَانَ قد أوصى لقارودبك بكرمان وَفَارِس وَعين لَهُ مَالا وَأَن يتَزَوَّج بخاتون الشقيرية
ثمَّ إِن نظام الْملك استمالهم بالإقطاعات وَالْأَمْوَال وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة إِسْحَاق الْمَذْكُور فِي حرف الْهمزَة مَا جرى لَهُ بعد ذَلِك
3 - (الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم)
3 - (الْحَافِظ الْقَنْطَرِي)
)
الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عِيسَى أَبُو بكر الْقَنْطَرِي الصفار الْحَافِظ السامري حدث عَن مُحَمَّد بن صَالح بن ذريح وَأبي بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَارُون(24/82)
الْخلال وَأبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يُونُس بن مُوسَى الْكُدَيْمِي وَأبي عُثْمَان سعيد بن أبي رَجَاء وَأبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة كثيرين
وَكَانَ الْغَالِب على رواياته الغرائب والمناكير والموضوعات وروى عَنهُ أَبُو عبد الله ابْن بطة وَأَبُو سهل مَحْمُود بن عَمْرو العكبريان وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْمُؤَدب وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رزقويه الْبَزَّاز
قدم عكبرا سنة سِتّ وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الرسي الْعلوِي)
الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد الرسي مَنْسُوب إِلَى ضَيْعَة كَانَت لَهُ جِهَة الْمَدِينَة يُقَال لَهَا الرس
لم يسمح الْمَنْصُور لَهُ بِالْإِقَامَةِ فِيهَا فِي كفاف من الْعَيْش بل طلبه مَعَ الطالبيين ففر إِلَى السَّنَد
وَمن شعره
(أرقت لبارقٍ مَا زَالَ يسري ... ويبكيني بمبسمٍ أم عَمْرو)
(فَلم يتْرك وعيشك لي دموعاً ... بأجفاني وَلَا قلباً بصدري)
وأعقب من وَلَده ثَمَانِيَة أنبههم الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وَكَانَ زاهداً وَمن نَسْله أَئِمَّة صعدة
3 - (الْقَاسِم بن أَحْمد)
3 - (الشَّيْخ علم الدّين النَّحْوِيّ)
الْقَاسِم بن أَحْمد بن الْمُوفق بن جَعْفَر علم الدّين أَبُو مُحَمَّد اللورقي مولده سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
وَمن النَّاس قَالَ فِيهِ أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد وَالْأول أصح وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين فليكشف من هُنَاكَ
3 - (العزفي صَاحب سبتة)
أَبُو الْقَاسِم بن أَحْمد هُوَ الشَّيْخ ابْن الْفَقِيه أبي الْعَبَّاس العزفي بِالْعينِ الْمُهْملَة مَفْتُوحَة وَالزَّاي وَبعدهَا فَاء صَاحب سبتة وأعمالها)
امتدت دولته(24/83)
فَإِنَّهُ ملك بعد وَالِده وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة بسبتة سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (الْمُخْتَار بن النَّاصِر)
الْقَاسِم بن أَحْمد بن يحيى بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب الْمَعْرُوف بالمختار ابْن النَّاصِر بن الْهَادِي تقدم ذكر أَبِيه أَحْمد وأخيه المنتجب الْحُسَيْن فِي مكانهما وَسَيَأْتِي ذكر جده الْهَادِي فِي حرف الْيَاء مَكَانَهُ
ولي الْأَمر بِالْيمن بعد أَخِيه المنتجب ابْن النَّاصِر سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة واستقل بِالْأَمر إِلَى أَن قَتله أَبُو الْقَاسِم ابْن الضَّحَّاك الْهَمدَانِي فِي شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (ابْن المستظهر)
أَبُو الْقَاسِم بن أَحْمد هُوَ ابْن الإِمَام الْخَلِيفَة المستظهر بِاللَّه كَانَ أَصْغَر أَوْلَاده وَهُوَ أَخُو الإِمَام المقتفي لأمر الله
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَحمل إِلَى التربة الَّتِي للخلفاء فِي المَاء وَمضى الْوَزير وأرباب الدولة وجلسوا للعزاء يَوْمَيْنِ
3 - (الْقَاسِم الإدريسي)
الْقَاسِم بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله الْكَامِل ابْن الْحسن الْمثنى ابْن الْحسن بن عَليّ بن ئابي طَالب كَانَ الْقَاسِم الْمَذْكُور أكبر ولد إِدْرِيس وأجلهم وَفِي القاسيميين كَانَ مُعظم الْإِمَامَة من الأدارسة
وَله حصلت سبتة وخطب لَهُ فِيهَا بالخلافة بعد أَبِيه وَجَرت بَينه وَبَين عُمَّال بني أُميَّة حروب
3 - (الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل)
3 - (أَبُو ذكْوَان الراوية)
الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل أَبُو ذكْوَان الراوية قَالَ السيرافي كَانَ فِي أَيَّام الْمبرد جمَاعَة نظرُوا فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَلم يكن لَهُم نباهة مِنْهُم أَبُو ذكْوَان الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل وَلأبي ذكْوَان كتاب مَعَاني الشّعْر رَوَاهُ عَنهُ ابْن درسْتوَيْه وَكَانَ التوزي زوج أم أبي ذكْوَان وَكَانَ عَلامَة أخبارياً لَقِي جمَاعَة من أهل الْعلم)(24/84)
3 - (أَبُو عبيد الْمحَامِلِي)
الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أبان أَبُو عبيد الْمحَامِلِي أَخُو القَاضِي أبي عبد الله وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة سمع الفلاس وَمُحَمّد بن الْمثنى وَيَعْقُوب الدَّوْرَقِي وطبقتهم وروى عَنهُ ابْن المظفر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعِيسَى بن الْجراح وَطَائِفَة
3 - (الْقُرْطُبِيّ الْحَافِظ)
الْقَاسِم بن أصبغ بن مُحَمَّد بن يُوسُف الأندلسي مولى الْوَلِيد بن عبد الْملك الْأمَوِي الْبَيَانِي وبيانة محلّة فِي قرطبة كَانَ إِمَامًا من أَئِمَّة الْعلم مكثراً مصنفاً سكن قرطبة وَمَات سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة وَكَانَ مُسْند عصره بالأندلس وحافظه ومحدثه وَكَانَ من أَخذ عَنهُ استراح من الرحلة
وَمن تصانيفه كتاب الْخمر كتاب فِي أَحْكَام الْقُرْآن على أَبْوَاب كتاب إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي كتاب الْمُجْتَبى على أَبْوَاب كتاب ابْن الْجَارُود الْمُنْتَقى
قَالَ ابْن حزم وَهُوَ خير مِنْهُ انتقاء وأنقى حَدِيثا وَأَعْلَى سنداً وَأكْثر فَائِدَة وَكتاب فِي فَضَائِل قُرَيْش وَكتاب فِي النَّاسِخ والمنسوخ كتاب فِي غرائب الحَدِيث مَالك بن أنس مِمَّا لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأ كتاب فِي الْأَنْسَاب
3 - (ابْن أبي بزَّة الْمَكِّيّ)
الْقَاسِم ابْن أبي بزَّة الْمَكِّيّ مولى عبد الله بن الشائب(24/85)
بن صَيْفِي المَخْزُومِي كَانَ من سبي همذان فيا قيل عَن أبي الطُّفَيْل وَسَعِيد بن جُبَير وَمُجاهد وثقوه
وَمن وَلَده البزي صَاحب الْقِرَاءَة وروى للقاسم الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة
أَمِين الدولة الإربلي الْقَاسِم بن أبي بكر بن الْقَاسِم بن غنيمَة الْعدْل أَمِين الدّين أَبُو مُحَمَّد الإربلي الْمُقْرِئ الْمُحدث ولد سنة خمس وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة
روى صَحِيح مُسلم عَن الطوسي الْمُؤَيد بِدِمَشْق من غير أصل سمع مِنْهُ ابْن تَيْمِية وَابْن أبي الْفَتْح وَابْن الْوَكِيل والمزي والبرزالي والفقيه عبَادَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سَأَلت الْحَافِظ الْمزي عَنهُ فَقَالَ شيخ جليل قديم المولد كَانَ يذكر أَن أَبَاهُ سَفَره إِلَى نيسابور مَعَ اخوته لذَلِك وَأَنه سمع صَحِيح مُسلم من الْمُؤَيد وسمعناه مِنْهُ)
اعْتِمَادًا على قَوْله بعد أَن سَأَلنَا عَنهُ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان وَغَيره فَأَثْنوا عَلَيْهِ خيرا
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وحَدثني الثِّقَة انه قَالَ لَهُم لي فَوت فِي الْكتاب وأعيد بِالْقَصْدِ وَذكر أَمِين الدّين الإربلي للْجَمَاعَة أَنه كَانَ لَهُ ثَبت بِسَمَاع الْكتاب فَذهب عَنهُ
وَكَانَ من عدُول السَّاعَات أجَاز للشَّيْخ شمس الدّين مروياته
3 - (قَاضِي هيت أَبُو هَمدَان)
الْقَاسِم بن بهْرَام بن عَطاء أَبُو هَمدَان الْأمَوِي من أهل هيت كَانَ قَاضِيا بهَا وَحدث عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَسليمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش وَزيد بن أسلم وَمَنْصُور بن المعمر وَأَيوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر وروى عَن ابْنه أَحْمد وَالْحُسَيْن بن عبد الله بن حمدَان
قَالَ عَبَّاس الدوري سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول أَبُو هَمدَان كَذَّاب منزله هيت
3 - (السَّرقسْطِي الْقَاسِم بن ثَابت)
الْقَاسِم بن ثَابت السَّرقسْطِي ذكره الْحميدِي فَقَالَ هُوَ مؤلف كتاب غَرِيب الحَدِيث رَوَاهُ عَنهُ ابْنه ثَابت وَله فِيهِ زيادات
وَهُوَ كتاب حسن مَشْهُور وَذكره ابْن حزم وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا شآه أَبُو عبيد إِلَّا بتقدم الْعَصْر(24/86)
3 - (الْمَأْمُون ابْن حمود)
الْقَاسِم بن حمود بن مَيْمُون بن أَحْمد بن عَليّ بن عبيد الله بن عمر بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب لما قتل أَخُوهُ النَّاصِر أَبُو الْحسن عَليّ بن حمود فِي الْحمام على مَا مر فِي تَرْجَمته سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة تولى الْخلَافَة هَذَا الْقَاسِم وتلقب بالمأمون وَكَانَ أَسد من عَليّ بِعشر سِنِين
وتحبب إِلَى النَّاس بِحسن السِّيرَة وَاسْتولى قرطبة وَكَانَ يحيى بن عَليّ بن حمود فِي سبتة فَأنْكر وثوب عَمه الْقَاسِم بن حمود على مَوضِع أَبِيه ومالت البرابر إِلَيْهِ وَآل أمره مَعَ عَمه إِلَى أَن هرب من قرطبة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وخطب فِيهَا بالخلافة للمعتلي يحيى بن عَليّ بن حمود
ثمَّ إِن الْقَاسِم وصل إِلَى قرطبة وَاسْتولى عَلَيْهَا سنة ثَلَاث عشرَة وهرب ابْن أَخِيه المعتلي يحيى)
بن عَليّ إِلَى مالقة
ثمَّ اضْطربَ أَمر الْمَأْمُون وثار عَلَيْهِ أهل قرطبة فهرب إِلَى شريش فحصره البربر فِيهَا وَحصل فِي يَد ابْن أَخِيه المعتلي فحبسه إِلَى أَن خنقه سنة واضطربت دولة بني حمود بالأندلس وثارت مُلُوك الطوائف بِكُل مَكَان وَبَقِي فِي أَيدي بني حمود سبتة ومالقة
وَكَانَ المعتلي مُمْتَنعا فِي حصن قرمونة المطلة على إشبيلية وَعِنْده الْأَبْطَال من البربر إِلَى أَن وافاه الْخَبَر بهجوم إِسْمَاعِيل بن عباد على جِهَته فِي الْغَلَس وَكَانَ مصطحباً فَخرج وَهُوَ مخمور يَصِيح واصباحاه ابْن عباد ضَيْفِي الْيَوْم وتمت عَلَيْهِ الْحِيلَة بالكمين فَقتل سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة المعتلي
3 - (الْقَاسِم بن الْحُسَيْن)
3 - (ابْن الطوابيقي)
الْقَاسِم بن الْحُسَيْن ابْن الطوابيقي أَبُو شُجَاع الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر سَافر إِلَى الْموصل ومدح الْمُلُوك بهَا وبديار ربيعَة وديار بكر روى عَنهُ عُثْمَان البلطي النَّحْوِيّ الْموصِلِي شَيْئا من شعره وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
من شعره لي بَيت فِيهِ السنانير هزالًا والفأر فِي الأسراب
(أَنا فِيهِ فَوق التُّرَاب وخيرٌ ... لي مِنْهُ لَو كُنَّا تَحت التُّرَاب)(24/87)
وَمِنْه
(قَامَت تهز قوامها يَوْم القنا ... فتساقطت خجلاً غصون البان)
(وبكت فجاوبها البكا من مقلتي ... فتمثل الْإِنْسَان فِي إنساني)
مِنْهَا
(فأحبكم وَأحب حبي فِيكُم ... وَأجل قدركم على إنساني)
(وَإِذا نظرتكم بِعَين خيانةٍ ... قَامَ الغرام بشافعٍ عُرْيَان)
(إِن لم يخلصني الغرام بجاهه ... سأموت تَحت عُقُوبَة الهجران)
مِنْهَا
(أَصبَحت تخرجني بِغَيْر جنايةٍ ... من دَار إعزازٍ لدار هوان)
)
(كَدم الفصاد يراق ارذل موضعٍ ... أدباً وَيخرج من أعز مَكَان)
قلت شعر جيد وَكَذَا وجدته أَعنِي قَوْله إِن لم يخلصني الغرام بجاهه وَصَوَابه إِن لم يخلصني الْوِصَال بجاهه وَلَعَلَّ الشَّاعِر كَذَا قَالَه
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ)
الْقَاسِم بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ كَانَ متوقد الخاطر ذكي الذِّهْن برع فِي علم الْأَدَب وجود النَّحْو قَالَ ياقوت سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي اللَّيْلَة التَّاسِعَة من شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وأنشدني لنَفسِهِ فِي دَاره بخوارزم سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة
(يَا زمرة الشُّعَرَاء دَعْوَة ناصحٍ ... لَا تأملوا عِنْد الْكِرَام سماحا)
(إِن المرام بأسرهم قد أغلقوا ... بَاب السماح وضيعوا المفتاحا)
قلت لَو كَانَ لي فيهمَا حكم لَقلت لَا تأملوا عِنْد الْأَنَام سماحا وَهُوَ أصح معنى وأعم وَأحسن وَإِلَّا فقد سماهم كراماً ثمَّ يَنْفِي عَنْهُم السماح هَذَا تنَاقض
قَالَ ياقوت وأنشدني لنَفسِهِ
(أيا سائلي عَن كنه علياه إِنَّه ... لأعطي مَا لم يُعْطه الثَّقَلَان)
(فَمن يره فِي منزلٍ فَكَأَنَّمَا ... رأى كل إنسانٍ وكل مَكَان)(24/88)
قلت من قَول الأول فالأرض من تربة وَالنَّاس من رجل وَأحسن مِنْهُ قَول السلَامِي وأكمل
(وبشرت آمالي بملكٍ هُوَ الورى ... ودارٍ هِيَ الدُّنْيَا ويومٍ هُوَ الدَّهْر)
قَالَ وحَدثني قَالَ كتب إِلَيّ الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِالصَّوَابِ يسألني عَن بَيت حسان بن ثَابت وَهُوَ
(فَمن يهجو رَسُول الله مِنْكُم ... ويمدحه وينصره سَوَاء)
وَقَوْلهمْ بِأَن فِيهِ ثَلَاثَة عشر مَرْفُوعا فأجبته
(أفدى إِمَامًا وميض الْبَرْق منصرعٌ ... من خلف خاطره الْوَقَّاد حِين خطا)
(يَبْغِي الصَّوَاب لدينا من مباحثه ... وَمَا درى أَن مَا يعدو الصَّوَاب خطا)
)
الَّذِي يحضرني فِي هَذَا الْبَيْت من المرفوعات اثْنَا عشر فَمِنْهَا قَوْله فَمن يهجو فِيهَا ثَلَاث مرفوعات الْمُبْتَدَأ وَالْفِعْل الْمُضَارع وَالضَّمِير المستكن وَمِنْهَا الْمُبْتَدَأ الْمُقدر فِي قَوْله ويمدحه الْمَعْنى ون يمدحه فَيكون هُنَا على حسب الْمِثَال الأول ثَلَاث مرفوعات أَيْضا وَمِنْهَا المرفوعان فِي قَوْله وينصره أَحدهمَا الْفِعْل الْمُضَارع وَالثَّانِي الضَّمِير المستكن فِيهِ وَمِنْهَا المرفوعات الْأَرْبَعَة فِي قَوْله سَوَاء اثْنَان من حَيْثُ أهـ فِي مقَام الْخَبَرَيْنِ للمبتدأين وَاثْنَانِ آخرَانِ من حَيْثُ أَفِي كل واجحد ضميراً رَاجعا إِلَى الْمُبْتَدَأ فَهَذَا يَا سَيِّدي جهد الْمقل وَغير مرجو قطع المدى من المكل
قلت بل المرفوعات ثَلَاثَة عشر وَالْآخر ضمير الْمُبْتَدَأ الْمَحْذُوف الْمَعْطُوف على قَوْله من فِي الأول من قَوْله من يهجو وَمن يمدحه وَمن ينصره لِأَنَّهُ هُوَ قرر أَن فِي يهجو ثَلَاث مرفوعات وَفِي يمدحه ثَلَاث مرفوعات وتحكم فِي قَوْله إِن فِي ينصره مرفوعين وَالصُّورَة وَاحِدَة فِي الثَّلَاث
فَهَذِهِ تِسْعَة والأربع الَّتِي ذكرهَا فِي سَوَاء فَصَارَت ثَلَاثَة عشر
وَمن تصانيفه كتاب المجمرة فِي شرح الْمفصل صَغِير وَكتاب السبيكة فِي شَرحه أَيْضا وسط وَكتاب التجمير فِي شَرحه بسيط كتاب شرح سقط الزند كتاب التَّوْضِيح(24/89)
فِي شرح المقامات كتاب لهجة الشَّرْع فِي شرح أَلْفَاظ الْفِقْه كتاب شرح الْمُفْرد والمؤلف كتاب شرح الأنموذج كتاب شرح الأحاجي لِجَار الله كتاب خلْوَة الرياحين فِي المحاضرات كتاب عجائب النَّحْو كتاب السِّرّ فِي الْأَعْرَاب كتاب شرح الْأَبْنِيَة كتاب الزوايا والخبايا فِي النَّحْو كتاب المحصل للمحصلة فِي الْبَيَان كتاب عجالة السّفر فِي الشّعْر كتاب بَدَائِع الْملح كتاب شرح اليميني للعتبي
3 - (ابْن الْعود)
أَبُو الْقَاسِم بن الْحُسَيْن بن الْعود الشَّيْخ نجيب الدّين الْأَسدي الْحلِيّ الْفَقِيه الْمُتَكَلّم شيخ الشِّيعَة كَانَ قد أسن وَانْهَزَمَ وعاش نيفاً وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة وَقيل سنة تسع
وَكَانَ مفنناً فِي أَنْوَاع الْفَضَائِل قدم حلب وَتردد إِلَى الشريف عز الدّين مرتضى نقيب الْأَشْرَاف فاسترسل مَعَه يَوْمًا ونال من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزبره النَّقِيب)
وَأمر يجره من بَين يَدَيْهِ وأركب حمارا مقلوباً وصفع فِي الْأَسْوَاق وَنزل فامي من حانوته إِلَى مزبلة واغترف غائطاً ولطخ بِهِ ابْن الْعود
وَعظم النَّقِيب عِنْد النَّاس وتسحب ابْن الْعود من حلب وَأقَام بقرية جزين مأوى الرافضة فاقبلوا عَلَيْهِ وملكوه بإحسانهم
وَكَانَ فِي الآخر قد تدين وَقَامَ اللَّيْل ورثاه إِبْرَاهِيم بن الحسام أبي الْغَيْث بِأَبْيَات أَولهَا
(عرس بجزين يَا مستبعد النجف ... ففضل من حلهَا يَا صَاح غير خَفِي)
3 - (أَمِير قرطبة الحمودي)
الْقَاسِم بن حمود الحسني الإدريسي المغربي ولي إمرة قرطبة بعد قتل أَخِيه عَليّ سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة فَخرج عَلَيْهِ ابْن أَخِيه يحيى بن عَليّ ثمَّ هزم ثَلَاث مَرَّات وَجَرت أُمُور طَوِيلَة الشَّرْح ثمَّ أسره يحيى بن عَليّ ابْن أَخِيه وَبَقِي فِي سجنه دهراً إِلَى أَن مَاتَ إِدْرِيس بن عَليّ فخنقوا الْقَاسِم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الجبيري)
الْقَاسِم بن خَان بن فتح بن عبد الله بن جُبَير الْفَقِيه أَبُو عبد الله الجبيري الطرطوشي نزيل قرطبة
كَانَ عَالما بالفقه والْحَدِيث نظاراً موفقاً فِي الْمسَائِل حسن التَّأْلِيف لَهُ كتاب فِي التَّوَسُّط بَين مَالك وَابْن الْقَاسِم فِيمَا خَالف ابْن الْقَاسِم مَالِكًا
وَكَانَ ذَا مكانة من الْمُسْتَنْصر ولي قَضَاء بلنسية وَمَات فِي المطبق فِي فتْنَة أخي الْمُسْتَنْصر هِشَام الْمُؤَيد سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة(24/90)
3 - (الجبيري)
الْقَاسِم بن خلف بن فتح بن عبد الله بن جُبَير الْفَقِيه أَبُو عبد الله الجبيري الطرطوشي نزيل قرطبة كَانَ عَالما بالفقه والْحَدِيث نظاراً موفقاً فِي الْمسَائِل حسن التَّأْلِيف لَهُ كتاب فِي التَّوَسُّط بَين مَالك وَابْن الْقَاسِم فِي مَا خَالف ابْن الْقَاسِم مَالِكًا
وَكَانَ ذَا مكانة من الْمُسْتَنْصر ولي قَضَاء بلنسية وَمَات فِي المطبق فِي فتْنَة قيام أخي الْمُسْتَنْصر على هِشَام الْمُؤَيد سنة ثَمَان وَسبعين وثلاثمائة)
3 - (الْمُطَرز الْمُقْرِئ)
الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بالمطرز كَانَ نبيلاً مَأْمُونا أثنى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وَقَرَأَ على الدوري
توفّي فِي صفر سنة خمس وثلاثمائة
3 - (أَبُو عبيد)
الْقَاسِم بن سَلام بتَشْديد اللَّام أَبُو عبيد كَانَ أَبوهُ عبدا رومياً لرجل من أهل هراة اشْتغل أَبُو عبيد بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب وَالْفِقْه وَكَانَ ذَا دين وسيرة جميلَة وَمذهب حسن وَفضل بارع
قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ كَانَ أَبُو عبيد كَأَنَّهُ جبل نفخ فِيهِ الرّوح يحسن كل شَيْء وَولي الْقَضَاء بِمَدِينَة طرسوس ثَمَان عشرَة سنة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
قَرَأَ الْقُرْآن على الْكسَائي وَغَيره وَسمع إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وهشيم بن بشير وَشريك بن عبد الله وَهُوَ أكبر شيخ لَهُ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأَبا بكر ابْن عَيَّاش وَجَرِير بن عبد الحميد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعباد بن عباد وَعباد بن الْعَوام وخلقاً آخِرهم موتا هِشَام بن عمار
قَالَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه إِنَّا نحتاج إِلَى أبي عبيد وَأَبُو عبيد لَا يحْتَاج إِلَيْنَا
وَقَالَ ابْن حَنْبَل أَبُو عبيد مِمَّن يزْدَاد عندنَا كل يَوْم خيرا
وَقَالَ أَبُو دَاوُد ثِقَة مَأْمُون وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة إِمَام جبل وأضعف كتبه كتاب الْأَمْوَال يَجِيء إِلَى بَاب فِيهِ ثَلَاثُونَ حَدِيثا وَخَمْسُونَ أصلا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَجِيء بِحَدِيث حديثين يجمعهما من حَدِيث الشَّام وَيتَكَلَّم فِي ألفاظهما
وَلَيْسَ لَهُ كتاب مثل غَرِيب المُصَنّف وَكتاب غَرِيب الحَدِيث أول من عماله أَبُو عبيد وقطرب(24/91)
والأخفش وَالنضْر وَلم يَأْتُوا بِالْأَسَانِيدِ
وَعمل أَبُو عدنان الْبَصْرِيّ كتابا أَتَى فِيهِ بِالْأَسَانِيدِ
وصنف الْمسند على حِدته وَأَحَادِيث كل رجل من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حِدته وأجاد تصنيفه فَرغب فِيهِ أهل الحَدِيث وَالْفِقْه واللغة لِاجْتِمَاع مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِيهِ
وَكَذَلِكَ كِتَابه فِي مَعَاني الْقُرْآن فعل مَا فعله فِي غَرِيب الحَدِيث جمع كتب الْقَوْم فَذكر مَا فِيهَا)
وَأما الْفِقْه فَإِنَّهُ عمد إِلَى مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ فتقلد أَكثر ذَلِك
وَكَانَ أَبُو عبيد مَعَ عبد الله بن طَاهِر فَبعث إِلَيْهِ أَبُو دلف يستهديه أَبَا عبيد مُدَّة شَهْرَيْن فَبَعثه فجَاء إِلَيْهِ فوصله بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَلم يقبلهَا وَقَالَ أَنا عِنْد رجل لم يحوجني إِلَى صلَة غَيره
فَلَمَّا عَاد إِلَى ابْن طَاهِر أعطَاهُ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار فَقَالَ قد قبلتها أَيهَا الْأَمِير وَلَكِن قد أغنيتني بمعروفك وبرك وَقد رَأَيْت أَن أَشْتَرِي بهَا سِلَاحا وخيلاً وأوجه بهَا إِلَى الثغور ليَكُون الثَّوَاب متوفراً على الْأَمِير
وَقَالَ أَبُو عبيد عاشرت النَّاس وَكلمت أهل الْكَلَام فَمَا رَأَيْت قوما أوسخ وَلَا أَضْعَف حجَّة ن الرافضة وَلَا أَحمَق مِنْهُم
وَحكى عَنهُ البُخَارِيّ فِي أَفعَال الْعباد وَأَبُو دَاوُد فِي كتاب الزَّكَاة وَغَيره فِي تَفْسِير أَسْنَان الْإِبِل وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بِمَكَّة وَقيل بِالْمَدِينَةِ ومولده سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة
وَذكر أَنه لما قضى حجه وعزم على الِانْصِرَاف اكترى إِلَى الْعرَاق فَرَأى فِي اللَّيْلَة الَّتِي عزم فِيهَا على الِانْصِرَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه وَهُوَ جَالس وعَلى رَأسه قوم يحجبونه وناس يدْخلُونَ ويسلمون عَلَيْهِ ويصافحونه وَكلما دنا ليدْخل منع فَقَالَ لم لَا تخلون بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا وَالله لَا تدخل إِلَيْهِ وَلَا تسلم عَلَيْهِ وَأَنت خَارج غَدا إِلَى الْعرَاق فَقَالَ لَهُم إِنِّي لَا أخرج غذن فَأخذُوا عَهده وخلوا بَينه وين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل وَسلم عَلَيْهِ وَصَافحهُ وَأصْبح ففسخ الكري وَسكن بِمَكَّة وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ
وَلما وضع كتاب غَرِيب الحَدِيث عرضه على عبد الله بن طَاهِر فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ إِن عقلا بعث صَاحبه على عمل هَذَا الْكتاب حقيق أَن لَا يحوج إِلَى طلب المعاش وأجرى لَهُ كل شهر عشرَة آلَاف دِرْهَم
وَقَالَ الْهلَال بن الْعَلَاء الرقي منّ الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة بأَرْبعَة فِي زمانهم بالشافعي تفقه فِي حَدِيث سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأحمد بن حَنْبَل ثَبت فِي المحنة وَلَوْلَا ذَلِك لكفر النَّاس(24/92)
وبيحيى بن معِين نفى الْكَذِب عَن حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأبي عبيد)
الْقَاسِم بن سَلام فسر غَرِيب الحَدِيث وَلَوْلَا ذَلِك لاقتسم النَّاس الْخَطَأ
وَقَالَ عبد الله بن طَاهِر عُلَمَاء الْإِسْلَام أَرْبَعَة عبد الله بن عَبَّاس فِي زَمَانه وَالشعْبِيّ فِي زَمَانه وَالقَاسِم بن معِين فِي زَمَانه وَأَبُو عبيد الْقَاسِم بنس لَام فِي زَمَانه
ثمَّ قَالَ يرثيه
(يَا طَالب الْعلم قد مَاتَ ابْن سَلام ... وَكَانَ فَارس علمٍ غير محجام)
(كَانَ الَّذِي كَانَ فِيكُم ربع أربعةٍ ... لم تلق مثلهم أَسْتَار أَحْكَام)
وَله من الْكتب كتاب غَرِيب الحَدِيث كتاب غَرِيب الْقُرْآن كتاب مَعَاني الْقُرْآن كتاب الشُّعَرَاء كتاب الْمَقْصُور والممدود كتاب الْقرَاءَات كتاب الْمُذكر والمؤنث كتاب الْأَمْوَال
كتاب النّسَب كتاب الْأَحْدَاث كتاب الْأَمْثَال السائرة كتاب عدد آي الْقُرْآن كتاب أدب القَاضِي كتاب النَّاسِخ والمنسوخ كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور كتاب الْحيض كتاب فَضَائِل الْقُرْآن
كتاب الْحجر والتفليس كتاب الطَّهَارَة وَله غير ذَلِك من الْكتب الْفِقْهِيَّة
3 - (الصّباغ الأدفوي)
أَبُو الْقَاسِم بن سُلَيْمَان بن قَاسم الصّباغ الأدفوي تجرد وَتعبد مُدَّة وَقَرَأَ الْفِقْه والعربية على مجد الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد ثمَّ بنى رِبَاطًا بأدفو خَارج الْبَلَد
وَكَانَ عَلَيْهِ سمت الصَّالِحين وَكَانَ ينظم عجبا وتعانى لُغَة غَرِيبَة نظم مرّة قصيدة ثمَّ إِنَّه أنشدها لشيخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد فَقَالَ لَهُ هَذِه اللُّغَة جمعتها من الكوم قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَكَانَ يَدعِي أَنه يحصر دُخان المعصرة كم يَجِيء من قطار قند والأردب السمسم كم هُوَ حَبَّة وَأَنه بَال فِي النّيل فَزَاد وَأَنه طلع على بربا أدفو وَكسر التتار وَقَالَ رَأَيْته مَرَّات وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة
قلت قَوْله إِنَّه يحصر دُخان المعصرة من كم قِنْطَار قند غَرِيب عَجِيب مُسْتَحِيل لَا يُعلمهُ إِلَّا من يعلم مخارج الجذور الصم وَهُوَ الله تَعَالَى
وَأما الْأَدَب كم هُوَ سمسمة فَيمكن علمه بِأَن يجمع مِنْهُ ثمن قدح أَو ثمن ثمن قدح ويعد ثمَّ يضْرب بذلك وَيُمكن معرفَة جملَته
وَأما قَوْله إِنَّه بَال فِي النّيل فَزَاد فَمَا هَذَا بعجيب لأَنا نتحقق عقلا أَنه من بَال فِي النّيل فقد زَاده شَيْئا مَا لكنه لَا يظْهر للحس فَلَو ادّعى أَنه شَاهده وَعلم قدر الزِّيَادَة كَانَ عجيباً)
قَالَ كَمَال الدّين أَيْضا ووقفت لَهُ على مسَائِل جمعهَا بِخَطِّهِ مِنْهَا أَيجوزُ بيع الْجِيَاد من(24/93)
الْخَيل الأعوجية بلحوم الْإِبِل المهرية قَالَ وَالْجَوَاب لَا حرج على من يَقُوله أحله الله وَرَسُوله
قَالَ الْجِيَاد جمع جيد وَهُوَ الْعُنُق وَالْخَيْل الأعوجية منسوبة إِلَى أَعْوَج فَحل كريم كَانَ لبني هِلَال بن عَامر والمخرية من نتج إبل مهرَة قَبيلَة من قضاعة
وَمِنْهَا أيجب فِي العلس زَكَاة إِذا بلغت خَمْسَة أوسق أَو أَكثر مِنْهَا قَالَ إِذا أشرف على ذَلِك الجباة فرت وأعرضت عَنْهَا وَفَسرهُ وَقَالَ العلس القراد وَأول مَا يكون قمقامة ثمَّ يصير حمنانة ثمَّ قرادة ثمَّ حلمة ونظم ذَلِك
(يعمى على الْمَرْء حَتَّى لَا يرى علساً ... فِي سمهجٍ يرتشفه يُورث السقما)
(فَمَا لَهُ غير نحض الْكَلْب إِن تلفت ... نفسٌ بِحَق فَهَذَا مَذْهَب الحكما)
قَالَ والسمج مَاء اللَّبن الحلو الدسم والارتشاف أَن يشرب الْجَمِيع والنحض اللَّحْم
وَمن شعره
(قد فَاتَنِي الْوَصْل من حبيب ... واستبدل الْقرب بالبعاد)
(فَلَا لبشرٍ وَلَا لهندٍ ... وَلَا للبنى وَلَا سعاد)
(وَلَا لحب وَلَا لصحب ... وَلَا لقربٍ إِلَى التنادي)
(نرجو رضَا من نحب عفوا ... ويلطف الله بالعباد)
3 - (الشَّاعِر الْكَاتِب ابْن سيار)
الْقَاسِم بن سيار الْبَغْدَادِيّ الْكَاتِب الشَّاعِر خرج إِلَى خُرَاسَان واتصل بِذِي الرياستين الْفضل بن سهل وَقيل كَانَت الْحَال بَينهمَا مُؤَكدَة فَلَمَّا خرج الْفضل إِلَى خُرَاسَان سَأَلَهُ أَن يتَوَجَّه مَعَه ليأنس بِهِ فَامْتنعَ فَلَمَّا اتسعت الدُّنْيَا على الْفضل وَصَارَ وزيراً أَمِيرا وأغنى كل من خرج إِلَيْهِ وَمن خرج مَعَ وَسَاءَتْ حَال الْقَاسِم بن سيار كتب إِلَى الْفضل
(يَا أَبَا الْعَبَّاس إِنِّي ناصحٌ ... لَك والنصح لذِي الود يسير)
(لَا تعدني ليومٍ صالحٍ ... إِن أعوانك فِي الْخَيْر كثير)
(وليوم الشَّرّ مَا أعددتني ... إِن يَوْم الشَّرّ يَوْم قمطرير)
(هَذِه السُّوق الَّتِي أملتها ... يَا أَبَا الْعَبَّاس والعمر قصير)
)
فَلَمَّا قَرَأَ الْفضل البيات بَكَى وَأمر لَهُ بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وَعشْرين تختاً(24/94)
3 - (الْهُذلِيّ قَاضِي الْكُوفَة)
الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود أَبُو عبد الرَّحْمَن الْهُذلِيّ الْفَقِيه قَاضِي الْكُوفَة
كَانَ لم يَأْخُذ على الْقَضَاء رزقا وَهُوَ أَخُو معن روى عَن أَبِيه وَابْن عمر وَجَابِر بن سَمُرَة ومسروق وَغَيرهم
وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَقَالَ خَليفَة عَزله ابْن هُبَيْرَة عَن الْقَضَاء سنة ثَلَاث وَمِائَة بالحسين بن الْحسن الْكِنْدِيّ وَتُوفِّي سنة عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْوَزير الْحَارِثِيّ)
الْقَاسِم بن عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب بن سعيد الْحَارِثِيّ أَبُو الْحُسَيْن الْوَزير ابْن الْوَزير ابْن الْوَزير قَلّدهُ المعتضد الوزارة بعد أَبِيه فَبَقيَ على وزارته إِلَى أَن توفّي المعتضد وَابْنه المكتفي بالرقة فدبر الْأَمر أحسن تَدْبِير وَأخذ لَهُ الْبيعَة على من بِبَغْدَاد وَحفظ أَمْوَاله وخزائنه وَكتب إِلَيْهِ بالمبادرة فَأَحْمَد فعله وكناه وَرفع مَنْزِلَته وخلع عَلَيْهِ خلعاً شريفة للوزارة ولقبه بولِي الدولة وَسَأَلَ المكتفي أَن يشرفه بتزويج ابْنه الْأَمِير أبي أَحْمد بابنته فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك ومهرها مائَة ألف دِينَار
وَلم يزل على وزارته إِلَى أَن أدْركهُ أَجله شَابًّا سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ ومولده سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ جواداً مدحاً إِلَّا أَنه كَانَ زنديقاً فَاسد الِاعْتِقَاد
قَالَ عَليّ بن الْعَبَّاس النوبختي انْصَرف ابْن الرُّومِي الشَّاعِر من عِنْد الْقَاسِم بن عبيد الله الْوَزير فَقَالَ لي مَا رَأَيْت مثل حجَّة أوردهَا الْيَوْم الْوَزير فِي قدم الْعَالم قلت وَمَا هِيَ قَالَ أنشدنا قَول زُهَيْر
(أَلا لَيْت شعري هَل يرى النَّاس مَا أرى ... من الْأَمر أَو يَبْدُو لَهُم مَا دبا ليا)
(بدا لي أَن النَّاس تفنى نُفُوسهم ... وَأَمْوَالهمْ وَلَا أرى الدَّهْر فانيا)
(وَأَنِّي مَتى أهبط من الأَرْض تلعةً ... أجد أثرا قبلي حَدِيثا وعافيا)
قلت الْعجب من ابْن الرُّومِي كَونه ادّعى أَن هَذَا حجَّة على قدم الْعَالم وَلَيْسَ فِي هَذِه الأبيات)
دَلِيل يتَمَسَّك بِهِ لَا قَطْعِيّ وَلَا إقناعي وَإِنَّمَا الأبيات دَعْوَى مُجَرّدَة(24/95)
وَقَالَ أَبُو بكر الصولي حَدثنِي شادي الْمُغنِي قَالَ كنت يَوْمًا عِنْد الْقَاسِم بن عبيد الله وَهُوَ يشرب فَدخل ابْن فراس عَلَيْهِ شَيْئا من شرح عهد أردشير فَاسْتَحْسَنَهُ الْقَاسِم قَالَ لَهُ ابْن فراس هَذَا وَالله وَأَوْمَأَ إِلَيّ أحسن من بقرة هَؤُلَاءِ وَآل عمرانهم وَجعلا يتضاحكان
وَقَالَ الصولي حَدثنَا أَبُو الْحسن ابْن عبدون قَالَ حَدثنِي الْوَزير عَبَّاس بن الْحسن قَالَ كنت عِنْد الْقَاسِم بن عبيد الله فَقَرَأَ قَارِئ كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس فَقَالَ ابْن فراس نُقْصَان يَاء فَوَثَبت فَزعًا لذَلِك فزدني الْقَاسِم وغمزه فَسكت
وَمن شعر لوزير الْقَاسِم بن عبيد الله
(تزَود من الدُّنْيَا فَإنَّك لَا تبقى ... وَخذ صفوها مِمَّا صفا ودع الرنقا)
(وَلَا تأمنن الدَّهْر إِنِّي أمنته ... فَلم يبْق لي حَالا وَلم يرع لي حَقًا)
(قتلت صَنَادِيد الرِّجَال فَلم أدع ... عدوا وَلم أمْهل على ظنةٍ خلقا)
(وأفنيت دَار الْملك كمن كل نازلٍ ... فشردتهم غرباً وشردتهم شرقا)
(فَلَمَّا بلغت النَّجْم عزا ورفعةً ... وَصَارَت رِقَاب الْخلق أجمع لي رقا)
(رماني الردى سَهْما فأخمد جمرتي ... فها أَنا افي حفرتي عَاجلا ملقى)
(وَفرق عني مَا جمعت فَلم أجد ... لَدَى قَابض الْأَرْوَاح فِي قَبضه رفقا)
(فأذهبت دنياي وديني سفاهةً ... فَمن ذَا الَّذِي مني بمصرعه أَشْقَى)
وَفِي تَرْجَمَة أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن السّري الزّجاج النَّحْوِيّ حِكَايَة تدل على كرم هَذَا الْوَزير وَكَانَ يدْخلهُ من أملاكه فِي السّنة سَبْعمِائة ألف دِينَار وَلما مَاتَ قَالَ عبد الله بن الْحسن بن سعد
(شربنا عَشِيَّة مَاتَ الْوَزير ... سُرُورًا وَنَشْرَب فِي ثالثه)
(فَلَا رحم الله تِلْكَ الْعِظَام ... وَلَا بَارك الله فِي وَارثه)
3 - (الجوعي الصُّوفِي الدِّمَشْقِي)
الْقَاسِم بن عُثْمَان الجوعي أَبُو عبد الْملك الْعَبْدي الدِّمَشْقِي الزَّاهِد شيخ الصُّوفِيَّة قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ(24/96)
3 - (الْقَاسِم بن عَليّ)
)
3 - (أقضى الْقُضَاة الزَّيْنَبِي الْحَنَفِيّ)
الْقَاسِم بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي أَبُو نصر ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي الْقَاسِم ابْن نور الْهدى أبي طَالب قَلّدهُ المستنجد بِاللَّه الْقَضَاء بِبَغْدَاد وَجَمِيع الْبِلَاد والنواحي ولقب أقضى الْقُضَاة فقي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ شَابًّا فَاضلا لَهُ معرفَة بالفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَيعرف من الْأَدَب طرفا صَالحا وينظم الشّعْر وَيكْتب خطا حسنا صنف رِسَالَة تَتَضَمَّن أَحْكَام الصَّيْد وقوانينه وخدم بهَا المستنجد وَسمع فِي صباه من وَالِده وَأبي بكر ابْن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن المظفر الشهرزوري وَحدث بِشَيْء يسير
اخترته الْمنية فِي عنفوان شبابه سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ومولده سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
الحريري الأديب الْقَاسِم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ الحرامي الحريري صَاحب القمامات أحد الْأَئِمَّة فِي الْأَدَب وَالنّظم والنثر رزق الحظوة التَّامَّة فِي المقامات وَلم يلْحقهُ أحد من بعده وَتقدم هُوَ من قبله فِيهَا
وَمِمَّنْ عَلمته عمل المقامات البديع الهمذاني وَهُوَ الَّذِي فتح الْبَاب ونسج الحريري على منواله لَكِن الَّتِي للبديع أَرْبَعمِائَة مقامة فِي الكدية وَهِي قصار إِلَى الْغَايَة تَجِيء كل أَرْبَعَة أَو خَمْسَة مثل مقامة من الحريري وشمس الدّين معد بن نصر الله الْجَزرِي الْمَعْرُوف بِابْن الصَّقِيل وَأَبُو الْعَبَّاس يحيى بن سعيد النَّصْرَانِي الْبَصْرِيّ وَهِي الْمَعْرُوفَة بالمقامات المسيحية وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَالْقَاضِي الرشيد ابْن الزبير لَكِنَّهَا عشرُون مقامة
والمقامات التميمية اللزومية لأبي الطَّاهِر مُحَمَّد بن يُوسُف السرقسطسي وَهِي خَمْسُونَ مقامة ملزومة النثر وَالنّظم
ومقامات الشريف الزيدي عشرُون مقامة ومقامات خطير الدولة(24/97)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ إِحْدَى وَخَمْسُونَ مقامة
والمقامات الَّتِي لمُحَمد بن مَنْصُور بن دبيس الْوَاعِظ الْموصِلِي الْمَعْرُوف بِابْن الْحداد صَاحب)
الْمَنْظُومَة الرائية فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَهِي أَرْبَعُونَ مقامة
والمقامات الَّتِي للصاحب بهاء الدّين عَليّ بن الْفَخر عِيسَى
ومقامات أَحْمد بن جميل الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالأزجي وَهِي عشرُون مقامة
ومقامات الْأسد خطيب الرصافة أَحْمد بن الْحُسَيْن ومقامات أبي الهيجاء شهفيروز الشَّاعِر
ومقامات البديع الدِّمَشْقِي طراد بن عَليّ
وصنف الحريري مقاماته للوزير شرف الدّين أنوشروان بن خَالِد القاشاني وَزِير المسترشد
وصنف درة الغواص فِي أَوْهَام الْخَواص وملحة الْإِعْرَاب وسبحة الْآدَاب والمقامات وَله ديوَان رسائل وديوان شعر
وَلَيْسَ شعره وَلَا رسائله من نمط المقامات حَتَّى كَأَن قَائِلهَا غير قَائِل تِلْكَ الرسائل وَتلك الْأَشْعَار وَقيل إِن مسوداتها كَانَت حمل جمل وَهَذِه مُبَالغَة من الْقَائِل
سمع من أبي تَمام مُحَمَّد بن الْحسن بن مُوسَى الْمُقْرِئ وَأبي الْقَاسِم ابْن الْفضل القصباني الأديب وَقَرَأَ على أبي الْحسن عَليّ بن فضال الْمُجَاشِعِي وتفقه على أبي نصر ابْن الصّباغ وَأبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ
وَقَرَأَ الْفَرَائِض والحساب على أبي حَكِيم المندائي الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْكَرم الْكَرَابِيسِي والوزير عَليّ بن طراد وَأَبُو عَليّ ابْن المتَوَكل وقوام الدّين عَليّ بن صَدَقَة الْوَزير والحافظ ابْن نَاصِر وَعلي بن المظفر الظهيري ومنوجهر تركانشاه وَأحمد بن عَليّ الناعم وَأَبُو بكر ابْن النقور وَمُحَمّد بن أسعد الْعِرَاقِيّ وَأَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأَزجيّ وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو طَاهِر بَرَكَات الخشوعي
وَكَانَ الحريري غَنِيا لَهُ ثَمَانِيَة عشر ألف نَخْلَة وَقيل إِنَّه كَانَ قذراً فِي نَفسه وشكله ولبسه قَصِيرا دميماً بَخِيلًا مُولَعا بنتف ذقنه توفّي فِي سادس شهر رَجَب سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة ومولده سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة بِالْبَصْرَةِ
وَخلف وَلدين نجم الدّين عبد الله وقاضي الْبَصْرَة ضيا الْإِسْلَام عبيد الله
وَقد واخذه ابْن الخشاب فِي المقامات وأجابه ابْن مري عَنْهَا وأجابه أَيْضا المَسْعُودِيّ عَن ذَلِك
وَالَّذِي عَلمته من الشُّرُوح للمقامات الحريرية شرحان لِابْنِ ظفر كَبِير وصغير وشرحان)
للمسعودي وَشرح ابْن الْأَنْبَارِي وَشرح أبي الْبَقَاء وَشرح الْمُطَرز وَشرح الشريشي وَهُوَ جيد وَشرح صفي الدّين عبد الْكَرِيم اللّغَوِيّ وَشرح أبي الْخَيْر سَلامَة الْأَنْبَارِي الضَّرِير النَّحْوِيّ وَشرح مُحَمَّد بن أسعد بن نصر الْبَغْدَادِيّ الْحَنَفِيّ وَشرح(24/98)
مُحَمَّد بن أَحْمد الزُّهْرِيّ المالقي وَشرح مُحَمَّد بن عَليّ الْحلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن حميدة وَشرح مُحَمَّد بن عَليّ الجاواني الخلوي وَشرح الْقَاسِم بن الْقَاسِم الوَاسِطِيّ على حُرُوف المعجم
وَله أَيْضا شرح آخر على تَرْتِيب آخر وَشرح ابْن أبي طَيء الْحلَبِي الشيعي وَشرح أَحْمد بن دَاوُد الغناطي
وَقَالَ الْعِمَاد فِي الخريدة لم يزل ابْن الحريري صَاحب الْخَبَر بِالْبَصْرَةِ فِي ديوَان الْخلَافَة وَوجدت هَذَا المنصب لأولاده إِلَى آخر الْعَهْد المقتفوي
قَالَ ياقوت حَدثنِي من أَثِق بِهِ أَن الحريري لما صنع المقامة الحرامية وتعانى الْكِتَابَة فأتقنها وخالط النَّاس وَالْكتاب أصعد إِلَى بَغْدَاد فَدخل يَوْمًا إِلَى ديوَان السُّلْطَان وَهُوَ منغص بذوي الْفضل والبلاغة محتفل بِأَهْل الْكِفَايَة والبراعة وَقد بَلغهُمْ وُرُود ابْن الحريري إِلَّا أَنهم لم يعرفوا فضلله وَلَا أشهر بَينهم بلاغته ونبله
فَقَالَ لَهُ بعض الْكتاب أَي شَيْء تتعانى من صناعَة الْكِتَابَة حَتَّى نباحثك فِيهِ فَأخذ بِيَدِهِ قَلما وَقَالَ كل مَا يتَعَلَّق بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى الْقَلَم فَقيل لَهُ هَذِه دَعْوَى عَظِيمَة فَقَالَ امتحنوا تخبروا
فساءله كل وَاحِد عَمَّا يعْتَقد فِي نَفسه إتقانه من أَنْوَاع الْكِتَابَة فَأجَاب عَن الْجَمِيع أحسن جَوَاب وخاطبهم بأتم خطاب حَتَّى بهرهم وانْتهى خَبره إِلَى الْوَزير أنوشروان بن خَالِد فَأدْخلهُ عَلَيْهِ وَمَال إِلَيْهِ بكليته وأكرمه ونادمه
فتحادثا يَوْمًا فِي مَجْلِسه حَتَّى انْتهى الحَدِيث إِلَى ذكر أبي زيد السرُوجِي فأورد ابْن الحريري المقامة الحرامية الَّتِي صنعها فاستحسنها أنوشروان جدا وَقَالَ يَنْبَغِي أَن يُضَاف إِلَى هَذِه أَمْثَالهَا وينسج على منوالها عدَّة من أشكالها فَقَالَ أفعل ذَلِك مَعَ رجوعي إِلَى الْبَصْرَة وَتجمع خاطري بهَا
ثمَّ انحدر إِلَى الْبَصْرَة فَصنعَ أَرْبَعِينَ مقامة ثمَّ أصعد إِلَى بَغْدَاد وَهِي مَعَه وعرضها على أنوشروان فاستحسنها وتداولها النَّاس
واتهمه من يحسده بِأَن قَالَ لَيست هَذِه من عمله لِأَنَّهَا لَا تناسب رسائله وَلَا تشاكل أَلْفَاظه)
وَقَالُوا هَذِه من صناعَة رجل كَانَ استضاف بِهِ وَمَات عِنْده فادعاها لنَفسِهِ وَقَالَ آخَرُونَ بل الْعَرَب أخذت بعض القوافل وَكَانَ مِمَّا أَخذ جزاز بعض المغاربة وَبَاعه الْعَرَب بِالْبَصْرَةِ فَاشْتَرَاهُ ابْن الحريري وادعاه فَإِن كَانَ صَادِقا أَنَّهَا من عمله فليصنع مقامة أُخْرَى
فَقَالَ نعم سأصنع وَجلسَ فِي منزله بِبَغْدَاد أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلم يتهيأ لَهُ تريب كَلِمَتَيْنِ وَلَا الْجمع بَين لفظين وسود كثيرا من الكاغد فَلم يصنع شَيْئا فَعَاد إِلَى الْبَصْرَة وَالنَّاس يقعون فِيهِ ويعيطون فِي قَفاهُ كَمَا تَقول الْعَامَّة
فَمَا غَابَ عَنْهُم إِلَّا مديدة حَتَّى عمل عشر مقامات وأضافها إِلَى تِلْكَ وأصعد بهَا إِلَى بَغْدَاد فَحِينَئِذٍ بَان فَضله وَعَلمُوا أَنَّهَا من عمله
وَحكى بعض أهب الْأَدَب قَالَ لما قدم ابْن الحريري إِلَى بَغْدَاد وَكَانَ النَّاس يهتفون(24/99)
بفضائله ويشرئبون إِلَى لِقَائِه وَسَمَاع كَلَامه فَحَضَرَ إِلَيْهِ فِي من حضر ابْن جكينا الْمَعْرُوف بالبرغوث فَلم يجده على مَا كَانَ فِي ظَنّه من فَصَاحَته ولسنه فنظم أبياتاً مِنْهَا
(شيخٌ لنا من ربيعَة الْفرس ... ينتف عثنونه من الهوس)
(أنطقه الله بالمشان وَقد ... ألْجمهُ فِي الْعرَاق بالخرس)
وَكَانَ يَوْمًا جَالِسا بِبَعْض مجَالِس الأكابر فَجرى ذكر قَول البستي فِي رجل بخيل شرير إِن لم يكن لنا طمع فِي دَرك دَرك فأعفنا من شرك شرك فَلم يبْق أحد إِلَّا استحسنها وَأقر بِالْعَجزِ عَن الْإِتْيَان بِمِثْلِهَا
فَقَالَ ابْن الحريري فِي الْحَال إِن لم تدننا من مبارك مبارك فأبعدنا من معارك معارك وَمِمَّنْ حط عَلَيْهِ وتنقصه ابْن الْأَثِير الْجَزرِي فِي كِتَابه الْمثل السائر وَقد أَجَبْته عَمَّا قَالَ فِي كتابي نُصرْة الثائر عَلَى الْمثل السائر وَذكرت هُنَاكَ فصلا فِي فضل القمامات
وَقَالَ ياقوت قَرَأت فِي كتاب لبَعض أدباء الْبَصْرَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد حرس الله نعْمَته معاياة
(مِيم مُوسَى من نون نصر ففسر ... أيهذا الأديب مَاذَا عنيت)
تَفْسِيره مِيم الرجل إِذا أَصَابَهُ الموم وَهُوَ البرسام وَيُقَال إِنَّه أَشد الجدري وَنون نصر حوت نصر وَالنُّون السَّمَكَة يَعْنِي أَنه أكل سَمَكَة نصر فَأَصَابَهُ الموم
ولي فِي مثله)
بَاء بكر بلام ليلى فَمَا يَنْفَكّ مِنْهَا إِلَّا بعينٍ وهاء بَاء أَي أقرّ وَاللَّام الدرْع فَلَمَّا أقرّ لليلى بهَا لَزِمته فَمَا يَنْفَكّ مِنْهَا إِلَّا بِعَين الدرْع وهاء أَي خذي
وَمن شعره
(خُذ يَا بني بِمَا أَقُول وَلَا تزغ ... مَا عِشْت عَنهُ تعش وَأَنت سليم)
(لَا تغترر ببني الزَّمَان وَلَا تقل ... عِنْد الشدائد لي أَخ ونديم)
(جربتهم فَإِذا المعاقر عَاقِر ... والآل آل وَالْحَمِيم حميم)
وبلغه أَن صَحبه أَبَا زيد المطهر بن سَلام الْبَصْرِيّ الَّذِي عمل المقامات عَنهُ أَنه قد شرب مُسكرا فَكتب إِلَيْهِ(24/100)
(أَبَا زيدٍ اعْلَم أَن من شرب الطلا ... تدنس فَافْهَم سر قولي الْمُهَذّب)
(وَمن قبل سميت المطهر والفتى ... يصدق بالأفعال تَسْمِيَة الْأَب)
(فَلَا تحسها كَيْمَا تكون مطهراً ... وَإِلَّا فَغير ذَلِك الِاسْم واشرب)
فَلَمَّا بلغته الأبيات أقبل حافياً إِلَى الحريري وَبِيَدِهِ مصحف وَأقسم بِهِ أَن لَا يعود إِلَى شرب مُسكر فَقَالَ لَهُ وَلَا تحاضر من يشربه
قَرَأت كتاب المقامات من أَوله إِلَى آخِره على الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود بن سُلَيْمَان بن فَهد الْحلَبِي الْكَاتِب فِي مُدَّة كَانَ آخرهَا ثَانِي عشر الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَرَوَاهُ لي عَن شَيْخه مجد الدّين مُحَمَّد بن احْمَد بن عمر بن شَاكر الإربلي عَن الشَّيْخَيْنِ شرف الدّين أبي عبد الله الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن وَعز الدّين عبد الْعَزِيز عُثْمَان بن أبي طَاهِر الإربليين عَن أبي طَاهِر بَرَكَات بن إِبْرَاهِيم بن طَاهِر الخشوعي قَالَ أَنا الحريري إجَازَة
وعنهما وَعَن إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر التنوخي قَالُوا جَمِيعًا أَنا أَبُو الْيمن الْكِنْدِيّ أَنا عبد الله ولد المُصَنّف قَالَ أَنا وَالِدي
وقرأته أَيْضا بِالْقَاهِرَةِ فِي ثَلَاثَة مجَالِس آخرهَا تَاسِع الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة على الْعَلامَة الْحَافِظ أثير الدّين أبي حَيَّان وَأَخْبرنِي بهَا قَالَ أَنا الشَّيْخ الإِمَام الْمُقْرِئ الصَّالح أَبُو محمدٍ عبد النصير بن عَليّ بن يحيى الهمذاني المريوطي والأمير الْعَالم شمس الدّين أَبُو عبد)
الله مُحَمَّد بن باخل بن عبد الله بن أَحْمد الهكاري قَالَ المريوطي أَنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عماد الْحَرَّانِي قِرَاءَة مني عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن باخل أَنا أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّطِيف بن يُوسُف بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ سَمَاعا قَالَا أَنا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن القنور سَمَاعا قَالَ الْعَلامَة أثير الدّين وَأَنا القَاضِي الْعَلامَة أَبُو عَليّ ابْن أبي الْأَحْوَص الْقرشِي سَمَاعا للخطبة والمقامتين اللَّتَيْنِ يليانها ومناولة لجميعها أَنا الْحَافِظ أَبُو الرّبيع ابْن سَالم سَمَاعا عَلَيْهِ أَنا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم ابْن حُبَيْش سَمَاعا أَنا أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن عَليّ الأندي الْقُضَاعِي وَأَنا أَبُو عَليّ أَيْضا أَنا الْحَاج الأديب أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن أَحْمد الرعيني قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَيَّاش الْكِنَانِي سَمَاعا عَلَيْهِ قَالَا أَنا أَبُو طَاهِر بَرَكَات الخشوعي قَالَ الرعيني قِرَاءَة عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن عَيَّاش سَمَاعا وَأَنا أَبُو المظفر يُوسُف بن أَحْمد بن مُحَمَّد البابابي من كِتَابه إِلَيّ من بَغْدَاد أَنا أَحْمد بن صَالح السيبي القسيني أَنا صَدَقَة بن مُصدق الماهنوشي الشَّاعِر عرف بِابْن الزنين وَأَنا عَالِيا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْمَقْدِسِي الخشوعي قَالَ ابْن القنور والقضاعي وَابْن الزنين والخشوعي أَنا الحريري قَالَ الخشوعي إجَازَة وَقَالَ الْبَاقُونَ سَمَاعا(24/101)
ولي بِهَذَا لكتاب سَماع وقراءات بطرق على أَشْيَاخ آخَرين يَكْفِي ذكر هذَيْن الْإِمَامَيْنِ مِنْهُم
واعتنيت أَنا بِهَذَا الْكتاب وقرأته وحفظت أَكْثَره وطالعت عَلَيْهِ الشُّرُوح وكتبت بخطي بِهِ ثَلَاث نسخ على إِحْدَاهُنَّ مُخْتَصر المَسْعُودِيّ على الهوامش والحواشي وَبَين السطور وَفِي فرخات كَثِيرَة ونقلت هَذَا الْمُخْتَصر أَيْضا على نُسْخَة أُخْرَى بِغَيْر خطي
وَأما كتاب درة الغواص فَقَرَأت بعضه وَأَجَازَ لي جَمِيعه على الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن الصياد الفاسي بصفد فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَرَوَاهُ لي عَن الشَّيْخ أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر اللَّخْمِيّ الإشبيلي قِرَاءَة عَلَيْهِ وَهُوَ يسمع وَرَوَاهَا لَهُ عَن الشَّيْخ أبي عَليّ عمر بن مُحَمَّد الشلوبيني قَالَ أَنا القَاضِي الإِمَام ابو جَعْفَر أَحْمد بن عبد الله بن جهور قِرَاءَة على الْمُؤلف وواه أَيْضا عَن الشَّيْخ أبي يَعْقُوب يُوسُف بن مُوسَى المحساني أَنا الشَّيْخ علم الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد السخاوي أَنا أَبُو طَاهِر بَرَكَات الخشوعي إجَازَة عَن المُصَنّف
3 - (شمس الدّين بن الْآمِدِيّ الْكَاتِب)
)
الْقَاسِم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ شمس الدّين الْمذْحِجِي العكبراوي الأَصْل الْمَعْرُوف بِابْن الْآمِدِيّ قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين فِي مَا أَخْبرنِي بِهِ من لَفظه للمذكور ديوَان شعر أعارناه وقتا وأجاوز لنا أَن نروي عَنهُ جَمِيع مَاله من نثر ونظم
وَكَانَ يتَصَرَّف فِي الدَّوَاوِين السُّلْطَانِيَّة نَاظرا فِي مدن مصر وَيذكر عَنهُ أَنه كَانَ يتشيع وَذكر لنا أَنه من ذُرِّيَّة سُلَيْمَان بن وهب ممدوح أبي تَمام الطَّائِي
وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي مستهل صفر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بِدِمَشْق وأنشدنا لَهُ بعض أَصْحَابنَا يصف كتابا
(بِهِ شم نورا من شذىً متنسم ... وشم فِيهِ نورا من سنا متبسم)
(لَهُ لين لفظٍ ثمَّ حانية على ... خشونة فصلٍ هاج عَن لج خضرم)
(فَلَو جسدت أَلْفَاظه عدن جوهراً ... فَأصْبح يَسْتَغْنِي بهَا كل معدم)
(بِحَق غَدا فِي النَّاس يقسمها على ... مَرَاتِبهمْ بِالْعَدْلِ خير مقسم)
(خَوَاتِم فِي كف وتاجاً لمفرقٍ ... وعقداً لجيدٍ والسوار لمعصم)
(وَزوج فِيهَا خطة بقرائن ... وحصنها إِذْ لم يجنا بأيم)
(قد استعبد الْأَلْفَاظ فَهِيَ مطيعةٌ ... لأفكاره من آمرٍ متحكم)
(سطورٌ كأيكٍ وَهِي إِن لم تمد نمد ... بهَا لحمام السجع دون ترنم)
(على الطرس تحكي طل دوحٍ بمقمرٍ ... من اللَّيْل ملقٍ ريطه فَوق أدهم)
(وَطيب على حسنٍ كواشٍ من الشذى ... نموكم على روضٍ كوشي منمنم)(24/102)
3 - (بهاء الدّين ابْن عَسَاكِر)
الْقَاسِم بن عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الْحَافِظ الْمسند الْوَرع بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر مُحدث ثِقَة كريم النَّفس يكرم الغرباء كتب الْكثير وصنف وَخرج وعني بِالْكِتَابَةِ والمطالعة فَبلغ الْغَايَة وَكَانَ كثير المزح وَله المستقصى فِي فضل الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَكتاب الْجِهَاد
وأملى مجَالِس وَكَانَ يتعصب للأشعري من غير أَن يُحَقّق مذْهبه وَولي مشيخة دَار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة سِتّمائَة)
3 - (الْقَاسِم بن عمر)
3 - (الخليع الْبَغْدَادِيّ)
الْقَاسِم بن عمر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الله الْمُؤَدب الْمَعْرُوف بالخليع الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر ولد سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره
(أَي هوى من هَوَاك يسليني ... ولائمي بالغرام يغريني)
(مخسرتي بالصدود آخرتي ... مخرجتي بالغرام من ديني)
(إلام بالوعد تملأين يَدي ... وَأَنت فِي النّوم لَا تزوريني)
(ذاعن إِذا الْحَشْر تخلفين غَدا ... وكل يومٍ غَدا يمنيني)
(يَا برد تشرين وَهِي مشملة ... وثلج كانون وسط كانون)
(بيارد الْوَعْد قد مضى زمني ... وَمَا تهيا حصاد كموني)
وَمِنْه
(وَالله مِمَّا كنت مُخْتَارًا لبينكم ... وَإِنَّمَا حكم الرَّحْمَن بالبين)
(وكل مَا يحكم الله الْعَظِيم بِهِ ... فَإِن ذَلِك مَحْمُول على الْعين)
أَبُو دلف الْعجلِيّ الْقَاسِم بن عِيسَى الْأَمِير أَبُو دلف الْعجلِيّ صَاحب الكرج(24/103)
وواليها
حدث عَن هشيم وَغَيره وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً ممدحاً وشاعراً محسناً ولي حَرْب الخرمية فدوخهم وأبادهم وَولي إمرة دمشق للمعتصم
وَكَانَ شِيعِيًّا غالياً فِي التَّشَيُّع وَكَانَ حَاضر الْجَواب قَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَوْمًا مَا أخرك قَالَ كنت ضَعِيفا فَقَالَ شفاك الله وعافاك اركب فَوَثَبَ عَليّ فرسه فَقَالَ مَا هَذِه وثبة عليل فَقَالَ عوفيت بِدُعَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَله صَنْعَة فِي الْغناء مَذْكُورَة فِي كتب الأغاني وَله كتاب البزاة وَالصَّيْد وَكتاب السِّلَاح وَكتاب النزه وَكتاب سياسة الْمُلُوك وَغير ذَلِك
وَمن شعرائه أَبُو تَمام الطَّائِي وَفِيه يَقُول
(يَا طَالبا للكيمياء وَعلمه ... مدح ابْن عِيسَى الكيمياء الْأَعْظَم)
)
(لَو لم يكن فِي الأَرْض إِلَّا درهمٍ ... ومدحته لأتاك ذَاك الدِّرْهَم)
فَأعْطَاهُ على هذَيْن الْبَيْتَيْنِ عشرَة آلَاف دِرْهَم فأغفله قَلِيلا ثمَّ دخل عَلَيْهِ وَقد اشْترى بِتِلْكَ الدَّرَاهِم قَرْيَة فِي نهر الأبلة فأنشده
(بك ابتعت فِي نهر الأبلة قَرْيَة ... عَلَيْهَا قصير بالرخام مشيد)
(إِلَى جنبها أُخْت لَهَا يعرضونها ... وعندك مالٌ للهبات عتيد)
فَقَالَ لَهُ وَكم ثمن هَذِه الْأُخْت قَالَ عشرَة آلَاف دِرْهَم فَدَفعهَا إِلَيْهِ
وَقَالَ فِيهِ القصيدة الفائية الَّتِي أَولهَا
(أما الرسوم فقد أذكرن مَا سلفا ... فَلَا تكفن عَن شأنيك أَو يكفا)
مِنْهَا
(ودع فُؤَادك توديع الْفِرَاق فَمَا ...(24/104)
وَقَالَ أهل التَّارِيخ إِن قُتَيْبَة بلغ فِي غَزْو التّرْك والتوغل فِي)
بِلَاد مَا رواء النَّهر وافتتاح القلاع واستباحة الْبِلَاد وَأخذ الْأَمْوَال وَقتل الفتاك مَا لم يبلغهُ الْمُهلب بن أبي صفرَة
وَلما فتح خوارزم وسمرقند فِي عَام وَاحِد دَعَا نَهَار بن توسعة شَاعِر الْمُهلب وبنيه وَقَالَ لَهُ أَيْن قَوْلك فِي الْمُهلب
(أَلا ذهب الْغَزْو المقرب للغنى ... وَمَات الندى والجود بعد الْمُهلب)
أغزو هَذَا فَلَمَّا سمع ذَلِك نَهَار قَالَ لَا بل هَذَا حشر وَأَنا الَّذِي أَقُول
(وَلَا كَانَ مذ كُنَّا وكلا كَانَ قبلنَا ... وَلَا هُوَ فِيمَا بَعدنَا كَابْن مُسلم)
(أَعم لأهل التّرْك قتلا بِسَيْفِهِ ... وَأكْثر فَيْئا مقسمًا بعد مقسم)
وَلما بلغ الْحجَّاج مَا فعل قُتَيْبَة من الفتوحات والسبي قَالَ بعثت قُتَيْبَة فَتى بحراً فَمَا زِدْته باعاً إِلَّا زادني ذِرَاعا
وَفِي قتل قُتَيْبَة يَقُول جرير
(ندمتم على قتل الْأَغَر ابْن مسلمٍ ... وَأَنْتُم إِذا لاقيتم الله أندم)
(لقد كُنْتُم من غَزوه فِي غنيمةٍ ... وَأَنْتُم لمن لاقيتم الْيَوْم مغنم)
(على أَنه أفْضى إِلَى حور ربه ... وتطبق بالبلوى عَلَيْكُم جَهَنَّم)(24/146)
وَكَانَت الْعَرَب تستنكف من الانتساب إِلَى باهلة حَتَّى قَالَ الشَّاعِر)
(وَمَا ينفع الأَصْل من هاشمٍ ... إِذا كَانَت النَّفس من باهلة)
وَقَالَ الآخر
(وَلَو قيل للكلب يَا باهلي ... عوى الْكَلْب من لؤم هَذَا النّسَب)
وَقيل لأبي عُبَيْدَة يُقَال إِن الْأَصْمَعِي دعِي فِي النّسَب إِلَى باهلة فَقَالَ هَذَا مَا يُمكن فَقيل وَلم قَالَ لِأَن النَّاس إِذا كَانُوا من باهلة تبروا مِنْهَا فَكيف يَجِيء من لَا هُوَ مِنْهَا فينتسب إِلَيْهَا وَيُقَال إِن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتتكافأ دماؤنا فَقَالَ نعم لَو قتلت رجلا من باهلة لقتلتك بِهِ
وَقَالَ قُتَيْبَة الْمَذْكُور لهبيرة بن مسروح أَي رجل أَنْت لَو كَانَ أخوالك من غير سلول فَلَو بادلت بهم فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير أبادل بهم من شِئْت من الْعَرَب وجنبني باهلة
ويحكى أَن أَعْرَابِيًا لَقِي شخصا فِي الطَّرِيق فَسَأَلَهُ مِمَّن أنتفقال من باهلة فرثى لَهُ الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ ذَلِك الشَّخْص وَأَزِيدك أَنِّي لست من صميمهم وَلَكِن من مواليهم
فَأقبل ذَلِك الْأَعرَابِي يقبل يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَقَالَ وَلم ذَلِك فَقَالَ لِأَن الله تَعَالَى مَا ابتلاك بِهَذِهِ الرزية فِي الدُّنْيَا إِلَّا ويعوضك الْجنَّة فِي الْآخِرَة ويل لبَعْضهِم أَيَسُرُّك أَن تدخل الْجنَّة وَأَنت باهلي فَقَالَ نعم بِشَرْط أَن لَا يعلم أهل الْجنَّة أَنِّي باهلي
وَلما ولي سُلَيْمَان الْخلَافَة خافه قُتَيْبَة وتوهم أَنه يعزله ويولي خُرَاسَان يزِيد بن الْمُهلب فَكتب إِلَى سُلَيْمَان يهنيه بالخلافة ويعزيه عَن الْوَلِيد ويعلمه بلاءه وطاعته لعبد الْملك والوليد وَأَنه على مثل ذَلِك من الطَّاعَة إِن لم يعزله عَن خُرَاسَان
وَكتب إِلَيْهِ كتابا آخر يُعلمهُ بمكانه وَعظم قدره عِنْد مُلُوك الْعَجم وهيبته فِي صُدُورهمْ ويذم الْمُهلب وَأَهله وَيحلف بِاللَّه لَئِن اسْتعْمل يزِيد على خُرَاسَان ليخلعنه
وَكتب كتابا ثَالِثا فِيهِ خلعه وَبعث بالكتب الثَّلَاثَة مَعَ رجل من باهلة وَقَالَ ادْفَعْ إِلَيْهِ هَذَا الْكتاب فَإِن كَانَ يزِيد بن الْمُهلب حَاضرا فقرأه ثمَّ أَلْقَاهُ إِلَى يزِيد فادفع إِلَيْهِ هَذَا الْكتاب فَإِن قَرَأَهُ وألقاه على يزِيد فادفع إِلَيْهِ هَذَا الْكتاب
وَإِن قَرَأَ الأول وحبسه فَلم يَدْفَعهُ إِلَى يزِيد فاحبس الْكِتَابَيْنِ الآخرين
فَقدم الرَّسُول إِلَى سُلَيْمَان وَعِنْده يزِيد فَدفع إِلَيْهِ الْكتاب الأول فقرأه وَدفعه إِلَى يزِيد فَدفع إِلَيْهِ)
الْكتاب الثَّانِي فقرأه وَدفعه إِلَى زيد فَدفع إِلَيْهِ الثَّالِث فقرأه وَتغَير لَونه ثمَّ دَعَا بطين فختمه وأمسكه وَأمر بإنزال(24/147)
الرَّسُول دَار الضِّيَافَة فَلَمَّا أَمْسَى دَعَا بِهِ سُلَيْمَان وَأَعْطَاهُ صرة فِيهَا ذهب وَقَالَ هَذِه جائزتك وَهَذَا عهد صَاحبك فسر وَهَذَا رَسُولي مَعَك فَخَرَجَا فَلَمَّا كَانَا بحلوان تلقاهما النَّاس بخلع قُتَيْبَة سُلَيْمَان من الْخلَافَة
فَرجع رَسُول سُلَيْمَان وَدفع الْعَهْد إِلَى رَسُول قُتَيْبَة فوصل إِلَيْهِ فَقَالَ اخوة قُتَيْبَة لقتيبة إِن سُلَيْمَان لَا يَثِق بك بعد هَذِه
وَلم يلبث أَن قتل كَمَا ذكرته أول التَّرْجَمَة
وَقد تقدم ذكر وَلَده مُسلم أَبُو سعيد وَذكر عَمْرو بن سعيد بن مُسلم فِي مكانيهما
ذكر أَوْلَاد قُتَيْبَة وهم مُسلم وَإِبْرَاهِيم وقطن وَكثير وَالْحجاج وَعبد الرَّحْمَن وَمُسلم ويوسف وَعمر
فَأَما مُسلم فولي الْبَصْرَة مرَّتَيْنِ لِابْنِ هُبَيْرَة وَمرَّة لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَكَانَ سيد قومه وَمَات بِالريِّ وكنيته أَبُو قُتَيْبَة
وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد سعيد وَإِبْرَاهِيم وَعمر وقطن
فَأَما سعيد بن مُسلم فولي أرمينية والموصل والسند وطبرستان والجزيرة وَله عقب كثير
وَأما إِبْرَاهِيم بن مُسلم فولي الْيمن لمُوسَى الْهَادِي وَأما عمر بن مُسلم فولي الرّيّ وبلخ
وَأما قطن بن مُسلم فولي سَمَرْقَنْد وَغَيرهَا من كور خُرَاسَان وَله بهَا عقب
وَأما كثير بن قُتَيْبَة فولي سجستان وَقتل مَعَ أَبِيه
وَأما اخوة قُتَيْبَة فهم عبد الرَّحْمَن وَعبد الله وَصَالح وحصين وَعبد الْكَرِيم وَضِرَار وبشار وَزِيَاد وَحَمَّاد وزريق وَعمر ومعبد وَكلهمْ أَشْرَاف سَادَات أجواد وَكَانَ سيدهم بشار
3 - (أَبُو حَفْص البُخَارِيّ الْقَاص)
قُتَيْبَة بن أَحْمد بن سُرَيج أَبُو حَفْص البُخَارِيّ الْقَاص صَاحب التَّفْسِير الْكَبِير توفّي سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة سكن نسف وَحدث عَن سعيد بن مَسْعُود الْمروزِي وَأبي يحيى بن أبي مَسَرَّة سمع مِنْهُ نصوح بن وَاصل وَكَانَ شِيعِيًّا
(قتيلة)
3 - (قتيلة)
قتيلة بنت النَّضر بن عَلْقَمَة بن كلدة بن عبد منَاف بن عبد الدَّار كَانَت تَحت عبد الله بن الْحَارِث الْأَصْغَر ابْن عبد شمس فَولدت لَهُ عليا والوليد ومحمداً وَأم الحكم
كَانَت شاعرة محسنة قُتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَاهَا يَوْم بدر صبرا فَلَمَّا انْصَرف من بدر كتبت إِلَيْهِ قبل إسْلَامهَا
(يَا رَاكِبًا إِن الأثيل مَظَنَّة ... من صبح خامسةٍ وَأَنت موفق)
(بلغ بِهِ مَيتا بِأَن تَحِيَّة ... مَا إِن تزَال بهَا الركائب تخفق)(24/148)
(مني إِلَيْهِ وعبرةً مسفوحةً ... جَادَتْ لماتحها وَأُخْرَى تخنق)
(هَل يسمعن النَّضر إِن ناديته ... بل كَيفَ يسمع ميت لَا ينْطق)
(ظلت سيوف بني أَبِيه تنوشه ... لله أَرْحَام هُنَاكَ تشقق)
(قسراً يُقَاد إِلَى الْمنية متعباً ... رسف الْمُقَيد وَهُوَ عانٍ مُطلق)
(أمحمد ولأنت ضنء نجيبةٍ ... من قَومهَا والفحل فحلٌ معرق)
(مَا كَانَ ضرك لَو مننت وَرُبمَا ... من الْفَتى وَهُوَ المغيظ المحنق)
(فالنضر اقْربْ من تركت قرَابَة ... وأحقهم إِن كَانَ عتقٌ يعْتق)
(أَو كنت قَابل فديةٍ فلينفقن ... بِأَعَز مَا يغلو بِهِ مَا ينْفق)
فَبكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اخضلت لحيته وَقَالَ لَو بَلغنِي شعرهَا قبل أَن أَقتلهُ لعفوت عَنْك
3 - (زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
قتيلة ابْنة قيس بن كرب الكندية أُخْت الْأَشْعَث بن قيس وَيُقَال قيله وَالصَّوَاب قتيلة تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة عشر ثمَّ اشْتَكَى فِي نصف صفر ثمَّ قبض وَقيل تزَوجهَا فِي مَرضه وَقيل قبل مَرضه بشهرين وَقيل إِنَّه أوصى أَن تخير فَإِن شَاءَت ضرب عَلَيْهَا الْحجاب وَتحرم على الْمُؤمنِينَ وَإِن شَاءَت طَلقهَا فلتنكح من شَاءَت فَاخْتَارَتْ النِّكَاح فَتَزَوجهَا عِكْرِمَة بن أبي جهل بحضرموت فَبلغ أَبَا بكر فَقَالَ لقد هَمَمْت أَن أحرق)
عَلَيْهِمَا بيتهما فَقَالَ لَهُ عمر مَا هِيَ من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَلَا دخل عَلَيْهَا وَلَا ضرب عَلَيْهَا الْحجاب
قَالَ الْجِرْجَانِيّ زَوجهَا مِنْهُ أَخُوهَا فَمَاتَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل خُرُوجهَا من الْيمن فخلف عَلَيْهَا عِكْرِمَة بن أبي جهل
وَقَالَ بَعضهم مَا أوصى فِيهَا رَسُول الله صلى اللهُ عليهِ وَسلم بِشَيْء وَلكنهَا ارْتَدَّت حِين ارْتَدَّ أَخُوهَا فاحتج عمر على أبي بكر أَنَّهَا لَيست من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بارتدادها وَلم تَلد لعكرمة وفيهَا اخْتِلَاف كثير جدا
3 - (الجهنية)
قتيلة بنت صَيْفِي الجهنية وَيُقَال الْأَنْصَارِيَّة كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول روى عَنْهَا عبد الله بن يسَار(24/149)
ابْن قُتَيْبَة اسْمه عبد الله بن مُسلم
قَتِيل الريم هُوَ أَسِير الْهوى اسْمه زاكي
(قثم)
3 - (ابْن الْعَبَّاس)
قثم بن الْعَبَّاس أمه لبَابَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة أول امْرَأَة فِي مَا قَالَه الْكَلْبِيّ بعد خَدِيجَة
أردفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه وَكَانَ آخر من خرج من لحد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلما ولي عَليّ الْخلَافَة اسْتَعْملهُ على مَكَّة وَكَانَ يشبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغزا مَعَ سعيد بن عُثْمَان إِلَى سَمَرْقَنْد فاستشهد بهَا سنة سبع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ
لَهُ صُحْبَة وَلم يعقب وروى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَفِي قثم يَقُول دَاوُد بن سلم
(عتقت من حلي وَمن رحلتي ... يَا ناق إِن أدنيتني من قثم)
(إِنَّك إِن أدنيت مِنْهُ غَدا ... حالفني الْيُسْر وَمَات الْعَدَم)
(غفي كَفه بحرٌ وَفِي وَجهه ... بدرٌ وَفِي الْعرنِين مِنْهُ شمم)
(أَصمّ عَن قيل الْخَنَا سَمعه ... وَمَا عَن الْخَيْر بِهِ من صمم)
(لم يدر مَا لَا وبلى قد درى ... فعافها واعتاض عَنْهَا نعم)
)
وَفِيه يَقُول بعض الشُّعَرَاء الْمَدِينَة
(هَذَا الَّذِي تعرف الْبَطْحَاء وطأته ... وَالْبَيْت يعرفهُ والحل وَالْحرم)
3 - (النَّقِيب الزَّيْنَبِي)
قثم بن طَلْحَة بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي أَحْمد الزَّيْنَبِي هُوَ من بَيت مَشْهُور بالنقابة والوزارة والتقدم والحشمة وَالْعلم وَرِوَايَة الحَدِيث تولى النقابة على العباسيين مرَّتَيْنِ وَكَانَ أديباً فَاضلا لَهُ ترسل وَمَعْرِفَة بالأنساب والتواريخ وَأَيَّام(24/150)
النَّاس وَله فِي ذَلِك مجاميع وَكتب الْخط الْحسن وَسمع من أبي المظفر هبة الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشبلي وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن البطي وَأبي بكر أَحْمد بن المقرب الْكَرْخِي
ولد سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سبع وسِتمِائَة
الْأَمِير ابْن شبيب قَحْطَبَةَ بن شبيب الطَّائِي الْأَمِير أحد دعاة بني الْعَبَّاس ومقدم الجيوش قيل إِن اسْمه زِيَاد ولقبه قَحْطَبَةَ وَهُوَ وَالِد الأميرين حسن وَحميد
أَصَابَته ضَرْبَة فِي وَجهه لَيْلَة المسناة فَوَقع فِي الْفُرَات فَهَلَك وَلَك يدر بِهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو حنيفَة الأسواني)
قحزم بن عبد الله بن قحزم أَبُو حنيفَة الأسواني مولى خولان)
روى عَن الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو رَجَاء الأسواني كَانَ عَالما أديباً وَذكره ابْن يُونُس وَذكره الْأَمِير فِي الْإِكْمَال
روى عَنهُ فَقير بن مُوسَى الأسواني وَتُوفِّي بأسوان فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ من جلة أَصْحَاب الشَّافِعِي وَإِنَّمَا أخملته أسوان لإقامته بهَا وبأسوان ساقية تعرف بالقحزمي نِسْبَة إِلَيْهِ
3 - (القحيف الخفاجي)
)
القحيف بن حمير أحد بني خفاجة كَانَ شَارِعا من شعراء الْإِسْلَام وَكَانَت خرقاء الَّتِي كَانَ ذُو الرمة يشبب بهَا قد كَبرت حَتَّى جَاوَزت تسعين سنة أحبتا أَن تنْفق ابتنتها لتزوجها فَأرْسلت إِلَى القحيف وَسَأَلته أَن يشبب بهَا فَقَالَ
(لقد أرْسلت خرقاء نحوي جريها ... لتجعلني خرقاء مِمَّن أضلت)
(وخرقاء لَا تزداد إِلَّا ملاحةً ... وَلَو عمرت تعمير نوحٍ وجلت)
وَنَظره بعض الْفُقَهَاء مَكَّة وَهُوَ يحد النّظر إِلَى غير حرمه فَقَالَ لَهُ أتنظر إِلَى غير حُرْمَة لَك وَأَنت محرم فَقَالَ القحيف
(اقسمت لَا أنسى وَلَو شطت النَّوَى ... عرانينهن الشم والأعين النجلا)
(وَلَا الْمسك من أعطافهن وَلَا البرى ... ضممن وَقد ولينها قصباً خدلا)
(يَقُول لي الْمُفْتِي وَهن عَشِيَّة ... بِمَكَّة يرمحن المهدبة السحلا)(24/151)
(تق الله لَا تنظر إلَيْهِنَّ يَا فَتى ... وَمَا خلتني فِي الْحَج ملتمساً وصلا)
(وَإِن صبا ابْن الْأَرْبَعين لسبة ... فَكيف مَعَ اللَّاتِي مثلن بِهِ مثلا)
(عواكف بِالْبَيْتِ الْحَرَام وَرُبمَا ... رَأَيْت عُيُون الْقَوْم من نَحْوهَا نجلا)
القحف الْوَاعِظ الْحسن بن عَليّ
القحفازي نجم الدّين عَليّ بن دَاوُد
3 - (الْكلابِي الصَّحَابِيّ)
قدامَة بن عبد الله بن عمار الْكلابِي لَهُ صُحْبَة وَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي الْجمار توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَكَانَ اسْلَمْ قَدِيما وَسكن مَكَّة وَلم يُهَاجر وَشهد حجَّة الْوَدَاع وَأقَام بركبه فِي بَدو من بِلَاد نجد وسكنها وروى عَنهُ ايمن بن بابل وَحميد بن كلاب
3 - (الجُمَحِي خَال حَفْصَة)
قدامَة بن مَظْعُون بن حبيب بن وهب الْقرشِي الجُمَحِي يكنى أَبَا عَمْرو وَهُوَ خَال عبد الله وَحَفْصَة ابْني عمر بن الْخطاب وَكَانَت تَحْتَهُ صَفِيَّة بنت الْخطاب أُخْت عمر هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة مَعَ أَخَوَيْهِ عُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الله بن مَظْعُون ثمَّ شهد بَدْرًا)
وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
اسْتَعْملهُ عمر بن الْخطاب على الْبَحْرين ثمَّ عَزله وَولى عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وَكَانَ سَبَب عَزله مَا رَوَاهُ معمر عَن ابْن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي عبد الله بن عَامر بن ربيعَة أَن عمر بن الْخطاب اسْتعْمل قدامَة بن مَظْعُون على الْبَحْرين وَهُوَ خَال حَفْصَة وَعبد الله بني عمر فَقدم الْجَارُود سيد عبد الْقَيْس من الْبَحْرين فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن قدامَة شرب فَسَكِرَ وَإِنِّي رَأَيْت حدا من حُدُود الله حَقًا عَليّ أَن أرفعه إِلَيْك فَقَالَ عمر من يشْهد مَعَك فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَدَعَا أَبُو هُرَيْرَة فَقَالَ بِمَ تشهد قَالَ لم أره يشرب وَلَكِنِّي رَأَيْته سَكرَان يقيء فَقَالَ عمر لقد تنطعت فِي الشَّهَادَة
ثمَّ كتب إِلَى قدامَة أَن يقدم عَلَيْهِ من الْبَحْرين فَقدم فَقَالَ الْجَارُود لعمر أقِم على هَذَا كتاب الله فَقَالَ عمر أخصم أَنْت أم شَهِيد فَقَالَ شَهِيد فَقَالَ أدّيت شهادتك قَالَ فَصمت الْجَارُود ثمَّ غَدا على عمر فَقَالَ أقِم على هَذَا حد الله فَقَالَ عمر مَا أَرَاك إِلَّا(24/152)
خصما وَمَا شهد مَعَك إِلَّا رجل وَاحِد فَقَالَ الْجَارُود إِنِّي أنْشدك الله فَقَالَ عمر لتمسكن أَو لأسوءنك فَقَالَ يَا عمر أما وَالله مَا ذَاك بِالْحَقِّ أَن يشرب ابْن عمك الْخمر وتسوءني فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة إِن كنت تشك فِي كلامنا فَأرْسل إِلَى ابْنة الْوَلِيد فسلها وَهِي امْرَأَة قدامَة فَأرْسل عمر إِلَى هِنْد بنت الْوَلِيد ينشدها فأقامت الشَّهَادَة على زَوجهَا فَقَالَ عمر لقدامة إِنِّي حادك فَقَالَ قدامَة لعمر لَو شربت كَمَا تَقولُونَ مَا كَانَ لكم أَن تحدوني فَقَالَ عمر لم قَالَ قدامَة قَالَ الله عز وَجل لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا فَقَالَ عمر أَخْطَأت التَّأْوِيل إِنَّك إِذا اتَّقَيْت الله اجْتنبت مَا حرم عَلَيْك
ثمَّ اقبل عمر على النَّاس فَقَالَ مَاذَا ترَوْنَ فِي جلد قدامَة فَقَالُوا مَا نرى أَن تجلده مَا كَانَ مَرِيضا فَسكت على ذَلِك أَيَّامًا ثمَّ أصبح يَوْمًا وَقد عزم على جلده فَقَالَ لأَصْحَابه مَا ترَوْنَ فِي جلد قدامَة قَالُوا مَا نرى أَن تجلده مَا كَانَ وجعاً فَقَالَ عمر لِأَن يلقى الله تَحت السِّيَاط أحب إِلَيّ من أَن أَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عنقِي إيتوني بِسَوْط تَامّ فَأمر عمر بِقُدَامَةَ فجلد
فغاضب قدامَة عمر وهجره فحج عمر وَقُدَامَة مَعَه مغاضباً لَهُ فَلَمَّا قفلا من حجهما وَنزل عمر بالسقيا نَام فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ من نَومه قَالَ عجلوا عَليّ بِقُدَامَةَ فوَاللَّه لقد أَتَانِي ى ت فِي مَنَامِي فَقَالَ سَالم قدامَة فَإِنَّهُ أَخُوك فعجلوا عَليّ بِهِ فَلَمَّا أَتَوْهُ أَبى أَن يَأْتِي فَأمر عمر إِن أَبى أَن)
يجر إِلَيْهِ فَكَلمهُ عمر واستغفر لَهُ وَكَانَ ذَلِك أول صلحهما
قَالَ ابْن جريج سَمِعت أَيُّوب بن تَمِيمَة قَالَ لم يحد فِي الْخمر أحد من أهل بدر إِلَّا قدامَة بن مَظْعُون وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة
3 - (الجُمَحِي الْمَكِّيّ)
قدامَة بن مُوسَى بن عمر بن قدامَة بن مَظْعُون الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ روى عَن أنس بن مَالك وَأبي صَالح السمان وَسَالم بن عبد الله وروى عَنهُ ابْنه إِبْرَاهِيم وَعبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون ووكيع الْوَاقِدِيّ وَأَبُو عَاصِم وَجَمَاعَة
وَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
(قدامَة الْكَاتِب)
قدامَة بن جَعْفَر بن قدامَة الْكَاتِب أَبُو الْفرج كَانَ نَصْرَانِيّا فَاسْلَمْ على يَد المكتفي وَكَانَ أحد البلغاء الفصحاء والفلاسفة وَمِمَّنْ يشار غليه فِي علم الْمنطق
وَكَانَ أَبوهُ جَعْفَر مِمَّن لَا يُنكر فِيهِ وَلَا علم عِنْده قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ قد سَأَلَ قدامَة(24/153)
ثعلباً عَن أَشْيَاء وَمَات سنة سبع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة فِي أَيَّام الْمُطِيع
قَالَ ياقوت وَأَنا لَا أعْتَمد على مَا تفرد بِهِ ابْن الْجَوْزِيّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عِنْدِي كثير التَّخْلِيط وَلَكِن آخر مَا علمنَا من أَمر قدامَة أَن أَبَا حَيَّان ذكر أَنه حضر مجْلِس الْوَزير الْفضل بن جَعْفَر بن الْفُرَات وَقت مناظرة أبي سعيد السيرافي وَمَتى المنطقي فِي سنة عشْرين وثلاثمائة
قلت قَالَ محب الدّين ابْن النجار فِي ذيل تَارِيخ بَغْدَاد توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة
لَهُ من التصانيف كتاب الْخراج تسع منَازِل كَانَ ثمانياً وأضاف إِلَيْهِ تاسعة كتاب نقد الشّعْر وَتعرض ابْن بشر الْآمِدِيّ إِلَى الرَّد عَلَيْهِ فِيهِ
كتاب صابون الْغم كتاب صرف الْهم كتاب جلاء الْحزن كتاب درياق الْفِكر كتاب السياسة
كتاب الرَّد على ابْن المعتز فِيمَا عَابَ بِهِ أَبَا تَمام كتاب حَشْو حَشا الجليس كتاب صناعَة الجدل كتاب الرسَالَة فِي أبي عَليّ ابْن مقلة تعرف بِالنَّجْمِ الثاقب
كتاب نزهة الْقُلُوب وَزَاد الْمُسَافِر كتاب زهر الرّيع فِي الْأَخْبَار)
وَلم يزل قدامَة يتَرَدَّد فِي أوساط الخدم الديوانية إِلَى سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فَإِن الْوَزير أَبَا الْحسن بن الْفُرَات لما توفّي أَخُوهُ أَبُو عبد الله جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْفُرَات رد مَا كَانَ إِلَيْهِ من الدِّيوَان الْمَعْرُوف بِمَجْلِس الْجَمَاعَة إِلَى وَلَده أبي الْفَتْح الْفضل بن جَعْفَر وغليه ديوَان الْمشرق ثمَّ ظهر لَهُ بعد ذَلِك اختلال حَال من النواب فولاه لوَلَده أبي أَحْمد المحسن فاستخلف المحسن عَلَيْهِ الْقَاسِم بن ثَابت وَجعل قدامَة بن جَعْفَر يتَوَلَّى مجْلِس الزِّمَام فِي هَذَا الدِّيوَان
(قدودار)
قدودار الْأَمِير سيف الدّين مُتَوَلِّي الْقَاهِرَة ولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ولَايَة الْقَاهِرَة بعد الْأَمِير علم الدّين سنجر الخازن فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة فوليها وَأحسن إِلَى النَّاس أول ولَايَته وَلم يزل فِيهَا إِلَى أَن توجه إِلَى الْحجاز فحج وَجَاء وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سادس عشر صفر سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
(الألقاب)
ابْن قدامَة الْمسند شمس الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي
ابْن دقامة الْكَاتِب بن جَعْفَر بن قدامَة
بَنو قدامَة جمَاعَة مِنْهُم شمس الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ومهم عَلَاء الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الله وَمِنْهُم عماد الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد وَمِنْهُم أَبُو عمر مُحَمَّد بن أَحْمد(24/154)
الْقَدُورِيّ الْحَنَفِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن الْقَدُورِيّ اسْمه المطهر بن شَدِيد
ابْن قدس أَحْمد بن مُحَمَّد بن هبة الله
القراب الْحَافِظ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم
(قرابغا سيف الدّين)
قرابغا الْأَمِير سيف الدّين دوادار سيف الدّين أرغون شاه لم نر وَلم نسْمع بدوادار كَانَت لَهُ عِنْد أستاذه رُتْبَة هِيَ لقرابغا هَذَا عِنْد مخدومه
أَخْبرنِي القَاضِي نَاصِر الدّين كَاتب السِّرّ قَالَ لم أَدخل عَلَيْهِ قطّ فرايته جَالِسا قدامه بل إِلَى جَانِبه وَلَا رَأَيْته يتحدث هُوَ وأستاذه وَعِنْدَهُمَا مَمْلُوك آخر
وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله مهما قَالَه أَو أَشَارَ إِلَيْهِ فَهُوَ الَّذِي بِكَوْن الْعَمَل عَلَيْهِ وَلم يكن مشترى مَاله بل للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أعطَاهُ إِيَّاه
زوجه بِجَارِيَتِهِ كشباي وَهِي أعز جواريه وأحظاهن عِنْده وَكَانَ لَا يصبر أستاذها عَنْهَا
وَكَانَ قد وجد على آرائه عَلَيْهِ الْخَيْر والسعادة
وَلما خرج مَعَه إِلَى صفد أعطي إمرة عشرَة وَلما توجه إِلَى مصر وَأعْطِي نِيَابَة حلب أعطي إمرة طبلخاناه
وَلما حضر إِلَى دمشق أعطَاهُ أستاذه من عِنْده قَرْيَة بَيت جن وَهِي تغل مائَة ألف وَخمسين ألفا
وَأَعْطَاهُ فِي كل سنة مِائَتَيْنِ ألف دِرْهَم غير الَّذِي ينعم بِهِ عَلَيْهِ على الدَّوَام والاستمرار من الْخَيل وَالذَّهَب والقماش
مَرضت زَوجته كمشبغا الْمَذْكُورَة وبصقت دَمًا وَمَاتَتْ فِي الْيَوْم الثَّالِث ودفنت فِي تربة أَنْشَأَهَا لَهَا فِي جُمُعَة فدفنت فِيهَا يَوْم الْخَمِيس سادس عشر شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
ثمَّ إِنَّه مَاتَ ابْنهَا وكاتبه بعْدهَا بيومين ثمَّ بَصق هُوَ أَيْضا دَمًا وَمَات يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر شَوَّال فلحقها بعد خَمْسَة أَيَّام وأحضر من دَاره إِلَى بَاب النَّصْر فَخرج أستاذه وَصلى عَلَيْهِ مَعَ الْأُمَرَاء وَالنَّاس وَلم يتبعهُ
وَتوجه الْأُمَرَاء بِهِ ودفنوه عِنْد زَوجته فِي التربة الَّتِي أَنْشَأَهَا عِنْد دَار حَمْزَة التركماني
3 - (ابْن أُخْت نَائِب الشَّام)
قرابغا الْأَمِير سيف الدّين ابْن أُخْت نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين ايتمش حضر مَعَه إِلَى دمشق وَكَانَ من جملَة السِّلَاح دارية للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن وَأقَام بهَا قَلِيلا فرسم لَهُ بإمرة طبلخاناه)
وَهُوَ شكل حسن تَامّ الْخلق اسمر ممتلئ الْبدن من أحسن الأشكال خير وادع قَلِيل الشَّرّ كثير الْأَدَب والحشمة
لما طلب خَاله إِلَى الديار المصرية بَقِي هُوَ فِي دمشق مُقيما وَهُوَ بطال ثمَّ إِنَّه توجه صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين ارغون الكاملي نَائِب الشَّام إِلَى لد فِي نوبَة بيبغا وَحضر مَعَه وَتوجه إِلَى حلب ثمَّ عَاد فَلَمَّا(24/155)
أعطي خَاله نِيَابَة طرابلس توجه مَعَه وَأعْطِي طبلخاناه هُنَاكَ وَأقَام إِلَى أَن توفّي خَاله بطرابلس فَعَاد إِلَى الديار المصرية فِي سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَلم يزل بهَا إِلَى أَن توفّي رمه الله تَعَالَى فِي
3 - (أَمِير حلب)
قراتمر بطان الْأَمِير حسام الدّين كَانَ أَمِيرا بحلب وَنقل إِلَى دمشق على إقطاع الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْمَعْرُوف بِالدَّمِ الْأسود فوصل إِلَى دمشق مَرِيضا وَمَات بعد أَيَّام قَلَائِل فِي مستهل شهر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة وَأوصى إِلَى الْأَمِير سيف الدّين بلاط
3 - (التركي الوزيري)
قراتكين أَبُو مَنْصُور الوزيري مولى الْوَزير ابْن كلس كَانَ صَالحا زاهداً توفّي سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الْأَمِير زين الدّين)
قراجا بن دلغادر بدال مُهْملَة وَلَام سَاكِنة وغين مُعْجمَة وَبعدهَا ألف ودال مُهْملَة وَرَاء الْأَمِير زين الدّين نَائِب السلطنة بالأبلستين كَانَ من أُمَرَاء التركمان وارتمى إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز وانتمى إِلَيْهِ فأقامه وأحبه وعظمه
وَكَانَ ميله إِلَيْهِ أحد الْأُمُور الَّتِي نقمها السُّلْطَان النَّاصِر على الْأَمِير سيف الدّين تنكز لِأَنَّهُ كثيرا مَا كَانَ يُرَاجع السُّلْطَان فِي أمره وَيَقُول لَهُ اعزله عَن الأبلستين فيراجعه فِي أمره لِأَن ابْن دلغادر كَانَ الْوَاقِع بَينه وَبَين الْأَمِير ارتنا نَائِب الرّوم
وَلما هرب الْأَمِير سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب من حلب توجه إِلَيْهِ واستجار بِهِ آواه وَأقَام عِنْده إِلَى أَن انتصر النَّاصِر على قوصون وَطلب طشتمر فَحَضَرَ من الْبِلَاد الرومية وَابْن دلغادر مَعَه وَتوجه مَعَه إِلَى الديار المصرية وَمَا صدق بِالْخرُوجِ من الْقَاهِرَة)
وَرَأى نَفسه قد عدى حلب وقويت نَفسه من ذَلِكُم الْوَقْت وَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب حلب وتواقعا وانتصر ابْن دلغادر عَلَيْهِ
ولمت جَاءَ الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه إِلَى حلب نَائِبا دخل مَعَه وَكَانَ يكاتبه دَائِما ويهاديه
وَلما قدم إِلَى دمشق اسْتمرّ الود بَينهمَا وَأخذ لِابْنِهِ الْأَمِير صارم الدّين طبلخاناه بِالشَّام وَكَانَ يُقيم عَلَيْهَا عِنْد وَالِده
ولمات وصل الْأَمِير سيف الدّين بيبغاروس إِلَى حلب وَأَرَادَ الْخُرُوج على السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَالح راسله وَاتَّقِ مَعَه وَحضر فِي تركمانه مَعَه إِلَى دمشق وتسيب تركمانه المفسدون يعيثون فِي الأَرْض فنهبوا الْأَمْوَال وافتضوا الْفروج وَسبوا الْحَرِيم وسفكوا الدِّمَاء واعتمدوا مَا لَا يعتمده إِلَّا الْكفَّار فِي الْإِسْلَام
ثمَّ أَنه لما تحقق خُرُوج السُّلْطَان من مصر ووصوله إِلَى الرملة خامر على بيبغاروس(24/156)
وَتوجه على الْبِقَاع إِلَى بِلَاده وسَاق مَا وجده للنَّاس من خُيُول فَأخذ لأهل صفد جشاراً فِيهِ خَمْسمِائَة فرس
وَلما هرب بيبغاروس وَأحمد وبكلمش وَغَيرهم توجهوا إِلَيْهِ إِلَى أبلستين فتقرب بإمساكهم وجهز أَولا أَحْمد وبكلمش إِلَى حلب ثمَّ إِنَّه أمسك بيبغاروس من أبلستين وجهزه إِلَى حلب فَجرى مَا جرى على مَا مَذْكُور فِي تراجمهم
ثمَّ إِن الأميرين سيف الدّين شيخو والأمير طاز قاما فِي أمره قيَاما عَظِيما وجهزوا الْأَمِير عز الدّين طقطاي الدوادار إِلَى الْأَمِير سيف الدّين أرغون الكاملي نَائِب حلب وصما عَلَيْهِ وَقَالا لَا بُد من الْخُرُوج إِلَيْهِ بالعساكر وخراب أبلستين فَتوجه بِمَا مَعَه من العساكر الحلبية وَغَيرهم من عَسَاكِر الثغور ووصلوا إِلَى أبلستين وقاسى الْعَسْكَر شَدَائِد فنيت فِيهَا خيلهم وجمالهم وَمَشوا على أَرجُلهم فِي عدَّة أَمَاكِن ووجدوا أهوالاً صعبة فهرب مِنْهُم فخرب أبلستين وحرقها وَخرب قراها وَتَبعهُ بالعساكر إِلَى قريب قيصرية وأحاطت بِهِ العساكر من هُنَا وعسكر ابْن أرتنا فأمسكه قطلوشاه من أُمَرَاء مغل الرّوم وجهزه إِلَى ابْن أرتنا وَكتب نَائِب حلب إِلَى ابْن ارتنا يَطْلُبهُ فدافعه من وَقت إِلَى وَقت إِلَى أَن بَعثه فِي الآخر مُقَيّدا وَدخل إِلَى حلب يَوْم السبت ثَانِي عشْرين شعْبَان المكرم سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة فثقل النَّائِب قيوده وزناجيره واعتقله قلعة حلب وجهز سَيْفه إِلَى السُّلْطَان صُحْبَة مَمْلُوكه عَلَاء الدّين طيبغا الْمُقدم)
وَلما كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر شهر رَمَضَان وصل إِلَى دمشق وجهز إِلَى مصر صُحْبَة عَسْكَر يوصله إِلَى غَزَّة وَوصل إِلَى مصر فَأَقَامَ فِي الاعتقال مُدَّة ثمَّ إِنَّه وسط وعلق على بَاب زويلة قطعتين ثَلَاثَة أَيَّام وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة فسبحان مبيد الجبارين
(قرارسلان)
3 - (صَاحب حصن كيفا)
قرارسلان بن دَاوُد بن سقمان بن أكسب الْأَمِير فَخر الدّين صَاحب حصن كيفا وَأكْثر ديار بكر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ملك بعده وَلَده نور الدّين مُحَمَّد فحماه نور الدّين وذب عَنهُ وَمنع أَخَاهُ قطب الدّين من قَصده
وَكَانَ الْأَمِير فَخر الدّين الْمَذْكُور لما احْتضرَ بعث إِلَى نرو الدّين يَقُول لَهُ بَيْننَا صُحْبَة فِي الْجِهَاد وَأُرِيد أَن ترعى وَلَدي
3 - (المظفر صَاحب ماردين)
قرارسلان السُّلْطَان الْملك المظفر فَخر الدّين ابْن الْملك(24/157)
السعيد نجم الدّين أبي الْفَتْح إيلغازي بن أرتق بن غَازِي بن البي بن تمرتاش صَاحب ماردين وَابْن مُلُوكهَا بَقِي فِي الْملك ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَولي بعده وَلَده الْملك السعيد دَاوُد ثمَّ ابْنه الآخر الْملك الْمَنْصُور نجم الدّين غَازِي فَبَقيَ إِلَى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة حاصر السعيد التتار تِسْعَة أشهر وَلم يلن لَهُم جَانِبه وَقَالَ لَو أَقمت حَتَّى لَا يبْقى معي أحد مَا نزلت وَلَو دخلُوا عَليّ عجلت إهلاك روحي
ثمَّ إِنَّه مَاتَ فِي الْحصار فَنزل ابْنه المظفر إِلَيْهِم وَذكر خدمه الْمُتَقَدّمَة وَأَن أَبَاهُ الَّذِي كَانَ يمنعهُ من الدُّخُول فِي طاعتهم فقبلوا ذَلِك مِنْهُ وأقروه على الْملك
وَكَانَت وَفَاة المظفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (بهاء الدّين المنصوري)
قرارسلان الْأَمِير الْكَبِير بهاء الدّين المنصوري أحد الْمُتَقَدِّمين الْكِبَار بِدِمَشْق كَانَ مليح الصُّورَة تَامّ الْخلقَة سميناً شجاعاً لما هرب قبجق إِلَى)
التتار أَمر هُوَ وَنهى وَحج بِالنَّاسِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة وَدفن بتربته بَاب توما
القراريطي الْوَزير اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
(قراسنقر)
3 - (الناصري الحديثي)
قراسنقر بن عبد الله الحديثي الناصري أَبُو مُحَمَّد التركي أحد مماليك الإِمَام النَّاصِر رَبِّي بالحديثة وَحفظ الْقُرْآن وَكَانَ يقرأه صَحِيحا قِرَاءَة تجويد وَيكثر التِّلَاوَة
قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ يسكن بدرب الغيار وَسمع مَعنا كثيرا من الحَدِيث واسمع وَلدين لَهُ صغيرين كثيرا ممات الْأَكْبَر مِنْهُمَا قبله وَكَانَ شَابًّا صَالحا عَاقِلا متديناً حسن الطَّرِيقَة علقت عَنهُ شَيْئا فِي المذاكرة
مَاتَ بتستر بعد الثَّلَاثِينَ والستمائة أَو قبلهَا بِيَسِير
3 - (قراسنقر المعزي)
قراسنقر الْأَمِير الْكَبِير شمس الدّين المعزي توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (قراسنقر صَاحب أذربيجان)
قراسنقر الأتابك صَاحب أذربيجان وأران من مماليك طغرل ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه كَانَ شجاعاً مهيباً ظلوماً غشوماً عَظِيم المكحل(24/158)
فَإِن السُّلْطَان مُحَمَّد كَانَ يخافه ويداريه مرض بالسل وَمَات سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (قراسنقر المنصوري)
قراسنقر الجوكندار المنصوري الْأَمِير الْكَبِير شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد من أكبر الْأُمَرَاء وَأجل مماليك الْبَيْت المنصوري اشْتَرَاهُ الْمَنْصُور قلاوون فِي زمَان الإمرة قبل أَن تطير سمعته وَيذكر اسْمه وَجعله من الأوشاقية عِنْده ثمَّ ترقى وَعرف من صغره بِحسن التأتي فِي الْأُمُور والتحيل لبلوغ الْمَقَاصِد
وَهُوَ من أَقْرَان طرنطاي ولاجين ومكتبغا والشجاعي وَتلك الطَّبَقَة وَكَانَ اِسْعَدْ مِنْهُم فَإِنَّهُ عاصرهم وقاسمهم فِي سَعَادَة أيامهم ثمَّ عمر بعدهمْ الْعُمر الطَّوِيل متنقلاً فِي النيابات والإمرة الْكَبِيرَة إِلَّا مُدَّة يسيرَة قضي عَلَيْهِ فِيهَا بالاعتقال فِي أَيَّام سلطنة لاجين
وَيُقَال إِن أَصله من قارا وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ جهاركس قولا جزما باستنابة الْملك الْمَنْصُور)
قلاوون فِي حلب وتتبعه طرنطاي وَنصب لَهُ أشراك المكايد وسلط الحلبيين على الشكوى مِنْهُ وَبَقِي دأبه يقبح عمله ويعظم زلله وَيحسن للْملك الْمَنْصُور عَزله وَلم يزل حَتَّى أمره الْملك الْمَنْصُور بالكشف عَلَيْهِ فَأتى حلب وكشف عَلَيْهِ بِنَفسِهِ وَلم يظفر مِنْهُ بِمُرَاد وَلَا حصل فِيهِ على أمل
ثمَّ تقصده ابْن السلعوس وَأَرَادَ لَهُ البوس وأغرى لَهُ الْملك الْأَشْرَف وتفطن لَهُ قراسنقر فَلم يزل يرفع حَاله ببذل نفائس الذَّخَائِر وكرائم المَال إِلَى أَن اسْتمرّ بِهِ الْملك الْأَشْرَف
ثمَّ لم ينم عَنهُ ابْن السلعوس وَلَا سكت حَتَّى عزل عَن حلب وَولي الطباخي عوضه
وَكَانَ حقد ابْن السلعوس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذ نَفسه مُنْذُ عهد الصِّبَا وَهُوَ بَين أَبنَاء التُّجَّار بالرياسة حَتَّى كَانَ يُسمى لحمقه الصويحب وَرُبمَا قيل الصاحب على سَبِيل الهزء بِهِ لإفراط حمقه
فَأتى مرّة إِلَى حلب وقراسنقر فِي نيابته وَجَمَاعَة الدَّوَاوِين عِنْده فَلَمَّا لم يخف عَلَيْهِ حمقه فَقَالَ مَا هَذَا إِلَّا أَحمَق فَقيل لَهُ يَا خوند هَذَا الصاحب شمس الدّين وحدثوه حَدِيثه فَطَلَبه إِلَى بَين يَدَيْهِ ومزح مَعَه فعز عَلَيْهِ واغتاظ وحنق فَأمر بِهِ فَضرب على أكتافه وأخرق بِهِ وأهانه فمل ابْن السلعوس حقدها عَلَيْهِ إِلَى أَن دارت لَهُ الدائرة
وَلما عزل قراسنقر عَن حلب نقل إِلَى الْأُمَرَاء بِمصْر فَأَرَادَ مُقَابلَة ابْن السلعوس وَكَانَ رجلا داهية
حكى لي القَاضِي معِين الدّين ابْن العجمي وَهُوَ مِمَّن كَانَ خصيصاً بِهِ قَالَ لم اسْتَقر نقل قراسنقر إِلَى أُمَرَاء مصر تقرب إِلَى الْملك الْأَشْرَف وَإِلَى خواصه بِكُل نَفِيس إِلَى أَن نَدم الْملك الْأَشْرَف على عَزله وَقَالَ لَهُ هَذَا السَّاعَة حلب قد انْفَصل أمرهَا وَأَنت عندنَا عَزِيز(24/159)
كريم فمهما كَانَ لَك حَاجَة عرفنَا بهَا فَقبل الأَرْض وَقَالَ نظرة وَاحِدَة من وَجه السُّلْطَان أحب إِلَيّ من حلب وَمَا فِيهَا وَإِنَّمَا أسأَل الصَّدقَات الشَّرِيفَة أَن أكون أَمِير جاندار
فَقَالَ لَهُ الْملك الْأَشْرَف بِسم الله فَقبل الأَرْض وَقَالَ وَالله يَا خوند مَا لي غَرَض غير نظر الْوَجْه الْكَرِيم وَلَا طلبت هَذِه الْوَظِيفَة إِلَّا حَتَّى أكون أهين ذَلِك الرجل إِذا جَاءَ أَقُول لَهُ يتَصَدَّق مَوْلَانَا وَيقْعد فَإِن مَوْلَانَا السُّلْطَان فِي هَذَا الْوَقْت مَشْغُول يَعْنِي ابْن السلعوس
فَضَحِك الْملك الْأَشْرَف ومزح مَعَه فِي هَذَا وَقَالَ لَهُ هَذَا بس قَالَ وَالله يَا خوند يَكْفِينِي هَذَا)
وَهَذَا مَا هُوَ قَلِيل وَاسْتمرّ أَمِير جاندار
وَكَانَ كثيرا مَا يَجِيء ابْن السلعوس فَيقوم يقف لَهُ قراسنقر ويخدمه وَيَقُول يَا مَوْلَانَا كَانَ السُّلْطَان السَّاعَة مَشْغُول فَيتَصَدَّق مَوْلَانَا وَيقْعد وَابْن السلعوس يتلظى عَلَيْهِ وقراسنقر عُمَّال عَلَيْهِ ودأبه إغراء الْملك الْأَشْرَف بِهِ وبأمثاله من الْأُمَرَاء الْكِبَار إِلَى أَن اتَّفقُوا وفعلوا تِلْكَ الفعلة
حكى لي اينبك مَمْلُوك بيسري قَالَ لما خرجنَا مَعَ الْملك الْأَشْرَف إِلَى جِهَة تروجة قدم للْملك الْأَشْرَف لبن ورقاق وَهُوَ سَائِر فَنزل يَأْكُل
وَكَانَ أستاذي بيسري ولاجين وقراسنقر قد نزلُوا جملَة على جنب الطَّرِيق فَبعث الْملك الْأَشْرَف إِلَيْهِم بقصعة من ذَلِك اللَّبن وَقد سمها فَقَالَ بيسري فُؤَادِي يمغسني مَا اقدر آكل لَبَنًا على الرِّيق فَقَالَ لاجين أَنا صايم فَقَالَ قراسنقر دس الله هَذَا اللَّبن فِي كَذَا وَكَذَا مِمَّن بَعثه نَحن مَا نأكله ثمَّ أَخذ مِنْهُ وَأطْعم كَلْبا كَانَ هُنَاكَ فَمَاتَ لوقته فَقَالَ ابصروا ايش كَانَ يُرِيد يزقمنا
ثمَّ قَامُوا على كلمة وَاحِدَة واتفاق وَاحِد فِي نجاز مَا كَانُوا بنوا عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُم مُدَّة فِي الْعَمَل على قتل الْملك الْأَشْرَف وَابْن السلعوس إِلَى أَن كَانَ مَا كَانَ انْتهى
وَلما قتل الْملك الْأَشْرَف لم يباشره قراسنقر بِيَدِهِ بل كَانَ مَعَ المباشرين لَهُ وَنزل إِلَيْهِ وَنزع خَاتمه وحياصته بِيَدِهِ وَفعل بِهِ بعد مَوته مَا تَقْتَضِيه شماتة المشتفي واختفى هُوَ ولاجين فِي بَيت كتبغا وَكَانَ يُنَادى عَلَيْهِمَا ويتطلبهما وهما عِنْده وَالنَّاس مَا يخفى عَلَيْهِم هَذَا وَمَا يَجْسُر أحد يتَكَلَّم لِأَن كتبغا كَانَ هُوَ السُّلْطَان الْقَائِم فِي الْحَقِيقَة
ثمَّ إِنَّه أخرجهُمَا لما تسلطن وَأَمرهمَا وَعظم شَأْنهمَا وكبرهما
ثمَّ نَاب قراسنقر للاجين لما تسلطن النِّيَابَة الْعَامَّة وَأورد الْأُمُور وأصدرها واعتقله واستناب منكودمر عوضه
حكى لي قَيْصر الشرفي مَمْلُوك عمي شرف الدّين قَالَ لما اسْمك لاجين قراسنقر طلب أستاذي يَعْنِي عمي فِي شغل عرض لَهُ فَلم يدْخل وَكَانَت لَهُ مِنْهُ المكانة الْمَعْرُوفَة فَطَلَبه يدْخل فَطَلَبه ولز فِي طلبه فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ طلبناك مرَّتَيْنِ ثَلَاثَة وَأَنت مَا تَجِيء فَقَالَ(24/160)
كَيفَ أجيء وَقد عملت مَعَ قراسنقر مَا عملت بعد أَن كنتما مثل الروحين فِي الْجَسَد وأمس)
كَمَا خلصتما من تِلْكَ الشدَّة الَّتِي كنتما فِيهَا وظهرتما من الاختفاء وَمَا هَكَذَا النَّاس
فَقَالَ لَهُ يَا أخي اعذرني هَذَا وَالله لَو خليته روح روحي وَأَنا قد حَبسته وَمَا آذيه
فَقَالَ لَهُ الله مَا تؤذيه فَقَالَ آللَّهُ مَا أؤذيه فَقَالَ ارسم لي لروح غليه وَأطيب قلبه وأعرفه بِهَذَا فَقَالَ رح إِلَيْهِ وعرفه فراح غليه وعرفه بِهَذَا وَبكى وَحلف أنني مَا كنت أَمُوت وأعيش إِلَّا مَعَه وَإِن وَإِن فجَاء إِلَى لاجين وعرفه وَقَالَ لَهُ يَا خوند أَنْت قد قلت وَالله مَا آذيه وَأَنت مِمَّن يوثق بِيَمِينِهِ وَلَا يشك فِي دينه فَقَالَ يَا شرف الدّين وَأَزِيدك هَات الْمُصحف فَجَاءُوا بالمصحف فَقَالَ لَهُ حلفني عَلَيْهِ أنني مَا آذي قراسنقر فِي نَفسه وَلَا أمكن من يُؤْذِيه فِيهَا
فَعَاد القَاضِي شرف الدّين إِلَيْهِ وعرفه بذلك فَقَالَ السَّاعَة يَا شرف الدّين طَابَ الْحَبْس جَزَاك الله الْخَيْر
وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن قتل لاجين وَجَاءَت الْأَيَّام الناصرية فِي النّوبَة الثَّانِيَة فَأطلق وَأعْطِي الصبيبة فَبَقيَ بهَا مديدة وَنقل إِلَى نِيَابَة حماة بعد الْعَادِل كتبغا
فَلَمَّا مَاتَ الطباخي نقل قراسنقر إِلَى حلب نَائِبا وَأعْطيت حماة لقبجق
وَلم يزل قراسنقر بحلب نَائِبا إِلَى أَن خرج الْملك النَّاصِر مُحَمَّد من الكرك وَجَاء إِلَى دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهِ فَركب السُّلْطَان لتلقيه فَالْتَقَيَا بالميدان الْكَبِير وترجل السُّلْطَان لَهُ وعانقه وَقبل صَدره وَبِه استتم أمره واستتب لَهُ الْملك
وَكَانَ ابْنه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد هُوَ الَّذِي استمال أَبَاهُ قراسنقر للْملك النَّاصِر فشرع بذلك المظفر فَيُقَال إِنَّه سمه
وَأخذ قراسنقر فِي تَدْبِير الْملك وَالسُّلْطَان تبع لَهُ فِيمَا يرَاهُ ووعده بكفالة الممالك والنيابة الْعَامَّة بِمصْر
فَلَمَّا وصل إِلَى مصر قَالَ لَهُ الشَّام بعيد عني وَمَا يضبطه غَيْرك فَأخْرجهُ لنيابة دمشق وَقَالَ لَهُ هَذَا الجاشنكير خرج إِلَى صهيون فتمسكه وتحضر بِهِ لتنفق على الْمصلحَة فَخرج واجتهد على إمْسَاك الجاشنكير فَلَمَّا أحضرهُ إِلَى الصالحية أَتَاهُ أسندمر كرجي من مصر بمرسوم السُّلْطَان بِأَن يُسلمهُ غليه وَيتَوَجَّهُ فسلمه غليه وَتوجه إِلَى دمشق ودخلها يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع سَبْعمِائة وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَقد نفض يَده من طَاعَة السُّلْطَان فَغير أَنه حمل الْأَمر على ظَاهره وَلم يفْسد السُّلْطَان بكشف بَاطِنه)
وَأقَام بِدِمَشْق على أوفاز فَمَا حل بهَا أحمالاً وَلَا خزن بهَا غلَّة وَلَا تقيد فِيهَا لشَيْء وَأخذ فِيهَا أمره بالحزم وَجعل لَهُ مماليك بطفس ومماليك بالصنمين وعيناً ببيسان
وَكَانَ إِذا وصل أحدج من مصر مِمَّن يتَوَهَّم مِنْهُ بطقوا من بيسان بطاقة منقولة إِلَيْهِ
فَإِذا وصل الْوَاصِل من مصر إِلَى طفس تَلَقَّتْهُ مماليك قراسنقر ونوابه وَقدمُوا لَهُ مَا سأكل وَمَا يشرب ثمَّ يَأْتِي إِلَى الصنمين فيفعلون بِهِ أُولَئِكَ كَذَلِك ليشغلوه فِي كل منزلَة بِالْأَكْلِ وَالشرب والتكبيس إِلَى أَن يبلغ الْخَبَر قراسنقر وهجنه وخيله كلهَا محصلة فيستعد لما يُرِيد فعله
ثمَّ إِن الْوَاصِل من مصر إِذا أَتَى الصنمين ركب مَعَه من مماليك قراسنقر من يوصله إِلَيْهِ بِجَمِيعِ من مَعَه من المماليك والغلمان والسواقين حَتَّى لَا ينْفَرد أحد مِنْهُم بِشَيْء خشيَة من كتب تكون مَعَه(24/161)
فَيُرْسل بهَا من يفرقها
ثمَّ إِنَّه ينزله هُوَ وكل وَمن مَعَه عِنْده وَلَا يَدعه يجد محيصاً فَلَمَّا أَتَاهُ الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار أنزلهُ عِنْده وَلم يُمكنهُ من الْخُرُوج خطرة وَأنزل مماليكه عِنْد مماليكه وَكَانَ عِنْده كَأَنَّهُ تَحت الترسيم وَفتح أجربتهم وفتق نمازنيات سروجهم فوجدوا فِيهَا الملطفات بإمساكه فَأَعَادَهَا إِلَى أماكنها وطاوله إِلَى أَن نجز حَاله وَلَا يظْهر لَهُ شَيْئا مِمَّا فهمه وغالطه بالبسط والانشراح
قَالَ حكى لي الصاحب عز الدّين ابْن القلانسي قَالَ أتيت قراسنقر وَكَانَ يأنس إِلَيّ وَقلت لَهُ مَا هَذَا الَّذِي اسْمَعْهُ فَإِن النَّاس نوحوا بإمساكه فَقَالَ اصبر حَتَّى أمزجك ثمَّ قَالَ لأرغون بِأَيّ شَيْء غويتم أَنْتُم فَإنَّا نَحن كُنَّا غاوين بالعلاج والصراع
وحدثته فِي مثل هَذَا فَقَالَ أرغون وَنحن هَكَذَا فَقَالَ أَنْت أيش تعْمل قَالَ أصارع فأحضر قراسنقر مصارعين قدامه ثمَّ لم يزل لبه حَتَّى قَامَ أرغون وصارع قدامه فَبَقيَ قراسنقر يتطلع إِلَيّ وَيَقُول يَا مَوْلَانَا ابصر من جَاءَ يمسكني انْتهى
قَالَ وَفهم بيبرس العلائي الْحَال من غير أَن يُقَال لَهُ فَركب على سَبِيل الِاحْتِيَاط على أَنه يمسِكهُ فَبعث يَقُول لَهُ إِن كَانَ جَاءَك مرسوم من أستاذي أوقفني عَلَيْهِ فَمَا عِنْدِي إِلَّا السّمع وَالطَّاعَة وَإِن كَانَ جَاءَك مرسوم خَلِّنِي وَإِلَّا أَنا أركب وأقاتل إِمَّا أنتصر أَو اقْتُل أَو أهرب وَيكون عُذْري قَائِما عِنْد أستاذي وَابعث أَقُول لَهُ إِنَّك أَنْت الَّذِي هربتني فتخيل بيرس العلائي وَرَاح إِلَى بَيته)
وَكَانَ نِيَابَة حلب قد خلت وَقد بعث السُّلْطَان مَعَ أرغون إِلَيْهِ تقليداً بنيابتها وَفِيه اسْم النَّائِب خَالِيا وَقَالَ لَهُ اتصرف فِي هَذِه النِّيَابَة وعينها لمن تختاره فَهِيَ لَك إِن اشْتهيت تأخذها خُذْهَا وَإِن أردتها لغيرك فَهِيَ لَهُ
وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمدَّة كلهَا يبْعَث قراسنقر إِلَى السُّلْطَان وَيَقُول يَا خوند أَنا قد ثقل جناحي فِي حلب بِكَثْرَة علائقي بهَا وعلائق مماليكي وَلَو تصدق السُّلْطَان بعودي إِلَيْهَا كنت رحت إِلَيْهَا
فَلَمَّا كَانَ من بيبرس العلائي مَا كَانَ قَالَ لأرغون أَنا قد استرخت الله تَعَالَى وَأَنا رَايِح إِلَى حلب ثمَّ قَامَ وَركب ملبساً تَحت الثِّيَاب من وقته وَركب مماليكه مَعَه هَكَذَا وَخرج إِلَى حلب وأرغون مَعَه إِلَى جَانِبه مَا يُفَارِقهُ والمماليك حوله لَا يُمكن الْأُمَرَاء من الدُّخُول إِلَيْهِ وَلَا التَّسْلِيم عَلَيْهِ
وَخرج على حمية إِلَى حلب فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث الْمحرم سنة إِحْدَى عشرَة وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا وَهُوَ على خوف شَدِيد ثمَّ طلب الدستور لِلْحَجِّ فَلَمَّا كَانَ بزيزاء أَتَتْهُ رسل السُّلْطَان تَأمره بِأَن يَأْتِي الكرك ليَأْخُذ مَا أعده السُّلْطَان هُنَاكَ من الإقامات فَزَاد تخييله وَكثر تردد الرُّسُل فِي هَذَا فَعظم توهمه وَركب لوقته وَقَالَ أَنا مَا بقيت أحج وَرمى هُوَ وَجَمَاعَة مَا لَا يُحْصى من الزَّاد وَأخذ مشرقاً يقطع عرض السماوة حَتَّى أَتَى مهنا بن عِيسَى وَنزل عَلَيْهِ واستجار بهوأتى حلب(24/162)
فَوقف بظاهرها حَتَّى أخرجت مماليك قراسنقر مَا كَانَ لَهُم بهَا مِمَّا أمكنهم حمله بعد ممانعة قرطاي دون ذَلِك وركوبه بالجيش للممانعة وَلكنه لم يقدر على مدافعة مهنا بن عِيسَى
ثمَّ لم يزل يُكَاتب الأفرم حَتَّى جَاءَ هُوَ والزردكاش ومهنا يستعطف لَهُم خاطر السُّلْطَان على أَن يُعْطِيهِ البيرة وَيُعْطِي الأفرم الرحبة والمزردكاش بهنسا وَالسُّلْطَان يَقُول بل الصبيبة وعجلون والصلت
فَهموا بالْمقَام مَعَ الْعَرَب وَعمِلُوا على هَذَا وتهيأوا لإزاحة الْعذر فيهم فَلَمَّا طَالَتْ الْمدَّة بهم ضَاقَتْ أعطانهم وأعطان مماليكهم أَكثر لأَنهم لَا يلائم الْعَرَب صُحْبَة الأتراك وقشف الْبَادِيَة وخشونة عيشها وشرعوا فِي الْهَرَب
فخاف قراسنقر من الْوحدَة فَقَالَ لمهنا فِي هَذَا فَقَالَ لَهُ أَنا كنت أُرِيد أحَدثك فِي هَذَا وَلَكِن خشيت أَن تظن أَنِّي استثقلت بكم لَا وَالله وَلَكِن أَنْتُم مَا يضمكم لَا الْحَاضِرَة والمدن وَهَذَا قد تخبث لكم وَأَنْتُم يَد تخبثتم لَهُ وَمَا بَقِي إِلَّا ملك الشرق يَعْنِي السُّلْطَان خربندا وَهُوَ كَمَا اسْمَع)
ملك كريم محسن إِلَى من يجيه ويقصده فدعوني أكتب إِلَيْهِ بسببكم فوافقوه على هَذَا فَكتب لَهُم فَعَاد جَوَاب خربندا بِأَن يجهزهم إِلَيْهِ ويعدهم بِإِحْسَان فتوجهوا إِلَيْهِ فوجدوا مِنْهُ مَا أسناهم مصيبتهم وسلاهم عَن بِلَادهمْ
قَالَ حكى لي شَيخنَا وَاحِد الدَّهْر شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ لما جَاءُوا أَمر السُّلْطَان خربندا الْوَزير أَن يبصر كم كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُم من مبلغ الإقطاع ليعطيهم نَظِيره فَأَعْطَاهُمْ على هَذَا الحكم
فَأعْطى قراسنقر مراغة وَأعْطى الأفرم همذان وَأعْطى الزردكاش نهاوند وتفقدهم بالإنعام حَتَّى غمرهم
وَقَالَ لقد كنت حَاضرا يَوْم وصولهم واختبرهم فِي الحَدِيث فَقَالَ عَن قراسنقر هَذَا أرجحهم عقلا لِأَنَّهُ قَالَ لكل وَاحِد مِنْهُم أيش تُرِيدُ فَقَالَ شَيْئا فَقَالَ قراسنقر مَا أُرِيد إِلَّا امْرَأَة كَبِيرَة الْقدر أَتزوّج بهَا فَقَالَ هَذَا كَلَام من يعرفنا أَنه مَا جَاءَ إِلَّا مستوطناً عندنَا وَأَنه مَا بَقِي لَهُ عودة إِلَى بِلَاده فَعظم عِنْده بِهَذَا وَأَجْلسهُ فَوق الأفرم وسنى لَهُ العطايا أَكثر مِنْهُ وزوجه بنت قطلوشاه وَسَماهُ قراسنقر لِأَن الْمغل يكْرهُونَ السوَاد ويتشاءمون بِهِ
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَكَانَ خربندا وَابْنه بوسعيد يحْضرَانِ قراسنقر فِي الأطاغ والأرغة مَعَهُمَا دون الأفرم وهما من مَوَاضِع المشورة وَالْحكم
وامتد عمر قراسنقر بعد الأفرم وَوَقع عَلَيْهِ الفداوية مَرَّات وَلم يقدر الله تَعَالَى أَن ينالوا مِنْهُ شَيْئا وَمَا قدا عَلَيْهِ إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَهُوَ بِبَاب الكرباش منزل القان فَإِنَّهُم وَثبُوا عَلَيْهِ وَهُوَ بَين أُمَرَاء الْمغل فَخدش فِي سَاقه خدشاً هيناً وتكاثر المماليك والمغل على الْوَاقِع فقطعوه وَلم يتأثر قراسنقر لذَلِك
قلت قَالَ إِن الَّذِي هلك بِسَبَبِهِ من الفداوية ثَمَانُون رجلا(24/163)
حكى لي مجد الدّين السلَامِي قَالَ كُنَّا يَوْم عيد بالأردو وجوبان وَولده دمشق خواجا إِلَى جَانِبه وقراسنقر جَالس إِلَى جَانِبه وَهُوَ قَاعد فَوق أَطْرَاف قماش دمشق خواجا فَوَقع الفداوي عَلَيْهِ فَرَأى دمشق خواجا السكين فِي الْهَوَاء وَهِي نازلة فَقَامَ هاباً فبسبب قِيَامه لما نَهَضَ مسرعاً تعلق بقماشه تَحت قراسنقر)
فَدفع قراسنقر ليخلص فَخرج قارسنقر من مَوْضِعه وراحت الضَّرْبَة ضائعة فِي الْهَوَاء وَوَقع مماليك قراسنقر على الفداوي فقطعوه قطعا
والتفت قراسنقر إِلَيّ وَقَالَ هَذَا كُله مِنْك وَمَا كَانَ هَذَا الفداوي إِلَّا عنْدك مخبوءاً وَأخذ فِي هَذَا وَأَمْثَاله ونهض إِلَى السُّلْطَان بوسعيد وشكا إِلَيْهِ وَدخلت أَنا وجوبان خَلفه فَقَالَ للسُّلْطَان بوعيد يَا خوند إِلَى مَتى هَذَا بِاللَّه اقتلني حَتَّى أستريح وَالله زَاد الْأَمر وَطَالَ وَأَنا فقد التجأت إِلَيْكُم ورميت نَفسِي عَلَيْكُم واستجرت بكم والعصفور يسْتَند إِلَى غُصْن شوك يَقِيه من الْحر وَالْبرد
فانزعج السُّلْطَان بوسعيد لهَذَا الْكَلَام وَقَالَ لي بغيظ إِلَى مَتى هَذَا وَأَنت عندنَا والفداوية تخبأهم عنْدك لهَذَا فَقلت وحياة راس القان مَا كَانَ عِنْدِي وَإِنَّمَا حضر أمس مَعَ فلَان وَلَكِن هَذَا أَخُوك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد قَالَ غير مرّة إِن هَذَا مملوكي ومملوك أخي ومملوك أبي وَقد قتل أخي وَمَا ارْجع عَن ثأر أخي وَلَو أنفقت خزاين مصر على قتل هَذَا وَهَذَا دخل إِلَيْكُم قبل الصُّبْح بَيْننَا وَهُوَ مُسْتَثْنى من الصُّلْح فَعِنْدَ ذك قَالَ جوبان هَذَا حَقه نَحن مَا ندخل بَينه وَبَين مَمْلُوكه قَاتل أَخِيه وَخرج فانفصلت الْقَضِيَّة
وَحكى عَلَاء الدّين عَليّ بن العديل القاصد قَالَ توجهنا مرّة ومعنا أَرْبَعَة من الفداوية لقراسنقر فَلَمَّا قاربنا مراغة وَبَقِي بَيْننَا وَبَينهَا يَوْم أَو قَالَ يَوْمَانِ وَنحن فِي قفل تجار والفداوية مستورون أحدهم جمال وَالْآخر عكام وَالْآخر مشاعلي وَالْآخر رَفِيق فَمَا نشعر إِلَّا والألجية قد وردوا علينا فتقدموا إِلَى أُولَئِكَ الربعة وأمسكوهم وَاحِدًا وَاحِدًا من غير أَن يتَعَرَّضُوا إِلَى أحد غَيرهم فِي القفل وتوجهوا بهم إِلَى قراسنقر فَقَتلهُمْ وَكَذَلِكَ فعل بغيرهم وَغَيرهم
قلت الظَّاهِر أَنه كَانَ لَهُ عُيُون تطالعه بالأخبار وتعرفه المتجددات من دمشق وَمن مصر فنه كَانَ فِي هَذِه الْبِلَاد نَائِبا وجهز جمَاعَة من الفداوية وَيعرف قَوَاعِد هَذِه الْبِلَاد وَمَا هِيَ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مِمَّن بغفل عَن أَمر الفداوية وَمَا كَانَ يُؤْتى إِلَّا مِنْهُم
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَمَات فِي عزه وجاهه وسعادته مُعظما بَيت الْمغل كَأَنَّمَا عمره رب فيهم
وَيُقَال أَنه ملك ثَمَانمِائَة مَمْلُوك وَعِنْدِي أَنه لم يبلغ هَذِه الْعدة وَإِنَّمَا كَانَ عِنْده مماليك كَثِيرَة جدا)
وَحصل أَمْوَالًا جمة وَيُعْطِي الْأَمْوَال الجمة لمماليكه وجماعته من الْخُيُول المسومة والسروج الزرخونا والحوايص الذَّهَب والكلاوت والطرز الزركش والأطلس والسمور وَغير ذَلِك من كل مَال فاخر
وتأمر فِي حَيَاته بنوه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد تقدمة ألف(24/164)
والأمير عَلَاء الدّين عَليّ طبلخاناه وَفرج بِعشْرَة وتأمر لَهُ عدَّة مماليك مثل بيخان ومغلطاي وبلبان جهاركس بطبلخاناه بهادر وعبدون بعشرات
قَالَ شهَاب الدّين ابْن الضَّيْعَة النَّقِيب لما جَاءَت العساكر الحلبية مَعَ قراسنقر إِلَى دمشق سنة تسع وَسَبْعمائة كَانَ ثلث الْجَيْش يحمل رنك قراسنقر لأَنهم أَوْلَاده وَأَتْبَاعه ومماليكه وأتباعهم
وَكَانَ فِي حلب والأمراء الْحُكَّام فِي مصر مثل سلار والجاشنكير وَغَيرهمَا يخافونه ويدارونه وَلَا يخالفون أمره
وَكَانَ مَعَ هَذِه العظمة الْكَبِيرَة والسؤدد الزايد يُدَارِي بِمَالِه ويصانع حَاشِيَة السلطتان حَتَّى الْكتاب والغلمان فَيُقَال لَهُ فِي ذَلِك فَيَقُول مَا يعرف الْإِنْسَان كَيفَ تَدور الدَّوَائِر وَوَاحِد من هَؤُلَاءِ يَجِيء لَهُ وَقت تفلح مِنْهُ كلمة تعمر ألف بَيت وتخرب ألف بَيت
وَكَانَ يرى أَخذ الْأَمْوَال وَلَا يرى إهراق الدِّمَاء فحقن الله دَمه وأهذب مَاله
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين حكى لي الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر الْأنْصَارِيّ الصُّوفِي قَالَ كَانَ ابْن عبود إِذا عمل المولد الشريف النَّبَوِيّ حضر إِلَيْهِ الْأُمَرَاء وَسَائِر النَّاس فَعمل المولد مرّة فِي سنة من السنين فحضره قراسنقر وَكَانَ فِي المولد رجل صَالح مغربي يعرف بالمراكشي فَلَمَّا مدت الأسمطة قَامَ قراسنقر وَقلع سَيْفه وتشمر وَمد السماط الْمُخْتَص بالفقراء وَقدم بِيَدِهِ الطَّعَام وَشرع يقطع المشوي لَهُم وَلَا يدع أحدا يتَوَلَّى خدمتهم سواهُ فَقَالَ المراكشي من هَذَا قَالُوا لَهُ هَذَا الْأَمِير شمس الدّين قراسنقر أَمِير كَبِير صفته نَعته ومكانته من الدولة كَبِيرَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يعِيش سعيداً وتنزل بِهِ فِي آخر عمره كاينة ويخلص مِنْهَا ويخلص بِسَبَبِهِ غَيره وَيسلم وَمَا يَمُوت إِلَّا على فرَاشه
وَكَانَ لَا يَأْخُذ من أحد شَيْئا إِلَّا وَيَقْضِي شغله ويفيده قدر مَا أَخذ مِنْهُ مَرَّات مضاعفة وَأَيْنَ مثله أَو من يُقَارب فعله)
حكى لي أَن شخصا من أَبنَاء الْأُمَرَاء الكبراء بحلب كَانَ يحب صَبيا اشْتهر بِهِ وَعرف بحبه فاتفق أَن ذَلِك الصَّبِي غَابَ فاتهمه أَهله بدمه وَشَكَوْهُ إِلَى الْوَالِي فَأحْضرهُ وَقَررهُ بِالضَّرْبِ وَالتَّعْلِيق فَلم يصبر وَقَالَ قتلته فألزم بِهِ وأوجع الْحَبْس على دَمه وَكَانَ بريا مِنْهُ فتحيل فِي إرْسَال شَيْء خدم بِهِ قراسنقر فَأمر أَن ينظر وَلَا يعجل عَلَيْهِ فَمَا مَضَت مُدَّة حَتَّى جَاءَ كتاب نَائِب البيرة يخبر بِأَنَّهُ قد أنكر على صبي من أَبنَاء النِّعْمَة مَعَ جمَاعَة من الْفُقَرَاء قصدُوا الدُّخُول إِلَى ماردين وَأَنه رده إِلَى حلب ليحقق أمره
فَلَمَّا جَاءَ إِذا بِهِ ذَلِك الصَّبِي بِعَيْنِه وَظَهَرت بَرَاءَة الْمُتَّهم بِهِ وخلي سَبيله وغفل عَنهُ قراسنقر مُدَّة لَا يذكرهُ إِلَى أَن مَاتَ أَمِير بحلب وَخلف نعمى طائلة وَلَا وَارِث لَهُ
فَلَمَّا أَتَاهُ وَكيل بَيت المَال والديوان يستأذنونه فِي الحوطة عَلَيْهِ فَقَالَ هَذَا مَال كثير اريد وَاحِدًا من جهتي يكون مَعكُمْ وَطلب ذَلِك الرجل وَأمره أَن يكون مَعَهم فَحصل من تِلْكَ التَّرِكَة محصولاً جيدا وَعمل بِهِ ذَهَبا أَضْعَاف مَا أعْطى قراسنقر أَولا وأتى(24/165)
بِالذَّهَب إِلَى قراسنقر وَقَالَ يَا خوند هَذَا الَّذِي تحصل فَقَالَ بَارك الله لَك فِيهِ نَحن أَنا نصيبنا مِنْك أَولا سلفا
وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله بمراغة فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَفِي تَرْجَمَة تمرتاش شَيْء من ذكره
(قراطاش)
3 - (الزعيمي الأرمني الْبَغْدَادِيّ)
قراطاش بن عبد الله الأرمني أَبُو عبد الله الزعيمي وَيُسمى عبد الله أَيْضا مولى زعيم الدّين أبي الْفضل يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر رَبِّي فِي النِّعْمَة والحشمة وَكَانَ خصيصاً بمولاه عَزِيزًا عِنْده ثمَّ بعد وَفَاة مَوْلَاهُ انْقَطع إِلَى الْخلْوَة وَصَحب الصُّوفِيَّة وجاور بسقاية الراضي بِجَامِع الْمَنْصُور وَبَقِي بهَا إِلَى حِين وفاه ملازماً للخلوة ودوام الْعِبَادَة وَظَهَرت آثَار الصّلاح عَلَيْهِ
وَسمع من أبي بكر بن الشاروق الْمقري
توفّي سنة سِتّ وسِتمِائَة وَحضر جنَازَته خلق كثير
(قراقوش)
3 - (بهاء الدّين الْأَسدي)
قراقوش الْأَمِير الْكَبِير بهاء الدّين الْأَسدي الْخَادِم الْأَبْيَض فَتى أَسد الدّين شيركوه لما اسْتَقل السُّلْطَان صَلَاح الدّين بِملك صر جعله زِمَام الْقصر وَكَانَ مسعوداً مَيْمُون النقيبة صَاحب همة
بنى سور الجيزة فِي الدولة الصلاحية وَلما فتح صَلَاح الدّين عكا سلمهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا أَخذهَا الفرنج أَسرُّوا قراقوش فافتكه مِنْهُم بِعشْرَة آلَاف دِينَار
وَله حُقُوق على السُّلْطَان وَالْإِسْلَام توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وللأسعد بن مماتي كراس سَمَّاهُ الفافوش فِي أَحْكَام قراقوش مَكْذُوب عَلَيْهِ فيعه أَشْيَاء فَإِنَّهَا مَا تقع من مثل من كَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يعْتَمد عَلَيْهِ وينوب عَنهُ
وَعمر بالمقس رِبَاطًا وعَلى بَاب الْفتُوح بِظَاهِر الْقَاهِرَة خَان سَبِيل وَله وقف كثير لَا يعرف مصرفه(24/166)
ابْن قراقيش الطَّبِيب اسْمه عبد الصَّمد بن سُلْطَان
(قرام)
3 - (الْأَمِير سيف الدّين)
كَانَ أَمِير آخور فِي أَيَّام الصَّالح صَالح وَهُوَ فِي مَحل كير فَعمل عَلَيْهِ وَأخرج إِلَى دمشق على أَن بحالح ولَايَة سيف الدّين تِلْكَ الشّحْنَة وَسيف الدّين منكلي بغا السِّلَاح دَار الصَّالِحِي فوصل إِلَى دمشق فِي سادس عشْرين شهر بيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين الشّحْنَة إِلَى مصر
فَأَقَامَ بِدِمَشْق إِلَى أَن أمسك بَين العشائين واعتقل بقلعة دمشق فِي عَشِيَّة يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَبَقِي فِي الاعتقال إِلَى أَن حضر(24/167)
سرحان إِلَى الشَّام فِي نوبَة سغايد
وَلما توجه إِلَى مصر أَخذه مَعَه صُحْبَة من امسك تِلْكَ اللَّيْلَة الْوَاقِعَة وَتوجه إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة
ثمَّ إِنَّه افرج عَنهُ وَحضر إِلَى دمشق فِي عَاشر شهر ربيع الآخر سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة ورتب لَهُ على الدِّيوَان كل يَوْم خمسين درهما وَكَانَ قد مَاتَ الْأَمِير سيف الدّين الجيبغا العادلي فأنعم عَلَيْهِ بإقطاعه
وَلَمْ يزل عَلَى حَاله إِلَى أَن توفّي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشْرين من رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة
3 - (الْأَسدي الْكُوفِي)
قرَان بن تَمام الْأَسدي وَثَّقَهُ أَحْمد وَكَانَ يَبِيع الدَّوَابّ وَهُوَ كُوفِي نزل بَغْدَاد روى عَن سُهَيْل بن أبي صَالح وَهِشَام بن عُرْوَة ومُوسَى بن عُبَيْدَة وَجَمَاعَة
وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَأحمد بن منيع وَعلي بن حجر وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْجرْمِي وَالْحسن بن عَرَفَة وَآخَرُونَ
توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَمِير آخور سيف الدّين)
قردمر الْأَمِير سيف الدّين أَمِير آخور كَانَ أَمِير آخور فِي أَيَّام الصَّالح صَالح وَهُوَ فِي مَحل كَبِير فَعمل عَلَيْهِ وَأخرج إِلَى دمشق على إقطاع الْأَمِير سيف الدّين تِلْكَ الشّحْنَة وَصَحبه سيف الدّين منكلي بغا السِّلَاح دَار)
الصَّالِحِي فوصل إِلَى دمشق فِي سادس عشر من شعر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَطلب تِلْكَ الشّحْنَة إِلَى مصر فَأَقَامَ بِدِمَشْق إِلَى أَن أمسك بَيت العشاءين واعتقل بقلعة دمشق فِي عَشِيَّة الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة
وَبَقِي فِي الاعتقال إِلَى أَن حضر السُّلْطَان إِلَى الشَّام فِي نوبَة بيبغاروس وَلما توجه إِلَى مصر أَخذه مَعَه صِحَة من أمسك فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة وَتوجه إِلَى إسكندرية ثمَّ إِنَّه أفرج عَنهُ وَحضر إِلَى دمشق فِي عَاشر شهر ربيع الآخر سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة ورتب لَهُ على الدِّيوَان فِي كل يَوْم خَمْسُونَ درهما
وَكَانَ قد مَاتَ الْأَمِير يَفِ الدّين الجيبغا العادلي فأنعم عَلَيْهِ بإقطاع
3 - (السَّلُولي الصَّحَابِيّ)
قردة بن نفاثة السَّلُولي من بني عمْرَة بن مرّة بن صعصعة بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن كَانَ شَاعِرًا قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة بني سلول فَأمره عَلَيْهِم بَعْدَمَا أسلم واسموا فأشأ يَقُول
(بَان الشَّبَاب وَلم أحفل بِهِ بَالا ... وَأَقْبل الشيب وَالْإِسْلَام إقبالا)
(وَقد أروي نديمي من مشعشعةٍ ... وَقد أقلب أوراكاً وأكفالا)
(الْحَمد لله غذ لم يأتني أَجلي ... حَتَّى اكتسيت من الْإِسْلَام سربالا)
وَمن قَوْله
(أَصبَحت شَيخا أرى الشخصين أَرْبَعَة ... الشَّخْص شَخْصَيْنِ لما مسني الْكبر)
(لَا أسمع الصَّوْت حَتَّى استدير لَهُ ... وَحَال بِالسَّمْعِ دون المنظر الْقصر)
(وَكنت أشي على السَّاقَيْن معتدلاً ... فصرت أَمْشِي على مَا ينْبت الشّجر)
(إِذا أقوم عجنت الأَرْض مُتكئا ... على براجم حَتَّى يذهب النَّفر)
(قرعوس صَاحب ملك)
قرعوس بن الْعَبَّاس الثَّقَفِيّ صَاحب ملك كَانَ إِمَامًا صَالحا دينا كَبِير الْقدر عالي الْإِسْنَاد
قَالَ ابْن الفرضي كَانَ قيهاً لَا علم لَهُ بِالْحَدِيثِ توفّي بالأندلس سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ
(قرطاي)
3 - (نَائِب طرابلس)
3 - (قرطاي الْأَمِير شهَاب الدّين نَائِب طرابلس)
عزل من طرابلس وَورد إِلَى دمشق على خبز الْأَمِير بدر الدّين بكتوت القرماني فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سَبْعَة عشْرين وَسَبْعمائة وَرَاح عوضه الْأَمِير سيف الدّين طينال الْحَاجِب
وَأقَام بِدِمَشْق إِلَى أَن عزل(24/168)
طينال وَتوجه لنيابة غَزَّة وَعَاد الْأَمِير شهَاب الدّين قرطاي إِلَى طرابلس نَائِبا فِي شهر بربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سَبْعمِائة
وَكَانَ قد حج وَأنْفق فِي الْحَج أَمْوَالًا صَالِحَة استصحب مَعَه كثيرا من الْأَشْرِبَة والمعاجن وَغير ذَلِك وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى من غي ثامن صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
(قرظة)
3 - (قرظة الخزرجي)
قرظة بن كَعْب الْأنْصَارِيّ الخزرجي أحد فُقَهَاء الصَّحَابَة وَهُوَ أحد الْعشْرَة الَّذين وجههم عمر إِلَى الْكُوفَة ليعلموا النَّاس وَهُوَ أول من نيح عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ
بَنو قرناص جمَاعَة مِنْهُم عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن وَمِنْهُم مخلص الدّين إِسْمَاعِيل بن عمر وَمِنْهُم مخلص الْيَد إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَمِنْهُم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَمِنْهُم عَلَاء الدّين عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عبد المحسن
3 - (نَائِب قلعة صفد)
قرمشي بن أقطوان الْأَمِير سيف الدّين بن الْأَمِير عَلَاء الدّين قد تقدم ذكر وَالِده فِي حرف الْهمزَة من مكانته نَشأ هَذَا وَلَده الْأَمِير سيف الدّين قرمشي بصفد على خير وديانة وَتعبد وَلم تعلم لَهُ صبوة
وَكَانَ يحب الْفُقَرَاء والصلحاء ويميل إِلَى الشَّيْخ تي الدّين ابْن تَيْمِية رَحمَه الله وَأَصْحَابه)
ويكاتبه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَهُوَ بصفد
وَكَانَت لَهُ خُصُوصِيَّة بالأمير سيف الدّين أرقطاي نَائِب صفد يسمر عِنْده ويلازمه لَيْلًا وَنَهَارًا
وَلما كَانَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة اخْتصَّ بالأمير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى وَأقَام عده بِدِمَشْق وأبل عَلَيْهِ إقبالاً كثيرا وَصَارَ من أحظى النَّاس عِنْده
وَكَانَ يركب فِي الْبَرِيد المهم وَتوجه بالمشافهات بَين السُّلْطَان وَبَين تنكز
ثمَّ إِنَّه أعطَاهُ بِدِمَشْق عشرَة أرماح وعلت مكانته وَتردد فِي الْبَرِيد مَرَّات عديدة
ثمَّ توجه مَعَ الْأَمِير سيف الدن تنكز لما توجه إِلَى مصر وَهِي آخر مرّة فَغير إقطاعه هُنَاكَ ثَلَاث مَرَّات بالإمرة وولاه الحجوبية
وَلما أمسك الْأَمِير سيف الدّين تنكز طلب هُوَ إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بَاب السُّلْطَان حاجباً وشنع النَّاس وَرمي بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نم على تنكز وَعمل عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن إِلَى أَن أمسك فنفرت قُلُوب مماليك السُّلْطَان مِنْهُ وأبغضه الْأُمَرَاء فَطلب فِي أول دولة الصَّالح إِسْمَاعِيل الْخُرُوج إِلَى دمشق فحر إِلَيْهَا أَمِيرا ثمَّ رسم لَهُ بنيابة قلعة صفد فباشرها على أحسن مَا يكون وَبَالغ فِي عمارتها ورم مَا تشعث(24/169)
مِنْهَا واجتهد فِي ذَلِك
ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين الْملك نَائِب صفد لما امسك فِي أَيَّام الْكَامِل شعْبَان شنع بِالنَّاسِ أَن الْأَمِير سيف الدّين قرمشي هُوَ الَّذِي نم عَلَيْهِ وَكتب إِلَى مصر فِي السِّرّ يَقُول إِنَّه قد عزم على ان يهرب فجددت هَذِه الْمرة عَلَيْهِ مَا كَانَ كامناً فِي نفوس المراء مِنْهُ
وَلما برز الأمبر سيف الدّين يلبغا نَائِب دمشق إِلَى الجسورة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ العساكر طلبه ليحضر إِلَيْهِ فوعده بذلك وَلم يحضر
وَاتفقَ أَن وَردت إِلَيْهِ كتب الْملك الْكَامِل فِي الْبَاطِن فجزها هُوَ من جِهَته إِلَى أُمَرَاء الشَّام وَغَيرهم وَأمْسك قصاده بالكتب فحرك ذَلِك عَلَيْهِ سَاكِنا عَظِيما
وَلما اسْتَقر السُّلْطَان الْملك المظفر حاجي فِي الْملك جهز الْأَمِير سيف الدّين يلبغا النَّائِب إِلَى سيف الدّين قرمشي فَأحْضرهُ على البردي وأودع الاعتقال فِي قلعة دمشق هُوَ وَأَوْلَاده وَجَمَاعَة من أَهله فَأَقَامَ بهَا كَذَلِك قَرِيبا من شهر أَو أَكثر ثمَّ أفرج عَن أَوْلَاده وجماعته وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ فِي شعْبَان سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رَحمَه الله تَعَالَى وَعَفا عَنهُ
وَلما كنت بالديار المصرية كتبت لَهُ مرسوماً بنيابة قلعة صفد ارتجالاً وَهُوَ)
الْحَمد لله الَّذِي نصر هَذَا الدّين بِسَيْفِهِ المضر الشبا وأيده بِخَير ولي تقصر عَن بأسه سمر القنا وبيض الظبا وحصن معاقله بكفؤ تأرج عَنهُ الثَّنَاء وطاب الْبَنَّا وَحمى سرحه بِفَارِس إِذا أظلم العجاج اطلع فِي دجاه من سنانه اللامع كوكباً نحمده على نعمه الَّتِي لَا يداني جودها غمام وَلَا يُقَارب حسن مواقعها تَبَسم زهر من ثغر كمام وَلَا يجاري سراها برق تسرع جَوَاده فِي ميدان ظلام وَلَا يحاكي تواخيها ازدواج لآلئ تألفت حباه فِي النظام ونشهد أَن لَا إِلَه الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة رقم الْإِيمَان برودها وحتم الْبُرْهَان وجودهَا وحسم الإدمان عنودها ونظم الْإِيمَان عقودها
ونشهد بَان سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي تثنى الخطار من بأسه طَربا وَضحك الْبَار فِي يَمِينه الشَّرِيفَة عجبا وَولى الأدبار عَدو الدّين ممنعاً هرباً وباد الْكفَّار من حزبه لما ذاقوا ويلاً وحرباً صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الَّذين سادوا النام وجادوا بِمَا فاق الْغَمَام وعادوا بفضلهم على أولي الْفَاقَة والإعدام وحادوا عَن طرق الضلال والظلام صَلَاة دائمة السنا قَائِمَة بنيل المُرَاد والمنى مَا ابتسم فِي الرَّوْض ثغر أقاح وفتق غمَّة الظلام شفرة صباح وَسلم سَلاما كثيرا
وَبعد
فَإِن ثغر صفد المحروسة من الْحُصُون المشيدة والمعاقل الفريدة قد طاولت النُّجُوم شرفاته وعلت على الغيوم غرفاته وتلهبت ذبالة الشَّمْس فِي سراجه ونفض الْأَصِيل زعفرانه على بَيَاض أبراجه كم لاثت الغمائم على هامته عمائم وَكم لبست أنامل بروجه من الْأَهِلّة خَوَاتِم والنيابة فِيهِ منصف شرِيف وَفضل على الْكَوَاكِب ينيف وَكَانَ الْمجْلس السَّامِي الأميري السيفي فلَان مِمَّن جمل الدول وفاز بِالْقربِ من الْمُلُوك الأول ونصح والدنا الشَّهِيد(24/170)
فَادى من حَقه واجباه واجتهد فِي رِضَاهُ فَكَانَ لَهُ عينا ًوحاجباً وآثر عوده إِلَى وَطنه فنولناه مرامه واجتنبنا قَصده الَّذِي أحكم نظامه رَغْبَة فِي الانجماع وَالْعُزْلَة عَن النَّاس وطلباً فِي الِانْفِرَاد وَالْخلْوَة وَمَا فِي ذَلِك من بَأْس فَلذَلِك رسم بِالْأَمر الشريف السلطاني الملكي الصَّالِحِي الْعِمَادِيّ أَعْلَاهُ الله وشرفه ان يسْتَقرّ فِي النِّيَابَة بقلعة صفد المحروسة على أجمل العوائد وأكمل الْقَوَاعِد
فليجتهد فِي مُرَاعَاة أحوالها وتفقد مباشريها ورجالها ورم مَا تعث من بنائها وَإِصْلَاح مَا)
تحْتَاج إِلَيْهِ فِي ربعهَا وفنائها فَإِن لَهَا مِنْهُ أَيَّام المرحوم وَالِده إيثاراً وَله فِي عمارتها آثاراً فليجرها على مَا عهِدت وليزكها فِي مَاله شهِدت ويبذل الْجهد فِي تشييدها ودوام تحصينها بِالرِّجَالِ وتخليدها وتثمير حواصلها بِالسِّلَاحِ وَالْعدَد والغلال وَعرض رجالها النقاعة فَمَا الْحُصُون إِلَّا بِالرِّجَالِ وَمثله لَا يذكر بِوَصِيَّة وَلَا يُنَبه على مصلحَة اَوْ قَضِيَّة وَلَكِن التَّقْوَى هِيَ الْعُمْدَة والكنز الَّذِي لَا يفنى فِي الرخَاء وَلَا فِي الشدَّة وَهِي بِهِ أليق وبشد عراه أوثق والخط الشريف أَعْلَاهُ تَعَالَى اعلاه حجَّته وَثُبُوت الْعَمَل بِمَا اقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(الألقاب)
القرميسي صدر الدّين اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عَليّ
بَنو قرناص جمَاعَة مِنْهُم عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن وَمِنْهُم مخلص الدّين إِسْمَاعِيل بن عمر وَمِنْهُم مخلص الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَمِنْهُم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَمِنْهُم عَلَاء الدّين عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عبد المحسن
القرندلي الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد ن بكتوت
القرقوبي النسابة زُهَيْر بن مَيْمُون
ابْن قرقين اسْمه مَحْمُود بن عَليّ
ابْن قرقول إِبْرَاهِيم بن يُوسُف
ابْن قرصه أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن قرصه أَحْمد بن مُوسَى
الْقُرْطُبِيّ صَاحب التَّفْسِير اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
الْقُرْطُبِيّ مُخْتَصر الصَّحِيحَيْنِ اسْمه أَحْمد بن عمر
ابْن قرطاميز(24/171)
أَحْمد بن ثَنَاء الْحَافِظ
قرطمة اسْمه أَحْمد بن عَليّ
ابْن قرعَة أَحْمد بت عبيد الله
ابْن القفرين الْمُقْرِئ الْحسن بن عبد الله
(قُرَّة)
3 - (قُرَّة بن إِيَاس)
3 - (الْمُزنِيّ الصَّحَابِيّ)
قُرَّة بن إِيَاس بن ربَاب الْمُزنِيّ سكن بِالْبَصْرَةِ لم يرو عَنهُ غير ابْنه مُعَاوِيَة بن قُرَّة وَهُوَ جد إِيَاس بن مُعَاوِيَة بن قُرَّة الْحَكِيم الزكن قَاضِي الْبَصْرَة
وَقد تقدم ذكره فِي حر فالهمزة قتلت قُرَّة الزارقة وَمَعَهُ مُسلم بن عُبَيْس بن كريز وهما ابْنا عَم لعبد الله بن كريز وَقتل مُعَاوِيَة قَاتل ابيه
3 - (أَمِير مصر)
قُرَّة بن شريك الْقَيْسِي بِالْقَافِ أَو الْعَنسِي بِالْعينِ وَالنُّون أَمِير مصر من قبل الْوَلِيد كَانَ ظَالِما فَاسِقًا جباراً خليعاً أمره الْوَلِيد بِبِنَاء جَامع لفسطاط وَالزِّيَادَة
قيل إِنَّه كَانَ إِذا انْصَرف الصناع مَه دَعَا بِالْخمرِ والطبل والمزمار وَدخل بهم إِلَى الْجَامِع وَقَالَ لنا اللَّيْل وَلَهُم النَّهَار
يرْوى أَن نعي الْحجَّاج وقرة وردا على الْوَلِيد فِي يَوْم وَاحِد سنة سِتّ وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (قُرَّة الْأنْصَارِيّ)
قُرَّة بن عقبَة بن قُرَّة الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي حَلِيف لَهُم قتل يَوْم أحد شَهِيدا
3 - (قُرَّة النميري)
قُرَّة بن دعموص بن ربيعَة بن عَوْف النميري اسْتغْفر لَهُ(24/172)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قدم عَلَيْهِ مَعَ قيس بن عَاصِم والْحَارث بن شُرَيْح وروى عَنهُ مَوْلَاهُ وروى عَنهُ أَيْضا عَائِذ بن ربيعَة بن قيس
3 - (قُرَّة الْقشيرِي)
