(فيا لَيْت إِن لم يجمع الله بَيْننَا ... سَمِعت بشيراً لي بموتي مناديا)
قلت شعر نَازل على لحنة فِيهِ
3 - (ابْن الشطوي)
عبد القاهر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى الْوَكِيل أَبُو الْفتُوح الْمَعْرُوف بِابْن الشطوي وَكَانَ جده لأمه كَانَ فَاضلا شَاعِرًا قيل إِنَّه كَانَ حفظ ديوَان المتنبي وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي السعادات ابْن الشجري قَالَ ابْن الْبَنْدَنِيجِيّ كَانَ رَافِضِيًّا معتزلياً ابْن ملاعنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس ماية
3 - (مخلص الدّين الْعقيلِيّ الْحلَبِي)
عبد القاهر بن عَليّ ابْن أبي جَرَادَة الْأمين مخلص الدّين الْعقيلِيّ الْحلِيّ نَاظر خزانَة الْملك نور الدّين بحلب كَانَ خيرا كَاتبا بليغاً لَهُ النّظم والنثر يتوقد ذكاء
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس ماية
3 - (القَاضِي الْجِرْجَانِيّ الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ)
عبد القاهر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو بكر الْجِرْجَانِيّ النَّحْوِيّ الْمَشْهُور أَخذ النَّحْو بجرجان عَن أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحسن الْفَارِسِي كَانَ من كبار أَئِمَّة الْعَرَبيَّة صنف الْمُغنِي فِي شرح الْإِيضَاح فِي نَحْو ثَلَاثِينَ مجلداً والمقتصد فِي شرح الصَّغِير وَكتاب تَتِمَّة الْعرُوض والعوامل الماية والمفتاح وَشرح الْفَاتِحَة فِي مُجَلد وَله الْعُمْدَة فِي التصريف والجمل وَالتَّلْخِيص شَرحه وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب أشعري الْأُصُول مَعَ دين وَسُكُون وَله شعر جيد توفّي سنة)
إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبع ماية وَمن شعره
(لَا يوحشنك أَنهم مَا ارتاحوا ... مِمَّا جلاه عَلَيْهِم المداح)(19/34)
(فهم كقوم علقت بإزائهم ... بيض المرايا وَالْوُجُوه قباح)
وَمِنْه
(لَا تأمن النفشة من شَاعِر ... مَا دَامَ حَيا سالما ناطقا)
(فَإِن من يمدحكم كَاذِبًا ... يحسن أَن يهجوكم صَادِقا)
وَمِنْه
(كبر على الْعقل لَا ترمه ... ومل إِلَى الْجَهْل ميل هائم)
(وَكن حمارا تعش بِخَير ... فالسعد فِي طالع الْبَهَائِم)
وَمِنْه
(أرخ بإثنين وخمسينا ... فليت شعري مَا قضى فِينَا)
(نسر بالحول إِذا مَا انْقَضى ... وَفِي تقضيه تقضينا)
وَمِنْه
(وَمَا لَك مطمع فِي الْمَرْء إِلَّا ... إِذا مَا أنكر الْأَمر القبيحا)
(فَأَما وَهُوَ يجهل بَين قبح ... وَبَين الْحسن فرقاناً صَحِيحا)
(فَإنَّك فِي رَجَاء الْخَيْر مِنْهُ ... بأجواز الفلاة تكيل ريحًا)
3 - (زين الدّين أَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِي)
عبد القاهر بن الْحسن بن عبد القاهر بن ثُمَامَة بن الْحُسَيْن بن شُجَاع ابْن المطهر أَبُو الْقَاسِم الْكَلْبِيّ الدِّمَشْقِي
نقلت من خطّ القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ الْفَقِيه زين الدّين جمال الأدباء أَبُو الْقَاسِم عبد القاهر بن الْحسن رَحمَه الله لنَفسِهِ
(يَا من سما فَوق الْعلَا بِعِلْمِهِ ... أفديه من صدر عليم سَام)
(يَا فضل الْفُضَلَاء بل يَا أُفٍّ ... صَحَّ الفصحاء بل يَا قدوة الْإِسْلَام)
(أأبا المحامد يَا ابْن حَامِد الَّذِي ... هُوَ وَحده فِي الشَّام صدر الشَّام)(19/35)
(عودتني من فيض فضلك عَادَة ... كرماً وإكراماً على إكرام)
)
(أخرت عني مَا يعد وَإِن يكن ... قلاً أجل من وافر الإنعام)
وَقَالَ القوصي كَانَ علما عَارِفًا بِالشُّرُوطِ الْجَارِيَة على وفْق الشَّرْع المطهر إِلَّا أَنه كَانَ بالشعر للإكثار مِنْهُ أشهر وَتَوَلَّى فِي صدر عمره بحوران ديوَان زرع وَمَا سلم من آفَات الخدم السُّلْطَانِيَّة
وَتُوفِّي بحماه سنة أَرْبَعِينَ وست ماية قلت إِلَّا أَن شعره نَازل
3 - (الوأواء الْحلَبِي)
عبد القاهر بن عبد الله بن الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بالوأواء الْحلَبِي أَبُو الْفرج الشَّيْبَانِيّ النَّحْوِيّ الشَّاعِر أَصله من بزاعة وَنَشَأ بحلب وتأدب بهَا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس ماية
تردد إِلَى دمشق غير مرّة وأقرأ بهَا النَّحْو وَكَانَ حاذقاً فِيهِ ومدح جمَاعَة من الأكابر وَتُوفِّي بحلب وَشرح ديوَان المتنبي وَمن شعره
(أخافوا أَنهم بانوا ... وهم فِي الْقلب سكان)
(تولى النّوم إِذْ ولوا ... وَكَانَ الْعَيْش إِذْ كَانُوا)
(أناديهم وَقد خفوا ... ودمع الْعين هتان)
(أحب الغيد أحباب ... وخان الْعَهْد إخْوَان)
(وأغيد فاتن الألحا ... ظ صَاح وَهُوَ نشوان)
(وريان من الْحسن ... إِلَى الْأَنْفس ظمآن)
(إِذا لَاحَ فَمَا الْبَدْر ... إِن مَاس فَمَا البان)
وَمِنْه فِي مناظر ماكر
(طَال فكري فِي جهول ... وضميري فِيهِ حائر)(19/36)
(يَسْتَفِيد القَوْل مني ... وَهُوَ فِي زِيّ مناظر)
قلت هَذَا المناظر بِخِلَاف مناظر ابْن حجاج لِأَنَّهُ غلب مَعَ ابْن حجاج حَيْثُ قَالَ
(ورقيعٍ أَرَادَ أَن يعرف النح ... وبزي الْعيار لَا المستفتي)
(قَالَ لي لست تعرف النَّحْو مثلي ... قلت سلني عَنهُ أجب فِي الْوَقْت)
(قَالَ مَا الْمُبْتَدَأ وَمَا الْخَبَر الْمَجْرُور أخبر ... فَقلت ذقنك فِي استي)
3 - (الْخَطِيب ابْن تَيْمِية)
)
عبد القاهر بن عبد الْغَنِيّ الشَّيْخ فَخر الدّين أَبُو الْفرج ابْن الْخَطِيب سيف الدّين ابْن الْخَطِيب فَخر الدّين مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم ابْن تَيْمِية الْحَرَّانِي
ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وست ماية
وَسمع من جده وَمن ابْن اللتي وَغَيرهمَا وخطب بجماع حران وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَكَانَ دينا عَالما جَلِيلًا فَاضلا
3 - (الشريف الْمُقْرِئ)
عبد القاهر بن عبد السَّلَام بن عَليّ أَبُو الْفضل العباسي الشريف النَّقِيب الْمَكِّيّ الْمُقْرِئ
توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع ماية
3 - (القَاضِي جمال الدّين التبريزي)
عبد القاهر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن مُوسَى القَاضِي الْخَطِيب جمال الدّين أَبُو بكر البُخَارِيّ ثمَّ التبريزي ثمَّ الْحَرَّانِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي
مولده فِي نصف شعْبَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وست ماية بحران وَنَشَأ واشتغل بِدِمَشْق وتفقه
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فِيمَا ذاكرني بِهِ قَالَ مَاتَت أُمِّي بنت عشْرين سنة وَكَانَ أبي تَاجِرًا ذَا مَال فَقدم بِي إِلَى دمشق وَأَنا ابْن سِتّ سِنِين فَمَاتَ وكفلني عمي عبد الْخَالِق(19/37)
وَرجع بِي إِلَى حران وَبَاعَ أملاكنا بِثَمَانِينَ ألفا ورد بِي ثمَّ قَالَ لي يَوْمًا إمض بِنَا فَمضى بِنَا نَحْو ميدان الْحَصَا وعرج بِي فَوَثَبَ عَليّ فخنقني فغشيت فَرَمَانِي فِي حُفْرَة وطم عَليّ الْمدر وَالْحِجَارَة فأبقى كَذَلِك أَرْبَعَة أَيَّام فَمر رجل صَالح كَانَ برباط الإسكاف عَرفته بعد ثَلَاثِينَ سنة فبكر يَتْلُو وَمر بجسر ابْن سواس ثمَّ إِلَى القطائع فَجَلَسَ يَبُول وَكنت أحك رجْلي فَرَأى الْمدر يَتَحَرَّك فَظَنهُ حَيَّة فَقلب حجرا فبدت رجْلي من خف بلغاري فاستخرجني فَقُمْت أعدو إِلَى المَاء فَشَرِبت من شدَّة عطشي وَوجدت فِي خاصرتي فزراً من الْحِجَارَة وَفِي رَأْسِي فتحا ثمَّ أَرَانِي القَاضِي أثر ذَلِك فِي كشحه وَوضع أصابعي على جورة فِي رَأْسِي تسع باقلاه قَالَ وَدخلت الْبَلَد إِلَى إِنْسَان أعرفهُ فَمضى بِي إِلَى ابْن عَم لنا وَهُوَ الصَّدْر الخجندي وَكَانَ متخفياً بالصالحية وَله غلامان ينسخان ويطعمانه اختفى لأمور بَدَت مِنْهُ أَيَّام هولاكو وَكتب معي ورقة إِلَى نِسَائِهِ بِالْبَلَدِ وَكَانَت بنته سِتّ الْبَهَاء الَّتِي تزوج بهَا الشَّيْخ زين الدّين ابْن المنجا وَمَاتَتْ مَعَه هِيَ أُخْتِي من الرضَاعَة فأقمت عِنْدهن مُدَّة لَا أخرج حَتَّى بلغت وحفظت الْقُرْآن)
بِمَسْجِد الزلاقة فمررت يَوْمًا بالديماس فَإِذا بعمي فَقَالَ هاه جمال إمش بِنَا إِلَى الْبَيْت فَمَا كَلمته وتغيرت وَمَعِي رفيقان فَقَالَا لي مَا بك فَسكت وأسرعت ثمَّ رَأَيْته مرّة أُخْرَى بالجامع
فَأخذ أَمْوَالِي وَذهب إِلَى الْيمن وَتقدم عِنْد ملكهَا ووزر وَمَات عَن أَوْلَاد وجودت الختمة على الزواوي تفقهت على النَّجْم الموغاني وترددت إِلَى الشَّيْخ تَاج الدّين وتفقهت بِابْن جمَاعَة وقرأت عَلَيْهِ مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب وعَلى الْفَزارِيّ ثمَّ وليت الْقَضَاء من جِهَة ابْن الصَّائِغ وَغَيره وَنبت يَوْمًا بِجَامِع دمشق عَن ابْن جمَاعَة فَقيل لَهُ إِن داوم هَذَا رحلت الخطابة مِنْك يَعْنِي لحسن أَدَائِهِ وهيئته وجالسته مَرَّات وَكَانَ يروي عَن الشَّيْخ مجد الدّين ابْن الظهير قصيدته الَّتِي أَولهَا كل حَيّ إِلَى الْمَمَات مآبه إنتهى مَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين
قلت هَذَا القَاضِي جمال الدّين جَاءَ إِلَيْنَا إِلَى صفد قَاضِيا من جِهَة جمال الدّين الزرعي وَأقَام أشهراً فَلَمَّا ولي الْقَضَاء القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي عَزله وَتوجه إِلَى مصر مَعَ ابْن جمَاعَة فولاه قَضَاء دمياط فَلَمَّا ولي القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي إِلَى الديار المصرية عَزله ثمَّ إِنَّه توصل وَدخل عَلَيْهِ فولاه ثمَّ عَزله وَقرر لَهُ مُرَتبا يَأْخُذهُ وَلَا يتَوَلَّى الْأَحْكَام فَكنت كثيرا مَا أرَاهُ فيشكو إِلَيّ بِالْقَاهِرَةِ حَاله وإعراض القَاضِي جلال الدّين(19/38)
عَنهُ فَلَمَّا توجه إِلَى الشَّام وَتَوَلَّى قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين ابْن جمَاعَة ولاه قَضَاء دمياط لم يزل بهَا حَاكما إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وَسبع ماية وَولي قَضَاء عجلون فِيمَا أَظن أَو الخطابة وَقَضَاء سلمية وَغير ذَلِك وَكَانَ فصيح الْعبارَة مليح الشكل أَحْمَر الْوَجْه مستديره موجناً منور الشيبة عذب الْكَلَام ينظم نظماً عذباً منسجماً فِيهِ بعض شَيْء من اللّحن الْخَفي جدا وَعمل مجلدة فِي الْخطب وسمها بتحفة الألباء فقرأتها عَلَيْهِ بصفد جَمْعَاء وأجازني جَمِيع مَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ وَفِي هَذِه الْخطب مَوَاضِع خَارِجَة جَمْعَاء وأجازني جَمِيع مَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ وَفِي هَذِه الْخطب مَوَاضِع خَارِجَة عَن الصَّوَاب من اللّحن الْخَفي فَكتبت أَنا عَلَيْهَا طبقَة وَصورتهَا قَرَأت هَذِه الْخطب المسردة على حُرُوف المعجم من أَولهَا إِلَى آخرهَا على مصنفها وكاتبها الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى القَاضِي جمال الدّين عبد القاهر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد التبريزي الشَّافِعِي الْحَاكِم بصفد المحروسة لَا زَالَت الطروس توشى وتوشع بِكَلَامِهِ وأقلامه وترصف وترصع بِحكمِهِ وَأَحْكَامه ومحاسن أَيَّامه ولياليه تنشى وتنشد ودرر نثره ونظامه تنظم وتنضد قِرَاءَة من غاص اللجة من بَحر حبرها وَعلم قيمَة الْمُنْتَقى والمنتقد من دراريها)
ودرها واستشف مَعَانِيهَا المجلوة فِي حبر حبرها وَصدق معجز آياتها وَمَا شكّ فِي خبر خَبَرهَا واستجلى وُجُوه عربها وتوجيه إعرابها وَتحقّق أَن القرائح مَا لَهَا طَاقَة على مثلهَا فِي بَابهَا وتنزه فِي حدائقها الَّتِي ضربت عَلَيْهَا أرواق الأوراق واجتلى أبكارها الغر فَكَانَت حَقِيقَة فتْنَة العشاق فسرحت سوام الطّرف فِيمَا أرضاه من روضاتها ورشفت قطر البلاغة مِمَّا زهي من زهراتها
(وتشنفت أُذُنِي بلؤلؤ لَفظهَا ... وتنزهت عَيْنَايَ فِي جناتها)
(وتأملت أفهامنا فتمايلت ... بترشف الصَّهْبَاء من كاساتها)
(فَكَأَن همز سطورها بطروسها ... ورق على الأغصان من ألفاتها)
(وَكَأَنَّهَا وجنات غيد نقطها ... خَال على الأصداغ من جيماتها)
(لله مَا أطرى وأطرب مَا أَتَى ... فِي هَذِه الأوراق من سجعاتها)
(لَا غرو أَن عقدت لِسَان أولي النهى ... عَن مثلهَا بِالسحرِ من كلماتها)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ بصفد سنة أَربع وَعشْرين وَسبع ماية فِي الشبابة
(وناطقة بأفواه ثَمَان ... تميل بعقل ذِي اللب الْعَفِيف)
(لكل فَم لِسَان مستعار ... يُخَالف بَين تقطيع الْحُرُوف)
(تخاطبنا بِلَفْظ لَا يعيه ... سوى من كَانَ ذَا طبع لطيف)
(فضيحة عاشق ونديم رَاع ... وَعزة موكب ومدام صوفي)(19/39)
قلت ظرف فِي قَوْله ومدام صوفي وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ قَالَ حضرت صُحْبَة الْملك الظَّاهِر بيبرس حِصَار قلعة صفد فصنعت هَذِه الأبيات
(إِذا القلعة الشماء باتت حَصِينَة ... وَبَات على أقطارها الْقَوْم رصدا)
(ترى منجنيقاً يذهب الْعقل حسه ... يغادرهم بَين الأسرة همدا)
(إِذا مَا أَرَاهَا السهْم مِنْهُ رُكُوعه ... تَخِر لَهُ أَعلَى الشراريف سجدا)
وأنشدني الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(جَاءَت تهز اختيالاً ... قد الْقَضِيب الْمُنعم)
(تجر إِثْر خطاها ... أذيال مرط مسهم)
(قد أنجد الردف والخص ... ر غَار لطفاً وأتهم)
)
(يَا وَيْح خصر شقي ... من جور ردف منعم)
(وَبَات بَدْرِي بصدري ... حَتَّى إِذا الصُّبْح أنجم)
(ودعته وَهُوَ يبكي ... ويمزج الدمع بِالدَّمِ)
(فِي موقف لَو تَرَانَا ... لَكُنْت ترثي وترحم)
3 - (خصا الْبَغْل)
عبد القاهر بن المهنا التنوخي الْمَعْرُوف بخصا الْبَغْل المعري قَالَ كنت بحماه فَأتيت إِلَى رجل يعرف بالحكيم أبي الْخَيْر فصادفت عِنْده رجلا يعرف بالسديد فطلبت مِنْهُ برنية ورد مربى فَقَالَ لي لَا أدفَع لَك شَيْئا حَتَّى نعمل فِي شعرًا فَقلت لَهُ أما الْمَدْح فَلَا يستطيعه فِيك أحد وَأما إِن شِئْت هجاء فَنعم فَقَالَ بل هجاء فصنعت
(أَبُو الْخَيْر أَبُو الْخَيْر ... فَلَا خير وَلَا مير)
(ضئيل ناحل الْجِسْم ... وَلَكِن كُله أير)
فَقَالَ واصنع فِي الْحَكِيم السديد وَكَانَ كَبِير الْأنف فَقلت(19/40)
(كَمَا أَن سديد الدّين ... أنف بس لَا غير)
(ترَاهُ بَين فَخذيهِ ... كُنَّا قَوس على دير)
فَقَالَ وَأَنت أَيْضا فَقلت
(فَخذهَا من خصي الْبَغْل ... كَمثل الْبَرْق فِي السّير)
روى عَنهُ أَبُو البركات الْعَبَّاس بن عبد الله العباسي الْحلَبِي الْكَاتِب هَذِه الْحِكَايَة وَرَوَاهَا عَن أبي البركات عَليّ بن ظافر
3 - (المعري)
عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر بن علوي بن المهنا قد تقدم ذكر جده عبد القاهر بن المهنا المعري قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب شَاب لَقيته بحماه وأنشدني لنَفسِهِ معمى فِي الدواة
(وَمَا أم يُجَامِعهَا بنوها ... جهاراً فَهِيَ حاملة عقيم)
(ترى أَوْلَادهَا فِيهَا رقوداً ... يضم عَلَيْهِم رحم رَحِيم)
(تصان عَن الغبي الْغمر ضناً ... بهَا وينالها النّدب الْكَرِيم)
وَقَوله)
(يلومني اللائم فِي ال ... حب على أَن أَنْتَهِي)
(وَفِي فُؤَادِي حسرة ... لفرط وجدي أَنْت هِيَ)
وَقَوله
(لهفي على مهفهف يث ... نيه دلّ وصبا)
(أَصبَحت بعد بَينه ... صبا كثيباً وصبا)
(مَال فُؤَادِي فِي الْهوى ... إِلَيْهِ عمدا وصبا)
(يحنو إِلَيْهِ كلما ... هبت جنوب وَصِيّا)(19/41)
(عبد القدوس)
3 - (الْبَصْرِيّ)
عبد القدوس بن مُحَمَّد بن عبد الْكَبِير الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ والتِّرمذي والنَّسائي وَابْن مَاجَه
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْخَولَانِيّ الْحِمصِي)
عبد القدوس بن الْحجَّاج الْخَولَانِيّ الْحِمصِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى الْبَاقُونَ عَن رجل عَنهُ كَانَ من ثِقَات الشاميين ومسنديهم صلى عَلَيْهِ أَحْمد ابْن حَنْبَل وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة ومايتين
(عبد الْقوي)
3 - (حفيد أبي الْعَتَاهِيَة عبد الْقوي)
عبد الْقوي بن مُحَمَّد ابْن أبي الْعَتَاهِيَة إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم أَبُو سُوَيْد الشَّاعِر ابْن الشَّاعِر ابْن الشَّاعِر وَهُوَ أَخُو عبد الله ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست وَذكر أَن مِقْدَار شعره خَمْسُونَ ورقة
3 - (الأسعد ابْن القَاضِي الجليس)
عبد الْقوي بن عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن(19/42)
عبد الله بن حُسَيْن القَاضِي الأسعد أَبُو البركات ابْن القَاضِي الجليس أبي الْمَعَالِي التَّمِيمِي السَّعْدِيّ الأغلبي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمعدل من بَيت السؤدد وَالْكَرم وَالْفضل والتقدم والرياسة ولي من أُمُور المملكة ولايات أبان فِيهَا عَن أَمَانَة سمع وروى
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست ماية
3 - (نجم الدّين الطوفي الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْقوي بن عبد الْكَرِيم الْقَرَافِيّ الْحَنْبَلِيّ نجم الدّين الرافضي لَهُ مُصَنف فِي أصُول الْفِقْه ونظم كثير وعزر على الرَّفْض بِالْقَاهِرَةِ
وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وَسبع ماية
وَهُوَ الْقَائِل فِي نَفسه
(حنبلي رَافِضِي ظاهري أش ... عري هَذِه إِحْدَى الْكبر)
وَكَانَ تعزيره على قَوْله
(كم بَين من شكّ فِي خِلَافَته ... وَبَين من قيل إِنَّه الله)
وَكَانَت وَفَاته بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل إِنَّه تَابَ آخرا من الهجاء والرفض
3 - (النوشاذر)
عبد الْقوي الْمَعْرُوف بالنشاذر صَاحب أبي الْحسن عَليّ الحصري الْمَعْرُوف بالقوسان وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه كَانَا يتجاريان فِي ميدان الخلاعة ويتجاذبان أَعِنَّة المجون وينظمان البلاليق المطبوعة الظريفة الحلوة الرشيقة وَلَهُمَا أمداح كَثِيرَة فِي الْعَزِيز ابْن صَلَاح الدّين وَأَوْلَاد الْعَادِل وَمن بلاليق النشاذر الْمَذْكُور)
(أَصبَحت مَكْشُوف الليه ... مَا نمتلك غير خصويه)
لَا ثوب عِنْدِي لَا منديل وَلَا قماش غير ذَا الكريل(19/43)
(قايم بِحَال زلومة فيل ... على دماغه كرزيه)
باشين منوا اذا توتر وأزبد وَقَامَ ذَاك الْأَعْوَر
(يحمل بِحَال حملات عنتر ... وطعنته كالديويه)
أَقرع وَفِي راسو حزه ترَاهُ بِحَال عنق الوزة
(مَا يرغب إِلَّا فِي الحزة ... مخروط بِحَال الكميه)
ترَاهُ على بيضو يلبد إِذا رأى الثقبة يُزْبِد
(وَالنَّار من راسو تزند ... فَقير وَنَفسه جبريه)
ترَاهُ مكعك كالثعبان على الْحَصَا نايم عُرْيَان
(إِذا سمع حس المردان ... يقفز وينفخ كالحيه)
ترَاهُ على بَاب المفسا يدْخل بِحَال فرخ العرسا
(والخصوتين خَلفه مرقا ... خجل على الْبَاب مرخيه)
نوصيك منو لَا تسمع وَالْخَيْر معو احذر تزرع
(فِيهِ عاهتين أَعور أَقرع ... الْغدر شانه والسيه)
لما رَأَيْت الدَّهْر ادبر وَالْقلب مني مَا يصبر
(مدحت من يُعْطي الْأَكْثَر ... وَيعْتَذر بعد الميه)
)
وَمِنْهَا يهجو أم أَحْمد صهيون
(لي زب أَحمَق يتمرد ... من هيبتو تخرا ام احْمَد)
ترَاهُ يرْكض فِي الأسحار رَاكب على خرجه سفار
(كَأَنَّهُ الْوَالِي الدوار ... رَاكب جواد خصويه مُعْتَد)(19/44)
زنديق فِي فعله مَا رد رَاكِع إِلَى الفقحه ساجد
(ترَاهُ فِي زِيّ العابد ... قايم وَفِي وَسطه مزود)
اي زب من خس الْفجار مَا يسكن إِلَّا فِي الْأَحْجَار
(ترَاهُ يخيس مثل الفار ... رأى القط الْأسود)
غليظ طَوِيل عينه عورا أصلع مُفلس لَهُ قورا
(يَا شين من ذيك الصورا ... إِذا نفخ قحفه وامتد)
قَالَت حرَام انك مَجْنُون تخيفني وَأَنا صهيون
(اعْمَلْ على راسو الصابون ... واعطيه لي وانا أتجلد)
(دورتها ... كالدوامه)
وَقمت ايري كالهامه
(صَارَت عَلَيْهِ كالعوامه ... تسبح وَمَا تبلغ مقصد)
قَالَت لي لبد غرمولك وَقل عني من كيلك
(قطعت كَبِدِي واويلك ... مِثَال زبك مَا يُوجد)
هَذَا وإنتي قواده قحبة وَهَذَا لَك عَاده)
(أيش ذَا الخشاف عِنْدِي زَاده ... قَوْلك محَال وَإِلَّا من جده)
قَالَت ترى عقلك مبطول كسي مراح أَو مخزن فول
(لَو رمت ترخي ذَا المخذول ... على حِجَارَة سور انهد)
أيش ذَا التخوف والرعده وَالله لقد ريتي شده
(فِي الْحَال حطيتي الْعدة ... لما رَأَيْتِيه قَامَ وامتد)
قَامَت تهلل بالتصفيق(19/45)
وَهِي تفرق لي تَفْرِيق
(قَالَت لزبك عِنْدِي ريق ... إِذا بلعته مَا يُوجد)
أَنا الْعَجُوز أم الْبُهْتَان كسي تربى فِي الْعِصْيَان
(مَعَ الْمَشَايِخ ولاصبيان ... وَفِي السحاق دايم سرمد)
أم الخبايث قد سميت وَفِي المناجس قد ربيت
(فِي النَّار لَو أَنِّي القيت ... كَانَت بقول سحرِي تخمد)
أَنا الَّذِي سميت تَنْزِيل وَأَنا الْعَجُوز أم التخييل
(بَين الْبَغْل أجمع والفيل ... وأسوقهم من غير مقود)
فِي السحق علمت الأكساس وَفِي اللواط دبري برجاس
(وَفِي القيادة ففت النَّاس ... ولي ثَنَا أعطر من ند)
كل الْإِمَارَة لي خدام والدهر طزعي وَالْأَيَّام
(بمدحتي سُلْطَان الشَّام ... العالي الْقدر الأمجد)
)
وَمِنْهَا أيضاُ قَوْله
(بيني وَبَين لحم الخروف ... ضرب السيوف)
الْغَيْر تساق لَو أذواد كباش وَالْخَيْل مَعَ أسفاط القماش
(وَأَنا طلع نجمي بلاش ... برج الخسوف)
فِي مطبخي باض الْغُرَاب وَالْعَنْكَبُوت سدى ثِيَاب
(والفارمات جوع والتهاب ... فَوق الرفوف)
وزوجتي فِيهَا انطباع تهوى الْخمر والانخلاع(19/46)
(وَأَنا دبر مُفلس لكاع ... بِالرِّيحِ نطوف)
قَالَت محالك مَا يجوز ذَاكر وبياع الحروز
(مَالك ببابي ان تحوز ... ولاوقوف)
ناديتها يامية كنيف خذني على قلبِي الرجيف
(قَالَت حرَام انك ظريف ... قواد عسوف)
فَقلت مَا هَذَا الْخطاب أسرفت فِي رد الْجَواب
(مَا لَك سوى رق الْكتاب ... يصلح دفوف)
قَالَت بقاضي الْمُسلمين تاخذ صَدَاقي يَا خرين
(واخرج عَلَيْك حَقي يَقِين ... بِذِي الْحُرُوف)
ناديت آستي ارفقي عنقِي مصرى قد سقِِي)
(حلي من الْكيس وانفقي ... واملي الكفوف)
تكرعت قَالَت هها تطلب وصالي بالدها
(عَلَيْك بِمن يُعْطي اللها ... سيف السيوف)
وَمِنْهَا قَوْله يمدح الْأَشْرَف مُوسَى
(بِي أسمر يَحْكِي الأسمر ... غنج أحور)
الْهلَال يَبْدُو فِي سعدو وَالْجمال الباهر عبدو
(قد رقم فِي صفحة خدو ... طراز عنبر)
أَي رَشِيق حُلْو الْقَامَة لَو ترى فَوق خدو شامه
(قد رشق قلبِي صمصامه ... بهَا تقبر)(19/47)
قد رماني حكم الْمَقْدُور فِي هوى ذِي الظبي اليعفور
(قد تركني هايم مهجور ... وَمَا أعذر)
ردني حبو نتقلا بجمر هجرو الذلا
(قَاتل الله بوز القلا ... بهَا نهجر)
قلت لَو مَحْبُوب زرني قَالَ لي ايا زول عني
(الْوِصَال بيش تطلب مني ... وتتأمر)
أعديم تطلب بالأشعار الْوِصَال يَا قلَّة محتار
(لَك قطاع أَو عنْدك دِينَار ... مليح أصفر)
قلت لَو بِي تتهزا)
وَالنَّبِيّ لَيْسَ عِنْدِي أزا
(غير عنقِي نعطيك ززا ... ونتمسخر)
هز خصرو وأبرز دفو وانبرم واعطاني كتفو
(وَجَعَلَنِي نجري خلفو ... ونتعثر)
قلت لَو محبوبي أتوقف الذَّهَب نعطيك والقرقف
(بنوال الْملك الْأَشْرَف ... عَلَيْك ننصر)
ولد سيف الدّين الْعَادِل الْهمام اللَّيْث الباسل
(الْفَقِير يُعْطي والسايل ... وَمَا يضجر)
3 - (نجم الدّين الأسنائي)
عبد الْقوي بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عمر بن الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن(19/48)
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان نجم الدّين الْأمَوِي الأسنائي كَانَ فَقِيها فَاضلا نحوياً تولى الخطابة بأسنا بعد أَبِيه وناب فِي الحكم بهَا
ثمَّ عمل بَنو السديد عَلَيْهِ فِي الخطابة وأحضروا من شهد على أَبِيه أَنه قَالَ عَنهُ إِنَّه عَاق لَهُ وَآخر الْأَمر اسْتَقر أَحْمد بن السديد فِي الخطابة وَاسْتقر أَنه تولى أَيَّامًا وَابْن السديد أَيَّامًا وَحضر للصَّلَاة فَلم يصل أحد مَعَه ثمَّ صلى ابْن السديد فصلى مَعَه جمع كَبِير فَقَالَ يَا جمَاعَة أما أَنا مُسلم وَتوجه إِلَى الكرك صُحْبَة شمس الدّين الإصبهاني فناب عَنهُ فِي الحكم ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وَجرى بَينه وَبَين السديد كَلَام وَحضر قَاضِي قوص ليفصل بَينهم واستقرت الخطابة لِابْنِ السديد
قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوني وَكَانَ نجم الدّين متديناً خيرا توفّي بِبَلَدِهِ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست ماية
3 - (نجم الدّين ابْن مُغنِي)
)
عبد الْقوي بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الأسنائي يعرف بِابْن مُغنِي وبابن أبي جَعْفَر فَقِيه شَافِعِيّ قَرَأَ على الشَّيْخ النجيب بن مُفْلِح وَالشَّيْخ بهاء الدّين هبة الله القفطي وناب فِي الحكم ودرس بِالْمَدْرَسَةِ العزية بقوص وَكَانَ خَفِيف الرّوح حسن الْخلق مرتاضاً محباً للسماع قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي بَلغنِي أَنه أوصى أَن تخرج جنَازَته بِالدُّفُوفِ والشبابة وَيمْنَع النائحات والباكيات عَلَيْهِ وَكَانَ الْتزم أَنه لَا يبْحَث مَعَ قَاض
وَتُوفِّي بإسنا سنة ثَمَان وَتِسْعين وست ماية
(عبد الْكَافِي)
3 - (الْخَطِيب جمال الدّين)
عبد الْكَافِي بن عبد الْملك بن عبد الْكَافِي بن عَليّ القَاضِي الْخَطِيب الْمُفْتِي جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد الربعِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي
ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وست ماية(19/49)
وَسمع ابْن صباح وَابْن الزبيدِيّ وَأَبا الْفَاضِل الْهَمدَانِي وَخرج لَهُ البرزالي مشيخة سَمعهَا مِنْهُ هُوَ وَابْن تَيْمِية والزين عمر بن حبيب وَأَبُو الْحُسَيْن الختني وَابْن مُسلم الْحَنْبَلِيّ نَاب فِي لقَضَاء مُدَّة ثمَّ تَركه وَاقْتصر على الخطابة بالجامع وَكَانَ للنَّاس فِيهِ عقيدة حَسَنَة وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته
3 - (الْيَهُودِيّ الْكَاتِب)
عبد الْكَافِي الهاروني الْيَهُودِيّ صَاحب الْخط الْمليح إِلَى الْغَايَة على طَريقَة ابْن البواب كَانَ مَوْجُودا بعد سنة خمس ماية
قَالَ ياقوت أنشدت من شعره
(قلبِي عميد معنى ... بَين الْهوى والهواء)
(هَذَا يَقُود زمامي ... وَذَا يصد هَوَاء)
وَله
(يَا من يقرب وَصلي مِنْهُ موعده ... لَوْلَا عوائق من خلق تباعده)
(لَا تحسبن دموعي الْبيض غير دمي ... وَإِنَّمَا نَفسِي الحامي يَصْعَدهُ)
(عبد الْكَبِير)
3 - (أَبُو بكر الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ)
عبد الْكَبِير بن عبد الْمجِيد أَبُو بكر الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ أَخُو أبي عَليّ الْحَنَفِيّ وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره وروى لَهُ الْجَمَاعَة
توفّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد المرسي الغافقي)
عبد الْكَبِير بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن بَقِي أَبُو مُحَمَّد الغافقي المرسي نزيل إشبيليه
كَانَ فَقِيها مشاركاً فِي الحَدِيث بَصيرًا(19/50)
بِالشُّرُوطِ مُتَقَدما فِي الْفتيا وصنف تَفْسِيرا نحا فِيهِ منحى ابْن عَطِيَّة وَتَفْسِير الزَّمَخْشَرِيّ وَولي الْقَضَاء برنده وَحدث
وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وست ماية
(عبد الْكَرِيم)
3 - (أَبُو عبد الْكَرِيم الْحُسَيْن الشَّيْبَانِيّ)
عبد الْكَرِيم بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم بن نصر بن الْحُسَيْن أَبُو الْحُسَيْن الشَّيْبَانِيّ روى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الْحُسَيْن بن طَلْحَة بن النّحاس التنيسِي فِي مُعْجم شُيُوخه
وَمن شعره فِي الْقَلَم
(إِنِّي ليكتب بِي قبيحاً كاتبي ... فأعود مسلوب الْبَهَاء كليلا)
(ولربما عجلت عَليّ عقوبتي ... فَلَقِيت مسنون الغرار صقيلا)
3 - (النَّهْشَلِي المغربي)
عبد الْكَرِيم بن إِبْرَاهِيم النَّهْشَلِي توفّي بالقيروان أَو المهدية سنة خمس وَأَرْبع ماية ومنشؤه بالمحمدية من أَرض الزاب كَانَ شَاعِرًا مقدما عَارِفًا باللغة خَبِيرا بأيام الْعَرَب وَأَشْعَارهَا بَصيرًا بوقائعها وآثارها وَكَانَت فِيهِ غَفلَة شَدِيدَة عَمَّا سوى ذَلِك قَالَ لَهُ بعض إخوانه النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّك أبله فَقَالَ هم البله هَل أَنا أبله فِي صناعتي قَالَ لَا قَالَ فَمَا على الصَّائِغ أَن لَا يكون نساجاً وَلم يهج أحدا قطّ
وَمن شعره
(أواجدة وجدي حمامة أيكة ... تميل بهَا ميل النزيف غصونها)
)
(نشاوى وَمَا مَالَتْ بِخَمْر رقابها ... بواك وَمَا فاضت بدمع عيونها)
(أعيدي حمامات اللوى إِن عندنَا ... لشجوك أَمْثَالًا يعود حنينها)
(وكل غَرِيب الدَّار يَدْعُو همومه ... غرائب مَحْسُود عَلَيْهَا شجونها)
وَمِنْه
(يشكو هَوَاك إِلَى الدُّمُوع متيم ... لم يبْق فِيهِ للعزاء نسيس)
(لَوْلَا الدُّمُوع تحرقت من شوقه ... يَوْم الدواع قبابكم والعيس)(19/51)
(دَرك الزَّمَان وحبك ابْنة مَالك ... فِي الصَّدْر لَا خلق وَلَا مدروس)
(فَكَأَنَّهُ مَا شَاءَ الْمَنْصُور من ... رتب العلى وَاخْتَارَهُ باديس)
قلت شعر جيد وشعره كثير سَاق مِنْهُ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج قطعا كَثِيرَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي)
عبد الْكَرِيم بن حسن بن أَحْمد بن يحيى أَبُو الْقَاسِم التَّمِيمِي النَّيْسَابُورِي الْكَاتِب رَئِيس
فَاضل شَاعِر سمع وروى
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس ماية
3 - (صفي الدّين اللّغَوِيّ)
عبد الْكَرِيم بن حسن بن جَعْفَر بن خَليفَة الْعَلامَة صفي الدّين اللّغَوِيّ أَبُو طَالب البعلبكي من كبار الأدباء سود شرحاً للمقامات وَله جُزْء سُؤَالَات وَقعت فِي السِّيرَة سَأَلَ عَنْهَا الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وَكَانَ مَلِيًّا بِعلم اللُّغَة ثِقَة
قَالَ شرف الدّين شيخ الشَّيْخ بحماة شَرحه للمقامات فِي غَايَة الْجَوْدَة وَكتب بِخَطِّهِ سبع ماية مُجَلد وَتُوفِّي سنة سِتّ ماية
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب)
عبد الْكَرِيم بن حُسَيْن بن مخلد أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب الأديب الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن هِلَال بن المحسن الْكَاتِب وشجاع بن فَارس الذهلي وَطَلْحَة بن بَادِي العاقولي
قَرَأَ على حَائِط مَكْتُوبًا
(يَا أَيهَا الْحَاضِرُونَ فِيهِ ... بخالق اللَّيْل والصباح)
(ومنشئ السحب باقتدار ... تسري إِذا شَاءَ بالرياح)
)
(أَلا دعوتم إِذا حضرتم ... لكاتب الْخط بالنجاح)
فَكتب تَحْتَهُ
(يَا رب يَا خَالق البرايا ... بالمصطفى سيد البطاح)
(بآله الغر يَا إلهي ... بالطول بالمكن والسماح)
(إفتح لهَذَا الْغَرِيب بَابا ... يَأْتِيهِ بِالرشد وَالصَّلَاح)(19/52)
3 - (الزَّاهِد الْمصْرِيّ)
عبد الْكَرِيم بن الْحَارِث الْحَضْرَمِيّ الْمصْرِيّ الزَّاهِد أحد الْأَوْلِيَاء يروي عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد ورجاء بن حَيْوَة وَالزهْرِيّ ومشرح بن عاهان كَانَ ثِقَة
توفّي ببرقة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وماية وروى لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو عَليّ السكرِي النَّحْوِيّ)
عبد الْكَرِيم بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَلان السكرِي أَبُو عَليّ النَّحْوِيّ لَهُ كتاب شرح فصيح ثَعْلَب فِي عدَّة مجلدات وَكتاب شرح أَبْيَات الْإِيضَاح لأبي عَليّ الْفَارِسِي
3 - (التككي الْمُقْرِئ الْمصْرِيّ)
عبد الْكَرِيم بن الْحسن بن المحسن ين سوار أَبُو عَليّ الْمصْرِيّ التككي بكافين الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ كَانَ عَارِفًا بالقراآت وَالتَّفْسِير وَالْإِعْرَاب وَكَانَت لَهُ حَلقَة إقراء
وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَخمْس ماية
3 - (كريم الدّين شيخ خانقاه سعيد السُّعَدَاء)
عبد الْكَرِيم بن حسن الشَّيْخ كريم الدّين الآملي يَنْتَهِي إِلَى سعد الدّين ابْن حمويه كَانَ شيخ خانقاه سعيد السُّعَدَاء بِالْقَاهِرَةِ من كبار الْقَوْم يَخُوض تِلْكَ الغمرات وَكَانَ محبباً إِلَى الْأَعْيَان وَله صُورَة كَبِيرَة فِي النُّفُوس وَله رياضات وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية كثير الْحَط عَلَيْهِ
وَقد حكى لي عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين ابْن الْأَكْفَانِيِّ قَالَ دخل مرّة على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دقيقي الْعِيد وَتكلم زَمَانا طَويلا وَالشَّيْخ سَاكِت فَلَمَّا خرج من عِنْده قَالَ للحاضرين هَل فِيكُم من فهم عَنهُ تراكيب كَلَامه لِأَنِّي مَا فهمت غير مفرداته(19/53)
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أثبت الصُّوفِيَّة فسقه من سِتَّة عشر وَجها)
وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة عشر وَسبع ماية وَتَوَلَّى مَكَانَهُ القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة
3 - (أَبُو بكر الْجَصَّاص)
عبد الْكَرِيم بن عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن الْجَصَّاص أَبُو بكر الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو الْفضل أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَأَبُو الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار ابْن أَحْمد الصَّيْرَفِي
توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبع ماية
من شعره
(لَو كَانَ كل متيم مثلي لما ... درس الْأَنَام لسنة العشاق)
(إِنِّي دفنت هواكم فِي مهجتي ... وخزنت دمعي فِي بطُون الماق)
(حذرا على من لَا أبوح بِذكرِهِ ... أَن يرتمى بأظنة الْفُسَّاق)
(لَا بل على نَفسِي وإكراماً لَهَا ... أَن لَا أرى خلا لغير وقاق)
قلت شعر نَازل وَأَلْفَاظه غَرِيبَة الِاسْتِعْمَال
3 - (نجم الدّين ابْن صَدَقَة الْكَاتِب)
عبد الْكَرِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَاحِد نجم الدّين ابْن صَدَقَة الْكَاتِب ابْن عَم النفيس وَاقِف النفيسية خدم فِي جِهَات الظُّلم وَمَات بصافيتا سمع من الرشيد بن مسلمة وَمن ابْن عبد الدَّائِم وطبقته وَحفظ التَّنْبِيه
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وست ماية
3 - (عماد الدّين ابْن الحرستاني القَاضِي الْخَطِيب)
عبد الْكَرِيم بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْفضل بن عَليّ الإِمَام القَاضِي الْخَطِيب عماد الدّين أَبُو الْفَضَائِل الْأنْصَارِيّ الخزرجي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن الحرستاني
ولد فِي سَابِع عشر شهر رَجَب سنة سبع وَسبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست ماية(19/54)
سمع من أَبِيه قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين وَمن الخشوعي وَمن الْبَهَاء ابْن عَسَاكِر وحنبل وَابْن طبرزد وَغَيرهم وتهاون أَبوهُ وفوته السماع من يحيى الثَّقَفِيّ وطبقته وتفقه على وَالِده وبرع فِي الْمَذْهَب وَأفْتى ودرس وناظر وَولي قَضَاء الْقُضَاة وناب فِي الْقَضَاء عَن وَالِده ثمَّ عزل ودرس بالغزالية مُدَّة وَولي الخطابة مُدَّة وَكَانَ من كبار الْأَئِمَّة وشيوخ الْعلم مَعَ)
التَّوَاضُع والديانة وَحسن السمت وَولي مشيخة الأشرفية بعد ابْن الصّلاح وروى عَنهُ الدمياطي وبرهان الدّين الإسْكَنْدراني وَابْن الخباز وَابْن الزراد
3 - (الْقطَّان الطَّبَرِيّ الْمُقْرِئ)
عبد الْكَرِيم بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْقطَّان الطَّبَرِيّ لَهُ فِي علم الْقُرْآن تصانيف حَسَنَة وَسمع الحَدِيث ورحل فِي طلبه إِلَى الْبِلَاد الشاسعة
وَكَانَ مقرئ أهل مَكَّة سكنها وَمَات بعد سبعين وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن كتته الْمصْرِيّ)
عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد الْمصْرِيّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن كتتة بِضَم الْكَاف وَالتَّاء الأولى وَالثَّانيَِة مُشَدّدَة
أَنْشدني الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(شهر الصّيام أَتَى يتيح لَك الهنا ... فابشر فقد أدْركْت غايات المنى)
(أَو مَا ترى قَوس الْهلَال كَأَنَّهُ ... فتر الْمُسلم فِي السما لما انحنى)
(يهدي إِلَيْك تَحِيَّة لما بدا ... ويريك من لألاء عَارِية السنا)
قَالَ وَقُرِئَ وَأَنا أسمع
(بَنو الفعال أَقوام خساس ... بهم بخل وَعِنْدهم عناد)
(فسادوا لَا يعلم مُسْتَفَاد ... وَلَكِن الزَّمَان بِهِ فَسَاد)
3 - (الشَّيْخ قطب الدّين ابْن أُخْت نصر)
عبد الْكَرِيم بن عبد النُّور بن مُنِير الشَّيْخ(19/55)
الإِمَام الْحَافِظ مُفِيد الديار المصرية قطب الدّين أَبُو عَليّ الْحلَبِي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي
مولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وست ماية وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
حفظ الْقُرْآن وتلاه بالسبع على أبي الطَّاهِر إِسْمَاعِيل المليحي صَاحب أبي الْجُود وتلا على خَاله الزَّاهِد الشَّيْخ نصر المنبجي وانتفع بِصُحْبَتِهِ وَسمع من الْعِزّ الْحَرَّانِي وغازي وَابْن خطيب المزة وَالْقَاضِي شمس الدّين ابْن الْعِمَاد وطبقتهم بِدِمَشْق والحرمين من طَائِفَة وَكتب العالي والنازل وَجمع وَخرج وَألف شرح شطر صَحِيح البُخَارِيّ وتاريخ مصر فِي عدَّة مجلدات بيض أَوَائِله وَغير ذَلِك مَعَ الْفَهم وَالْبَصَر بِالرِّجَالِ والمشاركة فِي القه وَغير ذَلِك)
وَحج مَرَّات وروى الْكثير لكنه قَلِيل فِي سَعَة مَا سمع علق عَن الشَّيْخ شمس الدّين فِي تَارِيخه وَمَا عِنْده عَنهُ إِلَّا الْإِجَازَة وَكَانَ يُحِبهُ فِي الله وَكَانَ فِيهِ تواضع وَحسن سيرة وَلَعَلَّ شُيُوخه تبلغ ألفا خرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ تساعيات أَخذ عَنهُ المحدثون تَقِيّ الدّين ابْن رَافع وَابْن أيبك الدمياطي وَعمر ابْن العجمي وعلاء الدّين مغلطاي وَابْن السرُوجِي وَعدد كَبِير وَأَنا فِي شكّ هَل سَمِعت مِنْهُ أَو لَا لكنه أجَاز لي وأجزت لَهُ ولأولاده رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو الْفضل الإسكندري)
عبد الْكَرِيم بن عطايا بن عبد الْكَرِيم بن عَليّ أَبُو الْفضل الْقرشِي الزُّهْرِيّ الإسكندري نزيل القرافة كَانَ عَارِفًا باللغة الْعَرَبيَّة وَالشعر صنف كتابا فِي شرح أَبْيَات الْجمل وكتاباً فِي زِيَارَة قُبُور الصَّالِحين بِمصْر
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية
3 - (أَخُو القَاضِي الْفَاضِل)
عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن الْحُسَيْن الرئيس الْأَثِير القَاضِي أَبُو الْقَاسِم اللَّخْمِيّ البيساني الْعَسْقَلَانِي المولد الْمصْرِيّ الدَّار الشَّافِعِي أَخُو القَاضِي الْفَاضِل كَانَ كثير الرَّغْبَة فِي تَحْصِيل الكتي مبالغاً فِي ذَلِك إِلَى الْغَايَة القصوى ملك مِنْهَا جملَة عَظِيمَة لم يبلغنَا عَن أحد من الرؤساء أَن كتبه وصلت إِلَى مبلغ كتب عبد الْكَرِيم لَا قَرِيبا مِنْهُ إِلَّا مَا ذكر عَن أَخِيه وَلم يُقَارب هَذَا عبد الْكَرِيم حَتَّى قيل إِنَّهَا مايتا ألف مجلدة قَالَ الْمُوفق عبد اللَّطِيف كَانَ لَهُ هوس فِي تَحْصِيل الْكتب وَكَانَ عِنْده مِنْهَا زهاء مايتي ألف كتاب من كل كتاب نسخ قلت وَهِي مَوْجُودَة إِلَى عصرنا هَذَا نشاهد اسْمه عَلَيْهَا بقلم دَقِيق طَوِيل الألفات على أَعلَى الْكتاب مِمَّا يَلِي يسَار النَّاظر فِي أَوله فَوق اسْم الْكتاب(19/56)
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وستماية
وَقيل إِنَّه كَانَ يتَوَلَّى نظر الْإسْكَنْدَريَّة
3 - (البارع النَّحْوِيّ)
عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الْقُضَاعِي أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ الملقب بالبارع كَانَت لَهُ حَلقَة فِي جَامع الْإسْكَنْدَريَّة يقرئ النَّحْو وَهُوَ ضَرِير مائل إِلَى الْخَيْر كثير الصمت
3 - (رَأس العجاردة من الْخَوَارِج)
)
عبد الْكَرِيم بن عجرد أحد رُؤُوس الْخَوَارِج وَهُوَ كَبِير الطَّائِفَة الْمَعْرُوفَة بالعجاردة وَافق النجدات فِي بدعهم وَزَادُوا عَلَيْهِم بِأَنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى أَن سُورَة يُوسُف لَيست من الْقُرْآن قَالُوا لِأَنَّهَا قصَّة محبَّة وعشق وخالفوا النجدات فَكَفرُوا أَصْحَاب الْكَبَائِر وَتفرد عبد الْكَرِيم بقوله تجب الْبَرَاءَة من الْأَطْفَال إِلَى أَن يبلغُوا ويدعوا إِلَى الْإِسْلَام وَيجب دُعَائِهِمْ إِلَيْهِ إِذا بلغُوا
وافترقت العجاردة ثَمَانِي فرق الصلتية والميمونية والحمزية والخلفية والأطرافية والمحمدية والشعبية والحازمية وَزَعَمت الميمونية أَن الله تَعَالَى لَا مَشِيئَة لَهُ فِي الشرور والمعاصي وَأَنه يُرِيد الْخَيْر دون الشَّرّ وَحكى الْحُسَيْن الْكَرَابِيسِي الْفَقِيه الشَّافِعِي فِي كِتَابه الَّذِي حكى فِيهِ مقالات الْخَوَارِج عَن الميمونية أنعهم أحلُّوا نِكَاح بَنَات الْبَنَات وَبَنَات الْإِخْوَة وَحكى الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو الْقَاسِم الكعبي عَنْهُم إنكارهم سُورَة يُوسُف أَنَّهَا من الْقُرْآن
والخلفية أَصْحَاب خلف الْخَارِجِي وهم خوارج كرمان خَالف أَصْحَابه فِي الْقدر فأضاف خَيره وشره إِلَى الله كَمَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة إِلَّا أَنه حُكيَ عَنْهُم أَنهم قَالُوا لَو عذب الله تَعَالَى الْعباد على أَفعَال قدرهَا عَلَيْهِم كَانَ ظَالِما أَو عذبهم على مَا لم يفعلوه كَانَ ظَالِما ثمَّ قضوا بِأَن أَطْفَال الْمُشْركين فِي النَّار وَلَا عمل لَهُم وَلَا شرك وَهَذَا من أظهر التَّنَاقُض والأطرافية زعيمهم غَالب بن شاذل من سجستان موافقوا(19/57)
أَصْحَابهم فِي بدعهم
والمحمدية أَصْحَاب مُحَمَّد بن رزق كَانَ من أَصْحَاب حَمْزَة بن أدْرك ثمَّ تَبرأ مِنْهُ والشعبية أَصْحَاب شُعَيْب بن مُحَمَّد كَانَ من جملَة العجاردة مَعَ الميمونية ثمَّ لما ذهب مَيْمُون إِلَى أَن الشَّرّ لَا يُريدهُ الله تَعَالَى فَارقه شُعَيْب وَقَالَ الْخَيْر وَالشَّر من الله تَعَالَى وَهُوَ خَالق أَعمال الْعباد وَالْعَبْد مسؤول عَن الْعَمَل خَيره وشره مجازى عَلَيْهِ ثَوابًا وعقاباً وَلَا يكون فِي الْوُجُود شَيْء إِلَّا بِإِرَادَة الله تَعَالَى وَوَافَقَ العجاردة فِي حكم الْأَطْفَال وَحكم الْقعدَة والتولي والتبري
وَوَافَقَ الْخَوَارِج فِي الْإِمَامَة والوعيد قَالَ ابْن أبي الدَّم وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْفرق الثمان من العجاردة مُتَقَارِبَة فِي الْمذَاهب الْبَاطِلَة وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي بعض فروع بدعهم وضلالاتهم
3 - (الْحلْوانِي)
عبد الْكَرِيم بن فضال أَبُو الْحسن الْحلْوانِي أورد لَهُ أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت فِي الحديقة
(سرى يتخطى الركب والركب نوم ... وثوب الدياجي بالمجرة معلم)
)
(حبيب دَعَتْهُ سُورَة الْحبّ بَيْننَا ... فهان عَلَيْهِ هول مَا يتجشم)
مِنْهَا
(ودافع فِي صدر العتاب بأنمل ... بهَا من دم العشاق وَشَيْء منمنم)
(وَلما رَأَيْت الركب نحوي تشوفوا ... ورابهم من بردتي مَا تنسموا)
(نهضت بمدحي أَحْمد بن مُحَمَّد ... لأوهم أَن الطّيب من فِي يفعم)
(وَقمت بِهِ بَين السماطين منشداً ... كَمَا يتَغَنَّى الشَّارِب المترنم)
(بمدح امْرِئ كل امْرِئ من عفاته ... يُخَيّر فِيمَا عِنْده وَيحكم)
(هُوَ اللَّيْث إِلَّا أَنه ذُو شمائل ... كَأَن رياض الْحزن عَنْهَا تَبَسم)
وَأورد لَهُ أَيْضا(19/58)
(ويختال بك الطّرف ... كَمَا يختال نشوان)
(ترَاهُ وَهُوَ لَا يدْرِي ... درى أَنَّك سُلْطَان)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الطائع)
عبد الْكَرِيم بن الْفضل بن جَعْفَر بن أَحْمد أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر الطائع لله ابْن الْمُطِيع بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور العباسي وَأمة أمة تولى الْخلَافَة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث ماية وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَكَانَت خِلَافَته سبع عشرَة سنة وَتِسْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام قَالَ أَبُو عَليّ ابْن شَاذان رَأَيْته رجلا مربوعاً كَبِير الْأنف أَبيض أشقر
وَفِي أَنفه يَقُول ابْن حجاج
(خَليفَة فِي وَجهه روشن ... خريسته قد ظلل العسكرا)
(عهدي بِهِ يمشي على دجلة ... وَأَنْفه قد صعد المنبرا)
وَكَانَ الطائع شَدِيد الْحِيَل فِي خلقه حِدة خلعه بهاء الدولة ابْن عضد الدولة بِإِشَارَة الْأُمَرَاء ومعونتهم وسلموا عَيْنَيْهِ وَلما أَجْلِس الْقَادِر فِي الْخلَافَة أسْكنهُ مَعَه فِي زَاوِيَة من قصره رقة لَهُ وَكَانَ يحسن إِلَيْهِ وَيحْتَمل غلظة كَلَامه وَيَقْضِي مُعظم مَا يستقضيه من الْحَوَائِج فكلفه يَوْمًا حَاجَة لم يقدر عَلَيْهَا وَاعْتذر لَهُ بِأَن الديلم غالبون على الْأَمر فَلَمَّا توَسط النَّهَار وَقدم الطَّعَام أَتَوْهُ بعدس مطبوخ فلمسه وَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا عدسية قَالَ أَمن هَذَا أكل أَبُو)
الْعَبَّاس قَالُوا نعم قَالَ إِذا كَانَ جاهه كَمَا رَأَيْنَاهُ أول النَّهَار وَطَعَامه هَذَا فِي وسط النَّهَار كَانَ الأولى بِهِ أَن يقْعد فِي البطيخة وَلَا يتعنى وَلَا يتَكَلَّف مشقة الْخلَافَة فَضَحِك الْقَادِر قَالَ منعناه من رَاحَة الْبَصَر فَلَا نمنعه من رَاحَة اللِّسَان وَكَانَ الطائع قد استعرض جَارِيَة فَأَعْجَبتهُ وَأمر بشرائها فَنَظَرت إِلَيْهِ وَرَأَتْ عظم أَنفه فَقَالَت مَا يقدم على أَن يُبَاع عنْدكُمْ إِلَّا من يوطن نَفسه على المرابطة فِي سَبِيل الله فَضَحِك وَقَالَ إشتروها فَإِن لم يكن عِنْدهَا أدب الْمُلُوك فَعندهَا نَوَادِر الظرفاء وَتُوفِّي رَحمَه الله لَيْلَة عيد الْفطر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث ماية وَصلى عَلَيْهِ الْقَادِر وَكبر خمْسا وَحمل إِلَى الرصافة وشيعه الأكابر ورثاه الشريف الرضي بقصيدة مِنْهَا
(مَا رأى حَيّ نزار قبلهَا ... جبلا سَار على أَيدي الرِّجَال)
(وَإِذا رامي الْمَقَادِير رمى ... فدروع الْمَرْء أعوان النصال)(19/59)
(أَيهَا الْقَبْر الَّذِي أَمْسَى بِهِ ... عاطل الأَرْض جَمِيعًا وَهُوَ حَال)
(لم يواروا فِيك مَيتا إِنَّمَا ... أفرغوا فِيك جبالاً من نوال)
(لَا أرى الدمع كفاء للجوى ... لَيْسَ أَن الدمع من بعْدك غال)
(وبرغمي أَن كسوناك الثرى ... وفرشناك زرابي الرمال)
(وهجرناك على رغم العدى ... رب هجران على غير تقال)
(لَا تقل تِلْكَ قُبُور إِنَّهَا ... هِيَ أصداف على در اللآلي)
3 - (الْحَرَّانِي)
عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي الْحَرَّانِي مولى بني أُميَّة روى عَن سعيد ابْن الْمسيب وَسَعِيد بن جُبَير وَطَاوُس وَجَمَاعَة كَانَ أحد الْأَثْبَات وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَوَصفه بِالْحِفْظِ
وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وماية
3 - (ابْن الصَّيْرَفِي الْحَنَفِيّ)
عبد الْكَرِيم بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم ابْن الْبَلَدِي أَبُو الْفضل الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الصَّيْرَفِي الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْفِقْه على مَسْعُود اليزدي حَتَّى برع وَسمع الْكثير بِنَفسِهِ وَكتب وَتَوَلَّى الْمدرسَة المغيثية على شاطئ دجلة واستنابه قَاضِي الْقُضَاة الْقَاسِم بن يحيى الشهرزوري على الْقَضَاء بحريم دَار الْخلَافَة وَمَا يَليهَا وَكَانَ صَدُوقًا حسن الْأَخْلَاق)
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس ماية
3 - (أَبُو السعد ابْن السَّمْعَانِيّ)
عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عبد(19/60)
الْجَبَّار تَاج الْإِسْلَام قوام الدّين أَبُو سعد ابْن أبي بكر ابْن أبي المظفر ابْن أبي مَنْصُور السَّمْعَانِيّ من أهل مرو وَهُوَ الإِمَام ابْن الْأَئِمَّة
غذي بِالْعلمِ وَنَشَأ فِي حجر الْفضل وَحمل على أكتاف الْأَئِمَّة أسمعهُ وَالِده فِي صغره من أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عَليّ الكراعي ورحل بِهِ وَله ثَلَاث سِنِين إِلَى نيسابور فَأحْضرهُ على أبي بكر عبد الْغفار ابْن مُحَمَّد الشيروي وَأبي الْعَلَاء عبيد بن مُحَمَّد الْقشيرِي ثمَّ إِنَّه اشْتغل بالأدب وَحصل مِنْهُ طرفا صَالحا وَقَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف وَتكلم فِي المناظرة ثمَّ اشْتغل بِالْحَدِيثِ فَسمع الْكثير بِبَلَدِهِ وجال فِي خُرَاسَان وَسمع بنيسابور وطوس ومهينة الْكثير من أبي عبد الله الفراوي وَأبي مُحَمَّد السيدي وَأبي الْقَاسِم الشحامي وَعبد الْجَبَّار الخواري وَجَمَاعَة غَيرهم ثمَّ توجه إِلَى الْعرَاق وَدخل إصبهان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسمع بهَا وبالري وساوة وهمذان وَغَيرهَا من الْبِلَاد وَدخل بَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسمع بهَا الْكثير من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَأبي الْحسن ابْن عبد السَّلَام وَخلق من هَذِه الطَّبَقَة وَمن دونهَا وَحج مرَّتَيْنِ وَانْحَدَرَ إِلَى وَاسِط وَالْبَصْرَة وَسمع بهما
وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَتوجه إِلَى الشَّام وَسمع بحلب ودمشق وحماة وحمص وزار الْقُدس وبلاد السَّاحِل وَسمع بِبِلَاد الجزيرة وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَسمع على من بَقِي فِيهَا من الْأَشْيَاخ وَجمع ذيلاً على تَارِيخ الْخَطِيب لبغداد وأتى فِيهِ بِكُل مليحة ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور وَقد ولد لَهُ أَبُو المظفر عبد الرَّحِيم بنيسابور فَلَمَّا بلغ حد السماع طَاف بِهِ بِلَاد خُرَاسَان وأسمعه ثمَّ دخل إِلَى مَا وَرَاء النَّهر وأسمعه ثمَّ عَاد إِلَى مرو وَألقى بهَا عَصَاهُ وَأقَام بهَا مشتغلاً بِالْجمعِ والتصنيف والتحديث والإملاء وإلقاء الدُّرُوس بِالْمَدْرَسَةِ العميدية وَكَانَ وافر الهمة فِي طلب الحَدِيث شَدِيد الْحِرْص على لِقَاء الْمَشَايِخ مليح الْخط سريع الْقَلَم وَكتب عَن أقرانه وَعَمن هُوَ دونه وَجمع معجماً لشيوخه فِي عشر مجلدات كبار قَالَ محب الدّين ابْن النجار سَمِعت من يذكر أَن عَددهمْ سَبْعَة آلَاف شيخ وَلم يبلغ أحد من أقرانه مبلغه وَكَانَ مليح التصانيف كثير الشوارد والأسانيد لطيف الطَّبْع ظريفاً فَاضلا صَدُوقًا جميل السِّيرَة مولده سنة سِتّ وَخمْس ماية ووفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس ماية تصانيفه المذيل فِي أَربع ماية طَاقَة قَالَ)
الشَّيْخ شمس الدّين يَقع لي أَن الطَّاقَة نصف كراس تَارِيخ المراوزة كتب مِنْهُ خمس ماية(19/61)
طَاقَة طراز الذَّهَب فِي أدب الطّلب مايو وَخَمْسُونَ طَاقَة الْإِسْفَار عَن الْأَسْفَار خمس وَعِشْرُونَ طَاقَة الْإِمْلَاء والاستملاء خمس عشرَة طَاقَة مُعْجم الشُّيُوخ ثَمَانُون طَاقَة مُعْجم الْبلدَانِ ماية وَخَمْسُونَ طَاقَة التحف والهدايا خمس وَعِشْرُونَ طَاقَة بَيَان عز الْعُزْلَة سَبْعُونَ طَاقَة الْأَدَب فِي اسْتِعْمَال الْخشب خمس طاقات الْمَنَاسِك سِتُّونَ طَاقَة الدَّعْوَات الْكَبِيرَة أَرْبَعُونَ طَاقَة الدَّعْوَات المروية عَن الحضرة النَّبَوِيَّة خمس عشرَة طَاقَة الْحَث على غسل الْيَد خمس طاقات أفانين الْبَسَاتِين خمس عشرَة طَاقَة دُخُول الْحمام خمس عشرَة طَاقَة فَضَائِل صَلَاة التَّسْبِيح عشر طاقات التحايا والهدايا سِتّ طاقات تحفة الْعِيدَيْنِ ثَلَاثُونَ طَاقَة الرسائل والوسائل كتب مِنْهُ قدر خمس عشرَة طَاقَة فَضَائِل الديك خمس طاقات مَجْمُوع الحَدِيث المستفيض فِي صَوْم الْأَيَّام الْبيض خمس عشرَة طَاقَة سلوة الأحباب وَرَحْمَة الْأَصْحَاب خمس طاقات التحبير فِي المعجم الْكَبِير ثَلَاث ماية طَاقَة فرط الغرام إِلَى سَاكِني الشَّام خمس عشرَة طَاقَة مقَام الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء بَين يَدي الْمُلُوك والأمراء المناولة والمصافحة ثَلَاث عشرَة طَاقَة ذكرى حبيب رَحل وبشرى مشيب نزل عشرُون طَاقَة الأمالي الْخمس ماية مايتا طَاقَة الْحَلَاوَة خمس عشرَة طَاقَة أَسَانِيد المسانيد ثَلَاث عشرَة طَاقَة فَوَائِد الموائد ماية طَاقَة فَضَائِل الْهِرَّة ثَلَاث طاقات الأخطار فِي ركُوب الْبحار سبع طاقات الهريسة ثَلَاث طاقات تَارِيخ الْوَفَاة للمتأخرين من الروَاة خمس عشرَة طَاقَة حَقِيقَة الْأَنْسَاب وَمَعْرِفَة الأحساب ثَلَاث ماية طَاقَة وَخَمْسُونَ طَاقَة الأمالي سِتُّونَ طَاقَة بخار بخور البُخَارِيّ عشرُون طَاقَة تَقْدِيم الجفان إِلَى الضيفان سَبْعُونَ طَاقَة صَلَاة الضُّحَى عشر طاقات الصدْق فِي الصداقة والرفق فِي الرفاقة الرِّبْح والخسارة فِي الْكسْب وَالتِّجَارَة رفع الارتياب عَن كِتَابَة الْكتاب أَربع طاقات النُّزُوع إِلَى الأوطان والنزاع إِلَى الإخوان خمس وَثَلَاثُونَ طَاقَة حث الإِمَام على تَخْفيف الصَّلَاة مَعَ الْإِتْمَام فِي طاقتين لفتة المشتاق إِلَى سَاكن الْعرَاق أَربع طاقات الشد وَالْعد لمن اكتنى بِأبي سعد ثَلَاثُونَ طَاقَة فَضَائِل الشَّام فِي طاقتين فَضَائِل سُورَة يس فِي طاقتين
وَكَانَ بَينه وَبَين ضِيَاء الدّين أبي شُجَاع عمر ابْن أبي الْحسن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن نصر البسطامي مَوَدَّة مُؤَكدَة وخلة وَثِيقَة وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْأَل الله عقيب الصَّلَاة أَن لَا يسمع نعي صَاحبه وَأَن يكون يَوْمه قبله وَكَانَ من عَجِيب أَمرهمَا أَنَّهُمَا(19/62)
مَاتَا فِي)
شهر وَاحِد مَاتَ السَّمْعَانِيّ بمرو وَمَات البسطامي ببلخ فِي شهر ربيع الأول وَلم يسمع أَحدهمَا نعي الآخر رحمهمَا الله تَعَالَى
3 - (إِمَام الدّين الرَّافِعِيّ الشَّافِعِي)
عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن الْفضل الإِمَام الْعَلامَة إِمَام الدّين أَبُو الْقَاسِم الرَّافِعِيّ الْقزْوِينِي صَاحب الشَّرْح الْكَبِير ذكره ابْن الصّلاح وَقَالَ أَظن أَنِّي لم أر فِي بِلَاد الْعَجم مثله وَكَانَ ذَا فنون حسن السِّيرَة صنف شرح الْوَجِيز فِي بضعَة عشر مجلداً لم يشْرَح الْوَجِيز بِمثلِهِ وَقَالَ الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ الرَّافِعِيّ من الصَّالِحين المتمكنين كَانَت لَهُ كرامات كَثِيرَة ظَاهِرَة وَقَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الاسفراييني فِي الْأَرْبَعين تألفيه هُوَ شَيخنَا إِمَام الدّين وناصر السّنة صدقا كَانَ أوحد عصره فِي الْعُلُوم الدِّينِيَّة أصولاً وفروعاً ومجتهد زَمَانه فِي الْمَذْهَب وفريد وقته فِي التَّفْسِير كَانَ لَهُ مجْلِس بقزوين فِي التَّفْسِير وتسميع الحَدِيث صنف شرحاً لمُسْند الشَّافِعِي وأسمعه وصنف شرحاً للوجيز ثمَّ صنف آخر أوجز مِنْهُ وَكَانَ زاهداً ورعاً متواضعاً
وَتُوفِّي بقزوين رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي)
عبد الْكَرِيم بن هوَازن بن عبد الْملك بن طَلْحَة بن مُحَمَّد الإِمَام أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي النَّيْسَابُورِي الزَّاهِد الصُّوفِي شيخ خُرَاسَان وأستاذ الْجَمَاعَة ومقدم الطَّائِفَة قَالَ الْخَطِيب كتبنَا عَنهُ وَهُوَ ثِقَة وَكَانَ يعرف الْأُصُول على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَالْفُرُوع على مَذْهَب الشَّافِعِي صنف التَّفْسِير وَهُوَ من أَجود التفاسير(19/63)
والرسالة الْمَشْهُورَة فِي رجال الطَّرِيقَة
وَحج مَعَ الْبَيْهَقِيّ وَأبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَكَانَ لَهُ فِي الفروسية وَاسْتِعْمَال السِّلَاح يَد بَيْضَاء
وَله عدَّة أَوْلَاد أَئِمَّة عبد الله وَعبد الْوَاحِد وَعبد الرَّحِيم وَعبد الْمُنعم وَغَيرهم
توفّي أَبُو الْقَاسِم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ بِبَاب الطاق بِجنب شَيْخه الْأُسْتَاذ أبي عَليّ الدقاق قَالَ ياقوت وَمن عَجِيب مَا وَقع أَن الْفرس الَّذِي كَانَ يركبه كَانَت رمكة أهديت إِلَيْهِ من قريب عشْرين سنة مَا كَانَ يركب غَيرهَا مَا ركبهَا أحد بعده حُكيَ أَنَّهَا لم تعتلف بعد وَفَاته حَتَّى نفقت يَوْم الْجُمُعَة سادس يَوْم وَفَاته أَخذ طَرِيق التصوف عَن الْأُسْتَاذ أبي عَليّ الدقاق وَأخذ هُوَ عَن أبي الْقَاسِم النصراباذي وَأخذ هُوَ)
عَن الشلبي عَن الْجُنَيْد عَن السّري عَن مَعْرُوف الْكَرْخِي عَن دَاوُد الطَّائِي عَن التَّابِعين وَله كتاب آدَاب الصُّوفِيَّة وَكتاب بلغَة القاصد وَكتاب التحبير فِي علم التَّذْكِير
وَمن شعره
(هِيَ النوائب والأحداث والغير ... والدهر كالنحل فِيهِ الشهد والإبر)
(عدات دهرك بالتأييد كَاذِبَة ... ترى السراب شرابًا من بِهِ وحر)
(منتك نَفسك أَن تبقى إِلَى أمد ... من الْخَبِير بِمَا يَأْتِي بِهِ الْقدر)
(اللَّيْل حُبْلَى وللميلاد آونة ... وَمَا سيولد لَا يدْرِي بِهِ الْبشر)
(فَرب ليل بِطيب الْأنس مفتضح ... بضد أَوله يَأْتِي بِهِ السحر)
وَمِنْه
(وَإِذا سقيت من الْمحبَّة مصة ... ألقيت من فرط الْخمار خماري)
(كم تبت قصدا ثمَّ لَاحَ عذاره ... فخلعت فِي ذَاك العذار عِذَارَيْ)
وَمِنْه
(قَالُوا تهن بِيَوْم الْعِيد قلت لَهُم ... لي كل يَوْم بلقيا سَيِّدي عيد)
(الْوَقْت عيد وروح إِن شهدتم ... وَإِن فقدتهم نوح وتعديد)
وَمِنْه
(سقى الله وقتا كنت أَخْلو بوجهكم ... وثغر الْهوى فِي رَوْضَة اللَّهْو ضَاحِك)
(أَقَمْنَا زَمَانا والعيون قريرة ... وأصبحت يَوْمًا والجفون سوافك)(19/64)
3 - (علم الدّين ابْن بنت الْعِرَاقِيّ)
عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن عمر الْأنْصَارِيّ الشَّيْخ علم الدّين ابْن بنت الْعِرَاقِيّ
قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان ولد بديار مصر سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبع ماية وَأَصله من وَادي آش من الأندلس وجده أَبُو أمه لَيْسَ من الْعرَاق وَإِنَّمَا رَحل إِلَى الْعرَاق ثمَّ قدم مصر وَهِي بَلَده فَسُمي الْعِرَاقِيّ وَكَانَ من الْمَعْدُودين فِي عُلَمَاء مصر وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وأصوله وَالْأَدب وَالتَّفْسِير وَله اخْتِصَاص بتفسير الزَّمَخْشَرِيّ وصنف مُخْتَصرا فِي أصُول الْفِقْه وردا على القَاضِي ابْن الْمُنِير الْمَالِكِي فِي رده على الزَّمَخْشَرِيّ وَكَانَ كثيرا مَا يشغل الطّلبَة بِالْعلمِ حَتَّى أَنه مُعظم من بديار مصر اشْتغل)
عَلَيْهِ وَلَا يمل من الإقراء وَلَا يسأم حسن المفاكهة كثير الْحِكَايَة والنوادر منبسط النَّفس وَله معرفَة بِالْحِسَابِ والكتبة وحظ من النّظم والنثر درس بالشريفية وبالمشهد الْفِقْه
وأضر فِي آخر عمره وأملى كتابا فِي تَفْسِير الْقُرْآن مُخْتَصرا احتوى على فَوَائده وأنشدنا قَالَ نظمت فِي النّوم فِي قَاضِي الْقُضَاة ابْن رزين وَكَانَ معزولاً
(يَا مَالِكًا سبل السَّعَادَة منهجا ... يَا موضح الْخطب البهيم إِذا دجا)
(يَا ابْن الَّذين رست قَوَاعِد مجدهم ... وسرى ثناهم عاطراً فتأرجا)
(لَا تيأسن من عود مَا فارقته ... بعد السرَار ترى الْهلَال تبلجا)
(وَابْشَرْ وسرح نَاظرا فَلَقَد ترى ... عَمَّا قَلِيل فِي العدى متفرجا)
(وَترى وليك ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا ... قد نَالَ من تدميرهم مَا يرتجى)
وَكتب الشَّيْخ علم الدّين الْمَذْكُور بِخَطِّهِ كتاب الْحَاوِي الْكَبِير للماوردي مرَّتَيْنِ وَكَانَ يَوْم بِمَسْجِد الدرفيل
3 - (الديرعاقولي)
عبد الْكَرِيم بن الْهَيْثَم أَبُو يحيى الديرعاقولي الْبَغْدَادِيّ الْقطَّان طوف وَكتب الْكثير قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً(19/65)
توفّي سنة ثَمَان وَسبعين ومايتين
3 - (القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير)
عبد الْكَرِيم بن هبة الله بن السديد الْمصْرِيّ القَاضِي النَّبِيل الْجَلِيل الْمُدبر كريم الدّين أَبُو الْفَضَائِل الْكَبِير ابْن الْعلم وَكيل السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وناظر خواصه ومدبر دولته بلغ فَوق مَا يبلغهُ الوزراء ونال فَوق مَا يَنَالهُ الْكتاب من الوجاهة وَالْحُرْمَة والتقدم أسلم كهلاً أَيَّام الجاشنكير وَكَانَ كَاتبه وَكَانَ لَا يصرف على السُّلْطَان شَيْء يَطْلُبهُ إِلَّا بقلم القَاضِي كريم الدّين وَيُقَال إِنَّه طلب مرّة إوزة وَلم يكن حَاضرا فَلم تصرف لَهُ وَلما هرب الجاشنكير على مَا تقدم فِي تَرْجَمته وَأخذ الخزائن مَعَه وَورد السُّلْطَان من الكرك تطلبه كثيرا حكى لي الْحَافِظ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ جَاءَ إِلَى الْأَمِير علم الدّين الجاولي وَقَالَ لَهُ قد جِئْت إِلَيْك فَقَالَ مَا فِي يَدي لَك فرج وَلَكِن للسُّلْطَان الْيَوْم خاصكي يُقَال لَهُ الْأَمِير سيف الدّين طغاي الْكَبِير وَهُوَ لَا يُخَالِفهُ فَأُرِيد أجتمع لَك بِهِ وأعرفك مَا يكون)
ثمَّ إِنَّه اجْتمع بِهِ فَقَالَ لَهُ أحضرهُ وَدخل الْأَمِير سيف الدّين طغاي إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ يضْحك وَقَالَ لَهُ إِن حضر كريم الدّين أيش تُعْطِينِي ففرح وَقَالَ أعندك هُوَ أحضرهُ فَخرج وَقَالَ للأمير علم الدّين أحضرهُ فَأحْضرهُ فَقَالَ لَهُ مهما قَالَ لَك السُّلْطَان قل لَهُ نعم وَلَا تخَالفه وَدعنِي أَنا أدبر أَمرك فَدخل بِهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ استشاط غَضبا وَقَالَ لَهُ أخرج السَّاعَة احْمِلْ ألف ألف دِينَار فَقَالَ لَهُ نعم وَخرج فَقَالَ لَا كثير إحمل خمس ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَقَالَ لَا كثير إحمل ثَلَاث ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَقَالَ لَا كثير إحمل السَّاعَة ماية ألف دِينَار فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فَخرج فَقَالَ لَهُ الْأَمِير سيف الدّين طغاي لَا تسقع دقنك وتحضر الْجَمِيع الْآن وَلَكِن هَات لي الْآن مِنْهَا عشرَة آلَاف دِينَار وَدخل بهَا إِلَى السُّلْطَان فسكن غيظه وَبَقِي كل يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة يحمل خَمْسَة آلَاف دِينَار وَمرَّة ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَمرَّة أَلفَيْنِ وَلم يزل هُوَ وَالْقَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش يصلحان أمره عِنْد السُّلْطَان إِلَى أَن رَضِي عَنهُ وسامحه بِمَا بَقِي واستخدمه نَاظر الْخَاص وَهُوَ أول من بَاشر هَذِه الْوَظِيفَة وَلم تكن تعرف أَولا ثمَّ تقدم وأحبه محبَّة لم يُحِبهَا لآخر مثله وَكَانَ يخلع عَلَيْهِ أطلس أَبيض والفوقاني بطرز والتحتاني بطرز(19/66)
والقبع زركش على مَا استفاض وَكَانَت الخزائن جَمِيعهَا عِنْده فِي بَيته وَإِذا أَرَادَ السُّلْطَان شَيْئا نزل إِلَيْهِ مَمْلُوك إِلَى بَيته واستدعى مِنْهُ مَا يُريدهُ فيجهزه إِلَيْهِ من بَيته وَكَانَ يخلع على أُمَرَاء الطبلخانات الْكِبَار من عِنْده وَقيل إِن السُّلْطَان نزل يَوْمًا من الصَّيْد فَقَالَ لَهُ يَا قَاضِي إعرض أَنْت صيود الْأُمَرَاء فَإِن لي ضَرُورَة وَدخل الدهليز ووقف القَاضِي كريم الدّين على بَاب الدهليز وَكَانَ الْأُمَرَاء يحْضرُون صيودهم على طبقاتهم بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يخلع عَلَيْهِم على طبقاتهم وَاحِدًا بعد وَاحِد
وَحج هُوَ الخونده طغاي امْرَأَة السُّلْطَان واحتفل بأمرها وَكَانَ كل سماط فِي الْغَدَاء وَالْعشَاء يحضر لَهَا أَنْوَاع البقل طرية والجبن المقلي سخناً أَخذ مَعَه الأبقار الحلابة وَحمل الْخضر فِي مزارعها بالطين على الْجمال وَكَانَ يخْدم كل أحد من الْأُمَرَاء الْكِبَار الْمَشَايِخ والخاصكية الْكِبَار والجمدارية الصغار وكل أحد حَتَّى الأوشاقية فِي الإسطبل وأرباب الْوَظَائِف وَكَانَ فِي أول الْأَمر مَا يخرج القَاضِي فَخر الدّين لصَلَاة الصُّبْح إِلَّا ويجد كريم الدّين رَاكِبًا وَهُوَ ينتظره ويطلع فِي خدمته إِلَى القلعة ودام الْأَمر هَكَذَا سِتَّة أشهر أَو مَا هُوَ حولهَا ثمَّ إِن فَخر الدّين كَانَ يركب ويحضر إِلَى بَابه وينتظره ليطلع مَعَه إِلَى القلعة وَكَانَ فِي كل يَوْم ثلاثاء)
يحضر إِلَى جَار فَخر الدّين ويتغذى عِنْده ويحضر مخفيتين لَا يعود إِلَيْهِ شَيْء من ماعونهما الصيني أبدا وَكَانَ يركب فِي عدَّة مماليك أتراك يُقَال سَبْعُونَ مَمْلُوكا أَو أقل بكنابيش عمل الدَّار وطرز ذهب والأمراء تركب فِي خدمته وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا رأى أحد من المتعممين مَا رَآهُ القَاضِي كريم الدّين وَلَا غَيره وَقيل إِنَّه طلبه السُّلْطَان يَوْمًا إِلَى الدّور فَدخل وَبقيت الخزندارة تروح وتجيء مَرَّات فِيمَا تطلبه الخونده طغاي فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يَا قَاضِي أيش حَاجَة لهَذَا التَّطْوِيل بنتك مَا تختبي مِنْك أَدخل إِلَيْهَا أبْصر مَا تريده إفعله فَقَالَ وَدخل إِلَيْهَا وسير السُّلْطَان قَالَ لَهَا أَبوك هُنَا ابصري لَهُ مَا ياكل فأخرجت لَهُ طَعَاما وَقَامَ السُّلْطَان إِلَى كرمة فِي الدّور وَقطع مِنْهَا عنباً وأحضره وَهُوَ ينفخه من الْغُبَار وَقَالَ يَا قَاضِي كل من عِنَب دُورنَا وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يعْمل سوءا وَيَرَاهُ قد أقبل يَقُول جَاءَ القَاضِي وَمَا يدعنا نعمل مَا نُرِيد فيحدثه فِي إبِْطَال مَا كَانَ هم بِهِ من الشَّرّ وَمُدَّة حَيَاته لم يَقع من السُّلْطَان إِلَّا خير وَأما مكارمه فَلم أسمع من أحد عَنهُ إِلَّا مكرمَة أَو منقبة بديعة حكى لي غير وَاحِد بِالْقَاهِرَةِ أَنه حضرت لَهُ امْرَأَة رفعت قصَّة تطلب مِنْهُ إزاراً فَوَقع فِي ظَاهرهَا إِلَى الصَّيْرَفِي بمبلغ ثَمَان ماية دِرْهَم فَلَمَّا رأى الصَّيْرَفِي أنكر ذَلِك وأوقفها وَتوجه إِلَيْهِ وَقَالَ يَا سَيِّدي هَذِه سَأَلت إزاراً والإزار مَا ثمنه هَذَا الْمبلغ فَقَالَ لَهُ صدقت وَأخذ الْقِصَّة وَقَالَ هَذَا مَتَاع الله تَعَالَى وَهَذِه متاعي وَزَاد الثمان ماية ثَمَانِينَ وَقَالَ أَنا مَا أردْت إِلَّا ثَمَانِينَ وَلَكِن(19/67)
الله أَرَادَ الثمان ماية فوزن الصَّيْرَفِي للْمَرْأَة ثَمَان ماية وَثَمَانِينَ حكى لي هَذِه غير وَاحِد وَقيل لي إِنَّه كَانَ لَهُ صيرفي يَسْتَدْعِي مِنْهُ مَا يُرِيد صرفه لمن سَأَلَهُ شَيْئا وَإِن الصَّيْرَفِي أحضر إِلَيْهِ مرّة وصولات عديدة لَيست بِخَطِّهِ فأنكرها فَقَالَ الصَّيْرَفِي هَذَا فِي كل وَقت يحضر إِلَيّ مثل هَذِه الوصولات فَقَالَ إِذا جَاءَ أمْسكهُ وأحضره فَلَمَّا جَاءَهُ على الْعَادة أمْسكهُ وأحضره إِلَى بَابه فَقيل لَهُ إِن الصَّيْرَفِي وَقع بالمزور فَقَالَ سيبوه مَا لي وَجه أرَاهُ ثمَّ قَالَ أحضروه فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ مَا حملك على هَذَا قَالَ الْحَاجة فَقَالَ لَهُ كلما احتجت إِلَى شَيْء اكْتُبْ بِهِ خطك على عادتك لهَذَا الصَّيْرَفِي وَلَكِن ارْفُقْ فَإِن علينا كلفاً كَثِيرَة وَقَالَ الصَّيْرَفِي كلما جَاءَ إِلَيْك خطه بِشَيْء فأصرفه وَلَا تشَاور عَلَيْهِ وَحكي لي أَنه قبل إِمْسَاكه ضيع بعض بابية مماليك بكتمر الساقي حياصة ذهب فَقَالَ صَاحبهَا للأمير فَقَالَ الْأَمِير إِن لم يحضر الحياصة وَإِلَّا روحوا بِهِ إِلَى الْوَالِي ليقطع يَده فنزلوا بذلك البابي فَوجدَ القَاضِي كريم الدّين آخر النَّهَار طالع)
القلعة فَوقف لَهُ وشكاه حَاله فَقَالَ أخروا أمره إِلَى غَد وَلما نزل إِلَى دَاره قَالَ لعَبْدِهِ خُذ مَعَك غَدا حياصة ذهب لتعطيها لذَلِك البابي الْمِسْكِين فَلَمَّا أصبح وطلع القلعة أمسك واشتغل النَّاس بأَمْره وَنسي أَمر البابي وَلما تفرغ النَّاس طلب البابي وجهز إِلَى الْوَالِي فَقَالَ لَهُ رفقاه مَا كَانَ القَاضِي كريم الدّين قد وَعدك روح إِلَيْهِ فَقَالَ يَا قوم إِنْسَان قد أمسك وصودر أروح إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ روح إِلَيْهِ وَكَانَ قد أَمر لَهُ بالْمقَام فِي القرافة فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ شكا إِلَيْهِ حَاله فَقَالَ يَا ابْني جِئْت إِلَيّ وَأَنا فِي هَذِه الْحَال ثمَّ رفع المقعد من تَحْتَهُ وَقَالَ لَهُ خُذ هَذِه الدَّرَاهِم اسْتَعِنْ بهَا وَكَانَت قريب الْأَلفَيْنِ فَلَمَّا أَخذهَا وَخرج قَالَ لذَلِك العَبْد مَا كنت أَعطيتك حياصة لهَذَا البابي فَقَالَ نعم وَهَذِه معي فَقَالَ هَاتِهَا فَأَخذهَا وَطلب البابي وَدفعهَا إِلَيْهِ وَقَالَ هَذِه الحياصة أعطهم إِيَّاهَا وَالدَّرَاهِم أنفقها فطلع بالحياصة وَأَعْطَاهَا للملوك فَدخل بهَا إِلَى الْأَمِير سيف الدّين بكتمر فَقَالَ لَهُ قل أَمر هَذِه الحياصة كَيفَ فَحكى لَهُ مَا جرى لَهُ مَعَ كريم الدّين فَقيل إِن بكتمر الساقي لطم وَجهه وَقَالَ يَا مُسلمين مثل هَذَا يمسك لِأَنَّهُ مَا أمسك إِلَّا بِغَيْر رِضَاهُ حكى لي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله أَنه بلغه أَن القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وَالْقَاضِي نجم الدّين ابْن الْأَثِير قعدا يَوْمًا على بَاب الْقلَّة وَأجْرِي ذكر كريم الدّين ومكارمه فَقَالَ عَلَاء الدّين مَا مكارمه إِلَّا لمن يخافه فَهُوَ يصانع بذلك عَن نَفسه فَمَا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاث حَتَّى احْتَاجَ نجم الدّين ابْن الْأَثِير إِلَى رصاص يَسْتَعْمِلهُ فِي قدور حمام فَكتب ورقة إِلَى كريم الدّين يسْأَل بيع جملَة من الرصاص بديوان الْخَاص فَحمل إِلَيْهِ جملَة كَبِيرَة فضل لَهُ عَمَّا احْتَاجَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ قِنْطَارًا وَلم يَأْخُذ عَن ذَاك ثمنا وَأما عَلَاء الدّين فَإِنَّهُ تَركه يَوْمًا وَهُوَ فِي بستانه وَانْحَدَرَ إِلَيْهِ فِي الْبَحْر فَلم يشْعر بِهِ إِلَّا وَقد أرست حراقته على زريبة(19/68)
عَلَاء الدّين فَنزل إِلَيْهِ وتلقاه واندهش لقدومه فَحلف أَنه مَا يَأْكُل مَا يحضرهُ إِلَيْهِ من خَارج الْبُسْتَان وَإِلَّا مهما كَانَ طَعَام ذَلِك النَّهَار يحضرهُ فأحضر لَهُ مَا اتّفق حُضُوره وَقَالَ يَا مَوْلَانَا أَنا مَا أعلمتك بمجيئي وَلَكِن أَنا مثل الْيَوْم ضيفك وَلَكِن لَا ألتقي هَذِه الْعِمَارَة على هَذِه الصُّورَة وَشرع رتبها على مَا أَرَادَ وَرَاح من عِنْده فَلم يشْعر عَلَاء الدّين ذَلِك الْيَوْم إِلَّا بالمراكب قد أرست على زريبته بأنواع الأخشاب والطوب وأفلاق النّخل والجبس والمهندسين والصناع والفعول وَكلما يحْتَاج إِلَيْهِ وَأخذُوا فِي هدم ذَلِك الْمَكَان وشرعوا فِي بنائِهِ على مَا قَالَه لَهُم فَلم)
يَأْتِ على ذَلِك خَمْسَة أَيَّام أَو سِتَّة إِلَّا وَقد تَكَامل ورخم وزخرف وَفرغ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ قبل ذَلِك الميعاد بِيَوْم جَاءَ إِلَيْهِ مركب موسق بأنواع الْغنم والإوز والدجاج الفايق وَغَيره وَالسكر والأرز وَجَمِيع مَا يطْبخ حَتَّى المخافي والماعون الصيني والجبن وَمن يقليه وَعمل الطَّعَام الفايق الْمُخْتَلف وَمد السماط الْعَظِيم وَنزل القَاضِي كريم الدّين وَمَعَهُ من يختاره وَجَاء إِلَيْهِ وجد الدَّار قد عمرت على مَا أَرَادَ وَالطَّعَام قد مد سماطه فَأكل هُوَ وَمن مَعَه وأحضر أَنْوَاع الْفَاكِهَة والحلوى والمشروب وَلما فرغ من ذَلِك أحضر بقجة كَبِيرَة أخرج مِنْهَا مَا يصلح للنِّسَاء من القماش الإسكندري وَغَيره وَمَا يصلح لملبوس عَلَاء الدّين وَقَالَ هَذِه خَمْسَة آلَاف دِرْهَم يكسو بهَا مَوْلَانَا عبيده وجواريه على مَا يرَاهُ وَهَذَا توقيع تصدق بِهِ مَوْلَانَا السُّلْطَان على مَوْلَانَا فِيهِ زِيَادَة مَعْلُوم دَرَاهِم وغلة وَكِسْوَة وَلحم وجراية وَنزل يركب فَنزل مَعَه فَلَمَّا ركب وفارقه قَالَ يَا مَوْلَانَا عَلَاء الدّين وَالله هَذِه الْأَشْيَاء أَنا أَفعَلهَا طبعا وَأَنا لَا أرجوك وَلَا أخافك وعَلى الْجُمْلَة فَمَا سَمِعت عَنهُ بالديار المصرية إِلَّا كل مكرمَة غير الْأُخْرَى بيتدع فعلهَا وَلم نسمعها عَن غَيره وَهُوَ الَّذِي صدق أَخْبَار البرامكة وَمن رياسته أَنه كَانَ إِذا قَالَ لَك نعم كَانَت نعم وَإِذا قَالَ لَك لَا فَهِيَ لَا وَهَذِه تَمام الرياسة قدم من الثغر نوبَة حريق الْقَاهِرَة وَنسب إِلَيْهِ ميل إِلَى النَّصَارَى فغوث بِهِ الغوغاء ورجموه فَغَضب السُّلْطَان وَقطع أَيدي أَرْبَعَة وتزاحم الْخلق واختنق رجل وَكَانَ إِذا دخل إِلَى البيمارستان المنصوري وَقد ولي نظره يتَصَدَّق بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَمَاتَ فِي مرّة ثَلَاثَة أنفس على مَا قيل وَقيل إِنَّه شرب مرّة دَوَاء فَجمع كل مَا دخل الْقَاهِرَة ومصر من الْورْد وَحمل إِلَى دَاره وَبسط إِلَى كراسي بَيت المَاء وداس النَّاس مَا داسوه وَأخذ مَا فضل وأباعه الغلمان للبيمارستان بمبلغ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم
وَكَانَ وقوراً عَاقِلا داهية جزل الرَّأْي بعيد الْغَوْر عمر بالزريبة جامعاُ وميضأة وَعمر فِي طرق الرمل البيارات وَأصْلح الطّرق وَعمر جَامع القبيبات والقابون ووقف عَلَيْهِمَا(19/69)
ثمَّ انحرف عَنهُ السُّلْطَان ونكبه وَأقَام فِي بَيت الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين قجليس يروح وَيَجِيء إِلَيْهِ فِي الرسائل عَن السُّلْطَان ثمَّ رسم بنزوله إِلَى القرافة ثمَّ إِنَّه أخرج إِلَى الشوبك ثمَّ إِلَى الْقُدس ثمَّ طلب إِلَى مصر وجهز إِلَى أسوان وَبعد قَلِيل أصبح مشنوقاً بعمامته وَكَانَ يحترم الْعلمَاء وَسمع البُخَارِيّ وَقيل إِنَّه لما أحس بقتْله)
صلى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هاتوا عِشْنَا سعداء ومتنا شُهَدَاء وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ مَا عمل أحد مَعَ أحد مَا عمله السُّلْطَان مَعَ كريم الدّين أعطَاهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَكَانَت واقعته سنة أَربع وَعشْرين وَسبع ماية ومناقبه كَثِيرَة إِلَى الغية ومكارمه جزيلة لَا تحصى وَهَذَا أنموذج مِنْهَا
وَمن مدح شرف الدّين الْقُدسِي فِيهِ قَوْله
(إِذا مَا بار فضلك عِنْد قوم ... قصدتهم وَلم تظفر بطائل)
(فخلهم خلاك الذَّم وأقصد ... كريم الدّين فَهُوَ أَبُو الْفَضَائِل)
3 - (ضَامِن الزَّكَاة)
عبد الْكَرِيم بن عَليّ الشهروزي المحتد القوصي الدَّار والوفاة أديب فَاضل ناظم ناثر ينظم الشّعْر والزجل كَانَ ضَامِن الزَّكَاة بقوص ثمَّ ترك ذَلِك وتصوف ومدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمدائح وَله أزجال مَشْهُورَة وَتُوفِّي بعد السَّبع ماية طلب من بعض التُّجَّار جوزة هندية فَلم يرسلها إِلَيْهِ فَكتب إِلَيْهِ
(طلبت مِنْك جوزة ... منعت مني قربهَا)
(وَكم طلبت زَوْجَة ... مِنْك فَلم تبخل بهَا)
قلت الْبَاء الأولى مَفْتُوحَة وَالثَّانيَِة مَكْسُورَة وَهُوَ عيب فِي القافية وَقَالَ
(وكرشة مَمْلُوءَة ... من الخرا مطنبه)
(شبهتها مرمية ... بدمها مختضبه)
(قليطة القَاضِي الشها ... ب بن النجيب بن هبة)(19/70)
(عبد اللَّطِيف)
3 - (ابْن النجيب السهروردي)
عبد اللَّطِيف بن عبد القاهر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمويه السهروردي أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ النجيب الْمَذْكُور فِي بَابه الصُّوفِي ولد بِبَغْدَاد وَقَرَأَ الْفِقْه بهَا على أَبِيه وسافر إِلَى خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر وَلَقي الْأَئِمَّة وَحصل وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام بهَا مُدَّة ورحل إِلَى الشَّام وبلاد السَّاحِل وَتَوَلَّى الْقَضَاء بعكا لما أَخذهَا الْمُسلمُونَ من الفرنج وَكَانَ يتنقل من بلد إِلَى بلد ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد ودرس بمدرسة وَالِده ثمَّ سَافر إِلَى إربل وَكَانَ فَقِيها فَاضلا صَدُوقًا متديناً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً أسمعهُ وَالِده الْكثير من أبي الْمَعَالِي عبد الْخَالِق ابْن عبد الصَّمد بن الْبدن وَأبي الْبَدْر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْكَرْخِي وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن الصّباغ وَغَيرهم
وَتُوفِّي بإربل سنة عشر وست ماية
3 - (صدر الدّين الخجندي)
عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن ثَابت بن الْحسن الخجندي أَبُو الْقَاسِم صدر الدّين الإصبهاني كَانَ يتَوَلَّى الرياسة بهَا على قَاعِدَة آبَائِهِ وَكَانَت لَهُ المكانة عِنْد السلاطين والملوك والعوام وَكَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً شَاعِرًا صَدرا مهيباً جَلِيلًا نبيلاً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً سمع من أبي الْقَاسِم غَانِم بن خَالِد بن عبد الْوَاحِد التَّاجِر وَأبي سعد أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ وَأبي الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَغَيرهم قدم بَغْدَاد حَاجا فِي عدد كثير من أَتْبَاعه وأشياعه وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وَأحسن وأجاد وخلع عَلَيْهِ من الدِّيوَان وَلما عَاد من الْحَج وصل إِلَى همذان وَدخل الْحمام فَأَصَابَهُ فالج فِي الْحمام فَمَاتَ فِي الْحَال وَحمل إِلَى إصبهان وَدفن بهَا سنة ثَمَانِينَ وَخمْس ماية
وَمن شعره
(بالحمى دَار سَقَاهَا مدمعي ... يَا سقى الله الْحمى من مربع)(19/71)
(لَيْت شعري والأماني ضلة ... هَل إِلَى وَادي الغضا من مرجع)
(أَذِنت علوة للواشي بِنَا ... مَا على علوة لَو لم تسمع)
(أَو تحرت رشدا فِيمَا وشى ... أَو عفت عني فَمَا الْقلب معي)
)
وَمِنْه
(رمانا يَوْم رامة طرف غاده ... تعود قتلنَا وَالْخَيْر عَاده)
(فَذَكرنَا الصِّبَا وَالْعود رطب ... وثغر الْعَيْش يبسم عَن رغاده)
(يشوش طيب عَيْش كنت فِيهِ ... رعى الله المشوش لَو أَعَادَهُ)
(رَوَت عَيْني وَقد كحلت بشوك ... أَحَادِيث الصبابة عَن قتاده)
(بطرفك والسقام وَبِي سقام ... وَلَكِن لَا علاج وَلَا عياده)
قلت من هُنَا أَخذ ابْن سناء الْملك قَوْله
(تعودت الْهوى وَالْخَيْر عَاده ... وَلَا سِيمَا لأغيد أَو لغاده)
(فَنَار الْقلب تخبر عَن شهَاب ... ودمع الْعين يروي عَن قتاده)
وَلَكِن أَقُول الخجندي أكمل لِأَنَّهُ ذكر الشوك فَلَمَّا جَاءَ ذكر قَتَادَة ترشح وَإِنَّمَا ابْن سناء الْملك زادنا ذكر شهَاب فِي حِصَّة الْقلب
وَقد مر ذكر أَبِيه مَكَانَهُ وَذكر وَالِد جده مُحَمَّد بن ثَابت فِي المحمدين
3 - (أَبُو طَالب ابْن القبيطي)
عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن فَارس الْحَرَّانِي أَبُو طَالب ابْن أبي الْفرج التَّاجِر الْجَوْهَرِي الْمَعْرُوف بِابْن القبيطي أَخُو عبد الْعَزِيز وَهُوَ الْأَكْبَر أسمعهُ عَمه حَمْزَة فِي صباه الْكثير من أبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد الْمَقْدِسِي وَأبي شُجَاع مُحَمَّد بن عَليّ بن الماذرائي وَأبي مُحَمَّد عبد الله بن الخشاب وَغَيرهم وَهُوَ صَدُوق حسن الطَّرِيقَة
روى عَنهُ محب الدّين ابْن النجار
ومولده سنة أَربع وَخمسين وَخمْس ماية ووفاته سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست ماية(19/72)
3 - (ابْن الكيال الْحَنَفِيّ قَاضِي وَاسِط)
عبد اللَّطِيف بن نصر الله بن عَليّ بن مَنْصُور بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن الكيال أَبُو المحاسن ابْن أبي الْفَتْح الوَاسِطِيّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ تولى قَضَاء وَاسِط بعد أَبِيه وعزل ثمَّ أُعِيد ثَانِيًا وَقدم بَغْدَاد وَولي التدريس بمشهد أبي حنيفَة سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ أُعِيد إِلَى قَضَاء وَاسِط ثَالِثا ثمَّ ولي ديوَان الإشراف بواسط مُضَافا إِلَى الْقَضَاء إِلَى أَن عزل عَنْهُمَا واعتقل بالديوان مُدَّة
وَتُوفِّي معتقلاً سنة خمس وست ماية)
3 - (أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ الشَّافِعِي الطَّبِيب)
عبد اللَّطِيف بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ الْموصِلِي الْبَغْدَادِيّ المولد وَالْأَب أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي الْعِزّ النَّحْوِيّ أسمعهُ والدُهُ الْكثير فِي صِباه من أبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي وَأبي الْقَاسِم يحيى ابْن ثَابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَأبي بكر عبد الله ابْن النقور وَغَيرهم وتفقه للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على ابْن الْأَنْبَارِي وَصَحب الْوَجِيه أَبَا بكر الضَّرِير النَّحْوِيّ وبرع فِي النَّحْو وتميز على أقرانه وَقَرَأَ الطِّبّ وأحكمه وصنف فِي الْأَدَب وَغَيره وَكَانَ يكْتب مليحاً وسافر إِلَى الشَّام وَدخل مصر وَلَقي قبولاً وَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ فِي الْأَدَب والطب وروى أَكثر مجموعاته وَكَانَ غزير الْفضل كَامِل الْعقل حسن الْأَخْلَاق محباً للْعلم وَأَهله وَدخل بِلَاد الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة وَكَانَ يطب ملكهَا وصادف قبولاً وَلما توفّي الْملك عَاد إِلَى حلب وَحدث بهَا وَحج وَأقَام بِبَغْدَاد مَرِيضا بعلة الذرب وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وست ماية
3 - (الْمُوفق المطجن)
عبد اللَّطِيف بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أبي سعد الْعَلامَة موفق الدّين أَبُو مُحَمَّد
الْموصِلِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْمُتَكَلّم الطَّبِيب الفيلسوف الْمَعْرُوف قَدِيما بِابْن اللباد لقبه تَاج الدّين الْكِنْدِيّ بالجدي المطجن لرقة وَجهه وتجعده ويبسه
ولد بِبَغْدَاد فِي أحد الربيعين سنة سبع وَخمسين وَخمْس ماية وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة تسع وَعشْرين وست ماية سَمعه أَبوهُ من ابْن البطي وَأبي زرْعَة(19/73)
الْمَقْدِسِي وشهدة وَجَمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم البرزالي وَالْمُنْذِرِي والضياء وَابْن النجار والقوصي والكمال العديمي وَجَمَاعَة
وَحدث بِدِمَشْق ومصر والقدس وحران وبغداد وَكَانَ أحد الأذكياء المتضلعين من الْآدَاب والطب وَعلم الْأَوَائِل إِلَّا أَن دعاويه كَانَت أَكثر من علومه وَكَانَ ذميم الْخلقَة نحيلها قَلِيل لحم الْوَجْه بَالغ القفطي فِي الْحَط عَلَيْهِ وَكَانَ ينْتَقل من دمشق إِلَى حلب
وَمن كَلَامه اللَّهُمَّ أعذنا من جموع الطبيعة وشموس النَّفس وسلس لنا مقار التَّوْفِيق وَخذ بِنَا فِي سَوَاء الطَّرِيق يَا هادي الْعمي يَا مرشد الضلال يَا محيي الْقُلُوب الْميتَة بِالْإِيمَان خُذ بِأَيْدِينَا من مهواة الهلكة ونجنا من ردغة الطبيعة وَطَهِّرْنَا من درن الدُّنْيَا الدنية بالإخلاص لَك وَالتَّقوى إِنَّك مَالك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة سُبْحَانَ من عَم بِحِكْمَتِهِ الْوُجُود وَاسْتحق بِكُل وَجه أَن)
يكون هُوَ المعبود تلألأت بِنور جلالك الْآفَاق وأشرقت شمس معرفتك على النُّفُوس إشراقاً وَأي إشراق
وَمن تصانيفه غَرِيب الحَدِيث والمجرد مِنْهُ والواضحة فِي الْإِعْرَاب الْفَاتِحَة كتاب رب كتاب الْألف وَاللَّام شرح بَانَتْ سعاد ذيل الفصيح خمس مسَائِل نحوية شرح مُقَدّمَة ابْن بابشاذ شرح الْخطب النباتية شرح سبعين حَدِيثا شرح أَرْبَعِينَ حَدِيثا طبية الرَّد على فَخر الدّين الرَّازِيّ فِي تَفْسِير سُورَة الْإِخْلَاص شرح نقد الشّعْر لقدامه قوانين البلاغة الْإِنْصَاف بَين ابْن بري وَبَين ابْن الخشاب فِي كَلَامهمَا على المقامات مَسْأَلَة أَنْت طَالِق فِي شهر قبل مَا بعد قبله رَمَضَان كتاب قبسة العجلان فِي النَّحْو اخْتِصَار الْعُمْدَة لِابْنِ رَشِيق مُقَدّمَة حِسَاب اخْتِصَار كتاب النَّبَات اخْتِصَار كتاب النَّبَات اخْتِصَار كتاب الْحَيَوَان لأرسطو وَاخْتصرَ كتبا كَثِيرَة فِي الطِّبّ كتاب أَخْبَار مصر الْكَبِير الإفادة فِي أَخْبَار مصر تَارِيخ يتَضَمَّن سيرته مقَالَة فِي الرَّد على الْيَهُود وَالنَّصَارَى مقَالَة فِي النَّفس مقَالَة فِي الْعَطش مقَالَة فِي السقنقور(19/74)
كتاب فِي الْعلم الإلهي كتاب الْجَامِع الْكَبِير فِي الطبيعي والإلهي زهاء عشرَة مجلدات بَقِي يصنف فِيهِ مُدَّة شرح الراحمون يرحمهم الرحمان إختصار الصناعتين للعسكري إختصار كتاب مَادَّة الْبَقَاء للتميمي كتاب بلغَة الْحَكِيم مقَالَة فِي الْمَار مقَالَة فِي حَقِيقَة الدَّوَاء والغذاء مقَالَة فِي التأذي بصناعة الطِّبّ مقَالَة فِي الرواند مقَالَة فِي الْحِنْطَة مقَالَة فِي الحبران مقَالَة رد فِيهَا على عَليّ بن رضوَان فِي اخْتِلَاف جالينوس وأرسطو كتاب يعقب حَوَاشِي ابْن جَمِيع على القانون مقَالَة فِي الْحَواس مقَالَة فِي الْكَلِمَة وَالْكَلَام كتاب السَّبْعَة كتاب تحفة الأمل كتاب الْحِكْمَة العلائية حواش على كتاب الْبُرْهَان للفارابي كتاب للدرياق حل شَيْء من شكوك الرَّازِيّ على كتب جالينوس مقَالَة فِي ميزَان الْأَدْوِيَة والأدواء من جِهَات الكيفيات مقَالَة فِي تعقب ميزَان الْأَدْوِيَة مقَالَة أُخْرَى فِي الْمَعْنى مقَالَة فِي النَّفس وَالصَّوْت وَالْكَلَام مقَالَة فِي تَدْبِير الْحَرْب جَوَاب مَسْأَلَة سُئِلَ عَنْهَا فِي ذبح الْحَيَوَان وَقَتله وَهل ذَلِك سَائِغ فِي الطَّبْع وَفِي الْعقل كَمَا هُوَ سَائِغ فِي الشَّرْع مقالتان فِي الْمَدِينَة الفاضلة مقَالَة فِي الْعُلُوم الضارة رِسَالَة فِي الْمُمكن مقَالَة فِي الْحسن وَالنَّوْع الْفُصُول الْأَرْبَعَة المنطقية تَهْذِيب كَلَام أفلاطون مقَالَة فِي النِّهَايَة واللانهاية مقَالَة فِي كَيْفيَّة اسْتِعْمَال الْمنطق مقَالَة فِي الْقيَاس كتاب فِي الْقيَاس خَمْسُونَ كراساً ثمَّ أضَاف إِلَيْهِ الْمدْخل والمقولات والعبارة والبرهان فجَاء أَربع)
مجلدات كتاب السماع الطبيعي مجلدان شرح الأشكال البرهانية مقَالَة فِي تزييف الشكل الرَّابِع مقَالَة فِي تزييف مَا يَعْتَقِدهُ ابْن سينا من البرهانية وجود أقيسة شَرْطِيَّة تنْتج نتائج شَرْطِيَّة مقَالَة فِي القياسات المختلطات مقَالَة فِي تزييف المقاييس الشّرطِيَّة مقَالَة أُخْرَى فِي الْمَعْنى رِسَالَة فِي الْمَعَادِن وَإِبْطَال الكيمياء عهد إِلَى الْحُكَمَاء اخْتِصَار كتاب الْحَيَوَان لِابْنِ أبي الْأَشْعَث اخْتِصَار كتاب القولنج لَهُ مقَالَة فِي البرسام مقَالَة فِي الرَّد على ابْن الْهَيْثَم مُخْتَصر فِيمَا بعد الطبيعة مقَالَة فِي اللُّغَات وَكَيْفِيَّة تولدها مقَالَة فِي الشّعْر مقَالَة فِي الأقيسة الوضعية مقَالَة فِي الْقدر وَقَالَ موفق الدّين عبد اللَّطِيف ولدت بدار لجدي سنة سبع وَخمسين وَخمْس ماية وتربيت فِي حجر الشَّيْخ لَا أعرف اللَّهْو واللعب وَأكْثر زماني مَصْرُوف فِي سَماع الحَدِيث وَأخذت لي إجازات من مَشَايِخ بَغْدَاد وخراسان وَالشَّام ومصر وَقَالَ وَالِدي قد سَمِعتك جَمِيع عوالي بَغْدَاد تعلم الْخط واحفظ الْقُرْآن والفصيح والمقامات وديوان المتنبي وَنَحْو ذَلِك ومختصراً فِي النَّحْو ومختصراً فِي الْفِقْه فَلَمَّا ترعرعت حَملَنِي إِلَى كَمَال الدّين ابْن الْأَنْبَارِي فَقَالَ(19/75)
أَنا أجفو عَن تَعْلِيم الصّبيان وأحمله إِلَى تلميذي الْوَجِيه فأخذني الْوَجِيه بكلتا يَدَيْهِ وَجعل يعلمني من أول النَّهَار إِلَى آخِره وَيجْعَل جَمِيع الشروحات لي ويخاطبني
وَفِي آخر الْأَمر أَقرَأ درسي ثمَّ نخرج من الْمَسْجِد فيذاكرني فِي الطَّرِيق فَإِذا بلغنَا منزله أخرج الْكتب الَّتِي يشْتَغل بهَا مَعَ نَفسه فيحفظ وأحفظ مَعَه وَأخرج مَعَه إِلَى كَمَال الدّين ابْن الْأَنْبَارِي فَيقْرَأ درسه ويشرح لَهُ وانا أسمع وتخرجت إِلَى أَن صرت أسبقه فِي الْحِفْظ والفهم وأصرف أَكثر اللَّيْل فِي الْحِفْظ والتكرار فاستقام ذهني وأقمت بُرْهَة وَأَنا لَازم الشَّيْخ وَشَيخ الشَّيْخ وحفظت اللمع فِي ثَمَانِيَة أشهر وأطالع عَلَيْهِ الشُّرُوح وأشرحها لتلاميذ يختصون بِي إِلَى أَن صرت أَتكَلّم على كل بَاب كراريس وَلَا ينفذ مَا عِنْدِي وحفظت أدب الْكتاب لِابْنِ قُتَيْبَة فِي شهور فَأَما تَقْوِيم اللِّسَان فَفِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا كل يَوْم كراس وحفظت مُشكل الْقُرْآن لَهُ وغريب الْقُرْآن لَهُ فِي مُدَّة يسيرَة وحفظت الْإِيضَاح لأبي عَليّ الْفَارِسِي فِي شهور وَأما التكملة فَفِي أَيَّام يسيرَة كل يَوْم كراس وطالعت الْكتب المبسوطة والمختصرات وواظبت على مقتضب الْمبرد وَكتاب ابْن درسْتوَيْه وَفِي أثْنَاء ذَلِك لَا أغفل عَن سَماع الحَدِيث وَالْفِقْه على شَيخنَا ابْن فضلان وأكببت على المقتضب فأتممته وَبعد ذَلِك تجردت لكتاب سِيبَوَيْهٍ وَشَرحه للسيرافي وقرأت على أبي عُبَيْدَة الْكَرْخِي كتبا كَثِيرَة مِنْهَا الْأُصُول لِابْنِ السراج وقرأت)
عَلَيْهِ الْفَرَائِض وَالْعرُوض للخطيب التبريزي وَأما ابْن الخشاب فَسمِعت بقرَاءَته مَعَاني الزّجاج على الكاتبة شهدة وَسمعت مِنْهُ الحَدِيث المسلسل وَهُوَ الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن وأكببت على كتب الْغَزالِيّ الْمَقَاصِد والمعيار وَالْمِيزَان ومحك النّظر ثمَّ انْتَقَلت إِلَى كتب ابْن سينا صغارها وكبارها وحفظت كتاب النجَاة وكتبت الشِّفَاء وبحثت فِيهِ وحصلت كثيرا من كتب جَابر بن حَيَّان الصُّوفِي وَابْن وحشية وباشرت على الصَّنْعَة الْبَاطِلَة وتجارب الضلال الفارغة وَأقوى من أضلني ابْن سينا بكتابه فِي الصَّنْعَة الَّذِي تمم بِهِ فلسفته الَّتِي لَا تزداد بالتمام إِلَّا نقصا ثمَّ دخلت الْموصل وَوجدت الْكَمَال ابْن يُونُس جيدا فِي الرياضيات وَالْفِقْه متصرفاً فِي بَاقِي أَجزَاء الْحِكْمَة وَاجْتمعَ إِلَيّ جمَاعَة كَبِيرَة وَعرضت عَليّ مناصب فاخترت مِنْهَا مدرسة ابْن مهَاجر الْمُعَلقَة وَدَار الحَدِيث الَّتِي تحتهَا وأقمت بالموصل سنة فِي اشْتِغَال دَائِم ومتواصل وَسمعت النَّاس يرهجون فِي حَدِيث السهروردي المتفلسف ويعتقدون أَنه فاق الْأَوَّلين والآخرين وَأَن تصانيفه فَوق تصانيف القدماء فهممت لقصده وأدركني التَّوْفِيق وَطلبت من ابْن يُونُس شَيْئا من تصانيفه فوقفت على التلويحات واللمحة والمعارج فصادفت فِيهَا مَا يدل على جهل أهل الزَّمَان وَوجدت لي تعاليق كَثِيرَة لَا أرتضيها هِيَ خير من كَلَام هَذَا الأول ثمَّ دخلت دمشق(19/76)
وَاجْتمعت بالكندي الْبَغْدَادِيّ النَّحْوِيّ وَجَرت بَيْننَا مباحثات وَكَانَ شَيخا ذكياً مثرياً لَهُ جَانب من السُّلْطَان لكنه معجب بِنَفسِهِ مؤذ لجليسه وأظهرني الله عَلَيْهِ فِي مبَاحث ثمَّ أهملت جَانِبه وَكَانَ يتَأَذَّى بإهمالي وعملت بِدِمَشْق تصانيف جمة ثمَّ تَوَجَّهت إِلَى صَلَاح الدّين بِظَاهِر عكا وَاجْتمعت ببهاء الدّين ابْن شَدَّاد قَاضِي الْعَسْكَر يَوْمئِذٍ فانبسط إِلَيّ وَأَقْبل عَليّ وَقَالَ تَجْتَمِع بعماد الدّين الْكَاتِب فَوَجَدته يكْتب كتابا إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز بقلم الثُّلُث من غير مسودة وذاكرني فِي مسَائِل من علم الْكَلَام وَقَالَ قومُوا بِنَا إِلَى القَاضِي الْفَاضِل فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَرَأَيْت شَيخا ضئيلاً كُله رَأس وقلب وَهُوَ يكْتب ويملي على اثْنَيْنِ وَوَجهه وشفتاه تلعب ألوان الحركات لقُوَّة حرصه على إِخْرَاج الْكَلَام وَكَانَ يكْتب بجملة أَعْضَائِهِ وسألني عَن قَوْله تَعَالَى حَتَّى إِذا جاءها وَفتحت أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُم خزنتها أَيْن جَوَاب إِذا وَأَيْنَ جَوَاب لَو فِي قَوْله تَعَالَى وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال وَعَن مسَائِل كَثِيرَة وَمَعَ هَذَا فَلَا يقطع الْكِتَابَة والإملاء وَقَالَ لي ترجع إِلَى دمشق وتجرى عَلَيْك الجرايات فَقلت أُرِيد مصر فَكتب لي ورقة صَغِيرَة إِلَى وَكيله لَهَا فَلَمَّا وصلت الْقَاهِرَة جَاءَنِي ابْن سناء الْملك)
وَكيله فأنزلني دَارا قد زيحت عللها وَجَاءَنِي بِدَنَانِير وغلة ثمَّ مضى إِلَى أَرْبَاب الدولة وَقَالَ هَذَا ضيف القَاضِي الْفَاضِل فَدرت الْهَدَايَا والصلات من كل جَانب وَكَانَ فِي كل عشرَة أَيَّام وَنَحْوهَا تصل تذكرة الْفَاضِل فِي مهمات الدولة وفيهَا فضل توكيد الْوَصِيَّة بِي فأقمت بِمَسْجِد الْحَاجِب لُؤْلُؤ أَقْْرِئ النَّاس وَكَانَ قصدي ياسمين السيميائي والرئيس مُوسَى بن مَيْمُون الْيَهُودِيّ وَأَبا الْقَاسِم الشراعي أما ياسمين فَوَجَدته محالياً كذابا ومُوسَى الْيَهُودِيّ وجدته فَاضلا لَا فِي الْغَايَة قد غلب عَلَيْهِ حب الرياسة وخدمة أَرْبَاب الدُّنْيَا وَأما أَبُو الْقَاسِم فَوَجَدته كَمَا تشْتَهي الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين سيرته سيرة الْحُكَمَاء الْعُقَلَاء وَوَجَدته قيمًا بكتب القدماء وَإِذا تفاوضنا فِي الحَدِيث أغلبه بِقُوَّة الجدل وَفضل اللسن ويغلبني بِقُوَّة الْحجَّة وَظُهُور المحجة ثمَّ عدت إِلَى الْقُدس وَأخذت من كتب القدماء مَا أمكنني وَكتب لي السُّلْطَان صَلَاح الدّين عِلّة ديوَان الْجَامِع كل شهر بِثَلَاثِينَ دِينَارا وَأطلق لي أَوْلَاده رواتب وَرجعت إِلَى دمشق وأكببت على الِاشْتِغَال وإقراء النَّاس بالجامع وَكلما أمعنت فِي كتب القدماء ازددت فِيهَا رَغْبَة وَفِي كتب ابْن سينا زهادة واطلعت على بطلَان الكيمياء وَعرفت حَقِيقَة الْحَال فِي وَضعهَا وَمن وَضعهَا وَمَا كَانَ قَصده فِي ذَلِك وخلصت من ضلالين عظيمين فَإِن أَكثر النَّاس هَلَكُوا بكتب ابْن سينا وبالكيمياء ثمَّ إِن صَلَاح الدّين توفّي وأقمت بِدِمَشْق وملكها الْأَفْضَل إِلَى أَن جَاءَ الْعَزِيز بعساكر مصر وَتَأَخر إِلَى مرج الصفر لقولنج عرض لَهُ فَخرجت إِلَيْهِ بعد خلاصه فَأذن لي فِي الرحيل مَعَه وأجرى عَليّ من بَيت المَال كفايتي وَزِيَادَة وأقمت مَعَ الشَّيْخ أبي الْقَاسِم يلازمني صباحاً وَمَسَاء إِلَى أَن قضى نحبه وَكنت أَقْْرِئ النَّاس بالجامع الْأَزْهَر من أول النَّهَار إِلَى نَحْو السَّاعَة الرَّابِعَة ووسط النَّهَار يَأْتِي من يقْرَأ الطِّبّ(19/77)
وَغَيره وَآخر النَّهَار يقْرَأ عَلَيْهِ بالجامع قوم آخَرُونَ وَفِي اللَّيْل أشتغل مَعَ نَفسِي وَلم أزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي الْملك الْعَزِيز نقلت ذَلِك من كَلَامه مُخْتَصرا
ثمَّ إِن الْمُوفق توجه إِلَى الْقُدس وَأقَام بِهِ مُدَّة يشغل النَّاس بالجامع الْأَقْصَى ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَنزل بالعزيزية سنة أَربع وست ماية وَكَانَ يَأْتِيهِ خلق كثير يشتغلون عَلَيْهِ فِي أَصْنَاف من الْعُلُوم ثمَّ سَافر إِلَى حلب وَقصد بِلَاد الرّوم وَأقَام بهَا سِنِين كَثِيرَة فِي خدمَة الْملك عَلَاء الدّين دَاوُد بن بهْرَام لَهُ مِنْهُ الجامكية الوافرة والصلات المتواترة وصنف باسمه عدَّة كتب ثمَّ توجه إِلَى ملطية ثمَّ عَاد إِلَى حلب وَتُوفِّي بِبَغْدَاد)
قلت موفق الدّين وَإِن كَانَ فَاضلا وَعِنْده مشاركات فَلَيْسَ هُوَ فِي رُتْبَة الْحَط على هَؤُلَاءِ الْكِبَار الَّذين غض مِنْهُم وَمن أجوبته المليحة السديدة فِي الرَّد على الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ حَيْثُ قَالَ الْخَطِيب ابْن نباتة فِي أول خطْبَة ذكر فِيهَا وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد لله المنتقم مِمَّن خالقه المهلك من آسفه المتوحد فِي قهره المتفرد بعز أمره وَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ الْعجب مِمَّن يفْتَتح هَذِه الْخطْبَة بِمثل هَذَا الْكَلَام لَوْلَا غَفلَة لحقت الْخَطِيب والأليق بهَا أَن يكون افتتاحها الْحَمد لله الْعَادِل فِي أقضيته فَلَا جور فِي قَضَائِهِ الممضي حكمه فِي بريته فَلَا ريب فِي مضائه المتفرد بِالْبَقَاءِ فَلَا مشارك لَهُ فِي بَقَائِهِ المرجو روحه فَلَا رَاحَة لأوليائه جون لِقَائِه وَهَذِه السجعات فِي غَايَة الْمُنَاسبَة لافتتاح خطْبَة تذكر فِيهَا وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ موفق الدّين الْمَذْكُور الْخَطِيب إِنَّمَا قَالَ ذَلِك نظرا إِلَى قَوْله تَعَالَى فإمَّا تذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون وَهَذَا الْجَواب فِي غَايَة الْحسن والسداد وَلَو أورد على الْخَطِيب وَهُوَ حَيّ مَا أجَاب بِأَحْسَن من هَذَا الْجَواب وَلَا أَسد
3 - (النجيب ابْن الصَّقِيل)
عبد اللَّطِيف بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن نصر بن مَنْصُور بن هبة الله الشَّيْخ الْجَلِيل مُسْند الديار المصرية مُجيب الدّين أَبُو الْفتُوح ابْن الإِمَام الْوَاعِظ أبي مُحَمَّد ابْن الصَّقِيل النميري الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ التَّاجِر السفار ولد سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست ماية مولده بحران أسمعهُ أَبوهُ بِبَغْدَاد من عبد الْمُنعم بن كُلَيْب وَأبي الطَّاهِر الْمُبَارك بن المعطوش وَأبي الْفرج ابْن(19/78)
الْجَوْزِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن السبط وَأبي الْفرج ابْن ملاح الشط وَابْن سكينَة وَعبد الله بن مُسلم بن جوالق وَعبد الْملك بن مواهب الْوراق وَطَائِفَة سواهُم وَأَجَازَ لَهُ من أَصْبَهَان أَبُو جَعْفَر الطرسوسي ومسعود الْجمال وخليل الرازاني وَأَبُو المكارم اللبان وروى الْكثير بِبَغْدَاد ودمشق ومصر وانْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد ورحل إِلَيْهِ من الْبِلَاد وازدحم عَلَيْهِ الطّلبَة والنقاد وَألْحق الأحقاد بالأجداد وَكَانَ يُجهز الْبَز ويتكسب بالمتاجر وَله وجاهة وَحُرْمَة وافرة عِنْد الدولة ثمَّ انْقَطع لرِوَايَة الحَدِيث وَولي مشيخة دَار الحَدِيث الكاملية إِلَى أَن مَاتَ وَخرج لَهُ الشريف عز الدّين مشيخة فِي خَمْسَة أَجزَاء وَخرج لَهُ ثمانيات فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وَخرج لَهُ ابْن الظَّاهِرِيّ الموافقات فِي ثَلَاثَة عشر جُزْءا والأبدال والعوالي فِي أَرْبَعَة أَجزَاء والمصافحات فِي جزءين وَغير ذَلِك وَكَانَ صيناً صَحِيح السماع)
وَجَرت عَلَيْهِ محنة من الدولة ولطف الله بِهِ وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الظَّاهِرِيّ وحضرا ولديهما وقاضي الْقُضَاة نجم الدّين وَابْن جمَاعَة وقاضي الْقُضَاة سعد الدّين وَالِد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الشريشي وَالشَّيْخ نصر المنبجي والعفيف أَبُو بكر الصُّوفِي الهنداسة وَمُحَمّد ابْن الشّرف الْمَيْدُومِيُّ والصفي مَحْمُود الأرموي وعلاء الدّين الْكِنْدِيّ وعالم كثير بِمصْر وَالشَّام
3 - (بدر الدّين الْعَبْدي)
عبد الطيف بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله الإِمَام بدر الدّين أَبُو مُحَمَّد الْعَبْدي الْحَمَوِيّ الْفَقِيه مدرس جيد الْفَتْوَى وافر الْحُرْمَة بِبَلَدِهِ صَاحب مَكَارِم ولطف وتواضع لَهُ نظم ونثر
توفّي سنة تسعين وست ماية
من شعره
(وَبِي رشأ قد علا شانه ... وكل الْأَنَام بِهِ مرتبك)
(تملكني وتملكته بِنصْف الَّذِي ... بِي بِهِ قد ملك)
(أَنا عَبده وَهُوَ عَبدِي أعجبوا ... فَهَل يملك الشَّخْص من قد ملك)
يَعْنِي تملكني بِالْعينِ وملكته بِالْعينِ
وَقد سمع بِبَغْدَاد من الكاشغري وَأبي بكر ابْن الخازن وبمصر من الْحُسَيْن بن دِينَار وبحلب من ابْن خَلِيل وبحماه من صَفِيَّة وَجَمَاعَة وَكَانَ خطيب حماه بالجامع الْأَعْلَى(19/79)
3 - (بدر الدّين ابْن رزين)
عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْعَلامَة بدر الدّين شيخ الشَّافِعِيَّة ابْن القَاضِي تَقِيّ الدّين ابْن رزين الْحَمَوِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي إِمَام متفنن عَارِف بِالْمذهبِ درس وَأفْتى وَأعَاد لِأَبِيهِ وَولي قَضَاء الْعَسْكَر ودرس بالظاهرية وَغَيرهَا وخطب بِجَامِع الْأَزْهَر حدث عَن عُثْمَان خطيب القرافة وَعبد الله ابْن الخشوعي وَغَيره وَحفظ الْمُحَرر فِي جملَة مَا حفظ
وَتُوفِّي سنة عشر وَسبع ماية
3 - (نجم الدّين الميهني)
عبد اللَّطِيف بن نصر بن سعيد بن سعد بن مُحَمَّد بن نَاصِر ابْن الشَّيْخ أبي سعيد الميهني الشيخي شيخ الشُّيُوخ بالبلاد الحلبية ابْن الشَّيْخ بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد نجم الدّين سمع من جده لأمه حَامِد بن أَمِيري وَعبد الحميد بن بليمان وَيحيى بن الدَّامغَانِي وَابْن روزبه وَغَيرهم)
ولد بحمص سنة تسع وست ماية وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وست ماية
وَأقَام بحلب وَحدث بهَا غص بلقمة فَمَاتَ كتب للشَّيْخ شمس الدّين بِإِجَازَة مروياته
3 - (مجد الدّين ابْن تَيْمِية)
عبد اللَّطِيف بن عبد الْعَزِيز الشَّيْخ مجد الدّين ابْن تَيْمِية الْعدْل نجم الدّين الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ
روى عَن جده وَعَن عِيسَى بن سَلامَة وَابْن عبد الدَّائِم وخطب بحران سنوات وَكَانَ خيرا
عدلا
وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست ماية
3 - (ابْن الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام)
عبد اللَّطِيف بن عبد الْعَزِيز بن(19/80)
عبد السَّلَام الْفَقِيه محيي الدّين ابْن الشَّيْخ عز الدّين السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي
ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست ماية
وروى عَن ابْن اللتي وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ على الشُّيُوخ وَكَانَ أفضل الْإِخْوَة وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْأُصُول وتميز وَكَانَ يعرف تصانيف وَالِده معرفَة حَسَنَة ووفاته بِالْقَاهِرَةِ
3 - (شهَاب الدّين ابْن المرحل)
عبد اللَّطِيف بن عبد الْعَزِيز الشَّيْخ الإِمَام النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ شهَاب الدّين ابْن المرحل الْحَرَّانِي
كَانَ عَلامَة فِي النَّحْو يتثبت فِيمَا يَنْقُلهُ أَقرَأ جمَاعَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ أخي إِبْرَاهِيم رَحمَه الله تَعَالَى
اجْتمعت بِهِ بِالْقَاهِرَةِ غير مرّة وَكَانَ سَاكِنا يكْتب خطا مَنْسُوبا حسنا ويتجر فِي الْكتب فيلازم سوقها كثيرا وَسمعت صَحِيح البُخَارِيّ بقرَاءَته على الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية بالظاهرية بَين القصرين لكنه رَحمَه الله كَانَ فِيهِ جمود يسير
ورد الْخَبَر علينا بوفاته بِمصْر إِلَى دمشق سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع ماية رَحمَه الله تَعَالَى
وَكَانَ كثير التَّرَدُّد من الْقَاهِرَة إِلَى حلب
3 - (الشَّيْخ سيف الدّين السعودي)
عبد اللَّطِيف شيخ سيف الدّين شيخ زَاوِيَة السعودي بِالْقَاهِرَةِ كَانَ يعرف قبل ذَلِك ببلبان الكرجي سمع من الْمعِين أَحْمد بن(19/81)
عَليّ بن يُوسُف الدِّمَشْقِي وَأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عمر بن)
مُضر وَغَيرهمَا وَخرجت لَهُ مشيخةً لَطِيفَة وَكتب خطا حسنا متوسطاً أجَاز لي بِالْقَاهِرَةِ فِي سلخ شعْبَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية بِالْقَاهِرَةِ وَكتب بِخَطِّهِ
(أجزت لَهُم رِوَايَة كل مَا ... لي رِوَايَته سَمَاعا أَو إجَازَة)
(وَمَا لي من مقول مؤلفات ... حوت نثراً ونظماً لي مجازه)
(أجزتهم وَأَرْجُو الله رَبِّي ... ينيلهم الْكَرَامَة والعزازة)
3 - (شمس الدّين العجمي)
عبد اللَّطِيف بن خَليفَة الصَّدْر الْمُعظم شمس الدّين أَخُو النجيب كَحال قازان وَغَيره كَانَ النجيب الْمَذْكُور لَهُ صُورَة كَبِيرَة وَمحل زَائِد عِنْد مُلُوك الْمغل وَكَانَ شمس الدّين عبد اللَّطِيف قد تسمى فِي تِلْكَ الْبِلَاد بِالْملكِ الصَّالح وَورد إِلَى الديار المصرية فَأكْرم كثيرا كَانَ فَاضلا متأدباً مترسلاً بِغَيْر سجع لَكِن بِعِبَارَة فَاضل يستشهد بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيث وَالشعر وَكَلَام الْحُكَمَاء وعَلى ذهنه مسَائِل من الْفُرُوع الغربية وَله مداخلات مَعَ السُّلْطَان والأمراء الْكِبَار وأرباب الدولة يتحدث بالتركي والعجمي وَله إقدام على الْكِبَار كَانَ الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار إِذا رَآهُ فِي القلعة يَقُول مَا أحسد إِلَّا هَذَا الشَّيْخ الَّذِي لَهُ فِي كل شهر ألفا دِرْهَم وَهُوَ داير بطال بِلَا شغل وَكَانَ يحضر عِنْد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد فِي خانقاه سرياقوس وَيتَكَلَّم بَين يَدَيْهِ وينفع ويضر قَالَ لي أَنا أتعيش بَين النَّاس وأتجوه عِنْدهم بِكُل جلْسَة أَجْلِسهَا عِنْد السُّلْطَان بسرياقوس عدَّة شهور اجْتمعت بِهِ غير مرّة فَرَأَيْت مِنْهُ رجلا داهية خَبِيرا بِمَا يتَكَلَّم بِهِ يغلب عَلَيْهِ العقليات ويستحضر من كَلَام الْحُكَمَاء جملَة وافرة وينقل كثيرا مِمَّا يذاكر بِهِ من فنون الْأَدَب ووقائع النَّاس خُصُوصا مُلُوك الْمغل وكتابته حَسَنَة قَوِيَّة لَهُ ذوق جيد يفهم بِهِ مَعَاني الشّعْر وَكَانَت لَهُ خُصُوصِيَّة بِالْقَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش وبالقاضي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير ونفع عِنْدهمَا من أَرَادَ وَهُوَ كَانَ مِمَّن ساعد قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين على مقاصده فِيمَا تولاه دخل يَوْمًا على القَاضِي مجد الدّين ابْن لفيتة نَاظر الدولة يُطَالِبهُ بمرتبه وألح عَلَيْهِ وَزَاد فِي الإبرام فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا كل شهر ألفا دِرْهَم مَا تمهل علينا بِشَهْر وَاحِد فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا هَذِه الألفان الَّتِي لي مَا تَكْفِي هَذَا عَبدك الَّذِي يحمل دواتك أَن(19/82)
يشرب بهَا نبيذاً فَلم يجبهُ بِكَلِمَة وَصرف لَهُ مَا أَرَادَ وَكَانَ إِذا حضر عِنْد فَخر الدّين نَاظر)
الْجَيْش أَخذ ورقة من يَده ونتشها بعنف ورماها وَقَالَ لَهُ خلنا من هَذِه وتحدث بِنَا فِي شَأْننَا وَكَانَ شَيخا تَامّ الْقَامَة أعشى الْبَصَر قَلِيلا ذَا عمَّة صَغِيرَة كَأَنَّهَا تخفيفة وَكَانَ لَا يُخَاطب إِلَّا بمولانا وَكَانَ يَدعِي أَنه قَرَأَ على الْأَثِير الْأَبْهَرِيّ وَكَانَت لَهُ دَار مليحة على بركَة الْفِيل وَله أَمْوَال وجواهر رَأَيْته يَوْمًا وَقد دخل إِلَى أَمِير حُسَيْن وَقد انْقَطع أَمِير حُسَيْن من وجع المفاصل الَّذِي كَانَ يَعْتَرِيه فِي رجلَيْهِ وَكَانَ قد غَابَ عَنهُ مُدَّة فَلَمَّا رَآهُ قد أقبل وَقَالَ يَا مَوْلَانَا أَيْن كنت فِي هَذِه الْغَيْبَة واويلاه من يدك فَقَالَ لَهُ شمس الدّين عَاجلا واويلاه من رجلك وَتُوفِّي قبل الثَّلَاثِينَ وَسبع ماية بِقَلِيل أَو فِيمَا بعْدهَا بِقَلِيل وَكَانَ قد حصل لَهُ الفالج قبل ذَلِك بِتَقْدِير سنتَيْن ثَلَاثَة وَانْقطع
وَكَانَ من دهائه أَنه عمل الْمُرَتّب الَّذِي لَهُ فِي جملَة المماليك السُّلْطَانِيَّة فَقلت لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ حَتَّى لَا يتَعَرَّض أحد من المستوفين وَلَا مِمَّن يتَكَلَّم فِي عمل استيمار إِلَيْهِ وَكَانَ فِي الأَصْل يَهُودِيّا ثمَّ أسلم فِي الْبِلَاد فَلَمَّا جَاءَنِي الْحَكِيم شمس الدّين بن الْأَكْفَانِيِّ وَقَالَ لي الْآن لما أسلم شمس الدّين فَقلت لَهُ كَيفَ ذَلِك وَهُوَ قديم الْإِسْلَام فَقَالَ لِأَن الْمُسلمين سلمُوا من يَده وَلسَانه يَعْنِي بالفالج الَّذِي حصل لَهُ وَأَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ اجْتمع شمس الدّين يَوْمًا والأمير نَاصِر الدّين ابْن البابا وشجاع الدّين الترجمان وَنجم الدّين قَاسم بن مرداد فَقَالَ نَاصِر الدّين أَخْبرنِي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أحد الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ لَهُ شمس الدّين من هُوَ هَذَا إِن الْبَقر تشابه علينا فَقَالَ شُجَاع الدّين مَوْلَانَا من قَالَ هَذَا الْكَلَام فَقَالَ شمس الدّين الَّذين قَالَ الله فِي حَقهم يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين فَقَالَ شُجَاع الدّين مَوْلَانَا شمس الدّين حاشاك تَقول هَذَا وَإِنَّمَا قَالَ الله فِي حَقهم وَضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة الْآيَة أَو كَمَا قَالَ
وشكوت إِلَيْهِ يَوْمًا من بعض الْكِبَار فَقَالَ لي مَوْلَانَا القواهر العلوية دائمة الْفَيْض مَمْنُوعَة الْحجب تقتص من الظَّالِم للمظلوم وَمن الْحَاكِم للمحكوم
3 - (التكريتي الكارمي)
عبد اللَّطِيف بن الرشيد الربعِي التكريتي الكارمي
أَخْبرنِي(19/83)
الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين قَالَ كَانَ الْمَذْكُور شَيخا لَهُ مَكَارِم وإحسان مُقيما)
بالإسكندرية أنشأ فِيهَا مدرسة للشَّافِعِيَّة وَهُوَ مقصد لمن يرد عَلَيْهِ من الْفُضَلَاء وَله نظم مِنْهُ
(مَا للنياق عَن الْفِرَاق تميل ... تهوى الْحجاز وَمَا إِلَيْهِ سَبِيل)
(ذكرت لياليها المواضي بالحمى ... والوجد مِنْهَا سَابق وَدَلِيل)
(واستنشقت عرف الخزام وشاقها ... ظلّ بِأَكْنَافِ الغوير ظَلِيل)
(عجبا لَهَا تهوى النسيم تعللاً ... بنسيم رامة والنسيم عليل)
(ترد النَّقِيب وَمَا تبل بِهِ صدى ... وتود لَو أَن العذيب بديل)
(لله لَيْلَتهَا وَقد لاحت لَهَا ... أَعْلَام يثرب واستبان نخيل)
(وبدا لَهَا شعب الثَّنية فانثنت ... تهتز من طرب بِهِ وتميل)
(يَحْدُو لَهَا حادي السرى مترنماً ... مَا بعد طيبَة للركاب مقيل)
(يَا سائق الوجناء عرج بالفضا ... فهناك عرب بالأراك نزُول)
(دَار لعزة مَا أعز جوارها ... وظلالها للوافدين نزُول)
(للنوق مرعاها البهيج وللعدى ... نقم تهيج وللجياد صَهِيل)
(فَإِذا حللت فللظباء مراتع ... وَإِذا رحلت فللحمام هديل)
3 - (سراج الدّين الكويك التَّاجِر)
عبد اللَّطِيف بن أَحْمد بن مَحْمُود أَبُو الْفرج الإِمَام سراج الدّين ابْن الكويك كَانَ فَاضلا جيد الذِّهْن ذَا عَرَبِيَّة جَيِّدَة رَأَيْته غير مرّة وَنحن نحضر حَلقَة الْعَلامَة الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وَسمع بِقِرَاءَتِي قِطْعَة من شعر الشَّيْخ أثير الدّين وَكَانَ حسن الشكل مليح الْوَجْه
وَتُوفِّي بِأَرْض التكرور كهلاً سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
رَأَيْت لَهُ ثَلَاثَة أَبْيَات من نظمه بِخَطِّهِ كتبهَا على مُصَنف وَضعه الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي وَقد أوردتها فِي تَرْجَمَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين وَكَانَ(19/84)
شَافِعِيّ الْمَذْهَب قدم دمشق سنة عشر وَسبع ماية وَسمع بنت البطائحي وَإِسْحَاق الْأَسدي وَابْن مَكْتُوم
(عبد الْمجِيد)
3 - (أَبُو مَنْصُور الْوَاعِظ)
عبد الْمجِيد بن زَيْدَانَ أَبُو مَنْصُور الْوَاعِظ الزَّاهِد الْبَغْدَادِيّ كَانَ رجلا صَالحا يتَكَلَّم فِي علم الْبَاطِن وَكَانَ سالمي الْمَذْهَب روى عَنهُ أَبُو الْوَفَاء عَليّ ابْن عقيل الْفَقِيه
وَتُوفِّي سنة خمسين وَأَرْبع ماية
3 - (الْأَزْدِيّ الْمَكِّيّ)
عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز ابْن أبي رواد الْأَزْدِيّ الْمَكِّيّ مولى الْمُهلب ابْن أبي صفرَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأحمد وَقَالَ أَحْمد كَانَ فِيهِ غلو فِي الإرجاء
وَتُوفِّي فِي حُدُود عشرَة وَمِائَتَيْنِ
وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَمُسلم مُتَابعَة
3 - (الْحَافِظ لدين الله)
عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد الْحَافِظ لدين الله أَبُو الميمون ابْن أبي الْقَاسِم ابْن الْمُسْتَنْصر بن الظَّاهِر بن الْحَاكِم بن الْمعز بن الْمَنْصُور بن الْقَائِم بن الْمهْدي صَاحب مصر أحد مُلُوك الفاطميين
بُويِعَ بِالْأَمر يَوْم قتل ابْن عَمه الْآمِر ولَايَة الْعَهْد وتدبير المملكة حَتَّى يظْهر أَمر الْحمل ووثب الْأُمَرَاء فأخرجوا أَحْمد ابْن الْأَفْضَل وقدموه عَلَيْهِم فَسَار إِلَى الْقصر وقهر الْحَافِظ وَسَار أحسن سيرة ورد الْمَظَالِم ووقف عِنْد مَذْهَب الشِّيعَة الإمامية وَترك الْأَذَان بحي على خير الْعَمَل ورفض الْحَافِظ وَأهل بَيته ودعا على المنابر للْإِمَام المنتظر صَاحب الزَّمَان وَكتب اسْمه على السِّكَّة وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن وثب عَلَيْهِ وَاحِد(19/85)
من أَصْحَاب الْخَاصَّة فَقتله بتدبير الْحَافِظ فبادر الدولة والأجناد وأخرجوا الْحَافِظ من السجْن وَبَايَعُوهُ ثَانِيًا واستقل وَكَانَ مولده بعسقلان سنة سبع وَسِتِّينَ ووفاته سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس ماية أَو سنة أَربع وَأَرْبَعين وَكَانَ كثير الْأَمْرَاض بالقولنج فَعمل لَهُ شيرماه الديلمي طبلاً وَهُوَ طبل القولنج الَّذِي أَخذه صَلَاح الدّين من ذخائر العاضد وَكَانَ مركبا من الْمَعَادِن السَّبْعَة وَالْكَوَاكِب السَّبْعَة فِي إشرافها فَإِذا ضرب بِهِ الْمَرِيض خرج مَا فِي بَطْنه من الرّيح فحبق وفسا واستراح وَولي بعد الْحَافِظ وَلَده الظافر إِسْمَاعِيل وَقد تقدم ذكره
3 - (الروذراوري)
)
عبد الْمجِيد ابْن أبي الْفرج بن مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة أَبُو مُحَمَّد مجد الدّين الروذراوري شيخ إِمَام مَشْهُور بارع فِي اللُّغَة كثير الْمَحْفُوظ من أشعار الْعَرَب فصيح الْعبارَة مليح الْخط جيد الْمُشَاركَة مليح الشكل وَالْبزَّة أنفذه الْملك الظَّاهِر رَسُولا إِلَى بركَة فَمَرض فِي الطَّرِيق وَرجع وَكَانَ لَهُ حَلقَة أشغال بِالْحَائِطِ الشمالي
وَتُوفِّي وَهُوَ فِي عشر السّبْعين سنة سبع وَسِتِّينَ ماية
وَقيل إِنَّه كَانَ يُكَرر على مقامات الحريري وخطب ابْن نباتة وديوان أبي الطّيب
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي وصف الْقَلَم بِدِمَشْق
(يَعْلُو أنامله الَّتِي هِيَ أبحر ... قلم جليل الْقدر وَهُوَ دَقِيق)
(وَكَذَلِكَ القصباء وَهِي ضَعِيفَة ... تعلو الْبحار بطبعها وتفوق)
(وَأرَاهُ مَقْطُوع اللِّسَان لبثه ... سر العلى وَأرَاهُ وَهُوَ سروق)
(أَخذ الفرائد من قلائد فكركم ... سرقاً وَقطع السارقين حقيق)
(وَأرَاهُ يجلس فِي الدواة على الطوى ... والجسم غث وَالْمَكَان مضيق)
(لضمانه رزق الْأَنَام تكفلاً ... طَوْعًا وَحبس الصامتين يَلِيق)
(إِن كَانَ نظم الدّرّ عَادَته فقد ... نظم الممالك سَعْيه الموموق)
(شرب الْقَلِيل فراح يسْعَى هائماً ... وَكَأَنَّهُ سَكرَان لَيْسَ يفِيق)
(وَغدا بدقته وصفرة لَونه ... مثل العليل يسيل مِنْهُ الرِّيق)
(وشفى الممالك فاستقام مزاجها ... مِنْهُ طَبِيب فِي العلاج شفيق)(19/86)
(كدرت مشارع ورده لكنه ... يصفو بِهِ ورد العلى ويروق)
(فَلهُ ظلام اللَّيْل طوراً مولج ... وَله على وضح النَّهَار طَرِيق)
(وتراه أعجم وَهُوَ أفْصح من ترى ... بَين الورى وَلسَانه مشقوق)
(وَلَقَد تحمل كل أعباء العلى ... هَذَا الضئيل لكم فَكيف يُطيق)
(لَا زَالَ روض نداك منتجع المنى ... ولدوح مجدك فِي السمو سموق)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي الْقَلَم
(لَك من بَنَات المَاء أصفر للعدى ... من رَأسه المسود موت أَحْمَر)
(خجل القنا من فعله حَتَّى غَدا ... مثل النِّسَاء يرى عَلَيْهِ المحجر)
)
(يصفو بِهِ ورد الْعَلَاء وورده ... أبدا كعيش الحاسدين مكدر)
(كالطفل لَا تَلقاهُ يلقى مكتباً ... إِلَّا بإزنان ودمع يقطر)
(نظم الفرزدق دون نثر بَيَانه ... وَله دَقِيق المشكلات مخمر)
(ميل يغوص فِي لعاب دواته ... يشفي معمى المعضلات ويسبر)
(متقيد يعدو وينطق سَاكِنا ... نتحكم فِي الْملك وَهُوَ مسخر)
(يَا رَاكِعا لبس السوَاد وساجداً ... يَتْلُو بني الْعَبَّاس وَهُوَ مزنر)
(قد حز رَأسك وَاللِّسَان لبثه ... سر العلى واسود مِنْك المنظر)
(هَب أَن جسمك من جواك نحوله ... أَو أَن لونك للنحافة أصفر)
(مركوبك الْبَحْر الْجواد وَمَا لَهُ ... من كبوة فلعاً لماذا تعثر)
قلت شعر متوسط وَمَعَان بَعْضهَا غث بَارِد
3 - (ابْن عبدون المغربي)
عبد الْمجِيد بن عبد الله بن عبدون أَبُو مُحَمَّد الفِهري روى عَن أبي بكر عَاصِم بن أَيُّوب وَأبي مَرْوَان سراج وَأبي الْحجَّاج الأعلم وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَخمْس ماية كَانَ أديباً شَاعِرًا كَاتبا مترسلاً عَالما بِالْخَيرِ والأثر ومعاني الحَدِيث أَخذ النَّاس عَنهُ وَله مُصَنف فِي الِانْتِصَار لأبي عبيد الله على ابْن قُتَيْبَة وَهُوَ من أهل يابره بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة وَبعدهَا رَاء وهاء(19/87)
وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَخمْس ماية
وَمن شعره قصيدته الرائية الَّتِي رثى بهَا مُلُوك بني الْأَفْطَس وَذكر فِيهَا من أباده الْحدثَان من مُلُوك كل زمَان وَهِي
(الدَّهْر يفجع بعد الْعين بالأثر ... فَمَا الْبكاء على الأشباح والصور)
(أَنهَاك أَنهَاك لَا آلوك موعظة ... عَن نومَة بَين نَاب اللَّيْث وَالظفر)
(فَلَا يغرنك من دنياك نومتها ... فَمَا صناعَة عينيها سوى السهر)
(تسر بالشَّيْء لَكِن كي تغر بِهِ ... كالأيم ثار إِلَى الْجَانِي من الزهر)
(والدهر حَرْب وَإِن أبدى مسالمة ... والسود وَالْبيض مثل الْبيض والسمر)
(مَا لليالي أقَال الله عثرتنا ... من اللَّيَالِي وخانتها يَد الْغَيْر)
)
(هوت بدارا وكفت غرب قَاتله ... وَكَانَ غَضبا على الْأَمْلَاك ذَا أثر)
(واسترجعت من بني ساسان مَا وهبت ... وَلم تدع لبني يونان من أثر)
(وَاتَّبَعت أُخْتهَا طسماً وَعَاد على ... عَاد وجرهم مِنْهَا نَاقض المرر)
(وَمَا أقالت ذَوي الهيئات من يمن ... وَلَا أجارت ذَوي الغايات من مُضر)
(ومزقت سبأ فِي كل قاصية ... فَمَا التقى رائح مِنْهُم بمبتكر)
(وأنفذت فِي كُلَيْب حكمهَا ورمت ... مهلهلاً بَين سمع الأَرْض وَالْبَصَر)
(ودوخت آل ذبيان وجيرتهم ... لخماً وعضت بني بدر على النَّهر)
(وَمَا أعادت على الضليل صِحَّته ... وَلَا ثنت أسداً عَن رَبهَا حجر)
(وألحقت بعدِي بالعراق على ... يَد ابْنه الْأَحْمَر الْعَينَيْنِ وَالشعر)
(وَبَلغت يزدجرد الصين واختزلت ... عَنهُ سوى الْفرس جمع التّرْك والخزر)
(وَلم تكف مواضي رستم وقنا ... ذِي حَاجِب عَنهُ سَعْدا فِي انتها الْعُمر)
(ومزعت جعفراً بالبيض واختلست ... من غيله حَمْزَة الظلام للجزر)(19/88)
(وأشرفت بخبيب فَوق قَارِعَة ... وألصقت طَلْحَة الْفَيَّاض بالعفر)
(وخضبت شيب عُثْمَان دَمًا وخطت ... إِلَى الزبير وَلم تَسْتَحي من عمر)
(وَلَا رعت لأبي الْيَقظَان صحبته ... وَلم تزوده غير الضيح فِي الْغمر)
(وأجزرت سيف أشقاها أَبَا حسن ... وأمكنت من حُسَيْن راحتي شمر)
(وليتها إِذْ فدت عمرا بخارجة ... فدت عليا بِمن شَاءَت من الْبشر)
(وَفِي ابْن هِنْد وَفِي ابْن الْمُصْطَفى حسن ... أَتَت بمعضلة الْأَلْبَاب والفكر)
(فبعضنا قَائِل مَا اغتاله أحد ... وبعضنا سَاكِت لم يُؤْت من حصر)
(وَأَرَدْت ابْن زِيَاد بالحسين فَلم ... يبو بشسع لَهُ قد طاح أَو ظفر)
(وعممت بالظبا فودي أبي حسن ... وَلم ترد الردى عَنهُ قِنَا زفر)
(وأنزلت مصعباً من رَأس شاهقة ... كَانَت بِهِ مهجة الْمُخْتَار فِي وزر)
(وَلم تراقب مَكَان ابْن الزبير وَلَا ... رعت عياذته بِالْبَيْتِ وَالْحجر)
(وَلم تدع لأبي الذبان قَائِمَة ... لَيْسَ اللطيم لَهَا عَمْرو بمنتصر)
(وأظفرت بالوليد بن اليزيد وَلم ... تبْق الْخلَافَة بَين الكأس وَالْوتر)
)
(وَلم تعد قضب السفاح نابية ... عَن رَأس مَرْوَان أَو أشياعه الْفجْر)
(وأسبلت دمعة الرّوح الْأمين على ... دم بفخ لآل الْمُصْطَفى هدر)
(وأشرقت جعفراً وَالْفضل ينظره ... وَالشَّيْخ يحيى بريق الصارم الذّكر)
(وَلَا وفت بعهود المستعين وَلَا ... بِمَا تَأَكد للمعتز من مرر)
(وأوثقت فِي عراها كل مُعْتَمد ... وأشرقت بقذاها كل مقتدر)
(وروعت كل مَأْمُون ومؤتمن ... وَأسْلمت كل مَنْصُور ومنتصر)
(وأعثرت آل عباد لعاً لَهُم ... بذيل زباء من بيض وَمن سمر)
(بني المظفر وَالْأَيَّام مَا بَرحت ... مراحل والورى مِنْهَا على سفر)
(سحقاً ليومكم يَوْمًا وَلَا حملت ... بِمثلِهِ لَيْلَة فِي سالف الْعُمر)(19/89)
(من للأسرة أَو من للأعنة أَو ... من للمساحة أَو للنفع وَالضَّرَر)
(أَو دفع كارثة أَو قمع رادفة ... أَو ردع حَادِثَة تعيي على الْقدر)
(وَيْح السماح وويح الْبَأْس لَو سلما ... وحسرة الدّين وَالدُّنْيَا على عمر)
(سقت ثرى الْفضل وَالْعَبَّاس هامية ... تعزى إِلَيْهِم سماحاً لَا إِلَى الْمَطَر)
مِنْهَا
(زمر من كل شَيْء فِيهِ أطيبه ... حَتَّى التَّمَتُّع بالآصال وَالْبكْر)
(من للجلال الَّذِي غضت مهابته ... قُلُوبنَا وعيون الأنجم الزهر)
(أَيْن الإباء الَّذِي أرسوا قَوَاعِده ... على دعائم من عز وَمن ظفر)
(أَيْن الْوَفَاء الَّذِي أصفوا شرائعه ... فَلم يرد أحد مِنْهَا على كدر)
مِنْهَا
(على الْفَضَائِل إِلَّا الصَّبْر بعدهمْ ... سَلام مرتقب لِلْأجرِ منتظر)
(يَرْجُو عَسى وَله فِي أُخْتهَا أمل ... والدهر ذُو عقب شَتَّى وَذُو غير)
وَقد سلك مسلكه أَبُو جَعْفَر الكفيف فَقَالَ قصيدته الَّتِي رثى بهَا ابْن الينافي وَقد قتل غيلَة وأولها
(أَلا حدثاني عَن فلٍ وَفُلَان ... لعَلي أرِي باقٍ على الْحدثَان)
وَهِي مَذْكُورَة فِي تَرْجَمته وَمن شعر ابْن عبدون)
(وافاك من فلق الصَّباح تَبَسم ... وانساب عَن غسق الظلام تجهم)
(وَاللَّيْل ينعى بِالْأَذَانِ وَقد شدا ... بِالْفَجْرِ طير البانة المترنم)
(ودموع طل اللَّيْل تخلق أعيناً ... يرنو بهَا من مَاء دجلة أَرقم)
قَالَ ابْن ظافر كرر الْمَعْنى الأول فِي قَوْله
(لَعَلَّ الصُّبْح قد وافى وَقَامَت ... على اللَّيْل النوائح بِالْأَذَانِ)(19/90)
وَكرر الثَّانِي فِي قَوْله
(ودموع طل اللَّيْل تخلق أعيناً ... ترنو إِلَيْنَا من وُجُوه المَاء)
وَمن شعر ابْن عبدون
(مضوا يظْلمُونَ اللَّيْل لَا يلبسونه ... وَإِن كَانَ مسكي الجلابيب ضافيا)
(يؤمُّونَ بيضًا فِي الأكنة لم تزل ... قُلُوبهم حبا عَلَيْهَا أداحيا)
(وأغربة الظلماء تنفض بَينهم ... قوادمها مبلولة والخوافيا)
(إِذا مرقوا من بطن ليل رقت بهم ... إِلَى ظهر يَوْم عَزمَة هِيَ مَا هيا)
(وَإِن زعزعتهم روعة زعزعوا الدجا ... إِلَيْهَا كماة والرياح مذاكيا)
(وَلَو أَنَّهَا ضلت الْمَكَان أمامها ... سنا عمر فِي فَحْمَة اللَّيْل هاديا)
(همام أَقَامَ الْحَرْب وَهِي قعيدة ... وروى القنا فِيهَا وَكَانَت صواديا)
(شرِيف المطاوي تَحت ختم ضلوعه ... تَمِيمَة تقوى ردَّتْ الدَّهْر صَاحِيًا)
(إِذا قُرِئت لَا بالنواظر طابقت ... سرى أُخْتهَا ذَات البروج مساعيا)
(وهدي لَو استشفى الْمُحب بِرُوحِهِ ... لما دَان بالوجد المبرح صاليا)
(ورقة طبع لَو تحلى بهَا الْهوى ... لأعدى على عصر الشَّبَاب البواكيا)
(إِلَيْهِ أكلت الأَرْض بالعيس ثائراً ... وَقد أكلت مِنْهَا الذرى والحواميا)
(حوافي لَا ينعلن والبعد آذن ... على نَفسه إِلَّا الوجى والدياجيا)
(فَجَاءَتْهُ لم تبصر سوى الْبشر هادياً ... وسله وَلم يسمع سوى الشُّكْر حَادِيًا)
(ألكني ألكني والسيادة بَيْننَا ... إِلَى مولع بِالْحَمْد يشريه غاليا)
(إِلَى آمُر فِي الدَّهْر ناه إِذا قضى ... على كل من فِيهِ أطاعوه قَاضِيا)
(وحيوه لَا راجين مِنْهُ تَحِيَّة ... وَإِن كَانَ جوداً لَا يخيب راجيا)
)
(إِلَيْك ابْن سَيفي يعرب زف خاطري ... عقائل لَا ترْضى البروج مغانيا)
(وَإِنِّي لأستحيي من الْمجد أَن أرى ... عَليّ لمأمول سواك أياديا)
(وَإِنِّي وَقد أسلفتني قبل وقته ... من الْبر مَا جَازَت خطاه الأمانيا)
(وأيقظت من قدري وَمَا كَانَ نَائِما ... وأبعدت من ذكري وَمَا كَانَ دانيا)
(وَلَكِن نبا من حسن ذكراك فِي يَدي ... أَظن حساماً لم يجدني نابيا)
(وَلَو لم يكن مَا خفت لَا خفت لن أجد ... على غير مَا أخدمتنيه اللياليا)(19/91)
(إِلَى من إِذا لم تشكني أَنْت والعلا ... أكون لما ألْقى من الدَّهْر شاكيا)
(وَأَنت على رفعي ووضعي حجَّة ... فَكُن بِي على أولاهما بك جَارِيا)
مِنْهَا
(وَكَون مَكَاني فِي سمائك عاطلاً ... وَلَوْلَا مَكَاني الدَّهْر مَا كَانَ حاليا)
(فَرد المنى خضرًا ترف غصونها ... بمبسوطة تندى ندى وعواليا)
(عَوَالٍ إِذا مَا الطعْن هز جذوعها ... تساقطت الهيجا عَلَيْك معاليا)
(وعاون على استنجاز طبعي بِهِبَة ... ترقص فِي ألفاظهن المعانيا)
(وَعز على العلياء أَن يلقِي الْعَصَا ... مُقيما بِحَيْثُ الْبَدْر ألْقى المراسيا)
(وَمن قَامَ رَأْي ابْن المظفر بَينه ... وَبَين اللَّيَالِي نَام عَنْهُن لاهيا)
قلت وددت أَن هَذِه الأبيات لم تفرغ فَإِنَّهَا أطربت سَمْعِي وأذهلت عَقْلِي هَكَذَا هَكَذَا وَإِلَّا فَلَا لَا وَمن شعره أَيْضا
(مَا لي إِذا نفس معنى قدست وسرت ... فِي جسم لفظ مسوى الْخلق من مثل)
(أَنْت الَّذِي باهت الأَرْض السَّمَاء بِهِ ... وَمَا لَهَا بك لَو باهتك من قبل)
مِنْهَا
(تفري أديمي اللَّيَالِي غير مبقية ... عَليّ مَا لليالي ويحهن ولي)
(وإنني فِي مواليكم كملككم ... بَين الممالك وَالْإِسْلَام فِي الْملَل)
وَمن شعره
(سَقَاهَا الحيا من مغان فساح ... فكم لي بهَا من معَان فصاح)
(وحلى أكاليل تِلْكَ الربى ... ووشى معاطف تِلْكَ البطاح)
)
(فَمَا أنس لَا أنس عهدي بهَا ... وجري فِيهَا ذيول المراح)
(فكم لي فِي اللَّهْو من طيرة ... إِلَيْهَا بأجنحة الارتياح)
(ونوم على حبرات الرياض ... تجاذب بردي أَيدي الرِّيَاح)(19/92)
مِنْهَا
(وليل كرجعة طرف الْمُرِيب ... لم أرده شفقاً من صباح)
(كعمر عداتك يَوْم الندى ... وَعمر عداتك يَوْم الكفاح)
(إِلَيْك رمى أملي بِي وَلَا ... هوي مصفقة بالجناح)
مِنْهَا
(إِذا عمر هطلت كَفه ... فَلَا حملت سحب من ريَاح)
وَقَالَ
(وَمَا أنس بَين النَّهر وَالْقصر وَقْفَة ... نشرت بهَا مَا ضل من شارد الْحبّ)
(رميت بلحظي دمية سنحت بِهِ ... فَلم أثنه إِلَّا ومحرابها قلبِي)
3 - (الْوَادي آشي)
عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد بن مُسلم العذري الْوَادي آشي
أَخْبرنِي الْعَلامَة أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ أَخذ الْمَذْكُور الْأَدَب عَن الْأُسْتَاذ ابْن مفوز وَعَن ابْن الأرقم الأبيرش وهما من تلاميذ الْأُسْتَاذ أبي عَليّ الشلوبين وَكَانَ ابْن مُسلم الْمَذْكُور أديباً حَافِظًا مكثراً من النّظم والنثر
توفّي فِي أحد الربيعين سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست ماية بوادي آش رَحمَه الله تَعَالَى
قَالَ أَبُو حبَان أَنْشدني لَهُ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْحصار قدم علينا الْقَاهِرَة
(يَا أَيهَا الْبَدْر مَتى تطلع ... قد لج بِي الوجد فَمَا أصنع)
(الْحسن فِي النَّاس ادِّعَاء وَفِي ... خديك سر الْحسن مستودع)
(مُحَمَّد رفقا على مدنف ... هجرانكم مِمَّا بِهِ أوجع)
(وَالله لَوْلَا حر أنفاسه ... لأغرقت مَوْضِعه الأدمع)
(وَقَلبه لَوْلَا رجا وصلكم ... طَار وَلما تحوه الأضلع)
)
قلت شعر نَازل منحط
(عبد المحسن)
3 - (الْحجَّة الصُّوفِي)
عبد المحسن ابْن أبي العميد فرامرز بن خَالِد بن عبد الْغفار(19/93)
بن إِسْمَاعِيل ابْن أَحْمد الخفيفي
أَبُو طَالب الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِالْحجَّةِ من أهل أبهرزنجان سمع بهَا أَبَا الْفتُوح عبد الْكَافِي بن عبد الْغفار الْخَطِيب وَغَيره وسافر إِلَى همذان وتفقه للشَّافِعِيّ على أبي الْقَاسِم عبد الله بن حيدر الْقزْوِينِي وَسمع مِنْهُ وَمن عبد الرَّزَّاق بن إِسْمَاعِيل القومساني وَسمع بأصبهان من أَحْمد بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن ينَال التركي وَأبي مُوسَى مُحَمَّد ابْن أبي بكر الْمَدِينِيّ الْحَافِظ وَمن جمَاعَة وَقدم بَغْدَاد وتفقه بهَا على النوقاني وَسمع من ابْن شاتيل وَأبي السعادات ابْن زُرَيْق وسافر الشَّام وَسمع بهَا بِدِمَشْق أَبَا مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الحزمي وَغَيره وَسمع البوصيري بِمصْر وبالإسكندرية وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة سِتّ وَخمسين وَخمْس ماية وروى عَنهُ ابْن النجار وَابْن الْحَاجِب والضياء والدبيثي وَأَبُو الْفرج ابْن أبي عمر وقطب الدّين الْقُسْطَلَانِيّ
3 - (أَمِين الدّين الْحلَبِي الْكَاتِب)
عبد المحسن بن حمود بن المحسن بن عَليّ أَمِين الدّين أَبُو الْفضل التنوخي الْحلَبِي الْكَاتِب المنشئ البليغ
ولد سنة سبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست ماية
رَحل وَسمع بِدِمَشْق من حَنْبَل وَابْن طبرزد والكندي وَغَيرهم وعني بالأدب جمع كتابا فِي الْأَخْبَار والنوادر فِي عشْرين مجلدة روى فِيهِ بالسند وَله ديوَان شعر وديوان ترسل وروى عَنهُ القوصي والزين الفارقي وَأَبُو عَليّ ابْن الْخلال وَكتب لصَاحب صرخد عز الدّين أَبِيك ووزر لَهُ وَكَانَ دينا خيرا كَامِل الأدوات
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني أَبُو الْفضل الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(إشتغل بِالْحَدِيثِ إِن كنت ذَا ... فهم فَفِيهِ المُرَاد والإيثار)
(وَهُوَ الْعلم معلم وَبِه ... بَين ذَوي الدّين تحسن الْآثَار)
(إِنَّمَا الرَّأْي وَالْقِيَاس ظلام ... وَالْأَحَادِيث للورى أنوار)
)
(كن بِمَا قد عَلمته عَاملا ... فالعلم دوح مِنْهُنَّ تجبى الثِّمَار)(19/94)
(وَإِذا كنت عَاملا وعليماً ... بالأحاديث لن تمسك نَار)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ يُعَاتب صديقا قصر فِي حَقه
(سَأَلتك حَاجَة ووثقت فِيهَا ... بقول نعم وَمَا فِي ذَاك عَابَ)
(وَلم أعلم بِأَنِّي من أنَاس ... ظموا قبلي وَغَيرهم السراب)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي مَعْنَاهُمَا
(ظَنَنْت بِهِ الْجَمِيل فجببت أَرضًا ... إِلَيْهِ كهمتي طولا وعرضا)
(فَلَمَّا جِئْته ألفيت شخصا ... حمى عرضا لَهُ وأباح عرضا)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(كَأَنَّمَا نارنا وَقد خمدت ... وجمرها بالرماد مَسْتُور)
(دم جرى من فواختٍ ذبحت ... من فَوْقه ريشهن منثور)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(أَتَانَا بكانون يشب اضطرامه ... كقلب محب أَو كصدر حسود)
(كَأَن احمرار النَّار من تَحت فحمه ... خدود عذارى فِي معاجر سود)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي جميل الصُّورَة لابس أصفر
(قد قلت لما أَن بصرت بِهِ ... فِي حلَّة صفراء كالورس)
(أَو مَا كَفاهُ أَنه قمر ... حَتَّى تدرع حلَّة الشَّمْس)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(أَقُول لنَفْسي حِين نَازل لمتي ... مشيبي وَلما يبْق غير رحيلي)
(أيا نفس قد مر الْكثير فأقصري ... وَلَا تحرصي لم يبْق غير قَلِيل)
(وَلَا تأملي طول الْبَقَاء فإنني ... وجدت بَقَاء الدَّهْر غير طَوِيل)
قلت كَذَا وجدته بِخَط القوصي وَلَو قَالَ الشَّاعِر وجدت بَقَاء الْعُمر غير طَوِيل لَكَانَ أحسن وأصدق لحكاية الْوَاقِع لِأَن الدَّهْر طَوِيل والعمر قصير
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ
(بِاللَّه هَل يَا ملول ... إِلَى الْوِصَال وُصُول)
)
(أم هَل إِلَى سلسبيل ... من ريق فِيك سَبِيل)(19/95)
(صلني فَمَاذَا التَّجَافِي ... من ذَا الْجمال جميل)
(ساءت لبعدك حَالي ... وَلست عَنْك أَحول)
(قضى اعتدالك فِينَا ... أَن لَيْسَ عَنْك عدُول)
(مَا مَال قدك إِلَّا ... عَليّ ظلما يمِيل)
(فَهَل شمائل ريح ... مرت بِهِ أَو شُمُول)
(إِن كنت تنكر أَنِّي ... بمقلتيك قَتِيل)
(فها دمي كَاد من ... خدك الأسيل يسيل)
(وَذَا الدَّلال على مَا ... بِي فِي هَوَاك دَلِيل)
(لَكِن يهون على الْغمر ... فِي الْهوى مَا يهول)
3 - (ابْن شهدانكه)
عبد المحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو مَنْصُور الشيحي بالشين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف والحاء الْمُهْملَة التَّاجِر الْمَعْرُوف بِابْن شهدانكه الْبَغْدَادِيّ من أهل محلّة النصرية سمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ أَكثر مسموعاته
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (أَخُو الصفي الْأسود)
عبد المحسن بن إِسْمَاعِيل بن مَحْمُود شرف العلى الْمحلي كَانَ قد وزر للْملك الأوحد وَكَانَ قد نَاب بِدِمَشْق عَن الْوَزير صفي الدّين ابْن شكر فِي الدولة العادلية ثمَّ وزر لأخي الْعَادِل فلك الدّين فتسب إِلَيْهِ ثمَّ اسْتَقل وزيراً بخلاط للأوحد ابْن الْعَادِل فذبحه على فرَاشه مَمْلُوك لَهُ لَيْلَة عيد الْفطر بخلاط سنة خمس وست ماية أَو أَربع وَحمله من خلاط إِلَى دمشق الرشيد عبد الله الصفوي وَكَانَ صديقه وَدَفنه بجبل قاسيون وصلب قَاتله على قَبره وَعند صلبه بدره الرشيد فطعنه بسكين فِي نَحره وَهُوَ أخي الصفي الْأسود واسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين(19/96)
3 - (جمال الدّين البارنباري)
عبد المحسن بن الْحسن بن سُلَيْمَان البارنباري)
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ رَأَيْته مرَارًا بدمياط والقاهرة وبمصر
وينعت بالجمال وَله نظم مِنْهُ مَا أَنْشدني لنَفسِهِ بدمياط وَهُوَ
(مَتى يَا أهل الْحَيّ أحظى بقربكم ... ويبلغ قلبِي من لقائكم القصدا)
(وَترجع الْأَيَّام تقضت على الْحمى ... وتنجز ليلى من تواصلنا الوعدا)
قَالَ وَله أَيْضا
(مَنْهَج فَخر الدّين فِي حكمه ... وشرعه للْقَوْم منهاج)
(قد وسع النَّاس بأخلاقه ... فَمَاله فِي الْخلق من هاج)
3 - (مهذب الدّين الدِّمَشْقِي)
عبد المحسن بن عَليّ بن عبد الله مهذب الدّين أَبُو مُحَمَّد الشَّاعِر الدِّمَشْقِي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوضي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ يُعَاتب بعض أصدقائه
(قد هجرناك وَقد سر الورى ... ويئسنا مِنْك فافعل مَا تُرِيدُ)
(وغسلنا مِنْك أَيْدِينَا فَمَا ... نشغل الْفِكر بِشَيْء لَا يُفِيد)
(وندمنا إِذْ صحبناك فَكُن ... كَيْفَمَا شِئْت فَإنَّا لَا نعود)
(لم يزل يلحقنا مِنْك أَذَى ... وعَلى الْأَيَّام يَنْمُو وَيزِيد)
(غير أَنا لَا نكافيك فَفِي ... هجرنا مَا يشتفي مِنْك الحسود)
(تجحد الصُّحْبَة والبقيا على ... جَاحد الصُّحْبَة إِحْسَان جَدِيد)
3 - (ابْن حَدِيد المعري)
عبد المحسن بن صَدَقَة بن عبد الله بن حَدِيد أَبُو الْمَوَاهِب المعري ورد مصر أَيَّام الْأَفْضَل أَمِير الجيوش وخدمه بعدة قصائد فَلم ينجح طَرِيقه ولاحظي عِنْده فَتوجه إِلَى الْيمن وَأقَام هُنَاكَ إِلَى أَن هجا ملكتها الْمَعْرُوفَة بالسيدة الْحرَّة فَكَانَ ذَلِك سَبَب قَتله وَمن شعره
(سكر هوى لم يثنه قَول لَاحَ ... فاقذف بريا صَاح فِي قلب صَاح)(19/97)
(مزجت بالهجر فجر الْهوى ... بالعد أم جدنا فِي المزاح)
(مفعمة الحجلين ظمأى الحشا ... شماء مهوى القرط غرثى الوشاح)
(فِي خدها مَاء ونار وَفِي ... مبسمها در وَشهد وَرَاح)
وَمن هجوه)
(بِفَم كَمثل الْقَبْر بعد ثَلَاثَة ... فِي نَتنه وصديده وعظامه)
وَهَذَا يشبه قَول ابْن مكنسة
(تشابها سرمه وفوه ... فِي الوسع وَالنَّتن والبرودة)
وَمن شعر ابْن حَدِيد
(وَالشعر مثل الشّعْر يسْعد أسوداً ... فَإِذا تبيض عَاد بالحظ الشقي)
(فِي كل يَوْم للقوافي عَثْرَة ... يشقى بهَا حظي وخجلة مطرق)
(أسْقى الثماد وليتني مَعَ قلَّة ... فِيهِ بِأول نهلة لم أشرق)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الصُّورِي)
عبد المحسن بن مُحَمَّد بن غَالب أَبُو غلبون أَبُو مُحَمَّد الصُّورِي الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد الْمُحْسِنِينَ الْفُضَلَاء وديوانه مَشْهُور توفّي سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وعمره ثَمَانُون سنة أَو أَكثر وَكَانَ ابْن حيوس يَقُول إِنِّي ليعرض لي الشَّيْء مِمَّا يشابه شعر أبي تَمام والبحتري وَغَيرهمَا من الْمُتَقَدِّمين وَلَا أقدر على أَن أبلغ موازنة الصُّورِي لسُهُولَة لَفظه وعذوبة مَعَانِيه وَقصر أبياته وَمن شعره
(أَتَرَى بثأر أم بدين ... علقت محاسنها بعيني)
(فِي لحظها وقوامها ... مَا فِي المهند والرديني)
(بكرت عَليّ وَقَالَت اخ ... تَرَ خصْلَة من خَصْلَتَيْنِ)
(إِمَّا الصدود أَو الفرا ... ق فَلَيْسَ عِنْدِي غير ذين)
(فأجبتها ومدامعي ... تنهل فَوق الوجنتين)(19/98)
(لَا تفعلي إِن حَان ص ... دك أَو فراقك حَان حيني)
(وكأنما قلت انهضي ... فمضت مسارعة لبيني)
(ثمَّ اسْتَقَلت أَيْن حل ... ت عيسها رميت بأين)
(ونوائب أظهرن أيا ... مي إِلَيّ بصورتين)
(سودنها وأطلنها ... فَرَأَيْت يَوْمًا لَيْلَتَيْنِ)
(هَل بعد ذَلِك من يعر ... فني النضار من اللجين)
(فَلَقَد جهلتهما لبع ... د الْعَهْد بَينهمَا وبيني)
)
(متكسباً بالشعر يَا ... بئس الصِّنَاعَة فِي الْيَدَيْنِ)
(كَانَت كَذَلِك قبل أَن ... يَأْتِي عَليّ بن الْحُسَيْن)
(فاليوم حَال الشّعْر ثا ... لثة لحَال الشعريين)
(أغْنى وأعفى مدحه ال ... عافين عَن كذب ومين)
وَهَذِه القصيدة عَملهَا الصُّورِي فِي عَليّ بن الْحُسَيْن وَالِد الْوَزير أبي الْقَاسِم المغربي وَاتفقَ أَنه كَانَ فِي عسقلان رَئِيس يُقَال لَهُ ذُو المنقبتين فَجَاءَهُ بعض الشُّعَرَاء وامتدحه بِهَذِهِ القصيدة وَزَاد فِي مديحها من نظمه
(وَلَك المناقب كلهَا ... فَلم اقتصرت على اثْنَتَيْنِ)
فأصغى الرئيس إِلَى إنشادها واستحسنها وأجزل جائزته فَلَمَّا خرج من عِنْده قَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين هَذِه القصيدة لعبد المحسن الصُّورِي فَقَالَ أعلم ذَلِك وَأَنا أحفظ القصيدة ثمَّ أنشدها فَقَالَ لَهُ فَكيف عملت مَعَه هَذَا الْعَمَل قَالَ لم أعْطه إِلَّا لأجل قَوْله وَلَك المناقب كلهَا الْبَيْت فَإِن هَذَا لم يكن عبد المحسن وَأَنا ذُو المنقبين فَأعْلم قطعا أَن هَذَا الْبَيْت مَا عمل إِلَّا فِي وَمن شعر الصُّورِي
(عِنْدِي حدائق شكر غرس أنعمكم ... قد مَسهَا عَطش فليسق من غرسا)
(تداركوها وَفِي أَغْصَانهَا رَمق ... فَلَنْ يعود إخضرار الْعود إِن يبسا)
واجتاز يَوْمًا بِقَبْر صديق لَهُ فَأَنْشد
(عجبا لي وَقد مَرَرْت على قبر ... كَيفَ اهتديت قصد الطَّرِيق)
(أَترَانِي نسيت عَهْدك يَوْمًا ... صدقُوا مَا لمَيت من صديق)
وَلما مَاتَت أمه وجد عَلَيْهَا وجدا كثيرا وَقَالَ بَعْدَمَا دَفنهَا(19/99)
(رهينة أَحْجَار ببيداء دكدك ... تولت فَحلت عُرْوَة المتمسك)
(وَقد كنت أبْكِي إِن تشكت وَإِنَّمَا ... أَنا الْيَوْم أبْكِي أَنَّهَا لَيْسَ تَشْتَكِي)
وَمن شعره
(جَزَاك الله عَن ذَا النصح خيرا ... وَلَكِن جَاءَ فِي الزَّمن الْأَخير)
(ومذ صَار نفوس الناي حَولي ... قصاراً عدت ذَا أمل قصير)
وَمِنْه)
(ومعتذر العذار الى فُؤَادِي ... لجزم سَابق من مقلتيه)
(وَكم رمت السلو فَأَعْرَضت بِي ... عَن الْإِعْرَاض خضرَة عارضيه)
(وَلما قلت إِن الشّعْر يسْعَى ... لقلبي فِي الْخَلَاص سعى عَلَيْهِ)
وَمِنْه
(بِالَّذِي ألهم تعذيبي ... ثناياك العذابا)
(مَا الَّذِي قالته عَيْنَاك ... لقلبي فأجابا)
وَمِنْه
(وتريك نَفسك فِي معاندة الورى ... رشدا وَلست إِذا فعلت براشد)
(شغلتك عَن أفعالها أفعالهم ... هلا اقتصرت على عَدو وَاحِد)
3 - (الْمسند أَمِين الدّين ابْن الصَّابُونِي)
عبد المحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّيْخ الْمسند أَمِين الدّين أَبُو الْفضل شهَاب الدّين ابْن الْحَافِظ جمال الدّين أبي حَامِد ابْن الصَّابُونِي
ولد فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة أَو الْقعدَة سنة سبع وَخمسين وست ماية
وَتُوفِّي لَيْلَة السبت سادس جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية بِمصْر
وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالقرافة
أجَاز لي بِخَطِّهِ المرتعش المعوج سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية
3 - (القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن رزين)
عبد المحسن بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن(19/100)
الْحُسَيْن بن رزين القَاضِي الإِمَام الْعَالم عَلَاء الدّين ابْن القَاضِي بدر الدّين ابْن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين سمع من الْعِزّ الْحَرَّانِي وغازي
وَتُوفِّي لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ عَاشر شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
أجَاز لي بِخَطِّهِ فِي رَابِع الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَسبع ماية بِالْقَاهِرَةِ
وَقد تقد ذكر وَالِده وجده
سَمِعت خطابته ودرسه غير مرّة وَكَانَ فصيحاً بليغاً ودرسه بِسُكُون لَا يتَكَلَّم فِيهِ أحد غَيره
3 - (ابْن السهروردي)
عبد الْمَحْمُود بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الإِمَام شهَاب الدّين ابْن السهروردي رَئِيس بَغْدَاد)
توفّي سنة أَربع عشرَة وَسبع ماية
3 - (ابْن ناعمة الطَّبِيب)
عبد الْمَسِيح بن عبد الله الْحِمصِي الطَّبِيب الْمَعْرُوف بِابْن ناعمة كَانَ مِمَّن ينْقل كتب اليونان إِلَى لُغَة الْعَرَب وَهُوَ متوسط النَّقْل إِلَّا أَنه إِلَى الْجَوْدَة أميل
3 - (فَخر الدّين الْحَنَفِيّ الْحلَبِي)
عبد الْمطلب بن الْفضل بن عبد الْمطلب بن الْحُسَيْن الْعَلامَة الْمُفْتِي فَخر الدّين أَبُو هَاشم الْقرشِي العباسي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ تفقه بِمَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ مدرس الْمدرسَة الحلاوية وَشرح الْجَامِع الْكَبِير وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وروى عَنهُ جمَاعَة
وَتُوفِّي سنة سِتّ عشر وست ماية(19/101)
3 - (أَبُو الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ)
عبد المغيث بن زُهَيْر بن عبد الله بن زُهَيْر أَبُو الْعِزّ الْحَرْبِيّ الْحَنْبَلِيّ ولد سنة خمس ماية وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية سمع الحَدِيث وصنف كتابا فِي فضل يزِيد بن مُعَاوِيَة ورد على الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب سَمَّاهُ الرَّد على المتعصب العنيد الْمَانِع من ذمّ يزِيد وَمن شعره
(يَا عز من سمحت لَهُ أطماعه ... إِن بَات ذَا عدم خَفِيف المزود)
(فاليأس عز فادرعه وصل بِهِ ... نيل السِّيَادَة فِي سَبِيل أقصد)
(وَالْحر من نزلت بِهِ أزمانه ... فِي حب مكرمَة وَحسن تسدد)
(وَلم يستكن للنائبات إِذا عرت ... صولاً على الْأَعْدَاء غير مُفند)
(فِي ذَا ينافس كل قيل أروع ... سمح خليقته كريم المحتد)
(عبد الْملك)
3 - (الْمَقْدِسِي الهمذاني الفرضي)
عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو الْفضل الفرضي الْمَعْرُوف بالمقدسي من أهل همذان
سكن بَغْدَاد إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ فَقِيها شافعياً إِمَامًا فِي الْفَرَائِض والحساب وَقِسْمَة التركات وَإِلَيْهِ مرجع النَّاس فِي ذَلِك وَطلب لقَضَاء الْقُضَاة فَامْتنعَ وَكَانَ عابداً ناسكاً ورعاً نزهاً عفيفاً عرفه بذلك الْخَاص وَالْعَام سمع عبد الْوَاحِد بن هُبَيْرَة بن عبد الله الْعجلِيّ وَعبد الله بن عَبْدَانِ الْفَقِيه وَعبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الرَّوْيَانِيّ وَغَيرهم وَحدث باليسير وَكَانَ يحفظ الْمُجْمل لِابْنِ فَارس وغريب الحَدِيث لأبي عبيد وَلم يعرف أَنه اغتاب أحدا قطّ وَلما طلبه الْوَزير أَبُو شُجَاع للْقَضَاء اعتذر بِالْعَجزِ وعلو السن وَقَالَ لَو كَانَت ولايتي مُتَقَدّمَة لاستعفيت مِنْهَا وَأنْشد(19/102)
(إِذا الْمَرْء أعيته السِّيَادَة ناشئاً ... فمطلبها كهلاً عَلَيْهِ شَدِيد)
وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (الْوَزير ابْن شَهِيد)
عبد الْملك بن أَحْمد بن عبد الْملك بن شَهِيد الْوَزير أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ روى عَن قَاسم بن أصبغ وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَة وَالْأَخْبَار وصنف التَّارِيخ الْكَبِير على السنين من وَفَاة عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ أَزِيد من مائَة سفر
توفّي بالذبحة فِي رَابِع ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع ماية وَصَحب الْمَنْصُور أَبَا عَامر
3 - (أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ)
عبد الْملك بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الْأَصْبَغ أَبُو مَرْوَان الْقرشِي الْقُرْطُبِيّ كَانَ من أهل الْعلم لَهُ تصنيف حسن فِي الْفِقْه وَالسّنَن وَكتاب فِي أصُول الْعلم فِي تِسْعَة أَجزَاء ومناسك الْحَج
توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (تَقِيّ الدّين الأرمنتي الشَّافِعِي)
عبد الْملك بن أَحْمد بن عبد الْملك الْأنْصَارِيّ تَقِيّ الدّين الأرمنتي فَقِيه شَافِعِيّ مفت سمع الحَدِيث على شَيْخه مجد الدّين الْقشيرِي وَابْنه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وعَلى عبد المحسن بن إِبْرَاهِيم)
الْمكتب وَغَيرهم وَحدث وَله أرجوزة فِي الحلى وموجز تَارِيخ مَكَّة للأزرقي أجَازه شَيْخه مجد الدّين بالفتوى وَكَانَ محسناً إِلَى النَّاس من الْفُقَهَاء ومساعداً لَهُم على المناصب وَكَانَ يكْتب خطا ردياً لَا يحسن أحد يَسْتَخْرِجهُ إِلَّا الشاذ
قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ بعض قُضَاة قوص إِذا جَاءَت إِلَيْهِ ورقة(19/103)