قُرَّة بن هُبَيْرَة بن عَامر بن سَلمَة الْخَيْر الْقشيرِي وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَقَالَ لَهُ يَا رَسُول الله الْحَمد لله إِنَّا كُنَّا نعْبد آلِهَة لَا تنفعنا وَلَا تضرنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم ذَا عقلا
وقرة جد الصمَّة بن عبد الله بن الطُّفَيْل بن قُرَّة الشَّاعِر وَأحد الْوُجُوه الْوُفُود نم العب على)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (قُرَّة الْعَبْسِي)
قُرَّة بن الْحصين بن فضَالة بت الْحَارِث بن زُهَيْر بن جذيمة الْعَبْسِي أحد التِّسْعَة العبسيين الَّذين قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَسْلمُوا
3 - (قُرَّة الصفاري)
قُرَّة بن أشقر الصفاري ثمَّ الضلعي قَالَه ابْن إِسْحَاق وَقَالَ ابْن هِشَام الصفاري ذكر فِي غَزْوَة زيد بن حَارِثَة جذم وَذكر انه قَاتل فِي جملَة من أسلم من بني الضبيب قوما من الْمُشْركين
3 - (قُرَّة الْمعَافِرِي الْمصْرِيّ)
قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن بن حَيْوِيل الْمعَافِرِي الْمصْرِيّ ضعفه ابْن معِين وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِقَوي وَهُوَ كاسر الصَّاع الَّذِي أرْسلهُ هِشَام بن عبد الْملك إِلَى مصر
توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وروى هَل الْأَرْبَعَة وَمُسلم مَقْرُونا
3 - (قُرَّة القنوي الرماح)
قُرَّة بن حبيب أَبُو عَليّ الْبَصْرِيّ القنوي الرماح روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير الصَّحِيح توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
حدث عَن عبد الله بن عون وَشعْبَة وَأبي الْأَشْهب العطاردي وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار
وَهُوَ آخر من حدث عَن ابْن عون من الثِّقَات
وروى عَنهُ أَبُو دَاوُد فِي غير السّنَن وَإِسْمَاعِيل سمويه وَعُثْمَان بن خرزاد(24/173)
وَمُحَمّد بن غَالب تمْتَام وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْخُزَاعِيّ وَأحمد بن دَاوُد الْمَكِّيّ وَالْحسن بن سهل المجوز وَعلي بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَة
وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه حَدِيثا عَن جر لَعنه
3 - (قُرَّة الْعين أرجوان)
قُرَّة الْعين بنت عبد الله هِيَ أرجوان مولاة الْأَمِير أبي الْعَبَّاس الإِمَام الْقَائِم بن الْقَادِر وَأم وَلَده الإِمَام الْمُقْتَدِي)
أدْركْت خلَافَة وَلَدهَا وَتُوفِّي وَهِي فِي الْحَيَاة وَعَاشَتْ حَتَّى رَأَتْ وَلَده الإِمَام المستظهر خَليفَة ثمَّ مَاتَ وَهِي فِي الْحَيَاة وَرَأَتْ وَلَده الإِمَام أَبَا مَنْصُور المسترشد خَليفَة ثمَّ رَأَتْ للمسترشد عدَّة من الْأَوْلَاد وَعَاشَتْ حَتَّى رَأَتْ الْبَطن الرَّابِع من أَوْلَادهَا
وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة كَثِيرَة الْبر وَالْمَعْرُوف حجت مرَارًا وَبنت بِمَكَّة رِبَاطًا وآثاراً حَسَنَة وَبنت بِبَغْدَاد رِبَاطًا كيراً بدرب راحي للصوفية
وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (الْخُزَاعِيّ المغربي)
قرهب بن جَابر الْخُزَاعِيّ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ شَاعِرًا مطبوعاً جيد الطَّبْع عَليّ الأنفاس لَا يُبَالِي كَيفَ صنع الشّعْر ثِقَة بِنَفسِهِ وعلماً بالمقاصد مَعَ قُوَّة وحلاوة
وَكَانَت يبنه وَبَين ابْن مغيث وقائع سَأَلته مرّة وَلم أعلم مَا كَانَ بَينهمَا كَيفَ ابْن مغيث عنْدك قَالَ مغرى بِقَذْف الْمُحْصنَات وَلَيْسَ من أبنائها قلت إِن بَينهمَا شَيْئا وأظن الْبَيْت قَدِيما لسرعة إجَابَته إيَّايَ فَإِن كَانَ لوقت فَذَلِك أعجب
وأغلب ظَنِّي أَنه لعَلي بن الجهم وَأورد لَهُ
(لبس الشَّبَاب فكاهةٌ ولذاذةٌ ... وحلى المشيب سكينةٌ ووقار)
(أكْرم بأيام الشَّبَاب فَإِنَّهَا ... وَأبي الْهوى من طيبهن قصار)
(إِذْ غصنك الريان غض ناعم ... ودجاك لم يخلع عَلَيْهِ نَهَار)
يَقُول فِي مدحها
(لم ترم فَوق ثَلَاث عشرَة حجَّة ... حَتَّى أبان عداك مِنْك نوار)
(فحدا بمدحك جازع فِي مهمه ... وشدا بِهِ الحضار والسمار)(24/174)
وَأورد لَهُ أَيْضا سعدٌ حباك بِهِ خبال سعادوفى وَمَا وفتك بالميعاد
(أحبب بِهِ من زائر متعطف ... لَو أَنه فِي وَصله متماد)
(حياك من كثبٍ تَحِيَّة محسنٍ ... فَكَأَنَّمَا ناداك وسط النادي)
)
(مَا صد عَنْك سوى المشيب كصدها ... إِذْ لاحظته فآذنت ببعاد)
(قد كَانَ لي شرخ الشيبة شافعاً ... عِنْد الحسان مؤكداً لودادي)
لَو كَانَ حكمي فِي الشَّبَاب ذخرتهوجعلته من زِينَة الأعياد
(فَهُوَ بالجمال الرَّائِق الْحسن الَّذِي ... لَو يستعد لَكَانَ خير عتاد)
(مَاذَا أحاول من ورودي منهلاً ... أَسد العرين بحافيته عواد)
(يحمى بأطراف الرماح كَأَنَّهُ ... مجد الْجواد سلالة الأجواد)
وَأورد لَهُ فِي صفة مصلوب
(أدرته بَعْدَمَا عفرت لبته ... والجذع منبره والجو مَسْجده)
(كَأَنَّهُ ضارع لله يسْأَله ... لَو كَانَ يشْكر مَا أولى وَيَحْمَدهُ)
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بالقيروان وَقد قار بالسبعين فِي أول سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَوجدت عِنْد رَأسه رقْعَة فِيهَا مَكْتُوب
(أسفت وَحقّ لي أسفي ... لما خلفت فِي الصُّحُف)
(لَعَلَّ الله يرحمني ... بحب السَّادة السّلف)
(قرواش)
3 - (صَاحب الْموصل)
قرواش بن مقلد بن الْمسيب بن رَافع الْأَمِير أَبُو المنيع مُعْتَمد الدولة ابْن الْأَمِير حسام الدولة الْعقيلِيّ صَاحب الْموصل وَقد خطب فِي بِلَاده للْحَاكِم ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك وخطب للقادر العباسي فَجهز صَاحب مصر جَيْشًا لحربه ووص إِلَى الْموصل(24/175)
ونهبوا دَاره وَأخذُوا لَهُ من الذَّهَب مِائَتي ألف دِينَار فاستنجد عَلَيْهِم بدبيس بن صَدَقَة واجتمعا على حربهم فنصرا عَلَيْهِم وقتلا مِنْهُم خلقا كثيرا
وَكَانَ ظريفاً شَاعِرًا نهاباً وهاباً وَجمع بَين أُخْتَيْنِ فلاموه فَقَالَ خبروني مَا الَّذِي نَسْتَعْمِلهُ من الشَّرْع حَتَّى تتكلموا فِي هَذَا الْأَمر
وَقبض عَلَيْهِ بركَة بن أَخِيه وحبسه وتلقب زعيم الدولة فَلم تطل دولته فَقَامَ بعده أَبُو الْمَعَالِي قُرَيْش بن بدران بن مقلد ابْن أَخِيه فَأول ملك أخرج قرواشاً عَنهُ وذبحه صبرا وَقيل بل مَاتَ فِي سجنه سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
وَفِي قرواش يَقُول الطَّاهِر الْجَزرِي
(وليلٍ كوجه البرقعيدي ظلمَة ... وَبرد أغانيه وَطول قرونه)
(سريت ونومي فِيهِ نومٌ مشرد ... كعقل سُلَيْمَان بن فهدٍ وَدينه)
(على أولقٍ فِيهِ مضاءٌ كَأَنَّهُ ... أَبُو جابرٍ فِي طيشه وجنونه)
(إِلَى أَن بدا ضوء الصَّباح كَأَنَّهُ ... سنا وَجه قرواشٍ وضوء جَبينه)
ودامت إِمَارَة قرواش خمسين سنة
حكى أَبُو الهيجاء لِأَن عمرَان بن شاهين قَالَ كنت أساير مُعْتَمد الدولة قرواشاً مَا بَين سنجار ونصيبين فَنزل ثمَّ استدعاني بعد الزَّوَال وَقد نزل هُنَاكَ بقصر يعرف بقصر الْعباد بن عَمْرو الغنوي وَهُوَ مطل على بساتين ومياه كَثِيرَة فَدخلت عَلَيْهِ فَوَجَدته قَائِما يتَأَمَّل كتابا فِي الْحَائِط فقرأتها فَإِذا هِيَ
(يَا قصر عَبَّاس بن عَمْرو ... كَيفَ فارقك ابْن عرمك)
(قد كنت تغتال الدهور ... فَكيف غالك ريب دهرك)
(واهاً لعزك بل لجودك ... بل لمجدك بل لفخرك)
)
وَتَحْت الأبيات مَكْتُوب وَكتبه عَليّ بن عبد الله بن حمدَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
وَهَذَا الْكتاب هُوَ سيف الدولة ابْن حمدَان وَتَحْت ذَلِك مَكْتُوب يَا قصر ضعضعك الزَّمَان وَحط من علياء قدرك
(ومحا محَاسِن أسطر ... شرفت بِهن متون جدرك)
واها لكاتبها الْكَرِيم وَقدره الموفي بقدرك(24/176)
وَتَحْت الأبيات مَكْتُوب وَكتبه الغضنفر بن الْحسن بن عَليّ بن حمدَان بِخَطِّهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلاثمائة
وَهَذَا هُوَ عدَّة الدولة ابْن نَاصِر الدولة الْحسن ابْن أخي سيف الدولة
وَتَحْت ذَلِك مَكْتُوب
(يَا قصر مَا فعل الأولى ... ضربت قبابهم بعقرك)
(أخنى الزَّمَان عليم ... وطواهم تَطْوِيل نشْرك)
(وآهاً لقاصر عمر من ... يختال فِيك وَطول عمرك)
وَتَحْت ذَلِك مَكْتُوب وَكتبه الْمُقَلّد بن الْمسيب بن رَافع بِخَطِّهِ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
وَهَذَا هُوَ حسام الدولة أَبُو قرواش الْمَذْكُور وَتَحْت ذَلِك مَكْتُوب يَا قصر مَا فعل المرام الساكنون قديم عصرك
(عاصرتهم فبذذتهم ... وشأوتهم طراً بصبرك)
(وَلَقَد أثار تفجعي ... يَا ابْن الْمسيب رقم سطرك)
(وَعلمت أَنِّي لَاحق ... بك دائباً فِي قفو ثغرك)
وَتَحْت ذَلِك مَكْتُوب وَكتبه قرواش بن الْمُقَلّد بن الْمسيب سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
قَالَ الرَّاوِي فعجبت بذلك وَقلت لَهُ السَّاعَة كتبت هَذَا فَقَالَ نعم وَقد هَمَمْت بهدم هَذَا الْقصر فَإِنَّهُ مشؤوم دفن الْجَمَاعَة فدعوت لَهُ بالسلامة وَلم يهدم الْقصر
وَسَيَأْتِي ذكر الْمُقَلّد وَالِده فِي مَكَانَهُ من حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَمن شعر قرواش
(لله در النائبات فَإِنَّهَا ... صدأ اللئام وصيقل الْأَحْرَار)
(مَا كنت إِلَّا وزبرةً فطبعتني ... سَيْفا وَأطلق صرفهن غراري)
)
ومه أَيْضا
(وآلفةٍ للطيب لَيست تغبه ... منعمة الْأَطْرَاف لينَة اللَّمْس)
(إِذا مَا دُخان الند من جيبها علا ... على وَجههَا أَبْصرت غيماً على شمس)(24/177)
(قريب)
3 - (ابْن هَارُون الرشيد)
قريب بن هَارُون الرشيد وَأمه سحر كَانَ ترب المعتصم لما توفّي جزع الرشيد عَلَيْهِ جزعاً شَدِيدا فَعَزاهُ الْعَبَّاس فَلم يبن ذَلِك فِيهِ
فَدخل عَلَيْهِ الْعَبَّاس بن الْحسن بن عبيد الله الْعلوِي فَقَالَ
(لَا زلت تبقى ونعزيكا ... نَحن وَمن فِي الأَرْض يفديكا)
فتعزى وَعرف ذَلِك وَأمر لَهُ بِمَال
(قُرَيْش)
3 - (قُرَيْش صَاحب الْموصل)
قُرَيْش بن بدران بن القملد بن الْمسيب أَبُو الْمَعَالِي الْأَمِير الْعقيلِيّ صَاحب الْموصل وَليهَا عشر سِنِين وَمَات بالطاعون وَله إِحْدَى وَخَمْسُونَ سنة وَقَامَ بعده وَلَده شرف الدولة أَبُو المكارم سلم بن قُرَيْش
وَكَانَت وَفَاة أبي الْمَعَالِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَاجْتمعَ قُرَيْش الْمَذْكُور مَعَ أرسلان البساسيري على نهب دَار الْخلَافَة وَلم يؤاخذه الإِمَام الْقَائِم بِأَمْر الله على مَا بدا مِنْهُ وصفح عَنهُ
وَتُوفِّي قُرَيْش بنصيبين وَكَانَ عمره إِحْدَى وَخمسين سنة وَولي بعده إِمَارَة بني عقيل وَلَده أَبُو المكارم سلم بن قُرَيْش الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم
وَكَانَ قُرَيْش يلقب علم الدّين وَكَانَ داهية بَخِيلًا سافكاً للدماء بعيد الْغَوْر غداراً
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْعلوِي)
قُرَيْش بن السبيع بن المهنا بن السبيع بن المهنا بن السبيع بن المهنا بن دَاوُد بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن طَاهِر بن يحيى بن الْحسن بن جَعْفَر بن عبيد الله بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي)
)
من أهل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة قدم بَغْدَاد صَبيا واستوطنها إِلَى أَن توفّي سنة عشْرين وسِتمِائَة
صحب الْمُحدثين وَسمع كثيرا وَكَانَ يظْهر التسنن وَأَنه على مَذْهَب أَصْحَاب الحَدِيث
وثار لَهُ اخْتِصَاص بالأكابر وَولي بخزانة كتب التربة السلجوقية مُدَّة ثمَّ انْقَطع آخر عمره بالمشهد بِبَاب التِّبْن إِلَى أَن مَاتَ
سمع أَبَا الْفَخر ابْن البطي وَأَبا زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي وَأَبا(24/178)
بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن النقور وغرهم
وَقَرَأَ بِنَفسِهِ كثيرا على جمَاعَة من المتأدبين وَكَانَ يكثر مطالعة الْكتب وينقل مِنْهَا منتخباً إِلَى مجاميع
وَكَانَ قَلِيل البضاعة فِي الْعلم والفهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَمَا علمت مِنْهُ إِلَّا خيرا
3 - (الْبَصْرِيّ)
قلايش بن أنس الْبَصْرِيّ كَانَ قد اخْتَلَط سِتّ سِنِين فِي الْبَيْت وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
(الألقاب)
ابْن قراجة إِبْرَاهِيم بن بَرَكَات
القريشي النَّحْوِيّ اسْمه سعيد بن عبد الله
ابْن قُرَيْش الحكيمي الْبَغْدَادِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
ابْن قُرَيْش اسْمه أَحْمد بن الْحُسَيْن
وَابْن قُرَيْش إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم
ابْن قُرَيْش نور الدّين عَليّ بن إِسْمَاعِيل
ابْن قُرَيْش يُوسُف بن إِبْرَاهِيم
ابْن قريعة اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الْقرْيَة أَيُّوب بن زيد
الْقَزاز عَليّ بن عبد الله)
الْقَزاز المغربي النَّحْوِيّ هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر
ابْن قزمان الزجال اسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْملك
الْقزْوِينِي جلال الدّين قَاضِي الْقُضَاة اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن(24/179)
ابْن الْقزْوِينِي الزَّاهِد عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد
القزم النَّاسِخ اسْمه أَحْمد بن سعيد
3 - (أَبُو الغادية الْبَصْرِيّ)
قزعة بن يحيى أَبُو الغادية الْبَصْرِيّ مولى زِيَاد بن أَبِيه حدث عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وَابْن عمر وَعبد الله بن عَمْرو
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (صَاحب آذربيجان)
قزل أرسلان أَخُو البهلوان مُحَمَّد بن ألدكز ولي أذربيجان واران وهمذان وأصبهان والري بعد أَخِيه وَقد تقدم ذكر أَخِيه
سَار إِلَى أَصْبَهَان والفتن بَين الْمذَاهب وَقد قتل خللق فَقبض على جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة وصلب بَعضهم وَعَاد إِلَى همذان وخطب لنَفسِهِ بالسلطنة
وَكَانَ فِيهِ كرم وَعدل وَخير وحلم قتل غيلَة على فرَاشه وَلم يعرف قَاتله سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
ابْن قزل الْأَمِير فَخر الدّين عُثْمَان بن قزل
ابْن قزل المشد عَليّ بن عمر
(قس)
3 - (ابْن سَاعِدَة الْإِيَادِي)
قس بن سَاعِدَة بن عَمْرو الْإِيَادِي خطيب الْعَرَب وشاعرها وحكيمها وحليمها فِي عصره وَهُوَ أول من علا على شرف وخطب عَلَيْهِ وَأول من اتكأ فِي خطبَته على سيف أَو عَصا وَأول من قَالَ فِي كَلَامه أما بعد
وأدركه رَسُول لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل النُّبُوَّة وَرَآهُ بعكاظ وَكَانَ يُؤثر عَنهُ كلَاما سعه مِنْهُ
وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ يحْشر أمة وَحده وَلما قدم وَفد إياد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا فعل قس بت سَاعِدَة قَالُوا مَاتَ يَا رَسُول الله قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ بسوق عكاظ على جمل لَهُ أَوْرَق وَهُوَ يتلكم بِكَلَام عَلَيْهِ حلاوة وَمَا(24/180)
أجدني أحفظه فَقَالَ رجل من الْقَوْم أَنا أحفظه يَا رَسُول الله قَالَ كَيفَ سمعته يَقُول قَالَ سمعته يَقُول أَيهَا النَّاس احْفَظُوا ودعوا من عَاشَ مَاتَ ون مَاتَ فَاتَ وكل مَا هُوَ آتٍ آتٍ ليل داج وسماء ذَات أبراج وبحار تزخر ونجوم تزهر وضوء وظلام وبر واثام ومطعم وملبس ومشرب ومركب مَا لي أرى النَّاس يذهبون فَلَا يرجعُونَ أرضوا بالْمقَام فأقاموا أم تركُوا فَنَامُوا وإله قس بن سَاعِدَة مَا على وَجه الأَرْض دين افضل من دين قد أظلكم زَمَانه وأدرككم أَوَانه فطوبى لمن أدْركهُ فَاتبعهُ وويل لمن خَالفه
ثمَّ أشأ يَقُول فِي الذاهبين الْأَوَّلين من الْقُرُون لنا بصائر
(لما رَأَيْت موارداً للْمَوْت ... لَيْسَ لَهَا مصَادر)
(وَرَأَيْت قومِي نَحْوهَا ... تمْضِي الأصاغر والأكابر)
أيقنت أَنِّي لَا محَالة حَيْثُ صَار الْقَوْم صائر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرحم الله قساً إِنِّي لأرجو أَن يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده
فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله لقد رَأَيْت من قس عجبا فَقَالَ وَمَا رَأَيْت قَالَ بَينا أَنا بجبل يُقَال لَهُ سمْعَان فِي يَوْم شَدِيد الْحر إِذْ أَنا بقس أَبَا سَاعِدَة تَحت ظلّ شَجَرَة عِنْد عين مَاء وَحَوله)
سِبَاع كلما زأر مِنْهَا على صَاحبه ضربه بِيَدِهِ وَقَالَ كف حَتَّى يشرب الَّذِي ورد قبلك قَالَ ففرقت فَقَالَ لي لَا تخف وَإِذا أَنا بقبرين بَينهمَا مَسْجِد فَقلت مَا هان القبران اللَّذَان أراهما قَالَ قبرا أَخَوَيْنِ كَانَا لي فاتخذت لبينهما مَسْجِدا أعبد الله فِيهِ حَتَّى ألحق بهما ثمَّ أشنأ يَقُول
(خليلي هبا طالما قد قدتما ... أجدكما لَا تقضيان كراكما)
(ألم تعلما أَنِّي بسمعان مفردٌ ... وَمَا لي فِيهِ من حبيب سواكما)
(أقيم على قبريكما لست بارحاً ... كطوال اللَّيَالِي أَو يُجيب صدتاكما)
(كأنكما وَالْمَوْت أقرب غَايَة ... بجسمي فِي قبريكما قد أتاكما)
(فَلَو جعلت نفسٌ لتفسٍ وقاية ... لجدت بنفسي أَن تكون فدتاكما)
فَقَالَ لنَبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله قساً(24/181)
(قسام)
3 - (الْأَمِير الْحَارِثِيّ)
قَاسم الْحَارِثِيّ الْأَمِير من أهل قَرْيَة تلفيتا من جبل سنير كَانَ ينْقل التُّرَاب على الْحمير وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَكثر أعوانه حَتَّى غلب على دمشق مُدَّة فَلم يكن لنوابها مَعَه أَمر إِلَى أَن ندبوا لَهُ من مصر جَيْشًا عَلَيْهِم يلتكين فحاربه فضعف قسام فاستخفى أَيَّامًا ثمَّ استأمن فقيدوه فَحَمَلُوهُ إِلَى مصر فعفي عَنهُ
وَقد توفّي سنة سِتّ وَسبعين وثلاثمائة ومدحه عبد المحسن الصُّورِي
(الألقاب)
ابْن قسيم الشَّاعِر الْحَمَوِيّ اسْمه مُسلم بن الْخضر
القسنطيني الْمُحدث اسْمه عبد الْعَزِيز بن مُسلم
الْقشيرِي عبد الْكَرِيم بن هوَازن
ابْن الْقصار قَاضِي بَغْدَاد الْمَالِكِي اسْمه عَليّ بن عمر
الْقصار يُونُس بن يحيى
ابْن الْقصار الطنبوري سُلَيْمَان بن عَليّ
القصاب اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن القصاب الْوَزير اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ)
ابْن القصيرة الْكَاتِب المغربي اسْمه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان
الْقصير الْحُسَيْنِي اسْمه الفاخر
الْقصير الثِّيَاب القرمطي هُوَ الْحسن بن أَحْمد
القصباتي النَّحْوِيّ اسْمه الْفضل بن مُحَمَّد
الْقُضَاعِي مُحَمَّد بن سَلامَة
ابْن قضاعة أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ(24/182)
3 - (البعلبكي الْحَكِيم)
قسطا بن لوقا الْأنْصَارِيّ طَبِيب حاذق نبيل منجم عَارِف بِالْحِسَابِ والهندسة كَانَ فِي أَيَّام المقتدر بِاللَّه وَكَانَ فصيحاً باللغة اليونانية جيد الْعبارَة بِالْعَرَبِيَّةِ توفّي بأرمينية عِنْد بعض مُلُوكهَا وَمن ثمَّ أجَاب أَبَا عِيسَى ابْن المنجم عَن رسَالَته فِي نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ عمل كتاب الفردوس فِي التَّارِيخ وعرب كتبا كَثِيرَة وَكَانَ جيد النَّقْل فصيحاً بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ والسرياني واليوناني وَلما مَاتَ بنى الْملك على قَبره قبَّة وَأكْرم إكرام الْمُلُوك ورؤساء الشَّرَائِع
وَله من الْكتب كتاب فِي أوجاع النقرس كتاب الروائح وعللها رِسَالَة فِي الباه وأسبابه على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب كتاب جَامع فِي الدُّخُول إِلَى علم الطِّبّ كتاب النَّبِيذ وشربه فِي الولائم كتاب فِي الاسطقسات كتاب فِي السهر كتاب فِي الْعَطش وَكتاب فِي الْقُوَّة والضعف كتاب فِي الأغذية كتاب فِي النبض وَمَعْرِفَة الحميات وضروب البحرانات كتاب فِي عِلّة الْمَوْت فجاءة
كتاب فِي معرفَة الخدر وأنواعه وَعلله وأسبابه وعلاجه كتاب فِي أَيَّام البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة كتاب فِي الأخلاط الْأَرْبَعَة وَمَا تشترك فِيهِ كتاب فِي الكبد وخلقتها وَمَا يعرض قفيها من الْأَمْرَاض رِسَالَة فِي الْأَشْيَاء المروحة وَأَسْبَاب الرّيح كتاب مَرَاتِب قِرَاءَة الْكتب الطبية
كتاب تَدْبِير الْأَبدَان فِي سفر الْحَج كتاب دفع ضَرَر السمُوم كتاب الْمدْخل إِلَى علم الهندسة
كتاب آدَاب الفلاسفة كتاب الْفرق بَين النَّفس وَالروح كتاب فِي الْحَيَوَان النَّاطِق كتاب فِي الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ كتاب فِي حَرَكَة الشريان كتاب فِي النّوم والرؤيا كتاب فِي الْعُضْو)
الرئيسي من الْبدن كتاب فِي البلغم كتاب فِي الدَّم كتاب فِي الْمرة الصَّفْرَاء كتاب فِي الكرة السَّوْدَاء كتاب فِي شكل الكرة والأسطوانات كتاب فِي الْهَيْئَة وتركيب الأفلاك كتاب فِي حِسَاب التلاقي على جِهَة الْجَبْر والمقابلة كتاب فِي الْعَمَل بالكرة النجومية كتاب فِي شكل الْآلَة الَّتِي ترسم عَلَيْهَا الْجَوَامِع وتعمل مِنْهَا النتائج كتاب فِي المرايا المحرقة كتاب فِي الأوزان والمكايل كتاب السياسة كتاب القرسطون كتاب الِاسْتِدْلَال بِالنّظرِ إِلَى اصناف الْبَوْل كتاب الْمدْخل إِلَى الْمنطق كتاب شرح مَذْهَب اليونانيين رِسَالَة فِي الخضاب كتاب فِي شكوك كتاب إقليدس كتاب الْمدْخل إِلَى علم النُّجُوم كتاب الْحمام كتاب الفردوس فِي التَّارِيخ رِسَالَة فِي اسْتِخْرَاج مسَائِل عددية من الْمقَالة الثَّالِثَة من إقليدس تَفْسِير ثَلَاث مقالات وَنصف من كتاب ذيوفنطس فِي(24/183)
الْمسَائِل العددية كتاب فِي البخار مسَائِل فِي الْحُدُود على رَأْي الفلاسفة رِسَالَة إِلَى أبي عَليّ ابْن بنان بن الْحَارِث مولى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا سَأَلَ عَنهُ من علل اخْتِلَاف النَّاس فِي أَخْلَاقهم وسيرهم وشهواتهم واختياراتهم
(قشتمر ذقر)
قشتمر ذقر الْأَمِير سيف الدّين ولي نِيَابَة الرحبة سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة ثمَّ حضر إِلَى دمشق أَمِيرا وجهزه الْأَمِير بيدمر لما خرج على السُّلْطَان بطرابلس فأحضر نائبها الْأَمِير سيف الدّين ثَمَان عشرَة فنقم ذَلِك عَلَيْهِ وحبسه السُّلْطَان بقلعة دمشق فَأَقَامَ تَقْدِير عشْرين يَوْمًا وَمَات بحبسه فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة
3 - (أستاذ دَار طقز)
قشتمر الْأَمِير سيف الدّين أستاذ دَار طقزتمر كَانَ أستاذ دَار طقزتمر وَحضر مَعَه إِلَى الشَّام
وَكَانَ مَعَه فِي حماة وحلب ودمشق وَكَانَ مُتَمَكنًا مِنْهُ لَا يُخَالِفهُ فِيمَا يُشِير بِهِ عَلَيْهِ وَله عِنْده وجاهة رَأْيه
ثمَّ توجه إِلَى مصر وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَولي المهمندارية بهَا وَلم يزل بهَا إِلَى أَن رسم بِإِخْرَاجِهِ فِي أَيَّام الْملك الصَّالح صَالح وَأخرج إِلَى طرابلس ليَكُون بهَا مُقيما بطالاً وَمَعَهُ نقيبان فوصل إِلَى دمشق فِي ثَانِي عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَأقَام بطرابلس إِلَى أَن طلب إِلَى مصر فَعَاد إليهاثم إِنَّه وصل إِلَى دمشق رَابِع عشْرين شهر رَجَب الْفَرد سنة)
ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَمِير طبلخاه وأضيف إِلَيْهِ شدّ مراكز الْبَرِيد ورسم للأمير عَلَاء الدّين ابْن الْحلَبِي شدّ دواوين دمشق وَشد المراكز أَن يتَوَجَّه إِلَيْهِ إِلَى غَزَّة ويسلمه المراكز من هُنَاكَ فَتوجه إِلَيْهِ وَسلمهُ ذَلِك حَسْبَمَا رسم لَهُ
3 - (نَائِب مصر)
قشتمر الْأَمِير سيف الدّين
رسم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر لَهُ بنيابة الكرك فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ إِنَّه طلبه إِلَى مصر فَأَقَامَ بهَا وولاه الوزارة
ثمَّ إِنَّه ولاه الحجوبية لما خلع الْملك النَّاصِر حسن جعله الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد بن حاجي نَائِب مصر
(الألقاب)
ابْن القطاع اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن القطاع عَليّ بن جَعْفَر
الْقطَّان الْحَنْبَلِيّ اسْمه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
الْقطَّان الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن سِنَان
ابْن الْقطَّان الشَّافِعِي أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن الْقطَّان الفاسي أَحْمد بن مُحَمَّد(24/184)
ابْن الْقطَّان الشَّاعِر هبة الله بن افضل
الْقطَّان الْحَافِظ يحيى بن سعيد
الْقطَّان الْكَبِير يُوسُف بن مُوسَى
الْقطَّان الصَّغِير يُوسُف بن مُوسَى
الْقطَّان يُوسُف بن سعيد
الْقطَامِي الشَّاعِر اسْمه عَمْرو بن شييم
الْقطيعِي الْحَافِظ مُحَمَّد بن أَحْمد بِمَ عمر
(قُطْبَة)
3 - (قُطْبَة الْأنْصَارِيّ)
قُطْبَة بن عَامر بن حَدِيدَة الْأنْصَارِيّ أَبُو زيد شهد القعبة الأولى وَالثَّانيَِة لم يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِك وَشهد بَدْرًا وأحداً وَسَائِر الْمشَاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَت مَعَه راية بني سَلمَة وجرح يَوْم أحد تسع جراحات وَرمى يَوْم بدر بِحجر بَين الصفين وَقَالَ لَا أفر حَتَّى يفر هَذَا الْحجر
وَتُوفِّي فِي زمن عُثْمَان
3 - (قُطْبَة بن عَمْرو الصَّحَابِيّ)
قُطْبَة بن عبد عَمْرو بن مَسْعُود بن عبد الْأَشْهَل بن حَارِثَة بن دِينَار قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة شَهِيدا
3 - (قُطْبَة الثَّعْلَبِيّ الصَّحَابِيّ)
قُطْبَة بن مَالك الثَّعْلَبِيّ وَيُقَال الثَّعْلَبِيّ وَالْأول أصح من بني ثَعْلَبَة وَيُقَال الذبياني كُوفِي روى عَنهُ زِيَاد بن علاقَة يُقَال هُوَ عَم زِيَاد
توفّي فِي حُدُود السِّتين وروى لَهُ مُسلم والتِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (قُطْبَة السدُوسِي)
قُطْبَة بن قَتَادَة السدُوسِي هُوَ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ خَالِد بن الْوَلِيد(24/185)
على الْبَصْرَة ثمَّ صَار إِلَى السوَاد
روى عَنهُ مقَاتل
3 - (قُطْبَة بن جزي)
قُطْبَة بن جزي وَيُقَال ابْن جرير قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَبَايع وكنيته أَبُو الحويصلة
لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة روى عَنهُ مقَاتل بن معدان
قطب الدّين الشِّيرَازِيّ مَحْمُود بن مَسْعُود
القطب الْمصْرِيّ إِبْرَاهِيم بن عَليّ
(قطري)
3 - (رَأس الْخَوَارِج)
قطري بن الْفُجَاءَة وَاسم أَبِيه جَعونَة التَّمِيمِي الْمَازِني أَبُو نعَامَة رَأس الْخَوَارِج فِي زَمَانه كَانَ أحد الْأَبْطَال خرج فِي خلَافَة ابْن الزبير وَبَقِي يُقَاتل الْمُسلمين ويستظهر عَلَيْهِم بضع عشرَة سنة وتغلب على نواحي فَارس وَلم يقدر عَلَيْهِ بل عثرت بِهِ فرسه واندقت عُنُقه بطبرستان سنة تسع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَحمل رَأسه إِلَى الْحجَّاج
وَكَانَ من الخطباء البلغاء الشُّعَرَاء وشعره فِي الحماسة
وَحكي عَنهُ أَنه خرج فِي بعض حروبه وَهُوَ على فرس أعجف وَبِيَدِهِ عَمُود من خشب فَدَعَا إِلَى المبارزة فبرز لَهُ رجل فحسر لَهُ قطري عَن وَجهه لما رَآهُ ولى عَنهُ فَقَالَ لَهُ قطري إِلَى أَيْن فَقَالَ لَا يستحيى الْإِنْسَان أَن يفر مِنْك
قَالَ أهل التَّارِيخ إِنَّه أَقَامَ عشين سنة يُقَاتل وَيسلم عَلَيْهِ بالخلافة وَإِنَّمَا قيل لبيه الْفُجَاءَة لِأَنَّهُ كَانَ بِالْيمن فَقدم على أَهله فجاءة فَسُمي بذلك
وَرُوِيَ أَن الْحجَّاج قَالَ لِأَخِيهِ لأَقْتُلَنك قَالَ وَلم قَالَ لخُرُوج أَخِيك قَالَ فَإِن معي كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن لَا تأخذني بذنب أخي قَالَ هاته قَالَ فمعي مَا هُوَ أوكد مِنْهُ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ كتاب الله عز وَجل يَقُول وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى فَعجب مِنْهُ وخلى سَبيله
والحريري عناه بقوله فِي المقامات فقلدوه فِي هَذَا الْأَمر الزعامة تَقْلِيد الْخَوَارِج أَبَا نعَامَة(24/186)
وَمن شعر قطري بن الْفُجَاءَة
(أَقُول لَهَا وَقد طارت شعاعاً ... من الْأَبْطَال وَيحك لَا تراعي)
(فَإنَّك لَو سَأَلت بَقَاء يَوْم ... على الْأَجَل الَّذِي لَك لم تطاعي)
(فصبراً فِي مجَال الْمَوْت صبرا ... فَمَا نيل الخلود بمستطاع)
(وَلَا ثوب الْحَيَاة بِثَوْب عز ... فيطوى عَن أخي الخنع اليراع)
(سَبِيل الْمَوْت غَايَة كل حَيّ ... وداعيه لأهل الأَرْض دَاع)
(وَمن لَا يغتبط يسأم ويهرم ... وتسلمه الْمنون إِلَى انْقِطَاع)
(وَمَا للمرء خير فِي حياةٍ ... إِذا مَا عد من سقط الْمَتَاع)
وَقد سَاق الْمبرد فِي كِتَابه قِطْعَة جَيِّدَة من أَخْبَار الْخَوَارِج)
3 - (بنت خمارويه)
قطر الندى بنت خمارويه زَوْجَة المعتضد بِاللَّه كَانَت بديعة الْجمال أديبة عَاقِلَة توفيت فِي حُدُود التسعين والمائتين لما تولى المعتضد الْخلَافَة بَارِد إِلَيْهِ خمارويه أَبوهَا بالهدايا والتحف فأقره على عمله وَسَأَلَهُ أَن يُزَوّج ابْنَته للمستكفي بِاللَّه بن المعتضد وَهُوَ إِذْ ذَاك ولي الْعَهْد فَقَالَ المعتضد بل أَنا أَتَزَوَّجهَا فَتَزَوجهَا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ صَدَاقهَا ألف ألف دِرْهَم
وجهز العتضد ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي من بَغْدَاد لإحضارها وَكَانَت مَوْصُوفَة بفرط الْجمال وَالْعقل حكى أَنه كَانَ فِي جهازها ألف هاون ذَهَبا
وَقيل إِن المعتضد خلا بهَا يَوْمًا للأنس فِي مجْلِس أفرده لَهَا مَا أحضرهُ سواهَا فَأخذت مِنْهُ الكأس فَنَامَ على فَخذهَا فَلَمَّا اسْتَقل وضعت رَأسه على مخدة وَخرجت فَجَلَست فِي ساحة الْقصر
فَاسْتَيْقَظَ فَلم يجدهَا فاستشاط غَضبا ونادى بهَا فأجابته فَقَالَ الم أخلك إِكْرَاما لَك ألم أدفَع إِلَيْك مهجتي دون سَائِر حظاياي فتضعين رَأْسِي على مخدة وتذهبين فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا جهلت قدر مَا أَنْعَمت بِهِ عَليّ وَلَكِن فِيمَا أدبني بِهِ أبي أَن قَالَ لَا تنامي بَين جُلُوس وَلَا تجلسي بَين نيام(24/187)
وَقيل إِنَّه أول مَا وَقعت عين المعتضد عَلَيْهَا أماطت نقابها فَقَالَ لَهَا لي شَيْء فعلت هَذَا قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لِأَن وَجْهي إِن كَانَ حسنا كنت أول من رَآهُ وَإِن كَانَ قبيحاً كنت أولى من واراه فأعجبه ذَلِك مِنْهَا
وَلما حملت قطر الندى وَخرجت من مصر خرجت مَعهَا عَمَّتهَا العباسة بنت أَحْمد بن طولون مشيعة لَهَا إِلَى آخر أَعمال مصر من جِهَة الشَّام وَنزلت هُنَاكَ وَضربت فساطيطها هُنَاكَ وَبنت هُنَاكَ قَرْيَة فسميت باسمها وَقيل لَهَا العباسة وَهِي إِلَى الْآن ورايتها وَهِي بَلْدَة عامرة مليحة لَهَا جَامع حسن وسوق قَائِم وغالب الْحِنَّاء الَّذِي يجلب إِلَى الشَّام مِنْهَا
وَقَالَ لَهَا المعتضد يَوْمًا بِمَ تشكرين الله غذ جعل زَوجك أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت بِمَا يشْكر بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ ربه غذ جعل أَحْمد بن طولون من رَعيته
وَقَالَ الصولي كَانَ فِي جهازها ألف تكة مجوهرة وَعشر صناديق جَوَاهِر وَقوم مَا كَانَ مَعهَا)
فَكَانَ ألف ألف دِينَار وَعشْرين ألف ألف دِرْهَم وَأعْطى أَبوهَا لِابْنِ الْجَصَّاص مائَة ألف دِينَار وَقَالَ اشْتَرِ لَهَا من تحف الْعرَاق مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن الرُّومِي فِي دُخُول المعتضد على قطر الندى ك)
(يَا سيد الْعَرَب الَّذِي وَردت لَهُ ... بِالْيمن والبركات سيدة الْعَجم)
(فاسعد بهَا كسعودها بك إِنَّهَا ... ظَفرت بِمَا فَوق المطالب والهمم)
(شمس الضُّحَى زفت إِلَى بدر الدجى ... فتكشفت بهما عَن الدُّنْيَا الظُّلم)
(ظَفرت بمالئ ناظريها بهجةً ... وضميرها نبْلًا وكفيها كرم)
قَالَ سبط الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة بَعْدَمَا أوردت هَذِه الأبيات فِي قَوْله شمس الضُّحَى زفت إِلَى بدر الدجى لِأَن أَرْبَاب الْهَيْئَة يَقُولُونَ إِن الشَّمْس ذكر وَالْقَمَر أُنْثَى قلت الشّعْر للْعَرَب وَكَلَام الْعَرَب يدل على أَن الشَّمْس مُؤَنّثَة قَالَ الله تَعَالَى فَلَمَّا رأى الشَّمْس بازغة
ابْن قطرال عَليّ بن عبد الله
قطرب النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف اسْمه مُحَمَّد بن المستنير
القطرسي نَفِيس الدّين أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ(24/188)
(قطز)
3 - (الْملك المظفر)
قطز بن عبد الله الشَّهِيد الْملك المظفر سيف الدّين المعزي كَانَ أكبر مماليك الْمعز أيبك التركماني بطلاً شجاعاً مقداماً حازماً حسن التَّدْبِير يرجع إِلَى دين وَإِسْلَام وَخير وَله الْيَد الْبَيْضَاء فِي جِهَاد التتار
حكى شمس الدّين الْجَزرِي فِي تَارِيخه عَن أَبِيه قَالَ كَانَ قظز فِي رق ابْن الزعيم بِدِمَشْق فِي القصاعين فَضَربهُ استاذه فَبكى وَلم يَأْكُل يَوْمه شَيْئا
ثمَّ ركب أستاذه للْخدمَة وَأمر الْفراش يترضاه ويطعمه قَالَ فَحَدثني الْحَاج عَليّ الْفراش قَالَ فَجِئْته فَقلت مَا هَذَا الْبكاء من لطشة فَقَالَ إِنَّمَا بُكَائِي من لعنته أبي وَأمي وجدي وهم خير مِنْهُ قلت من أَبوك وَاحِد كَافِر قَالَ اوالله مَا أَنا إِلَّا مُسلم ابْن مُسلم إِنَّمَا أَنا مَحْمُود بن مَمْدُود ابْن أُخْت خوارزم شاه من أَوْلَاد الْمُلُوك فَسكت وترضيته
وَلما تملك أحسن إِلَى الْفراش وَأَعْطَاهُ خَمْسمِائَة دِينَار وَعمل لَهُ راتباً
وَحكى الْجَزرِي أَيْضا فِي تَارِيخه قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر بن الدريهم الأسعردي والزكي إِبْرَاهِيم الجبيلي أستاذ الْفَارِس اقطاي قَالَ كُنَّا عِنْد سيف الدّين قطز لما تسلطن أستاذه الْمعز وَقد حضر عِنْده منجم مغربي فصرف اكثر غلمانه فأردنا الْقيام فَأمرنَا بالقعود ثمَّ أَمر المنجم فَضرب الرمل ثمَّ قَالَ اضْرِب لمن يملك بعد أستاذي وَمن يكسر التتار فَضرب وَبَقِي زَمَانا يحْسب فَقَالَ يَا خوند يطلع علعي خمس حُرُوف بِلَا نقط فَقَالَ لم لَا تَقول مَحْمُود بن مَمْدُود
فَقَالَ يَا خوند لَا يَقع غير هَذَا الِاسْم فَقَالَ أَنا هُوَ وَأَنا أكسرهم وآخذ بثأر خَالِي خوارزم شاه
قُلْنَا يَا خوند إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَقَالَ اكتموا هَذَا وَأعْطى المنجم ثَلَاثمِائَة دِرْهَم
كَانَ مُدبر دولة أستاذه الْمَنْصُور عَليّ بن الْمعز فَلَمَّا داهم الْعَدو الشَّام رأى أَن الْوَقْت يحْتَاج إِلَى سُلْطَان مهيب فعزل الصَّبِي وتسلطن وَتمّ لَهُ ذَلِك فِي أَوَاخِر السّنة سبع وَخمسين فَلَنْ يبلغ رِيقه وَلَا تهنأ بالسلطنة حَتَّى امْتَلَأَ الشَّام تتاراً فتجهز للْجِهَاد وَشرع فِي أهبة الْغَزْو والتف إِلَيْهِ عَسْكَر الشَّام وَبَايَعُوهُ فَسَار بالجيوش فِي أَوَائِل رَمَضَان وَعمل المصاف مَعَ التتار(24/189)
على عين جالوت وَعَلَيْهِم كتبغا فنصره الله عَلَيْهِم وَقتل مقدمهم وَقتل جَوَاده يَوْمئِذٍ وَلم)
يُصَادف أحدا من الأوشاقية وَبَقِي رَاجِلا فَرَآهُ بعض الْأُمَرَاء فترجل لَهُ وَقدم لَهُ حصانه فَامْتنعَ من ذك وَقَالَ مَا كنت لأمنع الْمُسلمين الِانْتِفَاع بك فِي هَذَا الْوَقْت
ثمَّ تلاحقت الأوشاقية بِهِ وَرمى الخوذة على رَأسه لما رأى انكشافاً فِي المسرة وَحمل وَقَالَ وادين مُحَمَّد وَكَانَ النَّصْر وَكَانَ شَابًّا أشقر كَبِير اللِّحْيَة
ثمَّ إِنَّه جهز بيبرس أَعنِي الظَّاهِر فِي أقفاء التتار ووعده بنيابة حلب فساق وَرَاءَهُمْ إِلَى أَن طردهم عَن الشَّام
ثمَّ إِنَّه انثنى عزمه عَن إِعْطَائِهِ حلب وولاها عَلَاء الدّين ابْن صَاحب الْموصل
فتأثر الظَّاهِر من ذَلِك وَدخل قطز دمشق وَأحسن إِلَى الرّعية فَأَحبُّوهُ حبا زَائِدا
ثمَّ استناب على الْبَلَد علم الدّين سنجر الْحلَبِي وَرجع بعد شهر إِلَى الْقَاهِرَة فَقتل بَين الغرابي والصالحية وَدفن بالقصير رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة تولى قَتله الظَّاهِر وأعانه جمَاعَة من الْأُمَرَاء وَبَقِي ملقى فدفنه بعض غلمانه وَصَارَ قَبره يقْصد بالزيارة ويترحم عَلَيْهِ ويسب من قَتله
فَلَمَّا كثر ذَلِك بعث السُّلْطَان من نبشه وَنَقله إِلَى مَكَان لَا يعرف وَدَفنه وَعفى قَبره وأثره
وَكَانَ قَتله فِي سادس عشر ذِي الْقعدَة وَفِي كسر قطز للتتار قَالَ شهَاب الدّين أَبُو شامة
(غلب التتار على الْبِلَاد فَجَاءَهُمْ ... من مصر تركي يجود بِنَفسِهِ)
(بِالشَّام أهلكهم وبدد شملهم ... وَلكُل شيءٍ آفَة من جنسه)
3 - (أَمِير آخور نَائِب صفد)
قطز الْأَمِير سيف الدّين أَمِير آخور لما خرج الْأَمِير حسام الدّين لاجين أَمِير آخور الْكَبِير إِلَى دمشق من الديار المصرية على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته جعل هَذَا الْأَمِير سيف الدّين قطز مَكَانَهُ فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَبِي فِي الْوَظِيفَة إِلَى أَن خلع المظفر حاجي فِي شهر رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَتَوَلَّى الْملك النَّاصِر حسن فَأخْرج الْأَمِير سيف الدّين قطز إِلَى نِيَابَة صفد عِنْد موت الْأَمِير سيف الدّين أولاجا نائبها فَأَقَامَ بصفد نَائِبا إِلَى ثَانِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فوصل الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد إِلَى صفد نَائِبا ورسم للأمير سيف الدّين قطز أَمِير آخور بالحضور إِلَى دمشق أَمِيرا من جملَة الْأُمَرَاء بهَا فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَمَا عَاشَ إِلَى أَن)
جَاءَهُ منشوره فَتوفي فِي دمشق فِي السّنة الْمَذْكُورَة رَحمَه الله تَعَالَى(24/190)
3 - (قطز المنصوري)
قطز الْأَمِير سيف الدّين قطز المنصوري كَانَ ينْدب فِي الْمُهِمَّات لشجاعته توفّي سنة تسعين وسِتمِائَة
3 - (سيف الدّين قطلقتمر قلي)
قطلقتمر قلي الْأَمِير سيف الدّين أحد أُمَرَاء دمشق أَصْحَاب الطبلخاناه كتب فِي حَقه ارغون شاه إِلَى بَاب السُّلْطَان وشكاه وسال نقلته حلب فرسم لَهُ بذلك
وَكَانَ قد جرد صُحْبَة الْعَسْكَر الدِّمَشْقِي إِلَى سيس سنة خمسين وَسَبْعمائة وَكتب أرغون شاه إِلَى نَائِب حلب أَنه إِذا عَاد الْعَسْكَر يتَقَدَّم إِلَيْهِ بِالْإِقَامَةِ فِي حلب حَسْبَمَا رسم بِهِ فَأَقَامَ بهَا تَقْدِير خَمْسَة أشهر أَو أَرْبَعَة ثمَّ توفّي رَحمَه الله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين وَسَبْعمائة
(قطلوبغا)
3 - (سيف الدّين الفخري)
قطلوبغا الْأَمِير الْكَبِير الْمِقْدَام الشجاع الداهية سيف الدّين الساقي الناصري الْمَعْرُوف بالفخري كَانَ من أكبر مماليك الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من رَفعه الْأَمِير سيف الدّين ارغون الدوادار
لم يكن لأحد من الخاصكية وَلَا من غَيره إدلاله على السُّلْطَان وَلَا من يكلمهُ بِكَلَامِهِ
كَانَ يفحش فِي كَلَامه وَيرد عَلَيْهِ الْأَجْوِبَة الحادة الْمرة وَهُوَ يحْتَملهُ وَقد تقدم شَيْء من ذكره فِي تَرْجَمَة أَخِيه سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر
لم يزل عِنْد السُّلْطَان أثيراً عالي المكانة إِلَى أَن أمْسكهُ فِي نوبَة إِخْرَاج أرغون إِلَى حلب نَائِبا
فَلَمَّا دخل الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى مصر عقيب ذَلِك أخرجه السُّلْطَان مَعَه إِلَى الشَّام فِي سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة
وَكَانَ افخري مِمَّن يكره الْأَمِير سيف الدّين تنكز ويحط عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي ساعد أَمِير حُسَيْن عَلَيْهِ
وَقيل إِنَّه توجه مرّة إِلَى بَابه وَأقَام فِيمَا قيل من بكرَة إِلَى الظّهْر حَتَّى أذن لَهُ فِي الدُّخُول فَلَمَّا خرج مَعَه شدّ الشلو فِي وَسطه وَكَانَ يركب فِي خدمته ويترجل قبل نُزُوله فِي ركابه وَيَمْشي)
بالخف من غير سرموزة وَيحصل الصَّيْد بَين يَدَيْهِ وَيطْعم طيوره
وَلم يزل يدْخل إِلَى قلبه بِالْخدمَةِ حَتَّى أحبه وَمَال إِلَيْهِ قَالَ تنكز مرّة وَالله اشتهي أَن اركب مرّة وَمَا أخرج التقي الفخري وَاقِفًا ينتظرني
قيل إِنَّه كَانَ لَهُ وَاحِد وَاقِفًا دَائِما بدار السَّعَادَة مَتى قدمت فرس تنكز للرُّكُوب توجه إِلَيْهِ وأعلمه وَيكون هُوَ قَاعِدا متأهباً للرُّكُوب فيركب وَيقف لانتظاره فَأَحبهُ حبا شَدِيدَة حَتَّى لم يبْق عِنْده بِدِمَشْق اعز مِنْهُ
وَقَالَ وَالله لَو خدم أستاذه عشر هَذِه الْخدمَة(24/191)
مَا كَانَ نَالَ أحد مرتبته
كَانُوا يَوْمًا فِي ضِيَافَة الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف ابْن الْملك الأوحد وَقد شربوا القمز فَدخل عَلَيْهِم الْأَمِير سيف الدّين أوران الْحَاجِب وَهُوَ عِنْد تنكز بِمحل كَبِير فَأخذ قطلوبغا الهناب وَقَامَ وَقَالَ عنْدك يَا أَمِير فَلم يقبله فالح عَلَيْهِ فَلم يُوَافقهُ فَقَالَ تنكز عِنْدِي يَا أَمِير أَنا أَحَق بك وَالله يَا أُمَرَاء مَا عِنْد أستاذنا أكبر مِنْهُ وَلَا أعز وَلَو وطأ نَفسه قَلِيلا مَا كَانَ فِينَا يصل إِلَى ركابه وَأخذ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَالشُّكْر مِنْهُ وَمِنْهَا كَانَ الْوَاقِع وانتحس أوران بهَا إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ إِذا شفع عِنْده لَا يردهُ وَلم يزل إِلَى أَن ترْضى لَهُ السُّلْطَان
وَكَانَ يحضر إِلَيْهِ بعد ذَلِك الْخَيل والجوارح من السُّلْطَان وَلم يزل إِلَى أَن كَانَت وَاقعَة تنكز فَكتب السُّلْطَان إِلَى افخري فِي الْبَاطِن وَقَالَ لَهُ يَا وَلَدي مَا خبأتك إِلَّا لهَذَا الْيَوْم أبْصر كَيفَ تكون وَهَذَا من رَاح مَعَه رَاح بِلَا دينا وَلَا آخِرَة
فَاجْتمع هُوَ والأمراء بِدِمَشْق وَخَرجُوا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر وأمسكوا تنكز على مَا تقدم فِي تَرْجَمته فَنظر إِلَيْهِ والتركاش فِي وَسطه فَقَالَ لَهُ يَا فخري لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا أَنْت الآخر بالتركاش فَقَالَ مَا شدّ إِلَّا فِي يَوْمه ثمَّ إِنَّه أَقَامَ بعده بِدِمَشْق إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَأخذ وَتوجه بهَا
ثمَّ توجه قطلوبغا إِلَى مصر فَطَلَبه وعظمه السُّلْطَان زَائِدا
وَلم يزل فِي أعز مكانة إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فأظهر الْميل إِلَى قوصون وَكَانَ مَعَه على بشتاك وَحضر إِلَى الشَّام وَنزل فِي الْقصر الأبلق وَحلف النَّاس بعد السُّلْطَان لِابْنِهِ الْملك الْمَنْصُور أبي بكر وَذَلِكَ أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا فَخرج النَّاس وتلقوه ودعوا لَهُ)
وخصصوه بِالدُّعَاءِ دون ألطبغا وَقدم لَهُ الْأُمَرَاء وَغَيرهم بِدِمَشْق وَحلف النَّاس وَتوجه فَلَمَّا جرى للمنصور مَا جرى وخلعوه وملكوا الْأَشْرَف عَلَاء الدّين كجك أَخَاهُ وَجعلُوا الْأَمِير سيف الدّين قوصون نَائِبه مَال الفخري إِلَى قوصون ميلًا عظيماًَ وَقَامَ بنصره
وَطلب قوصون من يتَوَجَّه إِلَى الكرك لحصار السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد فَلم يَجْسُر أحد غير الفخري فَخرج هُوَ والأمير سيف الدّين قماري فِي ألفي فَارس إِلَى الكرك وَحصر النَّاصِر أَحْمد ووسط جمَاعَة من أهل الكرك وَبَالغ وَرُبمَا أفحش فِي الْكَلَام للناصر أَحْمد فحقدها عَلَيْهِ
ثمَّ لما بلغه أَن الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا نَائِب دمشق توجه إِلَى حلب لإمساك طشتمر الساقي نائبها وخلت دمشق من الْعَسْكَر حضر الفخري إِلَيْهَا وَترك الكرك فَخرج أهل دمشق إِلَيْهِ وتلقوه ودعوا لَهُ فَدَخلَهَا وَنزل على خَان لاجين واقترض من مَال الْأَيْتَام مبلغ أَرْبَعمِائَة للف دِرْهَم ونفق فِي من مَعَه من العساكر وَلحق الْأَمِير بهاء الدّين أصلم وَهُوَ على قارا بعسكر صفد ليلحق الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا(24/192)
بحلب فَبعث إِلَيْهِ رده وَطلب الْأُمَرَاء الَّذين تخلفوا فِي بر دمشق فَحَضَرُوا إِلَيْهِ وَأقَام بخان لاجين وَكتب إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر الساقي وَهُوَ ائب حماة فَحَضَرَ إِلَيْهِ وتلاحق النَّاس بِهِ
وَلما حضر إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر قوي جأشه وجأش من مَعَه وَكَانَ لما دخل إِلَى دمشق أحضر النَّاس وحلفهم للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد ودعا النَّاس إِلَى بيعَته وَمَال الْخلق إِلَيْهِ واستخدم الْجند البطالة ورتب أنَاس فِي وظائف وأحبه النَّاس كثيرا
وَحضر إِلَيْهِ الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاري لما كَانَ بغزة وَأمْسك الطرقات وربطها على من يروح من حلب إِلَى مصر أَو يَجِيء من مصر إِلَى حلب ويمسك البريدية وَيَأْخُذ مَا معم
وعمى الْأَخْبَار على قوصون وعَلى الطنبغا وَظهر بعزم كَبِير وحزم كَبِير وساعده الْقدر وخدمته السَّعَادَة زَائِدا وَبَقِي أمره كلما جَاءَ يقوى وَأمر الطنبغا كلما جَاءَ يضعف
وترددت الرُّسُل بَينه وَبَين الطنبغا وَطَالَ الْأَمر وَلم يزَالُوا كَذَلِك إِلَى أَن وصل الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا من حلب وتنزل القطيفة وَأقَام بهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَجبن عَن لِقَاء الفخري وَمَعَهُ عَسْكَر دمشق وعسكر حلب وعسكر طرابلس فِي عدَّة تِسْعَة عشر ألف فَارس وضعفت نفوس الَّذين مَعَ الفخري وهموا بالهروب لأَنهم دون الثَّلَاثَة آلَاف فَارس بل وَلَا يصلونَ إِلَى أَلفَيْنِ)
لَكِن كَانَ مَعَه جبلية من أهل بعلبك وَالْبِقَاع وترددت الْقُضَاة بَينهمَا وَمَال الفخري إِلَى الصُّلْح وَقَالَ ارْجع عَنْك بِشَرْط أَن توفّي عني مَال الْأَيْتَام لأنني أنفقته على من معي من الْعَسْكَر وَلَا تقطع من رتبته فِي وَظِيفَة
فتوقف الطنبغا وَطَالَ التَّرَدُّد بَينهمَا والعسكران فِي المصاف وَهلك من مَعَ الطنبغا من الْجُوع لِأَن عَسْكَر الفخري حَال بَينه وَبَين دمشق وسيب الْمِيَاه على المرج فحال بَينه وَبَين حريمه وَبَين الْعَسْكَر وَبَين دمشق وَلَو نزل الطنبغا وَلم يقف بالقطيفة داس الفخري وَعَسْكَره دوساً
وَلَو وَافق الفخري على مَا أَرَادَ وَدخل إِلَى دمشق دَخلهَا ملكهَا وَبَقِي على حَاله نَائِبا والفخري ضيفاً عِنْده تَحت أوامره ونواهيه وَلَكِن إِذا أَرَادَ الله أمرا بلغه
فَلم يكن ذَلِك النَّهَار إِلَّا بِمِقْدَار الثَّالِثَة من النَّهَار حَتَّى مَال الْعَسْكَر الدِّمَشْقِي بمجموعه إِلَى الفخري وحركوا طبلخاناتهم وَتركُوا الطنبغا وَحده على مَا مر فِي تَرْجَمته فهرب فِي من هرب مَعَه من الْأُمَرَاء وَدخل الفخري بعساكره إِلَى دمشق وملكها وَنزل الْقصر الأبلق وَأخذ فِي تَحْلِيف العساكر للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد وجهز إِلَيْهِ ليحضر إِلَى دمشق فَقَالَ جهز لي الْأُمَرَاء الْكِبَار الَّذين عنْدك فَوجه إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر والأمير بهاء الدّين اصلم والأمير سيف الدّين قماري والأمير علم الدّين سُلَيْمَان بن هَمنَا فتوجهوا إِلَى الكرك وعادوا وَلم يحضر إِلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا حضر الْأَمِير طشتمر نَائِب حلب حضرت وعادوا وَلم يحضر إِلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا حضر الْأَمِير طشتمر بِلَاد الرّوم وَلم يزل فِي اللَّيْل وَالنَّهَار يعْمل على ذَلِك إِلَى أَن حضر وَوصل إِلَى دمشق فَخرج وتلقاه وَنزل بالنجيبية على الميدان وَحمل إِلَيْهِ مَالا عَظِيما(24/193)
ووردت كتب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى الْأُمَرَاء الأكابر بِالشَّام تَتَضَمَّن أَن الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري هُوَ كافل الشَّام يولي النيابات الْكِبَار لمن يخْتَار فَوجه الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبغا حاجي إِلَى حلب نَائِبا وَوجه الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي البشمقدار إِلَى حمص نَائِبا وَوجه الْأَمِير سيف الدّين طينال إِلَى طرابلس نَائِبا وَشرع فِي عمل آلَات السلطنة وشعرا الْملك وَيسْأل من السُّلْطَان الْحُضُور إِلَى دمشق وَهُوَ يسوف بهما إِلَى أَن عزم الفخري وطشتمر على التَّوَجُّه غليه بالعساكر فَلَمَّا خَرجُوا من دمشق وَسمع بهم توجه هُوَ وجده إِلَى)
الْقَاهِرَة فتوجها بالعساكر فَلَمَّا قاربا الْقَاهِرَة بعث إِلَى الفخري وَالِي طشتمر من يتلقاهما وَأكْرم نزلهما
واستتب الْأَمر للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد وَحلف المصريون والشاميون لَهُ
وَكَانَ افخري يَوْمئِذٍ وَاقِفًا مشدود الْوسط بِيَدِهِ عَصا محتفلاً بِالْأَمر احتفالاً كَبِيرا
وَخرج الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر الناصري إِلَى غَزَّة نَائِبا وَخرج الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي إِلَى صفد نَائِبا وَخرج الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج الْملك إِلَى حماة نَائِبا وَخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين ايبدغمش إِلَى حلب نَائِبا وَخرج قطلوبغا الفخري بعد الْجَمِيع إِلَى دمشق نَائِيا
فَلَمَّا كَانَ قَرِيبا من الْعَريش لحقه الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا المارداني فِي ألفي فَارس لإمساكه وَالْقَبْض عَلَيْهِ فأحس بالقضية فَفرق مَا مَعَه من الْأَمْوَال وهرب فِي نفر قَلِيل من مماليكه وَلحق بالأمير عَلَاء الدّين أيدغمش وَهُوَ على عين جالوت مستجيراً بِهِ فَأكْرم نزله أول قدومه ثمَّ بدا لَهُ فِيمَا بعد فأمسكه وجهزه مَعَ وَلَده أَمِير عَليّ إِلَى الْقَاهِرَة
فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان إِمْسَاكه خرج إِلَى الكرك وَأخذ مَعَه طشتمر وَكَانَ قد أمْسكهُ أَولا على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وسير إِلَى أَمِير عَليّ من تسلم مِنْهُ قطلوبغا الفخري وَسَار بِهِ إِلَى الكرك فَدخل السُّلْطَان الكرك واعتقل الفخري وطشتمر بالكرك مُدَّة يسيرَة
فَيُقَال إنَّهُمَا فِي لَيْلَة كسرا بَاب حبسهما وخرجا فَلَو ملكا سَيْفا أَو سِلَاحا ملكا القلعة تِلْكَ اللَّيْلَة
وَكَانَ السُّلْطَان قد بَات خَارج القلعة فَلَمَّا أصبحا أحضرهما وقتلهما صبرا
يحْكى أَن طشتمر خار من اقْتُل وَضعف وانحنى وَأما الفخري فَلم يهب الْمَوْت وَقَالَ للمتوكلين بهما بِاللَّه والكم قدموني قبل أخي هَذَا فَإِن هَذَا مَا لَهُ ذَنْب لَعَلَّه يحصل لَهُ شَفَاعَة بعدِي
وَكَانَ قَتلهمَا فِي أول الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رَحمَه الله تَعَالَى
كَانَ شجاعاً داهية أريباً صباراً حليا جواداً
قَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله مَا رَأَيْت اركم مِنْهُ لَا يستكثر على أحد شَيْئا يَطْلُبهُ وَكَانَ لَا يحسن يكْتب اسْمه وَلَا يعلم إِنَّمَا يكْتب عَنهُ على الْأَجْوِبَة والتواقيع دواداره سيف الدّين طغاي(24/194)
وَقلت أَنا فِيهِ لما قتل
(سمت همة الفخري حَتَّى ترفعت ... على هَامة الجوزاء والنسر بالنصر)
)
وَكَانَ بِهِ للْملك فَخر فخانه الزَّمَان فأضحى ملك مصرٍ بِلَا فَخر
(قطلوبك)
3 - (قطلوبك الْكَبِير)
قطلوبك الْأَمِير سيف الدّين الْمَعْرُوف بقطلوبك الْكَبِير المنصوري
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله كَانَ مؤاخياً لسلار وَولي إمرة الحجوبية بِمصْر فعلمها عملا غر تَمنعهُ النِّيَابَة وَقل قدرهَا لجمع الْأُمَرَاء عَلَيْهِ والبراتية والوافدين وَمد السماط لعم وإفاضة الْخلْع عَلَيْهِم فأهم البرجية أمره خوفًا من قُوَّة شَوْكَة سلار فَأخْرج إِلَى الشَّام وَولي نِيَابَة طرابلس فكرهها واستعان بالأفرم فِي الْإِقَالَة مِنْهَا فأقيل
ثمَّ كَانَت بَينه وَبَين اسندمر الكرجي نائبهابعده مصاهرة كَانَ الْمعِين بن حشيش السَّاعِي فِيهَا
وَاسْتقر قطلوبك الْكَبِير بِدِمَشْق من مقدمي الألوف وَلم يمش إِلَّا مشي عُظَمَاء الْمُلُوك من فرط البذخ والتجمل وَعظم الْحَاشِيَة والغاشية مِمَّا لَا يقوم مغل إقطاعه بِثلث الكلفة لَهُ وَكلما إِنْفَاقه يزْدَاد وَلَا يعرف من ايْنَ مدده وَلَا بِأَيّ شَيْء طَالَتْ فِي الْإِنْفَاق يَده
وَظهر للأفرم وَهُوَ نَائِب الشَّام مِنْهُ كبر أفْضى إِلَى الْوُقُوع بَينهمَا
ثمَّ دخل الْحَاج بهادر وبكتمر الْحَاجِب وَغَيرهمَا فِي الْإِصْلَاح بَينهمَا فاصطلحا وأوجبوا على قطلوبك عمل الشكرانة فعلمها فِي المرج وَأنْفق فِيهَا مَا يُقَارب ثَلَاثِينَ ألف دِينَار مَا بَين طَعَام وشراب وخلع وتقادم للأفرم وحاشيته وللأمراء
وَكَانَت الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام لم تَنْقَطِع خيراتها وَكنت مِمَّن حضرها ونظرها وَهِي تزيد على الْوَصْف
وَالْتزم مرّة بدرك الرحبة سنة حملا على الْأُمَرَاء فجر نَحْو مائَة جنيب من الْخَيل غير المهجن كلهَا مجللات بالحرير ملبسات بحلي الذَّهَب وَالْفِضَّة جَمِيعهَا باسمه ورنكه
وَأقَام بالرحبة عشرَة اشهر غير مسافات رقّه
وَكَانَ يُقيم بِأَكْثَرَ الْجند المضافين إِلَيْهِ فَأَما جنده فَلَا يتَكَلَّف أحد مِنْهُم شَيْئا فِي مُدَّة بيكاره
وَحكى لي صاحبنا الشريف نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْحُسَيْنِي رَحمَه الله وَكَانَ من مصافيه من هَذَا مَا تعجب مِنْهُ
وَقَالَ لي كَانَ راتب شرابخاناته فِي رَمَضَان فِي كل يَوْم وزن خَمْسَة وَعشْرين رطلا)
بالدمشقي من السكر
وَبنى بالرحبة جَامعا وقصراً وميدان كرة ومنازل للجند(24/195)
وَلما تجرك الْملك النَّاصِر للحضور من الكرك ثَانِي مرّة جرده الأفرم هُوَ والحاد بهادر لمَنعه من الْحُضُور فراسلاه حَتَّى أَتَيَاهُ وحضرا بِهِ وَجعله أستاذ دَار وَكَانَ هُوَ الْقَائِم بالدولة وَقدم للسُّلْطَان بِدِمَشْق تقدمة تجل عَن التَّقْوِيم
ثمَّ كَانَ السُّلْطَان لَا يخلع وَلَا ينْفق إِلَّا من خزانته مُدَّة مقَامه بِدِمَشْق فِي تِلْكَ الْأَيَّام وسفره إِلَى أَن دخل مصر
فَأَقَامَ على وظيفته مديدة ثمَّ أخرج إِلَى نِيَابَة صفد فَأَقَامَ بهَا غير كثير ثمَّ أمسك مها وَحبس بقلعة الكرك ثمَّ كَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
وَكَانَ يعاني زِيّ أُمَرَاء الْمغل فِي لبس الكنبك والطرز بَين كَتفيهِ وركوب الأكاديش غَالِبا
وَكَانَ أسمر شَدِيد السمرَة بطيناً حسن الصُّورَة يكْتب خطا جيدا ولع إِلْمَام بِبَعْض عَرَبِيَّة وَفقه وَحَدِيث وَعِنْده تندير ودلع على سَبِيل اللّعب وَله شعر مِنْهُ مَا عمله فِي مجْلِس الأفرم فِي سَاق كَانَ يسقيهم القمز وَقد غنى بِشعر لِابْنِ الْوَكِيل
(أَمِير الْحسن ساقينا ... يغنينا فيغنينا)
(فيا لله مَا أحلى ... إشارات المحبينا)
فَأمر الأفرم ابْن الْوَكِيل فذيلها بِأَبْيَات ثمَّ أَمر بهَا فلحنت وغنى عَامَّة يَوْمه بهَا
(قطلوتمر الخليلي)
قطلوتمر الْأَمِير سيف الدّين الخليلي ولاه الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر نَائِب دمشق الحجوبية وَكَانَ حاجباً صَغِيرا وَعمر الدَّار الَّتِي فِي العقيبة قبالة سوق الْخَيل والمئذنة وَالْمَسْجِد
وَله الدَّار الَّتِي فِي القصاعين وَبَقِي على ذَلِك إِلَى ان حضر الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي البجمقدار من الْقَاهِرَة مُتَوَجها إِلَى حمص نَائِبا أول دولة الْكَامِل شعْبَان فَلَمَّا وصل إِلَى القسطل حضر الْبَرِيد من مصر برده وَأَن يتَوَجَّه الخليلي الْمَذْكُور بدله إِلَى حمص نَائِبا فَتوجه غليها وَأقَام بهَا قَرِيبا من شهر وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (سيف الدّين الجمدار)
قطليجا الْأَمِير سيف الدّين الْحَمَوِيّ الناصري الجمدار توفّي الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وَهُوَ أَمِير عشرَة وَكَانَ جمداراً لَهُ
وَهُوَ حسن الْوَجْه أَبيض تعلوه حمرَة حسن الثغر إِلَى الْغَايَة
رسم لَهُ بنيابة حماة بَعْدَمَا حضر إِلَى دمشق فِي جملَة أمرائها وَأقَام بهَا مُدَّة لَطِيفَة فِي أَيَّام الْكَامِل شعْبَان
ثمَّ لما ولي المظفر حاجي وَنقل أسندمر نَائِب حماة إِلَى طرابلس طلب قطليجا الْمَذْكُور إِلَى مصر ورسم لَهُ بنيابة حماة فضر إِلَيْهَا وَأقَام(24/196)
بهَا
وَهُوَ الَّذِي أمسك الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحياوي لما خرج على المظفر على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته
وَلم يزل قطليجا بحماة إِلَى أَن قتل ارغون شاه نَائِب دمشق ورسم للأمير سيف الدّين ارقطاي نَائِب حلب بنيابة دمشق ورسم للأمير سيف الدّين قطليجا بنيابة حلب فَتوجه إِلَيْهَا ودخلاها فِي الْعشْر الْأَوْسَط من جُمَادَى الأولى فَأَقَامَ بهَا مُدَّة يسيرَة وَمرض فَمَاتَ فِي آخر نَهَار الْخَمِيس خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين وَسَبْعمائة رَحمَه الله وَجَاوَزَ عَنهُ رَأَيْت أهل حماة يذمون أَيَّامه
(قطليجا الوادار)
3 - (قطليجا الدوادار الناصري)
كَانَ أَولا من مماليك المرحوم سيف الدّين ارغون النَّائِب
وَلما أخرج الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار إِلَى دمشق فِي أَيَّام النَّاصِر حسن على مَا مر فِي تَرْجَمته جعل هَذَا الْأَمِير سيف الدّين مَكَانَهُ فِي الدوادارية وَكَانَ بِعشْرَة
ثمَّ إِنَّه آخر الْأَمر أعطي طبلخاناه وَأقَام فِي الدوادارية إِلَى أَن رسم لطشبغا بِالْعودِ إِلَى الديار المصرية وَتَوَلَّى الدوادارية ثَانِيًا وَأخرج الْأَمِير سيف الدّين قطليجا أَمِيرا إِلَى حلب فَتوجه غليها واقام إِلَى أَن حضر مَمْلُوكه تمر فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة يَطْلُبهُ إِلَى مصر فَلَمَّا عَاد إِلَى مصر خرج إِلَى دمشق صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير عَليّ المارداني نَائِب الشَّام فَأَقَامَ بهَا بطالاً إِلَى أَن توفّي الْأَمِير شهَاب الدّين شعْبَان لزم يلبغا فأنعم عَلَيْهِ بإقطاعه طبلخاناه
ثمَّ إِنَّه نقل إِلَى حلب فِي سنة تسع وَخمسين ثمَّ نقل إِلَى دمشق فِي سنة وَسَبْعمائة
ثمَّ لما جرى الْأَمر على مَا جرى بِدِمَشْق أمسك وَهُوَ وايدجغمش المارداني ثمَّ توجهوا بِهِ إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَبعد خلع النَّاصِر اخْرُج مَعَه
(قطن)
3 - (الغبري الْبَصْرِيّ)
قطن بن نسير الغبري الْبَصْرِيّ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والمائتين
القطيني النَّحْوِيّ المغربي اسْمه غَالب بن عبد الله
3 - (الْعَدوي الْمُقْرِئ الْبَصْرِيّ)
قعنب الْعَدوي الْبَصْرِيّ كَانَ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة وَله قِرَاءَة شَاذَّة توفّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة
القعْنبِي عبد الله بن مُسلم(24/197)
3 - (الْقَعْقَاع)
3 - (التَّمِيمِي الصَّحَابِيّ)
الْقَعْقَاع بن معبد بن زُرَارَة التَّمِيمِي
أحد وَفد بن تَمِيم أَشَارَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإمارته وَأَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ بإمارة الْأَقْرَع بن حَابِس فِي حِين قدوم وَفد بني تَمِيم
فَقَالَ أَبُو بكر مَا أردْت إِلَّا خلافي وتماريا فَنزلت يَا أيُّها الَّذين آمنُوا لَا تقدَّموا بَين يَدي الله وَرَسُوله من حَدِيث عبد الله بن الزبير
3 - (التَّمِيمِي الصَّحَابِيّ)
الققاع بن عَمْرو التَّمِيمِي قَالَ شهِدت وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ سيف الدّين بن عمر عَن عَمْرو بن تَمام عَن أَبِيه
قَالَ ابْن أبي حَاتِم وَسيف مَتْرُوك الحَدِيث فَبَطل مَا جَاءَ من ذَلِك
قَالَ ابْن عبد الْبر هُوَ أَخُو عَاصِم بن عَمْرو التَّمِيمِي وَكَانَ لَهما الْبلَاء الْجَمِيل والمقامات المحمودة فِي الْقَادِسِيَّة لَهما ولهاشم بن عتبَة وَعمرَة بن معدي كرب
3 - (السّلمِيّ الصَّحَابِيّ)
الْقَعْقَاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد السّلمِيّ)
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَمعه يَقُول تمعددوا وَاخْشَوْشنُوا وامشوا حُفَاة وروى عَنهُ سعيد المَقْبُري
وروى الْقَعْقَاع هَذَا أَيْضا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مر بناس من أسلم وهم يتناضلون فَقَالَ ارموا إِن أَبَاكُم كَانَ رامياً ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الردع الحَدِيث قَالَ ابْن عبد الْبر للقعقاع ولأبيه جَمِيعًا حَبَّة وَقد ضعف
(الألقاب)
3 - (ابْن القفطي الْوَزير جمال الدّين اسْمه عَليّ بن يُوسُف وَأَخُوهُ مؤيد الدّين إِبْرَاهِيم بن يُوسُف)
وَزِير حلب
القفطي بهاء الدّين هبة الله بن عبد الله(24/198)
القفصي الكفيف المغربي هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
والقفصي الْبَزَّاز الشَّاعِر المغربي هُوَ الْقَاسِم بن مَرْوَان
ابْن القف الطَّبِيب يَعْقُوب بن إِسْحَاق
الْقفال الْكَبِير الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل
الْقفال الصَّغِير الشَّافِعِي اسْمه عبد الله بن أَحْمد
القلانسي مُفِيد بَغْدَاد اسْمه أَحْمد بن عَليّ
أَوْلَاد القلانسي جمَاعَة مِنْهُم زين الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد وَهُوَ أَبُو جلال الدّين وَمِنْهُم عز الدّين محتسب دمشق وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد أَيْضا وجمال الدّين وَكيل بَيت المَال أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ومؤيد الدّين أسعد بن المظفر ومؤيد الدّين المؤرخ أسعد بن حَمْزَة ونظام الدّين الْحسن بن اِسْعَدْ والصاحب عز الدّين حَمْزَة بن اِسْعَدْ وعلاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ومجد الدّين إِبْرَاهِيم بن اِسْعَدْ وَمِنْهُم محيي الدّين يحيى بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سعيد
3 - (سيف الدّين الجمدار)
قلاوون الْأَمِير سيف الدّين الجمدار
أحد مقدمي اللوف بِدِمَشْق كَانَ بهَا أَمِيرا وَتَوَلَّى نِيَابَة حمص فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين)
وَأقَام بهَا نَائِبا مُدَّة ثمَّ عزل وَحضر إِلَى دمشق
وَكَانَت ولَايَته لحمص بعد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر العلائي ثمَّ إِنَّه تقدم عِنْد الْأَمِير سيف الدّين يلبغا
وَلما برز إِلَى الجسورة فِي أَيَّام الْكَامِل عاضده ووازره فَلَمَّا انتصر رعى لَهُ عَهده وَصَارَ حظياً يلازمه وَأَعْطَاهُ إقطاع
وَلما كَانَت الْمرة الثَّانِيَة برز مَعَه إِلَى الجسورة فِي الْأَيَّام المظفرية وَلم يتَوَجَّه مَعَه أحد من الْأُمَرَاء غَيره وَغير مُحَمَّد بن جمق ملي أَنه كَانَ قد أودع خزانته فِي داريا وَأَرَادَ أَن ينهزم مِنْهُ فَمَا أمكنه
وَلم يزل مَعَه فِي الْبَريَّة إِلَى أَن دخلا إِلَى حماة والأمير سيف الدّين قلاوون ضَعِيف قد عمل قدامه مخدة على الْفرس فَأَقَامَ بهَا مُدَّة جُمُعَة وتورم وارزق وَمَات فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قبل أَن يخرج بالأمير سيف الدّين يلبغا من حماة رحمهمَا الله تَعَالَى
3 - (الْملك الْمَنْصُور)
قلاوون السُّلْطَان الْملك سيف الدّين أَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو الْفتُوح(24/199)
التركي الصَّالِحِي النجمي اشْترِي بِأَلف دِينَار وَلِهَذَا كَانَ يُقَال لَهُ الألفي
وَفِي تَرْجَمَة شرف الدّين عبد الْوَهَّاب بن فضل الله بيتان فِي هَذَا الْمَعْنى لَهُ
كَانَ من أحسن النَّاس صُورَة فِي صباه وأبهاهم وأهيبهم فِي رجوليته
كَانَ تَامّ الشكل مستدير الْحَيَّة قد وخطه الشيب على وَجهه هَيْبَة الْملك وَعَلِيهِ سكينَة ووقار
وَكَانَ فِي إمرته إِذا قدم دمشق ينزل فِي دَار الزهر
وَعمل نِيَابَة السلطنة للْملك الْعَادِل سلامش ابْن الْملك الظَّاهِر عِنْدَمَا خلع السعيد وحلفوا لسلامش وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وحلفوا لَهُ مَعَه وذكرا مَعًا فِي الْخطْبَة وَضربت السِّكَّة بِوَجْهَيْنِ وَجه لسلامش وَجه لقلاوون
وَبَقِي الْأَمر على هَذَا شَهْرَيْن وأياماً على مَا قيل وَالصَّحِيح أَنه لم يضْرب على السِّكَّة حَتَّى تسلطن
وَلَقَد رَأَيْت كثيرا من ضرب سلامش لَهُ خَاصَّة وَفِي رَجَب سنة ثَمَان وبعين خلعوا الْعَادِل)
سلامش وَبَايَعُوا الْملك الْمَنْصُور واستقل بِالْملكِ وامسك جمَاعَة أُمَرَاء ظاهرية وَاسْتعْمل مماليكه على نِيَابَة الْبِلَاد وَكسر التتار سنة ثَمَانِينَ ونازل حصن المرقب وفتحه سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَفتح طرابلس وانشأ بِالْقَاهِرَةِ بَين القصرين الْمدرسَة الْعَظِيمَة والبيمارستان الْعَظِيم الَّذِي لم يكن مثله
وَتُوفِّي فِي سادس لقعدة يَوْم السبت سنة تسع وَثَمَانِينَ ظَاهر الْقَاهِرَة وَحمل إِلَى القلعة لَيْلَة الْأَحَد وَملك بعده وَلَده الْملك الْأَشْرَف
وَيَوْم الْخَمِيس مستهل الْعَام الْآتِي فرق بتربته صدقَات كَثِيرَة من ذهب وَفِضة شملت النَّاس
فَلَمَّا كَانَ الْعشَاء أنزل من القلعة فِي تابوته إِلَى تربته وَفرق من الْغَد الذَّهَب على الْفُقَرَاء وقرأوا تِلْكَ اللَّيْلَة
وَكَانَ ملكا عَظِيما لَا يحب سفك الدِّمَاء إِلَّا أَنه كَانَ يحب جمع المَال
وَأبقى الله لملك فِي بَيته من بينيه ومماليكه وَبني ابْنه وَكتب تَقْلِيده بالسلطنة القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر وَهُوَ الْحَمد لله الَّذِي جعل آيَة السَّيْف ناسخة لكثير من الْآيَات وفاسخة لعقود أولي الشَّك والشبهات الَّذِي رفع بعض الْخلق على بعض دَرَجَات وَأهل لأمور الْبِلَاد والبعاد من جَاءَت خوارق تملكه بِالَّذِي إِن لم يكن من المعجزات فَمن الكرامات
ثمَّ الْحَمد لله على أَن اشهدها مصَارِع أعدائها وَأحمد لَهَا عواقب إِعَادَة نصرتها وإبدائها ورد تشتيتها بعد أنم ظن كل وَاحِد أَن شعارها الْأسود مَا بَقِي مِنْهُ غلا مَا صانته الْعُيُون فِي جفونها والقلوب فِي سويدائها
واشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يتلذذ بذكرها اللِّسَان وتتعطر بنفحها الأفواه والردان وتتلقاها مَلَائِكَة الْقبُول فترفعها إِلَى أَعلَى مَكَان واشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أكرمنا اله بِهِ وَشرف لنا(24/200)
الْأَنْسَاب وأعزنا بِهِ حَتَّى نزل فِينَا مُحكم الْكتاب صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الَّذين أنجاب الدّين مِنْهُم عَن أنجاب وَرَضي الله عَن صحابته الَّذين هم أعز صِحَاب صَلَاة يُوفى قَائِلهَا أجره بِغَيْر حِسَاب يَوْم الْحساب
وَبعد حمد الله على أَن أَحْمد عواقب الْأُمُور وَأظْهر لِلْإِسْلَامِ سُلْطَانا اشتدت بِهِ للْأمة الظُّهُور وفيت الصُّدُور وَأقَام الْخلَافَة العباسية فِي هَذَا الزَّمن بالمنصور كَمَا أَقَامَهَا فِيمَا مضى)
بالمنصور وَاخْتَارَ لإعلان دعوتها من يحيى معالمها بعد العفاء ورسومها بعد الدُّثُور وَجمع لَهَا الْآن مَا كَانَ جمح عَلَيْهَا فِيمَا قبل من خلال كل ناجم ومنحها مَا كَانَت تبشرها بِهِ الْمَلَاحِم وأنفذ كلمتها فِي ممالك الدولة العلوية بِخَير سيف مشحوذ ماضي العزائم ومازج بَين طاعتها فِي الْقُلُوب وَذكرهَا فِي الْأَلْسِنَة وَكَيف لَا والمنصور هُوَ الْحَاكِم وَأخرج لحياطة الْأمة المحمدية ملكا تقسم البركات عَن يَمِينه وتقسم السَّعَادَة بِنور جَبينه وتقهر الْأَعْدَاء بفتكاته وتمهر عقائل المعاقل بأصغر راياته ذُو السعد الَّذِي مَا زَالَ نوره يشف حَتَّى ظهر ومعجزه يرف إِلَى أَن بهر وجوهره ينْتَقل من جيد إِلَى جيد حَتَّى علا على الجبين وسره يكمن فِي قلب بعد قلب حَتَّى علم الْعلم الْقَيْن
وَالْحَمْد لله الَّذِي جعل نبأ تَمْكِينه فِي الأَرْض بعد حِين
فاختاره الله على علم واصطفاه من بَين عباده بِمَا جله الله عَلَيْهِ من كرم وشجاعة وحلم وأتى الله بِهِ الْأمة المحمدية فِي وَقت الِاحْتِيَاج عوناً وَفِي إبان الاستمطار غيثاً وَفِي حِين عيث الشبال فِي غر الافتراس ليثاً فَوَجَبَ على من لَهُ فِي أَعْنَاق الْأمة المحمدية بيعَة الرضْوَان وَعند إِيمَانهم مصافحة إِيمَان وَمن حَيْثُ وَجَبت لَهُ الْبيعَة باستحقاقه لميراث منصب النُّبُوَّة وَمن تصح بِهِ كل ولَايَة شَرْعِيَّة يُؤْخَذ كتابها مِنْهُ بِقُوَّة وَمن هُوَ خَليفَة الزَّمَان وَالْعصر وَمن بدعواته ينزل عَلَيْكُم معاشر كماة الْإِسْلَام مَلَائِكَة النَّصْر وَمن نسبه بِنسَب نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متشج وحسبه بِحَسبِهِ ممتزج أَن يُفَوض لَهُ مَا فوضه الله إِلَيْهِ من أَمر الْخلق وَمن يقوم عَنهُ بِفَرْض الْجِهَاد وَالْعَمَل بِالْحَقِّ وَأَن يوليه ولَايَة شُعْبَة تصح بهَا الْأَحْكَام وتنضبط أُمُور الْإِسْلَام وَتَأْتِي هَذِه الْعصبَة الإسلامية يَوْم تَأتي كل أمة بإمامهم من طَاعَة خليفتهم بِخَير إِمَام وَخرج أَمر مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شرفه الله أَن يكون للْمقر العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري أَجله الله وَنَصره وأظفره وأقدره وأيده وأبده كل مَا فوضه الله لمولانا أَمِير الْمُؤمنِينَ من حكم فِي الْوُجُود وَفِي التهائم والنجود وَفِي الخزائن والمدائن وَفِي الظَّاهِر والبواطن وَفِيمَا فَتحه الله وَفِيمَا سيفتحه وَفِيمَا كَانَ فسد بالْكفْر والرجاء من الله أَنه سيصلحه وَفِي كل وجود وَمن وَفِي كل عَطاء وَظن وَفِي كل هبة وتمليك وَفِي كل تفرد بِالنّظرِ فِي أُمُور الْمُسلمين بِغَيْر شريك وَفِي كل تعاهد ونبذ وَفِي كل عَطاء وَأَخ وَفِي كل عزل وتولية وَفِي كل تَسْلِيم وتخلية وَفِي كل إرفاق وإنفاق وَفِي كل إنعام وَإِطْلَاق وَفِي كل(24/201)
استرقاق)
وإعتاق وَفِي كل تَقْلِيد وتفويض وَفِي كل تَحْدِيد وتعويض وَفِي كل حمد وتقريض ولَايَة عَامَّة تَامَّة محمدة محكمَة منضدة منظمة لَا يعقبها نسخ من خلفهَا وَلَا من ين يَديهَا وَلَا يعتريها فسخ يطْرَأ عَلَيْهَا يزيدها مر الْأَيَّام جدة يعقبها حسن شباب وَلَا يَنْتَهِي على الأعوام والأحقاب نعم يَنْتَهِي إِلَى مَا نَصبه الله للإرشاد من سنة وَكتاب وَذَلِكَ من شرع الله أَقَامَهُ للهداة علما وَجعله إِلَى اخْتِيَار الثَّوَاب سلما
فَالْوَاجِب أَن يعْمل بجزئيات أمره وكلياته
وَأَن لَا يخرج أحدج عَن مقدماته وَالْعدْل فَهُوَ الْغَرْس المثمر والسحاب الممطر وَالرَّوْض المزهر وَبِه تتنزل البركات وتخلف الهبات وتربى الصَّدقَات وَبِه عمَارَة الأَرْض وَبِه تُؤَدّى السّنة وَالْفَرْض فَمن زرع الْعدْل اجتنى الْخَيْر وَمن أحسن كفي الضَّرَر والضير
وَالظُّلم فعاقبته وخيمة وَمَا يطول عمر الْملك إِلَّا بالمعدلة الرحيمة
والرعية فهم الْوَدِيعَة نعند أولي الْأَمر فَمَا يخْتَص بِحسن النّظر مِنْهُم زيد وَلَا عَمْرو
وَالْأَمْوَال فَهِيَ ذخائر الْعَاقِبَة والمآل وَالْوَاجِب أَن تُؤْخَذ بِحَقِّهَا وتنفق فِي مستحقها
وَالْجهَاد برا وبحراً فَمن كنَانَة الله تفوق سهامه وتؤرخ أَيَّامه وينتضى حسامه وتجري منشآته فِي الْبَحْر كالأعلام وتشر أَعْلَامه وَفِي عقر دَار الْحَرْب يحط ركابه ويخط كِتَابه وَترسل أرسانه وتجوس خلالها فرسانه فليلزم مِنْهُ ديدناً ويستصحب مِنْهُ فعلا حسنا
وجيوش الْإِسْلَام وكمته وأمراؤه وحماته فهم من قد علمت قدم هِجْرَة وَعظم نَصره وَشدَّة باس وَقُوَّة مراس وَمَا مِنْهُم إِلَّا من شهد الفتوحات والحروب وَأحسن فِي المحاماة عَن الدّين والدؤوب وهم بقايا الدول وتحايا الْمُلُوك الأول لَا سِيمَا أولي السَّعْي الناجح والرأي الرَّاجِح وَمن لَهُم نِسْبَة صالحية إِذا فَخَروا بهَا قيل لَهُم نعم السّلف الصَّالح فأوسعهم برا وَكن بهم برا وهم بِمَا يجب من خدمتك أعلم وَأَنت بِمَا يجب من حَقهم أدرى
والحصون والثغور فهم ذخائر الشدَّة وخزائن العديد وَالْعدة ومقاعد الْقِتَال وكنائن الرَّجَاء وَالرِّجَال فَأحْسن لَهَا التحصين وفوض أمرهَا إِلَى كل قوي أَمِين وَإِلَى كل ذِي دين متين وعقل رصين ونواب الممالك ونواب الْأَمْصَار فَأحْسن لَهُم الِاخْتِيَار وأجمل لَهُم الاختبار وتفقد لَهُم الْأَخْبَار
وَأما مَا سوى ذَلِك فَهُوَ دَاخل فِي حُدُود هَذِه الْوَصَايَا النافعة وَلَوْلَا أَن الله أمرنَا بالتذكير)
لكَانَتْ سجايا الْمقر الْأَشْرَف السلطاني الملكي المنصوري مكتفية بأنوار ألمعيته الساطعة وزمام كل صَلَاح يجب أَن يشغل بِهِ جَمِيع أوقاته هُوَ تقوى الله قَالَ الله تَعَالَى يَا ايها الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته
فَلْيَكُن ذَلِك نصب الْعين وغل الْقلب والشفتين وأعداء الدّين من أرمن وفرنج وتتار فأذقهم وبال أَمرهم فِي كل إِيرَاد للغزو وإصدار وثر لِأَن تَأْخُذ للخلفاء العباسيين وَلِجَمِيعِ(24/202)
الْمُسلمين مِنْهُم الثأر وَاعْلَم أَمن الله نصيرك على ظلمهم وَمَا لظالمين من أنصار
وَأما غَيرهم من مجاوريهم من الْمُسلمين فَأحْسن باستنقاذك مِنْهُم العلاج وطبهم باستصلاحك فبالطب الملكي والمنصوري ينصلح المزاج وَالله الْمُوفق بمنه وَكَرمه
(قلج أرسلان)
3 - (صَاحب الرّوم)
قلج ارسلان بن مَسْعُود بن قلج أرسلان بن سُلَيْمَان بن قتلمش بن إِسْرَائِيل بن سلجوق بن دقاق التركماني ملك الرّوم
كَانَ فِيهِ عدل وَحسن سياسة وسداد رَأْي
طَالَتْ أَيَّامه وَهُوَ وَالِد الْجِهَة السلجوقية زَوْجَة النَّاصِر لدين الله
توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وتسلطن بعده وَلَده غياث الدّين كيخسرو
وَكَانَ قلج أرسلان قد قوي عَلَيْهِ أَوْلَاده حَتَّى لم يبْق لَهُ مَعَهم إِلَّا مُجَرّد الِاسْم لكَونه شاخ
وَتُوفِّي بقونية فِي نصف شعْبَان كَذَا ورخه ابْن الْأَثِير
وَكَانَ لَهُ من الْبِلَاد قونية واقصرا وسيواس وملطية وَمُدَّة ملكه تسع وَعِشْرُونَ سنة وَقيل بضع وَثَلَاثُونَ سنة وَقيل إِنَّه قتل
وَكَانَ ذَا سياسة وَعدل وهيبة عَظِيمَة وغزوات كَثِيرَة فِي الرّوم وَلما كبر فرق بِلَاده على أَوْلَاده فحجر ابْنه قطب الدّين فهرب إِلَى ابْنه الآخر فتبرم بِهِ ثمَّ أكْرمه كيخسرو وَسَار فِي خدمته وَنَدم على تَفْرِيق بِلَاده على أَوْلَاده
وَكَانَ نور الدّين الشَّهِيد قد قَصده فِي وَقت فَأرْسل إِلَيْهِ يستعطفه فَأَجَابَهُ إِلَى الصُّلْح وَقَالَ لَهُ إِنِّي اريد مِنْك أموراً وقواعد مهما تركت فَلَا أترك مِنْهَا ثَلَاثَة أَحدهَا أَن تجدّد إسلامك على يَد رَسُولي حَتَّى يحل لي إقرارك على بِلَاد الْإِسْلَام فَإِنِّي لَا أعتقد أَنَّك مُؤمن وَكَانَ قلج)
أرسلان يتهم باعتقاد الفلاسفة وَالثَّانِي إِذا طلبت عسرك للغزاة تسيره فَإنَّك قد ملكت طرفا كَبِيرا من بِلَاد الْإِسْلَام وَتركت الرّوم وجهادهم وهادنتهم فإمَّا أَن تكون تنجدني بعسكرك لأقاتل الفرنج وَإِمَّا أَن تُجَاهِد من يجاورك من الرّوم ونتبذل الْجهد فِي جهادهم
وَالثَّالِث أَن تزوج ابْنَتك لسيف الدّين غَازِي ولد أخي وَذكر أموراً غَيرهَا فَلَمَّا سمع قلج أرسلان الرسَالَة قَالَ مَا قصد نور الدّين إِلَّا الشناعة عَليّ بالزندقة وَقد أَجَبْته إِلَى مَا طلب وَأَنا أجدد إسلامي على يَد رَسُوله
3 - (النَّاصِر صَاحب حماة)
قلج أرسن بن مُحَمَّد بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب(24/203)
الْملك النَّاصِر بن الْمَنْصُور صَاحب حماة تملك بعد أَبِيه وَبَقِي فِي الْأَمر سنوات ثمَّ أَخذ أَخُوهُ المظفر مِنْهُ حماة بإعانة الْكَامِل وَبقيت لَهُ قلعة بعرين ثمَّ أخذت مِنْهُ فَسَار إِلَى مصر فَأعْطِي بهَا خبز مِائَتي فَارس
ثمَّ بدا مِنْهُ كَلَام فج فحبسه الْكَامِل فَبَقيَ فِي الْحَبْس إِلَى أَن مَاتَ بِهِ قبل أَيَّام الْكَامِل بأيام قَلَائِل سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
(قلم الْمُغنيَة)
قلم الصالحية كَانَت جَارِيَة مولدة صفراء حلوة حَسَنَة الْغناء وَالضَّرْب حاذقة
أخذت عَن إِبْرَاهِيم وَابْنه إِسْحَاق وَيحيى الْمَكِّيّ وزبير بن دحمان وَكَانَت لصالح بن عبد الْوَهَّاب كَاتب صَلَاح بن الرشيد وَقيل بل كَانَت لِابْنِهِ اشْتَرَاهَا الواثق بِعشْرَة آلَاف دِينَار
غَنِي بَين يَدي الواثق فِي لحن لَهَا فَسَالَ عَن ذَلِك فَقيل لَهُ هُوَ لقلم الصالحية فَكتب إِلَى ابْن الزيات بإشخاص صَالح وجاريته فأشخصهما فغنت بيد يَدَيْهِ فَأَعْجَبتهُ فَقَالَ للصالح هَل تبيعها فَقَالَ بِمِائَة ألف دِينَار فَردهَا عَلَيْهِ وَلم يشترها
ثمَّ إِنَّه غَنِي فِي مَجْلِسه بلحن آخر لَهَا فَسَالَ لمن هُوَ فَقيل لَهُ هُوَ لقلم الصالحية فَأمر بإشخاصهما فَلَمَّا غنت بَين يَدَيْهِ أَعْجَبته فَقَالَ إِنِّي قد رغبت فِي هَذِه الْجَارِيَة فاستم فِي ثمنهَا يجوز أَن تعطاه فَقَالَ أما إِذْ وَقعت رَغْبَة أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيهَا فَمَا يجوز أَن أملك شَيْئا لَهُ فِيهِ رَغْبَة وَقد أَهْدَيْتهَا لأمير الْمُؤمنِينَ فَبَارك الله لَهُ فِيهَا
فَأمر ابْن الزيات أَن يُعْطِيهِ خَمْسَة آلَاف دِينَار وسماها اغتباطاً فملطه ابْن الزيات وَلم يُعْطه شَيْئا)
فَدس صَالح إِلَى قلم من أعلمها بذلك فغنت بَين يَدي الواثق يَوْمًا وَقد اصطبح صَوتا أعجبه فَقَالَ لَهَا أَحْسَنت بَارك الله فِيك وَفِي من رباك فَقَالَت يَا سَيِّدي مَا نفع من رباني إِلَّا الْغرم والتعب وَالْخُرُوج عني صفراً فَقَالَ أولم آمُر لَهُ بِخَمْسَة آلَاف دِينَار قَالَت بلَى وَلَكِن ابْن الزيات لم يُعْطه شَيْئا فَوَقع لِابْنِ الزيات أَن يُعْطي صَالحا عشرَة آلَاف دِينَار قبضهَا وَاشْترى بهَا ضَيْعَة وَلزِمَ بَيته وَاسْتغْنى عَن خدمَة السُّلْطَان
(الألقاب)
ابْن قليج صَاحب الْمدرسَة بِدِمَشْق اسْمه عَليّ بن قليج الْحَافِظ
أَبُو قلَابَة اسْمه عبد الْملك بن مُحَمَّد
أَبُو قلَابَة الراوية حُبَيْش بن عبد الرَّحْمَن
أَبُو قلَابَة الْبَصْرِيّ عبد الله بن زيد(24/204)
ابْن قلاقس نصر الله بن عبد الله
ابْن قَليلَة عمر بن عوض
ابْن القماح مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
الْقَمُولِيّ نجم الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن مكي
ابْن القم الْحَيَّيْنِ بن عَليّ
القمي النَّحْوِيّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
القنازعي عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان
القناص خَالِد بن أبان
القنائي زين الدّين إِبْرَاهِيم بن عَرَفَات
القناوي يُوسُف بن أَحْمد
القندلاوي يُوسُف بن دوناس
قنبر الْكَاتِب نصر بن عَليّ ط الْقَنْطَرِي الْحَافِظ الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم
القنوع الْمهرِي أَحْمد بن مُحَمَّد
3 - (أَمِير شكار الناصري)
)
قماري الْأَمِير سيف الدّين الناصري أَمِير شكار كَانَ من أُمَرَاء الخاصكية الْكِبَار جَاءَ فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أَو سنة سِتّ إِلَى دمشق فِي الْبَرِيد أَظُنهُ بطيور من السُّلْطَان الْملك النَّاصِر
وَجَاء إِلَى الْجَامِع وتفرج نَهَارا وَرَأى فوارة جيرون وَغَيرهَا
وَكَانَ مَجِيئه فِي الظَّاهِر فِي الطُّيُور وَفِي الْبَاطِن إمْسَاك الْأَمِير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك
حكى لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ لما عَاد من الشَّام قماري أرسل إِلَيّ وَإِلَى الدوادار وَإِلَى أَمِير جاندار وَقَالَ مَا أَدخل إِلَى مَوْلَانَا السُّلْطَان إِلَّا بكم فَقُلْنَا لَهُ يَا خوند أَنْت مَا أَنْت غَرِيب وَأَنت من أكبر الخاصكية وَزوج بنت مَوْلَانَا السُّلْطَان فَقَالَ أَنا الْآن فِي حكم الغرباء الْأَجَانِب فَلَمَّا قيل ذَلِك للسُّلْطَان أعجبه هَذَا التأتي مِنْهُ وَقَالَ جيدا عمل(24/205)
وَلما تولى الصَّالح إِسْمَاعِيل طلب قماري الْمَذْكُور وَجعله أَمِير آخور فَأَقَامَ قَلِيلا وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بوفاته رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَائِل جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (أَخُو بكتمر الساقي)
قماري الْأَمِير سيف الدّين الناصري أَخُو الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي كَانَ أَمِيرا صَغِيرا فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ فِي طَرِيق الْحجاز مَعَ السُّلْطَان أعطَاهُ السُّلْطَان إمرة مائَة وَقدمه على ألف ط وَلم يزل إِلَى أم خرج مَعَ الفخري إِلَى الكرك لحصار أَحْمد وَحضر مَعَه إِلَى دمشق ثمَّ توجه لمصر وَأقَام بهَا أَمِيرا كَبِيرا وَكَانَ أستاذ الدَّار للصالح إِسْمَاعِيل وَهُوَ من أكبر الْأُمَرَاء بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن مَاتَ الصَّالح وَتَوَلَّى الْملك الْكَامِل شعْبَان فَأخْرجهُ عقيب ذَلِك إِلَى طرابلس نَائِبا وَخرج بعده الْملك نَائِب صفد
وَمرض فِي أول قدومه إِلَى طرابلس مُدَّة أشفى مِنْهَا على الْمَوْت ثمَّ انْتَعش واستقل
وَلم يزل إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي فِي الْبَرِيد فَأَقَامَ بِدِمَشْق أَيَّامًا قَلَائِل وَتوجه إِلَى طرابلس فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من ذِي الْحجَّة وَقبض عَلَيْهِ وأحضره مُقَيّدا إِلَى دمشق)
ثمَّ جهز مِنْهَا إِلَى الديار المصرية على الْبَرِيد فِي أَوَاخِر الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
وَكَانَ النَّاس قد أرجفوا بِهِ قد عزل على أَن يقفز بِاتِّفَاق مِنْهُ على الْأَمِير سيف الدّين الْملك نَائِب صفد
(قماري الْحَمَوِيّ)
قماري الْحَمَوِيّ الْأَمِير سيف الدّين هُوَ الَّذِي حضر إِلَى أَمر أَحْمد الساقي نَائِب صفد وَطَلَبه لباب السُّلْطَان وَجرى لَهُ مَا جرى فِي تَرْجَمَة أَحْمد الساقي
وَآخر أمره جعله الْملك النَّاصِر حسن ى مر حَاجِب بِالْقَاهِرَةِ بَدَلا عَن القاسمي بعد إِمْسَاكه فِي وَاقعَة صرغتمش
ثمَّ بعد قَلِيل جهزه إِلَى نِيَابَة البيرة وَأقَام بهَا شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة وَطَلَبه إِلَى حماة ثمَّ أمْسكهُ وجهزه إِلَى إسكندرية وَلم يزل بهَا معتقلاً إِلَى أَن خلع النَّاصِر حسن فأفرج عَنهُ فِي من أفرج وَحضر إِلَى دمشق
ثمَّ لما كَانَت وَاقعَة بيدر الْخَوَارِزْمِيّ وَحُضُور الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد بن حاجي إِلَى دمشق وَإِخْرَاج إقطاع تمر المهمندار وإمرة الحجبة عَنهُ رسم للأمير يَفِ الدّين قماري بإمرة الحجبة فِي دمشق فِي الْعشْر الأول من شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة(24/206)
(الألقاب)
ابْن قمير الْمروزِي زُهَيْر بن مُحَمَّد
ابْن قميرة مُسْند الْعرَاق اسْمه يحيى بن أبي السُّعُود
القمراوي الشَّاعِر اسْمه مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى
القمع الْبَغْدَادِيّ اسْمه مُحَمَّد بن إِسْحَاق
القمني أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
قنبل الْمقري هُوَ أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن قنبر الحكم بن مُحَمَّد
الْقَنْطَرِي الحكم بن مُوسَى
قنور الصُّوفِي اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم)
ابْن قنويه سَوف بن أَحْمد
الْقُهسْتَانِيّ عَليّ بن الْحسن
أَوْلَاد ابْن قوام جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن عمر وَمِنْهُم أَبُو بكر بن قوام
القواريري جمَاعَة مِنْهُم الْحَافِظ بلن عمر الْحَافِظ عبيد الله بن عمر
ابْن القواس عمر بن عبد الْمُنعم
قوام السّنة إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
القواس صَلَاح الدّين بن أَحْمد
ابْن القويع الشَّيْخ ركن الدّين اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
القوسان صَاحب الأزجال والبلاليق اسْمَعْهُ عَليّ بن عبد الْوَاحِد ط قَوس الندف اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعد الله
ابْن الْقُوطِيَّة اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عمر
وَابْن الْقُوطِيَّة عبد الْملك بن سُلَيْمَان
(قوصون الناصري النَّائِب)
قوصون الْأَمِير الْكَبِير سيف الدّين الساقي الناصري(24/207)
كَانَ أكبر خَواص أستاذه زوجه السُّلْطَان ابْنَته وَهِي ثَانِيَة بت زَوجهَا السُّلْطَان بمماليكه وَدخل بهَا فِي سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة
وَكَانَ عرساً حافلاً احتفل بِهِ السُّلْطَان وَحمل الْأُمَرَاء التقادم إِلَيْهِ فَكَانَت جُمْلَتهَا خمسين ألف دِينَار وَحضر مَعَ الْجَمَاعَة الَّذين حَضَرُوا صُحْبَة بنت أزبك وَهُوَ ابْن أنَاس لَيْسَ بمملوك وَلكنه طلع إِلَى القلعة يَوْمًا مَعَ بعض تجار المماليك ليرى السُّلْطَان قَرِيبا فَرَآهُ فأعجبه فثقال لأي شَيْء مَا تبيعونني هَذَا قاولا مَا هُوَ مَمْلُوك فَقَالَ لَا بُد أَن أشتريه د فوزن مبلغ ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم وجهزت إِلَى أَخِيه صوصون إِلَى الْبِلَاد
ثمَّ إِنَّه انتشا وَعظم وَأمره مائَة وَصَارَ أكبر الْخَواص بعد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي
وَكَانَ ينافسه ويفخر عَلَيْهِ وَيَقُول أَنا مَا تنقلت من الإسطبلات إِلَى الطباق بل اشتراني السُّلْطَان وصرت خَاصّا بِهِ وَأَمرَنِي ثمَّ قدمني وزوجني ابْنَته
وَكَانَ السُّلْطَان يتنوع فِي الإنعام عَلَيْهِ قيل أَن السُّلْطَان دفع إِلَيْهِ مِفْتَاح الزردخاناه الَّتِي لبكتمر)
الساقي وَقيمتهَا سِتّمائَة ألف دِينَار
وَعمر جَامعا حسنا على بركَة الْفِيل وَعمر الخاقناه المليحة الْعَظِيمَة بالقرافة
وَلما مَاتَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قَامَ هُوَ فِي صف ابي بكر الْمَنْصُور وَقَامَ بشتاك فِي صف أَحْمد النَّاصِر ثمَّ احتفلا وَفِي الآخر كَانَ الْأَمر مَا أَرَادَهُ قوصون وَجلسَ أَبُو بكر
ثمَّ إِنَّه وَقع فِي نَفسه إِمْسَاكه وإمساك غَيره من الْأُمَرَاء فَبلغ ذَلِك قوصون فَعمل عَلَيْهِ وخلعه وجهزه إِلَى قوص وأجلس الْأَشْرَف كجك أَخَاهُ على كرْسِي الْملك وَحلف النَّاس لَهُ وَصَارَ هُوَ نَائِبا لَهُ وجهز الفخري إِلَى الكرك يحاصر أَحْمد فتنفس عَلَيْهِ طشتمر فِي حلب فاستعان عَلَيْهِ بالطنبغا نَائِب دمشق فَتوجه إِلَيْهَا
لما خرج من دمشق خامر الفخري إِلَى قوصون وَحضر إِلَى دمشق وملكها على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة قطلوبغا الفخري ودعا لِأَحْمَد وأغرى العساكر والأمراء والرعايا بقوصون وَقَالَ هَذَا الْغَرِيب يدْخل بَيْننَا ويخلع ابْن أستاذنا ويقتله مَا نصبر على هَذَا
وَظهر الشناع على قوصون لما قتل أَبُو بكر فِي قوص وَكَانَ قد قتل جمَاعَة من الحرافيش وَقطع أَيْديهم ووسط جمَاعَة وسمرهم وَسمر جمَاعَة من الخدام وَسمر ولي الدولة الْكَاتِب وَغَيره وفنفرت الْقُلُوب مِنْهُ
وَأخذ الفخري يُكَاتب أُمَرَاء مصر عَلَيْهِ فتنكر لَهُ ايدغمش أَمِير آخور وعامل الخاصكية عَلَيْهِ فَاجْتمعُوا عِنْده وَأَقَامُوا ليلتهم عِنْده صُورَة فِي الظَّاهِر مَعَه وهم عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن عُيُون
ونادى أيدغمش فِي النَّاس بِنَهْب إسطبل قوصون فثار الْعَوام والحرافيش وخربوا الإسطبل والخاقناه ونهبوهما ونهبوا بيُوت جماعته وَمن يَقُول بقوله وَهُوَ يرى من الشباك فَيَقُول يَا مُسلمين مَا تحفظوني هَذَا المَال إِمَّا أَن يكون لي أَو(24/208)
أَن يكون للسُّلْطَان فَقَالَ ايدغمش هَذَا شكران للنَّاس وَالَّذِي عنْدك فَوق من الْجَوْهَر يَكْفِي للسُّلْطَان
فَكَانَ قوصون كلما هم بالركوب فِي مماليكه الملبسين كسروا عَلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ الخاصكية يَا خوند غَدا نركب ونرمي فِي هَؤُلَاءِ النشاب وَقد تفَرقُوا
وَلم يزَالُوا بِهِ إِلَى أَن أمسكوه وقيدوه وجهزوه إِلَى إسكندرية هُوَ وألطنبغا وَغَيرهمَا على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة ألطنبغا
وَلم يزل بهَا معتقلاً إِلَى أَن حضر النَّاصِر أَحْمد من الكرك وَجلسَ على كرْسِي الْملك بقلعة)
الْجَبَل
ثمَّ إِنَّه تفق آراؤهم على أَن جهزوا الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن صبح إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَدخل إِلَى السجْن وخنق الطنبغا وقوصون وَغَيرهمَا فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو فِي ذِي الْقعدَة
وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى وَخلف عدَّة أَوْلَاد من بنت السُّلْطَان
وَكَانَ خيرا كَرِيمًا يُعْطي الْعشْرَة آلَاف وَالْألف إِرْدَب قمحاً
وَكَانَ إِذا رَاح إِلَى الصَّيْد بِنَفسِهِ فِي جند السُّلْطَان يروح مَعَه وَفِي خدمته ثلث العساكر وَالنَّاس يهرعون إِلَى بَابه ويركب وقدامه فِي الْقَاهِرَة كمائة نقيب أَو دون ذَلِك
وَكَانَ أَخُوهُ صوصون أَمِيرا وَابْن أُخْته بلجك أَمِيرا وَكَانَ قد وَقع بَينه وَبَين تنكز آخرا وَأمْسك تنكز حمل إِلَى بَاب السُّلْطَان فَمَا عالمه إِلَّا بالجميل وخلصه من اقْتُل واشر بحبسه
وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ أمره من أَوله وَفِي آخِره من أَعَاجِيب الزَّمَان أبيع المثقال بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وبأقل لِكَثْرَة الْكسْب
وَعمل النِّيَابَة جيدا وأنعم على الْأُمَرَاء وَفرق فِي الخاصكية ذهياً كثيرا وَلَكِن خانته الْمَقَادِير آخرا كَمَا أعنته أَولا
وَلم يتم أمره شَهْرَيْن مُسْتَقِيمًا فِي النِّيَابَة حَتَّى خرج الفخري وطشتمر عَلَيْهِ
وَقلت أَنا فِي واقعته مَعَ أيدغمش
(قوصون قد كَانَت لَهُ رُتْبَة ... تسمو على بدر السما الزَّاهِر)
(فحطه فِي الْقَيْد ايدغمش ... من شَاهِق عَال على الطَّائِر)
(وَلم يجد من ذله حاجباً ... فَأَيْنَ عين الْملك النَّاصِر)
(صَار عجيباً أمره كُله ... فِي أول الْأَمر وَفِي الآخر)
(الألقاب)
القوصي شهَاب الدّين إِسْمَاعِيل بن حَامِد
ابْن قولويه الشعيع جَعْفَر بن مُحَمَّد(24/209)
ابْن أبي قُوَّة الدتاني عَليّ بن أَحْمد
القونوي عَلَاء الدّين عَليّ بن إِسْمَاعِيل)
ابْن قنداس الْحطاب مُحَمَّد بن أَحْمد
ابْن أبي قِيرَاط الشَّاعِر الْحسن بن عَليّ وَعلي بن هِشَام
(قيس)
3 - (قيس الصَّحَابِيّ)
قيس بن الْحَارِث بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حَارِثَة وَهُوَ عَم الْبَراء بن عَازِب كَانَ الْوَاقِدِيّ يَقُول هُوَ قيس بن محرث وَذكر لِأَنَّهُ من أول من قتل بَعْدَمَا ولوا يَوْم أحد من الْمُسلمين مَعَ طَائِفَة من الْأَنْصَار وأحاط بهم الْمُشْركُونَ فَلم يفلت مِنْهُم أحد
وضاربهم قيس حَتَّى قتل مِنْهُم جمَاعَة ثمَّ لم يقتلوه إِلَّا بِالرِّمَاحِ نموه بهَا نظماً وَهُوَ يقاتلهم بِالسَّيْفِ فَوجدَ بِهِ أَربع عشرَة طعنة قد جافته وَعشر حربات فِي بدنه
وَقَالَ ابْن سعد قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عمَارَة لَا أعرف هَذِه الصّفة فِي قيس بن الْحَارِث بن عدي وَإِنَّمَا حَكَاهَا مُحَمَّد بن عمر عَن قيس بن محرث وَلَعَلَّه غير قيس بن الْحَارِث فَأَما قيس بن الْحَارِث ف إِنَّه قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (قيس التَّمِيمِي الصَّحَابِيّ)
قيس بن الْحَارِث وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد بني تَمِيم قَالَ ذَلِك ابْن إِسْحَاق
3 - (قيس الْأنْصَارِيّ)
قيس بن مخلد بن ثَعْلَبَة بن صَخْر بن الْحَارِث بن مَازِن بن النجار الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا سنة ثَلَاث لِلْهِجْرَةِ
3 - (قيس المطلبي)
قيس بن مخرمَة بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي المطلبي(24/210)
أَبُو مُحَمَّد وَقيل أَبُو السَّائِب
ولد هُوَ وَالرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل فَهُوَ لِدَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
رُوِيَ عَنهُ ذَلِك من وُجُوه وَهُوَ أحد الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَمِمَّنْ حسن إِسْلَامه مِنْهُم وَلم يبلغهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة من الْإِبِل عَام حيني لَا هُوَ وَلَا عَبَّاس بن مرداس كَمَا صنع بِسَائِر الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وكل هَؤُلَاءِ إِلَى إِيمَانهم
وأطعمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر خمسين وسْقا وَقيل ثَلَاثِينَ وروى عَنهُ ابْنه عبد الله بن قيس وَكَانَ عبد الله من الْفُضَلَاء النجباء)
3 - (السَّهْمِي الصَّحَابِيّ)
قيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سهم الْقرشِي السَّهْمِي كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة هُوَ وَأَخُوهُ عبد الله بن حذافة قتل باليرموك سنة خمس عشرَة
3 - (الْمَازِني الصَّحَابِيّ)
قيس بن أبي صعصعة عَمْرو بن زيد بن عَوْف بن مبول بن عَمْرو بن غنم بن مَازِن بن النجار الْأنْصَارِيّ شهد الْعقبَة وبدراً وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد جعله على السَّاقَة يَوْم أحد
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يُوقف لَهُ على وَقت وَفَاة وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين توفّي سنة خمس عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن صعصعة الصَّحَابِيّ)
دقيس بن صعصعة قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعرف نسبه
حَدِيثه عِنْد ابْن لَهِيعَة عَن جبان بن وَاسع عَن أَبِيه وَاسع بن حبَان عَن قيس بن صعصعة قَالَ قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كم أَقرَأ الْقُرْآن
3 - (المَخْزُومِي الصَّحَابِيّ)
قيس بن السَّائِب بن عُوَيْمِر بن عمرَان بن مَخْزُوم الْقرشِي مكي هُوَ مولى مُجَاهِد بن جبر صَاحب التَّفْسِير وَله وَلَاء مُجَاهِد
كَانَ شريك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة
وَرُوِيَ عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرِيكي فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ خير شريك لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي
وَهَذَا أصح مَا قيل فِي ذَلِك وَزعم قوم أَن الَّذِي قَالَ لَك هُوَ عبد الله بن السَّائِب بن أبي السَّائِب(24/211)
وَقَالَ مُجَاهِد فِي مولَايَ قيس نزلت وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين فَأفْطر وَأطْعم عَن كل يَوْم مِسْكينا
وَعنهُ أَخذ ابْن كثير الْقِرَاءَة
3 - (ابو زيد الْأنْصَارِيّ)
)
قيس بن السكن بن قيس أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ الخزرجي غلبت كنيته على اسْمه شهد بَدْرًا وَلَا عقب لَهُ
قتل يَوْم جسر أبي عبيد وَيُقَال إِنَّه أحد الْأَرْبَعَة الَّذين جمعُوا الْقُرْآن عَلَى عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم زيد بن ثَابت ومعاذ بن جبل وَأبي بن كَعْب وَأَبُو زيد الْأنْصَارِيّ
وَقَالَ ابْن عبد الْبر إِنَّمَا أُرِيد بِهَذَا الحَدِيث الْأَنْصَار وَإِلَّا فقد جمع الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمَاعَة مِنْهُم عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة
وَفِي التَّابِعين قيس بن السكن الْأَسدي كُوفِي من كبار أَصْحَاب ابْن مَسْعُود يروي عَنهُ أَبُو إِسْحَاق البيعي وَعمارَة بن عُمَيْر وَأَشْعَث بن أبي الشعْثَاء
3 - (قيس بن سعد الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
قيس بن سعد بن عبَادَة بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ الخزرجي أَبُو الْفضل وَقيل أَبُو عبد الله وَأَبُو عبد الْملك كَانَ من كرام أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأسخيائهم ودهاتهم وَأحد أهل الرَّأْي والمكيدة فِي الْحَرْب مَعَ النجدة والبسالة وَالْكَرم وَكَانَ شرِيف قومه غير مدافع هُوَ وَأَبوهُ وجده
صحب قيس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَأَبوهُ وَأَخُوهُ سعيد بن سعد بن عبَادَة
قَالَ أنس بن مَالك كَانَ قيسي بن سعد من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة صَاحب الشرطة من الْأَمِير أعطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّايَة يَوْم فتح مَكَّة غذ نَزعهَا من أَبِيه لشكوى قُرَيْش لسعد يَوْمئِذٍ وَقيل إِنَّه أَعْطَاهَا الزبير
ثمَّ صحب قيس عَليّ بن أبي طَالب وَشهد مَعَه الْجمل وصفين والنهروان وَهُوَ وَقَومه لم يُفَارِقهُ حَتَّى قتل
وَكَانَ ولاه على مصر فَضَاقَ بِهِ مُعَاوِيَة وعجزته فِيهِ الْحِيلَة فكايد فِيهِ عليا فَفطن عَليّ لمكيدته فَلم يزل بِهِ الْأَشْعَث وَأهل الْكُوفَة حَتَّى عزل قيسا وَولى مُحَمَّد بن ابي بكر ففسدت)
عَلَيْهِ مصر(24/212)
وروى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ قَالَ قيس بن سعد لَوْلَا الْإِسْلَام لمكرت مكراً لَا تُطِيقهُ الْعَرَب
وَلما أجمع الْحسن على مبايعة مُعَاوِيَة خرج عَن عسكره وَغَضب على الْحسن وَبدر مِنْهُ قَول خشن فَاجْتمع إِلَيْهِ قومه فَأخذ لَهُم الْحسن الْأمان على حكمهم وَالْتزم مُعَاوِيَة لَهُم الْوَفَاء بِمَا اشترطوه
ثمَّ لزم قيس الْمَدِينَة وَأَقْبل على الْعِبَادَة حَتَّى مَاتَ سنة سِتِّينَ وَقيل سنة تسع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ فِي آخر خلَافَة مُعَاوِيَة
وَكَانَ رجلا طوَالًا أطلس لم يكن بِوَجْهِهِ شعر وَهُوَ الْقَائِل اللَّهُمَّ ارزقني حمداً ومجداَ فَإِنَّهُ لَا حمد إِلَّا بفعال وَلَا مجد إِلَّا بِمَال
وَهُوَ الْقَائِل بصفين
(هَذَا اللِّوَاء الَّذِي كُنَّا نحف بِهِ ... مَعَ النَّبِي وَجِبْرِيل لنا مدد)
(مَا ضرّ من كَانَت الْأَنْصَار عيبته ... أَن لَا يكون لَهُ من غَيرهم أحد)
(قومٌ إِذا حَاربُوا طَالَتْ أكفهم ... بالمشرفية حَتَّى يفتح الْبَلَد)
وَشَكتْ غليه عَجُوز أَنه لَيْسَ فِي بَيتهَا جرذ فَقَالَ مَا أحسن مَا سَالَتْ وَالله لأكثرن جرذان بَيْتك فَمَلَأ بَيتهَا طَعَاما وودكاً وإداماً
وَكَانَ قد مرض مرّة فاستبطأ عواده فَقيل لَهُ إِنَّهُم يستحيون من ديونك الَّتِي عَلَيْهِم فَأمر أَن يُنَادى كل من كَانَ لقيس بن سعد عِنْده دين فَهُوَ لَهُ فَأَتَاهُ النَّاس حَتَّى هدموا دَرَجَة كَانُوا يصعدون عَلَيْهَا إِلَيْهِ
3 - (الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
قيس بن عَمْرو وَيُقَال قس بن قمد وَفِيه خلاف كثير لَهُ صُحْبَة ورواة وَهُوَ جد يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْمنْقري الصَّحَابِيّ)
قيس بن عَاصِم بن سِنَان بن خَالِد بن منقر بن عبيد الْحَارِث(24/213)
الْمنْقري التَّمِيمِي أَبُو عَليّ وَقيل)
أَبُو طليحة وَقيل أَبُو قبيصَة وَالْأول اشهر قدم فِي وَفد تَمِيم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة تسع فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا سيد أهل الْوَبر
وَكَانَ عَاقِلا حَلِيمًا قيل للأحنف بن قيس مِمَّن تعلمت الْحلم قَالَ من قيس بن عَاصِم رَأَيْته يَوْمًا قَاعِدا بِفنَاء مُحْتَبِيًا بحمائل سَيْفه يحدث قومه فَأتي بِرَجُل مكتوف وَآخر مقتول فَقيل هَذَا ابْن أَخِيك قتل ابْنك قَالَ فوَاللَّه مَا حل حبوته وَلَا قطع كَلَامه فَلَمَّا أتمه الْتفت إِلَى ابْن أَخِيه وَقَالَ يَا ابْن أخي بئس مَا فعلت أثمت بِرَبِّك وَقطعت رَحِمك وَقتلت ابْن عمك ورميت نَفسك بسهمك
ثمَّ قَالَ لِابْنِ أَخِيه قُم يَا بني فوار أَخَاك وَحل كتاف ابْن عمك وسق إِلَى أمك مائَة نَاقَة دِيَة ابْنهَا فَإِنَّهَا غَرِيبَة
وَكَانَ قد حرم الْخمر على نَفسه فِي الْجَاهِلِيَّة لِأَنَّهُ غمز عكنة ابْنَته وَهُوَ سَكرَان وَسَب أَبَاهَا وَرَأى الْقَمَر فَتكلم بِشَيْء وَأعْطى الْخمار كثيرا من مَاله فَلَمَّا أَفَاق أخبر بذلك فَحَرمهَا على نَفسه وَقَالَ فِيهَا أشعاراً مِنْهَا
(رَأَيْت الْخمر صَالِحَة وفيهَا ... خصالٌ تفْسد الرجل الحليما)
(فَلَا وَالله اشربها صَحِيحا ... وَلَا أشفي بهَا أبدا سقيما)
(وَلَا أعطي بهَا ثمنا حَياتِي ... وَلَا أَدْعُو لَهَا أبدا نديما)
(فَإِن الْخمر تفضح شاربيها ... وتجنيهم بِهَذَا الْأَمر العظيما)
وَمن شعره
(إِنِّي امْرُؤ لَا يعتري خلقي ... دنسٌ يفنده وَلَا أفن)
(من منقرٍ فِي بَيت مكرمةٍ ... والغصن ينْبت حوله الْغُصْن)
(خطباء حِين يَقُول قَائِلهمْ ... بيض الْوُجُوه أعفة لسن)
(لَا يَفْطنُون لعيب جارهم ... وهم لحسن جواره فطن)
ولمات حَضرته الْوَفَاة دَعَا بَينه قَالَ يَا بني احْفَظُوا عني فَلَا أجد لكم أنصح مكني إِذا مت فسودوا كباركم وَلَا تسودوا صغاركم فيسفه النَّاس كباركم وتهونوا عَلَيْهِم
عَلَيْكُم بإصلاح المَال فَإِنَّهُ منية للكريم ويستغنى بِهِ عَن اللَّئِيم وَإِيَّاكُم ومسالة النَّاس فَإِنَّهَا آخر)
كسب الْمَرْء
وروى عَنهُ الْحسن والأحنف وَخَلِيفَة بن حُصَيْن وَابْنه حَكِيم بن قيس
وَتُوفِّي فِي حُدُود(24/214)
الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
وَقَالَ إِذا مت فَلَا تنوحوا عَليّ فَإِن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ينح عَلَيْهِ
وَقَالَ عَبدة بن الطَّبِيب يرثيه
(عَلَيْك سَلام الله قيس بن عاصمٍ ... وَرَحمته مَا شَاءَ أَن يترحما)
(تَحِيَّة من غادرته عرض الردى ... إِذا زار من بعدٍ بلادك سلما)
(فَمَا كَانَ قيس هلك واحدٍ ... وَلكنه بُنيان قومٍ تهدا)
(لعمرك مَا وارى التُّرَاب فعاله ... وَلَكنهُمْ واروا ثيابًا وأعظما)
وَسَأَلَهُ بعض الْأَنْصَار عَمَّا يتحدث بِهِ عَنهُ فِي المؤودات فَأخْبرهُ أَنه مَا ولدت لَهُ قطّ بنت إِلَّا وأدها عَنهُ
ثمَّ أقبل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كنت أَخَاف سوء الأحدوثة والفضيحة فِي الْبَنَات فَمَا ولدت لي بنية قطّ إِلَّا وأدتها إِلَّا بَيِّنَة كَانَت لي ولدتها أمهَا وَأَنا فِي سفر فدفعتها إِلَى أخوالها فَكَانَت فيهم
فَقدمت فسالت عَن الْحمل فأخبرتني الْمَرْأَة أَنَّهَا ولدت ولدا مَيتا وَمَضَت على ذَلِك سنُون حَتَّى كَبرت الصبية ويفعت فزارت أمهَا ذَات يَوْم فَدخلت فرأيتها وَقد ضفرت شعرهَا وَجعلت فِي قُرُونهَا شَيْئا من الخلوق ونظمت عَلَيْهَا ودعا وألبستها قلادة جزع وَجعلت فِي عُنُقهَا مخنقة بلح فَقلت من هَذِه الصبية فقد أعجبني جمَالهَا وكيسها فَبَكَتْ ثمَّ قَالَت هَذِه ابْنَتك كنت خبرتك أَنِّي ولدت ولدا مَيتا وجعلتها عِنْد أخوالها حَتَّى بلغت هَذَا الْمبلغ
فَأَمْسَكت عَنْهَا حَتَّى اشتغلت أمهَا ثمَّ أخرجتها فحفرت لَهَا حفيرة وجعلتها فِيهَا وَهِي تَقول يَا أبه مَا تصنع بِي وَجعلت أقذف عَلَيْهَا التُّرَاب وَهِي تَقول يَا أبه أمغطي أَنْت بِالتُّرَابِ أتاركي وحدي ومنصرف عني وَجعلت أقذف عَلَيْهَا التُّرَاب حَتَّى واريتها وَانْقطع صَوتهَا فَمَا رحمت أحدا مِمَّن واريته غَيرهَا فَدَمَعَتْ عين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ إِن هَذِه لقسوة وَإِن من لَا يرحم لَا يرحم
وَقَالَ أَحْمد بن الْهَيْثَم قَالَ عمي حَدثنِي عبد الله بن عبد الله بن الْأَهْتَم أَن سَبَب وأد قيس بن)
عَاصِم الْبَنَات أَن المشمرج الْيَشْكُرِي أغار على بني سعد فِي بني يشْكر فسبا مِنْهُم نسَاء وَاسْتَاقَ أَمْوَالًا
وَكَانَ فِي النِّسَاء امْرَأَة خالها قيس بن عَاصِم وَهِي رَمِيم بنت أَحْمد بن جندل السَّعْدِيّ وَأمّهَا أُخْت قيس
فَرَحل قيس إِلَيْهِم يسألهم أَن يهبوها لَهُ فَوجدَ عَمْرو بن المشمرج قد اصطفاها لنَفسِهِ فَسَأَلَهُ فِيهَا فَقَالَ قد جعلت أمرهَا إِلَيْهَا فَإِن اختارتك فَخذهَا قَالَ فخيرت فَاخْتَارَتْ عَمْرو فَانْصَرف قيس فوأد كل بنت لَهُ وَجعل ذَلِك سنة فِي كل بنت تولد لَهُ واقتدت بِهِ الْعَرَب فِي ذَلِك فَكَانَ كل سيد تولد لَهُ بنت يئدها خوفًا من الفضيحة(24/215)
3 - (قيس بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
قيس بن عَمْرو بن قيس الْأنْصَارِيّ من بني سَواد بن مَالك بن النجار قتل يَوْم أحد شَهِيدا وَاخْتلف فِي شُهُوده بَدْرًا
3 - (قيس بن مَالك)
قيس بن مَالك بن أنس الْأنْصَارِيّ أَبُو صرمة هُوَ مَشْهُور بكنيته وَاخْتلف فِي اسْمه قيل قيس بن مَالك وَقيل مَالك بن قيس
روى عَنهُ ابْن محيريز ولؤلؤة وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ
3 - (قيس السكونِي)
قيس بن النُّعْمَان السكونِي كُوفِي يُقَال إِنَّه قَرَأَ الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحصاه على عهد عمر
من حَدِيثه قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهْديت إِلَيْهِ فَأبى وَانْطَلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر إِلَى الْغَار روى عَنهُ إياد بن لَقِيط السدُوسِي وَكَانَ جاراً لَهُ
وروى أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ قَالَ حَدثنَا عبيد الله بن إياد بن لَقِيط عَن أَبِيه عغن قيس بن النُّعْمَان قَالَ لما انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر يستخفيان مرا بِعَبْد يرْعَى غنما فاستسقياه من اللَّبن فَقَالَ مَا عِنْدِي شَاة تخلب غير أَنَّهَا هُنَا عنَاقًا حملت أول الشَّاء وَقد أجدبت وَمَا بَقِي لَهَا لبن فَقَالَ ادْع لَهَا فَدَعَا بهَا فاعتقلها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمسح ضرْعهَا)
ودعا حَتَّى أنزلت
وَجَاء أَبُو بكر فَحلبَ وسقاه أَبُو بكر وحلب وَسَقَى الرَّاعِي ثمَّ حلب فَشرب فَقَالَ الرَّاعِي بِاللَّه من أَنْت فوَاللَّه مَا رَأَيْت مثلك قطّ قَالَ وتراك تكْتم عَليّ حَتَّى أخْبرك قَالَ نعم قَالَ فَإِنِّي مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ أَنْت الَّذِي تزْعم قُرَيْش انك صابئ قَالَ إِنَّهُم ليقولون ذَلِك قَالَ فاشهد أَنَّك نَبِي واشهد أَن مَا جَاءَت بِهِ حق وَأَنه لَا يفعل مَا فعلته إِلَّا نَبِي وَأَنا متبعك قَالَ إِنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك يَوْمك فَإِذا بلغك أَنِّي ظَهرت فأتنا
3 - (قيس الْعَبْدي)
قيس بن النُّعْمَان الْعَبْدي أحد وَفد عبد الْقَيْس حَدِيثه فِي الْبَصرِيين روى عَنهُ أَبُو القموص زيد بن عَليّ أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث ذكره(24/216)
3 - (قيس بن خَرشَة الْقَيْسِي)
قيس بن خَرشَة الْقَيْسِي من بني قيس بن ثَعْلَبَة لَهُ صُحْبَة
أَرَادَ عبيد الله بن زِيَاد قَتله لنه كَانَ شَدِيدا على الْوُلَاة قؤولاً بِالْحَقِّ فَلَمَّا أعد لَهُ الْعَذَاب لمراجعته إِيَّاه فاظت نَفسه قبل أَن يُصِيبهُ شَيْء وَخَبره فِي ذَلِك عَجِيب
3 - (ابْن المكشوح)
قيس بن المكشوح أَبُو شَدَّاد وَقيل فِي اسْم المكشوح هُبَيْرَة بن هِلَال وَهُوَ الْأَكْثَر قيل إِنَّه لَا صُحْبَة لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أسلم فِي زمن أبي بكر وَقيل فِي أَيَّام عمر وَقيل هُوَ أحد الصَّحَابَة الَّذين شهدُوا مَعَ النُّعْمَان بن مقرن فتح نهاوند وَله ذكر صَالح فِي الفتوحات بالقادسية وَغَيرهَا زمن عمر وَعُثْمَان
وَهُوَ أحد الَّذين قتلوا الْأسود الْعَنسِي وهم قيس بن المكشوح وداذويه وفيروز الديلمي
وَقَتله الْأسود يدل على أَن إِسْلَامه كَانَ فِي مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُم إِنَّه قتل بصفين مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يَوْمئِذٍ صَاحب راية بجيلة وَكَانَت فِيهِ نجدة وبسالة فَهُوَ من الفرسان الشُّعَرَاء وَهُوَ ابْن أُخْت عَمْرو بن معدي كرب وَكَانَ يناقضه فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَا فِي الْإِسْلَام متباغضين وَهُوَ الْقَائِل لعَمْرو بن معدي كرب
(فَلَو لاقتني قرنا ... وودعت الحبائب بِالسَّلَامِ)
)
(لَعَلَّك موعدي ببني زبيدٍ ... وَمَا قامعت من تِلْكَ اللئام)
(وَمثلك قد قرنت لَهُ يَدَيْهِ ... إِلَى اللحيين يمشي فِي الخطام)
وَقَالَت لَهُ بجيلة يَوْم صفّين يَا ابا شَدَّاد خُذ رايتنا الْيَوْم فَقَالَ غَيْرِي خير لكم قَالُوا مَا نُرِيد غَيْرك قَالَ فوَاللَّه لَئِن أعطيتمونيها لَا أَنْتَهِي بكم دون صَاحب الترس الْمَذْهَب وَكَانَ على رَأس مُعَاوِيَة رجل قَائِم مَعَه وَمَعَهُ ترس مَذْهَب يستره بِهِ من الشَّمْس فَقَالُوا اصْنَع مَا شِئْت
فَأخذ الرَّايَة ثمَّ زحف فَجعل يطاعنهم حَتَّى انْتهى إِلَى صَاحب الترس وَكَانَ فِي خيل عَظِيمَة فاقتتل النَّاس هُنَالك قتالاً شَدِيدا وَكَانَ على خيل مُعَاوِيَة عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد فَشد أَبُو شَدَّاد بِسَيْفِهِ نَحْو صَاحب الترس فعارضه دونه رومي لمعاوية فَضرب قدم أبي شَدَّاد فقطعها وضربه قيس فَقتله وأسرعت إِلَيْهِ السيوف فَقتل سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ(24/217)
3 - (قيس الأحمسي)
قيس بن أبي حَازِم الأحمسي جاهلي إسلامي لم يَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسلم فِي عَهده وَصدق إِلَى مصدقه
وَهُوَ من كبار التَّابِعين شهد ابا بكر وَسمع مِنْهُ وروى عَنهُ وَعَن جَمِيع الْعشْرَة إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَإِنَّهُ لَا يحفظ لَهُ عَنهُ شَيْء
قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبايعه فَوَجَدته قد قبض وَأَبُو بكر قَائِم مقَامه فأطاب الثَّنَاء وَأطَال الْبكاء
توفّي سنة ثَمَان أَو سنة سبع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ يخضب بالصفرة وَرُبمَا لبس الْحَرِير وَكَانَ عثمانياً
وَمَا كَانَ بِالْكُوفَةِ أروى عَن الصَّحَابَة مِنْهُ
قَالَ ابْن معِين قيس بن أبي حَازِم أوثق من الزُّهْرِيّ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو كَاهِل الأحمسي)
قيس بن عَائِذ أَبُو كَاهِل الأحمسي نزيل الْكُوفَة رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب على نَاقَة وَحبشِي مُمْسك بخطامها توفّي فِي حُدُود التعسين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْقَيْسِي الضبعِي)
)
قيس بن عباد الْقَيْسِي الضبعِي روى عَن عَليّ وَعمر وَأبي بن كَعْب وَأبي ذَر وعمار بن يَاسر
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى ابْن ماجة
3 - (الْمَكِّيّ الحبشي)
قيس بن سعد الْمَكِّيّ الحبشي مولى نَافِع بن عَلْقَمَة أحد الْفُقَهَاء روى عَن طَاوس وَمُجاهد وَيزِيد بن هُرْمُز
وَكَانَ قد خلف عَطاء بِمَكَّة فِي الْفَتْوَى وَلم تطل أَيَّامه وَلَا عمر
وَثَّقَهُ أَحْمد وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّسائيّ وَابْن ماجة
3 - (الجدلي الْكُوفِي)
قيس بن مُسلم الجدلي الْكُوفِي أحد الْأَئِمَّة روى عَن(24/218)
طَارق بن شهَاب وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَمُجاهد وَغَيرهم
وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره وَقَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ مرجئاً
قيل إِنَّه بَقِي مُدَّة لَا يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء تَعْظِيمًا لله تَعَالَى
توفّي سنة عشْرين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْأَسدي)
قيس بن الرّبيع أَبُو مُحَمَّد الْأَسدي الْكُوفِي أحد الْأَعْلَام على لين فِي رِوَايَته
كَانَ شُعْبَة يثني عَلَيْهِ مَعَ نَقده للرِّجَال وَلينه أَحْمد بن حَنْبَل
وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ باس وَقَالَ ابْن عدي عَامَّة ورواياته مُسْتَقِيمَة ثمَّ قَالُوا وَالْقَوْل فِيهِ مَا قَالَه شُعْبَة وَأَنه لَا بَأْس بِهِ
توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (ابْن الخطيم)
قيس بن الخطيم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بن عدي أَبُو يزِيد قتل أَبوهُ وَهُوَ صَغِير قَتله رجل من بن حَارِثَة بن الْخَزْرَج فَلَمَّا بلغ قتل قَاتل أَبِيه
ونشبت لذَلِك حروب بَين قومه وَبَين الْخَزْرَج وَقتل أَيْضا قَاتل جده وَفِي ذَلِك يَقُول)
(ثارت عديا والخطيم فَلم أَضَع ... ولَايَة أَشْيَاخ جعلت غزاءها)
(ضربت بِذِي الزرين ربقة مالكٍ ... فَأَبت بنفٍ قد أصبت شفاءها)
(وساعدني فِيهَا ابْن عَمْرو بن عامرٍ ... خداشٍ فَأدى نعْمَة وأفاءها)
(طعنت ابْن عبد الْقَيْس طعنة ثائرٍ ... لَهَا نفد لَوْلَا الشعاع أضاءها)
(ملكت بهَا كفي فأنهرت فتقها ... يرى قَائِم من دونهَا مَا وَرَاءَهَا)
وَكَانَ قيس مقرون الحاجبين أدعج الْعَينَيْنِ أحم الشفتين براق الثنايا كَأَن بَينهمَا برقاً مَا رَأَتْهُ حَلِيلَة رجل قطّ إِلَّا ذهب عقلهَا
قَالَ حسان بن ثَابت للخنساء اهجي قيسا فَقَالَت لَا أهجو أحدا حَتَّى أرَاهُ فَجَاءَتْهُ يَوْمًا فَوَجَدته فِي مشرقة ملتفاً بكساء فنخسته برجلها وَقَالَت لَهُ قُم فَقَامَ فَقَالَت لَهُ أدبر فَأَدْبَرَ ثمَّ قَالَت أقبل فَأقبل فَقَالَت وَالله لَا أهجو هَذَا أبدا
وَمن حسن شعره(24/219)
(أجد بِعُمْرَة غنيانها ... فتهجو أم شَأْننَا شَأْنهَا)
(فَإِن تمس قد شحطت دارها ... وَبَان لَك الْيَوْم هجرانها)
(فَمَا رَوْضَة من رياض القطا ... كَأَن المصابيح حودانها)
(بِأَحْسَن مِنْهَا وَلَا مزنة ... دلوح تكشف أدجانها)
وَعمرَة من سروات النِّسَاء تنفح بالمسك أردانها وَمِنْه
(وَمَا بعض الْإِقَامَة فِي ديارٍ ... يهان بهَا الْفَتى إِلَّا عناء)
(وَبَعض خلائق القوام داءٌ ... كداء الْبَطن لَيْسَ لَهُ دَوَاء)
(يُرِيد الْمَرْء أَن يعْطى مناه ... ويأبى الله غلا مَا يَشَاء)
(وكل شديدةٍ نزلت بقومٍ ... سَيَأْتِي بعد شدتها رخاء)
(فَلَا يعْطى الْحَرِيص غنى بحرصٍ ... وَقد ينمى على الْجُود الثراء)
(غَنِي النَّفس مَا عمرت غَنِي ... وفقر النَّفس مَا عمرت شقاء)
(وَلَيْسَ بنافعٍ ذَا الْبُخْل مالٌ ... وَلَا مزرٍ بِصَاحِبِهِ السخاء)
(وَبَعض القَوْل لَيْسَ لَهُ عياجٌ ... كمخض المَاء لَيْسَ لَهُ إتاء)
)
(وَبَعض الدَّاء ملتمسٌ شفَاه ... وداء النوك لَيْسَ لَهُ شِفَاء)
3 - (صَاحب لبنى)
قيس بن ذريح بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْيَاء آخر الخروف وحاء مُهْملَة الْكِنَانِي صَاحب لبنى قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ رضيعاً لِلْحسنِ بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام
مر بخيام بني كَعْب والحي خلوف فَوقف على خيمة لبنى بنت الْحباب فَاسْتَسْقَى مَاء فسقته وَكَانَت امْرَأَة مديدة الْقَامَة شهلاء حلوة المنظر وَالْكَلَام فَلَمَّا رَآهَا وَقعت فِي نَفسه
وَشرب المَاء فَقَالَت لَهُ انْزِلْ فتبرد عندنَا قَالَ نعم فَنزل بهم
وَجَاء أَبوهَا فَنحر لَهُ وأكرمه وَانْصَرف قيس وَفِي قلبه من لبنى فَجعل ينْطق بالشعر فِيهَا حَتَّى شاع وَرُوِيَ
ثمَّ أَتَاهَا يَوْمًا آخر وَقد اشْتَدَّ وجده بهَا فَسلم وَظَهَرت لَهُ وتحفت بِهِ فَشَكا إِلَيْهَا مَا يجد من حبها وَشَكتْ(24/220)
إِلَيْهِ مثل ذَلِك
وَانْصَرف إِلَى أَبِيه وَسَأَلَهُ زواجها فَأبى عَلَيْهِ وَقَالَ بَنَات عمك أَحَق بك
وَكَانَ ذريح كثير المَال فَانْصَرف قيس وَقد سَاءَهُ مَا خَاطب بِهِ فاستعان بِأُمِّهِ على أَبِيه فَلم يجد عِنْدهَا مَا يحب فَأتى الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَابْن أبي عَتيق وَكَانَ صديقه وشكا مَا بِهِ
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْن أَنا أكفيك وَمَشى مَعَه إِلَى أبي لبنى فَلَمَّا بصر بِهِ أعظمه فَقَالَ قد جئْتُك خاطباً ابْنَتك لقيس بن ذريح فَقَالَ يَا ابْن رَسُول الله مَا كُنَّا لنعصي لَك أمرا وَمَا بِنَا عَن الْفَتى رَغْبَة وَلَكِن أحب الْأَمريْنِ إِلَيْنَا أَن يخطبها ذريح أَبوهُ فَإنَّا نَخَاف إِن لم يسغْ أَبوهُ هَذَا أَن يكون عاراً علينا وسبة
فَأتى الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ ذريحاً وَقَومه فأعظموه فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا خطبت لبنى على قيس قَالَ السّمع وَالطَّاعَة لأمرك
وَخرج فِي وُجُوه قومه وخطبها لِابْنِهِ وزوجه إِيَّاهَا وزنت إِلَيْهِ وَأقَام مَعهَا مُدَّة لَا يُنكر أحد من صَاحبه شَيْئا
وَكَانَ أبر النَّاس بِأَبِيهِ فألهاه عكوفه على لبنى عَن بعض ذَلِك وَوجدت أمه فِي نَفسهَا وَقَالَت)
لبيه لقد خشيت أَن يَمُوت قيس وَلم يتْرك خلفا وَقد حرم الْوَلَد من هَذِه الْمَرْأَة وَأَنت ذُو مَال فَيصير مَالك إِلَى الْكَلَالَة فَزَوجهُ بغَيْرهَا لَعَلَّ الله يرزقه ولدا وألحت عَلَيْهِ
فأمهل قيسا حَتَّى اجْتمع قومه فَدَعَاهُ وَقَالَ يَا قيس إِنَّك اعتللت هَذِه الْعلَّة فَخفت عَلَيْك وَلَا ولد لي وساك وَهَذِه الْمَرْأَة لَيست بولود فَتزَوج غَيرهَا من بَنَات عمك لَعَلَّ الله يهب لَك ولدا تقر بِهِ أَعيننَا فَقَالَ قيس لَا أَتزوّج غَيرهَا أبدا قَالَ أَبوهُ إِن فِي مَالِي سَعَة فتسر بالإماء قَالَ وَلَا أسوءها بِشَيْء قَالَ أَبوهُ فأقسمت عَلَيْك إِلَّا طَلقتهَا قَالَ الْمَوْت عِنْدِي وَالله اسهل من ذَلِك وَلَكِنِّي أخيرك خصْلَة من ثَلَاث خِصَال قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تزوج أَنْت لَعَلَّ الله يرزقك ولدا غَيْرِي قَالَ مَا فِي فضل لذَلِك قَالَ فَدَعْنِي ارحل عَنْك بأهلي واصنع مَا كنت صانع لَو مت فِي علتي هَذِه قَالَ وَلَا هَذِه قَالَ ادْع لبنى عنْدك وأرتحل عَنْك فلعلي اسلوها فَإِن مَا أحب أَن نَفسِي طيبَة أَنَّهَا فِي خيالي قَالَ لَا أرْضى أَو نطلقها وَحلف أَن لَا يكنه سقف أبدا حَتَّى يُطلق لبنى
وَكَانَ يخرج فيقف فِي الشَّمْس فَيَجِيء قيس فيقف إِلَى جَانِبه ويظله بردائه وَيصلى هُوَ بَحر الشَّمْس حَتَّى يفِيء الْفَيْء فَيَنْصَرِف عَنهُ وَيدخل إِلَى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي مَعَه وَتقول يَا قيس لَا تُطِع أَبَاك تهْلك وتهلكني فَيَقُول مَا كنت لطيع فِيك أحدا أبدا
فَيُقَال إِنَّه مكث كَذَلِك سنة وَقيل بل أَرْبَعِينَ يوماًَ ثمَّ طَلقهَا
فَلَمَّا بَانَتْ بِطَلَاقِهَا وَفرغ من الْكَلَام لم يلبث أَن استطير عقله وَذهب بِهِ ولحقه مثل الْجُنُون وأسف وَجعل يبكي وينشج
وَبَلغهَا الْخَبَر فَأرْسلت إِلَى أَبِيهَا فَأقبل بهودج على نَاقَة وإبل تحمل أثاثها فَلَمَّا رأى قيس ذَلِك اقبل على جاريتها وَقَالَ وَيحك مَا دهاني فِيكُم قَالَت لَا تسلني وسل لبنى فَذهب إِلَى خبائها ليسلم عَلَيْهَا ويسألها فَمَنعه قَومهَا
وَأَقْبَلت عَلَيْهِ امْرَأَة من قومه فَقَالَت مَا لَك تسال كَأَنَّك جَاهِل أَو تتجاهل هَذِه لبنى ترحل اللَّيْلَة أَو(24/221)
غَدا فَسقط مغشياً عَلَيْهِ لَا يعقل ثمَّ أَفَاق وَهُوَ يَقُول
(وَإِنِّي لمفنٍ دمع عَيْني بالبكا ... حذار الَّذِي قد كَانَ أَو هُوَ كَائِن)
(وَقَالُوا غَد أَو بعد ذَاك بليلةٍ ... فِرَاق حبيبٍ لم يبن وَهُوَ بَائِن)
(وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون منيتي ... بكفك إِلَّا أَن مَا حَان حائن)
)
وَاشْتَدَّ مَرضه فَسَأَلَ أَبوهُ فتيات الْحَيّ أَن يعدنه ويتحدثن عِنْده لَعَلَّه يتسلى فأتينه وجلسن عِنْده
وجاءه طَبِيب يداويه فَقَالَ
(عيد قيسٍ من حب لبنى ولبنى ... دَاء قيسٍ وَالْحب دَاء شَدِيد)
(فَإِذا عادني العوائد يَوْمًا ... قَالَت الْعين لَا أرى من أُرِيد)
(لَيْت لبنى تعودني ثمَّ اقضي ... إِنَّهَا لَا تعود فِي من يعود)
(وَيْح قيسٍ مَاذَا تضمن مِنْهَا ... دَاء خبلٍ وَالْقلب مِنْهَا عميد)
فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب مذ كم وجدت الْعلَّة بِهَذِهِ الْمَرْأَة فَقَالَ
(تعلق روحي روحها قبل خلقنَا ... وَمن بعد مَا كُنَّا نطافاً وَفِي المهد)
(فَزَاد كَمَا زِدْنَا فَأصْبح نامياً ... وَلَيْسَ إِذا متْنا بمنفصم العقد)
(وَلكنه باقٍ على كل حادثٍ ... وزائرنا فِي ظلمَة الْقَبْر واللحد)
وَمن شعره فِيهَا قَوْله
(وَفِي عُرْوَة العذري إِن مت أسوةٌ ... وَعَمْرو بن عجلَان الَّذِي قتلت هِنْد)
(وَفِي مثل مَا مَاتَا بِهِ غير أنني ... إِلَى أجلٍ لم يأتني وقته بعد)
(هَل الْحبّ إِلَّا عِبْرَة ثمَّ زفرَة ... وحر على الأحشاء لَيْسَ لَهُ برد)
(وفيض دموعٍ تستهل إِذا بدا ... لنا علمٌ من أَرْضكُم لم يكن يَبْدُو)
وشكا أَبُو لبنى قيسا إِلَى مُعَاوِيَة وأعلمه بتعرضه لَهَا بعد الطَّلَاق فَكتب إِلَى مَرْوَان بن الحكم بهدر دَمه وَأمر أَبَاهَا أَن يُزَوّجهَا بِخَالِد بن حلزة من غطفان
فَلَمَّا علم قيس بذلك جزع جزعاً شَدِيدا وَقَالَ(24/222)
(فَإِن يحجبوها أَو يحل دون وَصلهَا ... مقَالَة واشٍ أَو وَعِيد أَمِير)
(فَلَنْ يمنعوا عَيْني من دَائِم البكا ... وَلنْ يذهبوا مَا قد أجن ضميري)
(وَكُنَّا جَمِيعًا قبل أَن يظْهر الْهوى ... بأنعم حَالي غِبْطَة وسرور)
(فَمَا برح الواشون حَتَّى بَدَت لنا ... بطُون الْهوى مَقْلُوبَة لظُهُور)
(لقد كنت حسب النَّفس لَو دَامَ وصلنا ... ولكنما الدُّنْيَا مَتَاع غرور)
وَلم يزل تَارَة يتَوَصَّل إِلَى زيارتها بالحيلة عَلَيْهَا وَتارَة تزوره وَهُوَ عِنْد قوم نَازل وَتارَة يختفي عَن زَوجهَا بأنواع من التستر والتخفي إِلَى أَن مَاتَت لبنى فتزايد ولهه وجزعه وَخرج)
فِي جمَاعَة قومه حَتَّى وقف على قبرها وَقَالَ
(مَاتَت لبينى فموتها موتِي ... هَل تنفعن حسرتي على الْفَوْت)
(فَسَوف ابكي بكاء مكتئبٍ ... قضى حَيَاة وجدا على ميت)
ثمَّ أكب على الْقَبْر يبكي حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ فرفعه أَهله إِلَى منزله وَهُوَ لَا يعقل وَلم يزل عليلاً لَا يفِيق وَلَا يُجيب مكلماً ثَلَاثًا حَتَّى مَاتَ وَدفن إِلَى جنبها
وَكَانَت وفاتهما فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (قيس بن الملوح)
قيس بن الملوح بن مُزَاحم بن قيس هُوَ مَجْنُون بني عَامر قَالَ صَاحب الأغاني لم يكن مَجْنُونا وَلَكِن كَانَت بِهِ لوثة كلوثة ابي حَيَّة
كَانَ سَبَب عشقه لليلى أَنه أقبل ذَات يَوْم على نَاقَة لَهُ كَرِيمَة وَعَلِيهِ حلتان من حلل الْمُلُوك فَمر بِامْرَأَة من قومه يُقَال لَهَا كَرِيمَة وَعِنْدهَا جمَاعَة من النِّسَاء يتحادثن فِيهِنَّ ليلى فأعجبهن جماله وكماله فدعونه إِلَى النُّزُول فَنزل فَجعل يحدثهن وَأمر عبدا كَانَ مَعَه فعقر لَهُنَّ نَاقَته وحدثهن بَقِيَّة يَوْمه
بَينا هُوَ كَذَلِك إِذْ طلع فَتى فِي بردة من برود الْأَعْرَاب يُقَال لَهُ منَازِل يَسُوق معزى لَهُ فَلَمَّا رأينه أقبلن عَلَيْهِ وتركن الْمَجْنُون فَغَضب وَخرج من عِنْدهن وَقَالَ(24/223)
(أأعقر من جراً كَرِيمَة نَاقَتي ... ووصلي مقرونٌ بوصل منَازِل)
(إِذا جَاءَ قعقعن الْحلِيّ وَلم أكن ... إِذا جِئْت أرْضى صَوت تِلْكَ الخلاخل)
(مَتى مَا انتضلنا بِالسِّهَامِ نضلته ... وَإِن يرم رشقاً عِنْدهَا فَهُوَ ناضلي)
وَلما أصبح لبس حلتيه وَركب نَاقَة أُخْرَى وَمضى معرضًا لَهُنَّ فألفى ليلى قَاعِدَة بِفنَاء بَيتهَا وَقد علق حبه بقلبها وَعِنْده جويريات يتحدثن مَعهَا فَوقف بِهن وَسلم فدعونه إِلَى النُّزُول وقلن لَهُ هَل لَك فِي محادثة من لَا يشْغلهُ عَنْك منَازِل وَلَا غَيره فَقَالَ إيه لعمري
وَنزل مثل مَا فعله بالْأَمْس فَأَرَادَتْ ليلى ان تعلم هَل لَهَا عِنْده مثل مَا لَهُ عغندها فَجعلت تعرض عَن حَدِيثه سَاعَة بعد سَاعَة وتحدث غَيره وَقد كَانَت شغفته واستملحها فَبينا هِيَ تحدثه إِذْ اقبل فَتى من الْحَيّ فدعته وسارته سراراً طَويلا ثمَّ قَالَت لَهُ انْصَرف وَنظرت إِلَى)
وَجه الْمَجْنُون وَقد تغير وامتقع لَونه فَقَالَت
(كِلَانَا مظهرٌ لناس بغضاً ... وكل عِنْد صَاحبه مكين)
(تبلغنَا الْعُيُون بِمَا أردنَا ... وَفِي القلبين ثمَّ هوى دَفِين)
فَلَمَّا سمع الْبَيْتَيْنِ شهق شهقة وأغمي عَلَيْهِ وَمكث على ذَلِك سَاعَة ونضحوا المَاء على وَجهه ثمَّ أَفَاق وَقد تمكن حل كل مِنْهُمَا فِي قلب صَاحبه وانفصلا وَقد أصَاب الْمَجْنُون لوثة
وَلم يزل فِي جنبات الْحَيّ مُنْفَردا عَارِيا لَا يلبس ثوبا إِلَّا خرقَة يهذي ويخطط فِي الأَرْض ويلعب بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة لَا يُجيب أحدا يسْأَله فَإِذا أَحبُّوا أَن يتَكَلَّم أَو يثوب عقله إِلَيْهِ ذكرُوا لَهُ ليلى فَيَقُول بِأبي هِيَ وَأمي ثمَّ يرجع إِلَيْهِ عقله وينشدهم
فَلَمَّا تولى الصَّدقَات عَلَيْهِم نَوْفَل بن مساحق رأى الْمَجْنُون يلْعَب بِالتُّرَابِ عُريَانا وَحكي لَهُ مَا هُوَ فِيهِ فَأَرَادَ أَن يكلمهُ فَقيل لَهُ مَا يكلمك إِلَّا إِن ذكرت لَهُ ليلى وحديثها فَذكرهَا فَأقبل يحدثه بحديثها وينشده شعره فِيهَا فرق لَهُ نَوْفَل وَقَالَ لَهُ أَتُحِبُّ أَن أزَوّجكَهَا قَالَ نعم وَهل لي إِلَى ذَلِك سَبِيل فَدَعَا لَهُ بِثِيَاب فألبسه إِيَّاهَا وَرَاح مَعَه كأصح مَا يكون يحدثه وينشده فَبلغ ذَلِك رَهْط ليلى فتقلوه فِي السِّلَاح وَقَالُوا لَهُ لَا وَالله يَا ابْن مساحق لَا يدْخل الْمَجْنُون مَنَازلنَا أبدا وَقد أهْدر السُّلْطَان دَمه فَأقبل بهم وَأدبر فَأَبَوا فَقَالَ للمجنون إِن انصرافك أَهْون من سفك الدِّمَاء فَانْصَرف وَقَالَ
(أيا وَيْح من أَمْسَى يخلس عقله ... فَأصْبح مذهوباً بِهِ كل مَذْهَب)
(خلياً من الخلان إِلَّا معذراً ... يضاحكني من كَانَ يهوى تجنبي)(24/224)
(إِذا ذكرت ليلى عقلت وراجعت ... روائع عَقْلِي من هوى متشعب)
(وَقَالُوا صَحِيح مَا بِهِ طيف جنةٍ ... وَلَا الْهم إِلَّا بافتراء التكذب)
(تجنبت ليلى أَن يلج بك الْهوى ... وهيهات كَانَ الْحبّ قبل التجنب)
(أَلا إِنَّمَا غادرت يَا أم مالكٍ ... صدىً أَيْنَمَا تذْهب بِهِ الرّيح يذهب)
ثمَّ إِن أَبَا الْمَجْنُون وَأمه وعشيرته اجْتَمعُوا إِلَى أبي ليلى ووعظوه وَنَاشَدُوهُ الرَّحِم وَقَالُوا لَهُ إِن هَذَا الرجل هَالك وَقد حكمناك فِي الْمهْر فَأبى وَحلف بِالطَّلَاق أَنه لَا يُزَوجهُ بهَا أبدا وَقَالَ أفضح نَفسِي وعشيرتي وَاسم ابْنَتي بميسم فضيحة فانصرفوا عَنهُ وَزوجهَا رجلا من قومه وَبنى بهَا فِي تلمك اللَّيْلَة فيئس الْمَجْنُون وَزَالَ عقله جملَة)
فَقَالَ الْحَيّ لِأَبِيهِ احجج بِهِ إِلَى مَكَّة وادع الله لَهُ فَلَعَلَّهُ أَن يخلصه فحج بِهِ
فَلَمَّا صَار بمنى سمع صَارِخًا بِاللَّيْلِ يَصِيح يَا ليلى فَصَرَخَ صرخة كَادَت نَفسه تتْلف وخر مغشياً عَلَيْهِ
وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى أصبح ثمَّ أَفَاق حَائِل اللَّوْن ذاهلاً وَأَنْشَأَ يَقُول
(عرضت على قلبِي العزاء فَقَالَ لي ... من الْآن فايأس لَا أعزّك من صَبر)
(إِذا بَان من تهوى وَأصْبح نَائِبا ... فَلَا شَيْء أجدى من حلولك فِي الْقَبْر)
(وداعٍ دَعَا بالخيف غذ نَحن من منى ... فهيج أحزان الْفُؤَاد وَمَا يدْرِي)
(دَعَا باسم ليلى غَيرهَا فَكَأَنَّمَا ... أطار بليلي طائراً كَانَ فِي صَدْرِي)
(دَعَا باسم ليلى ضلل الله بغيه ... وليلى بأرضٍ عَنهُ نازحةٍ قفر)
قَالَ الْعُتْبِي مر الْمَجْنُون ذَات يَوْم بِزَوْج ليلى وَهُوَ جَالس يصطلي فِي يَوْم بَارِد وَقد أَتَى ابْن عَم لَهُ فِي حَيّ الْمَجْنُون لحَاجَة فَوقف عَلَيْهِ ثمَّ أنشأ يَقُول
(بِرَبِّك هَل ضممت إِلَيْك ليلى ... قبيل الصُّبْح أَو قبلت فاها)
(وَهل رقت عَلَيْك قُرُون ليلى ... رفيف الأقحوانة فِي نداها)
فَقَالَ لَهُ اللَّهُمَّ غذ حلفتني فَنعم
فَقبض الْمَجْنُون بكلتا يَدَيْهِ قبضتين من الْجَمْر فَمَا فارقهما حَتَّى سقط مغشياً عَلَيْهِ وَسقط الْجَمْر مَعَ لحم رَاحَته فَقَامَ زوج ليلى مُتَعَجِّبا مِنْهُ مغموماً بِفِعْلِهِ
ون شعره(24/225)
(أيا جبلي نعْمَان بِاللَّه خليا ... سَبِيل الصِّبَا يخلص غلي نسيمها)
(أجد بردهَا أَو تشق مني حرارة ... على كبدٍ لم يبْق إِلَّا صميمها)
(فَإِن الصِّبَا ريحٌ إِذا مَا تنسمت ... على نفس مهمومٍ تجلت همومها)
وَمِنْه وَبِه سمي الْمَجْنُون
(يَقُول أنَاس عل مَجْنُون عامرٍ ... يروم سلواً قلت أَنى لما بيا)
(وَقد لامني فِي حب ليلى أقاربي ... أخي وَابْن عمي وَابْن خَالِي وخاليا)
(يَقُولُونَ ليلى أهل بَيت عداوةٍ ... بنفسي ليلى من عَدو وماليا)
(وَلَو كَانَ فِي ليلى شذى من خصومةٍ ... للويت أَعْنَاق الْخُصُوم الملاويا)
)
ويحكى أَنه لما قَالَ
(خليلي لَا وَالله لَا أملك الَّذِي ... قضى الله فِي ليلى وَلَا مَا قضى ليا)
(قَضَاهَا لغيري وابتلاني بحبها ... فَهَلا بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا)
فسلب عقله وبرص
وَمن شعره
(جرى السَّيْل فاستبكاني السَّيْل إِذْ جرى ... وفاضت لَهُ من مقلتي غرُوب)
(وَمَا ذَاك إِلَّا حِين أيقنت أَنه ... يمر بوادٍ أَنْت مِنْهُ قريب)
(يكون أجاجاً دونكم فَإِذا انْتهى ... إِلَيْكُم تلقى نشركم فيطيب)
(أظل غرب الدَّار فِي رض عامرٍ ... أَلا كل مهجور هُنَاكَ غَرِيب)
(وَإِن الْكَثِيب الْفَرد من أَيمن الْحمى ... إِلَيّ وَإِن لم آته لحبيب)
(وَلَا خير فِي الدُّنْيَا إِذا أَنْت لم تزر ... حبيباً وَلم يطرب إِلَيْك حبيب)
وَمِنْه
(وأدنيتني حَتَّى إِذا مَا سبيتني ... بقولٍ يحط العصم سهل الأباطح)
(تناءيت عني حِين لَا لي حيلةٌ ... وخلفت مَا خلفت بَين الجوانح)(24/226)
وَمِنْه
(أمزمعةٌ للبين ليلى وَلم تمت ... كَأَنَّك عَمَّا قد أظلك غافل)
(ستعلم إِن شطت بهم غربَة النَّوَى ... وزالوا بليلى أَن لبك زائل)
وَمِنْه
(كَأَن الْقلب لَيْلَة قيل يغدى ... بليلى العامرية أَو يراح)
(قطاةٌ غرها شرك فَبَانَت ... تجاذبه وَقد علق الْجنَاح)
وَلم يزل الْمَجْنُون يهيم فِي كل وَاد وَيتبع الظباء وَيكْتب مَا يَقُوله على الرمل وَلَا يأنس بِالنَّاسِ حَتَّى أصبح مَيتا فِي وَاد كثير الْحِجَارَة وَمَا دلّ عَلَيْهِ إِلَّا رجل من بني مرّة فَحَضَرَ أَهله وغسلوه وكفنوه وَاجْتمعَ فتيَان حَيّ ليلى يبكونه أحلا بكاء وَلم ير باك وباكية أَكثر من ذَلِك الْيَوْم وَذَلِكَ فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْحلَبِي الشَّاعِر)
)
قيس بن إِبْرَاهِيم الْحلَبِي الشَّاعِر توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
(الألقاب)
ابْن قيس الرقيات اسْمه عبيد الله بن قيس
أَبُو قيس الْأنْصَارِيّ هُوَ صَيْفِي بن الأسلت
بَنو القيسراني جمَاعَة أَوَّلهمْ مهذب الدّين الشّعْر اسْمه مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير وَابْنه موفق الدّين خَالِد بن مُحَمَّد بن نصر ومعيد الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَالِد بن نصرٍ بن صَغِير والصاحب فتح الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَولده القَاضِي شرف الدّين مُحَمَّد وَالْقَاضِي عماد الدّين إِسْمَاعِيل ابْن مُحَمَّد وولداه القَاضِي شهَاب الدّين يحيى وَالْقَاضِي شرف الدّين خَالِد وَأَبُو الْفَتْح نصر بن مُحَمَّد بن نصر وَعز الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَالِد وَنجم الدّين سعيد بن خَالِد وَشرف الدّين يحيى بن خَالِد بن مُحَمَّد بن نصر وَزِير بن وَزِير والحافظ أَبُو الْفضل الْمَقْدِسِي
ابْن القيسراني اسْمه مُحَمَّد بن طَاهِر بن الذَّهَبِيّ(24/227)
القيسراني الْحسن بن الْحُسَيْن وَابْن الطوير القيسراني اسْمه عبد السَّلَام بن الْحسن
القيثارة الطَّبِيب الْيَهُودِيّ اسْمه الْمُوفق يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ
3 - (قَيْصر)
3 - (الموصلائي)
قَيْصر بن كمشتكين بن عبد الله الموصلاي ابو بكر الخازن الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب فِي صباه وَسمع الحَدِيث وخالط الْعلمَاء وَكَانَت لَهُ بالتواريخ وَأَيَّام النَّاس عناية وَله فِي ذَلِك مجموعات
وَكَانَ يحب الْكتب وَجمع فِيهَا تصانيف شِرَاء واستنساخاً
وَكَانَ حاجباً بالمخزن سمع أَبَا المكارم الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن الباذرائي وَعبد الله بن مَنْصُور بن هبة الله الْموصِلِي وَعبد الله بن أَحْمد بن الخشاب وشهدة بنت الأبري
وَكَانَ حسن الْخلق والخلق جميل الْهَيْئَة ظريفاً
ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سبع وسِتمِائَة بتستر ثمَّ نقل إِلَى بَغْدَاد)
3 - (قَيْصر العوني)
قَيْصر العوني الْأَمِير مَمْلُوك الْوَزير عون الدّين يحيى بن هُبَيْرَة كَانَ بديع الْجمال يضْرب بحسنه الْمثل كَانَ الْوَزير يركبه فِي صدر موبكه بالقباء والعمامة السوداوين وَإِلَى جَانِبه خادمان
توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (تعاسيف الْكَاتِب الْحَنَفِيّ)
قَيْصر بن ابي الْقَاسِم بن عبد الْغَنِيّ بن مُسَافر الرئيس علم الدّين تعاسيف السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الْكَاتِب ولد سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ وَسمع وروى عَنهُ الدمياطي وَكَانَ ماهراً فِي علم الرياضي بارعاً فِي الهندسة والحساب
ولي نظر الدَّوَاوِين المصرية فَلم تشكر سيرته وَكثر عسفه وظلمه
وَولي ولايات بِبِلَاد الشرق وَمَات بِدِمَشْق سنة تسع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
وَكَانَ مِمَّن اشْتغل على كَمَال الدّين ابْن يُونُس قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ عَارِفًا بِالْقُرْآنِ وَسمع من مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بَيَان الْأَنْبَارِي وَمُحَمّد بن يُوسُف الغزنوي وَغَيرهمَا بِمصْر وبحلب من الشريف عبد الْمطلب(24/228)
الْهَاشِمِي وَحدث بِمصْر ودمشق
قَالَ قَاضِي الْقُضَاة ابْن خلكان قَالَ لي لما أتقنت الْعُلُوم الرياضية تاقت نَفسِي إِلَى الِاجْتِمَاع بالشيخ كَمَال الدّين بن يُونُس فسافرت إِلَى الْموصل وَاجْتمعت بِهِ وعرفته قصدي فَقَالَ تُرِيدُ أَي الْفُنُون فَقلت الموسيقى قَالَ مصلحَة فَقَرَأت عَلَيْهِ أَكثر من أَرْبَعِينَ كتابا فِي مِقْدَار سنة وَكنت عَارِفًا لَكِن كَانَ غرضي الانتساب إِلَيْهِ
ثمَّ إِنَّه قَامَ بحماة وَأَقْبل عَلَيْهِ ملكهَا وَأحسن إِلَيْهِ وولاه تدريس النورية
وَعمل للسُّلْطَان كرة عَظِيمَة كَبِيرَة فِيهَا الْكَوَاكِب المرصودة وَعمل لَهُ طاحوناً على العَاصِي وَبنى لَهُ أبراجاً وتحيل فِيهَا بحيل هندسية
وَلما وَردت أسوكة الأنبرور صَاحب صقلية فِي أَنْوَاع الْحِكْمَة والرياضي على الْملك الْكَامِل كَانَ هُوَ الْمعِين للأجوبة عَنْهَا وَكَانَ أَبوهُ قد ورد إِلَى اصفون من بِلَاد الصَّعِيد فَتزَوج بِامْرَأَة)
وَتركهَا حَامِلا فَنَشَأَ باصفون وَكَانَ يكْتب إِلَى فرن بهَا وَأَن أَبَاهُ أرسل أَخذه
(الألقاب)
ابْن القيني المغربي الشَّاعِر هُوَ عَليّ بن سعيد
ابْن اقيم اسْمه عَليّ بن عِيسَى
ابْن قيم الجوزية الإِمَام شمس الدّين الْحَنْبَلِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أبي بكر
القيمري الْأَمِير عماد الدّين اسْمه عَليّ بن عِيسَى
(حرف الْكَاف)
(الألقاب)
الكاتبي نجم الدّين دبيران اسْمه عَليّ بن عمر
ابْن كَاتب المرج اسْمه مُحَمَّد بن فضل الله
ابْن كَاتب قَيْصر إِبْرَاهِيم بن أبي الثَّنَاء
كَاتب كَرَامَة الفصي إِسْمَاعِيل بن عَليّ
ابْن كارة الْحَنْبَلِيّ دهبل بن عَليّ(24/229)
ابْن الكازروني ظهير الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود
ابْن كاس الْحَنَفِيّ اسْمه عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن
الكاساني سعد الدّين اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
الكاشغري اسْمه عبد الغافر بن الْحُسَيْن وَآخر إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان
الكاظم مُوسَى بن جَعْفَر(24/230)
3 - (كافور)
3 - (كافور الأخشيدي)
كافور أَبُو الْمسك الْخَادِم السود الحبشي الْأُسْتَاذ الأخشيدي السُّلْطَان اشْتَرَاهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن طغج الأخشيد من بعض رُؤَسَاء المصريين
وَكَانَ أسود بصاصاً أبيع بِثمَانِيَة عشر دِينَارا ثمَّ تقدم عِنْده لعقله ورأيه وسعده إِلَى أَن كَانَ من كبار القواد وجهزه فِي جَيش لِحَرْب سيف الدولة
ثمَّ لما مَاتَ أستاذه صَار أتابك وَلَده أبي الْقَاسِم أنوجور وَكَانَ صَبيا فغلب كافور على)
الْأُمُور قَالَ وَكيله خدمت كافوراً وراتبه كل يَوْم ثَلَاثَة عشر جراية وَتُوفِّي وَقد بلغت ثَلَاثَة عشر ألف جراية
ولي أنوجور ملكة مصر وَالشَّام إِلَّا الْيَسِير بِعقد الراضي بِاللَّه وَالْمُدبر لَهُ كافور فَمَاتَ أنوجور سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وأقيك مَكَانَهُ أَخُوهُ أَبُو الْحسن عَليّ وَمَات فِي أول سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة فاستقل كافور بِالْأَمر وَركب فِي الدست بخلع أظهر أَنَّهَا جَاءَتْهُ من الْخَلِيفَة وتقليد
وَتمّ لَهُ الْأَمر وَلم يبلغ أحد من الخدم مَا بلغه
وَكَانَ ذكياً لَهُ نظر فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَالْعلم
وَمِمَّنْ كَانَ فِي خدمته إِبْرَاهِيم النجيرمي صَاحب الزّجاج النَّحْوِيّ
وَكَانَت لأيامه سديدة جميلَة ودعي لَهُ على المنابر بالحجاز ومصر وَالشَّام والثغور طرسوس والمصيصة واستقل بِملك مصر سنتَيْن وَأَرْبَعَة أشهر وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَخمسين وثلاثمائة وعاش بضعاً وَسِتِّينَ سنة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى وَكَانَ وزيره أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْفُرَات
وَكَانَ كافور يحب الْخَيْر قَالَ بَعضهم حضرت مجْلِس كافور فَدخل رجل ودعا لَهُ وَقَالَ أدام الله أَيَّام مَوْلَانَا بِكَسْر الْمِيم فَتحدث جمَاعَة من الْحَاضِرين فِي ذَلِك وعابوه عَلَيْهِ فَقَالَ رجل من أوساط النَّاس وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن حشيش الجيزي اللّغَوِيّ الأخباري كَاتب كافور وَالَّذِي دَعَا لكافور ولحن هُوَ أَبُو الْفضل ابْن ميحاس(24/231)
وَأنْشد أَبُو إِسْحَاق الْمَذْكُور مرتجلاً
(لَا غرو أَن لحن الدَّاعِي لسيدنا ... وغص من دهشٍ بالريق أَو بهر)
(فَتلك هيبته حَالَتْ جلالتها ... بَين الأديب وَبَين القَوْل بالحصر)
(وَإِن يكن خفض الْأَيَّام من غلطٍ ... فِي مَوضِع النصب لَا عَن قلَّة النّظر)
(فقد تفاءلت من هَذَا لسيدنا ... والفأل نأثره عَن سيد الْبشر)
(بِأَن أَيَّامه خفضٌ بِلَا نصبٍ ... وَأَن أوقاته صفوٌ بِلَا كدر)
وَكَانَ كافور لَا يَأْخُذ نَفسه برئاسة كَبِيرَة
يُقَال إِنَّه كَانَ يَوْمًا ماراً فِي الكافوري بِالْقَاهِرَةِ فصاحت امْرَأَة يَا كافور وَهُوَ غافل فَالْتَفت)
إِلَيْهَا وَرَأى أَن ذَلِك نقص مِنْهُ وهفوة
وَكَانَ كلما مر هُنَاكَ الْتفت وَلم تزل عَادَته إِلَى ان مَاتَ
وَيُقَال أَيْضا إِنَّه مر يَوْمًا برا بَاب اللوق وأناس من الحرافيش السودَان يضْربُونَ بالطبيلة ويرقصون فنسي روحه وهز كتفه طَربا وَلم يزل بعد ذَلِك يهزها كل قَلِيل إِلَى أَن مَاتَ
ومدحه أَبُو الطّيب المتنبي بقصائده الطنانة فَمن ذَلِك قصيدته الَّتِي مِنْهَا
(وخيلاً مددنا بَين آذانها القنا ... فبتن خافاً يتبعن العواليا)
(نجاذب مِنْهَا فِي الصَّباح أَعِنَّة ... كَأَن على الْأَعْنَاق مِنْهَا أفاعيا)
(قواصد كافورٍ توارك غَيره ... وَمن قصد الْبَحْر اسْتَقل السواقيا)
(فَجَاءَت بِنَا إِنْسَان عين زَمَانه ... وخلت بَيَاضًا خلفهَا ومآقيا)
مِنْهَا
(ويحتقر الدُّنْيَا احتقار مجربٍ ... يرى كل مَا فِيهَا وحاشاه فانيا)
وَقَالَ فِيهِ قصيدته الَّتِي أَولهَا
(أغالب فِيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذَا الهجر والوصل أعجب)
مِنْهَا
(وأخلاق كافورٍ إِذا شِئْت مدحه ... وَإِن لم أشأ تملي عَليّ وأكتب)
(إِذا ترك الْإِنْسَان أَهلا وَرَاءه ... ويمم كافوراً فَمَا يتغرب)
وَيُقَال إِنَّه لما فرغ مِنْهَا قَالَ يعز عَليّ أَن تكون هَذِه فِي غير سيف الدولة
وَحكي أَنه قَالَ كنت إِذا دخلت على كافور أنْشدهُ يضْحك غلي ويبش فِي وَجْهي(24/232)
إِلَى أَن أنشدته قصيدتي الَّتِي مِنْهَا
(وَلما صَار ود النَّاس خباً ... جزيت على ابتسامٍ بابتسام)
(وصرت أَشك فِي من أصطفيه ... لعلمي أَنه بعض الْأَنَام)
قَالَ فَمَا ضحك بعْدهَا فِي وَجْهي إِلَى أَن تفرقنا فعجبت من فطنته وذكائه
ولبي الطّيب فِيهِ الأهاجي المؤلمة مثل قَوْله
(مَا كنت أحسبني أَحْيَا إِلَى زمنٍِ ... يسيء بِي فِيهِ كلب وَهُوَ مَحْمُود)
(وَأَن ذَا السود المثقوب مشفره ... تُطِيعهُ ذِي الغضاريط الرعاديد)
)
(أكلما اغتال عبد السوء سَيّده ... أَو خانه فَلهُ فِي مصر تمهيد)
(نَامَتْ نواطير مصرٍ عَن ثعالبها ... وَقد بشمن فَمَا تفنى العناقيد)
(العَبْد لَيْسَ لحر صالحٍ بأخٍ ... لَو أَنه فِي ثِيَاب الْخَزّ مَوْلُود)
(لَا تشتر العَبْد إِلَّا والعصا مَعَه ... إِن العبيد لأنجاس مناكيد)
(من علم الْأسود المخصي مكرمةٍ ... أقومه الْبيض أم آباؤه الصَّيْد)
(أم أُذُنه فِي يَد النخاس داميةً ... أم قدره وَهُوَ بالفلسين مَرْدُود)
(من كل رخو وكاء الْبَطن منفتق ... لَا فِي الرِّجَال وَلَا النسوان مَعْدُود)
(مَا يقبض الْمَوْت نفسا م نُفُوسهم ... إِلَّا وَفِي يَده م نتنها عود)
(أولى اللئام كوفير بمعذرةٍ ... فِي كل لؤم وَبَعض الْعذر تفنيد)
(وَذَاكَ أَن الفحول الْبيض عاجزةٌ ... عَن الْجَمِيل فَكيف الخصية السود)
وَمثل قَوْله أَيْضا
(من أَيَّة الطّرق يَأْتِي مثلك الْكَرم ... أَيْن المحاجم يَا كافور والجلم)
(لَا شَيْء أقبح من فحلٍ لَهُ ذكر ... تقوده أمةٌ لَيست لَهَا رحم)
وَله فِيهِ غير ذَلِك
وَمن قصائده الطنانات فِيهِ قَوْله
(عَدوك مذمومٌ بِكُل لسانٍ ... وَلَو كَانَ من أعدائك القمران)(24/233)
وَقَوله
(فراقٌ منَّة فَارَقت غير مذمم ... وَأم وَمن يممت خير ميمم)
وَلما غزا كافور دنقلة وَأكْثر جَيْشه سودان قَالَ شَاعِر
(وَلما غزا كافور دنقلةً غَدا ... بجيشٍ كطول الأَرْض فِي مثله عرض)
(غزا الْأسود السودَان فِي رونق الضُّحَى ... فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ أظلمت الأَرْض)
وَمَا أحسن مَا قَالَ القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر فِي الْكتاب الَّذِي وَضعه جَوَابا عَن الْملك النَّاصِر صرح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب إِلَى الْخَلِيفَة الإِمَام النَّاصِر لما جهز إِلَيْهِ كتابا يُنكر فِيهِ أَشْيَاء وَقد علم كل مَا عاملوا بِهِ الْخلَافَة تضييقاً وتقتيراً وكونهم عوضوا عَن الألوف ذَهَبا برسم)
نفقاتهم فضَّة قدروها وَلَا تَقْديرا وَلَا خَفَاء بمناقضة أَحْمد بن طولون لما كَانَ على مصر أَمِيرا حِين طافت على الدولة تسلطاً بكاس كَانَ مزاجها كافوراً
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة صفي الدّين الْحلِيّ من قصيدة وصفهَا فَقَالَ
(على ابي الطّيب الْكُوفِي مفخرها ... إِذا لم أَضَع مسكها فِي مثل كافور)
3 - (كافور شبْل الدولة)
كافور الطواشي الْكَبِير شبلا لدولة الحسامي خَادِم الْأَمِير حسام الدّين مُحَمَّد ابْن لاجين ولد الخاتون سِتّ الشَّام أُخْت الْملك الْعَادِل يُقَال أَنه كَانَ من خدام الْقصر بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ دينا صَالحا مهيباً وَعَلِيهِ اعتمدت مولاته فِي عمَارَة الشامية البرانية
سمع من الخشوعي والكندي وَكَانَ حنفياً فَبنى الْمدرسَة والخانقاه والتربة الَّتِي دفن بهَا عِنْد جسر كحيل
وَفتح للنَّاس طَرِيقا إِلَى الْجَبَل من عِنْد الْمقْبرَة إِلَى غربي الشامية تُفْضِي إِلَى عبن الكرش وَلم يكن لعين الكرش طَرِيق إِلَّا من جِهَة مَسْجِد الصفي معِين الدّين عِنْد مخازن الْفَاكِهَة
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (الصفوي الخزندار)
كافور الطواشي شبْل الدولة الصفوي الخزندار بقلعة دمشق كَانَ من الخدام العادلية ابْن الْكَامِل وَهُوَ مَشْهُور بِالْخَيرِ والديانة
ولي الخزندارية فِي الدولة(24/234)
الظَّاهِرِيَّة والسعيدية وَبَعض الدولة المنصورية
وَكَانَ لحسن سيرته تُضَاف إِلَيْهِ نِيَابَة القلعة فِي بعض الْأَوْقَات
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بقلعة دمشق
3 - (الْخَادِم)
كافور النَّبَوِيّ أحد خدام حَظِيرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب سيد أسود شَاعِر مجود قَرَأت فِي تَارِيخ السماني أَنه كَانَ اسود طَويلا لَا لحية لَهُ خَصيا
وَمن شعره)
(حتام همك فِي حل وترحال ... تبغي العلى والمعالي مهرهَا غالي)
(يَا طَالب الْمجد دون الْمجد ملحمةٌ ... فِي طيها تلف بِالنَّفسِ وَالْمَال)
(ولليالي صروفٌ قَلما انجذبت ... إِلَى مُرَاد امرئٍ يسْعَى لآمال)
قَالَ الْعِمَاد أَقُول هَذَا شعر ثَبت على محك النَّقْد وعيار السبك لَا شعر يبهرجه محك الْحق بعد الِاعْتِقَاد باللجاج والمحك ارق من النسيم وأذكى من العبير وَأطيب من الْمسك
وَلَا عجب أَن تفِيد تربة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ أفْصح الْعَرَب والعجم خَادِمهَا الْأسود نظم المكلم وكافور نظمه فِي الطّيب كافور وَلَفظه لقلوب الْمعَانِي تامور
وَقد اسْتغنى بحلية الْفضل عَن اللِّحْيَة فَإِن الْفضل للرِّجَال احسن حلية وسواده مَعَ الْعلم أحسن من الْبيَاض مَعَ الْجَهْل سَارَتْ شوارده فِي الْحزن والسهل ونقلتها رُوَاة الْحَضَر إِلَى حداة البدو ولحنتها القيان بأغاريدها فِي الشدو
3 - (كافور الصُّورِي)
كافور بن عبد الله اللَّيْثِيّ الحبشي الْخصي الْمَعْرُوف بالصوري كَانَ مصري المنشأ وَمن مواليدهم وَإِنَّمَا سكن صور فنسب إِلَيْهَا ثمَّ ارتحل عَن صور وَطَاف الْبِلَاد وَدخل خُرَاسَان وَوصل إِلَى غزنة وَمَا وَرَاء النَّهر
وَكَانَ يحفظ كثيرا من الْملح والنوادر وَكَانَ يعرف من اللُّغَة جانباً جيدا
ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى بَغْدَاد وَتُوفِّي بهَا فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(هَل من قرى يَا أَبَا سعد بن مَنْصُور ... لخادمٍ قادمٍ وافاك من صور)
(شعاره إِن دنت دارٌ وَإِن بَعدت ... الله يبقي أَبَا سعد بن مَنْصُور)
وَمِنْه(24/235)
(بَاء بخارا أبدا زائده ... وَالْألف الْأُخْرَى بِلَا فائده)
(فَهِيَ خرا بحتٌ وسكانها ... آبدة مَا مثلهَا آبده)
وَمِنْه
(هَل من لواعج هَذَا الْبَين من جَار ... لمستهامٍ عميدٍ دمعه جَار)
(أم هَل على فتكات الشوق من عضدٍ ... يجيرني من يَد الضرغامة الضاري)
)
(فيض الدُّمُوع ونيران الضلوع مَعًا ... يَا قوم كَيفَ اجْتِمَاع المَاء وَالنَّار)
وَمِنْه
(رَاح الْفِرَاق بِمَا لَا أرتضي وَغدا ... وجارحكم الْهوى فِي مَا مضى وَعدا)
(فارقتكم فرقة لَا عدت أذكرها ... فَإِن رجعت فَلَا فارقتكم أبدا)
قلت شعر توَسط
الْكَافِي الْوَزير أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
3 - (أَبُو كاليجار)
أَبُو كاليجار الْمَرْزُبَان الْملك وَالِد الْملك أبي نصر الملقب بِالْملكِ الرَّحِيم صَاحب بَغْدَاد وَهُوَ ابْن سُلْطَان الدولة ابْن بهاء الدولة توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة بطرِيق كرمان وَكَانَ مَعَه من الأتراك سَبْعمِائة وَمن الديلم ثَلَاثَة آلَاف فنهبت الأتراك حواصله
وَكَانَ مولده بِالْبَصْرَةِ سنة تسع وتعسين وثلاثمائة فِي شَوَّال
مرض بالأهواز وفصد فِي يَوْم ثَلَاث مَرَّات وَحمل فِي مهد لِأَنَّهُ مرض فِي الْبَريَّة فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَحمل على الرّقاب فِي محفة
وَلما مَاتَ لَيْلَة الْخَمِيس منتصف جُمَادَى نهب الأتراك حواصله من السِّلَاح وَغَيره وَكَانَ قيمَة ذَلِك ألف ألف دِينَار
وَكَانَت وَفَاته قَرِيبا من قلعة لَهُ فِيهَا ألف ألف دِينَار فَصَعدَ الغلمان إِلَيْهَا ونبهوا مَا فِيهَا وَحمل فِي تَابُوت وَدفن بالأهواز وَقيل إِنَّه حمل إِلَى شيراز وَدفن عِنْد آبَائِهِ
وَكَانَ مُدَّة عمره إِحْدَى وَأَرْبَعين سنة وَقيل أَرْبَعِينَ سنة وَمُدَّة ولَايَته على الْعرَاق أَربع سِنِين وشهرين وأياماً وَمُدَّة ولَايَته على فَارس والأهواز عشْرين سنة
وَكَانَ شجاعاً فاتكاً مَشْغُولًا بالشرب وَاللَّهْو
كاك الْحَنَفِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عمر(24/236)
3 - (كَامِل)
3 - (ظهير الدّين الباذؤرائي)
كَامِل بن الْفَتْح بن ثَابت ظهير الدّين الضَّرِير الباذرائي الأديب أَبُو تَمام)
لَهُ شعر وَترسل كتب الطّلبَة عَنهُ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَسكن بَغْدَاد فِي بَاب الأزج وصاهر بني رهمويه الْكتاب وَسمع من أبي الْفَتْح عَليّ بن رهمويه وَقيل إِنَّه كَانَ يدْخل على النَّاصِر ويحاضره ويخلو مَعَه وَأَنه علمه علم الْأَوَائِل وهون عَلَيْهِ الشَّرَائِع وَالله أعلم
قَالَ ياقوت وَكَانَ مُتَّهمًا فِي دينه
وَأورد لَهُ من شعره
(وَفِي الأوانس من بَغْدَاد آنسةٌ ... لَهَا من الْقلب مَا تهوى وتختار)
(ساومتها نفثةً من رِيقهَا بدمي ... وَلَيْسَ إِلَّا خَفِي الطّرف سمسار)
(عِنْد العذول اعتراضات ولائمة ... وَعند قلبِي جواباتٌ وأعذار)
قلت شعر جيد
3 - (مُجَلد الْكتب)
كَامِل بن أبي الْفرج التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ الْبَغْدَادِيّ الأديب الَّذِي فاق أهل زَمَانه فِي تجليد الْكتب توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَكَانَ لَهُ شعر
3 - (الجحدري)
كَامِل بن طَلْحَة الجحدري الْبَصْرِيّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا باس بِهِ
روى عَنهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَغَيره توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (المنتفقي البدوي)
كَامِل المنتفقي من الْعَرَب البادين بعسفان أورد لَهُ الباخرزي فِي دمية الْقصر حِكَايَة مطبوعة أوردهها مسجوعة خلاصتها أَنه وعد العميد أَبَا سعيد مُحَمَّد بن مَنْصُور أَن لَهُ ابْنه كَأَنَّهَا فلقَة الْقَمَر فَتوجه مَعَه من الْبَصْرَة إِلَى مَكَانَهُ بعسفان فَرَأَوْا عجوزاً فِي الغابرين تقذي بطلعتها الشوهاء عُيُون الْحَاضِرين قد تَركهَا الانحناء محطوطة(24/237)
مناكب وَكَأن بنواصيها غزول العناكب
قَالَ الباخرزي فأنشدت العميد
(يَا لَيْتَني حِين خرجت خاطباً ... لقاني الله طَرِيقا شاصبا)
)
(لَا أمماً مني وَلَا مقارباً ... حَتَّى إِذا مَا سرت شهرا دائبا)
ضل بَعِيري وَرجعت خائبا وَأورد لَهُ الباخرزي لهَذَا كَامِل
(إنسانة الْحَيّ أم أدمانة السمر ... بِالنَّهْي رقصها لحنٌ من الْوتر)
(يَا مَا أميلح غزلاناً شدن لنا ... من هؤليائكن الضال والسمر)
(بِاللَّه يَا ظبيات القاع قُلْنَ لنا ... ليلاي مِنْكُن أم ليلى من الْبشر)
قلت وَفِي الْبَيْتَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِث شَاهد على تَصْغِير أفعل التَّعَجُّب وعَلى حذف همزَة الِاسْتِفْهَام
3 - (الرافضة الكاملية)
الكاملية فرقة من الرافضة يتبعُون رجلا كَانَ يعرف بِأبي كَامِل كَانَ يزْعم أَن الصَّحَابَة كفرُوا بتركهم بيعَة عَليّ نب أبي طَالب وَكفر عَليّ بِتَرْكِهِ قِتَالهمْ
وَكَانَ يلْزم عليا قِتَالهمْ كَمَا لزمَه قتال أَصْحَاب الْجمل وصفين وَكَانَ بشار بن برد الْأَعْمَى الشَّاعِر على هَذَا الْمَذْهَب
وَرُوِيَ أَنه قيل لَهُ مَا تَقول فِي الصَّحَابَة قَالَ كفرُوا قيل لَهُ فَمَا تَقول فِي عَليّ بن أبي طَالب فَأَنْشد
(وَمَا شَرّ الثَّلَاثَة أم عَمْرو ... بصاحبك الَّذِي لَا تصبحينا)
(الألقاب)
الْكَامِل تسمى بِهِ من الْمُلُوك جمَاعَة مِنْهُم الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر مُحَمَّد
الْكَامِل صَاحب ميافارقين اسْمه مُحَمَّد بن غَازِي
والكامل ابْن النَّاصِر صَاحب مصر وَالشَّام اسْمه شعْبَان بن مُحَمَّد
ابْن كَامِل القَاضِي اسْمه أَحْمد بن كَامِل(24/238)
الْكَامِل الْخَوَارِزْمِيّ عبد الله بن مُحَمَّد
الكاواني الْكَاتِب اسْمه يحيى بن الْحسن
الكببو أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد)
الكبري الصُّوفِي اسْمه أَحْمد بن عمر
3 - (كَبْشَة)
3 - (البرصاء الْأَنْصَارِيَّة)
كَبْشَة الْأَنْصَارِيَّة تعرف بالبرصاء وَهِي جدة عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة وَهُوَ الرَّاوِي عَنْهَا
لَهَا صُحْبَة قَالَت دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشرب من فَم قربَة معلقَة وَهُوَ قَائِم قَالَت فَقطعت فمها فَرَفَعته
3 - (بنت رَافع الصحابية)
كَبْشَة بنت رَافع بن عبيد بن ثَعْلَبَة بن عيد بن الأبجر هِيَ أم سعد بن معَاذ لَهَا صُحْبَة
لما خرج سعد بن معَاذ جعلت أمه تبْكي فَقَالَ لَهَا عمر انظري مَا تَقُولِينَ يَا أم سعد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعها يَا عمر كل باكية مكثرة إِلَّا أم سعد مَا قَالَت خير فَلَنْ تكذب
3 - (كَبْشَة الثقفية)
كَبْشَة بنت حَكِيم الْفَقِيه جدة أم الْحَكِيم بنت يحيى بن عقبَة رَأَتْ النَّبِي وَلها صُحْبَة
3 - (بنت معدي كرب)
كَبْشَة بنت معدي كرب روى عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه مُحَمَّد عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن عَن ابيه مُعَاوِيَة أَنه قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أمه كَبْشَة بنت معدي كرب عمَّة الْأَشْعَث بن قيس فَقَالَت أمه إِنِّي آلَيْت أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ حبواً فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طوفي على رجليك سبعين سبعا عَن يَديك وَسبعا عَن رجليك
(الألقاب)
الكبكي نَائِب صفد الْأَمِير عَلَاء الدّين يدغدي(24/239)
ابْن كَبِير أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل)
ابْن الْكِنَانِي الطَّبِيب اسْمه مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
ابْن الكتاني زين الدّين عمر بن أبي الحزم
كتاكت الزين الْوَاعِظ اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن كَبْشَة الْمصْرِيّ الْكَاتِب اسْمه عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد
3 - (كتبغا)
3 - (النوين المغلي)
كتبغا النوين المغلي كَانَ عَظِيما عِنْد التتار يعتمدون عَلَيْهِ لرأيه وشجاعته وعقله وَله خبْرَة بالحصارات وافتتاح الْحُصُون وَكَانَ هولاكو لَا يُخَالِفهُ ويتيمن بِرَأْيهِ
وَكَانَ شَيخا مسناً يمِيل إِلَى النَّصْرَانِيَّة جهزه هولاكو لفتح الديار المصرية وتنتقى لَهُ من الْمغل أَرْبَعِينَ ألفا فالتقاه السُّلْطَان الْملك المظفر قطز على عين جالوت وَقَتله الْأَمِير جمال الدّين آقوش الشمسي وَلم يعرفهُ
قَاتل يَوْمًا المصاف إِلَى ان قتل واسر وَلَده وأحضر بَين يَدي المظفر قطز فَسَأَلَهُ عَن أَبِيه فَقَالَ أبي مَا يهرب فأبصروه فِي الْقَتْلَى فأحضروا عدَّة رُؤُوس فَلَمَّا رَآهُ وَلَده بَكَى وَقَالَ للمظفر يَا خوند نم طيبا فَمَا بَقِي لَك عَدو تخَاف مِنْهُ كَانَ هَذَا سعد التتار وَبِه يهزمون الجيوش ويفتحون الْحُصُون
وَلما بلغ هولاكو قَتله ضرب بيسراه وَجه الأَرْض وَركب وكر رَاجعا بَعْدَمَا قتل النَّاصِر صَاحب الشَّام على مَا يَأْتِي فِي ذكره وَكَانَ هَلَاكه سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الْملك الْعَادِل)
كتبغا الْملك الْعَادِل زين الدّين كتبغا المنصوري المغلي كَانَ أسمر دَقِيق الصَّوْت لَهُ لحية صَغِيرَة فِي الحنك
اسر حَدثا كم عَسْكَر هولاكو نوبَة حمص الأولى فِي آخر سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة وَأمره أستاذه الْملك الْمَنْصُور فَكَانَ من أُمَرَاء الألوف ثمَّ إِنَّه عظم فِي دولة الْأَشْرَف
وَلما قتل الشّرف التف الخاصكية عَلَيْهِ فَحمل بهم على بيدرا وقتلوه
وَلما حضر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر جعل كتبغا نَائِبه وَاسْتمرّ الْحَال سنة ثمَّ تحول(24/240)
النَّاصِر إِلَى)
الكرك وتسلطن كتبغا ولقب بالعادل ونهض بأَمْره لاجين وقراسنقر وَطَائِفَة كَانَ قد اصطنعهم فِي نوبَة الْأَشْرَف
وَتمكن وَقدم دمشق وَصلى بجامعها الْأمَوِي غير مرّة وَسَار فِي الْجَيْش إِلَى حمص ثمَّ رد فَلَمَّا كَانَ بِأَرْض بيسان وثب عَلَيْهِ حسام الدّين لاجين وَشد على بتخاص والأزرق فَقَتَلَهُمَا فِي الْحَال وَكَانَا عضدي كتبغا واختبط الْجَيْش وفر كتبغا على فرس النّوبَة وَتَبعهُ أَرْبَعَة من غلمانه فِي صفر سنة سِتّ وَتعين وسِتمِائَة فَكَانَت دولته سنتَيْن
وسَاق كتبغا إِلَى دمشق فَتَلقاهُ مَمْلُوكه نائبها فِي الْأُمَرَاء وَقدم القلعة فَفتح لَهُ بَابهَا ارجواش ودقت البشائر لَهُ وَلم يَنْتَظِم لَهُ الْحَال
وَاجْتمعَ كجكن والأمراء وحلفوا لمن هُوَ صَاحب مصر وصرحوا لكتبغا بِالْحَال فَقَالَ أَنا مَا مني خلاف وَخرج من قصر السلطنة إِلَى قاعة صَغِيرَة وبذل الطَّاعَة فرسم لَهُ أَن يُقيم بقلعة صرخد وَأَتَاهُ بعض غلمانه ونسائه وانطوى ذكره إِلَى بعد نوبَة قازان فَأحْسن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ حماة فَمَاتَ بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة
وَكَانَ مَوْصُوفا بالديانة وَالْخَيْر والرفق بالرعية
وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْجُمُعَة يَوْم النَّحْر وَنقل تابوته إِلَى تربته بسفح قاسيون بِدِمَشْق
وَجرى فِي أَيَّامه الغلاء الْعَظِيم بالديار المصرية وَكَانَ إِذْ طالعوه بِخَبَر المقياس يبكي وَيَقُول هَذَا بخطيئتي
وَفِيه يَقُول عَلَاء الدّين الوداعي لما تسلطن وخلع على أهل دمشق وَمن خطه نقلت
(إِنَّمَا الْعَادِل سطان الورى ... عِنْدَمَا جاد بتشريف الْجَمِيع)
(مثل قطرٍ صاب قطراً ماحلاً ... فكسا أعطافه زهر الرّبيع)
3 - (الْأَمِير زين الدّين الْحَاجِب)
كتبغا الْأَمِير زين الدّين أَمِير حَاجِب الشَّام أَظُنهُ تولى نِيَابَة شيزر فِي وَقت
وَلما كَانَ بِدِمَشْق حاجباً كَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز يعظمه وَيجْلس قدامه ويرمل على يَده فِي بأيام الخدم
وَكَانَ يحترمه وَيُحب حَدِيثه ويصغي غليه وَيقبل شفاعاته ويزوره فِي بَيته)
وَكَانَ محتشماً فِي نَفسه رَئِيسا يحضر السماعات ويرقص فِيهَا وَأَظنهُ لبس فِي وَقت زِيّ الْفُقَرَاء وَمَشى مَعَهم إِلَّا أَنه كَانَ فِيهِ اسْتِحَالَة وَذَلِكَ أَنه إِذا دخل عَلَيْهِ أحد فِي بَيته فِي أَمر قَالَ لَهُ السّمع وَالطَّاعَة وَمن أَحَق مِنْك بِهَذَا الَّذِي تطلبه قف غَدا لمولانا ملك الْأُمَرَاء فِي الْخدمَة وَأَنا غَدا أساعدك وتبصر مَا أَقُول
فَإِذا وقف ذَلِك الْمِسْكِين قَالَ يَا مَوْلَانَا أَي حايك قَامَ أَو أَي بيطار قَامَ قَالَ يُرِيد يصير جندياً فَإِذا سمع الْأَمر سيف الدّين ذَلِك قَالَ نحه فَتَنَاول ذَلِك الْمِسْكِين العصي من كل جَانب
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة(24/241)
3 - (الألقاب)
ابْن كتيلة عبد الْبَاقِي بن أَحْمد
كتيلة عبد الله بن أبي بكر
الكتندي الشَّاعِر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
3 - (كثير)
3 - (السّلمِيّ الصَّحَابِيّ)
كثير بن عَمْرو السّلمِيّ حَلِيف بني أَسد وَقيل بني عبد شمس وَبَنُو أَسد حلفاء لبني عبد شمس شهد بَدْرًا فِيمَا ذكر ابْن إِسْحَاق من رِوَايَة زِيَاد وَلَيْسَ فِي رِوَايَة ابْن هِشَام
وَذكر ابْن السراج عَن عمر بن مُحَمَّد بن الْحسن الْأَسدي عَن أَبِيه عَن زيد عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ وَشهد بَدْرًا من حلفاء لبني أَسد كثير بن عَمْرو وَأَخُوهُ مَالك بن عَمْرو
قَالَ ابْن عبد الْبر وَلم أر كثير فِي غير هَذِه الرِّوَايَة وَلَعَلَّه أَن يكون ثقف لقباً لَهُ واسْمه كثير
3 - (كثير بن الْعَبَّاس)
كثير بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو تَمام ولد قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأشهر فِي سنة عشر وَلَيْسَت لَهُ صُحْبَة وَأمه سبأ رُومِية وَقيل حميرية
وَكَانَ فَقِيها ذكياً فَاضلا روى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج وروى ابْن شهَاب وروى هُوَ عَن أَبِيه وَعمر وَعُثْمَان وأخيه عبد الله)
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي عشر التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (خَال الْبَراء الصَّحَابِيّ)
كثير خَال الْبَراء روى الشّعبِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ كَانَ اسْم خَالِي قَلِيلا فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا وَمن حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا نسكنا بعد صَلَاتنَا(24/242)
3 - (الْأَزْدِيّ الصَّحَابِيّ)
كثير الْأَزْدِيّ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل طَعَاما مسته النَّار ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ روى عَنهُ عقبَة بن مُسلم التجِيبِي سكن مصر ويعد فِي أَهلهَا
3 - (الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
كثير الْأنْصَارِيّ سكن الْبَصْرَة
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا صلى الْمَكْتُوبَة انْصَرف عَن يسَاره
وَقد قيل حَدِيثه مُرْسل روى عَنهُ ابْنه جَعْفَر بن كثير
3 - (كثير الْحَارِثِيّ)
كثير بن شهَاب الْحَارِثِيّ قَالَ ابْن عبد الْبر فِي صحبته نظر
وَقد روى عَن عمر وَهُوَ الَّذِي قتل يَوْم الْقَادِسِيَّة جالينوس وَأخذ سلبه لَا أعلم لَهُ رِوَايَة يل قتل جالينوس زهرَة بن حوية
3 - (كثبر بن قسي)
كثير بن قيس ذكره ابْن قَانِع وَذكر لَهُ حَدِيثا من رِوَايَة دَاوُد بن جميل عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن سلك طَرِيق الْعلم سهل الله لَهُ بِهِ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة
قَالَ ابْن عبد الْبر هَذَا وهم إِنَّمَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مُصَنفه عَن دَاوُد بن جميل عَن كثير بن قيس عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الصَّحِيح
وَدَاوُد بلن جميل مَجْهُول قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ
وَذكر أَن الْأَوْزَاعِيّ روى هَذَا الحَدِيث عَن كثير بن قيس عَن سَمُرَة عَن أبي الدَّرْدَاء)
3 - (أَبُو سَخْبَرَة الْحَضْرَمِيّ)
كثير بن مرّة أَبُو سَخْبَرَة الْحَضْرَمِيّ الْحِمصِي سمع عمر ومعاذ بن جبل ونعيم بن هماز وَآخَرين
توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة(24/243)
3 - (أَبُو قُرَّة الْبَصْرِيّ)
كثير بن شنظير أَبُو قُرَّة الْبَصْرِيّ قَالَ أَبُو زرْعَة لين وَتردد فِيهِ ابْن معِين وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَة
وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى النَّسَائِيّ
3 - (الْمُزنِيّ الْمدنِي)
كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف بن يزِيد الْمُزنِيّ الْمدنِي اتَّفقُوا على ضعفه وَضرب على حَدِيثه أَحْمد بن حَنْبَل
وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ ركن من أَرْكَان الْكَذِب وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد
وَأما التِّرْمِذِيّ فَأخذ يملس عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة
وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْكِنْدِيّ)
كثير بن الصَّلْت الْكِنْدِيّ الْمدنِي هُوَ الَّذِي كَانَ أهل الْمَدِينَة إِذا نسبوا رجلا إِلَى الإقبال قَالُوا لَقِي لَيْلَة كثير بن الصَّلْت وَذَلِكَ أَن مُعَاوِيَة أَمر رجلا من آل أبي بكر ان يَبْنِي لَهُ منزلا بِالْمَدِينَةِ ينزل بِهِ إِذا اجتاز إِلَى مَكَّة فَفعل
وَأَقْبل مُعَاوِيَة والبكري يسايره غذ نظر من الثَّنية إِلَى منزل كثير بن الصَّلْت فَقَالَ مُعَاوِيَة أمنزلي هَذَا فَقَالَ لَيْسَ بِهِ ومنزلك قريب وَلَو قد صرت إِلَى قَرَار الْمصلى لرأيته وَهَذَا منزل كثير فَنظر كثير فِي موكبه على بعير لَهُ فَدَعَاهُ وسايره وَسَأَلَهُ عَن رَأْيه فِي الْمنزل فَقَالَ لست اقدر على بَيْعه قَالَ أَو لَيْسَ لَك قَالَ بلَى وَلَكِن قدمنَا هَذَا الْحرم وَنحن ننسب إِلَى آبَائِنَا ونعرف بأحسابنا فاستولى على ذَلِك هَذَا الْمنزل وصرنا نَعْرِف بِهِ وَفِيه سَبْعُونَ مختمرة لَيْسَ يحول بَين النَّاس وَبَين معرفَة حالهن إِلَّا حَائِطه وَلَو خرجن مِنْهُ كشف مِنْهُنَّ مَا)
لَا يقدر على احْتِمَاله
فَقَالَ إِنِّي أثمنك وأنيخ بعيرك فأصب على هامته وسنامه حَتَّى أواريهما فَقَالَ إِنِّي لَا أجد لذَلِك سَبِيلا لما أعلمتك وَكَانَت لَهُ نفس شَدِيدَة
فَقضى مُعَاوِيَة حجه وَفِيه عَنهُ إِعْرَاض وَقد كَانَ أسلفه مِائَتي ألف دِرْهَم فِي غرم لزمَه فأوصى مَرْوَان بن الحكم فَقبض المَال مِنْهُ وَقَالَ إِن استأجلك أَََجَلًا قَصِيرا فَأَجله فَإِن وافاك بِالْمَالِ وَإِلَّا فبع ربعه وَملكه حَتَّى تستوفي ذَلِك مِنْهُ
وَكَانَ الَّذِي بَين مَرْوَان وَكثير قبيحاً فَأرْسل مَرْوَان إِلَى كثير فَأعلمهُ بذلك فاستأجله شهرا فَقبل ذَلِك
وَرجع كثير إِلَى منزله فَدَعَا ابْنه الزبير وَقَالَ يَا ابْني إِنَّا لسنا نجد لنا خيرا من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِن كَانَ قد أَمر فِينَا بِمَا أَمر فَكتب لَهُ وَوَجهه وَعظم الْحق
فَلَمَّا كَانَ فِي آخر يَوْم من الْأَجَل وَلم يَأْته عَن ابْنه خبر أَتَى سعيد بن الْعَاصِ فَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ سعيد إِن أَحْبَبْت أَن أتولى المَال وَدفعه واكتتاب الْبَرَاءَة لَك بذلك فعلت وَإِن شِئْت حمل إِلَيْك فجزاه(24/244)
خيرا وَانْصَرف
فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق ذكر قيس بن سعد بن عبَادَة فَقَالَ قيس سيد هَذَا الْحرم من ذِي يمن وَقد ابْتليت بِمَا علم فجَاء إِلَيْهِ وَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ قيس أمسيت عَن حَاجَتك وَهِي مصبحتك غَدا إِلَى مَنْزِلك وَإِن أَحْبَبْت ولينا حملهَا عَنْك إِلَى مَرْوَان
فَانْصَرف كثير حَتَّى إِذا أَخذ بِحَلقَة بَاب دَاره ذكر عبد الله بن جَعْفَر فَقَالَ مَا فيهم أحد اشد إِكْرَاما لي مِنْهُ فَدخل عَلَيْهِ وَهُوَ يتعشى فَأخْبرهُ خَبره فَالْتَفت إِلَى هَانِئ وَكيله وَقَالَ مَا عنْدك قَالَ مائَة ألف دِرْهَم قَالَ مَا جَاءَ من شَيْء نصفه إِلَّا تمّ بِإِذن الله ثمَّ نظر فِي وُجُوه جُلَسَائِهِ وَمَعَهُ رجل من بني الأرقط وَمن ولد عَليّ فَضَحِك قَالَ هِيَ عِنْدِي قَالَ من أَيْن هِيَ لَك قالك من فضول صَلَاتك
فَانْصَرف كثير إِلَى منزله فَبَاتَ آمنا وَأمن نساؤه فَلَمَّا كَانَ فِي السحر قدم ابْنه الزبير بِكِتَاب مُعَاوِيَة أَن لَا يعرض لَهُ وَكتب لَهُ الْبَرَاءَة فَأصْبح غادياً إِلَى مَرْوَان فَدفع كتبه إِلَيْهِ وَمضى إِلَى سعيد بن الْعَاصِ فَإِذا الْبَدْر على ظهر الطَّرِيق
فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ قَالَ أحوجنا أَبَا الزبير إِلَى الغدو قَالَ مَا لذَلِك جِئْت وَأخْبرهُ الْخَبَر وَجئْت)
لأسرك وأشكرك فَقَالَ أَترَانِي رَاجعا فِي شَيْء أمرت لَك بِهِ فَرجع وَالْمَال مَعَه
فَأتى قيس بن سعد فَإِذا المَال مَجْمُوع فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ أفأرده يَا أَبَا الزبير فِي مَالِي وَقد أمرت لَك بِهِ أحملها يَا غُلَام مَعَه ثمَّ أَتَى عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ مَا كنت لرجع فِي شَيْء أمرت لَك بِهِ فَقَالَ أما مَا كَانَ من عنْدك فَنعم وَأما مَا استقرضته فَلَا فَقَالَ أَنا على قَضَاء الدُّيُون أقوى مِنْك وَلَك خروق فارقعها بِهِ فَانْصَرف بِهِ
وَكَانَ مثلا فِي الْمَدِينَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ النَّسَائِيّ روى هم عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَزيد بن ثَابت
3 - (ابْن الغريرة)
كثير بن الغريرة التَّمِيمِي أحد بني نهشل والغريرة أمه شَاعِر مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَقَالَ الشّعْر فيهمَا
لما بعث عمر بن الْخطاب الْأَقْرَع بن حَابِس وأخاه على جَيش إِلَى الطالقان فأصيب من أَصْحَاب ابْن الغريرة جمَاعَة فَقَالَ ابْن الغريرة يرثيهم وَيذكر ذَلِك الْيَوْم
(سقى مزن السَّحَاب إِذا استهلت ... مصَارِع فيتةٍ بالجوزجان)
(إِلَى القصرين من رستاق خوطٍ ... أبادهم هُنَاكَ الأقراعان)
(وَمَا بِي أَن أكون جزعت إِلَّا ... حنين الْقلب للبرق الْيَمَانِيّ)
ومحبورٍ بأوبتنا يرجي اللِّقَاء وَلنْ أرَاهُ وَلنْ يراني
((24/245)
وَرب أخٍ أصَاب الْمَوْت قبلي ... بَكَيْت وَلَو نعيت لَهُ بكاني)
(دَعَاني دَعْوَة وَالْخَيْل تردي ... فَمَا أَدْرِي أباسمي أم كناني)
(فَكَانَ إجَابَتِي إِيَّاه أَنِّي ... عطفت عَلَيْهِ خوار الْعَنَان)
(واي فَتى دَعَوْت وَقد تولت ... بِهن الْخَيل ذَات العنظوان)
(فَإِن أهلك فَلم أك ذَا صدوفٍ ... عَن الأقران فِي الْحَرْب الْعوَان)
(وَلم أدْلج لطرق عرس جاري ... وَلم أحمل على قومِي لساني)
(وَلَكِنِّي إِذا مَا هايجوني ... منيع الْجَار مُرْتَفع المباني)
(أكارم من يكارمني بِمَالي ... وأرعى ذَا الْقَرَابَة إِن رعاني)
(ويكرمني إِذا استبسلت قَرْني ... واقضي وَاحِدًا مَا قد قضاني)
)
(فَلَا تستبعدوا يومي قفإني ... سأوشك مرّة أَن تفقداني)
(ويدركني الَّذِي لَا بُد مِنْهُ ... وَإِن أشفقت م من خوف الْجنان)
(وتبكيني نوائح معولاتٌ ... نَزَلْنَ بدار معولة الزَّمَان)
(حبائس بالعراق منهنهاتٌ ... سواجي الطّرف كالبقر الهجان)
(أعاذلتي من لومٍ دَعَاني ... وللرشد الْمُبين فاهدياني)
(فَرد الْمَوْت عني إِن أَتَانِي ... وَلَا وأبيكما مَا تفعلان)
3 - (الْحِمصِي الإِمَام)
كثير بن عبيد الإِمَام أَبُو الْحسن الْمذْحِجِي الْحِمصِي الْحذاء الْمقري إِمَام جَامع حمص سِتِّينَ سنة كَانَ سيداً عَارِفًا خَائفًا قَانِتًا
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره يُقَال عَنهُ إِنَّه إِمَام أهل حمص سِتِّينَ سنة فَمَا سَهَا فِي صَلَاة قطّ
توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ)
كثير بن افلح مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أحد من نسخ الْمَصَاحِف أَيَّام عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ الَّتِي جهزت إِلَى الْأَمْصَار
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ(24/246)
3 - (أَبُو سهل الْكلابِي)
كثير بن هِشَام أَبُو سهل الْكلابِي الرقي نزيل بَغْدَاد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو دَاوُد وَتُوفِّي سنة سبع وَمِائَتَيْنِ
وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (رَأس البترية الرافضة)
كثير الأبتر هُوَ راس الْفرْقَة الْمَعْرُوفَة بالبترية ومذهبه كمذهب السليمانية أَصْحَاب سُلَيْمَان بن جرير وَقد تقدم ذكره فِي حرف السِّين فِي مَكَانَهُ
إِلَّا أَن البترية توقفوا فِي عُثْمَان أهوَ مُؤمن أم كَافِر قَالُوا لأَنا إِذا سمعنَا مَا ورد فِي حَقه من)
الْأَخْبَار وَكَونه من الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ قُلْنَا يجب الحكم بِصِحَّة إيمَانه وإسلامه وَكَونه من أهل الْجنَّة وَإِذا نَظرنَا إِلَى مَا أحدث من الْأَحْدَاث قُلْنَا يجب الحكم بِكُفْرِهِ فتحيرنا فِي أمره وتوقفنا فِي كفره ووكلناه إِلَى أحكم الْحَاكِمين
قَالُوا وَأما عَليّ فَهُوَ أفضل النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأولاهم بِالْإِمَامَةِ لكنه سلم الْأَمر لَهُم رَاضِيا مُطيعًا وَترك حَقه وَنحن راضون بِمَا رَضِي مُسلمُونَ لما سلم لَا يحل لنا غير ذَلِك وَلَو لم يرض بذلك لَكَانَ أَبُو بكر هَالكا
3 - (الشَّاعِر الْمَشْهُور)
كثير بِضَم الْكَاف وَفتح الثَّاء وَالْيَاء مُصَغرًا ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي جُمُعَة الْأسود بن عَامر بن عُوَيْمِر ابو صَخْر الْخُزَاعِيّ الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد عشاق الْعَرَب وَإِنَّمَا صغروه أَنه كَانَ شَدِيد الْقصر وَكَانَ إِذا دخل على عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان يَقُول لَهُ طأطئ رَأسك لَا يُؤْذِيك السّقف يمازحه بذلك
وَكَانَ يلقب زب الذُّبَاب يُقَال إِن طوله كَانَ ثَلَاثَة أشبار لَا يزِيد عَنْهَا
توفّي هُوَ وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس فِي يَوْم وَاحِد وَصلي عَلَيْهِمَا سنة خمس وَمِائَة فَقَالَ النَّاس مَاتَ أفقه النَّاس واشعر النَّاس
وَكَانَ رَافِضِيًّا شَدِيد التعصب لآل أبي طَالب
قَالَ لَهُ يَوْمًا عبد الْملك بن مَرْوَان بِحَق عَليّ بن ابي طَالب هَل رَأَيْت أحدا أعشق مِنْك قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو نشدتني بحقك لأخبرتك
بَينا(24/247)
أَنا أَسِير فِي بعض الفلوات إِذا أَنا بِرَجُل قد نصب حِبَالًا لَهُ فَقلت لَهُ مَا أحتسبك هَا هُنَا قَالَ أهلكني وَأَهلي الْجُوع فَنصبت حبالتي هُنَا لأصيب لَهُم شَيْئا يَكْفِينِي ويعصمنا يَوْمنَا هَذَا
قلت أَرَأَيْت إِن قُمْت مَعَك فَأَصَبْت صيدا تجْعَل لي مِنْهُ جُزْءا قَالَ نعم فَبينا نَحن كَذَلِك وَقعت ظَبْيَة فِي الحبالة فخرجنا نَبْتَدِر فبدرني إِلَيْهَا فَحلهَا وأطلقها فَقلت لَهُ مَا حملك على هَذَا قَالَ دخلتني لَهَا رقة شبهتها بليلى وَأَنْشَأَ يَقُول
(أيا شبه ليلى لَا تراعي فإنني ... لَك الْيَوْم من وحشيةٍ لصديق)
(أَقُول وَقد أطلقتها من وثاقها ... فَأَنت لليلى مَا حييت طليق)
وَكَانَ كثير يهوى عزة وَله فِيهَا الشعار الْمَشْهُورَة وَكَانَ بِمصْر وَهِي بِالْمَدِينَةِ فاشتاق إِلَيْهَا)
فسافر غليها فلقيها فِي الطَّرِيق وَهِي متوجهة إِلَى مصر فَجرى بَينهمَا كَلَام طَوِيل الشَّرْح
ثمَّ إِنَّهَا انفصلت عَنهُ وقدمت مصر وَعَاد كثير إِلَى مصر فوافاها وَالنَّاس منصرفون من جنازتها فَأتى قبرها وأناخ رَاحِلَته وَمكث سَاعَة ثمَّ رَحل وَهُوَ يَقُول أبياتاً مِنْهَا
(أَقُول ونضوي واقفٌ عِنْد قبرها ... عَلَيْك سَلام الله وَالْعين تسفح)
(وَقد كنت ابكي من فراقك حَيَّة ... فَأَنت لعمري الْيَوْم أنأى وأنزح)
وَمن شعره فِيهَا
(وَإِنِّي وتهيامي بعزة بَعْدَمَا ... تسليت من وجدٍ بهَا وتسلت)
(كالمرتجي طل الغمامة كلما ... تبوأ مِنْهَا للمقيل اضمحلت)
وشعره وأخباره كَثِيرَة مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني
كَانَ شِيعِيًّا يَقُول بتناسخ الْأَرْوَاح وَيقْرَأ آيَة فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك
وَكَانَ يُؤمن برجعة عَليّ بن أبي طَالب إِلَى الدُّنْيَا وَكَانَ فِيهِ خطل وَعجب وَكَانَ لَهُ عِنْد قُرَيْش منزلَة وَقدر
وَلما قتل يزِيد بن الْمُهلب بن أبي صفرَة وَجَمَاعَة من أهل بَيته بعقر بابل وَكَانُوا يكثرون الْإِحْسَان إِلَيْهِ قَالَ مَا أجل الْخطب ضحى بَنو حَرْب بِالدّينِ يَوْم الطف وضحى بَنو مَرْوَان بِالْكَرمِ يَوْم القعر
الكثيري العابر أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْحُسَيْن
3 - (المنصوري)
كجكن الْأَمِير سيف الدّين المنصوري عمر دهراً طَويلا وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ينْتَظر مَوته وَيسْأل عَنهُ كل من يصل من دمشق
حَدثنِي الْأَمِير(24/248)
شرف الدّين حُسَيْن بن جندربيك قَالَ لما حضرت قُدَّام السُّلْطَان عِنْد حضوري من دمشق سَأَلَني عَن أَشْيَاء مِنْهَا أيش حس كجكن فَقلت لَهُ طيب
وسمى أَوْلَاده الثَّلَاثَة كلا مِنْهُم مُحَمَّدًا وَأَظنهُ كَانَ قد نزل عَن إقطاعه فِي آخر عمره
وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
3 - (الْأَشْرَف)
)
كجك بن مُحَمَّد بن قلاوون السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف عَلَاء الدّين ابْن الْملك النَّاصِر ابْن الْملك الْمَنْصُور لما خلع الْأَمِير سيف الدّين قوصون أَخَاهُ الْملك الْمَنْصُور أَبَا بكر ولاه الْملك وَأَجْلسهُ على التخت وَحلف وَحلف لَهُ العساكر مصرا وشاماً
وَكَانَ عمره يَوْمئِذٍ خمس سِنِين تَقْرِيبًا فِي أَوَاخِر شهر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
واستقل الْأَمِير سيف الدّين قوصون بكفالة الممالك وَصَارَ نَائِبه وَإِذا حضرت العلائم أعطي قَلما فِي يَده وَجَاء فقيهه المغربي الَّذِي يقرئ أَوْلَاد السُّلْطَان وَيكْتب الْعَلامَة والقلم فِي يَد السُّلْطَان عَلَاء الدّين كجك
ثمَّ إِنَّه الفخري خرج إِلَى الكرك لمحاصرة أَخِيه النَّاصِر أَحْمد فَكَانَ مَا كَانَ وَجرى مَا جرى فِي تَرْجَمَة ألطنبغا الفخري وقوصون
وَلما توجه أَحْمد النَّاصِر من الكرك إِلَى الْقَاهِرَة فِي شهر رَمَضَان جلس على كرْسِي الْملك وخلع الْأَشْرَف وَانْصَرف من الْملك
ثمَّ تولى أَخُوهُ الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بعد خلع أَخِيه النَّاصِر أَحْمد
وَلما توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى تولى السُّلْطَان الْملك الْكَامِل شعْبَان وَجَاء الْخَبَر إِلَى الشَّام بوفاة الْأَشْرَف كجك رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (الألقاب)
ابْن الكجلو أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن كج الشَّافِعِي اسْمه يُوسُف بن أَحْمد
كدامر بن حَيَّان الْعزي أحد من قتل بعذراء مَعَ حجر بن عدي فِي عشر السِّتين من الْهِجْرَة
ابْن أبي كدية الْمُتَكَلّم اسْمه مُحَمَّد بن عَتيق
الْكُدَيْمِي الْحَافِظ مُحَمَّد بن يُوسُف(24/249)
ابْن كرام المجسم صَاحب الْمَذْهَب اسْمه مُحَمَّد بن كرام
الْكَرَابِيسِي الْمُتَكَلّم اسْمه الْوَلِيد بن أبان
ابْن كراز وَاثِلَة بن بَقَاء
كَاتب كَرَامَة القفصي هُوَ إِسْمَاعِيل بن عَليّ)
ابْن كَرَامَة الْعجلِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عُثْمَان
الكراجكي شيخ الشِّيعَة اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
كرَاع النَّمْل عَليّ بن الْحسن
ابْن كرما الصُّوفِي اسْمه مُحَمَّد بن بركَة
3 - (نَائِب الشَّام)
كراي المنصوري الْأَمِير سيف الدّين كَانَ أَولا قبل قازان وحضوره إِلَى الشَّام نَائِبا بصفد حضر إِلَيْهَا بعد الْأَمِير فَارس الدّين البكي
وَلما توجه إِلَى المصاف وَكسر النَّاس حضر إِلَى صفد وَقصد القلعة لإيداع حريمه بهَا
وَقد انجفل النَّاس فَلم يفتح لَهُ الْبَاب وسبه جمَاعَة من مستخدمي القلعة وآلموه بالْكلَام فَقَالَ أَنا مَا أخل وَلَكِن افتحوا للحريم فَلم يسمعوا لَهُ وَبقيت فِي خاطره
فَلَمَّا توجه إِلَى مصر طلب الْعود إِلَى صفد نَائِبا فَعَاد إِلَيْهَا وَقتل أُولَئِكَ الَّذين جاهروه بالأذى وَمنعُوا حريمه بالمقارع ونفاهم مِنْهَا
ثمَّ إِنَّه توجه إِلَى مصر وَحضر إِلَى صفد الْأَمِير سيف الدّين بتخاص
وَأقَام بِمصْر مُدَّة ثمَّ إِنَّه رمى الأقطاع وَأقَام بالقدس مُدَّة بطالاً يَأْكُل من ريع أملاكه
وَلم يزل إِلَى أَن حضر السُّلْطَان من الكرك فَحَضَرَ إِلَى دمشق وَقَالَ لَهُ أَي من ملك غَزَّة ملك مصر فجهزه إِلَى غَزَّة
وَلما دخل السُّلْطَان الْقَاهِرَة دخل مَعَه وَكَانَ الجوكندار الْكَبِير النَّائِب خوشداشه
ثمَّ إِن السُّلْطَان أخرجه فِي عَسْكَر مصري إِلَى حمص وسَاق فِي ليله بالعسكر لَيْلَة الْعِيد من حمص فَمَا اصبح إِلَّا وَهُوَ على بَاب دَار النِّيَابَة بحلب وَأمْسك أسندمر وَحضر إِلَى دمشق نَائِبا وَحلف بِالطَّلَاق وَالْعِتْق لِأَنَّهُ من اطلع عَلَيْهِ أَنه سرق النّصاب الشَّرْعِيّ قطع يَده فَضَاقَ وَبعث إِلَى المباشرين من دمشق إِلَى غَزَّة وَمن دمشق إِلَى حمص وأحضرهم لعمل الْحساب وأظنهم حَضَرُوا فِي الزناجير
وضيق على النَّاس وشدد واتكل على الشَّيْخ نجم الدّين مُحَمَّد بن الْكَمَال الصَّفَدِي وَجعل دَرك الْعَلامَة عَلَيْهِ وَأمْسك الصاحب عز الدّين ابْن القلانسي وَجَرت تِلْكَ الْوَاقِعَة الَّتِي قتل فِيهَا)
الشَّيْخ مجد الدّين التريشي بِالْعِصِيِّ وَسلم قَاضِي الْقُضَاة(24/250)
نجم الدّين ابْن صصري فَلم يمْكث بعد ذَلِك غير ثَمَانِيَة أَيَّام
وَأمْسك يَوْم الموكب بَعْدَمَا حضر لَهُ تشريف عَظِيم من مصر ولبسه ثمَّ قيد وجهز إِلَى مصر
وَبَقِي فِي الْحَبْس مُدَّة وَعِنْده من يَخْدمه وَجَارِيَة يَطَأهَا إِلَى ان مَاتَ
وَكَانَ عفيفاً صيناً لم يعرف غير زَوْجَاته وجواريه
وَكَانَت لَهُ قدرَة على النِّكَاح عَظِيمَة لَا يكَاد يصبر عَنهُ
وَإِذا سَافر كَانَ مَعَه جواريه وَكَانَت لَهُ أَربع زَوْجَات وَثَلَاثِينَ حظية من جواريه
وَكَانَ سَمحا إِلَى الْغَايَة عِنْده قَصْعَة تسع ثَمَانِيَة أرؤس غنما يحملهَا أَربع عتالين يملؤها يَوْمًا حلاوة سكرية وَيَوْما طَعَام أرز مفلفل وَلَا يزَال فِي مشروب وَفَاكِهَة وحلوى وَلَا يقبل لأحد شَيْئا لَا هَدِيَّة وَلَا تقدمة لَا من كَبِير وَلَا من صَغِير
وَكَانَ متين الدّيانَة شَدِيد الْغَضَب لَا يقوم شَيْء لغضبه
وَلما أمسك الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الجوكندار النَّائِب بِمصْر امسك هُوَ بِدِمَشْق لِأَنَّهُ خوشداشه
3 - (الألقاب)
الْكَرَابِيسِي الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن الْحسن
الشَّافِعِي الْحُسَيْن بن عَليّ
الْمُتَكَلّم اسْمه الْوَلِيد بن إبان
الْمُحدث اسْمه وهب بن خَالِد
الكراكجي الشيعي اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن كراز الشَّافِعِي عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ
3 - (كرد)
3 - (كرد المنصوري)
كرد الْأَمِير سيف الدّين المنصوري نَائِب طرابلس كَانَ فَارِسًا بطلاً شجاعاً من الْأَبْطَال الْمَذْكُورين
وَكَانَ فِيهِ دين وَخير ومعروف وَصدقَة واعتناء بِأَهْل الْخَيْر وَأهل الْحَرَمَيْنِ وَله رِبَاط بالقدس)
وَكَانَ مَمْلُوك الْأَمِير ضِيَاء الدّين ابْن الخطير ثمَّ جعله لاجين لما تسلطن حاجباً
وأبلى بلَاء حسنا يَوْم الْوَقْعَة وَقتل جمَاعَة من التتار ثمَّ حمل وخاض فيهم فاستشهد سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة(24/251)
3 - (أَخُو طغاي الْكَبِير)
كرت الْأَمِير سيف الدّين الناصري أَخُو طغاي الْكَبِير كَانَ حضر إِلَى صفد بتبع وَاحِد وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ نقل فِي أَوَاخِر أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى دمشق وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَيَّام الفخري فجهزه إِلَى الرّوم وَرَاء طشتمر وأنعم عَلَيْهِ
ثمَّ إِن النَّاصِر أَحْمد أمره طبلخاناه وَأقَام بِدِمَشْق ثمَّ إِنَّه أعطي نِيَابَة جعبر فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا ثمَّ توفّي فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (الألقاب)
ابْن كردان النَّحْوِيّ اسْمه عبد الْوَهَّاب بن عَليّ
ابْن كردان عَليّ بن طَلْحَة
الْكرْمَانِي النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن حَمْزَة
3 - (كرجى)
3 - (كرجي)
كرجى الْأَمِير سيف الدّين كَانَ شجاعاً جَريا قوي الْبَطْش ظَالِم النَّفس هُوَ الَّذِي قتل السُّلْطَان حسام الدّين لاجين ثمَّ إِنَّه قتل يَوْم قتل طغجي وطيف بِرَأْسِهِ بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة قَتله كردِي من الحسينية برا الْقَاهِرَة بَين الكيمان
3 - (الْأَمِير عز الدّين)
كرجي الْأَمِير عز الدّين أيبك من كبار أُمَرَاء دمشق ومقدميهم وَكَانَ فَارِسًا مُجَاهدًا يحفظ أَحَادِيث الْجِهَاد
توفّي سنة سَبْعمِائة
3 - (الألقاب)
ابْن كرنيب الْحُسَيْن بن إِسْحَاق)
ابْن كروس جمال الدّين مُحَمَّد بن عقيل
ابْن كرّ صَاحب الموسيقى اسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى
كريم الدّين الْكَبِير عبد الْكَرِيم بن هبة الله(24/252)
3 - (كرز)
3 - (أحد الْأَوْلِيَاء)
كرز بن وبرة أحد الْأَوْلِيَاء الْحَارِثِيّ الْكُوفِي كَانَ لَا ينزل منزلا إِلَّا ابتنى فِيهِ مَسْجِدا وَقَامَ يُصَلِّي فِيهِ
توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَة كَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر فَيَضْرِبُونَهُ حَتَّى يغشى عَلَيْهِ
3 - (ابْن جَابر الصَّحَابِيّ)
كرز بن جَابر الْقرشِي الفِهري أسلم بعد الْهِجْرَة كَانَ قد أغار على سرح الْمَدِينَة فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طلبه حَتَّى نزل وَاديا يُقَال لَهُ سفوان نَاحيَة بدر وَفَاته كرز فَلم يُدْرِكهُ وَهِي بدر الأولى
ثمَّ اسْلَمْ وَحسن إِسْلَامه وولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَيْش الَّذين بَعثهمْ فِي أثر العرنيين
وَقتل كرز يَوْم الْفَتْح وَذَلِكَ سنة ثَمَان فِي رَمَضَان وَكَانَ قد أَخطَأ الطَّرِيق وَسَار فِي غير طَرِيق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ الْمُشْركُونَ فَقَتَلُوهُ
3 - (كرز الْخُزَاعِيّ)
كرز بن عَلْقَمَة الْخُزَاعِيّ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت هَل لِلْإِسْلَامِ مُنْتَهى الحَدِيث
واسلم يَوْم فتح مَكَّة وَعمر عمرا طَويلا وَهُوَ الَّذِي نصب أَعْلَام الْحرم فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وإمارة مَرْوَان بن الحكم وروى عَنهُ عُرْوَة بن الزبير
3 - (الْكَعْبِيَّة الصحابية)
أم كرز الْخُزَاعِيَّة الْكَعْبِيَّة مَكِّيَّة رَوَت أَحَادِيث مِنْهَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْعَقِيقَة عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة)
روى عَنْهَا عَطاء وسباع بن ثَابت وَغَيرهمَا وَتوفيت فِي حُدُود التِّين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهَا الْأَرْبَعَة
3 - (كريب)
3 - (الْأَمِير الأصبحي)
كريب بن أَبْرَهَة الأصبحي الْأَمِير أحد الْأَشْرَاف روى عَن أبي(24/253)
الدَّرْدَاء وَحُذَيْفَة وَكَعب الْأَحْبَار
وَولي الْإسْكَنْدَريَّة لعبد الْعَزِيز بن مَرْوَان
وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (مولى ابْن عَبَّاس)
كريب بن أبي مُسلم الْمَكِّيّ مولى ابْن عَبَّاس أدْرك عُثْمَان وروى عَنهُ وَعَن زيد بن ثَابت وَعَائِشَة وَأُسَامَة بن زيد وَأم هَانِئ وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم
وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة
ابْن كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء
3 - (العامري)
كريز بن سامة وَيُقَال ابْن سامة العامري وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النَّابِغَة الْجَعْدِي فَاسْلَمْ وَقَالَ لرَسُول الله صلى اللهُ عليهِ وَسلم الْعَن بني عَامر يَا رَسُول الله قَالَ لم أبْعث لعاناً
حَدِيثه يَدُور على الرّحال بن الْمُنْذر عَن أَبِيه عَن جده
وَيُقَال هُوَ كرز
3 - (كَرِيمَة)
3 - (أم الْكِرَام المروزية)
كَرِيمَة بنت أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَاتِم المرويزة أم الْكِرَام الْمُجَاورَة بِمَكَّة كَانَت كاتبة فاضلة عَالِمَة سَمِعت من مُحَمَّد بن مكي الْكشميهني وَكَانَت تضبط كتابها
وَحدثت بِالصَّحِيحِ مَرَّات وَكَانَت بكرا لم تتَزَوَّج وَطَالَ عمرها وَعلا إسنادها)
توفيت سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (بنت الحبقبق)
كَرِيمَة بنت الْمُحدث الْعَلامَة الْأمين أبي مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ ابْن الْخضر بن عبد الله بن عَليّ الشيخة المعمرة مُسندَة الشَّام وَأم الْفضل القرشية الزبيرية الدمشقية بنت الحبقبق بحاء مُهْملَة وباءين وقافين ولدت سنة خمس أَو سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتوفيت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
سَمِعت وروى عَنْهَا جمَاعَة(24/254)
3 - (كَرِيمَة الحميرية)
كَرِيمَة بنت كُلْثُوم الْحِمْيَرِي خطبهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَكَّافِ الْهِلَالِي من حَدِيث مَكْحُول عَن غُضَيْف بن الْحَارِث عَن أبي ذَر
3 - (بنت ابْن الخاضبة)
كَرِيمَة بنت مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي الْمَعْرُوف بِابْن الخاضبة اسمعها والدها من الشريف عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَعبد الله بن الصريفيني وَأحمد بن مُحَمَّد بن النقور وَغَيرهم
وَحدثت باليسير وَكَانَت فاضلة صَادِقَة وتكتب خطا حسنا على طَريقَة والدها
كتبت تَارِيخ الْخَطِيب وَغَيره وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (الألقاب)
الكزبراني اسْمه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن
كزبران عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
الْكسَائي اسْمه عَليّ بن حَمْزَة
الْكسَائي الصَّغِير اسْمه مُحَمَّد بن يحيى
ابْن الكساء اسْمه مُحَمَّد بن بركَة
ابْن كسَاء الْمصْرِيّ أَحْمد بن سُلَيْمَان
ابْن كسيرات مجد الدّين إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَلَده تَاج لدين عَليّ بن إِسْمَاعِيل)
3 - (نَائِب طرابلس)
كستاي بِالْكَاف وَالسِّين الْمُهْملَة وتاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف الْأَمِير سيف الدّين الناصري كَانَ من رفْعَة طغاي الْكَبِير ثمَّ إِن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أخرجه لنيابة طرابلس فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توفّي سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة
وَكَانَ حسن الشكل لَهُ ميل إِلَى الْفُضَلَاء
وَكتب خطا مليحاً
الكسروي أَبُو سهل اسْمه يزدجرد
كشاجم الشَّاعِر الْمَشْهُور اسْمه مَحْمُود ابْن الْحُسَيْن(24/255)
3 - (كشتغدي)
3 - (عَلَاء الدّين الشمسي)
كشتغدي الشمسي الْأَمِير عَلَاء الدّين كَانَ فِيهِ تشيع وَحبس هُوَ والبيسري وَله آثَار فِي إصْلَاح السجْن الَّذِي بداخل مشْهد عَليّ من جَامع دمشق
جَاءَهُ سهم على حِصَار عكا فَقتله فِي سنة تسعين وسِتمِائَة
3 - (جمال الدّين الْعزي)
كشتغدي الْأَمِير جمال الدّين الْعزي مصري حدث عَن سبط السلَفِي وَتُوفِّي سنة تسعين وسِتمِائَة
3 - (عَتيق الْمَنْصُور قلاوون)
كشتغدي الْأَمِير عَلَاء الدّين الظَّاهِرِيّ أَمِير مجْلِس كَانَ من كبار الْأُمَرَاء المصريين
ظهر قبل وَفَاته أَنه بَاقٍ على الرّقّ فَاشْتَرَاهُ الْمَنْصُور قلاوون وَأعْتقهُ
وَكَانَ أحد الْأَبْطَال لَهُ مَوَاقِف مَشْهُورَة توفّي بقلعة الْجَبَل كهلاً وَحضر السُّلْطَان جنَازَته سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الألقاب)
)
الكسروي عَليّ بن مهْدي
الْكشِّي أَبُو زيد اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
الْكشِّي صَاحب الْمسند عبد الحميد بن حميد
3 - (كَعْب)
3 - (شَاعِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
كَعْب بن مَالك بن عَمْرو بن الْقَيْن بن كَعْب بن سَواد بن غنم(24/256)
يَنْتَهِي إِلَى الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو عبد الرَّحْمَن أمه ليلى بنت زيد بن ثَعْلَبَة من بني سَلمَة شهد الْعقبَة وَاخْتلف فِي شُهُوده بَدْرًا
آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين طَلْحَة بن عبيد الله حِين آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَكَانَ أحد شعراء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الَّذين كَانُوا يردون الْأَذَى عَنهُ وَكَانَ مجوداً مطبوعاً قد غلب عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة أَمر الشّعْر وَعرف بِهِ واسلم وَشهد أحدا والمشاهد كلهَا حاشا تَبُوك فَإِنَّهُ نخلف عَنْهَا وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا وَالثَّانِي هِلَال بن أُميَّة ومرارة بن ربيعَة تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك وَتَابَ الله عَلَيْهِم وَعذرهمْ وَغفر لَهُم
وَلبس يَوْم أحد لأمة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت صفراء وَلبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمته فجرح كَعْب أحد عشر جرحا وَتُوفِّي سنة خمسين وَقيل سنة ثَلَاث وَخمسين وَهُوَ ابْن سبع وَسبعين سنة وَكَانَ عمي آخر عمره
يعد فِي الْمَدَنِيين وروى عَنهُ جمَاعَة من التَّابِعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
قَالَ وَكَانَ شعراء الْمُسلمين حسان بن ثَابت وَعبد الله بن رَوَاحَة وَكَعب بن مَالك
وَكَانَ كَعْب يخوفهم الرحب وَعبد الله يعيرهم بالْكفْر وَحسان يقبل على الْأَنْسَاب وَبَلغنِي أَن دوساً إِنَّمَا أسلمت فرقا من قَول كَعْب
(قضينا من تهَامَة كل وترٍ ... وخيبر ثمَّ أغمدنا السيوفا)
(نخبرها وَلَو نطقت لقالت ... قواطعهن دوساً أَو ثقيفا)
فَقَالَت دوس انْطَلقُوا فَخُذُوا لأنفسكم لَا ينزل بكم مَا نزل بثقيف
وشعراء الْمُشْركين عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله بن الزِّبَعْرَى وَأَبُو سُفْيَان ابْن الْحَارِث)
وَضِرَار بن الْخطاب
وَقَالَ كَعْب بن مَالك يَا رَسُول الله مَاذَا ترى فِي الشّعْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن يُجَاهد بِسَيْفِهِ وَلسَانه وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَرَى الله عز وَجل أنسى لَك قَوْلك
(زعمت سخينة أَن ستغلب رَبهَا ... فليغلبن مغالب الغلاب)
3 - (صَاحب الْبردَة)
كَعْب بن زُهَيْر بن أبي سلمى ربيعَة بن رَبَاح الْمُزنِيّ من مزينة بن أد بن طابخة وَكَانَت محلتهم فِي بِلَاد غطفان فيظن النَّاس أَنهم من غطفان
حَدثنَا الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس الْيَعْمرِي بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة(24/257)
قَالَ قَرَأت على أبي الْمَعَالِي أَحْمد بن إِسْحَاق الهمذاني أخْبركُم عبد الْقوي بن عبد الله السَّعْدِيّ سَمَاعا أَنا أَبُو مُحَمَّد ابْن رِفَاعَة أَنا أَبُو الْحسن الخلعي أَنا عبد الرَّحْمَن بن عمر النّحاس أَنا أَبُو مُحَمَّد ابْن الْورْد أَنا عبد الرَّحِيم البرقي ثَنَا عبد الْملك بن هِشَام عَن زِيَاد البكائي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مُنْصَرفه عَن الطَّائِف كتب بجير بن زُهَيْر إِلَى أَخِيه كَعْب يُخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل رجَالًا بِمَكَّة مِمَّن كَانَ يهجوه ويؤذيه وَأَن من بَقِي من شعراء قُرَيْش ابْن الزِّبَعْرَى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا فِي كل وَجه فَإِن كنت لَك فِي نَفسك حَاجَة فطر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ لَا يقتل أحدا جَاءَهُ تَائِبًا وَإِن أَنْت لم تفعل فَانْجُ إِلَى نجائك
وَكَانَ كَعْب قد قَالَ
(أَلا ابلغا عني بجيراً رِسَالَة ... فَهَل لَك فِيمَا قلت وَيحك هَل لكا)
(فَبين لنا إِن كنت لست بفاعلٍ ... على أَي شَيْء غير ذَلِك دلكا)
(على خلقٍ لم ألف يَوْمًا أَبَا لَهُ ... عَلَيْهِ وَمَا تلفي هليه أَبَا لكا)
(فَإِن أَنْت لم تفعل فلست بآسفٍ ... وَلَا قَائِل إِمَّا عثرت لعاً لكا)
(سقاك بهَا الْمَأْمُون كأساً رويةً ... فأنهلك الْمَأْمُون مِنْهَا وعلكا)
قَالَ وَبعث بهَا إِلَى بجير فَلَمَّا أَتَت بجيراً كره أَن يكتمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنشده إِيَّاهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سقاك بهَا الْمَأْمُون صدق وَإنَّهُ لَكَاذِب وَأَنا)
الْمَأْمُون وَلما سمع على خلق لم تلف أما وَلَا أَبَا عَلَيْهِ قَالَ أجل لم يلف أَبَاهُ وَلَا أمه عَلَيْهِ
ثمَّ قَالَ بجير لكعب
(من مبلغٍ كَعْبًا فَهَل لَك فِي الَّتِي ... تلوم عَلَيْهَا بَاطِلا وَهِي أحزم)
(إِلَى الله لَا الْعُزَّى وَلَا اللات وَحده ... فتنجو إِذا كَانَ النَّجَاء وتسلم)
(لَدَى يَوْم لَا ينجو وَلَيْسَ بمفلتٍ ... من النَّاس إِلَّا طَاهِر الْقلب مُسلم)
(فدين زُهَيْر وَهُوَ لَا شَيْء دينه ... وَدين أبي سلمى عَليّ محرم)
فَلَمَّا بلغ كَعْبًا الْكتاب ضَاقَتْ بِهِ الأَرْض وأشفق على نَفسه وأرجف بِهِ من كَانَ حاضره من عدوه فَقَالُوا هُوَ مقتول
فَلَمَّا لم يجد من شَيْء بدا قَالَ قصيدته الَّتِي يمدح فِيهَا رَسُول الله صلى اللهُ عليهِ وَسلم وَيذكر خَوفه وإرجاف الوشاة بِهِ من عدوه
ثمَّ خرج حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَنزل على رجل كَانَت بَينه وَبَينه معرفَة من جُهَيْنَة كَمَا ذكر لي فغدا بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ(24/258)
هَذَا رَسُول الله فَقُمْ إِلَيْهِ واستأمنه فَذكر لي قَامَ إِلَى سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى جلس إِلَيْهِ فَوضع يَده فِي يَده وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يعرفهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن كَعْب بن زُهَيْر قد جَاءَ ليستأمن مِنْك تَائِبًا مُسلما فَهَل أَنْت قَابل مِنْهُ إِن أَنا جئْتُك بِهِ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم قَالَ يَا رَسُول الله أَنا كَعْب بن زُهَيْر
قَالَ ابْن إِسْحَاق فَحَدثني عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة أَنه وثب عَلَيْهِ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ يَا رَسُول الله دَعْنِي وعدو الله اضْرِب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه عَنْك فَإِنَّهُ قد جَاءَ تَائِبًا مُسلما نازعاً قَالَ فَغَضب كَعْب على هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار لما صنع بِعْ صَاحبهمْ وَذَلِكَ أَنه لم يتَكَلَّم فِيهِ رجل من الْمُهَاجِرين إِلَّا بِخَير فَقَالَ قصيدته الَّتِي قَالَ حِين قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَانَتْ سعاد فقلبي الْيَوْم متبولالقصيدة انْتهى كَلَام ابْن إِسْحَاق
وَكَعب وَأَخُوهُ بجير وأبوهما زُهَيْر من فحول الشُّعَرَاء
ولكعب ابْن شَاعِر أَيْضا اسْمه عقبَة ولقبه المضرب لِأَنَّهُ شَبَّبَ بِامْرَأَة فَضَربهُ أَخُوهَا بِالسَّيْفِ ضربات كَثِيرَة فَلم يمت)
وَله أَيْضا ابْن يُقَال لَهُ الْعَوام شَاعِر وَمِمَّا يستجاد من شعر كَعْب قَوْله
(لَو كنت أعجب من شيءٍ لأعجبني ... سعي الْفَتى وَهُوَ مخبوء لَهُ الْقدر)
(يسْعَى الْفَتى لأمورٍ لَيْسَ يُدْرِكهَا ... وَالنَّفس وَاحِدَة والهم منتشر)
(والمرء مَا عَاشَ ممدودٌ لَهُ أملٌ ... لَا تَنْتَهِي الْعين حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثر)
3 - (أَبُو الْيُسْر)
كَعْب بن عَمْرو السّلمِيّ أَبُو الْيُسْر من أَعْيَان الْأَنْصَار شهد الْعقبَة وَهُوَ الَّذِي اسر الْعَبَّاس يَوْم بدر وَكَانَ دحداحاً قَصِيرا ذَا بطن وَهُوَ الَّذِي انتزع راية الْمُشْركين يَوْم بدر
وَشهد صفّين مَعَ عَليّ توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة خمس وَخمسين قَالَ بَعضهم هُوَ آخر من مَاتَ من الْبَدْرِيِّينَ وَأمه نسيبة بنت الْأَزْهَر
وَلما أسر الْعَبَّاس وَهُوَ طَوِيل ضخم قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد أعانك عَلَيْهِ ملك كريم وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة(24/259)
3 - (الْبَهْزِي السّلمِيّ)
كَعْب بن مرّة الْبَهْزِي السّلمِيّ وَقد قيل مرّة بن كَعْب وَلَكِن الْأَكْثَرُونَ على الأول نزل الْبَصْرَة ثمَّ سكن الْأُرْدُن لَهُ صُحْبَة وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين
وروى عَنهُ شرحبييل بن السمط وَأَبُو الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ وَأَبُو صَالح الْخَولَانِيّ
وَله أَحَادِيث مخرجها عَن أهل الْكُوفَة يروونها عَن شُرَحْبِيل بن السمط عَن كَعْب بن مرّة السّلمِيّ الْبَهْزِي
وَأهل الشَّام يروونها بِأَعْيَانِهَا عَن شُرَحْبِيل بن السمط عَن عَمْرو بن عبسة
وَقد روى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الْحِمْيَرِي الْكِتَابِيّ)
كَعْب الْأَحْبَار أَبُو إِسْحَاق ابْن ماتع الْحِمْيَرِي الْيَمَانِيّ الْكِتَابِيّ اسْلَمْ فِي خلَافَة أبي بكر وَأول خلَافَة عمر
قَالَ لِأَن أبْكِي خشيَة الله أحب إِلَيّ من أَن أَتصدق بوزني ذَهَبا
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ)
3 - (الأشقري)
كَعْب بن معدان الأشقري من الأشاقر من الأزد شَاعِر خطيب فَارس شُجَاع من أَصْحَاب الْمُهلب الْمَعْدُودين
قَالَ الفرزدق شعراء الْإِسْلَام أَرْبَعَة أَن وَجَرِير والأخطل وَكَعب الأشقري
أوفده الْمُهلب إِلَى الْحجَّاج ليخبره بالوقعة الَّتِي كَانَت لَهُ مَعَ الْأزَارِقَة فَلَمَّا دخل على الْحجَّاج أنْشدهُ قَوْله
(يَا حَفْص إِنِّي عداني عَنْكُم السّفر ... وَقد سهرت وآذى عَيْني السهر)
(علقت يَا كَعْب بعد الشيب غانيةً ... والشيب فِيهِ عَن الْأَهْوَاء مزدجر)
(أممسكٌ أَنْت فِيهَا بِالَّذِي عهِدت ... أم حبلها إِذْ نأتك الْيَوْم منتشر)
(ذكرت خوداً بِأَعْلَى الطف منزلهَا ... فِي غرفةٍ دونهَا الْأَبْوَاب وَالْحجر)
(وَقد تركت بشط الزابيين لَهَا ... دَارا بهَا سعد البادون والحضر)(24/260)
مِنْهَا
(ابا سعيدٍ وَإِنِّي سرت منتجعاً ... أَرْجُو نوالك لما مسني الضَّرَر)
(لما نبت بِي بلادي سرت منتجعاً ... وطالب الْخَيْر مرتاد ومنتظر)
(لَوْلَا الْمُهلب مَا زرنا بِلَادهمْ ... مَا زَالَت الأَرْض فِيهَا المَاء وَالشَّجر)
(إِنِّي لأرجو إِذا مَا فاقة نزلت ... فضلا من الله من كفيك يبتدر)
مِنْهَا
(فَمَا تجاوزت بَاب الجسر من أحدٍ ... قد عضت الْحَرْب أهل الْمصر فانجحروا)
(كُنَّا نهون قبل الْيَوْم شَأْنهمْ ... حَتَّى تفاقم أَمر كَانَ يحتقر)
(لما وَهنا وَقد حلوا بساحتنا ... واستنفروا النَّاس تاراتٍ فَمَا نفورا)
(نَادَى المرؤ لَا خلاف فِي عشريته ... عَنهُ وَلَيْسَ بِهِ عَن مثلهَا قصر)
حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله ببعد وَصفه وقائعهم مَعَ الْمُهلب فِي بلد بلد وَأمرهمْ فِيهَا
(خبوا كمينهم بالسفح إِذْ نزلُوا ... بكازرون فَمَا عزوا وَلَا نصروا)
(باتت كتائبنا تردي مسومةً ... حول الْمُهلب حَتَّى نور الْقَمَر)
(هُنَاكَ ولوا خزايا بَعْدَمَا هزموا ... وَحَال دونهم الْأَنْهَار والجدر)
)
(تأبى علينا حزازات النُّفُوس فَمَا ... نبقي عَلَيْهِم وَلَا يبقون إِن قدرُوا)
فَضَحِك الْحجَّاج وَقَالَ إِنَّك لمنصف يَا كَعْب ثمَّ قَالَ لَهُ أخطيب أَنْت أم شَاعِر فَقَالَ شَاعِر فَقَالَ كَيفَ كَانَت بَنو المهلبصفهم لي رجلا رجلا فوصفهم بأوصاف بليغة قَالَ فَأَيهمْ أفضل قَالَ هم كالحلقة المفرغة قد التقى طرفاها لَا يعرف طرفها فَقَالَ كَانَ الْمُهلب أعلم حَيْثُ بَعثك وَأمر لَهُ بِعشْرين ألف دِرْهَم وَحمله على فرس وأوفده على عبد الْملك فأكمر لَهُ بِعشْرين ألف دِرْهَم
وَقَالَ عبد الْملك الشُّعَرَاء يشبهونني مرّة بالسد وَمرَّة بالبازي وَمرَّة بالصقر أَلا قَالُوا كَمَا قَالَ كَعْب الأشقري فِي الْمُهلب وَولده
(براك الله حِين براك بحراً ... وفجر مِنْك أَنهَارًا غزارا)
(بنوك السَّابِقُونَ إِلَى الْمَعَالِي ... إِذا مَا أعظم النَّاس الفخارا)(24/261)
(كَأَنَّهُمْ نجومٌ حول بدرٍ ... دراري تكمل فاستدارا)
(ملوكٌ ينزلون بِكُل ثغرٍ ... إِذا مَا الْهَام يَوْم الروع طارا)
(رزان فِي الْأُمُور ترى عَلَيْهِم ... من الشَّيْخ الشَّمَائِل والبخارا)
(نجومٌ يهتدى بهم إِذا مَا ... أَخُو الغمرات فِي الظلماء حارا)
وَوَقع شَرّ بَين عبد الْقَيْس وَبَين الأزد فسكن ذَلِك الْمُهلب واصلح بَينهم وَتحمل مَا أحدثه كل فريق على الآخر وَأدّى دياته فَقَالَ كَعْب
(إِنِّي وَإِن كنت فرع الأزد قد علمُوا ... حزني إِذا قيل عبد الْقَيْس أخوالي)
(فيهم أَبُو مالكٍ بالمجد شرفني ... ودنس العَبْد عبد الْقَيْس سربالي)
فَبلغ لَك زياداً الْأَعْجَم فَغَضب وَقَالَ يَقُول هَذَا فِي عبد الْقَيْس وَقد علم موضعي فيهم وَالله لأدعنه وَقَومه غَرضا لكل لِسَان ثمَّ قَالَ يهجوه
(نبيت أشقر يهجونا فَقلت لَهُم ... مَا كنت أحسبهم كَانُوا وَلَا خلقُوا)
(لَا يكثرون وَإِن طَالَتْ حياتهم ... وَلَو يَبُول عَلَيْهِم ثَعْلَب غرقوا)
(قومٌ من الْحسب الْأَدْنَى بمنزلةٍ ... لَو يرهنون بنعلي عِنْدهَا غلقوا)
فَقَالَ كَعْب يهجوه
(لَعَلَّ عبيد الْقَيْس تحسب أَنَّهَا ... كتغلب فِي يَوْم الحفيظة أَو بكر)
)
(يضعضع عبد الْقَيْس فِي النَّاس منصبٌ ... دنيء وأحساب جبرن على كسر)
(إِذا شاع أَمر النَّاس وانشقت الْعَصَا ... فَإِن لكيزاً لَا تريش وَلَا تبري)
ولكعب ابْن أَخ شَاعِر أَيْضا
3 - (أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ)
كَعْب بن عَاصِم أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ توفّي سنة ثَمَان عشرَة لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ الْأَرْبَعَة مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (فاضي الْبَصْرَة)
كَعْب بن سور الْأَزْدِيّ كَانَ مُسلما على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم(24/262)
يره فَهُوَ مَعْدُود فِي كَابر التَّابِعين ولي لعمر قَضَاء الْبَصْرَة لِأَن امْرَأَة شكت زَوجهَا لعمر فَقَالَت إِن زَوجي يقوم اللَّيْل ويصوم النَّهَار وَأَنا أكره أَن أشكوه إِلَيْك وَهُوَ يعْمل بِطَاعَة الله
وَكَأن عمر لم يفهم عَنْهَا وَكَعب هَذَا مَعَه فَأخْبرهُ أَنَّهَا تَشْكُو أَنا لَيْسَ لَهَا مِنْهُ نصيب فَأمره عمر أَن يقْضِي بَينهمَا فَقضى للْمَرْأَة بِيَوْم من أَرْبَعَة أَيَّام أَو لَيْلَة من أَربع لَيَال فَسَأَلَهُ عمر عَن لَك فَنزع بِأَن الله تَعَالَى جعل لَهُ أَن يتَزَوَّج بِأَرْبَع نسْوَة وَلَا زِيَادَة فلهَا لَيْلَة من أَربع فَقَالَ لَهُ عمر وَالله مَا رَأْيك الأول بِأَعْجَب من الآخر اذْهَبْ فَأَنت قَاض على الْبَصْرَة
وَكَانَ يَوْم الْجمل فَخرج وَبِيَدِهِ الْمُصحف فنشره وشهره وجال بَين الصفين ينشد النَّاس الله فِي دِمَائِهِمْ فَأَصَابَهُ سهم غرب فَقتله وَتُوفِّي يَوْم الْجمل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ
وَيُقَال أَنَّهَا أنشدت أَي الْمَرْأَة تَقول
(يَا أَيهَا القَاضِي الْفَقِيه أرشده ... ألهى حليلي عَن فِرَاشِي مَسْجده)
(زهده فِي مضجعي تعبده ... نَهَاره وليله مَا يرقده)
(وَلست فِي أَمر النِّسَاء أَحْمَده ... فَاقْض القضايا كَعْب لَا تردده)
فَقَالَ الزَّوْج
(إِي امْرُؤ قد شفني مَا قد نزل ... فِي سُورَة النُّور وَفِي السَّبع الطول)
(وَفِي الحواميم الشفا وَفِي النَّحْل ... وَفِي كتاب الله تَحْويل جلل)
فَقَالَ كَعْب)
(إِن السعيد بِالْقضَاءِ قد فصل ... وَمن قضى بِالْحَقِّ حَقًا وَعدل)
(إِن لَهَا حَقًا عَلَيْك يَا بعل ... من أربعٍ وَاحِدَة لمن عقل)
امْضِ لَهَا ذَاك ودع عَنْك الْعِلَل
3 - (ابْن عجْرَة)
كَعْب بن عجْرَة بن أُميَّة بن عدي البلوي الْأنْصَارِيّ أَبُو مُحَمَّد وَفِيه نزلت ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك روى عَنهُ أهل الْمَدِينَة وَأهل الْكُوفَة
توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين لهجرة وَشهد بيعَة الرضْوَان
قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتحبني(24/263)
فَقَالَ بِأبي أَنْت نعم فَقَالَ إِن الْفقر أسْرع إِلَى من يحبني من السَّيْل إِلَى معادنه وَإنَّهُ سيصيبك بلَاء فأعد لَهُ تجفافاً
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (كَعْب الْأنْصَارِيّ)
كَعْب بن زيد بن قيس الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم الخَنْدَق قَتله ضرار بن الْخطاب فِي قَول الْوَاقِدِيّ
وَكَانَ قد نجا يَوْم بِئْر مَعُونَة وَحده وَقتل سَائِر أَصْحَابه ذكره ابْن عقبَة وَابْن إِسْحَاق فِي الْبَدْرِيِّينَ
3 - (الْغِفَارِيّ)
كَعْب بن عُمَيْر الْغِفَارِيّ من كبار الصَّحَابَة بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة بعد مرّة على عدَّة سَرَايَا وَهُوَ الَّذِي بَعثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَات أطلاع وَأُصِيب أَصْحَابه جَمِيعًا وَسلم هُوَ جريحاً وَذَلِكَ فِي السّنة الثَّامِنَة من الْهِجْرَة
3 - (ابْن جماز الْأنْصَارِيّ)
كَعْب بن جماز بن مَالك الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَأَخُوهُ سعد وَشهد سعد أحدا
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَعْب بن حمان بِالْحَاء وَالنُّون وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر هُوَ جهني حَلِيف لبني سَاعِدَة وَهُوَ عِنْدِي ابْن جماز كَمَا قَالَ أهل الْمَغَازِي)
3 - (اليامي الْهَمدَانِي)
كَعْب بن عَمْرو اليامي الْهَمدَانِي جد طَلْحَة بن مصرف سكن الْكُوفَة وَله صحب قَالَ ابْن عبد الْبر وَمِنْهُم من ينكرها وَلَا وَجه لمن أنكر ذَلِك
وَمن حَدِيثه قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ فَأمر يَده على سالفتيه
3 - (التنوخي الْمصْرِيّ)
كَعْب بن عَلْقَمَة بن كَعْب بن عدي التنوخي الْمصْرِيّ قيل لجده كَعْب صُحْبَة وَرَأى هُوَ عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ وروى عَن ابْن تَمِيم الخيشاني وَسَعِيد بن الْمسيب وَعبد الرَّحْمَن بن شماسَة ومرثد بن عبد الله الْيَزنِي
كَانَ أحد الثِّقَات الْعلمَاء توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو بدرة الْأنْصَارِيّ)
كَعْب بن مَالك بن الْأَوْس الظفري أَبُو بدرة رَضِي الله عَنهُ(24/264)
حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَمعه يَقُول يخرج فِي الكاهنين رجل يدرس الْقُرْآن درساً لَا يدرسه أحد بعده الكاهنان قُرَيْظَة وَالنضير
3 - (الألقاب)
الكعبي رَأس الْمُعْتَزلَة اسْمه عبد الله بن أَحْمد
والكعبي أَبُو الْخطاب الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
الكفرطابي مُحَمَّد بن الْحسن
الكفرطابي مُحَمَّد بن يُوسُف
الكفري شهَاب الدّين الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان
الكفيري يُوسُف بن مُحَمَّد
ابْن الكماد الْحَافِظ الْوَاعِظ اسْمه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
ابْن الْكَلْبِيّ الْمُفَسّر اسْمه مُحَمَّد بن السايب تقدم فِي المحمدين
الْكَلْبِيّ النسابة اسْمه هِشَام بن مُحَمَّد بن السايب
ابْن كلبون النسابة الْخَطِيب اسْمه مُحَمَّد بن هبة الله)
الْكَلْبِيّ الْكُوفِي يحيى بن أبي حَيَّة
ابْن كلاب الْمُتَكَلّم الْبَصْرِيّ اسْمه عبد الله بن سعيد
الكليني الشيعي اسْمه مُحَمَّد بن يَعْقُوب
3 - (كلاب)
3 - (أَبُو الهيذام اللّغَوِيّ)
كلاب بن حَمْزَة أَبُو الهيذام الْعقيلِيّ اللّغَوِيّ من أهل حران أَقَامَ بالبادية وَقيل إِنَّه كَانَ معلما وَدخل الحضرة أَيَّام الْقَاسِم بن عبيد الله بن سُلَيْمَان ومدحه
وَكَانَ عَالما بالشعر وخطه مَعْرُوف وخلط المذهبين
وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن(24/265)
الْبَصْرِيّ مُولَعا بهجوه لما ورد الْبَصْرَة فَمن قَول ابْن لنكك فِيهِ
(نَفسِي تقيك أَبَا الهيذام كل أَذَى ... إِنِّي بِكُل الَّذِي ترضاه لي راضي)
(مَا بَال جسمك مركوماً على ذكري ... يَا أكره النَّاس من باقٍ وَمن مَاض)
(مَا كَانَ أيري فَقِيها إِذْ ظَفرت بِهِ ... فَكيف ألبسته دنية القَاضِي)
وَمن شعر أبي الهيذام مَا جمع فِيهِ حُرُوف المعجم فَجعل مَا لَا ينقط فِي الصَّدْر وَمَا ينقط فِي الْعَجز وَهُوَ بَيت وَاحِد
(مسطح اصدر عكلاً وَله ... ضغثٌ تشجذ قيظ بن فَخر)
وَله من الْكتب جَامع النَّحْو كتاب الأراكة كتاب مَا يلحن فِيهِ الْعَامَّة
وَله قصيدة كتبهَا إِلَى مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الزَّيْنَبِي الْهَاشِمِي بِالْبَصْرَةِ مِمَّا يتَوَهَّم أَنه مديح أَولهَا
(اسْلَمْ على الدَّهْر يَا أَبَا حسنٍ ... وعش على مَا تود ألف سنه)
(فَأَنت عِنْدِي حَلِيف ضد سوى ... غير حَلِيف الشَّمَائِل الحسنه)
(وَأَنت سلمٌ لِحَرْب سلم عدى ... حَرْب عداة اللئام والخونه)
(يعجب مِنْك الْكِرَام أعجب مَا ... يَدْعُو بِهِ الله عَاقل فتنه)
(فَهُوَ يرى فرقة الْفِرَاق لما ... يخْشَى من الْخَيْر غَايَة الأمنه)
إِذا بِنور الْهدى توسم أَعْرَاض معاريض دهره الدرنه)
(ألقيت فِي روعه جَوَاب فَتى ... لَو غبن الدَّهْر عَاقِلا غبنه)
(إِن قلت شروى أبي حسنٍ ... للعرض بِالْمَالِ أصون الصونه)
سنته غرَّة وناصية للزينبيين فاجتنب سنَنه
(لَا سِيمَا وَهُوَ قلقل ذهن ... تهرب من رجم ذهنه الشطنه)
(قد كَانَ بالْأَمْس قَالَ لي وَجرى ... ذكر شقي حرمته وسنه)
بعدا وَسُحْقًا لمن يشرف بِالسِّلَاحِ وَلم يُعْط شَاعِرًا ثمنه وَكَيف يحتال فِيهِ إِن خزن النذل وأعطاك خَازِنًا رسنه
(فَقلت أبدي بِكُل سيئةٍ ... من مدحه فِي هجائه حسنه)
لَعَلَّ رب الْعباد يغْفر بِالْعَفو أباطيل مدحه اللحنه(24/266)
كقاتل الصَّيْد وَهُوَ فِي حرم الله يجازي الْحمار بالبدنه
(والثور بالثور والغزالة بِالشَّاة ... وجفراً بالأرنب الأرنه)
(أَلَيْسَ هَذَا الْجَزَاء أثقل إِذْ ... أحضر للوزن والحساب زنه)
(وَلَا تُطِع فِي السماح مُتَّهمًا ... أخلاقه بالسفال ممتحنه)
(فَأَنت من أسرة مفضلةٍ ... على كرام الْأَخْلَاق مؤتمنه)
3 - (اللَّيْثِيّ الجندعي)
كلاب بن أُميَّة بن حرثان اللَّيْثِيّ الجندعي قَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ أدْرك كلاب بن أُميَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَه أَبِيه أُميَّة
وَكَانَ مر بن الْخطاب اسْتعْمل كلاباً على الأبلة هَذَا قَول ابي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَهُوَ وهم
قَالَ أَبُو الْفرج عَاشَ كلاب حَتَّى ولي لزياد الأبلة ثمَّ استعفاه فأعفاه
3 - (الألقاب)
ابْن كلاب الحشوي عبد الله بن مُحَمَّد
الكلابزي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
ابْن الكلاس عَليّ بن مُحَمَّد
3 - (كُلْثُوم)
3 - (العتابي الشَّاعِر)
)
كُلْثُوم بن عَمْرو العتابي الشَّاعِر أَبُو عَمْرو الْمَذْكُور فِي أجداده هُوَ شَاعِر السَّبع اصله من الشَّام من أَرض قنسرين صحب البرامكة ثمَّ صحب طَاهِر بن الْحُسَيْن وَعلي بن هِشَام القائدين
وَكَانَ حسن الِاعْتِذَار فِي رسائله وشعره
وَهُوَ أديب مُصَنف لَهُ من الْكتب كتاب الْمنطق كتاب الْآدَاب كتاب فنون الحكم كتاب الْحِيَل لطيف كتاب الْأَلْفَاظ رَوَاهُ أَبُو عمر الزَّاهِد عَن الْمبرد عَنهُ
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين والمائتين وَكَانَ يتزهد ويتصرف ويقل الْقرب من السُّلْطَان ومدح الرشيد والمأمون(24/267)
كَانَ قد بلغ الرشيد عَنهُ مَا أهْدر بِهِ دَمه فخلصه جَعْفَر فَقَالَ فِيهِ
(مَا زلت فِي غَمَرَات الْمَوْت مطرحاً ... يضيق عني فسيح الرَّأْي من حيلي)
(فَلم تزل دائباً تسْعَى بلطفك لي ... حَتَّى اختلست حَياتِي من يَدي أَجلي)
وكلم يحيى بن خَالِد فِي حَاجَة لَهُ كَلِمَات قَليلَة فَقَالَ لَهُ يحيى لقد نزر كلامك الْيَوْم وَقل فَقَالَ وَكَيف لَا يقل وَقد تكنفني ذل المسالة وحيرة الطّلب وَخَوف الرَّد فَقَالَ لَهُ يحيى لَئِن قل كلامك لقد كثرت فَوَائده
وَمن شعره
(وَلَو كَانَ يَسْتَغْنِي عَن الشُّكْر ماجدٌ ... لعزة ملكٍ أَو علو مَكَان)
(لما أَمر الله الْعباد بشطره ... وَقَالَ اشكروا لي أَيهَا الثَّقَلَان)
وَمِنْه
(لوم يعيذك من سوءٍ تُفَارِقهُ ... أبقى لعرضك من قَول يداجيكا)
(وَقد رمى بك فِي تيهاء مهلكةٍ ... من بَات يكتمك الْعَيْب الَّذِي فيكا)
وَلما دخل على الْمَأْمُون كَانَ عِنْده إِسْحَاق الْموصِلِي فَسلم عَلَيْهِ فَرد عَلَيْهِ وَأَدْنَاهُ ناه وقربه حَتَّى قرب مِنْهُ وَقبل يَده وَاقْبَلْ عَلَيْهِ يسائله عَن حَاله وَهُوَ يُجيب بِلِسَان طلق فاستظرفه الْمَأْمُون وَاقْبَلْ عَلَيْهِ بالمداعبة والمزاح فَظن أَنه استخف بِهِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الإيناس من قبل الأبساس فَاشْتَبَهَ على الْمَأْمُون فَنظر إِلَى إِسْحَاق مستفهماً فَأَوْمأ إِلَيْهِ وغمزه على مَعْنَاهُ حَتَّى فهمه ثمَّ قَالَ يَا غُلَام ألف دِينَار فَأتي بذلك فدعها إِلَى العتابي ثمَّ غمز)
الْمَأْمُون إِسْحَاق الْموصِلِي عَلَيْهِ فَجعل العتابي لَا يَأْخُذ فِي شَيْء إِلَّا عَارضه فَبَقيَ العتابي ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إيذن لي فِي مساءلة هَذَا الشَّيْخ عَن اسْمه فَقَالَ نعم سَله فَقَالَ لإسحاق يَا شيخ من أَنْت وَمَا اسْمك فَقَالَ أَنا من النَّاس واسمي كل بصل فَتَبَسَّمَ العتابي وَقَالَ أما النّسَب فمعروف وَأما الِاسْم فمنكر فَقَالَ إِسْحَاق مَا أقل إنصافك أتنكر أَن يكون الِاسْم كل بصل واسمك كل ثوم وَمَا كُلْثُوم من الْأَسْمَاء أَو لَيْسَ البصل أطيب من الثوم فَقَالَ العتابي لله دَرك مَا أحجك أتأذن لي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أَصله بِمَا وصلتني فَقَالَ بل هُوَ موفر عَلَيْك ونأمر لَهُ بِمثلِهِ
فَقَالَ إِسْحَاق أما إِذْ أَقرَرت بِهَذَا فتوهمني تجدني فَقَالَ مَا أَظُنك إِلَّا إِسْحَاق الْموصِلِي الَّذِي يتناهى إِلَيْنَا خَبره قَالَ أَنا حَيْثُ ظَنَنْت فَأقبل عَلَيْهِ بالتحية وَالسَّلَام
فَقَالَ الْمَأْمُون وَقد طَال الحَدِيث بَينهمَا أما إِذْ اتفقتما فانصرفا متنادمين
فَانْصَرف العتابي إِلَى منزل إِسْحَاق فَأَقَامَ عِنْده
ووفد إِلَى عبد الله بن طَاهِر عدَّة من الشُّعَرَاء فَعلم أَنهم على بَابه فَقَالَ لخادم أديب(24/268)
اخْرُج إِلَى الْقَوْم فَقل لَهُم من كَانَ مِنْكُم يَقُول كَمَا قَالَ العتابي للرشيد
(مستنبط عَزمَات اقلب من فكرٍ ... مَا بَينهُنَّ وَبَين الله معمور)
فَلْيدْخلْ وليعلم أَنِّي إِن وجدته مقصراً عَن ذَلِك حرمته وَمن وثق من نَفسه بِأَنَّهُ يَقُول مذل هَذَا فَليقمْ فَدَخَلُوا جَمِيعًا إِلَّا أَرْبَعَة نفر
وَقَالَ عمر الْوراق رَأَيْت العتابي يَأْكُل خبْزًا على الطَّرِيق بِبَاب الشَّام فَقلت لَهُ وَيحك أما تَسْتَحي فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كُنَّا فِي دَار فِيهَا بقر أَكنت تحتشم أَن تَأْكُل وَهِي تراك فَقلت لَا فَقَالَ فاصبر حَتَّى أعلمك أَنهم بقر
ثمَّ قَامَ فوعظ وقص ودعا حَتَّى كثر الزحام عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رُوِيَ لنا من غير وَجه أَنه من بلغ لِسَانه أرنبة أَنفه لم يدْخل النَّار قَالَ فَمَا بَقِي أحد مِنْهُم إِلَّا أخرج لِسَانه نَحْو أرنبة أَنفه ويقدره حَتَّى يبلغهَا أم لَا
قَالَ فَلَمَّا تفَرقُوا قَالَ العتابي ألم أخْبرك أَنهم بقر وَدخل العتابي على عبد الله بن طَاهِر فَمثل بَين يَدَيْهِ وأنشده
(حسن ظَنِّي وَحسن مَا عود الل ... هـ سواي مِنْك الْغَدَاة أَتَى بِي)
)
أَي شَيْء يكون أحسن من حسن يَقِين حدا إِلَيْك ركابي فَأمر لَهُ بجائزة ثمَّ دخل عَلَيْهِ من الْغَد فأنشده
(ودك يكفينيك فِي حَاجَتي ... ورؤيتي كافيتي عَن سُؤال)
(وَكَيف أخْشَى الْفقر مَا عِشْت لي ... وَإِنَّمَا كَفاك لي بَيت مَال)
فَأمر لَهُ بجائزة ثمَّ دخل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فأنشده بهجات الثِّيَاب يخلقها الدَّهْر وثوب الثَّنَاء غض جَدِيد فأكسني مَا يبيد أصلحك الله فَإِنِّي أكسوك مَا لَا يبيد وَكَانَ مَنْصُور النمري تلميذ العتابي وراويته
ثمَّ إِنَّه وَقع بَينهمَا وَعمل كل مِنْهُمَا على ذهَاب روح الآخر وَفِي تَرْجَمَة النمري شَيْء من ذَلِك
3 - (ابْن الْهدم الْأنْصَارِيّ)
كُلْثُوم بن الْهدم بن امْرِئ الْقَيْس بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ كَانَ شَيخا كَبِيرا أسلم قبل نزُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَهُوَ نزل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من(24/269)
حِين قدومه فِي هجرته من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة اتّفق على ذَلِك ابْن إِسْحَاق ومُوسَى والواقدي فَأَقَامَ عِنْده أَرْبَعَة أَيَّام ثمَّ خرج إِلَى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ فَنزل عَلَيْهِ حَتَّى بنى مساكنه وانتقل إِلَيْهِم
وَقيل بل كَانَ نُزُوله فِي بني عَمْرو بن عَوْف على سعد بن خَيْثَمَة وَكَانَ يُسمى منزل العزاب وَأقَام بني عَمْرو الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَأسسَ مَسْجِدهمْ
وَلما خرج ن بني عَمْرو أَدْرَكته الْجُمُعَة فِي بني سَالم بن عَوْف فَصلاهَا فِي بطن الْوَادي ثمَّ نزل على أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ
وَتُوفِّي كُلْثُوم هَذَا قبل بدر بِيَسِير وَقيل إِنَّه أول من مَاتَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يدْرك شَيْئا من مشاهده
ثمَّ توفّي بعده أسعد بن زُرَارَة ذكر ذَلِك الطَّبَرِيّ
3 - (أَبُو رهم المنحور)
كُلْثُوم بن الْحصين بن خلف بن عبيد أَبُو رهم الْغِفَارِيّ)
هُوَ مَشْهُور بكنيته اسْلَمْ قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَلم يشْهد بَدْرًا وَشهد أحدا وَكَانَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة وَرمي بِسَهْم فِي نَحره فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبصق فِيهِ
وَكَانَ أَبُو رهم يُسمى المنحور واستخلفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة مرَّتَيْنِ مرّة فِي عمْرَة الْقَضَاء وَمرَّة فِي عَام الْفَتْح فِي خُرُوجه إِلَى مَكَّة وحنين والطائف
وَكَانَ يسكن الْمَدِينَة وَله منزل فِي بني الْغفار
3 - (كُلْثُوم الْخُزَاعِيّ)
كُلْثُوم بن عَلْقَمَة بن نَاجِية المصطلقي الْخُزَاعِيّ روى عَن جَامع بن شَدَّاد وَابْنه الْحَضْرَمِيّ بن كُلْثُوم أَحَادِيث مُرْسلَة
لَا تصح لَهُ صُحْبَة وَسمع ابْن مَسْعُود
3 - (بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي الله عَنْهَا أمهَا خَدِيجَة بنت خويلد ولدتها قبل فَاطِمَة وَقبل رقية فِي مَا ذكره مُصعب وَخَالفهُ اكثر أهل الْعلم
وَالِاخْتِلَاف فِي الصُّغْرَى من بَنَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثير وَالِاخْتِلَاف فِي أكبرهن شذوذ
قَالَ ابْن عبد الْبر الصَّحِيح أَن أكبرهن زَيْنَب وَلم يَخْتَلِفُوا فِي أَن عُثْمَان إِنَّمَا تزوج أم كُلْثُوم بعد رقية وَفِيه دَلِيل على قَول مخالفي مُصعب لِأَن الْمُتَعَارف زواج الْكُبْرَى قبل الصُّغْرَى(24/270)
كَانَت أم كُلْثُوم تَحت عتبَة بن أبي لَهب فَلم يبن بهَا حَتَّى بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بعث فَارقهَا بِأَمْر أَبِيه إِيَّاه ثمَّ تزَوجهَا عُثْمَان سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة
وَكَانَ عُثْمَان لما توفيت رقية عرض عَلَيْهِ عمر حَفْصَة ابْنَته ليتزوجها فَسكت عُثْمَان عَنهُ لِأَنَّهُ كَانَ قد سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرهَا
فَلَمَّا بلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أدلك على من هُوَ خير لَهُ مِنْهَا وأدلها على من هُوَ خير من عُثْمَان فَتزَوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَفْصَة وَزوج عُثْمَان أم كُلْثُوم فَتُوُفِّيَتْ عِنْده وَلم تَلد مِنْهُ)
وَتوفيت سنة تسع من الْهِجْرَة وَصلى عَلَيْهَا أَبوهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل فِي حفرتها عَليّ وَالْفضل وَأُسَامَة بن زيد
وَرُوِيَ أَن أَبَا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينزل فِي قبرها فَأذن لَهُ
وغسلتها أَسمَاء بنت عُمَيْس وَصفِيَّة بنت عبد الْمطلب وَهِي الَّتِي شهد أم عَطِيَّة غسلهَا وحكت قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغسليها ثَلَاثًا أَو خمْسا أَو أَكثر من ذَلِك الحَدِيث
3 - (بنت عقبَة الأموية)
أم كُلْثُوم بت عقبَة بن اأبي معيط وَأمّهَا أروى بنت كريز أسلمت بِمَكَّة قبل أَن يُهَاجر النِّسَاء وَكَانَت هجرتهَا سنة سبع من هدنة الْحُدَيْبِيَة وَكَانَ كفار قُرَيْش قد هادنوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن يرد إِلَيْهِم من جَاءَ مُؤمنا
وفيهَا نزلت إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات مهاجرات
لحقها أَخَوَاهَا الْوَلِيد وَعمارَة فَمنعهَا الله مِنْهُمَا بِالْآيَةِ ومشت على قدميها من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَتَزَوجهَا بِالْمَدِينَةِ زيد بن حَارِثَة فَقتل عَنْهَا يَوْم مُؤْتَة فَتَزَوجهَا الزبير بن الْعَوام فَولدت لَهُ زَيْنَب فَطلقهَا وَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم وحميداً قيل ومحمداً وَإِسْمَاعِيل وَمَات عَنْهَا فَتَزَوجهَا عَمْرو بن الْعَاصِ فَمَكثت عِنْده شهرا وَمَاتَتْ
وَهِي أُخْت عُثْمَان لأمه روى عَنْهَا ابْنهَا حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أخْبرته أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَيْسَ بِالْكتاب الَّذِي ينمي خيرا وَيَقُول خيرا ليصلح بَين النَّاس
3 - (ربيبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أم كُلْثُوم بنت أبي سَلمَة ابْن عبد الْأسد المخزومية ربيبة(24/271)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثهَا عِنْد مُوسَى بن عقبَة عَن أمه أم كُلْثُوم قَالَت لما تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم سَلمَة قَالَ لَهَا إِنِّي قد أهديت للنجاشي أَوَاقٍ من مسك وحلة وَإِنِّي لَا أرَاهُ إِلَّا قد مَاتَ وَلَا أرى الْهَدِيَّة إِلَّا سترد إِلَيّ فَإِذا ردَّتْ إِلَيّ فَهِيَ لَك
فَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطى كل امْرَأَة من نِسَائِهِ أُوقِيَّة من الْمسك وَأعْطى أم سَلمَة سائره وَأَعْطَاهَا الْحلَّة هَكَذَا ذكره ابْن عبد الْبر
وَالصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج أم سَلمَة سنة اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة وَمَات النَّجَاشِيّ)
سنة سبع بعد تَزْوِيج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم حَبِيبَة وَالنَّجَاشِي أَمر بهَا لَهُ
3 - (بنت عَليّ بن أبي طَالب)
أم كُلْثُوم بنت عَليّ بن أبي طَالب ولدت قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمهَا فَاطِمَة خطبهَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ إِنَّهَا صَغِيرَة فَقَالَ عمر زوجنيها يَا أَبَا حسن فَإِنِّي ارصد من كرامتها مَا لَا يرصده أحد فَقَالَ عَليّ أَنا أبعثها إِلَيْك فَإِن رضيتها فقد زوجتكها فَبعث إِلَيْهَا بِبرد وَقَالَ لَهَا قولي لَهُ هَذَا الْبرد الَّذِي قلت لَك فَقَالَت ذَلِك لعمر فَقَالَ فَقولِي لَهُ قد رضيت رَضِي الله عَنْك وَوضع يَده على سَاقهَا فكشفها فَقَالَت أتفعل هَذَا لَوْلَا أَنَّك أَمِير الْمُؤمنِينَ لكسرت أَنْفك
ثمَّ خرجت فَجَاءَت أَبَاهَا وَقَالَت بعثتني إِلَى شيخ سوء قَالَ يَا بنية فَإِنَّهُ زَوجك
فجَاء عمر إِلَى مجْلِس الْمُهَاجِرين فِي الرَّوْضَة فَقَالَ لَهُم رفئوني فَقَالُوا بِمَ ذَا قَالَ تزوجت أم كُلْثُوم بنت عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل نسب وَسبب وصهر مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا نسبي وَسبي وصهري فَكَانَ لي بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام النّسَب وَالسَّبَب وَأَرَدْت أأجمع إِلَيْهِ الصهر فرفأوه وَتَزَوجهَا على مهر أَرْبَعِينَ ألفا
وَولدت لعمر زيد بن عمر الْأَكْبَر ورقية
وَتوفيت أم كُلْثُوم وَابْنهَا زيد فِي وَقت وَاحِد فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ
وَكَانَ زيد قد أُصِيب فِي حَرْب كَانَ بَين بني عدي لَيْلًا خرج ليصلح بَينهم فَضَربهُ رجل فَشَجَّهُ فصرعه فَعَاشَ أَيَّامًا وَصلى عَلَيْهِمَا ابْن عمر قدمه حسن بن عَليّ فَكَانَت فيهمَا سنتَانِ فِيمَا ذكرُوا لم يُورث وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه لِأَنَّهُ لم يعرف أَولهمَا موتا وَقدم زيد قبل أمه مِمَّا يَلِي الإِمَام
3 - (بنت ابي بكر الصّديق)
أم كُلْثُوم بنت أبي بكر قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى(24/272)
عَن ضرب النِّسَاء حَتَّى شكاهن الرِّجَال فخلى بَينهم وبينهن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد طَاف بآل مُحَمَّد سَبْعُونَ امْرَأَة كُلهنَّ مضروبات
قَالَ ابْن عبد الْبر ذكرهَا ابْن السكن فِي كِتَابه وَفِيه بعد لِأَنَّهَا ولدت بعد وَفَاة أبي بكر)
3 - (الْمُغنيَة)
أم كُلْثُوم الْمُغنيَة قَالَ الباخرزي فِي الدمية حَدثنِي الشريف أَبُو طَالب مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ قَالَ جمعني وَإِيَّاهَا الطَّرِيق وَهِي وافدة على دَغْفَل فاستنشدتها فأنشدت قصيدة مِنْهَا
(كَأَن الرِّيَاح الهوج غادرن فَوْقهَا ... من البارح الصيفي بردا مسهما)
وَورد فِي هَذِه القصيدة بَيت مَرْفُوع وَهُوَ
(وَقلت اسلمي من دَار حَيّ تميزت ... بهم شعب النيات فالقلب مغرما)
فَقلت لَهَا لحنت فَقَالَت أَو لحن هُوَ قلت نعم قَالَت أصلحه بيض الله وَجهك
ثمَّ أعملت الْفِكر فَأَشَارَتْ إِلَيّ صه صه وأنشدت نهباً مقسمًا قَالَ فتعجبت من سرعَة إِجَابَة خاطرها
3 - (الألقاب)
الكلثومي ابو مُحَمَّد اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْملك
3 - (ابْن الحنبل الصَّحَابِيّ)
كلدة بن الحنبل وَيُقَال ابْن عبد الله بن الحنبل وَصَوَابه ابْن الحنبل بن مليك هُوَ أَخُو صَفْوَان بن أُميَّة لأمه أمهما صَفِيَّة بنت معمر بن حبيب بن وهب
وَشهد الحنبل مَعَ صَفْوَان يَوْم حنين فَلَمَّا انهزم الْمُسلمُونَ قَالَ بَطل سحر ابْن كَبْشَة الْيَوْم فَقَالَ لَهُ صَفْوَان فض الله فَاك لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رجل من هوَازن
وَبعث صَفْوَان بن أُميَّة كلدة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَدَايَا فِيهَا لبن وجدايا وضغابيس
وكلدة هُوَ وَعبد الرَّحْمَن بن الحنبل شقيقان وَكَانَا مِمَّن سقط من الْيمن إِلَى مَكَّة وَقيل هُوَ من سودان مَكَّة
واتصل بِصَفْوَان يَخْدمه وَلَا يُفَارِقهُ ثمَّ اسْلَمْ بِإِسْلَام صَفْوَان
وَلم يزل مُقيما بِمَكَّة إِلَى أَن توفّي بهَا
روى عَنهُ عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان(24/273)
3 - (الألقاب)
)
ابْن كلس لوزير اسْمه يَعْقُوب بن كلس
3 - (كُلَيْب)
3 - (حَلِيف بني الْخَزْرَج الصَّحَابِيّ)
كُلَيْب بن بشر بن تَمِيم حَلِيف بني الْخَزْرَج قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا وَشهد أحدا وَمَا بعْدهَا ووفاته سنة اثْنَتَيْ عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (كُلَيْب الصَّحَابِيّ)
كُلَيْب رجل من الصَّحَابَة قَتله أَبُو لؤلؤة قَاتل عمر طعن اثْنَي عشر رجلا فَمَاتَ سِتَّة مِنْهُم عمر وكليب
وَذكر لعمر بن الْخطاب امْرَأَة توفيت بِالْبَيْدَاءِ فَجعل النَّاس يَمرونَ عَلَيْهَا وَلَا يدفنونها حَتَّى مر عَلَيْهَا كُلَيْب فدفنها فَقَالَ عمر إِنِّي لأرجو لكليب بهَا خيرا
وسال عَنْهَا عبد الله بن عمر فَقَالَ لم أرها فَقَالَ لَو رَأَيْتهَا وَلم تدفنها لَجَعَلْتُك نكالاً
3 - (وَالِد عَاصِم الصَّحَابِيّ)
كُلَيْب بن هاب الْجرْمِي وَالِد عَاصِم بن كُلَيْب لَهُ ولأبيه صُحْبَة قَالَ عَاصِم إِن أَبَاهُ كليباً خرج إِلَى جَنَازَة شَهِدَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَأَنا أفهم وأعقل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب من الْعَامِل أَن يحسن
3 - (الْجُهَنِيّ)
كُلَيْب الْجُهَنِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَكْبَر من الاخوة بِمَنْزِلَة الاب
وروى ايضاً أَنه أَتَاهُ ليبايعه فَقَالَ لَهُ احْلق عَنْك شعر الْكفْر روى عَنهُ كثير بن كُلَيْب
3 - (ابْن جرز الصَّحَابِيّ)
كُلَيْب بن جرز بن كُلَيْب أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَخذ منا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمِائَة جذعتين)(24/274)
3 - (ابْن إساف الصَّحَابِيّ)
كُلَيْب بن إساف أَخُو حبيب بن إساف لِأَبِيهِ وَأمه شهد أحدا قَالَه الْعَدوي
3 - (ابْن وَائِل التَّيْمِيّ)
كُلَيْب بن وَائِل بن بيحان التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ الْمدنِي نزيل الْكُوفَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَضَعفه أَبُو حَاتِم توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة
3 - (ابْن شهَاب الْجرْمِي)
كُلَيْب بن شهَاب بن الْمَجْنُون الْجرْمِي الْكُوفِي روى عَن أَبِيه وَعلي وَأبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة
توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الألقاب)
ابْن كُلَيْب الْحَرَّانِي اسْمه عبد الْمُنعم بن عبد الْوَهَّاب
ابْن كُلَيْب النَّحْوِيّ اسْمه أَحْمد بن كُلَيْب
الكليني الشيعي اسْمه مُحَمَّد بن يَعْقُوب
الْكُلِّي الْحَكِيم شمس الدّين اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
كلي الْوَاعِظ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
ابْن كليزا أَحْمد بن صَدَقَة
الْكُلِّي الْوَاعِظ يحيى بن إِبْرَاهِيم
3 - (كمالية الشاعرة)
كمالية أَخْبرنِي الْحَافِظ العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَت الْمَذْكُورَة امْرَأَة شاعرة أديبة ذكرهَا لي نَاصِر الدّين شَافِع وَأَنَّهَا كاتبت شعراء عصرها من أهل مصر
وَأَخْبرنِي فتح الدّين الْبكْرِيّ وأنشدني قَالَ كتبت كمالية إِلَيّ
(سَمِعت من شعرك سحرًا غَدا ... يخَامر الْأَلْبَاب إِذْ ينفث)
(أصبح كالخمرة فِي فعلهَا ... فَهُوَ بِالْبَابِ الورى يعبث)(24/275)
)
3 - (الألقاب)
ابْن الكاد إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
كَمَال الْملك الْوَزير هبة الله بن الْحُسَيْن
ابْن الْكَمَال الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم
ابْن الْكَمَال الصَّفَدِي نجم الدّين حسن بن مُحَمَّد
3 - (كمشتكين)
3 - (سعد الدّين نَائِب حلب)
كمشتكين سعد الدّين نَائِب حلب للْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بن نور الدّين قتل الْوَزير أَبُو صَالح ابْن العجمي فتهموه بِهِ وحسنوا للصالح أمره فَقبض عَلَيْهِ وَقتل تَحت الْعَذَاب لِأَن الخدام حسدوا مرتبته عِنْد الصَّالح ومالوا إِلَى الْوَزير فَجهز عَلَيْهِ سعد الدّين الْمَذْكُور من قَتله من الباطنية
وَكَانَت قتلته سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (وَاقِف الْمدرسَة الأمينية)
كمشتكين أَمِين الدولة نَائِب قلعة صرخد وَبصرى كَانَ أَمِيرا جَلِيلًا وافر الْحُرْمَة ولاه على القلعتين الأتابك طغتكين وامتدت أَيَّامه إِلَى أَن توفّي فِي شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
وَهُوَ وَاقِف الْمدرسَة الأمينية بِدِمَشْق
وَلما مَاتَ توثب مَمْلُوكه التنتاش فَملك بصرى وانتصر بالفرنج وصالحهم فَسَار لحربهم معِين الدّين أنر وَانْهَزَمَ التنتاش مَعَهم إِلَى بِلَاد الرّوم وَفتح انر القلعتين المذكورتين
3 - (الألقاب)
الكموني الشَّاعِر المغربي اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
3 - (الْكُمَيْت الشَّاعِر)
الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي الشَّاعِر الْكُوفِي شَاعِر زَمَانه يُقَال إِن شعره بلغ أَكثر من خَمْسَة لآلاف بَيت
روى عَن الفرزدق وَأبي جَعْفَر الباقر)
وروى عَنهُ(24/276)
والبة بن الْحباب وَغَيره ووفد على الخليفتين يزِيد وَهِشَام
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَو لم يكن لبني أَسد منقبة غير الْكُمَيْت لكفاهم
وَكَانَ شِيعِيًّا وَلما مدح عَليّ بن الْحُسَيْن قسط لَهُ على نَفسه وعَلى أهل بَيته أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم
ولد سنة سِتِّينَ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة
وَسبب مَوته أَنه دخل على يُوسُف بن عمر بِالْكُوفَةِ ومدحه بعد قَتله زيد بن عَليّ بِأَبْيَات مِنْهَا
(خرجت لَهُم تمشي البراح وَلم تكن ... كمن حصنه فِيهِ الرتاج المضبب)
(وَمَا خَالِد يستطعم المَاء فاغرا ... بعدلك والداعي إِلَى الْمَوْت ينعب)
يَعْنِي خَالِدا الْقَسرِي وَذَاكَ أَنه كَانَ على الْمِنْبَر يخْطب فَخرجت الجعفرية يَقُولُونَ لبيْك جَعْفَر لبيْك جَعْفَر ودخلوا عَلَيْهِ وَهُوَ على الْمِنْبَر فدهش وَقَالَ أَطْعمُونِي مَاء
ثمَّ خرج النَّاس غليهم فحرقوهم فَعير خَالِدا بذلك فَأَنْشد هَذَا الشّعْر والجند قيام على رَأس يُوسُف بن عمر وهم يَمَانِية فتعصبوا لخَالِد وَوَضَعُوا نصال سيوفهم فِي بطن الْكُمَيْت فوجؤه وَقَالُوا تنشد الْأَمِير وَلم تستأمره فَلم يزل ينزف الدَّم حَتَّى مَاتَ
قَالَ دعبل رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي النّوم فَقَالَ لي وَيحك مَالك وللكميت فَقلت يَا رَسُول الله مَا بيني وَبَينه إِلَّا كَمَا بَين الشُّعَرَاء فَقَالَ لَا تفعل أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل
(فَلَا زلت فيهم حَيْثُ يتهمونني ... وَلَا زلت فِي أشياعهم أتقلب)
فَإِن الله قد غفر لَهُ بِهَذَا الْبَيْت قَالَ فانتيهت عَن ذكره
وَقَالَ نصر بن مُزَاحم الْمنْقري رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين يَدَيْهِ رجل ينشده من لقلب ميتم مستهام فَسَأَلت عَنهُ فَقيل لي هَذَا الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي قَالَ فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول جَزَاك الله خيرا وَأثْنى عَلَيْهِ
وقصائده الهاشميات من جيد شعره
وَكَانَ يعلم الصّبيان فِي مَسْجِد الْكُوفَة وَأنْشد خَالِد الْقَسرِي قصيدة الْكُمَيْت الَّتِي يهجو فِيهَا الْيمن وَهِي أَلا حييت عَنَّا يَا ردينا(24/277)
فأحفظه ذَلِك وروى قصائده الهاشميات وأهداها إِلَى هِشَام وَكتب غليه بأخبار الْكُمَيْت وهجائه بني أُميَّة)
فَكتب إِلَيْهِ أَن يقطع يَده وَلسَانه فحبسه فاحتالت امْرَأَته وَدخلت السجْن وألبسته قماشها وإزارها وَخرج
وَلم يزل يحتال إِلَى أَن دخل على هِشَام وشفع لَهُ فَعَفَا عَنهُ
وَهُوَ خبر ظريف سَاقه صَاحب الأغاني فِي كِتَابه وَأمر لَهُ بِأَرْبَعِينَ درعهم وَابْنه مسلمة بِعشْرين ألف دِرْهَم
وَكَانَ الْكُمَيْت يعرف بالزجر جيدا
3 - (الألقاب)
ابْن الْكُمَيْت الفارقي إِبْرَاهِيم بن سعيد
3 - (كميل)
3 - (النَّخعِيّ الْكُوفِي)
كميل بن زِيَاد النَّخعِيّ الصهباني الْكُوفِي حدث عَن عمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة
وَكَانَ شريفاً مُطَاعًا ثِقَة عابداً على تشيعه قَلِيل الحَدِيث
قَتله الْحجَّاج فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الألقاب)
ابْن أبي الكنات الْمُغنِي عَمْرو بن عُثْمَان
3 - (أَبُو مرْثَد الصَّحَابِيّ)
كناز بن حُصَيْن بِالْكَاف وَالنُّون الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف زَاي أَبُو مرْثَد الغنوي شهد بَدْرًا وَهُوَ وَابْنه مرْثَد وهما حليفا حَمْزَة بن عبد الْمطلب
وَهُوَ من كبار الصَّحَابَة روى عَنهُ وَاثِلَة بن الْأَسْقَع
آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين عبَادَة بن الصَّامِت وَشهد سَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات سنة اثْنَتَيْ عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ رجلا طوَالًا كثير الشّعْر فِي الشاميين
3 - (النحوية)
بنت الكنيزي كَانَت فِي الْجَانِب الشَّرْقِي من بَغْدَاد نِهَايَة فِي الْفضل(24/278)
وَلها أَخ غَايَة فِي الْجَهْل
وَكَانَت حَسَنَة الْمعرفَة بالنحو واللغة وَلها تصانيف فيهمَا تعرف بهَا
اختصمت هِيَ وأخوها فِي مِيرَاث أَبِيهِمَا وَطَالَ النزاع بَينهمَا فِي مجْلِس الحكم وَزَاد الْكَلَام وَنقص فاغتاظ)
الْحَاكِم من تفيهقها وحوشي كَلَامهَا وَسقط أَخِيهَا وعاميته فَقَالَت أغاظ سيدنَا مَا رأى مني وَمن هَذَا الْأَخ أصلحه الله قَالَ كلا وَلَكِن جردي الدَّعْوَى فَإِنَّهُ أقرب للإنجاز فَقَالَت لي أيد الله الشَّيْخ فِي ذمَّته اثْنَان وَعِشْرُونَ دِينَارا مطيعية سلامية فَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي تَقول فَقَالَ مَا لَهَا عِنْدِي اثْنَان وَسكت
وَأَرَادَ أَن يَقُول مِثْلَمَا قَالَت فَلم يقدر فَقَالَ بِاللَّه يَا سَيِّدي كَيفَ قَالَت فقد وَالله صدعتنا فَقَالَ لَهُ فضولك قَول كَمَا تحسن
وَضحك أهل الْمجْلس وَصَارَ طنزاً واندفعت الْخُصُوم ذَلِك الْيَوْم
3 - (كنَانَة)
3 - (الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ)
كنَانَة بن عبد ياليل الثَّقَفِيّ كَانَ من أَشْرَاف أهل الطَّائِف الَّذين قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مُنْصَرفه من الطَّائِف وَبعد قَتلهمْ عُرْوَة بن مَسْعُود فاسلموا وَفِيهِمْ عُثْمَان بن الْعَاصِ
3 - (الْأمَوِي الصَّحَابِيّ)
كنَانَة بن عدي بن ربيعَة بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس هُوَ الَّذِي خرج بِزَيْنَب بت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة
3 - (التجِيبِي)
كنَانَة بن بشر التجِيبِي أحد رُؤُوس المصريين توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (بنت أبغا)
كنجشكب بِالْكَاف وَالنُّون وَالْجِيم والشين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا كَاف أُخْرَى وباء مُوَحدَة ابْنة من الخواتين الْكِبَار كَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى يُبَالغ فِي تعظيمها وَيكرم قصادها وَمن يكون من جِهَتهَا أَو يَأْتِي بِكِتَاب مِنْهَا
وَكَانَت تعلمه بأخبار الْقَوْم ومتجدداتهم وَمَا يَدُور بَينهم
وَكَانَت تجهز غليه من عِنْدهَا كل سنة كاملية طملوء إِمَّا فاختي وَإِمَّا بنفسجي أَو غير ذَلِك من الألوان بطراز زركش على الْموصل وداير باولي من(24/279)
أَفْخَر مَا يكون وَاضِعَة بأزرار مرجان ملبسة بِالذَّهَب على فرو قاقم لَهُ)
داير سنجاب فِي عرض إِصْبَع ازرق طري غض كشن من خِيَار مَا يكون
وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز تعجبه هَذِه الكامليات ويلازم لبسهَا لما فِيهَا من الظرافة وَحسن الصِّنَاعَة
3 - (مقدم السودَان)
الْكَنْز مقدم السودَان بالصعيد سَار إِلَى الْقَاهِرَة فِي مائَة ألف اسود ليعيد الدولة المصرية وَلَك فِي أَوَائِل دولة صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب فَخرج إِلَيْهِ الْملك الْعَادِل أَبُو بكر أَخُو صَلَاح الدّين وَأَبُو الهيجاء الهكاري وَعز الدّين موسمك والتقوا فَقتل الْكَنْز وَمن مَعَه فَيُقَال أَنهم قتلوا مِنْهُم ثَمَانِينَ ألف أسود وعادوا إِلَى الْقَاهِرَة فَقَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب قتل الْكَنْز وَمَا انتطح فِيهَا عنز وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (كندغدي)
3 - (سيف الدّين الْعمريّ)
كندغدي الْأَمِير سيف الدّين كندغدي الْعمريّ أعرفهُ وَهُوَ وَالِي بَاب القلعة بِالْقَاهِرَةِ أَقَامَ مُدَّة وَكَانَ حسن الْوَجْه أَحْمَر الْوَجْه منور الشيبة
ثمَّ إِن السُّلْطَان بَعثه نَائِب البيرة فَتوجه غليها سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ أَو سبع فِيمَا أَظن فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن حضرت مطالعة الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب حلب يذكر أَنه وَقعت فِيهِ قصَص كَثِيرَة ومحاضر فرسم الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بإحضاره إِلَى حلب ومحاققته على ذَلِك فِي محفة وَكَانَ مَرِيضا فوصل غليها وَأقَام سَاعَة ثمَّ توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (الألقاب)
الكنجي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن
الكنجي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر
التَّاج الْكِنْدِيّ اسْمه زيد بن الْحسن
الْكِنْدِيّ الفيلسوف يَعْقُوب بن إِسْحَاق
الكنكشي الزَّاهِد أَحْمد بن الْحسن
الكندري الْوَزير مُحَمَّد بن مَنْصُور(24/280)
3 - (كهمس)
3 - (الْهِلَالِي الصَّحَابِيّ)
)
كهمس بن مُعَاوِيَة بن أبي ربيعَة الْهِلَالِي مَعْدُود فِي الْبَصرِيين قَالَ أسلمت فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بِإِسْلَامِي ثمَّ غبت عَنهُ حولا وَرجعت إِلَيْهِ وَقد ضمر بَطْني وَنحل جسمي فخفض فِي الْبَصَر وَرَفعه
قلت أما تعرفنِي قَالَ من أَنْت قلت أَنا كهمس الْهِلَالِي الَّذِي أَتَيْتُك عَام أول فَقَالَ مَا بلغ بك مَا أرى قلت مَا نمت بعْدك لَيْلًا وَلَا أفطرت نَهَارا قَالَ وَمن أَمرك أَن تعذب نَفسك صم شهر الصَّبْر وَمن كل شهر يَوْمًا
قَالَ قلت زِدْنِي قَالَ صم شهر الصَّبْر وَمن كل شهر يَوْمَيْنِ قلت زِدْنِي فَإِنِّي أجد قُوَّة قَالَ صم شهر الصَّبْر وَمن كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام
3 - (الْبَصْرِيّ العابد)
كهمس بن الْحسن التَّيْمِيّ الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ العابد أحد الثِّقَات الْأَعْلَام قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة وَزِيَادَة
وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ألف رَكْعَة باراً بِأُمِّهِ
قَالَ يحيى بن كثير الْبَصْرِيّ اشْترى كهمس دَقِيقًا بدرهم فَأكل مِنْهُ فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ كاله فَإِذا هُوَ كَمَا وَضعه
توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
(الألقاب)
الكواشي موفق الدّين أَحْمد بن يُوسُف
ابْن كوتاه الْمُحدث اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْجَلِيل ووالده مُحَمَّد بن عبد الْجَلِيل ووالده عبد الْجَلِيل بن مُحَمَّد وَأَخُوهُ أَحْمد بن عبد الْجَلِيل
3 - (الناصري)
كوجبا الْأَمِير سيف الدّين الناصري مُتَوَلِّي الْإسْكَنْدَريَّة توفّي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة روى الشَّيْخ شمس الدّين أَحَادِيث عَن النجيب عبد اللَّطِيف وَكَانَ ختن ابْن الظَّاهِرِيّ على ابْنَته
توفّي بِمصْر وَهُوَ من أَبنَاء السّبْعين(24/281)
3 - (ملك الخطا)
كوخان ملك الخطا وَالتّرْك)
كَانَ مليح الشكل حسن الصُّورَة عَظِيم الهيبة كَامِل الشجَاعَة
قاد الجيوش وَسَار فِي ثَلَاثمِائَة ألف فَارس وَهزمَ السُّلْطَان سنجر وَملك سَمَرْقَنْد وَمَا وَرَاء النَّهر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فَمَا أمهله الله تَعَالَى
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
وَكَانَ لَا يُمكن أَمِيرا من إقطاع بل يعطيهم من خزائنه وَيَقُول مَتى أخذُوا الإقطاعات ظلمُوا النَّاس
وَكَانَ لَا يقدم أَمِيرا على أَكثر من مائَة فَارس حَتَّى لَا يقدر على الْعِصْيَان
وَكَانَ يُعَاقب على السكر وَلَا يُنكر الزِّنَا وَلَا يقبحه
وتملكت بعده ابْنَته وَلم تطل مدَّتهَا وتملكت أمهَا بعْدهَا وحكمت الخطا على مَا وَرَاء النَّهر إِلَى أَن أَخذ الْبِلَاد مِنْهُم عَلَاء الدّين مُحَمَّد الْخَوَارِزْمِيّ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة
(الألقاب)
ابْن كوجك عَليّ بن الْحُسَيْن
ابْن كوجك المحسن بن الْحُسَيْن
ابْن ذكْوَان اسْمه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس
الكوسج الْحَافِظ هُوَ أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق بن مَنْصُور
الكوسج الطَّبِيب اسْمه سهل
الكوفني الْمُحدث مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر
3 - (كوكاي)
كوكاي الْأَمِير سيف الدّين أحد الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ بِالْقَاهِرَةِ تزوج ابْنَته الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام رحمهمَا الله تَعَالَى
لم يزل أَمِيرا كَبِيرا مقدم ألف فِي الْأَيَّام الناصرية إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَخلف على مَا قيل ألف ألف ومائتي ألف وَسَبْعَة وَعشْرين ألف دِينَار عينا غير الْخَيل والبرك وَالْعدة والبيوتات والقماش وَغير الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة
3 - (كوهر خاتون)
كوهر خاتون عمَّة السُّلْطَان ملكشاه السلجوقية كَانَت دينة عفيفة صادرها الْوَزير نظام الْملك لما مَاتَ أَخُوهَا الب رسْلَان وَأخذ مِنْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَة وجواهر(24/282)
فاخرة)
فَخرجت إِلَى الرّيّ لتمضي إِلَى النازكية تستنجد بهم على قتال نظام الْملك فَأَشَارَ على ملكشاه بقتلها فَجهز وَرَاءَهَا من اغتالها فَقَتَلُوهَا فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (صَاحب إربل)
كوكبوري مَعْنَاهُ الذيب الْأَزْرَق بكافين وَاو وَبعد الْكَاف الثَّانِيَة بَاء مُوَحدَة وَبعدهَا وَاو وَرَاء وياء آخر الْحُرُوف بن عَليّ بن بكتكين بن مُحَمَّد السُّلْطَان الْمُعظم مظفر الدّين أَبُو سعيد صَاحب إربل ابْن الْأَمِير زين الدّين أبي الْحسن عَليّ كوجك التركماني وكوجك مَعْنَاهُ لطيف الْقد كَانَ شجاعاً شهماً ملك بلاداً كَثِيرَة ثمَّ فرقها على أَوْلَاد الْملك قطب الدّين مودود صَاحب الْموصل
وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْقُوَّةِ المفرطة وَطَالَ عمره وَحج هُوَ والأمير أَسد الدّين شيركوه بن شادي سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وَله مدرسة بالموصل وأوقاف
فَلَمَّا مَاتَ ولي مظفر الدّين هَذَا وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة وأتابكه مُجَاهِد الدّين قايماز
ثمَّ تعصب عَلَيْهِ مُجَاهِد الدّين وَكتب محضراً أَنه لَا يصلح واعتقله وشاور الْخَلِيفَة فِي أمره وَأقَام مَوْضِعه أَخَاهُ زين الدّين يُوسُف بن عَليّ
ثمَّ أخرج مظفر الدّين عَن الْبِلَاد فَتوجه إِلَى بَغْدَاد فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ فَقدم الْموصل ومالكها سيف الدّين غَازِي بن مودود فأقطعه حران فَأَقَامَ بهَا مُدَّة واتصل بِخِدْمَة صَلَاح الدّين وَتمكن عِنْده فزاده الرها وزوجه بأخته ربيعَة خاتون وَكَانَت قبله عِنْد سعد الدّين مَسْعُود ابْن الْأَمِير معِين الدّين أنر الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ قصر معِين الدّين
وَتُوفِّي سعد الدّين وَشهد مظفر الدّين هَذَا مَعَ صَلَاح الدّين مَوَاقِف كَثِيرَة أبان فِيهَا عَن نجدة وَقُوَّة وَثَبت يَوْم حطين وتبنين
ثمَّ وَفد أَخُوهُ زين الدّين يُوسُف نجدة وخدمة من إربل فَمَرض فِي الْعَسْكَر على عكا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فاستنزل صَلَاح الدّين عَن حران والرها وَأَعْطَاهُ إربل وشهرزور فَسَار إِلَيْهَا
وَأثْنى عَلَيْهِ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان فِي وفيات الْأَعْيَان وَطول تَرْجَمته وكر لَهُ مَعْرُوفا كثيرا وَذكر احتفاله بمولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كل سنة وَمَا كَانَ يعتمده
وَهُوَ أول من أجْرى المَاء إِلَى عَرَفَات وَعمل آثاراً بالحجاز وَبنى لَهُ هُنَاكَ تربة
وَلما مَاتَ رَحمَه الله سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة أَمر بِحمْل تابوته إِلَى مَكَّة ليدفن فِي تربته فَلَمَّا حمل رَجَعَ الْحجَّاج تِلْكَ السّنة للعطش وَدفن بِالْكُوفَةِ)(24/283)
(الألقاب)
الكوكبي أَحْمد بن عَليّ الأخباري الْحُسَيْن بن الْقَاسِم
الكوكبي الْعلوِي الْحُسَيْن بن أَحْمد
ابْن الكوملاذ الْحَافِظ الْبَغْدَادِيّ اسْمه صَالح بن أَحْمد بن مُحَمَّد
كوزخر أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن الكوبك سراج الدّين عبد اللَّطِيف
ابْن الكونك شمس الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود
3 - (المتنبئ)
كي المتنبئ كَانَ شَابًّا ذكياً فَقِيها ادّعى النُّبُوَّة بتستر وَزعم أَنه عِيسَى بن مَرْيَم واسقط عَن ابتاعه صَلَاة الْعَصْر وعشاء الْآخِرَة
أَمر بقلته عَلَاء الدّين صَاحب الدِّيوَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (كيتمر الْأَمِير)
كيتمر الْأَمِير سيف الدّين كَانَ خوشداشية الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج أرقطاي والأمير حسام الدّين طرنطاي البشمقدار
أَظُنهُ أَمر طبلخاناه أَيَّام نِيَابَة الْأَمِير سيف الدّين ارقطاي فِي مصر
وَالظَّاهِر أَنه كَانَ قبل ذَلِك أَمِيرا عين أَمِير الركب سنة تسع وَأَرْبَعين فَمَاتَ بالطاعون فِي شعْبَان وَمَات جمَاعَة من مماليكه وَمَات ولداه وَكَانَا قمري ملاحة ووصيه الْأَمِير سيف الدّين حاجي الْجَمِيع فِي جُمُعَة وَاحِدَة أَو مَا يزِيد عَلَيْهَا رَحمَه الله تَعَالَى