بِخَطِّهِ يَقُول لصَاحِبهَا أحضرهُ لِيَقْرَأهَا ولد بأرمنت سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست ماية وَتُوفِّي بقوص سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع ماية
وَمن شعره
(قَالَت لي النَّفس وَقد شاهدت ... حَالي لَا تصلح أَو تستقيم)
(بِأَيّ وَجه تلتقي رَبنَا ... وَالْحَاكِم الْعدْل هُنَاكَ الْغَرِيم)
(فَقلت حبسي حسن ظَنِّي بِهِ ... ينيلني بِهِ النَّعيم الْمُقِيم)
(قَالَت وَقد جاهرت حَتَّى لقد ... حق لَهُ يصليك نَار الْجَحِيم)
(قلت معَاذ الله أَن يَبْتَلِي ... بناره وَهُوَ بحالي عليم)
(وَلم أفه قطّ بِكفْر وَقد ... كَانَ بتكفير ذُنُوبِي زعيم)
وَقَالَ فِي لُزُوم الوراقة
(ايا سَائِلًا حَالي بسوق لَزِمته ... يسومنه سوق الوراقة مَا يجدي)
(خُذ الْوَصْف مني ثمَّ لَا تلو بعْدهَا ... على أحد من سَائِر الْخلق من بعدِي)
(يكْسب سوء الظَّن بالخلق كلهم ... وخسة طبع فِي التقاضي مَعَ الحقد)
(وَينْقص مِقْدَار الْفَتى بَين قومه ... ويدعى على رغم من الْقرب والبعد)
(وَإِن خَالف الْحُكَّام فِي بعض أَمرهم ... يرى مِنْهُم وَالله كل الَّذِي يردي)
(وَلَا سِيمَا فِي الدَّهْر إِذْ رسموا لنا ... بأَرْبعَة فِي كل أَمر بِلَا بُد)
(ويكفيه تمعير النَّقِيب وَكَونه ... يشنطط بَين الرُّسُل فِي حَاجَة الجندي)
(وَإِن قَالَ إِنِّي قَانِع بتفردي ... فَهَذَا معاش لَيْسَ يحصل للفرد)
(فبالله إِلَّا مَا قبلت نصيحتي ... وعانيت مَا يُغْنِيك عَنهُ وَمَا يجدي)
(وَإِن كنت مقهوراً عَلَيْهِ لحَاجَة ... فصابر عَلَيْهِ لَا تعيد وَلَا تبدي)
(عبد الْملك بن إِدْرِيس)
عبد الْملك بن إِدْرِيس النَّحْوِيّ الْكَاتِب أَبُو مَرْوَان أحد وزراء الدولة العامرية وكاتبها وَكَانَ عَالما أديباً شَاعِرًا مَاتَ قبل الْأَرْبَع ماية بِمدَّة كَانَ بَين يَدي الْمَنْصُور أبي عَامر فِي لَيْلَة يَبْدُو فِيهَا الْقَمَر تَارَة وَيخْفى بالسحاب تَارَة(19/104)
فَقَالَ بديهاً
(أرى بدر السَّمَاء يلوح حينا ... ويبدو ثمَّ يلتحف السحابا)
(وَذَاكَ لِأَنَّهُ لما تبدى ... وَأبْصر وَجهك استحيا فغابا)
3 - (أَبُو المظفر الشَّافِعِي)
عبد الْملك بن أزاروه بن عبد الله أَبُو المظفر الشَّاعِر ذكره أَبُو الْفَتْح عبد السَّلَام بن يُوسُف الدِّمَشْقِي فِي كتاب أنموذج الْأَعْيَان فَقَالَ دين أديب شَاعِر شَافِعِيّ الْمَذْهَب بغدادي توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين أَو أَربع وَعشْرين وَخمْس ماية وَمن شعره
(فاض دمعي حَتَّى إِذا نفذ الدمع ... جرى الْقلب فِي مجاري الدُّمُوع)
(لَا تلمني فدمع عَيْني جرى ... شوقاً وقلبي من خيفة التوديع)
وَمِنْه
(نظرت من قد صِيغ من لَونه ... شمس وَبدر التم فِي غرته)
(فحار قلبِي عِنْد تشبيهه ... فَلم أقسه بسوى صورته)
وَمِنْه
(أشارت بأطراف لطاف وأومأت ... بأنملة من مَاء قلبِي خضابها)
(وأرخت نقاباً بَين طرفِي وَجههَا ... فخلت بِأَن الشَّمْس تَحت نقابها)
قلت كَذَا وجدته وَهُوَ مُخْتَلف القافية فِي إعرابه كَمَا ترَاهُ وَلَعَلَّه فخلت بِأَن الشَّمْس دوني سحابها
3 - (الْملك السعيد ابْن الصَّالح)
عبد الْملك بن إِسْمَاعِيل هُوَ الْملك السعيد ابْن الْملك الصَّالح نجم الدّين أبي الْجَيْش ابْن الْعَادِل أَبُو مُحَمَّد فتح الدّين وَهُوَ وَالِد الْملك الْكَامِل نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين
كَانَ فتح الدّين الْمَذْكُور وافر الْحُرْمَة والتجمل وَدفن بتربة جدته أم الصَّالح وشيعه الْأُمَرَاء والأعيان)
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست ماية(19/105)
3 - (تَقِيّ الدّين الأسنائي)
عبد الْملك بن الْأَعَز بن عمرَان التقي الأسنائي كَانَ أديباً شَاعِرًا قَرَأَ النَّحْو وَالْأَدب على الشَّمْس الرُّومِي ورد عَلَيْهِم أسنا وَله ديوَان شعر قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي اجْتمعت بِهِ كثيرا وَلم أستنشده وَكَانَ مُتَّهمًا بالتشيع
وَتُوفِّي بأسنا سنة سبع وَسبع ماية
وَمن شعره
(لَا تلم من يحب عِنْد سراه ... فغرام الحبيب قد أسراه)
(جذبته يَد الغرام لمن يهواه ... فاعذره فِي الَّذِي قد عراه)
(رَاح يطوي نشر اللَّيَالِي ... من الشوق إِلَيْهِ ووجده قد يرَاهُ)
وَمِنْه
(جفوني مَا تنام إِلَّا ... لعَلي أَن أَرَاك)
(فزرني قد براني الشو ... ق يَا غُصْن الْأَرَاك)
(وطرفي مَا رأى مثلك ... وقلبي قد حواك)
(فَهُوَ لَك لم يزل مسكن فسبحان الَّذِي ... أسكن وحسنك كم بِهِ أفتن)
وَمَا قصدي سواك
(حَبِيبِي آه مَا أحلى ... هواني فِي هَوَاك)
(فَخَل الصد والهجران ... وَلَا تسمع ملام)
(وصلني يَا قضيب البان ... فَفِي قلبِي ضرام)
(وجد للهائم الولهان ... يَا بدر التَّمام)
(وزر يَا طلعة الْبَدْر ودع يَا ... قاتلي هجري وارفق قد فني عمري)
وعد أَيَّام وفاك
(واسمح أَن أقبل يَا ... مليح بِاللَّه فَاك)
(إِذا مَا زَاد بِي وجدي ... وَلَا ألْقى معِين)(19/106)
(وَصَارَ دمعي على خدي ... كَمَا المَاء الْمعِين)
)
(أفكر ألتقيك عِنْدِي ... يطيب قلبِي الحزين)
(لِأَنَّك نزهة النَّاظر وشخصك فِي ... الْفُؤَاد حَاضر وحبي فِيك بِلَا آخر)
وَقَوْلِي قد كَفاك
(فجد واعدل وصل ... وواصل رضاي من رضاك)
(جبينك يشبه الأصباح ... بنورو قد هدى)
(وَرِيقك من رحيق الراح ... بِهِ يرْوى الصدى)
(وخدك يشبه التفاح ... مكلل بالندى)
(سباني لَونه القاني فخلاني ... كئيب عاني تجافى النّوم أجفاني)
فَهَل عَيْني تراك
(فَذَاك الْيَوْم فِيهِ خدي ... أعفر فِي ثراك)
(عذولي لَا تطل واقصر ... ودع صبا كئيب)
(تَأمل من هويت وابصر ... إِلَى وَجه الحبيب)
(وَكن يَا صَاح مستبصر ... ترى شَيْئا عَجِيب)
(ترى من حسنه مبدع كبدر التم ... إِذْ يطلع تحير لم تدر مَا تصنع)
وَلَا تعرف هداك
(وَتبقى مفتكر حيران ... إِلَّا إِن هداك)
3 - (النهرواني الْمُقْرِئ)
عبد الْملك بن بكران بن الْعَلَاء أَبُو الْفرج النهرواني الْمُقْرِئ الْقطَّان كَانَ من أَعْيَان الْقُرَّاء بالعراق
توفّي سنة أربه وَأَرْبع ماية
(عبد الْملك بن جُنْدُب)
هُوَ ابْن أبي ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ روى عَن أَبِيه وسلمان الْفَارِسِي وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ(19/107)
3 - (الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي)
عبد الْملك بن حَبِيبِي بن سُلَيْمَان بن هَارُون السّلمِيّ الْفَقِيه العباسي الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي أحد الْأَعْلَام كَانَ مَوْصُوفا بالحذق فِي مَذْهَب مَالك لَهُ مصنفات كَثِيرَة توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمن مصنفاته كتاب الْوَاضِحَة كتاب الْجَامِع فَضَائِل الصَّحَابَة غَرِيب الحَدِيث تَفْسِير الْمُوَطَّأ حروب الْإِسْلَام المسجدين وسيرة الإِمَام فِي الْمُلْحِدِينَ طَبَقَات الْفُقَهَاء مصابيح الْهدى
قَالَ ابْن الفرضي كَانَ فَقِيها نحوياً شَاعِرًا عروضياً أخبارياً نسابة طَوِيل اللِّسَان متصرفاً فِي فنون الْعلم روى عَنهُ بَقِي بن مخلد قَالَ ابْن الفرضي إِلَّا أَنه لم يكن لَهُ علم بِالْحَدِيثِ وَلَا يعرف صَحِيحه من سقيمه ذكر عَنهُ أَنه كَانَ يتساهل فِي سَمَاعه وَيحمل على سَبِيل الْإِجَازَة أَكثر رِوَايَته
وَتُوفِّي بعلة الْحَصَى فِي شهر رَمَضَان رَابِعا أَو فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وَمن شعره
3 - (الْجونِي الْبَصْرِيّ)
عبد الْملك أَبُو عمرَان الْجونِي الْبَصْرِيّ رأى عمرَان بن حُصَيْن وروى عَن جُنْدُب ابْن عبد الله وَأنس بن مَالك وَعبد الله بن الصَّامِت وَأبي بكر ابْن أبي مُوسَى وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره
قَالَ أَبُو سعيد ابْن الْأَعرَابِي كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْكَلَام فِي الْحِكْمَة
توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن بتنة)
عبد الْملك بن حسن بن بتنة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة(19/108)
الْحُرُوف وَبعدهَا نون مُشَدّدَة وَبعدهَا هَاء أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ شيخ صَالح جاور بِمَكَّة وَسمع مِنْهُ السلَفِي والسمعاني وَأَبُو بكر وَغَيرهمَا وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَع ماية
3 - (أَبُو نعيم الإِسْفِرَايِينِيّ)
)
عبد الْملك بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن الْأَزْهَر الْأَزْهَرِي أبز نعيم الإِسْفِرَايِينِيّ روى عَن خَال أَبِيه الْحَافِظ أبي عوَانَة كتاب الصَّحِيح الْمسند واحتاط لَهُ خَاله فِي سَمَاعه فَبَارك الله فِي عمره حَتَّى سَمعه الْأَئِمَّة واشتهر الْحَافِظ عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل وَكَانَ رجلا صَالحا ثِقَة
3 - (كَاتب الْمَنْصُور العباسي)
عبد الْملك بن حميد مولى حَاتِم بن النُّعْمَان الْبَاهِلِيّ من أهل حران كَانَ كَاتبا مُتَقَدما قَلّدهُ الْمَنْصُور كِتَابَته ودواوينه وَكَانَت لَهُ عِنْده منزلَة رفيعة وَلما بنى مَدِينَة السَّلَام قسمهَا أَربَاعًا فَجعل الرّبع مِنْهَا إِلَى عبد الْملك بن حميد الْكَاتِب ولعَبْد الْملك قطيعة وربض بعرف بِهِ بالجانب الغربي من بَغْدَاد وَلم يزل على حَاله عِنْده إِلَى أَن لحقته عِلّة النقرس فَانْقَطع وَكَانَ عبد الْملك رُبمَا تثاقل على الْمَنْصُور وتعالل عَلَيْهِ فِي أَيَّام قربه مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور اتخذ من يَنُوب عَنْك إِذا غبت عَن حضرتي فَاتخذ أَبَا أَيُّوب المورياني وَهُوَ فَتى حدث ظريف فخف على قلب الْمَنْصُور وَأدنى أَبَا أَيُّوب كثيرا فَلَمَّا طَالَتْ عِلّة النقرس بِعَبْد الْملك اسْتَقل أَبُو أَيُّوب بالوزارة وَحكي أَن عبد الْملك جلس أَيَّام عطلته بحران وَيحيى بن رَملَة الصفري وَعبيد الله بن النُّعْمَان مولى ثَقِيف وَرجل آخر تَحت شَجَرَة تين وَذَلِكَ بعد انْقِضَاء دولة بني أُميَّة فَقَالُوا لَهُ لَو أصبْنَا رجلا لَهُ سُلْطَان انقطعنا لَهُ وَكُنَّا فِي خدمته يرزقنا رزقا نعود بِهِ على عيالنا فَقَالَ بَعضهم عَسى الله أَن يسبب لنا ذَلِك أَو لبعضنا فيفضل علينا فتوافقوا على ذَلِك وَأَن عبد الْملك بن حميد فَأحْضرهُ وقلده كِتَابَته وتذكر عبد الْملك أَصْحَابه فأحضرهم وقلدهم الْأَعْمَال فأثروا وَحسنت أَحْوَالهم(19/109)
فَكَانُوا إِذْ ذَاك يعْرفُونَ بأصحاب التينة
3 - (القَاضِي أَبُو الْمَعَالِي الحديثي)
عبد الْملك بن روح بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن صَالح الحديثي أَبُو الْمَعَالِي ابْن قَاضِي الْقُضَاة استنابه وَالِده على الحكم وَالْقَضَاء بحريم دَار الْخلَافَة فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة ولَايَة أَبِيه وَجَرت أُمُوره على السداد والاستقامة
وَكَانَ عابداً ورعاً عفيفاً متواضعاً تَارِكًا للتكلف سمع من جده أبي نصر أَحْمد وَمن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السلال الوازن وَأبي الْقَاسِم عَليّ ابْن عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن الصّباغ
لما توفّي وَالِده خُوطِبَ فِي أَن يتَوَلَّى الْقَضَاء فَأبى وَتردد الْكَلَام فِي ذَلِك أَيَّامًا وَمرض وَتُوفِّي سنة سبعين وَخمْس ماية)
3 - (الطَّبِيب)
عبد الْملك بن زهر بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن مرزان الإشبيلي شيخ الْأَطِبَّاء لَهُ مصنفات فِي الطِّبّ أَخذ عَن وَالِده وَتقدم فِي الطِّبّ وَرَأس وشاع ذكره وَلحق بِأَبِيهِ أبي الْعَلَاء وَأَقْبل الْأَطِبَّاء على حفظ مصنفاته وَكَانَ واصلاً عِنْد عبد الْمُؤمن عَليّ الْقدر وصنف لَهُ الدرياق السبعيني ونال من جِهَته دنيا عريضة وَمن أجل تلامذته أَبُو الْحُسَيْن ابْن أَسد المصدوم
وَتُوفِّي عبد الْملك سنة سبع وَخمسين وَخمْس ماية
(عبد الْملك بن زونان)
أَبُو مَرْوَان الأندلسي شيخ معمر فَقِيه أدْرك مُعَاوِيَة بن صَالح الْحِمصِي قَاضِي الْمغرب
وَكَانَ يُفْتِي أَولا بالأندلس على مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَذْهَب مَالك
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْفضل التَّمِيمِي الطبني المغربي)
عبد الْملك بن زِيَادَة الله بن عَليّ بن(19/110)
حُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَسد السَّعْدِيّ التَّمِيمِي الْحمانِي أَبُو مَرْوَان الطبني أَصله من طبنة من عمل إفريقية
أَقَامَ بقرطبة وَوجد مقتولاً فِي دَاره سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع ماية
وَهُوَ من أهل بَيت جلالة ورياسة من أهل الحَدِيث وَالْأَدب إِمَام فِي اللُّغَة لَهُ رِوَايَة وَسَمَاع بالأندلس رَحل إِلَى الْمشرق غير مرّة وَحدث عَن إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الزُّهْرِيّ النَّحْوِيّ
من شعره
(دَعْنِي أسر فِي الْبِلَاد مبتغياً ... فضل ثراء إِن لم يضر زانا)
(فبيذق الصَّدْر وَهُوَ آخِره ... فِيهِ إِذا سَار صَار فرزانا)
3 - (ضِيَاء الدّين الدولعي الْخَطِيب)
عبد الْملك بن زيد بن ياسين بن زيد بن قَائِد بن جميل الإِمَام ضِيَاء الدّين الْخَطِيب الدِّمَشْقِي التغلبي الأرقمي الدولعي الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي ولي خطابة دمشق ودرس بالغزالية وَسمع وروى
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس ماية)
3 - (أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ الْأمَوِي)
عبد الْملك بن سراج بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سراج أَبُو مَرْوَان مولى بني أُميَّة من أهل قرطبة إِمَام اللُّغَة بهَا روى عَن كثير من أهل الْعلم
مَاتَ يَوْم عَرَفَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
وَكَانَ وقور الْمجْلس لَا يَجْسُر أحد على الْكَلَام فِيهِ نهابة لَهُ وَكَانَ يَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا وَاحِد ويحتج بقوله تَعَالَى يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا فَجعل الحَدِيث وَالْخَبَر(19/111)
وَاحِدًا وَكَانَ جده سراج الدّين من موَالِي بني أُميَّة وَكَانَ أحفظ النَّاس لأنساب الْعَرَب وأصدقهم وأقوم النَّاس بِالْعَرَبِيَّةِ والأشعار وَالْأَخْبَار فاق النَّاس فيوقته
3 - (الْعَرْزَمِي الْكُوفِي)
عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي الْكُوفِي أحد الْحفاظ روى عَن أنس بن مَالك وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء ابْن أبي رَبَاح قَالَ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ ثِقَة وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (ابْن الْقُوطِيَّة)
عبد الْملك بن سُلَيْمَان بن عمر بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْوَلِيد ابْن الْقُوطِيَّة الإشبيلي كَانَ متصرفاً فِي الْفِقْه والحساب وَالْأَدب بارعاً فِي عقد الوثائق راوية للْأَخْبَار
توفّي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبع ماية
3 - (الفهمي)
عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد الفهمي مَوْلَاهُم كَانَ عسراً فِي الحَدِيث بَصيرًا بالفقه
توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
وروى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (الْأَمِير العباسي)
عبد الْملك بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو عبد الرَّحْمَن الْأَمِير
ولي الْمَدِينَة والصوائف للرشيد ثمَّ ولي الشَّام والجزيرة للأمين وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين ماية وَحدث عَن أَبِيه وَمَالك بن أنس ووفاته بالرقة وَكَانَ أفْصح(19/112)
النَّاس وأخطبهم وَلم يكن)
فِي عصره مثله فِي فَصَاحَته وصيانته وجلالته قيل ليحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي وَقد ولى الرشيد عبد الْملك الْمَدِينَة كَيفَ ولاه الْمَدِينَة من بَين أَعماله قَالَ أحب أَن يباهي بِهِ قُريْشًا وَيُعلمهُم أَن فِي بني الْعَبَّاس مثله وَدخل على الرشيد وَقد توفّي لَهُ ولد وجاءه ولد فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ سرك الله فِيمَا ساءك وَلَا ساءك فِيمَا سرك وَجعل هَذِه بِهَذِهِ جَزَاء للشاكر وثواباً للصابر وَقيل لَهُ إِن أَخَاك عبد الله يزْعم أَنَّك حقود فَقَالَ
(أذا مَا امْرُؤ لم يحقد لم تَجِد ... لَدَيْهِ لَدَى الْعَمى جَزَاء وَلَا شكرا)
وَوجه إِلَى الرشيد فَاكِهَة فِي أطباق الخيزران وَكتب إِلَيْهِ أسعد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأسعد بِهِ دخلت بستاناً لي أفادنيه كرمك وعمرته لي نعمك وَقد ينعَت أشجاره وآنت ثماره فوجهت إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ من كل شَيْء شَيْئا على الثِّقَة والإمكان فِي أطباق القضبان ليصل إِلَيّ من بركَة دُعَائِهِ مثل مَا وصل إِلَيّ من كَثْرَة عطائه فَقَالَ لَهُ رجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم أسمع بأطباق القضبان فَقَالَ الرشيد يَا أبله إِنَّه كنى عَن الخيزران إِذْ كَانَ اسْما لأمنا وَلما ودعه الرشيد وَقد وَجهه إِلَى الشَّام قَالَ لَهُ الرشيد أَلَك حَاجَة قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بيني وَبَيْنك وَبَين يزِيد بن الدثنة حَيْثُ يَقُول
(فكوني على الواشين لداء شغبة ... كَمَا أَنا للواشي أَلد شغوب)
ثمَّ إِن الرشيد جعل ابْنه الْقَاسِم فِي حجر عبد الْملك بن صَالح فَقَالَ عبد الْملك يحضه على أَن يوليه الْعَهْد بعد أَخَوَيْهِ الْأمين والمأمون وَأَن يَجعله ثَالِثا لَهما
(يَا أَيهَا المَلِكُ الَّذِي ... لَو كَانَ نجماً كَانَ سَعْدا)
(للقاسم اعقد بيعَة ... واقدْحْ لَهُ فِي الْملك زَنْدا)
(اللهُ فَرد وَاحِد ... فَاجْعَلْ وُلَاة الْعَهْد فَردا)
فَجعله الرشيد ثَالِثا لَهما ثمَّ وشى بِهِ بعد ذَلِك النَّاس وَتَتَابَعَتْ الْأَخْبَار عَنهُ بِفساد نِيَّته للرشيد فَدخل عَلَيْهِ فِي بعض الْأَيَّام وَقد امْتَلَأَ قلب الرشيد فَقَالَ أكفراً بِالنعْمَةِ وغدراً بِالْإِمَامِ فَقَالَ عبد الْملك قد بؤت إِذا بأعباء النَّدَم وَاسْتِحْلَال النقم وَمَا ذَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا بفي حَاسِد نافس فِيك وَفِي تَقْدِيم الْولَايَة مَوَدَّة الْقَرَابَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك خَليفَة رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي أمته وأمينه على عترته لَك عَلَيْهَا فرض الطَّاعَة وَأَدَاء النَّصِيحَة(19/113)
وَلها عَلَيْك الْعدْل فِي حكمهَا والتثبت فِي حادثها فَقَالَ لَهُ الرشيد هَذَا قمامة كاتبك يُخْبِرنِي بِفساد نيتك)
وَسُوء سيرتك قَالَ فَأَسْمع كَلَام قمامة فَلَعَلَّهُ أَعْطَاك مَا لَيْسَ فِي عقده وَلَعَلَّه لَا يقدر أَن يعضهني وَلَا يبهتني بِمَا لم يعرفهُ مني وَلم يَصح لَهُ عني فَأمر بإحضاره فَقَالَ لَهُ الرشيد تكلم غير خَائِف وَلَا هائب فَقَالَ أَقُول إِنَّه عازم على الْغدر بك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالْخلاف عَلَيْك فَقَالَ عبد الْملك وَكَيف لَا يكذب عَليّ بن خَلْفي من يبهتني فِي وَجْهي فَقَالَ الرشيد فَهَذَا عبد الرَّحْمَن ابْنك يَقُول بقول كاتبك ويخبر عَن سوء ضميرك وَفَسَاد نيتك وَأَنت لَو أردْت أَن تحتج بِحجَّة لم نجد أعدل من هذَيْن فَبِمَ تدفعهما عَنْك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الرَّحْمَن بَين مَأْمُور أَو عَاق فَإِن كَانَ مَأْمُورا فمعذور وَإِن كَانَ عاقاً فَهُوَ عَدو أخبر الله بعداوته وحذر مِنْهَا فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ فِي مُحكم كِتَابه إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم فَنَهَضَ الرشيد وَقَالَ أما أَمرك فقد وضح وَلَكِن لَا أعجل حَتَّى أعلم مَا الَّذِي يُرْضِي الله فِيك فَإِنَّهُ الحكم بيني وَبَيْنك فَقَالَ عبد الْملك رضيت بِاللَّه حكما وبأمير الْمُؤمنِينَ حَاكما فَإِنِّي أعلم أَنه يُؤثر كتاب الله على هَوَاهُ وَأمر الله على رِضَاهُ ثمَّ إِنَّه دخل عَلَيْهِ فِي مجْلِس آخر وَسلم فَلم يرد عَلَيْهِ الرشيد فَلم يزل يعْتَذر ويحتج لنَفسِهِ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى أقبل عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَقَالَ مَا أَظن الْأَمر إِلَّا كَمَا قلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَأَنت محسد وأمير الْمُؤمنِينَ يعلم أَنَّك على سريرة صَالِحَة غير مدخولة وَلَا خسيسة ثمَّ دَعَا عبد الْملك بِشَربَة مَاء فَقَالَ الرشيد مَا شرابك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن قَالَ سحيق الطبرزد ذَر بِمَاء الرُّمَّان فَقَالَ بخ بخ عضوان لطيفان يذهبان الظما ويلذان المذاق فَقَالَ عبد الْملك صِفَتك لَهما يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ألذ من فعلهمَا ثمَّ إِن الرشيد تنكر لَهُ بعد ذَلِك وحبسه عَن الْفضل بن الرّبيع وَقَالَ أما وَالله لَوْلَا الْإِبْقَاء على بني هَاشم لضَرَبْت عتقك وَلم يزل مَحْبُوسًا حَتَّى توفّي الرشيد فَأَطْلقهُ الْأمين وَعقد لَهُ على الشَّام وَكَانَ مُقيما بالرقة وَجعل للأمين عهد الله وميثاقه لَئِن قتل وَهُوَ حَيّ لَا يُعْطي الْمَأْمُون طَاعَته أبدا فَمَاتَ قبل قتل الْأمين وَدفن فِي دَار من دور الْإِمَارَة فمل خرج الْمَأْمُون يُرِيد الرّوم أرسل إِلَى ابْن لَهُ حول أَبَاك عَن دَاري فنبشت عِظَامه وحولت
وَكتب إِلَى الرشيد قبل إشخاصه إِلَى الْعرَاق وَقد تغير عَلَيْهِ
(أخلاي لي شجو وَلَيْسَ لكم شجو ... وكل امْرِئ من شجو صَاحبه خلو)
(من أبي نواحي الأَرْض أبغي رضاكم ... وَأَنْتُم أنَاس مَا لمرضاتكم نَحْو)
(فَلَا حسن نأتي بِهِ تقبلونه ... وَلَا إِن أسأنا كَانَ عنْدكُمْ عَفْو)(19/114)
)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ وَالله إِن كَانَ قَالَهَا لقد أحسن وَإِن كَانَ رَوَاهَا لقد أحسن وَكتب إِلَيْهِ من السجْن
(قل لأمير الْمُؤمنِينَ الَّذِي ... يشكره الصَّادِر والوارد)
(يَا وَاحِد الْأَمْلَاك فِي فَضله ... مَا لَك مثلي فِي الوري وَاحِد)
(إِن كَانَ لي ذَنْب وَلَا ذَنْب لي ... حَقًا كَمَا زعم الْحَاسِد)
(فَلَا يضق عفوك عني فقد ... فَازَ بِهِ الْمُسلم والجاحد)
وَمن شعره وَهُوَ فِي الْحَبْس
(لَئِن سَاءَنِي حبسي لفقد أحبتي ... وَأَنِّي فيهم لَا أَمر وَلَا أحلي)
(لقد سرني عزي بترك لقائهم ... وَمَا أتشكى من حجاب وَمن ذل)
وَلما أخرجه الْأمين من السجْن دفع إِلَيْهِ كَاتبه قمامة وَابْنه عبد الرَّحْمَن فَقتل قمامة فِي حمام وهشم وَجه ابْنه بعمود
3 - (المسمعي الصَّنْعَانِيّ)
عبد الْملك بن الصَّباح المسمعي الصَّنْعَانِيّ قَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث
توفّي سنة تسع وَتِسْعين وماية
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو مَرْوَان الأندلسي)
عبد الْملك بن طريف الأندلسي أَبُو مَرْوَان النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ
مَاتَ فِي حُدُود الْأَرْبَع ماية
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ الْكَاتِب)
عبد الْملك بن عبد الله بن أَحْمد بن رضوَان(19/115)
أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ كَانَ كَاتبا فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَكَانَ حاقداً فَاضلا سمع الحَدِيث من أبي مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَغَيره وَحدث باليسر
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمْس ماية
3 - (السيوري)
عبد الْملك بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن أَيُّوب أَبُو مَنْصُور السيوري شَاعِر ذكره أَبُو طَاهِر)
السلَفِي
وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَخمْس ماية
وَمن شعره
3 - (إِمَام الْحَرَمَيْنِ)
عبد الْملك بن عبد الله بن يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد ابْن حيويه إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي ابْن الإِمَام أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ الْفَقِيه الملقب ضِيَاء الدّين رَئِيس الشَّافِعِيَّة قَالَ السَّمْعَانِيّ كَانَ إِمَام الْأَئِمَّة على الْإِطْلَاق الْمجمع على إِمَامَته شرقاً وغرباً لم تَرَ الْعُيُون مثله
ولد سنة تسع عشرَة وَأَرْبع ماية فِي الْمحرم وَتُوفِّي فِي الْخَامِس وَالْعِشْرين من ربيع الآخر سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع ماية وَدفن فِي دَاره ثمَّ نقل بعد سِنِين إِلَى مَقْبرَة الْحُسَيْن وَدفن إِلَى جَانب أَبِيه وَكسر منبره فِي الْجَامِع وأغلقت الْأَسْوَاق وَكَانَ لَهُ نَحْو أربه ماية تلميذ فكسروا محابرهم وأقلامهم وطافوا فِي الْبَلَد ناحبين عَلَيْهِ مبالغين فِي الصياح والجزع وَأَقَامُوا على ذَلِك حولا وَوضع المناديل على الرؤوس عَاما بِحَيْثُ إِنَّه مَا اجترأ أحد على ستر رَأسه من الرؤوس والكبار وَصلى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو الْقَاسِم بعد جهد وَأكْثر الشُّعَرَاء فِي مراثيه
وَكَانَ قد تفقه على وَالِده فَأتى على جَمِيع مصنفاته وَتُوفِّي أَبوهُ وَله عشرُون سنة فَأقْعدَ مَكَانَهُ للتدريس وَكَانَ يدرس وَيخرج إِلَى مدرسة الْبَيْهَقِيّ وَأحكم الْأُصُول على أبي الْقَاسِم الإِسْفِرَايِينِيّ الإسكاف وتفقه بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة وَسمع من أَبِيه وَمن أبي حسان(19/116)
مُحَمَّد بن أَحْمد الْمُزَكي وَأبي سعيد النصروي وَمَنْصُور بن رامش وَآخَرين وَكَانَ مَعَ تبحره وفضله لَا علم لَهُ بِالْحَدِيثِ ذكر فِي كتاب الْبُرْهَان حَدِيث معَاذ فِي الْقيَاس فَقَالَ هُوَ مدون فِي الصِّحَاح مُتَّفق على صِحَّته كَذَا قَالَ وأنى لَهُ الصِّحَّة ومداره على الْحَارِث بن عَمْرو ومجهول عَن رجال من أهل مصر لَا يدْرِي من هم عَن معَاذ
وَقَالَ الْمَازرِيّ رَحمَه الله فِي شرح الْبُرْهَان فِي قَوْله إِن الله يعلم الكليات لَا الجزئيات وددت لَو محوتها بدمي أَبُو بدمع عَيْني قلت أَنا أحاشي إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن القَوْل بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَالَّذِي أَظُنهُ أَنَّهَا دست فِي كَلَامه ووضعها الحسدة لَهُ على لِسَانه كَمَا وضع كتاب الْإِبَانَة على لِسَان الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَهَذِه الْمَسْأَلَة فلسفة صرفة كَيفَ يَقُول بهَا أشعري وَسَائِر قَوَاعِده تخَالف القَوْل بهَا أَخْبرنِي من لَفظه الإِمَام الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ)
الشَّافِعِي قَالَ كَانَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي يَقُول إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَأَي حَاجَة كَانَت بِهِ إِلَى أَن أضاع الزَّمَان فِي وضع نِهَايَة الْمطلب أَو كَمَا قَالَ
لَهُ كتاب نِهَايَة الْمطلب فِي دارية الْمَذْهَب فِي عشْرين مجلدة وَهُوَ كتاب جليل مَا فِي الْمَذْهَب مثله وَفِيه إشكالات لم تنْحَل والإرشاد فِي أصُول الدّين والرسالة النظامية فِي الْأَحْكَام الإسلامية والشامل فِي أصُول الدّين والبرهان فِي أصُول الْفِقْه ومدارك الْعُقُول وَلم يتمه وغياث الْأُمَم فِي الْإِمَامَة ومغيث الْخلق فِي اخْتِيَار الأحق وغنية المسترشدين فِي الْخلاف
وَكَانَ إِذا أَخذ فِي علم الصُّوفِيَّة وشح الْأَحْوَال أبكى الحاضري وَجرى ذكره فِي مجْلِس قَاضِي الْقُضَاة أبي سعيد الطَّبَرِيّ فَقَالَ أحد الْحَاضِرين بِأَنَّهُ تلقب بِإِمَام الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ القَاضِي بل هُوَ إِمَام خُرَاسَان وَالْعراق لفضله وتقدمه فِي أَنْوَاع الْعُلُوم وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الفيروزأبادي تمَتَّعُوا بِهَذَا الإِمَام فَإِنَّهُ نزهة هَذَا الزَّمَان وَحج وجاور بِمَكَّة أَربع سِنِين يدرس ويفني ويتعبد ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور وَتَوَلَّى الْمدرسَة النظامية وَبَقِي ثَلَاثِينَ سنة غير مُزَاحم وَلَا مدافع مُسلم لَهُ الْمِحْرَاب والمنبر والخطابة والتدريس مجْلِس التَّذْكِير يَوْم الْجُمُعَة وَحضر درسه الأكابر وَكَانَ يقْعد بَين يَدَيْهِ كل يَوْم ثَلَاث ماية فَقِيه ودرس أَكثر تلامذته وَبنى لَهُ نظام الْملك الْمدرسَة النظامية بنيسابور يُقَال إِن وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ فِي أول عمره ينْسَخ(19/117)
بِالْأُجْرَةِ فَاجْتمع لَهُ من كسب يَده شَيْء اشْترى بِهِ جَارِيَة مَوْصُوفَة بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح وَلم يزل يطعهما من كسب يَده أَيْضا إِلَى أَن حملت بِإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ مُسْتَمر على تربيتها بمكسب الْحل فَلَمَّا وَضعته أوصاها أَن لَا تمكن أحدا من إرضاعه فاتفق أَنه دخل يَوْمًا عَلَيْهَا وَهِي متألمة وَالصَّغِير يبكي وَقد أَخَذته امْرَأَة من جيرانهم وشاغلته بثديها فرضع مِنْهَا قَلِيلا فَلَمَّا رَآهُ شقّ عَلَيْهِ ذَلِك وَأَخذه إِلَيْهِ ونكس رَأسه وَمسح على بَطْنه وَأدْخل إصبعه فِي فِيهِ وَلم يزل إِلَى أَن قاء جَمِيع مَا شربه وَهُوَ يَقُول يسهل عَليّ أَن يَمُوت وَلَا يفْسد طبعه بِشرب لبن غير أمه ويحكى عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَنه كَانَ يلْحقهُ فَتْرَة فِي بعض الأحيان فِي مجْلِس المناظرة وَيَقُول هَذَا من بقالا تِلْكَ الرضعة وَمن شعره
(أصخ لن تنَال الْعلم إِلَّا بِسِتَّة ... سأنبيك عَن تفصيلها بِبَيَان)
(ذكاء وحرص وافتقار وغربة ... وتلقين أستاذ وَطول زمَان)
)
وَمِمَّا وجدته مَنْسُوبا
(إِذا سمته التَّقْبِيل صد بِوَجْهِهِ ... وَقَالَ أما تخشى وَأَنت إِمَام)
(أتحسب رشف الرِّيق شَيْئا محللا ... فريقي خمر والمدام حرَام)
وَمِمَّا رثي رَحمَه الله تَعَالَى
(قُلُوب الْعَالمين على المقالي ... وَأَيَّام الورى شبه اللَّيَالِي)
(أيثمر غُصْن أهل الْعلم يَوْمًا ... وَقد مَاتَ الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي)
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الطَّبَرِيّ الْمدرس بثغر جنزة
(يَا أَيهَا الناعي شمس الْمشرق ... بِأبي الْمَعَالِي نور دين مشرق)
(أنذرتني الدُّنْيَا قيام قِيَامَة ... فالشمس صَار مغيبها فِي الْمشرق)
3 - (ابْن بدرون المغربي)
عبد الْملك بن عبد الله بن بدرون أَبُو الْقَاسِم الْحَضْرَمِيّ من أهل شلب ويكن أَبَا الْحُسَيْن وَهُوَ مؤلف كتاب كمامة الزهر وصدفة الدُّرَر(19/118)
فِي شرح قصيدة أبي مُحَمَّد عبد الْمجِيد بن عبدون اليابري وَأورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم
(من معشر سبقوا إِلَى الندى ... وَتَقَدَّمت أولاهم وتأخروا)
(طابت بطيبهم الْبِلَاد كَأَنَّمَا ... أَرْوَاحهم فَوق الوقائع مجمر)
(نشرت عَلَيْهِم للدروع صَحَائِف ... وَالْبيض تكْتب والعجاج ينشر)
مِنْهَا
(ومفاضة زعف كَأَن وليدها ... لبد يجرر معطفيها قسور)
(كَادَت تسيل عَلَيْهِ لَوْلَا بأسه ... فغدت على أعطافه تتحير)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(لِيهن الأعادي مِنْك أَن سروجهم ... وَإِن أنفوا دون اللحود لحود)
(وَإِن وضعُوا سَيْفا فكفك ساعد ... وَإِن رفعوا رَأْسا فرمحك جيد)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(من كل حَامِل جدول فِي كَفه ... وأديمه من فَوْقه مَحْمُول)
(ومثقف نشوان من خمر الوغى ... قصرت بِهِ الأغماد وَهُوَ طَوِيل)
)
(كَادَت تصل كعوبه من لينه ... حَتَّى استقام من اللِّسَان دَلِيل)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو سعيد السَّرخسِيّ الْحَنَفِيّ)
عبد الْملك بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو سعد السَّرخسِيّ الْحَنَفِيّ ولي قَضَاء الْبَصْرَة وَالِده وَسمع أَبُو سعد هَذَا بِبَغْدَاد أَبَا الْفَتْح هِلَال بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الحفار وَأَبا الْفَتْح مَنْصُور بن الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب وبنيسابور عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطرازي وبالأهواز عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر الدينَوَرِي وَحدث بِبَغْدَاد عَن وَالِده وَولي قَضَاء الْبَصْرَة وَمضى إِلَيْهَا وَحدث بهَا وبإصبهان
توفّي سنة سبعين وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن جريج)
عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز جريج الرُّومِي مولى بني أُميَّة كَانَ(19/119)
أحد أوعية الْعلم عَالم مَكَّة
وَهُوَ أول من صنف التصانيف فِي الحَدِيث روى عَن أَبِيه وَمُجاهد وَعَطَاء ابْن أبي رَبَاح وَطَاوُس وَعَمْرو بن شُعَيْب وَنَافِع وَالزهْرِيّ وَعَبدَة ابْن أبي لبَابَة وَابْن أبي مليكَة وَخلق كثير من التَّابِعين
مولده بعد سنة سبعين وَتُوفِّي سنة خمسين وماية
قَالَ أَبُو غَسَّان ربيح سَمِعت جَرِيرًا يَقُول كَانَ ابْن جريج يرى الْمُتْعَة تجوز بستين امْرَأَة وَقَالَ الْقطَّان لم يكن ابْن جريج عِنْدِي بِدُونِ مَالك وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ لم يكن فِي الأَرْض بعطاء أعلم من ابْن جريح وَكَانَ رُبمَا دلّس وَقيل إِنَّه جَاوز الماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَكَانَ يكنى أَبَا خَالِد وَأَبا الْوَلِيد
3 - (ابْن الْمَاجشون)
عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن عبد اله ابْن أبي سَلمَة مَيْمُون وَقيل دِينَار ابْن الْمَاجشون أَبُو مَرْوَان الْقرشِي التَّيْمِيّ المنكدري مَوْلَاهُم الْأَعْمَى الْفَقِيه الْمَالِكِي تفقه على الإِمَام مَالك رَضِي الله عَنهُ وعَلى وَالِده عبد الْعَزِيز وَغَيرهمَا قيل إِنَّه عمي آخر عمره وَكَانَ مُولَعا بِالْغنَاءِ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل قد مر علينا وَمَعَهُ من يُغْنِيه وَحدث وَكَانَ من الفصحاء رُوِيَ أَنه إِذا ذاكره الإِمَام الشَّافِعِي لم يعرف النَّاس كثيرا مِمَّا يَقُولَانِ لِأَن الشَّافِعِي تأدب بهذيل وَعبد الْملك تأدب)
فِي خؤولته من كلب الْبَادِيَة وَقَالَ أَحْمد بن المعذل كلما تذكرت أَن التُّرَاب يَأْكُل لِسَان عبد الْملك صغرت الدُّنْيَا فِي عَيْني قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ لَا يعقل الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ يحيى بن أَكْثَم كَانَ بحراً لَا تكدره الدلاء
توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَلَاث عشرَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة(19/120)
3 - (أَبُو نصر التمار)
عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز الْقشيرِي النسوي الدقيقي التمار الزَّاهِد
توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
وروى عَنهُ مُسلم وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَجَمَاعَة كَانَ ابْن حَنْبَل لَا يرى الْكِتَابَة عَنهُ وَلَا عَن أحد مِمَّن امتحن فَأجَاب قَالَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْورْد مُؤذن بشر الحافي رَأَيْت بشرا فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي فَمَا فعل بِأبي نصر التمار قَالَ هَيْهَات ذَلِك فِي عليين بفقره وَصَبره على بُنْيَانه
3 - (القَاضِي بهاء الدّين الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْملك بن عبد الْوَهَّاب ابْن الشَّيْخ أبي الْفرج الشِّيرَازِيّ الدِّمَشْقِي القَاضِي الأوحد بهاء الدّين ابْن الْحَنْبَلِيّ شيخ الْحَنَابِلَة سَيَأْتِي ذكر وَالِده وَكَانَ شيخ الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق وَرَئِيسهمْ كَانَ يُفْتِي على مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل وَأبي حنيفَة
وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَخمْس ماية
3 - (ذُو الرياستين المغربي)
عبد الْملك بن عبود بن هُذَيْل بن رزين حسام الدولة ذُو الرياستين من برابرة الأندلس لما ثارت مُلُوك الطوائف بعد اختلال دولة بني أُميَّة ثار هُذَيْل ين رزين بمملكة السهلة بشرق الأندلس ثمَّ ورثهَا عَنهُ ابْنه عبود ثمَّ ورثهَا هَذَا حسام الدولة وَهُوَ فاضلهم ومشهورهم
ذكره صَاحب القلائد وَقَالَ فِي وَصفه ورث الرياسة عَن مُلُوك عضدوا موازرهم وشدوا دون الْمَحَارِم مآزرهم لم يتوشحوا إِلَّا بالحمائل وَلَا جمحوا للباس إِلَّا فِي إعنة الصِّبَا وَالشَّمَائِل وَكَانَ ذُو الرياستين مُنْتَهى فخارهم وقطب مدراهم وَاسْتولى الملثمون(19/121)
على مُلُوك الأندلس وَهُوَ فِي الْحَيَاة فاشتغلوا عَنهُ بِمَا هُوَ أقرب مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أقْصَى شَرق الأندلس)
وَكَانَت لَهُ هَيْبَة ومداراة إِلَى أَن مَاتَ وَترك ولدا صَغِيرا خلعوه وَأخذُوا ملكه
وَمن شعره فِي شمعة
(رب صفراء تردت ... برداء العاشقينا)
(مثل فعل النَّار فِيهَا ... تفعل الْآجَال فِينَا)
وَمِنْه
(دع الجفن يذري الدمع لَيْلَة ودعوا ... إِذا انقلبوا بِالْقَلْبِ لَا كَانَ مدمع)
(سروا كافتداء الطير لَا الصَّبْر بعدهمْ ... جميل وَلَا طول الندامة ينفع)
(أضيق بِحمْل الفادحات من النَّوَى ... وصدري من الأَرْض البسيطة أوسع)
(وَإِن كنت خلاع العذار فإنني ... لبست من العلياء مَا لَيْسَ يخلع)
(إِذا سلت الألحاظ سَيْفا خَشيته ... وَفِي الْحَرْب لَا أخْشَى وَلَا أتوقع)
وَمِنْه
(أَتَرَى الزَّمَان يسرنَا بتلاق ... وَيضم مشتاقاً إِلَى مشتاق)
(وتعض تفاح الْقُلُوب شفاهنا ... ونرى سنا الأحداق بالأحداق)
(وتعود أَنْفُسنَا إِلَى أجسامها ... من بعد مَا شَردت على الْآفَاق)
3 - (أَبُو نصر الْمُقْرِئ)
عبد الْملك بن عَليّ بن سَابُور بن الْحُسَيْن أَبُو نصر الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ سَافر إِلَى مصر وَأقَام بهَا وَحدث بهَا وَكَانَ عَالما بالقراآت ووجوهها
وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية
سمع أَبَا الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْقَاسِم بن الصَّلْت الْقرشِي وَغَيره وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الْمُسلم بن عبد السَّمِيع بن عَليّ بن إِسْحَاق بن الْفرج الْمصْرِيّ(19/122)
وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الرَّازِيّ
3 - (ابْن الكيا الهراسي)
عبد الْملك بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ أَبُو الْمَعَالِي ابْن الكيا الهراسي
نَشأ بِبَغْدَاد وَسمع من أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان الرزاز وَأبي طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَلم يكن لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ وَلَا سلك)
طَرِيق وَالِده بل خالط أَصْحَاب الدِّيوَان وخدم فِي أشغالهم وعلت مرتبته ورتب حاجباً بِالْبَابِ النوبي وناظراً فِي الْمَظَالِم فَأَقَامَ نَحوا من أَرْبَعِينَ يَوْمًا وعزل وَحبس بالمطمورة عشر سِنِين وَثَلَاثَة أشهر وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رأى يَوْمًا فرس المقتفي قَرِيبا مِنْهَا فرسولي عهد المستنجد فَقَالَ لَا أحياني الله إِلَى زمَان أرى هَذِه الْفرس مَكَان هَذِه الْفرس وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْس ماية
(عبد الْملك بن عَليّ)
كَانَ مُؤذنًا بهراة وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَكثر فضلائها
وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية
صنف كتاب الْمُحِيط فِي اللُّغَة والمنتخب من تَفْسِير الرماني وَكتاب الصِّفَات والأدوات الَّتِي يَبْتَدِئ بهَا الْأَحْدَاث
3 - (الْوَزير ابْن أبي شيبَة)
عبد الْملك بنعلي ابْن أبي صَالح بن عبد الْكَرِيم بن الْفضل ابْن أبي شيبَة الْعَبدَرِي من بني شيبَة كَانَ من الرؤساء عالي الْمحل استوزره الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماه وَقرب من قلبه وَترسل عَنهُ إِلَى الْمُلُوك فأكرموه كثيرا وَكَانَ قبل ذَلِك يخْدم عِنْد الظَّاهِر صَاحب حلب وَعرض عَلَيْهِ عدَّة ولايات فَلم يجبهُ ورحل بعد وَفَاة الْمَنْصُور إِلَى منبج وَأقَام بِهَا إِلَى أَن مَاتَ
وولادته سنة خمس وَخمسين وَخمْس ماية ووفاته سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية
وَمن شعره
(حَيّ حَيا بمنبج فِيهِ هِنْد ... بابل من لحاظها والهند)
(وَلما تبْعَث التَّحِيَّة التَّحِيَّة من ... نحوي إِلَى منبج غرام وَوجد)
(وتوخ الحنين فِيهَا فَمن ... قرب حماها تشفى الْعُيُون الرمد)(19/123)
3 - (ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن عبد الْعَزِيز)
عبد الْملك بن عمر بن عبد الْعَزِيز الشَّاب الناسك
قَالَ لِأَبِيهِ عمر يَا أبه أقِم الْحق وَلَو سَاعَة من نَهَار كَانَ يفضل على أَبِيه
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي حُدُود الماية لِلْهِجْرَةِ)
3 - (قَاضِي الْكُوفَة)
عبد الْملك بن عُمَيْر بن سُوَيْد بن جَارِيَة اللَّخْمِيّ الْكُوفِي أحد الْأَعْلَام رأى عليا رَضِي الله عَنهُ وروى عَن جاب بن سَمُرَة وحندب البَجلِيّ وعدي بن حَاتِم والأشعث بن قيس وَابْن الزبير وَطَائِفَة كَثِيرَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ولي قَضَاء الْكُوفَة بعد الشّعبِيّ قَالَ النَّسَائِيّ وَجَمَاعَة لَيْسَ بِهِ باس وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بحافظ وَضَعفه أَحْمد لغلطه وَقَالَ ابْن معِين مختلط وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ وَكَانَ معمراً
توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وماية بالِاتِّفَاقِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
يُقَال إِنَّه عَاشَ ماية وَثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة وعزل عَن الْقَضَاء وَولي بعده ابْن أبي ليلى وَكَانَ يلقب بالقبطي وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فرس يدعى بذلك وقف عَلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ أَيْن عبد الْملك ين عُمَيْر القبطي فَقَالَ لَهُ إِن كنت تُرِيدُ عبد الْملك ابْن عُمَيْر اللَّخْمِيّ فَهُوَ أَنا وَإِن كنت تُرِيدُ القبطي فَهُوَ ذَا وَاقِف يَعْنِي فرسه قَالَ كنت عِنْد عبد الْملك بن مَرْوَان بقصر الْكُوفَة حِين جِيءَ إِلَيْهِ براس مُصعب بن الزبير فَوضع بَين يَدَيْهِ فرآني قد ارتعت فَقَالَ مَالك فَقلت أُعِيذك بِاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كنت بِهَذَا الْقصر فِي هَذَا الْموضع مَعَ عبيد الله بن زِيَاد فَرَأَيْت رَأس الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب بَين يَدَيْهِ فِي هَذَا الْمَكَان ثمَّ كنت فِيهِ مَعَ مُصعب بن الزبير فَرَأَيْت راس الْمُخْتَار فِيهِ بَين يَدَيْهِ ثمَّ هَذَا رَأس مُصعب ابْن الزبير بَين يَديك فَقَامَ عبد الْملك من مَوْضِعه وَأمر بهدم ذَلِك الطاق الَّذِي كُنَّا فِيهِ(19/124)
3 - (أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ)
عبد الْملك بن عَيَّاش أَبُو الْحسن الْأَزْدِيّ الْقُرْطُبِيّ أَخذ عَن أَبِيه عَيَّاش وَدخل فِي الدُّنْيَا بعد الزّهْد وَكتب للدولة وَحصل الثروة
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخمْس ماية
وَهُوَ الْقَائِل
(عصيت هوى نَفسِي صَغِيرا فعندما ... دهتني اللَّيَالِي بالمشيب وبالكبر)
(أَطَعْت الْهوى عكس الْقَضِيَّة لَيْتَني ... خلقت كَبِيرا وانتقلت إِلَى الصغر)
فَزَاد ابْنه أَبُو الْحسن عَليّ
(هَنِيئًا لَهُ أَن لم يكن كابنه الَّذِي ... أطَاع الْهوى فِي حالتيه وَمَا اعتذر)
)
وَكَانَ عبد الْملك بارع الْخط
3 - (القاهر ابْن الْمُعظم)
عبد الْملك بن عِيسَى ابْن أبي بكر بن أَيُّوب الْملك القاهر بهاء الدّين ابْن السُّلْطَان الْمُعظم ابْن الْملك الْعَادِل
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وست ماية
سمع من ابْن اللتي وَغَيره وَحدث وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق سليم الصَّدْر يعاني زِيّ الْأَعْرَاب فِي مركبه ولباسه وخطابه ويتبادى وَكَانَ بطلاً شجاعاً قَالَ قطب الدّين اليونيني حَدثنِي تَاج الدّين نوح ابْن شيخ السلامية أَن الْأَمِير عز الدّين أيدمر العلائي نَائِب صفد حَدثهُ قَالَ كَانَ الظَّاهِر مُولَعا بالنجوم فَأخْبر أَنه يَمُوت فِي هَذِه السّنة بالسم ملك فَوَجَمَ لذَلِك وَكَانَ عِنْده حسد لمن يُوصف بالشجاعة وَيذكر بالجميل وَكَانَ القاهر مَعَ الظَّاهِر نوبَة الأبلستين وَفعل أفاعيل عَجِيبَة وَبَين يَوْم المصاف وتعجب النَّاس مِنْهُ فحسده وَكَانَ حصل للسُّلْطَان نَدم لتورطه فِي بِلَاد الرّوم فحدثه القاهر بِمَا فِيهِ نوع إِنْكَار عَلَيْهِ فأثر عِنْده فتخيل فِي ذهنه أَنه إِذا سمه كَانَ هُوَ الَّذِي ذكره المنجمون فَأحْضرهُ عِنْده يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر الْمحرم لشرب القمز وَجعل السقية فِي وريقة فِي جيبه وللسلطان ثَلَاث هنابات مُخْتَصَّة بِهِ كل هناب مَعَ سَاق فَمن أكْرمه السُّلْطَان نَاوَلَهُ هناباً مِنْهَا فاتفق قيام القاهر ليبزل(19/125)
فَجعل السلطات الوريقة فِي الهناب
وأمسكه بِيَدِهِ وَجَاء القاهر فَنَاوَلَهُ الهناب فَقبل الأَرْض وشربه وَقَامَ السُّلْطَان ليبزل فَأخذ الساقي الهناب من يَد القاهر وملأه على الْعَادة ووقف وأتى السُّلْطَان فَتَنَاول الهناب وشربه وَهُوَ لَا يشْعر فَلَمَّا شربه أَفَاق على نَفسه وَعلم أَنه شرب من ذَلِك الهناب وَفِيه آثَار السم فتخل وَحصل لَهُ وعك وتمرض وَمَات وَأما القاهر فَمَاتَ من الْغَد ذكر العلائي أَنه بلغه ذَلِك من مطلع على الْأُمُور لَا يشك فِي أخباره
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن درباس)
عبد الْملك بن عِيسَى بن درباس بن فير بن جهم بن عَبدُوس قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين الماراني الشَّافِعِي
ولد بنواحي الْموصل سنة سِتّ عشرَة وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة خمس وست ماية
كَانَ قَاضِي الْقُضَاة بالديار المصرية)
3 - (الْأَصْمَعِي)
عبد الْملك بن قريب بن عبد الْملك بن عَليّ بن أصمع بن مظهر بن عبد شمس الْأَصْمَعِي الْبَصْرِيّ صَاحب اللُّغَة كَانَ إِمَام زَمَانه فِي اللُّغَة روى عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء وقرة بن خَالِد ومسعر بن كدام وَابْن عون وَنَافِع ابْن أبي نعيم وَسليمَان التَّيْمِيّ وَشعْبَة وبكار بن عبد الْعَزِيز ابْن أبي بكرَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَسَلَمَة بن بِلَال وَعمر ابْن أبي زَائِدَة وَخلق قَالَ عمر بن شبة سمعته يَقُول حفظت سِتَّة عشر ألف أرجوزة وَقَالَ الشَّافِعِي مَا عبر أحد عَن الْعَرَب بِمثل عبارَة الْأَصْمَعِي وَقَالَ ابْن معِين لم يكن مِمَّن يكذب وَكَانَ من أعلم النَّاس فِي فنه
وَقَالَ أَبُو دَاوُد صَدُوق وَكَانَ يَتَّقِي أَن يُفَسر حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يَتَّقِي أَن يُفَسر الْقُرْآن قيل لأبي نواس قد أشخص أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي إِلَى الرشيد فَقَالَ أما أَبُو عُبَيْدَة فَإِن مكنوه من سَفَره قَرَأَ عَلَيْهِم أَخْبَار الْأَوَّلين والآخرين وَأما الْأَصْمَعِي فبلبل يطربهم بنغماته وَكَانَ بَخِيلًا وَيجمع أَحَادِيث البخلاء قَالَ لَهُ أَعْرَابِي رَآهُ يكْتب
(مَا أَنْت إِلَّا الحفظه ... تكْتب لفظ اللفظه)(19/126)
وتناظر هُوَ وسيبويه فَقَالَ يُونُس بن حبيب الْحق مَعَ سِيبَوَيْهٍ وَهَذَا يغلبه بِلِسَانِهِ وَقَالَ البُخَارِيّ مَاتَ سنة سِتّ عشرَة ومايتين وَقَالَ غَيره سنة خمس عشرَة وَقيل انه عَاشَ ثمانياً وَثَمَانِينَ سنة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحدث الرياشي قَالَ قَالَ الْأَصْمَعِي لم تتصل لحيتي حَتَّى بلغت سِتِّينَ سنة وَكَانَ الشّعْر للأصمعي وَالْأَخْبَار لأبي عُبَيْدَة قَالَ أَبُو الطّيب عبد الْوَاحِد بن عَليّ اللّغَوِيّ كَانَ الْأَصْمَعِي صَدُوقًا فِي كل شَيْء من أهل السّنة فَأَما مَا يَحْكِي الْعَوام وسقاط النَّاس من نَوَادِر الْأَعْرَاب وَيَقُولُونَ هَذَا مَا افتعله الْأَصْمَعِي ويحكون أَن رجلا رأى ابْن أَخِيه عبد الرَّحْمَن فَقَالَ لَهُ مَا يفعل عمك فَقَالَ قَاعد فِي الشَّمْس يكذب على الْأَعْرَاب فَهَذَا بَاطِل نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ وَمن معرة جهل قائليه وَكَيف يكون ذَلِك وَهُوَ لَا يُفْتِي إِلَّا فِيمَا أجمع عُلَمَاء اللُّغَة عَلَيْهِ وَيقف عَمَّا ينفردون عَنهُ وَلَا يُجِيز إِلَّا أفْصح اللُّغَات وَقَالَ أَبُو قلَابَة عبد الْملك بن مُحَمَّد سَأَلت الْأَصْمَعِي مَا معنى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَار أَحَق بسقبه فَقَالَ أَنا لَا أفسر حَدِيث رَسُول الله وَلَكِن الْعَرَب تزْعم أَن السقب اللزيق)
وَحدث مُحَمَّد بن زَاهِر سَمِعت الشَّاذكُونِي يَقُول إِذا بعث الله عز وَجل الْخلق لم يبْق بالبادية أعربي إِلَّا تظلم إِلَى الله من كذب الْأَصْمَعِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَصْمَعِي حضرت أَنا وَأَبُو عُبَيْدَة عِنْد الْفضل بن الرّبيع فَقَالَ لي كم كتابك فِي الْخَيل فَقلت مُجَلد وَاحِد فَسَأَلَ أَبَا عُبَيْدَة عَن كِتَابه فَقَالَ خَمْسُونَ مجلداً فَقَالَ لَهُ قُم إِلَى هَذَا الْفرس وَأمْسك عضوا مِنْهُ وسمه فَقَالَ لست بيطاراً وَإِنَّمَا هَذَا شَيْء أَخَذته عَن الْعَرَب فَقَالَ لي قُم يَا أصمعي وَافْعل ذَلِك فَقُمْت وَأَمْسَكت ناصيته وَجعلت أذكر عضوا عضوا وَبَلغت حَافره فَقَالَ خُذْهُ فَأخذت الْفرس قَالَ فَكنت إِذا أردْت أَن أَغيظهُ ركبت ذَلِك الْفرس وأتيته وَقَالَ كنت عِنْد الرشيد فَشرب مَاء بثلج فاستطابه فَقَالَ الْحَمد لله ثمَّ قَالَ لي أتحفظ فِي هَذَا شَيْئا يَا عبد الْملك فَقلت نعم وأنشدته
(وشربة الثَّلج بِمَاء عذب ... تستخرج الشُّكْر من أقْصَى الْقلب)
شكرا من العَبْد لنعمى الرب فَقَالَ لي يَا أصمعي مَا سمع بمثلك قلت فَالنَّاس معذورون فِيهِ إِذْ قَالُوا إِنَّه يضع فَإِن هَذَا الِاتِّفَاق لاستحضار الأبيات بعيد فَهُوَ إِمَّا أَن تكون الْوَاقِعَة قد وَضعهَا وَإِمَّا أَن يكون الشّعْر ارتجله وَهُوَ أعظم وَقَالَ لَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يدْخل على الْمُلُوك بِغَيْر الْملح من السّعر فَإِن الرشيد أَعْطَانِي فِي أَبْيَات أنشدته فِي لَيْلَة ثَلَاثَة آلَاف دِينَار دخلت عَلَيْهِ لَيْلَة(19/127)
فَأَنْشَدته
(تزوجت وَاحِدَة مِنْكُم ... فَنكتَ بشفعتها أربعينا)
(ونكت الرِّجَال ونكت النِّسَاء ... ونكت الْبَنَات ونكت البنينا)
(وَأرْسلت أيري فِي داركم ... فطوراً شمالاً وطوراً يَمِينا)
فَقَالَ الرشيد هَذَا يصل الْمَقْطُوع وَيُقِيم النَّائِم فزدني من هَذَا الْمَعْنى فَأَنْشَدته
(أما وَالله لَو يلقاك أيري ... قبيل الصُّبْح فِي ظلماء بَيت)
(لَكُنْت تَرين أَن السحق زور ... وَأَن الشَّأْن فِي هَذَا الْكُمَيْت)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وصلت بِالْعلمِ وكسبت بالملح وَقَالَ ذكرت يَوْمًا للرشيد نهم سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَقلت إِنَّه كَانَ يجلس وتحضر بَين يَدَيْهِ الخراف المشوية وَهِي كَمَا أخرجت من تنانيرها فيريد أَخذ كلاها فتمنعه حَرَارَتهَا فَيجْعَل يَده فِي طرف حلته ويدخلها فِي جَوف الخروف فَيَأْخُذ كلاه فَقَالَ لي قَاتلك الله فَمَا أعلمك بأخبارهم إعلم أَنه عرضت عَليّ ذخائر بني أُميَّة فَنَظَرت إِلَى ثِيَاب مذهبَة ثمينة وأكمامها زهكة بالدهن فَلم أدر مَا ذَلِك حَتَّى حَدَّثتنِي)
بِهَذَا الحَدِيث ثمَّ قَالَ عَليّ بِثِيَاب سُلَيْمَان فَنَظَرْنَا إِلَى تِلْكَ الْآثَار فِيهَا ظَاهِرَة فكساني مِنْهَا حلَّة وَكَانَ الْأَصْمَعِي رُبمَا خرج فِيهَا أَحْيَانًا فَيَقُول هَذِه جُبَّة سُلَيْمَان
وَكَانَ جد الْأَصْمَعِي عَليّ بن أصمع سرق بسفوان فَأتوا بِهِ عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ جيئوني بِمن يشْهد أَنه أخرجهَا من الرحل فَشهد عَلَيْهِ بذلك فَقطع من أشاجعه فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا قطعته من زنده فَقَالَ يَا سُبْحَانَ الله كَيفَ يتَوَكَّأ كَيفَ يُصَلِّي كَيفَ يَأْكُل فَلَمَّا قدم الْحجَّاج الْبَصْرَة أَتَاهُ عَليّ بن أصمع فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِن أَبَوي عقاني فسماني عليا فسمني أَنْت فَقَالَ مَا أحسن مَا توسلت بِهِ قد وليتك سمك البارجاه وأجريت لَك كل يَوْم دانقين فُلُوسًا وَوَاللَّه لَئِن تعديتهما لأقطعن مَا أبقاه عَليّ عَلَيْك وَمن تصانيفه كتاب خلق الْإِنْسَان كتاب الْأَجْنَاس كتاب الأنواء كتاب الْهَمْز كتاب الْمَقْصُور والممدود كتاب الْفرق كتاب الصِّفَات كتاب الأثواب كتاب الميسر والقداح كتاب خلق الْفرس كتاب الْخَيل كتاب الْإِبِل كتاب الشَّاء كتاب الأخبية كتاب الوحوش كتاب فعل وأفعل كتاب الْأَمْثَال كتاب الأضداد كتاب الْأَلْفَاظ كتاب السِّلَاح كتاب اللُّغَات كتاب مياه الْعَرَب كتاب النَّوَادِر كتاب الِاشْتِقَاق كتاب مَعَاني الشّعْر كتاب المصادر كتاب الأراجيز كتاب النَّخْلَة(19/128)
كتاب النَّبَات كتاب مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ كتاب غَرِيب الحَدِيث كتاب نَوَادِر الْأَعْرَاب وَغير ذَلِك
قَالَ أَبُو العيناء كُنَّا فِي جَنَازَة الْأَصْمَعِي فجذبني أَبُو قلَابَة الْجرْمِي الشَّاعِر فأنشدني لنَفسِهِ
(لعن الله أعظماً حملوها ... نَحْو دَار البلى على خشبات)
(أعظماً تبغض النَّبِي وَآل الْبَيْت ... والطيبين والطيبات)
قَالَ وجذبني أَبُو الْعَالِيَة الشَّافِعِي وأنشدني
(لَا در نَبَات الأَرْض إِذْ فجعت ... بالأصمعي لقد أبقت لنا أسفا)
(عش مَا بدا لَك فِي الدُّنْيَا فلست ترى ... فِي النَّاس مِنْهُ وَلَا من علمه خلقا)
قَالَ فعجبت من اخْتِلَافهمَا فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّد ابْن أبي الْعَتَاهِيَة لما بلغ أبي موت الْأَصْمَعِي جزع عَلَيْهِ ورثاه بقوله
(لهفي لمَوْت الْأَصْمَعِي فقد مضى ... حميدا لَهُ فِي كل صَالِحَة سهم)
(تقضت بشاشات الْمجَالِس بعده ... وودعنا إِذْ ودع الْأنس وَالْعلم)
)
(وَقد كَانَ نجم الْعلم فِينَا حَيَاته ... فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامه أفل النَّجْم)
وَمن شعر الْأَصْمَعِي مَا قَالَه فِي جَعْفَر الْبَرْمَكِي
(إِذا قيل من للندى والعلى ... من النَّاس قيل الْفَتى جَعْفَر)
(وَمَا إِن مدحت فَتى قبله ... وَلَكِن بني جَعْفَر جَوْهَر)
دخل الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف يَوْمًا على الرشيد فَقَالَ قد عملت شعرًا لم يسبقني أحد إِلَى مَعْنَاهُ فَقَالَ الرشيد هَات فأنشده
(إِذا مَا شِئْت أَن تصنع ... شَيْئا يعجب الناسا)
(فصور هَا هُنَا فوزاً ... وصور ثمَّ عباسا)
(فَإِن لم يدنوا حَتَّى ... ترى رأسيهما راسا)
(فكذبهما بِمَا قاست ... وَكذبه بِمَا قاسى)
فَنظر الرشيد إِلَى الْأَصْمَعِي فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد سبق إِلَيْهِ فَقَالَ هَات فأنشده(19/129)
(لَو أَن صُورَة من أَهْوى ممثلة ... وصورتي لاجتمعا فِي الْجِدَار مَعًا)
(إِذا تأملتنا ألفيتنا عجبا ... إلفان مَا افْتَرقَا يَوْمًا وَلَا اجْتمعَا)
3 - (أَبُو الْوَلِيد الْمهرِي القيرواني)
عبد الْملك بن قطن أَبُو الْوَلِيد الْمهرِي القيرواني النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ شيخ أهل الْأَدَب بالمغرب
كَانَ أحفظ أهل الزَّمَان لأنساب الْعَرَب ووقائعهم وأشعارهم وَله كتاب تَفْسِير مغازي الْوَاقِدِيّ وَكتاب اشتقاق الْأَسْمَاء ذيل بِهِ على قطرب وَكَانَ شَاعِرًا خَطِيبًا بليغاً مفوهاً وَعمر طَويلا
وَكَانَ سَمحا جواداً توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَتقدم لَهُ ذكر فِي تَرْجَمَة أَخِيه إِبْرَاهِيم بن قطن فِي الأباره
3 - (الثعالبي)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أَبُو مَنْصُور الثعالبي النَّيْسَابُورِي الأديب الشَّاعِر صَاحب التصانيف الأديبة
ولد سنة خمسين وماية وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية وَقيل سنة تسع وَعشْرين
وَكَانَ يلقب بجاحظ زَمَانه وتصانيفه كَثِيرَة إِلَى الْغَايَة مِنْهَا يتيمة الدَّهْر وتتمة الْيَتِيمَة وَهِي أحسن تصانيفه وَقد اشتهرت كثيرا وَلابْن قلاقس فِيهَا عدَّة مقاطيع مِنْهَا قَوْله)
(حفظ الْيَتِيمَة كل من ... فِي شرقها وَالْمغْرب)
(فشدوت من عجب بهَا ... كم لليتيمة من أَب)
وَقَوله
(كتب القريض لآلئ ... نظمت على جيد الْوُجُود)
(فضل الْيَتِيمَة فيهم ... فضل الْيَتِيمَة فِي الْعُقُود)(19/130)
وَقَوله
(أَبْيَات أشعار الْيَتِيمَة ... أبكار أفكار قديمَة)
(مَاتُوا وَعَاشَتْ بعدهمْ ... فلذاك سميت الْيَتِيمَة)
وَكتاب سحر البلاغة وَكتب عَلَيْهِ الأديب أَبُو يَعْقُوب صَاحب كتاب الْبلْغَة فِي اللُّغَة
(سحرت النَّاس فِي تأليف سحرك ... فجَاء قلادة فِي جيد دهرك)
(وَكم لَك من معَان فِي معَان ... شَوَاهِد عندنَا تعلو بقدرك)
(وقيت نَوَائِب الدُّنْيَا جَمِيعًا ... فَأَنت الْيَوْم جاحظ أهل عصرك)
وَمن تصانيفه الْمُبْهِج وَفقه اللُّغَة وَكتاب التَّمْثِيل والمحاضرة وثمار الْقُلُوب وغرر المضاحك والفرائد والقلائد وَكتاب الْأَعْدَاد ومدح الشَّيْء وذمه وَكتاب الْمُضَاف والمنسوب وَكتاب الشَّمْس وَكتاب حل العقد وَكتاب مرْآة الْمُرُوءَة وَكتاب أحسن مَا سَمِعت وَكتاب أحاسن المحاسن وَكتاب أَجنَاس التَّجْنِيس وَكتاب الظرائف واللطائف وَكتاب السياسة وَكتاب الثَّلج والمطر وَكتاب سحر البلاغة وَكتاب الاقتباس وَكتاب سجع الْمَنْصُور وَكتاب اللمع الغضة وَكتاب الغلمان وَكتاب تفضل المقتدرين وتنصل المعتذرين وَكتاب يَوَاقِيت الْمَوَاقِيت وَكتاب التحسين والتقبيح وَكتاب خَاص الْخَاص وَكتاب الإعجاز والإيجاز وَكتاب أنس الْمُسَافِر وَكتاب عُيُون النَّوَادِر وَكتاب الْكِنَايَة والتعريض وَكتاب أَفْرَاد الْمعَانِي وَكتاب الْمُتَشَابه لفظا وخطاً وَكتاب النَّوَادِر والبوادر وَكتاب الْفُصُول الفارسية وَكتاب الأنيس فِي غرر التَّجْنِيس وَكتاب الْمُنْتَحل وَكتاب سر الْبَيَان وَكتاب من أعوزه المطرب وَكتاب سر الْأَدَب فِي مجاري كَلَام الْعَرَب وَكتاب الأحاسن من بَدَائِع البلغاء وَكتاب منادمة الْمُلُوك وَكتاب عنوان المعارف وَكتاب الطّرف من شعر البستي وَكتاب الْورْد وَكتاب حجَّة الْعقل وَكتاب صَنْعَة الشّعْر والنثر وَكتاب سر الوزارة كتاب الْأَمْثَال والتشبيهات وَكتاب مِفْتَاح)
الفصاحة وَكتاب لباب الأحاسن وَكتاب لطائف الظرفاء وَكتاب الخوارزمشاهيات وَكتاب المديح وَكتاب الْأَدَب مَا للنَّاس فِيهِ إرب كتاب التفاحة وَكتاب أَفْرَاد الْمعَانِي وَكتاب نسيم الْأنس وَكتاب اللَّطِيف فِي الطّيب وَكتاب بهجة المشتاق وَكتب خَصَائِص الفضايل وَكتاب جَوَامِع الْكَلم وَكتاب الْملح والطرف وَكتاب المشوق وَكتاب من غَابَ عَنهُ المؤانس وَكتاب نسيم السحر وَكتاب الْفُصُول فِي الْفُصُول(19/131)
ورثاه الْحَاكِم أَبُو سعد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن دوست النَّيْسَابُورِي بقوله
(كَانَ أَبُو مَنْصُور الثَّعْلَبِيّ أبر ... ع فِي الْآدَاب من ثَعْلَب)
(لَيْت الردى قدمني قبله ... لكنه أروغ من ثَعْلَب)
(يطعن من شَاءَ من النَّاس بالمو ... ت كطعن المح بالثعلب)
وَغير ذَلِك أَشْيَاء كَثِيرَة وَيُقَال إِنَّه كَانَ مؤدب صبيان فِي مكتب وَقَالَ قَالَ لي سُهَيْل بن الْمَرْزُبَان يَوْمًا إِن الشُّعَرَاء من شلشل وَمِنْهُم من سلسل وَمِنْهُم من قلقل وَمِنْهُم من بلبل فَقَالَ الثعالبي إِنِّي أَخَاف أَن أكون رَابِع الشُّعَرَاء أَرَادَ قَول الشَّاعِر
(الشُّعَرَاء فاعلمن أَرْبَعَة ... فشاعر يجْرِي وَلَا يجرى مَعَه)
(وشاعر من حَقه أَن ترفعه ... وشاعر من حَقه أَن تسمعه)
وشاعر من حَقه أَن تصفعه وَأَرَادَ بقوله مِنْهُم من شلشل قَول الْأَعْشَى
(وَقد أروح إِلَى الحانات يَتبعني ... شاو مشل شلول شلشل شول)
وَأَرَادَ بقوله مِنْهُم من سلسل قَول مُسلم بن الْوَلِيد
(سلت وسلت ثمَّ سل سليلها ... فَأتى سليل سليلها مسلولا)
وَأَرَادَ بقوله قلقل قَول المتنبي
(فقلقلت بالهم الَّذِي قلقل الحشا ... قلاقل هم كُلهنَّ قلاقل)
قَالَ الثعالبي ثمَّ إِنِّي قلت بعد حِين
(وَإِذا البلابل أفصحت بلغاتها ... فانف البلابل باحتساء البابلي)
قَالَ ياقوت وَمن شعر الثعالبي رَأَيْته بِخَط ابْن الخشاب
(دَعَوْت بِمَاء فِي إِنَاء فَجَاءَنِي ... غُلَام بهَا صرفا فأوسعته زجرا)
)
(فَقَالَ هِيَ المَاء القراح وَإِنَّمَا ... تجلى لَهَا خدي فأوهمك الخمرا)
وَمن شعره
(لما بعثت فَلم تنجب مطالعتي ... وأمعنت نَار شوقي فِي تلهبها)(19/132)
(وَلم أجد حِيلَة تبقي على رمقي ... قبلت عين رَسُولي إِذْ رآك بهَا)
وَمِنْه مَا كتبه إِلَى أبي الْفضل الميكالي
(لَك فِي المفاخر معجزات جمة ... أبدا لغيرك فِي الورى لم تجمع)
(بحران بَحر فِي البلاغة شابه ... شعر الْوَلِيد وَحسن لفظ الْأَصْمَعِي)
(كالنور أَو كالسحر أَو كالبدر أَو ... كالوشي فِي برد عَلَيْهِ موشع)
(شكرا فكم من فقرة لَك كالغنى ... وافى الْكَرِيم بعيد فقر مدقع)
(وَإِذا تفتق نور شعرك ناضراً ... فالحسن بَين مصرع ومرصع)
(أرجلت أَفْرَاس الْكَلَام ورضت أُفٍّ ... راس البديع وَأَنت أمجد مبدع)
(ونقشت فِي فص الزَّمَان بدائعاً ... تزري بآثار الرّبيع الممرع)
وَمِنْه
(طالع يومي غير منحوس ... فسقني يَا طارد البوس)
(كأساً كعين الديك فِي رَوْضَة ... كَأَنَّهَا حلَّة طَاوُوس)
قلت ذكرت هُنَا مَا قلته وَفِيه زِيَادَة
(كَأَنَّمَا ذَنْب الطاووس روضتنا ... والفول ذُو زهرات مثل زرزور)
(والسحب فِي الْأُفق قد مدت جنَاح قطاً ... فَاشْرَبْ على خَفق عود مثل شحرور)
(وهات خمرًا كعين الديك تتبعها ... بفستق قد حكى منقار عُصْفُور)
3 - (الخركوشي)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو سعد ابْن أبي عُثْمَان النَّيْسَابُورِي الْوَاعِظ الزَّاهِد الْمَعْرُوف بالخركوشي وخركوش سكَّة نيسابور لَهُ كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة وَالتَّفْسِير وَله فِي الزّهْد وَغير ذَلِك(19/133)
3 - (ابْن أبي عَامر)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أبي عَامر ولي بعد وَالِده الْمَنْصُور ابْن أبي عَامر)
الْحَاجِب فَكَانَت مُدَّة ولَايَته سبع سِنِين فسميت الْأُسْبُوع وَقَتله أَخُوهُ عبد الرَّحْمَن بشم فِي تفاحة شقها نِصْفَيْنِ بسكين نقش أحد جانبيها وحشا النقش سما فَمَاتَ وَلما شَعرت الْعَامَّة بذلك ثارت على عبد الرَّحْمَن فَقتلته وشوهت بِهِ وصلبته وثارت الْفِتَن بقرطبة فاقتتل الأمويون والعامريون فَقَامَ مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن النَّاصِر على العامرييّن ثمَّ قَامَ عَلَيْهِ سُلَيْمَان المستعين بن الحكم الملقب بالمهدي وَفِي أَيَّامه قتل الْمُؤَيد هشان بن الحكم وَقيل قتل فِي مُدَّة المستعين قَتله ابْن المستعين خنقاً وَدفن ثمَّ نبش أَربع مَرَّات ثمَّ نبش أَربع مَرَّات ثمَّ قَامَ عبد الرَّحْمَن المستظهر ثمَّ الْمُعْتَمد وَذَلِكَ كُله حول عَام أَربع ماية فِي الْعشْر الَّتِي بعْدهَا وثار كلُّ والٍ فِي مَكَانَهُ وَظهر الْقَاسِم بن حمود الحمودي وَيَزْعُم أَنه من ولد فاطمةَ رَضِي الله عَنْهَا
3 - (أَمِير الْكَلَام)
عبد الْملك بن مُحَمَّد أَبُو مَرْوَان التَّمِيمِي الْمَعْرُوف بأمير الْكَلَام كَانَ مَوْصُوفا بِالْفَضْلِ وَالْأَدب وجودة وَالنّظم والنثر قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَأَظنهُ كَانَ من أهل الشَّام دخل بَغْدَاد وروى بهَا شَيْئا من شعره وَكتب عَنهُ فَارس الذهلي
وَأورد لَهُ من شعره
(يلومني الحساد فِيك وإنني ... لداؤهم المعيي وخصمهم الألوى)
(فيا لفؤادي مَا أَشد صبَابَة ... وَيَا لعذولي مَا أضلّ وَمَا أغوى)
(وللدهر من بَاغ تطاول بغيه ... وللبين من طاغ تمادت بِهِ الطغوى)
(لعمري لقد خطت بقلبي يَد النَّوَى ... سطور اشتياق لَا أُطِيق لَهَا محوا)
(وَلَكِن أَبَت إِلَّا اغترابي همتي ... وَإِلَّا بلوغي فِي العلى الْغَايَة القصوى)
وَمن شعره
(أرشفني من رضابه ضرب ... على حذار من الرَّقِيب فَمه)
(وعاذل فِي هَوَاهُ قلت لَهُ ... أكثرت يَا عاذلي عَلَيْهِ فَمه)(19/134)
قلت شعر متوسط وَأما هَذَا الْمَعْنى فَإِنَّهُ مقلوب فَإِن الْفَم هُوَ الَّذِي يرشف الرضاب فَانْقَلَبَ مَعَه كَمَا ترَاهُ
3 - (ابْن بَشرَان الْوَاعِظ)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بِشران بن مُحَمَّد بن بَشرَان بن مهْرَان مولى بني أُميَّة)
أَبُو الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ الْوَاعِظ مُسْند الْعرَاق
توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن زهر الطَّبِيب)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن زهر أَبُو مَرْوَان الْإِيَادِي الإشبيلي كَانَ فَاضلا فِي صناعَة الطِّبّ خَبِيرا بأعمالها حاذقاً فِيهَا دخل القيروان ومصر وتطبب هُنَاكَ زَمَانا طَويلا ثمَّ رَجَعَ إِلَى الأندلس وَقصد دانية وَكَانَ ملكهَا ذَلِك الْوَقْت مُجَاهِد فَأكْرمه إِكْرَاما كثيرا وَأمن بالْمقَام عِنْده وحظي فِي أَيَّامه واشتهر بدانية وشاع ذكره فِي الأقطار
وَله فِي الطِّبّ أَشْيَاء مِنْهَا مَنعه من الْحمام واعتقاده فِيهِ أَنه يعفن الْأَجْسَام وَيفْسد تركيب الأمزجة وَهُوَ رَأْي خَالف فِيهِ الْأَوَائِل والأواخر ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى إشبيلية وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي وَخلف أَمْوَالًا جزيلة من الرباع والضياع
3 - (الدركادو المغربي)
عبد الْملك بن مُحَمَّد التَّمِيمِي الْمَعْرُوف بالدركادو قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر غزل الشّعْر مطبوع موجز الْكَلَام سَافر إِلَى أوجه الْمعَانِي تفهم نَجوَاهُ من فحواه لَا يكَاد يحْسب شعره مَوْزُونا وَلَا القوافي مَشْهُورَة لسُهُولَة مخرجه وَقلة تكلفه وركوبه الأعاريض الْقصار وَرُبمَا قبض من عنانه فاشتدت شَكِيمَته وَلَا أعلم فِي عصرنا أحلى من طَرِيقَته انْتهى
قلت هُوَ أشبه النَّاس شعرًا فِي المتاخرين بالبهاء وَمن شعره
(كل يَوْم أَنا من حبك ... فِي نوع جَدِيد)(19/135)
(يغتدي صَعب شَدِيد ... بِي إِلَى صَعب شَدِيد)
(ولعمر الله مَا قلبِي ... بِالْقَلْبِ الجليد)
(وَالَّذِي ألْقى ويلقى ... دونه مضغ الْحَدِيد)
(أَنا حَيّ الْوَصْل يومي ... وَغدا ميت الصدود)
وَمِنْه
(يَا طلعة الشَّمْس لَا بل ... أبهى وأجمل مِنْهَا)
(ملكت نَفسِي فاحكم ... ببذلها أَو فَضلهَا)
(وَأمر فديتك سولي ... فِي مهجة الصب وَأَنه)
)
(فَأَنت تسْأَل لَا ش ... ك فِي الْقِيَامَة عَنْهَا)
وَمِنْه
(يَا رب ذِي نخوة وتيه ... حواهما طبعه جبله)
(مهفهف كالهلال لَا بل ... يأتى بِمَا لَيْسَ فِي الأهله)
(إِن زادني عزة ومنعاً ... زِدْت غرماً بِهِ وذله)
(قد كتب الْحسن فِي دَاره ... أعيذ هَذَا الْجمال بِاللَّه)
وَمِنْه
(أَبَا وردية الخد ... وَيَا راحية الثغر)
(بدلت الْقرب بالبعد ... وصنت الْوَصْل بالهجر)
(وَمَا فِي الْعُمر مَا يح ... مل ذَا لَا سِيمَا عمري)
(فَإِن تستحسني الْغدر ... فوصي حافر الْقَبْر)
(وخل الْأَمر مَوْقُوفا ... إِلَى الْموقف فِي الْحَشْر)
وَمِنْه
(قُم إِلَى كيمياء شرب كرام ... لَا ترى فيهم نديماً نحيسا)
(خُذ بدور الكؤوس ألق عَلَيْهَا ... من أكاسيرها تعدها شموسا)
(حَسبنَا من طرائف الرَّوْض خذا ... ك وَمن غُصْن آسه أَن تميسا)
(وكفانا من وَحش غزلانه أَن ... كنت من دونهَا غزالاً أنيسا)(19/136)
وَمِنْه
(من قهوة كانونها لَهب ... فِي حِين يخبو النُّور مَا تخبو)
(تَأْتِيك وسط الْقَعْب ماثلة ... وكأنما فِي وَسطهَا الْقَعْب)
(نهكت فأعيت من ضآلتها ... بحبابها فَلهُ بهَا رسب)
(يسْعَى بهَا من ملْء وجنته ... سلم وملء جفونه حَرْب)
(أردافه خفض بِوَجْه إِضَافَة ... للخصر الدَّقِيق وقده نصب)
قلت قَوْله تَأْتِيك وسط العق ماثلة الْبَيْت مَأْخُوذ من قَول
(لَسْتُ أدْرِي من رِقَّةٍ وَصَفاءٍ ... هِيَ فِي كأسها أم الكأس فِيهَا)
)
وَمن شعر الدركادو قَوْله
(ظَبْي يتيه بِهِ الدَّلال فينثني ... مَا بَين مشي مؤنث ومذكر)
(يثني معاطفه الشَّبَاب بنخوة ... فيظل يمزج ذلة بتكبر)
(يزهى بِوَجْه لَا أحاول وَصفه ... حسنا وَلَو حاولته لم أقدر)
(من أَحْمَر منتثر فِي أَبيض ... أَو أَبيض مُنْتَظم فِي أَحْمَر)
(وتكحل فِي بابلي أحور ... وتخطط فِي لؤلؤي أَزْهَر)
(وبقامة جَاءَت بخصر مُضْمر ... فِي حَال خطرتها بردف مظهر)
وَمِنْه من أَبْيَات
(يَا ظَبْي أنس كل قبح فعله ... يَا بدر تمّ كل حسن وَجهه)
(إِن لم يكن أحلى من الْقَمَر الَّذِي ... فِي الْأُفق وَجهك ذَا وَإِلَّا فَهُوَ هُوَ)
(حزني وَلَيْسَ بنافعي حزني ... وَهل فِي أوه مَا يسلو بِهِ المتأوه)
(إِن كَانَ من وَجه الْمُرُوءَة عنْدكُمْ ... غدري فحفظي فِي الْحَقِيقَة أوجه)
(خنتك ولي كبد تذوب إِلَيْكُم ... شوقاً وقلب مَا حييت مدله)
وَمِنْه فِي أنيف
(نر على المنقار إِن كنت قد ... أنْكرت مِنْهُ عظم الْأنف)
(أنف إِذا أقبل يمشي بِهِ ... حسبته يمشي إِلَى خلف)
(لَو أَنه مورده مَا انْتهى ... فِيهِ يُرِيد الْيَوْم لِلنِّصْفِ)(19/137)
قَالَ ابْن رَشِيق أنشدته لي فِي أبخر
(وأخشم إِن مثلت فَاه وَأَنْفه ... فَإِنَّهُمَا ضدان للمسك والند)
(لَهُ نكهة بخراء بعد انشقاقها ... تصرع مجتاز الذُّبَاب على بعد)
فأنشدني لنَفسِهِ
(ومنتق ذِي بخر حابق ... يطْرق من حَدثهُ جائحه)
(لَيست ترَاهُ الْعين من قلَّة ... وَإِنَّمَا يعرف بالرائحه)
3 - (ابْن الطلاء)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن هِشَام بن سعد الإِمَام أَبُو الْحسن ابْن الطلاء الْقَيْسِي الشلبي من كَابر)
أَئِمَّة الأندلس كَانَ أَبوهُ طلاء للجم وَكَانَ أَبُو الْحسن من أهل الْعلم والْحَدِيث والعكوف على الحَدِيث مَعَ الْمعرفَة باللغة وَالْأَدب والمشاركة فِي الْأُصُول وَكَانَ نسابه وخطب بشلب
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس ماية
3 - (الْحَافِظ أَبُو نعيم)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عدي أَبُو نعيم الْجِرْجَانِيّ الأشتراباذي الْحَافِظ الرّحال قَالَ الْحَاكِم كَانَ من أَئِمَّة الْمُسلمين وَقَالَ حَمْزَة السَّهْمِي كَانَ مقدما فِي الْفِقْه والْحَدِيث
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَلَاث ماية
3 - (الْحَافِظ أَبُو قلَابَة)
عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي الْحَافِظ أَبُو(19/138)
قلَابَة العابد
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صَدُوق كثير الْخَطَأ لكَونه حدث من حفظه
توفّي سنة سِتّ وَسبعين ومايتين وروى عَنهُ ابْن ماجة
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأمَوِي)
عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم ابْن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس ابْن عبد منَاف الْأمَوِي
أَمِير الْمُؤمنِينَ بُويِعَ بِعَهْد من أَبِيه فِي خلَافَة ابْن الزبير وَبَقِي على مصر وَالشَّام وَابْن الزبير على بَاقِي الْبِلَاد مُدَّة سبع سِنِين ثمَّ غلب عبد الْملك على الْعرَاق وَمَا والاها حَتَّى قتل ابْن الزبير واستوثق الْأَمر لعبد الْملك كَانَ عابداً ناسكاً بِالْمَدِينَةِ وَشهد يَوْم الدَّار مَعَ أَبِيه وَهُوَ ابْن عشر سِنِين وَحفظ أَمرهم
قَالَ ابْن سعد وَاسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة على الْمَدِينَة وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَسمع عُثْمَان وَأَبا هُرَيْرَة وَأَبا سعيد وَأم سَلمَة وبريرة مولاة عَائِشَة وَابْن عمر وَمُعَاوِيَة قَالَ مُصعب ابْن عبد الله أول من سمي عبد الْملك فِي الْإِسْلَام عبد الْملك بن مَرْوَان وَأمه عَائِشَة بنت مُعَاوِيَة ابْن أبي الْعَاصِ وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد فُقَهَاء الْمَدِينَة سعدي ابْن الْمسيب وَعبد الْملك وَعُرْوَة بن الزبير وَقبيصَة بن ذُؤَيْب وَعَن ابْن عمر قَالَ ولد النَّاس أَبنَاء وَولد مَرْوَان أَبَا وَقَالَ مَالك سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول أول من صلى فِي الْمَسْجِد مَا بَين الظّهْر وَالْعصر عبد الْملك
وَقَالَ ابْن عَائِشَة أفْضى الْأَمر إِلَى عبد الْملك والمصحف فِي حجره فأطبقه وَقَالَ هَذَا فِرَاق)
بيني وَبَيْنك وَكَانَ لَهُ سبع عشر ولدا وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَفِي تَارِيخ الْقُضَاعِي لقبه رشح الْحجر لبخله وَأمه عَائِشَة بنت مُعَاوِيَة بن الْمُغيرَة ابْن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس وَكَانَ ربعَة إِلَى الطول أقرب أَبيض لَيْسَ بالبادن وَلَا النحيف مقرون(19/139)
الحاجبين كَبِير الْعَينَيْنِ مشرف الْأنف كثير الشّعْر متفلج الْفَم مشبك الْأَسْنَان بِالذَّهَب أبخر كَانَ يلقب أَبَا الذبان يَزْعمُونَ أَن الذبابة إِذا مرت بِفِيهِ مَاتَت لشدَّة بخره
ولد يَوْم جلس عُثْمَان للخلافة وَكَانَ ملكه مَه سني ابْن الزبير إِحْدَى وَعشْرين سنة وَسِتَّة أشهر وخلص لَهُ ثَلَاث عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَلما مَاتَ صلى عَلَيْهِ ابْنه الْوَلِيد كَانَ كَاتبه قبيصَة بن ذُؤَيْب وسرجون بن مَنْصُور وعَلى رسائله أَبُو الزعيزعة وَفِي أَيَّامه حولت الدَّوَاوِين إِلَى الْعَرَبيَّة وَفِي تَارِيخ الْقُضَاعِي وَكتب لَهُ روح بن زنباع وَكَانَ حَاجِبه أَبُو يُوسُف مَوْلَاهُ ثمَّ أَبُو درة وَنقش خَاتمه آمَنت بِاللَّه مخلصاً وَفِي أَيَّامه نقشت الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم بِالْعَرَبِيَّةِ سنة سِتّ وَسبعين وَكَانَ على الدَّنَانِير قبل ذَلِك كِتَابَة بالرومية وعَلى الدَّرَاهِم كِتَابَة بِالْفَارِسِيَّةِ وَكَانَت المثاقيل فِي الْجَاهِلِيَّة اثْنَيْنِ وَعشْرين قيراطاً إِلَّا حَبَّة بالشامي
كتب إِلَى الْحجَّاج مرّة رِسَالَة مِنْهَا قد بَلغنِي عَنْك إِسْرَاف فِي الْقَتْل وتبذير فِي المَال وَهَاتَانِ خلَّتَانِ لَا احْتمل عَلَيْهِمَا أحدا وَقد حكمت عَلَيْك فِي الْعمد بالقود وَفِي الْخَطَأ بِالدِّيَةِ وَفِي الْأَمْوَال تردها إِلَى موَاضعهَا وسيان منع حق أَو إِعْطَاء بَاطِل لَا يؤنسنك إِلَّا الطَّاعَة وَلَا يوحشنك إِلَّا الْمعْصِيَة وَكتب فِي آخر كِتَابه
(وَإِن ترمني غَفلَة قرشية ... فيا رُبمَا قد غص بِالْمَاءِ شَاربه)
(وَإِن ترمني غضبة أموية ... فَهَذَا وَهَذَا كل ذَا أَنا صَاحبه)
(سأملي لذِي الذَّنب الْعَظِيم كأنني ... أَخُو غَفلَة عَنهُ وَقد جب غاربه)
(فَإِن كف لم أعجل عَلَيْهِ وَإِن أَبى ... وَثَبت عَلَيْهِ وثبة لَا أراقبه)
وَلما قتل عَمْرو بن عيد قَالَ
(أدنيته مني ليسكن روعه ... فأصول صولة حَازِم مستمكن)
(غَضبا لديني والخلافة إِنَّه ... لَيْسَ الْمُسِيء سَبيله كالمحسن)
قَالَ ابْن جريج عَن أَبِيه خَطَبنَا عبد الْملك بن مَرْوَان بِالْمَدِينَةِ بعد قتل ابْن الزبير فِي الْعَام الَّذِي)
حج فِيهِ سنة خمس وَسبعين فَقَالَ بعد حمد الله وَالثنَاء عَلَيْهِ أما بعد فلست بالخليفة المستضعف وَلَا الْخَلِيفَة المداهن وَلَا الْخَلِيفَة المأفون أَلا وَإِن من كَانَ قبلي من الْخُلَفَاء كَانُوا يَأْكُلُون ويطعمون من هَذِه الْأَمْوَال أَلا وَأَنِّي لَا أداوي هَذِه الْأمة إِلَّا بِالسَّيْفِ حَتَّى تستقيم لي قناتكم تكلفونا أَعمال الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَلَا تعلمُونَ أَعْمَالهم فَلَنْ تزدادوا(19/140)
إِلَّا اجتراحاً وَلَا تزدادوا إِلَّا عُقُوبَة حَتَّى حكم السَّيْف بَيْننَا وَبَيْنكُم هَذَا عَمْرو بن سعيد قرَابَته قرَابَته وموضعه مَوْضِعه قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا فَقُلْنَا بأسيافنا هَكَذَا أَلا وَإِنَّا نَحْتَمِلُ كل شَيْء إِلَّا وثوباً على مِنْبَر أَو نصب راية أَلا وَإِن الجامعة الَّتِي جَعلتهَا فِي عنق عَمْرو بن سعيد عِنْدِي وَالله لَا يفعل أحد فعله إِلَّا جَعلتهَا فِي عُنُقه ثمَّ لَا تخرج نَفسه إِلَّا صعداً وَزَاد غَيره وَالله لَا يَأْمُرنِي أحد بتقوى الله بعد مقَامي هَذَا إِلَّا ضربت عُنُقه ثمَّ نزل فَركب نَاقَة وَأخذ بزمامها وَقَالَ
(فَصحت وَلَا شلت وضرت عدوها ... يَمِين هراقت مهجة ابْن سعيد)
قلت إِن صحت هَذِه الزِّيَادَة الَّتِي فِي هَذَا الْخَبَر فعبد الْملك بن مَرْوَان أول من نهى عَن الْمَعْرُوف فِي الْإِسْلَام وَهُوَ أول من غدر فِي الْإِسْلَام لِأَن وَالِده عهد لعَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ فَقتله عبد الْملك وَأول من نهى عَن الْكَلَام بِحَضْرَة الْخُلَفَاء وَكَانَ النَّاس قبله يراجعون الْخُلَفَاء ويعترضون عَلَيْهِم فِيمَا يَفْعَلُونَ وَهُوَ أول خَليفَة بخل وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد وَسليمَان وَهِشَام وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة ولوا الْخلَافَة ومروان الْأَكْبَر وَدَاوُد وَعَائِشَة وَيزِيد وَقد ولي الْخلَافَة أَيْضا ومروان الْأَصْغَر وَمُعَاوِيَة وبكار وَحج مَاشِيا من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة على اللبود وَالْحكم وَعبد الله ومسلمة وعنبسة وَمُحَمّد وَسَعِيد الْخَبَر وَالْحجاج وَفَاطِمَة تزَوجهَا عمر بن عبد الْعَزِيز وَأَعْطَاهَا أَبوهَا الدرة الْيَتِيمَة وقرطي مَارِيَة وَقبيصَة وَالْمُنْذر
3 - (الْأَمِير اللَّخْمِيّ)
عبد الْملك بن مَرْوَان بن الْأَمِير مُوسَى بن نصير اللَّخْمِيّ وَكَانَ من أَعْيَان الدولة الأموية
وولاه أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور إقليم فَارس وَكَانَ فصيحاً
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وماية
3 - (ابْن أبي الْخِصَال المغربي)
عبد الْملك بن مَسْعُود بن فرج أَبُو مَرْوَان ابْن أبي الْخِصَال الغافقي الْكَاتِب نزيل قرطبة كَانَ أديباً حاذقاً فصيحاًَ مفوهاً بليغاً لَهُ رسائل بديعة اسْتَعْملهُ الْأُمَرَاء فِي الْكتاب)(19/141)
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية
3 - (العامري الْكُوفِي الزراد)
عبد الْملك بِمَ ميسرَة الْهِلَالِي العامري أَبُو زيد الْكُوفِي الزراد عَن ابْن عمر وَأبي الطُّفَيْل وَزيد بن وهب وَغَيرهم وَكَانَ ثِقَة نبيلاً
توفّي سنة سِتّ عشرَة وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (شرف الدّين الْمُقْرِئ الإسكندري)
عبد الْملك بن نصر بن عبد الْملك بن عَتيق بن مكي الشَّيْخ الإِمَام شرف الدّين أَبُو الْمجد الْقرشِي الفِهري الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ
ولد بالإسكندرية سنة تسع وَسبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست ماية
اشْتغل بالأدب وبرع فِيهِ واشتهر باللغة والنحو وانتفعوا بِهِ
3 - (ابْن جهبل الْحلَبِي)
عبد الْملك بن نصر الله بن جهبل أَبُو الْحُسَيْن الْفَقِيه الشَّافِعِي الْحلَبِي كَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْمعرفَة بِمذهب الشَّافِعِي وَكَانَ زاهداً عابداً ورعاً سَاكِنا درس بالزجاجية بحلب وَقدم بَغْدَاد حَاجا وَحدث بهَا بِأَحَادِيث الْبَيْنُونَة لأبي الْعَبَّاس السراج عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن يَاسر
وَتُوفِّي بحلب سنة تسعين وَخمْس ماية
3 - (صَاحب السِّيرَة)
عبد الْملك بن هِشَام بن أَيُّوب الْحِمْيَرِي الْمعَافِرِي وَقيل الذهلي أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ
نزيل مصر مهذب السِّيرَة النَّبَوِيَّة سَمعهَا من زِيَاد بن عبد الله البكائي صَاحب ابْن إِسْحَاق ونقحها وَحذف جملَة من أشعارها وروى فِيهِ مَوَاضِع عَن عبد الْوَارِث التنوري وَغَيره وَثَّقَهُ أَبُو سعيد ابْن يُونُس
وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة ومايتين وَقيل سنة ثَلَاث عشرَة(19/142)
وَكَانَ عَالم مصر بالغريب فِي الشّعْر والسيرة الْمَشْهُورَة بِابْن هِشَام هِيَ لَهُ وَله أَنْسَاب حمير وملوكها وَشرح مَا وَقع فِي أشعار السِّيرَة من الْغَرِيب قيل لَهُ لَو أتيت الشَّافِعِي فَأبى أَن يَأْتِيهِ ثمَّ قيل لَهُ فَأَتَاهُ فذاكره أَنْسَاب الرِّجَال فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي بعد أَن تذاكرا طَويلا دع عَنْك)
أَنْسَاب الرِّجَال فَإِنَّهَا لَا تذْهب عَنَّا وعنك وَخذ بِنَا فِي أَنْسَاب النِّسَاء فَلَمَّا أخذا فِي ذَلِك بَقِي ابْن هِشَام مبهوتاً فَكَانَ ابْن هِشَام يَقُول بعد ذَلِك مَا ظَنَنْت أَن الله خلق مثل هَذَا وَكَانَ يَقُول الشَّافِعِي حجَّة فِي اللُّغَة
3 - (أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ)
عبد الْملك بن هُذَيْل بن إِسْمَاعِيل أَبُو مَرْوَان التَّمِيمِي الْقُرْطُبِيّ كَانَ من الراسخين فِي الْعلم وَهُوَ أَخُو يحيى بن هُذَيْل الشَّاعِر
وَتُوفِّي عبد الْملك سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَلَاث ماية
3 - (اللَّيْثِيّ قَاضِي الْبَصْرَة)
عبد الْملك بن يعلى اللَّيْثِيّ قَاضِي الْبَصْرَة روى عَن أَبِيه وَعَن رجل صَحَابِيّ من قومه وَعَن عمرَان بن حُصَيْن وَعَن مُحَمَّد بن عمرَان بن حُصَيْن
وَتُوفِّي فِي حُدُود الماية لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْغَرِيض الْمُغنِي)
عبد الْملك أَبُو زيد هُوَ الْغَرِيض أحد رُؤَسَاء المغنين كَانَ شجي الْغناء حسنه وحيد الْمَعْنى غَرِيبه أَكثر النَّاس تعريضاً فِي غنائه بِمَا فِي نَفسه وَكَانَ مخنثاً وضيء الْوَجْه فائق الْجمال غض الْبدن أسود النقرة حسنها ينعم نَفسه ويصنعها كمما تتصنع الْعَرُوس أَتَاهُ يَوْمًا صديق لَهُ من أهل مَكَّة يسْأَله حَاجَة ليمشي مَعَه إِلَى رجل فَقَالَ لَهُ وعيشك إِنِّي لَا أحب مَا يَسُرك وَلَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن تراني عدوتي لسعيت مَعَك وَلَكِن وَالله مَا وَقعت عينهَا عَليّ مُنْذُ سنة وأكره أَن تراني الْيَوْم فَقَالَ الرجل وَمن عدوتك يَا أَبَا يزِيد جعلت فدائك قَالَ الشَّمْس وحياتك مَا ظَهرت لَهَا من حول وَلَا رأتني فَقَالَ لَهُ الرجل لَا بُد لَك من أَن تقضي حَاجَتي أَو تعوضني مَكَانهَا قَالَ قل بِأبي أَنْت قَالَ تغنيني صَوتا يشبه وَجهك قَالَ نعم وكرامة وَهُوَ أَهْون عَليّ من غَيره(19/143)
قَالَت لَهُ مولاته الثريا يَا بني لَو قعدت فِي السُّوق واحترقت كَانَ خيرا لَك قَالَ أجل قَالَت فَأَي صَنْعَة أحب إِلَيْك قَالَ بيع الْفَاكِهَة فَأَعْطَتْهُ دَرَاهِم وَاتخذ حانوتاً وملأها من أَصْنَاف الْفَوَاكِه وَجعل يَبِيع وَيَشْتَرِي وَجعل غلْمَان من أهل مَكَّة يأتونه وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْده وَلَا يزَال يطْرَح لَهُم شَيْئا من تِجَارَته وَيحلف عَلَيْهِم أَن يأكلوه فَلم يلبث أَن أتلف رَأس مَاله فَقَالَ لَهُ)
مولاته بعد أَيَّام كم ربحت إِلَى هَذِه الْغَايَة قَالَ لَا وعيشك يَا أُمِّي مَا لي ربح قَالَت ذهب الرِّبْح وَرَأس المَال وأفضيت إِلَى بيع ثِيَابك فَقَالَ يَا سيدتي لَو غشيت الْكلاب فِي منازلها لم يكن بُد من أَن تتمرى فَقَالَت عطلتك من خدمتي رَجَاء أَن يصنع الله لَك فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَا فعد إِلَى خدمتي فَلَزِمَ الْبَيْت وَكَانَت الثريا مألفاً لِابْنِ سُرَيج يَأْكُل عِنْدهَا وَيشْرب ويتحدث إِلَيْهَا ويأنس بهَا فَنظر يَوْمًا إِلَى الْغَرِيض فأعجبه حسنه وظرفه وتخضع كَلَامه فَقَالَ للثريا هَل لَك أَن تخليني وإياه أعلمهُ لَك الْغناء فَلَا يفوتهُ مَال أبدا أَو جاه فِي النَّاس فَقَالَت دونكه فَذهب بِهِ إِلَى منزله فَجعل لَا يعمله إِلَّا شَيْئا إِلَّا لقنه وَجعل إخْوَان ابْن سُرَيج وَمن كَانَ يَغْشَاهُ لَا يرَاهُ أحد مِنْهُم إِلَّا أحبه فحسده ابْن سُرَيج وَخَافَ أَن يبرز عَلَيْهِ فطرده فَأتى مولاته وشكى ذَلِك إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ هَل لَك أَن تنوح وَنحن نقُول لَك الشّعْر فتبكي بِهِ فَإنَّك تَسْتَغْنِي عَن الْغناء فَقَالَ وَكَيف لي بذلك فَقُلْنَ لَهُ شعرًا فناح بِهِ فَظهر اسْمه وَعرف وَكَانَ يدْخل المآتم فَتضْرب دونه الْحجب والكلل وناح مَعَ النسْوَة لَيْلَة فِي ذِي طوى فَلَمَّا هدأت الْعُيُون جَاءَهُ من كَلمه وَقَالَ لَا تَنَح فقد فتنت نِسَاءَنَا فَترك النوح وَمَال إِلَى الْغناء فتسامع النَّاس بِهِ وفتنهم وَجعل لَا يلصق إِلَّا بالأشراف وَذَوي المروءات فَتقدم ونبل وَصَارَ لَا يُغني ابْن سُرَيج صَوتا إِلَّا غناهُ أَو غير صَنعته وادعاه وَمَا زَالَ أهل مَكَّة لَا يفضلون ابْن سُرَيج عَلَيْهِ إِلَّا بِالسَّبقِ وَلذَلِك قَالَت سكينَة حِين سمعتهما أَنْتُمَا كالجديين الْحَار والبارد لَا يدرى أَيهمَا أطيب وَسمي الْغَرِيض لِأَن ابْن سُرَيج سَمعه وَهُوَ يتَغَنَّى على سطح فَقَالَ إِن هَذَا لصوت غريض
(عبد الْمُنعم)
3 - (جلال الدّين الْأنْصَارِيّ خطيب صفد)
عبد الْمُنعم بن أَحْمد أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن مَحْمُود القَاضِي جلال الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ ثمَّ الشَّامي الشَّافِعِي
ولد سنة تسع عشرَة وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست ماية
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين روى لنا مجْلِس معمر عَن ابْن المقير وَحدث بالقدس(19/144)
ودمشق والصلت وَكَانَ شَيخا وقوراً ولي خطابة صفد وَالْقَضَاء بالصلت وعجلون وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق عَن القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَله تعليقة على التَّنْبِيه
3 - (ابْن بنت وهب بن مُنَبّه)
عبد الْمُنعم بن إِدْرِيس بت سِنَان هُوَ ابْن بنت وهب بن مُنَبّه أحد أَصْحَاب السّير
توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين ومايتين وَبلغ من الْعُمر مائَة سنة وَله كتاب الْمُبْتَدَأ
3 - (الزَّاهِد الْآمِدِيّ)
عبد الْمُنعم بن سعد بن عبد الْوَهَّاب بن عبيد الله بن فَارس بن ملاعب ابْن الذَّيَّال أَبُو مَنْصُور الْأَزْدِيّ الْمَعْرُوف بالزاهد الْآمِدِيّ سمع بِبَغْدَاد كثيرا من أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الربعِي وَأبي الْحُسَيْن ابْن الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ العلاف وأمثالهم وَحدث باليسير لنزول إِسْنَاده وَتقدم وَفَاته روى عَن أَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ وَكَانَت لَهُ أنسة بِالْحَدِيثِ من كَثْرَة مَا سمع وَمَعْرِفَة بالأدب
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية
قَالَ رَأَيْت فِي النّوم بعد وَفَاة الْوَزير ابْن جهير كَأَنِّي قد نظمت بَيْتا فِي النّوم وَهُوَ
(لآل جهير فِي الْأَنَام صنائع ... هِيَ الْآن فِي رَأس الْخلَافَة تَاج)
قَالَ فأضفت إِلَيْهِ فِي الْيَقَظَة
(إِذا مَا رَضوا فالبؤس أم عقيمة ... وَإِن سخطوا فالباترات نتاج)
(وَإِن يمم الْعَافُونَ سيب أكفهم ... فَمَا دون نيل المنفسات رتاج)
(بحورهم من سلسبيل مطهر ... وبحر سواهُم علقم وأجاج)
3 - (المسكي النَّحْوِيّ)
)
عبد الْمُنعم بن صَالح بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ المسكي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بالإسكندراني كَانَ عَلامَة ديار مصر فِي النَّحْو(19/145)
وَأكْثر عَن ابْن بري وروى ديوَان ابْن هَانِئ المغربي بِسَنَد غَرِيب
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست ماية
وصنف كتاب تَقْوِيم الْبَيَان لتحرير الأوزان فِي الْعرُوض وَضعه على هَيْئَة تَقْوِيم السّنة كتقويم الصِّحَّة وَغَيره وملكت مِنْهُ نُسْخَة وخطه عَلَيْهَا سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية كتبه بِالْقَاهِرَةِ
وَمن شعر عبد الْمُنعم بن صَالح يهنئ ابْن الْجبَاب بالقدوم
(شفانا من الْبَين اجْتِمَاع من الشمل ... فصلنا على جَيش القطيعة بالوصل)
(وماذا على الدَّهْر الَّذِي كَانَ جائراً ... إِذا مَال بعد الْجور فِينَا إِلَى الْعدْل)
(أَقُول لدهر ساءنا ثمَّ سرنا ... بلقياك كن يَا دهر إِن تبت فِي حل)
(قدمت فأقدمت السرُور على الورى ... وَإِن خص بالخدام ذَاك وبالأهل)
وَمِنْه يهجو
(يَا حسنا نونه مُقَدّمَة ... فَلَا رعى الله من يؤخرها)
(إِن أيادي الصفي صَافِيَة ... لَكِن وزانها يكدرها)
3 - (ابْن النطروني الْمَالِكِي)
عبد الْمُنعم بن عبد الْعَزِيز بن أبي بكر بن عبد الْمُؤمن أَبُو الْفضل الْقرشِي الْعَبدَرِي الْمَعْرُوف بِابْن النطروني الإسكندري قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا ومدح الإِمَام النَّاصِر بعدة قصائد
وَكَانَ فَقِيها مالكياً أديباً حسن الشيبة مليح السمت ورتب شَيخا برباط العميد بالجانب الغربي وناظراً فِي أوقاته ثمَّ نفذ رَسُولا من الدِّيوَان إِلَى يحيى بن غانية الميورقي فَأَقَامَ هُنَاكَ مُدَّة طَوِيلَة وَولده عبد الْعَزِيز ينوبه ثمَّ عَاد وَقد حصل لَهُ مَال طائل ورتب نَاظر البيمارستان العضدي
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث سِتّ ماية
وَمن شعره
(باتت تصد عَن النَّوَى ... وَتقول كم تتغرب)
(إِن الْحَيَاة مَعَ القنا ... عة وَالْمقَام لَأَطْيَب)
)
(فأجبتها يَا هَذِه ... غَيْرِي بِقَوْلِك يخلب)
(إِن الْكَرِيم مفارق ... أوطانه إِذْ تجذب)(19/146)
(والبدر حِين يشينه ... نقصانه يتغيب)
(لَا يرتقي درج العلى ... من لَا يجد ويتعب)
وَمِنْه
(يَا سَاحر الطّرف ليلِي مَا لَهُ سحر ... وَقد أضرّ بجفني بعْدك السهر)
(يَكْفِيك مني إشارات بِعَين ضنى ... لم يبْق مني بِهِ عين وَلَا أثر)
(أَعَاذَك الله من شَرّ الْهوى فَلَقَد ... أذكى على كَبِدِي نَارا لَهَا شرر)
(غررت فِيهِ بروحي بَعْدَمَا علمت ... أَن السَّلامَة من أَسبَابه غرر)
(وَكَانَ عذباً عَذَابي فِي بدايته ... فَصَارَ فِي الصَّبْر طعماً دونه الصَّبْر)
(وَلست أَدْرِي وَقد مثلت شخصك فِي ... قلبِي المشوق وشمس أَنْت أم قمر)
(مَا صور الله هَذَا الْحسن فِي بشر ... وَكَانَ يُمكن أَن لَا تعبد الصُّور)
(من لي برد غديات بِذِي سلم ... حَيْثُ النسيم عليل وَالثَّرَى عطر)
(والنور يضْحك فِي وَجه السَّحَاب إِذا ... أبدى عبوساً وأبكى جفْنه الْمَطَر)
(وَالْوَرق تدرع الأوراق إِن نظرت ... سِهَام قطر بِذَاكَ الْقطر ينحدر)
(وللغصون مُنَاجَاة إِذا سَمِعت ... من النسيم أحاديثاً لَهَا خطر)
(مَا كنت أَحسب أَن الْعَيْش يخلف مَا ... قد كَانَ من صَفوه فِيمَا مضى كدر)
(وَلَا تَخَيَّلت أَن الساكنين ربى ... نجد تغيرهم من بَعدنَا الْغَيْر)
(وفيت بالعهد إِذْ وافيتهم نكثوا ... وصنت عهدي إِذا غادرتهم غدروا)
(مَا حرمُوا غير وَصلي فِي محرمهم ... وَحَال فِي صفر مَا بَيْننَا سفر)
(واحر قلباه إِن لم يدن لي وَطن ... عَمَّا قَلِيل وَإِن لم يقْض لي وطر)
(لَو كنت يَا بَين تَدْرِي مَا صنعت بِنَا ... لَكُنْت فِي عَاجل الْأَحْوَال تعتذر)
قلت شعر جيد
3 - (ابْن الْقشيرِي)
عبد الْمُنعم بن عبد الْكَرِيم ين هوَازن بن عبد الْملك بن طَلْحَة(19/147)
القيشري أَبُو المظفر ابْن الْأُسْتَاذ)
أبي الْقَاسِم الصُّوفِي النَّيْسَابُورِي سمع أَبَاهُ وَأَبا عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد السميري وَأَبا سعد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الكنجروذي وَأحمد ابْن إِبْرَاهِيم الْمُقْرِئ وَأحمد بن مَنْصُور بن خلف المغربي وَأحمد بن الْحُسَيْن ابْن عَليّ الْبَيْهَقِيّ وَالْحسن بن مُحَمَّد الدربندي وَحج بعد وَفَاة وَالِده وَسمع بِبَغْدَاد من أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن النقور وَعبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن غَالب الْعَطَّار وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزيني وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأنمَاطِي وَغَيرهم وبمكة من الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الشَّافِعِي وَسَعِيد بن عَليّ الزنجاني وبهمذان عَبدُوس بن مُحَمَّد بن عَبدُوس
وَحدث بِبَغْدَاد بالكثير وَعَاد إِلَى نيسابور وَبَقِي يحدث بهَا أَكثر من عشْرين سنة
ومولده سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي بَين الْعِيدَيْنِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية
3 - (ابْن كُلَيْب الْحَرَّانِي)
عبد الْمُنعم بن عبد الْوَهَّاب بن سعد بن صَدَقَة بن الْخضر بن كُلَيْب أَبُو الْفرج الْحَرَّانِي ابْن أبي الْفَتْح التَّاجِر الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ بكر بِهِ فِي سَماع الحَدِيث وعمره سِتّ سِنِين من الشريف أبي طَالب الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعلي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان وَمُحَمّد بن سعيد بن نَبهَان وَإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن فَلهُ الإصبهاني وَالْمبَارك بن الْحُسَيْن بن أَحْمد الغسال الْمُقْرِئ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن طَاهِر بن أَحْمد الخازن وَأحمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وصاعد بن سيار بن مُحَمَّد الإسحاقي الْهَرَوِيّ وَكَانَ آخر من حدث عَن هَؤُلَاءِ على وَجه الأَرْض وَكَانَت لَهُ إجَازَة من الشريف أبي الْعِزّ مُحَمَّد بن الْمُخْتَار بن الْمُؤَيد وَمُحَمّد بن عَليّ بن مَيْمُون النَّرْسِي وَغَيرهمَا وغرق لَهُ مَمْلُوك فِي الْبَحْر وَمَعَهُ سِتَّة آلَاف دِينَار وَلم يتأثر لسعة حَاله وَمَا مَاتَ حَتَّى سَأَلَ من النَّاس ولد سنة خمس ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس ماية وَسكن دمياط مُدَّة وتسرى بماية وَثَمَانِية وَأَرْبَعين جَارِيَة وَكَانَ مُسْند الْعرَاق ألحق الصغار بالكبار
3 - (أَبُو الطّيب الْحلَبِي الْمُقْرِئ)
عبد الْمُنعم بن عبيد الله بن غلبون أَبُو الطّيب(19/148)
الْحلَبِي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي نزيل مصر كَانَ خيرا ثِقَة ذكره أَبُو عَمْرو الداني فَقَالَ كَانَ حَافِظًا للْقِرَاءَة
توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث ماية
3 - (أَبُو الْفضل الجلياني المغربي)
)
عبد الْمُنعم بن عمر بن عبد الله بن احْمَد بن خضر بن مَالك بن حسا أَبُو الْفضل حَكِيم الزَّمَان الغساني الجلياني الأندلسي
وجليانة بِالْجِيم وَاللَّام وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف نون وهاء من عمل وَادي آش
كَانَ أديباً فَاضلا طَبِيبا حاذقاً لَهُ معرفَة بعلوم الْبَاطِن وَكَلَام على طَرِيق الْقَوْم وَكَانَ مليح السمت حسن الْأَخْلَاق رَحل من الأندلس وَدخل بَغْدَاد وروى عَنهُ محب الدّين ابْن النجار ومدح السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْكَبِير
ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وست ماية بِدِمَشْق قَالَ ابْن أبي أصيبعة كَانَ عَلامَة زَمَانه فِي صناعَة الطِّبّ والكحل وأعمالها بارعاً فِي الْأَدَب وصناعة الشّعْر وَعمل المدائح وَعمر طَويلا وَكَانَ لَهُ حَانُوت فِي اللبادين لصناعة الطِّبّ وَكَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يرى لَهُ ويحترمه وَله فِيهِ مدائح كَثِيرَة وصنف لَهُ كتبا وَكَانَ يعاني صناعَة الكيمياء وَتُوفِّي فِي دمشق وَخلف وَلَده عبد الْمُؤمن وَكَانَ كحالاً وَله شعر أَيْضا وخدم بصناعة الْكحل الْملك الْأَشْرَف مُوسَى وَتُوفِّي بالرها سنة نَيف وَعشْرين وست ماية ولحكيم الزَّمَان عبد الْمُنعم فيمل قَالَه من منظوم الْكَلَام ومطلقه عشرَة دواوين الأول ديوَان الحكم ومنظوم الْكَلم الثَّانِي ديوَان المشوقات إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى نظم الثَّالِث ديوَان أدب السلوك وَهُوَ حكم الرَّابِع ديوَان نَوَادِر الْحَيّ حكم فِي معَان من الْقُرْآن والْحَدِيث الْخَامِس تَحْرِير النّظر كَلَام حكم فِي البسائط والمركبات والقوى والحركات السَّادِس سر البلاغة وصناعة البديع فِي فصل الْخطاب السَّابِع ديوَان الْمُبَشِّرَات وَهُوَ نثر وتدبيج الثَّامِن ديوَان الْغَزل والنسيب والموشحات والدوبيت التَّاسِع ديوَان تشبيهات وألغاز ورموز(19/149)
وأحاجي وأوصاف وخمريات الْعَاشِر ديوَان ترسل ومخاطبات وَله أَيْضا كتاب منادح الممادح وروضة المآثر والمفاخر فِي خَصَائِص الْملك النَّاصِر
وَمن شعره يمدح صَلَاح الدّين
(كليني لكر الْخَيل يَا أم مَالك ... فَمَا الأين إِلَّا فِي متون الصواهل)
(فبحر الوغى لَوْلَا السوابح صادرت ... بِنَا لجة لم نحط مِنْهَا بساحل)
(فَلَا تخطبي يَا هِنْد لي غادة سبت ... بنطق وشاح أَو بصمت خلاخل)
)
(فَلَيْسَتْ ذيول فَوق حجب تروقني ... وَلَكِن خُيُول تَحت سحب قساطل)
(فَلَا هلك إِلَّا فِي نحور نواهد ... وَلَا ملك إِلَّا فِي صُدُور عوامل)
(وَلَا ملك يَأْتِي كيوسف آخرا ... كَمَا لم يجِئ مثل لَهُ فِي الْأَوَائِل)
(فَتى ركب الْأَهْوَال خيلاً سُرُوجهَا ... عزائم شدت للثبات بكاهل)
وَهِي طَوِيلَة جَيِّدَة وَمِنْه
(فأبخس شَيْء حِكْمَة عِنْد جَاهِل ... وأهون شَيْء فَاضل عَن ظَالِم)
(فَلَو زفت الْحَسْنَاء للذئب لم يكن ... يرى قربهَا إِلَّا لأكل المعاصم)
وَمِنْه
(عجبا من أحبابنا وانقيادي ... طوعهم إِن شفوا وَإِن أقرضوني)
(مَا رضاهم إِلَّا بسخط سواهُم ... فِي هواهم وحبذا إِن رضوني)
وَمِنْه
(أُؤَمِّل لقياكم وَإِن شطت النَّوَى ... وأزجر قرباً فِي مُرُور السوابح)
(ويذكي اشتياقي زند تذكار عَهدهم ... وَمَا الشوق إِلَّا بعض نَار الْحَوَائِج)
وَمِنْه
(قَالُوا نرى نَفرا عِنْد الْمُلُوك سموا ... وَمَا لَهُم همة تسمو وَلَا وزع)
(وَأَنت ذُو همة فِي الْفضل عالية ... فَلم ظمئت وهم فِي الجاه قد كرعوا)
(فَقلت باعوا نفوساً واشتروا ثمنا ... وصنت نَفسِي فَلم أخضع كَمَا خضعوا)
(قد يكرم القرد إعجاباً بخسته ... وَقد يهان لفرط النخوة السَّبع)
وَمِنْه
(بذلت وقتا للطب كب لَا ... ألْقى بني الْملك بالسؤال)
(وَكَانَ وَجه الصَّوَاب فِي أَن ... أصون نَفسِي بِلَا ابتذال)(19/150)
(لَا بُد للجسم من قوام ... فَخذه من جَانب اعْتِدَال)
(وَأقرب من الْعِزّ فِي اتضاع ... واهرب من الذل فِي الْمَعَالِي)
3 - (الباجسرائي الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي نصر الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الباجسرائي)
قدم بَغْدَاد صَبيا وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ ولازمه حَتَّى برع فِيهِ وَقَرَأَ الْأُصُول وَالْخلاف والجدل على مُحَمَّد بن عَليّ النوقاني
ودرس بِمَسْجِد ابْن الْمَنِيّ بالمأمونية وَكَانَ يؤم النَّاس بِمَسْجِد الآجرة وَتَوَلَّى الخزن بالديوان
وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر يتَكَلَّم فِيهَا فِي مسَائِل ويحضره الْفُقَهَاء وَكَانَ دينا حسن الطَّرِيقَة
وَسمع من شهدة الكاتبة وَغَيرهَا
ولد سنة تسع وَأَرْبَعين أَو سنة خمسين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية
3 - (ابْن الْفرس الْمَالِكِي)
عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الخزرجي القَاضِي الْمَعْرُوف بِابْن الْفرس الْمَالِكِي الغرناطي سمع أَبَاهُ وجده أَبَا الْقَاسِم وتفقه فِي كتب أصُول الدّين وَالْفِقْه وبرع وَألف كتابا فِي أَحْكَام الْقُرْآن من أحسن مَا وضع فِي ذَلِك
واضطرب قبل مَوته بِقَلِيل وَكسر النَّاس نعشه لما مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس ماية
وَمن شعره من قصيدة
(بعثوا بِرَأْس العلج عَنهُ مخبرا ... يَا من رأى مَيتا يَقُول ويخبر)
(فسما بِهِ متن الْقَنَاة كواعظ ... يسمو بِهِ بَين المعاشر مِنْبَر)
(وَكَأَنَّهُ قد أثمرته قناته ... يَا من رأى غصناً بِرَأْس يُثمر)
وَمِنْه قَوْله أَيْضا
(أنظر إِلَى رَأس نأى عَن جمسه ... ولرب نأي لَيْسَ فِيهِ تلاق)
(أضحى لَهُ سور الْمَدِينَة جثة ... من غير رجل ظَاهر أَو سَاق)(19/151)
(وَكَأن ذَاك السُّور مقْعد نزهة ... وَكَأَنَّهُ متشوف من طاق)
قلت الثَّانِي مَأْخُوذ من قَول الأول
(وَعَاد لكنه رَأس بِلَا جَسَد ... وَجَاء يسْعَى على سَاق بِلَا قدم)
(إِذا تراآى على الخطي أَسْفر فِي ... حَال العبوس لنا عَن ثغر مبتسم)
وَمَا أحسن قَول أبي فراس وَقد عَاد سيف الدولة وَرَأس القرمطي بَين يَدَيْهِ على رمح
(وأنقذ من ثقل الْحَدِيد ومسه ... أَبَا وَائِل والدهر أجدع صاغر)
(وآب وَرَأس القرمطي أَمَامه ... لَهُ جَسَد من أكعب الرمْح ضامر)
)
وَمن شعر ابْن الْفرس وتروى لغيره
(أأدعو فَلَا تلوي وَأَنت قريب ... وأشكو فَلَا تشكي وَأَنت طَبِيب)
(فَهَل شيب من تِلْكَ المصافاة مشرع ... وهيل على ذَاك الإخاء كثيب)
وَمِنْه فِي صدر رِسَالَة
(مَا بالنا مُتَّهمًا ودنا ... وَنحن فِي ودكم نقتبل)
(كأنكم مثل فَقِيه رأى ... أَن يتْرك الظَّاهِر للمحتمل)
وَمِنْه فِي خُسُوف الْقَمَر
(تلطع الْبَدْر لم يشْعر بناظره ... حَتَّى اسْتَوَى وَرَأى النظار فاحتجبا)
(كالخود أَلْقَت رواق الخدر ناظرة ... ثمَّ استردت حَيَاء فَوْقهَا الطنبا)
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم ولي فِي ذَلِك
(ألم تَرَ للخسوف وَكَيف أودى ... ببدر التم لماع الضياء)
(كمرآة جلاها الصقل حَتَّى ... أنارت ثمَّ ردَّتْ فِي غشاء)
وَقَالَ ولي فِيهِ أَيْضا بعكس الْمَعْنى وإبقاء التَّشْبِيه
(تناولت الْمرْآة وَهِي صقيلة ... تَأمل وَجها دونه ذَلِك الصقل)
(فَلَمَّا تناولت أودعتها غشائها ... وَقد حدث القرطاس واستمع الحجل)
(فشبهتها بَدْرًا علاهُ خسوفه ... فأظلم مِنْهُ مَا أنار لَهُ قبل)
وَمن شعر ابْن الْفرس فِي تفاحة(19/152)
(وتفاحة يهدي إِلَيْك نسيمها ... فَمَا شِئْت من طيب ينم لناشق)
(تروقك مِنْهَا خمرة فَوق صفرَة ... كوجنة معشوق على خد عاشق)
وَمن شعره فِي نارنجة وسط نهر
(ونارنجة فِي النَّهر تحسب أَنَّهَا ... شرارة جمر فِي الرماد تلوح)
(وَمَا هُوَ إِلَّا الرَّوْض أبدى شَقِيقَة ... يهدهدها غُصْن هُنَاكَ مروح)
(أَو الدرْع تضفو فَوق أعطاف فَارس ... غَدا فِي رحى الهيجاء وَهُوَ جريح)
(تغيب وتبدو مرّة فَكَأَنَّهَا ... عقيقة برق فِي الخبي تلوح)
(كَأَن حباب المَاء يكتم سرها ... وَقد جعلت تَفْشُو بِهِ وتبوح)
)
وَقَالَ ابْن الْفرس هَذِه الأبيات بِجَزِيرَة شقر وَفِي نهرها أبْصر تِلْكَ النارنجة وجاراه فِيهَا جمَاعَة مِنْهُم أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن فتحون المَخْزُومِي فَقَالَ
(وَلَقَد رميت مَعَ الْعشي بنظرة ... فِي منظر غض البشاشة يبهج)
(نهر صقيل كالحسام كَأَنَّهُ ... روض لنا نفحاته تتأرج)
(تثني معاطفه الصِّبَا فِي بردة ... موشية بيد الغمامة تنسج)
(وَالْمَاء فَوق صفائه نارنجة ... تطفو بِهِ وعبابه يتمرج)
(حَمْرَاء قانية الْأَدِيم كَأَنَّهَا ... وسط المجرة كَوْكَب يتوهج)
وَقَالَ أَبُو المطراف ابْن أبي بكر بن سُفْيَان المَخْزُومِي فِي ذَلِك
(ومنظر قد راقني حسنه ... من أَزْرَق ينساب كالأرقم)
(أبصرته يحمل نارنجة ... طافية حَمْرَاء كالعندم)
(ودرجت ريح الصِّبَا مَتنه ... لما انبرت وَهِي بهَا ترنمي)
(فخلته مهنداً مُصْلِتًا ... هز وَفِيه قَطْرَة من دم)
وَقَالَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْمَعْرُوف بِابْن مرج كحل
(وَعَشِيَّة كَانَت قنيصة فتية ... ألفوا من الْأَدَب الصَّرِيح شُيُوخًا)
(وكأنما العنقاء قد نصبوا لَهَا ... من الانحناء إِلَى الْوُقُوع فخوخا)
(شملتهم آدابهم فتجاذبوا ... سر السرُور مُحدثا ومصيخا)
(وَالْوَرق تقرا سُورَة الطَّرب الَّتِي ... ينسبك مِنْهَا نَاسخ مَنْسُوخا)
(وَالنّهر قد طمحت بِهِ نارنجة ... فَتَيَمَّمت من كُنَّا فِيهِ منيخا)(19/153)
(فتخالهم خلل السَّمَاء كواكباً ... قد فَارَقت بسعودها المريخا)
(خرق العوائد فِي السرُور نهارهم ... فَجعلت أبياتي لَهُ تَارِيخا)
وَقَالَ عبد الْمُنعم ابْن الْفرس أَيْضا
(ونارنجة تحمر فِي النَّهر مِثْلَمَا ... توقد نجم فِي المجرة سابح)
قلت قَول ابْن الْمطرف المَخْزُومِي أحسن أَقْوَال الْجَمَاعَة وأوقعها فِي النَّفس لَا سِيمَا وَقد تمم الْمَعْنى بقوله هز إِلَّا أَنه لَو قَالَ فخلته سَيْفا غَدا مُصْلِتًا لَكَانَ أعذب وارشق وَأما ابْن مرج الْكحل فَإِنَّهُ أضاع الزَّمَان وَقصر فِي التَّشْبِيه)
وَمن شعر ابْن الْفرس
(أنظر إِلَى حَضْرَة فِي الزَّرْع قارنها ... مبيض نور ومصفر وأحمره)
(كَثوب وشي أجادته صوائغه ... وَالرِّيح تطويه طوراً ثمَّ تنشره)
(أخامات زرع أم بحور تلاعبت ... بأمواجها أَيدي الرِّيَاح النواسم)
(ترَاهَا أَمَام الرّيح وَهِي تسوقها ... كجيش زنوج فر قُدَّام هازم)
قلت أحسن مِنْهُ وأرشق قَول القَاضِي عِيَاض
(أنظر إِلَى الزَّرْع وخاماته ... تحكي وَقد ولت أَمَام الرّيح)
(كَتِيبَة خضراء مهزومة ... شقائق النُّعْمَان فِيهَا جراح)
3 - (أَبُو الْفضل الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي)
عبد الْمُنعم بن مقبل بن عَليّ أَبُو الْفضل الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل وَاسِط قدم بَغْدَاد وتفقه على يُوسُف الدِّمَشْقِي وَغَيره وَكَانَ يتَكَلَّم فِي مسَائِل الْخلاف والمناظرات أَيَّام الْجمع قدم بَغْدَاد سنة ثَلَاث وَسبعين وَخمْس ماية
وَمن شعره يرثي ولدا لَهُ مَاتَ بالحويزة
(خليلي إِن آنستما لامعاً ... من الْأُفق الشَّرْقِي حِين يشام)
(وهبت من الرّيح الحويزي نفحة ... مَعَ الرّيح أَو مِنْهُ اسْتَقل غمام)
(فَلَا تعذلاني إِن بَكَيْت وَإِن جرى ... بعيني فُرَادَى أدمع وتوآم)
(فَإِن بهاتيك الْأَمَاكِن لي هوى ... يؤرق عَيْني والعيون نيام)(19/154)
3 - (قطب الدّين خطيب الْأَقْصَى)
عبد الْمُنعم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْخَطِيب الْوَاعِظ قطب الدّين أَبُو الذكاء الْقرشِي الزُّهْرِيّ النابلسي الشَّافِعِي خطيب الْأَقْصَى أفتى نَحوا من خمسين سنة
ولد سنة ثَلَاث وست ماية وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست ماية
وَسمع من دَاوُد بن ملاعب وَابْن الْبناء الصُّوفِي وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْفَتْح المندائي وَأَبُو أَحْمد ابْن سكينَة والمؤيد الطوسي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الْأَحْكَام لعبد الْحق قِرَاءَة بحث على أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله الْمَقْدِسِي وَقَرَأَ اللمع فِي النَّحْو على رجل بمنى وتفقه وَنظر فِي الْعُلُوم روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز والمزي وقاضي حلب زين الدّين الخليلي وَابْن مُسلم والبرزالي وَكَانَت)
لَهُ أبهة فِي النُّفُوس وموقع سني مَعَ الدّين وَالْفضل وَكَانَ لَهُ ميعاد بعد الصُّبْح يلقِي فِيهِ من تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ من حفظه وذكرانه على ذهنه من كَثْرَة ترداد وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته
(عبد الْمُؤمن)
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ بالمغرب الْمهْدي)
عبد الْمُؤمن بن عَليّ بن علوي الْقَيْسِي المغربي الكومي التلمساني ولد بقرية من ضيَاع تلمسان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَخمْس ماية
وَكَانَ أَبوهُ يصنع الفخار وَكَانَ فصيحاًن جزل الْمنطق لَا يرَاهُ أحدا إِلَّا أحبه وَكَانَ أَبيض ذَا جسم عمم تعلوه حمرَة أسود الشّعْر معتدل الْقَامَة وضياً جَهورِي الصَّوْت قيل إِنَّه كَانَ نَائِما فِي صباه فَسمع أَبوهُ دوياً فَرفع رَأسه فَإِذا سَحَابَة سَوْدَاء من النَّحْل قد أهوت مطبقة على بَيته فَنزلت كلهَا على عبد الْمُؤمن وَهُوَ نَائِم فَلم يَسْتَيْقِظ وَلَا آذاه شَيْء مِنْهَا فصاحت أمه فسكنها أَبوهُ وَقَالَ لَا بَأْس وَلَكِنِّي متعجب مِمَّا يدل هَذَا عَلَيْهِ ثمَّ طَار النَّحْل كُله عَنهُ واستيقظ الصَّبِي سالما فَمشى أَبوهُ إِلَى زاجر فَأخْبرهُ بِالْأَمر فَقَالَ لَهُ يُوشك أَن يكون لَهُ(19/155)
شَأْن يجمع على طَاعَته أهل الْمغرب وَكَانَ ابْن تومرت الْمَذْكُور فِي المحمدين يَقُول لأَصْحَابه هَذَا غلاب الدول وسمى نَفسه أَمِير الْمُؤمنِينَ وقصده الشُّعَرَاء ومدحوه وَلما قَالَ فِيهِ الْفَقِيه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس التيفاشي قصيدته الَّتِي أَولهَا
(مَا هز عطفيه بَين الْبيض والأسل ... مثل الْخَلِيفَة عبد الْمُؤمن بن عَليّ)
أنْشدهُ هَذَا المطلع قَالَ لَهُ حَسبك وَأَجَازَهُ ألف دِينَار وَفِي تَرْجَمَة ابْن تومرت طرف من ذكره يدل على بَدْء أمره وَلما مَاتَ ابْن تومرت لم يزل أمره بقوى وَيظْهر على النواحي ويدوخ الْبِلَاد وَكَانَ محباً لأهل الْعلم يستدعيهم من الْبِلَاد ويجزل لههم الصلات وينوه بهم
وَتسَمى المصامدة بالموحدين لخوض ابْن تومرت بهم فِي العقائد
وَلما مَاتَ خلف من الْوَلَد سِتَّة عشر ولدا وهم مُحَمَّد المخلوع وَعلي وَعمر ويوسف وَعُثْمَان وَسليمَان وَيحيى وَإِسْمَاعِيل وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم وَيَعْقُوب وَكَانَ قد جعل وليه فِي الْعَهْد وَلَده مُحَمَّدًا فَلَمَّا مَاتَ عبد الْمُؤمن وَتَوَلَّى ابْنه مُحَمَّد اضْطربَ أمره وخلعوه بعد شهر وَنصف وَاجْتمعت الدول)
على تَوْلِيَة يُوسُف أَو عمر من إخْوَته فَبَايعُوا يُوسُف فَأَقَامَ فِي الْخلَافَة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة
وَأما عبد الْمُؤمن فَأَقَامَ فِي الْملك ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وأشهراً وَكَانَ ابْن تومرت ينشد إِذا أبصره قَول أبي الشيص الْخُزَاعِيّ
(تكاملت فِيك أَوْصَاف خصصت بهَا ... فكلنا بك مسرور ومغتبط)
(السن ضاحكة والكف مانحة ... وَالنَّفس وَاسِعَة وَالْوَجْه منبسط)
وَلم يَصح عَن ابْن تومرت أَنه اسْتَخْلَفَهُ بل رَاعى أَصْحَابه فِيهِ إِشَارَته فتم الْأَمر لَهُ وكمل
وَأول مَا أَخذ من الْبِلَاد وهران ثمَّ تلمسان ثمَّ سلا ثمَّ سبتة ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى مراكش وحاصرها أحد عشر شهرا ثمَّ ملكهَا أَوَائِل سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس ماية واستوسق لَهُ الْأَمر وامتد ملكه إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى والأدنى وبلاد إفريقية وَكثير من بِلَاد الأندلس
وَخرج على عبد الْمُؤمن ثوار كَثِيرُونَ نَصره الله عَلَيْهِم وَكَانَ الْبَيْت الَّذِي يسكنهُ مملوءاً من الْكتب فَارغًا مِمَّا يَلِيق بالسلاطين من الْفرش وَغَيرهَا وَكَانَ لَهُ رجلَانِ من ثقاته أَحدهمَا يجلس عِنْد بَاب بَيته وَالْآخر عِنْد بَاب قصره وَله فِي قصره حمام لَا بُد لَهُ من دُخُوله فِي كل لَيْلَة يديم قيام الثُّلُث الْأَخير من اللَّيْل يُصَلِّي أجمعه ثمَّ يُصَلِّي الصُّبْح خلف إِمَام الْجَامِع ثمَّ يخرج إِلَى مَجْلِسه(19/156)
وَمِمَّا يحْكى من حلمه مَعَ أَن قَاعِدَة دولتهم لَا تناسب ذَلِك أَن شَاعِرًا قَالَ لما توالى الْقَحْط بمراكش فِي مُدَّة عبد الْمُؤمن يعرض لما كَانَ يرَاهُ من سفك الدِّمَاء مِمَّن خَالفه وَسبي الذَّرَارِي
(يطوف السَّحَاب بمراكش ... طواف الحجيج بِبَيْت الْحَرَام)
(يروم النُّزُول فَمَا يستط ... يع لسفك الدِّمَاء وَبيع الْحرم)
فَطلب الشَّخْص الْقَائِل للبيتين فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل لهذين الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا مقَام لَا يحْتَمل تَطْوِيل الْكَلَام فَإِن أَنا أنكرتهما لم تصدقني وَإِن أَقرَرت بهما قتلتني فَتَبَسَّمَ عبد الْمُؤمن وَأطْلقهُ ويحكى أَنه سَأَلَ أَصْحَابه عَن مَسْأَلَة أَلْقَاهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا فَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِم فَبلغ الْمجْلس بعض زهاد بَلَده فَكتب الزَّاهِد ورقة فِيهَا هَذَا البيتان
(يَا أَيهَا الَّذِي قهر الْأَنَام بِسَيْفِهِ ... مَاذَا يَضرك أَن تكون إِلَهًا)
)
(إلفظ بهَا فِيمَا لفظت فَإِنَّهُ ... لم يبْق شَيْء أَن تَقول سواهَا)
وتوصل إِلَى أَن وضعت الورقة تَحت سجادة عبد الْمُؤمن وَكَانَت عَادَته أَن يتفقد تَحت سجادته لوضع أوراق الْمَظَالِم الْخفية تحتهَا فَلَمَّا رأى الْبَيْتَيْنِ وجم الْملك وَعظم أَمرهمَا عَلَيْهِ وأفكر فِي سَبَب مَا قيلا فِيهِ فَذكر قَول أَصْحَابه لَهُ ذَاك الْيَوْم لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا فَعرف أَنه السَّبَب ثمَّ إِنَّه أفكر فِي قائلهما وَجعل يبْحَث عَنهُ فَلم يعرف بِهِ وَكَانَ عبد الْمُؤمن يتزيا بزِي الْعَامَّة ويقصد مَوَاضِع الْخَيْر وَالشَّر ليقف على الْحَقَائِق إِلَى أَن وَقعت يَوْمًا عينه على شيخ يعلوه شحوب وَعَلِيهِ سيماء الْخَيْر وَهُوَ يُطِيل النّظر فتفرس فِيهِ أَنه قَائِل الْبَيْتَيْنِ وباعثهما إِلَيْهِ فَأرْسل من أحضرهُ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ سرا أصدقني فقد تفرست فِيك أَنَّك كَاتب الورقة فَقَالَ أَنا هُوَ فَقَالَ لم فعلت ذَلِك قَالَ لم أقصد بِهِ إِلَّا صَلَاح دينك وَإِن أردْت فَسَاد دنياي فَأَنا بَين يَديك فَقَالَ لَا بل أصلح دنياك كَمَا أصلحت ديني وَدفع إِلَيْهِ ألف دِينَار وَقَالَ يكون رسمك أَن تنبهنا مَتى غفلنا وَتصْلح ديننَا فَامْتنعَ الشَّيْخ من أَخذ الذَّهَب فَقَالَ إِنَّهَا من جِهَة حل والمعطي هُوَ الله وَأَنا وَأَنت فِيهَا وَاسِطَة فاصرفها إِلَى مُسْتَحقّ
وَأورد بَعضهم لعبد الْمُؤمن ملك الْمغرب قَوْله
(ألْقى الْمنية فِي درعين قد نسجا ... من الْمنية لَا من نسج دَاوُد)
(إِن الَّذِي صور الْأَشْيَاء صورني ... بحراً من الْبَأْس فِي بَحر من الْجُود)
وَبَعض النَّاس نَسَبهَا لسديد الْملك أبي الْحسن عَليّ بن مقلد بن منقذ وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ
وَلما دخل مراكش وسالت بهَا الدِّمَاء كمجاري المَاء وأباح أَصْحَابه أَمْوَال الملثمين قَالَ الْبَيْتَيْنِ الْمُتَقَدِّمين وَلَهُمَا ثَالِث وَهُوَ(19/157)
(وَإِن فقدت جَمِيع النَّاس كلهم ... وَقد بقيت فَمَا شَيْء بمفقود)
وَقَالَ وَقد كثر الثوار عَلَيْهِ
(لَا تحلفن بِمَا قَالُوا وَمَا فعلوا ... إِن كنت تسمو إِلَى الْعليا من الرتب)
(وجرد السَّيْف فِيمَا لأَنْت طَالبه ... فَمَا ترد صُدُور الْخَيل بالكتب)
وَعبد الْمُؤمن هَذَا هُوَ الَّذِي أرسل إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يستنجد بِهِ على الفرنج وَكَانَ الرَّسُول شمس الدّين ابْن منقذ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَلم يخاطبه بأمير الْمُؤمنِينَ بل خاطبه بأمير المسلين وَكتب إِلَيْهِ ابْن منقذ الْمَذْكُور)
(سأشكر بحراً ذَا عباب قطعته ... إِلَى بَحر جود مَا لنعماه سَاحل)
(إِلَى مَعْدن التَّقْوَى إِلَى كعبة الْهدى ... إِلَى من سمت بِالذكر مِنْهُ الْأَوَائِل)
(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلم تزل ... إِلَى بابك المأمول تزجى الرَّوَاحِل)
(قطعت إِلَيْك الْبر وَالْبَحْر موقناً ... بِأَن نداك الْغمر بالجنح كافل)
(رَجَوْت بقصديك العلى فبلغها ... وَأدنى عطاياك العلى والفواضل)
(فَلَا زلت للعلياء والجود بانياً ... تبلغك الآمال مَا أَنْت آمل)
من أَبْيَات فَأعْطَاهُ لكل بَيت ألف دِينَار وَقَالَ لَهُ مَا أَعطيتك هَذَا لأجل صَاحبك فَإِنَّهُ خاطبنا بِمَا لم يخاطبنا بِهِ أحد وَإِنَّمَا أَعطيتك لفضلك وبيتك وَالْحَمْد لله الَّذِي وفْق الفنش ملك الفرنج لما لم يهد إِلَيْهِ صَاحبك وَلَو خاطبنا بِمَا يَلِيق لأنجدناه برا وبحراً وَقد وكلناه إِلَى من خاطبه بِمَا هُوَ أليق بِنَا مِنْهُ
3 - (ابْن الجلياني الكحال)
عبد الْمُؤمن بن عبد الْمُنعم بن عمر الجلياني الكحال وَتقدم ذكره فِي تَرْجَمَة أَبِيه فليطلب هُنَاكَ
3 - (الْحَافِظ أَبُو يعلى التَّمِيمِي)
عبد الْمُؤمن بن خلف بن طفيل بن زيد بن طفيل الْحَافِظ أَبُو يعلى التَّمِيمِي النَّسَفِيّ كَانَ أثرايً طاهري الْمَذْهَب شَدِيدا على أهل الْقيَاس يتبع(19/158)
أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه كثيرا
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث ماية
3 - (الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي)
عبد الْمُؤمن بن خلف بن أبي الْحسن بن شرف الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ البارع النسابة المجود الْحجَّة علم الْمُحدثين عُمْدَة النقاد شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو أَحْمد الدمياطي
الشَّافِعِي صَاحب التصانيف
مولده بتونة قَرْيَة من أَعمال تنيس فِي آخر عَام ثَلَاث عشرَة وست ماية ووفاته سنة خمس وَسبع ماية
وَكَانَ منشؤه بدمياط وتميز فِي الْمَذْهَب وَقَرَأَ الْقُرْآن وَطلب الحَدِيث وَقد صَار لَهُ ثَلَاث)
وَعِشْرُونَ سنة فَسمع بالإسكندرية فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من أَصْحَاب السلَفِي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وعني بِهَذَا الشَّأْن رِوَايَة ودراية ولازم الْحَافِظ زكي الدّين حَتَّى صَار معيده وَحج سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسمع بالحرمين وارتحل إِلَى الشَّام سنة خمس وَأَرْبَعين وارتحل إِلَى الجزيرة وَالْعراق مرَّتَيْنِ وَكتب العالي والنازل وَبَالغ وصنف إِذْ ذَاك وَحدث وأملى فِي حَيَاة كبار مشايخه وَكَانَ مليح الْهَيْئَة حسن الْأَخْلَاق بساماً فصيحاً نحوياً لغوياً مقرئاً سريع الْقِرَاءَة جيد الْعبارَة كثير التفنن صَحِيح الْكتب مكثراً مُفِيدا حُلْو المذاكرة حسن العقيدة كافاً عَن الدُّخُول فِي الْكَلَام سمع من ابْن المقير وَعلي بن مُخْتَار العامري ويوسف ابْن عبد الْمُعْطِي ابْن المخيلي وَالْعلم ابْن الصَّابُونِي وَإِبْرَاهِيم بن الْخَيْر الْبَغْدَادِيّ وَابْن العليق وَأحمد وَيحيى ابْني قميرة وموهوب ابْن الجواليقي وَعبد الْعَزِيز ابْن الزبيدِيّ وَهبة اله بن مُحَمَّد بن مفرج ابْن الْوَاعِظ وَعلي بن زيد البسارسي وظافر بن سحيم الْمُطَرز وَشُعَيْب ابْن الزَّعْفَرَانِي المجاور وضيفة بنت عبد الْوَهَّاب القرشية وَحَمْزَة بن أَوْس الْغَزالِيّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن محَارب الْقَيْسِي وَمُحَمّد بن الْجبَاب وَابْن عَمه أبي الْفضل ابْن الْجبَاب وَابْن رواج وَابْن رَوَاحَة عبد الله وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن ياقوت وَابْن الجميزي وحسين بن يُوسُف الشاطبي وَعبد الْعَزِيز ابْن النقار الْكَاتِب ومظفر بن عبد الْملك الفوي وَأبي عَليّ مَنْصُور بن سندان الدِّمَاغ ويوسف بن مَحْمُود الساوي وَعبد الرَّحْمَن بن مكي السبط وَمُحَمّد بن الْحسن السفاقسي خَاتِمَة من سمع حضوراً من السلَفِي وَسمع بِدِمَشْق من(19/159)
عمر ابْن البراذعي والرشيد بن مسلمة ومكي بن عَلان وطبقتهم وبدمياط من خطيبها الْجلَال عبد الله وبحران من عِيسَى بن سَلامَة الْخياط وبماردين من عبد الْخَالِق بن أَنْجَب الشنتبري وبحلب من ابْن خَلِيل فَأكْثر لَعَلَّه سمع مِنْهُ مايتي ألف حَدِيث وبالموصل من أبي الْخَيْر إِيَاس الشهرزوري صَاحب خطيب الْموصل وبمصر من عبد الْكَرِيم بن عبد الرَّحْمَن الترابي حَدثهُ عَن خطيب الْموصل وَعنهُ عدَّة من أَصْحَاب السلَفِي وشهدة وَابْن عَسَاكِر وَخلق من أَصْحَاب شاتيل والقزاز وَابْن بري النَّحْوِيّ وَإِسْمَاعِيل بن عَوْف وَيحيى الثَّقَفِيّ وَابْن كُلَيْب وَأَصْحَاب ابْن طبرزد وحنبل والبوصيري والخشوعي وَنزل إِلَى أَصْحَاب الْكِنْدِيّ وَابْن ملاعب والافتخار الْهَاشِمِي
وَكتب عَنهُ طَائِفَة من رفقائه وَمن هُوَ أَصْغَر مِنْهُ وَعدد مُعْجَمه ألف ومايتان وَخَمْسُونَ نفسا)
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو المنجا ابْن اللتي وَأَبُو نصر ابْن الشِّيرَازِيّ ويروي بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّة عَن الْمُؤَيد الطوسي وَجَمَاعَة وَمن مصنفاته كتاب الصَّلَاة الْوُسْطَى مُجَلد لطيف كتاب الْخَيل مُجَلد وسمعهما مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين قبائل الْخَزْرَج مُجَلد العقد الْمُثمن فِيمَن اسْمه عبد الْمُؤمن مجيليد الْأَرْبَعُونَ المتباينة الْإِسْنَاد فِي حَدِيث أهل بَغْدَاد مُجَلد مشيخة البغاددة مُجَلد السِّيرَة النَّبَوِيَّة مُجَلد وَله تصانيف غير ذَلِك وَهِي مهذبة منقحة تشهد لَهُ بِالْحِفْظِ والفهم وسعة الْعلم
حدث عَنهُ الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم وَالْإِمَام أَبُو الْحُسَيْن اليونيني وَالْقَاضِي علم الدّين الأخنائي وَالشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَالشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس والحافظ الْمزي وقاض الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وفخر الدّين النويري وَخلق كثير من الرحالين وَطَالَ عمره وَتفرد بأَشْيَاء
قَالَ الْمزي مَا رَأَيْت أحفظ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمعته يَقُول سَمِعت ابْن رواج يَقُول قَرَأَ عَليّ السراج بن شحانة نتف الْإِبِط فحركه بِالْكَسْرِ فَقلت لَهُ لَا تحركه يفح صنانه قلت وَقَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس دخل الشَّيْخ على جمَاعَة يقرأون الحَدِيث فسمعهم يَقُولُونَ عبد الله بن سَلام بتَشْديد اللَّام فَقَالَ سَلام عَلَيْكُم سَلام وجمل عَن الصَّنْعَانِيّ عشْرين مجلداً من تصانيفه فِي الحَدِيث واللغة وَسمع جُزْء ابْن عَرَفَة من بضعَة وَثَمَانِينَ نفسا بِالشَّام ومصر وَالْعراق والجزيرة وجزء ابْن الْأنْصَارِيّ عَن أَكثر من ماية شيخ وأربى على الْمُتَقَدِّمين فِي علم النّسَب وَسكن دمشق مُدَّة وَأفَاد أَهلهَا وتحول إِلَى مصر وَنشر بهَا علمه
وَكَانَ موسعاً عَلَيْهِ فِي الرزق وَله حُرْمَة وجلالة وَولي مشيخة الظَّاهِرِيَّة بَين القصرين وَمَا زَالَ يسمع الحَدِيث إِلَى أَن مَاتَ فَجْأَة فِي نصف ذِي الْعقْدَة وَصلي عَلَيْهِ بِدِمَشْق غَائِبا وَمن شعره(19/160)
3 - (صفي الدّين الْمُغنِي)
عبد الْمُؤمن بن فاخر صفي الدّين قَالَ الْعِزّ الإربلي الطَّبِيب كَانَ كثير الْفَضَائِل يعرف علوماً كَثِيرَة مِنْهَا الْعَرَبيَّة ونظم الشّعْر وَعلم الْإِنْشَاء كَانَ فِيهِ غَايَة وَعلم التَّارِيخ وَعلم الْخلاف وَعلم الموسيقى وَلم يكن فِي زَمَانه من يكْتب الْخط الْمَنْسُوب سوى الشَّيْخ زكي الدّين لَا غير وَهُوَ بعده وفَاق فِي فنه الْأَوَائِل والأواخر وَبِه تقدم عِنْد خَليفَة زَمَانه وَكَانَت آدابه كَثِيرَة وحرمته وافرة وأخلاقه حَسَنَة طيبَة ثمَّ قَالَ وَاجْتمعت بِهِ بِمَدِينَة تبريز فِي شهور سنة)
تسع وَثَمَانِينَ وست ماية
وَأخْبر صفي الدّين عبد الْمُؤمن قَالَ وَدرت بَغْدَاد صَبيا وَأثبت فَقِيها بالمستنصرية شافعياً أَيَّام الْمُسْتَنْصر واشتغلت بالمحاضرات وَالْأَدب والعربية وتجويد الْخط فبلغت فِيهِ من غَايَة لَيْسَ فَوْقهَا غَايَة ثمَّ اشتغلت بِضَرْب الْعود فَكَانَت قابليتي فِيهِ أعظم من الْخط لكني اشتهرت بالخط وَلم أعرف بِغَيْرِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ إِن الْخلَافَة وصلت إِلَى المستعصم فعمر خزانتي كتب متقابلتين برواق عَزِيز وَأمر أَن يخْتَار لَهما كاتبان يكتبان مَا يختاره وَلم يكن فِي ذَلِك الْوَقْت أفضل من الشَّيْخ زكي الدّين وَكنت دونه فِي الشُّهْرَة فرتبنا فِي ذَلِك وَلم يعلم الْخَلِيفَة أنني أحسن الضَّرْب بِالْعودِ وَكَانَ بِبَغْدَاد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الْجمال تغني جيدا فأحبها الْخَلِيفَة وأجزل لَهَا الْعَطاء فَكثر خدامها وجواريها وأملاكها فاتفق أَن غنت يَوْمًا بَين يَدَيْهِ بلحن طيب غَرِيب فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فَقَالَت هَذَا لصفي الدّين المجود فَقَالَ عَليّ بِهِ فأحضرت وَضربت بَين يَدَيْهِ بِالْعودِ فأعجبه ذَلِك وَأَمرَنِي بملازمة مَجْلِسه ورسم لي برزق وافر جزيل غير مَا كَانَ ينعم بِهِ عَليّ وصرت أَسْفر بَين يَدَيْهِ وأقضي للنَّاس عِنْده حوائج كَثِيرَة وَكَانَ لي مُرَتّب فِي الدِّيوَان كل سنة خمس آلَاف دِينَار يكون عَنْهَا دَرَاهِم مبلغ سِتِّينَ ألف دِرْهَم وأحصل فِي قَضَاء أشغال النَّاس مثلهَا وَأكْثر مِنْهَا وَحَضَرت بَين يَدي هولاكو وغنيته وأضعف مَا كَانَ لي من الرَّاتِب أَيَّام المستعصم واتصلت بِخِدْمَة الصاحب عَلَاء الدّين عطا الْجُوَيْنِيّ وأخيه شمس الدّين وَوليت أيامهما كِتَابَة الْإِنْشَاء بِبَغْدَاد ورفعاني إِلَى رُتْبَة المنادمة وضاعفا عَليّ الإنعام وَالْإِحْسَان وَبعد موت عَلَاء الدّين وَقتل شمس الدّين زَالَت سعادتي وتقهقرت إِلَى وَرَاء فِي عمري ورزقي وعيشي وعلتني الدُّيُون وَصَارَ لي أَوْلَاد وَأَوْلَاد أَوْلَاد كَبرت سني وعجزت عَن السَّعْي(19/161)
قَالَ صفي الدّين الشريف ابْن الطقطقى مَاتَ صفي الدّين عبد الْمُؤمن مَحْبُوسًا على دين كَانَ لمجد الدّين عبد الْحَكِيم غُلَام ابْن الصّباغ وَكَانَ مبلغ الدّين ثَلَاث ماية دِينَار وحبسه القَاضِي فِي مدرسة الْخلّ ووفاته يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشْرين صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست ماية
وَكَانَ ينْفق أَمْوَاله على الملاذ ويبالغ فِي عمل الحضرات البديعة التصفيف وَكَانَ يكون ثمن المشموم أَربع ماية والفاكهة أَربع ماية دِرْهَم وَكَانَ يتنعم كثيرا
3 - (شوروه الْحَافِظ)
)
عبد الْمُؤمن بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله هُوَ شرف الدّين شوروه بالشين الْمُعْجَمَة وَالْوَاو وَالرَّاء الساكنة وَبعدهَا وَاو وهاء ابْن نور الدّين ابْن وجيه الدّين الإصبهاني الْحَنَفِيّ كَانَ جده وجيه الدّين نَائِب القَاضِي بإصبهان وَولده نور الدّين كَانَ واعظاً حَافِظًا لَهُ أَوْلَاد فضلاء وبنون نجباء وَوصل شوروة الْمَذْكُور إِلَى دمشق آخر أَيَّام نور الدّين الشَّهِيد وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وحضره نور الدّين وَأسلم على يَده أول يَوْم طِفْل نَصْرَانِيّ فَقَالَ بديهاً نصبنا فخاً وأصبنا فرخاً وَقَالَ يشبه الْهلَال فِي وعظه فِي رَمَضَان هُوَ كمصبغ الفصاد أَو منجل الْحَصاد وَتوجه بعد نور الدّين إِلَى الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين فَأكْرمه وَأَعْطَاهُ وَأفضل وَعَاد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا آخر سنة سبعين وَخمْس ماية وَعَاد إِلَى إصبهان وَمن شعره
(فِي الْعِشْق لكل عَاقل مُعْتَبر ... والصادق فِي هَوَاهُ لَا يختبر)
(لم يبْق على هجرك مصطبر ... هَل عنْدك مِمَّا أَنا فِيهِ خبر)
وَمِنْه
(إِن شِئْت أمتني فَلهَذَا نشيت ... لكنك لَا تفعل هَذَا حوشيت)
(قد كنت على فُؤَادِي الصب خشيت ... وَالْيَوْم مضى الْفُؤَاد فافعل مَا شيت)
وَمِنْه
(أفدي غزالاً يشبه البانا ... قد بَان مني الْقلب مذ بانا)
(ظَبْيًا كليل اللَّفْظ من دله ... بَدْرًا عليل اللحظ فتانا)(19/162)
(وَمن شراب الدن ذَا عفة ... وَمن شراب الذل سكرانا)
(أبدى لنا الْوَجْه فَلَمَّا رأى ... أَنا رغبنا فِيهِ خلانا)
(عَيْني دلتني عَلَيْهِ لذا ... ملأتها درا ومرجانا)
(أَطُوف حيران على بَابه ... ألثم جدراناً وحيطانا)
(أبث شكواي إِلَى حَائِط ... وَإِن للحيطان آذَانا)
(يضايق العشاق فِي قبْلَة ... وَيَأْخُذ الْأَرْوَاح مجَّانا)
(تَغَيَّرت أحوالنا بعده ... لكنما الْعِشْق كَمَا كَانَا)
3 - (صفي الدّين الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ)
عبد الْمُؤمن بن عبد الْحق بن عبد الله بن عَليّ الإِمَام الْعَالم صفي الدّين الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ)
من عُلَمَاء الْعرَاق لَهُ فنون وتواليف وعناية بِالْحَدِيثِ سمع من الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَمن الفرضي وَخرج لنَفسِهِ وَفِيه خير ومروءة
مولده سنة ثَمَان وَخمسين وست ماية وَتُوفِّي فِي صفر سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
3 - (عز الدّين ابْن العجمي)
عبد الْمُؤمن بن عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ الإِمَام عز الدّين ابْن العجمي كَانَت لَهُ فَضَائِل وَهُوَ وَأَخُوهُ شمس الدّين أَحْمد خطيب حلب شَيخا كِتَابَة اجْتمعت بالشيخ عز الدّين فِي الْقَاهِرَة غير مرّة وَكَانَ قد انْقَطع فِي بَيت بحارة برجوان يتَرَدَّد النَّاس إِلَيْهِ ويعتقدون فِيهِ الصّلاح وتعيش على النَّاس مُدَّة مقَامه بهَا وَكَانَ يلازم سوق الْكتب بِالْقَاهِرَةِ يتجر فِيهَا ويجهزها إِلَى الشَّام
3 - (صَاحب الْيمن)
عبد النَّبِي بن مهْدي كَانَ أَبوهُ يرى رَأْي القرامطة وتلق بالمهدي وَاسْتولى على الْيمن وظلم وعسف وشق أَجْوَاف الحبالى وَذبح الْأَطْفَال وَكَانَ(19/163)
يظْهر أَنه دَاعِيَة المصريين وَولي بعده ابْنه عبد النَّبِي فَفعل أنحس من وَالِده وَبنى على قبر أَبِيه قبَّة عَظِيمَة لم يعْمل فِي الْإِسْلَام مثلهَا لِأَنَّهُ صفح حيطانها بِالذَّهَب ظَاهرا وَبَاطنا وَعمل لَهَا الستور من الْحَرِير وَيُقَال إِنَّه أَمر النَّاس بِالْحَجِّ إِلَيْهَا وَأَن يحمل إِلَيْهَا كل وَاحِد مَالا وَمن لم يحمل قَتله ومنعهم من الْحَج وَكَانُوا يقصدونها من السحر وَاجْتمعَ فِيهَا من الْأَمْوَال مَا لَا يُحْصى فاستأصل الله شأفته على يَد شمس الدولة ابْن أَيُّوب وَاسْتولى على خزائنه وَقَتله سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس ماية
3 - (أَبُو الْفَتْح الْخَطِيب الْمُقْرِئ)
عبد الْهَادِي بن عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن عِيسَى بن تَمِيم الْخَطِيب الْمُقْرِئ المعمر أَبُو الْفَتْح الْقَيْسِي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي
ولد سنة سبع وَسبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وست ماية
قَرَأَ بالروايات على أبي الْجُود والمليحي وهما كَانَا آخر من قَرَأَ على أبي الْجُود وَسمع من قَاسم بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَأبي عبد الله الأرتاحي وَأبي نزار ربيعَة اليمني وَابْن الْفضل الْحَافِظ وَتفرد فِي عصره بالرواية عَن جمَاعَة وروى الْكثير خطب بِجَامِع المقياس مُدَّة
وَحدث عَنهُ الدواداري والدمياطي
ابْن عبد الْهَادِي شمس الدّين الْحَنْبَلِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد)
(عبد الْوَاحِد)
3 - (ابْن الْفَقِيه الْموصِلِي)
عبد الْوَاحِد بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن نصر الله بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الْحصين أَبُو مَنْصُور الْمَعْرُوف بِابْن الْفَقِيه
ولد بالموصل سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست ماية
وَسمع من أبي الْفضل ابْن الطوسي حضوراً وَكتب الْخط الْمليح
وَقَالَ الشّعْر وروى عَنهُ محب الدّين ابْن النجار وَأورد لَهُ
(نَفسِي الْفِدَاء لمن سميري ذكره ... وحشاشتي فِي أسره ووثاقه)
(رشأ لَو أَن الْبَدْر قَابل وَجهه ... فِي تمه لكساه ثوب محاقه)(19/164)
(ينأد لينًا قده فَكَأَنَّهُ ... غُصْن الْأَرَاك يميس فِي أوراقه)
(فمعاطف الأغصان فِي أثوابه ... ومطالع الأقمار فِي أزياقه)
(يَبْدُو على وجناته لمحبه ... مَا فاض يَوْم الْبَين من آماقه)
(فِي رِيقه طعم السلاف ولونها ... فِي خَدّه واللطف فِي أخلاقه)
(غفل الرَّقِيب فزارني فوشى بِهِ ... فِي ليل طرته سنا إشراقه)
(يشكو إِلَيّ غرامه وأبثه ... وجدي وَمَا لاقيت من أشواقه)
(حَتَّى إِذا مَا اللَّيْل مد رواقه ... وَقضى بِجمع الشمل بعد فِرَاقه)
(هجم الصَّباح على الدجى بحسامه ... فَظَنَنْت أَن الصُّبْح من عشاقه)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(مَا هَب من أَرض الْعرَاق نسيم ... إِلَّا دَعَاني للغرام غَرِيم)
(فإلام ويك تلوم جهلا بالهوى ... قصر فإفراط الْمَلَامَة لوم)
(أَنى يحل العذل من سَمْعِي وَفِي ... قلبِي لتكرار الْكَلَام كلوم)
(يَا أَيهَا الْقَمَر الَّذِي لم يخل من ... يهواه من لَاحَ عَلَيْهِ يلوم)
(إِن العذول على هَوَاك أعده ... من حاسدي وَلَا أَقُول رَحِيم)
(فإلام أحمل ثقل هجرك والهوى ... والهجر حَامِل ثقله مَرْحُوم)
(وَإِلَى مَتى أرعى النُّجُوم تعللاً ... حَتَّى كَأَنِّي للنجوم نديم)
)
(وَمن الْعَجَائِب أَن قلبِي يشتكي ... شوقاً إِلَيْك وَأَنت فِيهِ مُقيم)
قلت شعر جيد
3 - (الدسكري الشَّافِعِي)
عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن الْحصين الدسكري أَبُو سعد الشَّافِعِي تفقه على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَولي النّظر فِي المخزن وَكَانَ مَحْمُودًا فِي ولَايَته مفضلاً على أهل الْعلم مُقبلا على من يرد مِنْهُم من الغرباء حج وَأنْفق بالحرمين مَالا صَالحا على المجاورين وَحكي أَن الْحجَّاج عطشوا فَسَأَلُوهُ أَن يَسْتَسْقِي لَهُم فَتقدم وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَن هَذَا بدن لم يعصك قطّ فِي لَذَّة ثمَّ استسقى فسقي النَّاس وَسمع من الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْمَذْهَب وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن الخازري وَغَيرهم وَحدث باليسير(19/165)
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (قَاضِي قُضَاة بَغْدَاد الثَّقَفِيّ)
عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الثَّقَفِيّ أَبُو جَعْفَر من أهل الْكُوفَة قدم بَغْدَاد وَتَوَلَّى الْقَضَاء بِالْكُوفَةِ وعزل ثمَّ أُعِيد ثمَّ ولاه الزَّيْنَبِي الْقَضَاء بِبَاب الأزج وَطَرِيق خُرَاسَان ومدينة الْمَنْصُور ثمَّ ولي قَضَاء بَغْدَاد سنة خمس وَخمسين وَخمْس ماية للْإِمَام المستنجد فَأَقَامَ قَاضِيا إِلَى أَن عزل عَليّ بن أَحْمد الدَّامغَانِي عَن قَضَاء الْقُضَاة ثمَّ قلد مَا كَانَ إِلَيْهِ من قَضَاء الْقُضَاة فَأَقَامَ يَسِيرا وَتُوفِّي وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة حسن الطَّرِيقَة سديد الْأَفْعَال متديناً
سمع بِالْكُوفَةِ من وَالِده وَمن أبي الْبَقَاء المعمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ الحبال وَأبي الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون النَّرْسِي وَغَيرهم وَسمع بِبَغْدَاد من ابْن البطر وَالْحُسَيْن بن طَلْحَة النعالي وَأحمد بن خيرون وَغَيرهم
مولده سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين وَخمْس ماية
وَكَانَ مليح المحاورة فصيح الْعبارَة حسن الْخط يحفظ التَّارِيخ
3 - (أَبُو عمر المليحي الْهَرَوِيّ)
عبد الْوَاحِد بن أَحْمد ابْن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن أبي حَاتِم أَبُو عمر المليحي بِالْحَاء الْمُهْملَة الْهَرَوِيّ من أهل الْأَدَب والْحَدِيث أَخذ عَن أبي عبيد الْهَرَوِيّ صَاحب الغريبين
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية)
صنف كتبا مِنْهَا كتاب الرَّوْضَة جمع فِيهِ ألف حَدِيث صَحِيح وَألف حَدِيث غَرِيب وَألف حِكَايَة وَألف بَيت شعر وَكتاب الرَّد على أبي عبيد فِي غَرِيب الْقُرْآن
3 - (الرشيد صَاحب الْمغرب)
عبد الْوَاحِد بن إِدْرِيس بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن(19/166)
عبد الْمُؤمن بن عَليّ الملقب بالرشيد ابْن أبي الْعَلَاء الْمَأْمُون صَاحب الْمغرب وأمير الْمُؤمنِينَ بِهِ ولي الْأَمر سنة ثَلَاثِينَ وست ماية بعد أَبِيه وَكَانَ أَبوهُ قد قطع خطْبَة الْمهْدي ابْن تومرت فَأَعَادَ الرشيد ذكرهَا واستمال بهَا قُلُوب جمَاعَة وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن توفّي غريقاً فِي صهريج بُسْتَان لَهُ بمراكش سنة أَرْبَعِينَ وست ماية وكتموا مَوته شهرا وَولي بعده أَخُوهُ السعيد عَليّ بن إِدْرِيس قيل إِنَّه صنع لَهُ مركبا فِي قصره ينزل فِيهِ هُوَ وإماؤه يقذفن بِهِ فَانْقَلَبَ بِهن فَغَرقُوا وَقد تقدم ذكر وَالِده الْمَأْمُون أبي الْعَلَاء إِدْرِيس فِي حرف الْهمزَة مَكَانَهُ وَسَيَأْتِي ذكر السعيد عَليّ بن إِدْرِيس فِي مَكَانَهُ
3 - (القَاضِي الرَّوْيَانِيّ الشَّافِعِي)
عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو المحاسن الرَّوْيَانِيّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي فَخر الْإِسْلَام القَاضِي أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام لَهُ الجاه العريض وَالْقَبُول التَّام سمع جمَاعَة وروى عَنهُ السلَفِي وَجَمَاعَة تفقه ببخارى مُدَّة وبرع فِي الْمَذْهَب حَتَّى أَنه كَانَ يَقُول لَو احترقت كتب الشَّافِعِي كنت أميلها من حفظي وَله فِي الْمَذْهَب مصنفات مَا سبق إِلَيْهَا مِنْهَا كتاب بَحر الْمَذْهَب وَهُوَ من أطول كتب الشَّافِعِيَّة وَكتاب مناصيص الشَّافِعِي وَكتاب الْكَافِي وَكتاب حلية الْمُؤمن وصنف فِي الْأُصُول وَالْخلاف وَكَانَ قَاضِي طبرستان
قتل بِسَبَب تعصبه فِي الدّين يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمْس ماية وَكَانَ مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس عشرَة وَأَرْبع ماية قَتله الْمَلَاحِدَة فِي الْجَامِع بعد أَن فرغ من الْإِمْلَاء
وَكَانَ نظام الْملك كثير التَّعْظِيم لَهُ وَبنى بآمل طبرستان مدرسة
3 - (أَبُو الْفَتْح الباقرحي الشَّافِعِي)
عبد الْوَاحِد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد بن جَعْفَر الباقرحي أَبُو الْفَتْح
الْفَقِيه الشَّافِعِي من أَوْلَاد الْمُحدثين سمع الْكثير بِبَغْدَاد وخراسان وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مبرزاً)
تغرب وجال فِي الْآفَاق وَله يَد فِي اللُّغَة
ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية ووفاته سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس ماية(19/167)
وَقدم بَغْدَاد رَسُولا وَمَعَهُ كتب السُّلْطَان سنجر بن ملكشاه وَابْن أَخِيه مَحْمُود ابْن مُحَمَّد إِلَى الدِّيوَان ليسلم إِلَيْهِ الْمدرسَة النظامية يدرس بهَا فنفر الْفُقَهَاء من ذَلِك واجتهدوا فِي مَنعه فألزمهم الدِّيوَان بذلك فدرس بهَا من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع عشرَة وَخمْس ماية إِلَى شعْبَان من السّنة وَوصل أسعد الميهني وَمَعَهُ الْكتب بتدريسها ونظرها فعزل مِنْهَا
3 - (الخباز الْبَغْدَادِيّ)
عبد الْوَاحِد ابْن أبي الْحسن ابْن أبي نصر ابْن أبي عبد الله الخباز الْبَغْدَادِيّ كَانَ عامياً وَله طبع فِي قَول الشّعْر وَهُوَ مكثر مِنْهُ
روى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الغزال الْوَاعِظ قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(أَي دَاع دَعَا بتفريق جمعي ... بَين وَادي منى وأطلال جمع)
(قف بِهِ صَاحِبي إِذا رَحل الوف ... د قبيل الضُّحَى وسل عَن سلع)
(واسأل البان بالحمى عَن أص ... حابي وَأَهلي وَعَن مهاة الْجزع)
(فالسحاب العميم لم يهم فِي الرب ... ع جهاراً بأدمع مثل دمعي)
(هَب نشر النسيم فارتحت لما ... ضَاعَ رياه فِي فضاء الرّبع)
(وتغنت حمائم الأيك فارتا ... ع فُؤَادِي لنوحها والسجع)
(يَا خليلي لَا تعداكما الخي ... ر أجيبا السُّؤَال من غير منع)
(واسألاني عَن بَان سلع فَإِنِّي ... لم أجد بالعراق راق للسعي)
(مَا بدا بالغوير مبسم برق ... لَاحَ إِلَّا وَكَانَ يقْصد فجعي)
(لَا وَلَا رَجَعَ الْحمام بلَيْل ... بت إِلَّا معيره للسمع)
(قسما بالسماء ذَات النُّجُوم الزهر ... تزهى وَالْأَرْض ذَات الصدع)
(إِن قَتْلِي بالبعد فِي أَرض نجد ... كَانَ حتما ظلما بِغَيْر الشَّرْع)
(طَاف بِي طائف من الطيف لما ... هم جفني بِالنَّوْمِ بعد الْقطع)
(فتقلقلت إِذْ تذكرت مَا كل ... ن وأمسيت بَين ضرّ ونفع)
قلت شعر جيد لم يكن لعامي مثله)
3 - (الصَّيْمَرِيّ الشَّافِعِي)
عبد الْوَاحِد بن الْحسن القَاضِي أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ(19/168)
الشَّافِعِي أحد الْأَعْلَام كَانَ من أَصْحَاب الْوُجُوه فِي مَذْهَب الشَّافِعِي تفقه بِأبي حَامِد المروروذي وَله كتاب الإفصاح فِي الْمَذْهَب
وَتُوفِّي فِي حُدُود تسعين وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن شيطا الْمُقْرِئ)
عبد الْوَاحِد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عُثْمَان بن شيطا بالشين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وطاء مُهْملَة بعْدهَا ألف أَبُو الْفَتْح مقرئ الْعرَاق مُصَنف كتب التذْكَار فِي الْقرَاءَات
قَالَ الْخَطِيب كتبنَا عَنهُ وَكَانَ ثِقَة وَتُوفِّي سنة خمسين وَأَرْبع ماية
كَانَ ابْن شيطا الْمَذْكُور من أهل الرصافة وَبَقِي أَرْبَعِينَ سنة يعبر فِي كل يَوْم إِلَى الْجَانِب الغربي لأخذ الْعلم وَالْقِرَاءَة على الْأَشْيَاخ وَكَانَ لَا ينزل السَّفِينَة إِلَّا وَفِي كمه أمهار وَهُوَ حَبل يعلق فِيهِ مجذاف السَّفِينَة فاتفق يَوْمًا أَن هبت ريح شَدِيدَة وَقطعت مهار السَّفِينَة الَّتِي هُوَ فِيهَا فتحير الملاح وَكَاد أهل السَّفِينَة يغرقون فَأخْرج ابْن شطا ذَلِك المهار من كمه وَأَعْطَاهُ الملاح فتعجب مِنْهُ من كَانَ فِي السَّفِينَة فَقَالَ أَنا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة أحملهُ فِي كمي لأجل هَذَا الْيَوْم
3 - (أَبُو تَمام الْبَارِد)
عبد الْوَاحِد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الدباس أَبُو تَمام الْفَقِيه الملقب بالبارد كَانَ يَقُول الشّعْر على طَرِيق البغدادده سمع الحَدِيث من جده لأمه أبي البركات مُحَمَّد بن يحيى الْوَكِيل وروى عَنهُ وَلَده أَحْمد والشريف أَبُو عَليّ الْحسن بن جَعْفَر ابْن عبد الصَّمد المتوكلي
كَانَ جلال الدّين ابْن صَدَقَة قد احتجب عَن النَّاس فِي وَقت خوفًا على نَفسه فجار الْبَارِد فَمنع فَكتب إِلَيْهِ
(وَقَالُوا قد تحجب عَنْك مولى ... وَصَارَ لَهُ مَكَان مستخص)
(فَقلت سيفتح الْأَبْوَاب شعري ... ويدخلها لِأَن الْبرد لص)
وَمن شعره
(مَاتَ أَبُو حَامِد وَمَات جلال الد ... ين فَاسْتَحْضر الهجا والمديح)(19/169)
(كنت أهجو هَذَا وأمدح هَذَا ... فَأَنا الْيَوْم خاطري مستريح)
وَمِنْه)
(إِنِّي رَأَيْت الدَّهْر فِي صرفه ... يمنح حَظّ الْعَاقِل الجاهلا)
(فَمَا أَرَانِي نائلاً ثروة ... أَظُنهُ يحسبني عَاقِلا)
قلت شعر جيد
3 - (التَّمِيمِي الْحَنْبَلِيّ الْوَاعِظ)
عبد الْوَاحِد بن رزق الله بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْعَزِيز بن الْحَارِث أَبُو الْقَاسِم التَّمِيمِي
الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ قَرَأَ الْقُرْآن وتفقه وَكَانَ يعظ على المنابر وَبِه ختم بَيته وَلم يعقب وَكَانَ ينفذ من الدِّيوَان فِي الرسائل إِلَى الْأَطْرَاف فِي أَيَّام المستظهر سمع من أبي طَالب ابْن غيلَان وَمُحَمّد بن أَحْمد الآبنوسي وَغَيرهمَا وَحدث بأصبهان وَكَانَ صداعاً يلبس الْحَرِير
ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية بِبَغْدَاد وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع ماية
3 - (الْعَبْدي الْبَصْرِيّ)
عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْعَبْدي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ من مشاهير الْعلمَاء وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَلينه يحيى بن سعيد
توفّي سنة سِتّ وَسبعين وماية وَقيل سنة سبع وَسبعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الزَّاهِد الْبَصْرِيّ)
عبد الْوَاحِد بن زيد الزَّاهِد الْبَصْرِيّ العابد شيخ الصُّوفِيَّة بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث
قَالَ البُخَارِيّ تَرَكُوهُ وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ وَقَالَ ابْن جبان كَانَ مِمَّن غلب عَلَيْهِ الْعِبَادَة حَتَّى غفل عَن الإتقان فَكثر الْمَنَاكِير أَصَابَهُ الفالج فَسَأَلَ الله أَن(19/170)
يُطلقهُ فِي وَقت وَكَانَ إِذا أَرَادَ الضَّوْء انْطلق ثمَّ يعود إِذا رَجَعَ إِلَى سَرِيره فَارق عَمْرو بن عبيد لاعتزاله وَصحح الِاكْتِسَاب وَقد نسب إِلَى الْقدر وَلم يغلب الْكَلَام عَلَيْهِ وَقيل إِنَّه رَجَعَ عَن القَوْل بِالْقدرِ
وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وماية
3 - (السبنسي الْمصْرِيّ)
عبد الْوَاحِد بن عبد الرَّحْمَن بن مَنْصُور ابْن أبي الْفرج أَبُو مُحَمَّد السبنسي الشَّاعِر
الْمصْرِيّ
قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة أَربع وست ماية ومولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية
وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق متودداً)
وَمن شعره
(جهول بسر الْحبّ من لَيْسَ يعشق ... ويغرى بِهِ من مَاتَ فِي اللؤم يعرق)
(وَكَيف بإثراء الْكرَى لمتيم ... وأجفانه من دمعه الدَّهْر تنْفق)
(سقى الله عهد العامرية إِنَّه ... تقضى حميدا للصبى فِيهِ رونق)
(أَكَانَت ليَالِي الْوَصْل إِلَّا تعلة ... تملأت مِنْهَا ثمَّ حَان التَّفَرُّق)
(ليَالِي رياها شمال معبق ... ورشف ثناياها شُمُول مُعتق)
(وَإِذ لمحياها محَاسِن رَوْضَة ... فألحاظنا تسري إِلَيْهَا وتسرق)
(تقى الله فِي قلب إِلَيْك عليله ... ومهجة نفس فِي هَوَاك تحرق)
(بِبَيْت لأهوائي إِلَيْك تشوق ... ويضحي لأشجاني إِلَيْك تشوق)
(وَمَا ملك الواشون مني غرَّة ... وَإِن نمنموا فِيك الْمقَال ونمقوا)
(علاقَة حب لَيْسَ يخبو زفيرها ... وعبرة دمع ماتني تترقرق)
(أمنك سرى الْبَرْق الَّذِي هِيَ موهناً ... كقلب محب يستكين ويخفق)
(مِمَّا أرجوانياً كَأَن وميضه ... شهَاب بأذيال السَّمَاء مُعَلّق)
(فَللَّه مَا أهْدى سناه وَمَا هدى ... إِلَى ذِي هوى مِمَّا يهيج ويقلق)
3 - (الزبيرِي)