وحزن النَّاس على ولديه
(الألقاب)
ابْن الكيال الْحَنَفِيّ عبد اللَّطِيف بن نصر الله
ابْن الكيال الْمُتَكَلّم الضَّحَّاك بن أَحْمد
إلْكِيا الهرَّاسي الشَّافِعِي عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ
3 - (ابْن هولاكو)
)
كيختو بكاف بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وخاء مُعْجمَة وتاء ثَالِثَة(24/284)
الْحُرُوف وواو ابْن هولاكو ملك التتار تسلطن بعد هَلَاك أرغون ابْن أَخِيه ابغا سنة تسعين وسِتمِائَة وَأقَام بالروم مُدَّة ومالت طَائِفَة إِلَى أَخِيه بيدو فملكوه وَجرى بَينهم خلف ثمَّ قوي بيدو وَملك الْعرَاق وخراسان وقاد الجيوش وجبى الْأَمْوَال
وَسَار كل مِنْهُمَا لقصد الآخر فَالْتَقَيَا وَقتل كيختو سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة واحتوى بِيَدِهِ على الْأَمر
لَكِن خرج عَلَيْهِ قازان بن أرغون وَكَانَ متلسماً ثغر خُرَاسَان عَاصِيا على الرجلَيْن
فَلَمَّا بلغه قتل كيختو جمع الجيوش وَطلب الْملك وَكَانَ كيختو لَهُ ميل إِلَى الْإِسْلَام وإحسان إِلَى الْفُقَرَاء بِخِلَاف أَخِيه بيدو فَإِنَّهُ كَانَ يمِيل إِلَى النَّصَارَى وَقيل إِنَّه تنصر وَالله أعلم
3 - (صَاحب الرّوم)
كيخسرو بِالْكَاف وَالْيَاء الساكنة آخر الْحُرُوف وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وسين مُهْملَة وَرَاء مَضْمُومَة بعْدهَا وَاو ابْن كيقباذ بن كيخسرو السلجوقي صَاحب الرّوم تسلطن بعد أَبِيه وَهُوَ شَاب يلْعَب
وَقصد فرقة من التتار أرزن الرّوم فحاصروها وَأخذُوا مِنْهَا أَمْوَالًا جمة لِأَنَّهُ الْتزم لَهُم كل يَوْم ألف دِينَار
ثمَّ نازلوا بعض بِلَاده فَجمع وحشد وَسَار إِلَيْهِم فهزموه وأسرت أمه وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
(الألقاب)
ابْن الكيزاني الْوَاعِظ اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن ثَابت
3 - (كيسَان الصَّحَابِيّ)
كيسَان الْأنْصَارِيّ مولى لبني عدي بن النجار ذكر فِيمَن قتل فِي يَوْم أحد شَهِيدا وَقيل هُوَ من بني مَازِن بن النجار قيل مولى بني مَازِن
3 - (ابْن كيسَان الصَّحَابِيّ)
كيسَان أَبُو عبد الرَّحْمَن بن كيسَان)
سكن مَكَّة وَالْمَدينَة وروى عَنهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن حَدِيثه قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد عِنْد بِئْر العلياء
3 - (كيسَان الصَّحَابِيّ)
كيسَان بن عبد أَبُو نَافِع بن كيسَان يُقَال هُوَ ابْن عبد الله بن طَارق سكن الطَّائِف روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخمر أَنَّهَا حرمت وَحرم ثمنهَا
روى عَنهُ ابْنه نَافِع وَله حَدِيث ينزل عِيسَى بن مَرْيَم عِنْد المنارة الْبَيْضَاء بشرقي دمشق(24/285)
3 - (مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
كيسَان أَو مهْرَان مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال اسْمه هُرْمُز ويكنى أَبَا كيسَان وَقيل طهْمَان وَقيل ذكْوَان كل ذَلِك فِي تَحْرِيم الصَّدَقَة على ى ل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (النَّحْوِيّ الهُجَيْمِي)
كيسَان بن الْمُعَرّف أَبُو سُلَيْمَان النَّحْوِيّ الهُجَيْمِي قَالُوا كَانَ يخرج مَعنا إِلَى الْأَعْرَاب فينشدوننا فَيكْتب فِي ألواحه غير مَا ينشدوننا وينقل من ألواحه إِلَى الدفاتر غير مَا فِيهَا ثمَّ يحفظ كن الدفاتر غير مَا نَقله إِلَيْهَا ثمَّ يحدث بِغَيْر مَا يحفظ
وَذكر أَبُو الطّيب فِي كتاب مَرَاتِب النَّحْوِيين عَن الْأَصْمَعِي قَالَ كيسَان ثِقَة لَيْسَ بمتزيد وَقد أَخذ عَن الْخَيل
وَحدث أَبُو العيناء قَالَ قَالَ كيسَان لخلف الْأَحْمَر يَا أَبَا مُحرز المخبل كَانَ شَاعِرًا أَو من بني ضبة فَقَالَ يَا مَجْنُون صحّح المسالة حَتَّى تسمع الْجَواب
وَقَالَ أَبُو زيد يَوْمًا فِي مَجْلِسه كَانَت الْعَرَب تَقول لَيْسَ لحاقن رَأْي فَقَالَ كيسَان وَلَا لمنعظ فَقَالَ أَبُو زيد مَا سمعناه وَلَكِن اكتبوه فَإِنَّهُ حق
وَقَالَ أَبُو زيد جَاءَ صبي إِلَى كيسَان يقْرَأ عَلَيْهِ شعرًا حَتَّى مر بِبَيْت فِيهِ ذكر العيس فَقَالَ الْإِبِل الْبيض الَّتِي يخلط بياضها حمرَة قَالَ الصَّبِي وَمَا الْإِبِل قَالَ الْجمال قَالَ وَمَا الْجمال فَقَامَ كيسَان على أَربع ورغا فِي الْمَسْجِد وَقَالَ الَّذِي ترَاهُ طَوِيل الرَّقَبَة وَهُوَ يَقُول بوع
وَحدث الْمبرد عَن التوزي قَالَ حبس عِيسَى بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي كيسَان وَكَانَ أحد الطياب)
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يعبث بِهِ كثيرا فشفع فِيهِ أَبُو عُبَيْدَة إِلَى الْأَمِير فَأمر بِإِخْرَاجِهِ فَقَالَ للجلاوزة من أخرجني قَالُوا تلكم فِيك شيخ مخضوب فَقَالَ أمه زَانِيَة إِن برح من الْحَبْس أحبيس ظلم وطليق ذل لَا يكون ذَلِك أبدا
3 - (أَبُو سعيد المَقْبُري)
كيسَان أَبُو سعيد المَقْبُري مولى الجندعيين كَانَ ينزل الْمَقَابِر بِالْمَدِينَةِ يُقَال لَهُ صَاحب العباء
روى عَن عمر وَعلي وَعبد الله بن سَلام وَأبي هُرَيْرَة(24/286)
وعقبن بن عَامر وَعبد الله بن وَدِيعَة وَغَيرهم
وَذكره الْوَاقِدِيّ فِي من كَانَ مُسلما على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (مستملي أبي عُبَيْدَة)
كيسَان مستملي أبي عُبَيْدَة قَالَ الجاحظ كَانَ يكْتب غير مَا يسمع وَيقْرَأ غير مَا يكتبأمليت عَلَيْهِ يَوْمًا
(عجبت لمعشرٍ عدلوا ... بمعتمرٍ أَبَا عَمْرو)
فَكَتبهُ أَبُو بشر واستفتى فِيهِ أَبَا زيد وقرأه أَبَا حَفْص
وَسَأَلَهُ أَبُو عُبَيْدَة عَن رجل من شعرًا ءالعرب مَا اسْمه فَقَالَ خِدَاش أَو خرَاش أَو رياش أَو خماش أَو شَيْء آخر وَأَظنهُ قرشياً فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَة من ابْن علمت أَنه قرشي قَالَ رَأَيْت اكتناف الشينات عَلَيْهِ من كل جَانب
قَالَ الجاحظ وَشهد على رجل عِنْد بعض الْوُلَاة فَقَالَ سَمِعت بأذني وَأَشَارَ إِلَى عيبنه وَرَأَيْت بعيني وَأَشَارَ إِلَى أُذُنه أَنه أمسك بتلابيب هَذَا الْغُلَام وَأَشَارَ إِلَى كميه وَمَا زَالَ يضْرب خاصرته وَأَشَارَ إِلَى فَكَّيْهِ فَضَحِك الْوَالِي وَقَالَ أحسبك قَرَأت كتاب خلق الْإِنْسَان على الْأَصْمَعِي قَالَ نعم
3 - (فرقة من الرافضة)
الكيسانية فرقة من الرافضة منسوبة إِلَى كيسَان مولى عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَخذ الْعُلُوم من السَّيِّد مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ واقتبس الْأَسْرَار مِنْهُ اخْتلف أَصْحَابه اخْتِلَافا كثيرا فَمنهمْ من قَالَ لَيْسَ)
للنَّاس إِمَام سوى رجل وَاحِد من لَا يَمُوت وَإِن غَابَ رَجَعَ
وَمِنْهُم من عداهُ إِلَى آخر ثمَّ توقفوا وتحيروا وَمِنْهُم من أول الْأَركان الشَّرْعِيَّة وَقَالَ هِيَ أَسمَاء رجال من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْحج وَالزَّكَاة وَمِنْهُم من ضعف يقينه فِي الْقِيَامَة وَمِنْهُم من قَالَ بالتناسخ والحلول وَالرَّجْعَة بعد الْمَوْت وَقبل الْقِيَامَة كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل الرّجْعَة وَلَهُم فِي هَذَا هذيان كثير
(الألقاب)
الْكيس النميري النساب هُوَ زيد بن حَارِثَة تقدم فِي حرف الزَّاي
ابْن كيسَان النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن كيسَان
أَوْلَاد كيغلغ جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق والمظفر(24/287)
3 - (كيقباذ)
3 - (عَلَاء الدّين صَاحب الرّوم)
كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان الْملك عَلَاء الدّين سُلْطَان الرّوم كَانَ ملكا مهيباً شجاعاً رَاجِح الْعقل سعيداً
كسر خوارزم شاه وعسكر الْملك الْكَامِل وزوجه الْعَادِل ابْنَته وَولد لَهُ مِنْهَا وَكَانَ قد تملك الرّوم قبله أَخُوهُ كيكاوس فحبس أَخَاهُ هَذَا
فَلَمَّا نزل بِهِ الْمَوْت أحضرهُ وَفك قَيده وعهد إِلَيْهِ بِالْملكِ وَأوصى إِلَيْهِ بأطفاله فطالت أَيَّامه واتسعت مَمْلَكَته
وَكَانَ يرجع إِلَى عدل ونصفة وَكَانَت وَفَاته سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فِي سَابِع شَوَّال
وَملك بعده وَلَده غياث الدّين كيخسرو
3 - (عَلَاء الدّين صَاحب الرّوم)
كيقباذ بن كيخسرو السلجوقي السُّلْطَان صَاحب الرّوم وَفَاته سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (ركن الدّين صَاحب الرّوم)
كيقباذ السُّلْطَان ركن الدّين بن السُّلْطَان غياث الدّين كيخسرو بن الْملك عَلَاء الدّين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن مَسْعُود بن قليج ارسلان بن سُلَيْمَان بن قتلمش بن أتسز بن)
سلجوق بن دقاق صَاحب الرّوم وَابْن مُلُوكهَا كَانَ كَرِيمًا جواداً شجاعاً لكنه كَانَ مقهوراً تَحت أوَامِر التتار
خنقته الْمغل بِوتْر وَله ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة لِأَن البرواناه عمل عَلَيْهِ وَأوحى إِلَى الْمغل أَنه يُكَاتب صَاحب مصر
فاستفحل أَمر البرواناه وَعجز كيقبا عَنهُ وَجلسَ وَلَده غياث الدّين كيخسرو فِي الْملك وَله عشر سِنِين ثمَّ توجه البرواناه إِلَى ابغا وَمَعَهُ فرس كيقباذ وسلاحه وتقادمه فَوجدَ عِنْده صَاحب سيس فَتكلم كل وَاحِد فِي الآخر بِأَنَّهُ يُكَاتب الْمُسلمين
ثمَّ عَاد البرواناه مَعَه آجاي أَخُو أبغا وَكَانَ موت كيقباذ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (كيكاوس)
3 - (عز الدّين صَاحب الرّوم)
كيكاوس بن كيخسرو بن قلج ارسلان السُّلْطَان الْملك الْغَالِب عز الدّين صَاحب الرّوم قونيه وملطيه واقصرا أَخُو السُّلْطَان عَلَاء الدّين كيقباذ(24/288)
كَانَ جباراً ظَالِما سفاكاً للدماء
وَلما عَاد من كَسرته مَعَ الْأَشْرَف عِنْد حلب اتهمَ جمَاعَة من أمرائه فسلق بَعضهم وَحط آخَرين فِي بَيت وحرقهم بالنَّار فَأَخذه الله بَغْتَة وَمَات فجاءة وَهُوَ سَكرَان
وَكَانَ ذَلِك سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة
وَكَانَ أَخُوهُ كيقباذ مَحْبُوسًا وَقد هم بقتْله فبادروا وأخرجوه وسلطنوه عوضه
3 - (عز الدّين صَاحب الرّوم)
كيكاوس بكاف وياء آخر الْحُرُوف وكاف أُخْرَى بعد الْألف وواو وسين ابْن كيخسرو بن قلج أرسلان أَخُو السُّلْطَان ركن الدّين كيقباذ فَهُوَ السُّلْطَان عز الدّين صَاحب الرّوم اقتسم هُوَ وَأَخُوهُ ملك الرّوم بعد أمهما ثمَّ إِن أَخَاهُ ركن الدّين غلب على الْأَمر فهرب عز الدّين بأَهْله وخواصه إِلَى ملك القسطنطينبية فهادنهم ملكهَا على أَن يسلم إِلَيْهِ عز الدّين فسلمهم إِيَّاه فَأكْرمه بركَة وَصَارَ من أكبر أمرائه
ثمَّ إِنَّه كَانَ فِي خدمَة منكوتمر وَخلف وَلَده الْملك المسعود وَهُوَ فِي خدمَة منكوتمر وَتُوفِّي عز الدّين الْمَذْكُور رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة)(24/289)
(حرف اللَّام)
(لاجين)
3 - (الْملك الْمَنْصُور)
لاجين السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين المنصوري مَمْلُوك الْمَنْصُور قلاوون أمره أستاذه عِنْدَمَا تسلطن وَبَعثه نَائِبا على قلعة دمشق فَلَمَّا تسلطن سنقر الْأَشْقَر بِدِمَشْق وَدخل القلعة قبض عَلَيْهِ
فَلَمَّا انْكَسَرَ سنقر الْأَشْقَر أخرجه الْأَمِير علم الدّين الْحلَبِي
ثمَّ رتب فِي نِيَابَة السلطنة بمرسوم السُّلْطَان وَدخل عُفيَ خدمته إِلَى دَار السَّعَادَة فَعمل بالنيابة أحد عشر سنة
ثمَّ عَزله الْأَشْرَف بالشجاعي وَكَانَ جيد السِّيرَة محبباً إِلَى الدماشقة فِيهِ عقل زايد وَسُكُون وشجاعة مَشْهُورَة وَدين وَإِسْلَام
وَكَانَ شَابًّا أشقر فِي لحيته طول يسير وخفة وَجهه رَقِيق معرق وَعَلِيهِ هَيْبَة وهيئة تَامَّة فِي قده رشاقة
خنق بَين يَدي الْملك الْأَشْرَف خَلِيل ثمَّ خلي فَإِذا فِيهِ روح ورق لَهُ السُّلْطَان وَأطْلقهُ ورده إِلَى رتبته
وَيُقَال أَنه إِنَّمَا قَامَ على الْأَشْرَف لِأَنَّهُ تعرض لبيته بنت طقصو فعز ذَلِك عَلَيْهِ
وَلما قتل الْأَشْرَف هُوَ وبيدرا اختفى وتنقل فِي الْبيُوت وقاسى الْأَهْوَال من الْجُوع والعطش وَالْخَوْف ثمَّ أجاره كتبغا وَأحسن إِلَيْهِ وَدخل بِهِ إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَقرر مَعَه أَن يخلع عَلَيْهِ وَيحسن إِلَيْهِ فَفعل بِهِ ذَلِك وَأَعْطَاهُ خبْزًا
فَلَمَّا ملك كتبغا جعله نَائِب السلطنة فَوَثَبَ عَلَيْهِ كَمَا تقدم فِي تَرْجَمَة كتبغا وَقتل غلاميه الْأَزْرَق وبتخاص وتغافل عَنهُ لما عَلَيْهِ من الأيادي
وهرب كتبغا كَمَا تقدم وسَاق لاجين الخزائن والعساكر بَين يَدَيْهِ من الْغَوْر وَمَا دخل غَزَّة إِلَّا وَهُوَ سُلْطَان وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ اثْنَان وتملك أول صفر سنة وَجلسَ على سَرِير الْملك وَبعث قبجق نَائِبا بِدِمَشْق لِأَنَّهُ خوشداشاه وَجعل قراسنقر نَائِبه بِمصْر إِلَى أَن تمكن وَقبض عَلَيْهِ وَأقَام مَكَانَهُ فِي النِّيَابَة مَمْلُوكه منكوتمر فَحسن لَهُ الْقَبْض على الْأُمَرَاء فاسمك البيسري)
وقارسنقر وايبك الْحَمَوِيّ وَسَقَى جمَاعَة وَلذَلِك هرب قبجق وبكتمر والكي وبزلار إِلَى التتار وَلم يخرج إِلَى الشَّام مُدَّة ملكه
وَلما كَانَ فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة ركب فِي موكبه وَهُوَ صَائِم وَعمل عَلَيْهِ جمَاعَة من الأشرفية دخلُوا عَلَيْهِ بعد الْعشَاء الْآخِرَة وَهُوَ مكب على اللّعب بالشطرنج وَمَا عِنْده إِلَّا القَاضِي حسام الدّين الْحَنَفِيّ(24/290)
وَعبد الله الْأَمِير وبريد البدوي وإمامه محب الدّين ابْن الْعَسَّال
فَأول من ضربه بِالسَّيْفِ كرجي مقدم البرجية وَتوجه طغجي وكرجي إِلَى دَار منكوتمر ودقا عَلَيْهِ الْبَاب وَقَالا السُّلْطَان يطلبك فنكرهما وَقَالَ قد قتلتماه فَقَالَ كرجي نعم يَا مأبون بيتنا لنقتلك فَاسْتَجَارَ بطغجي فأجاره وَحلف لَهُ فَخرج إِلَيْهِمَا فذهبا بِهِ إِلَى الْجب وأنزلاه فاغتنم كرجي الْغَفْلَة وَحضر إِلَى الْجب وَأخرج منكوتمر من الْجب وذبحه وَقَالَ نَحن مَا قتلنَا أستاذه إِلَّا من أَجله فَمَا فِي بَقَائِهِ فَائِدَة
ونهبوا دياره فِي الْحَال وَاتَّفَقُوا على إِعَادَة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد من الكرك إِلَى الْملك وَأَن يكون طغجي نَائِبا وحلفوا لَهُ على ذَلِك
وارسلوا سلار لإحضاره وَهُوَ أَمِير صَغِير
وَعمل طغجي النِّيَابَة أَرْبَعَة أَيَّام فَلَمَّا حضر أَمِير سلَاح من غَزْوَة الشَّام وَقتل طغجي وكرجي عِنْدَمَا التقياه وَبَقِي يعلم على الْكتب ثَمَانِيَة أُمَرَاء سلار والجاشنكير وبكتمر أَمِير جندار وجمال الدّين ى قوش الفرم والحسام استاد الدَّار وكزد وأيبك الحزندار والأمير عبد الله
وَقتل لاجين وَهُوَ فِي عشر الْخمسين أَو جاوزها بِقَلِيل وَقيل إِن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون قَالَ لوَلَده الْملك الْأَشْرَف خَلِيل إِذا صَار الْأَمر إِلَيْهِم فَلَا تعَارض طرنطاي وَلَا تشوش عَلَيْهِ فَمَا يخونك
وَأما لاجين فَلَا تكَلمه وَإِن أمسكته فَلَا تبقه فخالفه الشّرف فِي أَمر الْمَذْكُورين
وَكَانَ حسام الدّين لاجين من أَعقل النَّاس وأنصفهم وَهُوَ الَّذِي خرج الْخُلَفَاء من الْحَبْس وابطل الثَّلج الَّذِي ينْقل فِي الْبَحْر من الشَّام إِلَى مصر وَقَالَ أَنا كنت فِي الشَّام وَأعلم مَا يقاسي النَّاس فِي وسقه وَكَانَ ذكيا نبيها)
حكى لي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ حكى لي وَالِدي أَنه وصل إِلَيْهِ بعض الْأَيَّام بريد من مصر وعَلى يُبْدِهِ كتاب من طرنطاي وَمِمَّا فِيهِ بِخَطِّهِ أَن الخروف نطح كبشه اقلبه فَقَالَ لي مَا هَذَا يَا محيي الدّين قلت لَا أعلم فَقَالَ هَذَا الْكَلَام مَعْنَاهُ أَن بيدرا قد وثب على عَمه الشجاعي وَكَذَا كَانَ فَإِن الشجاعي كَانَ زوج أم بيدرا فَعمل عَلَيْهِ عِنْد الْمَنْصُور وأمسكه وعزله وصادره وَهَذَا فِي غَايَة الْفَهم من مثل هَذِه الْإِشَارَة
وَحكى لي الْأَمِير شرف الدّين أَمِير حُسَيْن بن جندر قَالَ قَالَ لي حسام الدّين يَا حُسَيْن رَأَيْت البارحة فِي النّوم أَخَاك مظفر الدّين وَهُوَ يَقُول لي وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب ينقلبونفما كَانَ بعد ذَلِك ثَلَاث لَيَال حَتَّى قتل
وَلما قتل الشّرف هرب هُوَ وقراسنقر وجاءا إِلَى جَامع ابْن طولون وطلعا فِي المئذنة واستترا فِيهَا وَقَالَ لاجين إِن نجانا الله من هَذِه الشدَّة وصرت شَيْئا عمرت هَذَا الْجَامِع وَكَذَا جرى فَإِنَّهُ عمره وأوقف عَلَيْهِ(24/291)
أوقافاً كَثِيرَة وَعمل فِيهِ وظائف من الحَدِيث وَالتَّفْسِير والطب وَغَيره
وَحكى لي عَنهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابْن غَانِم رَحمَه الله مَكَارِم كَثِيرَة ولطفاً زايداً وإحساناً جماً ومودة يرعاها لمن يعرفهُ وَكَذَلِكَ حكى لي عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سدي النَّاس لما دخل عَلَيْهِ لم يَدعه يبوس الأَرْض ووقال أهل الْعلم ينزهون عَن هَذَا
وَأَجْلسهُ عِنْده أَظُنهُ على المقعد ورتبه موقعاً فباشر ذَلِك أَيَّامًا ثمَّ استعفى فأعفاه وَجعل الْمَعْلُوم لَهُ راتباً فتناوله إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود يَوْمًا بَين يَدَيْهِ يكْتب فَوَقع يء من الحبر على ثِيَابه فَأعلمهُ السُّلْطَان بذلك قَالَ لي فنظمت فِي الْحَال بَين يَدَيْهِ
(ثِيَاب مملوكك يَا سَيِّدي ... قد بيضت خَالِي بتسويدها)
(مَا وَقع الحبر عَلَيْهَا بلَى ... وَقع لي مِنْك بتجديدها)
قَالَ فَأمر لي بتفصيلتين ومبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم فَقلت يَا خوند مماليكك الْجَمَاعَة رفاقي يبْقى ذَلِك فِي قلبهم فَأمر لكل مِنْهُم بِمثل ذَلِك ثمَّ صَارَت راتباً لنا فِي كل سنة عَلَيْهِ
وأنشدني إجَازَة قصيدة بهَا وَهِي
(أطاعك الدَّهْر فَأمر فَهُوَ ممتثل ... واحكم فَأَنت الَّذِي تزهى بِهِ الدول)
)
(واشرف فَلَو ملكت شمس النَّهَار علا ... ملتها لم يزدْ فِي سعدها الْحمل)
(وانهض بعزمك فَهُوَ الْجَيْش يقدمهُ ... من بأسك المنذران الرعب والوجل)
(وسر بِهِ وَحده لَا بالجيوش وَإِن ... لم يحوها الأرحبان السهل والجبل)
(تلقى الْفتُوح وَقد جاءتك وافدةً ... يحثها المزعجان الشوق والأمل)
(قد أرهف الْملك الْمَنْصُور مِنْك على ... جَيش الأعادي حسماً حَده الْأَجَل)
(تهوى أسنته بيض النحور فَمن ... آثارها الْحمر فِي أجيادها قبل)
(تدمى سطاه وتندى كَفه كرماً ... كالغيث يهمي وَفِيه الْبَرْق يشتعل)
(سل يَوْم حمص جيوش الْمغل عَنهُ وَقد ... ضَاقَ الفضاء بهم واستدت السبل)
(والهام تسْجد والأجسام راكعةً ... وَالْمَوْت يقبل والأرواح ترتحل)
(وَالْبيض تغمد فِي الْأَبْطَال عَارِية ... وتنثني وَعَلَيْهَا مِنْهُم حلل)
(وَالْخَيْل تحفى وتخفى فِي العجاج فَإِن ... بَدَت غَدَتْ وهيب الهامات تنتعل)
(يُخْبِرك جمعهم وَالْفضل مَا شهِدت ... بِهِ العدى أَنه لَيْث الشرى البطل)(24/292)
(وَأَنه خَاضَ فِي هيجائها وجلا ... غمارها واصطلاها وَهِي تشتعل)
(وصدهم وهم كالبحر غذ صدموا ... ببأسه وَحمى الْإِسْلَام إِذْ حملُوا)
(فمزقتهم سطاه ذَا يسير وَذَا ... عانٍ أَسِير وَذَا فِي الترب منجدل)
(كَأَن أسهمه وَالْمَوْت يبعثها ... بَين المنايا وأرواح العدى رسل)
(كَأَن هاربهم وَالْخَوْف يَطْلُبهُ ... يَبْدُو لَدَيْهِ مِثَال مِنْهُ أَو مثل)
(فَإِن تنبه يَوْمًا راعه وَإِذا ... أغفى جلته عَلَيْهِ فِي الْكرَى الْمقل)
(وَعَاد والنصر مَعْقُود برايته ... والمغل مَا بَين أَيدي خيله خول)
(قد جمع الله فِيهِ كل مفترق ... فِي غَيره فَهُوَ دون النَّاس مكتمل)
(فَعَن ندى يَده حدث وَلَا حرج ... اليم تمّ وَعم الْعَارِض الهطل)
(اسْتغْفر الله ايْنَ الْغَيْث مُنْفَصِلا ... من بره وَهُوَ طول الدَّهْر مُتَّصِل)
(عَطاء من لَيْسَ يثني فيض رَاحَته ... عَن الندى سأم يَوْمًا وَلَا ملل)
(من حاتمٌ عد عَنهُ واطرح فِيهِ ... فِي الْجُود لَا بسواه يضْرب الْمثل)
(ايْنَ الَّذِي بره الآلاف يتبعهَا ... كرائم الْخَيل مِمَّن بره الْإِبِل)
)
(لَو مثل الْجُود مسرحاً قَالَ حاتمهم ... لَا نَاقَة لي فِي هَذَا وَلَا جمل)
(أحَاط بِالنَّاسِ سور من كفَالَته ... ظلّ لَهُم وعَلى أعدائه ظلل)
(أضحوا بِهِ فِي مهاد الأَرْض يكلأهم ... من رأفة بهم يقظان إِن غفلوا)
(يحنو عَلَيْهِم وَيَعْفُو عَن مسيئهم ... حلماً ويصفح عَنْهُم إِن هم جهلوا)
(وَأَعْدل النَّاس أَيَّامًا فَلَا شطط ... فِي الحكم مِنْهُ وَلَا حيف وَلَا ملل)
(أطَاع خالقه فِي مَا تقلده ... فَمَا عَن الدّين بالدنيا لَهُ شغل)
(إِن رام صيدا فَمَا الْكِنْدِيّ مفتخراً ... بِالْخَيْلِ فِي الصَّيْد إِلَّا مطرق خجل)
(لكل طرف يفوت الطّرف منظره ... لَا يَأْخُذ الصَّيْد إِلَّا وَهُوَ منفتل)
(فِي فتيةٍ من حماة التّرْك لَيْسَ لَهُم ... إِلَّا التَّعَلُّم من إقدامه أمل)
(إِن يقتلُوا الصَّيْد فِي أَيدي الْجَوَارِح بل ... جوارح اللحظ إِن يرموا بهَا قتلوا)
(عزا وصوناً لمن دَان الْأَنَام لَهُ ... حَتَّى السِّهَام إِلَى أغراضه ذلل)
أَو حاول اللّعب الْمَعْهُود بالكرة الَّتِي بهَا تستعين الْبيض والأسل(24/293)
(حَيْثُ السوابق تجْرِي فِي أعنتها ... طَوْعًا وَتعطف أَحْيَانًا فتمتثل)
(كَأَنَّهُ وَهِي والبردي فِي يَده ... على الْجواد وكل نَحْوهَا عجل)
(شمسٌ على الْبَرْق حَاز الْبَدْر يرفعهُ ... عَن الْهلَال فتعلو ثمَّ تستفل)
(لَا زَالَ بِالْملكِ الْمَنْصُور منتصراً ... مَا مَال بالدوح غُصْن البانة الثمل)
وَلما تولى السلطنة جَاءَ غيث عَظِيم بَعْدَمَا تَأَخّر فَقَالَ الوداعي وَمن خطه نقلت
(يَا أَيهَا الْعَالم بشراكم ... بدولة الْمَنْصُور رب الفخار)
(فَالله قد بَارك فِيهَا لكم ... فَأمْطر اللَّيْل وأضحى النَّهَار)
3 - (لاجين أَمِير آخور)
لاجين الْأَمِير حسام الدّين أَمِير آخور قدم فِي الْأَيَّام المظفرية حاجي إِلَى دمشق وَهُوَ أَمِير مائَة مقدم ألف وَحضر بِهِ الْأَمِير سيف الدّين بتخاص فِي تَاسِع عشْرين شهر رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
وَكَانَ أَمِير آخور فِي أَيَّام الْملك المظفر والكامل أَخِيه فِيمَا أَظن وَحضر طلبه وَولده أَمِير طبلخاناه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَطَابَتْ لَهُ دمشق وأحبها وَلم يزل بهَا إِلَى أَن خرج الْأَمِير)
سيف الدّين الجيبغا الناصري إِلَى دمشق على إقطاعه فوصل صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين طقبغا فِي تَاسِع شهر ربيع الآخر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَطلب الْأَمِير حسام الدّين الْمَذْكُور وَولده إِلَى الْقَاهِرَة
3 - (حسام الدّين العلائي)
لاجين الْأَمِير حسام الدّين العلائي كَانَ أَمِير جاندار بِالْقَاهِرَةِ فِي أَيَّام المظفر حاجي لِأَنَّهُ ك ان زوج أم المظفر فَلَمَّا قتل عزل ثمَّ إِنَّه أخرج إِلَى حلب فِي شهر ربيه الآخر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة على إقطاع الْأَمِير حسام الدّين مَحْمُود بن دَاوُد الشَّيْبَانِيّ وَطلب الْأَمِير سيف الدّين أرغون الْعمريّ إِلَى مصر صُحْبَة البريدي الَّذِي أحضرهُ
3 - (الجوكندار العزيزي)
لاجين الْأَمِير حسام الدّين الجوكندار العزيزي من كبار أُمَرَاء دمشق كَانَ فَارِسًا شجاعاً لَهُ فِي الحروب آثَار جميلَة خُصُوصا فِي وَاقعَة حمص
وَكَانَ محباً للْفُقَرَاء وأخلاقهم كثير الْبر لَهُم يجمعهُمْ على السماعات الَّتِي يضْرب بهَا الْمثل يغرم على السماع ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم
وَخلف تَرِكَة عَظِيمَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة(24/294)
3 - (الدرفيل)
لاجين الْأَمِير الْكَبِير حسام الدّين الأيدمري الدوادار الملقب بالدرفيل سمع من سبط السلَفِي وَكَانَ يحب الْعلمَاء مقرباً لَهُم لَهُ معرفَة وفضيلة ومشاركة وذكاء مفرط وهمة عالية
وَكَانَ السُّلْطَان يُحِبهُ ويعتمد عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات والمكاتبات وَأمر القصاد
توفّي وَلم يكمل الْأَرْبَعين سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة
وَكَانَ السُّلْطَان قد رتب حسام الدّين هَذَا هُوَ وَسيف الدّين بلبان الرُّومِي فِي الدوادارية وَكَانَ بلبان الرُّومِي يترسل إِلَى الْجِهَات وحسام الدّين هَذَا يلازم الدوادارية وَلما مَاتَ تأسف النَّاس عَلَيْهِ
وَقَالَ فِيهِ القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر)
(قَالُوا حسام الدّين قد قطع الورى ... قلت الحسام بِلَا خلاف يقطع)
(قَالُوا مضى عَنَّا وَلم يرجع ... قلت الحسام إِذا مضى لَا يرجع)
وَقَالَ أَيْضا
(كم قد رفعت يَدي عِنْد الدُّعَاء لَهُ ... بِأَن يعافى وَكم قيل آمينا)
(وَكم سَمِعت البواكي فِي تمرضه ... فَقلت يعد ألهاً لاجينا وَلَا جينا)
(فَمَا أَفَادَ دعائي وَلَا حذري ... مَا شاءه الله يمْضِي لَا الَّذِي شنيا)
وَقَالَ السراج الْوراق
(بَكت السيوف عَلَيْهِ والأقلام ... وَالْعلم وَالْعُلَمَاء والأعلام)
(وَاسْتَوْحَشْت مِنْهُ ظُهُور جياده ... وتعطل الإسراج والإلجام)
(وأظنهن بِهِ بلغن مُحَمَّدًا ... فظهورهن على السُّرُوج حرَام)
(تبْكي الجفون دَمًا عَلَيْهِ وَكَيف لَا ... تبْكي الجفون عَلَيْهِ وَهُوَ حسام)
(وَمضى وَمن فَخر الحسام إِذا مضى ... وسواه نابي المضربين كهام)
(أسفي على لاجين كَانَ رجاهم ... لاجين إِذْ فاجا حماه حمام)
3 - (السَّابِق وَالِي الشرقية)
لاجين الْأَمِير سَابق الدّين الْعِمَادِيّ نَائِب قوص فِي دولة الْمعز ثمَّ ولي بلبيس وَكَانَ مَمْلُوك الصاحب عماد الدّين وَزِير الجزيرة العمرية وَكَانَ دينا صَالحا متصدقاً قدم مَعَ أستاذه فِي دولة الْكَامِل وَتقدم أَيَّام الصَّالح وَتُوفِّي سنة تسعين(24/295)
وسِتمِائَة
وَكَانَ الْملك الظَّاهِر يعْتَمد عَلَيْهِ ويكرمه ويثق إِلَيْهِ ويعظمه
كتب إِلَيْهِ السراج الْوراق
(إِن عَاق غَيْرك مانعٌ عَن منةٍ ... تسدى فَمَا لَك أَنْت عَنْهَا عائق)
(وَعَطَاء كفك سابقٌ لمطالبي ... وكذاك فَلْيَكُن الْجواد السَّابِق)
3 - (العينتابي)
لاجين الْأَمِير حسام الدّين العينتابي يُشَارك فِي نِيَابَة السلطنة بحلب وَكَانَ بطلاً شجاعاً شَابًّا جميل الصُّورَة توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة)
(لَاحق)
3 - (أبومجلز)
لَاحق بن حميد السدُوسِي الْبَصْرِيّ أَبُو مجلز بِالْجِيم بعد الْمِيم وَبعد الْجِيم لَام وزاي الْأَعْوَر سمع جُنْدُب بن عبد الله وَمُعَاوِيَة وَابْن عَبَّاس وَسمرَة بن جُنْدُب وَأنس بن مَالك
قَالَ شُعْبَة تجيئنا أَحَادِيث عَن ابي مجلز كَأَنَّهُ شيعي وتجيئنا عَنهُ أَحَادِيث كَأَنَّهُ عثماني
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الحريري اللبان)
لَاحق بن عبد الْمُنعم بن قَاسم بن أَحْمد بن حمد بن حَامِد بن مفرج بن غياث الْأنْصَارِيّ الأرتاحي الأَصْل الْمصْرِيّ الحريري اللبان الْحَنْبَلِيّ روى عَنهُ الْمُنْذِرِيّ والدواداري وَغَيره روى كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي وَغير ذَلِك وَتفرد بِالْإِجَازَةِ من الْمُبَارك بن عَليّ بن الطباخ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (ابو عمر الْمَقْدِسِي)
لَاحق بن الْحُسَيْن بن عمرَان الْمَقْدِسِي ابو عمر كَانَ كذابا يضع الْأَسْمَاء والمتون مثل طغج بن طغان وطغريل بن غربيل
وَحدث بخراسان وخوارزم وَمَا وَرَاء النَّهر عَن خَيْثَمَة الأطرابلسي والمحاملي اتَّفقُوا على كذبه
توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة(24/296)
3 - (الألقاب)
اللاردي مُحَمَّد بن عَتيق
أَبُو لبَابَة الْأنْصَارِيّ اسْمه رِفَاعَة بن عبد الْمُنْذر وَقد مر ذكره فِي حرف الرَّاء فِي مَكَانَهُ
اللبلي المغربي اسْمه يحيى بن عبد الله
ابْن اللبان الفرضي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
ابْن اللبان عبد الله بن مُحَمَّد
ابْن اللبان الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْمُؤمن)
ابْن اللبانة الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى
اللباد أَبُو بكر الْمَالِكِي اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن وشاح
ابْن لال الشَّافِعِي أَحْمد بن عَليّ
ابْن لتال عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ
اللاحقي ابان واللاحقي إِسْمَاعِيل بن بشر
اللالكائي الشَّافِعِي هبة الله بن الْحسن
(لبَابَة)
3 - (زوج الْعَبَّاس)
لبَابَة بنت الْحَارِث بن حزن الْهِلَالِيَّة وَهِي أم الْفضل أُخْت مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ وَزوج الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَأم أَكثر بنيه يُقَال إِنَّهَا أول امْرَأَة أسلمت بعد خَدِيجَة
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزورها ويقيل عِنْدهَا وروت عَنهُ أَحَادِيث كَثِيرَة
وَكَانَت من المنجبات ولدت للْعَبَّاس سِتَّة رجال لم يُولد مثلهم وهم الْفضل وَعبد الله الْفَقِيه وَعبيد الله ومعيد وَقثم وَعبد الرَّحْمَن وَأم حبيب وَهِي سابعة
وفيهَا يَقُول عبد الله بن يزِيد الْهِلَالِي
(مَا ولدت نجيبة من فَحل ... بجبل تحله وَسَهل)(24/297)
(كستةٍ من بطن أم افضل ... أكْرم بهما من كهلةٍ وكهل)
(عَم النَّبِي الْمُصْطَفى ذِي الْفضل ... وَخَاتم الرُّسُل وَخير الرُّسُل)
وَأَخَوَاتهَا لأَبِيهَا وَأمّهَا مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ ولبابة الصُّغْرَى وعفراء وَعزة وهزيلة وأخواتهن لأمهن أَسمَاء وسلمى وسلامة بَنَات عُمَيْر الخثعميات
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَخَوَات الْمُؤْمِنَات مَيْمُونَة وَأم الْفضل وَأَسْمَاء وَقَالَ بَعضهم وسلمى قبل أَسمَاء
3 - (الصُّغْرَى)
لبَابَة الصُّغْرَى هِيَ أُخْت لبَابَة الْكُبْرَى الْمَذْكُورَة قبل وَهِي أم خَالِد بن الْوَلِيد
قَالَ ابْن عبد الْبر وَفِي إسْلَامهَا نظر
3 - (زَوْجَة الْأمين)
)
لبَابَة بنت عَليّ بن الْمهْدي كَانَت زَوْجَة الْأمين وَكَانَت جليلة فاضلة
قَالَت لما قتل عَنْهَا الْأمين قبل أَن يدْخل بهَا
(أبكيك لَا للنعيم والأنس ... بل للمعالي وَالرمْح وَالْفرس)
(ابكي على فارسٍ فجعت بِهِ ... أرملني قبل لَيْلَة الْعرس)
(لبنى)
3 - (كاتبة الْمُسْتَنْصر الْأمَوِي)
لبنى كاتبة الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر الْأمَوِي كَانَت كاتبة حاذقة نحوية شاعرة بَصِيرَة بِالْحِسَابِ
لم يكن فِي قصر الْإِمَارَة أنبل مِنْهَا وَكَانَ خطها مليحاً ومعرفتها بالعروض تَامَّة توفيت سنة أَربع وَتِسْعين وثلاثمائة
3 - (الألقاب)
القَاضِي اللبني اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد(24/298)
(لبيد)
3 - (الشَّاعِر الصَّحَابِيّ)
لبيد بن ربيعَة العامري الشَّاعِر قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ قومه فَأسلم وَحسن إِسْلَامه روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اصدق كلمة قَالَهَا شَاعِر كلمة لبيد أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل وَمن هَذِه القصيدة قَوْله
(وكل امرئٍ يَوْمًا سَيعْلَمُ سَعْيه ... إِذا كشفت عِنْد الْإِلَه المحاصل)
وَهَذَا يدل على أَنه قَالَ هَذَا الشّعْر فِي الْإِسْلَام
قَالَ ابْن عبد الْبر وَأكْثر أهل الْآثَار قَالَ إِن لبيداً لم يقل شعرًا فِي الْإِسْلَام مُنْذُ أسلم
وَقَالَ بَعضهم لم يقل فِي الْإِسْلَام إِلَّا قَوْله
(الْحَمد لله إِذْ لم يأتني أَجلي ... حَتَّى اكتسيت من الْإِسْلَام سربالا)
وَقد قيل إِن هَذَا الْبَيْت لقردة بن نفاثة السَّلُولي وَهُوَ اصح عِنْدِي
وَقَالَ غَيره الْبَيْت الَّذِي قَالَه فِي الْإِسْلَام قَوْله
(مَا عَاتب الْمَرْء الْكَرِيم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصَّالح)
وَكَانَ شريفاً فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام
وَكَانَ قد نذر أَن لَا تهب الصِّبَا إِلَّا نحر وَأطْعم ثمَّ نزل الْكُوفَة وَكَانَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة إِذا بت الصِّبَا يَقُول أعينوا أَبَا عقيل على مروءته
وَكتب إِلَيْهِ الْوَلِيد يَقُول
(أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إِذا هبت ريَاح أبي عقيل)
(أغر الْوَجْه أَبيض عامري ... طَوِيل الباع كالسيف الصَّقِيل)
(وفى ابْن الْجَعْفَرِي بحلفتيه ... على العلات وَالْمَاء الْقَلِيل)(24/299)
(بنحر الكوم إِذْ سحبت عَلَيْهِ ... ذيول صبا تجاوب بالأصيل)
فَلَمَّا أَتَاهُ الشّعْر قَالَ لابنته أجيبيه فقد رَأَيْتنِي وَمَا أعيا بِجَوَاب شَاعِر فَقَالَت
(إِذْ هبت ريَاح أبي عقيل ... دَعونَا عِنْد هبتها الوليدا)
)
(أَشمّ الْأنف أصيد عبشمي ... أعَان على مروءته لبيدا)
(بأمثال الهضاب كَأَن ركباً ... عَلَيْهَا من بني حامٍ قعُودا)
(أَبَا وهبٍ جَزَاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الشريدا)
(فعد إِن الْكَرِيم لَهُ معادٌ ... وظني بِابْن أروى أَن يعودا)
فَقَالَ أَبوهَا قد أَحْسَنت لَوْلَا انك استزدتيه فَقَالَت وَالله مَا استزدته إِلَّا أَنه ملك وَلَو كَانَ سوقة لم أفعل
ولقالت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا رحم الله لبيداً حَيْثُ يَقُول
(ذهب الَّذين يعاش فِي أَكْنَافهم ... وَبقيت فِي خلفٍ كَجلْد الأجرب)
(لَا ينفعون وَلَا يُرْجَى خَيرهمْ ... ويعاب قَائِلهمْ وَإِن لم يشغب)
قَالَت فَكيف لَو أدْرك زَمَاننَا هَذَا وَمَات لبيد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ وعلقمة بن علاثة العامريان من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم
قَالَ مَالك بن أنس بَلغنِي أَنه عَاشَ مائَة وَأَرْبَعين سنة
وَهُوَ الْقَائِل
(وَلَقَد سئمت من الْحَيَاة وطولها ... وسؤال هَذَا النَّاس كَيفَ لبيد)
وَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا رويت للبيد اثْنَي عشر ألف بَيت
3 - (التَّمِيمِي الصَّحَابِيّ)
لبيد بن عُطَارِد التَّمِيمِي أحد الْوَفْد القادمين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد وُجُوههم
إِسْلَامه فِي سنة تسع قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا أعلم لَهُ خَبرا غير ذكره فِي الْوَفْد
3 - (لبيد بن سهل الْأنْصَارِيّ)
لبيد بن سهل الْأنْصَارِيّ قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أَدْرِي(24/300)
أهوَ من أنفسهم أَو حَلِيف لَهُم جَاءَ ذكره فِي التَّفْسِير عِنْد قَوْله تَعَالَى وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا
قيل البريء هُنَا لبيد بن سهل وَقيل رجل من الْيَهُود وَالَّذِي رَمَاه ابْن أبرق وَقيل ابْن أُبَيْرِق بالدرع الَّتِي سَرَقهَا ورماها فِي دَاره ورماه بسرقتها)
3 - (الأشْهَلِي الصَّحَابِيّ)
لبيد بن عقبَة بن رَافع بن امْرِئ الْقَيْس الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي هُوَ وَالِد مَحْمُود بن لبيد لَهُ صُحْبَة ولابنه أَيْضا
(لبطة)
3 - (ابْن الفرزدق)
لبطة بن الفرزدق الشَّاعِر روى عَن أَبِيه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة
(لبي)
لبي بن لبي لَهُ صُحْبَة كَانَ يلبس الْخَزّ الْأَحْمَر
3 - (الألقاب)
ابْن اللبودي الْحكمِي اسْمه مُحَمَّد بن عَبْدَانِ
اللبودي نجم الدّين يحيى بن مُحَمَّد
اللبيدي الْمَالِكِي ابو الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد
ابْن اللتي اسْمه عبد الله بن عمر
لِسَان الْحمرَة النساب اسْمه وَرْقَاء بن الأسعر
(اللَّجْلَاج العامري)
3 - (العامري الصَّحَابِيّ)
لَهُ صُحْبَة قَالَ عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء بن اللَّجْلَاج العامري عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أسلمت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن خمسين(24/301)
سنة وَمَات اللَّجْلَاج وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة قَالَ وَمَا مَلَأت بَطْني مُنْذُ أسلمت آكل حسبي وأشرب حسبي
3 - (الألقاب)
ابْن اللحاس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
لحية الزبل الْقُرْطُبِيّ سعيد بن عُثْمَان
ابْن اللِّحْيَة يُوسُف بن سُلَيْمَان
لحية الليف اسْمه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس
اللحياني صَاحب يُونُس
ابْن لره اسْمه بنْدَار
اللص الشَّاعِر النَّحْوِيّ المغربي اسْمه أَحْمد بن عَليّ
(لذريق)
3 - (صَاحب الأندلس)
لذريق بِضَم اللَّام وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وياء آخر الْحُرُوف بعد الرَّاء الْمَكْسُورَة وقاف ملك الفرنج صَاحب الأندلس لَهُ ذكر فِي تَرْجَمَة مُوسَى بن نصير فليكشف من هُنَاكَ
(لطف الله)
3 - (الشريف الْهَاشِمِي)
لطف الله الشريف الْهَاشِمِي قَالَ الباخرزي فِي الدمية أَنْشدني وَالِدي قَالَ أَنْشدني الشريف لنَفسِهِ
(قَالَت سلا ودنا وَحَال وَلم ... اسل فتجزي بِهِ وَلم أحل)
(عنْدك قلبِي فقلبيه فَإِن ... وجدت فِيهِ سواك فانتقلي)
3 - (الألقاب)
لطيم الشَّيْطَان الْمَعْرُوف بالأشدق هُوَ عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ
(لُقْمَان)
3 - (الْعَنسِي الصَّحَابِيّ)
لُقْمَان بن شبة بن معيط أَبُو حصن الْعَنسِي بالنُّون قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ هُوَ أحد التِّسْعَة العنسيين الَّذين وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسلموا(24/302)
3 - (الألقاب)
ابْن لُقْمَان فَخر الدّين إِبْرَاهِيم بن لُقْمَان
أَبُو لُقْمَان الصفار يُونُس بن خَليفَة
(لَقِيط)
3 - (الْمحَاربي)
لَقِيط بن بكير الْمحَاربي كَانَ من رُوَاة الْكُوفَة وَكَانَ سيء الْخلق وكنيته أَبُو هِلَال
وَتُوفِّي سنة تسعين وَمِائَة وَله كتاب فِي الْأَخْبَار مبوب فِي كل فن من الْفُنُون كتاب مُفْرد وَمن أحْسنهَا كِتَابه فِي النَّاس وَكتاب السمر وَكتاب الخراب واللصوص وَكتاب أَخْبَار الْجِنّ
وَأخذ لَقِيط الْعلم عَن جمَاعَة مِنْهُم ابْن الْأَعرَابِي
وَمن شعره
(عزفت عَن الغواية والملاهي ... وأخلصت المتاب إِلَى إلاهي)
(وغرتني ليالٍ كنت فِيهَا ... مُطيعًا للشباب بِهِ أباهي)
(أجاري الغي فِي ميدان لهوي ... وقلبي عَن طَرِيق ارشد لاه)
(وألجمني المشيب لجام تقوى ... وركن الشيب بَادِي الْعَيْب واه)
(وَمن لم كَفه العذال عزمٌ ... فَلَيْسَ لَهُ على عذلٍ تناه)
3 - (الألقاب)
لكذه اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ اسْمه الْحسن بن عبد الله
(لمازة)
3 - (الْجَهْضَمِي)
لمازة بن زبار بالزاي وَالْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف مُشَدّدَة وَبعد الْألف رَاء(24/303)
الْجَهْضَمِي الْبَصْرِيّ روى عَن عَليّ وَأبي مُوسَى توفّي فِي عشر الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل فِي عشر الْمِائَة وكنيته أَبُو لبيد
وَكَانَ ثِقَة قَاتل عليا يَوْم الْجمل قيل لَهُ أَتُحِبُّ عليا قَالَ كَيفَ أحب رجلا قتل من قومِي أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة فِي يَوْم
قَالَ ابْن معِين نرى أَنه كَانَ يشْتم عليا رَضِي الله عَنهُ
3 - (الألقاب)
ابْن اللمطي اسْمه عمر بن عِيسَى بتن نصر
ابْن اللمطي الْأَمِير أَبُو التقى اسْمه صَالح بن إِسْمَاعِيل
ابْن لنكك الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن جَعْفَر
ابْن لنكك إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
(لهيب)
3 - (اللهبي الصَّحَابِيّ)
لهيب بن مَالك اللهبي قَالَ حضرت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت عِنْده الكهانة فَقلت بَابي أَنْت وَأمي نَحن أول من عرف حراسة السَّمَاء وزجر الشَّيَاطِين ومنعهم من استراق السّمع عِنْد قذف النُّجُوم وَذَلِكَ أَنا اجْتَمَعنَا إِلَى كَاهِن لنا يُقَال لَهُ خطر بن مَالك وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد أَتَت عَلَيْهِ مِائَتَا سنة وَكَانَ من أعلم كهاننا فَقَالَ عودا غلي السحر إيتوني بِسحر أخْبركُم الْخَبَر الْخَيْر أم ضَرَر أَو الْأَمْن أَو حذر قَالَ فانصرفنا عَنهُ يَوْمنَا لما كَانَ فِي غَد فِي وَجه السحر أتيناه فغذ هُوَ قَائِم على قَدَمَيْهِ شاخص فِي السَّمَاء بِعَيْنِه فأمسكنا فانقض نجم عَظِيم من السَّمَاء وصرخ الكاهن رَافعا صَوته أَصَابَهُ إِصَابَة خامره عِقَابه أحرقه شهابه زايله جَوَابه يَا ويله مَا حَاله بلبله بلباله عاوده خباله تقطعت حباله وغيرت أَحْوَاله ثمَّ أمسك طَويلا وَهُوَ يَقُول
(يَا معشر بني قحطان ... أخْبركُم بِالْحَقِّ وَالْبَيَان)
(أَقْسَمت بِالْكَعْبَةِ والأركان ... والبلد المؤتمن السدان)
(قد منع السّمع عتاة الجان ... بثاقبٍ بكف ذِي سُلْطَان)(24/304)
(من أجل مَبْعُوث عَظِيم الشَّأْن ... يبْعَث بالتنزيل وَالْقُرْآن)
(وبالهدي وفاضل الْفرْقَان ... تبطل بِهِ عبَادَة الْأَوْثَان)
قَالَ فَقلت وَيحك يَا خطر إِنَّك تذكر أمرا عَظِيما فَمَاذَا ترى قَوْمك فَقَالَ
(أرى لقومي مَا أرى لنَفْسي ... أَن يتبعوا خير نَبِي الْأنس)
(برهانه مثل شُعَاع الشَّمْس ... يبْعَث فِي مَكَّة دَار الحمس)
بمحكم التَّنْزِيل غير اللّبْس فَقُلْنَا يَا خطر وَمن هُوَ فَقَالَ والحياة والعيش إِنَّه لمن قُرَيْش مَا فِي عمله طيش وَلَا فِي خلقه هيش يكون فِي حيش وَأي حيش من آل قحطان وَآل أيش
فَقُلْنَا بَين لنا من أَي قُرَيْش هُوَ قَالَ وَالْبَيْت ذِي الدعائم والركن والأحائم إِنَّه لمن نجل هَاشم من معشر أكارم يبْعَث بالملاحم وَقتل كل ظَالِم)
ثمَّ قَالَ هَذَا هُوَ الْبَيَان أَخْبرنِي بِهِ رَئِيس الجان ثمَّ قَالَ الله أكبر جَاءَ الْحق وَظهر وَانْقطع عَن الْجِنّ الْخَبَر ثمَّ سكت وأغمي عَلَيْهِ فَمَا أَفَاق إِلَّا بعد ثَالِثَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد نطق عَن مثل نبوة وَإنَّهُ ليَبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده
3 - (الألقاب)
ابْن أبي لَهب الشَّاعِر اسْمه الْفضل بن الْعَبَّاس
ابْن اللهيب الْمَالِكِي اسْمه مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد
(لوط)
3 - (أَبُو مخنف)
لوط بن حيى بن مخنف بن سُلَيْمَان الْأَزْدِيّ أَو مخنف بِالْمِيم(24/305)
وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَالْفَاء ومخنف بن سُلَيْمَان من أَصْحَاب عَليّ رَضِي الله عَنهُ توفّي لوط سنة سبع وَخمسين وَمِائَة وَكَانَ راوية أخبارياً صَاحب تصانيف يروي عَن القصعب بن زُهَيْر ومجالد بن سعيد وَجَابِر بن يزِيد الْجعْفِيّ وَطَوَائِف من المجهولين
قَالَ أَبُو حَاتِم مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أخباري ضَعِيف وَقَالُوا أَبُو مخنف بِأَمْر الْعرَاق وفتوحها وأخبارها يزِيد على غَيره والمدائني بِأَمْر خُرَاسَان والهند وَفَارِس والواقدي بالحجاز وَالسير وَقد اشْتَركُوا فِي فتوح الشَّام
وَمن تصانيفه كتاب الرِّدَّة فتوح الشَّام فتوح الْعرَاق كتاب الْجمل كتاب صفّين كتاب النهروان كتاب الغارات كتاب الخريت بن رَاشد وَبني نَاجِية كتاب مقتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ كتاب مقتل حجر بن عدي كتاب مقتل مُحَمَّد بن أبي بكر وَالْأَشْتَر وَمُحَمّد بن أبي حُذَيْفَة
كتاب لشورى ومقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ كتاب الْمُسْتَوْرد بن علفة كتاب مقتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ كتاب الْمُخْتَار بن أبي عبيد كتاب وَفَاة مُعَاوِيَة وَولَايَة ابْنه ووقعة الْحرَّة وَعبد الله بن الزبير كتاب سُلَيْمَان بن صرد وَعين الوردة كتاب مرج راهط ومقتل الضَّحَّاك بن قيس الفِهري كتاب مُصعب بن الزبير وَالْعراق كتاب مقتل عبد الله بن الزبير كتاب حَدِيث باخمرا ومقتل ابْن الْأَشْعَث كتاب نجدة الحروري كتاب الْأزَارِقَة كتاب حَدِيث روشتقباذ
كتاب شبيب الحروري وَصَالح بن مسرح كتاب الْمطرف بن الْمُغيرَة كتاب دير الجماجم)
وخلع ابْن الْأَشْعَث كتاب يزِيد بن الْمُهلب ومقتله بالعقر كتاب خَالِد الْقَسرِي ويوسف بن عمر وَمَوْت هِشَام وَولَايَة الْوَلِيد كتاب زيد بن عَليّ كتاب يحيى بن زيد كتاب الضَّحَّاك الْخَارِجِي
كتاب الْخَوَارِج والمهلب بن أبي صفرَة
(لُؤْلُؤ)
3 - (العادلي مقدم الأسطول)
لُؤْلُؤ الْحَاجِب العادلي من كبار الدولة لَهُ مَوَاقِف مَشْهُورَة بالسواحل وَكَانَ مقدم الْغُزَاة حِين توجه الْعَدو الَّذين قصدُوا الْحجاز فِي الْبَحْر المالح بعدة مراكب وشوكة ومنعة وسولت لَهُم أنفسهم أمرا لمن يكن الله ليفعلوه فأدركهم وَأَخذهم وَدخل بأسراهم الْقَاهِرَة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وقفيه قَول القَاضِي الْوَجِيه ابْن الذروي(24/306)
(قلت وَقد سَافَرت يَا من إِذا ... جهاده يعضد من حجه)
(إِذْ قيل سَار الْحَاجِب المرتجى ... فِي الْبَحْر يَا رب السما نجه)
(الْبَحْر لَا يعدو على لؤلؤٍ ... لِأَنَّهُ كَون من لجه)
وَيَقُول أَيْضا
(لَئِن كنت من االبحر يَا لُؤْلُؤ العلى ... نتجت فَإِن الْجُود فِيك وَفِيه)
(وَإِن لم تكن مِنْهُ لأجل مذاقه ... فَإنَّك من بَحر السماح أَخِيه)
وَيَقُول أَيْضا
(يَا حَاجِب الْمجد الَّذِي مَاله ... لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الندى حجبه)
(وَمن دَعوه لؤلؤاً عِنْدَمَا ... صحت من الْبَحْر لَهُ نسبه)
وَيَقُول أَيْضا
(مر يَوْم من الزَّمَان عَجِيب ... كَاد يُبْدِي فِيهِ السرُور الجماد)
(إِذْ أَتَى الجاجب الْأَجَل بأسرى ... قرنتهم فِي طيها الأصفاد)
(بِجَمَال كأنهن حمال ... وعلوج كَأَنَّهُمْ أطواد)
(قلت بعد التَّكْبِير لما تبدى ... هَكَذَا هَكَذَا يكون الْجِهَاد)
(حبذا لُؤْلُؤ يصيد الأعادي ... وسواه من اللآلي يصاد)
)
وَكَانَ حَيْثُمَا توجه فتح وانتصر وَكَانَ أَيَّام صَلَاح الدّين مقدم الأسطول وَكَانَ يتَصَدَّق كل يَوْم بِاثْنَيْ عشر ألف رغيف مَعَ قدور الطَّعَام ويضعف ذَلِك فِي رَمَضَان ويشد وَسطه وَيقف ويغرف بِيَدِهِ الْوَاحِدَة وَفِي يَده الْأُخْرَى جرة سمن وَيبدأ بِالرِّجَالِ ثمَّ بِالنسَاء ثمَّ بالصبيان وَإِذا فرغوا بسط سماطاً للأغنياء يعجز الْمُلُوك عَن مثله
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (شمس الدّين نَائِب الشَّام)
لُؤْلُؤ الْأَمِير الْكَبِير شمس الدّين أَبُو سعيد الأميني الْموصِلِي كافل الممالك الشامية ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَسمع ابْن طبرزد وَمُحَمّد بن وهب ابْن الزنف وروى عَنهُ الدمياطي وَغَيره
وَكَانَ بطلاً شجاعاً دينا عابداً صَالحا أماراً بِالْمَعْرُوفِ إِلَّا أَن فِيهِ عقل التّرْك
كَانَ مُدبر الدولة الناصرية فحرص كل(24/307)
الْحر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على القعبور إِلَى مصر ليفتحها لمخدومه فَسَار بِهِ وبالجيوش وَعمل مَعَ عَسْكَر مصر مصافاً بِقرب العباسة فَكسر المصريين
ثمَّ تناخت البحرية بعد فرَاغ المصاف وخملوا على لُؤْلُؤ وَهُوَ فِي طَائِفَة قَليلَة فأسروه ثمَّ قَتَلُوهُ وَقتلُوا مَعَه جمَاعَة فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (الْملك الرَّحِيم)
لُؤْلُؤ السُّلْطَان الْملك الرَّحِيم بُد ر الدّين صَاحب الْموصل الأرمني الأتابكي النوري مولى نور الدّين أرسلان ابْن السُّلْطَان عز الدّين مَسْعُود يكنى أَبَا الْفَضَائِل كَانَ الْقَائِم بتدبير دولة أستاذه ثمَّ دبر دولة القاهر عز الدّين مَسْعُود وَلَده فَلَمَّا توفّي أَقَامَ بدر الدّين أَخَوَيْنِ وَلَدي القاهر صبيين وهما ابْنا بنت مظفر الدّين صَاحب إربل وَاحِدًا بعد وَاحِد ثمَّ إِنَّه استبد بِالْملكِ أَرْبَعِينَ سنة وَالأَصَح أَنه تسلطن سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَكَانَ حازماً مُدبرا شجاعاً وَفِيه كرم وسؤدد وتجمل وَله هَيْبَة وسطوة وسياسة ومداراة للخليفة والتتار وَيغرم على القصاد أَمْوَالًا وافرة
وَكَانَ مَعَ جوره وظلمه محبباً إِلَى الرّعية قطع وشنق وَقتل مَا لَا نِهَايَة لَهُ حَتَّى هذب الْبِلَاد
وَلما رأى مظفر الدّين صَاحب إربل يتغالى فِي المولد النَّبَوِيّ وَيغرم عَلَيْهِ أَمْوَالًا عَظِيمَة)
وَيظْهر الْفَرح والزينة عمد هُوَ إِلَى يَوْم فِي السّنة وَهُوَ عيد الشعانين فَعمل فِيهِ من اللَّهْو وَالْخُمُور والمغاني مَا يضاهي بِهِ المولد وَيكون السماط خونجا طَعَام وباطية خمر وينثر الذَّهَب على النَّاس من القلعة يسفي الذَّهَب بالصينية
ومقته أهل الْعلم وَالدّين لهَذَا الْفِعْل وَقَالَ فِيهِ
(يعظم أعياد النَّصَارَى وَيَدعِي ... بِأَن غله الْخلق عِيسَى بن مَرْيَم)
(إِذا نبهته نخوة عَرَبِيَّة ... إِلَى الْمجد قَالَت أرمنيته نم)
توجه إِلَى هولاكو وَقدم لَهُ تحفاً سنية مِنْهَا درة يتيمة التمس أَن يَضَعهَا فِي أذن هولاكو فانكفأ على ركبته فمعك أُذُنه وأدخلها فِيهَا
فَلَمَّا خرج أَفَاق على نَفسه وَقَالَ هَذَا مَعَك أُذُنِي فَغَضب وَطَلَبه فغذ بِهِ قد سَاق فِي الْحَال وَمَات فِي سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة وَقد كمل الثَّمَانِينَ
3 - (أَمِير دمشق)
لُؤْلُؤ هُوَ منتخب الدولة البشراوي بِالْبَاء الْمُوَحدَة والشين(24/308)
الْمُعْجَمَة كَانَ أَمِير دمشق من جِهَة خلفاء مصر وَجَاء السّجل لأبي المطاع ذِي القرنين الحمداني الْمُقدم كره فِي حرف الذَّال بولايته دمشق وتدبير العساكر يَوْم الْجُمُعَة الْعِيد الْأَضْحَى وخلع عَلَيْهِ وعزل لُؤْلُؤ البشراوي
وَكَانَت ولَايَة لُؤْلُؤ سِتَّة اشهر وَثَلَاثَة أَيَّام
وسيره أَبُو المطاع مُقَيّدا فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة إِلَى مصر على يَد ابْن أبي المطاع
3 - (مَمْلُوك رضوَان)
لُؤْلُؤ الْخَادِم مَمْلُوك رضوَان كَانَ لُؤْلُؤ يتَوَلَّى قلعة حلب حسده مماليك سَيّده رضوَان فَقَتَلُوهُ
وَكَانَ قد خرج نَحْو قلعة جعبر ليجتمع بالأمير سَالم بن مَالك فَلَمَّا وصل إِلَى قلعة بادد قَالَ لَهُ بعض غلمانه أرى جمَاعَة المماليك قد تشوشوا وَأَنا خَائِف عَلَيْك فاحترز مِنْهُم فَلم يلْتَفت فصاحوا أرنب أرنب وأوهموا البَاقِينَ ورموه بالنشاب وقصده وَاحِد بِسَهْم فَقتله ونهبوا خزانته وهربوا وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة)
3 - (كَاتب الْجَيْش الْآمِدِيّ)
لُؤْلُؤ حسام الدّين الْكَاتِب بدر الدّين الْآمِدِيّ أَو عَتيق أَخِيه موفق الدّين مِنْهُمَا تعلم الْكِتَابَة وَالتَّصَرُّف وَحصل لَهُ التَّشَيُّع
خدم الْأَشْرَف صَاحب حمص وترقى عِنْده ثمَّ خدم بِدِمَشْق وَكَانَ ديوَان الْجَيْش عبارَة عَنهُ
وَكَانَ ذَا مُرُوءَة غزيرة إِلَّا أَنه كَانَ ركنا للشيعة وَكَانَ عَاقِلا لم تحفظ عَنهُ كلمة سبّ بل كَانَ يترضى عَن الصَّحَابَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (المَسْعُودِيّ المشد)
لُؤْلُؤ الْأَمِير الْكَبِير المَسْعُودِيّ بدر الدّين كَانَ أَمِيرا محتشماً خَبِيرا بالسياسة وَالظُّلم
ولي نِيَابَة نَائِب السلطنة طرنطاي بِدِمَشْق مُدَّة ثمَّ ولي الشد فِي الدولة الأشرفية ثمَّ قدم دمشق على نِيَابَة السلطنة إِذْ ذَاك حسام الدّين لاجين
وَتُوفِّي ببستانه فِي المزة سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الْأَمِير بدر الدّين غُلَام فندش)
لُؤْلُؤ الْأَمِير بدر الدّين الْحلَبِي غُلَام فندش اعرفه ضَامِن حلب وطلع مَرَّات إِلَى مصر وَرَافِع النَّاس وَالْقَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش يصده وَيَردهُ ويكذبه قُدَّام السُّلْطَان فَلم يتَّفق لَهُ شَيْء مُدَّة حَيَاته
فَلَمَّا مَاتَ حضر بَين يَدي السُّلْطَان(24/309)
الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وَرمى ببين يَدَيْهِ دِينَارا ودرهماً وفلساً وَقَالَ يَا خوند الدِّينَار فِي حلب للمباشرين وَالدِّرْهَم للنائب والفلس لَك
فتأذى السُّلْطَان من ذَلِك واستشاط غَضبا وَطلب الْجَمِيع من حلب على الْبَرِيد فَحَضَرُوا وسلمهم إِلَيْهِ وَكَانَ يقْعد بقاعة الوزارة ويستحضرهم ويقتلهم بالمقارع
وَكَانَ النَّاس قد طَال عَهدهم بهَا من أَيَّام القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير
وَبَالغ فِي أَذَى أهل حلب فَأنْكر أهل مصر ذَلِك وَسَاءَتْ سمعته ذَلِك الْيَوْم ورثى النَّاس للمباشرين
فَوقف النَّاس لَهُ ليرجموه إِذا نزل آخر النَّهَار من القلعة فَعلم بذلك وَدخل إِلَى السُّلْطَان وعرفه ذَلِك فَزَاد غضب السُّلْطَان وَلم ينزل من الْقَاهِرَة وَرُبمَا أَنه جعل مَعَه أوشاقية يَحْفَظُونَهُ من)
النَّاس فَلم يزل يعاقبهم حَتَّى استصفى أَمْوَالهم وَأَخذهم مَعَه وَتوجه إِلَى حلب وَقد أمره السُّلْطَان وَجعله شاد الدَّوَاوِين بحلب
فَتوجه غليها وصادر وعاقب وتنوع حَتَّى أباع النَّاس أَوْلَادهم
وَزَاد فِي الْخِيَانَة فَبلغ الْخَبَر إِلَى السُّلْطَان فسير أحضرهُ فطلع بتقادم عَظِيمَة فقبلها السُّلْطَان وَجعله بَين يَدي الْأَمِير سيف الدّين الأكز مشد الدَّوَاوِين بِالْقَاهِرَةِ فَزَاد تسلطه على النَّاس وَكَرِهَهُ الأكز فَأخذ يَوْمًا الْعَصَا وضربه إِلَى أَن خرب عمَامَته وَخرج إِلَى برا وَهُوَ كَذَلِك فراح إِلَى النشو نَاظر الْخَواص وَاتفقَ مَعَه وَدخل عَلَيْهِ فعملا على الأكز وَأَخْرَجَاهُ إِلَى الشَّام وولاه السُّلْطَان شدّ الدَّوَاوِين بِالْقَاهِرَةِ فَعمل ذَلِك وَزَاد طغيانه وعتوه
ثمَّ إِن السُّلْطَان غضب عَلَيْهِ وأحضر الْأَمِير علم الدّين سنجر الْحِمصِي من الشَّام وولاه شدّ الدَّوَاوِين بِالْقَاهِرَةِ وَسلمهُ بدر الدّين لُؤْلُؤ المذكذور فَضَربهُ بعض ضرب وَقعد مُدَّة فِي الاعتقال ثمَّ خرج إِلَى حلب أَظُنهُ مشداً وَالله أعلم
فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب وَمَعَهُ سيف الدّين بهادر الكركري مشد الدَّوَاوِين فَغَضب عَلَيْهِ وَسلمهُ إِلَيْهِ فَقتله بالمقارع إِلَى أَن مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
حكى لي الشَّيْخ شمس الدّين ابْن الْأَكْفَانِيِّ قَالَ أعرف هَذَا لُؤْلُؤ وَهُوَ عِنْد فندش أَو قَالَ قبل وُصُوله إِلَى فندش وَهُوَ يَبِيع أساقط الْغنم والقصاب والتعاشير وَغير ذَلِك فِي لقين قدامه على الطَّرِيق وَرُبمَا حمل ذَلِك على رَأسه وَدَار بِهِ للْبيع
3 - (المنقذي الصياد)
لُؤْلُؤ بن عبد الله أَبُو الدّرّ الصياد مولى ابْن منقذ الإسْكَنْدراني قَالَا لحافظ وجيه الدّين أَبُو المظفر مَنْصُور الْآتِي ذكره فِي الدرة السّنيَّة فِي تَارِيخ الْإسْكَنْدَريَّة سَمِعت مِنْهُ قَدِيما جملا من شعره قَالَ يمدح آقش العادلي مُتَوَلِّي الثغر
(أهدي نسيم قدومكم لما سرى ... لي عنبراً عبقاً ومسكاً أذفرا)
(ووشت بكم فِي الرَّوْض أنفاس الصِّبَا ... فتعطر الرَّوْض الأنيق وأزهرا)(24/310)
(واخضر فِيهِ كل غُصْن قد ذوى ... بكم فَأصْبح مورقاً قد أخضرا)
)
(فالورق تنشد بَين أوراق لَهُ ... خطباً لَهُ لما رقته المنبرا)
(وكأنما صَوت الدوالب بكرَة ... زمرٌ يلذ بِهِ السماع ومزهرا)
(رقصت قدود غصونها فتمايلت ... طَربا لَهَا والجو ينثر عنبرا)
قلت شعر منحط وَنصب مزهراً وَهُوَ مَرْفُوع إِلَّا على تكلّف بعيد
3 - (مولى خمارويه)
لُؤْلُؤ الْخَادِم مولى خمارويه صَاحب الشَّام ومصر توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (الألقاب)
اللؤْلُؤِي الْمُحدث اسْمه شُرَيْح بن النُّعْمَان
واللؤلؤي الْبَصْرِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
واللؤلؤي الْقُرْطُبِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
واللؤلؤي القيرواني اللّغَوِيّ اسممه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
اللؤْلُؤِي القَاضِي اسْمه الْحسن بن زِيَاد
اللؤْلُؤِي الْحَافِظ زَكَرِيَّا بن يحيى
واللؤلؤي أَبُو سعيد عبد الرَّحْمَن بن مهْدي
اللؤْلُؤِي ابان بن عُثْمَان
لوين المعمر اسْمه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حبيب
اللامشي الْحَنَفِيّ القَاضِي اسْمه مُحَمَّد بن مُوسَى
(لَيْث)
3 - (الْكُوفِي القرمشي)
لَيْث بن أبي سليم الْكُوفِي مولى بني أميبة من عُلَمَاء الْكُوفَة(24/311)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صَاحب سنة إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الْجمع فِي غير حَدِيث بَين عَطاء وطاووس وَمُجاهد حسب
وَقَالَ ابْن حَنْبَل مُضْطَرب الحَدِيث وَقَالَ أَبُو زرْعَة وَغَيره لين لَا يقوم بِهِ الْحجَّة
توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة
وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الإِمَام الْمصْرِيّ)
اللَّيْث بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي مَوْلَاهُم الْأَصْبَهَانِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ أحد الْأَعْلَام شيخ إقليم مصر ولد سنة أَربع وتعسين وَتُوفِّي سنة خمس وبعين وَمِائَة
كَانَ كَبِير مصر ورئيسها ومحتشمها وأميز من بهَا فِي عصره بِحَيْثُ أَن النَّائِب وَالْقَاضِي تَحت أمره ومشورته
وَكَانَ الشَّافِعِي يتأسف على فَوَات لقِيه وَكَانَ يحسن الْقُرْآن والنحو ويحفظ الشّعْر والْحَدِيث حسن المذاكرة
وَقَالَ أَحْمد ابْن أخي وهب سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول اللَّيْث أفقه من مَالك إِلَّا أَن أَصْحَابه لم يقومُوا بِهِ وَمثله عَن ابْن بكير
وَقَالَ حَرْمَلَة سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول اللَّيْث أتبع للأثر من مَالك وَخرج اللَّيْث يَوْمًا فقومت ثِيَابه ودابته وخاتمه وَمَا عَلَيْهِ بِثمَانِيَة عشر ألف دِرْهَم إِلَى عشْرين ألفا
وَكَانَ يستغل فِي الْعَام عشْرين ألف دِينَار وَله مَكَارِم كَثِيرَة يتَصَدَّق كل يَوْم على ثَلَاثمِائَة مِسْكين
وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة منتصف شعْبَان
قَالَ ابْن خلكان رَأَيْت فِي بعض المجاميع أَن اللَّيْث كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب وَأَنه ولي الْقَضَاء بِمصْر وَأَن الإِمَام مَالِكًا أهْدى إِلَيْهِ صينية فِيهَا تمر فَأَعَادَهَا مَمْلُوءَة ذَهَبا
وَكَانَ يتَّخذ لأَصْحَابه الفالوذج وَيعْمل فِيهِ الدَّنَانِير ليحصل لكل من أكل كثيرا أَكثر من)
صَاحبه
حج سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة وَسمع من نَافِع مولى ابْن عمر وَهُوَ من أهل قلقشندة بقافين بَينهمَا لَام سَاكِنة وشين مُعْجمَة وَنون ودال وَبعدهَا هَاء
وَقَالَ بعض أَصْحَابه لما دفنا اللَّيْث سمعنَا صَوتا يَقُول
(دفن اللَّيْث لَا لَيْث لكم ... وَمضى الْعلم غَرِيبا وقبر)
فالتفتنا فَلم نر أحدا وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (ابْن أبي الْجَارُود الشَّافِعِي)
اللَّيْث بن خَالِد أَبُو الْحَارِث الْبَغْدَادِيّ ابْن أبي الْجَارُود(24/312)
الْمَكِّيّ الْفَقِيه صَاحب الشَّافِعِي من كبار أَصْحَابه روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وروى هُوَ عَن الشَّافِعِي كتاب الأمالي وَغير ذَلِك
وَكَانَ من القيمين بمذهبه وَذكره التِّرْمِذِيّ فِي آخر كتاب الْجَامِع
وَمَات فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الصفار)
اللَّيْث بن عَليّ بن اللَّيْث هَذَا اللَّيْث هُوَ ابْن أخي يَعْقُوب وَعَمْرو ابْني اللَّيْث الصفارين وَقد تقدم ذكر غَيرهمَا من أهل بيتهما لما قبض سبك السبكري على طَاهِر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن اللَّيْث وجهزه إِلَى مَدِينَة السَّلَام كَمَا تقدم فِي تَرْجَمَة طَاهِر الْمَذْكُور ولي الْأَمر بعده على مملكة فَارس اللَّيْث هَذَا
وَكَانَ اللَّيْث قد تغلب على بِلَاد سجستان فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فاستخلف اللَّيْث أَخَاهُ المعذل بن عَليّ بن اللَّيْث على سجستان وَسَار إِلَى بِلَاد فَارس طَالبا سبكاً السبكري فهرب مِنْهُ طَالبا من المقتدر النجدة فَجرد المقتدر بِاللَّه الجيوش فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَأقَام عَلَيْهَا مؤنساً المظفري وبدراً الْكَبِير وَالْحُسَيْن بن حمدَان والتقوا مَعَ اللَّيْث بن عَليّ فَانْهَزَمَ جَيْشه واسر هُوَ وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَابْنه إِسْمَاعِيل وَدخل مؤنس إِلَى بَغْدَاد وَمَعَهُ الأسرى فِي الْمحرم سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
وَشهر اللَّيْث بن عَليّ على فيل وَولي الْمعدل بن عَليّ بن اللَّيْث على سجستان
3 - (صَاحب الْخَلِيل)
اللَّيْث بن المظفر)
كَانَ رجلا صَالحا مَاتَ الْخَلِيل وَلم يفرغ من كتاب الْعين فَأحب أَن ينْفق الْكتاب باسمه فَسمى لِسَانه الْخَلِيل فَإِذا رَأَيْت فِي الْكتاب سَالَتْ الْخَلِيل وَأَخْبرنِي الْخَلِيل فَإِنَّهُ يَعْنِي الْخَلِيل نَفسه
وَإِذا قيل قَالَ الْخَلِيل فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ لِسَانه
كَذَا قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي الْفَقِيه قَالَ ابْن المعتز كَانَ اللَّيْث من أكتب النَّاس فِي زَمَانه بارع الْأَدَب بَصيرًا بالشعر وَالْأَدب والنحو يكْتب للبرامكة وَكَانُوا معجبين بِهِ فارتحل إِلَيْهِ الْخَلِيل وباشره فَوَجَدَهُ بحراً فأغناه
وَأحب الْخَلِيل أَن يهدي إِلَيْهِ هَدِيَّة تشبهه فاجتهد الْخَلِيل فِي كِتَابه الْعين فصنفه لَهُ وَخَصه بِهِ دون النَّاس فَوَقع مِنْهُ موقعاً عَظِيما وعوضه عَنهُ مائَة ألف دِرْهَم وَاقْبَلْ اللَّيْث ينظر فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا لَا يمل النّظر فِيهِ حَتَّى حفظ نصفه وَكَانَت ابْنة عَمه تَحْتَهُ فَاشْترى اللَّيْث جَارِيَة نفيسة بِمَال جليل فبلغها ذَلِك فغارت غيرَة عَظِيمَة وَقَالَت وَالله لأغيظنه وَلَا أُبْقِي غَايَة
وَقَالَت إِن غظته فِي الْملك فَذَاك مِمَّا لَا يُبَالِي بِهِ وَلَكِنِّي أرَاهُ مكباً لَيْلًا نَهَارا على هَذَا الدفتر وَالله لأفجعنه بِهِ وأحرقت الْكتاب(24/313)
وَأَقْبل اللَّيْث إِلَى منزله وَدخل إِلَى الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ فصاح بخدمه وسألهم عَن الْكتاب فَقَالُوا أَخَذته الْحرَّة فبادر إِلَيْهَا وَقد علم من ايْنَ أُتِي فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا ضحك فِي وَجههَا وَقَالَ لَهَا ردي الْكتاب فقد وهبت لَك الْجَارِيَة وحرمتها على نَفسِي فَأخذت بِيَدِهِ وأدخلته وارته رماده
فَسقط فِي يَده وَكتب نصفه من حفظه وَجمع على الْبَاقِي أدباء زَمَانه وَقَالَ لَهُم مثلُوا عَلَيْهِ واجتهدوا فعملوا النّصْف الثَّانِي الَّذِي بأيدي النَّاس وَكَانَ الْخَيل قد مَاتَ
وَدخل اللَّيْث على عَليّ بن عِيسَى بن ماهان وَعِنْده رجل يُقَال لَهُ حَمَّاد الخزربك فجَاء رجل فَقص رُؤْيا رَآهَا لعَلي بن عِيسَى فهم حَمَّاد أَن يعبرها فَقَالَ اللَّيْث كف فلست هُنَاكَ فَقَالَ عَليّ يَا أَبَا هِشَام وتعبرها قَالَ نعم وَكَانَت الرُّؤْيَا كَأَن عَليّ بن عِيسَى مَاتَ وَحمل على جَنَازَة وَأهل خُرَاسَان يتبعونه فانقض غراب من السَّمَاء ليحمله فكسروا رجل الْغُرَاب فَقَالَ اللَّيْث أما الْمَوْت فَهُوَ بَقَاء وَأما الْجِنَازَة فَهُوَ سَرِير وَملك وَأما مَا حملوك فَهُوَ مَا علوتهم وَكنت على رقابهم وَأما الْغُرَاب فَهُوَ رَسُول قَالَ الله تَعَالَى فَبعث الله غراباً يقدم عَلَيْك فَلَا ينفذ أمره
فَمَا مَكَثُوا إِلَّا يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة حَتَّى قدم رَسُول من عِنْد الْخَلِيفَة بِحمْل عَليّ بن عِيسَى)
فَاجْتمع قواد خُرَاسَان وأثنوا عَلَيْهِ خيرا وَلم يَتْرُكُوهُ يحمل وَقَالُوا نخشى انْتِقَاض الْبِلَاد فَبَقيَ
3 - (الزَّاهِد الْحَمَوِيّ)
أَبُو اللَّيْث الزَّاهِد الْحَمَوِيّ كَانَ صَاحب عبَادَة ومجاهدة وَيعْمل الرياضات الأربعينية وَكَانَت لَهُ دَار مليحة بحماة وَأَصْحَاب وابتاع وَكَانَ يَأْتِي بعلبك وَيُقِيم بهَا
وَصَحب أَسد الشَّام الشَّيْخ عبد الله اليونيني وَتُوفِّي أَبُو اللَّيْث سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (الألقاب)
ابْن أبي اللَّيْث الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي نصر بن مُحَمَّد
آخر الْجُزْء الرَّابِع وَالْعشْرُونَ كَذَا من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ليلى بنت أبي حثْمَة القرشية العدوية
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَسلم(24/314)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
مَكَارِم
1 - ابْن وَزِير لَك مَكَارِم بن وَزِير لَك وجدته فِي الشُّعَرَاء العصرية وَالظَّاهِر أَنه أَبُو المكارم هبة الله ابْن وَزِير بن مقلد
وَمَكَارِم بعض كنيته
من شعره
(كفوا عَن القَاضِي اللهيب ... فعناؤه دَاء الْقُلُوب)
(قَالُوا يُغني بالقضيب ... وَلَيْسَ ذَلِك بالعجيب)
(لَو لم يُغني بالقضيب ... لمات من شوق الْقَضِيب)
وَمِنْه
(مليك لَهُ فِي الْعَالمين مَكَارِم ... هِيَ الشَّمْس لَا تخفى بِكُل مَكَان)
(لياليه أَيَّام وَأما زَمَانه ... فقد فاق بِالْمَعْرُوفِ كل زمَان)
وَمِنْه
(عَاتب إياك فَإِنَّهُ ... قد جَازَ فلسفة وعلما)
(أَيكُون بقراط الْحَكِيم ... وَأَنت بَين النَّاس أعمى)
لما بلغ ابْن سناء الْملك الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى واسْمه(26/5)
هبة الله بن جَعْفَر ابْن ابْن وَزِير هَذَا هجاه فَأحْضرهُ إِلَيْهِ وأدبه وَشَتمه كتب إِلَيْهِ نشئ الْملك عَليّ بن مفرج الْمَعْرُوف (230) بِابْن المنجم المعري يتهكم بِابْن الْوَزير
(قل للسعيد أدام الله دولته ... صديقنا تظلمه)
(صفعته إِذا غَدا يهجوك منتقما ... مِنْهُ وَمن بعد هَذَا ظلت تشتمه)
(هجو بهجو وَهَذَا الصفع فِيهِ رَبًّا ... وَالشَّرْع مَا يعتصيه بل يحرمه)
(فَإِن تقل مَا لهجو عِنْده ألم ... فالصفع وَالله أَيْضا لَيْسَ يؤلمه)
وَله فِي مليح حاسب
(قد جاد ذهنك فِي الْحساب ... فجد للمستهام بِأول الْعدَد)
وَقَالَ
(من عَلَامَات الْمُحب إِذا ... عاين المحبوب يرتعد)
(خيفة من غير مَا سَبَب ... غير إِظْهَار الَّذِي تَجِد)
(دهشة العشاق وَاضِحَة ... لم يطق كتمانها الْجلد)
وَقَالَ
(انْظُر إِلَى الأحدب مَعَ عرسه ... وَهِي على الْجَبْهَة مبطوحه)
(كَأَنَّهُ لما علا ظهرهَا ... فارة نجار على شوحه)
وَقَالَ
(ألطاف رَبك فِي الضراء كامنة ... فَكُن لغايبه السَّرَّاء منتظرا)(26/6)
(فغاية اللَّيْل فجر والسهاد كرى ... وَمن أصَاب دواعي صبره قدرا)
(وَرب راج أتاح الله بغيته ... عفوا وغارس آمال جنى الثمرا (231))
(فاسحب ذيول السرى فِي كل حَادِثَة ... وخض بحار الدجى تلقى المنى دررا)
(لَوْلَا مُلَازمَة السّير الحثيث لما ... كَانَ الْهلَال بآفاق السما قمرا)(26/7)
الألقاب
المكناسي الْكَاتِب اسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
ابْن مكي بدر الدّين مُحَمَّد بن مكي (232)
ابْن مكي الْحَاجِب جَعْفَر مكي
مروية الطَّبِيب اسْمه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن
2 - أَبُو عبد الله الْعَنزي منْدَل بن عَليّ أَبُو عبد الله الْعَنزي كَانَ فَاضلا صَدُوقًا
قَالَ معَاذ دخلت الْكُوفَة فَلم أجد بهَا أحدا أورع من منْدَل مرت جَارِيَة وَمَعَهَا سلة فِيهَا بجندل وَهُوَ فِي حلقته وَأَصْحَاب الحَدِيث حوله فوقفت تسمع كَلَامه فَظن السلَّة أهديت إِلَيْهِ فَقَالَ لَهَا قدميها وَقَالَ لمن حوله كَلَوْ فَأَكَلُوا مَا فِيهَا(26/8)
ثمَّ انصرفت الْجَارِيَة إِلَى سَيِّدهَا فَقَالَ مَا الَّذِي حَبسك فَأَخْبَرته الْخَبَر وَكَانَ رجلا فَقَالَ لَهَا أَنْت حرَّة لوجه الله تَعَالَى
حدث منْدَل عَن الْأَعْمَش وَغَيره
وَقَالَ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ مرّة ضَعِيف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ (233)(26/9)
المنجا
3 - زين الدّين أَبُو البركات المنجا بن عُثْمَان بن أسعد الإِمَام الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين
زين الدّين أَبُو البركات بن الصَّدْر عز الدّين الْعَلامَة وجيه الدّين التنوخي المعري الأَصْل الدِّمَشْقِي المولد الْحَنْبَلِيّ
ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة
حضر على جَعْفَر الْهَمدَانِي وَابْن المقبر وَسَالم بن صصرى وَسمع من السخاوي والتياح والقرطبي والرشيد بن مسلمة(26/10)
وتفقه على أَصْحَاب جده وعَلى أَصْحَابه الشَّيْخ موفق
وَقَرَأَ الْأُصُول على وَغَيره وبرع فِي الْمَذْهَب وتفقه عَلَيْهِ ابْن الْفَخر وَابْن أبي الشَّيْخ وَابْن
لِأَنَّهُ شرح كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه شرحا حسنا فِي أَربع مجلدات وَفسّر الْكتاب الْعَزِيز وَلكنه لم يبيضه وألقاه جَمِيعه دروسا وَشرع فِي شرح الْمَحْصُول وَلم يكمله وَاخْتصرَ نصفه
وَكَانَت لَهُ فِي الْجَامِع حَلقَة للأشغال وَالْفَتْوَى نَحْو ثَلَاثِينَ سنة مُتَبَرعا وَكَانَ يَصُوم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس وَيذكر من حِين يُصَلِّي الصُّبْح إِلَى أَن يُصَلِّي للضحى وَكَانَ لَهُ مَعَ الصَّلَوَات تطوع كثير وَفِي آخر اللَّيْل تهجد وَيفْطر الْفُقَرَاء عِنْده فِي بعض اللَّيَالِي وَفِي شهر رَمَضَان كُله
وَسمع // (صَحِيح مُسلم) // على السخاوي
وَأَجَازَ للشَّيْخ الدّين مروياته
وَكَانَ لَهُ ملك وثروة وَحُرْمَة وافرة
وَسَأَلَ النَّاس الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك عَن ألفيته أَن يشرحها فَقَالَ ذَلِك المنجا يشرحها لكم(26/11)
وَكَانَ قد قَرَأَ على ابْن مَالك (234)
4 - أَبُو المنجا أَبُو بن عَليّ بن المنجا
من وُجُوه أَصْحَاب أبي عَليّ القرمطي الْمَعْرُوف بالأعصم
وَكَانَ مِمَّن يرجع إِلَيْهِ فِي الرَّأْي والسياسة من أبي مَحْمُود إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر الكتامي فقصده ظَالِم الْعقيلِيّ من نَاحيَة ظَالِم فَأسرهُ ظَالِم يَوْم السبت لعشر خلون من شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَأسر ابْنه وسيرهما إِلَى قفصي خشب فحبسا بِمصْر (235)
بَنو المنجا جمَاعَة مِنْهُم
الشَّيْخ عز الدّين الْمُحْتَسب وناظر الْجَامِع اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
ووجيه الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان
وَصدر الدّين أسعد بن عُثْمَان
ووجيه الدّين أسعد بن المنجا
ووجيه الدّين أسعد بن عبد الرَّحْمَن
وَعز الدّين عُثْمَان بن أسعد(26/12)
وشمس الدّين عمر بن أسعد
وزين الدّين المنجا بن عُثْمَان (236)
5 - التَّمِيمِي الْحَارِثِيّ منْجَاب بن الْحَارِث التَّمِيمِي الْكُوفِي
روى عَنهُ مسلمة وَبَقِي بن مخلد
توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
6 - الْأَمِير الأخشيدي منجح الْأَمِير
كَانَ من كبار الأخشيدية
ولي نِيَابَة طرسوس والثغر وَكَانَت أَيَّامه طيبَة برخص الأسعار
توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلاثمائة (237)
وَلما تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَنهُ بإمساك من يمسك وَقتل من يقتل ظَهرت لَهُ سمعة ومهابة وَبَقِي النَّاس يخَافُونَ إِذا سمعُوا بِخُرُوجِهِ إِلَى الشَّام
وَفِي ذَلِك قلت كَانَ وَكَانَ(26/13)
(أَمِير منجك حَدِيثك قد شاع ... وَصَارَ أَعدَاء المظفر يخشاك)
فِي الأحلام
(قد كنت منجك فَلَمَّا حصدت ... أَعمار العدى أَصبَحت منجل فكأنك)
بدلت بِاللَّامِ (238)
بَنو مندة جمَاعَة مِنْهُم
الْحَافِظ مُحَمَّد بن يحيى
وَمِنْهُم الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق
وَمِنْهُم عماد الدّين مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد وَهُوَ صَاحب الرحلة الواسعة(26/14)
وَمِنْهُم يحيى بن عبد الْوَهَّاب
ابْن المندوف مُحَمَّد بن هبة الله (239)(26/15)
الألقاب
بَنو المنجم جمَاعَة فضلاء
مِنْهُم أَحْمد بن عَليّ
وَمِنْهُم أَحْمد بن يحيى
وَمِنْهُم الْحسن بن عَليّ
وَمِنْهُم الْحسن بن يحيى
وَمِنْهُم عبد الله بن عَليّ
وَمِنْهُم عَليّ بن مفرج
وَمِنْهُم عَليّ بن هَارُون(26/16)
وَمِنْهُم عَليّ بن يحيى
وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان
وَمِنْهُم هَارُون بن عَليّ
وَمِنْهُم الْفضل بن ثَابت
وَمِنْهُم هَارُون بن عَليّ بن هَارُون بن عَليّ
وَمِنْهُم هبة الله بن مُحَمَّد
وَمِنْهُم يحيى بن عَليّ
وَمِنْهُم يحيى بن أبي مَنْصُور(26/17)
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن يحيى
المنجم الرَّمْلِيّ مُحَمَّد بن مكي
المنجم المغربي مُحَمَّد بن يوسفمنجوتكين وَيُقَال بنجوتكين
التركي
ولاه الْعَزِيز أمرة الجيوش الشامية فَقدم دمشق فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة بعد مُنِير الْخَادِم وامتدت ولَايَته إِلَى شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
جده عَليّ بن جَعْفَر بن فلاح (240)
7 - حَاجِب الْحجاب بِدِمَشْق منجك الْأَمِير سيف الدّين الناصري
اشْتهر فِي دولة الْملك الصَّالح وَكَانَ هُوَ الَّذِي حضر بِرَأْس النَّاصِر أَحْمد لما أخذت الكرك
ثمَّ إِنَّه حضر إِلَى دمشق صُحْبَة مغربي ادّعى أَن فِي الصَّفْقَة الْقبلية مطلبا فَوقف على الْمَكَان الْمَذْكُور وَلم تكن لذَلِك صِحَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر(26/18)
ثمَّ لما توفّي الْأَمِير سيف الدّين جركس نَائِب قلعة الرّوم خلف أملاكا كَثِيرَة وأموالا جمة فَجهز إِلَى حلب للحوطة على تركته فَتوجه إِلَيْهَا وَحصل ذَلِك
وَفِي أثْنَاء الْحَال توفّي الْملك الصَّالح وَولي الْملك أَخُوهُ الْكَامِل شعْبَان فَحَضَرَ الْأَمِير سيف الدّين منجك من حلب وَلما برز الْأَمِير سيف الدّين يلبغا إِلَى الجسورة فِي أَيَّام الْكَامِل حضر إِلَيْهِ مُنْكرا حركته فأمسكه فِي الوطاق وهم بقتْله وَتَركه مُقيما بِدِمَشْق إِلَى أَن انْفَصل الْحَال وخلع الْكَامِل وَولي الْملك المظفر فَتوجه الْأَمِير سيف الدّين منجك إِلَى الْقَاهِرَة
وَلما جرى للأمير سيف الدّين يلبغا مَا جرى فِي السّنة الثَّانِيَة وَأمْسك بحماة هُوَ ووالده وجهزا مقيدين تلقاهما الْأَمِير سيف الدّين منجك إِلَى قاقون وَقضى الله أمره فِي يلبغا على يَده وحز رَأسه وجهزه إِلَى مصر وَكَانَ بَين أَن يقتل وَبَين أَن قتل من كَانَ يُرِيد قَتله سنة وَاحِدَة وَأَيَّام
ثمَّ إِنَّه كمل سفرته تِلْكَ إِلَى حماة وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَعَاد إِلَى دمشق أَمِير مَائه مقدم ألف وحاجب الْحجاب فَدَخلَهَا فِي ثامن عشر من شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة [241](26/19)
وَلما خلع المظفر وَتَوَلَّى الْملك النَّاصِر حسن بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الْملك طلبه وَورد فِي طلبه الْأَمِير سيف الدّين باذل الَّذِي أحضر الْأَمِير سيف الدّين قطز نَائِب صفد إِلَيْهَا حضر إِلَى دمشق فِي طلبه فَأَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى مصر يَوْم الْعِيد أول شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ قد تحمل الحجوبية فِي دمشق على أتم مَا يكون وأكمل
كَانَ الْأَمِير سيف الدّين بن عون شاه نَائِب الشَّام يرد كثيرا من الْقَصَص إِلَيْهِ فَإِذا رَاح من دَار الْعدْل إِلَى بَيته تدفع هُنَاكَ ويرسم فِيهَا بِمَا يرَاهُ وَيكْتب المراسيم للألوا لَهُ وَغَيرهم نجلاص الْحُقُوق بموقع عِنْده من موقعي السُّلْطَان وَهَذَا لم نره لغيره من الْحجاب
وَجَاء الْخَبَر إِلَى دمشق بِأَنَّهُ تولى وزارة الممالك الإسلامية بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَاسْتمرّ فِيهَا إِلَى أَن وَقع الْخلف بَين أُمَرَاء المشورة بِسَبَبِهِ فعزل من الوزارة قَرِيبا من شَهْرَيْن
وَلما أخرج أَمِير أَحْمد وَغَيره من الْأُمَرَاء عيد إِلَى الوزارة والأستاذ دادية وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن توجه أَخُوهُ الْأَمِير سيف الدّين يلبغا أدوس النَّائِب إِلَى الْحجاز فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت رَابِع عشر من شَوَّال سنة(26/20)
إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة قبض عَلَيْهِ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن فَقيل إِن مماليكه لبسوا سِلَاحهمْ ونزلوا إِلَى سوق الْخَيل ولعبوا بِالرِّمَاحِ فَقَالَ السُّلْطَان لَا يروح لَهُم أحد وَإِنَّمَا قُولُوا لَهُم إننا نَدع الحرافيش تنهب دُوركُمْ
فتوجهوا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين شيخو وَكَانَ فِي الصَّيف على لحيان فَلم يَجدوا مِنْهُ إقبالا عَلَيْهِم وَلَا مطاوعة فعادوا إِلَى الْقَاهِرَة ففرقهم السُّلْطَان على الْأُمَرَاء وَلم يزل الْمَذْكُور فِي الاعتقال بالإسكندرية إِلَى أَن خلع الْملك النَّاصِر حسن وَولي الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين صَالح فَأخْرجهُ وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء المعتقلين بالإسكندرية وبالكرك وخلع عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ تقدمة ألف على عَادَته وَأَفْرج عَن أملاكه ومستأجراته
وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن كثر الإرجاف بِأَن الْأَمِير سيف الدّين تنبغا أروسر وأمير أَحْمد نَائِب حماة وبكلمش نَائِب طرابلس يُرِيدُونَ الْخُرُوج على الدولة واشتهر ذَلِك اشتهارا كَبِيرا فَطلب منجك فِي(26/21)
أَوَائِل رَجَب فَلم يُوجد لَهُ خبر وَنُودِيَ عَلَيْهِ [242] وَأرْسل قطز وَرَاءه إِلَى سَائِر النواحي فَلم يظفر بِهِ وَكَانَ هروبه فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة
وَلم يزل مختفيا إِلَى أَن خرج الْأَمِير سيف الدّين طاز بالعسكر الْمصْرِيّ وَبعده الْأَمِير سيف الدّين شيخو فَأمْسك الْأَمِير سيف الدّين طاز شخصا أنكر أمره وَمَعَهُ كتب للحسام لاجين أستاذ دَار منجك فجهزه إِلَى السُّلْطَان فَسلم إِلَى الْأَمِير سيف الدّين صرغتمش فقرره فَأقر بِأَن منجك فِي دَار الحسام لاجين فَأمْسك وَضرب فَأقر فَتوجه صرغتمش إِلَى الدَّار وَأخرجه من مطمورة وطلع بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَكتب كتابا عَن نَفسه إِلَى أَخِيه الْأَمِير بيبغا وَهُوَ على دمشق بِأَن نخمد هَذِه الْفِتْنَة فَإِن فِي ذَلِك بَقَاء دوحة فَوجه الْكتاب إِلَيْهِ فَمَا أَفَادَ وَكَانَ إِمْسَاكه قبل طُلُوع السُّلْطَان إِلَى الشَّام بِيَوْم فِي أَوَائِل شعْبَان
وَقلت أَنا فِيهِ لما أمسك فِي الْمرة الأولى
(قد كَانَ منجك فِي الْأَيَّام مبجلا ... يسمو على النظراء والأقران)
(حَتَّى رمته يَد الزَّمَان بأسهم ... أبدا تصيب مقَاتل الفرسان)
(عجبا لَهُ من وسط مأمنه هوى ... كَذَا تكون طوارق الْحدثَان)
(لم يغنه ذهب تعاظم كنزه ... فمكانه سَام على كسوان)
(هَذَا بِذَاكَ وللزمان عجائب ... مِنْهَا تقلب حَالَة الْإِنْسَان)
(بَينا ترَاهُ عَالِيا فِي عزه ... إِذْ رَاح أَسْفَل ذلة وهوان)(26/22)
لم يزل فِي الاعتقال بثغر الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى أَن أفرج السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَالح عَنهُ وَعَن الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي أَمِير آخور
وَوصل الْأَمِير سيف الدّين منجك فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة إِلَى صفر وَأقَام بهَا بطالا مُدَّة ثمَّ إِنَّه توجه إِلَى الْقُدس شهر رَمَضَان [243] وَزَاد فِيهِ عمَارَة من شرايفه
وَلما خلع السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَالح طلب هُوَ إِلَى مصر فَتوجه وولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن نِيَابَة طرابلس بعد موت نائبها الْأَمِير سيف الدّين ايتمش فوصل إِلَى دمشق فِي تَاسِع عشر شَوَّال وَحضر مَعَه فِي الْبَرِيد الْأَمِير سيف الدّين جاورجي ليعده فِي النِّيَابَة بطرابلس وَيعود وَأقَام بطرابلس نَائِبا إِلَى أَن توجه إِلَى حلب لإمساك الْأَمِير سيف الدّين طاز وَلم يزل هُوَ ونائب حماه الْأَمِير سيف الدّين أسندر الْعمريّ والعسكر الْمُجَرّد من الشَّام إِلَى أَن وصل إِلَى القطيفة وَجرى لَهُ مَا يذكر فِي تَرْجَمته وَأمْسك الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير على نَائِب الشَّام وجهزه مُقَيّدا وعادت العساكر إِلَى موَاضعهَا فرسم السُّلْطَان لَهُ بنيابة حلب وَحضر من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة الْأَمِير عَلَاء الدّين طنبغا الخاصكي ليتوجه بِهِ إِلَى حلب ويقره فِي النِّيَابَة بهَا
وَكَانَ وُصُول طنبغا الْمَذْكُور إِلَى دمشق فِي رَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ منجك بحلب نَائِبا إِلَى أَن رسم(26/23)
لَهُ بنيابة دمشق عوضا عَن أَمِير عَليّ وَأَن يكون أَمر عَليّ نَائِب حلب عوضه فَحَضَرَ الْأَمِير سيف الدّين منجك إِلَى دمشق
ودخلها يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة وَزَاد فِي تتبع من يشرب أَو أمسك سَكرَان فَكَانَ فِي كل يَوْم يضْرب دَار الْعدْل جمَاعَة بالمقارع على الجنبين وبالعصي على الصُّدُور وعَلى الظّهْر فِي حَالَة وَاحِدَة ويخزم الْأنف بالخيط والمسال ويطيف بِهِ
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ شمس الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي شُبْهَة
(يَا شاربي الصهبا منجك قلب ... الْأَنْسَاب بالتحرير وَالتَّحْرِيم)
(يُمْسِي النديم لآل جَفْنَة نِسْبَة ... فَيَعُود صبحا من بني مَخْزُوم)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ عز الدّين عَليّ بن بهاء الدّين الْموصِلِي أَيْضا
(يَا شعراء الْوَزْن لَا تغلطوا ... مَعَ منجك فِي الْخمر بالنظم)
(فَهُوَ عروضي وَلكنه ... زحافه بالخرم والخزم)
وَلما كَانَ فِي يَوْم عَرَفَة حضر الْبَرِيد بِأَن يتَوَجَّه إِلَى صفد نَائِبا عوضا عَن الْأَمِير شهَاب الدّين بن صبح فَتوجه إِلَيْهَا وَدخل يَوْم الْخَمِيس ثَالِث شهر الله الْحرم الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير عَليّ إِلَى دمشق نَائِبا عوضا عَنهُ(26/24)
وَذَلِكَ فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة فَأَقَامَ بهَا نَائِبا إِلَى أَوَائِل من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ طلب [244](26/25)
ملكشاه
8 - جلال الدولة السلجوقي ملكشاه بن ألب رسْلَان مُحَمَّد بن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق بن دقاق السُّلْطَان جلال الدولة
وَقد تقدم ذكر أَبِيه وَذكر جمَاعَة من أهل بَيته
لما توفّي أَبوهُ كَانَ فِي صحبته جلال الدولة وَلم يَصْحَبهُ قبلهَا فِي السّفر فولى الْأَمر بعده بِوَصِيَّة من أَبِيه وتحليف الْأُمَرَاء لَهُ ووصى بِهِ الْوَزير نظام الْملك أَبَا عَليّ وَأَن يكون مرجع أَوْلَاده فِي ممالكهم إِلَى جلال الدولة
وَعبر نهر جيحون عَائِدًا إِلَى الْبِلَاد فَوجدَ بعض أَعْمَامه قد خرج عَلَيْهِ فعاجله وتصافا بِالْقربِ من همذان فنصره الله على عَمه وَانْهَزَمَ فَاتبعهُ بعض جنده وأسروه فبذل التَّوْبَة وَرَضي بالاعتقال وَأَن لَا يقتل فَلم يجبهُ جلال الدولة فَقَالَ أمراؤك كتبُوا إِلَيّ وَأخرج خريطة(26/26)
ملئ من الْكتب فَرمى الْكتب فِي كانون نَار بَين يَدَيْهِ بِإِشَارَة نظام الْملك ثمَّ خنق عَمه بِوتْر قوسه
وَفتح الْبِلَاد واتسعت ممالكه وَلم يملك أحد من مُلُوك الْإِسْلَام بعد الْخُلَفَاء مثله ملك من كاشفر وَهِي مَدِينَة من أقْصَى بِلَاد التّرْك إِلَى الْبَيْت الْمُقَدّس طولا وَمن بِلَاد الجزيرة إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة عرضا وَوَقع الْوَزير نظام الْملك للملاحين الَّذين عبروا بالسلطان وللعسكر نهر جيحون على الْعَامِل الَّذِي بإنطاكية لسعة مَمْلَكَته وَكَانَت الْأُجْرَة أحد عشر ألف دِينَار
وَتزَوج الإِمَام الْمُقْتَدِي ابْنَته
وَكَانَ السّفر فِي الْخطْبَة للشَّيْخ أبي إِسْحَاق صَاحب التَّنْبِيه فَتوجه إِلَيْهِ إِلَى نيسابور وَعَاد فِي أقل من أَرْبَعَة أشهر وناظر هُنَاكَ(26/27)
إِمَام الْحَرَمَيْنِ [245] وَلما دخل الْخَلِيفَة عَلَيْهَا عمل لعسكر السُّلْطَان سماطا كَانَ فِيهِ أَرْبَعُونَ ألف من سكرا ورزق الْخَلِيفَة مِنْهَا ابْنا سَمَّاهُ جعفرا وزينت لذَلِك بَغْدَاد ودخلها جلال الدولة مرَّتَيْنِ وَهِي من جملَة بِلَاده وَلَيْسَ للخليفة فِيهَا إِلَّا الِاسْم
ثمَّ إِن جلال الدولة عَاد إِلَيْهَا ثَالِثَة وَخرج إِلَى نَاحيَة دجيل واصطاد وحشا وَأكل من لَحْمه فابتدأت بِهِ الْعلَّة وافتصد وَلم يخرج الدَّم كثيرا فَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَلم يصل إِلَيْهِ أحد من خواصه
وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَت وِلَادَته سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَحمل تابوته إِلَى أَصْبَهَان
وَلما مَاتَ لم تشهد لَهُ جَنَازَة وَلَا صلى أحد عَلَيْهِ فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة وَلَا جَلَسُوا للعزاء وَلَا حذف عَلَيْهِ ذَنْب فرس على عَادَة أَمْثَاله بل كَأَنَّهُ كَانَ قد اختلس من الْعَالم
وَقيل إِنَّه سم فِي خلاله
وَله فِي أَصْبَهَان مدرسة عَظِيمَة مَوْقُوفَة على الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة(26/28)
وَلما دخل إِلَى بَغْدَاد هَذِه الْمرة كَانَ للخليفة ولدان أَحدهمَا الإِمَام المستظهر وَالْآخر أَبُو الْفضل جَعْفَر بن بنت السُّلْطَان وان الْخَلِيفَة قد بَايع لوَلَده المستظهر بِولَايَة الْعَهْد لِأَنَّهُ الْأَكْبَر فألزمه السُّلْطَان أَن يعْزل المستظهر ويولي ابْن بنته وَيسلم إِلَيْهِ بَغْدَاد وَيخرج الْخَلِيفَة إِلَى الْبَصْرَة فشق ذَلِك على الْخَلِيفَة وَبَالغ فِي استنزال السُّلْطَان عَن هَذَا الرَّأْي فَلم يفعل فَسَأَلَهُ المهلة عشرَة أَيَّام [246] ليتجهز فأمهله فَقيل إِن الْخَلِيفَة فِي تِلْكَ الْأَيَّام جعل يَصُوم ويطوي وَإِذا أفطر جلس على الرماد للإفطار وَيَدْعُو الله على السُّلْطَان فَمَرض تِلْكَ الْأَيَّام وَمَات فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
وَحكى الهمذاني أَن سواديا لقِيه فَقَالَ ابتعت بطيخا بدريهمات لَا أملك غَيرهَا فلقيني ثَلَاثَة أغلمة أتراك فَأَخَذُوهُ مني وَقَالَ غَيره فَقَالَ أمسك واستدعى فراشا وَقَالَ لَهُ إِن نَفسِي تاقت إِلَى الْبِطِّيخ فَطُفْ فِي الْعَسْكَر فَمن كَانَ عَنهُ شَيْء فائتي بِهِ فَعَاد وَمَعَهُ بطيخ وَكَانَ ذَلِك فِي باكورة الْبِطِّيخ فَقَالَ عِنْد من كَانَ قَالَ عِنْد الْأَمِير الْفُلَانِيّ فَأحْضرهُ فَقَالَ لَهُ من أَيْن لَك هَذَا الْبِطِّيخ قَالَ أحضرهُ الغلمان فَقَالَ أريدهم(26/29)
السَّاعَة فَمضى وهربهم وَعَاد فَقَالَ لم أجدهم فَالْتَفت السُّلْطَان إِلَى السوادي وَقَالَ هَذَا مملوكي قد وهبته لَك وَالله لَئِن خليته لَأَضرِبَن عُنُقك فَأَخذه السوادي وَأخرجه فَاشْترى الْأَمِير نَفسه مِنْهُ بثلاثمائة دِينَار وَعَاد السوادي وَقَالَ يَا سُلْطَان قد ابتعته بثلاثمائة دِينَار أوقد رضيت قَالَ نعم قَالَ امْضِ مصاحبا
وَكَانَت الْبركَة واليمن مقرونين بناصيته وَكَانَ يدْخل أَصْبَهَان وبغداد أَو أَي بلد دخله مَعَ عدد لَا يُحْصى لكثرته فترخص الأسعار وتنحط الْأَثْمَان عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ ويكسب المتعيون الْكسْب الْكثير على عساكره ومناقبه كَثِيرَة
وَقد تقدم ذكر أَوْلَاده الثَّلَاثَة وهم بركياروق وسنجر وَمُحَمّد كل وَاحِد فِي مَوْضِعه من الْحُرُوف
وَقَالَ ملكشاه يَوْمًا أحصوا مَا صدت بنفسي من الصَّيْد فأحصي ذَلِك وَكَانَ عشرَة آلَاف صيد فَتصدق بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَبنى وَرَاء النَّهر مَنَارَة من قُرُون الغزلان وَبنى أُخْرَى مثلهَا ظَاهر الْكُوفَة
وخطب لَهُ من أقْصَى بِلَاد التّرْك والصين إِلَى أقْصَى الْيمن وَكَانَ خرجه فِي السّنة عشْرين ألف ألف دِينَار
وَكَانَ عمره سبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَخَمْسَة أشهر وَمُدَّة ملكه تسع عشرَة سنة وَسِتَّة أشهر
9 - وَالِدَة المظفر صَاحب حماة ملكة خاتون بنت السُّلْطَان الْملك الْعَادِل وَالِدَة صَاحب حماة الْملك المظفر(26/30)
لما توفت سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة حزن عَلَيْهَا زَوجهَا الْملك الْمَنْصُور وَلبس للحداد ثوبا أَزْرَق وعماة زرقاء وَتكلم الوعاظ وأنشدت المراثي [248]
10 - فَخر الْكتاب المجود مكي بن خَالِد
أَبُو الْحرم الْمصْرِيّ الْكَاتِب المجود الملقب بفخر الْكتاب جود النَّاس عَلَيْهِ بِمصْر كثيرا وَكَانَ مليح الْخط جيد التَّوْقِيف طَال عمره وَحدث بِشَيْء من شعره وعاش سَبْعَة وَثَمَانِينَ سنة
وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمن شعره
(يَا حبذا قمر تزرفن صُدْغه ... واخضر شَاربه فَزَاد جمالا)
(وَكَأن أسود ناظري فِي خَدّه ... لما نظرت لَهُ تمثلا خالا)
قلت معنى مَشْهُور وَهُوَ من قَول الأول
(وَلما استعلت أعين النَّاس حوله ... تراقبه حَيْثُ اسْتَقل وسارا)
(تمثلت الْأَهْدَاب فص صفو خَدّه ... خيالا فخالوا الشّعْر فِيهِ عذارا)
وَمن شعره فِي مليحة اسْمهَا الثريا
(تبدت لنا من جَانب الخدر فِي الدجا ... فمزق صبح الْوَجْه ثوب الفناهب)
(وأومت بأطراف تقمعن فضَّة ... تفض بهَا قلب الْمُحب المراقب)
(أَقُول لصحبي إِذْ رَأَوْا مَا رَأَيْته ... أَظن الثريا قمعت بالكواكب)
وَمِنْه فِي الرَّوْضَة بِمصْر(26/31)
(وروضة أظهر الْغُرُوب بهَا ... عجائبا من بديع أنوار)
(كَأَنَّهَا جنَّة النَّعيم وَقد حفت ... بهَا ألسن من النَّار)
وَمِنْه فِي أرمد
(يَا حبذا أرمد قلب العميد بِهِ ... قلب الغزالة أضحى غير ذَلِك جلد)
(لقد لاقيت من أجفان مقلته ... تشفى السقام وَلَا تبرى من الرمد)
[249]
11 - الماكسيني النَّحْوِيّ مكي بن رَيَّان بن شبة الماكسيني النَّحْوِيّ
أَبُو الْحرم
قدم بَغْدَاد وجالس شيوخها
وَمَات بالموصل فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وسِتمِائَة
وَقَرَأَ بِبَغْدَاد على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب وعلاء بن الْحسن بن العصار وعَلى أبي البركات ابْن الْأَنْبَارِي وبالموصل على أبي بكر يحيى بن سعدون الْقُرْطُبِيّ وَغَيرهَا(26/32)
وَقَرَأَ عَلَيْهِ أهل الْموصل وَتخرج بِهِ أَعْيَان زَمَانه من أَهلهَا وَمضى إِلَى الشَّام وَعَاد إِلَى الْموصل
قَالَ ياقوت رَأَيْته وَكَانَ شَيخا طوَالًا على وَجهه أثر الجدري إِلَّا أنني لم أَقرَأ عَلَيْهِ شَيْئا وَكَانَ حرا كَرِيمًا صَالحا صبورا على المشتغلين يجلس لَهُم من سحرة إِلَى أَن يصل للعشاء الْآخِرَة وَكَانَ من أحفظ النَّاس لِلْقُرْآنِ نَاقِلا للسبع وَكَانَ قد أَخذ من كل علم طرفا وَسمع للْحَدِيث فَأكْثر
وَمن شعره أوردهُ ياقوت وَابْن خلكان
(على الْبَاب عبد يطْلب الْإِذْن قَاصِدا ... بِهِ أدبا لَا أَن نعماك تحجب)
(فَإِن كَانَ إِذن فَهُوَ كالخير دَاخل ... عَلَيْك وَإِلَّا فَهُوَ كالشر يذهب)
وَمِنْه
(سئمت من الْحَيَاة فَلم أردهَا ... تسالمني وتشجيني بريقي)
(عدوي لَا يقصر فِي أذائي ... وَيفْعل مثل ذَلِك بِي صديقي)
(وَقد أضحت لي الحدباء دَارا ... وَأهل مودتي بلوى العقيق)
[250]
12 - الْحِجَازِي ملكتمر الْأَمِير سيف الدّين الْحِجَازِي الناصري
أحد المقدمين أَمر الْألف من أَصْهَار السُّلْطَان الْملك النَّاصِر(26/33)
أَظُنهُ تزوج بابنة السُّلْطَان الَّتِي كَانَت مَعَ الْأَمِير سيف الدّين طغاي تمر الناصري وَمَات عَنْهَا
كَانَ عِنْد أستاذه كَبِيرا عَزِيزًا إِلَى الْغَايَة وَكَانَ فِي جملَة من حَبسه الْأَمِير سيف الدّين قوصون فِي واقعته ثمَّ إِنَّه أخرج من الْحَبْس لما حضر النَّاصِر أَحْمد من الكرك وَقتل قوصون
وَكَانَ شَابًّا طَويلا حسن الْوَجْه والشكل كَرِيمًا إِلَى الْغَايَة لطيفا يُقَال عَنهُ أَنه كَانَ يلْعَب بأصناف من الملاهي وَهُوَ خَفِيف الْحَرَكَة فِي الرقص وَكَانَ عل مَا قيل لي إِنَّه يصف لَهُ ثَلَاثَة أرؤس خيلا وَأَنه تقفز من على الأَرْض فيعديها إِلَى الأَرْض من الْجَانِب الآخر وَلَا يمس شَيْئا مِنْهَا وَأَبَان فِي وَاقعَة الْكَامِل عَن فروسية ورحله على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر(26/34)
وَهُوَ أحد من قَامَ بدولة الْملك المظفر حاجي وَلم يزل فِي غَايَة العظمة والوجاهة إِلَى أَن تنكر لَهُ السُّلْطَان الْملك المظفر بِسَبَب لعب الكرة وتحزبهم وَكَأَنَّهُ أضمر الْغدر فجَاء أحد من اتّفق مَعَه إِلَى السُّلْطَان وعرفه أَنه قد عزموا يَوْم الِاثْنَيْنِ عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة على الرّكُوب إِلَى قبَّة الْقصر ليفعلوا كَمَا فعلوا بِالْملكِ الْكَامِل فَطَلَبه السُّلْطَان الْملك المظفر عَشِيَّة الْأَحَد إِلَى الْقصر (251) وأمسكه وَأمْسك الْأُمَرَاء السِّتَّة الَّذين ذكرُوا فِي تَرْجَمَة الْأَمِير شمس الدّين أقسنقر الناصري
وَيُقَال إِن الْأَمِير سيف الدّين منجك وَغَيره من الخاصطية ضربوه بِالسُّيُوفِ وبضعوه فَقَالَ الْأَمِير شمس الدّين أقسنقر وَقد أمسك هَذَا الْمِسْكِين مَا هُوَ مُسلم فَضربُوا الآخر بِالسُّيُوفِ وقتلوه مَعَه فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
وَكَانَ الْملك النَّاصِر مُحَمَّد أستاذه زَائِد الإفراط فِي محبته بِحَيْثُ أَنه كَانَ مَا يَدعه ينزل مَعَه يَوْم السبت إِلَى الميدان بل ينزل يَوْم الثُّلَاثَاء ويلعب الكرة هُوَ وخاصيته فِي قمدارية ومماليكه وَكَانَ يَقُول لَهُ يَا ملكتمر لما تلعب اتبرقع حَتَّى لَا يُؤثر حر الشَّمْس فِيك وَلَا يَدعه يحضر للْخدمَة حَتَّى لَا يرَاهُ أحد
حكى لي القَاضِي شرف الدّين النشو نَاظر الْخَاص أَن السُّلْطَان مَا عِنْده أعز مِنْهُ وَلَو أَنه يلازم للْخدمَة ويواظبه أَخذ مِنْهُ شَيْئا كثيرا إِلَى الْغَايَة
وَقَالَ لي شهَاب الدّين أَحْمد العسجدي اجْتمعت بِهِ وعَلى ذهنه(26/35)
مسَائِل فقهية يسْأَل عَنْهَا وذهنه جيد
وَكَانَ قد استولى على أَوْلَاد الْأُمَرَاء يركبون مَعَه وينزلون فِي خدمته ويأكلون على سماطه وَيَأْخُذُونَ إنعاماته فَلهَذَا أمسك مِنْهُم جمَاعَة عِنْد قَتله
وَقلت
(بغا أغر لَو على الْحِجَازِي ... وَكَانَ للْملك كالطراز)
(مضى شَهِيدا وعاش هَذَا ... يرتع فِي اللوم والمخازي)
(فمصر وَالشَّام فِي التهاب الْبَرْق ... الْيَمَانِيّ على الْحِجَازِي (252))
(فحامل أَسبَاب الدنية جَاهِل ... وتارك أَسبَاب المنايا مهذب)
(تفكرت فِي الدُّنْيَا فَلم أر لَذَّة ... تدوم وَلَا مستحسنا لَيْسَ يسلب)
(وَلَا أملا إِلَّا وَيرجع خائبا ... وَلَا سالما فِي النَّاس إِلَّا ويعطب)
(إِلَّا دَعَا قلبِي بِصَوْت حمامة ... تنوح على غُصْن الْأَرَاك وتندب)
(ترى فجعت مثلي خَلِيلًا وصاحبا ... على من كَانَ يرْعَى ويرهب)
(أَخا كَانَ ملْجأ للعفاة ومؤئلا ... إِذا مَا عز فِي النَّاس مطلب)
(زعيم رجال لَو يلاقي منونهم ... تلقوها وَلم يتهيبوا)
13 - ابْن الصاحبية الشَّافِعِي مكي بن أبي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَبِيه الدِّمَشْقِي
عرف بِابْن الصاحبية(26/36)
كَانَ فَقِيها فَاضلا قَادِرًا على النّظم نظم قصيدة على حرف الرَّاء سَمَّاهَا البديعة فِي أَحْكَام الشَّرِيعَة
توفّي سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة (254)(26/37)
الملاءة
14 - الحرشية الملاءة بنت رزان بن أوفى الحرشية
كَانَ أَبوهَا فَقِيها مُحدثا من التَّابِعين
وَقد شَبَّبَ الفرزدق بالملاءة وبعاتكة بنتهَا
وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلام لَا أعلم امْرَأَة شَبَّبَ بهَا وبأمها وَجدتهَا غير نائلة ونائلة بنت عَاتِكَة وعاتكة بنت الْفُرَات بن مُعَاوِيَة البكائي
فَقَالَ مسْعدَة بن البحتري وَقد تقدم ذكره فِي نائلة
(قولا لنائل مَا تقضين فِي رجل ... يهوى هَوَاك وَمَا جنبته اجتنبا)
(يُمْسِي معي جَسَدِي وَالْقلب عنْدكُمْ ... فَمن يعِيش إِذا مَا قلبه ذَهَبا)
قد غنى بِهَذِهِ عبادل وهما من أصوات الأغاني
وَأما عَاتِكَة فَإِن يزِيد بن الْمُهلب زوج بهَا وَقتل عَنْهَا يَوْم الْعقر
وفيهَا يَقُول الفرزدق
(إِذا مَا المرونيات أصبحن حسرا ... وبكين أشلاء على عقر بابل)
(فكم طَالب بنت الملاءة إِنَّهَا ... تذكر ريعان الشَّبَاب المزايل)
وَفِي الملاءة أمهَا يَقُول الفرزدق(26/38)
(كم للملاءة من طيف يؤرقني ... إِذا تجرثم هادي اللَّيْل واعتكرا)
لقِيت الملاءة عمر بن أبي ربيعَة وَحَوله جمَاعَة بِمَكَّة وَهُوَ ينشدهم فَقَالَت الْجَارِيَة لَهَا من هَذَا (255)
قَالَت عمر بن أبي ربيعَة
قَالَت الممتنقل بغزله من ذَات ود إِلَى أُخْرَى الَّذِي لَا يدم على وصل وَلَا لقَوْله فرع وَلَا أصل وَالله لَو كنت كبعض من يواصله مَا رضيت مِنْهُ بِمَا يرضين وَمَا رَأَيْت أدنى من نسَاء الْحجاز وَلَا أَمر مِنْهُنَّ لخسف وَالله لأمة من إمائنا آنف مِنْهُنَّ فَبلغ ذَلِك فراسلها وراسلته فَقَالَ عمر بن أبي ربيعَة
(حَيّ الْمنَازل قد عمرن خرابا ... بَين الحزين وَبَين ركن كسابا)
(بالثني من ملكان غير رسمها ... مر السَّحَاب المعقبات سحابا)
(وذيول معصفة الرِّيَاح تحثها ... دفقا فَأَصْبَحت العراص يبابا)
(وَلَقَد أَرَاهَا مرّة مأهولة ... حسنا جناب محلهَا معشابا)
(دَار الَّتِي قَالَت غَدَاة لقيتها ... عِنْد الْجمار فَمَا عييت جَوَابا)
(هَذَا الَّذِي بَاعَ الصّديق بِغَيْرِهِ ... وَيُرِيد أَن أرْضى بِذَاكَ ثَوابًا)
15 - الْحَنَفِيّ ملازم بن عَمْرو الْحَنَفِيّ
وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره(26/39)
توفّي فِي حُدُود التسعين والمئة
وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
الملاحي الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد
ابْن الملاق الْحَنَفِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ (256)
16 - أَبُو ربيعَة النَّحْوِيّ مولد
أَبُو ربيعَة النَّحْوِيّ الْأَصْبَهَانِيّ
كَانَ مُتَقَدما فِي علم النَّحْو بارعا وصنف فِيهِ كتبا وَخرج فِي صغره إِلَى الكرخ واستوطنها
وَعنهُ كَانَ يَأْخُذ أَبُو دلف وَمِنْه تعلم
وَله كتاب الْجمَاهِر فِي النَّحْو ومصنفات أُخْرَى لطاف(26/40)
وَقدم على أَحْمد بن أبي دؤاد يروم مِنْهُ أَن يوصله إِلَى الْخَلِيفَة فَبعث إِلَيْهِ بِخمْس مائَة دِينَار فَردهَا كتب إِلَيْهِ
(النَّاس نَحْوك شَتَّى فِي بغيتهم ... والبغيتان لديك الْعِزّ وَالْمَال)
(وَالْمَال منقلبي مِنْهُ إِلَى سَعَة ... وبغيتي الْعِزّ تنمى بِي الْحَال)
(فَإِن أنله فقد ناهزت معدنه ... وَإِن أغل دون فَالْمَال غوال)
وَمن شعره
(كن ابْن من شِئْت واكتسب أدبا ... يُغْنِيك محموده عَن النّسَب)
(لَا شَيْء فِي الأَرْض أَنْت تكسبه ... أفضل عِنْد الْأَنَام من أدب)
(كم من كريم آباؤه نجب ... غر كرام من معشر نجب)
(فدم كليل اللِّسَان لَيْسَ لَهُ ... فهم كثير الأهذار والصخب)
(قصر عَنهُ فَصَارَ مطنزة ... وضحكة لعبة من اللّعب)
(لَيْسَ قوام الْفَتى بطرته ... وَلَا بإكثاره من النّسَب)
وَمِنْه (257)
(سأترك هَذَا الْبَاب مَا دَامَ أَنه ... على مَا أرى حَتَّى يلين قَلِيلا)
(إِذا لم أجد يَوْمًا إِلَى الْإِذْن مُسلما ... وبعدت إِلَى ترك الْمَجِيء سَبِيلا)
وَمِنْه
(خاطر بِنَفْسِك لَا تقنع بمعجزة ... فَلَيْسَ حر على عجز بمعذور)
(إِن لم تنَلْ فِي مقَام مَا تحاوله ... قَلِيل عذرا بإدلاج وتهجير)
وَقَالَ فِي دلف بن أبي دلف
(أملي فِيك غرني فأقلني ... مدحي فِيك يَا أَبَا عدنان)(26/41)
(إِن من ضيع الرجا حقيق ... أَن يكافى عَلَيْهِ بالحرمان)
وَقَالَ يهجو قطرب النَّحْوِيّ بِأَبْيَات تقدم ذكرهَا فِي تَرْجَمَة قطرب وَابْن مُحَمَّد بن المستنير (258)
ابْن مسعد اسْمه أسعد بن وَالِده الخطير وجده أَبُو الْمليح الْكل فِي تَرْجَمَة أسعد
17 - الدينَوَرِي الصُّوفِي ممشاذ الدينَوَرِي الزَّاهِد
أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة صحب يحيى بن الْجلاء
خرج ممشاذ يَوْمًا من بَابه فنبح كلب فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَمَاتَ الْكَلْب مَكَانَهُ
توفّي ممشاذ سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ (259)
18 - الدربندي مموش بن الْحسن بن يُوسُف اللكزي أَبُو عبد الله
يعرف بِحسن الدربندي
استوطن بَغْدَاد وتفقه بهَا وَسمع الحَدِيث الْكثير من أبي نصر الزيني ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَالْفضل بن أبي حَرْب(26/42)
الْجِرْجَانِيّ وَمن خلق كثير
وَكتب بِخَطِّهِ شَيْئا كثيرا وَكَانَ حسن السِّيرَة
وروى عَنهُ أَبُو طاهرٍ السِّلفي فِي مُعْجم شُيُوخه (260)(26/43)
مليكَة
19 - الصحابية مليكَة
وَيُقَال حَبِيبَة بنت خَارِجَة بن زيد بن أبي زُهَيْر الْأنْصَارِيّ الصحابية رَضِي الله عَنْهَا
20 - الصحابية مليكَة
جدة إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة
لَهَا صُحْبَة
روى عَنْهَا أنس بن مَالك
قيل إِنَّهَا أم سليم
وَقيل أم حرَام
21 - الصحابية مليكَة بنت عُوَيْمِر الهذلية
أحد الْمَرْأَتَيْنِ من هُذَيْل اللَّتَيْنِ ضربت إِحْدَاهمَا بطن الْأُخْرَى فَأَلْقَت جَنِينا وكانتا ضرتين
وَالْأُخْرَى أم عطيف(26/44)
22 - الصحابية مليكَة بنت عَمْرو الزيدية
من زيد اللات بن سعد
حَدِيثهَا عِنْد زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن امْرَأَة من أَهله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
الْبَقر أَلْبَانهَا شِفَاء وسمنها دَوَاء ولحمها دَاء (261)
ابْن أبي الْمليح الْوَاعِظ اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خطاب
ملك النُّحَاة اسْمه الْحسن بن صافي
ملك الْمَوْت الْحَنْبَلِيّ نور الدّين عبد الحميد بن عمر
ابْن ملي نجم الدّين أَحْمد بن محسن
23 - الْبكْرِيّ ملْحَان بن شبْل الْبكْرِيّ
هُوَ وَالِد عبد الْملك بن ملْحَان
وَيُقَال إِنَّه ولد قَتَادَة بن ملْحَان الْقَيْسِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ(26/45)
وَله حَدِيث وَاحِد فِي صِيَام الْأَيَّام الْبيض
الْمَلْطِي النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله
تقدم ذكره فِي المحمدين
24 - التَّمِيمِي السَّعْدِيّ الملفع بن الخضير بن يزِيد بن شبيل التَّمِيمِي السَّعْدِيّ
وَيُقَال لَهُ فِيهِ المنقع بالنُّون وَالْقَاف
وَالله أعلم هَل هُوَ بِاللَّامِ وَالْفَاء أَو بالنُّون وَالْقَاف
كَذَا قَالَه أَبُو عُبَيْدَة
قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ لَهُ صُحْبَة
وَقَالَ ابْن عبد الْبر لَهُ حَدِيث وَاحِد لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ شهد الْقَادِسِيَّة ثمَّ قدم مصر واختط بهَا دَارا وَحَدِيثه الْمَذْكُور قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصد إبلنا فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا أحل لَهُم أَن يكذبوا عَليّ واللهم لَا أحل لَهُم أَن يكذبوا عَليّ
قَالَ الملقع فَلم أحدث بِحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا حَدِيثا نطق بِهِ كتاب أَو جرب بِهِ سنة
25 - الدَّم الْأسود ملكتمر الْأَمِير سيف الدّين الْمَعْرُوف بِالدَّمِ(26/46)
الْأسود
كَانَ بِدِمَشْق أَمِير سِتِّينَ وسكنه بالعقيبة عِنْد حمام الْجلَال توفّي رَحمَه الله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة
26 - السعيدي ملكتمر الْأَمِير سيف الدّين السعيدي
أَظُنهُ أَن السُّلْطَان بن سعيد أهداه إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون هُوَ والأمير سيف الدّين أرغون شاه
وَأَظنهُ فِي وَقت رسم لَهُ بالْمقَام فِي دمشق ثمَّ طلب إِلَى مصر وَأقَام بهَا إِلَى أَن أمسك الْأَمِير سيف الدّين صرغتمش فرسم بِإِخْرَاجِهِ إِلَى قلعة الْمُسلمين فَمَرض فِي الطَّرِيق
وَوصل إِلَى حماة فَمَاتَ بهَا فِي الْعشْر الأول من ذِي الْقعدَة سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة (264)
27 - ملكتمر المارداني ملكتمر الْأَمِير سيف الدّين المارداني
كَانَ أَمِيرا فِي مصر وَأخرجه الْملك النَّاصِر حسن إِلَى حلب فوصل إِلَيْهَا فِي أَوَاخِر سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة أَو أَوَائِل سنة سِتِّينَ على إمرة عشرَة وَأقَام بهَا قَلِيلا ثمَّ إِنَّه رسم لَهُ بالحضور إِلَى دمشق فورد إِلَيْهَا أَمِيرا على طبلخاناه فِيمَا أَظن وَلم يزل بهَا إِلَى أَن رسم لَهُ بإقطاع الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شهدي أَو حَاجِب بِالشَّام ورسم لَهُ بالوظيفة أَيْضا وَذَلِكَ فِي إِحْدَى الجماديين سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة(26/47)
وَلما خلع النَّاصِر حسن طلب الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر إِلَى الْبَاب الشريف ليجدد عهدا بالأمير سيف الدّين يبلغَا الخاصكي فَتوجه إِلَى مصر وَلما وصل إِلَيْهَا رسم لَهُ بِالْإِقَامَةِ هُنَاكَ ثمَّ عظم أمره وَصَارَ رَأس نوبَة وطار ذكره (265)
28 - مشد الدَّوَاوِين ملك آص الْأَمِير سيف الدّين
كَانَ أَولا بالديار المصرية جاشنكيرا وَقدم إِلَى دمشق وَلم يزل فِيهَا على حَاله وباشر شدّ الدَّوَاوِين بِدِمَشْق مُدَّة ثمَّ إِنَّه سَأَلَ الاعتقاء فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وباشر عمَارَة التربة الَّتِي تَحت قلعة دمشق للأمير سيف الدّين أرغون شاه
وَلما أَمر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن بإمساك الْأَمِير سيف الدّين منجك الْوَزير أَمر أَيْضا بإمساك الْأَمِير سيف الدّين ملك آص فَأمْسك هُوَ والأمير شهَاب بن صبح فِي يَوْم الْخَمِيس عشْرين ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة واعتقلا بقلعة دمشق
وَلما كَانَ فِي شهر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين أفرج عَنْهُمَا وأعيد إِلَى طبلخاناه بعد ذَلِك فَأَقَامَ ملك آص على حَاله وَلما ورد بيبغاروس إِلَى دمشق انْتَمَى إِلَيْهِ ملك آص وَبَقِي فِي خدمته وجهزه فِي أشغال فريدية فِي مهمات
وَلما وصل السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَالح إِلَى دمشق فِي واقعه بيبغاروس أَمر بإمساك جمَاعَة وهم الْأَمِير سيف الدّين ساطلمش الجلالي والأمير زين الدّين مصطفى البيري والأمير عَلَاء الدّين عَليّ بن البسمقدار(26/48)
والأمير سيف الدّين ملك آص وحسام الدّين حسام بهْلُول بن غون شاه وَذَلِكَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس شَوَّال سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وتوجهوا بهم إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واعتقل الْجَمِيع بهَا وَغَيرهم مَعَهم
وَلما كَانَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء فِي شهر رَجَب الْفَرد سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة وصل الْأَمِير سيف الدّين ملك آص وَسيف الدّين ساطلمش الجلالي وَمن كَانَ مَعَهم فِي الْحَبْس وَقد أفرج عَنْهُم ورسم لَهُم بِالْإِقَامَةِ فِي دمشق بطالين
وَلم يزل الْأَمِير سيف الدّين ملك آص مُقيما بطالا إِلَى أَن كتب لَهُ الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير عَليّ نَائِب دمشق إِلَى السُّلْطَان وَسَأَلَ أَن يرتب لَهُ على الدِّيوَان مَا يَكْفِيهِ فرسم لَهُ بذلك ورتب ذَلِك مِقْدَار شَهْرَيْن
ثمَّ إِنَّه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي ثامن عشر من رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة (266)
هزارسب بن تنكير بن عياضٍ أَبُو كاليجار تَاج الْمُلُوك الكُردي
توفّي مُنصَرفَه عَن بَاب السُّلْطَان من إصبهان إِلَى خوزستان بموضعٍ يعرف بفرنده وَعشْرين شهر رَمَضَان سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ قد تكبّر وتجبّر وتسلّط وتفرعن وتزوّج بأخت السُّلْطَان وَأَخذهَا مَعَه فِي هَذَا الْوَقْت فَلَمَّا ضعف وَمَات عَادَتْ إِلَى الرّيّ لِأَنَّهُ مرض بعلة الذرب
قَالَ مهد بن الصابي قَامَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَلفَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة(26/49)
مجْلِس
قلت لَعَلَّ هَذَا الْعدَد كَانَ مُدَّة الْمَرَض
هُرَيْرَة
29 -(26/50)
الصحابية هُرَيْرَة بنت زَمعَة أُخْت سَودَة
هِيَ زَوْجَة معبد بن وهب العبديومنهم من قَالَ هويرة بواو وياء
[أَبُو هُرَيْرَة] اسْمه عبد الرَّحْمَن بن صَخرٍ
[ابْن أبي هُرَيْرَة] الشَّافِعِي اسْمه الْحسن بن الْحُسَيْن
[ابْن أبي هُرَيْرَة] اسْمه أَحْمد بن سُلَيْمَان
[أَبُو هُرَيْرَة] الْمُؤَذّن اسْمه وَاثِلَة بن الْأَسْقَع
30 - الْهَرَوِيّ المحدّث هزار سبّ بن عَوَض بن حسن أَبُو الْخَيْر الْهَرَوِيّ الْمُفِيد الْمُحدث(26/51)
نزل بغدادأحد من عني بِالْحَدِيثِ حصل أصولا كَثِيرَة وحظه دقيقٌ مليحٌ وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة
31 - الكرنباني [الْأنْصَارِيّ] هِشَام بن إِبْرَاهِيم الكرنباني الْأنْصَارِيّ أَبُو عَليّ
جالسَ الْأَصْمَعِي وأضرابَه وَكَانَ عَالما بأيام الْعَرَب ولغاتها
وَكَانَ يُعَارض عبد الصَّمد بن المعذَّل ويهاجيه
وروى عَنهُ أَبُو خَليفَة الْفضل بن الْحباب كتاب الوحوش وَحكى عَنهُ الْمفضل بن سَلمَة ذكر من الْكتب كتاب الحَشَرات كتاب الوحوش كتاب خلق الْخَيل كتاب النَّبَات
وَفِيه يَقُول عبد الصَّمد بن المعذّل يهجوه
(وَلم تَرَ أبلغَ من ناطقٍ ... أَتَتْهُ البلاغة من كرنبا)(26/52)
ابْن مُحَمَّد
32 - ابْن الْكَلْبِيّ هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب بن بشرٍ أَبُو الْمُنْذر الْكَلْبِيّ النسّابة العلاّمة الأخباري الْحَافِظ
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل إنّما كَانَ صَاحب سَمَرٍ ونَسَبٍ مَا ظننَتُ أَن أحدا يحدث
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره مَتْرُوك وَفِيه رفضٌ
قَالَ ابْن سعد توفّي سنة ستّ وَمِائَتَيْنِ
وَقَالَ الْخَطِيب سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ
وروى عَنهُ خليفةُ بن خياط وَمُحَمّد بن سعد وَمُحَمّد بن أبي السّري(26/53)
وَمُحَمّد بن حبيبوهو من أهل الْكُوفَة قدم بَغْدَاد وحدّث بهَا
قَالَ إِسْحَاق الْموصِلِي رَأَيْت ثَلَاثَة يذوبون إِذا رَأَوْا ثَلَاثَة الْهَيْثَم بن عدي إِذا رأى هشاماً الكلبيَّ وعلَّويه إِذا رأى مخارقاً وَأَبا نواس إِذا رأى أَبَا الْعَتَاهِيَة وَقَالَ(26/54)
ابْن المعتز قَالَ لي الْحسن بن علية العَنزي كَانَ يحيى بن معِين يُحسِن الثناءَ على هشامٍ وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يكرههُ
وَقَالَ حفِظتُ مَا لم يحفظه أحدٌ ونسيتُ مَا لم ينسَه أحدٌ كَانَ لي عمّ يعاتبني على حفظ الْقُرْآن فدخلتُ بَيْتا وَحلفت أَن لَا أخرج مِنْهُ حتّى أحفظ الْقُرْآن فحفظته فِي ثَلَاثَة أيّام
ونظرتُ يَوْمًا فِي الْمرْآة فقبضتُ على لحيتي لآخذ مَا دون القبضة فَأخذت مِنْهَا مَا فَوق القبضة
وَهَذَا الْخَبَر يُروَى عَن أَبِيه أَيْضا
وَكَانَ هِشَام يَقُول الْإِسْنَاد فِي الْخَبَر مثل العَلَم فِي الثَّوْب
قَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ وَقد ذكر هَذَا فَأَما أَنا فَمَا زلت أحب الساذج فِي كلّ شَيْء
فهرست تصانيفه
كتبه فِي الأحلاف
كتاب حلف عبد الْمطلب وخزاعة كتاب حلف الفضول وقصة الغزال كتاب حلف كلب وتيم كتاب المغتربات كتاب حلف أسلم بن قيسٍ
كتبه فِي المآثر والبيوتات والمنافرات والألقاب
كتاب المنافرات كتاب بيوتات قُرَيْش كتاب فَضَائِل قيس(26/55)
غيلَان كتاب المؤودات كتاب بيوتات ربيعَة كتاب الكُنَى كتاب أَخْبَار الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب كتاب خُطبة عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كتاب ألقاب قُرَيْش كتاب شرف قصي بن كلاب فِي الجاهلة وَالْإِسْلَام كتاب ألقاب بني طابِخة كتاب ألقاب قيس غيلَان كتاب ألقاب ربيعَة كتاب ألقاب الْيمن كتاب نوافل قُرَيْش كتاب نوافل كنَانَة كتاب نوافل أَسد كتاب نَوَادِر تَمِيم كتاب نوافر قيس كتاب نوافر إياد كتاب نوافر ربيعَة كتاب تَسْمِيَة من نُقِل من عادٍ وَثَمُود والعماليق وجُرهُم وَبني إِسْرَائِيل وَالْعرب وقصّة هجرس كتاب أَسمَاء قبائل الجنّ كتاب نوافر قضاعة كتاب ادّعاء زِيَاد معوية كتاب زِيَاد بن أَبِيه كتاب صنايع قُرَيْش كتاب المشاجرات كتاب المناولات كتاب المعاتبات كتاب المشاغَبات كتاب مُلُوك الطوائف كتاب مُلُوك كِنْدَة كتاب بيوتات الْيمن كتاب مُلُوك التبابعة كتاب أفراق ولد نزار
3 - القُردُوسي هِشَام بن حسّان القردوسي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ
وَقيل إنّه صَرِيح النّسَب
كَانَ أعلم النَّاس بِحَدِيث الْحسن وَله أَوْهَام وَلَا تُخرِجه عَن الِاحْتِجَاج بِهِ
توفّي سنة سبعٍ وَأَرْبَعين ومئة(26/56)
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
34 - رَئِيس الهشاميّة هِشَام بن الحكم الْكُوفِي الرافضيرئيس الطَّائِفَة الهشامية كَانَ خزازا وَكَانَ ضَالًّا ومشبها
توفّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمائتين
والهشاميّة فرقتان فرقةٌ تُنسَب إِلَى هِشَام هَذَا وفِرقة تُنسب إِلَى هِشَام بن مسالم الجواليقي الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وفِرقة أُخْرَى هشاميّة تنْسب إِلَى هِشَام بن عَمْرو الغوطي الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى إلاّ أنّ هَذِه الْفرْقَة من فرق الْمُعْتَزلَة فهم بمعزل من هَاتين الْفرْقَتَيْنِ
فأمّا هِشَام بن الحكم فَإِنَّهُ زعم أَن ربَّه تَعَالَى الله عَن قَوْله عُلوًّا كَبِيرا ذُو حدٍّ ونهايةٍ عريضٌ طويلٌ عميقٌ وَطوله مثل عَرضه وَعرضه مثل عمقه وَأَنه نورٌ ساطعٌ يتلألأ كالسبيكة الصافية وَأَنه ذُو لون وطَعم ورائحة وأنّ لَونه هُوَ طعمه وطعمه هُوَ رِيحه وَلم ثَبت لونا وطعما وريحا من نَفسه وَقَالَ كَانَ الله وَلَا مَكَان ثمَّ تحرّك فَحدث مَكَانَهُ(26/57)
بحركته ومكانه هُوَ العرشوحكى بعض المتكلّمين عَن هِشَام هَذَا أَنه قَالَ فِي معبوده إِنَّه سَبْعَة أشبارٍ بشِبر نفسَه وقاسه على الْإِنْسَان فَإِنَّهُ الْغَالِب على الْإِنْسَان أَن يكون سبعةَ أشبارٍ بشبرِ نفسِه
وَحكى أَبُو الْهُذيْل العلاّف المعتزلي قَالَ لقيتُ هشامَ بنَ الحكمِ بمكّة عِنْد جبل أبي قبيس فَسَأَلته أَيهمَا أكبر معبودك أَو جبل أبي قيس فَأَشَارَ إِلَى أَن الْجَبَل يُوفي على الله تَعَالَى الله عز وَجل علوا كَبِيرا
إِنَّمَا يعلم مَا تَحت الثرى بالشّعاع الْمُنْفَصِل مِنْهُ الذَّاهِب فِي عُمق الأَرْض وَذكر أَبُو عِيسَى الوَرَّاق أَن بعض أَصْحَاب هِشَام قَالَ إِن الله تَعَالَى مُماسٌّ لِعرشه لَا يفضُل عَن عَرْشه وَلَا ينقُص تَنَزَّهَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن ذَلِك وتقدّس وَحكى عَنهُ مقالات شنيعة يَكْفِي أحلاها فِي تكفيره وتضليله وكفَّرته الإماميّةُ بتجويزه الْمعْصِيَة على الْأَنْبِيَاء وَعدم تَجْوِيز الْمعْصِيَة على الإِمَام حَتَّى قَالَ عصى رَسُول الله ربه فِي أَخذ الْفِدَاء من أُسَارَى بَدرٍ ثمَّ عَفا عَنهُ وَفرق بَين الْأَنْبِيَاء وَالْإِمَام بِأَن قَالَ النَّبِي إِذا عصى أَتَى عَلَيْهِ وحيٌّ عرّفه الْمعْصِيَة والإمامُ لَا يَأْتِيهِ وَحي فَلهَذَا جَازَت المعصيةُ على الْأَنْبِيَاء دون الإِمَام
35 - الصَّحَابِيّ هِشَام بن أبي حُذيفة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن(26/58)
عَمْرو بن مخزومٍ
الْقرشِي المَخْزُومِي
كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة فِي قَول ابْن إِسْحَاق
والواقدي كَانَ يَقُول هِشَام بن أبي حُذيفة وَيَقُول هِشَام وَهمٌ ممّن قَالَه
وَلم يذكر مُوسَى بن عقبَة وَلَا أَبُو معز هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة
36 - الْمُؤَيد الأُموي هِشَام بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان الاُموي
الاُموي المؤيَّد
وسمّى أَمِير الْمُؤمنِينَ صاحبَ الأندلس
تولّى بُكرة يَوْم الِاثْنَيْنِ لخمس خلّون من صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة
ومولده فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة
وأمّه جَارِيَة أم ولدٍ كَانَ قد ربّاها صِهر مُحَمَّد بن أبي عَامر(26/59)
وَكَانَت تعرفه ويعرفها فَمن هُنَا كَانَ ابْن أبي عَامر وَكيلا لابنها الْمُؤَيد هِشَام لحَدِيث يطول ذكره وَتَوَلَّى الحجوبيَّة لَهُ ثمَّ وثب على الْملك وأكفأهُ كَمَا يكفأ الْإِنَاء وَكَانَ الْمُؤَيد قَدِيما طاهرَ الثَّوْب متنزِّهاً عَن الرِيَب وَكَانَت فِيهِ غَفلَة وَصِحَّة مَذْهَب
قَالَ ابْن حزم فِي كتاب الْملَل والنِّحَل أُنذِرنا الجَفَلى لحضور دَفن الْمُؤَيد هِشَام بن الحكم الْمُسْتَنْصر فرأيتُ أَنا وغيري نعشا وَفِيه شخصٌ مكفّنٌ وَقد شَاهد غسلَه رجلَانِ شَيْخَانِ جليلان حكمان من حكّام الْمُسلمين من عدُول الْقُضَاة فِي بَيت وخارج الْبَيْت أبي رَحمَه الله وَجَمَاعَة عُظَمَاء الْبَلَد ثمَّ صلّينا عَلَيْهِ فِي أُلُوف من النَّاس ثمَّ لم يلبث إِلَّا شهورا حَتَّى ظهر حَيا وبويع بالخلافة ودخلتُ إِلَيْهِ وَأَنا وغيري شَهْرَيْن
37 - الْأَسدي الصَّحَابِيّ هِشَام بن حَكِيم (م د ن)
ابْن حزَام بن خُويلِد بن اسد بن عبد العُزَّى الْقرشِي الْأَسدي
أسلم يَوْم الْفَتْح
وَمَات قبل أَبِيه فِي حُدُود الْأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ
وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة وخيارهم يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ ويَنهَى عَن الْمُنكر وَهُوَ الَّذِي صارع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصرعه
وَذكر مَالك أنّ عمر بن الْخطاب رَضِيَ الله عَنهُ كَانَ يَقُول إِذا بلغه(26/60)
أَمر يُنكر أما مَا بقيتُ أَنا وَهِشَام بن حَكيِم فَلَا يكون ذَلِك
وَقَالَ مَالك كَانَ هِشَام كالسائح لم يتّخِذ أَهلا وَلَا ولدا وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
38 - الْأَزْرَق الدِّمَشْقِي هِشَام بن خَالِد الدِّمَشْقِي الْأَزْرَق
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَبَقِي من مَخلدَ وَأَبُو زُرعة الرَّازِيّ وَغَيرهم وَتوفى سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ(26/61)
هِشَام
39 - أَبُو الْوَلِيد الوقّشي هِشَام بن أَحْمد بن خَالِد بن سعيد
أَبُو الْوَلِيد الكِناني الطُلَيطُلي
ويُعرف بالوَقَّشِي بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الْقَاف وَبعدهَا شين مُعْجمَة والوقش قَرْيَة على اثْنَي عشر ميلًا من طليلطة
أَخذ الْعلم عَن أبي عمر الطلمنكي وجماعته
وَكَانَ عَالما بالنحو واللغة ومعاني الشّعْر والعَروض وصناعة البلاغة وَكَانَ شَاعِرًا بليغاً حَافِظًا للسُّنَن وَأَسْمَاء الرِّجَال بَصيرًا بالاعتقادات وأصول الْفِقْه وَاقِفًا على كثير من فَتَاوَى فُقَهَاء الْأَنْصَار نَافِذا فِي عُلُوم الشُّرُوط والعرايض محقّقا فِي الْحساب والهندسة مُشرِفاً على آراء الْحُكَمَاء حسن النَّقْد للمذاهب
وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو محمدٍ الرُّيُوالي يَقُول فِيهِ
(وَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يُقضَى ... لَهُ فِي كلّ عِلمٍ بالجميعِ)
توفّي رَحمَه الله فِي جُمادى الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِي غُلَام خصي مليح
(وفاره تحمله فاره ... مر بِنَا معتقلا صعده)
(سِنَانًا منتحلا لحظه ... وقدها منتحلا قده)(26/62)
(قلت لنَفْسي حِين مدت لَهَا ... الآمال والآمال ممتدَّه)
(لَا تطمعي فِيهِ كَمَا الشعرُ ... لَا يطْمع فِي تسويد خَدَّه)
وَمِنْه
(عجبا للمُدام مَاذَا استفادَت ... من سجايا معذبي وَصِفَاته)
(طيب أنفاسه وَطعم ثناياه ... وسكر الْعُقُول من لحظاته)
(وَهِي من بدا ذَا عليّ حرامٌ ... مثل تحريمِه جَنَى رشَفاته)
40 - ابْن العوّاد القُرطُبي هِشَام بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْوَلِيد الْقُرْطُبِيّ
الْمَعْرُوف بِابْن العوّاد
كَانَ من جملَة الْأَئِمَّة وأعيان المغنين بقُرطُبة مقدَّماً فِي الرَّأْي وَالْمذهب طُلِب للْقَضَاء فَامْتنعَ
وتفقه عَلَيْهِ خَلقٌ كثير
وَتُوفِّي سنة تسع وَخَمْسمِائة
41 - الطُلَيطُلي هِشَام بن حُبَيش من أهل طليطلة
كَانَ صَاحب رَأْي ومسائل وَحل وَسمع ابْن الْقَاسِم وأشهبَ بن عبد الْعَزِيز
وَكَانَ من أهل الفُتيا والأسماع بَصيرًا بالإعراب
قَالَ ابْن الفرضي ذكره ابْن الْحَارِث(26/63)
42 - حفيد أنس هِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك
روى عَن جدّه
قَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث
توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة
وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلّهم
43 - رَأس الرافضة هِشَام بن سالمٍ رَأس الْفرْقَة الهشامية من الرافضة الَّذين تقدم ذكرهم فِي تَرْجَمَة هِشَام بن الحكم
كَانَ هشامٌ هَذَا مَعَ رَفضهِ مُفرِطاً فِي التجسيم والتشبيه لِأَنَّهُ زعم أنّ ربَّه على صُورَة الْإِنْسَان لكنّه قَالَ لَيْسَ بلحمٍ وَلَا دَمٍ بل نورٌ سَاطِع وَأَنه ذُو حواس خمس كحواس الْإِنْسَان
44 - الدستوَائي هِشَام بن سنبر أَبُو عبد الله الدستوَائي الْبَصْرِيّ صَاحب الْبَز
والدستوا قَرْيَة من أَعمال الأهواز
ولد فِي حَيَاة الصَّحَابَة الصغار وَكَانَ من كبار الحفّاظ كَانَ يَقُول(26/64)
إِذا فقدتُ السِّراج ذكرتُ ظلمةَ الْقَبْر
وَمَا زَالَ يبكي حَتَّى فَسدتْ عينه وَله مَنَاقِب جمّة لكنّه رُمِي بالقَدَر
قَالَ ابْن سعد حجةٌ ثِقَة إِلَّا أَنه رُمِيَ بِالْقدرِ
توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة
وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
45 - السِّيرافي هِشَام بن عَليّ السِّيرافي
روى عَنهُ أَحْمد بن عُبيد الصَّفار وفاروق الْخطابِيّ وَغَيرهمَا
توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
46 - أَبُو الْوَلِيد الْمُقْرِئ هِشَام بن عمار بن نُصير بن أبان بن(26/65)
ميسرَة (خَ دت ن ق)
السّلمِيّ الظفري الْقَارئ
أَبُو الوليدأخذ الْقِرَاءَة عَن عبد الله بن عَامر اليَحصُبي
وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سِتّ وَله تسعٌ وَثَمَانُونَ سنة
كَانَ خطيب جَامع دمشق يخْطب وَيُصلي بهم الْجُمُعَة فَقَط
روى عَنهُ جُلة الْعلمَاء وحدّث أَبُو عُبيد بِالْقِرَاءَةِ قبل وَفَاة هِشَام بنحوٍ من أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ أهل الشَّام مَعَ جلالة قدر هِشَام وديانته وورَعِه يُفضِّلون عَلَيْهِ عبد الله بن ذكوانَ وَهِشَام أسنُّ مِنْهُ وأكثرَ حَدِيثا وتصنيفاً وعُمِّر حَتَّى لحق وَفَاة ابْن ذكْوَان وعاش بعده ثَلَاث سِنِين
وَجَاء إِلَيْهِ رجل فال هِشَام فَمن أَنْت؟(26/66)
فَقَالَ من بني اللازب
فَقَالَ أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي إنّما نسبه إِلَى قَول الله عز وَجل {من طينٍ لازبٍ} فَضَحِك هِشَام
وَكَانَ هَاشم مقرئ دمشق ومُفتيها ومحدثها
وروى عَنهُ البُخَارِيّ وابو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ وبَقيّ بن مَخلدٍ وَمُحَمّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صَدُوق كبيرُ المحلّ
وَكَانَ فصيحاً مُفوَّهاً بليغاً
47 - الصَّحَابِيّ هِشَام بن عَمْرو بن ربيعَة بن الْحَارِث بن حبيبٍ
قَالَ ابْن عبد البرّ لَا أعرفهُ بأكثرَ من أَنه معدودٌ عِنْدهم فِي المؤلَّفةِ قلوبُهم ومَن عدّ هَذَا وَمثله بلغ بهم أَرْبَعِينَ رجلا(26/67)
48 - رَأس الهشاميّة الْمُعْتَزلَة هِشَام بن عمرٍو رَأس الهشامية
وهم فرقة من الْمُعْتَزلَة كَبِيرهمْ هَذَا هِشَام الغوطي زَاد على أَصْحَابه الْمُعْتَزلَة ببدعةٍ ابتدعها مِنْهَا أَنه قَالَ الْجنَّة وَالنَّار ليستا مخلوقتين الْآن
وَمِنْه نَشأ اعْتِقَاد الْمُعْتَزلَة الْمُتَأَخِّرين فِي نفي خلق الْجنَّة وَالنَّار وَمن أَصْحَابه أَبُو بكر الْأَصَم وَافقه فِي كلّ ذَلِك وبالغَا فِي نفي إِضَافَة الطَّبْع والجسم إِلَى الله تَعَالَى وَقد تقدم ذكر أبي بكرٍ الْمَذْكُور ومقالته فِي الْإِمَامَة وَمَا بدعه فِيهَا
وَمن جمل أَتبَاع هِشَام بن عَمْرو عياد وَافقه على معتقداته جَمِيعًا مزاد عَلَيْهَا بِأَن قَالَ النُّبُوَّة جَزَاء على عَمل وَإِنَّهَا باقيةٌ مَا بقيت الدُّنْيَا وَهَذَا كفرٌ صُراحٌ وَخلاف للْمُسلمين
49 - الجرشِي هِشَام بن الْغَاز بن ربيعَة الجرشِي
قَالَ أَحْمد صالحُ الحديثِ
وَقَالَ دُحَيْم وَغَيره ثِقَة(26/68)
كَانَ على بَيت المَال للمنصور
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة
روى لَهُ الْأَرْبَعَة
50 - أَخُو عَمْرو بن الْعَاصِ هِشَام بن الْعَاصِ بن وائد هِشَام بن سعيد بن سهم الْقرشِي السَّهمي
أَخُو عَمرو بن الْعَاصِ
كَانَ قديم الْإِسْلَام أسلم بِمَكَّة وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ قدم مَكَّة حِين بلغه مهاجرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحبسه أَبوهُ وَقدمه بِمَكَّة أَتَى بعد الخَنْدَق على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَصْغَر سِناً من أَخِيه عمرِو بن الْعَاصِ وَكَانَ فَاضلا خيرا سُئِل عَمْرو بن الْعَاصِ من أفضل أَنْت أَو أَخُوك هِشَام فَقَالَ أحدّثكم عنّي وَعنهُ أمّه بنت هِشَام بن الْمُغيرَة وَأمي سبية وَكَانَت أحب إِلَى أَبِيه وتعرفون فراسة الْوَالِد فِي وَلَده واستبقنا بِاللَّه فَسَبَقَنِي أمك على الستْرَة حَتَّى تطهّرت وتخبّطت وأمسكتُ عَلَيْهِ حَتَّى فعل ذَلِك ثمَّ عرَضنا أَنْفُسنَا على الله فَقبله وَتَرَكَنِي
وقُتل هِشَام يَوْم أجنادين فِي خلَافَة أبي بكر سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ
وَقيل إِنَّه استُشهد يَوْم اليرموك ضرب رجلا من غَسَّان شحره(26/69)
فَكرت غَسَّان على هِشَام فضربوه بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى قَتَلُوهُ ووطئه الْخَيل حَتَّى كرّ عَمْرو فَجمع لَحْمه فدفنه
وَقَالَ خَالِد بن مَعدان لما انْهَزَمت الرّوم يَوْم أجنادين انتبهوا إِلَى مَوضِع لَا يعبره إِلَّا إنسانٌ فَجعلت الرّوم تقَاتل عَلَيْهِ وَقد تقدموه وعبروه فَتقدم هِشَام بن الْعَاصِ فَقَاتلهُمْ حَتَّى قتل فَوَقع على تِلْكَ الثلمة فسدها وَلما انْتهى الْمُسلمُونَ إِلَيْهَا هابوه أَن يُوطِئوه الْخَيل فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ أَيهَا النَّاس إِن الله استشَهَدَه وَرفع درجتَه وَإِنَّمَا هُوَ جُثّة فأوطئوه الْخَيل ثمَّ أوطأه هُوَ وَتَابعه النَّاس حَتَّى قطعوه فلمّا انْتَهَت الْهَزِيمَة وَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى الْعَسْكَر كرّ عَلَيْهِ عَمْرو فَجعل لَحْمه وعظامه وأعضاءه وَحمله فِي نطعٍ وواراه
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أبنا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ هِشَام وَعَمْرو رَوَاهُ مُحَمَّد بن عمرٍو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
51 - المَخْزُومِي الصَّحَابِيّ هِشَام بن الْعَاصِ بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عَمْرو بن مخزومٍ الْقرشِي المَخْزُومِي
هُوَ الَّذِي جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح فكشف عَن ظَهره(26/70)
وَوضع يَده على خَاتم النُّبُوَّة فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فأزالها ثمَّ ضرب فِي صَدره ثَلَاثًا وَقَالَ
اللهمّ أذهب عَنهُ الفل والحسد ثَلَاثًا
وَكَانَ الأوقص وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن هِشَام بن يحيى بن هِشَام بن الْعَاصِ يَقُول نَحن أقلُّ أصحابِنا حسدا
وَقتل الْعَاصِ ابْن هَاشم أَبوهُ يَوْم بدرٍ كَافِرًا قَتله عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ خالَه
52 - الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ هِشَام بن عَامر بن أُميَّة بن الحسحاس بن مَالك بن عمر بن غنم بن عدي بن النجار الْأنْصَارِيّ
كَانَ يسمّى فِي الْجَاهِلِيَّة شهاباً فغيّر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسمَه فسمّاه هشاماً واستُشهد أَبوهُ عَارِم يَوْم أحد وَسكن هِشَام الْبَصْرَة وَمَات بهَا فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
53 - أَمِير الْمُؤمنِينَ هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم بن الْعَاصِ بن أُميَّة
أَبُو الْوَلِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأمَوِي
كَانَ يلقب السراق والمتفلت لِأَنَّهُ قطع عطا أهل الْمَدِينَة سنتَيْن ثمَّ(26/71)
أَعْطَاهُم قبل مَوته عطا وَاحِدًا فَسَموهُ المتفلت
أمه أم هَاشم فَاطِمَة بنت هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم
وَكَانَ أَبيض أَحول سمنا طَويلا أكثف يخضِب بِالسَّوَادِ
مولده سنة قُتل ابْن الزُّبير سنة اثْنَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
وَتُوفِّي بالرُّصافة من أَرض قنَّسرين لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لست خلون من شهر بيع الآخر سنة خمس وَعشْرين ومئة وَله إِحْدَى وَسِتُّونَ سنة وَقيل ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة وَشهر وَصلى عَلَيْهِ ابْنه مسلمة بن هِشَام وبويع لَهُ بِخمْس بَقينَ من شعْبَان سنة خمس ومئة وَيُقَال بعد موت أَخِيه يزِيد بِخَمْسَة أَيَّام وبعهدٍ من أَخِيه مستهلّ شهر رَمَضَان بالرصافة وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ثَلَاث وَأَرْبَعين سنة
وَكَانَت أَيَّامه تسع عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَهُوَ الَّذِي قتل زيد بن عَليّ بِالْكُوفَةِ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة
وكاتبه سَالم مولى سعيد بن عبد الْملك
وحاجبه غَالب بن مَسْعُود مَوْلَاهُ وَيُقَال غَالب بن مَنْصُور
ونقشُ خاتمِه الحكمُ للحَكَم الحَكيم
وَكَانَت دَاره الخواصين الَّتِي بَعْضهَا الْآن الْمدرس النورية
قَالَ مُصعب بن الزبير زَعَمُوا أَن عبد الْملك رأى فِي مَنَامه أَنه بَال(26/72)
فِي الْمِحْرَاب ارْبَعْ مَرَّات فدسّ من سَأَلَ سعيد بن المسيَّب وَكَانَ يعبر الرُّؤْيَا وعظمت على عبد الْملك فَقَالَ سعيد بن الْمسيب يملك من وَلَده لصلبه أَرْبَعَة آخِرهم هِشَام
وَكَانَ يجمع المَال ويوصَف بالحرص وَيبْخَل وَكَانَ حازماً عَاقِلا صَاحب سياسة حَسَنَة
قَالَ أَبُو عُمَيْر بن الحالي حدّثني أبي قَالَ كَانَ لَا يدْخل بَيت مَال هِشَام مالٌ حَتَّى يشْهد أَرْبَعُونَ قسّامةً لقد أَخذ من حقِّه وَلَقَد أُعطي لكل ذِي حق حَقه
((26/73)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(حرف النُّون)
(نصر الله)
3 - (أَبُو نصر الهيتي الشَّافِعِي)
نصرُ الله بن الْحسن بن علوان الربعِي الهيتي أَبُو نصرٍ الشَّاعِر سكن دمشق وَتُوفِّي بِزُرَع سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ يتفقّه للشَّافِعِيّ ويتأله وَمن شعره
(أعندك صبرٌ إِن عرَاك صُدودُ ... عَسى أَن أَيَّام الْوِصَال تَعُودُ)
(وتمنحُ بعد المَنع سَلمَى ودادَها ... وتُلغَى دُخولٌ بَيْننَا وحُقود)
(فَلَا شُفِيَ الهَجْرُ المبيرِّحُ بالفَتى ... وَلَا اخضرّ يَوْمًا للقطيعة عود)
وَمِنْه
(كَيفَ يُرجى مَعْرُوف قومٍ من اللؤ ... مِ غَدَوا يدْخلُونَ فِي كلّ فنِّ)
(لَا يَرونَ العُلى وَلَا المجدَ إلاّ ... بِرَّعِلقٍ وقَحبةٍ ومُغَنِّي)
(يتَمَنَّون أنْ تَحُلَّ المسامي ... رُ بأسماعِهم وَلَا الصوتُ منّي)
(لَئِن أمسكَت عَنّي سحائب كفّهِ ... فَمَا أَنا للبِرّ الْقَدِيم جَحودُ)
(ألم تَر أنّ المُزنَ يهطِل تَارَة ... ويُمسِك بعد الهَطل ثمَّ يجود)
وَمِنْه
(خَلِّ الصَّريمَ لِواصفي آرامِهِ ... وغَزَالَهُ لِمُتَيَّمٍ بثَغامِه)
(ودَعِ الأراكَ وَمَا سما مِن دَوحِه ... تدعُو على الأغصان وُرق حمامِه)
3 - (ابْن زُرَيق المُسند الْبَغْدَادِيّ)
نصر الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد أَبُو السعاداتِ بن أبي مَنْصُور بن زُريقٍ الشَّيْبَانِيّ القزّاز الحريمي مُسند بَغْدَاد فِي وقته توفّي(27/5)
سنةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الصاحب صفي الدّين)
نصر الله بن مُحَمَّد بن نصر الله صفّي الدّين أَخُو الْوَزير عَلَاء الدّين ابْن نصر الله وتقدّم ذكر أَخِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر الله فِي مَكَانَهُ وَولي الصاحبُ صفّي الدّين هَذَا بعد أَخِيه وِزارةَ حماة للمنصور سنةَ أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَسَار على سيرة أَخِيه ومنواله وَلم يزَل إِلَى أَن توفّي رحمهُ الله سنة ثلاثٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بحماة فِي شهر رَجَب
3 - (ابْن الْقَابِض وَزِير صَلَاح الدّين)
الصفيّ نصر الله بن الْقَابِض كَانَ قد خدمَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين لمّا كَانَ فِي شِحنكيَّة بَغْدَاد وأمدّه بِالْمَالِ فَرَأى لَهُ ذَلِك فلمّا ملك استوزره وَكَانَ شجاعاً ثِقَة أَمينا ولمّا نزل الفرنج داريَّا وَالسُّلْطَان فِي الشرق جمع من أهل دمشق سواداً عَظِيما وَخرج إِلَى ظَاهر الْبَلَد فَرَآهُمْ الفرنج فظَنوهم عسكراً فرحلوا وَكَانَ كثير الْمَعْرُوف وَكتب أملاكَه لمماليكه لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ وَلَدٌ وَبنى بالعُقَيبة مَسْجِدا وَدفن بِهِ ويُعرف الْآن بِمَسْجِد الصفّي وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (مُعين الدّين الهِيتي الشَّافِعِي)
نصر الله بن نصر الله بن نصر الله بن سَلامَة بن سَالم أَبُو الْفَتْح الهيتي مُعين الدّين بن أبي الْمَعَالِي الشَّافِعِي الشَّاعِر مدح الْمُلُوك والوزراء وَتُوفِّي سِتَّة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قدِم الْإسْكَنْدَريَّة ومدح رؤساءها وأكابرها ومدح ابْن البوري الْآتِي ذِكره بقصيدة أَولهَا
(أَتَرَى الحبيبَ لطول مُدة بُعده ... يدْرِي بِمَا لاقيتُه من بَعدِهِ)
)
(فَلَقَد كسا جِسمي الضَنى لفراقه ... وأذاقَني فِيهِ مَرارةَ صَدِّهِ)
(قد خَدَّدتْ خّدِّي الدموعُ وطالما ... ألصقتُهُ عِنْد الوَداع لخده)
(وجَنَيتُ والواشي بذلك شاهدٌ ... من رِيقه المعسول رائقَ شَهده)
(مَا كَانَ أطيبَ عَصر أيّام الصِّبى ... فِي سَبَط رَيعان الشَّبَاب وجَعده)
(منٌ خلعتُ بِهِ العذار ورحُتُ فِي ... حُبّ العذار أجرّ فَاضل بُرده)
(وشربتُ من كأسَي غناهُ وفقرِه ... وشربت فِي هَزل الغرام وجدِّه)
(والآن مَالِي رَغبةٌ فِي حُبّ زِيّ ... نبَ وَلَا لي مَطمعٌ فِي هنده)(27/6)
(لَا أنَّ طَبعي مسَّه طبعٌ وَلَا ... أنّى صَفا يَنبو الهَوى عَن صَلده)
(لَكِن كّدى فِي المساعي صَدَّني ... عَن عَسف قلبِي فِي الحسان وكدّه)
(ورِضايَ من هَذَا الْأَنَام بوحدتي ... لمّا اقتنعتُ من السَّراب بثَمده)
(كم قد وَرَدتُ بغُلة الصادي وَلم ... يوني أَخُو بُخلٍ أحُومُ بِوردِه)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو الْفَتْح المصِيصي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ)
نصر الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي أَبُو الْفَتْح المِصّيصي ثمَّ اللاذِقي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الأُصولي الأَشعري نَسَباً ومذهباً كَانَ متصلباً فِي السُنة متجنباً أبوابَ السلاطين يدرِّس بالزاوية الغربية من الْجَامِع الأُموي وَهُوَ آخِر من حّدث بِدِمَشْق عَن الْخَطِيب روى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن عَسَاكِر ومكي بن عَليّ الْعِرَاقِيّ والحموي وعسكُر بنُ خليفةَ وَغَيرهم وَآخر من حدث عَنهُ أَبُو المحاسن بن أبي لُقمةَ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن قلاقس الشَّاعِر)
نصر الله بن عبدِ الله بن مخلوف بن عَليّ بن قلاقس القَاضِي الأغرّ أَبُو الْفَتْح اللَّخْمِيّ الْأَزْهَرِي الإسكندري كَانَ سُناطاً كثير الْأَسْفَار دخل الْيمن ومدح أَهلهَا وَعَاد مُثرِياً فغرق جَمِيع مَا بِقرب دَهلك فردّ إِلَى يَاسر بن بلالٍ وَهُوَ عُريان ومدحه بقصيدته الَّتِي أَولهَا
(صدرنا وَقد نَادَى السَّماحُ بِنَا رِدوا ... فعُدنا إِلَى مَغناكَ والعَودُ أحمدُ)
وَفِي ابْن قلاقس يَقُول الْوَجِيه الذَروي
(قلتُ وأَيرِي فِي حَشاه ... وَقد أَنْشدني من شعره الباردِ)
)
(يَا ريحَ مَفساه وَيَا شِعرَه ... كلاكما من مَخرَجٍ وَاحِد)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(يَا سائلي عَن أبي الْفتُوح وَعَن ... عيشته فِي الْبِلَاد من أينِ)
(يعِيش من شعره وفقحَته ... فاعجَب لمن عَاشَ من كَنِيفَين)
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي بعَيذاب فِي شَوَّال سنةَ صقلِّية ومدح مَلِكَها الإفرنجي(27/7)
غُليُلم يُقَال إِن من جملَة مَا أعطَاهُ مركبا مَملوءاً جُبناً وَلما قدم إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة خرج النَّاس للسلام عَلَيْهِ فَلَمَّا نزل من الْمركب رَآهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الصَّلاح فشهق لَهُ وَقَالَ
(أطلَّ هِلَال الْفَاسِقين فَلَا أَهلا ... فَلَا مَرحباً بالقادمين وَلَا سهلا)
وَلابْن قلاقيس نثرٌ جيدٌ وَهُوَ من الشُّعَرَاء المجيدين ولعلّه لَو عمِّر لَكَانَ شعره ازْدَادَ جُودةً وَمن شعر ابْن قلاقس
(لَا تثنِ جيدَكَ إنَّ الروضَ قد جيدا ... مَا عَطَّلَ القطرُ من نُوَارِه جِيدا)
(إِذا تبسَّم ثغرُ المُزن عَن يقَقٍ ... فانظرهُ فِي وَجَناتِ الْورْد توريدا)
(وَإِن تَنَثَّرَ ذُرٌّ مِنْهُ فاجتَلهِ ... بمبسم الأقحوان الغَضِّ مَنضودا)
(واستنطقِ العُودَ أَو فاسمع غرائِبهُ ... من ساجعٍ لَحنُهُ يسترقص العُودا)
(يشدو وينظرُ أعطافاً منمَّقةً ... كَأَنَّهُ آخِذٌ عَنْهَا الأغارِيدا)
(مَاذَا على العِيس لَو عَادَتْ بربتها ... مقدارَ مَا تتقاضاها المواعيدا)
(رُدَّ الركابَ لأمرٍ عَنَّ ثَانِيَة ... وسَمِّهِ فِي بديع الحُبّ ترديدا)
(وقِف أبثُّك مَا لَان الْحَدِيد لَهُ ... فَإِن صدقت فَقل هَل صرت دوادا)
(حُلَّت عُرى النّوم عَن أجفان ساهرةٍ ... ردّ الْهوى هُدبها بِالنَّجْمِ معقودا)
(تَفَجَّرَتْ وعصا الجوزاءِ تَضرِبُها ... فذكَّرتنيَ مُوسى والجلاميدا)
(يَا ثعلبَ الْفجْر لَا سِرحانَ أولهُ ... خُذِ الثُّريا فقد صادفتَ ُنقودا)
وَقَالَ
(سُفحت عيونُ الغَيم أدمُع قَطرِه ... فالروضُ يضحكُ عَن مباسم زهرِهِ)
(وسَرى النسيمُ بقهوةٍ حيَّى بهَا ... دَوحاً لَوَت عطفيهِ رَاحَة سكره)
(وسرى بمؤتنق الحدائق قانصاً ... فأثار طامِسَ عرفهَا عَن ذكره)
)
(وانشقَّ جَيبُ الأُفق عَن متألقٍ ... ينجابُ تقطيب الظلام بتبره)
(وَكَأَنَّهُ ظَنّ النُّجُوم كواعباً ... فَرمى لَهَا بملاءة من فجره)
(وَكَأن ذَا الرعثاتِ ينشد إثْرهَا ... شجوا أثارا البَينُ سالِفَ ذكره)
(ودعا بحيَّ على الصَّبوح مُؤمَّرٌ ... حَتمٌ على الظرفاء طاعةُ أمره)
(تزهي فضول التَّاج مَفرق رَأسه ... ويهُزّ رقم الْوَجْه مُرهف خَصره)
(غنَّى فهزّ قَوام قسيس الدُجا ... طَربا فشقَّ صدارَها عَن صَدره)(27/8)
(وارتاع من مَاء الصَّباح فشمرت ... أذيال حُلته لفائض نَحره)
(فاقذِف شياطين الهموم بأنجُمٍ ... تَثني الخَليع إِلَى السرُور بأسره)
(بزُجاجةٍ حيَّاك مِنْهَا قَيصرٌ ... وكأنما هُوَ فِي جَوَانِب قصره)
(مَا ألبسته الراحُ ثوبا مُذهبا ... إِلَّا وقلده الحَباب بدرّه)
(يسقيكها رشأٌ كأنّ مذاقها ... من رِيقه وحبابها من ثغره)
(أرسلتُ لحظي رائداً فأضلّه ... ليلٌ يُمد بعُذره وبغّدره)
(أعشى الدليلَ دُجا الدَلالِ فسائلِوا ... فلكَ الأزرة عَن طالع بدره)
وَقَالَ
(عَرَضت لمفترض الصَّباح الأبلج ... حوراءُ فِي طَرَفِ الظلام الأدعج)
(فتمزقت شِيةُ الدُجا عَن غُرتّي ... شمسين فِي أفقٍ وَكله هودج)
(ووراء أَسْتَار الحمول لواحِظٌ ... غازلنَ معتدل الوشيحِ الأعوَجِ)
(من كل مبتسم السّنان إِذا جرى ... دَمعُ النجيع من الكَميِّ الأهوج)
(وَلَقَد صحِبتُ اللَّيْل قَلَّصَ بُردَه ... لعُباب بَحر صَباحِه المتموجِ)
(وكأنّ منتثر النُّجُوم لآلىءٌ ... نُظمت على صَرحٍ من الفيروزج)
(وسَهِرتُ أرقبُ من سُهيلٍ خافقاً ... متفرداً فَكَأَنَّهُ قلبُ الشجي)
(واستعبرت مُقلُ السَحاب فأضحكت ... مِنْهَا ثغور مُفوَّفٍ ومُدبَّحِ)
وَقَالَ
(سَدَّدوها مِنَ القدود رماحا ... وانتضوها من الجفون صِفاحا)
(يَا لَهَا حَالَة من السِلم حَالَتْ ... فاستحالت وَلَا كِفاحَ كِفاحا)
)
(صحّ إِذْ أذرَتِ العيونُ دِمَاء ... أَنهم أثخَنوا القلوبَ جِراحا)
(يَا فُؤَادِي وَقد أُخذتَ أَسِيرًا ... أتقطرتَ أم وضعتَ السِلاحا)
(قل لأعشارِك الَّتِي اقتسموها ... ضربوا فِيك بالعيونِ قداحا)
(عجبا للجفون وَهِي مِراضٌ ... كَيفَ تستأسر القلوبَ الصِحاحا)
(أهٍ من موقفٍ يودّ بِهِ المُغ ... رم لَو مَاتَ قبله فاستراحا)
(حَيْثُ يخْشَى أَن يَنظم اللثم عِقداً ... فِيهِ أَو يعْقد العناقُ وِشاحا)
وَقَالَ
(عَقَدوا الشعورَ معاقدَ التيجان ... وتقلدوا بِصوارم الأجفانِ)(27/9)
(ومَشَوا وَقد هَزَّ الشبابُ قُدودهم ... هَزَّ الكُماة عَواليَ المُرّان)
(جَروا الذوائبَ والذوابل وانثنوا ... فثَنوا عِناني محصنٍ وحَصان)
(وتوشحوا وردا فقلتُ أراقمٌ ... خلعت ملابسها على غِزلان)
(ولربما عطفوا الكعوبَ فواصلوا ... مَا بَين لَيْث الغاب والثعبان)
(فِي حَيْثُ أذكى السمهري شرارهُ ... رفع الْغُبَار لَهَا مُثار دُخان)
(وَعلا خطيب السَّيْف منبَرَ راحةٍ ... يَتْلُو عَلَيْهِ مَقاتلَ الفُرسان)
(يَا مرسلَ الرمْح الصَّقِيل سِنانُه ... أمسِك فَلَيْسَ الْيَوْم يَوْم طِعان)
(هاتيك شمسُ الراح يسطع ضوءُها ... مِن خلف سُحب مارقٍ وقَناني)
(وهلال شوالٍ يَقُول مُصدقا ... بيَدي غَصَبتُ النونَ من رَمَضَان)
(لَا تَسقنيها من مَحاجرِ نَرجَسٍ ... حَسبي الَّتِي بأناملِ السَوسان)
(فأرادها ممزوجةً قد خالطت ... بالياسمين شقائقَ النُّعْمَان)
(والوُرق فِي الأوراق قد هتفتْ على ... عَذَب الغصون بأعذبِ الألحان)
(فَكَأَن أوراق الغصون ستائرٌ ... وَكَأن أصواتَ الطيورِ أغاني)
وَقَالَ
(كَم نابلِ فِي طَرفِك البابلي ... وذابلٍ فِي عِطفك الذابل)
(وَكم حوى رِدفك من موجةٍ ... تضرِبُ من حصرك فِي سَاحل)
(يَا كوكباً ناظِره طالعاً ... كناظرٍ فِي كوكبٍ آفل)
)
(يوقعُني مِنْك على مَانع ... مَخابلٌ عنْدك من باذل)
(طلاقةٌ أنشأ لي بَرقها ... سحائباً من دمعي الهاطل)
(وسقمُ أجفانٍ توهمتُها ... ترثي لسقُم الجسَد الناحل)
(ومَعطَفٌ معتدلٌ مائلٌ ... مَا لي وللمعتدلِ المائل)
(حُبك لَا حبك هَذَا الَّذِي ... أوقع فِي أنشوطة الحابل)
(وليتني أَشْكُو إِلَى غادرٍ ... وليتني أُشكى من العاذل)
(وليلةٍ أسلمتُ أصداءَها ... من أكؤس الراح إِلَى صاقل)
(فالتهبتْ فَحمتُها جَمرةً ... من خمرةٍ قاتلةٍ القاتِل)
(وانتَسَقت نحوي مَسَراتها ... نَسَق الأنابيب إِلَى الْعَامِل)(27/10)
وَقَالَ
(مَا سَت فَقيل هِيَ القضيبُ الأملدُ ... ورَنت فَقيل هِيَ الغزال الأغيدُ)
(وَرَأَتْ بديع جمَالهَا فتبسمتْ ... عَن جوهرٍ بمِثاله تتقلد)
(بيضاءَ رَوض الْحسن مِنْهَا أخضرٌ ... ومدامعي حُمرٌ وعَيشي أسود)
(فعلَت سيوف السِحر من أجفانها ... مَا يفعل الصِمصام وَهُوَ مجرَّد)
(يَا هَذِه إِن كنتُ دُونك ثَانِيًا ... طَرفي فَفِي قلبِي الْمُقِيم المقعد)
(دافعت فِي صدر الظنون وَلم يكن ... بسوى الثُّريا يُستراب الفرقد)
(هَل عِنْد ليل الشّعْر أَنِّي نَائِم ... ولصَبوتي طَرفٌ عَلَيْك مُسَهد)
(يَا ضيف طيفٍ مَا هداه لمضجعي ... إِلَّا لهيبٌ فِي الحشا يتوقد)
(وَالله لَوْلَا أنني بك طامعٌ ... مَا كنتُ من كَلَفي بحبك أرقدُ)
(هذي النجومُ وأنتَ من إخوانها ... بجميعِ مَا نصَّيتُه لَك تشهد)
(كم فِيك عَن بلقيس من نَبَإِ فَهَل ... قلبِي سُلَيْمَان وطرفي هدهد)
(لَا تَنفِ هَمي بالعُقار فَإِنَّهَا ... أبدا يُثار بشُربها مَا يخمَد)
(لي روضةٌ من خاطري ومُدامةٌ ... وُرق القوافي بينهنّ تُغرِّد)
وَقَالَ
(السحبُ مَا عطفت إِلَيْك مُدامُ ... والوُرق مَا هتفتْ عَلَيْك نِدامُ)
)
(تَقِف النواسم فِيك وَهِي لواثم ... وتسير زَهر الرَّوْض وَهو لِثام)
(تيمتَ حَتَّى قيل صبَّتْ صبا ... وفتنتَ حَتَّى قيل هامرهام)
(مَاذَا بعثتَ إِلَى النُّفُوس وَإِنَّمَا ... نمَّت إِلَيْك بِبَعْضِه الْأَجْسَام)
(مُليتَ مكتهل البناتِ فللحيا ... سَبَلٌ يلاعب معطفيه غُلَام)
(رُحماك وَهُوَ أسِنة وأعِنة ... خِيَمٌ مُطَنَّبةٌ عَلَيْهِ خيام)
(مَا حيلةُ المُشتاق فِي آرامه ... وَهِي الَّتِي عَزَّتْ فَلَيْسَ تُرام)
(قُسِمَ السَقام لجسمه وجفونها ... وتخالفت بوفاقها الْأَقْسَام)
(فسَقام أجفان الكواعب صِحَة ... هِيَ فِي جفون العاشقين سَقام)
(يَا رَبَةَ الخِدرِ الَّتِي هِيَ تَحْتَهُ ... بَدرٌ شريق النُّور وَهُوَ غَمام)
(يهتَزُ من عِطفيكِ غصنُ أراكةٍ ... فينوح من وَجدي عَلَيْهِ حَمام)
(وتسير عيسُك كالقسيّ عَواطفاً ... فتصيرُ فِي الأحشاءِ وَهِي سِهام)
(وَيطول مِنْك الظُّلم حَتَّى أَنه ... لَوْلَا جَبينُك قلتُ والإظلام)(27/11)
وَقَالَ
(مَا زَالَ يخدَعُ قلبَه حَتَّى هفا ... برق يهُزّ الجوَّ مِنْهُ مرهفا)
(أَعشَى عيونَ الشُّهب حَتَّى لم يدَع ... طرفا لَهَا إِلَّا قضَى أَن يطرفا)
(وألاح فِيهَا يستطيرُ كشاربٍ ... نشوَانَ رشَّ على الحديقة قَرقَفا)
(وكأنما وافَى الظلام بعَزله ... فَتَلا عَلَيْهِ من الصَّباح ملطفا)
(حَتَّى إِذا سَطَعَ الضياءُ وأشبهتْ ... فِي لُجةٍ حَبباً طفا ثمَّ انطفا)
(خَجِلَتْ خدود الزَّهر عَنهُ بروضة ... غيداء قلّدها نداه وشَنَّفا)
(أجْرى النسيمُ بجانبَي ميدانها ... طِرفاً وجرّ على رُباها مُطرَفا)
(وأغرَّ كفّ الْوَصْل غُربّ جِماحه ... من بعدِ مَا هجر المتَّيم مَا كفى)
(كلفتُ بدرَ التمّ مثل جماله ... وظلمته فَلِذَا تبدّا أَكلفا)
(أَنا والمدامُ بكفه وجفونه ... مَا شئتَ سَمِّ من الثَّلَاثَة مُدنفا)
(أضحى يَحِنُّ ويَرجَحنُّ وإنّ من ... أحلى الحُلى متعطِّفا مُتعطِّفا)
(هَل كنتُ أسلو والخيانة شَأنُه ... أَيكُون ذَلِك حِين فاءَ إِلَى الوفا)
)
وَقَالَ
(كم مقلةٍ للشقيق والغَضّ رمداءِ ... إنسانها سابحٌ فِي دمع أنداءِ)
(وَكم ثغور أَقاحٍ فِي مراشِفها ... رُضابُ طائفةٍ بالرِّيّ وطفاء)
(فَمَا اعتذارك عَن عذراء جامحةٍ ... لاحتْ كَمَا لامستها راحةُ المَاء)
(نضَتْ عَلَيْهَا حُسامَ الْمجد فامتنعَت ... بلامةٍ للحباب الجمّ حصداء)
(أما تَرَى الصبحَ يخفَى فِي دُجُنَّتِه ... كَأَنَّمَا هُوَ سَقطٌ بَين أحشاء)
(والطيرُ فِي عذباتِ الدَوح ساجعةٌ ... تَطابقَ اللّحن بَين الْعود والناي)
(وَقد تضمَّخ ذيل الرّيح حِين سَرت ... بعاطرٍ من شذى غيداء غَناء)
(فَحَيِّ فِي الكأسِ كِسرَى تُحيِ رِمتّه ... بِروح راحٍ سرت فِي جسم سرّاء)
(وعُذْ بمعجز آيَات المُدامة من ... نوافثِ السِحر فِي أجفانِ حَوراء)
(فَمَا الفصاحةُ إلاّ ماتُكرِّره ... مَبازل الدَنّ من تَرْجِيع فأفاء)
(يُديرها فاتن الألحاظ فاترُها ... صَاح مُعَربد أعضاءٍ وأعضاء)
(ومحسنٍ حسنٍ ألقتْ إِلَى يَده ... أعنّةُ الحبّ طَوْعًا كل سَوْدَاء)
(ناهيكَ من شادنٍ شادٍ تَغارُ على ... أُذن المُصيخ إِلَيْهِ مقلة الرَّائِي)(27/12)
(فاعكُف على خَلَس اللَّذَّات مُغتَنما ... فالدر فِي حربه تلوين حِرباء)
وَقَالَ
(شقّ الصّباحُ غِلالةَ الظلماءِ ... وانحلّ عِقدُ كوكبِ الجوزاءِ)
(وتكلّلَت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بغرائبٍ من لؤلؤِ الأنداء)
(وَجرى النسيم فجرَّ فَضلَ رِدائِهِ ... متحرِّشاً بمساقطِ الأنواء)
(وَعلا الحمامُ على مَنَابِر أيكَةٍ ... يُبدي فصاحةَ ألسُنِ الخُطباء)
(ودعا وَقد رقّ الهواءُ منّمقُ السِ ... ربال طابت زَهرةُ الصَّهْبَاء)
(لَو لم يكن مَلِكَ الطُّيُور لما انثنى ... بالتاج يمشي مِشيةَ الخُلَفاء)
(فاشرَب مُعتَّقةَ الطِّلا صِرفاً على ... رَقصِ الغصون ورنَّة المُكاء)
(من كفٍّ وطفاءِ الجفونِ كَأَنَّمَا ... يسْعَى بنارٍ أُضرمت فِي مَاء)
(فِي سحرِ مقلتِها وخمرةِ ريقِها ... دائي الَّذِي حُمِّلتهُ ودوائي)
)
(يَا قَاتل اللهُ العيونَ فَإِنَّهَا ... شَرَكُ العقولِ وَآفَة الْأَعْضَاء)
(يَا هَذِه مهلا فَلَو أنني ... لَا أنثَنِي عَن ذِمةٍ ووفاء)
(لبلغتُ مَا أَرْجُو بحدِّ مهندٍ ... ذَرِبٍ وعامِلِ صَعدةٍ سَمراء)
(وطرقتُ دارَك باللِوى فِي مَعشرٍ ... أخذُوا شجاعتَهم عَن الْآبَاء)
(وأبحتُ يَا أسماءُ معسولَ اللَّمى ... لهُمُ ووَردَ الوجنة الْحَمْرَاء)
(لَكِن ركنتُ إِلَى السُّلوّ وَلم أقُل ... أعزِز عليَّ بفُرقة الخلطاء)
وَقَالَ
(أنسيمُ برقٍ أم شَيمُ عَرار ... أَورَى بجانحتيه زّندَ أُوارِ)
(أم هزّ معطفَهُ الغرامُ فمزقت ... أَيدي الصَبابةِ عَنهُ ثوبَ وقار)
(أم باكرتهُ يدُ الْهوى بمُدامةٍ ... صِرفٍ فَبَاتَ لَهَا صريعَ خُمار)
(بل هزّ عِطفيه لنَوح حَمامةٍ ... هَتَفَت ودَمعِ غمامةٍ مِدرار)
(وعليلِ نفحةِ روضةٍ مطلولةٍ ... باحت بِمَا ضَمَتْ من الْأَسْرَار)
(مَا استنشقت مِنْهَا المَعاطِفُ بِلةً ... إِلَّا انثنَت فِي الْقلب جَذوةُ نَار)
(حَيْثُ الغصونُ تميس فِي كثبانها ... طَرَياً لسجعِ مَلاحنِ الأطيار)
(عبِثتْ بهَا أَيدي الصَبا فتمايلَت ... فَكَأَنَّمَا شربَت بكأس عُقار)
(ووتكللت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بفرائدٍ من لؤلؤِ الأمطار)(27/13)
(فالجوُّ فِي مِسكيةِ الغيمِ أنبَري ... والأرضُ فِي موشيّة الأزهار)
(والغانياتُ تميس فِي أرجائها ... مختالةً مَيسَ القنا الخَطَّار)
(من كل سافكةٍ بسيفِ فتورِها ... عَمداً وَمَا لقتيلها من ثار)
(كالبدرِ فِي بُعد المَنال وَفِي السَّنا ... والريمِ فِي كَحَلٍ وفرطِ نِفار)
(ومهفهفٍ عَبث الصِّبا بقَوامِه ... عَبَثَ الصَبا بمَعاطفِ الْأَشْجَار)
(وَسنَانُ مَا جالت قِداحُ جمالِهِ ... إِلَّا ثنى قلبِي مِنَ الأعشار)
(عاطَيتُه رَاحا إِلَى الشَّمْس انتمَت ... بزُجاجةٍ تنمي لضَوءِ نَهَار)
(والليلُ من جوزائه وهِلالِ ... يختال بَين قِلادةٍ وسِوار)
وَقَالَ)
(هَذَا اللِوى لَا حُطّ منهُ لواءُ ... يرتادُني عَنهُ هَوى وهَواءُ)
(فاحلُل عقودَ الدّمع فِي عُقدَاته ... إِن جرَّعتك غَرامَك الجَرعاء)
(والعَب بِعطفك كالقضيب فَإِنَّمَا ... أهدَت بَوارحَها لَك البُرحاءُ)
(لم يَبقَ من آثَار أَنجُمِ غِيدِه ... إِلَّا الدموعُ فَإِنَّهَا أنواء)
(جعلُوا الحُماةَ حماءَهم وترحّلوا ... فبحيثما حَلوا ظُبىً وظِباء)
(وتكنَّسوا قَصَبَ الوَشيج وَتفعل ... السمراءُ مَا لَا تفعل السمراء)
(هذي المنازلُ كالمنازلِ فاسألوا ... عَن بدرها فَلَقَد دَجَتْ ظَلْماء)
(ذُمّ الفِراقُ وَمَا علِقتُ بذِمةٍ ... من سَلوةٍ فَمَتَى يُذَمُّ لِقاء)
(لله ذَاك العيشُ إِذْ لَا بَيننَا ... بَينٌ وَلَا عاداتُنا عُدَواء)
(فالجو صافٍ والمواردُ عَذبَةٌ ... وَالرَّوْض نَضرٌ والنسيمُ رُخاء)
(وَلَقَد نزعتُ عَن الغَرام فشاقني ... أَرَجٌ نماه مَندَلٌ وكِباء)
(هَبَّت صَبا نَجدٍ وهَب ليَ الصِبى ... فتلاقتِ الأهواءُ والأهواء)
(مَاذَا على العُذال إِن خَلَع الهَوى ... عُذري وعُذرِي غَادةٌ عَذراء)
(بل كيفَ يَحُس بِي الْهوى ومَحَله ... دون الحضيض ودُونيَ الجَوزاء)
(يَا حبذا رِيُّ الكئيب من الظَما ... لَا حبذا أُروى وَلَا ظَمياء)
(هُوَ مَنكِبُ العزمِ الَّذِي لَو أَنه ... ريحٌ لقالوا إِنَّهَا نَكباء)
(ولَدَيَّ فكرٌ إِن تبلّج نورُه ... شهِد الذَكاءُ بأنَّ ذَاك ذُكاء)
(ألْقى القريضَ لَهُ مقالد أمرِه ... فَاخْتَارَ وَهُوَ المانعُ الأَباء)
(كم بَيت شعرٍ قد علا بِبِنائِه ... بَيتٌ دَعائمُ سَمكِهِ العلياء)(27/14)
(تَحيى بِهِ الأمواتُ بعد فنائها ... ولربما مَاتَت بِهِ الْأَحْيَاء)
(أَلْفَاظه كالشهبِ إِلَّا أَنَّهَا ... فِي كُل خَطبٍ فليقٌ شهباء)
(وَإِلَى سَراة بني عَديٍّ أنتمي ... فِي حَيْثُ تثنى الغُرَّة القَعساء)
(قومٌ هم غُررَ الزَّمَان وَأَهله ... والعالمونَ جِبلةٌ دهماء)
(يتورّدون الخطبَ وهوَ مهالكٌ ... ويبادرون الحربَ وَهِي فَناء)
(ويخاطبون بألسُنِ الْبيض الَّتِي ... من دونِها تتلجلج الخُطَباء)
)
(من كلِّ أروعَ ضاربٍ بحُسامه ... رأسَ الكَميِّ إِذا التظَتْ هَيجاء)
(متناسبِ الأجزاءِ أجمعُ صدرِه ... قَلبٌ وأجمعُ قَلبِهِ سَوداء)
(إِن تظلمِ الأقدارُ فَهُوَ مُهَندٌ ... أَو تظلمِ الأخطار فَهُوَ ضِيَاء)
(تأبى مَناط نِجاده فَكَأَنَّهُ ... من تحتِ مُنْعَقد اللِّوَاء لِوَاء)
(ويهُزه هَزَج الصَّهيل كَأَنَّمَا ... حكمتْ عَلَيْهِ القهوةُ الصَّهْبَاء)
(أبناءُ لَخم الأكرمين عِصابةً ... لَا ينثنون وَفِي الثَّبَات ثَناء)
(نَشروا أمامَ خَميسِهم أحسابَهُم ... فِي الحَرب وَهِي الرَّايَة الْبَيْضَاء)
(ضربوا بمُستن الركاب قِبابَهم ... فتساوت الغُرباء والقُرناء)
(وتَحكَّمَ الضِيفانُ فِي أَمْوَالهم ... حَتَّى كأنهمُ لَهُم شُركاء)
(يخشاهمُ ريبُ الزمانِ فجارُهم ... لم يدرِ فِي السَّراء مَا الضَّرّاء)
(نَسَبٌ لوَ أنّ الزَهرَ فِي إشراقه ... لتشابهَ الإصباحُ والإمساء)
وَقَالَ
(أصبحتُ بَين سَوالفٍ وعيونٌ ... وَقفا على أمنيَّةٍ ومَنونِ)
(فدَعِي الملامةَ فِي التصابي واعلمي ... أَن الملامةَ ربّما تُغريني)
(مَاذَا عليكِ إِذا سفحتُ مدامعي ... وأطلتُ فِي آي الديار أنيني)
(مَا زلتُ أُخْفِي الحبَّ حَتَّى هاجه ... وشكُ الفِراق وأظهرته جفوني)
(يَا عاذلي رِفقاً على قلبِي فَمَا ... أُرضيك فِي فعلي وَلَا تُرضيني)
(صادته أَيدي الحبّ إِذْ نصبت لَهُ ... شَركاً بألحاظ الظِباء الْعين)
(خفِّض عليّ فَمَا أَرَاك تصدني ... باللوم عَن شَغَفي وَلَا تَثنيني)
(كَيفَ السَّبِيل إِلَى السُلو وَقد خَلَتْ ... من آل حمدةَ جانبا يَبرين)
(وعَلى الحُمول غريرةٌ أجفانها ال ... مرضى الصِحاح بقتلتي تُفتيني)
(هيفاءُ تَحت نِقابها وثيابها ... مَا شئتَ مِن وردٍ وَمن نِسرين)(27/15)
(سفرتْ فأبدَت بدر تمٍّ طالعاً ... لَك فِي ليالٍ للغدائر جون)
(وبكت فأبقَت فِي عقيقِ خدودها ... آثارَ لؤلؤِ دمعها الْمكنون)
وَقَالَ)
(سَرت وجبينُ الجو بالطل يرشَح ... وثوب الغوادي بالبروق موشّحُ)
(فقابلتُ من أسماطها الزَهرَ تُجتلى ... وقبلتُ من أمراطها الزهر ينفح)
(بِحَيْثُ الرُبى تخضل والدّوح ينثني ... ودمعُ الحَيا يَنهل وَالطير تصدَح)
(وَفِي طيّ أبراد النسيم خميلةٌ ... بأعطافها نَورُ المُنى يتفتح)
(تُضاحكُ فِي مَسرى العواطفِ عارضاً ... مدامعه فِي وجنة الرَّوْض تسفح)
(وتورى بِهِ كفُّ الضيا زندَ بارقٍ ... شرارتُه فِي فَحْمَة اللَّيْل تقدح)
(تَفَرَّسَ مِنْهُ الْبَدْر فِي متنِ أشقرٍ ... يُلاعب عِطفَيه النسيم فيرمح)
(على حِين أوراق الصَبا الغض نَضرةٌ ... ووُرق التصابي بالصبابة تُفصِح)
وَقَالَ
(سَافر إِذا حاولت قَدرَا ... سَار الهِلالُ فَصَارَ بَدْرًا)
(وَالْمَاء يكْسب مَا جرى ... طِيباً ويخبُث مَا استقرا)
(وبِنقلة الدُّرَر النَّفْي ... سة بُدلت بالبحر نَحرا)
(وَصلا إِذا امتدت يدا ... ك فَإِن هما حَلَتا فهَجرا)
(فالبدرُ أنْفق نوره ... لما بدا ثمَّ استسرا)
(زِد رِفعةً إِن قيل أت ... رَبَ وانخفِض إِن قيل أثرى)
(فالغضنُ يدنو مَا اكتسى ... ثمرا ويسمو مَا تعرى)
(حركاتِ عيسِكَ إِن أرد ... ت مِهادَ َعيشِك أَن تقرا)
(فالمهدُ أسكنُ للصغي ... ر بِحَيْثُ جَاءَ بِهِ ومرّا)
وَقَالَ
(بعينَه سُكري لَا بكأسِ عُقارِه ... رَشاً صَاد آسادَ الشَرَى بنفارِه)
(فيا حبذا خمرُ الفتور يُديرها ... على وَرد خدِّيه وآس عذاره)
(سقاني فَلَمَّا أَن تملكني الْهوى ... ثنى معطفيه عَن صريعِ خِماره)
(فللبدر مَا يُبديه فَوق لثامه ... وللغصن مَا يُخفيه تحتَ إزَاره)
(تضيءُ بروقُ الْبيض دون اجتلائه ... وتهوي نُجُوم السمر دون اهتصاره)(27/16)
(لَئِن كَانَ قلبِي مُقفِرا من جماله ... فَإِن فُؤَادِي عَامر بادّكاره)
)
(وَوَاللَّه لَوْلَا أَنه جنَّةُ المُنى ... لما كَانَ محفوفا لنا بالمكاره)
(وَفِي فَلَك الأصداح بدرُ محاسنٍ ... كَسته أيادي الْبَين ثوبَ سَراره)
(كأنّ الثريا والهِلالَ تقاسما ... جمالهما من قُرطه وسِواره)
(وَكم جُردَت دون الظباء من الظبَى ... لِقتلِ شجٍ لَا يُرتَجى أخذُ ثاره)
(وَمَا أطلقت بِالسحرِ غِزلانُ بابلٍ ... لواحظَها إِلَّا انثنى فِي إساره)
(إِذا غرسَت أَيدي الصبابة فِي الحشا ... أصولَ الْهوى فالوجد بعضُ ثماره)
(إِذا هبّ نجديُّ النسيم أَحَالهُ ... سَموماً بِمَا يمليه من وهج ناره)
(غَراماً ببانات اللِوى وأراكِهِ ... وشوقاً إِلَى قُلامِه وعَراره)
وَقَالَ(27/17)
(أرابَه البانُ إِن لم يَقضِ آرابا ... فَارْتَد ناظره المرتادُ مُرتابا)
(كَأَن أوطان أوطارِ محاسنُها ... تستنفدِ اللفظَ إطراءً وإطرابا)
(حَيْثُ المغاني غوانٍ مَا اشتكت يدُها ... يَوْمًا من الخُرَّد الأتربِ أَتْرَابًا)
(وَلَا ألمَّ بهَا مثلي فأدمعَه ... فاستعجز الغيثُ إرباءً وإربابا)
(يَا حَبذا البان إِذْ أجنى فواكهه ... على ذُرى البان أعناباً وعُنابا)
(وَإِذا أبيتُ وكأسُ الراح مالئة ... كفي حَبابا وطَرفي فِيهِ أحبابا)
(سقَاهُ كالدمع إِلَّا مَا يؤثره ... فَإِنَّهُ مَنَع الإجداء أجدابا)
(وجرّ فِيهِ كأنفاسي غلائلَه ... شذاً يَقُول لَهُ الإطنابُ أطنابا)
(قفا لأعتُبَ دهراً لَان ثمَّ عسَى ... عساه يُعقِب هَذَا العَتبَ أعتابا)
(واستنزِلا بلطيفٍ من عتابكما ... قلباً طواه على الأحقاد أحقابا)
(لله مَا ضمّت الأحداج من قمرٍ ... أرْخى ذوائبَ عنهنَّ الدُجى ذابا)
(أغمض اللحظَ عَنهُ حِين ينظر عَن ... جَفنٍ هُوَ النصلُ إرهافا وإرهابا)
(وَرُبمَا زارني زُوراً وشقّ إِلَى ... وَصلي حِجابا يُراعيهِ وحُجابا)
(مَا كنت اُسكر طرفِي من مُدام كَرّى ... لَو لم يحرِّم على الأصحاء أصحابا)
(يَا من إِذا وفََى استوَفى الحشاشة لَا ... عدِمتُ حاليك إِعْطَاء وإعطابا)
وَقَالَ)
(هَب للقلوب من الْعُيُون ملاذُ ... وَلها على مكنونها استِحواذُ)
(هيهاتَ مَا سُلتْ شِفارُ لواحظٍ ... إِلَّا تثنت والقلوبُ جُذاذ)
(لَا تُرسِلََّ سهامَ لحظِك جاهداً ... إِن الْمنية سَيرها أغداد)
(وَمن الْعَجَائِب أَن خدي مُجدِبٌ ... وَعَلِيهِ من سيل الدُّمُوع رَذاذ)
(يَا رامياً كَبِدي بِنبل جفونه ... خَفِّض عَلَيْك فَإِنَّهَا أفلاذ)
(ومليحةِ الْأَوْصَاف حسَّنها الصِّبا ... والتيهُ لَا ديباجُها والاذ)
(فِي طرفها الأحوى تأنقُ بابلٍ ... نَفَاثُ سحرٍ فِي الحشا نَفَاذ)
(رَقت جفوناً فَهِيَ ماءٌ دافقٌ ... وقست فؤاداً دونه الفُولاذ)
وَقَالَ
(دَعَتْهُ المثاني وادعته المثالثُ ... فها هُوَ للنِدمان والكاس ثالثُ)
(وقارفَ قبل الموتِ والبعثِ قَرقفاً ... يعاجله مِنْهَا مُميتٌ وباعثُ)
(وَكَانَ الْهوى أبقى عَلَيْهِ صَبابةً ... من اللبّ وافاها من الكاس وَارِث)
(فَقَامَ إِلَى أُمِّ الخبائثِ إِنَّهَا ... بهَا أبدا تصفو النفوسُ الْخَبَائِث)
(وَأَحْيَا بِروح الراح جسمَ زُجاجة ... على يَده مِنْهَا قديمٌ وحادث)
(وَقد قَالَ للصهباء إِنِّي حالفٌ ... فَقَالَت لَهُ الصَّهْبَاء إِنَّك حانث)
(وَمَا الْعَيْش إِلَّا للَّذي هُوَ ماكث ... على غيّه أَو الَّذِي هُوَ ناكث)
(فيا راحلاً أبلغ أخِلايَ بالِّلوى ... وَإِن رجعُوا أَنِّي على الْعَهْد لابث)
(لمن كَللٌ مُدت حوامٍ حواملُ ... فمادت بهَا عِيسٌ رَواغٍ رواغث)
(هُنَاكَ وَلَا نُعمانَ قُضبٌ موائس ... وثَمَ وَلَا يَبرينَ كُثبٌ عثائث)
(دَمي للدُمى إِن لم أُرعها برحلةٍ ... نديمي بهَا الدأماءُ أَو فالدمائث)
(ربيعةُ فتكٍ لم تلِدني مكدَّمٌ ... عُتيبةُ حَربٍ لم يلدنيَ حَارِث)
(لِيَ النافثاتُ السِحرِ فِي ُعقَد النُهى ... فَمَا هِيَ إلاّ العاقداتُ النوافث)
وَقَالَ
(ألحِق بنَفسَجَ فَجري وردتَي شفقِِ ... كافورةُ الصبحِ فتَّت مِسكَةَ الغَسَقِ)
(وَقد عُطِّلَ الأُفقُ من أسماط أنجُمِهِ ... فاعقِد بخمرك فِينَا حِليةَ الأُفق)
)
(قُم هاتِ جامَك شمساً عِنْد مُصطبحٍ ... وخَل كاسَكَ نجماً عِند مُغتبق)
(وَأقسم لكلِّ زمانٍ مَا يَلِيق بِهِ ... فَإِن للزندِ حَلياً لَيْسَ للعُنقِ)(27/18)
(هبَّ النسيم وهبّ الريمُ فاشتركا ... فِي نكهةٍ من نسيم الرَّوْضَة العَبِق)
(واسترقَصَتنيَ كاسترقاصِ حامِلها ... مُخضَرَّة الوُرق فِي مُخضَرَّةِ الوَرَق)
(وبتُّ بالكاس أغْنى الناسِ كلهم ... فالخمرُ من عسجدٍ والماءُ من وَرِق)
(كم وُرِّدت وَجَناتُ الصِرف فِي قدحٍ ... فتحتُ بالمزج مَا تعلوه من حَدَق)
(يسْعَى بهَا رَشأٌ عَيناهُ مُذ رمقَت ... لم يبْق فيَّ وَلَا فِيهَا سوى الرَمَق)
(حبابُها وأحاديثي ومبسِمُه ... ثلاثةٌ كلهَا من لُؤْلُؤ نسَق)
(حَتَّى إِذا أخذت مِنا بسَورتها ... مآخذَ النّوم من أجفانِ ذِي أرَق)
(رَكِبتُ فِيهِ بِحاراً من عجائبها ... أنِّي سلِمتُ وَمَا أَدْرِي من الغَرَق)
(وَلم أزل فِي ارتشافي مِنْهُ ريقَ فَم ... أطفأتُ فِي بَردِه مشبوبةَ الحُرق)
(يَا سَاكن الْقلب عَمَّا قد رميتُ بِهِ ... من ساكِنِ الْقلب مَعَ مَا فِيهِ من قَلَق)
(لَا تعجَبَنَّ لكل الجِسم كَيفَ مضى ... وَإِنَّمَا أعجب لبعضِ الْجِسْم كَيفَ بقى)
(لم اسْترق بمنامي وصلَ طيفِهم ... فَمَا لَهُ صَار مَقْطُوعًا على السَرَق)
(وَلَا اجتلى الطرفُ بَرقاً من مبَاسمهم ... فَمَا لَهُ مثل صوبِ العارضِ الغدق)
(فِي الْهِنْد قد قيل أسياف الْحَدِيد وَلَو ... لَا هِنْد مَا قيل أسياف من الحَدَق)
(نَسِيت مَا تحتَ تفتيرِ الجُفونِ أما ... خُلوقةُ الجفن إِثْر الصارم الدلق)
(وَبت بالجزعِ فِي أَثَرهم جَزِعاً ... إِن جردَ البَرقُ إيماضاً على البُرق)
(فِي نارِ وَجديَ معنى تلهبهِ ... وَفِي فُؤَادِي مَا فِيهِ من الوَلَق)
وَقَالَ
(لَا أشربُ الراحَ إِلَّا ... مَا بَين شادٍ وشادن)
(وَإِن فَنِيتُ فعندي ... إِلَى معادٍ معادن)
(قُم يَا نديمي فأنصِتْ ... وَاللَّيْل داجٍ لداجن)
(غنَّى وناح فَنزع ... تُ ثوبَ خاشٍ مخاشِن)
(طاوع على العَزف والقص ... ف كلّ حاسٍ وحاسن)
)
(وانهض بطيشك عَن سح ... ت ذِي وقارٍ وقارن)
(أثورُ من ذِي وَمن ذَا ... فِي كل غابٍ وغابن)
(وَإِن رمتني اللَّيَالِي ... يَوْمًا بِداهٍ اُداهِن)(27/19)
وَقَالَ على طَرِيق أبي الرقمعن
(يَا هَذِه لَا تنطِقي ... بَسَّكِ لاتُنقِنقي)
(أما علمتِ انني ... أصبحتُ شيخ الحُمق)
(أصيحتُ صَباً هائماً ... بثوبي المزوَّق)
(فطبِّلي من بعدِ ذَا ... إِن شئتِ أَو فبوِّقي)
(وأرعِدي من غضبٍ ... عليَّ أَو فأبرقي)
(ودفِّفي وَبعد ذَا ... فَإِن أردتِ فصفِّقي)
(أَنا الَّذِي فُقتُ الورى ... من قبل لُبس البخنق)
(أَنا الَّذِي طفت بِلَا ... دالغرب ثمَّ الْمشرق)
(أَنا الَّذِي يَا إخوتي ... أُحب أكل الفُستُق)
(والتين والجوز مَعَ ال ... فانيذ ثمَّ البندق)
(يَا هَذِه تعطفي ... توقفي ترفقي)
(أمّا أما أمّا أما ... آن لنا أَن نَلْتَقِي)
(فِي جوسقٍ مرتفعٍ ... ناهيكُه من جوسقِ)
هَا فانظري وَجه هِلَال فِطر فوقَ الأُفق
(كزورقٍ من ذَهَب ... أكرِم بِهِ من زَورقِ)
(وَالْمَاء فِي النَّهر غَدا ... مِثل الحُسام الْأَزْرَق)
(كَذَاك لون الأُقحوا ... ن مثل لون الزَيبق)
(والوَرد كالخدَ كَمَا ال ... نَرجس مثل الحدَق)
(ويلاه من مهفهفٍ ... ممَنطقٍ مُقرطق)
(ذِي وجنةٍ أسيلةٍ ... مُحمرىٍ كالشَفَّفَق)
(وشعرةٍ مُسودَّةٍ ... مِثل اسوداد الغَسَق)
)
(وقامةٍ تميس كال ... غُصنِ الرطيب المورقِ)
(يَا يَختال فِي ... ذَاك القَباءِ الْأَزْرَق)
(يَا هَذِه لما بدا ... على الحِصان الأبلق)
(فشمَّر الكُمَّ إِلَى ... دُوَينَ رأسِ المِرفَق)
(ورام أَن يقفِز با ... لأبلق عَرضَ الخَنْدَق)
(علِقتُه وصِرتُ من ... فَرطِ الهوَى فِي قَلَق)
(إيهٍ وَمن وجدي بِهِ ... أُمسُكه فِي الطّرق)(27/20)
(وَلَا أَخَاف عاذلا ... يعذُلني فِي حُرَقي)
(ولستُ بالصب الَّذِي ... قولَ الوُشاة يَتَّقِي)
(يَا عاذلي دَع عَذَلي ... فليتني لم أُخلَقِ)
(فالناسُ لَا شكّ إِذا ... مِنْهُم سعيدٌ وشقي)
(أما السعيدُ فالإما ... م الحافظُ البَرُّ التقي)
(وكل من يحسُده ... فَهُوَ مَدَى الدَّهْر الشقي)
وَقَالَ يشبه البدرَ والدَبَرانَ
(وبدا الهِلالُ وخَلفَه ال ... دَبَرانُ يَسرى حَيْثُ يَسري)
(فافهَم إشارةَ نَونِ نَؤ ... يٍ بالنُّضار وخاءِ خِدرِ)
وَقَالَ فِي تُرسٍ مُكَوبج إرتجالا
(لله دّر مِجَنٍّ قد حُبِيتُ بِهِ ... صِيغَت كوابجُه فِيهِ على قَدَرِ)
(لم يُخطِ تشبيههِ من قَالَ حِين بدا ... إنّ الثريّا بَدَت فِي صفحة القَمَر)
وَكتب على سَرَجك
(أَنا ممتَطي بدرٍ ولَيثٍ صَوَّرا ... شخصا زُهَى الدُنيا بِهِ والدينِ)
(فَأجِل لِحاظك فِي تنظُر آلَة ... جمعتْ مَحَاسنَ هالةٍ وعَرين)
وَقَالَ يذم خالا يَقُول خدِّي روضةٌ ترتَعُ فِيهَا المُقَلُ فقلتُ مَا أقَبَحَ مَا جئتَ بِهِ يَا رجل)
لَو كَانَ وَرداً لم يَكُنْ يَسكُنُ فِيهِ جُعَل وَقَالَ
(يَا رُبَّ ليلٍ أشتهي لباسَه ... قد عطَّرَ الْوَصْل لنا أنفاسَه)
(لم يلبثِ النجمُ بِهِ أَن حاسَه ... دَع امرَأ الْقَيْس ودع أمراسَه)
(فِتر الْهلَال سُرعةُ قد قاسه ... كالبرقِ حِين يُسرِعُ اختلاسَه)
(مُنكِّساً نَحْو الثريا رَأسه ... هَل تعرف العُرجونَ والكِباسه)
وَقَالَ
(أُنظُر إِلَى الشَّمْس فَوق النِيل غاربة ... واعجَب لِما بعْدهَا من حُمرةِ الشَفَقِ)(27/21)
(غَابَتْ وأبقت شُعاعاً مِنْهُ يَخلفُها ... كَأَنَّهَا اخترقَت بالماءِ فِي الغَرَق)
(وللهلال فهَل وافى لينقذها ... فِي إثرِها زورقاً قد صِيغَ من وَرق)
وَقَالَ
(يَا حُسنَ وجهِ البحرِ حينَ بدا ... والسُحبُ تَهطَل فَوْقه هَطلا)
(فكأنَّه دِرعٌ وَقد مَلأَت ... أَيدي الرُماةِ عيونَه نَبلا)
وَقَالَ
(مَرّ بِيمُناه على طاره ... يلمسهُ أحسنَ مَا لمسِ)
(وواصلَ النَّقرَ على إصبعٍ ... تُغنيه لَو شَاءَ عَن الخمسِ)
(فحدِّثوا عَن قمرٍ مُشرقٍ ... يلعَب بالبَرق على الشَّمْس)
وَقَالَ
(وأدهم كالغرابِ سَواد لونٍ ... يطير مَعَ الرِّيَاح جَناحُ)
(كَسَاه الليلُ شملتَه وولَّى ... فقبّل بَين عَيْنَيْهِ الصباحُ)
وَقَالَ
(جحَدتُ الْهوى عَن العواذل ضِنَّةً ... عَلَيْهِم بِمن أَصبُو إِلَيْهِ وأهوا)
(وَلَو قلتُ إِنِّي عاشقٌ فظِنوا بِهِ ... لعلمهم أَن لَيْسَ يُعشَقُ إِلَّا هُوَ)
وَقَالَ
(خيلانه فِي خَدّه ... خيل بميدان الْقِتَال)
)
(فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُ ... ساعاتُ هجرٍ فِي وصال)
وَقَالَ يصِفُ الحُمَّى
(وبغيضةٍ تَدْنُو وَمَا دُعيَت ... فَتبيتُ بَين الخِلب والكَبِد)
(يصبو الفؤادُ لِبعدِها فَإِذا ... ولّت بكاها سائرُ الْجَسَد)
وَقَالَ
(وَلَو لم أشاهد مِنْهُ جُودَ يَمِينه ... وحُدِّثتُ عَن إفراطها خِلتُه كذِبا)
(خِصالا رأيناها نجوماً مُنيرةً ... عُلاه لَهَا فَلَا عَدِمَتْ غَربا)
وَقَالَ يصف صيادا بِشَبَكَةٍ
(وأشعثَ مثل أهلِ النَّار ثاوٍ ... بِأخضرَ كلُّ وَسطٍ مِنْهُ جَنَّة)(27/22)
(على يُمناه أحداقٌ صِغارٌ ... تَرامي الماءِ عَنْهَا قد أجنَّه)
(فيرسِلُها إِلَيْهِ وَهِي دِرعٌ ... وتأتيهِ وَقد مُلِئتْ أَسِنَّه)
وَقَالَ فِي رجل كَبِير الذَقن
(جَاءَنَا يَحمِل ذَقناً ... حَسبُك اللهُ وحَسبي)
(شَعرُها لَو كَانَ شِعراً ... كَانَ مثلَ المتنبّي)
(وَهِي فَوق الصَّدْر قد سدَّ ... تهُ شرقٍ لِغَرب)
(لِحيَةٌ رَدَّته فِي النا ... س وَلَا ضرطَةُ وَهب)
وَقَالَ فِي سَودَاء
(رُبَّ سوداءُ وَهيَ بَيضاءُ معنى ... نافَسَ المسكَ عِنْدهَا الكافورُ)
(مِثلُ حَبِّ العيونِ يحسَبه النا ... سُ سواداً وَإِنَّمَا هُوَ نور)
وَمن موشحات ابْن قلاقس نَهيتُ عَن نصحيمن رام أَن يَصحيفما انتهَى وَكَيف للاّئمأن يغتدي الهائمَكما اشتهَى وأباني جؤذرْمن لَحظِهِ مخدَّرٌلَيثُ العَرين مثل الضُحَى مَنظَرْيَروق إِذْ يُنظَرمن الجبين قلت وَقد أسكرلا قولَ من أنكرقُم يَا خدين)
وهاتِ فِي الجُنحِشقيقةَ الصُّبحِفقال هَا ويلاه من ناعمِكالرَشإِ الباغمِقد قَالَ هَا علقته غصناكالبدر با أَسْنَى بل كالصّباح قلتُ وَقد أجنى جناذاك الاقداح بيناهُ فِي شحِّقد عَاد فِي سَحِّفها وَهَا يَا واصلاً صارمبجفنكَ الصارمصبري وهَي بِاللَّه يَا إلفيإنهض إِلَى إلفَيوسَقّني من قهوةٍ صِرفِعن مُقبل الصَّرفلا تنثني وهاتِها تشقِيمن كَاد أَن يشفِيوغَنِّني فِي ابْن أبي الفتحقد انْتهى مدحيفلا انتهَى(27/23)
يَا أَيهَا الكاتمما القَمَرُ العاتمُمثل السُهَى
3 - (ضِياء الدّين بن الْأَثِير)
نصر الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ ابْن الْأَثِير ضِيَاء الدّين أَبُو الْفَتْح الجَزَرِي أحد الْإِخْوَة وَقد مرَّ ذكر أَخوَيه عز الدّين ومجد الدّين فِي مكانيهما وَكَانَت بَينه وَبَين أَخِيه غزّ الدّين مجانبةٌ شديدةٌ ومقاطعةٌ وُلِدَ هَذَا ضِيَاء الدّين بالجزيرة وَنَشَأ بهَا وانتقل مَعَ وَالِده إِلَى الْموصل واشتغل وَحصل الْعُلُوم وَحفظ الْقُرْآن وشيئاً من الحَدِيث وطرفاً من النَّحْو واللغة وَعلم الْمعَانِي والبيانُ وَلم حصَل هَذِه الأدوات قصد الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَكَانَ شَابًّا فاستوزره لوَلَده الْأَفْضَل عَليّ وحسُنت حَاله عِنْده وَلما توفّي السُّلْطَان واستقلَ وَلَده الْأَفْضَل عَليّ بِالْملكِ وَأقَام بِدِمَشْق اسْتَقل ضِيَاء الدّين بالوزارة وَاعْتمد عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْمصَالح وَلما أخذت دمشق من الْأَفْضَل وانتقل إِلَى صرخد كَانَ ضِيَاء الدّين قد أَسَاءَ الْمُعَامَلَة إِلَى أهل دمشق فهمّوا يقْتله فَأخْرجهُ الْحَاجِب محَاسِن بن عجم مستخفياً فِي صندوق مقفلا عَلَيْهِ ثمَّ صَار إِلَيْهِ وَصَحبه إِلَى مصر لما أستُدعي الْأَفْضَل لنيابة ابْن أَخِيه الْملك الْمَنْصُور وَلما قصد الْعَادِل مصر وَأَخذهَا من ابْن أَخِيه خرج الْفضل من مصر وَلم يخرج ضِيَاء الدّين مَعَه خوفًا على نَفسه من جمَاعَة كَانُوا يقصدونه فَخرج مِنْهَا متستراً وَغَابَ عَن الْأَفْضَل مُدَيدة فَلَمَّا اسْتَقر الْأَفْضَل فِي سُميَساط عَاد إِلَى)
خدمته وَأقَام عِنْده مُدَّة ثمَّ إِنَّه فَارقه واتصل بِخِدْمَة أَخِيه الظَّاهِر غَازِي صَاحب حَلَب فَلم يَطُل مقَامه عِنْده وَخرج مغاضباً وَعَاد إِلَى الْموصل فَلم يستقم لَهُ حالٌ فسافر إِلَى سنجار ثمَّ عَاد إِلَى الْموصل واتخذها دَار إِقَامَته وولع بالحطّ على الْأَوَائِل الْكِبَار مثل الحريري والمتنبي وَغَيرهمَا وَبَالغ فِي الغض من القَاضِي الْفَاضِل وشحن تصانيفه بالحط عَلَيْهِ والهزء بِهِ فَمَا أحبّ النَّاس مِنْهُ ذَلِك وردّوا عَلَيْهِ أَقْوَاله وزيفوها وسفهوا رَأْيه وَمن مُضحكات الدُّنْيَا وعجائبها أنّ ابْن الْأَثِير يعيب كَلَام القَاضِي الْفَاضِل وَله من تصانيفه بالحط الْمثل السائر وَقد رُزِق فِيهِ السَّعَادَة وردّ عَلَيْهِ عز الدّين بن أبي الْحَدِيد فِي كتاب سَمَّاهُ الْفلك الدائر على الْمثل السائر ورد على ابْن أبي الْحَدِيد بعض الأفاضل فِي كتاب سَمَّاهُ قطع الدائر ووضعتُ أَنا كتابا سميتُه نُصرة الثائر على الْمثل السائر وانتصفتُ مِنْهُ للفاضل وللحريري وللمتنبي
وَلابْن الْأَثِير كتاب الوَشي المرقوم فِي حل الْمَظْلُوم وَكتاب الْمعَانِي المبتدعة وَله غرّة الصَّباح فِي أَوْصَاف الإصطباح وَكتاب الْأَنْوَار فِي مدح الْفَوَاكِه وَالثِّمَار وَله غير ذَلِك ونظمه قَلِيل جدّاً ومولده سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة(27/24)
سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعره
(ثلاثةٌ تُعطي الْفَرح ... كأسٌ وكُوبٌ وقَدَح)
(مَا ذُبحَ الزِّقُّ بهَا ... إلاّ وللزقّ ذَبَح)
وَمن نظمه
(وروضةٌ طَلْقَة حَيَاء ... غنّاءُ مُخضَرةٌ جنابا)
(ينجابُ عَن نَورها كِمامٌ ... تنحط عَن وَجههَا نِقابا)
(وَبَات بهَا مَبسمُ الأَقاحي ... يرشُف من طَلّها رُضابا)
وَمِنْه
(نَثَر النسيمُ الطَّلَّ من أغصانه ... والرَّوضُ بَين مُذَهَّبٍ ومُفَضَّضِ)
(فَتحاً لَهُ فوقَ الغَدير وَقد طغا ... حَبَبٌ يَدُور على بساطٍ أبيضِ)
قلت كَذَا وجدتُه وَلَعَلَّه قَالَ حبباً يَدُور على سُلافٍ أبيضِ وَالله أعلمُ وَمِنْه
(وكُمثَرَى حَبوتُ بِهِ النَّدامَى ... يُزيل تقطُّب الْوَجْه العَبوس)
)
(كأكوابٍ صغارٍ من زُجاجٍ ... وَقد مُلِئَت بصُفرة خَندَريس)
وَمن ترسله كتب الْخَادِم هَذَا الْكتاب لَيْلًا وخاطِره يُغنيه عَن الاستضاءة بمصباح ويكاد يمثَّل لَهُ فِي سَواد الظلمَة بَيَاض الصَّباح غير أَنه كَانَ بَين يَدَيْهِ شمعة وُضعت للْعَادَة الْمُعْتَادَة لَا للْحَاجة المُرادة وَسَنذكر من أَوْصَاف صورتهَا مَا للْبَيَان فِيهِ سبحٌ طَوِيل فِي ذكره ولربما كَانَ هُنَاكَ معنى غَرِيب فيُنبَّه على سره وَذَاكَ أَن لَهَا قدّاً ألفي القوام مُشبهاً فِي نحوله واصفراره حَال المستهام وَهِي والقلم سِيان فِي أَنَّهُمَا إِذا قُطع رأسهما صَحَّا بعد السَّقام وَمن عَجِيب شَأْنهمَا أنّ روحها تحيا بجسمها وبالأرواح تكون حَيَاة الْأَجْسَام وَقد وصفهَا قوم بِأَن لَهَا خُلقاً كَرِيمًا فِي رِعَايَة عهود الإخوان وَأَن بكاءها لَيْسَ إِلَّا لمفارقة أَخِيهَا الَّذِي خرجت مَعَه من بطن ونشأت مَعَه من مَكَان وَهَذَا الْوَصْف من ألطف أوصافها وَهُوَ مِمَّا يهيج الألاف شوقاً إِلَى ألافها وَكَانَت الرّيح تتلعّب بلهبها لَدَى الْخَادِم فتشكِّله أشكالاً فَتَارَة تُبرِزه نجماً وَتارَة تُبرِزه هلالاً ولربما مثلته طوراً بالجلَّنارة فِي تضَاعف(27/25)
أوراقها وطوراً بالأنامل فِي اجتماعها وافتراقها وآونةً تَأْخُذهُ فتلفه على رَأسهَا شَبِيها بالقناع ثمَّ ترفعه عَنْهَا حَتَّى يكَاد يزايلها بذلك الِارْتفَاع فَلم يزل الْخَادِم ينظر مِنْهَا إِلَى هَذِه الصُّور ويستملي من بدائعها بَدَائِع هَذِه الغُرَر وأحسنُ الحَدِيث مَا وافقَت فِيهِ صُورَة العيان معنى الْخَبَر وكما كَانَت الرّيح تتلعب بالشمعة فتنقلها من مِثَال إِلَى مِثَال فَكَذَلِك الشوق يتلعب بِالْقَلْبِ فينقله من حَال إِلَى حَال غير أَن حرَّ هَذِه لَيْسَ كحر هَذَا فِي الاستعار وَالنَّار الَّتِي تتطلع عَلَيْهَا الأفئدة أَشد لفحاً من هَذِه النَّار
وَقَالَ أَيْضا يصف الشمعة من جملَة كتاب وَلما استنطقتُ الْآن قلمي كَانَ بَين يديَّ شمعة تعم مجلسي بالإيناس وتُغنيني بوحدتها عَن كَثْرَة الجلاّس ويخبر لِسَان حَالهَا أَنَّهَا أَحْمد عَاقِبَة من مجالسة النَّاس فَلَا الاسرار عِنْدهَا وَلَا السقطات لَدَيْهَا بمحفوظة وَكَانَت الرّيح تتلعب بلهبها وتختلف على شُعبه بشعبها فطوراً تُقِيمهُ فَيصير أُنْمُلَة وطوراً تميله فَيصير سلسلة وَتارَة تُجوفه فيتمثل مُدهنة وَتارَة تَجْعَلهُ ذَا وَرَقَات فيتمثل سَوسَنة وآونة تَنشره فينبسط منديلا وآونة تلفّه على رَأسهَا فيستدير إكليلاً وَلَقَد تأملتُها فوجدتُ نسبتها إِلَى العُنصر العسلي وقدَّها قد العّسال وَبهَا يضْرب الْمثل للحكيم غير أنّ لسانها لِسَان الجهّال ومذهبها هُوَ مَذْهَب الهُنود فِي إحراق نَفسهَا بالنَّار وَهِي شَبيهَة بالعاشق فِي انهمال الدمع واستمرار السهر وَشدَّة)
الصُّفار وكل هَذِه الْأَحْوَال تجدّدت لَهَا بعد فِرَاق أَخِيهَا ودارها والموتُ فِي فِرَاق الْأَخ وَالدَّار وَقد سألتُها أَن تُملي عليّ دخانها من أشواقها فَقَالَت إِن تَعْلِيم الْخمْرَة لَا يهدي للعوان وَالنَّار الَّتِي صُعداء الأنفاس أشدّ من النَّار ذَات الدُّخان وَأَيْنَ اللهَبُ الَّذِي تطفِئه الشَّفة بنفخها من اللهَب الَّذِي لَا تَدْنُو مِنْهُ شفتان وَكتب إِلَى الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ عمّر الله أَيَّام الْمجْلس وَلَا أخلى جَنابه من أهل ومرحب ووهبه من ألطافه الْخفية مَا لَا يُوهب وَخَصه من نخائل الْقُلُوب بالشأو الْأَبْعَد والودّ الْأَقْرَب وَبنى لَهُ من الْمَعَالِي مجداً يَنطُق عَنهُ بالثناء المعرَب وسيّر ذكرَه على صهوة اللَّيْل الأدهم وكَفَلِ الصَّباح الْأَشْهب وأيأس الحساد من لحاقه حَتَّى لَا يرجوه راجٍ إِلَّا قيل هَذَا أطمع من أشعب وَردت الْمُكَاتبَة الْكَرِيمَة الَّتِي حملت نشرَ الْأَحِبَّة فِي سطرها وَغَارَتْ من رسل الصَّبا أَن تحمله على ظَهرها وَقَالَت لَيْسَ مَا يَسحَب على الأَرْض إزاراً وَيحمل شِيحاً وعَراراً بأهلٍ أَن يُودع ألطاف الودائع ويفضَى إِلَيْهِ بأسرار الأضالع
وَلما وَردت على الْخَادِم وجدت عَهده مَا عَرفته ووده مَا كشفته خَليفَة عُذريّ الهوَى ترى الْمَوْت فِي صُورَة النَّوَى وَهِي مَروعةٌ بَين أهل العُلى وَلَا أهل اللِّوى والوجد بالمجد غير الوجد بالغَزَلَ(27/26)
3 - (ابْن الشُقيِشِقة)
نصر الله بن مظفر بن أبي طَالب بن عقِيل بن حَمْزَة نجيب الدّين أَبُو الْفَتْح الشَّيْبَانِيّ الدِّمَشْقِي الصفّار الْمَعْرُوف بِابْن الشُقَيشِقة بشينَين معجمتين وقافين الْمُحدث الشَّاهِد وُلد سنة نَيف وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتَّة وَخمسين وسِتمِائَة سمع وعُني بِالْحَدِيثِ وَكَانَ يعْقد الْأَنْكِحَة تَحت السَّاعَات وَفِيه يَقُول الْبَهَاء بن الحَوط
(جلس الشُقَيشِيقةُ الشقيُّ ليشهدا ... بأبيكما مَاذَا عدا ممّا بدا)
(هَل زَلزل الزلزال أم قد أُخرج الد ... جّال أم عدمِ الرجالُ ذَوُو الهُدَى)
(عجبا لمحلول والعقيدة جَاهِل ... بِالشَّرْعِ قد أَذِنوا لَهُ أَن يعقِدا)
وقف قاعتَه الَّتِي بدرب البانياسي دَار حَدِيث وتوّلى مشيختها الشَّيْخ جمال الدّين المزّي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلم يكن بِالْعَدْلِ فِي دينه وَمن شعر ابْن الشقيشقة
(إِلَى كم أَيهَا الرَّشَأُ المفدَّى ... أميلُ وَأَنت عَن وَصلي تَحيدُ)
(وأُبلَى فِي هَوَاك أَسىً ووجداً ... ووجدي فِيك والبَلوَى جَديد)
)
(وقلبُك لَا يرِق لِذي غرامٍ ... فقُل لي ذَاك صَخرٌ أم حَدِيد)
قلت شعر نَازل
3 - (ابْن حَواري وَابْن شُقَير الْحَنَفِيّ)
نصر الله بن عبد الْمُنعم بن نصر الله بن أَحْمد بن جَعْفَر بن حَوّاري الشَّيْخ شرف الدّين أَبُو الْفَتْح التنوخي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الأديب وَيعرف بِابْن شقير أَيْضا وُلِدَ سنة أَربع وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة سمع الْأَرْبَعين من أبي الْفتُوح البَكري وَابْن مُلاعِب وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز والدواداري وقاضي الْقُضَاة ابْن صَصرى وَآخَرُونَ وخطه أُسلوب غَرِيب كتب كثيرا وملكتُ من ذَلِك عدّة مجلّدات وَكتب الْأَرْبَعين القُشيرية الأسعدية وَكَانَ ممَّن سمع مِنْهُ وهبَهُ نُسْخَة وَكَانَ أديباً فَاضلا حسن المحاضرة حُفظةً للنوادر وَالْأَخْبَار حَسَنَ البِزة كَرِيمًا متجملاً عمّر فِي آخر عمره مَسْجِدا عِنْد طواحين الأشنان وتأنق فِي عِمَارَته ودُفن لما مَاتَ بمغارة الجُوع وصنّف كتاب إيقاظ الْوَسْنَان فِي تَفْضِيل دمشق وَوصف محاسنها ورأيتُه بِخَطِّهِ وَكَانَ مقَامه بالعادلية(27/27)
الصَّغِيرَة وَلما وَلِيَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان وفُوض إِلَيْهِ أَمر الْأَوْقَاف جَمِيعهَا طلب الحُسبانات من أَرْبَابهَا وَمن شرف الدّين هَذَا عَن وقف الْمدرسَة فَعمل لَهُ الْحساب وَكتب وُريقةً فِيهَا
(وَلم أعمَل لمخلوقٍ حِساباً ... وَهَا أَنا قد عملت لَك الحسابا)
فَقَالَ لَهُ القَاضِي خُذ أوراقك وَلَا تعْمل لنا حسابا وَلَا نعمل لَك وَكَانَ لَهُ خُلق حادّ وَفِيه تسرّعٌ وَهُوَ أَخُو تَاج الدّين
3 - (ابْن بُصاقة الْحَنَفِيّ)
نصر الله بن هِبة الله بن أبي مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي فَخر الْقُضَاة أَبُو الْفَتْح بن بصاقة الغِفاري الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الناصري الْكَاتِب شاعرٌ كاتبٌ ماهرٌ كَانَ خصيصاً بالمعظّم عِيسَى ثمَّ بِابْنِهِ النَّاصِر دَاوُد توجه مَعَه إِلَى بَغْدَاد وُلد بقوص سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمسين وسِتمِائَة بِدِمَشْق وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة النَّاصِر دَاوُد مَا كتبه على أَبْيَات النَّاصِر الجيمية وَمن شعره فِي المحفة المحمولة على البغال
(وحاملةٍ محمولةٍ غير أَنَّهَا ... إِذا حملَت ألقَت سَرِيعا جنينَها)
(وَأكْثر مَا تحويه يَوْمًا وَلَيْلَة ... وتَضجر مِنْهُ أَن يَدُوم قريَنَها)
)
(منَعَّمة لم ترضَ خدمَة نفسِها ... فغلمانها من حولهَا يخدمونها)
(لَهَا جسدٌ مَا بَين روحين يَغتدي ... فلولاهما كَانَ الترهّب دينَها)
(وَقد شبِّهت بالعرش فِي أَن تحتهَا ... ثَمَانِيَة من فوقِهم يحملونها)
وَقَالَ أَيْضا فِي الْبَيْضَة
(ومولودة لَا رُوحَ فِيهَا وَإِنَّهَا ... لتقبل نَفخ الرّوح بعد ولادها)
(وتسمو على الأقران فِي حومة الوغى ... وَلَكِن سُمُوٍّا لم يكن بمرادها)
(إِذا جُمعت فالنقصُ يَعرُو حروفَها ... وَلكنهَا تزداد عِنْد انفرادها)
وَقَالَ فِي السَّيْف
(وأبيض وضَاح الجبين صَحِبتُه ... فأحسَنَ حَتَّى مَا أقومُ بشكره)
(إِذا خذلتني أسرتي وتقاعدتْ ... أخِلايَ عَن نصرِي حَباني بنصره)
(يواصلني فِي شِدّتي مِنْهُ قاطعٌ ... يخفّف عنّي فِي رجائي بهجره)
(شَدَدت يَدي مِنْهُ على قائمٍ بِمَا ... أكلِّفه يلقى الأعادي بصدره)(27/28)
(صَبور على الشكوَى فَلَو دُستُ خدَّه ... على رِقَّةٍ فِيهِ وثقتُ بصبره)
(إِذا نابني خطبٌ جليل ندّبتُه ... فيهتزّ مِنْهُ مستقلٌ بأَمْره)
(يخِفُّ غداةَ الرَوع مهما نَهرتُه ... فيغرَق فِي بَحر العجاج بنهره)
(ويمضي إِذا أرسلتُه فِي مُهِمة ... فَمَا يتلقَّاني مُقيما لعُذره)
(غَدا فاخِراً بَين الْأَنَام بحدّه ... وَرَاح أبِياً عَن أَبِيه بفخره)
(فغُص خَلفه إِن كنتُ تُؤثِر كشفَه ... وَلَا تدّعي التَّقْصِير عَن طول بحره)
(فها أَنا عَنهُ قد كشفت لأنني ... حَلَفت لَهُ أَن لَا أبوحَ بسرّه)
وَقَالَ فِي الرُّمح
(ولي صاحبٌ قد كمل اللهُ خَلقَه ... وَلَيْسَ بِهِ نقصٌ يعاب فيُذكرُ)
(عَصِيٌَ ثقيلٌ إِن أُطيلَ عِنانُه ... مطيعٌ خفيفُ الكَلّ حِين يقصَّر)
(يسابقني يومَ النزال إِلَى العِدَى ... فَإِن لم أؤخِّره فَمَا يتَأَخَّر)
(ويؤمنُ مِنْهُ الشَّرُّ مَا دَامَ قَائِما ... وَلَكِن إِذا مَا نَام يُخشَى ويُحذَر)
(أنالُ بِهِ فِي الرَوع مهما اعتقلتُه ... مَراماً إِذا أطلقتُه يتعذَّر)
)
(تعدَّى على أعدائه متنصلا ... إِلَيْهِم وَمَا أبدى اعتذاراً فيُعذَر)
(ترى مِنْهُ أُمِّيا إِلَى الْخط ينتمي ... ومُغرَى بِغَزوِ الرّوم وَهُوَ مدوَّر)
(وَمن طاعنٍ فِي السِّنّ لَيْسَ بمنحَنٍ ... وَمن أرعنٍ مذ عَاشَ وَهُوَ موقَّر)
(ففكِّر إِذا مَا رُمتَ إفشاء سِره ... فها أَنا قد أظهرتُه وَهُوَ مُضمَر)
وَقَالَ فِي الْخَيْمَة
(ومنصوبة مرفوعةٍ قد نصبتُها ... وَلكنه رَفعٌ يؤول إِلَى خَفضِ)
(تُعيِن على حَرّ الزَّمَان وبرده ... بِلَا حسبٍ زاكٍ وَلَا كرَمٍ مَحض)
(وتُصبِح للاَّجي إِلَيْهَا وقايةً ... لبَعض الْأَذَى الطاري على الْجِسْم لَا العِرض)
(تقوم على رجلَيْنِ طوراً وَتارَة ... تقوم على رجل بِلَا عَرَجٍ مُنضِ)
(إِذا حضرت كَانَت عقيلةَ خِدرِها ... وَإِن تبدُلم تلزَم مَكَانا من الأَرْض)
(قصدتُ كَرِيمًا خِيمهُ لِيُبينَها ... وقَصدُ الْكَرِيم الخِيم من جملَة الفَرض)
يَا رَافع لِوَاء الأدباء ودافع لأواء الغرباء هَذَا اللغز ممهَّدٌ موطَّأٌ مكشوفٌ لَا مغطَّى وَقد سطَّر مُفردا ومجموعاً وذُكِرَ مَقِِيساً وَمَرْفُوعًا إِلَّا أَنه قد استخفى وَهُوَ مُظهَرٌ واستتر وَهُوَ مُجهَر(27/29)
وتعامى وَهُوَ بَصِير وتَطاول وَهُوَ قصيرٌ وتَصامَم وَهُوَ سميع وتعاصَى وَهُوَ مُطِيع ومِثل مولايَ من عرف وكَره وَلم يعْمل فِيهِ فكرَه والأمرُ لَهُ أَعلَى أمره وَأطَال للأولياء عُمره وَقَالَ فِي جَمِيع السِواك
(أيا سيّداً مَا رام جَدواه طالبٌ ... فَعَاد وَلم يظفَر بأقصَى مَطالِبه)
(أبِن لي عَن الْجمع الَّذِي إِن ذكرتَه ... تخاطِب من خاطبتَه بمَعايِبه)
وَكتب إِلَى ركن الدّين قرطاي بِبَغْدَاد وَهُوَ سَاكن عِنْد نهر عِيسَى
(أمولايَ إِنِّي مذ رأيتُك سَاكِنا ... على نهر عِيسَى لم أزل دَائِم الفِكرِ)
(لِأَنَّك بحرٌ بالمكارم زَاخرٌ ... وَمن عَجَبٍ أَن يسكنَ البحرُ فِي النَّهر)
وَقَالَ
(ومليحٍ جاءَنا يشطَح فِي صدرِ نهارِ ... وَهُوَ فِي مبدأ شكرٍ وعقابيل خُمار)
(فسقيناهُ إِلَى أَن أظلم اللَّيْل لسارِ ... ثمَّ لما نَام قمنا وركِبنا فِي عُشاري)
(وجذبنا فِي لبانٍ ودفعنا بمداري ... فصَبحناه بِكاسٍ وغَبقناه بِعَارٍ)
)
وَكتب عَن النَّاصِر دَاوُد إِلَى الصَّالح نجم الدّين فَمَا سمعُوا نِدَاء الرُقبا وَلَا منعُوا حمى الوَقبى وَلَا قابلوا سِهَام القسيّ بوكورٍ من نحورهم وَلَا عاملوا ثعالب صُدُور الرماح بوِجار من صُدُورهمْ بل اتَّخذُوا الليلَ لِسُراهم حملا وَعمِلُوا الفرارَ لنفوسهم على رؤوسهم جَبَلاَ وسلكوا من وُعور الفجاج بفرارهم قبل مُخَالطَة العَجاج سُبُلاً فتحكمت يدُ الْقَتْل والأسر فِي إبِْطَال أطلابهم واستولت غَلَبَةُ النهب وَالسَّلب على أثقالهم وأسلابهم وتقسموا بَين هَزيم وأسير وجريح وقتيل وانتُصِف مِنْهُم وانتًصر عَلَيْهِم وَلمن انتصَرَ بَعدَ ظُلمِه فَأُولَئِك مَا عَلَيهُم مِن سَبِيلٍ وأسِرَ من معارفهم الْمَذْكُورَة ووجوههم الْمَشْهُورَة فلَان وَفُلَان وَأما النِكراتُ الَّتِي لَا يدخُل عَلَيْهَا التَّعْرِيف والأدنِياء الَّتِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِم التشريف فجمعٌ يكثر عدده وبحرٌ يغزُر مَدده وَلم يَنجُ مِنْهُم إِلَّا من كَانَ فِي عَنان فرسه تقديمٌ وَفِي كتاب أَجله تَأْخِير وَلَا سلم مِنْهُم الا من كَانَ فِي هربه تَطْوِيل وَفِي طلبه تَقْصِير خُصُوصا مقدمهم فَإِنَّهُ سَار سيرة الْحَارِث بن هِشَام وَطلب النجَاة لنَفسِهِ فنجا بِرَأْس طِمِرَّةٍ ولِجامٍ وصيّره النَّاصِر جندياً فَقَالَ كنتُ كَاتبا جيدا فصرت جندياً رديئاً وَمن مَغايظ الدَّهْر أنيّ أفنيتُ عمري فِي الْكِتَابَة فصرتُ إِلَى الجندية وَلَا أعرف مِنْهَا شَيْئا ونظم فِي ذَلِك
(أَلَيْسَ من المغايظ أَن مثلي ... يُقضي العُمر فِي فنّ الكتابهْ)(27/30)
(فَيُؤْمَر بعد ذَلِك باجتنابٍ ... لَهَا فَيرى الخُطوب عَن الخطابه)
(ويُطلَب مِنْهُ أَن يبْقى أَمِيرا ... يسدّد نَحْو من يلقَى حِرابه)
(وحقك مَا أَصَابُوا فِي حَدِيثي ... وَلَا لِيَ إِن ركبتُ لَهُم إصابه)
وَلما كَانَ بِبَغْدَاد خُرِّج للشعراء من عندِ الْمُسْتَنْصر ذهبٌ على أَيدي الحُجاب وَلم يخرَّج إِلَيْهِ شَيْء فَكتب إِلَى الْمُسْتَنْصر
(لما مدحتُ الإمامَ أَرْجُو ... مَا نَالَ غَيْرِي من الْمَوَاهِب)
(أجدتُ فِي مدحه ولكِن ... عُدت بجدِّي العَثور خائبْ)
(فَقَالَ لي مَا مدحوه لما ... فازوا وَمَا فُزتُ بالرغائب)
(لِم أَنْت فِينَا بِغَيْر عينٍ ... قلتُ لِأَنِّي بِغَيْر حَاجِب)
وَمن شعره
(وعِلقٍ نفيسٍ تعلقتُه ... فزار على خلوةٍ وارتياع)
)
(وَلم يبْق فِي المُرد إِلَّا كَمَا ... يُقَال على أكلةٍ والوداع)
(فعاجلتُه عَن دُخُول الكنيف ... بشحٍّ مُطاعٍ ورأيٍ مُضاع)
(فغرَّقني مِنْهُ نَوء البُطين ... وَرَوَاهُ مني نوء الذِّراع)
وَمِنْه
(على وَرد خَدَّيه وآسِ عِذاره ... يَلِيق بِمن يهواه خَلع عِذارِهِ)
(وأبذلُ جُهدي فِي مُدارِاةِ قَلبه ... وَلَوْلَا الهوَى يقتادُني لم أُدارِه)
(أرى جنَّة فِي خَده غير أنني ... أرى جُلَّ نارِي شبّ مِن جُلنارِه)
(كغُصن النقا فِي لِينه واعتداله ... ورئم الفلا فِي جِيده ونِفاره)
(سكِرت بكأسٍ من رحيق رُضابه ... وَلم أدر أنَ الْمَوْت عُقبى خُماره)
وَكتب إِلَى بعض الْمُلُوك
(لَو شرحتُ الَّذِي وجدتُ من الوَج ... د عَلَيْكُم أمللتُكم ومللتُ)
(فَلهَذَا خفّفتُ عَنْكُم وَلَو شِئ ... تُ أَن أُطيلَ أطلت)
(غير أنّ العَبيدَ تحمل عَن قَل ... ب الموَالِي وَهَكَذَا قد فَعَلت)
وَقَالَ فِي مليح نحوي
(بُليتُ بنحويٍّ يخالفُ رأيَه ... أواناً فيَجزيني على الْمَدْح بالمنعِ)
(تعجبتُ من واوٍ تبدّتْ بصُدغه ... وَلم يحظني مِنْهَا بعطفٍ وَلَا جمع)(27/31)
(وَمن ألفٍ فِي قدّه قد أمالها ... عَن الْوَصْل لَكِن لم يُملها عَن الْقطع)
وَقَالَ
(أيادٍ سمت آثارُها السحب فاغتدَت ... تُعاب إِذا مَا شُبهت بالسحائبِ)
(فَمَا الوعدُ مِنْهُ بالطويل وَلَا ترى ... مَداه على حاكيه بالمتقارب)
مِنْهَا
(سُيوفٌ إِذا صَلَّتْ سجدنَ رؤوسُهم ... لآثار خيلٍ شُبهت بالمحارب)
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن الجزار يمدح فَخر الْقُضَاة ابْن بصاقة
(عَفا الله عَمَّا قد جنته يَدُ الدَّهْر ... فقد بذل المجهود فِي طَلَب العُذرِ)
(أيحسُنُ أَن أَشْكُو الزمانَ الَّذِي غَدت ... صنائعُه عِنْدِي تجلّ عَن الشُّكْر)
)
(لقد كنتُ فِي أسر الخُمول فَلم يزل ... بتدريجه حَتَّى خَلَصتُ من الْأسر)
(فشكراً لأيامٍ وفَت لي بوعدها ... وأبدَت لعَيْنِي فَوق مَا جال فِي فكري)
(وَكم ليلةٍ قد بتُّها مُعسِراً ولي ... بزُخرفِ آمالي كنوزٌ من اليُسر)
(أَقُول لقلبي كلما اشتَقتُ لِلغِنى ... إِذا جَاءَ نصر الله تَبَّتْ يَد الْفقر)
مِنْهَا
(وَإِن جئتَه بالمدح يلقاك باللُهَى ... فكم مرَّةً قد قَابل النّظم بالنَثر)
(ويهتز للجدوَى إِذا مَا مدحته ... كَمَا اهتزَّ حاشى وَصفه شاربُ الْخمر)
وَمِنْهَا
(وَلَو أنني وافيتُ غيرَكَ مادحاً ... لتَمَّمتُ نقصى بالحماقة والفَشَرِ)
(وأعطيتُ نَفسِي عندَه فوقَ حقِّها ... من الكِبر لَكِن لَيْسَ ذَا موضعُ الكِبر)
(وكل امرىءٍ لَا يُحسِن العَومَ غارقٌ ... إِذا مَا رَمَاه الجهلُ فِي لجّة الْبَحْر)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(لمثلهَا كَانَ رَجايَ انظرك ... فَأدْرك فَتى من الخطوب فِي دَرَك)
(لم أخشَ خِذلانا وَأَنت ناصري ... وَإِنَّمَا يُخذَلُ مَن لَا استنصرك)
(عليكَ يَا فخرَ الْقُضَاة عُمدَتي ... فانظُر إليّ لَا عدمتُ نَظَرك)
(واسأل كَمَا عودتني عَن خبري ... بلفظك الْمَعْهُود حَتَّى أُخبرَك)
(هَيْهَات أَن أشرحَ مَا قد حل بِي ... إِن لم يَقُل حِلمُكَ لَا تخشَ دَرَك)
(مثلك من قَامَ بنصرِ عاشقٍ ... مِثلي إِن العِشقَ أمرٌ مُشْتَرك)(27/32)
(فَقل لطرف باتَ مِنْك باتَ هاجعاً ... يَا طرفُ لَا تنسَ قَدِيما سَهَرَك)
(وناد قلباً قد تناسَى وجدده ... يَا قلب خَف ذَاك الجفا أَن يذكُرَك)
(وَلَا يَغُرَّنَّك إمهالُ الهوَى ... فالحُبّ قد يَأْخُذ بعد مَا ترك)
(إياك أَن تهزأ بالعشق فقد ... أعذرك الأنَ بِهِ من أنذرك)
(جَار عليّ الدهرُ فِي أَحْكَامه ... فليتَه فِي الْعدْل يقفُو أثَرَك)
(تمّ على العَبْد وَأَنت هَاهُنَا ... مَا لَا يتمُّ لَو تكون فِي الكَرَك)
بَنو نصر الله جماعةٌ مِنْهُم عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر الله وَزِير صَاحب حماة)
3 - (شمس المُلك صَاحب مَا وَرَاء النَّهر)
نصر بن إِبْرَاهِيم بن نصرِ السُّلْطَان شمسُ الْملك صَاحب مَا وَرَاء النَّهر كَانَ من أفاضلِ الْمُلُوك عِلماً ورأياً وحزماً وسياسةً وَكَانَ حَسَن الْخط كتب مُصحفاً ودرس الْفِقْه فِي دَار الجوزجانية وخطب على مِنْبَر سَمَرقَند وبُخارى وَعجب النَّاس من فَصَاحَته وأملى الحَدِيث عَن الشريف حَمدِ بن محمدٍ الزُّبيري وَكتب النَّاس عَنهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (المقدِسي النابُلسي الشَّافِعِي)
نصرُ بن إِبْرَاهِيم بن نصر بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح المَقدسي النابُلسي الشَّافِعِي شيخ الشَّافِعِيَّة بِالشَّام وَصَاحب التصانيف مِنْهَا كتاب الحُجّة على تَارِك المَحَجّة وَهُوَ مشهورٌ مَروِيٌّ والانتخاب الدِّمَشْقِي وَهُوَ كبيرٌ فِي بضعةَ عَشَرَ مجلداً والتهذيب فِي الْمَذْهَب فِي عشر مجلدات وَالْكَافِي فِي مُجَلد لَيْسَ فِيهِ قَولَانِ وَلَا وَجْهَان تفقه بِهِ جماعةُ دمشق وَتُوفِّي يَوْم عَاشُورَاء سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
3 - (البازيَّاء)
نصر بن إِبْرَاهِيم بن أبي الهيجاء البازيّار مولده بحلب ومنشأه بِدِمَشْق كَانَ مُعلم كُتابٍ ومَدَحَ الْوَزير المَزدَقاني وَزِير صَاحب دمشق بقوله
(تجافى الكَرى ونَبا المَرقَدُ ... وقلَّ مُعينُك والمُسعِدُ)
(لقد كنتُ أطمع فِي زَورةٍ ... من الطَّيف لَو أنني أرقُدُ)(27/33)
(وصفراء كالتبر كَرخِيَّةٍ ... يطوف بهَا شادنٌ أغيد)
(جلا الصبحَ وهنأ بلألائِها ... فصُبحُ النَّدامى بِهِ سَرمَد)
وَمِنْهَا فِي الْمَدْح
(أيا ابْن الَّذين بَنَوا فِي العُلى ... منازِلَ من دونهَا الفَرقَدُ)
(فَأحَيوا لمن قَهرُوا ذكره ... فَإِن قيل أَفنَوا فقد خَلّدوا)
وَقَالَ فِي الْوَزير المحيى ابْن الصُّوفِي عِنْد فتكه بالباطنية سَابِع عشر شهررمضان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَخَمْسمِائة
(أطَيفُ الْمَالِكِيَّة زار وَهناً ... حَماكَ الغَمضَ أم داءٌ دفينُ)
(وَفِي العِيس الَّتِي بَكَرَتْ بُدورٌ ... تُرنِّحها على كُثُبٍ غصون)
)
(وَأَنت تسومني صبرا جميلاً ... وَهل صبرٌ وَقد رَحل القَطين)
(وتأمر أَن أصونَ دموعَ عَيْني ... أَفِي يَوْم النَّوَى دمع مَصون)
(عجبتُ لمن يُقيم بدار سوءٍ ... يَذِلُّ على الخطوب ويستكين)
(نُسام الخَسف بَين ظُهور قوم ... تَساوى الغثُّ فيهم والسَّمين)
(وَمَا أَهلُ العُلى إِلَّا سيوفٌ ... وَنحن لَهَا الصَّيَاقِلُ والقُيون)
مِنْهَا
(وَفِي جدوَى الْوَجِيه رجاءُ صِدقٍ ... إِذا كَذَبت على النَّاس الظُنونُ)
(فَمن يُنضي المَطِيَّ إِلَى سِواهُ ... فَمَا حركاته إلاَّ سُكون)
(فقُل لِذَوي النِّفاق بِحَيْثُ كَانُوا ... أباد حِماكمُ الأسَدُ الحَرون)
(ملكناكم فصُنا مَن وَراكم ... وَلَو مُلكتمونا لم تصونوا)
(أسَلنا من دمائكم بُحوراً ... جُسومكمُ لجائشها سَفين)
3 - (الخُبزَارُزِّي)
نصر بن أَحْمد بن نصر بن مَأْمُون أَبُو الْقَاسِم الْبَصْرِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالخُبزَارُزِّي كَانَ أمّياً لَا يتهجَّى وَلَا يكْتب وَكَانَ يخبز خُبزَ الأرُز بمِربَد الْبَصْرَة فِي دكان وَكَانَ ينشد أشعار الغَزَل وَالنَّاس يزدحمون عَلَيْهِ ويعجبون مِنْهُ وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن لنكَك الشَّاعِر مَعَ علوّ قدره ينتابه ليسمع شعره واعتنى بِهِ وَجمع لَهُ ديواناً وَقَرَأَ الْخَطِيب(27/34)
عَلَيْهِ ديوانه وَحضر إِلَيْهِ يَوْم عيدٍ ابْن لَنكك الشَّاعِر وَغَيره فقعدوا عِنْده وَهُوَ يخبِز على طابقه فَزَاد فِي الْوقُود ودخن عَلَيْهِم فَنَهَضَ الْجَمَاعَة فَقَالَ الخبزأرزي لِابْنِ لنكك مَتى أَرَاك يَا ابْن الْحسن فَقَالَ إِذا اتشخت ثِيَابِي لِأَنَّهُ سوّدها بالدخان وَكَانَت جُدداً فِي يَوْم عيدٍ ثمَّ إِن ابْن لنكك كتب إِلَيْهِ
(لنصرٍ فِي فُؤَادِي فَرطُ حُبٍ ... أنِيف بِهِ على كل الصِّحابِ)
(أتيناه فبخَّرنا بخوراً ... من السَعَف المدخّن للثياب)
(فقمتُ مبادراً وظننتُ أَنِّي ... أرادَ بِذَاكَ طردي أَو ذهابي)
(فَقَالَ مَتى أَرَاك أَبَا حسينٍ ... فقلتُ لَهُ إِذا اتسخت ثِيَابِي)
فَكتب إِلَيْهِ الْجَواب إملاءً
(منحتُ أَبَا الحسينِ صميمَ ودي ... فداعبني بألفاظٍ عِذابِ)
)
(أَتَى وثيابُهُ كقتيرِ شَيبٍ ... فعُدنَ لَهُ كَرَيعانِ الشَّبَاب)
(وبُغضي للمشيبِ أعَدَّ عِنْدِي ... سواداً لَونه لون الخِضاب)
(ظننتُ جُلوسَه عِنْدِي لِعُرسٍ ... فجدت لَهُ بتمسيك الثِّيَاب)
(فقلتُ مَتى أَرَاك أَبَا حُسَيْن ... فجاوبَني إِذا اتسخت ثِيَابِي)
(فَإِذا كَانَ التقزّزُ فِيهِ خيرٌ ... فلِم يُكنى الوَصِيُّ أَبَا تُرَاب)
قلت الجوابُ أشعر من الِابْتِدَاء وَقَالَ الْخبز أرزي
(خليليَّ هَل أبصرتما أَو سمعتما ... بأكرمَ من مَولىً تمشّى إِلَى عبدِ)
(أَتَى زائري من غير وعدٍ وَقَالَ لي ... أُعيذك من تَعْلِيق قَلْبك بالوعد)
(فَمَا زَالَ نجمُ الْوَصْل بيني وَبَينه ... يَدُور بأفلاك المسرة والسعد)
(فطوراً على تَقْبِيل نرجس ناظرٍ ... وطوراً على تعضيض تُفاحةِ الخدّ)
وَقَالَ
(ألم يكفني مَا نالني من هواكمُ ... إِلَى أَن طَفِقتم بَين ولاهٍ وضاحكِ)
(شَماتَتُكُم بِي فَوق مَا قد أصابني ... وَمَا بِي دخولُ النَّار بِي طَنرُ مَالك)
وَقَالَ
(كم أُناسٍ وَفَوا لنا حِين غَابُوا ... وأُناسٍ جَفَوا وهُم حُضَّارُ)
(عرّضوا ثمّ أَعرضُوا واستمالوا ... ثمَّ مالوا وجاوروا ثو جاروا)
(لَا تَلُمهم على التجنِّي فَلَو لم ... يتجنَّوا لم يَحسُنِ الاعتذارُ)
وَقَالَ(27/35)
(وَكَانَ الصديقُ يزور الصديقَ ... لشرب المُدام وعَزف القيانِ)
(فَصَارَ الصديقَ يزور الصّديق ... لبثِّ الهموم وشَكوَى الزَّمَان)
وَقَالَ
(أستودِعُ اللهَ أحباباً حُسِدتُ بهم ... غَابُوا وَمَا زودوني غير تثريبِ)
(بانوا وَلم يقضِ زيدٌ وَطَراً ... وَلَا انقضَت حاجةٌ فِي نفس يَعْقُوب)
وَقَالَ
(شكَوتُ إِلَى إلفي سُهادي وعَبرتي ... وَقلت احمرارُ العَين يُخبر عَن وَجدي)
)
(فَقَالَ مُحالٌ مَا ادعيتَ وَإِنَّمَا ... سَرَقتَ بعينيكَ التورُّدَ من خدّي)
وَقَالَ
(عبدُك أمرضتَه فعُده ... أَمِتهُ إِن لم تكن تُرِده)
(قد ذاب لَو فتشت عَلَيْهِ ... يداك فِي الفَرش لم تَجدهُ)
قلت كَذَا وجدت الأول وَهُوَ لحن وَالْأولَى أَن يكون أمته إِن كنتَ لم ترده وَقَالَ
(رأيتُ الهلالَ ووجهَ الحبيبِ ... فَكَانَا هلالين عِنْد النَظَرْ)
(فَلم أدرِ من حَيرتي فيهمَا ... هلالَ الدُّجى من هِلَال البَشَر)
(فلولا التوردُ فِي الوجنتين ... وَمَا راعني من سَواد الشّعر)
(لكنتُ أظنُّ الهلالَ الحبيبَ ... وكنتُ أظنّ الحبيبَ القَمَر)
وَقَالَ
(حُب عليّ بن أبي طالبٍ ... دلَالَة باطنةٌ ظاهِره)
(تُخبِر عَن مُبغِضِه أَنه ... نُطفةُ رِجسٍ فِي حَشا عاهِرَه)
وَقَالَ
(أخداك وردٌ أم ثناياك جَوهرُ ... وصُدغاك مِسكٌ أم عِذارُك عَنبَرُ)
(وأقمرتَ يَا بدرَ الملاحةِ كلهَا ... فَمَا ضرّنا الْبَدْر الَّذِي لَيْسَ يقمر)
(وَمَا نَظَرت عَيْني إِلَى الشَّمْس سَاعَة ... من الدَّهْر إِلَّا خِلتُها لَك تَنظر)
(وَمَا دمعتي تِلْكَ الَّتِي قد تحدّرت ... وَلكنهَا وَدقٌ غَدَتْ تتحدّر)
وَقَالَ
(لَهفي على تِلْكَ المحا ... سنّ والمَحَاجِر فِي المَعاجرْ)(27/36)
(وحواجِبٍ كقوادمِ ال ... خُطّاف فِي خَلق الأباجر)
(أمضَى وأنفَذُ فِي القلو ... ب من الخناجر فِي الخناجر)
وَقَالَ
(وَذي فِطنةٍ نِكتُهُ فِي استِهِ ... على غير وَعدٍ بِمِثل الكَتِف)
(فَقلت لَهُ أَعصِر فَنَادَى ... لحَنتَ لِقَوْلِك اعصِر بِفَتْح الألِف)
(فقلتُ لَك الوَيل من أحمقٍ ... فَقَالَ وأحمَقُ لَا ينصرِف)
)
وَقَالَ
(بِكم غفلةٌ مِمَّا بِنَا من هواكمُ ... فيا عجبا من قائلٍ وَهُوَ غافِلُ)
(وَيَا رُبَّ سَهمٍ قد أصَاب مَقاتلا ... وَلم يدرِ رَبُّ السُّهم مَا السهْم فَاعل)
وَقَالَ
(نعَم أَقُول لَو أنَّ القولَ مَقبولُ ... طالَ الْهوى وَتَمَادَى القالُ والقيلُ)
(لَيْسَ السَّلام بشافي الْقلب من دَنَفٍ ... مَا لم يكن مَعَه لَمسٌ وتقبيل)
(وَلَيْسَ يَرضَى مُحِبٌ عَن أحبتِهِ ... حَتَّى يفوزَ بِمَا ضمّ السَّرَاوِيل)
وَقَالَ
(يَا قمراً صارَ حسنُه عَلَماً ... قتلتَ خلقا وَمَا سَفكتَ دَما)
(قاسمتَ بدرَ الدجى مَحاسنَه ... وازددتَ ظَرفاً ومضحكاً وفَما)
(لَو كَانَ فِي جاهليةٍ سلَفَت ... صُوِّرَ تِمثالُ حُسنِهِ ًَنَما صنما)
وَتُوفِّي الخبزأرزيّ سنة سبع عشرةَ وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْحسن السّاماني)
نصر بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَسد بن سامان الْملك أَبُو الْحسن صَاحب مَا وَرَاء النَّهر كَانَ ملكا رفيعَ العِماد وارِيَ الزِّناد بَقِي فِي الْملك ثَلَاثِينَ سنة وَقَامَ فِي الْملك بعده وَلَده أَبُو مُحَمَّد نُوح وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من هَذَا الْحَرْف وَتُوفِّي الْملك أَبُو الْحسن سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ نَصرَك)
نصر بن أَحْمد الكِندي الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ الْمَعْرُوف بنصرَك بِالْكَاف من أَئِمَّة الحَدِيث صنَّف المُسند وَتُوفِّي فِي حُدُود الثلاثمائة(27/37)
3 - (نجم الدّين الْوَاعِظ)
نصرُ بنُ إسفنديار نجمُ الدّين الْبَغْدَادِيّ الْوَاعِظ كَانَ ظريفاً حَسَنَ الْأَخْلَاق عِنْده مشاركةٌ فِي فنون أَقَامَ بِدِمَشْق وَكَانَ على كَلَامه فِي الْوَعْظ ابْن الصُقاعي ذكره وَقَالَ نصر وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين عَليّ بن إسفنديار وَالظَّاهِر أَن اسْمه عَليّ وَقد تقدم فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ
3 - (السُلمي)
)
نصر بن حجاج بن عِلاط بن خَالِد بن نُوَيرة السُلمي ثمَّ البَهزي تقدم ذكر وَالِده فِي حرف الْحَاء فِي مَكَانَهُ قيل إِن الفارغة أم الْحجَّاج كَانَت تَحت الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَطَافَ لَيْلَة فِي الْمَدِينَة عمرُ بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَسَمعَهَا تنشد فِي خدرها
(هَل من سبيلٍ إِلَى خمر فاشرَبُها ... أَو من سبيلٍ إِلَى نصرِ حجّاجِ)
فَقَالَ عمر لَا ارى معي فِي الْمَدِينَة رجلا تهتف بِهِ الْعَوَاتِق فِي خدورها عليّ بنصر بن حجّاج فَأتى بِهِ فَإِذا هُوَ أحسن النَّاس وَجها وَأَحْسَنهمْ شَعَراً فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ عَزِيمَة من أَمِير الْمُؤمنِينَ ليأخذن من شعرك فَأخذ من شعره فَخرج لَهُ وجنتان كَأَنَّهُمَا شقتا قمر فَقَالَ اعتمّ فاعتمّ ففتن النَّاس بِعَيْنِه فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ واللهِ لَا تُساكني ببلدة أَنا فِيهَا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ذَنبي قَالَ هُوَ مَا أَقُول لَك وسيره إِلَى الْبَصْرَة فَسَار إِلَيْهَا وَنزل على مجاشع بن مَسْعُود فعشق امْرَأَته شُمَيلَة وَكَانَ مجاشع أُمياً وَنصر وشميلة كاتبين فَكتب نصر على الأَرْض بِحَضْرَة مجاشع إِنِّي قد أحببتُك حبا لَو كَانَ فوقِك لأظلَّك وَلَو كَانَ تَحْتك لأقلِّكِِ فَكتبت شميلة وَأَنا فَقَالَ مجاشع ماكتبتِ وَكتب فَقَالَت كتب كم تحلُب ناقتكم وتُغِل أَرْضكُم فكتبتُ وَأَنا فَقَالَ مَا هَذَا لذاك بطبقٍ وكفأ على الْكِتَابَة جفْنه وأتى بِمن قَرَأَهَا فَقَالَ لنصرٍ مَا سيرّك عمر لخيرٍ قُم فَإِن وَرَاءَك أوسعُ لَك فَنَهَضَ خجلاً إِلَى منزل السُّليميين فَضَنِيَ من حب شميلة فَبلغ مجاشعاً فعاده فوجدَهُ بالياًلما بِهِ فَقَالَ لشميلة قومِي إِلَيْهِ فمرّضيه فَفعلت وضمته إِلَى صدرها فَعَادَت قواه فَقَالَ بعض العُواد قَاتل الله الْأَعْشَى كَأَنَّهُ شهد أَمرهمَا فَقَالَ
(لَو أسندَت مَيتاً إِلَى صدرها ... عَاد وَلم يُنقَل إِلَى قابرِ)
فَلَمَّا فارقته عَاد إِلَى مَرضه وَلم يزل يتردَّد فِيهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ أهل الْبَصْرَة أدنَفُ من المتمنى فَذَهَبت مثلا وَقيل إِنَّه بَقِي إِلَى أَن مَاتَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَركب رَاحِلَته وأتى(27/38)
الْمَدِينَة وَالله أعلم وَكتب نصرٌ إِلَى عمر بعد حَولٍ
(لعمري لَئِن سَيرتَني وَإِن حُرمَتي ... وَمَا نِلتُ ذَنبا إِن ذَا لَحَرام)
(وَمَا نلتُ ذَنبا غير ظنٍّ ظننتُه ... فَذَاك وَفِي بعض الظنون إثام)
(أإن غنتِ الحوّاءُ لَيْلًا بِمُنيةٍ ... وبعضُ أمانِيِّ النساءِ عُرام)
(حققتَ بيَ الظنَّ الَّذِي لَيْسَ بعده ... بقاءٌ فَمَا لي فِي النديِّ كَلَام)
)
(فأصبحتُ مَنفِياً على غير ريبةٍ ... وَقد كَانَ لي بالمكّتّين مقَام)
(ويمنَعُني مِمَّا تظنُّ تكّرُّمي ... وآباءُ صِدقٍ سالفون كرام)
(ويمنعها مِمَّا ظننتَ صلاتُها ... وفضلٌ لَهَا فِي قَومهَا وصِيام)
(فهاتان حالانا فَهَل أنتَ راجعي ... وَقد خُبَّ مني غاربٌ وسَنام)
وَقَالَت الْمَرْأَة
(قُل للإمامِ الَّذِي تُخشى بوادُره ... مَا لِيَ للخمر أَو نصر بن حجاجِ)
(إِنِّي عَنيتُ أَبَا حفصٍ بِغَيْرِهِمَا ... شُربَ الحليب وطَرفٍ فاترٍ سَاج)
(إِن الْهوى زمَّه التقوَى فجسَّه ... حَتَّى أقرَّ بالجام واسراج)
(مَا منية لم أرب فِيهَا بضائرة ... وَالنَّاس من هَالك فِيهَا وَمن نَاجٍ)
(لَا تجْعَل الظنَّ حَقًا أَن تبَيَنَه ... إِن السَّبِيل سبيلُ الْخَائِف الراجي)
3 - (نصر بن الْحسن التُنكُتي)
نصر بن الْحسن بن القاسمِ بن الْفَاضِل أَبُو اللَّيْث وَأَبُو الْفَتْح التركي التُنكُتي بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَالنُّون وَالْكَاف وَالتَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف الشَّاشِي نزيل سَمَرقَند وتُنكُت بَلدٌ عِنْد الشاش رَحل فِي كِبَره وَسمع صَحِيح مُسلم بنيسابور من عبد الغافر وَحدث وروى عَنهُ جماعةٌ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (النُميري الشَّاعِر)
نصر بن الْحسن بن جَوشَنَ بن مَنْصُور بن حُمَيدٍ يتَّصل بمضرِ بن نزار بن معد بن عدنان أَبُو المرهف النميري الضَّرِير الشَّاعِر قدم بَغْدَاد وسكنها إِلَى حِين وَفَاته سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَحفظ الْقُرْآن المَجيد وتفقه لِابْنِ حَنْبَل وَسمع من القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عبدِ الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي البركات عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك(27/39)
الْأنمَاطِي وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن ناصرٍ وَغَيرهم وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مَنْصُور الجواليقي ومدح الخلفاءَ والأكابر وحدّث وَكَانَ زاهداً وَرِعاً وَكَانَ كثير الِانْقِطَاع إِلَى الْوَزير ابْن هُبيرة وَمن شعره
(تُرى يتألفُ الشَّملُ الصَّديعُ ... وآمَنُ من زماني مَا يَروعُ)
(وتُأنَسُ بعد وحشتنا بنَجدٍ ... منازلُنا القديمةُ والربوع)
(ذكرتُ بأيمن العَلَمينِ عصراً ... مَضَى والشَّملُ ملتئم جَمِيع)
)
(فَلم أملك لدمعي رد غرب ... وَعند الشوق تعصيك الدُّمُوع)
(ينازعُني إِلَى خَنساءَ قلبِي ... ودُونَ لقائِها بلدٌ شَسُوع)
(وأخوَف مَا أخافُ على فُؤَادِي ... إِذا مَا أنجدَ البرقُ اللَّمُوع)
(لقد حُمِّلتُ من طول التنائي ... عَن الأحباب مَا لَا أَسْتَطِيع)
وَمِنْه
(مَا فِي قبائلِ عامرٍ ... من مُعلَمِ الطَّرفين غَيْرِي)
(خَالِي زَعيمُ عُبادةٍ ... وَأبي زعيم بَني نُميرِ)
وَمِنْه
(أُحبُّ عليا والبَتُولَ وَوُلدَها ... وَلَا أجحدُ الشَّيْخَيْنِ فضل التَّقدمِ)
(وأبرَأُ مِمَّن نَالَ عثمانَ بالأذى ... كَمَا أَتَبرأ من ولاءِ ابْن مُلجِم)
(ويُعجِبُني أهلُ الحَدِيث لِصدقهم ... فلستُ إِلَى قومٍ سِواهم بمُنتمي)
3 - (ابْن شقاقا الْموصِلِي)
نصرُ بن الْحُسَيْن بن بُكيرٍ أَبُو الْقَاسِم الرَبعي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شقاقا بشين مُعْجمَة وقافين وألفين الْموصِلِي نزل أواناً وَتَوَلَّى بهَا الْقَضَاء وَكَانَ فَقِيها فَرضياً يذهب إِلَى الاعتزال وَفِيه أدب وَكَانَ من أحسن النَّاس نادرةً وحدّث باليسير عَن مُحَمَّد بن صَدقة بن الْحُسَيْن الْموصِلِي وَغَيره وَتُوفِّي
3 - (ابْن الخبّازة المقرىء)
نصر بن الْحُسَيْن أَبُو الْقَاسِم المقرىء الْمَعْرُوف بِابْن الخبازة قَرَأَ بالرِّوايات على الشريف عبد القاهر بن عبد السَّلَام المكّي وَيحيى بن أَحْمد بن السّبيَتي وَأبي الْخطاب عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الجرّاح وَأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْخياط وَسمع من النَّقِيب طرادٍ الزَّينبي وَأبي عبد الله بن طَلْحَة وَأبي الْخطاب بن البَطر وَأبي الْحُسَيْن أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَأبي الْحسن عَليّ بن(27/40)
الْحُسَيْن بن أَيُّوب وحدّث وأقرأ الْقُرْآن وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (صَاحب سجستان)
نصر بن خَلَفٍ السُّلْطَان أَبُو الْفضل صَاحب سجستان قَالَ ابْن الْأَثِير عُمِّرَ مائَة سنة وَملك)
ثَمَانِينَ سنة قَالَ الشَّيْخ شمس الدينص لَا أعلم أحدا فِي الْإِسْلَام بَقِي فِي الْملك هَذِه الْمدَّة غَيره وَتَوَلَّى بعده وَلَده أَبُو الْفَتْح أَحْمد بن نصر شمس الدّين وَكَانَ أَبُو الْفضل ملكا عادلاً عفيفاً عَن رعيتَه لَهُ آثَار حَسَنَة ونُصرَة للسُّلْطَان سَنجَر فِي غير موقفٍ وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (قَاضِي نَيسابور)
نصر بن زِيَاد الْفَقِيه النَّيْسَابُورِي قَاضِي نَيسابور تفقه على مُحَمَّد بن الْحسن وتأدبَ عَليّ النَّضر بن شُميلٍ وَكَانَ كوفيَّ الْمَذْهَب ووليَ قضاءَ نيسابور بِضعَ عشرةَ سنة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ كَانَ يحيي اللَّيْل ويصوم الْخَمِيس والاثنين وَالْجُمُعَة وَكَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهِي عَن الْمُنكر وَيَقُول لَوْلَا هَذَا لم أتلبَّس لَهُم بعملٍ لكنَّني إِذا لم أَلِ الْقَضَاء لم أقدر على ذَلِك
3 - (نَصر بن سيّار الْأَمِير مُتَوَلِّي خُرَاسَان)
نصر بن سيّار الْأَمِير أَبُو اللَّيْث الْمروزِي متولّي خُرَاسَان لمروان الْحمار روى عَن عِكْرِمَة وَأبي الزُبير وخطب بنيسابور غير مرّة لما قدمهَا خرج عَلَيْهِ أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي وحاربه فعجز عَنهُ نصر فاستصرخ بِمَرْوَان غير مرّة فبُعد عَن إنجاده واشتغل عَنهُ باحتلال الجزبرة وأَذرَبيجان فتقهقر قُدّامَ أبي مُسلم وأدركه الْمَوْت وَقيل مرض بالريّ وحُمل إِلَى ساوة فَمَاتَ بهَا سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة ولي خُرَاسَان عشرَة أَعْوَام وَكَانَ قد كتب إِلَى مَرْوَان لما ظهر أَبُو مُسلم
(أرى جَذَعاً إِن يُثنِ لم يَقوَ رَيِّضٌ ... عَلَيْهِ فبادِر قَبلَ أَن يُثنِيَ الجَذَعْ)
فَلم يجبهُ مَرْوَان عَن كِتَابه فَكتب إِلَيْهِ ثَانِيًا قَول أبي مَرْيَم عبد الله بن إِسْمَاعِيل البَجَلي الْكُوفِي أرى خَلَلَ الرماد وَميضَ جَمرٍ الأبيات الَّتِي تقدم ذكرهَا فِي تَرْجَمَة أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي فَأَجَابَهُ بِمَا تقدم فِي تَرْجَمَة(27/41)
أبي مُسلم فَلَمَّا يئس نصر بن سيار من مَرْوَان هرب فَكَانَ مَا كَانَ
3 - (الكِناني الهَرَوي الْحَنَفِيّ)
نصر بن سيار بن صاعد بن سيارٍ شرفُ الدّين أَبُو الْفَتْح الْكِنَانِي الْهَرَوِيّ القَاضِي الْحَنَفِيّ من بَيت الْقَضَاء والحِشمة وَالرِّوَايَة كَانَ خَبِيرا بِالْمذهبِ سمع الْكثير وَكَانَ أسنَد مَن بَقِي)
بخراسان وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (القَاضِي أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ)
نصر بن سيار القَاضِي أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ الهَرَوي قَالَ الباخرزي لَهُ شعر كاسمِ أَبِيه بحَوافرِ الإحادة سَيار وبقوادِمِ الْإِصَابَة طيّار تنكرت الْحَال بَينه وَبَين الْأَمِير بيغو فسَاء ظَنّه فِيهِ وَأمر بنقله إِلَى سجستان معتقلاً مَعَ وزيره مَسْعُود بن مُحَمَّد بن سهل فأحسّ مِنْهُ المتوكلون الاحتيال فِي التلُّمس من أَيْديهم فعمَدَ لَهُ بعض مَرَدِة أُولَئِكَ الشَّيَاطِين وعلقوه فِي سوق أَسفِزار من بعض الأساطين فجفَ ريقُه واختُصِر طريقُه وتفرق عَنهُ فريقُه وتُرِك بهَا مخنوقاً ينوح الفضلُ مِنْهُ على أسَدِ فِي جِيدِه حَبلٌ من مَسَدِ وَقد أحاطت المِخنُقةُ مِنْهُ بملعَب الكَرَم وتدلّى كَمَا يتدّلَّى العنقود من عَرِيش الكرِم رَحمَه الله ورِضوانه على ذَلِك الجَسَد بل على ذَلِك الأسَد وَأورد لَهُ
(للمُحسنين نَصيبٌ من مَدائحنا ... وللحسان نَصيبٌ من قَوافينا)
(نُظرِي أَبَا الفتحِ مَسعوداً وَقد رُفِعَت ... فِي كلِّ وادٍ ونادٍ نارُ مُطرِينا)
وَمن شعره
(بنفسِيَ أغيد ألحاظه ... يمهَّد لي فِي الذُّنُوب الرُخَصْ)
(يشقِّق قلبِي إِذا مَا شدّ ... ويُرقص قلبِي إِذا مَا رَقَص)
وَمِنْه
(يَا ليلةَ ضمَّنا عِناقٌ ... ولفَّنا تحتهَا التزامُ)
(مَالِي سِوى وَجنتيه وَردٌ ... وَلَا سِوَى رِيقهِ مُدام)
(تابت إِلَيْنَا بهَا اللَّيَالِي ... فذَمُها بعدَ ذَا حرَام)
وَمِنْه
(رُبَّ ليلٍ كشَعر ليلى سَواداً ... شقَّ جِلبابَها على الأَرْض نارُ)
(فتَرى الأرضَ كالسماءِ فكلٌّ ... قد تجلَّى خِلالَها أنوار)
(بِشرارٍ كأنهنّ نجومٌ ... ونجومٍ كأنهنّ شرار)(27/42)
وَمِنْه
(وبدا لنا بدرُ الدُّجى والليلُ قد ... شَمِل الأنامَ بفاضل الجِلبابِ)
)
(غطَّى الكسوفُ عَلَيْهِ إِلَّا لُمعةً ... فَكَأَنَّهَا حسناء تَحت نِقاب)
وَمِنْه فِي تفاحة معضوضة
(تُفاحةٌ قد عضّها قَمَرٌ ... عَمداً ومسَّك موضِعَ العَضَّة)
(وكأنّ عَضَتَه مُمَسًّكة ... صُدغٌ أحَاط بوجنَةٍ غَضَّه)
(وَكَأَنَّهَا نُونانِ قد كُتِبا ... بالمِسكِ فِي كُرَّةٍ من الفِضَّه)
وَمِنْه
(وليلةٍ سامحتني ... بهَا نوائبُ دَهري)
(بتنا نصيغْ دُجاها ... مَا بَين خَمرٍ وجَمر)
(فَتلك ذائبُ جمرٍ ... وَذَاكَ جامد خمر)
قلت هُوَ مثل قَول الآخر
(الخمرُ تفاحٌ جرى ذائبا ... كَذَلِك التفاحُ خمرٌ جَمَد)
(فَاشْرَبْ على جامد ذَا ذوب ... ذَا وَلَا تدع لذةَ يومٍ لغد)
وَمن شعر نصر بن سيار فِي وصف النَّار
(لَهَا شرَرٌ مثلُ النجومِ تطايَرَت ... فمرّت دنانيرُ وَجَاءَت دراهمُ)
وَمِنْه فِي رمانةٍ سَوْدَاء
(وشادنٍ نَا وَلَني بغُنجِ ... ظَبيِ فِراشٍ وهِزبرِ سَرجِ)
(غُصنٍ على دِعصِ نقا مُرتجّ ... رُمانةً سَوْدَاء قبلَ النُّضجِ)
كثدي بِكرٍ من بناتِ الزَّنْج وَمِنْه
(ونَرجسٍ غَادَرني ... مَا بَين عُجبٍ وعَجَب)
(كطّبَقٍ من فِضّةٍ ... عَلَيْهِ كأسٌ من ذَهَب)
3 - (الْأَمِير أَبُو المظفّر)
نصر بن سُبُكتِكين الْأَمِير أَبُو المظفر بن نَاصِر الدولة أَخُو السُّلْطَان مَحْمُود الْمُقدم الذّكر صحب الْأَئِمَّة سمع من الْحَاكِم أبي عبد الله وَبنى الْمدرسَة السَّعِيدية ووقف عَلَيْهَا الْأَوْقَاف فِي نيسابور توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة)(27/43)
3 - (الشَّيْخ المنبجي الْمَشْهُور)
نصر بن سلمَان بن عمر الشَّيْخ الإِمَام القُدوة المقرىء الْمُحدث النَّحْوِيّ الزَّاهِد العابد القانت الرباني بقيَّة السَّلف المنبجي نزيل الْقَاهِرَة وشيخها ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بمنبج وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع بحلب من إِبْرَاهِيم بن خَلِيل وبمصر من الْكَمَال الضَّرِير وتلا عَلَيْهِ بعدة كتب وعَلى الْكَمَال بن فَارس وتصدر فِي أَيَّام مشايخه وشارك فِي الْعُلُوم وتفنن ثمَّ إِنَّه تعبد وَانْقطع وَتردد إِلَيْهِ الْكِبَار وَكَانَ يهرب مِنْهُم وارتفع ذكره جدا فِي دولة تِلْمِيذه الجاشنكير وَكَانَ يُؤْذِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَمِيمَة قَالَ ابْن أُخْته الْحَافِظ عبد الْكَرِيم مَا دخلتُ عَلَيْهِ قطّ إِلَّا وجدته مَشْغُولًا بِمَا يَنْفَعهُ فِي آخرته وَكَانَ يتغالى فِي ابْن عَرَبِيّ وَلَا يَخُوض فِي مُزمناته قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَقَد جَلَست مَعَه بزاويته وأعجبني سَمتُه وعبادتُه
3 - (اللَّيْثِيّ النَّحْوِيّ)
نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ كَانَ فَقِيها عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْأسود وَأَبُو الْأسود قَرَأَ على عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ يُسنِد إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي الْقُرْآن والنحو وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ فِي أَيَّام الْوَلِيد بن عبد الْملك وَقَالَ ابْن سَلام أَخذ نصر بن عَاصِم النحوَ عَن يحيى بن يَعمُر العَدوانيِّ وَله كتاب فِي الْعَرَبيَّة وَقَالَ غَيره أَخذ عَنهُ أَبُو عَمْرو ابْن العلاءِ وَالنَّاس وَكَانَ على رَأْي الْخَوَارِج ثمَّ تَركهم وَقَالَ
(فارقتُ نجدةَ والذينَ تَزرقوا ... وابنَ الزُّبير وشَيعَةَ الكذَّاب)
(وهَوَى النجاريِّين قد فارقتُهم ... وعطية المتجبر المُرتاب)
(والصفر الآذان الَّذين تخَيرُوا ... دنيا بِلَا نَقدٍ وَلَا بِكِتَاب)
وَقَالَ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي وَغَيره هُوَ أول من وضع النحوَ وروى عَن مَالك بن الحُيرث وَأبي بكرَة الثَّقَفِيّ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (قَاتل الظافر والعادل العُبيدي)
نصر بن عَبَّاس أبي الْفتُوح بن يحيى بن تَمِيم بن الْمعز بن باديس تقدم ذكر أَبِيه أبي الْفضل عَبَّاس فِي مَكَانَهُ وَفِيه طرف من ذكر وَلَده هَذَا وَنصر هَذَا هُوَ الَّذِي قتل الْعَادِل عَليّ بن السلار وَزِير الظافر ودسه أَبوهُ أَيْضا على أَن قتل الظافر إِسْمَاعِيل بن عبد الْمجِيد العُبيدي)
وَكَانَ نصرٌ مليح الْوَجْه وَكَانَ الظافر يُحِبهُ ويتعشقه ويميل(27/44)
لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبوهُ عَبَّاس قد اسود عرضُنا بالظافر فاقتله فَقتله على مَا هُوَ مَذْكُور فِي تَرْجَمَة الظافر وَولده الفائز عِيسَى وَلما حضر الصَّالح رُزيك بن مُنيةِ بني خَصيب هرب عَبَّاس وَولده نصر وَأُسَامَة بن منقذ فَخرج الفرنج من عسقلان عَلَيْهِم وَقتلُوا عباساً وجهَّزوا نصرا إِلَى الْقَاهِرَة فِي قفص حَدِيد فضُرِب بالسياط وَقطعت يَده الْيُمْنَى وقُرّض جِسْمه بِالْمَقَارِيضِ وصُلِب على بَاب زويلة ثمَّ إِنَّه أُحرقت جثته وَأمره مُستوفىً فِي تَرْجَمَة الْعَادِل عَليّ بن السلاّر والفائز عِيسَى بن إِسْمَاعِيل فيُطلب هُنَاكَ وَكَانَ قَتله سنةَ إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
(نصر بن عبد الله)
3 - (تَاج الرؤساء الرَّحَبي الْكَاتِب)
نصر بن عبد الله بن نصر بن الْخلال أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب الْمَعْرُوف بتاج الرؤساء من أهل رحبة مَالك بن طَوق وَهُوَ ابْن أُخْت سعد الله بن صاعد الرَّحبِي مضى هُوَ وخاله إِلَى مصر وَحصل لَهُ هُنَاكَ مالٌ جمٌّ وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال فِي الْأَسْفَار وخدَم أَصْحَاب الْأَطْرَاف كتاج الدولة تُتُش وَشرف الدولة مُسلم بن قُرَيْش وقَسِيم الدولة آقسنقر صَاحب حلب وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد وَلما قدم بركيارُوق رد إِلَيْهِ الِاسْتِيفَاء وَخرج مَعَه إِلَى الْجَبَل وَلما كُسر عَاد إِلَى بَغْدَاد ووّلِي الإشراف بديوان الزِّمَام النّظر بِهِ ثمَّ عُزل وَقبض عَلَيْهِ سنة سِتّ وَتِسْعين واربعمائة
3 - (الْوَاعِظ القُرّائي)
نصر بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم أَبُو مَنْصُور الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بالقرائي من أهل قزوين من أَوْلَاد الْأَئِمَّة ذكر أَن جدَّه ابراهيم قعد فِي صومعة قزوين تسمى القرائي سمع بقزوين أَبَا يعلى الْخَلِيل بن عبد الله بن أَحْمد الخليلي وَأَبا بكر أَحْمد بن خضر إِمَام جَامع قزوين وَأَبا مَنْصُور الطّيب بن مُحَمَّد بن الْحسن الطَّيِّبِيّ وَسمع بِبَغْدَاد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسنون النَّرسي وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْفَتْح العُشاري وَغَيرهم وَكَانَ واعظاً صَدُوقًا وَهُوَ مُحدث بن مُحدث بن مُحدث بن مُحدث بن مُحدث خَمْسَة وبيتهم بقزوين كبيت بني مندة وَبني اللبناني وَبني الْبَغْدَادِيّ بإصبهان وَبَيت بني السَّمْعَانِيّ بمروَ قَالَ ابْن النجَّار وَلَا أعرف لَهُم سادساً سوى بني بَقِي بالأندلس ومولده سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة)
3 - (الإسكندري النَّحْوِيّ)
نصر بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن(27/45)
بن زِيَاد بن عبد الْقوي بن عَامر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أَشْعَث بن يزِيد بن حَاتِم بن حمل بن بدرٍ الفَزاريُّ أَبُو الْفَتْح الإسكندري النَّحْوِيّ كَانَ شَابًّا فَاضلا ذكياً لَهُ معرفَة تَامَّة بالأدب وصنف كتابا فِي أَسمَاء الْبلدَانِ والأمكنة وَالْجِبَال والمياه كَبِيرا مليحاً فِي مَعْنَاهُ وَقدم بَغْدَاد بعد السِّتين وَخَمْسمِائة وَسمع بهَا من شُيُوخ ذَلِك الْوَقْت وجالس الْعلمَاء وَحدث بِشَيْء يسير عَن الْحَافِظ أبي الْقَاسِم ابْن عساكرٍ وَهُوَ يَوْمئِذٍ حيٌّ بِدِمَشْق وَدخل إصبهان قَالَ ابْن النجار وَأَظنهُ توفّي هُنَاكَ
وَمن شعره
(أُقلِّبُ كُتباً طالما قد جمعتُها ... وأفنَيتُ فِيهَا العينَ والعينَ واليدا)
(وأصبحت ذَا ضنٍّ بهَا وتمسُّكٍ ... لعلمي بِمَا قد صُغتُ فِيهَا مُنضَّدا)
(واحذرُ جَهدي أَن تنالَ بنائلٍ ... مُبين وَأَن يغتالها غائلُ الرَّدَى)
(وأعلمُ حَقًا أنني لستُ بَاقِيا ... فيا ليتَ شعري من يُقلِّبُها غَدا)
3 - (الْحَنَفِيّ الْبَغْدَادِيّ)
نصر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد السَّلَام بن الْحسن بن اللمغاني أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الْحَنَفِيّ كَانَ فَاضلا حسن الْمعرفَة بِالْمذهبِ جيدَ الْكَلَام فِي مسَائِل الْخلاف متديناً صَالحا كثيرَ الْعِبَادَة حدث باليسير وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة أَبُو صَالح الجيلي)
نصرُ بنُ الرَّزاقِ بنِ عبدِ الْقَادِر بن أبي صَالح أَبُو صَالح الجيلي عماد الدّين الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي تفقه فِي صباه ثمَّ صحب مُحَمَّد بن عَليّ النُوقاني الْفَقِيه الشَّافِعِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْخلاف وَالْأُصُول وبرع فِي ذَلِك وَتَوَلَّى التدريس بمدرسة جدَه بِبَاب الأزَج وبالمدرسة الشاطية عِنْد بَاب الْمَرَاتِب وبنيَت لَهُ دِكَّة بِجَامِع القَصر للمناظرة وَعقد مجْلِس الوَعظ فِي مدرسته وَكَانَ لَهُ قبُول عَظِيم وأُذِن لَهُ فِي الدُّخُول فِي كل جُمُعة على الْأَمِير أبي نصر مُحَمَّد بن الإِمَام النَّاصِر لسَمَاع مُسند مُسلم فحَصَلَ لَهُ بِهِ أُنسٌ فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بالخلافة ولقب بِالْإِمَامِ الظَّاهِر قلّده قضاءَ يَوْم الْأَرْبَعَاء لثمان خلون من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة وخلع عَلَيْهِ السوَاد وقُرِىء عَهده فِي جَوَامِع مَدِينَة السَّلَام الثَّالِثَة فَسَار السِّيرَة المرضية وَأقَام ناموس الشَّرْع وَلم)(27/46)
(نفس مَا عَن ديننَا من بَدَل ... فدعي الدُّنْيَا وخَلّى جَدَلي)
(مَا تُساوي أننا نمضي إِلَى ... مُشركٍ إِذْ ذَاك عينُ الزلَل)
(إِن يكُن دَينٌ علينا فلنا ... خالقٌ يَقْضِيه هَذَا اَمَلي)
وَلم يزل ذَلِك الذَّهَب عِنْد الْحَكِيم النَّصْرَانِي إِلَى أَن مَاتَ فأخَذ من ترِكته وحُمل إِلَى القَاضِي ومولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ووفاته سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَت جنَازَته عَظِيمَة وَدفن إِلَى جَانب قبر أَحْمد بن حَنْبَل وَقيل بل دُفن مَعَه وَتَوَلَّى ذَلِك الرَّعاعُ والعوامُ وقُبض على من فَعَل ذَلِك وعوقب وحُبِس ونُبِش لَيْلًا وَنقل من مَوْضِعه بعد أيّام وعُفيَ قَبره وَلم يُعلَم أَيْن دُفِن
3 - (قَنبر الْكَاتِب)
نصر بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن النَّاقِد أَبُو طَالب الْكَاتِب الْمَعْرُوف بقنبر الْبَغْدَادِيّ كَانَ من الْأَعْيَان الأماثل تولى أَعمال الحالص مُدَّة فظهرت كِفَايَته فوُلى حاجباً بِالْبَابِ النوبي وَالنَّظَر فِي الْمَظَالِم وَإِقَامَة الْحُدُود ثمَّ إِنَّه عُزل ووَليَ الصدرية وَالنَّظَر فِي المخزن ثُم وليهما بديوان الزِّمَام ثمَّ عزل ثمَّ إِنَّه أُعيد إِلَى الصدرية وَالنَّظَر بالمخزن وخُلع عَلَيْهِ وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَلم يكن محمودالسيرة وَكَانَ سفاكاً للدماء وَأخذ الْأَمْوَال وانتهاكِ الحُرَم وَكَانَ رَافِضِيًّا وَهُوَ أول من سنّ الظُّلم بِبَغْدَاد وَلم تظهر جنَازَته
3 - (أَبُو الْفَتْح الحرّاني)
نصر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن هبة الله أَبُو الْفَتْح الْحَرَّانِي قَالَ ابْن النجار كتب عَنهُ أَبُو نصر هبة الله بن عَليّ المجلي شَيْئا من شعره وَغير ذَلِك وَمن شعره)(27/47)
(كنت فِي غَفلَة فَلَمَّا افترقنا ... طرحَ البينُ غفلتي فِي جفوني)
(فَهِيَ تجْرِي دمعاً وتَمزَحُ حينا ... ثمَّ تجْرِي دَمًا فتَدمَى شؤوني)
(وَأرى فرقة الْأَحِبَّة لَا ... شكّ ستَسقي المحبَّ كاسَ الْمنون)
3 - (أَبُو الْفتُوح الْحلِيّ النَّحْوِيّ)
نصر بن عَليّ بن مَنْصُور بن الخازن أَبُو الْفتُوح النَّحْوِيّ من الْحلَّة السيفية وَهُوَ أَخُو عَليّ بن عَليّ قدِم بَغْدَاد فِي صباه وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد بن عُبَيْدَة الْكَرْخِي وَغَيره حَتَّى بَرَع فِيهِ وَسمع الحَدِيث وَقَرَأَ الْكتب الأدبية على الْمَشَايِخ بجَد واجتهاد وهمة عالية وانتخب كثيرا من الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار والحكايات والأشعار بِخَطِّهِ وَكَانَ حسَن الْأَخْلَاق طيّبَ المعاشرة مليحَ المُجاورة حُفَظَةً للحكايات والأشعار وَكَانَ عَارِفًا بالنحو متصدياً للأشغال فِيهِ يتردَّد إِلَيْهِ الأكابر ويقصِدونه فِي بَيته قَالَ ابْن النجار علقتُ عَنهُ شَيْئا فِي المذاكرة وَلم يكن مَرضياً وَلَا يُحتج بِخَطِّهِ وَلَا بقوله وَلَا بقرائته لِأَنَّهُ ادّعى سَماع أَشْيَاء وَلم يسْمعهَا ولقاء شُيُوخ وَلم يلقهم وَإِذا قَرَأَ الحَدِيث يعبُر سطوراً لَا يَقْرَأها وَيتْرك حَدِيثا وَيقْرَأ حَدِيثا شاهدتُ ذَلِك مِنْهُ وَشَاهده جمَاعَة لما قَرَأَ مُسْند أَحْمد على أبي مُحَمَّد بن أبي الْمجد بدار قَاضِي الْقُضَاة ابْن الشهرَزوري وأنكروا ذَلِك عَلَيْهِ وشاع واجتنب النَّاس السماع بقرَاءَته وَلما رأى ذَلِك ترك الْقِرَاءَة على الْمَشَايِخ وصاريسمع بِقِرَاءَة غَيره وَكَانَ مَعَ كذبه خَبِيث العقيدة رَافِضِيًّا غالياً توفّي سنة سِتّمائَة بالحلة
3 - (ابْن مَرْيَم خطيب شيراز)
نصر بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله الشيرازيُّ الفرسي الفَسَوي يُعرَف بِابْن مَريَم خطيب شيراز وأديبها وعالمها ومَن يُرجَعُ إِلَى رَأْيه فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة وَله تَفْسِير الْقُرْآن فِي أَربع مجلدات وَقد جوده وَشرح الْإِيضَاح وَكَانَ حَيا فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الْجَهْضَمِي)
نصر بن عَليّ صُهبان الْجَهْضَمِي كَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الْحَافِظ الْجَهْضَمِي)
نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة وروى الْجَمَاعَة عَنهُ وروى)
النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وخلقٌ وَتُوفِّي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ قدم أَبُو عَمْرو الْجَهْضَمِي بَغْدَاد فروى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بيد الْحسن وَالْحُسَيْن وَقَالَ من أَحبَّنِي(27/48)
وَأحب هذَيْن وأباهما وأمَّهما كَانَ معي فِي درجتي يَوْم الْقِيَامَة فَأمر المتَوَكل أَن يضْرب ألفَ سوطٍ ظنا مِنْهُ أَنه رَافِضِي فَكَلمهُ فِيهِ جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد القَاضِي وَقَالَ هَذَا الرجل من أهل الصّلاح والسُنةِ ورددها فَتَركه وَقَالَ نصر الْمَذْكُور كَانَ لي جارٌ طفيلي فَكنت إِذا دُعيتُ إِلَى مَدعاة ركب لرَكوبي فَإِذا جلسنا أُكرِم من أَجلي فَاتخذ جَعْفَر بن سُلَيْمَان أَمِير الْبَصْرَة دَعوةً وَدَعَانِي فَقلت فِي نَفسِي وَالله لَئِن جَاءَ هَذَا الطفيلي لأخزِيتَّه الْيَوْم فجَاء بَين يديّ ودخلنا فَلَمَّا أَن حضرت الْمَائِدَة قلت حَدثنَا دُرُست بن زِيَاد عَن أبان بن طَارق عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَشى إِلَى طَعَام لم يُدعَ إِلَيْهِ دخل سَارِقا وَخرج مغيراً فَقَالَ الطفيلي مثلك يَا أَبَا عمرٍ يتَكَلَّم بِهَذَا الْكَلَام على مائدة الْأَمِير وَلَيْسَ هَهُنَا إِلَّا من يظنّ أَنَّك رميتَه بِهَذَا الْكَلَام ثمَّ لَا تَسْتَحي وتروي عَن دُرُست ودرست كذابٌ لَا يحْتَج بحَديثه عَن أبان بن طَارق وَأَبَان كَانَ صبيان الْمَدِينَة يَلْعَبُونَ بِهِ وَلَكِن أَيْن أَنْت عَمَّا حدنا بِهِ أَبُو عَاصِم النَّبِيل عَن ابْن جريح عَن ابْن الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ طَعَام الْوَاحِد يَكْفِي الِاثْنَيْنِ وَطَعَام الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الثَّلَاثَة وَطَعَام الثَّلَاثَة يَكْفِي الْأَرْبَعَة الحَدِيث قَالَ نصر فَكَأَنِّي أُلقِمتُ حجرا فَلَمَّا خرجنَا من الدَّار أنْشد الطفيلي
(وَمن ظن مِمَّن يُلاقي الحروبَ ... بِأَن لَا يُصابَ فقد ظنّ عجزَا)
3 - (ابْن منقذ صَاحب شَيزَر)
نصر بن عَليّ بن مُقلَّد بن منقذ ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِيمَن ملك شَيزَر واثنى عَلَيْهِ وعَلى نظمه وَأَنه ملك شَيزر بعد وَالِده وَأورد لَهُ مِمَّا يدل على كرمه وَذَلِكَ أَن القَاضِي أَبَا مسلمٍ وادِعاً كتب إِلَيْهِ وَقد نُكِب أبياتاً مِنْهَا
(هَذَا كتابٌ من أخي ثِقَةٍ ... يشكو إِلَيْك نوائبَ الدَهرِ)
فَأطلق لَهُ سِتَّة آلَاف دِينَار وَاعْتذر وَكَانَ يكنَّى أَبَا المرهف ولقبه عز الدولة وَمن شعره
(كنتُ أسْتَعْمل الْبيَاض من الأَم ... شاط عُجباً بِلمَّتي وشَبابي)
(فاتَّخذتُ السَّوادَ فِي حَالَة الشي ... ب سُلواً عَن الصِّبا بالتصابي)
وَلما قِدم السُّلْطَان ملكشاه السلجوقي إِلَى الشَّام سلّم إِلَيْهِ اللاذقية وأفامِية وكَفَر طَابَ وَبقيت)(27/49)
3 - (أَبُو جَمرَة الضُبَعي)
نصر بن عمرَان الضُبعي الْبَصْرِيّ أَبُو جَمْرَة أحد أَئِمَّة الْعلم روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وزَهدم الجَرمي وعائذ بن عَمْرو المُزني وَغَيرهم وَكَانَ مضبَّب الْأَسْنَان بِالذَّهَب قَالَ تمتعتُ فنهاني أُناس فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ الله أكبر سُنةُ أبي الْقَاسِم أَو قَالَ سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ ابْن سعد ثِقَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (نصر بن عناز الططماجي)
نصر بن عناز بن أبي الْقَاسِم أَبُو الْفَتْح الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بالططماجي كَانَ أديباً يَقُول الشّعْر كتب عَنهُ عمر بن مُحَمَّد العُلَيمي الدِّمَشْقِي شَيْئا من شعره بخوارزم فِي شهر رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وروى عَنهُ وَمن شعره
(كم تَستُر الشيب يَا ذَا الشيب بالكَذِب ... هَيْهَات مَا للغواني فِيك من أرَبِ)
(وَكم تَتُوق إِلَى الْبيض الحسان وَمَا ... يُجدي عَلَيْك المُنى شَيْئا سِوَى التَّعَب)
(وَكم تِحنُّ إِلَى عصرٍ نَعمتَ بِهِ ... إِذْ أَنْت تقطِفه باللَّهو واللَعب)
(هَل بعد شيب عذار الْمَرْء من طَمَعٍ ... أم هَل يمِيل إِلَى اللذّات والطرَب)
3 - (أَبُو طَاهِر الحلّي الشَّاعِر)
نصر بن الْفَتْح بن أبي المعمر بن أَسد بن الْحسن الْمَعْرُوف بباقلا بن أبي الْخَيْر يَنْتَهِي إِلَى طَاهِر بن الْحُسَيْن الخُزاعي أَبُو طَاهِر الطاهري الشَّاعِر من الْحلَّة السيفية كَانَ شَيخا فَاضلا أديباً شَاعِرًا دخل الشَّام ومدح الْمُلُوك والأعيان قَالَ ابْن النجار محبّ الدّين لقيناه بِالشَّام غير مرّة وكتبتُ عَنهُ شَيْئا من شعره فِي الْمحرم سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة ومولده سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره
(مَا بَين رامةَ والعقيق ديارُ ... كَانَت وَكَانَ بهَا الْهوى ونَوارُ)
(دَرَسَت على مرّ الزَّمَان كَأَنَّمَا ... آثارُها من رَيطةٍ آثَار)
(لم يبقَ إِلَّا من أوارٍ مَا بدتْ ... إِلَّا بدا فَوق الْقُلُوب أُوار)
(عَهدي بهَا قبل الشَّبَاب وَمَا غَدَت ... من أَهلهَا الغادين وَهِي قِفار)
)
(والدهر مَا صَدَعَ الْجَمِيع وظلنا ... ضالُ النقا وظباءُها السُمار)
(وَالْأَرْض قد حكت السَّمَاء بأنجم ... فِي رَوْضَة نَجمَت بهَا الأزهار)(27/50)
(والطلُّ يستبكي الربيعَ جفونَه ... فَإِذا بَكى يتضاحَك النُّوار)
(والدَوحُ تهصره الصَّبا بعليلها ... فَإِذا أمادت وُرقَه الأوكار)
(تشدو وتنشدنا القِيان مُناسِباً ... نَغَمَ الكِران ويَصخَب المِزمار)
(فتُصَّفِق الأغصان مَا بَين الغِنا ... بيد النسيم وترقص الْأَشْجَار)
(وشرابنا كرمية الاعراق بل ... كرمية الْأَخْلَاق بل بكر الْخَنَا معطار)
(كالتبر قد نُثر اللجين فُوَيقة ... الْيَاقُوت فِي ماءٍ عَلَيْهِ نَار)
(راحٌ بهَا روح الْقُلُوب وبُرءُها ... من عقرِ سيف الهمّ وَهِي عُقار)
(يَغْدُو بهَا عَبل الروادف ... مَا انثنى إِلَّا ثنى الأكباد وَهِي حرار)
(قمرٌ على غصنٍ على دِعصٍ وَهل ... هذي الصفاتُ تحوزها الأقمار)
(لبس العذار فظل يُخلع دَائِما ... فِيهِ العذارُ وتلبَس الْأَعْذَار)
(يجْرِي غِرار السَّيْف مِنْهُ إِذا ... رنا لحظٌ لَهُ مني الرُّقاد غرار)
(وَكَأن حُمرةَ وجنتيه إِذا بدا ... وأسيلَ خَدٍّ سَالَ فِيهِ عذار)
(وَردٌ على طَلعٍ وخيط بنفسجٍ ... متنطق بنضيده ومُدار)
(كم شدّ زناراً لَدَيْهِ مُسلِمٌ ... وَلها وَلم يُحلَل لَهُ زُنار)
(فسقى لُيَيلاتٍ مضين بِهَذِهِ ال ... أوطان كم قُضِيت بهَا أوطار)
(دِيَمٌ تُديم الانسكاب كَأَنَّهَا ... نَعَمٌ يجود بهَا الغياثُ غِزار)
قلت شعرٌ جيدٌ منيعٌ
3 - (ابْن المَنّي الْحَنْبَلِيّ)
نصر بن فتيَان بن مطهَّر النهرواني نَاصح الدّين أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المَنّي قَرَأَ الْفِقْه على أبي بكرٍ أَحْمد بن مُحَمَّد الدَّينُوري ولازمه حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَصَارَ من الْأَئِمَّة الْمشَار إِلَيْهِم فِي الْعلم والزهد ودرّس بمسجده بِرَأْس درب السيّدة وقصده الطّلبَة من الْبِلَاد وتخرّج بِهِ جمَاعَة من الْفُقَهَاء وَكَانَ ورعاً كثير الْعِبَادَة حسنَ السَمت على منهاج السَّلَفِ أضرّ فِي آخِره عمره وطرِش فَكَانَ لَا يُبصِر وَلَا يسمع وَهُوَ يدرس الْفِقْه إِلَى)
حِين وَفَاته سمع من أبي بكرٍ عمر بن عَليّ بن الزنف المقرىء وَأبي الْمَعَالِي أَحْمد بن عَليّ بن طَاهِر وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد بن الحُصين وَأبي غالبٍ أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء والبارع أبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الدباس وَأبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْحسن عَليّ بن عبيد الله ابْن الزَّاغُونِيّ(27/51)
وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن عبد الْملك الْخلال وَغَيرهم وَلما مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة حضر جنَازَته خلق كثير وَتَوَلَّى حفظ جنَازَته جمَاعَة من الأتراك خوفًا من الْعَوام وجُعل على قَبره مَلبَنٌ من الْخشب المنقوش بضَبات الصُفر وَالنَّاس يتبركون بقبره
3 - (الْأَمِير البويهي)
أَبُو نصر بن فَيروزجُرد الْأَمِير بن جلال الدولة أبي طَاهِر بن بُويَة هُوَ آخر من ركب الْخَيل من بني بويه كَانَ السُّلْطَان ملكشاه قد أقطعه الْمَدَائِن وَغَيرهَا فهرب والتجأ إِلَى سيف الدولة ابْن مزيَد فَأَعْرض عَنهُ فتنقل فِي الْبِلَاد وأضمرته الأرضُ وعُدِم فِي سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو اللَّيْث الْفَرَائِضِي الْحَنَفِيّ)
نصر بن الْقَاسِم أَبُو اللَّيْث الْفَرَائِضِي الْحَنَفِيّ الْبَغْدَادِيّ كَانَ ثِقَة علاّمةً بَصيرًا بِقِرَاءَة أبي عَمْرو توفّي سنة أَربع عشرَة وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْفضل الصُّوفِي الطوسي)
نصر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن مَنْصُور أَبُو الْفضل بن أبي نصر الْعَطَّار الصُّوفِي الطُّوسي كَانَت لَهُ فتوة ظَاهِرَة وسخاءُ نفسٍ وَكَانَ من مشهوري الْمُحدثين فِي بَلَده سمع بخراسان عبد الله بن مُحَمَّد الشَّرْقِي وَأَبا حَامِد بن بِلَال وَأَبا بكر مُحَمَّد بن الحُسين الْقطَّان وَعمر بن عَليّ الْجَوْهَرِي الْمروزِي وَغَيرهم ورحل فِي طلب الحَدِيث وَكتب الْكثير بالعراق والجزيرة وَالشَّام ومصر وَسمع من جمَاعَة بِبَغْدَاد ودمشق ومصر وبالرملة وبحلب وبمنبج وبالس والرقة وَكَانَ أحد أَرْكَان الحَدِيث وصنف وَجمع وحدّث سِنِين وَمَات بالطابران سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسبعين سنة وَلم يخلِّف مثله فِي الحَدِيث وَلَا فِي عُلُوم الصُّوفِيَّة فِي اللُّقي والتقدم
3 - (ابْن الصقال الطَّيِّبِيّ المقرىء)
نصر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الصقال الطِيبي أَبُو الْقَاسِم المقرىء الْبَغْدَادِيّ كَانَ تَاجِرًا يُسَافر)
إِلَى خُرَاسَان وَغَيرهَا فأثرى وكثُر مالُه وَقَرَأَ بالروايات على عبد الله بن عَليّ سبط أبي منصورٍ الْخياط وَعلي الْمُبَارك بن الْحُسَيْن الشهرزوري وعَلى جمَاعَة من أَصْحَاب أبي عَليّ الْحداد بإصبهان وَسمع قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَمَا علمت أَنه حدث وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة(27/52)
3 - (ابْن باريس الْكَاتِب)
نصر بن مُحَمَّد بن زيد بن أَحْمد بن عَليّ بن باريس أَبُو الْفَتْح الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ كَانَ كَاتبا شَاعِرًا جمع كتابين من منظومه أَحدهمَا فِي وصف الغلمان وَالْآخر فِي وصف الْجَوَارِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار رَأَيْته غير مرّة وَلم يتَّفق أَن أكتب عَنهُ شَيْئا وَمن شعره فِي غُلَام يعالجُ بالحِجارة
(ظبيٌ بدا لي فِي وسَطِ حلقتِه الل ... عِبُ بالصخر من صِناعتهِ)
(قلت لَهُ والعيونُ شاخصةٌ ... عجبا لِما طاق من حِجارته)
(قلبُك يَا بدرَ من مُلَابسَة ال ... صَّخر تعداه من قَساوته)
وَمِنْه فِي غُلَام يحمل عوداً ويلعب
(أقبل حبي حَامِلا عُودَه ... كانه غصنٌ نقىً فِي كثيب)
(وَاعجَبا للدهر من صَرفه ... إِذْ يحمل اليابسَ عودٌ رطيب)
قلت شعر نازلٌ
3 - (ابْن الحُصري الْحَافِظ)
نصر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْفرج أَبُو الْفتُوح بن الحُصري الوقاياتي أَصله من همذان قَرَأَ بالروايات الْكَثِيرَة على أبي بكر مُحَمَّد بن عبيد الله بن الزَّاغُونِيّ وَالْمبَارك بن الْحسن الشهرزوري وَغَيرهمَا وَقَرَأَ الْأَدَب وَحصل مِنْهُ طرفا وَطلب الحَدِيث وجدّ فِيهِ وَأكْثر من السماع وَالْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة وأتقن وَحفظ وَعرف الرِّجَال وَصَحب الْحَافِظ أَبَا بكرٍ الباقِداري وَسمع أَبَا الْوَقْت وَغَيره وَلم يزل يقْرَأ ويفيد إِلَى أَن توفّي بالمَهجَم فِي الْمحرم سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة وَكَانَ يَصُوم الدَّهْر وَيكثر التِّلَاوَة وجاور بِمَكَّة نيفا وَعشْرين سنة وَكَانَ يطوف فِي الْيَوْم وَاللَّيْل سبعين أُسبوعاً وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا فِي مقَام الْحَنَابِلَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام إِلَى أَن ضَعُف وَكَانَ يطوف متكأً على عَصا وَخرج فِي آخر عمره إِلَى الْيَمين لما اشْتَدَّ الْقَحْط بِمَكَّة)
فَمَاتَ هُنَاكَ
3 - (أَبُو العزّ النَّحْوِيّ النيلي)
نصر بن مُحَمَّد بن مُبادر أَبُو العزّ النَّحْوِيّ النِّيلي أديبٌ فَاضل شَاعِر روى عَنهُ ابْن السَّمْعَانِيّ وَمن شعره
(هَل الوَجدُ إِلَّا أَن ترى العينُ منزِلا ... تَحمَّل عَنهُ أهلُه فتبدَّلا)
(عَقَلنا عُزرَ الدُّموعِ وطالما ... عهِدناه للغِيد الأوانس مَعقِلا)(27/53)
(إِذا نَحن أَهْلَلْنَا بذكراه أنشأت ... سحائب دمع بالأسى مُتهلِّلا)
(وَإِن نحنُ ألممنا بِهِ انبعَثَ الجَوَى ... تَحملنا دَاء من الْهم مُعضلا)
3 - (ابْن أبي الْفُنُون النَّحْوِيّ)
نصر بن مُحَمَّد بن المظفر بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْفتُوح الْبَغْدَادِيّ بن أبي الْفُنُون النَّحْوِيّ سكن بَغْدَاد فِي زمن الْقَائِم وَقَرَأَ بِبَغْدَاد على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب وَعبد الرَّحْمَن ابْن الْأَنْبَارِي وَأبي مُحَمَّد ابْن عُبَيْدَة وَأبي الْفرج ابْن الدّباغ وَأبي الْعِزّ بن الْخُرَاسَانِي وَابْن الصحبه وَقَرَأَ اللُّغَة على أبي الْحسن ابْن العصار ثمَّ سَافر عَن بَغْدَاد سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَدخل وَلَقي فضلاءها ثمَّ سَافر إِلَى مصر وسكنها إِلَى حِين وَفَاته وَسمع هُنَاكَ الحَدِيث وتصدر بهَا لإِفَادَة النَّحْو بالجامع الْأَزْهَر وَسمع من أبي الْقَاسِم البُوصيري ومولده سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح المقطم وَسمع بِمصْر أَيْضا من سعيد المأموني وَغَيرهمَا ومدح جمَاعَة من الْمُلُوك والوزراء وَحدث وروى عَن الْمُنْذِرِيّ زكي الدّين وَله رسالةٌ بديعة فِي الضَّاد والظاء وَمن شعره
3 - (أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي الْحَنَفِيّ)
نصر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام الْفَقِيه الْحَنَفِيّ أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي صَاحب كتاب الْفَتَاوَى توفّي سنة خمسٍ وَسبعين وثلاثمائة
3 - (ابْن القُبيطي)
نصر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن فَارس أَبُو الْفتُوح ابْن القُبيطي الْحَرَّانِي أَخُو عبد الْعَزِيز من أَوْلَاد الْمُحدثين أسمعهُ عَمه حَمْزَة بن عَليّ فِي صغره من الكاتبة شُهدَةَ وَأبي الْفَتْح بن شاتيل وجماعةٍ وَحدث باليسير ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ)
وسِتمِائَة وصُلى عَلَيْهِ بِالْمَدْرَسَةِ النظامية
3 - (ابْن الْأَحْمَر المغربي)
نصر بن مُحَمَّد بن محمدٍ السُّلْطَان أَبُو الجيوش ابْن السُّلْطَان الْأَحْمَر الْأنْصَارِيّ المغربي خرج على أَخِيه واعتقله وتملك وَكَانَت دولته أَربع سِنِين ثمَّ وثب عَلَيْهِ ابْن أُخْته الْغَالِب بِاللَّه وقهرَهُ وتسلطن وَقرر أَبَا الجيوش أَمِيرا بوادي آش فدام بهَا نَحوا من عشرِ سِنِين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة
3 - (القَوام النصيبي الشَّافِعِي)
نصر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي أَبُو الْفَتْح(27/54)
النصيبي الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالقوام درس بالإسكندرية بِالْمَدْرَسَةِ العادلية بعد وَفَاة الْحَافِظ السِلَفي وَسمع بالثغر وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا وَتُوفِّي بالإسكندرية بعد الستمائة
3 - (أَبُو الْفَتْح ابْن القَيسراني)
نصر بن مُحَمَّد بن نصرِ بن صَغِير أَبُو الْفَتْح ابْن الأديب مهذب الدّين القيسراني توفّي بحلب وَكَانَ لَهُ شعرٌ لَا بأسَ بِهِ ووفاته سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (ابْن مرداس الْكلابِي)
نصر بن مَحْمُود بن نصر بن صَالح بن مرادس الْكلابِي صَاحب حلب تقدم ذكر أَبِيه مَكَانَهُ من حرف الْمِيم وَإنَّهُ ملك أَخَاهُ شبلاً وَأَسْكَنَهُ القلعة وَجعل الخزائن عِنْده وأسكن نصرا البلدَ وَكَانَ يكرههُ وَإنَّهُ بذل الْعَطاء وعدَل فَأَحبهُ العساكر وملكوه عَلَيْهِم ثمَّ إِنَّه قُتِل سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتَوَلَّى الْملك سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ نصرٌ ممدَّحاً جَواداً وَفِيه يَقُول ابْن حَيُّوس
(كفى الدينَ عِزاُ مَا قَضَاهُ لَك الدهرُ ... فَمن كَانَ ذَا نَذرٍ فقد وَجب النَّذرُ)
(ثمانيةٌ لم تفترق مُذ جَمعتها ... فَلَا اقترفت مَا ذَبَّ عَن ناظرٍ شُفر)
(ضَميرك وَالتَّقوى وَجُودك والغِنى ... ولَفظك والمَعنى وسيفك والنصر)
(وَقد جاد محموٌد بأَلفٍ تصرمَت ... وغالبُ ظَني أَن سيُخلفها نَصر)
فَأعْطَاهُ ألف دِينَار وَقَالَ وَالله لَو قَالَ سيُضعِفُها نصرُ لأَضعفتُها لَهُ وَكَانَ على بَابه جمَاعَة من الشُّعَرَاء فَكَتَبُوا إِلَيْهِ)
(على بابِكَ الْمَعْمُور مِنا عصابةٌ ... مَفاليسُ فانظُر فِي أُمور المفاليس)
(وَقد قنِعَت مِنْك الْجَمَاعَة كلهم ... بعُشرِ الَّذِي أَعْطيته لِابْنِ حَيوس)
(وَمَا بَيْننَا هَذَا التَّفَاوُت كُله ... وَلَكِن سعيداً لَا يُقاسُ بمَنحوس)
فَقَالَ ولِمَ تَقولُونَ بِعشر هلا قُلْتُمْ بِمثل ثمَّ إِنَّه وَصَلهم وَأحسن إِلَيْهِم رَحمَه الله
3 - (ابْن الْمَعْرُوف)
نصر بن مَحْمُود بن الْمَعْرُوف أَبُو المظفر كَانَ ذكياً فَطِناً كثير الِاجْتِهَاد والعناية والحِرص بالعلوم الْحكمِيَّة وَله نَظَر فِي صناعَة الطِّبّ واشتغل على ابْن الْعين زَربي لَازمه مُدَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من الْعُلُوم قَالَ ابْن أبي أصيبعة رَأَيْت خطه فِي آخر(27/55)
تَفْسِير الْإِسْكَنْدَر لكتاب الْكَوْن وَالْفساد لأرسطو يَقُول إِنَّه قَرَأَهُ عَلَيْهِ وأتقنه وتأريخ كِتَابَته فِي شعْبَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ حسن الْخط والعبارة مُغرىً بصناعة الكيمياء وَالنَّظَر فِيهَا والاجتماع بأربابها وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الطِّبّ وَالْحكمَة وَملك ألوفا كَثِيرَة من الْكتب فِي كل فنّ وَجَمِيع كتبه لَا يُوجد شَيْء مِنْهَا إِلَّا وَقد كتب على ظَهره مُلَحاً ونوادر مِمَّا يتَعَلَّق بِعلم ذَلِك الْكتاب وَمن شعره
(وَقَالُوا الطبيعة مبدأ الكيانِ ... فيا ليتَ شعري مَا هِيَ الطبيعَه)
(أقادرةٌ طُبِعَت نَفسُها ... على ذَاك أم لَيْسَ بالمستَطيعَه)
وَمِنْه
(قَالُوا الطبيعةُ معلومنا ... وَنحن نُبيِّن مَا حدَّها)
(لم يعرفوا الْآن مَا قبلهَا ... فَكيف يرومون مَا بعدَها)
وَله من الْكتب تعاليق فِي الكيمياء وَكتاب فِي علم النُّجُوم مختارٌ فِي الطِّبّ
3 - (أَبُو الْفضل)
نصر بن مُزاحم بن سيار المِنقري أَبُو الْفضل من طبقَة أبي مخنف أحد أَصْحَاب السِّيَر ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي مصنِّفي الإمامية وَذكر أَنه روى عَن لوطِ بن يحيى وروى عَنهُ مُحَمَّد بن عَليّ الصَّيرفي وَمُحَمّد بن عِيسَى بن عُبيدٍ وَله من التصانيف كتاب الغارات كتاب الجَمل كتاب مقتل حجر بن عديٍّ الْكِنْدِيّ كتاب مقتل الْحُسَيْن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا كتاب عين الوَرد كتاب الْمُخْتَار بن أبي عبيدٍ كتاب المناقب)
3 - (النميري الشَّاعِر)
نصر بن مَنْصُور بن الْحسن بن جَوشن بن مَنْصُور بن حُميدٍ يَنْتَهِي إِلَى نزار بن معد بن عدنان أَبُو المرهف النميري الشَّاعِر كَذَا أثْبته ابْن النجار فِي ذيل بَغْدَاد وَقَالَ بَعضهم نصر بن الْحسن وَقد تقدم ذكره
3 - (أَبُو الْفتُوح الحكم)
نصر بن أبي مَنْصُور التَّيْمِيّ أَبُو الْفتُوح الْمُؤَدب الْمَعْرُوف بالحَكَم سكن وَاسِط مُدَّة وروى بهَا شَيْئا من شعره وَشعر غَيره وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره(27/56)
(وَلما رأى وردا بخديه يُجتنَى ... ويُقطف أَحْيَانًا بِغَيْر اختيارهِ)
(أَقَامَ عَلَيْهِ حارساً من جفونه ... وسَل عَلَيْهِ مُرهفاً من عذارِه)
3 - (أَبُو الفوارس الْمَدَائِنِي)
نصر بن نَاصِر بن لَيْث بن مكي أَبُو الفوارس الْمَدَائِنِي سكن بَغْدَاد وَكَانَ أديباً شَاعِرًا تولى الإشراف بدار التشريفات من دَار الْخلَافَة وَكَانَ ينشد المدائح بالتهاني على قَاعِدَة شعراء الدِّيوَان وَولي غير ذَلِك من الولايات الْكِبَار ولقب بناظر النظار وَعلا شَأْنه وَولي النّظر والصَّدرية بالمخزن وَولى الْوكَالَة للخليفة فِي جَمِيع تَصَرُّفَاته وَتعقب ذَلِك عَن الْوَزير ابْن مهْدي وَإِزَالَة الضرائب والمُكوس وكف أَيدي الظلمَة وأزال شَيْئا كثيرا من الْمَظَالِم فَأَحبهُ النَّاس وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَة لَكِن لم تَطُل أَيَّامه حَتَّى عاجله حمامه وَتُوفِّي سنة خمس وسِتمِائَة وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة وَمن شعره
3 - (أَبُو سعدٍ الدينَوَرِي)
نصر بن يَعْقُوب أَبُو سعد الدينَوَرِي مُصَنف كتاب التَّعْبِير الْمَعْرُوف بالقادري ذكره الثعالبي فِي من ورد نيسابور وَقَالَ تُعقَد عَلَيْهِ الخناصر بخراسان فِي الْكِتَابَة والبراعة وَله فِي الْأَدَب تقدم محمودٌوفي الْمُرُوءَة قدَمةٌ مَشْهُودَة وَشَهَادَة الصاحب لَهُ بِالْفَضْلِ يسجل بهَا حكام الْعدْل
وَله تصانيف مِنْهَا كتاب روائع التوجيهات فِي بَدَائِع التشبيهات وَكتاب ثمار الْأنس فِي تشبيهات الفُرس وَكتاب الْجَامِع الْكَبِير فِي التَّعْبِير وَهُوَ القادري كتاب الْأَدْعِيَة كتاب حُقة الْجَوَاهِر وَهُوَ مزدوجة فِي الْأَمِير خلَف وَمن شعره
(أبي لي أَن أباليَ بالليالي ... وأخشى صَرفَها فِيمَن يُبَالِي)
)
(حُلولي فِي ذَرَى مَلِكٍ كطَودٍ ... رفيعٍ مُشرفِ الْأَعْلَام عالِ)
(إِلَى شمس الشِتاء إِلَى ظلال ال ... مَصِيف إِلَى الغَمام إِلَى الْهلَال)
(إِذا مَا جَاءَهُ المذعور يَوْمًا ... وَحل بِبَابِهِ عَقد الرِّحال)
(تبوأ من ذَراه خير دارٍ ... فَلم يخْطر لمكروهٍ ببال)
(بوُدي لَو نهضتُ بهَا وَلَكِن ... ضَعُفتُ عَن الحَراك لضعف حَالي)
وَمِنْه
(اسقِني كأساً كلون الذَّهَب ... وامزجِ الريقَ بِمَاء العِنَبِ)
(فقد ارتجت بِنَا الأَرْض ضُحىً ... كارتجاج الزِّئبَق المنسَرب)(27/57)
(فَكَأَن الأَرْض فِي أرجوحةٍ ... وكأنا فَوْقهَا فِي لولب)
3 - (صَاحب الْكسَائي)
نصر بن يُوسُف صَاحب الكِسائي كَانَ نحوياً لغوياً وَله من الْكتب كتاب الإبلِ كتاب خَلق الْإِنْسَان
3 - (أستاذ بن السّكيت)
نصر أستاذ ابْن الكِسيت قيل إنّ ابْن السّكيت عَنهُ أَخذ وَقَالَ نصران قرأتُ شعر الْكُمَيْت على أبي حفصٍ عمرَ بن بُكيرٍ وَكَانَت كتب نصران لِابْنِ السّكيت حفظا وللطوسي سَمَاعا
3 - (الألقاب)
أَبُو نصر الفارابي اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن طرخان تقدم ذكره فِي المحمدين
أَبُو نصر الشافع عبد الرَّحْمَن
نصر الدولة صَاحب ميافارقين أَحْمد بن مَرْوَان
ابْن أخي نصر عَليّ بن أَحْمد
ابْن نصر الْمروزِي مُحَمَّد بن نصر الْمُحدث والفقيه الشَّافِعِي
(نصيب)
3 - (نُصيب الْأَكْبَر)
نُصيب بن رَبَاح مولى عبد الْعَزِيز بن مروانَ كَانَت أمه سَوْدَاء فَوَقع عَلَيْهَا أَبوهُ فَجَاءَت بِنَصِيب فَوَثَبَ إِلَيْهِ عَمه بعد وَفَاة أَبِيه فَبَاعَهُ وَكَانَ شَاعِرًا فَحلاً مقدِّماً فِي النسيب والمديح وَلم يكن لَهُ حظٌّ فِي الهِجاء وَكَانَ عفيفاً توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة قَالَ نصيب كنت أرعى غنما أَو قَالَ إبِلا فضل مِنْهَا بعير فخرجتُ فِي طلبه حَتَّى قدمت مصرَ وَبهَا عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان فَقلت مَا بعد عبد الْعَزِيز أحدٌ أعتمده وَلم أكن قبل ذَلِك لقِيت أحدا يُمدح فحضرتُ بَابه مَعَ النَّاس فنُحِّيِتُ عَن مجْلِس الْوُجُوه وَكنت وَرَاءَهُمْ وَرَأَيْت رجلا على بغلةٍ حَسن الْمدْخل يُؤذن لَهُ إِذا جَاءَ فَانْصَرف إِلَى منزله واتبعته أماشي بغلتُه فَقَالَ مَا شَأْنك فَقلت أَنا رجل شَاعِر من أهل الْحجاز وَقد مدحت الْأَمِير وخرجتُ إِلَيْهِ راجياً معروفه وَقد ازدريتُ بِالْبَابِ ونحيت قَالَ فأنشِدني فأنشدتُه فأعجبتُه فَقَالَ وَيحك هَذَا شعرك إياك أَن تنتحل فَإِن الْأَمِير راويةٌ عالمٌ بالشعر وَعِنْده رُوَاة فَلَا تفضَحني وتفضح نَفسك(27/58)
فَقلت واللهِ مَا هُوَ شعري فَقَالَ وَيحك قل أبياتاً تذكر فِيهَا حَوف مِصرَ وفضلَها على غَيرهَا والقَني بهَا غَدا فغدوتُ عَلَيْهِ فَأَنْشَدته
(سَرَي الهَمُّ حَتَّى بيتتني طلائعه ... بمصرَ وبالحَوف اعترتني روائِععُه)
(وَبَات وِسادي ساعدٌ قَلَّ لحمهُ ... عَن العَظمِ حَتَّى كَاد تبدو أَشاجِعُه)
وَذكر الْغَيْث فَقَالَ
(وَكم دون ذَاك الْعَارِض البارق الَّذِي ... لَهُ اشتقتُ من وجهٍ أسيلٍ مدامُعه)
(تمسَّى بِهِ أَبنَاء بَكرٍ ومَذحِج ... وأفناء عَمرو فَهُوَ خصبٌ مرَاتعُه)
(بِكُل مَسيلٍ من تهامةَ طيبٍ ... دَميثِ الرُّبى تَسْقِي البحارَ دوافعُه)
(أَعنِي على بَرقٍ أريك وميضَه ... تُضيء دُجناتِ الظَّلامِ لوامعُه)