عبد الْوَاحِد بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل أَبُو مُحَمَّد الزبيرِي الوركي الْفَقِيه
الزَّاهِد عمر ماية وَثَلَاثِينَ سنة وَبَين كِتَابَة الْإِمْلَاء عَن أبي ذَر(19/171)
عمار بن مُحَمَّد وَبَين مَوته ماية وَعشر سِنِين رَحل إِلَى النَّاس إِلَيْهِ من الأقطار
وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن الْقشيرِي)
عبد الْوَاحِد بن عبد الْكَرِيم بن هوَازن الْقشيرِي أَبُو سعيد ابْن الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي
نَشأ فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَأخذ من الْأَدَب بحظ وافر واقتبس من فَوَائِد وَالِده واقتدى بحركاته وسكناته وَكَانَ يَتْلُو كتاب الله دَائِما وَفِي آخر عمره صَار سيد عشيرته سمع من وَالِده وَمن عَليّ بن مُحَمَّد الطرازي وَمَنْصُور ابْن الْحُسَيْن الْمُفَسّر وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم النصراباذي وَغَيرهم)
ومولده سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع ماية
وَمن شعره
(خليلي كفا عَن عتابي فإنني ... خلعت عِذَارَيْ فِي الْهوى وعناني)
(تصاممت عَن كل الملام لأنني ... شغلت بِمَا قد نابني وعناني)
وَمِنْه
(لعمري لَئِن حل المشيب بمفرقي ... ورثت قوى جسمي ورق عِظَامِي)
(فَإِن الغرام الْعِشْق بَاقٍ بِحَالهِ ... إِلَى الْحَشْر مِنْهُ لَا يكون فطامي)
3 - (أَبُو الْفتُوح ابْن سكينَة)
عبد الْوَاحِد بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن عَليّ بن عبيد الله الْأمين أَبُو الْفتُوح الْمَعْرُوف بِابْن سكينَة أسمعهُ وَالِده فِي صباه من أبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي زرْعَة الْمَقْدِسِي وَأبي بكر أَحْمد بن المقرب الْكَرْخِي وَغَيرهم وَقَرَأَ الْقُرْآن وتفقه وَقَرَأَ الْأَدَب وتغرب نَحْو عشْرين سنة يتَرَدَّد مَا بَين الْحجاز وَالشَّام ومصر والجزيرة وشميشاط وَغَيرهمَا ويخالط مُلُوكهَا وَتَوَلَّى مشيخة رِبَاط بالقدس ثمَّ بخانكاه خاتون ظَاهر دمشق وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وتلقي من الدِّيوَان بالاحترام وَالْإِكْرَام وَولي المشيخة برباط جده شيخ الشُّيُوخ وَنفذ رَسُولا إِلَى كيش فأدركه أَجله بهَا سنة ثَمَان وست ماية ومولده سنّ اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس ماية
وَمن شعره(19/172)
(دع العذال مَا شَاءُوا يَقُولُوا ... فَأَيْنَ السّمع مني والعذول)
(أَتَوا بدقيق عذلهم ليمحوا ... هوى جللاً لَهُ خطر جليل)
(وسمعي عَنْهُم فِي كل شغل ... بوجد شَرحه شرح يطول)
(تمكن فِي شغَاف الْقلب حَتَّى ... غَدا ورسيسه فِيهِ دخيل)
3 - (أَبُو عُبَيْدَة الْحداد)
عبد الْوَاحِد الْحداد أَبُو عُبَيْدَة
توفّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو الطّيب اللّغَوِيّ)
)
عبد الْوَاحِد بن عَليّ أَبُو الطّيب العسكري اللّغَوِيّ من عَسْكَر مكرم قدم حلب وَأقَام بهَا إِلَى أَن قتل فِي دُخُول الدمستق حلب سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَلَاث ماية أحد الحذاق الْعلمَاء المبرزين المتقنين لعلمي اللُّغَة والعربية أَخذ عَن أبي عمر مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الزَّاهِد وَمُحَمّد بن يحيى الصولي
قَالَ أَبُو الطّيب قَرَأت على أبي عمر الفصيح وَإِصْلَاح الْمنطق حفظا وَقَالَ لي أَبُو عمر كنت أغلق اللُّغَة عَن ثَعْلَب على خزف وأجلس على دجلة أحفظها وأرمي بهَا قَالَ أَبُو عَليّ الصقيلي كنت فِي مجْلِس ابْن خالويه إِذْ وَدرت عَلَيْهِ من سيف الدولة مسَائِل تتَعَلَّق باللغة فاضطرب لَهَا وَدخل خزانته وَأخرج مِنْهَا كتب اللُّغَة وفرقها على أَصْحَابه يفتشونها ليبحث عَنْهَا فتركته وَذَهَبت إِلَى أبي الطّيب اللّغَوِيّ وَهُوَ جَالس وَقد وَردت عَلَيْهِ تِلْكَ الْمسَائِل بعيمها وَبِيَدِهِ قلم الْحمرَة فَأجَاب بِهِ وَلم يُغَيِّرهُ قدرَة على الْجَواب وَهُوَ صَاحب كتاب مَرَاتِب النَّحْوِيين وَكتاب الْإِبْدَال نحا فِيهِ نَحْو كتاب يَعْقُوب فِي الْقلب وَكتاب شجر الدّرّ سلك فِيهِ مَسْلَك أبي عمر فِي الْمدْخل كتاب فِي الْفرق وَأكْثر فِيهِ وأسهب
وَقَالَ أَبُو الطّيب وللخليل ثَلَاثَة أَبْيَات قافية وَاحِدَة يَسْتَوِي لَفظهَا وَيخْتَلف مَعْنَاهَا وَأَرَادَ بِهَذَا أَن يبين أَن تكْرَار القوافي لَيْسَ بضار إِذا لم يكن بِمَعْنى وَاحِد وَلَيْسَ بإبطاء والأبيات(19/173)
(يَا وَيْح قلبِي من دواعي الْهوى ... إِذْ رَحل الْجِيرَان عِنْد الْغُرُوب)
غرُوب الشَّمْس
(أتبعتهم طرفِي وَقد أَمْعَنُوا ... ودمع عَيْني كفيض الْغُرُوب)
الدلاء الْكِبَار المملوءة
(بانوا وَفِيهِمْ طفلة حرَّة ... تفتر عَن مثل أقاحي الْغُرُوب)
الوهاد المنخفضة قَالَ أَبُو الطّيب فقصد هَذَا الْقَصْد بعض الشُّعَرَاء فِيمَا أنْشدهُ ثَعْلَب وَلم يذكر قَائِلا
(أتعرف أطلالاً شجونك بالخال ... وعيش زمَان كَانَ فِي الْعَصْر الْخَال)
الْمَاضِي
(ليَالِي ريعان الشَّبَاب مسلط ... عَليّ بقضبان الْإِمَارَة وَالْخَال)
الرَّايَة)
(وَإِذا أَنا خدن للغوي أخي الصِّبَا ... وللغزل المذيح ذِي اللَّهْو وَالْخَال)
الْخُيَلَاء
(وللخود تصطاد الرِّجَال بفاحم ... وخد أسيل كالوذيلة ذِي الْخَال)
الشامة
(إِذا رئمت رئمت رباعها ... كَمَا رئم الميثاء ذُو الزِّينَة الْخَال)
الغرب
(ويقتادني مِنْهُم رخيم دلاله ... كَمَا اقتاد مهْرا حِين يألفه الْخَال)
الَّذِي يلجه
(زمَان أفدي من يراح إِلَى الصبى ... إِذا الْقَوْم كعوا لست بالرعش الْخَال)
الضَّعِيف
(وَلَا أرتدي إِلَّا الْمُرُوءَة خلة ... إِذا ضن بعض الْقَوْم بالعصب وَالْخَال)
البرود
(وَإِن أَنا أَبْصرت المحول ببلدة ... تنكبها واستمت خالاً على خَال)
سَحَاب(19/174)
(فَخَالف بخلفي كل خلق مهذب ... وَإِلَّا تخالفني فَخَالف إِذا خَالِي)
أَخُو أمه
(وَإِنِّي حَلِيف للسماحة والندى ... كَمَا اخْتلفت عبس وذبيان بالخال)
مَوضِع
(وثالثنا فِي الْحلف كل مهند ... لما ريم من صم الْعِظَام بِهِ خَال)
قَاطع قَالَ أَبُو الطّيب وَلما ظننا أَن من سمع هَذِه الأبيات رُبمَا خَال صَاحبهَا قد زَاد على الْخَلِيل وَأَنه لما تعرض لشَيْء تقصاه رَأينَا أَن نبين أَنه بِخِلَاف هَذِه الصُّورَة وَأَنه قد ترك أَكثر مِمَّا أَخذ وأغفل أَكثر مِمَّا أورد وَقد بَقِي عَلَيْهِ من هَذِه القافية مَا نَحن ناظموه أبياتاً ومعتذرون من تقصيرنا فِيهِ إِذْ المُرَاد إِيرَاد القوافي دون التعمد لنقد الشّعْر والأبيات
(ألم بِربع الدَّار بَان أنيسه ... على رغم أهل اللَّهْو قفراً بِذِي الْخَال)
)
مَوضِع
(مساعد خل أَو مقض ذمامه ... ومحيي قَتِيل بعد ساكنه خَال)
(خلا مِنْهُم من حَيْثُ لم تخل مهجتي ... وَمن يخل من نؤي وأورق كالخال)
أَوْرَق الرماد وَالْخَال الْجَبَل الْأسود
(وَكم حللت أَيدي النَّوَى وصروفها ... على الزَّمن الْخَالِي المحبين بالخال)
ثوب يستر بِهِ الْمَيِّت
(تبصر خليلي الرّبع يثعب دَائِما ... بقلب من الوجد الَّذِي حل فِي خَالِي)
فارغ البال
(ألم ترني أرعى الْهوى من جوانحي ... رياضكم بِالْمَرْءِ ذِي النعم الْخَال)
الرجل الْحسن الْقيام على المَال
(أَذُوق أمريه بِغَيْر تكره ... مذاقة موفور على جزعه خَال)
من قَوْلهم خل على اللَّبن إِذا لزمَه وَلم يتعده
(وأسكن مِنْهُ كل زَاد مضلة ... وآلف ربعا لَيْسَ من مألف الْخَال)
خلى بِالْمَكَانِ إِذا لزمَه وَلم يُفَارِقهُ
(وَكم أنتضي فِيهِ سيوف عزائم ... وأنضو ثِيَاب الْبدن عَن جمل خَال)
الْجمل الضخم البادن(19/175)
(وَكم من هوى وليت عَنهُ إِلَى هوى ... وَحقّ يَقِين حدت عَنهُ إِلَى خَال)
وهم
(وَمهما تدللني لِليْل صبَابَة ... فَغير معرى الْقدر من ملبس الْخَال)
المتكبر
(تطامن طودي للهوى يستقيده ... وَألْحق أطواد الأغرين بالخال)
الأكمة الصَّغِيرَة
(أضن بعهدي ضن غَيْرِي بِرُوحِهِ ... وأبذل روحي بذل ذِي الْكَرم الْخَال)
الْجواد
(وَإِن أخل من شَيْء فَلَا من صبَابَة ... خلت سرفي كالغيث بل بِهِ الْخَال)
)
الَّذِي سحر الخلا
(وَإِن يخل ليل من تذكر عهدنا ... فكم أَيقَن الواشون أَنِّي خَال)
(وَإِن زَعَمُوا أَنِّي خليت بعْدهَا ... فَمَا أَنا عَنْهَا بالخلي وَلَا الْخَالِي)
من الْخلْوَة قلت قد تقدم فِي تَرْجَمَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْغفار القسنطيني قصيدة فِي تكْرَار الْخَال
3 - (ابْن برهَان النَّحْوِيّ)
عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن عمر بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن برهَان بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة أَبُو الْقَاسِم الْأَسدي العكبري النَّحْوِيّ صَاحب الْعَرَبيَّة واللغة والتواريخ وَأَيَّام الْعَرَب قَرَأَ على عبد السَّلَام الْبَصْرِيّ وَأبي الْحسن السمسمي وَكَانَ أول أمره منجماً فَصَارَ نحوياً وَكَانَ حنبلياً فَصَارَ حنفياً وَكَانَت فِيهِ شراسة على من يقْرَأ عَلَيْهِ وَلم يكن يلبس سَرَاوِيل وَلَا على رَأسه غطاء
وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع ماية بِبَغْدَاد(19/176)
وَكَانَ قد سمع من ابْن بطة كثيرا وَصَحبه وَسمع من غَيره وَكَانَ إِذا ذكر المتنبي قَالَ قَالَ ابْن عيدَان بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَفِي شعر ابْن عيدَان كَذَا وَكَانَ زاهداً عرف النَّاس مِنْهُ ذَلِك وَإِلَّا كَانُوا رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ لهيئته وَكَانَ يخرج من دَاره وَقد اجْتمع على بَابه من أَوْلَاد الرؤساء جمَاعَة فَيَمْشِي ويغدون مَعَه يَمِينا وَشمَالًا يلقِي على هَذَا مَسْأَلَة وعَلى هَذَا مَسْأَلَة وَكَانَ يتكبر على أَوْلَاد الْأَغْنِيَاء وَإِذا رأى الطَّالِب غَرِيبا أقبل عَلَيْهِ وَكَانَ متعصباً لمَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ مُحْتَرما فِيمَا بَين أَصْحَابه وَكَانَ يُعجبهُ الباذنجان وَيَقُول فِي تفضيله إِن النَّاس يَأْكُلُونَهُ ثَمَانِيَة أشهر فِي الْعَام وهم أصحاء وَلَو أكلُوا الرُّمَّان أَرْبَعَة أشهر فلجوا وَلما ورد الْوَزير عميد الْملك الكندري إِلَى بَغْدَاد استحضر ابْن برهَان فأعجبه كَلَامه وَعرض عَلَيْهِ مَالا فَلم يقبل لَهُ شَيْئا فَأعْطَاهُ مُصحفا بِخَط ابْن البواب وعكازاً حملت إِلَيْهِ من بلد الرّوم مليحة فَأَخذهُمَا وَعبر إِلَى منزله فَدخل أَبُو عَليّ ابْن الْوَلِيد الْمُتَكَلّم فَأخْبرهُ بِالْحَال فَقَالَ لَهُ أَنْت تحفظ الْقُرْآن وبيدك عَصا تتوكأ عَلَيْهَا فَلم تَأْخُذ شَيْئا فِيهِ شُبْهَة فَنَهَضَ ابْن برهَان وَدخل على قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله ابْن الدَّامغَانِي وَقَالَ لَهُ لقد كدت أهلك حَتَّى نبهني أَبُو عَليّ ابْن الْوَلِيد وَهُوَ أَصْغَر مني سنا وَأُرِيد أَن تعيد هَذِه العكازة وَهَذَا الْمُصحف على عميد الْملك)
فِيمَا يصحباني فَأَخذهُمَا وأعادهما إِلَيْهِ وَكَانَ مَعَ ذَلِك يحب الْمليح مُشَاهدَة وَإِذا حضر أَوْلَاد الْأُمَرَاء والأتراك وأرباب النعم يقبلهم بِمحضر من آبَائِهِم وَلَا يُنكرُونَ عَلَيْهِ ذَلِك لعلمهم بِدِينِهِ وورعه وَكَانَ يَقُول لَو كَانَ علم الكيمياء حَقًا لما احتجنا إِلَى الْخراج وَلَو كَانَ علم الطلاسم حَقًا لما احتجنا إِلَى الْجند وَلَو كَانَ علم النُّجُوم حَقًا لما احتجنا إِلَى الرُّسُل والبريد وَكَانَ يحضر حلقته فَتى مليح الْوَجْه فَانْقَطع عَنهُ فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل لَهُ إِن عميد الْملك اعتقل وَالِده فانحدر إِلَى بَابا الْمَرَاتِب فصادف الكندري فحين رَآهُ أقبل عَلَيْهِ مُسلما ووقف والعالم حوله فَقَالَ لَهُ ابْن برهَان فِيك الْخِصَام وَأَنت الْخصم وَالْحكم وَلم يزده على ذَلِك فَوَجَمَ الكندري وَسَأَلَ عَمَّن فِي حَبسه فَأخْبر بالجل وَأَن ابْنه يغشى مجْلِس الشَّيْخ للاقتباس فَأَطْلقهُ ووهبه مَا عَلَيْهِ وَكَانَ ثَمَانِيَة عشر ألف دِينَار
وَمن شعر ابْن برهَان(19/177)
(أحبتنا بِأبي أَنْتُم ... وسقياً لكم أَيْنَمَا كُنْتُم)
(أطلتم عَذَابي بميعادكم ... وقلتم نوزر وَمَا زرتم)
(فَإِن لم تجودوا على عبدكم ... فَإِن المعوي بِهِ أَنْتُم)
3 - (الْكَاتِب)
عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْكَاتِب رجل فَاضل صنف كتاب الْقُضَاة
3 - (شمس الدّين الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد شمس الدّين الْقرشِي الْحَنْبَلِيّ
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور مَوْصُوفا بالصلاح وَيذكر عَنهُ أَنه يجْتَمع بالخضر عَلَيْهِ السَّلَام
لما سَافر عَن جبل لبنان واشتاق إِلَيْهِ أنْشد لنَفسِهِ
(لَعَلَّك يَا نسيم صبا زرود ... تعود فقد ذوى للبين عودي)
(وَيَا نفحات أنفاس الخزامى ... على المشتاق من لبنان عودي)
قَالَ وأسمع الحَدِيث وَسَمعنَا عَلَيْهِ وَكَانَ مُقيما بالحكر
3 - (ابْن أبي هَاشم الْمُقْرِئ)
)
عبد الْوَاحِد بن عمر بن مُحَمَّد ابْن أبي هَاشم يسَار أَبُو طَاهِر كَانَ بزازاً وَكَانَ أعلم خلق الله بعلوم الْقُرْآن ووجوه الْقرَاءَات وَله مصنفات فِي ذَلِك لم ير بعد ابْن مُجَاهِد مثله وَكَانَ ينتحل فِي النَّحْو مَذْهَب الْكُوفِيّين وَهُوَ من أهل بَاب الْبَصْرَة قَرَأَ على ابْن كجاهد وعَلى أبي الْعَبَّاس ابْن سهل الْأُشْنَانِي وَقَرَأَ على ابْن درسْتوَيْه بعض كتب سِيبَوَيْهٍ وَحدث عَن جَعْفَر القباب وَمُحَمّد بن عَبَّاس الزيدي ووكيع القَاضِي
قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّاهِد كنت يَوْمًا مَعَ ابْن أبي هَاشم الْمُقْرِئ وَكَانَ أستاذي فاجتزنا بمقابر الخيزران فَوقف عَلَيْهَا سَاعَة ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ يَا أَبَا(19/178)
الْقَاسِم ترى لَو وقفُوا هَؤُلَاءِ هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة على بَاب ملك الرّوم مَا رَحِمهم فَكيف تظن بِمن هُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَبكى
3 - (الزواق)
عبد الْوَاحِد بن فتوح الزواق وَبَعض النَّاس يَقُول فِيهِ المنبز وَهُوَ كتامي نَشأ بتونس وَبهَا تأدب
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج هُوَ شَاعِر مفلق قوي أساس الشّعْر كَأَنَّهُ أَعْرَابِي بدوي يتَكَلَّف بعض التَّكَلُّف وَفِي قصائده طول عُرْيَان الظَّاهِر من حلية الْأَدَب لغفلة فِي طبعه وَثقل فِي سَمعه ضمني وإياه مجْلِس مذاكرة وَمَعَهُ غُلَام من ولد عبد الله بن غنجة الْكَاتِب وَكَانَ مفتوناً بِهِ فجفا عَليّ بعض كَلَام الْغُلَام ورابه ذَلِك مني فَقَالَ الزواق بعد ذَلِك مَا ترَاهُ يصنع فَقَالَ لَهُ
(إِن يكن خيرا فَأَنت لَهُ ... أَو يكن شرا فَدَعْهُ لنا)
(نتقي عَنْك السِّهَام وَلَا ... بُد مِنْهَا أَن تلم بِنَا)
وَبَلغنِي ذَلِك فَكتبت إِلَيْهِ من فوري وَكَانَت لَهُ عِنْدِي مُقَدمَات سوء
(أيهذا الْمُدَّعِي لسنا ... كف من غربي أَنا وَأَنا)
(أَرَأَيْت الضغن كَيفَ بدا ... وَرَأَيْت الشَّرّ كَيفَ رنا)
(بعتني وكساً بِلَا ثمن ... كَيفَ لَو أَعْطَيْت بِي ثمنا)
(لَا ترد شتمي ومنقصتي ... إِنَّمَا المغبون من غبنا)
وَمِمَّا أوردهُ للزواق فِي وصف ديك)
(وهب لأطيار ذُو خبْرَة ... عَنهُ بِمَا يعرب عَن خَبَرهَا)
(فنص جيدا وَرقا منبراً ... دَار الَّذِي عود من خدرها)
(واستفتح الصَّوْت بتصفيقه ... استفتاح ذَات الطارفي شعرهَا)
(فبلبل البلبل فِي غصنه ... وأرق الورقاء فِي وَكرها)
(كَأَنَّمَا توج ياقوتة ... فَاتخذ الشنفين من شطرها)
(كَأَنَّمَا يخْطر فِي حلَّة ... من عدني الوشي لم يشرها)
وَقَوله فِي وصف فرس(19/179)
(مخلولق الصهوة مثل المدوك ... يعدو معديه بِلَا تحرّك)
(كَأَنَّهُ فَوق مهاد متك ... يضْحك للعين وَلما يضْحك)
(ذُو مقلة فِي محلولك ... كَأَنَّهَا فلذة قلب الْمُشرك)
وَقَوله فِي وصف حمام
(يجتاب أَوديَة السَّحَاب بخافق ... كالبرق أومض فِي السَّحَاب فأبرقا)
(لَو سَابق الرّيح الْجنُوب لغاية ... يَوْمًا لجاءك مثلهَا أَو أسبقا)
(يستقرب الأَرْض البسيطة مذهبا ... والأفق ذَا السّقف الرفيعة مرتقى)
(ويظل مسترق السماع مَخَافَة ... فِي الجو يحسبه الشهَاب المحرقا)
(قسه بأعتق كل ريشة ... مِمَّا يطير تَجدهُ مِنْهُ أعتقا)
(يَبْدُو فيعجب من يرَاهُ لحسنه ... وتكاد آيَة عتقه أَن تنطقا)
(مترقرقاً من حَيْثُ درت كَأَنَّمَا ... لبس الزجاجة أَو تجلبب زئبقا)
وَقَوله فِي القَاضِي جَعْفَر بن عبد الله الْكُوفِي
(حر الْمَرْوَة والأبوة سيد ... ينمى لأشرف سادة أخيار)
(القاطعين نِيَاط كل مبالغ ... فِي الْمَدْح تَحت دقائق الأفكار)
(كَانُوا إِذا بخل السَّحَاب بمائه ... وهبوا سحائب فضَّة ونضار)
(يَا صيرفي فِي بني الزَّمَان أما ترى ... عز الْفُلُوس وذلة الدِّينَار)
وَقَوله يُعَاتب
(قد كنت أَحسب فِي عليين منزلتي ... فِي ودكم وَإِذا بِي أَسْفَل الدَّرك)
)
(يَا حسن ودي لَو أَنِّي نعمت بِهِ ... فِيكُم وفزت بحظ غير مُشْتَرك)
(يَا رَوْضَة شانها فِي عين زائرها ... وَقد تنزه مَا فِيهَا من الحسك)
3 - (أَبُو الرِّضَا المعري)
عبد الْوَاحِد بن الْفرج بن نَوَت أَبُو الرِّضَا المعري
توفّي فِي حُدُود ثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة فَقَالَ كَانَ مغفلاً صَاحب بديهة وَأورد لَهُ عدَّة(19/180)
مقاطيع فَمن ذَلِك أَنه مر على قَرْيَة يُقَال لَهَا سياث من أَعمال المعرة وفيهَا دَار قديمَة تنقض فَقَالَ
(عبرت بِربع من سياث فراعني ... بِهِ زجل الْأَحْجَار تَحت المعاول)
(تنَاولهَا عبل الذِّرَاع كَأَنَّمَا ... رمى الدَّهْر فِيمَا بَينهَا حَرْب وَائِل)
(فَقلت لَهُ شلت يَمِينك خلها ... لمعتبر أَو زاهد أَو مسَائِل)
(منَازِل قوم حَدثنَا حَدِيثهمْ ... وَلم أر أحلى من حَدِيث الْمنَازل)
وَقَالَ
(نسري فيغدو من بغال جيادنا ... قبس يضيء اللَّيْل وَهُوَ بهيم)
(وَكَأن مبيض النِّعَال أهلة ... وَكَأن محمر الشرار نُجُوم)
قَالَ جلس معز الدولة الْكلابِي صَاحب حلب على قويق زمَان الْمَدّ وخيم وَذكر ابْن التوت فأحضر على الْبَرِيد فَلَمَّا رَآهُ على شاطئ النَّهر قَالَ بديهاً
(رَأَيْت قويقاً إِذْ تجاور حَده ... لَهُ زجل فِي جريه وضجيج)
(وَكَانَ ثمال جَالِسا بشفيره ... فشبهته بحراً لَدَيْهِ خليج)
فَقَالَ لَهُ معز الدولة قد زعم الشُّعَرَاء الحلبيون أَن هَذَا لَيْسَ بشعرك وَكَانَ فيهم ابْن سِنَان الخفاجي فَإِن قلت بديهاً أَعطيتك جائزتهم كلهم ثمَّ نظر إِلَى غرابين على نشز فَقَالَ قل فيهمَا فَقَالَ
(يَا غرابين أَنْتُمَا سَبَب لأبي ... ن فَكيف اجتمعتما فِي مَكَان)
(إِنَّمَا قد وقفتما فِي خلو ... بِفِرَاق الأحباب تشتوران)
(فاحذرا أَن تفَرقا بَين إلفين ... فَمَا تدريان مَا تلقيان)
3 - (أَبُو المظفر ابْن الصّباغ)
)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن جَعْفَر بن الصّباغ أَبُو المظفر ابْن أبي غَالب
الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْخَيْر الْمُبَارك بن الْحُسَيْن الغسال وتفقه على الكيا وَسمع من الشريف أبي الفوارس طراد الزَّيْنَبِي وَعلي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَابْن البطر وَغَيرهم
قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ(19/181)
مولده سنة خمس وَسبعين وَأَرْبع ماية بالكرخ ووفاته سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخمْس ماية وَكَانَ سَمَاعه صَحِيحا إِلَّا أَنه كَانَ مخلطاً فِي نَفسه
3 - (أَبُو الْقَاسِم الإصبهاني)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء أَبُو الْقَاسِم
قَالَ ياقوت وقفت لَهُ على كتاب شرح فِيهِ أشعار أبي الطّيب المتنبي فأجاده وَكبره وَهُوَ من أهل إصبهان
3 - (الخصيبي)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد أَبُو الْحُسَيْن الخصيبي حدث عَن أبي العيناء وَهُوَ صَاحب أَخْبَار وَرِوَايَة للآداب روى عَنهُ أَبُو عبيد الله المرزباني
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن جرش الإصبهاني أَبُو الْقَاسِم كَاتب الْإِنْشَاء للسُّلْطَان مَسْعُود بن مَحْمُود بن سبكتكين
توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع ماية وَمن شعره يرثي السُّلْطَان مسعور
3 - (أَبُو الْفرج الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّيْخ أَبُو الْفرج الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْوَاعِظ الشِّيرَازِيّ الأَصْل الْحَرَّانِي المولد كَانَت لَهُ وقعات مَعَ الأشاعرة
توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن الْمُطَرز)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن الْمُطَرز أَبُو الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ
توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية)
قَالَ الشريف أَبُو حَرْب ابْن الدينَوَرِي النسابة أَنْشدني لنَفسِهِ
(سقى الله من جرعاء مَالك منزلا ... وجدنَا بهَا سهل العزاء منيعا)(19/182)
(وَيَوْم حملنَا للوداع صبَابَة ... من الدمع جالت فِي الخدود نجيعا)
(وَقد وَعَدتنِي أم عَمْرو عناقها ... فَلَمَّا رأتني فِي يَدَيْهِ صَرِيعًا)
(بَكت بَين أتراب لَهَا وعواذل ... فَمَا بَرحت حَتَّى بكين جَمِيعًا)
وَمن شعره أَيْضا
(عَسى طيف الملمة بالنعيم ... يلم بِنَا على الْعَهْد الْقَدِيم)
(أرقت لَهُ أماطل فِيهِ هما ... يلازمني مُلَازمَة الْغَرِيم)
(لَعَلَّ خيال ذَات الخيال يسري ... فينقع غلَّة النضو السقيم)
(وَكَيف ينَام عشق تغلبي ... يؤرقه ظباء بني تَمِيم)
وَمِنْه
(بسعيك فِي ظلمي وخوضك فِي دمي ... وبعدك عَن وَصلي وقربك من قلبِي)
(هَب الْعَفو لي إِن كَانَ جرم عَلمته ... وَإِن كنت مَظْلُوما فذنب الْهوى ذَنبي)
(وَلم أعترف أَنِّي جنيت وَإِنَّمَا ... يصانع بِالْإِقْرَارِ من ألم الضَّرْب)
وَمِنْه
(وَلما وقفنا بالصراة عَشِيَّة ... حيارى لتوديع ورد سَلام)
(وقفنا على رغم الحسود وكلنَا ... يفض عَن الأشواق كل ختام)
(وسوغني عِنْد الْوَدَاع عناقه ... فَلَمَّا رأى وجدي بِهِ وغرامي)
(تلثم مُرْتَابا بِفضل رِدَائه ... فَقلت هلالاً بعد بدر تَمام)
(فقبلته فَوق اللثام فَقَالَ لي ... هِيَ الْخمر إِلَّا أَنَّهَا بغرام)
3 - (الكازروني)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مهْدي أَبُو عمر الْفَارِسِي الكازروني الْبَغْدَادِيّ الْبَزَّاز قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة أَمينا
وَتُوفِّي سنة عشر وَأَرْبع ماية
3 - (العباسي)(19/183)
)
عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه بن هَارُون الواثق قَالَ أَبُو بكر الْوراق كَانَ رَاهِب بني هَاشم صلاحاً وورعاً حَدِيثه فِي جُزْء بيبي
وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَثَلَاث ماية
3 - (أَبُو غَالب الْكَاتِب)
عبد الْوَاحِد بن مَسْعُود بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد ابْن الْعَبَّاس بن الْحصين الشَّيْبَانِيّ أَبُو غَالب ابْن مَنْصُور الْكَاتِب تولى النّظر بواسط وأعمالها وعزل وَدخل الشَّام ومصر وخدم الْمُلُوك بهما وَعَاد إِلَى حلب وخدم الظَّاهِر ابْن صَلَاح الدّين وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس ماية
وَكَانَ كَاتبا بليغاً مليح الْخط حسن الْمعرفَة بأحوال التَّصَرُّف مَحْمُود السِّيرَة سمع الحَدِيث من وَالِده وَمن أبي الْكَرم ابْن الشهرزوري وَأبي الْوَقْت الصُّوفِي وَغَيرهم وَحدث باليسير
3 - (فَخر الدّين ابْن الْمُنِير)
عبد الْوَاحِد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الْمُنِير الْعَلامَة عز الْقُضَاة فَخر الدّين الجذامي الإسكندري صَاحب التَّفْسِير سمع من السراج ابْن فَارس وتفقه بِعَمِّهِ نَاصِر الدّين وَله نظم ونثر وَعمل أرجوزة فِي السَّبع
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
3 - (الببغا الشَّاعِر)
عبد الْوَاحِد بن نصر بن مُحَمَّد أَبُو الْفرج المَخْزُومِي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالببغا بباءين موحدتين الثَّانِيَة مُشَدّدَة وَبعدهَا غين منقوطة وَوجد بِخَط ابْن جني الففعا بفاءين مُشَدّدَة الثَّانِيَة وَيُقَال فِيهِ الببغا بباءين موحدتين الثَّانِيَة سَاكِنة وَالْمَشْهُور فِيهِ(19/184)
الأول لقب بذلك لفصاحته وَقيل بل للثغة فِي لِسَانه وَهُوَ كَاتب مترسل شَاعِر من شعراء سيف الدولة من أهل نَصِيبين بَالغ الثعالبي فِي وَصفه فِي يتيمة الدَّهْر وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر جملَة من رسائله وَمَا دَار بَينه وَبَين أبي إِسْحَاق الصابي
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَلَاث ماية وَمن شعره
(يَا سادتي هَذِه روحي تودعكم ... إِذْ كَانَ لَا الصَّبْر يسليها وَلَا الْجزع)
(قد كنت أطمع فِي روح الْحَيَاة لَهَا ... فَالْآن إِذْ بنتم لم يبْق لي طمع)
)
(لَا عذب الله روحي بِالْبَقَاءِ فَمَا ... أظنها بعدكم بالعيش تنْتَفع)
وَمِنْه
(خيالك مِنْك أعرف بالغرام ... وأرأف بالمحب المستهام)
(فَلَو يسطيع حِين حظرت نومي ... عَليّ لزار فِي غير الْمَنَام)
وَمِنْه
(وكأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة فِي الجلمد)
(وَكَأن طرف الشَّمْس مطروف وَقد ... جعل الْغُبَار لَهُ مَكَان الإثمد)
وَمِنْه
(ومهفهف لما اكتست وجناته ... خلع الملاحة طرزت بعذاره)
(لما انتصرت على أَلِيم جفائه ... بِالْقَلْبِ كَانَ الْقلب من أنصاره)
(كملت محَاسِن وَجهه فَكَأَنَّمَا ... اقتبس الْهلَال النُّور من أنواره)
(وَإِذا ألح الْقلب فِي هجرانه ... قَالَ الْهوى لَا بُد مِنْهُ فداره)
وَمِنْه فِي سعيد الدولة ابْن سيف الدولة
(لَا غيث نعماه فِي الورى خلب الْبر ... ق وَلَا ورد جوده وشل)
(جاد إِلَى أَن لم يبْق نائله ... مَالا وَلم يبْق للورى أمل)
وَمِنْه
(يَا من رضيت من الْخلق الْكثير بِهِ ... أَنْت الْبعيد على قرب من الدَّار)(19/185)
(أعملت فِيك المنى حلا ومرتحلاً ... حَتَّى رددت المنى أنضاء أسفار)
وَمِنْه فِي كأس أَزْرَق مُصَور
(كم من صباح لراح أسلمني ... من فلق سَاطِع إِلَى فلق)
(فعاطنيها بكرا مشعشعة ... كَأَنَّهَا فِي صفائها خلقي)
(فِي أَزْرَق كالهواء يخرقه اللح ... ظ وَإِن كَانَ غير منخرق)
(مَا زلت مِنْهُ منادماً صوراً ... مذ أسكرتها السقاة لم تفق)
(تغرق فِي أبحر المدام قيستن ... قذها شربنا من الْغَرق)
(فَلَو ترى راحتي ورقته ... من صبغها فِي معصفر شَرق)
)
(لخلت أَن الْهَوَاء لاطفني ... بالشمس فِي قِطْعَة من الْأُفق)
وَمِنْه
(ومعصرة أنخت بهَا ... وَقرن الشَّمْس لم يغب)
(فخلت قَرَارهَا بالرا ... ح بعض معادن الذَّهَب)
(وَقد ذرفت لفقد الْكر ... م فِيهَا أعين الْعِنَب)
(وجاش عباب واديها ... بمنهل ومنسكب)
(وَيَاقُوت الْعصير بهَا ... يلاعب لُؤْلُؤ الحبب)
(فيا عجبا لعاصرها ... وَمَا يفنى بِهِ عجبي)
وَمن شعره فِي دير الزَّعْفَرَان
(صفحت لهَذَا الدَّهْر عَن سيئاته ... وعددت يَوْم الدَّيْر من حَسَنَاته)
(وصبحت عمر الزَّعْفَرَان بِصُحْبَة ... أعاشت سرُور الْقلب بعد وَفَاته)
(عمرت مَحل اللَّهْو بعد دثوره ... وألفت شَمل الْأنس بعد شتاته)
(وعاشرت من رهبانه كل ماجن ... تجَاوز لي عَن صَوْمه وَصلَاته)
(وأهيف فاخرت الرياض بحسنه ... فأذعن صغراً وصفهَا لصفائه)
(جلا الأقحوان الغض نوار ثغره ... وَمَال بغضن البان عَن حركاته)
(وأسكرني بالعذب من خمر رِيقه ... وأمتعني بالورد من وجناته)
(وَلما دجا اللَّيْل استعاد سنا الضُّحَى ... براح نأت بِاللَّيْلِ عَن ظلماته)
(نصيبية عمرية كَاد كرمها ... بجوهرها بنهل قبل نَبَاته)(19/186)
(ونم إِلَيْنَا دنها بضيائها ... فَكَانَ كقلب ضَاقَ عَن خطراته)
(فأهدى إِلَيْهَا الْورْد من صبغ خَدّه ... وأيدها بِالْفَتْكِ من لحظاته)
(وَمَا زَالَ يسقيني وَيشْرب والمنى ... تبشرني عَنهُ بِصدق عداته)
(إِلَى أَن تهادى بَين نحري ونحره ... صَلِيب يضوع الْمسك من نفحاته)
(وخوفني مِنْهُ فخلت صليبه ... لشدَّة مَا يخشاه بعض وشاته)
وَمن شعر الببغا
(سلوا الصبابة عني هَل خلوت بِمن ... أَهْوى مَعَ الشوق إِلَّا والعفاف معي)
)
(تأبى الدناءة لي نفس نفائسها ... تسْعَى لغير الرضى بِالريِّ والشبع)
(وهمة مَا أَظن الْحَظ يُدْرِكهَا ... إِلَّا وَقد جَاوَرت فِي كل مُمْتَنع)
(لَا صاحبتني نفس إِن هَمَمْت لمن ... أرقى بهَا غَمَرَات الْمَوْت لم تُطِع)
(على جناب العلى حلي ومرتحلي ... وَفِي حمى الْمجد مصطفاي ومرتبعي)
(وَمَا نضوت لِبَاس الذل عَن أملي ... حَتَّى جعلت دروع الْيَأْس مدرعي)
(وكل من لم تؤدبه خلائقه ... فَإِنَّهُ بعظاتي غير منتفع)
وَمِنْه
(يَا سادتي هَذِه روحي تشيعكم ... إِن كَانَ لَا الصَّبْر يسليها وَلَا الْجزع)
(قد كنت أطمع فِي روح الْحَيَاة لَهَا ... فَالْآن مذ غبتم لم يبْق لي طمع)
(لَا عذب الله روحي بِالْبَقَاءِ فَمَا ... أظنها بعدكم بالعيش تنْتَفع)
3 - (صَاحب الْمغرب)
عبد الْوَاحِد بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ السُّلْطَان أَبُو مُحَمَّد الْقَيْسِي صَاحب الْمغرب
ولي الْأَمر بعد أَبِيه يُوسُف وَكَانَ كَبِير السن عَاقِلا لكنه لم يدار الدولة فخلعوه وخنقوه وَكَانَت ولَايَته تِسْعَة أشهر
وَكَانَت وَفَاته سنة إِحْدَى وَعشْرين وست ماية
وَكَانَ بالأندلس أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن الْأَمِير يَعْقُوب بن يُوسُف الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ أَعنِي يَعْقُوب بن يُوسُف فَامْتنعَ الْأَمِير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن يَعْقُوب بمرسية وَرَأى أَنه أَحَق بِالْأَمر من عبد الْوَاحِد وَخرج إِلَى مَا فِي جِهَته من بِلَاد الأندلس وَاسْتولى عَلَيْهَا بِغَيْر كلفة وتلقب بالعادل وَلما خنق عبد الْوَاحِد ثارت الفرنج بالأندلس على(19/187)
عبد الله الْمَذْكُور وتواقعوا وَانْهَزَمَ أَصْحَابه هزيمَة شنيعة وَركب هُوَ فِي الْبَحْر يُرِيد مراكش وَترك أَخَاهُ أَبَا الْعَلَاء إِدْرِيس بن يَعْقُوب وقاسى عبد الله شَدَائِد فِي طَرِيقه من العربان وَلما وَصلهَا اضْطَرَبَتْ أَحْوَاله وَقبض أَهلهَا عَلَيْهِ وتفاوضوا فِي من يقلدونه الْأَمر فَوَقع اتِّفَاقهم على أبي زَكَرِيَّاء يحيى بن النَّاصِر مُحَمَّد بن يَعْقُوب وسوف يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ
3 - (الَّذِي كَانَ رَاهِبًا)
عبد الْوَاحِد الدِّمَشْقِي الزَّاهِد قَالَ أَبُو شامة أَقَامَ رَاهِبًا فِي كنسية مَرْيَم سبعين سنة ثمَّ اسْلَمْ قبل)
مَوته بأيام وَأَخذه الصُّوفِيَّة إِلَى خانقاه الشميشاطية وَأقَام بهَا أَيَّامًا
وَمَات فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست ماية وَكَانَت لَهُ جَنَازَة حفلة
3 - (القيرواني)
عبد الْوَاحِد القيرواني أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ عندنَا بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ لَهُ نظم حسن ورحل إِلَى الْحجاز واستوطن مَكَّة وَصَحب ملكهَا أَبَا نمي الحسني وَله فِيهِ أشعار حَسَنَة أَجَاد فِيهَا غَايَة الإجادة ونظم بهَا نظماً كثيرا وَتعرض فِي نظمه لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتل بهَا أشنع قتل
وَمن شعره بِالْقَاهِرَةِ مِمَّا أنشدنا بعض أَصْحَابنَا
(عليل أسى لَا يهتدى لمكانه ... عَزِيز أسى لَا يرتجى من سقامه)
(خُذُوا إِن قضى فِي الْحبّ عمدا بثاره ... أَخا الْبَدْر يَبْدُو فِي غمام لثامه)
(ورفقاً بِهِ لَا ناله مَا يشينه ... وَإِن كَانَ أسْقى الصب كاس حمامه)
(غزال بِهِ لَا ناله فِي الضُّحَى ... ويشبهها فِي الْبعد عَن مستهامه)
(يَمُوت جني الْورْد غماً بخده ... ألم تنظروه مدرجاً فِي كمامه)
3 - (أَخُو أبي الْعَلَاء المعري)
عبد الْوَاحِد بن عبد الله بن سُلَيْمَان أَبُو الْهَيْثَم التنوخي المعري هُوَ أَخُو أبي الْعَلَاء الْمَشْهُور وأخو أبي الْمجد مُحَمَّد بن(19/188)
عبد الله وَقد تقدم ذكر كل مِنْهُمَا فِي مَكَانَهُ
وَمن شعر أبي الْهَيْثَم قَوْله فِي الشمعة
(وَذَات لون كلوني فِي تغيره ... وأدمع كدموعي فِي تحدرها)
(سهرت ليلِي وباتت بِي مسهدة ... كَأَن ناظرها فِي قلب مسهرها)
3 - (أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ)
عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ومايتين
وروى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَجَمَاعَة
3 - (المطوعي الْمَالِكِي الْأَبْهَرِيّ)
عبد الْوَارِث بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى ابْن أبي حَمَّاد المطوعي)
الْمَالِكِي الْأَبْهَرِيّ أَبُو المكارم كَانَ من أَعْلَام الزَّمَان علما وفضلاً وأبوة رَحل إِلَى أبي الْعَلَاء أَحْمد بن عبد الله بن سُلَيْمَان وَأقَام عِنْده مُدَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب
3 - (التنوري الْبَصْرِيّ)
عبد الْوَارِث بن سعيد الْعَنْبَري مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ التنوري هُوَ الإِمَام أحد الْأَعْلَام كَانَ إِمَامًا حجَّة متعبداً لكنه قدري وَكَانَ من خَواص تلامذة عَمْرو ابْن عبيد
توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
(عبد الْوَاسِع)
3 - (شمس الدّين الْأَبْهَرِيّ)
عبد الْوَاسِع بن عبد الْكَافِي بن عبد الْوَاسِع بن عبد(19/189)
الْجَلِيل القَاضِي شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأَبْهَرِيّ نزيل دمشق شيخ فَقِيه جليل عَالم فَاضل وافر الدّيانَة عالي الرِّوَايَة كثير الْوَرع
سمع بالموصل من أبي الْحسن ابْن روزبه وبدمشق من ابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي وَابْن ماسويه وَإِبْرَاهِيم الخشوعي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْفَتْح المندائي وَأَبُو أَحْمد ابْن سكينَة وَعين الشَّمْس الثقفية والمؤيد ابْن الْإِخْوَة وزاهر بن أَحْمد الثَّقَفِيّ وروى الْكثير أَخذ عَنهُ الْمزي والبرزالي وَخلق وأدركه فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَأكْثر عَنهُ وَولي نِيَابَة الْقَضَاء لِابْنِ الصَّائِغ مُدَّة
وَولد سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس ماية بأبهر وَمَات فِي شَوَّال سنة تسعين وست ماية بالخانقاه الأَسدِية
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلنَا مِنْهُ إجَازَة
3 - (أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ المغربي)
عبد الْوَدُود بن عبد الْملك بن عِيسَى أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ من أهل قرطبة كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا مُدَّة وَقُرِئَ عَلَيْهِ الْأَدَب ذكره السلَفِي فِي مُعْجم شُيُوخه وَقَالَ إِن لَهُ قصيدة سائرة يهجو فِيهَا بعض الرؤساء أَولهَا
(تسل فللأيام بشر وتعبيس ... وأيقن فَلَا النعمى تدوم وَلَا البوس)
وَكَانَ يعشق صَبيا وضيء الْوَجْه بحلب فَكَانَ ذَلِك الصَّبِي إِذا غاضبه مضى إِلَى رجل آخر يَخْدمه مِثْلَمَا يخْدم عبد الْوَدُود ويعاشره فَإِذا رأى عبد الْوَدُود ذَلِك لَا يملك صبره وَيسْعَى بِكُل)
طَرِيق فِي رِضَاهُ فَغَضب مرّة وَذهب إِلَى ذَلِك الرجل وَكَانَ عطاراً فَمر عبد الْوَدُود بسوق الْعطر فَوجدَ الصَّبِي جَالِسا على دكان الْعَطَّار فَمَا ملك نَفسه أَن خر مغشياً عَلَيْهِ وَوَقع فِي وسط الطَّرِيق وَسَقَطت عمَامَته عَن رَأسه فبادر الصَّبِي وَرَفعه من الطين إِلَى دكان حَتَّى أَفَاق فَفتح عَيْنَيْهِ وَرَأى مَا حل بِهِ فَقَامَ وَأنْشد
(لست أرْضى لَك يَا قل ... ب بِأَن ترْضى بذلي)
(هَذِه إِن شِئْت أَن ... تسلو طَرِيق للتسلي)
ثمَّ هجره بعد ذَلِك وَسَلاهُ وَلم يعد إِلَيْهِ بعْدهَا(19/190)
قَالَ بَعضهم كَانَ أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ طَرَأَ على مصر وَكَانَ بهَا إِذْ ذَاك إِسْمَاعِيل بن حميد الْمَعْرُوف جده بقادوس فمدحه أَبُو الْحسن الْمَذْكُور بقصيدة جَيِّدَة فَمَا أَجدت وَلَا أفادت فَقَالَ
(يشقى رجال ويشقى آخَرُونَ بهم ... ويسعد الله أَقْوَامًا بِأَقْوَام)
(ولي رزق الله من حسن حيلته ... لَكِن جدود بأرزاق وأقسام)
(كالصيد يحرمه الرَّامِي الْمجِيد وَقد ... يَرْمِي فيرزقه من لَيْسَ بالرامي)
وهجا ابْن قادوس بقصيدة اشتهرت عَنهُ وَهِي
(تسل فللأيام بشر وتعبيس ... وأيقن فَلَا النعمى تدوم وَلَا البوس)
(صديت على قرب وخلقك عسجد ... وملت إِلَى لَغْو ولفظك تقديس)
(يعز على العلياء كونك عَارِيا ... ويلبس من أثوابك الغاب والخيس)
(ترحل إِذا مَا دنس الْعِزّ ملبس ... فغيرك من يرضى بِهِ وَهُوَ ملبوس)
(وَمَا ضَاقَتْ الدُّنْيَا على ذِي عَزِيمَة ... وَلَا غرقت فلك وَلَا نفقت عيس)
(وَكم من أخي عزم جفته سعوده ... يَمُوت احتراقاً وَهُوَ فِي المَاء مغموس)
(تفل السيوف الْبيض وَهِي صوارم ... وَيرجع صدر الرمْح وَالرمْح دعيس)
(وَلَوْلَا أنَاس زَينُوا بسعادة ... لما ضرّ تربيع وَلَا سر تسديس)
(وَلَكِن فِي الأفلاك سر حُكُومَة ... تحير بطليموس فِيهَا وَإِدْرِيس)
(أفاضت سعوداً بِالْحِجَارَةِ دونهَا ... فَطَافَ سبوعاً حولهَا الغلب والشوس)
(وَصَارَ فلَانا كل من كَانَ لم يكن ... ودان لَهُ بِالرّقِّ قوم مناحيس)
(فحقق وَلَا يغررك قَول ممخرق ... فأكبر مَا تدعى إِلَيْهِ نواميس)
)
(أفيقوا بني الْأَيَّام من سنة الْكرَى ... وسيروا بسير الدَّهْر فالدهر معكوس)
(هِيَ الْقِسْمَة الضيزى يخول جَاهِل ... وَذُو الْعلم فِي أنشوطة الدَّهْر مَحْبُوس)
(وإرضاء ذِي جهل وإسخاط ذِي حجى ... تيوس مياسير وَأسد مفاليس)
(خُذ الْعلم قِنْطَارًا بفلس سَعَادَة ... عَسى الْعلم أَن يفنى فيمتلئ الْكيس)
(ومذ لقب القرد الْقصير موفقاً ... هذى الدَّهْر واستولت عَلَيْهِ الوساويس)
(وَقَالُوا سديد الدولة السَّيِّد الرضى ... فَأكْثر حجاب وشدد ناموس)
(وأعجب من ذَا أَن يلقب قَاضِيا ... وَأكْثر مَا يحوي من الحكم تَدْلِيس)(19/191)
(وأصدق مَا نَص الحَدِيث فكاذب ... وأطهر مَا صلى الصَّلَاة فمنجوس)
(وَأعرف مِنْهُ بالفرائض رَاهِب ... وأفقه مِنْهُ فِي الْحُكُومَة قسيس)
(وَمَا الْغبن إِلَّا أَن تحكم نعجة ... وضرغام أَسد الغاب فِي الغيل مفروس)
(وَمَالِي فَوق الأَرْض مغرز إبرة ... وَتحمل دمياط إِلَيْهِ وتنيس)
(مصائب من يسكت لهامات حسرة ... وَمن يلقها بثاً يمت وَهُوَ مبخوس)
(ويبتاع مسك بالخراء مُدَلّس ... ويعبد خِنْزِير وَيُرْسل جاموس)
(وَقَالُوا ابْن قادوس فَلَا قدس اسْمه ... وَمن هُوَ قادوس فَلَا كَانَ قادوس)
(أيا من غَدا ضداً لكل فَضِيلَة ... وَمن نجمه فِي طالع السعد منكوس)
(بنفسي من أَصبَحت فِي حكم فَضله ... يُقَال حمَار ومجريس)
(وأخشى الَّذِي يخْشَى عَلَيْك بِأَن ترى ... وكعبك مَرْفُوع ورأسك معكوس)
(وَقد قلتهَا هجواً وأنفك راغم ... فَلَا يدخلن ريب عَلَيْك وتدليس)
(أَبَا الْفضل إِن أَصبَحت قَاضِي أمة ... وللحكم فِي أرجاء دَارك تعريس)
(فَإِن قريضي بَين أذنيك درة ... وَإِن هجائي فِي دماغك دبوس)
(ورأسي ومثلا شعره سفن خَرْدَل ... أيور بغال فِي حر امك مدسوس)
(تجمع فِي الْخَيْر وَالشَّر جملَة ... فخيري جِبْرِيل وشري إِبْلِيس)
3 - (ابْن المجير)
عبد الْوَدُود بن مَحْمُود بن الْمُبَارك بن عَليّ بن الْمُبَارك أَبُو المظفر ابْن أبي الْقَاسِم الْفَقِيه
الشَّافِعِي الْمَعْرُوف وَالِده بالمجير قَرَأَ الْمَذْهَب وَالْأُصُول على وَالِده وبرع فيهمَا وَقَرَأَ الْخلاف)
وناظر وَتَوَلَّى الْإِعَادَة بنظامية بَغْدَاد وَتَوَلَّى التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الثقفية بِبَاب الأزج ورتب على السَّبِيل الَّذِي أخرجه الإِمَام النَّاصِر بطرِيق مَكَّة وشكره الْخَاص وَالْعَام وَولي الْوكَالَة للْإِمَام النَّاصِر وَجَرت أُمُوره على السداد وَكَانَ متديناً حسن الْبشر
توفّي فجاءة سنة ثَمَان عشر وست ماية
3 - (الْقُرْطُبِيّ)(19/192)
عبد الْوَدُود بن عبد القدوس كَانَ فِي غَايَة الْجمال وَهُوَ من أهل قرطبة مدح الْأَفْضَل أَمِير الجيوش بِشعر فِي غَايَة الْجَوْدَة فاستراب فِي ذَلِك أَمِير الجيوش وَقَالَ لَهُ مَا اسْمك فَقَالَ عبد الْوَدُود فَقَالَ لَهُ الْأَفْضَل لَهُ لحاظ مراض فَقَالَ الشَّاعِر بهَا تصاد الْأسود فَقَالَ الْأَفْضَل أَحْسَنت وَالشعر لَك وَأحسن إِلَيْهِ
3 - (خطيب جرجا)
عبد الْوَلِيّ ابْن أبي السَّرَايَا بن عبد السَّلَام الْأنْصَارِيّ خطيب جرجا بجيمين وَالرَّاء سَاكِنة قَرْيَة من أَعمال الصَّعِيد بِمصْر كَانَ فَقِيها شافعياً كَانَ خطيب جرجا وَأحد عدولها قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ أَنْشدني أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن عبد الْمَكِّيّ قَالَ أَنْشدني الْخَطِيب عبد الْوَلِيّ لنَفسِهِ
(لَا تنكرن بعلوم السقم معرفتي ... فَرب حَامِل علم وَهُوَ مَجْهُول)
(قد يقطع السَّيْف مفلولاً مضاربه ... عِنْد الجلاد وينبو وَهُوَ مصقول)
قلت لَا يلْزم من كَونه مصقولاً أَن لَا ينبو بل لَو قَالَ وَهُوَ مَاض لطبق الْمفصل فِيهِ على الْمفصل لكنه مَا ساعدته القافية وَأورد لَهُ بالسند الْمَذْكُور
(تأن إِذا أردْت النُّطْق حَتَّى ... تصيب بسهمه غَرَض الْبَيَان)
(وَلَا تطلق لسَانك لَيْسَ شَيْء ... أَحَق بطول سجن من لِسَان)
(عبد الْوَهَّاب)
3 - (ابْن الإِمَام العباسي)
عبد الْوَهَّاب بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس ولد بالشراة من أَرض البلقاء وولاه الْمَنْصُور إمرة دمشق وفلسطين والصائفة فَلم تحمد ولَايَته وولاه أَيْضا مَا هدم الرّوم من حَائِط ملطية فِي سنّ أَرْبَعِينَ وماية وَلما بلغ الْمَنْصُور سوء سيرته كتب إِلَيْهِ يَقُول إبعث إِلَيّ ابْن أبي عبلة وَابْن مخمر الْكِنَانِي فَدَعَا بهما وغداهما وغلفهما بالغالية بِيَدِهِ وجهزهما إِلَيْهِ فَلَمَّا دخلا عَلَيْهِ أكرمهما وسألهما عَن سيرة عبد الْوَهَّاب فَقَالَ ابْن أبي عبلة قد قَرَأت العهود مُنْذُ زمن الْوَلِيد ابْن عبد الْملك فَمَا رَأَيْت(19/193)
عهدا أحسن من عَهْدك لِابْنِ أَخِيك غير أَنه عمد إِلَى جَمِيع مَا أَمرته بِهِ فاجتبنه وَإِلَى جَمِيع مَا نهيته عَنهُ فارتكبه وَقَالَ ابْن مخمر الْكِنَانِي ترك ابْن أَخِيك فلسطين مثل هَذَا الطَّائِر وَأخرج من كمه طائراً قد نتف ريشه فَقَالَ الْمَنْصُور مَاله قبحه الله قد عزلته فَاخْتَارُوا لأنفسكم فَاخْتَارُوا الْعَبَّاس ابْن مُحَمَّد فولاه واستدعى عبد الْوَهَّاب فأهانه وَشَتمه وضربه بقضيب فأدمى وَجهه
وَهُوَ صَاحب سويقة عبد الْوَهَّاب بِبَغْدَاد وَكَانَ عَظِيم الْقدر وَمَات بِالشَّام وَجعل يَقُول لما احْتضرَ وَيحكم أمثل يَمُوت وَقيل مَاتَ وَهُوَ وَال على دمشق سنة ثَمَان وَخمسين وماية واستخلف ابْنه إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب
3 - (قَاضِي الحران الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن جلبة أَبُو الْفَتْح الْحَنْبَلِيّ الخراز يُقَال إِنَّه بغدادي
سكن حران وَولي الْقَضَاء بهَا وَكَانَ فَقِيها واعظاً سمع الْحسن بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن شَاذان وَالْحسن بن شهَاب بن الْحسن العكبري وَأحمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن غَالب البرقاني وَغَيرهم وَحدث بحران
وَاخْتَارَ الله لَهُ الشَّهَادَة على يَد ابْن قُرَيْش الْعقيلِيّ عِنْد اضْطِرَاب أهل حران عَلَيْهِ لما أظهر سبّ السّلف بهَا سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبع ماية
3 - (أَبُو مسحل البدوي)
عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد أَبُو مسحل الْأَعرَابِي أَبُو مُحَمَّد الهمذاني حضر لبغداد من الْبَادِيَة
وَكَانَ فِي أَيَّام الْأَصْمَعِي وَأخذ النَّحْو وَالْقُرْآن عَن الْكسَائي وَكَانَ يروي عَن عَليّ بن الْمُبَارك)
أَرْبَعِينَ ألف بَيت شَاهدا على النَّحْو وَله مصنفات مِنْهَا كتاب النَّوَادِر وَكتاب الْغَرِيب
وأنشدني المرزباني لَهُ
(أَلا لَيْسَ من هَذَا المشيب طَبِيب ... وَلَيْسَ شباب بَان عَنْك يؤوب)
(لعمري لقد بَان الشَّبَاب وإنني ... عَلَيْهِ لمحزون الْفُؤَاد كئيب)(19/194)
(وَلَيْسَ على باكي الشَّبَاب ملامة ... وَلَو أَنه شقَّتْ عَلَيْهِ جُيُوب)
(أَقُول لضيف الشيب لما أَنَاخَ بِي ... جزاؤك مني جفوة وقطوب)
(حرَام عَلَيْهِ أَن ينالك عندنَا ... كَرَامَة بر أَو يمسك طيب)
قَالَ أَبُو بكر الصولي قَالَ ثَعْلَب حَدثنِي أَبُو مسحل قَالَ كنت يَوْمًا مَعَ بعض ولد طَاهِر إِذْ ذكر شَيْئا من التصريف فَمر بِنَا الْأَصْمَعِي فَقَالَ من هَذَا الدَّاخِل فِي علمنَا فَقلت لَهُ وَالله إِنَّك لتعلم أَن ذَا لَيْسَ من علمك إِنَّمَا علمك الشّعْر واللغة فَقَالَ وَهَذَا أَيْضا فَقلت لَهُ فَإِن كَانَ كَمَا تزْعم فَابْن من رَأَيْت مثل وصاليات ككما يؤثفين فَسكت
3 - (أَبُو الْمُغيرَة ابْن حزم)
عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن حزم الأندلسي أَبُو الْمُغيرَة الْكَاتِب وَزِير الْأَمِير أبي الحكم مُنْذر بن يحيى التجِيبِي الملقب بالمنصور صَاحب سرقسطه والثغر الْأَعْلَى فِي أول أمره ثمَّ استوزره أحد مُلُوك قرطبة وَكَانَ مقدما فِي الْأَدَب والبلاغة وَالشعر وَهُوَ ابْن عَم الْفَقِيه أبي مُحَمَّد ابْن حزم ووالد أبي الْخطاب وَأَبُو مُحَمَّد خَاله
مَاتَ قَرِيبا من سنة عشْرين وَأَرْبع ماية
وَله كتاب أَخْبَار شعراء الأندلس يشْتَمل على ذكر نَيف وَسبع ماية شَاعِر وَله عدَّة رسائل وَكتب وأجوبة
وَمن شعره
(لما رَأَيْت الْهلَال منطوياً ... فِي غرَّة الْفجْر قَارن الزهره)
(شبهته والعيان يشْهد لي ... بصولجان أوفى لضرب كره)
ورسائله وأشعاره قد أثبت مِنْهُمَا ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة شَيْئا كثيرا
3 - (مجد الدّين خطيب النيرب)
عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن سَحْنُون الْخَطِيب(19/195)
البارع مجد الدّين خطيب النيرب روى عَن)
خطيب مردا وَله شعر وأدب وفضائل وَكَانَ من فضلاء الْحَنَفِيَّة درس بالدماغية وعاش خمْسا وَسبعين سنة
وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست ماية
وَكَانَ طَبِيبا ببيمارستان الْجَبَل أنْشد قَول مجير الدّين مُحَمَّد بن تَمِيم فِي تَفْضِيل الْورْد
(من فضل النرجس وَهُوَ الَّذِي ... يرضى بِحكم الْورْد إِذْ يرأس)
(أما ترى الْورْد غَدا جَالِسا ... إِذْ قَامَ فِي خدمته النرجس)
فأحاب مجد الدّين من غير روية
(لَيْسَ جُلُوس الْورْد فِي مجْلِس ... قَامَ بِهِ نرجسه يوكس)
(وَإِنَّمَا الْورْد غَدا باسطاً ... خداً ليمشي فَوْقه النرجس)
قلت وَفِي تَرْجَمَة ابْن الرُّومِي عَليّ بن الْعَبَّاس ذكر شَيْء من هَذَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى هُنَاكَ فِي مَكَانَهُ
وَمن شعر ابْن سَحْنُون فِي مشاعلي
(بِأبي غزال جَاءَ يحمل مشعلاً ... يكسو الدجى بملاء ثوب أصفر)
(وَكَأَنَّهُ غُصْن عَلَيْهِ باقة ... من نرجس أَو زهرَة من نوفر)
قلت أخذت هَذَا وزدت عَلَيْهِ فَقلت
(ومشاعلي من سنا وجناته ... لَا ناره يكسو الدجى أنوارا)
(هُوَ غُصْن بَان بَات يجمل نوفراً ... أَو جنَّة قد حملوها نَارا)
وَقلت فِيهِ أَيْضا
(مشاعلي قلت لما بدا ... يروق فِي الْقلب وَفِي الْعين)
(هَذَا من الْولدَان فِي حسنه ... فَهُوَ وَحمل النَّار من أَيْن)
وَمن شعر ابْن سَحْنُون وَقد أهْدى نرجساً
(لما تحجبت عَن طرفِي وأرقني ... بعدِي وَلم تحظ عَيْني مِنْك بِالنّظرِ)
(أرْسلت من نرجس عطر ... كَيْمَا أَرَاك بأحداق من الزهر)(19/196)
وَمِنْه
(لله حسن الياسمين يلوح فو ... ق الْورْد للجلساء والندمان)
)
(مثل الثنايا والخدود نواضراً ... أَو كالفراش هوى على النيرَان)
وَمِنْه
(وَورد أَبيض قد زَاد حسنا ... فَعِنْدَ الضِّدّ للخجل احمرار)
(يمثله النديم إِذا رَآهُ ... مداهن فضَّة فِيهَا نضار)
وَمِنْه
(يَا حسنه نيلوفراً فِي مَائه ... طَاف وَفِي أحشاه نَار تسعر)
(يَحْكِي أنامل غادة مَضْمُومَة ... جمعت وزينها خضاب أَخْضَر)
3 - (صَاحب البطال)
عبد الْوَهَّاب بن بخت توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وماية
وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
وَهُوَ صَاحب البطال مولي آل مَرْوَان من أهل مَكَّة خرج من الْمَدِينَة للغزو وَكَانَ كثير الْحَج وَالْعمْرَة وغزا مَعَ البطال سنة ثَلَاث عشرَة وماية فانكشف النَّاس عَن البطال فَألْقى بيضته عَن رَأسه وَصَاح أَنا عبد الْوَهَّاب بن بخت يَا معاشر الْمُسلمين أَمن الْجنَّة تفرون ثمَّ قَاتل فِي نحر الْعَدو فَقتل
أسْند عَن ابْن عمر وَأنس وَأبي هُرَيْرَة وَنَافِع مولى ابْن عمر وَأبي الزِّنَاد وَعَطَاء ابْن أبي رَبَاح وَغَيرهم وروى عَنهُ مَالك بن أنس وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَهِشَام بن سعد وَأُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ وَغَيرهم وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا صَالحا
3 - (الْفراء الزَّاهِد النَّيْسَابُورِي)
عبد الْوَهَّاب بن حبيب بن مهْرَان الْعَبْدي النَّيْسَابُورِي الْفراء الزَّاهِد توفّي سنة سِتّ ومايتين
3 - (تَاج الدّين ابْن عَسَاكِر)
عبد الْوَهَّاب بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن(19/197)
هبة الله تَاج الدّين أَبُو الْحسن ابْن زين الْأُمَنَاء أبي البركات ابْن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَالِد الشَّيْخ أَمِين الدّين عبد الصَّمد
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وست ماية
كَانَ فَاضلا من بَيت الحَدِيث كَانَت وَفَاته بِمَكَّة)
3 - (أَخُو تَبُوك الْمُحدث)
عبد الْوَهَّاب بن الْحسن بن الْوَلِيد بن مُوسَى الْكلابِي الْمُحدث الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بأخي تَبُوك
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن الغطاس السُّوسِي)
عبد الْوَهَّاب بن خلف بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الغطاس من أَبنَاء سوسه
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج هُوَ شَاعِر متدرب حسن المسلك فِي اعْتِدَال وَقُوَّة قد جمع إِلَى رقة الْمَعْنى رشاقة اللَّفْظ وَقرب الْمَقْصد وَأورد لَهُ
(أَبَا عاذري فِي فيض دمعي إِذا جرى ... وَإِن عاذلي لم يستمع فِي الْهوى عُذْري)
(لقد لذ لي فِي الْحبّ تَعْذِيب مهجتي ... وَمَا لذ لي عَن ظالمي فِي الْهوى صبري)
(فيا عاذلي فِي عِبْرَة قد سفحتها ... لهجر وَأُخْرَى قبلهَا خيفة الهجر)
(رويدك قد أغريت قلبِي بلوعتي ... ووكلت أجفاني بأَرْبعَة غزر)
(فَدَعْنِي أرو الأَرْض صوح نبتها ... بدمعي إِذا لم يروها سبّ الْقطر)
(على أنني لم تبْق إِلَّا حشاشتي ... وَلم يتْرك مني السقام سوى ذكري)
قلت قَوْله فيا عاذلي الْبَيْت وَمَا بعده أَخذ الأول بِلَفْظِهِ من البحتري وَالثَّانِي أَيْضا بِمَعْنَاهُ حَيْثُ يَقُول
(فيا عاذلي من عِبْرَة قد سفحتها ... لبين وَأُخْرَى قبلهَا للتحبب)
(تحول مني شِيمَة غير شيمتي ... وتطلب مني مذهبا غير مذهبي)(19/198)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(وَكم لَيْلَة قد جاذبت راحتي بهَا ... نهود العذارى قَمِيص الدجى الوحف)
(وَبت يعاطيني الْعقار مهفهف ... هضيم الحشا مخطوفه أهيل الردف)
(وأظما فأستسقي ثناياه ظلمها ... فتغني ثناياه عَن القهوة الصّرْف)
(وأعين دهري مغضيات على القذى ... وأيامه يقطعن باللهو والقص)
(إِلَى أَن نبا من بعد لين جنابه ... ففوق سهم الْغدر عَن وتر الصّرْف)
(وَمن يَأْمَن الدُّنْيَا يكن مثل قَابض ... على المَاء خانته الْفروج من الْكَفّ)
)
قَالَ ابْن رَشِيق الْبَيْت الْأَخير مختلب من قَول الأول
(وَمن يَأْمَن الدُّنْيَا يكن مثل قَابض ... على المَاء خانته فروج الْأَصَابِع)
غير أَنه غير آخِره وَقد تقدم سواهُ إِلَى اختلاب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ
(وَمن يَأْمَن الدُّنْيَا يكن مثل قَابض ... على المَاء لم ترجع بِشَيْء أنامله)
وَأورد لَهُ
(وَلَو أَن لي فِي كل عُضْو ومفصل ... لِسَانا فصيحاً أَو بناناً مترجما)
(لجاءك يستحييك أَنِّي مقصر ... على أَن شكري يمْلَأ الأَرْض والسما)
وَأورد لَهُ
(هَوَاك لم يبْق مني مَا تفوز بِهِ ... يَد السقام وهذي جملَة الْخَبَر)
(كَأَنَّمَا أَنا سر الْوَهم فِي خلد ... تديره برحاها رَاحَة الْفِكر)
(فاردد عَليّ زمامي كي أقيك بِهِ ... أَلا تراك حذاراً مقلتا بشر)
(وَتلك عِنْدِي نعمى لَو مننت بهَا ... فسحت مَا قد أضاق الشوق من عمري)
(وَالْأَمر أَمرك إِن عطفا وَإِن صلفاً ... فَلَا تحيلن شكواي على الضجر)
وَأورد لَهُ من قصيدة مدح لَهَا عبد الْجَلِيل بن بدر
(أَلا لَا تهيجني الْحمام فندبها ... قَدِيما بأكباد المحبين سادك)
(توسدت مطوي الْجنَاح كَأَنَّمَا ... لَهُنَّ حشايا فَوْقه ودرانك)(19/199)
(وملن على خضر الغصون لحونها ... وَلَا دمع إِلَّا من جفوني سافك)
(وَلَا مدح إِلَّا لِابْنِ جَعْفَر الرضى ... وكل امْرِئ يطري سواهُ فآفك)
قلت شعر جيد
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن بنت الْأَعَز)
عبد الْوَهَّاب بن خلف بن بدر العلامي قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن بنت الْأَعَز
ولد سنة أَربع عشر وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست ماية وَقيل ولد سنة أربه وست ماية
روى عَن جَعْفَر الهمذاني وَغَيره وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا متبحراً ولي المناصب الجليلة كنظر الدَّوَاوِين والوزارة وَالْقَضَاء ودرس بالصالحية وبمدرسة الشَّافِعِي وَتقدم فِي الدولة وَكَانَت)
لَهُ الْحُرْمَة الوافرة عِنْد الظَّاهِر بيبرس وَكَانَ ذَا ذهن ثاقب وحدس صائب وجد وَسعد وعزم مَعَ النزاهة المفرطة والصلابة فِي الدّين وَحسن الطَّرِيقَة والتثبت فِي الْأَحْكَام وتولية الْأَكفاء لَا يُرَاعِي أحدا وَلَا يداهنه وَلَا يقبل شَهَادَة مريب وَكَانَ قوي النَّفس يترفع على الصاحب بهاء الدّين وأوهم الصاحب السُّلْطَان أَن للْقَاضِي متاجر وأموالاً وَأَن بعض التُّجَّار ورد وَقَامَ بِمَا عَلَيْهِ ثمَّ وجد مَعَه ألف دِينَار وَقَالَ هِيَ وَدِيعَة للْقَاضِي فَسَأَلَهُ السُّلْطَان فَأنْكر وَلم يُصَرح بالإنكار بل قَالَ النَّاس يقصدون التجوه بِالنَّاسِ وَإِن كَانَت لي فقد خرجت عَنْهَا لبيت المَال فَأخذت وَذَهَبت
وَهُوَ وَالِد القَاضِي الْكَبِير صدر الدّين عمر قَاضِي الديار المصرية ووالد قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن الَّذِي وزر أَيْضا ووالد القَاضِي الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَحْمد الَّذِي دخل الْيمن وَالشَّام
وَكَانَ قد شكى جمال الدّين أيدغدي العزيزي من القَاضِي تَاج الدّين وَرفع قصَّة من بَين الْملك النَّاصِر يُوسُف أَنهم ابتاعوا دَار القَاضِي برهَان الدّين السنجاري فِي حَيَاته وَبعد وَفَاته ادّعى الْوَرَثَة وقفيتها وَجرى فِي ذَلِك كَلَام كثير فَقَالَ جمال الدّين نَتْرُك نَحن مَذْهَب الشَّافِعِي لَك ونولي فِي كل مَذْهَب من يحكم بَين النَّاس فَأمر السُّلْطَان بذلك وَلم يكن قبل ذَلِك أَربع حكام
وَفِي هَذِه الْوَاقِعَة التقى علم الدّين ابْن شكر القَاضِي تَاج الدّين وَقَالَ لَهُ مَا مت حَتَّى رَأَيْتُك صَاحب ربع(19/200)
وَقَالَ السراج الْوراق يمدحه
(أرضيت عَنْك رعية ومليكا ... فَالله يعطيك الَّذِي يرضيكا)
(وَجعلت تقوى الله عمدتك الَّتِي ... مَا كَانَ عنْدك حَقّهَا متروكا)
(يَا ابْن الَّذين تقسمت أيامهم ... جوداً سفوحاً أَو دَمًا مسفوكا)
(المطعمين وَلم يمد من الحيا ... خيط يُرِيك من الرياض محوكا)
(والمرشدين إِذا ادلهمت شُبْهَة ... لم يدر فِيهَا الحائرون سلوكا)
(آل العلامي الَّذين بعلمهم ... باتت نُجُوم سمائهم تهريكا)
(هم أنباؤك الْمجد عَن أبنائهم ... فرويته وَرَوَاهُ عَنْك بنوكا)
(وَلَقَد كَفاك بِوَالِدَيْك مفاخراً ... وكفاهم شرفاً بِأَن ولدوكا)
)
(يَا من مديحي ذُو تَمام فِيهِ لَا ... أرضاه مشطوراً وَلَا منهوكا)
(لي حَالَة سكنت وَخير سكونها ... فَاجْعَلْ عقيب سكونها تحريكا)
(وَأرى صَلَاح الْحَال فِي بِلَفْظَة ... من فِيك بلغت المطالب فيكا)
وَكتب إِلَيْهِ فِي شهر رَجَب
(أعلمت من رَجَب مشابه ... فِي الإِمَام ابْن العلامي)
(هَذَا أَصمّ عَن السِّلَاح ... وَذَا أَصمّ عَن الأثام)
(هَذَا فريد فِي الشُّهُور ... وَذَا فريد فِي الْأَنَام)
(تَاج الشَّرِيعَة والمحا ... رب عَن حماها والمحامي)
(يَا حَاكما أَيَّامه ... حلم ولسنا بالنيام)
(قد زِدْت لخماً سؤدداً ... مِنْهُ الأعادي فِي جذام)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمَدَائِنِي)
عبد الْوَهَّاب بن الصَّباح الْمَدَائِنِي أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب ذكره مُحَمَّد ابْن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة وَقَالَ لَهُ أشعار جِيَاد وَأورد لَهُ
(كَانُوا بَعيدا فَكنت آمُلُهم ... حَتَّى إِذا مَا تقربُوا هجروا)
(فالبعد مِنْهُم على رجائهم ... أروح من هجرهم إِذا حَضَرُوا)
3 - (ابْن رواج)(19/201)
عبد الْوَهَّاب بن ظافر بن عَليّ بن فتوح بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الْمُحدث الْمسند رشيد الدّين
أَبُو مُحَمَّد ابْن رواج وَهُوَ لقب أَبِيه بعد الْألف جِيم الْأَزْدِيّ الْقرشِي الإسْكَنْدراني الْمَالِكِي الجوشني
ولد سنة أَربع وَخمسين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست ماية
سمع الْكثير من السلَفِي وَغَيره وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا وكامن فَقِيها لبيباً فَاضلا دينا صَحِيح السماع روى عَنهُ ابْن نقطة وَابْن النجار وَالْمُنْذِرِي والرشيد الْعَطَّار وَابْن الحلوانية والدمياطي والضياء السبتي وَجَمَاعَة كَثِيرُونَ وَحدث بِالْقَاهِرَةِ والإسكندرية
3 - (ابْن دنين المغربي)
)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن سعيد بن دنين تَصْغِير دن أَبُو مُحَمَّد الصَّدَفِي الطليطلي سمع وَحدث وَكَانَ زاهداً عابداً متبتلاً عَالما مجاب الدعْوَة متحرياً
توفّي سنة أربعٍ وَعشْرين وَأَرْبع ماية
3 - (فَخر الدّين كَاتب الدرج)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحِيم بن عبد الله القَاضِي النَّاظِم الناثر الْكَاتِب المفتن فَخر الدّين الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بكاتب الدرج كتب الدرج للْقَاضِي جمال الدّين جمال الكفاة نَاظر الْخَاص ثمَّ لمن بعده إِلَى أَيَّام الصاحب علم الدّين ابْن زنبور وَجَمِيع من كتب لَهُ من نظار الْخَاص يعظمه ويقربه وَيعْلي رتبته لَا يزَال هشاً بشاً خَفِيفا على الْقُلُوب متودداً إِلَى من يسلم عَلَيْهِ
سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي تَاسِع عشر الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَسبع ماية أَخْبرنِي أَنه حفظ الحاجبية وَبحث المقرب على برهَان الدّين السفاقسي وَسمع ثلث التسهيل على الشَّيْخ أثير الدّين بِقِرَاءَة شمس الدّين مُحَمَّد ابْن الناصح وَحفظ عرُوض ابْن الْحَاجِب وَبحث فِي التخليص على مُصَنفه قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين وَحل الْحَاوِي على السَّيِّد الشريف شرف الدّين وَكيل بَيت المَال وَحفظ الْفُصُول لأبقراط وَبَعض كليات القانون وَبحث بعض مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب على الشَّيْخ أكمل الدّين وَقَرَأَ قَوَاعِد العقائد للنصير الطوسي على الشَّيْخ شمس الدّين(19/202)
الإصفهاني وَسمع عَلَيْهِ بعض شرح الإشارات للنصير وَقَرَأَ الشفا لِابْنِ سينا سرداً من غير بحث على الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْفَهَانِي وَقَرَأَ المقامات الحريرية على محب الدّين أبي عبد الله ابْن الصَّائِغ المغربي وَكتب الْمَنْسُوب وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله يثني عَلَيْهِ ويجاريه ويباريه ويقترح عَلَيْهِ مَا ينظمه وَهُوَ جيد النّظم غواص على الْمعَانِي وكتبت إِلَيْهِ وَقد حضر إِلَى دمشق المحروسة فِي شهر رَمَضَان ملغزاً فِي رَمَضَان
(يَا فَاضلا أَخْبَار أشعاره ... مَشْهُورَة فِي الْعَجم وَالْعرب)
(وسجعه أخرس ورق الْحمى ... إِذا تغنت فِي ذرى القضب)
(وخطه أزرى بزهر الربى ... إِن دبجتها رَاحَة السحب)
(قل لي مَا اسْم قدره مختف ... وَحكمه فِي الشرق والغرب)
(فِيهِ لنا فَاكِهَة قد غَدَتْ ... تروق للنَّفس بِلَا قلب)
(إِن عكس الخمسان من لَفظه ... أمتعنا بِالْأَكْلِ وَالشرب)
)
(وَهُوَ مَعَ الْعَكْس بِلَا آخر ... أضمر فَافْهَم يَا أَخا اللب)
(بَين مرادي يَا إِمَام الورى ... فَلَيْسَ مَا ألغزت بالصعب)
(وَدم قرير الْعين فِي نعْمَة ... مَا ازدانت الأفاق بِالشُّهُبِ)
فَكتب هُوَ الْجَواب إِلَيّ عَن ذَلِك
(يَا بَحر أهل الْعلم يَا حَبْرهمْ ... وَذَا الندى والمورد العذب)
(يَا كَوْكَب الْفضل الَّذِي نوره ... يظْهر عَن بعد وَعَن قرب)
(يَا سيداً بِالْقربِ من بَابه ... غفرت مَا للدهر من ذَنْب)
(يَا حائزاً كل عُلُوم الورى ... وجائزاً فَوق مدى الشهب)
(يَا باسم الثغر وَيَا جالب ... الرَّاحَة للصاحب الْجنب)
(وَيَا رائق الْمنطق يَا صَادِق ال ... قِيَاس فِي الْإِيجَاب وَالسَّلب)
(وَمن لَهُ النّظم البديع الَّذِي ... يصبي وأرباب النهى تسبي)
(فِي كل بَيت مِنْهُ سامي الْبَنَّا ... يَقُول لي طرفِي هُنَا قف بِي)
(هنئته شهرا شريفاً أَتَى ... الْقُرْآن عَن تفضيله ينبي)
(تقبل الله تَعَالَى بِهِ ... أعمالك المربحة الْكسْب)
وَأهْديت إِلَيْهِ دفتراً من الْوَرق الْأَبْيَض وكتبت مَعَه إِلَيْهِ(19/203)
(لما رَأَيْتُك بحراً ... وموجه متوالي)
(يمج در قريض ... على ممر اللَّيَالِي)
(أهديت نَحْوك درجاً ... تضم تِلْكَ اللآلي)
فَكتب الْجَواب إِلَيّ عَن ذَلِك
(بالغت فِي إخجالي ... بِفَضْلِك المتوالي)
(فحرت مَا بَين شكري ... فَوَائِد ونوال)
(والدرج قد جمع الْحس ... ن عاطلاً وَهُوَ حَالي)
(وسوف يمْلَأ مدحاً ... بجودك المتتالي)
(وَمن محَاسِن تملى ... مِنْكُم بِغَيْر ملال)
(تالله يقصر قالي ... عَن شكر تِلْكَ الأمالي)
)
3 - (ابْن الجبان المري)
عبد الْوَهَّاب بن عمر بن أَيُّوب أَبُو نصر المري الدِّمَشْقِي الشُّرُوطِي الْحَافِظ الْمَعْرُوف بِابْن الجبان وبابن الْأَذْرَعِيّ
توفّي فِي شَوَّال سنّ خمس وَعشْرين وَأَرْبع ماية وصنف كتبا كَثِيرَة
3 - (ابْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الْقَادِر ابْن أبي صَالح الجيلي أَبُو عبد الله ابْن أبي مُحَمَّد الْفِقْه الْحَنْبَلِيّ
قَرَأَ الْفِقْه على وَالِده حَتَّى برع فِيهِ ودرس بمدرسة وَالِده وَهُوَ حَيّ وَقد نَيف على الْعشْرين من عمره واستقل بذلك بعد وَفَاته وَلم يكن فِي أَوْلَاد أَبِيه أميز مِنْهُ وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حسن الْكَلَام فِي مسَائِل الْخلاف لَهُ لِسَان فصيح فِي الْوَعْظ وحدة خاطر وَله مُرُوءَة وسخاء وَجعله الإِمَام النَّاصِر على الْمَظَالِم وَكَانَ يُوصل إِلَيْهِ حوائج النَّاس وَسمع فِي صباه من أَحْمد بن الْحسن ابْن الْبناء وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْقَزاز وَمُحَمّد بن أَحْمد ابْن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ وَمُحَمّد بن عمر الْأمَوِي وَغَيرهم
ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس ماية ووفاته سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس ماية(19/204)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِي)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الفرخ الْأنْصَارِيّ
الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِي أَصله من شيراز كَانَ شيخ الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق وَله قبُول تَامّ قدم بَغْدَاد رَسُولا من بوري بن طغتكين صَاحب دمشق إِلَى الإِمَام المسترشد يستنجده على الفرنج وَحضر بَغْدَاد مجَالِس النّظر وَتكلم مَعَ الْفُقَهَاء فِي الْخلاف
قَالَ ابْن النجار وَحدث عَن وَالِده بِحَدِيث مُنكر سَمعه مِنْهُ أَبُو بكر ابْن كَامِل وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية بِدِمَشْق وَهُوَ وَاقِف الْمدرسَة الحنبلية قبالة الرواحية
3 - (الْحَافِظ الثَّقَفِيّ)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد بن الصَّلْت أَبُو مُحَمَّد الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ الْحَافِظ أحد الْأَئِمَّة قَالَ ابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ ثِقَة وَقَالَ الْعجلِيّ ثِقَة وَقَالَ عقبَة بن مكرم كَانَ قد اخْتَلَط قبل مَوته بِثَلَاث سِنِين أَو أَربع
وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين ماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة)
3 - (أَبُو الْحسن الْوراق)
عبد الْوَهَّاب بن عبد الحكم بن نَافِع أَبُو الْحسن(19/205)
الْوراق النَّسَائِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ العابد
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين ومايتين
3 - (أَبُو نصر الْخفاف)
عبد الْوَهَّاب بن عَطاء أَبُو نصر الْبَصْرِيّ الْخفاف مولى بني عجل قَالَ ابْن معِين ثِقَة
وَقَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة
وَتُوفِّي سنة أَربع ومايتين وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (ابْن سكينَة الْحَافِظ الشَّافِعِي)
عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن عَليّ بن عبيد الله أَبُو أَحْمد ابْن أبي مَنْصُور الْأمين الْمَعْرُوف بِابْن سكينَة شيخ وقته فِي علو الْإِسْنَاد والمعرفة والإتقان والزهد وَالْعِبَادَة والسمت الْحسن وسلوك طَرِيق السّلف بكر بِهِ وَالِده فأسمعه فِي صباه بإفادة الْحَافِظ ابْن نَاصِر وقراءته من هبة الله ابْن الْحصين وزاهر بن طَاهِر الشحامي وَمُحَمّد ابْن حمويه الْجُوَيْنِيّ وأخيه عبد الصَّمد وَمُحَمّد بن الْحسن الْمَاوَرْدِيّ ثمَّ صحب أَبَا سعد السَّمْعَانِيّ وَأَبا الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَسمع مَعَهُمَا الْكثير من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ من وَالِده أبي مَنْصُور عَليّ وَمن جده لأمه أبي البركات إِسْمَاعِيل ابْن أَحْمد النَّيْسَابُورِي وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الْحَافِظ ابْن نَاصِر وَقَرَأَ عَلَيْهِ كتبا كبارًا وأجزاء كَثِيرَة وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الحَدِيث وَغَيره وَحصل الْأُصُول والنسخ الملاح بالخطوط الْحَسَنَة وَقَرَأَ بالروايات على عبد الله بن عَليّ سبط أبي مَنْصُور الْخياط وعَلى الْحَافِظ أبي(19/206)
الْعَلَاء الْحسن بن احْمَد الْعَطَّار الهمذاني وَغَيرهمَا وَقَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف على أبي مَنْصُور سعيد بن مُحَمَّد بن الرزاز وَغَيره وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب
وَصَحب جده أَبَا البركات وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة وانتفع بِهِ وَحدث بِجَمِيعِ مروياته مرَارًا وقصده النَّاس من الأقطار وَكَانَ كثير الْحَج وَالْعمْرَة وجاور بِمَكَّة وَكَانَ دَائِما على سجادته على طَهَارَة يسْتَقْبل الْقبْلَة وَيقْرَأ الْقُرْآن لَيْلًا وَنَهَارًا والمصحف فِي يَده ينظر فِيهِ وَإِذا غَلبه النّوم نَام على سجادته فَإِذا اسْتَيْقَظَ جدد الْوضُوء وَكَانَ يديم الصّيام مَعَ علو سنه قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا حجَّة نبيلاً وركناً من أَرْكَان الدّين وعلماء الْمُسلمين وَرُوِيَ عَمَّن)
روى وَهُوَ حَيّ
ومولده سنة تسع عشرَة وَخمْس ماية ووفاته سنة تسع وست ماية وَقَالَ غَيره كَانَ يُكَرر على التَّنْبِيه وَكَانَ كثير الِاشْتِغَال بالمهذب والوسيط
3 - (القَاضِي الْمَالِكِي)
عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن نصر بن أَحْمد القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الْمَالِكِي سمع وروى
وَكَانَ شيخ الْمَالِكِيَّة فِي عصره وعالمهم قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ ثِقَة لم ألق أفقه مِنْهُ
ولي الْقَضَاء بباذاريا وَنَحْوهَا وَخرج فِي آخر عمره إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع ماية وَقيل هُوَ من أَوْلَاد مَالك بن طوق صَاحب الرحبة وصنف التَّلْقِين وَهُوَ مَعَ صغره من كبار خِيَار الْكتب وَله الْمعرفَة فِي شرح الرسَالَة وَله عُيُون الْمسَائِل والنصرة لمَذْهَب مَالك وَكتاب الْأَدِلَّة فِي مسَائِل الْخلاف وَشرح الْمُدَوَّنَة
وَخرج لمصر فِي آخر عمره لإملاق بِهِ وَفِي ذَلِك يَقُول
(بَغْدَاد دَار لأهل المَال طيبَة ... وللمفاليس ذَات الضنك والضيق)
(ظللت حيران أَمْشِي فِي أزقتها ... كأنني مصحف فِي بَيت زنديق)
واجتاز فِي طَرِيقه بمعرة النُّعْمَان وأضافه أَبُو الْعَلَاء المعري وَفِي ذَلِك يَقُول
(والمالكي ابْن نصر زار فِي سفر ... بِلَادنَا فحمدنا النأي والسفرا)(19/207)
(إِذا تفقه أَحْيَا مَالِكًا جدلاً ... وينشر الْملك الضليل إِن شعرًا)
وَمن شعره
(سَلام على بَغْدَاد فِي كل موطن ... وَحقّ لَهَا مني سَلام مضاعف)
(فوَاللَّه مَا فارقتها عَن قلى لَهَا ... وَإِنِّي بشطي جانبيها لعارف)
(وَلكنهَا ضَاقَتْ عَليّ بأسرها ... وَلم تكن الأرزاق فِيهَا تساعف)
(وَكَانَت كخل كنت أَهْوى دنوه ... وأخلاقه تنأى بِهِ وتخالف)
وَمِنْه
(مَتى يصل العطاش إِلَى ارتواء ... إِذا استقت الْبحار من الركايا)
(وَمن يثني الْأَصْغَر عَن مُرَاد ... وَقد جلس الأكابر فِي الزوايا)
(وَإِن ترفع الوضعاء يَوْمًا ... على الرفعاء من إِحْدَى البلايا)
)
(إِذا اسْتَوَت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا)
وَمِنْه
(ونائمة قبلتها فتنبهت ... وَقَالَت تَعَالَوْا فَاطْلُبُوا اللص بِالْحَدِّ)
(فَقلت لَهَا إِنِّي فديتك غَاصِب ... وَمَا حكمُوا فِي غَاصِب بسوى الرَّد)
(فَقَالَت قصاص يشْهد الْعقل أَنه ... على كبد الْجَانِي ألذ من الشهد)
(فباتت يَمِيني وَهِي هميان خصرها ... وباتت يساري وَهِي وَاسِطَة العقد)
(فَقَالَت ألم أخْبرهَا بأنك زاهد ... فَقلت بلَى مَا زلت أزهد فِي الزّهْد)
وَمِنْه
(أيا من قَوْله نعم ... وكل مقاله نعم)
(تَقول لقد سعى الوا ... شون بالتحريش لَا سلمُوا)
(وَقد راموا قطيعتنا ... فَقلت بلَى أَنا لَهُم)
قلت قد تقدم فِي المحمدين فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر الْمَعْرُوف بِابْن الْوَكِيل شَيْء من هَذِه الْمَادَّة
وَمن شعر القَاضِي عبد الْوَهَّاب
(أَتَذكر إِذْ نِهَايَة مَا تمنى ... مُلَاحظَة بهَا مِنْهُ تفوز)
(فحين نسجت بَيْنكُمَا التصافي ... دخلت وصرت من برا أجوز)(19/208)
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ابْن الطّيب الباقلاني أَخذه من قَول الآخر
(قد كنت أقرا هَذِه السوره ... فَانْكَشَفَتْ لي هَذِه الصوره)
(شبشتني حَتَّى إِذا صدت من ... تهواه بِي فزرتني خَيره)
الشباش الطَّائِر الَّذِي يُقيد فِي الشّرك ليصاد بِهِ غَيره من نَوعه
وَقد تقدم ذكر أَخِيه الْحسن بن عَليّ فِي حرف الْحَاء مَكَانَهُ
3 - (ابْن كردان النَّحْوِيّ)
عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن طَلْحَة أَبُو الْقَاسِم ابْن كردان بِضَم الْكَاف وَسُكُون الرَّاء وَبعد الدَّال ألف وَنون الوَاسِطِيّ النَّحْوِيّ صَاحب الْفَارِسِي والرماني قَرَأَ عَلَيْهِمَا كتاب سِيبَوَيْهٍ وَأهل وَاسِط يتغالون فِيهِ ويفضلونه على ابْن جني صنف فِي إِعْرَاب الْقُرْآن كتابا نَحْو خمس)
وَعشْرين مجلدة ثمَّ بدا لَهُ فَغسله قبل مَوته وَهُوَ أحد من لم يذكرهُ ابْن عَسَاكِر
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع ماية
وَمن شعره
(سئم الأديب من الْمقَام بواسط ... إِن الأديب بواسط مهجور)
(يَا بَلْدَة فِيهَا الْغَنِيّ مكرم ... وَالْعلم فِيهَا ميت مقبور)
(لَا جادك الْغَيْث الهطول وَلَا اجتلى ... فِيك الرّبيع وَلَا عداك حبور)
(شَرّ الْبِلَاد أرى فعالك ساتراً ... عني الْجَمِيل وشرك الْمَشْهُور)
وَمِنْه
(أَبْصرت فِي المأتم مقدودة ... تقضي ذماماً بتكاليفها)
(تُشِير باللطم إِلَى وجنة ... ضرجها مبدع تأليفها)
(إِذا تبدى الصُّبْح فِي وَجههَا ... جمشه ليل تطاريفها)
وَكَانَ يجْتَمع هُوَ وسيدرك الوَاسِطِيّ الشَّاعِر ويتناشدان الْأَشْعَار
3 - (تَاج الدّين السُّبْكِيّ)(19/209)
عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الإِمَام الْعَالم الْفَقِيه الْمُحدث النَّحْوِيّ النَّاظِم تَاج الدّين أَبُو نصر ابْن الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة السُّبْكِيّ يَأْتِي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة وَالِده ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية وَسمع من الْمَقْدِسِي وطبقته بِمصْر وَمن بنت الْكَمَال وَابْن تَمام وَمن الْمزي وَأَجَازَ لَهُ الحجار وعني بالرواية وَسمع كثيرا وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على شَيخنَا شمس الدّين الذَّهَبِيّ كثيرا من مصنفاته وَغَيرهَا وَأفْتى ودرس ونظم الشّعْر وَعمل الألغاز وراسلني وراسلته وَبِالْجُمْلَةِ فَعلمه كثير على سنه وَحج من الشَّام هُوَ وَأَخُوهُ الشَّيْخ بهاء الدّين أَبُو حَامِد أَحْمد سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع ماية وَعمل الورقات فِي الطَّبَقَات ذكر فِيهَا الْفُقَهَاء أَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَكتبت عَلَيْهَا وقف الْمَمْلُوك على هَذِه الورقات وَصعد فِي معارج التَّأَمُّل إِلَى هَذِه الطَّبَقَات وباشر نظرها وَعلم مَا لفوائدها فِي كل وَقت من النَّفَقَات فَرَأى أوراقها المثمرة وغصونها المزهرة وراقت لَهُ ليَالِي سطورها الَّتِي هِيَ بالمعاني مُقْمِرَة وَشهد برق فضائلها اللهاب وَعلم من جمعهَا أَن لكل مَذْهَب عبد الْوَهَّاب)
(لقد أحيى الَّذين تضمنتهم ... وأجسلهم على سرر السرُور)
(فأصحاب التراجم فِي طباق ... أطلوا من شبابيك السطور)
فَمَا هِيَ طَبَقَات لَكِن بروج كراكب وَمَا هِيَ سطور مواكب لقد أَعْجَبته همة من حررها وَأسسَ قواعدها وقررها وَحصل بِهَذَا الْوَلَد النجيب الياس من فضل القَاضِي إِيَاس وَكَونه تقدم فِي شبابه على كهول أَصْحَابه فَهَذَا أَصْغَر سنا وأكبر منا وَقد شهد لَهُ الْعقل وَالنَّقْل بِأَنَّهُ فتي السن كهل الْعلم والحلم وَالْعقل وَالله يمتع الزَّمَان بفوائده ويرقيه فِي الدّين وَالدُّنْيَا إِلَى دَرَجَات وَالِده يمنه وَكَرمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَعمل مصنفاً صَغِيرا فِي الطَّاعُون سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع ماية وَعمل أَيْضا كتابا حافلاً فِي الْأَشْبَاه والنظائر فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَشرح الْمِنْهَاج فِي أصُول الْفِقْه للبيضاوي كَانَ وَالِده الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة قد شرح مِنْهُ قِطْعَة صَغِيرَة وكمل هُوَ عَلَيْهَا(19/210)
3 - (أَخُو الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل)
عبد الْوَهَّاب بن عمر هُوَ أَخُو الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَكَانَ أسود أمه حبشية تفقه وَحضر الْمدَارِس ثمَّ إِنَّه تمفقر وتجرد وجرد الْعَالم
وَتُوفِّي شَابًّا سنة تسع وَتِسْعين وست ماية
3 - (ظهير الدّين ابْن أَمِين الدولة)
عبد الْوَهَّاب بن عمر الإِمَام الزَّاهِد النَّحْوِيّ ظهير الدّين ابْن عمر ابْن عبد الْمُنعم بن هبة الله ابْن أَمِين الدولة الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الصُّوفِي
مولده سنة أَرْبَعِينَ وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسبع ماية سمع من حيية الحرانية وَأَجَازَ لَهُ شُعَيْب الْحَرَّانِي وَابْن الجميزي وَحدث وَأخذ عَنهُ مُحَمَّد بن طغريل وَجَمَاعَة
3 - (القَاضِي شرف الدّين كَاتب السِّرّ)
عبد الْوَهَّاب بن فضل الله القَاضِي شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأَثِير الأثيل يَمِين الْمُلُوك والسلاطين الْقرشِي الْعمريّ وَتقدم ذكر نسبه إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فِي تَرْجَمَة ابْن أَخِيه القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن يحيى مولده فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية
كَانَ كَاتبا أديباً مترسلاً كتب الْمَنْسُوب الْفَائِق ومتع بحواسه لم يفقد مِنْهَا شَيْئا وَلم يتَغَيَّر كِتَابه)
وَمَات وَهُوَ جَالس ينفذ بريداً إِلَى بعض النواحي وتنقل إِلَى أَن صَار صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِمصْر مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ مخاديمه يعظمونه ويحترمونه مثل حسام الدّين لاجين وَالْملك الْأَشْرَف وَالْملك النَّاصِر وَلَدي قلاوون والأمير سيف الدّين تنكز كَانَ قَلِيل يذكرهُ وَيجْعَل أَفعاله قَوَاعِد يمشي النَّاس عَلَيْهَا وَكَانَ كَامِلا فِي فنه مَا كتب عَن مُلُوك الأتراك أحد مثله وَلَا عرف مقاصدهم مثله وَكَانَ يَدُور فِي كَلَامه ويتحيل حَتَّى يخرج عَن ثقل الْإِعْرَاب وَمَا يلحن لِأَن ذَلِك خرج مُلُوك عصره رَآهُ الْملك الْأَشْرَف مرّة وَقد قَامَ وَمَشى تلقى أَمِيرا فَلَمَّا حضر عِنْده قَالَ رَأَيْتُك قد قُمْت من مَكَانك وخطوت خطوَات فَقَالَ يَا خوند كَانَ الْأَمِير سيف الدّين بيدار النَّائِب قد جَاءَ وَسلم عَليّ فَقَالَ لَا تعد تقم لأحد أبدا أَنْت تكون قَاعِدا عِنْدِي وَذَاكَ وَاقِف وَحكى لي القَاضِي(19/211)
شهَاب الدّين ابْن القيسراني قَالَ كنت يَوْمًا أَقرَأ الْبَرِيد على الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَتحَرك على جَائِر الْمَكَان طَائِر فَالْتَفت إِلَيْهِ يَسِيرا وَرجع إِلَيّ وَقَالَ كنت يَوْمًا بالمرج وَشرف الدّين ابْن فضل الله يقْرَأ عَليّ بريداً جَاءَ من السُّلْطَان وَالصبيان قد رموا جلمة على عُصْفُور فاشتغلت بِالنّظرِ إِلَيْهَا فَبَطل الْقِرَاءَة وَأَمْسِكْنِي وَقَالَ يَا خوند إِذا قَرَأت عَلَيْك كتاب السُّلْطَان إجعل بالك كُله مني وَيكون كلك عِنْدِي لَا تشتغل بغيري أبدا وافهمه لَفْظَة لَفْظَة أَو كَمَا قَالَ وَمَا رأى أحد مَا رَآهُ من تَعْظِيمه فِي نفوس النَّاس وَكَانَ فِي مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر وَيَأْكُل الْأَطْعِمَة المنوعة الفاخرة وَيعْمل السماعات المليحة ويعاشر الْفُضَلَاء مثل ابْن مَالك بدر الدّين وَغَيره ثمَّ انْسَلَخَ من ذَلِك كُله لما دَاخل الدولة وقتر على نَفسه وَاخْتصرَ فِي ملبسه وانجمع عَن النَّاس انجماعاً كلياً وَكَانَ قد سمع فِي الكهولة من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لَهُ ابْن مسلمة وَغَيره وَلما مَاتَ خلف نعْمَة طائلة
وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد نَقله من مصر إِلَى الشَّام عوضا عَن أَخِيه القَاضِي محيي الدّين لِأَن السُّلْطَان كَانَ قد وعد القَاضِي عَلَاء الدّين الْأَثِير لما كَانَ مَعَه بالكرك بالمنصب فَأَقَامَ بِدِمَشْق إِلَى سنة سبع عشرَة وَسبع ماية وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر رَمَضَان
ورثاه القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود وَهُوَ بِمصْر أَنْشدني ذَلِك إجَازَة وَكتب بهَا إِلَيّ القَاضِي محيي الدّين يحيي أَخِيه
(لتبكي الْمَعَالِي والنهى الشّرف الْأَعْلَى ... وتبك الورى الْإِحْسَان والحلم والفضلا)
(وتنتحب الدُّنْيَا لمن لم تَجِد لَهُ ... وَإِن جهدت فِي حسن أَوْصَافه مثلا)
)
(وَمن أتعب الناي أَتبَاع طَرِيقه ... فكفوا وأعيتهم طَرِيقَته المثلى)
(لقد أثكل الْأَيَّام حَتَّى تجهمت ... وَإِن كَانَت الْأَيَّام لَا تعرف الثكلا)
(وَفَارق مِنْهُ الدست صَدرا مُعظما ... رحيباً يرد الْحزن تَدْبيره سهلا)
(فكم حاط بِالرَّأْيِ الممالك فاكتفت ... بِهِ أَن تعد الْخَيل للصون والرجلا)
(وَكم جردت أَيدي العدى نصل كيدهم ... فَرد إِلَى أَعْنَاقهم ذَلِك النصلا)
(وَكم جلّ خطب لَا يحل انْعِقَاده ... فاعمل فِيهِ صائب الرَّأْي فانحلا)
(وَكم جَاءَ أَمر لَا يُطَاق هجومه ... فَلَمَّا تولى أَمر تَدْبيره ولى)
(وَكم كف محذوراً وَكم فك عانياً ... وَكم رد مَكْرُوها وَكم قد جلا جلى)(19/212)
مِنْهَا
(وَقد كَانَ للاجين ظلاً فقلصت ... يَد الْمَوْت عدوا عَنْهُم ذَلِك الظلا)
(وعف عَن الْأَعْرَاض مغض عَن القذى ... صبور عَلَيْهِ فِي الورى يحمل الكلا)
(سأندبه دهري وأرثيه جاهداً ... وَأكْثر فِيهِ من بُكَائِي وَإِن قلا)
(وَلم لَا وَقد صاحبته كل مدتي ... أرَاهُ أَبَا برا ويعتدني نجلا)
(وَلم يرنا فِي طول مدتنا امْرُؤ ... فيحسبنا إِلَّا الْأَقَارِب والأهلا)
(وَكم أرشدتني فِي الْكِتَابَة كتبه ... وَلَو زل عَن إرشادها خاطري ضلا)
(وَكم مشكلات لم يبن لمحدق ... إِلَيْهَا جلاها فانجلت عِنْدَمَا أمْلى)
(فَمن هَذِه حَالي وحالته معي ... أيحسن أَن أبْكِي على فَقده أم لَا)
(وعهدي بِهِ لَا أبعد الله عَهده ... وأقلامه أَنى جرت نشرت عدلا)
(وتجري بِمَا تجْرِي الْمُلُوك من الندى ... بهَا فتزيل الجدب وَالْمحل والأزلا)
(لقد كَانَ لي أنس بِهِ وَهُوَ نازح ... كَأَن التنائي لم يفرق لنا شملا)
(وَقد زَالَ ذَاك الْأنس واعتضت بعده ... دموعاً إِذا أنشأتها أنشأت الوبلا)
(فَلَا دمعي الهامي يجِف وَلَا الأسى ... يخف جواه إِن أقل لَهما مهلا)
(وَلَا حرقي تخبو وَإِن يطف وقدها ... بِمَاء دموعي صَار فِيهَا غضى جزلا)
(إِلَى الله أَشْكُو فقد صحب رزئتهم ... وفقد ابْن فضل الله قد عدل الكلا)
(وَلم يتْرك الْمَوْت الَّذِي حم مِنْهُم ... حميماً وَلَا خلى الردى مِنْهُم خلا)
)
(وعمهم دَاعِي الْحمام فَأَسْرعُوا ... جَمِيعًا وَألْفي قَوْلنَا فيهم إِلَّا)
(وَكم يرتجي الساري الونى عَن رفاقه ... إِذا ركبهمْ يَوْمًا بدارهم حلا)
(أيطمع من قد جَازَ معترك الردى ... بإبطائه عَمَّن تقدمه كلا)
(وَلَا سِيمَا من عَاهَدَ الدَّاء جِسْمه ... يعاوده بدءاً إِذا ظَنّه ولى)
(عزاءك محيي الدّين فِي الذَّاهِب الَّذِي ... قضى إِذْ قضى فرض المناقب والنقلا)
(فمثلك من يلقى الخطوب بكاهل ... يقل الَّذِي تعيى الْجبَال بِهِ حملا)
(وَفِي الصَّبْر أجر أَنْت تعرف فَضله ... وآثاره الْحسنى فَلَا تدع الفضلا)
(وَسلم لأمر الله وَارْضَ بِحكمِهِ ... تحز مِنْهُ فضلا مَا بَرحت لَهُ أَهلا)
(وَلَا زَالَ صوب المزن وَالْعَفو دَائِما ... يؤمانه حَتَّى إِذا وصلا آنهلا)(19/213)
ورثاه الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن غَانِم أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة
(مَا كنت عَن حزني عَلَيْك بلاهي ... لما فقدتك يَا ابْن فضل الله)
(أَصبَحت ذَا جلد لفقدك واهن ... حزنا عَلَيْك وَذَا اصطبار واه)
(كم صنت سر الْملك مِنْك بهمة ... وَفِيه كِفَايَة مَا صانها إِلَّا هِيَ)
(وَلكم مُهِمّ مُشكل أمضيته ... إِذْ أَنْت فِيهِ آمُر أَو ناه)
(من للْمصَالح والمهمات الَّتِي ... مَا كنت عَنْهَا سَاعَة بالساهي)
(كم حَاجَة حصلت بجاهك وَانْقَضَت ... وكريهة فرجتها لله)
(من ذَا يقوم مقَام فضلك فِي العلى ... من سَائِر الأنظار والأشباه)
(مَا زلت عمرك محسناً حَتَّى انْتهى ... وَلكُل عمر فِي الزَّمَان تناه)
(كم قَائِل مَا زلت أَنْت ملاذه ... قد كنت عزي فِي الزَّمَان وجاهي)
(وَلكم سعيد مَاتَ بعْدك خاملاً ... بك كَانَ بفخر دَائِما ويباهي)
(مَا فَرد داهية برزئك قد دهت ... بل قد دهت لما فقدت دواهي)
(قسما لقد خمل الزَّمَان وَكَانَ لما كن ... ت بِهِ هُوَ الزَّمَان الزاهي)
(لله در معارف قد حزتها ... من ذَا يجاري فَضلهَا ويباهي)
(أنطقت أَفْوَاه الرفاق بمدحك العا ... لي لفضل دَامَ مِنْك وفاهي)
(أسفي على مَا فَاتَ مِنْك وَأَنت لم ... تَبْرَح بقربي منعماً وتجاهي)
)
(أبكيك مَا بَقِي الْبكاء بكاء مح ... زون على طول المدى أَواه)
(فسقت ضريحك رَحْمَة فياضة ... ترويه بالأنواء والأمواه)
وَلما طلب إِلَى مصر كتب إِلَيْهِ عَلَاء الدّين الوداعي وَمن خطه نقلت
(وَافَقت رَبِّي من ثَلَاث بِأَن ... تبقى وترقى وتنال الْعلَا)
(وَقد رَأَتْ عَيْنَايَ أمنيتي ... وَالْحَمْد لله تَعَالَى على)
(والآن فِي مصر فَلَا بُد من ... أَن تخلف الْفَاضِل والأفضلا)
وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا
(لَئِن كَانَ أُصَلِّي من ذؤابة كِنْدَة ... أولي الحكم الغراء والمنطق الْفَصْل)
(فَمَا زلت طول الدَّهْر أشكر فَضلكُمْ ... إِلَى أَن دَعونِي فِي الْفَضَائِل بِالْفَضْلِ)
وَأما إنْشَاء القَاضِي شرف الدّين صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة فَمن نثره كتاب بشرى بالنيل هُوَ(19/214)
لَا زَالَت البشائر تستمتع بمحاورته وتغتبط بمجاورته وتود لَو اسْتَقر بذراه قَرَارهَا وَطَالَ مَعَه سرارها هَذِه الْجُمْلَة تبشره بِنِعْمَة عظمت مواهبها وعذبت مشاربها وانتشرت فِي البسيطة مذاهبها وروت الآمال الظماء وضاهت الأَرْض بهَا السَّمَاء وأغنت عَن منَّة الْغَمَام وعممت مصر بالهناء حَتَّى فاض إِلَى الشَّام وَهِي وَفَاء النّيل الَّذِي وفى وَفِي وفائه حَيَاة الْبِلَاد والعباد وشكر النِّعْمَة بِهِ مُتَعَيّن على الْحَاضِر والباد
وَمن إنشائه ورد كِتَابه فتمتع مِنْهُ بعرائس أبكار الأفكار وتملا مِنْهُ بنفائس من أنفاس الأزهار وَشَاهد كل سطر مِنْهُ أحسن من سطر وَكَانَ ناظره صَائِما عَن النّظر لبعده فَأوجب عَلَيْهِ عِنْد قدومه فطرا وردد فكره فِي بدائعه الرائقة الرائعة وَرَأى التشريف بإرساله من جملَة صنائعه المتتابعة ووقف عَلَيْهِ وسر بدنوه وإيابه وشكر الْأَيَّام الَّتِي خولته من اقترابه مَا لم تطمعه الأوهام فِي تمثيله وَلم يدر فِي حسابه وَالله تَعَالَى يقرن الْيمن بِهَذِهِ الْحَرَكَة ويجعلها مُشْتَمِلَة على السَّعَادَة مَخْصُوصَة بِالْبركَةِ
وَمِنْه نُسْخَة كتاب كتبه عَن نَائِب السلطنة بِالشَّام لما قدم الْمُبَارك الَّذِي ادّعى أَنه ابْن الْمُسْتَنْصر سَلام عَلَيْكُم طبتم فادخلوها خَالِدين
(لِيَهنك النِّعْمَة المخضر جَانبهَا ... من بعد مَا اصفر فِي أرجائها العشب)
ضاعف الله جلال الجناب الشريف العالي المولوي السيدي النَّبَوِيّ وَجعل قدومه كاسمه)
الْمُبَارك على الْإِسْلَام
(وَاسم شققت لَهُ من اسْمك فاكتسى ... شرف الْعُلُوّ بِهِ وَفضل العنصر)
وَأورد ركابه الأَرْض الشامية وُرُود الْغَمَام وَبَين أنوار الْخلَافَة على جبين مجده فَلَا تضام النواظر فِي رؤيتها وَلَا الأفرام وأضاء بِوُجُودِهِ بَيت الْإِمَامَة من يعود إِلَى عوائده الْحسنى فِي سالف الْأَيَّام وسخر لَهُ العزائم والشكائم وَجعل من شيمته السيوف والأقلام ورد الْكتاب الْكَرِيم تبدو البركات من صفحاته وتسري نسمات السعد من أنفاس كَلمه الطّيب ونفحاته وَكَانَ كالسحاب إِذا سح وابله وكالذكر الْمَحْفُوظ إِذا عَمت ميامنه الْإِسْلَام وفواضله وكالبدر وافته لوقت سعوده وَتمّ سناه اسْتَقَلت مَنَازِله فَتَلقاهُ حِين ألْقى إِلَيْهِ من سَمَاء الشّرف بالإعظام وَحل الواردون بِهِ من مَوَاطِن الْقبُول مَحل الْمَلَائِكَة الْوَحْي الْكِرَام وتلا على من قبله يَا بشراي هَذَا سيد وَلم يقل هَذَا غُلَام فَأَي قلب لم يسر بمقدمه وَأي طرف لم يستطلع أنوار مطلعه على الدُّنْيَا ومنجمه
من شعره يمدح الْملك الْمَنْصُور قلاوون الألفي
(تهب الألوف وَلَا تهاب لَهُم ... ألفا إِذا لاقيت فِي الصَّفّ)
(ألف وَألف فِي ندى ووغى ... فلأجل ذَا سموك بالألفي)(19/215)
وَمِنْه لما ختن الْملك النَّاصِر مُحَمَّد
(لم يروع لَهُ الْخِتَان جنَانًا ... قد أصَاب الْحَدِيد مِنْهُ الحديدا)
(مِثْلَمَا تنقص المصابيح بالقط ... فتزداد فِي الضياء وقودا)
وَمِنْه
(كتبت والشوق يدنيني إِلَى أمل ... من اللِّقَاء ويقصيني عَن الدَّار)
(والشوق يضرم فِيمَا بَين ذَاك وَذَا ... بَين الجوانح أَجزَاء من النَّار)
وَمِنْه
(فِي ذمَّة الله ذَاك الركب إِنَّهُم ... سَارُوا وَفِيهِمْ حَيَاة المغرم الدنف)
(فَإِن أعش بعدهمْ فَردا فيا عجبي ... وَإِن أمت هَكَذَا وجدا فيا أسفي)
وَمِنْه تهنئة لفتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر ببنت
(أمولاي فتح الدّين هنئ خدركم ... بقرة عين للصيانة وَالْمجد)
)
(ومتعتم فِيهَا بأيمن غرَّة ... مباركة فِي الصَّالِحَات من الْوَلَد)
(وصين بَين سعد حماكم وعشتم ... ميامين فرسَان اليراعة وَالْحَمْد)
(وعوذتم من عين حَاسِد فَضلكُمْ ... ومجدكم فِي الدست يَوْمًا وَفِي المهد)
(فأولادكم إِمَّا بدور فَضِيلَة ... وَإِمَّا شموس هن أخبية السعد)
(فبورك فِيهَا طلعة فلربما ... أَفَادَ بني سعد فخاراً بَنو نهد)
3 - (النشو نَاظر الْخَاص)
عبد الْوَهَّاب بن فضل الله القَاضِي شرف الدّين النشو نَاظر الْخَاص كَانَ هُوَ ووالده وَإِخْوَته يخدمون الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب فَلَمَّا انفصلوا من عِنْده أَقَامُوا بطالين فِي بَيتهمْ مُدَّة ثمَّ استخدم النشو الْمَذْكُور عِنْد الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش أَمِير آخور فِي خدمته تَقْدِير سِتَّة أشهر ثمَّ إِن السُّلْطَان جمع كتاب الْأُمَرَاء فَحَضَرُوا فَرَآهُ وَهُوَ وَاقِف وَرَاء الْجَمِيع وَهُوَ شَاب طَوِيل نَصْرَانِيّ حُلْو الْوَجْه فاستدعاه وَقَالَ أيش أسمك قَالَ النشو فَقَالَ أَنا أجعلك نشوي ثمَّ إِنَّه رتبه مُسْتَوْفيا فِي الجيزية وَأَقْبَلت سعادته فأرضاه فِيمَا يندبه إِلَيْهِ وملأ عَيْنَيْهِ ثمَّ نَقله إِلَى اسْتِيفَاء الدولة فباشر ذَلِك مُدَّة ثمَّ إِنَّه(19/216)
استسلمه على يَد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَسلم إِلَيْهِ ديوَان آنوك ابْن السُّلْطَان فخدمته السَّعَادَة ولاحظته عيونها فَلَمَّا توفّي القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش نقل السُّلْطَان شمس الدّين مُوسَى من نظر الْخَاص إِلَى الْجَيْش وَنقل النشو إِلَى نظر الْخَاص مَعَ كِتَابَة ابْن السُّلْطَان وَحج مَعَ السُّلْطَان فِي تِلْكَ السّنة وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية وَلما كَانَ فِي الِاسْتِيفَاء وَهُوَ نَصْرَانِيّ كَانَت أخلاقه حَسَنَة وَفِيه بشر وطلاقة وَجه وتسرع إِلَى قَضَاء حوائج النَّاس وَكَانَ النَّاس يحبونه فَلَمَّا تولى الْخَاص وَكثر الطّلب عَلَيْهِ من السُّلْطَان وَزَاد السُّلْطَان فِي الإنعامات والعمائر وَبَالغ فِي أَثمَان المماليك وَزوج بَنَاته وَاحْتَاجَ إِلَى الكلف الْعَظِيمَة المفرطة الْخَارِجَة عَن الْحَد ساءت أَخْلَاق النشو وَأنكر من يعرفهُ وَفتحت أَبْوَاب المصادرات للْكتاب وَلمن مَعَه مَال وَكَانَ النَّاس يقومُونَ مَعَه ويقعون إِلَى أَن حرج فازداد الشَّرّ أضعافه وَهلك أنَاس كَثِيرُونَ وسلب جمَاعَة نعمهم وَزَاد الْأَمر إِلَى أَن دخل الْأَمِير سيف الدّين بشتاك والأمير سيف الدّين قوصون وَجَمَاعَة من الخاصكية وَمَعَهُمْ عبد الْمُؤمن الَّذِي تقدم ذكره إِلَى السُّلْطَان فَلَمَّا حَضَرُوا وأجلسهم وَأخرج عبد الْمُؤمن سكيناً عَظِيمَة من غلافها فارتاع السُّلْطَان فَقَالَ عبد الْمُؤمن أَنا السَّاعَة)
أخرج إِلَى النشو وأضربه بِهَذِهِ السكينَة وَأَنت تشنقني وأريح النَّاس من هَذَا الظَّالِم فَقَالَ يَا أُمَرَاء مَتى قتل هَذَا بَغْتَة رَاح مَالِي وَلَكِن اصْبِرُوا حَتَّى نبرم الْحَال فِي أمره فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة اثْنَيْنِ ثَانِي شهر صفر سنة أَرْبَعِينَ اجْتمع السُّلْطَان بِهِ وَقَالَ لَهُ غَدا نُرِيد نمسك فلَانا فَاطلع أَنْت من سحر لتروح تحتاط عَلَيْهِ وأحضر جماعتك ليتوجه كل وَاحِد مِنْهُم إِلَى جِهَة أعينها لَهُ فَلَمَّا كَانَ من بكرَة النَّهَار طلع إِلَيْهِ وَدخل إِلَيْهِ وَاجْتمعَ بِهِ وَقرر مَعَه الْأَمر وَقَالَ لَهُ أخرج حَتَّى أخرج أَنا وأعمل على إِمْسَاكه مَعَ الْأُمَرَاء فَخرج وَقعد على بَاب الخزانة قَالَ السُّلْطَان لبشتاك أخرج إِلَى النشو وأمسكه فَخرج إِلَيْهِ وأمسكه وَأمْسك أَخَاهُ رزق الله الْمَذْكُور فِي حرف الرَّاء وصهره وأخاه وجماعتهم وعبيدهم وَلم ينجح مِنْهُم إِلَّا المخلص أَخُو النشو فَإِنَّهُ كَانَ فِي بعض الديرة فَجهز إِلَيْهِ من أمْسكهُ وأحضره وجهز رزق الله إِلَى بَيت الْأَمِير سيف الدّين قوصون فَلَمَّا أصبح وجدوه قد ذبح نَفسه وَأما النشو فتسلمه الْأَمِير سيف الدّين برسبغا الْحَاجِب من الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وعوقب هُوَ وَأَخُوهُ والمخلص ووالدتهما وعبيدهم
وَمَاتَتْ والدته وَأَخُوهُ المخلص تَحت الْعقُوبَة فِي المعاصير والمقارع ثمَّ إِن السُّلْطَان رق على النشو وَرفع عَنهُ الْعقُوبَة ورتب لَهُ الجرائحية وَالشرَاب والفراريج فاستشعروا رضَا السُّلْطَان عَنهُ فأعيدت عَلَيْهِ الْعقُوبَة وَمَات تحتهَا وَقيل إِن الَّذِي أَخذ مِنْهُ وَمن إخْوَته وَأمه وَأُخْته وصهره وعبيدهم بلغ ثَلَاث ماية ألف دِينَار مصرية وَفِي إِمْسَاكه نظم القَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ بن فضل الله صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء
(فِي يَوْم إثنين ثَانِي الشَّهْر من صفر ... نَادَى الْبشر إِلَى أَن أسمع الفلكا)
(يَا أهل مصر نجا مُوسَى ونيلكم ... وفى وَفرْعَوْن وَهُوَ النشو قد هلكا)(19/217)
حُكيَ لي القَاضِي شرف الدّين النشو من لَفظه غير مرّة لما تولى نظر الْخَاص قَالَ كنت أطلع مَعَ وَالِدي إِلَى القلعة بِالْحِسَابِ فيتقدمني هُوَ بحماره الْقوي وأنقطع أَنا على الْحمار الضَّعِيف والحساب عَلَيْهِ فَلَا أَزَال أضربه بالعصا إِلَى أَن تتكسر ثمَّ أضربه بفردة السرموزة إِلَى أَن تتقطع وأطلع القلعة وَأَنا فِي أنحس حَال وَحكى لي قَالَ لما بطلنا من عِنْد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب أَقَمْنَا نبيع من أطرافنا وننفق علينا إِلَى أَن لم يبْق لنا شَيْء فأصبحنا يَوْمًا وَلم نجد مَا نبيعه فجمعنا اللوا لَك الْعتْق وسيرنا أبعناها بِمَا أنفقناه علينا فَقَالَ لي وَالِدي هَذَا آخر الخمول وَمَا بَقِي بعد هَذَا قطوع وَقد قرب الْفرج قَالَ وَكَانَ لي قَمِيص إِذا خرجت)
أَنا لبسته وَإِذا خرج أخي المخلص لبسه فَلَمَّا كَانَ ثَانِي يَوْم نزل عَبدنَا مُفْلِح إِلَى الْبَحْر واصطاد لنا سَمَكَة مليحة سَمِينَة فقلينا بِمَا فِيهَا من الدّهن وَلم يكن لنا مَا تشتري بِهِ سيرجاً فَلَمَّا كَانَ ثَانِي يَوْم لذاك الْيَوْم جَاءَ من طلبني لأخدم عِنْد الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش فتوجهت وَقدر الله باتصال الْقِسْمَة وخلع عَليّ فتوجهت بالتشريف إِلَى الشرابيشيين وأبعته واشتريت قماشاً من الشّرْب كثيرا وفصلناه قمصاناً لما وَجَدْنَاهُ من حرقة عدم القمصان
وَكَانَ اسْمه نشء الدولة فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ السُّلْطَان عبد الْوَهَّاب وَقَالَ هَذَا اسْم التَّاج إِسْحَاق وَأرَانِي قبل خروجي من الديار المصرية فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية قَالَ هَذِه الأوراق فِيهَا ثمن المماليك الَّتِي شراها السُّلْطَان من أول مباشرتي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ إِلَى الْآن وَجُمْلَة ذَلِك أَرْبَعَة آلَاف ألف وَسبع مائَة ألف دِينَار
وَأما جراحته فَإِنَّهُ كَانَ من عَادَته مَتى أذن الصُّبْح ركب من بَيته فِي الزريبة وَتوجه إِلَى القلعة فيجلس إِلَى الْبَاب إِلَى أَن يفتح وَيدخل فَلَمَّا كَانَ فِي ثَانِي عشر شهر رَمَضَان سنة سبع أَو ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية ركب على عَادَته فَلَمَّا كَانَ خلف الميدان عِنْد أَوله إِلَى جِهَة الْبَحْر لحقه فَارس يطرد فرسه وَبِيَدِهِ سيف مَشْهُور فَقَالَ لَهُ عَبده من وَرَائه يَا سَيِّدي جَاءَك فالفت فَرَأى السَّيْف مسلولاً قَالَ لي فرفست البغلة لأحيد عَنهُ فَأَخَذَتْنِي إِلَيْهِ فَضَربهُ على عضده الْيَسَار وعَلى جنبه إِلَى مربط لِبَاسه ثمَّ تقدمه وضربه أُخْرَى إِلَى خلف فَرفعت البغلة رَأسهَا فجَاء إِلَى حجاج عينهَا وَبَعض أذنيها وَسَقَطت عمَامَته إِلَى الأَرْض فَتوهم أَنه رَأسه وسَاق وَتَركه فَرجع إِلَى الْبَيْت فقطب الجرائحي رَأسه بِسِتَّة إبر وجنبه باثنتي عشرَة إبرة وَلَو لم أر ذَلِك لم أصدقه فَإِن النَّاس ادعوا أَنه ادّعى ذَلِك
3 - (الْمُقْرِئ الْمَكِّيّ)
عبد الْوَهَّاب بن فليح الْمَكِّيّ الْمُقْرِئ أحد الحذاق فِي الْقِرَاءَة قَرَأَ على دَاوُد ابْن شبْل
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين ومايتين
3 - (أَبُو البركات الْأنمَاطِي)(19/218)
عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك بن أَحْمد بن الْحسن بن بنْدَار أَبُو البركات الْأنمَاطِي الْبَغْدَادِيّ سمع وَقَرَأَ وَكتب وَحصل الْكثير وَلم يزل يسمع ويفيد النَّاس إِلَى آخر عمره وَحدث بِأَكْثَرَ مروياته وَكتب عَن الْكِبَار وَرووا عَنهُ وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والمعرفة وَحسن الطَّرِيقَة)
والديانة والثقة والصدق سمع عبد الله بن مُحَمَّد الصريفيني وَأحمد بن مُحَمَّد النقور وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأنمَاطِي وَعلي بن أَحْمد البسري وَغَيرهم
وروى عَنهُ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَأَبُو أَحْمد ابْن سكينَة وَابْن الْأَخْضَر وَعبد الْوَاحِد بن سعد الصفار وَجَمَاعَة كبار
ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية ووفاته سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية بِبَغْدَاد وَمن مسموعاته طَبَقَات ابْن سعد وتاريخ الْخَطِيب
3 - (الفامي الشَّافِعِي)
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الفامي الْفَارِسِي أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الشَّافِعِي
درس فِي نظامية بَغْدَاد وَقَالَ صنفت سبعين تألفياً فِي ثَمَانِيَة عشر عَاما ولي كتاب فِي التَّفْسِير ضمنته مائَة ألف بَيت شَاهدا
أمْلى بِجَامِع الْقصر ثمَّ رمي بالاعتزال حَتَّى فر بِنَفسِهِ وأملى حَدِيثا مَتنه صَلَاة فِي إِثْر صَلَاة كتاب فِي عليين فصحف وَقَالَ كنار فِي غلس قلت صير التَّاء نوناً وَجعل عليين غلساً بالغين الْمُعْجَمَة وَبعد اللَّام سين مُهْملَة فَسئلَ مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ النَّار فِي الْغَلَس تكون أَضْوَأ وصنف كتاب الْفُقَهَاء
وَتُوفِّي سنة خمس ماية
وَكَانَ يَوْم دُخُوله إِلَى بَغْدَاد يَوْمًا مشهوداً وَخرج إِلَيْهِ كَافَّة الْعلمَاء وَأهل الدولة وَغَيرهم وتلقاه أهل بَغْدَاد وَحضر أَرْبَاب الدولة من الْقُضَاة وحجاب الْخَلِيفَة أول يَوْم درس وَقُرِئَ منشوره
3 - (الْخفاف الْمُقْرِئ)(19/219)
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابْن الصَّابُونِي أَبُو الْفَتْح الْخفاف الْمُقْرِئ الْمَالِكِي
الْبَغْدَادِيّ أَصله من قَرْيَة يُقَال لَهَا الْمَالِكِيَّة وَهُوَ حنبلي الْمَذْهَب قَرَأَ الرِّوَايَات الْكَثِيرَة على أبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وَأبي الْعِزّ مُحَمَّد ابْن القلانسي وَغَيرهمَا وَسمع من ابْن البطر وَأبي عبد الله الْحُسَيْن النعالي وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَغَيرهم وَكَانَ قيمًا بطرق القراآت ثبتاً صَدُوقًا صَالحا حسن الطَّرِيقَة)
توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَخمْس ماية
3 - (المثقال)
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ المثقال قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر مطبوع قَلِيل التَّكَلُّف سهل القافية خَبِيث اللِّسَان فِي الهجاء ماجن لَا يمدح أحدا كَانَ يألف غُلَاما نَصْرَانِيّا خماراً واشتهر وَأقَام بِبَابِهِ فِي الحانة ثَلَاث سِنِين وَيدخل مَعَه الْكَنِيسَة فِي الْآحَاد والأعياد طول هَذِه الْمدَّة حَتَّى حذق كثيرا من الْإِنْجِيل وَشَرَائِع أَهله وهجره مرّة فاستعان وتحيل فَلم يجد إِلَيْهِ سَبِيلا وَزعم أَن عَلَيْهِ قسما شَدِيدا أَن لَا يكلمهُ إِلَى شهر فَدَعَا بالفاصد وفصد إِحْدَى يَدَيْهِ ثمَّ دَعَا بفاصد آخر وفصد الْيَد الْأُخْرَى وَدخل دَاره وأغلق بَابه وفجر الفصادين فَمَا شعر أَهله إِلَّا بِالدَّمِ يدْفع من سدة الْبَاب وَبلغ الْغُلَام أَنه يَدعِي أَنه قَتله فَصَالحه خوفًا على نَفسه وَمن شعره
(خيالك زائري من غير وعد ... وَأكْثر مِنْك بِي برا وحبا)
(فَلَمَّا أَن رآك أطلت بعدِي ... وَلم تمنح محبك مِنْك قربا)
(سرى وَهنا فقبلتي وآلى ... يَمِين الله لَا عذبت صبا)
(فأحيى مهجة تلفت غراماً ... وَقَلْبًا لم يفق دنفاً وكربا)
(فَكَانَ الطيف أرأف مِنْك نفسا ... وألين مِنْك أعطافاً وَقَلْبًا)
وَمِنْه
(هم بالوجوه من البدور ... وبالقدود من الغصون)(19/220)
(ودروعهم صِيغ الحيا ... وَسُيُوفهمْ لحظ الْعُيُون)
وَمِنْه
(لما تناهى وكمل ... وَتمّ لي فِيهِ الأمل)
(أعرض واستبدل بِي ... كَذَلِك الدُّنْيَا دوَل)
وَمِنْه
(قد زارني طيف من أَهْوى يعللني ... عِنْد الصَّباح وخيط الْفجْر قد طلعا)
(فطرت شوقاً لعلمي أَن قبلته ... فِي النّوم تحدث لي فِي وَصله طَمَعا)
قَالَ ابْن رَشِيق وأنشدته من قصيدة لي)
(والثريا قبالة الْبَدْر تحكي ... باسطاً كَفه ليَأْخُذ جَاما)
فاستظرفه وأنشدته لي أَيْضا
(رَأَيْت بهْرَام والثريا ... وَالْمُشْتَرِي فِي الْقرَان كره)
(كراحة خيرت فحارت ... مَا بَين ياقوتة ودره)
فاحتذى ذَلِك وَقَالَ
(يَا ساقي الكاس سُقْ صحبي ... وواسني إِنَّنِي أواسي)
(وَانْظُر إِلَى حيرة الثريا ... وَاللَّيْل قد سد باندماس)
(مَا بَين بهرامها الملاحي ... وَبَين نرجسها المواسي)
(كَأَنَّهَا رَاحَة أشارت ... لأخذ تفاحة وكاس)
وَمِنْه
(أهْدى إِلَى مدامة ... صفراء صَافِيَة حميا)
(فَكَأَنَّهَا وحبابها ... بدر تكلل بِالثُّرَيَّا)
(فشربتها من كَفه ... وصببت فاضلها عليا)
وَمِنْه
(طَاف بِالرَّاحِ غريري ... قَائِلا بَين صَحَابِيّ)
(هاك خُذْهَا يَا فَتى الفت ... يان واسمع من خطابي)
(فَهِيَ من خدي ولحظي ... ونسيمي ورضابي)
وَقَالَ فِي أستاذه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الكموني(19/221)
(يَا طَالب الشّعْر بالعروض أَلا ... فاسمع لما قَالَه المثيقيل)
(لحية مستفعلن ومفتعلن ... فِي استي لَو أَن طولهَا ميل)
وَقَالَ وَقد مَاتَ النَّصْرَانِي الْمُتَقَدّم ذكره بالإسكندرية
(أخي بوداد لَا أخي بديانة ... وَرب أَخ فِي الود مثل نسيب)
(وَقَالُوا أَتَبْكِي الْيَوْم من لست صاحباً ... غَدا إِن هَذَا فعل غير لَبِيب)
(فَقلت لَهُم هَذَا أَوَان تلهفي ... وَشدَّة إعوالي وفرط كروبي)
(وَمن أَيْن لَا أبْكِي حبيباً فقدته ... إِذا خَابَ مِنْهُ فِي الْمعَاد نَصِيبي)
)
(فيا ناصحي مهلا فلست بمرشد ... وَيَا لائمي أقصر فَغير مُصِيب)
(وسلمان أودى حَيْثُ لَا أَنا حَاضر ... أعلله يَوْمًا بِوَصْف طَبِيب)
(وَأَجْعَل كفي تَحت جيب مكرم ... عَليّ وخد بالنحول خضيب)
3 - (الْقَيْسِي خطيب مالقة)
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْقَيْسِي الأندلسي خطيب مالقة كَانَ عَالما ورعاً متقللاً من الدُّنْيَا لَهُ نظم ونثر
توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَخمْس ماية
3 - (كَمَال الدّين ابْن قَاضِي شُهْبَة)
عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن قَاضِي شُهْبَة انْتفع بِهِ النَّاس وَكَانَ ينفع المبتدئين يُقْرِئهُمْ النَّحْو وَالْفِقْه
توفّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَعشْرين وَسبع ماية
وَكَانَ مفتياً
3 - (الأقفالي الْبَصْرِيّ)
عبد الْوَهَّاب بن نَاصِر بن عمر الأقفالي الْبَصْرِيّ
من شعره فِي غُلَام حائك
(قد قلت للحائك الرخيم وَفِي ... بنانه طَاقَة يخلصها)
(هَل لَك فِي رد مهجة لفتى ... لَيْسَ لَهُ طَاقَة يخلصها)(19/222)
3 - (أَبُو طَالب التبريزي)
عبد الْوَهَّاب بن يعمر بن الْحسن بن المظفر أَبُو طَالب الْكَاتِب من أهل تبريز كَانَ أَبوهُ وجده وزيرين وَكَانَ حسن الْخط والبلاغة لَهُ ديوَان شعر ورسائل مِنْهَا رِسَالَة تسمى كنية الفار وَأُخْرَى تسمى سطور الطّور وَأُخْرَى تسمى الواقية الْبَاقِيَة
وَمن شعره
(تبَارك خَالق هَذَا الْقَمَر ... وَسُبْحَان من بهواه أَمر)
(سترت غرامي بِهِ فانجلى ... وغيضت دمعي لَهُ فانهمر)
(وقامرته قلبِي الْمُبْتَلى ... فَمَا زَالَ يلْعَب حَتَّى قمر)
)
(فهجرانه لي ووجدي بِهِ ... على ألسن النَّاس صَار سمر)
قَالَ أَبُو الْفَتْح نصر الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الخازن إِن الْأُسْتَاذ نَاظر الْملك أَبَا طَالب عبد الْوَهَّاب كتب إِلَى وَالِده أبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد ملغزاً
(أيا أهل البلاغة هَل وجدْتُم ... خرير المَاء بَين زفير نَار)
(وَهل عانيتم فلكاً عَلَيْهِ ... كواكب مَا تغيب مَعَ النَّهَار)
(بِهِ مُوسَى يكلم قوم عِيسَى ... وَأحمد من صغَار أَو كبار)
(بِلَا لحن ليوشع أَو بَيَان ... لهرون الْوَصِيّ على اخْتِيَار)
(وَسكن مثل يُونُس بطن حوت ... ويسبح مُعْلنا غير القفار)
(ينشر من ذؤابة كل طي ... وينسخ مَا بهم من كل عَار)
(إِذا جردته جردت مِنْهُ ... حساماً كالحسام بِغَيْر عَار)
فَأَجَابَهُ وَالِدي ابْن الخازن
(أيا نظر الْملك الْفَضَائِل كلهَا ... إِلَى بحرك الطامي الْعباب انتسابها)
(جلوت كؤوساً لفظك العذب خمرها ... وغر معانيك الحسان حبابها)
(وصفت جحيماً فِيهِ للنَّفس رَاحَة ... وحجناء مردوداً عَلَيْهَا نصابها)
(بديهة حر لم يشم نوء غيمه ... بفطنته إِلَّا اسْتهلّ سحابها)
وَمن شعر أبي طَالب عبد الْوَهَّاب بن يعمر(19/223)
(نُجُوم شيبي فِي ليل الشَّبَاب بَدَت ... فبصرت عين قلبِي مَنْهَج الدّين)
(فعدن راجمة شَيْطَان معصيتي ... إِن النُّجُوم رجوم للشياطين)
3 - (ابْن رَشِيق القصري)
عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن خلف الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد ابْن الْفَقِيه أبي الْحجَّاج القصري الْمَعْرُوف بِابْن رَشِيق الْمَعْرُوف بِابْن رَشِيق بِضَم الرَّاء وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف مُصَغرًا شيخ عَالم صَالح خير ذُو مُرُوءَة وفتوة وتعفف وفقر حمل عَن أَبِيه الرَّاوِي عَن عِيَاض وتصدر بالجامع الْعَتِيق بِمصْر
وَتُوفِّي سنة خمس وست ماية
(عبد)
3 - (الْكشِّي أَبُو مُحَمَّد مُصَنف الْمسند)
عبد بن حميد بن نصر أَبُو مُحَمَّد الكسي بِفَتْح الْكَاف وَكسرهَا وسين مُهْملَة مَعَ كسر الْكَاف
أحد الْحفاظ بِمَا وَرَاء النَّهر روى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ
وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين ومايتين
وَكَانَ قد لَقِي الْكِبَار وَسمع يزِيد بن هَارُون وَابْن أبي فديك وَمُحَمّد بن بشر الْعَبْدي وَعلي بن عَاصِم وَمُحَمّد بن بكر البرْسَانِي وحسين بن عَليّ الْجعْفِيّ وَأَبا أُسَامَة وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله الدشتكي وَعبد الرَّزَّاق وخلقاً كثيرا
واسْمه عبد الحميد وَلَكِن خفف وصنف الْمسند الْكَبِير
3 - (أَبُو أَحْمد الصَّحَابِيّ)
عبد بن جحش بن رياب بن يعمر يَنْتَهِي إِلَى مدركة بت(19/224)
الياس بن مُضر الْأَسدي أمه أُمَيْمَة بنت عبد الْمطلب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل اسْمه ثُمَامَة وَلَا يَصح وكنيته أَبُو أَحْمد كَانَ شَاعِرًا قَالَ ابْن إِسْحَاق كَانَ أول من خرج إِلَى الْمَدِينَة مُهَاجرا من مَكَّة عبد الله بن جحش بن رياب الْأَسدي حَلِيف بني أُميَّة احْتمل بأَخيه أبي أَحْمد الْأَعْمَى وَأَهله وَكَانَت عِنْد أبي الفارعة بنت أبي سُفْيَان بن حَرْب
وَتُوفِّي أَبُو أَحْمد بعد زَيْنَب بنت جحش أُخْته زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت وفاتها سنة عشْرين
وَقَالَ يحيى بن معِين اسْمه عبد الله وَلم يَصح
3 - (الألقاب)
العبديلي الشهروزي اسْمه إِسْمَاعِيل بن عَليّ
الْعَبْدي عَليّ بن الْحُسَيْن
ابْن عبد الْبر يُوسُف بن عبد الله
ابْن عبد ربه الأديب الْمَشْهُور أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن عبد ربه الطَّبِيب اسْمه سعيد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن عبد ربه الْكَاتِب أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن عبد ربه)
ابْن عبد ربه يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن عبد ربه يحيى بن مُحَمَّد
(عَبْدَانِ)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمروزِي الشَّافِعِي)
عَبْدَانِ بن مُحَمَّد بن عِيسَى أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الْمروزِي كَانَ زاهداً نبيلاً ثِقَة صَاحب حَدِيث
كَانَ إِلَيْهِ الْمرجع بمرو فِي الْفتيا تفقه للشَّافِعِيّ وبرع وَكَانَ يُوصف بِالْحِفْظِ والزهد
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين ومايتين وصنف الْمُوَطَّأ وَغير ذَلِك(19/225)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الجواليقي الْأَهْوَازِي)
عَبْدَانِ بن أَحْمد بن مُوسَى أَبُو مُحَمَّد الْأَهْوَازِي الجواليقي طوف الْبِلَاد وصنف التصانيف
وَكَانَ أحد الْحفاظ الْأَثْبَات
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاث ماية
3 - (الفلكي)
عَبْدَانِ الفلكي الْأَجَل عز الدّين صَاحب الدَّار وَالْحمام تجاه دَار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق
وَتُوفِّي سنة تسع وست ماية
عبدكان الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(عَبدة)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْكلابِي)
عَبدة بن سُلَيْمَان أَبُو مُحَمَّد الْكلابِي ثِقَة صَالح صَاحب قُرْآن مقرئ قَالَ الْعجلِيّ توفّي فِي حُدُود التسعين وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْأَسدي الْكُوفِي التَّاجِر)
عَبدة بن أبي لبَابَة الْأَسدي ثمَّ الغاضري مَوْلَاهُم الْكُوفِي التَّاجِر أحد الْعلمَاء الْأَثْبَات سكن دمشق وَحدث عَن ابْن عمر وسُويد بن غَفلَة وعلقمة وَأبي وَائِل وزر بن حُبَيْش وَكَانَ شَرِيكا لِلْحسنِ بن الْحر فَقدما مَكَّة بِتِجَارَة فتصدقا برأسي مَالهمَا وَهُوَ أَرْبَعُونَ ألفا(19/226)
وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وماية أَو فِي حُدُودهَا وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى أبي دَاوُد
3 - (الصفار)
عَبدة بن عبد الله الصفار
توفّي سنة ثَمَان وَخمسين مايتين
(عَبدُوس)
3 - (الطَّبِيب)
عَبدُوس بن زيد مرض الْقَاسِم بن عبيد الله فِي حَيَاة أَبِيه مَرضا حاداً فِي تموز وَحصل لَهُ قولنج صَعب فَانْفَرد بعلاجه عَبدُوس وسقاه مَاء أصُول قد طبخ وَطرح فِيهِ أصل الكرفس ودهن الخروع والرازيابخ وشيئاً من أيارج فيقرا فحين شربه سكن وَجَعه وَأجَاب طبعه مجلسين فأفاق ثمَّ أعطَاهُ من غَد ذَلِك الْيَوْم مَاء شعير فاستظرف هَذَا مِنْهُ قَالَ أَبُو عَليّ القباني إِن أَخَاهُ إِسْحَاق بن عَليّ مرض وغلبت الْحَرَارَة على مزاجه والنحول على بدنه حَتَّى أَدَّاهُ إِلَى الضعْف ورد مَا يَأْكُلهُ فَسَقَاهُ عَبدُوس هَذِه الْأُصُول بالأرياج ودهن الْخُرُوج فِي خيزران أَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَعُوفِيَ وصلحت معدته فَقَالَ فِي مثل هَذِه الْأَيَّام تحم حمى حادة فَإِن كنت حَيا خلصتك بِإِذن الله وَإِن كنت مَيتا فعلامة عافيتك لَهُ دائر سنة أَن تَنْطَلِق طبيعتك فِي الْيَوْم السَّابِع فَإِذا انْطَلَقت عوفيت وَمَعَ هَذَا فقد بقرت معدتك بقرًا لَو طرحت فِيهَا الْحِجَارَة طحتنها فَلَمَّا انْقَضتْ السّنة مرض عَبدُوس وحم أخي كَمَا قَالَ وَكَانَ مرضهما فِي يَوْم وَاحِد فَمَا زَالَ عَبدُوس يُرَاعِي أخي وَيسْأل عَن خَبره إِلَى أَن قيل لَهُ انْطَلَقت طَبِيعَته فَقَالَ قد)
تخلص وَمَات عَبدُوس من الْغَد وَله كتاب التَّذْكِرَة فِي الطِّبّ
قلت وَقد ذكره ابْن أبي أصيبعة فِي مَكَان آخر وَذكر عَن مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ أَنه حُكيَ عَن دَاوُد بن دَيْلَم وعبدوس أَنه لما غلظت على المعتضد وَكَانَت من استسقاء وَفَسَاد مزاج من علل يتنقل مِنْهَا أحضرنا وَجَمِيع الْأَطِبَّاء وَقَالَ أَلَيْسَ تقوون أَن الْعلَّة إِذا عرفت عرف(19/227)
دواؤها وَإِذا أعطي العليل ذَلِك الدَّوَاء صلح قُلْنَا لَهُ بلَى قَالَ فعلتي عرفتموها ودواءها أم لم تعرفوهما قُلْنَا قد عرفناهما قَالَ فَمَا بالكم تعالجونني وَلست أصلح فطننا أَن قد عزم على الْإِيقَاع بِنَا فَسَقَطت قوانا فَقَالَ لَهُ عَبدُوس كلنا فِي هَذَا الْبَاب ونقابل الْعلَّة بِمَا ينجع فِيهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأمْسك عَنَّا وخلونا فتشاورنا على أَن نرميه بالغاية وَهِي التَّنور فأحميناه لَهُ وأرميناه فِيهِ فعرق وخف مَا كَانَ بِهِ لدُخُول الْعلَّة إِلَى بَاطِن جِسْمه ثمَّ إِنَّهَا ارتقت إِلَى قلبه فَمَاتَ بعد أَيَّام وخلصنا مِمَّا كُنَّا أَشْرَفنَا عَلَيْهِ وَهَذَا عَبدُوس الثَّانِي هُوَ ذَاك الأول وَالله أعلم لِأَن المعتضد كَانَ عبيد الله وزيره وَقد ذكر مَا جرى لَهُ مَعَ ابْنه الْقَاسِم ثمَّ إِنَّه قَالَ فِي آخر التَّرْجَمَة وَله كتاب التَّذْكِرَة فقوى ذَلِك عِنْدِي أَنه هُوَ
3 - (الرُّوذَبَارِي)
عَبدُوس بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَبدُوس أَبُو الْفَتْح الهمذاني الرُّوذَبَارِي روى عَن أَبِيه وَعم أَبِيه الْحُسَيْن بن عَليّ بن عبد الله وَعَن خلق سواهُمَا من أهل همذان والغرباء يطول تعدادهم
قَالَ شيرويه بن شهريار سَمِعت مِنْهُ عَام مَا مر لَهُ وَكَانَ صَدُوقًا ذَا منزلَة وحشمة وصم فِي آخر عمره وَعمي ومولده سنة خمس وَتِسْعين وَثَلَاث ماية
وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسعين وَأَرْبع ماية وَدفن فِي خانجاه بروذبار
3 - (الألقاب)
ابْن عبدون المغربي اسْمه عبد الْمجِيد بن عبد الله
ابْن عبدل الشَّاعِر اسْمه الحكم
أَبُو العَبْد الْهَاشِمِي صَاحب النَّوَادِر اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
العبلي الشَّاعِر اسْمه عبد الله بن عمر(19/228)
(عبيد الله)
3 - (جمال الدّين المحبوبي الْحَنَفِيّ)
عبيد الله بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الْملك بن عمر الْأنْصَارِيّ الْعَبَّادِيّ المحبوبي النجاري
الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو الْفضل كَانَ مدرساً مُحدثا عَارِفًا بِمذهب أبي حنيفَة وَكَانَ ذَا هَيْئَة وَعبادَة وَإِلَيْهِ انْتَهَت رياسة الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاء النَّهر وتفقه عَلَيْهِ خلق وانتفعوا بِهِ
وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وست ماية
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمُقْرِئ)
عبيد الله بن إِبْرَاهِيم بن مهْدي أَبُو الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ توفّي سنة سبع وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن خرداذبه)
عبيد الله بن أَحْمد بن خرداذبه أَبُو الْقَاسِم كَانَ خرداذبه مجوسياً أسلم على يَدي البرامكة
وَتَوَلَّى أَبُو الْقَاسِم هَذَا الْبَرِيد وَالْخَبَر بنواحي الْجَبَل ونادم الْمُعْتَمد وَخص بِهِ
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كَانَ أَبُو الْفرج الْأَصْفَهَانِي إِذا أورد عَنهُ شَيْئا فِي كِتَابه أعقبه بالوقيعة فِيهِ والتنقيص لَهُ وَيَقُول إِنَّه كثير التَّخْلِيط قَلِيل التَّحْصِيل وَمن تصانيفه كتاب المسالك والممالك كتاب أدب السماع كتاب الطبيخ كتاب اللَّهْو والملاهي كتاب جمهرة الْأَنْسَاب للْفرس كتاب الأنواء كتاب الندامى والجلساء كتاب الشَّرَاب
وَمن شعره
(فِي مثل وَجهك يحسن الشّعْر ... وَيكون فِيهِ لذِي الْهوى عذر)
(مَا إِن نظرت إِلَى محاسنه ... إِلَّا تداخلني لَهُ كبر)
(تتزين الدُّنْيَا بطلعته ... وَيكون بَدْرًا حِين لَا بدر)(19/229)
3 - (الْبَلَدِي النَّحْوِيّ)
عبيد الله بن أَحْمد الْبَلَدِي النَّحْوِيّ كَانَ أَعور فاعتلت عينه الصَّحِيحَة حَتَّى أشرف مِنْهَا على الْعَمى فَقَالَ أسْتَغْفر الله
(إِن قلت جوراً فَلَا تلمني ... بِأَن رب الورى الْمَسِيح)
(أَرَاك تعمي وَذَاكَ يبري ... فَهُوَ إِذا عِنْدِي الصَّحِيح)
)
وَمن شعره
(لِلْحسنِ فِي وَجهه شُهُود ... تشهد أَنا لَهُ عبيد)
(كَأَنَّمَا خَدّه وصال ... وصدغه فَوْقه صدود)
(يَا من جفاني بِغَيْر جرم ... أقصر فقد نلْت مَا تُرِيدُ)
(إِن كَانَ قد رق ثوب صبري ... عَنْك فثوب الْهوى جَدِيد)
3 - (أَبُو الْحسن)
عبيد الله بن أَحْمد بن أبي طَاهِر طيفور أَبُو الْحسن
توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث ماية وَكَانَ أحذق من أَبِيه وَمن تصانيفه الذيل على تَارِيخ أَبِيه فِي أَخْبَار بَغْدَاد كتاب السكباج وفضائله كتاب المستظرفات والمستظرفين
3 - (الكلوذاني)
عبيد الله بن أَحْمد الكلوذاني من ولد أردشير بن بابك
مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث ماية وَمن تصانيفه كتاب الْخراج كتاب الرسائل كتاب ديوَان رسائله
3 - (جخجخ النَّحْوِيّ)
عبيد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بجخجخ بجيمين وخاءين معجمتين أَبُو الْفَتْح النَّحْوِيّ سمع الْبَغَوِيّ وطبقته وَابْن دُرَيْد وَكَانَ ثِقَة صَحِيح الْكتاب كتب بِخَطِّهِ حَتَّى قَالَ النَّاس إِن يَده من حَدِيد وَله من المصنفات كتاب الْعُزْلَة والانفراد كتاب الْأَحَادِيث والانفراد كتاب الحَدِيث الْمسند كتاب مجالسات الْعلمَاء كتاب أَخْبَار جحظه(19/230)
3 - (قَاضِي شيراز أَبُو مُحَمَّد)
عبيد الله بن أَحْمد الْفَزارِيّ أَبُو مُحَمَّد قَاضِي الْقُضَاة بشيراز أحد أَصْحَاب أبي عَليّ الْفَارِسِي لَهُ تصانيف مِنْهَا كتاب فِي صناعَة الْإِعْرَاب أَربع مجلدات كتاب عُيُون الْإِعْرَاب شَرحه عَليّ بن فضال الْمُجَاشِعِي
3 - (الْأَمِير أَبُو الْفضل الميكالي)
عبيد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مُحَمَّد بن ميكال بن عبد الْوَاحِد ابْن)
جِبْرِيل بن الْقَاسِم بن بكر بن سور بن سور بن سور بن سور أَرْبَعَة من الْمُلُوك ابْن فَيْرُوز بن يزدجرد بن بهْرَام جور أَبُو الْفضل الميكالي الْأَمِير مَاتَ يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية كَانَ أوحد خُرَاسَان فِي عصره أدباً وفضلاً ونسباً حسن الْخلق مليح الْوَجْه والشمايل كثير الْقِرَاءَة دَائِم الْعِبَادَة سخي النَّفس سمع بخراسان من الْحَاكِم أبي أَحْمد الْحَافِظ وَأبي عَمْرو ابْن حمدَان وَفِي بُخَارى من أبي بكر مُحَمَّد بن ثَابت البُخَارِيّ وبمكة أَبَا الْحسن ابْن زُرَيْق وَسمع أَبَا الْحُسَيْن ابْن فَارس وَعقد لَهُ مجْلِس الْإِمْلَاء فأملى وَأَبوهُ أَمِير مَشْهُور شَاعِر جليل الْقدر وَلأبي الْفضل عدَّة أَوْلَاد عُلَمَاء وهم الْحُسَيْن وَعلي وَإِسْمَاعِيل
سمع قَول الصاحب بن عباد
(لَئِن هُوَ لم يكفف عقارب صُدْغه ... فَقولُوا لَهُ يسمح بدرياق رِيقه)
فَاسْتَحْسَنَهُ الْحَاضِرُونَ فَقَالَ الْأَمِير أَبُو الْفضل قد سرق الصاحب من قَول الْقَائِل
(لدغت عَيْنك قلبِي ... إِنَّمَا عَيْنك عقرب)
(لَكِن المصة من ريق ... ك درياق مجرب)
وَمن نثره من جملَة جَوَاب وَكَاد فرط التَّعَجُّب مرّة وإفراط الْإِعْجَاب تَارَة يقف بِي عِنْد أول كل فصل من فصوله ويثبطني على اسْتِيفَاء غرره وحجوله ويوهمني أَن المحاسن مَا حوته قلائده ونظمته فرائده فَلَيْسَ فِي قَوس إِحْسَان وَرَاءَهَا منزع وَلَا لاقتراح فَوْقهَا متطلع حَتَّى إِذا جاوزته إِلَى لففه وقرينه وأجلت فكري فِي نكته وعيونه رَأَيْت مَا يحسر الطّرف ويعجز الْوَصْف ويعلو على الأول محلا ومكاناً ويفوته حسناُ وإحساناً فرتعت كَيفَ شِئْت فِي رياضه وحدائقه واقتبست نور الحكم من مطالعه ومشارقه وسلمت لمعانيه وَأَلْفَاظه فَضِيلَة(19/231)
السَّبق والبراعة وتلقيتها بواجبها من النشر والإذاعة فَإِنَّهَا جمعت إِلَى حسن الإيجاز دَرَجَة الإعجاز وَإِلَى فَضِيلَة الإبداع جلالة الْموقع فِي الْقُلُوب والإسماع
وللثعالبي وَغَيره من أهل عصره فِيهِ مدائح كَثِيرَة من ذَلِك أَبْيَات كتبهَا إِلَيْهِ أَبُو مَنْصُور عبد الْملك الثعالبي مَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور وَمن ذَلِك قَول الثعالبي أَيْضا
(من رأى غرَّة الْأَمِير أبي الْفضل ... ازدرى المُشْتَرِي ببرج الْقوس)
(من يطالع آدابه وعلاه ... يطلع فِي أنموذج الفردوس)
(عين رَبِّي عَلَيْهِ من بدر صدر ... وده خزرجي ولقياه أوسي)
)
(لَيْسَ لي طَاقَة بِوَصْف معاليه ... وَلَو كنت مفلقاً كَابْن أَوْس)
وَمن ذَلِك قَول أبي سعيد عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف الهمذاني
(مَا سر مَوْلَانَا نَبِي الْهدى ... بِوَحْي جِبْرِيل وميكال)
(إِلَّا قَرِيبا من سروري ... بِمَا رزقت من ود ابْن ميكال)
(لَكِن نَوَاه قد أشاطت دمي ... وَالله مِنْهَا لدمي كال)
قلت كَانَ لَهُ مندوحة فِي المديح بِغَيْر هَذَا الْمَقْصد الْقَبِيح فَإِنَّهُ تجرأ فِيهِ كَمَا ترَاهُ وللأمير أبي الْفضل تصانيف مِنْهَا كتاب الْمُنْتَحل كتاب مخزون البلاغة ديوَان رسائله وديوان شعره كتاب ملح الخواطر ومنح الْجَوَاهِر
وَمن شعره قَوْله
(إِذا مَا جاد بالأموال ثنى ... وَلم تُدْرِكهُ فِي الْجُود الندامه)
(وَإِن هجست خواطره بِجمع ... لريب حوادث قَالَ الندى مَه)
وَمِنْه
(مبدع فِي شمائل الْمجد خيماً ... مَا اهتدينا لأَخذه واقتباسه)
(فَهُوَ فيض بِالْمَالِ وَقت نداه ... وجواد بِالْعَفو فِي وَقت باسه)
وَمِنْه
(أَرَانِي كلما فاخرت قوما ... فخرتهم بنفسي أَن بخاري)(19/232)
(خُذُوا خبري بِهِ عَن خوف ثَان ... يُجَاهر بالعناد وَأمن جَار)
وَمِنْه
(وقائلة إِن الْمَعَالِي مواهب ... فَقلت لَهَا أَخْطَأت هن مناهب)
(أَرَادَت صدودي وانحرافي عَن الْعلَا ... وَمَا أَنا فِي هذي الْمذَاهب ذَاهِب)
وَمِنْه
(أَلا رب أَعدَاء لئام قريتهم ... متون سيوف أَو صُدُور عوالي)
(إِذا كلبهم يَوْمًا عوى لي رميتهم ... بكلب إِذا عاوى الْكلاب عوى لي)
وَمِنْه
(عجبت لوغد قد جذبت بضبعه ... فَأصْبح يلقاني بتيه وبشما)
)
(بريد مساماتي وَمن دونهَا السما ... وَكَيف يباريني سموا وَبِي سما)
وَمِنْه
(وَكم حَاسِد لي انبرى فانثنى ... بغصة نفس شَجَّاهَا شَجَّاهَا)
(وَمن أَيْن يسمو لنيل الْعلَا ... وَمَا بَث مَالا وَلَا راش جاها)
وَمِنْه
(ضَاقَ صَدْرِي من هوى قمر ... قمر الْقلب وَمَا شعرًا)
(لَيْت أجفاني بِهِ سعدت ... فترى الطّرف الَّذِي فترا)
وَمِنْه
(عذيري من جفون راميات ... بِسَهْم السحر من عَيْني غزال)
(غزاني طرفه حَتَّى سباني ... لأنتصرن مِنْهُ بِمن غزالي)
وَمِنْه
(لقد راعني بدر الدجى بصدوده ... ووكل أجفاني برعي كواكبه)
(فيا جزعي مهلا عساه يعود لي ... وَيَا كَبِدِي صبرا على مَا كواك بِهِ)
وَمِنْه
(صل محباً أعياه وصف هَوَاهُ ... فضناه يَنُوب عَن ترجمانه)
(كلما راقه سواك تصدت ... مقلتاه بدمعه ترجمانه)(19/233)
وَمِنْه
(يَا ذَا الَّذِي أرسل من طرفه ... عَليّ سَيْفا قدني لَو فرى)
(شِفَاء نَفسِي مِنْك تجميشة ... يغْرس فِي خديك نيلوفرا)
وَمِنْه
(أما حَان أَن يشفي المستهام ... بزورة وصل وتأوي لَهُ)
(يجمجم عَن سؤله هَيْبَة ... وَيعلم علمك تَأْوِيله)
وَمِنْه
(سقيا لدهر مضى والوصل يجمعنا ... وَنحن نحكى عنَاقًا شكل تَنْوِين)
(فصرت إِذا علقت نَفسِي حبالكم ... بِسَهْم هجرك ترمي ثمَّ تنويني)
)
وَمِنْه
(إِن كنت تأنس بالحبيب وقربه ... فاصبر على حكم الرَّقِيب وداره)
(إِن الرَّقِيب إِذا صبرت لحكمه ... بواك فِي مثوى الحبيب وداره)
وَمِنْه
(شَكَوْت إِلَيْهِ مَا أُلَاقِي فَقَالَ لي ... رويداً فَفِي حكم الْهوى أَنْت مؤتلي)
(فَلَو كَانَ حَقًا مَا ادعيت من الجوى ... لقل بِمَا تلقى إِذا أَن تَمُوت لي)
وَمِنْه
(ومعشوق يتيه بِوَجْه عاج ... شَبيه الصدغ مِنْهُ بلام زاج)
(إِذا استسقيته رَاحا سقاني ... رضاباً كالرحيق بِلَا مزاج)
وَمِنْه
(ظَبْي يحار الْبَرْق فِي بريقه ... غنيت عَن إبريقه بريقه)
(فَلم أزل أرشف من رحيقه ... حَتَّى شفيت الْقلب من حريقه)
وَمِنْه
(إِن لي فِي الْهوى لِسَانا كتوما ... وَحَنَانًا يخفي حريق جواه)
(غير أَنِّي أَخَاف دمعي عَلَيْهِ ... ستراه يفشي الَّذِي ستراه)
وَمِنْه
(تفرق قلبِي فِي هَوَاهُ فَعنده ... فريق وَعِنْدِي شُعْبَة وفريق)(19/234)
(إِذا ظميت نَفسِي أَقُول لَهُ اسْقِنِي ... وَإِن لم يكن رَاح لديك فريق)
وَمِنْه
(أَهْدَت جفونك للفؤاد ... من الغرام بِلَا بِلَا)
(فالشوق مِنْهُ بِلَا مدى ... والوجد فِيهِ بِلَا بِلَا)
وَقَالَ بِهِ أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي كنت لَيْلَة عِنْد الصاحب بن عباد ومعنا أَبُو الْعَبَّاس الصَّبِي وَقد وقف على رؤوسنا غُلَام كَأَنَّهُ فلقَة قمر فَقَالَ الصاحب أَيْن ذَاك الظبي أينه)
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس شادن فِي وصف قينه فَقَالَ الصاحب
(بِلِسَان الدمع تَشْكُو ... أبدا عَيْني عينه)
فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم
(لي دين فِي هَوَاهُ ... ليته أنْجز دينه)
فَزَاد الْأَمِير أَبُو الْفضل
(لَا قضى الله ببين ... أبدا بيني وَبَينه)
وأنشده بعض الْحَاضِرين قَول الشَّاعِر
(أحسن من رَوْضَة حزن ناضره ... قد فتح النرجس فِيهَا ناظره)
فَقَالَ الْأَمِير أَبُو الْفضل مرتجلاً
(طلعة معشوق لديك حاضره ... ناضرة تجلو الْعُيُون الناظرة)
وَمن شعره أَيْضا
(روض يروض هموم قلبِي حسنه ... فِيهِ لكاس اللَّهْو أَي مساغ)
(وَإِذا بَدَت قضبان ريحَان بِهِ ... حَيْثُ بِمثل سلاسل الأصداغ)
وَمِنْه
(تصوغ لنا كف الرّبيع بدائعاً ... كعقد عقيق بَين سمط لآل)
(وفيهن أنوار الشقائق قد حكت ... خدود عذارى نقطت بغوال)
وَمِنْه
(نثر السَّحَاب على الغصون ذريرة ... أَهْدَت لنا نورا يروق ونورا)(19/235)
(شابت ذوائبها فعدن كَأَنَّهَا ... أشفار عين تحمل الكافورا)
وَمِنْه فِي اقتران الزهرة والهلال
(أما ترى الزهرة قد لاحت لنا ... تَحت هِلَال لَونه يَحْكِي اللهب)
(ككرة من فضَّة مجلوة ... أوفى عَلَيْهَا صولجان من ذهب)
وَمِنْه طُلُوع الْفجْر)
(أَهلا بفجر قد نضا ثوب الدجى ... كالسيف جرد من سَواد قرَاب)
(أَو غادة شقَّتْ إزاراً أزرقاً ... مَا بَين نقرتها إِلَى الأقراب)
وَمِنْه فِي النرجس
(أَهلا بنرجس روض ... يزهى بِحسن وَطيب)
(يرنو بِعَين غزال ... على قضيب رطيب)
(وَفِيه معنى خَفِي ... يزينه فِي الْقُلُوب)
(تصحيفه إِن نسقت الحرو ... ف بر حبيب)
وَمِنْه فِي البنفسج
(يَا مهدياً لي بنفسجاً أرجاً ... يرتاح صَدْرِي لَهُ وينشرح)
(بشرني عَاجلا مصحفه ... بِأَن ضيق الْأُمُور ينفسح)
وَقَالَ فِي ضد ذَلِك
(يَا مهدياً لي بنفسجاً سمجاً ... وددت لَو أَن أرضه سبخ)
(بشرني عَاجلا مصحفه ... بِأَن عهد الحبيب ينفسح)
وَقَالَ فِي المذبة
(مَا صُورَة أبدع فِي ... تركيبها أَصْحَابهَا)
(مركبها الْأَيْدِي وَفِي ... هاماتها أذنابها)
وَقَالَ فِي النرجس
(مَا ضم الْأنس يَوْمًا كنرجس ... يقوم بِعُذْر اللَّهْو عَن خَالع الْعذر)
(فأحداقه أقداح تبر وَسَاقه ... كقامة سَاق فِي غلائله الْخضر)
وَقَالَ
(ومدامة زفت إِلَى سلسال ... تختال بَين ملابس كالآل)(19/236)
(فَدَنَا لَهَا حَتَّى إِذا مَا افتضها ... بالمزج أمهرها عُقُود لآلي)
وَمِنْه
(لنا صديق إِن رأى ... مهفهفاً لاطفه)
(فَإِن يكن فِي دَهْرنَا ... ذوأبنة لَاطَ فَهُوَ)
)
وَمِنْه
(لنا صديق يجيد لقماً ... راحتنا فِي أَذَى قَفاهُ)
(مَا ذاق من كَسبه وَلَكِن ... أَذَى قَفاهُ أذاق فَاه)
3 - (البردسيري الْكَاتِب)
عبيد الله بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِدْرِيس أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب الأديب
البردسيري من أهل بردسير كرمان كَانَ عَارِفًا بالأدب واللغة
توفّي سنة نَيف وَخمْس ماية
وَمن تصانيفه عُقُود المرجان فِي شَوَاهِد الْكَشْف وَالْبَيَان لِلثَّعْلَبِي كتاب مسك الْعباب فِي شرح الشهَاب عربيه وفارسية كتاب رسائله مجلدان ديوَان شعره مُخْتَصر فِي النَّحْو والتصريف وَمن شعره
3 - (ابْن الشمعي)
عبيد الله بن أَحْمد بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم ابْن الشمعي الْبَغْدَادِيّ سمع الْكثير من عِيسَى بن عَليّ الْوَزير ومُوسَى بن مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن مُحَمَّد بن عُرْوَة وَالْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ يكْتب خطا حسنا ويتولى الْعيار بدار الضَّرْب وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع ماية
3 - (أَبُو الْقَاسِم الكلوذاني الْكَاتِب)
عبيد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن ابْن أبي الْحسن ابْن خسرو فَيْرُوز أَبُو الْقَاسِم الكلوذاني من نسل أردشير بن بابك كَانَ قد تولى ديوَان السوَاد وَلما عزل المقتدر وزيره أَبَا الْعَبَّاس الخصيبي أحضر أَبَا الْقَاسِم الْمَذْكُور سنة أَربع عشرَة وَثَلَاث ماية وعرفه أَنه قلد أَبَا الْحسن(19/237)
عَليّ بن عِيسَى بن الْجراح الوزارة وَهُوَ بِالشَّام والياً عَلَيْهَا وَقد اسْتَخْلَفَهُ إِلَى أَن يقدم فناب إِلَى أَن وصل الْوَزير ثمَّ إِن المقتدر قلد عبيد الله الْمَذْكُور الوزارة لخمس بَقينَ من شهر رَجَب سنة تسع عشرَة وَثَلَاث ماية وَجعل عَليّ بن عِيسَى بن الْجراح مشرفاً عَلَيْهِ ومجتمعاً مَعَه على تَدْبِير الْأُمُور ثمَّ عزل فِي شهر رَمَضَان من السّنة وَكَانَت مُدَّة ولَايَته شَهْرَيْن وَثَلَاث أَيَّام وَكَانَ عَارِفًا بِالْأَعْمَالِ ثِقَة ذَا مُرُوءَة وَله مُصَنف فِي الْخراج نسختين)
وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن أبي زيد الْأَنْبَارِي)
عبيد الله بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن نصر أَبُو طَالب الْأَنْبَارِي بعرف بِابْن أبي زيد كَانَ أديباً راوية للْأَخْبَار والأشعار حدث بِكِتَاب الْخط والقلم من جمعه بِبَغْدَاد وَأقَام بواسط وَقيل لَهُ ماية وَأَرْبَعُونَ كتابا ورسالة مِنْهَا كتاب الْبَيَان عَن حَقِيقَة الْإِنْسَان وَكتاب الشافي فِي علم الدّين وَكتاب الْإِمَامَة وَكَانَ شِيعِيًّا
كَانَ حَيا فِي سنة ثَمَان عشرَة وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن السوادي الْبَغْدَادِيّ)
عبيد الله بن أَحْمد بن عُثْمَان أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي الصَّيْرَفِي الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن السوادي كَانَ أحد المعتنين بِالْحَدِيثِ وَجمعه مَعَ صدق واستقامة
وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الإشبيلي)
عبيد الله بن أَحْمد بن عبيد الله ابْن أبي الرّبيع الإِمَام أَبُو الْحُسَيْن الْقرشِي الْأمَوِي العثماني الأندلسي الإشبيلي إِمَام أهل النَّحْو فِي زَمَانه
ولد سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست ماية
اشْتغل على أبي الْحُسَيْن ابْن الدباج قَرَأَ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَقَرَأَ الْقرَاءَات على أبي عمر مُحَمَّد ابْن أبي هرون التَّيْمِيّ عَن وَالِده أَحْمد بن مُحَمَّد وَقَرَأَ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره على الشلوبين وَأذن لَهُ أَن يتصدر للأشغال وَصَارَ يُرْسل إِلَيْهِ الطّلبَة الصغار وَيحصل لَهُ مِنْهُم مَا يَكْفِيهِ وَسمع بعض(19/238)
الْمُوَطَّأ وَبَعض الْكَافِي على القَاضِي الْقَاسِم بن بَقِي وَأَجَازَ لَهُ وَلما استولى الفرنج على إشبيليه جَاءَ إِلَى سبتة وصنف بهَا كتاب الإفصاح فِي شرح الْإِيضَاح بيع بِمصْر بِخَمْسَة وَثَلَاثِينَ دِينَارا وَهُوَ فِي أَربع مجلدات كبار وَله كتاب القوانين مُجَلد كَبِير وتعليقة على سِيبَوَيْهٍ وَشرح الْجمل فِي عشر مجلدات وَهُوَ كتاب لم تشذ عَنهُ مَسْأَلَة فِي الْعَرَبيَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت هَذِه التَّرْجَمَة على قَائِلهَا أبي الْقَاسِم ابْن عمرَان وَقَالَ حضرت مجْلِس الْأُسْتَاذ أبي الْحُسَيْن وَسمعت عَلَيْهِ وَأَجَازَ لي وَأَجَازَ عِنْد مَوته كل من أدْرك حَيَاته بعد أَن رغب فِي ذَلِك طلبته وَخَلفه فِي مَوْضِعه كَبِيرهمْ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الغافقي)
3 - (عبيد الله بن الْأَخْنَس)
وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وماية
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (المكاربي الأخباري)
عبيد الله بن إِسْحَاق بن سَلام المكاربي أَبُو الْعَبَّاس الأخباري قيل فِيهِ عبد الله بن إِسْحَاق ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة فَقَالَ صَاحب الْكتاب شَاعِر مجيد توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين ومايتين وَكَانَ حسن الْعلم بالفقه والغريب والْآثَار وَالشعر صَدُوقًا وَدفن شعره لما مَاتَ لِئَلَّا يُوصل إِلَيْهِ وَكَانَ قَالَ فِي المتَوَكل قصيدة يهجوه بهَا فبلغت المتَوَكل فَأمر بقتْله فعوجل المتَوَكل بالحادث عَلَيْهِ وأفلت
وَله القصيدة الَّتِي رثى بهَا أَبَا الْحُسَيْن يحيى بن عمر الطَّالِبِيُّ وأولها
(أَلا قل لنصل السَّيْف هَل أَنْت نادب ... هماماً تبكيه القنا والقواضب)
مِنْهَا
(فَإِن بك يَا ابْن الْمُصْطَفى قبر سيد ... تعقر خيل حوله ونجائب)
(فقبرك أَحْرَى أَن تعقر حوله ... رجال الْمَعَالِي وَالنِّسَاء الكواعب)(19/239)
(بني هَاشم قد جرب النَّاس وقعكم ... وَهل حَازِم من لم تعظه التجارب)
(وَإِن حمل الدَّهْر الرزايا نفوسكم ... فَأنْتم قروم الحادثات المصاعب)
وَقَالَ يهجو ابْن أبي حكيمة
(وتكيد رَبك فِي مغارس لحية ... الله يرزعها وكفك تحصد)
(تأبى السُّجُود لمن يراك تمرداً ... وَترى الأيور المنعظات فتسجد)
3 - (ربيب أم الْمُؤمنِينَ)
عبيد الله بن الْأسود ربيب مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ روى عَنْهَا وَعَن عُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَزيد بن خَالِد
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد)
3 - (أَبُو حَاتِم الثَّقَفِيّ)
عبيد الله بن أبي بكرَة أَبُو حَاتِم الثَّقَفِيّ الْأَمِير ابْن صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمِير سجستان أحد الأجواد روى عَن أَبِيه وَعلي بن أبي طَالب
وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين
3 - (الطَّبِيب)
عبيد الله بن جِبْرِيل بن عبيد الله بن بختيشوع بن جِبْرِيل بن بختيشوع ابْن جورجس بن جِبْرِيل أَبُو سعيد الطَّبِيب كَانَ من فضلاء الْأَطِبَّاء متقناً للطب ولأصوله وفروعه وَكَانَ جيد الْمعرفَة بِمذهب النَّصَارَى وَكَانَ يجْتَمع بِابْن بطلَان الطَّبِيب وَبَينهمَا مؤانسة وَكَانَ بميا فارقين
وَتُوفِّي فِي مَا بعد الْخمسين والأربع ماية
وَله مَنَاقِب الْأَطِبَّاء وَكَاتب الرَّوْضَة الطبية وَكتاب التَّوَصُّل إِلَى حفظ التناسل(19/240)
رِسَالَة إِلَى ابْن قطرميز جَوَابا عَن الطَّهَارَة ووجوبها بَيَان وجوب حَرَكَة النَّفس نَوَادِر الْمسَائِل فِي الطِّبّ كتاب تذكرة الخاطر وَزَاد الْمُسَافِر كتاب الْخَاص فِي علم الْخَواص كتاب طبائع الْحَيَوَان وخواصها وَمَنَافع أعضائها أَلفه للأمير نصر الدولة
3 - (الْمصْرِيّ اللَّيْثِيّ)
عبيد الله بن أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ اللَّيْثِيّ الْفَقِيه أَبوهُ من سبي طرابلس الغرب رأى عبيد الله من الصَّحَابَة عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ وَسمع الْأَعْرَج وَأَبا سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن وَعَطَاء وَحَمْزَة بن عبد الله بن عمر وَالشعْبِيّ ونافعاً وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن الزبير وَبُكَيْر بن الْأَشَج وَكَانَ عَالما زاهداً عابداً
ولد سنة سِتِّينَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْمهْدي الفاطمي)
عبيد الله بن الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَذَا قَالَ صَاحب تَارِيخ القيروان وَقَالَ غَيره عبيد الله بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الْمَذْكُور وَقيل هُوَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عبد الله بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن عَليّ بن أبي طَالب وَقيل هُوَ عبيد الله)
بن التقي بن الوفي بن الرضي وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة يُقَال لَهُم المستورون فِي ذَات الله والرضي الْمَذْكُور ابْن مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الْمَذْكُور وَاسم التقي الْحسن وَاسم الوفي أَحْمد
وَاسم الرضي عبد الله وَإِنَّمَا استتروا خوفًا على أنفسهم من العباسيين لأَنهم علمُوا أَن فيهم من يروم الْخلَافَة وَأكْثر الْمُحَقِّقين دَعوَاهُم فِي هَذَا النّسَب وَتقدم فِي تَرْجَمَة الشريف عبد الله بن طَبَاطَبَا مَا جرى بَينه وَبَين الْمعز لما سَأَلَهُ عِنْد وُصُوله إِلَى الْقَاهِرَة عَن نسبه وَيَقُولُونَ أَيْضا اسْمه سعيد ولقبه عبيد الله وَزوج أمه الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون القداح وَسمي(19/241)
قداحاً لِأَنَّهُ كَانَ كحالاً يقْدَح الْعين إِذا نزل فِيهَا المَاء وَقيل إِن الْمهْدي لما وصل إِلَى سجلماسة ونمي خَبره إِلَى اليسع ملكهَا وَهُوَ آخر مُلُوك بني مدرار وَقيل لَهُ إِن هَذَا هُوَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى بيعَته أَبُو عبد الله الشيعي بإفريقية أَخذه اليسع واعتقله فَلَمَّا سمع أَبُو عبد الله الشيعي باعتقاله حشد جمعا كثيرا من كتامة وَغَيرهمَا وَقصد سجلماسة لاستنقاذه فَلَمَّا سمع اليسع ذَلِك قتل الْمهْدي فِي السجْن وَلما دنت عَسَاكِر أبي عبد الله الشيعي هرب اليسع فَدخل عبد الله الشيعي السجْن فَوجدَ الْمهْدي وَهُوَ مقتول وَعِنْده رجل من أَصْحَابه كَانَ يَخْدمه فخاف أَبُو عبد الله أَن ينْتَقض عَلَيْهِ مَا دبره من الْأَمر إِن عرفت العساكر بقتل الْمهْدي فَأخْرج الرجل وَقَالَ هَذَا هُوَ الْمهْدي وَالْمهْدِي هَذَا هُوَ أول من قَامَ بِهَذَا الْأَمر من بَينهم وَادّعى الْخلَافَة بالمغرب وَكَانَ أَبُو عبد الله الشيعي داعيته وَلما استتب الْأَمر للمهدي قتل أَبَا عبد الله الشيعي وَقتل أَخَاهُ وَبنى المهدية بإفريقية وَفرغ من بنائها فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاث ماية وَبنى سور تونس وَأحكم عمارتها وجدد فِيهَا مَوَاضِع فنسبت إِلَيْهِ وَملك بعده وَلَده الْقَائِم ثمَّ الْمَنْصُور ولد الْقَائِم ثمَّ الْمعز بن الْمَنْصُور باني الْقَاهِرَة واستمرت دولتهم بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن انقرضت على يَد صَلَاح الدّين كَمَا ذكر فِي تَرْجَمَة العاضد وَكَانَت ولادَة الْمهْدي سنة تسع وَخمسين وَقيل سنة سِتِّينَ ومايتين وَقيل سنة سِتّ وَسِتِّينَ ومايتين بِمَدِينَة سلمية وَقيل بِالْكُوفَةِ ودعي لَهُ بالخلافة فِي مَنَابِر رقادة والقيروان يَوْم الْجُمُعَة لتسْع بَقينَ من شهر ربيه الآخر سنة سبع وَتِسْعين ومايتين وَظهر بسجلماسة يَوْم الْأَحَد لسبع خلون من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين ومايتين وَتُوفِّي لَيْلَة الثُّلَاثَاء منتصف شهر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث ماية بالمهدية وَفِيه قَالَ بعض شعرائهم)
(حل برقادة الْمَسِيح ... حل بهَا آدم ونوح)
(حل بهَا الله فِي علاهُ ... وَمَا سوى الله فَهُوَ ريح)
لِأَن العبيديين يَزْعمُونَ أَن الله تَعَالَى حل فِي جَسَد آدم ونوح والأنبياء ثمَّ حل فِي جَسَد الْأَئِمَّة مِنْهُم بعد عَليّ بن أبي طَالب وَهَذَا كفر صَرِيح تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا
وَقد قَالَ الْحَاكِم لداعيته من فِي جريدتك قَالَ سِتَّة عشر ألفا يَعْتَقِدُونَ أَنَّك الْإِلَه وَفِي الْمعز يَقُول ابْن هَانِئ الأندلسي
(مَا شِئْت لَا مَا شَاءَت الأقدار ... فاحكم فَأَنت الْوَاحِد القهار)(19/242)
وَله فِيهِ غير هَذَا
وأئمة النّسَب مجمعون على أَنهم لَيْسُوا من ولد عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ بل وَلَا من قُرَيْش وَالْمَعْرُوف أَنهم بَنو عبيد ووالده القداح الْمَذْكُور كَانَ يَهُودِيّا من أهل سلمية وَقيل كَانَ مجوسياً وَقيل إِنَّه كَانَ حداداً وَإِن عبيدا كَانَ اسْمه سعيداً فَلَمَّا دخل الْمغرب تسمى عبيدا وَادّعى نسبا لَيْسَ بِصَحِيح وَكتب الْقَادِر بِاللَّه محضراً يتَضَمَّن الْقدح فِي نسبهم ومذهبهم وَشهد فِي ذَلِك خلق كثير مِنْهُم الشريفان الرضي والمرتضى وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد الأسفراييني وَأَبُو جَعْفَر الْقَدُورِيّ وَفِي الْمحْضر أَن أصلهم من الديصانية وَأَنَّهُمْ خوارج أدعياء وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع ماية وَكَانَ الْمهْدي زنديقاً خبيثاً عدوا لِلْإِسْلَامِ قتل من الْفُقَهَاء والصلحاء والمحدثين جمَاعَة كَثِيرَة ونشأت ذُريَّته على ذَلِك وَقد بَين نسبهم جمَاعَة مثل القَاضِي أبي بكر الباقلاني فِي أول كِتَابه الْمُسَمّى كشف أسرار الباطنية وَكَذَلِكَ القَاضِي عبد الْجَبَّار استقصى الْكَلَام فِي آخر كتاب تثبيت النُّبُوَّة وَبَين بعض مَا فَعَلُوهُ من الكفريات والمنكرات وَقَالَ القَاضِي عبد الْجَبَّار إِن الْمهْدي كَانَ يتَّخذ الْجُهَّال ويسلطهم على أهل الْفضل وَكَانَ يُرْسل إِلَى الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء فَيذبحُونَ فِي فرشهم وَأرْسل إِلَى الرّوم وسلطهم على الْمُسلمين وَأكْثر من الْجور واستصفى الْأَمْوَال وَقتل الرِّجَال وَكَانَ لَهُ دعاة يضلون النَّاس على قدر عُقُولهمْ فَيَقُولُونَ للْبَعْض هُوَ الْمهْدي ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحجَّة الله على خلقه وَيَقُولُونَ لآخرين هُوَ رَسُول الله وَحجَّة الله وَيَقُولُونَ لآخرين هُوَ الله الْخَالِق الرازق لَا إِلَه وَحده لَا شريك لَهُ تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا وَلما هلك قَامَ ابْنه الْقَائِم مَكَانَهُ وَزَاد فِي شَره على شَرّ أَبِيه وجاهر بشتم الْأَنْبِيَاء وَكَانَ يُنَادي فِي الْأَسْوَاق بالمهدية وَغَيرهَا العنوا)
عَائِشَة وبعلها إلعنوا الْغَار وَمَا حوى اللَّهُمَّ صل على نبيك وَأَصْحَابه وأزواجه الطاهرات والعن الْكَفَرَة الْمُلْحِدِينَ وَارْحَمْ من أَزَال دولتهم ولبعضهم قصيدة سَمَّاهَا الْإِيضَاح عَن دَعْوَة القداح أَولهَا
(حَيّ على مصر إِلَى خلع الرسن ... فثم تَعْطِيل فروض وَسنَن)
وَقَالَ بعض من مدح بني أَيُّوب
(ألستم مزيلي دولة الْكفْر من بني ... عبيد بِمصْر إِن هَذَا هُوَ الْفضل)
(زنادقة شِيعِيَّة باطنية ... مجوس وَمَا فِي الصَّالِحين لَهُم أصل)
(يبرون كفا يظهرون تشيعاً ... ليستتروا شَيْئا وعمهم الْجَهْل)(19/243)
3 - (الْعَنْبَري قَاضِي الْبَصْرَة)
عبيد الله بن الْحسن بن الْحصين بن مَالك بن الخشخاش بن الْحَارِث ابْن مجفر بن كَعْب بن العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم الْعَنْبَري قَاضِي الْبَصْرَة وخطيبها
ولد سنة ماية وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وماية
ولي قَضَاء الْبَصْرَة بعد سوار وروى لَهُ مُسلم وَقد تقدم للْقَاضِي الْعَنْبَري ذكر فِي تَرْجَمَة حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ فليكشف من التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو نعيم الإصبهاني)
عبيد الله بن الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن الْأَصْبَهَانِيّ الْحداد الْحَافِظ أَبُو نعيم رَحل فِي طلب الحَدِيث وعني بجمعه وَنسخ الْكثير بِخَطِّهِ الْمليح وَكَانَ ذَا دين وتقوى وَبكى وخشية وفضيلة تَامَّة جمع أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ فاستحسنها كل من رَآهَا وانتقى على الشُّيُوخ وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ عفيفة الفارقانية
وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَخمْس ماية
3 - (ابْن الْجلاب الْمَالِكِي)
عبيد الله بن الْحُسَيْن بن الْحسن الإِمَام أَبُو الْقَاسِم ابْن الْجلاب الْمَالِكِي
توفّي رَاجعا من الْحَج سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن مولى رَسُول الله)
عبيد الله ابْن أبي رَافع مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع(19/244)
أَبَاهُ وعلياً وَكَانَ كَاتبه)
وَأَبا هُرَيْرَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْمَكِّيّ القداح)
عبيد الله بن أبي زِيَاد الْمَكِّيّ القداح قَالَ أَحْمد لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَالح وَلينه بَعضهم وَقَالَ ابْن عدي لم أر لَهُ مُنْكرا
وَتُوفِّي سنة خمسين وماية
وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن أَبِيه الْأَمِير)
عبيد الله بن زِيَاد بن أَبِيه ولي إمرة الْكُوفَة لمعاوية ثمَّ ليزِيد ثمَّ ولاه إمرة الْعرَاق وَأمه مرْجَانَة سَأَلَهُ مُعَاوِيَة لما استوفده من زِيَاد عَن كل شَيْء فَأَجَابَهُ حَتَّى سَأَلَهُ عَن الشّعْر فَلم ينفذ فِيهِ فَقَالَ مَا مَنعك من رِوَايَة الشّعْر قَالَ كرهت أَن أجمع كَلَام الله وَكَلَام الشَّيْطَان فِي صَدْرِي فَقَالَ أغرب وَالله لقد وضعت رجْلي فِي الركاب يَوْم صفّين مرَارًا مَا يَمْنعنِي من الْهَزِيمَة إِلَّا أَبْيَات ابْن الإطنابة
(أَبَت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الْحَمد بِالثّمن الربيح)
(وإقحامي على الْمَكْرُوه روحي ... وضربي هَامة البطل المشيح)
(وَقَوْلِي كلما جشأت وجاشت ... مَكَانك تحمدي أَو تستريحي)
(لأدفع عَن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عَن عرض صَحِيح)
وَكتب إِلَى أَبِيه فَرَوَاهُ الشّعْر فَمَا سقط عَلَيْهِ مِنْهُ بعد ذَلِك شَيْء
وَقَتله بعد ذَلِك ابْن الأشتر يَوْم عَاشُورَاء سنة سِتّ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الثَّقَفِيّ)
عبيد الله بن السباق الثَّقَفِيّ روى عَن زيد بن ثَابت وَجُوَيْرِية أم(19/245)
الْمُؤمنِينَ وَأُسَامَة بن وَيَد وَسَهل بن حنيف وَابْن عَبَّاس
وَتُوفِّي سنة تسعين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو قدامَة السَّرخسِيّ)
)
عبيد الله بن سعد بن يحيى بن برد السَّرخسِيّ أَبُو قدامَة كَانَ من الْأَثْبَات وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ قَالَ ابْن حبَان هُوَ الَّذِي أظهر السّنة بسرخس
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين ومايتين
3 - (أَبُو الْفضل الْعَوْفِيّ)
عبيد الله بن سعد بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْفضل الزُّهْرِيّ الْعَوْفِيّ الْبَغْدَادِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ ثِقَة نبيلاُ شريفاً
وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ ومايتين
3 - (الْحَافِظ أَبُو نصر الوائلي)
عبيد الله بن سعيد بن حَاتِم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُلْوِيَّهُ الْحَافِظ أَبُو نصر الوائلي بياء آخر الْحُرُوف بعد الْألف الْبكْرِيّ السنجري نزيل مصر صنف الْإِبَانَة الْكُبْرَى عَن مَذْهَب السّلف فِي الْقُرْآن وَهُوَ طَوِيل جليل يدل على إِمَامَة مُصَنفه وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث المسلسل بالأولية
توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية(19/246)
3 - (القَاضِي ابْن الرطبي)
عبيد الله بن سَلامَة بن عبيد الله بن مخلد بن إِبْرَاهِيم بن مخلد أَبُو مُحَمَّد الْكَرْخِي الْمَعْرُوف بِابْن الرطبي أَخُو مُحَمَّد كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَكَانَ من أَصْحَاب أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ولي الْقَضَاء على شهراباذ والبندنيجين ودجيل
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْوَزير)
عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب بن سعيد أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب ولي الوزارة للمعتضد وَهُوَ لي الْعَهْد لِعَمِّهِ الْمُعْتَمد فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَسبعين ومايتين وَكَانَ يَكْتُبهُ وَيجْلس بَين يَدَيْهِ وفلما توفّي الْمُعْتَمد وَتَوَلَّى المعتضد أقرّ عبيد الله على وزارته إِلَى حِين وَفَاته سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ ومايتين ومولده سنة سِتّ وَعشْرين ومايتين وَكَانَت مُدَّة وزارته للمعتضد عشر سِنِين وَعشرَة أَيَّام وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْن المعتز
(قد اسْتَوَى الناي وَفَاتَ الْكَمَال ... وَقَالَ صرف الدَّهْر أَيْن الرِّجَال)
(هَذَا أَبُو الْقَاسِم فِي نعشه ... قومُوا انْظُرُوا كَيفَ تَزُول الْجبَال)
)
وَلما توفّي دخل ابْن المعتز على ابْنه الْقَاسِم بن عبيد الله وَقَالَ
(إِنِّي معزيك لَا أَنِّي على ثِقَة ... من الخلود وَلَكِن سنة الدّين)
(فَمَا المعزي بباق بعد صَاحبه ... وَلَا المعزى وَإِن عاشا إِلَى حِين)
وَلما جعل على أَعْنَاق الرِّجَال قَالَ
(وَمَا كَانَ ريح الْمسك ريح حنوطه ... وَلكنه هَذَا الثَّنَاء المخلف)
(وَلَيْسَ صرير النعش مَا تسمعونه ... وَلكنه أصلاب قوم تقصف)(19/247)
وَلما تقدم الْقَاسِم للصَّلَاة عَلَيْهِ قَالَ أَيْضا
(قضوا مَا قضوا من أمره ثمَّ قدمُوا ... إِمَامًا لَهُم والنعش بَين يَدَيْهِ)
(فصلوا عَلَيْهِ خاشعين كَأَنَّهُمْ ... وقُوف خضوع للسلام عَلَيْهِ)
وَله فِيهِ مَرَّات كَثِيرَة وَمِنْهَا قَوْله
(لم تمت أَنْت إِنَّمَا مَاتَ من لم ... يبْق فِي الْمجد والمكارم ذكرا)
(لست مستقياً لقبرك غيثاً ... كَيفَ يظمى وَقد تضمن بحرا)
(أَنْت أولى بِأَن تعزى بِنَا منا ... فقد مَاتَ بعْدك النَّاس طرا)
وَحضر يَوْمًا الشُّهُود وَكَتَبُوا إشهاداً على المعتضد وَكَتَبُوا إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبَا الْعَبَّاس المعتضد بِاللَّه أشهدهم على نَفسه فِي صِحَة مِنْهُ وَجَوَاز أَمر وَعرضت النُّسْخَة على الْوَزير أبي الْقَاسِم فَضرب عَلَيْهَا وَقَالَ هَذَا لَا يحسن كتبته عَن الْخَلِيفَة اكتبوا فِي سَلامَة من جِسْمه وإصابة من رَأْيه وَلما استتر عِنْد ابْن أبي عَوْف دخل عَلَيْهِ بوماً فِي حجرَة أفردها لَهُ فَقَالَ لَهُ وَقَالَ يَا سَيِّدي إخبأ لي هَذَا الْقيام إِلَى وَقت أنتفع بِهِ فَمَا كَانَ بعد مُدَّة حَتَّى ولي الوزارة فاستدعاه فَصَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسه بخلعته وَالنَّاس عِنْده على طبقاتهم فَلَمَّا رَآهُ قَامَ قَائِما وعانقه وَقَالَ هَذَا وَقت تنْتَفع بقيامي وَأَجْلسهُ مَعَه على طرف الدست فَمَا مَضَت سَاعَة حَتَّى استدعاه المعتضد فَدخل إِلَيْهِ وَغَابَ ثمَّ حضر وَأخذ بِيَدِهِ إِلَى مَكَان خلوته وَقَالَ إِن الْخَلِيفَة طلبني بسببك لِأَنَّهُ كُوتِبَ بخبرنا وَأنكر عَليّ وَقَالَ تبذل مجْلِس الوزارة لتاجر وَلَو كَانَ هَذَا لصَاحب طرف كَانَ مَحْظُورًا أَو ولي عهد كَانَ كثيرا فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يذهب عَليّ حق الْمجْلس وَلَكِن لي عذر وأخبرته خبري مَعَك فَقَالَ أما الْآن فقد عذرتك ثمَّ قَالَ لَهُ إِنِّي قد شهرتك شهرة إِن لم يكن مَعَك ألف دِينَار معدة للنكبة هَلَكت فَيجب أَن نحصلها لَك لهَذِهِ)
الْحَالة فَقَط صم نحصل لَك نعْمَة بعْدهَا ثمَّ قَالَ هاتم فلَان الْكَاتِب فجَاء فَقَالَ أحضر السَّاعَة التُّجَّار وسعر ماية ألف كرّ من غلات السُّلْطَان بِالسَّوَادِ عَلَيْهِم فَخرج وَعَاد وَقَالَ قررت مَعَهم ذَلِك فَقَالَ بِعْ على أبي عبد الله هَذِه الْغلَّة بِنُقْصَان دِينَار وَاحِد بِمَا أَقرَرت بِهِ السّعر مَعَ التُّجَّار وبعه لَهُم بالسعر الَّذِي قَرّرته مَعَهم وطالبهم السَّاعَة بِفضل مَا بَين السعرين وأخرهم بِالثّمن إِلَى أَن يتسلموا الغلال واكتب إِلَى النواحي بتقبيضهم ذَلِك فَقَالَ من الْمجْلس وَقد حصل لَهُ ماية ألف دِينَار ثمَّ قَالَ لَهُ إجعل هَذِه أصلا لنعمتك وَلَا يسألنك أحد من الْخلق شَيْئا إِلَّا أخذت رقعته ووافقته على أُجْرَة ذَلِك(19/248)
وخاطبني فِيهِ وَكَانَ يعرض عَلَيْهِ فِي كل يَوْم مَا يصل إِلَيْهِ بِمَا فِيهِ أُلُوف دَنَانِير وَيدخل فِي المكاسب الجليلة وَكَانَ رُبمَا قَالَ لَهُ فِي بعض الرّقاع كم قرروا لَك على هَذِه فَيَقُول كَذَا فَيَقُول لَهُ الْوَزير هَذِه تَسَاوِي أَكثر من ذَلِك إرجع إِلَيْهِم وَلَا تفارقهم إِلَّا بِكَذَا وَكَانَ مِمَّن خدمه فِي أَيَّام نكبته رجل يعرف بِيَعْقُوب الصايغ وَكَانَ عامياً ساقطاُ فقلده لما ولي الوزارة حسبَة الحضرة فَلَمَّا عزم الْوَزير على الشخوص إِلَى الْجَبَل جلس يَوْمًا للنَّظَر فِيمَا يحمل مَعَه من خزانته وَمن يشخص مَعَه من أَصْحَابه وخدمه وَيَعْقُوب حَاضر للخاصية الَّتِي كَانَت لَهُ بِهِ فَأمر بِمَا يحمل مَعَه فَمَا انْتهى إِلَى فصل مِنْهُ قَالَ لَهُ يَعْقُوب بغباوته وعاميته وَيحمل كفن وحنوط فتطير من ذَلِك وَأعْرض عَنهُ وَأخذ يَأْمر وَينْهى وَلما انْتهى إِلَى فصل من كَلَامه كرر يَعْقُوب ذَلِك القَوْل فَأَعْرض عَنهُ ضجراً وَفعل ذَلِك ثَالِثا فَقَالَ الْوَزير يَا هَذَا أتخاف عَليّ إِن أَنا مت أَن أَصْلَب أَو أطرح على قَارِعَة الطَّرِيق بِغَيْر كفن إِن تعذر الْكَفَن لفوني فِي ثِيَابِي وَمن شعره
(كِفَايَة الله خير من توقينا ... وَعَادَة الله فِي الماضين تكفينا)
(كَاد الأعادي فَلَا وَالله مَا تركُوا ... قولا وفعلاً وتلقيناً وتهجينا)
(وَلم نزد نَحن فِي سر وَلَا علن ... شَيْئا على قَوْلنَا يَا رب إكفينا)
(فَكَانَ ذَاك ورد الله حاسدينا ... بغيظه لم ينل تقدريه فِينَا)
3 - (خطيب رنده)
عبيد الله بن عَاصِم بن عِيسَى بن أَحْمد الْخَطِيب أَبُو الْحُسَيْن الْأَسدي الرندي خطيب رندة بالراء وَالنُّون وعاملها ومسند الأندلس فِي وقته
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست ماية)
سمع الحافظين أبي بكر ابْن الْجد وَأبي عبد الله ابْن زرقون وَغَيرهمَا وَكَانَ من أهل الْعِنَايَة بالرواية
3 - (الْهَاشِمِي أَبُو مُحَمَّد)
عبيد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ولد فِي حَيَاة(19/249)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ شَقِيق عبد الله قيل لَهُ رُؤْيَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
وَأمه لبَابَة بنت الْحَارِث بن حزن الْهِلَالِيَّة وَكَانَ أَصْغَر سنا من أَخِيه عبد الله بِسنة اسْتَعْملهُ عَليّ بن أبي طَالب على الْيمن وَأمره على الْمَوْسِم فحج بِالنَّاسِ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسنة سبع وَثَلَاثِينَ وَلما كُنَّا سنة ثَمَان يعث مُعَاوِيَة يزِيد ابْن شَجَرَة الرهاوي فاجتمعا وَسَأَلَ كل مِنْهُمَا صَاحبه أَن يسلم لَهُ فأبيا واصطلحا على أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ شيبَة بن عُثْمَان وَكَانَ عبيد الله أحد الأجواد فَكَانَ يُقَال من أَرَادَ الْجمال وَالْفِقْه والسخاء فليأت دَار الْعَبَّاس الْجمال للفضل وَالْفِقْه لعبد الله والسخاء لِعبيد الله
وَفِي وَفَاته خلاف فَقيل سنة ثَمَان وَخمسين وَقيل فِي أَيَّام يزِيد وَقيل مَاتَ بِالْيمن وَقيل سنة سبع وَثَمَانِينَ فِي خلَافَة عبد الْملك وأردفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَلفه وَبعث مُعَاوِيَة بسر ابْن أبي أَرْطَاة على الْيمن فهرب عبيد الله مِنْهُ فَأصَاب لَهُ وَلدين صغيرين فذبحهما ثمَّ وَفد بعد مُعَاوِيَة وَقد هلك بسر فذكرهما لمعاوية فَقَالَ مَا عزلته إِلَّا لقتلهما وَكَانَ عبيد الله ينْحَر كل يَوْم جزوراً
3 - (أَبُو الْفَتْح ابْن شاتيل)
عبيد الله بن عبد الله بن مُحَمَّد بن نجا بن شاتيل أَبُو الْفَتْح ابْن أبي مُحَمَّد الدباس الْبَغْدَادِيّ
سمع الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن البسري وَمُحَمّد ابْن الْحسن بن أَحْمد الْبَقَّال وَأحمد بن المظفر بن سوسن التمار وَعلي بن مُحَمَّد ابْن العلاف وَانْفَرَدَ بالرواية عَنْهُم
قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَأكْثر أَصْحَاب الحَدِيث أبطلوا سَمَاعه من ابْن البطر وَلم يسمعوا مِنْهُ وروى عَنهُ أَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ وَغَيره من الْمُتَقَدِّمين وَقد أدْركْت أَيَّامه وروى لي عَنهُ جمَاعَة من شُيُوخنَا ورفقائنا ومولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبع ماية ووفاته سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية)
3 - (ابْن طهْمَان)
عبيد الله بن عبد الله بن يَعْقُوب بن دَاوُد بن طهْمَان شَاعِر مُتَقَدم فِي الْأَدَب وَفِي الرِّوَايَة وَقَول الشّعْر وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد بن عبد الله ذكره ابْن الْجراح فِي كتاب الورقة وَقَالَ أنْشد لَهُ أَبُو هفان(19/250)
(سأصبر حرا لم يضق عَنهُ صبره ... وَإِن كَانَ قد ضَاقَتْ عَلَيْهِ مذاهبه)
(فَإِن الْغَمَام الغر يخلف حَالهَا ... وَإِن الحسام العضب تنبو مضاربه)
3 - (ابْن طَاهِر الْخُزَاعِيّ)
عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بن مُصعب بن زُرَيْق بن أسعد ابْن باذان أسلم باذان على يَد طَلْحَة الطلحات وكنية عبيد الله هَذَا أَبُو أَحْمد وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد بن عبد الله ولي عبيد الله الشرطة بِبَغْدَاد فِي خلَافَة المعتز مَعَ شرطة سر من رأى وَكَانَ سيداً شَاعِرًا أديباً مصنفاُ رَئِيسا وَإِلَيْهِ انْتَهَت رياسة هَذَا الْبَيْت وَهُوَ آخر من مَاتَ مِنْهُم أَمِيرا فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَلَاث ماية ومولده سنة ثَلَاث وَعشْرين ومايتين وَكَانَ جواداً ممدحاً وَله تصانيف مِنْهَا كتاب الْإِشَارَة فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء كتاب السياسة الملوكية وَفِيه يَقُول البحتري لما قدم من خُرَاسَان
(لقد سرني أَن المكارم أَصبَحت ... تحط إِلَى أَرض الْعرَاق حمولها)
(مجيئ عبيد الله من شَرق أرضه ... سرى الديمة الوطفاء هبت قبُولهَا)
(كَأَنَّهُمْ عِنْد استلام ركابه ... عصائب عِنْد الْبَيْت حَان قفولها)
(يحلونَ مأمولاً مخوفا لنائل ... يواليه أَو صولات بَأْس يصولها)
وَذكر جحظة فِي أَمَالِيهِ قَالَ رَأَيْت فِي بعض السنين بَاب عبيد الله ابْن عبد الله وَعَلِيهِ قوم يبيعون مَا يخرج من مائدته من الزلات فيبتاعها التُّجَّار وفيهَا العنوق والجدي وجامات الْحَلْوَى ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك رقعته بِخَطِّهِ إِلَى عبدون يستميحه قوتاً لِعِيَالِهِ وَكَانَ مَا كتب إِلَيْهِ يَا أَبَا الْحسن أَنا أطلب الْإِحْسَان حَيْثُ عودته فَوجه إِلَيْهِ عبدون ألف دِينَار وَلما تقلد عبيد الله بن سُلَيْمَان الوزارة كتب إِلَيْهِ عبيد الله بن عبد الله
(أَبى دَهْرنَا إسعافنا فِي نفوسنا ... وأسعَفنا فِي من نحب ونكرمُ)
(فقلتُ لَهُ نعماكَ فيهم أتمَّها ... ودَعْ أمرنَا إِن المهم الْمُقدم)
)
فاستحسنها عبيد الله وَقَالَ مَا أحسن مَا تلطف فِي شكوى حَاله مَعَ التهنية هاتم رقاعه فجاءوه بعدة فَوَقع لَهُ بِمَا أَرَادَ فِي جَمِيعهَا وَحدث أَبُو عبيد الله مُحَمَّد ابْن عبد الله بن رشيد الْكَاتِب قَالَ حَملَنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفُرَات فِي وَقت من الْأَوْقَات برا وَاسِعًا إِلَى أبي أَحْمد عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر فأوصلته إِلَيْهِ فَوَجَدته على فاقة شَدِيدَة(19/251)
فَقبله وَكتب إِلَيْهِ
(أياديك عِنْدِي معظمات جلائل ... طوال المدى شكري لَهُنَّ قصير)
(فَإِن كنت عَن شكري غَنِيا فإنني ... إِلَى شكر مَا أوليتني لفقير)
فَقلت لَهُ هَذَا أعز الله الْأَمِير حسن فَقَالَ أحسن مِنْهُ مَا سَرقته مِنْهُ فَقلت مَا هُوَ فَقَالَ حديثان حَدثنِي بهما أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ بخراسان عَن أبي الْحسن الرِّضَا عَن آبَائِهِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يُؤْتى بِعَبْد فَيُوقف بَين يَدي الله عز وَجل فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى النَّار فَيَقُول أَي ري لم أمرت بِي إِلَى النَّار فَيَقُول لِأَنَّك لم تشكر نعمتي فَيَقُول يَا رب إِنَّك أَنْعَمت عَليّ بِكَذَا فَشَكَرت بِكَذَا فَلَا يزَال يحصي النعم ويعدد الشُّكْر فَيَقُول الله تَعَالَى صدقت عَبدِي إِلَّا أَنَّك لم تشكر من أَنْعَمت عَلَيْك بهَا على يَدَيْهِ وَقد آلَيْت على نَفسِي أَن لَا أقبل شكر عبد على نعْمَة أنعمتها عَلَيْهِ أَو يشْكر من أَنْعَمت بهَا على يَدَيْهِ قَالَ فَانْصَرَفت بِالْخَيرِ إِلَى أبي الْحسن وَهُوَ فِي مجْلِس أَخِيه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد وَذكرت لَهما مَا جرى فَاسْتحْسن أَبُو الْعَبَّاس مَا ذكرته ورد إِلَى عبيد الله بر أوسع من بر أَخِيه فأوصلته إِلَيْهِ فَقبله وَكتب إِلَيْهِ
(شكريك مَعْقُود بإيماني ... حكم فِي سري وإعلاني)
(عقد ضمير وفم نَاطِق ... وَفعل أَعْضَاء وأركان)
فَقلت لَهُ هاذ أعز الله الْأَمِير أحسن من الأول فَقَالَ أحسن مِنْهُ مَا سَرقته مِنْهُ فَقلت وَمَا هُوَ فَقَالَ حَدثنِي أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ بخراسان عَن أبي الرِّضَا عَن أبي الْحسن مُوسَى بن جَعْفَر الكاظم عَن الصَّادِق عَن الباقر عَن السَّجَّاد عَن السبط عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب صلوَات الله عَلَيْهِم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِيمَان عقد بِالْقَلْبِ ونطق بِاللِّسَانِ وَعمل بالأركان قَالَ فعدت إِلَى الْعَبَّاس فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ وَكَانَ فِي مَجْلِسه مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْن رَاهَوَيْه المتفقه فَقَالَ مَا هَذَا الْإِسْنَاد قَالَ ابْن رشيد فَقلت هَذَا سعوط السبليا الَّذِي إِذا سعط بِهِ الْمَجْنُون برِئ وَمن شعر عبيد الله)
(أَلا أَيهَا الدَّهْر الَّذِي قد مللته ... لتخليطه حَتَّى مللت حَياتِي)
(فقد وجلال الله حببت دائباً ... إِلَيّ على بغض الْوَفَاة وفاتي)
وَمِنْه
(إِلَى كم يكون العتب فِي كل حَالَة ... وَلم لَا تملين القطيعة والهجرا)
(رويدك إِن الدَّهْر فِيهِ كِفَايَة ... لتفريق ذَات الْبَين فانظري الدهرا)(19/252)
وَكَانَ عبيد الله قد مرض فعاده الْوَزير فَلَمَّا انْصَرف عَنهُ كتب إِلَيْهِ مَا أعرف أحدا جزى الْعلَّة خيرا غَيْرِي فَإِنِّي جزيتهَا الْخَيْر وشكرت نعمتها عَليّ إِذْ كَانَت إِلَى رؤيتك مؤدية فَأَنا كالأعرابي الَّذِي جزى يَوْم الْبَين خيرا فَقَالَ
(جزى الله يَوْم الْبَين خيراُ فَإِنَّهُ ... أرانا على علاتها أم ثَابت)
(أرانا ربيبات الْخُدُور وَلم نَكُنْ ... نراهن إِلَّا بانتعات النواعت)
وَمن شعر عبيد الله أَيْضا
(إِن الْأَمِير هُوَ الَّذِي ... يُضحي أَمِيرا يَوْم عَزله)
(إِن زَالَ سُلْطَان الولا ... ية لم يزل سُلْطَان فَضله)
وَمِنْه
(إقض الْحَوَائِج مَا استطع ... ت وَكن لَهُم أَخِيك فارج)
(فلخير أَيَّام الْفَتى ... يَوْم قضى فِيهِ الْحَوَائِج)
3 - (أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة)
عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود بن غافل بن حبيب يَنْتَهِي إِلَى عدنان أَبُو عبد الله الْهُذلِيّ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ أَخُو الْمُحدث عون وجدهما عتبَة هُوَ أَخُو عبد الله بن مَسْعُود الصَّحَابِيّ وَكَانَ من أَعْلَام التَّابِعين
لَقِي خلقا كثيرا من الصَّحَابَة وَسمع من ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَقَالَ الزُّهْرِيّ أدْركْت أَرْبَعَة بحور فَذكر عبيد الله وَقَالَ سَمِعت من الْعلم شَيْئا كثيرا فَظَنَنْت أَنِّي قد اكتفيت حَتَّى لقِيت عبيد الله فَإِذا كَأَنِّي لَيْسَ فِي يَدي شَيْء وَكَانَ مؤدب عمر بن الْعَزِيز وَكَانَ عمر يَقُول لِأَن يكون لي مجْلِس من عبيد الله أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَكَانَ عَالما ناسكاً
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وماية وَقيل سنة تسع وَتِسْعين وَقيل سنة ثَمَان وَتِسْعين وَقيل سنة سبع)
وَتِسْعين بِالْمَدِينَةِ
وَأورد لَهُ أَبُو تَمام فِي الحماسة
(شققت الْقلب ثمَّ ذررت فِيهِ ... هَوَاك فليم فالتأم الفطور)
(تغلغل حب عَثْمَة فِي فُؤَادِي ... فباديه مَعَ الخافي يسير)(19/253)
(توغل حَيْثُ لم يبلغ شراب ... وَلَا حزن وَلم يبلغ سرُور)
وَلما قَالَ هَذَا الشّعْر قيل لَهُ أَتَقول مثل هَذَا فَقَالَ فِي اللدود رَاحَة المكدود أَو قَالَ المفؤود وَهُوَ الْقَائِل لَا بُد للمصدور أَن ينفث وأضر رَحمَه الله بِأخرَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْخفاف)
عبيد الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن أَبُو الْقَاسِم ابْن النَّقِيب الْبَغْدَادِيّ الْخفاف رأى الشبلي وَسمع جمَاعَة
وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبع ماية
3 - (الْحَاكِم الْحَافِظ الْحَنَفِيّ)
عبيد الله بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حسكان القَاضِي أَبُو الْقَاسِم
الْحذاء الْقرشِي الْحَنَفِيّ النَّيْسَابُورِي الْحَاكِم الْحَافِظ شيخ متقن ذُو عناية تَامَّة بِالْحَدِيثِ
أسن وَعمر وَهُوَ من ذُرِّيَّة عبد الله بن عَامر ابْن كريز
توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والأربع ماية
3 - (قَاضِي نسف أَبُو الْقَاسِم الْمروزِي)
عبيد الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن النضري بالضاد الْمُعْجَمَة القَاضِي أَبُو الْقَاسِم الْمروزِي
قَاضِي الْقُضَاة بنسف نَاظر الكرامية وكفرهم بَين يَدي سبكتكين صَاحب غزنة
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث ماية
3 - (التَّيْمِيّ الْمدنِي)
عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن موهب التَّيْمِيّ الْمدنِي قَالَ(19/254)
أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث وَلابْن معِين قَولَانِ
وتفي سنة أَربع وَخمسين وماية
وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة)
3 - (الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي)
عبيد الله بن عبيد الرَّحْمَن بتصغير عبيد الثَّانِيَة أَيْضا الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي أَبُو عبد الرَّحْمَن أحد الْأَئِمَّة لما مَاتَ سُفْيَان الثَّوْريّ قعد مَوْضِعه
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وماية
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الإصبهاني)
عبيد الله بن عبد الرَّحِيم أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ أحد فضلاء أَصْبَهَان وأدبائها
لَهُ تصانيف مِنْهَا كتب أَخْبَار أبي الطّيب كتاب استدرك فِيهِ على ابْن جني فِي كِتَابه الصَّغِير الْمُسَمّى بالواضح قَالَ ياقوت لَا أعرف من حَاله شَيْئا إِلَّا أَنه كَانَ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن الْمُهْتَدي)
عُبيد الله بن عبد الصَّمد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه أَبُو عبد الله العباسي حفيد الْخُلَفَاء وَكَانَ ثِقَة شَافِعِيّ الْمَذْهَب
توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَلَاث ماية
3 - (الرسولي الأديب)
عبيد الله بن عبد الْعَزِيز بن المؤمل الأديب أَبُو نصر الرسولي كَانَ أخبارياً عَلامَة
توفّي سنة تسع وَخمْس ماية
3 - (الْحَافِظ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ)
عبيد الله بن عبد الْكَرِيم الْحَافِظ أَبُو زرْعَة(19/255)
الرَّازِيّ الْقرشِي مَوْلَاهُم أحد الْأَعْلَام
ولد سنة تسعين وماية فِيمَا قيل وَيُقَال سنة مايتين وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ ومايتين
سمع خلقا كثيرا وروى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة ورحل وطوف وَلم يدْخل خُرَاسَان وَكَانَ من أَفْرَاد الْعَالم ذكاء وحفظاً وديناً وفضلاً وَرُوِيَ أَنه كَانَ من الأبدال قَالَ أَبُو الْعَبَّاس السراج سَمِعت ابْن دارة يَقُول رَأَيْت أَبَا زرْعَة فِي النّوم فَقلت مَا حالك فَقَالَ أَحْمد الله على الْأَحْوَال كلهَا إِنِّي وقفت بَين يَدي الله تَعَالَى فَقَالَ لي يَا عبيد الله كم تذرعت فِي القَوْل عبَادي قلت يَا رب إِنَّهُم حاولوا دينك قَالَ صدقت ثمَّ أُتِي بطاهر الخلقاني فاستعديت عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي فَضرب الْحَد مائَة ثمَّ أَمر بِهِ إِلَى الْحَبْس ثمَّ قَالَ ألْحقُوا عبيد الله)
بِأَصْحَابِهِ بِأبي عبد الله وَأبي عبد الله وَأبي عبد الله سُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك وَأحمد بن حَنْبَل وَرَوَاهَا عَن ابْن دارة عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم أيضاَ
توفّي فِي آخر يَوْم من السّنة الْمَذْكُورَة
3 - (ابْن الْقشيرِي)
عبيد الله بن عبد الْكَرِيم بن هوَازن بن عبد الْملك بن طَلْحَة بن مَنْصُور أَبُو الْفَتْح الْقشيرِي
ابْن الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي كَانَ فَاضلا كثير الْعِبَادَة لَهُ مصنفات فِي علم الطَّرِيقَة
سكن أسفرايين إِلَى أَن توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس ماية
وَسمع من وَالِده وَمن عبد الغافر الْفَارِسِي وَعمر بن أَحْمد بن مسرور وَسَعِيد بن مُحَمَّد البحتري وَغَيرهم وَحدث وروى عَنهُ أهل بَلَده
3 - (أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ)
عبيد الله بن عبد الْمجِيد أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ أَخُو أَبُو بكر وَلَهُمَا أَخَوان قَالَ أَبُو حَاتِم وَغَيره لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَتُوفِّي سنة تسع ومايتين(19/256)
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد)
عبيد الله بن عبد الْمجِيد بن شيران بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد ابْن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم من أهل خوزستان كَاتب أديب عَالم زكي النَّفس لَهُ تَارِيخ يدل على غزارة علمه أَجَاد فِي جمعه وَكَانَ شِيعِيًّا وَكَانَ أَبوهُ أَبُو الْقَاسِم من أهل الْعلم أَيْضا
3 - (ابْن الْخِيَار)
عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّث عَن عمر وَعلي وَعُثْمَان وَكَعب الأخيار
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (الدَّاودِيّ الْمصْرِيّ)
عبيد الله بن عَليّ بن عبيد الله بن دَاوُد أَبُو الْقَاسِم الدَّاودِيّ الْمصْرِيّ القَاضِي شيخ أهل)
الظَّاهِر فِي عصره
توفّي سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث ماية
3 - (قَاضِي الْقُضَاة الخطيبي)
عبيد الله بن عَليّ بن عبيد الله الخطيبي أَبُو إِسْمَاعِيل ابْن أبي الْحسن الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الملقب بقاضي الْقُضَاة ابْن قَاضِي الْقُضَاة الإصبهاني من بَيت الْقُضَاة والرئاسة والخطابة والتقدم
قتل يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمْس ماية قَتله بعض الْمَلَاحِدَة ومولده سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبع ماية(19/257)
3 - (ابْن المارستانية)
عبيد الله بن عَليّ بن نصر بن حمرَة بن عَليّ بن عبيد الله أَبُو بكر ابْن أبي الْفرج التَّيْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المارستانية هَكَذَا كَانَ يذكر نسبه ويوصله إِلَى أبي بكر الصّديق قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَرَأَيْت الْمَشَايِخ الثِّقَات من أَصْحَاب الحَدِيث وَغَيرهم يُنكرُونَ نسبه هَذَا وَيَقُولُونَ إِن أَبَاهُ وَأمه كَانَا يخدمان المرضى بالمارستان وَكَانَ أَبوهُ مَشْهُورا بفريج تَصْغِير أبي الْفرج عامياً لَا يفهم شَيْئا وَأَنه سُئِلَ عَن نسبه فَلم يعرفهُ ثمَّ إِنَّه ادّعى لأمه نسبا إِلَى قحطان وَادّعى لِأَبِيهِ سَمَاعا من أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي وسَمعه مِنْهُ وَكَذَلِكَ ادّعى لنَفسِهِ سَمَاعا من أبي الْفضل مُحَمَّد بن عمر الأرموي وكل ذَلِك بَاطِل وَكَانَ قد طلب الْعلم فِي صباه وتفقه لِابْنِ حَنْبَل وَسمع كثيرا وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل الْأُصُول وَلم يقنع بذلك حَتَّى ادّعى السماع مِمَّن لم يُدْرِكهُ واختلق طباقاً على الْكتب بخطوط مَجْهُولَة وَجمع مجموعات من التواريخ وأخبار النَّاس من نظر فِيهَا ظهر لَهُ كذبة وقحته وتهوره مَا كَانَ مخفياً عَنهُ
وَقَرَأَ كثيرا من الطِّبّ والمنطق والفلسفة وَكَانَت بَينه وَبَين عبيد الله بن يُونُس صداقة فَلَمَّا أفضت إِلَيْهِ الوزارة اخْتصَّ بِهِ وَقَوي جاهه وَبنى دَارا بدرب الشاكرية وسماها دَار الْعلم وَجعل فِيهَا خزانَة كتب أوقفها على طلاب الْعلم وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر يقْرَأ فِيهَا الحدي يَوْم الْجُمُعَة ويحضره النَّاس ورتب نَاظرا على المارستان العضدي فَلم تحمد سيرته وَقبض عَلَيْهِ وسجن فِي المارستان مُدَّة مَعَ المجانين مسلسلاً وبيعت دَار الْعلم بِمَا فِيهَا ثمَّ أطلق بعد مُدَّة وَبَقِي يطب النَّاس وصادف قبولاً فأثرى وَعَاد إِلَى حَال حَسَنَة وَحصل كتبا كَثِيرَة ثمَّ ندب إِلَى الرسلية من الدِّيوَان إِلَى تفليس وخلع عَلَيْهِ خلعة سَوْدَاء وقميص وعمامة وطرحة)
وَأعْطِي سَيْفا ومركوباً وَتوجه إِلَى إيلدكز فأدركه أَجله هُنَاكَ سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس ماية
وَمن شعره
(أفردتني بالهموم ... ذَات دلّ ونعيم)
(أودعت قلبِي سقاماً ... والحشا نَار الْجَحِيم)(19/258)
(لَيْسَ لي شغل سواهَا ... من خَلِيل وحميم)
(هِيَ دَاء للمعافى ... ودواء للسقيم)
(شغلت قلبِي بِأَمْر ... مقْعد فِيهَا مُقيم)
قَالَ ياقوت وعني بِجمع تَارِيخ بَغْدَاد أزرى فِيهِ على الْخَطِيب وَسَماهُ كتاب ديوَان الْإِسْلَام الْأَعْظَم قسمه ثَلَاث ماية وَسِتِّينَ كتابا فِي كل كتاب أَسمَاء تتوافق أنسابها وَطول فِي ذَلِك وَله كتاب تَارِيخ الْحَوَادِث لم يتم وَكتاب فِي الصِّفَات وَغير ذَلِك وجده حمرَة بِالْحَاء وَسُكُون الرَّاء
وَفِيه يَقُول أَبُو جَعْفَر ابْن الواثقي
(دع الْأَنْسَاب لَا تعرض ليتم ... فَأَيْنَ الهجن من ولد الصميم)
(لقد أَصبَحت فِي تيم دعياً ... كدعوى حيص بيص إِلَى تَمِيم)
وَقد بَالغ ابْن الدبيثي فِي الطعْن عَلَيْهِ وَزَاد فِي غلوه فِيهِ وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال
3 - (الصارم ابْن الغيران)
عبيد الله بن عَليّ بن عقيل بن أَحْمد بن عَليّ الْعَبْدي صارم الدّين الغيران من الْحلَّة السيفية
أَخُو الْحسن بن عَليّ الملقب بالهمام سكن الشَّام مُدَّة وَكَانَ يمدح مُلُوكهَا وأعيانها يُقَال إِنَّه كَانَ يسرق شعر أَخِيه الْهمام ويمدح بِهِ النَّاس
توفّي بحلب سنة سِتّ أَو سبع وست ماية
وَمن شعره
(كم برسوم لعلع ... من البدور الطّلع)
(يمنعن أقمار السما ... فِي الدجى عَن مطلع)
(نواعم رواتع ... أكْرم بهَا من رتع)(19/259)
(كل رداح كالقضيب ... سهلة الْمقنع)
)
(تصمي الْقُلُوب بسهام ... من خلال البرقع)
(صَحِيحَة لَا تأتلي ... عَن قلبِي المصدغ)
(واحر قلبِي لبرود ... رِيقهَا الممنع)
(وآه من ذكر لييلات ... الْحمى والأجرع)
(لهفي على تَفْرِيق ... طيب شملي الْمجمع)
(وَمَا خلا بذلك ... المصطاف والمرتبع)
(منَازِل غَيرهَا ... مر الرِّيَاح الْأَرْبَع)
(واستبدلت بعد الأنيس ... بالغراب الأبقع)
قلت شعر جيد سهل
3 - (ابْن غلنده)
عبيد الله بن عَليّ بن غلندة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام وَسُكُون النُّون وَضم الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا هَاء أَبُو الحكم الْكَاتِب السَّرقسْطِي سكن إشبيلية
وَتُوفِّي بمراكش سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَقد أسن
وَكَانَ يُشَارك فِي فنون من الطِّبّ وَالْأَدب وَغير ذَلِك مَعَ الْخط البارع والإتقان لكل مَا يحاول
وَمن شعره
(يَا خير من علق الْفُؤَاد بحبه ... وَأجل من يسمو إِلَيْهِ النَّاظر)
(عجبا لِأَنَّك ملْء عَيْنك نَائِم ... وَأَنا كَمَا يخْتَار ضدك ساهر)
وَمِنْه
(آه والبين قد أجد بصحبي ... لَو أَفَادَ العزاء تكرارها)
(يَا لواة الدُّيُون من غير عسر ... إِن مطل الْغَنِيّ ظلم تناهى)
وَمِنْه
(تكْثر من الإخوان للدهر عدَّة ... فكثرة در العقد من شرف العقد)
(وَعظم صَغِير الْقَوْم وابدأ بِحقِّهِ ... فَمن خنصري كفيك تبدأ بِالْعقدِ)(19/260)
وَمِنْه وَهُوَ بديع الْمَعْنى
(لَا تأمنن ضَرَر الوضيع إِذا غَدا ... مُتَمَكنًا مِمَّن نهى أَو من أَمر)
)
(أَو مَا ترى مخروط ظلّ الأر ... ض عِنْد تقَابل القمرين يكسف بالقمر)
3 - (ابْن زنين)
عبيد الله بن عَليّ بن عبيد الله بن زنين الرقي أَبُو الْقَاسِم سكن بَغْدَاد
وَتُوفِّي سنة خمسين وَأَرْبع ماية كَانَ من الْعلمَاء بالنحو وَالْأَدب واللغة والفرائض وَكَانَ صَدُوقًا أَخذ الْأَدَب عَن الربعِي والمعري وَله كتاب فِي القوافي وَكَانَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ يسْأَله وَيَقُول لَهُ قدر أَنه سَأَلَك بعض الصّبيان وَلَا تقل سَأَلَني عَنْهَا أَبُو إِسْحَاق
3 - (ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر)
عبيد اله بن عمر بن الْخطاب ولد فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقتل مَعَ مُعَاوِيَة يَوْم صفّين سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا حفظ لَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا رِوَايَة وَكَانَ من أنجاد قُرَيْش وفرسانهم وَهُوَ الْقَائِل
(أَنا عبيد الله ينميني عمر ... خير قُرَيْش من مضى وَمن غير)
حاشى نب الله وَالشَّيْخ الْأَغَر ورثاه أَبُو زبيد الطَّائِي ورثاه أَيْضا كَعْب بن جعيل وهجاه الصلتان الْعَبْدي وَلما قتل حمل على بغل فَذكر أَن يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ خطتا الأَرْض من فَوق الْبَغْل وروى ابْن وهب عَن السّري بن يحيى عَن الْحسن بن عبيد الله قتل الهرمزان بعد أَن أسلم وَعَفا عَنهُ عُثْمَان فَلَمَّا ولي عَليّ خشيه على نَفسه فهرب إِلَى مُعَاوِيَة وَقيل لعَلي هَذَا عبيد الله بن عمر عَلَيْهِ جُبَّة خَز وَفِي يَده سواك يَقُول سَيعْلَمُ غَدا عَليّ إِذا الْتَقَيْنَا فَقَالَ عَليّ دَعوه فَإِنَّمَا دَمه دم عُصْفُور
3 - (ابْن الْخطاب الْمدنِي)
عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب الإِمَام الثبت الْمدنِي أحد عُلَمَاء الْمَدِينَة توفّي فِي حُدُود الْخمسين وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة(19/261)
3 - (ابْن وهب الرقي)
عبيد الله بن عمر أَبُو وهب الرقي عَالم أهل الجزيرة قَالَ ابْن سعد كَانَ ثِقَة وَرُبمَا أَخطَأ وَلم يكن أحد ينازعه فِي الْفَتْوَى
مولده سنة إِحْدَى وماية ووفاته سنة ثَمَانِينَ وماية
وروى لَهُ الْجَمَاعَة)
3 - (الْحَافِظ القواريري)
عبيد الله بن عمر القواريري الْبَصْرِيّ الْحَافِظ سمع الْكِبَار وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَأَبُو زرْعَة وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَصَالح جزرة وَكتب عَنهُ أَحْمد وَابْن معِين والقدماء قَالَ ابْن معِين ثِقَة قَالَ لم تكد تفوتني صَلَاة الْعَتَمَة فِي جمَاعَة فشغلت لَيْلَة بضيف فَخرجت أطلب الصَّلَاة فِي قبائل الْبَصْرَة فَإِذا النَّاس قد صلوا فَقل فِي نَفسِي روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ صَلَاة الْجمع تفضل على صَلَاة الْفَذ إِحْدَى وَعشْرين دَرَجَة وَرُوِيَ خمْسا وَعشْرين وَرُوِيَ سبعا وَعشْرين فَانْقَلَبت إِلَى منزلي فَصليت الْعَتَمَة سبعا وَعشْرين مرّة ثمَّ رقدت فرأيتني مَعَ قوم راكبين أفراساً وَأَنا رَاكب فرسا كأفراسهم وَنحن نتجارى وأفراسهم تسبق فرسي فَجعلت أضربه لألحقهم فَالْتَفت إِلَيّ آخِرهم وَقَالَ لَا تجهد فرسك فلست بلاحقنا فَقلت وَلم فَقَالَ لِأَنَّك لم تصل الْعَتَمَة جمَاعَة توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ ومايتين وَله أرع وَثَمَانُونَ سنة
3 - (عبيد الله الْفَقِيه الشَّافِعِي)
عبيد الله بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الْقَيْسِي الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي وَيعرف بعبيد الْفَقِيه نزيل قرطبة كَانَ عَالما بالأصول وَالْفُرُوع إِمَامًا فِي القراآت والفرائض وَقد ضعفه بَعضهم بِرِوَايَة مَا لم يسمع عَن بعض الدمشقيين وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَثَلَاث ماية(19/262)
3 - (الْحَضْرَمِيّ الإشبيلي)
عبيد الله بن عمر بن هِشَام أَبُو مُحَمَّد أَبُو مَرْوَان الْحَضْرَمِيّ الإشبيلي أحكم الْعَرَبيَّة وَكَانَ شَاعِرًا فَاضلا جوالاً تصدر بمراكش للإقراء ثمَّ إِنَّه سكن مرسية وخطب بهَا وَله تصانيف مِنْهَا الإفصاح فِي اخْتِصَار الْمِصْبَاح وَشرح مَقْصُورَة ابْن دُرَيْد وَله كتاب قِرَاءَة نَافِع
وَتُوفِّي سنة خمسين وَخمْس ماية
3 - (شَيْطَان الطاق)
عبيد الله بن الْفضل شَيْطَان الطاق الْمُتَكَلّم
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَلَاث ماية
وَهُوَ غير شَيْطَان الطاق الأول ذَاك تقدم
3 - (ابْن قيس الرقيات)
)
عبيد الله بن قيس الرقيات العامري الْحِجَازِي أحد الشُّعَرَاء المجيدين قيل لِأَبِيهِ قيس الرقيات لِأَن لَهُ عدَّة جدات كُلهنَّ يسمين رقية
توفّي عبيد الله فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَيُقَال إِن أَبَاهُ شَبَّبَ بِثَلَاث نسْوَة يسميهن جَمِيعًا رقية
كَانَ قد خرج مَعَ مُصعب بن الزبير حَيْثُ بلغه شخوص عبد الْملك بن مَرْوَان إِلَيْهِ فَلَمَّا رأى مُصعب معالم الْغدر مِمَّن مَعَه دَعَا ابْن الرقيات ودعا بِمَال ومناطق فَمَلَأ المناطق من ذَلِك وَألبسهُ مِنْهَا وَقَالَ لَهُ انْطلق حَيْثُ شِئْت فَقَالَ وَالله لَا أريم حَتَّى آتِي سبيليك فَأَقَامَ مَعَه حَتَّى قتل ثمَّ إِنَّه أَتَى الْكُوفَة واختفى بهَا سنة ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى الْمَدِينَة وأتى عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَقَالَ جِئْت عائذاً بك فَكتب لَهُ إِلَى أم الْبَنِينَ زوج عبد الْملك بن مَرْوَان وَكتب إِلَى أَبِيهَا عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان يسألهما الشَّفَاعَة لِعبيد الله بن قيس الرقيات فشفعت لَهُ وآمنه وَأدْخلهُ عَلَيْهِ بعد تَكَامل النَّاس فِي مجَالِسهمْ فَقَالَ يَا أهل الشَّام أتعرفون هَذَا فَقَالُوا لَا قَالَ هُوَ عبيد الله بن قيس الرقيات الَّذِي يَقُول
(كَيفَ نومي على الْفراش وَلما ... تَشْمَل الشَّام غَارة شعواء)
(تذهل الشَّيْخ عَن بنيه وتبدي ... عَن خدام العقيلة الْعَذْرَاء)(19/263)
فَقَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إسقنا دم هَذَا الْمُنَافِق قَالَ الْآن وَقد آمنته وَصَارَ فِي منزلي وعَلى بساطي فاستأذنه فِي الْإِنْشَاء فَأذن لَهُ فأنشده
(عَاد لَهُ من كَثِيرَة الطَّرب ... فعينه بالدموع تنسكب)
(كوفية نازح محلتها ... لَا أُمَم دارها وَلَا صقب)
(وَالله مَا إِن صبَّتْ إِلَيّ وَلَا ... يعرف بيني وَبَينهَا سبّ)
(إِلَّا الَّذِي أورثت كَثِيرَة فِي ال ... قلب وللحب سُورَة عجب)
حَتَّى قَالَ فِيهَا
(إِن الْأَغَر الَّذِي أَبوهُ أَبُو ال ... عاصي عَلَيْهِ الْوَقار والحجب)
(يعتدل التَّاج فَوق مفرقه ... على جبين كَأَنَّهُ الذَّهَب)
فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا ابْن قيس تمدحني بالتاج كَأَنِّي من الْعَجم وَتقول فِي مُصعب
(إِنَّمَا مُصعب شهَاب من الله ... تجلت عَن وَجهه الظلماء)
)
(ملكه ملك عزة لَيْسَ فِيهِ ... جبروت مِنْهُ وَلَا كبرياء)
أما الْأمان فقد سبق لَك وَلَكِن وَالله لَا تَأْخُذ مَعَ الْمُسلمين عَطاء أبدا فَعَاد ابْن قيس إِلَى عبد الله بن جَعْفَر وَقَالَ لَهُ وَمَا يَنْفَعنِي أماني تركت حَيا كميت لَا آخذ عَطاء فَقَالَ لَهُ عبد الله كم سنك قَالَ سِتُّونَ سنة قَالَ فعمر نَفسك فَقَالَ عشْرين سنة أُخْرَى قَالَ كم عطاؤك قَالَ أَلفَانِ فَأمر لَهُ عبد الله بِأَرْبَعِينَ ألفا وَقَالَ ذَلِك عَليّ حَتَّى تَمُوت على تعميرك نَفسك فَقَالَ يمدحه
(تقدت بِي الشَّهْبَاء نَحْو ابْن جَعْفَر ... سَوَاء عَلَيْهَا لَيْلهَا ونهارها)
(تزور امْرَءًا قد يعلم الله أَنه ... تجود لَهُ كف قَلِيل غرارها)
(أَتَيْنَاك نثني بِالَّذِي أَنْت أَهله ... عَلَيْك كَمَا أثنى على الرَّوْض جارها)
(وَوَاللَّه لَوْلَا أَن تزور ابْن جَعْفَر ... لَكَانَ قَلِيلا فِي دمشق قَرَارهَا)
(إِذا مت لم يُوصل صديق وَلم ... يقم طَرِيق من الْمَعْرُوف أَنْت منارها)
(ذكرتك أَن فاض الْفُرَات بأرضنا ... وفاض بِأَعْلَى الرقمتين بحارها)
(وَعِنْدِي مِمَّا خول الله هجمة ... عطاؤك مِنْهَا شولها وعشارها)
(مباركة كَانَت عَطاء مبارك ... تمانح كبراها وتنمي صغارها)(19/264)
قلت وَقَوله تذهل الشَّيْخ عَن بنيه وتبدي الْبَيْت وَهُوَ من عويص النَّحْو وَمِمَّا يمْتَحن بإعرابه وَذَلِكَ أَنه لم يجر العقيلة بِإِضَافَة خدام إِلَيْهَا وَلَا جر الْعَذْرَاء على أَنَّهَا صفة للعقيلة وَإِنَّمَا رفعهما وَوجه إعرابه إِن الشَّاعِر حذف التَّنْوِين من خدام وَهُوَ منون مجرور والعقيلة الْعَذْرَاء فَاعل تبدي وَتَقْدِيره وتبدي العقيلة الْعَذْرَاء عَن خدام وَهُوَ الخلخال وَإِنَّمَا حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين بَينه وَبَين لَام العقيلة وَمثله مَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ
(فَأَلْفَيْته غير مستعتب ... وَلَا ذَاكر الله إِلَّا قَلِيلا)
فجر الرَّاء وَنصب الْجَلالَة لِأَنَّهُ مفعول ذَاكر الَّذِي هُوَ اسْم فَاعل من الذّكر فَحذف التَّنْوِين لالقتاء الساكنين وَمثله قَول الآخر
(عَمْرو الَّذِي هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ ... وَرِجَال مَكَّة مسنتون عجاف)
أَرَادَ عَمْرو الَّذِي بتنوين الرَّاء من عَمْرو فَحَذفهُ لالتقاء الساكنين وَمثله قَول الشَّاعِر
(فلست بآتيه وَلَا أستطيعه ... ولاك اسْقِنِي إِن كَانَ ماؤك ذَا فضل)
)
يُرِيد وَلَكِن اسْقِنِي فَحذف النُّون لالقتاء الساكنين
3 - (حفيد الْبَيْهَقِيّ)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُوسَى أَبُو الْحسن ابْن أبي عبد الله ابْن أبي بكر الْبَيْهَقِيّ كَانَ جده من أَئِمَّة الحَدِيث الْأَعْلَام وَتقدم ذكره وَهَذَا أَبُو الْحسن لم يعرف شَيْئا وَلكنه سمع كثيرا من جده من مصنفاته وَسمع من أبي سعد أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْمُقْرِئ وَأبي يعلى إِسْحَاق ابْن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي وَغَيرهمَا وَكَانَ يتغالى فِي الْإِجَازَة وَيَقُول مَا أُجِيز إِلَّا بطسوج مولده سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَخمْس ماية
3 - (ابْن جرو الْأَسدي)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن جرو الْأَسدي أَبُو الْقَاسِم(19/265)
النَّحْوِيّ الْموصِلِي سكن بَغْدَاد وَسمع بهَا من أبي عبيد الله بن مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي سعيد السيرافي وَأبي عَليّ الْفَارِسِي وَأبي الْحسن الرماني وَأبي بكر ابْن الْخراج وَغَيرهم وَكَانَ حسن الْخط صَحِيح النَّقْل جيد الضَّبْط وَله مصنفات فِي عُلُوم الْقُرْآن وَالْعرُوض والقوافي وَكَانَ معتزلياً
توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث ماية
وَله الموضح فِي الْعرُوض وجوده والمفصح فِي القوافي والأمدفي فِي عُلُوم الْقُرْآن التمس عضد الدولة من أبي عَليّ إِمَامًا يُصَلِّي بِهِ يكون يجمع بَين الْقِرَاءَة والعربية فأحضر لَهُ ابْن جرو فصلى بِهِ فَلَمَّا كَانَ من الْغَد سَأَلَ أَبُو عَليّ عضد الدولة عَنهُ فَقَالَ هُوَ كَمَا وصفت إِلَّا أَنه لَا يُقيم الرَّاء فَقَالَ هِيَ عَادَة لساني لَا أَسْتَطِيع تغييراها فَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ ضع ذُبَابَة الْقَلَم تَحت لسَانك لترفعه بهَا وَأكْثر نع ذَلِك ترديد اللَّفْظ بالراء فَفعل فاستقامت لَهُ وَلَا شُبْهَة أَن الْغَيْن حرف حلقي لَا عمل للسان فِيهِ وَالرَّاء من حُرُوف اللِّسَان وَله فِيهِ عمل فَمن نطق بالغين مَكَان الرَّاء لم يكن للسان فِيهِ عمل بل هُوَ قار فِي مَحَله والحرف الحلقي مَنْطُوق بِهِ مَعَ اللِّسَان فَإِذا رَفعه بِطرف الْقَلَم أَو غَيره جعل للسان عملا فِيهِ فَبَطل أَن يكون حلقياً وَقد حُكيَ أَن أَبَا إِسْحَاق الزّجاج كَانَ بِهَذِهِ الصّفة رأراء قلت وَقد رَأَيْت أَنا الْخَطِيب كَمَال الدّين مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي خطيب صفد لما كَانَ صَغِيرا وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالة يلثغ بالراء
فَكَانَ وَالِده رَحمَه الله يلْزمه أَن يَقُول شربه بتحريك الرَّاء ويكرر عَلَيْهَا فَفعل ذَلِك فاستقام)
لِسَانه وَهُوَ الْيَوْم من الفصحاء لَا أعرف فِي الخطباء مثله فصاحة
وَمن شعر ابْن جرو الْأَسدي
(قطعت من السنين مدى طَويلا ... وَلم تعرف عَدوك من صديقك)
(فسرت على الْغرُور وَلست تَدْرِي ... أماء أم سراب فِي طريقك)
3 - (أَبُو الْقَاسِم ابْن الْفراء الْحَنْبَلِيّ)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خلف الْفراء أَبُو الْقَاسِم ابْن القَاضِي أبي يعلى
الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ أَخُو أبي الْحُسَيْن وَأبي حَازِم مُحَمَّد وَمُحَمّد بني أبي يعلى وَكَانَ أكبر أَوْلَاد أَبِيه قَرَأَ بالروايات على أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الْخياط وَأبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن الْبناء وَأبي الْخطاب أَحْمد ابْن عَليّ الصُّوفِي وَغَيرهم وَقَرَأَ الْفِقْه على وَالِده ثمَّ على الشريف أبي جَعْفَر ابْن أبي مُوسَى وعلق عَنْهُمَا مسَائِل الْخلاف وسافر إِلَى آمد وَقَرَأَ بهَا على أبي الْحسن الْبَغْدَادِيّ تلميذ وَالِده وَسمع(19/266)
الْكثير بِبَغْدَاد وَصَحب الْخَطِيب أَبَا بكر وَأَبا عبد الله الصُّورِي وَقيل إِنَّه لم يدْرك الصُّورِي وَنقل عَنْهُمَا معرفَة الحَدِيث وَكَانَ يكْتب خطا حسنا
وَمَات شَابًّا طَربا لم يبلغ الثَّلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية فِي طَرِيق الْحَج
3 - (كَمَال الدّين ابْن رَئِيس الرؤساء)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن ابْن الْمسلمَة أَبُو الْفضل ابْن الْوَزير أبي الْفرج الْمَعْرُوف بِابْن رَئِيس الرؤساء كَانَ يلقب بِكَمَال الدّين كَانَ وَالِده يتَوَلَّى الْأُسْتَاذ دارية فَلَمَّا ولي الوزارة ولي كَمَال الدّين الْأُسْتَاذ دارية وَكَانَ فِيهِ شدَّة وجفاء وصرامة وبطش وَسُوء سيرة وَلم يكن فِي بَيته أَسْوَأ طَريقَة مِنْهُ قَالَ محب الدّين ابْن النجار رَأَيْت النَّاس مُجْتَمعين على ذمه وَكَانَ أديباً يَقُول الشّعْر
وَتُوفِّي شَابًّا سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس ماية وَمن شعره
(وأهيف معسول الفكاهة واللمى ... مليح التثني وَالشَّمَائِل وَالْقد)
(بِهِ ري عَيْني وَهُوَ ظام إِلَى دمي ... وخدي لَهُ ورد من خَدّه وردي)
3 - (أَبُو إِبْرَاهِيم الخجندي)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن ثَابت الخجندي أَبُو إِبْرَاهِيم كَمَال الْإِسْلَام)
الإصبهاني أَخُو عبد اللَّطِيف كَانَ فَقِيها فَاضلا وأديباً كَامِلا سمع الْكثير وَطلب بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَقدم بَغْدَاد مَرَّات وَحدث
وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية
وَقد تقدم ذكر أَخِيه عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد وَذكر جده وَذكر وَالِد جده فِي المحمدين
وَمن شعره فِي أبي مُوسَى الْحَافِظ وَقد دفن زَوجته
(إِمَام غَدا فَردا فاصبح مُفردا ... عَن الْأَهْل فِي خفض الزَّمَان وَرَفعه)
(أحب الْإِلَه الْوتر وَهُوَ حَبِيبه ... فصيره وترا شَفِيعًا لشفعه)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمَذْهَب)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن تَوْبَة الْمَذْهَب أَبُو الْقَاسِم الأديب روى عَنهُ أَبُو الْحسن ابْن عبد السَّلَام وَأَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي(19/267)
وَمن شعره
(مَا زلت أبدل نَفسِي فِي مودته ... وَكلما ازددت حبا زادني ضجرا)
(حَتَّى إِذا استأنست عَيْني بِرُؤْيَتِهِ ... ورمت أَشْكُو إِلَيْهِ صده نَفرا)
(تركته واتخذت الصَّبْر مدرعاً ... فَمَا أُبَالِي أعَاد الْوَصْل أم هجرا)
(فَعَاد يطْلب حبا كَانَ يعهده ... عِنْدِي فَلم ير فِي قلبِي لَهُ أثرا)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الإشبيلي)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو الْحُسَيْن السكونِي الإشبيلي هُوَ ابْن عَم الْهَيْثَم بن أَحْمد الشَّاعِر وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْن أَعور هجاء من شعره
(كَيفَ النجَاة وقلبي بَين أشراك ... من مقلتي مستطيل اللحظ فتاك)
(شاكي السِّلَاح وَلم يحمل مثقفة ... غير الجفون وَلَكِن يَا لَهُ شاكي)
(تَشْكُو معاطفه من ثقل مِئْزَره ... وَيَا بلائي من المشكو والشاكي)
(سحقاً لوجه ابْن أدهم ... فَإِنَّهُ يجلب الْهم)
(وَمَا استبان لخلق ... إِلَّا اشْتَكَى وتألم)
(وَجه يرى الشؤم فِيهِ ... يكَاد أَن يتَكَلَّم)
وَمن شعره وَقد تنَاول من يَد معذر الْأَشْعَار السِّتَّة فَأول مَا وَقعت غينه على قصيدة امْرِئ)
الْقَيْس
(وَذي صلف خطّ العذار بخده ... كخط زبور فِي عسيب يمَان)
(فَقلت لَهُ مستفهماً كنه حَاله ... لمن طلل أبصرته فشجاني)
(فَقَالَ وَلم يملك عزاء لنَفسِهِ ... تمتّع من الدُّنْيَا فَإنَّك فان)
(فَمَا كَانَ إِلَّا بُرْهَة إِذْ رَأَيْته ... كتيس ظباء الخلب الْعدوان)
3 - (ابْن عَائِشَة)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن حَفْص بن عمر بن مُوسَى أَبُو(19/268)
عبد الرَّحْمَن الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ
الأخباري الْمَعْرُوف بِابْن عَائِشَة وبالعيشي لِأَنَّهُ من ولد عَائِشَة بنت طَلْحَة روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَأحمد ابْن حَنْبَل وَأَبُو زرْعَة وَابْن أبي الدُّنْيَا قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ طلاباً للْحَدِيث عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَيَّام النَّاس لَوْلَا مَا أفسد نَفْيه وَهُوَ صَدُوق قذف بِالْقدرِ وَكَانَ بَرِيئًا مِنْهُ وَكَانَ من سَادَات الْبَصْرَة انفق على إخوانه أَربع ماية ألف دِينَار فِي الله حَتَّى بَاعَ سقف بَيته وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين ومايتين
وَكَانَ قد سمع حَمَّاد بن سَلمَة وَغَيره خلقا كثيرا وَكَانَ تِسْعَة آلَاف حَدِيث قَالَ المرزباني وَمن أخباره المستحسنة أَنه قدم بَغْدَاد ليرْفَع كتابا إِلَى المعتصم يسْأَله أَن يرد صدقَات الْبَصْرَة على أَهلهَا الْفُقَرَاء فَاسْتَكْثر المعتصم ذَلِك وَلم يجبهُ وَأمر لَهُ بِمَال كَبِير يُقَارب الْمِائَة ألف دِرْهَم فَأبى أَن يقبله وَقَالَ لم أجىء أسَال لنَفْسي وَانْصَرف إِلَى الْبَصْرَة وَجَاء إِلَيْهِ أَعْرَابِي يسْأَله شَيْئا فَقيل لَهُ ابْن عَائِشَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل إِن عَلَيْهِ دينا فَلَمَّا خرج ابْن عَائِشَة قَالَ لَهُ الْأَعرَابِي قد أخبروني يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن بعذرك وَلَكِن مثلي وَمثلك كَمَا قَالَ من هُوَ قبلي
(وَقد أنبيت أَن عَلَيْك دينا ... فزد رقم دينك واقض ديني)
فَأمر لَهُ بدنينيرات وَمن كَلَامه جزعك فِي مُصِيبَة صَاحبك أحسن من صبرك وصبرك فِي مصيبتك أحسن من جزعك وَدخل الْبَصْرَة أَعْرَابِي فَسَأَلَ عَن الأجواد فَقيل لَهُ إِن عَلَيْهِ دينا وَقد جلس فِي دَاره فجَاء إِلَى حَاجِبه وَمَعَهُ رقْعَة فَقَالَ أوصل هَذِه إِلَى عبد الرَّحْمَن فأوصلها وفيهَا مَكْتُوب
(إِذا كَانَ الْجواد لَهُ حجاب ... فَمَا فضل الْجواد على الْبَخِيل)
فقرأها ابْن عَائِشَة وَكتب تَحت ذَلِك)
(إِذا كَانَ الْجواد عديم مَال ... وَلم يعْذر تعلل بالحجاب)
3 - (قَاضِي فَارس القصري)
عبيد الله ابْن مُحَمَّد ابْن أبي بردة أَبُو مُحَمَّد القصري من قصر الزَّيْت بِالْبَصْرَةِ قَاضِي فَارس نحوي لغَوِيّ معتزلي لَهُ كتاب الِانْتِصَار لسيبويه على أبي الْعَبَّاس(19/269)
3 - (أَبُو الْقَاسِم اليزيدي)
عبيد الله بن مُحَمَّد ابْن أبي مُحَمَّد اليزيدي أَبُو الْقَاسِم
مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ ومايتين
سمع عبد الرَّحْمَن ابْن أخي الْأَصْمَعِي وروى عَن جده أبي مُحَمَّد يحيى اليزيدي عَن أبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء قَالَ أَبُو الْقَاسِم الزجاجي أَنْشدني أَبُو عبد الله اليزيدي لِعَمِّهِ عبيد الله ابْن مُحَمَّد اليزيدي
(قد ضقت ذرعاً بك مستصلحاً ... وَأَنت مزور عَن الْوَاجِب)
(من لي بِأَن تعقل حَتَّى ترى ... كم لَك فِي الْعَالم من عائب)
3 - (الجُمَحِي الأديب)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن صَفْوَان الجُمَحِي أحد الْفُضَلَاء الأدباء ولاه الْمَنْصُور قَضَاء الْعرَاق
وَصَرفه الْمهْدي لما ولي الْخلَافَة وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وماية
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الأندلسي)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمذْحِجِي أَبُو الْحُسَيْن الأندلسي قَرَأَ الْقرَاءَات والطب وَالْأَدب وعني بلقاء الشُّيُوخ المقرئين والأطباء والمحدثين وَكَانَ ناظماً ناثراً ماهرا فِي الطِّبّ وَأَبوهُ وأجداده أطباء
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية وَمن شعره
3 - (أَبُو مُحَمَّد اللّغَوِيّ)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شاهمردان أَبُو مُحَمَّد قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء لَا أعرف من حَاله شَيْئا إِلَّا أَنِّي وجدت لَهُ كتابا فِي اللُّغَة سَمَّاهُ حدائق الْأَدَب
3 - (أَبُو الْقَاسِم النَّحْوِيّ الْأَزْدِيّ)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَزْدِيّ أَبُو الْقَاسِم النَّحْوِيّ)
قَالَ الْخَطِيب مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَلَاث ماية وَحدث عَن مُحَمَّد ابْن الجهم السمري بِكِتَاب الْمعَانِي للفراء وَعَن مُسلم بن عِيسَى الصفار(19/270)
وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن قُتَيْبَة روى عَنهُ الْمعَافي بن زَكَرِيَّاء الْجريرِي وَإِبْرَاهِيم ابْن أَحْمد الطَّبَرِيّ وَغَيرهمَا حَدثنَا عَنهُ ابْن رزقويه قَالَ وَسَأَلت أَبَا يعلى مُحَمَّد ابْن السراج عَنهُ فَقَالَ ضَعِيف لَهُ كتاب الِاخْتِلَاف كتاب النُّطْق
3 - (ابْن بطة)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حمدَان الإِمَام الْقدْوَة أَبُو عبد الله ابْن بطة العكبري الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ سمع أَبَا الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأَبا صاعد وَأَبا ذَر ابْن الباغندي وَأَبا بكر ابْن زِيَاد وَإِسْمَاعِيل الْوراق والمحاملي وَمُحَمّد بن مخلد وَأَبا طَالب أَحْمد بن نصر الْحَافِظ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن ثَابت العكبري ورحل فِي الكهولة وَسمع بِدِمَشْق على ابْن أبي الْعقب وبحمص أَحْمد بن حميد وَآخَرين وروى عَنهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ وَأَبُو الْفَتْح ابْن أبي الفوارس وَأَبُو الْقَاسِم عبيد الله الْأَزْهَرِي وَعبد الْعَزِيز الْأَزجيّ وَأحمد بن مُحَمَّد العتيقي وَأَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَأَبُو إِسْحَاق الْبَرْمَكِي وَأَبُو الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى السَّعْدِيّ نزيل مصر وَآخَرُونَ وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد ابْن السّري روى عَنهُ كتاب الْإِنَابَة الْكُبْرَى تأليفه قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي سَمِعت أخي الْحُسَيْن يَقُول رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله قد اخْتلفت عَليّ الْمذَاهب فَقَالَ عَلَيْك بِابْن بطة فَأَصْبَحت ولبست ثِيَابِي ثمَّ أصعدت إِلَى عكبرا فَدخلت وَابْن بطة فِي الْمَسْجِد فَلَمَّا رَآنِي قَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مجاب الدعْوَة أماراً بِالْمَعْرُوفِ لم يبلغهُ خبر مُنكر إِلَّا غَيره لزم بَيته بعد الرحلة أَرْبَعِينَ سنة لَا يرى مُفطرا إِلَّا يَوْم عيده
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَابْن بطة ضَعِيف
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث ماية
3 - (البارساه)
عبيد الله ابْن مُحَمَّد الإِمَام العابد شيخ الْحَنَفِيَّة ركن الدّين البارساه السَّمرقَنْدِي نزيل دمشق ومدرس الظَّاهِرِيَّة ثمَّ مدرس النورية كَانَ من كبار أَئِمَّة الْمَذْهَب مكباً على المطالعة والتعليم لَهُ ورد فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مائَة رَكْعَة وَله حَلقَة(19/271)
بالجامع أصبح يَوْمًا ملقىً يَوْمًا فِي)
بركَة الظَّاهِرِيَّة كَأَنَّهُ خنق لشَيْء من حطام الدُّنْيَا وَأخذ طي الحوراني قيم دَار الحَدِيث بالظاهرية وَضرب فَأقر بقتْله فشنق وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَسبع ماية
3 - (الرشيد ابْن الْمُعْتَمد)
عبيد الله ابْن مُحَمَّد هُوَ أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْمُعْتَمد بن عباد الاشبيلي كَانَ ولي عهد أَبِيه فِي المملكة فَجرى لَهُم مَا جرى فِي تَرْجَمَة وَالِده وَحَمَلُوهُ مَعَ أَبِيه إِلَى مراكش وَذكر الْحِجَازِي أَنه انقلبت بِهِ الْأَحْوَال فسجن ثمَّ سرح ثمَّ سجن وَلم يزل فِي توالي نكباته إِلَى أَن أراحه أمد وَفَاته وَمن شعره لما تعذر عَلَيْهِ الرَّاتِب الَّذِي كَانَ يَأْخُذهُ من قبل أَمِير الْمُسلمين
(أَصبَحت بعد الْملك فِي ضَيْعَة ... يعوزني الْقُوت وَلَا رَاحِم)
(وَصَارَ طرفِي مُنْكرا مَا يرى ... كَأَنَّهُ فِيمَا مضى حالم)
وَمِنْه
(بمراكش أَصبَحت عَن أسرتي ... غَرِيبا بِحكم الذل وَالْخلْع والأسر)
(فوا أسفا إِن مت من دون أَن أرى ... بعيني مَا تبديه لي أعين الْفِكر)
وَقَالَ أَبوهُ الْمُعْتَمد عَلَيْهِ يَوْمًا فِي مبناه الْمُسَمّى بِسَعْد السُّعُود سعد السُّعُود يتيه فَوق الزاهي ثمَّ استجاز الْحَاضِرين فعجزوا عَن الْإِجَازَة فَقَالَ ابْنه الرشيد الْمَذْكُور وَكِلَاهُمَا فِي حسنه متناهي
(وَمن اغتدى سكناً لمثل مُحَمَّد ... قد جلّ فِي الْعليا عَن الْأَشْبَاه)
(لَا زَالَ يخلد فيهمَا مَا شاءه ... ودهت عداهُ من الخطوب دواهي)
وَمن شعر الرشيد أَيْضا
(أُرِيد تفرجاً عِنْد الرواح ... وَمد الْعين فِي خضر البطاح)
(فقد صدئت من الأحزان روحي ... وَلَيْسَ جلاؤها غير المراح)
(فَلَا تتوانيا عني وهباً ... إِلَيّ هبوب أنفاس الرِّيَاح)
(على عود يرن كَمَا أرنت ... فصاح الْوَرق فِي فلق الصَّباح)(19/272)
وَكَانَ الرشيد لَهُ حَظّ من الْعُلُوم الرياضية مجيداً فِي صناعَة الْغناء وَكَانَ يخلف أَبَاهُ فِي الْأَعْمَال وحاله مُشْتَقَّة من حَاله وَلابْن اللبانة فِيهِ أمداح مِنْهَا موشحة أَولهَا)
سَطَا أَو جاد رشيد بني عباد فأنسى النَّاس رشيد بني الْعَبَّاس
3 - (ابْن الْمهْدي)
عبيد الله بن مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن النَّاصِر المرواني هُوَ ابْن الْمهْدي وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ كَانَ عبيد الله هَذَا أديباً شَاعِرًا جال بعد قتل أَبِيه فِي الْبِلَاد ودارت بِهِ صروف الدَّهْر إِلَى أَن استجدى بالشعر حَتَّى مدح الْوَزير ابْن عطاف بقصيدة
(أَقُول لآمالي ستبلغ إِن بدا ... محيا ابْن عطاف وَنعم المؤمل)
(فَقَالَت دَعونِي كل يَوْم تعلل ... فَقلت لَهَا إِن لَاحَ يفنى التعلل)
فتغافل عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ
(أَيهَا الْمُمكن قدرته ... لَا يراك الله إِلَّا محسنا)
(إِنَّمَا الْمَرْء بِمَا قدمه ... فتخير بَين ذمّ وثنا)
(لَا تكن بالدهر غراً وَإِذا ... كنت فَانْظُر فعله فِي ملكنا)
(مد كفا نَحْو طالما ... أمْطرت مِنْهُ السَّحَاب الهتنا)
(أَو أراحني بِجَوَاب مؤنس ... فمطال النَّفس من شَرّ العنا)
فَقَالَ صَاعِقَة لم يرسلها الْقدر إِلَّا عَليّ ثمَّ قَالَ لوَكِيله ادْفَعْ لَهُ خَمْسَة عشر درهما فَقَالَ يَا سَيِّدي مَا لهَذَا الْعدَد رونق إِمَّا عشرَة وَإِمَّا عشرُون فَقَالَ ادْفَعْ إِلَيْهِ عشرَة فَقَالَ لَهُ الْوَكِيل مَا قلت لَك هَذَا إِلَّا لتطلع همتك وَلَا يكون كَلَامي مشؤوماً على الرجل فَقَالَ يَا هَذَا دع الفضول إِنَّمَا أَنْت وَكيل لَا مشير فَقَالَ فَارْجِع إِلَى الْحَال الأولى فحرد وَحلف أَن لَا يُعْطِيهِ شَيْئا فتحيل الْوَكِيل فِي خمسين درهما ودفعهما إِلَى عبيد الله فَسمع ذَلِك ابْن عطاف فَقَالَ لَهُ من أَنْت فِي الْكلاب حَتَّى خمسين كَأَنَّك ابْن زبيدة أَبُو جَعْفَر الْبَرْمَكِي مثلك لَا يستخدم وَصَرفه فَقدر الله موت الْوَزير وَتزَوج الْوَكِيل زَوجته وَسكن دَاره فَقَالَ فِي ذَلِك عبيد الله شعرًا أَوله
(أيا دَار قولي أَيْن ساكنك الَّذِي ... أَبى لؤمه أَن يتْرك الشُّكْر خَالِدا)(19/273)
وَمِنْه
(وأضحى وَكيلا كَانَ يأنف فعله ... نزيلك فِي الْحَوْض الممنع واردا)
)
3 - (صَاحب نهج الوضاعة الطَّبِيب)
عبيد الله بن المظفر أَبُو الحكم الْبَاهِلِيّ الأندلسي الطَّبِيب الشَّاعِر الأديب نزيل دمشق
توفّي سنة تتسع وَأَرْبَعين وَخمْس ماية
وَكَانَ ماهراً فِي الطِّبّ خليعاً مَاجِنًا لَهُ مراث من أَقوام لم يموتوا على طَرِيق اللّعب وَكَانَ يدمن الشّرْب سكن درب الْحِجَارَة من النَّاس من سَمَّاهُ عبد اله وَقد تقدم ذكره فِي مَكَانَهُ فليكشف من هُنَاكَ
3 - (الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ)
عبيد الله بن معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري الْحَافِظ الْبَصْرِيّ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم والدارمي وَغَيرهم وَكَانَ فصيحاً
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ ومايتين
3 - (الْحَافِظ الْكُوفِي)
عبيد الله بن مُوسَى الْعَبْسِي ومُوسَى هُوَ ابْن أبي الْمُخْتَار الْكُوفِي الْحَافِظ الشيعي ولد بعد الْعشْرين وماية وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة ومايتين روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى عَنهُ الْجَمَاعَة بِوَاسِطَة وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن معِين وَغَيرهم قَالَ ابْن معِين وَغَيره ثِقَة
وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق ثِقَة كَانَ عَالما بِالْقُرْآنِ رَأْسا فِيهِ وَهُوَ من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ(19/274)
3 - (تَاج الرؤساء الْكَاتِب)
عبيد الله بن هبة الله ابْن الأصباغي أَبُو غَالب الْكَاتِب تَاج الرؤساء الْبَغْدَادِيّ نَاب فِي ديوَان الزِّمَام بعد عزل أبي عَليّ ابْن صَدَقَة سنة إِحْدَى وَخمْس ماية ثمَّ أُعِيد ابْن صَدَقَة وَجعل عبيد الله مشرفاً عَلَيْهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمْس ماية وَكَانَ أديباً فَاضلا مليح الشّعْر ظريفاً وَمن شعره
(هويت من لَا ألام فِيهِ وَلَا ... أنسب فِي حبه إِلَى الْغَلَط)
(لأنني مَا وضعت قطّ يَدي ... مذ كنت طفْلا إِلَى على النقط)
3 - (الْوَزير ابْن خاقَان)
عبيد الله بن يحيى بن خاقَان الْأَمِير التركي الْبَغْدَادِيّ الْوَزير وزر للمتوكل وَمَا زَالَ عَلَيْهَا إِلَى أَن قتل المتَوَكل وَتُوفِّي عبيد اله سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمَا يتين وَجَرت لَهُ أُمُور فِي انخفاض وارتفاع ونفاه المستعين إِلَى برقة ثمَّ قدم بَغْدَاد ووزر للمعتمد وَكَانَ عبيد الله جواداً كَرِيمًا)
سمح الْأَخْلَاق ممدحاً وَلم يكن لَهُ من الصِّنَاعَة حَظّ وَإِنَّمَا أيد بأعوان كفاة وَكَانَ وَاسع الْحِيلَة حسن المداراة وَلم يزل جمَاعَة بعد قتل المتَوَكل يحرضون الْمُنْتَصر على قتلت عبيد الله ويعرفونه ميله إِلَى المعتز حَتَّى هم بذلك ثمَّ إِنَّه نَفَاهُ وأبعده إِلَى إقريطش
أَخذ يَوْمًا بلجام دَابَّته بعض النَّاس وَقَالَ لَهُ يَا زنديق فَقَالَ مَا أَنا بزنديق لِأَنِّي مَا عبدت إِلَّا الله فَقَالَ لَهُ يَا فَاسق فَقَالَ مَا أَنا بفاسق فَقَالَ لَهُ يَا كَذَّاب فَقَالَ صدقت نبلى بأنكاد مثلكُمْ يضطروننا إِلَى أَن نكذب لَهُم خل اللجام ثمَّ أَمر أَن لَا يتبعهُ أحد قَالَ أَبُو الشبل عصم بن وهب البرجمي حضرت مجْلِس عبيد الله وَكَانَ محسناً إِلَيّ فَجرى ذكر البرامكة وكرمهم فَقُمْت وَقلت(19/275)
(رَأَيْت عبيد الله أفضل سؤدداً ... وَأكْرم من فضل بن يحيى بن خَالِد)
(أُولَئِكَ جادوا وَالزَّمَان مساعد ... وَقد جاد ذَا والدهر غير مساعد)
واعتل مرّة فَأمر المتَوَكل الْفَتْح أَن يعودهُ فَأَتَاهُ وَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ يسْأَل عَن علتك فَقَالَ عبيد الله
(عليل من مكانين ... من الأسقام وَالدّين)
(وَفِي هذَيْن لي شغل ... وحسبي شغل هذَيْن)
فَأمر لَهُ المتَوَكل بِأَلف ألف دِرْهَم وَكَانَ المتَوَكل قد بَقِي شَهْرَيْن بِلَا وَزِير لما نكب مُحَمَّد بن الْفضل الجرجرائي وَقَالَ مللت عرض الْمَشَايِخ فَاطْلُبُوا خلي حَدثا من أَوْلَاد الْكتاب فَاخْتَارُوا لَهُ ثَلَاثَة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي وَمُحَمّد بن نجاح بن سَلمَة وَعبيد الله بن خاقَان فَأَما إِسْحَاق فَإِن أَبَاهُ اسْتغْفر لَهُ وَحلف لَهُ أَنه لَا يصلح لهَذَا الْأَمر وَكَانَ اكْتُبْ النَّاس وأذكاهم وأمات ابْن سَلمَة فَإِن المتَوَكل لما رَآهُ استثقله وَأما عبيد الله فأعجبه خطه وشكله وحلاوته وَقَالَ لَهُ اكْتُبْ فَكتب إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا وولاه الْعرض وَبَقِي سنة تؤرخ الْكتب باسم الْفَتْح بن خاقَان وباسم وصيف التركي ثن إِنَّه اخْتصَّ بالمتوكل وَطرح ذكر وصيف وورخت الْكتب باسميهما وَدخل فِيمَا بعد وَقد وزر للمعتمد بعد حُضُوره من الغرب
دخل إِلَى الميدان فِي دَاره يَوْم الْجُمُعَة لعشر خلون من ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ ومايتين ليضْرب بالصوالجة فصدمه خادمه رَشِيق فَسقط عَن دَابَّته وَحمل إِلَى منزله فَمَا نطق بِحرف حَتَّى مَاتَ بعد ثَلَاث سَاعَات وَالنَّاس فِي صَلَاة الْجُمُعَة وَقَالَ يحيى بن عبيد الله بن المنجم)
يرثي الْوَزير عبيد الله بن يحيى بن خاقَان
(أَبَا حسن لَا تبعدن فقد مضى ... من الأَرْض مَا إِن مضيت بهاؤها)
(وهى الْملك وانحلت عرى الدّين بعده ... وأظلم من أَرض الْعرَاق ضياؤها)
(لقد فَارق الدُّنْيَا حميدا وألسن الْبر ... ية مَصْرُوف إِلَيْهِ ثناؤها)
(يطيب نَفسِي أنني لست بَاقِيا ... وَلست أرى نفسا يَدُوم بَقَاؤُهَا)
(عزاء أَمِير الْمُؤمنِينَ لنَفسك البقا ... ء طَويلا والنفوس فداؤها)
(وَلَا تحبطن أجر الْمُصِيبَة إِنَّه ... على قدر أحزان النُّفُوس جزاؤها)(19/276)
3 - (اللَّيْثِيّ الْقُرْطُبِيّ)
عبيد الله بن يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه حمل عَن أَبِيه
وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين ومايتين
3 - (ابْن البحتري الشَّاعِر)
عبيد الله بن يحيى بن الْوَلِيد بن عبَادَة البحتري أَبُو أَحْمد المنبجي الشَّاعِر ابْن الشَّاعِر ورد بَغْدَاد وروى بهَا شَيْئا من شعر جده قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عُثْمَان الناجم
وَمن شعره
3 - (الْمَكِّيّ الْكِنَانِي)
عبيد الله ابْن أبي يزِيد الْمَكِّيّ مولى كنَانَة حلفاء الزهريين روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَابْن الزبير وَعبيد الله بن عُمَيْر وَالْحُسَيْن بن عَليّ وسباع بن ثَابت وَنَافِع بن جُبَير وَمُجاهد وَثَّقَهُ ابْن الْمَدِينِيّ وَغَيره وَهُوَ من أكبر شُيُوخ ابْن عُيَيْنَة عَاشَ سِتا وَثَمَانِينَ سنة
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْوَزير جلال الدّين)
عبيد الله بن يُونُس بن أَحْمد بن عبيد الله بن هبة الله أَبُو المظفر الْبَغْدَادِيّ الْأَزجيّ الْوَزير جلال الدّين تفقه لِابْنِ حَنْبَل على أبي حَكِيم إِبْرَاهِيم بن دِينَار النهرواني وَقَرَأَ الْأُصُول وَالْكَلَام على أبي الْفرج صَدَقَة بن الْحُسَيْن بن الْحداد وَسمع من الشريف أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العباسي وَأبي الْوَقْت عبد الأول وَنصر بن نصر بن عَليّ العكبري وَمُحَمّد بن عبيد الله ابْن الزَّاغُونِيّ وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي ابْن البطي وسافر إِلَى همذان وَقَرَأَ الْقُرْآن)
على الْحَافِظ أبي الْعَلَاء الْحسن بن أَحْمد ابْن الْعَطَّار وَسمع مِنْهُ ثمَّ رتب وَكيلا لأم الإِمَام النَّاصِر بعد وَفَاة وَالِده ثمَّ تولى نظر الزِّمَام وَلم يزل فِي سَعَادَة إِلَى أَن ولي الوزارة ثمَّ جهز مَعَ الْعَسْكَر إِلَى همذان لمناجزة طغرل بن أرسلان السلجوقي الْخَارِجِي فانكسر الْوَزير وانفل جمعه وَأسر وَحمل إِلَى(19/277)
همذان ثمَّ إِلَى أذربيجان ثمَّ أطلق وَعَاد إِلَى بَغْدَاد ورتب نَاظرا فِي المخزن ثمَّ ولي أستاذ دارية الإِمَام وَردت أُمُور الدُّيُون إِلَيْهِ فَكَانَ كالنائب إِلَى أَن رتب ابْن القصاب وزيراً فَعَزله واعتقله إِلَى أَن توفّي ابْن القصاب فَنقل ابْن يُونُس من دَار ابْن القصاب إِلَى بواطن دَار الْخلَافَة وَحبس بهَا وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
وَقَالَ بَعضهم توفّي سَابِع عشر صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس ماية بمحبسه فِي السرداب بدار الْخلَافَة
وصنف فِي الْأُصُول ومقالات النَّاس وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِي دَاره ويحضره الْفُقَهَاء وَكَانَت لَهُ معرفَة حَسَنَة بالفرائض والحساب وَلم يكن مَحْمُود السِّيرَة فِي كل ولاياته
3 - (علم الدّين ابْن شراق الْكَاتِب)
عبيد الله بن شراق علم الدّين ابْن شراق الْكَاتِب بِفَتْح السِّين الْمُعْجَمَة وَبعد الرَّاء ألف وقاف
أَخْبرنِي الْعَلامَة أثير الدّين من لَفظه قَالَ رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ وَكتب إِلَيّ بِأَبْيَات يَأْتِي ذكرهَا وَمن شعره مَا كتب بِهِ إِلَى الْخَطِيب مجد الدّين بِمَدِينَة الفيوم من أَبْيَات
(خلائقك الْحسنى أبر وألطف ... وَأَنت بأنواع المكارم أعرف)
(وَتلك السجايا الغر فَهِيَ كروضة ... مفوفة الأزهار تجنى وتقطف)
(طبعت على فعل الْجَمِيل فَأن ... ت بِمَا تَأتيه لَا تتكلف)
فَأجَاب مجد الدّين
(يَمِينا لأَنْت الْبَحْر للدر تقذف ... وَذَا عجب إِذْ أَنْت بالعذب تُوصَف)
(وَمَا الدّرّ فِي الْبَحْر الْفُرَات وَإِنَّمَا ... خَصَائِص فضل حزتها بك تعرف)
(فَلَا جيد إِلَّا وَهُوَ مِنْهَا مطوق ... وَلَا سمع إِلَّا وَهُوَ مِنْهَا مشنف)
مِنْهَا
(لقد نالنا من طيب شعرك نشوة ... فَقُلْنَا أَهَذا الشّعْر أم هُوَ قرقف)
(فَذَاك هُوَ السحر الْحَلَال حَقِيقَة ... كمر نسيم الرَّوْض بل هُوَ ألطف)
)(19/278)
وَكتب علم الدّين الْمَذْكُور إِلَى زين الدّين الأرمنتي
(بِحَق مَا حزت من خِصَال ... عطرت الْكَوْن بالأريج)
(شنف بنظم كنظم در ... أَو رونق اليانع البهيج)
(فمذ قطعت القريض عني ... أَمْرِي فِي مقلق مريج)
فَأجَاب زين الدّين الْمَذْكُور
(سَأَلت أمرا وَبِي احْتِيَاج ... لنظمك الباهر البهيج)
(تطلب مني وَأَنت أولى ... مَا الْبَحْر يحْتَاج للخليج)
(نظمك فِي حسنه أرَاهُ ... كالزهر فِي يَانِع المروج)
(بلاغة فِيهِ لم ينلها ... حبيب أَوْس وَلَا السرُوجِي)
وَمن شعر علم الدّين
(وَلَقَد هَمَمْت بِأَن أفوز بنظرة ... من مَالك تهوى الْمَعَالِي وَصفه)
(لم يسْتَطع نَظَرِي يرَاهُ شاكياً ... فبعثتها عني تقبل كَفه)
(عبيد)
3 - (ابْن سُرَيج)
عبيد بن سُرَيج أَبُو يحيى مولى بني نَوْفَل وَقيل مولى بني الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَقيل مولى لبني لَيْث ومنزلة مَكَّة وَكَانَ آدم أَحْمَر ظَاهر الدَّم سناطاً فِي عينه قبل بلغ خمْسا وَثَمَانِينَ وصلع وَكَانَ يلبس جمة مركبة وَكَانَ أَكثر مَا يرى متقنعاً وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى عبد الله بن جَعْفَر وَلَا يُغني إِلَّا مُسبل القناع على وَجهه ويوقع بقضيب
وَمَات فِي خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك وَقيل مَاتَ فِي خلَافَة الْوَلِيد وَكَانَ أَبوهُ تركياً وَقيل إِنَّه كَانَ يضْرب بِالْعودِ وَمَات بعلة الجذام وَكَانَ ابْن سُرَيج أول من ضرب بِالْعودِ بِمَكَّة لِأَنَّهُ رَآهُ مَعَ الْعَجم الَّذين قدم بهم ابْن الزبير لبِنَاء الْكَعْبَة فأعجب أهل مَكَّة غناؤهم فَقَالَ ابْن سُرَيج أَنا أضْرب بِهِ على غنائي فَضرب بِهِ فَكَانَ أحذق النَّاس وَأخذ الْغناء من ابْن مسجح قَالَ إِسْحَاق أصل الْغناء أَرْبَعَة مكيان وهما ابْن سُرَيج وَابْن مُحرز ومدنيان وهما معبد وَمَالك وَسُئِلَ هِشَام ابْن المرية وَكَانَ معمراً عَالما بِالْغنَاءِ من أحذق النَّاس(19/279)
فِيهِ فَقَالَ مَا خلق الله بعد دَاوُد النَّبِي أحسن صَوتا من ابْن سُرَيج وَلَا صاغ الله أحدا أحذق بِالْغنَاءِ مِنْهُ)
ويدلك على ذَلِك أَن معبدًا كَانَ إِذا أعجبه غناؤه قَالَ أَنا الْيَوْم سريجي وَكَانَ ابْن سُرَيج يناوئ الْغَرِيض ويضاده وَكَانَ بِبَعْض أَطْرَاف مَكَّة دَار يأتيانها فِي كل جُمُعَة ويجتمع لَهما النَّاس فَيُوضَع لكل مِنْهُمَا كرْسِي يجلس عَلَيْهِ ثمَّ يتناقضان الْغناء ويترادانه فَلَمَّا رأى ابْن سُرَيج موقع الْغَرِيض وغنائه من النَّاس لقُرْبه من النواح وَشبهه بِهِ مَال إِلَى الأرمال والأهزاج فاستخفها النَّاس فَقَالَ لَهُ الْغَرِيض يَا أَبَا يحيى قصرت الْغناء وحذفته وأفسدته قَالَ نعم يَا مخنث حِين جعلت تنوح على أَبِيك وأمك أَلِي تَقول هَذَا وَالله لأغنين غناء مَا غنى أحد أثقل مِنْهُ وَلَا أَجود ثمَّ غنى قَالَ مَالك ابْن أبي السَّمْح سَأَلت ابْن سُرَيج عَن قَول النَّاس فلَان يخطىء وَفُلَان يُصِيب وَفُلَان يحسن وَفُلَان يسيء فَقَالَ الْمُصِيب المحسن من المغنين هُوَ الَّذِي يشْبع الألحان ويملأ الأنفاس ويعدل الأوزان ويفخم الْأَلْفَاظ وَيعرف الصَّوَاب وَيُقِيم الْإِعْرَاب ويستوفي النغم الطوَال وَيحسن مقاطع النغم الْقصار ويصيب أَجنَاس الْإِيقَاع ويختلس مَوَاضِع النبرات ويستوفي مَا يشاكلها فِي الضَّرْب من النقرات فعرضت مَا قَالَ على معبد فَقَالَ لَو جَاءَ فِي الْغناء قُرْآن مَا جَاءَ إِلَّا هَكَذَا
3 - (الأبجر)
عبيد بن قَاسم أَبُو طَالب الأبجر الْمُغنِي مولى كنَانَة وَقيل بني اللَّيْث لم يكن بِمَكَّة أظرف وَلَا أشجى وَلَا أحسن هَيْئَة من الأبجر كَانَت حلته بِمِائَة دِينَار وفرسه بماية دِينَار ومركبه بماية دِينَار وَكَانَ يقف بَين المأزمين ويغني فيقف النَّاس لَهُ يركب بَعضهم بَعْضًا قيل إِنَّه جلس فِي لَيْلَة السَّابِع من أَيَّام الْحَج على قريب من التَّنْعِيم فَإِذا عَسْكَر جرار قد أقبل فِي آخر اللَّيْل وَفِيه دَوَاب تجنب وفيهَا فرس أدهم عَلَيْهِ سرج حلية من ذهب فتغنى الأبجر
(عرفت ديار الْحَيّ خَالِيَة قفرا ... كَأَن بهَا لما توهمتها سطرا)
(وقفت بهَا كي مَا ترد جَوَابنَا ... فَمَا بيّنت لي الدَّار عَن أَهلهَا خَبرا)
فَلَمَّا سَمعه من فِي القباب والمحامل أَمْسكُوا وَصَاح صائح وَيحك أعد الصَّوْت فَقَالَ لَا وَالله إِلَّا بالفرس الأدهم بسرجه ولجامه وَأَرْبع ماية دِينَار وَإِذا الْوَلِيد بن يزِيد صَاحب الْإِبِل قد أرسل إِلَيْهِ بالفرس بعدته وَأَرْبع ماية دِينَار وتخت ثِيَاب وشي وَغير ذَلِك وَرَاح مَعَ الْوَلِيد إِلَى الشَّام وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن قتل ثمَّ إِن الأبجر خرج إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا
3 - (الْعجل الْحَافِظ)
)
عبيد الْعجل الْحَافِظ أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ روى عَن دَاوُد بن(19/280)
رشيد قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة مُسْندًا حَافِظًا كَانَ من تلامذة ابْن معِين توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين ومايتين
3 - (أَبُو عبد الله الْمدنِي)
عبيد بن حنين أَبُو عبد الله الْمدنِي مولى آل زيد بن الْخطاب روى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَزيد بن ثَابت وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمس وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد النَّخعِيّ الْكُوفِي)
عبيد بن غَنَّام بن حَفْص بن غياث أَبُو مُحَمَّد النَّخعِيّ الْكُوفِي روى الْكثير عَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين ومايتين
3 - (الشَّيْبَانِيّ)
عبيد بن فَيْرُوز الشَّيْبَانِيّ مَوْلَاهُم روى عَن الْبَراء بن عَازِب توفّي فِي حُدُود الماية لِلْهِجْرَةِ
روى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الجندعي الْمَكِّيّ)
عبيد بن عُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ الجندعي الْمَكِّيّ الْوَاعِظ الْمُفَسّر ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وروى هُوَ عَن عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعَائِشَة
3 - (الأوسي)
عبيد بن أَوْس بن مَالك بن سَواد بن كَعْب الْأنْصَارِيّ الظفري أَبُو النُّعْمَان من الْأَوْس شهد بَدْرًا يُقَال لَهُ مقرن لِأَنَّهُ قرن أَرْبَعَة أسرى يَوْم بدر وَهُوَ الَّذِي(19/281)
أسر عقيل ابْن أبي طَالب
وَيُقَال إِنَّه أسر الْعَبَّاس ونوفلاً وعقيلاً وقرنهم وأتى بهم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد أعانك عَلَيْهِم ملك كريم وَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقرناً
3 - (الْأنْصَارِيّ)
عبيد بن التيهَان بن مَالك بن عَمْرو بن جشيم بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج هُوَ أَخُو أبي ابْن التيهَان الْأنْصَارِيّ وَفِي نسبهما إِلَى الْأَنْصَار خلاف وَعبيد أحد السّبْعين الَّذين بَايعُوا رَسُول الله صلّى)
الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار لَيْلَة الْعقبَة الثَّالِثَة شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا قَتله عِكْرِمَة ابْن أبي جهل
3 - (أَبُو مُعَاوِيَة الْخُزَاعِيّ)
عبيد بن نضيلة أَبُو مُعَاوِيَة الْخُزَاعِيّ الْمُقْرِئ الْكُوفِي
توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْهِلَالِي الْبَصْرِيّ)
عبيد بن عقيل أَبُو عَمْرو الْهِلَالِي الْبَصْرِيّ الضَّرِير الْمُقْرِئ الْمُؤَدب قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق
توفّي سنة سبع ومايتين وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (قَاضِي حلب)
عبيد بن جناد مولى بني جَعْفَر بن كلاب ولد بالرقة وتحول إِلَى حلب وولاه الْمَأْمُون قضاءها وَحدث عَن عَطاء بن مُسلم الْخفاف الْحلَبِي وَعبيد الله بن عَمْرو الرقي وَعبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَغَيرهم
3 - (الْحَافِظ تَقِيّ الدّين الإسعردي)
عبيد بن مُحَمَّد بن عَبَّاس بن مُحَمَّد بن موهوب الْحَافِظ الْمُفِيد تَقِيّ الدّين أَبُو الْقَاسِم الإسعردي
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست ماية بإسعرد وَدخل مصر فِي صباه مَعَ أَبِيه وَسمع من عَليّ بن مُخْتَار وَالْحسن بن دِينَار(19/282)
ويوسف بن المخيلي وَابْن رواج وَابْن المقير وَطَائِفَة بِمصْر
وَحَمْزَة بن أَوْس الْغَزالِيّ وسبط السلَفِي وَجَمَاعَة بالثغر وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَكتب الْكثير وبرع فِي الحَدِيث وَالرِّجَال والتخريج والعالي والنازل وَخرج لجَماعَة وَقَرَأَ الْكثير وَكَانَ من العارفين مَعَ الثِّقَة والصدق وَسمع مِنْهُ ابْن الظَّاهِرِيّ وولداه والحارثي وَولده الْمزي وَابْن مُنِير الْحلَبِي وَابْن سيد النَّاس والبرزالي وَابْن سامة وَخلق
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وست ماية
3 - (الرَّاعِي الشَّاعِر)
عبيد بن حُصَيْن أَبُو جندل النميري الْمَعْرُوف بالراعي لِكَثْرَة وَصفه الْإِبِل فِي شعره وَكَانَ)
من فحول الشُّعَرَاء
توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وَقيل بعد الماية وَهُوَ الْقَائِل يمدح سعيد بن عبد الرَّحْمَن الْأمَوِي من قصيدة
(ترجي من سعيد بني لؤَي ... أخي الأعياص أنواء غزارا)
(تلقى نوؤهن سرار شهر ... وَخير النوء مَا لَقِي السرارا)
(خَلِيل تعزب العلات عَنهُ ... إِذا مَا حَان يَوْمًا أَن يزارا)
(مَتى مَا تأته ترجو نداه ... فَلَا بخلا تخَاف وَلَا اعتذارا)
(هُوَ الرجل الَّذِي نسبت قُرَيْش ... فَصَارَ الْمجد فِيهَا حَيْثُ صَارا)
(وأنضاء أنخن إِلَى سعيد ... طروقاً ثمَّ عجلن ابتكارا)
(حمدن مزاره ولقين مِنْهُ ... عَطاء لم يكن عدَّة ضمارا)
وَكَانَ الرَّاعِي يقْضِي للفرزدق على جرير ويفضله فَلَمَّا أَكثر من ذَلِك خرج جرير إِلَيْهِ وَلم يركب دَابَّته وَقَالَ وَالله مَا يسرني أَن يعلم أحد وَكَانَ لِلرَّاعِي والفرزدق وجلسائهما حَلقَة بِأَعْلَى المربد فَخرج جرير يتَعَرَّض للقائه إِذا انْصَرف عَن مَجْلِسه فَإِذا بِهِ قد أقبل على بغلة وَابْنه أَبُو جندل يسير وَرَاءه وإنسان يمشي مَعَه فَلَمَّا استقبله قَالَ لَهُ مرْحَبًا بك يَا أَبَا(19/283)
جندل ضرب بيساره إِلَى معرفَة بغلته وَقَالَ لَهُ إِن قَوْلك يسمع وَإنَّك تفضل عَليّ الفرزدق تَفْضِيلًا قبيحاً وَأَنا أمدح قَوْمك وَهُوَ يهجوهم وَهُوَ ابْن عمي وَلَيْسَ مِنْك وَلَا عَلَيْك كلفة فِي أَمْرِي مَعَه وَقد يَكْفِيك من ذَلِك هَين إِذا ذكرنَا أَن تَقول كِلَاهُمَا شَاعِر وَلَا تحْتَمل مِنْهُ لائمة وَلَا مني فَسكت لَا يحير قولا حَتَّى لحق ابْنه جندل فَضرب كفل بغلته وَقَالَ أَرَاك وَاقِفًا مَعَ كلب من كُلَيْب كَأَنَّك تخشى مِنْهُ شرا أَو ترجو مِنْهُ خيرا وَضرب البغلة ضربا شَدِيدا فزحم جَرِيرًا وَوَقع مِنْهَا قلنسوته فَأخذ قلنسوته وَقَالَ
(أجندل مَا تَقول بَنو نمير ... إِذا مَا الأير فِي أست أَبِيك غابا)
وَانْصَرف جرير مغضباً فَلَمَّا كَانَ الْعشَاء صلى وَكَانَ منزله فِي علية فَقَالَ ارْفَعُوا لي باطية من نَبِيذ وأسرجوا لي فَفَعَلُوا فَجعل يهينم فَمَا زَالَ حَتَّى إِذا كَانَ السحر فَإِذا بهَا ثَمَانِينَ بَيْتا وَلما بلغ إِلَى قومه
(فغض الطّرف إِنَّك من نميرٍ ... فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا)
)
وثب وثبة دق رَأسه السّقف وَقَالَ أخزيته وَالله فضحته وَالله غضضته ثمَّ أَتَى مجلسهم وَهُوَ رَاكب حصانه فأنشدها فَلَمَّا فرغ مِنْهَا قَالَ لأَصْحَابه ركابكم ركابكم فضحكم جرير فَلَيْسَ لكم هُنَا مقَام فَقَالُوا لَهُ شؤمك وشؤم ابْنك جندل فَحَلَفُوا أَنهم لما وصلوا إِلَى أهلهم وجدوا قَول جرير قد سبقهمْ إِلَيْهِم فتشاءم بهما بَنو نمير وسبوهما
ابْن عَبدُوس قَاضِي قرطبة أَحْمد بن عبد الله
3 - (أَبُو مُحَمَّد المغربي)
عبيديس ذكره حرقوص فِي كِتَابه فَقَالَ هُوَ مطبوع مجود سهل الشّعْر وَهُوَ فِيمَا ذكر لنا من أسْرع النَّاس قولا وأعجبهم بديهة يَسْتَغْنِي بالبديهة عَن الروية قَالَ لَهُ يَوْمًا ابْن سودال وَهُوَ صُحْبَة الْقَائِد أبي الْعَبَّاس فِي بعض غَزَوَاته لما انصرفوا أَبَا مُحَمَّد عَفا الله عَنْك أَنْت منصرف إِلَى موضعك وَنحن ضيوفك فأتحفنا بِبَعْض طرائف حصنك وَلَا تنسنا من هَدَايَا موضعك فَلَمَّا انْصَرف إِلَى حصنه كتب إِلَى ابْن سودال وَفِيه
(بعثت إِذا خرجت من مَالِي ... وصرت فِي فقر وإقلال)(19/284)
(للحية القرنان سودال ... من الخرا خَمْسَة أَرْطَال)
وَكتب عبيديس للملوك بِبِلَاد الغرب وَمن شعره
(يَا غزالاً وهلالاً ... خلقا خلقا عجيبا)
(وقضيباً وكثيباً ... جمعا قداً غَرِيبا)
(قد غضضنا دُونك ... الألحاظ خوفًا أَن تذوبا)
(كلما زدناك لحظاً ... زدتنا حسنا وطيبا)
وَمِنْه يهجو سودالاًً
(كَأَنِّي أرى شَاعِر الْعَسْكَر ... يصب القريض من المبعر)
(ويرشق من قَوس وجعائه ... بِسَهْم يقرطس فِي المنخر)
3 - (المعمر)
عبيد بن شرية الجرهمي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف
قَالَ هِشَام ابْن الْكَلْبِيّ عَاشَ ثَلَاث ماية سنة وَأدْركَ الْإِسْلَام وَأسلم)
وَدخل على مُعَاوِيَة وَهُوَ بِالشَّام خَليفَة فَقَالَ لَهُ حَدثنِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت فَقَالَ مَرَرْت ذَات يَوْم بِقوم يدفنون مَيتا فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَيْهِ اغرورقت عَيْنَايَ بالدموع فتمثلت بقول الشَّاعِر
(يَا قلب إِنَّك من أَسمَاء مغرور ... فاذكر وَهل ينفعنك الْيَوْم تذكير)
(قد بحت بالحب مَا تخفيه من أحد ... حَتَّى جرت لَك أطلاقاً محاضير)
(فلست تَدْرِي وَلَا تَدْرِي أعاجلها ... أدنى لرشدك أم مَا فِيهِ تَأْخِير)
(فاستقدر الله خيرا وارضين بِهِ ... فَبَيْنَمَا الْعسر إِذْ دارت مياسير)
(وبينما الْمَرْء فِي الْأَحْيَاء مغتبط ... إِذا هُوَ الرمس تعفوه الأعاصير)
(يبكي الْغَرِيب عَلَيْهِ لَيْسَ يعرفهُ ... وَذُو قرَابَته فِي الْبَيْت مسرور)
وَزَاد ابْن عَسَاكِر فِي رِوَايَته
(وَذَاكَ آخر عهد من أَخِيك إِذا ... مَا الْمَرْء ضمنه اللَّحْد الخناشير)(19/285)
قلت الخنشير بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالنُّون والشين الْمُعْجَمَة هُوَ الَّذِي يتبع الْجِنَازَة فَقَالَ لي رجل أتعرف من يَقُول هَذَا الشّعْر قلت لَا قَالَ قَائِله هَذَا الَّذِي دفناه السَّاعَة وَأَنت الْغَرِيب الَّذِي لَيْسَ تعرفه وتبكي عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي خرج من قَبره أمس النَّاس رحما بِهِ وأسرهم بِمَوْتِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَة لقد رَأَيْت عجبا فَمن الْمَيِّت قَالَ هُوَ عثير بن لبيد العذري قلت هُوَ بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء
وَذكره ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق وَقَالَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة كم أَتَى عَلَيْك قَالَ مايتان وَعِشْرُونَ سنة وَذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي الفهرسة قَالَ وعاش إِلَى أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان وَله من الْكتب كتاب الْأَمْثَال كتاب الْمُلُوك وأخبار الماضين قَالَ غير ابْن النديم كَانَ عبيد يروي عَن الْكيس النمري وَابْنه زيد بن الْكيس وَعَن عبد ود الجرهمي وَعَن الكسير الجرهمي
3 - (ابْن أبي الجليد)
يعرف بِابْن أبي الجليد بِالْجِيم وَبعد اللَّام يَاء آخر الْحُرُوف ودال مُهْملَة
نحوي من أهل الْمَدِينَة وَكَانَ أَبُو الجليد أَعْرَابِيًا بدوياً عَلامَة وَكَانَ الضَّحَّاك ابْن عُثْمَان يروي عَنهُ وَأَبُو الجليد هُوَ الْقَائِل وَقد رأى جَارِيَة سَوْدَاء غَلِيظَة الْجِسْم
(إِن لَا يُصِبْنِي أَجلي فأخترم ... أشتر من مَالِي صناعًا كالصنم)
)
(عريضة المعطس خشناء الْقدَم ... تكون أم ولد وتختدم)
(إِذا ابْنهَا جَاءَ بشر لم يلم ... يقتل النَّاس وَلَا يُوفي الذمم)
أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
أَبُو عبيد الْبكْرِيّ عبد الله بن عبد الْعَزِيز
(عُبَيْدَة)
3 - (ابْن أشعب الطمع)
عُبَيْدَة بن أشعب الطمع كَانَ خصيصاً بإبراهيم بن الْمهْدي وَكَانَ مطبوعاً كأبيه كَانَ يَوْمًا عِنْد إِبْرَاهِيم بِمَ الْمهْدي وَعِنْده جمَاعَة فَأتي بطيلسان كسروي قد قطع وخيط فَأَخذه بِيَدِهِ وَنظر إِلَيْهِ وَقَالَ فِيهِ ثقل ثمَّ أقبل على ابْن أشعب فَقَالَ حَدثنَا عَن طمع أَبِيك فَقَالَ وَمَا تصنع أبي أحَدثك عَن طمعي وَالله مَا هُوَ(19/286)
إِلَّا قلت فِي الطيلسان ثقل حَتَّى طمعت فِيهِ فَضَحِك مِنْهُ وَقَالَ ردوا الطيلسان وَدفعه إِلَيْهِ وَقيل إِن أَبَاهُ قَالَ لَهُ يَوْمًا إِنِّي أَرَانِي سأخرجك من منزلي وأنتفي مِنْك قَالَ لم يَا أبه قَالَ إِنِّي لأكسب خلق الله لرغيف وَأَنت ابْني وَقد بلغت هَذَا السن وَأَنت فِي عيالي مَا تكسب شَيْئا قَالَ بلَى وَالله إِنِّي لأكسب وَلَكِنِّي مثل الموزة لَا تحمل حَتَّى تَمُوت أمهَا
3 - (السَّلمَانِي)
عُبَيْدَة السَّلمَانِي الْمرَادِي من سلمَان بن نَاجِية أَبُو عَمْرو من كبار الْفُقَهَاء بِالْكُوفَةِ أسلم زمن الْفَتْح وَلم يلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَهُوَ بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء
3 - (الْحذاء الْكُوفِي)
عُبَيْدَة بن حميد بن صُهَيْب الْكُوفِي الْحذاء النَّحْوِيّ توفّي فِي حُدُود التسعين والماية وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة وَعبيدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء
3 - (الطنبورية)
عُبَيْدَة قَالَ أَبُو الْفرج الإصبهاني كَانَت من المحسنات المتقدمات فِي الصَّنْعَة والآداب يشْهد لَهَا بذلك إِسْحَاق وحسبها بِشَهَادَتِهِ وَكَانَ أَبُو حشيشة يعظمها ويعترف لَهَا بالرياسة)
والأستاذية وَكَانَت من أحسن النَّاس وَجها وأطيبهم صَوتا ذكرهَا جحظة فِي كتاب الطنبوريين والطنبوريات وقرأت عَلَيْهِ خَبَرهَا فِيهِ فَقَالَ كَانَت من المحسنات وَكَانَت لَا تَخْلُو من عشق وَلم يعرف فِي الدُّنْيَا امْرَأَة أعظم صَنْعَة فِي الطنبور مِنْهَا وَقَالَ جحظة وهب لي جَعْفَر بن الْمَأْمُون طنبورها فَإِذا عَلَيْهِ مَكْتُوب بآبنوس كل شَيْء سوى الْخِيَانَة فِي الْحبّ يحْتَمل(19/287)
وينسب إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي
(أمست عُبَيْدَة فِي الْإِحْسَان وَاحِدَة ... الله جَار لَهَا من كل مَحْذُور)
(من أحسن النَّاس وَجها حِين تبصرها ... وأحذق النَّاس إِن غنت بطنبور)
أَبُو عُبَيْدَة أحد الْعشْرَة اسْمه عَامر بن عبد الله
(عتاب)
3 - (الشَّيْبَانِيّ)
عتاب بن وَرْقَاء الشَّيْبَانِيّ لما وصل الْمَأْمُون إِلَى بَغْدَاد قَالَ ليحيى بن أَكْثَم وددت لَو أَنِّي وجدت رجلا مثل الْأَصْمَعِي مِمَّن عرف أَخْبَار الْعَرَب وأيامها وَأَشْعَارهَا فيصحبني كَمَا صحب الْأَصْمَعِي الرشيد فَقَالَ لَهُ يحيى هَا هُنَا شيخ يعرف هَذِه الْأَخْبَار يُقَال لَهُ عتاب بن وَرْقَاء الشَّيْبَانِيّ قَالَ فَابْعَثْ لنا بِهِ فَقَالَ لَهُ يحيى إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يرغب فِي حضورك مَجْلِسه ومحادثته فَقَالَ أَنا شيخ كَبِير وَلَا طَاقَة لي لِأَنَّهُ ذهب مني الأطيبان فَعرفهُ ذَلِك فَقَالَ لَا بُد من حُضُوره فَقَالَ الشَّيْخ فاسمع مَا حضرني وَقَالَ
(أبعد سِتِّينَ أصبو ... والشيب للمرء حَرْب)
(شيب وشين وإثم ... أَيَّام عودي رطب)
(وَإِذ شِفَاء الغواني ... مني حَدِيث وَقرب)
(وَإِذ مشيبي قَلِيل ... ومنهل الْعَيْش عذب)
(فَالْآن لما رأى بِي ... عواذلي مَا أَحبُّوا)
(آلَيْت أشْرب رَاحا ... مَا حج لله ركب)
فَقَالَ الْمَأْمُون يَنْبَغِي أَن تكْتب هَذَا بِالذَّهَب وأعفاه وَأمر لَهُ بجائزة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين والمايتين)
وَمن شعره أَيْضا
(إِن الْأَهِلّة للأنام مناهل ... تطوى وتبسط دونهَا الْأَعْمَار)
(فقصارهن مَعَ الهموم طَوِيلَة ... وطوالهن مَعَ الهموم قصار)(19/288)
3 - (الْأمَوِي أَمِير مَكَّة)
عتاب بن أسيد ابْن أبي الْعيص بن أُميَّة بن عبد شمس أَبُو عبد الرَّحْمَن وَأَبُو أُميَّة الْأمَوِي
أسلم يَوْم الْفَتْح وَاسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَكَّة فِي حِين خُرُوجه إِلَى حنين فَأَقَامَ للنَّاس الْحَج سنة تسع حِين أردفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعلي وَأمره أَن يُنَادي بِأَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَأَن يبرأ إِلَى كل ذِي عهد من عَهده وأردفه بعلي يقْرَأ للنَّاس سُورَة بَرَاءَة وَلم يزل عتاب أَمِيرا على مَكَّة حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأقرهُ أَبُو بكر عَلَيْهَا فَلم يزل عَلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَا فِي يَوْم وَاحِد لثمان بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ
وروى عَنهُ عَمْرو بن عقرب قَالَ سَمِعت عتاب بن أسيد وَهُوَ يخْطب مُسْندًا ظَهره إِلَى الْكَعْبَة فَحلف مَا أصبت من عَمَلي الَّذِي بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا ثَوْبَيْنِ كسوتهمَا مولَايَ كيسَان وَحدث عَنهُ سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَلم يسمعا مِنْهُ
3 - (التَّيْمِيّ)
عتاب بن سليم بن قيس بن خَالِد الْقرشِي التَّيْمِيّ أسلم يَوْم فتح مَكَّة وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (الضَّبِّيّ)
عتاب بن شمير الضَّبِّيّ أسلم وَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي شيخ كَبِير ولي إخْوَة فَأذْهب إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يسلمُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هم أَسْلمُوا فَهُوَ خير لَهُم وَإِن أَبَوا فالإسلام وَاسع عريض
3 - (الألقاب)
العتابي الشَّاعِر الْقَدِيم اسْمه كُلْثُوم بن عَمْرو
العتابي النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم
أَبُو الْعَتَاهِيَة اسْمه إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم)(19/289)
(عتْبَان)
3 - (الخزرجي)
عتْبَان بن مَالك بن عَمْرو الخزرجي بَدْرِي كَبِير الْقدر أضرّ بآخرة
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
(عتبَة)
3 - (الْغُلَام الزَّاهِد)
عتبَة بن أبان الْبَصْرِيّ العابد الْمَعْرُوف بالغلام لِأَنَّهُ تنسك وَهُوَ صبي فَعرف بَين الْعباد بالغلام كَانَ خَاشِعًا قَانِتًا لله
توفّي فِي حُدُود السّبْعين وماية
كَانَ يَصُوم الدَّهْر وَيفْطر على خبز الشّعير وَالْملح الجريش وَيَقُول الْعرس فِي الدَّار الْآخِرَة
3 - (العثماني الأندلسي الْمُقْرِئ)
عتبَة بن عبد الْملك بن عَاصِم بن الْوَلِيد بن عتبَة بن عبد الْمُهَيْمِن بن الْمُغيرَة ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أبان بن عُثْمَان بن عَفَّان أَبُو الْوَلِيد العثماني الْمُقْرِئ الأندلسي كَانَ من أَعْيَان الْقُرَّاء الْمَشَاهِير سمع من وَالِده وسافر إِلَى مصر وَقَرَأَ بهَا على أبي أَحْمد عبد الله بن الْحُسَيْن بن حسنون الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَقدم بَغْدَاد واستوطنها إِلَى أَن توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية وأقرأ بهَا النَّاس الْقُرْآن وَحدث بهَا عَن وَالِده وَغَيره
3 - (قَاضِي الْقُضَاة أَبُو السَّائِب)
عتبَة بن عبيد الله بن مُوسَى بن عبيد الله الهمذاني(19/290)
القَاضِي أَبُو السَّائِب كَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فاشتغل هُوَ بِالْعلمِ وَغلب عَلَيْهِ فِي الأول الِابْتِدَاء بالتصوف والزهد وَلَقي الْجُنَيْد وَالْعُلَمَاء لما سَافر وَكتب الحَدِيث وتفقه للشَّافِعِيّ ثمَّ تولى قَضَاء مراغة ثمَّ قَضَاء أذربيجان ثمَّ قَضَاء همذان ثمَّ سكن بَغْدَاد وَعظم شَأْنه وَولي بهَا قَضَاء الْقُضَاة وَتُوفِّي سنة خمسين وَثَلَاث ماية
دخل عَلَيْهِ يَوْمًا ابْن سكرة الْهَاشِمِي وَقد كَانَ مدحه فَأخر صلته فَدفع إِلَيْهِ قصَّة فَلَمَّا قَرَأَهَا لم يظْهر مِنْهُ غضب وَلَا نكر بل وَقع فِيهَا شَيْئا بِخَطِّهِ وَقَالَ أَيْن رَافع هَذِه الْقِصَّة فَقَامَ ابْن سكرة فَدَفعهَا إِلَيْهِ فَأَخذهَا مُقَدرا أَن فِيهَا مَا يكف لِسَانه من صلَة أَو بر فَلَمَّا قَرَأَهَا ستحيى)
وَخَافَ وَانْصَرف وَهُوَ يترقب التَّأْدِيب وَالتَّعْزِير فقرئت فِيمَا بعد فَإِذا فِيهَا بِخَط ابْن سكرة
(يَا عتبَة بن عبيد ... حوشيت من كل عيب)
وبخط القَاضِي لبيْك يَا مُخْتَصر وَأَنت حوشيت من كل سوء وبخط ابْن سكرة
(وَأبْعد الله قوما ... رموك عِنْدِي بِعَيْب)
(قَالُوا بأنك تهوى ... زبيبة بن شُعَيْب)
وبخط القَاضِي كذبُوا وبخط ابْن سكرة
(فَقلت هَذَا محَال ... أصبوة بعد شيب)
وبخط القَاضِي أحسن الله جزاءك قلت مَا يشبهك وبخط ابْن سكرة
(لقد هتفتم بشيخ ... نقي عرض وجيب)
وبخط القَاضِي بئس مَا فعلوا الْحَمد لله على ذَلِك وبخط ابْن سكرة
(رَأَيْتُمْ الأير فِيهِ ... فَلم شهدتم بِغَيْب)
وبخط القَاضِي جهلا مِنْهُم بطرِيق الشَّهَادَة
3 - (أَبُو الْهَيْثَم الْحَنَفِيّ)
عتبَة بن خَيْثَمَة بن مُحَمَّد بن حَاتِم القَاضِي أَبُو الْهَيْثَم(19/291)
النَّيْسَابُورِي الْحَنَفِيّ الإِمَام سمع الْأَصَم وَطَائِفَة وتفقه على أبي الْحُسَيْن قَاضِي الْحَرَمَيْنِ وبرع فِي الْفِقْه وَصَارَ أوحد عصره
وروى عَنهُ الْحَاكِم حَدِيثا فِي تَارِيخه وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وَثَلَاث ماية
3 - (الْهَمدَانِي الْأَزْدِيّ)
عتبَة ابْن أبي حَكِيم الهمذاني الْأَزْدِيّ وَيُقَال الأردني بالراء وَالنُّون الْمُشَدّدَة قَالَ أَبُو حَاتِم لَا بَأْس فِيهِ وَقَالَ مَرْوَان الطاطري هُوَ ثِقَة وَقَالَ ابْن معِين ثِقَة وَرُوِيَ عَنهُ أَنه ضَعِيف وَلينه أَحْمد وَقَالَ دُحَيْم لَا أعلمهُ إِلَّا مُسْتَقِيم الحَدِيث
وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وماية وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الْمروزِي اليحمدي)
)
عتبَة بن عبد الله المرزوي اليحمدي روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين ومايتين
كَانَ من بقايا المسندين بخراسان
روى عَن مَالك بن أنس وَسَعِيد بن سَالم القداح وَابْن الْمُبَارك وَابْن عُيَيْنَة وَالْفضل بن مُوسَى الشَّيْبَانِيّ وَجَمَاعَة وَهُوَ من كبار شُيُوخ ابْن خُزَيْمَة قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ مرّة وَمرَّة وَثَّقَهُ
3 - (السّلمِيّ)
عتبَة بن فرقد السّلمِيّ لَهُ صُحْبَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وَقد روى لَهُ النَّسَائِيّ
3 - (الْأمَوِي أَمِير الْمَدِينَة)
عتبَة بن أبي سُفْيَان شهد يَوْم الدَّار مَعَ عُثْمَان وداره بِدِمَشْق بدرب الحبالين ولي الْمَدِينَة وإمرة الْحَج
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْمَازِني الصَّحَابِيّ)
عتبَة بن غَزوَان الْمَازِني أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو غَزوَان(19/292)
من السَّابِقين الْأَوَّلين سَابِع سَبْعَة فِي الْإِسْلَام هَاجر إِلَى الْحَبَشَة وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا وَهُوَ من الرُّمَاة الْمَذْكُورين توفّي سنة أَربع عشرَة لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
قَالَ وَهُوَ يخْطب بِالْبَصْرَةِ لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لنا طَعَام إِلَّا ورق الشّجر حَتَّى قرحت أشداقنا فالتقطت بردة فشققتها بيني وَبَين سعد بن مَالك فاتزرت بِبَعْضِهَا واتزر بِبَعْضِهَا مَا أصبح منا الْيَوْم وَاحِد إِلَّا وَهُوَ أَمِير على مصر من الْأَمْصَار وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة وَقدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة وَهَاجَر إِلَى الْمَدِينَة مَعَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو وَشهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا وَهُوَ أول من نزل الْبَصْرَة من الْمُسلمين وَهُوَ الَّذِي اختطها وَقَالَ لَهُ عمر لما بَعثه إِلَيْهَا يَا عتبَة إِنِّي أُرِيد أَن أوجهك لتقاتل بلد الْحيرَة لَعَلَّ الله يفتحها عَلَيْكُم فسر على بركَة الله ويمنه وَاتَّقِ الله مَا اسْتَطَعْت وَاعْلَم أَنَّك تَأتي حومة الْعَدو وَأَرْجُو أَن يعينك الله عَلَيْهِم ويكفيكهم وَقد كتبت إِلَى الْعَلَاء ابْن الْحَضْرَمِيّ أَن يمدك بعرفجة بن خُزَيْمَة وَهُوَ ذُو مجاهدة لِلْعَدو وَذُو مكايدة فشاوره وادع إِلَى الله فَمن أجابك فاقبل مِنْهُ وَمن أَبى فالجزية عَن يَد مذلة وصغاراً وَإِلَّا)
فالسيف فِي غير هوادة واستنفر من مَرَرْت بِهِ من الْعَرَب وحثهم على الْعَدو وَاتَّقِ الله رَبك
فَافْتتحَ عتبَة الأبلة واختط الْبَصْرَة وَأمر محجن بن الأدعج فَخط مَسْجِد الْبَصْرَة الْأَعْظَم وبناه بالقصب
3 - (الْهُذلِيّ الصَّحَابِيّ)
عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ حَلِيف بني زهرَة أَخُو عبد الله بن مَسْعُود وشقيقه وَقيل بل أمه امْرَأَة من هُذَيْل وَالْأَكْثَر أَنه شقيقه أَبُو عبد الله هَاجر مَعَ أَخِيه إِلَى أَرض الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة ثمَّ قدم الْمَدِينَة وَشهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وَتُوفِّي رَضِي الله عَنهُ بِالْمَدِينَةِ وَصلى عَلَيْهِ عمر بن الْخطاب
وَقَالَ المَسْعُودِيّ مَاتَ عتبَة قبل أَخِيه عبد الله فِي خلَافَة عمر وَقَالَ الزُّهْرِيّ مَا عبد الله أفقه عندنَا من عتبَة وَلَكِن عتبَة مَاتَ سَرِيعا انْتهى وكف بَصَره بآخرة
3 - (الألقاب)(19/293)
الْعُتْبِي الأخباري اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
والعتبي أسعد بن مَسْعُود
ابْن عتبَة الْكِنْدِيّ الحكم بن عتبَة
والعتبي الْكَاتِب مَنْصُور بن مسكان
(عتيبة)
3 - (ابْن فسوة)
عتيبة بن مرداس أحد بني كَعْب بن عَمْرو بن تَمِيم قَالَ صَاحب الأغاني شَاعِر مقل غير مَعْدُود فِي الفحول مخضرم مِمَّن أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام هجاء خَبِيث اللِّسَان وَهُوَ ابْن فسوة لقب لزمَه وَلَيْسَ أَبوهُ بفسوة أقبل ابْن عَم لَهُ من الْحَج وَكَانَ من أهل بَيت يُقَال لَهُم بَنو فسوة فَقَالَ لَهُ يَا ابْن فسوة كَيفَ كنت فَوَثَبَ مغضباً وَركب رَاحِلَته وَقَالَ لعمر الله بئس مَا حييت بِهِ ابْن عمك وَقد قدم عَلَيْك من سفر وَنزل دَارك فَقَامَ إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا قلت ذَلِك ممازحاً فَقَالَ إنزل فَأَنا أَشْتَرِي مِنْك هَذَا اللقب وأتسمى بِهِ وَظن أَن ذَلِك لَا يضرّهُ فَقَالَ لَا أفعل أَو تشتريه بِمحضر من الْعَشِيرَة قَالَ نعم فَجَمعهُمْ وَأَعْطَاهُ بردا وجملاً وكبشين فَقَالَ عتيبة اشْهَدُوا أَنِّي قبلت هَذَا النبز وَأخذت الثّمن فَأَنا ابْن فسوة فَزَالَتْ عَن ابْن عَمه وغلبت عَلَيْهِ وهجي بذلك وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء
(أودي ابْن فسوة ... إِلَّا نَعته الإبلا)
وَكَانَ من أوصف النَّاس لِلْإِبِلِ وَمن شعره من قصيدة طَوِيلَة مدح فِيهَا عَامر بن كريز
(منعمة لم يغذها أهل بَلْدَة ... وَلَا أهل مصر فَهِيَ هيفاء ناهد)
(فريعت فَلم تخبا وَلَكِن تأودت ... كَمَا انتض مَكْحُول المدامع فارد)
(وأهوت لتنتاش الرقَاق فَلم تقم ... إِلَيْهِ وَلَكِن طأطأته الولائد)
(قَليلَة لحم الناظرين يزينها ... شباب ومخفوض من الْعَيْش بَارِد)(19/294)
(تناهى إِلَى لَهو الحَدِيث كَأَنَّهَا ... أَخُو سقم قد أسلمته العوائد)
(ترى القرط مِنْهَا فِي قناة كَأَنَّهُ ... بهمهمة لَوْلَا البرى والمعاقد)
(عَتيق)
3 - (علم السّنة الْبكْرِيّ الْوَاعِظ)
عَتيق بن عبد الله الْبكْرِيّ أَبُو بكر الْوَاعِظ من ولد مُحَمَّد ابْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
كَانَ مليح الْوَعْظ فَاضلا عَارِفًا بالْكلَام على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ هَاجر إِلَى نظام الْملك فنفق عَلَيْهِ لانبساطه وَأَقْبل عَلَيْهِ زَائِدا وأجرى لَهُ الجراية الوافرة وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بالنظامية وبجامع الْمَنْصُور ولقب من جِهَة الدِّيوَان بِعلم السّنة وَأعْطِي دَنَانِير وثياباً وَكَانَ قد قصد فِي بعض الْأَيَّام دَار قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغَانِي فتعرض لأَصْحَابه قوم من الْحَنَابِلَة فكبست دور بني الْفراء وَأخذت كتبهمْ وَوجد فِيهَا كتاب الصِّفَات وَكَانَ يقرى بَين يَدي الْبكْرِيّ وَهُوَ جَالس ويشنع بِهِ عَلَيْهِم وَلما جلس على الْمِنْبَر كَانَ المماليك الأتراك وقوفاً حوله بِالسِّلَاحِ فَتكلم الْبكْرِيّ ومدح الإِمَام أَحْمد وَقَالَ وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا فَجَاءَت حَصَاة وَأُخْرَى وَأُخْرَى فأحس بذلك النَّقِيب وَأمْسك جمَاعَة من الْعَوام وعوقبوا وَقَالَ نقيب النُّقَبَاء يَوْم جلس الْبكْرِيّ بِجَامِع الْمَنْصُور يَا أهل بَاب الْبَصْرَة أعيرونا الْجَامِع نكفر فِيهِ سَاعَة وَمن خرج فعلت بِهِ وصنعت وَكَانَ الْخَطِيب يذكر فِي خطبَته شَاة أم معبد فِي أَكثر أوقاته فَقَالَ لَهُ النَّقِيب عجل الْخطْبَة وَلَا تذبح الشَّاة الْيَوْم
وَتُوفِّي الْبكْرِيّ سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبع ماية
3 - (الْحميدِي الأندلسي)
عَتيق بن عَليّ بن الْحسن أَبُو بكر الْحميدِي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم الصنهاجي من أهل الأندلس قدم بَغْدَاد بعد الثَّمَانِينَ وَخمْس ماية وَأقَام بهَا مُدَّة يتفقه على أبي الْقَاسِم ابْن فضلان وَسمع من أبي السعادات ابْن زُرَيْق وَأَمْثَاله وَعمل مقامة يصف فِيهَا بَغْدَاد وقدومه إِلَيْهَا وسمعها مِنْهُ جمَاعَة ثمَّ إِنَّه قدم مصر مرّة ثَانِيَة وَعَاد إِلَى بِلَاده(19/295)
وَكَانَ أديباً فَاضلا وَله ديوَان شعر فِي مُجَلد وصنف كتابا فِي الحلى والشيات وَمَا يَلِيق بالملوك من الْآلَات صنفه لبَعض مُلُوك الْمغرب وَذكر أَنه تولى الْقَضَاء بالمعدن وَتُوفِّي هُنَاكَ وَمن شعره
3 - (أَبُو بكر السبتي الْمَالِكِي)
عَتيق بن عمرَان بن مُحَمَّد بن عبد الْأَحَد الربعِي أَبُو بكر من أهل سبتة صحب أَمِير)
الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وولاه قَضَاء سبتة وَكَانَ فَقِيها محققاً مالكياً وَله فِي كل علم قدم
قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا سِنِين يتفقه وَيقْرَأ الْأَدَب وَسمع من أبي الْحُسَيْن ابْن الطيوري وَأبي عبد الله الْحميدِي وَسمع بِالْبَصْرَةِ من أبي يعلى أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَالِكِي وَأبي الْقَاسِم عبد الْملك بن عَليّ بن خلف الْأنْصَارِيّ وَحدث بِبَغْدَاد عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عمرَان الإشبيلي وَكَانَ ورعاً ذَا أَمَانَة
وَطلب بَلَده فِي الْبَحْر فَردته الرّيح إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَحمل إِلَى أَمِير الجيوش فَقتله سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية لِأَنَّهُ وجدت مَعَه كتب من الْمُقْتَدِي إِلَى أَمِير الغرب
3 - (الْوراق التَّمِيمِي المغربي)
عَتيق بن مُحَمَّد أَبُو بكر الْوراق التَّمِيمِي قَالَ ابْن رَشِيق دخلت الْجَامِع فِي بعض الْجمع فَوَجَدته فِي حَلقَة يقْرَأ الرَّقَائِق والمواعظ وَيذكر أَخْبَار السّلف الصَّالِحين وَمن بعدهمْ من التَّابِعين وَقد بدا خشوعه وترقرقت دُمُوعه فَمَا كَانَ إِلَّا أَن جِئْته عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم إِلَى دَاره فَوَجَدته وَفِي يَده طنبور وَعَن يَمِينه غُلَام مليح فَقلت مَا أبعد مَا بَين حاليك فِي مجلسيك فَقَالَ ذَاك بَيت الله وَهَذَا بَيْتِي أصنع فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا يَلِيق بِهِ وبصاحبه فَأَمْسَكت عَنهُ
وَمن شعره فِي قتل الرافضة
(أَخذنَا لأهل الْغدر مِنْهُم إغارة ... عَلَيْهِم فَمَا أبقت وَلَا السَّيْف مَا أبقى)
(وَقَامَ لأم الْمُؤمنِينَ بِحَقِّهَا ... بنوها فَمَا أَبقوا لَهَا عِنْدهم حَقًا)
وَمِنْه يصف شاذرواناً
(كَأَنَّهُ فلك غصت كواكبه ... وَجه الْمعز الْمُعَلَّى بَينهَا قمر)
(إِذا بدا فِيهِ قرن الشَّمْس قارنه ... كَأَنَّهَا مِنْهُ أَو مِنْهُ بهَا أثر)
(مذ زاحم الجو فاحتل السَّحَاب بِهِ ... فَلَيْسَ يفقد فِي أرجائه مطر)(19/296)
(فرحمة الله عَنهُ غير نازحة ... ونعمة الله مَا فِيهَا بِهِ قصر)
(ترى الغمائم بيضًا تَحْتَهُ بكرا ... مثل الْكَوَاكِب فَوق الأَرْض تنتثر)
وَمِنْه
(كلما أذْنب أبدى وَجهه ... حجَّة فَهُوَ مَلِيء بالحجج)
(كَيفَ لَا يفرط فِي إجرامه ... من مَتى شَاءَ من الذَّنب خرج)
)
قلت هَذَا الْمَعْنى أحسن من قَول الْقَائِل
(وَإِذا الْمليح أَتَى بذنب وَاحِد ... جَاءَت محاسنه بِأَلف شَفِيع)
وَمن شعر الْوراق
(بدر لَهُ إشراق شمس على ... غُصْن سبا قلبِي بنوعين)
(يكَاد من لين وَمن دقة ... فِي حَضَره ينْقد نِصْفَيْنِ)
(إدباره ينسيك إقباله ... كَأَنَّهُ يمشي بِوَجْهَيْنِ)
وَمِنْه ووزنه خَارج عَن أبحر الْعرُوض
(أورد قلبِي الردى ... لَام عذار بدا)
(أسود كالغي فِي ... أَبيض مثل الْهدى)
قلت وهما بِبَيْت وَاحِد من الْبَسِيط فِي أصل الدائرة
(تعبي راحتي وأنسي انفرادي ... وشفاي الضنى ونومي سهادي)
(لست أَشْكُو بعاد من صد عني ... أَي بعد وَقد ثوى فِي فُؤَادِي)
(هُوَ يختال بَين عَيْني وقلبي ... وَهُوَ ذَاك الَّذِي يرى فِي سوَادِي)
وَمن شعره فِي الهجاء وَقد بَالغ
(لَو أَن أكفانهم من حر أوجههم ... قَامُوا إِلَى الْحَشْر فِيهَا مِثْلَمَا رقدوا)
(خزر الْعُيُون إِذا مَا عوتبوا وَإِذا ... مَا عاتبوا أنفذوا باللحظ مَا قصدُوا)
قَالَ ابْن رَشِيق كنت أرى أَن قَول الشَّاعِر
(لَا يعْمل الْمبرد فِي وَجهه ... لكنه يعْمل فِي الْمبرد)
وَقَوْلِي لبَعض أهل الوقاحة وَكَانَ لقبه الكرش لجدري كَانَ بِهِ
(حَدِيد وَجه صاحبنا ... وهم يَدعُونَهُ كرشا)
(وَلَوْلَا آلَة مَعَه ... هِيَ الجدري مَا نقشا)(19/297)
وَقد فاتا كل سَابق وأعجزا كل لَاحق فَإِذا هُوَ قد أَخذ علينا الْمطَالع وسد الفجاج وَلم أر لأهل عصرنا أظرف من قَوْله
(ابْن أندرية علج ... نتاج أم كريمه)
(ذُو لحية ذَات عرض ... طَوِيلَة مستقيمه)
)
(كَأَنَّهَا بند جَيش ... منكس فِي هزيمه)
3 - (التّونسِيّ العتقي)
عَتيق بن مفرج العتقي التّونسِيّ أورد لَهُ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج قَوْله
(لَا جعل الله لي مِنْك فرجا ... دَعْوَة من فِي هَوَاك قد نضجا)
(وَلَا أرانيك فِي الْهوى أبدا ... إِلَّا كَذَا مُقبلا ومنعرجا)
(يعذب لي فِيك مَا لقِيت وَإِن ... كَانَ عذَابا ومسلكاً رهجا)
(أَيَّة نفس من الأسى سلمت ... وَأي قلب من الغرام نجا)
(يَا حسن الْوَجْه مَا يَضرك لَو ... حسنت من فعلك الَّذِي سمجا)
(يَا قاتلي فِي الْهوى بِلَا سَبَب ... تراك أحللت قتلتي همجا)
(إِن كَانَ يرضيك أَن أَمُوت كَذَا ... فِيك غراماً إِذا فَلَا حرجا)
(قد فاض دمعي وغاض مصطبري ... قد انْقَضى عمر زاجري لججا)
(إِنَّا إِلَى الله رَاجِعُون فقد ... عز عزاء الْمُحب وانبلجا)
(يَا خَارِجا عَن صِفَات واصفه ... رفقا فقلبي عَلَيْك قد خرجا)
قلت أول هَذِه الأبيات من قَول أبي نواس وَهُوَ أحسن
(لَا خفف الله عني إِن مددت يَدي ... إِلَيْهِ أسأله من حبك الفرجا)
وَمن شعره وَهُوَ بليغ
(ذبت حَتَّى خلت أَن الله قد ... خلق الرّوح وَلم يخلق بدن)
(لَيْسَ إِلَّا نفس يجْرِي بِهِ ... ذكركُمْ حَتَّى إِذا تمّ سكن)
وَمن شعره أَيْضا
(أَرَاك فأشتهي لَو كنت كلي ... عيُونا لَا تكون لَهَا جفون)(19/298)
(وَلَكِنِّي اعتقدت على يَقِين ... بِأَن الْحبّ أسهله الْمنون)
قلت يُرِيد بِالْأولِ أَن يكون عيُونا بِلَا جفون حَتَّى لَا يطرف بجفونه فَلَا يفوتهُ النّظر إِلَيْهِ مُدَّة الطّرف بل يكون دَائِما محدقاً إِلَيْهِ وَمن شعره
(لَا عذر للصب إِذا لم يكن ... يخلع فِي ذَاك العذار العذار)
)
(كَأَنَّهُ فِي خَدّه إِذا بدا ... ليل تبدى طالعاً فِي نَهَار)
(كَأَنَّهُ جنح ظلام وَقد ... صَاح بِهِ ضوء نَهَار فحار)
قلت قد اشْتهر بَين أهل الْعلم اسْتِعَارَة الشَّاعِر وَأَنَّهَا قبيحة فِي قَوْله
(والشيب ينْهض فِي الشَّبَاب ... كَأَنَّهُ ليل يَصِيح بجانبيه نَهَار)
وَمن شعر ابْن المفرج يهجو
(ولحية لينَة الجس ... تنساب فِي الشق بِلَا حس)
(لَو قعد الْجَالِس فِي وَسطهَا ... لما رَأَتْهُ أعين الْإِنْس)
(كَأَنَّهَا الترس وَلكنهَا ... أخشن فِي الْعين من الترس)
3 - (المجدولي المغربي)
عَتيق بن عبد الْعَزِيز الْمذْحِجِي الْمَعْرُوف بالمجدولي كَانَ من أَبنَاء قمودة وَنَشَأ بقرية مجدولة فإليها ينْسب توفّي سنة تسع وَأَرْبع ماية وَقد أوفى على الْأَرْبَعين
كَانَ شَاعِرًا شريراً منابشاً هجاءاً معجباً سريع البديهة مدللاً على الْكَلَام لَا يطْلب إِلَّا الْوَزْن مسامحاً لنَفسِهِ فِي الْعَرَبيَّة إِن أعوزته لَفْظَة صنعها على مَا يَشَاء ويروي بَيْتا شَاهدا عَلَيْهَا وَإِن طُولِبَ بِهِ أحَال على كتاب لم يسمع بِذكرِهِ قطّ
قَالَ ابْن رَشِيق أنْشد الباغاني قصيدة فِيهَا مائَة بَيت وَبَيت زَائِد فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ لِأَن توتر خير من أَن لَا توتر ثمَّ سَأَلَهُ كَيفَ رَأَيْت فَقَالَ زدتني وَاحِدَة على حد الزِّنَا فَانْصَرف حرداً وَقَالَ يهجوه
(وَكَاتب يمسخ مَا ينْسَخ ... جَمِيع مَا يَكْتُبهُ يفْسخ)
(حرت فَلَا أَدْرِي أأثوابه ... أم عرضه أم حبره أوسخ)
فتغاضى الباغاني زَمَانا ثن أغرى بِهِ أَبَا البهلول وَكَانَ قد ساعد الصرائري على هجائه فَقَالَ من أَبْيَات(19/299)
(بالقيروان وَرب النَّاس يُعلمهُ ... شيخ أَقَامَ لِوَاء الشَّيْخ إِبْلِيس)
(صَار الْوَزير وَكَانَت أمس خطته ... بيع النَّبِيذ وتطريب النواقيس)
فَأَفلَت الصرائري وَأمْسك المجدولي فَضَربهُ الْقَائِد فتوح بن أَحْمد ثَمَانِينَ سَوْطًا فَكَانَ الباغاني يَقُول بَقِي لي وَالله فِي ظَهره ثَلَاث وَعِشْرُونَ جلدَة بِإِضَافَة الْبَيْتَيْنِ إِلَى بَاقِي القصيدة)
(ألم هُدُوا حِين لَا عين كاشح ... تخَاف وَلَا الخلخال يغري وَلَا السمط)
(فطرف حَتَّى صَاح بِاللَّيْلِ صائح ... من الْفجْر وَاسْتولى على فَرعه الوخط)
(فَلم ير مثلي فِي الْهوى ذَا حفيظة ... وَلم أر طيفاً طَارِقًا مثله قطّ)
مِنْهَا
(وليل بطيء النَّجْم داج سريته ... على حِين لَا يُرْجَى لآخره شط)
(كَأَن الثريا فِي ذراه مقصر ... سباحة بَحر فَهُوَ يخطو وَلَا يخطو)
3 - (ابْن أبي الْعَرَب المغربي)
عَتيق بن حسان بن خلف لأبي الْعَرَب أورد لَهُ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج قَوْله
(ولت بشاشة ذَاك الْعَيْش فَانْصَرَفت ... فَلَيْسَ لي غير أشواقي وتذكاري)
(وَقد رَأَيْت بَيَاض الشيب يزجرني ... عَن الصِّبَا وَبِه وعظي وإنذاري)
(وَحسب نَفسِي أَن تَأتي بموعظتي ... مَا بَين ظَاهر أفعالي وإقراري)
(جلى عماية ذَاك الغي عَن بَصرِي ... حَتَّى تبصرت خوف الله وَالنَّار)
(كأنني بِيَقِين مِنْك وازرني ... فحط عني أَبَا الْعَبَّاس أوزاري)
مِنْهَا
(رفضت دنياك رفض المستقل لَهَا ... وَلم تكن لِتَبِيع الدَّار بِالدَّار)
(هَذَا وَأَنت بدهر لَا جَوَاز بِهِ ... كَأَنَّك الْخَيْر مَقْرُونا بأشرار)
(لَوْلَا التضادد فِي الْأَشْيَاء مَا ظَهرت ... فِي ظلمَة اللَّيْل مسرى الْكَوْكَب الساري)
وَقَوله فِي هَذَا الْمَعْنى
(يزْدَاد فِي ظلم الخطوب ضياؤه ... كالبدر مُعظم نوره فِي الحندس)(19/300)
وَقَوله
(من كل مُشْتَمل بمنصل عزمه ... ذِي همة يطَأ السماك همام)
(نشوان من خمر الندى صَاحب الندى ... رَيَّان من مَاء المحامد ظام)
من مديحها
(وتقلدت مِنْهُ الرّقاب قلائداً ... قد أَصبَحت نعما على الْأَجْسَام)
(وتوالت البركات فِي أَيَّامه ... حَتَّى دَعُوهَا أحسن الْأَيَّام)
)
قلت أَيْن هَذَا من قوا أبي تَمام الطَّائِي
(ويضحك الْمَوْت مِنْهُم عَن غطارفة ... كَأَن أيامهم من حسنها جمع)
وَمن شعر أبي الْعَرَب يهجو
(يستر الْقبْح مِنْهُ وَهُوَ منكشف ... جسم حطام وَوجه لَونه شحبا)
(يمْضِي السِّوَاك على ثغر بِهِ قلح ... لَو مج ريقته فِي النّيل مَا شربا)
3 - (ابْن أبي النوق الطَّبِيب)
عَتيق ابْن تَمام الطَّبِيب الْأَزْدِيّ الإفْرِيقِي قَالَ ابْن رَشِيق غلب عَلَيْهِ اسْم الطِّبّ فَعرف بِهِ لحذقه فِيهِ وَمَكَان أَبِيه مِنْهُ وَكَانَ أَبوهُ وجده من الرؤساء الْمَضْرُوب بهم الْمثل فِي الْجَلالَة وَشرف الْحَال بإفريقية وَأَبُو بكر شَاعِر حاذق مفتوق اللِّسَان حَاضر الخاطر متضح البديهة سديد الطَّبْع لم أر قطّ أسهل من الشّعْر عَلَيْهِ يكَاد لَا يتَكَلَّم إِلَّا بِهِ وَأكْثر تأدبه بالأندلس وَلَقي بهَا أُنَاسًا وملوكاً وَأخذ الجوائز وقارع فحول الشُّعَرَاء وَأورد لَهُ قَوْله
(فَلم أُنْسُهَا كَالشَّمْسِ أسبل فَوْقهَا ... من الشّعْر الوحف الأثيث عذوق)
(فَلَو ذاب ذَا أوسال جريال خدها ... جرى سيح مِنْهَا وسال عقيق)
(فمت تسترح يَا قلب إِن كنت صَادِقا ... فَإنَّك فِيهَا بالممات خليق)
(وَمن لم يمت فِي إِثْر إلْف مُودع ... فَلَيْسَ لَهُ بالعاشقين لُحُوق)
وَنظر إِلَيْهِ صَاحب لَهُ فَرَأى فِي رَأسه شامة شيب فَقَالَ لَهُ أجز يَا صَاحب الشامة فِي رَأسه(19/301)
فَقَالَ وشيبه من حر أنفاسه فَقَالَ زد فَقَالَ
(إِذا شدا بَيْتا ترى دمعه ... فِي حمرَة المشروب فِي كاسه)
(يكَاد من حِدة أفكاره ... تلتهب النَّار بقرطاسه)
وكاتبه مرّة وَقد شاوره فِي عليل فآيسه مِنْهُ
(قل لأبي بكر حَكِيم الذكا ... وفيلسوف الْجِنّ وَالْإِنْس)
(لم لَا تداوي كل ذِي عِلّة ... وَالْفرع ينبيك عَن الأس)
)
فَأَجَابَهُ استمداداً من سَاعَته
(اسْمَع جوابي إِنَّنِي مخبر ... أنذر والإخبار عَن نَفسِي)
(امرض فإمَّا مرض زائل ... تبرا وَإِمَّا مرض رمسي)
(والظل لَا يبْقى على حَاله ... كالظل لَا يبْقى مَعَ الشَّمْس)
(لم يبرا دَوَاء الْهوى كلهَا ... إِلَّا الَّذِي صور من قدس)
(وَالنَّاس أَصْنَاف وَقل الَّذِي ... يفضل الْجِنْس على الْجِنْس)
3 - (أَبُو بكر الدرغمي)
عَتيق بن عبد الْعَزِيز أَبُو بكر السَّمرقَنْدِي الدرغمي ثمَّ النَّيْسَابُورِي الأديب الأوحد لَهُ محفوظات فِي اللُّغَة وَله شعر سمع عبد الْغفار بن شيرويه وَغَيره وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَخمْس ماية وَمن شعره
3 - (تَقِيّ الدّين الصُّوفِي الْعمريّ)
عَتيق بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي الْفَتْح الْمُحدث المتقن الزَّاهِد تَقِيّ الدّين أَبُو بكر الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ الْمصْرِيّ الصُّوفِي الْمَالِكِي شيخ خانقاه ابْن الخليلي كَانَ فِيهِ دين وَتعبد وتحر وفضيلة سمع بِمصْر وَالشَّام والحجاز وجاور مُدَّة وَحدث عَن النجيب عبد اللَّطِيف وَعبد الله بن علاق مرض مُدَّة بالفالج وَهُوَ عشر الثَّمَانِينَ كتب عَنهُ الطّلبَة(19/302)
وَتُوفِّي سِتَّة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعماية
3 - (تَاج الدّين الدماميني الشَّافِعِي)
عَتيق بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المَخْزُومِي الدماميني تَاج الدّين سمع الحَدِيث وَقَرَأَ الْفِقْه بقوص وَحفظ التَّنْبِيه واستوطن الْإسْكَنْدَريَّة وانتهت إِلَيْهِ رياستها وَكَانَ ذكياً كثير الْعَطاء وَله مُشَاركَة فِي التَّارِيخ وَالْأَدب وَبنى مدرسة بالمرجانيين بالثغر ووقف أوقافاً كَثِيرَة
وَتُوفِّي بِمصْر فِي أَوَاخِر جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسبعماية
3 - (ابْن عريهة)
عَتيق بن عُثْمَان بن عَتيق أَبُو يحيى العامري الْمَعْرُوف بِابْن عريهة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا هاآن
قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين هُوَ صاحبنا كَانَ فَاضلا أديباً عَاقِلا سَاكن النَّفس لَهُ حَظّ من علم النَّحْو)
وَكَانَ يلوذ بقاضي الْقُضَاة زين الدّين بن مخلوف الْمَالِكِي وبنيه ويقرئ بعض بنيه شَيْئا من النَّحْو فاستعدله وَكَانَ أَهلا لذَلِك رَحمَه الله
قَالَ وَاتفقَ أَنِّي كنت أَنا وَهُوَ نسْمع الحَدِيث وَكَانَ على بعض الْجَامِع بالفاكهيين مظلة تمنع من زرق الطير وَكَانَ مَعنا صَاحب ينعَت بِنور الدّين وَآخر بعز الدّين ويلقب بالفار فاتفق أَن قعد نور الدّين تَحت المظلة فَصَعدَ قطّ عَلَيْهَا وبال فَوَقع بَوْله على نور الدّين فَضَحِك الْجَمَاعَة وأردنا نظم شَيْء فِي هَذَا الْمَعْنى فَبَدَأَ أَبُو يحيى فَأَنْشد على عجل
(وقط تبدى فَوق سقف وَتَحْته ... أنَاس لَهُم مجد أثيل وإيثار)
(تعمد نور الدّين مِنْهُم ببوله ... وَمَا ذَاك إِلَّا أَن معشوقه الفار)
ثمَّ طلبه السُّلْطَان وَطلب وَلَده فروعهما الْحُضُور قدامه لكَلَام أغلظه لَهما فَنزلَا مرعوبين ومرضا بالبيمارستان المنصوري بِالْقَاهِرَةِ وَمَات وَلَده قبله وَتُوفِّي هُوَ بعده بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ
وَكَانَت مُدَّة مرضهما دون الْجُمُعَة
3 - (أَبُو بكر الْعمريّ)
عَتيق بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي الْفَتْح الْمُحدث الْعَالم الزَّاهِد تَقِيّ الدّين أَبُو بكر الْعمريّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الصُّوفِي شيخ شانقاه ابْن الخليلي سمع من النجيب وَأَصْحَاب البوصيري وَقدم دمشق(19/303)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فَسمع مَعنا من الشّرف ابْن عَسَاكِر وَله اعتناء بالرواية وَكَانَ ذَا زهد وَخير وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع ماية
3 - (أَبُو بكر السرتي)
عَتيق بن الْقَاسِم أَبُو بكر السرتي بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف
وسرت مَدِينَة على سَاحل الْبَحْر الرُّومِي بَين برقة وطرابلس الغرب
قَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْمفضل الْمَقْدِسِي الْحَافِظ من أَصْحَاب السلَفِي أَنْشدني أَبُو بكر عَتيق السرتي لنَفسِهِ
(أَقُول لعَيْنِي دَائِما ولدمعها ... لِسَان بسر الْحبّ فِي الْحزن نَاطِق)
(أجدك مَا ينفيك لي مِنْك ضائر ... بسرتي واش أَو لحيني رامق)
(فلولاك لما أعرف الْعِشْق أَولا ... ولولاه لم أعرف بِأَنِّي عاشق)
)
3 - (السمنطاري)
عَتيق بن عَليّ بن دَاوُد الْمَعْرُوف بالسمنطاري سين مُهْملَة وَمِيم وَنون سَاكِنة وطاء مُهْملَة وَألف وَرَاء وسمنطار قَرْيَة فِي جَزِيرَة صقلية وَهُوَ أَبُو بكر أحد الْعباد الزهاد الْعَالمين مِمَّن رفض الأولى وَتعلق بِالْأُخْرَى بَالغ فِي الطّلب وسافر إِلَى الْحجاز وساح فِي الْبِلَاد بِالْيمن وَالشَّام إِلَى أَرض فَارس وخراسان وَلَقي الْعباد وَأَصْحَاب الحَدِيث وَكتب جَمِيع مَا سمع وَله كتاب بناه على حُرُوف المعجم جمعه فِي دُخُوله الْبلدَانِ ولقياه الْعلمَاء وَله فِي الرَّقَائِق وأخبار الصَّالِحين كتاب كَبِير لم يسْبق إِلَى مثله وَله فِي الْفِقْه والْحَدِيث تواليف حسان فِي غَايَة التَّرْتِيب وَالْبَيَان وَقَالَ
(فتن أَقبلت وَقوم غفول ... وزمان على الْأَنَام يصول)
(ركدت فِيهِ لَا تُرِيدُ زوالاً ... عَم فِيهَا الْفساد والتضليل)
أَيهَا الخائن الَّذِي شانه الْإِثْم وَكسب الْحَرَام مَاذَا تَقول بِعْت دَار الخلود بِالثّمن البخس بدنيا قَرِيبا تَزُول توفّي رَحمَه الله سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية(19/304)
3 - (النَّيْسَابُورِي)
عَتيق بِضَم الْعين وَفتح التَّاء ابْن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي شيخ قديم عالي الرِّوَايَة
توفّي سنة خمس وَخمسين ومايتين
ابْن أبي عَتيق اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر ابْن قُحَافَة
3 - (العامري الْكُوفِي)
عثام بن عَليّ بن هجير الْكلابِي العامري الْكُوفِي وَالِد عَليّ بن عثام قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق
توفّي سنة خمس وَتِسْعين وماية وَقيل سنة أَربع وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الْمُغنِي)
عثعث كَانَ عبدا أسود لمُحَمد بن يحيى بن معَاذ ظهر مِنْهُ طبع حسن فِي الْغناء وَحسن أَخذ وَأَدَاء فَعلمه مَوْلَاهُ الْغناء وخرجه وأدبه فبرع فِي صناعته وَكَانَ حسن المسموع جيد الضَّرْب وَله صَنْعَة صَالِحَة وكنيته أَبُو دليجة وَكَانَ مأبوناً سَمعه مُخَارق يُغني
(أَبَا دليجة من توصي بأرملة ... أم من لأشعث ذِي طمرين ممحال)
)
فَقَالَ لَهُ أَحْسَنت أَبَا دليجة فَقبل يَده وَقَالَ أَنا يَا سَيِّدي يَا أَبَا المهنى أتشرف بِهَذِهِ الكنية إِذا كَانَت نحلة مِنْك
(عُثْمَان)
3 - (إِمَام مَسْجِد القرشيين)
عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي عَليّ الْحِمصِي الْمُقْرِئ الصَّالح أَبُو عَمْرو الصَّالِحِي النساج إِمَام مَسْجِد القرشيين إِنْسَان خير متودد متواضع حسن الْبشر سمع حضوراً من أبي زبيدي نصف البُخَارِيّ الْأَخير وَسمع من ابْن اللتي لَكِن يصحف فِي كِتَابَة الْأَسْمَاء الْحِمصِي بالمصري فَذهب سَمَاعه وَسمع كثيرا من الْحَافِظ(19/305)
الضياء عَاشَ ثلاثاُ وَثَمَانِينَ سنة وَسمع مِنْهُ الواني والمقاتلي وقاضي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ والمحب وَجَمَاعَة
وَتُوفِّي سنة عشر وَسبع ماية
3 - (فَخر الدّين ابْن التركماني)
عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن مصطفى مفتي الْحَنَفِيَّة فَخر الدّين التركماني المارديني نزيل مصر
شرح الْجَامِع الْكَبِير فِي مجلدات وألقاه فِي المنصورية دروساً وَكَانَ إِمَامًا فصيحاً عذب الْعبارَة رَضِي الْآخِرَة تفقه بِهِ ولداه عَلَاء الدّين وَسَيَأْتِي ذكره وتاج الدّين مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وروى عَن الأبرقوهي
توفّي فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَله إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة
3 - (نظام الدّين)
عُثْمَان بن أَحْمد بن عَتيق بن الْحُسَيْن بن عَتيق بن حُسَيْن بن عبد الله بن رَشِيق نظام الدّين أَبُو عَمْرو الربعِي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست ماية
سمع من البوصيري والأرتاحي وروى صَحِيح البُخَارِيّ عَنْهُمَا وَهُوَ من بَيت الدّين وَالْعلم وَالرِّوَايَة روى عَنهُ الدمياطي وقاضي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة والمصريون
وَكن جده عَتيق من كبار الْفُضَلَاء
3 - (ابْن الظَّاهِرِيّ)
عُثْمَان بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُحدث الزَّاهِد فَخر الدّين أَبُو عَمْرو الْحلَبِي ثمَّ الْمصْرِيّ ابْن)
الظَّاهِرِيّ
ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاثِينَ وَسبع ماية
وَحضر النجيب وَابْن علاق وَسمع من عَامر القلعي والعز الْحَرَّانِي وَنسخ بعض الْأَجْزَاء وَكتب الطباق
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَله إِلْمَام بِبَعْض هَذَا الشَّأْن وَكَثْرَة مطالعة(19/306)
3 - (قَائِد جَيش غرناطة)
عُثْمَان بن إِدْرِيس ابْن عبد الله ابْن السُّلْطَان عبد الْحق بن مجبو البطل الضرغام فَارس الْإِسْلَام مقدم الجيوش أَبُو سعيد ابْن أبي الْعَلَاء المريني قَائِد جَيش غرناطة وَهُوَ الَّذِي أبلى يَوْم الكائنة الْعُظْمَى سنة تسع عشرَة وَسبع ماية وَنصر الله فِيهَا الْإِسْلَام وأباد مُلُوك الْعَدو وَشهد مايتي وأربعاً وَثَلَاثِينَ غَزْوَة وَكَانَ ذَا دين وعقل وَشرف وسؤدد
توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع ماية
أهلك الله ضِدّه الْوَزير المحروق الَّذِي أبعده من الحضرة فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع ماية لِأَن وَلَده إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان كَانَ قد شَارك يحيى بن عمر ابْن راجوا فِي قتلة السُّلْطَان أبي الْوَلِيد
ثمَّ عَاد ابْن أبي الْعَلَاء إِلَى منصبه فِي سنة تسع وَعشْرين وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ مرابطاً وَهُوَ من أَبنَاء الثَّمَانِينَ
نزل يَوْم الملحمة الْعُظْمَى إِلَى الأَرْض وَسجد وتضرع إِلَى الله ثمَّ ركب فرسه وَقَالَ لجيشه احملوا وَكَانُوا دون الْأَلفَيْنِ فحملوا على الْقلب وَفِيه دون بطرو الْمُقدم ذكره وَهُوَ فِي بضعَة عشر ملكا من الفرنج فَقتلُوا كلهم لم يفلت مِنْهُم أحد ودام الْقِتَال إِلَى اللَّيْل فَأَقل مَا قتل من الفرنج سِتُّونَ ألفا وَقيل ثَمَانُون ألفا وَلم يقتل من الْمُسلمين سوى ثَلَاثَة عشر فَارِسًا وغنم الْمُسلمُونَ غنيمَة عَظِيمَة إِلَى الْغَايَة
3 - (المواقيتي المغربي)
عُثْمَان بن إِدْرِيس بن عبد الرَّحْمَن الكتامي أَبُو عَمْرو الصُّوفِي المواقيتي من أهل الْمغرب
قدم بَغْدَاد واستوطنها إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس ماية
كَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بِعلم النُّجُوم والهيئة وَعمل الإسطرلاب وآلات الْفلك من الرخامات وموازين الشَّمْس وَمَعْرِفَة أَوْقَات اللَّيْل وَالنَّهَار وَله فِي ذَلِك مصنفات حَسَنَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ)
جمَاعَة من أهل بَغْدَاد وانتفعوا بِهِ
3 - (عز الدّين ابْن المنجا)
عُثْمَان بن أسعد بن المنجا ابْن أبي البركات الْأَجَل عز الدّين أَبُو عَمْرو وَأَبُو الْفَتْح التنوخي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ وَالِد زين الدّين ابْن المنجا ووجيه(19/307)
الدّين مُحَمَّد وَصدر الدّين أسعد وَاقِف الْمدرسَة الصدرية بِدِمَشْق ولد بِمصْر وَسمع من البوصيري وَغَيره وَكَانَ ذَا مَال وثروة
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست ماية
3 - (الْعِمَاد السلماسي)
عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل بن خَلِيل السلماسي عماد الدّين من شعره فِي مرثية جَارِيَة
(مَا خلت قبلك أَن الشَّمْس مغْرِبهَا ... لحد وَلَا أَن غيم الْبَدْر أكفان)
وَمِنْه
(بحياتي عَلَيْك خُذْهَا فَإِنِّي ... واثق مِنْك أَن تبر حَياتِي)
(لَا تلمني على انعطافي عَلَيْهَا ... مَعَ مَا فِي الْحباب من واوات)
وَمِنْه
(وَلما اسْتَقَلت أعين النَّاس حوله ... تراقبه حَيْثُ اسْتَقل وسارا)
(تمثلت الْأَهْدَاب فِي صفو خَدّه ... خيالاً فظنوا الشّعْر فِيهِ عذارا)
وَمِنْه
(شقَّتْ عَلَيْك يَد الأسى ... ثوب الدُّمُوع إِلَى الذبول)
وَمِنْه
(فأعجب ليل طَال من شعره ... وفرقه خيط سنا الْفجْر)
3 - (الجُمَحِي الْمَكِّيّ)
عُثْمَان بن الْأسود الجُمَحِي مَوْلَاهُم الْمَكِّيّ وثقة الْقطَّان وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وماية
وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن مُجَاهِد الفرجوطي)
عُثْمَان بن أَيُّوب الفرجوطي عرف بِابْن مُجَاهِد أديب شَاعِر ظريف الشكل حسن الْخلق متواضع النَّفس قَالَ الْفضل كَمَال الدّين جَعْفَر الإدفوي رَأَيْته بفرجوط مَرَّات لَهُ نظم كثير)
وَكَانَ ملازماً للتلاوة عديم الطّلب مَعَ ظُهُور فاقته قانعاً بِالْقَلِيلِ من الرزق(19/308)
توفّي بِبَلَدِهِ فِي مستهل شَوَّال سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
وَمن شعره
(أَلا فِي سَبِيل الْحبّ مَا الوجد صانع ... بقلب لَهُ من وشكة الْبَين صادع)
(يكابد من أجل البعاد هلوعه ... وَإِن قلى الأحباب للصب هَالِع)
(ويقلقه دَاعِي الْهوى ويقيمه ... فيقعده الإعجاز وَالْعجز مَانع)
(ويصبو فتنصب الدُّمُوع صبَابَة ... وَلَا غرو إِن صبَّتْ لذاك المدامع)
(إِذا فاح من أكناف طيبَة طيبها ... تحركه شوقاً إِلَيْهَا المطامع)
(وَإِن ذكرت نجد وجرعاء رامة ... فَللَّه كم من لوعة هُوَ جارع)
(هَل الدَّهْر يَوْمًا بعد تَفْرِيق شملنا ... بِذَاكَ الْحمى النجدي للشمل جَامع)
(وَهل مَا مضى من عيشنا بربوعكم ... وَطيب زمَان بالتواصل رَاجع)
(عدوا بالتلاقي عطفة وتكرماً ... عَليّ فَإِنِّي بالمواعيد قَانِع)
(وَإِن تسمحوا بالوصل يَوْمًا لعبدكم ... فَهَذَا أَوَان الْوَصْل آن فسارعوا)
(أهيل الْحمى هَل مِنْكُم لي رَاحِم ... وَهل فِيكُم يَوْمًا لشكواي سامع)
(فَهَذَا لِسَان الْحَال يرفع قصتي ... لديكم عَسى مِنْكُم لبلواي رَافع)
3 - (فَخر الدّين الْعَسْقَلَانِي)
عُثْمَان بن أَيُّوب ابْن أبي الْفَتْح فَخر الدّين أَبُو عَمْرو الْأنْصَارِيّ الْعَسْقَلَانِي أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ مولده بِبَيْت زينون بالنُّون لَا بِالتَّاءِ من عسقلان وغزة فِي خَامِس عشر شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست ماية أنشدنا لنَفسِهِ
(أَتَانِي كتاب خلت فِي طي نشره ... بريق ضِيَاء يخجل القمرين)
(إِلَى علم أسعى بِهِ من سميه ... فنلت مني بالسعي فِي العلمين)
فَأَجَابَهُ نور الدّين ابْن سعيد المغربي
(بِبَيْت وَبَيت قد سبقت مجلياً ... فَلَا زلت بالبيتين ذَا سبقين)
(وأنجحت بِالْأَمر الَّذِي قد قصدته ... بسعيك يَا ذَا الْفضل بالعلمين)(19/309)
قَالَ وأنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ)
(من رِيقهَا وردي وَمن وجناتها ... وردي وخمري لحظها والساقي)
(يَا هِنْد عنْدك منيتي ومنيتي ... بوعيد هجر أَو بوعد تلاق)
3 - (الْفَقِيه الْبَصْرِيّ)
عُثْمَان البتي الْفَقِيه الْبَصْرِيّ بياع البتوت
توفّي فِي حُدُود الْمِائَة وَالْأَرْبَعِينَ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (أَبُو بكر القلعي المغربي)
عُثْمَان ابْن أبي بكر بن مُحَمَّد أَبُو بكر القلعي من أهل الغرب ذكره أَبُو الْمَعَالِي سعد الخطيري الكتبي فِي كتاب زِينَة الدَّهْر من جمعه وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ بِبَغْدَاد
(قُم هَاتِهَا من كف أحدر أَو طفا ... رَاحا أرق من النسيم وألطفا)
(يسْعَى بهَا خنث الدَّلال كَأَنَّمَا ... تحكيه خداً للنديم ومرشفا)
(فَكَأَنَّمَا فِي الكأس ذائب عسجد ... وحبابها در عَلَيْهِ قد طفا)
(فانهض إِلَى بنت الكروم فَإِنَّهَا ... نجم بِشَيْطَان الهموم تكلفا)
(فالروض يعبق من أريج مسكه ... والجو يدفق من غمام قرقفا)
(والسحب تلعب بالبروق كَأَنَّهَا ... قار على عجل يقلب مُصحفا)
(قد قلدت بِالنورِ أجياد الربى ... حليا وألبست الخمائل مطرفا)
(فَكَأَنَّهَا جود ابْن فياض الَّذِي ... أضحى يجدد فِي المكارم مَا عَفا)
قلت قَوْله والسحب تلعب بالبروق الْبَيْت مَأْخُوذ من قَول ابْن المعتز
(وَكَأن الْبَرْق مصحف قار ... فانطباقاً مرّة وانفتاحا)
وَلَكِن قَول القلعي أحسن ديباجة
وَمن قَوْله أَيْضا
(كَأَن رياض ساحته سَمَاء ... وناجم زهرها زهر النُّجُوم)
(نزلنَا من رباه فَوق هام ... معممة من النبت العميم)(19/310)
(تعطرنا الرِّيَاح بِهِ كأنا ... نسوم الْمسك من كف النسيم)
3 - (فَخر الدّين الكفتي المقاتلي)
عُثْمَان بن لبان الْمُحدث فَخر الدّين الرُّومِي المقاتلي الدِّمَشْقِي الكفتي)
سكن مصر سنوات وداخل الرؤساء إِلَى أَن صَار معيداً فِي المنصورية للْحَدِيث وَكَانَ حُلْو المحاضرة يحفظ بعض الْقُرْآن
توفّي سنة سِتّ عشرَة وَسبع ماية وَكَانَ مولده فِي سنة خمس وَسبعين وست ماية وَسمع من ابْن القواس ويوسف الغسولي وَابْن عَسَاكِر وبحلب من سنقر الزيني مَمْلُوك ابْن الْأُسْتَاذ وبمصر من الدمياطي وطبقته وعني بالرواية وَنسخ الْأَجْزَاء وَحصل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كتبت عَنهُ وَكتب عني وَكَانَ فِي ورعه نقص وَغَيره أدين مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ مَحْفُوظ وَلَا ختم قُرْآن
3 - (الْعَتكِي)
عُثْمَان بن جبلة ابْن أبي رواد الْعَتكِي مَوْلَاهُم وثقة أَبُو حَاتِم وَغَيره
مَاتَ فجاءة فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والماية وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو الْفَتْح النَّحْوِيّ)
عُثْمَان بن جني أَبُو الْفَتْح النَّحْوِيّ الإِمَام الْعَلامَة من أحذق النُّحَاة
وَكَانَ أكمل علومه التصريف وَلم يتَكَلَّف أحد وَلم يتَكَلَّم أدق من كَلَامه فِي التصريف مولده قبل الثَّلَاثِينَ وَالثَّلَاث ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَلَاث ماية وَخلف من الْأَوْلَاد عليا وعالياً والْعَلَاء وَكلهمْ أدباء فضلاء قد خرجهم والدهم وسمعهم وَحسن خطوطهم وهم معدودون فِي صحيحي الضَّبْط وحسني الخطوط وَكَانَ أَبوهُ مَمْلُوكا رومياً ل(19/311)
سُلَيْمَان بن فَهد الْموصِلِي وَكَانَ أَعور وَمن شعره فِي ذَلِك
(صدودك عني وَلَا ذَنْب لي ... دَلِيل على نِيَّة فاسده)
(فقد وحياتك مِمَّا بَكَيْت ... خشيت على عَيْني الواحده)
(وَلَوْلَا مَخَافَة أَن لَا أَرَاك ... لما كَانَ فِي تَركهَا فائده)
اجتاز أَبُو عَليّ الْفَارِسِي بالموصل فَمر بالجامع وَأَبُو الْفَتْح يقرئ النَّحْو وَهُوَ شَاب فَسَأَلَهُ أَبُو عَليّ مَسْأَلَة فِي التصريف فقصر فِيهَا أَبُو الْفَتْح فَقَالَ لَهُ زببت قبل أَن تحصرم فَلَزِمَهُ من يَوْمئِذٍ مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة واعتنى بالتصريف وَلما مَاتَ أَبُو عَليّ تصدر ابْن جني مَكَانَهُ بِبَغْدَاد وَأخذ عَنهُ الثمانيني وَعبد السَّلَام الْبَصْرِيّ وَأَبُو الْحسن السمسمي وَجرى بَينه وَبَين أبي نصر بشر بن هَارُون كَلَام فِي معنى شَيْطَان يُقَال لَهُ العوار أَو العدار وَإِذا لَقِي إنْسَانا وَطئه فَقَالَ)
لَهُ ابْن جني بودك لَو لقيك فَإِنَّهُ كَانَ لأمنيتك دَوَاء فَقَالَ أَبُو نصر
(زعمت أَن العذار خدني ... وَلَيْسَ خدناً لي العذار)
(عفر من الْجِنّ أَنْت أولى بِهِ ... ففيهم لَك افتخار)
(فالجن جن وَنحن إنس ... شتان هَذَانِ يَا حمَار)
(وَنحن من طِينَة خلقنَا ... خلق الْجِنّ مِنْهُ نَار)
(العر والعار فِيك تما ... والعور التَّام والعوار)
وَكَانَ يَوْمًا يتحدث بِحَضْرَة أبي الْحُسَيْن القمي الْكَاتِب وَكَانَت لأبي الْفَتْح عَادَة إِذا تحدث أَن يمِيل بشفتيه وَيُشِير بِيَدِهِ فَبَقيَ القمي شاخصاً إِلَيْهِ فَقَالَ أَبُو الْفَتْح مَالك تحدق إِلَيّ وتكثر التَّعَجُّب مني قَالَ شبهت مولَايَ الشَّيْخ وَهُوَ يتحدث وَيَقُول ببوزه كَذَا وَبِيَدِهِ كَذَا بقرد رَأَيْته الْيَوْم عِنْد صعودي إِلَى دَار المملكة وَهُوَ على شاطئ دجلة يفعل مَا يَفْعَله مَوْلَانَا فامتعض أَبُو الْفَتْح وَقَالَ مَا هَذَا القَوْل أعزّك الله وَمَتى رَأَيْتنِي أمزح مَعَك فتمزح معي بِمثل هَذَا فَلَمَّا رَآهُ أَبُو الْحُسَيْن قد استشاط غَضبا قَالَ المعذرة إِلَيْك أَيهَا الشَّيْخ عَن أَن أشبهك بالقرد وَإِنَّمَا شبهت القرد بك فَضَحِك أَبُو الْفَتْح وَقَالَ مَا أحسن مَا اعتذرت وَعلم أَنَّهَا نادرة تشيع فَكَانَ أَبُو الْفَتْح يتحدث بهَا دَائِما واجتاز يَوْمًا بِأبي الْحُسَيْن الْمَذْكُور فِي الدِّيوَان وَبَين يَدَيْهِ كانون فِيهِ نَار وَالْبرد شَدِيد فَقَالَ لَهُ أَبُو الْفَتْح تعال أَيهَا(19/312)
الشَّيْخ إِلَى النير فَقَالَ أعوذ بِاللَّه وَقَالَ ابْن الزمكدم الْموصِلِي يهجو ابْن جني يَا أَبَا الْفَتْح قد أَتَيْنَاك للتدريس وَالْعلم فِي فنائك رحب فَوَجَدنَا فتاة بَيْتك أنحى مِنْك والنحو مُؤثر مُسْتَحبّ
(قدماها مَرْفُوعَة وَهِي خفض ... فَلم الأير فَاعل وَهُوَ نصب)
(مَذْهَب خَالَفت شيوخك فِيهِ ... فَهِيَ تصبي بِهِ الْحَلِيم وتصبو)
وَوجد بِخَط ابْن جني على ظهر كتاب الْمُحْتَسب فِي علل الْقرَاءَات الشاذة أَخْبرنِي بعض من يعتادني للْقِرَاءَة عَليّ وَالْأَخْذ عني قَالَ رَأَيْتُك فِي مَنَامِي جَالِسا فِي مجْلِس لَك على حَال كَذَا وبصورة كَذَا وَذكر من الْحِلْية والشارة جميلاً وَإِذا رجل لَهُ رواء ومنظر وَظَاهر نبل وَقدر قد أَتَاك فحين رَأَيْته أعظمت مورده وأسرعت الْقيام لَهُ فَجَلَسَ فِي صدر مجلسك وَقَالَ لَك إجلس فَجَلَست فَقَالَ كَذَا شَيْئا ذكره ثمَّ قَالَ لَك أتمم كتاب الشواذ الَّذِي عَلمته فَإِنَّهُ)
كتاب يصل إِلَيْنَا ثمَّ نَهَضَ فَلَمَّا ولى سَأَلت بعض من كَانَ مَعَه عَنهُ فَقَالَ عَليّ ابْن أبي طَالب كرم الله وَجهه ذكر هَذَا الرَّائِي هَذِه الرُّؤْيَا لي وَقد من نواحي هَذَا الْكتاب أميكنات تحْتَاج إِلَى معاودة نظر وَأَنا على الْفَرَاغ مِنْهَا وَبعده مُلْحق فِي الْحَاشِيَة بِخَطِّهِ أَيْضا ثمَّ عاودتها فَصحت بلطف الله ومشيئته وَلما مَاتَ أَبُو الْفَتْح رثاه الشريف الرضي بقصيدة عدتهَا تِسْعَة وَخَمْسُونَ بَيْتا مِنْهَا
(لتبك أَبَا الْفَتْح الْعُيُون بدمعها ... وألسننا من قبلهَا بالمناطق)
(إِذا هَب من تِلْكَ الغليل بدامع ... تسرع من هَذَا الْغَمَام بناطق)
(طوى مِنْهُ بطن الأَرْض مَا تستعيده ... على الدَّهْر منشوراً بطُون المهارق)
(مضى طيب الأردان يأرج ذكره ... كريح الصِّبَا تندى لعرنين ناشق)
(وَمَا أحتاج بردا غير برد عفافه ... وَلَا عرف طيب غير تِلْكَ الْخَلَائق)
(تروق مَاء الود بيني وَبَينه ... وطاح القذى عَن سلسل الطّعْم رائق)
(سقاك وَهل يسقيك إِلَّا تعلة ... لغير الروى قطر الغيوم الودائق)
(من المزن جمجام إِذا التج لجة ... أَضَاءَت تواليه زناد البوارق)
(وَمَا فرحي أَن جاورتك حديقة ... وقبرك مَمْلُوء بغر الحدائق)(19/313)
تصانيف أبي الْفَتْح ابْن جني كتاب الخصائص وَهُوَ كتاب نَفِيس إِلَى الْغَايَة فِيهِ لباب النَّحْو وَكتاب سر الصِّنَاعَة وَهُوَ من أحسن مَا صنفه وجوده وَكتاب تَفْسِير أشعار هُذَيْل مِمَّا أغفله السكرِي وَكتاب تَفْسِير تصريف الْمَازِني وَشرح مستغلق الحماسة واشتقاق أَسمَاء شعرائها وَشرح الْمَقْصُور والممدود لِابْنِ السّكيت وتعاقب الْعَرَبيَّة قَالَ ابْن جني وأطرف بِهِ
وَشرح ديوَان المتنبي شرحين كَبِيرا وصغيراً كتاب اللمع كتاب مُخْتَصر التصريف مُخْتَصر الْعرُوض والقوافي والحروف المهموزة كتاب فِي اسْم الْمَفْعُول المعتل الْعين من الثلاثي تَفْسِير الْمُذكر والمؤنث لِابْنِ السّكيت كتاب تأييد التَّذْكِرَة لأبي عَليّ الْفَارِسِي كتاب محَاسِن الْعَرَبيَّة كتاب النَّوَادِر الممتعة فِي الْعَرَبيَّة ألف ورقة كتاب مَا أحضرهُ الخاطر من الْمسَائِل المنثورة وَكتاب الْمُحْتَسب فِي تَعْلِيل شواذ الْقرَاءَات وَهُوَ جيد إِلَى الْغَايَة كتاب تَفْسِير أرجوزة أبي نواس كتاب تَفْسِير العلويات وَهِي أَربع قصائد للشريف الرضي كتاب الْبُشْرَى وَالظفر صنعه لعضد الدولة مِقْدَاره خَمْسُونَ ورقة فِي تَفْسِير بَيت وَاحِد من شعر عضد)
الدولة وَهُوَ
(أَهلا وسهلاً بِذِي الْبُشْرَى ونوبتها ... وباشتمال سرايانا على الظفر)
رِسَالَة فِي مدد الْأَصْوَات ومقادير المدات كتاب الْمُذكر والمؤنث كتاب المنتصف مُقَدمَات أَبْوَاب التصريف النَّقْض على ابْن وَكِيع فِي شعر المتنبي وتخطئته الْمغرب فِي شرح القوافي كتاب الْفَصْل بَين الْكَلَام الْخَاص وَالْكَلَام الْعَام كتاب الْوَقْف والابتداء كتاب الْفرق كتاب الْمعَانِي المحررة كتاب الْفَائِق كتاب الْخَطِيب كتاب مُخْتَار الأراجيز كتاب ذِي الْقد فِي النَّحْو كتاب شرح الفصيح كتاب الْكَافِي فِي القوافي كتاب التَّنْبِيه فِي إِعْرَاب الحماسة كتاب الْمُهَذّب كتاب التَّبْصِرَة يُقَال إِن الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق أَخذ مِنْهُ أَسمَاء كتبه فَإِنَّهُ لَهُ التَّنْبِيه والمهذب واللمع والتبصرة وَمن شعر ابْن جني
(فَإِن أصبح بِلَا نسب ... فعلمي فِي الورى نسبي)
(على أَنِّي أؤول إِلَى ... قروم سادة نجب)
(قياصرة إِذا نطقوا ... أرم الدَّهْر ذُو الْخطب)
(أولاك دَعَا النَّبِي لَهُم ... كفى شرفاً دُعَاء نَبِي)(19/314)
وَمِنْه
(تحبب أَو تذرع أَو تأبى ... فَلَا وَالله لَا أزداد حبا)
(ملكت بِبَعْض حسنك كل قلبِي ... فَإِن رمت الزِّيَادَة هَات قلبا)
وَمِنْه
(غزال غير وَحشِي ... حكى الوحشي مقلته)
رَآهُ الْورْد يجني الْورْد فاستكساه حلته وشم بِأَنْفِهِ الريحان فاستهداه زهرته وذاقت رِيحه الصَّهْبَاء فاختلسته نكهته
3 - (عُثْمَان بن حسن)
3 - (أَخُو الْحَافِظ ابْن دحْيَة)
عُثْمَان بن حسن بن عَليّ بن الْجَمِيل أَبُو عَمْرو الْكَلْبِيّ السبتي اللّغَوِيّ أَخُو الْحَافِظ أبي الْخطاب ابْن دحْيَة سمع وَحده وَمَعَ أَخِيه من جمَاعَة وَحج وَحدث بإفريقية وَنزل بِالْقَاهِرَةِ عِنْد أَخِيه ودرس بعده بالكاملية وَكَانَ مُولَعا بالتقعير فِي كَلَامه ورسائله لهجاً بذلك
توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست ماية
3 - (ابْن الْوَزير نظام الْملك)
عُثْمَان بن الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَاق بن الْعَبَّاس هُوَ ابْن نظام الْملك الْوَزير بعث إِلَيْهِ السُّلْطَان عنبر الْخَادِم ليَقْتُلهُ فَقَالَ أمهلني وَتَوَضَّأ وَصلى وَنظر فِي السَّيْف الَّذِي مَعَه فَقَالَ سَيفي أمضى مِنْهُ فَخذه فَأَخذه وَقَتله بِهِ سنة سبع عشرَة وَخمْس ماية
3 - (الجذامي الْمصْرِيّ)
عُثْمَان بن الحكم الجذامي الْمصْرِيّ كَانَ فَقِيها زاهدا(19/315)
كَبِير الْقدر عرض عَلَيْهِ قَضَاء الديار المصرية فَأبى وهجر اللَّيْث بن سعد لكَونه نبه عَلَيْهِ
توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وماية وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (الْأنْصَارِيّ الأوسي)
عُثْمَان بن حنيف بن وهب بن العكيم بن ثَعْلَبَة بن الْحَارِث بن مجدعة الْأنْصَارِيّ من بني عَمْرو بن مَالك بن عَوْف بن الْأَوْس أَخُو سهل وَقد تقدم هُوَ أَبُو عَمْرو وَقيل أَبُو عبد الله
اسْتَشَارَ عمر بن الْخطاب الصَّحَابَة فِي رجل يوجهه إِلَى الْعرَاق فَأَجْمعُوا جَمِيعًا على عُثْمَان هَذَا وَقَالُوا لن تبعثه إِلَى أهم من ذَلِك فَإِن لَهُ بصراً وعقلاً وَمَعْرِفَة وتجربة فأسرع عمر إِلَيْهِ فولاه مساحة أَرض الْعرَاق فَضرب عُثْمَان على كل جريب من الأَرْض يَنَالهُ المَاء عَامِرًا وغامراً درهما وقفيزاً فبلغت جباية سَواد الْكُوفَة قبل أَن يَمُوت عمر بعام ماية ألف ألف ونيفاً
ونال عُثْمَان بن حنيف فِي نزُول عَسْكَر طَلْحَة وَالزُّبَيْر مَا زَاد فَضله ثمَّ سكن الْكُوفَة وَبَقِي إِلَى زمَان مُعَاوِيَة
3 - (المري أَمِير الْمَدِينَة)
عُثْمَان بن حَيَّان المري مولى أم الدَّرْدَاء أَو مولى عتبَة ابْن أبي سُفْيَان حدث عَن أم الدَّرْدَاء)
وَهُوَ الَّذِي كَانَ على الْمَدِينَة أَيَّام الْوَلِيد وَكَانَ ظَالِما غاشماً عسوفاً وَكَانَ يروي الشّعْر فِي خطبَته على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَتُوفِّي سنة خمس وماية وروى لَهُ مُسلم وَابْن ماجة
3 - (أَبُو الدُّنْيَا الْأَشَج)
عُثْمَان بن خطاب بن عبد الله بن عوام أَبُو عَمْرو البلوي المغربي الْأَشَج الْمَعْرُوف بِأبي الدُّنْيَا الَّذِي ادّعى أَنه سمع من عَليّ بن أبي طَالب وَأَنه معمر وَحدث عَنهُ بِبَغْدَاد لَيْسَ ثِقَة وَلَا صَدُوق وعَلى قَوْله يكون قد عَاشَ ثَلَاث ماية سنة وَأكْثر
وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَثَلَاث ماية(19/316)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الهيتي)
عُثْمَان بن خمارتاش بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم من أهل هيت كَانَ أديباً فَاضلا مليح الشّعْر لطيف الطَّبْع كيساً طيب الْعشْرَة ظريفاً
قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ متهاوناً بالأمور الدِّينِيَّة عفى الله عَنَّا وَعنهُ
توفّي سنة تسع عشرَة وست ماية
وَمن شعره
(المَال أفضل مَا ادخرت فَلَا تكن ... فِي مريةٍ مَا عِشْت فِي تفضيله)
(مَا صنَّف النَّاس الْعُلُوم بأسرها ... إِلَّا لحيلتهم على تَحْصِيله)
وَمِنْه لما تزوج كَانَ رَأْيِي أَن لَا يكون الَّذِي كلن فيا لَيْتَني تركت بدائي لَا يزَال الْإِنْسَان يَخْدمه السعد إِلَى أَن يَقُول بَيت حمائي وَمِنْه
(شَيْئَانِ لم يبلغهما واصفٌ ... فِيمَا مضى بالنَّظم والنَّثر)
(مدح ابْنة العنقود فِي كأسها ... وذمُّ أَفعَال بني الدَّهْر)
وَمِنْه
(قَالُوا هداك الشيب يَا لَيْتَني ... دَامَ ضلالي وعدمت الْهدى)