(إِذا اكتحلَت عينَا محبٍّ بضَوئه ... تجافت بِهِ حَتَّى الصَّباح مَضاجِعُه)
قَالَ أَنْت وَالله شَاعِر احضُر الْبَاب فَإِنِّي أَذكرك قَالَ فَجَلَست على الْبَاب وَدخل فدُعيَ ليَ فَدخلت فَسلمت على عبد الْعَزِيز فَصَعدَ فيَّ بصرَه وصوّب وَقَالَ أشاعر وَيلَك أَنْت قلت نعم أَيهَا الْأَمِير قَالَ فأنشدني فَأَنْشَدته)
(لِعبدِ الْعَزِيز على قومه ... وغيرِهم نِعَمٌ غامرَه)
(فبابُك أليَنُ أبوابِهم ... ودارُك مأهولةٌ عامِرَه)
(وكيلُك آنسُ بالمعتَفِينَ ... من الأُمِّ بالإبنة الزائرَه)
(وكفُّك حِين تَرَى السَّائلين ... أندّى من اللَّيْلَة الماطرَه)
(فمنك العطاءُ وَمنا الثناءُ ... بكلّ مُحبَّرةٍ سائرَه)
فَقَالَ أَعْطوهُ أَعْطوهُ فَقلت إِنِّي مَمْلُوك فَدَعَا الْحَاجِب وَقَالَ اخْرُج فأبلغ فِي قِيمَته فَدَعَا المقوَّمين فَقَالَ قوِّموا غُلَاما أسود لَيْسَ فِيهِ عيب فَقَالُوا مائةَ دينارٍ قَالَ إِنَّه راعي إبل يُحسِن القيامَ عَلَيْهَا قَالُوا مِائَتَا دينارٍ قَالَ إِنَّه يَبري القِسيَّ والنَّبل ويَريشها قَالُوا أَرْبَعمِائَة دِينَار قَالَ إِنَّه رِوَايَة للشعر قَالُوا سِتّمائَة دِينَار قَالَ إِنَّه شَاعِر لَا يلحَن قَالُوا ألف دِينَار قَالَ عبد الْعَزِيز ادفعها إِلَيْهِ فَقلت لَهُ أصلح الله الْأَمِير ثمن بَعِيري الَّذِي ضلّ قَالَ كم ثمنه قلت خَمْسَة وَعِشْرُونَ دِينَارا قَالَ ادفعوها إِلَيْهِ قلت فجائزتي لنَفْسي عَن مديحي إياك قَالَ اشْتَرِ نَفسك ثمَّ عُد إِلَيْنَا ووفد النَّصِيب على الحكم بن الْمطلب وَهُوَ ساعٍ على بعض صدقَات الْمَدِينَة فأنشده
(أيا مروانَ لستَ بخارجي ... وَلَيْسَ قديمُ مجدك بانتحال)(27/59)
(أغّرُّ إِذا الرِواقُ انجابَ عَنهُ ... بدا مِثل الهلالِ على المِثال)
(تراآه الْعُيُون كَمَا تَرَاءى ... عَشِية فِطرِها وَضَحَ الْهلَال)
فَأعْطَاهُ أَرْبَعمِائَة ضانية وَمِائَة لقحة ومائتي دِينَار وَقَالَ نصيب عُلِّقتُ جَارِيَة حَمْرَاء فمكثتُ زَمَانا تُمَنِّيني الأباطيل فَلَمَّا ألححت عَلَيْهَا قَالَت إِلَيْك عني فو الله لَكَأَنَّك من طوارق اللَّيْل فَقلت وَالله وأنتِ لكأنكِ من طوارق النَّهَار فَقَالَت وَمَا أظرفك يَا أسود فغاظني قَوْلهَا فَقلت لَهَا تدرين مَا الظّرْف إِنَّمَا الظرفُ العقلُ ثمَّ قَالَت لي إنصرف حَتَّى أنظر فِي أَمرك
فَأرْسلت إِلَيْهَا بِهَذِهِ الأبيات
(فغن أَكُ أسوداً فالمسكُ أحوى ... وَمَا بِسواد جِلدي من دواءِ)
(ومِثلي فِي رحالكُمْ قَليلٌ ... ومثلكِ لَيْسَ يُعدمُ فِي النِّسَاء)
(فَإِن ترضي فرُدي قولَ راضٍ ... وَإِن تأبي فَنحْن على السَّواد)
قَالَ فَلَمَّا قَرَأت الشّعْر تزَوجنِي وَدخل نصيب على سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَعِنْده الفرزدق)
فأنشده شعرًا لم يرضه وكّلَّحَ فِي وَجهه وَقَالَ لنصيب قُم فأنشِد مَوْلَاك فَقَامَ فأنشده
(أَقُول لِرَكبٍ صادرين لَقيتُهم ... قِفا ذَات أوشالٍ ومولاك قاربُ)
(قِفوا خبِّروني عَن سُلَيْمَان إِنَّنِي ... لِمعروفهِ من آل وَدَان طَالب)
(فعاجوا فأثنَوا بِالَّذِي أَنْت أهلُه ... وَلَو سكتوا أثنَت عَلَيْك الحقائب)
(وَقَالُوا عَهِدناه وكلَّ عَشِيةٍ ... على بَابه من طالبي العُرف راكبُ)
(هُوَ البَدر وَالنَّاس الْكَوَاكِب حوله ... وَلَا يُشبِهُ الْبَدْر المضيء الكواكبُ)
فَقَالَ أَحْسَنت يَا نصيب وَأمر لَهُ بجائزة وَلم يصنع ذَلِك بالفرزدق فَقَالَ الفرزدق
(خيرُ الشعرِ أكْرمه رجَالًا ... وَشر الشعرِ مَا قَالَ العَبيدُ)
كَانَ الْأَصْمَعِي ينشد لنصيب يستجيده
(فَإِن يكَ من لوني السوَاد فَإِنِّي ... لكالمسك لَا يَروَى من الْمسك ناشقُه)
(وَمَا ضرّ أثوابي سوَادِي وتحتها ... لِبَاس من العلياء بيضٌ بنايقه)
3 - (نُصيب الْأَصْغَر)
نصيب الْأَصْغَر مولى الْمهْدي كَانَ قد نَشأ بِالْيَمَامَةِ فَاشْتَرَاهُ(27/60)
الْمهْدي فَلَمَّا سمع شعره قَالَ واله مَا هُوَ بِدُونِ نصيب بني مروانَ وَأعْتقهُ وزوجه أمة وكنّاه أَبَا الحجناء وأقطعه ضَيعة بِالسَّوَادِ وعُمِّر بعده ومدح هارونَ الرشيد بقوله
(أللبَينِ يَا ليلى جِمالُكَ تَرحَل ... لِيقطعَ منا البينُ مَا كَانَ يوصَلُ)
(تُعلِّلُنا بالوعدِ ثُمتَ تلتوي ... بموعدها حَتَّى يموتَ المُعَلِّل)
(فَلَا الْحَبل من ليلى يؤاتيك وصلُه ... وَلَا أَنْت تنهَى القلبَ عَنْهَا فيذهَل)
(خليلي إِنِّي مَا يزَال يشوقني ... قَطينُ الحِمَى والظاعنُ المتحمِّل)
(فأقسمتُ لَا أَنسى لياليَ مَنعِجٍ ... وَلَا مأسلٍ إِذْ منزل الْحَيّ مأسِل)
(أَمن أجلِ آياتٍ ورسمٍ كَأَنَّهُ ... بَقِيَّة وحيٍ أَو كتابٌ مفصَّل)
(فيا أَيهَا الزنْجِي مَالك والصَّبَى ... أفِق عَن طلاب الْبيض إِن كنت تعقِل)
(فمثلك من أُحبوشة الزنج قطعَت ... رسائلُ أسبابٍ بهَا يتَوَصَّل)
(قصدنا أَمِير الْمُؤمنِينَ ودونَه ... مهامهُ مَوماةٍ من الأَرْض مَجهَل)
(على أرحَبياتٍ طوى السرّ فانطوت ... شمائلها مِمَّا تُحلّ وتَرحَل)
)
(إِذا انبلجَ البابانِ والسِّتر دونه ... بدا مِثْلَمَا يَبْدُو الْأَغَر المحجَّل)
(شريكان فِينَا مِنْهُ عينٌ بصيرةٌ ... كَلوءٌ وقلبٌ حَافظ لَيْسَ يغفُل)
(فَمَا فَاتَ عَيْنَيْهِ رَعاهُ بِقَلْبِه ... وَآخر مَا يرْعَى سواءٌ وَأول)
(وَمَا نازَعت فِينَا أمورك هَفوةٌ ... وَلَا خَطَلٌ فِي الرَّأْي والرأي يخطَل)
(لَئِن نَالَ عبد الله قبلُ خلَافَة ... لأنتَ من الْعَهْد الَّذِي نِلتَ أفضَل)
(إِذا اشتبهت أعقابُه بينَت لَهُ ... معارفُ فِي أعجازه وَهُوَ مُقبلُ)
(وَمَا زادك المُلك الَّذِي نلتَ بَسطةً ... وَلَكِن بتقوى اللهِ أَنْت مُسَربل)
(ورثتَ رَسُول الله عُضواً ومفصِلا ... وَذَا من رسولِ الله عُضو ومفصل)
(على ثقةٍ منا تَحِنُّ قلوبُنا ... إِلَيْك كَمَا كُنَّا أَبَاك نُؤمِّل)
(إِذا مَا رهِبنا من زمانٍ مُلِمةً ... فَلَيْسَ لنا إِلَّا عَلَيْك مُعوَّل)
وَوجه الْمهْدي نَصِيبا إِلَى الْيَمين فِي شِرَاء إبلٍ مهرِيَّة وَوجه مَعَه رجلا من الشِّيعَة وَكتب مَعَه إِلَى عَامله بِالْيمن بِعشْرين ألف دِينَار فَمد نصيب يَده فِي الدَّنَانِير يُنفقها وويشرب بهَا ويتزوج الجواريَ فَكتب الشيعيُّ يُخبرهُ إِلَى الْمهْدي فَأمره بِحمْلِهِ موثقًا فِي الْحَدِيد فَلَمَّا دخل على الْمهْدي أنْشدهُ
(تأوّبني ثِقل من الهَم مُوجَعُ ... فأرق عَيْني والخَلِيُّون هُجَّعُ)
(همومي توالَت لَو أطاف يسيرُها ... بسَلمَى لظلت صُمِّها تتصدع)(27/61)
(وَلكنهَا نِيطَتْ فناءَ بحملها ... جهيرُ المنايا حائن النَّفس مَجزَع)
(وعادت بِلَاد الله ظلماءَ حِندساً ... فخِلتُ دُجى ظلمائها لَا تَقشَع)
مِنْهَا
(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلم أجد ... سِواك مُجيراً يُدني ويَمنَعُ)
(تلمستُ هَل من شَافِع لي فَلم أجد ... سوى رحمةٍ أعطاكها الله تشفَع)
(لَئِن جلّتِ الأجرام منّي وأفظعَت ... لَعَفوُك من جُرمي أجلُّ وأوسع)
(لَئِن لم تَسَعني يَا ابْن عَم محمدٍ ... فَمَا عجزَت مني وسائلُ أَربع)
(طُبِعتَ عَلَيْهَا صِبغةً ثمَّ لم تزل ... على صَالح الْأَخْلَاق وَالدّين تُطبَع)
(تَغابيك عَن ذِي الذَّنب ترجو صلاحَه ... وَأَنت ترى مَا كَانَ يَأْتِي ويَصنع)
)
(وعفوك عمَّن لَو تكون جَزيتَه ... لطارت بِهِ فِي الجو نكباءُ زَعزع)
(وإنَّك لَا تنفك تُنعِش عاثراً ... وَلم تعترضه حِين يكبو ويخمَع)
(وحلمك عَن ذِي الْجَهْل من بعدِ مَا جرى ... بِهِ عَنَقٌ من طائش الْجَهْل أشنع)
(ففيهنّ لي إِمَّا شفَعن منافعٌ ... وَفِي الْأَرْبَع الأُولى إلَيْهِنَّ أفزع)
(مُناصحتي بِالْفِعْلِ إِن كنتَ نَائِبا ... إِذا كَانَ دانٍ مِنْك بالْقَوْل يخدَع)
(وثانيةٌ ظَنِّي بك الْخَيْر عَادَة ... وَإِن قلتَ عبدٌ ظاهرُ الغِشّ مُشبَع)
(وثالثة إِنِّي على مَا هوِيتَه ... وَإِن كثَّر الأداءُ فيَّ وشنّعوا)
(ورابعة إِنِّي إِلَيْك يسوقني ... ولائي تولاك الَّذِي لَا يُضيَّع)
وَإِنِّي لمولاك الَّذِي إِن حَفِيتَه أَتَى مستكينا خاضعا يتضرّع فَقطع عَلَيْهِ الْمهْدي الإنشاد ثمَّ قَالَ لَهُ وَمن أعتقك يَا ابْن السَّوْدَاء فَأَوْمأ بِيَدِهِ إِلَى الْهَادِي وَقَالَ الْأَمِير يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ الْمهْدي لمُوسَى أأعتقتَه يَا بني قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأمْضى الْمهْدي ذَلِك وَأمر بحديده فَفُكّ عَنهُ وخلع عَلَيْهِ عدَّة من الْخلْع الْخَزّ والوَشي والسواد وَالْبَيَاض وَوَصله بألفيّ دينارٍ وَأمر لَهُ بِجَارِيَة يُقَال لَهَا جعفرة جميلَة فائقة من روُقة الرَّقِيق فَقَالَ لَهُ سالمٌ قيم دَار الرَّقِيق لَهَا أدفعها إِلَيْك أَو تُعطيني ألف درهمٍ فَقَالَ قصيدته
(أأذنَ الحيّ فانصاعوا بتَرحالِ ... فهاج بَينهم شوقي وبلبالي)
وَقَامَ بهَا بَين يَدي الْمهْدي فَلَمَّا قَالَ
(مَا زلتَ تبذلُ لي الأموالَ مُجْتَهدا ... حَتَّى لأصبحتُ ذَا أهلٍ وَذَا مَال)
(زوجتَني يَا ابْن خيرِ النَّاس جَارِيَة ... مَا كَانَ أمثالُها يهدى لأمثالي)(27/62)
(زوجتَني بَضَّةً بيضاءَ ناعمةً ... كَأَنَّهَا درّةٌ فِي كف لالِ)
(حَتَّى توهمتُ أَن اللهَ عجلها ... يَا ابْن الخلائف لي من خير أَعمال)
(فَسَأَلَنِي سالمٌ ألفا فقلتُ لَهُ ... أَنى لِيَ الألفُ يَا قبِّحتَ مِن سَالَ)
(هَيْهَات ألفك إِلَّا أَن أجيء بهَا ... من فضل مولى لطيفِ المنّ مفضال)
فَأمر لَهُ الْمهْدي بِأَلف دِينَار ولسالمٍ بِأَلف دِرْهَم ومرّ نصيب بِبَاب الْفضل بن يحيى فَرَأى الشُّعَرَاء واقفين فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ قَالَ مَا لَقينَا من جُود فضل بن يحيى جعل النَّاس كلَّهم شعراء
النصيبي جمَاعَة مِنْهُم كَمَال الدّين الْمسند أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن النصير كَاتب الحُكم عَليّ بن)
مُحَمَّد بن غَالب
(نصيب)
3 - (نُصَير الرَّازِيّ النَّحْوِيّ)
نُصير بن أبي نُصيرٍ الرَّازِيّ ذكره الْأَزْهَرِي فِي مُقَدّمَة كِتَابه وَقَالَ كَانَ عَلامَة نحوياً جَالس الكسائيَّ وَأخذ عَنهُ النَّحْو وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَله مؤلفات حِسانٌ سَمعهَا مِنْهُ أَبُو الهَيثَم الرَّازِيّ وَرَوَاهَا عَنهُ بهَراة فَمَا وَقع فِي كتابي هَذَا لَهُ فَهُوَ مِمَّا استفاده أَصْحَابنَا من أبي الْهَيْثَم فأفادونا عَنهُ وَكَانَ نصير صَدُوق اللهجة كثير الْأَدَب وَقد رأى الْأَصْمَعِي وَأَبا زيد وَسمع مِنْهُمَا وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والمائتين وَكَانَ من أَئِمَّة الْقُرَّاء الْمَشْهُورين وَله مُصَنف فِي رسم المُصحف
(نصير)
3 - (رَأس النُصيرية)
نصير مولى عَليّ بن أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعَلي بن أبي طَالب أَنْت إلهٌ فَأَبْعَده وَحَرقه بالنَّار فَقَالَ لَو لم تكن إلاهاً مَا عذّبتَ بالنَّار وَإِلَيْهِ تُنسب الْفرْقَة الْمَعْرُوفَة بالنصيرية والنصيرية والإسحاقية فرقتان متقابلتان فِي الْمَذْهَب مِنْهُم من أطلق أَن عليا جُزْءا إلاهياً وَفِي أَوْلَاده وَمِنْهُم من قَالَ كَانَ شَرِيكا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَن النصيرية أقربُ إِلَى تَقْرِير الْجُزْء الإلهي والإسحاقية أميلُ إِلَى القَوْل بالاشتراك فِي النّبوة وَقَالُوا ظُهُور الروحاني بالجسد الجسماني أمرٌ مَعْقُول أما فِي جَانب الْخَيْر كظهور جِبْرِيل بِبَعْض الأشخاصٍ كالتصور بِصُورَة أَعْرَابِي وَأما فِي جَانب الشَّرّ كظهور الْجِنّ فِي صُورَة الْبشر حَتَّى يتَكَلَّم بِلِسَانِهِ فَإِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول إِن الله تَعَالَى صوره بِصُورَة اشخاص وَلما لم يكن بعد رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضلُ من عَليّ وَأَوْلَاده ظهر الْحق سُبْحَانَهُ بصورهم ونطق بلسانهم فعَن هَذَا(27/63)
أطلقنا اسْم الإلهية عَلَيْهِم قَالُوا وَإِنَّمَا اخْتصَّ هَذَا دون غَيرهم لِأَنَّهُ أيد من اله تَعَالَى بِمَا يتَعَلَّق بباطن الاسرار قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أحكم بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر يَعْنِي أَنه فوض السرائر إِلَى عَليّ قَالُوا وَعَن هَذَا كَانَ قتال الْمُشْركين إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لظُهُور شِركهم وَكَانَ قتال الْمُنَافِقين إِلَى عَليّ لكتمان أَمرهم قَالُوا وَعَن هَذَا قَالَ النَّبِي لعَلي تَشْبِيها لَهُ بِعِيسَى بن مَرْيَم لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس فِيك مَا قَالُوا فِي عِيسَى بن مَرْيَم لَقلت فِيك)
مقَالا وَالَّذين اثبتوا لَهُ شركا فِي الرسَالَة قَالُوا قَالَ عَليّ فِيكُم من يُقَاتل على تَأْوِيل كَمَا قاتلتُ على تَنْزِيل أَي على وحيٍّ وَقَالَ أَنا من أحمدَ كالضوء من الضَّوْء وَهَذَا بدل على نوع شركَة وَالْجَوَاب عَن جَمِيع مَا ذَكرُوهُ يظْهر بِأول وهلةٍ لمن لَهُ أدنى فهمٍ ومُسكة من عقل
3 - (النصير ابْن عرير الأديب)
النَصير بِفَتْح النُّون ابْن عرير الأديب كتب عَنهُ أَبُو محمدٍ عبد الله بن أَحْمد بن الخشاب شَيْئا من شعره وَمِنْه قَوْله
(مبتكرُ الْمَعْنى لَهُ رُتبةٌ ... وَبعده من يفهم المُبتكرْ)
(وثالثٌ اما هُدىً يهتَدي ... ورابعٌ لَا يَهْتَدِي كالحُمُر)
3 - (الحَمامي)
النَصير بِفَتْح النُّون بن أَحْمد بن عَليّ المناوِي الحَمَامي أَخْبرنِي الْحَافِظ العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور أديباً بِمصْر كَيَّسُ الْأَخْلَاق يتحرف باكتراء الحمامات وأسن وَضعف عَن ذَلِك وَكَانَ يستجدي بالشعر وكتبتُ عَنهُ قَدِيما وحديثاً وأنشدني أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَنْشدني النصير الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(لَا تَفُه مَا حَيِيتَ إِلَّا بخيرٍ ... ليكونَ الجوابُ خيرا لَديكَا)
(قد سمعتَ الصَّدَى وَذَاكَ جَمادٌ ... كل شيءٍ تَقول رَدَّ عليكا)
قلت قَوْله فِي الصدى إِنَّه جماد فِيهِ نَظَرٌ لأنَّ الصَدَى هُوَ الصَّوْت الْعَائِد عَلَيْك عِنْدَمَا يقرع صوتُك مَا يقابلك من حائطٍ أَو غَيره وَلَكِن يُمكن أَن يُتمحَّلَ لَهُ وجهٌ وَهُوَ ضَعِيف والنصير أَخذ هَذَا من قَول ابْن سَناءِ المُلك
(بَان عَلَيْهَا الذُّلَّ مِن بعدِهِم ... وَزَاد حَتَّى كَاد أَن لَا يَبين)
(فَإِن تَقُل أينَ الَّذين اغتدوا ... يقُل صَداها لَك أَيْن الَّذين)
وَأَخذه ابْن سيناء الْملك من القَاضِي نَاصح الأرَّجاني حَيْثُ قَالَ(27/64)
(سَأَلَ الصَدى عَنهُ وأصغَى للصَدَى ... كَيْمَا يُجيبَ فَقَالَ مِثلَ مقالِهِ)
(ناداه أَيْن تُرَى مَحطَّ رِحالِه ... فَأجَاب أَيْن تُرى محطَّ رِحالِهِ)
وأنشدني أثير الدّين لنصير الْمَذْكُور ايضاً)
(أَقُول للكأسِ إِذْ تَبَدَّت ... فِي كفِّ أحوى أعَّنَ أحوَرْ)
(خرَّبتَ بَيْتِي وبيتَ غَيْرِي ... وأصلُ ذَا كعبُكَ المدَوَّر)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(إِن الغزالَ الَّذِي هام الفؤادُ بِهِ ... استأنسَ اليومَ عِنْدِي بعد مَا نَفَرَا)
(أَظهرتُها ظاهرياتٍ وَقد رَبَضَتْ ... فِيهَا الأُسودُ رَآهَا الظبيُ فانكسرا)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(قَالُوا افتضحتَ بحبه ... فأجبتُ لي فِي ذَا اعتذارُ)
(من لي بكتمان الهَوَى ... وبخدّه نَمَّ العِذار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(مَا زَالَ يَسقيني زُلالَ رُضابِه ... لمّا خَفِيتُ ضَنىً وذُبتُ تَوَقُّدا)
(ويَظنُّني حيّاً رَوِيتُ بريقه ... فإّذا دَعا قلبِي يجاوبُه الصدا)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(مَاذَا يَضرك لَو سمحتَ بزَورةٍ ... وشَفَعتَها بمكارم الأخلاقِ)
(ورَدعتَ نفسَك حِين تمنعُك اللقا ... وَتقول هَذَا آخر العُشَّاق)
وأنشدني من لَفظه القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم ابْن شَيخنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ النصير الحَمَّامي بقلعة الْجَبَل
(لي مَنزِلٌ معروفُهُ ... يَنهَلُّ غَيثا كالسُحُبْ)
(أقبل ذَا العُذرِ بِهِ ... وأُكرِمَ الجارُ الجُنُب)
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(رأيتُ فَتى يَقُول بشَطِّ مصر ... على دَرَجِ بَدَت والبعضُ غارِق)
(مَتى غطّى لنا الدَرَجَ استقمنا ... فَقلت نَعَم وتنصَلِح الدقائِق)
قلت فِي قَوْله الدقائق هُنَا نظرٌ وَقد ذكرت فَسَاد التورية فِي كتابي المسمَّى فضّ الخِتام عَن التورية والاستخدام وأنشدني القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ(27/65)
(ومُذْ لَزِمتُ الحمّامَ صِرتُ فَتى ... خِلاًّ يُداري مَن لَا يداريه)
)
(أعرِفُ حَرَّ الأشيا وباردَها ... وآخُذُ الماءَ من مَجاريه)
قلت لما كتب أَبُو الْحُسَيْن الجزار إِلَى نصير الحمامي
(حُسنُ التأتي مِمَّا يُعين على ... رِزِق الْفَتى والحُظوظ تختلفُ)
(والعبدُ مُذ كَانَ فِي جِزارته ... يعرف من أينَ تُوكَل الكَتف)
كتب النصير الحمامي إِلَيْهِ الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورين أَولا وأنشدني الْحَافِظ الشَّيْخ فتح الدّين بن مُحَمَّد بن سيّد النَّاس قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ
(رأيتُ شخصا آكِلٌ كِرشةً ... وهُو أَخُو ذوقٍ وَفِيه فِطَن)
(وَقَالَ مَا زِلتُ مُحباً لَهَا ... قلت من الْإِيمَان حُبُّ الوَطَنُ)
وَقَالَ النصير يَوْمًا للسِراج الْوراق قد عَمِلتُ قصيدةً فِي الصاحب تَاج الدّين وأشتهى أَنَكَّ تُزَهرِه لَهَا وتشكُرها وسَيرها إِلَى الصاحب فَلَمَّا اُنشِدَت بِحَضْرَة السِراج قَالَ السراجُ بعد مَا فُرِغَ مِنْهَا
(شاقني للنصير شِعرٌ بَديعٌ ... ولِمثلي فِي الشّعْر نَقدٌ بصيرُ)
(ثمَّ لمّا سَمِعتُ بِاسْمِك فِيهِ ... قلتُ نَعمَ المَولى ونِعمَ النصير)
فَأمر الصاحب لَهُ بِدَرَاهِم وسيرها إِلَيْهِ وَقَالَ قل لَهُ هَذِه مِائَتَا درهمٍ صَنجَةً فَلَمَّا أدّى الرَّسُول الرسَالَة قَالَ النصيرُ قبِّل الأرضَ بَين يَدي مَوْلَانَا الصاحب وقُل يسألُ إحسانَك وصدقاتِك أَن تكونَ عَادَة فلمّا سمع ذَلِك الصاحب أعجبه وَقَالَ يكون ذَلِك عَادَة وَكتب النصير إِلَى السِّراج يتشوق
(وكدّرتَ حمامي بغيبتك الَّتِي ... تكدَّرَ من لذاتها صَفوُ مشرَبي)
(فَمَا كَانَ صَدرُ الحَوض مُنشرِحاً بهَا ... وَلَا كَانَ قلبُ المَاء فِيهَا بِطيِّب)
وَكتب أَيْضا يَسْتَدْعِي إِلَى حمامه
(من الرَّأْي عِنْدِي أَن تواصِلَ خَلوَةً ... لَهَا كَبِدٌ حَرَّى وفَيضُ عيونِ)
(تُراعي نجوماً فِيك من حَرّ قَلبهَا ... وتبكي بدَمعي فارحٍ وحزين)
(غَدا قلبُها صَباً عَلَيْك وأنتَ إِن ... تأخرتَ أضحى فِي حِياضِ مَنُون)
وَكتب نَاصِر الدّين حسن بن النَّقِيب الفُقّيسي إِلَى النصير وَقد حصل لَهُ رَمَدٌ
(يَقُولُونَ لي عين النصير تألمت ... ولازمه فِي جَفنه الحَكُّ والأكلُ)(27/66)
)
(فَقلت أعينُ الرأسِ أم عين غيرِه ... فَلِلعُلوِّ شيءٌ لَا يُداوَى بِهِ السُفل)
(فَقَالُوا بلِ الْعين الَّتِي تَحت صُلبه ... فَقلت لَهَا التشييفُ عِنْدِي والكحل)
(ومِيلٌ بِمَاء الرِّيق يَبتلُّ سُفلُه ... فَيدْخل سهلاً غيرَ صَعبٍ ويَنسَل)
(وأغسِلها بالبَيضِ واللبَن الَّذِي ... عليَّ بتقطيري لَهُ يجبُ الغَسل)
(فَإِن شَاءَ وافيتُ الأديبَ مُداوياً ... وَلم أشتغل عَنهُ وَإِن كَانَ لي شُغل)
فَكتب النصير الْجَواب عَن ذَلِك
(أيا مَن لَهُ فِي الطبّ علمُ مباشرٍ ... وَمَا كلُّ ذِي قولٍ لَهُ القَوْل والفعلُ)
(أتيتَ بِطبٍّ قد حوى البيعَ والشِرى ... يبيِّن لي فِي ذَلِك الخَرج والدَخل)
(وَإِن كَانَ ذَا سهلاً بطبّك إِنَّه ... بِسقميَ صَعبٌ لَيْسَ هَذَا بِهِ سَهل)
(فَلَا عدِم الْمَمْلُوك مِنْك مداوياً ... وَمَا زَالَ للْمولى على عَبده الْفضل)
وَكتب إِلَيْهِ النَّقِيب أَيْضا وَهُوَ بِقُرْبِهِ وَفِي خُطه
(رَغبتُ فِي كَسبِ أَجرٍ ... وَفِي اغتنام مَثوبهْ)
(وَهَان مَا كَانَ فِيهِ ... من السَّراحِ صَعوبهْ)
(ولستُ فِي أرضِ شامٍ ... ولستُ فِي أرضِ نوبه)
(وبيننا رَميُ سَهمٍ ... غَلِطتُ بل رَجمُ طُوبه)
فَكتب النصير الْجَواب عَن ذَلِك
(رُحماك يَا خيرَ مَولى ... فَفِي العِتاب عُقوبَه)
(وَأَنت إِن زِدت عَتبا ... يَغدو غُلامُك قُوبَه)
(والعبدُ مَا زَالَ يهوَى ... لَا بل يحب الرُطوبه)
(تموز فكرك والعَبدُ ... فكرُه فِيك طُوبَه)
وَمن شعر النصير دوبيت
(فِي وَجهك للجمال والحُسن فنون ... فِي طَرفك للسحر فُتورٌ وفُتون)
(إنِّي أسلو هَواكَ يَا مَن باتت ... عَيناهُ تَقول للهَوى كُن فَيكون)
وَمِنْه
(إِن عجل النوروز قبل الوفا ... عجَّل للعالَم صَفعَ القَفا)
)
(فقد كفى من دَمعِهم مَا جَرى ... وَمَا جرى من نَيلِهِم مَا كَفى)
أَنْشدني إجَازَة العلامةُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ(27/67)
(إنّي لأكرَهُ فِي الْأَنَام ثَلَاثَة ... مَا إِن لَهَا فِي عَدّها مِن زائدِ)
(قُربَ الْبَخِيل وجاهلاً متعاقلاً ... لَا يستحي وتودُّداً من حَاسِد)
(وَمن البليَّة والرَزِية أَن تَرَى ... هذي الثلاثةَ جُمِعَت فِي وَاحِد)
وَكتب النصير إِلَى السِراج الْوراق من أَبْيَات
(كنتُ مثل الغَزال وَالله يَكْفِي ... صِرتُ فِي وَجهه إِذا جئتُ كلبَا)
(ولعَمري لَا ذَنبَ لي غير أَنِّي ... تُبتُ لله ظَنّ ذَلِك ذَنبا)
(وَهُوَ لَو جاءَني وَقد تُبتُ حَتَّى ... يَبْتَغِي حَاجَة فلَن أتأبَّى)
فَكتب الْوراق الْجَواب وَمِنْه
(وأتى الطَّبيُ مُرسلاً مِنْك فاستغ ... ربتُ لمّا دَعوتَ نَفسَك كَلْبا)
(ولَكَم جئتَ عادياً خلفَهُ تلهثُ ... عَدواً للصَّيْد بُعداً وقُربا)
(غير أَنِّي نظرتُ عينَ صَفيِّ الدّين ... كَادَت أَن تشرب الظبيَ شُربا)
(فاترِك التَّوْبَة الَّتِي قد رَآهَا ... لَك وِزراً كَمَا زَعمتَ وذَنبا)
(واجتهد فِي رِضَاهُ عَنْك وقَرِّب ... كلَّ نَأي المدَى تَنَل مِنْهُ قُربا)
(فلَكَم رُضتَ جامحاً فِي تراضيه ... وذلَّلتَ بالسَفارة صَعبا)
وَكتب إِلَى السراج أَيْضا مُلغِزاً فِي نون
(مَا اسمٌ ثلاثيٌ يُرى وَاحِدًا ... وَقد يُعّدُّ اثْنَيْنِ مكتوبُه)
(يظهَر لي من بَعضه كُله ... إِذْ كل حَرفٍ مِنْهُ مقلوبُه)
(أضِف ثَمَانِينَ إِلَى ستةٍ ... إِن شئتَ لَا يَعدوك محسوبُه)
(اطلبُهُ فِي البرِّ وَفِي البَحر ... لَا فَاتَ حِجَى مولايَ مطلوبُه)
فَكتب الْجَواب الْوراق
(يَا سالبَ الألبابِ من سحره ... بمُعجزٍ أعجزَ أُسلوبُه)
(ألغزتَ اسمٍ وَهُوَ حرفٌ وَقد ... يَخفى علينا مِنْك محجوبُه)
(وَهُوَ اسمُ أُنثى مُرضِعٍ طِفلُها ... غيرُ لِبانِ النَّاس مشروبُه)
)
(مطَّرِدٌ منعكِسٌ شكلُه ... سِيانَ فِي الْعين ومقلوبُه)
فَقلت قَول النصير أَضِف ثَمَانِينَ إِلَى سِتَّة وَهمٌ مِنْهُ لِأَن النونينِ بِمِائَة وَالْوَاو بِسِتَّة فَيكون مائَة وَسِتَّة(27/68)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق ملغزا فِي سَيلٍ
(أيا من لَهُ ذِهنٌ لَدَى الْفِكر لَا يخبو ... وَمن لم يزل يحنو وَمن لم يزل يحبو)
(قصدتُ سِراجَ الدّين فِي ليلِ فكرة ... يكَاد جوادُ العقلِ فِي سُبُلِها يكبو)
(أَرْشدنِي شَيْئا بِهِ يُدرك المُنى ... لَهُ قلبُ صبٍّ كم فؤادٍ بِهِ صَب)
(إِذا رِكبَ البيداءَ يُخشى ويُتقَّى ... وَلم يَثنِه طَعنٌ وَلم يَثنِه ضَرب)
(بقلبٍ يهُدُّ الصخر يومَ لقائِه ... وَمن أعجبِ الْأَشْيَاء لَيْسَ لَهُ قلب)
فَأجَاب السراج عَن ذَلِك
(أَرَاك نصيرَ الدّين عذبتَ خاطري ... وَقد راق لي من لُغزِك المنهلُ العذبُ)
(وأثبتَّ قلباً مِنْهُ ثمَّ نَفَيتَه ... وأعرفه صَباً وهام لَهُ قلب)
(وأعرِفُ مِنْهُ أعيُناً لَا يَحُفّها ... جُفونٌ كعاداتِ الجفون وَلَا هُدب)
(وَمن وَصفه صبٌّ كَمَا أنتَ واصفٌ ... صَدَقتَ ولولاه لما عُرِف الحُب)
(فدُونَك مَا ألغزتَه لي مُبَيِّناً ... وَذَلِكَ مَا يَحْتَاجهُ العُجمُ والعُرب)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا
(أَتَى فَصلُ الخريف عليَّ جِداً ... بأمراضٍ لَواعِجُها شِدادُ)
(وأعذِرُ عائدي إِن لم يعُدني ... ورُبَّ مريضِ قومٍ لَا يُعاد)
فَأجَاب الْوراق عَن ذَلِك
(خلائقك الربيعُ فَلَيْسَ تَخشَى ... خَرِيفًا فِي الجسوم لَهُ اعتِيادُ)
(وَلَا وَالله لم أعلَمكَ إلاَّ ... صَحِيحا والصحيحُ فَمَا يُعَاد)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا
(أَيهَا المحسنُ الَّذِي وَهَبَ اللّ ... هُـ تَعَالَى الحُسنَى لَهُ وزِيادَه)
(ضَاعَ مَا كَانَ من وُصولات وَصلي ... فتصدّق بكتبها لي مُعادَه)
(ايْنَ تِلْكَ الطروسُ نظماً ونَثراً ... مِنْك تَأتي على سَبِيل الإفادهْ)
)
(كل طِرس يُجلى عَروساً بِدُر ال ... قولِ كَم مِن عِقدٍ وَكم من قِلادَه)
(كَانَ عَيشي إِذا أَتَانِي رسولٌ ... مِنْك يُحيي خِلاًّ أمتَّ وِدادَه)
(شهِد اللهُ لَيْسَ لي غيرُ ذِكرا ... ك وَإِلَّا خرِستُ عِنْد الشهادَه)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لم يغِب عَن سوادِ عَيْني حبيبٌ ... حَلَّ من قلبِي المشوقِ سوادَه)(27/69)
(فَكَأَنِّي وَلَا أَذُوق لَهُ رُز ... ءاً جريرٌ وَذَاكَ عِنْدِي سَوادَه)
(ذُو بيانٍ أدنى بلاغتِه تُن ... سيك قُساً وعصره وايادَه)
(جوهريُّ الألفاظِ كم قلد الأج ... يادَ عِقداً من نَظمِه وقِلادَه)
(فعُبيدٌ أدنى العبيدِ لَديه ... ولَبيدٌ عَن نظمِه ذُو بلادَه)
(ولأزجاله ابنُ قُزمانَ يَعنو ... ولتوشيحه يُقرُّ عُبادَه)
(فَاتَ دارَ الطرازِ مِنْهُ خِلالٌ ... لَو بهَا السعيدُ تَمَّتْ سَعادَه)
(يَا صديقي الَّذِي غَدا رَاغِبًا فِ ... يّ وللأصدقاء فيَّ زَهادَه)
(هجروني كأنَّني مُصحَفٌ أَو ... مسجِدٌ قد أُقيم أَو سجادَه)
(دُمتَ نِعمَ النصيرُ لي مَا تعنَّت ... ساجِعاتٌ على ذُرَى مَيَّادَه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق
(يَا أَيهَا المولَى السرا ... جُ وَمَا جدا أَعلَى مَنارَه)
(يَا من تَجاوزَ فضلُه ... حدَّ الْقيَاس أعلَى مَنارَه)
(يَا من يلوح بِوَجْهِهِ ... حُسنٌ لناظره نَضَارَه)
(يَا بدرَ تمٍّ كم عَليّ ... هـ غَدَت من الْفُضَلَاء دارَه)
(كم فِي الوَرى معنى ... تُثيرُ وَلم أقُل طَوراً وتارَه)
(وَإِذا مدَحناه فَمَا ... فِيهِ صِفاتٌ مستعارَه)
(لِمُبشرِي إِن زُرتَني ... بُشرى ويَحظى بالبِشارَه)
(يَا واعدي فِي السَبت هـ ... ذَا السبتُ جاءَ وشنَّ غارَه)
(متصدِّقاً زُرني فَذا ... يومُ التصدُّق والزيارَه)
فَكتب الْوراق الْجَواب)
(مولايَ يَا حُلوَ الخلا ... ئق والعِبارةِ والإشارَه)
(ومُنَمَّقاً فِي الطِرس رَو ... ضاً كَاد أَن يجريَ غَضارَه)
(قد كنتُ يَومَ السبت ذَا ... عَزمٍ على قصدِ الزيارَه)
(لَو لم تشُنَّ عليّ آ ... لامي كَفاك اللهُ غارَه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق مُلغِزاً فِي النَّار
(وَمَا اسمٌ ثلاثيٌّ بِهِ النَفعُ والضَّررْ ... لَهُ طَلعَةٌ تُغني عَن الشَّمْس وَالْقَمَر)
(وَلَيْسَ لَهُ وجهٌ وَلَيْسَ لَهُ قفاً ... وَلَيْسَ لَهُ سَمعٌ وَلَيْسَ لَهُ بَصَر)(27/70)
(يمد لِسَانا يختشي الرُمحُ بأسَه ... ويَسخَرُ يومَ الضَّرْب بالصارِمِ الذّكر)
(يَمُوت إِذا مَا قمتَ تسقيه قَاصِدا ... وأعجبُ مِن ذَا أَن ذَاك من الشَجَر)
(أيا سامعَ الأبياتِ دُونك شَرحُها ... وَإِلَّا فنَم عَنْهَا ونبِّه لَهَا عُمَر)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(أَرَاك نصيرَ الدّين ألغزتَ فِي الَّذِي ... يُعيد لمسكِ الليلِ كافورةَ السَحَر)
(رأى معشَرٌ أَن يَعشَقوها دِيانَةً ... وتاللهِ لَا تُبقي عَلَيْهِم وَلَا تَذَر)
(وكلٌ على قلبٍ لَهُم ران اسمُها ... فمسكَنُهم مِنْهَا ومأواهم سَقَر)
(وَقد وصفوا الحسناءَ فِي بَهجةٍ بهَا ... كَمَا وصفوا الحسناءَ بالشمس والقمرَ)
(وَلَو لم تكن مَا طَابَ خُبزٌ لآكلٍ ... وَلَا لَذَّ ماءٌ فِي حماكَ لمن عَبَر)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي ديكٍ
(أيا من لدَيهِ غامضُ الشّعْر يُكشَفُ ... ومَن بدرهُ بَادِي السَّنا لَيْسَ يُكسَفُ)
(عساك هُدّىً لي إِنَّنِي الْيَوْم ذاهلٌ ... عَن الرُشد فِيمَا قد أرى متوقِّف)
(أرى اسْما لَهُ فِي الخافقَين ترفُّعٌ ... أَخا يَقظَةٍ ذِكراً وَلَا يتعفَّف)
(رأيتُ بِهِ الأشياءَ تبدو وضِدُّها ... فكاد لهَذَا الْأَمر لَا يتكيَّف)
(فعرَّفه ذُو السّمع وَهُوَ منكَّرٌ ... ونَكّره ذُو اللُّبِّ وَهُوَ معرَّف)
(فجاوِب لأحظى بالجوابِ فَإِنَّهُ ... إِذا جاوبَ الْمولى العبيدَ يشرِّف)
فَكتب الْوراق الْجَواب عَن ذَلِك
(إِلَيْك نصير الدينِ مني إجابةٌ ... بهَا أُوضحُ الْمَعْنى الخفيَّ وأكشِفُ)
)
(رَأَيْتُك قد ألغزتَ لي فِي متوَّجٍ ... بِتِذكاره أَسماعُنا تتشنف)
(يُنَبِّهُ قوما للصلاةِ ومعشرٌ ... عِبادتُهم أسٌّ وكأسٌ وقَرقَف)
(لَهُ كَرَمٌ قد سَار عَنهُ وغَيرةٌ ... وعُرفٌ بِهِ من غيرِهِ ظلَّ يُعرَف)
(حَظِيٌّ ترَاهُ وادعاً فِي ضرائرِ ... يزيِنَه تاجٌ وبُردٌ مفوَّف)
(وَفِي قلبه كيد ولكنَّ صدرَه ... غَدا ضيِّقاً مثلي بذلك يُوصَف)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي نَعامةٍ
(ومُفردٍ جمعا يُرى ... بحذفِ بَعضِ الأحرُف)
(اسمٌ نَعى أكثرُه ... فَقَالَ باقِيه اكفُف)
(ترَاهُ يعدو مُسرعاً ... فِي بُرده المفوف)(27/71)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لَو قلتَ فِي من قد نُعِيَ ... مَاتَ لصدَّقتُك فِي)
(وكل باغٍ كَالَّذي ... يَبغي رهينُ التَلَف)
(ألغزتَ اسمِ طائرٍ ... فِي الأَرْض عنّا مَا خَفي)
(يَفحَصُ فافحص عَنهُ يَا ... ربَّ الْفُنُون تعرف)
(وَهُوَ لعَمري فِي السما ... ء يُقتفَى ويَقتفي)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق وَعِنْده أَحْمد الزجّال
(عندنَا من غَدا بحبك مُغرىً ... وَله فِيك عِشقةٌ وإغرامُ)
(موصلِليٌ يَهوَى المِلاحَ إِذا مَا ... جَاءَ صُبحُ اللِّحى وولّى الظلام)
(فَهُوَ لَا يبتهي عَن الشيب بالشي ... ب فَمَاذَا تَقول يُجدي المَلام)
(لَا يسلى مِنْهُ الفؤادُ نِدامٌ ... عَن حبيب وَلَو تغنَّى الْحمام)
(لَو تبدّى لِعينه ابنُ ثَمَانِي ... ن غَدا وَهُوَ عاشقٌ مستهام)
(يَستَبِينهِ من العيونَ بَياضٌ ... وَمن الألعَس الِشفاه ابتسام)
(قِرَّ عَيناً وطِب فَديتُك نفسا ... عِنْده أَنْت أَنْت بَدرٌ تَمام)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(حبذا مِن بَنَات فكرِك عَذرا ... ء لَهَا من فتيقِ مِسكٍ خِتامُ)
)
(خِلتُ ميمَ الرويّ فاها وَقد ضَاقَ ... وَمن ذَاق قَالَ فِيهِ مُداد)
(وَلها من عُقُود لفظِك ... حَليٌ لم يَجز مثل دُرِّه النظَّام)
(أذكرَت بالشبابِ عَيْشًا خليعاً ... نَبتُ فَودَيهِ بعد آسٍ ثُمام)
(كَيفَ لَا كَيفَ لَا وَلم أرَ صَعباً ... قطّ يَأْبَى الإ وَأَنت زِمَام)
(وَمِمَّا فِيك من تأت ولطف ... أَنا شَيخٌ للموصليّ غُلام)
(فهوَ نعمَ المولَى ونَعمَ النصيرُ ال ... مرتَضى أَنْت صاحباً وَالسَّلَام)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغِزاً فِي كُنافة
(يَا وَاحِدًا فِي عصره بمصرِه ... وَمن لَهُ حسن السَّناء والسَنا)
(تعرف ليّ اسْما فِيهِ ذوقٌ وذكا ... حُلو المُّحّيَّا والجَنانِ والجَنى)
(والحلّ وَالْعقد لَهُ فِي دَسته ... ويجلِس الصَدرَ وَفِي الصدرِ المُنى)
(إِن قيل يَوْمًا لذاك كنيةٌ ... فقُل لَهُم لم يخلُ ذَاك من كُنَى)(27/72)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لَبيك يَا نَعمَ النصيرُ وَالَّذِي ... أدنَتْ بِهِ المُنيةُ لي كلَّ المُنى)
(عرفتَني الاسمَ الَّذِي عرفتَه ... وَكَاد يَخفَى سِرُّه لَوْلَا الكنى)
(لَهُ من الحُور الحِسان طَلعةٌ ... تُقابِلُ المِرآةَ مِنْهَا الأحسَنا)
(وخِدنُه بعض اسْمه طيرٌ غَدا ... أصدقَ شيءٍ إِن بلوتَ الألسُنا)
(وَهُوَ لسانٌ كُله وَبعد ذَا ... تَنظُره عِنْد الْكَلَام ألكنا)
(وَفِي خِوانِ المجدِ كَانَ مألفَي ... عِنْد الصيامِ ربِّ فاجمَع بَيْننَا)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق مَعَ ظروف يَقطين فِي فردٍ
(يَا من لِدفعِ الرَّدَى غَدا جُنَّه ... وَمن لَهُ فِي قبُولهَا المِنَّهْ)
(هَديةٌ فِي الْإِنَاء يتبعُها ... خيرُ نَبيٍّ وَهَكَذَا السُّنَّه)
(وَإِذا بدا ظَرفُها بغِلظَته ... يوَدُّ فتحُ الأديبِ لَو أنَّه)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(يَا من غَدا لي من العِدَى جُنّه ... وَمن بِحمَّامه لنا جَنّة)
(جَاءَ بهَا الفَردُ وَهُوَ مُمتلىءٌ ... مِلءَ فؤادِ الحُماة بالكِنَّه)
)
(وكلُّ ظَرفٍ مِنْهَا بَنَوه على ال ... فتح فحقِّق فِي حُبه ظِنَّه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق
(رُبَّ راوٍ عَن النبيّ حَدِيثا ... مُسْندًا شافِياً كلَاما فصيحاً)
(قَالَ النبيّ قولا صَحِيحا ... قلتُ قَالَ النبيّ قولا صَحِيحا)
(وفهمتُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ... وَسمعت الَّذِي رَوَاهُ صَرِيحًا)
(قَالَ لِيَ يَا أديبُ أَنْت فقيهٌ ... قلتُ لَا قَالَ حُزتَ ذِهناً مليحا)
فَأجَاب الْوراق
(إنَّ فِعلاً جعلتَه أَنْت قولا ... لَيْسَ فِيهِ يحْتَاج مِنْك وضوحا)
(فابنِ مِنْهُ مُضارِعاً يظهَرُ الخا ... فِي ويَبدُ الَّذِي كتبتَ صَرِيحًا)
(وتراه يَبْدُو لعينيك معتل ... اوقد قلتَ فِيهِ قولا صَحِيحا)
(وَهوَ فِعلٌ لم تأتِهِ أَنْت يَا شي ... طانُ فافهَم مَقَالَتي تَلْوِيحًا)
وَقَالَ النصير يصِفُ حمّامَه
(حمَّامُ الأديبِ العارِف ... مَا يجْرِي وحالُ واقِف بهَا)(27/73)
بهَا اسطول وَمَا فِيهَا اسطالْ والما يتّزِن بالقَسطالْ
(والعُمال رأَيتو بَطالْ ... والإسكندراني ناشِف)
وَمَا ريت فِيهَا بَلانْ يسرِّح لَحَدْ بالإحسانْ
(والزَّبَّال يعرِّ القُوسانْ ... قَالَ والخاتِمَة يَصَّالِف)
دي دونَه وقيّمها دُونْ مبنيَّة على مَيِّهْ مَجنُونْ
(والما فِي المجارِي مَخزونْ ... والأنبُوب معوَّجْ تالِف)
وتابوت على فسيَّه قلتو مُت بالكُليّه
(خُذُوا من نَصِير الدِّيَّه ... وإلاَّ انثنينا نَتنَاصِف)
)
وَكتب النصير إِلَى السِّراج
(أهوَى رَشاً فِي مُهجتي مَرتَعُهُ ... أَفديه رَبيبْ)
(لَا بل قمراً فِي ناظري مَطلَعُه ... لم يَدرِ مَغِيبْ)
(حِقفٌ وهِلالٌ وغزالٌ وغُصنٌ ... إِن قَامَ وَإِن رنا وَإِن لَاحَ وَإِن)
(والمؤمنُ كِّيسٌ كَمَا قيل فَطِنٌ ... قلبِي أبدا إِلَى مُحيّاه يَحِنّ)
(مَا أبعدّهُ وَفِي الحشا موضِعُهُ ... نَا ئي وَقَرِيب)
(قد راق بِهِ شعري لمن يسمعهُ ... إِذْ كَانَ حبيب)
(يَا خَجلةَ غُصنِ البان لمّا خطرا ... يَا حَيرةَ بَدرِ التمّ لما سَفَرَا)
(يَا غَيرةَ ظَبْي الرمل لمّا نظرا ... يَا رُخص عوالي فتيق المسكِ لما نثَرا)
(من لؤلؤِ نَثرِه لمن يجمَعُهُ ... زاهٍ ورطيبْ)
(مَا أسعَدَ مَا أعيَى فِي تَصَنُّعِهِ ... عقدا لتريبْ)
(دَعني فحديثُ العِشقِ إفْك وَمِرا ... عِنْدِي إفْك الزَّمَان والحقَّ أرا)
(مَدحي لسِراجِ الدّين نورُ الشعرا ... وَالْكَاتِب عِنْد الأُمرا والوزرا)
(كم فِيهِ فضيلةٌ غَدت تَرفعُهُ ... عَن قَدرِ أَديبْ)
(الله بِمَا قد حازه ينفعُهُ ... وَالله مُجيب)
(مَعنى شِعرٍ وفَاق مَغنىً كرما ... تَلقاهُ إِذا نَحوتَهُ فِي العلما)(27/74)
(المفرَد فِي زَمَانه والعلما ... كُن ممتثلاً مرسومَه إِن رَسَما)
(فالفضلُ إِلَيْهِ كلُّهُ مَرجِعُهُ ... والرأي مُصِيبْ)
(لَوْلَا عُمر الْفضل عفَت أربَعَه ... أَو كَانَ غريبْ)
(بالفَرع غَدَت فِي شَفَقِ الخدّين ... كالبَدرِ يَلوح نورهُ للعين)
(لمياءُ رَمَاهَا هاجريٌّ بالبين ... عنته وَقد فارقَها يَوْمَيْنِ)
(قد غَابَ ولّي يَوْمَيْنِ مَا أقشَعَهُ ... خَلّوه يَغيبْ)
(لَو رَاح إِلَى نجدٍ أَنا أتبَعُهْ ... حَتَّى لَو أُصيبْ)
فَأَجَابَهُ
(البدرُ على غُصْن النَقا مطلَعُه ... من فوقِ كثيبْ)
)
(مِن طَرفي والقَلبِ لَهُ مَوضِعُه ... يَبدو ويَغيبْ)
(إنسانُ جُفوني ظلّ فِي الدَّمع غريق ... وَالْقلب بنارِ البُعد والصَدّ حريق)
(مَن يُطفيها مَن بسُكرِ الرح بريق ... والدُّرُّ بثغرٍ راق لَمعاً وبَريق)
(من يمنَحُه المِسواك لَا يمنعهُ ... ظمآن كئيب)
(أَبلاه بِمَا يَخفَى بِهِ مَوضِعُهُ ... عَن جَسِّ طَبِيب)
(من فَترةِ جفنِهِ أثار الفِتنَا ... واستَلَّ بهَا مِن الجُفون الوَسَنا)
(إِن مَاس وَإِن أَسْفر أَو عَنَّ لنا ... كالغُصنِ وكالبدرِ وكالظَّبي رَنا)
(دَع وَصفي فالحسنُ لَهُ أجمعُه ... مِن غيرِ ضَريبْ)
(وانظُر مُلحاً أضعافَ مَا تَسمَعُهُ ... من كُلِّ لبيبْ)
(لم أنسَ وسُكري بَين كاس ورُضاب ... مِن فيهِ وشكي بَين ثَغرٍ وحَباب)
(والليلُ كَمَا شابَ على أَثرِ شباب ... والجو لنا رَقّ كَمَا رَقّ عِتاب)
(لَا بل غَزلُ النصيرِ إِذْ مَوقِعُه ... مِن كُل لَبِيب)
(كالماءِ من الظَمأنِ إِذْ يَكرَعُهُ ... فِي قّيظِ أبيبْ)
(شَيخُ الأدباءِ شَرقِها والغربِ ... مِن كلِّ عروضٍ يمتطى أَو ضَربِ)
(أَو وصف مقَام لَذَّة أَو حَرْب ... كم هز معاطف القنا والقضب)
(بالجَزلِ من اللفظِ الَّذِي يُبدِعُه ... من كلّ غَرِيب)
(قد سَلَّمَ فِي الشّعْر لَهُ أشجَعُهُ ... والشيخُ حَبيبْ)
(هَذَا وَإِذا جَدَّدَ خَلعاً لِعذار ... فِي وَصفِ رَشيقِ القَّدِّ أَو ذاتِ سِوار)
(أذكى لَك مِنْهُ الشَجَرُ الأخضرُ نَار ... كم قَد فُتِنَت وَجداً بِه ذاتُ سِوار)(27/75)
(ألقته وَقَالَت أنَّى ترَاهَا مَعَه ... تَأخُذُ بنصيبْ)
(مني وَإِذا زَوجي أَتَى نصفَعُهُ ... لَو كَانَ شبيبْ)
قلت كَذَا نَقله من خطّ السِّراج الْوراق قولُه ذَات سِوار مرَّتَيْنِ وَالصَّوَاب أَن تكون الأولى أَو ذَات خِمار ولعلّه كَذَا قَالَه فَإِن السراج مَا كَانَ يُؤْتى من جَهل وَإِنَّمَا سبقُ الأقلامِ لَا يُنكَرُ وعَلى كل حالٍ فَخَرجةُ النصير أدخَل وَأحلى وأحرّ
3 - (الأُدفُوي نَصيرٌ الأُدفوي)
)
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر لم أجد بأدفو من يعرف اسْم أَبِيه وَكَانَ أديباً شَاعِرًا يَنظِم الشّعْر وَغير ذَلِك وَكَانَ فِي أَوَائِل الْمِائَة السَّادِسَة وَأَظنهُ مَاتَ بعد الْخمسين وسِتمِائَة قَالَ وأنشدني لَهُ وَالِدي رَحمَه الله فِي خولي بِالْبَلَدِ يُقَال لَهُ كُستبان
(أَبى كستبان الرجل أَن يحمل الظرفا ... لقد عَدِم الحُسنى كَمَا عَدِم الظرفا)
(يسمونه الخولي وَهُوَ مصحَّفٌ ... أَلا إته الحولي الَّذِي يَأْكُل الحَلفا)
وَمن نظمه هَذَا الموشح يَا طلعةَ الْهِلَالِي هَلا لي فِي الْحبّ منتظر يَا غَايَة الآمال أما لي من الْهوى مفَر
(أما لدايَ راقٍ من راقٍ ... قدرا على الأنامْ)
(زُهيَ بِحسن السَّاق والساقي ... من رِيقه المدام)
(بِهِ فُؤَادِي بَاقِي وَالْبَاقِي ... فِي لُجة الغَرام)
وسُبتُ والخلاّقِ أخلاقي بِالصبرِ إِذْ هجر فلذّ للمذّاق مذاقي فِي حُبّه السَّهرْ
(هَل من فَتى يسْعَى فِي إسعافي ... بالقُرب من رَشا)
(إِن مَال بالأرداف أردى فِي ... قلبِي مَعَ الحشا)
(مكمّل الْأَوْصَاف أوصى فِي ... قَتْلِي وأدهشا)
عَقْلِي وحكمو الجافي الجافي رُكوبه الغَرر فكم من الْإِسْرَاف أسرى فِي كفَّيه من خَطَر
(أزرى الجبينُ الحالي بِالْحَال ... ممَّن قد اعتدَى)
(إِذْ فاق بالكمالِ كَمَا لي ... أَشْقَى وأنكدا)(27/76)
(من ابْنة الدَّوالي دوالي ... قلبِي من الرَّدى)
ومذ بذلتُ مَالِي أَو مَالِي باللحظ إِذْ نظر وَقَالَ إِذْ ألوى لي للوالي نرفَع لَهُ الْخَبَر
(يَا غصنَ بانٍ مائل يَا مائل ... عنّي لشِقوَتي)
(وارثي لدمعي السَّائِل يَا سَائل ... عَن حَالي قصَّتي)
(وَلَا تطيع العاذل يَا عاذل ... وارفقْ بمهجتي)
وَإِن تزُرني قَابل أفوز بالنَّظر كي ينجلي يَا فَاضل الْفَاضِل من حَالَة الغِيَر
(يَا مُنْتَهى آمالي آمالي ... فِي الحبّ من مُجير)
(إرثي لجسمي الْبَالِي يَا بالي ... وارحَم فَتى أَسِير)
)
(فقد بذلتُ الغالي يَا غالي ... فِي الْقدر يَا أميرْ)
وفيك قد ألْقى لي يَا قالي هِجرانك الضرَر وقطعتَ أوصالي يَا صالي بقتلي سَقَر
(إِن جُزتَ بَين السِّرب فسِر بِي ... عَن حَيّهم قَلِيل)
(ومِل بهم وعُج بِي ... فعُجني قلبِي بهم الْقَتِيل)
(وقِف بهم يَا صحبي وصِح بِي ... إبكو على الْقَتِيل)
وَإِن تقضى نَحبي فنُح بِي فِي السَّهل والوعَر وانزِل بهم والُف بِي والطُف بِي فِي البدورِ والحضرِ
(لم أنسَ إِذْ غناني ... أغناني واليلُ قد هدا)
(وَقَالَ إِذْ حياني أحياني ... روحي لَك الفِدا)
(واهتزّ بالأردان أرداني ... إِذْ قَامَ مُنشِدا)
وطائر الأفنان أفناني إِذْ ناح فِي السَّحر وهاتِفُ الآذان آذَانِي إِذْ نبَّه البَشَرْ
(الألقاب)
النصير كَاتب الحُكم اسْمه مُحَمَّد بن غالبٍ ابْن نصير المغربي أَحْمد بن إِبْرَاهِيم نصير الدّين الطوسي الخواجا اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن
(نضار)
3 - (بنت أبي حَيَّان)
نُضار بنت مُحَمَّد بن يُوسُف هِيَ ابْنة الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان تقدم ذكر والدها فِي المحمدين وَكَانَ والدها يُثني عَلَيْهَا ثَنَاء كثيرا وَكَانَت تكْتب(27/77)
وتقرأ قَالَ لي والدها رحمهمَا اللع تَعَالَى إِنَّهَا خرجت جُزْء حديثٍ لنَفسهَا وَإِنَّهَا تعرُب جيدا وَأَظنهُ قَالَ إِنَّهَا تنظِم الشّعْر وَكَانَ يَقُول لَيْت أخاها حيانَ كَانَ مثلهَا وَتوفيت رحمهمَا الله تَعَالَى فِي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِي حَيَاة والدها فَوجدَ عَلَيْهَا وَجداً عَظِيما وَلم يثبُت وطلع إِلَى السُّلْطَان وَسَأَلَهُ أَن يدفِنها فِي بَيته بالبَرقية دَاخل الْقَاهِرَة فَأمر لَهُ بذلك وَانْقطع عِنْد قبرها سنة ولازمه وَبَلغنِي خبر وفاتها وَأَنا برحبة مَالك بن طوق فكتبتُ إِلَيْهِ بقصيدة أَولهَا
(بكينا باللُّجين على نُضارٍ ... فسَيلُ الدمع فِي الْخَدين جارِ)
(فياللهِ جَارِيَة تولَّتْ ... فنَبكيها بأدمُعنا الْجَوَارِي)
(النَّضر)
3 - (النَّضر النَّحْوِيّ)
النَّضر بن شمَيل بن خّرّشّة بن يزِيد بن كلثومٍ أَبُو الْحسن التَّمِيمِي الْمَازِني النَّحْوِيّ الْبَصْرِيّ كَانَ عَالما بفنون من الْعلم صَدُوقًا ثِقَة صَاحب غَرِيب وَفقه وَشعر وَمَعْرِفَة بأيام الْعَرَب وَرِوَايَة الحَدِيث وَهُوَ من أَصْحَاب الْخَلِيل بن أَحْمد ضَاقَتْ الْمَعيشَة عَلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ فَخرج يُرِيد خُرَاسَان فشَيَّعَه من أهل الْبَصْرَة ثَلَاث آلَاف رجل مَا فيهم إلاّ مُحدث أَو نحوي أَو لُغوي أَو عَروضي أَو أخباري فَلَمَّا صَار بالمِربَد جلس وَقَالَ يَا أهل الْبَصْرَة وَالله يَعِز عليَ فراقُكم وَلَو وجدتُ كلَّ يَوْم كَيلَجةَ باقِلاء مَا فارقتُكم وَلم يكن فيهم من يتَكَلَّف لَهُ ذَلِك قلت هَذِه الْقَضِيَّة تشبه قَضِيَّة عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي لما خرج من بَغْدَاد إِلَى مصر وَهِي مَذْكُورَة فِي تَرْجَمته وَسَار النَضر حَتَّى وصل خُرَاسَان فَأفَاد بهَا مَالا عَظِيما وَكَانَ مقَامه بمروَ وَسمع النَّضر من هِشام بن عُروة وَإِسْمَاعِيل بن أبي خالدٍ وحُميدٍ الطَّوِيل وَعبد الله بن عونٍ وَهِشَام بن حسان وَغَيرهم من التَّابِعين وروى عَنهُ يحيى بن مَعين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وكل من أدْركهُ من أَئِمَّة عصره وَله مَعَ الْمَأْمُون حكايات ونوادر لِأَنَّهُ كَانَ يجالسه وَأمر لَهُ فِي وَقت بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وَتُوفِّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ بِمَدِينَة مرو وَله من الْكتب)
كتاب الْأَجْنَاس على مِثَال الْغَرِيب وَسَماهُ كتاب الصِّفَات الْجُزْء الأول مِنْهُ يحتوي على خلق الْإِنْسَان والجُود وَالْكَرم وصفات النِّسَاء والجزء الثَّانِي مِنْهُ يحتوي على الْبيُوت والأخبية وَصفَة الْجبَال والشِّعاب والجزء الثَّالِث مِنْهُ يحتوي على الْإِبِل فَقَط والجزء الرَّابِع مِنْهُ يحتوي على الْغنم وَالطير وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار والألبان والكَمأة والآبار والحياض والأرشية والدَّلاء وَصفَة الْخمر والجزء الْخَامِس مِنْهُ يحتوي على الزَّرْع والكَرم وَالْعِنَب وَأَسْمَاء البُقول وَالْأَشْجَار والرياح والسحاب والأمطار وَكتاب السِّلَاح(27/78)
وَكتاب خلق الْفرس وَكتاب الأنواء وَكتاب الْمعَانِي وَكتاب غَرِيب الحَدِيث وَكتاب المصادر وَكتاب الْمدْخل إِلَى كتاب الْعين وَغير ذَلِك وَقد وثق النَّضرّ غير وَاحِد قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة صَاحب سنة لم يكن فِي أَصْحَاب الْخَلِيل من يدانيه وَقَالَ الْعَبَّاس كَانَ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة والْحَدِيث وَهُوَ أول من أظهر السّنة بمرو وَجَمِيع خُرَاسَان وَولي قَضَاء مَرو قَالَ لَا يجد الرجل لّذّةَ الْعلم حَتَّى يجوع وينسى جُوعَه وروى للنضر بن شُمَيْل الْجَمَاعَة كلهم
3 - (أَبُو مَالك التَّمِيمِي الْأَعْرَج)
النَّضر بن أبي النَّضر أَبُو مَالك التَّمِيمِي مولده ومَنشأه بالبادية ثمَّ إِنَّه وَفد إِلَى الرشيد ومدحه وخدمه فَمَا أبعده وَأحمد مذْهبه ولحِقته عنايةٌ من الْفضل بن يحيى فَبلغ مَا أحبّ وَهُوَ صَالح الشّعْر متوسط الْمَذْهَب لَيْسَ من طبقَة شعراء عصره المجيدين وَلَا من المرذولين وَكَانَ أعرج أصَاب قومٌ من عشيرته الطريقَ وَقَطعُوا على بعض القوافل فَخرج عَامل ديار مُضَر إِلَى نَاحيَة كَانَت فِيهَا طوائف من بني تَمِيم فقصدهم وهم غارّون فَأخذ مِنْهُم جمَاعَة فيهم أَبُو النَّضر وَكَانَ ذَا مَال فطالبه فِي من طَالبه من الجُناة وطمع فِي مَاله فَضَربهُ ضربا أَتَى على نَفسه وَبلغ ذَلِك أَبَا مَالك فَقَالَ يرثيه
(فيمَ يَلحَى على بُكائي العَذولُ ... وَالَّذِي نابني فظيعٌ جليلُ)
(عَدِّ هَذَا الملام عنّي إِلَى غي ... ري فقلبي ببَثِّه مَشْغُول)
(أَيهَا الفاجعي بعزِّي ورُكني ... هَبَلَتني إِن لم أرعُك الهبول)
(سُمتَني خُطَّه الصغار وأظلم ... تَ نهاري على غالتك غول)
(يَا أَبَا النَّضر سَوف أبكيك مَا عِش ... تُ سويَّا وَذَاكَ مني قَلِيل)
(حملت نَعشَك الْمَلَائِكَة الْأَب ... رارُ إِذْ مالَنا إِلَيْك سَبِيل)
)
(غير أَنِّي كذبتُك الودَّ لم تق ... طُر جفوني دَماً وَأَنت قَتِيل)
(رضيت مقلتي بإرسال دَمعي ... وعَلى مثلك النفوسُ تسيل)
وَمن شعره
(بكيتُ حذارَ الْبَين عِلماً بِمَا الَّذِي ... إِلَيْهِ فُؤَادِي عِنْد ذَلِك صائرُ)
(وَقَالَ أناسٌ لَو صبرتَ وإنني ... على كل شَيْء مَا خلا الْبَين صابر)
3 - (أَبُو الْأسود)
النَّضرُ بن عبد الْجَبَّار بن نَضيرٍ أَبُو الْأسود الْمرَادِي مَوْلَاهُم(27/79)
الْمصْرِيّ الْكَاتِب كَاتب ابْن لَهِيعة قَاضِي مصر قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي بِمصْر سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو صَالح الرِّوَايَة)
النَّضر بن حَديد أَبُو صَالح أحد أَصْحَاب الْأَخْبَار وَالرِّوَايَة للآثار والأشعار رَآهُ ثَعْلَب وَأثْنى عَلَيْهِ وَلم يروِ عَنهُ وَله كتاب الْأَمْثَال قَالَ إِسْحَاق الْموصِلِي كتبت إِلَى ابي صَالح النَّضر وَقد جفاني وَكَانَ يُولع بعمران الْمُؤَدب ويسميه عُمران وَكَانَ أَحمَق طيبا
(جفانا أَبُو صَالح بعد مَا ... أَقَامَ زَمَانا لنا واصلاَ)
(يَرُوح وَيَغْدُو بألواحه ... إِلَى الْبَاب مسترسداً سَائِلًا)
(فَلَمَّا ترأس فِي نَفسه ... وَلَيْسَ لذَلِك مُستأهِلا)
(تَبَتَّل عَنَّا فَلم يأتِنا ... وَمَا كنتُ أحسِبه فَاعِلا)
(فَصَارَ كعمران فِي جَهله ... وَمَا كَانَ مستضعَفاً جَاهِلا)
فَكتب إِلَيْهِ النَّضر مجيباً
(بخلتَ فأعقبتَ الجفاءَ وَإِنَّمَا ... يُواخي من الفتيان كل فَتى سَمحِ)
(تقوم إِذا جِئْنَا ونمضي لنوبةٍ ... كَأَنَّك بَرقٌ بسبق اللحظ باللمح)
(وَمَا زِلتَ فِي يُمنى يديَّ نفاسة ... ووصلاً إِلَى أَن صرتَ للهجر والطَرح)
(ولستَ بسمح لَا وَلَا فِي أرُومه ... وَلَكِن مطبوعاً على الْبُخْل والشُّحّ)
وَكَانَ النَّضر صديقا للمعتصم أَيَّام الْحسن بن سَهل والمعتصم إِذْ ذَاك كَرجل من بني هَاشم فَلَمَّا علا فِي أمره فِي أَيَّام الْمَأْمُون جفاه وحجبه فَقَالَ النَّضر)
(تصغَّر أَبَا إسحاقَ فِي الْإِذْن إِنَّنِي ... رأيتُك تجفوني وَأَنت كبيرُ)
(قد أغْنى إِلَه النَّاس طُراً بفضله ... فتركُك لي خَطبٌ على يسير)
(إِذا مَا أتيت البابَ لم أر آذَانا ... ضَحوكاً وَلَا مَن بِالسَّلَامِ يُشير)
فبلغت أبياتُه المعتصم فَدَعَاهُ وَوَصله وَاعْتذر إِلَيْهِ وَأمر أَن لَا يُحجب عَنهُ
3 - (أَبُو سَلَمة اللّغَوِيّ)
النَّضر بن سلمةَ بن عبد الله أَبُو سَلمَة النَّيْسَابُورِي اللّغَوِيّ التَّمِيمِي سمع أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ وروى كتاب الْمغرب عَن عبد الله بن مخلد وسَمعه مِنْهُ النَّاس روى عَنهُ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل الْحَنَفِيّ وَمُحَمّد بن عبدِ الله ذكره الْحَاكِم وروى عَن(27/80)
أبي سهل عَنهُ بَنو النَّضر جمَاعَة بالصعيد مِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
(نَضلة)
3 - (أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ)
نَضْلَة بن عُبيد بن الْحَارِث أَبُو بزْرَة الْأَسْلَمِيّ غلبت عَلَيْهِ كنيتُه واختلِف فِي اسْمه فَقيل نَضْلَة بن عبد الله بن الْحَارِث وَقيل عبد الله بن نَضْلَة وَقيل سَلمَة بن عبيد وَالصَّحِيح الأول أسلم قَدِيما وَشهد فتح مَكَّة ثمَّ تحوَّل إِلَى الْبَصْرَة وَوَلدهَا ثمَّ غزا خُرَاسَان وَمَات بهَا أَيَّام يزِيد بن مُعَاوِيَة أَو فِي آخر خلَافَة مُعَاوِيَة قَالَ الْأَزْرَق بن قيسٍ رأيتُ أَبَا بزْرَة الْأَسْلَمِيّ رجلا مربوعاً آدم ورويَ عَن أبي بزْرَة أَنه قَالَ أَنا قتلتُ ابْن خطل وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة روى عَنهُ أَبُو الْعَالِيَة وَأَبُو المِنهال وَأَبُو الوضيء وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الفِفاري)
نَضْلَة بن عمرٍو العغفاري لَهُ صُحْبَة كَانَ يسكن الْبَادِيَة فِي نَاحيَة العَرج روى عَنهُ ابْنه مَعنٌ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمُؤمن يَأْكُل فِي مِعى واحدٍ وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاءٍ لم يرو عَنهُ غير ابْنه معن وروى هَذَا اللَّفْظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جماعةٌ
3 - (الحِرمازي)
نضلةُ بن طريف بن بُهصل الحِرمازي ثمَّ الْمَازِني روى قصةَ الْأَعْشَى أعشى بني مازنٍ مَعَ إمرأته فُدومَه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإنشاد الرجز الْمَذْكُور وَهُوَ خيرٌ)
مُضْطَرب الْإِسْنَاد وَلكنه رُوي من وجوهٍ كَثِيرَة
(نضير)
3 - (القُرشي الصَّحَابِيّ)
نُضير بن الْحَارِث بن عَلقَمة من مُسلِمة الْفَتْح وَمن حلماء قريشٍ أعطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة من الْإِبِل من غَنَائِم حُنين يتألَّفُه فتوقف فِي أَخذهَا وَقَالَ لَا أرتشي على الْإِسْلَام توفّي سنة خمس عشرةَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل إِنَّه كَانَ من الْمُهَاجِرين وصحّح ذَلِك ابْن عبد البرّ وَكَانَ يكنى أَبَا الْحَارِث وَأَبوهُ الْحَارِث يُعرف بالرهين وَمن وَلَده مُحَمَّد بن الْمُرْتَفع بن نُضير بن الْحَارِث وَكَانَ للنضير من الْأَوْلَاد عَليّ وَنَافِع والمرتفع وَكَانَ النَّضِير يُكثر الشُّكْر لله على مَا منّ عَلَيْهِ من الْإِسْلَام وَلم يمت على مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَخُوهُ وآباؤه وَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ الْجِهَاد والنفقةُ فِي سَبِيل الله فَهَاجَرَ إِلَى(27/81)
الْمَدِينَة وَلم يزل بهَا إِلَى أَن خرج إِلَى الشَّام غازياً وَحضر اليرموك وَقتل بهَا شَهِيدا
(الألقاب)
أَبُو النَّضِير الشَّاعِر اسْمه عمر بن عبد الْملك
نطاحة الْكَاتِب اسْمه أَحْمد بن إِسْمَاعِيل
النطنزي أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن النطروني الْمَالِكِي اسْمه عبد الْمُنعم بن عبد الْعَزِيز
ابْن نطيلا الْكَاتِب مكي بن عبد المحسن نظام الْملك الوزبر هُوَ الْحسن بن عَليّ
النظام الْمصْرِيّ جِبْرِيل بن نَاصِر
النظام المعتزلي إِبْرَاهِيم بن سيار
(النُّعْمَان)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
النُّعْمَان بن عبد عَمْرو بن مَسْعُود بن عبد الْأَشْهَل بن حَارِثَة بن دِينَار ابنِ النجار شهد بَدْرًا مَعَ أَخِيه وقُتِل النُّعْمَان شَهِيدا يَوْم أُحُدٍ
(النُّعْمَان)
3 - (البَلَويُّ)
النُّعْمَان بن عَصَر بن الرّبيع بن الْحَارِث بن أديمٍ البَلَوي شهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا وقُتِل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
(نُعَيمان)
النُّعْمَان بن عَمْرو بن رفاعةَ بن سوادٍ الْأنْصَارِيّ وَيُقَال لَهُ نعميان شهد العَقَبةَ الْأَخِيرَة وَهُوَ من السّبْعين وَشهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْوَاقِدِيّ بَقِي نعيمان حَتَّى توفّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة قَالَ ابْن عبد البرّ أَظُنهُ صَاحب أبي بكرٍ وسُوَبيط وَأَظنهُ الَّذِي جُلد فِي الْخمر أَكثر من خمس مرارٍ قلت هُوَ صَاحب الحكايات الظريفة والنوادر مِنْهَا أَن أَبَا بكر خرج تَاجِرًا إِلَى بصرى وَمَعَهُ نعيمان وسوبيط بن حَرملة وَكِلَاهُمَا بَدريٌّ وسوبيط على الزَّاد فَقَالَ لَهُ نعيمان أطعِمني فَقَالَ لَا حَتَّى تَأتي أَبُو بكر فَقَالَ لأغيظنَّك وَذهب إِلَى أنَاس حلبوا ظهرا فَقَالَ ابتاعوا مني غُلاماً عَرَبيا فارهاً وَهُوَ ذُو لِسَان وَلَعَلَّه يَقُول أَنا حُرّ فَإِن كُنْتُم تاركيه لذَلِك فدعُوني لَا تفسِدوا عليّ غلامي قَالُوا نبتاعه مِنْك بِعشر قَلَائِص فَأقبل بهَا يَسُوقهَا وَأَقْبل بالقوم حَتَّى عقلهَا ثمَّ قَالَ دونكم هُوَ هَذَا فَقَالَ(27/82)
الْقَوْم قد اشتريناك فَقَالَ هوكاذب أَنا رجل حرّ فَقَالُوا قد أخبِرنا خبرَك وطرحوا الْحَبل فِي عُنُقه وذهبوا بِهِ فجَاء أَبُو بكر وَأخْبر الْخَبَر فَذهب هُوَ وَأَصْحَابه وردوا القلائص وأخذوه وَلما حكى هَذَا الْخَبَر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحك هُوَ وَأَصْحَابه عَن ذَلِك حولا وَعَن ربيعَة بن عُثْمَان قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل الْمَسْجِد وأناخ نَاقَته بفنائه فَقَالَ بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنعيمان لَو نحرتَها فأكلناها فَإنَّا قد قرمنا إِلَى اللَّحْم ويغرَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمنَها قَالَ فنحرها نعيمان ثمَّ خرج الْأَعرَابِي فَرَأى رَاحِلَته فصاح واعُقراه يَا مُحَمَّد فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ من فعل هَذَا قَالُوا النعيمان)
فَأتبعهُ يسْأَل عَنهُ فَوَجَدَهُ فِي دَار ضُباعة بني الزبير بن عبد الْمطلب قد اختفى فِي خَنْدَق وَجعل عَلَيْهِ الجريدَ والسَّعف فَأَشَارَ إِلَيْهِ رجل وَرفع صَوته مَا رَأَيْته يَا رَسُول الله فَأَشَارَ بإصبعه حَيْثُ هُوَ فَأخْرجهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد تغير وَجهه بالسعف الَّذِي سقط عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا حملك على مَا صنعت قَالَ الَّذين دلوك عليّ يَا رَسُول الله هم الَّذين أمروني قَالَ فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسَح عَن وَجهه ويضحك ثمَّ غرِمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل كَانَ مخرمةُ بنُ نَوْفَل بن وهبٍ الزُّهْرِيّ شَيخا كَبِيرا أعمى بِالْمَدِينَةِ بلغ مائَة وخمسَ عشرةَ سنة فَقَامَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِد يُرِيد أَن يَبُول فصاح بِهِ النَّاس فَأَتَاهُ نعيمان فَتنحّى بِهِ نَاحيَة من الْمَسْجِد ثمَّ قَالَ لَهُ اجْلِسْ هَهُنَا لإأجلسه وَتَركه يَبُول فَبَال فصاح بِهِ النَّاس فَلَمَّا فرغ قَالَ من جَاءَ بِي وَيحكم هَذَا الْموضع قَالُوا نعيمان بن عَمْرو فَقَالَ فعل الله بِهِ وَفعل أما إِن لله عليّ إِن ظَفرت بِهِ أَن أضربه بعَصايَ هَذِه ضَرْبَة تبلغ مِنْهُ مَا بلغَتْ فَمَكثَ مَا شَاءَ الله حَتَّى نَسيَ ذَلِك مخرمَة ثمَّ أَتَاهُ يَوْمًا وَعُثْمَان قَائِم يُصَلِّي فِي نَاحيَة من الْمَسْجِد وَكَانَ عُثْمَان إِذا صلّى لَا يلتفتُ فَقَالَ لَهُ هَل لَك فِي نعيمان قَالَ نعم أَيْن هُوَ دُلَّني عَلَيْهِ فَأتى بِهِ حَتَّى أرقفه على عُثْمَان فَقَالَ دونَكَها فَجمع مخرمَة يَدَيْهِ بعصاه وَضرب عُثْمَان فشجّه فَقيل لَهُ إِنَّمَا ضربتَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَسمِعت بذلك بَنو زهرَة فَاجْتمعُوا لذَلِك فَقَالَ عُثْمَان دعوا نعيمان لعن الله نعيمان فقد شهد بَدْرًا وَقيل إِنَّه كَانَ يُصِيب الشَّرَاب وَكَانَ يُؤتى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيضربه بنعله وَيَأْمُر أَصْحَابه فَيَضْرِبُونَهُ بنعالهم ويُحثون عَلَيْهِ التُّرَاب فَلَمَّا أَكثر ذَلِك مِنْهُ قَالَ لَهُ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعنك الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفعل فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله وَكَانَ نعيمان لَا يدْخل الْمَدِينَة رسل وَلَا طرفه إِلَّا اشْترى مِنْهَا ثمَّ جَاءَ بِهِ إِلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا أهديتُه لَك فَإِذا جَاءَ أَصْحَابه يطْلبُونَ ثمنه من نعيمان جَاءَ بهم إللا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أَعطِ هَؤُلَاءِ ثمن هَذَا فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوَ لم تُهدِ لي فَيَقُول يَا رَسُول الله لم يكن عِنْدِي ثمنه وأحببتُ أَن تَأْكُله فيضحك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَأْمُر لأَصْحَابه بِثمنِهِ وَقَالَ ابْن عبد الْبر كَانَ لَهُ ابْن قد انهمك فِي شرب الْخمر فجلده رَسُول الله صلى اللهُ عليهِ وَسلم فِيهَا أَربع مرّات فلعنه رجل كَانَ عِنْد(27/83)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلعَنه)
فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله وَفِي جلد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه فِي الْخمر أَربع مراتٍ نَسخٌ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن شربهَا الرابعةَ فَاقْتُلُوهُ
3 - (الْعَدوي)
النُّعْمَان بن عديِّ بن نضلةَ وَيُقَال ابْن نُضيلة بن عبد العُزَّى الْقرشِي الْعَدوي كَانَ من مهاجَرة الْحَبَشَة هَاجر إِلَيْهَا هُوَ وَأَبوهُ عدي فَمَاتَ عديٌّ هُنَاكَ وَورثه ابْنه النُّعْمَان هُنَاكَ وَكَانَ النُّعْمَان أوّلَ وارثٍ فِي الْإِسْلَام وَكَانَ أَبوهُ عدي أوّلَ موروثٍ فِي الْإِسْلَام ثمَّ إِن عمرَ رَضِي الله عَنهُ ولّى على الْخُرُوج مَعَه إِلَى مَيسان فَأَبت عَلَيْهِ فَقَالَ النُّعْمَان
(فَمن مُبلغ الْحَسْنَاء أَن حليلَها ... بمَيسانَ يُسقَى فِي زجاج وحَنتَمِ)
(إِذا شئتُ غنتني دهاقين قَرْيَة ... وصَناجةٌ تحدو على كل مِسَم)
(إِذا كنتَ نَدماني فَبِالْأَكْبَرِ اسْقِنِي ... وَلَا تَسْقِنِي بِالْأَصْغَرِ المتلثم)
(لَعَلَّ أميرَ الْمُؤمنِينَ يسوءهُ ... تنادُمنا الْجَوْسَقِ الْمُتَهَدِّم)
فَبلغ ذَلِك عمر فَكتب إِلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حم تَنزيلُ الكِتابِ منَ اللهِ العَزيزِ العَليمِ
غافرِ الذنبِ وقابلِ التَّوبِ شَديدِ العِقَابِ ذِي الطَّول الْآيَة أما بعد فقد بَلغنِي قَوْلك لَعَلَّ أَمِير الْمُؤمنِينَ يسوءُه وأيم الله لقجد سَاءَنِي ذَلِك وعزله فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ سَأَلَهُ فَقَالَ وَالله مَا كَانَ من هَذَا شَيْء وَمَا كَانَ إِلَّا فضلُ شعرٍ وجدته وَمَا شربتها قطّ فَقَالَ عمر أَظن ذَلِك وَلَكِن لَا تعمَل لي على عملٍ أبدا فَنزل الْبَصْرَة فَلم يزل يَغْزُو مَعَ الْمُسلمين حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله
3 - (المُزَني)
النُعمان بن مُقرِّن بن عَائِد الْمُزنِيّ أَبُو حَكِيم صَاحب لِوَاء مُزَينة يَوْم الْفَتْح هَاجر وَمَعَهُ سَبْعَة إخْوَة لَهُ عجل شيخ فلطم خَادِمًا فَقَالَ لَهُ سُويد بن مقرن اعجز عَلَيْك إِلَّا حر وَجههَا لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة من بني مقرن مَا لنا من خادمٌ إِلَّا واحدةٌ فلطمها أصغرُنا فأمرَنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نعتِقها وَرُوِيَ عَن النُّعْمَان أَنه قَالَ قدِمنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرْبَعمِائَة من مزينة ثمَّ إِن النُّعْمَان سكن الْبَصْرَة ثمَّ تحول عَنْهَا إِلَى الْكُوفَة فوجهه سعدٌ إِلَى كَسكَر وَصَالح أهل زَندَوَرد وَقدم الْمَدِينَة بِفَتْح الْقَادِسِيَّة ورَد على عمر حِينَئِذٍ اجْتِمَاع أهل إصبهان وهمدان والرَّيّ وأذربيجان ونهاوند فأبلغه ذَلِك وشاور أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب ابْعَثْ إِلَى أهل الْكُوفَة فيُسير ثُلثُهم على)(27/84)
ذرارِيهم وَابعث إِلَى أهل الْبَصْرَة قَالَ فَمن أسْتَعْمل عَلَيْهِم أشر عليَّ قَالَ أَنْت أفضلُنا رَأيا وأعلمُنا قَالَ لأَستعملنَّ عَلَيْهِم رجلا يكون لَهَا فَخرج إِلَى الْمَسْجِد فَوجدَ النُّعْمَان بن مُقرن يُصَلِّي فسرّحه وَأمره وَكتب إِلَى أهل الْكُوفَة بذلك ورُوى أَنه كتب إِلَى النُّعْمَان ليسير بِثُلثي أهل الْكُوفَة وَيبْعَث إِلَى أهل الْبَصْرَة قَالَ إِن قُتل النُّعْمَان فحُذيفة فَإِن قُتل فجرير فَخرج النُعمان وَمَعَهُ حُذَيْفَة وَالزُّبَيْر ومغيرة بن شُعْبَة والأشعث بن قيس وَعبد الله بن عمر كلهم تَحت رايتة وَهُوَ أَمِير الْجَيْش فَفتح الله عَلَيْهِ إصبهان فَلَمَّا أَتَى نهاوند قَالَ النُّعْمَان يَا معشر الْمُسلمين شهدتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ لم يقاتِل أوَّل النَّهَار أخَّرَ الْقِتَال حَتَّى تَزُول الشَّمْس وتهب الرِّيَاح وَينزل النَّصْر اللَّهُمَّ ارزُق النُّعْمَان شَهَادَة تنصُر الْمُسلمين وَافْتَحْ عَلَيْهِم فأمَّنَ الْقَوْم وَقَالَ لَهُم إِنِّي أهُزّ اللِّوَاء ثَلَاث مَرَّات فَإِذا هززت الثَّالِثَة فاحملوا وَلَا يلوِ أحد على أحد فَإِن قُتل النُّعْمَان فَلَا يلوِ أحد على أحد فَلَمَّا هزَّ اللِّوَاء الثَّالِثَة حمل وَحمل النَّاس مَعَه وَكَانَ أول صريع وَأخذ حُذَيْفَة الرَّايَة فَفتح الله عَلَيْهِم وَكَانَ قتل النُّعْمَان يَوْم الْجُمُعَة سنة إِحْدَى وَعشْرين لِلْهِجْرَةِ وَلما جَاءَ نعيُّه إِلَى عمر بن الْخطاب خرج ونعاه إِلَى النَّاس يَوْم الْجُمُعَة ونعاه على الْمِنْبَر وَوضع يَده على رَأسه يبكي وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود إِن للْإيمَان بُيُوتًا وللنفاق بُيُوتًا وإنّ بَيت ابْن مقرن من بيُوت الْإِيمَان ورَوى عَن النُّعْمَان من الصَّحَابَة مَعقِل بن يسارٍ وَطَائِفَة من التَّابِعين مِنْهُم مُحَمَّد بن سيرينَ وَأَبُو خَالِد الْوَالِبِي وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الصَّحَابِيّ)
النُّعْمَان بن قوقل وَيُقَال ابْن ثَعْلَبَة وثعلبة يُدعى قوقلاً من حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرأيتَ إِن صلَّيتُ الخمسَ وأحللتُ الحَلالَ وأحرمتُ الْحَرَام أَأدْخل الْجنَّة قَالَ نعم وروى عَنهُ بِلَال بن يحيى
3 - (الصَّحَابِيّ)
النُّعْمَان بن مَالك بن ثَعْلَبَة شهد بَدْرًا وأحداً وقُتل يومَ أحدِ شَهِيدا قَتله صَفوان بن أُميَّة قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حِين خُرُوجه إِلَى أحد ومشاورته عبد الله بن أبي بن سلول وَلم يشاوره قبلهَا فَقَالَ النُّعْمَان واللهِ يَا رَسُول الله لأدخُلن الْجنَّة فَقَالَ لَهُ بِمَ فَقَالَ بِأَنِّي أشهد أنّ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَأَنَّك رَسُول الله وأ ي لَا أفر من الزَّحف فَقَالَ صَدقتَ)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
النُّعْمَان بن العَجلان الزُرَقي الْأنْصَارِيّ هُوَ الَّذِي خلف على خَوْلَة بنت قيس بن فَهد الْأَنْصَارِيَّة بعد قتل حَمْزَة بن عبد الْمطلب عَنْهَا والنعمان بن العجلان لِسَان(27/85)
الْأَنْصَار وشاعرهم يُقَال إِنَّه كَانَ رجلا أحمرَ قَصِيرا تزدريه الْعين وَهُوَ الْقَائِل
(فَقل لقريش نَحن أَصْحَاب مَكَّة ... وَيَوْم حنين والفوارس فِي بدرِ)
(وَأَصْحَاب أحدٍ وَالنضير وخَيبر ... وَنحن رَجعْنَا من قُرَيظة بالذِكر)
(وَيَوْم بِأَرْض الشَّام إِذْ قتل جَعْفَر ... وَزيد وَعبد الله فِي عَلَقٍ يجْرِي)
(وَفِي كل يَوْم يُنكِر الْكَلْب أهلَه ... نطاعن فِيهِ بالمثقفة السُّمر)
(ونضرب فِي يَوْم العَجاجة أرؤساً ... ببيضٍ كأمثال البُروق على الْكفْر)
(نصرنَا وَآوَيْنَا النبيَّ وَلم نخف ... صُروفَ اللَّيَالِي والعظيم من الْأَمر)
(وَقُلْنَا لقومٍ هَاجرُوا مَرحباً بكم ... وَأهلا وسهلاً قد أمنتم من الْفقر)
(نُقاسِمكم أموالَنا وديارَنا ... كقسمة إيسار الخَروف على الشّطْر)
(ونكفيكمُ الأمرَ الَّذِي تكرهونه ... وَكُنَّا أُنَاسًا نُذهب العُسرَ باليُسر)
(وَكَانَ خَطاءً مَا أَتَيْنَا وَأَنْتُم ... صَوَابا كأنا لَا كرِيش وَلَا نَبري)
(وقلتم حرامٌ نَصب سعدٍ ونصبكم ... عَتيق بن عُثْمَان خلال أَبَا بكر)
(وَأهل أَبُو بكرٍ لَهَا خيرُ قَائِم ... وإنّ عليّا كَانَ أخلقَ لِلْأَمْرِ)
(وَكَانَ هَوانا فِي عليٍّ وَإنَّهُ ... لأهلٌ لَهَا من حَيْثُ نَدْرِي وَلَا نَدْرِي)
(وَهَذَا بِحَمْد الله يشفي من العَمى ... ويفَتح آذَانا ثقُلنَ من الوِقر)
(نجى رَسُول الله فِي الْغَار وحدَه ... وصاحبُهُ الصّديق فِي سالف الدَّهْر)
(فلولا اتقاء الله لم تذهَبوا بهَا ... ولكنَ هَذَا الْخَيْر أجمعُ للصبر)
(وَلم يرضَ إِلَّا بِالرِّضَا ولربما ... ضربنا بِأَيْدِينَا إِلَى أَسْفَل القِدر)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
النُّعْمَان بن بشير بن سعد بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ وَأمه عَمرة بنت رَواحة أُخْت عبد الله بن رَوَاحَة ولد قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بثماني سِنِين وَقيل بستّ وَالْأول أصح لأنّ الْأَكْثَر على أَنه ولد هُوَ وَعبد الله بن الزبير عَام اثْنَتَيْنِ من الْهِجْرَة فِي ربيع الآخر على رَأس)
أَرْبَعَة عشر شهرا من مقدَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَهُوَ أوّلُ مولدٍ ولد للْأَنْصَار بعد الْهِجْرَة يكنى أَبَا عبد الله وَلَا يصحح بَعضهم سَمَاعَه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن عبد الْبر وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح لِأَن الشّعبِيّ يَقُول عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حديثين أَو ثَلَاثَة قَالَ أهدِيَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنبٌ من الطَّائِف فَقَالَ هَذَا العنقود فأبلِغه أمّك فأكلتُه قبل أَن ابلِغَها إِيَّاه فَلَمَّا كَانَ بعد ليالٍ قَالَ مَا فَعَل العنقود هَل بلغتَه قلت لَا فسماني غدر وَكَانَ النُّعْمَان(27/86)
أَمِيرا على الْكُوفَة لمعاوية تِسْعَة أشهر ثمَّ كَانَ أَمِيرا على حمص لمعاوية ثمَّ ليزِيد فَلَمَّا مَاتَ يزيدُ صَار زُبيرياً فخالفه أهل حمص فأخرجوه مِنْهَا واتبعوه فَقَتَلُوهُ سنة أَربع وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ احتزوا رَأسه غِيلةً بقرية من قرى حمص يُقَال لَهَا بِيرِين وَكَانَ قد ولي قَضَاء دمشق وَكَانَ كَرِيمًا جواداً شَاعِرًا يُروى أَن أعشى هَمدَان تعرّض ليزِيد بن مُعَاوِيَة فحرمه فمرّ بالنعمان بن بشيرٍ وَهُوَ على حمص فَقَالَ مَا عِنْدِي مَا أُعطيك وَلَكِن وَلَكِن معي عشْرين ألفا من أهل الْيمن فَإِن شِئْت سَأَلتهمْ فَقَالَ شئتُ فَصَعدَ النُّعْمَان بن بشير الْمِنْبَر وَاجْتمعَ إِلَيْهِ أَصْحَابه فحمِد الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر أعشى هَمدَان فَقَالَ إِن أَخَاكُم أعشى هَمدَان قد أضصابته حاجةٌ وَنزلت بِهِ حائجة وَقد عمَد إِلَيْكُم فَمَا تَرون قَالُوا دِينَار دِينَار قَالَ لَا وَلَكِن بَين اثْنَيْنِ دِينَار فَقَالُوا قد رَضِينَا فَقَالَ إِن شِئْتُم عجلتُها لَهُ من بَيت المَال من عطائكم وقاصصتكم إِذا خرجت عطايا كم فَقَالُوا نعم فَأعْطَاهُ عشرَة آلَاف دِينَار فقبضها الْأَعْشَى وَقَالَ
(وَلم أر للحاجات عِنْد التماسها ... كنُعمانَ نُعمان النَدَى بَين بشيرِ)
(إِذا قَالَ أَوفى بالمقال وَلم يكن ... ككاذبة الأقوام حَبل غُرور)
(فلولا أَخُو الْأَنْصَار كنتُ كنازلٍ ... ثَوى مَا ثَوى لم يَنْقَلِب بنقير)
(مَتى أكفر النُّعْمَان لم أكُ شاكرا ... وَلَا خير فِي من لم يكن بشَكور)
والنعمان بن بشير هُوَ الْقَائِل
(وَإِنِّي لأعطي المَال مَن لَيْسَ سَائِلًا ... وأُدرِكُ للْمولى المُعاند بالظُلم)
(وَإِنِّي مَتى مَا يَلقني صَارِمًا لَهُ ... فَمَا بَيْننَا عِنْد الشدائد من صُرم)
(فَلَا تعد ذَا الْمولى شريكَك فِي الْغنى ... وَلَكِن مَا الْمولى شريكُك فِي العُدم)
(وَإِذا مَت ذُو الْقُرْبَى إِلَيْك برِحمه ... وغشَّك وَاسْتغْنى فَلَيْسَ بِذِي رِحم)
)
(وَلَكِن ذَا الْقُرْبَى الَّذِي يستحقُّه ... أذاكَ ومَن يَرْمِي الْعَدو الَّذِي يَرْمِي)
وَلما قَتله أهل حمص قَالَت امْرَأَته الْكَلْبِيَّة ألقوارأسه فِي حجري وَأَنا أَحَق بِهِ وَكَانَت قبله عِنْد مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَقَالَ لامْرَأَته مَيْسُونُ اذهبي فانظري إِلَيْهَا فأتتها فَنَظَرت ثمَّ رجعت ثمَّ قَالَت مَا رَأَيْت مثلهَا وَرَأَيْت خالا تَحت سُرتها لتوضعنّ رَأس زَوجهَا فِي حجرها فَتَزَوجهَا حبيب بن مسلمة ثمَّ طَلقهَا فَتَزَوجهَا النُّعْمَان وروى عَن النُّعْمَان من التَّابِعين حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوفٍ وَالشعْبِيّ وَأَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي وسِماكُ بنُ حربٍ وَابْنه مُحَمَّد بن(27/87)
النُّعْمَان وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْأَزْدِيّ)
النُّعْمَان بن بازية كَانَ عريف الأزد وَصَاحب رايتهم سكن بِالشَّام وَذكره ابْن عِيسَى فِي الحمصيين وَقَالَ النُّعْمَان بن الرازية وَحدث عَنهُ صَالح بن شُرَيْح السَّكوني وَأَبُو مَرْيَم الغساني قَالَ كنتُ فِي من يقذف بَين يدَي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالجندل ثمَّ غزوتُ مَعَه الثَّانِيَة فَلَمَّا كَانَت الثَّالِثَة كنت مِمَّن يحمل لِوَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (أعشى ثَعْلَبَة)
النُّعْمَان بن مُعَاوِيَة بن ثَعْلَبَة هُوَ أعشى ثَعْلَبَة وَمن شعراء الدولة الأموية سكن الشَّام وَكَانَ نَصْرَانِيّا عَن ابْن حبيب قَالَ كَانَ شَمعَلة بن عَامر بن عَمْرو نَصْرَانِيّا وَكَانَ ظريفاً فَدخل على بعض خلفاء بني أُميَّة فَقَالَ أَسلِم يَا شمعلة فَقَالَ لَا وَالله لَا أُسلم كَارِهًا أبدا وَلَا أسلم إلاّ طَوْعًا إِذا شئتُ فَغَضب وَأمر بِهِ فَقطعت قِطْعَة من لحم فَخذه وشُوِيَت بالنَّار وأطعمه إِيَّاهَا فَقَالَ الْأَعْشَى يذكر ذَلِك
(أمِن جذوة بالفخذ مِنْك تباشرت ... عداك وَلَا عارٌ عَلَيْك وَلَا وقرُ)
(وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ وجُرحَه ... لَكالدّهرِ لَا عارٌ بِمَا فعل الدّهر)
وَمَات شمعلة بعد مُدَّة طَوِيلَة من الجُرح فَقَالَ الْأَعْشَى
(أَلا يَا بني مَرْوَان هَل تُوفينَّكم ... قُروضكم من قبل أَن يَأْتِي الْحَشْر)
(أتنسى إِذا مَا لم تنلكم كريهةٌ ... ونُدعى إِذا مَا هُزهز الأسَل الْحمر)
(ألم يَك غَدراً مَا فَعلْتُمْ بشمعلٍ ... وَقد خَابَ مَن كَانَت سَرِيرَته الغَدر)
(أَجِدكُم لَا ترهبون كتائبا ... بلَملَم دَعْوَاهَا الأراقم والنمر)
)
(فَإِن تكفرُوا مَا قد علمْتُم فطالما ... أُتيحَ لكم قسراً بأسيافنا النَّصْر)
(فاُقسِم إِن حربٌ عوانٌ تلقّحت ... وحان من النَّاس التنمُّر والحظر)
(لنَحْنُ عَلَيْكُم لَا لكم أَن عثرتُمُ ... من الصَرعة الأولى إِذا قُضي الْأَمر)
(وَكم قد دفعنَا عَنْكُم من مُلمةٍ ... وَلَكِن أَبيتُم لَا وفاءٌ وَلَا شُكر)
(ألم نكفِكم قيسا وقيسٌ مهيبة ... زبيرية قلباً حواجبها صُعر)
(فَمَا أقبلَت للسِّلم حَتَّى تمرَّست ... بهَا السُّرَّة الحصداء والعدَدُ الدثر)
(وَنحن قتلنَا مصعباً قد علمتُمُ ... بمسكن يَوْم الْحَرْب أبنائها حَصر)
(فَمَا رب ذَاك الْفضل كاسر عينه ... هشامٌ وَلَا عبد الْعَزِيز وَلَا بشر)
قَالَ ابْن حبيب فَبِعْت إِلَيْهِ بشر بن مَرْوَان خَاصَّة فأرضاه وَوَصله وكساه وَحمله على(27/88)
فرس جوادٍ فَقَالَ يمدحه
(مَتى يَقُولُوا أَبُو مَرْوَان سيدنَا ... وخيرُ مَن يُرتجى بَشَر فقد صدَقوا)
(هُوَ الجوادُ قَدِيما كَانَ سابقهم ... حَتَّى أقرُّوا وَلَو لم يُنزعوا سُبِقوا)
وَكَانَ الوليدُ بن عبد الْملك محسناً إِلَيْهِ فَلَمَّا وَليَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَفد عَلَيْهِ مَعَ الشُّعَرَاء فَلم يُعْطه شَيْئا وَقَالَ مَا أرى للشعراء فِي بَيت المَال حَقًا وَلَو كَانَ لَهُم حق مَا كَانَ لَك لِأَنَّك امْرُؤ نَصْرَانِيّ فَقَالَ
(لَعمري لقد عَاشَ الْوَلِيد حياتَه ... إمامَ هُدى لَا مستزادٌ وَلَا نَصرُ)
(كَأَن بني مروانَ بعد وَفَاته ... جلاميدُ لَا تندَى وَإِن بلّها القَطر)
3 - (الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ)
النُّعْمَان بن ثَابت بن زوُطَى بِضَم الزَّاي وَسُكُون الْوَاو وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَبعدهَا ألف مَقْصُورَة اسْم نبطيٌّ ابْن ماه الإِمَام العلَم الْكُوفِي الْفَقِيه مولى بني تَميمِ الله بنِ ثَعْلَبَة ولد سنة ثَمَانِينَ من الْهِجْرَة وَتُوفِّي فِي نصف شَوَّال وَقيل فِي رَجَب وَقيل فِي شعْبَان سنة خمسين وَمِائَة وَرَأى أنس بن مَالك غير مرّة بِالْكُوفَةِ قَالَه بن سعد وروى أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن عَطاء بن أبي رَباح وَقَالَ مَا رَأَيْت أفضل مِنْهُ وَعَن عَطِيَّة العَوفي ونافعٍ وسلمَة بن كُهيلٍ وَأبي جَعْفَر الباقر وعدي بن ثابتٍ وقَتادة وَعبد الرَّحْمَن بن هُرمز الْأَعْرَج وَعَمْرو بن دِينَار وَمَنْصُور وَأبي الزبير وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَعدد كثير وتفقه بحماد وَغَيره وبرع وساد فِي)
الرَّأْي أهل زَمَانه فِي الْفِقْه والتفريع للمسائل وتصدر للإشغال وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب فَمن تلامذته زُفر بن الهُذيل الْعَنْبَري وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْقُضَاة ونوح بن أبي مَرْيَم الْمروزِي وَأَبُو مُطِيع الحَكَم بن عبد الله الْبَلْخِي وَالْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي وَأسد الدّين بن عَمْرو وَمُحَمّد بن السن وَحَمَّاد بن أبي حنيفَة وخلقٌ وَكَانَ خزازاً يُنفق من كيسه وَلَا يقبل جوائز السُّلْطَان توّرعاً وَله دَار وضِياعٌ ومعاش متسع وَكَانَ معدوداً فِي الأجواد الأسخياء الألبّاء الأذكياء مَعَ الدّين وَالْعِبَادَة والتهجّ وَكَثْرَة التِّلَاوَة وَقيام اللَّيْل رَضِي الله عَنهُ قَالَ الشَّافِعِي النَّاس فِي الْفِقْه عيالٌ على أبي حنيفَة قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقيل قَالَ لَا بَأْس بِهِ لم يُتهم بكذبٍ ضربه يزِيد بن هُبَيْرَة على الْقَضَاء فَأبى قَالَ أَبُو يُوسُف قَالَ أَبُو حنيفَة عِلمُنا هَذَا رأيٌ وَهُوَ أحسن مَا قَدرنَا عَلَيْهِ فَمن جَاءَنَا بأحسنَ مِنْهُ قبلناه وَقيل صلى بِوضُوء عشَاء الْآخِرَة الصُّبْح أَرْبَعِينَ سنة وَختم الْقُرْآن فِي(27/89)
رَكْعَة وَقَالَ لَهُ رجل إِنِّي وضعت كتابا على خطك إِلَى فلَان فوهب لي أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ إِن كُنْتُم تنتفعون بِهَذَا فافعلوه وَقيل إِنَّه ختم الْقُرْآن فِي الْموضع الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَبْعَة آلَاف مرّة وردد لَيْلَة كَامِلَة قَوْله تَعَالَى بلِ الساعةُ موعِدهم والساعةُ أدهى وأمرُّ وروى نوح الْجَامِع أَنه سمع أَبَا حنيفَة يَقُول مَا جَاءَ عَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلى الرَّأْس وَالْعين وَمَا جَاءَ عَن الصَّحَابَة اخترنا وَمَا كَانَ غير ذَلِك فهم رجال وَنحن رجالٌ وَقَالَ وَكِيع سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول البّولُ فِي النمسجد أحسن من بعض الْقيَاس وَقَالَ ابْن حزم جَمِيع الْحَنَفِيَّة مجمعون على أنّ مَذْهَب أبي حنيفَة ضَعِيف الحَدِيث عِنْده أولى من الْقيَاس والرأي وَقَالَ يحيى الْقطَّان لَا نكذب الله مَا سمعنَا أحسنَ من رَأْي أبي حنيفَة وَقد أَخذنَا أَكثر أَقْوَاله وَنقل الْمَنْصُور أَبَا حنيفَة من الْكُوفَة إِلَى بَغْدَاد وأراده على الْقَضَاء فَأبى فَحلف عَلَيْهِ ليَفعلنّ فَحلف أَبُو حنيفَة أَن لَا يفعل فَقَالَ الرّبيع أَلا ترى أَمِير الْمُؤمنِينَ يحلِف فَقَالَ أَبُو حنيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أقدَرُ مني على كفّارة الْيَمين وأبى الْولَايَة فَأمر بحبسه فِي الْوَقْت وَقيل إِنَّه قَالَ لَهُ اتقِ الله وَلَا ترعى فِي أمانتك إِلَّا من يخَاف الله واللهِ مَا أَنا مَأْمُون الرضى فَكيف أكون مَأْمُون الْغَضَب وَلَو اتجه الحُكم عَلَيْك ثمّ تهدّدَتني أَن تغرِّقني فِي الْفُرَات أَو أَلِىَ الحُكم لَا خترتُ أَن أَغرَّقَ فِي الْفُرَات وَلَك حاشيةٌ يَحْتَاجُونَ إِلَى مَن يُكرِمهم لَك وَلَا أصلح لذَلِك فَقَالَ لَهُ كذبتَ أَنْت تصلح لذَلِك فَقَالَ لَهُ قد حكمتَ لي على نَفسك كَيفَ يحل لَك أَن تُوليَ على أمانتك من هُوَ كذّاب وَقيل توّلى)
الْقَضَاء يَوْمَيْنِ فَلم يَأْته أحد فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث أَتَاهُ رجل صفّار وَمَعَهُ آخرُ فَقَالَ الصفّار لي مَعَ هَذَا ددرهمان وَأَرْبَعَة دوانيق ثمن تور صُفر فَقَالَ أَبُو حنيفَة اتَّقِ الله وَانْظُر فِيمَا يَقُول الصفّار قَالَ لَيْسَ لَهُ عليّ شَيْء فَقَالَ أَبُو حنيفَة للصفّار مَا تَقول فَقَالَ استحلِفهُ لي فَقَالَ أَبُو حنيفَة للرجل قل وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَجعل يَقُول فَلَمَّا رَآهُ أَبُو حنيفَة معزّما على أَن يحلف قطع عَلَيْهِ وَأخرج من كُمّه صرة وَأخرج مِنْهَا دِرْهَمَيْنِ ثقيلين وَقَالَ للصفّار هَذَانِ الدرهمان عِوَض بَاقِي تَورك فَنظر الصفار إِلَيْهِمَا وَقَالَ نعم وَأخذ الدرهمين فَلَمَّا بعد يَوْمَيْنِ اشْتَكَى أَبُو حنيفَة ثمَّ مرض سِتَّة أيّام وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يزِيد بن هُبَيْرَة قد ضربه مائَة سوطٍ كلّ يَوْم عشرةَ أسياط وَهُوَ يمْتَنع من ولَايَة ذَلِك فَلَمَّا رَآهُ مُصِراً خلى سَبيله وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل إِذا ذكر ذَلِك بَكَى وترّحم على أبي حنيفَة وَكَانَ أَبُو حنيفَة رَبعً من الرِّجَال وَقيل كَانَ طُوالاً تعلوه سُمرةٌ أحسنَ النَّاس مَنطِقاً وأحلاهم نَغمَة وَرَأى أَبُو حنيفَة فِي مَنَامه كأنّه نَبَش قبر رَسُوله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث من سَأَلَ مُحَمَّد بن سِيرِين فَقَالَ ابْن سِيرِين صَاحب هَذِه الرُّؤْيَا يُثوِّر علما لم يسبُقه إِلَيْهِ أحد قبله وَقَالَ الشَّافِعِي قيل لمَالِك هَل رَأَيْت أَبَا حنيفَة قَالَ نعم رَأَيْت رجلا لَو كلمك فِي هَذِه السارية أَن يَجْعَلهَا ذَهَبا لقام بحجته وَقَالَ يحيى بن معِين الْقِرَاءَة عِنْدِي قِرَاءَة حَمْزَة وَالْفِقْه(27/90)
فقهُ أبي حنيفَة على هَذَا أدركتُ الناسَ وَقَالَ بعض الكرَاميّة
(إِن الَّذين بجهلهم لم يقتدوا ... فِي الدّين بِابْن كَرام غير كِرام)
(الْفِقْه فقه أبي حنيفَة وَحدَه ... وَالدّين دينُ مُحَمَّد بن كَرام)
وَقد تقدم هَذَانِ البيتان فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر بن الْكَيْل وَقَالَ جَعْفَر بن الرّبيع أقمتُ على أبي حنيفَة خمس سِنِين فَمَا رَأَيْت أطول صَمتاً مِنْهُ فَإِذا سُئِلَ عَن الْفِقْه تفتّح وسال كالوادي وَسمعت لَهُ دَويّاً وجَهارةً بالْكلَام وَكَانَ إِمَامًا فِي الْقيَاس وَقَالَ عَليّ بن عَاصِم دخلتُ على أبي حنيفَة وَعِنْده حَجّام يَأْخُذ من شَعره فَقلت للحجام تتَبَّع مَوَاضِع الْبيَاض لَا تَزِد قَالَ ولمَ لَا قَالَ لِأَنَّهُ يكثر قَالَ فتتبع مَوَاضِع السوَاد لَعَلَّه يكثر فحكيتُ لشريكٍ هَذِه الْحِكَايَة فَضَحِك وَقَالَ لَو ترك أَبُو حنيفَة قياسَه لتَركه مَعَ الْحجام وَقَالَ ابْن الْمُبَارك رَأَيْت أَبَا حنيفَة فِي طَرِيق مكّة وشُوِيَ لَهُ فصيلٌ سمينٌ فاشتَهوا أَن يأكلوه بخَل فَلم يَجدوا شَيْئا يصبون فِيهِ الخلّ فتحيروا فرأيته وَقد حفر فِي الرمل حُفرةً وبسَطَ عَلَيْهَا السُفرة وسكب الْخلّ فِي ذَلِك)
الْموضع فَأَكَلُوا الشِّواء بالخل فَقَالُوا لَهُ تحس كل شَيْء فَقَالَ عَلَيْكُم بالشكر فَإِن هَذَا شَيْء أُلهِمتُهُ لكم فضلا من الله عَلَيْكُم وَدعَاهُ الْمَنْصُور يَوْمًا فَقَالَ الرّبيع يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا أَبُو حنيفَة يُخَالف جدَّك كَانَ عبد الله بن عَبَّاس يَقُول إِذا حلف على الْيَمين ثمَّ اسْتثْنى بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ جَازَ الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز الِاسْتِثْنَاء إِلَّا متّصلاً بِالْيَمِينِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ الرببع يزْعم أَن لَيْسَ لَك فِي رِقاب جُندِك بَيعة قَالَ وَكَيف قَالَ يحلفُونَ لَك ثمَّ يرجِعون إِلَى مَنَازِلهمْ فيستثنون فتبطُل أَيْمَانهم فَضَحِك الْمَنْصُور وَقَالَ يَا ربيع لَا تعرّض لأبي حنيفَة فَلَمَّا خرج أَبُو حنيفَة قَالَ لَهُ الرّبيع أردتَ أَن تُشِيطَ بدمي قَالَ لَا وَلَكِنَّك أردتَ أَن تشيطَ بدمي فخلصتُك وخلص نَفسِي وان أَبُو الْعَبَّاس الطوسي سيءَ الرأى فِي أبي حنيفَة وَكَانَ أَبُو حنيفَة يعرف ذَلِك فَدخل يَوْمًا على الْمَنْصُور وَكثر النَّاس فَقَالَ الطوسي الْيَوْم أقتل أَبَا حنيفَة فَأقبل عَلَيْهِ وَقَالَ يَا أَبَا حنيفَة إِن أميرَ الْمُؤمنِينَ يَدْعُو الرجل فيأمره بِضَرْب عُنق الرجل لَا يدْرِي مَا هُوَ أفَيَسَعُه أَن يضْرب عنقَه فَقَالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس أَمِير الْمُؤمنِينَ يَأْمر بِالْحَقِّ أَو بِالْبَاطِلِ قَالَ بالحقّ قَالَ أَنفِذ الْحق حَيْثُ كَانَ وَلَا تسْأَل عَنهُ ثمَّ قَالَ أَبُو حنيفَة لمن كَانَ قَرِيبا إِن هَذَا أَرَادَ أَن يُوثِقَني فرَبَطته وَقَالَ يزِيد بن الْكُمَيْت كَانَ أَبُو حنيفَة شَدِيد الْخَوْف من الله تَعَالَى فَقَرَأَ بِنَا عَليّ بن الْحسن لَيْلَة فِي الْعشَاء الْآخِرَة إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا وَأَبُو حنيفَة خَلَفه فَلَمَّا قضى الصَّلَاة وَخرج النَّاس نظرتُ إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس يتفكّر ويتنفس فَقلت أقوم لَا يشْتَغل قلبه بِي فَلَمَّا خرجتُ تركت الْقنْدِيل وَلم يكن فِيهِ إِلَّا زيتٌ قَلِيل فَجئْت وَقد طلع الْفجْر وَهُوَ قَائِم(27/91)
يُصَلِّي وَقد أَخذ بلحية نَفسه وَهُوَ يَقُول يَا من يَجْزِي بمثقال ذَرةٍ خيرا وَخيرا وَيَا من يَجْزِي بمثقال ذَرة شرّاً شرّاً أجِرِ النُّعْمَان عَبدك من النَّار وَمَا يقرب مِنْهَا من سوءٍ وأَدخِله فِي سعَة رحمتك قَالَ فأدّنتُ والقنديل يزهِر وَهُوَ قَائِم فلمّا دخلت قَالَ تُرِيدُ أَن تدخل الْقنْدِيل قلت قد أذّنتُ لصَلَاة الْغَدَاة قَالَ اكتمُ عليّ مَا رأيتَ وَركع رَكْعَتَيْنِ وَجلسَ حَتَّى أُقِيمَت الصَّلَاة وَصلى مَعنا الْغَدَاة على وضوء أوّل اللَّيْل وَقَالَ إِسْمَعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة عَن أَبِيه قَالَ لما مَاتَ أبي سَأَلنَا الْحسن بن عمَارَة أَن يتَوَلَّى غُسله فَفعل فَلَمَّا غسله قَالَ رَحِمك الله وَغفر لَك لم تفطر مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة وَلم تتوسّد يَمِينك فِي اللَّيْل مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة وَقد أَتعبتَ من بعْدك وفضحتَ القراءَ وَقَالَ عبد الله بن رَجَاء كَانَ لأبي حنيفةَ جارٌ بِالْكُوفَةِ إسكافي يعْمل نَهَاره أجمعَ حَتَّى إِذا أجنّه اللَّيْل رَجَعَ إِلَى منزله وَقد حمل)
لَحْمًا فيطبخه أَو سَمَكَة فيشويها ثمَّ لم يزل يشرب حَتَّى إِذا دبّ فِيهِ غّرَّد بصوتٍ وَهُوَ يَقُول
(أضاعوني وأيّ فَتى أضاعوا ... ليَوْم كريهةٍ وسدادِ ثغرِ)
فَلَا يزَال يشرب ويردد هَذَا الْبَيْت حَتَّى يَأْخُذهُ النّوم وَكَانَ أَبُو حنيفَة يسمع جَلبته كل ليلةٍ ففقد أَبُو حنيفَة صَوته لَيْلَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل أَخذه العَسَسُ مُنْذُ لَيَال وَهُوَ مَحْبُوس فصلّى أَبُو حنيفَة الْفجْر وَركب بغلته وَاسْتَأْذَنَ على الْأَمِير فَلَمَّا دخل قَالَ لي جَار إسكافي أَخذه العَسَس مُنْذُ لَيَال يَأْمر الْأَمِير بتخلية سَبيله فَقَالَ نعم وكل من أُخِذ تِلْكَ اللَّيْلَة فتركوا أَجْمَعِينَ وَخرج أَبُو حنيفَة والإسكافي يمشي وَرَاءه فَلَمَّا نزل أَبُو حنيفةَ رَضِي الله عَنهُ مضى إِلَيْهِ وَقَالَ يَا فتىَ أضعناك فَقَالَ لَا بل حفظتُ ورُعيتُ جَزَاك الله خيرا عَن حُرمة الجِوار ورعاية الْحق وَتَابَ ذَلِك الرجل وَلم يعد إِلَى مَا مَكَان عَلَيْهِ وَلم يكن فِي أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ مَا يعاب بِهِ غير اللّحن فَمن ذَلِك أَن ابا عَمْرو بن العلاءِ المقرىء النَّحْوِيّ ساله عَن القَتل بالمِثل هَل يوجِب القَود أَو لَا فَقَالَ لَا كَمَا هُوَ قَاعِدَة أبي حنيفَة فِي مذْهبه خلافًا للشَّافِعِيّ فَقَالَ لع أَبُو عَمْرو ولوقتله بِحجر المنجنيق فَقَالَ لَهُ وَلَو قَتله بأبا قُبيس يَعْنِي الْجَبَل المطلّ على مَكَّة وَقد اعتذر النَّاس لَهُ وَقَالُوا قَالَ ذَلِك على لُغَة من يعرب الحروفَ الستةَ على أَنَّهَا مقصورةٌ وَمِنْه قَول الْقَائِل
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... قد بلغا فِي الْمجد غايتاها)
وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك يمدَح الإِمَام
(رأيتُ أَبَا حنيفةَ كلَّ يومٍ ... يَزيدُ نَبالةً وَيزِيد خُبرا)
(ويَنطِقُ بالصَواب ويَصطَفيه ... إِذا مَا قَالَ أهل الهُجر هُجرا)(27/92)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(رأيتُ أَبَا حنيفَة حِين يُؤتَى ... ويُطلَبُ عِلمُه بَحرا غَزيرا)
(يقايس من يقايسه بلُبٍّ ... فَمن ذَا تجعلونَ لَهُ نظيرا)
(كفانا فَقد حمادٍ وَكَانَت ... مُصيبتُنا بِهِ أمرا كَبِيرا)
(فردّ شماتة الْأَعْدَاء عنّا ... وأبدَى بعده علما كثيرا)
(إِذا مَا المشكلات تدافَعَتها ... رجال الْعلم كَانَ بهَا بَصيرًا)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا)
(لقد زانَ لبلادَ ومَن عَلَيْهَا ... غمامُ الْمُسلمين أَبُو حنيفَه)
(بآثارٍ وفقهٍ مَعَ حديثٍ ... كآيات الزَبُور على صحيفه)
(فَمَا هِيَ فِي المَشرِقَين لَهُ نظيرٌ ... وَلَا فِي المغربين وَلَا بكوفَه)
(رأيتُ العائبين لَهُ سفاها ... خِلافَ الْحق مَعَ حُجَج ضعيفَه)
(يبيتُ مشمرا سَهَرَ اللَّيَالِي ... وَصَامَ نَهَاره لله حَيفَه)
(وصان لسانَه عَن كل إفكٍ ... وَمَا زَالَت جوارِ حُه عفيفه)
(يعِفّ عَن المَحارِم والمَلاهي ... ومَرضاة الْإِلَه لَهُ وظيفَه)
(فَمن كَأبي حنيفَة فِي نداه ... لأهل الفَقر فِي السّنة الجحيفة)
(وَكَيف يحلّ أَن يؤذَى فقيهٌ ... لَهُ فِي الدّين آثارٌ شريفه)
(وَقد قَالَ ابْن غدريسٍ مقَالا ... صَحيحَ النَقل فِي حكمٍ لطيفه)
(بأنّ الناسَ فِي فِقهٍ عِيالٌ ... على فقه الإِمَام أبي حنيفَه)
وَقَالَ غَسَّان بن مُحَمَّد التَّمِيمِي
(وضع القياسَ أَبُو حنيفَة كلَّه ... فَأتى بأوضَحِ حُجة وقياسِ)
(وبَنَى على الْآثَار رأسَ بِنائِه ... فَأَتَت قواعدُه على الأساس)
(والناسُ يتِبعون فِيهَا قولَه ... لمّا استبان ضياؤُه للنَّاس)
وَفِي أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول مساور
(إِذا مَا الناسُ يَوْمًا قايسونا ... من الفُتيا بآبدة طريفه)
(أتيناهمِ بِمِقياسٍ صحيحٍ ... تِلادٍ من طِراز أبي حنيفَه)
(إِذا سَمِعَ الْفَقِيه بهَا وعاها ... وأثبتَها بخيرٍ فِي صَحيفَه)
فَأَجَابَهُ بعض أَصْحَاب الحَدِيث(27/93)
(إِذا ذُو الرَّأْي خاصَمَ فِي قِيَاس ... وجاءَ بِبدعَةٍ هَنَةٍ سخيفه)
(أتيناهم بقول الله فِيهَا ... وآثارٍ مبرَّزة شريفه)
(فكَمِ مِن فَرجِ مُحصِنَةٍ عفيفٍ ... أُحِلّ حَرامه بِأبي حنيفه)
3 - (الْخَولَانِيّ)
نعْمَان بن مَيْمُون الْخَولَانِيّ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ اسْمه فِي صغره مُعانداً غير أَن)
هَذَا الإسم غلب عَلَيْهِ فعُرف بِهِ وَهُوَ شَاعِر ماهر صَاحب قوافٍ سرده ولغة عويصة إِذا شَاءَ وَله قُدرةٌ على الْكَلَام يَأْخُذ من رَقِيقه وجَزله ويسلك فِي حَزنه وسهله مَعَ حفظ للغة الْعَرَب وَمَعْرِفَة بفصول الشّعْر وإنتقاده وَله فِي ذَلِك تأليف مَشْهُور على ابْن مُغيث فِي نقد كِتَابه الموسوم بالميلَق وشعره فِي أَيدي النَّاس قَلِيل لقلّة مدحه وهجائه وانقطاعه إِلَى طَلَب الدُّنْيَا من غير بَاب الْأَدَب وَمن شعره
(نُبئتُ أَنَّك مَولى لَا يواصلني ... وَقد رُميتُ بِهجرٍ مِنْك قد حَدَثا)
(فَلَا تَفِي النَذر مَن آلَى بِمَعْصِيَة ... هذي مقالةُ مَن بِالْحَقِّ قد بُعِثا)
(واحنَث فحِنثك وَصلي وَهُوَ يُعتِقُني ... والعِتقُ غايةُ تكفيرٍ لمن حَنِثا)
(وَإِن تحرَّجتَ من إثمٍ وخِفتَ لَهُ ... فأعظمُ الإثمِ قَتلي فِي الْهوى عَبَثا)
وَمِنْه
(أحاشيك إشفاقاً من البوح بالهوى ... فيا ذُلَّ إشفاقي لعزّ وصالِكا)
(وَلم أخفه صَونا لقَدري وَإِنَّمَا ... رََايتُ اشتهاري نقصا لحالكا)
(فها أَنا منهوك التصبُّر حائرٌ ... كَأَنِّي غريبٌ قد أضلّ المسالكا)
(أُصرِّفُ أفكاري لِوجدان راحةٍ ... وَمَا لي بهَا إِلَّا قليلُ نواِلكا)
(على أَن حظّي السّتْر فِي ذَاك كلّه ... لنَفسك لَكِن لم تُجاز بذالكا)
وَمِنْه
(وأشدُّ المُصاب أَنَّك تَنوي ... صَفوَ وُدٍّ لمن يَرَى لَك غِشا)
(ومُذيعٍ كأنّما عِنْده الس ... رّ قروحٌ مُناه أَن تَتَفَشّا)
(ومشيرٍ كأنّه حَاكم فِي ... ك مجازٍ بوابلٍ مِنْك طَشّا)
وَمِنْه
(نزل الظَلامُ بعارضيه فانبرى ... نور السُلوّ على فؤادٍ ينزل)(27/94)
(فاعجَب لصُبح يَهْتَدِي قلبِي بِهِ ... لرَشاده والأصلُ ليلٌ اليَلُ)
وَمِنْه أَيْضا
(فالليلُ ألبَسَنا الحِدادَ وسِرَّنا ... والصبحُ ألبسنا البياضَ وساء)
قَالَ ابْن رَشِيق وَقد احتذيتُ مِثَال هَذَا الْمَعْنى فَقلت وزدت تَشبيهاً فِي الْبَيْت الثَّانِي)
(سُرِرتُ بليلٍ كالحِداد لبسته ... وساءك صبحٌ كالرِّداء المصَبّغ)
(وَمَا ذَاك إلاّ للشباب وحُبِّه ... وَكره مشِيبٍ ناضلٍ ومثمغ)
وضع نعْمَان أبياتاً على لِسَان عبد الله بن فَلاّح الخواتمي يتهكم بِهِ فَقَالَ
(الحبّ كِيرٌ على قلبِي بحالته ... والعَذلُ مِنفاخُه والشوقُ نيرانُ)
(وَلم يُبَقِّ الضَنى مِمَّا سبكتُ بِهِ ... مَا يَبْتَغِي أخذَه بالشّفت إِنْسَان)
(وجُلّ مَا أشتكي شوقي لفم فَتىً ... كأنّه خاتمٌ والجسم عِقبان)
(أشتاقه فَإِذا مَا رُمتُ أبصُره ... أعشى كأنّي امرؤٌ يُغشاه دُخان)
(وأحسِب القلبَ مني تَحت مِطرَقةٍ ... وَتَحْته للمعيد الضَّرْب سِندان)
3 - (أَبُو حنيفَة قَاضِي المعزّ)
النُّعمان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور أَبُو حنيفَة المغربي قَالَ المُسَبِّحي فِي تَارِيخ مصر كَانَ من أهل الدّين وَالْفِقْه والنبل وَله كتاب فِي أصُول الْمَذْهَب وَقَالَ غَيره كَانَ المتخلف مالكياً ثمَّ إِنَّه تحول إِلَى مَذْهَب الشِّيعَة لأجل الرياسة وداخَلَ بني عُبيد وصنّف لَهُم كتاب ابْتِدَاء الدعْوَة وكتاباً فِي الْفِقْه وكُتُباً كَثِيرَة فِي أَقْوَال الْقَوْم وَجمع فِي المناقب والمثالب ورد على الْأَئِمَّة وتصانيفه تدّل على زَندَقَتِه وَأَنه نافقَ وَله دعائم الْإِسْلَام ثَلَاثُونَ مجلَّداً فِي مَذْهَب الْقَوْم ومنهاج شرح الْآثَار خَمْسُونَ مجلداً وَغير ذَلِك وَجَاء إِلَيْهِ مغربيّ وَقَالَ قد عزمتُ على الدُّخُول فِي الدعْوَة فَقَالَ مَا حملك على هَذَا قَالَ الَّذِي حمل سيّدنا فَقَالَ نَحن أدخلنا فِي هواهم حلواهم فَأَنت لماذا تفعل وَله القصيدة الْفِقْهِيَّة لقبّها بالمنخبة وصنف ردّاً على أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن سُريج وَكَانَ من الْفضل وَالْعلم والعربية بِمحل عالٍ ولازم صُحْبَة الْمعز وَدخل مَعَه الديار المصرية وَلم تطل مدَّته وَمَات فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة بِمصْر وَصلى عَلَيْهِ المعزّ
3 - (الإصبهاني)
النُّعْمَان بن عبد السَّلَام بن حبيبٍ التَّميمي أَبُو الْمُنْذر الإصبهاني(27/95)
الْفَقِيه شيخ إصبهان وعالمها من كبار الزُّهاد المتورّعين كَانَ يتفقه على مَذْهَب سُفيان وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو الْوَزير الغساني)
النُّعْمَان بن الْمُنْذر أَبُو الْوَزير الغساني الدِّمَشْقِي وثّقَه أَبُو زُرعة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين)
وَالْمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (القَاضِي معز الدّين الْحَنَفِيّ)
النُّعْمَان بن حسن بن يُوسُف قَاضِي الْقُضَاة معز الدّين الخطيبي الْحَنَفِيّ قَاضِي الْقُضَاة بِالْقَاهِرَةِ نَاب أَولا عَن الصَّدْر سُلَيْمَان ثمَّ ولي بعده وَقدم دمشق أَيْضا لقَضَاء الجيوش وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة
(نِعمةُ)
3 - (أَبُو البركات الموقِّت)
نعْمَة بن أَحْمد بن أحم تَاج الشَّرَف أَبُو البركات الزَّيدي الْمصْرِيّ الْمُؤَذّن رَئِيس المؤذنين بِجَامِع الْقَاهِرَة تفقه على مَذْهَب مَالك وبرع فِي علم الْوَقْت وَتقدم على أقرانه ونظم فِي ذَلِك أرجوزةً سَمِعت مِنْهُ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
(نعْمَة الله)
3 - (أَبُو الْفضل المراغي)
نعْمَة الله بن المفرِّج أَبُو الْفضل المراغي قدم بَغْدَاد ومدح الشَّيْخ أبي إِسْحَاق بقصيدة أوّلها
(ترَاءَتْ لنا بالرَقمَين مَنازلُ ... مَنازِلُ فِيهَا من دمُوعي مَناهِلُ)
(فعرّجتُ نَحْو الدَّار صدر مَطيتي ... أُسائل أَيْن الحبّ والحبُّ راحِل)
(فعّجتُ رَبع العامرية باللَّوى ... وأنشدتُ بَيْتا كنت قِماً أحاول)
(زمانُ وصالِ هَل أَنْت عائدٌ ... ودَهر فِراق الحبّ هَل أَنْت زائل)
ابْن النِّعْمَة الأندلسي عَليّ بن عبد الله
(نُعَيم)
3 - (النحام الصَّحَابِيّ)
نُعيم بن عبد الله النَحام الْقرشِي العدَوِي وَإِنَّمَا سمى(27/96)
النحام لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دخلتُ الْجنَّة فَسمِعت نَحمَةً من نعيم فِيهَا والنحمة السُّعلة وَقيل النَّحنَحة الممدودة آخِرُها فَسُمي النحام بذلك كَانَ قديم الْإِسْلَام يُقَال إِنَّه أسلم بعد عشرَة أنفس قبل إِسْلَام عمر وَكَانَ يكتم إِسْلَام وَمنعه قومه لشرفه فيهم من الْهِجْرَة لِأَنَّهُ كَانَ ينْفق على أرامل بني عدي وأيتامهم ويمونهم فَقَالُوا أقِم عندنَا على أيّ دينٍ شِئتَ وأقم فِي ربعك واكفِنا مَا أَنْت كافٍ من أُمُور أهلنا فو الله لَا يتَعَرَّض أحدٌ إِلَيْك إِلَّا ذهبَت أَنْفُسنَا جَمِيعًا دُونك وَزَعَمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ حِين قدومه عَلَيْهِ قَوْمك يَا نعيم كَانُوا خيرا لَك من قومِي لي قَالَ بل قَوْمك خيرٌ يَا رَسُول الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومِي أَخْرجُونِي وأقرك قومُك واختُلِف فِي وَقت وَفَاته فَقيل بأجنادين شَهِيدا سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَقيل قتل باليرموك شَهِيدا سنة خَمْسَة عشرَة وروى عَنهُ نَافِع وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ ابْن عبد الْبر وَمَا أظنهما سَمِعا مِنْهُ وَلم يحصل لَهُ هِجْرَة إِلَى زمَان الحُدَيبية
3 - (المُزَني)
نعيم بن مُقرن أَخُو النُّعْمَان بن مقرِّن خلف أَخَاهُ نعْمَان حِين قُتِل بنهاوند وَكَانَت على يَدَيْهِ فتوحٌ كَثِيرَة وَهُوَ وَأَخُوهُ من جِلَّة الصَّحَابَة الصَّحَابَة وَمن وُجُوه مُزَينة وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يعرف لَهما موضعهما
3 - (الْأَشْجَعِيّ)
نعيم بن مَسْعُود بن عامرٍ الْأَشْجَعِيّ هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الَّذِي خذَّل الْمُشْركين وَبني قُريظة حِين صرف الله الْمُشْركين بعد أَن أرسل عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم يروها وَخَبره فِي تخذيل الْمُشْركين مَذْكُور فِي السّير وَهُوَ عَجِيب وَهُوَ الَّذِي نزلت فِيهِ الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس يَعْنِي نعيم بن مَسْعُود وحدَه كنى عَنهُ وَحده بِالنَّاسِ فِي قَول طَائِفَة من أهل التَّفْسِير قَالَ بعض أهل الْمعَانِي إِنَّمَا قيل ذَلِك لِأَن كلّ وَاحِد من النَّاس يقوم مقَام الآخر فِي مثل ذَلِك وَسكن نعيم الْمَدِينَة وَمَات فِي خلَافَة عُثْمَان وروى عَنهُ ابْنه سَلمةُ بن نعيمٍ وَقيل قتل نعيم فِي الْجمل وَالْأول أصحّ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد)
3 - (الغَطفاني)
نعيم بن همّاز وَقيل ابْن جمّاز وَقيل ابْن هبان بِالْبَاء قبل الْألف وَقيل ابْن همام وَهُوَ غَطفاني مَعْدُود فِي أهل الشَّام روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا وَاحِدًا فِيمَا يحكيه عَن ربه أَنه قَالَ ابْن أَدَم صلّ لي أول النَّهَار أَربع رَكْعَات أكفك آخِره قَالَ ابْن عبد البرّ أُختلف فِي هَذَا الحديثِ اخْتِلَافا كثيرا كاختلافِهم فِي اسْم أَبِيه فَمنهمْ من يَجعله عَن نعيم عَن عقبَة بن عَامر وَحدث مَكْحُول هَذَا وَلم يسمع مِنْهُ بَينهمَا كثير بن مرّة وَقيس(27/97)
الجذامي وَقد روى عَن نعيم هَذَا أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِيمَا روى عَنهُ حَنْبَل أَن إِسْحَاق بن حَنْبَل اخْتلفُوا فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي نعيم بن هَبَّار وَقَالَ الْخياط نعيم بن هماز وَقَالَ الْوَلِيد بن مُسلم نعيم بن حمَار وَقَالَ الْغلابِي عَن يحيى بن مَعين اخْتلف النَّاس فِي نعيم بن هَبَّار فَقَالُوا هَبَّار وحمار وَأهل الشَّام يَقُولُونَ همار وهم أعلم بِهِ وَقَالَ غَيرهم كلّما ذُكر فِيهِ أوّلاً توفّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ
3 - (المجمِّر)
نعيم بن عبد الله المجمّر مولى آل عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يبخر مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس أَبَا هريرةَ مُدَّة وَسمع من ابْن عمر وَجَابِر وَطَائِفَة وثَّقة أَبُو حَاتِم وَغَيره وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (أَبُو عَمْرو النَّحْوِيّ)
نُعيم بن مَيسرة أَبُو عمرٍ والنحوي الْكُوفِي المقرىء نزيل الرَّيّ قَالَ أَحْمد لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة توفّي سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ
3 - (الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي)
نعيم بن أَشيَم هِنْد الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي وَهُوَ ابْن عمّ سَالم بن أبي الْجَعْد وَابْن عَم أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ ولأبيه صُحْبَة روى عَن أَبِيه ونُبَيط بن شُريط وسُويَد بن غَفلَة وَأبي وَائِل ورِبْعِي بن حِرَاش وَآخَرين وثقة النَّسَائِيّ وروى لَهُ مُسلم والتِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة عشرٍ وَمِائَة
3 - (نعيم بن الهيصم)
نعيم بن الهَيصم قَالَ ابْن مَعِين صَدُوق وَله نسخ مَرويّة توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ)
3 - (الفَرَضي الخُزاعي)
نُعيم بن حَماد بن مُعَاوِيَة الخُزاعي المَروَزي الْأَعْوَر الفارض الْحَافِظ الْفَقِيه نزيل مصر رأى الحُسين بن واقِد روى عَنهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَيحيى بن مَعِين والذُّهَلي وَأَبُو زُرعة الدِّمَشْقِي وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَغَيرهم وَكَانَ كَاتبا لأبي عِصمة وَكَانَ أَبُو عصمَة شَدِيد الردّ على الْجَهْمِية وَمِنْه تعلَّم وَقَالَ أَنا كُنت جهمياً فَلذَلِك عرفت كَلَامهم وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لقد كَانَ من الثِّقَات وَقَالَ الْعَبَّاس بن مُصعَب نعيم بن حمّاد الفارض وضع كتابا فِي الرَّد على أبي حنيفَة(27/98)
وناقَضَ محمدَ بنَ الْحسن وَوضع ثَلَاثَة عشر كتابا فِي الردّ على الْجَهْمِية وَكَانَ من أعلم النَّاس بالفرائض وحُمِل إِلَى الْعرَاق مَعَ البُوَيطيّ فِي امتحان القَوْل بِخلق الْقُرْآن فَأبى أَن يُجيب بِشَيْء مِمَّا أَرَادَهُ فجحُبِس بسرّ من رأى وَمَات فِي السجْن سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
(نُعَيمان)
3 - (نعيمان بن عَمْرو)
نعيمان بن عَمْرو بن رِفَاعَة بن الْحَارِث قد تقدم ذكره فِي ذكر النُّعْمَان بن رِفَاعَة وَالله الْمُوفق
(الألقاب)
الْحَافِظ أَبُو نعيم اسْمه عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عدي
آخر اسْمه أَحْمد بن عبد الله الإصبهاني
أَبُو نعيم عُبيدُ الله بن الْحسن
النُعيمي أَحْمد بن عبد الله
النعيمي الْمُحدث عَليّ بن أَحْمد
النفاح الْمُحدث الْبَغْدَادِيّ نزيل مصر اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله
ابْن نفاده اسْمه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن
نفطويه النَّحْوِيّ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
(نُفَير)
3 - (الحَضرمي الصَّحَابِيّ)
نُفير بن المفلِّس بن نفير الْحَضْرَمِيّ وَيُقَال نفير بن مَالك بن عَامر وَهُوَ وَالِد جُبير بن نفير يكنى أَبَا جبيرٍ لَهُ صُحْبَة وَهُوَ مَعْدُود فِي الشاميين روى عَنهُ ابْنه جُبَير أَحَادِيث مِنْهَا فِي صفة الْوضُوء وَمِنْهَا فِي الدَّجَّال حَدِيث طَوِيل وَابْنه جُبَير بن نفير جاهلي إسلامي اِدَّرَكَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يره وَهُوَ مَعْدُود فِي كبار التَّابِعين بِالشَّام
3 - (الثمالِي الصَّحَابِيّ)
نفير بن مُجيب الثمالِي شاميّ كَانَ من قدماء الصَّحَابَة روى عَنهُ الْحجَّاج بن عبد الله الثمالِي وَله صُحْبَة أَيْضا حَدِيثا مَرْفُوعا فِي صفة جَهَنَّم أعاذنا الله مِنْهَا إِن فِيهَا سبعين ألف وادٍ قَالَ ابْن عبد البرّ وَهُوَ حديثٌ مُنكر لَا يصحّ وَقَالَ أَبُو(27/99)
زُرعة وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ إِنَّمَا هُوَ سُفْيَان بن مُجيب وَلم يقلهُ غَيرهمَا بَل قد قَالَه ابْن قَانِع
(نَفِيس)
3 - (النفيس ابْن صعوة الْحَنْبَلِيّ)
النَّفيس بن مَسْعُود بن أبي سعد بن عَليّ أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن صعوة وَهُوَ لقبٌ لِأَبِيهِ تفقه على أبي الْفَتْح بن المِنى حَتَّى حصل طَرفاً صَالحا من الْمَذْهَب وَالْخلاف وناظر ودرس وَأفْتى وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ شَابًّا حسنا وَمن شعره
(أبُنيَّ لَا تَكُ مَا حَيِيتَ مُمارِياً ... ودَعِ المُزاح فَإِنَّهُ لَا يَنفَعُ)
(لَا تُؤذِ جَارَك واحتَمِل مِنْهُ الْأَذَى ... إنّ الكريمَ لجارِه مُتوَسِّع)
(وَإِذا هَمُمتَ بِأَمْر سُوءٍ جِئتَه ... لَيْلًا ليغفُلَ عَنْك ناسٌ هُجَّع)
(فَاعْلَم بِأَن الله لَيْسَ بغافلٍ ... عمّا هَممتَ بِهِ وَلَا مَا تَصنَع)
(واحذّر بُنيَّ من الْقِيَامَة مَوِقفاً ... لَا بُدَّ مِنْهُ يشيب مِنْهُ المُرضع)
3 - (أَبُو الْخَيْر الضَّرِير)
النفيس بن معتوق بن يحيى بن فَارس بن وهبٍ الْأَسدي أَبُو الْخَيْر الضَّرِير الْبَغْدَادِيّ سكن رحبة الشَّام وتفقه بهَا على أبي الْحسن بن المتقِنة ثمَّ أَقَامَ بِدِمَشْق فِي آخر عمره وروى بهَا)
أرجوزة ابْن المتقنة فِي الْفَرَائِض
3 - (البُزوري)
النفيس بن هبة الله بن وهبان بن رومي بن سلمَان بن مُحَمَّد بن سلمَان بن صَالح بن مُحَمَّد بن وهباتن السُلَمي البُزوري أَبُو جَعْفَر الحديثي قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي فَجْأَة سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَقَرَأَ بالروايات على الْمُبَارك بن الْحسن بن الشَرَزوري وعَلى غَيره وَسمع من النَّقِيب أبي الْحسن مُحَمَّد بن طرَّادٍ الزَّيْنَبِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن السلال الْوراق وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن الصّباغ وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ وَطلب بِنَفسِهِ قَالَ محبّ الدّين بن النجار كتبنَا عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا فَاضلا خيرا دينا كثير التِّلَاوَة حسن الْأَخْلَاق متواضعاً سليم الْبَاطِن
(نفيسة)
3 - (نفيسة التميمية)
نفيسة بني أُمَيّة التميميّةُ أُخْت يَعلى بن أُميّة لَهَا صُحْبَة وَرِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(27/100)
3 - (السيّدة الْمَشْهُورَة)
نفيسة ابْنة الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ السيّدة الْمَشْهُورَة دخلت مصر مَعَ زَوجهَا إِسْحَاق بن جَعْفَر الصَّادِق وَقيل بل دخلت مَعَ أَبِيهَا الْحسن وَإِن قَبره بِمصْر وَلكنه غير مَشْهُور وَإنَّهُ كَانَ والياً على الْمَدِينَة من قبل الْمَنْصُور أَقَامَ فِي الْولَايَة مُدَّة خمس سِنِين ثمَّ غضب عَلَيْهِ فَعَزله واستصفى أَمْوَاله وحبسه بِبَغْدَاد وَلم يزل مَحْبُوسًا إِلَى أَن مَاتَ الْمَنْصُور وَولي الْمهْدي فَأخْرجهُ من حَبسه ورد عَلَيْهِ مَا أُخِذ مِنْهُ وَلم يزل مَعَه فَلَمَّا حج الْمهْدي كَانَ فِي جملَته فَلَمَّا انْتهى إِلَى الحاجر مَاتَ هُنَاكَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن خمس وَثَمَانِينَ سنة وَصلى عَلَيْهِ عَليّ بن الْمهْدي وَقيل توفّي بِبَغْدَاد وَالصَّحِيح الأول وَأما نفيسة هَذِه فَكَانَت من النِّسَاء الصَّالِحَات التقيات ويُروى أنّ الإِمَام الشَّافِعِي لما دخل مصر حضر إِلَيْهَا وَسمع عَلَيْهَا الحَدِيث وللمصريّين فِيهَا اعْتِقَاد عَظِيم وَلما توفّي الشَّافِعِي ادِخلت جنَازَته إِلَيْهَا وصلّت عَلَيْهِ فِي دارها وَكَانَت دارها مكانَ مشهدِها الْيَوْم وَلم تزل بِهِ إِلَى أَن توفيت فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وَلما مَاتَت عزم زَوجهَا المؤتمن إِسْحَاق بن جَعْفَر)
الصَّادِق على حملهَا إِلَى الْمَدِينَة ليدفنها هُنَاكَ فَسَأَلَهُ المصريون بقاءها عِنْدهم فدفنت فِي الْوَضع الْمَعْرُوف بهَا الْآن بَين مصر والقاهرة عِنْد والمشاهد وَهَذَا الْموضع كَانَ يعرف يومذاك بدرب السبَاع فخرِب الدَّرْب واشتهر إِجَابَة الدُّعَاء عِنْد قبرها
ابْن نَفِيس الْمُحدث عَليّ بن مَسْعُود
ابْن النفيس الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن أبي الحزم
(نفيع)
3 - (نُفَيع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
نُفيع بن مسرح وَيُقَال ابْن الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ وَأمه سُمية أمَة الْحَارِث بن كلدة وَهِي أم زِيَاد بن أبي سُفْيَان ويكنى نفيعُ أَبَا بَكرةَ وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج غلامان يَوْم الطَّائِف إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعتقهما أَحدهمَا أَبُو بَكرة وَكَانَا مَوليَيه وَيُقَال إِنَّه تدلى من حصن بِبكرةٍ وَنزل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكناه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكرَة وَسكن أَبُو بكرَة الْبَصْرَة وَبهَا مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ مِمَّن اعتزل يَوْم الجل وَلم يُقَاتل مَعَ احدٍ من الْفَرِيقَيْنِ وَكَانَ أحد فضلاء الصَّحَابَة قَالَ الْحسن لم يسكن الْبَصْرَة أحد(27/101)
من الصَّحَابَة أفضل من عمرَان بن حُصَيْن وَأبي بكرَة ولع عقب كثير كَانَ لَهُم وجاهة وسؤدد بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ مِمَّن شهد على الْمُغيرَة بن شُعْبَة بالزناء فبتّ الشهادةَ وَجلده عمر حدّ الْقَذْف إِذْ لم تتمّ الشَّهَادَة ثمَّ قَالَ لَهُ تب لتُقَلَ شهادتك فَقَالَ لَا جَرَمَ لَا اشْهَدْ بَين اثْنَيْنِ أبدا مَا بقيت فِي الدُّنْيَا وَكَانَ أَبُو بكرَة يَقُول أَنا مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويأبى أَن ينتسِبَ وَكَانَ مثل النصل من الْعِبَادَة حَتَّى مَاتَ وَأوصى أَن يصلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ فصلّى عَلَيْهِ وَقد روى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم وَقد مر ذكر الشَّهَادَة الَّتِي شَهِدَهَا على الْمُغيرَة بن شُعبة وَمَا جرى فِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة
(الألقاب)
النُّفَيْلِي الْحَافِظ عبد الله بن مُحَمَّد
ابْن النقار الشَّافِعِي اسْمه عبد الْقَادِر بن دَاوُد
ابْن النقار عبد الله بن أَحْمد
النقاش الطَّبِيب عَليّ بن عِيسَى)
النقاش الْبَغْدَادِيّ عِيسَى بن هبة الله
النقاش الْحلَبِي مَسْعُود بن الْفضل
النقاش الْأَشْعَرِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
النقاش الْمُحدث اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
النفاش الْحَنْبَلِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
نقاش الْموصِلِي مَسْعُود بن الْحُسَيْن
النقاش الْمُفَسّر مُحَمَّد بن الْحسن
النقاش بدر بن أبي الرِّضَا
ابْن نقطة الْحَافِظ معِين الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ
ابْن النقور أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله
ابْن النَّقِيب الْمُفَسّر اسْمه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان
ابْن النَّقِيب الشَّاعِر الْحسن بن شاور
ابْن نما الحلّي عَليّ بن عَليّ(27/102)
(نمر)
3 - (النَمِر العُلكي الشَّاعِر)
النمر بن تَولَب بن زُهَيْر بن أُقيش بن عبد العُلكي وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومدحهُ بِشعر أوّله
(إِنَّا أَتَيْنَاك وَقد طَال السّفر ... نَقودُ خيلاً ضُمراً فِيهَا ضَرَر)
(نُطعِمها اللَّحْم إِذا عَزَّ الشَجَر ... وَاللَّحم فِي إطعامها اللَّحْم عسر)
وَمِنْهَا
(يَا قوم إِنِّي رجلٌ عِنْدِي خبر ... الله من آيَاته هَذَا الْقَمَر)
(والشمسَ والشِعرى وآياتٌ أُخَر ... من يتشاءم بالهُدى فالحِنثُ شَر)
قَالَ الْأَصْمَعِي كَانَ النمر بن تولبٍ أحد المخضرمين من الشُّعَرَاء وَكَانَ أَبُو عمرِو بنُ الْعَلَاء يسميّه الكيّس وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة النمر كَانَ شَاعِر الربَاب فِي الْجَاهِلِيَّة وَلم يمدح أحدا وَلَا هجا وَأدْركَ الْإِسْلَام وَهُوَ كَبِير وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلام كَانَ النمر بن تولب جواداً لَا يكَاد يمسك شَيْئا وَكَانَ فصيحاً جريئاً على الْمنطق وَهُوَ الَّذِي يَقُول
(لَا تغضَبَنَّ على امرِىءٍ فِي مَاله ... وعَلى كرائم صُلبِ مالِك فاغضَبِ)
(وَإِذا تُصِبكَ خَصاصةٌ فارجُ الغِنَى ... وَإِلَى الَّذِي يُعطي الرَغائِبَ فارغب)
وَهُوَ الْقَائِل
(أعدني رَبّ من حَصَرٍ وَعيٍّ ... وَمن نفس أُعالِجُها عِلاجاً)
ويُستحسن قَوْله
(تدارك مَا قبل الشَّبَاب وَبعده ... حوادثُ أَيَّام تمرّ وأعقلُ)
(يودّ الْفَتى طول السَّلامَة والغنى ... فَكيف يرى طول السَّلامَة يفعل)
(يردّ الْفَتى بعد اعتدالٍ وصحبةٍ ... يبوء إِذا رام الْقيام وَيحمل)
وروى فَرْوَة بن خَالِد الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء بن الشخِّير قَالَ كُنَّا بالرَّبذَة فجَاء أَعْرَابِي بكتف أَو صحيفَة فَقَالَ اقرءُوا مَا فِيهَا فَإِذا فِيهَا هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبني زُهَيْر بن أُقيش إِنَّكُم إِن أقمتم الصَّلَاة وَآتَيْتُم الزَّكَاة وأديتم خمسَ مَا غَنِمْتُم إِلَى النَّبِي فَأنْتم آمنون بِأَمَان الله عز وَجل قُلْنَا حَدثنَا يَرْحَمك الله مَا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ)
وَسلم فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول صَوْم شهر الصَّبْر وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر يُذهِبن وَغَر الصَّدْر وَقَالَ(27/103)
الْجريرِي وحَرّ الصَّدْر قُلْنَا أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا اراكم تتهموني وَأخذ الصَّحِيفَة وَمضى فسألنا عَنهُ فَقيل هَذَا النمر بن تولب وَهُوَ الْقَائِل
(أهيم بدَعدٍ مَا حَيِيتُ فغن أمُت ... فوا حَرَبا مَن ذَا يَهيِم بهَا بَعدي)
وَالْقَائِل أَيْضا
(أَبقَى الْحَوَادِث والأيّام من نمر ... آسادُ سُفٍ قديم أَثَره بادِ)
(تظَلّ تحفر عَنهُ الأَرْض مُندفناً ... بعد الذراعين والعينين وَالْهَادِي)
وَلما كبر النمر خرِف وَكَانَ هجيّراه أَصْبحُوا الرَّاكِب أنحروا للضيف أعْطوا السَّائِل تحملوا لهَذَا فِي حمالته كَذَا وَكَذَا لعادته بذلك وَلم يزل يهذِي بِهَذَا وَمثله حَتَّى مَاتَ وخرقت امْرَأَة من حيّ كرام وَكَانَ هجيّراها زوجوني قُولُوا لزوجي يدْخل مهده إِلَى جَانب زَوجي فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَا لِهج بِهِ أَخُو عكل النمر بن تولب فِي خَرَفه أَفْخَر وَأسرى وأجمل مَا لهجت بِهِ صاحبتكم ثمَّ ترّحم عَلَيْهِ
(نمير)
3 - (نُمَير الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ)
نمير بن خَرَشَة بن رَبيعة الثَّقَفِيّ حليفٌ لَهُم من بني الْحَارِث بن كَعْب كَانَ أحد الَّذين قدمُوا مَعَ عبد يَا ليل بِإِسْلَام ثَقِيف على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (الخَزاعِي الصَّحَابِيّ)
نمير بن أبي الْخُزَاعِيّ وَيُقَال الْأَزْدِيّ يكنى أَبَا مَالك بِابْنِهِ مَالك بن نمير سكن الْبَصْرَة لم يرو حَدِيثه غير عِصَام بن قدامَة عَن مَالك بن نمير عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجُلُوس فِي الصَّلَاة
3 - (قَاضِي دمشق)
نمير بن أَوْس الْأَشْجَعِيّ وَقيل الْأَشْعَرِيّ قَالَ ابْن عبد البّر ذكره فِي الصَّحَابَة من لم يمعن النّظر روى عَنهُ ابْنه الْوَلِيد بن نمير وَلَا يَصح لَهُ عِنْدِي صُحْبَة وَإِنَّمَا رِوَايَته عَن أبي الدَّرداء وأمّ الدَّرْدَاء وَكَانَ قَاضِي دمشق
(الألقاب)
النميري الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
النميري نصر بن الْحسن(27/104)
ابْن نمير الخارقي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
ابْن نمير الشَّافِعِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن نميران أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
(نميلَة)
3 - (الصَّحَابِيّ)
نُميلة بن عبد الله اللَّيْثِيّ نسبَه ابْن الْكَلْبِيّ وَقَالَ لَهُ صُحْبَة قَالَ نميلَة بن عبد الله بن فُقيم بن سَمان بن عبد الله بن كَعْب بن عَوْف بن كَعْب بن عَامر بن لَيْث صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ ابْن إِسْحَاق نميلَة بن عبد الله فَقتل مقيس بن صبَابَة يَعْنِي يَوْم الْفَتْح قَالَ وَكَانَ رجلا من قومه ذكره إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق
(نِهَايَة)
3 - (الواعظة بنت الأوسي)
نِهَايَة بنت صَدَقَة بن عَليّ بن مَسْعُود الواعظة العالمة أَمَةُ الْعَزِيز بنت الشَّيْخ ابي الْمَوَاهِب المقرىء الْمَعْرُوف بِابْن الأوسي سَمِعت من شُهدة الكاتبة وَتوفيت سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة
(الألقاب)
النهاوندي القَاضِي جلال الدّين قَاضِي صفد اسْمه عُثْمَان بن أبي بكر
وَابْنه القَاضِي شرف الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان
ابْن النن شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الله
النهرجوري الروضي أَبُو أَحْمد فِي آخر الأحمدين
(نهشل)
3 - (نَهشَل أَبُو خَيرة الْعَدوي البدوي)
نهشل بن زيد أَبُو خيرة الْأَعرَابِي بدوي من بني عدي دخل الحَضَرة وَله تصنيف وَهُوَ كتاب الحشرات قَالَ الْأَصْمَعِي دخل أَبُو خَيرة البَصري على أبي عمرِو بن الْعَلَاء فَقَالَ لَهُ كَيفَ تَقول يَا أَبَا خيرة خحفرت إراتِك قَالَ حفرتُ إراتَك فنصب التَّاء قَالَ فَكيف تَقول استأصل الله عِرقاتِهِم فَقَالَ عِرقاتَهُم فنصب التَّاء فَقَالَ أَبُو عمرِو لانَ جلدُك يَا أَبَا خيرة يُرِيد عاشَرتَ الحاضرةَ فاخطأت قَالَ ابو الْعَبَّاس وَهِي لُغَة لم تبلغ أَبَا عَمْرو قَالَ الزَّجاجي الأجود فِي هَذِه التَّاء أَن تكسر فِي مَوضِع النصب لِأَنَّهَا غير أَصْلِيَّة أما أرات فَجمع أرَت وي حُفرَةٌ يُخبَز فِيهَا وعِرقات جمع(27/105)
عِرق وَهُوَ الأَصْل وَلَكِن من الْعَرَب من ينصبه وَهِي لُغَة لَعَلَّهَا لم تبلغ أَبَا عَمْرو ويجعلون العِرقاة أَصْلهَا ويشبهون أراتَ إرةً أَثرها وأُراً إِذا حفرتَ حَفيرة يُطبخ فِيهَا وإراتٌ جمع إرَة وَقَالَ الْمَازِني كَانَ أَبُو عَمْرو يردُّه وَيَرَاهُ لحنا قَالَ الْمَازِني اخْتلفُوا فِيهَا فَقَالَ بَعضهم عرِقاتِهم وعرِقاتَهم فأمّا من قَالَ عِرقاتِهم فَإِنَّهُ سيجعله جمع عِرق وَمن نصبَه صيّره وعِراقاتَهم فَأَما من عِرقاتِتهم فَإِنَّهُ يَجعله جمع عِرق وَمن نصبَه صيّره بِمَنْزِلَة سِعلاة وعَلقاة وَأما لغاتُهم وَمَا أشبه ذَلِك فَلَا يجوز فِيهِ غير الْكسر لِأَنَّهُ تَاء جمعٍ وَالْأَصْل فِي لُغَة لُغوَة فَلَمَّا تحركت الْوَاو وَانْفَتح مَا قبلهَا قُلبت ألفا
(نهيك)
3 - (نَهيك الخزرجي)
نهيك بن أَوْس بن خزمة بن عدي أبي الخزرجي من القوافل شهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن أخي خزمة بن خُزَيْمَة ذكره الطَّبَرِيّ وَغَيره فِي الصَّحَابَة
3 - (اليكشري)
نهيك بن صُريمٍ اليكشري وَيُقَال السَّكوني مَعْدُود فِي أهل الشَّام لَهُ حَدِيث وَاحِد رُوى عَن أبي إريس الْخَولَانِيّ عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لتقاتلنّ الْمُشْركين أَو قَالَ الْكفَّار حَتَّى يُقَاتل بَقِيَّتكُمْ الدجّال على نهرٍ بالأُردنّ الحَدِيث
3 - (الصَّحَابِيّ)
نهيك بن عَاصِم بن المنتفق قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد بني عبد الْمُنفق مَعَ أبي رزين لَقِيطِ بن عَامر مَذْكُور فِي حَدِيثه
(نوار)
3 - (النَوّار الصحابية)
النوّار بنت قيس بن الْحَارِث بن عدي هِيَ من المبايعات قَالَه العدويز
3 - (أم زيد بن ثَابت)
النوّار بنت مَالك بن صَرمة أم زيد بن ثَابت النصاري الْفَقِيه الفارض كَاتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَنْهَا أم سعد بنت أسعد بن زُرَارَة والنوار صحابيّة
3 - (امْرَأَة الفرزدق)
النَوار ابنةُ أعيَن بن ضُبَيعة بن عِقالٍ الْمُجَاشِعِي بِفَتْح النُّون(27/106)
وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف رَاء زَوْجَة الفرزدق وَابْنَة عَمه جدّها ضبيعة هُوَ الَّذِي عَقَر جمل عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَوْم الْجمل وَكَانَ النوار قد خطبهَا رجل من قُرَيْش فَبعثت إِلَى الفرزدق تسأله أَن يكون وليّها فَقَالَ إِن بِالشَّام من هُوَ أقرب إليكِ مني وَمَا آمَنُ أَن يقدَم قادمٌ فيُنكِر ذَلِك عليّ فأشهدي عليكِ أنكِ قد جعلتِ أَمرك إليّ فَفعلت فَخرج بالشهود فَقَالَ أشهدكم أَنَّهَا قد جعلت أمرهَا إليّ وَأَنا أشهدكم أَنِّي قد تزوجتُها على مائَة نَاقَة حَمْرَاء سُود الحَدَق فَغضِبت من ذَلِك واستعَدَت عَلَيْهِ)
وَخرجت إِلَى عبد الله بن الزبير وَالْعراق والحجاز يَوْمئِذٍ إِلَيْهِ وَخرج الفرزدق أَيْضا يتبعهَا فَنزلت النوار على خَوْلَة بنت مَنْظُور بن زَبان الفَزارية زَوْجَة عبد الله بن الزبير فرقّقتها وسألتها الشَّفَاعَة لَهَا وَأما الفرزدق فَنزل على حَمْزَة بن عبد الله بن الزبير وَهُوَ ابْن خَوْلَة ومدحه فوعده الشَّفَاعَة فتكلمت خَوْلَة فِي النوار وَيتَكَلَّم حَمْزَة فِي الفرزدق فأنجحت خَوْلَة وَأمر عبد الله بن الزبير للفرزدق أَن لَا يقربهَا حَتَّى تصير إِلَى الْبَصْرَة فيحتكمان إِلَى عَامله عَلَيْهَا فَخَرَجَا وَقَالَ الفرزدق
(أمّا البَنون فَلم تٌقبَل شفاعتُهم ... وشُفِّعَت بِنت مَنْظُور بن زَبانا)
(لَيْسَ الشَّفِيع الَّذِي يَأْتِيك متزِراً ... مثلَ الشفيعِ الَّذِي يَأْتِيك عُريانا)
ثمَّ إِن الفرزدق اتّفق مَعهَا وَبَقِي زَمَانا لَا يُولد لَهُ ولدٌ ثمَّ وُلِد لَهُ بعد ذَلِك عدَّة أَوْلَاد مِنْهَا مذكورين فِي تَرْجَمَة أَبِيهِم ثمَّ إِن الفرزدق لم تزل بِهِ إِلَى أَن طَلقهَا لأمرٍ يطول شَرحه ثمَّ إِن نَدم على ذَلِك وَقَالَ
(ندِمتُ نَدامةَ الكُسعِيّ ... لما غدَت مِنْهُ مُطلقوً نوارُ)
(وَكَانَت جَنَّتي فخرجتُ عَنْهَا ... كآدَمَ حِين أَخرجَه الضرار)
ثمَّ إِنَّه رَاجعهَا وَاتفقَ بعد ذَلِك أَنه أَرَادَ امْرَأَة شريفة على نَفسهَا فامتنعت عَلَيْهِ فتهدّدها بالهجاء والفضيحة فاستعانت عَلَيْهِ بالنوار وقصَّت أمرهَا فَقَالَت لَهَا واعديه لَيْلَة ثمَّ أعلِميني فَفعلت وَجَاءَت النوار فَدخلت الحَجَلة مَعَ الْمَرْأَة فَلَمَّا دخل الفرزدق الْبَيْت أمرت الْجَارِيَة فأطفأت السِّراج وبادرت الْمَرْأَة الْخُرُوج من الحجلة وَدخل الفرزدق الحجلة فَوَقع بالنوار وَهُوَ لَا يشكّ أَنَّهَا صاحبته فَلَمَّا فرغ قَالَت لَهُ يَا عدوّ الله يَا فَاسق فَعرف نغمتها وَأَنه خُدِع فَقَالَ هلا وَأَنت هِيَ يَا سُبْحَانَ الله مَا أطيَبِك حَرَامًا وأردأك حَلَالا وأخبارهما مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني وَتزَوج الفرزدق عَلَيْهَا عدّة من النِّسَاء وَهِي فِي حباله وَتوفيت فِي حَيَاته وأوصت بِأَن يصلِّيَ الْحسن الْبَصْرِيّ عَلَيْهَا فصلّى وَدَار بَينه وَبَين الفرزدق كَلَام يَأْتِي فِي تَرْجَمَة الفرزدق إِن شَاءَ الله(27/107)
(نواس)
3 - (النَّواس الْكلابِي الصَّحَابِيّ)
النواس بن سمْعَان بن خَالِد بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعَة مَعْدُود فِي الشاميين يُقَال إِن أَبَاهُ سمْعَان وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسلمن فَدَعَا لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْطَاهُ نَعْلَيْه فقبلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزوّجه أختَه فَلَمَّا دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعوذت مِنْهُ فَتَركهَا وَهِي الْكلابِيَّة روى عَن النواس جُبير بن نُفَير وبشرُ بنُ عبيدِ الله وجماعةٌ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الألقاب)
أَبُو نَواس الْحسن بن هاني
ابْن أبي نَواس اسْمه المطهَّر بن سُلَيْمَان
ابْن النوَّام عمر بن عَليّ
النوباغي الأديب مُحَمَّد بن عُثْمَان
النوبختي جمَاعَة مِنْهُم أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن الْحُسَيْن
وَالْحسن بن مُوسَى
وَالْحُسَيْن بن عَليّ
وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن إِسْمَاعِيل
وَمِنْهُم عَليّ بن أَحْمد
وَمِنْهُم عَليّ بن الْعَبَّاس
وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن عَليّ
ابْن نوبي هبة الله بن محمدٍ
ابْن النوت المعرّي اسْمه عبد الْوَاحِد بن الْفرج
(نوح)
3 - (نُوح الضُّبَعي الصَّحَابِيّ)
نوح بن مخلَدٍ الضُبَعي جدّ أبي حَمْزَة الضبعِي روى عَنهُ أَبُو حَمْزَة أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة فَقَالَ لَهُ مِمَّن أَنْت قَالَ من ضَيْعَة بن ربيعَة فَقَالَ(27/108)
لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَير ربيعَة عبد الْقَيْس ثمَّ الحيّ الَّذِي أَنْت مِنْهُم قَالَ ثمَّ أبضع معي فِي حلتين من الْيمن
3 - (أَبُو عصمَة الْجَامِع)
نوح الْجَامِع بن أبي مَريم هُوَ أَبُو عصمَة الْمروزِي قَاضِي مرو كَانَ أحد الْأَعْلَام ولقِّب نوح الْجَامِع لِمَعْنى وَهُوَ أَنه أَخذ الْفِقْه عَن أبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى والْحَدِيث عَن حَجاج بن أَرْطَأَة وَالتَّفْسِير عَن ابْن الْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل والمغازي عَن ابْن إِسْحَاق وروى عَن الزُّهريّ وعَمرو بن دِينَار وَابْن المنكَدِر قَالَ ابْن حبّان جمع كلّ شَيْء إلاّ الصِّدق وَكَانَ مُرجِئاً وَذكر الْحَاكِم أَنه وضع حَدِيث فَضَائِل سُوَر الْقُرْآن وَكَانَ شَدِيدا على الجهميّة وَقَالَ البُخَارِيّ ذاهبُ الحَدِيث جدّاً وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسبعين وَمِائَة
3 - (قَاضِي بَغْدَاد)
نوح بن درّاج القَاضِي بالجانب الشَّرْقِي من بَغْدَاد الْكُوفِي الْفَقِيه أحد الْمُجْتَهدين تفقه على أبي حنيفَة وعَلى عبد الله بن شُبرُمة كذّبه يحيى بن معِين وَقَالَ ابْن حبّان روى مَوْضُوعَات وضعّفه النَّسَائِيّ وَغَيره وأضرّ بِآخِرهِ وَبَقِي يحكم ثَلَاث سِنِين حَتَّى فطِنوا لَهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الحُداني الْبَصْرِيّ)
نوح بن قيس الحُداني الطاحيّ الْبَصْرِيّ روُي عَن ابْن مَعِين ثقةٌ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بأسٌ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْملك الحميد الساماني)
نوح بن نصر بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل المير السَّامانيّ من بَيت مُلُوك بُخَارى وَهُوَ الْملك الحميد عثرت بِهِ فرسه فَمَاتَ فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَبَقِي فِي الْملك اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَثَلَاثَة أشهر)
3 - (جِحَى)
نوح أَبُو الْغُصْن الْمَعْرُوف بِجِحَى بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة قَالَ الجاحظ إِنَّه أربى على الْمِائَة وَفِيه يَقُول عمر بن أبي ربيعَة
(دلَّهتَ عَقْلِي وتَلَعَّبتَ بِي ... حَتَّى كأنيّ من جنوني جِحّى)