وَمِنْه)
(ولي قلبٌ لشقوته ألوفٌ ... ينغِّص عيشتي أُخْرَى اللَّيالي)
(فَلَو أَنِّي ألفت الهجر يَوْمًا ... بَكَيْت عَلَيْهِ فِي زمن الْوِصَال)
وَمِنْه
(توخ مُنَاجَاة الْعَدو توقعاً ... لفرصة إِمْكَان يسوغها الحزم)
(وحاول بِسَهْم الكيد حَبَّة قلبه ... وَلَا تلْتَفت إِلَّا وَقد نفذ السهْم)
وَمِنْه
(إِذا رمت تَهْذِيب الرسائل فاعتمد ... على حسن خطّ فِي سهولة منطق)(19/317)
(فأسمج مسطور سَمَاعا ومنظراً ... غرائب أَلْفَاظ بِخَط مُعَلّق)
وَمِنْه
(إِذا أدبر الْأَمر لم يغن فِيهِ ... حصافة رَأْي ولطف اجْتِهَاد)
(فسيان ناتف بنت العذار ... وخاضب لمته بِالسَّوَادِ)
وَمِنْه
(لَا تخضعن وَلَو بَدَت ... زرق الأسنة مِنْك حمرا)
لَا بُد من ورد الْحمام فمت كريم النَّفس حرا وَمِنْه
(إِنِّي لأعجب من ضراعة سَائل ... فِي جود مقتدرٍ على الْإِحْسَان)
(كَيفَ استمالهما خداع رذيلة ... وَكِلَاهُمَا عَمَّا قَلِيل فان)
3 - (الطفيلي)
عُثْمَان بن دراج الطفيلي كَانَ فِي زمن الْمَأْمُون قَالَ أَبُو الْفرج صَاحب الأغاني كَانَ فِيهِ أدب وَله شعر صَالح قيل لَهُ يَوْمًا إِن فلَانا اشْترى رؤوساً وَدخل بستاناً مَعَ جمَاعَة لَهُ فَخرج يحضر خوفًا من فَوْقهم فَوَجَدَهُمْ قد لوحوا الْعِظَام فَوقف عَلَيْهَا ينظر ثمَّ استعبر وتمثل قَول الرقاشِي
(آثَار ربع قدما ... أعيا جوابي صمما)
(كَانَ لسعدي علما ... فَصَارَ وحشاً رمما)
(أَيَّام سعدى سقمي ... وَهِي تداوي السقما)
)
وَحكي عَنهُ أَنه قيل لَهُ مَا هَذِه الصُّفْرَة الَّتِي فِي لونك قَالَ من الفترة بَين القصعتين وَمن خوفي فِي كل يَوْم من نفاد الطَّعَام قبل شَأْن أشْبع وَمن شعر ابْن دراج الطفيلي
(لَذَّة التطفيل دومي ... وأقيمي لَا تريمي)
(أَنْت تشفين غليلي ... وتسلين همومي)
وَقيل لَهُ يَوْمًا كَيفَ تصنع بالعرس إِذا لم يدْخلك أَصْحَابه فَقَالَ أنوح على بابهم فيتطيرون من ذَلِك فيدخلوني وَقيل لَهُ أتعرف بُسْتَان فلَان قَالَ إِي وَالله وَإنَّهُ للجنة الْحَاضِرَة(19/318)
فِي الدُّنْيَا
قيل لَهُ فَلم لَا تدخل إِلَيْهِ فتأكل من ثماره تَحت أشجاره وتسبح فِي أنهاره قَالَ لِأَن فِيهِ كَلْبا لَا يتمضمض إِلَّا بدماء عراقيب الرِّجَال وَقَالَ يَوْمًا مَرَرْت بِجنَازَة وَمَعِي ابْني وَمَعَ الْجِنَازَة امْرَأَة تبكيه تَقول يذهبون بك إِلَى بَيت لَا فرَاش فِيهِ وَلَا وطاء وَلَا ضِيَافَة وَلَا غطاء وَلَا خبز وَلَا مَاء فَقَالَ ابْني يَا أَبَت إِلَى بيتنا وَالله يذهبون بِهِ
3 - (الأندلسي)
عُثْمَان بن ربيعَة الأندلسي ذكره الْحميدِي فَقَالَ هُوَ مؤلف كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء بالأندلس
مَاتَ قَرِيبا من سنة عشر وَثَلَاث ماية
3 - (ابْن السلعوس)
عُثْمَان ابْن أبي الرَّجَاء فَخر الدّين ابْن السلعوس التنوخي التَّاجِر الدِّمَشْقِي وَالِد الصاحب الْوَزير شمس الدّين وَزِير الْأَشْرَف وَقد تقدم ذكره كَانَ عدلا مَقْبُول القَوْل
توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وست ماية
3 - (الْكُوفِي الزَّاهِد)
عُثْمَان بن زَائِدَة الْكُوفِي أحد الزهاد الْعباد كَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي فِي حُدُود الماية وَالسِّتِّينَ
وروى لَهُ مُسلم
3 - (عُثْمَان بن سَالم)
عُثْمَان بن سَالم بن خلف لن فضل الْمَقْدِسِي سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ سنة ثَلَاثِينَ وَسبع ماية بِدِمَشْق
3 - (ابْن الصيقل المغربي)
عُثْمَان بن سعد أَبُو سعيد ابْن الصيقل كَانَ أَبوهُ سعد مولى الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْأَغْلَب الْمَعْرُوف بِأبي الغرانيق وَنَشَأ عُثْمَان مَعَ أَبِيه فِي النّظر فِي السيوف وعملها وَهُوَ مَعَ ذَلِك يحاول قِرَاءَة الْكتب ثمَّ صحب أهل الْأَدَب وَالْعلم وعاشر جمَاعَة من الشُّعَرَاء والأدباء وَكَانَ حاد الذِّهْن سريع الْفَهم صنع بِيَدِهِ لكل صَنْعَة طَريقَة وَنظر فِي الْحساب والتنجيم وَقصد الحكم بن عبد الرَّحْمَن وَهُوَ ولي عهد(19/319)
فَأكْرم مثواه وَأحسن نزله وَوَصله وَكَانَ من أقرب النَّاس عِنْده وَمن شعره
(أَلا حَيّ ربعا للوى قد تأبدا ... كسته الصِّبَا ثوبا من الترب أربدا)
(ونكر مَعْنَاهُ أهاضيب عَارض ... إِذا عَن فِي أرجائه الْبَرْق أرعدا)
(أَقَامَ بِهِ نوء السماكين مأتماً ... فخرت أعاليه من الوجد سجدا)
(خليلي لَا تستكبرا فيض عبرتي ... وعوجا قَلِيلا نسْأَل الرّبع واسعدا)
(عَسى أَن يُجيب الرّبع أَيْن تحملت ... بسكانه الأظعان لَو ينْطق الصدى)
3 - (عُثْمَان بن سعيد)
3 - (الدَّارمِيّ السجسْتانِي)
عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ السجسْتانِي مُحدث هراة وَأحد الْأَعْلَام رَحل وطوف وَلَقي الْكِبَار وَأخذ علم الحَدِيث عَن ابْن حَنْبَل وَابْن الْمَدِينِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن معِين وَأخذ الْأَدَب عَن ابْن الْأَعرَابِي وَالْفِقْه عَن الْبُوَيْطِيّ وَتقدم فِي هَذِه الْعُلُوم وَله الرَّد على الْجَهْمِية وَالرَّدّ على بشر المريسي وَكَانَ جذعاً فِي أعين المبتدعين وَهُوَ الَّذِي قَامَ على مُحَمَّد بن كرام وطرده عَن هراة فِيمَا قيل
وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ ومايتين
3 - (الشَّافِعِي الْأنمَاطِي الْأَحول)
عُثْمَان بن سعيد بن بشار الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ الْأنمَاطِي الشَّافِعِي الْأَحول شيخ الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَاد
تفقه على الْمُزنِيّ وَعَلِيهِ تفقه ابْن سُرَيج
3 - (عُثْمَان بن عمر)
3 - (الْعَبْدي الْبَصْرِيّ)
عُثْمَان بن عمر بن فَارس الْعَبْدي الْبَصْرِيّ قَالَ(19/320)
أَحْمد رجل صَالح ثَبت وَقَالَ الْعجلِيّ ثِقَة ثَبت
توفّي سنة تسع وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الدراج الْمُقْرِئ)
عُثْمَان بن عمر بن خَفِيف أَبُو عَمْرو الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بالدراج كَانَ ثِقَة قَالَ البرقاني كَانَ بَدَلا من الأبدال
مَاتَ فجاءة فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن أخي النجاد)
عُثْمَان بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن الرّبيع أَبُو عَمْرو الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن أخي النجاد بغدادي حدث عَن أَحْمد بن عِيسَى الوشاء وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عمَارَة وَأبي الطّيب أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبادل وَعبد الله بن الْحُسَيْن بن جُمُعَة وَجَمَاعَة كثيرين
3 - (الْعَزِيز ابْن المغيث)
)
عُثْمَان بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد الْملك الْعَزِيز فَخر الدّين ابْن الْملك المغيث فتح الدّين ابْن الْملك الْعَادِل سيف الدّين ابْن الْملك الْكَامِل نَاصِر الدّين ابْن الْملك الْعَادِل سيف الدّين أبي بكر بن أَيُّوب
أجَاز لي بخطة سنة تسع وَعشْرين وَسبع ماية بِالْقَاهِرَةِ
3 - (ابْن الْحَاجِب الْفَاضِل)
عُثْمَان بن عمر بن أبي بكر بن يُونُس الإِمَام الْعَلامَة(19/321)
المفتن الْمُحَقق جمال الدّين أَبُو عَمْرو ابْن الْحَاجِب الْكرْدِي الدويني الأَصْل الإسنائي المولد الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ الأصولي الْفَقِيه الْمَالِكِي صَاحب التصانيف المنقحة
ولد سنة سبعين أَو إِحْدَى وَسبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وست ماية
كَانَ أَبوهُ جندياً كردياً حاجباً للأمير عز الدّين موسك اشْتغل فِي صغره بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن وَأخذ بعض الْقُرْآن عَن الشاطبي وَسمع مِنْهُ التَّيْسِير وَقَرَأَ بطرق الْمنْهَج على أبي الْفضل مُحَمَّد بن يُوسُف الغزنوي وَقَرَأَ بالسبع على أبي الْجُود وَسمع من البوصيري وَابْن ياسين وَالقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَحَمَّاد الْحَرَّانِي وَبنت سعد الْخَيْر وَجَمَاعَة وتفقه على أبي الْمَنْصُور الأبياري وَغَيره وتأدب على الشاطبي وَابْن الْبناء وَلزِمَ الِاشْتِغَال حَتَّى برع فِي الْأُصُول والعربية وَكَانَ من أذكياء الْعَالم ثمَّ قدم دمشق ودرس بجامعها فِي زَاوِيَة الْمَالِكِيَّة وَأخذ الْفُضَلَاء عَنهُ وَكَانَ الْأَغْلَب عَلَيْهِ النَّحْو وصنف فِي الْفِقْه الْمَالِكِي مُخْتَصرا وَفِي غير ذَلِك وَخَالف النُّحَاة وَأورد عَلَيْهِم إشكالات وإلزامات مُعْجمَة تعسر الْإِجَابَة عَنْهَا ذكره الْحَافِظ ابْن الْحَاجِب الأميني فَقَالَ هُوَ فَقِيه مفتي مناظر مبرز فِي عدَّة عُلُوم متبحر مَعَ ثِقَة وَدين وورع وتواضع وَاحْتِمَال واطراح للتكلف
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ثمَّ نزح عَن دمشق هُوَ وَالشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام فِي دولة الصَّالح إِسْمَاعِيل عِنْدَمَا أنكرا عَلَيْهِ ودخلا مصر وتصدر بالمدرة الْفَاضِلِيَّةِ ولازمه الطّلبَة وانتقل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَلم تطل مدَّته هُنَاكَ وَتُوفِّي بهَا فِي السَّادِس وَالْعِشْرين من شَوَّال وَحدث عَنهُ الْمُنْذِرِيّ والدمياطي وَالْجمال الفاضلي وَأَبُو مُحَمَّد الجزائري وَأَبُو عَليّ ابْن الْجلَال وَأَبُو الْفضل الإربلي وَأَبُو الْحسن ابْن الْبَقَّال وَطَائِفَة وبالإجازة قَاضِي الْقُضَاة ابْن الخوبي والعماد ابْن البالسي)
قلت وَكتب الْمَنْسُوب الْفَائِق وَله شعر مِنْهُ وَهُوَ شعر أصولي
(إِن تغيبوا عَن العيان فَأنْتم ... فِي قُلُوب حضوركم مُسْتَمر)
مِثْلَمَا تثبت الْحَقَائِق فِي الذِّهْن وَفِي خَارج لَهَا مُسْتَقر وَمِنْه لَهُ
(إِن غبتم صُورَة عَن ناظري فَمَا ... زلت حضوراً على التَّحْقِيق فِي خلدي)
(مثل الْحَقَائِق فِي الأذهان حَاضِرَة ... وَإِن ترد صُورَة فِي خَارج تَجِد)
وَمِنْه فِي أَسمَاء قداح الميسر
(هِيَ فذ وتوأم ورقيب ... ثمَّ حلْس ونافس ثمَّ مُسبل)
(وَمعلى والوغد ثمَّ سفيح ... ومنيح هذي الثَّلَاثَة تهمل)(19/322)
(وَلَك مِمَّا سواهَا نصيب ... مثله إِن يعد أول أول)
وَمِنْه
(قد كَانَ ظَنِّي أَن الشيب يرشدني ... إِذا أَتَى فَإِذا غيي بِهِ كثرا)
(يَا وَاسع الرَّحْمَة اغْفِر واعف عَن زللي ... قد عَم عفوك من يَأْتِيك منزجرا)
(إِن خص عَفْو إلهي الْمُحْسِنِينَ فَمن ... يَرْجُو الْمُسِيء ويدعوه إِذا عثرا)
وَمِنْه
(كنت إِذا مَا أتيت غياً ... أَقُول بعد المشيب أرشد)
(فصرت بعد ابيضاض شيبي ... أسوء مَا كنت وَهُوَ أسود)
وَولد الشَّيْخ جمال الدّين بإسنا وَهِي قَرْيَة بصعيد مصر الْأَعْلَى وأكثرها روافض قَالَ قَالَ لي وَالِدي إِنَّمَا سميتك عُثْمَان ترغيماً لأهل إسنا
ونقلت من خطّ الْفَقِيه كَمَال الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الطوخي الشَّافِعِي صهر الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله تَعَالَى أَنْشدني الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن الْحَاجِب مَا ذكره بعض أَصْحَاب التواريخ فِي المعميات
(رُبمَا عالج الْحُرُوف رجال ... فِي القوافي فتلتوي وتلين)
(طوعتهم عين وَعين وَعين ... وعصتهم نون وَنون وَنون)
ثمَّ قَالَ كتب هَذَانِ البيتان إِلَيّ حاذق بِإِخْرَاج المعميات فَأَقَامَ سِتَّة أشهر ينظر فيهمَا إِلَى أَن)
كشفهما ثمَّ حلف بأيمان مُغَلّظَة أَنه لَا ينظر فِي معمى أبدا وَلم يذكر تفسيرهما أصلا فأضربت عَن النّظر فيهمَا لم تبين من عسرهما من سِيَاق الْحِكَايَة ثمَّ بعد أَرْبَعِينَ سنة خطرا لي بِاللَّيْلِ فأفكرت فيهمَا فَظهر لي أَمرهمَا وَأَنه إِنَّمَا أَرَادَ بقوله طاوعتهم عين وَعين وَعين يَعْنِي نَحْو يَد وغد ودد لِأَنَّهُنَّ عينات مطاوعة فِي القوافي مَرْفُوعَة كَانَت أَو مَنْصُوبَة أَو مجرورة وكل وَاحِد مِنْهَا عين لِأَنَّهَا عين الْكَلِمَة لِأَن وزن غَد فع وَوزن يَد فع وَوزن دَد فع وأرد بقوله وعصتهم نون وَنون وَنون الْحُوت لِأَنَّهُ يُسمى نوناً والدواة لِأَنَّهَا تسمى نوناً وَالنُّون الَّذِي هُوَ الْحَرْف وَكلهَا نونات غير مطاوعة فِي القوافي إِذْ لَا يلتئم وَاحِد مِنْهَا مَعَ الآخر ثمَّ نظم ذَلِك رَضِي الله عَنهُ فِي بَيْتَيْنِ على وزن السُّؤَال فَقَالَ
(أَي غَد مَعَ يَد دَد ذُو حُرُوف ... طاوعت فِي الروي وَهِي عُيُون)
(ودواة والحوت وَالنُّون نونا ... ت عصتهم وأمرها مستبين)
ثمَّ قَالَ وَلَا يشك عَارِف بالمعميات أَنه لم يرد سوى ذَلِك انْتهى قلت الَّذِي ذكره(19/323)
الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى فِي غَايَة الْحسن وَالدّلَالَة على ذكائه المفرط وَلَكِن الَّذِي ذكره فِي أَمر العينات مُسلم وَأما النونات فَلَا نسلم أَنَّهَا تَعْصِي فِي القوافي وَلَا تلتئم لِأَنَّهَا تقع قوافي على صِيغَة النُّون فتكرر فِي كل مرّة قافية نون وَيكون ذَلِك من بَاب الجناس الَّذِي اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ كَمَا نظم النَّاس القوافي المتعددة فِي لفظ الْعين وَالْخَال والهلال وَغير ذَلِك من الْمُشْتَرك وَقد ذكرت هَذَا فِي أول شرح لامية الْعَجم وَفِيه زيادات تتَعَلَّق بذلك وَلَكِن لم اذكر هُنَاكَ هَذِه الْمُؤَاخَذَة وَفِي تَرْجَمَة عَليّ بن عَدْلَانِ الْموصِلِي شَيْء يتَعَلَّق بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ أَيْضا
وَمن تصانيف ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله الحاجبية وَهِي الْمُقدمَة الموسومة بكافية ذَوي الأرب وَهِي خمس كتب وَاحِد فِي النَّحْو وَآخر فِي التصريف وَآخر فِي تمرين التصريف والآخران أظنهما فِي الْعرُوض والقوافي أَو فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك رَحمَه الله يَقُول هَذِه كَافِيَة وَلكنهَا لَيست شافية وَلذَلِك نظم الكافية الشافية ثَلَاثَة آلَاف بَيت وَشرح ابْن الْحَاجِب هَذِه الْمُقدمَة شرحاً مُخْتَصرا وَعَادَة المشتغلين الحذاق أَن يأخذوه على الْأَشْيَاخ بعد الْمُقدمَة ونظم ابْن الْحَاجِب هَذِه الْمُقدمَة أَيْضا وَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك يَقُول ابْن الْحَاجِب نَحوه من نَحْو الْمفصل وَصَاحب الْمفصل نحوي صَغِير وَأما شَيخنَا الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان فَإِنَّهُ يَقُول هَذِه نَحْو الْفُقَهَاء وَقد رَأَيْت بعض الأدباء الظرفاء كتب عَلَيْهَا بَيت)
الحماسة
(وددت وَمَا تغني الودادة أنني ... بِمَا فِي ضمير الحاجبية عَالم)
وَهِي من المختصرات المفيدة النافعة اختصر فِيهَا الْمفصل وَمن شُرُوح الحاجبية شرح المُصَنّف وَثَلَاث شُرُوح للسَّيِّد ركن الدّين وَشرح النيلي وَشرح ابْن القواس وَشرح الشَّيْخ شمس الدّين الإصفهاني وَأَنا لي عَلَيْهَا تعليقة لم تكمل
وَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الْحَاجِب لَهُ قدرَة على الِاخْتِصَار وَكَانَ يشاحح نَفسه فِي الْفَاء أَو الْوَاو إِذا كَانَت زَائِدَة يتم الْمَعْنى بِدُونِهَا حَتَّى أَنه يختصر الْخطْبَة الَّتِي تكون أول التصنيف بل يذكر الْبَسْمَلَة ويشرع فِي ذكر ذَلِك الْعلم الَّذِي قَصده وَله الْقُدْرَة على إدراج الْمسَائِل الْكَثِيرَة فِي الْأَلْفَاظ القليلة ومصنفاته صناعَة تصنيف يدل على تمكنه وحذقه وذكائه وَله مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي الْأُصُول وَهُوَ الَّذِي كشف الْمُنْتَخب فِي أصُول الْفِقْه فَإِن النَّاس كَانُوا يَحْفَظُونَهُ أَولا فَلَمَّا ظهر الْمُخْتَصر اشتغلوا بِهِ وَشَرحه الْفُضَلَاء فَمن شروحه شرح ابْن المطهر وَشرح القَاضِي فَخر الدّين ابْن خطيب جبرين وقطب الدّين الشِّيرَازِيّ والطوسي شَارِح الْحَاوِي وَالسَّيِّد ركن الدّين وَلابْن الْحَاجِب قصيدة فِي الْعرُوض ومصنف فِي الْفُرُوع للمالكية وَهُوَ جيد عِنْدهم وَله كتاب الأمالي وَهُوَ كتاب جيد اشْتَمَل على فَوَائِد عَرَبِيَّة غَرِيبَة ونكت وقواعد وَغير ذَلِك(19/324)
وَلما مَاتَ رثاه الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الْمُنِير بقوله
(أَلا أَيهَا المختال فِي مطرف الْعُمر ... هَلُمَّ إِلَى قبر الْفَقِيه أبي عَمْرو)
(ترى الْعلم والآداب وَالْفضل والتقى ... ونيل المنى والعز غيبن فِي قبر)
(وتوقن أَن لَا بُد ترجع مرّة ... إِلَى صدف الأجداث مكنونة الدّرّ)
وَكَانَ ابْن الْحَاجِب وَابْن مَالك رحمهمَا الله تَعَالَى طرفِي نقيض خالفا الْعَادة لِأَن ابْن مَالك مغربي شَافِعِيّ وَابْن الْحَاجِب كردِي مالكي وَمن هُنَا غلط بعض الشُّرَّاح للمقدمة فَجعله مغربياً لما سمع بِأَنَّهُ مالكي
قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وَجَاءَنِي مرَارًا بِسَبَب أَدَاء شَهَادَات وَسَأَلته عَن مَوَاضِع فِي الْعَرَبيَّة مشكلة فَأجَاب أبلغ إِجَابَة بِسُكُون كثير وَتثبت تَامّ وَمن جملَة مَا سَأَلته عَن مَسْأَلَة اعْتِرَاض الشَّرْط على الشَّرْط فِي قَوْلهم إِن أكلت إِن شربت فَأَنت طَالِق لم)
تعين تَقْدِيم الشّرْب على الْأكل بِسَبَب وُقُوع الطَّلَاق حَتَّى لَو أكلت ثمَّ شربت لم تطلق وَسَأَلته عَن بَيت أبي الطّيب المتنبي وَهُوَ
(لقد تصبرت حَتَّى لات مصطبر ... فَالْآن أقحم حَتَّى لات مقتحم)
ولات لَيست من أدوات الْجَرّ فَأطَال الْكَلَام فِيهَا وَأحسن الْجَواب عَنْهُمَا وَلَوْلَا التَّطْوِيل لذكرت مَا قَالَه انْتهى قلت بَلغنِي أَن الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل كَانَ يَقُول وَالله مُصِيبَة أَن يسْأَل ابْن خلكان مثل ابْن الْحَاجِب وَمَا كَانَ ابْن الْحَاجِب يحسن يجِيبه وَأما هَاتَانِ المسألتان فَلم يذكر ابْن خلكان الْجَواب عَنْهُمَا وَهُوَ سهل وَاضح مَشْهُور أما الأولى فَإِن الشَّرْط الْمُعْتَرض بَين الْجَواب وَالشّرط الأول حكمه أَن يكون مقدما على مَا قبله فِي الْمَعْنى وَإِن كَانَ اللَّفْظ آخِره كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم وَالتَّقْدِير وَلَا ينفعكم نصحي إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم إِن أردْت أَن أنصح لكم وَمثله قَوْله تَعَالَى وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها فعلى هَذَا إِذا قلت إِن دخلت الدَّار إِن كلمت زيدا فَأَنت حر فَدخل الدَّار ثمَّ كلم زيدا لَا يتحرر وَلَا يعْتق إِلَّا إِن كلم زيدا ثمَّ دخل الدَّار لِأَن الْجَواب عَن الشَّرْط الأول صَار مُعَلّقا بِالشّرطِ الثَّانِي الَّذِي اعْترض وَكَذَا لَو قلت إِن أكلت إِن شربت إِن نمت فَأَنت حر فالثالث وَجَوَابه جَوَاب للشّرط الثَّانِي وَالثَّانِي وَجَوَابه جَوَاب للْأولِ فَلَو أكل ثمَّ شرب ثمَّ نَام لم يعْتق وَلَا يعْتق إِلَّا إِن نَام ثمَّ شرب ثمَّ أكل وَأما الْبَيْت فَإِن المتنبي كَانَ نَحوه نَحْو الْكُوفِيّين وَهَذَا جَائِز عِنْدهم وأنشدوا عَلَيْهِ
(طلبُوا صلحنا ولات أَوَان ... فأجبنا أَن لَيْسَ حِين بَقَاء)(19/325)
فجر الشَّاعِر أواناً بعد لات
3 - (نَائِب الْحِسْبَة)
عُثْمَان بن عمر بن نَاصِر كَمَال الدّين أَبُو عَمْرو الْأنْصَارِيّ الْعدْل الْمَعْرُوف بنائب الْحِسْبَة بِدِمَشْق كَانَ عدلا مرضياً ثِقَة توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة بِدِمَشْق وَأورد لَهُ ابْن الصقاعي شعرًا
(صن النَّفس واحملها على مَا يزينها ... تعش سالما وَالْقَوْل فِيك جميل)
(وَلَا تولين النَّاس إِلَّا تجملاً ... نبا بك دهر أَو جفاك خَلِيل)
(وَإِن ضَاقَ رزق الْيَوْم فاصبر إِلَى غَد ... عَسى نكبات الدَّهْر عَنْك تحول)
)
(فيغنى غَنِي النَّفس إِن قل مَاله ... ويغنى فَقير النَّفس وَهُوَ ذليل)
(وَلَا خير فِي ود امْرِئ متلون ... إِذا الرّيح مَالَتْ مَال حَيْثُ تميل)
(وَمَا أَكثر الإخوان حِين تعدهم ... وَلَكنهُمْ فِي النائبات قَلِيل)
3 - (الباقلاني الزَّاهِد)
عُثْمَان بن عِيسَى أَبُو عَمْرو الباقلاني الزَّاهِد بِبَغْدَاد كَانَ ملازماً للوحدة وَكَانَ يَقُول أحب النَّاس إِلَيّ من ترك السَّلَام عَليّ
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْفَتْح ابْن هيجون البلطي)
عُثْمَان بن عِيسَى بن هيجون أَبُو الْفَتْح البلطي الأديب النَّحْوِيّ لَهُ شعر ومجاميع فِي الْأَدَب
وَكَانَ طَويلا ضخماً كثير اللِّحْيَة ويلبس عِمَامَة كَبِيرَة وثياباً كَثِيرَة فِي الْحر تصدر فِي الْجَامِع الْعَتِيق بِمصْر وروى وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وبلط بلد قريبَة من الْموصل
وَكَانَ قد أَقَامَ بِدِمَشْق مُدَّة يتَرَدَّد إِلَى الزبداني للتعليم وَلما فتحت مصر انْتقل إِلَيْهَا وحظي بهَا ورتب لَهُ صَلَاح الدّين على جَامع مصر جَارِيا يقرئ بِهِ النَّحْو وَالْقُرْآن وَلما كَانَ(19/326)
فِي آخر سني الغلاء بِمصْر توفّي وَبَقِي فِي بَيته ثَلَاثَة أَيَّام مَيتا لِأَنَّهُ كَانَ يحب الِانْفِرَاد وَالْخلْوَة وَكَانَ يتطلس وَلَا يُدِير الطيلسان على عُنُقه بل يُرْسِلهُ وَكَانَ إِذا دخل فصل الشتَاء اختفى وَلم يكد يظْهر وَكَانُوا يَقُولُونَ لَهُ أَنْت فِي الشتَاء من حشرات الأَرْض وَإِذا دخل الْحمام يدْخل وعَلى رَأسه مزدوجة مبطنة بِقطن فَإِذا صَار عِنْد الْحَوْض كشف رَأسه بِيَدِهِ الْوَاحِدَة وصب المَاء الْحَار الناضح بِيَدِهِ الْأُخْرَى على رَأسه ثن يغطيه إِلَى أَن يمْلَأ السطل ثمَّ يكشفه وَيصب عَلَيْهِ ثمَّ يغطيه يفعل ذَلِك مرَارًا وَيَقُول أَخَاف من الْهَوَاء وَكَانَ إِمَامًا نحوياً مؤرخاً شَاعِرًا وَله الْعرض الْكَبِير نَحْو ثَلَاث مائَة ورقة وَكتاب الْعرُوض الصَّغِير وَكتاب العظات والموقظات وَكتاب النبر فِي الْعَرَبيَّة وَكتاب أَخْبَار المتنبي وَكتاب المستزاد على المستجاد من فعلات الأجواد وَكتاب علم أشكال الْخط وَكتاب التَّصْحِيف والتحريف وَكتاب تَعْلِيل الْعِبَادَات
وَحضر يَوْمًا عِنْد البلطي بعض المطربين فغناه صَوتا أطربه فَبكى البلطي وَبكى المطرب فَقَالَ البلطي أما أَنا فَإِنِّي طربت فَأَنت علام تبْكي فَقَالَ تذكرت وَالِدي فَإِنَّهُ كَانَ إِذا سمع هَذَا الصَّوْت بَكَى فَقَالَ البلطي فَأَنت إِذا وَالله ابْن أخي وَخرج فَأشْهد على نَفسه جمَاعَة من عدُول)
مصر بِأَنَّهُ ابْن أَخِيه وَلَا وَارِث لَهُ سواهُ وَلم يزل ذَلِك المطرب يعرف بِابْن أخي البلطي وَكَانَ البلطي مَاجِنًا خليعاً خميراً منهمكاً على الشَّرَاب وَاللَّذَّات
وَمن شعره
(دَعوه على ضعْفي يجور ويشتط ... فَمَا بيَدي حل لذاك وَلَا ربط)
(وَلَا تعتبوه فالعتاب يزِيدهُ ... ملالاً وَأَنِّي لي اصطبار إِذا يَسْطُو)
(تنازعت الآرام والدر والمهى ... لَهُ شبها والغصن والبدر والسقط)
(فللريم مِنْهُ اللحظ واللون والطلى ... وللدر مِنْهُ اللَّفْظ واللحظ والخط)
(وللغصن مِنْهُ الْقد والبدر وَجهه ... وَعين المهى عين بهَا أبدا يَسْطُو)
(وللسقط مِنْهُ ردفه فَإِذا مَشى ... بدا خَلفه كالموج يَعْلُو وينحط)
وَمِنْه على نمط قَول الحريري فِي مقاماته
(محملة الْعَاقِل عَن ذِي الْخَنَا ... توقظه إِن كَانَ فِي محلمه)
(مكلمة الخابط فِي جَهله ... لقلب من يردعه مكلمه)(19/327)
(مهدمة الْعُمر لحر إِذا ... أصبح بَين النَّاس ذَا مهدمه)
(مُحرمَة الْمُلْحِف أولى بِهِ ... إياك أَن ترعى لَهُ محرمه)
(مسلمة يمْنَعهَا غَاصِب ... حَقًا فأمسى جوره مسلمه)
(مظْلمَة يَفْعَلهَا ظَالِما ... تلقيه يَوْم الْحَشْر فِي مظلمه)
(من دَمه أهدره الْحبّ ... لَا غرو إِذا حلت بِهِ مندمه)
(أسلمه الْحبّ إِلَى هلكه ... فَإِن نجا مِنْهُ فَمَا أسلمه)
(أشأمه الْبَين وَقد أعرقوا ... فيا لهَذَا الْبَين مَا أشأمه)
(مكتمة الأحزان فِي أدمعي ... يَبْدُو نصول الشيب من مكتمه)
(مُحرمَة الدَّهْر رفيقي فَفِي ... ذرى جمال الدّين لي محرمه)
(مقسمة الأرزاق فِي كَفه ... أَبْلَج زانت وَجهه مقسمه)
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَهِي خَمْسُونَ بَيْتا من هَذَا الأنموذج قلت لست هَذِه الأبيات من نمط قَول الحريري الْمَشْهُور فِي مقاماته بل هَذِه من بَاب الجناس التَّام وَهُوَ مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ لِأَن الحريري يَأْتِي الأول بلفظتين إِمَّا مستقلتين وَإِمَّا الثَّانِيَة بعض كلمة أُخْرَى)
ثمَّ يَأْتِي فِي الآخر بِكَلِمَة وَاحِدَة تشبه تينك اللفظتين الْأَوليين وَهُوَ ظَاهر وَمَا كَأَن البلطي ذاق قَول الحريري وَمَا أَتَى فِي قَوْله مَا يشبه قَول الحريري إِلَّا قَوْله من دَمه ومندمه لَا غير وَأورد لَهُ ياقوت أَيْضا نمط قَول الحريري فِي مقاماته آس أرملاً إِذا عرا وَهِي أَبْيَات يقْرَأ كل بَيت مِنْهَا مقلوباً
(اسع لَا بَقَاء سنا ... إنسأ قباً لعسا)
(اسخ بمولى درع ... ردعاء لوم بخسا)(19/328)
(اسد ندا عف نما ... من فَعَاد ندسا)
(إسمح بصد ناعم ... معاند صبح مسا)
قلت بَينهَا وَبَين أَبْيَات الحريري بون عَظِيم
وَأورد لَهُ أبياتاً تزيد على الْعشْرين كل قافية مِنْهَا يجوز فِيهَا الرّفْع وَالنّصب والجر وَمِنْهَا
(إِنِّي امْرُؤ لَا يطبيني ... الشادن الْحسن القوام)
رفع القوام بالْحسنِ صفة مشبهة باسم الْفَاعِل ونصبه على الشّبَه بالمفعول بِهِ وجره بِالْإِضَافَة
(فَارَقت شرة عيشتي ... إِذْ فارقتني والغرام)
رَفعه عطفا على الضَّمِير فِي فارقتني ونصبه عطفا على شَره وجره على عيشتي
(لَا أستلذ بقينة تشدو ... لدي وَلَا غُلَام)
رَفعه عطفا على الضَّمِير فِي تشدو ونصبه على أَنه اسْم لَا وجره عطفا على قينة
وَقد أوردهَا ياقوت فِي المعجم جَمْعَاء
ومدح القَاضِي الْفَاضِل بموشحة وَهِي
(ويلاه من راوغ ... بجوره يقْضِي)
(ظَبْي بني يزْدَاد ... مِنْهُ الجفا حظي)
(قد زَاد وسواسي ... مذ زَاد فِي التيه)
(لم يلق فِي النَّاس ... مَا أَنا لاقيه)
(من قيم قاسي ... بالهجو يغريه)
(أروم إيناسي ... بِهِ ويثنيه)
)
(إِذا وصال سَاغَ ... بِقُرْبِهِ يُرْضِي)
(لأبعده الْأُسْتَاذ ... لَا خيط بِالْحِفْظِ)
(وكل ذَا الوجد ... بطول إبراقه)
(مضرج الخد ... من دم عشاقه)
(مصَارِع الْأسد ... فِي لحظ أحداقه)
(لَو كَانَ ذَا دَاوُد ... رق لعشاقه)
(شَيْطَانه النزاغ ... علمه بغضي)
(واستحوذ استحواذ ... بِقَلْبِه الْفظ)
(دع ذكره وَاذْكُر ... خُلَاصَة الْمجد)
(الْفَاضِل الْأَشْهر ... بِالْعلمِ والزهد)(19/329)
(والطاهر المئزر ... والصادق الْوَعْد)
(وَكَيف لَا أشكر ... مولى لَهُ عِنْدِي)
(نعمى لَهَا إسباغ ... صائنة عرضي)
(من كف كاس غاذ ... والدهر ذُو عظ)
(منَّة مستبق ... ضَاقَ بهَا ذرعي)
(قد أفحمت نطقي ... واستنفدت وسعي)
(وملكت رقي ... لمكمل الصنع)
(دَافع عَن رِزْقِي ... فِي موطن الدّفع)
(لما سقى ايتاغ ... دهري فِي دحض)
(أنقذني إنقاذ ... من همه حفظي)
(ذُو الْمنطق الصائب ... فِي حومه الْفَصْل)
(ذكاؤه الثاقب ... يجل عَن مثل)
(فَهُوَ الْفَتى الْغَالِب ... كل ذَوي النبل)
(من عَمْرو والصاحب ... وَمن أَبُو الْفضل)
(لَا يَسْتَوِي الأفراغ ... بِوَاحِد الأَرْض)
)
(أَيْن من الآزاذ ... نفاية المظ)
(يَا أَيهَا الصَّدْر ... فت الورى وَصفا)
(قد مسني الضّر ... وَالْحَال مَا تخفى)
(وَعَبْدك الدَّهْر ... يسومني خسفا)
(وَلَيْسَ لي عذر ... مَا دمت لي كهفا)
(من صرف دهر طاغ ... أَنى لَهُ أغضي)
(من يَك أَمْسَى عاذ ... لم يخْش من بهظ)
وَقَالَ أبياتاً حصر قوافيها وَمنع أَن يُزَاد فِيهَا وَهِي
(بِأبي من تهتكي فِيهِ صون ... رب واف لغادر خون)
(بَين ذل الْمُحب فِي طَاعَة الح ... ب وَعز الحبيب يَا قوم بون)
(أَيْن مضنى يَحْكِي البهارة لوناً ... من غرير لَهُ من الْورْد لون)
(لي حبيب ساجي اللواحظ أحوى ... مترف زانه جمال وصون)
(يلبس الوشي وَالْقَبَاطِي جون ... فَوق جون ولون حَالي جون)
(إِن رماني دهري فَإِن جمال ... الدّين ركني وجوده لي عون)
(عِنْده للمسيء صفح وللأسرا ... ر مستودع وللمال هون)
(زانه نائل وحلم وَعدل ... ووفاء جم ورفق وأون)(19/330)
(أَنا فِي ربعَة الخصيب مُقيم ... لي من جوده لِبَاس ومون)
(لَا أَزَال الْإِلَه عَنهُ نعيماً ... وسروراً مَا دَامَ لِلْخلقِ كَون)
3 - (ضِيَاء الدّين ابْن درباس)
عُثْمَان بن عِيسَى بن درباس القَاضِي الْمُحدث الْعَلامَة ضِيَاء الدّين أَبُو عَمْرو الهذباني الماراني الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه أَخُو قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين عبد الْملك وَقد تقدم
أحكم الْمَذْهَب وَشرح الْمُهَذّب شرحاً شافياً فِي عشْرين مجلداً لم يسْبق إِلَيْهِ بَقِي عَلَيْهِ من الشَّهَادَات إِلَى آخِره وَشرح اللمع لِابْنِ إِسْحَاق أَيْضا فِي مجلدين وَكَانَ من أعلم الشَّافِعِيَّة فِي عصره
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة)
نَاب عَن أَخِيه فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ واشتغل فِي صباه بإربل على الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْخضر بن عقيل ثمَّ إِنَّه انْتقل إِلَى دمشق وَقَرَأَ على الشَّيْخ أبي سعيد عبد الله ابْن أبي عصرون وَلما مَاتَ أَخُوهُ قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين عزل هُوَ عَن النِّيَابَة فَوقف عَلَيْهِ الْأَمِير جمال الدّين خشتر بن الهكاري مدرسة أَنْشَأَهَا بِالْقصرِ بِالْقَاهِرَةِ وفوض تدريسها إِلَيْهِ وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ
3 - (الْأَمِير فَخر الدّين الكاملي)
عُثْمَان بن قزل الْأَمِير فَخر الدّين أَبُو الْفَتْح الكاملي ولد بحلب وَكَانَ من خِيَار أُمَرَاء الْكَامِل
وقف الْمدرسَة الْمَشْهُورَة بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَسْجِد الْمُقَابل لَهَا وَكتاب السَّبِيل والرباط بِمَكَّة والرباط بسفح المقطم وَكَانَ مَبْسُوط الْيَد بِالْمَعْرُوفِ فِي الصَّدقَات فِي حَيَاته وَبعد مَوته
توفّي بحران وَدفن بظاهرها سنة تسع وَعشْرين وست مائَة
كتب إِلَيْهِ زكي الدّين ابْن أبي الإصبع وَقد جَاءَهُ لدان فِي لَيْلَة وَاحِدَة
(لِيهن عَيْنَيْك بَدْرًا ... ن زينا الْخَافِقين)(19/331)
3 - (عُثْمَان بن مُحَمَّد)
3 - (ابْن أبي شيبَة)
عُثْمَان بن مُحَمَّد ابْن أبي شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن خواشتي الإِمَام ابْن أبي شيبَة الْعَبْسِي أَخُو الإِمَام أبي بكر عبد الله وَقد تقدم وهما كوفيان كَانَ من كبار الْحفاظ كأخيه رَحل إِلَى الْحجاز والري وَالْبَصْرَة وَالشَّام وبغداد وصنف الْمسند وَالتَّفْسِير وَغير ذَلِك وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَجَمَاعَة قَالَ ابْن معِين مَأْمُون قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ لَا يحفظ الْقُرْآن فَإِذا جَاءَ شَيْء مِنْهُ صحفه فِي بعض الْأَحَايِين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن كاس القَاضِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْخصاف قَالَ قَرَأَ علينا عُثْمَان ابْن أبي شيبَة فِي التَّفْسِير فَلَمَّا جهزهم بجهازهم جعل السَّفِينَة فَقيل إِنَّمَا هُوَ السِّقَايَة فَقَالَ أَنا وَأخي أَبُو بكر لَا نَقْرَأ لعاصم وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا أَحْمد بن كَامِل حَدثنِي الْحسن بن الْحباب أَنه قَرَأَ عَلَيْهِم فِي التَّفْسِير ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك قَالَهَا ألف لَام مِيم قلت توهم أَنَّهَا مثل أول الْبَقَرَة وَغَيرهَا وَأَنا شَدِيد التَّعَجُّب من وُقُوع مثل هَذَا أما سمع أحدا يَتْلُو هَذِه السُّورَة وَهُوَ فِي الْمكتب أما سَمعهَا من أحد يُصَلِّي بهَا
توفّي الإِمَام الْمَذْكُور سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الذَّهَبِيّ)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عَلان الْبَغْدَادِيّ أَبُو الْحُسَيْن الذَّهَبِيّ حدث بِمصْر ودمشق عَن أبي بكر ابْن أبي الدُّنْيَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة(19/332)
3 - (الْعَزِيز صَاحب الصبيبة)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الْملك الْعَزِيز بن الْعَادِل أبي بكر كَانَ شَقِيق الْمُعظم عِيسَى وَهُوَ الَّذِي بنى قلعة الصبيبة وَكَانَت لَهُ هِيَ وبانياس وتبنين وهونين
كَانَ عَاقِلا قَلِيل الْكَلَام تبعا لِأَخِيهِ الْمُعظم عَامل بعد أَخِيه على قلعة بعلبك وَأَخذهَا من الأمجد وَكتب إِلَيْهِ ولد الأمجد قد نشرت لَك بَاب السِّرّ فأت إِلَيْنَا سحرًا فساق من الصبيبة من أول اللَّيْل وَفِي الْمسَافَة بعد فجَاء بعلبك وَقد أَسْفر وَفَاتَ الْمَقْصُود فَنزل مُقَابل القلعة فَبعث صَاحبهَا يستنجد بِالْملكِ النَّاصِر دَاوُد فَأرْسل الْغَرْس خَلِيل إِلَى الْعَزِيز يَقُول ارحل من كل بُد فَإِن أَبى فارم الْخَيْمَة عَلَيْهِ وَعلم الْعَزِيز بذلك فَرد إِلَى بِلَاده فَلَمَّا قصد الْكَامِل دمشق كَانَ الْعَزِيز مَعَه إلباً على النَّاصِر وَعلم الأمجد بِمَا فعله وَلَده مَعَه فَيُقَال إِنَّه أهلكه
وَتُوفِّي الْعَزِيز ببستانه الْمَعْرُوف بِهِ بالناعمة من بَيت لهيا وَدفن بالتربة المعظمية بقاسيون سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (البعلبكي الزَّاهِد العابد)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الحميد التنوخي البعلبكي الْعَدوي الزَّاهِد الْكَبِير شيخ دير ناعس
كَانَ كَبِير الْقدر صَاحب أَحْوَال وكرامات وَعبادَة ومجاهدات ذكره خطيب زملكا
توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة
3 - (شرف الدّين ابْن أبي عصرون)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عَليّ بن المطهر بن أبي عصرون
الصَّدْر الرئيس شرف الدّين أَبُو عَمْرو ابْن القَاضِي أبي حَامِد ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي سعد التَّمِيمِي الشَّافِعِي أَخُو محيي الدّين عمر ولد بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَلم يرو عَن جده شَيْئا وَسمع وروى وَكَانَ جواداً مفضالاً أنْفق أَمْوَالًا عَظِيمَة إِلَى أَن افْتقر وَكَانَ أَبوهُ خلف لَهُ من الْأَمْوَال وَالْخَيْل والخدم والأملاك شَيْئا كثيرا من ذَلِك سطل بلور قدر الْمَدّ أَو أكبر بطوق ذهب(19/333)
وَهُوَ ملآن جَوَاهِر نفيسة فَأذْهب)
الْجَمِيع
3 - (ابْن البشطاري)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن منيع بن عُثْمَان بن شادي شمس الدّين ابْن البشطاري بِالْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا طاء مُهْملَة وَبعد الْألف رَاء ولد بعد الْأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة
وَسمع من ابْن رواج والمرسي وَكَانَ مَوْصُوفا بِمَعْرِِفَة الموسيقى وَطيب الصَّوْت سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَتُوفِّي بقوص وَعمل المؤذنون عزاءه بِدِمَشْق
3 - (فَخر الدّين التوزري)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي بكر الشَّيْخ الإِمَام الْمُقْرِئ الْفَقِيه الزَّاهِد مُفِيد الديار المصرية فَخر الدّين أَبُو عَمْرو المغربي التوزري ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي المجاور ولد سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع مائَة
سمع من ابْن الجميزي وسبط السلَفِي ثمَّ طلب سنة نَيف وَخمسين وتلا بالسبع على أبي إِسْحَاق ابْن وثيق والكمال بن شُجَاع وَقَرَأَ صَحِيح مُسلم على ابْن الْبُرْهَان وَأكْثر عَن الْمُنْذِرِيّ والرشيد بن عزون وَأَصْحَاب البوصيري فَمن بعدهمْ وَقَرَأَ مُسْند أَحْمد والمعجم الْأَكْبَر للطبراني والدواوين الْكِبَار ذكر أَنه قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ نَحوا من ثَلَاثِينَ مرّة وَسمع بقرَاءَته خلق كثير وشيوخه نَحْو الْألف ثمَّ أقبل على شَأْنه وَتعبد بِمَكَّة زَمَانا وَحدث بالكثير وَكَانَ صَاحب أصُول وَفهم ومذاكرة وخبرة بالقراءات متوسطة قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين بمنى أَجزَاء وَأخذ عَنهُ الإِمَام عبد الله بن خَلِيل وَالنَّاس وَكَانَت لَهُ إجَازَة من ابْن المقير
3 - (فَخر الدّين الشَّافِعِي)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عَليّ فَخر الدّين أَبُو عَمْرو مفتي الثغر الْبَزَّاز الشَّافِعِي توفّي سنة أَربع عشرَة وَسبع مائَة
3 - (ابْن الْبَارِزِيّ قَاضِي حلب)
عُثْمَان بن مُحَمَّد ابْن قَاضِي حماه نجم الدّين عبد الرَّحِيم الإِمَام البارع فَخر الدّين أَبُو عَمْرو
قَاضِي حلب ابْن الْبَارِزِيّ الشَّافِعِي مولده سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة(19/334)
لحق جده وَأخذ عَنهُ وَعَن عَمه قَاضِي الْقُضَاة كَانَ يحفظ الْحَاوِي ويفهمه وينزله على الرَّافِعِيّ)
وَيعرف ألفية ابْن مَالك نَاب فِي الحكم بحماه وَولي قَضَاء حمص وَرجع إِلَى حماة وَولي الخطابة بهَا ونيابة الْقَضَاء ثمَّ ولي الْقُضَاة فِي حلب وَكَانَ ذَا دين وصرامة وجودة سيرة حج غير مرّة وَحدث بِمُسْنَد الشَّافِعِي عَن ابْن النصيبي وتفقه بِهِ جمَاعَة توفّي فَجْأَة بعد أَن تَوَضَّأ وَجلسَ مجْلِس حكمه ينْتَظر إِقَامَة صَلَاة الْعَصْر فِي صفر بحلب
3 - (امْرُؤ الْقَيْس الرويدشتي)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن بياه هُوَ الأكرم امْرِئ الْقَيْس الرويدشتي بالراء وَالْوَاو وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا دَال مُهْملَة وشين مُعْجمَة وتاء ثَالِثَة الْحُرُوف وياء النّسَب سمي امْرُؤ الْقَيْس لجزالة أَلْفَاظه ومتانة شعره كَانَ يرتجل النثر وَالنّظم توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ بِبَغْدَاد يعلم أَوْلَاد الأكابر وَكَانَ هاجياً مادحاً وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب شعرًا فِي الخريدة من ذَلِك
(أعدن التفاتاً بعد حث الروافل ... فأودعن مِنْهُنَّ الونى فِي المفاصل)
(وأسبلن من تَحت القناع أراقماً ... فهن إِذا انسابت أراقم وَائِل)
(وللسحر فِي ألحاظهن مناصل ... فَمَا بالهم يحمونها بالمناصل)
(وَمَا للقنا حفت بِهن ذوابلاً ... وَهن القنا يخطرن غير ذوابل)
(وَنحن مجانين الغرام فَلم على ... سوالفهن الغر سود السلَاسِل)
(رحلن عَن الْوَادي وَلَيْسَ عَن الحشا ... وَإِن حَال أَسبَاب النَّوَى برواحل)
(فودعن والتوديع مِنْهُنَّ لمحة ... بأعينهن النجل أَو بالأنامل)
(ورمن بنعمان المصيف فجئنها ... وَهن بهَا بَين القنا والقنابل)
(وَلَو لم يكن فِي الْقلب مِنْهُنَّ وقدة ... لَكَانَ لَهُنَّ الْقلب خير الْمنَازل)
3 - (علم الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد الشَّافِعِي)
عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عَليّ بن وهب بن مُطِيع علم الدّين أَبُو عَمْرو الْقشيرِي ابْن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد سمع من أَصْحَاب البوصيري وَكَانَ من الْفُقَهَاء الْفُضَلَاء درس بالفاضلية بِالْقَاهِرَةِ ودرس بقوص وَولي بهَا وكَالَة بَيت المَال وَكَانَ ذكي الْفطْرَة أجَازه الشَّيْخ جلال الدّين أَحْمد الدشناوي بالفتوى وَكتب فِي إِجَازَته وَقد أجَازه غرس مجده وتلميذ جده
وَكَانَ حاد القريحة حَاضر الْجَواب تكلم هُوَ وَابْن قرصة فَقَالَ لَهُ ابْن قرصة كبرتم بِمَ أَلا)
إِنَّك ابْن دَقِيق الْعِيد فَقَالَ لَهُ نعم(19/335)
كل قدح منا يَجِيء ألف قرصة مِنْكُم فَقَالَ ابْن قرصة جَوَاب مسكت
ولد بقوص سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وست ماية وَتُوفِّي بهَا سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست ماية
3 - (أَبُو السَّائِب الجُمَحِي)
عُثْمَان بن مَظْعُون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عَمْرو بن هصيص الْقرشِي الجُمَحِي أَبُو السَّائِب أمه سخيلة بنت العنبس بن وهبان بن حذافة بن جمح وَهِي أم السَّائِب وَعبد الله أسلم عُثْمَان بعد ثَلَاثَة عشر رجلا وَهَاجَر الهجرتين وَشهد بَدْرًا وَكَانَ أول رجل مَاتَ بِالْمَدِينَةِ من الْمُهَاجِرين بَعْدَمَا رَجَعَ من بدر وَأول من تبعه إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ من وُجُوه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل عُثْمَان بَعْدَمَا مَاتَ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ بعد اثْنَيْنِ وَعشْرين شهرا من مقدَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل بعد ثَلَاثِينَ شهرا بعد بدر وَلما دفن قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم السّلف لنا عُثْمَان بن مَظْعُون وَلما توفّي إِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلحق بالسلف الصَّالح عُثْمَان بن مَظْعُون وَأعلم قبر عُثْمَان بِحجر وَكَانَ يزوره وَكَانَ عابداً مُجْتَهدا من فضلاء الصَّحَابَة وَكَانَ هُوَ وَعلي بن أبي طَالب وَأَبُو ذَر قد هموا بِأَن يختصوا ويتبتلوا فنهاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَنزلت فيهم لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا الْآيَة وَهُوَ أحد من حرم الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ لَا أشْرب شرابًا يذهب عَقْلِي ويضحك بِي من هُوَ أدنى مني ويحملني على أَن أنكح كَرِيمَتي فَلَمَّا حرمت الْخمر أُتِي وَهُوَ بالعوالي فَقيل لَهُ قد حرمت الْخمر فَقَالَ تَبًّا لَهَا فقد كَانَ بَصرِي فِيهَا ثَابتا وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي هَذَا نظر لِأَن تَحْرِيم الْخمر عِنْد أَكْثَرهم بعد أحد وَقَالَت امْرَأَته ترثيه
(يَا عين جودي بدمع غير منمنون ... على رزية عُثْمَان بن مَظْعُون)
(على امْرِئ بَان فِي رضوَان خالقه ... طُوبَى لَهُ من فقيد الشَّخْص مدفون)
(طَابَ البقيع لَهُ سُكْنى وغرقده ... وأشرقت أرضه من بعد تفنين)
(وأورت الْقلب حزنا لَا انْقِطَاع لَهُ ... حَتَّى الْمَمَات فَلَا ترقى لَهُ شوني)(19/336)
3 - (النجيب الشَّافِعِي)
عُثْمَان بن مُفْلِح القوصي الشَّافِعِي نجيب الدّين أَبُو عَمْرو فَقِيه فَاضل أَخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ)
مجد الدّين الْقشيرِي وَأفْتى ودرس وَتَوَلَّى الحكم بإسنا وإدفو وأصفون والأقصر قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي أَنه كَانَ يتَكَلَّم على الْوَسِيط كلَاما جيدا وَأَنه بحث مرّة مَعَ شخص فَأَرَادَ ذَاك الشَّخْص أَن يبكته فَقَالَ لَهُ أَنْت ابْن من فَإِن مُفْلِح وَالِده مولى فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ النجيب أَنا ابْن الْعلم واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة بإسنا وتخرجوا عَلَيْهِ وَتُوفِّي بإسنا فِي شهور سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة وَتَوَلَّى تدريس الْمدرسَة العزية بإسنا وَكَانَ الشَّيْخ بهاء الدّين القفطي معيداً عِنْده
3 - (الْكِنْدِيّ الْبَصْرِيّ)
عُثْمَان بن مقسم الْبري الْكِنْدِيّ الْبَصْرِيّ أحد الْأَعْلَام على ضعفه توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَة
3 - (أَبُو عَمْرو الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ)
عُثْمَان بن مقبل بن قَاسم بن عَليّ أَبُو عَمْرو الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ من الياسرية قَرَأَ الْمَذْهَب وَالْخلاف وَحصل مِنْهُمَا طرفا صَالحا وَسمع الْكثير وَكتب قَالَ ابْن النجار جمع لنَفسِهِ معجماً فِي مجلدة وَحدث وصنف كتبا فِي الْوَعْظ وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه والتواريخ وفيهَا غلط كثير لقلَّة مَعْرفَته لِأَنَّهُ كَانَ صحفياً وخطه فِي غَايَة الرداءة وَتُوفِّي سنة عشر وست مائَة
3 - (جمال الدّين الْوَاعِظ)
عُثْمَان بن مكي بن عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن شبيب الإِمَام الْوَاعِظ جمال الدّين أَبُو عَمْرو السَّعْدِيّ الشارعي الشَّافِعِي الْمُذكر
ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وست ماية(19/337)
وَسمع الْكثير من أَبِيه وقاسم بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَابْن ياسين والبوصيري والأرتاحي وَفَاطِمَة وَابْن نجا الْوَاعِظ والعماد الْكَاتِب وَابْن الطُّفَيْل والحافظ عبد الْغَنِيّ وَجَمَاعَة وعني بِالْحَدِيثِ
روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الظَّاهِرِيّ وَكَانَ شَيخا فَاضلا مَشْهُورا بِالدّينِ وَالصَّلَاح وَكَانَ يجلس للوعظ وَهُوَ حسن الْإِيرَاد كثير الْمَحْفُوظ لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْمَوَاقِيت وَعمل السَّاعَات حدث هُوَ وَأَبوهُ وجده وَإِخْوَته
3 - (ابْن الوتار الْوَاعِظ)
عُثْمَان بن مَنْصُور بن هِلَال أَبُو الْفرج وَأَبُو الْفتُوح المَسْعُودِيّ الْبَغْدَادِيّ ابْن الوتار الْوَاعِظ)
الْحَنْبَلِيّ تكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَوعظ وناظر ودرس وَأفْتى وَكَانَ مطبوعاً حسن الْأَخْلَاق روى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (صَاحب صهيون)
عُثْمَان بن منكوبرس بن خمار تكين الْأَمِير مظفر الدّين صَاحب صهيون كَانَ خمار تكين عَتيق مُجَاهِد الدّين صَاحب صرخد وَملك مظفر الدّين صهيون بعده وَالِده سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة وَكَانَ حازماً يقظاً سائساً مهيباً طَالَتْ أَيَّامه وَعمر تسعين سنة أَو أَكثر وَلما مَاتَ سنة تسع وَخمسين وست مائَة دفن بقلعة صهيون وَولي بعده وَلَده سيف الدّين مُحَمَّد وَرَأى عُثْمَان أَوْلَاد أَوْلَاده وَله صهيون وبرزبه ومكسرائيل وَكَانَ قد رتب أَن لَا يحضر أحد من نواحي صهيون وبلادها لشكوى إِلَّا بهدية على قدر الْحَاجة من الرَّأْس إِلَى الجدي إِلَى الدَّجَاجَة إِلَى الْخبز إِلَى الْخضر وَكَانَ يجْتَمع من هَذَا فِي كل يَوْم شَيْء لَهُ صُورَة وَيفرق فِي آخر النَّهَار على بيُوت أَوْلَاده وَجمع من ذَلِك أَمْوَالًا كَثِيرَة وَلما ولي ابْنه سيف الدّين مُحَمَّد جمع أَهله وَإِخْوَته وَشرع فِي عمل الْمجَالِس الملوكية وَجمع المطربين وَالرِّجَال وَالنِّسَاء وَلم يزل فِي إِنْفَاق تِلْكَ الْأَمْوَال والقصف وَاللَّهْو إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة بصهيون
وَأَخذهَا الْملك الظَّاهِر وأحضر أَوْلَاده وَأَهله إِلَى دمشق وَأَعْطَاهُمْ أخبازاً من الْأَرْبَعين إِلَى الْعشْرَة وانقرضوا بِدِمَشْق أَولا فأولاً
3 - (ابْن أبي الحوافر الطَّبِيب)
عُثْمَان بن هبة الله ابْن أبي الْفَتْح أَحْمد بن عقيل بن(19/338)
مُحَمَّد الْحَكِيم الرئيس جمال الدّين أَبُو عَمْرو الْقَيْسِي البعلبكي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْعدْل الطَّبِيب الْمَعْرُوف بِابْن أبي الحوافر رَئِيس الْأَطِبَّاء بالديار المصرية
ولد سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة تسع عشرَة وست مائَة
وَكَانَ جده عقيل يُكَرر على مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَمن شعر جمال الدّين الْمَذْكُور
3 - (الْمُؤَذّن الْأَشَج)
عُثْمَان بن الْهَيْثَم الْمُؤَذّن الْأَشَج العصري روى عَنهُ النجاري وَأسيد بن عَاصِم وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي وَخلق كثير قَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (عُثْمَان بن يَعْقُوب)
3 - (المريني صَاحب مراكش)
عُثْمَان بن يَعْقُوب بن عبد الْحق السُّلْطَان أَبُو سعيد المريني المغربي صَاحب مراكش وفاس وَغير ذَلِك ملك بعد أَخِيه أبي يَعْقُوب يُوسُف وامتدت أَيَّامه واتسعت ممالكه وَكَانَت دولته اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية وَله بضع وَسِتُّونَ سنة وَملك أَخُوهُ يُوسُف قبله خمْسا وَعشْرين سنة لم يكن بَينهمَا الْملكَانِ عَامر وَسليمَان وَكَانَ عُثْمَان هَذَا ذَا حلم وَسُكُون وإهمال للْجِهَاد بل لَهُ نظر فِي الْعلم وَلم تحمد أَيَّامه حصل فِيهَا غلاء وَفتن وَخَالف عَلَيْهِ ابْنه عمر وتملك سجلماسة وَجَرت أُمُور يطول شرحها وَملك بعد عُثْمَان وَلَده الْفَقِيه الْعَالم السُّلْطَان الْعَادِل أَبُو الْحسن عَليّ وَأمه أمة نوبية فَعظم شَأْنه وهابته الْمُلُوك لكَمَال سؤدده وَشدَّة هيبته(19/339)
3 - (عُثْمَان بن يُوسُف)
3 - (الْعَزِيز صَاحب مصر)
عُثْمَان بن يُوسُف بن أَيُّوب السُّلْطَان الْملك الْعَزِيز أَبُو الْفَتْح وَأَبُو عَمْرو ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين الْكَبِير ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَخمْس ماية
ملك مصر بعد وَالِده وَكَانَ لَا بَأْس بسيرته وَكَانَ أهل مصر يحبونه وَكَانَ شَابًّا حسن الصُّورَة ظريف الشَّمَائِل قَوِيا ذَا بَطش وأيد وخفة حَرَكَة حيياً كَرِيمًا عفيفاً عَن الْأَمْوَال والفروج وَبلغ من كرمه أَنه لم تبْق لَهُ خزانَة وَلَا خَاص وَلَا برك وَلَا فرس وَأما بيُوت أَصْحَابه فتفيض بالخيرات وَكَانَ الرّعية يحبونه وَكَانَ القَاضِي الْفَاضِل يتفرس فِيهِ ذَلِك كُله وَكَانَ يمِيل إِلَيْهِ دون إخْوَته ويؤثر قربه ولمحبته لمصر قررها لَهُ فِي حَيَاة أَبِيه
حُكيَ أَن السُّلْطَان لما عزم على الْخُرُوج إِلَى الشَّام لفتح الْقُدس والسواحل قرر أَخَاهُ الْعَادِل أَن يكون فِي مصر نَائِبا وَطلب الْفَاضِل يَوْمًا وَهُوَ فِي دور الْحَرِيم فَدخل إِلَيْهِ وتحدثا فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ اعْتِمَاده فِي غيبته وَهُوَ يكْتب ذَلِك تذكرة فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوج طلب أَن يعود من الْمَكَان الَّذِي دخل مِنْهُ فَقَالَ لَهُ خَادِم يَا مَوْلَانَا بِسم الله من هَا هُنَا فَمَا أمكن الْفَاضِل إِلَّا الذّهاب خَلفه فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْمَكَان الَّذِي يلبس فِيهِ مداسه وجد الْعَزِيز قد أَخذهَا من مَكَان قلعهَا ونقلها إِلَى)
ذَلِك الْمَكَان فَلَمَّا رأى ذَلِك عَاد من فوره إِلَى السُّلْطَان وَقَالَ يَا مَوْلَانَا فكر الْمُلُوك فِي أَن هَذِه الْحَرَكَة الْمُبَارَكَة مَا يَسْتَغْنِي السُّلْطَان عَن أَن يكون الْعَادِل مَعَه يستضيء بِرَأْيهِ وبخبرته فَقَالَ لَهُ ومصر من يكون فِيهَا فَقَالَ الْفَاضِل الْملك الْعَزِيز فَقَالَ هُوَ صَغِير السن فَقَالَ نَحن فِي خدمته والهجن عماله والمكاتبات مَا تَنْقَطِع وَمهما اعتمدناه طالعناك بِهِ وَتَكون قد رشحته للْملك وينتشئ فِي أيامك وَحسن لَهُ ذَلِك فقرر الْعَزِيز فِي مصر وكشط اسْم الْعَادِل وَعَاد
فَلَمَّا رأى الْعَزِيز قَالَ يَا مَوْلَانَا تقدمة مداس الْمَمْلُوك بِملك مصر مَا هُوَ كثير وَلم يزل نَائِبه إِلَى أَن اسْتَقل بهَا بعد وَفَاة أَبِيه وَلِهَذَا لما مَاتَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين بِدِمَشْق توجه إِلَى مصر رَغْبَة فِي الْعَزِيز
وَسمع الحَدِيث من السلَفِي وَأبي الطَّاهِر ابْن عون وَعبد الله بن بري وَحدث بالإسكندرية(19/340)
وَكَانَ الْعَزِيز فِي آخر أمره قد توجه إِلَى الفيوم فطرد فرسه وَرَاء صيد فتقطر بِهِ فأصابته الْحمى وَحمل إِلَى الْقَاهِرَة فَتوفي بهَا وَكتب الْفَاضِل إِلَى عَمه الْملك الْعَادِل رِسَالَة يعزيه مِنْهَا فَنَقُول فِي توديع النِّعْمَة بِالْملكِ الْعَزِيز لَا حول وَلَا قوَّة إلاَّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم قَول الصابرين ونقول فِي استيفائها بِالْملكِ الْعَادِل الْحَمد لله رب الْعَالمين قَول الشَّاكِرِينَ وَقد كَانَ من أَمر هَذِه الْحَادِثَة مَا قطع كل قلب وجلب كل كرب وَمثل هَذِه الْوَاقِعَة لكل أحد وَلَا سِيمَا لأمثال الْمُلُوك مواعظ من الْمَوْت بليغة وأبلغها مَا كَانَ فِي شباب الْمُلُوك فرحم الله ذَلِك الْوَجْه ثمَّ السَّبِيل يسره
(وَإِذا محَاسِن أوجه بليت ... فَعَفَا الثرى عَن وَجهه الْحسن)
والمملوك فِي حَال تسطير هَذِه الْخدمَة جَامع بَين مرضِي قلب وجسد ووجع أَطْرَاف وغليل كبد فقد فجع الْمَمْلُوك بِهَذَا الْمولى والعهد بوالده غير بعيد والأسى فِي كل يَوْم جَدِيد وَمَا كَانَ ليندمل ذَلِك الْقرح حَتَّى أعقبه هَذَا الْجرْح فَالله تَعَالَى لَا يعْدم الْمُسلمين سلطانهم الْملك الْعَادِل السلوة كَمَا لَا يعدمهم بِنَبِيِّهِمْ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأسوة
وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى فِي قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي ورتب بعده وَلَده الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وأتابكه بهاء الدّين قراقوش وَلابْن الساعاتي فِيهِ أمداح كَثِيرَة وَقَالَ يرثيه من قصيدة طَوِيلَة أَولهَا
(خلا الدست من ذَاك الْجلَال الممنع ... فَسلم على الدُّنْيَا سَلام مُودع)
(مضى بَعْدَمَا عَمت سراياه والندى ... وَسَار مسير الشَّمْس فِي كل مَوضِع)
)
(وأطلع فِي الْآفَاق زرق رماحه ... نجوماً وَمَا زهر النُّجُوم بطلع)
(وَمَا كَانَ إِلَّا الْبَدْر غَابَ وَلم يعد ... كعود أَخِيه الْبَدْر يَوْمًا لمطلع)
(فجعنا بأندى من سَحَاب بنانه ... وأجرأ من لَيْث العرين وَأَشْجَع)
(يُقَابل مِنْهُ الْبَدْر لَيْلَة تمه ... منيراً وندعو مِنْهُ أكْرم من دعِي)
(شبيبة دبت عقارب لَيْلهَا ... وَمن يسر فِي ليل الشبيبة يلسع)
(تولى فَلَا درع الْغَمَام بحافل ... غزير وَلَا وَادي الْبِلَاد بممرع)
(وَقد كَانَ تبكيه السيوف بأدمع ... هواطل لَو تبْكي السيوف بأدمع)
(قفا واندبا غمداً خلا من حسامه ... ونوحا على ربع من الْملك بلقع)(19/341)
(شجا رزء عُثْمَان وَعم مصابه ... فأثر فِي السّني والمتشيع)
(فَلَا مَاء إِلَّا من جفون قريحة ... وَلَا نَار إِلَّا فِي قُلُوب وأضلع)
(ثوى الْجُود وَالْملك الْعَزِيز بحفرة ... وَيَا لَهما من فرقة وَتجمع)
(وَقد كَانَت الدُّنْيَا جَمِيعًا بكفه ... فغودر مِنْهَا فِي ثَلَاثَة أَذْرع)
(لقد سد ثغر الدّين وَالْملك بِابْنِهِ ... ورد إِلَى كُفْء من الْقَوْم مقنع)
(هُنَاكَ حمى الْإِسْلَام لَيْسَ بمهمل ... سوام وَشَمل الْملك غير مروع)
(لقد نطقت فِيهِ مخايل جده ... بأفصح من نطق القريض وأبدع)
(غَدا الْملك الْمَنْصُور كالناصر الْهدى ... يسير على نهج من الْعدْل مهيع)
(سقاك وحياك يَا ابْن يُوسُف ... بأصبغ من صنعاء صنعا وأصنع)
(وَلَوْلَا التقي وَالدّين قلت وجادها ... مُصَفِّق كاسات المدام المشعشع)
3 - (رَضِي الدّين الدِّمَشْقِي)
عُثْمَان بن يُوسُف بن حيدرة الطّيب التَّاجِر جمال الدّين ابْن الطّيب الْعَلامَة رَضِي الدّين الرَّحبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي برع فِي علم الطِّبّ على وَالِده وخدم فِي البيمارستان وَكَانَ يُسَافر فِي التِّجَارَة إِلَى مصر فَتوجه فِي الجفل وَمَات هُنَاكَ سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه شرف الدّين على بن يُوسُف ابْن الرَّحبِي
3 - (النويري الْمَالِكِي)
عُثْمَان بن يُوسُف ابْن أبي بكر القَاضِي الْمُحدث الْفَقِيه الْوَرع الصَّالح فَخر الدّين أَبُو)
مُحَمَّد النويري الْمَالِكِي ولد سنة ثَلَاث وَسبعين وست ماية وَصَحب وَالِده الْقدْوَة الزَّاهِد علم الدّين وتفقه بِهِ وبجماعة وَأفْتى ودرس وَكَانَ كثير الْحَج والمجاورة والتأله والصدق وَالْإِخْلَاص
3 - (الحلبوني العابد)
عُثْمَان أَبُو عَمْرو الصعيدي الحلبوني سمي بذلك إِقَامَته مُدَّة بحلبون بِالْحَاء الْمُهْملَة وَبعد اللَّام بَاء مُوَحدَة وَبعد الْوَاو نون الشَّيْخ الصَّالح العابد كَانَ فِيهِ تأله وَصدق وتؤثر عَنهُ أَحْوَال وَتوجه وتأثير أَقَامَ مُدَّة ببعلبك وَمُدَّة ببرزة(19/342)
وَلما توفّي سنة ثَمَان وَسبع ماية طلع الأفرم إِلَى جنَازَته والقضاة وَكَانَ قانعاً متعففاً ترك أكل الْخبز مُدَّة سِنِين عديدة وَقَالَ إِنَّه يتَضَرَّر بِأَكْلِهِ
3 - (عين غين الْمصْرِيّ)
عُثْمَان الْفَخر الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِعَين غين قَالَ أَبُو شامة جَاءَنَا الْخَبَر بوفاته من مصر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست ماية
3 - (الدكالي الصُّوفِي)
عُثْمَان الصُّوفِي بخانقاه الشميشاطية كَانَ يعرف بالدكلي يتَرَدَّد إِلَيْهِ النَّاس ويجتمعون بِهِ واستخف بعض الْعَوام وسلك شَيْئا من الطّرق الَّتِي تحكى عَن ابْن الباجربقي وَقَالَ أَنا أدلكم على الطَّرِيق إِلَى الله وَخَالف الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وتبعته جمعية وشاع أمره فَأمْسك واعتقل وأحضر دَار الْعدْل مَرَّات أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا وأدوا عَلَيْهِ شَهَادَات عَجِيبَة وَلم يعْتَرف بِشَيْء فَلَمَّا كَانَ حادي عشْرين ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع ماية يَوْم الثُّلَاثَاء أحضر فِي زنجير وبلاس وَحضر الشَّيْخ جمال الدّين الْمزي وَالشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَجَمَاعَة وشهدوا بالاستفاضة عَنهُ أَنه قَالَ مَا ادعِي عَلَيْهِ فَحكم القَاضِي شرف الدّين الْمَالِكِي بإراقة دَمه فَضربت رقبته فِي سوق الْخَيل وَلم يكن ذَلِك رَأْي النَّائِب وَلَا رَأْي قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين وتقي الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي حُكيَ لي الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين قَالَ قَالَ لي الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا لما كَانَت لَيْلَة الثُّلَاثَاء أفكرت فِي أَنهم يحْضرُون عُثْمَان الصُّوفِي وأبتلش بأَمْره وقصدت دفع أمره عني فَقلت غَدا مَا أعمل دَار عدل وأركب بكرَة وأروح فَلَمَّا أَصبَحت أرسل الله عَليّ النّوم فَنمت إِلَى أَن طلع النَّهَار وَتَعَالَى فَدَخَلُوا إِلَيّ)
وَقَالُوا إِن الْقُضَاة والحجاب وَالْجَمَاعَة حَضَرُوا وهم فِي انتظارك فالتزمت بِعَمَل دَار الْعدْل ذَلِك النَّهَار أَو كَمَا قَالَ وَحكى لي هُوَ عَن نَفسه قَالَ أردْت وَأَنا خَارج من دَار السَّعَادَة أَن أَقُول لنقيب المتعممين أَن يتَوَجَّه إِلَيْهِم وَيَقُول لَهُم أَن لَا يعجلوا فِي أمره فأنساني الله ذَلِك إِلَى أَن فرط فِيهِ الْأَمر أَو كَمَا قَالَ وَلم أر أثبت جنَانًا مِنْهُ وَلَا أملك لأمر نَفسه
3 - (ابْن أبي النوق)
هُوَ فَخر الدّين عُثْمَان من أهل الْمغرب رَأَيْته بِدِمَشْق وبحلب وَلم أر من لَهُ قدرته على ارتجال النّظم وَسُرْعَة بديهته يكَاد أَنه لَا يتَكَلَّم فِي جَمِيع مخاطباته ومحاوراته إِلَّا بالشعر وَلما وصف لي ذَلِك رَأَيْته بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق فَأتيت إِلَيْهِ وَهُوَ وَاقِف بِبَاب السَّاعَات وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم يَوْم نصف شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع ماية أَو(19/343)
اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع ماية فَقَالُوا لَهُ هَذَا فلَان يَشْتَهِي أَن يسمع مِنْك شَيْئا من نظمك فأنشدني فِي الْحَالة الراهنة من غير فكر وَلَا روية ثَلَاثَة أَبْيَات فِي الْجَامِع والقناديل الَّتِي علقت بِهِ لأجل النّصْف وذكراً لِقَوْمِهِ واجتماع النَّاس للفرجة فِيهِ كَأَنَّمَا كَانَ يحفظ ذَلِك ويكرر عَلَيْهِ وَمضى وَلم أحفظ الأبيات الْمَذْكُورَة
وَآخر عهدي بِهِ بحلب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع ماية وَكَانَ قد أَخذ يعْمل مَجْلِسا يُفَسر فِيهِ الْقُرْآن الْكَرِيم أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ رَآنِي مرّة وَفِي يَدي كتاب لَهُ فَاتِحَة ذهب فأنشدني كَمَا أَنه يتحدث
(أَرَاك تنظر فِي شَيْء من الْكتب ... وَفِي أَوَائِله شَيْء من الذَّهَب)
(لَو شِئْت تصرف نَقْدا من فواتحه ... صرفت مِنْهُ دنانيراً بِلَا ريب)
فَوَهَبته الْكتاب وأنشدته
(خُذْهُ إِلَيْك بِمَا يحوي من الذَّهَب ... فَفِي ندى السحب لَا يخْشَى من اللهب)
(واضمم يَديك عَلَيْهِ لَا تمزقه ... فَإِنَّهُ ذهب من مَعْدن الْأَدَب)
قَالَ وَكتب إِلَيّ يتقاضاني عليقاً لفرسه وشيئاَ يُنْفِقهُ
(دموع كميتي على خَدّه ... من الْجُوع يطْلب مني الْعلف)
(وَلَيْسَ معي ذهب حَاضر ... وَلَا فضَّة وَعلي الكلف)
(ولي مِنْك وعد فَعجل بِهِ ... من أنْجز الْوَعْد حَاز الشّرف)
(وَدم وتهنى بِشَهْر الصيا ... م بِوَجْه يهل وكخف تكف)
)
فَبعثت إِلَيْهِ الشّعير وَالنَّفقَة وكتبت إِلَيْهِ
(مسحت بمكي دموع الْكُمَيْت ... وَقلت لَهُ قد أَتَاك الْعلف)
(ووافى إِلَيْك جَدِيد الشّعير ... لَعَلَّ يداوي سقام العجف)
(وَفِي كم سائقه صرة ... تسير لتخفيف ثقل الكلف)
(فإياك تحسبها للوفا ... فَإِنِّي بعثت بهَا للسلف)
وَكَانَ يقص مَا ينظمه فِي الْوَرق قصاً مليحاً محكماً جيدا بالنقط والضبط وَلَكِن أوضاعه على عَادَة المغاربة فِي كتاباتهم ونقلت من قصَّة قَوْله
(إِلَى الْحر الحسيب إِلَى عَليّ ... عَلَاء الدّين ذِي الْحسب الْعلي)
(إِلَيّ من جوده عَم البرايا ... وفَاق مكارماً لكريم طي)
(إِلَى من قدره فاق الثريا ... وَزَاد على على الْأُفق السمي)(19/344)
أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عبد الرَّحْمَن بن مل
ابْن عُثْمَان موفق الدّين أَحْمد بن أَحْمد
3 - (العجلية)
هم فرقة من الخطابية المنسوبين إِلَى أبي الْخطاب وهم من الرافضة افْتَرَقت الخطابية بعد قتل أبي الْخطاب فرقا فَمِنْهَا فرقة زعمت أَن الإِمَام بعد أبي الْخطاب عُمَيْر بن بَيَان الْعجلِيّ ومقالتهم كمقالة البزيعية وَقد تقدم ذكرهم فِي حرف الْبَاء فِي مَكَانَهُ إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ اعْتَرَفُوا بموتهم ونصبوا خيمة على كناسَة الْكُوفَة يَجْتَمعُونَ فِيهَا على عبَادَة جَعْفَر الصَّادِق فَرفع خبرهم إِلَى يزِيد بن عمر فصلب عُمَيْرًا فِي كناسَة الْكُوفَة
3 - (الألقاب)
ابْن عجب الْمَالِكِي عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد
الْعجلِيّ الْمروزِي الْفَقِيه اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز
الْعجلِيّ النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن حمدَان
الْعجلِيّ الْحَافِظ أَبُو عَليّ عبيد وَالْعجلِي الْحلِيّ الشيعي مُحَمَّد بن إِدْرِيس
الْعجلِيّ الْكُوفِي يحيى بن عبد الحميد الْعجلِيّ الْكُوفِي آخر يحيى بن الْيَمَان وَالْعجلِي صَاحب أَحْمد بن نوح ابْن عجلَان الْمُقْرِئ الْمدنِي مُحَمَّد بن عجلَان)
بَنو العجمي جمَاعَة مِنْهُم عز الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد وَكَمَال الدّين أَحْمد بن عبد الْعَزِيز وشمس الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد وَعون الدّين سُلَيْمَان بن عبد الْمجِيد وعماد الدّين عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحِيم وتاج الدّين يُوسُف بن إِسْمَاعِيل وَكَمَال الدّين عمر بن إِبْرَاهِيم وَكَمَال الدّين عمر بن أَحْمد
العجاردة نِسْبَة إِلَى عبد الْكَرِيم بن عجرد
ابْن الْعَجُوز عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد ابْن الْعَجُوز الْمَالِكِي القَاضِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي الْعَجَائِز اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله(19/345)
(عَجِيبَة)
3 - (ضوء الصَّباح البغدادية)
عَجِيبَة بنت الْحَافِظ أبي بكر مُحَمَّد ابْن أبي غَالب بن أَحْمد بن مَرْزُوق الباقداري الْبَغْدَادِيّ وتدعى ضوء الصَّباح شيخة مَشْهُورَة تفردت بالدنيا بِالْإِجَازَةِ عَن جمَاعَة وَخرج لَهَا مشيخة فِي عشرَة أَجزَاء وَولدت فِي صفر سنة أَربع وَخمسين وَخمْس ماية وَتوفيت سبع وَأَرْبَعين وست ماية
وروى عَنْهَا جمَاعَة وتفردت عَنْهَا الشيخة زَيْنَب بنت الْكَمَال بِالْإِجَازَةِ فروت عَنْهَا الْكثير
3 - (السَّلُولي الشَّاعِر)
العجير بن عبد الله بن عُبَيْدَة السَّلُولي شَاعِر مقل إسلامي
مر يَوْم بِقوم يشربون فسقوه فَلَمَّا انتشى قَالَ إنحروا جملي وأطعموا مِنْهُ فنحروه وطبخوا مِنْهُ وَجعلُوا يطعمونه ويسقونه ويغنونه بِشعر قَالَه يَوْمئِذٍ
(عللاني إِنَّمَا الدُّنْيَا علل ... واسقياني نهلاً بعد نهل)
(وانشلا مَا اغبر من قدركما ... واصحباني أبعد الله الْجمل)
(أصحب الصاحب مَا صاحبني ... وأكف اللوم عَنهُ والعذل)
(وَإِذا اتلف شَيْئا لم أقل ... أبدا يَا صَاح مَا كَانَ فعل)
فَلَمَّا صَحا سَأَلَ عَن جمله فأخبروه بِمَا كَانَ مِنْهُ فَبكى وَجعل يَصِيح يَا غربتاه وهم يَضْحَكُونَ ثمَّ وهبوا لَهُ جملا وَمن شعره يرثي ابْن عَمه
(فَتى قد قد السَّيْف لَا متضائل ... وَلَا رهل كباته وبادله)
)
(جميل إِذا استقبلته من أَمَامه ... وَإِن هُوَ ولى أَشْعَث الرَّأْس جائله)
(تركنَا أَبَا الأضياف فِي كل شتوة ... بمر ومردى كل خصم يجادله)(19/346)
(مُقيما سلبناه دريسي مفاضة ... وأبيض هندياً طوَالًا حمائله)
وَمِنْه
(سَلِي الطارق المعتر يَا أم مَالك ... إِذا مَا أَتَانِي دون قدري ومجزري)
(أأبسط وَجْهي إِنَّه أول الْقرى ... وَأعْرض معروفي لَهُ دون منكري)
(أقي الْعرض بِالْمَالِ التلاد وَمَا عَسى ... أَخُوك إِذا مَا ضيع الْعرض يَشْتَرِي)
ابْن عَدْلَانِ النَّحْوِيّ اسْمه عَليّ بن عَدْلَانِ ابْن عَدْلَانِ الْمصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان
(عدنان)
3 - (الطولوني)
عدنان بن أَحْمد بن طولون هُوَ أَبُو معد ابْن الْأَمِير الطولوني توفّي سنة خمس وَعشْرين وَثَلَاث ماية
3 - (موفق الدّين الْعين زَرْبِي الطَّبِيب)
عدنان بن نصر بن مَنْصُور الطَّبِيب الْأُسْتَاذ موفق الدّين ابْن الْعين زَرْبِي اشْتغل بالطب وَالْحكمَة وَمهر فِي ذَلِك وَفِي التنجيم بِبَغْدَاد ثمَّ سكن مصر وخدم الْخُلَفَاء الفاطميين ونال دنيا وَاسِعَة وصنف كثيرا فِي الطِّبّ والمنطق وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة وَكتب الْخط الْمليح
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس ماية
وَله من المصنفات كتاب الْكَافِي فِي الطِّبّ وَشرح كتاب الصَّنْعَة الصَّغِير لِجَالِينُوسَ وَله الرسَالَة المقنعة فِي الْمنطق وَله مجربات فِي الطِّبّ مثل الكناش ورسالة فِي السياسة مقَالَة فِي الْحَصَى وعلاجه رِسَالَة فِي تعذر الْوُجُود من الطَّبِيب الْفَاضِل ونفاق الْجَاهِل
وَلما دخل الديار المصرية استرزق بالتنجيم على قَارِعَة الطَّرِيق فَأتى إِلَى مصر رَسُول من بَغْدَاد وَكَانَ يعرف الْمُوفق وَمَا يعرفهُ من الْعُلُوم فَلَمَّا رَآهُ يتكسب بالتنجيم اجْتمع بالوزير وَوَصفه لَهُ وَمَا يعرفهُ من الْعُلُوم فَاسْتَحْضرهُ وَتكلم عِنْده فأعجب بِهِ ولأوصله إِلَى الْخَلِيفَة وَكَانَ عذلك سَبَب سعادته وإفادته)(19/347)
(عدي)
3 - (الْفَزارِيّ أَمِير الْبَصْرَة)
عدي بن أَرْطَأَة الْفَزارِيّ الدِّمَشْقِي أَمِير الْبَصْرَة لعمر بن عبد الْعَزِيز حدث عَن عَمْرو بن عبسة وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ يحْتَج بحَديثه وَقَتله مُعَاوِيَة بن يزِيد وَجَمَاعَة صبرا سنة اثْنَتَيْنِ وماية وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْأنْصَارِيّ الظفري)
عدي بن ثَابت بن أبان بن ثَابت بن قيس بن الخطيم الْأنْصَارِيّ الظفري روى عَن جده لأمه عبد الله بن يزِيد الخطمي وَعَن أَبِيه عَن جده وَسليمَان بن صرد والبراء بن عَازِب وَابْن أبي أوفى وَأبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ كَانَ إِمَام مَسْجِد الشِّيعَة وقاصهم وَهُوَ صَدُوق قَالَه أَبُو حَاتِم
وَغَيره قَالَ ثِقَة
توفّي سنة سِتّ عشرَة وماية وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْكِنْدِيّ)
عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَنهُ قيس ابْن أبي حَازِم وَأَخُوهُ الْعرس بن عميرَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّسائيّ وَابْن مَاجَه
3 - (ابْن حَاتِم الطَّائِي)
عدي بن حَاتِم بن عبد الله بن سعد أَبُو طريف الطَّائِي(19/348)
ولد حَاتِم الْجُود وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكْرمه فِي شعْبَان سنة عشرَة ثمَّ قدم على أبي بكر الصّديق بصدقات قومه فِي حِين الرِّدَّة وَمنع قومه وَطَائِفَة مَعَهم من الرِّدَّة بِثُبُوتِهِ على الْإِسْلَام وَحسن رَأْيه
وَكَانَ سرياً شريفاً تفي قومه خَطِيبًا حَاضر الْجَواب فَاضلا كَرِيمًا قَالَ مَا دخل وَقت صَلَاة قطّ إِلَّا وَأَنا اشتاق إِلَيْهَا وَقَالَ مَا دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطّ إِلَّا وسع لي أَو تحرّك وَدخلت يَوْمًا عَلَيْهِ فِي بَيته وَقد امْتَلَأَ من أَصْحَابه فَوسعَ لي حَتَّى جَلَست إِلَى جنبه
وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سبع وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ ابْن ماية وَعشْرين سنة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
وَسكن الْكُوفَة وَبهَا توفّي وَشهد الْجمل مَعَ عَليّ وصفين والنهروان وفقئت عينه يَوْم الْجمل
وروى عَنهُ جمَاعَة كَثِيرُونَ من الْبَصْرَة والكوفة وَأَتَاهُ سَالم بن دارة الْغَطَفَانِي بمدحة فَقتل لَهُ)
عدي أمسك عَلَيْك يَا أخي أخْبرك بِمَا لي فتمدحني على حَسبه لي ألف ضانية وألفا دِرْهَم وَثَلَاثَة أعبد وفرسي هَذِه حبيس فِي سَبِيل الله فَقل فَقَالَ
(تحن قلوصي فِي معد وَإِنَّمَا ... تلاقي الرّبيع فِي ديار بني ثعل)
(وَأبقى اللَّيَالِي من عدي بن حَاتِم ... حساماً كلون الْملح سل من الْخلَل)
(أَبوك جواد مَا يشق غباره ... وَأَنت جواد لَيْسَ تعذر بالعلل)
(فَإِن تتقوا شرا فمثلكم اتَّقى ... وَإِن تَفعلُوا خيرا فمثلكم فعل)
3 - (الْعَبَّادِيّ النَّصْرَانِي)
عدي بن زيد بن الْحمار الْعَبَّادِيّ بتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة التَّمِيمِي الشَّاعِر جاهلي نَصْرَانِيّ من فحول الشُّعَرَاء قيل إِنَّه مَاتَ فِي زمن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فَلهَذَا ذكرته وَقيل إِنَّه مَاتَ قبل الْإِسْلَام فَلَا يكون حِينَئِذٍ من شَرط هَذَا الْكتاب وَله الأبيات الْمَشْهُورَة وَهِي
(أَيهَا الشامت الْمُعير بالده ... ر أَأَنْت المبرأ الموفور)
(أم لديك الْعَهْد الوثيق من الأيا ... م أم أَنْت جَاهِل مغرور)
(من رَأَيْت الْمنون خلفن أم من ... ذَا عَلَيْهِ من أَن يضام خفير)
(أَيْن كسْرَى كسْرَى الْمُلُوك أَبُو ... ساسان أم أَيْن قبله سَابُور)(19/349)
(وأخو الْحَضَر إِذْ بناه وَإِذ دجلة ... تجبى إِلَيْهِ والخابور)
(شاده مرمراً وجلله كلساً ... فللطير فِي ذراه وكور)
(لم يَهبهُ ريب الْمنون فباد ال ... ملك عَنهُ فبابه مهجور)
(وتذكر رب الخورنق إِذْ أش ... رف يَوْمًا وللهدى تفكير)
(سره مَاله وَكَثْرَة مَا يمل ... ك وَالْبَحْر معرضًا السدير)
(فارعوى قلبه فَقَالَ وَمَا غب ... طة حَتَّى إِلَى الْمَمَات يصير)
(ثمَّ بعد الْفَلاح وَالْملك والإم ... ة وارتهم هُنَاكَ الْقُبُور)
(ثمَّ صَارُوا كَأَنَّهُمْ ورق جف ... فألوت بِهِ الصِّبَا وَالدبور)
وَخَبره مَعَ كسْرَى وشعره مَذْكُور مُسْتَوفى فِي كتاب الأغاني
3 - (العاملي ابْن الرّقاع)
عدي بن زيد العاملي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن الرّقاع بِالْقَافِ وَالْعين الْمُهْملَة مدح الْوَلِيد وهاجى)
جَرِيرًا وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْر والماية وَكَانَ مقدما عِنْد بني أُميَّة خَاصّا بالوليد من حَاضِرَة الشُّعَرَاء لَا من باديتهم
دخل جرير على الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان وَعِنْده عدي فَقَالَ أتعرف هَذَا قَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ هَذَا عدي بن الرّقاع قَالَ جرير فشر الثِّيَاب الرّقاع قَالَ مِمَّن هُوَ قَالَ من عاملة فَقَالَ جرير قد قَالَ الله عز وَجل عاملة ناصبة تصلى نَارا حامية ثمَّ قَالَ
(يقصر بَاعَ العاملي عَن العلى ... وَلَكِن أير العاملي طَوِيل)
فَقَالَ عدي
(أأمك كَانَت خبرتك بِطُولِهِ ... أم أَنْت امْرُؤ لم تدر كَيفَ تَقول)
فَقَالَ لَا بل لم أدر كَيفَ أَقُول فَوَثَبَ العاملي إِلَى رجل الْوَلِيد فقبلها وَقَالَ أجرني مِنْهُ فَقَالَ الْوَلِيد لجرير لَئِن شتمته لأسرجنك وألجمنك حَتَّى يركبك فيعيرك الشُّعَرَاء بذلك فكنى جرير عَن اسْمه فَقَالَ(19/350)
(إنى إِذا الشَّاعِر الْمَغْرُور حر بني ... جَار لقبر على مَرْوَان مرموس)
(قد كَانَ أشوس آبَاء فأورثنا ... شغباً على النَّاس فِي أبنائه الشوس)
(أقصر فَإِن نزاراً لنم يفاخرهم ... فرع لئيم وأصل غير مغروس)
(وَابْن اللَّبُون إِذا مَا لز فِي قرن ... لم يسْتَطع صولة البزل القناعيس)
(قد جربت عركي فِي كل معترك ... غلب الْأسود فَمَا بَال الضغابيس)
وَكَانَ لعدي بنت تَقول الشّعْر فَأَتَاهُ يَوْمًا نَاس من الشُّعَرَاء ليماتنوه وَكَانَ غَائِبا فَسمِعت ابْنَته فَخرجت إِلَيْهِم وَقَالَت
(تجمعتم من كل أَوب وبلدة ... على وَاحِد لَا زلتم قرن وَاحِد)
فأفحمتهم وَقَالَ جرير سَمِعت عدي بن الرّقاع ينشد تزجي أغن كَأَن إبرة روقه فرحمته من هَذَا التَّشْبِيه وَقلت بِأَيّ شَيْء يُشبههُ ترى فَلَمَّا قَالَ قلم أصَاب من الدواة مدادها رحمت نَفسِي مِنْهُ وَمن شعر عدي بن الرّقاع
(لَوْلَا الْحيَاء وَأَن رَأْسِي قد عسا ... فِيهِ المشيب لزرت أم الْقَاسِم)
(وَكَأَنَّهَا وسط النِّسَاء أعارها ... عَيْنَيْهِ أحور من جآذر جاسم)
(وَسنَان أقصده النعاس فرنقت ... فِي عينه سنة وَلَيْسَ بنائم)
)
وَمِنْه وَقيل إِنَّهَا لنصيب
(وَقد كدت يَوْم الْجزع لما ترنمت ... هتوف الضُّحَى محزونة بالترنم)
(أَمُوت لمبكاها أسى إِن عولتي ... ووجدي بسعدى شجوه غير منجم)
(وناحت على عيناء من عين أيكة ... بسرة وَاد غامر السَّيْل مجثم)
(إِذا قومت من غصنه الرّيح أَو هفت ... بِهِ مائل الأفنان غير مقوم)
(أرنت عَلَيْهِ والهاً مستحثة ... بِصَوْت مَتى مَا تسمع الْعود ترزم)
(فَلم أبك من علمي بكاها وَقد بَكت ... بَكَى أعولت فِيهِ على غير معلم)
(وَلَو قبل مبكاها بَكَيْت صبَابَة ... بسعدى شفيت النَّفس قبل التندم)(19/351)
(وَلَكِن بَكت قبلي فهيج لي البكا ... بكاها فَقلت الْفضل للمتقدم)
3 - (أَبُو فَرْوَة الْكِنْدِيّ)
عدي بن عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ أَبُو فَرْوَة سيد أهل الجزيرة روى عَن أَبِيه وَقد تقدم ذكره وَعَمه الْعرس ورجاء بن حَيْوَة وَكَانَ ناسكاً فَقِيها كَبِير الْقدر ولي إمرة الجزيرة وأذربيجان وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَتُوفِّي سنة عشْرين وماية وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو حَاتِم الْبَصْرِيّ)
عدي بن الْفضل هُوَ أحد المتروكين
توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وماية
وَهُوَ أَبُو حَاتِم الْبَصْرِيّ روى عَن سعيد المَقْبُري وَطَلْحَة بن عبيد الله تبن كريز وَعلي بن زيد بن جدعَان وَأبي أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ قَالَ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم مَتْرُوك الحَدِيث وروى لَهُ ابْن مَاجَه
3 - (الشَّيْخ عدي الْكرْدِي)
عدي بن مُسَافر بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الزَّاهِد الشَّامي الهكاري ساح سِنِين كَثِيرَة وَصَحب الْمَشَايِخ وجاهد أنواعاً من المجاهدات وَسكن بعض جبال الْموصل لَيْسَ بِهِ آنس ثمَّ آنس الله بِهِ تِلْكَ الْمَوَاضِع وعمرها ببركاته حَتَّى صَارَت لَا يخَاف بهَا أحد بعد قطع السبل وارتدع جمَاعَة من مفسدي الأكراد وَعمر حَتَّى انْتفع بِهِ خلق وانتشر ذكره وَكَانَ لَهُ غليلة يَزْرَعهَا بالقدوم فِي الْجَبَل ويحصدها ويتقوت مِنْهَا ويزرع الْقطن ويكتسي مِنْهُ تبعه خلق وجازوا فِيهِ)
الْحَد حَتَّى جَعَلُوهُ قبلتهم الَّتِي يصلونَ إِلَيْهَا وذخيرتهم فِي الْآخِرَة
صحب الشَّيْخ عقيل المنبجي وَالشَّيْخ حَمَّاد الدباس(19/352)
وعاش الشَّيْخ عدي تسعين سنة وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وخمسماية
ابْن العدية شهَاب الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
3 - (الشَّاعِر الْعجلِيّ)
العديل بن الفرخ بن معن الْعجلِيّ وَعجل ابْن ربيعَة وَكَانَ عجل محمقاً كَانَ لبه فرس جواد فَقيل لَهُ إِن فرسك هَذَا جواد فسمه ففقأ عينه وَقَالَ قد سميته الْأَعْوَر فَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء
(رمتني بَنو عجل بداء أَبِيهِم ... وَهل أحد فِي النَّاس أَحمَق من عجل)
(أَلَيْسَ أبوهم عَار عين جَوَاده ... وسارت بِهِ الْأَمْثَال فِي النَّاس بِالْجَهْلِ)
وَكَانَ العديل هَذَا شَاعِرًا إسلامياً مقلاً والى الْحجَّاج طلبه ليطالبه بقود فهرب إِلَى الرّوم ولجأ إِلَى قَيْصر فآمنه من الْحجَّاج فَقَالَ فِيهِ من أَبْيَات
(صَحا عَن طلاب الْبيض قبل مشيبه ... وراجع غض الطّرف وَهُوَ خفيض)
(كَأَنِّي لم أرع الصِّبَا ويروقني ... من الْحَيّ أحوى المقلتين غضيض)
(دَعَاني لَهُ يَوْمًا هوى فَأَجَابَهُ ... فؤاد إِذا يلقى المراض مَرِيض)
(لمستأنسات بِالْحَدِيثِ كَأَنَّهُ ... تهلل غر برقهن وميض)
يَقُول مِنْهَا
(وَدون يَد الْحجَّاج من أَن تنالاني ... بِسَاط لأيدي الناعجات عريض)
(مهامه أشباه كَأَن سرابها ... ملاء بأيدي العاملات رحيض)
فَبلغ الْحجَّاج شعره فَبعث إِلَى قَيْصر لتبعثن إِلَيّ بِهِ أَو لأغزونك بِجَيْش أَوله عنْدك وَآخره عِنْدِي فَبعث بِهِ فَنظر إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل وَدون الْحجَّاج قد رَأَيْت كَيفَ أمكن الله مِنْك فَقَالَ بل أَنا الْقَائِل أَيهَا الْأَمِير
(فَلَو كنت فِي سلمى أجاً وشعا بهَا ... لَكَانَ لحجاج عَليّ سَبِيل)
(خَلِيل أَمِير الْمُؤمنِينَ وسيفه ... لكل إِمَام مصطفى وخليل)
(بنى قبَّة الْإِسْلَام حَتَّى كَأَنَّمَا ... هدى النَّاس من بعد الضلال رَسُول)(19/353)
فخلى سَبيله وَتحمل دِيَة قتيله وَأورد لَهُ صَاحب الأغاني قصيدته اللامية الَّتِي يمدح فِيهَا سَائِر)
قبائل وَائِل وَيذكر دَفعهَا عَنهُ ويفتخر وأولها
(صرم الغواني واستراح عواذلي ... وصحوت بعد صبَابَة وتمايل)
(وَذكرت يَوْم لوى عنيق نسْوَة ... يخطرن بَين أَكلَة ومراحل)
(لعب النَّعيم بِهن فِي أظلاله ... حَتَّى لبسن زمَان عَيْش غافل)
(يَأْخُذن زينتهن أحسن مَا ترى ... فَإِذا عطلن فهن غير عواطل)
3 - (الألقاب)
بَنو العديم جمَاعَة مِنْهُم الصاحب كَمَال الدّين عمر بن أَحْمد ابْن أبي جَرَادَة وَعبد القاهر بن عَليّ بن عبد الْبَاقِي وَهُوَ من ساداتهم وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي وَعلي بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي وَالْحسن بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد وَعبد القاهر بن عَليّ بن عبد الله وَعبد الله بن الْحسن بن عَليّ وَهَارُون بن مُوسَى وَعبد الصَّمد بن زُهَيْر بن هَارُون بن مُوسَى وَيحيى بن زُهَيْر بن هَارُون وَأحمد بن يحيى بن زُهَيْر وَهبة الله بن أَحْمد بن يحيى وَمُحَمّد بن هبة الله بن أَحْمد وَهبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله وَأحمد بن هبة الله نبن مُحَمَّد وجمال الدّين مُحَمَّد ابْن الصاحب كَمَال الدّين عمر وَأحمد بن يحيى وَالْقَاضِي مجد الدّين عبد الرَّحْمَن بن عمر وَعمر بن مُحَمَّد
(عذراء)
3 - (بنت شاهنشاه)
عذراء بنت شاهنشاه بن أَيُّوب ابْن شاذي الخاتون الجليلة صَاحِبَة الْمدرسَة العذراوية الَّتِي دَاخل بَاب النَّصْر وَهِي أُخْت عز الدّين فروخ شاه وعمة الْملك الأمجد
توفيت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة ودفنت بتربتها فِي الْمدرسَة الَّتِي لَهَا(19/354)
(عرابة)
3 - (الأوسي)
عرابة بن أَوْس بن قيظي بن عَمْرو بن زيد الأوسي كَانَ أَبوهُ أَوْس من كبار الْمُنَافِقين أحد الْقَائِلين إِن بيوته عَورَة وَذكر ابْن إِسْحَاق والواقدي أَن عرابة استصغره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فِي تِسْعَة نفر مِنْهُم عبد الله ابْن عمر وَزيد بن ثَابت والبراء بن عَازِب وعرابة بن أَوْس وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ ابْن قُتَيْبَة إِن الشماخ خرج يُرِيد الْمَدِينَة فَلَقِيَهُ عرابة بن أَوْس فَسَأَلَهُ عَمَّا أقدمه الْمَدِينَة فَقَالَ أردْت أمتار لأهلي وَكَانَ مَعَه بعيران فأوقرهما عرابة لَهُ تَمرا وَبرا وكساه وأكرمه فَخرج من الْمَدِينَة وامتدحه بالقصيدة الَّتِي قَول فِيهَا
(رَأَيْت عرابة الأوسي يسمو ... إِلَى الْخيرَات مُنْقَطع القرين)
(إِذا مَا راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ)
(إِذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بِدَم الوتين)
3 - (عرابة بن شماخ)
عرابة بن شماخ الْجُهَنِيّ شهد فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للعلاء بن الْحَضْرَمِيّ حِين بَعثه إِلَى الْبَحْرين
(عرار بن عَمْرو)
عرار بن عَمْرو بن شأس الْأَسدي سَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ اكثر شعر أَبِيه فِيهِ وَفِي امْرَأَته أم حسان وَكَانَ عرار أسود من أمه وَكَانَت امْرَأَة أَبِيه الْمَذْكُورَة تؤذيه وتظلمه وَتعير أَبَاهُ بِهِ فَلَمَّا أعياه أمرهَا بِسَبَبِهِ طَلقهَا وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِي مَكَانَهُ وَفِيه يَقُول أَبوهُ عَمْرو
(أَرَادَت عراراً بالهوان وَمن يرد ... عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم)
(فَإِن عراراً إِن يكن غير وَاضح ... فَإِنِّي أحب الجون والمنطق العمم)
(فَإِن كنت منني أَو تريدين صحبتي ... فكوني لَهُ كَالشَّمْسِ ربت بِهِ الْأدم)
(وَإِلَّا فسيري سير رَاكب نَاقَة ... تَمِيم حينا لَيْسَ فِي سيره أُمَم)(19/355)
وعرار هَذَا هُوَ الَّذِي بعث بِهِ الْحجَّاج إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان بِرَأْس عبد الرَّحْمَن ابْن الْأَشْعَث وَكتب لَهُ كتابا بِالْفَتْح فَجعل عبد الْملك يقْرَأ الْكتاب وَكلما اسْتشْكل شَيْئا سَأَلَ عرار عَنهُ فيخبره فَعجب عبد الْملك من سوَاده وفصاحته فَقَالَ أَرَادَت عراراً الْبَيْتَيْنِ فَضَحِك عرار فَقَالَ لَهُ عبد الْملك مَا بالك تضحك فَقَالَ أتعرف عراراً يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لَا قَالَ أَنا هُوَ فَضَحِك عبد الْملك وَقَالَ حَظّ وَافق كلمة وَأحسن جائزته وسرحه
3 - (الْعِرَاقِيّ)
الْعِرَاقِيّ بن مُحَمَّد ابْن الْعِرَاقِيّ الْعَلامَة ركن الدّين أَبُو الْفضل الْقزْوِينِي الطاووسي صَاحب الطَّرِيقَة كَانَ إِمَامًا كَبِيرا مناظراً محجاجاً قيمًا بِعلم الْخلاف مفحماً للخصوم وصنف ثَلَاث تعاليق وازدحم عَلَيْهِ الطّلبَة بهمذان
وَتُوفِّي سنة سِتّ مائَة
والطريقة الْوُسْطَى أحسن طرائقه وَيُقَال إِنَّه من نسل طَاوُوس بن كيسَان التَّابِعِيّ واشتغل على رَضِي الدّين النَّيْسَابُورِي الْحَنَفِيّ صَاحب التعليقة
3 - (الألقاب)
الْعِرَاقِيّ اسْمه عبد الْكَرِيم بن عَليّ الْعِرَاقِيّ الشَّافِعِي مكي بن عَليّ الْعِرَاقِيّ إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور بَنو عزام جمَاعَة مِنْهُم بهاء الدّين أَحْمد ابْن أبي بكر وَمِنْهُم عبد الله ابْن أبي بكر وَمِنْهُم عَليّ بَين أَحْمد وَمِنْهُم هبة الله بن عَليّ ابْن الْعِرَاقِيّ الْخَطِيب عبد الحكم بن إِبْرَاهِيم ابْن)
عَرَبِيّ محيي الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ وَلَده سعد الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَخُوهُ عماد الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْعَرَبِيّ الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله
3 - (الْغِفَارِيّ الْمدنِي)
عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ الْمدنِي الْفَقِيه الصَّالح من جلة التَّابِعين روى عَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَابْن عمر وَزَيْنَب بنت أبي سَلمَة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وَعشر وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (السّلمِيّ الصَّحَابِيّ)
الْعِرْبَاض بن سَارِيَة السّلمِيّ أَبُو نجيح أحد أَصْحَاب(19/356)
الصّفة وَأحد البكائين الَّذين نزل فيهم وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم الْآيَة سكن حمص وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي عُبَيْدَة
توفّي سنة خمس وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (الألقاب)
ابْن عَرَفَة الْمسند الْحسن بن عَرَفَة ابْن عَرَفَة المهلبي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن عَرَفَة أَبُو الْعَرَب الإفْرِيقِي الْمَالِكِي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن تَمِيم الْعرفِيّ الشَّاعِر عبد الله بن عَمْرو
ابْن عرق الْمَوْت اسْمه مُحَمَّد بن فتوح عرقلة الشَّاعِر حسان بن نمير ابْن أبي عرُوبَة الْحَافِظ سعيد بن مهْرَان ابْن عروس الْكَاتِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبدُوس عروس الزهاد مُحَمَّد بن يُوسُف
(عُرْوَة)
عُرْوَة بن حزَام أحد متيمي الْعَرَب وَمن قَتله الغرام وَمَات عشقاً فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ فِي خلَافَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ صَاحب عفراء الَّتِي كَانَ يهواها وَكَانَت عفراء ترباً لعروة بنت عَمه يلعبان مَعًا فألف كل مِنْهُمَا صَاحبه وَكَانَ عَمه عقال يَقُول لعروة اُبْشُرْ فَإِن عفراء امْرَأَتك إِن شَاءَ الله فَلم يَزَالَا إِلَى أَن الْتحق عُرْوَة بِالرِّجَالِ وعفراء بِالنسَاء وَكَانَ عُرْوَة قد رَحل إِلَى عَم لَهُ بِالْيمن ليطلب مِنْهُ مَا يمهر بِهِ عفراء لِأَن أمهَا سامته كثيرا فِي مهرهَا فَنزل بالحي رجل ذُو يسَار وَمَال من بني أُميَّة فَرَأى عفراء فَأَعْجَبتهُ فَلم يزل هُوَ وَأمّهَا بأبيها إِلَى أَن زَوجهَا بِهِ فَلَمَّا أهديت إِلَيْهِ قَالَت
(يَا عرو إِن الْحَيّ قد نقضوا ... عهد الْإِلَه وحاولوا الغدرا)
وارتحل الْأمَوِي بعفراء إِلَى الشَّام وَعمد أَبوهَا إِلَى قبر فجدده وسواه وَسَأَلَ الْحَيّ كتمان أمرهَا ووفد عُرْوَة بعد أَيَّام فنعاها أَبوهَا إِلَيْهِ فَذهب إِلَى ذَلِك الْقَبْر وَمكث مُدَّة يخْتَلف إِلَيْهِ فَأَتَتْهُ جَارِيَة من الْحَيّ فَأَخْبَرته الْقِصَّة فَرَحل إِلَى الشَّام ومقصد الرجل وانتسب لَهُ فِي عدنان فَأكْرمه وَبَقِي أَيَّامًا فَقَالَ لجارية لَهُم هَل لَك فِي يَد تولينها قَالَت وَمَا هِيَ قَالَ هَذَا(19/357)
الْخَاتم تدفعينه إِلَى مولاتك فَأَبت عَلَيْهِ مرَارًا فعرفها الْخَبَر وَقَالَ إطرحي هَذَا الْخَاتم فِي صبوحها فَإِن أنكرته قولي إِن ضيفنا اصطبح قبلك وَلَعَلَّه وَقع من يَده فَلَمَّا فعلت الْجَارِيَة ذَلِك عرفت عفراء الْخَبَر وَقَالَت لزَوجهَا إِن ضيفك ابْن عمي فَجمع بَينهمَا وَخرج وتركهما وأوقف من يسمع مَا يَقُولَانِ فتشاكيا وتباكيا طَويلا ثمَّ أَتَتْهُ بشراب وَسَأَلته شربه فَقَالَ وَالله مَا دخل جوفي حرَام قطّ وَلَا ارتكبته وَلَو استحللته كنت قد استحللته مِنْك وَأَنت حظي من الدُّنْيَا وَقد ذهبت مني وَذَهَبت مِنْك فَمَا أعيش بعْدك وَقد أجمل هَذَا الرجل الْكَرِيم وَأحسن وَأَنا مستحي مِنْهُ وَلَا أقيم بمكاني بعد علمه وَإِنِّي لأعْلم أَنِّي لأرحل إِلَى منيتي فَبَكَتْ وَبكى وَجَاء زَوجهَا وَأخْبرهُ الْخَادِم بِمَا جرى بَينهمَا فَقَالَ لَهَا يَا عفراء إمنعي ابْن عمك من الْخُرُوج فَقَالَت لَا يمْتَنع فَدَعَاهُ وَقَالَ يَا أخي اتَّقِ الله فِي نَفسك فقد عرفت خبرك وَإِن رحلت تلفت وَالله مَا أمنعك من الِاجْتِمَاع مَعهَا أبدا وَإِن شِئْت فارقتها فجزاه خيرا وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ الطمع فِيهَا آفتي والآن فقد يئست وحملت نَفسِي على الصَّبْر واليأس يسلي ولي أُمُور لَا بُد من الرُّجُوع إِلَيْهَا فَإِن وجدت لي قُوَّة إِلَى ذَلِك وَإِلَّا عدت إِلَيْكُم وزرتكم حَتَّى يقْضِي الله من أَمْرِي مَا يَشَاء فزودوه وأكرموه وأعطته)
عفراء خماراً لَهَا فَلَمَّا رَحل عَنْهُم نكس بعد صَلَاحه وأصابه غشي وخفقان وَكَانَ كلما أُغمي عَلَيْهِ ألقِي عَلَيْهِ كربَة ذَلِك الْخمار فيفيق فَلَقِيَهُ فِي الطَّرِيق ابْن مَكْحُول عراف الْيَمَامَة وَجلسَ عِنْده وَسَأَلَهُ عَمَّا بِهِ وَهل هون خبل أَو جُنُون فَقَالَ لَهُ عُرْوَة أَلَك علم بالأوجاع فَقَالَ نعم فَأَنْشَأَ عُرْوَة يَقُول
(أَقُول لعراف الْيَمَامَة داوني ... فَإنَّك إِن داويتني لطبيب)
(فواكبدي أمست رفاتاً كَأَنَّمَا ... يلذعها بالموقدات لهيب)
(عَشِيَّة لَا عفراء مِنْك قريبَة ... فتسلو وَلَا عفراء مِنْك قريب)
(فوَاللَّه مَا أتنساك مَا هبت الصِّبَا ... وَمَا عقبتها فِي الرِّيَاح جنوب)
(عَشِيَّة لَا خَلْفي مكر وَلَا الْهوى ... أَمَامِي وَلَا يهوى هواي غَرِيب)
(وَإِنِّي لتغشاني لذكراك فَتْرَة ... لَهَا بَين جلدي وَالْعِظَام دَبِيب)
قَالَ الأخباريون وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي طَرِيقه قبل أَن يصل إِلَى حيه بِثَلَاث لَيَال وَبلغ عفراء خَبره فَجَزِعت جزعاً شَدِيدا وَقَالَت ترثيه
(أَلا أَيهَا الركب المخبون وَيحكم ... أحقاً نعيتم عُرْوَة بن حزَام)
(فَلَا تهنأ الفتيان بعْدك لَذَّة ... وَلَا رجعُوا من غيبَة بِسَلام)
(وَقل للحبالى لَا يرجين غَائِبا ... وَلَا فرحات بعده بِغُلَام)
وَلم تزل تردد هَذِه الأبيات وتندبه وتبكيه إِلَى أَن مَاتَت بعده بأيام قَلَائِل(19/358)
وَعَن أبي صَالح قَالَ كنت مَعَ ابْن عَبَّاس بِعَرَفَة فَأَتَاهُ فتيَان يحملون فَتى لم يبْق إِلَّا خياله فَقَالُوا لَهُ يَا ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع لنا الله تَعَالَى لَهُ فَقَالَ وَمَا بِهِ فَقَالَ الْفَتى
(بِنَا من جوى الأحزان فِي الصَّدْر لوعة ... تكَاد لَهَا نفس الشفيق تذوب)
(ولكنما أبقى حشاشة معول ... على مَا بِهِ عود هُنَاكَ صَلِيب)
قَالَ ثمَّ خَفَقت فِي أَيّدهُم فَإِذا هُوَ قد مَاتَ فَمَا رَأَيْت ابْن عَبَّاس فِي عشيته سَأَلَ الله إِلَّا الْعَافِيَة مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ ذَلِك الْفَتى قَالَ وَسَأَلت عَنهُ فَقيل لي هَذَا عُرْوَة بن حزَام وَمن شعر عُرْوَة بن حزَام
(خليلي من عليا هِلَال بن عَامر ... بِصَنْعَاء عوجا الْيَوْم وانتظراني)
)
(وَلَا تزهدا فِي الْأجر عِنْدِي وأجملا ... فإنكما بِي الْيَوْم مبتليان)
(إلما على عفراء إنَّكُمَا غَدا ... بوشك النَّوَى والبين معترفان)
(فيا واشيي عفراء ويحكما بِمن ... وَمَا وَإِلَى من جئتما تشيان)
(بِمن لَو أرَاهُ عانياً لفديته ... وَمن لَو رَآنِي عانياً لفداني)
(مَتى تكشفا عني الْقَمِيص تَبينا ... بِي السقم من عفراء يَا فتيَان)
(فقد تَرَكتنِي لَا أعي لمحدث ... حَدِيثا وَإِن نَاجَيْته وَدَعَانِي)
(جعلت لعراف الْيَمَامَة حكمه ... وعراف نجد إِن هما شفياني)
(فَمَا تركا من حِيلَة يعلمانها ... وَلَا شربة إِلَّا وَقد سقياني)
(ورشا على وَجْهي من المَاء سَاعَة ... وقاما مَعَ العواد يبتدران)
(وَقَالا شفاك الله وَالله مَا لنا ... بِمَا ضمنت مِنْك الضلوع يدان)
(فويلي على عفراء ويل كَأَنَّهُ ... على الصَّدْر والأحشاء حد سِنَان)
(أحب ابْنة العذري حبا وَإِن نأت ... ودانيت مِنْهَا غير مَا تريان)
(إِذا رام قلبِي هجرها حَال دونه ... شفيعان من قلبِي لَهَا جدلان)
(إِذا قلت لَا قَالَا بلَى ثمَّ أصبحا ... جَمِيعًا على الرَّأْي الَّذِي يريان)
(تحملت من عفراء مَا لَيْسَ لي بِهِ ... وَلَا للجبال الراسيات يدان)
(فيا رب أَنْت الْمُسْتَعَان على الَّذِي ... تحملت من عفراء مُنْذُ زمَان)(19/359)
(كَأَن قطاة علقت بجناحها ... على كَبِدِي من شدَّة الخفقان)
3 - (عُرْوَة بن أَسمَاء)
عُرْوَة بن أَسمَاء بن الصَّلْت السّلمِيّ حرص الْمُشْركُونَ يَوْم بِئْر مَعُونَة أَن يؤمنوه فَأبى وَكَانَ ذَا خلة لعامر بن الطُّفَيْل مَعَ أَن قومه بني سليم حرصوا على ذَلِك فَقَالَ لَا أقبل لَهُم أَمَانًا وَلَا أَرغب بنفسي عَن مصَارِعهمْ ثمَّ تقدم فقاتل حَتَّى قتل شَهِيدا رَضِي الله عَنهُ
3 - (قَاضِي الْكُوفَة)
عُرْوَة بن عَيَّاش ابْن أبي الْجَعْد الْبَارِقي اسْتَعْملهُ عمر على قَضَاء الْكُوفَة وَذَلِكَ قبل أَن يستقضي شريحاً قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ من قَالَ فِيهِ عُرْوَة بن الْجَعْد فقد أَخطَأ إِنَّمَا هُوَ عُرْوَة ابْن أبي الْجَعْد كَانَ خَفِي دَاره سَبْعُونَ فرسا رَغْبَة فِي الرِّبَاط وَهُوَ الَّذِي روى حَدِيث الْخَيْر)
مَعْقُود بنواصي الْخَيل وروى عَنهُ قيس ابْن أبي حَازِم وَالشعْبِيّ وَأَبُو إِسْحَاق والعيزار بن حُرَيْث وشبيب بن غرقدة
وَتُوفِّي هفي حُدُود السّبْعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَمِير الْكُوفَة)
عُرْوَة بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَخُو حَمْزَة وعقار ولي إمرة الْكُوفَة للحجاج
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ)
عُرْوَة بن مَسْعُود بن معتب بن مَالك أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ ابْن إِسْحَاق لما انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الطَّائِف اتبع أَثَره عُرْوَة حَتَّى أدْركهُ قبل أَن يصل الْمَدِينَة فَأسلم وَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرجع إِلَى قومه بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فعلت فَإِنَّهُم قاتلوك فَقَالَ لَهُ عُرْوَة يَا رَسُول الله أَنا أحب إِلَيْهِم من أبكارهم وَكَانَ فيهم محبباً مُطَاعًا فَخرج يَدْعُو قومه إِلَى الْإِسْلَام فأظهر دينه رَجَاء أَن لَا يخالفوه لمنزلته فيهم فَلَمَّا أشرف على قومه وَقد دعاهم إِلَى دينه رَمَوْهُ بِالنَّبلِ من كل وَجه فَأَصَابَهُ سهم فَقتله وَقيل(19/360)
لعروة مَا ترى فِي دمك فَقَالَ كَرَامَة أكرمني الله بهَا وَشَهَادَة سَاقهَا إِلَيّ فَلَيْسَ فِي إِلَّا مَا فِي الشُّهَدَاء الَّذين قتلوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يرتحل عَنْكُم قَالَ فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثله فِي قومه مثل صَاحب يس فِي قومه
وَقَالَ فِيهِ عمر بن الْخطاب شعرًا يرثيه وَقَالَ قَتَادَة قَوْله تَعَالَى لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم قَالَهَا الْوَلِيد بن الْمُغيرَة قَالَ لَو كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا أنزل عَليّ الْقُرْآن أَو على عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ والقريتان مَكَّة والطائف وَقَالَ مُجَاهِد وَهُوَ عتبَة بن ربيعَة من مَكَّة وَابْن عبد بِاللَّيْلِ الثَّقَفِيّ من الطَّائِف وَالْأَكْثَر قَول قَتَادَة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض عَليّ الْأَنْبِيَاء فَإِذا مُوسَى رجل ضرب من الرِّجَال كَأَنَّهُ من رجال شنؤة وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم وَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود
3 - (عُرْوَة بن أبي قيس)
عُرْوَة بن أبي قيس مولى عَمْرو بن الْعَاصِ الْفَقِيه الْمصْرِيّ روى عَن عبد الله بن عَمْرو وَعقبَة بن عَامر)
3 - (أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة)
عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام الْقرشِي الْأَسدي الْفَقِيه الإِمَام الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعلي وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفَيل وَأُسَامَة بن زيد وَزيد بن ثَابت وَحَكِيم ابْن حزَام وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَطَائِفَة وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة وَهُوَ شَقِيق أَخِيه عبد الله بِخِلَاف مُصعب وأمهما أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق وَهُوَ أول من صنف الْمَغَازِي قَالَ حميد بن عبد الرَّحْمَن لقد رَأَيْت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّهُم ليسألون عُرْوَة وَقَالَ الزُّهْرِيّ رَأَيْت عُرْوَة بحراً لَا تكدره الدلاء وَكَانَ يقْرَأ فِي كل يَوْم ربع الْقُرْآن نظرا فِي الْمُصحف وَيقوم بِهِ فِي اللَّيْل وَكَانَ إِذا كَانَ أَيَّام الرطب ثلم حَائِطه وَأذن للنَّاس يدْخلُونَ ويأكلون ويحملون وَهُوَ الَّذِي احتفر الْبِئْر الَّتِي فِي الْمَدِينَة منسوبة إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ بِئْر أعذب مِنْهَا
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقيل سِتّ وَعشْرين وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَجمع الْمَسْجِد الْحَرَام بَين عبد الْملك بن مَرْوَان وَبَين عبد الله بن الزبير وأخيه(19/361)
مُصعب وَعُرْوَة أَيَّام تآلفهم فَقَالَ بَعضهم هَلُمَّ فلنتمنه فَقَالَ عبد الله منيتي أَن أملك الْحَرَمَيْنِ وأنال الْخلَافَة وَقَالَ مُصعب منيتي أَن أملك العراقين وَأجْمع بَين عقيلتي قُرَيْش سكينَة بنت الْحُسَيْن وَعَائِشَة بنت طَلْحَة وَقَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان منيتي أَن أملك الأَرْض كلهَا وأخلف مُعَاوِيَة فَقَالَ عُرْوَة لست فِي شَيْء مِمَّا أَنْتُم فِيهِ منيتي الزّهْد فِي الدُّنْيَا والفوز فِي الْآخِرَة وأكون مِمَّن يرْوى عَنهُ هَذَا الْعلم فَبلغ كل مناه فَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان بعد ذَلِك يَقُول من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى عُرْوَة وَقدم عُرْوَة على الْوَلِيد بن عبد الْملك فَلَمَّا كَانَ فِي وَادي الْقرى وَقعت فِي رجله قرحَة فأشاروا عَلَيْهِ فِي مجْلِس الْوَلِيد بِأَن يقطعهَا وَإِلَّا أفسدت جَمِيع جسدك فدعي الجزار ليقطعها وَقَالُوا نسقيك الْخمر حَتَّى لَا تَجِد ألماً فَقَالَ لَا أستعين بِحرَام الله على مَا أرجوه من عافيته فَقَالُوا نسقيك مرقداً فَقَالَ مَا أحب أَن أسلب عضوا من أعضائي وَأَنا لَا أجد ألم ذَلِك فأحتسبه وَدخل عَلَيْهِ قوم أنكرهم فَقَالَ مَا هَؤُلَاءِ قَالُوا يمسكونك فَإِن الْأَلَم رُبمَا عزب مَعَه الصَّبْر فَقَالَ أَرْجُو أَن أكفيكم ذَلِك من نَفسِي فَقطعت ركبته بالسكين فِي مجْلِس الْوَلِيد والوليد مَشْغُول عَنهُ بِمن يحدثه وَلم يدر الْوَلِيد بقطعها حَتَّى شم رَائِحَة الكي بالنَّار هَكَذَا ذكر القتيبي وَقَالَ غَيره قَالَ دَعونِي أُصَلِّي)
فَإِنَّهُ كَانَ إِذا صلى اشْتغل عَن نَفسه بِالصَّلَاةِ فَقطعت وَهُوَ يُصَلِّي وَقيل إِنَّهَا قطعت بِالْمِنْشَارِ وأغلي لَهُ الزَّيْت فحسم بِهِ فَغشيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق وَهُوَ يمسح الْعرق قَالَ لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا وَمَا ترك ورده تِلْكَ اللَّيْلَة وَدخل ابْنه مُحَمَّد وَكَانَ يدعى زين المواكب لحسنه إسطبل الْوَلِيد فرفسته دَابَّة فَقتلته وَعُرْوَة لَا يعلم فَأَتَاهُ صديق لَهُ يزهده فِي الدُّنْيَا ويذكره الْمَوْت ويرغبه فِي الْآخِرَة فَظن عُرْوَة إِنَّمَا يعزيه عَمَّا ابْتُلِيَ بِهِ فِي جسده فَذكر لَهُ موت مُحَمَّد وَلَده فَاسْتَرْجع وَأَنْشَأَ يَقُول
(وَكنت إِذا الْأَيَّام أحدثن نكبة ... أَقُول شوى مَا لم يصبن صميمي)
وتمثل بِأَبْيَات معن بن أَوْس
(لعمري مَا أهديت كفي لريبة ... وَلَا حَملتنِي نَحْو فَاحِشَة رجْلي)
(وَلَا قادني سَمْعِي وَلَا بنصري لَهَا ... وَلَا دلَّنِي رَأْيِي عَلَيْهَا وَلَا عَقْلِي)
(وَأعلم أَنِّي لم تصبني مُصِيبَة ... من الدَّهْر إِلَّا قد أَصَابَت فَتى قبلي)
ثمَّ رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَقَالَ وَعزَّتك لَئِن كنت ابْتليت لقد عافيت وَلَئِن كنت قد أخذت لقد أبقيت أخذت وَاحِدًا وأبقيت لي سِتَّة وَأخذت طرفا وأبقيت ثَلَاثًا فَلَمَّا ارتحل إِلَى الْمَدِينَة وشارفها لَقيته أَشْرَاف قُرَيْش وَالْأَنْصَار وَأهل الْمَدِينَة فَمن بَين باك ومعز ومهن فَمَا سمع من كَلَامه إِلَّا قَوْله أَيهَا الناي من كَانَ يُرِيدنِي للصراع والسباق فقد أودى وَمن كَانَ يُرِيدنِي للْعلم والجاه فقد أبقى الله خيرا كثيرا وَلَقَد أحسن الله إِلَيّ وهب لي سبع بَنِينَ فمتعني بهم مَا(19/362)
شَاءَ ثمَّ أَخذ وَاحِدًا وَأبقى لي سِتَّة ووهب لي يدين وَرجلَيْنِ فمتعني بِهن مَا شَاءَ ثمَّ أَخذ مِنْهُنَّ وَاحِدَة وَأبقى لي ثَلَاثًا فَللَّه الْحَمد
وَذكر ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عِنْد ذكر المجهولين أَن رجلا من بني عبس وَفد على الْوَلِيد بن عبد الْملك للخؤولة فَسَأَلَهُ عَن حَاله وَعَن سَبَب ذهَاب عَيْنَيْهِ فَقَالَ مَا كَانَ فِي الأَرْض عبسي أَكثر مني مَالا وَولدا وَأهلا فَأتى السَّيْل لَيْلًا فَلم يبْق لي مَالا وَلَا أَهلا وَلَا ولدا إِلَّا ذهب بِهِ إِلَّا بنياً لي صَغِيرا وبعيراً فَحملت الصَّبِي وند الْبَعِير فَوضعت الصَّبِي وتبعت الْبَعِير فنفحني بِرجلِهِ ففقأ عَيْني وَرجعت إِلَى وَلَدي فَإِذا الذِّئْب يلغ فِي بَطْنه فَقَالَ الْوَلِيد إذهبوا بِهَذَا إِلَى عُرْوَة بن الزبير ليعلم أَن فِي الدُّنْيَا من هُوَ أعظم مُصِيبَة مِنْهُ
3 - (أَبُو عَامر اللَّيْثِيّ)
)
عُرْوَة بن أذينة أذينة لقب واسْمه يحيى بن مَالك أَبُو عَامر اللَّيْثِيّ الشَّاعِر الْحِجَازِي الْمَشْهُور سمع ابْن عمر وروى عَنهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَكَانَ من فحول الشُّعَرَاء قَالَ أَبُو دَاوُد لَا أعلم لَهُ إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وَمن شعره
(لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي ... أَن الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوف يأتيني)
(أسعى لَهُ فيعنيني تطلبه ... وَلَو قعدت أَتَانِي لَا يعنيني)
(فَإِن حَظّ امْرِئ غَيْرِي سيبلغه ... لَا بُد لَا بُد أَن يجتازه دوني)
(لَا خير فِي طمع يدني لمنقصة ... وعفة من عفاف الْعَيْش تكفيني)
(لَا أركب الْأَمر تزري بِي عواقبه ... وَلَا يعاب بِهِ عرضي وَلَا ديني)
(كم من فَقير غَنِي النَّفس نعرفه ... وَمن غَنِي فَقير النَّفس مِسْكين)
(وَمن هدو رماني لَو قصدت لَهُ ... إِن انطواءك عني سَوف يطويني)
(إِنِّي لأنظر فِيمَا كَانَ من أربي ... وَأكْثر الصمت فِيمَا لَيْسَ يعنيني)
(لَا أَبْتَغِي ونصل من يَبْغِي مقاطعتي ... وَلَا أَلين لمن لَا يَبْتَغِي ليني)
أَتَى هُوَ وَجَمَاعَة من الشُّعَرَاء إِلَى هِشَام بن عبد الْملك فتبينهم فَلَمَّا عرف عُرْوَة قَالَ لَهُ أَلَسْت الْقَائِل لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي البيتي فَقَالَ عُرْوَة نعم أَنا قَائِلهَا قَالَ فألا قعدت فِي بَيْتك حَتَّى يَأْتِيك رزقك وغفل عَنهُ هِشَام فَخرج عُرْوَة من وقته وَركب رَاحِلَته(19/363)
وَمضى منصرفاً ثمَّ افتقده هِشَام وَأتبعهُ بجائزته وَقَالَ للرسول قل لَهُ أردْت تكذيبنا وتصديق نَفسك فَلحقه وابلغه الرسَالَة وَدفع إِلَيْهِ الْجَائِزَة فَقَالَ قل لَهُ قد صدقني الله وَكَذبَك
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
ابْن عُرْوَة اسْمه مُحَمَّد بن عُرْوَة
(عريب)
3 - (عريب)
عريب بِفَتْح الْعين وَكسر الرَّاء ابْن حميد الدهني روى عَن عَليّ وعمار وَقيس بن سعد بن عبَادَة
3 - (الْمُغنيَة)
عريب الْمُغنيَة كَانَت بارعة الْحسن كَامِلَة الظّرْف حاذقة بِالْغنَاءِ وَقَول الشّعْر مَعْدُومَة الْمثل اشْتَرَاهَا المعتصم بِمِائَة ألف واعتقها وَيُقَال إِن جَعْفَر الْبَرْمَكِي أحب أمهَا وَأَنه اشْتَرَاهَا وأودعها فِي مَكَان خوفًا من أَبِيه فَأَتَت مِنْهُ بعريب وَالله أعلم وَتوفيت عريب فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمائتين
وَهِي بِفَتْح الْعين وَكسر الرَّاء وجدته بِخَط الْفُضَلَاء المحررين عريب وبخط بعض الْفُضَلَاء عريب بِضَم الْعين وَفتح الرَّاء وَالْأول أصح لِأَن إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر قَالَ فِيهَا
(زَعَمُوا أَي أحب عريبا ... صدقُوا وَالله حبا عجيبا)
(حل من قلبِي هَواهَا محلا ... لم تدع فِيهِ لخلق نَصِيبا)
(وَليقل من قد رأى النَّاس قدماً ... هَل رأى مثل عريب عريبا)
(هِيَ شمس وَالنِّسَاء نُجُوم ... فَإِذا لاحت أفلن غروبا)
قلت وَأهل عصرها أخبر باسمها وخصوصاً من بَينه وَبَينهَا مطارحات وَعشرَة مُتَّصِلَة وَمن شعره فِيهَا أَيْضا
(أَلا يَا عريب وقيت الردى ... وجنبك الله صرف الزَّمن)
(فَإنَّك أَصبَحت بَين النِّسَاء ... وَاحِدَة النَّاس فِي كل فن)
(فقربك يدني لذيذ الْحَيَاة ... وبعدك يَنْفِي لذيذ الوسن)(19/364)
(فَنعم الجليس وَنعم الأنيس ... وَنعم السمير وَنعم السكن)
وَكَانَت ذَات جوَار مشهورات بِالْغنَاءِ فمنهن تحفة الزامرة وبدعة الْمُغنيَة وَفِيهِمَا يَقُول إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر
(إِن عريباً خلقت وَحدهَا ... فِي كل مَا يحسن من أمرهَا)
(ونعمة الله فِي خلقه ... يقصر الْعَالم عَن شكرها)
)
(أشهد فِي جاريتيها على ... أَنَّهُمَا محسنتا دهرها)
(فبدعة تبدع فِي شدوها ... وتحفة تتحف فِي زمرها)
(يَا رب أمتعها بِمَا خولت ... وامدد لنا يَا رب فِي عمرها)
وَكَانَت من جواري الْمَأْمُون وَكَانَ شَدِيد الكلف بحبها وَمن شعرهَا
(وَأَنْتُم أنَاس فِيكُم الْغدر شِيمَة ... لكم أوجه شَتَّى وألسنة عشر)
(عجبت لقلبي كَيفَ يصبو إِلَيْكُم ... على عظم مَا يلقى وَلَيْسَ لَهُ صَبر)
حُكيَ أَن الْمَأْمُون أنشدها مداعباً
(أَنا الْمَأْمُون وَالْملك الْهمام ... عَليّ أَنِّي بحبك مستهام)
(أترضى ان أَمُوت عَلَيْك وجدا ... وَيبقى النَّاس لَيْسَ لَهُم إِمَام)
فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ والدك أَمِير الْمُؤمنِينَ هَارُون الرشيد أعشق مِنْك حِين يَقُول
(مَلَك الثلاثُ الآنِساتُ عِناني ... وحَلَلنَ من قلبِي بِكُل مَكَان)
(مَا لي تُطاوِعُني البريّةُ كُلُّها ... وأُطيعُهنّ وهنّ فِي عِصياني)
(مَا ذَاك إلاّ أنّ سلطانَ الهَوى ... وَبِه قوين أعز من سلطاني)
وَذَلِكَ أَن والدك أَمِير الْمُؤمنِينَ قدم ذكر جواريه على نَفسه وَأَنت قدمت ذكرك على من زعمت أَنَّك تهواه فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُون صدقت إِلَّا أنني مُنْفَرد بحبك وَحب الرشيد منقسم بَين ثَلَاث جواري وشتان بَين ربيبي الحبين فَقَالَت لَهُ أعرفهن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما الْوَاحِدَة وَهِي فُلَانَة وَكَانَت هِيَ الْمَقْصُودَة بحبه وَأما الأخريان فهما محبوبتان لَهَا فأحبهما لأَجلهَا وقربهما إِلَى بِسَبَبِهَا من قلبه كَمَا قَالَ خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة فِي رَملَة
(أحبُّ بني العوَّام من أجل حبِّها ... وَمن أجلهَا أَحْبَبْت أخوالها كَلْبا)
وكما قَالَ الآخر
(أحب لحبها السودَان حَتَّى ... أحب لحبها سود الْكلاب)(19/365)
فهذان أحبا القبيلتين من أجل محبوبتيهما وعشقا هذَيْن الوصفين تقرباً إِلَى قلب معشوقتيهما وَهَذَا الْمخْرج لعذر أَمِير الْمُؤمنِينَ هَارُون فَأَيْنَ الْمخْرج لعذر أَمِير الْمُؤمنِينَ فاستحيا مِنْهَا وَعظم وجده بهَا لما رأى من فَضلهَا وَحسن خطابها
وَكَانَ بَين عريب وَبَين إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر مطارحات ومداعبات مَذْكُورَة بَين أهل الْأَدَب من)
ذَلِك مَا حَكَاهُ الْفضل بن الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون قَالَ زارتني عريب يَوْمًا وَمَعَهَا عدَّة من جواريها فوافتنا وَنحن على شرابنا فتحدثت مَعنا سَاعَة وسألتها تقيم عِنْدِي فَأَبت وَقَالَت وعدت جمَاعَة من أهل الْأَدَب والظرف أَن أصير إِلَيْهِم وهم فِي جَزِيرَة الْمُؤَيد مِنْهُم إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَسَعِيد بن حميد وَيحيى بن عِيسَى بن مَنَارَة فَحَلَفت عَلَيْهَا فأقامت ودعت بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وكتبت إِلَيْهِم سطراً وَاحِدًا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أردْت وَلَوْلَا ولعلي ووجهت بالرقعة إِلَيْهِم فَلَمَّا وصلت قرأوها وعيوا بجوابها فَأَخذهَا إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر فَكتب تَحت أردْت لَيْت وَتَحْت لَوْلَا مَاذَا وَتَحْت لعَلي أَرْجُو وَوجه بالرقعة فَلَمَّا قرأتها طربت ونعرت وَقَالَت أَنا أترك هَؤُلَاءِ وأقعد عنْدكُمْ تركني الله إِذا من يَدَيْهِ فَقَامَتْ وَمَضَت إِلَيْهِم وَقَالَت لكم فِي جواري كِفَايَة وكتبت إِلَيْهِ مرّة وهب الله بَقَاءَك ممتعاً بِالنعَم مَا زلنا أمس فِي ذكرك فَمرَّة نمدحك وَمرَّة نأكلك ونذكرك بِمَا فِيك لوناً لوناً إجحد ذَنْبك الْآن وهات حجج الْكتاب ونفاقهم فَأَما خبرنَا أمس فَإنَّا شربنا من فضل نبيذك على تذكارك رطلا رطلا وَقد رفعنَا حسابنا إِلَيْك فارفع حِسَابك وخبرنا من زارك أمس وألهاك وَأي شَيْء كنت الْقِصَّة على جِهَتهَا وَلَا تخطرف فتحوجنا إِلَى كشفك والبحث عَنْك وَقل الْحق فَمن صدق نجا وَمن أحوجك إِلَى تَأْدِيب فَإنَّك لَا تحسن أَن تؤدبه وَالْحق أَقُول إِنَّه يعتريك كزاز شَدِيد يجوز حد الْبرد وَكَفاك بِهَذَا من قَول وَإِن عدت سَمِعت أَكثر من ذَلِك وَالسَّلَام وَقَالَ أَبُو عبد الله ابْن حمدون اجْتمعت أَنا وَإِبْرَاهِيم بن الْمُدبر وَابْن مَنَارَة وَالقَاسِم بن زرزور فِي بُسْتَان بالمطيرة فِي يَوْم غيم يهريق رذاذه ويقطر أحسن قطر وَنحن فِي أطيب عَيْش واحسن يَوْم فَلم نشعر إِلَّا بعريب قد أَقبلت من بعيد فَوَثَبَ إِبْرَاهِيم بن الْمُدبر من بَيْننَا وَخرج حافياً حَتَّى تلقاها وَأخذ بركابها حَتَّى نزلت وَقبل الأَرْض بَين يَديهَا وَكَانَت قد هجرته مُدَّة لشَيْء أنكرته عَلَيْهِ فَجَاءَت وَجَلَست وَأَقْبَلت عَلَيْهِ مبتسمة ثمَّ قَالَت غنما جِئْت إِلَى من هَاهُنَا لَا إِلَيْك فَاعْتَذر وشيعنا قَوْله وشفعنا لَهُ فرضيت وأقامت عندنَا يَوْمئِذٍ وباتت واصطبحنا من غَد وأقامت عندنَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم(19/366)
(بِأبي من حقق الظَّن بِهِ ... وأتانا زَائِرًا مبتديا)
(كَانَ كالغيث ترَاخى مُدَّة ... فَأتى بعد قنوط مرويا)
(طَابَ يَوْمَانِ لنا فِي قربه ... بعد شَهْرَيْن لهجر مضيا)
)
(فَأقر الله عَيْني وشفا ... سقماً كَانَ لجسمي مبليا)
ولعريب فِي هَذَا الشّعْر لحنان رمل وهزج بالوسطى وَلابْن الْمُدبر فِيهَا شعر كثير حدث اليزيدي قَالَ خرجنَا مَعَ الْمَأْمُون فِي خرجته إِلَى بِلَاد الرّوم فَرَأَيْت جَارِيَته عريب فِي هودج فَلَمَّا رأتني قَالَت يَا يزيدي أَنْشدني شعرًا قلته حَتَّى أصنع فِيهِ لحناً فأنشدت
(مَاذَا بقلبي من دوَام الخفق ... إِذا رَأَيْت لمعان الْبَرْق)
(من قبل الْأُرْدُن أَو دمشق ... لِأَن من أَهْوى بذاكم الْأُفق)
(ذَاك الَّذِي يملك مني رقي ... وَلست أبغي مَا حييت عتقي)
قَالَ فتنفست نفسا ظَنَنْت أَن ضلوعها تقصفت فَقلت
(إِنِّي لأحسب أَن الشيب غير حالتي ... وصير وصل الغانيات محرما)
عُلْوِيَّهُ الْمُغنِي اسْمه عَليّ بن عبد الله بن سيف يَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله
ابْن العلوية الصُّوفِي مُحَمَّد بن مَحْمُود
ابْن العلاف هبة الله بن الْحسن
(عَلان)
3 - (الشعوبي الْوراق)
عَلان الْوراق الشعوبي اصله من الْفرس وَكَانَ عَلامَة بالأنساب والمثالب والمنافرات مُنْقَطِعًا إِلَى البرامكة ينْسَخ فِي بَيت الْحِكْمَة للرشيد والمأمون والبرامكة عمل كتاب الميدان الَّذِي هتك فِيهِ الْعَرَب وَأظْهر مثالبها وَكَانَ قد عمل كتابا سَمَّاهُ الحلبة لم يتمه وانقرض أَثَره وابتدأ فِي كتاب الميدان ببني هَاشم ثمَّ قَبيلَة بعد قَبيلَة على التَّرْتِيب إِلَى آخر قبائل الْيمن على تَرْتِيب كتاب ابْن الْكَلْبِيّ وَكتاب فَضَائِل كنَانَة وَكتاب نسب النمر بن قاسط وَكتاب نسب تغلب بن وَائِل وَكتاب فَضَائِل ربيعَة(19/367)
وَكتاب المنافرة وَقَالَ عَلان مَرَرْت يَوْمًا بمخنث يغزل على حَائِط فَقَالَ لي من ابْن أَنْت قلت من الْبَصْرَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله تغير كل شَيْء كَانَت القرود تَأتي من الْيمن والآن تَجِيء من الْعرَاق وَلما قَالَ عبد الله ابْن طَاهِر قصيدته الَّتِي أَولهَا
(مدمن الإغضاء مَوْصُول ... ومديم العتب مملول)
وفخر فِيهَا بقتْله أَبِيه طَاهِر مُحَمَّدًا الْأمين أَجَابَهُ مُحَمَّد بن يزِيد الخصيبي بِأَبْيَات رد فِيهَا عَلَيْهِ وَقَالَ
(لَا يرعك القال والقيل ... كل مَا بلغت تحميل)
فَقَالَ عَلان قصيدة رد فِيهَا عَلَيْهِ وهجاه ومدح عبد الله بن طَاهِر وَفضل الْعَجم على الْعَرَب وأولها
(أَيهَا اللاطي بحفرته ... فِي قَرَار الأَرْض مجعول)
(قد تخاللنا على دخل ... واستخفتك التهاويل)
(وَأَبُو الْعَبَّاس غادية ... لعزاليها أهاليل)
(تمطر العقيان رَاحَته ... وَله بالجود تهطيل)
(رستمي فِي ذرى شرف ... زانه تَاج وإكليل)
(وَعَلِيهِ من جلالته ... كرم عد وتبجيل)
(إِن لي فخراً مباءته ... فِي قَرَار النَّجْم مأهول)
(وَرِجَال شربهم غدق ... هم لما حازوا مباذيل)
(كسرويات أبوتنا ... غرر زهر مقاويل)
)
عَلان النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن(19/368)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(عَليّ)
1 - عَليّ بن آدم الْبَزَّاز عَليّ بن آدم كَانَ من تجار الْكُوفَة يَبِيع الْبَز وَكَانَ صَالح الشّعْر فهوى جَارِيَة تدعى ممهلة واستهام بهَا مُدَّة ثمَّ بِيعَتْ فأسف عَلَيْهَا وَمَات أسفا وَله حَدِيث طَوِيل مَعهَا فِي كتاب مُفْرد مَشْهُور صنفه أهل الْكُوفَة لَهما ذكر فِيهِ قصصهما وقتا وقتا وَمَا قَالَ فِيهَا من الْأَشْعَار وَقيل انه مَاتَ لما بيعَة وَبَلغهَا خَبره فَمَاتَتْ أَيْضا وَمن شعره فِيهَا // (من مجزوء الْكَامِل) //
(يَا نصب عَيْني لَا أرى ... حَيْثُ الْتفت سواك شيا)
(إِنِّي لمَيت إِن صددت ... وَإِن وصلت رجعت حَيا)
وَقَالَ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة آخر من مَاتَ من الْعِشْق عَليّ بن آدم وَمن شعره فِيهَا // (من مجزوء الْكَامِل) //
(إِنِّي لما يعتادني ... من حب لابسة السوَاد)
(فِي فتْنَة وبلية ... مَا إِن يطيقها فُؤَادِي)
(فَبَقيت لَا دنيا أصبت ... وفاتني طلب الْمعَاد)
وَكَانَ شكا حَاله فِيهَا إِلَى أم جَعْفَر فَوَقَعت لَهُ بِمَا احب من المساعدة
2 - عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحسن الْقطَّان عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن سَلمَة بن بَحر أَبُو الْحسن الْقزْوِينِي الْحَافِظ الْقطَّان عَالم بِجَمِيعِ الْعُلُوم التَّفْسِير وَالْفِقْه والنحو واللغة ارتحل وسع وَله فَضَائِل اكثر من أَن تعد توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة لَقِي(20/5)
الْمبرد وثعلبا وَابْن أبي الدُّنْيَا وَهُوَ شيخ أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس الْقزْوِينِي وَكتبه محشوة بالرواية عَنهُ وَقَالَ لما علت سنه كنت لما خرجت إِلَى الرحلة احفظ مائَة ألف حَدِيث وَأَنا الْيَوْم لَا أقوم على حفظ مائَة حَدِيث وسع أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن الْفرج الْأَزْرَق والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد الدَّلال وخلقا من القزوينيين والرازيين والبغداديين وسع بِالْكُوفَةِ وَمَكَّة وَصَنْعَاء وهمدان وحلوان ونهاوند وَقد أَقَامَ الصّيام ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ يفْطر على الْخبز وَالْملح
3 - عَليّ بن إِبْرَاهِيم الحوفي النَّحْوِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن يُوسُف الحوفي اصله من شبر النَّخْلَة من خوف بلبيس من الديار المصرية أَخذ عَن أبي بكر بن عَليّ الإدفوي صَاحب النّحاس وَكَانَ نحويا قَارِئًا توفّي فِي مستهل ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة لَهُ من التصانيف كتاب الموضح فِي النَّحْو تَفْسِير الْقُرْآن قَالَ ياقوت بَلغنِي انه فِي ثَلَاثِينَ مُجَلد ضخمة بِخَط دَقِيق
4 - الْعمي الشيعي عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم القمي ذكره ابْن النديم وَذكره أَبُو جَعْفَر أَيْضا فِي مصنفي الإمامية وَقَالَ لَهُ كتب مِنْهَا كتاب التَّفْسِير كتاب النَّاسِخ والمنسوخ كتاب الْمَغَازِي كتاب الشَّرَائِع كتاب قرب الْإِسْنَاد كتاب المناقب كتاب أَخْبَار الْقُرْآن ورواياته
5 - الْكَاتِب عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْكَاتِب كَانَ من أهل الْمعرفَة وَتُوفِّي بعد الثَّمَانِينَ وثلاثمائة لَهُ كتاب فِي نسب بني عقيل جوده صنفه الْأَمِير الْمُقَلّد بن الْمسيب بن رَافع الْعَبَّادِيّ
6 - أَبُو الْقَاسِم الدهكي عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الدهكي قَالَ ياقوت هَكَذَا وجدته بِخَط عبد السَّلَام مكسور الدَّال والمحدثون يفتحونها وَهِي نِسْبَة إِلَى قَرْيَة من قرى الرى يُقَال لَهَا دهك بِالْكَاف(20/6)
هُوَ أَبُو الْقَاسِم أحد رُوَاة الْأَخْبَار وجماعي الْأَشْعَار قَرَأَ على أبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ كتاب الأغاني قَالَ ياقوت اُخْبُرْنَا الشَّيْخ الإِمَام النسبتين بَين دحْيَة وَالْحُسَيْن أَبُو الْخطاب عمر بن حسن الْمَعْرُوف بَان دحْيَة المغربي السبتي بِمصْر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة إجَازَة قَالَ أَنا شَيْخي أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن عميرَة الْمروزِي قَالَ أَنا أَبُو الْحسن يُونُس بن مُحَمَّد بن مغيث وَيعرف بِابْن الصفار عَن الشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بشير عَن أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي عَن أبي الْقَاسِم عَليّ بن إِبْرَاهِيم الدهكي عَن أبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ
7 - أَبُو الْحسن الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن نجا بن غَنَائِم أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ الْوَاعِظ الْحَنْبَلِيّ سبط أبيس الْفَرد عبد الْوَاحِد بن الْفرج الْحَنْبَلِيّ الدِّمَشْقِي سمع ضاله عبد الْوَهَّاب بن عبد الْوَاحِد الشِّيرَازِيّ الْحَنْبَلِيّ وَعلي بن أَحْمد بن مَنْصُور بن قبيس الغساني وَقد بَغْدَاد وَسمع بهَا أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدّلاّل وَعبد الْخَالِق ابْن أَحْمد بن يُوسُف وَأحمد بن مُحَمَّد بن أبي سعد الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهم وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِبَغْدَاد وَعَاد إِلَى دمشق ثمَّ قد بَغْدَاد رَسُولا من عِنْد نور الدّين الشَّهِيد ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام وَسكن مصر إِلَى أَن توفّي فِيهَا سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ مليح الْوَعْظ حُلْو الْإِيرَاد لطيف الطَّبْع لَهُ مكانة عِنْد الْمُلُوك وعاش عَيْشًا طيبا متلذذا بالمباحات من الْمطعم وَالْمشْرَب والملبس والمنكح وَكَانَ صَدُوقًا
8 - ابْن سعد الْخَيْر البلنسي عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن سعد الْخَيْر أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ البلنسي كَانَ مَعَ تفننه فِي الْعَرَبيَّة وتقدمه فِي الْآدَاب مَنْسُوبا إِلَى غَفلَة تغلب عَلَيْهِ وَله رسائل بديعة وتواليف مِنْهَا كتاب الْحلَل فِي شرح الْجمل للزجاجي ابتدأه من حَيْثُ انْتهى أَبُو مُحَمَّد البطليوسي وَكتاب جذوة الْبَيَان وفريدة العيقان وَكتاب القرط على الْكَامِل وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(أَلا سَائل الركْبَان هَل ظلّ لعلع ... كَمَا كَانَ مطلول الأصائل سجسجا)
(وَهل وردوا مَاء العذيب مناهلا ... إِذا صافحت كف النسيم تأرجا)
(وَعَن حرجات الْحَيّ مَا لي وَمَالهَا ... تجدّد لي شوقا إِذا الركب عرجا)(20/7)
(وَعَن أَثلَاث الْجزع هَل مَال ظلها ... وَهل تخذت ريح الصِّبَا مِنْهُ مدرجا)
(لَئِن ظمئت نَفسِي إِلَيْهَا فطالما ... وَردت بمغناهن أشنب أفلجا)
(بِحَيْثُ يشف السّتْر عَن مَاء مبسم ... أرى بَاب صبري عَنهُ أبهم مرتجا)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(بِأبي من بني الْمُلُوك عَزِيز ... قد ترديت فِيهِ برد التصابي)
(ضاعفت حسنه ضفيرة شعر ... هِيَ مِنْهُ طراز برد الشَّبَاب)
(تتلوى على الرِّدَاء مراحا ... كحباب ينساب فَوق حباب)
وَمِنْه فِي سَحَابَة // (من المتقارب) //
(وسارية سحبت ذيلها ... وهزت على الْأُفق أعطافها)
(تسل البروق بأرجائها ... كَمَا سلت الزنج أسيافها)
وَمِنْه أَيْضا // (من المتقارب) //
(بدا الْبَدْر فِي أفقه لابسا ... ثيابًا من الشَّفق الْأَحْمَر)
(فشبهته والدجى حَائِل ... عروسا تزف إِلَى أسمر)
وَمِنْه فِي رمانة مفتحة // (من المتقارب) //
(وساكنة من ظلال الغصون ... بخدر تروقك أفنانه)
(تضاحك أترابها عِنْدَمَا ... غَدا الجو تَدْمَع أجفانه)
(كَمَا فتح اللَّيْث فَاه وَقد ... تفرج بِالدَّمِ أَسْنَانه)
وَمِنْه يصف إبرة فِي لبد احمر // (من مخلع الْبَسِيط) //
(ومخيط ضَاقَ عَنهُ وصفي ... يعجز عَن فعله الْيَمَانِيّ)
(يكمن فِي لبدة ويبدو ... كالعرق فِي بَاطِن اللِّسَان)
وَمِنْه فِي حَلقَة كتاب اصطف بهَا غربان // (من الطَّوِيل) //
(ومخضرة الأرجاء قد طلها الندى ... وقابلها أنف الصِّبَا بتنفس)
(تبدى بهَا الْغرْبَان سطرا كَمَا بَدَت ... ضفيرة شعر فَوق بردة سندس)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //(20/8)
(لله دولاب يفِيض بسلسل ... فِي رَوْضَة قد أينعت أفنانها)
(قد طارحته بهَا الحمائم شجوها ... فيجيبها وَيرجع الألحانا)
(فَكَأَنَّهُ دنف يَدُور بمعهد ... يبكي وَيسْأل فِيهِ عَمَّن كَانَا)
(ضَاقَتْ مجاري جفْنه عَن دمعه ... فتفتحت أضلاعه أجفانا)
وَمِنْه فِي كلة // (من الطَّوِيل) //
(حميت الَّذِي يَبْغِي لدي مَنَامه ... إِذا كَانَ خبر أَو تطوق قرقس)
(كأنى فؤاد حشوه الْبر والتقى ... وَمن حوله جن البعوض توسوس)
وَمِنْه فِي مليح ارمد وَقد لبس ثيابًا حمرا
(ومهفهف تجْرِي بصفحة خَدّه ... ولماه من مَاء الْحَيَاة عبابه)
(مَا زَالَ يهتك باللحاظ قُلُوبنَا ... حَتَّى تضرج طرفه وثيابه)
(فَبَدَا بحمرة ذَا وَحُمرَة هَذِه ... كالسيف يدمي حَده وقرابه)
وَمِنْه // (من مجزوء الوافر) //
(فتاة مَا بَدَت إِلَّا ... هزئت بصفحة الْبَدْر)
(وَأَيْنَ الْبَدْر من شمس ... ترى فِي مطلع الخدر)
قلت شعر جيد فِيهِ غوص وجزالة وَحسن تخيل
9 - ابْن هِشَام الْحَنَفِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن خنشام بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة والشين الْمُعْجَمَة وَبعد النُّون ألف وَمِيم ابْن أَحْمد الْفَقِيه أَبُو الْحسن الْحميدِي الْكرْدِي الْحلَبِي من كبار الْحَنَفِيَّة روى عَنهُ الدمياطي والبدر مُحَمَّد بن النوزي وَغَيرهمَا عدم بحلب عِنْد دُخُول التتار إِلَيْهَا فِي سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
10 - الْأَزْدِيّ الشِّيرَازِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حمويه أَبُو الْحسن الْأَزْدِيّ الشِّيرَازِيّ كَانَ من الْفضل والثقة وَكَانَ حَيا فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والأربعمائة
11 - الطَّبِيب ابْن بكس عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن بكس قَالَ ابْن اصيبعة كَانَ طَبِيبا فَاضلا عَالما بصناعة الطِّبّ مَشْهُورا بهَا جيد الْمعرفَة بِالنَّقْلِ وَقد نقل كتبا كَثِيرَة إِلَى الْعَرَبيَّة(20/9)
عَليّ بن إِبْرَاهِيم الوَاسِطِيّ نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ ابْن صاعد وَأَبُو عَمْرو السماك فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَليّ بن روح بن عبَادَة قَالَ الْحَاكِم هُوَ الوَاسِطِيّ هَذَا وَقَالَ ابْن عدي أشبه أَن يكون عَليّ بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن إشكاب وَالله أعلم
12 - الْمُؤَيد ابْن خطيب عقرباء عَليّ بن إِبْرَاهِيم ابْن الْخَطِيب يحيى بن عبد الرَّزَّاق بن يحيى الْعدْل الْمسند مؤيد الدّين أَبُو الْحسن الزبيدِيّ الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي ابْن خطيب عقرباء ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة سمع من جده والناصح ابْن الْحَنْبَلِيّ وَابْن غَسَّان والإربلي وَابْن اللتي وَالْقَاضِي ابْن الشِّيرَازِيّ وَسَالم بن صصرى وَمُحَمّد بن نصر الْقرشِي وَحج فَسمع بِالْمَدِينَةِ من النَّجْم سَلام وَكَانَ دينا متواضعا ولي مخزن الْأَيْتَام وناب فِي نظر الْجَامِع وَغير ذَلِك وَشهد على الْقُضَاة
13 - عَلَاء الدّين الْعَطَّار الشَّافِعِي عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد الشَّيْخ الإِمَام الْمُفْتِي الْمُحدث الصَّالح بَقِيَّة السّلف عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن ابْن الْمُوفق الْعَطَّار ابْن الطَّبِيب الشَّافِعِي شيخ دَار الحَدِيث النورية ومدرس القوحية والعلمية ولد يَوْم الْفطر سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَسمع من ابْن عبد الدايم وَابْن أبي الْيُسْر وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله وَالْجمال بن الصَّيْرَفِي وَابْن أبي الْخَيْر وَالْمجد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عَسَاكِر والعماد مُحَمَّد بن صصرى وَابْن مَالك شيخ الْعَرَبيَّة وَالشَّمْس بن أبي هامل وَأبي بكر مُحَمَّد بن البشتي وخطيب بَيت الْآبَار وَمُحَمّد بن عمر الْخَطِيب والقطب ابْن أبي عصرون وَأحمد بن هبة الله الكهفي والكمال بن فَارس الْمقري وَالشَّيْخ حسن الصّقليّ والفقيه زُهَيْر الزرعي وَالْقَاضِي أبي مُحَمَّد بن عَطاء الْأَذْرَعِيّ ومدللة بنت الشيرجي وإلياس بن علوان الْمقري وَغَيرهم وَسمع بِمَكَّة من يُوسُف بن إِسْحَاق الطَّبَرِيّ وَأبي الْيمن بن عَسَاكِر وبالمدينة من أَحْمد بن مُحَمَّد النقيبي وبالقدس من قطب الدّين الزُّهْرِيّ وبنابلس من الْعِمَاد عبد الْحَافِظ وبالقاهرة من الأبرقوهي وَابْن دَقِيق الْعِيد وَعمل لَهُ الشَّيْخ شمس الدّين معجما سَمعه الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني بقرَاءَته سنة سبع وَتِسْعين وَابْن الْفَخر وَابْن الْمجد وَالْمجد الصَّيْرَفِي والبرزالي والمقاتلي وَصَحب الشَّيْخ مُحي الدّين النَّوَوِيّ(20/10)
وتفقه عَلَيْهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّنْبِيه وَأفْتى ودرس وَجمع وصنف وَنسخ الْأَجْزَاء وَدَار مَعَ الطّلبَة وَسمع الْكثير وَكَانَ فِيهِ زهد وَتعبد وامر بِالْمَعْرُوفِ على زعارة فِي أخلاقه وَله اتِّبَاع ومحبون أُصِيب بالفالج سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وَكَانَ يحمل فِي محفة إِلَى الْمدَارِس والى الْجَامِع رَأَيْته غير مرّة وَلم اسْمَع مِنْهُ وَكَانَ وَالِده يَهُودِيّا
14 - ابْن الْعَلَاء الْمصْرِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن الْعَلَاء الْمصْرِيّ توجه إِلَى مصر ومدح الْأَفْضَل قيل إِن فَخر الْملك ابْن عمار صَاحب طرابلس اقترح على الشُّعَرَاء أَن يعملوا لَهُ على وزن قصيدة ابْن هَانِئ وَهِي // (من الْكَامِل) //
(فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر)
فسبهم أَبُو الْحسن بن الْعَلَاء هَذَا ونظم مَا أعجبه وَأَجَازَهُ عَلَيْهِ وَاسْتغْنى بِهِ عَنْهُم وَهُوَ // (من الْكَامِل) //
(هَل بارع الشُّعَرَاء غير مقصر ... عَن بارع من مجدك المتخير)
(أم كنهه مَا لَيْسَ ندركه بِهِ ... أقوى كمنسوف الجمابه مُخَيّر)
(فعلى البليغ الْجهد مِنْهُ فَإِن نجد ... عهر وَإِن يَك مقصرا فليعذر)
(يَا نَاصِر الدّين الَّذِي لما يظل ... عَنهُ مقارعة العدى لم ينعر)
(ليطل بقاؤك للمكارم والعلى ... فربوعهن معالم لم تدثر)
(ولترع عين الله مِنْك حلاحلا ... سبق الورى سبق الْجواد الْمحْضر)
(يحتاطك التَّوْفِيق لَا يألوك ... فِي تسهيله لَك كل صَعب أوعر)
(وَإِذا دجت ظلم الْأُمُور فَلَا تزل ... سفافها بسراج رَأْي أنور)
كَذَا قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَأورد هَذِه القصيدة بمجموعها فِي الخريدة وَلَيْسَت بطائل وَالْعجب أَن تكون هَذِه تناظر تِلْكَ القصيدة الَّتِي لِابْنِ هَانِئ حَتَّى لقد قلت أَنا // (من الْكَامِل) //
(إِن كَانَ نظمك مثل هَذَا كُله ... فِيمَا أرَاهُ من الركالة فانشر)
وَأورد الْعِمَاد الْكَاتِب لَهُ أَيْضا فِي الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش // (من الْكَامِل) //
(زارت وواشيها نسيم الْمنزل ... ورقيبها فِي اللَّيْل وسواس الْحلِيّ)
مِنْهَا // (من الْكَامِل) //(20/11)
(وَسمعت فِي الدُّنْيَا بسبعة أبحر ... وَرَأَيْت ثامنها يَمِين الْأَفْضَل)
15 - التجاني البَجلِيّ عَليّ بن إِبْرَاهِيم التجاني البَجلِيّ اخبرني الْعَلامَة أثير الدّين الْمَذْكُور أستاذ تونس يقْرَأ عَلَيْهِ النَّحْو وَالْأَدب قدم علينا حَاجا وأنشدنا بِالْقَاهِرَةِ لنَفسِهِ // (من السَّرِيع) //
(إِن الَّذِي يروي وَلكنه ... يجهل مَا يروي وَمَا يكْتب)
(كصخرة تنبع أمواهها ... تَسْقِي الأراضى وَهِي لَا تشرب)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ وَكَانَ الممدوح قد وهبه مَالا عونا على الْحَج // (من السَّرِيع) //
(يَا سيدا قَامَت لدهري بِهِ ... على الَّذِي يعتبه الْحجَّة)
(جودك للنَّاس ربيع ولى ... مِنْهُ ربيعان وَذُو الْحجَّة)
16 - ابْن الزبير الأسواني عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الزبير الأسواني وَالِد القَاضِي الرشيد وَالْقَاضِي الْمُهَذّب وَقد تقدم ذكرهمَا فِي مكانيهما كَانَ فَاضلا شَاعِرًا رَئِيسا وروى عَنهُ ابْن أَخِيه القَاضِي الْمُوفق مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن الرَّاعِي وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(يَا سائلي عَمَّا لقِيت من الْأسر ... لفراقهم مَا الشوق مِمَّا يُوصف)
(حَتَّى مَتى يتجلد القلق الحشا ... وَإِلَى مَتى يتَكَلَّف الْمُتَكَلف)
(أحبابنا وَالله مَا لي حِيلَة ... فِي الْبعد إِلَّا أنني أتشوف)
(أَنا من عَرَفْتُمْ لَا أميل عَن الْهوى ... عَمَّن عرفت بِهِ لمن لَا أعرف)
(لتطيب نفوسكم الْغَدَاة فَإِنَّهُ لي نفسا ... تفيض مَعَ الدُّمُوع وتذرف)
(قَالُوا بَكَيْت دَمًا فَقلت وهمتم ... مَا كنت إِلَّا من جفول أرعف)
(لَو لم يبت قلبِي قَتِيل هواكم ... لم تمس أجفاني جراحا تنزف)
17 - عَلَاء الدّين ابْن الشاطر عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْهمام أبي مُحَمَّد بن(20/12)
إِبْرَاهِيم بن حسان بن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت الْأنْصَارِيّ الأوسي هُوَ الإِمَام فريد الزَّمَان الْمُحَقق المتقن البارع الرياضي أعجوبة الدَّهْر الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن الشاطر رَئِيس المؤذنين بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق قَرَأَ على عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف وَكَانَ يعرف بِابْن الشاطر فَسمى هُوَ بذلك سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي خَامِس عشر شعْبَان سنة خمس وَسَبْعمائة بِدِمَشْق رَأَيْته غير مرّة وَدخلت إِلَى منزله فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة لرؤية الإسطرلاب الَّذِي أبدع وَضعه فَوَجَدته قد وَضعه فِي قَائِم حَائِط فِي منزله دَاخل بَاب الفراديس فِي درب الطيار وَرَأَيْت هَذَا الإسطرلاب فَأَنْشَأَ لي طَربا وجدد لي فِي المعارف أربا وَعلمت بِهِ أَن من تقدمه من الأفاضل عِنْد جبل علمه الراسخ هباء فَلَو رَآهُ النصير الطوسي لما كَانَت متوسطاته إِلَّا مبادي أَو الْمُؤَيد الفرضي لخذل عِنْد الحواضر والبوادي أَو القطب الشِّيرَازِيّ لما خرج عَن دائرته إِلَى يَوْم التنادي بل لَو رَآهُ أقليدس كَمَا كَانَ إِلَّا نقطة من خطه أرشميدس لتراءى شكله قطاعا فِي تحريره وَضَبطه فسبحان من يفِيض على بعض النُّفُوس مَا يَشَاء من الْمَوَاهِب ويجدد فِي كل عصر من يحيي رسوم الْفضل الَّذِي عدم فِي اللَّيَالِي الذواهب لَا إِلَه غَيره وَصُورَة هَذَا الإسطرلاب الْمَذْكُور قطره مِقْدَار نصف أَو ثلث بِذِرَاع الْعَمَل تَقْرِيبًا يَدُور أبدا على الدَّوَام فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة من غير رمل رحى وَلَا مَاء على تحركات الْفلك لكنه نسق بتثاقيل قد رتبها على أوضاع مَخْصُوصَة تعلم مِنْهُ السَّاعَات المستوية والساعات الزمانية بحركة وَاحِدَة وَهنا من اغرب مَا يكون وَيعلم من الطالع وَالْغَارِب والمتوسط وَالْوتر وَيعلم مِنْهُ ارْتِفَاع الشَّمْس وسمتها وسعة مشرقها وَوقت طُلُوع الْكَوَاكِب وتوسطها وغروبها وَمَا يتَعَلَّق بذلك من سَعَة الطُّلُوع والغروب والبعد والمطالع وَبِالْجُمْلَةِ فَكل مَا فِي رسائل الإسطرلاب من الْأَبْوَاب والأعمال فانه يظْهر فِي هَذَا الإسطرلاب للعيان من غير عمل يوضع يَد أَو غَيرهَا وَفَوق الإسطرلاب دَائِرَة تَدور دورة كَامِلَة فِي ربع دَرَجَة والزوايا مقسومة بِخَمْسِينَ قسما مُتَسَاوِيَة ومقسومة أَيْضا بِخَمْسَة عشر قسم مُتَسَاوِيَة وَفِي مَرْكَز هَذِه الدائرة شخص يَمْتَد إِلَى محيطها وَكلهَا وصل رَأس الشَّخْص إِلَى أول قسم من الْخَمْسَة عشر كَانَ جُزْءا وَاحِدًا من سِتِّينَ جُزْء من الدرجَة الْوَاحِدَة وَهُوَ دقيقة وَهُوَ وَاضح مِقْدَاره فِي الْعين مساحة إِصْبَعَيْنِ وَذَا وصل الشَّخْص الْمَذْكُور إِلَى أول قسم من الْأَقْسَام الخمسينية كَانَ جُزْءا من مِائَتي جُزْء من الدرجَة الْوَاحِدَة فعلى هَذَا تكون السَّاعَة منقسمة بستين قسما بِكَمَال الدورة وبتسعمائة قسم من الْأَقْسَام الثَّانِيَة وبثلاثة آلَاف قسم من(20/13)
الْأَقْسَام الثَّالِثَة فَيكون الْيَوْم بلياليه منقسما مِائَتَيْنِ وَسبعين ألفا قسم مُتَسَاوِيَة وكل مِنْهَا مدرك بالبصر مساحة عرضه دون الإصبع وَفِي كل قسم من هَذِه الْأَقْسَام الِاثْنَيْنِ وَالسبْعين ألفا يسمع عِنْد مُضِيّ كل قسم دقة من آلَة تذهبا وتجئ على أَعلَى الإسطرلاب وَفِي أَعْلَاهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب إِذا مَضَت سَاعَة مستوية وَالْبَاب الثَّالِث الْأَوْسَط يسْقط مِنْهُ بندقة فِي الكأس الْأَيْمن عِنْد أول كل وَقت من أَوْقَات الصَّلَوَات الْخمس فَيعلم بلك دُخُول أول الْوَقْت الشَّرْعِيّ ومجموع هَذَا الإسطرلاب وَمَا يحركه من الْآلَات فِي مساحة ذِرَاع تَقْرِيبًا طولا وعرضا وعمقا وَأما حسن هَذَا الإسطرلاب وَوَضعه وتحرير آلاته وإتقانها وظرفها فَفِي غَايَة الْحسن وَالَّذِي أقوله فِي هَذَا أَن الْإِنْسَان الْعَارِف لَو سمع بهَا فِي إقليم بعدِي من مَكَانَهُ وَكَانَت الطَّرِيق مشقة وكابد أهوالها فِي السَّعْي إِلَى رُؤْيَته وظفر بِرُؤْيَتِهِ لما أضاع زَمَانا وَلَا تعبا فان هَذَا أَمر لم اسْمَع بِهِ أَنه اتّفق لغيره فِي الْوُجُود وَلما رَأَيْت الإسطرلاب خطر لي معنى فنظمته وَهُوَ // (من الْكَامِل) //
(أفلاك شوقي مذ تغيب شخصكم ... دارت على قطب الجوى فِي خاطري)
(لَا يعتريها فَتْرَة فِي دورها ... فَكَأَنَّهَا اسطرلاب ابْن الشاطر)
وَذكر لي أَن الإشكالات الَّتِي وَقعت فِي أرصاد الْمُتَقَدِّمين وَفِي الطّرق الَّتِي حد سوها على هَيْئَة أفلاك الْكَوَاكِب السيارة الجامعة لحركاتها الْمَوْجُودَة بالعيان جملَة الأول قرب فلك البروج من معدل النَّهَار الثَّانِي حَرَكَة الإقبال والإدبار الثَّالِث كَون حَامِل تدوير الْقَمَر بقطه قسيا مُتَسَاوِيَة فِي أزمنة مُتَسَاوِيَة إِلَى مَرْكَز الْعَالم لَا إِلَى مركزه الرَّابِع محاذاة قطر فلك تدوير الْقَمَر إِذا تحرّك من الأوج إِلَى الحضيض الْخَامِس أفلاك معدلات الْمسير للكواكب السيارة السَّادِس عرُوض الْكَوَاكِب السَّابِع الأفلاك الْخَوَارِج المراكز العلوية فَإِنَّهَا فِي الأوضاع الْمَشْهُورَة تقطع قسيا مُتَسَاوِيَة فِي أزمنة مُخْتَلفَة لِأَن اسْتِوَاء حركتها مرصود عِنْد مراكز أفلاك معدلات الْمسير(20/14)
الثَّامِن فلك مسير عُطَارِد التَّاسِع الْخَارِج المركز لعطارد فان اسْتِوَاء حركته عِنْد مَرْكَز معدل الْمسير لَهُ الْعَاشِر كَون عرض الزهرة غير ثَابت بل ينْتَقل من الْجنُوب على الشمَال وَبِالْعَكْسِ قَالَ النصير الطوسي حاولنا إِزَالَة الإشكالات وَمَا يتَفَرَّع مِنْهَا فَلم يُمكن إِلَى الْآن قَالَ عَلَاء الدّين صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة ثمَّ ظهر لي إشكالات آخر مِنْهَا عشرَة فِي الْقَمَر وَأَرْبَعَة من كل كَوْكَب من الْكَوَاكِب السيارة خلا عُطَارِد فَفِيهِ خمس اشكالات قَالَ فَأَما الْإِشْكَال الأول وَالثَّانِي وهما قرب فلك البروج من معدل النَّهَار وحركة الإقبال والإدبار فَإِنِّي وضعت فِي ذَلِك مقالتين بيّنت فيهمَا مَا وَقع للأقدمين والمتأخرين من الأرصاد إِلَى تاريخي وَثَبت بِمَا ظهر لي من تِلْكَ الأرصاد عدم الإشكالين ثمَّ فرضت صِحَة الإشكالين وتتبع بِهِ الأرصاد الْمَذْكُورَة فَلم يتطابق الرصد من زمَان البرخس إِلَى تاريخنا وَوجدت الْخلَل من ثَلَاثَة أَشْيَاء أَحدهَا الَّذِي كَانَ ظهر لبَعض الأقدمين إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب مَا حد سوه من أوضاع هَيْئَة أفلاك الشَّمْس وَالثَّانِي من حركات الشَّمْس وَالثَّالِث أَن الأقدمين بنوا أَمرهم فِي ذَلِك على إضاءة الهدفة الْمُقَابلَة الهدفة الْقَرِيبَة إِلَى الشَّمْس بإضاءة تَامَّة وَمن الْمَعْلُوم أَن ظلّ الهدفة الْعليا إِذا وَقع على الهدفة الْوُسْطَى لم يَسْتُرهَا من الْجِهَات الثَّلَاث سترا تَاما دفْعَة وَاحِدَة فَمن هُنَا ظهر أَن فِي الِارْتفَاع على وضع الأقدمين يكون تفَاوت وَقع من قبله الْإِشْكَال وَأما الإشكالات الْبَاقِيَة فِيمَا يتَعَلَّق بالكواكب فقد وضعت لَهَا أوضاعا أزلت بهَا تِلْكَ الإشكالات وأقمت عَلَيْهَا براهين هندسية ورصدية ذكرتها فِي كتاب مُخْتَصّ بذلك وسميته تَعْلِيق الْأَوْتَاد وتكلمت فِي ذَلِك كُله على مَا يلْزم من الْأُمُور الحسابية والهندسية وَوضعت فِي بعض ذَلِك طرقا مختصرة تغني عَمَّا بَسطه الأقدمون من ذَلِك انه حصل لي مقوم الْقَمَر من تَعْدِيل وَاحِد مَعَ مُطَابقَة الترصد وَفِي الْمَشْهُور أَربع تعاديل وَمن عُلُوم عَلَاء الدّين بن الشاطر كتاب أرقليدس والهندسة الثَّانِيَة وَمَا يتَعَلَّق بِالْحِسَابِ والجبر والمقابلة وفن المساحة وَأما من وَضعه من آلَات الْوَقْت فَمِنْهَا آلَة سَمَّاهَا الرّبع التَّام لمواقيت الْإِسْلَام وَالرّبع الْجَامِع والممرات الآفاقية وَالرّبع المجبع والآلة الجامعة وكل آلَة من هَذِه وضع لَهَا رِسَالَة تخصها(20/15)
وَوضع كتابا سَمَّاهُ نِهَايَة الغايات فِي أَعمال الفلكيات وكتابا فِي المساحة وكتابا فِي الْحساب وكتابا فِي الهندسة سَمَّاهُ الْمَحْصُول فِي ضبط الْأُصُول وَكتاب الذّبْح السيفي وَضعه للأمير سيف الدّين تنكز واما صناعَة التطعيم والنجارة والنحت فَلهُ فِي ذَلِك الْيَد الطُّولى مَعَ الإتقان والتحرير
18 - ابْن قرناص الشَّافِعِي عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عبد المحسن بن قرناص عَلَاء الدّين الْخُزَاعِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي ابْن قرناص ولد سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة بِدِمَشْق اخذ عَن جمَاعَة وَسمع وَنسخ وَقَرَأَ على الشُّيُوخ وَلم يكثر سمع بِمصْر من ابْن خطيب المزة وبدمشق من شرف الدّين ابْن عَسَاكِر وَكَانَ فصيح الْقِرَاءَة قَلِيل الدربة بِالرِّجَالِ وَله نظم من شعره
19 - ابْن الثرد الْوَاعِظ عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن معتوق بن عبد الْمجِيد بن وَفَاء عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ المنشأ الْمَعْرُوف بِابْن الثردة الْوَاعِظ سَأَلته عَن مولده فَقَالَ بكرَة الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشْرين شعْبَان سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة قدم إِلَى دمشق مَرَّات وَوعظ بهَا بالجامع الْأمَوِي ثمَّ إِنَّه حصل لَهُ خلط سوداوي فَتغير حَاله وَكَانَ يَدعِي فِي هَذِه الْحَالة أَنه كَانَت لَهُ بِبَغْدَاد كتب تَقْدِير ألفى مجلدة وَأَن جمَاعَة من التُّجَّار الَّذين قدمُوا إِلَى دمشق اغتصبوها واخذوها مِنْهُ وَلم يلق من يساعده على ذَلِك وَكَانَ ذَلِك كُله من مخيلة السَّوْدَاء فَسَاءَتْ حَاله وأضرت بِهِ والتحق بعقلاء المجانين وَكَانَ يتَّخذ كارة يحملهَا تَحت إبطه لَا يفارقها لَيْلًا وَلَا نَهَارا بِحَيْثُ أَنه كَانَ إِذا دخل إِلَى الطَّهَارَة يكون جَالِسا وَهِي تَحت إبطه وَكلما وجدت خيطا أَو حبلا شدها بِهِ فَلَا تزَال فِي نمو وَزِيَادَة وَهُوَ حاملها وَكَانَ يَقُول لَو دفع لي فِيهَا ألف دِينَار مَا بعتها وَكَانَ ينظم الشّعْر الْجيد فِي هَذِه الْحَالة وعلق عني أَشْيَاء وعلقت عَنهُ وَكَانَ إِذا دفع(20/16)
إِلَيْهِ أحد شَيْئا من دَرَاهِم أَو غَيرهَا يَقُول من أَنْت أَظن عنْدك شَيْئا من كتبي فَأَنت تبرطلني على ذَلِك وَلَا يقبل لأحد شَيْئا إِلَّا بعد الْجهد وَكنت أرَاهُ فأتألم لَهُ وأتوجع لما أَصَابَهُ وَآخر الْأَمر لما زَادَت تِلْكَ الكارة وثقلت ابطل حملهَا ثمَّ انه مرض وَحمل إِلَى المارستان النوري فطالت علته وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي أول ربيع الآخر سنة خمسين وَسَبْعمائة وَكتب قصيدة إِلَى الْأَمِير سيف الدّين كافل السلطنة بِدِمَشْق يشكو فِيهَا خصومه وَهِي // (من الْكَامِل) //
(يَا نَائِب السُّلْطَان لَا تَكُ غافلا ... عَن قتل قوم للظواهر زوقوا)
(قوم لَهُم وَقع وَذكر فِي الورى ... وَيرى عَلَيْهِم للمهابة رونق)
(وَإِذا رَأَوْا شَيْئا عَلَيْهِ تحيلوا ... فِي أَخذه وتأولوا وتملقوا)
(مَا هم تجار بل لصوص كلهم ... فَأمر بهم أَن يقتلُوا أَو يشنقوا)
(ألمين دأبهم إِذا مَا حدثوا ... مَا فيهم من فِي كَلَام يصدق)
(مرقوا من الدّين الحنيف بأسرهم ... كالسهم ظلّ من الرَّمية يَمْرُق)
(كم أستغيث وَكم أصيح وأشتكي ... مِنْهُم إِلَيْك وَكم لقلبي أحرقوا)
(سدوا عَليّ الطّرق بغيا مِنْهُم ... أَنِّي اتجهت وللأعادي أذلقوا)
(وَأتوا بِمَالي من لآمة طبعهم ... نَحْو الشآم وَبينهمْ قد فرقوا)
(وأراك لَا تجدي لديك شكاية ... إِلَّا كَأَنَّك حَائِط لَا ينْطق)
(مَاذَا جوابك حِين تسْأَل فِي غَد ... عَنْهُم ورأسك من حياتك مطرق)
(مَا أَنْت رَاع والأنام رعية ... وَإِذا ركبت لَك الْمُلُوك تطرق)
(كن منصف الْمَظْلُوم من غُرَمَائه ... فالبغي مصرعه وَفعل موبق)
(واكشف ظلامه من شكا من خَصمه ... فَالْحق حق وَاضح هُوَ مشرق)
(لَا تعف عَن قوم سعوا بفسادهم ... فِي الأَرْض بغيا مِنْهُم وتحرقوا)
(وانصب لَهُم شرك الردى إِن أنجدوا ... أَو أتهموا أَو أشأموا أَو أعرقوا)
(لَا تبترق مِنْهُم وَإِن هم أسرجوا ... أَو ألجموا أَو أرعدوا أَو أبرقوا)
(وَمَتى ظَفرت بمفسد لَا تبقه ... فبقاؤه للنَّاس ضرّ مقلق)
(واكفف أكف الظَّالِمين عَن الورى ... ليكف عَنْك الله شرا يطْرق)(20/17)
(لَا زلت سَيْفا للأعادي قَاطعا ... ورؤوسهم مهما حييت تحلق)
(وَبقيت فِي مجد رفيع لَا يهى ... وبنود نصرك عاليات تخفق)
20 - أَمِير الْمُؤمنِينَ المكتفي بِاللَّه عَليّ بن أَحْمد بن طَلْحَة بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ المكتفي بِاللَّه بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور الْهَاشِمِي العباسي ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ كَانَ معتدل الْقَامَة دري اللَّوْن اسود الشّعْر حسن اللِّحْيَة جميل الصُّورَة بُويِعَ لَهُ بالخلافة عِنْد موت وَالِده فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَثَمَانِينَ وَكَانَت أَيَّامه سِتَّة أَعْوَام وَنصفا وَمَات شَابًّا فِي ذِي الْقعدَة وبويع بعده أَخُوهُ المقتدر وَقد دخل فِي أَربع عشرَة سنة بتفويض المكتفي إِلَيْهِ فِي مَرضه بعد أَن سُئِلَ وَصَحَّ أَنه احتكم وَخلف مائَة ألف ألف دِينَار وعينا وأمتعة وعقارا وأواني وَثَلَاثَة وَسِتِّينَ ألف ثوب وَكَانَت أمه أم ولد يُقَال لَهَا أم جيجك تركته لم تدْرك خِلَافَته وَكَانَ يلقب بالمترف لنعمة جِسْمه ولدونته والصنم لحسنه وجماله وَكَانَ حسن الْميل إِلَى آل بَيت رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم وكاتبه أَبُو الْحسن بن عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب إِلَى أَن مَاتَ وَكتب لَهُ الْعَبَّاس بن الْحسن بن أَيُّوب باستخلاف أبي الْحسن الْقَاسِم إِيَّاه وحاجبيه حفيف السَّمرقَنْدِي ثمَّ سوسن مَوْلَاهُ وَنقش خَاتمه اعتمادي على من خلقني وَقيل عَليّ يتوكل على ربه وَقيل الْحَمد لله الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ خَالق كل شَيْء كخاتم أَبِيه وافتتح المكتفي دولته بقتل بدر مولى أَبِيه الْعَظِيم فِي دولته وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ يحيى بن عَليّ المنجم // (من الْكَامِل) //
(أولى الْأَنَام بِأَن يهان ويسلب الْإِكْرَام ... من لَا يعرف الإكراما)
وَكَانَ بدر قد اشتعر من المكتفي فتباطأ بِبِلَاد الجيل لمنافسة كَانَت بَينهمَا فِي أَيَّام المعتضد فَكتب إِلَيْهِ المكتفي بِاللَّه كتابا بِيَدِهِ نسخته أمتعنا الله ببقائك ثِقَة بِاللَّه عز وَجل وبمالك عِنْدِي فَإِنِّي عَالم بنيتك واثق بأمانتك وَلَا تستشعر مِمَّا كَانَ بَيْننَا فَإِن تِلْكَ حَال(20/18)
مُنَافَسَة وَهَذِه حَال خلَافَة وَأَنا أَحَق من عبد الْملك بن مَرْوَان بقول الأخطل // (من الْبَسِيط) //
(شمس الْعَدَاوَة حَتَّى يستقاد لَهُم ... وَأعظم النَّاس أحلاما إِذا قدرُوا)
فَلَمَّا قَرَأَ خطه طابت نَفسه وبادر إِلَى بَغْدَاد فَلَمَّا وصل إِلَى النهروان أوقف لَهُ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم بن عبيد الله بن عَليّ جسر النهروان من قَتله وَمن شعر المكتفي بِاللَّه // (من السَّرِيع) //
(من لي بِأَن تعلم مَا ألْقى ... فتعرف الصبوة والعشقا؟ !)