ثمَّ أدْرك أَبَا جَعْفَر وَترك الْكُوفَة قيل لَهُ يَوْمًا تعلّمت الْحساب قَالَ نعم وَلم يُشكل(27/109)
عليّ مِنْهُ شَيْء قيل لَهُ فاقسِم أَرْبَعَة دَرَاهِم على ثَلَاثَة أنفُس فَقَالَ لكلّ رجل مِنْهُمَا دِرْهَمَانِ وَلَيْسَ للثَّالِث شَيْء وَأَرَادَ الْمهْدي أَن يعبث بِهِ فَدَعَا بالنطع وَالسيف فَلَمَّا أُقعِدَ فِي النطع وَقَامَ السيّاف على رَأسه وهزّ السَّيْف رفع إِلَيْهِ رَأسه وَقَالَ انْظُر لَا تُصيب محاجمي بِالسَّيْفِ فَإِنِّي قد احتجمت فَضَحِك الْمهْدي وَأَجَازَهُ وَمَاتَتْ لِأَبِيهِ جَارِيَة حبشية فَبعث بِهِ إِلَى السُّوق ليَشْتَرِي لَهَا كفناً فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ حَتَّى أنفذ غَيره وحملت جنازتها فجَاء جحى وَقد حملت فَجعل يعدوا إِلَى الْمَقَابِر وَيَقُول هَل رَأَيْتُمْ جَنَازَة جَارِيَة حبشية وكفنها معي وجمَحت بِهِ بغلته يَوْمًا فَأخذت بِهِ فِي غير الطَّرِيق الَّذِي أَرَادَهُ فَلَقِيَهُ صديق لَهُ فَقَالَ أَيْن عزمت يَا أَبَا الْغُصْن فَقَالَ فِي حَاجَة للبغلة وَحمل مرّة جرّةً خضراء إِلَى السُّوق يَبِيعهَا فَقيل لَهُ إِنَّهَا مثقوبة فَقَالَ لَا إِنَّهَا كَانَ فِيهَا لأمي وَمَا سَالَ مِنْهُ شَيْء وَأَعْطَاهُ أَبوهُ درهما يَزِنه فطرحه فِي الكفّة وَطرح فِي الكفّة الْأُخْرَى صنجة دِرْهَمَيْنِ فَلم يستويا فَطرح على الدرهمين حبتين ثمَّ قَالَ لِأَبِيهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْء وَينْقص حبتين ورُوي يَوْمًا فِي السُّوق وَهُوَ يَقُول مرّت بكم جَارِيَة لمخضوب اللِّحْيَة وَنظر يَوْمًا إِلَى رجل مُقَيّد وَهُوَ مغتّم فَقَالَ مَا غمّك إِذا نُزِع عَنْك فثمنه فِيهِ ولبسه ربح وَمَاتَتْ خَالَته فَقَالُوا اذْهَبْ واشتر لَهَا حَنوطا فَقَالَ أخْشَى أَن لَا ألحق الْجِنَازَة وتبخر يَوْمًا فاحترقت ثِيَابه فَقَالَ واللهِ لَا تبخرتُ إِلَّا عُرياناً وَلما قدم أَبُو مُسلم الْعرَاق قَالَ ليقطين بن مُوسَى أحبي أَن أرى جحى فوجّه يَقْطِين إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ تهَيَّأ لتدخل غَدا على أبي مُسلم فَإِذا دخلتَ فسلِّم وَإِيَّاك أَن تتَعَلَّق بِشَيْء فَإِنِّي أَخَاف مِنْهُ عَلَيْك فَلَمَّا أُدخل من الْغَد على أبي مُسلم نظر وَإِذا يَقْطِين إِلَى جَانب أبي مُسلم فسلّم ثمَّ قَالَ يَا يَقْطِين أيّكما أَبُو مُسلم فَضَحِك أَبُو مُسلم حَتَّى وضع يَده على فِيهِ وَلم يُر قبل ذَلِك ضَاحِكا وَأَرَادَ الْخُرُوج إِلَى ضَيْعَة فَقيل لَهُ أحسن الله صحابتك فَقَالَ الْموضع أقرب من ذَلِك وعجن فِي منزله فطلبوا مِنْهُ خَطباً فَقَالَ إِن لم يكن خَطبٌ فاخبِزوه فطيراً وَلما حذق فِي الْكِتَابَة والحساب بعث بِهِ المعلّم مَعَ الصّبيان إِلَى)
أَبِيه فَقَالَ لَهُ أَبوهُ وَكَيف صَار فِيهَا دانقان فَقَالَ يكون فِيهَا دِرْهَم ثقيل وَأكل يَوْمًا مَعَ أناسٍ رؤوساً فَلَمَّا فرغ قَالَ أطْعمكُم الله من رُؤُوس أهل الْجنَّة وضرط أَبوهُ يَوْمًا فَقَالَ جحى على أيري فَقَالَ أَبوهُ مَا هَذَا فَقَالَ حسِبتُك أُمِّي وَمَاتَتْ أمه فَجعل يبكي وَيَقُول رحمكِ الله فَلَقَد كَانَ بابكِ مَفْتُوحًا ومتاعك مبذولاً وَدخل يَوْمًا إِلَى الْبَيْت فَرَأى جَارِيَة أَبِيه نَائِمَة فَركب على صدرها وراودها فانتبهت وَقَالَت من فَقَالَ اسكتي أَنا أبي واجتاز يَوْمًا بقومٍ وَفِي كمه خوخ فَقَالَ من أَخْبرنِي بِمَا فِي كمي فَلهُ أكبر خوخة فِي كمي فَقَالُوا خوخ فَقَالَ مَا أخْبركُم بذلك إِلَّا من أمه زَانِيَة وَقَالَ لَهُ أَبوهُ يَوْمًا احْمِلْ هَذَا الحَبّ وقيّره فَذهب بِهِ وقيره من خَارج فَقَالَ أَبوهُ مَا هَذَا أسخن الله عَيْنك أرأيتَ من فيّر حُباً من خَارج(27/110)
فَقَالَ اقلِبه مثل الخُف وَقد صَار القِير من دَاخل وَبَات لَيْلَة مَعَ صبيان فَجعلُوا يفسون فَقَالَ لأمرأته هَذَا وَالله بلية قَالَت دعهم يفسون فَإِنَّهُ ادفاء لَهُم فَقَامَ وخَرِىء وسط الْبَيْت وَقَالَ أنبهي الصّبيان حَتَّى يصطلوا بِهَذِهِ النَّار وَقيل لَهُ يَوْمًا مَا لوجهك مستطيلاً قَالَ وُلدتُ فِي الصَّيف وَلَوْلَا أَن الشتاءَ أدْركهُ لَسَالَ وَجْهي وَأخذ بَوْله فِي قَارُورَة وَمضى بِهِ إِلَى الطَّبِيب وَقَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنقطع إِلَى بعض الْمُلُوك فَانْظُر هَل اُصيبُ مِنْهُ خيرا وَمَاتَتْ لَهُ ابْنة فَذهب ليَشْتَرِي كفناً فَلَمَّا بلغ البزازين رَجَعَ مسرعاً وَقَالَ لَا تحملوها حَتَّى أجيء أَنا وَمر بالميدان فَرَأى قصراً مشرفاً فَوقف ينظر ويتوسمه طَويلا ثمَّ قَالَ أتوهّم أَنِّي رَأَيْته فِي محلّة بني فلَان وَخرج يَوْمًا بقُمقُم يَسْتَقِي فِيهِ من مَاء النَّهر فَسقط من يَده وغرق فَقعدَ على شاطىء النَّهر فمرّ بِهِ صَاحب لَهُ فَقَالَ مَا يقعدك هَهُنَا فَقَالَ غرق لي هُنَا قُمقُم وَأَنا أنْتَظر أَنه ينتفخ ويطفو وَاشْترى يَوْمًا نقانق فانقض عَلَيْهِ عُقاب فاختطفه فَقَالَ لَهُ يَا مِسْكين من أَيْن لَك جَرذَق يَأْكُلهُ بِهِ وَركب يَوْمًا حمارا وَعقد ذنَبه فَقَالُوا لَهُ لِمَ فعلت هَذَا فَقَالَ لِأَنَّهُ يقدّم سَرجَه
(نوروز)
3 - (النُّوَين نَائِب غازان)
نوروز نَائِب غازان كَانَ دّيناً مُسلما عالِيَ الهمة حرّض بغازان حَتَّى أسلم وملّكه الْبِلَاد ثمَّ وَقع بَينهمَا فَقتل غازان أَخا نوروز وأعوانه وجهز لقتاله خطلوشاه النُّوين فتفلل جمع نوروز واحتمى بهراة فقاتل عَنهُ أَهلهَا ثمَّ إِنَّهُم عجزوا عَن نصرته فَقتل نوروز فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى غازان
3 - (الْأَمِير سيف الدّين الناصري)
نوروز الْأَمِير سيف الدّين الناصري كَانَ فِي مصر مُعظما إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين طاز من الْحجاز فَأَقَامَ قَلِيلا ورسم بِإِخْرَاج نوروز إِلَى دمشق على إقطاع الْأَمِير سيف الدّين شيخوا الساقي القازاني أَمِير مائَة وَحضر على ثَلَاثَة أرؤس من خيل الْبَرِيد فوصل إِلَى دمشق فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة وَأقَام بهَا أَمِيرا إِلَى أَن ورد المرسوم من الْملك الصَّالح صَالح على الْأَمِير سيف الدّين أرغون الكاملي نَائِب الشَّام بإمساكه واعتقاله فِي قلعة دمشق فأمسكه فِي حادي عشْرين شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة
النُّور الْحَكِيم عبد الرَّحْمَن بن عمر(27/111)
نورا لدين الْهَاشِمِي عَليّ بن جَابر
النورشاذَر الخليع اسْمه عبد الْقوي
(نَوْفَل)
3 - (عمّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب عمّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أسنّ مَن أسلم من بني هَاشم أعَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حُنين بِثَلَاثَة آلَاف رُمح آخَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين الْعَبَّاس وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الدُؤلي الصَّحَابِيّ)
نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الدُؤلي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة شهد الْفَتْح وحجّ مَعَ أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَقيل عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَام
3 - (العامري الْحِجَازِي)
نَوْفَل بن مُساحِق العامري الْحِجَازِي روى عَن عمر وَعُثْمَان بن حُنَيفٍ وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيل توفّي فِي حُدُود التسعين وروى لَهُ أَبُو دَاوُد
3 - (الْأَمِير نَاصِر الدّين الزبيدِيّ)
نَوْفَل الْأَمِير نَاصِر الدّين سيّد عرب زُبيد كَانَ حُرمة ووجاهة ومكانة وَهُوَ الَّذِي أَخذ الْملك النَّاصِر يُوسُف صَاحب الشَّام يَوْم المصافّ وَنَجَا بِهِ يَوْم البحرية فَعرف لَهُ ذَلِك وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة
(الألقاب)
ابْن أبي النوق الطَّبِيب عَتيق بن تَمام
ابْن أبي النوق الشَّاعِر عُثْمَان
النُوقاني مُحَمَّد بن أبي عَليّ
النَّوَوِيّ الشَّيْخ محيي الدّين اسْمه يحيى بن شرف
النويري شهَاب الدّين المؤرخ الْمصْرِيّ اسْمه أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب(27/112)
النويري عُثْمَان بن يُوسُف
(نيار)
3 - (نِيار الصَّحَابِيّ)
نيار بن مَسْعُود بن عَبدة بن مُظهر شهد أحدا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبِيهِ مَسْعُود قَالَه الطَّبَرِيّ
3 - (الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ)
نيار بن مُكَرم الْأَسْلَمِيّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَهُوَ أحد الَّذين دفنُوا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ حَكِيم بن حزَام وَجبير بن مطعم وَأَبُو جَهم بن حُذيفة ونيار بن مكرم وَقَالَ مَالك بن أنس إِن جدّه مَالك بن أبي عَامر كَانَ خامسَهم روى نيار بن مكرم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى ألم غُلِبَتِ الرُّومُ إِلَى قَوْله تَعَالَى يومَئذٍ يَفرَحُ المؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ الحَدِيث بِطُولِهِ وروى عَنهُ عُروة بن الزبير وَابْنه عبد الله بن نيار
3 - (الصَّحَابِيّ)
نيار بن ظَالِم بن عَبس الْأنْصَارِيّ من بني النجار شهد أحدا قَالَه الطَّبَرِيّ
3 - (الألقاب)
ابْن النَيار الْحُسَيْن بن مُحَمَّد
ابْن النيار عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
النيري الخباز مَنْصُور بن مُحَمَّد
النَّيريزي الْخَطِيب بالنُّون وَالْيَاء آخر الْحُرُوف عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ وَهُوَ غير الْخَطِيب التبريزي بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَالْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف
النيلي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز
النيلي الْمُؤَدب سعيد بن أَحْمد(27/113)
(حرف الْهَاء)
(هادي)
3 - (أَبُو الْحسن الْحُسَيْنِي)
هادي بن مهْدي بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الْمهْدي أَبُو الْحسن بن أبي البركات الْعلوِي الْحُسَيْنِي سبط شيخ الشُّيُوخ إِسْمَاعِيل بن أبي سعد الصُّوفِي ولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بِمَكَّة وَسمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم بن الحُصَين وَأبي البركات بن حُبَيش الفارقي وَغَيرهمَا وسافر إِلَى الشَّام واتصل بِالْملكِ الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد بحلب وصادف مِنْهُ قبولاً كثيرا وَقدم مَعَه دمشق دفعات وَحدث بحلب بِشَيْء يسير وَمَات بحلب سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (دَاعِيَة الْحَاكِم صَاحب مصر)
هادي المستجيبين ظهر أمرُه وبَهر كُفرُه وَسَار فِي الْبَوَادِي يَدْعُو إِلَى عبَادَة الْحَاكِم صَاحب مصر وسبّ الرَّسُول صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وبّصق على المُصحَف ظفروا بِهِ وصلبوه وأحرقوه بِمَكَّة سنة عشر وَأَرْبَعمِائَة
(الألقاب)
الْهَادِي أَمِير الْمُؤمنِينَ العباسي اسْمه مُوسَى بن مُحَمَّد
الْهَادِي الفاطمي بن العاضد اسْمه يُوسُف بن عبد الله
الْهَادِي إِلَى الْحق ابْن طَبَاطَبَا الْعلوِي صَاحب الْيمن اسْمه يحيى بن الْحُسَيْن
ابْن الْهَادِي الْمُحْتَسب اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم
(هَارُون)
3 - (أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الخزاز)
هَارُون بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الخزاز قَالَ أَبُو حَاتِم شيخ تَاجر مَحَله الصِّدق توفّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة(27/114)
3 - (الهَمذاني الْكُوفِي الصَّالح)
هَارُون بن إِسْحَاق الهَمذاني الْكُوفِي الرجل الصَّالح روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة ووثَّقه النَّسَائِيّ وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَمِير ابْن المقتدر)
هَارُون بن جَعْفَر المقتدر بِاللَّه بن أَحْمد المعتضد بِاللَّه بن مُحَمَّد الْمُوفق بِاللَّه بن جَعْفَر المتَوَكل على الله بن مُحَمَّد المعتصم بِاللَّه بن هَارُون الرشيدج بِاللَّه بن محم الْمُهْتَدي بِاللَّه بن الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو عبد الله ذكر الصولي أَن أَبَاهُ خلع عَلَيْهِ وقلده فَارس وكرمان لست بَقينَ من شَوَّال سنة ثَمَان عشرَة وثلاثمائة وَأَنه سمع من أبي الْقَاسِم البَغَوي بإفادته لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مؤدبه وَأَنه كَانَ كَامِلا فِي عقله وأدبه وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (النَّحْوِيّ)
هَارُون بن زِيَاد مؤدب الواثق بِاللَّه روى عَنهُ وَلَده أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر
3 - (الهَجَري)
هَارُون بن زَكَرِيا الهجري أَبُو عَليّ صَاحب كتاب النَّوَادِر المفيدة وَبَعض يسميها الآمالي روى عَنهُ ثَابت بن حزم السَّرقُسطي ولقيه قَاسم بن ثَابت بالمغرب ولقيه غَيرهمَا بالمشرق
3 - (الْأَيْلِي)
هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي مولى بني سعد روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وثَّقة النَسائي وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْمَأْمُون)
هَارُون بَين عبد الله الْمَأْمُون بن هَارُون الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور قَالَ الْفضل بن مُحَمَّد اليزيدي جَاءَ عمّي إِبْرَاهِيم إِلَى هَارُون بن الْمَأْمُون فصادفه فدخلا هُوَ وَجَمَاعَة من الْمُعْتَزلَة)
فَلم يصل إِلَيْهِم وحجب عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ
(غلبت عَلَيْكُم هَذِه الْقَدَرِيَّة ... فعليكُمُ مني السَّلَام تَحِيَّة)
(آتيكم شوقاً فَلَا ألقاكم ... وهُمُ لَديكُم بُكرَةً وعَشِيه)(27/115)
(هَارُون قائدهم وَقد حَفت بِهِ ... أشياعهُ وَكفى بِتِلْكَ بليَّه)
(لَكِن قائدَنا الإمامُ ورأيُنا ... مَا قد رَوَاهُ فَنحْن مامُونيه)
3 - (ابْن الْمُعْتَمد)
هَارُون بن عبد الْعَزِيز بن الْمُعْتَمد على الله أَحْمد بن جَعْفَر المتوكّل على الله بن مُحَمَّد بن المعتصم بن هَارُون الرشيد بِاللَّه بن المهي مُحَمَّد بن الْمَنْصُور عبد الله أَبُو مُحَمَّد قَرَأَ الْأَدَب على أبي الْعَبَّاس الْمبرد وَأحمد بن يحيى ثَعْلَب وَسمع مِنْهُمَا وَمن الْقَاسِم بن بشارٍ الْأَنْبَارِي وَابْنه أبي بكرٍ وَغَيرهم وسافر إِلَى مصر وسكنها وأملى بهَا أمالي أدبيةً وروى عَن جمَاعَة من شُيُوخه وروى عَنهُ الْوَزير أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْفضل بن الْفُرَات وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ الحمّال)
هَارُون بن عبد الله بن مَرْوَان الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْبَغْدَادِيّ الْبَزَّاز الْمَعْرُوف بالحمال روى عَنهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِنَّمَا سمّي الحمّال لِأَنَّهُ حمل رجلا فِي طَرِيق مَكَّة على ظَهرَه فَانْقَطع بِهِ فِيمَا يُقَال وَقَالَ إِبْرَاهِيم الحَربي لَو كَانَ الكذِب حَلَالا لتركتُه نزاهة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَليّ الأُوارِجي)
هَارُون بن عبد الْعَزِيز الأوارجي أَبُو عَليّ ولي الْأَعْمَال الجليلة من الْخراج وَكتب الحَدِيث وصحِب الحلاّج وخالط الصُّوفِيَّة وَلما توقف على أَمر الحلاج أظهرَ أمره وأطلَع الْوَزير عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (ابْن الزوّال)
هَارُون بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب بن الْحُسَيْن بن الْمَأْمُون بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور أَبُو مُحَمَّد بن أبي شُجَاع الْهَاشِمِي يعرف بِابْن الزَّوَال توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ فِيهِ فضل وأدب سمع قَاضِي الممارستان وَغَيره وحدّث)
وصنّف كتاب منهاج الطالبين فِي التَّارِيخ حوادث وَلم يستقصِ فِيهِ وقصّر قَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ رَأَيْته وَهُوَ مَشْهُور فِي ثَلَاث مجلدات
3 - (الشذوني الْمَالِكِي)
هَارُون بن عتاب الشذوني الغافقي الأندلسي كَانَ إِمَامًا فَقِيها حفظ المدوّنة حِفظاً بارعاً وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة(27/116)
3 - (المنجم الشَّاعِر)
هَارُون بن عَليّ بن يحيى بن أبي مَنْصُور أَبُو عبد الله المنجم الأديب الْفَاضِل كَانَ رِوَايَة للأشعارحسن المنادمة لطيف المجالسة صنف كتاب البارع فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء الموّلَّدين جمع فِيهِ مائَة وَإِحْدَى وَسِتِّينَ شَاعِرًا وافتتح بِذكر بشار بن برد وختمه بِمُحَمد بن عبد الْملك بن صَالح وَهَذَا الْكتاب أَعنِي البارع كتاب الباخَرزي وَهُوَ الدمية وَكتاب يتيمة الدَّهْر وَكتاب زِينَة الدَّهْر وَكتاب الخريدة كل هَذِه فروع على كتاب البارع وَهُوَ الأَصْل وَله ايضاً كتاب النِّسَاء وَمَا جَاءَ فِيهِنَّ من الْخَيْر وَالشَّر ومحاسن مَا قيل فِيهِنَّ وَقد تقدم ذكر وَلَده عَليّ فِي مَكَانَهُ وسوف يَأْتِي ذكر أَخِيه يحيى بن عَليّ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْيَاء فِي مَكَانَهُ وَكَانَ أَبُو مَنْصُور جدّ أَبِيه منجم أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور وَكَانَ مجوسياً وَكَانَ ابْنه يحيى أَبُو عَليّ مُتَّصِلا بِذِي الرياستين الْفضل بن سهل وَكَانَ الْفضل يعْمل بِرَأْيهِ فِي أَحْكَام النُّجُوم فَلَمَّا حدثت الكائنة على الْفضل صَار يحيلا منجم المؤمون ونديمه وَأسلم على يَده وَصَارَ بذلك مَوْلَاهُ وهم أهل الْبَيْت أدباء وفضلاء وشعراء وندماء جالسو الْخُلَفَاء وَقد عقد لَهُم الثعالبي فِي الْيَتِيمَة بَابا مُسْتقِلّا وَتُوفِّي يحيى الْمَذْكُور عِنْد خُرُوج الْمَأْمُون إِلَى طرطوس وَكَانَ هَارُون نازلاً فِي جوَار عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر فانتقل عَنهُ إِلَى دَار اشْتَرَاهَا بنهر الْمهْدي وَهِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي فَكتب إِلَيْهِ عبيد الله مستوحشاً
(يَا من تحوّل عَنَّا وَهُوَ يألَفنا ... بعدتَ جدا فَلَا يَا صرتَ تَلقانا)
(فاعلَم بأنك إِذْ بدّلتَ جِيرتنا ... بدّلت دَارا وَمَا بدّلتَ إخْوَانًا)
فَأَجَابَهُ هَارُون بن عَليّ
(يعدتُ عَنْكُم بداري دون خالصتي ... ومحضُ وُدّي وعهدي كَالَّذي كَانَا)
(وَمَا بدّلتُ مُذ فارقتُ قُربَكمُ ... إِلَّا هموماً أُعانِيها وأحزانا)
)
(وَهل يُسرُّ بسُكنى دَاره أحدٌ ... وَلَيْسَ أحبابُه للدَّار جيرانا)
وَقَالَ هَارُون
(سأخرُج عَن بَغْدَاد عِرضي موفَّرٌ ... وَلم تَعتَبِني مِنَّةٌ للئيمِ)
(وَإِنِّي على عُسري الآنفُ أَن أرى ... عليّ يدا نُعمَى لغير كريمَ)
وَدخل هَارُون يَوْمًا على أَبِيه عَليّ بن يحيى فَقَالَ يَا أبَه رَأَيْت فِي النّوم المتَوَكل وَهُوَ فِي دَاره على سَرِير إِذْ بصر بِي فَقَالَ أقبل إليّ ياهارون يزْعم أَبوك أَنَّك تَقول الشّعْر فأنشدِني طريد هَذَا الْبَيْت وَأَنْشَأَ يَقُول(27/117)
(أسالت على الْخَدين دمعا لَوَانَّه ... من الدُّر عقد كَانَ ذخْرا من الذخر)
فَلم أرد عَلَيْهِ شَيْئا وانتبهتُ فزحف أَبوهُ إِلَيْهِ مغضباً وَقَالَ لِمَ لم تقل
(فَلَمَّا دنا وَقت الْفِرَاق وَفِي الحشا ... لفرقتها لذع أحر من الجمرِ)
وَتُوفِّي هَارُون بن عَليّ فِي حُدُود التسعين والمائتين قيل سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَهُوَ شابّ
3 - (من بني المنجّم)
هَارُون بن عَليّ بن هَارُون بن عَليّ بن يحيى بن أبي مَنْصُور حفيد الْمُقدم ذكره قد ذُكِر لكلّ وَاحِد من أهل بَيته ترجمةٌ تخصه وَكَانَ هَارُون هَذَا أديباً فَاضلا عَارِفًا بِالْغنَاءِ وَله فِيهِ صَنعةٌ وتقدّمٌ فِي علم الْكَلَام وَله اخْتِيَار كتاب الأغاني
3 - (الشَّيْبَانِيّ الْكُوفِي)
هَارُون بن عنترة الشَّيْبَانِيّ الْكُوفِي وَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو زُرعة قَالَ ابْن حبَان لَا يجوز أَن أَن يُحتَجَّ بِهِ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد)
هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو جَعْفَر الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور يُقَال لَهُ المظفّر والموفّق والمؤيّد وسمَّى هُوَ نَفسه الْغَازِي الحاجّ وَكتب ذَلِك على قلنسُوَة لَهُ كَانَ شجاعاً كثير الحجّ والغزو وحجّ فِي خِلَافَته ثَمَانِي حجج وَقيل تسع وغزا ثَمَانِي غزوات وَلم يحجّ خَليفَة بعده وَكَانَ فِي أيّامه فتح هرقلة وَمَاتَتْ أمه الخَيزُران سنة ثَلَاث وَسبعين فَمشى فِي جنازتها وَهُوَ أَخُو الْهَادِي مُوسَى لِأَبَوَيْهِ وَلذَلِك قَالَ الثائل)
(يَا خَيزُران هناكِ ثمّ هُنَاكَ ... أمسَى العبادُ يسوسهم أبناك)
وَكَانَ طَويلا جسيماً مسمَّناً أَبيض قد وَخَطَه الشيب مولده سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة فِي نصف شَوَّال بِمَدِينَة الريّ وبويع لَهُ بِمَدِينَة السَّلَام فِي شهر ربيع الأول سنة سبعين وَمِائَة يَوْم مَاتَ الْهَادِي وَكَانَ وليَّ الْعَهْد بعده وَله يَوْمئِذٍ اثْنَتَانِ وَعشْرين سنة وَنصف وَتُوفِّي بطوس لإحدى عشرَة لَيْلَة من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة وَله سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة غير شَهْرَيْن وَجَاء نعيُّه إِلَى مَدِينَة السَّلَام يَوْم الْأَرْبَعَاء لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من جُمَادَى الْآخِرَة فَكَانَت مُدَّة خِلَافَته ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وشهرين وَسِتَّة عشر يَوْمًا وكاتبه أَبُو عَليّ يحيى بن(27/118)
خَالِد بن برمك ثمَّ الْفضل بن يحيى ثمَّ جَعْفَر أَخُوهُ ثمَّ كتب لَهُ أَبُو الْعَبَّاس الْفضل بن الرّبيع وَإِسْمَاعِيل بن صبيح وحاجبه بشر بن مَيْمُون ثمَّ مُحَمَّد بن خَالِد بن برمك ثمَّ الْفضل بن الرّبيع مَوْلَاهُ ونَقشُ خَاتمه كن مَعَ الله على حَذَر وَقيل كَانَ نقش خَاتمه بالحميريّة الله رَبِّي وعَلى خَاتم الْخلَافَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ يحجّ سنة ويغزو سنة وَلذَلِك قَالَ فِيهِ الْقَائِل
(فَمن يَطلُب لِقاءَك أَو يُرِدهُ ... فَبِالحرمَينِ أَو أقصَى الثُغورِ)
(فَفِي أرضِ العدوِّ على طِمِرٍّ ... وَفِي أَرض الثنيَّة فَوق كور)
وَكَانَ جواداً بِالْمَالِ وَاعْتمد على البرامكة فِي دولته فزينوها إِلَى أأكثروا الدالّة عَلَيْهِ ففتك بهم وَلَكِن سَاءَ تَدْبيره للْملك بعدهمْ وَظهر الاختلال فِي دولته بعدهمْ وَكَانَ يَقُول أَغرونا بهم حَتَّى إِذا هَلَكُوا وجدنَا فقدَهم وَلم يسدّوا مَسَدّهم وَكَانَ فصيح الْمقَال قَالَ لإسحاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَقد أنْشدهُ أبياتاً مِنْهَا
(وَكَيف أخافُ الفَقر أَو أُحرَمُ الغِنى ... ورأيُ أَمِير الْمُؤمنِينَ جميلُ)
لله دَرُّ أبياتٍ تَأْتِينَا بهَا مَا أحكمَ أصولَها واحسنَ فصولَها وأقلّ فضولها فَقَالَ إِسْحَاق أخذُ الْجَائِزَة مَعَ هَذَا الْكَلَام ظلمٌ وَله شعر جيّد مِنْهُ قَوْله فِي جَارِيَة صالحها
(دَعِي عَدَّ الذُّنوب إِذا الْتَقَيْنَا ... تَعالَي لَا نَعُدّ وَلَا تَعُدّي)
وَمِنْه
(مَلَك الثلاثُ الآنِساتُ عِناني ... وحَلَلنَ من قلبِي يكلّ مكانِ)
(مَالِي تُطاوِعُني البريّةُ كُلُّها ... وأُطيعُهنّ وهنّ فِي عِصياني)
(مَا ذَاك إلاّ أنّ سلطانَ الهَوى ... وَبِه غلَبنَ أعزُّ من سلطاني)
)
وَقيل إِنَّهَا للْعَبَّاس بن الْأَحْنَف قَالَهَا على لِسَان الرشيد وَمن شعر الرشيد يرثي جَارِيَته هيلانة
(أفٍّ للدنيا وللز ... ينة فِيهَا والأثاثِ)
(إِذْ حثا التُّربَ على هِيَ ... لانَ فِي الحُفرة حاثِ)
(فلهَا تبْكي البواكي ... وَلها تشجي المراثي)
(خلفتْ سُقمي طَويلا ... جعلت ذَاك تُرابي)
وَكَانَ من أميَز الْخُلَفَاء وأجّل مُلُوك الدُّنْيَا وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْم مائَة رَكْعَة إِلَى أَن مَاتَ وَيتَصَدَّق كل يَوْم من صُلب مَاله بِأَلف دِرْهَم وحدّث عَن أَبِيه وجدّه ومبارك بن فَضَاله(27/119)
وروى عَنهُ ابْنه الْمَأْمُون وَكَانَ يحبّ الْعلم وأهلَه ويعظِّم حُرُمات الله فِي الْإِسْلَام وَلما مَاتَ ابْن الْمُبَارك جلس للعَزاء وَأمر الْأَعْيَان أَن يُعزُّوه وخلّف مائَة ألف ألف دِينَار وَاجْتمعَ لَهُ مَا لم يجْتَمع لغيره وزراؤُه البرامكة وقاضيه أَبُو يُوسُف وشاعره مَرْوَان بن أبي حَفصة ونديمه الْعَبَّاس ابْن مُحَمَّد عمّ أَبِيه وحاجبه الْفضل بن الرّبيع أتيَهُ النَّاس وأعظمهم ومغنيّه إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَزَوجته زُبيدة قَالَ ابْن حزم أُراه كَانَ لَا يشرب النَّبِيذ الْمُخْتَلف فِيهِ إلاّ الْخمر المتّفّق على تَحْرِيمهَا ثمَّ جاهر جهاراً قبيحاً وَلما مَاتَ صلّى عَلَيْهِ ابْنه صَالح وَدَفنه بطوس وَكَانَ لَهُ من الوُلد ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ أَرْبَعَة عشر ذكرا وَأَرْبع عشرَة أُنثى فالذكور مُحَمَّد الْأمين وَمُحَمّد المعتصم وَمُحَمّد بن عِيسَى وَمُحَمّد أَبُو يَعْقُوب وَمُحَمّد أَبُو الْعَبَّاس وَمُحَمّد أَبُو سُلَيْمَان وَمُحَمّد أَبُو عَليّ وَعبد الله الْمَأْمُون وَالقَاسِم المؤتمن وَعلي وَصَالح وَأحمد السبتي وَأَبُو أَحْمد هَؤُلَاءِ الذُّكُور وسُكينة وَأم حبيب وأروَى وَأم الْحسن وحمدونة وَفَاطِمَة وَأم سَلمَة وَخَدِيجَة وَأم الْقَاسِم ورملة وَأم عَليّ ليبق والعالية ورَيطة وَذكر الروَاة أَن هَارُون الرشيد صنع قُسيماً من الشّعْر وَهُوَ المُلك لله وَحده ثمَّ إِنَّه ارتجّ عَلَيْهِ فَقَالَ استدعوا من بِالْبَابِ من الشُّعَرَاء فَدخل عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الجَمَّاز فَقَالَ الرشيد أجيزوا وأنشدهم القسيم فبدرهم الجماز وَقَالَ وللخليفة بعده فَقَالَ الرشيد زِدْ فَقَالَ الجماز وللمحب إِذا مَا حبيبُه بَات عِنْده فَقَالَ لَهُ الرشيد أحسنتَ لم تعدُ مَا نَفسِي وَأَجَازَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الواثق)
هَارُون بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَمِير الْمُؤمنِينَ الواثق بِاللَّه بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور أَبُو جَعْفَر وَأَبُو)
الْقَاسِم كناه بهَا الْمَأْمُون وَأمه أم ولدٍ يُقَال لَهَا قَراطيس أدْركْت خِلَافَته وَمَاتَتْ فِيهَا بِالْكُوفَةِ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت خرجت لِلْحَجِّ ودفنت فِي دَار عِيسَى بن مُوسَى وَكَانَ أَبيض إِلَى الصُّفْرَة حسن الْوَجْه جميل الطلعة جسيماً فِي عينه الْيُمْنَى نكتةُ بياضٍ مولده يَوْم الِاثْنَيْنِ لعشرٍ بَقينَ من شعْبَان سنة تسعين وَمِائَة وبويع لَهُ بسُرَّ من راى يَوْم الْخَمِيس لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ يَوْم مَاتَ المعتصم بِاللَّه وَله يَوْمئِذٍ ثَلَاثُونَ سنة وَتِسْعَة أشهر وَتِسْعَة أيّام وَتُوفِّي بسُرَّ من رأى يَوْم الثُّلَاثَاء أَو الْأَرْبَعَاء لخمس بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي أَحْمد بن أبي داؤد وَدفن بالهُرواني وَله سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة وَتِسْعَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام وَكَانَت خِلَافَته خمس سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام وَكَانَ كَاتبه مُحَمَّد بن(27/120)
عبد الْملك ابْن الزيّات وحاجبه ايتاخ وَمُحَمّد بن حَمَّاد بن دنقش ثمَّ مُحَمَّد بن عَاصِم وَقيل يَعْقُوب قوصرة وَنقش خَاتمه صُورَة أسدين بَينهمَا صُورَة رجل وَقيل صُورَة وَعل وعَلى خَاتم الْملك الله ثِقَة الواثق بِاللَّه وَكَانَ يُقَال لَهُ الْمَأْمُون الصَّغِير لشَبَه أَحْوَاله كلهَا بأحوال الْمَأْمُون وَكَانَ أعلم بني الْعَبَّاس بِالْغنَاءِ وَله أصوات مَشْهُورَة من تلحينه وَمن نَادِر كَلَامه لشخص كَانَ عَاملا لَهُ على عمل نُقِل عَنهُ أَنه قَالَ لمن تشفع إِلَيْهِ فِي قضيةٍ لَو شفع لَك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شفعتُك لَوْلَا أنّ فِي خَطاء لفظك إِشَارَة إِلَى صَوَاب معناك فِي استعظامك ووضعِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَايَة التَّمْثِيل لمثّلتُ بك ثمَّ أَمر أَن يُضرب ثَمَانِينَ سَوْطًا ورُئيَ الواثق فِي تِلْكَ الْحَالة وَهُوَ يرعِد غَضبا ثمَّ قَالَ وَالله لَا وليتَ لي عملا أبدا وَله شعر حسنٌ مِنْهُ قَوْله
(قَالَت إِذا الليلُ دَجا فأتِنا ... فجِئتُها حِين دجا الليلُ)
(خفيُّ الرجل من حارسٍ ... وَلَو دَرى حلَّ بِهِ الوَيل)
وَمِنْه
(تنحَّ عَن الْقَبِيح وَلَا تُرِده ... ومَن أولَيتَه حُسناً فزِدههُ)
(ستُكفَى من عدوّك كل كَيدٍ ... إِذا كَاد العدوّ وَلم تكِده)
وَكَانَ يحبّ خَادِمًا أُهدِيَ لَهُ من مصر فأغضبه الواثق يَوْمًا فَسَمعهُ يَقُول لبَعض الخَدَم واللهِ إنّ الواثق ليَروم مُنْذُ أمس أَن أكلِّمَه فَلم أفعل فَقَالَ
(يَا ذَا الَّذِي بعذابي ظَلَّ مُفتخراً ... هَل أنتَ إلاّ مليكٌ جارَ فاقتَدَرا)
)
(لَوْلَا الهَوى لتجارَينا على قَدَرٍ ... وَإِن أُفق مرّة مِنْهُ فَسَوف ترى)
وَقَالَ ابْن أكتم مَا أحسنَ أحدٌ إِلَى آل أبي طَالب مَا أحسن إِلَيْهِم الواثق مَا مَاتَ وَفِيهِمْ فَقير وَكَانَ ابْن ابي دُؤاد قد استولى على الواثق وَحمله على التشدّد فِي المحنة بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن وَيُقَال إِن الواثق رَجَعَ قبل مَوته عَن القَوْل بِخلق الْقُرْآن وَقَالَ عبيد الله بن يحيى إبرؤاهيم بن أَسْبَاط السَّكَن قَالَ حُمِل مِمَّن حُمِل رَجُلٌ مكبَّلٌ بالحديد من بِلَاده فاُدخِل فَقَالَ ابْن أبي دُؤاد تَقول أَو أَقُول قَالَ هَذَا من أوّل جوركم أخرجتم الناسَ من بِلَادهمْ ودعوتموهم إِلَى لَا شَيْء لَا بل أَقُول قَالَ قل والواثق جَالس فَقَالَ أَخْبرنِي عَن هَذَا الرَّأْي الَّذِي دعوتم إِلَيْهِ الناسَ أعلمهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يدعُ الناسَ إِلَيْهِ أم شَيْء لمَم يُعلمهُ قَالَ فبُهِتُوا واستضحك الواثق وَقَامَ قَابِضا على فَمه وَدخل بَيْتا ومدّ رِجلَيه وَهُوَ يَقُول وسعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسكت عَنهُ وَلم يَسَعنا فَأمر أَن يُعطى ثَلَاثمِائَة دِينَار وَأَن يُردَّ إِلَى بَلَده وَقَالَ زُرقان بن أبي(27/121)
دُؤاد لما احتُضِر الواثق جعل يردِّد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(الْمَوْت فِيهِ جميعُ الخَلق مشترِكٌ ... لَا سُوقةٌ منهُمُ يبْقى وَلَا مَلِكُ)
(مَا ضرَّ أهل قَلِيل فِي تفاقُرهم ... وَلَيْسَ يُغنى عَن الْأَمْلَاك مَا مَلكوا)
ثمَّ أَمر بالبُسُط فطُوِيَت من تَحْتَهُ وألصق خدَّه بِالْأَرْضِ وَجعل يَقُول يَا من لَا يَزُول مُلكُه وَكَانَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ قد صادر الدَّوَاوِين وسَجَنهم وَضرب أَحْمد بن أبي إِسْرَائِيل ألف سَوطٍ وَأخذ مِنْهُ ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَمن سُلَيْمَان بن وهب كَاتب الْأَمِير أيتاخ أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار وَمن أَحْمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دِينَار وَيُقَال إِنَّه أَخذ من الكتّاب فِي هَذِه السّنة ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك يرثي الواثق
(سَقَى قَبرَك الهاطل المُسبَلُ ... وجادت لَك الدِيَمُ الحُفَّلُ)
(وأسكَنَكَ الله خُلدَ الجِنان ... وجاوَرَك المُصطَفى المُرسَل)
(فقد بِنتَ منا على حاجةٍ ... وَهل يُدفَعُ القَدَرُ المُنزَل)
(وَذَلِكَ من خَيرةٍ سَاقهَا ... إِلَيْك إلهك لَا تُجهَل)
3 - (أَخُو الواثق بِاللَّه)
هَارُون بن مُحَمَّد المعتصم وَهُوَ أَخُو أَمِير الْمُؤمنِينَ الواثق سُمى باسم أَخِيه وَهُوَ غَيره كَانَ المُعتزّ يزْعم أنّ شعره كثير وَلكنه لم يكن يُظهِره وَمن شعره وَقد عَبث بِغُلَام فَقَالَ دَعنا)
(وغَزالٍ إِذا تتنَّيتُ يَوْمًا ... فَهُوَ لَا غيرُه الَّذِي أَتَمَنَّى)
(يتجنّى فَإِن نَطَقتُ بعُذرٍ ... رَدَّه ظَالِما لَهُ وتظَنّى)
(أَيهَا اللائم العيونَ إِذا أَب ... صَرنَ من وَجهه جمالاً وحُسنا)
(أَخرِجِ السِّحر من جفونك عنّا ... ثمّ إِن لم ندَعك نَحن فدَعنا)
وَمِنْه
(وشادنٍ يفضَح بدر الدجا ... والبدرُ فِي ليلته يزهَرُ)
(يجحَد أنّي مستهامٌ بِهِ ... وَهُوَ لقولي أبدا مُنكِر)
(وَقد كساني سَقَمي حُلَّةً ... تُظهِر من وجدي الَّذِي أضمِر)
(يَكْفِيك منّي شَاهدا أنني ... إِلَيْك من دُون الورى أنظر)(27/122)
وَمِنْه
(وشادنٍ إِن قِستُ بدرَ الدُّجا ... بِوَجْهِهِ كنت مُبِينى المحالِ)
(تحسُده شمس الضُّحَى حسنَه ... والغُصنُ الغَضُّ على الِاعْتِدَال)
(وَصَاحب النُقصان من شَأْنه ... أَن يحسُدَ الفاضلَ فضل الْكَمَال)
وَمِنْه
(سَيِّدي أَنْت أحسن النَّاس وَجها ... فَلِتَكُن أحسنَ الْعباد فعالا)
3 - (ابْن الْوَزير ابْن الزيات)
هارونبن مُحَمَّد بن عبد الْملك ابْن الزيات هُوَ ابْن الْوَزير كنايته أَبُو مُوسَى كَانَ أخبارياً واسعَ الرِّوَايَة وَله تصانيف مِنْهَا أَخْبَار ذِي الرُّمة كتاب رسائله
3 - (الأُسواني الْمَالِكِي)
هَارُون بن مُحَمَّد بن هَارُون الأسواني ابو مُوسَى ذكره ابْن يُونُس وَقَالَ كَانَ أحدَ أَصْحَابنَا الَّذين كتبُوا مَعنا الحَدِيث وَكَانَ فَقِيها على مَذْهَب الإِمَام مَالك توفّي سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (أَبُو عَليّ الْمروزِي)
هَارُون بن مَعْرُوف أَبُو عَليّ الْمروزِي كَانَ خزّازاً وأضرّ بِآخِرهِ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى البُخَارِيّ عَن رجل عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَصَالح جَزَرَة وَغَيرهم وَقَالَ رَأَيْت فِي)
الْمَنَام قيل لي مَن آثَرَ الحَدِيث على الْقُرْآن عُذِّب قَالَ فظنَنتُ أَن ذَهاب بَصرِي من ذَلِك وَكَانَ صَدُوقًا فَاضلا صَاحب سُنّة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (القارىء الْأَعْوَر)
هَارُون بن مُوسَى النَّحْوِيّ الْأَزْدِيّ مَوْلَاهُم أَبُو مُوسَى البَصري الْأَعْوَر صَاحب الْقِرَاءَة والعربية وثّقَه الْأَصْمَعِي وَيحيى بن مَعِين وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ هَارُون يهوديّاً فَأسلم وَطلب القِراءَ فَكَانَ رَأْسا وحدّث وحَفِظ النَّحْو ناظره يَوْمًا إِنْسَان فِي مَسْأَلَة فغلب هَارُون فبئسَ مَا صنعتَ فغلبه أَيْضا فِي هَذَا وَكَانَ شَدِيد القَوْل فِي الْقدر وَكَانَ هَارُون أول من تتبع وُجُوه الْقُرْآن وألفها وتتبّع الشاذّ مِنْهَا وَبحث عَن إِسْنَاده(27/123)
3 - (الْأَخْفَش القارىء الدِّمَشْقِي)
هَارُون بن مُوسَى بن شَرِيك أَبُو عبد الله القارىء يعرف بالأخفش من أهل دمشق توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وككان شيخ الْقِرَاءَة فِي وقته وَمَوته بعد أبي عمرِو بن الْعَلَاء بمائتين وَعشر سِنِين وَبَينه وَبَينه اثْنَان قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وأبلغ من ذَلِك فِي زَمَاننَا بَينهم وَبَين الجمّال الْإِسْلَام الداؤودي اثْنَان وَله قد مَاتَ مِائَتَان وَسبع وَأَرْبَعُونَ سنة وأبلغ من ذَلِك ابْن كُلَيب بَينه وَبَين إِسْمَاعِيل الصفار رجلَانِ وعاش بعده مِائَتَيْنِ وخمساً وَخمسين سنة وَكَانَ هَارُون إِمَام الْجَامِع الْأمَوِي بِدِمَشْق وَكَانَ طيّب الصَّوْت وَله فِي القراآت كتب مَشْهُورَة وَكَانَ قيمًا بالقراآت السَّبع وَكَانَ عَارِفًا بالتفاسير والمعاني والنحو والغريب وَالشعر وَعنهُ اشتهرت قِرَاءَة أهل الشَّام وَلَوْلَا ضَبطه لكَانَتْ قد ارْتَفَعت قَرَأَ على عبد الله بن ذَكوان عَن عبد الله بن عَامر اليحصُبي وَكَانَ يُعرف بأحفش بَاب الْجَابِيَة وَكَانَ بدارياً أحفشُ آخر من أهل الْقُرْآن وَالْفضل إِلَّا أَنه لم يُذكر مَاتَ سنةَ خَمسٍ وَسبعين وثلاثمائة
3 - (أَبُو نصر الْقُرْطُبِيّ)
هَارُون بن مُوسَى بن صَالح بن جَندَل القَيسي القُرطُبي أَبُو نصرٍ الأديب توفّي سنةَ إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة سمع من القالي وَأبي عِيسَى اللَّيثي وَغَيرهمَا وَكَانَ رجلا عَاقِلا مُقتصداً صَحِيح الْأَدَب يخْتَلف إِلَيْهِ الْأَحْدَاث ووجوه النَّاس لثقتهم بِدِينِهِ وَله كتاب فِي تَفْسِير عُيُون كتاب سِيبَوَيْهٍ)
3 - (الرشيد ابْن المصلّي)
هَارُون بن مُوسَى بن مُحَمَّد الرشيد الْمَعْرُوف بِابْن المصلّي الرمنتي قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي اجْتمعت بِهِ وَلم يعلق بذهني مِنْهُ شَيْء وَله شعر كثير يَأْتِي من جِهَة الطَّبع لَيْسَ يعرف لَهُ اشْتِغَال وَكَانَ إنْسَانا حَسَناً فِيهِ لطافة توفّي بأرمنت سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأورد لَهُ
(حثّها الشَّوقُ حثيثاً من وراها ... فتراها عانقت تُربَ ثَراها)
(واعتراها الوجدُ حَتَّى رقصَت ... طَرَباً أسكرَني طِيبُ شذاها)
(غنِّني يَا ساقيَ الراح بهَا ... لَيْسَ يُغني فاقَتي إِلَّا غِناها)
وَمِنْهَا فِي ذمّ الْحَشِيش ومدح الْخمر
(واملَ لي حَتَّى تراني ميّتا ... إنّ موت السُّكر للنَّفس حياها)
(لَيْسَ فِي الأَرْض نَباتٌ أنبتَت ... فِيهِ سرٌّ حيَّر العقلَ سواهَا)(27/124)
(رامتِ الخضراءُ تحكي سكرَها ... قتلوها بعد تقطيع قفاها)
وَكَانَ فِي قبليِّ الدِّمَقرات قَرْيَة تسمّى بَبُّويَه وفيهَا بدوية فَقَالَ الرشيد فِيهَا
(بدوية فِي بّبُّويَه ساكِناً ... صيّرَت عِنْدِي المحبّة ماكِنَا)
(اسْمهَا سِتّ الْعَرَب ... هيَّجَتْ عِنْدِي الطَرَبْ)
أَنا قَاعد بَين جمَاعَة نستريح عبرت وَاحِدَة لَهَا وَجه مليح بقوام أعدلُ من الغُصن الرجيح فِي الملاحةَ زايداووراها قايدالو تكون لي رايدا
(كنتُ نعطيها ألف دِينَار وازِنا ... وَابْن فِي دَاخل بيوتي ماذِنا)
(وَترى منّي الْعجب ... فِي تصانيف الْأَدَب)
نفرت مني كَمَا نفر الغزال واسفرت لي عَن جبين يَحْكِي الْهلَال ورنت أرمت بِعَينهَا نِبال ثمَّ قَالَت يَا فلانخذ من أحداقي أمانمعك فِي طول الزَّمَان
(فَأَنا وَالله مليحه فأتِنا ... وَمن الحُساد مَا أَنا أمِنا)
)
(والملوك وَأهل الرُّتَب ... يَأْخُذُوا منّي الحسَب)
قلت يَا ستّي أَنا هوني نموتْ أدفنوني عنْدكُمْ جُوَّ الْبيُوت والعذارَى حولهَا يمشوا سكوتْ ثمَّ قَالُوا كلّميهيا عُريبَه وارحميهذا غريبْ لَا تهجُريه
(يشتهِر حالك يصير لَك كاينَا ... يقتلوه أهلك وَتبقى ضامِنَه)
(ذَا الحَدِيث فِيهِ العطب ... لَيْسَ ذَا وَقت الْغَضَب)
قَالَت أمضي لَا يكون عنْدك ضَجَر واصطبر واعمل على قَلْبك حَجَر مَا طريقي سابِلَه مَن جا عَبَر ذِي العذارى يعوفوكما تراهم يسعفوكظلموني وانصفوك
(قُم وعاهدني فَمَا أَنا خاينا ... وَأَنا اللَّيْلَة لروحي راهنا)(27/125)
(مر وعبّى لي الذهبْ ... فترى عقلك ذهبْ)
عاهدَتني وَبقيت فِي الِانْتِظَار وأورثتني الذلّ ثمَّ الانكسار والدُّجا قد صَار عِنْدِي كالنّهارْ عِنْدَمَا غَابَ القمروأظلم اللَّيْل واعتكرجفّ قلبِي وانكسر
(وعُريباً فِي حَدِيثي واهِنا ... آمِنَه فِي سِربها مُطَّا منا)
(والفؤاد منّي اضطرَب ... ونشَف ذَاك الطَّرب)
صرتُ نَرعى النَّجم إِلَى وَقت الصَّباح إِذا بدا لي الكوكبُ الدُّرّي ولاح وَإِذا هِيَ قد أَتَت ستّ الملاح والعذارى فِي عتابمع عُريباً فِي ضرابثم قَالَت ذَا الْكلاب
(ينبجوا تاني الرِّجَال الظاعنا ... بِالسُّيُوفِ وبالرِّماح الظاعنا)
(يدرِكوني فِي الطَّلبْ ... يجْعَلُوا رَأْسِي ذَنَبْ)
)
3 - (ابْن الحائك النَّحْوِيّ)
هَارُون بن الحائك الضَّرِير النَّحْوِيّ أحد أَعْيَان أَصْحَاب ثَعْلَب وَكَانَ يوزّنُ بميزانه أَصله يَهُودِيّ من الْحيرَة كَانَ الْوَزير عبيد الله بن سُلَيْمَان أرسل إِلَى ثَعْلَب فِي الِاخْتِلَاف إِلَى وَلَده الْقَاسِم فَأبى وَاحْتج عَلَيْهِ بالضعف فَقَالَ أنفِذ إليَّ مَن ترتضيه من أَصْحَابك فأنفذ هَارُون الضَّرِير فَاسْتَحْضر عبيد الله ابا إِسْحَاق الزّجاج وَجمع بَينهمَا فَسَأَلَ لَهُ الزّجاج كَيفَ تَقول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضربتُ زيدا ضربا فَقَالَ لَهُ كَيفَ تكنِي عَن زيدٍ وَالضَّرْب فأقحمه وَلم يجبهُ وحار فِي يَده وَانْقطع انْقِطَاعًا قبيحاً وَكَانَ ذَلِك سَبَب منيته وَمَا كَانَ هَارُون مِمَّن يذهب عَلَيْهِ ذَلِك وَجَوَاب الْمَسْأَلَة أَن تَقول ضَربتُه إِيَّاه ولهارون من التصانيف كتاب العِلَل فِي النَّحْو كتاب الْغَرِيب الْهَاشِمِي واختُلف فِي ذَلِك فَقيل ألفَّه ثَعْلَب
(الألقاب)
ابْن هَارُون المغربي عبد الله بن مُحَمَّد(27/126)
(هَاشم)
3 - (هَاشم الطَّبَراني)
هَاشم بن مَرثَد الطَّبَرَانِيّ هُوَ من قُدماء شُيُوخ الطَّبَراني توفّي هَاشم الْمَذْكُور فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو دلف الخُزاعي)
هَاشم بن مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ أَبُو دلف أديب أريب زكي النَّفس حَرِيص على الطّلب ذُو محلّ من الْعلم روى عَن الرياشي وَعبد الرَّحْمَن بن أخي الْأَصْمَعِي وَأبي غَسَّان دماذ وروى عَنهُ أَبُو الْفرج الإصبهاني صَاحب الأغاني فَأكْثر مَاتَ فَجْأَة فِي جُمَادَى ألآخرة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة وَله مصنفات قَالَ ابْن شيران تزيد على مائَة مُصَنف وَله شعر ورثاه ابْن دُرَيد بقصيدة مِنْهَا
(ولولم تُعَلِّ المكرُمات سَرِيره ... إِذا مَا أقلته فروع المناكب)
(يغضُّون عَنهُ وَهُوَ مُدرَجٌ ... كغضّهم عَن وَجهه فِي الْكَوَاكِب)
وَكَانَ أحد القواد وَأدْخلهُ بدر المعتضدي فِي ندمائه
3 - (أَبُو خَالِد الغافقي)
)
هَاشم بن أَحْمد بن غَانِم أَبُو خَالِد الغافقي القُرطُبي كَانَ فَقِيها مُشاوَراً نظر الأحباس أَيَّام مُنْذر القَاضِي وَكَانَ نحويّاً شَاعِرًا وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة وَمن شعره أَبُو طَاهِر الْخَطِيب هَاشم بن احْمَد بن عبد الْوَاحِد بن هَاشم بن عَليّ بن هَاشم أَبُو طَاهِر الْحلَبِي الْخَطِيب كَانَ أصلهم من الرقة وانتقلوا إِلَى حلب أَيَّام رضوَان وَأول من انْتقل مِنْهُم عَليّ بن هَاشم وَتُوفِّي أَبُو طَاهِر سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة عَن إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة وَنصف وَله تصانيف مِنْهَا كتاب اللّحن الْخَفي وَكتاب مُناجاة العارفين وَكتاب خُطَب كتاب أَفْرَاد أبي عَمْرو بن الْعَلَاء ورد إِلَى بَغْدَاد حَاجا وسُمع عَلَيْهِ بهَا خُطبَه وَكتاب اللّحن الْخَفي وَكتاب الْمُنَاجَاة وخُلع عَلَيْهِ بِبَغْدَاد خلعة كَامِلَة فِي الْأَيَّام المستنجدية وشرّف بِسيف كَانَ عَلَيْهِ مَكْتُوب
(شرفي على كلّ السيوف لأنني ... قِدماً سكنتُ خزانةَ المستنجد)
وَلما تولى الخطابة وخطب وَنزل وَصلى وأتمّ الصَّلَاة وانفتل من الْمِحْرَاب تقدم إِلَيْهِ أَبُو(27/127)
عبد الله مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير القيسراني واعتنقه وَقَالَ
(شرح الْمِنْبَر صَدراً ... لِتلقّيك رَحيبا)
(أتُرى ضمَّ خَطِيبًا ... أم تُرى ضُمِّخ طِيبا)
3 - (شرف الْعَلَاء الْآمِدِيّ الْكَاتِب)
هَاشم بن أشرف بن الأعزّ بن هَاشم بن الْقَاسِم الرئيس شرف العُلا أَبُو المكارم الْعلوِي الْكَاتِب ولد بآمد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَسمع بِدِمَشْق من ابْن عَسَاكِر الْقَاسِم وَكتب الْإِنْشَاء بحلب مُدَّة فِي الدولة الظَّاهِرِيَّة ثمَّ عَاد إِلَى آمد وخدم صَاحبهَا الْملك المسعود بن الْعَادِل وَكَانَ عَارِفًا بالأخبار والتأريخ وَالنّسب ثمَّ إِنَّه توجه إِلَى مصر وَبهَا توفّي
3 - (المغنّي)
هَاشم بن سُلَيْمَان مولى بني أُميَّة يكنى أَبَا الْعَبَّاس وَكَانَ الْهَادِي مُوسَى يُسَمِّيه أَبَا الغَريض وَكَانَ مغنياً حَسَن الصَّنعة غزيرها وَفِيه يَقُول الشَّاعِر
(يَا وحشتي بعدمك يَا هاشمُ ... غِبتّ فشَجوي لي فِيك لازمُ)
(اللَّهوُ واللذة يَا هاشمُ ... مَا لم تكن حاضرَه ماتَمُ)
)
واصطبح يَوْمًا مُوسَى الْهَادِي فَقَالَ يَا هَاشم غَنَّني
(أبهارُ قد هيجتِ لي أوجاعا ... وتركِتني عبدا لكم مِطواعا)
(بحديثكِ الحسنِ الَّذِي لَو كُلِّمت ... وحشُ الفلاةِ بِهِ لَجِئنَ سِراعا)
(فَإِذا مررتُ على البهار منضَّداً ... فِي السُّ هَيَّج لي إليكِ نِزاعاً)
(وَالله لوعلِم البهارُ بِأَنَّهَا ... أضحَت سَمِيَّتَه لطال ذِراعا)
فَإِن أصبتَ مرادي فلك حاجةٌ مقضية فغناه فَأصَاب ففال أصبت وأحسنت سَل حَاجَتك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تملأُ لي هَذَا الكانون دَرَاهِم فملىء فَوسعَ ثَلَاثِينَ ألف درهمٍ فَلَمَّا قبضهَا قَالَ لَهُ يَا نَاقص الهمة واللهِ لَو سألتَ أَن أملأه لَك دنانيرَ لفعلتُ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لَا سَبِيل إِلَى ذَلِك وَلم يُسعِدك الجَدُّ فِيهِ
3 - (الزُّهْرِيّ المِرقال)
هَاشم بن عُتيبةَ بن أبي وقّاص الْقرشِي الزُّهْرِيّ ابْن أخي سعد بن أبي وَقاص أَبُو عَمْرو قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ولد فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم تَثبُت لَهُ صحبةٌ نزل بِالْكُوفَةِ أسلم يَوْم الْفَتْح ويُعرف بالمِرقال وَكَانَ من الْفُضَلَاء الأخيار وَمن(27/128)
الْأَبْطَال البُهم فقُئت عينه يَوْم اليرموك ثمَّ أرْسلهُ عمر من اليرموك مَعَ خيل الْعرَاق إِلَى سعدٍ فَشهد الْقَادِسِيَّة وأبلى فِيهَا بلَاء حسنا وَقَامَ مِنْهُ فِي ذَلِك مَا لم يَقُم فِي أحدٍ وَكَانَ سَبَب الْفَتْح على الْمُسلمين وَهُوَ الَّذِي افْتتح جَلولاَء وَلم يشهدها سعدٌ وَقيل شَهِدَهَا وَكَانَت جَلولاء تسمَّى فتح الْفتُوح بلغت غنائمها ثمانيةَ عشر ألف ألف وَكَانَت سنة سبع عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة تسع عشرَة وهَاشِم الَّذِي امتحن مَعَ سعيد بن الْعَاصِ زمن عُثْمَان إِذْ شهد فِي رُؤْيَة الْهلَال وَأفْطر وَحده فأقصّه من سعد على يَد سعيد بن الْعَاصِ فِي خبر فِيهِ طولٌ ثمَّ شهد هَاشم مَعَ عَليّ الْجمل وَشهد صفّين وأبلى بلَاء حسنا مَذْكُورا وَبِيَدِهِ راية عَليّ على الرجّالة يَوْم صفّين ويومئذ قُتل وَهُوَ الْقَائِل يَوْمئِذٍ
(أعوَرُ يَبْغِي أهلَه محلاًّ ... قد عالج الحياةَ حَتَّى ملاّ)
لَا بدَّ أَن يفُلَّ أَو يلإفَلاّ وَقطعت رجله يَوْمئِذٍ فَجعل يُقَاتل مَن دنا مِنْهُ وَهُوَ بَارك وَيَقُول الفحلُ يحمي شوله معقولاً
وَفِيه يَقُول أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة)
(يَا هَاشم الْخَيْر جُزِيتَ الجنّة ... قاتلتَ فِي الله عدوَّ السُّنَّه)
أفلِج بِمَا فُزتَ بِهِ من مِنَّه
3 - (أَبُو النَّضر الْخُرَاسَانِي)
هَاشم بن الْقَاسِم بن مُسلم بن مقسم ابو النَّّضر اللَّيْثِيّ الْخُرَاسَانِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ ابْن المَدِيني وَغَيره ثقةٌ وَقَالَ العِجلي ثِقَة صَاحب سُنةٍ توفّي سنةَ خمسٍ وَمِائَتَيْنِ روى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْمدنِي)
هَاشم بن هَاشم بن عتبَة بن أبي وَقاص الْمدنِي توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة روى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (البَطَليَوسي)
هَاشم بن يحيى بن حَجاج ابو الْوَلِيد البَطَليَوسي سمع وروى قَالَ ابْن الفرضي توفّي سنة خمسٍ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (رَأس البهشمية)
أَبُو هَاشم بن مُحَمَّد أبي عَليّ الجبائي المعتزلي رَأس الطَّائِفَة البهشمية وَافق أَبَاهُ فِي مسَائِل وَانْفَرَدَ عَنهُ بمسائل مِنْهَا اسْتِحْقَاق الذَّم وَالْعِقَاب من غير(27/129)
مَعْصِيّة وَأَن التَّوْبَة عَن كبيرةٍ لَا تصحّ مَعَ الْإِصْرَار على غَيرهَا وَأَن التَّوْبَة عَن الذَّنب لَا تصح بعد الْعَجز عَن فعلهَا حَتَّى أنَّ من كذب ثمَّ صَار أخرسَ ثمَّ تَابَ عَن الْكَذِب لم تصح تَوْبَته وَمن زنا وجُبَّ ذكرَهُ وَتَابَ عَن الزِّنَا لَا تصحّ تَوْبَته وَاخْتلفَا فِي مسَائِل الْمَشْهُور مِنْهَا قَالَ الجبّائي أَبُو عَليّ الْبَارِي تَعَالَى عالمٌ لذاته قادرٌ لذاته وَلَا يَقْتَضِي كَونه عَالما صفة هِيَ علم أَو حَالا يُوجب كَونه عَالما فنفى الْأَحْوَال وَقَالَ أَبُو هَاشم هُوَ عالمٌ لذاته بِمَعْنى أَنه ذُو حالةٍ وَهِي صفة وَرَاء كَونه ذاتاً فَأثْبت الْأَحْوَال وَقَالَ هِيَ صفاةٌ لَا مَوْجُودَة وَلَا مَعْدُومَة وَلَا مَعْلُومَة وَلَا مَجْهُولَة وَقَالَ أَيْضا من مسَائِله المخالِفة كَونه سميعاً حَالَة وَكَونه بَصيرًا حَالَة سوى كَونه عَالما فَقَالَ أَبوهُ كَون الرب سميعاً بَصيرًا إِنَّه حيّ لَا آفةَ بِهِ وَمن مسائلهما المختلَف فِيهَا فِي الاعتمادات اتّفقت الْمُعْتَزلَة على انقسام الاعتمادات إِلَى لَازِمَة طبيعيَّة وَهِي اعْتِمَاد الثقيل إِلَى جِهَة السّفل والخفيف إِلَى جِهَة الْعُلُوّ وَإِلَى اعتمادات مجتَلِية وَهِي إعتماد الثقيل فِي جِهَة الْعُلُوّ عِنْدَمَا إِذا رُمى حجرٌ مثلا إِلَى جهةِ فَوق واعتماد الْخَفِيف فِي جِهَة السّفل حُرِّك إِلَيْهَا أَو غير ذَلِك من الْجِهَات إِذا عُرف)
هَذَا فَاخْتلف أَبُو عَليّ وَابْنه فَقَالَ أَبُو عَليّ الاعتمادات كلهَا متضادَّة وَقَالَ أَبُو هَاشم لَا تضادّ بَين الاعتمادات اللَّازِمَة والمجتلبة وَهل يتضاد الاعتمادات اللَّازِمَة بَعْضهَا مَعَ بعض وَكَذَلِكَ الاعتمادات المجتلية فقد اخْتلف قَول أبي هَاشم فِيهَا فَتَارَة قَالَ بالتضادّ وَتارَة بعدَمه وَقَالَ أَبُو عَليّ لَا تُشترَط الرُّطُوبَة واليبوسة فِي شَيْء من الاعتمادات وَهُوَ الصَّحِيح وَقَالَ أَبُو هَاشم تشْتَرط الرُّطُوبَة فِي الِاعْتِمَاد اللَّازِم إِذا كَانَ سلفياً واليبوسة إِذا كَانَ علوياً دون الاعتمادات المجتلية وَقَالَ أَبُو عَليّ سَبَب طفو الْخَشَبَة على المَاء تخَلخُل أَجْزَائِهَا وتعلُّق الْهَوَاء الصاعد بهَا وَسبب رسوب الْحَدِيد وَغَيره اندماج أَجْزَائِهِ وَعدم تشبث الْهَوَاء فِيهِ وَقَالَ أَبُو هَاشم بل سَبَب ذَلِك إِنَّمَا هُوَ ثقل الْحَدِيد فِي نَفسه وخفة الْخشب فِي نَفسه وَلَا أثرَ للهواء فِي ذَلِك وَقَالَ أَبُو عَليّ اعْتِمَاد الْهَوَاء لازمٌ عُلويٌ وَقَالَ أَبُو هَاشم لَيْسَ لَهُ اعْتِمَاد لازمٌ لَا علويّ ولاسفليّ وَإِن وجد لَهُ اعْتِمَاد فَلَا يكون إِلَّا مجتلياً بِسَبَب محرّك واحتجا لِدعواهما على كل خلاف بأدلة مَذْكُورَة وَاتفقَ الجبائي وَابْنه أَبُو هَاشم على مُوَافقَة أهل السّنة فِي أَن الْإِمَامَة بِالِاخْتِيَارِ وَأَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم مترتّبون فِي الْفضل ترتيبهم فِي افمامة غير أَنَّهُمَا أنكرا كرامات الْأَوْلِيَاء من الصَّحَابَة وَغَيرهم وَهُوَ مَذْهَب جَمِيع الْمُعْتَزلَة وَوَافَقَهُمْ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفرئيني من الأشاعرة الهاشمية من الشِّيعَة أَصْحَاب أبي هَاشم عبد الله بن محمدٍ تقدم ذكره فِي حرف الْعين(27/130)
(هَالة)
3 - (هَالة الصَّحَابِيّ)
هَالة بن أبي هَالة أَخُو هِنْد بن أبي هَالة الْأَسدي التَّمِيمِي حَلِيف لبنى عبد الدَّار بن قُصَى لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ ابْنه هِنْد ابْن هامل المحدّث مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم
(هَانِئ)
3 - (هانىء أَبُو بُردة البَلَوي)
بن نيار بن عَمْرو بن عبيد بن كلاب بن دُهمان البلوي أَبُو بُردَة غلبت عَلَيْهِ كنيته شهد الْعقبَة وبدراً وَسَائِر الْمشَاهد وَهُوَ خَال الْبَراء بن عَازِب توفّي سنة خمسٍ واربعين لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة إِحْدَى وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَلَا عقب لَهُ روى عَنهُ الْبَراء بن عَازِب وَجَمَاعَة من التَّابِعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابو شُريح الصَّحَابِيّ)
هانىء بن يزِيد بن نَهيك وَقيل يزِيد بن كعبٍ المذجحي وَقيل الْحَارِثِيّ وَيُقَال الضبابِي وَهُوَ وَالِد شُريح بن هانىء كَانَ يكنى فِي الْجَاهِلِيَّة أَبَا الحكم لِأَنَّهُ كَانَ يحكم بَينهم فكناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي شُرَيْح إِذْ وَفد عَلَيْهِ وَهُوَ مَشْهُور بكنيته شهد الْمشَاهد كلهَا وروى عَنهُ ابْن شُرَيْح وَحَدِيثه عِنْد ابْن ابْنه الْمُقدم بن شُرَيْح بن هانىء وَكَانَ ابْنه شُرَيْح من جلة التَّابِعين وَمن كبار أَصْحَاب عَليّ ممّن شهد مَعَه مشاهده كلهَا
3 - (أَبُو مَالك الْكِنْدِيّ الصَّحَابِيّ)
هانىء بن أبي مَالك الْكِنْدِيّ أَبُو مالكٍ هوجدّ خَالِد بن يزِيد بن أبي مَالك روى عَنهُ يزِيد بن أبي مَالك يُعدّ فِي الشاميين قَالَ أَبُو حَاتِم الرازِي هانىء الشَّامي أَبُو مَالك جدّ يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مَالك لَهُ صُحْبَة
3 - (الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ)
هانىء بن فراس الْأَسْلَمِيّ كَانَ ممّن شهد بيعَة الشَّجَرَة روى عَنهُ مجزأَة بن زَاهِر
3 - (الْكِنْدِيّ)
هانىء بن حجر بن مُعَاوِيَة الكِندِي وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جدّ الْوَلِيد بن عدي بن هانىء)(27/131)
3 - (الصَّحَابِيّ)
هانىء بن الْحَارِث بن جبلة بن شُرحبيل وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكره وَالَّذِي قبله ابْن الْكَلْبِيّ
3 - (المَخْزُومِي)
هانىء المَخْزُومِي ذكره ابْن السَّكَن أَتَت عَلَيْهِ مائَة وَخَمْسُونَ سنة قَالَ لما كَانَت لَيْلَة وُلِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارتجس إيوَان كسْرَى وَسَقَطت مِنْهُ أَربع عشرةَ شُرفة وَذكر حَدِيث سطيح الكاهن بِطُولِهِ
3 - (الكَلاعي الْمصْرِيّ)
هانىء بن الْمُنْذر الكَلاعي الْمصْرِيّ كَانَ أخبارياً علاّمةً بالأنساب وأيّام الْعَرَب توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة
ابْن هانىء المغربي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن هانىء
(هَبَّار)
3 - (هَبّار المَخْزُومِي)
هبّار بن سُفْيَان بن عبد الْأسد الْقرشِي المَخْزُومِي كَانَ من مهاجَرة الْحَبَشَة وَقيل غنه قُتل يَوْم مُؤتة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ اسْتشْهد يَوْم أجنادين قَالَ ابْن عبد البّر وَهُوَ عِنْدِي أشبَه لِأَنَّهُ لم يذكرهُ ابْن عُقبة فِي من قُتل يَوْم مؤتَة شَهِيدا
3 - (الْأَسدي)
هَبّار بن الْأسود بن المطّلِب الْقرشِي الْأَسدي وَهُوَ الَّذِي عرض لِزَيْنَب بني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سُفهاء من قُرَيْش حَيْثُ بعث بهَا زَوجهَا ابو الْعَاصِ فَأَهوى إِلَيْهَا هَبَّار هَذَا ونَخَس بهَا فألقَت ذَا بَطنهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن وجدْتُم هبّاراً فأحرِقوه بالنَّار ثمَّ قَالَ اقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ لَا يعذِّب بالنَّار إلاّ ربّ النَّار فَلم يُوجد ثمَّ أسلم يَوْم الْفَتْح وَحسن إِسْلَامه وَصَحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر الزبير أَنه لما اسْلَمْ وَقدم مُهَاجرا يسبونّه فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سُبَّ مَن سَبَّك فَانْتَهوا عَنهُ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الألقاب)
)
ابْن الهّبارية الشَّاعِر الماجن اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صَالح
الهبّاري أَحْمد بن عَليّ(27/132)
ابْن هَبَل الطَّبِيب عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ
(هبة الله)
3 - (الْفَارِسِي الأديب)
هبة الله بن إِبْرَاهِيم بن كُوهِيار الْفَارِسِي ابو الثَّنَاء الأديب كَانَ صاحباً لأبي زَكَرِيَّا يحيى بن عَليّ التبريزي قَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من مصنّفاته وَمن كتب الْأَدَب وَكَانَ يكْتب خطّاً حسنا كتب عَنهُ أَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف شَيْئا من شعره وَمن شعره
(وَلما زارني بعد التجنّي ... وبلّ بوصله غُللَ اشتياقي)
(قطعتُ بِهِ الدُجا ضمّاً ولئماً ... وبثاً مَا لقيتُ وَمَا أُلاقي)
(وَقد رَقدت صروف الدَّهْر عَنّا ... وَنحن من النَّعيم على اتِّفَاق)
(وَكنت بهَجره مَيّتاً دَفِينا ... فأحياني التواصل والتلاقي)
قلت شعر نَازل
3 - (ابْن ابْن الْمهْدي)
هبة الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَبُو الْقَاسِم بن بن الْمهْدي تقدم ذكر أَبِيه فِي الإباره جَالس هبة الله هَذَا عدّةً من الْخُلَفَاء آخِرهم الْمُعْتَمد وَكَانَ من أحسن النَّاس علما بالغِناء وَكَانَت صَنعته ضَعِيفَة وَله شعر وَمَات أول سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ عَن تَوبةٍ حَسَنة بعد أَن فرق فِي حَيَاته مَالا عَظِيما وَمن شعره
(أَلا يَا ظَالِما يُفدي ... هـ منّي الجِسمُ والروحُ)
(فؤادُ الهائمِ المسكي ... نِ بالهجِران مَجْرُوح)
(وقلب الصَبِّ بالصَدِّ ... الَّذِي أظهرتَ مقروح)
(فأَلاّ كَانَ ذغ الصدّ ... وبابُ الصبرِ مَفْتُوح)
وَمِنْه
(ومُهفهَف فَضَحَت رَشا ... قَةُ قَدِّه الغصنَ الرطيبا)
(وَإِذا بدا إشراقُه ... للشمسِ أسرَعَتِ الغروبا)
)
(يَا قسياً أَدْعُو تع ... طّفَه فيأبى أَن يُجيبا)
(لَو كَانَ فعلُك مِثلَ وَجه ... هك لم أكن صَبّاً كئيبا)(27/133)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو الْقَاسِم المقرىء)
هبة الله أَبُو الْقَاسِم المقرىء الشَّافِعِي روى عَنهُ ابنُ صَصرَى فِي مُعْجم شُيُوخه وَهُوَ الْحُسَيْن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صصرى
3 - (ابْن الطَّبَر المقرىء)
هبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري أَبُو الْقَاسِم المقرىء الْمَعْرُوف بِابْن الطَّبَّر الْبَصْرِيّ قَرَأَ بالروايات على أبي بكرٍ أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الأطرُوش وَمُحَمّد بن عَليّ بن مُوسَى الخيّاط وَأبي الْمَعَالِي ثَابت بن بُندار الْبَقَّال وَغَيرهم وبكّر بِهِ إِلَى السماع فَسمع من مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الحريري الْمَعْرُوف بِزَوْج الحُّرَّة وَإِبْرَاهِيم بن عمر بن أَحْمد الْبَرْمَكِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْفَتْح العُشاريّ وَمُحَمّد بن عَليّ الخيّاط وَغَيرهم وعمّر حَتَّى جَاوز التسعين ممتِّعاً بسمعه وبصره وقوته إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَيقْرَأ النَّاس عَلَيْهِ الْقُرْآن والْحَدِيث وَلَا يَمَلُّ وَكَانَ دَائِم الذّكر والتلاوة وهوآخر من حدّث عَن زَوج الحُرَّة وَهُوَ ثِقَة صدوقٌ روى عَنهُ الْأَئِمَّة الحفّاظ وَتُوفِّي مِنْهُم جمَاعَة قبلَه
3 - (أَبُو الْغَنَائِم الرقّي)
هبة الله بن أَحْمد بن المُدمع بِالْعينِ الْمُهْملَة أَبُو الْغَنَائِم الرَّقي الشَّاعِر روى بِبَغْدَاد شَيْئا من شعره روى عَنهُ أَبُو الْغَنَائِم بن النَّرسي وَمن شعره
(طَاف بِالْقَلْبِ طيفُ مَن أهواه ... بعد وَهنٍ فبِتُّ ألثِم فَاه)
(زارني والرقيب فِي غفلةٍ عَن ... هـ وعينٌ من الدُّجى ترعاه)
(فَأرَانِي من بالعراق بمصرٍ ... وَهُوَ طيف يسُرُّني مَسراه)
(إِن يكن صيَّرَ الْبعيد قَرِيبا ... وَأرَانِي فِي النّوم مَا لَا أرَاهُ)
(فَلَقَد نلتُ مِنْهُ مَا كنتُ أهوا ... هـ حَرَامًا حِلاّ فَمَا أحلاه)
(واختيال الخَيال فِي النّوم يُعطي ... ك مِن الحُبّ كل مَا تهواه)
3 - (ابْن الْأَكْفَانِيِّ)
)
هبة الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عَليّ بن فَارس(27/134)
الْأَكْفَانِيِّ الْأمين الدِّمَشْقِي مُحدث دمشق كَانَ ثِقَة عَسِرا فِي التحديث كتب مَا لم يَكْتُبهُ أحدٌ من جنسه وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَكَانَ قد سمع الْكثير وَلَقي الشُّيُوخ وَسمع حَده لأُمه أَبَا الْحسن ابْن صَصرَى وَغَيره وَكَانَ يُزكّي الشُّهُود إِلَى أَن مَاتَ
3 - (الفَرّاش النهرواني)
هبة الله بن أرسلان بن منال الفَرّاش أَبُو البركات النهرواني روى عَنهُ ابْن السَّمْعَانِيّ شَيْئا من شعره قَالَ ذكر لي أَنه سمع الْكثير بِبَغْدَاد وَغَيرهَا وضاعت اصوله وَكَانَ شَيخا صَالحا سَافر الْكثير إِلَى خُرَاسَان وَالشَّام وَالْجِبَال وأنشدني لنَفسِهِ
(هَجرتُكِ لَا عَن قِلىً قَاطع ... وحلَّيتُ عنكِ وثاقَ اليدينِ)
(لِأَنِّي رأيتُكِ خوانةً ... بعيني وَلَا أَثراً بعد عَينِ)
3 - (الخِندِف المقرىء)
هبة الله بن بدر بن أبي الْفرج بن مُحَمَّد بن بدر ابو الْقَاسِم العجّان الدَّينوري المقرىء الْمَعْرُوف بالخِندِف قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الفوارس طرّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَأبي الْخطاب نصر بن البَطر وَعلي بن عبد الرحمان بن الْجراح الْكَاتِب وَغَيرهم وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَخَمْسمِائة بِبَغْدَاد
3 - (ابْن سَناء المُلك)
هبة الله بن جَعْفَر بن سناء الْملك هُوَ القَاضِي السعيد عزّ الدّين أَبُو الْقَاسِم بن القَاضِي الرشيد الْمصْرِيّ الأديب الْكَامِل الْمَشْهُور قَرَأَ الْقُرْآن على الشريف أبي الْفتُوح والنَحوَ على ابنِ بَرّي وَسمع بالإسكندرية من السِّلَفي كَانَ كثير التنعّم وافر السَّعَادَة محظوظاً من الدُّنْيَا وُلِدَ سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وسِتمِائَة فِي العَشر الأول من شهر رَمَضَان وهوعندي من الأباء الكَمَلَة لِأَنَّهُ جَوَّدَ الترسل والموشحات البديعة وَأما شعره فَإِنَّهُ فِي الذرْوَة العُليا كثير الغَوص على الْمعَانِي كثير الصِّنَاعَة واري زِنادَ التورية قَالَ ابْن سعيد المَغرِبي كَانَ غالياً فِي التشيّع وَله مصنفات مِنْهَا ديوَان موشحات لَهُ وَكتاب دَار الطّراز وَكتاب مصايد الشارد وَكتاب فصوص الْفُصُول وعقود الْعُقُول وديوان شعره يدْخل فِي مجلَّدين كُله جيدٌ إِلَى الْغَايَة وَاخْتصرَ كتاب الْحَيَوَان للجاحظ وَسَماهُ روح الْحَيَوَان)
وَهِي تسميةٌ لطيفةٌ وَلما انتشأ جُعِل فِي جملَة(27/135)
كتاب الْإِنْشَاء بِمصْر وأُجرِيَ لَهُ على ذَلِك رِزقٌ كَانَ يتَنَاوَلهُ حضر الدِّيوَان أَو لم يحضر وأحبه أهل الدولة لدَماثةٍ كَانَت فِيهِ وحُسن عشرَة وتودّد وربّ المَال محبوبٌ فَسَار لَهُ ذكرٌ جميلٌ قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب كنت عِنْد القَاضِي الْفَاضِل بخيمته بمرج الدلهميّة فأطلعني على قصيدة عينيّة كتبهَا إِلَيْهِ ابْن سناء الْملك من مصر وَذكر أَن سِنَّه لم يبلغ الْعشْرين سنة فأعجِبتُ بنظمها ثمَّ ذكر القصيدة وأولها
(فراقٌ قَضَى للقلب والهمِّ بالجَمع ... وهَجرٌ تَولّى صُلحَ عَيْني مَعَ الدَمع)
وَقَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ حَدثنِي الصاحب الْوَزير جمال الدّين الأكرم قَالَ كَانَ سناء الْملك واسْمه رَزين رجلا يَهُودِيّا صيرفيّاً بِمصْر وَكَانَت لَهُ ثروةٌ فَأسلم ثمَّ مَاتَ وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً وَكَانَ لَهُ مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكْتسب بهَا أَمْوَالًا جمّةً وَلم يكن عِنْده من الْعلم مَا يشتهِر إِلَّا أَنه ظفِر بِمصْر بِجُزْء من كتاب الصِحاح الجَوهري وَهُوَ نِصف الْكتاب بِخَط الْجَوْهَرِي نفسِهِ فَاشْتَرَاهُ بِشَيْء يسير وَأقَام عِنْده محروساً عدّة سِنِين إِلَى أَن ورد إِلَى مصر رجلٌ أعجمي وَمَعَهُ النّصْف الآخر من صِحَاح الْجَوْهَرِي فعرضه على كتبيّ بِمصْر فَقَالَ لَهُ نصف هَذَا الْكتاب الآخر عِنْد الرشيد بن سناء الْملك فَجَاءَهُ بِهِ وَقَالَ هَذَا نصف الْكتاب الَّذِي عنْدك فإمَّا أَن تُعطِيَني النصفَ الَّذِي عنْدك وَأَنا أدفَعُ إِلَيْك وزنَه دَرَاهِم فَجعل الرشيد يضْرب أَخْمَاسًا لأسداس ويخاصم نفسَه فِي أحد الْأَمريْنِ حَتَّى حمل نَفسه وَأخرج دَرَاهِم ووزَن لَهُ مَا أَرَادَ وَكَانَ مقدارها خمسةَ عشر دِينَارا وَبقيت النُّسْخَة عِنْده وَنَشَأ لَهُ السعيد ابنهُ هبةُ الله فتردّد بِمصْر إِلَى الشَّيْخ أبي المحاسن البَهنَسي النَّحْوِيّ وَهُوَ وَالِد الْوَزير البهنسي الَّذِي وزر للأشرف بن الْعَادِل وَكَانَ عِنْده قَبولٌ وذكاء وفطنة وعاشر فِي مَجْلِسه رجلا مغربيّاً كَانَ يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال فوقّفه على أسرارها وباحثه فِيهَا وكثّر حَتَّى انقَدَح لَهُ فِي عَملهَا مَا زَاد على المَغاربة حُسناً وتعانى البلاغة وَالْكِتَابَة وَلم يكن خَطّه جيّداً انْتهى قلتُ وَكَانَ يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ فِي عَيْنَيْهِ وَفِيه يَقُول ابْن الساعاتي وَكتب ذَلِك على كِتَابه مصايد الشوارد
(تأَمَّلتُ تَصنيفَ هَذَا السعيد ... وَإِنِّي لأمثالِهِ ناقدُ)
(فكم ضَمَّ بيتَ نُهىً سائراً ... وصِيدَ بِهِ مَثَلٌ شارِدُ)
(وَفِي عَجَب الْبَحْر قولٌ يطول ... وأعجبَه ضفدعٌ صائدُ)
)
وَفِيه يَقُول أَيْضا وَقد سقط عَن بغل لَهُ كَانَ عَالِيا جدّاً ويسمَّى الجَمَل
(قَالُوا السعيد تعاطى بَغلَه نَزِقاً ... فزلّ عَنهُ وأهلٌ ذَاك للزلل)(27/136)
(فقُل لَهُ لَا أقالَ اللهُ عَثرَتهُ ... وَلَا سَقَته بَنانُ العارضِ الهَطِل)
(أَبغَضت بالطَّبع أُمَّ الْمُؤمنِينَ وَلم ... تُجِيب أَبَاهَا فهذي وقعةُ الْجمل)
وَهَذَا دَلِيل على أَن ابنَ سناء الْملك كَانَ شيعيّاً وَقَالَ ابْن سناء الْملك
(قيل لي قد هجاك ظُلماً عَليٌّ ... قلتُ عُذراً لِلَمِ ذَاك اللئيمِ)
(مستحيلٌ أَن لَا يكون هجائي ... وَهوَ مُغرىً بهَجوِ كلِّ عَظِيم)
وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول ابْن القيسراني
(يَا ابنَ مُنيرٍ هَجُوتَ منّي ... حَبراً أَفَادَ الورَى صوابَه)
(وَلم تُضيِّق بِذَاكَ صَدري ... لأنّ لي أسوةُ الصحابَه)
وَقد قيل فِي ابْن سناء الْملك ايضاً
(أبغضتَ كلَّ أبي بكرٍ وَمَا ... تَرِبت إلاّ يداك بذا حَتَّى ابْن أيّوب)
وَلما نظم ابْن سناء الْملك قصيدتَهُ الَّتِي امتدح بهَا تورانشاه أَخا صَلَاح الدّين وأولّها
(تقنّعتُ لَكِنْ بالحَبيب المعمَّمِ ... وفارَقتُ لكِن كلَّ عَيشٍ مُذَمَّم)
تعصّب عَلَيْهِ شعراء الديار المصرية وهجّنوا هَذَا الِافْتِتَاح وَكتب إِلَيْهِ الْوَجِيه ابْن الذَرَوي
(قل للسعيد مقالَ من هُوَ مُعجَبٌ ... مِنْهُ بكلِّ بديعةٍ مَا أَعجبا)
(لقصيدك الفضلُ المُبينُ وإنمّا ... شعراؤنا جهِلوا بِهِ المُستغرَبا)
(عابوا التقنُّعَ بالحبيب وَلَو رأى الطّ ... ائيُّ مَا قد حُكتَهُ لتعصَّبا)
فَقَالَ ابْن المنجّم
(ذَرَويُّنا قَتَلتهُ قِلةُ عقلِهِ ... فِي نَصرِ بيتٍ شائعٍ عَن ضِفدعِ)
(شيءٌ من الشّعْر الركيك رَويتَهُ ... لمخنثَينِ معصَّبٍ ومقنَّع)
قلت لقد تحامل عَلَيْهِ من هجّنه وتعَنَّتَ من قبَّحهُ وَلَكِن هَذَا من الْحَسَد الَّذِي جُبِلَت عَلَيْهِ الطِباع الرَّديئَة لِأَنَّهُ قَالَ تقنَّعتُ من القناعة ورَشَّحه بالمعمّم فَصَارَ من التقنُّع بالقِناع وَأَشَارَ بقوله الحبيب المعمّم إِلَى قَول أبي الطيِّب
(وَلَو أنّ مَا بِي من حَبيبٍ مقنَّعِ ... عَذرتُ ولكِن من حبيبٍ معمّمِ)
)
وَكَذَلِكَ تَعَنَّتَ شرف الدّين عَليّ بن جُبارة على ابْن سيناء الْملك وعلّق على شعره مجلدةً(27/137)
سمّاها نظم الدرّ فِي نقد الشّعْر وواخذه فِي أَشْيَاء مَا أَظنّه كَانَ لَهُ ذوقٌ يَفهم بهَا مقاصدَ ابْن سيناء الْملك وَمن ترسلأِهِ مَا كتب بِهِ إِلَى القَاضِي الْفَاضِل يشكو من رمدٍ أَصَابَهُ كتب الله لمولانا على نَفسه الرحمةَ وعَلى عدوّه النِّقمة وآتاه الْخطاب وَالْحكمَة وأسبغ عَلَيْهِ كَمَا أَسْبغ بِهِ النِّعْمَة وعضّد بآزائه الدولةَ وببقائه الملّةَ واعزّ بسلطانه الأُمةَ وأدام الله أيامَه حَتَّى تطيرَ من آفاقه النعائم وَحَتَّى تخلَعَ أطواقَها الحمائمُ وَحَتَّى تنزِلَ من منازلها النجومُ العواتمُ وَحَتَّى تسقُطَ من كفّ الثريّا الْخَوَاتِم
(وَحَتَّى يؤوبَ القارظان كِلَاهُمَا ... ويُنشَرَ فِي القَتَلى كُليبٌ لوائلِ)
خدمَتَهُ بعد أَن حَصَلَت عينه فِي قَبْضَة الرمد وَبعد أَن قسا قلبُه وَطَالَ عَلَيْهِ الأمد وَبعد أَن تعاقبت فِيهَا الدَمعتان دَمعةُ الْأَلَم ودمعة الكَمَد وَبعد أَن أُحِّجت عَلَيْهَا نارُ الله المؤصَدة وأصبحت مِنْهَا فِي عمدٍ ممدَّدةً وَبعد أَن سخَّر الله عَلَيْهَا الآلام سبع ليالٍ وثمانيةَ أيّامٍ وَكَأَنَّهَا واللهِ سبعُ سِنِين وثمانيةُ أَعْوَام وَبعد أَن فصَدَ فِي أُسْبُوع وَاحِد دَفعتَين وشَرِبَ المُسهِل ثلاثَ مرّات وَكَاد لأجل السجعة يكذب وَيَقُول مرّتين وَبعد أَن مَلأ الدَّار صُراخاً وأقلق الْجَار صياحاً وَبعد أَن كَلمه العَمى شِفاها وخاطبه صُراحاً وَبعد أم مرّت بِعَيْنِه العبرات والعِبَر وَبعد أَن قذفت من القَذَى برمادٍ ورمَت من الدُّمُوع بشَرَر وَبعد أَن استشفى بِتُرَاب الرَبع الَّذِي قَالَ فِيهِ الشَّاعِر
(ورَبع الَّذِي أهواه يروِي شرابهُ ال ... عِطاشَ ويَشفي تُربُه الأعيُنَ الرمدا)
فَضَحِك رَمَده من هَذَا الشَّاعِر الْكَاذِب وسخِر مِنْهُ باللحية والشارب وَأما الشَّاعِر فَلَو أبصره مَا أبصره بصر الْمَمْلُوك لما قَالَ
(يَا شِعرُ فِي بَصَري وَلَا فِي خَدّه ... هَذَا السوادُ فِداء أَحْمَر وَدّه)
ولكان يسْأَل الله أَن يَقِيَ سَواد عينه بِأَن يُنبِتَ فِي خدّ معشوقه شوك القنا فضلا عَن شوك الْورْد وَأَن يُطلع كل نباتٍ فِي كتاب أبي حنيفَة على ذَلِك الخدّ وَلَو علم جميل بن مَعمَرٍ مِقادرَ أذَى القَذَى لما دَعَا على محبوبته فِي قَوْله
(رمى الله فِي عَينَي بُثينةَ بالقَذى ... وَفِي الغُرِّ من أنيابها بالقوادح)
وَأما الْقَائِل
(ترابُهم وحقّ أبي تُرابٍ ... أعزُّ عليّ مِن عَيني الْيَمين)
)
فخصمه على كذبه من أقسم بِهِ فِي هَذَا الشّعْر ولكنّهم جهِلوا مَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ وتكلّم كل شاعرٍ مِنْهُم وطرفه مخلَّصٌ من يَد سُقمه وواللهِ لقد ناحت الْمَمْلُوك وَهُوَ فِي شدّة المَرَض وساوسه وخاطبته هواجسُه وَقَالَت لَهُ لعلّك عوقبتَ بِمَا كنتَ تدّعيه وَتكذب فِيهِ على(27/138)
عَيْنك فِي شعرك وَلَا سيّما فِي قَوْلك
(وَلَقَد جرت مِنْهَا الدِّما ... ء كأننّي مِنْهَا طَعينُ)
وَفِي قَوْلك
(وَيَقُول دمعُك لم يَدَع بَصَراً ... أسَمِعتَ قَطُّ لعاشقٍ ببَصَر)
وَفِي قَوْلك
(وَإِن بكَيتُ فنّكِّب عَن مجاورتي ... واحذَر وَإِيَّاك من طُوفان أجفاني)
ويعوذ الْمَمْلُوك بِاللَّه من فأل الشّعْر فَوحَيات مَوْلَانَا لقد جرت من أجفان الْمَمْلُوك دموع تكون كالطُوفان بالنِسبة إِلَى الْإِنْسَان وَلَقَد فاضت إِلَى أَن كَادَت مياهُهَا تُغرقه ونيرانها تحرقهولقد شرقَت بِهِ مِمَّا تشرقه وَلَقَد ضَاقَ بهَا منزله إِلَى أَن قَالَ مَا قَالَه الشَّاعِر
(بَكَى النَّاس أطلالَ الديار وليتني ... وجدتُ ديارًا للدموعِ السواكبِ)
وَلَقَد نَدَب مُقلتَه وبكاها وتوجَّعَ لَهَا ورثاها وَقَالَ لَهَا مَا قَالَه ذَلِك المتأخّر المحسن
(يَا عينُ والعاشقون قد عشِقوا ... وَلَا كَمَا ضَاعَ جفنك الغَرَقُ)
(تحظَى بطيف الكَرَى والعيونُ وَمَا ... طَيفُك إلاّ الدُّمُوع والأَرَق)
وَهِي دموع لَو تقاسَمها العُشَّاقُ الَّذين نَزَحَت دموعُهم ويبِست عيونُهم وجفَّت جفونُهم لكَانَتْ تكفيهم وتَفضل عَنْهُم وَتفِيض من أَيْديهم ويقضون بهَا حُقُوق الغُيّاب ويُروُون بهَا ديار الأحباب ولكان الْقَائِل
(وَمَا متعوني بالبُكاء عَلَيْهِم ... وَلَكِن تَولَّوا بالدموع وبالصبر)
قد تَمتَّع باّحدِ مَطلبيَه وَوجد الْأَيَّام قد رَدَّت عَلَيْهِ أحد غائبيه وَلَو أدْركهَا الْقَائِل أرأيتَ عينا للبُكاء تَعارُ لقَالَ الْمَمْلُوك لَهُ نعم هَذِه عينٌ خُذْهَا عَارِية وأقبلها هَدِيَّة وأمّا الْقَائِل
(أفنيتم دمعي مقيمين ... يَا لَهفي بِمَا أُبكيِكم ظاعنين)
فَلَو وجدهَا لوَجَد مَا يبكي بِهِ عَلَيْهِم أَقَامُوا أَو ظعنوا وأساءوا أَو أَحْسنُوا على أَنَّهَا واللهِ مَا هِيَ)
من الدُّمُوع الَّتِي تُنفِّس من الخناق وَلَا تُخفِّف عَن الآماق وَلَا يرغَبُ فِي مثلهَا العشاق وَلَا هِيَ كَمَا قيل حزنٌ محلولٌ على الْخَدين وَلَا ثقل موضوعٌ عَن الْعين بل دموعٌ تزيد الكرب وَلَا تُزيله وتَعقُد الهمَّ وَلَا تُحيلُه وَتقتل الْأَهْدَاب بتدبيقها وَتَقْيِيد الأجفان بتلثيقها وتغلظ(27/139)
العَذاب بغليظها وترقّق قلبَ الحَسود برقيقها وَلَو أَطَالَ الْمَمْلُوك وَقَالَ ووسّع الْمقَال واستنحى الألسنةَ واستنجدها فِي وصف مَا كَانَ عَلَيْهِ من سوء الْحَال لَقَصَر وقصّر كل لِسَان وَأقَام الْخَبَر عَنْهَا مقَام العِيان وَالْجُمْلَة الملخَّصة أَن عينَه كَانَت تَجَرُّ من وَجهه بحبلٍ من مَسَد وتُنخَس بأسنّة الأَسَل وتُجذَب بمخالب الْأسد وممّا جعل الأمرَ قطّ على عينه وَلَا عبر على جفْنه وَلَا مر على طَرفه وَلَا أنسَت مقلتُه قطّ بالوَهج الناري وَلَا تبرَّحت فِي الثوبِ الجُلَّناري وَلَا قَذَيت قطّ إِلَّا بِالنّظرِ إِلَى ثقيل وَلَا جرَت دَمعتُها إِلَّا على فِراق خَلِيل وَلَا سَخَنت إِلَّا يَوْم سَفَرٍ لمولانا وَسَاعَة رحيل وَلَا رابَهُ بصرُه قطّ بعد صِحَّة وَلَا خانَهُ فِي لَمحَة وَلَا كَانَ يكذبهُ فِي الْأَشْيَاء بعُدَت عَنهُ أَو قرُبت مِنْهُ بل يَنقُلها إِلَيْهِ على مَا هِيَ عَلَيْهِ لَكِن ربّما أرَاهُ النجومَ نَهَارا والأهلِه أقماراً وَأبْدى لَهُ خطوطَ الأحزاز كَأَنَّهَا خطوط الغُمَر وجلا عَلَيْهِ السُّهى فِي قَد الشَّمْس لبا قَدّ الْقَمَر وَلَقَد كَانَ واثقا الْجَدِيد ة نظره الْحَدِيد كثِقتِه بِالتَّوْحِيدِ يَوْم الْوَعيد
(مَا أعجَبُ الشَّيْء ترجوه فتحرمه ... قد كنت أَحسب أَنِّي قد ملأتُ يَدي)
وَمن تَوَابِع الرمد الَّتِي كَانَت واللهِ تُضيق انفاسَه وتُصدِّع رأسَه الخِرقَة السَّوْدَاء الَّتِي كَانَت كَأَنَّهَا لعنةُ الله على الْكَافِر وفرار الْأَطِبَّاء إِلَى غمس الرجلَين فِي المَاء الفاتر وكل مِنْهُمَا لَا يُغني نقيراً وَلَا فتيلاً وَلَا ينفع كثيرا وَلَا قَلِيلا وَلكنهَا استراحة مَن طبّه مُستراح وسِلاح من لَا لَهُ سلَاح وَأما اللبَن الَّذِي يُغسَل بِهِ الْعين ووّضَره وزَيبَق الْبيض وزَفرُه والقِطنةُ الَّتِي تُوضع على الجفن لتَرفعَه وَهِي واللهِ تطمُره فنعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم وَأما العُوَّاد فَرَأى الْمَمْلُوك مِنْهُم فُنُونا وعَلَّقَ من ألفاظهم عُيونا فَمنهمْ من يحضر شامتاً وَمِنْهُم من قد أنعم الله عَلَيْهِ لَو كَانَ صامتاً وَمِنْهُم من يَقُول الله يَكْفِيك ويُحميك بِضَم الْيَاء وَمِنْهُم من يَقُول الله يُغنيك عَن الْإِعَادَة والنادرة الَّتِي لَو سَمعهَا ابْن المعتزّ لسلك سَبِيلهَا فِي البديع وَلَو رَآهَا الصنوبري لوصفها إِذْ يَظُنهَا زهرَة من زهر الرّبيع قَول بعض السَّابِقين فِي ميدان التخلّف والواصلين للدرجة العُليا من الكُلفة والتكلُف وَقد رأى عين الْمَمْلُوك والمجلس حافلٌ حاشد وَجَمِيع الْحَاضِرين لما قَالَه ساعٌ وَبِه شَاهد فبُهِتَ وشكّ وَأَرَادَ الْكَلَام فتقيَّدَ لسانُه ورام)
الْإِقْدَام على النُّطْق فجبُنَ جَنانه ثمَّ تشجع فَلم يُفتح عَلَيْهِ إِلَّا بأنّ قَالَ يَا مولايّ هَذِه الْعين تَزُول فَقَالَ الْمَمْلُوك زاه زاه مَا غلَت وَالله رمدتي بِهَذِهِ الْوَاحِدَة وَلَقَد كَانَ يجِب أَن أسألَ الرّمد أَن يشرفني بالحضور من هَذَا الرمد وَإِن تعجبَه نورها وضياءها وَكَيف لَا تظمأ وَقد أقلعَت عَنْهَا من بركَة قُربه أنواؤها وَكَيف لَا تَسخن وَقد(27/140)
تقلَّصت عَنْهَا ظِلالُها وفاءَ أفياؤها وَمَا كَانَت سلامتها السالفة إِلَّا بنظرها لطلعته الميمونة ولاكتحالها بغبار مَوكبه الَّذِي السعادةُ بِهِ مقرونة والصحّة بِهِ مَضْمُونَة لَا مظنونة وَمَا فرج الله عَنهُ إِلَّا بأدعية مَوْلَانَا الَّتِي تُخلِّصُه كل وقتٍ من العِقابي والعقبَات وتحرُسه من بَين يَدَيْهِ وَمن خلفِه بمعقَّباتٍ وَمَا أذهب عَنهُ غَيَّر رَمده وكمل لَهُ عَافِيَة جسده إِلَّا سعيُه إِلَى الدَّار الْكَرِيمَة وتقبيل الأَرْض بَين يديَ سيّدنا الأجلّ الْأَشْرَف أَعلَى الله قدره وإمرار يَده الشَّرِيفَة على مقلته وجلا ناظره بِنور غُرته وتهنئته بِهَذَا الشَّهْر الشريف عرف الله مَوْلَانَا بركةَ أَيَّامه وأعانه على مَا فرض على نَفسه من صِيَامه وقيامه وَأرَاهُ فِيهِ من البركات مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَجعل من نعْمَة عَلَيْهِ فِيهِ الصِّحَّة الَّتِي لَا طمحت نفسُ الْأَمْرَاض إِلَى زَوَالهَا عَنهُ وَلَا طمعت وألبسَه فِيهِ الْعَافِيَة فَإِنَّهَا أشرف لِباس وَلَا نَزَعَ عَنهُ سرابيلَها فَإِنَّهَا الَّتِي تَقِيّ الحُرَّ وتقي الْبَأْس وَتقبل الله فِيهِ أدعيتُه وَلَو قَالَ وأدعية الْخَلَائق فِيهِ لَكَانَ قد خلط الْأَعْلَى بالأدوَن ومزج الْأَعَز بالأهون لِأَن أدعيته أدام الله أَيَّامه يحملُها الرّوح الْأمين وتكتبها مَلَائِكَة الْيَمين وتتعطر بهَا أَفْوَاه المقربين وتَرِدُ حَظِيرَة الْقُدس فَلَا يضْرب دُونَها حجاب وتَصِل إِلَى جنَّة عَدنٍ فتجدها مفتحة الْأَبْوَاب وَلَا يقصِد بهَا الدَّار الْأُخْرَى وَلَا يَبْتَغِي بهَا الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَرْجُو بهَا إلاّ أَن تقربّبه إِلَى الله زُلفَى وأدعية الْخَلَائق لَهُ فَإِنَّمَا هِيَ لأَنْفُسِهِمْ لأنّ بقاءَهم معذوق بِبَقَائِهِ وسلامتهم مرتبطة بسلامة حوبائه وأرزاقُهم واصلة إِلَيْهِم من نعَم وَيعود إِلَى تَمام حَدِيث رَمَده وَإِلَى بِشارة مَوْلَانَا بأنّ شفاعةَ أدعيته لَهُ قد قُبِلت وأنّ بركَة هَذَا الشريف قد عَادَتْ عَلَيْهِ بعوائد فضل ربه وفكّتْ ناظره من إسار كَربه إنّ رَبِّي لطيفٌ لما يشاءُ إِنَّه هُوَ الْعَلِيم الْحَكِيم وَمَا سطر خدمتَه إِلَّا بعد أَن زَالَ أَلَمُها وانفش وَرَمها وخمِدَت جَمرتها وَذَهَبت حُمرتها وَظهر إنسانها وجفت أجفانها ورقأت دموعها وَعَاد إِلَيْهَا هُجوعُها وكملت بِحَمْد الله صِحَّتهَا ونَقِيت بِحَمْد الله صَفحتها وَقد ذخرها الْمَمْلُوك ليَفديَ بهَا مواطىء مَوْلَانَا إِن رضها لِفدائه أَو أَن يهبَها لمن يُبشِّره بإيابه ويهنئه بلقائه وَجعلهَا سِراجاً يَهْتَدِي بِهِ إِلَى تسطير مدائح مَوْلَانَا وتحبيرها وتصنيف سيرة دولته الْفَاضِلِيَّةِ)
وتفسيرها وَتَابَ إِلَى الله أَن ينَسُب إِلَى عينه مَا يَدعِيهِ الشُّعَرَاء فِي شعرهم وينحوه الْكتاب فِي نثرهم من أَن نومها مَفْقُود وَأَن هُدَبها بِالنَّجْمِ مَعْقُود وأنَّ جفنها بالسهاد مَكْحُول وَأَن سوادها بالدمع مغسول وَأَن ربَعهَا بالقذى مأهول أَو أَنَّهَا رَأَتْ الطيفَ وَمَا كَانَت رَأَتْهُ أَو قَرَأت مَا فِي وَجه الحبيب وَمَا كَانَت قرأته إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يُزخرفونه من زُورهم ويُطلِقون بِهِ ألسنتَهم لغرورهم فَعَسَى يُمحى بِهَذَا الحَدِيث ذَاك الْقَدِيم وسِوى ذَلِك فَالْحَدِيث الَّذِي يَأْكُل الْأَحَادِيث أَن الْأَيَّام كَانَت تَحِسّ مَعَه فِي بعض الْمُعَامَلَة وتُجامِله بعض المجاملة وَلَا تسقيه(27/141)
كأس الصُروف صِرفاً وَلَا تُرسِل إِلَيْهِ من الهموم صِنفاً إِلَّا كَفّتْ عَنهُ صَفاً وَلَا تُبكي لَهُ عينا إِلَّا تضحك لَهُ سِناً وَلَا تُذيقه خوفًا إِلَّا تتبعه أَمناً وَكَانَ يَذمها تَارَة ويشكرها أُخْرَى وتُنسيه مرَارَة الْبلوى مَا يذوقه من حلاوة النعماء ثمَّ رَآهَا فِي هَذَا الْوَقْت قد استحالت مَعَه حالتَها وانتقضت عَلَيْهِ عَادَتهَا وجاءَته بعددِ الرَمل عربدة والحصَى قوقلة والقطر أخلافاً متلونة كَأَنَّهَا سِهَام مُرسلة وسَقته من تسنيم عينا يشرَب بهَا المقرّبون من المصائب صِرفاً بِلَا مِزاج ومدّت عَلَيْهِ من ظَلالها لَيْلًا يُهتدى فِيهِ بشِهابٍ وَلَا يُمشى فِيهِ بسِراج وَمَا قنعت لَهُ لوالد الْمَمْلُوك التوجّه إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وَجَعَلته مُغرَماً بِالسَّفرِ إِلَيْهِ أتمَّ إِلَيْهِ غَرامٍ
(مَا أنصفتني الحادثاتُ رمَيتَني ... بمُفارقينِ وَلَيْسَ لي قَلبان)
وَكم رقّقه الْمَمْلُوك وحنَّته وأوضح لَهُ الغَلطَ الدُنيوَيَّ وبينَّه وأعلمه أَنه يُذيقه اليُتم وَإِن فارقَ سنَّ الحُدوثة وقارَبَ سِنَّ الكَهل وَذكره أَن الكِرش منثورةٌ والعاملة كثيرةٌ والكلفة كبيرةٌ والذُّرِّيَّة الضعيفة الَّتِي كَانَ ذَلِك الشيخُ رَحمَه الله يَتَّقِي الله خوفًا عَلَيْهَا قد أسندها إِلَيْهِ وصيرّها فِي يَدَيْهِ وتوكل بعد الله فِيهَا عَلَيْهِ وَأَن الوِزرَ بتضييعها رُبمَا أحبط الأَجر وضيعه وَعكس الأمل وقطعه وأسهب الأصدقاء فِي هَذَا الْمَعْنى وأطنبوا وخلجوا بالعذل وأجلبوا فَمَا زَاده التسكين إِلَّا نَبوة وَلَا الترقيقُ إِلَّا قَسوة وَلَا التحنين إِلَّا جفوة وَلَا العذل إِلَّا تصميماً على السّفر وَلَا التفنيد إِلَّا اعتزاماً على ركُوب الْغرَر وَإِن توَلّوا فَقُل حَسبيَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلتُ وهوربّ الْعَرْش الْعَظِيم وَفِي بَقَاء مَوْلَانَا أدام الله دولته وَوُجُود جُوده مَا يُغني الْمَمْلُوك عَن الْآبَاء قربوا أَو بُعدوا وراحوا أَو قعدوا قسَوا أَو حَنَوا وسخَوا أَو ضنوا لَا زَالَ جَبابُه الكريمُ كعبةً تَطوف بهَا الآمال وكنزاً يُستغنى مِنْهُ بِالْمَالِ إِلَى أَن يستغنِيَ بِهِ عَن المَال وَله أدام الله أَيَّامه فِيمَا أنهاه علوُّ رَأْيه وَفضل الْآيَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ)
(ذكرتُك واللَّحِي يعانِدُ بالعذل ... فكنتُ أَبا ذرٍّ وَكَانَ أَبا جَهلٍ)
(لَهُ شاهِدا زورٍ من النُّهى ... عَلَيْك وَمن عينَك شاهدَا عَدلِ)
(حبيبةُ هَذَا القلبِ من قبلِ خلقِه ... يحبُّك قلبِي قبلَ خلقِك مِن قَبلي)
(رأَيتُ مُحياً منكِ تحتَ ذوائبٍ ... فأجلستُ طرفِي مِنْك فِي الشَّمسِ والظِّل)
(أَلا فارفَعِي ذَا الشَّعرَ عَنهُ فَإِنَّهُ ... أغارُ عَلَيْهِ من مُداعبة الحِجلِ)
(إِذا نَشَبَ الخلخالُ فِيهِ فإنَّه ... يعانِقُه والخِلُّ يصبو إِلَى الخِلِّ)
(عجِبتُ لَهُ إِذْ يَطمئنّ مُعانقاً ... أّما أَذهلَ الخلخالَ خوفُ بني ذُهل)
(بشوك القَنا يحمُون شهدَ رُضَابها ... وَلَا بُدَّ دون الشَّهد من إِبَر النَّحل)(27/142)
(تطلَّعُ من بدرِ السماءِ إِلَى أَخٍ ... وتنظرُ من زُهر النُّجوم إِلَى أَهلِ)
(لَهَا ناظرٌ يَا حيرةَ الظبي إِذ يَرى ... بِهِ كَحَلا ناداه يَا خَجلة الكُحل)
(وأَثقلَها الحسنُ الَّذِي قد تكاثرَت ... ملاحتُه حتَّى تَثَنَّت مِنَ الثَّقل)
(وإِني لأَبكِي وَهِي تبْكي تَطَرُّباً ... جعلتُك من هَذَا التَّطرُّب فِي حِلِّ)
(إِذا استحسَنُوا فِي وردةٍ دمعةَ الحيا ... فَما نَظَروا فِي خدِّها دمعةَ الدَّلِّ)
(وإنَّ فمي مُغرىً بفيها لأَنَّه ... رحيمٌ بِهِ أَنَّ الفطامَ أَخُو الثُكل)
(ووَصلٌ تولَّى أَدمج الدَّهرُ ذِكرَه ... كَمَا أُدمِجَت فِي منطقٍ أَلِفُ الوَصل)
(تَقضَّى فجسمي فِي أواخرَ مِن ضَنىً ... عَلَيْهِ وعقلي فِي عَقَائلَ مِن خَبلِ)
(سأمنعُ عَيني كُلَّما يمنعُ البكا ... عَلَيْهِ وأُسلي الْقلب عَن كُلِّ مَا يُسلِي)
(وأُغلِقُ بابَ العِشقِ عنِّي فإنني ... جهلتُ إِلى أَن صارَ بَابا بِلا قُفلِ)
(فبدرُ الدُّجى أَشهى إِليَّ من الخَنَا ... وأَقبحُ فِي عينِ الكريمِ منَ البُخلِ)
(وَمن عرفَ ألأيَّام مثلي فإنَّه ... يعيشُ بِلَا حبٍّ ويحيَّا بِلا خِلِّ)
وَقَالَ أَيْضا
(ليلَ الْحمى بَات بَدري فيكَ مُعتَنِقي ... وَبَات بدرُك مرِميا على الطُّرُقِ)
(شتَّان مَا بَين بدرٍ صِيغَ من ذهبٍ ... وذاكَ بَدْرِي وبدرٍ صِيغَ من بَهَق)
(زار الحبيبُ وبدرُ التَّم فِي كمدٍ ... بادٍ عَلَيْهِ وغصنُ البان فِي قَلَق)
(يمشي على خَدِّ مَن يَهوَى وأَدمُعه ... تهمِي فسبحان منجِيه من الغَرَقِ)
)
(وَقبل ذَا كَانَ طيفاً من تكَبُّرِه ... فإِن سرى كَانَ مَسراه على الحَدَق)
(وَبَات باللَّثم تَحت الْخَتْم مَبسِمُه ... والصَّدرُ بالضَّم تحتَ القُفل والغَلَق)
(وعِفتُ طيفي لما جاءَ سيِّدُه ... يَا عينُ عَفيِّ طريقَ الطَّيفِ بالأَرَق)
(يَا عاذلي فِيهِ أمَّا خدُّه فَنَدٍ ... كَمَا تراهُ وأَما ثغره فَنَقي)
(وَمَا جفونك تلويها على سَهَري ... وَلَا ضلوعُك تطويها على حُرَقي)
(تريدُني خارِجياً عَن مَحَبَّتِه ... أَنَّى وبيعةُ ذَاك الحُسنِ فِي عُنُقي)
(يَا صاحبَ الْحسن لَا تَعجل بفُرقَتِنا ... فَمَا رمَقتُك إلاَّ آخِر الرَّمقِ)
(وساتراً ليَ عينَيه بارحَتِه ... ليتَ الضَّنَى لِيَ مسروقاً من السَّرَق)
(ونكهة لَك تُحيي نفسَ ناشِقها ... بمسترقٍّ من الفردوس مسترق)(27/143)
(جاءَ الغَرامُ وَهَذَا الْحسن فِي قَرنٍ ... والغيثُ يَهمي وَنور الدّين فِي طَلَق)
وَقَالَ
(باتَت مُعانِقَتي وَلَكِن فِي الكَرى ... أَتُرى دَرَى ذاكَ الرَّقيبُ بِمَا جَرى)
(ونَعم دَرى لَمَّا رأى فِي بُردَتي ... رَدعاً وشمَّ مِن الثِّيابِ العَنبَرا)
(طيفٌ تخطَّى الهولَ حتَّى يَشتري ... بيتَ الحَشَا وَقد اشتَرى وَقد اجتَرا)
(مَا زارَ إِلاَّ فِي نَهارِ جَبينهِ ... فأقولُ سَار وَلَا أقولُ لَهُ سَرى)
(بأَبي وأُمي من حَلَمتُ بذكرها ... لما انتبهتُ ومُذ رَقَدتُ تَفَسَّرا)
(عُلِّقتُها بيضاءَ سمراءَ اللَّمى ... أَسمعتَ فِي الدُّنيا بأَبيضَ أَسمَرا)
(ومِن العَجَائِب أَنَّ ماءَ رُضابِها ... حُلوٌ ويُخرج حِين تبسِمُ جَوهَرا)
(إِني لأَعشَقُها وَمَا أَبصَرتُها ... فالشَّمسُ يمنعُ نورَها أَن تُبصرا)
(أيَروعني فِي كُلِّ وقتٍ نهدُها ... فغذا اعتنقنا خِفتُ أَن يتكسرا)
(أَشْكُو إِليها رِقَّتي لِترقَّ لي ... فَتَقول تطمَع بِي وَأَنت كَمَا تَرى)
(وَإِذا بكيتُ دَمًا تقولُ شمت بِي ... يومَ النَّوى فصبغتَ دمعَك أحمَرا)
(من شاءَ يمنحها الغَرامَ فدونَه ... هَذي خَلائِقُها بِتَخْيِير الشَّرا)
(يَا من لَهَا من الحسِ عبلةُ عبدةٌ ... رقّي عليَّ فليسَ قلبِي عنترا)
(غادَرتِنِي والصَّبرُ مشدودُ الوِكا ... وغدرتِ بِي والدَّمعُ محلولُ العُرا)
)
(وَجعلت قلبِي بالهمومِ مُزمَّلاً ... إِذْ كَانَ طرفك بالفتورِ مُدثَّرا)
(وَفتحت أَبْوَاب السُّهادِ لناظري ... وَجعلت ليلِي بالهموم مُسمَّرا)
(فَمَتَى أَقولُ جوانحي بك قد هَدت ... ومدامِعي رجَعت عَلَيْك إِلى وَرا)
وَقَالَ
(يَا ليلةَ الوصلِ بَل ليلةَ العُمُر ... أَحسنتِ إلاَّ إِلَى المشتاق فِي القِصَرِ)
(يَا ليتَ زيد بِحكم الوصلِ فيكِ لَهُ ... مَا طوّل الهجرُ من أيَّامه الأُخَر)
(أوليتَ نَجمَكِ لم تُعقَل ركائبهُ ... أَوليتَ صُبحِكِ لم يَقدَم من السَّفَر)
(أَو ليتَ لم يَصفُ فِيك الشَّرقُ من عَبَسٍ ... فَذَلِك الصَّفوُ عِنْدِي غَايَةُ الكَدَر)
(أَو ليتَ كُلاًّ من الشَّرقين مَا ابتَسما ... أَوليتَ كُلاًّ من النَّسرين لم يَطِر)
(أَو لَيْت كنتِ كَمَا قَد قَالَ بعضُهُمُ ... ليلَ الضريرِ فَصُبحي غيرُ مُنتَظَر)
(أَو ليتَ حُطَّ على الأفلاكِ قاطبةً ... همِّي عليكِ فَلم تَنهَض وَلم تَسر)(27/144)
(أَو ليتَ فجرِك مفتَرّ بِهِ رَشِئي ... أَو ليتَ شمسِكِ مَا غَارت على قَمرِي)
(أَو ليتَ قَلبي وطَرفِي تَحتَ مُلكِ يَدي ... فَزِدتُّ فِيك سوادَ القلبِ والبَصَر)
(أَو ليتَ أَلقى حَبِيبِي سِحرَ مُقلتِه ... على العِشاءِ فأَبقَاها بِلاَ سَحَر)
(أَو ليتَ كَانَ يُفدي مَن كَلِقتُ بِهِ ... درُّ النجومِ بِما فِي العِقِد من دُرَر)
(أَو لَيْت كنتِ سأَلتِيه مساعدةً ... فَكَانَ يَحبوكِ بالتَّكحِيل والشعَر)
(أَو ليتَ جُملةَ عُمرِي لَو غَدا ثَمَناً ... فِي البعضِ منكِ ومَن لِلعُمي بالعَوَر)
(كأَنَهَّا حِين ولَّت قمتُ أجذِبُها ... فانقدَّ فِي الشَّرقِ عَنها الثوبُ من دُبُر)
(لَا مَرحباً بصباحٍ جاءَني بَدَلاً ... من غُرَّة النجمِ أَو مِن طَلعَة القَمَر)
(زار الحبيبُ وقَد قَالَت لَهُ خُدعِي ... زُره وَقَالَ لَهُ الواشُون لَا تَزُر)
(فجاءَ والخَطوُ فِي رَيبٍ وَفِي عَجلٍ ... كقلبِه جَاءَ فِي أَمنٍ وَفِي حَذَر)
(كأَنَّه كانَ من تخفيفِ خطوَتِهِ ... يَمشي على الجَمرِ أَو يَسعى عَلى الإبَر)
(وَقَالَ إِذ قلتُ مَا أَحلَى تَخَفُّرَه ... تبرَّجَ الحُسن فِ خدِّي مِن الخَفَر)
(يَا أخضرَ اللَّون طابَت رائحةٌ ... وغبتَ عنَّا فَمَا أبقيتَ للخضر)
(فَقَامَ يَكسِرُ أَجفاناً مَلاحتُها ... تُعزَى إِلى الحُورِ دَعْ تُعزَى إِلى الحَوَر)
)
(وقمتُ أَسألُ قلبِي عَن مَسرتِه ... بِمَا حواهُ وَعِنْدِي أَكثرُ الخَبر)
(وبتُّ أَحسِب أَنَّ الطَّيفَ ضَاجَعني ... حتَّى رجَعت أشهى الظَّنَّ فِي السَّهر)
(أَوردتُ صدريَ صَدراً من مُعانقةٍ ... وحينَ أَوردتُ لم أَقدر عَلَى الصَّدَر)
(وَكَانَ يَمنَعني ضمّاً ورَشفَ لَمَىً ... ضَعفٌ من الخَصرِ أَو فَرطٌ من الخَصر)
(وكدتُ أَغنَى بِذَاكَ الرِّيق من فمِه ... ومنطقٍ مِنْهُ عَن كَأس وَعَن وَتَر)
(وبتُّ أشفقُ من أَنفاسِه حَذِراً ... من أَن يعود عِشاءُ اللَّيلِ كَالسَّحر)
(ومرَّ يسبقُ دَمعي وهوَ يَلحَقه ... كالسَّيل شُيِّع فِي مَجراهُ بالمَطَر)
وَقَالَ
(يَا قلبُ وَيحك إِنَّ ظبيكَ قد سنَح ... قتَنَحَّ جُهدك عَن مَراتِعه تَنَحْ)
(وأَرَدتُ أَعقله ففرَّ من الحَشَا ... طَربا وأَحبسُه فطار من الفَرح)
(وأَتى فظَل صريعَ هَذاك اللَّمى ... عَطَشاً وَعَاد قتيلَ هاتيك المُلَح)
(جَنح الغزالُ إِلَى قِتال جَوانِحي ... فَغدوتُ أَجنَحُ مِنه لمَّا أَن جَنَح)
(وَمن العَجائب أَنه لمَّا رَمى ... بسهامِه قتلَ الفُؤادَ ومَا جَرَح)
(ولَمىً صقيلٍ من مَراشِف أهيَف ... لَو شئتُ أَمسحُه بلثمى لَا نَمسَح)(27/145)
(كاللَّيلِ إِلَّا أَنَّه لما دَجا ... والمسكِ إِلا أَنَّه لمّا نَفَح)
(قبَّلتُه وقَبِلتُ أَمرَ صبَابتِي ... ونصحتُ نَفسِي فِي قطيعةِ من نَصَح)
(ورشَفتُ ريقَتَه على رَغم الطِّلا ... من كأسِ مَرشَفه على رغم القَدَح)
(ورقيقةِ الخَصرين كلٌّ مِنْهُمَا ... بسقَامه لَا بِالوشَاحِ قَد اتَّشَح)
(فِي لحظِها السِّحر الحلالُ قد استَحى ... وبخدِّها الوردُ الجنيُّ قد انفتَح)
(عضَّت أَنامِلَها عليَّ تَدلُّلاً ... فأرَت رضيعَ الطَّلعِ مَع طَفلِ البَلَح)
(ثُغرٌ يُريك الأَحوانَ بِهِ شفى ... وقتَ الظهيرةِ أَو يُريك بِهِ قَلَح)
(لِي سُبحَةٌ من جَوهَرِ فِي ثغرِها ... فَفَضَلتُ سائرَ من يُسَبِّح بالسُّبَح)
(لِمَ لَا تُصالِحُ قُبلَتي يَا خدَّها ... والماءُ فِيك مَعَ اللهيبِ قَد اصطلَح)
(كم يَعذِلون ولستُ أَسمعُ منهمُ ... فأَنا وهم مثلُ ألأصمِّ مَعَ الأّبَح)
(ليسَ العَذول عليكَ إِنساناً هَذَى ... إِنَّ العذولَ عليكَ كلبٌ قد نَبَح)
)
(وَلَقَد سألتُ القلبَ بعض تَصبُّرٍ ... يَسخو عليَّ بِهِ فشحَّ وَمَا رَشح)
(لم تُعِده بالبُخلِ إِذْ سكنت بِهِ ... فَلَطالَما سَمَحت وقَلبي مَا سَمَح)
(بَعُدَت عليَّ فضَاق صَدري بَعدها ... وذكَرتُ عَود أَبي عَلِيٍّ فانشَرح)
وَقَالَ فِي مليح مرض
(حَكَيتَ جِسمي نُحولاً ... فَهَل تَعَشَّقتَ حُسنَك)
(وَكَانَ جَفنُك مُضنىً ... فصرتَ كلُّكَ جَفنَك)
(وزادك السُقمُ حُسنا ... واللهِ إِنَّك إِنَّك)
وَقَالَ فِي بادَهنج
(وبادهنجٍ علا بِناءً ... لكنه قد هَوَى هواءَ)
(دَامَ عليلُ النسيمِ فِيهِ ... كَأَنَّهُ يطلبُ الدَّوَاء)
وَقَالَ
(بَدَت لِيَ ثوبٍ كوَجهي أصفرٍ ... عَلَته بمنديلٍ كقلبي أسودِ)
(فأبصر مِنْهَا الطرفُ مردودَ عسجَدِ ... على طَرَف مِنْهُ بَقِيَّة إثمد)
وَقَالَ يذُمُّ خالا
(يَا من غَدَتْ تختال من خالها ... وخالُها يقْضِي بتهجينها)
(كإنّما خدّك تُفاحَةٌ ... وخالها نُقطَة تَعْيِينهَا)(27/146)
وَقَالَ
(لَا تلومي العُذال من أجلِ عذلي ... وابسُطي عُذرَهم جَمِيعًا وعُذري)
(أَنا وَالله أقتضي منهُمُ العُذ ... لَ لِعلمِي بِأَنَّهُ فِيك يُغري)
وَقَالَ
(عَروسُكُمُ يَا أيّها الشَربُ طالقٌ ... وَإِن فَتَنَت من حُسنها كلَّ مُجتلِ)
(دَفعتُ لَهَا عَقْلِي وَمَالِي معجَّلاً ... فَقَالَ وجنّاتُ النَّعيم مؤجَّلي)
وَقَالَ
(إِنَّه مَال وملا ... وأتى الطيفُ وسُلاّ)
(عاطلاً حَتَّى لقد عا ... د من اللَثم مُحلى)
)
(كنتُ تَقبيليَ الطي ... فَ كَمَن قبل ظِلاّ)
وَقَالَ
(رغِبت فِي الْجنَّة لما بدا ... أنموذجُ الْجنَّة من شَكلِهِ)
(فصرتُ من حِرصي على سبِهِهِ ... فِي البَعثِ لَا ألوي على وصلِه)
(فانظُر إِلَى مَا جرّه حُسنُه ... من توبةٍ تَقبحُ عَن مِثله)
وَقَالَ
(أهواه كالظَّبي فِي حسن وَفِي غَيدٍ ... لَا بَل هُوَ الليثُ فِي بأسٍ وَفِي جَلَدِ)
(فَلَو ترَاهُ وكأسُ الراح فِي فَمه ... أبصرتَ كَيفَ تحُل الشَّمْس فِي الأسَد)
وَقَالَ
(علمتُ شَيْئا مَا زَالَ خَيرَ عَمَل ... ونلت أمرا مَا زَالَ ملءَ أَمَلِ)
(قبلتُ خصراً لمن أُحِبُّ فَمَا ... دَار عَلَيْهِ سِوى ثَلَاث قُبَل)
وَقَالَ
(يَا عاطِلَ الجِيِدِ إلاّ من محاسِنه ... طَّلتُ فِيك الحشا إِلَّا من الحَزَنِ)
(فِي سِلك جسمِي دُرّ الدَمعِ مُنتظمٌ ... فَهَل لجيدِك من عِقدٍ بِلَا ثَمَن)
(لَا تخش مِني فإِني كالنسيم ضنىً ... وَمَا النسيمُ بمخشيِّ على الغُصًن)
وَقَالَ
(أخذتَ فُؤَادِي حِين سرتَ وَلم أكن ... أُسَرُّ إِذا مَا غِبتَ عنِّي بقُربهِ)
(وَمَا أدَّعي أَنى ذكرتك سَاعَة ... وَهل يذكرُ الإنسانُ إِلَّا بِقَلْبِه)(27/147)
وَقَالَ
(ونونِ صُدغٍ زادني جِنّةً ... وَرُبمَا يُعذَرُ فِيهِ الْجُنُون)
(أُقبل النونات من أَجله ... حَتَّى لقد قبّلت نون المَنُون)
وَقَالَ
(يَا ساقيَ الراح بل يَا ساقِيَ الْفَرح ... وَيَا نديمي بل يَا كلَّ مُقتَرِحي)
(لَا تخشَ فِي ليلِ لَهوِي من تقاصُره ... أما تراني شربت الصُبحَ فِي قدحي)
وَقَالَ)
(إنّ مَن خَصَّه الفؤا ... د بإخلاص وُدَّهِ)
(ضَل فِي ظِلّ هُدبه ... خالُهُ فَوقَ خَدّه)
وَقَالَ
(زَهّدَني فِي خُلتِك ... زهادتي فِي قُبلتِك)
(لِأَن شَعرَ لِحيِتَك ... طُحلُبُ مَاءِ وجنَتِك)
وَقَالَ
(أحِبتِي هَل عنْدكُمْ أننِي ... عُلِقتُها مَا جنَّة عِلقَه)
(أثَّر تقبيلي فيخدّها طَابَعَ ... حُسنٍ لم يكن خِلقَه)
وَقَالَ
(تَطَلَّبتُ من ثغره قُبلَتةً ... فضن عليّ بِذَاكَ الشَنَبْ)
(وَقَالَ أَلا دونَهُ وجنتي ... فصان اللُجين وَأعْطى الذَهَب)
وَقَالَ
(عانقتُه حَتَّى ظَننتُ بأنِني ... فِي مَضجَعي فردٌ بِغَيْر قرين)
(وَلَقَد ظننتُ بأنّ من ضَمّي لَهُ ... كَانَ انحناء ضلوعه وضلوعي)
وَقَالَ
(أَلا لَيْلَة الصَّدّ لَا تقصُري ... وَيَا لَيْلَة لبصبحِ لَا تطلُعي)
(فَإِنِّي لَبِستُ سوادَ الدُّجى ... حِداداً على رَبّة البُرقُع)
(وَلَو كنتُ مُفتَقِراً للصَّباح ... لغَرّقتُ لَيلِيَ فِي مَدمعي)
وَقَالَ
(وَلما أَن نَزَلتُ عَلَيْك ضَيفاً ... وَلم أر من قِرىً غَيرَ القِراعِ)(27/148)
(كسرتَ الجَفنَ حِين أردتَ قَتْلِي ... وكَسرُ الجَفن من فِعل الشُّجاع)
وَقَالَ
(وَلما مررتُ بدارِ الحبيبِ ... وَقد خَابَ فِي ساكنيها ظُنوني)
(حَطَطت همومُ جفوني بهَا ... لأنّ الدُموعَ همومُ الجفونِ)
وَقَالَ)
(لَا غَرو لما غَابَ شمسُ الضُّحَى ... أَن أطلعَ الجفنَ دُموعي نُجُوم)
(غَلِطتُ مَا الدَمعُ نجومٌ بِهِ ... لكنّه دُرُّ بِحار الهُموم)
وَقَالَ
(إِن قلتُ مَا أحسنَه شاذياً ... فَإِنَّمَا قصديَ مَا أخشَنَه)
(يظَل أَيري ضائعاً فِي استه ... كأنّه المِغزِلُ فِي الرَّوزنَه)
وَقَالَ
(يَا هَذِه لَا تستَحِي منّي ... قد انْكَشَفَ المُغطّى)
(إِن كَانَ كسُّكِ قد تثاءَبَ ... إِن أيري قد تَمَتطّى)
وَقَالَ
(يَا باسماً أُبدَى ثغرَهُ ... عِقداً ولكِن كُلَّهُ جَوهَرُ)
(قَالَ لي اللاّحي ألم تستمع ... فَقلت يَا لاحي أما تُبصِر)
وَقَالَ
(لقد شَيَّبَتني فِي الزَّمَان خطوبُهُ ... وَلَا عجبَ أَن شابَ مَن شَأنُه الخَطبُ)
(ونوّر شيبٌ فِي عِذار معذِّبي ... وَلَا عجب أَن نور الغُصنُ الرَطب)
وَقَالَ
(قَالُوا لقد شَاب الحبي ... بُ وشاب فِيهِ كلُّ عَزمِ)
(فأجبتُ مِن شَرِهَي عَليّ ... هـ أّذوقُه فِي كلّ طعم)
وَقَالَ
(شادن لَا أرى سواهُ وهَيها ... ت وحُوشِيتُ أَن أُريدَ سواهُ)
(إِن لي نَاظرا بِهِ مستهاماً ... يَشْتَهِي أَن يرَاهُ وَهو يرَاهُ)
وَقَالَ
(يَا بَابي مَن ذِكره فِي الحشا ... ضَيْفِي وذكريفي الحشا ضيفُهُ)(27/149)
(لَا تحسبوني ناعساً إِنَّمَا ... سجدتُّ لما مَرَّ بِي طيفُه)
وَقَالَ فِي الجُلَّنار
(وجلنار على غصونٍ ... وكلُّ غُصنٍ بهِنّ مائس)
)
(يَحكِي الشَراريبَ وَهِي خُضرٌ ... وَهُوَ بأطرافها كبائس)
وَقَالَ
(وليلةِ وصلٍ خِلتُها ليلةَ القدرِ ... تنعم فِيهَا القَلبُ بالشمس لَا البَدرِ)
(وَمَا زِلت حَتَّى فرّق الصبحُ بَينَنا ... فَكَانَ زوالُ الشَّمْس للصبح لَا الظُّهر)
وَقَالَ
(أحِلَّ الخمرُ بعدَكمُ ... لأشرَبَ غَيرَ مكتَرِث)
(فَنارُ الْقلب بعدَكُمُ ... تُصيِّرها على الثُلث)
وَقَالَ
(رأيتُ العاشقين ولستُ مِنْهُم ... وآخِرُهم شقاءٌ لَا سَعاده)
(وعشّاقُ العثلوق إِلَى بغاءِ ... وعشّاق القِحاب إِلَى قِياده)
وَقَالَ
(أَلا إنّ شُرابَ المُدام هُمُ الناسُ ... وَغَيرهم فيهم جُنونٌ ووسواسُ)
(فيا ليتَ أَنِّي مِثل كِسرَى مصوَّرٌ ... فَلَيْسَ يزَال الدَّهْر فِي فَمه كاس)
وَقَالَ
(إِن عِشقَ الاحراج للقلب جُرحَة ... لَيْسَ فِيهِ ملحٌ وَلَا هُوَ مُلحه)
(آيُّ كُسٍّ يكون فِي ضِيقِ حُجرٍ ... واسعٍ أَو يكون فِي قَدرِ فَقحه)
وَقَالَ
(وربَّ عِلقٍ قَالَ لِي مرّةً ... يَا هاجِري ظُلماً وَلم أهجُرِ)
(معتَزِ لي صِرتَ فقلتُ اتَّئِد ... واعتُبْ على مَبعدك الأَشعرِي)
وَقَالَ
(فِي خَرقها أَلفُ خِرقَه ... وشَقها ألفُ شُقَّه)
(وَألف ألف كساءٍ ... فِيهِ وَمَا سدّ خَرقه)
(أَدخلتُ أَيري فِيهَا ... فَضَاعَ بَين الأَزِقَّه)
وحار إِذْ ارشدتهُ إِلَى الطَّرِيق بزَعقه(27/150)
(وَتلك ضَرطةُ استٍ ... تُدعى مجَازًا بحبقه)
)
(فانسلّ مِنْهَا بِرعبٍ ... وَقد طيلسته بِخِرقه)
(مَعَ بردهَا ظَلّ أيري ... بَين إلتهابٍ وحُرقه)
(مِمَّا تحَشت بثومٍ ... وزَنجَبيل ودُقَّه)
(مِما تَغَنَّيتُ مِنْهَا ... لي بَصقَةٌ بعد بَصقه)
(كم بهرةٍ ليَ مِنْهَا ... والسِّتُ مَع ذاكَ حُرقه)
وَمن موشحاته يُرِيك إِذْ تلفّت طرف شادن سقيما وَعَما عَنهُ تبتسِم الْمَعَادِن نظيما
(يرَاهُ الله من حُسنٍ وطِيب ... حبيبٌ كلّ مَا فِيهِ حَبِيبِي)
(أعَاد شبيبتي بعد المَشيب ... وَأمسى مُسقِمي وَغدا طبيبي)
وخيم فِي ضمير الْقلب سَاكن مُقيما وَلم تزِل الْقُلُوب لَهُ مَوطِن قَدِيما
(جفتني كل لايمة ولايم ... عَلَيْهِ لأنّ عُذري فِيهِ قايم)
(ويومٍ ممايس العِطفَين ناعم ... نعَمتُ بِهِ وأَنفُ الدَّهْر راغِم)
بغصنٍ أجتَنى مِنْهُ ولكِنْ نعيما ويُحَيِّيني بهاتيك المحاسن نديما
(يذكرنِي المدام فأشتهيها ... واشربها فتشكرني بديها)
(كأَن حبيبَ قَلبي كَانَ فِيهَا ... تجعلُني رشيدا لَا سَفِيها)
تحرّك من شايليَ السواكن كَرِيمًا وتُحيِي من مَسرّاتي الدفائن رميما
(يطوف بهَا عليَّ أغَنُّ أحوى ... يرَاهُ الصَّبّ عطشانا فيروى)
(ومَن جحد الْهوى كِبراً وزِهوَا ... فَإِنِّي والهَوَى قَسَماً لأهوَى)
غَزالاً فاترَ الأجفانِ فاتن وسيما عَلَيْهِ رَونَقٌ لِلْحسنِ باين وسيما
(يجرِّد طرفَه وَهُوَ المشيح ... سكاكينا تُبيح وتسبيح)
(لَهَا فِي كل جاريةٍ جروح ... فكم جرحت وأنشده الجريح)
أيا من لم تَدَعْ مِنْهُ السكائِن سليما مَتى تَغْدُو بعُشاقٍ مسَاكِن رحِيما وَمن ذَلِك الراحُ فِي الزُجاجة أعارها خدُّ النديم حُمرَةَ الوَردِ واستوهبَت نسيمَه فهيَّجت نَشرَ العَبير مَعَ شذا النِّدِ)(27/151)
(يَا هَمت بالحُمَيا ... إِلَّا وَقد سَقَتني)
(مليحة المُحّيَّا ... مليحة التثني)
(والحُسن قد تَهَيا ... فِيهَا بِلَا تَأنِّ)
أذكى بهَا سِراجَهرأيتُ فِي اللَّيْل البهيمشعلة الزند لَو أَنَّهَا عليمة تاهت على الْبَدْر المنيروهو فِي السَعدِ
(إنّ الَّتِي أُلامُ ... فِيهَا على غِرامي)
(لِقدِّها قوام ... كالغصن فِي القَوام)
(لثغرها نظام ... كالعِقد فِي النظام)
لريقها مجاجة كالمسك فِي طيب الشميمجنى الشهد وعينها السقيمة وسنانة من الفتورلا مِن السُّهد
(تزيد فِي بَلائي ... وَالنَّفس تشتهيها)
(وَلَا أرى دَوائي ... إلاّ برِيق فِيهَا)
(قَالَت لأصدقائي ... وَقد ضَنِيتُ فِيهَا)
أحمَى الْهوى مِزاجهدَعوه من طِب الحكيمفالدّوا عِندي محبوبتي حكيمهتُطفِي برمان الصدورحُرقةَ الوجدِ
(كم فِي الْأَنَام مثلي ... شفاؤه دواها)
(وَكم تريدُ قَتْلِي ... وَلم أرِدْ سِواها)
(وَقَالَ لايمٌ لي ... لَجَجتَ فِي هَواهَا)
طابت لي اللجاجة وَقلت للأسقام دوميما أَنا وحدي ذُو مهجة سقيمة فِي القُرب من ظَبي غَريروهو فِي البُعد
(قَلبي لَهَا يتوق ... وقلبها يَقُول)
(هَيْهَات لَا طَرِيق ... هَيْهَات لَا وُصُول)
(فقلتُ والمَشُوق ... يقنعه الْقَلِيل)
أفضِ لي فَردَ حاجَهيا سِت بوسَه فِي الفُمَيموأُخرَى فِي الخد وَالْحَاجة العظيمَهأن نطلعُوا فَوق السريرونَضَع يَدِّي)
وَمن ذَلِك
(مقامنا كريمُ وَغَيره لئيمُ ... مدامةٌ وريمُ والسعد نديم)
(لَا عشتَ يَا رَقيبي ... ذَا العَيش)(27/152)
(وغادةِ مختالة كَأَنَّهَا الغزالة ... ومِلؤُها مَلالة وعينها النبالة)
(تَجِيء للكئيب ... فِي حُبَيْش)
(قامتُها كالصَّعدَة وريقُها كالشُهدة ... وخدها كالوردة إِن الْحَرِير عِنْده)
(فِي المُطرف القشيب ... كالخيش)
(لَا تُصغِ للمحال واعشَق وَلَا تُبالي ... واشرَب من الجريال فالرُشد فِي الضلال)
(وَالْعقل للبيب ... فِي الطيش)
(عانقني خليلي حَتَّى ارتوى غليلي ... وقلتُ للعَذولِ لما أَتَى فُضُولِيّ)
(عانقتُ أَنا حَبِيبِي ... وانت أيش)
3 - (سديد الدّين الْكَاتِب الْمصْرِيّ)
هبة الله بن حَاتِم بن عبد الْجَلِيل بن عبد الْجَبَّار بن حسن سديد الدّين أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الْكَاتِب الأديب ولد سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَسمع من أَشْيَاخ عصره وتقلب فِي الخِدَم الديوانية وَتُوفِّي سنة خمسين وسِتمِائَة
3 - (عميد الرؤساء الْحلِيّ وَجه الدُوَيبَة)
هبة الله بن حَامِد بن أَحْمد بن أَيُّوب بن عَليّ بن ايوب أَبُو مَنْصُور عميد الرؤساء اللّغَوِيّ من الْحلَّة المزيدية كَانَ أديباً فَاضلا نحوياً لغوياً شَاعِرًا تصدّر بِبَلَدِهِ وَعنهُ أَخذ أهلُها قَرَأَ هُوَ على ابْن العَصار وَأبي الْعِزّ بن الْخُرَاسَانِي وَأول مَا قَرَأَ على خُزَيْمَة بن مُحَمَّد بن خُزيمة وَورد إِلَى بَغْدَاد وَتُوفِّي سنة عَشرٍ وسِتمِائَة وَفِيه يَقُول الْحُسَيْن بن البُغَيديدي يهجوه وَكَانَ يُعرف بِوَجْه الدُوَيبة ويُنسَب إِلَى التطفل
(لَيْت شعري وَجه الدويبة ... صخرٌ لَيْسَ يندَى من فعله أم ساجُ)
(مَا كفى الناسَ مَا بهم مِنْهُ حَتَّى ... صَار يَغْشَاهُم وَمَعَهُ السِّراج)
(وطعامٌ على طَعَام عَلَيْهِ ... عِنْد بقراط لَا يصحّ المِزاج)
(يَا عميداً وَمَوْضِع الْمِيم نونٌ ... لَا تُخلّط يعرض لَك الانفلاج)
)
(كُن خفيفَ الغِدا وَإِلَّا تأذَّي ... تَ بداءٍ يطول فِيهِ العلاج)
(قد تفرّدت بالفعال الَّذِي ... للكلب من فعله الْقَبِيح انزعاج)
(خَارِجا دَاخِلا إِلَى ذَا وَعَن ذَا ... والطفيليُّ داخلٌ خراج)
(وَإِذا زُرتَ لَا تزُر بجنيبٍ ... لَا يصحّ الطَّاعُون والحَجاج)(27/153)
وَسمع المقامات من ابْن النقور وَرَوَاهَا عَنهُ وَمن شعره يَرثي زَوجته
(لم تذهَبي فَأَقُول الذاهبُ امْرَأَة ... وَإِنَّمَا ذهب الْمَعْرُوف والكرمُ)
(بِي مثلُ مَا بِكِ إِلَّا أَن ذَاك بلَى ... مغيَّرٌ وجهَكِ الحالي وَذَا سَقَم)
ورثاه تِلْمِيذه الشريف فخار بن معد العَلوي
(أودَى ابْن أَيُّوب وغادر جذوةً ... فِي الصَّدْر مني ماتني تتلهّبُ)
(قد قلتُ للناعي غادة نعاه لي ... مَاتَ المبردُ والخليلُ وثعلب)
3 - (اللاَّلِكائي الشَّافِعِي)
هبة الله بن الْحسن بن مَنْصُور الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ الطَّبَري الأَصْل الْمَعْرُوف باللاَّلِكائي الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل بَغْدَاد تفقه على الشَّيْخ أبي حَامِد وَسمع من جمَاعَة قَالَ الْخَطِيب كَانَ يفهم ويحفظ صنف كتابا فِي السّنة وَكتاب رجال الصَّحِيحَيْنِ وكتاباً فِي السُّنَن وعاجَلَته الْمنية فَمَاتَ بالدَينَوَر فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة أَرْبَعمِائَة قَالَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن جدّ العُكبَري رَأَيْت هبة الله الطَّبَرِيّ فِي النّوم فَقلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ كلمة خُفْيَة بالسُّنَّة
3 - (الْأَشْقَر المقرىء)
هبة الله بن الْحسن بن أَحْمد بن أبي الْمَعَالِي أَبُو الْقَاسِم الْخياط المقرىء الْمَعْرُوف بالأشقر من سَاكِني دَار الْخلَافَة بِبَغْدَاد من القرّاء المشهرين بالإجادة وحُسن الْأَدَاء وَمَعْرِفَة وجوِه الْقرَاءَات بالروايات وَيفهم طرفا حسنا من النَّحْو قَرَأَ بالروايات على مُحَمَّد بن خَالِد الرزّاز الضَّرِير وعَلى عبد الله بن عبد الله الْجَوْهَرِي وعَرفة بن عَليّ البقلي والنحو على الأسعد بن نصرٍ العبرني وَسمع من مَسْعُود بن عَليّ بن النَّادِر وَعمر بن أبي بكر بن التبَّان وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وَكَانَ يُصَلِّي إِمَامًا بِالْإِمَامِ الظَّاهِر وتجهّر على مَذْهَب الشَّافِعِي وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة)
3 - (الجُرَذ الْكَاتِب)
هبة الله بن الْحسن بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن الْمطلب أَبُو الْمَعَالِي الملقب بالجُرذ من بَيت الوزارة والتقدم كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا يكْتب خطا حسنا وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير للنَّاس توريقاً وَكَانَ ظريفاً لطيفاً وَجمع فِي(27/154)
الْهزْل مجاميع مطبوعة وأسنّ وَعجز عَن الْحَرَكَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(قديتُ مَن فِي وَجههَا سُنّة ... أشهَى إِلَى قلبِي من الفَرض)
(تنسى عُهوداً سَلفت بَيْننَا ... كَأَنَّمَا قد أكلَت قَرصي)
اشار إِلَى أَن أكلَ الطَّعَام الَّذِي أكل مِنْهُ الفأرُ يروِث النسْيَان فِيمَا يزعمه اصحاب التجارب وَحسن هَذَا لأنّ اسْمه الجُرَذ وَمِنْه
(أَلا قبح الله هذي الْوُجُوه ... وبدّ لنا غيرُها أوجُها)
(فَلَا أُفقُها مؤذِنٌ بالنَّدى ... وَلَا بالعُلى مُؤذِنٌ اوجُها)
وَمِنْه قَوْله فِي ابْن دينارٍ كَاتب الْوَزير وَكَانَ أَحَالهُ عَلَيْهِ فمَطَلَه
(مولايَ فِي مَنركُمُ كاتبٌ ... يزيدُ فِي ظُلمي غفراطا)
(مُضَيِّعٌ لِلْمَالِ لكنه ... أضحى على شؤمي مُحتاطا)
(ظنّ اباه من عطاياك ... لي فَلَيْسَ يعطيني قيراطا)
وَمِنْه فِي ذمّ الغَيم
(مَا أقبحَ الغيمَ وَلَو أَنه ... يُمطِرُنا دُرا وياقوتا)
(فَكيف والآفاق مغبّرةٌ ... شوهاء لَا مَاء وَلَا قوتا)
وَمِنْه
(نَفضُ التُّرَاب عقوقٌ عَن مناكبنا ... لِأَنَّهُ نَسَبُ الآباءِ فِي القِدَم)
3 - (أَبُو الْقَاسِم السكاكيني)
هبة الله بن الْحسن بن المظفر بن الْحسن بن السبط ابو الْقَاسِم الهمذاني البغدادين من أَوْلَاد المحثين حدث هُوَ وَأَبوهُ وجدّه أسمعهُ وَالِده فِي صباه تبكيراً وعُمِّر حَتَّى حدث بالكثير وَانْفَرَدَ بِأَكْثَرَ مسموعاته وانتشرت الرِّوَايَة عَنهُ وَكَانَ شَيخا ذكياً فهما متأدباً حُفظةً للحكايات والأشعار والنوادر وَكَانَ فِي شبابه يعْمل السكاكين وآلات الْكِتَابَة صناعَة بديعةً عمل)
شطرنجاً كَامِلا من عاج وآبنوس وَزنُه حَبتان وأرزَّة وَكَانَ يَنْقُلهُ بشِفتِ الصَّائِغ لِأَن الأنامل تعجِز عَن نَقله وَكَانَ مثل الخَردَل وأشكاله ظاهرةٌ وأهداد لبنَفشا مولاة المستضيء بِاللَّه ثمَّ كبر وافتقر فَسَاءَتْ حَاله وَصَارَ قذِراً وَسِخاً لَا يستنزِه عَن النَّجَاسَات قَالَ محب الدّين بن النجار وَلم يكن فِي دينه بِذَاكَ وَكَانَ عسِراً فِي التحديب(27/155)
سمع أَبَاهُ وَأحمد بن عبد الله بن رضوَان وَأحمد بن عبد الله بن كادِش وَهبة الله بن مُحَمَّد بن الحُصَين وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفراء وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (الصائن ابْن عَسَاكِر الشَّافِعِي)
هبة الله بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الدِّمَشْقِي بن عَسَاكِر أَخُو الْحَافِظ بن عَسَاكِر أبي الْقَاسِم وَكَانَ الْأَكْبَر وَكَانَ يعرف بالصائن حفظ الْقرى ن فِي صباه وقرأه بروايات على أبي الوَحش سُبيع بن قِيرَاط وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن خَلف بن مُحرِزٍ الأندلسي وَسمع من الشريف أبي الْقَاسِم عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس العَلَوي وَأبي طَاهِر بن الحِنائي وَأب الْفرج غيث بن عَليّ الصُّورِي وَغَيرهم وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي الْحسن عَليّ بن الْمُسلم وَنصر الله بن مُحَمَّد المصِّيصِي وَقدم بَغْدَاد سنة عشرٍ وَخَمْسمِائة وعلق دَرس الْخلاف على أسعد الميهَني وَقَرَأَ أصُول الْفِقْه على أبي الْفَتْح بن برهَان وأصول الدّين على أبي عبد الله القيسراني وَسمع هُنَاكَ على أَشْيَاخ الْعَصْر وَسمع بِالْكُوفَةِ وَمَكَّة بعد مَا حجّ وَرجع إِلَى بَغْدَاد ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَصَارَ معيداً لشيخه عَليّ بن الْمُسلم بِالْمَدْرَسَةِ الأمينية ثمَّ إِنَّه درس بالغزالية بالجامع الْأمَوِي وَأفْتى وَحدث واعتنى بعلوم الْقُرْآن والنحو واللغة وحصّل النّسخ وتوريقاً وشِراءً وَكَانَ فَاضلا ظريفاً مطبوعاً كيّساً عشيراً حَرِيصًا على طلب الْعلم وَكتبه مبذولة للمسَفِيدين والغرباء وَلم يزل يكْتب ويصحح إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (ابْن الدوامي)
هبة الله بن الْحسن بن الدوامي أَبُو الْمَعَالِي أحد الْأَعْيَان ولي حَاجِب الْحجاب لديوان الْخلَافَة بِبَغْدَاد فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وعُزل فِي خَامِس عشر صفر سنة سِتّمائَة ثمَّ وَلي النّظر بديوان الزِّمَام فِي خَامِس عشر صفر سنة اثْنَتَيْ عشرةَ وعزل فِي تَاسِع رَجَب سنة أَربع عشرَة وَسمع الْكثير فِي صباه من تجني الوَهبانية وَسمع كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الشّعْر من القَاضِي أَحْمد بن عَليّ بن هبة الله بن الْمَأْمُون وَكَانَ صَدُوقًا كثير الصَّلَاة وَالصِّيَام)
وَالصَّدَََقَة والمحبة لأهل الْخَيْر وداره مجمع أهل الْفضل وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو نصر الْكَاتِب ابْن الموصلايا)
هبة الله بن الْحسن أَبُو نصرٍ تَاج الرؤساء الْكَاتِب ابْن أُخْت أبي سعدٍ بن الْحسن بن الموصلايا الْكَرْخِي كَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم مَعَ خَاله فِي أَيَّام الإِمَام الْمُقْتَدِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَحسن إِسْلَامه وَكَانَ كَاتبا جَلِيلًا(27/156)
بليغاً لَهُ معرفَة بالأدب وَيكْتب جيدا وَكَانَ ينظِم ويترسل وَله عقل رَاجِح وَله كِتَابَة الْإِنْشَاء بعد موت خَاله سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وناب فِي الوزارة أسبوعاً وَاحِدًا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَدفن فِي تربة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي بَاب ابرَز وَكَانَ لم يكْتب كتابا بمسودة وَمن شعره لغز
(ومنكوحٍ إِذا ملكَته كفٌّ ... وَلَيْسَ يكون فِي هَذَا مِراُ)
(لَهُ عينٌ تخَلَّلها ضياءٌ ... فَإِن كُحِلَت فبالكُحل العماء)
(تظَل طَلِيعَة للوَصل صَوناً ... ولِلحامي بزَورته احتماء)
(فقد اوضحتُه وأنبتُ عَنهُ ... فَفَسِّره فقد بَرِحَ الخَفاء)
3 - (أَبُو الْحسن الْحَاجِب)
هبة الله بن الْحسن أَبُو الْحُسَيْن الْحَاجِب ذكره كَمَال الدّين ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب النحويّين وَمَات فَجْأَة سنة ثَمَان وَعشْرين واربعمائة وَكَانَ من أفاضل الشُّعَرَاء وَمن شعره
(يَا لَيْلَة سَلَكَ الزَّمَا ... نُ بطِيبها فِي كلِّ مَسلَك)
(إِذْ أرتَقي رِدفَ المَس ... رة مُدركاً مَا ليسَ يُدرَك)
(والبَدرُ قد فَضَح الظلاَ ... م فسِترُهُ فِيهِ مُهتك)
(وكأنما زهرُ النجو ... م بلمعِها شُعَلٌ تَحَرَّك)
(والغيم أَحْيَانًا يمو ... ج كَأَنَّهُ ثوبٌ مُفَرّك)
(وكأنّ تجعِيدَ الريا ... ح بدِجلةٍ ثوبٌ ممسّك)
(وكأنّ نَشرَ المِسك يَن ... فحُ فِي النسيم إِذا تحرّك)
(وكأنما المنثور مص ... فرّ الندى ذهبٌ مُشبَّك)
(والرَّوضُ نَفسي أَن أَقو ... م بشرطها وَالشّرط أملَك)
(حَتَّى تَوَلى اللَّيْل مُن ... هزِماً وَجَاء الصُّبحُ يَضحَك)
)
(واهاً لنا لَو أننا ... فِي ظِل طيب الْعَيْش نُترَك)
(والمرءُ يُحسَب عُمرُه ... فَإِذا أَتَاهُ الشيبُ فَذلَك)
3 - (ابْن العلاف الشِّيرَازِيّ)
هبة الله بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْفضل بن إِسْمَاعِيل(27/157)
بن يُونُس بن المشمعل بن عبد الله بن الْأسود يبنتهي إِلَى بكر بن وَائِل أَبُو بكر بن العلاف الأديب النَّحْوِيّ من أهل شيزار سمع حَمَّاد بن مُدرِك وَإِبْرَاهِيم بن حُميد وَأحمد بن الْأَعَز وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَأَبا عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْفَارِسِي وطبقتهم وَسمع مِنْهُ الْحَاكِم وَتُوفِّي بشيزار فِي شهر رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة وَهُوَ ابْن نَيف وَتِسْعين سنة وَذكره الثعالبي وَكَانَ يمثل بِابْن فارسٍ وَابْن خالَوَيه وَمن شعره
(يَا خَرِبَ الْقلب عامِر الْبدن ... نمتَ وغَرَّتك صِحَة البدنِ)
(لقد تراخيتَ عَن فلاحك مَا ... ارخَت لَك الحادثاتُ فِي الرَّسَن)
(لَا إِن تقصَّرتَ فِي الْقَبِيح وَلَا ... محَوتَ بعض الْقَبِيح بالحَسَن)
(تفطّن الذرُّ فِي المعاش وَلَا ... تصلح أمرُ العِباد بالفِطَن)
3 - (ابْن المؤذي)
هبة الله بن السِّين بن تغلب عَليّ بن آدم الْأَسدي الوَاسِطِيّ التَّاجِر أَبُو مُحَمَّد وَقيل ابو الْقَاسِم كَانَ أَبوهُ يُنبَز بالمؤذي فقُلِعت عينهُ فِي الشَّرّ فَقَالَ أَنا المؤذي وَكَانَ ابْنه هَذَا لَا يكْتب إِلَّا ابْن المؤذا بِالْألف قَالَ الشّعْر بعد ثَلَاثِينَ سنة وسلك طَرِيق ابْن الْحجَّاج فِي المُجون طوف الْبِلَاد مَا بَين الْعرَاق وأذربيجان وديار مصر وَحكى عَن أبي مُحَمَّد الحريري صَاحب المقامات وروى عَن أبي الْحسن بن أبي الصَّقْر الوَاسِطِيّ شَيْئا من شعره وروى عَنهُ أَحْمد بن عَليّ بن المعبّى الْبَصْرِيّ وَأَبُو طَاهِر السِلفي وَأَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَمن شعره
(قَالُوا تسل وخلِّ عَنهُ ... فقد تلقاك بالصُّدودِ)
(فَقلت لَا حلتُ عَن هَوَاهُ ... ومقتضَى الوُدّ والعُهود)
(عَسى زمَان الْوِصَال يَأْتِي ... فيُبذل النَحس بالسعود)
وَمِنْه
(يَا مُبلِسي ثوبَ الضنَى ... ومجرّعي غُصَصَ التجني)
)
(مَا التذّ قلبِي بالوصا ... ل كَمَا اشتفى الهِجران منّي)
وَمِنْه
(سَواءً صَدّ أَو وَصَلا ... أُخالِف فِيهِ مَن عَذَلا)
(وأُغضي فِيهِ مُجْتَهدا ... وأرضى بِالَّذِي فَعَلا)
(وَمن صحَّت محبّتُه ... وحُمِّلَ مُعظماً حَمَلا)(27/158)
(وداري فَوق طاقته ... أَذَى المحبوب واحتَمَلاَ)
قلت شعر متوسط على مَا فِيهِ
3 - (الْوَزير كَمَال الْملك)
هبة الله بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عبد الرَّحِيم ابو الْمَعَالِي كَمَال الْملك الْوَزير أَخُو الْوَزير عميد الْملك أبي سعدٍ مُحَمَّد كَانَ كَاتبا سديداً عَارِفًا بأحوال الْجند وسياستهم ولي الوزارة للْملك جلال الدولة اتبي طَاهِر بن أبي نصر بن عضد الدولة بن بُويَه مرَّتَيْنِ الْأَخِيرَة مِنْهُمَا سبع سِنِين ثمَّ ولي الوزارة للْملك أبي كاليجار بن أبي شُجَاع بن أبي نصر بن عضد الدولة ثمَّ لِابْنِهِ أبي نصر وَقَامَ بالبيعة لَهُ وَفتح لَهُ الْبِلَاد إِلَى شيزار وَحصل لَهُ أَمْوَالًا عظيمةٌ وَجرى على يَده تخليطٌ عَظِيم وفشت المصادرات فِي أيّامه وَكَانَ يمِيل إِلَى الدّين وَالْخَيْر فَلَمَّا حصل بالأهواز تَغَيَّرت أخلاقه إِلَى الشرّ والأذى وَهلك فِي الْوَقْعَة بَين صَاحبه الْملك أبي نصرٍ وأخيه أبي مَنْصُور بن أبي كاليجار بالأهواز سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وعمره ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة قَالَ أَبُو الْقَاسِم بن مرشدٍ فرّاش الْملك أبي كاليجار وصلتُ إِلَى الطّيب بعد الْهَزِيمَة ونزلتُ ونزلتُ المشهد هُنَاكَ فَحَدثني إِمَام الموضِع أَنه رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب فِي الْمَنَام وَكَانَ النَّاس حوله فسلّمتُ عَلَيْهِ وَقلت مَا صنع أَبُو الْمَعَالِي ابْن عبد الرَّحِيم فَرفع راسَه إليَّ وقطَّب فِي وَجْهي وَقَرَأَ مِمَّا خطاياهم أُغرِقوا فأدخلوا نَارا فَلم يَجدوا لَهُم من دونِ الله أنصاراً قَالَ فعجبتُ من الرُّؤْيَا وَلم نَكُنْ عِلمنا بهلاكه ثمَّ انْتَشَر الْخَبَر وَظهر أَنه عبر يومَ الْهَزِيمَة يروم المخاضَ فغاص فِي الصندوق بدجلة الأهواز فَهَلَك هناكُ وامتدحه الشريف المرتضى بقصيدتين وجهزّهما إِلَيْهِ وأوَل الْوَاحِدَة مِنْهُمَا
(لم يبْق لي بعد المَشيب تصابي ... ذهب الشَّبَاب وَبعده اطرابي)
(فاليوم لَا أَرْجُو وصالَ خريدة ... عِنْدِي وَلَا أضخشَى صُدودَ كِعابِ)
)
مِنْهَا
(عُج بالوزير أبي الْمَعَالِي أَيُنقي ... واجعَل إِلَيْهِ مَعقِلي وغيابي)
(لي من وِدادِك واصطفائك رُتبةٌ ... حسَبٌ أتيه بِهِ على الأحساب)
(وَأَنا الَّذِي لَك بِالْوَلَاءِ مواصِلٌ ... فاغفِر لذاك زِيَارَة الأعتاب)
(أما بَنو عبد الرَّحِيم فَإِنَّهُم ... حَدُّ الرَّجَاء وغايةُ الطلاّب)
(مَا فيهمُ إلاّ النجيبُ وَإنَّهُ ... البيتُ المليءُ بِكَثْرَة الأنجاب)(27/159)
فَلَمَّا أنشدَت للوزير وَبلغ عُج بالوزير قَامَ الْوَزير قَائِما وَقَالَ هَذَا بعض حقّ الشريف المرتضى
3 - (البديع الأسطرلابي)
هبة الله بن الْحُسَيْن بن يُوسُف أَبُو الْقَاسِم البديع الأسطرلابي كَانَ وحيدَ عصره وفريدَ دهره فِي معرفَة الْهَيْئَة والهندسة وصنعة الْآلَات الفلكية كالاسطرلاب والكُرة والرخامة والطرجهارة وَمَعْرِفَة الرصد وتجزية أَوْقَات اللَّيْل وَالنَّهَار وساعاتهما وَعمل طلاسِم للملوك والسلاطين فأبدع فِيهَا وأعجبتهم وَحصل بذلك أَمْوَالًا طائلة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَله شعر رائق وأدبٌ غزير وَاخْتَارَ شعر ابْن حجاج وبوبه مائَة وَاحِد واربعين بَابا وَقَفاهُ وَسَماهُ دُرّة التَّاج من شعر ابْن حجاج وَكَانَ ظريفاً فِي جَمِيع حركاته وَمن شعره
(كُن فِي زَمَانك مودوداً لَو اعترضَت ... لَهُ شكاة بكاه من يُعاديه)
(وَلَا تكن مَقِتاً لوجُبّ غاربُه ... لَكَانَ أكبر مسرورٍ مُصافيه)
وَمِنْه
(وَلما بدا خَطٌّ بخدّ معذِّبي ... كظُلمةِ ليلٍ فِي بياضِ نهارِ)
(تهتَّك ستري فِي هَوَاهُ وَلم أزل ... خليعَ عِذارٍ فِي جديدِ عذار)
وَمِنْه
(قيل لي قد عَشِقتَه أمردَ الخ ... دّ وَقد قيل إِنَّه نكرِيشُ)
(قلتُ فَرخُ الطاؤوس أحسنُ ماكا ... ن إِذا مَا علا عَلَيْهِ الرِّيش)
وَمِنْه
(جُدِّر ثمّ التحى حَبِيبِي ... فماج فِي عِشقِه خُصومي)
)
(وأرجفوا بالسلوّ عنّي ... وشنعوا عِنْده لشومي)
(وَكَيف أسلو وَقد رماني ... خدّاه بالمُقعَد الْمُقِيم)
(وفَروزَ الوَردَ بالغوالي ... ونَقَّط البدرَ بالنجوم)
وَمِنْه
(لنا صَاحب يهوّى مَحل فنائه ... وَلَا يَهْتَدِي ضَيفٌ محلّ فنائه)
(نزلتُ عَلَيْهِ مرّةً فأضافني ... وَلَكِن إِلَى الأقصَين من بُعدائه)(27/160)
وَمِنْه
(متيقِّظٌ فَإِذا استُضِي ... فَ بِهِ بصيرُ من النِّيامِ)
(وتراه فِي عدد الطَغا ... م إِذا رأى مَضغَ الطَّعام)
(تبدو مصائبه العظا ... مُ أَو انَ تَجْرِيد العِظام)
وَمِنْه
(إِن لي فِي هوى ذَوي العُذُر عُذرا ... كُلَّما أعتَمَ الملامُ تبَلَّج)
(كَانَ قَتْلِي وَردُ الخدود قد صا ... ر بلائي وَردٌ عَلَيْهِ بَنَفسَج)
وَمِنْه
(صَبَّها صِرفاً فَلَمَّا ... قابلَت ضوءَ السِّراجِ)
(ظَنَّها فِي الكأس نَارا ... فطفاها بالمِزاج)
وَمِنْه
(أُهدي لمجلسه الْكَرِيم لَا وَإِنَّمَا ... أُهدي لَهُ مَا حَاز من نَعَائِهِ)
(كالبحر يُمطِرُه وَمَا لَه ... فَضلٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ من مائِه)
3 - (ابْن الكاتبة الْأَقْرَع)
هبة الله بن حَمْزَة بن عمر بن عَليّ بن الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن عبيد الله بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس أَبُو الجوائز العباسي بن فَاطِمَة الكاتبة بنت الْأَقْرَع سمع أَبَا طَالب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غَيلان الْبَزَّاز وَحدث باليسير وروى عَنهُ السَّقطِي فِي مُعْجَمه حَدِيثا وَتُوفِّي ثَانِي عشر صفر سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن شُبَيبا المقرىء)
)
هبة الله بن رَمَضَان بن أبي الْعَلَاء بن شُبيبا بالشين الْمُعْجَمَة المضمومة وَبَين البائين الموحَّدين من تَحت يَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره ألف أَبُو الْقَاسِم الهَيتي المقرىء كَانَ شَيخا صَالحا حَافِظًا لكتاب الله حَسَن التِّلَاوَة ختم عَلَيْهِ جماعةٌ قَرَأَ بالروايات على البارع أبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الدباس وعَلى أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد سبط أبي مَنْصُور الْخياط وَسمع من أبي الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد بن الحُصين وَإِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن السَّمرقَنْدِي وَأبي غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة(27/161)
3 - (ابْن جُميع الطَّبِيب)
هبة الله بن زَين بن حسن بن إفرائيم بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل ابْن جُمَيع الشَّيْخ الْمُوفق شمس الرياسة أَبُو العشائر الإسرائيلي الطَّبِيب الْمَشْهُور الْمَذْكُور كَانَ مفنناً فِي الْعُلُوم جيد الْمعرفَة كثير الِاجْتِهَاد فِي الطبّ حسن المعالجة جيد التصنيف قَرَأَ على الشَّيْخ الْمُوفق أبي نصرٍ عَدنان الْعين زَربى ولازمه مُدَّة وَولد ابْن جُميع وَنَشَأ بِمصْر وَكَانَ لَهُ نظرٌ فِي الْعَرَبيَّة وَتَحْقِيق الْأَلْفَاظ اللُّغَوِيَّة لَا يُقرِىء فِي الطبّ إِلَّا وَكتاب الصِّحَاح للجوهري عِنْده حاضرٌ إِذا مرّت كلمة لم يعرفهَا حققها مِنْهُ وخدم الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وحَظِيَ فِي أَيَّامه وَكَانَ رفيع الْمنزلَة عِنْده يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الطبّ كَانَ يَوْمًا جَالِسا فِي دكّانه بالفسطاط وَمَرَّتْ عَلَيْهِ جَنَازَة فَنظر إِلَيْهَا وَصَاح يَا أهل الْمَيِّت صَاحبكُم لم يمت وَإِن دفنتموه دفنتموه حَيا وَأمرهمْ بالمصير بِهِ إِلَى الْبَيْت وَنزع أَكْفَانه وَحمله إِلَى الْحمام وسكب عَلَيْهِ المَاء الحارّ وأحمى بدنه ونطله بنطولٍ وعطشه وتمّم عِلاجَه إِلَى أَن أَفَاق وعوفى وَكَانَ ذَلِك مبدأ اشتهاره وَتُوفِّي وَمن تصانيفه كتاب الْإِرْشَاد لمصَالح الْأَنْفس والأجساد أَربع مقالات كتاب التَّصْرِيح بالمكنون فِي تَنْقِيح القانون رِسَالَة فِي طبعِ الْإسْكَنْدَريَّة وَأَحْوَالهَا رِسَالَة إِلَى القَاضِي المكين أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن فِيمَا يعتمده حَيْثُ لَا يجد طَبِيبا مقَالَة فِي الليمون وَشَرَابه ومنافعه مقَالَة فِي الرواند ومنافعه مقَال فِي الحَدَبة أَظُنهُ عَملهَا للْقَاضِي الْفَاضِل رساله فِي علاج القَولنج سَمَّاهَا الرسَالَة السيفية فِي الْأَدْوِيَة وَفِي ابْن جَمِيع يَقُول الْمُوفق بن شُوعَة الطَّبِيب يهجوه
(يَا ايها المدّعِي طبّاً وهندسةً ... أوضحتَ يَا ابْن جُمَيع واضحَ الزُّورٍ)
)
(إِن كنت بالطبّ ذَا علم فَلِم عجزَت ... قُواك عَن طبّ داءٍ فِيك مستُور)
(تحْتَاج فِيهِ طَبِيبا ذَا معالجةٍ ... بمبضع طولُهُ شِبران مطرور)
(هَذَا وَلَا تشتفي مِنْهُ فَقل وأجِبْ ... عَن ذِي سؤالٍ بتمييزٍ مَنشور)
(يَا هندَسياً لَهُ شكلٌ يَهيم بِهِ ... وَلَيْسَ يَرغَبُ فِيهِ غير مَنشور)
(مُجَسَّم أسطواني على أُكَرٍ ... تألفَت بَين مَخروطٍ وتدوير)
(إِلَّا نصف زَاوِيَة ... يكون فِيهِ كَمثل الْحَبل فِي البير)
ورثى ابْن جَمِيع يُوسُف بن هبة الله بن مُسلم بقصيدة مِنْهَا
(أعيني بِمَا تحوي من الدمع فاسجُمي ... وَإِن نفِدَت منكِ الدُّمُوع فبالدمِ)
(فحقٌ بِأَن تَذري على فَقدِ سيّدٍ ... فَقدنَا بِهِ فَل العُلى والتكرُّم)(27/162)
(وأفضلُ أهلِ العصرِ عِلماً وسُؤدداً ... وأفضلهم فِي مُشكل القَوْل مُبهم)
وَمِنْهَا
(وَمَا ردّ بقراطاً عَن الْمَوْت طِبُّه ... وَقد كَانَ من أعيانه فِي التقدّم)
(وَلَا حاد جالينوس عَن حَتف يَوْمه ... فسلّم مَا أعياه للمستِّلم)
(لَا كسر كسرَى ثمَّ تابَع تُبَّعا ... وَعَاد بعادٍ ثمَّ جَرَّ بجُرهُم)
3 - (أَبُو الْقَاسِم المقرىء)
هبة الله بن سَلامة أَبُو الْقَاسِم المقرىء الضَّرِير الْمُفَسّر كَانَ من أحفظ النَّاس للتفسير والنحو والعربية وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْمَنْصُور فِي بَغْدَاد وَسمع الحَدِيث من أبي بكر بن مَالك القَطيعي وَغَيره قَالَ هبة الله هَذَا كَانَ لنا شيخٌ نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي بَاب محوَّل فَمَاتَ بعض أَصْحَابه فَرَآهُ الشَّيْخ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غَفَر لي قَالَ فَمَا حالك مَعَ منكرٍ وَنَكِير قَالَ يَا أستاذ لما أجلساني وَقَالا لي من رَبُّك وَمن نبيك ألهمني الله عز وَجل أَن قلتُ لَهما بِحَق أبي بكر وعمرَ دَعَاني فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر قد أقسم علينا بعظيمٍ فتركاني وانصرفا وَتُوفِّي أَبُو الْقَاسِم هَذَا فِي سنة عشرٍ وَأَرْبَعمِائَة وَله كتاب النَّاسِخ والمنسوخ وَله مسَائِل منثورة فِي الْعَرَبيَّة وَأَبُو مُحَمَّد رزق الله عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي الْمُحدث هُوَ ابْن بنت هَذَا