(مَا زَالَ لي عبدا وحبي لَهُ ... صيرني عبدا لَهُ حَقًا)
(أعتق من رقي ولكنني ... من حبه لَا آمل العتقا)
وينسب المكتفي بِاللَّه // (من الوافر) //
(تلطف فِي رَسُولك يَا أَمِيري ... فَإِنِّي من رَسُولك فِي غرور)
(أحملهُ رسَالَاتي فينسى ... ويبلغك الْقَلِيل من الْكثير)
(وَأرْسل من إِذا لحظته عَيْني ... حكى لَك طرفه مَا فِي ضميري)
// (من الوافر) //
(إِذا كَانَ لِرَسُولِك كَذَا بليدا ... تقطعت الجوانح فِي الصُّدُور)
وَفِي المكتفي يَقُول ابْن المعتز // (من الْكَامِل) //
(قايست بَين جمَالهَا وفعالها ... فَإِذا الملاحة بالخيانة لَا تفي)
(وَالله لَا كلمتها لَو أَنَّهَا كالبدر ... أَو كَالشَّمْسِ أَو كالمكتفي)
وَمَا أحسن قَول ابْن سناء الْملك // (من الْكَامِل) //
(وملية بالْحسنِ يسخر وَجههَا ... بالبدر يهزأ رِيقهَا بالقرقف)
(لَا أرتضي بالشمس فِي تشبيهها ... والبدر بل لَا أكتفي بالمكتفي)
وَقد تعنت عَلَيْهِ شرف الدّين ابْن حبارة فِي كِتَابه نظم الدُّرَر من نقد الشّعْر وأجبت عَنهُ فِي شرح لامية الْعَجم(20/19)
(عُثْمَان)
21 - أَبُو عَمْرو الداني الْمقري عُثْمَان بن سعيد بن عُثْمَان بن سعيد بن عمر الإِمَام أَبُو عَمْرو الداني الْأمَوِي مَوْلَاهُم الْقُرْطُبِيّ الْمزي الْحَافِظ الْمَعْرُوف فِي وقته بِابْن الصَّيْرَفِي وَفِي هَذَا الْوَقْت بِأبي عَمْرو الداني صَاحب التصانيف ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة ورحل إِلَى الْمشرق سنة سبع وَتِسْعين وثلاثمائة وَحج وَرجع إِلَى قرطبة وَقَرَأَ طَائِفَة بالروايات بِمصْر والأندلس قَالَ ابْن بشكوال كَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي عُلُوم الْقُرْآن وآياته وَتَفْسِيره ومعانيه وطرقه وَإِعْرَابه وَجمع فِي ذَلِك كُله تواليف حسانا مفيدة يطول ذكرهَا وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وطرقه وَرِجَاله ونقلته وَكَانَ حسن الْخط جيد الضَّبْط من أهل الْحِفْظ والمعرفة والذكاء والتفنن فِي الْعلم وَكَانَ دينا ورعا سنيا قَالَ المغامي كَانَ مجاب الدعْوَة مالكي الْمَذْهَب لَهُ كتاب جَامع الْبَيَان فِي الْقرَاءَات السَّبع وطرقها الْمَشْهُورَة والغريبة فِي ثَلَاثَة أسفار وَكتاب إيجاز الْبَيَان فِي أصُول قِرَاءَة ورش مُجَلد كَبِير والتخليص فِي قِرَاءَة ورش مُجَلد متوسط والتيسير وَالْمقنع والمحتوى على الْقرَاءَات الشواذ مُجَلد كَبِير والأرجوزة فِي أصُول الدّيانَة نَحْو ثَلَاثَة آلَاف بَيت وَمَعْرِفَة الْقُرَّاء فِي ثَلَاثَة أسفار وَالْوَقْف والابتداء قيل إِن مصنفاته مائَة وَعِشْرُونَ مصنفا وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْملك بن أبي حَمْزَة والمرسي وَالِد العَاصِي أبي بكر مُحَمَّد وَتُوفِّي أَبُو عَمْرو بدانية فِي نصف شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَمَشى السُّلْطَان أَمَام نعشه وَمن شعر أبي عَمْرو الداني // (من الْبَسِيط) //
(قد قلت إِذْ ذكرُوا حَال الرِّجَال وَمَا ... يجْرِي على كل من يعزى إِلَى أدب)
(لَا شَيْء أبلغ من ذل يجرعه ... أهل الخساسة أهل الدّين والحسب)(20/20)
(القائمين بِمَا جَاءَ الرَّسُول بِهِ ... والمبغضين لأهل الزيغ والريب)
22 - ورش الْمُقْرِئ عُثْمَان بن سعيد بن عبد بن غَزوَان بن دَاوُد بن سَابق الْمصْرِيّ القبطي الْمَعْرُوف بورش الْمُقْرِئ الْقرشِي مولى لآل الزبير بن الْعَوام واصله من القيروان وَقيل من أفريقية كنيته أَبُو سعيد وَقيل أَبُو عَمْرو مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة وَولد بِمصْر سنة عشر وَمِائَة قَرَأَ على نَافِع سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وَإِنَّمَا قيل لَهُ ورش لِأَنَّهُ كَانَ ازرق ابيض اللَّوْن قَصِيرا ذَا كدنة وَكَانَ نَافِع يلقبه بالورشان وَهُوَ طَائِر مَعْرُوف لكَونه قَصِيرا ويلبس ثيابًا قصارا فَكَانَ إِذا مَشى بَدَت رِجْلَاهُ مَعَ اخْتِلَاف ألوانه فَلَزِمَهُ ذَلِك وخفف فَقيل لَهُ ورش وَقيل إِن الورش شَيْء يصنع من اللَّبن فلقب بِهِ لبياضه وَكَانَ ورش حجَّة فِي الْقِرَاءَة ثبتا طيب الصَّوْت هدادا بِهِ هَاجر إِلَى نَافِع بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ نَافِع لَا يقْرَأ إِلَّا ثَلَاثِينَ آيَة فَدخل على نَافِع بِبَعْض أَصْحَابه فَقَالَ لَهُ بت فِي الْمَسْجِد فَلَمَّا أصبح حضر نَافِع وَقَالَ أَيْن الْغَرِيب هَات اقْرَأ فَإنَّك حضرت قبل النَّاس فَقَرَأَ ثَلَاثِينَ آيَة وَمد بهَا صَوته فأطرب النَّاس فَلَمَّا فرغ قَامَ وَاحِد وَقَالَ يَا مولَايَ وهبته عشر آيَات من نَصِيبي فقرأها فَقَامَ آخر فَقَالَ مثل ذَلِك فَقَرَأَ خمسين ثمَّ كَانَ يقرئه بعد النَّاس خمسين أُخْرَى فَقَرَأَ عَلَيْهِ ختمات
7719 - معِين الدّين ابْن توَلّوا عُثْمَان بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن توَلّوا بِضَم التَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَسُكُون الْوَاو الأولى وَضم اللَّام وَفتح الْوَاو الثَّانِيَة وَبعدهَا ألف الأديب معِين الدّين أَبُو عَمْرو الفِهري الْمصْرِيّ ولد بتنيس سنة خمس وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة(20/21)
وَسمع بِدِمَشْق من القَاضِي أبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ وَغَيره وَكَانَ أحد الشُّعَرَاء فِي عصره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أنشدنا عَنهُ أَبُو الْحسن اليونيني وَغَيره وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ قلت وَعَلِيهِ تخرج الْحَكِيم شمس الدّين ابْن دانيال وَبِه تأدب وَله مَعَه حكايات كَانَ يسخر بِهِ ويهزو ويضحك من النَّاس وَمن شعره // (من المنسرح) //
(جمعك بَين الْكَثِيب والغصن ... فرق بَين الجفون والوسن)
(يَا فتْنَة مَا دقيت صرعتها ... مَعَ حذري دَائِما من الْفِتَن)
(بِاللَّفْظِ واللحظ كم ترى أبدا ... تسخر بِي دَائِما وتسحرني)
(وَقد ألفت الغرام فِيك كَمَا ... فرقت بَين الْحَيَاة وَالْبدن)
أَنْشدني العلامةُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني معِين الدّين بن توَلّوا لنَفسِهِ // (من الْبَسِيط) //
(أما السماح فقد أقوت معالمه ... فَمَا على الأَرْض من ترجى مكارمه)
(فَلَا يغرنك من يلقاك مُبْتَسِمًا ... فطالما غر برق أَنْت شائمه)
(لَا تتعب النَّفس فِي استخلاص راحتها ... من باخل لؤمه فِي الْجُود لائمه)
(أخي المذلة إعزازا لدراهمه ... ويصحب الذل من عزت دَرَاهِمه)
(مَاذَا أَقُول لدهر عَاشَ باهله ... غنى وَمَات بِسيف الْفقر عالمه)
(قد سَالم النَّقْص حَتَّى مَا يحاربه ... وَحَارب الْفضل حَتَّى مَا يسالمه)
وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(يَا أهل مصر وجدت أَيْدِيكُم ... عَن بسطها بالنوال منقبضه)
(فمذ عدمت الْغذَاء عنْدكُمْ ... أكلت كتبي كأنني أرضه)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(يَا رب شيخ دَعَاني للفسوق بِهِ ... فَجِئْته غير مسرور وَلَا راضي)
(علما بِأَنِّي سألقى مِنْهُ شَائِبَة ... قضى عَلَيْهَا بذل دَائِم قَاضِي)
(كَأَنَّهَا فَم شيعي شواربه شابت ... وَمَا مَسهَا يَوْمًا بمقراض)(20/22)
24 - من بني شيبَة الحَجبي عُثْمَان بن طَلْحَة بن أبي طَلْحَة عبد الله بن عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الله بن عبد الدَّار بن قصي قتل أَبوهُ طَلْحَة وَعَمه عُثْمَان بن أبي طَلْحَة يَوْم أحد كَافِرين قتل حَمْزَة عُثْمَان وَقتل عَليّ طَلْحَة وكلاب بن طَلْحَة كلهم اخوة عُثْمَان قتلوا كفَّارًا يَوْم أحد وَهَاجَر عُثْمَان بن طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد فلقيا عَمْرو بن الْعَاصِ مُقبلا من عِنْد النَّجَاشِيّ يُرِيد الْهِجْرَة فاصطحبوا وَقدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ رسو الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُمْ رمتكم مَكَّة بأفلاذ كَبِدهَا يُرِيد انهم وُجُوه أهل مَكَّة وَأَسْلمُوا وَشهد عُثْمَان فتح مَكَّة فَدفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِفْتَاح الْكَعْبَة إِلَيْهِ والى شيبَة بن عُثْمَان بن أَي طَلْحَة وَقَالَ خذوها يَا بني أبي طَلْحَة خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم ثمَّ نزل عُثْمَان بن طَلْحَة الْمَدِينَة فَأَقَامَ بهَا إِلَى وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سكن مَكَّة حَتَّى مَاتَ رَضِي الله عَنهُ أول خلَافَة مُعَاوِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَقيل إِنَّه قتل يَوْم أجنادين وَهُوَ وهم
25 - عُثْمَان بن أبي العاتكة عُثْمَان بن أبي العاتكة الْأَزْدِيّ الْوَاعِظ الدِّمَشْقِي كَانَ معلم أهل دمشق وقاضي الْجند قَالَ أَبُو حَاتِم لَا بَأْس بِهِ بليته من كَثْرَة رِوَايَته عَن عَليّ بن يزِيد الْأَلْهَانِي وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ توفّي سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
26 - أَبُو عبد الله الثَّقَفِيّ عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ بن بشر بن عبد بن دهمان أَبُو عبد الله الثَّقَفِيّ هُوَ أَخُو الحكم وَقد تقدم ذكره لَهما صُحْبَة قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد ثَقِيف(20/23)
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ مَا رَأَيْت افضل مِنْهُ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين لِلْهِجْرَةِ اسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الطَّائِف فَلم يزل عَلَيْهَا حَيَاته وَخِلَافَة أبي بكر وسنتين من خلَافَة عمر ثمَّ عَزله عمر وولاه على عمان والبحرين سنة خمس عشرَة فَصَارَ إِلَى عمان وَوجه أَخَاهُ الحكم بن أبي الْعَاصِ إِلَى الْبَحْرين وَسَار هُوَ إِلَى توج فافتتحها ومصرها وَقتل ملكهَا شهدك سنة إِحْدَى وَعشْرين وعَلى يَدَيْهِ كَانَ افْتِتَاح اصطخر الثَّانِيَة سنة سبع وَعشْرين وَقيل الَّذِي افتتحها عبد الله بن عَامر سنة تسع وَعشْرين وأقطعه عُثْمَان بن عَفَّان اثْنَي عشر ألف جريب وَسكن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الْبَصْرَة وروى عَنهُ أَهله واهل الْمَدِينَة وَالْحسن أروى النَّاس عَنهُ وَقد قيل أَنه لم يسمع مِنْهُ وَعُثْمَان بن أبي الْعَاصِ كَانَ سَبَب إمْسَاك ثَقِيف عَن الرِّدَّة لِأَنَّهُ قَالَ لَهُم حِين هموا بِالرّدَّةِ يَا معشر ثَقِيف كُنْتُم آخر النَّاس إسلاما فَلَا تَكُونُوا أول النَّاس ردة وَهُوَ الْقَائِل الناكح مغترس فَلْينْظر أَيْن يضع غرسه فَإِن عرق السوء لَا يزَال ينْزع بعد حِين وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَكَانَ يَغْزُو حَنِيفا وَيرجع فيشتو بتوج وَأَوْلَاده وَعقبَة أَشْرَاف
27 - أَبُو حُصَيْن الْكُوفِي عُثْمَان بن عَاصِم أَبُو حُصَيْن الْأَسدي الْكُوفِي أحد الْأَشْرَاف الْأَئِمَّة روى عَن جَابر بن سَمُرَة وَابْن الزبير وَأنس بن مَالك وَالْقَاضِي شُرَيْح وَأبي وَائِل وَالْأسود بن هِلَال وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
28 - وَالِد أبي بكر الصّديق عُثْمَان بن عَامر أَبُو قُحَافَة الْقرشِي التَّيْمِيّ وَالِد أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا أسلم أَبُو قُحَافَة يَوْم فتح مَكَّة وأتى بِهِ يَوْم الْفَتْح ليبايع وَرَأسه ولحيته كَأَنَّهُمَا ثغامة بَيْضَاء فال لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غيروا هَذَا بِشَيْء وجنبوه السوَاد فَهُوَ أول مخضوي فِي الْإِسْلَام وعاش بعد ذَلِك وَمَات سنة أَربع عشرَة لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ ابْن سبع وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي وَلَده أَبُو بكر قبله وَورث مِنْهُ السُّدس ورده على ولد أبي بكر وأضر بأخوة
29 - القَاضِي الطرسوسي عُثْمَان بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو عمر(20/24)
الطرسوسي الْكَاتِب القَاضِي كَانَ من الأدباء الْفُضَلَاء كتب لكثير بِخَطِّهِ من كتب الْأَدَب وَالشعر وَجمع شعر جمَاعَة من عصره مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس الصقري وَأَبُو الْعَبَّاس الناشي وَغَيرهمَا وصنف كتبا مِنْهَا كتاب فِي أَخْبَار الْحجاب وَكَانَ متقن الْخط سريع الْكِتَابَة وَولي الْقَضَاء بمعرة النُّعْمَان وَسمع الحَدِيث الْكثير وَرَوَاهُ وروى عَنهُ أَبُو حُصَيْن عبد الله بن محسن بن عبد الله بن محسن بن عَمْرو المعري وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الكفرطابي وَأَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي وَالْقَاضِي أَبُو الْفضل بن السَّعْدِيّ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
30 - الْمدنِي أَمِير مَكَّة عُثْمَان بن عبد الله بن سراقَة الْمدنِي أمه زَيْنَب بنت عمر بن الْخطاب روى عَن أبي هُرَيْرَة وجده عمر وخاله ابْن عُمَيْر وَرَأى أَبَا قَتَادَة الْأنْصَارِيّ وَولي إمرة مَكَّة وَوَثَّقَهُ أَبُو زرع وَالنَّسَائِيّ وَرِوَايَته عَن جده عمر مُرْسلَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَابْن مَاجَه
31 - الْحَافِظ الْأَنْطَاكِي عُثْمَان بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خرزاذ أَبُو عَمْرو الْأَنْطَاكِي الْحَافِظ مُحدث أنطاكية سمع جمَاعَة وروى عَنهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ ثِقَة وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ هُوَ اكبر مِنْهُ وَابْن جوصي وَأَبُو عوَانَة وَجَمَاعَة وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم ثقةٌ مأمونٌ وسمى لَهُ صَاحب التَّهْذِيب مائَة واثنين وَثَلَاثِينَ شَيخا توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
32 - اللاحقي عُثْمَان بن عبد الله الحميد اللاحقي توفّي سنة تسعين وَمِائَة
33 - الجُمَحِي عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي الْبَصْرِيّ(20/25)
توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وروى عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الجُمَحِي ونعيم المجمر صَاحِبي أبي هُرَيْرَة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَيُونُس بن عبيد وروى عَنهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن عَبدة الضَّبِّيّ وَبشر بن الحكم وَنصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَجَمَاعَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا تحتج بِهِ
34 - الْحَرَّانِي الْأمَوِي الْمُؤَدب عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن مُسلم الْحَرَّانِي الطرائفي الْمُؤَدب مولى بني أُميَّة قَالَ ابْن معِين صَدُوق وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم أتكر أبي على البُخَارِيّ إِدْخَاله فِي كتاب الضُّعَفَاء توفّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
35 - الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن مُوسَى الإِمَام مفتي الْمُسلمين تَقِيّ الدّين أَبُو عَمْرو ابْن الإِمَام البارع أبي الْقَاسِم صَلَاح الدّين الْكرْدِي الشهرزوري الشَّافِعِي ولد سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة تفقه على وَالِده الصّلاح بشهرزور ثمَّ نَقله وَالِده إِلَى الْموصل فاشتغل بهَا مُدَّة وبرع فِي الْمَذْهَب قَالَ ابْن خلكان بَلغنِي أَنه كرر على جَمِيع الْمُهَذّب وَلم يطمر شَاربه وَولي الْإِعَادَة عِنْد الْعَلامَة عماد الدّين بن يُونُس وَسمع من عبيد الله بن السمين وَنصر الله بن سَلامَة الهيثمي ومحمود بن عَليّ الْموصِلِي وَعبد المحسن خطيب الْموصل وَعبد الله بن أبي السنان ورحل وَله بضع وَعِشْرُونَ سنة إِلَى بَغْدَاد وَسمع بهَا من ابْن سكينَة وَابْن طبرزذ أبي النجيب ودنيسر من إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم النجار وبهمذان بن أبي الْفضل بن المعزم وبنيسابور من مَنْصُور الفراوي والمؤيد الطوسي وَالقَاسِم بن الصفار وَغَيرهم وبمرو(20/26)
من أبي المظفر عبد الرَّحِيم ابْن السَّمْعَانِيّ وَغَيره وَدخل الشَّام سنة سبع عشرَة أَو قبلهَا فَسمع من الْمُوفق الْحَنْبَلِيّ وزين الْأُمَنَاء وأخيه الْمُفْتِي فَخر لدين وَسمع بحلب من أبي مُحَمَّد الْأُسْتَاذ وَقد ورد دمشق قبل ذَلِك وَسمع من أبي الحرستاني وَسمع بحران من الْحَافِظ عبد الْقَادِر الرهاوي ثمَّ فِي النّوبَة الثَّانِيَة درس بالقدس بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فَلَمَّا خرب الْمُعظم سور الْقُدس قدم دمشق وَتَوَلَّى تدريس الرواحية وَولى سنة ثَلَاثِينَ مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية ثمَّ تدريس الشامية الصُّغْرَى وَكَانَ إِمَامًا بارعا حجَّة متبحرا فِي الْعُلُوم الدِّينِيَّة بَصيرًا بِالْمذهبِ ووجوهه خَبِيرا بأصوله عَارِفًا بالمذاهب جيد الْمَادَّة من اللُّغَة الْعَرَبيَّة حَافِظًا للْحَدِيث متقننا فِيهِ حسن الضَّبْط كَبِير الْقدر وافر الْحُرْمَة مَعَ مَا هُوَ فِيهِ من النّسك والورع وَكَانَت فَتَاوِيهِ مسددة وَهُوَ أحد أَشْيَاخ ابْن خلكان وَبِه اشكالات على الْوَسِيط تفقه عَلَيْهِ خلق كثير مِنْهُم الإِمَام شمس الدّين عبد الرَّحْمَن بن نوح وَالْإِمَام شهَاب الدّين عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل أَبُو شامة وَالْإِمَام كَمَال الدّين سلار وَالْإِمَام كَمَال الدّين إِسْحَاق وَالْإِمَام تَقِيّ الدّين بن رزين قَاضِي الْقُضَاة بِمصْر وروى عَنهُ جمَاعَة توفّي أَيَّام حِصَار الخوارزمية بِدِمَشْق خرج بجنازته دون الْعشْرَة مشمرين وَدفن فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة وَصلى عَلَيْهِ خلق فِي بَاطِن الْمَدِينَة
36 - شماس عُثْمَان بن عُثْمَان بن السريد بن سُوَيْد بن هزمر بن عَامر بن مَخْزُوم الْمَعْرُوف بشماس وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ شماسا من الشماسة قدم مَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ جميلا فَعجب النَّاس من جماله فَقَالَ عتبَة بن ربيعَة وَكَانَ خَال عُثْمَان لنأتينكم بشماس احسن مِنْهُ فَأتى بِابْن أُخْته عُثْمَان بن عُثْمَان فَسمى شماسا من يَوْمئِذٍ وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ من مهاجرة الْحَبَشَة شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد
37 - عُثْمَان بن الزبير عُثْمَان بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام أحد خطباء قُرَيْش وعلمائهم وأشرافهم كَانَ دميم الْهَيْئَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وَأَرْبَعين وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه(20/27)
39 - أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف ابْن قصي الْقرشِي الْأمَوِي أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو عبد الله وَأَبُو عَمْرو ذُو النورين أحد السَّابِقين الْأَوَّلين صَاحب الهجرتين وَزوج الابنتين هَاجر برقية إِلَى الْحَبَشَة وَخَلفه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بدر ليمرضها فَتُوُفِّيَتْ بعد بدر بِليَال وضربه لَهُ بِسَهْم من بدر وَأُجْرَة وزوجه بالبنت الْأُخْرَى أم كُلْثُوم كَانَ لَا بالطويل وَلَا بالقصير حسن الْوَجْه كَبِير اللِّحْيَة أسمر اللَّوْن عَظِيم الكراديس بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ تخضب بالصفرة وَشد أَسْنَانه بِالذَّهَب قَالَ قَتَادَة ولي عُثْمَان ثِنْتَيْ عشرَة سنة غير اثْنَي عشر يَوْمًا وَكَذَا قَالَ خَليفَة وَغَيره وَقَالَ أَبُو معشر السندي قتل لثماني عشرَة خلت من ذِي الْحجَّة يَوْم الْجُمُعَة وَزَاد غَيره بعد الْعَصْر وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة وَهُوَ الصَّحِيح قيل دفن بثيابه فِي دمائه وَلم يغسل وَقيل صلى عَلَيْهِ مَرْوَان ونائلة وَأم الْبَنِينَ زوجتاه هما اللَّتَان دلتاه فِي حفرته على الرِّجَال الَّذين نزلُوا فِي قَبره ولحدوا لَهُ وغيبوا قَبره وَتَفَرَّقُوا وَكَانَت نائلة مليحة الثغر فَكسرت ثناياها بِحجر وَقَالَت وَالله لَا يجتليكن أحد بعد عُثْمَان وخطبها مُعَاوِيَة بِالشَّام فَأَبت وَقيل إِن تخلفه عَن بدر لِأَنَّهُ كَانَ مَرِيضا بالجدري واما تخلفه عَن بيعَة الرضْوَان الْحُدَيْبِيَة فَلِأَن رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم كَانَ وَجهه إِلَى مَكَّة فِي أَمر لَا يقوم بِهِ غَيره من صلح قُرَيْش على أَن يتْركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعُمْرَةِ فَلَمَّا أَتَاهُ الْخَبَر الْكَاذِب بقتل عُثْمَان جمع أَصْحَابه ودعاهم إِلَى الْبيعَة فَبَايعُوهُ على قتال أهل مَكَّة وَبَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عُثْمَان يَوْمئِذٍ بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى ثمَّ أَتَى الْخَبَر بِأَنَّهُ لم يقتل قَالَ ابْن عمر يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان خير من يَد عُثْمَان لنَفسِهِ وَعُثْمَان مَعْدُود فِي بدر وَالْحُدَيْبِيَة لذَلِك ولمّا زوّجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنَته أم كُلْثُوم قَالَ لَو كَانَ عِنْدِي غَيرهَا لزوجتكها وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت رَبِّي عز وَجل أَلا يدْخل النَّار أحدا صاهر إِلَيّ أَو صاهرت إِلَيْهِ وَارْتجَّ أحد وَعَلِيهِ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْبتْ فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان وَعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ وَأحد السِّتَّة الَّذين جعل(20/28)
عمر فيهم الشورى وَاخْبَرْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَهُوَ عَنْهُم رَاض وَلم يعلم أَن أحدا أرسل سترا على ابْنَتي نَبِي غَيره وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَانَ عُثْمَان أوصلنا للرحم وَكَانَ من الَّذين آمنُوا ثمَّ اتَّقوا واحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَاشْترى عُثْمَان بِئْر رومة وَكَانَت ركية ليهودي يَبِيع للْمُسلمين مَاؤُهَا فَقَالَ رَسُول الله اصلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَشْتَرِي رومة فيجعلها للْمُسلمين يضْرب بدلوه فِي دلائهم وَله بهَا مشرب فِي الْجنَّة فَأتى عُثْمَان ليهودي فساومه بهَا فَأبى أَن يَبِيعهَا كلهَا فَاشْترى نصفهَا باثنتي عشر ألف دِرْهَم فَجعله للْمُسلمين فَقَالَ لَهُ عُثْمَان إِن شِئْت جعلت على نَصِيبي قرنين وَإِن شِئْت فلي يَوْم وَلَك يَوْم قَالَ بل لَك يَوْم ولي يَوْم فَكَانَ إِذا كَانَ يَوْم عُثْمَان استقى الْمُسلمُونَ مَا يكفيهم يَوْمَيْنِ فَلَمَّا رأى ذَلِك الْيَهُودِيّ قَالَ أفسدت عَليّ ركيتي فاشتر النّصْف الآخر فَاشْتَرَاهُ بِثمَانِيَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يزِيد فِي مَسْجِدنَا فَاشْترى عُثْمَان مَوضِع خمس سواري فزاده فِي الْمَسْجِد وجهز جَيش الْعسرَة بتسعمائة وَخمسين بَعِيرًا وَأتم الْألف بِخَمْسِينَ فرسا وَذَلِكَ فِي غزوت تَبُوك وَقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين كَانَ عُثْمَان يحيي اللَّيْل بِرَكْعَة يقْرَأ فِيهَا الْقُرْآن وَكثر المَال فِي زَمَانه على الْمُسلمين حَتَّى بِيعَتْ جَارِيَة بوزنها وَفرس بِمِائَة ألف دِرْهَم ونخلة بِأَلف دِرْهَم وَقَامَ عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى عُثْمَان وَهُوَ يخْطب فَقَالَ يَا عُثْمَان انك قد ركبت بِالنَّاسِ المهامة وركبوها فتب إِلَى الله وليتوبوا قَالَ فَالْتَفت إِلَيْهِ عُثْمَان وَقَالَ وانك هُنَا يَا ابْن النَّابِغَة ثمَّ رفع يَدَيْهِ واستقبل الْقبْلَة وَقَالَ أَتُوب إِلَى الله اللَّهُمَّ أَنا أول تائب إِلَيْك وَقَالَ الْحسن سَمِعت عُثْمَان يَقُول يَا أَيهَا النَّاس مَا تَنْقِمُونَ عَليّ وَمَا من يَوْم إِلَّا وانتم تقسمون فِيهِ خيرا قَالَ الْحسن وَشهِدت مناديه يُنَادي يَا أَيهَا النَّاس اغدوا على أعطياكم فيغدون فيأخذونها وافرة يَا أَيهَا النَّاس اغدوا على أرزاقكم فيغدون فيأخذونها مِنْهُ حَتَّى وَالله سمعته أذناي يَقُول اغدوا على كسواتكم فَيَأْخُذُونَ الْحلَل واغدوا على السّمن وَالْعَسَل قَالَ الْحسن أرزاق دارة وَخير كثير وَذَات بَين حسن مَا على الأَرْض مُؤمن يخَاف مُؤمنا إِلَّا يوده وينصره ويألفه فَلَو صَبر الْأَنْصَار على الأثرة لوسعهم مَا كَانُوا فِيهِ من(20/29)
الْعَطاء والرزق وَلَكنهُمْ لم يصبروا وسلوا السَّيْف مَعَ من سل فَصَارَ عَن الْكفَّار مغمد وعَلى الْمُسلمين مسلولا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ مُوسَى بن طَلْحَة أَتَيْنَا عَائِشَة نسألها عَن عُثْمَان فَقَالَت اجلسوا أحدثكُم عَمَّا جئْتُمْ لَهُ إِنَّا عتبنا على عُثْمَان فِي ثَلَاث خلال فَلم تذكرهن فعمدوا إِلَيْهِ حَتَّى إِذا ماصوه كَمَا يماص الثَّوْب بالصابون اقتحموا عَلَيْهِ الْعقر الثَّلَاثَة حُرْمَة الْبَلَد الْحَرَام والشهر الْحَرَام وَحُرْمَة الْخلَافَة وَلَقَد قَتَلُوهُ وانه لمن أوصلهم للرحم واتقاهم لرَبه وَقَالَ الزبير بن عبد الله أَخْبَرتنِي جدتي وَكَانَت خادمة لعُثْمَان قَالَت كَانَ لَا يوقظ نَائِما من أَهله إِلَّا أَن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه وَكَانَ يَصُوم الدَّهْر وَقَالَ ابْن عمر أذْنب عُثْمَان ذَنبا عَظِيما يَوْم التقى الْجَمْعَانِ بِأحد فَعَفَا الله عَنهُ وأذنب فِيكُم ذَنبا صَغِيرا فقتلتموه وَقتل عُثْمَان بِالْمَدِينَةِ يَوْم الْجُمُعَة لثمان عشرَة أَو سبع عشرَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ أول من دخل عَلَيْهِ الدَّار مُحَمَّد بن أبي بكر فَأخذ بلحيته فَقَالَ دعها يَا ابْن أخي فوَاللَّه لقد كَانَ أَبوك يكرمها فاستحيا وَخرج ثمَّ دخل رُومَان بن سرحان رجل أَزْرَق قصير مَحْدُود وَمَعَهُ خنجر فَاسْتَقْبلهُ بِهِ وَقَالَ على أَي دين أَنْت يَا نعثل فَقَالَ لست بنعثل وَلَكِن عُثْمَان بن عَفَّان وَأَنا على مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا مُسلما وَمَا أَنا من الْمُشْركين قَالَ كذبت وضربه على صُدْغه الْأَيْسَر فَقتله فَخر رَضِي الله عَنهُ وأدخلته امْرَأَته نائلة بَينهَا وَبَين ثِيَابهَا وَدخل رجل من أهل مصر مَعَه السَّيْف مُصْلِتًا فَقَالَ وَالله لأقطعن انفه فعالج الْمَرْأَة فكشف عَن ذراعيها وَقبض على السَّيْف فَقطع إبهامها فَقَالَت لغلام لعُثْمَان مَعَه سيف يُقَال لَهُ رَبَاح اعني على هَذَا وَأخرجه عني فَضَربهُ الْغُلَام بِالسَّيْفِ فَقتله وَأقَام عُثْمَان يَوْمه ذَلِك مطروحا إِلَى اللَّيْلَة وَقيل إِن الَّذِي قَتله مُحَمَّد بن أبي بكر ضربه بمشقص وَقيل بل قَتله سودان بن حمْرَان وَقيل بل رُومَان الْيَمَانِيّ وَقيل غَيره وَقيل إِن مُحَمَّد بن أبي بكر اخذ بلحيته يهزها فَقَالَ مَا أغْنى عَنْك مُعَاوِيَة مَا أغْنى عَنْك ابْن أبي سرح مَا أغْنى عَنْك ابْن عَامر قَالَ ابْن عبد الْبر وَأَكْثَرهم يروي أَن قَطْرَة أَو قطرات من دَمه سَقَطت على الْمُصحف على قَوْله {فَسَيَكْفِيكَهُم} الْبَقَرَة 137 وَقَالَ كنَانَة مولى صَفِيَّة بنت حييّ شهِدت مقتل عُثْمَان فَأخْرج من الدَّار أَمَامِي أَرْبَعَة من شباب قُرَيْش مخرجين بِالدَّمِ محمولين كَانُوا يدرؤون عَن عُثْمَان الْحسن بن عَليّ وَعبد(20/30)
الله بن الزبير وَمُحَمّد بن حَاطِب ومروان بن الحكم فَقيل لَهُ هَل ندى مُحَمَّد بن أبي بكر بِشَيْء من دَمه قَالَ معَاذ الله وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَنِّي لمحصور مَعَ عُثْمَان فِي الدَّار فَرمى رجل منا فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْآن طَابَ الضراب قتلوا منا رجلا قَالَ عزمت عَلَيْك يَا أَبَا هُرَيْرَة إِلَّا رميت سَيْفك فَإِنَّمَا ترَاد نَفسِي وسأقي الْمُؤمنِينَ بنفسي قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فرميت السَّيْف لَا ادري أَيْن هُوَ حَتَّى السَّاعَة وَكَانَ مَعَه فِي الدَّار من يُرِيد الدّفع عَنهُ عبيد الله بن عمر وَعبد الله بن سَلام وَعبد الله بن الزبير وَالْحسن بن عَليّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَمُحَمّد بن حَاطِب وَزيد بن ثَابت ومروان بن الحكم فِي طَائِفَة من هم المغير بن الْأَخْنَس وَقتل يَوْمئِذٍ قبل عُثْمَان وَعَن مَالك أَن عُثْمَان لما قتل ألقِي على المزبلة ثَلَاثَة أَيَّام وَفِيه يَقُول حسان بن ثَابت // (من الْبَسِيط) //
(من سره الْمَوْت صرفا لَا مزاج لَهُ ... فليأت مأدبة فِي دَار عثمانا)
(ضحوا بأشمط عنوان السُّجُود بِهِ ... يقطع اللَّيْل تسبيحا وقرآنا)
(لتسمعن وشيكا فِي دِيَاركُمْ ... الله اكبر يَا ثَارَاتِ عثمانا)
وَبَعْضهمْ ينْسب هذَيْن لعمران بن حطَّان وَقَالَ حسان أَيْضا // (من الْبَسِيط) //
(إِن تمس دَار بني عَفَّان موحشة ... بَاب صَرِيح وَبَاب محرق خرب)
(فقد يُصَادف وباغي الْخَيْر حَاجته ... فِيهَا ويأوي إِلَيْهَا الْجُود والحسب)
وَقَالَ عمر بن شبة قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة // (من الطَّوِيل) //
(فَكف يَدَيْهِ ثمَّ أغلق بَابه ... وأيقن أَن الله لَيْسَ بغافل)
(وَقَالَ لأهل الدَّار لَا تَقْتُلُوهُمْ ... عَفا الله عَن ذَنْب امرىء لم يُقَاتل)
(فَكيف رَأَيْت الله ألْقى عَلَيْهِم الْعَدَاوَة ... والبغضاء بعد التواصل)
(وَكَيف رَأَيْت الْخَيْر أدبر بعده ... على النَّاس إدبار السَّحَاب الجوافل)
وَقَالَ ايمن بن خُزَيْمَة // (من الْبَسِيط) //
(ضحوا بعثمان فِي الشَّهْر الْحَرَام ضحى ... وَأي ذبح حرَام ويحهم ذَبَحُوا)
(وَأي سنة كفر سنّ أَوَّلهمْ ... وَبَاب شَرّ على سلطانهم فتحُوا)(20/31)
(مَاذَا أَرَادوا أضلّ الله سَعْيهمْ ... بسفك ذَاك الدَّم الزاكي الَّذِي سفحوا)
والمراثي فِيهِ كَثِيرَة جدا إِلَى الْغَايَة قيل لأنس بن مَالك إِن حب عَليّ وَعُثْمَان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب وَاحِد فَقَالَ كذبُوا لقد اجْتمع حبهما فِي قُلُوبنَا وَمن كَلَام عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَقد صعد الْمِنْبَر أول خِلَافَته فارتج عَلَيْهِ مَا يزغ الله بالسلطان اكثر مِمَّا يزغ بِالْقُرْآنِ فسيجعل الله بعد عسر يسرا وَبعد عَنى بَيَانا وانتم على إِمَام فعال أحْوج مِنْكُم إِلَى إِمَام قَوَّال وَقيل انه كتب إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مَحْصُور أما بعد فقد بلغ السَّيْل الزبى وَتجَاوز الحزام الطبيين وطمع فِي من لَا يدْفع عَن نَفسه وَلم يعجزك كلئيهم وَلم يَغْلِبك كمغلب فَأقبل إِلَيّ على أَي أمريك أَحْبَبْت // (من الطَّوِيل) //
(فَإِن كنت مَأْكُولا فَكُن خير أكل ... وَإِلَّا فأدركني وَلما أمزق)
وَمن شعر عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ // (من الطَّوِيل) //
(غنى النَّفس يُغني النَّفس حَتَّى يفكها ... وَإِن عظها حَتَّى يضر بهَا الْفقر)
(وَمَا عسرة فاصبر لَهَا إِن تَتَابَعَت ... بباقية إِلَّا سيتبعها يسر)
وَكَانَ يَقُول إِذا جَاءَهُ الْأَذَان للصَّلَاة // (من الرجز) //
(فمرحبا بالقائلين عدلا ... وبالصلاة مرْحَبًا وَأهلا)
39 - ابْن أبي عِمَامَة الْبَغْدَادِيّ عُثْمَان بن عَليّ بن المعمر بن أبي عِمَامَة أَبُو الْمَعَالِي البقالي أَخُو أبي سعد المعمر بن عَليّ الْوَاعِظ سمع شَيْئا من أبي طَالب ابْن غيلَان وَأبي الْفَتْح عمر بن عبد الْملك الرزاز وَقَرَأَ الْأَدَب على عبد الْوَاحِد بن برهَان وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن الدهان وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَكَانَ عسرا فِي الرِّوَايَة غير مرضِي السِّيرَة يخل بالصلوات ويرتكب الْمَحْظُورَات روى عَنهُ أَبُو المعمر الْأنْصَارِيّ وَأَبُو طَاهِر السلَفِي وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(أرى شَعْرَة بَيْضَاء فِي الخد نابتة ... لَهَا لوعة فِي صفحة الصَّدْر ثَابِتَة)(20/32)
(وَمن شؤمها أَنِّي إِذا رمت نتفها ... نتفت سواهَا وَهِي تضحك شامتة)
و// (من السَّرِيع) //
(أيا جمال المرتجى ... لكل خير كم أناديكا)
(مَالِي على أَنِّي أُخْفِي الَّذِي ... مَا بِي وبالخير أباديكا)
(اجْلِسْ فِي الْحمام من شقوتي ... أغسل أثوابي المراديكا)
(والديك فِي دَارك ذُو بسطة ... يروح عَنْهَا ويغاديكا)
(محتكرا يلقط مَا عَايَنت عَيناهُ ... أَو مر بناديكا)
(فَكلم البواب فِي الْإِذْن لي ... مقربا أَو كشكش الديكا)
(وعش كَمَا تُؤثر فِي نعْمَة ... تكْتب بالذل أعاديكا)
قلت شعر جيد
40 - أَبُو عَمْرو الصّقليّ عُثْمَان بن عَليّ بن عمر السرقوسي النَّحْوِيّ الصّقليّ أَبُو عَمْرو قَالَ السلَفِي كَانَ من الْعلم بمَكَان نَحْو ولغة وَقَرَأَ الْقُرْآن على ابْن الفحام وَابْن بليمة وَغَيرهمَا وَله تواليف فِي الْقرَاءَات والنحو وَالْعرُوض وَكَانَت لَهُ حَلقَة فِي الإقراء فِي جَامع مصر ولازمني مُدَّة مقَامي بِمصْر وَقَرَأَ عَليّ كثير وأنشدني لنَفسِهِ // (من الْكَامِل) //
(إِن المشيب من الخطوب خطيب ... أَن لَا هوى بعد الشَّبَاب يطيب)
وَكتب إِلَيْهِ السلَفِي كتابا مِنْهُ // (من السَّرِيع) //
(مَا وَقعت عَيْنَايَ على مثله ... فِي فَضله الوافي وَفِي نبله)
(وَلَيْسَ بدعا مثل أخلاقه ... مِنْهُ وَمِمَّنْ كَانَ فِي شكله)
(فَإِنَّهُ من عنصر طيب ... وَيرجع الْفَرْع إِلَى اصله)
فَأَجَابَهُ بشر ونظم وَهُوَ // (من السَّرِيع) //
(توجني مولَايَ من قَوْله ... تاجا على التيجان من قبله)
(لِأَنَّهَا تبلى وَهَذَا إِذا ... مرت بِهِ الْأَيَّام لم تبله)(20/33)
(فنثره الإكليل فِي فَرعه ... ونظمه الْجَوْهَر من اصله)
(وَهُوَ فَقِيه حَافظ فِي الورى ... مهذب يجْرِي على رسله)
(كلا وَأما إِن درى فالورى ... غدرانهم مَا كَانَ من سيله)
(وَعلمه يشتق من لَفظه ... وَلَفظه يشتق من فَضله)
(تكاملت أَوْصَافه كلهَا ... وَمثله من كَانَ من مثله)
(وَمَا أَنا إِلَّا كمهد إِلَى ... بَغْدَاد وَالْبَصْرَة من نخله)
قلت كَذَا ذكره ياقوت فِي مُعْجم الأدباء ثمَّ قَالَ بعده عُثْمَان بن عَليّ بن عمر الخزرجي الصّقليّ روى عَنهُ الْحَافِظ أَبُو الطَّاهِر السلَفِي وَأَبُو مُحَمَّد بن بري وَأَبُو البقي صَالح بن عادي العذري الْأنمَاطِي الْمصْرِيّ وَأَنا أرى أَن هَذَا ترْجم لَهُ ثَانِيًا هُوَ هَذَا الْمَذْكُور أَولا وَالله أعلم وَذكر لهَذَا الثَّانِي كتاب مُخْتَصر فِي القوافي رَوَاهُ السلَفِي عَنهُ سِتَّة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة وَكتاب مخارج الْحُرُوف وَكتاب مُخْتَصر الْعهْدَة وَكتاب شرح الْإِيضَاح
41 - أَبُو سعد الْعجلِيّ الشَّافِعِي عُثْمَان بن عَليّ بن شراف بتَشْديد الرَّاء الإِمَام أَبُو سعد الْمروزِي البنجديهي الْعجلِيّ بِالْفَتْح الْفَقِيه الشَّافِعِي أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تفقه على القَاضِي حُسَيْن وَسمع من جمَاعَة ونسبته إِلَى بعض أجداده كَانَ يعْمل الْعجل وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَخَمْسمِائة
42 - فَخر الدّين ابْن بنت أبي سعد الشَّافِعِي عُثْمَان بن عَليّ الْعَلامَة الْمُفْتِي فَخر الدّين الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي الْمصْرِيّ ابْن بنت أبي سعد من كبار الْفُقَهَاء نَاب فِي الحكم ودرس بِجَامِع ابْن طولون وَحدث عَن الْكَمَال الضَّرِير وَالرِّضَا بن الْبُرْهَان وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة وَله تسعون عَاما
43 - أَبُو عَمْرو الشلبي عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان أَبُو عَمْرو الإِمَام الأندلسي الشلبي(20/34)
كَانَ أديبا بارعا بليغ الْعلم وَاللِّسَان كَاتبا شَاعِرًا محسنا لَهُ مُصَنف فِي شعراء عصره توفّي فِي حُدُود السِّتين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
44 - فَخر الدّين ابْن خطيب جبرين عُثْمَان بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة صَاحب الْفُنُون قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدّين أَبُو عَمْرو بن زين الدّين الطَّائِي الْحلَبِي الشَّافِعِي قَاضِي قُضَاة حلب الْمَعْرُوف بِابْن خطيب جبرين فَقِيه حلب فاضلها ومقرؤها ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ هُوَ وَابْنه سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة رَأَيْته بحلب وقرأت عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعين للْإِمَام فَخر الدّين وَفِي الشمسية مشروحة لِابْنِ المطهر وَحَضَرت دروسه للْجَمَاعَة المشتغلين فَكنت أرى مِنْهُ الْعجب لم يحضر إِلَيْهِ أحد بِأَيّ كتاب كَانَ فِي أَي علم كَانَ فِي أَي بَاب كَانَ ذَلِك الْكتاب إِلَّا وأقرأه فِيهِ وَلم أر مثله فِي جلّ كَلَام النَّاس رَأَيْته وَهُوَ يقْرَأ فِي الشاطبية وَالْحَاوِي فِي الْفِقْه والمختصر لِابْنِ الْحَاجِب والمحصل للْإِمَام فَخر الدّين وَفِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة وَكتاب النجدة والميل والحاجبية فِي النَّحْو وتمرين التصريف لِابْنِ الْحَاجِب وَغير ذَلِك من كتب الْحِكْمَة لِابْنِ الْخَطِيب مثل الملخص وَغَيره وَكَانَ يَنُوب يَوْمئِذٍ للْقَاضِي الشَّافِعِي وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ وَيحكم لكل مِنْهَا بمذهبه وَعِنْده دين وَبِيَدِهِ مسبحة كلما خلا من الْكَلَام سبح بهَا وَكَانَ تَلا بالسبع على شمس الدّين الخابوري والبدر الشاذفي وَابْن بهْرَام والكمال الغرناطي وتفقه بقاضي حلب شمس الدّين بن بهْرَام وقاضي حماة شرف الدّين واخذ عَن ابْن مكي علم الْكَلَام وتصدر وأقرأ وَتخرج بِهِ الْقُرَّاء وَالْفُقَهَاء واشتهر اسْمه وَكَانَ عَاقِلا ذكيا صنف شرح الشَّامِل الصَّغِير وَشرح التَّعْجِيز ومختصر ابْن الْحَاجِب والبديع لِابْنِ الساعاتي وَله نظم فِي الْفَرَائِض وَشَرحه فِي مُجَلد ومصنف الْمَنَاسِك وَفِي اللُّغَة وَشرح الْحَاوِي فِي الْفِقْه فِيمَا أَظن تَلا عَلَيْهِ بالسبع محتسب حلب نجم الدّين ابْن السفاح الْحلَبِي وَالشَّيْخ عَليّ السرميني وجمال الدّين يُوسُف بن حسن(20/35)
التركماني وَأحمد بن يَعْقُوب وَلم يكمل وَتَوَلَّى قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بحلب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة ثمَّ طلبه السُّلْطَان وَطلب وَلَده فروعهما الْحُضُور قدامه لكَلَام أغلظه لَهما فَنزلَا مرعوبين ومرضا بالبيمارستان المنصوري بِالْقَاهِرَةِ وَمَات وَلَده قبله وَتُوفِّي هُوَ بعد بِيَوْم أَو بيومين وَكَانَت مُدَّة مرضهما دون الْجُمُعَة
(عكاشة)
45 - عكاشة بن الْأَسدي وعكاشة بن محسن بن حرثان بن قيس الْأَسدي حَلِيف بني أُميَّة أَبُو مُحصن كَانَ من فضلاء الصَّحَابَة شهد بدا وأبلى فِيهَا بلَاء حسنا وانكسر سَيْفه فَأعْطَاهُ رسو الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرجونا أَو عودا فاصر فِي يَده سَيْفا يَوْمئِذٍ وَشهد أحدا وَالْخَنْدَق وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتُوفِّي فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق يَوْم بزاخة قَتله طليحة بن خويلد الْأَسدي وَقيل ثَابت بن اقرم فِي الرِّدَّة هَذَا قَول جُمْهُور أهل السّير إِلَّا سلميان التَّيْمِيّ فَإِنَّهُ ذكر انه قتل فِي سَرِيَّة بعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني أَسد بن خُزَيْمَة فَقتله طليحة وَقيل ثَابت بن أَرقم وَكَانَ يَوْم توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أَربع وَأَرْبَعين وَتُوفِّي بعده بِسنة قَالَ ابْن سعد سَمِعت بَعضهم يشدد الْكَاف وَبَعْضهمْ يخففها وَكَانَ من اجمل الرِّجَال وروى عَنهُ من الصَّحَابَة أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وروى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وُجُوه انه قَالَ يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم فَقَالَ عكاشة بن مُحصن يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم فَقَالَ لَهُ أَنْت مِنْهُم ودعا لَهُ فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله لي سَبَقَك بهَا عكاشة قَالَ ابْن الْبر قَالَ بعض أهل الْعلم كَانَ ذَلِك الرجل منافقا فَأَجَابَهُ بمعاريض من القَوْل وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكَاد يمتع شَيْئا يسْأَله إِذا قدر عَلَيْهِ
46 - الْعَمى الشَّاعِر عكاشة بن عبد الصَّمد الْعَمى هُوَ من بني الْعم ونسبهم كالمدفوع لأَنهم نزلُوا فِي بني تَمِيم بِالْبَصْرَةِ أَيَّام عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فأسلموا وغزوا مَعَ الْمُسلمين فَقَالَت لَهُم الْعَرَب إِنَّكُم وَإِن لم تَكُونُوا من الْعَرَب فإخوتنا وَبَنُو عمنَا فلقبوا بني الْعم وَفِيهِمْ قَالَ الشَّاعِر // (من الوافر) //(20/36)
(وجدنَا آل سامة فِي لؤَي ... كَمثل الْعم بَين بني تَمِيم)
كَانَ عكاشة من فحول الشُّعَرَاء وَكَانَ يهوى جَارِيَة لبَعض الهاشميين تدعى نعيما وَكَانَ لَا يَرَاهَا إِلَّا فِي الأحيان وَرُبمَا اجْتمع بهَا مَعَ صديقه حميد بن سعيد أَو بِسَعِيد أَبِيه وَهُوَ الصَّحِيح فيشربون وتغنيهم وتنصرف إِلَى أَن قدم قادم من بَغْدَاد فَاشْترى نعيما ورحل بهَا عَن الْبَصْرَة إِلَى بَغْدَاد فَعظم أَسف عكاشة وجزعه واستهيم بهَا طول عمره واستحالت صورته وطبعه وَكَانَ ينوح عَلَيْهَا بأشعاره ويبكي وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(أَلا لَيْت شعري هَل يعودن مَا مضى ... وَهل رَاجع مَا فَاتَ من صلَة الْحَبل)
(وَهل أجلسن فِي مثل مَجْلِسنَا الَّذِي ... نعمنا بِهِ يَوْم السَّعَادَة بالوصل)
(عَشِيَّة صبَّتْ لَذَّة الْوَصْل طيبها ... علينا وأفنان الْحَيَاة جنى النَّحْل)
(وَقد دَار ساقينا بكأس روية ... ترحل أحزان الكئيب مَعَ الغفل)
(وشجت شُمُول بالمزاج فطيرت ... كألسنة الْحَيَّات خَافت من الْقَتْل)
(فبتنا وَعين الكأس سح دموعها ... بِكُل فَتى يَهْتَز للمجد كالنصل)
(وقينتنا كالظبي تحتج بالهوى ... وَبث تباريح الْفُؤَاد على رسل)
(إِذا مَا حلت بِالْعودِ رَجَعَ لسانها ... رَأَيْت لِسَان الْعود من كفها يملي)
(فَلم أر كاللذات أمْطرت الْهوى ... وَلَا مثل يومي ذَاك صادفه مثلي)
وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(وَجَاءُوا إِلَيْهِ بالتمائم والرقى ... وَصبُّوا عَلَيْهِ المَاء من شدَّة الْمس)
(وَقَالُوا بِهِ من أعين الْجِنّ نظرة ... وَلَو صدقُوا قَالُوا بِهِ نظرة الْإِنْس)
وَمِنْه وَهِي طَوِيلَة مِنْهَا // (من الْكَامِل) //
(هَذَا وَكم من مجْلِس لي مونق ... بَين النَّعيم وَبَين عَيْش دَان)
(نازعته أردانه فلبسها ... مَعَ طيبَة من عيشنا الفينان)
(تنسى الْحَلِيم من الرِّجَال معاده ... بَين الْغناء وعودها الحنان)(20/37)
(حَتَّى يعود كَأَن حَبَّة قلبه ... مشدودة بمثالث ومثاني)
(ظلت تغنيني وَتعطف كفها ... بِالْعودِ بَين الراح وَالريحَان)
(فَسمِعت مَا أبكى وأضحك ... فسكرت من طرب وَمن أشجان)
(ومشيت فِي لجج الْهوى متبخترا ... وَمَشى إِلَيّ اللَّهْو فِي ألوان)
(فَعلمت أَن قد عَاد قلبِي عَائِد ... من بَين عود مطرب وبنان)
وَمِنْه من أَبْيَات // (من الْكَامِل) //
(إِذْ نَحن نسقاها شمولا قرقفا ... تدع الصَّحِيح بعقله مُرْتَابا)
(حَمْرَاء مثل دم الغزال وَتارَة ... بعد المزاج ثغالها زريابا)
(من كف جَارِيَة كَأَن بنانها ... من فضَّة قد قمعت عنابا)
(تزداد حسنا تأسها فِي كفها ... ويطيب مِنْهَا نشرها أحقابا)
(وَإِذا المزاج علا فشج جبينها ... بقيت بألسنة المزاج حبابا)
(وتخال مَا جمعت فأحدق سمطه ... بالطوق ربق جنادب ورضابا)
(وَالْعود مُتبع غناء خريدة ... غردا يَقُول كَمَا تَقول صَوَابا)
(وَكَأن يمناها إِذا نطقت بِهِ ... تلقى على يَدهَا الشمَال جَوَابا)
قَالَ لَهُم الْمهْدي لما سمع قَوْله زريابا قد أَحْسَنت وصفهَا إِحْسَان من شربهَا واستحققت الْحَد فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَا يدْريك أَن قد أَحْسَنت وصفهَا إِن كنت لَا تعرفها فَقَالَ اغرب قبحك الله وَضحك مِنْهُ
(عِكْرِمَة)
47 - الْقرشِي المَخْزُومِي عِكْرِمَة بن أبي جهل عِكْرِمَة بن أبي جهل عَمْرو بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم بن يقظة بن مرّة بن لؤَي الْقرشِي المَخْزُومِي كَانَ يكنى أَبَا الحكم فكناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا جهل فَذَهَبت(20/38)
وَكَانَ عِكْرِمَة شَدِيد الْعَدَاوَة لرَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي الْجَاهِلِيَّة هُوَ وَأَبوهُ وَكَانَ فَارِسًا مَشْهُورا هرب حِين الْفَتْح وَلحق بِالْيمن وَلَحِقت بِهِ امْرَأَته أم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام فَأَتَت بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ مرْحَبًا بالراكب المُهَاجر فَأسلم وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان بعد الْفَتْح وَحسن إِسْلَامه وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه إِن عِكْرِمَة يأتيكم فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَلَا تسبوا أَبَاهُ فَإِن سبّ الْمَيِّت يُؤْذِي الْحَيّ وَاسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام حج على هوَازن يصدقها وَوَجهه أَبُو بكر إِلَى عمان وَكَانُوا ارْتَدُّوا فَظهر عَلَيْهِم ثمَّ وَجهه إِلَى الْيمن ثمَّ لزم عِكْرِمَة الشَّام مُجَاهدًا حَتَّى قتل يَوْم اليرموك وَقيل يَوْم أجنادين وَقيل يَوْم مرج الصفر وَكَانَ قد اجْتهد فِي قتال الْمُشْركين وَقيل انه اسْتشْهد باليرموك عِكْرِمَة والْحَارث بن هِشَام وَسُهيْل بن عَمْرو وَأتوا بِمَاء وهم صرعى فتدافعوا كلما دفع إِلَى رجل مِنْهُم يَقُول اسْقِ فلَانا حَتَّى مَاتُوا وَلم يشربوه وَلما أسلم قَالَ للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لَا أنزل مقَاما قمته لأصد بِهِ عَن سيبل الله إِلَّا قُمْت مثله فِي سَبِيل الله وَلَا تركت نَفَقَة كنت أنفقتها لأصد بهَا عَن سَبِيل لله إِلَّا أنفقت مثلهَا فِي سَبِيل الله وَلما مَاتَ رَضِي الله عَنهُ وجد بِهِ بضع وَسَبْعُونَ جِرَاحَة مَا بَين طعنة وضربة ورمية وَكَانَ إِن اجْتهد فِي الْيَمين قَالَ لَا وَالَّذِي نجاني يَوْم بدر
48 - أَخُو أبي بكر عِكْرِمَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث أَخُو أبي بكر سمع أَبَاهُ وَأم سَلمَة وَعبد الله بن عَمْرو وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
49 - عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عِكْرِمَة الْبَرْبَرِي مولى ابْن عَبَّاس أحد الْعلمَاء الربانيين روى عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَعلي بن أبي طَالب وَذَلِكَ فِي سنَن النَّسَائِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة وَعقبَة بن عَامر وَعبد الله بن عمر وَأبي سعيد وَغَيرهم وَقد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَالْبُخَارِيّ وَالْجُمْهُور يحتجون بِهِ وَأَبُو حَاتِم الرَّازِيّ يحْتَج بِهِ إِذا كَانَ عَن ثِقَة وَقيل إِن ابْن عمر قَالَ لنافع لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن(20/39)
عَبَّاس وَهَذَا ضَعِيف وَكَذَا يرْوى عَن سعيد بن الْمسيب وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ كَانَ يرى رَأْي الإباضية رأى نجدة الحروري وَقَالَ مُصعب الزبيرِي كَانَ يرى رَأْي الْخَوَارِج وَقيل انه مَاتَ هُوَ وَكثير عزة سنة سبع وَمِائَة فَمَا شهد جنازتيهما إِلَّا الْمَدِينَة فَقيل مَاتَ افقه النَّاس وأشعر النَّاس وَقد روى لَهُ الْجَمَاعَة وَكَانَ عِكْرِمَة كثير التطواف والجولان فِي الْبِلَاد الْعَرَبيَّة دخل خُرَاسَان وأصبهان ومصر وَقيل انه مَاتَ بالقيراوان وَعمارَة بن حَمْزَة الْمَوْصُوف بالتيه من أَوْلَاده وَقَالَ عبد الله ابْن الْحَارِث دخلت على عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس وَعِكْرِمَة موثقًا على بَاب الكنيف فَقلت أتفعلون هَذَا بمولاكم فَقَالَ إِن هَذَا مَكْذُوب على أبي وَقد قَالَ ابْن الْمسيب لمَوْلَاهُ برد لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس وَكَانَ عِكْرِمَة قد أباعه عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس على خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة بأَرْبعَة آلَاف دِينَار فَأتى عِكْرِمَة عليا فَقَالَ لَهُ مَا خير لَك أتبيع علم أَبِيك فاستقال خَالِدا فأقاله فَأعْتقهُ عَليّ
50 - شيخ الْقُرَّاء بِمَكَّة عِكْرِمَة بن سُلَيْمَان مولى آل شيبَة الْعَبدَرِي الحَجبي كَانَ أَمينا حَافِظًا قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَرُبمَا يهم وَقَالَ ابْن معِين ثِقَة ثَبت وَقَالَ البُخَارِيّ يضطرب فِي حَدِيث ابْن أبي كثير وَلم يكن عِنْده كتاب وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَمُسلم مُتَابعَة العكوك عَليّ بن جبلة العكي المغربي الشَّاعِر اسْمه سعيد بن عمر(20/40)
52 - الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ يُقَال اسْم الْحَضْرَمِيّ عبد الله بن عمار وَقيل عبد الله بن ضمار وَيُقَال غير ذَلِك حَلِيف بني أُميَّة ولاه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَحْرين وَتُوفِّي وَهُوَ عَلَيْهَا فأقره أَبُو بكر ثمَّ أقره عمر وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَقيل سنة إِحْدَى وَعشْرين وَاسْتعْمل عمر مَكَانَهُ أَبَا هُرَيْرَة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بَعثه إِلَى الْمُنْذر بن سَاوَى ملك الْبَحْرين فَلَمَّا فتحهَا أقره عَلَيْهَا وَهُوَ أول من نقش خَاتم الْخلَافَة وَأَخُوهُ عَامر بن الْحَضْرَمِيّ قتل يَوْم بدر كَافِرًا وأخوهما عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ أول قَتِيل قتل من الْمُشْركين قَتله مُسلم وَكَانَ مَاله أول مَال خمس وَكَانَ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ مجاب الدعْوَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْبَحْرين رَأَيْت مِنْهُ ثَلَاث خِصَال لَا أَدْرِي أيتهن أعجب انتهينا إِلَى شاطئ الْبَحْر فَقَالَ سموا واقتحموا فسميناه واقتحمنا فَمَا بل المَاء إِلَّا أسافل أَخْفَاف إبلنا فَلَمَّا قَفَلْنَا صرنا بعد بفلاة من الأَرْض لَيْسَ مَعنا مَاء فشكونا إِلَيْهِ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا فَإِذا سَحَابَة مثل الترس ثمَّ أرخت عزاليها فسقينا وَاسْتَقَيْنَا وَمَات بعْدهَا بَعثه أَبُو بكر إِلَى الْبَحْرين لما ارْتَدَّت ربيعَة فأظفره الله عَلَيْهِم وأعطوا مَا منعُوا من الزَّكَاة وَمَات فدفناه فِي الرمل فَلَمَّا سرنا غير بعيد قُلْنَا يجيئ سبع فيأكله فرجعنا فَلم نره وَأُخْته الصعبة بنت الْحَضْرَمِيّ كَانَت تَحت أبي سُفْيَان بن حَرْب فَطلقهَا فخلف عَلَيْهَا عبيد الله بن عُثْمَان التَّيْمِيّ فَولدت لَهُ طَلْحَة بن عبيد الله وَكَانَ لَهُ أَخ يُقَال لَهُ مَيْمُون هُوَ صَاحب الْبِئْر الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّة كَانَ حفرهَا فِي الْجَاهِلِيَّة وَلما وَفد الْعَلَاء على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْشدهُ // (من الطَّوِيل) //
(وَحي ذَوي الأضغان تسب قُلُوبهم ... تَحِيَّة ذِي الْحسنى فقد ترفع الدغل)
(وَإِن دحسوا بالكره فَاعْفُ كريهة ... وَإِن خنسوا عِنْد الحَدِيث فَلَا تسل)
(فَإِن الَّذِي يُؤْذِيك مِنْهُ سَمَاعه ... وَإِن الَّذِي قَالُوا وَرَاءَك لم يقل)(20/41)
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الشّعْر حكما وَإِن من الْبَيَان سحرًا
53 - العامري الْعَلَاء بن مسروج من بني عَامر هُوَ الَّذِي قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قضى فِي الْجَنِين بغرة يَا رَسُول اله من لَا أكل وَلَا شرب الحَدِيث
54 - الزَّاهِد الْمصْرِيّ الْعَلَاء بن كثير الْقرشِي الْمصْرِيّ الإسْكَنْدراني الزَّاهِد كَانَ حسن الصَّوْت بِالْقُرْآنِ فَإِذا قَامَ بِاللَّيْلِ اسْتَيْقَظَ لَهُ الْجِيرَان فخاف الْفِتْنَة فَدَعَا الله تَعَالَى فَذهب صَوته توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة
55 - الْأَسدي الْعَلَاء بن الْمسيب بن رَافع الْأَسدي قَالَ ابْن معِين ثِقَة مَأْمُون توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
56 - الرقي الْعَلَاء بن هِلَال بن عمر بن هِلَال الْبَاهِلِيّ الرقي ضعفه أَبُو حَاتِم وَتُوفِّي بالرقة سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ النَّسَائِيّ
57 - أَبُو شبْل الْمدنِي الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب أَبُو شبْل الْمدنِي أحد الْمَشَاهِير وَلَاؤُه للحرقة من جُهَيْنَة روى عَن أَبِيه وَعَن ابْن عمر وَأنس بن مَالك وَأبي السَّائِب مولى هِشَام بن زهرَة ومعبد بن كَعْب بن مَالك قَالَ أَبُو حَاتِم مَا أنكر من حَدِيثه شَيْئا وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِحجَّة وَقَالَ مرّة لَيْسَ بِالْقَوِيّ(20/42)
وَقَالَ ابْن عدي مَا أرى بحَديثه بَأْسا توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
58 - الْعَطَّار الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار الْعَطَّار مولى الْأَنْصَار روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ وَتُوفِّي سنة ثِنْتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
59 - ابْن الموصلايا الْعَلَاء بن الْحسن بن وهب بن الموصلايا أَبُو سعد الْبَغْدَادِيّ أحد الْكتاب المعروفين الَّذين يضْرب بهم الْمثل كَانَ نَصْرَانِيّا فَلَمَّا رسم الْخَلِيفَة فِي رَابِع عشر صفة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة بإلزام أهل الذِّمَّة بِلبْس الغيار والتزام مَا شَرطه عَلَيْهِم عمر بن الْخطاب فَهَرَبُوا كل مهرب وَأسلم أَبُو غَالب الأصباغي وَابْن الموصلايا صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء وَابْن أُخْته أَبُو نصر صَاحب الْخَبَر على يَدي الْخَلِيفَة وَكَانَ يتَوَلَّى ديوَان الرسائل مُنْذُ أَيَّام الْقَائِم بِأَمْر الله وناب فِي الوزارة وأضر آخر عمره وَكَانَت مُدَّة خدمته خمْسا وَسِتِّينَ سنة كل يَوْم مِنْهَا يزِيد جاهه وناب فِي الوزارة وَقد أضرّ مَرَّات وَكَانَ ابْن أُخْته هبة الله بن الْحسن يكْتب الإنشاءات عَنهُ وَإِذا حضر وَكَانَ كثير الصَّدَقَة وَالْخَيْر ومولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى وَكَانَ الْخَلِيفَة قد لقبه أَمِين الدولة قَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الهمذاني وَمن قَرَأَ علم السّير علم أَن الْخَلِيفَة والملوك لم يثقوا بِأحد ثقتهم بأمين الدولة وَلَا نصحهمْ أحد نصيحة وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(يَا هِنْد رقي لفتى مدنف ... يحسن فِيهِ طلب الْأجر)
(يرْعَى نُجُوم اللَّيْل حَتَّى يرى ... حل عراها بيد الْفجْر)
(ضَاقَ نطاق الصَّبْر عَن قلبه ... عِنْد اتساع الْخرق فِي الهجر)(20/43)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وكأس كساها الْحسن ثوب ملاحة ... فجازت ضِيَاء مشرقا يشبه الشمسا)
(أَضَاءَت لَهُ كف المدير وَمَا درى ... وَقد دجت الظلماء أصبح أم أَمْسَى)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(أَقُول للائمي فِي حب ليلى ... وَقد سَاوَى نَهَار مِنْهُ لَيْلًا)
(أقل فَمَا أقلت قطّ أَرض ... محبا جر فِي الهجران ذيلا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(بنفسي وَإِن عزت وَأَهلي أهلة ... لنا غرر فِي الْحسن تبدو وأوضاح)
(نُجُوم أعاروا النُّور للبدر عِنْدَمَا ... أَغَارُوا على سرب الملاحة واجتاحوا)
(فتتضح الْأَعْذَار فِيهِ إِذا بدوا ... ويفتضح اللاحون فيهم إِذا لاحوا)
(وكرضية عذراء يعْذر حبها ... وَمن زندها فِي الدَّهْر تقدح أقداح)
(إِذا جليت فِي الكأس وَاللَّيْل مَا انجلى ... تقَابل إصباح لديك ومصباح)
(يطوف بهَا سَاق لسوق جماله ... نفاق لإفساد الْهوى فِيهِ إصْلَاح)
(بِهِ عجمة فِي اللَّفْظ تغري بوصله ... وَإِن كَانَ مِنْهُ فِي القطيعة إفصاح)
(وغرته صبح وطرته دجى ... ومبسمه در وريقته رَاح)
(أَبَاحَ دمي مذ بحت فِي الْحبّ باسمه ... وبالشجو من قبلي المحبون قد باحوا)
(وأوعدني بالسوء ظلما وَلم يكن ... لإشكال مَا يُفْضِي إِلَى الضيم إِيضَاح)
(وَكَيف أَخَاف الضيم أَو أحذر الردى ... وعوني على الْأَيَّام أَبْلَج وضاح)
(وظل نظام الْملك للكسر جَابر ... وللضر مناع وللخير مناح)
60 - المعري أَبُو الْعَلَاء بن أبي الندى بن عَمْرو وَقيل ابْن جَعْفَر المعري اشْتغل صَغِيرا بالفقه وَكَانَ عديم الْمثل سمح البديهة والروية شَاعِرًا مجودا فَقِيها وَتُوفِّي فِي نَيف وَخمسين وَخَمْسمِائة وَله حُدُود خمس وَعِشْرُونَ سنة قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَلَو عَاشَ كَانَ آيَة وَلم يبْق فِي علم من الْعُلُوم غَايَة وَكَانَ فِي الْمدرسَة النورية بحلب عِنْد الْعَلَاء الغزنوي وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //
(من أَيْن كَانَ يَا حدق المها ... علم بنفث السحر فِي عقد النهى)(20/44)
(أَمن غَار البان فِي مهج الورى ... فتكا فَأصْبح بالقنا متشبها)
(من كل مياد القوام منعم ... يختال من سكر الشَّبَاب ويزدهى)
(واهي الجفون فَلَو تكفل جفْنه ... فعل الصوارم لاستقل وَمَا وهى)
(يَبْدُو بِوَجْه كلما قابلته ... أهْدى إِلَيْك من المحاسن أوجها)
(كالفضة الْبَيْضَاء إِلَّا أَنه ... يلقاك من ذهب الْحيَاء مموها)
(فَلهُ على الْقَمَر الْمُنِير فَضِيلَة ... كفضيلة الْقَمَر الْمُنِير على السها)
(جم الْبَهَاء كَأَنَّمَا جمعت لَهُ ... تِلْكَ الصِّفَات الغر من شيم البها)
(الْبَدْر يقصر أَن أقايسه بِهِ ... وَالشَّمْس تصغر أَن أشبهه بهَا)
(وظلمت شامخ مجده أَن جِئْته ... عِنْد المديح ممثلا ومشبها)
وَمِنْهَا // (من الْكَامِل) //
(أَنْت بني الزهراء أهل الْحجَّة الزهراء ... إِن فطن المحاور أوسها)
(فإلام يجْحَد فِي الْبَريَّة حقكم ... قد آن للوسنان أَن يتنبها)
(صنتم ببذل عروضكم أعراضكم ... وصيانة الْأَعْرَاض فِي بذل اللهى)
(مَاذَا أَقُول وَمَا لوصف علاكم ... حد وَلَا لنهائكم من مُنْتَهى)
(مِنْكُم بدا الشّرف الْمُبين ... جَمِيعه وَإِلَى بهاء الدّين بعدكم انْتهى)
وَأورد لَهُ فِي الْمُزَوجَة // (من المتقارب) //
(وقابضة بعنان النسيم ... تصوفه كَيفَ شَاءَت هبوبا)
(فَمن حَيْثُ شَاءَت أهبت صبا ... وَمن حَيْثُ شَاءَت أهبت جنوبا)
(تضمخ بالطيب أردانها ... فتهدي لملبسها الطّيب طيبا)
(إِذا أقبل القر كَانَت عدوا ... وَإِن أقبل القيظ صَارَت حبيبا)
وَأورد لَهُ فِي غُلَام مليح ينظر فِي الْمرْآة // (من الْبَسِيط) //
(نَفسِي الْفِدَاء لساجي الطوف سَاحِرَة ... تحار فِي وَصفه الْأَلْبَاب والفكر)
(يرنح التيه قدا مِنْهُ معتدلا ... كالغصن مَا شانه طول وَلَا قصر)
(بدا لنا فازدهانا صورته ... حَتَّى امترينا لَهَا فِي أَنه بشر)(20/45)
(وقابلت وَجهه مرآته فبدت ... كَأَنَّهَا هَالة فِي وَسطهَا قمر)
61 - ابْن السوادي الْكَاتِب الْعَلَاء بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْفرج بن السوادي الوَاسِطِيّ الْكَاتِب الشَّاعِر الْمَشْهُور من بَيت حشمة كَانَ أَبُو الْفضل هبة الله بن الْفضل الْقطَّان قد هجا قَاضِي الْقُضَاة الزَّيْنَبِي بقصيدة أَولهَا // (من مجزوء الرمل) //
(يَا أخي الشَّرْط أملك ... لست للثلب أترك)
وَهِي تزيد على مائَة بَيت مَشْهُورَة فأحضر القَاضِي وصفعه وحبسه مُدَّة ثمَّ بعد ذَلِك مدح أَبُو الْفرج هَذَا قَاضِي الْقَضَاء الزَّيْنَبِي لما قدم من وَاسِط فتأخرت عَنهُ جائزته وَتردد مَرَّات فَمَا أجدى فَكتب إِلَى صديق لقَاضِي الْقُضَاة // (من المديد) //
(يَا أَبَا الْفَتْح الهجاء إِذا ... إِذا جاش صدر مِنْهُ متسع)
(وقواي الشّعْر واثبة ... وَلها الشَّيْطَان مُتبع)
(فاحذروا كافات منحدر ... مَا لكم فِي صفعه طمع)
فاتصلت بالزينبي فَأَجَازَهُ وأرضاه توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(أَشْكُو إِلَيْك وَمن صدورك أشتكي ... وأظن من شغفي بأنك منصفي)
(وأصد عَنْك مَخَافَة من أَن يرى ... مذك الصدود فيشتفي من يشتفي)
(الألقاب)
62 - أَبُو الْعَلَاء المعرق اسْمه أَحْمد بن عبد الله أَبُو الْعَلَاء الْأَسدي اسْمه أَحْمد بن الْحُسَيْن بن العلائي صَلَاح الدّين خَلِيل بن كيكلدي الشَّافِعِي أَبُو الْعَلَاء المعري اسْمه عَليّ بن إِبْرَاهِيم ابْن العلان الْحسن بن عَليّ بن عَلان الوَاسِطِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله وَعز الدّين أَحْمد بن الْمُسلم ابْن عَلان الْمسند الْمُسلم بن مُحَمَّد
63 - العلبائية من الروافض الألباء بن ذِرَاع الدوسي وَقيل الْأَسدي قَالَ ابْن أبي الدَّم كَانَ يفضل عليا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَزْعُم أَن عليا هُوَ الَّذِي بعث مُحَمَّدًا وَكَانَ تَارَة يذم(20/46)
مُحَمَّدًا لعن الله العلباء وَصلى الله على مُحَمَّد وَإِنَّمَا ذمه لزعمه أَن مُحَمَّدًا بعث ليدعو إِلَى عَليّ فَدَعَا إِلَى نَفسه وَمن العلبائية من قَالَ بألهية مُحَمَّد وَعلي جَمِيعًا ويقدمون مُحَمَّدًا فِي الإلهية ويسمون الميمنة وَمِنْهُم من يقدم عليا فِي الإلهية ويسمون العينية وَمِنْهُم من قَالَ بإلهية خَمْسَة أشخاص وهم أَصْحَاب الكسا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَقَالُوا فمستهم شَيْء وَاحِد وَالروح حَالَة فيهم بِالسَّوِيَّةِ لَا فضل لوَاحِد مِنْهُم على الآخر وكرهوا أَن يَقُولُوا فَاطِمَة بِالْهَاءِ فَقَالُوا فاطم وَفِي ذَلِك قَالَ بعض شعرائهم // (من الطَّوِيل) //
(فواليت بعد الله فِي الدّين خَمْسَة ... نَبيا وسبطيه وشيخا وفاطما)
الْوَزير علجة اسْمه مُحَمَّد بن نَاصِر
(عَلْقَمَة)
64 - عَلْقَمَة اللَّيْثِيّ عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكره الْوَاقِدِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَله بِالْمَدِينَةِ دَار فِي بني لَيْث
65 - الْخُزَاعِيّ عَلْقَمَة بن الفغواء الْخُزَاعِيّ كَانَ دَلِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك روى عَنهُ ابْنه عبد الله وعلقمة أَخُو عَمْرو بن الفغواء كَانَ يسكن بَاب أبي شُرَحْبِيل وَهِي بَين ذِي خشب وَالْمَدينَة وَكَانَ يَأْتِي الْمَدِينَة
66 - الْحَضْرَمِيّ عَلْقَمَة بن مرْثَد بالراء والثاء الْمُثَلَّثَة الْكُوفِي الْحَضْرَمِيّ أَبُو الْحَارِث أحد الإئمة روى عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وطارق بن شهَاب وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَسعد بن عُبَيْدَة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ ثَبت فِي الحَدِيث وتوفِّي سنة عشْرين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
67 - النَّخعِيّ عَلْقَمَة بن قيس النَّخعِيّ الْكُوفِي خَال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَشَيْخه(20/47)
أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ فَقِيها مقرئا طيب الصَّوْت ثبتا حجَّة أعرج توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
68 - النَّحْوِيّ أَبُو عَلْقَمَة النميري النَّحْوِيّ قَالَ ياقوت وَأرَاهُ من أهل وَاسِط أُتِي أَبُو عَلْقَمَة إِلَى أبي زلازل الْحذاء فَقَالَ يَا حذاء احذ لي هَذَا النَّعْل فَقَالَ وَكَيف تُرِيدُ أَن احذوها قَالَ خصر نطاقها وغضف معقبها وأقب مقدمها وعرج وَنِيَّة الذؤبة بحزم دون بُلُوغ الرصاف وأنحل مخازم خزامها وأوشك فِي الْعَمَل فَقَالَ أَبُو زلازل فتأبط مَتَاعه فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة إِلَى أَيْن إِلَى ابْن الْقرْيَة ليفسر لي مَا خَفِي عَليّ من كلامك وَقَالَ لغلامه يَوْمًا خُذ من غريمنا هَذَا كَفِيلا وَمن الْكَفِيل أَمينا وَمن الْأمين زعيما وَمن الزعيم عزيما فَقَالَ الْغُلَام للْغَرِيم مولَايَ كثير الْكَلَام مَعَك شَيْء فأرضاه وخلاه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ يَا غُلَام مَا فعل غريمنا قَالَ سقع قَالَ وَيلك مَا سقع قَالَ بقع قَالَ وَيلك مَا بقع قَالَ استقلع قَالَ وَيلك مَا استقلع قَالَ انقلع قَالَ وَيلك لم طولت قَالَ مِنْك تعلمت وَركب يَوْمًا بغلا فَوقف بِهِ على أبي عبد الرَّحْمَن الْقرشِي فَقَالَ يَا أَبَا عَلْقَمَة إِن لبغلك هَذَا منْظرًا فَهَل لَهُ مَعَ هَذَا المنظر من خبر فَقَالَ أَو مَا بلغك خَبره قَالَ لَا قَالَ خرجت عَلَيْهِ مرّة من مصر فقفز بِي قفزة إِلَى فلسطين وَالثَّانيَِة إِلَى الْأُرْدُن وَالثَّالِثَة إِلَى دمشق فَقَالَ لَهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن تقدم إِلَى اهلك بِأَن يدفنوه مَعَك فَلَعَلَّهُ يقفز بك الصِّرَاط وجمش امْرَأَة كَانَ يهواها فَقَالَ يَا خريدة قد كنت أخالك عروبا فَإِذا أَنْت نوار مَالِي أمقك فتسبيني فَقَالَت يَا رقيع مَا رَأَيْت أحدا يحب أحدا ويشتمه سواك وَقَالَ لأعين الطَّبِيب أمتع الله بك إِنِّي أكلت من لُحُوم هَذِه الجوازل فطبئت طبأة فَأَصَابَنِي وجع بَين الوالبة إِلَى دألة الْعُنُق فَلم يزل ينمى حَتَّى خالط الخلب وألمت لَهُ الشراسيف فَهَل عنْدك دَوَاء فَقَالَ لَهُ أعين نعم خُذ خرقفا وسلقفا وشرقفا فزهزقه ورقرقه واغسله بِمَاء رَوْث واشربه فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة أعد عَليّ فَإِنِّي لم أفهم عَنْك فَقَالَ لَهُ أعين لعن الله أقلنا إفهاما وَيحك وَهل فهمت عَنْك شَيْئا مِمَّا قلت واستدعى يَوْمًا بحجام فَقَالَ لَهُ لَا تعجل حَتَّى أصف لَك ولاتكن كامرئ خَالف(20/48)
وَمَا أَمر بِهِ وَمَال إِلَى غَيره اشْدُد قصب المحاجم وأرهف ظبة المشاريط وأسرع الْوَضع وَعجل النزع وَليكن شرطك وخزا ومصك لهزا وَلَا تزدن آتِيَا وَلَا تكرهن آبيا فَوضع الْحجام محاجمه فِي قفته وَقَالَ يَا قوم هَذَا رجل قد ثار بِهِ مرار ولاينبغي أَن يخرج دَمه فِي هَذَا الْوَقْت وَانْصَرف وَقَالَ يَوْمًا لغلامه أصعقت العتاريق فَقَالَ لَهُ الْغُلَام زقفيلم فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة وَمَا زقفيلم فَقَالَ الْغُلَام وَمَا صعِقَتْ العتاريق قَالَ قلت لَك أصاحت الديوك فَقَالَ الْغُلَام وَأَنا قلت لَك لم يَصح مِنْهَا شَيْء وَكَانَ يَوْمًا يسير على بغلة فَنظر إِلَى عَبْدَيْنِ حبشِي وصقلبي فَإِذا الحبشي قد ضرب بالصقلبي الأَرْض وَأدْخل ركبيتيه فِي بَطْنه أَصَابِعه فِي عَيْنَيْهِ وعض أُذُنَيْهِ وضربه بعصا فَشَجَّهُ وأسال دَمه فاستشهد الصقلبي بِأبي عَلْقَمَة فَقَالَ احمله إِلَى الْأَمِير فَحَمله وَقَالَ لأبي عَلْقَمَة اشْهَدْ لي فَنزل عَن بغلته وَجلسَ بَين يَدي الْأَمِير فَقَالَ لَهُ بِمَ تشهد يَا أَبَا عَلْقَمَة فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة أصلح الله الْأَمِير بَينا أَنا أَسِير على كوذني هَذَا إِذْ مَرَرْت بِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَرَأَيْت هَذَا الأسحم قد مَال على هَذَا الأبقع فمطأه على فدفد ثمَّ ضغطه برضفتيه فِي أحشائه حَتَّى ظَنَنْت أَنه يدمج جَوْفه وَجعل يلج بشناتوه فِي جحمتيه يكَاد يفقؤهما وَقبض على صنارتيه بمبرمه فكاد يجذهما جذا ثمَّ علاهُ بمسنأة كَانَت مَعَه فعجفه بهَا وَهَذَا أثر الجريال بَينا وَأَنت أَمِير عَادل فَقَالَ الْأَمِير وَالله مَا فهمت شَيْئا مِمَّا قلته فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة قد فهمناك إِن فهمت وأعلمناك إِن علمت وَأديت إِلَيْك مَا علمت وَمَا أقدر أَن أَتكَلّم بِالْفَارِسِيَّةِ فَجعل الْأَمِير يجْهد أَن يكْشف الْكَلَام وَلَا يفعل حَتَّى ضَاقَ صدر الْوَالِي فَقَالَ للصقلبي أَعْطِنِي خنجرا فَأعْطَاهُ فكشف لَهُ رَأسه فَقَالَ لَهُ شجنى خمْسا وأعفني من شَهَادَة هَذَا عَلْقَمَة الشَّاعِر كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَهُوَ من شعراء بدر الجمالي أَمِير الجيوش قيل إِن الشُّعَرَاء وقفُوا بِبَاب بدر الْمَذْكُور فَلم يَأْذَن لأحد مِنْهُم وَخرج بدر إِلَى الصَّيْد فَخرج عَلْقَمَة الشَّاعِر فِي إثره وَعمل فِي عمَامَته ريش النعام كَأَنَّهُ مظلوم فَلَمَّا قرب مِنْهُ أنْشدهُ // (من الْكَامِل) //
(نَحن التُّجَّار وَهَذِه أعلاقنا ... ذَر وجود يَمِينك المتباع)
(قلب وفتشها بسمعك إِنَّمَا ... هِيَ جَوْهَر تختاره الأسماع)
(كسدت علينا بِالشَّام وَكلما ... قل النِّفَاق تعطل الصناع)
(فأتاك بحملها إِلَيْك تجارها ... ومطيها الآمال والأطماع)(20/49)
(حَتَّى أناضرها ببابك والرجا ... من دُونك السمسار والبياع)
(فوهيت مَا لم يُعْطه فِي دهره ... هرم وَلَا كَعْب وَلَا الْقَعْقَاع)
(يَا بدر أقسم لوبك اعْتصمَ الورى ... ولجوا إِلَيْك جَمِيعهم مَا ضَاعُوا)
وَكَانَ عَليّ يَد بدر بازي فَدفعهُ إِلَى البازدار وَقبض على يَد عَلْقَمَة وَانْفَرَدَ بِهِ عَن الْجَيْش وَجعل يستنشده الأبيات ويرددها حَتَّى عَاد إِلَى مَجْلِسه ثمَّ الْتفت إِلَى غلمانه وخاصته وَقَالَ من أَحبَّنِي فليخلع عَلَيْهِ قَالَ عَلْقَمَة فوَاللَّه لقد خرجت من عِنْده وَمَعِي سَبْعُونَ وقر بغل من الْخلْع وَأمر لي بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَقلت لمن بِبَابِهِ من الشُّعَرَاء يَا متخلفين الحقوني إِلَى منزلي فلحقوني فَمَا مِنْهُم إِلَّا من خلعت عَلَيْهِ وأعطيته من جائزتي
69 - الألقاب ابْن العلقمي الْوَزير مؤيد الدّين اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ ولد عز الدّين ابْن العلقمي اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَلَاثَة ابْن عَلْقَمَة البلنسي عبد الله بن معد بن مَالك عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد علم الرؤساء أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ كَاتب الْإِنْشَاء اسْمه عبد الرَّحْمَن بن هبة الله علم السّنة عَتيق بن عبد الله الْبكْرِيّ علم الْأَدَب مُحَمَّد بن حَرْب
(علوان)
70 - الْأَسدي الضَّرِير علوان بن عَليّ بن مطارد الْأَسدي الضَّرِير سمع مِنْهُ سلمَان الشحام فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(أوجهك أم شمس النَّهَار أم بدر ... وثغرك أم در وَرِيقك أم خمر؟ {)
(وقدك أم غُصْن ترنحه الصِّبَا ... وغنج أرَاهُ حَشْو جفنك أم سحر؟} )
(تبدى لنا وَاللَّيْل حلق جرانه ... فَعَاد نَهَارا قبل أَن يطلع الْفجْر)
(أعاذلتي مَا أقتل الْحبّ للفتى ... إِذا كَانَ من يهواه شيمته الْغدر)
(وَيَا معشر العشاق مَا أعجب ... الْهوى يرى مرّة عذبا وأعذبه مر)(20/50)
(وَلم أنس حَالي يَوْم زمت رِكَابهمْ ... أَقَامَ بجسمي الضّر وارتحل الصَّبْر)
(فَمَا للنوي لَا ألف الله شملها ... وَمَا لغراب الْبَين لَا ضمه وكر)
(وليل كَيَوْم الْحَشْر معتكر الدجا ... طَوِيل المدى لَا يتسبين لَهُ فجر)
(أراعي نجوما لَيْسَ يلغى زَوَالهَا ... وَلَا مؤنس إِلَّا الستهد والفكر)
(أرى أسْهم الْأَيَّام تقصد مهجتي ... كَأَن صَدُوق الدَّهْر عِنْدِي لَهَا وتر)
(أَلا أَيهَا الدَّهْر المكدر عيشتي ... رويدك مثلي لَا يروعه ذعر)
(أتحسب أَن ألْقى لغدرك ضارعا ... فَإِنِّي وفخر الدّين لي فِي الورى ذخر)
نعوم وَمِنْه فِي غُلَام أسود // (من السَّرِيع) //
(سَواد عَيْني فَذا أسود ... فِي دَاخل الْقلب لَهُ نقطه)
(الْبَدْر مَا اسْتكْمل فِي حسنه ... حَتَّى اكتسى من كَونه خطه)
(مخطط بالْحسنِ لكنما ... قلبِي من الخطة فِي خطه)
(علوي)
71 - علوي الباز الْأَشْهب الْحلَبِي علوي بن عبد الله بن عبيد الشَّاعِر الْحلَبِي الْمَعْرُوف بالباز الْأَشْهب كَانَ أديبا متفننا مليح الْإِيرَاد للشعر توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِبَغْدَاد وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(سل البانة الْغناء وَهل مطر الْحمى ... وَهل أَن للورقاء أَنه تترنما)
(هُوَ عذبات الرند نبهها الصِّبَا ... لذكر الصبى فقد كن نوما)
(وَإِن تكن الْأَيَّام قصت جناحها ... فقد طالما مدت بنانا ومعصما)
(بكتها الغوادي رَحْمَة فتفست ... وأعطت رياض الْحزن سرا مكتما)
(وَشقت ثيابًا كن سترا لأمرها ... فَلَمَّا رَآهَا الأقحوان تبسما)
(خليلي هَل من سامع مَا أقوله ... فقد منع الْجُهَّال أَن أتكلما)(20/51)
(عرفت الْمَعَالِي قبل تعرف نَفسهَا ... وَلَا سفرت وَجها وَلَا فغرت فَمَا)
(وأوردتها مَاء البلاغة منطقا ... فَصَارَت لجيد الدَّهْر عقدا منظما)
(وَكَانَت تناجي بألسن حَالهَا ... فَأدْرك سر الْوَحْي مِنْهَا توهما)
(فَمَا لليالي لَا تقر بِأَنِّي ... خلقت لَهَا مِنْهَا بدورا وأنجما)
(وَرب جهول قَالَ لَو كَانَ صَادِقا ... لأمكنت الْأَيَّام أَن يتقدما)
(وَلم يدر أَنِّي لَو أَشَاء حويتها ... وَلَكِن صرفت النَّفس عَنْهَا تكرما)
(أَبى الله أَن ألْقى بَخِيلًا بمدحه ... وَقد جعل الشكوى إِلَى الْمَدْح سلما)
(إِذا الْمَرْء لم يحكم على النَّفس قَادِرًا ... يمت غير مأجور ويحيا مذمما)
(سَلام على المَاء الَّذِي طَابَ موردا ... وَإِن صيرته وَقْفَة الذل علقما)
(فقد كنت لَا أبغي سوى الْعِزّ مطمعا ... وَلَا أرتضي مَاء وَلَو بلغ الظما)
(وَكنت مَتى مثلت للنَّفس حَاجَة ... أرى وَجه إعراضي وَلَو كن أَيْنَمَا)
(وأحسب أَن الشيب غير حالتي ... وصير حل الغانيات محرما)
72 - الْمُغنِي عُلْوِيَّهُ الْمُغنِي اسْمه عَليّ بن عبد الله بن سيف يَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله ابْن العلوية الصُّوفِي مُحَمَّد بن مَحْمُود بن العلاف هبة الله بن الْحسن
(الألقاب)
عَطاء السندي أَفْلح بن يسَار ابْن عَطاء الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْعَطَّار جمَاعَة مِنْهُم بدر الدّين الْعَطَّار الْمسند اسْمه أَحْمد بن شَيبَان كَمَال الدّين الْكَاتِب أَحْمد بن مَحْمُود عَلَاء الدّين بن الْعَطَّار الشَّافِعِي عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْعَطَّار الْحَافِظ الْحسن بن أَحْمد بن الْعَطَّار الْبَغْدَادِيّ مَنْصُور بن نصر الْعَطَّار الْمَالِكِي مُحَمَّد بن أَحْمد
73 - ابْن حَاجِب التَّمِيمِي عُطَارِد بن حَاجِب بن زُرَارَة بن عدس التَّمِيمِي وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَائِفَة من وُجُوه قومه فيهم الْأَقْرَع بن حَابِس والزبرقان بن بدر وَقيس بن عَاصِم وَعَمْرو بن الْأَهْتَم والحباب بن يزِيد وَغَيرهم وَأَسْلمُوا وَذَلِكَ سنة تسع وَكَانَ سيدا فِي قومه زعيما وَقيل إِنَّمَا قدمُوا سنة عشر وَالْأول أصح(20/52)
العطاردي اسْمه أَحْمد بن عبد الْجَبَّار العطاردي عَليّ بن مُحَمَّد العطاردي أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب
74 - أَبُو سعيد الآلسي الْمُؤَيد عطاف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو سعيد الآلسي الشَّاعِر بِاللَّامِ وَالسِّين الْمُهْملَة الْمَعْرُوف بالمؤيد ولد بآلس قَرْيَة بِقرب الحديثة سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ قد نَشأ بدجيل وَدخل بَغْدَاد وَصَارَ جاويشا فِي أَيَّام المسترشد ونظم الشّعْر وَعرف بِهِ ومدح وهجا ولجأ إِلَى خدمَة السُّلْطَان مَسْعُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه وتفسح فِي ذكر الإِمَام المقتفى وَأَصْحَابه بِمَا لَا يَنْبَغِي فَقبض عَلَيْهِ وسجن بَعْدَمَا كَانَ أثرى واقتنى عقارا وأملاكا وَأقَام فِي السجْن عشر سِنِين إِلَى أَن عشا بَصَره من ظلمَة المطهورة واخرج فِي زمَان المستنجد وَكَانَ زيه زِيّ الأجناد ثمَّ سَافر إِلَى الْموصل وَتُوفِّي بعد خُرُوجه بِثَلَاث سِنِين وَكَانَ قبل موت المقتفى بِسنة عرض الْمُؤَيد قصَّة فَوَقع المقتفى عَلَيْهِ يفرج عَن هَذَا وَكن ضاحي نَهَار فأفرج عَنهُ وَمضى إِلَى بَيته فَاجْتمع بِزَوْجَتِهِ وبرز الْعَصْر توقيع الْخَلِيفَة يُنكر الإفراج عَنهُ وَتقدم بِالْقَبْضِ على صَاحب الْخَبَر فَإِنَّهُ الَّذِي عرض الْقِصَّة وأعيد بعد الْعَصْر إِلَى المطهورة وجاءه ولد يدعى مُحَمَّدًا كَانَ قد علقت بِهِ امْرَأَته مِنْهُ عِنْد حُضُوره إِلَيْهَا فِي ذَلِك الْيَوْم من الْحَبْس وَقد تقدم ذكر وَلَده مُحَمَّد بن الْمُؤَيد فِي المحمدين وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(لعتبة من قلبِي طريف وتالد ... وَعتبَة لي حَتَّى الْمَمَات حبيب)
(وَعتبَة أقضى منيتي وأعز من ... عَليّ وأشهى من إِلَيْهِ أثوب)
(غلامية الأعطاف تهتز للصبا ... كَمَا اهتز فِي ريح الشمَال قضيب)
(تعلقتها طفْلا صَغِيرا ويافعا ... كَبِيرا وَهَا رَأْسِي بهَا سيشيب)
(وصيرتها ديني ودنياي لَا أرى ... سوى حبها إِنِّي إِذا لمصيب)
(وَقد أخلقت أَيدي الْحَوَادِث جدتي ... وثوب الْهوى ضافى الدروع قشيب)
(سقى عهدها صوب العهاد بجوده ... ملث كتيار الْفُرَات سكوب)
(وليتنا وَالْعرب ملق جرانه ... وعود الْهوى داني القطوف رطيب)(20/53)
(وَنحن كأمثال الثريا يضمنا ... رِدَاء على ضيق الْمَكَان رحيب)
(إِلَى أَن تقضى اللَّيْل وامتد فجره ... وعاود قلبِي للفراق وجيب)
(فيا لَيْت دهري كَانَ لَيْلًا جَمِيعه ... وَإِن لم يكن لي فِيهِ مِنْك نصيب)
(أحبك حَتَّى يبْعَث الله خلقه ... ولي مِنْك فِي يَوْم الْحساب حسيب)
(وألهج بالتذكار بِاسْمِك دَائِما ... وَإِنِّي إِذا سميت لي لطروب)
(فَلَو كَانَ ذَنبي أَن أَدِيم لودكم ... حَياتِي بذكراكم فلست أَتُوب)
(إِذا حضرت هَاجَتْ وساوس مهجتي ... وتزداد بِي الأشواق حِين تغيب)
(فوا أسفا لَا فِي الدنو وَلَا النَّوَى ... أرى عيشتي يَا عتب مِنْك تطيب)
(بقلبي من حبيك نَار وجنة ... ولي مِنْك دَاء قَاتل وطبيب)
(فَأَنت الَّتِي لولاك مَا بت ساهرا ... وَلَا عاودتني زفرَة ونحيب)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لنا صديق يغر الأصدقاء وَلَا ... نرَاهُ مذ كَانَ فِي ود لَهُ صدقا)
(كَأَنَّهُ الْبَحْر طول الدَّهْر تركبه ... وَلَيْسَ تأمن مِنْهُ الْخَوْف والغرقا)
75 - الْمُغنِي ابْن عطايا شرف الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر عطود مولى الْأَنْصَار وَقيل مولى مزينة أَبُو هَارُون كَانَ ينزل قبَاء وَكَانَ حسن الْوَجْه طيب الْغناء وَالصَّوْت جيد الصَّنْعَة حسن الْوَجْه والمروءة فَقِيها قَارِئًا يُغني مرتجلا أدْرك دولة بني أُميَّة وَبَقِي إِلَى أول أَيَّام الرشيد وَكَانَ معدل الشَّهَادَة بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ أَيَّام بني الْعَبَّاس مُنْقَطِعًا إِلَى سُلَيْمَان بن عجل وَتُوفِّي فِي خلَافَة الْمهْدي أَو فِي أول خلَافَة الرشيد
(عَطِيَّة)
76 - الْقرظِيّ عَطِيَّة الْقرظِيّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة قَليلَة توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَقَالَ ابْن عبد الْبر لَا أَقف على اسْم أَبِيه كَانَ من سبي قُرَيْظَة وَوجد يَوْمئِذٍ لم(20/54)
ينْبت فخلي سَبيله روى عَنهُ مجاهدة وَعبد الْملك بن عُمَيْر وَكثير بن السَّائِب إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي حَدِيث السَّائِب تَصْرِيح باسمه
7773 - السَّعْدِيّ عَطِيَّة بن عَرَفَة السَّعْدِيّ وَيُقَال لَهُ ابْن عَامر أَبُو مُحَمَّد روى عَنهُ أهل الْيمن واهل الشَّام وَهُوَ جد عُرْوَة بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة أَتَى فِي أنَاس من بني سعد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَصْغَرهم فخلفوه فِي رِجَالهمْ ثمَّ أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى حوائجهم ثمَّ قَالَ هَل بَقِي مِنْكُم أحد قَالُوا يَا رَسُول الله غُلَام منا خلفناه فِي رحالنا فَأَمرهمْ أَن يبعثوا بِهِ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَغْنَاك الله فَلَا تسْأَل النَّاس شَيْئا فَإِن الْيَد الْعليا هِيَ المنطية وَإِن الْيَد السُّفْلى هِيَ المنطاة وَإِن مَال الله مسؤول ومنطي فَكَلمهُ بلغته وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه
78 - الْمَازِني عَطِيَّة بن يسر الْمَازِني أَخُو عبد الله بن بسر وَلَهُمَا صُحْبَة توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ روى عَنهُ مَكْحُول حَدِيث عَكَّاف بن ودَاعَة وروى لَهُ ابْن مَاجَه
79 - ابْن قيس الْمَذْبُوح عَطِيَّة بن قيس الْمَذْبُوح قَرَأَ الْقُرْآن على أم الدَّرْدَاء وَأرْسل عَن أبي بن كَعْب وَحدث عَن مُعَاوِيَة وَعبد الله بن عَمْرو وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة قَالَ غزوت فَارِسًا زمن مُعَاوِيَة فَبلغ نفلي مِائَتي دِينَار وَقَالَ أَبُو مسْهر مولد عَطِيَّة فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنة سبع وَمَات سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة وَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة عَن أبي مسْهر وَقيل توفّي سنة عشر وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
80 - الْعَوْفِيّ الْكُوفِي عَطِيَّة بن سعد بن جُنَادَة أَبُو الْحسن الْعَوْفِيّ الْكُوفِي روى(20/55)
عَن ابْن عَبَّاس وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَبُو حَاتِم ضَعِيف يكْتب حَدِيثه وَكَذَا ضعفه غير وَاحِد قيل إِن الْحجَّاج ضربه أَرْبَعمِائَة سَوط على أَن يلعن عليا فَلم يفعل وَكَانَ شِيعِيًّا توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه
81 - أَبُو مُحَمَّد الأندلسي عَطِيَّة بن سعيد بن عبد الله أَبُو مُحَمَّد الأندلسي كَانَ عَارِفًا بأسماء الرِّجَال وَكَانَ يجوز السماع فَلذَلِك كَانَ المغارية يتحامونه توفّي سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة
82 - ابْن الأذخان عَطِيَّة بن عَليّ بن عَطِيَّة بن عَليّ بن الْحسن بن يُوسُف الْقرشِي الطبني القيرواني أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بِابْن الأذخان بِالذَّالِ وَالْخَاء المعجمتين جاور بِمَكَّة مَعَ وَالِده سِنِين وَسمع من عبد الْكَرِيم بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ وَقدم بَغْدَاد وَكَانَ أديبا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من مجزوء الْكَامِل) //
(يَا من تبرقع بالجمال ... فغض أبصار الْأَنَام)
(يَا من أَبَاحَ مهجتي ... بصدوده نَار الغرام)
(رفقا بقلب متيم ... أَو ردته حَوْض الْحمام)
(ألحاظ أنباء الْمُلُوك ... أَشد من وَقع السِّهَام)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(قَالُوا وانكسفت شمسه ... وَمَا دروا عذر عزاريه)
(مرْآة خديه جلاها الصِّبَا ... فَبَان فِيهَا فِي صدغيه)
83 - جمال الدّين بن عَطِيَّة بن إِسْمَاعِيل بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن مُسلم بن رَجَاء اللَّخْمِيّ الإسْكَنْدراني الْمَالِكِي الْعدْل الْكَبِير جمال الدّين أَبُو الْمَاضِي بن مكين الدّين توفّي فِي ذُو الْحجَّة سنة أَربع عشرَة وَسَبْعمائة وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ(20/56)
أشهرا سمع كرامات الْأَوْلِيَاء من مظفر بن عبد الْقوي وَتفرد بذلك وَكَانَ وَالِده من أَصْحَاب الصفراوي وجده روى عَن الْحَافِظ ابْن الْمفضل وجدهم عَطِيَّة أَخُو أَحْمد يرْوى عَن أبي بكر الطرطوشي
84 - الْكُوفِي أَبُو عَطِيَّة الواعي الْكُوفِي روى عَن ابْن مَسْعُود وَعَائِشَة وَتُوفِّي قبل الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
(الألقاب)
ابْن عَطِيَّة الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن عَطِيَّة الْمُفَسّر عبد الْحق بن غَالب سبطه عبد الْحق بن مُحَمَّد ابْن العظيمي المؤرخ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ عَفَّان الْبَاهِلِيّ قَاضِي جرجان عَفَّان بن سيار الْبَاهِلِيّ قَاضِي جرجان توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ
(عَفَّان)
85 - أَبُو عُثْمَان الْأنْصَارِيّ عَفَّان بن مُسلم بن عبد الله مولى عزْرَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ هُوَ أَبُو عُثْمَان الْبَصْرِيّ الصفار الْحَافِظ نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى الْبَاقُونَ عَن رجل عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن الْمَدِينِيّ وَابْن معِين وَالْفَلَّاس وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة والذهلي وَغَيرهم قَالَ الْعجلِيّ بَصرِي ثِقَة ثَبت صَاحب سنة وَكَانَ أول من امتحن من النَّاس بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن عَفَّان هَذَا فَامْتنعَ وَكَانَ يجْرِي عَلَيْهِ فِي الشَّهْر ألف دِرْهَم فَقطع ذَلِك عَنهُ قَالَ أشهر وأوثق من أَن يُقَال فِيهِ شَيْء وَلَا أعلم لَهُ إِلَّا أَحَادِيث مَرَاسِيل(20/57)
(عفير)
86 - عفير بن معدان أَبُو عَائِذ الْحِمصِي الْمُؤَذّن قَالَ أَبُو دَاوُد صَالح ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه ابْن عفير سعيد بن عفير
(عفيف الْكِنْدِيّ)
87 - عفيف بن قيس بن معد يكرب الْكِنْدِيّ يُقَال إِن عفيفا الْكِنْدِيّ الَّذِي لَهُ صُحْبَة غير عفيف بن معدي الَّذِي يرْوى عَن عمر وَقيل انهما وَاحِد وَلَا يخْتَلف أَن الْكِنْدِيّ لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ ابناه يحيى وَإيَاس قَالَ عفيف كنت رجلا فَقدمت الْحَج فَأتيت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فوَاللَّه إِنِّي لعنده يَوْمًا إِذْ خرج رجل من خباء قريب مِنْهُ فَنظر إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا رأى الشَّمْس مَالَتْ قَامَ يُصَلِّي ثمَّ خرجت امْرَأَة من ذَلِك الخباء الَّذِي خرج مِنْهُ ذَلِك الرجل فَقَامَتْ تصلي خَلفه فَقلت للْعَبَّاس مَا هَذَا يَا أَبَا الْفضل قَالَ هَذَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب ابْن أخي فَقلت من هَذِه الْمَرْأَة قَالَ خَدِيجَة بنت خويلد زَوجته ثمَّ خرج غُلَام حِين راهق الْحلم من ذَلِك الخباء فَقَامَ يُصَلِّي مَعَه فَقلت من هَذَا الْفَتى قَالَ هَذَا عَليّ بن أبي طَالب ابْن عَمه قلت فَمَا هَذَا الَّذِي يصنع قَالَ يُصَلِّي يزْعم أَنه نَبِي وَلم يتبعهُ على أمره إِلَّا امْرَأَته وَابْن عَمه هَذَا الْفَتى وَهُوَ يزْعم أَنه سيفتح كنوز كسْرَى وَقَيْصَر وَكَانَ عفيف يَقُول بعْدهَا أسلم وَحسن إِسْلَامه وَلَو كَانَ الله رَزَقَنِي الْإِسْلَام حِينَئِذٍ كنت ثَانِيًا من عَليّ بن أبي طَالب
88 - الْبَصْرِيّ الْفَقِيه عفيف بن سَالم البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ رَحل وطوف فِي(20/58)
طلب الْعلم وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره وَهُوَ أحد عُلَمَاء الْموصل وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة
89 - الْيَهُودِيّ الْحلَبِي الطَّبِيب عفيف بن عبد الْقَادِر بن سكرة الْيَهُودِيّ الْحلَبِي الطَّبِيب كَانَ عَارِفًا بالطب مَشْهُورا بِالْعَمَلِ وجودة النّظر وَله أَوْلَاد أَكْثَرهم اشْتغل بالطب ومقامهم بحلب وَله من الْكتب مقَالَة فِي القولنح
90 - عفيفة الفارفانية عفيفة بنت أبي بكر بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد أم هَانِئ الفارفانية بفائين الأصبهانية شيخة معمرة مَشْهُورَة ولدت سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَتوفيت سنة سِتّ وسِتمِائَة عفيفة بنت مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد الْمصْرِيّ أم الْحيَاء الواعظة البغدادية سَمِعت أَبَا الْوَقْت وَابْن البطي قَالَ محب الدّين بن النجار كتبنَا عَنْهَا وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة فاضلة صَادِقَة وَتوفيت سنة ثَمَان وسِتمِائَة ابْن عفير المغربي الشَّاعِر اسْمه سعد السُّعُود بن أَحْمد الْعَفِيف التلمساني اسْمه سُلَيْمَان بن عَليّ وَولده شمس الدّين مُحَمَّد
(عقبَة)
91 - عقبَة بن أبي معيط أبان بن أبي عَمْرو بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف وَأم عقبَة آمِنَة بنت كُلَيْب بن ربيعَة وَعقبَة هَذَا عَدو رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عُرْوَة بن الزبير سَأَلت عبد الله بن عمر عَن أَشد مَا صنعه الْمُشْركُونَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَيْنَمَا هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي حجر الْكَعْبَة إِذْ أقبل عقبَة بن أبي معيط فَوضع ثَوْبه فِي عنق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخنقه خنقا شَدِيدا فَأقبل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى أَخذ بمنكبه فَدفعهُ عَنهُ وَقَالَ أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَلما كَانَ يَوْم بدر أسر عقبَة فَقتله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبرا فَقَالَ لَهُ وَقد أَمر فِيهِ بذلك يَا مُحَمَّد أَنا خَاصَّة من قُرَيْش قَالَ نعم قَالَ فَمن للصبية بعدِي قَالَ النَّار فَلذَلِك يُسمى صبية العيط بن أبي معيط صبية النَّار(20/59)
وَاخْتلف فِي قَاتله فَقيل عَليّ بن أبي طَالب ضرب عُنُقه وعنق النَّضر بن الْحَارِث وَقيل قَاتل عقبَة هُوَ عَاصِم بن ثَابت الْأنْصَارِيّ
92 - النَّوْفَلِي عقبَة بن الْحَارِث بن عَامر النَّوْفَلِي أسلم يَوْم الْفَتْح وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي وَهُوَ حجازي مكي قَالَ الزبير هُوَ الَّذِي قتل خبيب بن عدي لَهُ حَدِيث وَاحِد مَا حفظ لَهُ غَيره فِي شَهَادَة امْرَأَة على الرَّضَاع روى عَنهُ عبيد بن أبي مَرْيَم وَابْن أبي مليكَة وكنيته أَبُو سروعة وَقيل سروعة أَخُوهُ
93 - أَمِير الغرب عقبَة بن نَافِع بن عبد قيس الفِهري ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن عبد الْبر لَا تصح لَهُ صُحْبَة وَهُوَ ابْن خَالَة عَمْرو بن الْعَاصِ ولاه عَمْرو بن الْعَاصِ إفريقية هُوَ على مصر فَانْتهى إِلَى لواته وزناته فأطاعوا ثمَّ كفرُوا فغزاهم من سنته وَقتل وسبى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَفتح سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين كورا من كور السوادان وافتتح عَامَّة بِلَاد البربر هُوَ الَّذِي اختط القيروان زمن مُعَاوِيَة قَالَ ابْن عبد الْبر فالقيروان الْيَوْم حَيْثُ اختطها عقبَة بن نَافِع بِموضع يدعى الْيَوْم الْقرن فَنَهَضَ إِلَيْهِ عقبَة فَلم يُعجبهُ فَركب بِالنَّاسِ إِلَى مَوضِع القيروان الْيَوْم وَكَانَ وَاديا كثير الْأَشْجَار غيضه مأوى الوحوش والحيات فَأمر بقلع ذَلِك وَحَرقه واختط القيراون وَأمر النَّاس بالبنيان وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب لما افْتتح عقبَة بن نَافِع إفريقيا وقف على القيروان فَقَالَ يَا أهل الْوَادي أَنا حالون إِن شَاءَ الله فظعنوا ثَلَاث مَرَّات قَالَ فَمَا رَأينَا حجرا وَلَا شَجرا إِلَّا وَتخرج من تَحْتَهُ حَيَّة أَو دَابَّة حَتَّى هبطن بطن الْوَادي ثمَّ قَالَ انزلوا باسم الله وَقتل عقبَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ بعد أَن غزا سوس القصوى قَتله ابْن مُلْزم الأوربي وَقتل مَعَه أَبَا المُهَاجر دِينَارا وَكَانَ كسيلة نَصْرَانِيّا ثمَّ قتل كسيلة فِي ذَلِك الْعَام أَو فِيمَا يَلِيهِ زُهَيْر بن قيس البلوي وَيَقُولُونَ إِن عقبَة كَانَ مجاب الدعْوَة(20/60)
7790 - الْمُهَاجِرِي الْأنْصَارِيّ عقبَة بن وهب بن كلدة الْغَطَفَانِي شهد العقبتين وبدرا قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَ أَو من أسلم من الْأَنْصَار لِأَنَّهُ كَانَ حَلِيف بن سليم بن غنم بن عَوْف بن الْخَزْرَج وَلحق برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة وَخرج مُهَاجرا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يُقَال لَهُ مُهَاجِرِي أَنْصَارِي وَقيل انه الَّذِي نزع الحلقتين من وجنتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل إِن الَّذِي نزعهما أَو عُبَيْدَة بن الْجراح عقبَة بن عُثْمَان بن خَلْدة بن مخلد بن عَامر بن زُرَيْق الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا هُوَ وَأَخُوهُ سعد بن عُثْمَان قَالَ ابْن إِسْحَاق وَقد كَانَ النَّاس انْهَزمُوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد حَتَّى انْتهى بَعضهم إِلَى المنقى دون الأعوض وفر عُثْمَان بن عَفَّان وَعقبَة بن عُثْمَان وَسعد بن عُثْمَان أَخَوان من الْأَنْصَار حَتَّى بلغ الْجَبَل مِمَّا يَلِي الأعوض فأقاموا بِهِ ثَلَاثًا ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد ذهبتم بهَا عريضة
95 - أَبُو مَسْعُود البدري عقبَة بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ مَشْهُور بكنيته وَكَانَ يسكن بَدْرًا فَقيل لَهُ البدري وَلم يشْهد بَدْرًا وَهُوَ قَول ابْن إِسْحَاق ومُوسَى بن عقبَة وَقَالَت طَائِفَة شهد بَدْرًا وَذكره البُخَارِيّ فِي الْبَدْرِيِّينَ وَلَا يَصح شُهُوده بَدْرًا واستخلفه عَليّ يَوْم خُرُوجه إِلَى صفّين وَتُوفِّي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ
96 - الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ عقبَة بن صهْبَان الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ روى عَن عَائِشَة وَعُثْمَان وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه(20/61)
97 - الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ عقبَة بن عَامر أَبُو حَمَّاد الْجُهَنِيّ صَحَابِيّ مَشْهُور ولي مصر لمعاوية وَكَانَ كَاتبا قَارِئًا لَهُ هِجْرَة وسابقة وَله مصحف مَشْهُور كتبه بِيَدِهِ توفّي سنة ثَمَان وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وروى عَن من الصَّحَابَة جَابر وَابْن عَبَّاس وَأَبُو أُمَامَة ومسلمة بن مخلد وَرُوَاته من التَّابِعين كَثِيرُونَ وَفِي كنيته خلاف كثير
98 - الْأَزْدِيّ العوذي عقبَة بن عبد الغافر الْأَزْدِيّ العوذي روى عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعبد الله بن مُغفل وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ
99 - السكونِي عقبَة بن خَالِد السكونِي توفِّي سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة عقبَة بن مكرم بن أَفْلح توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَتَيْنِ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَبَقِي بن مخلد وَغَيرهم أَبُو خريم الْبَاهِلِيّ عقبَة بن الصَّهْبَاء أَبُو خريم الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ ابْن حَنْبَل صَالح الحَدِيث وَلم يخرجُوا لَهُ شَيْئا توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
101 - الرِّفَاعِي الْأَصَم عقبَة بن عبد الله الرِّفَاعِي الْأَصَم ضَعِيف توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ
102 - الْمعَافِرِي عقبَة بن نَافِع الْمعَافِرِي شيخ الْإسْكَنْدَريَّة وفقيهها توفّي سنة سِتّ(20/62)
وَسِتِّينَ وَمِائَة
(الألقاب)
ابْن عقبَة الْحَافِظ أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد الْعَقْرَب الغرناطي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن شيبَة ابْن عقبَة صدر الدّين إِبْرَاهِيم بن أَحْمد ابْن العقيقي اسْمه أَحْمد بن الْحُسَيْن
ابْن العقيب نور الدّين عَليّ بن أَحْمد
(عقيل)
103 - أَخُو عَليّ بن أبي طَالب عقيل بن أبي طَالب أَبُو يزِيد الْهَاشِمِي أَخُو عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا يزِيد إِنِّي أحبك حبين حبا لقرابتك مني وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك قدم الْبَصْرَة ثمَّ أَتَى الْكُوفَة ثمَّ الشَّام وَتُوفِّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَله دَار بِالْمَدِينَةِ مَذْكُورَة وَكَانَ قد أخرج إِلَى بدر مكْرها فَفَدَاهُ عَمه الْعَبَّاس ثمَّ أَتَى مُسلما قبل الْحُدَيْبِيَة وَشهد غَزْوَة مُؤْتَة وَكَانَ أسن من أَخِيه جَعْفَر بِعشر سِنِين وَكَانَ جَعْفَر أسن من عَليّ بِعشر سِنِين وَكَانَ عقيل أنسب قُرَيْش وأعلمهم بأيامهم وَلكنه كَانَ يعد مساوئهم وَكَانَت لَهُ طنفسة تطرح فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي عَلَيْهَا ويجتمع إِلَيْهِ فِي علم النّسَب وَأَيَّام الْعَرَب وَكَانَ أسْرع النَّاس جَوَابا وأحضرهم مُرَاجعَة فِي القَوْل وأبلغهم فِي ذَلِك وَكَانَ الَّذين يتحاكم إِلَيْهِم وَيُوقف عِنْد قَوْلهم فِي علم النّسَب أَرْبَعَة عقيل بن أبي طَالب ومخرمة بن نَوْفَل الزُّهْرِيّ وَأَبا جهم بن حُذَيْفَة الْعَدوي وخويطب بن عبد الْعزي العامري وَعقيل أَكْثَرهم ذكرا لمثالب قُرَيْش فعادوه لذَلِك وَقَالُوا فِيهِ الْبَاطِل ونسبوه إِلَى الحمقى وَاخْتلفُوا عَلَيْهِ أَحَادِيث مزورة وَكَانَ مِمَّا أعانهم عَلَيْهِ فِي ذَلِك مغاضبته لِأَخِيهِ عَليّ وَخُرُوجه إِلَى مُعَاوِيَة وإقامته مَعَه وَقَالَ مُعَاوِيَة يَوْمًا مَا بِحَضْرَتِهِ هَذَا أَبُو زيد لَوْلَا علمه بِأَنِّي خير لَهُ من أَخِيه لما أَقَامَ عندنَا وَتَركه فَقَالَ عقيل أخي خير لي فِي ديني(20/63)
وَأَنت خير لي فِي دنياي وَقد أثرت دنيا وأسأل الله خَاتِمَة خير وَكَانَ عقيل لما الْتحق بِمُعَاوِيَة بَالغ مُعَاوِيَة فِي بره وإكرامه إرغاما لعَلي رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا قتل عَليّ واستقل مُعَاوِيَة بِالْأَمر ثقل عَلَيْهِ أَمر عقيل فَكَانَ يسمعهُ مَا يكره لينصرف عَنهُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِد حفل بأعيان الشَّام إِذْ قَالَ مُعَاوِيَة أَتَرَوْنَ أَبَا لَهب الَّذِي أنزل الله فِي حَقه {تبت يدا أبي لَهب} المسد 1 من هُوَ فَقَالَ أهل الشَّام لَا فَقَالَ معاوي هُوَ عَم هَذَا وَأَشَارَ إِلَى عقيل فَقَالَ عقيل أتعرفون امْرَأَته الَّتِي قَالَ الله فِي حَقّهَا {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب فِي جيدها حَبل من مسد} من هِيَ فَقَالُوا هَذَا قَالَ هِيَ عمَّة هَذَا وَأَشَارَ إِلَى مُعَاوِيَة وَكَانَت عمته أم جميل بنت حَرْب بن أُميَّة ابْن عبد شمس بن عبد منَاف زَوْجَة أبي لَهب عبد الْعُزَّى وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَشهد غَزْوَة مُؤْتَة وروى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَمَا احسن قَول مُحَمَّد بن شرف القيرواني // (من الوافر) //
(وجدت النَّاس أَكْثَرهم طلوا ... فَلم أطل الْوُقُوف على الطلول)
(ترى مَا شِئْت مِنْهُم من قَول ... وَلَكِن رب ذِي قَول فعول)
(وَتسمع مِنْهُم مَا لَا ترَاهُ ... كسامع ضَرْبَة السَّيْف الكليل)
(فَمن بسواك باعك فاغن عَنهُ ... كَمَا اسْتغنى عَليّ عَن عقيل)
104 - أَبُو حَكِيم الْمُزنِيّ عقيل بن مقرن أَبُو حكين الْمُزنِيّ أَخُو النُّعْمَان بن مقرن وسُويد وَمَعْقِل وَكَانُوا سَبْعَة بَنو مقرن كلهم قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَحبه وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي ذكر النُّعْمَان وَكَانَ عقيل مِمَّن نزل الْكُوفَة
105 - أَبُو خَالِد الْأَيْلِي عقيل بن خَالِد بن عقيل الْأَيْلِي مولى عُثْمَان بن عَفَّان روى عَن أَبِيه وَعَمه زِيَادَة وعراك وَالقَاسِم ين مُحَمَّد وَعِكْرِمَة وَسَالم بن عبد الله وَكَانَ إِمَامًا حَافِظًا ثبتا ثِقَة لَازم الزُّهْرِيّ سفرا وحضرا وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَعقيل هَذَا بِضَم الْعين وَفتح الْقَاف
106 - المري عقيل بن علفة بن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة بن ضباب بن جَابر بن يَرْبُوع(20/64)
يَنْتَهِي إِلَى قيس بن غيلَان بن مُضر أَبُو العلمس وَأَبُو الجرباء وَأمه عمْرَة العوراء بنت الْحَارِث بن عَوْف بن أبي حَارِثَة كَانَ شَاعِرًا مجيدا فصيحا مقدما من شعراء الدولة الأموية وَكَانَ أعرج حافيا شَدِيد الهوج والغجرية والبزخ بِنِسْبَة فِي بني مرّة لَا يرى أَن لَهُ كُفؤًا فِي بَيته وَكَانَت قُرَيْش ترغب فِي مصاهرته تزوج إِلَيْهِ حلفاؤها وأشرافها تزوج يزِيد بن عبد الْملك ابْنَته الجرباء وَولدت ليزِيد ابْنا درج وَتزَوج بنته عمْرَة سَلمَة بن عبد الله بن الْمُغيرَة فَولدت لَهُ يَعْقُوب بن سَلمَة وَتزَوج ابْنَته أم عَمْرو ثَلَاثَة نفر من بني الحكم ابْن أبي الْعَاصِ يحيى والْحَارث وخَالِد وَكَانَ لعقيل جَار من بني سلامان فَخَطب إِلَيْهِ ابْنَته فَغَضب عقيل وَأخذ السلاماني فكتفه وده استه بشحم وألقاه فِي قَرْيَة النَّمْل فَأكلت خصييه حَتَّى ورم جسده ثمَّ حلّه وَقَالَ يخْطب إِلَى عبد الْملك وتجترى أَنْت عَليّ وَقَالَ لَهُ عمر بن عبد الْعَزِيز تخرج إِلَى أقاضي الْبِلَاد وَتَدَع بناتك فِي الصَّحرَاء لَا كالئ لَهُنَّ وَالنَّاس ينسبونك إِلَى الْمُغيرَة وتأبى أَن تزوج الْأَكفاء فَقَالَ إِنِّي أستعين عَلَيْهِنَّ نخلتين تكلؤهن فأستعنى عَن سواهُمَا قَالَ وَمَا هما قَالَ العرى والجوع وَغدا عقيل يَوْمًا على أَفْرَاس لَهُ عِنْد بيوته فأطلقتها ثمَّ رَجَعَ وَإِذا بنوه مَعَ بَنَاته وَإِنَّهُم مجتمعون فَشد على عملس ابْنه فحاد عَنهُ وتعنى ابْن علفة // (من الطَّوِيل) //
(قضي يَا ابْنة المري أَسأَلك مَا الَّذِي ... تريدين فِيمَا كنت منيتنا قبل)
(تخبرك إِن لم تنجزي الْوَعْد أننا ... ذُو دخلة لم يبْق بَينهمَا وصل)
(فَإِن شِئْت كَانَ الصرم منا سجية ... وَإِن شِئْت لَا يُفْتى التكارم والبذل)
فَقَالَ عقيل يَا ابْن اللخناء مني تشك نَفسك هَذَا وَشد عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ وَكَانَ عملس أَخَاهُ لأمه فحال بَينه وَبَينه فَشد على عملس بِالسَّيْفِ وَترك علفة لَا يلْتَفت إِلَيْهِ فَرَمَاهُ بِسَهْم فَأصَاب رُكْبَتَيْهِ فَسقط عقيل وَجعل يتمعك فِي دَمه وَيَقُول // (من الرجز) //
(إِن بني سربلوني بِالدَّمِ ... من يلق أبطال الرِّجَال يكلم)
(وَمن يكن ذَا أود يقوم ... سنشنة أعرفهَا من أقدم)
وَأقسم لَا يساكن بنيه فَاحْتمل وَخرج إِلَى الشَّام فَلَمَّا اسْتَوَى على نَاقَته أطلال بَكت ابْنَته الجرباء وحنت نَاقَته فَقَالَ // (من الطَّوِيل) //(20/65)
(ألم تريا أطلال حنت وشاقها ... تفرقنا يَوْم الحبيب على ظهر)
(وأسبل من جرباء دمع كَأَنَّهُ ... جمان أضاع السلك أجرته فِي سطر)
(لعمرك إِنِّي يَوْم أغدو وعملسا ... لكالمنتزي فِي حتفه وَهُوَ لَا يدْرِي)
(وَإِنِّي لأسقيه غبوقي وإنني ... لغرثان منهول الذراعين والنحر)
وَلما تزوج يزِيد بن عبد الْملك ابْنة عقيل ولدت مِنْهُ ابْنا ففرح بِهِ يزِيد ونحله وَأَعْطَاهُ فَمَاتَ الصَّبِي فورثته أمه بِحَق الثُّلُث ثمَّ مَاتَ أمه فَورثَهَا زَوجهَا وأبوها فَكتب يزِيد إِلَى عقيل أَن ابْنك وبنتك قد هلكا وَقد حسبت ميراثك مِنْهُمَا فَوَجَدته عشرَة آلَاف دِينَار فَهَلُمَّ فاقبضه فَقَالَ إِن مصيبتي يَا بني وبنتي شغلني عَن المَال وَطَلَبه فَلَا حَاجَة لي فِي ميراثهما وَقد رَأَيْت عنْدك فرسا سبقت عَلَيْهِ النَّاس فأعطينه أجعله فحلا لخيلي فَبعث إِلَيْهِ يزِيد بالفرس
107 - الْبَنْدَنِيجِيّ الْعَرُوضِي عقيل بن الْحُسَيْن بن جَعْفَر بن أَحْمد أَبُو سعد الهمذاني من أهل البندنيجيين كَانَ أديبا فَاضلا شَاعِرًا حسن الْمعرفَة بالعروض والقوافي روى عَنهُ أَبُو البركات ابْن السَّقطِي فِي مُعْجم شُيُوخه قَالَ عقيل رَأَيْت قس بن سَاعِدَة فِي النّوم على نهر البندنيجيين وَهُوَ على جمل أَو ورقه كَمَا يَحْكِي يغط النَّاس فتقدمت إِلَيْهِ وَأخذت بزمام الْجمل وَقلت يَا قس سل رَبك أَن يغْفر لي فَقَالَ أَنا فَقير لما سَأَلت فاعمل لما أملت أما وبارئ النسيم إِن الْمنْهَج لقيم تُوبُوا إِلَى الله خير متاب تدْخلُوا الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
108 - أَبُو عقيل الْحَنْبَلِيّ عقيل بن عَليّ بن عقيل بن مُحَمَّد بن عقيل أَبُو الْحسن ابْن أبيس الْوَفَاء الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ تفقه على وَالِده وَتكلم فِي مجْلِس المناظرة وَقَرَأَ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر وَكتب الْخط الْمليح وَسمع من هبة الله ابْن عبد الرَّزَّاق الْأنْصَارِيّ وَعلي بن الْحُسَيْن بن أَيُّوب الْبَزَّاز وَغَيرهمَا وَتُوفِّي شَابًّا فِي حَيَاة وَالِده سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وصبر وَالِده صبرا(20/66)
عَظِيما وَلم يُغير هَيئته وَصلى عَلَيْهِ بجنان ثَابت وَجَاء إِلَيْهِ وَهُوَ ملفوف فِي أَكْفَانه لَا يبين مِنْهُ إِلَّا وَجهه فأكب عَلَيْهِ فَقبله وَقَالَ يَا بني استودعتك الله الَّذِي لَا تضيع ودائعه الرب خير لَك من الْأَب ثمَّ مضى وَقَالَ لَوْلَا أَن الْقُلُوب توقن باجتماع ثَان لتفطرن المرائر لفراق المحبوبين وَكَانَ يَقُول سُبْحَانَ من يقتل أَوْلَادنَا ونحبه وَمن شعر أبي الْحسن الْمَذْكُور // (من المديد) //
(شاقة والشوق من غَيره ... طلل عاف سوى أَثَره)
(مقفر إِلَّا معالمه ... واكف بالودق من مطره)
(فانثنى والدمع منهمل ... كانسلال السلك عَن درره)
(طاويا كشحا على نوب ... مسحتات لسن من قطره)
(رحْلَة الأحباب عَن وطني ... وحلول الشيب فِي شعره)
(شيم للدهر لُغَة ... مستبنيات لمختبره)
(وَقبُول الدل مبسمها ... أَبْلَج لغير عَن خصره)
(دودة جيداء ناعمة ... تستزيد الطّرف من نظره)
(هز عطفيها الشَّبَاب كَمَا ... مَاس غُصْن البان فِي شَجَره)
(ذَات فرع فَوق ملتمع ... كدجى أبدى سنا قمره)
(وبنان زانه ترف ... زَاده التَّسْلِيم عَن خضره)
(خصرها يشلو روادفها ... كاشتاء الصب من سهره)
(نصبت عَيْني لَهَا غَرضا ... فَهُوَ مصمي بمعتوره)
(وزهت تيها كَأَن لَهَا ... نسبا يزهى بمفتخره)
(وأناخت فِي فتار ملك ... دنت الأخطار عَن خطره)
قلت هَذِه القصيدة على وزن قصيدة أبي نواس الَّتِي عارضها عَليّ بن جبلة وَسَتَأْتِي فِي تَرْجَمته(20/67)
109 - أَبُو طَالب بن الخشاب الدِّمَشْقِي عقيل بن يحيى أَبُو طَالب ابْن الخشاب الدِّمَشْقِي ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَقَالَ لَقيته شَيخا وَقد مدح الْملك النَّاصِر بقصيدتين وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //
(قضب النقا هزت عَلَيْك قدودا ... وأرتك آرام الْخيام خدودا)
(وبمهجتي من هز مِنْهَا قدها ... بيد الْجمال على النقا أملودا)
(هيفاء جاذب ردفها من عطفها ... خصرا ترَاهُ على الصِّبَا معقودا)
(رقت معاقده ورق فخلته ... عدما يضارع فِي الظنون وجودا)
وَله رِسَالَة النسْر والبلبل نظم ونثر جودها وَذكر بَعْضهَا الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة
(الألقاب)
ابْن عقيل نجم الدّين مُحَمَّد بن عقيل وَعقيل بن عَليّ بهاء الدّين بن عقيل عبد الله بن عبد الرَّحْمَن العقيمي عمر بن إِبْرَاهِيم القعيلي الشريف عَليّ بن الْحُسَيْن بن عقيل أَبُو الْوَفَاء عَليّ بن عقيل
110 - أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ عريب بِفَتْح الْعين وَكسر الرَّاء ابْن مُحَمَّد بن مصرف بن عريب الْقُرْطُبِيّ أَبُو مَرْوَان قتل خطأ على بَاب دَاره فِي شهر ربيع الآخر سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة لَهُ سَماع بالمشرق على أبي الْحسن ابْن جَهْضَم بِمَكَّة وَكَانَ من أهل الْأَدَب وَالشعر حسن الْإِيرَاد للْأَخْبَار عريب أَبُو عمار الهمذاني الدهني يعد فِي الْكُوفِيّين(20/68)
سمع عمار بن يَاسر وَقيس بن سعد وَتُوفِّي قبل الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
(الألقاب)
ابْن عَرَبِيَّة عَليّ بن الْحُسَيْن بن العريف الأندلسي أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن العريف الْحسن بن الْوَلِيد ابْن عريهة عَتيق بن عُثْمَان عز الدولة ابْن بويه اسْمه بختيار ابْن الغزازي بدر الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان الغزازي الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن عبد الْملك
(عزة)
111 - عزة بنت أبي سُفْيَان بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس أُخْت أم حَبِيبَة رَضِي الله عَنْهُن ذكرهَا يزِيد بن أبي حبيب عَن ابْن شهَاب فِي حَدِيث أم حَبِيبَة فِي الرَّضَاع خرج حَدِيثهَا مُسلم عزة الأشجعية حَدِيثهَا عِنْد الْأَشْعَث بن سوار عَن مَنْصُور عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ عَن مولاته عزه قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ويلكين من الأحمرين الذَّهَب والزعفران عزة بنت كابل أَو خابل روى عَنْهَا حَدِيث وَاحِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِسْنَاده لَيْسَ بالقائم عزة بنت الْحَارِث أُخْت مَيْمُونَة ولبابة(20/69)
قَالَ ابْن عبد الْبر لم أر أحدا ذكرهَا فِي الصَّحَابَة وأظنها لم تدْرك الْإِسْلَام عزة امْرَأَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم حَدِيثهَا عَن عَطاء بن مَسْعُود الكعبي عَن أَبِيه أَن عمته عزة أخْبرته أَنَّهَا قدمتُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبايعها على أَلا يَزْنِين وَلَا يَسْرِقن وَلَا يؤذين فيبدين أَو يخفين قَالَت عزة أما الْإِيذَاء فقد كنت عَرفته وعلمته وَهُوَ قتل الْوَلَد فَلم أسأَل عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما المخفى فَلم يُخْبِرنِي بِهِ وَقد وَقع من نَفسِي أَنه إِفْسَاد الْوَلَد فوَاللَّه لَا أفسد ولدا لي أبدا فَلم تفْسد ولدا لَهَا حَتَّى مَاتَت عزة الميلاء كَانَت من موالى الْأَنْصَار سكنت الْمَدِينَة وَهِي أقدم من غنى الْغناء الْموقع من النِّسَاء بالحجاز وَمَاتَتْ قبل جميلَة وَقد أَخذ عَنْهَا معبد وَمَالك وَابْن مُحرز وَغَيرهم من أهل مَكَّة وَالْمَدينَة وَكَانَت من أجمل النِّسَاء وَجها وأحسنهن جسما وَكَانَت تتمايل فِي مشيتهَا فسميت الميلاء وَقيل بل كَانَت تلبس الملاء وتتشبه بِالرِّجَالِ وَكَانَت مغراة بِشرب النَّبِيذ وَكَانَت تَقول خُذْهُ ملاء أردده فَارغًا وَقَالَ معبد كَانَت عزة من أحسن النَّاس ضربا بِالْعودِ وَكَانَت مطبوعة على الْغناء لَا يعييها أَدَاؤُهُ وَلَا تأليفه وَكَانَت تغني أغاني القيان من القدماء مثل سِيرِين وذنب وَخَوْلَة والرباب وسلمى ورائقة أستاذتها وَلما قدم نشيط وسائب خاثر الْمَدِينَة غَنِيا أغاني بِالْفَارِسِيَّةِ فلقنت عزة عَنْهُمَا نغمهما وألفت عَلَيْهِ ألحانا عَجِيبَة فَهِيَ أول من فتن أهل الْمَدِينَة بِالْغنَاءِ وحرض نِسَاءَهُمْ ورجالهم عَلَيْهِ
112 - عزة بنت حميد عزة بنت وَقاص بن حَفْص بن إِيَاس الغفارية صَاحِبَة كثير الشَّاعِر دخلت على عبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ لَا يعرفهَا فَرفعت ظلامتها إِلَيْهِ فأعجبه كَلَامهَا فَقَالَ لَهُ بعض جُلَسَائِهِ هَذِه عزة كثير فَقَالَ لَهَا إِن أَحْبَبْت أَن أرد إِلَيْك ظلامتك فأنشديني مَا قَالَه كثير فِيك فاستحيت وَقَالَت سمعتهم يحكون أَنه قَالَ // (من الطَّوِيل) //
(قضى كل ذِي دين فوفى غَرِيمه ... وَعزة ممطول معنى غريمها)
فَقَالَ عبد الْملك لَيْسَ عَن هَذَا سَأَلتك وَلَكِن أنشديني قَوْله // (من الطَّوِيل) //(20/70)
(وَقد زعمت أَنِّي تَغَيَّرت بعْدهَا ... وَمن ذَا الَّذِي يَا عز لَا يتَغَيَّر)
(تغير جسمي والخليقة وكالذي ... عهِدت وَلم يخبر بسرك مخبر)
مَا كَانَ ذَاك السِّرّ قَالَت مَا سَمِعت هَذَا وَلَكِن سمعتهم يحكمون عَنهُ انه قَالَ // (من الطَّوِيل) //
(كَأَنِّي أنادي صَخْرَة حِين أَعرَضت ... من الصم لَو تمشي بهَا العصم زلت)
(صفوح فَمَا تلقاك إِلَّا بخيلة ... فَمن رام مِنْهَا ذَلِك الْوَصْل ملت)
فَقضى عبد الْملك حَاجَتهَا ورد مظلمتها وَوَصلهَا وَقَالَ أدخلوها على الْجَوَارِي يَأْخُذن من أدبها
113 - عزْرَة الْأنْصَارِيّ عزْرَة بنت ثَابت بن أبي زيد الْأنْصَارِيّ وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن معِين وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(الألقاب)
العزفي الْخَطِيب أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد العزفي صَاحب سبتة أَبُو الْقَاسِم بن أَحْمد ابْن عزور الْحُسَيْن بن عَليّ التركي النَّحْوِيّ عَليّ بن بكمش العزيزي اسْمه أَبُو بكر مُحَمَّد بن عُزَيْر
(عَزِيز)
114 - عَزِيز ابْن الْأَشْعَث عَزِيز بن الْفضل بن فضَالة بن مِخْرَاق بن عبد لرحمن بن عبيد الله بن مِخْرَاق الْهُذلِيّ يعرف بِابْن الْأَشْعَث أخباري راوية لغَوِيّ نحوي ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي كتاب الفهرست لَهُ من الْكتب كتاب صِفَات الْجبَال والأودية وأسمائها بِمَكَّة وَمَا والاها وَكتاب لُغَات هُذَيْل(20/71)
115 - صَاحب مرسية عَزِيز بن خطاب الْأَزْدِيّ من بَيت جليل بمرسية ظهر بهَا فِي مُدَّة بني عبد الْمُؤمن فِي الْعلم واشتهر بالزهد والعفة عَن الدُّخُول فِي أُمُور الدُّنْيَا إِلَى أَن ملك ابْن هود الأندلسي فَصَارَ جَلِيسا لَهُ ومشيرا وَمَا زَالَ يرتقي فِي أُمُور الْملك إِلَى أَن مَاتَ ابْن هود فغلب على مرسية وَأخرج مِنْهَا ابْن هود وخطب لنَفسِهِ وَذَلِكَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فَلم تطل مدَّته وحسده أَعْيَان بَلَده وخاطبوا زبان بن مردنيش ملك بلنسية فَأقبل إِلَى مرسية وَحصر بهَا وَظهر من عَزِيز من سفك الدِّمَاء وَالْكَلب على الدُّنْيَا مَا لم يقدر فِيهِ وَنقص من عُيُون النَّاس فَأَبْغضُوهُ وأسلموه فَدخل زبان عَلَيْهِ وَضرب عُنُقه وَهُوَ الْقَائِل // (من الْكَامِل) //
(إربأ بِنَفْسِك أَن تكون مُتَابعًا ... مَا الْحر إِلَّا من يؤم فَيتبع)
(لَا يدفعن الذل عَنْك ... مُقَدرا مَا بالحذار يذاد مَا تتَوَقَّع)
116 - القَاضِي شيذلة عزيزي بن عبد الْملك بن مَنْصُور أَبُو الْمَعَالِي الجيلي القَاضِي الملقب بشيذلة ورد بَغْدَاد وسكنها وَولي قَضَاء بَاب الأزج مُدَّة وَكَانَ مطبوعا فصيحا كثير الْمَحْفُوظ حُلْو النادرة جمع كتابا فِي مصَارِع العشاق ومصائبهم روى عَنهُ شهدة وَأَبُو عَليّ ابْن سكرة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وصنف فِي الْفِقْه وأصول الدّين وَجمع كثيرا من أشعار الْعَرَب وَكَانَ يناظر بِمذهب الْأَشْعَرِيّ وَله كتاب بَيَان الْبُرْهَان فِي علم البلاغة
117 - الشلمكي عَزِيز بن مُحَمَّد الشلمكي الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ الْعِمَاد وَالْكَاتِب أدْرك عمي الْعَزِيز ومدحه وعاش بعده وَكبر سنه حَتَّى انحنى ظَهره أدْركْت زَمَانه لكنه توفّي وَأَنا بِبَغْدَاد وَأورد لَهُ قَوْله // (من الْكَامِل) //
(أفدي قواما قد حَنى قدى خُنْثَى ... بغاقه عاودت ريعان الصِّبَا)
(فَكَأَنَّهُ وكأنني فِي شكلنا ... ألف وَلَام بالعناق تركبا)(20/72)
(الألقاب)
العزير تسمى بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الْعَزِيز بِاللَّه الفاطمي صَاحب مصر واسْمه نزار والعزيز ابْن صَلَاح الدّين صَاحب مصر اسْمه عُثْمَان بن يُوسُف والعزيز صَاحب الصبيبة اسْمه عُثْمَان بن أبي بكر بن مُحَمَّد والعزيز بن الظَّاهِر صَاحب حلب اسْمه مُحَمَّد بن غَازِي والعزيز بن بويه اسْمه خسرو فَيْرُوز والعزيز عَم الْعِمَاد الْكَاتِب اسْمه أَحْمد بن حَامِد
(عساف)
118 - أَمِير آل مرا البدوي عساف بن أَحْمد بن حجى زعيم آل مرا أَعْرَابِي شرِيف مُطَاع هُوَ الَّذِي حمى النَّصْرَانِي الَّذِي سبّ فدافع عَنهُ بِكُل مُمكن كَانَ نَصْرَانِيّ بالسويداء فَحصل بمنه تعرض للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلطع زين الدّين الفارقي وَابْن تَيْمِية فِي جمع كَبِير من الصلحاء والعامة إِلَى الْأَمِير عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ وَكَلَّمَاهُ فِيهِ فَأجَاب إِلَى إِحْضَاره وَخَرجُوا فَرَأى النَّاس عسافا فكلموه وَكَانَ مَعَه بدوي فَقَالَ انه خير مِنْكُم فرجمه الْخلق بِالْحِجَارَةِ وهرب عساف وَبلغ النَّائِب الْخَبَر فَغَضب وَطلب الشَّيْخَيْنِ وأخرق بهما وضربهما بَين يَدَيْهِ وحبسهما بالعذراوية وَضرب جمَاعَة من الْعَوام وعلق جمَاعَة وَبلغ النَّصْرَانِي الْوَاقِعَة فَأسلم وَعقد مجْلِس فأحضر القَاضِي ابْن الخوبي واستفتاهم فِي حقن دَمه بعد الْإِسْلَام فَقَالُوا مَذْهَبنَا أَن الْإِسْلَام يحقن دَمه وأحضر الفارقي فوافقهم فَأطلق ثمَّ أحضر النَّصْرَانِي إِلَى دمشق وَحبس فَقَامَ الأعسر فِي إِطْلَاقه وَأطلق فشق ذَلِك على الْمُسلمين وَأما عساف هَذَا فَقتله جماز بن سُلَيْمَان وَهُوَ ابْن أخي عساف بِالْقربِ من الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَفَرح النَّاس وَحِينَئِذٍ صنف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية كتاب الصارم المسلول على شاتم الرَّسُول وَكَانَت قتلة عساف سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة(20/73)
(الألقاب)
ابْن عَسَاكِر جمَاعَة مِنْهُم القوصي أَبُو بكر اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَلَاثَة وَأمين الدّين اسْمه عبد الصَّمد بن عبد الْوَهَّاب وَالْحسن بن مُحَمَّد وتاج الدّين بن عبد الْوَهَّاب بن الْحسن وفخر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد والحافظ الْكَبِير عَليّ بن الْحُسَيْن بن هبة الله وصائن الدّين هبة الله أَبُو الْحسن وعماد الدّين عَليّ بن الْقَاسِم وبهاء الدّين الْقَاسِم بن عَليّ بن الْحسن وبهاء الدّين الْقَاسِم بن مظفر ومجد الدّين مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل
(عَسْكَر)
119 - عَسْكَر أَبُو تُرَاب اليخشبي الزَّاهِد عَسْكَر بن الْحصين أَبُو تُرَاب الزَّاهِد من كبار مَشَايِخ الطَّرِيق ويخشب بِالْيَاءِ آخر الحوف وَالْخَاء الْمُعْجَمَة والشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة هِيَ نسف بلد من نواحي بَلخ صحب حاتما الْأَصَم وَغَيره وَكَانَ صَاحب أَحْوَال وكرامات قَالَ إِذا رَأَيْت الصوي قد سَافر بالاركوة فَاعْلَم أَنه قد ترك الصَّلَاة وَكَانَ كثير الْحَج فَانْقَطع ببادية الْحجاز فنهشته السبَاع سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
(الألقاب)
العسكري يُطلق على جمَاعَة مِنْهُم أَبُو أَحْمد العسكري اللّغَوِيّ صَاحب التَّصْحِيف اسْمه الْحسن بن عبد الله وَأَبُو هِلَال العسكري صَاحب كتاب الْأَوَائِل وَغَيره اسْمه الْحسن بن عبد الله أَيْضا وَأَبُو مُحَمَّد العسكري الْمصْرِيّ اسْمه الْحسن بن رَشِيق الْمُحدث عَليّ بن سعيد ابْن عَسَاكِر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد العسجدي أَحْمد بن مُحَمَّد(20/74)
الْعَسْقَلَانِي جمال الدّين الْمقري إِبْرَاهِيم بن دَاوُد
120 - أَبُو عَليّ العسكري عسل بِالْعينِ وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن ذكْوَان العسكري من أهل عَسْكَر مكرم ويكنى أَبَا على يروي عَن الْمَازِني والرياشي دماد ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست وَقَالَ كَانَ فِي أَيَّام الْمبرد وَلم يذكر تَارِيخ وَفَاته وَله من الْكتب كتاب الْجَواب المتكت وَكتاب أَقسَام الْعَرَبيَّة العشاب الْقُرْطُبِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد العشاب ابْن الرومية أَحْمد بن مُحَمَّد بن مفرج العشاب المربي يُوسُف بن فتوح
121 - الشَّاعِر الضَّبِّيّ العشنق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون وَبعدهَا قَاف الضَّبِّيّ الشَّاعِر ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد فِي كتاب الورقة فَقَالَ بغدادي من أَصْحَاب أبي نواس وَكَانَ فِي عصره وَله أشعار جِيَاد وَمن قَوْله // (من الوافر) //
(أيامن لَا يثيب على الْوِصَال ... وَيَا من لَا يُجيب لدي السُّؤَال)
(وَيَا من قَوْله لي حِين أَشْكُو ... إِلَيْهِ مت بدائك لَا أُبَالِي)
(أَلَسْت ترى الَّذِي ألْقى فترثي ... لطول حسابتي ولسوء حَالي)
(وَقد أبدت لَك العينان أَنِّي ... على طول اعتلالك غير قالي)
(وَلست وَإِن بدأت بِقطع حبلي ... على حَال لوصلكم بسالي)
(تَعَالَى الله مَا أسلال عني ... كَذَلِك كل طلق الْقلب خَالِي)
(الألقاب)
ابْن العصار عَليّ بن عبد الرَّحِيم عِصَابَة الجرجرائن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بَنو أبي عصرون جمَاعَة مِنْهُم تَاج الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام ومحي الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد وشهاب الدّين عبد السَّلَام بن المطهر وقطب الدّين أَحْمد بن عبد السَّلَام وَشرف الدّين عُثْمَان بن مُحَمَّد ومحيى الدّين عمر بن مُحَمَّد وَشرف الدّين عبد(20/75)
الله بن مُحَمَّد بن عُصْفُور
122 - أَبُو الشبل البرجمي عصم عصم بن وهب أَبُو الشبل البرجمي الشَّاعِر كَانَ من البراجم مولده بِالْكُوفَةِ وَنَشَأ وتأدب بِالْبَصْرَةِ وَقدم سر من رَأْي أَيَّام المتَوَكل ومدحه وَكَانَ صَاحب نادرة كثير الْغَزل مَاجِنًا نَفعه على المتَوَكل واختص بِهِ وَأفَاد مِنْهُ نعْمَة طائلة وأثرى ومدحه بِأَبْيَات مِنْهَا // (من مجزوء الْكَامِل) //
(أقبلي فالخير مقبل ... واتركي قَول الْمُعَلل)
(وثقي بالنجح إِذْ أَبْصرت ... وَجه المتَوَكل)
(ملك ينصف يَا ظالمتي ... فِيك ويعدل)
(فَهُوَ الْغَايَة والمأمول ... يرجوه المؤمل)
وَكَانَت لَهُ ثَلَاثِينَ بَيْتا فَأمر لَهُ لكل بَيت بِأَلف دِرْهَم فَانْصَرف بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكَانَ لَهُ صديق طيب أَحمَق فَمَاتَ فرثاه بقوله // (من الْخَفِيف) //
(قد بكاه بَوْل الْمَرِيض بدمع ... واكف فَوق مقلتيه ذروف)
(ثمَّ شعت جُيُوبهنَّ الْقَوَارِير ... عَلَيْهِ وَنحن نوح اللهيف)
(يَا فَسَاد الْخِيَار شنير والأقراص ... طرا وَيَا كساد السقوف)
(لهف نفس على صنوف رقاعات ... تولت مِنْهُ وعقل سخيف)
وَكَانَ قد مدح مَالك بن طوق وَهُوَ أَمِير على الأهواز بِشعر عَجِيب فَبعث إِلَيْهِ صرة مختومة فِيهَا مائَة دِينَار فظنها دَرَاهِم فَردهَا وَكتب مَعهَا // (من الطَّوِيل) //
(فليت الَّذِي جَادَتْ بِهِ كف مَالك ... وَمَالك مدسوسان فِي آست أم مَالك)
(وَكَانَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فِي استها ... فأيسر مَفْقُود وأيسر هَالك)
فَلَمَّا قَرَأَ الرقعة أَمر بإحضاره فأحضر قَالَ يَا هَذَا ظلمتنا واعتدين علينا فَقَالَ قدرت عنْدك ألف دِرْهَم فوصلتني بِمِائَة دِرْهَم فَقَالَ افتحها فَفَتحهَا فَإِذا هِيَ مائَة دِينَار فَقَالَ أَقلنِي أَيهَا الْأَمِير قَالَ قد أقلتك وَلَك مَا تحب أبدا مَا بقيت وقصدتني ورأي يَوْمًا إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يكْتب فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //
(ينظم اللُّؤْلُؤ المنثور مَنْطِقه ... وينظم الدّرّ بالأقلام فِي الْكتب)(20/76)
(الألقاب)
أَبُو عصيدة صَاحب تونس اسْمه مُحَمَّد بن يحيى أَبُو عصيدة النَّحْوِيّ اسْمه أَحْمد بن عبيد عضد الدولة بن بويه فناخسرو الْعقيلِيّ الإسكافي جَعْفَر الدّين بن مُحَمَّد
(عضد)
123 - الخوجا ابْن قَاضِي يزدْ عضد عضد بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة الشريف الخواجكي الْمَعْرُوف بِابْن القَاضِي يزدْ كَانَ أحد الخواجكية الَّذين للسُّلْطَان بو سعيد أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ أَخْبرنِي الخواجا مجد الدّين إِسْمَاعِيل السلَامِي أَن الْمَذْكُور كَانَ فِيهِ تسلط على الْوَزير وَمن حول السُّلْطَان ففكروا فِي إبعاده فحسنوا لبو سعيد أَن يجهزه رَسُولا إِلَى الْهِنْد إِلَى السُّلْطَان مُحَمَّد بن ظغلق قَالَ فجهزه فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ وَأَقْبل عَلَيْهِ وَكَانَ يقربهُ ويؤثر كَلَامه ويسامره فَأعْطَاهُ شَيْئا كثيرا إِلَى الْغَايَة وَلما كَانَ فِي بعض الْأَيَّام قَالَ ادخُلُوا بِهِ إِلَى الخزائن فعرضوها عَلَيْهِ وَقَالُوا أمرنَا السُّلْطَان أَنَّك مهما أردْت مِنْهَا وَأَعْجَبَك تَأْخُذهُ فاخذ من جَمِيع الخزائن مُصحفا فحكي ذَلِك للسُّلْطَان فاحضره وَأنكر عَلَيْهِ عدم أَخذه فَقَالَ السُّلْطَان قد أغناني بإحسانه عَن جَمِيع مَا رَأَيْت وَلم يكن بِي غنى عَن كتاب الله فأعجبه ذَلِك وَأمر لَهُ بِأَلف ألف دِينَار فَحملت إِلَيْهِ وَلما أعَاد وقارب الْبِلَاد وَبلغ الْوَزير الْخَبَر فحسنوا لبو سعيد أَن يَجْعَل أَحْمد أَمِير الكسه وَمَعْنَاهُ أَن يكون لَهُ الحكم أَيْن حل من المملكة وَأَن يفعل مَا أَرَادَ فَتوجه أَطْرَاف مملكة بو سعيد وَأخذ مِمَّا حضر مَعَ الشريف عضد مبلغ مِائَتي ألف دِينَار وَضرب مِنْهَا أواني وَقدم بعض الْأَوَانِي الذَّهَب لبو سعيد أَو كَمَا قَالَ
124 - أَبُو مُحَمَّد اللَّيْثِيّ الْمدنِي عَطاء عَطاء بن يزِيد أَبُو مُحَمَّد اللَّيْثِيّ الجندعي(20/77)
الْمدنِي نزيل الشَّام وَحدث عَن تَمِيم الدَّارِيّ وَأبي هُرَيْرَة وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَأبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ من عُلَمَاء التَّابِعين وثقاتهم وَتُوفِّي سنة سبع وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
125 - التَّابِعِيّ الْمَكِّيّ عَطاء بن أبي رَبَاح أسلم أَبُو مُحَمَّد الْمَكِّيّ مولى قُرَيْش أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام من التَّابِعين ولد فِي خلَافَة عُثْمَان وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَة على الصَّحِيح سمع عَائِشَة وَأَبا هُرَيْرَة وَأُسَامَة بن زيد وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ وخلقا كَانَ إِمَامًا سيدا أسود مفلفل الشّعْر من مولدِي الْجند فصيحا عَلامَة انْتَهَت إِلَيْهِ الْفَتْوَى بِمَكَّة مَعَ مُجَاهِد وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ قَالَ أَبُو حنيفَة مَا رَأَيْت أفضل من عَطاء وَقَالَ ابْن جريج كَانَ الْمَسْجِد فرَاش عَطاء عشْرين سنة قَالَ ابْن معِين كَانَ معلم كتاب دهرا قَالَ ابْن سعيد كَانَ أَعور قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَيْسَ فِي المرسلات أَضْعَف من مرسلات الْحُسَيْن وَعَطَاء كَانَا يأخذان عَن كل أحد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين عَطاء حجَّة بِالْإِجْمَاع وَكَانَ مَوته فِي شهر رَمَضَان وَقَالَ ابْن أبي ليلى حج عَطاء سبعين حجَّة وعاش مائَة سنة قَالَ ابْن خلكان حكى أَبُو الْفتُوح الْعجلِيّ فِي كتاب شرح مشكلات الْوَسِيط وَالْوَجِيز فِي الْبَاب الثَّالِث من كتاب الرَّهْن مَا مِثَاله وَحكي عَن عَطاء أَنه كَانَ يبْعَث بجواريه إِلَى ضيفانه وَالَّذِي أعتقد أَن هَذَا بعيد فَإِنَّهُ لَو رأى الْحل لَكِن الْمُرُوءَة والغيرة تأبى ذَلِك فَكيف يظنّ ذَلِك بِمثل هَذَا السَّيِّد الإِمَام وَلم أذكرهُ لمراجعته وَقَالَ ابْن خلكان قبل هَذَا وَنقل أَصْحَابنَا أَنه كَانَ يرى إِبَاحَة وَطْء الْجَوَارِي بِإِذن أربابهن وَكَانَ أسود أفطس مفلفل الشّعْر أَعور أشل وَعمي آخرا وإياه عَنى الشَّاعِر // (من الطَّوِيل) //(20/78)
(سَأَلت الْفَتى الْمَكِّيّ هَل فِي تزاور ... وضمة مشتاق الْفُؤَاد جنَاح؟)
(فَقَالَ معَاذ الله أَن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بِهن جراح!)
126 - الْمصْرِيّ الْهُذلِيّ عَطاء بن دِينَار الْمصْرِيّ الْهُذلِيّ مَوْلَاهُم روى عَن عمار بن سعيد التجِيبِي وَحَكِيم بن شريك الْهُذلِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وثقة أَحْمد وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
127 - أَبُو زيد الثَّقَفِيّ عَطاء بن السَّائِب الثَّقَفِيّ أَبُو زيد أحد الْمَشَاهِير روى عَن أَبِيه وَعبد الله بن أبي أوفى وَأبي ذَر الْهَمدَانِي وَأبي وَائِل وَسَعِيد بن جُبَير وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَطَائِفَة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة رجل صَالح من سمع مِنْهُ قَدِيما كَانَ صَحِيحا كَانَ يخْتم كل لَيْلَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم مَحَله الصدْق قبل أَن يخْتَلط وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة فِي حَدِيثه الْقَدِيم وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَالْبُخَارِيّ مُتَابعَة
128 - الْعباد الْبَصْرِيّ عَطاء السليمي بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام العابد عَابِد الْبَصْرَة يحْكى عَنهُ أَمر يتَجَاوَز الْحَد فِي الْخَوْف والحزن أدْرك أنس بن مَالك أَخذ عَن الْحُسَيْن قَالَ خُلَيْد بن دعْلج كُنَّا عِنْد عَطاء السليمي فَقيل لَهُ إِن فلَان بن عَليّ قتل أَرْبَعمِائَة من أهل دمشق على دم وَاحِد فَقَالَ متنفسا هاه ثمَّ خر مَيتا قيل إِنَّمَا هُوَ عَطاء السَّلُولي وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة حَدثنَا بشر بن مَنْصُور قلت لعطاء السليمي أَرَأَيْت لَو أَن نَارا أشعلت ثمَّ قيل من دَخلهَا نجا ترى من كَانَ يدخلهَا فَقَالَ لَو قيل ذَلِك لَخَشِيت أَن تخرج نَفسِي فَرحا قبل أَن أصل إِلَيْهَا وَقيل إِنَّه كَانَ إِذا هبت ريح أَو رعد قَالَ هَذَا من أَجلي يُصِيبكُم لَو مت استراح(20/79)
النَّاس وَقيل انه بَقِي على فرَاشه أَرْبَعِينَ سنة لَا يقوم من الْخَوْف وَلَا يخرج يوضأ على الْفراش وَيُصلي قَاعِدا مِمَّا أضناه الْخَوْف وَقيل انه كَانَ إِذا بَكَى بَكَى ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها وَقيل انه كَانَ يمس جسده بِاللَّيْلِ يخْشَى أَن يكون قد مسخ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
129 - السَّلُولي عَطاء بن قُرَّة السَّلُولي توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه
130 - عَطاء بن أبي مُسلم عَطاء بن أبي مُسلم أحد الْكِبَار نزل دمشق وَحَدِيثه عَن أبي الدَّرْدَاء والمغيرة بن شُعْبَة وَابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة مُرْسل وروى عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وَابْن بُرَيْدَة وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَعَمْرو بن شُعَيْب وَنَافِع وَثَّقَهُ ابْن معِين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ فِي نَفسه ثِقَة لكنه لم يلق ابْن عَبَّاس قيل كَانَ إِذا جلس وَلم يلق من يحدثه أَتَى الْمَسَاكِين فَحَدثهُمْ وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
131 - الْخفاف عَطاء بن مُسلم الْخفاف مُحدث كُوفِي سكن حلب قَالَ أَبُو زرْعَة كَانَ يهم وَقَالَ أَبُو دَاوُد ضَعِيف توفّي سنة تسعين وَمِائَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
132 - الْخُرَاسَانِي عَطاء الْمقنع الْخُرَاسَانِي وَقيل اسْمه حَلِيم كَانَ فِي مبدأ أمره قصرا من أهل مرو وَكَانَ يعرف شَيْئا من السحر والنيرنجيات فَادّعى الربوية من طَرِيق التناسخ وَقَالَ لأشياعه وَالَّذين اتَّبعُوهُ إِن الله تَعَالَى تحول إِلَى صُورَة آدم وَلذَلِك أَسجد لَهُ الْمَلَائِكَة فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس فَاسْتحقَّ بذلك السخط ثمَّ إِنَّه تحول من صُورَة آدم إِلَى صُورَة نوح ثمَّ إِلَى صُورَة وَاحِد فواحد من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام والحكماء حَتَّى حصل(20/80)
فِي صُورَة أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي ثمَّ انْتقل مِنْهُ إِلَيْهِ فَقبل قوم قَوْله ودعواه وعبدوه وقاتلوا من دونه مَعَ مَا عاينوا من عَظِيم ادعائه وقبح صورته لِأَنَّهُ كَانَ مُشَوه الْخلق أَعور ألكن قَصِيرا وَكَانَ لَا يسفر عَن وَجهه بل اتخذ وَجها من ذهب وتقنع بِهِ وَكَانَ من جملَة مَا أظهر لَهُم صُورَة قمر يطلع وَيَرَاهُ النَّاس من مَسَافَة شَهْرَيْن ثمَّ يغيب عَنْهُم فَعظم اعْتِقَادهم فِيهِ وَلم اشْتهر أمره ثار عَلَيْهِ النَّاس وقصدوه فِي قلعته الَّتِي اعْتصمَ بهَا وحصروه فَلَمَّا أَيقَن بِالْهَلَاكِ جمع نِسَاءَهُ وسقاهن سما فمتن ثمَّ تنَاول بَاقِيه فَمَاتَ وَدخل الْمُسلمُونَ قلعته وَقتلُوا من فِيهَا من أشياعه وَأَتْبَاعه وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقطع رَأسه وَبعث بِهِ إِلَى الْمهْدي وَكَانَ بِمَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ الَّذِي ندب لقتاله سعيد الْخَرشِيّ وَأول ظُهُور عَطاء فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة واليه أَشَارَ المعري فِي قَوْله // (من الطَّوِيل) //
(أفق إِنَّمَا الْبَدْر الْمقنع رَأسه ... ضلال وغي مثل بدر الْمقنع)
وَابْن سناء الْملك فِي قَوْله أَيْضا // (من الطَّوِيل) //
(إِلَيْك فَمَا بدر الْمقنع طالعا ... بأسحر من ألحاظ بَدْرِي المعمم)
133 - ابْن حفاظ السّلمِيّ عَطاء الْخَادِم كَانَ شهما شجاعا فوض إِلَيْهِ مجير الدّين أبق أَمر دولته فَمد يَده فِي الظُّلم وَأطلق لِسَانه بالهجر وأفرط فِي الاحتجاب وَقصر فِي قَضَاء الأشغال فتقد مجير الدّين أبق باعتقاله وتقييده والاستيلاء على مَا فِي دَاره ومطالبته بِتَسْلِيم بعلبك وَمَا فِيهَا من مَال وغلال ثمَّ ضربت عُنُقه وَنهب الْعَوام بيوته وبيوت أَصْحَابه وَعَطَاء هَذَا هُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ مَسْجِد عَطاء خَارج الْبَاب الشَّرْقِي بِدِمَشْق وجورة عَطاء هِيَ أَرض فِيهَا أخشاب كبار من الْجور ترى أوتادا لجامع دمشق وَهِي وقف عَلَيْهِ وَقد مدحه الشُّعَرَاء عرقلة وَغَيره وَقيل إِن نور الدّين الشَّهِيد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ قد كَاتب مجير الدّين لما أنْفق مَعَه وهاداه وَكَانَ يَقُول لَهُ الْأَمِير الْفُلَانِيّ قد خامر معي عَلَيْك فاحذره فَتَارَة يَأْخُذ أقطاع أحدهم وَتارَة يقبض عَلَيْهِ فَلَمَّا خلت من الْأُمَرَاء كَاتبه من حق عَطاء الْمَذْكُور فَجرى لَهُ مَا جرى فَقَالَ عَطاء لمجير الدّين عِنْد قَتله إِن الْحِيلَة قد تمت عَلَيْك وراحت دمشق عَن يدك فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَكَانَ ابْن مُنِير قَالَ قصيدة يمدح فِيهَا(20/81)
نور الدّين وَيذكر لَهُ دمشق ويحرضه على أَخذهَا // (من الوافر) //
(هِيَ الفردوس أصبح وَهُوَ عاف ... من الْعَافِي وَمن حَال خلاء)
(لأسْمع صعبها وَدنت قصاها ... وأمكنك اقتياد واقتطاء)
(وَمَا نعم الْعَطاء عَطاء رب ... توسطه فأبسطه عَطاء)
(تفاءل باسمه فالفأل وعد ... يكون عل ظبال بِهِ الْوَفَاء)
(هُوَ السَّبَب الَّذِي شدت قواه ... وهذبه لخدمتك الْقَضَاء)
(وَسيف إِن تسمه تسم حساما ... وَإِن تغمد فَنَار بل ذكاء)
(حبته لَك السَّعَادَة قطف رَأْي ... لنفث الخادعين بِهِ هباء)
فَيُقَال إِن عَطاء كَانَ لَهُ مَعَ نور الدّين بَاطِن فِي أَخذ دمشق فَلَمَّا بلغ مجير الدّين أبق هَذَا الشّعْر كَانَ ذَلِك سَبَب قَتله لعطاء وَهَذَا اللَّائِق بواقعة عَطاء لَا أَن نور الدّين الشَّهِيد أغرى بِهِ أبق الْمَذْكُور وافترى عَلَيْهِ وَكَانَت قتلته سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
134 - الغزنوي عَطاء بن يَعْقُوب بن ناكل الغزنوي قَالَ صَاحب سر السرُور فِي بعض وَصفه وتقريظه حَتَّى إِنِّي حدثت أَن ديوَان شعره بِمصْر يَشْتَرِي بمئين من الْحمر الراقصات على الظفر وَالْمَشْهُور أَن ديوَان شعره الْعَرَبِيّ والفارسي يشترى بخراسان بأوفر الْأَثْمَان وَكَيف لَا وَمَا من كلمة من كَلَامه إِلَّا وحقها أَن تملك بالأنفس وتقتنى وتباع بالأنفس وتشتري وَمن نثره صدر كتاب كتبه إِلَى بعض الصُّدُور أَطَالَ الله بَقَاء الشَّيْخ فِي عز مَرْفُوع كاسم كَانَ وَأَخَوَاتهَا إِلَى فلك الأفلاك مَنْصُوب كاسم إِن وذواتها إِلَى سمك السماك مَوْصُوف بِصفة النَّمَاء مَوْصُول بصلَة الْبَقَاء مَقْصُور على قَضيته المُرَاد مَمْدُود إِلَى يَوْم التناد معرف بِهِ مُضَاف إِلَيْهِ مفعول لَهُ مَوْقُوف عَلَيْهِ صَحِيح سَالم من حُرُوف الْعلَّة غير معتل وَلَا مَهْمُوز بهمز الذلة يثني وَيجمع دَائِما جمع السَّلامَة وَالْكَثْرَة لَا جمع الْقلَّة والتكسير سَاكن لَا تغيره يَد الْحَرَكَة مَبْنِيّ على الْيمن وَالْبركَة مضاعف مُكَرر على تناوب الْأَحْوَال زَائِد غير نَاقص على تعاقب الْأَحْوَال مُبْتَدأ بِهِ خَبره الزِّيَادَة فَاعل مَفْعُوله الْكَرَامَة مستقبله خير من ماضيه حَالا وغده أَكثر من يَوْمه وأمسه إجلالا لَهُ الِاسْم المتمكن من إِعْرَاب الْأَمَانِي وَالْفِعْل الْمُضَارع للسيف الْيَمَانِيّ(20/82)
لَازم لربعه لَا يتَعَدَّى وَلَا ينْصَرف عَنهُ إِلَى العدى وَلَا يدْخلهُ الْكسر والتنوين أبدا يقْرَأ بَاب التَّعَجُّب من يرَاهُ مَنْصُوبًا على الْحَال إِلَى أَعلَى ذاره متحركا بالدولة والتمكين منصرفا إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين وَهَذَا دُعَاء دَعَوْت لَهُ على لِسَان النَّحْو وَأَنا دَاع لَهُ بِكُل لِسَان على هَذَا النَّحْو وَلَوْلَا الِاحْتِرَاز الْعَظِيم من أَن يمل الْأُسْتَاذ الْكَرِيم لسردت أَفْرَاده سردا وَجعلت أوراده وردا وجمعت أعداده عدا ونظمت لَهُ أنداده عقدا ذَلِك ليعْمَل أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ وَأَن الله لَا يهدي كيد الخائنين وَمِنْه فصل فِي كتاب الصُّحْبَة نِسْبَة من شرع الْكَرم والمعرفة عِنْد أهل النهى أوفى الذمم والأخوة لحْمَة دانية والمصافاة قرَابَة ثَانِيَة وَلَو كَانَ مَا بَين ذَات الْبَين مَا بَين القطبين لوَجَبَ أَن يقطعا عرض السَّمَاء كالمجرة مُوَاصلَة ومتصلا اتِّصَال الْكَوَاكِب مراسلة وَلَكِن الْأَقْدَام فِي العقوق سواسية والقلوب فِي رعية الْحُقُوق قاسية وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(قريض تجلى مِثْلَمَا ابتسمت أروى ... ترشفت من فِيهِ الرضاب فَمَا أروى)
(تجلى كأروى فِي حجال سطورة ... وَأنزل من شم الجيال لنا أروى)
(كغصن الشَّبَاب الْغُصْن عاصن بهاؤه ... وعهد اللوى ألوى بِهِ زمن ألوى)
(إِذا الدَّهْر غُصْن ناضر الْعود نَاظر ... إِلَيْنَا بِمَا نهوى وَلم يلق فِي الْهوى)
(قريض زَادَت لقلبي غلَّة ... وغيري بِهِ يروي الغليل إِذا يرْوى)
و// (من الطَّوِيل) //
(إِذا مَا نبا حد الإسنة والظبى ... فَمَا نابها فِي الحادثات بناب)
(تقصف رمح الْخط وسط كتائب ... إِذا هز رمح الْخط وسط كتاب)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(الله جَازَ عِصَابَة ودعتهم ... والدمع يهمي والفؤاد يهيم)
(قد كَانَ دهري جنَّة فِي ظلهم ... سَارُوا فأضحى الدَّهْر وَهُوَ جحيم)
(كَانُوا غيوث سماحة وتكرم ... فاليوم بعدهمْ الجفون غيوم)
(رحلوا على رغمى وَلَكِن حبهم ... بَين الْفُؤَاد المستهام مُقيم)
(فَكَأَنَّمَا نثرت غَدَاة تحملوا ... مِنْهُم على ظلم الْبِلَاد نُجُوم)(20/83)
(قد خَانَهُمْ صرف الزَّمَان لأَنهم ... كَانُوا كراما وَالزَّمَان لئيم)
(طلقت لذاتي ثَلَاثًا بعدهمْ ... حَتَّى يعود العقد وَهُوَ تطيم)
(الله حَيْثُ تحملوا جَار لَهُم ... والأمن دَار وَالسُّرُور نديم)
(وَالْعين غُصْن والمناهل عذبة ... والجو طلق والرياح نسيم)
قلت شعر جيد
135 - الصاحب عَلَاء الدّين عَطاء ملك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْأَجَل عَلَاء الدّين الْجُوَيْنِيّ صَاحب الدِّيوَان الْخُرَاسَانِي أَخُو الصاحب الْوَزير الْكَبِير شمس الدّين كَانَ اليهما الْحل وَالْعقد فِي دولة أبغا ونالا من الجاه والحشمة مَا يتَجَاوَز الْوَصْف وَفِي سنة ثَمَانِينَ قدم بَغْدَاد ومجد الْملك العجمي فَأخذ صَاحب الدِّيوَان وغله وعاقبه وَأخذ أَمْوَاله وأملاكه وعاقب سَائِر خواصه وَلما عَاد منكوتمر من الشَّام مكسورا حمل علاي الدّين مَعَهم إِلَى همذان وَهُنَاكَ مَاتَ أبغا ومنكوتمر فَلَمَّا ملك أرغون بن أبغا طلب الْأَخَوَيْنِ فاختفيا وَتُوفِّي عَلَاء الدن بعد الاختفاء بِشَهْر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ أَخذ ملك اللور أَمَانًا لشمس الدّين أَخِيه من أرغون وأحضره إِلَيْهِ فغدر بِهِ وَقَتله بعد موت أَخِيه بِقَلِيل ثمَّ فوض أَمر الْعرَاق إِلَى سعد الدّين العجمي وَالْمجد بن الْأَثِير والأمير عَليّ بن جكيبان ثمَّ قتل أزق وَزِير أرغون الثَّلَاثَة بعد عَام
وَكَانَ عَلَاء الدّين الْكَبِير وَأَخُوهُ فيهمَا كرم وسؤدد وخبرة بالأمور وَفِيهِمَا عدل ورفق بالرعية وَعمارَة للبلاد ولى عَلَاء الدّين تطر الْعرَاق الْعِمَاد والقزويني فَأخذ فِي عمَارَة الْفُرَات وَأسْقط عَن الفلاحين مغارم كَثِيرَة إِلَى أَن تضَاعف دخل الدِّيوَان وعمرت الْعرَاق وحفر نَهرا من الْفُرَات مبدؤه من الأنبار وَيَنْتَهِي إِلَى مشْهد عَليّ أنشأ عَلَيْهِ مائَة وَخمسين قَرْيَة وَبَالغ بعض النَّاس فَقَالَ كَانَت بَغْدَاد أَيَّام الصاحب عَلَاء الدّين أَجود مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ أَيَّام الْخَلِيفَة
وَكَانَ الْفَاضِل إِذا عمل كتابا وَنسبه اليهما تكون جائزته ألف دِينَار وَقد صنف مُحَمَّد بن الصيقل الْجَزرِي كتاب المقامات وقدمها فَأعْطى ألف دِينَار وَكَانَ لَهما إِحْسَان إِلَى الْعلمَاء والفضلاء وَلَهُمَا تطرق فِي الْعُلُوم الأدبية والعقلية(20/84)
وَقد أورد ابْن الفوطي تَرْجَمَة عَلَاء الدّين مستوفاة فِي كتاب الألقاب وَقَالَ لي قوام الدّين أَحْمد بن أبي الفوارس رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت الصاحب عَلَاء الدّين وَكَانَ ينْطق بِالذَّالِ زايا فان يَقُول الزهب يَعْنِي الذَّهَب
وَقد ملكت أَنا نُسْخَة بمعجم الأدباء لياقوت وَهِي قطع الْبَغْدَادِيّ كَبِير وَعَلِيهِ مَكْتُوب مَا فِي صورته صاحبته الفقيرة إِلَى الله الْغَنِيّ عصمَة بنت عَطاء ملك بن مُحَمَّد الجويثي وَهِي كِتَابَة قَوِيَّة منسوبة جَارِيَة فِي غَايَة الْحسن وَهَذَا دَلِيل على اعتنائه بِالْعلمِ لِأَن ابْنَته كَانَت بِهَذِهِ المشابة
136 - ابْن الثِّقَة الشَّافِعِي عَطاء الله بن عَليّ بن زيد بن جَعْفَر نور الدّين ابْن الثِّقَة الْحِمْيَرِي الأسنائي الشَّافِعِي كَانَ فَقِيها فرضيا يعرف الْجَبْر والمقابلة وَكَانَ من الصَّالِحين المنقطعين أَخذ علمه عَن الشَّيْخ بهاء الدّين هبة الله القفطي وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الأفرمية بأسنا سِتِّينَ سنة تَقْرِيبًا مُنْقَطِعًا لَا يخرج إِلَّا للصَّلَاة فِي مَسْجِد لَهُ أَو لضَرُورَة وَلَيْسَ عِنْده إِلَّا عِمَامَة وفوقانية وفروة وشملة قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي أَخْبرنِي جمَاعَة أَنه لما قدم نجم الدّين بن عَليّ إِلَى إسنا اجْتمع بِهِ وَتكلم مَعَه فِي الْفَرَائِض والجبر والمقابلة فَقَالَ لَهُ مَا ظَنَنْت أَن أحدا فِي كيان الصَّعِيد بِهَذِهِ المثابة وَكَانَ رَحمَه الله سليم الصَّدْر جدا قَالَ قَالَ لي صاحبنا عَلَاء الدّين عَليّ الأصفوش قلت لَهُ مرّة يَا سيدنَا أَبُو بكر الْمُؤَذّن طلق زَوجته قَالَ لَا حول وَلَا قوَّة إلاَّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم قلت لَهُ لَكِن صَارَت بكرا كَمَا كَانَت فَضَحِك وَقَالَ فتبول من أَيْن وَجمع دَرَاهِم ليحج بهَا أَقَامَ سِنِين بجمعها فسرقت فقصد الْوَالِي أَن يمسك إنْسَانا بِسَبَبِهِ فَلم يُوَافق قَالَ وَحكي لي عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول الْجِنّ فِي اللَّيْل يمسكون إصبعي وَيَقُولُونَ هَذَا إِصْبَع عَطاء الله وَتُوفِّي بإسنا سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة وَوَقع يَوْم مَوته مطر كثير فَأخْبرت أَنه قَالَ أَنا أَمُوت فِي هَذَا الْيَوْم فَإِن والدتي أَخْبَرتنِي أنني ولدت فِي يَوْم مطر(20/85)
137 - عَلان الْمصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن الصيقل الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بعلان كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث توفّي سنة سبع عشرَة وثلاثمائة
138 - البوشنجي الصُّوفِي عَليّ بن أَحْمد بن سهل وَيُقَال عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحسن البوشنجي الزَّاهِد شيخ الصُّوفِيَّة كَانَ عَارِفًا بعلوم الْقَوْم قيل لَهُ مَا التَّوْحِيد قَالَ إِلَّا يكون مشبه الذَّات وَلَا منفي الصِّفَات وَسُئِلَ عَن الفتوة فَقَالَ عنْدك فِي آيَة {يحبونَ من هَاجر إِلَيْهِم وَلَا يَجدونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَفِي خبر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لأخي مَا يحب لنَفسِهِ فَمن اجْتمعَا فِيهِ فَلهُ الفتوة وَقَالَ النّظر فخ إِبْلِيس نَصبه للصوفية وَبكى قَالَ الْحَاكِم سمعته غير مرّة يُعَاتب فِي الْجُمُعَة وَيَقُول إِن كَانَت الْفَضِيلَة فِي الْجَمَاعَة فالسلامة فِي الْعُزْلَة توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
139 - ابْن الْمَرْزُبَان الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن الْمَرْزُبَان أَبُو الْحسن الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ إِمَامًا ورعا أَخذ الْفِقْه عَن ابْن الْقطَّان وَعنهُ أَخذ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الإسفرايني وَهُوَ صَاحب وَجه فِي الْمَذْهَب توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة كَانَ يَقُول مَا أعلم أَن لأحد عَليّ مظْلمَة وَقد كَانَ فَقِيها يعلم أَن الْغَيْبَة مظْلمَة
140 - الْمُحْتَسب الْجِرْجَانِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْحسن الْجِرْجَانِيّ الْمُحْتَسب نزيل نيسابور أَخذ عَنهُ الْحَاكِم وَغَيره وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة ابْن الحمامي الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عمر بن حَفْص أَبُو الْحسن ابْن الحمامي الْبَغْدَادِيّ مقرئ الْعرَاق قَرَأَ على أبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش وَغَيره قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا دينا تفرد بأسانيد الْقرَاءَات علوها فِي وقته وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة(20/86)
142 - النعيمي الْمُحدث الْبَصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن بن محمّد بن نعيم أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالنعيمي نزيل بَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ حَافِظًا عَارِفًا متكلما شَاعِرًا وَكَانَ ابْن البرقاني يَقُول هُوَ كَامِل فِي كل شَيْء لَوْلَا بِأَو فِيهِ مَاتَ وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ سنة ثَالِث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ يحدث من حفظه كَانَت مِنْهُ هفوة فِي شبيبته وَتَابَ وضع على ابْن المظفر حَدِيثا ثمَّ تنبه أَصْحَاب الحَدِيث لَهُ فَخرج من بَغْدَاد لهَذَا السَّبَب وَأقَام حَتَّى مَاتَ ابْن المظفر وَمن عرف قَضيته فِي الحَدِيث وَوَصفه وَمن شعره // (من المتقارب) //
(إِذا أظمأتك أكف اللثام ... كفتك القناعة شبعا وريا)
(فَكُن رجلا رجله فِي الثرى ... وَهَامة همته فِي الثريا)
143 - أَبُو الْحسن الفاني عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن سلك بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وَبعدهَا كَاف أَبُو الْحسن الفالي وَقَالَهُ بِالْفَاءِ بليدَة قرب أيد أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ قَالَ الْخَطِيب كتب عَنهُ وَكَانَ ثِقَة وَله شعر وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(لما تبدلت الْمنَازل أوجها ... غير الَّذين عهِدت من علمائها)
(ورأيتها محفوفة بسوى الألى ... كَانُوا وُلَاة صدورها وفنائها)
(أنشدت بَيْتا سائرا مُتَقَدما ... وَالْعين قد شَرقَتْ بجاري مَائِهَا)
(أما الْخيام فَإِنَّهَا كخيامهم ... وَأرى نسَاء الْحَيّ غير نسائها)
و// (من الطَّوِيل) //
(رمى رَمَضَان شملنا بالتفرق ... فيا ليته عَنَّا تقضى لنلتقي)
(لَئِن سر أهل الأَرْض طرا قدومه ... فَإِن سروري بانسلاخ الَّذِي بَقِي)
وَقَالَ أرجوزة فِي عدد آي الْقُرْآن أَولهَا // (من الرجز) //
(قَالَ عَليّ مذ أَتَى من فاله ... قصيدة وَاضِحَة المقاله)(20/87)
وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(فرجت صبياني ببستانكم ... فَأَكْثرُوا التصفيق والرقصا)
(فَقلت يَا صبيان لَا تفرحوا ... فبسرهم فِي نَخْلهمْ محصى)
(لَو قدم اللَّيْث على نَخْلهمْ ... لَكَانَ من سَاعَته يُحْصى)
(لَو أَن لي من نَخْلهمْ بسرة ... جَعلتهَا فِي خَاتمِي فصا)
قَالَ التبريزي رَأَيْت نُسْخَة لكتاب الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد بَاعهَا أَبُو الْحسن الفالي بِخَمْسَة دَنَانِير من القَاضِي أبي بكر بن بديل التبريزي وَحملهَا إِلَى تبريز وَنسخت أَنا مِنْهَا نُسْخَة فَوجدت فِي بعض المجلدات رقْعَة بِخَط الفالي فِيهَا // (من الطَّوِيل) //
(أنست بهَا عشْرين حولا وبعتها ... فقد طَال شوقي نَحْوهَا وحنيني)
(وَمَا كَانَ ظَنِّي أنني سأبيعها ... وَلَو خلدتني فِي السجون ديوني)
(وَلَكِن لضعف وافتقار وصبيتي ... صغَار عَلَيْهِم تستهل شئوني)
(فَقلت وَلم أَملكُم سوابق عِبْرَة ... مقَالَة مشوي الْفُؤَاد حَزِين)
(وَقد تخرج الْحَاجَات يَا أم مَالك ... كرائم من رب بِهن ضنين)
فَأريت القَاضِي أَبَا بكر الرقعة والأبيات فتوجع وَقَالَ لَو رَأَيْتهَا قبل هَذَا لرددتها عَلَيْهِ وَكَانَ القالي قد مَاتَ قَالَ ياقوت وَالْبَيْت الْأَخير من هَذِه الأبيات تضمين قَالَه أَعْرَابِي فِيمَا ذكره الزبير بن بكار عَن يُوسُف بن عَيَّاش قَالَ ابْتَاعَ حَمْزَة بن عبد الله بن الزبير جملا من أَعْرَابِي بِخَمْسِينَ دِينَار ثمَّ نقد ثمنه فَنظر الْأَعْرَاب إِلَى الْجمل وَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(وَقد تخرج الْحَاجَات يَا أم مَالك ... كرائم من رب بِهن ضنين)
فَقَالَ حَمْزَة خُذ جملك وَالدَّنَانِير لَك فَانْصَرف بجمله وبالدنانير
144 - التسترِي السَّقطِي عَليّ بن احْمَد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن بَحر التسترِي ثمَّ الْبَصْرِيّ السَّقطِي إِلَيْهِ كَانَت الرحلة فِي سَماع سنَن أبي دَاوُد رَوَاهَا عَن أبي عمر(20/88)
الْهَاشِمِي وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
145 - الْيَعْمرِي الأندلسي عَليّ بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْحُسَيْن الْيَعْمرِي الأندلسي الشَّاعِر الأديب كَانَ فَقِيها شَاعِرًا كَاتبا وافر الْأَدَب توفّي سنة سبع وَخَمْسمِائة وَمن شعره
146 - ابْن المستظهر عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله هَذَا الإِمَام المستظهر تقدم ذكر أَبِيه فِي الأحمدية فِي مَكَانَهُ كَانَ شهما فَاضلا أديبا كَانَ قد حَبسه أَخُوهُ المسترشد بِاللَّه على عَادَتهم فِي حبس أقاربهم ففر من حَبسه إِلَى وَاسِط ثمَّ انه اتَّصل بدبيس بن صَدَقَة صَاحب الْحلَّة فَلم تطل الْأَيَّام حَتَّى خَان عَهده وأخفر ذمَّته وَمكن أَخَاهُ من رقبته فَكتب إِلَى دبيس بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ // (من الطَّوِيل) //
(أأشمت أعدائي وأذهبت قوتي ... وهضت جنَاحا أنبتته يَد الْفجْر)
(وَمَا أَنْت عِنْدِي بالملوم وَإِنَّمَا ... لي الذَّنب هَذَا سوء حظي من الدَّهْر)
147 - نظام الْملك السميرمي عَليّ بن أَحْمد أَبُو طَالب السميرمي نظام الْملك وَزِير السُّلْطَان مَحْمُود وسميرم بِفَتْح السِّين وَكسر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الرَّاء وَبعدهَا مِيم قَرْيَة من قرى أَصْبَهَان هُوَ الَّذِي عمل الطغرائي مؤيد الدّين الْحُسَيْن ابْن عَليّ وَقَتله وَكَانَ السميرمي مجاهرا بالظلم وَالْفِسْق أعَاد المكوس بِبَغْدَاد بعد أَربع عشرَة سنة وَقَالَ لَيْلَة قتل قد فرشت لي حَصِيرا إِلَى جَهَنَّم وَقد استحييت من كَثْرَة الظُّلم فَأصْبح قَتِيلا سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة يُقَال إِن بعض غلْمَان الظغرائي قَتله وَفِيه قَالَ أَبُو إِسْحَاق القري // (من الوافر) //
(كَمَال سميرمٍ للْملك نقصٌ ... كَمَا سميت مهلكةً مفازه)
(لَئِن رفعت محلته اللَّيَالِي ... فكم رفعت على كتف جَنَازَة)
148 - اليزدي الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن(20/89)
محمويه الإِمَام أَبُو الْحسن اليزدي الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْمُحدث نزيل بَغْدَاد كَانَ كثير الصَّوْم وَالْعِبَادَة صنف تصانيف فِي الْفِقْه وَأورد فِيهَا أَحَادِيث بِسَنَدِهِ كَانَ يَصُوم رَجَب فَلَمَّا كَانَت سنة مَوته قبل رَجَب بأيام قَالَ قد رجعت عَن وصيتي ادفنوني فِي الْحَال فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول يَا عَليّ صم رَجَب عندنَا وَكَانَ جثيثا صَاحب بلغم وَكَانَ يَقُول لَا تدفنوني بعد موتِي إِلَّا بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَإِنِّي أخْشَى أَن تكون لي سكتة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة لَيْلَة شهر رَجَب وَكَانَ سخيا بِمَا يملك متواضعا حدث بِكِتَاب السّنَن للنسائي بالدون وبأكثر مروياته سمع من الْحُسَيْن بن الْحسن بن مُحَمَّد بن جوانشير وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن بلول الصُّوفِي وغياب بن أبي مُضر الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ وَغَيرهم قَالَ أَبُو سعيد السَّمْعَانِيّ كَانَ لَهُ عِمَامَة وقميص بَينه وَبَين أَخِيه إِذا خرج ذَاك قعد هَذَا فِي الْبَيْت وَإِذا خرج هَذَا قعد ذَاك ودخلنا نسلم عَلَيْهِ يَوْمًا مَعَ عَليّ بن الْحُسَيْن الغزنوي الْوَاعِظ فوجدناه فِي دَاره عُريَانا مئتزرا بمئزر فَاعْتَذر من العري وَقَالَ نَحن إِذا غسلنا ثيابنا نَكُون كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ // (من الْكَامِل) //
(قوم إِذا غسلوا ثِيَاب جمَالهمْ ... لبسوا الْبيُوت إِلَى فرَاغ الْغَاسِل)
149 - ابْن لبال الشريشي عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن فتح بن لبال بِضَم اللَّام الأولى وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف لَام أُخْرَى الأمتى مننسل عب الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك القَاضِي أَبُو الْحسن الشريشي توفّي بهَا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(مَا كنت أَحسب قبل رُؤْيَة وَجهه ... أَن البدور تَدور فِي الأغصان)
(غازلته حَتَّى بدا لي ثغره ... فحسبته درا على مرجان)
(كم لَيْلَة عانقته فَكَأَنَّمَا ... عانقت من غصنيه غُصْن البان)(20/90)
(يطغى ويلعب وَتَحْت عقد سواعدي ... كالمهر يلْعَب بَين ثني عنان)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(قَوس ظَهْري المشيب وَالْكبر ... والدهر يَا عَمْرو كُله عبر)
(كأنني والعصا تدب معي ... قَوس لَهَا وَهِي فِي يَدي وتر)
وَمِنْه أَيْضا // (من الْبَسِيط) //
(لما تقوس مني الْجِسْم من كبر ... وابيض مَا كَانَ مسودا من الشّعْر)
(جعلت أَمْشِي كَأَنِّي نصف دَائِرَة ... تمشي على الأَرْض أَو قَوس بِلَا وتر)
وَمِنْه فِي النَّار // (من مخلع الْبَسِيط) //
(فَحم ذكا فِي حشاه جمر ... فَقلت مسك وجلنار)
(أَو خُذ من قد هويت لما ... أطل من فَوْقه العذار)
قَالَ ابْن الْأَبَّار قصر عَن قَول مُحَمَّد بن صارة فِي هَذَا الْمَعْنى // (من الطَّوِيل) //
(وسافرة تنضو الدجى من قَمِيصه ... وَقد ضربت من فجرها بعمود)
(إِذا مَا بدا كدنا لإفراط عجبنا ... بهَا نتلقى وَجههَا بسجود)
(دفعنَا بهَا فِي صدر نكباء صَرْصَر ... وَقد آذَنت أَرْوَاحنَا بخمود)
(يقابلنا من فحمها تَحت جمرها ... خدود عذارى فِي براقع سود)
قلت مَا قصر وَالَّذِي قصر ابْن صارة فَإِن العذار فَوق الخد الْأَحْمَر أقرب للتشبيه من خدود العذارى تَحت البراقع لِأَن البراقع ساترة الخدود فالخد والعذار يبدوان مَعًا وَمَا أحسن من قَول الآخر // (من المنسرح) //
(فَحم كَيَوْم الْفِرَاق تشعله ... نَار كَيَوْم الْفِرَاق فِي الكبد)
(أسود قد صَار تَحت جمرتيها ... مثل الْعُيُون اكتحلن بالرمد)
وَقَول الآخر // (من الطَّوِيل) //
(وفحم كأيام الوصلا فعاله ... ومنظره فِي الْعين ليل صدود)
(كَأَن لهيب النَّار بَين خلاله ... بوارق لاحت فِي غمائم سود)
وَمن شعر ابْن لبال // (من المنسرح) //
(ألبسني حلَّة الضنى قمر ... ألبسهُ الْحسن حلَّة الخفر)(20/91)
(أرسل من صُدْغه لعارضه ... ذؤابة تَحت طة الشّعْر)
(يفتر عَن فضَّة وَعَن برد ... وَعَن أقاح ند وَعَن دُرَر)
قلت شعر جيد
7846 - ابْن أبي قُرَّة الداني عَليّ بن أَحْمد بن أبي قُرَّة أَبُو الْحسن الْأَزْدِيّ الداني سكن مراكش وَتُوفِّي بهَا سنة ثَمَان وسِتمِائَة أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من قصيدة يهنئ بِفَتْح فنيول من ثغور بلنسية // (من الْكَامِل) //
(فصل الْقَضِيَّة أَن حزبك غَالب ... عِنْد الكفاح وحزبهم مخذول)
(ذكرتهم مِنْهَا الْحساب فَلم يسل ... مِنْهُم هُنَاكَ عَن الْخَلِيل خَلِيل)
مذها فِي ذكر الأذفونش // (من الْكَامِل) //
(ترك الفريسة وَهِي مِنْهُ بمخلب ... إِن الصقور على البغاث تصول)
(كتبت يراع الصدعتين ضلوعة ... سطرا يرى فِي سَيْفك التَّأْوِيل)
(فالثغر ثغر بالبشائر باسم ... والين جفن بالسرور كحيل)
وَأورد لَهُ مَا قَالَه يرثي الْخَطِيب أَبَا الْقَاسِم بن خبيش // (من الْكَامِل) //
(يَا سرحة الْعلم الَّتِي لما ذوت ... عُيُون دونهَا وعيون)
(مَا كنت إِلَّا الشَّمْس يَجْعَل قدرهَا ... من لم تعاوده لَيَال حزون)
(إيه ثمال الطالبين وظلهم ... كل المصائب مَا عداك تهون)
(يأيها الرّوح الْمُقَدّس لم تفظ ... إِلَّا لتسعف فِيك حور عين)
(لله نَعشك يَوْم حمل انه ... لجَمِيع أشتات الْعُلُوم ضمين)
(وَكَأَنَّهُ مُوسَى يُنَاجِي ربه ... وثناؤه من بعده هَارُون)
(هذى المنابر باكيات بعده ... فلهَا عَلَيْهِ زفرَة وأنين)
(ولطالما طربت بِهِ حَتَّى ... ترى عيدانها قد عدن وَهن غصون)
(غَضْبَان فِي حق رَقِيق بالورى ... كالسيف فِيهِ مَعَ المضاء اللين)
قلت شعر جيد
151 - الإسلامي الْحَنَفِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ الْعَلامَة أَبُو الْحسن السجْزِي ثمَّ(20/92)
الْبَلْخِي الْفَقِيه الْمَعْرُوف بالإسلامي الْحَنَفِيّ مقدم أَصْحَاب أبي حنيفَة روى الْكثير وَكَانَ زاهدا حسن السِّيرَة توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة
152 - ابْن الباذش المغربي عَليّ بن أَحْمد بن خلف أَبُو الْحسن بن الباذش بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف ذال مُعْجمَة وشين مُعْجمَة الْأنْصَارِيّ الغرناطي النَّحْوِيّ كَانَ مقرئا حاذقا عَارِفًا بَالِغَة مُحدثا لَهُ معرفَة بالأسماء وَفِيه دين وَخير سمع النَّاس مِنْهُ كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخَمْسمِائة
153 - ابْن حزم الظَّاهِرِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم بن غَالب بن صَالح بن خلف بن معدان بن سُفْيَان بن يزِيد مولى يزِيد بن أبي سُفْيَان بن حَرْب الْأمَوِي الإِمَام الْحَافِظ الْعَلامَة أَبُو مُحَمَّد الْفَارِسِي الأَصْل الأندلسي الْقُرْطُبِيّ أَبوهُ وجده خلف أول من دخل الأندلس ولد أَبُو مُحَمَّد بقرطبة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنت سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَسمع من جمَاعَة أَوَّلهمْ ابْن الجسور كَانَ إِلَيْهِ المنتهيى فِي الْحِفْظ والذكاء وَكَثْرَة الْعلم وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب ثمَّ انْتقل إِلَى القَوْل نبغي الْقيَاس وَالْقَوْل بِالظَّاهِرِ وَكَانَ متفننا فِي عُلُوم جمة عَاملا بِعِلْمِهِ زاهدا بعد الرياسة الَّتِي كَانَت لِأَبِيهِ وَله من الوزارة وتدبير الْملك جمع من الْكتب شَيْئا كثيرا لَا سِيمَا من كتب الحَدِيث وَكَانَ لَهُ وفور حَظّ من البلاغة وَالشعر وَالسير وَالْأَخْبَار وَقد جمع الْحميدِي شعره على حُرُوف المعجم ووزر أَبوهُ للمنصور مُحَمَّد بن أبي عَامر مُدبر دولة الْمُؤَدِّي وللمظفرين الْمَنْصُور ووزر أَبُو مُحَمَّد هَذَا للمستظهر بِاللَّه عبد الرَّحْمَن بن هِشَام ثمَّ انه نبذ الوزارة وَأَقْبل للعلوم واشتغل أول أمره بالْمَنْطق وبرع فِيهِ وَكَانَ شَيْخه فِي الْمنطق مُحَمَّد بن الْحسن الْمذْحِجِي القرطبيس الْمَعْرُوف بَان الكتاني وَكَانَ شَاعِرًا طَبِيبا مَاتَ بعد الأربعمائة وَسَأَلَ بعض الْحَاضِرين يَوْمًا سؤالا فَأُجِيب فِيهِ فَاعْترضَ أَبُو مُحَمَّد فِيهِ فَقَالَ لَهُ لَيْسَ هَذَا الْعلم من منتحلاتك فَقَامَ وَدخل منزله وَاعْتَكف وَلم يكن إِلَّا بعد(20/93)
أشهر قريبَة حَتَّى خرج وناظر أحسن مناظرة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام مَا رَأَيْت فِي كتب الْإِسْلَام مثل الْمحلى لِابْنِ حزم وَالْمُغني للشَّيْخ الْمُوفق وَقد بَالغ أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْحَط على الظَّاهِرِيَّة فِي كتاب العواصم والقواصم وَأكْثر فِيهِ من الْحَط على ابْن حزم وَذكر لَهُ يَوْمًا أجل المصنفات الْمُوَطَّأ فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ أولى الْكتب بالتعظيم الصحيحان وَكتاب سعيد بن السكن والمنتقى لِابْنِ الْجَارُود والمنتقى لقاسم بن أصبغ ثمَّ بعد هَذِه الْكتب كتاب أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ ومصنف قَاسم بن أصبغ ومصنف الطَّحَاوِيّ ومسند الزار ومسند ابْن أبي شيبَة ومسند أَحْمد ومسند ابْن رَاهْوَيْةِ ومسند الطَّيَالِسِيّ ومسند أبي الْعَبَّاس النسوي ومسند ابْن سنجر ومسند عبد الله بن مُحَمَّد المسندي ومسند يَعْقُوب بن شيبَة ومسند ابْن الْمَدِينِيّ ومسند ابْن أبي عزْرَة وَمَا جرى مجْرى هَذِه الْكتب الَّتِي أفردت لكَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صرفا وللعطرة نصا ثمَّ بعد ذَلِك الْكتب الَّتِي فِيهَا كَلَامه عَلَيْهِ السَّلَام وَكَلَام غَيره مثل مُصَنف عبد الرَّزَّاق ومصنف ابْن أبي شيبَة ومصنف بَقِي بن مخلد وَكتاب مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وكتابي ابْن الْمُنْذر الْأَكْبَر والأصغر ثمَّ مُصَنف حَمَّاد بن سَلمَة ومصنف سعيد بن مَنْصُور ومصنف وَكِيع ومصنف الْفرْيَابِيّ وموطأ ابْن أبي ذِئْب وموطأ ابْن وهب ومسائل أَحْمد بن حَنْبَل وَفقه أبي عبيد وَفقه أبي ثَوْر وَمن تصانيف أبي مُحَمَّد بن حزم كتاب الإيصال إِلَى فهم كتاب الْخِصَال الجامعة لجمل شرائع الْإِسْلَام فقي الْوَاجِب والحلال وَالْحرَام وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أورد فِيهِ قَول الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ فِي الْفِقْه وَالْحجّة لكل قَول وَهُوَ كَبِير والإحكام لأصول الْأَحْكَام فِي غَايَة التَّقَصِّي وَكتاب الْملَل والنحل وَكتاب إِظْهَار تَبْدِيل الْيَهُود وَالنَّصَارَى للتوراة وَالْإِنْجِيل وَبَيَان تنَاقض مَا بِأَيْدِيهِم مِمَّا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل هُوَ كتاب لم يسْبق إِلَيْهِ والتقريب لحد الْمنطق والمدخل إِلَيْهِ بالألفاظ العامية والأمثلة الْفِقْهِيَّة وَقَالَ الْغَزالِيّ قد وجدت كتابا فِي أَسمَاء الله تَعَالَى أَلفه أَبُو مُحَمَّد بن حزم الأندلسي يدل على عظم شَأْنه وسيلان ذهنه(20/94)
وَكتاب الصادع فِي الرَّد على من قَالَ بالتقليد وَشرح أَحَادِيث الْمُوَطَّأ وَالْجَامِع فِي صَحِيح الحَدِيث بِاخْتِصَار الْأَسَانِيد وَالتَّلْخِيص والتخليص فِي الْمسَائِل النظرية ومنتقى الْإِجْمَاع وكشف الالتباس لما بَين أَصْحَاب الظَّاهِر وَأَصْحَاب الْقيَاس وَله كتاب ضخم فِي أَجزَاء ضخمة فِيمَا خَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَمَا انْفَرد بِهِ كل وَاحِد مِنْهُم وَله كتاب المجلى وَشَرحه الْمحلى وَلم يكمله وكمله تِلْمِيذه ابْن خَلِيل رَأَيْت هَذِه التكملة من ثَلَاث مجلدات بخطك ابْن خَلِيل عَن ابْن سيد النَّاس وَله كتاب نقط الْعَرُوس جمع فِيهِ كل غَرِيبَة وَهُوَ كثير الْفَائِدَة وَله حجَّة الْوَدَاع جودها وطولها وَله سيرة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكتاب الْإِمَامَة والسياسة وَكتاب أَخْلَاق النَّفس نَاظر الْفَقِيه أَبَا الْوَلِيد سُلَيْمَان بن خلف بن سعيد بن أَيُّوب صَاحب كتاب الْمُنْتَقى وَلما انْقَضتْ بَينهمَا المناظرة قَالَ أَبُو الْوَلِيد اعذروني فَإِنِّي كَانَت أَكثر مطالعتي على سرج الحراس فَقَالَ ابْن حزم اعذروني فَإِنِّي أَكثر مطالعتي كَانَت على مَنَابِر الذَّهَب وَالْفِضَّة يَعْنِي أَن الْغَنِيّ أمنع للاشتغال من الْفقر وروى عَنهُ ابْن الْعَرَبِيّ انه قَالَ بلغت سِتَّة وَعشْرين سنة وَأَنا لَا أَدْرِي كَيفَ أجبر صَلَاة من الصَّلَوَات فَشَهِدت جَنَازَة لرجل كَبِير من إخْوَان أبي فَدخلت الْمَسْجِد قبل صَلَاة الْعَصْر والخلق فِيهِ فَجَلَست وَلم أركع فَقَالَ لي أستاذي الَّذِي رباني بِإِشَارَة أَن قُم صل تَحِيَّة الْمَسْجِد فَلم أفهم فَقَالَ لي بعض المجاورين أبلغت هَذِه السن وَلَا تعلم أَن تَحِيَّة الْمَسْجِد وَاجِبَة فَقُمْت وركعت فَلَمَّا عدنا من الْجِنَازَة وَدخلت الْمَسْجِد مُشَاركَة لأهل الْمَيِّت فبادرت بِالرُّكُوعِ فَقيل لي اجْلِسْ اجْلِسْ فَلَيْسَ فِي هَذَا وَقت صَلَاة فَانْصَرَفت وَقد خزيت ولحقني مَا هَانَتْ بِهِ نَفسِي عَليّ وَقلت للأستاذ دلَّنِي على دَار الشَّيْخ الْفَقِيه المشاور أبي عبد الله بن دحون فدلني فقصدته وأعلمته بِمَا جرى واسترشدته فِي قِرَاءَة الْعلم فدلني على كتاب الْمُوَطَّأ لمَالِك فَبَدَأت بِهِ عَلَيْهِ قِرَاءَة من الْيَوْم التَّالِي لذَلِك الْيَوْم ثمَّ تَتَابَعَت قراءتي عَلَيْهِ وعَلى غيرَة نَحْو ثَلَاثَة أَعْوَام وبدأت بالمناظرة وَقَالَ أَبُو رَافع الْفضل بن عَليّ بن أَحْمد بن حزم ولد الإِمَام الْمَذْكُور إِن مبلغ تواليف وَالِدي فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول والملل والنحل وَغير ذَلِك من التَّارِيخ وَالنّسب وَكتب الْأَدَب وَالرَّدّ على المعارضين نَحْو أَرْبَعمِائَة مُجَلد تشْتَمل على قريب من ثَمَانِينَ ألف ورقة وَهَذَا شَيْء لم يعْهَد إِلَّا لمُحَمد بن جرير الطَّبَرِيّ فَإِنَّهُ أَكثر أهل الْإِسْلَام تصنيفا فقد حسبت أَيَّام حَيَاته وتصانيف فجائت لكل يَوْم أَربع عشرَة ورقة(20/95)
وَكَانَ شَدِيد الشناع بذئ اللِّسَان فِي حق مخالفه حَتَّى قَالَ ابْن العريف خلق الله سيف الْحجَّاج ولسان ابْن حزم شقيقين قَالَ أَبُو مَرْوَان بن حَيَّان فِي بعض وصف ابْن حزم وَله فِي تِلْكَ الْفُنُون كتب كَثِيرَة غير انه لم يخل فِيهَا من غلط وَسقط لجراءته على التسور على الْفُنُون وَلَا سِيمَا الْمنطق فَإِنَّهُم زَعَمُوا انه زَالَ هُنَالك وضل فِي سلوك تِلْكَ المسالك وَخَالف أرسطاطاليس وَاضِعَة مُخَالفَة من لم يفهم غَرَضه وَلَا ارتاض ثمَّ قَالَ وَلم يَك يلطف صدعه بِمَا عِنْده بتعريض وَلَا يرقه بتدريج بل يصك بِهِ معارضه صك الجندل وينشقه متلفعة إنشاق الْخَرْدَل فنفرت عَنهُ الْقُلُوب وَوَقعت بِهِ الندوب حَتَّى استهدف إِلَى فُقَهَاء وقته فتمالئوا على بغضه ورد أَقْوَاله فَأَجْمعُوا على تضليله وشنعوا عَلَيْهِ وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عَن الدنو إِلَيْهِ وَالْأَخْذ عَنهُ فأقصته الْمُلُوك عَن قربهم وبلادهم إِلَى أَن انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثَره بتربة بَلَده من بادية لبلة وَبهَا توفّي وَهُوَ فِي ذَلِك غير مرتدع وَلَا رَاجع إِلَى مَا أَرَادوا بِهِ يبث علمه فِيمَن ينتابه من بادية بَلَده من عَامَّة المقتبسين مِنْهُم من أصاغر الطّلبَة الَّذين لَا يَخْشونَ الْمَلَامَة يُحَدِّثهُمْ ويفقههم ويدارسهم وَلَا يدع المثابرة على الْعلم والمواظبة على التَّأْلِيف والإكثار من التصنيف حَتَّى كمل من مصنفاته فِي فنون من الْعلم وفر بعيد وَكَانَ قد أحرق بعض مصنفاته بإشبيلية ومزقت كَانَ مِمَّا يزِيد فِي شنآنه تشيعه لأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم بالمشرق والأندلس واعتقاده لصِحَّة إمامتهم وانحرافه عَن سواهُم من قُرَيْش حَتَّى نسب إِلَى النّصْف وَمن شعره يصف مَا أحرق ابْن عباد من كتبه // (من الطَّوِيل) //
(فَإِن تحرقوا القرطاس لَا تحرقوا الَّذِي ... تضمنه القرطاس بل هُوَ فِي صَدْرِي)
(يسير معي حَيْثُ اسْتَقَلت ركائبي ... وَينزل إِن أنزل ويدفن فِي قَبْرِي)
(دَعونِي من إحراق رق وكاغد ... وَقُولُوا بِعلم كي يرى النَّاس من يدْرِي)
(وَإِلَّا فعودوا فِي الْمكَاتب بدأة ... فكم دون مَا تبغون لله من ستر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَنا الشَّمْس فِي جو السَّمَاء منيرة ... وَلَكِن عيبي أَن مطلعي لغرب)
(وَلَو أنني من جَانب الشرق طالع ... لجد على مَا ضَاعَ من ذكري)
(ولي نَحْو أكناف الْعرَاق صبَابَة ... وَلَا عزو أَن يستوحش الكلف الصب)
(فَإِن ينزل الرَّحْمَن رحلي بَينهم ... فَحِينَئِذٍ يَبْدُو التأسف وَالْكرب)(20/96)
(فكم قَائِل أغفلته وَهُوَ حَاضر ... وأطلب عَنهُ مَا يَجِيء بِهِ الْكتب)
(هُنَالك يذري أَن للبعد غُصَّة ... وَأَن كساد الْعلم آفته الْقرب)
(فوا عجبا من غَابَ عَنْهُم تشوفوا ... لَهُ ودنوا الْمَرْء من دَارهم ذَنْب)
(وَإِن مَكَانا ضَاقَ عني لضيق ... وَإِن زَمَانا لم أنل خصبه جَدب)
(وَإِن رجَالًا صنعوني لصنيع ... وَإِن زَمَانا لم أنل خصبه جَدب)
(وَلَكِن لي فِي يُوسُف خير أُسْوَة ... وَلَيْسَ على من بِالنَّبِيِّ ائتسى ذَنْب)
(يَقُولُونَ مقَال الْحق والصدق ... إِنَّنِي حفيظ عليم مَا على صَادِق عتب)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(كَأَنَّك بالزوار لي قد تبَادرُوا ... وَقيل لَهُم أودى عَليّ بن أَحْمد)
(فيا رب محزون هُنَاكَ وضاحك ... وَكم أدمع تذرى وخد مخدد)
(عَفا الله عني يَوْم أرحل طاعنا ... عَن الْأَهْل مَحْمُولا إِلَى ضيق ملحد)
(فواراه حَتَّى إِن كَانَ زادي مقدما ... وَيَا نصبي إِن كنت لم أتزود)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لَا يشمتن حَاسِد إِن نكبة عرضت ... فالدهر لَيْسَ على حَال بمترك)
(ذُو الْفضل كالتبر طورا تَحت ميفعة ... وَتارَة قد يرى تاجا على مللك)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(لَئِن أَصبَحت مرتحلا بشخصي ... فروحي عنْدكُمْ أبدا مُقيم)
وَلَكِن للعيان لطيف معنى ... لَهُ سَأَلَ المعاينة الكليم)
وَكَانَ هُوَ والحافظ أَبُو عمر بن عبد الْبر يتسايران فِي سكَّة الحطابين بإشبيلية فَاسْتَقْبَلَهُمَا غُلَام وضئ الْوَجْه فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد إِن هَذِه الصُّورَة حَسَنَة فَقَالَ أَبُو عمر لَعَلَّ مَا تَحت الثِّيَاب لَيْسَ هُنَاكَ فَأَنْشد ارتجالا // (من الطَّوِيل) //
(وَذي عذل فِيمَن سباني حسنه ... يُطِيل ملامي فِي الْهوى وَيَقُول)
(أَفِي حسن وَجه لَاحَ لم تَرَ غَيره ... وَلم ندر كَيفَ الْجِسْم أَنْت قَتِيل؟)
(فَقلت لَهُ أسرفت فِي اللوم عاذلي ... وَعِنْدِي رد لَو أردْت طَوِيل)(20/97)
(ألم تَرَ أَنِّي ظاهري وأنني ... على مَا بدا حَتَّى يقوم دَلِيل)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(يَقُول أخي شجاك رحيل جسم ... وروحك مَا لَهُ عنأ رحيل)
(فَقلت لَهُ المعاين مطمئن ... لذا طلب المعاينة الْخَلِيل)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(أَقَمْنَا سَاعَة ثمَّ ارتحلنا ... وَمَا يَعْنِي المشوق وقُوف سَاعَة)
(كَأَن الشمل لم يَك ذَا اجْتِمَاع ... إِذا مَا شتت الْبَين اجتماعه)
وَقد أوردت فِي تَرْجَمَة الْحَافِظ فتح الدّين محمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سيد النَّاس مَا أنشدنيه بِسَنَدِهِ إِلَى الْحَافِظ أبي مُحَمَّد بن حزم وَهِي أَبْيَات أَولهَا // (من الرمل) //
(من عذيري من أنَاس جهلوا ... ثمَّ ظنُّوا أَنهم أهل النّظر؟ !)
قَالَ الْحميدِي أنشدته قَول أبي نواس // (من الْخَفِيف) //
(عرضن للَّذي تحب بحب ... ثمَّ دَعه يروضه إِبْلِيس)
فَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(أَيْن وَجه قَول الْحق فِي نفس سامع ... ودعه فنور الْحق يسري ويشرق)
(سيؤنسه رفقا وينسى نفاره ... عَمَّا نسى الْقَيْد الموثق مُطلق)
154 - العقيقي الْعلوِي عَليّ بن أَحْمد العقيقي الْعلوِي ذكره أَبُو جَعْفَر الطوسي فِي مصنِّفي الإمامية وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب الْمَدِينَة وَكتاب بِنَاء المسجدين وَكتاب النّسَب
155 - ابْن أبي دُجَانَة الْكَاتِب عَليّ بن أَحْمد بن أبي دُجَانَة الْمصْرِيّ أَبُو الْحسن الْكَاتِب الْوراق جيد الْخط كثير الضَّبْط إِلَّا انه مَعَ ذَلِك لَا يَخْلُو خطه من السقط وَإِن قل هُوَ من أهل مصر وَأقَام بِبَغْدَاد وَبهَا كتب وَنسخ الْكثير وَكَانَ بهَا سنة أَربع ثَمَانِينَ وثلاثمائة(20/98)
156 - الدريدي عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن الدريدي كَانَ وراق ابْن دُرَيْد واليه صَارَت كتب ابْن دُرَيْد بعد مَوته ذكره الزبيدِيّ فَقَالَ أَصله من فَارس
157 - المهلبي النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ المهلبي كَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة وَرِوَايَة الْأَخْبَار وَتَفْسِير الْأَشْعَار أَخذ عَن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم النجيرمي وَأخذ عَنهُ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يَعْقُوب النجيرمي وَابْنه بهزاد وَخلق كثير وَتُوفِّي بِمصْر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَذكر عَليّ بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ فِي كتاب الرَّد إِلَى ابْن ولاد فِي الْمَقْصُور والممدود أَن أَبَا الْحسن بالمهلبي كَانَ لقيطا وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالمعز والعزيز صَاحِبي الديار المصرية وَمن جلسائها الْخَواص وَأدْركَ دولة كافور وَله مَعَ أبي الطّيب قصَّة حدث بهَا أَبُو جَعْفَر الْجِرْجَانِيّ قَالَ قَالَ أَبُو الْحسن المهلبي النَّحْوِيّ وَقع بيني وَبَين المتنبي فِي قَول العدواني // (من الْبَسِيط) //
(يَا عَمْرو إِلَّا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حَتَّى يَقُول الهامة اسقوني)
وَذَلِكَ أَن المتنبي قَالَ إِن النَّاس يخلطون فِي هَذَا الْبَيْت وَالصَّوَاب اشقوني من شقأت رَأسه بالمشط قَالَ المهلبي فَقلت لَهُ أَخْطَأت من وُجُوه أَحدهَا أَنه لم يرو كَذَلِك والأخر أَنه يُقَال شقأت بِالْهَمْزَةِ وَأَيْضًا فَإِنِّي أَظُنك لَا تعرف الْخَبَر فِيهِ وَمَا كَانَت الْعَرَب تَقوله فِي الهامة أَنَّهَا إِذا لم يثأر بصاحبها لَا تزَال تَقول اسقوني اسقوني فَإِذا ثأروا بِهِ سكن كَأَنَّهُ شرب ذَلِك الدَّم قلت شقأت رَأسه بالمشط شقئا هُوَ بِالسِّين الْمُعْجَمَة والمشقأ المفرق من الرَّأْس والمشقأ بِالْكَسْرِ الْمشْط فعلى هَذَا لَو كَانَ الْأَمر كَمَا زَعمه المتنبي لقَالَ أشقئوني بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ رباعي فَهَذَا وَجه آخر من غلطه كَانَ يَنْبَغِي للمهلبي أَن يعده على المتنبي وَقَالَ ابْن وَكِيع قَالَ شَيخنَا المهلبي رَأَيْت أَبَا الطّيب المتنبي يُنكر أَن يؤنث الْمُذكر الْمُضَاف إِلَى الْمُؤَنَّث فَأَنْشَدته قَول الْأَعْشَى // (من الطَّوِيل) //
(وتشرق بالْقَوْل الَّذِي قد أذعته ... كَمَا شَرقَتْ صدر الْقَنَاة من الدَّم)
فَقَالَ لَهُ هَذَا من إنشادات سِيبَوَيْهٍ مستهزئا فَقلت لَهُ وَمن إنشادات أهل الْكُوفَة(20/99)
أَيْضا وَهُوَ مَذْكُور فِي كتبهمْ يستشهدون بِهِ فِي كتاب الْمُذكر والمؤنث لِابْنِ السّكيت قَالَ فأحضرنا الْكتاب وَكَانَ يخط بعض الْعلمَاء فَلَمَّا رأى الْبَيْت فِيهِ قَالَ مَا هَذَا بِخَط جيد أَنا أكتب خيرا مِنْهُ فَقلت لَهُ هَذَا غير مَا كُنَّا فِيهِ
158 - ابْن سَيّده اللّغَوِيّ عَليّ بن أَحْمد بن سَيّده أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ الأندلسي المري الضَّرِير وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا ضريرا قَالَ ياقوت هَكَذَا قَالَ الْحميدِي عَليّ بن أَحْمد وَفِي كتاب ابْن بشكوال عَليّ بن إِسْمَاعِيل وَفِي كتاب القَاضِي صاعد الجياني عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد فِي نُسْخَة وَفِي نُسْخَة عَليّ بن إِسْمَاعِيل كَمَا قَالَ ابْن بشكوال فاعتدنا على مَا ذكره الْحميدِي لِأَن كِتَابه أشهر توفّي ابْن سَيّده بالأندلس سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة عَن سِتِّينَ سنة أَو نَحْوهَا وَكَانَ مَعَ توفره على الْعَرَبيَّة متوفرا على عُلُوم الْحِكْمَة وَألف فِيهَا تواليف كَثِيرَة قلت من وقف على خطْبَة الْمُحكم علم أَنه كَانَ من أَرْبَاب الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَلَيْسَت بِخطْبَة كتاب فِي اللُّغَة إِنَّمَا تصلح خطْبَة لكتاب الشِّفَاء لِابْنِ سينا وروى ابْن سَيّده عَن أَبِيه وَعَن صاعد بن الْحسن الْبَغْدَادِيّ قَالَ أَبُو عمر الطلمنكي دخلت مرسيه فتشبث بِي أَهلهَا ليسمعوا عَليّ غَرِيب المُصَنّف فَقلت لَهُم انظرونا من يقْرَأ وَأَنا أمسك كتابي فأتوني بِرَجُل أعمى يعرف بِابْن سَيّده فقرأه عَليّ من أَوله إِلَى أَخّرهُ حفظا من قلبه فعجبت مِنْهُ وَقَالَ الْحميدِي كَانَ ابْن سَيّده مُنْقَطِعًا إِلَى الْأَمِير أبي الْحَبَش مجاهدين عبد الله العامري ثمَّ حدث لَهُ نبوة بعد وَفَاته فِي أَيَّام إقبال الدولة ابْن الْمُوفق فهرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ يستعطفه // (من الطَّوِيل) //
(أَلا هَل إِلَى تَقْبِيل راحتك الْيُمْنَى ... سَبِيل فَإِن الْأَمْن فِي ذَاك واليمنا)
(ضحيت فَهَل فِي برد ظلك نومَة ... لذِي كبد حرى وَذي مقلة وسنى)
(وبضنو هموم طلحته ظباته ... فَلَا غاربا أبقين مِنْهُ ولامتنا)
وَهِي طَوِيلَة فَوَقع لَهُ الرِّضَا عَنهُ عِنْد وصولها إِلَيْهِ فَرجع وَكَانَ ابْن سَيّده ثِقَة فِي اللُّغَة قَوْله حجَّة لكنه عثر فِي الْمُحكم عثرات قَالَ فِي الْجمار هِيَ الَّتِي ترمى بِعَرَفَة وَكَذَلِكَ يهم فِي النّسَب وَمن تصانيفه كتاب الْمُحكم(20/100)
وَالْمُحِيط الْأَعْظَم فِي اللُّغَة وَكتاب الْمُخَصّص مُرَتّب على الْأَبْوَاب كغريب المُصَنّف وَكتاب شرح إصْلَاح الْمنطق وَكتاب الأنيق فِي شرح الحماسة كَبِير إِلَى الْغَايَة كتاب الْعَالم فِي اللُّغَة عل الْأَجْنَاس فِي غَايَة الِاسْتِيعَاب نَحْو مائَة مُجَلد بَدَأَ فِيهِ بالفلك وَختم بالذرة وَكتاب الْعَالم والمتعلم على الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب وَكتاب الوافي فِي علم أَحْكَام القوافي وَكتاب شَاذ اللُّغَة فِي خمس مجلدات وَكتاب وَشرح كتاب الْأَخْفَش وَتُوفِّي بدانية سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة كَانَ يَوْم الْجُمُعَة صَحِيحا سويا إِلَى صَلَاة الْمغرب فَدخل الموضأ وَأخرج مِنْهُ وَقد سقط لِسَانه وَانْقطع كَلَامه وَبَقِي على تِلْكَ الْحَالة إِلَى عصر يَوْم الْأَحَد وَتُوفِّي إِلَى رَحْمَة الله
159 - الواحدي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الواحدي أَبُو الْحسن أصلهم من ساوة وَكَانَ هُوَ وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن من أَوْلَاد التُّجَّار وكل قد روى الْعلم وَحدث وَتُوفِّي أَبُو الْحسن سنة ثَمَان وسنتين وَأَرْبَعمِائَة وَمَات أَخُوهُ عبد الرَّحْمَن سنة سبع وَثَمَانِينَ كِلَاهُمَا بنيسابور وَكَانَ أَبُو الْحسن إِمَامًا مُفَسرًا نحويا أنْفق أَيَّام صباه فِي التَّحْصِيل وأتقن الْأُصُول على الْأَئِمَّة وَطَاف على أَعْلَام الْأمة وَقَرَأَ على أبي الْفضل الْعَرُوضِي الأديب وَقَرَأَ النَّحْو على أبي الْحسن الضَّرِير القهندزي وسافر فِي طلب الْفَوَائِد ولازم مجَالِس الثعالبي وَحصل من عِنْده التَّفْسِير وَأخذ الْقرَاءَات على الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد البستي وعَلى الْأُسْتَاذ أبي عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الْحِيرِي وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْفَارِسِي وَقد ذكر فِي مُقَدّمَة تَفْسِيره كتاب الْبَسِيط أشياخه وَمَا قَرَأَهُ عَلَيْهِم وَمن تصانيفه كتاب الْبَسِيط وَكتاب الْوَسِيط وَكتاب الْوَجِيز كل ذَلِك فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَقد قيل للغزالي لما صنف كتبه الْمَعْرُوفَة مَا عملت شَيْئا أخذت الْفِقْه من نِهَايَة الْمطلب لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأَسْمَاء الْكتب من الواحدي وَكَانَ الْغَزالِيّ يَقُول من أَرَادَ أَن يسمع التَّفْسِير كَأَنَّهُ من فَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَلَيهِ بتفسير الواحدي وَله كتاب أَسبَاب النُّزُول وَكتاب الدَّعْوَات والمحصول وَكتاب الْمَغَازِي وَكتاب الإغراب فِي الْإِعْرَاب وَشرح ديوَان المتنبي وعد النَّاس ذَلِك من سَعَادَة(20/101)
المتنبي وَكتاب نفي التحريف عَن الْقُرْآن الشريف وَكتاب تَفْسِير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه قَالَ الشَّاعِر // (من السَّرِيع) //
(قد جمع الْعَالم فِي وَاحِد ... عالمنا الْمَعْرُوف بالواحدي)
وَكَانَ الواحدي عديم النظير وَلكنه كَانَ يبسط لِسَانه فِي الْعلمَاء بِمَا لَا يَلِيق وَمن شعر الواحدي // (من الطَّوِيل) //
(تشوخت الدُّنْيَا وأبدت عوراها ... وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بالرحب والسعه)
(وأظلم فِي عَيْني ضِيَاء نَهَارهَا ... لتوديع من قد بَان عني بأربعه)
(فُؤَادِي وعيني والمسرة والكرى ... فَإِن عَاد الْكل والأنس والدعه)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(لعمري لقد أَحْيَا قدومك مدنفا ... بحبك صبا فِي هَوَاك معذبا)
(يظل أَسِير الوجد رهن صبَابَة ... ويمسي على جمر الغضا متقلبا)
(وَكم زفرَة قد هجتها لَو زفرتها ... على سد ذِي القرنين أَمْسَى مذويا)
(وَكم لوعة قاسيت يَوْم تَرَكتنِي ... ألاحظ مِنْك الْبَدْر حِين تغيبا)
(وَعَاد النَّهَار الطلق اسود مظلما ... وَعَاد سنا الإصباح بعْدك عيهبا)
(وَأصْبح حسن الصَّبْر عني ظَاعِنًا ... وجدد نحوي الْبَين نابا ومخلبا)
(فأقسم لَو أَبْصرت طرفِي باكيا ... لشاهدت دمعا بالدماء مخضبا)
(مسالك لَهو سدها الوجد والجوى ... وَروض سرُور عَاد بعْدك مجدبا)
(فداؤك روحي يَا بن أكْرم وَالِد ... وَيَا من فُؤَادِي غير حبيه قد أَبى)
160 - الفنجكردي عَليّ بن أَحْمد الفنجكردي بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون النُّون وَكسر الْجِيم وَالْكَاف وَسُكُون الرَّاء وَبعدهَا دَال مُهْملَة وَهِي قَرْيَة من قرى نيسابور كَانَ أديبا فَاضلا ذكره الميداني فِي خطْبَة كتاب السَّامِي وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الوشاح فَقَالَ الإِمَام عَليّ بن أَحْمد الفنجكردي الملقب بشيخ الأفاضل أعجوبة زَمَانه وَآيَة أقرانه وَشَيخ الصِّنَاعَة والممتطي غوارب البراعة وَقَرَأَ الفنجكردي اللُّغَة على يَعْقُوب بن أَحْمد الأديب وَغَيره وأحكمها لحقته عِلّة(20/102)
أزمنته فِي آخر عمره وَمَات بنيسابور فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة وَقيل سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة عَن ثَمَانِينَ سنة وَمن شعره // (من مخلع الْبَسِيط) //
(زَمَاننَا ذَا زمَان سوء ... لَا خير فِيهِ وَلَا صلاحا)
(هَل يبصر المبلسون فِيهِ ... لِليْل أحزانهم صباحا)
(فكلهم مِنْهُ فِي عناء ... طُوبَى لمن مَاتَ فاستراحا)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(الحكم لله مَا للْعَبد مُنْقَلب ... إِلَّا إِلَيْهِ وَلَا عَن حكمه هرب)
(والمرء مَا عَاشَ فِي الدُّنْيَا أَخُو محن ... تصبه الحادثات السود والنوب)
(فَإِن يساعده فِي أَثْنَائِهَا فرج ... تسارعت وَنَحْوه فِي إثره كرب)
(حَتَّى إِذا مل من ديناه فاجأه ... من أرضه كَانَ أَو فِي غَيرهَا العطب)
قلت شعر متوسط
161 - أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الْمُقْرِئ عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الغزال النسيابوري أَبُو الْحسن ذكره عبد الغافر من السِّيَاق فَقَالَ مَاتَ فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَوَصفه فَقَالَ الإِمَام الْمُقْرِئ الزَّاهِد العابد من وُجُوه أَئِمَّة الْقِرَاءَة الْمَشْهُورين بخراسان وَالْعراق الْعَارِف بِوُجُوه القاراءات وَاخْتِلَاف الرِّوَايَات الإِمَام فِي النَّحْو وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْعِلَل واليه الْفَتْوَى فِيهِ عهدناه شَابًّا كثير الِاجْتِهَاد مُقبلا على التَّحْصِيل ملازما لأستاذه أبي النَّصْر الترامشي الْمُقْرِئ حَتَّى تخرج بِهِ فَزَاد عَلَيْهِ فِي الْفِقْه والورع وَقصر الْيَد عَن الدُّنْيَا وَلزِمَ طَرِيق الْعِبَادَة وَطَرِيق التصوف والزهد حَتَّى كَانَ يقْصد من الْبِلَاد وَيُسْتَفَاد مِنْهُ وقلما كَانَ يخرج من بَيته إِلَّا فِي الْجَنَائِز ثمَّ اخْتَلَّ بَصَره فِي آخر عمره وأصابه مرض طَوِيل فَبَقيَ فِيهِ مُدَّة وَمَات وَكَانَ عديم النظير وَله مصنفات مفيدة فِي النَّحْو والقراءات سمع الحفصي وَأحمد بن مَنْصُور بن خلف المغربي
162 - خَازِن النظامية الْكَاتِب عَليّ بن أَحْمد بن بكري وَقيل ابْن عمر بن(20/103)
أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن بكري أَبُو الْحسن خَازِن دَار الْكتب بالنظامية كَانَت لَهُ معرفَة جَيِّدَة بالأدب قَرَأَ النَّحْو على أبي السعادات ابْن الشجري وَعلي أبي مَنْصُور الجواليقي وَغَيرهمَا وَكَانَ فَاضلا حسن الْخط جيد الضَّبْط كتب من كتب الْأَدَب كثيرا يفوق الْحصْر توفّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
163 - ابْن الرزاز الْعمريّ الْمسند عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بيسان أَبُو الْقَاسِم ابْن الرزاز الْبَغْدَادِيّ مُسْند الدُّنْيَا فِي عصره روى عَنهُ خلق لَا يُحصونَ وَتُوفِّي سنة عشر وَخَمْسمِائة قيل إِنَّه من أَوْلَاد عمر بن الْخطاب أسمعهُ وَالِده فِي صباه من مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد وَالْحسن بن مخلد بن شَاذان وَعبد الْملك بن مُحَمَّد بن بِشران وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْخرقِيّ وَطَلْحَة بن عَليّ بن الصَّقْر بن عبد الْمُجيب وَالْقَاضِي أبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَالْحُسَيْن بن عَليّ الطناجيري وَأحمد بن مُحَمَّد المنكدري وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غيلَان وَالْحسن بن عَليّ بن الْمَذْهَب وَمُحَمّد بن عَليّ الصُّورِي وَانْفَرَدَ بالرواية عَن أَكْثَرهم وَعمر وَصَارَت الرحلة إِلَيْهِ وَكتب عَنهُ الْأَئِمَّة والحفاظ وروى عَنهُ الإِمَام المسترشد بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ وَابْن كُلَيْب وَهُوَ أخر من رُوِيَ عَنهُ على وَجه الأَرْض وَكَانَ من عَادَة أبي الْقَاسِم أَلا يسمع جُزْء الْحسن بن عَرَفَة إِلَّا بِدِينَار لكل وَاحِد من السامعين وَأما ابْن كُلَيْب فَكَانَ يسمعهُ بِدِينَار لوَاحِد أَو لجَماعَة ومولد أبي الْقَاسِم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَأول سَمَاعه سنة سبع عشرَة
164 - ابْن الْعَطَّار الوَاسِطِيّ عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْعَطَّار شَاعِر سكن بَغْدَاد إِلَى أَن توفّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ من شعراء الدِّيوَان وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(أتراه بعد قطيعة يتعطف ... قد يمِيل بِهِ قوام أهيف)
(أَنْت البرئ من الْإِسَاءَة ... كلهَا يَا عاذلي وَأَنا الْمُحب المدنف)(20/104)
(لَا تلحني فِي حبه فتيمي طبع ... وصبري عَن هَوَاهُ تكلّف)
(كَيفَ اصْطِبَارِي عَنهُ وَالْقلب ... الَّذِي هُوَ عدتي لسواه لَا يتألف)
(دفت مَعَاني الْعِشْق عَن ... إفهامهم واستعذبوا فِيهِ الملام وأسرفوا)
قلت شعر جيد
165 - القواس الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد بن أبي الْحُسَيْن بن ملاعب أَبُو الْحسن القواس الْبَغْدَادِيّ كَانَ يعْمل قسي البندق فِي دكان وَكَانَ ذكيا فهما لَهُ معرفَة بالنجوم وَعلم الْهَيْئَة وَعمل آلَات الْفلك وَكَانَ قد خالط الْفُضَلَاء وَالْعُلَمَاء وَحفظ كثيرا من الحكايات والأشعار وَسمع كتاب حل الْإِشْكَال فِي الرقوم والأشكال لصدقة بن الْحُسَيْن بن الْحداد الْحَنْبَلِيّ قَالَ ابْن النجار قَرَأنَا عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة
166 - ابْن الرويدة الْمصْرِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن ابْن الرويدة ابنو الرويدة جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد ابْن هَذَا عَليّ وَمِنْهُم جده مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد وَمِنْهُم الْعَاق عبد الله وَأَخُوهُ عَليّ وَمُحَمّد وَأَبُو الْحسن هَذَا ذكره أُسَامَة بن منقذ فِي شعراء الْمُحدثين فَقَالَ شَاعِر مجيد من شعره فِي القَاضِي وَأَبُو مُسلم وادع بن عبد الله بن سُلَيْمَان // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قلبِي بكم بر فعقوا ... فَلَمَّا أرق وَلم ترقوا؟ !)
(أحبابنا مذق سلوى ... عَنْكُم وهواي حق)
(أَنا من تجنيكنم ... أَسِير مَا لرقي مِنْهُ عتق)
(شَرق بغرب مدامعي ... أَو يلتقي غرب وشرق)
(يأهل برقة ثهمد ... ميعادكم فِي الْعين برق)
(مَا فِي عرق مَا ... لأنياب النوائب فِيهِ عرق)
(وَذَا اعتمت بوادع ... فلسائمي السوام سحق)
مِنْهَا // (من مجزوء الْكَامِل)(20/105)
(من معشر شرفوا وَمَا ... شرفوا بِمَا لَا يستحقوا)
(مَا يبتغى إِلَّا لديهم دون ... أهل الأَرْض رزق} وَمن شعره // (من الوافر) //
(إِذا مَا رَغْبَة حضرتك فِيمَن ... يُرِيك من الوداد كَمَا تريه)
(فَخذ بِالظَّاهِرِ المرئي مِنْهُ ... فَمن كشفت عَنهُ زهدت فِيهِ)
قَالَ وَكتب إِلَى جدي شَدِيد الْملك وَقد وَفد عَلَيْهِ الْأَمِير المهند أَبُو نصر بن الخيش // (من الْخَفِيف) //
(يَا عَليّ منقذ يَا هماما ... حِين يدعى الوغى يعد بِجَيْش)
(قد أَتَاك الخيشي فِي وسط آب ... بقريض يُغْنِيك عَن بَيت خبش)
وَمن شعره فِي قَاض // (من الْبَسِيط) //
(يَا ابْن الزعيطات زَالَ الْحق وانتهزت ... فِيهِ بحكمك أَيدي الْبَاطِل الفرصا)
(لَا توهم الْفَخر لما أَن وليت قضا ... مَا أَنْت زِدْت وَلَكِن القضا نقصا)
قلت وَمن شعره فِيمَن أودعت عِنْده ودَاعَة فأنكرها وَادّعى ضياعها // (من الْكَامِل) //
(إِن قَالَ قد ضَاعَت فَصدق أَنَّهَا ... ضَاعَت وَلَكِن مِنْك لما تودع)
(أَو قَالَ قد وَقعت فَصدق أَنَّهَا ... وَقعت وَلَكِن مِنْهُ أحسن موقع)
وَرَأَيْت مشوبا لِابْنِ الرويدة أما هَذَا أَو أَبوهُ // (من الْبَسِيط) //
(إِن ابْن مسعر وَالْقَاضِي على عجب ... والدهر يظْهر كلا من عجائبه)
(توافقا عَن رضَا لَا فرق بَينهمَا ... كل بنيك بِعلم عرس صَاحبه)
وَرَأَيْت أَيْضا // (من الْكَامِل) //
(لبني الْمُنْذر من فروج يسائهم ... نسب يقودهم إِلَى الْفَحْشَاء)
(تَحت الحضيض جباههم وقرونهم ... مقرنة بكواكب الجوزاء)
(قوم رِجَالهمْ شناعة آدم ... وَنِسَاؤُهُمْ عَار على حَوَّاء)
وَرَأَيْت لَهُ أَيْضا // (من الوافر) //
(أفاتك لَا سلمت من اللَّيَالِي ... وَلَا من فتكها حَالا فحالا)
(تحيل المادحين على محَال ... لأَنهم يَقُولُونَ المحالا)(20/106)
167 - قبْلَة الْأَدَب عَليّ بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَزَّاز أَبُو الْحسن ابْن أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بقبلة الْأَدَب سبط أبي الْعِزّ أَحْمد بن عبيد الله بن كادش الْبَغْدَادِيّ كَانَ أديبا فَاضلا شَاعِرًا سريع البديهة كثير الهجو سمع جده وَحدث عَنهُ باليسير توفّي سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(يَا زَمَانا خلا من النَّاس واستأصل ... بِالْقَلْعِ شأفة الْأَحْرَار)
(لَيْتَني مت إِذْ حللت بواديك ... فقد يمِيل فِي أذاك اصْطِبَارِي)
(حسبي الله لَا سواهُ فَمَا أَنا أبعد ... خيرا يُرْجَى من الإشرار)
وَأنْشد يَوْمًا قَول أبي نواس // (من المديد) //
(رشأ لَوْلَا ملاحته ... خلت الدُّنْيَا من الْفِتَن)
(مَا بدا إِلَّا استبرق لَهُ ... حسنه عبدا بِلَا ثمن)
وَقيل لَهُ أجز فَقَالَ ارتجالا // (من المديد) //
(وجنتاه فِي احمرارهما ... حكتا وردا على غُصْن)
(أَنا ميت فِي محبته ... غير أَن الرّوح فِي بدني)
168 - الْمُعظم ابْن الإِمَام النَّاصِر عَليّ بن أَحْمد هُوَ أَبُو الْحسن الْملك الْمُعظم ابْن الإِمَام النَّاصِر كَانَ أَصْغَر من أَخِيه الظَّاهِر بِسنتَيْنِ وَكَانَ شَابًّا سريا ظريفا لطيفا سَمحا جوادا كثير الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف يكْتب خطا مليحا أقطعه وَالِده الإقطاعات الْكَثِيرَة وَاشْترى لَهُ المماليك التّرْك وَأذن لَهُ فِي الرّكُوب بالخدم والحشم فامتدت الْعُيُون إِلَيْهِ وتعلقت الآمال بِهِ فَتوفي عَن مرض أَيَّام قَلَائِل ضحوة يَوْم الْجُمُعَة الْعشْرين من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَحضر أَرْبَاب الدولة وَالْعُلَمَاء بدار الْخلَافَة وصلوا عَلَيْهِ هُنَاكَ وَحمل إِلَى تربة جدته أم وَالِده فَدفن إِلَى جَانبهَا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَكَانَ قد أَتَى بِرَأْس منكلي مَمْلُوك أزبك السُّلْطَان الَّذِي عصى على أستاذه وعَلى الْخَلِيفَة وَقطع الطَّرِيق وَذهب وزينت بَغْدَاد فَلَمَّا مروا على درب حبيب وَافق تِلْكَ السَّاعَة موت عَليّ الْمَذْكُور فَانْقَلَبَ الْفَرح عزاء وَأمر الْخَلِيفَة بالنياحة فِي بَغْدَاد وفرش الرماد والبواري وغلقت(20/107)
الْأَسْوَاق والحمامات وَسمع النَّاس بكاء الْخَلِيفَة وصراخه وأقامت الْمُلُوك عزاءه فِي الْبِلَاد ورثاه الشُّعَرَاء مِنْهُم كَمَال الدّين بن النبيه بقصيدته الدالية وَهِي // (من السَّرِيع) //
(النَّاس للْمَوْت كخيل الطراد ... فَالسَّابِق السَّابِق مِنْهَا الْجواد)
(وَالله لَا يَدْعُو إِلَى دَاره ... إِلَّا من استصلح من ذَا الْعباد)
(وَالْمَوْت نقاد على كَفه ... جَوَاهِر يَأْخُذ مِنْهَا الْجِيَاد)
(والعمر كالظل وَلَا بُد أَن ... يَزُول ذَاك الظل بعد امتداد)
(لَا تصلح الأواح إِلَّا إِذا ... سرى إِلَى الْأَجْسَام هَذَا الْفساد)
(أرغمت يَا مولَايَ أنوف القنا ... ودست أَعْنَاق السيوف الْحداد)
(كَيفَ تجر مت عليا وَمَا ... أنجده كل طَوِيل النجاد)
(نجل أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي ... من خَوفه يرعد قلب الجماد)
(مُصِيبَة أذكت قُلُوب الورى ... كَأَنَّمَا فِي كل قلب زناد)
(ناذلة جلت فَمن أجلهَا ... سنّ بَنو الْعَبَّاس لبس السوَاد)
(مأتمة فِي الأَرْض لَكِن لَهُ ... عرس على السَّبع الطباق الشداد)
(فالخوذ فِي الْمسْح لَهَا رنة ... والجود تجلى فِي المروط الْجِيَاد)
(طرقت يَا موت كَرِيمًا فَلم ... تقنع بِغَيْر النَّفس للضيف زَاد)
(قصفته من سِدْرَة الْمُنْتَهى ... غصنا فشلت يَد أهل الْفساد)
(يَا ثَالِث السبطين خلفتني ... أهيم من همي فِي كل وَاد)
(يَا نَائِما فِي غَمَرَات الردى ... كحلت أجفاني بحيل السهاد)
(وَيَا ضجيع التُّرَاب أقلقتني ... كَأَنَّمَا فرشي شوك القتاد)
(دفنت فِي الترب وَلَو أنصفوا ... مَا كنت إِلَّا فِي صميم الْفُؤَاد)
(لَو لم تكن أسخنت عَيْني سقت ... مثواك عَيْنَايَ كصوب المهاد)
(خَليفَة الله اصطبر واحتسب ... فَمَا وَهِي الْبَيْت وَأَنت الْعِمَاد)
(فِي الْعلم والحلم بكم يقْتَدى ... إِذا دجا الْخطب وضل الرشاد)(20/108)
(أَنْتُم سَمَاء طلعت زهرها ... لَا ينْقض الآفل مِنْكُم عداد)
(وَأَنت لج الْبَحْر مَا ضره ... إِن سَالَ من بعض نواجيه وَاد)
(حبك فرض فِي قُلُوب الورى ... وَابْن الولا يعدل بِابْن الولاد)
(يَا نوح رث أعمارنا واحتكم ... ملكك الله رِقَاب الْعباد)
وَقَالَ رَاجِح الحلى قصيدة أَولهَا // (من الْكَامِل) //
(كَذَا يهد الدَّهْر أَرْكَان الْهدى ... وَيرد بالنكبات شاردة الردى)
وتوارد هُوَ وَأَبِيهِ على معنى وَاحِد فَقَالَ رَاجِح فِي هَذِه القصيدة // (من الْكَامِل) //
(ورث الخلايف علم يَوْم مصابه ... فلأجله اتَّخذُوا الشعار الأسودا)
169 - ابْن ظنير المغربي عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ الأندلسي الميورقي ابْن ظنير بِضَم الظَّاء الْمُعْجَمَة وَفتح النُّون الْمُشَدّدَة وياء آخر الْحُرُوف وَرَاء بعْدهَا سمع الإِمَام ابْن عبد الْبر وغانم بن وليد المَخْزُومِي وَعلي بن عبد الْغَنِيّ القيرواني الضَّرِير وَغَيرهم وَسمع بِدِمَشْق عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الكتاني وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن طلاب وَعلي بن الْحسن بن صصرى وَغَيرهم وَحج وَقدم بَغْدَاد وَسمع من شُيُوخ ذَلِك الْوَقْت وَتُوفِّي بكاظمة منصرفا من الْحَج سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ مقدما فِي النَّحْو وَمن شعره // (من الوافر) //
(وسائلة لتعلم كَيفَ حَالي ... فَقلت لَهَا بِحَال لَا تسر)
(دفعت إِلَيّ زمَان لَيْسَ فِيهِ ... إِذا فتشت عَن أهليه حر)
170 - أَبُو الْحسن بن الدباس الْمُقْرِئ عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن الدباس أَبُو الْحسن الْمُقْرِئ الوَاسِطِيّ قَرَأَ بالروايات على عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن الزجاجي وَالْمبَارك بن أَحْمد بن زُرَيْق الْحداد وَغَيرهمَا وَدخل بَغْدَاد وَقَرَأَ على جمَاعَة والموصل وَقَرَأَ بهَا على(20/109)
يحيى بن سعدون الْقُرْطُبِيّ وَسمع بواسط وَكَانَ عَالما بالقراءات وعللها قيمًا يحفظ أسانيدها وَيعرف النَّحْو جيدا وَكَانَ متواضعا متوددا حسن الْأَخْلَاق وَتُوفِّي سنة سبع وسِتمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(لهفي على عمري لقد أفنيته ... فِي كل مَا أرْضى وأسخط مالكي)
(ويلي إِذا عنت الْوُجُوه لِرَبِّهَا ... ودعيت مغلولا بِوَجْه حالك)
(ورقيب أعمالي يُنَادي شامتا ... يَا عبد سوء أَنْت أول هَالك)
(لم يبْق من بعد الغواية منزل ... إِلَّا الْجَحِيم وَسُوء صُحْبَة مَالك)
171 - قَاضِي الْقُضَاة الدَّامغَانِي عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْملك أَبُو الْحسن ابْن القَاضِي أبي الْحُسَيْن ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغَانِي ولي الْقَضَاء بِربع الكرخ بعد وَالِده سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة فِي نصف جُمَادَى الأولى وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحُسَيْن الزَّيْنَبِي يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فولى أَبُو الْحسن هَذَا مَكَانَهُ وَكَانَ عمره يَوْمئِذٍ ثَلَاثِينَ سنة وَلم يزل على قَضَاء الْقُضَاة إِلَى أَن توفّي المقتفي وَولى المستنجد فأقره ثمَّ عَزله فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَت مُدَّة ولَايَته إِحْدَى عشرَة سنة وَسِتَّة اشهر فَلَزِمَ دَاره منعكفا على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ يَقُول أَنا على ولايتي مَا عزلت وكل قُضَاة بَغْدَاد نوابي لِأَن القَاضِي إِذا لم يظْهر فسقه لَا يجوز عَزله فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة ولَايَة المستنجد وَقطعَة من ولَايَة المستضيء فَأَعَادَهُ إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بِولَايَة جَدِيدَة فِي شهر ربيع الأول سنة سبعين وَخَمْسمِائة فَبَقيَ إِلَى أَن توفّي المستضيء وَولي الإِمَام النَّاصِر فأقره إِلَى ولَايَته إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ شَيخا مهيبا وقورا جَلِيلًا فَاضلا عَالما صائنا كَامِل الْعقل عفيفا نزيها مَحْمُود السِّيرَة حسن الْمعرفَة بالقضايا وَالْأَحْكَام وَحدث باليسير
172 - ابْن هَبَل الطَّبِيب عَليّ بن أَحْمد بن هُبل البيع بِفَتْح الْهَاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة(20/110)
وَبعدهَا لَام أَبُو الْحسن مهذب الدّين الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب على الشريف ابْن الشجري وَسمع من أبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن مَالك العاقولي وَقَرَأَ الطِّبّ وبرع فِيهِ وَخرج عَن بَغْدَاد وَدخل الرّوم وَصَارَ طَبِيب السُّلْطَان هُنَاكَ وَكثر مَاله وارتفع مِقْدَاره ثمَّ انه سكن خلاط ثمَّ الْموصل إِلَى أَن توفّي سنة عشر وسِتمِائَة وَكَانَ قد بعث من خلاط إِلَى الْموصل بوديعة مائَة وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار لما كَانَ عِنْده شَاة أرمن وأضر فِي آخر عمره وزمن وَكَانَ النَّاس يأتونه إِلَى منزله وقرؤون عَلَيْهِ وَله مصنفات مِنْهَا كتاب الْمُخْتَار فِي الطِّبّ وَهُوَ جليل يتمل على علم وَعمل وَكتاب الطِّبّ الجمالي صنفه لجمال الدّين مُحَمَّد ابْن الْوَزير الْمَعْرُوف بالجواد وَأورد لَهُ ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخه // (من الْبَسِيط) //
(لقد سبقني غَدَاة الْخيف غانية ... قد حاذت الْحسن فِي دلّ بهَا وصبا)
(قَامَت تميس كخوط البان غازله ... مَعَ الأصائل ريحًا شمأل وصبا)
(يكَاد من دقه خصر تدل بِهِ ... يشكو إِلَى ردفها من ثقله وصبا)
(لَو لم يكن أقحوان الثغر مبسمها ... مَا هام قلبِي بحبها هوى وصبا)
173 - ابْن دواس القنا الْعَنْبَري عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حيدرة بن الْقَاسِم بن الْحَارِث بن عبد الله بن عبد الله الْمَعْرُوف ببنه ابْن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب أَبُو الْحسن قَالَ محمب الدّين ابْن النجار هَكَذَا ذكر نسبه بِخَط يَده وَكَانَ يعرف بالعنبري وبابن دواس القنا وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد الَّذِي تقدم ذكره فِي المحمدين من أهل وَاسِط كَانَ شَاعِرًا منجما يعْمل التقاويم وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(إِنِّي أعالج أَقْوَامًا إِذا اختبروا ... كَانُوا ثِيَاب جمال تحتهَا صور)
(مقدمين فَلَا أصل وَلَا حسب ... وَلَا نسيم وَلَا ظلّ وَلَا شجر)
(هم الصُّدُور وَلَكِن لَا قُلُوب لَهُم ... يَا لَيْت مذ نظرُوا مَا كَانَ لي نظر)
(من كل صدر مَتى لاقاه مادحه ... كَانَت مواهبه التقطيب والضجر)(20/111)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(يَا دَاعِي الْمجد راعني كرما ... وَلَا تدع من رَعيته حملا)
(جد باقتراحي فقد ألفت فَعم ... حبا وَأنْكرت من زَمَانك لَا)
174 - ابْن أخي نصر الحنبي عَليّ بن أَحْمد بن الْفرج بن إِبْرَاهِيم الزاز أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن أخي نصر من أهل عكبرا كَانَ شيخ الْعلم يعكبرا فِي الحَدِيث وَالْفِقْه والفرائض وَكتب الْكثير وَكَانَت مفتيا مدرسا حجَّة ثِقَة سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَعلي بن الْحسن بن شهَاب توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(أعجب لمحتكر الدُّنْيَا وبانيها ... وَعَن قَلِيل على كره يخليها)
(دَار عواقب مفروحاتها حزن ... إِذا أعارت أساءت فِي تقاضيها)
(وكل حَيّ قمام الْمَوْت يُدْرِكهُ ... فَفِيمَ تخدعنا آمالنا فِيهَا)
(يَا من يسر بأيام تسير بِهِ ... إِلَى الفناء وَأَيَّام يَقْضِيهَا)
(قف فِي منَازِل أهل الْعِزّ مُعْتَبرا ... وَانْظُر إِلَى أَي شَيْء صَار أهلوها)
(صَارُوا إِلَى حدث قفر محاسنهم ... على الثرى ودوى الدُّود يعلوها)
قلت شعر نَازل
175 - الْمُرَتّب الدهان الْعَاميّ عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الدهان الْبَغْدَادِيّ كَانَ يرتب الصُّفُوف بِجَامِع الْمَنْصُور وَكَانَت لَهُ معرفَة بأحوال الْقُضَاة وَالشُّهُود والخطباء وَجمع جُزْءا فِي وفيات الشُّيُوخ وَكَانَ أُمِّيا يملي على النَّاس ويكتبون لَهُ وروى عَنهُ النَّاس توفّي سنة ثَمَان عشرَة وَخَمْسمِائة
176 - الْعلوِي الزيدي الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُسلم بن عبيد(20/112)
الله بن الْحسن يَنْتَهِي إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو الْحسن الْعلوِي الزيدي الشَّافِعِي كَانَ أحد الْأَعْيَان الْمشَار إِلَيْهِم بالزهد وَالْعِبَادَة وَالْفضل وَالْفِقْه والنزاهة وَحسن الطَّرِيقَة أحبه الْخَاص وَالْعَام وَوَقع لَهُ الْقبُول فِي الْقُلُوب وقصده الْأَعْيَان والأماثل للتبرك بِهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَسمع وَكتب بِخَطِّهِ واستكتب وَنقل الْأُصُول الْكَثِيرَة وَالْمَسَانِيد والأجزاء فَصَارَ لَهُ من ذَلِك شَيْء كثير وأوقف ذَلِك جَمِيعه على مَسْجده الَّذِي بدار دِينَار الصَّغِيرَة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة بِبَغْدَاد
177 - أَبُو الطّيب الشعيري عَليّ بن أَحْمد بن مسلمة الشعيري أَبُو الطّيب الشَّاعِر قَالَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن مسلمة الشعيري استحسنت عِنْد أبي الطّيب عَليّ بن أَحْمد بن مسلمة قَول امْرِئ الْقَيْس // (من الطَّوِيل) //
(ألم تَرَ أَنِّي كلما جِئْت طَارِقًا ... وجدت بهَا طيبا وَإِن لم تطيب)
فَقَالَ لي قد تجوزت بِهَذَا الْمَعْنى إِلَى مَا هُوَ أحسن مِنْهُ قلت مَا هُوَ قَالَ قولي // (من الْخَفِيف) //
(إِن تأملتها تلألأت نورا ... أَو تنسمتها تضوعت طيبا)
178 - الفخري الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْحسن الفخري ذكره الْحميدِي فِي تَارِيخ الأندلس من جمعه وَقَالَ شَاعِر أديب قدم الأندلس من بَغْدَاد وَأورد لَهُ // (من الْبَسِيط) //
(ألموت أولى بِذِي الْآدَاب من أدب ... يَبْغِي بِهِ مكسبا من غير ذِي أدب)
(مَا قيل لي شَاعِر إِلَّا امتعضت لَهَا ... حسب امتعاضي إِذا نوديت باللقب)
(وَمَا دها الشّعْر عِنْدِي سخف منزله ... بل سخف دهر بِأَهْل الْفضل مُنْقَلب)
(صناعَة هان عِنْد النَّاس صَاحبهَا ... وَكَانَ فِي حَال مرجو ومرتقب)
(إِذا جهلت مَكَان الشّعْر من شرف ... فَأَي مأثرة أبقيت للْعَرَب؟)
179 - الْوَادي آشي عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن مَرْوَان بن عمر أَبُو الْحسن(20/113)
الأندلسي الْوَادي آشي كَانَ صَاحب فنون وتصانيف توفّي سنة تسع وسِتمِائَة وَمن تصانيفه الْوَسِيلَة فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَكتاب الترصيع فِي تأصيل مسَائِل التَّفْرِيع وَكتاب اقتباس السراج فِي شرح مُسلم وَكتاب نهج المسالك فِي شرح موطأ مَالك فِي عشر مجلدات
180 - ابْن نوبخت الشَّاعِر عَليّ بن أَحْمد بن نوبخت الشَّاعِر كَانَ شَاعِرًا قَلِيل الْحَظ من الدُّنْيَا لم يزل رَقِيق الْحَال ضَعِيف الْمَوْجُود توفّي بِمصْر سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وكفنه ولي الدولة ابْن خيران وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(سعى إِلَيْك بِي الواشي فَلم ترني ... أَهلا لتكذيب مَا ألقِي من الْخَبَر)
(وَلَو سعى بك عِنْدِي فِي ألذكرى طيف ... الخيال لبعت النّوم بالسهر)
قلت أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة العلامةُ شهَاب الدّين مَحْمُود مَا يصلح أَن يكون قبل هذَيْن وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //
(يَا ملزمي بذنوب مَا أحطت بهَا ... علما وَلَا خطرت يَوْمًا على فكري)
(صدقت فِي أباطيل الظنون وَكم ... كذبت فِيك يَقِين السّمع وَالْبَصَر)
قَالَ ابْن خلكان وَيقرب من قَول ابْن نوبخت قَول أبي عبد الله الْحُسَيْن ابْن التَّمِيمِي الشَّاعِر الْمَشْهُور صَاحب الرسَالَة الْمَشْهُورَة من جملَة أَبْيَات وَهُوَ قَوْله // (من الْكَامِل) //
(أنبت أَنَّك قد أتتك قوارض ... عَنى ثنتك عَن الضَّمِير الْوَاجِد)
(عملت رقى الواشين فِيك وَإِنَّهَا ... عِنْدِي لتضرب فِي حَدِيد بَارِد)
وَالْأَصْل فِي هَذَا كُله قَول عبد الله بن الدمينة الْخَثْعَمِي الشَّاعِر الْمَشْهُور الْمَعْرُوف بنائحة الْعَرَب من جملَة قصديته البائية الْمَشْهُورَة // (من الطَّوِيل) //
(وكوني عَن الواشين لداء شغبة ... كَمَا أَنا للواشي أَلد شغوب)(20/114)
181 - ابْن عرام عَليّ بن أَحْمد بن عرام بن أَحْمد أَبُو الْحسن الربعِي الأسواني لَهُ تصانيف كَثِيرَة فِي كل فن سمع من ابْن بَرَكَات الصغيدي بِمصْر سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وَذكره الْعِمَاد فِي الخريدة وَقَالَ شيخ من أهل الْأَدَب بأسوان سَأَلت عَنهُ بِمصْر فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَقيل لي إِنَّه حَيّ وَأورد لَهُ // (من الْخَفِيف) //
(كم لَيَال نعمت فِيهَا بخود ... فاقت الْبَدْر فِي السنا والسناء)
(ذَات جيد كالرئم حلاه عقد ... حل فِيهِ بِحل عقد عزائي)
(وتر شفت من رضاب برود ... فاق طعم السلافة الصَّهْبَاء)
(وتنزهت فِي رياض حسان ... غانيات عَن صوب مَاء السَّمَاء)
(بَين ورد ونرجس وأقاح ... ففؤادي مقسم الْأَهْوَاء)
وَأورد لَهُ // (من الطَّوِيل) //
(أغرك من قلبِي انعطاف ورقة ... عَلَيْك وَأَن تجني فَلَا أتجنب)
(فَلَا تأمني حلمي على كل هفوة ... وَلَا تحسبي أَن لَيْسَ لي عَنْك مَذْهَب)
(فَكيف وَعِنْدِي فضلَة من جلادة ... تعلم أصلاد الصَّفَا كَيفَ تصلب؟)
وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //
(ألوجد للدنف الْمَعْنى فاضح ... وَدَلِيله باد عَلَيْهِ وَاضح)
(كَيفَ السَّبِيل لَهُ إِلَى كِتْمَانه ... والدمع والسقم المبرح بائح؟ !)
(إِن يمس قلبِي وَهُوَ صب نازح ... فَلِأَن من يهواه عَنهُ نازح)
(فجوارحي وجدا عَلَيْهِ جريحة ... وجوانحي شوقا إِلَيْهِ جوانح)
وَأورد لَهُ فِي الهجو // (من مجزوء الْكَامِل) //
(شَاعِرنَا ذُو لحية ... قد عرضت وانفسحت)
(لحية تَيْس صلحت ... لفقحة قد سلحت)
182 - ابْن الصفار السُّوسِي عَليّ بن أَحْمد بن الصفار السُّوسِي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر متسع القافية سَالم الطَّبْع عَالم باللغة لَا تَنْقَطِع مادته لَقِي الْمُوفق مُجَاهِد بن عبد الله كرتين(20/115)
إِحْدَاهمَا بنية الْغَزْو فامتدحه وَأقَام عِنْده مُدَّة فِي جرايته وضيافته ثمَّ أجزل صلته وخلى سبيسله وَكَانَ دُخُوله عَلَيْهِ بقصيدة بائية طَوِيلَة جدا أذكر مِنْهَا مَا يخف ذكره وَقَوله مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //
(بَكت وَشَكتْ واسترجعت وتوجعت ... فظلت لَهَا مسترجعا متباكيا)
(وَقَالَت أما ينهاك أَن تذكر النَّوَى ... نهى قد نهت عَنْك الصِّبَا والتصابيا)
(وَهَذَا أَوَان الْحلم فاسمع وَكن لَهُ ... مُطيعًا وَكن للغى وَالْجهل قاليا)
(أَلَسْت ترى عارا عَلَيْك بِأَن ترى ... لمن لَا ترى حبا كحبك عَاصِيا)
(وَمن لصغار من عتال تَركتهم ... كزغب القطا يَبْغُونَ طعما وساقيا)
(وَلنْ يَجدوا للعيش بعْدك لَذَّة ... وَلنْ يشْربُوا من بعْدك المَاء صافيا)
(فَقلت لَهَا [إِن] الَّذِي لَيْسَ غيرَة ... إِلَه كفاهم حَافِظًا ومراعيا)
(وحسبي بِهِ مستخلفا ومصاحبا ... أَمَامِي مَحْفُوظ بِهِ وورائيا)
(وَقربت للترحال دهماء تعتلي ... ترى أدهم الْمرْآة أَخْضَر طاميا)
(يخال من استعلاه إِن ظلّ رَاكِبًا ... من الهول مسودا من اللَّيْل داجيا)
(إِذا ضَربته الرّيح هاج تغيظا ... وماج بِمَا يَعْلُو الْجبَال الرواسيا)
(فَلم أر من زنجية قطّ طَاعَة ... كطاعتها فِيمَا يسر المواليا)
(وَلَا مثلهَا مركوبة قاد ركبهَا ... سرَاعًا بِمَا يَعْنِي القلاص النواجيا)
(وتنشر أَحْيَانًا جنَاحا يطيرها ... قوادم مِنْهُ تستخف الخوافيا)
(وتطويه أَحْيَانًا إِذا لم تكن لَهَا ... من الرّيح مَا يرضاه من كَانَ مَاضِيا)
(وتمشي بأيد مطلقات تحثها ... رجال بأيد يعْملُونَ النواليا)
(وَرجلَيْنِ لَا تخطوا كَمَا يختطى بهَا ... إِذا سَار أُخْرَى الدَّهْر من كَانَ خاطيا)
وَمِنْهَا فِي المديح // (من الطَّوِيل) //
(فيا أيهذا الْحَاجِب المبتني علا ... وَهل يبتني إِلَّا الْكِرَام المعاليا)
(إِلَيْك رحلناها نَظَائِر فِي الدجى ... نَظَائِر أشباه القطا متباريا)
(وَتَعْلُو الضُّحَى أثباج أَخْضَر مُزْبِد ... مهيب وَإِن أضحى لرائية ساجيا)
(ترَاهُ فتخشاه وتحسب حوله ... غظامط يَحْكِي من أنَاس تلاحيا)(20/116)
(زِيَارَة ود من مجد محافظ ... ترى الود من سقم الضمائر شافيا)
(وتطلب فِي ذَاك الْقبُول وتبتغي ... جزاه بِهِ من خَالص الود واقيا)
(وَأَنت بِحَمْد الله فذ زَمَانه ... وأوحد عصر مَا أرى لَك ثَانِيًا)
وَمِنْهَا فِي ذكر الشّعْر // (من الطَّوِيل) //
(وَقد عرفت للنظم قدما مزية ... بهَا يبتني أهل الْكَلَام القوافيا)
(وَمَا الدّرّ منشورا وَإِن جلّ قدره ... كَمَا زَان جيدا نظمه وتراقيا)
(وَمَا غادة هيفاء حسناء عاطل ... كأخرى غَدَتْ حسناء خجلاء حاليا)
(وَقد كنت أدعى نابه الذّكر شَاعِرًا ... فقد صرت أدعى عالي الْقدر غازيا)
(وحسبي بِهَذَا بعد ذَاك فَعنده ... محَاسِن تمحو حسنهنَّ المساويا)
وَلما أنْشدهُ هَذِه القصيدة وَقعت مِنْهُ موقعا لطيفا وَأمر لَهُ بِمِائَتي دِينَار وَخَمْسَة من الرَّقِيق وَاعْتذر إِلَيْهِ
183 - الْوَزير الجرجائي عَليّ بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم الجرجائي كَانَ يتَوَلَّى بعض الدَّوَاوِين بِمصْر فظهرت عَلَيْهِ خِيَانَة فَقطع الْحَاكِم صَاحب الْقَاهِرَة يَدَيْهِ ثمَّ ولى بعد ذَلِك ديوَان النَّفَقَات سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة وَذَلِكَ بعد أَن تنقل فِي الأرياف والصعيد وَلما تولى الظَّاهِر ابْن الحكم استوزره وَكَانَ يعلم عَنهُ القَاضِي أَبُو عبد الله القُضاعي صَاحب كتاب الشهَاب وَقيل انه لما قطعت يَدَاهُ أصبح من بكرَة وَجَاء إِلَى الْمُبَاشرَة وَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ قابلني على جنايتي وَلم يعزلني فَبلغ ذَلِك الْحَاكِم فأعجبه ذَلِك واسمتر بِهِ فِي وظيفته وَسَيَأْتِي ذكر هَذَا الْوَزير أَيْضا فِي تَرْجَمَة الظَّاهِر عَليّ بن مَنْصُور خَليفَة مصر وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
184 - ابْن الماعز الطَّبِيب المغربي عَليّ بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن الماعز الطَّبِيب الشَّاعِر المغربي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ حُلْو الْكَلَام قَلِيل الشّعْر قريب الْمَقَاصِد مَشْهُورا بِعلم الطِّبّ متصدرا للعلاج وَكَانَ يحب غُلَاما وَيتبع أَحْوَاله فَعرف بِهِ فَشرب عِنْد صديق لَهُ ووقف بِالْبَابِ قلقا فَسَأَلَ بعض أهل الدَّار فِي إِيصَال رقْعَة إِلَيْهِ(20/117)
فِيهَا // (من مجزوء الْخَفِيف) //
(أَنْتُمَا فِي لذاذة ... وَعلي معذب)
(والهوى فِيك طالبي ... دلَّنِي أَيْن أهرب)
وَكَانَ أَبُو عَليّ القيني مُولَعا بِهِ يضايقه وَيسْتَعْمل عَلَيْهِ الحكايات فَيجْرِي بَينهمَا كل عَجِيب جلسا مرّة عِنْد رَئِيس فَجرى ذكر اللحمان فَقَالَ عَليّ زعم الْأَطِبَّاء أطيب اللحمان اعتدالا لحم ابْن آدم ثمَّ لحم الْخِنْزِير ثمَّ لُحُوم الضَّأْن فَقَالَ ابْن القيني فَمَا تَقول فِي لحم الْمعز فَقَالَ لَا خير فِيهِ قَالَ حَسبك فَغَضب عَليّ لما فهم التَّعْرِيض وَقَالَ من سَاعَته // (من الطَّوِيل) //
(إِذا حضر القيني يَوْمًا بِمَجْلِس ... ترفع مِنْهُ النحس فِي كل جَانب)
(ترَاهُ لسوعا وَهُوَ مذ كَانَ مُدبر ... وَمَا ذَاك إِلَّا من طباع العقارب)
(نسبت إِلَى قين وَإِلَّا فقينة ... فيا لَك من حر كريم الْمُنَاسب)
وَأصْبح يَوْمًا فِي مجْلِس وَكَانَ يَوْم قر فَدخل عَلَيْهِ شَاعِر مَشْهُور فَأَنْشد قصيدة فَلم يَتَحَرَّك لَهَا أحد وَلَا راقبة وَلَا بعض أهل الْمجْلس يملي أبياتا وَآخر يقْرَأ فِي كتاب تلاهيا عَنهُ وَعلي ابْن الماعز سَاكِت مفكر فَلَمَّا فرغ الرجل من إنشاده قَالَ عَليّ اسمعوا وَأنْشد // (من الطَّوِيل) //
(أتيت بِبرد والشتاء بِبرْدِهِ ... فقد كَاد أهل الأَرْض أَن يهْلكُوا قرا)
(وكدت بِأَن أخرا ويخرا مجالسي ... ويخرا الَّذِي يملي ويخرا الَّذِي يقرا)
فَقَالَ الْجَمَاعَة مَا أوجب هَذَا الإسهال فَقَالَ الْبرد وَالْقَبْض قَالَ ابْن رَشِيق وَخرج عَليّ إِلَى مصر سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة فَأَقَامَ بهَا يَسِيرا ثمَّ سَار يري الْحَج فَمَاتَ مُنْقَطِعًا بالحجاز
185 - أقلب خف الهمذاني عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْحسن الهمذاني الْمَعْرُوف بأقلب خف قَالَ شيوريه صَدُوق توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلاثمائة البندار البسري عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم البسري الْبَغْدَادِيّ البندار وَالِد الْحسن حدث بالكثير وَكَانَ شَيخا صَالحا توفّي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة(20/118)
سمع أَبَا الطَّاهِر المخلص وَأَبا أَحْمد الفرضي وَأَبا الْحسن بن الصَّلْت وَإِسْمَاعِيل بن الْحسن الصرصري وَأَبا عمر بن مهْدي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ نصر بن أَحْمد بن الْخَلِيل المرجى وَأَبُو عبد الله بن بطة وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن جَعْفَر وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْمَعَالِي بن اللحاس
186 - الشَّيْخ القرمطي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد البرقعي الملقب بالشيخ القرمطي كَانَ أَمِيرهمْ سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أديبا شَاعِرًا وَمن شعره // (من الوافر) //
(أيا لله مَا فعلت برأسي ... صروف الدَّهْر والحقب الخوالي)
(تركن بلمتي سطرا سوادا ... وسطرا كالتغام من النزال)
(فَمَا جَاشَتْ لطول الْيَأْس نَفسِي ... عَليّ وَلَا بَكت لذهاب مَالِي)
(وَلَكِنِّي لَدَى الكربات آوي ... إِلَى قلب أَشد من الْجبَال)
(وأصبر للشدائد والرزايا ... وَأعلم أَنَّهَا سجن الرِّجَال)
(فَإِن وَرَاءَهَا أمنا وحفظا ... وعطفا للمديل على المدال)
(فيوما فِي السجون مَعَ الْأُسَارَى ... وَيَوْما فِي الْقُصُور رخي بَال)
(وَيَوْما للسيوف تعاورتني ... وَيَوْما للنقيق وللدلال)
(كَذَا عَيْش الْفَتى مَا دَامَ حَيا ... دوائر لَا يدمن على مِثَال)
187 - شيخ الْإِسْلَام الهكاري عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن جَعْفَر بن عَرَفَة الهكاري الملقب بشيخ الْإِسْلَام وَهُوَ من ولد عتبَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة كَانَ كثير الْخَيْر وَالْعِبَادَة طَاف الْبِلَاد وَاجْتمعَ بالعلماء والمشايخ وَأخذ عَنْهُم وَرجع إِلَى وَطنه وَانْقطع بِهِ وأقب النَّاس عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُم فِيهِ اعْتِقَاد وَلَقي أَبَا الْعَلَاء المعري وَسمع مِنْهُ فَلَمَّا انْفَصل عَنهُ سَأَلَهُ أَصْحَابه عَمَّا رَآهُ مِنْهُ وَعَن عقيدته فَقَالَ هُوَ رجل من(20/119)
الْمُسلمين وَقيل لَهُ أَنْت شيخ الْإِسْلَام فَقَالَ بل أَنا شيخ فِي الْإِسْلَام وَخرج من أَوْلَاده وحفدته جمَاعَة فقدموا عِنْد الْمُلُوك وعلت مَرَاتِبهمْ وَتفرد الشَّيْخ وَانْقطع فِي الْجبَال وَبنى الريط والمواضع الَّتِي يأوي إِلَيْهَا الْفُقَرَاء وَولد سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتا وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
188 - سيف الدّين المشطوب الهكاري عَليّ بن أَحْمد بن صَاحب قلاع الهكارية أبي الهيجاء بن عبد الله بن الْمَرْزُبَان بن عبد الله الْأَمِير الْكَبِير مقدم الجيوش سيف الدّين الهكاري المشطوب ولي نِيَابَة عكا ثمَّ أقطعه السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْقُدس وأسره الفرنج وخلص قبل مَوته بسته أشهر وَدخل لما حضر على صَلَاح الدّين بغته واستفك نَفسه بِخَمْسِينَ ألف دِينَار وَقيل كَانَ أقطاعه يعْمل ثلثمِائة ألف دِينَار وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان نابلس فظلم أَهلهَا قَلِيلا فشكوه إِلَى السُّلْطَان فعتب عَلَيْهِ ثمَّ مَاتَ قَرِيبا سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
189 - ابْن خيرة البلنسي عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن ابْن خيرة البلنسي الْمُقْرِئ الْخَطِيب تولى الصَّلَاة أَرْبَعِينَ سنة لم يحفظ عَنهُ فِيهَا سَهْو إِلَّا فِي النَّادِر حضر السُّلْطَان جنَازَته وَنزل فِي قَبره أَبُو الرّبيع بن سَالم وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
190 - الحرالي عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام أَبُو الْحسن الأندلسي الحرالي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف لَام مُشَدّدَة وحرالة قَرْيَة من أَعمال مرسية ولد بمراكش وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي الْحسن بن خروف وَلَقي الْعلمَاء وجال فِي الْبِلَاد وشارك فِي فنون عديدة وَمَال إِلَى علم الْكَلَام وَأقَام بحماة مُدَّة وَله تَفْسِير عَجِيب فِيهِ أَشْيَاء غَرِيبَة الأسلوب وَكَانَ لَا يقدر أحد أَن يُؤْذِيه وَتكلم فِي علم الْحُرُوف وَزعم أَنه استخرج علم وَقت خُرُوج الدَّجَّال وَوقت طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ويأجوج وَمَأْجُوج وصنف فِي الْمنطق وَفِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَله عبارَة حلوة وفصاحة وَبَيَان وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(20/120)
191 - تَاج الدّين ابْن الْقُسْطَلَانِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن مَيْمُون الإِمَام الْمُفْتِي تَاج الدّين ابْن الزَّاهِد أبي الْعَبَّاس الْقُسْطَلَانِيّ الْقَيْسِي الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمعدل سمع بِمَكَّة من يحيى بن ياقوت وزاهر بن رستم وَيُونُس بن يحيى القاسمي وَابْن الْبناء وبمصر من المطهر بن أبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَعلي بن مشيخة دَار الحَدِيث الكاملية بعد الرشيد الْعَطَّار وَكَانَ من أَعْلَام الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين روى عَنهُ الدمياطي وَالْقَاضِي بدر الدّين بن جمَاعَة وَعلم الدّين الدواداري وَهُوَ أَخُو الشَّيْخ قطب الدّين الْمَشْهُور توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَله سبع وَسَبْعُونَ سنه وَأشهر
192 - ولي الدّين الْجَزرِي الشَّافِعِي الزَّاهِد عَليّ بن أَحْمد بن بدر الشَّيْخ الْقدْوَة الزَّاهِد أَبُو الْحسن ابْن أبي الْقَاسِم الْجَزرِي الشَّافِعِي ولي الدّين تفقه بالموصل ثمَّ بحلب ودمشق ومصر ثمَّ أقبل على الْعِبَادَة والتبتل إِلَى الله وَبنى لَهُ معبدًا فِي جَامع بَيت لَهَا وَأقَام بِهِ دهرا على التجرد والتوكل والرياضة وَكَانَ صَادِقا فِي طَرِيقه مخلصا ربانيا مكاشفا لَهُ أَحْوَال وكرامات وَلِلنَّاسِ فِيهِ عقيدة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح قاسيون
193 - الْمسند فَخر الدّين ابْن البُخَارِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الشَّيْخ الصَّالح الْوَرع المعمر الْعَالم مُسْند الْعَالم فَخر الدّين أَبُو الْحسن ابْن الْعَلامَة شمس الدّين أبي الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف وَالِده البُخَارِيّ ولد فِي آخر سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسعين وسِتمِائَة واستجاز لَهُ عَمه الْحَافِظ الضياء أَبُو عبد الله أَبَا طَاهِر الخشوعي وَأَبا المكارم اللبان وَأَبا عبد الله الكراني وَأَبا جَعْفَر الصيدلاني وَأَبا الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَالْمبَارك ابْن المعطوش وَهبة الله بن الْحسن السبط وَأَبا سعد الصفار وَمُحَمّد بن الخصيب الْقرشِي وَمُحَمّد بن معمر الْقرشِي وَإِدْرِيس بن مُحَمَّد آل والويه وَأَبا الْفَخر سعد بن روح وزاهر بن أَحْمد الثَّقَفِيّ وأخاه أَبَا مَحْمُود أسعد رَاوِي مُسْند أبي يعلى عَن الْخلال وَبَقَاء بن جند والمفتي بن خلف بن أَحْمد الْفراء وَدَاوُد بن ماشاذة وَعبد الله بن عبد الحرمن البقلي وَعبد الله بن مُسلم بن(20/121)
جوالق وَعبد الْوَهَّاب بن سكينَة وَأَبا زرْعَة عبيد الله وَابْن اللفتواني وَعبد الْوَاحِد بن أبي المطهر الصيدلاني وعفيفة الفارقانية أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَسمع حضورا فِي الْخَامِسَة من جمَاعَة وَسمع الْمسند ابْن حَنْبَل وَالسّنَن لِابْنِ دَاوُد وَالْجَامِع لِلتِّرْمِذِي والغيلانيات والجعديات والقطعيات وشيئا من ابْن طبرزد وَسمع من أَبِيه وَمُحَمّد بن كَامِل بن أَسد وهب بن الزنف وَعبد الْوَهَّاب بن المنجا وَتفرد بالرواية عَنْهُم وَالْخضر بن كَامِل الْمعبر وَعبد الله بن عمر بن عَليّ الْقرشِي والكندي وَابْن الحرستاني وَأبي الْفتُوح الْبكْرِيّ وَأبي الْقَاسِم أَحْمد بن عبد الله السّلمِيّ وَأبي عبد الله بن عبد الْخَالِق وَابْن الجلاجلي وَابْن الْبَنَّا وَأبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد بيسسن سيدهم وَأبي مُحَمَّد بن قدامَة وَهبة الله بن الْخضر بن طَاوس وَطَائِفَة بِدِمَشْق والجبل وَأبي عبيد الله بن أبي الرداد وَأبي بَرَكَات عبد الْقوي بن الْحباب ومرتضى بن حَاتِم بِمصْر وَأبي عَليّ الأوقي بالقدس وظافر بن حَكِيم وَغَيره بالثغر ويوسف بن خَلِيل وَعمر بن كرم وَعبد السَّلَام الزَّاهدِيّ بِبَغْدَاد وروى الحَدِيث سِتِّينَ سنة فَإِن عمر بن الْحَاجِب سمع مِنْهُ سنة عشْرين وسِتمِائَة وَسمع من الْمُنْذِرِيّ ورشيد الدّين القرش سنة نَيف وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَشرع الْحفاظ والمكثرون المحدثون فِي الْأَخْذ عَنهُ بعد الْخمسين وسِتمِائَة وَلم يكن إِذا ذَاك سهلا فَلَمَّا كبر وَأحب الرِّوَايَة وَسَهل للطلبة ازدحموا عَلَيْهِ وَقصد من الْآفَاق وَألْحق الأحفاد بالأجداد وَنزل النَّاس بِمَوْتِهِ دَرَجَة وَكَانَ فَقِيها إِمَامًا أديبا ذكيا ثِقَة صَالحا ورعا فِيهِ كرم ومروءة وعقل وَعَلِيهِ هَيْبَة قَرَأَ الْمقنع كُله على الشَّيْخ الْمُوفق وَأذن لَهُ فِي الرِّوَايَة وَكَانَ يُسَافر فِي التِّجَارَة بعض الْأَوْقَات وَبعد الثَّمَانِينَ لزم بَيته من الضعْف وعاش أَرْبعا وَتِسْعين سنة قَالَ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية ينشرح صَدْرِي إِذا أدخلت ابْن البُخَارِيّ بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن دَقِيق قَاضِي الْقُضَاة وَالْقَاضِي بدر الدّين بن جمَاعَة وَالْقَاضِي نجم الدّين بن صصرى وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَالْقَاضِي سعد الدّين مَسْعُود كل من هَؤُلَاءِ قَاضِي قُضَاة وروى عَنهُ الْمزي والبرزالي وَأَبُو حَفْص بن القواس وَأَبُو الْوَلِيد بن الْحَاج وَأَبُو(20/122)
بكر بن الْقَاسِم التّونسِيّ الْمُقْرِئ وَأَبُو الْحسن بن عَليّ بن أَيُّوب الْمَقْدِسِي وَأَبُو الْحسن الختني وَأَبُو مُحَمَّد بن الْمُحب وَأَبُو مُحَمَّد الْحلَبِي وَابْن الْعَطَّار وَأَبُو عبد الله الْعَسْقَلَانِي وَأَبُو الْعَبَّاس الْبكْرِيّ الشريشي وَابْن تَيْمِية ورحل إِلَيْهِ فتح الدّين بن سيد النَّاس فَدخل مُسلما على قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين فَقَالَ قدمت للسماع من ابْن البُخَارِيّ فَقَالَ أول أمس دفناه وَلَا يدرى مَا قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ عَليّ الْموصِلِي والزي من الْكتب والأجزاء وَهُوَ آخر من كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا ثَمَانِيَة رجال ثِقَات وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَلم يرْزق السماع عَلَيْهِ وَمن شعره // (من الوافر) //
(تَكَرَّرت السنون عَليّ حَتَّى ... بَكَيْت وصرت من سقط الْمَتَاع)
(وَقل النَّفْع عِنْدِي غير أَنِّي ... أعلل للرواية وَالسَّمَاع)
194 - نور الدولة بن العقيب عَليّ بن أَحْمد بن العقيب نور الدولة العامري البعلبكي النَّحْوِيّ أَخذ الْعَرَبيَّة عَن ابْن معقل الْحِمصِي وَله شعر وَكَانَ فِيهِ دين وَشرف نفس وَتُوفِّي ببعلبك سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَمن شعره
195 - أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الدايم بن نعْمَة بن أَحْمد الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي قيم جَامع الْجَبَل كَانَ شَيخا عابدا ابتلى وَانْقطع وأصابه زمانة وَكَانَ لَا يبرح الْمُصحف بَين يَدَيْهِ وَيَتْلُو كل يَوْم ختمة وابتلى بالتتار وحموا لَهُ سيخا ووضعوه على فرجه وَمَات فِي الْعَذَاب شَهِيدا عَن ثَمَانِينَ أَو نَحْوهَا وَسمع من الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَابْن صباح وَابْن الزبيدِيّ وَابْن غَسَّان ومكرم الإربلي وَأبي مُوسَى الْحَافِظ وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَلزِمَ جَعْفَر الْهَمدَانِي وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة
196 - الغرافي عَليّ بن أَحْمد بن عبد المحسن بن أَحْمد الإِمَام الْفَقِيه الْعَالم الْمُحدث الْمسند بَقِيَّة الْمَشَايِخ تَاج الدّين أَبُو الْحسن الْعلوِي الْحُسَيْن الغرافي بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَبعد الْألف فَاء الإسكندري الشَّافِعِي الْمعدل ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسَبْعمائة(20/123)
سمع فِي الْخَامِسَة من ابْن عباد وَطَائِفَة وببغداد من أبيس الْحسن الْقطيعِي وَابْن بهروز وَابْن روزبة وَابْن القبيطي وَجَمَاعَة وَسمع الشَّيْخ شمس الدّين مِنْهُ جملَة أَجزَاء وانتقى عَلَيْهِ عوالي وَكَانَ لَهُ أنس بِالْحَدِيثِ وَمَعْرِفَة بقوانين الرِّوَايَة وَخرج لنَفسِهِ وَلغيره وَحمل عَنهُ المغاربة والرحالة وَحَدثُوا عَنهُ فِي حَيَاته وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ واليه مشيخة دَار الحَدِيث الَّتِي للنبيه ابْن الْأَبْزَارِيِّ وَكَانَ لَهُ ورد بِاللَّيْلِ وَهُوَ حسن الْكِتَابَة سريعها وَسمع من ظافر بن نجم والمترضى بن حَاتِم وَعلي بن جبارَة
197 - كَمَال الدّين بن عبد الظَّاهِر عَليّ بن أَحْمد بن جَعْفَر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الظَّاهِر بن عبد الْوَلِيّ بن الْحسن بن عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن الميمون بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن أبي هَاشم بن دَاوُد بن الْقَاسِم بن إِسْحَاق بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب الشَّيْخ كَمَال الدّين الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي القوصي نزيل إخميم شيخ دهره وأوحد عصره جمع بَين الْعلم وَالْعِبَادَة وَظَهَرت كراماته سمع من الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن هبة الله بن سَلامَة وَمن شَيْخه مجد الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَأَجَازَهُ بالتدريس على مَذْهَب الشَّافِعِي وَصَحب الشَّيْخ عَليّ الْكرْدِي قدم عَلَيْهِم قوص فَاجْتمع عَلَيْهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَالشَّيْخ جلال الدّين أَحْمد الدشناوي وَالشَّيْخ كَمَال الدّين هَذَا وَعبد الْخَالِق ابْن الْفَقِيه نصر ولازموا الذّكر بِمَسْجِد الْخلال بقوص قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي القَاضِي نجم الدّين أَحْمد الْقَمُولِيّ أَن الشَّيْخ كَمَال الدّين رأى مرحاضا قد أخرج مَا فِيهِ وَوضع بِجَانِب الْمَسْجِد فَقَالَ فِي نَفسه لَا بُد أَن أحمل هَذَا فنازعته نَفسه فِي ذَلِك لِأَنَّهُ من بَيت رياسة وأصالة وسيادة عَدَالَة فَقَالَ لَا بُد من ذَلِك ثمَّ استدرجها إِلَى أَن حمله فِي النَّهَار وَمر بِهِ فِي حوانيت الشُّهُود حَتَّى تعجبوا مِنْهُ ونسبوه إِلَى خبل فِي الْعقل ثمَّ إِنَّه سَافر من قوص إِلَى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بالشيخ إِبْرَاهِيم الجعبري وَلَزِمَه وانتفع بِهِ ثمَّ استوطن إخميم وَبنى بهَا رِبَاطًا وَظَهَرت بركاته وانتشرت كراماته قَالَ حكى لي صاحبنا الْفَقِيه الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن أَحْمد الأصفوني رَحمَه الله وَكَانَ ثِقَة فِي نَقله قَالَ كنت بإدفو أخذت فِي الْعِبَادَة ولازمت الذّكر مُدَّة حَتَّى خطر لي(20/124)
أَنِّي تأهلت قَالَ وَكَانَ أخي جلال الدّين غَائِبا عَنَّا مُدَّة وَانْقطع خَبره فَحَضَرَ شخص وَأَخْبرنِي أَنه قدم من أَلْوَاح وَنزل أسيوط فسافرت إِلَى أسيوط فَلم أَجِدهُ فصحبت شَابًّا نَصْرَانِيّا ورافقته فِي الطَّرِيق إِلَى سوهاي وَصَارَ ينشدني طول الطَّرِيق شعرًا وَكَانَ جميلا ففارقته من سوهاي وَوجدت ألما كَبِيرا مُفَارقَته فَدخلت إخميم وَعند وجد بذلك النَّصْرَانِي فَحَضَرت ميعاد الشَّيْخ كَمَال الدّين بن عبد الظَّاهِر فَتكلم فِي الميعاد على عَادَته وَنظر إِلَيّ وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ أنَاس يَعْتَقِدُونَ أَنهم من الْخَواص وَهُوَ من عوم الْعَوام قَالَ الله تَعَالَى {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} [النُّور 30] والنحاة يَقُولُونَ من للتَّبْعِيض وَمعنى التَّبْعِيض أَلا ترفع شَيْئا من بَصرك إِلَى الْمعاصِي ثمَّ قَالَ حكى لي فَقير قَالَ كنت فِي خدمَة شيخ فمررنا بدار وَإِذا بِامْرَأَة جميلَة ورأسها خَارِجَة من طاق تتطلع إِلَى الشَّارِع فَوق الشَّيْخ زَمَانا يتطلع إِلَيْهَا بتعجب من ذَلِك ثمَّ بعد سَاعَة صَاح الشَّيْخ صَيْحَة عَظِيمَة وَإِذا بِالْمَرْأَةِ نزلت وَقَالَت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله وَكَانَت الْمَرْأَة نَصْرَانِيَّة فَالْتَفت الشَّيْخ إِلَى الْفَقِير فَقَالَ نظرت إِلَى هَذَا الْجمال فَقَالَ أنقذني من هَذَا الْكفْر فتوجهت إِلَيْهِ فالشيخ مَا نظر إِلَى حسن الصُّورَة وَإِنَّمَا نظر إِلَى صُورَة الْحسن فِي حسن الصُّورَة فَمن أَرَادَ أَن ينظر إِلَى نَصْرَانِيّ فَلْينْظر كَذَا قَالَ عَلَاء الدّين فصرخت وَوَقعت قَالَ وَحكى لي صاحبنا مُحَمَّد بن العجمي وَهُوَ من أَصْحَاب أبي عبد الله الأسواني قَالَ عمل سَماع فِي دَار ابْن أَمِين الحكم وَحضر الشَّيْخ ورؤساء الْبَلَد وَخلق كثير وَكنت من جملَة الْحَاضِرين فَحَضَرَ القوال وَهُوَ مظفر بالشبابات والدفوف وَقَالُوا شَيْئا ثمَّ قَالَ // (من السَّرِيع) //
(من بعد مَا صد حَبِيبِي ومارجا ... الْيَوْم وزار)
(أَبْصرت مَا كَانَ أبرك من نَهَار ... جاني حَبِيبِي وَبَلغت المنى)
(وَزَالَ عَن قلبِي الشقا والعنا ... وَدَار كأس الْأنس مَا بَيْننَا)
(مَا أحسن الكاس علينا تدار ... فِي وسط دَار)
(أَنا ومحبوبي نَهَارا جهار)
فَقَامَ الشَّيْخ وَقَالَ أَي وَالله أَنا ومحبوبي نَهَارا جهارا إِي وَالله فطاب وخلع جَمِيع مَا عَلَيْهِ فَخلع الْجَمَاعَة مَا عَلَيْهِم وَلم يبْق كل أحد إِلَّا بلباسه ثمَّ أرْسلُوا وأحضروا ثيابًا وَقَالَ الشَّيْخ يَا مظفر قَالَ لبيْك قَالَ ثِيَابِي وَثيَاب الْجَمَاعَة الْجَمِيع لَك فشدوا(20/125)
كارات فَقلت يَا مظفر لَوْلَا رَأس هَذَا المنشد مَعَك مَا قشطت ثِيَاب الْجَمَاعَة فبلغت الشَّيْخ فَضَحِك وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وَدفن برباط إخميم وقبره يزار ومولده سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بقوص وَمن شعره // (من الدوبيت) //
(يَا عين بِحَق من تجى نامي ... [نامي] فهواه فِي فُؤَادِي نامي)
(وَالله مَا قلت ارقدي عَن ملل ... إِلَّا لعَلي أرَاهُ فِي الأحلام)
قلت فيهمَا لحن خَفِي وامتدحه الشَّيْخ تَاج الدّين الدشناوي بِأَبْيَات مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //
(محبك هَذَا الْعَارِف الْعَارِف الَّذين ... تبدى بِوَجْه بالضياء مكلل)
(حَلِيف التقى وَلَا شكر وَالذكر دَائِما ... فَللَّه هَذَا الشاكر الذاكر الْوَلِيّ)
(عَزَائِمه الْعليا تضاهي مقَامه ... ومقداره والسر أَن اسْمه عَليّ)
(أَلا إِن لله الْكَمَال جَمِيعه ... وَمَا لسواه مِنْهُ حَبَّة خَرْدَل)
198 - الْآمِدِيّ العابر عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن الْخضر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة زين الدّين أَبُو الْحسن الْآمِدِيّ الْحَنْبَلِيّ العابر كَانَ شَيخا مليحا مهيبا صَالحا ثِقَة صَدُوقًا كَبِير الْقدر وَالسّن آيَة عَظِيمَة فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا مَعَ مزايا أخر عَجِيبَة أضرّ فِي أَوَائِل عمره وَله حكايات غَرِيبَة مِنْهَا أَن بعض أَصْحَابه أهْدى إِلَيْهِ نصفيه حَسَنَة فسرقت فَرَأى فِي نَومه شَيْخه الإِمَام مجد الدّين عبد الصَّمد بن أَحْمد بن أبي الْجَيْش الْمُقْرِئ شيخ الْقُرَّاء بِبَغْدَاد وَهُوَ يَقُول لَهُ النصفية أَخذهَا فلَان وأودعها عِنْد فلَان اذْهَبْ وخذها مِنْهُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ فِي نَفسه الشَّيْخ مجد الدّين كَانَ صَدُوقًا فِي حَيَاته وَكَذَلِكَ هُوَ بعد وَفَاته فَذهب إِلَى الرجل الَّذِي ذكره فدق عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ أَعْطِنِي النصفية الَّتِي أودعها فلَان عنْدك فَقَالَ نعم فَدخل وأخرجها لَهُ فَأَخذهَا وَذهب وَلم يقل لَهُ شَيْئا وَجَاء السَّارِق بعد ذَلِك إِلَى الْمُودع يطْلب النصفية فَقَالَ لَهُ جَاءَ الشَّيْخ زين الدّين الْآمِدِيّ وطلبها على لسَانك فأعطيته إِيَّاهَا فبهت السَّارِق وَبَقِي حائرا وَلم يعنفه الشَّيْخ وَلَا وَأَخذه(20/126)
وَمِنْهَا أَنه قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن شخصا أَطْعمنِي دجَاجَة مطبوخة فَأكلت مِنْهَا ثمَّ استيقظت وبقيتها فِي يَدي وَهَذَا شَيْء عَجِيب وَهَذِه الوقائع مَشْهُورَة عَنهُ وَلما دخل السُّلْطَان غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكوين جنكرخان بَغْدَاد سنة بضع وَتِسْعين وسِتمِائَة علم الشَّيْخ زين الدّين الْمَذْكُور فَقَالَ إِذا جِئْت غَدا الْمدرسَة المستنصرية أجتمع بِهِ فَلَمَّا أَتَى غازان المستنصرية احتفل النَّاس لَهُ وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ أَعْيَان بَغْدَاد وأكبرها من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والعظماء وَفِيهِمْ الشَّيْخ زين الدّين الْآمِدِيّ لتلقي غازان فَأمر غازان أكَابِر أمرائه أَن يدخلُوا الْمدرسَة قبله وَاحِد بعد وَاحِد وَيسلم كل مِنْهُم على زين الدّين ويهمه الَّذِي مَعَه أَنه هُوَ السُّلْطَان امتحانا لَهُ فَجعل النَّاس كلهم كلما قدم أَمِير يزهزهون لَهُ ويعظمونه ويأتون بِهِ إِلَى زين الدّين ليسلم عَلَيْهِ وَالشَّيْخ زين الدّين يرد عَلَيْهِ السَّلَام من غير تحرّك وَلَا احتفال حَتَّى جَاءَ السُّلْطَان فِي دون من تقدمه من الْأُمَرَاء فِي الحفل وَسلم على زين الدّين وَصَافحهُ فحين وضع يَده فِي يَده نَهَضَ لَهُ قَائِما وَقبل يَده وَعظم ملتقاه والاحتفال بِهِ وَأعظم الدُّعَاء لَهُ بِاللِّسَانِ المغلى ثمَّ بالتركي ثمَّ الْفَارِسِي ثمَّ بالرومي ثمَّ بالعربي وَرفع بِهِ صَوته وَرفع بِهِ صَوته إعلاما للنَّاس فَعجب السُّلْطَان من فطنته وذكائه وحدة ذهنه مَعَ ضَرَره ثمَّ إِن السُّلْطَان خلع عَلَيْهِ فِي الْحَال ووهبه مَالا ورسم لَهُ بمرتب فِي كل شهر ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وحظى عِنْده وَعند أمرائه ووزرائه وحوانيته وَمن تصانيفه جَوَاهِر التبصير فِي علم التَّعْبِير وَله تعاليق كَثِيرَة فِي الْفِقْه وَالْخلاف وَغير ذَلِك وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ يتجر فِي الْكتب وَله كتب كثير جدا وَإِذا طلب مِنْهُ كتاب نَهَضَ إِلَى كتبه وَأخرجه من بَينهَا وان كَانَ الْكتاب عدَّة مجلدات وَطلب من الأول مثلا أَو الثَّانِي أَو الثَّالِث أَو غَيره أخرجه بِعَيْنيهِ وَكَانَ يمس الْكتاب أَولا ثمَّ يَقُول يشْتَمل هَذَا المجلد على كَذَا وَكَذَا أكراس فَيكون الْأَمر كَمَا قَالَ وَإِذا مر بِيَدِهِ على الصفحة قَالَ عدد أسطرها كَذَا كَذَا سطرا فِيهَا بالقلم الغليظ هَذَا وَهَذَا الْمَوَاضِع كتبت بِهِ فِي الوجهة وفيهَا بالأحمر هَذَا وَهَذَا لموا ضع كتبت فِيهَا بالأحمر وان أتفق أَنَّهَا كتبت بخطين أَو ثَلَاثَة قَالَ اخْتلف الْخط من هُنَا إِلَى هُنَا من غير إخلال بِشَيْء مِمَّا يهتجن بِهِ وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ الإشغال والاشتغال فِي غَالب أوقاته وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ إقبال عَظِيم لفضله وَدينه وورعه(20/127)
وَتُوفِّي رَحمَه الله بعد سنة اثْنَتَيْنِ عشرَة وَسَبْعمائة
199 - القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير عَليّ بن أَحْمد بن سعيد القَاضِي الرئيس عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير كَاتب السِّرّ السلطاني صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن الْمَنْصُور تقدم ذكر وَالِده وَعَمه عماد الدّين إِسْمَاعِيل لما توجه السُّلْطَان إِلَى الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة توجه عَلَاء الدّين فِي خدمته فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة ووعده بالمنصب وَأَعَادَهُ إِلَى الْقَاهِرَة وَلما قدم السُّلْطَان كَانَ عَلَاء الدّين أكديش بَاعه بِمِائَة وَعشْرين درهما وَتوجه إِلَى لِقَاء السُّلْطَان وَاشْترى بِثمن الأكديش حلاوة فَلَمَّا اسْتَقر الْأَمر أَقَامَ مُدَّة يسيرَة ثمَّ إِنَّه جهز القَاضِي شرف الدّين ابْن فضل الله إِلَى الشَّام وَولى عَلَاء الدّين صحابة الدِّيوَان وَعظم جاهه وتقدمه وأمواله وَدرت عَلَيْهِ نعم السُّلْطَان وَزَاد فِي الإقبال عَلَيْهِ وَلم يحصل لأحد مَا حصل لَهُ فِي الْوَظِيفَة كَانَ السُّلْطَان يَأْمُرهُ بأَشْيَاء يَدعه يكْتب فِيهَا عَن نَفسه إِلَى نواب الشَّام ويجيبونه عَن ذَلِك وَكَانَ يركب فِي سِتَّة عشر مَمْلُوكا أَو أَكثر من ذَلِك كلهم أتراك فيهم مَا هُوَ بِعشْرَة آلَاف وَأكْثر وَكَانَ أَخا لَا يتَكَلَّم إِلَّا بالتركي لكنه أَصَابَهُ فالج تعلل بِهِ أَكثر من سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَقد عزل بِالْقَاضِي مُحي الدّين بن فضل الله وَولده القَاضِي شهَاب الدّين وَآخر مَا آل إِلَيْهِ من الفالج أَنه لم يبْق فِيهِ شَيْء يَتَحَرَّك غير جفونه فَكَانَ إِذا أَرَادَ شَيْئا علا بِصَوْتِهِ صَارِخًا فيحضرون إِلَيْهِ ويدقون على الأَرْض دقات مُتَوَالِيَة وَهُوَ يعد لَهَا الْحُرُوف من المعجم فَإِذا وصل إِلَى أول حرف من مَقْصُوده أطرق بخفض طرفه فيحفظ ذَلِك الْحَرْف ثمَّ إِذا فعلوا ثَانِيًا أمهلهم حَتَّى يصلوا إِلَى الْحَرْف الثَّانِي مِمَّا أَرَادَ فيطرق جفْنه فيحفظ ذَلِك وَلَا يزالون يَفْعَلُونَ ذَلِك ثَانِيًا وثالثا وهلم جرا حَتَّى يفرغ مِمَّا أَرَادَهُ وَكَانَ يطول الزَّمَان عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم حَتَّى يفهموا عَنهُ لَفْظَة أَو لفظتين نسْأَل الله الْعَافِيَة من آفَات هَذِه الدَّار وَكَانَ يكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا وَله قدرَة على إصْلَاح اللَّفْظَة وإبرازها من صِيغَة إِلَى صِيغَة وَلَا يخرج كتاب عَن الدِّيوَان حَتَّى يتأمله وَلَا بُد لَهُ أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا بقلمه وَله إنْشَاء وَهُوَ الَّذِي كتب توقيع مجد الدّين الأقصرائي بمشيخة الشُّيُوخ بسريا قَوس ومدحه النَّاس وَمِمَّا كتب إِلَيْهِ شهَاب الدّين مَحْمُود // (من الوافر) //
(أما ومكانة لَك فِي ضميري ... وَذكر لَا يزَال معي سميري)(20/128)
(لقد سَافَرت بالأشواق أسعى ... إِلَيْك وَإِن قعدت عَن الميسر)
(وَلَو أدْركْت من زمني مرادي ... لما نَاب الْكتاب عَن الْحُضُور)
(وَلم أوثر وَلَا بنى اخْتَار ... بحظل من نوال ابْن الْأَثِير)
(وَكَيف وَلَيْسَ إِلَّا بالتثامي ... بناي يَدَيْهِ بجمل لي سروي)
(كريم طَاهِر الأعراق تعلو ... أصالته على الْفلك الْأَثِير)
(لَهُ خلق يدمثه حَيَاء ... كروض دمنته يَد الغدير)
(وجود كلما أخفاه صونا ... حكى شمس الظهيرة فِي الظُّهُور)
(إِذا وشى بلَيْل النقش ... صبح الطروس أَرَاك نورا فَوق نور)
(وَأبْدى للموالي والمعادي ... أماني أَو منايا فِي السطور)
وامتدحه جمال الدّين بن نباتة بقصيدة أَولهَا // (من الوافر) //
(أصَاب بجفنه عقل الْأَسير ... فيا ويل الصَّحِيح من الْكَبِير)
(غزال كالغزالة فِي سناها ... تحجبه الملاحة بالسفور)
مِنْهَا // (من الوافر) //
(يلذ تغزل الْأَشْعَار فِيهِ ... لذاذة مدحها فِي ابْن الْأَثِير)
(أغر إِذا احبني وحبا العطايا ... رَأَيْت السَّيْل يدْفع من شير)
(أَخُو يَوْمَيْنِ يَوْم ندى ضحوك ... وَيَوْم ردى عبوس قمطرير)
(كَأَن حَدِيثه فِي كل نَاد ... حَدِيث النَّار عَن نفس العبير)
(لَهُ قلم سدى للنفع سَار ... يبيب على الممالك كالخفير)
(تلثم بالمداد لثام ليل ... فأسفر عَن سنا صبح مُنِير)
(عَليّ الإسم والأوصاف يزهى ... بِهِ الدَّهْر الْعلي على الدهور)
(من الْقَوْم الَّذين لَهُم صعُود ... إِلَى العلياء أسْرع من حدور)
(سما شعري وَدَار على علاهم ... فلقبناه بالفلك الْأَثِير)
(أأندى الْعَالمين يدا وأجدى ... على العافين فِي الزَّمن العسير)
(إِلَيْك سعى رجاي وَطَاف قصدي ... فدم يَا كعبة للمستجير)(20/129)
200 - عَلَاء الدّين الأصفوني عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن عَلَاء الدّين الأصفوني كَانَ ذكيا أديبا حسن الْأَخْلَاق اشْتغل بالفقه على الشَّيْخ عَلَاء الدّين القفيطي وتأدب على ابْن الغضنفر الأصفوني والجلال بن شواق الأسنائ وَغَيرهمَا وَكَانَت لَهُ يَد فِي الْحساب وَدخل فِي الخدم السُّلْطَانِيَّة وَجلسَ شَاهدا بالوراقين بقوص ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أثنى عَلَيْهِ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي من تَارِيخ الصَّعِيد ثَنَاء كثيرا وَوَصفه بمكارم أَخْلَاق ومحاسن أدوات قَالَ وَلما طلع دَاوُد الَّذِي ادّعى أَنه ابْن سُلَيْمَان من نسل العاضد إِلَى الصَّعِيد فِي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وتحركت الشِّيعَة وَبلغ عَلَاء الدّين هَذَا أَنه قَالَ لبَعض أهل أصفون انه تحمل عَنهُ الصَّلَاة ونظم عَلَاء الدّين // (من الْكَامِل) //
(إرجع ستلقى بعْدهَا أهوالا ... لَا عِشْت تبلغ عندنَا الآمالا)
(يَا من تجمع فِيهِ كل نقيصة ... فلأضربن بسيرك الأمثالا)
(وَزَعَمت أَنَّك للتكالف حَامِل ... وَكَذَا الْحمار يحمل الأثقالا)
وَلما ولي السفطي قوص سنة إِحْدَى عشرَة وَسَبْعمائة وَكَانَ بَصَره ضَعِيفا جدا حَتَّى قيل انه لَا يبصر بِهِ وَكَانَ القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الجيوش قد قَامَ فِي ولَايَته قَالَ عَلَاء الدّين // (من مخلع الْبَسِيط) //
(قَالُوا تولى الصَّعِيد أعمى ... فَقلت لَا بل بِأَلف عين ... وَقَالَ لما بلغه شعر الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلي وَهُوَ // (من الْكَامِل) //
(مَا فِي المناهل منهل يستعذب ... إِلَّا ولي مِنْهُ الألذ الأطيب)
(أَنا بلبل الأفراح أملأ دوحها ... طَربا وَفِي العلياء باز أَشهب)
فنظم عَلَاء الدّين الأصفوني // (من الْكَامِل) //
(أَنا قنبر الأحزان أملأ طلحها ... حزناص وَفِي السُّفْلى غراب أسود)(20/130)
201 - ابْن الزبير عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن الزبير الأسواني هُوَ ابْن القَاضِي الرشيد ابْن الزبير قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة وَقد وقف ينشد الْملك النَّاصِر قصيدة وَأورد لَهُ مِنْهَا // (من الْبَسِيط) //
(تحضر أكناف أَرض إِن نزلت وَإِن ... نازلت تحمر أَرض السهل والجبلي)
(مَا زلت أفري دجى ليل التَّمام سرى ... وَنور وَجهك يهديني إِلَى السبل)
(بِكُل مهمهمة يبكي الْغَمَام بهَا خوفًا ... ويخفق قلب الْبَرْق من خجل)
(تخشى الرِّيَاح الذواري فِي مهالكها ... فَمَا تهب بهَا إِلَّا على مهل)
(حَتَّى أنخت المطايا فِي ذرى ملك ... يبشر النجح فِي تأميله أملي)
(خدمتكم ليَكُون الدَّهْر يخدمني ... فَمَا أحالته عَن حالاته حيلي)
(إِن كم تَئِنُّ حالتي فِيكُم مبدلة ... فَمَا انتفاعي بِعلم الْحَال وَالْبدل؟ !)
قلت هَذَا الْبَيْت الْأَخير من قصيدة لِابْنِ شرف القيرواني
202 - عماد الدّين الطرسوسي الْحَنَفِيّ عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن عماد الدّين ابْن محيي الدّين أبي الْعَبَّاس بن بهاء الدّين أبي مُحَمَّد الطرسوسي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالشَّام بعد قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين عَليّ الْحَنَفِيّ وَكَانَ نَائِبه أَولا مُدَّة وَكَانَ سئوسا حسن الشكل كَامِل الْقَامَة أنيق الْعمة وَلم ينكد عَلَيْهِ فِي منصبه وَلم يزل أمره فِي منصبه إِلَى السداد إِلَى سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَسَأَلَ أَن يكون وَلَده القَاضِي نجم الدّين إِبْرَاهِيم فِي مَكَانَهُ فِي منصبه فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وَتَوَلَّى وَلَده نجم الدّين قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة مَكَانَهُ وَلم يزل ملازما لبيته إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشْرين ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالمزة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى ولاه تدريس الْمدرسَة القايمازية الْحَنَفِيَّة فِي شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وكتبت توقيعه بذلك ونسخته الْحَمد لله الَّذِي جعل عماد الدّين هَذَا عليا وأيد شَرعه المطهر بِمن رقى بِعِلْمِهِ سموا وَأصْبح للوصى سميا وَرفع قدر من إِذا كَانَ فِي حقل همي ندى وَحمى نديا وَهدى(20/131)
النَّاس بأعلام علمه الَّتِي إِذا أخفقت كم هزمت كميا وقادت إِلَى الْحق أَبَيَا نحمده على نعمه الَّتِي جعلت الْعلمَاء للأنبياء وَرَثَة وأقامت بهم الْحجَّة على من نكب عَن الْحق أَو نقض الْمِيثَاق ونكثه ونفت بهم شبه الْبَاطِل على الدّين الْقيم كَمَا يَنْفِي الْكِير خثبه وَجعلت كل حبر مِنْهُ إِذا نطق فِي المحافل جَاءَ بِالسحرِ الْحَلَال من فِيهِ ونفته ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ندخرها فِي الْمعَاد خير عدَّة ونأمن بهَا يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر إِذا ضَاقَ على النَّاس خناق الشدَّة ونجدها فِي الصحائف نورا يضيء لنا إِذا كَانَت وُجُوه الَّذين كذبُوا على الله مسودة وَتجْعَل أيدنا إِلَى قطاف ثمار الرَّحْمَة وجنى غصونها ممتدة ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خير من هدى الْخلق ببرهانه وأشرف من قضى بَين النَّاس بِالْحَقِّ وفرقانه وأعز من دفع فِي صُدُور البلغاء بنان بُنْيَانه وَأكْرم من أطلق فِي ملكوب ربه جلّ وَعز عنان عيانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَصَحبه الَّذين رووا لأوليائهم السّنة وَرووا من أعدائهم الأسنة وأضحت طريقهم لطَالب هَدِيَّة الْهدى مَطِيَّة المظنة وأمسوا حَربًا لحزب الشَّيْطَان الَّذين جعل الله فِي أذانهم وقرا وعَلى قُلُوبهم أكنة صَلَاة تطلق جِيَاد الْأَلْسِنَة فِي ميدانها الأعنة وتبلغهم أمانيهم الَّتِي بايعهم عَلَيْهَا أَن لَهُم الْجنَّة وَسلم وَشرف ومجد وكرم وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْعلم الشريف هُوَ للدّين حَافظ نظامه وَضَابِط أَحْكَامه فِي حَلَاله وَحَرَامه بنشره يطيب نشر الْإِيمَان وأرجه ويتسع من صدر الْجَاهِل بِأَحْكَام ربه تَعَالَى ضيقه وحرجه وَالْعُلَمَاء هم الَّذين يدعونَ سوامه ويراعون ويقدمون على منع من يتَعَدَّى حُدُود الله عز وَجل فَمَا يهابون وَلَا يهانون وَلَا يراعون وَكفى بالعلماء فخرا أَنهم للْأمة أَئِمَّة الِاقْتِدَاء وَأَن مدادهم جعله الله بِإِزَاءِ دم الشُّهَدَاء وخلت فِي هَذِه الْأَيَّام الْمدرسَة القايمازية أثاب الله واقفها مِمَّن ينشر فِيهَا أَعْلَام الْعلم ويبدى فِي مباحثه مَعَ خصومه معنى الْحَرْب فِي صُورَة السّلم وَيثبت فِي رياض دروسها شقائق النُّعْمَان وينبت فِي حِيَاض غروسها دقائق النُّعْمَان تعين أَن يَقع الِاخْتِيَار على من يحيى بدروسه مَا درس من مَذْهَب الإِمَام الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان رَضِي الله عَنهُ ويجدد بفضائله الَّتِي أتقن فنونها مَا رث من أَقْوَاله الَّتِي لَا تُوجد إِلَّا فِيهِ وَلَا تُؤْخَذ إِلَّا مِنْهُ وَكَانَ الجناب العالي الْقَضَاء الْعِمَادِيّ أَبُو الْحسن عَليّ الطرسوسي أدام الله أَيَّامه وأعز بِالطَّاعَةِ أَحْكَامه هُوَ الَّذِي تفرد بِهَذِهِ المزايا وَجمع هَذِه الْخلال الحميدة والسجايا تضع الْمَلَائِكَة لَهُ إِذا خطا فِي الْعلم الأجنحة ويتخذ النَّاس إِذا اضطروا لدفع الْأَذَى عَنْهُم من صَلَاحه الأسلحة قد أَرَادَ الله بِهِ خيرا لما وَفقه وفقهه فِي الدّين وأقامه حجَّة قَاطِعَة وَلَكِن فِي أَعْنَاق الْمُلْحِدِينَ تنقاد المشكلات لذهنه الْوَقار فِي أسلس قياد وتشيد أفكاره الدقيقة للنعمان أَمَامه مَا لَا شادته من الْمجد للنعمان أشعار زِيَاد(20/132)
وتبيت النُّجُوم الزهر ناظرة إِلَى محَاسِن مباحثه من طرفها الْخَفي وتنكف الْأَلْسِنَة الْحداد من خصومه إِذا جاد لَهُم وتنكفي وَيَأْتِي بالأدلة الَّتِي هِيَ جبال لَا تنسفها مغالظ النَّسَفِيّ فَلذَلِك رسم بِالْأَمر العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أَعْلَاهُ لله تَعَالَى وضاعف نعمه على الْأَوْلِيَاء ووالى أَن يُفَوض إِلَيْهِ تدريس الْمدرسَة الْمَذْكُورَة فليظهر عرائس فَضله المجلوة ويبرز نقائس نَقله المخبوة وليطرز دروسه بدقائقه الَّتِي بهرت ويزد المباحث رونقا بعبارته الَّتِي سحرت الْأَلْبَاب وَمَا شَعرت إِذا هُوَ الْحَاكِم الَّذِي سيف قلمه إِذا أَمْضَاهُ كَانَ فِي الدِّمَاء محكما والحبر الَّذِي لَا يُقَاس بِهِ الْبَحْر وان كَانَ الْقيَاس فِي مذْهبه مقدما والعالم إِذا نَهَضَ بالإملاء فَهُوَ بِهِ ملي والفاضل الَّذِي إِن كَانَ الْعلم مَدِينَة فبابها عَليّ وليتعهد المشتغلين بِالْمَدْرَسَةِ بمطالبة محفوظهم والحث والحض على الْأَخْذ بِزِيَادَة الْعلم فان ذَلِك أسعد حظوظهم وَالْحِفْظ والجدل جنَاحا للْعلم ويدجاه وَبِهِمَا يتسلط الطَّالِب على مقاره المدى وَإِن كَانَ الْعلم لَا نِهَايَة لمداه فَمن اسْتحق رميا على غَيره فليرقه ويوفه حَقه فَإِنَّهُ إِذا نظر الْحَاكِم فِي أمره وصل إِلَى حَقه وَالتَّقوى هِيَ ملاك الْأُمُور وقوامها وَصَلَاح الْأَحْوَال ونظامها على أَنه أدام الله أَيَّامه هُوَ الَّذِي يشرع الْوَصَايَا لأربابها وَيعلم المتأدب كَيفَ يَأْتِي الْبيُوت من أَبْوَابهَا وَإِنَّمَا أَخذ الْقَلَم من الْعَادة نصِيبه وأتى بنكت وَمن علم الْعوَان الْخمْرَة كَانَت مِنْهُ عَجِيبَة وَالله يوفق أَحْكَامه السديدة ويمتع الْأَنَام بمحاسنه فَإِنَّهَا فِي النَّاس بَاب القصيد وَبَيت القصيد
203 - النجيب الشَّافِعِي عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن النجيب الشَّافِعِي سمع من الْمِقْدَاد بن هبة الله الْقَيْس وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق
204 - العباسي مشد الْأَوْقَاف عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَمِير السَّيِّد الشريف عَلَاء الدّين العباسي مشد الْأَوْقَاف المبرورة بِدِمَشْق وَأحد الْأُمَرَاء العشرات بهَا أول مَا أعرف من أمره أَنه كَانَ واليا بالقدس الشريف ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله جعله أستاذ دَار كَبِير فِي بَابه وَلما امسك أمسك هُوَ أَيْضا جملَة حَاشِيَته ومباشرى ديوانه ثمَّ تولى شدّ الْأَوْقَاف فِي أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا وتداول هَذِه الْوَظِيفَة مَرَّات هُوَ والأمير حسام الدّين أَبُو بكر ابْن النجيبي ثمَّ انه قوي عَلَيْهِ أخيرا بانتمائه إِلَى الْأَمِير سيف(20/133)
الدّين قطلوبغا الفخري ثمَّ أعْطى أمره عشرَة مَعَ الْوَظِيفَة وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله فِي مستهل ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ شكلا طوَالًا مهيبا توفّي عَن قريب السّبْعين سنة
(عَليّ بن إِدْرِيس)
205 - السعيد صَاحب الْغَرِيب عَليّ بن إِدْرِيس بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن ابْن عَليّ السُّلْطَان الْملك السعيد أَبُو الْحسن بن الْمَأْمُون أبي الْعَلَاء بن الْمَنْصُور الْقَيْسِي الملقب بالمعتضد وبالسعيد ولي الْأَمر بعد أَخِيه الرشيد سنة أَرْبَعِينَ وَبَقِي إِلَى أَن خرج إِلَى نَاصِيَة يلمسان وحاصر قلعة هُنَاكَ فَقتل على ظهر فرسه سنة أَرْبَعِينَ وَولي بعده أَخُوهُ المرتضى أَبُو حَفْص فامتدت أَيَّامه عشْرين عَاما وَكَانَ السعيد أسود اللَّوْن فَارِسًا شجاعا وَكَانَ ولَايَته سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ أَبوهُ قد ولاه سبتة على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة الْمَأْمُون ادرسي وَكَانَ بِخِدْمَة قوم يُقَال لَهُم بَنو بويه فزينوا لَهُ أَن يَأْخُذ مَا تَحت يَده من الْأَمْوَال لسبتة وَيخرج على أَبِيه فَبلغ الْخَبَر أَبَاهُ فَكتب إِلَى بعض خاصته فَقبض عَلَيْهِ وجهزه إِلَى أَبِيه مُقَيّدا وَضرب رِقَاب بني بويه فصعب قَتله على السعيد الْمَذْكُور وأورثه أسفا عَظِيما فرثاهم بِشعر مِنْهُ // (من الْخَفِيف) //
(إِن يَوْمًا رأيتكم فِيهِ صرعى ... شَرّ يَوْم رَأَيْته مذ رَأَيْت)
(لم يقدمكم تعصبى غير أَنى ... نحت حزنا لفقدكم وبكيت)
وَكتب إِلَى أَبِيه من السجْن // (من مقروء الْكَامِل) //
(إِن الْمُرُوءَة صعبة ... وَعَلَيْك يسهل أمرهَا)
(والدهر عِنْدِي لَيْلَة ... برضاك يطلع فجرها)
وَلما مَاتَ أَبوهُ الْمَأْمُون إِدْرِيس كَمَا مر فِي تَرْجَمته ولى أَخُوهُ الصَّغِير الْخلَافَة وَبَقِي السعيد هَذَا خاملا ذليلا فَقِيرا وَمَتى ذكره أَخُوهُ الْخَلِيفَة لَا يَقُول عَنهُ إِلَّا العَبْد الْأسود واستمرت الْحَال كَذَلِك إِلَى أَن مَاتَ أَخُوهُ عَن غير عقب فَرجع النَّاس إِلَيْهِ وَبَايَعُوهُ على الْخلَافَة فبذل الْأَمْوَال وَأكْثر من سفك الدِّمَاء ومعاناة الحروب إِلَى أَن لَاقَى بِنَفسِهِ أبطال(20/134)
زناتة على تلمسان وَحمل عَلَيْهِم فِي جملَة من حمل فَقتل هُنَاكَ كَمَا مر فِي صدر تَرْجَمته وَقيل إِنَّمَا قَتله جنده طلبا للراحة مِنْهُ وَمن سفكه الدِّمَاء وَكَثْرَة حروبه ولمى ولي الْخلَافَة ركب فصادفه نسَاء فِي الطَّرِيق فَقُلْنَ بَعْضًا لبَعض هَذَا الْخَلِيفَة كَيفَ يكون خَليفَة أسود فَقَالَت وَاحِدَة مِنْهُنَّ كُنَّا نسْمع النَّاس يتعجبون إِذا كَانَ أول الدن درديا فَأَما هَذَا فَهُوَ آخر الدن
206 - ضِيَاء الدّين جربان الْحِمصِي عَليّ بن إِدْرِيس الْمَعْرُوف بجربان ضِيَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ الْحِمصِي الشَّاعِر نزيل حماة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ بحماة سنة سِتّ وسِتمِائَة // (من الوافر) //
(دوين قبا سنحن من القباب ... ظباء صيدهن لُيُوث غَابَ)
(رعا بَيت عراب وانساب ... الْجمال إِلَى الرعابيب العراب)
(يتابعن القطيعة بالتجني ... وإفراط التجنب بالعتاب)
(حسان عِنْدهن الْوَصْل هجر ... تجرد للنوى قضب اكتئاب)
207 - الْهَمدَانِي الوادعي عَليّ بن الأرقم الْهَمدَانِي الوادعي روى عَن أبي حجيفة وَأُسَامَة بن شريك وَعَن الْأَغَر أبي مُسلم وَأبي حُذَيْفَة سَلمَة بن صهيبة وَأبي الْأَحْوَص الْجُشَمِي وَثَّقَهُ جمَاعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
208 - الْعلوِي الوَاسِطِيّ عَليّ بن أُسَامَة أَبُو الْحسن الْعلوِي الوَاسِطِيّ الضَّرِير الشَّاعِر قدم بَغْدَاد ومدح الْوَزير أَبَا الْفرج مُحَمَّد بن عبد الله رَئِيس الرؤساء وَمن شعره فِيهِ // (من المنسرح) //
(يَا عضد الدّين يَا مُحَمَّد يَا ... من صان ملكا وَسيد الأمرا)
(بشرت بالسعد مَا أَتَى بشر ... إِلَيْك إِلَّا أوسعته بشرا)
(طويت عرضا مطهرا بك إِن ... فض نشقنا من نشره نشرا)
(عمرت الْبِلَاد يَا عَامر الْبِلَاد لقد ... قضلت زيدا وَقَبله عمرا)(20/135)
(عَليّ بن إِسْحَاق)
209 - أَبُو الْحسن المارداني عَليّ بن إِسْحَاق بن البحتري أَبُو الْحسن المارداني الْبَصْرِيّ مُحدث مَشْهُور ثِقَة توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلثمائة
210 - الزاهي الشَّاعِر عَليّ بن إِسْحَاق بن خلف الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر الْمَشْهُور الْمَعْرُوف بالزاهي كَانَ وصافا محسنا أَشَارَ الْخَطِيب إِلَى أَنه كَانَ قطانا ودكانه فِي قطيعة الرّبيع بِبَغْدَاد ولد سنة ثَمَان عشرَة وثلثمائة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلثمائة وكنيته أَبُو الْقَاسِم وشعره فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وَأكْثر شعره فِي أهل الْبَيْت ومدح سيف الدولة بن حمدَان وَمن شعره // (من الوافر) //
(صدودك فِي الْهوى هتك استتاري ... وعاونه الْبكاء على اشتهاري)
(وَكم أَخْلَع عِذَارَيْ فِيك إِلَّا ... لما عَايَنت من حسن العذار)
(وَكم فِي النَّاس من حسن وَلَكِن ... عَلَيْك لشقوتي وَقع اخيتاري)
وَمِنْه فِي البنفسج // (من الْبَسِيط) //
(وَلَا زوردية أوفت بزرقتها ... بَين الرياض على زوق اليواقيت)
(كَأَنَّهَا فَوق طاقات صففن بهَا ... أَوَائِل النَّار فِي أَطْرَاف كبريت)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(ومدامة لضيائها فِي كأسها ... نور على تِلْكَ الأنامل بازغ)
(زفت وَغَابَ عَن الزجاجة لطفها ... فَكَأَنَّمَا الإبريق مِنْهَا فارغ)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وبيض بألحاظ الْعُيُون كَأَنَّمَا ... هززن سيوفا واستللن خناجرا)
(تصدين لي يَوْمًا بمنعرج اللوى ... فغادرن قلبِي بالتصبر غادرا)
(سفرن بدورا وانتقبن أهلة ... ومسن غصونا والتفتن جاذرا)
(وأطلعن فِي الأجياد بالدر أنجما ... جعلن لحبات الْقُلُوب ضرائرا)(20/136)
وَمِنْه // (من الرمل) //
(من عذيري من عذارى قمر ... عرض الْقلب لأسباب التّلف)
(علم الشّعْر الَّذِي عاجله ... أَنه جَار عَلَيْهِ فَوقف)
211 - نجم الدّين الْوَاعِظ عَليّ بن إسفنديار بن الْموقف بن أبي عَليّ الْعَالم الْوَاعِظ نجم الدّين أَبُو عِيسَى الْبَغْدَادِيّ ولد سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع من ابْن اللتي وَالْحُسَيْن بن رَئِيس الرؤساء وَابْن القبيطي وَقدم دمشق وَوعظ وَحصل لَهُ الْقبُول التَّام وازدحم النَّاس على ميعاده لحسن إِيرَاده ولطف شمائله ولي مشيخة المجاهدية روى عَنهُ ابْن الْعَطَّار وَابْن الخباز وَجَمَاعَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة كَانَ قد اسْتَأْذن الإِمَام النَّاصِر فِي الْوَعْظ فَلم يَأْذَن لَهُ أَيَّام ابْن الْجَوْزِيّ قَالَ القَاضِي شمس الدّين بن خلكان يَحْكِي الشَّيْخ نجم الدّين لي حِكَايَة ثمَّ يُعِيدهَا فأتمنى أَنَّهَا لَا تفرغ من فَصَاحَته وتنميقه
(عَليّ بن إِسْمَاعِيل)
212 - الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن أبي بشر بن إِسْحَاق بن سَالم بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مُوسَى بن بِلَال بن أبي بردة بن أبي مُوسَى بن عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ الْبَصْرِيّ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْمُتَكَلّم رَئِيس الأشاعرة واليه ينسبون صَاحب التصانيف الكلامية فِي الْأُصُول والمحلل والنحل ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سبعين وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة سمع زَكَرِيَّا السَّاجِي وَابْن خَليفَة الجُمَحِي وَسَهل بن نوح وَمُحَمّد بن يَعْقُوب الْمُقْرِئ وَعبد الرَّحْمَن بن خلف الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ وروى عَنْهُم فِي تَفْسِيره كثيرا وَكَانَ من الْمُعْتَزلَة أَولا ثمَّ تَابَ من ذَلِك وَصعد يَوْم الْجُمُعَة بِجَامِع الْبَصْرَة كرسيا ونادى بِأَعْلَى صَوته من عرفني فقد عرفني وَمن لم يعرفنِي فَأَنا فلَان كنت أَقُول بِخلق الْقُرْآن وَأَن الله لَا يرى بالأبصار وَأَن أَفعَال الشَّرّ أَنا أَفعَلهَا وَأَنا تائب مُعْتَقد الرَّد على(20/137)
الْمُعْتَزلَة مُبين لفضائحهم وَكَانَت فِي دعابة ومزح كثير قَالَ أَبُو بكر الصَّيْرَفِي كَانَت الْمُعْتَزلَة قد رفعوا رؤوسهم حَتَّى أظهر الله الْأَشْعَرِيّ فحجزهم فِي أقماع السمسم وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم إِن الْأَشْعَرِيّ لَهُ من التصانيف خَمْسَة وَخَمْسُونَ تصنيفا وَمن تصانيفه كتب اللمع وَكتاب الموجز وَكتاب إِيضَاح الْبُرْهَان وَكتاب التَّبْيِين عَن أصُول الدّين وَكتاب الشَّرْح وَالتَّفْصِيل فِي الرَّد على أهل الْإِفْك والتضليل وَله تَفْسِير يُقَال انه فِي سبعين مجلدا وَمن أَرَادَ كشف قدره فليطالع كتاب بَيَان كذب المفتري على الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ لِابْنِ عَسَاكِر وَقَالَ بنْدَار غُلَامه كَانَت غلَّة أبي الْحسن من صَنِيعَة وَقفهَا جدهم بِلَال بن أبي بردة على عقبه وَكَانَ نَفَقَته فِي السّنة سَبْعَة عشر درهما قَالَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزْدَاد كَانَ الْأَشْعَرِيّ يَوْمًا جَالِسا فِي سطح دَاره فَبَال فَسَالَ بَوْله فِي الْمِيزَاب فاجتاز وَالِي الْبَصْرَة فقطر ذَلِك الْبَوْل على ثِيَابه فَوقف وَقَالَ اهدموا هَذِه الدَّار فَسمع أَبُو الْحسن كَلَامه فَنزل وَفتح الْبَاب وَقَالَ أَيهَا الْأَمِير أَن من ولد رجل بَال على الْإِسْلَام بِسوء رَأْيه فَأَنا أولى النَّاس بالغدر فَضَحِك الْوَالِي وَمضى وَكَانَ فِي حداثته تلميذا لأبي عَليّ الجبائي قَرَأَ عَلَيْهِ وتمذهب بمذهبه فَإِن أَبَا عَليّ كَانَ زوج أمه فاتفق انه جرى بَينهمَا مناظرة فِي وجوب الْأَصْلَح أَو الصّلاح على الله تَعَالَى فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن أتوجب على الله رِعَايَة الصّلاح أَو الْأَصْلَح فِي حق عباده فَقَالَ نعم فَقَالَ مَا تَقول فِي ثَلَاثَة صبية إخْوَة اخترم الله أحدهم قبل الْبلُوغ وَبَقِي إثنان فَأسلم أَحدهمَا وَكفر الآخر مَا الْعلَّة فِي اخترام الصَّغِير فَقَالَ لَهُ لَو أَنه سَأَلَهُ فَقَالَ يَا رب لم اخترمتني دون أخوي فَقَالَ أَبُو عَليّ إِنَّمَا اخترمته لِأَنَّهُ علم أَنه لَو بلغ لكفر فَكَانَ الْأَصْلَح لَهُ اخترامه فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن فقد أَحْيَا الله أَحدهمَا وَكفر فَهَلا اخترمه عملا بالأصلح لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ إِنَّمَا أَحْيَاهُ ليعرضه لأعلى فَهُوَ أصلح لَهُ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ فَهَلا أَحْيَا الَّذِي اخترمه ليعرضه لأعلى الْمَرَاتِب كَمَا فعل بأَخيه إِذا قلت انه الْأَصْلَح لَهُ فَانْقَطع أَبُو عَليّ وَلم يحر جَوَابا ثمَّ قَالَ للشَّيْخ أبي الْحسن أوسوست فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن مَا ووست وَلَكِن وقف حمَار الشَّيْخ على القنطرة ثمَّ فَارقه وَخَالفهُ وَخَالف سَائِر فرق الْمُعْتَزلَة وَسَأَلَهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن فَقَالَ لَهُ مَا حَقِيقَة الطَّاعَة قَالَ هِيَ مُوَافقَة الإرداة فَقَالَ(20/138)
لَهُ هَذَا يُوجب أَن يكون الله تَعَالَى مُطيعًا لعَبْدِهِ إِذا أعطَاهُ الْإِرَادَة فَقَالَ نعم يكون مُطيعًا فَخَالف الْإِجْمَاع بِإِطْلَاق هَذِه اللَّفْظَة على الله تَعَالَى وَلَو جَازَ أَن يُطلق عَلَيْهِ كَون مُطيعًا لعَبْدِهِ لجَاز أَن يُطلق عَلَيْهِ كَونه خاضعا وخاشعا لَهُ وَهَذَا كفر وَالَّذِي يَعْتَقِدهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ هُوَ أَن البارئ تَعَالَى عَالم بِعلم قَادر بقدرة حَيّ بحياة مريدة بِإِرَادَة مُتَكَلم بِكَلَام سميع بسمع بَصِير ببصر وَهل هُوَ بَاقٍ بِبَقَاء فِيهِ خلاف عَنهُ وَأَن صِفَاته أزلية قديمَة بِذَاتِهِ تَعَالَى لَا يُقَال هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيره وَلَا لَا هِيَ هُوَ وَلَا غَيره وَعلمه وَاحِد يتَعَلَّق بِجَمِيعِ المعلومات وَقدرته وَاحِدَة تتَعَلَّق بِجَمِيعِ مَا يَصح وجوده وإرادته وَاحِدَة تتَعَلَّق بِجَمِيعِ مَا يقبل الِاخْتِصَاص وَكَلَامه وَاحِد هُوَ أَمر وَنهي وَخبر واستخبار ووعد ووعيد وَهَذِه الْوُجُوه رَاجِعَة إِلَى اعتبارات فِي كَلَامه لَا إِلَى نفس الْكَلَام والألفاظ الْمنزلَة على لِسَان الْمَلَائِكَة إِلَى الْأَنْبِيَاء دلالات على الْكَلَام الأزلي فالمدلول وَهُوَ الْقُرْآن المقروء قديم أزلي وَالدّلَالَة وَهِي الْعبارَات وَالْقِرَاءَة مخلوقة محدثة قَالَ وَفرق بَين الْقِرَاءَة والمقروء والتلاوة والمتلو كَمَا انه فرق بَين الذّكر وَالْمَذْكُور قَالُوا الْكَلَام معنى قَائِم بِالنَّفسِ والعبارة دَالَّة على مَا فِي النَّفس وَإِنَّمَا تسمى الْعبارَة كلَاما مجَازًا قَالَ أَرَادَ الله تَعَالَى جَمِيع الكائنات خَيرهَا وشرها ونفعها وضرها وَمَال فِي كَلَامه إِلَى جَوَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لقَوْله إِن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل وَهُوَ مُكَلّف بِالْفِعْلِ قبله وَهُوَ غير مستطيع قبله على مذْهبه قَالَ وَجَمِيع أَفعَال الْعباد مخلوقة مبدعة من الله تَعَالَى متكتبسة للْعَبد وَالْكَسْب عبارَة عَن الْفِعْل الْقَائِم بِمحل قدرَة العَبْد قَالَ والخالق هُوَ الله تَعَالَى حَقِيقَة لَا يُشَارِكهُ فِي الْخلق غَيره فأخص وَصفه هُوَ الْقُدْرَة والاختراع وَهَذَا تَفْسِير اسْمه تَعَالَى قَالَ وكل مَوْجُود يَصح أَن يرى والباري تَعَالَى مَوْجُود فَيصح أَن يرى وَقد صَحَّ السّمع بِأَن الْمُؤمنِينَ يرونه فِي الدَّار الْأُخْرَى فِي الْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} [الْقِيَامَة 22] وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة بدره لَا تضَامون من رُؤْيَته وَقَالَ لَا يجوز أَن يرى فِي مَكَان وَلَا صُورَة مُقَابلَة واتصال شُعَاع فان ذَلِك كُله محَال(20/139)
وماهية الرُّؤْيَة لَهُ فِيهَا رأيان أَحدهمَا انه علم مَخْصُوص يتَعَلَّق بالوجود دون الْعَدَم وَالثَّانِي انه إِدْرَاك وَرَاء الْعلم وَأثبت السّمع وَالْبَصَر صفتين أزليتين هما إدراكان وَرَاء الْعلم وَأثبت الْيَدَيْنِ وَالْوَجْه صِفَات خبرية ورد السّمع بهَا فيجيب الِاعْتِرَاف بِهِ وَخَالف الْمُعْتَزلَة فِي الْوَعْد والوعيد والسمع وَالْعقل من كل وَجه وَقَالَ الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان فروع الْإِيمَان وَمن صدق بِالْقَلْبِ أَي أقرّ بوحدانية الله تَعَالَى واعترف بالمرسل تَصْدِيقًا لَهُم فِيمَا جاؤا بِهِ فَهُوَ مُؤمن قَالَ وَصَاحب الْكَبِيرَة إِذا خرج من الدُّنْيَا من غير تَوْبَة حكمه إِلَى الله عز وَجل أما أَن يغْفر لَهُ برحمته أَو يشفع لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما أَن يعذبه بعدله ثمَّ يدْخلهُ الْجنَّة برحمته وَلَا يخلد فِي النَّار مُؤمن قَالَ وَلَا أَقُول انه يجب على الله قبُول تَوْبَته بِحكم الْعقل لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوجب لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء أصلا بل قد ورد السّمع بِقبُول تَوْبَة التائبين وَإجَابَة دَعْوَة الْمُضْطَرين وَهُوَ الْمَالِك لخلقه يفعل مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد فَلَو أَدخل الْخَلَائق بأجمعه النَّار لم يكن جورا وَلَو أدخلهم الْجنَّة لم يكن حيفا وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ ظلم وَلَا ينْسب إِلَيْهِ جور لِأَنَّهُ الْمَالِك الْمُطلق قَالَ والواجبات كلهَا سمعية فَلَا يُوجب الْعقل شَيْئا الْبَتَّةَ وَلَا يقْضِي تحسينا وَلَا تقبيحا فمعرفة الله تَعَالَى وشكر الْمُنعم وإثابة الطائع وعقاب العَاصِي كل ذَلِك بِحَسب السّمع دون الْعقل قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} [الْإِسْرَاء 15] قَالَ وَلَا يجب على الله شَيْء لَا صَلَاح وَلَا أصلح وَلَا ألطف بل الثَّوَاب وَالصَّلَاح واللطف وَالنعَم كلهَا تفضل من الله تَعَالَى قَالَ وَلَا يرجع إِلَيْهِ نفع وَلَا ضَرَر وَلَا ينْتَفع بشكر شَاكر وَلَا يتَضَرَّر بِكفْر كَافِر بل يتعالى ويتقدس عَن ذَلِك قَالَ وَبعث الرُّسُل جَائِز لَا وَاجِب وَلَا مُسْتَحِيل فَإِذا بعث الرَّسُول وأيد بالمعجزة الخارقة للْعَادَة وتحدى ودعا وَجب الإصغاء إِلَيْهِ وَالِاسْتِمَاع مِنْهُ وامتثال أوامره والانتهاء عِنْد نواهيه(20/140)
قَالَ وكرامات الْأَوْلِيَاء حق وَوَافَقَهُ على ذَلِك من بعده من الأشاعرة خلا الْأُسْتَاذ أَبَا إِسْحَاق الأسفراييني فانه وَافق الْمُعْتَزلَة فِي إنكارهم وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْإِيمَان بِمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن وَالسّنة من الْإِخْبَار عَن الْأُمُور الغائبة عَنَّا مثل الْقَلَم واللوح وَالْعرش والكرسي وَالْجنَّة وَالنَّار حق وَصدقَة وَكَذَلِكَ الْإِخْبَار عَن الْأُمُور الَّتِي ستقع فِي الْآخِرَة مثل سُؤال الْقَبْر وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب فِيهِ والحشر والمعاد وَالْمِيزَان والصارط وانقسام فريق فِي الْخلد وفريق فِي السعير كل ذَلِك حق وَصدقَة وَيجب الْإِيمَان وَالِاعْتِرَاف بِهِ قَالَ والإمامة تثبت بالِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِيَار دون النَّص وَالتَّعْيِين على وَاحِد معِين إِذْ لَو كَانَ نَص لظهر عَادَة ولتوفرت الدَّوَاعِي على نَقله
قَالَ وَالْأَئِمَّة مترتبون فِي الْفضل ترتبهم فِي الْإِمَامَة وَلَا أَقُول فِي عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر رَضِي الله عَنْهُم إِلَّا أَنهم رجعُوا عَن الْخَطَأ وَأَقُول إِن طَلْحَة وَالزُّبَيْر من الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ وَأَقُول فِي مُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ انهما بغيا على الإِمَام الْحق عَليّ بن أبي طَالب فقاتلهما مقاتلة أهل الْبَغي قَالَ وَأَقُول إِن أهل النَّار هم الشراة المارقون عَن الدّين لخَبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَأَقُول إِن كَانَ عليا على الْحق فِي جَمِيع أَحْوَاله وَالْحق مَعَه حَيْثُ دَار فَهَذِهِ جملَة مختصرة من اعْتِقَاد الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ والأشاعرة يسمون الصفائية لإثباتهم صِفَات الله تَعَالَى الْقَدِيمَة وافترقت الصفاتية فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت فِي الْقُرْآن وَالسّنة كالاستواء وَالنُّزُول والإصبع وَالْيَد والقدم وَالصُّورَة وَالْجنب والمجئ على فرْقَتَيْن فرقة تأولت جَمِيع الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت فِي الْقُرْآن على وُجُوه مُحْتَملَة اللَّفْظ وَفرْقَة لم يتَعَرَّضُوا للتأويل وَلَا صَارُوا إِلَى التَّشْبِيه وَهَؤُلَاء هم الأشعرية الأثرية فالفرقة الأولى قَالُوا هَذِه الْأَلْفَاظ لَا يُمكن إجراؤها على ظَاهرهَا فَإِنَّهُ كفر وَلَا يُمكن التَّوَقُّف فيا فَلَا بُد من تَأْوِيلهَا بِمَا يحْتَملهُ اللَّفْظ وَهَذَا الصَّحِيح من مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فِي أحد قوليه وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابه عبد الله بن سعيد الْكلابِي وَأبي الْعَبَّاس القالنسي وَغَيرهمَا وَهَؤُلَاء هم ضد الحشوية مثل هضر وكهمس وَأحمد الهُجَيْمِي وَغَيرهم فان أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ حكى عَن مُحَمَّد بن عِيسَى بن غوث عَنْهُم أَنهم أَجَازُوا(20/141)
على رَبهم المصافحة وَالْمُلَامَسَة وَأَن المخلصين من الْمُسلمين إِذا بلغُوا فِي الرياضة إِلَى حد الْإِخْلَاص يعانقونه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَحكى الكعبي عَن بَعضهم انه قَالَ يزورونه ويزورهم تَعَالَى الله عَن ذَلِك والفرقة الثَّانِيَة قَالُوا قد عرفنَا بِمُقْتَضى الْعدْل أَن الله تَعَالَى لَيْسَ كمثله شَيْء فَلَا يُشبههُ شَيْء وَلَا يشبه شَيْء وَنحن غير مكلفين بِمَعْرِِفَة هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي وَردت وبتأويلها بل نَحن نكلفون باعتقاد انه لَيْسَ كمثله شَيْء وَنكل علم ذَلِك إِلَى الله وَهَؤُلَاء هم السّلف الصَّالح كَالْإِمَامِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وسُفْيَان الثَّوْريّ وَدَاوُد وَغَيرهم وَهَذَا أحد قولي الْأَشْعَرِيّ وَمِمَّا اتّفق لي نظمه تضمينا // (من الطَّوِيل) //
(أَلا إِنَّمَا للأشعري انتسابنا ... نجول بأسياف الْهدى ونصول)
(وننكر إِن شِئْنَا على النَّاس قَوْلهم ... وَلَا يُنكرُونَ القَوْل حِين نقُول)
213 - ابْن السيوري النَّحْوِيّ عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو الْحسن الطوسي الأَصْل الإسكندري النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن السيوري عَاشَ بضعا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة أَربع وسِتمِائَة وَقيل فِيهِ عَليّ بن سعيد بن حمامة وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
214 - علم الدّين الركابسلار عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن باتكين أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي علم الدّين الركابسلار العضدي الْبَغْدَادِيّ كَانَ شَابًّا ذكيا حسن الْخلق والخلق أديبا فَاضلا حفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ الْأَدَب والعلوم الرياضية وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(وعيون سود رمين فُؤَادِي ... بسهام من القسي الْخضر)
(وخدور حمرا أذقن فُؤَادِي ... بجفاها طعم المنايا الْحمر)
(وامتلاء الْإِزَار مَال على ضعْفي ... وشكر الأعطاف أوجب شكري)
(هَذِه كلهَا محَاسِن دنياي ... وأقصى سؤلي وأفراح دهري)(20/142)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(فتشوا لي قلبا فقد ضَاعَ قلبِي ... وأروني صبرا فقد عز صبري)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(فَحسن فعالك بالصالحات ... وَلَا تعجبن لحسن بديع)
(فَحسن النِّسَاء جمال الْوُجُوه ... وَحسن الرِّجَال جميل الصَّنِيع)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(صرمتم جبالي حِين واصلت حبلكم ... وأسكرتموني إِذْ صحوتم من الوجد)
(فَلَا تحسبوا أَنِّي تَغَيَّرت بعدكم ... عَن الْعَهْد لَا كَانَ المغير للْعهد)
(غرامي غرامي والهوى ذَلِك الْهوى ... ووجدي بكم وجدي وودي لكم ودي)
(وَلَيْسَ محبا من يَدُوم وفاؤه ... مَعَ الْوَصْل لَكِن من يَدُوم مَعَ الصد)
215 - الشريف الزيدي المغربي عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن زِيَادَة بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْحسن الشريف الزيدي الطَّارِئ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج هُوَ أول شرِيف طَرَأَ إِلَى الْمغرب يَعْنِي بذلك جده الْأَعْلَى عليا كَانَ شَاعِرًا حسن الاهتداء قَلِيل الْمَدْح والهجاء ملوكي الشّعْر جيد التَّشْبِيه صَاحب ملح وفكاهات أشبه النَّاس طَريقَة بكشاجم وَأورد لَهُ // (من الوافر) //
(إِذا سفرت إِلَيْك بِوَجْه بدر ... كَأَن عَلَيْهِ من ذهب عجارا)
(وجعد فَاحم إِن أسلبته ... رَأَيْت اللَّيْل قد غمر النهارا)
(وأتني فاكتسب خجلا كَأَنِّي ... غرست بوجنتيها جلنارا)
(وفاجأنا التَّفَرُّق بعد وصل ... فبدل ورد وجنتيها بهارا)
(تطاول بالكثيب اللَّيْل لما ... ذكرت بِهِ ليالينا القصارا)
(كَأَن طُلُوع أنجمه كئوس ... سقى الشرق الْغُرُوب بهَا عقارا)
(وَفِي ذيل المغيب سليل شمس ... كَمَا سطرت منعمة سوارا)
(وضرم لاعج البرحاء طيف ... أَتَى نومي فصارفه غرار)
(يعن لي الْهوى فأغض طرفِي ... لواقدة أفدت بهَا وقارا)
وَأورد لَهُ // (من الْبَسِيط) //(20/143)
(لله أَرْبَعَة جاد الزَّمَان بهَا ... العَبْد والراح والأمطار وَالْوتر)
(بهذى تسر وَهَذَا يَقْتَضِي طَربا ... وَتلك تصبي وَذَا يلتذه الْبشر)
(فانعم بِيَوْم سرُور لَا شَيْبه لَهُ ... فقد تعارف فِي مسرورك الْقدر)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من الْكَامِل) //
(يَا حسن ساحلنا وخضرة مَائه ... وَالنّهر يفرغ فِيهِ مَاء مزيدا)
(كَاللُّؤْلُؤِ المنشور إِلَّا أَنه لما ... اسْتَقر بِهِ اسْتَحَالَ زبرجدا)
(وَإِذا الشمَال سطت على أمواجه ... نثرت حبابا فوقهن منضدا)
(وكأنما الْفلك الْأَثِير أداره ... فلكا وَضَمنَهُ النُّجُوم الوقدا)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من الوافر) //
(خيالك زارني يَا أم عَمْرو ... فأحيا بالوصال قَتِيل هجر)
(وشوقني اليك وكل ضَب ... يشوقه خيال جَاءَ يسري)
(ألم وَفَوق رَأس اللَّيْل تَاج ... مكللة جوانبه ببدر)
(وَقد حملت بِهِ كف الزهراء فِيهِ ... وَقد طلعت يتيمة در بَحر)
(فَمَا انْصَرف الخيال إِلَيْك إِلَّا ... وساج اللَّيْل مقرون بفجر)
(وَقد ولى الظلام ببدر تمّ ... كأسود حَامِل مرْآة تبر)
قلت ذكرت هُنَا مَا أنْفق لي نظمه قبل وُقُوفِي على هَذَا وَفِي قولي زايادات تَشْبِيه وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //
(كم زارني والثريا تلوها قمر ... وَاللَّيْل منسدل الأذيال والطنب)
(كأسود لَهُ كف خواتمها ... در تحمل مرْآة من ذهب)
وَأورد لَهُ أَيْضا فِي زربطانه // (من الْخَفِيف) //
(سمهري يَزُجّ مِنْهُ نُجُوم ... لذوات اللحوف فِيهَا رجوم)
(تخرق الأيك نحوهن بحتف ... فلهَا فِي صدورهن كلوم)(20/144)
(كل قَوس تحنى إِذا سمتها الرمى ... وَهَذَا فِي رميه مُسْتَقِيم)
216 - ابْن الطوير الْكَاتِب عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن الطوير تَصْغِير طَائِر أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الْكَاتِب كتب الْإِنْشَاء لبهاء الدّين قراقوش وَعمر مائَة سنة وَله شعر وَكَانَ يعرف تواريخ كَثِيرَة وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره
217 - شرف الدّين بن جبارَة عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن جبارَة القَاضِي الرئيس شرف الدّين أَبُو الْحسن الْكِنْدِيّ التجِيبِي السخاوي المولد الْمحلي الدَّار النَّحْوِيّ الْمَالِكِي الْعدْل حدث عَن السلَفِي وَسمع من ابْن عَوْف وَأبي عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَأبي طَالب أَحْمد بن الْمُسلم التنوخي والشريف أبي عَليّ مُحَمَّد بن أسعد الجواني وَغَيرهم مولده سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قَالَ ابْن مسدي ذكر لي انه من أَوْلَاد عبد الرَّحْمَن بن الْأَشْعَث وَكَانَ أديبا نحويا وشاعرا ذكيا مَشْهُور الْأَصَالَة مَذْكُورا بِالْعَدَالَةِ وَكَانَ فِي نظر الدِّيوَان وتلبس بِخِدْمَة السُّلْطَان وَكَانَ بالمحلة وأعمالها متصرفا ومصرفا لأشغالها واتخذها دَارا ولأولاده قرارا فَلَمَّا كف بَصَره فِي آخر عمره لزم دَاره بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَت مُنْقَطع أَثَره وَقَالَ أنشدنا لنَفسِهِ // (من السَّرِيع) //
(خاطر بهَا إِمَّا ردى أَو وُرُود ... فَهَذِهِ نجد وَهَذَا زرود)
(قد حكم الْبَين بإسراعها ... والوجد والدمع عَلَيْهَا شُهُود)
(قَلَائِص تحمل أكوارها ... أشباح أَشْيَاخ عَلَيْهَا همود)
قلت لَهُ كتاب نظم الدّرّ فِي نقد الشّعْر قصره على مؤخذات ابْن سناء الْملك وأجاد من بَعْضهَا وتعنت زَائِدا فِي بَعْضهَا قَالَ فِي أَوله بَعْدَمَا ذكر ابْن سناء الْملك وغض مِنْهُ وَقد كنت اجْتمعت بِهِ عِنْد استيطاني بِمصْر فرأيته معجبا بِشعرِهِ مُتَقَلِّدًا بعقود دره وراسلته دفعات ورادفته مَرَّات فَامْتنعَ فِي الْإِجَابَة وَرَأى الصمت من الْإِصَابَة وَلم يكن ذَلِك إِلَّا لعسر بديهته وَمَا هُوَ مجبول عَلَيْهِ من رُؤْيَته وَمن جملَة مَا سيرته إِلَيْهِ أنني أهديت إِلَيْهِ شَهدا وكتبت // (من الْبَسِيط) //(20/145)
(أهديت مَا كالمرآة فِي نسق ... لسَيِّد ذكره قد شاع فِي الْأُفق)
(فَتلك يبصر فِيهَا حسن صورته ... وَذَا يرى فِيهِ طعما طِينَة الْخلق)
فَأجَاب وقف على الرقعة الْكَرِيمَة وَقبل الْمِنَّة الجسيمة وَلَا ننشده إِلَّا مَا قَالَه صديقنا الْحكمِي // (من الْبَسِيط) //
(إِنِّي ووصفي من حسن محاسنها ... مثل الَّذِي قَالَ مَا أحلاك يَا عسل)
وسيرت إِلَيْهِ بعد ذَلِك دجاجا وَمَعَهَا ديك وكتبت إِلَيْهِ // (من السَّرِيع) //
(يَا فَاضلا نغرف من بحره ... وماجدا نَأْخُذ من بره)
(لم يعد مملوكك يَا سَيِّدي ... مَا عده بشار فِي شعره)
وَالَّذِي عده بشار قَوْله // (من مجزوء الوافر) //
(ربابة ربة الْبَيْت ... تصب الْخلّ فِي الزَّيْت)
(لَهَا سبع دجاجات ... وديك حسن الصَّوْت)
فَأجَاب
(لم يكف سيدنَا الْمَنّ بالمس ... حَتَّى أتبعه السلوى من الطَّائِر)
وَلم أستطع أَن أُجِيبهُ بِشعر لأنني تَأَمَّلت شعره علمت أَنِّي لست بشاعر قلت مَا كَانَ بَان سناء الْملك مِمَّن تعجزه الْمُرَاجَعَة وَلَا المحاورة وَهُوَ مَا هُوَ وَمن عرف كَلَام الرجلَيْن علم الْفرق بَين الصَّقْر وَالْعين وَأَيْنَ من أَيْن وَالَّذِي أرَاهُ أَن ابْن سناء الْملك ترفع عَن إِجَابَة شعرًا نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني شرف الدّين عَليّ بن جبارَة السخاوي لنَفسِهِ على وزن الْبَيْتَيْنِ الْمُتَقَدِّمين وهما // (من الْكَامِل) //
(يَا قلب وَيحك خُنْتنِي وفعلتها ... وحللت عقدَة تَوْبَتِي ونكثتها)
(يَا عين أَنْت بليتي يَا جفنها ... لم لَاعن الْوَجْه الْمليح سترتها)
وأبيات ابْن جبارَة // (من الْكَامِل) //
(مَا للنصيحة فِي الغرام بذلتها ... يَا عاذلي وحسرت حَتَّى قلتهَا)
(أوما علمت وَمَا تُرِيدُ زِيَادَة ... أَن النَّصِيحَة فِي الْهوى لَا تشْتَهى)(20/146)
(نهنهت دمعي عَن ثراه فَمَا هدا ... ونهيت قلبِي عَن هَوَاهُ فَمَا انْتهى)
(أَو لم تخف لَهب الزَّفِير بمهجتي ... إسرارها إِذْ أودعتك أذعتها)
218 - تَاج الدّين ابْن كسيرات عَليّ بن إِسْمَاعِيل تَاج الدّين ابْن الصاحب مجد الدّين بن كسيرات جمع كسرة مُصَغرًا المَخْزُومِي الْكَاتِب شَاب مليح تَامّ الشكل ظَاهر الرياسة لَهُ اشْتِغَال ونظم وَفِيه مُرُوءَة وَسمع كثيرا مَعَ البرزالي وخدم مُدَّة طرابلس توفّي وَله ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة
219 - الطميش عَليّ بن إِسْمَاعِيل القلعي الْمَعْرُوف بالطميش كَانَ من الشُّعَرَاء الَّذين طرءوا على مصر من شعره // (من الطَّوِيل) //
(وَقد قيل مَاتَ الْحق وَهُوَ مخلد ... وَلكنه الصمصام فِي غمده قرا)
(وَقد كَانَ دين الله من قبل عَابِسا ... بجراك حَتَّى لحت فِي وَجهه بشرا)
(وَكنت عليا حِين كَانَ الَّذِي مضى ... مُعَاوِيَة والحارثي لَهُ عمرا)
وَقَالَ فِي شرِيف وَقيل أَنَّهَا لبَعض الأندلسيين // (من الطَّوِيل) //
(سمت بِابْن فضل الدولة الرتب ... الَّتِي تقاصر عَنْهَا حَاسِد أَن تطوله)
(يحاول قَول الشّعْر بالجهد دَائِما ... وتأبى لَهُ أعراقه أَن يَقُوله)
(وَمَا فِيهِ من سِيمَا النَّبِي وطبعه ... سوى أَن قَول الشّعْر لَا يَنْبَغِي لَهُ)
قلت وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة ابْن الشجري شَيْء يشبه هَذَا واسْمه هبة الله وَمن شعره الطميش الْمَذْكُور // (من الْكَامِل) //
(تأبى الصوافن تَحْتَهُ رعى الكلا ... حَتَّى ترَاهُ بالدماء مخضبا)
(وتعاف ورد المَاء حَتَّى تكتسي ... وجناته بِدَم الأعادي طحلبا)
قلت مَا سمي بالطميش سدى لكنه كَانَ بِهِ عمى فِي البصيرة أَيْضا لِأَن الطحلب أَخْضَر وَالدَّم أَحْمَر فَمَا يُنَاسب الدَّم أَن يكون طحلبا وَقَول المتنبي فِي هَذَا أجمل وَأحسن
(تعود أَلا تقضم الْحبّ خيله ... إِذا الْهَام لم ترقع جنوب العلائق)(20/147)
(وَلَا تردن الغدران إِلَّا وماؤها ... من الدَّم كالريحان تَحت الشقائق)
220 - الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف الإِمَام الْعَلامَة الْقدْوَة الْعَارِف ذُو الْفُنُون قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق الشَّافِعِي شيخ الشُّيُوخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن القونوي التبريزي ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة فِي ذِي الْقعدَة وَدفن بسفح قاسيون بتربة اشْتريت لَهُ تفقه وتفنن وبرع وناظر قدم دمشق أول سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة فرتب صوفيا ثمَّ درس بالإقبالية وَسمع من أبي حَفْص ابْن القواس وَأبي الْفضل بن عَسَاكِر وَجَمَاعَة وبمصر من الأبرقوهي وَطَائِفَة واستوطن مصر وَولي مشيخة سعيد السُّعَدَاء وَأقَام عشْرين سنة يصلى الصُّبْح وَيقْعد للاشتغال فِي سَائِر الْفُنُون إِلَى أَذَان الظّهْر وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي الْعُلُوم خُصُوصا فِي الْأُصُول وَكَانَ سَاكِنا وقورا حَلِيمًا مليح الشيبة وَالْوَجْه تَامّ الشكل حسن التَّعْلِيم ذكيا قوي اللُّغَة والعربية كثير التِّلَاوَة وَالْخَيْر درس بالشريفية بِالْقَاهِرَةِ وَبهَا كَانَ سكنه وأشغاله ثمَّ لما حضر قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين إِلَى الديار المصرية عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين بن جمَاعَة عينه السُّلْطَان لقَضَاء قُضَاة الشَّام فَأخْرج كَارِهًا وَكَانَ يَقُول لأَصْحَابه الأخصاء سرا أخملني السلطاني كَونه لم يولني قَضَاء الديار المصرية وليته كَانَ عينني لذَلِك وَكنت سَأَلته الإعفاء من ذَلِك وَلما خرج إِلَى الشَّام حمل كتبه على خيل الْبَرِيد مَعَه وأظنها كَانَت وقر خَمْسَة عشر فرسا أَو أَكثر وباشر المنصب أحسن مُبَاشرَة بصلف زَائِدَة وعفة مفرطة وَلم تكن لَهُ نهمة فِي الْأَحْكَام بل رغبته وتطلعه إِلَى الأشغال والإفادة وَطلب الْإِقَالَة أَولا من السُّلْطَان فَمَا أَجَابَهُ وَكَانَ منصفا فِي بحوثه أَيْضا مُعظما للآثار وَلم يُغير عمته للتصوف خرج لَهُ ابْن طغربل وعماد الدّين ابْن كثير ووصلهما بجملة وَشرح الْحَاوِي فِي أَربع مجلدات وجوده وَله مُخْتَصر الْمِنْهَاج للحليمي سَمَّاهُ الابتهاج وَله التَّصَرُّف شرح التعرف فِي التصوف وَكَانَ يدْرِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وعلوم الْحِكْمَة وَيعرف الْأَدَب وَيحكم الْعَرَبيَّة وَلَكِن لَهُ حَظّ من صَلَاة وَخير وحياء وَكَانَ مَعَ مُخَالفَته للشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وتخطئته لَهُ فِي أَشْيَاء كَثِيرَة يثني عَلَيْهَا ويعظمه ويذب عَنهُ إِلَّا انه لما توجه من مصر إِلَى دمشق قَالَ لَهُ السُّلْطَان إِذا وصلت(20/148)
خل نَائِب الشَّام يفرج عَن ابْن تَيْمِية فَقَالَ يَا خوند على مَاذَا حبستموه فَقَالَ لأجل مَا أفتى بِهِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة فَقَالَ إِنَّمَا حبس للرُّجُوع عَنْهَا فَإِن كَانَ قد تَابَ وَرجع أفرجنا عَنهُ فَكَانَ ذَلِك سَبَب تَأْخِيره فِي السجْن وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى مُحي الدّين بن الْعَرَبِيّ إِلَّا أَن لَهُ ردودا على أهل الِاتِّحَاد وَكَانَ يحدث على حَدِيث أبي هُرَيْرَة كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ ويشرحه شرحا حسنا ويبينه بَيَانا شافيا وَكَانَ يكْتب مليحا قَوِيا جَارِيا ورأيته يكْتب بِخَطِّهِ على مَا يقتنيه من الْكتب الَّتِي فِيهَا مُخَالفَة السّنة من اعتزال وَغَيره // (من الهزج) //
(عرفت الشَّرّ لَا للشر لَكِن لتوقيه ... وَمن لَا يعرف الشَّرّ من الْخَيْر يَقع فِيهِ)
وَكَانَ يترسل جيدا من غير سجع وَيسْتَشْهد بِالْآيَاتِ الْمُنَاسبَة وَالْأَحَادِيث والأبيات اللائقة بذلك الْمقَام وَكنت أكتب عَن أَمِير حُسَيْن رَحمَه الله تَعَالَى إِلَيْهِ من الشَّام هُوَ بِالْقَاهِرَةِ فَتَأْتِيه أجوبته بِخَطِّهِ وَهِي فِي غَايَة الْحسن وفيهَا السَّلَام عَليّ وَالثنَاء الْكثير والتودد فَلَمَّا دخلت الْقَاهِرَة وَاجْتمعت بِهِ مَرَّات عاملني بِكُل جميل وَطلب مني كتابي الَّذِي وَضعته فِي الجناس ووقف عَلَيْهِ مديدة وَأَعَادَهُ إِلَيّ وَبَلغنِي الثَّنَاء الزَّائِد مِنْهُ عَلَيْهِ ثمَّ لما قدمت إِلَى الشَّام مُتَوَجها إِلَى رحبة مَالك بن طوق وَهُوَ بِالشَّام يَوْمئِذٍ قَاض طلب ذَلِك المُصَنّف مني وَبَقِي عِنْده مديدة ثمَّ أَعَادَهُ واخذ فِي التفضل وَالشُّكْر على عَادَته رَحمَه الله وَمَات بورم الدِّمَاغ أحد عشر يَوْمًا وَمَات فِي بُسْتَان ضمنه وتأسف النَّاس لمَوْته أسفا كثيرا // (من الْكَامِل) //
(عَمت فضائله فَعم مصابه ... فَالنَّاس فِيهِ كلهم مأجور)
وَله نظم مِنْهُ أَبْيَات فِي الشجاج وَهِي مَا أنْشدهُ فِيهِ من لَفظه الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن عبد الْملك بن المنجاين عَليّ بن جَعْفَر السّلمِيّ المسلاتي الْمَالِكِي قَالَ أَنْشدني شَيخنَا عَلَاء الدّين القونوي من لَفظه لنَفسِهِ وَسمعتهَا مِنْهُ غير مرّة // (من الطَّوِيل) //
(إِذا رمت إحصاء الشجاج فهاكها ... مفسرة أسماؤها متواليه)
(فخارصة إِن شقَّتْ الْجلد ثمَّ مَا ... أسَال دَمًا وَهِي الْمُسَمَّاة داميه)
(وباضعة مَا تقطع اللَّحْم وَالَّتِي ... لَهَا الغوص فِيهِ للَّذي مر تاليه)
(وَتلك لَهَا وصف التلاحم ثَابت ... وَمَا بعْدهَا السمحاق فافهمه واعيه)
(وَقل ذَاك مَا أفْضى إِلَى الْجلْدَة الَّتِي ... تكون وَرَاء اللَّحْم للعظم غاشيه)(20/149)
(وَمن بعد هاما ينْقل لعظم وَاسْمهَا ... منقلة ثمَّ الَّتِي هِيَ آتيه)
(مُوضحَة مَا أوضح الْعظم باديا ... وهاشمة بِالْكَسْرِ للعظم باغيه)
(فَمَا مومة أمت من الرَّأْس أمه ... وَقد بقيت أُخْرَى بهَا الْعشْر وافيه)
(فدامية تسمى لخرق جليدة ... هِيَ الْأُم كيس للدماغ وحاويه)
(وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي عدهَا وَإِن ... ترد ضبط حكم الْكل فاسمع مقاليه)
(فَفِي الْخَمْسَة الأولى العلومة ثمَّ مَا ... بإيضاح عمد فالقصاص وجاليه)
(وخصت بِهَذَا الموضحات لضبطها ... فَلَا عسر فِي استيفائها متكافيه)
(وَإِن حصلت من غير عمد أَو انْتَهَت ... إِلَى المَال عفوا فاقدر لأرش بانيه)
(على ذمَّة النَّفس الَّتِي أوضحت بهَا ... فَتلك لنصف الْعشْر مِنْهَا مساويه)
(وَذَلِكَ أرش الهشم وَالنَّقْل مُفردا ... وزد لانضمام بِالْحِسَابِ مراعيه)
(فَفِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا الْعشْر ثمَّ لثالث ... تزيد عَلَيْهِ نصفه تَكُ حاشيه)
(ومأمومة فِيهَا من النَّفس ثلثهَا ... ودامغة مثل لَهَا ومكافيه)
(وَقيل بِأَنَّهُ الدمغ لَيْسَ جِرَاحَة ... لتدفيفه كالحرز وَهِي ملاقيه)
(وَقد نجز الْمَقْصُود والعي وَاضح ... وعجمتي العجماء فِي النّظم باديه)
وَكتب إِلَى نَاصِر الدّين شَافِع وَقد طلب مِنْهُ شَيْئا من شعره // (من الْخَفِيف) //
(غمرتني المكارم الغر مِنْكُم ... وتوالت عَليّ مِنْهَا فنون)
(شَرط إحسانكم تحقق عِنْدِي ... لَيْت شعري الْجَزَاء كَيفَ يكون)
يقبل الْيَد الشَّرِيفَة لَا زلت للمكرمات مستديمة وَفِي سَبِيل الْخيرَات مُسْتَقِيمَة وَينْهى أَن بضَاعَة الْمَمْلُوك فِي كل الْفُنُون مزجاة لاسيما فن الْأَدَب فَإِنَّهُ فِيهِ فِي أدنى الدَّرَجَات وَقد وَردت عَلَيْهِ إِشَارَة مَوْلَانَا حرسه الله تَعَالَى فِي طلب شَيْء من الشّعْر الَّذِي لَيْسَ الْمَمْلُوك مِنْهُ فِي عير وَلَا نفير وَلَا حظي مِنْهُ بنقير وَلَا قطمير سوى مَا شَذَّ من الهذيان الَّذِي لَا يصلح لغير الكتمان وَلَا يحفظ إِلَّا للنسيان والمسئول من فضل مَوْلَانَا وَكَرمه المبذول أَن يتمم إحسانه بالستر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ وَجَمِيع مَا لَدَيْهِ من سقط الْمَتَاع وَلَا يعار لسقاطته وَلَا(20/150)
وَلَا لنفاسته وَلَا يُبَاع وَالله يُؤَيّد مَوْلَانَا ويسعده ويحرسه بِالْمَلَائِكَةِ ويعضده وَكتب إِلَيْهِ وَقد وقف على كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ مُخَالفَة المرسوم فِي حل المنثور والمنظوم // (من الطَّوِيل) //
(مُخَالفَة المرسوم وَافَقت المنى ... وحازت من الْإِحْسَان خصل المفاضل)
(أثارت على نجل الْأَثِير أثارة ... من الْعلم مفتونا بهَا كل فَاضل)
وشاعت بِالشَّام صُورَة فتيا على لِسَان بعض الْيَهُود وَهِي هَذِه // (من الطَّوِيل) //
(أيا عُلَمَاء الدّين ذمِّي دينكُمْ ... تحير دلوه بأوضح حجَّة)
(إِذا مَا قضى رَبِّي بكفري بزعمكم ... وَلم يرضه مني فَمَا وَجه حليتي)
(دَعَاني وسد الْبَاب عني فَهَل إِلَى الدُّخُول سَبِيل بينوا لي قضيتي)
(قضى بضلالتي ثمَّ قَالَ آرض بالقضا ... فها أَنا رَاض بِالَّذِي فِيهِ شقوتي)
(فَإِن كنت بالمقضي يَا قوم رَاضِيا ... فربي لَا يرضى بشؤم بليتي)
(وَهل لي رضَا مَا لَيْسَ يرضاه سَيِّدي ... وَقد حرت دلوني على كشف حيرتي)
(إِذا شَاءَ رَبِّي الْكفْر مني مَشِيئَة ... فها أَنا رَاض بِاتِّبَاع المشئة)
(وَهل لي اخْتِيَار أَن أُخَالِف حكمه ... فبالله فاشفوا بالبراهين غلتي)
فكت الشَّيْخ عَلَاء الدّين القونوي جَوَابه // (من الطَّوِيل) //
(حمدت إلهي قبل كل مقَالَة ... وَصليت تَعْظِيمًا لرب الْبَريَّة)
(وحاولت إبلاغ النَّصِيحَة منصفا ... لمن طلب الْإِيضَاح فِي كل شُبْهَة)
(فَأول مَا يلقى إِلَى كل طَالب ... لتحقيق حق وَاتِّبَاع حَقِيقَة)
(نزوغ الْفَتى من كل عقد وشبهة ... تصد عَن الإمعان فِي نظم حجَّة)
(وإلقاء سمع وَاجْتنَاب تعنت ... فَلَا خير فِي المستحمق المتعنت)
(إِذا صَحَّ مِنْك الْجد فِي كشف غمَّة ... بليت بهَا فاسمع هديت لرشدتي)
(صدقت قضى الرب بالحكيم بِكُل مَا ... يكون وَمَا قد كَانَ فَوق الْمَشِيئَة)
(وَهَذَا إِذا حققته متأملا ... فَلَيْسَ يسد الْبَاب من بعد دَعْوَة)
(لِأَن من الْمَعْلُوم أَن قَضَاءَهُ ... بِأَمْر على تَعْلِيقه بشريطة)(20/151)
(يجوز وَلَا يأباه عقل كَمَا ترى ... حُدُوث أُمُور بعد أُخْرَى تأدت)
مَا الرّيّ بعد الشّرْب والشبع الَّذِي ... يكون عقيب الْأكل فِي كل مرّة)
(فَلَيْسَ ببدع أَن يكون مُعَلّقا ... قَضَاء إِلَه الْخلق رب الخليقة)
(بكفرك مهما كنت بالبغي رافضا ... تعَاطِي أَسبَاب الْهدى مَعَ مكنة)
(فَمن جملَة الْأَسْبَاب مِمَّا رفضته ... مَعَ الْأَمر والإمكان لفظ الشَّهَادَة)
(فَلَو أَنْتُم أقبلتم بضراعة ... إِلَى الله وَالدّين القويم الطَّرِيقَة)
(ووفيتم حسن التَّأَمُّل حَقه ... وأحسنتم الإمعان فِي كل نظرة)
(لَكَانَ الَّذِي قد شاءه الله من هدى ... وَلَيْسَ خُرُوج عَن قَضَاء بحيلة)
(أَلا نفحات الرب فِي الْهدى جمة ... وَلَكِن تعرض كي تفوز بنفحة)
(وَلَا تتكل واعمل فَكل ميسر ... لما هُوَ مَخْلُوق لَهُ دون رِيبَة)
(وَلَو كنت أَدْرِي أَن فهمك قَابل ... لفهم كَلَام ذِي غموض ودقة)
(لأشبعت فِيهِ القَوْل بسطا محققا ... على نمطي علمي كَلَام وَحِكْمَة)
(ولكنما الْمَقْصُود إقناع مثلكُمْ ... فهاك قَصِيرا من فُصُول طَوِيلَة)
(وَلَوْلَا وُرُود النَّهْي عَن هَذِه الَّتِي ... سَأَلت لصار الْفلك فِي وسط لجة)
(فها أَنا أطوي مَا نشرت بساطه ... وَأَسْتَغْفِر الله الْعَظِيم لزلتي)
221 - نور الدّين بن قُرَيْش عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش الْعدْل الْمسند نور الدّين أَبُو الْحسن ابْن الْمُحدث تَاج الدّين المَخْزُومِي الْمصْرِيّ مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع الحافظين الْمُنْذِرِيّ والعطار وَشَيخ الشُّيُوخ الْحَمَوِيّ وَمُحَمّد بن الخب النِّعَال والكمال الضَّرِير وَابْن الْبُرْهَان وَابْن عبد السَّلَام وَسمع حضورا من عبد المحسن بن مُرْتَفع وَتفرد بأَشْيَاء وَكَانَ صَالحا خيرا من الشُّهُود أَخذ عَنهُ الدمياطي وَابْن رَافع والسروجي وَجَمَاعَة وَكَانَت وَفَاته بحارة الديلم بِالْقَاهِرَةِ(20/152)
قلت وَسمعت عَلَيْهِ الْجُزْء الأول وَالثَّانِي من عوالي المعجم الْكَبِير لأبي الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد بن أَيُّوب الطَّبَرَانِيّ بِقِرَاءَة الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس فِي منزلَة بَين القصرين فِي مجَالِس آخرهَا سَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَأَجَازَ لنا جَمِيع مَا يرويهِ وَرَوَاهُ لنا بِسَمَاعِهِ من الشَّيْخ زين الدّين أبي الطَّاهِر بن إِسْمَاعِيل بن عبد القوّي بن أبي العِزّ ابْن عزون أخبرتنا الشيخة فَاطِمَة ابْنة الإِمَام أبي الْحسن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد بن سهل الْأنْصَارِيّ قِرَاءَة عَلَيْهَا وَأَنا أسمع قَالَت أخبرتنا الشيخة فَاطِمَة بنت عبد الله بن أَحْمد بن الْقَاسِم بن عقيل الجوزذانيّة قِرَاءَة عَلَيْهَا وَأَنا حَاضِرَة فِي الثَّالِثَة أَنا أَبُو بكر محمّد بن عبد الله بن ريذة الضَّبِّيّ أَنا الطَّبَرَانِيّ
222 - الشَّيْخ عَليّ منلا عَليّ بن أسمح الْعَلامَة الزَّاهِد أَبُو الْحسن منلا اليعقوبي الشَّافِعِي النَّحْوِيّ أَخذ التتار من يَعْقُوب صَغِيرا فَأَقَامَ ببلغار عِنْد التتار وَحفظ المصابيح لِلْبَغوِيِّ والمفصل والمقامات وَغير ذَلِك وتميز وَسكن الرّوم وَولى مشيخة الحَدِيث بهَا وَهُوَ شَاب وَركب البغلة ثمَّ تزهد وَفَارق الرّوم ولف رَأسه بمئزر صَغِير وَسكن دمشق سنة بضع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَجلسَ للإفادة وَحضر مدارس وَكَانَ دينا خيرا توفّي باللجون قَاصد الْحَج سنة عشر وَسَبْعمائة وَكَانَ مِمَّن يُؤْذِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بِلِسَانِهِ
223 - العامري الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن إشكاب وَاسم إشكاب حسن العامري الْبَغْدَادِيّ كَانَ أسن من أَخِيه مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين روى عَن عَليّ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَآخر من روى حَدِيثه عَالِيا سبط السلَفِي وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
224 - أَبُو الْحسن الْهَمدَانِي المغربي عَليّ بن أضحى أَبُو الْحسن الْهَمدَانِي من بَيت كَبِير كَانَ مِنْهُم ملك غرناطة فِي دولة عبد الله المرواني فَلَمَّا اختلت الأندلس على الملثمين ثار بغرناطة قاضيها أَبُو الْحسن الْمَذْكُور إِلَّا انه لم تطل أَيَّامه وَمَات سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة وَملك بعده ابْن أضحى وَلم تطل أَيَّامه أَيْضا وَكَانَ مَشْهُورا بالجود ناظما ناثرا وَمن شعره قبل أَن يكون ملكا وَقد دخل مَجْلِسا فَوَجَدَهُ غاصا فَجَلَسَ فِي أخريات(20/153)
النَّاس // (من الْكَامِل) //
(نَحن الْأَهِلّة فِي ظلام الحندس ... حَيْثُ احللنا فَهُوَ صدر الْمجَالِس)
(إِن يذهب الدَّهْر الخئون بعزنا ... ظلما فَلم يذهب بعز الْأَنْفس)
225 - العادلي عَليّ بن أرغلو العادلي الْأَمِير عَلَاء الدّين ابْن الْأَمِير سيف الدّين أغرلو مَمْلُوك الْعَادِل كتبغا تقدم ذكر وَالِده فِي حرف الْهمزَة مَكَانَهُ كَانَ الْأَمِير عَلَاء الدّين هَذَا أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِدِمَشْق وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي طاعون دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى
226 - أَبُو الْقَاسِم الشَّاعِر عَليّ بن أَفْلح بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الْعَبْسِي الْكَاتِب الأديب الْفَاضِل الشَّاعِر لَهُ ديوَان شعر وديوان ترسل وَكتب خطا حسنا لَهُ أهاج ومثالب فِي أَعْرَاض النَّاس فَأوجب ذَلِك مقته وَخَافَ من جمَاعَة فِي بَغْدَاد كَانَ المسترشد بِاللَّه قد أعطَاهُ أَرْبَعَة آدر فِي درب الشاكرية فَهَدمهَا وأنشأها دَارا مليحة عالية وَأَعْطَاهُ الْخَلِيفَة خَمْسمِائَة دِينَار وَمِائَة جذع وَمِائَتَا ألف آجرة وأجرى عَلَيْهِ مَعْلُوما فغرم على الدَّار عشْرين ألف دِينَار وَكَانَ فِيهَا حمام لمستراحها أنبوب إِن فرك يَمِينا جرى سخنا وان فرك شمالا جرى بَارِدًا ثمَّ انه ظهر عَنهُ يُكَاتب دبيس فنم عَلَيْهِ بوابه فهرب وانتقل إِلَى تكريب واستجار ببهروز ثمَّ آل الْأَمر أَن عفى عَنهُ وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(أسْتَغْفر الله من نظم القريض فقد ... أقلعت عَنهُ فَمَالِي فِيهِ من أرب)
(إِذْ لست أَنْفك فِي نظميه من فزع ... أَمْسَى ينغص عِنْدِي لَذَّة الْأَدَب)
(إِذا صدقت بهجوي النَّاس كخفتهم ... وَإِن مدحت خشيت الله فِي الْكَذِب)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(لما أَتَانِي بهَا المدير على ... عَاتِقه من شعاعها ألق)(20/154)
(حسوتها مسرعا مَخَافَة أَن ... تلبث فِي راحتي فتحترق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا انحنى كبرا فَقلت سفاهة ... يلقاك من لم يتئد فِي قيله)
(سكن الحبيب شغَاف قلبِي ثاويا ... مخنوت منعكفا على تقبيله)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا غرومي جزعي لبينهم ... يَوْم النَّوَى وَأَنا أَخُو الْفَهم)
(فالقوس من خشب تإن إِذا ... مَا كلفوها فرقة السهْم)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لله أحباب نأت بهم ... أَيدي النَّوَى ففراقهم جلل)
(بعدوا فدمع الْعين منهمر ... ونأوا فَنَار الشوق تشتعل)
(هَذَا وَمَا بَعدت مسافتهم ... إِذْ قربوا للبين وَاحْتَملُوا)
(رحلوا وَلَكِن فِي الْفُؤَاد ثووا ... فكأنهم رحلوا وَمَا رحلوا)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(كم إِلَى كم يكون هَذَا التجني ... كل يَوْم تعتب مِنْك يضني)
(مَا تحيلت فِي رضاك وبالغت ... بفن إِلَّا سخطت بفن)
(لست تصغي إِلَى هِدَايَة نصحي ... أَنْت أهْدى إِلَى صلاحك مني)
(مَا أَتَانِي الغرام فِيك بأَمْري ... وَكَذَا لَا يجي السلو بإذني)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(مَا بعد حلوان للمشتاق سلوان ... عز العزاء وَبَان الصَّبْر مذ بانوا)
(دَعْنِي وتسكاب دمعي من مدامعه ... فللشؤون ولي من بعدهمْ شان)
(مَا الْعَيْش بعدهمْ مِمَّا ألذ بِهِ ... أَنِّي يلذ بِغَيْر النّوم وَسنَان)
(هم الْحَيَاة وَقد بانوا الْغَدَاة فَهَل ... يَصح بعد ذهَاب الرّوح جثمان)
(يَا صَاحِبي أقلا من ملامكما ... فَإِن لومكما ظلم وعدوان)
(أَيْن الشجي من خلي مَا أحب وَلَا ... هَاجَتْ لَهُ بنوى الأحباب أشجان)(20/155)
وَمِنْه // (من الرمل) //
(هَذِه الْخيف وهاتيك منى ... فترفق أَيهَا الْحَادِي بِنَا)
(واحبس الركب علينا سَاعَة ... نندب الرّبع ونبك الدمنا)
(فَلِذَا الْموقف أعددنا الأسى ... وَلذَا الْيَوْم الدُّمُوع تقتنى)
(زَمنا كَانُوا وَكُنَّا جيرة ... يَا أعَاد الله ذَاك الزمانا)
(بَيْننَا يَوْم أثيلات مني ... كَانَ عَن غير ترَاض بَيْننَا)
(آه من رئم كحيل طرفه ... بَين عَيْنَيْهِ نصال وقنا)
( ... ترك الْجَانِي لم يعرض لَهُ ... وابتلى ظلما بَرِيئًا مَا جنى)
وَمِنْه فِي غُلَام نَاقص الْجمال // (من الوافر) //
(وَمَا عشقي لَهُ وحشا لِأَنِّي ... كرهت الْحسن واخترت القبيحا)
(وَلَكِن غرت أَن أَهْوى مليحا ... وكل النَّاس يهوون المليحا)
وَمِنْه فِي غُلَام أعرج // (من الْخَفِيف) //
(بِأبي من رَأَيْته يتثنى ... فَهُوَ من لينه يحل ويعقد)
(حسدوه على الْجمال فَقَالُوا ... أعرج والمليح مَا زَالَ يجسد)
(هُوَ غُصْن وَالْحسن فِي الْغُصْن الناعم ... مَا كَانَ مائلا يتأود)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(حمدت بوابك إِذْ ردني ... وَذمَّة غَيْرِي على رده)
(لِأَنَّهُ قلدني نعْمَة ... يسْتَوْجب الإغراق فِي حَمده)
(أراحني من قبح ملقاك لي ... وكبرك الزَّائِد فِي حَده)
227 - مُحي الدّين البعلبكي عَليّ بن أقسيس بن أبي الْفَتْح بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر مُحي الدّين البعلبكي كَانَ نَاظر الزَّكَاة بِدِمَشْق وَكَانَ رَئِيسا أنيق الشكل والمبلس والمأكل والسكن مليح الحركات كثير الصَّدَقَة والتلاوة لَهُ حكايات فِي المكارم توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
228 - أَخُو مُحَمَّد بن أُميَّة عَليّ بن أُميَّة بن أبي أُميَّة كَانَ أَبوهُ يكْتب للمهدي على ديوَان بَيت المَال وديوان الرسائل والخاتم وَكَانَ هُوَ متقطعا إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي(20/156)
والى الْفضل بن الرّبيع لما قَالَ عَليّ // (من المنسرح) //
(يَا ريح مَا تصنعين بالدهن ... كم لَك من منظر حسن)
(محوت آثارها وأحدثت آثارا ... بِربع الحبيب لم تكن)
(إِن تَكُ يَا ربع قد بَكَيْت من الرّيح ... فَإِنِّي باك من الْحزن)
(قد كَانَ يَا ربع فِيك لي سكن ... فصرت إِذْ بَان بعده سكني)
(شبهت مَا أبلت الرِّيَاح من أثار ... حَبِيبِي النائي بلَى بدني)
(يَا ريح لَا تظلمي الرسوم وَلَا ... تمحي رسوم الديار والدمن)
(حاشاك حاشاك أَن تَكُونِي على العاشق ... عونا لحادث الزَّمن)
كثر النَّاس فِيهِ وغناه عَمْرو الغزال فَقَالَ أَبُو مُوسَى الأعمس // (من الْبَسِيط) //
(يَا رب خذني وَخذ عَليّ وَخذ ... يَا ريح مَا تصنعين بالدمن)
(عجل إِلَى النَّار بِالثَّلَاثَةِ وَالرَّابِع ... عَمْرو الغزال فِي قرن)
ثمَّ نَدم وَقَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيت وهم إخْوَانِي وَلَا أحب أَن أنشب بيني وَبينهمْ عَدَاوَة فَأنى أُميَّة وَقَالَ قد أذنبت ذَنبا وَجئْت مستجيرا بكم من فتيانكم فَدَعَا بعلي بن أُميَّة وَقَالَ هَذَا عمك قد أَتَاك معتذرا من الشّعْر الَّذِي قَالَه فَقَالَ وَمَا هُوَ فأنشده فَقَالَ قد ضجرنا وَالله مِنْهُ كَمَا ضجرت أَنْت وَأكْثر وَأَنت آمن من أَن يكون منا جَوَاب وأتى مُحَمَّد بن أُميَّة فَقَالَ لَهُ // (من المنسرح) //
(كم شَاعِر عِنْد نَفسه فطن ... لَيْسَ لدينا بالشاعر الفطن)
(قد أخرجت نَفسه بغصتها ... يَا ريح مَا تصنعين بالدمن)
وَدفع الرقعة إِلَى غُلَام لَهُ وَقَالَ ادفعها إِلَى أبي مُوسَى وَقل لَهُ يَقُول لَك مَوْلَاك ذَكرنِي بهَا إِذا انصرفت إِلَى الْمنزل فَلَمَّا انْصَرف إِلَى منزله أَتَاهُ غُلَامه بالرقعة فَقَالَ لَهُ هَذِه الَّتِي بعثت بهَا إِلَيّ فَقَالَ وَالله مَا بعثت إِلَيْك بِشَيْء وأظن الْفَاسِق قد فعلهَا ثمَّ دَعَا مُحَمَّد ابْنه فقرأها عَلَيْهِ فَلَمَّا سمع مَا فِيهَا قَالَ يَا غُلَام لَا تنْزع عَن البغلة وَرجع إِلَى عَليّ بن أُميَّة فَقَالَ لَهُ نشدتك الله أَن تزيد على مَا كَانَ فَقَالَ لَهُ أَنْت آمن قَالَ صَاحب الأغاني حدثي الْحسن بن عَليّ قَالَ حَدثنِي أَبُو هفان قَالَ كُنَّا فِي مجْلِس وَعِنْدنَا مغنية تغنينا وَصَاحب الْبَيْت يهواها فَجعلت تكايده وتومئ إِلَى غَيره بالمزاح والتجميش وتغيظه بجهدها وَهُوَ يكَاد يَمُوت قلقا وهما وتنغص عَلَيْهِ يَوْمه ولحت فِي أمرهَا وَسقط(20/157)
المضراب من يَدهَا فاكبت على الأَرْض لتأخذه فضرطت ضرطة سَمعهَا جَمِيع من حضر وخجلت وَلم تدر مَا تَقول فَأَقْبَلت على عشيقها وَقَالَت أيش تشْتَهي أَن أُغني لَك فَقَالَ لَهَا غَنِي يَا ريح مَا تصنعين بالدمن فخجلت وَضحك الْقَوْم وَصَاحب الدَّار حَتَّى أفرطوا فَبَكَتْ وَقَامَت من الْمجْلس وَقَالَت أَنْتُم قوم سفل لعنة الله على من يعاشركم وَخرجت وَكَانَ ذَلِك سَبَب القطيعة بَينهمَا
229 - أَبُو الْحسن الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن الأنجب بن مَا شَاءَ لله بن الْحسن بن عبد الله بن عبيد الله بن الْجَصَّاص أَبُو الْحسن الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ جود قِرَاءَة الْقُرْآن وتفقه على أبي المنى وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَقَرَأَ الْأَدَب وَكتب الْخط الْحسن وَسمع من أبي الْفَتْح بن شاتيل فَمن بعده مولده سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ووفاته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
230 - أَبُو الْحسن الإسْكَنْدراني الْمَالِكِي عَليّ بن الأنجب أبي المكارم بن عَليّ بن مفرح بن حَاتِم بن الْحسن بن جَعْفَر بن إِبْرَاهِيم بن حسن اللَّخْمِيّ الْمَقْدِسِي الأَصْل الإسْكَنْدراني المولد الْمَالِكِي أَبُو الْحسن كَانَ فَاضلا فِي مذْهبه من أكَابِر الْحفاظ فِي الحَدِيث صحب الْحَافِظ السلَفِي وَصَحبه زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ وَعَلِيهِ تخرج وَكَانَ يَنُوب فِي الْإسْكَنْدَريَّة ودرس هُنَاكَ ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الصاحبية ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره // (من المتقارب) //
(تجاوزت سِتِّينَ من مولدِي ... فأسعد أيامي الْمُشْتَرك)
(يسائلني زائري حالتي ... وَمَا حَال من حل فِي المترك)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(ولمياء تحيي من نحيي بريقها ... كَأَن مزاج الراح بالمسك من فِيهَا)
(وَمَا ذقت فاها غير أَنِّي رويته ... عَن الثِّقَة المسواك وَهُوَ موافيها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //(20/158)
(أيا نفس بالمأثور عَن خير مُرْسل ... وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ تمسكي)
(عساك إِذا بالغت فِي نشر دينه ... بهَا طَابَ من نشر لَهُ أَن تمسك)
(وخافي غَدا يَوْم الْحساب جهنما ... إِذا لفحت نيرانها أَن تمسك)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(ثَلَاث باءات بلينا بهَا ... البق والبرغوث والبرغش)
(ثَلَاثَة أوحش مَا فِي الورى ... وَلست أَدْرِي أَيهَا أوحش)
231 - ابْن السَّاعِي عَليّ بن أَنْجَب بن عُثْمَان بن عبيد الله الشَّيْخ تَاج الدّين أَبُو الْحسن أَبُو طَالب بن السَّاعِي بِالسِّين وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَينهمَا ألف الْبَغْدَادِيّ المؤرخ خَازِن المستنصرية توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو جازها كَانَ أديبا فَاضلا أخباريا عمل تَارِيخا مَا زَالَ يجمع فِيهِ إِلَى أَن مَاتَ وَعمل تَارِيخ لشعراء زَمَانه وذيل على كَامِل ابْن الْأَثِير وَله كتاب غزل الظراف فِي مجلدين أجَازه الْمُسْتَنْصر عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكَانَت تَارِيخ الْمعلم الأتابكي التمسه مِنْهُ نور الدّين صَاحب شهرزور أرسلان شاه بن زنكي أجَازه عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكتاب نزهة الْأَبْصَار فِي أَخْبَار ابْني المستعصم الشَّهِيد وَمَا أنْفق عَلَيْهِمَا من الْأَمْوَال وتفاصيل مَا عمل من المآكل والملابس وَمَا عمل من المدائح فَأعْطى عَلَيْهِ مائَة دِينَار وَكَانَ إقبال الشرابي ينفذ إِلَيْهِ الذَّهَب ويحترمه وَله فِي إقبال مدائح وَفِي غَيره وَوَصله الْمُسْتَنْصر بِمِائَة دِينَار على كتاب الإيناس فِي مَنَاقِب بني الْعَبَّاس وَكتاب الْحَث على طلب الْوَلَد عمله باسم مُجَاهِد الدّين أيبك الدوادار الصَّغِير وَقدمه لَهُ يَوْم دُخُوله على ابْنة صَاحب الْموصل لولو وَكتاب تَارِيخ الوزراء وتاريخ نسَاء الْخُلَفَاء من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء ومنهن سمرأم أَوْلَاد المستعصم الْأُمَرَاء أَحْمد وَعبد الرَّحْمَن ومبارك وسيرة الْمُسْتَنْصر ومصنف فِي آل الْبَيْت وَله عدَّة تواليف أورد ابْن الكازروني فِي تَرْجَمَة ابْن السَّاعِي أَسمَاء تصانيفه وَهِي كَثِيرَة لَعَلَّهَا وقر بعير مِنْهَا مشيخة بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة فِي عشْرين مجلدا وروى بِالْإِجَازَةِ عَن أبي سعيد الصفار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وأحسبها الْعَامَّة وَعَن ابْن سكينَة والكندي(20/159)