3 - (وَالِد ابْن الجُمَّيزي)
)
هبة الله بن سَلامَة بن المُسلِم بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْفَضَائِل اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد الشَّيْخ أبي الْحسن ابْن الجُميزي الشَّافِعِي رَحل إِلَى الْعرَاق وسمَّع وَلَده الْمَذْكُور من شُهدَة الكاتبة وطبقتهما وبالشام من الْحَافِظ أبي الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وبمصر من أبي مُحَمَّد ابْن بَرّي وبالإسكندرية من الْحَافِظ السّلفي فِي خلق كثير وَحدث بِمصْر وروى عَنهُ بثغر الْإسْكَنْدَريَّة أَبُو عبد الله ابْن الرمال وُلِد تَقْديرا سنة ثَلَاثِينَ أَو إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سبع وسِتمِائَة
3 - (الْوَزير الفائزي)
هبة الله بن صاعدِ الْوَزير شرف الدّين الأسعد الفائزي خدَم الْملك الفائز إِبْرَاهِيم بن الْعَادِل وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم وَكَانَ رَئِيسا كَرِيمًا خَبِيرا متصرفاً خدم الْكَامِل ثمَّ ابْنه الصَّالح ووزر للمعز أيبك التركماني وَتمكن مِنْهُ إِلَى أَن ولاَه الْجَيْش وَكتب لَهُ(27/163)
مرّة الْمَمْلُوك أيبك ثمَّ إِنَّه وزر لوَلَده الْمَنْصُور اياماً وَقبض عَلَيْهِ سيف الدّين قُطز وصادره قَالَ قطب الدّين فِي تأريخه قَالَ القَاضِي برهَان الدّين السنجاري دخلت عَلَيْهِ الْحَبْس فَتحدث معي فِي إِطْلَاقه على أَن يحمِل كل يَوْم ألف دِينَار فَقلت كَيفَ نقدِر هَذَا وَبَادرُوا هَلَاكه وخُنقَ وَقيل أطعموه بطيخاً كثيرا وربطوا ذَكَره حَتَّى هلك بالحُصرَ وَزوج بنته بِابْن الصاحب بهاء الدّين ابْن حنّا فأولدها الصاحب تَاج الدّين مُحَمَّد وأخاه زين الدّين أَحْمد وَله من الْوَلَد القَاضِي بهاء الدّين ابْن الأسعد وَكَانَ فِيهِ زهد وَدين وَاحْتَاجَ إِلَى أَن طلب يخدُم فِي بعض الْفُرُوع وَكَانَ هَلَاك الْوَزير الفائزي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة وَفِيه يَقُول الْبَهَاء زُهير
(لعن الله صاعدَا ... واباه فصاعِدَا)
(وَبَينه فنازلا ... وَاحِدًا ثمَّ واحدَا)
وَفِيه يَقُول أَبُو الْحُسَيْن الجزار
(لَا تَنسُب المُشْتَرِي لِفعلٍ ... وَلَا تُعرِّج على عُطارِدِ)
(فَمَا رأيتُ السعودَ إِلَّا ... من جِهَة الصاحب ابْن صاعد)
وَقَالَ ابْن الصُقاعي إنّ الفائزيَّ تولى نظر الدِّيوَان أَيَّام الصَّالح مُدّةً يسيرَة ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَتَوَلَّى بعض الْأَعْمَال البرّانية ونُقِل عَنهُ مَا أوجب الْكَشْف عَلَيْهِ فنَدِب موفق الدّين الْآمِدِيّ للكشف عَلَيْهِ وكشف وَبحث وطالع وحرّف فرسم باستمرار موفق الدّين عوضه وَأَن يعُتَقَلَ)
الفائزي فَأَقَامَ مُدَّة وأُفرِج عَنهُ فَلَمَّا ولي وزارة الْمعز واستناب زين الدّين ابْن الزبير لمعرفته بالتركي فَذكر الفائزي إِلْزَامه وحاشيته بِمَا فعله الْآمِدِيّ مَعَه وقرَّروا مَعَه مقابلتَه فَركب وَنزل إِلَى المشهد النفيسي وَصلى هُنَاكَ وَأشْهد الله عَلَيْهِ أَن لَا يُقَابل الآمديَّ بمكروهٍ وَعَاد فَوقف لَهُ نسَاء رمَين أُزُرَهنّ وأكببنَ يٌقبِّلن حوافر بغلته فسألهنّ عَن مُوجب ذَلِك فَقُلْنَ نَحن نسوان الْمُوفق الْآمِدِيّ فَأمر الْخَادِم أَن يُحضرهن إِلَى دَار الأسعد وسبقهن فهيّأ بقُجة قماش غيرَ مفصَّل وكِيساً فِيهِ ألفا دِرْهَم وَدفع ذَلِك لزوجته وَقَالَ طيبي قلبكِ فَسَوف تَرين مَا أَفعلهُ وَلما كَانَ ثَانِي يَوْم وقف الأكابر ليسيّروا فِي خدمته وَفِيهِمْ الْمُوفق فَمَال إِلَى نَحوه وآنسه وَبسط لَهُ الأُنس وولاّه أجلّ المناصب وَكَانَ فِي كلّ مُدَّة يكْتب أَسمَاء البطَّالين من الكتّاب فَمنهمْ من يَبِرّه من مَاله معجَّلاً وَمِنْهُم من يصرّفه فِي الْمَدِينَة وَمِنْهُم من يستخدمه فِي الْجِهَات البرّانية إِلَى أَن لَا يبقَى أحد عاطلاً وَلما توفّي المعزّ نُقِل عَن الْوَزير إِلَى شجر الدرّ أَنه قَالَ السلطنة مَا تمشي بالصبيان وَأَن لَهُ بَاطِنا فِي إِخْرَاج السلطنة للناصر صَاحب الشَّام فبطشتْ بِهِ وقتَلَته وَلم يزل يكْشف عَن ودائعه إِلَى معظّم الدولة الظَّاهِرِيَّة(27/164)
3 - (ابْن التلميذ الطّيب)
هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إِبْرَاهِيم أَمِين الدولة أَبُو الْحسن ابْن التلميذ النَّصْرَانِي الْبَغْدَادِيّ شيخ الطِّبّ بِبَغْدَاد وبقراط عصره بالغَ العمادُ فِي ذكره فِي الخريدة وَهُوَ أَخُو أَبُو الْفرج مُعْتَمد الْملك يحيى بن صاعد ابْن التلميذ وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْيَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ فِي المارستان العضدي إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ يكْتب خطا مَنْسُوبا خَبِيرا بِاللِّسَانِ السُرياني والفارسي واللغة الْعَرَبيَّة وَله نَظم رائق وَترسل حسن كثير ووالده أَبُو الْعَلَاء صاعد طَبِيب مَشْهُور وَكَانَ أَمِين الدولة وَأَبُو البركات أوحد الزَّمَان فِي خدمته المستضيء بِأَمْر الزَّمَان أُدخِل إِلَيْهِ برجلٍ مُنزَف يَعرَق دَماً فِي الصَّيف فَسَأَلَ تلاميذَه وَكَانُوا قَدرَ خمسين فَلم يعرفوا الْمَرَض فَأمره أَن يَأْكُل خبز شعير مَعَ باذنجان مَشوِيٍّ فَفعل ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام فبرىء فَسَأَلَهُ أَصْحَابه عَن ذَلِك فَقَالَ إنّ دمَه رقّ ومَسامَّه تفتحت وَهَذَا الْغذَاء من شانه تَغْلِيظ الدَّم وتكثيف المسامّ وأُحضِرَت إِلَيْهِ امْرَأَة مَحْمُولَة لَا يعلم أَهلهَا أَهِي فِي الْحَيَاة أم ميّتة فَأمر بتجريدها من ثِيَابهَا وَكَانَ الزمانُ شتاءً وصبّ المَاء الْبَارِد صَباًّ مُتَتَابِعًا ثمَّ أَمر بنقلها إِلَى مجْلِس دفيء قد بُخّر بِالْعودِ ودُثّر بأصناف الْفراء فعطَسَت ثمَّ تحرّكت ثمَّ قعدت)
وَخرجت مَعَ أَهلهَا مَاشِيَة واستأذنت عَلَيْهِ امْرَأَة وَمَعَهَا صبي صَغِير فَقَالَ لَهَا هَذَا صبيّك بِهِ حُرقة الْبَوْل وَهُوَ يَبُول الرمل فَقَالَت نعم فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ رَأَيْته يُولَع بإحليله ويحكّه وأنامِل يدّيه مشقّقة وَلما أُعطي رياسة الطبّ بِبَغْدَاد اجْتمع عِنْده سَائِر الْأَطِبَّاء ليرى مَا عِنْدهم وَكَانَ من جملَة مَن حضر شيخ لَهُ هَيْبَة ووقار وَكَانَ الشَّيْخ دُربَة وَلَيْسَ لَهُ علمٌ فَلَمَّا انْتهى الْأَمر إِلَيْهِ قَالَ لَهُ مَا للشَّيْخ لَا يُشَارك الْجَمَاعَة فِيمَا يجثون فِيهِ حَتَّى نَعلم مَا عِنْده فَقَالَ كل شَيْء يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ أَنا أعرفهُ فَقَالَ لَهُ على من قرأتَ فَقَالَ لَهُ إِذا صَار الْإِنْسَان إِلَى هَذَا السنّ مَا يَلِيق بِهِ أَن يُسأل إِلَّا كم لَهُ من التلاميذ وَأما مشائخي فقد مَاتُوا قَالَ فَمَا قرأتَ من الْكتب قَالَ سُبْحَانَ الله صِرنا إِلَى حدّ مَا يُسأل عَنهُ الصّبيان سَيِّدي يسألني عَمَّا صنّفتُه وَلَا بدّ أَن أُعرفك بنفسي ثمَّ إِنَّه نَهَضَ إِلَيْهِ ودنا مِنْهُ وَقَالَ لَهُ سرّاً اعْلَم أنني شِختُ وَأَنا أُسَم بِهَذِهِ الصِّنَاعَة وَمَا عِنْدِي مِنْهَا إِلَّا معرفَة اصْطِلَاحَات مَشْهُورَة فِي المداواة وعُمري أتكسَّبُ بهَا وَعِنْدِي عائلة فسألتُك بِاللَّه سيدنَا مشِّي حَالي وَلَا تفضّحني بَين الْجَمَاعَة فَقَالَ لَهُ أَمِين الدولة على شريطة أَنَّك لَا تهجم على مرض بِمَا لم تعلمه فَقَالَ نعم فَقَالَ لَهُ أَمِين الدولة يَا شيخ اعذُرنا فَمَا كُنَّا نعرفك وَأَنت مُسْتَمر على حالك ثمَّ غنه شرع يتحدث مَعَ غَيره وَقَالَ لآخر على من قَرَأت فَقَالَ على هَذَا الشَّيْخ وَأَنا من تلاميذه ففهم أَمِين الدولة وتبسّم وَكتب إِلَيْهِ مؤيد الدّين الطغرائي(27/165)
(يَا سَيِّدي وَالَّذِي مودَّتُه ... عندِيَ روحٌ يحيا بهَا الجسَدُ)
(من أمل الظّهْر استغنثُ وَهل ... يألَمُ ظهرٌ إِلَيْك يستنِدُ)
وَقَالَ أَمِين الدولة فكّرت يَوْمًا فِي الْمذَاهب فَلَمَّا نمتُ رَأَيْت من ينشدني
(أعوم فِي بحرك عَلِّي أرى ... فِيهِ لِما أطلبُه قَعرا)
(فَمَا أرى فِيهِ سِوى موجةٍ ... تدفَعني عَنْهَا إِلَى أُخرى)
وَكَانَ إِذا حضر أحدٌ من الطّلبَة لحانٌ أسلمه إِلَى نحوي يُقرئه النَّحْو وللنحوي عَلَيْهِ مَقَّدر من مَاله وَكَانَ ظَاهر دَاره يَلِي الْمدرسَة النظامية فَإِذا مرض فِيهَا ففقيهٌ نَقله إِلَى دَاره وعالجه وَإِذا أبل وهبه دينارين وَله من الْكتب كتاب القَراباذين وَهُوَ مَشْهُور وَآخر اسْمه الموجز صَغِير وَاخْتِيَار كتاب الْحَاوِي واختصار شرح جالينوس لفصول بقراط شرح مسَائِل حنين كُناش مُخْتَصر الْحَوَاشِي على القانون مقَالَة فِي الفصد وَكَانَت بَينه وَبَين أوحد)
الزَّمَان الطَّبِيب الْيَهُودِيّ تنافرٌ وتنافسٌ كَمَا جرت الْعَادة بِهِ بَين أهل علم وصناعة وَلَهُمَا فِي ذَلِك مجَالِس مَشْهُورَة ثمَّ إِن أوحد الزَّمَان أسلم فِي آخر عمره وأصابه جذامٌ فعالج نَفسه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أَن جوّعها فبالغت فِي نَهشه فبرىء من الجُذام وعَمِي فَقَالَ فِيهِ ابْن التلميذ
(لنا صديق يهوديٌّ حماقتُه ... إِذا تكلّم تبدو فِيهِ من فيهِ)
(يتيه وَالْكَلب أَعلَى مِنْهُ منزلَة ... كَأَنَّهُ بعدُ لم يخرج من التيه)
وَكَانَ ابْن التلميذ كثير التَّوَاضُع وأوحد الزَّمَان متكبِّراً فَقَالَ البديع الأسطرلابي فيهمَا
(أَبُو الْحسن الطَّبِيب ومُقتَفِيه ... أَبُو البركات فِي طَرَفَي نقيضِ)
(فَهَذَا بالتواضع فِي الثريا ... وَهَذَا بالتكبّر فِي الحضيض)
وَكَانَ ابْن التلميذ حَسَنَ السمت كثير الْوَقار حَتَّى قيل إِنَّه لم يُسمع مِنْهُ بدار الْخلَافَة مدةَ مَا تردَّد إِلَيْهَا شيءٌ من المجون سوى مرّة وَاحِدَة بِحَضْرَة المقتفي لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ راتبٌ بدار الْقَوَارِير بِبَغْدَاد فقُطع وَلم يعلم بِهِ الْخَلِيفَة فاتفق أَنه كَانَ عِنْده يَوْمًا فَلَمَّا عزم على الْقيام لم يقدر عَلَيْهِ إِلَّا بكلفة ومشقة من الكِبَر فَقَالَ لَهُ الْخَلِيفَة كبرتَ يَا حكيمُ فَقَالَ نعم يَا مَوْلَانَا وتكسّرَت قواريري وَأهل بَغْدَاد يَقُولُونَ لمن كبر تَكَسَّرَتْ قواريره فَقَالَ الْخَلِيفَة هَذَا الْحَكِيم لم أسمع مِنْهُ هزلا قطّ فاكشِفوا قضيتّه فوجدوا راتبه بدار الْقَوَارِير قد قُطع فَتقدم(27/166)
بِردها عَلَيْهِ وزاده إقطاعاً آخر ولمّا توفّي لم يبْق أحد من الْجَانِبَيْنِ بِبَغْدَاد من لم يحضر الْبيعَة وَشهد جنَازَته وَمن شعره لغز فِي الْمِيزَان الَّذِي للشمس
(مَا واحدٌ مختلفُ السماءِ ... يعدِلُ فِي الأَرْض وَفِي السّماءِ)
(يحكم بالقِسط بِلَا رِياء ... أعمى يُري الإرشادَ كلَّ رائي)
(أخرسَ لَا من علةٍ وداء ... يُغني عَن التَّصْرِيح بِالْإِيمَاءِ)
(يُجيب إِن ناداه ذُو امتراء ... بِالرَّفْع أَو بالخفض فِي النَّداء)
يُفصِح إِن عُلِّق فِي الْهَوَاء وَمِنْه فِي وَلَده وَكَانَ بَعيدا عَن أَبِيه فِي سَائِر أَحْوَاله
(أَشْكُو إِلَى الله صاحباً شَكِساً ... تُسعِفُه النفسُ وَهُوَ يَعسِفها)
(فَنحْن كَالشَّمْسِ والهلالِ مَعًا ... تكسبه النُّورَ وَهُوَ يَكسِفها)
)
وَمِنْه
(يَا من رماني عَن قَوسِ فُرقَتِه ... بِسَهمِ هَجرٍ غلا تَلافِيهِ)
(إرضَ لمن غَابَ عَنْك غيبتَهُ ... فذَاكَ ذَنبٌ عِقابه فِيهِ)
وَذكر الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة الْبَيْت الثَّانِي مَنْسُوبا إِلَى أبي مُحَمَّد ابْن جَكِّينا وضمّ إِلَيْهِ بعده
(لَو لَم يَنَله من العِقاب سوى ... بُعدك عَنهُ لَكَانَ يَكْفِيهِ)
وَأورد الحظيري فِي زِينَة الدَّهْر لِابْنِ التلميذ
(عاتبتُ إِذْ لم يَزُرخيالُك والن ... ومُ بشوقي إِلَيْك مسلوبُ)
(فزارني مُنعِماً وعاتبني ... كَمَا يُقَال الْمَنَام مَقلوب)
وَمن شعر ابْن التلميذ
(بُلَهِنَةُ الشبيبةِ سَكرةً ... فَصَحَوتُ واستأنفتُ سِيرةَ مُجمِلِ)
(وقعدتُ أنْتَظر الفناءَ كراكبٍ ... عَرَفَ المحلَّ فَنَامَ دُونَ المَنزِل)
وَذكر أَن أَبَا مُحَمَّد بن جكينا مرض فقصده ليعالجه فلمّا عُوفِيَ أعطَاهُ دَرَاهِم فَقَالَ فِيهِ
(جادَ واستنفّ المريضَ وَقد كَا ... د ضَنىً أَن يلُفَّ ساقاً بساق)
(وَالَّذِي يَدفع المنونَ عَن النف ... س جديرٌ بِقسمةِ الأرزاق)
وقصده مرّة أَن يَعبُرَ إِلَيْهِ دجلة ليداويَهُ فَكتب إِلَيْهِ(27/167)
(إنّ امْرُؤ الْقَيْس الَّذِي ... هام بِذَات الْمحمل)
(كَانَ شفَاه عَبرةٌ ... وعَبرةٌ تصلُح لي)
وَكَانَ ابْن جكينا قد عمِي فِي آخر عمره وَجَرت بَينهمَا منافرة فِي أَمر واشتهى مصالحته فَكتب إِلَيْهِ
(وَإِذا شِئتَ أَن تصالح بشّا ... ر بن بُردٍ فاطرَح عَلَيْهِ أباهُ)
فسيّر إِلَيْهِ بُرداً وَله مَعَه وقائع وحكايات وَبَين ابْن التلميذ مُجاراتٌ ومُحاوراتٌ وَمن شعره ابْن التلميذ
(جُودُه كالطبيب فِينَا يداوي ... سوءَ أحوالنا بحسنِ الصنيعِ)
(فَهُوَ كالمومِيا إِذا انْكَسَرَ العَظ ... مُ ومِثل التِرياق للملسوع)
وَقَالَ فِي وَلَده سعيد)
(حُبي سعيدا جوهرٌ ثابتٌ ... وحُبُّه لي عَرَض زائلُ)
(بِهِ جهاتي الستُّ مشغولةٌ ... وَهُوَ إِلَى غَيْرِي بهَا مائل)
وَقَالَ أَيْضا
(تقسَّم قلبِي فِي محبَّة معشرٍ ... بِكُل فَتى مِنْهُم هَوايَ منوطُ)
(كأنّ فُؤَادِي مركزٌ وهمُ لَهُ ... مُحيطٌ وأهوائي إِلَيْهِ خطوط)
وَكَانَ دَائِما يؤنّب وَلَده بِهَذَا الْبَيْت
(والوقتُ أنفَسُ مَا عيِنتُ بِهِ ... وَأرَاهُ أشهَلُ مَا عليكَ يَضِيع)
وَيُقَال إِن الْبَيْتَيْنِ قبل هَذَا لأبي عَليّ المهندس الْمصْرِيّ وَقَالَ ابْن التلميذ
(تَعِسَ القياسُ فللغَرام قضيةٌ ... لَيست على نهج الحِجَى تنقادُ)
(مِنْهَا بَقَاء الشوقِ وَهُوَ بزَعمهم ... عَرَضٌ وتَفَنى دُونه الأجسادُ)
وَيُقَال إنَّهُمَا لِابْنِ الدّهان نَاصح الدّين وَلابْن التلميذ
(أكثرتَ حَسوَ البَيض حتّ ... ى يستقيمُ قيامُ أيرِك)
(مَالا يقومُ بِبَيضتَي ... ك فَلَا يقوم ببيضِ غيرِك)
وَله أَيْضا
(بزجاجتين قطعتُ عمري ... وَعَلَيْهِمَا عوّلتُ دهري)
(بزُجاجة مُلِئتْ بحِبرٍ ... وزجاجةٍ مُلِئت بِخَمْر)
(فبذي أُثبِّتُ حِكمتي ... وبذي أُزيلُ هُمومَ صَدْرِي)(27/168)
3 - (ابْن عُصْفُور الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن صَدَقَة بن هبة الله بن ثَابت بن الْحسن بن سعدٍ الصَّائِغ أَبُو الْبَقَاء الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن عُصْفُور الْبَغْدَادِيّ طلبَ الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ وَسمع الْكثير من أبي الْبَدْر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الكرجي وَأبي الْحسن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام وابي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد السّلال الورّاق وَغَيرهم وَكَانَ شَيخا حسنا يفهم شَيْئا من الْعلم وَيجمع ويؤلف وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وصنّف ردا على الرافضة وَفِي الردّ على أبي الْوَفَاء بن عقيلٍ فِي نُصرة الحلاَج
3 - (ابْن الزبير رَئِيس الْأَطِبَّاء الشَّافِعِي)
)
هبة الله بن صَدَقَة بن عبد الله بن مَنْصُور الطَّبِيب الْعَالم نَفِيس الدّين ابْن الزبير الكَولمي ولد بأُسوان وبرع فِي الْعلم الطبيعي وَولي رياسة الْأَطِبَّاء بِمصْر وَكَانَ فِيهِ عدالةُ وَله نَظَر فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وروى عَنهُ الْمُنْذِرِيّ والدمياطي وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة حُكِيَ أَن العاضد قَالَ لَهُ عِنْدِي جَارِيَة تحْتَاج إِلَى الفصد وَهِي لَا تحْتَمل أَن ترى الْحَدِيد وَقد قَلقتُ فيأمرها قَالَ فَقلت عَن إِذن مَوْلَانَا أحتالُ فِي ذَلِك قَالَ قد أذِنتُ لَك فِي ذَلِك فخبأتُ فِي فمي مبضعاً لطيفاً وَأخذت يَد الْجَارِيَة وَقلت لَا عليكِ أجس نَبَض العِرق فجسستُ ثمَّ أومأتُ إِلَى تَقْبِيل يَدهَا ففصدتُ الْعرق وَهِي لَا تشعُر والمبضع فِي فمي على حَاله فأعجب ذَلِك العاضد وَأمر لي بخلعة وكنتُ إِذْ ذَاك مراهقاً وَهُوَ من ولد ابْن الزبير الشَّاعِر توفّي بعد الثَّلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (هبة الله بن عبد الله أَبُو الْحسن)
هبة الله بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن السِّيبيّ أَبُو الْحسن من أهل قصر هُبية استوطن بَغْدَاد وَسمع بهَا من أبي الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران وَقَرَأَ الْأَدَب وحصّل مِنْهُ طرفا حسنا ورتِّب مؤدبا للْإِمَام الْمُقْتَدِي وَكَانَ ولي عهدٍ صَغِيرا وَحدث باليسير وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم السَمَرقَندي وَعلي بن هبة الله بن عبد السَّلَام وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة(27/169)
(سألتُ الثَّمَانِينَ من خالقي ... لما جَاءَ فِيهَا عَن المصطفَى)
(فبلَّغنيها وشكراً لَهُ ... وَزَاد عَلَيْهَا وَقد نَيَّفا)
3 - (أَبُو الْقَاسِم ابْن الشُّرُوطِي)
هبة الله بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ ابْن أبي مُحَمَّد الشُّرُوطِي سمع الْكثير من الشريفَين أبي الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَأبي الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن المُسلِمة وَأبي بكرٍ أحمدَ الْخَطِيب وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ الجيدّ كثيرا وَكَانَ كثير الضَّبْط وَحدث بالكثير على استقامةٍ وَحسن طريقةٍ وَكَانَ خيّراً فَاضلا دينا ثِقَة صَدُوقًا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(مَا زلتُ أبْكِي على إلفٍ فُجعتُ بِهِ ... قد كَانَ أنفعَ من وَرقٍ وَمن عَينِ)
(فَفَاضَ دَمعي على خَدَّيَ مبتدراً ... كَأَنَّهُ فاض من نهرٍ وَمن عين)
)
(وقلتُ للعين جُودِي بعده بِدَمٍ ... وَلَا تَضِنِّي فَدتِك النفسُ من عينِ)
3 - (الْخَطِيب النَّقِيب)
هبة الله بن عبد الله بن أَحْمد بن هبة الله بن المنصوري أَبُو الْقَاسِم من بَيت الخطابة وَالْعَدَالَة كَانَ خطيب جَامع الْمهْدي بِبَغْدَاد وبجامع السُّلْطَان وَكَانَ لَهُ صَوت حسن فِي إِيرَاد الْخطْبَة ونغمة طيبَة فِي تِلَاوَة الْقُرْآن مَعَ خشوع وبكاءٍ وَكَانَ يصحب الْفُقَرَاء وَيُحب الصَّالِحين ويسلك طَرِيق الْفقر والزهد وَيتَكَلَّم فِي الطَّرِيقَة على لِسَان أَرْبَاب الْقُلُوب وقلّده الْمُسْتَنْصر بِاللَّه نقابة الهاشميين وَكَانَ متواضِعاً فِي ولَايَته وَحدث بِالْإِجَازَةِ عَن أبي الْفَتْح ابْن البَطّي وَعبد الْقَادِر الجيليِّ وَعَن أَحْمد بن مُحَمَّد الْوراق وَعَن أبي الْفرج ابْن كُلَيب بِالسَّمَاعِ وَسمع مِنْهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ
3 - (أَبُو غَالب الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن عبد الله بن هبة الله بن محمدٍ السَّامِرِّيُّ أَبُو غَالب بن أبي الْفَتْح الحنبليّ ولد بِالْحَرِيمِ الظَّاهِرِيّ وَسمع الحَدِيث حضوراً من أبي منصورٍ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسماعاً من أبي البَدر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الكَرخي وَأبي الْقَاسِم سعيد بن أَحْمد البنّاء وَغَيرهم وتفقه وناظر فِي مسَائِل الْخلاف وَكَانَ يدرس فِي مدرسة ابي حَكِيم النهرواني وَحدث باليسير وَكَانَ جميل الْأَخْلَاق فَقِيها فَاضلا لَهُ معرفَة حَسَنَة بِالْمذهبِ وَالْخلاف صَاحب صَوت قويّ فِي الجِدال متديِّناً صَالحا توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة وَحمل على رُؤُوس النَّاس(27/170)
3 - (بهاء الدّين القفطي)
هبة الله بن عبد الله بن سي الكُلّ العُذري الشَّيْخ بهاء الدّين القفطي أَبُو الْقَاسِم نزيل أَسنا اشْتغل أَولا بِالْعبَادَة ثمَّ جَاءَ إِلَى قُوص فَاجْتمع بالشيخ مجد الدّين عَليّ بن وهب القُشيري وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَقَرَأَ الأصولين على شمس الدّين مُحَمَّد الإصبهاني بقوص وَقَرَأَ على الشريف قَاضِي الْعَسْكَر وَقَرَأَ الفرائضَ والجبرَ والمقابلةَ على ابْن مَنيع النُّميري وَقَرَأَ أَشْيَاء من النَّحْو عَليّ بن أبي الْفضل المُرسي وَسمع من شَيْخه الْقشيرِي والعلامة أبي الْحسن عَليّ بن هبة الله بن سَلامَة وَحدث بسيرة ابْن فَارس عَن الْفَقِيه أبي مَرْوَان مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك اللَّخْمِيّ وَسمع مِنْهُ أَبُو بكرٍ محمدُ بن عبد الْبَاقِي وَطَلْحَة)
بن مُحَمَّد الْقشيرِي وَغَيرهم قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَكَانَ قيِّماً بِالْمَدْرَسَةِ النَّجيبية فبرع فِي الْعلم وَكَانَ يعلِّقُ الْقَنَادِيل والطلبةُ تقْرَأ عَلَيْهِ وتمَّت عَلَيْهِ بركَة الشَّيْخ مجد الدّين فتميزَ على أقرانه وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْعلم فِي زَمَانه ودارت عَلَيْهِ الفَتوَى وإفادة الطّلبَة بِتِلْكَ الْبِلَاد وقصده أَصْنَاف الْعباد وَتَوَلَّى أَمَانَة الحكم بقوص مُدَّة وَاتفقَ أَن وُقِف عَلَيْهِ ثَمَانمِائَة دِرْهَم لما عمل حِسَاب الْأَيْتَام وَلم يعرف وَجه المصروف فَبَاتَ على أَنه يَبِيع منزلهُ ويغرَم ثمنه فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ أحد الشُّهُود الَّذين مَعَه النَّقدة الْفُلَانِيَّة فتَذكّرها ثمَّ قصد التنصُّلَ من الْمُبَاشرَة فَاجْتمع بشخصٍ فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ مَتى تنصلتَ مَا تجابُ وَلَكِن اجْتمع بفلان وقُل لَهُ بَلغنِي أنّ القَاضِي يُرِيد يعزلني وأظهِر التألم من ذَلِك وسَله الحَدِيث مَعَه فِي الِاسْتِمْرَار ثمَّ اجْتمع بفلان وعَرِّفه أَيْضا ذَلِك فَفعل فَقَالَ القَاضِي مَا هَذَا الْحِرْص إِلَّا أورثني رِيبَة وعزله وَتوجه إِلَى أسنا حَاكما ومعيداً بِالْمَدْرَسَةِ العِزية بهَا وَتُوفِّي الْمدرس فأضِيف التدريس إِلَيْهِ وَكَانَ التَّشَيُّع بأسنا فاشياً فَمَا زَالَ فِي إخماده وصنف النصائح المفتَرَضة فِي فضائح الرَفَضة وهموا بقتْله فحماه الله مِنْهُم وَلم يزل يجْتَهد فِي إِزَالَة ذَلِك إِلَى أَن رَجَعَ جمعٌ كَبِير عَن التيّع توفّي بأسنا سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَولد سنة سِتّمائَة وَقيل سنة إِحْدَى وَقيل سنة سبع
3 - (الشِّيرَازِيّ)
هبة الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الشِّيرَازِيّ أَبُو الْفضل قَالَ محبّ الدّين بن النّجار اصطحبَنا فِي الْقَافِلَة من نيسابور إِلَى بَغْدَاد وكنتُ أكتب عَنهُ من شعره وَشعر غَيره فِي الْمنَازل وَكَانَ شَابًّا كيساً حسنَ الْأَخْلَاق ظريفاً توفّي سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره(27/171)
(حاشَى الوِدادُ وَإِن طَال الزمانُ بِهِ ... تُوهي قواعدُه فِي القُرب والبُعدِ)
(كَيْلا يَقُول رجالٌ إنّ وُدَّهم أَخ ... نى عَلَيْهِ الَّذِي أخنى على لُبَد)
3 - (ابْن الْبَارِزِيّ قَاضِي حماة)
هبة الله بن عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم شيخ الْإِسْلَام ومفتي الشَّام القَاضِي شرف الدّين أَبُو الْقَاسِم بن القَاضِي نجم الدّين ين القَاضِي الْكَبِير شمس الدّين أبي الطَّاهِر بن الْمُسلم الجُهَنِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْبَارِزِيّ قَاضِي حماة صَاحب التصانيف توفّي عَن ثَلَاث وَتِسْعين سنة سنةَ ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِي ذِي الْقعدَة ومولده سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سمع من أَبِيه وجدّه وَابْن هاملٍ وَالشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن الأرموي يَسِيرا وتلا بالسبع على التاذِقي وَأَجَازَ لَهُ نجم الدّين)
البادّرائي والكمال الضَّرِير والرشيد الْعَطَّار وعماد الدّين بن الحَرَستاني وَعز الدّين بن عبد السَّلَام وَكَمَال الدّين بن العديم وبرع فِي الْفِقْه وَغَيره وشارك فِي الْفَضَائِل وانتهت إِلَيْهِ الْإِمَامَة فِي زَمَانه ورُحِل إِلَيْهِ وَكَانَ من بحور الْعلم قويّ الذكاء مكبّاً على الطّلب لَا يفتُر وَلَا يَمَلُ مَعَ الصون وَالدّين وَالْفضل والرَّزانة وَالْخَيْر والتواضع جمّ المحاسن كثير الزِّيَارَة للصالحين حَسَنَ المعتقد اقتنى من الْكتب شَيْئا كثيرا واذِن لجَماعَة بالافتاء وَحكم بحماة دهراً ثمَّ ترك الحكم وَذهب بَصَرَهُ وَحج مَرَّات وَحدث بأماكن وَحمل عَنهُ خلقٌ وَكَانَ يرى الكفَّ عَن الْخَوْض فِي الصِّفَات ويثني على الطَّائِفَتَيْنِ وَلما توفّي ألقَت حماة لمشهده وَله من الْكتب تفسيران وَكتاب بديع الْقُرْآن وَكتاب شرح الشاطبية وَكتاب الشرعة فِي السَّبْعَة وَكتاب النَّاسِخ والمنسوخ ومختصر جَامع الْأُصُول مجلدان وَالْوَفَاء فِي شرف الْمُصْطَفى وَالْأَحْكَام على أَبْوَاب التَّنْبِيه وغريب الحَدِيث كَبِير وَشرح الْحَاوِي أَربع مجلدات ومختصر التَّنْبِيه والزبدة فِي الْفِقْه وَكتاب الْمَنَاسِك وَكتاب عَروض وَأَشْيَاء غير ذَلِك وقف كتبَه وَهِي تُساوي مائَة ألف دِرْهَم وباشر الْقَضَاء بِلَا مَعْلُوم لِغناه عَنهُ وَمَا اتّخذ دِرة وَلَا عزَر أحدا قطّ وَلَا ركب بمِهماز وَلَا بِمقرعة وَكَانَ قد أَخذ الْفِقْه عَن وَالِده وجدّه عَن القَاضِي عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْحَمَوِيّ وَعَن فَخر الدّين بن عَسَاكِر وَأخذ القَاضِي عبد الله عَن القَاضِي أبي سعد بن عُصرون عَن الفارقي عَن أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ عَن القَاضِي أبي الطيّب وَأخذ الْفَخر عَن القطب مَسْعُود النَّيْسَابُورِي عَن عمر بن سَهلٍ السُّلْطَان عَن الْغَزالِيّ عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن أَبِيه عَن أبي بكر القفّال لَهُ ممَا يُقرأ طرداً وعكساً سور حماه برَبّها محروس(27/172)
3 - (ابْن الْحداد الشَّاهِد)
هبة الله بن عبد السيّد بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد الْعدْل الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها شافعياً فَاضلا إِمَامًا بالوزير أبي الْمَعَالِي بن المطّلب ويسافر مَعَه عُزل عَن الشَّهَادَة وحدّث باليسير عَن أبي إِسْحَاق عَليّ بن الْحُسَيْن بن أَيُّوب البزّاز وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْحَافِظ الشِّيرَازِيّ)
هبة الله بن عبد الْوَارِث بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن بوزي أَبُو الْقَاسِم الْحَافِظ الشِّيرَازِيّ كَانَ وَاسع الرحلة جَوّالاً فِي الْآفَاق مبالغاً فِي الطَلَب وَالِاجْتِهَاد سمع)
بِفَارِس وَالْعراق وقومس وَالْجِبَال وخوزستان وَالْبَصْرَة والحجاز وبلاد الجزيرة والقدس وبيروت وصور وصيدا وطرابلس وَالشَّام وبلاد الْفُرَات وَغير ذَلِك فَأكْثر وَكتب بِخَطِّهِ وَجمع وخرّج التخاريج وَعمل تَارِيخ شيزار وَكَانَ من الْحفاظ الثِّقَات المتقَنين وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة بِمَروَ وَمن شعره
(عَلَيْك بأَصحابِ الحَدِيث فأنهم ... على مَنْهَج للدّين مَا زَالَ مُعلمَا)
(وَمَا النُّور إلاّ فِي الحَدِيث وَأَهله ... إِذا مَا دجا الليلُ البهيمُ وأظلمَا)
(وَأَعْلَى البرايا مَن إِلَى السُنَنِ اعتزَى ... وأغوى البرايا من إِلَى البِدَعِ انْتَمَى)
(وَمن ترك الْآثَار ضَلَّل سعيَهُ ... وَهل يتركُ الآثارَ من كَانَ مُسلِمَا)
3 - (القَاضِي الشِّيرَازِيّ)
هبة الله بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن محد بن الحُسين الشِّيرَازِيّ القَاضِي أَبُو تولّى الْقَضَاء بكرمان وَكَانَ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ وَالْعلم وَالْفِقْه وأملى عدّة مجالسَ بكرمان وَكَانَ أديباً شَاعِرًا وسمّي زين المحقِّقين وَسيد الخطباء وَكَانَ حَسن العقيدة سمع أَبَا الفوارس عبد الْوَارِث بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الشِّيرَازِيّ وابا عبد الله أَحْمد بن أَحْمد بن سلمَان الواطىء وخلائقَ وروى عَنهُ عبد الْخَالِق بن أَحْمد البوشنجي وَأَبُو العلاّء أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الْحَافِظ وَغَيرهمَا وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(ومذ أَفْلح الجُهّالُ أيقَنتُ أنني ... أَنا المِيمُ وَالْأَيَّام أفلحُ أعلمُ)
(وأخرني دَهري وقدّم معشراً ... بأنّهم لَا يعلمُونَ وَأعلم)(27/173)
(وعَزمِيَ أَن أنسى علومِي كلَّها ... لعلّ زماني عِنْد ذَلِك يرحَم)
3 - (هبة الله بن عَليّ ابْن الْوَقْف المقرىء)
هبة الله بن عَليّ بن بركَة أَبُو الْقَاسِم الخباز المقرىء الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الوَقف قَرَأَ على أبي مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وعَلى أبي الْخطاب عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْجراح وَأبي طَاهِر أَحْمد بن عَليّ بن سوار وَسمع من أبي الْخطاب نصر بن البطر وجعفر بن أَحْمد السرّاج وروى عَنهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْوَزير ابْن مَاكُولَا)
هبة الله بن عَليّ بن جَعْفَر بن عَلّكان بن مُحَمَّد بن دُلَف بن أبي دلف الْعجلِيّ أَبُو الْقَاسِم)
الْمَعْرُوف بِابْن مَاكُولَا تقلد الوِزارة لجلال الدولة أبي طَاهِر بن أبي نصر بن عضد الدولة مراتٍ وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ رَاوِيا للْأَخْبَار والأشعار متوحداً فِي علم النُّجُوم والهيئة اعتقله أَبُو المُجلَّى مبارك بن الْمُقَلّد بن المسيَّب صَاحب هِيت فِي دَار وخُنق فِي محبسه بعد بعد تِسْعَة وَعشْرين شهرا سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ورُئِيَ فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول إِن الله تَعَالَى لَا يغْفل عَن ظُلمي وَلَا يُمهِل ظالمي فَأصْبح الْأَمِير وَقد لسعته عقربٌ فَمَاتَ بعد يَوْمَيْنِ وَمَات ابْن شهرام الَّذِي خنقه مخنوقاً أَيْضا
3 - (ابْن الشجري)
هبة الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حَمْزَة الشريف أَبُو السعادات الْعلوِي الحسني ضِيَاء الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الشجري كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة وأشعار الْعَرَب وأيّامها وَأَحْوَالهَا كَامِل الْفَضَائِل متضلعاً من الْأَدَب صنف فِيهِ عدَّة تصانيف ولد سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة لَهُ كتاب الأمالي وَهُوَ أكبر تآليفه وأكثرُها فَائِدَة أملاه فِي أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ مَجْلِسا وَهُوَ يشْتَمل على فَوَائِد جمة من فنون الْأَدَب وختَمه بمجلسٍ قَصَرَه على شعر أبي الطيّب تكلم عَلَيْهِ وَذكر مَا قَالَه الشُرّاج وَزَاد مِن عندِه مَا سَنَحَ لَهُ وَهُوَ من الْكتب المُتممِة وَلما فرغ مِنْهُ حضر إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الخشاب وَأَرَادَ سماعَه فَمَا أَجَابَهُ فعاداه ورد عَلَيْهِ فِي مَوَاضِع من الْكتاب وَنسبه فِيهَا إِلَى الْخَطَأ فَوقف عَلَيْهِ الشريف أَبُو السعادات ورد عَلَيْهِ فِي ردة وبيّن وُجُوه غلطِهِ وجمعَه كتابا سَمَّاهُ الِانْتِصَار وَهُوَ على صِغَر حجمه مفيدٌ جدا وسمِعه عَلَيْهِ النَّاس وَجمع(27/174)
كتابا سَمَّاهُ الحماسة وَله فِي النَّحْو عدَّة تصانيف وَكَانَ حَسَن الْكَلَام حُلوَ الْأَلْفَاظ جيد الْبَيَان والتفهم وَقَرَأَ الحَدِيث بِنَفسِهِ على جماعةٍ مثل أبي الْحسن الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن الْقَاسِم الصَيرفي وَأبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن سهلٍ الْكَاتِب وَغَيرهمَا وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي مَنَاقِب الأدباء إنّ الْعَلامَة أَبَا الْقَاسِم مَحْمُود الزَّمَخْشَرِيّ لما قدِم بَغْدَاد قاصدِ الحجّ فِي بعض أَسْفَاره مضى إِلَى زِيَارَة شَيخنَا أبي السعادات بن الشجيري ومضينا إِلَيْهِ مَعَه فلمّا اجْتمع بِهِ أنْشدهُ قَول المتنبّي
(وأستكبر الْأَخْبَار قبل لِقَائِه ... فَلَمَّا الْتَقَيْنَا صَغّرَ الخبرَ الخُبرُ)
ثمَّ أنْشدهُ بعد ذَلِك
(كَانَت مُساءَلة الرّكبان تُخبِرني ... عَن جَعْفَر بن فلاح أحسن الخبرِ)
)
(ثمَّ الْتَقَيْنَا فَلَا وَالله مَا سمعَت ... أُذني بأحسنَ ممّا قد رأى بَصَري)
فَقَالَ الْعَلامَة الزَّمَخْشَرِيّ رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لمّا قدِم عَلَيْهِ زيد الْخَيل يَا زيد مَا وُصِف لي أحدٌ فِي الْجَاهِلِيَّة فرأيته فِي الْإِسْلَام إِلَّا رَأَيْته دون مَا وُصف لي غَيْرك قَالَ فخرجنا من عِنْده وَنحن نعجب كَيفَ يستشهد الشريف بالشعر والزمخشري بِالْحَدِيثِ وَهُوَ رجل أعجمي وَكَانَ أَبُو السعادات نقيب الطالبيّين بالكرخ نِيَابَة عَن أَبِيه الطَّاهِر
وَمن شعره
(هَل الوجد خافٍ والدموع شهودُ ... وَهل مُكذبٌ قَول الوشاة جحودُ)
(وحنى مَتى تفني شؤونك بالبُكا ... وَقد خَدّاً للبُكاء لَبِيد)
(وغني وَإِن أحنَت قناتيَ كَبرَةٌ ... لَذوِ مِرّةٍ فِي النائبات جليد)
وَمن شعره يمدَح الْوَزير نظام الدّين المظفر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَهيرٍ
(هذي السُّدَيرَة والغديرُ الطافحُ ... فاحفَظ فؤادكَ إننّي لَك ناصحُ)
(يَا سِدرَةَ الْوَادي الَّذِي إِن ضلّه ال ... ساري هادهُ نشرُك المتفاوِج)
(هَل عَائِد قبلَ المَماتِ لمُغرَمٍ ... عيشٌ تقضَّى فِي ظِلالك صَالح)
(مَا أنصفَ الرشأُ الضنينُ بنظرةٍ ... لما دَعَا مُصغي الصبابة طامح)
(شَطَّ المزارُ بِهِ وبُوِّىء منزلا ... بصميم قَلْبك فَهُوَ دانٍ نازح)
(غصنٌ يعطفّه النسيمُ وفوقه ... قمرٌ يحُفُّ بِهِ ظلامٌ جانح)
(وَإِذا العيونُ تساهمًته لحاظُها ... لم يروَ مِنْهُ الناظرُ المتراوح)
(وَلَقَد مَرَرْنَا بالعقيقِ فشاقنا ... فِيهِ مَراتعُ للمَها ومَسارح)(27/175)
(ظَللنا بِهِ نبكي فكم من مضمِرٍ ... وجدا أذاع هَوَاهُ دَمعٌ سافح)
(مَرَتِ الشؤونَ رسومُها فَكَأَنَّمَا ... تِلْكَ العِراصُ المُقفِراتُ نواضح)
(يَا صاحبيَّ تأملا حُيّيتُما ... وسَقَى دياركما الملِثُّ الرَّائِح)
(أدْمى بَدَت لعيوننا أم رَبربٌ ... أم خُرَّدٌ أكفالهن رواجح)
(أم هَذِه مُقَل الصُوارِ رَنَت لنا ... خَلَلَ البراقع أم قَنا وصفائح)
(لم تبْق جارحةٌ وَقد واجَهتنا ... إلاّ وهنَّ لَهَا بِهن جَوانح)
(كَيفَ ارتجاعُ القلبِ من أَسرِ الْهوى ... وَمن الشقاوة أَن يُراضَ القارح)
)
(لَو بلَّه من ماءِ ضارجَ شَربةٌ ... مَا أثرتِ لِلوجد فِيهِ لوامح)
وَقَالَ
(لَيْلَة الرملِ جدَّدَت لي وِصالا ... زار فِيهَا خيال سُعدَى خيالا)
(صَاح رِفاً فطائر الْبَين قد صا ... حَ وَقد أزمعَ الخليطُ ارتحالا)
(عَلِقَ القلبُ من عقائل كعبٍ ... بالأَثيلات كاعباً مِكسالا)
(مُملياتُ الغرام لفظا ولحظاً ... وابتساماً وفترةً ودلالا)
(لَو تراءت لنا بِلُحَّةِ ليلٍ ... لَغَنِينا أَن نستضيء الذُّبالا)
(ليتَ شِعري يومَ الْوَدَاع ألحظاً ... نتقي مِن عيونها أم نصالا)
(أورث الْحَارِث بن ظالمٍ الفتكَ ... عيُونا أغرت بِنَا البلبالا)
(لَو رَآهَا البَراضُ أحجم لمّا ... جَلّلَ السيفَ عُروةَ الرحّالا)
(يَا خَليلي مَا تَ لي بخليلٍ ... إِن أَعَرتَ المسامِعَ العُذالا)
وَفِي ابْن الشجيري هَذَا يَقُول أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جكِّينا يهجوه
(يَا سيّدي وَالَّذِي يُعِيذُك من ... نَظم قريضٍ يَصدى بِهِ الفِكرُ)
(مَا فِيك من جَدِّك النبيّ سِوَى ... أَنَّكَ لَا يَنبغي لَك الشِّعر)
وَكَانَ ابْن الشجري قد قَرَأَ على أبي المعمَّر بن طبابا الْعلوِي وَابْن فضّال الْمُجَاشِعِي وَأبي جعفرٍ سعيد بن عَليّ السلالي الْكُوفِي وَأبي زَكَرِيَّاء التبريزي وممّن قَرَأَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الشَّيْخ تَاج الدّين أَبُو اليُمن الْكِنْدِيّ وَحضر ابْن الشجري عِنْد نقيب النُّقَبَاء الْكَامِل طرادِ بنِ محمدٍ الزَّيْنَبِي فِي يَوْم هَناءٍ وَقد حضر عِنْده جمَاعَة من الهاشميين والعلويين فَقَالَ لَهُ طرّاد يَا شريفُ مَا وُرّخ عَن علويّ أَنه كَانَ لَهُ حَلقَة فِي جَامع الْمَنْصُور يدرّس فِيهَا إلاّ لَك فَقَالَ(27/176)
مُسرِعاً يَا سيّدَنا وَلَا وُرِّخَ أنّ علوياً يَقُول معاويةُ خالُ عليٍّ غَيْرِي فأعجب الْحَاضِرين حُسنُ جَوَابه وَقيل لَهُ قد كتبُوا على عَقد السمّاكين بالكرخ مُحَمَّد وَعلي خيرُ البشرِ فَقَالَ صدّقوا هَذَا قَسَمٌ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومُتِّع بجوارحه إِلَى أَن مَاتَ قَالَ ابْن خلكان وشجرة قريةٌ من أَعمال الْمَدِينَة وشجرة اسْم رجل وَقد تسمّت بِهِ العَربُ ومَن بعْدهَا وَقد انتسب إِلَيْهِ خلق كثيرٌ من الْعلمَاء وَلَا أَدْرِي إِلَى من يُنسَب الشريف الْمَذْكُور هَل نِسبته إِلَى الْقرْيَة أَو إِلَى أحد أجداده كَانَ اسْمه شَجَرَة قلت قَالَ بَعضهم إِنَّه كَانَت فِي دَارهم شَجَرَةٌ لَيْسَ فِي الْبَصْرَة)
غَيرهَا وَالله أعلم
3 - (أَبُو نصر بن المُجلي)
هبة الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن هارونَ المجلي أَبُو نصرٍ من أهل بَاب الْبَصْرَة قَرَأَ بالروايات على الْحسن بن غَالب بن الْمُبَارك وَالْحسن بن أَحْمد بن البنّاء وَمُحَمّد بن عَليّ بن مُوسى الخيّاط وَأحمد بن الْحسن بن أَحْمد اللحياني وَأحمد بن الْحُسَيْن الْقطَّان الْمَقْدِسِي وَغَيرهم وَسمع الْكثير من الشرفاء أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَأبي الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن المؤمون وابي نصرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَجَمَاعَة وَأكْثر عَن أَصْحَاب أبي الْحسن بن مَخلدٍ وابي عَليّ بن شَاذان وَأبي الْقَاسِم بن بَشرَان وَعَمن دونهم من أَصْحَاب أبي طَالب بن غيلَان وَأبي الْقَاسِم التنوخي وَأبي محمدٍ الْجَوْهَرِي وَجمع مجموعات كَثِيرَة فِي فنون عديدة وأشأ خُطَباً وَحدث باليسير وَمَات شَابًّا سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة ومولده سنة ثَلَاث واربعين وَأَرْبَعمِائَة وَله من الْكتب كتاب الخُطب من إنشائه كتاب مُسند الشُّعَرَاء كتاب أَخْبَار الْخَلِيل بن أَحْمد كتاب كتمان السرّ
3 - (الشُرَيحيّ البزّاز)
هبة الله بن عَليّ بن سعيد بن خَلَفٍ الشُرَيحي أَبُو تُراب الْبَزَّاز سمع القَاضِي أَبَا الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَأَبا عَليّ الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن دُرما النِّعالي وَغَيرهمَا وَكَانَ أديباً شَاعِرًا وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ يتشيّع وَمن شعره
(إِن كَانَ قيسُ بنُ المُلوّح غالَهُ ... فِي حبِّ ليلَى العامِريّة غُولُ)
(فَلَقَد لَقِيتُ بحبِّ مَن سَفَكَت دَمي ... بلحاظِها مَا الخَطبُ فِيهِ يطول)
(أبْكِي كَمَا تبْكي ويسمَحُ خاطري ... نظماً ونثراً فِي الْهوى فَأَقُول)(27/177)
(وَنَجَا من العُذال مِنْهَا هَارِبا ... وَأقَام عِنْدِي كاشحٌ وعَذول)
3 - (أوحد الزَّمَان الطَّبِيب)
هبة الله بن عَليّ بن مَلكا أَبُو البركات الطَّبِيب الْفَاضِل كَانَ يَهُودِيّا وَسكن بَغْدَاد وَأسلم فِي آخر عُمره خدم المستنجد وَدخل يَوْمًا على الْخَلِيفَة فَقَامَ الْحَاضِرُونَ سِوى قَاضِي الْقُضَاة فَإِنَّهُ لم يقُم لَهُ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كَانَ القَاضِي لم يُوَافق الْجَمَاعَة لِكوني على غيرِ ملتِه فَأَنا اُسلِم وَلَا يَنقِصني فَأسلم وَكَانَ لَهُ اهتمامٌ بالغٌ فِي الْعُلُوم وفطرةٌ فائقة وَكَانَ مبدأ)
تعلمه الطبَّ أَن أَبَا الْحسن سعيد بن هبة الله كَانَ لَهُ تصانيفُ وتلامذةٌ وَكَانَ لَا يُقرىء يَهُودِيّا وَكَانَ أوحد الزَّمَان يَشْتَهِي أَن يقْرَأ عَلَيْهِ وَثقل عَلَيْهِ بِكُل طريقٍ فَمَا مَكَّنه وَكَانَ يتخادم للبواب وَيجْلس فِي الدهليز فَلَمَّا كَانَ بعد سنةٍ جرت مَسْأَلَة وَبَحَثُوا فِيهَا وَلم يتّجه لَهُم عَنْهَا جوابٌ فَدخل وخدم الشَّيْخ وَقَالَ يَا سيدنَا بإذنك أَتكَلّم فَقَالَ قل فَأجَاب بشيءٍ من كَلَام جالينوس وَقَالَ يَا سيدنَا هَذَا جرى فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ فِي ميعاد فلَان فاستعلم حَاله فأوضحه فَقَالَ إِذا كنتَ كَذَا فَمَا نَمنَعُك فقرَّبَه وَصَارَ من أجلّ تلامذته وَكَانَ فِي بَغْدَاد مريضٌ بالمالنخوليا يعتقِدُ أَن رَأسه دَنّاً وأنّه لَا يُفَارِقهُ فيتحايد السُّقوفَ القصيرةَ ويُطَأطىء رأسَه فأحضرَه أَبُو البركات عِنْده وَأمر غلامَه أَن يرمِي دَنَّا بِقرب رَأسه وَأَن يضْربهُ بخشبةٍ يكسرهُ فَزَالَ بذلك الوَهمُ عَن الرجل وعُوفي وأصرَّ أَبُو البركات فِي آخر عمره وَكَانَ يُملي على الْجمال بن فضلان وعَلى ابْن الدهان المنجم وعَلى يُوسُف وَالِد عبد اللَّطِيف وعَلى الْمُهَذّب النقاش كتاب المعتبَر وَهُوَ كتاب جيد وَله مقَالَة فِي سَبَب ظُهُور الْكَوَاكِب لَيْلًا وخفائها نَهَارا واختصار التشريح وَكتاب القارباذين ومقالة فِي الدَّواء الَّذِي أَلفه وسمّاه بَرشَعثاً ورسالة فِي الْعقل وَغير ذَلِك وَمن تلامذته المهذَّب بن ميل وَتُوفِّي فِي حُدُود الستيّن وَخَمْسمِائة وَقد مرَّ ذِكرٌ فِي تَرْجَمَة ابْن التلميذ هبة الله بن صاعد وعاش ثَمَانِينَ سنة وَكَانَ كثيرا مَا يلعَنُ اليهودَ فَقَالَ مرّة بِحُضُور ابْن التلميذ لعن الله الْيَهُود فَوَجَمَ لذَلِك وَعرف أَنه عناهُ
3 - (مجد الدّين أستاذ دَار ابْن الصاحب)
هبة الله بن عَليّ بن هبة الله بن مُحَمَّد بن الْحسن مجد الدّين أَبُو الْفضل بن الصاحب أُستاذ دَار المستضيء بِأَمْر الله انْتَهَت غليه الرِّئَاسَة فِي زَمَانه وَولي حجابة الْبَاب فِي أَيَّام المستنجد وَبلغ رُتبة الوزراء ووُلي وعُزِل وماج الرفضُ فِي أَيَّامه وشَمَخَت المبتدِعة وَلما بُويِعَ النَّاصِر قرّبه وحكّمه فِي الْأُمُور ثمَّ إِن بعض النَّاس سعى(27/178)
بِهِ فاستُدعِيَ إِلَى دَار الْخلَافَة وقُتِل بهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وعُلِّق رأسُه على بَاب دَاره وَكَانَ سيىء الطَّرِيقَة يرتكب المعاصيَ بَخِيلًا خسيسَ النَّفس ساقِطَ الْمُرُوءَة مَذْمُوم الْأَفْعَال كَانَ إاذ رَجَعَ من متصيِّده وَقد صَحبه شَيْء من لُحُوم الصَّيْد قطع راتبَه من اللَّحْم واجتزأ بِلَحْم الصَّيْد عَنهُ وَلم يقدر أحٌ على أَن يَأْكُل لَهُ لقْمَة وَلَا ينْتَفع من مَاله بِشَيْء وَلما هلك خَلَّف من الْأَمْوَال شَيْئا كثيرا وَكَانَ رَافِضِيًّا محترفاً شديدَ التعصّب لهوائه مُعلناً بغُلَوائِه ظهر بِسَبَبِهِ سبُّ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم على)
السّنة الفَسَقة الرافضة مُجهراً فِي الْأَسْوَاق وَفِي الْمشَاهد والمزارات وَلم يجسُر أحدٌ من أهل السنّة إِنْكَار ذَلِك لَا بِيَدِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ خوفًا من بَطشه وبأسه قَالَ محب الدّين بن النجار أَنْشدني أَبُو الْفتُوح عبدُ الْوَاحِد بن عبد الْوَهَّاب شيخ الشُّيُوخ من حفظه قَالَ أَنْشدني ابو الْفضل هبة الله بن عَليّ بن الصاحب أُستاذ دَار العزيزة هَذِه الأبيات وَقَالَ أنشدها للْملك صَلَاح الدّين صَاحب الشَّام
(خطبتَ إِلَى قلبِي الْوَفَاء وإنَّني ... بِعْ عِنْد غَدر النائبات كفيلُ)
(وأوليتَني الوُدَّ الَّذِي أنتَ أَهله ... وَمَا الناسُ إلاّ قاطعٌ ووصول)
(فدونك وُداً لَا تزالُ غصونُه ... تميدُ اشتياقاً نحوكم وتميل)
(إِذا غيرُهُ أبدَى الخفاء تَطَلَّعَت ... لَهُ غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وحُجول)
(يَزيدُ على مَرّ اللَّيَالِي تَجَدُّداً ... وَيبقى على الْأَيَّام وَهِي تَزول)
وحُكى أَنه رُئيَ فِي الْمَنَام فِي اللَّيْلَة الَّتِي قُتل فِي صبحيتها كَأَنَّهُ يَشبِر عُنقَه ويقدرها بِيَدِهِ فَأصْبح وقصّ مَنَامه على رجلٍ ضريرٍ كَانَ يعبر الرُّؤْيَا وَلم يقل لَهُ أَنه رَآهُ بِنَفسِهِ فَقَالَ لَهُ إنّ هَذَا الرَّائِي لهَذَا الْمَنَام يُقتل وتحَزُّ رَقبَتَهُ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول فقُتِل كَيفَ قَدَّر ثمَّ قُتل كَيفَ قَدَّر
3 - (أَبُو الْغَنَائِم بن أثُردي)
هبة الله بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن أثردي الطَّبِيب الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ أَبُو عَليّ بن هبة الله بن أثردي الطَّبِيب وَقد تقدم ذكره فِي حرف الْعين وَهَذَا هبة الله أَبُو الْغَنَائِم من أهل بَغْدَاد متميّزٌ فِي الطِّب وَالْحكمَة فاضلٌ فِي صناعته مشهورٌ بجودة الْعلم وَالْعَمَل لَهُ تعاليق طبيّة وفلسَفِية وَله مقَالَة فِي أَن اللذّة فِي النّوم أَي وقتٍ تُوجد
3 - (البُوصيري)
هبة الله بن عَليّ بن مَسْعُود بن ثَابت بن هَاشم بن غَالب بن ثَابت(27/179)
الْأنْصَارِيّ الخزرجي أَمِين الدّين أَبُو الْقَاسِم وَأَبُو الْكَرم البوصيري ويُدعى سيّد الْأَهْل كَانَ أديباً كَاتبا لَهُ سماعات عالية وَرِوَايَة تَفَرَّد بهَا وَألْحق الأصاغر بالأكابر فِي عُلوّ الْإِسْنَاد وَلم يكن فِي آخر عصره فِي دَرَجَته مثله وَسمع بِقِرَاءَة الْحَافِظ السِلفي وَإِبْرَاهِيم بن حَاتِم الْأَسدي على أبي صَادِق مرشد بن يحيى بن الْقَاسِم الْمَدِينِيّ إِمَام الْجَامِع الْعَتِيق بِمصْر وَسمع عَلَيْهِ النَّاس واكثروا ورحلوا إِلَيْهِ)
وَكَانَ جدّه مَسْعُود قدم من المُنَستير إِلَى بوصير فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن عُرِف فَضله فِي دولة الفاطميين فطُلِب إِلَى مصرَ وَكتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء ووُلِدَ أَبُو الْقَاسِم الْمَذْكُور سنة سِتّ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدفن بسفح المقَطَّم
3 - (ابْن عَرّام)
هبة الله بن عليّ بن عَرام بِعَين مُهْملَة مفتوحةٍ وراءٍ مشدّدةٍ وَبعد الْألف مِيم أَبُو مُحَمَّد الرَّبَعي الأُسواني كَانَ أشعرَ من ابْن عمّه السديد وَكَانَ فهما جريئاً ماضيَ الْعَزْم ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَابْن ميسَّر فِي تَارِيخ مصر وَتُوفِّي سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(كم عَذَلوه على بِغاه ... شُحّاً عَلَيْهِ فَمَا أصاخا)
(وَلَو رأى فِي الكنيف أيراً ... لغاصَ فِي إِثرِهِ وَساخا)
(أَعياهُمُ داؤُه صَبِياً ... واستيأَسوا مِنْهُ حِين شاخا)
وَمِنْه
(إِذا حصَلَ القُوتُ فاقنَع بِهِ ... فإنّ القَناعةَ للمَرءِ كَنزُ)
(وصَن ماءَ وجهِك عَن بَذلِهِ ... فإنّ الصِّيانةَ للْوَجْه عِزّ)
وَلما نظم الأنجبُ أَبُو الْحسن عَليّ هَذَا الْبَيْت وَهُوَ
(أنحَلَني بُعدِيَ عَنْهَا فَقَد ... صِرتُ كأنّي رِقّةً خَصرُها)
قَالَ ابْن عَرّام الْمَذْكُور تَوطِئَةً لَهُ
(وقائلٍ عهدي على هَذَا الْفَتى ... كروضةٍ مُقتَبِلٍ زهرُها)
(واليومَ أَضحَى ناحلاً جِسمُه ... بحالةٍ قد رَابَنِي أمرُها)
(فَقلت إِذْ ذَاك مُجيباً لَهُ ... والعينُ منّي قد وَهَى دُرُّها)
3 - (مجد الدّين بن السديد الشَّافِعِي)
هبة الله بن عَليّ بن السديد مجد الدّين(27/180)
الشَّافِعِي اشْتغل بالفقه على الشَّيْخ بهاء الدّين القفطي وَكَانَ يطالع تَفْسِير ابْن عطيّة كثيرا وَبنى مدرسة بأَسنا ووقف عَلَيْهَا بساتينَه قَالَ الْفَاضِل كمالُ الدّين الأدفوني اتّفق أَن عِنْد انْتِهَاء الْعِمَارَة حضر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِلَى أَسنا لزيارة بهاء الدّين القفطي فَسَأَلَهُ مجد الدّين أَن يُلقِيَ الدَّرْس بهَا فَألْقى الشَّيْخ بهَا درساً وَكَانَ شَيخنَا تَاج الدّين الدِّشناوي فِي خدمَة الشَّيْخ من قُوص فَقَالَ لمجد الدّين إِذا فرغ الدَّرْس قل للشَّيْخ يَا)
سَيِّدي بدستور سيّدي آخُذُ الدرسَ فَيبقى ذَلِك إِذْنا من الشَّيْخ فَقَالَ لَا هَذِه مدرستي وَأَقُول لَهُ أَنا هَذَا الَّذِي قلت فيسكتُ أَو يَقُول لَا فيُنقَل عنّي وَكَانَ يدرِّس بهَا وَيعْمل للطَّلَبة طَعَاما طيّباً عَاما وَيَقُول لمن تتّفق غيبته يَا فلَان فاتَك الْيَوْم الْفَوَائِد والموائد
(ارضَ لمن غَابَ عَنْك غَيبَته ... فَذَاك ذَنبٌ عِقابُهُ فيهِ)
وانتهت إِلَيْهِ رئاسة بَلَده وخطب بأصَفُون وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ سنة تسع وَسَبْعمائة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب)
هبة الله بن عِيسَى أَبُو الْقَاسِم كَاتب مهذّب الدولة عَليّ بن نصر صَاحب البطيحة ووزيره ومدبّر أمره كَانَ كَاتبا سديداً عَاقِلا مترسّلاً فهما وَكَانَ يَفضُل على الأدباء ويُحسِن إِلَى الْعلمَاء مَاتَ سنةَ خمس وَأَرْبَعمِائَة وَبَينه وَبَين أبي الْقَاسِم المغربي مكاتباتٌ وَمن شعره
(أضنّ بليلَى وَهِي عَنّي سخيَّةٌ ... وتَبخَلُ ليلى بالهوى وأَجُودُ)
(وأعذَلُ فِي ليلَى ولستُ بمُنيةٍ ... وأعلَمُ أَنِّي مخطىء وأعود)
وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو طَاهِر عَليّ بن الْحسن كنتُ عِنْد أبي الْقَاسِم هبة الله جَالِسا وَإِذا الْخياط قد جَاءَ بدُرّاعةٍ دَبِيقية معلَّمة فعرّضتُ بهَا فَقَالَ أَنا أُعطيك شُقّةً مثلهَا دُرّاعتي واسمي هبة الله وَقد سمعتُ قَول الشَّاعِر
(أيا هبةَ الإلهِ وقَفتُ شعري ... علَى دُراعةٍ ذهبت قُواها)
(قصدتُ بهَا الصفوفَ إِلَى مُطَرٍّ ... يُطرِّبها فَقَالَ على حَراها)
(أَرَاهَا فِي يَديك فهاتَ قُل لي ... إِذا نزلَت تعارى مَن يَرَاهَا)
وَأمر فَدفع إليَّ شقّة دبيقيةً حَسَنَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْقطَّان)
هبة الله بن الْفضل بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن الْفضل بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن سَالم أَبُو الْقَاسِم المَتُّوثيّ الْقطَّان الشَّاعِر من(27/181)
أَوْلَاد المحدّثين كَانَ الْغَالِب على شعره الهجاء وثلب النَّاس وهجا الأكابر والأعيان وَكَانَ النَّاس يَتَّقُونَ لسانَه سمع الحَدِيث فِي صِباه من وَالِده وَمن أبي طَاهِر أَحْمد بن الْحسن الْكَرْخِي وَأبي الْفضل أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعالي وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَيُّوب العُكبري وَغَيرهم وعُمّر وَسمع من الْحفاظ وَالْأَئِمَّة وَكَانَ عسِراً فِي الرِّوَايَة)
سيّىء الْأَخْلَاق كريهَ الملقَى عَبوساً مُبغَّضاً روى عَنهُ ابْن الْأَخْضَر وَأَبُو الْفتُوح بن الحُصري وثابت بن مُشرَّفٍ الْأَزجيّ وُلد سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ حَاضر الْجَواب وَيعرف الطبّ والكحل وَهُوَ الَّذِي شهّر الحيص بَيص بِهَذَا اللقب وَمن شعره
(يَا باعثاً طيفَه مِثَالا ... مَا لكَ فِي الْحسن من مِثَال)
(وَإِنَّمَا كَانَ ذَاك عِشقا ... بعث خيال إِلَى خيال)
وَمن شعره
(ومُدامة مَرَحَت وَقد مُزِجَت لمن ... شربَ العُقار فسادَه بصلاحه)
(يستنفذ الهموم من يَد فكره ... قَسراً فروحٍ مُديمها فِي راحه)
(لم يحتجّ الساقي عَشِيَّة صبها ... فِي كأسه لَيْلًا إِلَى مِصباحه)
(فَصباحه كمسائه سُكراً بهَا ... ومساؤه من نورها كصباحه)
(وقداحُهُ قد فَازَ حِين أراقَها ... من لهوِه إِلَّا بِريقٍ فِي أقداحِه)
وَمِنْه
(يَا من هجرت فَمَا تُبالي ... هَل ترجع دولة الوِصال)
(مَا أطمعُ يَا عَذابَ قلبِي ... أَن ينعَم فِي هَوَاك بالي)
(الطرفُ كَمَا عهدتَّ باكٍ ... والجسمُ كَمَا ترَاهُ بالي)
(مَا ضرَّك أَن تعلِّليني ... فِي الوَصلِ بموعد مُحال)
(أهَواكِ وأنتِ حَظُّ غَيْرِي ... يَا قاتلتي فَمَا احتيالي)
وَكَانَت لِابْنِ الْقطَّان مَعَ الحيص بيص وقائع وَله فِيهِ أهاجِيّ خرج الحيص بيص لَيْلَة من دَار الْوَزير شرف الدّين ابي الْحسن عَليّ بن طرادٍ الزَّيْنَبِي فنبح عَلَيْهِ جَروُ كلبٍ وَكَانَ متقلّداً سَيْفا فوكزه بعَقب السَّيْف فَمَاتَ فَبلغ ذَلِك ابْن الْفضل الْمَذْكُور فنظم أبياتاً وكتبها فِي ورقة وعلقها فِي عنق كلبة لَهَا أجرٍ ورتب مَعهَا من طَردَها وَأَوْلَادهَا إِلَى بَاب دَار الْوَزير كالمستغيثة فاُخذتِ الورقة من عُنقها وعُرِضَت على الْوَزير فَإِذا هِيَ
(يَا أهل بَغْدَاد إنّ الحيصَ بيصَ أَتَى ... بفعلة أكسبته الخِزي فِي البلدِ)(27/182)
(هُوَ الجبانُ الَّذِي أبدى تَشاجُعَه ... على جُرَيّ ضَعِيف الْبَطْش والجلَد)
)
(وَلَيْسَ فِي يَده مالٌ يَدَيْهِ بِهِ ... وَلم يكن ببواءٍ عَنهُ فِي القَوَد)
(فأنشدت جعدَةٌ مِن بعدِ مَا احتسبَت ... دمَ الأُبيلَق عِنْد الْوَاحِد الصَّمد)
(تَقول للنَّفس تأساءً وتَعزيةً ... إِحْدَى يَدَيَّ أصابتني وَلم تُرِد)
(كِلاهما خلَفٌ من فَقدِ صاحبِهِ ... هَذَا أخي حِين أَدعوه وَذَا وَلدي)
وَهَذَانِ البيتان تضمينٌ من أَبْيَات الحماسة وَحضر الحَيص بَيص لَيْلَة عِنْد الْوَزير فِي شهر رَمَضَان على السماط فَأخذ ابْن الْفضل قَطاة مشوية وقدمها إِلَى الحيص بيص فَقَالَ الحيص بيص للوزير يَا مَوْلَانَا هَذَا الرجل يُؤْذِينِي فَقَالَ الْوَزير وَكَيف ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ يُشِير إِلَى قَول الشَّاعِر
(تَميمٌ بِطرفِ اللؤم أهدَى من القطا ... وَلَو سَلكَت سَبل المكارم ضَلّت)
وَكَانَ الحيص بيص تميميَّا وَدخل ابْن الْفضل يَوْمًا على الْوَزير الْمَذْكُور وَعِنْده الحيص بيص فَقَالَ قد عملتُ بَيْتَيْنِ لَا يُمكن أَن يُعمل لَهما ثالثٌ فَقَالَ الْوَزير وَمَا هما فأنشده
(زار الخَيالُ بَخيلاً مِثلَ مُرسله ... فَمَا شَفائِيَ مِنْهُ الضَمُّ والقُبَلُ)
(مَا زارني قَطُّ إلاّ كي يوافقَني ... على الخيال فينفيه ويَرتحل)
فَالْتَفت الْوَزير إِلَى الحيص بيص وَقَالَ مَا تَقول فِي دَعْوَاهُ فَقَالَ إِن أعادهما سمع الْوَزير لَهما ثَالِثا فَقَالَ الْوَزير أعدهما فأعادهما فَوقف الحيص بيص لُحَيظةً ثمَّ قَالَ
(وَمَا درَى أَن نومي حيلةٌ نُصِبت ... لِطَيفِه حِين أَعيا اليَقَظَةَ الحِيَلُ)
فَاسْتحْسن الْوَزير مِنْهُ ذَلِك وهجا ابْن الْفضل قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين الزَّيْنَبِي بقصيدة كَافِيَة فسيّر إِلَيْهِ أحد الغلمان فَأحْضرهُ وصفعه وحبسه فطال حَبسُه فَكتب إِلَى مجد الدّين بن الصاحب أُستاذ دَار الْخَلِيفَة
(إِلَيْك أظلُّ مجدَ الدّين أَشْكُو ... بلَاء حَلَّ لستُ لَهُ مُطِيقَا)
(وقوما بلّغوا عنّي مُحالاً ... إِلَى قَاضِي الْقُضَاة النّدب شِيقا)
(فأحضرني بِبَاب الحُكم خَصمٌ ... غليظٌ جرّني كُمّاً وزريقا)
(وأخفق نعلَهُ بالصَّفع رَأْسِي ... إِلَى أَن أوجس القلبَ الخَفوقا)
(على الْخصم الأداءِ وَقد صفِعنا ... إِلَى أَن مَا تهدّينا الطريقا)
(فيا مولَايَ هَب ذَا الإفكَ حَقًا ... أيحبَسُ بعد مَا استوفى الحقوقا)(27/183)
)
فَأَطْلقهُ من الْحَبْس فَقَالَ
(عِنْد الَّذِي طَرَّفَ بِي أَنه ... قد غَصَّ من قَدري وَآذَانِي)
(والجبسُ مَا غيّر لي خاطِراً ... والصَّفعُ مَا لَيَّن آذَانِي)
وَدخل يَوْمًا على الْوَزير بن هُبَيْرَة وَعِنْده نقيب الْأَشْرَاف وَكَانَ يَنسب إِلَى الْبُخْل وَكَانَ فِي شهر رَمَضَان والحَرّ شديدٌ فَقَالَ لَهُ أَيْن كنتَ فَقَالَ كنت فِي مطبخ سيّدي النَّقِيب فَقَالَ الْوَزير وَيلك فِي شهر رَمَضَان فِي المطبخ فَقَالَ وحياة مَوْلَانَا كسرتُ الحرَّ فَتَبَسَّمَ الْوَزير وَضحك الْحَاضِرُونَ وخجل النَّقِيب وَقصد دَار الأكابر فِي بعض الْأَيَّام فَلم يُؤذَن لَهُ فعزّ عَلَيْهِ فأخرجوا من الدَّار طَعَاما لكلاب الصَّيْد وَهُوَ يُبصره فَقَالَ مَوْلَانَا يعْمل بقول النَّاس لعن الله شَجَرَة لَا تُظِل أهلَها وَلما ولي الزَّيْنَبِي الوزارة دخل ابْن الْفضل والمجلس محتفل بالرؤساء والأعيان فَوقف بَين يَدَيْهِ ودعا لَهُ وَأظْهر السرُور والفرح ورَقَصَ فَقَالَ الْوَزير لبَعض مَن يُفضي إِلَيْهِ بسرّه قبح الله هَذَا الشَّيْخ فَإِنَّهُ يُشير برقصه إِلَى قَوْلهم أرقص للقرد فِي دولته وَقد نظم هَذَا الْمَعْنى وَكتبه إِلَى بعض الرؤساء
(يَا كمالَ الدّين الَّذِي ... هُوَ شخصٌ مُشخَّصُ)
(والرئيس الَّذِي بِهِ ... ذَنَبُ دَهري يُمَحَّص)
(كلّما قلتُ قد تَبغَه ... دَدَ قومِي تَحَصَصُوا)
(وغواشٍ على الرؤ ... س عَلَيْهَا المُقَرنص)
(والرواشين والمنا ... ظر وَالْخَيْل تُقرَص)
(وَأَنا القِردُ كل يو ... مٍ لِكَلبٍ أُبصبِص)
(كلُّ مَن صَفَقَ الزما ... ن لَهُ قمتُ أَرقُص)
(مَحنٌ لَا يُفِيد ذَا النو ... ن مِنْهَا التَبرصُص)
(فَمَتَى أسمع النِدا ... ءَ وَقد جَاءَ مخلَّص)
3 - (أَبُو الْفضل البَيلَقاني الشَّافِعِي)
هبة الله بن أبي الْقَاسِم بن هبة الله بن يَعْقُوب أَبُو الْفضل الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل بَيلَقان قَالَ محبّ الدّين بتن النّجار قدم علينا حاجّاً بَغْدَاد فِي صفر سنة خمس وسِتمِائَة لقيناه قِطْعَة من شعر فَلم يكن مَعَه شَيْء وَلَا على اطره سِوى مَنَام رَآهُ وَحَكَاهُ لنا وَذكر لنا أنّه ولد لَيْلَة)
الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة(27/184)
وصحبتُ أَبَا النجيب ودرستُ عَلَيْهِ الْفِقْه ولبستُ مِنْهُ الخِرقة سمِعت الحَدِيث بِبَغْدَاد من جماعةٍ مِنْهُم عبد الْقَادِر الجيلي ثمَّ جَلَست للوعظ بمدرسة أبي النجيب وتولّيتُ الْإِعَادَة لدرسه ثمَّ خرجتُ من يغداد فِي سنة ثَمَان واربعين وَخَمْسمِائة ثمَّ عدتُ إِلَيْهَا ثَانِيًا سنة أَربع وَسِتِّينَ وحججتُ مَعَ الحاجّ إِلَى بلدي ووِليتُ بِهِ الْقَضَاء مرّتين ثمَّ دخلتُ بَغْدَاد مرّة ثَالِثَة سنة تسعٍ وَتِسْعين وَحَجَجْت وعدت إِلَى بلدي ثمَّ قدمت هَذِه المرّة فِي آخر سنة أَربع وسِتمِائَة وَكَانَ شَيخا حسنَ الْأَخْلَاق متواضعاً
3 - (دَاعِي الدعاة)
هبة الله بن كَامِل وَقيل هبة الله بن عبد الله بن كَامِل أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ قَاضِي الْقُضَاة وداعي الدعاة كَانَ فَاضلا عَالما شَاعِرًا أديباً متفنّناً من كبار عُلَمَاء دولة العبيديين وَكَانَ أحد الْجَمَاعَة الَّذين سعَوا فِي إِعَادَة الدولة فظفر بهم صَلَاح الدّين يُوسُف وَأول مَا صَلَبَ هَذَا القَاضِي دَاعِي الدعاة فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ خلفاء مصر يلقّبونه فَخر الْأُمَنَاء قَالَ ابْن سعيد المغربي وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة وَمن شعره
(لَئِن كَانَ حُكم النَّجْم لَا شكّ وَاقعا ... فَمَا سَعيُنا فِي ردّة بنجيحِ)
(وَإِن كَانَ بِالتَّدْبِيرِ يَبطُل حكمُه ... فقد صحّ أَن الحكم غيرُ صَحِيح)
وَمِنْه
(آهِ مِن عُمرٍ تَولَّى ... وزمانٍ لَا يُرَدّ)
(وأناسٍ لَيس فيهم ... مَعَ بخْتِي مَن يُرَدّ)
(أصبَحوا غُلاًّ وَقد كَا ... ن بهم للدَّهرِ عِقد)
3 - (أَبُو البركات السَّقَطي)
هبة الله بن الْمُبَارك بن مُوسَى بن عَليّ بن تَمِيم بن خَالِد أَبُو البركات السَّقَطي طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ وَكتب بِخَطِّهِ وحصّل بجدِّ واجتهاد وسافر إِلَى وَاسِط وَالْبَصْرَة والكوفة والموصِل وإصبهان وَالْجِبَال وَسمع هُنَاكَ وَبَالغ فِي الطَلَب وَبحث عَن الشُّيُوخ وَكتب عَن الْمُتَقَدِّمين والمتأخّرين حَتَّى كتب(27/185)
عَن أقرانه وعمّن دونه وَعَن جمَاعَة حدثوه عَن أشياخه وَجمع لنَفسِهِ معجماً فِي نيفٍ وَعشْرين جُزْء وحدّث بِهِ وَكَانَ مَوْصُوفا بالمعرفة وَالْحِفْظ وَله أنسٌ بالأدب وَمَعْرِفَة بالسيّر والتواريخ وَأَيَّام النَّاس وَجمع فِي ذَلِك مجموعات)
وخرّج تخاريج وحدَّث باليسير وَلم يكن موثوقاً بِهِ كَانَ متهاوناً قَلِيل الإتقان ضَعِيفا سمع القَاضِي أَبَا يعلَى مُحَمَّد بن الْفراء وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن النّرسي وغيرَهم وَتُوفِّي سنة تسع وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(يَا ربّ إنّا رحَلنا عَن منازِلنا ... فِي طَاعَة نَتشُرُ الأخبارَ والدِّينا)
(فكُن لنا كالئاً فِي حالِ غُربتنا ... وراعياً لذَارِيِّنا وأهلِينا)
وَمِنْه
(فَلَا تعَب وَإِن وارَيت شَيبتي ... وغَيَّر لمّتي هَذَا الخضابُ)
(فَإِنِّي قد أخافُ يثرامُ منّي ... عُقول ذَوِي المَشيب فَلَا يُصاب)
3 - (أَبُو الْقَاسِم المَقدسي)
هبة الله بن المحسّن بن رزق الله أَبُو الْقَاسِم المَقدِسي الشَّافِعِي نزيل الْإسْكَنْدَريَّة حدّث بهَا عَن أبي الْحسن مُحَمَّد بن ناصرٍ الْأنمَاطِي الْمصْرِيّ وَحمد بن عَليّ الرَّهاوي وَعبد الْوَهَّاب بن الْحُسَيْن النابلسي وَنصر بن إِبْرَاهِيم المَقدِسي فِي آخَرين وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد العثماني الديباجي والحافظ أَبُو طاهرٍ السِلفي وَذكر أَنه تفقه على نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي ثمَّ على تِلْمِيذه أبي الْحُسَيْن يحيى بن المفرّج الْمَقْدِسِي وانتقل مَعَه الْإسْكَنْدَريَّة حِين استولى الفرنج على بلدهم وناب فِي الْقَضَاء بالثغر عَن أبي الْحُسَيْن يحيى الْمَذْكُور فِي حُدُود الْخَمْسمِائَةِ ودرّس للشَّافِعِيَّة بمدرسة أبي الْحُسَيْن يحيى بسوق البقل وَهِي تُعرف بالمقادسة وَتُوفِّي أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الْغَنَائِم الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الغباري أَبُو الْغَنَائِم ابْن أبي طاهرٍ الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْفِقْه على القَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء وحصّل طرفا صَالحا وناظر وَأفْتى وَجلسَ فِي حَلقَة أَبِيه بعد مَوته وَمَات سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو غَالب الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى أَبُو(27/186)
غَالب الْهَاشِمِي الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ سمع أَبَا إِسْحَاق الْبَرْمَكِي وحدّث باليسير كَانَ حيّاً سنة ثَلَاث وَتِسْعين واربعمائة
3 - (أَبُو النَّجْم الْوَزير)
)
هبة الله بن مُحَمَّد بن بديع بن عبد الله الْحَاجِب أَبُو النَّجم بن أبي الْوَفَاء الْوَزير الإصبهاني سمع الْكثير فِي صباه من وَالِده وَأبي طَاهِر مُحَمَّد بن احْمَد بن عبد الرَّحِيم الْكَاتِب وَأبي الْحسن عَليّ بن الْقَاسِم المقرىء وَأبي الْوَفَاء مهْدي بن أَحْمد الْوَاعِظ الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهم وَسمع بآمد وبالقدس وَقدم بَغْدَاد سنة ثَمَان وَتِسْعين وحدّث بهَا بفوائده وَكَانَ وزيراً لتاج الدولة تُتُش أخي ملكشاه ثمَّ لِابْنِهِ رضوَان بن تتش بِالشَّام وروى عَنهُ أَبُو طَاهِر السِّلفي وَأَبُو المعمّر الْأنْصَارِيّ وَكَانَت لَهُ أُبَّهة ومنظر حسن ثمَّ إنّ طُغتكين استوزره مُدَّة ثمَّ قبض عَلَيْهِ واستصفى أموالَه سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة ثمَّ أَمر بِهِ فخُنِث وأُلقِيَ فِي جُبٍّ بقلعة دمشق
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب)
هبة الله بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ طلب بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير وكتبي بِخَطِّهِ وَحدث باليسير سمع النقيبَ أَبَا الفوارس طراد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأَبا الْخطاب بن البَطر وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فِي شهر رَمَضَان
3 - (أَبُو مَنْصُور الْمُتَكَلّم)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن النقاش أَبُو مَنْصُور الْمُتَكَلّم الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَاضلا حُفظةً للحكايات والأشعار سمع مُحَمَّد بن عَليّ بن سُكَّينة الْأنمَاطِي وَأَبا عَليّ ابْن الشبل وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة
أَبُو الْفضل الوَاسِطِيّ هبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جَهوَر الرئيس أَبُو الْفضل أَخُو القَاضِي أبي تَغلِب ابْن جَهوَر قَاضِي وَاسِط توفّي فِي نَحْو خَمْسمِائَة أَو بعْدهَا وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا مُكثِراً صحِب أَبَا غَالب ابْن بَشرَان وَعنهُ أَخذ النَّحْو وَالْأَدب
3 - (ابْن الحُصَين الْمسند)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن الْعَبَّاس بن إِبْرَاهِيم بن الحُصين يَنْتَهِي إِلَى عَدنان أَبُو الْقَاسِم بن أبي عبد الله الْكَاتِب أسمعهُ وَالِده فِي صباه مُسند أَحْمد بن حَنْبَل من أبي عَليّ بن المُذهِب وفوائد أبي بكرٍ الشَّافِعِي من أبي(27/187)
طَالب بن غيلَان وأخبار اليَشكُري من الْأَمِير أبي مُحَمَّد الْحسن بن عِيسَى بن المقتدر وتفرّد بِرِوَايَة ذَلِك عَنْهُم وَسمع أَيْضا من أبي)
الْقَاسِم عَليّ بن المحسن التنوخي وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَأبي الطّيب طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ وعمَّر وقصده الطلاّب من الأقطار وَصَارَت الرحلة إِلَيْهِ وألحَقَ الْأَبْنَاء والأحفاد بالأجداد وَسمع مِنْهُ الْحفاظ والكبار من سَائِر الْبِلَاد وروَوا عَنهُ فِي حَيَاته وَمَات مِنْهُم جمَاعَة قبله وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وابو الْفضل بن ناصرٍ وابو المعمر الْأنْصَارِيّ وَأَبُو مُحَمَّد ابْن الخشاب وروى عَنهُ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَغَيره ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر شَوَّال سنة خمس وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَهُوَ آخر من روى بِبَغْدَاد عَن ابْن غيلَان وَابْن المُذهب وَحسن الْأَمِير والتنوخي
3 - (ابْن الزانكي الطبّال)
هبة الله بن مُحَمَّد بن أبي العزّ بن عبد الْبَاقِي بن عَليّ أَبُو المظفّر الطبّال الْمَعْرُوف بِابْن الزانكي الْبَغْدَادِيّ شدا فِي صباه طرفا من الْفِقْه وَسمع من أبي بكرٍ مُحَمَّد بن الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم سعيد بن أَحْمد بن البّناء وَغَيرهمَا وَكَانَ شَيخا مطبوعاً كيّساً دَمِثاً حدّث باليسير وَله شعر وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(مَا فِي ادّكارك وَادي البان والآس ... وَلَا البُكاء على الأطلال من باسِ)
(إِن حدَّثَتكُم بسُلواني ظنونكُمُ ... فاستغفروا الله واستَحيُوا من النَّاس)
(مَا كنتُ للوُدّ مَذَّاقاً وَلَا كَلِفاً ... بالمُلهِيات وَلَا للْعهد بالناسي)
(وَكَيف أنسى وَفِي قلبِي لكم وَطَنٌ ... دانِ الْمحل وَأَنْتُم فِيهِ جُلاّسي)
(إِن عَزَّني قَدَرٌ عَنْكُم فلي وزرٌ ... بِالصبرِ أحملهُ عُنفاً على رَأْسِي)
3 - (ابْن الغريق)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُبيد الله بن عبد الصَّمد بن الْمُهْتَدي ابو الْحسن بن القَاضِي أبي الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بِابْن الغريق الْبَغْدَادِيّ كَانَ وَالِده يُعرف براهب بني العبّاس لزهده وَحسن طَرِيقَته وَقد حدث بالكثير وَكَانَ خَطِيبًا قَاضِيا من الْأَعْيَان وروى عَنهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب وأمّا وَلَده هَذَا أَبُو الْحسن فولي لما بيد أَبِيه من الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور والخطابة بِجَامِع الْقصر وَكَانَ فصيحاً مليحَ الْإِيرَاد وَسمع من أبي بكرٍ أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب البرقاني وَالْحسن بن احْمَد بن شَاذان وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد(27/188)
الْخلال وَغَيرهم وحدّث باليسير توفّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فِي مَكَان قد جرت فتْنَة بَين أهل الكرخ وَبَاب)
الْبَصْرَة فقتِل بَينهم جمَاعَة وَأصَاب ابْن الغريق سَهمٌ فَقتله
3 - (السمساني الْكَاتِب المزوِّق)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْغفار أَبُو الْقَاسِم السَمسانيّ المذهِّب الْبَغْدَادِيّ سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وحدّث باليسير كَانَ يكْتب الْمَصَاحِف ويُذّهِّبها وَكَانَ طَبَقَةً فِي الإذهاب وتمثيل الأشكال وَلم يلْحق خطّه بخطّ أَبِيه وَلَا جدّه وَكَانَ من ذَوي الهيئات النبلاء توفّي فَجْأَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ واربعمائة
3 - (الْوَزير أَبُو الْمَعَالِي الْكرْمَانِي ابْن الْمطلب)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن المطَّلِب الكِرماني أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي سعد الْكَاتِب كَانَ كَاتبا مجيداً حاسباً سديداً تفرّد فِي زَمَانه بِكِتَابَة الْحساب وتدبير الضّيَاع ولي ديوَان الزِّمَام فِي أَيَّام المستظهر وقلّده الوزارة سنة خَمْسمِائَة فَأَقَامَ وزيراً سنتَيْن وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا وعزل وَكَانَ قد تفقه للشَّافِعِيّ وَسمع من مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَعبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَاحْمَدْ بن مُحَمَّد بن النقور وَغَيرهم وَكَانَ يحفظ السّير والتواريخ وَكَانَ كثير الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف حدّث باليسير قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام قَائِلا يَقُول
(إِذا كَانَ للهِ البقاءُ وكلُّنا ... يصير إِلَى موتٍ فَمَاذَا التنافسُ)
وَكَانَ قد زوَج ابنتَه بِأبي عَليّ بن صَدَقَة وَتُوفِّي أَبُو الْمَعَالِي سنة ثَلَاث وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو دُلَف الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن داودَ بن الْحسن بن عبد الله بن عبد السَّلَام أَبُو دُلَف ابْن أبي الْوَفَاء المقرىء الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ كَانَ أديباً فَاضلا سمع الشريف أَبَا نصرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعلي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَمُحَمّد بن أبي نصرٍ الحُميدي وَأكْثر عَنهُ وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَكَانَ خطّه حسنا وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد ابْن الخشاب كتاب المُجمل لِابْنِ فَارس بِسَمَاعِهِ من الحُميدي وَكَانَ شَيخا حسنا خيِّراً توفّي سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن حُبَيْش الْحَنْبَلِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن كَامِل حَبيش أَبُو عَليّ الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ كَانَ شَيخا صَالحا متصوّفاً زاهداً فَقِيها فَاضلا تفقه على أبي عَليّ ابْن القَاضِي وَسمع من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَعبد)
الْملك بن عَليّ بن عبد الْملك بن يُوسُف(27/189)
وَعبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَغَيرهم وحدّث باليسير وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن الجَلَخت الوَاسِطِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخلَد بن أَحْمد بن خلف بن مَخلد بن امرىء الْقَيْس أَبُو الْفضل الْأَزْدِيّ بن الجَلَختِ الوَاسِطِيّ كَانَ من المعدّلين وَكَانَ زاهداً وَرِعاً حدّث بِبَغْدَاد عَن عَليّ بن عبد الله العجمي وَعلي بن مُحَمَّد بن حسن الْعَبْدي وَغَيرهمَا وَكَانَ يعرف الحَدِيث وَالْفِقْه والفرائض والقراءات والحساب وَله جاهٌ عِنْد السُّلْطَان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن نوبي الْأَنْبَارِي)
هبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن نُوبى أَبُو عَليّ الْأَنْبَارِي الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي الْمُوفق كَانَ كَاتبا جَلِيلًا أديباً فَاضلا تولى الْجِزْيَة بديوان الزِّمام أيّام المسترشد وَكَانَ قد جمع تَارِيخا وَسمع من عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَعلي بن مُحَمَّد بن عَليّ ين العلاّف وحدّث باليسير وَتُوفِّي بعد أَن فسد حسُّه ثَلَاث وَخمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
(إِن قَدَّمَ الدَّهرُ أَقْوَامًا وأخرني ... وجار فِي الحكمِ جوراً غير مُقتصدِ)
(فَفِي النُّجُوم إِمَام الْعَصْر مُعتَبِرٌ ... إِذْ كَانَ للثَور تقديمٌ على الأسَد)
وَمِنْه
(لِيَ بالكرخ دُونَ نهر مُعلَّى ... شَجَنٌ لَا يحول عَن ميثاقِ)
(كلّما أخلقَ الزمانُ هَواهُ ... جدّدَته مكارمُ الْأَخْلَاق)
(وَإِذا مَا سلاه غَيْرِي فعندي ... حُسن عهد الحنين والأشواق)
(مَنزِلٌ فِيهِ للسرور مَعَ النف ... س نكاحُ المُنى بِغَيْر طَلاق)
3 - (ابْن الصفار المقرىء)
هبة الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الطيّب بن أبي الْحُسَيْن الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الصفار المقرىء قَرَأَ على ابْن عَلاّن وعَلى ابْن الّواف وعَلى الهزمزان أَحْمد عَليّ العجمي وَكَانَ إِمَامًا فِي النُّجُوم فوّم لثلاثين سنة آتِيةً وَله مصنفات فِي الْقرَاءَات وَتُوفِّي سنة ستٍّ وَثَمَانِينَ وأبعمائة)
3 - (أَبُو مُحَمَّد ابْن الشِّيرَازِيّ)
هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مميل أَبُو مُحَمَّد بن(27/190)
أبي نصر الشِّيرَازِيّ الْوَاعِظ تقدم ذكر جمَاعَة من أهل بَيته ولد بِبَغْدَاد سنة خَمْسمِائَة وَنَشَأ بهَا وَسمع كتاب غَرِيب الحَدِيث لأبي عبيدٍ من أبي عَليّ بن نَبهان وسافر إِلَى دمشق ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَأقَام مُدَّة ثمَّ خرج مِنْهَا وَعَاد إِلَيْهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وسكنها إِلَى حِين وَفَاته وَشهد عِنْد قَضَائهَا وفوضَت إِلَيْهِ عُقُود الْأَنْكِحَة وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة يَقضي حوائج النَّاس وَتَوَلَّى إِمَامَة مشْهد عَليّ بعد وَفَاة البسطامي وَحدث بِكِتَاب الْغَرِيب بِدِمَشْق وروى عَنهُ أَبُو الْمَوَاهِب الْحسن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صَصرَى وَولده أَبُو نصرٍ وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن احْمَد الغزنوي وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَدفن بسفح قاسِيون
3 - (أَبُو المظفر الْكَاتِب الشَّافِعِي)
هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن البُخَارِيّ أَبُو المظفر الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ من أَوْلَاد الْمُحدثين تفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وحصّل طرفا حسنا وَقَرَأَ شَيْئا من الْكَلَام واشتغل بِالْكِتَابَةِ وَالتَّصَرُّف وَولي النّظر والصدريّة بديوان الزِّمَام وعُزِل ثمَّ ولي نِيَابَة الوزارة ايام الإِمَام النَّاصِر إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ حسَنَ السِّيرَة وَسمع شَيْئا من الحَدِيث وروى عَن ابْن جَكّينا الشَّاعِر
3 - (أَبُو الْعَبَّاس النديم بن المنجّم)
هبة الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن يحيى بن عَليّ بن يحيى أَبُو الْعَبَّاس النديم بن المنجم تقدم ذكر جمَاعَة من أهل بَيته روى عَن جدّه وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو عَليّ التنوخي وَأَبُو بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن شَاذان وَقد نادم أَبَا محمدٍ المهبلي واختضّ بِهِ وَمن بعده من الوزراء وَكَانَ لَهُ معرفَة بالفقه والجدَل وَالشعر وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة فِي شهر رَمَضَان
3 - (ابْن الْوَاعِظ الإسْكَنْدراني)
هبة الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن المفرّج بن حَاتِم بن الْحسن بن الْمَقْدِسِي أَبُو البركات الإسْكَنْدراني الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الْوَاعِظ كَانَ شَيخا حسنا من أَوْلَاد الْعلمَاء وَالشُّهُود حسَنَ المذاكرة لطيف المحاضرة يحفظ جُمَلاً من الْآدَاب والتواريخ وروى عَن الْحَافِظ السِّلفي وَغَيره وَكَانَ ثِقَة ثَبَتاً توفّي سنة خمسين وسِتمِائَة)
3 - (زكي الدّين بن رَوَاحَة باني الْمدرسَة)
هبة الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن رَوَاحَة زكي الدّين الْأنْصَارِيّ بن رَوَاحَة الْحَمَوِيّ التَّاجِر المعدَّل كَانَ كثير الْأَمْوَال مُحتشماً(27/191)
أنشأ مدرسة بِدِمَشْق وأُخرى بحلب وحدّث أوصَى أَن يُدفن فِي مدرسته فِي الْبَيْت القَبو فَمَا مكّنهم المدّرس الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن الصّلاح وَشرط على الْفُقَهَاء والمدّرس شُرُوطًا صعبة وَأَن لَا يدخلَ مدرستَه يهوديٌ وَلَا نصرانيّ وَلَا حنبليّ حَشَوِيٌ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة
الْحَافِظ الْبَغْدَادِيّ هبة الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن المُجلّي الْحَافِظ أَبُو نصرٍ الْبَغْدَادِيّ لَهُ تصانيف وخُطَبٌ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ واربعمائة
3 - (معِين الدّين بن حَشيش)
هبة الله بن مَسْعُود بن أبي الْفَضَائِل القَاضِي مُعين الدّين بن حشيش تقدم ذكر وَالِده فِي حرف الْمِيم كَانَ معِين الدّين فَاضلا ذكياً حُفظةً رِوَايَة للْأَخْبَار والأشعار عَالما بالأنساب يُجيد معرفَته وينقُل أَيَّام النَّاس وتراجم النَّاس كَانَ آيَة فِي ذَلِك وَكَانَ ينظِم نظماً مقارِباً وَكَانَ قلمه جارئاً ولكِن لَيْسَ لَهُ نثر جيّد اللهمّ إلاّ إِن ترسّل وَكتب بِلا سجع فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْمثلِ المطبوع وَالْبَيْت السائر وَيَأْتِي بِالشَّاهِدِ على مَا يحاولهُ وَذَلِكَ فِي غايةِ البلاغةِ والفصاحة وَكَانَ فِي مبدأ أمره كَاتبا فِي الدِّباغة حتّى كتب للأعسَر أَو لغيره ممّن كَانَ لَهُ الحكم فِي ذَلِك الْوَقْت
(يَا أَمِيرا حَاز الحيا والبلاغة ... قتلتني روائحُ الدّباغة)
ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى طرابلس وخدم فِي الْجَيْش وَكَانَ يساعد ابْن الذَّهَبِيّ كَاتب الْإِنْشَاء بطرابلس فاشتهرَ وعُرف بالأدب فأحبّه الْأَمِير سيف الدّين أسندُمُر نَائِب طرابلس وَلم يزل إِلَى أَن توجه نَائِب طرابلس الْأَمِير سيف الدّين أسندمر صُحْبَة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد لما جَاءَ من الكرك سنة تسع وَسَبْعمائة فجهَّزَ طَلَبه من طرابلس وسعى لَهُ إِلَى أَن استُخدِمَ فِي جَيش مصر فَأَقَامَ إِلَى الرَّوك وَحضر ليفرِّقَ الْأَخْبَار بِالشَّام فَأَقَامَ إِلَى أَن فرغ من ذَلِك ثمَّ توجّه إِلَى مصر وَلما أُمسِكَ القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية نَاظر جَيش الشَّام سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة حضر معِين الدّين من مصر نَاظر الْجَيْش مَكَانَهُ فَانْفَرد بذلك قَلِيلا ثمَّ أشرك بَينه وَبَين القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية نَاظر جَيش الشَّام سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة)
حضر معِين الدّين من مصر نَاظر الْجَيْش مَكَانَهُ فَانْفَرد بذلك قَلِيلا ثمَّ أشرك بَينه وَبَين القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية فِي النّظر وَكَانَ قطب الدّين هُوَ أكبر الناظرين وَلم يزل بِدِمَشْق إِلَى سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة فلمّا أَرَادَ القَاضِي فَخر الدّين يتَوَجَّه للحجاز طلب القَاضِي معِين الدّين لينوب عَنهُ فِي الْجَيْش بِالْقَاهِرَةِ فَأَقَامَ بالديار المصرية إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَمن شعره مَا أنشدنيه البرزالي إجَازَة(27/192)
(طيفٌ ألمَّ وطَرفُ الهمّ وَسنانُ ... وناظر لاِرتِقابِ الوَصلِ يقَظانُ)
(سَرَى ومَركبه شوقي وموطئهُ ... خَدِّي وَذَا لكُما طِرفٌ وميدان)
(حَتَّى تضمّنه الجَفنُ السهيد وَقد ... غطّى شَهِيد الْكرَى للدمع طُوفان)
(فَلم يزل دُون تَقْوِيم يُمَتِّعُنا ... بالوَصل زُوراً وطَرف النَّجْم سهران)
(فكم تلقى بصدري فرحةً فَرشَت ... لَهُ السرائرَ فالأحشاء أوطان)
(وَإِذ تمشى إِلَى جرح الْجَوَارِح يَأ ... سُوه فكم طُفِئت للوجد نِيران)
(فشقّ باللُّطف عَن قلبِي وعزّل عَن ... هـ مَا يَشُقّ فقَلبي الْيَوْم فَرحَان)
(وَرَاح يخلَعُ جَلبابَ السرُور على ... وقتي وَقد مرَّ دَهرٌ وَهُوَ عُريان)
(أَهلا بِهِ من خَيالٍ عَاد لي أَمَلي ... بِهِ وعاوَدَني رَوحٌ ورَيحان)
(فالعيشُ رَغدٌ وَدَار الْأنس جَامِعَة ... وجيرة الحيّ بعد الهَجر جِيران)
(ورقبة الْبَدْر سُهدٌ والمُنى حُلمٌ ... تحلو لنا ومَغاني الحيّ أوطان)
(فَهَذِهِ مِنَح الطيف المُلِمّ بِنَا ... سِراً فَلَيتَ يُوافي السِرّ إعلان)
قلتك شعرٌ فَوق المرذول وَدون المتوسّط
3 - (ابْن البوري الشَّافِعِي)
هبة الله بن معّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَرِيم الْقرشِي الدمياطي الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالزين ابْن البوري تنفقه بِالشَّام على القَاضِي أبي سعد عبد الله بن أبي عصرونَ ورحل إِلَى بَغْدَاد وتفقه بالنظامية وَعَاد إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَولي تدريس الْمدرسَة الحافظية وَكَانَ من الْعلمَاء المفتّيين وروى عَن أبي الْفرج الرَّحْمَن بن الْجَوْزِيّ وَأبي الثَّنَاء مَحْمُود بن الشعّار الحرّاني وَأبي أَحْمد ابْن سُكَينة وبورة قَرْيَة من أَعمال دمياط وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ)
3 - (هبة الله بن وَزِير)
هبة الله بن وَزِير هُوَ أَبُو المكارم الشَّاعِر الْمصْرِيّ تقدّم فِي حرف الْمِيم على أَن اسمَه مَكَارِم وَالصَّحِيح هبة الله
3 - (ابْن البُوقي الشَّافِعِي)
هبة الله بن يحيى بن الْحسن بن احْمَد بن عبد الْبَاقِي أَبُو جَعْفَر الشَّافِعِي الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن البُوقي كَانَ إِمَامًا فَاضلا قيّماً بِمذهب الشَّافِعِي متدّيناً كثير الْعِبَادَة صَامَ أَرْبَعِينَ سنة دَائِما وَقَرَأَ الْفِقْه على القَاضِي أبي عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن(27/193)
بَرهُون الفارقي وعَلى أبي المكارم بن البُخَارِيّ قَاضِي وَاسِط وَقَرَأَ بِالْبَصْرَةِ على قاضيها عبد السَّلَام الجيلي وَسمع الْكثير بواسط وَالْبَصْرَة وبغداد وَمَكَّة ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وسيعين وَخَمْسمِائة وَقد تقدم ذكر وَلَده مُحَمَّد فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
3 - (أَبُو الْفتُوح الْكَاتِب)
هبة الله بن يُوسُف بن خُمارتاش بن عبد الله الْبَغْدَادِيّ البزّاز أَبُو الْفتُوح الْكَاتِب وَهُوَ أَخُو عبد الرَّحْمَن سمع سلمَان بن مَسْعُود بن حَامِد الشحّام وَعبد الْملك بن مُحَمَّد بن عَليّ الهمذاني وحدّث باليسير وَتُوفِّي سنة ستّ وَخَمْسمِائة فَجأةً ودوّن شعره فِي مجلّده لَطِيفَة وَمِنْه
(وتَمَتُّعي بالوَصل مِنْهُ إِذا دَنا ... وَإِذا نأى فبطيِفه وخَيالِهِ)
(قَمَرٌ على غُصنٍ يَمِيسُ كَثَنِّاً ... ويتيهُ من إعجابه بجماله)
(ولئِن رُميتُ من الزَّمَان ببينه ... فالدهرُ لَا يبْقى على أَحْوَاله)
(زَمَنٌ غَشومٌ جائزٌ فِي صَرفه ... وبَنوه قد نسجوا على منواله)
3 - (السّديد الماعز النَّصْرَانِي)
هبة الله الْمَعْرُوف بالسديد الماعز القبطي النَّصْرَانِي مُسْتَوْفِي المملكة كَانَ ماهرا فِي الْحساب مقما على أَبنَاء جنسه مَعْرُوفا بالأمانة وَله مكانةٌ وافرة عِنْد الْملك الْمَنْصُور قلاوون والوزير يستضيءُ بِرَأْيهِ وَلم يكن لأحد مَعَه كلامٌ وَكَانَ فِيهِ خدمَة وتودّد ومدُاراة وإقالةٌ للعثرات متمسِّكاً بملته كثير الْإِحْسَان وَالصَّدقَات على النَّصَارَى توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة ورتب السُّلْطَان بعده ولدَه الأسعَد جُرجس مكانَه فتضاعفت مَنْزِلَته وشُكِرت سيرته والسديد هُوَ خَال الصاحب أَمِين الدّين أَمِين الْملك)
3 - (أَبُو الأسعد ابْن القُشَيري الصُّوفِي)
هبة الله بن عبد الْوَاحِد بن أبي الْقَاسِم عبد الْكَرِيم بن هوازِن أَبُو الأسعد القُشيري خطيب نيسابور وكبير القُشيرية فِي وقته قَالَ أَبُو أسعد السَّمْعَانِيّ كَانَ يرجع إِلَى فضلٍ وتمييز ومعرفةٍ بطرِيق الْقَوْم وَفِيه ظرفٌ حسَن الْأَخْلَاق متودِّداً سليمَ الْجَانِب كَانَ أسندَ منَ بَقي من أهل خَراسان وَكَانَت الرحلة إِلَيْهِ وَظهر بِهِ صَمَمٌ وَمَعَ ذَلِك يسمع إِذا رفع القارىء صوتَه توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
(هبة)
3 - (أَمِير الْعَرَب)
هبةُ بنُ مانعٍ وَلما أُمسك هبة وأُودِعَ الاعتقال بقلعة حلب أَقَامَ بهَا قَلِيلا وهرب مِنْهَا ثمَّ إِنَّه أُمسك وَبلغ الْخَبَر إِلَى النَّاصِر صَاحب الشَّام فَقَالَ لرشيد الدّين(27/194)
الفارقي اكتُب كتابا إِلَى نَائِب حلب بشنق هبة على القلعة فَكتب رشيد الدّين الفارقي بَيْتَيْنِ ودفعهما إِلَى النَّاصِر وهما
(عُذري عَن القلعة الشهباءِ مُوضحةٌ ... لربّها زَاد ربّي فِي سعادته)
(تعلَّمَت مِنهُ إطلاقَ الهباتِ بهَا ... فاُطلقَت هبة مِنْهَا كعادته)
فَعَفَا السُّلْطَان عَنهُ وَأمر بسجنه ثمَّ أطلقهُ
(هُبل)
3 - (ابْن هبَل الطَّبِيب)
مهذب الدّين عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ وَولده شمس الدّين أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد
(هُبَيْرَة)
3 - (هُبيرة التمّار المقرىء)
هُبَيْرَة بن مُحَمَّد التمّار المقرىء الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ على أبي عمر حَفْص بن سُلَيْمَان الْأَسدي صَاحب عَاصِم بن أبي النجُود وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَليّ حَسنون بن الْهَيْثَم الدُوَيري وروى عَنهُ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عَليّ الخزّاز
3 - (الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ)
هُبَيْرَة بن شبِل العجلان بن عتاب الثَّقَفِيّ هُوَ أوّل من صلّى جمَاعَة بِمَكَّة بعد الْفَتْح أمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَكَانَ إِسْلَامه بالحُديبية واستخلفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَكَّة إِذْ سَار إِلَى الطَّائِف قَالَه الطَّبَرِيّ
3 - (العامري الصَّحَابِيّ)
هُبَيْرَة بن المفاضة العامري بعث إِلَى بني سُليم يَأْمُرهُم بالثبوت على الْإِسْلَام حِين ارتدَّت العربُ قَالَه وثيمة
3 - (الشِّبامي)
هُبَيْرَة بن يريم الشّبامي وَيُقَال الخارقي روى عَن عَليّ وَطَلْحَة وَتُوفِّي سنة ستّ وستّين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الأربعةُ
3 - (هُبَيْرَة بن النُّعْمَان)
هُبَيْرَة بن النُّعْمَان بن قيس بن مَالك بن مُعَاوِيَة بن سعنَة يُقَال لَهُ الغفّار كَانَ شريفاً شهد صفّين مَعَ عَليّ بن أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ وَاسْتَعْملهُ على الْمَدَائِن(27/195)
(الألقاب)
الْوَزير عون الدّين بن هُبَيْرَة اسْمه يحيى بن مُحَمَّد بن هُبَيْرَة يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله فِي حرف الْيَاء فِي مَكَانَهُ
وَابْنه مُحَمَّد بن يحيى)
وأخو الْوَزير الْمَذْكُور مكي بن مُحَمَّد
وَابْن هُبَيْرَة النَّسَفِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
وَابْن هُبَيْرَة الْفَزارِيّ اسْمه يزِيد بن عمر
(هجمية)
3 - (أم الدرْداء الصُغرى)
هُجمية أم الدّرداء الصُغرى الحِميَرية رَوَت عَن زَوجهَا أبي الدرداءِ وقرأت عَلَيْهِ الْقُرْآن وروت عَن سلمَان الْفَارِسِي وَكَعب بن عَاصِم الْأَشْعَرِيّ وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَكَانَت عَالِمَة زاهدةً كبيرةَ الْقدر وأمّ الدَّرْدَاء الْكُبْرَى خَيرَةُ بنتُ أبي حَدردٍ صحابيَّة وَكَانَ لهَذِهِ الصُّغْرَى حُرمةٌ وجلالة عَجِيبَة وَتوفيت فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهَا الْجَمَاعَة
(هدبة)
3 - (هُدبة بن خشرم القُضاعي الْأَسْلَمِيّ)
هُدبة بن خَشرَم بن كرزٍ القُضاعي ثمَّ الْأَسْلَمِيّ كالن شَاعِرًا فصيحاً وَهُوَ راوية الحُطَيئة والحُطيئة راوية كَعْب بن زهيرٍ وَكَانَ جَميل راوية هُدبة وَكثير راوية جميل وَكَانَ بَين هدبة وَبَين زِيَادَة بن زيدٍ مُلاحاة وأَهاجٍ وَزَاد ذَلِك إِلَى أَن قَتَل هدبة زِيَادَة ثمَّ هرب وَذَلِكَ فِي عهد مُعَاوِيَة فانفد سعيد بن الْعَاصِ إِلَى عمّ هُدبة وَأَهله فحبسهم فَلَمَّا بلغ ذَلِك هدبة أقبل حَتَّى خلّصهم وَأمكن من نَفسه وَلم يزل مَحْبُوسًا حتّى شخصَ عبد الرَّحْمَن أَخُو الْمَقْتُول إِلَى مُعَاوِيَة فأورد كتابا إِلَى سعيد بن الْعَاصِ بِأَن يُقيَّد مِنْهُ إِذا قَامَت الْبَيِّنَة فأقامها فمشت بَنو عُذرَةَ إِلَى عبد الرَّحْمَن فَسَأَلُوهُ قَبول الدِّية فَامْتنعَ وَقَالَ
(أنحتُم علينا كَلكَلَ الحربِ مرّةً ... فَنحْن مُنِيخُوها عَلَيْكُم بكلكَلِ)
(فَلَا يَدعُني قومِي لزيد بن مالكٍ ... لَئِن لم أُعجِّل ضَرْبَة أَو أُعجَّل)
(أبَعدَ الَّذِي بالنعفِ نعف كُوَيكبٍ ... رَهينة رَمسٍ ذِي تُرَاب وجندل)(27/196)
(أُذَكِّرُ بالبُقيا على مَا أصابني ... وبُقيايَ أَنِّي جاهدٌ غير مُؤتَل)
وَقيل بل أحضرهم مُعَاوِيَة فَلَمَّا صَارُوا بَين يَدَيْهِ قَالَ يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ أَشْكُو إِلَيْك مظلمتي وقَتل أخي وترويع نسوتي فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة يَا هدبة قُل قَالَ إِن شئتَ قَصَّينا كلَاما أَو شعرًا قَالَ لَا بَل شعرًا فارتجل هدبة)
(أَلا يَا لقومي لِلنَّوائب والدهرِ ... وللمرء يُردِي نفسَه وَهُوَ لَا يَدري)
(وللأرض كم من صالحٍ قد تلأَمت ... عَلَيْهِ فوارثه بلمّاعةٍ قَفر)
(فَلَا يَتَّقِي ذَا هيبةٍ لجلالِهِ ... وَلَا ذَا ضِياعٍ هنّ يُتركنَ للفَقر)
(رَمينا فرامَينا قصادف رَميُنا ... مَنايا رِجالٍ فِي كتابٍ وَفِي قَدر)
(وَأَنت أَمِير الْمُؤمنِينَ فمالنا ... وراءَك من مَغدىً وَلَا عَنْك من قَصر)
(فَإِن تَك عَن أَمْوَالنَا لم نَضِق بهَا ... ذِرَاعا وَإِن صبرا فنصيبِرُ للصبر)
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة قد أقرَرتَ بقتل صَاحبهمْ ثمَّ قَالَ لعبد الرَّحْمَن هَل لزِيَادَة ولدٌ قَالَ نعم المُسوَّر وَهُوَ غلامٌ حفرٌ وَأَنا عَمه وَلِيُّ دم أَبِيه فَقَالَ المُسوَّر أحقّ بِدَم أَبِيه وردّه إِلَى الْمَدِينَة فحُبس ثَلَاث سِنِين حَتَّى بلغ المُسوَّر فَقَالَت أمّ هُدبة لما شخص إِلَى الْمَدِينَة ليُحبس
(أيا إخوتي أهل الْمَدِينَة أكرِموا ... أسيرَكُمُ إنّ الأسيرَ كريمُ)
(فَرُبَّ كريمٍ قد قراه وضافه ... ورُبَّ أُمورٍ كلّهن عَظيم)
(عَصا حبلُها يَوْمًا عَلَيْهِ مراسه ... من الْقَوْم عيابٌ أشمّ حَلِيم)
وَلما مضى هُدبة من السجْن ليُقتل الْتفت إِلَى امْرَأَته وَكَانَت من أجمل النِّسَاء فَقَالَ لَهَا
(أَقِلّي عليّ اللوم يَا أمَّ بوزعَا ... وَلَا تَعجَبِي ممّا أصَاب فأوجَعا)
(وَلَا تَنكَحي إِن فرّق الدهرُ بَيْننَا ... أغمّ القَفا وَالْوَجْه لَيْسَ بأنزَعَا)
(ضَروبَا بلحيَتِه على عَظم زَوره ... إِذا الْقَوْم هشُّوا للفَعال تقنَّعا)
(كليلاً سِوَى مَا كَانَ من حَدِّ ضِرسِه ... أُلَيبِيدُ مبطان العَشيات أَروعا)
(وكُوني حَبِيسًا أَو لأروَعَ ماجدٍ ... إِذا ضنّ أعساسُ الرِّجَال تبرّعا)
(وحُلّي بِذِي أُكرومةٍ وحَميَّةٍ ... وصبراً إِذا مَا الدَّهْر عضّ فاَسرعا)
فمالت زَوجته إِلَى جزّارٍ فَأخذت شَفرته فجدعَت أنفها وشفتَيها وجائته وَهِي تدمى فَقَالَت أتخاف أَن يكون بعْدهَا نِكاحٌ فرسف هدبة فِي قسيوده وَقَالَ الْآن طَابَ الْمَوْت ثمَّ الْتفت فَرَأى أبوَيه يتوقّعان الثكل فَقَالَ لَهما(27/197)
(أبلياني اليومَ صَبراً مِنْكُمَا ... إنّ حُزناً إِن بَدا بادىء شَرّ)
(لَا أرى ذَا الْيَوْم إلاّ هيّناً ... إنّ بعد الْمَوْت دَار المستَقَرِّ)
(اصبِرا اليومَ فَإِنِّي صابرٌ ... كلُّ حيٍّ لقضاءٍ وقَدَر)
)
ثمَّ الْتفت إِلَى أَهله فَقَالَ بَلغنِي أَن الْقَتِيل يعقِل سَاعَة بعد سُقُوط رَأسه فَإِن عقلتُ فَإِنِّي قَابض على رجليّ وباسِطُها ثَلَاثًا فَفعل ذَلِك حِين قتل وَقَالَ قبل أَن يُقتل
(إِن تقتلوني فِي الْحَدِيد فإنني ... قتلتُ أَخَاكُم مُطلَقاً لم يُقَيَّدِ)
فَقَالَ عبد الرَّحْمَن وَالله لَا أَقتلهُ إِلَّا مُطلقاً فَقَامَ غليه وَقد أُطلِق فهزّ السَّيْف وَقَالَ
(قد علمَت نَفسِي وأنتَ تعلمه ... لأَقتلن اليومَ مَن لَا أرحَمهُ)
ثمَّ قَتله وَقيل إِن المسوَّر الَّذِي قَتله وَقد ذكر هَذَا الْخَبَر بِطُولِهِ وَتَمَامه صَاحب الأغاني واختصرته أَنا وَهُوَ من أظرف الْأَخْبَار وأحسنِها وهدبة هَذَا هُوَ أوّل من أُقِيدَ مِنْهُ فِي الْإِسْلَام وَقَالَ وَاسع بن خَشرَم يرثي أَخَاهُ هدبة
(يَا هُدب يَا خيرَ فِتيان الْعَشِيرَة مَن ... يُفجَع بمثلك فِي الدُّنْيَا فقد فُجِعا)
(الله يعلم إِنِّي لَو خَشِيتُهمُ ... أَو أوجَسَ القلبُ من خوفٍ لَهُم جَزِعا)
(لم يقتلوه وَلم أُسلِم أخي لهمُ ... حَتَّى نعيشَ جَمِيعًا أَو نموتَ مَعًا)
وَقَالَ مصعبَ الزُبَيري كُنَّا بِالْمَدِينَةِ أهل البيوتات إِذا لم يكن عِنْد أَحَدنَا أَخْبَار هدبة وَزِيَادَة وأشعارهما ازدَرَيناه وَكُنَّا نرفع من قدر أخبارهما وأشعارهما ونعجب بهَا وَبعث هُدبة إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَقُول لَهَا استغفري لي فَقَالَت إِن قُتِلتَ استغفرتُ لَك وَكَانَ لهُدبة ثَلَاثَة إخْوَة حَوط وواسع وسَيحان قَالَ الْمَدَائِنِي مرَّت كاهنة بِأم هدبة وَهُوَ وَإِخْوَته نِيامٌ بَين يَديهَا فَقَالَت يَا هَذِه إِن الَّذِي معي يُخْبِرنِي عَن نبيكِ هَؤُلَاءِ بأمرٍ قَالَت وَمَا هُوَ قَالَت أما هدبة وحَوط فيُقتلان صبرا وَأما الْوَاسِع وسَيحان فيموتان كمداً وَكَانَ كَذَلِك وَقَالَ صَاحب الأغاني إِن امْرَأَة هدبة تزوّجت بعده وجاءها ولدان
3 - (الثَوباني الْبَصْرِيّ)
هُدبة بن خَالِد أَبُو خَالِد القَيسي الثوباني الْبَصْرِيّ يُقَال لَهُ هُداب روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وبَقي بن مَخلَد وَجَمَاعَة قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَعَن ابْن مَعين ثقةٌ توفّي سنة ستّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(27/198)
(هُذَيْل)
3 - (هُذَيل الْكُوفِي)
هُذيل بن شُرَحبيل الأَودي الْكُوفِي روى عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَسعد بن أبي وقّاص وَأبي مُوسى وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة
(الألقاب)
أَبُو الْهُذيْل العلاف المعتزلي اسْمه مُحَمَّد بن الْهُذيْل وَقيل أَحْمد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
الهرّاء النَّحْوِيّ مُعاذ بن مُسلم
الهرّاسي جمَاعَة مِنْهُم
الْخَوَارِزْمِيّ مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم
الهُرغي عبد الله بن محمدٍ
(هرثمة)
3 - (هرثمة الْعَنْبَري أَخُو زُفَر الْحَنَفِيّ)
هرثمة بن الهُذيل بن قيس الْعَنْبَري قَالَ حَمْزَة فِي تأريخ إصبهان وَكَانَ هرثمة أعرف النَّاس بالأنساب والأشعار وَعنهُ أَخذ حمَّاد الرِّوَايَة وَهُوَ أَخُو زُفر بن الهُذيل فَقِيه الْكُوفَة ومولد زُفَر بإصبهان وَكَانَ أَبوهُمَا الْهُذيْل قد خرج بإصبهان أيّام فتْنَة الْوَلِيد بن عبد الْملك وتغلّب عَلَيْهَا وقَيد والِيها من قبل المروانية وَهُوَ زيد بن الحُصَين بن شهَاب وَاسْتولى على إصبهان وَبَقِي بهَا سنتَيْن حَتَّى وردهَا عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب فأزاحه عَنْهَا وَاسْتولى عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة
(هرم)
3 - (هَرِم الرَبَعي الْبَصْرِيّ الصَّحَابِيّ)
هَرِم بن حَيَّان العَبدي الربعِي الْبَصْرِيّ روى عَن عمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ ذكر خَليفَة عَن الْوَلِيد بن هِشَام عَن أَبِيه عَن جدّه قَالَ وجّه عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ هرم بن حيّان إِلَى قلعة بجُرة يُقَال لَهَا قلعة الشُّيُوخ فافتتحها عنْوَة وسبى أَهلهَا وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَقَالَ أَبُو عُبيد كَانَ الْأَمِير فِي(27/199)
وقْعَة صهاب هرم وَقَالَ غَيره بل كَانَ الحَكَم بن أبي الْعَاصِ
3 - (الْأنْصَارِيّ)
هرم بن عبد الله الْأنْصَارِيّ هُوَ أحد البكائين الَّذين نَزَلَت فيهم تَولَّوا وأَعيُنُهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ
3 - (الصَّحَابِيّ)
هرم بن قُطبَة الْفَزارِيّ دَعَا بن حُصينٍ إِلَى الثَّبَات على الْإِسْلَام يَوْم الردّة قَالَه وثيمة عَن ابْن إِسْحَاق
3 - (الصَّحَابِيّ)
هرم بن عبد الله بن رفاعةَ شهد الخَنْدَق والمشاهد إلاّ تَبوك وَقيل هُوَ أحد البكّائين
(هرماس)
3 - (أَبُو حُدَير الْبَاهِلِيّ)
الهِرماس بن زيادٍ أَبُو حُديرٍ الْبَاهِلِيّ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخطُب بِمُنى على نَاقَته وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
ابْن هَرمة الشَّاعِر اسْمه إِبْرَاهِيم بن عَليّ
(هريم)
3 - (البَجَلي الْكُوفِي)
هُريم بن سُفْيَان البَجلِيّ الْكُوفِي أحد الْأَثْبَات توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
الْهَرَوِيّ الْكَاتِب الشَّافِعِي اسْمه الْفضل بن مُحَمَّد الْهَرَوِيّ أَبُو سَهل مُحَمَّد بن عَليّ الْهَرَوِيّ القَاضِي مُحَمَّد بن نصر
(هُرَيْرَة)
3 - (هُرَيرة الصحابية)
هُرَيْرَة بنت زَمعَة أُخْت سَودَة هِيَ زَوْجَة معبد بن وهبٍ العَبدي وَمِنْهُم من قَالَ هَوبَرة بواوٍ وباءٍ
3 - (الألقاب)
أَبُو هُرَيْرَة اسْمه عبد الرَّحْمَن بن صَخرٍ(27/200)
ابْن أبي هُرَيْرَة الشَّافِعِي اسْمه الْحسن بن الْحُسَيْن ابْن أبي هُرَيْرَة اسْمه أَحْمد بن سُلَيْمَان أَبُو هُرَيْرَة الْمُؤَذّن اسْمه وَاثِلَة بن الْأَسْقَع
(هزار)
3 - (الْهَرَوِيّ المحدّث)
هزار سبّ بن عَوَض بن حسن أَبُو الْخَيْر الهَرَوي الْمُفِيد المحدِّث نزيل بَغْدَاد أحد من عُنِيَ بِالْحَدِيثِ حصّل أصولاً كَثِيرَة وخطّه دقيقٌ مليحٌ وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (تَاج الْمُلُوك الْكرْدِي)
هزار سبُ بن تنكير بن عياضٍ أَبُو كاليجار تَاج الْمُلُوك الكُردي توفّي مُنصَرفَه عَن بَاب السُّلْطَان من إصبهان إِلَى خوزستان بموضعٍ يعرف بفرنده حادي عشْرين شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ قد تكبّر وتجبّر وتسلّط وتفرعن وتزوّج بأخت السُّلْطَان وَأَخذهَا مَعَه فِي هَذَا الْوَقْت فَلَمَّا ضعف وَمَات عَادَتْ إِلَى الريّ لِأَنَّهُ مرض بعلّة الذَرَب قَالَ مُحَمَّد بن الصابىء قَامَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَلفَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة مجْلِس قلت لعلّ هَذَا القَدر كَانَ فِي مُدَّة الْمَرَض
(هِشَام)
3 - (هِشَام بن إِبْرَاهِيم الكَرنبائي)
هِشَام بن إِبْرَاهِيم الكَرنَبائي الْأنْصَارِيّ أَبُو عَليّ جالسَ الْأَصْمَعِي وأضرابَه وَكَانَ عَالما بأيام الْعَرَب ولغاتها وَكَانَ يُعَارض عبد الصَّمد بن المعذَّل ويهاجيه وروى عَنهُ أَبُو خَليفَة الْفضل بن الْحباب كتاب الحَشَرات كتاب الوحوش كتاب خلق الْخَيل كتاب النَّبَات وَفِيه يَقُول عبد الصَّمد بن المعذّل يهجوه
(وَلم تَرَ أبلغَ من ناطقٍ ... أَتَتْهُ البلاغةُ من كَرنُبا)
3 - (أَبُو الْوَلِيد الوقّشي)
هِشَام بن أَحْمد بن خَالِد بن سعيد أَبُو الْوَلِيد الكِناني الطُلَيطُلي ويُعرف بالوَقَّشِي بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الْقَاف وَبعدهَا شين مُعْجمَة ووَقّش قَرْيَة على اثْنَي عَشَرَ ميلًا من طُلَيطُلة أَخذ الْعلم عَن أبي عمر الطَلَمَنكي وَجَمَاعَة وَكَانَ عَالما بالنحو واللغة ومعاني الشّعْر والعَروض وصناعة البلاغة وَكَانَ شَاعِرًا بليغاً حَافِظًا للسُّنَن وَأَسْمَاء(27/201)
الرِّجَال بَصيرًا بالاعتقادات وأصول الْفِقْه وَاقِفًا على كثير من فتاوِي فُقَهَاء الْأَمْصَار نَافِذا فِي عُلُوم الشُّرُوط والفرائض محقّقا فِي الْحساب والهندسة مُشرِفاً على آراء الْحُكَمَاء حَسَنَ النَّقد للْمَذْهَب وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو)
محمدٍ الرُّيُوالي يَقُول فِيهِ
(وَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يُقضَى ... لَهُ فِي كلّ عِلمٍ بالجميعِ)
توفّي رَحمَه الله فِي جُمادى الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِي غُلَام خَصيٍّ مليح
(وفارِهٍ يحمِله فارهٌ ... مَرَّبنا معتقلاً صَعده)
(سِنانها منتِخلٌ لَحظَهُ ... وقدُّها منتحلٌ قَدَه)
(قلت لنَفْسي حِين مُدَّت لَهَا الآ ... مالُ والآمال ممتدَّه)
(لَا تطمعي فِيهِ كَمَا الشعرُ لَا ... يطْمع فِي تسويدِهِ خَدَّه)
وَمِنْه
(عجبا للمُدام مَاذَا استفادَت ... من سَجايا مُعذِّبي وصفاتِه)
(طِيبَ أنفاسِه وطَعم ثَنايا ... هُـ وسكر العُقول من لَحَظاته)
(وَهِي من بعدِ ذَا عليّ حرامٌ ... مثل تحريمِه جَنَى رشَفاته)
3 - (ابْن العوّاد القُرطُبي)
هِشَام بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْوَلِيد الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بِابْن العوّاد كَانَ من جِلّة الأئمّة وأعيان المُفتين بقُرطُبة مقدَّماً فِي الرَّأْي وَالْمذهب طُلِب للْقَضَاء فَامْتنعَ وتفقه عَلَيْهِ خَلقٌ كثير وَتُوفِّي سنة تسع وَخَمْسمِائة
3 - (أَمِير الْمَدِينَة)
هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة حَمو عبد الْملك بن مَرْوَان وأميره على الْمَدِينَة وَهُوَ الَّذِي ضرب سعيدَ بنَ المُسيَّب لمّا امْتنع من الْبيعَة للوليد توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (العابد العطّار)
هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن يحيى الدِّمَشْقِي العطّار العابد قَالَ النَّسَائِيّ ثقةٌ وَقَالَ العِجلي صَاحب سنّة توفّي سنة سبع عشرةَ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ(27/202)
3 - (الطُلَيطُلي)
هِشَام بن حُبَيش من أهل طليطلة كَانَ صَاحب رأى ومسائل رَحل وَسمع من الْقَاسِم وأشهبَ)
بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ من أهل الفُتيا والأسماع بَصيرًا بالإعراب قَالَ ابْن الفرضي ذكره ابْن حارثٍ
3 - (الصَّحَابِيّ)
هِشَام بن أبي حُذيفة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عَمْرو بن مخزومٍ الْقرشِي المَخْزُومِي كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة فِي قَول ابْن إِسْحَاق والواقدي كَانَ يَقُول هَاشم بن أبي حُذيفة وَيَقُول هِشَام وَهمٌ ممّن قَالَه وَلم يذكرهُ مُوسَى بن عقبَة وَلَا أَبُو معشر فِي من هَاجر إِلَى ارْض الْحَبَشَة
3 - (القُردُوسي)
هِشَام بن حسّان القردوسي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ وَقيل إنّه صَرِيح النّسَب كَانَ أعلم النَّاس بِحَدِيث الْحسن وَله أوهامٌ لَا تُخرِجه عَن الِاحْتِجَاج بِهِ توفّي سنة سبعٍ وَأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (رَئِيس الهشاميّة)
هِشَام بن الحكم الْكُوفِي الرافضي رَئِيس الطَّائِفَة الهشاميّة كَانَ حَزّازاً وَكَانَ ضالاًّ مشبّهاً توفّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمائتين والهشاميّة فرقتان فرقةٌ تُنسَب إِلَى هِشَام هَذَا وفِرقة تُنسب إِلَى هِشَام بن سَالم الجواليقي الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وفِرقة أُخْرَى هشاميّة تنْسب إِلَى هِشَام بن عَمْرو الفُوطي الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى إلاّ أنّ هَذِه الْفرْقَة من فرق الْمُعْتَزلَة فهم بمعزلٍ عَن هَاتين الْفرْقَتَيْنِ فأمّا هِشَام بن الحكم فَإِنَّهُ زعم أَن ربَّه تَعَالَى الله عَن قَوْله عُلوًّا كَبِيرا ذُو حدٍّ ونهايةٍ عريضٌ طويلٌ عميقٌ وَطوله مثل عَرضه وَعرضه مثل عمقه وَأَنه نورٌ ساطعٌ يتلألأ كالسبيكة الصافية وَأَنه ذُو لون وطَعم ورائحة وأنّ لَونه هُوَ طعمه طَعمه هُوَ رِيحه وَلم يُثبت لوناً وطَعماً وريحاً عَن نَفسه وَقَالَ كَانَ الله وَلَا مَكَان ثمَّ تحرّك فَحدث مَكَانَهُ بحركته ومكانه هُوَ الْعَرْش وَحكى بعض المتكلّمين عَن هِشَام هَذَا أَنه قَالَ فِي معبوده إِنَّه سَبْعَة أشبارٍ بشِبر نفسَه وقاسَه على الْإِنْسَان فإنّ الْغَالِب على الْإِنْسَان أَن يكون سبعةَ أشبارٍ بشبرِ نفسِه وَحكى أَبُو الْهُذيْل العلاّف المعتزلي قَالَ لقيتُ هشامَ بنَ الحكمِ بمكّة عِنْد جَبل أبي قُيَيس فَسَأَلته أيّما أكبر معبوده أَو جبل أبي قبيس فَأَشَارَ إِلَى أَن الْجَبَل يُوفي على الله تَعَالَى الله عزّ وجلّ علوًّا كَبِيرا وَحكى الجاحظ فِي بعض كتبه عَن هِشَام أَنه قَالَ إنّ الله سُبحانه وَتَعَالَى إِنَّمَا يعلم مَا تَحت الثرى بالشّعاع(27/203)
الْمُنْفَصِل مِنْهُ الذَّاهِب فِي عُمق)
الأَرْض وَذكر أَبُو عِيسَى الوَرَّاق أَن بعض أَصْحَاب هِشَام قَالَ إِن الله تَعَالَى مُماسٌّ لِعرشه لَا يفضُل عَن عَرْشه وَلَا ينقُص تَنَزَّهَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن ذَلِك وتقدّس وَحكى عَنهُ مقالات شنيعة يَكْفِي إِحْدَاهَا فِي تكفيره وتضليله وكفَّرته الإماميّةُ بتجويزه الْمعْصِيَة على الْأَنْبِيَاء وَعدم تَجْوِيز الْمعْصِيَة على الإِمَام حَتَّى قَالَ عصى مُحَمَّد ربَّه فِي أَخذه الْفِدَاء من أُسَارَى بَدرٍ ثمَّ عَفا عَنهُ وَفرق بَين الْأَنْبِيَاء وَالْإِمَام بِأَن قَالَ النَّبِي إِذا عصى أَتَى عَلَيْهِ وحيٌّ عرّفه الْمعْصِيَة والإمامُ لَا يَأْتِيهِ وَحي فَلهَذَا جَازَت المعصيةُ على الْأَنْبِيَاء دون الإِمَام
3 - (الْمُؤَيد الأُموي)
هِشَام بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان الاُموي المؤيَّد وسمّى أَمِير الْمُؤمنِينَ صاحبَ الأندلس تولّى بُكرة يَوْم الِاثْنَيْنِ لخمس خلّون من صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة ومولده فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة وأمّه صُبح جَارِيَة أم ولدٍ كَانَ قد ربّاها صِهر مُحَمَّد بن أبي عَامر وَكَانَت تعرفه ويعرفها فَمن هُنَا كَانَ ابْن أبي عَامر وَكيلا لابنها الْمُؤَيد هِشَام لحَدِيث يطول ذكره وَتَوَلَّى الحجوبيَّة لَهُ ثمَّ وثب على الْملك وأكفأهُ كَمَا يكفأ الْإِنَاء وَكَانَ الْمُؤَيد قدِعاً طاهرَ الثَّوْب متنزِّهاً عَن الرِيَب وَكَانَت فِيهِ غَفلَة وَصِحَّة مَذْهَب قَالَ ابْن حزم فِي كتاب الْملَل والنِّحَل أُنذِرنا الجَفَلى لحضور دَفن الْمُؤَيد هِشَام بن الحكم الْمُسْتَنْصر فرأيتُ أَنا وغيري نعشا وَفِيه شخصٌ مكفّنٌ وَقد شَاهد غسلَه رجلَانِ شَيْخَانِ جليلان حكمان من حكّام الْمُسلمين من عدُول الْقُضَاة فِي بَيت وخارج الْبَيْت أبي رَحمَه الله وَجَمَاعَة عُظَمَاء الْبَلَد ثمَّ صلّينا عَلَيْهِ فِي أُلُوف من النَّاس ثمَّ لم يليث الاشهوراً نَحْو التِّسْعَة حَتَّى ظهر حَيا وبويع بالخلافة ودخلتُ إِلَيْهِ أَنا وغيري وجلستُ بَين يَدَيْهِ وَبَقِي كَذَلِك ثَلَاثَة أَعْوَام غير شَهْرَيْن وأيّام حَتَّى لقد أدّى ذَلِك إِلَى تشويش جمَاعَة لَهُم عقول فِي ظَاهر الْأَمر إِلَى أَن ادَّعَوا حَيَاته إِلَى الْآن وَزَاد الْأَمر حَتَّى أظهرُوا بعد ثَلَاث وَعشْرين سنة من مَوته على الْحَقِيقَة إنْسَانا قَالُوا هُوَ هَذَا وسُفِكت بذلك الدِّمَاء وهُتِكت الأستار وأُخليت الديار وأُثيرت الْفِتَن انْتهى وَقَالَ صَاحب الرَيعان وَالريحَان فلمّا شَعرت الْعَامَّة بذلك يَعْنِي موت عبد الْملك بن الْحَاجِب مُحَمَّد بن أبي عَامر المسمَّى بالمنصور لأنّ أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن سمّه فِي نصف تفاحةٍ كَمَا تقدم فِي تَرْجَمَة عبد الْملك الْمَذْكُور قَالَ وَثَبت الْعَامَّة على عبد الرَّحْمَن فَقتله)
وثارت الْفِتَن بقرطبة الزَّانِيَة وَإِنَّمَا(27/204)
الزَّانِيَة لِأَنَّهَا لَا تصبر على واحدٍ وَقَامَ مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن النَّاصِر على العامرييّن ثمَّ قَامَ عَلَيْهِ سُلَيْمَان المستعين بن الحكم الملقب بالمهدي خنقاً وَدفن ونبش أَربع مرارٍ ذكر ذَلِك ابْن حَيَّان ثمَّ قَامَ عبد الرَّحْمَن المستظهر ثمَّ الْمُعْتَمد وَذَلِكَ كُله حول عَام أَرْبَعمِائَة فِي الْعشْر الَّتِي بعْدهَا وثار كلُّ والٍ فِي مَكَانَهُ وَظهر الْقَاسِم بن حمّود يزْعم أَنه من ولد فاطمةَ رَضِي الله عَنْهَا فثار على المستعين وادّعى أَنه عَهِد إِلَيْهِ هِشَام الْمُؤَيد
3 - (الْأَسدي الصَّحَابِيّ)
هِشَام بن حَكيم بن حزَام بن خُويلِد بن اسد بن عبد العُزَّى الْقرشِي الْأَسدي أسلم يَوْم الْفَتْح وَمَات قبل أَبِيه فِي حُدُود الْأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة وخيارهم يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ ويَنهَى عَن الْمُنكر وَهُوَ الَّذِي صارع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصرعه وَذكر مَالك أنّ عمر بن الْخطاب رَضِيَ الله عَنهُ كَانَ يَقُول إِذا بلغه أمرٌ يُنكِره أما مَا بقيتُ أَنا وَهِشَام بن حَكيِم فَلَا يكون ذَلِك وَقَالَ مَالك كَانَ هِشَام كالسائح لم يتّخِذ أَهلا وَلَا ولدا وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (الْأَزْرَق الدِّمَشْقِي)
هِشَام بن خَالِد الدِّمَشْقِي الْأَزْرَق روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجةَ وبَقِيّ بن مَخلدَ وَأَبُو زُرعة الرَّازِيّ وَغَيرهم وَتوفى سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (حفيد أنس)
هِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك روى عَن جدّه قَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلّهم
3 - (رَأس الرافضة)
هِشَام بن سالمٍ رَأس الْفرْقَة الهشامية من الرافضة الَّذين تقدم ذكرهم فِي تَرْجَمَة هِشَام بن الحكم كَانَ هشامٌ هَذَا مَعَ رَفضهِ مُفرِطاً فِي التجسيم والتشبيه لِأَنَّهُ زعم أنّ ربَّه على صُورَة الْإِنْسَان لكنّه قَالَ لَيْسَ بلحمٍ وَلَا دَمٍ بل نورٌ سَاطِع وَأَنه ذُو حواسٍّ كحواسّ الْإِنْسَان
3 - (الدّستُوائي)
هِشَام بن سَنبَر أبي عبد الله الدَستوائي الْبَصْرِيّ صَاحب البزّ والدستَواء قَرْيَة من أَعمال)
الأهواز ولد فِي حَيَاة الصَّحَابَة الصغار وَكَانَ من كبار الحفّاظ كَانَ يَقُول إِذا فقدتُ السِّراج ذكرتُ ظلمةَ الْقَبْر وَمَا زَالَ يبكي حَتَّى فَسدتْ عَيناهُ وَله مَنَاقِب(27/205)
جمّة لكنّه رُمِي بالقَدَر قَالَ ابْن سعد حجةٌ ثِقَة إِلَّا أَنه رُمِيَ بِالْقدرِ توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (أَخُو عَمْرو بن الْعَاصِ هِشَام بن وَائِل بن هِشَام بن سعيد بن سهم الْقرشِي السَّهمي أَخُو عَمرو)
بن الْعَاصِ كَانَ قديم الْإِسْلَام أسلم بِمَكَّة وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ قدم مكةَ حِين بلغه مهَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحبسه أَبوهُ وقومُه بِمَكَّة حَتَّى قدِم بعد الخندَق على رَسُول الله وَكَانَ أَصْغَر سِناً من أَخِيه عمرِو بن الْعَاصِ وَكَانَ فَاضلا خيرا سُئِل عَمْرو بن الْعَاصِ من أفضل أَنْت أَو أَخُوك هِشَام فَقَالَ أحدّثكم عنّي وَعنهُ أمّه بنت هِشَام بن الْمُغيرَة وَأمي سَبية وَكَانَ أحبَّ إِلَى أَبِيه منّي وتعرفون فراسة الْوَالِد فِي وَلَده واستبَقنا إِلَى الله فَسَبَقَنِي أمسك على السُّرَّة حَتَّى تطهّرت وتخبّطت وأمسكتُ عَلَيْهِ حَتَّى فعل ذَلِك ثمَّ عرَضنا أَنْفُسنَا على الله فَقبله وَتَرَكَنِي وقُتل هِشَام يَوْم أجنادين فِي خلَافَة أبي بكر سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَقيل إِنَّه استُشهد يَوْم اليرموك ضرب رجلا من غسّان فأبدى سحره قكرّت غَسَّان على هِشَام فضربوه بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى قَتَلُوهُ ووطئته الْخَيل حَتَّى كرّ عَمْرو فَجمع لَحْمه فدفنه وَقَالَ خَالِد بن مَعدان لما انْهَزَمت الرّوم يَوْم أجنادين انتهَوا إِلَى موضعٍ لَا يعبره إلاّ إنسانٌ إنسانٌ فَجعلت الرّوم تقَاتل عَلَيْهِ وَقد تقدموه وعبروه فَتقدم هِشَام بن الْعَاصِ فَقَاتلهُمْ حَتَّى قُتِل فَوَقع على تِلْكَ الثلمة فسدّها فَلَمَّا انْتهى الْمُسلمُونَ إِلَيْهَا هابوه أَن يُوطِئوه الْخَيل فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ أَيهَا النَّاس إِن الله قد استشَهَدَه وَرفع درجتَه وَإِنَّمَا هُوَ جُثّة فأوطئوه الْخَيل ثمَّ أوطأه هُوَ وَتَابعه النَّاس حَتَّى قطعوه فلمّا انْتَهَت الْهَزِيمَة وَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى الْعَسْكَر كرّ عَلَيْهِ عمرٌو فَجعل يجمع لَحْمه وعظامه وأعضائه وَحمله فِي نطعٍ وواراه وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبنا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ هِشَام وَعَمْرو رَوَاهُ مُحَمَّد بن عمرٍو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
3 - (المَخْزُومِي الصَّحَابِيّ)
هِشَام بن الْعَاصِ بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مخزومٍ الْقرشِي المَخْزُومِي هُوَ الَّذِي جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح فكشف عَن ظَهره وَوضع يَده على خَاتم النُّبُوَّة فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فأزالها ثمَّ ضرب فِي صَدره ثَلَاثًا)
وَقَالَ اللهمّ أذهب عَنهُ الغِل والحسد ثَلَاثًا وَكَانَ الأوقص وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن هِشَام بن يحيى بن هِشَام بن الْعَاصِ يَقُول نَحن أقلُّ أصحابِنا حسداً وقُتِل الْعَاصِ بن هِشَام أَبوهُ يَوْم بدرٍ كَافِرًا قَتلع عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ خالَه(27/206)
3 - (الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
هِشَام بن عَامر بن أميّة الحسحاس بن مَالك بن عَامر غنم بن عدي بن النجار الْأنْصَارِيّ كَانَ يسمّى فِي الْجَاهِلِيَّة شهاباً فغيّر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسمَه فسمّاه هشاماً واستُشهد أَبوهُ عَامر يَوْم أحد وَسكن هِشَام الْبَصْرَة وَمَات بهَا فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ)
هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم بن الْعَاصِ بن أُميَّة أَبُو الْوَلِيد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأمَوِي كَانَ يلقَّب السرّاق والمتفلت لِأَنَّهُ قطع عَطاء أهل الْمَدِينَة سنتَيْن ثمَّ أَعْطَاهُم قبل مَوته عَطاء وَاحِدًا فَسَموهُ المتفلت أمه أم هَاشم فَاطِمَة بنت هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم وَكَانَ أَبيض أَحول مسمَّناً طَويلا اكشفَ يخضِب بِالسَّوَادِ مولده سنة قُتل ابْن الزُّبير سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وَتُوفِّي بالرُّصافة من أَرض قنَّسرين لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لسِتّ خلون من شهر ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة وَله إِحْدَى وَسِتُّونَ سنة وَقيل ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة وَشهر وَصلى عَلَيْهِ ابْنه مسلمة بن هِشَام وبويع لَهُ لخمسٍ بَقينَ من شعْبَان سنة خمس وَمِائَة وَيُقَال بعد موت أَخِيه يزِيد بِخَمْسَة أَيَّام وبعهدٍ من أَخِيه مستهلّ شهر رَمَضَان بالرصافة وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ثَلَاث وَأَرْبَعين سنة وَكَانَت أَيَّامه تسع عشرَة سنة سَبْعَة أشهر وَهُوَ الَّذِي قتل زيد بن عَليّ بِالْكُوفَةِ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة وكاتبه سَالم مولى سعيد بن عبد الْملك وحاجبه غَالب بن مَسْعُود مَوْلَاهُ وَيُقَال غَالب بن مَنْصُور ونقشُ خاتمِه الحكمُ للحَكَم الحَكيم وَكَانَت دَاره عِنْد بَاب الخوّاصين الَّتِي بَعْضهَا الْآن الْمدرسَة النورية قَالَ مُصعب بن الزبير زَعَمُوا أَن عبد الْملك رأى فِي مَنَامه أَنه بَال فِي الْمِحْرَاب ارْبَعْ مَرَّات فدسّ من سَأَلَ سعيد بن المسيَّب وَكَانَ يعبر الرُّؤْيَا وعظمت على عبد الْملك فَقَالَ سعيد بن الْمسيب يملِك من وَلَده لصُلبه أربعةٌ فَكَانَ آخِرهم هِشَام وَكَانَ يجمع المَال ويوصَف بالحرص وببخل وَكَانَ حازماً عَاقِلا صَاحب سياسة حَسَنَة قَالَ أَبُو عُمير بن النحالي حدّثني أبي قَالَ كَانَ لَا يدْخل)
بَيت مَال هِشَام مالٌ حَتَّى يشْهد أَرْبَعُونَ قسّامةً لقد أَخذ من حقِّه وَلَقَد أُعطي لكل ذِي حقٍّ حقّه وَقيل إِنَّه مَا كَانَ أحدٌ من الْخُلَفَاء أكرهَ إِلَيْهِ الدِّمَاء وَلَا أشدَّ عَلَيْهِ من هشامٍ لقد دخله من مقتل زيد بن عَليّ وَيحيى بن زيد أمرٌ شَدِيد وَلَقَد ثقُل عَلَيْهِ خُرُوج زيد فَمَا كَانَ شَيْء حَتَّى أُتي إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ وصُلِب بدنه بِالْكُوفَةِ قَالَ الْوَاقِدِيّ فَلَمَّا ظهر بَنو الْعَبَّاس عَمَد عبد الله بن عَليّ فنبش هشاماً من قَبره وصلبه وَكَانَ هِشَام رجل بني أُميَّة حزماً ورأياً وتثبُتاً وَلما أَتَتْهُ الْخلَافَة سجد لله شُكراً وَرفع رَأسه فَوجدَ(27/207)
الأبرشَ الْكَلْبِيّ مَعَه فَقَالَ مَالك لم تسْجد معي فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رأيتُك قد رُفعتَ إِلَى السَّمَاء وَأَنا مُخلِدٌ إِلَى الأَرْض فَقَالَ أَرَيتُكَ إِن رَفعتُك معي أتسجد قَالَ الْآن طَابَ السُّجُود وَسجد فَأمر لَهُ بِالْإِحْسَانِ الْكثير وَأَن يكون جليسه طول مدَّته وَعُوتِبَ فِي شَأْنه وَقيل لَهُ مَا تجَالس من هَذَا الأبرشَ فَقَالَ حَظّي مِنْهُ عقله لَا وَجهه وَجمع من الْأَمْوَال مَا لم يجمعه خَليفَة قبله فَلَمَّا مَاتَ احتاط الْوَلِيد على كلّ مَا تَركه فَمَا غُسِّل وَلَا كُفِّن إلاّ بالقَرض وَالْعَارِية وَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه لَيْسَ لَهُ من الشّعْر سوى هَذَا الْبَيْت
(إِذا أَنْت لم تعصِ الْهوى قادَكَ الْهوى ... إِلَى كلّ مَا فِيهِ عَلَيْك مَقالُ)
وَنسب إِلَيْهِ ابْن المعتزّ أَيْضا
(ابلِغ أَبَا مروانَ عنّي رِسَالَة ... فَمَاذَا بعَيبٍ من وفاءٍ وَمن صَبرِ)
(وَنحن كَفيناك الأُمورَ كَمَا كفى ... أَبوك أَبَانَا الأمرَ فِي سالف الدَّهر)
وَعزا إِلَيْهِ أَيْضا
(ابلغ أَبَا وهبٍ مَا لقِيتهُ ... فَإنَّك شرُّ النَّاس غيباً لصاحبِ)
(تبدّى لَهُ بِشرا إِذا مَا لقِيتَه ... وتَلسَعُه بالغَيب لَسعَ العقارب)
قيل وَمن بُخله أنّه رأى بعض أَوْلَاده وبثوبه خَرق فَقَالَ لَهُ عزمتُ عَلَيْك إلاّ مَا رفأتَه وتمثل بقول الْقَائِل
(قليلُ المالِ تُصلِحه فيَبقى ... وَلَا يبْقى الكثيرُ مَعَ الْفساد)
3 - (ابْن الصَّابُونِي القُرطُبي)
هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو الْوَلِيد ابْن الصَّابُونِي القُرطبي لَهُ كتاب فِي تَفْسِير البخاريّ على حُرُوف المعجم كثير الْفَائِدَة توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (صَاحب الأندلس)
)
هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة تقدم تَمام نسبه فِي ذكر عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة وَالِده فِي حرف الْعين بُويع لَهُ بعد سِتَّة أيّام من وَفَاة أَبِيه سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة وَتُوفِّي فِي صفر سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة فَكَانَت خِلَافَته سبع سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ ابْن تسع وَثَلَاثِينَ سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام وَدفن فِي الْقصر وَصلى عَلَيْهِ ابْنه الحكم الْمَذْكُور فِي حرف الْحَاء وعدَّه مُلُوك الأندلس من بني أُميَّة أَرْبَعَة عشر(27/208)
على عدد أسلافهم وَمُدَّة ملكهم مِائَتَان وَثَمَانُونَ سنة فأولهم عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة وَالِد هِشَام هَذَا أَقَامَ فِي الْأَمر ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة ثمَّ وَلِيَ ابْنه هِشَام هَذَا وَكَانَت ولَايَته سبع سِنِين ثمَّ ولي ابْنه الحكم بن هشامٍ بعده وَأقَام سبعا وَعشْرين سنة ثمَّ ولي ابْنه عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن وَأقَام فِي الْأَمر اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَت وَفَاته فِي أَيَّام المتَوَكل ثمَّ ولى ابْنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن فَأَقَامَ فِي الْأَمر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَتُوفِّي أَيَّام الْمُعْتَمد ثمَّ ولي ابْنه الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن هِشَام فَأَقَامَ سنتَيْن وَتُوفِّي أَيَّام الْمُعْتَمد وَلم يكن لَهُ ولد وانقرض نَسْله ثمَّ ولي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن أَخُو الْمُنْذر فَأَقَامَ خمْسا وَعشْرين سنة ثمَّ ولي ابْنه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن فَأَقَامَ فِي الْأَمر خمسين سنة وَتُوفِّي زمن الْمُطِيع ثمَّ ولي بعده الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن وَأقَام فِي الْأَمر خمس عشرَة سنة وَتُوفِّي فِي أَيَّام الطائع ثمَّ ولي ابْنه هِشَام بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن فَأَقَامَ فِي الْأَمر تسعا وَثَلَاثِينَ سنة وَمَات فِي أَيَّام الْقَادِر وَكَانَ قد غلب عَلَيْهِ مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن الملقّب بالناصر ولقب مُحَمَّد نفسَه الْمهْدي ثمَّ قوي عَلَيْهِ سُلَيْمَان بن الحكم ثمَّ إِن مُحَمَّد بن هِشَام هرب إِلَى الشرق ثمَّ قَتله سُلَيْمَان وَولي هِشَام بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن بن هِشَام وَكَانَ هِشَام بن عبد الرَّحْمَن من خِيَار خلفاء الْمغرب صَاحب زهدٍ ونُسك وَكَانَ أبيضَ مُشرباً حُمرةً بِعَيْنيهِ حَوَلٌ وَسيرَته مُطَوَّلَة فِي كتاب المقتبس
3 - (صَاحب الخضراء)
هِشَام بن عُبيد الله بن النَّاصِر لدين الله الْأَمِير أَبُو الْوَلِيد الْأمَوِي الأندلسي ويُعرف بِصَاحِب)
الخضراء قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ خير من بَقِي من أهل بَيت الْخلَافَة عفافاً ومروءةً وسخاءً إِلَى أدبٍ ومعرفةٍ وجَمعٍ للكتب توفّي سنة أَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو الْوَلِيد الطيالِسي)
هِشَام بن عبد الْملك الإِمَام أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ مولى باهِلة ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى الباقُون عَن رجل عَنهُ(27/209)
وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن رجل عَنهُ وَإِسْحَاق بن راهوَيه وَإِسْحَاق الكَوسَج والدارمي قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل أَبُو الْوَلِيد الْيَوْم شيخ الْإِسْلَام مَا أُقَدِّم اليومَ عَلَيْهِ أحدا وَقَالَ أَبُو زُرعة أدْرك ابو الْوَلِيد نصفَ الْإِسْلَام عَاشَ أَرْبعا وَتِسْعين سنة
3 - (أَبُو التُقى الحِمصي)
هِشَام بن عبد الْملك بن عِمرانَ أَبُو التُقى اليَزَني الْحِمصِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ مُتقِناً للْحَدِيث وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْمُنْذر)
هِشَام بن عُروة بن الزُبير بن الْعَوام المَدني أَبُو المنذرأحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام روى عَن عَمه عبد الله بن الزبير وَأَبِيهِ وأخوَيه وَغَيرهم قَالَ ابْن سعد كَانَ ثبتاً ثِقَة كثير الحَدِيث حجّة وَقَالَ ابو حَاتِم ثِقَة إمامٌ فِي الحَدِيث وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن خِراش بَلغنِي أَن مَالِكًا نقَم على هِشَام بن عُرْوَة حديثَه لأهل الْعرَاق وَرَأى جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَأنس بن مَالك وَسَهل بن سعد وَقيل إِنَّه رأى ابْن عمر وَلم يسمع مِنْهُ وروى عَنهُ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك بن أنس وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَابْن جُريح وَعبيد الله بن عمر وَاللَّيْث بن سعد وسُفْيَان بن عُيَينة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان ووكيعٌ وَغَيرهم وَقدم الْكُوفَة أَيَّام الْمَنْصُور وَسمع مِنْهُ الكوفيّون ورُوي أَنه دخل على الْمَنْصُور فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقضِ عني دَيني فَقَالَ وَكم دَينك فَقَالَ مائَة ألف فَقَالَ وَأَنت فِي فقهك وفضلك تَأْخُذ دَيناً مائَة ألفٍ لَيْسَ عنْدك قَضَاؤُهَا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شبَّ فتيانٌ من قَومنَا فأحببتُ أَن ابوِّئهم وخشيتُ أَن يُنشَر عليّ من أَمرهم مَا أكرهه فبوّاتُهم واتخذت لَهُم منَازِل وأولمتُ عَنْهُم ثِقَة بِاللَّه وبأمير الْمُؤمنِينَ قَالَ فردّد عَلَيْهِ مائةَ ألفٍ مائةَ ألفٍ استعظاماً لَهَا ثمَّ قَالَ قد امرنا لَك بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَعْطِنِي مَا أعطيتَ وَأَنت طيّب النَّفس فَإِنِّي سَمِعت أبي يحدث عَن رَسُول الله)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أعْطى عطيَّةً وَهُوَ بهَا طيّب النَّفس بُورِكَ للمُعطى والمُعطى لَهُ قَالَ فَإِنِّي بهَا طيّب النَّفس وأهوى إِلَى يَد الْمَنْصُور فقبلها بفمه فَمَنعه وَقَالَ يَا ابْن عُروة إِنَّا نُكرِمُك عَنْهَا ونكرِمها عَن غَيْرك وَدخل يَوْمًا على الْمَنْصُور فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْمُنْذر تّذكُر يَوْمًا دخلتُ عَلَيْك أَنا وإخوتي الخلائف وَأَنت تشرب تسويقاً بقصبة يَراعٍ فَلَمَّا خرجنَا من عنْدك قَالَ لنا أَبونَا اعرفوا لهَذَا الشَّيْخ حقَّهُ فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي قومكم بقيةٌ مَا بَقِي قَالَ لَا أذكر ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا خرج من عِنْده قيل لَهُ(27/210)