وَابْن الْأَخْضَر وَأحمد بن الديبقي وَسمع من أَصْحَاب أبي الْوَقْت وَقَرَأَ على ابْن النجار تَارِيخه الْكَبِير لبغداد وَله أَوْهَام وَقد تكلم فِيهِ وَالله أعلم
7928 - الْمَنْصُور بن الْمعز عَليّ بن أيبك الْملك المصور ابْن الْملك الْمعز التركماني لما قتلت شَجَرَة الدّرّ امْرَأَة أَبِيه وَالِده الْمعز أيبك على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة أيبك اجْتمع جمَاعَة من الْأُمَرَاء الصالحية وسلطنوا عليا الْمَذْكُور وسموه الْمَنْصُور وعمره يَوْمئِذٍ خمس عشرَة سنة وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة على مَا تقدم شَرحه فِي تَرْجَمَة الْمعز أيبك وَتَوَلَّى تَدْبِير ملكه سيف الدّين قطز مَمْلُوك أَبِيه فَلَمَّا كَانَ أَوَاخِر سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة ودهم التتار الشَّام رأى قطز أَن الْأَمر يحْتَاج إِلَى سُلْطَان مُسْتَقل فَخلع الْمَنْصُور عليا وتسلطن قطز وَتسَمى بالمظفر وَجرى لَهُ مَتى جرى على مَا سَوف يَأْتِي فِي تَرْجَمَة قطز فِي حرف الْقَاف إِن شَاءَ الله تَعَالَى
7929 - ابْن الساربان عَليّ بن أَيُّوب بن الحسيين القمي أَبُو الْحسن بن الساربان الْكَاتِب روى عَن المتنبي ديوانه بقوله وَعَن السيرافي وَجَمَاعَة قَالَ الْخَطِيب قَرَأت عَلَيْهِ شعر المتنبي وَكَانَ رَافِضِيًّا وَتُوفِّي فِي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
234 - عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي عَليّ بن أَيُّوب بن مَنْصُور الشَّيْخ الإِمَام عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي معيد الْمدرسَة البادرائية بِدِمَشْق كَانَ يعرف بعليان وَيكْتب ذَلِك بِخَطِّهِ فِي أول أمره ودرس بالأسدية وبحلقة صَاحب حمص وَسمع من الْفَخر بن البُخَارِيّ وَمن عبد الرَّحْمَن بن الزين وَحدث بِدِمَشْق والقاهرة وَكتب بِخَطِّهِ الْمليح كثيرا من كتب الْعلم وَلما بِيعَتْ فِي حَيَاته تغالى النَّاس فِيهَا لصحتها وَكَانَ قد عني بِالْحَدِيثِ وَطلب بِنَفسِهِ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ أَيْضا وحرر الْأَلْفَاظ وضبطها ثمَّ انه سكن الْقُدس بِأخرَة وَاخْتَلَطَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يعبث فِي اخْتِلَاطه بِذكر الْجِنّ وَيَقُول قد وعدوني بِأَن يسوقوا نَهرا من النّيل ونهرا من زَيْت نابلس إِلَى دَاري هَذِه ويعد لذَلِك أَمَاكِن يكون فِيهَا المَاء وَالزَّيْت وَأَشْيَاء من هَذِه المستحيلات وقاسى فقرا شَدِيدا وفاقة وَتُوفِّي رَحمَه الله بالقدس سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي شهر رَمَضَان الْمُعظم(20/160)
235 - الْحَافِظ الْقطَّان عَليّ بن بَحر الْقطَّان الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ والذهلي وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
236 - أستاذ الدَّار عَليّ بن بختيار أَبُو الْحسن الْكَاتِب كَانَت لَهُ معرفَة بِالْكِتَابَةِ وخدم فِي الدَّوَاوِين وَولى أستاذ دارية الْخلَافَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فِي خَامِس عشْرين شَوَّال وعزل فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَلزِمَ بَيته وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله نَفَقَة عَلَيْهِم وَتردد إِلَى الصَّالِحين وَبنى رِبَاطًا للصوفية بِبَاب الجعفرية ووفق عَلَيْهِ كثيرا من أملاكه وَتُوفِّي سنة تسعين وَخَمْسمِائة
237 - الوَاسِطِيّ الشَّاعِر عَليّ بن بختيار بن عَليّ أَبُو السعادات الوَاسِطِيّ شَاعِر كَاتب لَهُ معرفَة بالأدب روى بِبَغْدَاد عَن جمَاعَة من شعراء وَاسِط وَسمع مِنْهُ عمر بن ظفر المغازلي وَعلي بن أبي أسعد الخباز وَأَبُو بكر بن الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف وَغَيرهم وَمن شعره // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَا تغتدر بوداد من ... لَك وده أَهلا وسهلا)
(يلقاك مِنْهُ بكله ... ملقا ويمنعك الأقلا)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لَا تأمنن عدوا كَانَ خوارا ... وَكن على حذر أَن يدْرك الثارا)
(فالماء وَهُوَ سخين لَيْسَ يمنعهُ ... مَا فِيهِ من حِدة أَن يُطْفِئ النارا)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(لَا تلمني على تألم قلبِي ... لنوى من إِلَيْهِ قلبِي يحن)
(فالحنايا وَمَا لَهُنَّ حنين الْمَرْء ... من فرقة السِّهَام تَئِنُّ)
وَمِنْه // (من مخلع الْبَسِيط) //
(مدحت عمرا على اغترار ... وَلم يكن مَوضِع المديح)(20/161)
(فَقَالَ قولا فِيهِ احْتِيَاج ... للرجل الْمُوسر الشحيح)
(ألمال روح والمديح ريح ... وَلست أعطي روحا برِيح)
238 - العطاردي الْكَاتِب عَليّ بن بدر بن عبد الله العطاردي أَبُو الْحسن الْكَاتِب كَانَ وَالِده مولى نصر بن الْعَطَّار الْحَرَّانِي التَّاجِر ولد عَليّ بِبَغْدَاد وَنَشَأ مَعَ أَوْلَاد سَيّده وَكتب وَسمع وَقَرَأَ الْأَدَب وَكتب على خطوط الْمَشَايِخ إِلَى أَن ضرب الْمثل بِخَطِّهِ وَكَانَ شَابًّا مليح الصُّورَة كَاتبا سديدا بليغا لَهُ النّظم والنثر وسافر إِلَى مصر وَأقَام بهَا وتصرفي فِي الْأَعْمَال الديوانية وَكَانَت نَفسه تسمو إِلَى الوزارة وَكتب لِابْنِ الذروى قصائد من شعره فَكتب إِلَيْهِ ابْن الذروى // (من الْخَفِيف) //
(يَا بن عَلَوْت فِي الْخط قدرا ... عِنْدَمَا قايسوك بِابْن هِلَال)
(جَاءَ يَحْكِي أَبَاهُ فِي النَّقْص لما ... جِئْت تحكي أَبَاك عِنْد الْكَمَال)
وتفي ابْن دبر سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره
239 - أَبُو دعامة الْقَيْسِي عَليّ بن بريد أَبُو دعامة الْقَيْسِي وَأَبُو الْحسن أحد الكبراء النبلاء الروَاة صَاحب أدب وَله أَخْبَار وَهُوَ مَشْهُور بكنيته روى عَن أبي نواس وَأبي الْعَتَاهِيَة وروى عَنهُ ابْن أبي طَاهِر وَعون بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ وَغَيرهمَا
240 - صَاحب الذَّخِيرَة عَليّ بن بسام أَبُو الْحسن الشنتريني صَاحب كتاب الذَّخِيرَة فِي محَاسِن أهل الجزيرة يَعْنِي جَزِيرَة الأندلس وَلَا أعرف فِي الْأَدَب كتابا مثله فِي بَابه فِي الاستطراد بالنظائر والأمثال والأشباه وَذكر السرقات وَأما نثره فِي تراجم من ذكره فِيهَا فَإِنَّهُ كالمدام وَصفا والنسيم لطفا أربى فِيهِ على الْفَتْح بن خاقَان صَاحب قلائد العقيان إِلَّا أَن نثر صَاحب القلائد أمكن وأصنع وَذَاكَ أسرى وألطف وَقد اخْتَار الذَّخِيرَة ابْن ظافر وزاده أَشْيَاء وكمله بِأَبْيَات وَتَمام رسائل وفصول وَحذف مِنْهُ فصولا فجوده وَسَماهُ نفائس الذَّخِيرَة وَلَو عمل كَانَ جيدا إِلَى الْغَايَة وملكت ذَلِك بِخَط ابْن ظافر
241 - الْمصْرِيّ الْوراق عَليّ بن بَقَاء بن مُحَمَّد بن أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الْوراق(20/162)
النَّاسِخ كَانَ مُحدث مصر فِي وقته ثِقَة مرضيا وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين عَليّ بن بكار أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ نزيل المصيصة والثغور الزَّاهِد الْمَعْرُوف صحب إِبْرَاهِيم بن أدهم مُدَّة وَتُوفِّي سنة تسع وَمِائَتَيْنِ
242 - صَاحب إربل عَليّ بن بكتكين بن مُحَمَّد الْأَمِير زين الدّين كوجك التكماني صَاحب إربل أحد الْأَبْطَال الموصوفين والفرسان الْمَذْكُورين كوجك مَعْنَاهُ لطيف الْقد حاصر المقتفي وَخرج عَلَيْهِ ثمَّ طلب عَفوه وَحسنت طَاعَته وَحج هُوَ وشيركوه وَكَانَ من أكَابِر الدولة الأتابكية مدحه الحيص بيص بقصيدة فَقَالَ لَهُ أَنا مَا أعرف مَا تَقول وَلَكِن أعلم أَنَّك تُرِيدُ شَيْئا فَأمر لَهُ بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَفرس وخلعة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
243 - السائح الْهَرَوِيّ الْخَطِيب عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ الزَّاهِد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْهَرَوِيّ الأَصْل الْموصِلِي النشأ السائح الَّذِي طوف الْبِلَاد والأقاليم وَكَانَ يكْتب على الْحِيطَان فقلما تَجِد موضعا مَشْهُورا فِي بلد إِلَّا خطه عَلَيْهِ ولد بالموصل واستوطن آخر عمره بحلب وَله بهَا رِبَاط وَله تواليف حَسَنَة مِنْهَا كتاب الزيارات بالزاي وَله كتاب عجائب الأَرْض ذَات الطول وَالْعرض وَله كتاب خطب صنفه وَقدمه للْإِمَام النَّاصِر فَوَقع لَهُ بالحسبة فِي سَائِر الْبِلَاد وإحياء مَا شَاءَ من الْموَات والخطابة بحلب وَكَانَ التوقيع بِيَدِهِ إِذا دخل بِبَلَد عمل بهَا الْحِسْبَة إِلَى أَن يخرج مِنْهَا وَكَانَ يعرف السيمياء وَبهَا تقدم عِنْد الظَّاهِر صَاحب حلب وَقَالَ ابْن وَاصل كَانَ عَارِفًا بأنواع الْحِيَل والشعبذة وَبنى لَهُ مدرسة بِظَاهِر حلب وَدفن فِي قبَّة الْمدرسَة وَكتب على كل بَاب مِنْهَا مايليق بِهِ وَكتب على بَاب بَيت المَاء بِبَيْت المَال فِي بَيت المَاء وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة قَالَ ابْن خلكان رَأَيْت فِي قُبَّته مُعَلّقا عِنْد رَأسه غصنا وَهُوَ حَلقَة حَلقَة لَيْسَ فِيهَا صَنْعَة وَهُوَ أعجوبة قيل انه رَآهُ فِي بعض سياحاته فاستصحبه وأوسى أَن يكون عِنْد رَأسه ليعجب مِنْهُ من يرَاهُ وَكَانَ يضْرب بِهِ(20/163)
الْمثل فِي وجود خطه فِي كل مَوضِع مَشْهُور حَتَّى قَالَ فِيهِ ابْن شمس الْخلَافَة وَقد ذكر شخصا يستجدي بالأوراق // (من الْبَسِيط) //
(أوراق كديته فِي بَيت كلّ فَتى ... على اتِّفَاق معانٍ وَاخْتِلَاف رُوِيَ)
(قد طبَّق الأَرْض من سهل وَمن جبل ... كَأَنَّهُ خطّ ذَاك السائح الْهَرَوِيّ)
244 - ابْن روزبة عَليّ بن أبي بكر بن روزبة رَاء أولى قبل الْوَاو وَبعدهَا زَاي قبل بَاء مُوَحدَة ابْن عبد الله أَبُو الْحسن الْبَغْدَادِيّ القلانسي الصُّوفِي سمع صَحِيح البُخَارِيّ من أبي الْوَقْت وَحدث بِبَغْدَاد وَرَأس عين مَرَّات بِالصَّحِيحِ وازدحموا عَلَيْهِ ووصلوه بجملة من الذَّهَب وَكَانَ قد عزم على الْحُضُور إِلَى دمشق فخوفوه من حِصَار دمشق فَرد إِلَى بَغْدَاد فطالبوه بِمَا كَانُوا أَعْطوهُ فَرد الْبَعْض وماطل الْبَاقِي وَجَاوَزَ التسعين وأضر آخر عمره وَأَجَازَ لِابْنِ الشِّيرَازِيّ وَسعد والمطعم وَأحمد بن الشّحْنَة وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
245 - ابْن الطبيبة العابر عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مَحْمُود أَبُو الْحسن الصنهاجي الإسْكَنْدراني العابر الْمَعْرُوف بِابْن الطبيبة سمع وَله شعر حسن وَمَعْرِفَة بالتعبير وَكَانَ فِيهِ خير وَصَلَاح وأضر بِأخرَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
246 - عَلَاء الدّين بن صصرى عَليّ بن أبي بكر بن أبي الْفَتْح بن مَحْفُوظ بن الْحسن بن صصرى الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن التغلبي الدِّمَشْقِي الْعدْل الضَّرِير رَاوِي الصَّحِيح عَن ابْن مندويه وَأحمد بن عبد الله السّلمِيّ سمع من الْمجد الْقزْوِينِي وَسمع مِنْهُ جمال الدّين الْمزي وَابْن الخباز والرزالي وَابْن سيد النَّاس وَجَمَاعَة وَكَانَ من أَبنَاء التسعين توفّي إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة
247 - وَزِير الممالك الفانئة عَليّ شاه ابْن أبي بكر التبريزي الْوَزير الْكَبِير خدم القان بوسعيد ملك التتار وَتمكن مِنْهُ وَعظم مَحَله مِنْهُ وَكَانَ مصافيا للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد محبا لَهُ أهْدى إِلَيْهِ تحفا رَأَيْت مِنْهَا الربعة الَّتِي أهداها فِي ثَلَاثِينَ جُزْءا قطع الْبَغْدَادِيّ مَكْتُوبَة بِالذَّهَب مزمكة فِي غَايَة الْحسن وَأهْدى إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز أُخْرَى مثلهَا وَكَانَ محبا لأهل السّنة كَانَ فِي أول أمره سمسارا ثمَّ آلت بِهِ الْحَال إِلَى أَن وزر(20/164)
وَتُوفِّي بأرجان هُوَ من أَبنَاء السِّتين سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ وَالِد الْأَمِير نَاصِر الدّين خَليفَة أحد أُمَرَاء دمشق قدم على السُّلْطَان فَطَلَبه الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَأمره وَبَعثه إِلَى دمشق فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن وَله أَخ لَهُ صُورَة فِي الْبِلَاد وحشمة والوزير عَليّ شاه هُوَ الَّذِي قَامَ على الرشيد حَتَّى أهلك
248 - برهَان الدّين المرغيناني الْحَنَفِيّ بن أبي بكر بن عبد الْجَلِيل الإِمَام برهَان الدّين المرغيناني بالغين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ونونين بَينهمَا ألف شيخ الْحَنَفِيَّة أَبُو الْحسن صَاحب كتابي الْهِدَايَة والبداية فِي الْمَذْهَب توفّي فِي حُدُود التسعين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا
249 - تَاج الدّين الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن أبي بكر بن أبي خَازِن كَذَا قَالَ القوصي فِي مُعْجَمه ابْن عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ تَاج الدّين أَبُو الْحسن قَالَ القوصي وَمن خطه نقلت فِي مُعْجَمه كَانَ هَذَا الشَّيْخ من أَرْبَاب الْآدَاب وقرأت عَلَيْهِ كتاب تَفْضِيل الْكلاب على كثير مِمَّن لبس الثِّيَاب تصنيف المرزباني وَكن مولده بِبَغْدَاد أَنْشدني لنَفسِهِ بِدِمَشْق بِالْمَدْرَسَةِ المجاهدية فِي شهور سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة // (من الرمل) //
(لست تحْتَاج إِلَى أَن تقتضني ... لَك من نَفسك نعم الْمُقْتَضِي)
(أَنا إِن أذكرت من لم ينسني ... فَلَمَّا يقلقني من مضضي)
(وَإِذا لم أَشك مَا بِي لكم ... فَإلَى من يَا أساة الْمَرَض)
وأنشدني لنَفسِهِ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(أَنَّهَا الشيب فضَّة ... سكبتها التجارب)
(بل حسام مهند ... صقلته النوائب)
وأنشدني لنَفسِهِ // (من المنسرح) //
(هَات اسقنيها صدفا مُعتقة ... واجتنب المزج فَهُوَ يتلغها)
(لَا تطرح فعل مَا أمرت بِهِ ... أصرفها للهموم أصرفها)
250 - شمس الدّين الْحَاجِب الأفضلي عَليّ بن بكر السباق بن جادلي شمس الدّين أَبُو الْحسن الأفضلي كَانَ أَمِيرا بِدِمَشْق فِي الدولة الْأَفْضَلِيَّة حاجبا مولده بِدِمَشْق سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ فِيهِ إِعَانَة لِذَوي الْحَاجَات(20/165)
وَفِيه فَضِيلَة يرْوى شعرًا كثيرا أَقَامَ بحماة مُدَّة بعد خُرُوجه من دمشق بِسَبَب دين كثير كَانَ عَلَيْهِ بهَا شاغل لذمته وبيعت دَاره عَلَيْهِ فِي الدّين لغيبته
251 - فَخر الدّين التركي النَّحْوِيّ عَليّ بن بكمش فَخر الدّين التركي النَّحْوِيّ تلميذ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَاسِع عشْرين شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة بِدِمَشْق
252 - عَلَاء الدّين الْفَارِسِي عَليّ بن بلبان الْأَمِير الْمُفْتِي الْمُحدث النَّحْوِيّ عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن الْفَارِسِي الْمصْرِيّ الجندي الْحَنَفِيّ ولد بِدِمَشْق سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع من الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي جُزْءا لِابْنِ ديزيل وَسمع من مُحَمَّد بن عَليّ بن صاعد وبدمشق من الْبَهَاء ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَتقدم فِي الْمَذْهَب وأصوله وأتقن النَّحْو وَشرح فِي الْجَامِع الْكَبِير وروت صَحِيح ابْن حبَان على الأبوب على نمط كتب السّنَن وَعمل المعجم الْكَبِير للطبراني أَو أَكْثَره على الْأَبْوَاب وَكَانَ جيد الْفَهم حسن المذاكرة لَهُ نظم تقدم أَيَّام المظفر بيبرس الجاشنكير ثمَّ انجمع وأكرمه النَّائِب أرغون الدوادار وَكَانَ مليح الشكل وافر الْجَلالَة نَشأ وَلَده جمال الدّين فتفقه لأبي حنيفَة ثمَّ تحول شافعيا فتألم وَالِده لذَلِك قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمع بقراءني جُزْءا وَمَا أَظُنهُ حدث وَكَانَ يصلح للْقَضَاء لسكونه وَعلمه وتصونه وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَلم تتفق لي رُؤْيَته
253 - الْمُحدث أَبُو الْقَاسِم الناصري الكركي عَليّ بن بلبان الْمُحدث أَبُو الْقَاسِم الْمَقْدِسِي الناصري الكركي المشرف ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَسمع بِبَغْدَاد من الْقطيعِي وكريمه وَهَذِه الطَّبَقَة وبدمشق ومصر والإسكندرية من جمَاعَة من أَصْحَاب السلَفِي وعني بِهَذَا الْفَنّ وَسمع الْكثير وَحصل الْأَجْزَاء وَلم يكن مبرزا وَلَا متقنا وَله غلطات وأوهام سمع مِنْهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية والمزي والبرزالي وَخلق كثير وَله نظم وَخرج لنَفسِهِ ولجماعة وَمن شعره(20/166)
254 - ابْن البدري عَليّ بن بلبان الْأَمِير عَلَاء الدّين بن البدري أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِالشَّام تولى نابلس بعد إمْسَاك الْأَمِير سيف الدّين تنكز فِي نِيَابَة الطنبغا وأجمل السِّيرَة بهَا ثمَّ تولى ولَايَة الْوُلَاة بالسفقة الْقبلية فأجمل السياسة وعف عَن أَمْوَال الرعايا إِلَى الْغَايَة ثمَّ ولى نِيَابَة الرحبة فحمدت سيرته بهَا ثمَّ عزل مِنْهَا وَأقَام على امْرَأَته ثمَّ أُعِيد إِلَى نِيَابَة الرحبة ثمَّ عزل مِنْهَا وَولى ولَايَة الْوُلَاة بالصفقة الْقبلية فَزَاد فِي حسن الْمُبَاشرَة والعفة عَن أَمْوَال الرعايا حَتَّى إِنَّه كَانَ لَا يعلق التِّبْن على خيله وَلَا يشرب المَاء إِلَّا بِثمن يُخرجهُ من مَاله ثمَّ استقال فأعفي من ذَلِك ثمَّ ورد المرسوم الشريف بِأَن يتَوَجَّه لنيابة الرحبة وَكَانَ قد حصل لَهُ مرض استرخاء فعاقه عَن ذَلِك وطولع بأَمْره فورد المرسوم الشريف بِأَن يتَوَجَّه إِلَى الرحبة الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن الزيبق ثمَّ الْأَمِير عَلَاء الدّين بن البدري فِي مَرضه تَقْدِير شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي مستهل شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة
255 - الْعزي النَّحْوِيّ عَليّ بن بكمش بن عبد الله التركي الْعزي النَّحْوِيّ أَبُو الْحسن كَانَ وَالِده من موَالِي الْعَزِيز بن نظام الْملك وَكَانَ من الأجناد وَولد لَهُ عَليّ هَذَا بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن وجوده وَقَرَأَ النَّحْو على الْوَجِيه أبي بكر الوَاسِطِيّ ثمَّ سَافر إِلَى الشَّام وَصَحب الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب وبرع فِي ذَلِك وَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ وأثرى وَكثر مَاله ثمَّ انه عَاد إِلَى بَغْدَاد ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَبهَا مَاتَ وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(وقائلة بَغْدَاد منشؤك الَّذِي ... نشأت بِهِ طفْلا عَلَيْك التمائم)
(فَمَا بالها تَشْكُو جفاءك معرضًا ... أما آن أَن تمْضِي إِلَيْهَا العزائم)
(فَقلت لَهَا إِنِّي الفريد وَإِنَّهَا ... أَوَان مغاص الدّرّ وَالْوَقْت عائم)
(وَقد جرت الْعَادَات فِي الدّرّ أَنه ... إِذا فَارق الأصداف لاقاه ناظم)
وَمِنْه فِي خصي يدعى مُخْتَارًا // (من الْكَامِل) //
(مُخْتَار مُخْتَار الْقُلُوب ونزهة ... للناظرين ومحنة العشاق)
(وَمنى الْقُلُوب وَغَايَة اللَّذَّات فِي ... شرع الْهوى ومطية الْفُسَّاق)(20/167)
256 - عماد الدولة بن بُويه عَليّ بن بُويه بن فناخسرو عماد الدولة أَبُو الْحسن الديلمي صَاحب بِلَاد فَارس تقدم ذكر أَخِيه معز الدولة أَحْمد بن بويه وَهَذَا عماد الدولة أول من ملك من بني بويه كَانَ أَبوهُ صياد سمك مَا لَهُ معيشة غير صيد السّمك وَكَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة عماد الدولة عَليّ وَهُوَ أكبرهم ثمَّ ركن الدولة الْحسن وَهُوَ وَالِد عضد الدولة ثمَّ معز الدولة أَحْمد وَكَانَ عماد الدولة سَبَب سعادتهم وانتشار صيتهم استولوا على الْبِلَاد وملكوا العراقين والأهواز وَفَارِس وساسوا أُمُور الرّعية احسن سياسة وَلما ملك عضد الدولة اتسعت ممالكه وزادت على مَا كَانَ لأسلافه وَانْقَضَت لعماد الدولة فِي أول ولَايَته أُمُور أوجبت ثبات ملكه مِنْهَا انه لما ملك شيراز فِي أول ملكه جمع أَصْحَابه وطلبوا مِنْهُ الْأَمْوَال وَلم يكن مَعَه مَا يرضيهم وأشرف أمره على الانحلال فاغتنم لذَلِك فَبينا هُوَ مفكر قد اسْتلْقى على ظَهره فِي مجْلِس قد خلا بِنَفسِهِ للكفر وَالتَّدْبِير إِذْ رأى حَيَّة قد خرجت من مَوضِع فِي سقف من ذَلِك الْمجْلس وَدخلت موضعا آخر مِنْهُ فخاف أَن تسْقط عَلَيْهِ فَدَعَا بالفراشين وَأمرهمْ بإحضار سلم وَإِخْرَاج الْحَيَّة فَلَمَّا بحثوا عَن الْحَيَّة وجدوا ذَلِك السّقف يقْضِي إِلَى غرفَة بَين سقفين فعرفوه ذَلِك فَأمر بِفَتْحِهَا ففتحت فَوجدَ فِيهَا عدَّة من صناديق المَال والبضاعات قدر خَمْسمِائَة ألف دِينَار فَحمل المَال إِلَى بَين يَدَيْهِ فسر بِهِ وأنفقه فِي رِجَاله وَثَبت أمره بعد أَن كَانَ قد أشفى على الانحلال ثمَّ انه قطع ثيابًا وَسَأَلَ عَن خياط حاذق فوصف لَهُ خياط كَانَ لصَاحب الْبَلَد قبله فَأمر بإحضاره وَكَانَ أطروشا فَوَقع للخياط انه قد سعى بِهِ إِلَيْهِ فِي وَدِيعَة كَانَت عِنْده لصَاحب الْبَلَد وانه طلبه لهَذَا السَّبَب فَلَمَّا خاطبه حلف لَهُ انه لَيْسَ عِنْده إِلَّا اثْنَا عشر صندوقا لَا يدْرِي مَا فِيهَا فَعجب عماد الدولة من جَوَابه وَوجه مَعَه من حملهَا فَوجدَ فِيهَا أَمْوَالًا وثيابا بجملة عَظِيمَة فَكَانَت هَذِه الْأَسْبَاب مِمَّا ثَبت ملكه وَقرر قَوَاعِده ومكنت أَحْوَاله وعاش سبعا وَخمسين سنة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة بشيراز وَدفن بدار المملكة وَملك فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثلاثمائة وَأقَام فِي الْملك سِتّ عشرَة سنة
257 - أول مُلُوك بني بويه وهم أربة عشر ملكا وَمُدَّة ملكهم مائَة وتسع وَعِشْرُونَ(20/168)
سنة فَأول مُلُوكهمْ الْإِخْوَة الثَّلَاث الَّذين استولوا على فَارس وَمَا ولاها وهم عماد الدولة أَبُو الْحسن عَليّ بن بويه وَكَانَ أكبرهم وَلم يدْخل بَغْدَاد وركن الدولة أَبُو عَليّ الْحسن وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَة أَوْلَاد عضد الدولة ومؤيد الدولة وفخر الدولة وَأَبُو الْعَبَّاس ومعز الدولة أَحْمد بن بويه وَهُوَ أول من دخل بَغْدَاد من مُلُوكهمْ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَقَامَ بعده وَلَده عز الدولة بختيار ثمَّ ملك عضد الدولة ثمَّ ولى ابْنه صمصام الدولة واعتقله أَخُوهُ شرف الدولة وَسلمهُ وَقَتله أَبُو نصر بختيار وَملك شرف الدولة ابْن عضد الدولة ومؤيد الدولة أَخُو عضد الدولة وَلم يدْخل بَغْدَاد وَمَات بجرجان وَولى أَخُوهُ فَخر الدولة وَلم يدْخل بَغْدَاد وَلما مَاتَ شرف الدولة بِبَغْدَاد عهد إِلَى وَلَده أبي نصر بهاء الدولة ثمَّ تولى ابْنه سُلْطَان الدولة فِي بَغْدَاد واستناب جلال الدولة وَكَانَ لجلال الدولة الْملك الْعَزِيز ثمَّ ولى أَبوهُ الْمَرْزُبَان ابْن سُلْطَان الدولة وَمَات فَقَامَ بعده وَلَده الْملك الرَّحِيم فَكَانَ الْملك الرَّحِيم آخر مُلُوك بني بويه وَولى طغرلبك السلجوقي
258 - مشرف الدولة بن بويه أَبُو عَليّ بن بويه مشرف الدولة ولى ملك بَغْدَاد وَغَيرهَا وَكَانَ فِيهِ دين وتصوف قدم فِي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة إِلَى بَغْدَاد وتلقاه الْخَلِيفَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سِتَّة عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَكن مُدَّة ملكه خمس سِنِين وعاش ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَثَلَاثَة أشهر وَنهب يَوْم مَوته سوق التمارين ودور جمَاعَة وملكوا بعده أَبَا طَاهِر جلال الدولة خطب لَهُ بِبَغْدَاد وَهُوَ بالأهواز
259 - عَليّ بن ثَابت الْأنْصَارِيّ عَليّ بن ثَابت أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ نزل بَغْدَاد وَكَانَ شَاعِرًا صديقا لأبي الْعَتَاهِيَة يتعارضان فِي الشّعْر إِذا قَالَ هَذَا قصيدة قَالَ ذَاك مثلهَا وَحضر أَبُو الْعَتَاهِيَة دَفنه وَصلى عَلَيْهِ ورثاه وَمن شعره قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة // (من الْبَسِيط) //
(بعزة الله أستعفى من النَّار ... وَالله جاري وَعز الله من جَار)
(يَا نفس مَا بَين لفح النَّار منزلَة ... وَبَين روح جنان الْخلد فاختاري)
فَقَالَ عَليّ بن ثَابت // (من الْبَسِيط) //
(يَا نفس مَا لَك من صَبر على النَّار ... قد حَان أَن تقبلي من بعد إدبار)
(يَا نفس إِنَّك قد خيرت فِي مهل ... بَين الْهدى والعمى يَا نفس فاختاري)
وَأما مرثية أبي الْعَتَاهِيَة لعَلي بن ثَابت فَهِيَ // (من الوافر) //(20/169)
(أَلا من لي بأنسك يَا أخيا ... وَمن لي أَن أبثك مَا لديا)
(طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كَذَاك خطوبه نشرا وطيا)
(فَلَو سمحت بردك لي اللَّيَالِي ... شَكَوْت إِلَيْك مَا اجترمت إليا)
(بكيتك يَا عَليّ بدر عَيْني ... فَلم يغن الْبكاء عَلَيْك شيا)
(كفى حزنا بدفنك ثمَّ إِنِّي ... نفضت تُرَاب قبرك عَن يديا)
(وَكَانَت فِي حياتك لي عظات ... وَأَنت الْيَوْم أوعظ مِنْك حَيا)
260 - الْكِنْدِيّ عَليّ بن ثروان بن زيد أَبُو الْحسن الْكِنْدِيّ ابْن عَم تَاج الدّين الْكِنْدِيّ ولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ الْأَدَب على عَليّ أبي مَنْصُور الجواليقي وَغَيره وَحَتَّى برع وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب مليحا ويضبط صَحِيحا لَقِي الْقبُول عِنْد نور الدّين الشَّهِيد وَصَارَ من خاصته وروى عَنهُ الْحسن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صصرى وَهبة الله بن عَسَاكِر كتاب المعرب لِابْنِ الجواليقي ولد سنة خَمْسمِائَة أَو قبلهَا وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق وَهُوَ الَّذِي أَفَادَ تَاج الدّين ذكره ابْن القفطي فِي تَارِيخ النُّحَاة وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(درت عَلَيْك غوادي المزن يَا دَار ... وَلَا عفت مِنْك آيَات وآثار)
(دُعَاء من لعبت أَيدي الغرام بِهِ ... وَمَا عدتهَا صبابات وتذكار)
وَقصد جمال الدولة حجا ابْن عَم الْأَمِير مُبين الدولة حَاتِم فَلم يصادفه فَكتب على بَاب الدَّار حفرا بالسكين // (من الرمل) //
(حضر الْكِنْدِيّ مغناكم فَلم ... يركم من بعد كد وتعب)
(لَو رآكم لتجلى همه ... وانثنى عَنْكُم بِحسن المنقلب)
وَمن شعره // (من الرمل) //
(هتك الدمع بصوب هتن ... أضمرت من سر خفى)
(يَا أخلائي على الْخيف أما ... تَتَّقُون الله فِي حث الْمطِي)
قلت شعر متوسط(20/170)
216 - عَليّ بن جَابر أَبُو الْحسن الدباج المغربي عَليّ بن جَابر بن عَليّ الإِمَام أَبُو الْحسن الإشبيلي الدباج مقرئ الأندلس كَانَ من أهل الْفضل وَالصَّلَاح تصدر لإقراء الْقُرْآن والعربية نَحوا من خمسين سنة هاله نطق النواقيس وخرس الْأَذَان لما دخل الرّوم إشبيلية فَلم يزل يتأسف ويضطرب ارتماضا لذَلِك إِلَى أَن قضى نحبه سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَكَانَ يقرئ كتاب سِيبَوَيْهٍ
262 - الْهَاشِمِي عَليّ بن جَابر بن عَليّ بن مُوسَى الْهَاشِمِي اليمني الشَّافِعِي شيخ الحَدِيث بالمنصورية كَانَ أَبوهُ سفارا وَكَانَ مَعَ أَبِيه صَغِيرا أَيَّام اسْتِبَاحَة هولاكو الْعرَاق بَغْدَاد سمع بِالْيمن من زكي البيلقاني وبمصر من الْعِزّ الْحَرَّانِي وَخلق وبدمشق من الْفَخر وَجَمَاعَة وَذكر انه يحفظ الْوَجِيز للغزالي وَكَانَ فصيحا مليح الْقِرَاءَة خلف كتبا كَثِيرَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَمَا كَانَ مَعَ علمه متحريا فِي النَّقْل قَالَه أَبُو عمر النويري أَخذ عَنهُ الطّلبَة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة قلت كَانَ يلقب بِنور الدّين أَخْبرنِي العلاَّمة قَاضِي الْقُضَاة تقيُّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ استعرت من نور الدّين الْمَذْكُور مجلدا فَوجدت فِيهِ فِي مَكَان الأبيات الضادية الَّتِي للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ وَوجدت فِيهَا تخريجة إِلَى الْحَاشِيَة تتصل ببيتين الأول حفظته وَهُوَ // (من الْكَامِل) //
(قف ثمَّ نَاد بأنني لمُحَمد ... ووصيه وابنيه لست بباغض)
ثمَّ تَأَمَّلت الْخط فَإِذا هُوَ خطّ نور الدّين انْتهى قلت وَقد اشهر هَذَا الْبَيْت وأثبته الْفُضَلَاء والحفاظ وَالنَّاس فِي شعر الشَّافِعِي وَلَكِن من لَهُ دربة يعرف أَن الشَّافِعِي مَا يَقُول باغص اسْم فَاعل من أبغص بن مبغص جَريا على الْقَاعِدَة
263 - العكوك عَليّ بن جبلة بن مُسلم بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بالعكوك بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وكافين بَينهمَا وَاو مشدودة أَبُو الْحسن الْخُرَاسَانِي أحد فحول الشُّعَرَاء(20/171)
كَانَ أسود أبرص ولد أعمى قَالَ الجاحظ كَانَ أحسن خلق الله إنشادا مَا رَأَيْت مثله بدويا وَلَا حضريا وَهُوَ من الموَالِي توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ ومولده بِبَغْدَاد سنة سِتِّينَ وَمِائَة لَهُ فِي أبي دلف الْعجلِيّ وَأبي غَانِم حميد بن عبد الحميد الطوسي غر المدائح والعكوك السمين الْقصير وَمن شعره فِي أبي دلف قصيدته الرائية أَولهَا // (من المديد) //
(زَاد ورد الغي عَن صَدره ... فرعوى وَاللَّهْو من وطره)
يَقُول فِي مدحها // (من المديد) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف ... بَين باديه ومحتضره)
(فَإِذا ولى أَبُو دلف ... ولت الدُّنْيَا على أَثَره)
(كل من فِي الأَرْض من عرب ... بَين باديه إِلَى حَضَره)
(مستعير مِنْك مكرمَة ... يكتسبها يَوْم مفتخره)
وَهِي ثَمَانِيَة وَخَمْسُونَ بَيْتا قَالَ ابْن خلكان سُئِلَ شرف الدّين بن عنين عَن هَذِه القصيدة وقصيدة أبي نواس الموازنة لَهَا الَّتِي أَولهَا // (من المديد) //
(أَيهَا المنتاب من عفره ... لست من ليلى وَلَا سمره)
فَلم يفضل إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى وَقَالَ مَا يصلح أَن يفاضل بَين هَاتين القصيدتين إِلَّا شخص يكون فِي دَرَجَة هذَيْن الشاعرين ثمَّ إِن العكوك مدح حميد بن عبد الحميد الطرسي فَقَالَ لَهُ حميد مَا عَسى أَن تَقول فِينَا وَمَا أبقيت لنا بعد قَوْلك فِي أبي دلف // (من المديد) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دلف)
وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير قد قلت فِيك مَا هُوَ أحسن من هَذَا فَقَالَ مَا هُوَ فَأَنْشد // (من مجزوء الرمل) //
(إِنَّمَا الدُّنْيَا حميد ... وأياديه الجسام)
(فَإِذا ولى حميد ... فعلى الدُّنْيَا السَّلَام)
فَتَبَسَّمَ وَلم يحر جَوَابا فأجمع من حضر الْمجْلس من أهل الْعلم بالشعر أَن هَذَا(20/172)
أحسن مِمَّا قَالَه فِي أبي دلف فَأعْطَاهُ وَأحسن جائزته قلت قَوْله فِي أبي دلف أحسن عِنْد من لَهُ ذوق لاسيما قَوْله // (من المديد) //
(ولت الدُّنْيَا على أَثَره)
قَالَ ابْن المعتز فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء لما بلغ الْمَأْمُون خبر هَذِه القصيدة غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ اطلبوه حَيْثُمَا كَانَ فَطلب فَلم يقدر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُقيما بِالْجَبَلِ وهرب إِلَى الجزيرة الفراتية فَكتب إِلَى الْآفَاق بِأَخْذِهِ حَيْثُ كَانَ فهرب إِلَى الشامات فظفروا بِهِ فَحمل مُقَيّدا إِلَيْهِ فَلَمَّا صَار بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ يَا ابْن اللخناء أَنْت الْقَائِل فِي قصيدتك للقاسم بن عِيسَى // (من المديد) //
(كل من فِي الأَرْض من عرب)
وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ جعلتنا مِمَّن يستعير المكارم مِنْهُ ويفتخر بِهِ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ انتم هَل بَيت لَا يُقَاس بكم لِأَن الله اختصكم لنَفسِهِ على عباده وآتاكم الْكتاب وَالْحكم وآتاكم ملكا عَظِيما وَإِنَّمَا ذهبت فِي قولي إِلَى أَقْرَان وأشكال للقاسم بن عِيسَى من هَذَا النَّاس فَقَالَ وَالله مَا أبقيت أحدا وَلَقَد أدخلتنا فِي الْكل وَمَا أستحل دمك بكلمتك هَذِه وَلَكِنِّي أستحله بكفرك فِي شعرك حَيْثُ قلت فِي عبد ذليل مهين فأشركت بِاللَّه الْعَظِيم وَجعلت مَعَه ملكا قَادِرًا وَهُوَ قَوْلك // (من الْبَسِيط) //
(أَنْت الَّذِي تنزل الْأَيَّام منزلهَا ... وتنقل الدَّهْر من حَال إِلَى حَال)
(وَمَا مددت مدى طرف إِلَى أحد ... إِلَّا قضيت بأرزاق وآجال)
ذَاك الله عز وَجل يَفْعَله أخرجُوا لِسَانه من قَفاهُ فأخرجوا لِسَانه من قَفاهُ فَمَاتَ وَبعد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ // (من الْبَسِيط) //
(تزور سخطا فمسي الْبيض راضية ... وتستهل فتبكي أعين المَال)
وَقيل إِن أَبَا دلف أعْطى العكوك على القصيدة الرائية بَعْدَمَا امتحنه فِي وصف فرس فَقَالَ قصيدته البائية وَهِي مَذْكُورَة فِي الأغاني مائَة ألف دِرْهَم وَدخل إِلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ هَات مَا مَعَك قَالَ انه قَلِيل فَقَالَ هاته كم من قَلِيل هُوَ أَجود من كثير فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //
(الله أجْرى من الأرزاق أَكْثَرهَا ... على يَديك فشكرا يَا أَبَا دلف)
(أعْطى أَبُو دلف وَالرِّيح عَاصِفَة ... حَتَّى إِذا وقفت أعْطى وَلم يقف)(20/173)
فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة دخل إِلَيْهِ فَقَالَ هَات مَا مَعَك فَأَنْشد // (من السَّرِيع) //
(من ملك الْمَوْت إِلَى قَاسم ... رِسَالَة فِي بطن قرطاس)
(يَا فَارس الفرسان يَوْم الوغى ... مربي بِمن شِئْت من النَّاس)
فَأمر لَهُ بألفي دِرْهَم فَقَالَ لَيست هَذِه من عطاياك فَقَالَ بلغ بِهَذَا الْمِقْدَار ارتياعنا من تحملك رِسَالَة ملك الْمَوْت إِلَيْنَا وأخبار العكوك كَثِيرَة
264 - الصاحب جمال الدّين عَليّ بن جرير الصاحب جمال الدّين الرقي وَيُقَال فِيهِ عَليّ بن صر بن جرير وزر للأشراف فِي آخر أَيَّامه ووزر للصالح إِسْمَاعِيل شهرا وَمرض يَوْمَيْنِ وَمَات سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ لَهُ بُسْتَان وَملك يسير يعِيش مِنْهُ وَتُوفِّي رَحمَه الله بالخوانيق ودفي فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة وَكَانَ يتَرَدَّد لزيارة الصَّالِحين وَفِيه يَقُول نصر بن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ // (من الْكَامِل) //
(من قَالَ أهل الشَّام قوم كلهم ... بقر فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ جنَاح)
(لَو لم يَصح مقالهم فِيهِ لما ... أضحى يسوس أُمُورهم فلاح)
ونقلت من خطّ الْحَافِظ اليغموري قَالَ أَنْشدني الْجمال أَبُو طَالب // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قد ولي ابْن جرير الرقي ... وَالصَّلَاح كَافِر)
(ودوا ابْن مَرْزُوق الخسيس ... على الحواجب والنواظر)
265 - الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن الْجَعْد بن عبيد الله أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ مُسْند بَغْدَاد فِي زَمَانه روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَجَمَاعَة قَالَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي قلت لعَلي بن الْجَعْد بَلغنِي انك قلت ابْن عمر ذَاك الصَّبِي فَقَالَ لم أقل وَلَكِن مُعَاوِيَة مَا أكره أَن يعذبه الله وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْجوزجَاني عَليّ بن الْجَعْد متشبث بِغَيْر بِدعَة زائغ عَن الْحق(20/174)
وَقَالَ ابْن معِين اثْبتْ البغداديين فِي شُعْبَة وَهُوَ ثِقَة صَدُوق وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلما أحضر الْمَأْمُون أَصْحَاب الْجَوَاهِر شاطرهم على مَتَاع كَانَ مَعَهم ثمَّ نَهَضَ الْمَأْمُون لِحَاجَتِهِ وَعَاد فَقَامَ لَهُ كل أحد إِلَّا ابْن الْجَعْد فَنظر إِلَيْهِ الْمَأْمُون كالمغضب ثمَّ استخلاه وَقَالَ لَهُ يَا شيخ مَا مَنعك أَن تقوم لي كَمَا فعل أَصْحَابك فَقَالَ أجللت أَمِير الْمُؤمنِينَ للْحَدِيث الَّذِي نأثره عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ سَمِعت الْمُبَارك بن فضَالة يَقُول سَمِعت الْحسن يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحب أَن يتَمَثَّل لَهُ النَّاس قيَاما فلتبوأ مَقْعَده من النَّار فَأَطْرَقَ الْمَأْمُون سَاعَة وَقَالَ لَا يَشْتَرِي لنا إِلَّا من هَذَا الشَّيْخ فَاشْترى مِنْهُ بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا أَقَامَ على ذَلِك سبعين سنة وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة كَانَ ابْن الْجَعْد أكبر مِمَّن فِي بَغْدَاد بِعشر سِنِين ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
266 - عَليّ بن جَعْفَر ابْن القطاع عَليّ بن جَعْفَر بن عبد الله بن حُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَادَة الله بن نجد بن الْأَغْلَب الأغلبي أَبُو الْقَاسِم ابْن القطاع السَّعْدِيّ الصّقليّ الْكَاتِب اللّغَوِيّ برع فِي النَّحْو وصنف وَنزع عَن صقلية وَقدم مصر فِي حُدُود الْخَمْسمِائَةِ فبالغوا فِي إكرامه وأحسنت الدولة إِلَيْهِ وَله كتاب الْأَفْعَال من أَجود الْكتب إِلَّا أَن كتاب أَفعَال الْحمار خير مِنْهُ وَهُوَ هذب فِيهِ أَفعَال ابْن طريف وَابْن الْقُوطِيَّة وَله كتاب أبنية الْأَسْمَاء جمع فِيهِ فأوعب وَله مُصَنف فِي الْعرُوض وَله كتاب الدرة الخطيرة فِي الْمُخْتَار من شعراء الجزيرة اشْتَمَل على مائَة وَسبعين شَاعِرًا وَعشْرين ألف بَيت وَكتاب لمح الْملح وَله تَارِيخ صقلية وَكتاب الشذوذ وَكَانَ نقاد المصريين ينسبونه إِلَى التساهل فِي الرِّوَايَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لما قدم مصر سَأَلُوهُ عَن كتاب صِحَاح الْجَوْهَرِي فَذكر انه لم يصل إِلَيْهِم ثمَّ انه لما رأى اشتغالهم بِهِ ركب لَهُ إِسْنَادًا وَأَخذه النَّاس عَنهُ مقلدين لَهُ توفّي سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة ومولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِي ألثغ // (من المنسرح) //
(وشادن فِي لِسَانه عقد ... حلت عقودي وأوهنت جلدي)(20/175)
(عابوه جهلا بهَا فَقلت لَهُم ... أما سَمِعْتُمْ بالنفث فِي العقد)
وَمِنْه من قصيدة // (من الطَّوِيل) //
(فَلَا تنقذن الْعُمر فِي طلب الصِّبَا ... وَلَا تشقيا يَوْمًا بسعدى وَلَا نعم)
(وَلَا تندبا أطلال مية باللوى ... وَلَا تسفحا مَاء الشئون على رسم)
(فَإِن قصارى الْمَرْء إِدْرَاك حَاجَة ... وَتبقى مذمات الْأَحَادِيث وَالْإِثْم)
وَمِنْه فِي غُلَام اسْمه حَمْزَة // (من مخلع الْبَسِيط) //
(يَا من رمى النَّار فِي فُؤَادِي ... وأنبط الْعين بالبكاء)
(اسْمك تصيحفه بقلبي ... وَفِي ثناياك برْء دائي)
(أردد سالمي فَإِن نفس ... لم يبْق مِنْهَا سوى الذماء)
(وارفع بصب أَتَى ذليلا ... قد مزج الْيَأْس بالرجاء)
(أنهكه فِي الْهوى التجني ... فَصَارَ فِي رقة الْهَوَاء)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(إياك أَن تَدْنُو من رَوْضَة ... بوجنتيه تنْبت الوردا)
(وَاحْذَرْ على نَفسك من قربهَا ... فَإِن فِيهَا أسدا ووردا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَلا إِن قلبِي قد تضعضع للهجر ... وقلبي من طول الصدود على الْجَمْر)
(تصارمت الأجفان مُنْذُ صدمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على دمعة تجْرِي)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(يَا رب قافية بكر نظمت بهَا ... فِي الْجيد عقدا بدر الْمجد قد رصفا)
(يود سامعها لَو كَانَ يسْمعهَا ... بِكُل أَعْضَائِهِ من حسنها شغفا)
قلت شعر جيد
267 - ابْن البوين الْمصْرِيّ عَليّ بن جَعْفَر بن الْحسن أَبُو الْحسن ابْن البوين التنوخي المعري من شعراء الطارئين على مصر ورد إِلَى الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش بعد أَن دوخ الْآفَاق وطبق فِي سياحته بَين الشَّام وَالْعراق فَأحْسن صلته وإكرامه وعظمت مَنْزِلَته عِنْده وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمصْر سنة خمس وَخَمْسمِائة وَقد نَيف على السِّتين(20/176)
وَهُوَ الْقَائِل من مزدوجة // (من الرجز) //
(كَأَنَّمَا أترجه المصبع ... أَيدي جناة من زنود تقطع)
وَمن شعره // (من الطَّوِيل) //
(غَدَتْ عاطلا كبرا عَن الْحلِيّ حاليا ... بهَا الْحسن مسحورا بألحاظها السحر)
(رَأَتْ أَنَّهَا أغْلى من الدّرّ قيمَة ... وَأَعْلَى فلولا الثغر مَا اقتن الدّرّ)
مِنْهَا // (من الطَّوِيل) //
(وظلماء ليل خضت لجة بحرها ... وَقد غرق النسْر المحلق والغفر)
(دعت فَدَعَا جادي رجائي دَعْوَة ... بحَمْدك يَا ابْن الْمجد مَا يفخر الْفَخر)
(كَأَن تباشير الصَّباح وَقد بَدَت ... أياديك فِي أثنا أناملك الغر)
(كَأَن النَّهَار الطلق عدلك ماحيا ... دجى الْجور إِلَّا نهي عَلَيْهِ وَلَا أَمر)
(كَأَن النُّجُوم الزهر لما تناثرت ... عداهُ غراها من سَطَا بأسه ذعر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(يشرد نومي وَابْن طَلْحَة هاجع ... أشيقر برغوث وَلَيْسَ لَهُ سَاق)
(فَفِي الْجِنْس برغوث وَفِي اللدغ حَيَّة ... وَفِي الْحمق عبدون وَفِي القصيد إِسْحَاق)
(إِذا أقبل اللَّيْل البهيم تبَادرُوا ... كَأَنَّهُمْ من نسل جالوت سراق)
(ترى الْبَعْض فَوق الْبَعْض مِنْهُم تراكبوا ... فيا عجبا حَتَّى البراغيث فساق)
(وَعِنْدِي من البق المذنب قِطْعَة ... ترَاهَا كَأَن قد رش فِي الْبَيْت سماق)
268 - الْكَاتِب الْفَارِسِي النَّحْوِيّ عَليّ بن جَعْفَر أَبُو الْحسن الْكَاتِب الْفَارِسِي النَّحْوِيّ قَالَ الْحَاكِم فِي كتاب نيسابور كَانَ من أَعْيَان الأدباء وَمن أهل الْعلم علقت عَنهُ من كَلَامه وَلم أعرفهُ بالرواية(20/177)
269 - الشَّاعِر الْقرشِي عَليّ بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مَسْعُود بن أَسد بن أذينة يَنْتَهِي إِلَى لؤَي بن غَالب أَبُو الْحسن الْقرشِي السَّامِي بِالسِّين الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى سامة بن لؤَي كَانَ شَاعِرًا مجيدا عَالما بفنون الشّعْر وَكَانَ خصيصا بالمتوكل دينا فَاضلا وَكَانَ مَعَ انحرافه على عَليّ رَضِي الله عَنهُ مطبوعا نَفَاهُ المتَوَكل إِلَى خُرَاسَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة تسع وَثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ هجاه وَكتب إِلَى طَاهِر بن عبد الله إِذا ورد عَلَيْك فاصلبه يَوْمًا فوصل إِلَى شاذياخ بنيسابور فحسبه طَاهِر ثمَّ أخرجه فصلبه مُجَردا نَهَارا كَامِلا فَقَالَ فِي ذَلِك // (من الْكَامِل) //
(لم ينصبوا بالشاذياخ صَبِيحَة الْإِثْنَيْنِ ... مَسْبُوقا وَلَا مَجْهُولا)
(نصبوا بِحَمْد الله ملْء عيونهم ... شرفا وملء صُدُورهمْ تبجيلا)
من أَبْيَات ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْعرَاق ثمَّ خرج إِلَى الشَّام ثمَّ ورد على المستعين كتاب من صَاحب الْبَرِيد بحلب أَن عَليّ بن الجهم خرج من حلب مُتَوَجها إِلَى الْعرَاق فَخرجت عَلَيْهِ وعَلى جمَاعَة مَعَه خيل من بني كلب فَقَاتلهُمْ قتالا شَدِيدا ولحقه النَّاس وَهُوَ جريح بآخر رَمق وَكَانَ مِمَّا قَالَ // (فِي المجتث) //
(أَزِيد فِي اللَّيْل ليل ... أم سَالَ بالصبح سيل)
(ذكرت أهل دجيل ... وَأَيْنَ مني دجيل)
وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَلما نزعت ثِيَابه بعد مَوته وجد فِيهَا مَكْتُوب // (من المنسرح) //
(وارجمتاه للغريب فِي الْبَلَد النازح ... مَاذَا بِنَفسِهِ صنعا)
(فَارق أحبابه فَمَا انتفعوا ... بالعيش من بعده وَلَا انتفعا)
وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(يَا ذَا الَّذِي بعذابي ظَلَّ مُفتخراً ... هَل أَنْت إِلَّا مليك جَار إِذْ قدرا)
(لَوْلَا الْهوى لتجارينا على قدر ... فَإِن أفق مِنْهُ يَوْمًا مَا فَسَوف ترى)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا يؤيسنك من تفرجش كربَة ... خطب رماك بِهِ الزَّمَان الأنكد)(20/178)
(كم من عليل [قد] تخطاه الردى ... فنجا وَمَات طبيبه وَالْعود)
وَمِنْه وَقد قيد // (من الطَّوِيل) //
(وَقلت لَهَا والدمع تدمى طَرِيقه ... ونار الْهوى بِالْقَلْبِ يذكى وقودها)
(فَلَا تجزعي إِنِّي رَأَيْت وقوده ... فَإِن خلاخيل الرِّجَال قيودها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَلَكِن إِحْسَان الْخَلِيفَة جَعْفَر ... دَعَاني إِلَى مَا قلت فِيهِ من الشّعْر)
(فَسَار مسير الشَّمْس فِي كل بَلْدَة ... وهب هوب الرّيح فِي الْبر وَالْبَحْر)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(وَلَيْلَة كحلت بِالنَّفسِ مقلتها ... أَلْقَت قناع الدجى فِي كل أخدُود)
(قد كَانَ تغرقني أمواج ظلمتها ... لَوْلَا اقتباسي سنا وَجه ابْن دَاوُد)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وقلن لنا نَحن الْأَهِلّة إِنَّمَا ... تضئ لمن يسري بلَيْل وَلَا نقري)
(فَلَا بذل إِلَّا مَا تزَود ناظرٌ ... وَلَا وصل إِلَّا بالخيال الَّذِي يسري)
وَفِي ابْن الجهم يَقُول مَرْوَان بن أبي حَفْص // (من الطَّوِيل) //
(لعمرك مَا الجهم بن بدر بشاعر ... وَهَذَا عَليّ بعده يَدعِي الشعرا)
(وَلَكِن أبي قد كَانَ جارا لأمه ... فَلَمَّا ادّعى الْأَشْعَار أوهمني أمرا)
فَقَالَ عَليّ بن الجهم // (من الوافر) //
(بلَاء لَيْسَ يُشبههُ بلَاء ... عَدَاوَة غير ذِي حسب وَدين)
(يبيحك مِنْهُ عرضا لم يصنه ... ويرتع مِنْك فِي عرض مصون)
وسوف يَأْتِي فِي تَرْجَمَة مَرْوَان الْأَصْغَر حِكَايَة جرت لَهما بِحَضْرَة المتَوَكل
270 - الأبله الْمُقْرِئ عَليّ حَازِم الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ هُوَ الشَّيْخ عَليّ الأبله كَانَ آيَة فِي حفظ الْقُرْآن وجودة أَدَائِهِ وَكَانَ يقْرَأ السُّورَة معكوسة الْآيَات فأسرع مَا يكون وَكَانَ فِيهِ بله توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
271 - ابْن عميرَة الْحِمصِي عَليّ بن حَامِد بن سُلْطَان بن عَليّ بن أبيس طَالب بن عبيد أَبُو الْحسن الطَّائِي الْمَعْرُوف بِابْن عميرَة الْحِمصِي مولده سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة توفّي(20/179)
بحمص سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة من شعره // (من المنسرح) //
(ردوا على عَيْني لذيد الْكرَى ... لَعَلَّهَا فِي النّوم تلقاكم)
(وجددوا عهدا تكفوا بِهِ ... أَسْرَاكُم من قبل مسراكم)
(إِذا رجعتم من طَرِيق القلى ... من أَي بَاب أتلقاكم)
272 - التنوخي السفاقسي عَليّ بن حبيب التنوخي السفاقسي لَيْسَ هُوَ بأخي مُحَمَّد ابْن حبيب التنوخي الْمُقدم ذكره وَإِن اشْتَركَا فِي اسْم الْأَب لطيف وَالنّسب وَكِلَاهُمَا مغربي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر عزب اللَّفْظ لطيف الْمَعْنى سهل الطَّرِيقَة قَلِيل التَّكَلُّف ظَاهر الرقة دخل الْمشرق وَلَقي جمَاعه من رُؤَسَاء الْعَرَب فحظى عِنْدهم وَأقَام بِمَدِينَة لَك مُدَّة إِلَى أَن تشاجرت الْقَبَائِل وَأورد لَهُ // (من الْكَامِل) //
(يَا معطشي من عذب مورده ... برد غليل جوانح عطشى)
(أَتَرَى الَّذِي أَرْجُو أفوز بِهِ ... مِنْكُم فقد كَانَ الَّذِي أخْشَى)
وَأورد لَهُ أَيْضا // (من مجزوء الْكَامِل) //
(شربت محبتك الْقُلُوب ... بجهدها نَهَارا وَعلا)
(حَيْثُ احتللت من الْبِلَاد ... أثار إقبالا وعدلا)
(حسبي بِأَن سميتك الْبَدْر ... الْمُنِير إِذا استقلا)
(سقيا لأرض سفاقس ... ذَات المصانع والمصلى)
(بلد تكَاد تَقول حِين ... تزوره أَهلا وسهلا)
وَأورد لَهُ // (من السَّرِيع) //
(للمرء من أَيَّامه واعظ ... لَو فكر الْمَغْرُور فِي أمسه)
(كم من قرير الْعين فِي غِبْطَة ... أعراه صرف الدَّهْر من لبسه)
(فَفَارَقَ الأحباب من كرهه ... واستبدل الوحشة من أنسه)
(يَا رب غفرانك يَرْجُو الَّذِي ... أسرف فِي الدُّنْيَا على نَفسه)
وَله من أَبْيَات فِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز يتهكم وَكَأَنَّهُ يُخَاطب عفريتا من الْجِنّ // (من الْبَسِيط) //(20/180)
(أتظهرون نَهَارا بَين أظهرنَا ... أما نهاكم سُلَيْمَان بن دَاوُد)
7969 - السَّعْدِيّ الْمروزِي عَليّ بن حجر بن إِيَاس بن مقَاتل بن مخادش بميم وخاء مُعْجمَة وَألف بعْدهَا دَال مُهْملَة وشين مُعْجمَة ابْن مشمرخ بميم مَضْمُومَة وشين مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَمِيم سَاكِنة وَرَاء مَكْسُورَة وخاء مُعْجمَة أَبُو الْحسن السَّعْدِيّ الْمروزِي ولمشمرخ صُحْبَة ووفادة كَانَ أَبُو الْحسن حَافِظًا ثِقَة رحالا عالي الْإِسْنَاد سمع شريك بن عبد الله وَعبيد الله بن عَمْرو والرقي وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَإِسْمَاعِيل بن علية وَجَرِير بن عبد الحميد وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم وَابْن الْمُبَارك وهشيم بن بشير وَأَبا الْخطاب مَعْرُوفا الْخياط صَاحب وائلة بن الْأَسْقَع وخلقا كثيرا بِالشَّام وَالْعراق والحجاز وخراسان والجزيرة وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَإِبْرَاهِيم بن أرومة الْأَصْبَهَانِيّ وعبدان بن مُحَمَّد الْمروزِي وَالْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو رَجَاء مُحَمَّد بن حمدوية وَمُحَمّد بن عَليّ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَجَمَاعَة وَنزل بَغْدَاد وتحول إِلَى مرو قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة مَأْمُون حَافظ توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ من شعره وَقد سَأَلُوهُ الزِّيَادَة فَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(لكم مائَة فِي كل يَوْم أعدهَا ... حَدِيثا لَا أَزِيدكُم حروفا)
(وَمَا طَال مِنْهَا من حَدِيث فإنني ... بِهِ طَالب مِنْكُم على قدره صرفا)
وَقَالَ // (من المتقارب) //
(وظيفتنا مائَة للغريب ... فِي كل يَوْم سمى مَا يفاد)
(شريكية أَو هشيمية ... أَحَادِيث فقه قصار جِيَاد)
274 - الْجند يسابوري عَليّ بن حَرْب الْجند يسابوري الْموصِلِي توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ سمع إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ وأشعب بن عطاف وَغَيرهمَا وروى عَنهُ أَحْمد بن يحيى التسترِي وعبدان الْأَهْوَازِي وَمُحَمّد بن نوح الْجند يسابوري وَأهل فَارس(20/181)
275 - الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن النفيس عَليّ بن أبي الحزم هُوَ الإِمَام الْفَاضِل الْحَكِيم الْعَلامَة عَلَاء الدّين بن النفيس الْقرشِي الدِّمَشْقِي
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ نَشأ الْمَذْكُور بِدِمَشْق واشتغل بهَا فِي الطِّبّ على مهذب الدّين الدخواز وَكَانَ الدخواز منجبا تخرج عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الرَّحبِي وَابْن قَاضِي بعلبك وشمس الدّين الْكُلِّي وَكَانَ عَلَاء الدّين إِمَامًا فِي علم الطِّبّ أوحد لَا يضاهى فِي ذَلِك وَلَا يداثى استحضارا واستنباطا واشتغل على كبر وَله فِيهِ التصانيف الفائقة والتواليف الرائقة صنف كتاب الشَّامِل فِي الطِّبّ يدل فهرسته على أَنه يكون فِي ثَلَاثمِائَة سفر هَكَذَا ذكر لي بعض أَصْحَابه وبيض مِنْهَا ثَمَانِينَ سفرا وَهِي الْآن وقف بالبيمارستان المنصوري بِالْقَاهِرَةِ وَكتاب الْمُهَذّب فِي الْكحل وَشرح القانون لِابْنِ سيناء فِي عدَّة أسفار وَغير ذَلِك فِي الطِّبّ وَهُوَ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ وَأَخْبرنِي من رَآهُ يصنف أَنه كَانَ يكْتب من صَدره من غير مُرَاجعَة حَال التصنيف وَله معرفَة بالْمَنْطق وصنف فِيهِ مُخْتَصرا وَشرح الْهِدَايَة لِابْنِ سيناء فِي الْمنطق وَكَانَ لَا يمِيل فِي هَذَا الْفَنّ إِلَّا إِلَى طَريقَة الْمُتَقَدِّمين كَأبي نصر وَابْن سيناء وَيكرهُ طَريقَة الْأَفْضَل الخونجي والأثير الْأَبْهَرِيّ قَرَأت عَلَيْهِ من كتاب الْهِدَايَة لِابْنِ سيناء جملَة وَكَانَ يقررها احسن تَقْرِير وَسمعت عَلَيْهِ من علم الطِّبّ وصنف فِي أصُول الْفِقْه وَالْفِقْه والعربية والْحَدِيث وَعلم الْبَيَان وَغير ذَلِك وَلم يكن فِي هَذِه الْعُلُوم بالمتقدم إِنَّمَا كَانَ لَهُ فِيهَا مُشَاركَة مَا وَقد أحضر من تصنيفه فِي الْعَرَبيَّة كتابا فِي سفرين أبدى فِيهِ عللا تخَالف كَلَام أهل الْفَنّ وَلم يكن قَرَأَ فِي هَذَا الْفَنّ سوى الأنموذج للزمخشري قَرَأَهُ على الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس وتجاسر بِهِ على أَن صنف فِي هَذَا الْعلم وَعَلِيهِ وعَلى شَيخنَا عماد الدّين النابلسي تخرج الْأَطِبَّاء بِمصْر والقاهرة وَكَانَ شَيخا طوَالًا أسيل الْخَدين نحيفا ذَا مُرُوءَة وأخبرت انه فِي علته الَّتِي توفّي فِيهَا أَشَارَ عَلَيْهِ بعض أصدقائه الْأَطِبَّاء بتناول شَيْء من الْخمر إِذا كَانَت علته تناسب أَن يتداوى بهَا على مَا زَعَمُوا فَأبى أَن يتَنَاوَل شَيْئا من ذَلِك وَقَالَ لَا ألْقى الله تَعَالَى وَفِي باطني شَيْء من الْخمر وَكَانَ قد ابتنى دَار بِالْقَاهِرَةِ وفرشها بالرخام حَتَّى أَبْوَابهَا وَمَا رَأَيْت أبوابا مرخما(20/182)
فِي غير هَذِه الدَّار وَلم يكن متزوجا ووقف دَاره هَذِه وَكتب على البيمارستان المنصوري وَكَانَ يبغض كَلَام جالينوس ويصفه بالعي والإسهاب الَّذِي لَيْسَ تَحْتَهُ طائل بِخِلَاف شَيخنَا عماد الدّين النابلسي فَإِنَّهُ كَانَ يعظمه ويحث على قِرَاءَة كَلَام جالينوس وَكَانَ عَلَاء الدّين قد تولى المسرورية بِالْقَاهِرَةِ فِي الْفِقْه وَذكر انه شرح من أول التَّنْبِيه إِلَى بَاب السَّهْو شرحا حسنا مرض رَحمَه الله تَعَالَى سِتَّة أَيَّام أَولهَا يَوْم الْأَحَد وَتُوفِّي سحر يَوْم الْجُمُعَة الْحَادِي وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وأنشدني الصفي أَبُو الْفَتْح بن يوحنا بن صَلِيب بن مزجي بن موهب النَّصْرَانِي لنَفسِهِ يرى عَلَاء الدّين بن النفيس // (من الْكَامِل) //
(ومسائل هَل عَالم أَو فَاضل ... أَو ذُو مَحل فِي الْعلَا بعد الْعلَا)
(فأجبت والنيران تضرم فِي ... الحشا أقصر فمذ مَاتَ الْعلَا مَاتَ الْعلَا)
انْتهى كَلَام أثير الدّين أَخْبرنِي الإِمَام الْعَلامَة الشَّيْخ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم الرشدي خطيب جَامع أَمِير حُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ قَالَ كَانَ الْعَلَاء بن النفيس إِذا أَرَادَ التصنيف تُوضَع لَهُ الأقلام مبرية ويدير وَجهه إِلَى الْحَائِط وَيَأْخُذ فِي التصنيف من خاطره وَيكْتب مثل السَّيْل إِذا انحدر فَإِذا كل الْقَلَم وحفي رمى بِهِ وَتَنَاول غَيره لِئَلَّا يضيع عَلَيْهِ الزَّمَان فِي بري الْقَلَم وَأَخْبرنِي الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي رَحمَه الله تَعَالَى أَن الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس كَانَ يَقُول لَا أرْضى بِكَلَام أحد فِي الْقَاهِرَة فِي النَّحْو غير كَلَام عَلَاء الدّين بن النفيس أَو كَمَا قَالَ وَقد رَأَيْت لَهُ كتابا صَغِيرا عَارض بِهِ رِسَالَة حَيّ بن يقظان لِابْنِ سيناء ووسمه بِكِتَاب فَاضل بن نَاطِق وانتصر فِيهِ لمَذْهَب أهل الْإِسْلَام وآرائهم فِي النبوات والشرائع والبعث الجسماني وخراب الْعَالم ولعمري لقد أبدع فِيهِ وَدلّ ذَلِك على قدرته وَصِحَّته وذهنه وتمكنه من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَأَخْبرنِي السديد الدمياطي الْحَكِيم بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ من تلاميذه قَالَ اجْتمع لَيْلَة هُوَ وَالْقَاضِي جمال بن وَاصل وَأَنا نَائِم عِنْدهمَا فَلَمَّا فرغا من صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة شرعا فِي الْبَحْث وانتقلا من علم إِلَى علم وَالشَّيْخ عَلَاء الدّين فِي كل ذَلِك يبْحَث برياضة وَلَا انزعاج وَأما القَاضِي جمال الدّين فانه ينزعج ويعلوا صَوته وتحمر عَيناهُ وتنتفخ عروق رقبته وَلم يَزَالَا كَذَلِك إِلَى أَن أَسْفر الصُّبْح فَلَمَّا انْفَصل الْحَال قَالَ القَاضِي جمال الدّين(20/183)
يَا شيخ عَلَاء الدّين أما نَحن فعندنا مسَائِل ونكت وقواعد وَأما أَنْت فعندك خَزَائِن عُلُوم وَقَالَ أَيْضا قلت لَهُ يَا سَيِّدي لَو شرحت الشِّفَاء لِابْنِ سينا كَانَ خيرا من شرح القانون لضَرُورَة النَّاس إِلَى ذَلِك وَقَالَ الشِّفَاء عَليّ فِيهِ مَوَاضِع تُرِيدُ تسويدا انْتهى قلت يُرِيد أَنه مَا فهم تِلْكَ الْمَوَاضِع لِأَن عبارَة الرئيس فِي الشِّفَاء غلقة وَأَخْبرنِي آخر قَالَ دخل الشَّيْخ عَلَاء الدّين مرّة إِلَى الْحمام الَّتِي فِي بَاب الزهومة فَلَمَّا كَانَ فِي بعض تغسيله خرج إِلَى مسلخ الْحمام واستدعى بِدَوَاةٍ وقلم وورق وَأخذ فِي تصنيف مقَالَة فِي النبض إِلَى أَن أنهاها ثمَّ عَاد وَدخل الْحمام وكمل تغسيله وَقيل انه قَالَ لَو أعلم أَن تصانيفي تبقى بعدِي عشرَة آلَاف سنة مَا وَضَعتهَا وَالْعدة فِي ذَلِك على من نَقله عَنهُ وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ إِمَامًا عَظِيما وَكثير من الأفاضل قَالَ هُوَ ابْن سيناء الْملك الثَّانِي ونقلت من تَرْجَمته فِي مَكَان لَا أعرف من هُوَ الَّذِي وصفهَا قَالَ شرح القانون فِي عشْرين مجلدة شرحا حل فِيهِ الْمَوَاضِع الْحكمِيَّة ورتب فِيهِ القياسات المنطقية وَبَين فِيهِ الإشكالات الطبية وَلم يسْبق إِلَى هَذَا الشَّرْح لِأَن قصارى كل من شَرحه أَن يقْتَصر على قسر الكليات إِلَى نبض الحبالى وَلَا يجْرِي فِيهِ ذكر الطِّبّ إِلَّا نَادرا وَشرح كتب الْفَاضِل بقراط كلهَا ولأكثرها شرحان مطول ومختصر وَشرح الإشارات وَكَانَ يحفظ كليات القانون وَكَانَ يعظم كَلَام بقراط وَلَا يسد على مشتغل بِغَيْر القانون وَهُوَ الَّذِي جسر النَّاس على هَذَا الْكتاب وَكَانَ لَا يحجب نَفسه عَن الإفادة لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَكَانَ يحضر مَجْلِسه جمَاعَة من الْأُمَرَاء ومهذب الدّين بن أبي حليقة أَمِين الْأَطِبَّاء وَشرف الدّين بن صَغِير وأكابر الْأَطِبَّاء وَيجْلس النَّاس على طبقاتهم وَمن تلاميذه الْأَعْيَان بدر الدّين حسن رَئِيس الْأَطِبَّاء وَأمين الدولة ابْن القف والسديد أَبُو الْفضل بن كوشك وَأَبُو الْفتُوح الأسكندري انْتهى
276 - الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن حسان بن سَالم بن عَليّ بن مُسَافر أَبُو الْحسن الْكَاتِب توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة مدح الْخُلَفَاء والأكابر وَأكْثر وَمن شعره // (من المنسرح) //
(زار وثغر الصَّباح مبتسم ... فجرا وَعقد النُّجُوم منفصم)(20/184)
(والبدر فِي رِيقه الْغُرُوب لقى ... تستنجد اللَّيْل وَهُوَ منهدم)
(والجو فِي حلَّة معنبرة ... لَهَا من الْبَرْق مومضا علم)
(وَالْأَرْض قد أَصبَحت مزخرفة ... وازينت نشر روضها نغم)
(والبان مياسة معاطفه ... والسحب تبْكي والزهر يبتسم)
(والورد قد فتقت لطائمه)
(قد سل سَيْفا على الشقائق فاجتز ... بِهِ من رؤوسها القمم)
( ... إِن شابهت لَونه غلائلها ... مَا كل قان مضرج غنم)
(فَقل لمن راقه معصفرها ... لَا يزدهيك الْهوى فَذَاك دم)
(واصفر وَجه النَّهَار من وَجل ... كمدنف مل قلبه السأم)
(وأطرق النرجس المضاعف إجلالا ... لطرف فِي جفْنه سقم)
(وَعَاد شَمل المنثور حِين زهي الْورْد ... من الْعجب وَهُوَ مُنْتَظم)
(وافتر ثغر الأقاح من جذل ... والجدول الْغمر ظلّ يلطم)
(وغنت الْوَرق فِي الغصون فيا ... لله تِلْكَ الألحان والنغم)
(أصنع من معبد وأفصح من ... قس فهن النواطق الْعَجم)
قلت شعر جيد إِلَّا أَنه غير ناضج
277 - المراغي عَليّ بن حسكويه بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحسن المراغي الأديب قدم بَغْدَاد وتفقه على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَكَانَ لغويا شَاعِرًا عثر فَمَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَمن شعره
278 - السَّجَّاد عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم الملقب بالسجاد لفضله واجتهاده وَهُوَ وَالِد حُسَيْن الْمَقْتُول بفج واخوته توفّي السَّجَّاد فِي سجن الْمَنْصُور فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة وَقوم يلقبونه العابد وَكَانَ لَا يُوَافق أَقَاربه على طلب الْخلَافَة ويلام على ذَلِك فَيَقُول من يشْتَغل بِاللَّه لَا يتفرَّغ للشغل بِغَيْرِهِ(20/185)
وأعقب عَليّ هَذَا ولدا اسْمه الْحُسَيْن وَقيل لَهُ ولد أخر اسْمه مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وَتقدم ذكر الْحُسَيْن أَيْضا
279 - الدارابجردي عَليّ بن الْحسن بن أبي عِيسَى الْهلَال الدارابجردي أوقد النَّار فِي تبن فاختنق وَمَات فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَتَيْنِ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
280 - ابْن الصَّقْر الصَّائِغ عَليّ بن الْحسن بن الصَّقْر بن أَحْمد بن الْقَاسِم أَبُو الْحسن الهاهلي الصَّائِغ سمع الْكثير من أبي عَليّ بن شَاذان وَالْقَاضِي أبي الْعَلَاء الوَاسِطِيّ وطبقتهما وَكَانَ متأدبا فَاضلا قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَأَظنهُ مَاتَ شَابًّا وروى عَنهُ الْخَطِيب وَأَبُو الْمَعَالِي الْحُسَيْنِي وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر ين دوست النَّحْوِيّ وَقد رمي بِأَنَّهُ يكذب وَيسْرق الْأَحَادِيث ويركبها ويضعها وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(أَكثر من الزَّاد فان الترحال قد قربا ... إِن التقى خير مَا قَدمته سَببا)
(وَاحْذَرْ فان إِلَه الْخلق مطلع ... على الْقُلُوب فَكُن لله مرتقبا)
(فَرب ذَنْب صَغِير جر مهلكة ... كالنار زَادَت بِأَدْنَى لفحة لهبا)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(مَا ضرّ مستقيمي من آل مَسْعُود ... إِذا عادني النَّاس من قولي لَهَا عودي)
(تجنبت إِذْ رَأَتْ فِي عودهَا وَرقا ... وَقد تجرد من أوراقه عودي)
(من رد دهرا تغنينا جاذره ... والراح جَامِعَة نايا إِلَى عودي)
(فِي فتية مَا لَهُم ند إِذا شهدُوا ... يغنون بالنشر عَن ند وَعَن عود)
(أَيَّام كنت رخي البال مقتدرا ... أخْشَى وأرجى لإيعادي موعودي)
(إِذْ لَا أَخَاف ملالا من منغمة ... وَلَا أَقُول لأيام الصِّبَا عودي)
(إِن كنت شبت فخلقي والنهى يفع ... وَالنَّدْب يزْدَاد فضلا كلما عودى)
281 - أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن عَطاء أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي ابْن أبي سعد بن أبي الْقَاسِم الْفَقِيه الشَّافِعِي من بَيت قديم(20/186)
كَانَ مِنْهُم فُقَهَاء ووعاظ قَرَأَ الْفِقْه على عَليّ بن أبي طَالب بن الْخلّ ولازمه سِنِين حَتَّى حصل طرفا صالحين من الْمَذْهَب وَالْخلاف وَصَارَ معيدا بمدرسته وَكَانَ فَاضلا متدينا سمع من أبي الْوَقْت وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وَغَيرهمَا ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وسِتمِائَة
282 - ابْن السمسمى النَّهْرِي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون السمسمى وَقيل السمسماني أَبُو الْحسن النَّهْرِي الْمُؤَدب سمع الْكثير من أبي عَليّ بن شَاذان وطبقته وَكتب بِخَطِّهِ وَكَانَ أديبا شَاعِرًا سمع مِنْهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَأَبُو الْفضل بن خيرون وَابْن خَاله أَبُو طَاهِر الْكَرْخِي وَكَانَ يلب النَّاس وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(دع مقلتي تبْكي عَلَيْك بأربعٍ ... إِن الْبكاء شِفَاء قلب الموجع)
(ودع الدُّمُوع تكل جفني فِي الْهوى ... من غَابَ عَنهُ حَبِيبه لم يهجع)
(وَلَقَد بَكَيْت عَلَيْك حَتَّى رق لي ... من كَانَ فِيك يلومني وَبكى معي)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَرَاكُم بقلبي من بِلَاد بعيدَة ... تراكم تروني بالقلوب على بعد)
(لساني وقلبي يحزنان عَلَيْكُم ... وعندكم روحي وذكركم عِنْدِي)
(وَلست ألذ الْعَيْش إِلَّا بقربكم ... وَلَو كنت فِي الفردوس [أَو جنَّة الْخلد] )
قلت شعر نَازل على لحن فِي الثَّانِي من الثَّالِث
283 - صردر عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْفضل أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب الْمَعْرُوف بصردر بن صربعر كَانَ أَبُو مَنْصُور من فحول الشُّعَرَاء وَله معرفَة تَامَّة بالأدب سمع هُوَ والخطيب بقرَاءَته سمع عليا وَعبد الْملك ابْني مُحَمَّد بن عبد الله بن بَشرَان وَأحمد بن مُحَمَّد بن خَالِد الْكَاتِب وَعلي بن عمر بن أَحْمد الحمامي وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو سعد أَحْمد بن مُحَمَّد الزوزني وَعلي بن هبة الله بن عبد السَّلَام(20/187)
الْكَاتِب وَفَاطِمَة بنت عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخبري وروت عَنهُ الأختبار الموفقيات للزبير بن بكار كَانَ أَبوهُ يُقَال لَهُ صربعر فَقَالَ لأبي مَنْصُور لما سمع شعره نظام الْملك أَنْت ابْن صردر إِلَّا ابْن صربعر فغلب ذَلِك عَلَيْهِ وَقد هجاه الشريف البياضي وَمَا أنصفه فِي قَوْله // (من المتقارب) //
(لَئِن نبز النَّاس قدما أباكا ... وسموه من شحه صربعرا)
(فَإنَّك تنثر مَا صره ... عقوقا لَهُ وتسميه شعرًا)
توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة كبا بِهِ الفرص فدقت عُنُقه وَكَانَ قد ظلم أهل شهرايان وسعى بهم وَقيل سقط فِي بِئْر فَهَلَك وَقَالَ أَبُو عَليّ بن الْبناء خلط فِي دينه وَمن شعره يمدح الْوَزير أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن مسلمة // (من الْبَسِيط) //
(من علم الْقلب مَا يملي من الْغَزل ... نوح الْحمام لَهُ أم حنة الْإِبِل)
(لَا بل هُوَ الشوق يَدْعُو فِي جوانحنا ... فيستجيب خيال الحازم البطل)
(لكل دَاء لطاشي يلاطفه ... فَهَل شفاك طَبِيب اللوم والعذل)
(أبين وهجر يضيع الْوَصْل بَينهمَا ... فيكف أَرْجُو خصام الْحبّ بالملل)
(يُمِيت بني فِي صَدْرِي ويدفنه ... أَنِّي أرى النفث بالشكوى من الفشل)
(إِن اللآلئ حازتها حمولهم ... وَإِنَّمَا أبدلوا الأصداف بالكلل)
(فلست ادري بالأصداغ قد كحلوا الأجفان ... أم صبئوا الأصداغ بالكحل)
(مَا يستريب النقا إِن الغصون خطت ... عَلَيْهِ لَكِن بأوراق من الْحلَل)
(من يشْهد الركب صرعى فِي محلهم ... يَدعُوهُ رمسا وَلَا يَدعُوهُ بالطلل)
(أَمْسَى شحوبي وإرهاقي يدلسني ... على الرَّقِيب بسمر بَينهم ذبل)
(لم يسْأَلُوا عَن مقَامي فِي رحالهم ... إِلَّا أتيت على الْأَعْذَار والعلل)
(لله قوم يبيحون الْقرى كرما ... وينهرون ضيوف الْأَعْين النجل)
(لَو عدموا الْبيض والخطى أنجدهم ... ضرب دراك ورشقات من الْمقل)(20/188)
(كَأَنَّمَا بَين جفني كل ناظرة ... ترنو كنَانَة رام من بني ثعل)
(لَا روض أوجههم مرعى لواحظنا ... وَلَا اللمى مورد التخميش والقبل)
(تحكي الغمامة إيماضا مباسمهم ... وَلَيْسَ يحكينها فِي جودها الهطل)
(خَافُوا الْعُيُون على مَا فِي براقعهم ... من الْجمال فصانوا الْحسن بالبخل)
(يَا رائد الركب يستغوي لواخطه ... برق يلاعب مَاء الْعَارِض الهطل)
(هَذَا جمال الورى تطفي مناصله ... نَار الْقرى بدماء الأينق البزل)
(لَا يسْأَل الْوَفْد عَمَّا فِي حقائبهم ... إِن لم يوافوا بهَا ملأى من الأمل)
(وَمَا رعين المطايا فِي خمائله ... إِلَّا سخطن على الحوزان وَالنَّفْل)
(إِن امتعنت حَيَاء من مواهبه ... أولاكها بضروب الْمَكْر والحيل)
(قصرت يَا سحب عَن إِدْرَاك غَايَته ... يسْعَى ويكدح فِي صلح على دخل)
(سيف لَهَا ثمَّ مسلول إِذا خشنت ... لَهُ الضرائب لم يفرق من الغلل)
(فِي قَبْضَة الْقَائِم الْمَنْصُور قَائِمَة ... وشفرتاه من الْأَعْدَاء فِي القلل)
(بيض الْقَرَاطِيس كالبيض الرقَاق لَهُ ... وَفِي اليراع غنى عَن أسمر خطل)
(وطالما جدل الْأَمْرَانِ مَنْطِقه ... حَتَّى أقرُّوا بِأَن القَوْل كالعمل)
(يود كل خصيم أَن يعممه ... فصل الحسام ويعفيه من الجدل)
(مَا الْبَأْس فِي الصدة السمراء أجمعه ... فِي القَوْل أمضي من الْهِنْدِيّ والأسل)
مِنْهَا // (من الْبَسِيط) // // (لَيْسَ الرقى لجَمِيع الدَّاء شافية ... الكي أشفى لجلد الأجرب النَّفْل)
(قل للعريب أنيبي أَنَّهَا دوَل ... والطعن فِي النَّحْر دون الطعْن فِي الدول)
(هَيْهَات لَيْسَ بَنو الْعَبَّاس ظلهم ... عَن ساحة الدّين وَالدُّنْيَا بمنتقل)
(حمى حقيقتهم مر مذاقته ... مُوسر الرَّأْي بَين الريث والعجل)
(موطأ فَإِذا الزت حفظته ... تكاشر الْمَوْت عَن أنيابه العصل)
(أَيهَا عقيل إِذا غَابَتْ كتائبه ... فزتم وَإِن طلعت طرتم مَعَ الحجل)(20/189)
(هلا وقفتم وَلَو مِقْدَار بارقة ... وَمَا الْفِرَار بمنجاة من الْأَجَل)
(فالهى عَن الرِّيف يافقعا بقر قُرَّة ... وابغي النُّزُول على اليربوع والورك)
(نسج الخدرنق من أعلا ثيابكم ... وَخير زادكم ذهدية الْجعل)
(إِن تعهدوا الْعِزّ فِي الْأَطْنَاب آونة ... فَذا أَوَان حُلُول الذل فِي الْحلَل)
(ترقبوها من الجودي كامنة ... فِي نقعها ككمون الشَّمْس فِي الطِّفْل)
(لكل مرتعد الغربين مَا عرفت ... حوباؤه خور الهيابة الوكل)
(تَدْعُو على ساعديه كلما اشْتَمَلت ... على حنيته ... الْأَرْوَاح بالهبل)
(فِي جحفل كالغمام الجون ملتبس ... بالبرق والرعد من لمع وَمن زحل)
(يزجي قوارع فَأَتَت بَاعَ ملجمها ... فَأَنت تحسبها صَدرا بِلَا كفل)
مِنْهَا // (من الْبَسِيط) //
(وَالْأَرْض دَارك وَالْأَيَّام تنفقها ... على بقائك والآمال الخول)
(متع لواحظنا حَتَّى نقُول لَهَا ... لقد رَأَيْت جَمِيع النَّاس فِي رجل)
وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(لَوْلَا كهَانَة عَيْني مَا درت كَبِدِي ... أَن الْخمار سَحَاب فِيهِ أقمار)
(إيه أَحَادِيث نعْمَان وساكنه ... إِن الحَدِيث عَن الأحباب أسمار)
(يَا حبذا رَوْضَة الأحوى إِذا احْتَجَبت ... عَن الثغور حَكَاهَا مِنْهُ نوار)
(وحبذا البان أَغْصَان كرمن فَمَا ... لَهُنَّ إِلَّا الْحمام الْوَرق أثمار)
(ظللت مغرى بِذِي عينين تعذله ... وَقَبله قد تعاطى الْعِشْق بشار)
(عِنْد العذول اعتراضات معنفة ... وَفِي القباب جوابات وأعذار)
وَمن شعره فِي سَوْدَاء // (من السَّرِيع) //
(علقتها صماء مصقولة ... سَواد قلبِي صفة فِيهَا)
(مَا انكسف الْبَدْر على تمه ... ونوره إِلَّا ليحكيها)
(لأَجلهَا الْأَزْمَان أَوْقَاتهَا ... مؤرخات بلياليها)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //(20/190)
(لم أبك أَن رَحل الشَّبَاب وَإِنَّمَا ... أبْكِي لِأَن يتقارب الْمعَاد)
(شعر الْفَتى أوراقه فَإِذا ذوى ... جَفتْ على آثاره الأعواد)
وَمِنْه يهجو ابْن الْحصين الْكَاتِب // (من الْكَامِل) //
(لَا تغتبط يَا ابْن الْحصين بصبية ... أضحت لديك كَثِيرَة الْأَعْدَاد)
(لَا فَخر فِيك وَلَا افتخار فيهم ... إِن الْكلاب كَثِيرَة الْأَوْلَاد)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(لَا تَظنن بِي سلوا بِأَن كنت ... غزير الدُّمُوع بَين الجفون)
(فبكاء الْقُلُوب أشرف فِي حكم ... المحبين من بكاء الْعُيُون)
وَمِنْه // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قلقل ركابك فِي الفلا ... ودع الغواني للقصور)
(فمحالفي أوطانهم ... أَمْثَال سكان الْقُبُور)
(لَوْلَا التغرب مَا ارْتقى ... در البحور إِلَى النحور)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(تَمُوت نفوس بأوصابها ... وتكتم عوادها مَا بهَا)
(وَمَا أنصفت مهجةٌ تَشْتَكِي ... هَواهَا إِلَى غير أحبابها)
(أَلا أَرِنِي لوعة فِي الحشا ... وَلَيْسَ الْهوى بعض أَسبَابهَا)
(وَمن شرف الْحبّ أَن الرِّجَال ... تشتري أَذَاهُ بألبابها)
(وَفِي السرب مثرية بالجمال ... تقسمه بَين أترابها)
(فللبدر مَا فَوق أزرارها ... وللغصن مَا تَحت جلبابها)
(كَأَنِّي دَعَوْت بهَا فِي الخباء ... وحشية عِنْد مِحْرَابهَا)
(أتبعهَا نظرا معجلا ... فتعثر عني بهرابها)
(مَتى شَاءَ يقطف ورد الخدود ... وقته الأكف بعنابها)
(كفاني من وَصلهَا ذكرة ... تمر على برد أنيابها)
(وَأَن تتلالا بروق الْحمى ... وَإِن أضرمتني بألهابها)(20/191)
(وَكم ناحل بَين تِلْكَ الْخيام ... تحسبه بعض أطنابها)
(فَمن مخبر حاسدي أنني ... وهبت الْأَمَانِي لطلابها)
(فَإِن عرضت نَفسهَا لم تَجِد ... فُؤَادِي من بعض خطابها)
(وَلَو شِئْت أرستها غَارة ... فَعَادَت إِلَيّ بأسلابها)
(ولكنني عائف شَهِدَهَا ... فَكيف أنافس فِي صابها)
(تذل الرِّجَال لأطماعها ... كذل العبيد لأربابها)
(فَلَا تقطفن ثمار المنى ... فيأس عصارة أعنابها)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(وَلَيْلَة بالهجر مدت فَمَا ... يفني مداها سعي مشتاق)
(كَانَ شرابي وقيانش بهَا ... دمعي وورق ذَات أطواق)
(حَتَّى محا الصُّبْح سَواد الدجى ... كلمة فِي يَد حلاق)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(مَا شَهْوَة النّوم وَمَا لذته ... قلب تغشت لبه غفلته)
(هَل هُوَ إِلَّا ميتَة عجلت ... وَإِنَّمَا قد قربت رجعته)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(أبوابه للرقد مَفْتُوحَة ... كَأَنَّهَا أجفان عشاق)
(تستغلق الرَّهْن أفاويقه ... إِن جعل الرَّهْن لسباق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أكذا يجازى ود كل قرين ... أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
(قصوا عَليّ حَدِيث من قتل الْهوى ... إِن الناسى روح كل حَزِين)
(وَلَئِن كتمتم مشفقن لقد درى ... بمصارع الْعَذْرَاء وَالْمَجْنُون)
(فَوق الركاب وَلَا أطيل مشبها ... بل ثمَّ شَهْوَة أنفس وحيون)
(هزت قدودهم وَقَالَت للصبا ... هزءا عبد البان مثل غصون)
(وكأنما نقلت مآزرهم إِلَى ... جد الْحمى الأنقاء من يبرين)(20/192)
وَرَاء فرياك الْمقبل مرود ... حصباؤه من منهل مَكْنُون)
(أما بيُوت النَّحْل بَين شفاههم ... موضونة أَو حانة الزرجون)
284 - الميانجي قَاضِي همذان عَليّ بن الْحسن بن عَليّ أَبُو الْحسن الميانجي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَنون بعد الْألف وجيم قَاضِي همذان كَانَ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ والنبل حسن الْمعرفَة بالفقه وَالْأَدب تفقه بِبَغْدَاد على القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَسمع من عَليّ ابْن عمر الْقزْوِينِي وَأحمد بن عَليّ التوزي وَالْحسن بن مُحَمَّد الْخلال وروى يَسِيرا قتل فِي مَسْجِد صَلَاة الصُّبْح سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة كتب إِلَيْهِ أَبُو الْحسن الشِّيرَازِيّ كتابا وعنونه بقوله شاكره والمفتخر بِهِ والداعي لَهُ إِبْرَاهِيم بن عَليّ الفيروزآبادي
285 - شرف الدولة بن صَدَقَة الْكَاتِب عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن صَدَقَة أَبُو الْحسن ابْن الْوَزير أبي عَليّ تقدم ذكره وَالِده كَانَ يلقب شرف الدولة كَانَ يَنُوب عَن وَالِده فِي ديوَان الْمجْلس وَكتب خطا مليحا طَريقَة ابْن البواب كتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب ودواوين الشّعْر ولى النّظر بديوان وَاسِط وَانْحَدَرَ إِلَيْهَا فَمَرض بالغراف وأصعد إِلَى وَاسِط فتوفى هُنَاكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكَانَ سمع من عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وَعلي بن الْحُسَيْن الربعِي وَعلي بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان وَغَيرهم وَحدث باليسير
286 - الرميلي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ أَبُو الْحسن الرميلي الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها شافعيا حسن الْمعرفَة بِالْمذهبِ وَالْأُصُول وَله تعليقة فِي الْخلاف ويحفظ اللُّغَة وَيعرف النَّحْو وَكتب خطا مليحا طَريقَة ابْن البواب وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق محبوبا متواضعا قَرَأَ الْفِقْه على يُوسُف الدِّمَشْقِي وَالْأُصُول على أبي الْحسن ابْن الآبنوسي وَسمع بِنَفسِهِ من مُحَمَّد بن عمر الأرموي وَمُحَمّد بن طراد الزَّيْنَبِي وَعلي بن عبد السَّيِّد بن الصّباغ وَكَانَ مرشحا للتدريس وَالْقَضَاء إِلَّا أَن أَجله أدْركهُ سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره لما مرض وأرعشت يَدَاهُ // (من الرمل) //
(طول سقمي وَالَّذِي يعتادني ... صير الرَّائِق من خظى كَذَا)(20/193)
(كل شَيْء هدر مَا سلمت ... مِنْك لي نفس وَوقت الْأَذَى)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَلَيْسَ عجيبا أَن تدانت منية ... لحى وَلَكِن العجيب بَقَاؤُهُ)
(وَمن جمع أضداد نظام وجوده ... فَأوجب فِي الزَّمَان فَسَاده)
(فسبحان من لَا يَعْتَرِيه تغير ... وَمن بيدَيْهِ نقضه وبناؤه)
287 - أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ عَليّ بن الْحسن بن الْخلف بن قديد أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ مُحدث مَشْهُور موثق سمع مُحَمَّد بن رمح وحرملة وَجَمَاعَة ولد سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة روى عَنهُ ابْن يُونُس وَأَبُو بكر بن الْمُقْرِئ وَخلق كثير من الرحالة
288 - الباخرزي عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الطّيب أَبُو الْحسن الباخرزي قد تقدم ذكر وَالِده الْحسن بن عَليّ فِي حرف الْحَاء مَكَانَهُ وباخرز نَاحيَة من نواحي نيسابور كَانَ من أَفْرَاد عصره فِي الْأَدَب والبلاغة وَحسن النّظم والنثر شدا طرفا من الْفِقْه فِي صباه على أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَسمع مِنْهُ وَمن أبي عُثْمَان الصَّابُونِي وَعبيد الله بن أَحْمد المكيالي ثمَّ اشْتغل بِالْكِتَابَةِ وخدم فِي الدِّيوَان يترسل وَقدم بَغْدَاد أَيَّام الإِمَام الْقَائِم ومدحه واتصل بالوزير الْكِنْدِيّ وَزِير طغرلبك وخدم بِالْبَصْرَةِ مُدَّة وصنف كتاب دمية الْقصر وَهُوَ ذيل على يتيمة الدَّهْر للثعالبي وَوضع عَلَيْهِ أَبُو الْحسن عَليّ بن زيد الْبَيْهَقِيّ كتابا وَسَماهُ وشاح الدمية وملا صنف كتاب الدمية كتب إِلَيْهِ الأديب أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن غَانِم الْهَرَوِيّ الغانمي // (من الوافر) //
(بقيت فَأَنت من أضحى وَأمسى ... على الْفُضَلَاء كلهم رَئِيسا)
(ودمية قصرك الغراء وافت ... فحاكت من محاسنها عروسا)
(أتيت بهَا يدا بَيْضَاء حَتَّى ... كَأَنَّك فِي الَّذِي أبدعت مُوسَى)
(وَقد أحيتت موتى الْفضل فِينَا ... كَمَا قد كَانَ يحيى الْمَيِّت عِيسَى)(20/194)
وَغلب أدبه على فقه وسافر وتغرب وَرَأى عجائب وَقتل آخرا بباخرز وَذهب دَمه هدرا سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فِي مجْلِس أنس وَمن شعره // (من الْبَسِيط) //
(يَا فالق الصُّبْح من الألاء غرته ... وجاعل اللَّيْل من أصداغه سكنا)
(بِصُورَة الوثن استعبدتني وَبهَا ... فتنتني وقديما هجت لي شجنا)
(لَا غرو أَن أحرقت نَار الْهوى كَبِدِي ... فَالنَّار حق على من يعبد الوثنا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لبس الشتَاء من الجليد جُلُودًا ... فالبس فقد برد الزَّمَان برودا)
(كم مُؤمن قرصته أظفار الشتا ... فغدا لسكان الْجَحِيم حسودا)
(وَترى طيور المَاء فِي وكناتها ... تخْتَار حر النَّار والسفودا)
(وَإِذا رميت بِفضل كاسك فِي الْهوى ... عَادَتْ عَلَيْك من العقيق عقودا)
(يَا صَاحب العودين لَا تهملهما ... حرق لنا عودا وحرك عودا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وَإِنِّي لأشكو لسع أصداغك الَّتِي ... عقاربها فِي وجنتيك تحوم)
(وأبكي لدر الثغر مِنْك ولي أَب ... فَكيف يديم الضحك وَهُوَ يَتِيم)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(يَا خَالق الْخلق حملت الورى ... لما طَغى المَاء على جاريه)
(وَعَبْدك الْآن طَغى مَاؤُهُ ... فِي الصلب فاحمله على جَارِيَة)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(الْقَبْر أخْفى ستره للبنات ... ودفنها يرْوى من المكرمات)
(أما رَأَيْت الله سُبْحَانَهُ ... قد وضع النعش بِجنب الْبَنَات)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(عِشْنَا إِلَى أَن رَأينَا فِي الْهوى عجبا ... كل الشُّهُور وَفِي الْأَمْثَال عش رجبا)
(أَلَيْسَ من عجب أَنِّي ضحى رحلوا ... أوقدت من دمع عَيْني فِي الحشا لهبا)
(وَأَن أجفان عَيْني أمْطرت وَرقا ... وَأَن ساحة خدي أنبتت ذَهَبا)(20/195)
(غيداء أغوى وأودى حبها وَكَذَا الغيداء ... غي وداء لفقا لقيا)
(إِذا دنا طرفها لم يدر رامقها ... أتلك أجفان ظَبْي أم جفون ظبى)
(أَقُول للغصن لَا أَلْقَاك منثنيا ... من ذَات نَفسك إِلَّا أَن تهب صبا)
(تعبت كي تنثني كَمثل قامتها ... اسْتغْفر الله مِنْهُ وَارْتجَّ التعبا)
وَمِنْه // (من الرجز) //
(صبرا جميلا فَلَعَلَّ أَو عَسى ... يورق عود الْوَصْل بَعْدَمَا غسا)
(واليأس إِحْدَى الراحتين قيل فِي ... أمثالهم فاربح بِأَن تستأنسا)
(وسقني مشمولة يسْعَى بهَا ... قضيب بَان فِي فُؤَادِي غرسا)
(وناد بالولدان إِنِّي جَاعل ... أعجم لَا أعرف سُورَة النسا)
وَمن هَذِه القصيدة السّنيَّة فِي المديح // (من الرجز) //
(إِن شِئْت أَن تعرف أَن عدله ... قد فرش الْأَمْن فلاق النرجسا)
(أَو حمل الطست من التير على ... الرَّأْس وَلَا أَمنه لاحترسا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالَت وَقد فتشت عَنْهَا كل من ... لاقيته من حَاضر أَو بَادِي)
(أَنا فِي فُؤَادك فارم نَحوه ... ترني فَقلت لَهَا وَأَيْنَ فُؤَادِي)
وَمِنْه فِي ثقيل // (من الْبَسِيط) //
(يَا أثقل النَّاس يَا من لَو قبلت من الْكفَّار ... أكثرت أَنْوَاع الخطيات)
(مَا خفت وَالله رجحانا لمعصيتين ... لَو كنت وَحدك فِي ميزَان خيراتي)
وَمِنْه // (من الْبَسِيط) //
(لَا حبذا البخت أعيانا وَمَال إِلَى ... قوم يعدهم الأرزال أعيانا)
(يدرع البصل المذموم أكسية ... وَيتْرك النرجس الْمَحْمُود عُريَانا)
(وينب الشوك فِي أَرض وجارئها ... تجني أكف بغاة الرزق عقيانا)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أفدى الَّذِي سَاد الحسان ملاحة ... حَتَّى تواضع كلهم لسيادته)(20/196)
(ضاجعته والورد تَحت لِحَافه ... ولثمته والبدر فَوق وسادته)
وَمِنْه وَقد أَصَابَهُ زكام وسعال // (من السَّرِيع) //
(وَبِي زكام وسعال مَعًا ... قد برحابي حِين لم يبرحا)
(كَأَن أنفي نهر طاحونة ... إِذْ لسعالي صَوت جر الرَّحَى)
وَمِنْه يُخَاطب الْجُوَيْنِيّ وَقد تألم ضرسه // (من الْبَسِيط) //
(جلّ الإِمَام الحبر عَن علةٍ ... فِي ضرسه لم تَكُ معتاده)
(لِسَانه فتت أَسْنَانه ... وَالسيف قد يَأْكُل أغماده)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(بِنَفس الَّذِي إِن رمت تَغْلِيظ حلفة ... لعزته عِنْدِي حَلَفت بوده)
(إِذا جذبت ريح الصِّبَا هدب صُدْغه ... تمايل كالنشوان من خمر خَدّه)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(فَلَا تحسبوا إِبْلِيس عَلمنِي الْخَنَا ... فَإِنِّي مِنْهُ بالفضائح أبْصر)
(وَكَيف يرى إِبْلِيس معشارما أرى ... وَقد فتحت عَيْنَايَ لي وَهُوَ أَعور)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(لَوْلَا سعيد لنفت سعدها ... مجَالِس الحكم وتدريسها)
(شمس يعم الأَرْض إشراقه ... وَغَيره لَو كنت تَدْرِي سهى)
وَفِيه
(فضحت الغصون بقاماتهن ... وعفر الظباء بأعناقهن)
(وزادت خلاخيل أسواقهن ... نقاق بضاعات أسواقهن)
وَمِنْه يفضل الْعُزُوبَة // (من الْبَسِيط) //
(وَإِن يطسن وتد مَا بَين فخذك وفاش ... ججه فَقدما أذاقوا الشَّجَّة الوتدا)
(والقوس إِذْ زوجوها السهْم شاكية ... تَئِنُّ وَالسيف بسام بِمَا انفردا)
وَمِنْه // (من الوافر) //
(وَقَالُوا فِي الْعُزُوبَة كل غم ... فَقلت لَهُم وَفِي التَّزْوِيج أَيْضا)(20/197)
(فَذا فِي حيص بِغَيْر أهل ... ودامع أَهله فِي خيفن بيضًا)
وَمِنْه // (من الرجز) //
(كم رَاكب لم يترجل مَاشِيا ... وعقله دون عقول الماشيه)
(تعجبه غاشية يحملهَا أَمَامه ... فِي السُّوق بعض الحاشيه)
(لم يأتني حَدِيثهَا قبل فَهَل ... أَتَاك يَا صَاح حَدِيث الغاشيه)
وَمِنْه // (من المجتث) //
(يَا جَاهِلا عَابَ شعري ... فكد قلبِي وآلم)
(عَليّ نحت القوافي ... وَمَا عَليّ إِذا لم)
قلت يُشِير إِلَى قَول ابْن الرُّومِي // (من الْبَسِيط) //
(عَليّ نحت القوافي من مقاطعها ... وَمَا عَليّ إِذا لم تفهم الْبَقر)
وَقد نظمت أَنا فِي هَذِه الْمَادَّة // (من المجتث) //
(نك من هجاك بِشعر ... أَو شانه بالزحاف)
(وَقل لمن لَام فِيهِ ... عَليّ نحت القوافي)
وَفِي هَذَا التَّضْمِين كِنَايَة عَمَّا يعلم مَعَ تَصْحِيف القوافي وَمِنْه يشبه رمانة مشقوقة // (من المتقارب) //
(ورمانة شقها الآكتناز ... وَمَا مَسهَا قطّ نَاب وظفر)
(فأضحت كَمَا يفغر اللَّيْث فَاه ... وأنيابه من دم الصَّيْد حمر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(سَلام على وكرى وَإِن طوي الحشا ... على حسرات من فراخ بهَا زغب)
(ووالهة غَيْرِي إِذا اشتكت النَّوَى ... سقى نرجساها الْورْد بِاللُّؤْلُؤِ الرطب)
(أأذكر أَيَّام الْحمى لَا وحقها ... بلَى أتناسى إِن ذكر الْحمى يصبي)
(ألم ترني وترت بالشرق عَزمَة ... رمتني كالسهم المريش فِي الغرب)
(وطيرت نَفسِي فَهِيَ أسرى من القطا ... وعدي بهَا من قبل أرسها من القطب)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(أقوت معاهدهم بشط الْوَادي ... فَبَقيت مقتولا بشط الْوَادي)(20/198)
(وسكرت من خمر الْفِرَاق ورقصت ... عَيْني الدُّمُوع على غناء الْحَادِي)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(كتب وخطى حاش وَجهك شَاهد ... بِأَن بناني من أَذَى السقم مر تعش)
(وَنَفْسِي إِن تَأمر تعش فِي سَلامَة ... فأهد لَهَا مِنْك السَّلَام ومرتعش)
وَمِنْه // (من المجتث) //
(أَصبَحت عبدا لشمس ... وَلست من عبد شمس)
(إِن لأعشق ستي ... وَحقّ من شقّ خمسي)
وَمِنْه يهجو الْوَزير أَبَا نصر مُحَمَّد بن مَنْصُور الكندري // (من المنسرح) //
(أقبل من كندر مسخرة ... للنحس فِي وَجه عَلَامَات)
(يحضر دَار الْأَمِير وَهُوَ فَتى ... مَوضِع أَمْثَاله الخرابات)
(فَهُوَ جحيم وَدبره سَعَة ... كجنة عرضهَا السَّمَاوَات)
وَهَذَا إِنَّمَا قَالَه مداعبة لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ جليسه فِي الإفادة وَلكنه لَهُ فِيهِ مرثية مليحة مَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة الْوَزير الكندري وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(إِنْسَان عَيْني قطّ مَا يرتوي ... من مَاء وَجه ملحت عينه)
(كَذَلِك الْإِنْسَان مَا يرتوي ... من شرب ماءٍ ملحت عينه)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا التحى ومحا الْإِلَه جماله ... وكساه ثوب مذلة ومحاق)
(كتب الزَّمَان على محَاسِن خَدّه ... هَذَا جَزَاء معذب العشاق)
وَمن شعره // (من مخلع الْبَسِيط) //
(عجبت من دمعتي وعيني ... من قبل بَين وَبعد بَين)
(قد كَانَ عَيْني بِغَيْر دمع ... فَصَارَ دمعي بِغَيْر عين)
قلت أخذت هَذَا الْمَعْنى وتسلقت عَلَيْهِ وَولدت مِنْهُ معنى آخر يظنّ انه هُوَ وَلَيْسَ بِهِ وزدته نُكْتَة فَقَالَت وَفِيه غوص // (من مخلع الْبَسِيط) //
(قَالَ وَقد أبْصر دمعي دَمًا ... هَذَا وَمَا لَا رعتك بالبين)(20/199)
(فَقلت لما فنيت أدمعي ... بَكَيْت بالدمع بِلَا عين)
وَمن شعر الباخزري // (من الطَّوِيل) //
(لقد ظلم الْقمرِي إِذْ ناح باكيا ... وَلَيْسَ لَهُ من مثل مَا ذقته ذوق)
(فها أَنا ذُو شوق وَلَا طوق لي بِهِ ... وَهَا هُوَ ذُو طوق وَلَيْسَ لَهُ شوق)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(لَا تنكري يَا عز إِن ذل الْفَتى ... ذُو الأَصْل وَاسْتغْنى لئيم المحتد)
(إِن البزاة رُؤْسهنَّ عواطل ... والساج مَعْقُود بِرَأْس الهدهد)
قلت يشبه قَول الدهخدا المظفر بن عَليّ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَا عَار أَن أعرى وغيري ... فِي ثِيَاب الوشي رافل)
(إِن الحمائم ذَات أطواق ... وجيد الباز عاطل)
وَقَالَ الباخزري أَيْضا // (من السَّرِيع) //
(لَا يشرف الرذل بِأَن يكتسي ... من الْغنى تاجا وديباجا)
(وَهل نجا الهدهد من نَتنه ... بلبسه الديباج والتاجا)
وَمن شعره يصف صَاحبه مُحَمَّد بن أبي نصر بن عبد الله الباخز // (من الوافر) //
(فدتك النَّفس يَا قمري وشمس ... ويومي فِي ودادك مثل أمس)
(طلعت فكدت أصبح من تلالي ... جبينك فَقَالَ الصدغ أَمْسَى)
(تَعَالَى واملئي ستى صباحا ... وَجهك الوردي خمسى)
(على وَجه الَّذِي أجني بَنَاتِي ... ثمارا للمكارم وَهُوَ غرسي)
(وَإِن سائلتني من ذَاك أنْشد ... وَذَاكَ مُحَمَّد تفديه نقسى)
وَمِنْه قَوْله // (من مهتوك الرجز) //
(ساري النديم بِذِي سلم ... وَهنا ألم فَلم ينم)
(حَتَّى المتيم فِيهِ ازْدحم ... فَلَا جرم صَافح ثمَّ)
(نعمى النعم غنم الْغنم ... بَكَى الرهم حَتَّى ابتسم)
(فَهُوَ أرم قُم يَا حنم ... عذب الشيم واسيق فَلم)(20/200)
(يبْق ألم وَلَا ارتكم ... غمام غم لما بغم)
(ظَبْي ظلم بدر الظُّلم ... بالملتثن)
وَهِي طَوِيلَة خرج إِلَى المديح قلت أقصر مَا صنع القدماء من الرجز مَا كَانَ على جزأين كَقَوْل دُرَيْد يَوْم هوَازن
(يَا لَيْتَني فِيهَا جذع ... أخب فِيهَا وأضع)
حَتَّى صنع أَبُو النَّجْم أرجوزة على جُزْء وَاحِد وَهِي مَشْهُورَة أَولهَا
(طيف ألم بِذِي سلم ... بعد العتم يطوي الْأَلَم)
(جاد بغم وملتزم ... فِيهِ هضم إِذا يضم)
وَقَالَ بَعضهم أول من أبدع ذَلِك سلم الخاسر يمدح الْهَادِي بقوله
(مُوسَى الْمَطَر غيث بكر ... ثمَّ انهمر ألوى المرر)
(اعتسر ثمَّ اتسر ... وَكم قدر ثمَّ غفر)
عدل السّير بَاقِي الْأَثر ... خير وَشر نفع وضر)
(خير الْبشر فرع مُضر ... بدر بدر هُوَ الْوزر)
(لمن حضر والمفتخر ... لمن غبر)
289 - أَبُو الْقَاسِم بن الْخلّ عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن الْخلّ أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْحُسَيْن الشَّاعِر كَانَ يلقب فَخر الزَّمَان مدح الْإِمَامَيْنِ المستنجد وَابْنه المستضيء مولده سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة ووفاته وَمن شعره // (من المجتث) //
(وَجه الصبوح صبح ... من الهموم مريح)
(ومترل اللَّهْو رحب ... نضر الرياض فسيح)
(والطل جَار نثير ... والظل سَار يسيح)
(وللنسيم هبوب ... على الرياض طليح)
(وللسحائب جفن ... من الدُّمُوع قريح)(20/201)
(والبلبل المتغني ... فَوق الغصون يَصِيح)
(والورد فِي قضب الدوح ... كَالنُّجُومِ يلوح)
(نسيمه بغرام الصب ... المشوق يبوح)
(وَظن ترك اصطباح ... فِيهِ جميلا قَبِيح)
290 - ابْن الحمامي عَليّ بن الْحسن أَبُو الطَّاهِر الْمَعْرُوف بِابْن الحمامي كَانَ أديبا فَاضلا شَاعِرًا وَكَانَ يخْدم مُلُوك بني بويه ويترسل مِنْهُم إِلَى الْأَطْرَاف روى عَنهُ القَاضِي أَبُو تَمام الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن بن الصَّابِئ وَأَبُو الْحسن بن نصر شَيْئا من شعره وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ومولده كَانَ فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(اصْطلحَ النَّاس على الْبُخْل ... ونافقوا فِي القَوْل وَالْفِعْل)
(لَو سئلوا الرَّد لضنوا بِهِ ... إِذْ سرعَة الرَّد من الْبَذْل)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(يَا غادرا ضمن الْمَوَدَّة والوفا ... وأخل من بعد الضَّمَان بخلتي)
(أصبيتني حَتَّى عرفت صبابتي ... وسررتني حلى بلوت سريرتي)
(ثمَّ انطويت على الْجفَاء وَلَو أرى ... مَا قد أرى لطويت عَنْك طويتي)
(وَمن الْعَجَائِب والعجائب جمة ... أَنِّي رَأَيْت منيتي من منتي)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(يَا دهر لَو عدت إِلَى صلحي ... مَا كنت إِلَى فائز الْقدح)
(فِي كل يَوْم مِنْك لي وقْعَة ... مؤلمة ترحب فِي جرحي)
مِنْهَا // (من السَّرِيع) //
(فَقَالَ لي بعد خطوب جرت ... معاد مَا تبغي أَبُو الْفَتْح)
(فاقدح بِهِ زندك فِي كل مَا ... يروم مِنْهُ يور فِي الْقدح)
(إِنَّك إِن تاجرته مادحا ... فزت بآمالك فِي الرِّبْح)
(وَمَا الَّذِي تنظم فِي مدح من ... تضيق عَنهُ سَعَة الْمَدْح)
(أما ترى الدَّهْر وأحداثه ... دائبة تعْمل فِي ذبحي)(20/202)
(قل لشهاب الدولة المرتجى ... واعدل إِلَى الْجد عَن المزح)
(عَبدك هَذَا طارح نَفسه ... عَلَيْك فاعرف حُرْمَة الطرح)
(واهززه فِي سَائِر مَا تبتغي ... تهز مِنْهُ عَامل الرمْح)
(مَا زلت أَدْعُو الله فِي قربه ... فحين وافاني بِلَا كدح)
(حل بِبَغْدَاد وَلكنه ... أبعد عني من فَم الصُّلْح)
قلت شعر جيد
291 - شميم الْحلِيّ عَليّ بن الْحسن بن عنتر بن ثَابت الْمَعْرُوف بشميم بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم الأولى وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف أَبُو الْحسن الْحلِيّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الشَّاعِر توفّي بالموصل عَن سنة عالية سنة إِحْدَى وسِتمِائَة تأدب بِبَغْدَاد وَتوجه إِلَى الْموصل وَالشَّام وديار بكر قَالَ ياقوت وَأَظنهُ قَرَأَ على ملك النُّحَاة أبي نزار قَالَ إِن الْأَوَائِل جمعُوا أَقْوَال غَيرهم وأشعارهم وبوبوها وَأما أَنا فَكل مَا عِنْدِي من نتائج أفكاري وَكلما رَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على اسْتِحْسَان كتاب فِي نوع من الْأَدَب أنشأت من جنسه مَا أدحض بِهِ الْمُتَقَدِّمين من ذَلِك أَن أَبَا تَمام جمع أشعار الْعَرَب فِي حماسته وعملت أَنا حماسة من أشعاري ثمَّ سبّ أَبَا تَمام وَشَتمه ثمَّ رَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على تَفْضِيل أبي نواس فِي خمرياته فَعمِلت كتاب الخمريات من شعري وَلَو عَاشَ أَبُو نواس لاستحيا أَن يذكر شعر نَفسه مَعهَا وَرَأَيْت النَّاس مُجْمِعِينَ على تَفْضِيل خطب ابْن نَبَاته فصنفت كتاب الْخطب فَلَيْسَ النَّاس الْيَوْم اشْتِغَال إِلَّا بخطبي قَالَ ياقوت ثمَّ أَنْشدني // (من مجزوء الْكَامِل) //
(امزج بمسبول اللجين ... ذَهَبا حكته دموع عَيْني)
(لما نعى ناعي الْفِرَاق ... ببين من أَهْوى وبيني)
(كَانَت وَلم يقدر لشَيْء ... قبلهَا إِيجَاب كَون)(20/203)
(وأحالها التَّحْرِيم لما ... شبهت بِدَم الْحُسَيْن)
(خَفَقت لنا شمسان من ... لألائها فِي الْخَافِقين)
(وبدت لنا فِي كأسها ... من لَوْنهَا فِي حلتين)
(فاعجب هداك الله من ... كَون اتِّفَاق الضرتين)
فاستحسنت ذَلِك فَغَضب وَقَالَ لي وَيلك مَا عنْدك غير الِاسْتِحْسَان فَقلت لَهُ فَمَا أصنع يَا مَوْلَانَا فَقَالَ لي تصنع هَكَذَا ثمَّ قَامَ يرقص ويصفق إِلَى أَن تَعب وَجلسَ وَهُوَ يَقُول أصنع وَقد ابْتليت ببهائم لَا يفرقون بَين البعر والدر والياقوت وَالْحجر فاعتذرت إِلَيْهِ وَسَأَلته أَن ينشدني شَيْئا آخر فَقَالَ لي قد صنفت كتاب فِي التَّجْنِيس سميته أنيس الجليس فِي التَّجْنِيس فِي مدح صَلَاح الدّين لم رَأَيْت اسْتِحْسَان النَّاس لقَوْل البستي ثمَّ أنْشد مِنْهُ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(لَيْت من طول بِالشَّام ... نَوَاه وثوى بِهِ)
(جعل الْعود إِلَى الزَّوْرَاء ... من بعض ثَوَابه)
(أَتَرَى يوطئني الدَّهْر ... ثرى مسك ترابه)
(وَأرى أَي نور عَيْني ... موطئا لي وَترى بِهِ)
ثمَّ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي وصف سَاق // (من مجزوء الْكَامِل) //
(قل لي فدتك النَّفس قل لي ... مَاذَا تُرِيدُ إِذن بقتلي)
(أأدرت خمرًا فِي كئوسك ... هَذِه أم سم صل)
وأنشدني غير ذَلِك ثمَّ سَأَلته عَمَّن تقدم من الْعلمَاء فَلم يحسن الثَّنَاء على أحد مِنْهُم فَلَمَّا ذكرت لَهُ المعري نهرني وَقَالَ وَيلك كم تسئ الْأَدَب بَين يَدي من ذَلِك الْكَلْب الْأَعْمَى حَتَّى يذكر فِي مجْلِس قلت يَا مَوْلَانَا مَا أَرَاك ترْضى عَن أحد مِمَّن تقدم فَقَالَ كَيفَ أرْضى عَنْهُم وَلَيْسَ لَهُم مَا يرضيني فَقلت فَمَا فيهم أحد قطّ جَاءَ بِمَا يرضيك فَقَالَ لَا أعلمهُ إِلَّا أَن يكون المتنبي فِي مديحه خَاصَّة وَابْن نباتة فِي خطبه وَابْن الحريري فِي مقاماته فَهَؤُلَاءِ لم يقصروا قلت يَا مولَايَ قد عجبت إِذْ لم تصنف مقامات تدحض بهَا مقامات الحريري فَقَالَ يَا بني اعْلَم أَن الرُّجُوع إِلَى الْحق خير من التَّمَادِي فِي الْبَاطِل عملت مقامات مرَّتَيْنِ فَلم ترضني فغسلتها وَمَا أعلم أَن الله خلقني إِلَّا لأظهر فضل ابْن الحريري ثمَّ شطح فِي الْكَلَام وَقَالَ لَيْسَ فِي الْوُجُود خَالق إِلَّا وَاحِد فِي السَّمَاء وَوَاحِد(20/204)
فِي الأَرْض فَالَّذِي فِي السَّمَاء هُوَ الله وَالَّذِي فِي الأَرْض هُوَ أَنا ثمَّ قَالَ هَذَا كَلَام لَا يحْتَملهُ الْعَامَّة لكَوْنهم لَا يفهمونه أَنا لَا أقدر على خلق شَيْء إِلَّا خلق الْكَلَام فَأَنا أخلقه ثمَّ ذكر اشتقاق هَذِه اللّقطَة فَقلت لَهُ يَا مَوْلَانَا أَنا مُحدث والمحدث إِن لم يكن عِنْده جرْأَة مَاتَ بغصة وَأحب أَن أَسأَلك شَيْء قَالَ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ مَا تسْأَل إِلَّا عَن معضلة هَات مَا عنْدك قلت لم سميت بالشميم فشتمني ثمَّ ضحك وَقَالَ إِنِّي بقيت مُدَّة من عمري ذكرهَا وَهُوَ وأنسيتها لَا آكل فِي تِلْكَ الْمدَّة إِلَّا الطّيب فَحسب لتنشف الرُّطُوبَة وحدة الحقط فَكنت أبقى أَيَّامًا لَا يجئني الْغَائِط فَإِذا جَاءَ كَانَ شبه البندقة من الطين فَكنت آخذه وَأَقُول لمن أنبسط لَهُ شمه فَإِنَّهُ لَا رَائِحَة لَهُ فَكثر ذَلِك حَتَّى عرفت بِهِ أرضيت يَا ابْن الفاعلة ثمَّ أورد لَهُ ياقوت // (من الْكَامِل) //
(قَالُوا نرَاك بِكُل فن عَالما ... فعلام حظك من دناك خسيس)
(فأجبتهم لَا تعجبوا وتفهموا ... كم ذاد نهزة لَيْث خيس خيس)
وَمن شعره // (من الوافر) //
(أقيلي عَثْرَة الشاكي أقيلي ... فسولي فِي سَماع نَثَا رَسُولي)
(وَإِن لم تَأْذَنِي بفكاك أسرِي ... فدليني على صَبر جميل)
وَقَالَ ياقوت حَدثنِي تَقِيّ الدّين ابْن الْحجَّاج قَالَ اجْتمع جمَاعَة من التُّجَّار الواسطيين بالموصل على زِيَارَة شميم وتوافقوا على أَلا يتكلموا بَين يَدَيْهِ خوفًا من زلل يكون مِنْهُم فَلَمَّا حصلوا بَين يَدَيْهِ قَالَ أحدهم أدام الله أيامك فَالْتَفت إِلَيّ وَقَالَ أَيْن هَؤُلَاءِ فَإِنِّي أرى عمائم كبارًا ظننتها على آدميين فَسَكَتُوا فَلَمَّا قَامُوا قَالَ لَهُ آخر مِنْهُم يَا سَيِّدي ادْع لنا بشمل الْجمع فَغَضب وَقَالَ قومُوا عني قبحكم الله ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ أيسن هَؤُلَاءِ وَكَيف خلقهمْ الله ثمَّ حلف بمحلوفه وَقَالَ لَو قدرت على خلق مثل هَؤُلَاءِ لما فعلت أَنَفَة من خلق مثلهم وَقَالَ مُحَمَّد بن حَامِد بن مُحَمَّد بن جِبْرِيل بن مَنْعَة بن مَالك الْموصِلِي الْفَقِيه فَخر الدّين جرت بيني وَبَينه مذاكرات إِلَى أَن قَالَ وَمن الْعَجَائِب اسْتِحْسَان النَّاس قَول عَمْرو بن كُلْثُوم // (من الوافر) //(20/205)
(مشعشعة كَأَن الْحصن فِيهَا ... إِذا مَا المَاء خالطها خرينا)
كَذَا قَالَ تهكما أَلا قَالَ كَمَا قلت // (من الطَّوِيل) //
(وسالت نطاق الراح فِي الراح ... فاغتدى السماح إِلَى راحاتنا فسخينا)
ثمَّ أخرج رقْعَة من تَحت مُصَلَّاهُ وَقَالَ مَا معنى قولي قلت شطر أعاديك حَظّ من كفر أياديك فَقلت اُكْتُبْهَا وأفسرها فَقَالَ اُكْتُبْهَا فكتبتها وَقلت شطر أعاديك ديك وَقَلبه كيد أردْت أَن الكيد خطّ من كفر أياديك فَقَالَ لي أَحْسَنت ثمَّ أقبل عَليّ بعد إهمالي وَلما قدم أسعرت تسامع بِهِ أَهلهَا فقصدوه من كل فج وَكَانَ فيهم شَاعِر فأنشده شعرًا استجاده وَقَالَ لَهُ إِنِّي أرفع هَذَا الشّعْر عَن طبقتك فَإِن كنت فِي دَعْوَاهُ صَادِقا فَقل فِي مَعْنَاهُ الْآن شَيْئا آخر ففكر سَاعَة وَقَالَ // (من الطَّوِيل) //
(وَمَا كل وقتٍ فِيهِ يسمح خاطري ... بنظم قريص يَقْتَضِي لَفظه معنى)
(وَلم يج الشَّرْع الشريف تيمما ... بترب وبحر الأَرْض فِي ساحة مَعنا)
فَقَالَ لَهُ الْحلِيّ وَيلك اسجد وَيلك اسجد فَإِن هَذَا مَوضِع من مَوَاضِع سَجدَات الشّعْر وَأَنا أعرف النَّاس بهَا وَمن خطبه الْحَمد لله فالق قمم حب الحصيد بحسام سح السحب صايغ خد الأَرْض بقاني شَقِيق يَانِع العشب نافخ روح الْحَيَاة فِي صور تصاويرها بسائح الْفُرَات العذب مُحي ميت الأَرْض بإماتة كالح الجدب لابتسام ثغر نسيم أنفاح الخصب محيل جسم طبيعة المَاء الْمُبَارك فِي أشكال الْحبّ وَالْعِنَب وَالزَّيْتُون والقضب جاعله للأنام والأنعام ذَات الْحمل والحلب محلى جيد الأفلاك بقلائد دراري النُّجُوم الشهب ومجلس جند الْأَمْلَاك عَن مُبَاشرَة التَّصَرُّف وَالْكَسْب وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ وأصل التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس للرب قلت لم أورد هَذِه السجعات إِلَّا لترى أَيهَا الْوَاقِف على هَذَا الْكتاب مَا على هَذَا الكالم من التَّكَلُّف والقلق والثقالة هذاك شعره وَهَذَا نثره على أَن النّظم خير من النثر وَلَا خير فِي كثير كَيفَ بِهِ لَو نثر مثل القَاضِي أَو نظم مثل ابْن سيناء الْملك وَله من التصانيف(20/206)
النكت المعجمات فِي شرح المقامات وَكتاب أرى المشتار فِي القريص الْمُخْتَار وَكتاب الحماسة من نظمه كتاب مناح المنى فِي إِيضَاح الكنى أَربع كراريس أنس الجليس فِي التَّجْنِيس أَنْوَاع الرّقاع فِي الأسجاع كتاب درة التأميل فِي عُيُون الْمجَالِس والفصول مجلدان نتائج الْإِخْلَاص فِي الْخطب مُجَلد كتاب التعازي فِي المرازي مُجَلد كتاب خطب نسق حُرُوف المعجم كراسان كتاب الْأَمَانِي فِي التهاني مُجَلد كتاب المفاتيح فِي الْوَعْظ كراسان كتاب معاياة الْعقل فِي معاناة النَّقْل مُجَلد كتاب الإشارات المعزية مُجَلد كتاب المرتجلات فِي المسجلات أَربع كراريس كتاب المخترع فِي شرح اللمع مُجَلد كتاب الْمُحْتَسب فِي شرح الْخطب مُجَلد كتاب المهتصر فِي شرح الْمُخْتَصر مُجَلد كتاب التمحيض فِي التغميض كراسان كتاب بداية الْفِكر فِي بَدَائِع النّظم والنثر مجلدان كتاب خلق الْآدَمِيّ كراسان كتاب رسائل لُزُوم مَا لَا يكره كراسان كتاب اللُّزُوم مجلدان كتاب لهنة التطبيق المصحر فِي اللَّيْل المسهر كراسان كتاب مَسَرَّة الْقُلُوب فِي التَّصْحِيف كراس كتاب المنائح فِي المدائح مجلدان كتاب نهزة الأفراح فِي صِفَات الراح كراسان كتاب حزر الثافث من عيث العائث كتاب الْخطْبَة المستضيئة كتاب الْخطب الناصرية كتاب الركوبات مجلدان كتاب شعر الصَّبِي مُجَلد كتاب إلقام الإلجام فِي تَعْبِير الأحلام كتاب سمط الْملك الْمفضل فِي مديح المليك الْأَفْضَل كتاب مَنَاقِب الحكم فِي مثالب الْأُمَم مجلدان كتاب اللماسة فِي شرح الحماسة كتاب الْفُصُول الموكبية يشْتَمل على عشْرين فصلا كتاب مجتنى رَيْحَانَة الْهم فِي اسْتِئْنَاف الْمَدْح والذم كتاب الْمُنَاجَاة
292 - الْأَحْمَر صَاحب الْكسَائي عَليّ بن الْحسن الْأَحْمَر صَاحب الْكسَائي أَبُو الْحسن بن الْحسن الْمُؤَدب لم يصر لأحد قطّ من التَّأْدِيب مَا صَار إِلَيْهِ قَالَ أَبُو سعيد الطوَال مَاتَ الْأَحْمَر قبل الْفراء بِمدَّة قَالَ الحاكي أَحْسبهُ قَالَ سنة(20/207)
أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَكَانَ رجلا من الْجند من رجالة النّوبَة على بَاب الرشيد وَكَانَ يحب علم الْعَرَبيَّة وَلَا يقدر على مجَالِس الْكسَائي إِلَّا فِي أَيَّام غير نوبَته وَكَانَ يرصد مصير الْكسَائي إِلَى الرشيد ويعرض لَهُ فِي طَرِيقَته فَإِذا أقبل تَلقاهُ وَأخذ بركابه وَمَا شاه إِلَى أَن يبلغ السّتْر وَهُوَ يسْأَله عَن الْمَسْأَلَة بعد الْمَسْأَلَة وَكَذَلِكَ يفعل بِهِ إِذا خرج من السّتْر إِلَى أَن يركب وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن تمكن فَلَمَّا أصَاب الْكسَائي الوضح فِي بدنه وَوَجهه كره الرشيد ملازمته لأولاده فَأمره بِأَن يرتاد لَهُم من يَنُوب عَنهُ وَكَانَ الْكسَائي قد بلغه قدوم سِيبَوَيْهٍ والأخفش فَقَالَ للأحمر هَل فِيك خير قَالَ نعم فاستخلفه على أَوْلَاد الرشيد فَقَالَ لَهُ لعَلي لَا أَفِي بِمَا يطْلبُونَ فَقَالَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ فِي كل يَوْم مَسْأَلَتَيْنِ فِي النَّحْو وبيتين من مَعَاني الشّعْر وأحرفا من اللُّغَة وَأَنا ألقنك كل يَوْم ذَلِك قبل أَن تأتيهم فَقَالَ نعم فَدخل بِهِ إِلَيْهِم وأجلسوه فِي بَيت وفرشوه لَهُ وَكَانَت الْعَادة جَارِيَة بِأَنَّهُ إِذا دخل معلم لأَوْلَاد الْخُلَفَاء يحمل بعد قِيَامه كل مَا فِي ذَلِك الْبَيْت الَّذِي جلس فِيهِ إِلَيْهِ فَحمل ذَلِك إِلَى الْأَحْمَر وشريت لَهُ دَار وَجَارِيَة وَحمل على مركوب ووهب لَهُ غُلَام ورتب لَهُ جَارِيا يَكْفِيهِ وَكَانَ الْكسَائي يَأْتِيهم فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ فيعرضون عَلَيْهِ بِحَضْرَة الرشيد مَا أقرأهم الْأَحْمَر وَكَانَ بَينه وَبَين الْفراء تبَاعد وجفاء فحج الْأَحْمَر فَمَاتَ فِي طَرِيق الْحَج فَلَمَّا بلغ الْفراء ذَلِك اسْترْجع وترحم عَلَيْهِ وَقَالَ أما وَالله لقد عَلمته شَيخا ذكيا عَالما ذَا مُرُوءَة وَمن شعر الْأَحْمَر // (من المقارب) //
(وفتيان صدق دعوا للندى ... وفاض السرُور بِأَرْض الطَّرب)
وَهِي أَرْبَعَة أَبْيَات وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيدي يهجو الْأَحْمَر وَالْكسَائِيّ // (من مجزوء الْكَامِل) //
(أفسد النَّحْو الْكسَائي ... وثنى ابْن غزاله)
(وَأرى الْأَحْمَر تَيْسًا ... فاعلفوا التيس النخاله)
وَقَالَ ثَعْلَب كَانَ الْأَحْمَر يحفظ أَرْبَعِينَ ألف بَيت شَاهدا فِي النَّحْو سوى مَا يحفظ من القصائد وَكَانَ مقدما على الْفراء فِي حَيَاة الْكسَائي وَله كتاب التصريف وَكتاب(20/208)
تفنن البلغاء
293 - كرَاع النَّمْل عَليّ بن الْحسن الهناني الْمَعْرُوف بكراع النَّمْل مَنْسُوب إِلَى هناءة بن بِمَالك بن فهم بن غنم بن درس يَنْتَهِي إِلَى الأزد أَبُو الْحسن اللّغَوِيّ قَالَ ياقوت وجدت خطه على المنضد من تصنيفه وَقد كتبه فِي سنة سبع وثلاثمائة ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فَقَالَ هُوَ من أهل مصر وَكَانَ كوفيا وَأخذ عَن الْبَصرِيين وَيعرف بالرواسي قَبيلَة من الأزد وَكتبه مَوْجُودَة بِمصْر مَرْغُوب فِيهَا وَله كتاب المضد أورد فِيهِ لُغَة كَثِيرَة مستعملة وحوشية ورتبه على حُرُوف المعجم ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي كتاب الْمُجَرّد ثمَّ اخْتَصَرَهُ فِي كتاب المنجد وَله كتاب أَمْثِلَة الْغَرِيب على أوزان الْأَفْعَال يُورد فِيهِ غَرِيب اللُّغَة وَكتاب الْمُصحف وَكتاب المنظم
294 - ابْن مَرْوَان الْفَارِسِي عَليّ بن الْحسن بن فُضَيْل بن مَرْوَان فَارسي الأَصْل ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب الْأَصْنَام وَمَا كَانَت الْعَرَب والعجم تَعْبدُونَ من دون الله عز وَجل
295 - الْمُقْرِئ عَليّ بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ قَالَ ياقوت ذكره مُحَمَّد بن جَعْفَر التَّيْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن النجار فِي تَارِيخ الْكُوفَة فَقَالَ وانْتهى تَارِيخ قِرَاءَة عَاصِم إِلَى الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَهُوَ عَليّ بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا تلقن عَلَيْهِ خلق عَظِيم كَانَ يحضر مَجْلِسه فَوق ألف نفس فِي كل يَوْم وَكَانَ السَّبق من الْعَصْر يبيت للنَّاس السَّبق وَآخر من شاهدنا مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن الْحسن بن يُونُس الْهُذلِيّ وَقد قَرَأَ بالسبعة من عدَّة وُجُوه وَقَرَأَ بالشواذ
296 - عَلان النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن يحيى الْمَعْرُوف بعلان الْمصْرِيّ ذكره أَبُو بكر الزبيدِيّ فِي كِتَابه فَقَالَ كَانَ نحويا من ذَوي النّظر والتدقيق فِي الْمعَانِي قَلِيل الْحِفْظ لأصول النَّحْو فَإِذا حفظ الأَصْل تكلم عَلَيْهِ فَأحْسن وجود التَّعْلِيل ودقق فِي القَوْل مَا شَاءَ توفّي فِي شَوَّال سنة سبع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة(20/209)
297 - ابْن حسول عَليّ بن الْحسن بن حسول أَبُو الْقَاسِم كتب رقْعَة إِلَى الصاحب بن عباد يترضاه فِي شئ وجده عَلَيْهِ مَوْلَانَا الصاحب الْأَجَل كَافِي فِي الكفاة كالبحر يتدفق والعارص يتألق فَلَا عتب على من لَا يرويهِ سيب غواديه أَن يستشرف للرائحات الرواعد من طوله فيشيم بوراقها ويستمطر سحائبها وَهَذَا جَانب مِنْهَا فَوَقع الصاحب فِي ظهرهَا سَيِّدي أَبُو الْقَاسِم أيده الله تَعَالَى قدم حُرْمَة وأتبع غَيره وَأظْهر إنابه فَاسْتحقَّ إِقَالَة فَعَاد حَقه طريا كَأَنَّهُ لم يخلق وظنه قَوِيا كَأَن لم يخْفق
298 - أَبُو بكر الْقُهسْتَانِيّ عَليّ بن الْحسن أَبُو بكر العميد الْقُهسْتَانِيّ بِضَم الْقَاف وَالْهَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف ثمَّ ألف وَنون أديب كَبِير مَشْهُور فِي بِلَاد خُرَاسَان اتَّصل أَيَّام الْملك مَحْمُود بن سبكتكين بولده مُحَمَّد بن مَحْمُود فِي أَيَّام أَبِيه لما قَلّدهُ الجوزان وَكَانَ يمِيل إِلَى عُلُوم الْأَوَائِل ويدمن النّظر فِي الفلسفة فقدح فِي دينه ومقت لذَلِك وَكَانَ كَرِيمًا جوادا ممدحا ولي الولايات الجليلة وَله نظم ونثر وَكَانَ يغلب المزح عَلَيْهِ حَتَّى فِي مجْلِس نظره ويغلب عَلَيْهِ الْميل إِلَى الغلمان وَكَانَ لمُحَمد بن مَحْمُود بن سبكتيكين سَبْعمِائة غُلَام فِي خيله فعلق العميد أحدهم وأفرط فِي حبه وَلم يبد ذَلِك فاتفق أَن أَتَى الغلمان من بعض متصيدائهم فَلَقِيَهُمْ أَبُو بكر فِي صحن الدَّار فَسَلمُوا عَلَيْهِ وَقرب مِنْهُ ذَلِك الْغُلَام فقرص خَدّه وَكَانَ مُحَمَّد مشرفا عَلَيْهِ فَأمر بِضَرْب الْغُلَام ثمَّ أنفذه إِلَى أبي بكر فَقَالَ قد وهبناه لَك وصفحنا عَن ذَنْبك فَلَو لم يساعدك هَذَا الْفَاجِر على ذَلِك لما أمكنك فعله وَلَكِن لَا تعد إِلَى مثل هَذَا فاستحييا العميد أَبُو بكر وَقَالَ هَذَا أعظم من الضَّرْب وَالْأَدب وَتَأَخر فِي دَاره حَيَاء فأنفذ مُحَمَّد إِلَيْهِ واستدعاه وَبسطه ثمَّ انه كَانَ لَا يزَال يَهبهُ الْغُلَام بعد الْغُلَام وشكا الخدم إِلَى مُحَمَّد من بغض الغلمان الدارية بِأَنَّهُ تَمْكِين بَاقِي الغلمان من وَطئه وَلَا يمْتَنع من غشيانهم لَهُ فَقَالَ لَهُم أيفعل هَذَا طبعا أَن يستعجل عَلَيْهِ فَقَالُوا بل يستعجل عَلَيْهِ فَتقدم بإنفاذه إِلَى أبي بكر وَقَالَ قُولُوا لَهُ هَذَا بك أشبه لَا بِنَا فَخذه مُبَارَكًا لَك فِيهِ وَقَالَ العميد يَوْمًا فِي مَجْلِسه معمى وَهُوَ // (من الْبَسِيط) //
(مليحة الْقد والأعطاف قد جعلت ... فِي الْحجر طفْلا لَهُ رأسان فِي جَسَد)(20/210)
(قد ضيقت مِنْهُ أنفاس الخناق بِلَا ... جرم وتضربه ضربا بِلَا حرد)
(فَتسمع الصَّوْت مِنْهُ حِين تضربه ... كَأَنَّهُ خَارج من ماضغي أَسد)
فَقَالَ غُلَام أَمْرَد من أَوْلَاد الْكتاب هَذَا هُوَ الطبل فَقَالَ العميد عهدي بك تستدخل الْأَعْوَر فَكيف استخرجت الْأَعْمَى فَخَجِلَ الْغُلَام وَضحك الْحَاضِرُونَ وامتدحه شَاعِر بِشعر غير طائل فَأخر صلته فَكتب الشَّاعِر بَيْتَيْنِ وَسَأَلَ الدواتي أَن يَضَعهَا فِي الدواة وهما // (من الوافر) //
(أَبَا بكر هجوتك لَا لطبعي ... فطبعي عَن هجاء النَّاس نَاب)
(وَلَكِنِّي بلوت الطَّبْع فِيهِ ... فَإِن السَّيْف يبْلى فِي الْكلاب)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهِمَا اسْتحْسنَ ذَلِك ورد الشَّاعِر من فراسخ بعيدَة وَلما رَآهُ أقبل عَلَيْهِ وَقَامَ لَهُ واعتنقه وَقَالَ لَو كَانَ مدحك مثل هجوك قاسمتك نعمتي ثمَّ أحسن جائزته قلت هَذَا مثل قَول ابْن صردر // (من الوافر) //
(وَمَا أهجوك أَنَّك أهل هجو ... وَلَكِنِّي أجرب فِيك ضربي)
(وَهل عيب على شفرات سَيفي ... إِذا جربتها فِي لحم كلب)
وَورد العميد أَبُو بكر إِلَى بَغْدَاد سنة ينف وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة ومدح الْقَادِر بِاللَّه وَفِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ اتَّصل بالملوك السلجوقية وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(رَأَيْت عمارا وليتني لم أره ... حَاز لتِلْك الطلعة المنكره)
(لَا أَحْمد الله على خلقه ... فَلَو أَرَادَ الْحَمد مَا صوره)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //
(ومقرطق فِي صحن غرَّة وَجهه ... متصرف صرف الْجمال وَتَحْته)
(عاقرته أسكرته قبلته ... جدلته فقحته سرحته)
قلت ذكرت بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ مَا تقدم لي نظمه وأظنهما ألطف من هذَيْن وأوقع فِي(20/211)
النَّفس // (من الْكَامِل) //
(وَلَقَد ظَفرت بليلة كاساتها ... يسْعَى بهَا الرشا الأغن الأحور)
(أَنا لَا أطيل الشَّرْح فِي وصفي لَهَا ... هِيَ فَوق مَا يصف اللِّسَان وَأكْثر)
(لَكِن أَقُول طربت طبت ضممت قبلت ... انتهين إِلَى الَّذِي لَا يذكر)
وَمن شعر أبي بكر الْقُهسْتَانِيّ فِي مدح الإِمَام الْقَادِر // (من الطَّوِيل) //
(وَلم يرني ذُو منَّة غير خالقي ... وَغير أَمِير الْمُؤمنِينَ بِبَابِهِ)
(غَنِيا بِلَا دنيا عَن الْخلق كلهم ... وَإِن [مَا] الْغنى إِلَّا عَن الشَّيْء لَا بِهِ)
وَمِنْه يهجو ابْن كثير الْعَارِض // (من الطَّوِيل) //
(فلسنا نرجى الْخَيْر من ابْن وَاحِد ... فَكيف نرجيه من ابْن كثير)
وَمِنْه يهجوه مُصحفا // (من الْكَامِل) //
(مَا لي وَهَذَا العارص بن كثير ... شيخ العميد وَمَا لَهُ يشناني)
(وَهُوَ الْفُؤَاد بِرُوحِهِ وأحبه ... ويتيه أَيْن رَأَيْته ورآني)
(ويغض من قدري وَيحمل جَاهِلا ... ذكري ويخفي فِي الْجنان جناني)
وَمن شعر الْقُهسْتَانِيّ أبي بكر العميد // (من الْكَامِل) //
(أزرى بقدري أَن تراك ملكتني ... وَالشَّيْء يملكهُ بِعَيْنِك مزدرى)
(وَلَو أنني من غير أَرْضك لم يكن ... أحد يوازيني لديك كَمَا أرى)
(لَكِن سهم الْقرب خاط طائش ... وَلَقَد تنَال الْعين إِلَّا المحجرا)
(وكذاك عود الْهِنْد فِي بلدانه ... حطب الْوقُود بِهِ يُبَاع ويشترى)
(وعساي إِن وليت عَنْك برحلة ... ثمَّ انصرفت حظيت مِنْك موقرا)
(فالبحر يصعد قَطْرَة فِي مزنة ... وَيعود حِين يعود فِيهِ جوهرا)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(لنا عَالم يُؤْتى فَيَأْتِي بِحجَّة ... على ذَاك من أَخْبَار علم وآيات)
(وَقُلْنَا لَهُ الْإِسْلَام يعلوا وَلم يكن ... ليعلى فَقَالَ الْعلم يُؤْتى وَلَا يَأْتِي)
وَمِنْه // (من الْكَامِل) //(20/212)
(هَذَا ابْن نَبِي تائه فِي عجبه ... متبذخ متنفخ جبروتا)
(يَأْتِي إِلَى الْأَحْرَار يقْعد فَوْقهم ... وينام من تَحت العبيد ويوتى)
299 - ابْن الوحشي النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحسن بن الوحشي النَّحْوِيّ الْموصِلِي أَبُو الْفَتْح قَالَ السلَفِي أَنْشدني أَبُو الْفرج هبة الله بن مُحَمَّد بن المظفر بن الْحداد الْكَاتِب بثغر آمد قَالَ أَنْشدني ابْن الوحشي النَّحْوِيّ لنَفسِهِ // (من الْبَسِيط) //
(أبْكِي على الرّبع قد أقوى كَأَنِّي من ... سكانه أَو كَأَن مَا زلت أعْمرهُ)
(لَا تلحني فِي بكائيه فساكنه ... لم ألقه هاجري يَوْمًا فأهجره)
300 - ابْن المقلة عَليّ بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن أَحْمد بن مَعْرُوف بن جَعْفَر يَنْتَهِي إِلَى عدنان أَبُو الْحسن الْعَبدَرِي الْبَصْرِيّ يعرف بِابْن المقلة كَانَ شَيخا فَاضلا لَهُ معرفَة بالأدب وَالْعرُوض وَله تصانيف مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ومولده كَانَ سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة سمع بِالْبَصْرَةِ جَابر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وَطَلْحَة بن عَليّ بن عمر الْمَالِكِي وَعلي بن عبد الله بن الْمُبَارك الْوَاعِظ وَإِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة الشَّافِعِي إِمَام الْجَامِع بِالْبَصْرَةِ وَغَيرهم وَقَرَأَ بالأدب على أبي عَليّ بن الْأَحْمَر وَأبي الْعَبَّاس ابْن الْحَرِير وَأبي الْعِزّ ابْن أبي الدُّنْيَا وَقدم بَغْدَاد مرَارًا وَسمع من الْمُبَارك بن الْحسن الشهرزوري وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر وَأبي بكر الزَّاغُونِيّ وَغَيرهم خرج لنَفسِهِ فَوَائِد عَن شُيُوخه فِي عدَّة أَجزَاء وَمن شعره // (من الْخَفِيف) //
(شيمتي أَن أَغضّ طرفِي فِي الدَّار ... إِذا مَا دَخَلتهَا لصديق)
(وأصون الحَدِيث أودعهُ صوني ... سرى وَلَا أخون رفيقي)
وَمِنْه // (من السَّرِيع) //
(لَا تسلك الطّرق إِذا أخطرت ... لَو أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى المملكه)
(قد أنزل الله تَعَالَى وَلَا ... تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكه)(20/213)
301 - الْحَرَّانِي الْحَافِظ عَليّ بن الْحسن بن عَلان الْحَرَّانِي الْحَافِظ أَبُو الْحسن مؤلف تَارِيخ الجزيرة كَانَ ثِقَة حَافِظًا نبيلا توفّي سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة
302 - أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن خَلِيل القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن الْمصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ من كبار تلاميذ إِسْمَاعِيل الْحداد الْفَقِيه توفّي فِي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
303 - ابْن ذودان عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن مَيْمُون أَبُو الْحسن الربعِي الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الْحَافِظ يعرف بِابْن أبي ذودان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَالْوَاو الساكنة وَالدَّال الْمُهْملَة وَألف بعْدهَا نون الْقرشِي الْقُرْطُبِيّ كَانَ يحفظ ألف حَدِيث بأسانيدها من أَحَادِيث ابْن جوصا وَغير الحَدِيث لأبي عبيد توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
304 - الفِهري الْمَالِكِي عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن فهر الإِمَام أَبُو الْحسن الفِهري الْمصْرِيّ الْمَالِكِي صنف فَضَائِل مَالك وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود الْأَرْبَعين والأربعمائة
305 - الخلعي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد القَاضِي أَبُو الْحسن الْمُوصي الأَصْل الْمصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالخلعي ولد بِمصْر سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة سمع وَحدث عَنهُ الْكِبَار قَالَ ابْن بخيساه كُنَّا ندخل عَلَيْهِ فِي مَجْلِسه فنجده فِي الشتَاء والصيف وَعَلِيهِ قَمِيص وَاحِد وَوَجهه فِي غَايَة الْحسن لَا يتَغَيَّر من الْبرد وَلَا الْحر فَسَأَلته عَن ذَلِك وَقلت يَا سيدنَا أَنا لنكثر من الثِّيَاب فِي هَذِه الْأَيَّام وَمَا يُغني عَنَّا ذَلِك من شدَّة الْبرد ونراك على حَالَة وَاحِدَة فِي الشتَاء والصيف لَا تزيد على قَمِيص وَاحِد فبالله يَا سَيِّدي أَخْبرنِي فَتغير وَجهه ودمعت عَيناهُ ثمَّ قَالَ أتكتم عَليّ مَا أَقُول قلت نعم قَالَ غشيتني حمى يَوْمًا(20/214)
فَنمت فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَهَتَفَ بِي هَاتِف فناداني باسمي فَقلت لبيْك دَاعِي الله فَقَالَ لَا قل لبيْك رَبِّي الله مَا تَجِد من الْأَلَم قلت إلهي وسيدي قد أخذت منى الْحمى مَا قد علمت فَقَالَ قد أَمَرتهَا أَن تقلع عَنْك فَقلت إلهي وَالْبرد أَيْضا فَقَالَ قد أمرت الْبرد أَيْضا أَن يقْلع عَنْك فَلَا تَجِد ألم الْبرد وَلَا الْحر قَالَ فوَاللَّه لَا أحس بِمَا أَنْتُم فِيهِ من الْحر وَلَا الْبرد توفّي بِمصْر فِي ذِي الْحجَّة وَهُوَ صَاحب الخلعيات سمع أَبَا الْحسن الحوفي وَأَبا مُحَمَّد بن النخاس وَأَبا الْفَتْح العداس وَأَبا سعد الْمَالِينِي وَأَبا الْقَاسِم الْأَهْوَازِي وَغَيرهم ولي الْقَضَاء يَوْمًا وَاحِدًا واستعفى وانزوى بالقرافة وَكَانَ مُسْند مصر بعد الحبال وَحدث عَنهُ الْحميدِي وكنى عَنهُ بالقرافي وَقَالَ الْحَافِظ السلَفِي كَانَ أَبُو الْحسن الخلعي إِذا سمع عَلَيْهِ الحَدِيث ختم مَجْلِسه بِهَذَا الدُّعَاء وَهُوَ اللَّهُمَّ مَا مننت بِهِ فتممه وَمَا أَنْعَمت بِهِ فَلَا تسلبه وَمَا سترته فَلَا تهتكه وَمَا عَلمته فاغفره وَكَانَ بِمصْر يَبِيع الْخلْع لملوك مصر فنسب إِلَيْهَا وَكَانَ قد ولي قَضَاء فامية
306 - الْوَزير رَئِيس الرؤساء عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عمر بن الرفيل بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا لَام كَذَا وجدته مضبوطا الْوَزير أَبُو الْقَاسِم بِالْمَعْرُوفِ بن الْمسلمَة رَئِيس الرؤساء اسْتَكْتَبَهُ الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله ثمَّ استوزره ولقبه رَئِيس الرؤساء وَرفع من قدره وَكَانَ من خِيَار الرؤساء والوزراء روى عَنهُ الْخَطِيب وَكَانَ خصيصا بِهِ وَقَالَ كتبت عَنهُ وَكَانَ ثِقَة عظمه الْخَلِيفَة إِلَى الْغَايَة وَلم يبْق لَهُ ضد إِلَّا البساسيري وأرسلان التركي ثمَّ إِن البساسيري خلع الْخَلِيفَة وَملك بَغْدَاد وخطب بهَا للمستنصر صَاحب مصر وَحبس رَئِيس الرؤساء ثمَّ أخرجه وَعَلِيهِ جُبَّة صوف وطرطور أَحْمَر وَفِي رقبته مخنقة جُلُود وَهُوَ يقْرَأ(20/215)
{قل اللَّهُمَّ مالِك المُلك تُؤتي الملكَ من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء} الْآيَة [آل عمرَان 26] وَهُوَ يُرَدِّدهَا وطيف بِهِ على جمل ثمَّ نصب لَهُ خشبى بِبَاب خُرَاسَان وخيط عَلَيْهِ جلد ثَوْر سلخ فِي الْحَال وعلق فِي كلابان من حَدِيد وعلق على الْخَشَبَة حَيا ولبث يضْرب إِلَى آخر النَّهَار وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة
307 - فَخر الدولة بن بويه عَليّ بن الْحسن الْملك فَخر الدولة أَبُو الْحسن ابْن الْملك ركن الدولة بن بويه صَاحب الرّيّ ونواحيها توفّي فِي شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة دخل إِلَيْهِ جمَاعَة من الشُّعَرَاء يَوْم يوروز وَكَانَ فيهم شَاعِر يعرف بالنصيري فَقَالَ أمهلوني أَن أَقُول بَيْتا وَاحِدًا فَقَالَ لَهُ فَخر الدولة هَات فَقَالَ // (من الْبَسِيط) //
(أم الْإِمَارَة أم جمة الْوَلَد ... لَكِن بمثلك لم تحبل وَلم تَلد)
فأجزل فَخر الدولة صلته وَكَانَ يَوْمًا بِبَغْدَاد فَرفع إِلَيْهِ بعض الشُّعَرَاء قصَّة قَالَ فِيهَا إِن فلَانا ذواتيك يملك ألف دِينَار فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ فَقَط وَلَو ملك ألف ألف دِينَار لَكَانَ قَلِيلا لمثله ثمَّ قلب الْقِصَّة وَكتب على ظهرهَا السَّعَادَة قبيحة وان كَانَت صَحِيحَة فَإِن كنت أقمتها مقَام النصح فخسرانك فِيهَا من الرِّبْح وَلَوْلَا أَنَّك فِي خفارة شيبك لعاملتك بِمَا تستحقه ليرتدع أمثالك
308 - ابْن الماسح الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْفَضَائِل الْكلابِي الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الشَّافِعِي الفرضي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِجَمَال الْأَئِمَّة ابْن الماسح كَانَ من عُلَمَاء دمشق الْكِبَار وَكَانَ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَقِسْمَة الْأَرْضين سمع أَبَاهُ وَأَبا الْوَحْش سبيع بن قِيرَاط وَعَلِيهِ قَرَأَ وعَلى غَيره لِابْنِ عَامر وَسمع أَبَا تُرَاب حيدة وَعبد الْمُنعم بن الْغمر وَغَيرهم وتفقه على جمال الْإِسْلَام السّلمِيّ وَنصر الله المصِّيصِي وَكَانَت لَهُ حَلقَة كَبِيرَة بالجامع يقرئ فِيهَا الْقُرْآن وَالْفِقْه والنحو وَكَانَ معيدا لجمال الْإِسْلَام فِي الأمينية ودرس بالمجاهدية وَكَانَ حَرِيصًا على الإفادة روى عَنهُ أَبُو الْمَوَاهِب وَأَبُو الْقَاسِم ابْنا صصرى وَجَمَاعَة وَحدث بِكِتَاب الْوَجِيز للأهوازي فِي الْقرَاءَات عَن أبي سبيع عَنهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
309 - الْحَافِظ بن عَسَاكِر الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن(20/216)
الْحُسَيْن الْحَافِظ الْكَبِير الْأَمَام أَبُو الْقَاسِم ثِقَة الدّين ابْن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي صَاحب تَارِيخ دمشق أحد أَعْلَام الحَدِيث ولد مستهل سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي الْحَادِي عشر من شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وَسِتَّة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَحضر جنَازَته بالميدان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف قَالَ الْعِمَاد وَكَانَ الْغَيْث احْتبسَ فِي هَذِه السّنة فدر عِنْدَمَا رفعت جنَازَته فَكَأَن السَّمَاء بَكت عَلَيْهِ بدمع وبلها وطشه أَخُوهُ الصائن هبة الله سنة خمس وَخَمْسمِائة وَسمع هُوَ بِنَفسِهِ الْكثير ورحل وطوف الْبِلَاد إِلَى خُرَاسَان بَقِي فِي رحلته أَربع سِنِين وعدة شُيُوخه ألف وثلاثمائة شيخ وَثَمَانُونَ امْرَأَة ونيف وَحدث بأصبهان وخراسان وبغداد وَسمع مِنْهُ الْكِبَار مِمَّن هُوَ أسن مِنْهُ ورحل إِلَى الْعرَاق سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَحج سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسمع بِمَكَّة وَمنى وَالْمَدينَة والكوفة وأصبهان الْقَدِيمَة واليهودية ومرو الشاهجان ونيسابور وهراة وسرخس وأبيورد وطوس وبسطام والري وزنجان وبلادا كَثِيرَة بالعراق وخراسان والجزيرة وَالشَّام والحجاز وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فَأكْثر وروى هُوَ عَنهُ وَسمع بِبَغْدَاد الدَّرْس بالنظامية وعلق مسَائِل الْخلاف على الشَّيْخ أبي سعد إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح الكرمان وانتفع بِصُحْبَة جده أبي الْفضل فِي النَّحْو وَجمع وصنف فَمن ذَلِك كتاب تَارِيخ دمشق وأخبارها وأخبار من حلهَا أَو وردهَا فِي خَمْسمِائَة وسعبين جُزْءا من تجزئة الأَصْل وَالنُّسْخَة الجديدة ثَمَانمِائَة جُزْء قَالَ ابْن خلكان قَالَ لي شَيخنَا الْعَلامَة زكي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ حَافظ مصر رَحمَه الله تَعَالَى وَقد جرى ذكر هَذَا التَّارِيخ وَأخرج لي مِنْهُ مجلدا وَطَالَ الحَدِيث فِي أمره واستعظامه مَا أَظن هَذَا الرجل إِلَّا أَنه عزم على وضع هَذَا التَّارِيخ من يَوْم عقل على نَفسه وَشرع فِي الْجمع من ذَلِك الْوَقْت وَإِلَّا فالعمر يقصر عَن أَن يجمع الْإِنْسَان فِيهِ مثل هَذَا الْكتاب بعد الِاشْتِغَال والتنبه وَلَقَد قَالَ الْحق وَمن وقف عَلَيْهِ عرف حَقِيقَة هَذَا القَوْل وَمَتى يَتَّسِع للْإنْسَان الْوَقْت حَتَّى يضع مثله وَهَذَا الَّذِي ظهر هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ وَمَا صَحَّ لَهُ هَذَا إِلَّا بعد مسودات مَا يكَاد يَنْضَبِط حصرها(20/217)
وَكتاب الموافقات على شُيُوخ الْأَئِمَّة الثِّقَات اثْنَان وَسَبْعُونَ جُزْءا كتاب الإشراف على معرفَة الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ جُزْءا كتاب عوالي مَالك أحد وَثَلَاثُونَ جُزْءا والتالي لحَدِيث مَالك العالي تِسْعَة عشر جُزْءا كتاب مَجْمُوع الرغائب مِمَّا وَقع من أَحَادِيث مَالك من الغرائب عشرَة أَجزَاء كتاب المعجم لمن سمع مِنْهُ أَو أجَاز لَهُ اثْنَا عشر جُزْءا كتاب من سمع مِنْهُ النسوان جُزْء كتاب مُعْجم أَسمَاء الْقرى والأمصار الَّتِي سمع بهَا جُزْء كتاب مَنَاقِب الشبَّان خَمْسَة عشر جُزْءا كتاب فضل أَصْحَاب الحَدِيث أحد عشر جُزْءا كتاب تَبْيِين كذب المفتري على أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ عشرَة أَجزَاء كتاب المسلسلات عشرَة أَجزَاء كتاب تشريف يَوْم الْجُمُعَة سَبْعَة أَجزَاء كتاب المستفيد فِي الْأَحَادِيث السباعية الْأَسَانِيد سَبْعَة أَجزَاء وَكتاب تَجْرِيد السباعية أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب السداسيات جُزْء وَاحِد كتاب الخماسيات وأخبار ابْن أبي الدُّنْيَا جُزْء وَاحِد كتاب تَقْوِيَة المنه على إنْشَاء دَار السّنة ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الْأَحَادِيث المتخيرة فِي فَضَائِل الْعشْرَة جزءان كتاب من وَافَقت كنيته كنية زَوجته أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب الْأَرْبَعين الطوَال ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب أَرْبَعِينَ حَدِيثا عَن أَرْبَعِينَ شَيخا من أَرْبَعِينَ مَدِينَة جزءان كتاب الْجَوَاهِر واللآلى فِي الأبدال والعوالي ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب فضل عَاشُورَاء ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الاعتزاز بالهجة جُزْء كتاب الْمقَالة الفاضحة للرسالة الْوَاضِحَة جُزْء ضخم كتاب دفع التَّخْلِيط عَن حَدِيث الأطيط جُزْء كتاب الْجَواب الْمَبْسُوط لمن أنكر حَدِيث الهبوط جُزْء وَاحِد كتاب القَوْل فِي جملَة الْأَسَانِيد فِي حَدِيث الْمُؤَيد ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب طرق حَدِيث عبد الله بن عَمْرو جُزْء كتاب من لَا يكون مؤتمنا لَا يكون مُؤذنًا جُزْء كتاب ذكر الْبَيَان عَن فضل كِتَابَة الْقُرْآن جُزْء وَاحِد كتاب رفع التثريب على من فسر معنى التثويب جُزْء كتاب فضل الْكَرم على أهل الْحرم جُزْء كتاب الِاقْتِدَاء بالصادق فِي حفر الخَنْدَق جُزْء كتاب الْإِنْذَار بحدوث الزلازل كتاب ثَوَاب الصَّبْر على الْمُصَاب بِالْوَلَدِ جزءان كتاب معنى قَول عُثْمَان مَا تعنيت وَلَا عنيت جُزْء كتاب تَرْتِيب الصاحبة الَّذِي فِي مُسْند أَحْمد جُزْء كتاب مسلسل الْعِيدَيْنِ جُزْء كتاب حُلُول المحنة بِحُصُول الأبنة جُزْء كتاب تَرْتِيب الصَّحَابَة الَّذين فِي مُسْند أبي يعلى جُزْء كتاب مُعْجم الشُّيُوخ النبلاء جُزْء كتاب أَخْبَار(20/218)
الْأَوْزَاعِيّ وفضائله جُزْء كتاب مَا وَقع من العوالي للأوزاعي جُزْء كتاب أَخْبَار أبي مُحَمَّد سعيد بن عبد الْعَزِيز وعواليه جُزْء كتاب عوالي سُفْيَان الثَّوْريّ وَخَبره أَرْبَعَة أَجزَاء كتاب إِجَابَة السُّؤَال فِي أَحَادِيث شُعْبَة جُزْء كتاب رِوَايَات سَاكِني داريا سِتَّة أَجزَاء كتاب من نزل المزة وَحدث بهَا جُزْء كتاب أَحَادِيث جمَاعَة من كفر سوسية جُزْء كتاب أَحَادِيث صنعاء الشَّام جزءان كتاب أَحَادِيث أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب أَحَادِيث حيس والمطعم وَحَفْص الصنعانيين جُزْء كتاب فضل الربوة والنيرب وَمن حدث بهَا جُزْء كتاب حَدِيث أهل قَرْيَة الحمريين وقنينية جُزْء كتاب حَدِيث أهل قَرْيَة البلاط جُزْء كتاب حَدِيث سَلمَة بن عَليّ الحسني البلاطي جزءان وَمن حَدِيث بسرة بن صَفْوَان وَابْنه وَابْن ابْنه جُزْء وَمن حَدِيث سعد بن عبَادَة جُزْء وَمن حَدِيث أهل زيد بن وجرين جُزْء وَمن حَدِيث أهل بَيت سواي جُزْء وَمن حَدِيث دومة ومسرابا وَالْقصر جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل حرستا وَمن حَدِيث أهل كفر بَطنا جُزْء وَمن حَدِيث أهل دقانية وحجيرا وَعين توما وجديا وطراميس جُزْء وجزء قرئَ بقرية يقعوبا وَمن حَدِيث أبي عون الحريري جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل جوبر جُزْء وَمن حَدِيث جمَاعَة من أهل بَيت لهيا جُزْء وَمن حَدِيث يحيى بن حَمْزَة البتلهي وعواليه جُزْء ومجموع من حَدِيث مُحَمَّد بن يحيى بن حَمْزَة الْحَضْرَمِيّ البلتلهي جزءان وفضائل مقَام إِبْرَاهِيم وَمن حَدِيث أهل بزْرَة جُزْء وَمن حَدِيث أبي بكر مُحَمَّد بن رزق الله المنيني الْقَارئ جُزْء ومجموع من أَحَادِيث جمَاعَة من أهل بعلبك جزءان قَالَ وَلَده أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ وأملى أَربع مائَة مجْلِس وَثَمَانِية مجَالِس فِي فن وَاحِد وَخرج لشيخه غَالب ابْن الْبناء أحد عشر مشيخة ومشيخة لشيخه أبي الْمَعَالِي عبد الله بن أَحْمد الْحلْوانِي الأصولي فِي جزأين وَجمع أَرْبَعِينَ حَدِيثا مُسَاوَاة للْإِمَام أبي عبد الله القراوي فِي جُزْء ومصافحة لأبي سعد السَّمْعَانِيّ أَرْبَعِينَ حَدِيثا فِي جُزْء وَخرج لشيخه أبي الْحسن السّلمِيّ سَبْعَة مجَالِس وَتكلم عَلَيْهِ وَآخر مَا صنف تَكْمِيل الْإِنْصَاف وَالْعدْل بتعجل الْإِسْعَاف بِالْعَزْلِ جُزْء وَكتاب ذكر مَا وجده فِي سَمَاعي مِمَّا يلْتَحق بالجزء الرباعي وَله كتاب الْإِبْدَال وَلَو تمّ كَانَ مئتي جُزْء وَكتاب فضل الْجِهَاد ومسند مَكْحُول وَأبي حنيفَة وَكتاب فضل الْجِهَاد ومسند مَكْحُول وَأبي حنيفَة وَكتاب فضل مَكَّة وَكتاب فضل الْمَدِينَة وَكتاب فَضَائِل الْبَيْت الْمُقَدّس وَكتاب فضل قُرَيْش واهل الْبَيْت(20/219)
والأشعريين وذم الرافضة وَكتاب كَبِير فِي الصِّفَات وَأَشْيَاء غير ذَلِك يبلغ عدتهَا أَرْبَعِينَ مصنفا وَلما أمْلى رَحمَه الله تَعَالَى فِي فَضَائِل الصّديق رَضِي الله عَنهُ سَبْعَة مجَالِس ثمَّ انه قطعهَا بإملاء مجَالِس فِي ذمّ الْيَهُود وتخليدهم فِي النَّار جَاءَ إِلَيْهِ أَبُو عَليّ بن رَوَاحَة فَقَالَ لَهُ قد رَأَيْت الصّديق فِي النّوم وَهُوَ رَاكب على رَاحِلَة فَقلت لَهُ يَا خَليفَة رَسُول الله قد أمْلى علينا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم سَبْعَة مجَالِس فِي فضائلك فَأَشَارَ إِلَيّ بأصابعه الْأَرْبَع فَقَالَ لَهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم قد بَقِي عِنْد مِمَّا خرجته وَلم أمله أَرْبَعَة مجَالِس فأملاها ثمَّ أمْلى فِي كل وَاحِد من الْخُلَفَاء أحد عشر مَجْلِسا وَكَانَ يَقُول إِن وَالِدي رأى فِي مَنَامه وَأَنا حمل رُؤْيا وَقَائِل يَقُول لَهُ يُولد لَك مَوْلُود يحيى الله بِهِ السّنة وَكَانَ البغداديون يسمونه شعلة لذكائه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهُوَ مَعَ جلالته وَحفظه يرْوى الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة والموضوعة وَلَا يبينها وَكَذَا عَامَّة الْحفاظ الَّذِي بعد الْقُرُون الثَّلَاثَة إِلَّا من شَاءَ رَبك فليسألنهم رَبك عَن ذَلِك وَأي فَائِدَة لمعْرِفَة الرِّجَال والمصنفات والتاريخ وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَّا كشف الحَدِيث المكذوب وهتكه قلت وَمن شعره // (من الوافر) //
(أَلا إِن الحَدِيث أجل علم ... وأشرفه الْأَحَادِيث العوالي)
(وأنفع كل نوع مِنْهُ عِنْدِي ... وَأحسنه الْفَوَائِد والأمالي)
(وَإنَّك لن ترى للْعلم شَيْئا ... يحققه كأفواه الرِّجَال)
(فَكُن يَا صَاح ذَا حرص عَلَيْهِ ... وخذه عَن الرِّجَال بِلَا ملال)
(وَلَا تَأْخُذهُ من صحف فترمى ... من التَّصْحِيف بالداء العضال)
وَمِنْه // (من المتقارب) //
(أيا نفس وَيحك جَاءَ المشيب ... فَمَاذَا التصابي وماذا الْغَزل)
(تولى شَبَابِي كَأَن لم يكن ... وَجَاء مشيبي كَأَن لم يزل)
(كَأَنِّي بنفسي فِي غرَّة ... وخطب الْمنون بهَا قد نزل)
(فيا لَيْت شعري مِمَّن أكون ... وَمَا قدر الله لي فِي الْأَزَل)(20/220)
قَالَ ابْن خلكان الْبَيْت الثَّانِي هُوَ بَيت العكوك بن جلبة وَهُوَ قَوْله // (من مجزوء المتقارب) //
(شَاب كَأَن لم يكن ... وشيب كَأَن لم يزل)
قَالَ السَّمْعَانِيّ أَنْشدني لنَفسِهِ بِبَغْدَاد // (من الْبَسِيط) //
(وَصَاحب خَان مَا استودعته وأتى ... مَا لَا يَلِيق بأرباب الديانَات)
(وَأظْهر السِّرّ مُخْتَارًا بِلَا سَبَب ... وَذَاكَ وَالله من أوفى الخيانات)
(أما أَتَاهُ عَن الْمُخْتَار فِي خبر ... أَن الْمجَالِس تغشى بالأمانات)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ بنيسابور // (من الْبَسِيط) //
(لَا قدس الله نيسابور من بلد ... مَا فِيهِ من صَاحب يسلي وَلَا سكن)
(لَوْلَا الْجَحِيم الَّذِي فِي الْقلب من حرق ... لفرقة الْأَهْل والأحباب والوطن)
(لمت من شدَّة الْبرد الَّذِي ظَهرت ... آيَات شدته فِي ظَاهر الْبدن)
(يَا قوم دوموا على عهد الْهوى وثقوا ... أَنِّي على الْعَهْد لم أغدر وَلم أخن)
(وَلَا تدبرت عيشي بعد بعدكم ... إِلَّا تمثلت بَيْتا قيل من زمن)
(فَإِن أعش فَلَعَلَّ الله يجمعنا ... وَإِن أمت فقتيل الشوق والحزن)
وَلما مَاتَ الْحَافِظ ثِقَة الدّين ابْن عَسَاكِر رَحمَه الله تَعَالَى رثاه جمَاعَة من الشُّعَرَاء مِنْهُم فتيَان الشَّاعِر الْمعلم بقوله // (من الْخَفِيف) //
(أَي ركن وهى من الْعلمَاء ... أَي نجم هوى من العلياء)
5 - (إِن رزء الْإِسْلَام بِالْحَافِظِ الْعَالم ... أَمْسَى من أعظم الأرزاء)
(أقفرت بعده ربوع الْأَحَادِيث ... وأقوت معالم الأنباء)
(كَانَ نَادِيه كالرياض إِذا مَا ... ضحك النُّور من بكا الأنداء)
(كَانَ بحرا من عَام فِيهِ حباه ... باللآلئ الأنيقة الآلاء)
(يَا لَهَا من مُصِيبَة هِيَ صمًّا ... لم يحد سهمها عَن الأصماء)
(هدمت ثروة الْمَعَالِي ودارت ... حَبل الْمجد فِي ثرى الغبراء)(20/221)
(فَلَقَد قرت الأعادي عيُونا ... طالما أغضيت علا الأقذاء)
(كم بِهِ جرع الْعَدو زعافا ... من أفاويق الْبُؤْس والبأساء)
(من يكن شامتا فللموت بَأْس ... لَيْسَ يثنى بِالْعِزَّةِ القعساء)
(من يمت فليمت ممات أبي الْقَاسِم ... عَن عفة وَطيب ثَنَاء)
(يَا أَبَا عذر كل معنى دَقِيق ... جلّ كالدرة الْعَذْرَاء)
(صَبرنَا يَا ابْن نجدة الْعلم أَمْسَى ... عَنْك مستصعبا شَدِيد الإباء)
(عُلَمَاء الْبِلَاد حلت حباها ... لَك يَا من عَم الورى بالحباء)
(فَعَلَيْك السَّلَام مَا لَاحَ وَجه الصُّبْح ... من تَحت الطرة السَّوْدَاء)
(وعَلى التربة الَّتِي غيت فِيهَا ... كل جون وديمة هطلاء)
310 - ابْن زهرَة النَّقِيب الْحلَبِي عَليّ بن الْحسن بن زهرَة بن الْحسن بن زهرَة بن عَليّ بن مُحَمَّد الشريف أَبُو الْحسن الْعلوِي الْحُسَيْنِي الإسحاقي الْحلَبِي النَّقِيب روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره ولي نقابة الْأَشْرَاف وَترسل عَن صَاحب حلب إِلَى بَغْدَاد وَغَيرهَا وَتُوفِّي سنة سِتَّة وَخمسين وسِتمِائَة وَهُوَ من بَيت تشيع
311 - فَخر الدّين ابْن الباقلاني عَليّ بن الْحسن بن معالي الأديب فَخر الدّين ابْن الباقلاني الْبَغْدَادِيّ الشَّاعِر عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره
312 - الْبَلْخِي والحنفي عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الْبَلْخِي الْحَنَفِيّ سمع بِمَا وَرَاء النَّهر وَمَكَّة من جمَاعَة وتفقه على جمَاعَة وَوعظ بِدِمَشْق ودرس بالصادرية وتفقه عَلَيْهِ جمَاعَة وَجعلت لَهُ دَار الْأَمِير طرخان مدرسة وَقَامَت عَلَيْهِ الْحَنَابِلَة لِأَنَّهُ نَالَ مِنْهُم واليه تنْسب الْمدرسَة البلخية دَاخل الصادرية بِدِمَشْق توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
313 - ابْن دِينَار عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق بن دِينَار روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى(20/222)
مُسلم وَالْأَرْبَعَة عَن رجلٍ عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ
314 - الْعَبدَرِي الْبَصْرِيّ عَليّ بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْحسن الْعَبدَرِي من عبد الْقَيْس ولد سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة بِالْبَصْرَةِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ قد برع فِي علم الْأَدَب والترسل وَسمع من ابْن نَاصِر وطبقته وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ فِي شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَمن شعره // (من السَّرِيع) //
(لَا تسلك الطّرق إِذا أخطرت ... لَو أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى المملكه)
(قد أنزل الله تَعَالَى وَلَا ... تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكه)
315 - الحريري كَبِير الطَّائِفَة عَليّ بن أبي الْحسن بن مَنْصُور الشَّيْخ أَبُو الْحسن أَبُو مُحَمَّد الحريري قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين شيخ الطَّائِفَة الحريرية أولى الطّيبَة والسماعات وَالشَّاهِد كَانَ لَهُ شَأْن عَجِيب ونبأ غَرِيب وَهُوَ حوراني وَمن عشيرة يُقَال لَهَا بَنو الرُّمَّان ولد بقرية بسر وَقدم دمشقا صَبيا وَنَشَأ بهَا وَذكر انه هُوَ من قوم يعْرفُونَ ببني قرقر وَكَانَت أمه دمشقية من ذُرِّيَّة الْأَمِير قرواش بن الْمسيب الْعقيلِيّ وَكَانَ خَاله صَاحب دكان فِي الصاغة توفّي وَالِده وَهُوَ صَغِير وَنَشَأ هُوَ فِي حجر عَمه وَتعلم صناعَة العتابي وبرع فِيهَا حَتَّى فاق الأقران ثمَّ صحب الشَّيْخ أَبَا عَليّ المغربل خَادِم الشَّيْخ رسْلَان قَالَ الْحَافِظ سيف الدّين ابْن الْمجد عَليّ الحريري وطئ أَرض الْجَبَل وَلم يكن يُمكنهُ الْمقَام بِهِ وَالْحَمْد لله كَانَ من أفتن شيئ وأضره على الْإِسْلَام تظهر مِنْهُ الزندقة والاستهزاء بأوامر الشَّرْع ونواهيه وَبَلغنِي من الثِّقَات بِهِ أَشْيَاء يستعظم ذكرهَا من الزندقة والجرأة على الله تَعَالَى وَكَانَ مستخفا بِأَمْر الصَّلَاة وانتهاك الحرمات ثمَّ قَالَ حَدثنِي رجل أَن شخصا دخل الْحمام فَرَأى الحريري وَمَعَهُ فِيهِ صبيان حسان بِلَا ميازر فجَاء إِلَيْهِ وَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ كَأَن لَيْسَ سوى هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أحدهم تمدد على وَجهك فتمدد فَتَركه الرجل(20/223)
وَخرج هَارِبا مِمَّا رأى قَالَ الشَّيْخ شمسا الدّين فِي جُزْء مَجْمُوع من كَلَامه متداول بَين أَصْحَابه قَالَ إِذا دخل مريدي بلد الرّوم فَتَنَصَّرَ وَأكل لحم الْخِنْزِير وَشرب الْخمر كَانَ فِي شغلي وَسَأَلَهُ رجل أَي الطرقات أقرب إِلَى الله حَتَّى أَسِير فِيهِ فَقَالَ اترك السّير وَقد وصلت قَالَ وَهَذَا مثل قَول التلمساني // (من الْكَامِل) //
(فلسوف تعلم أَن سيرك لم يكن ... إِلَّا إِلَيْك إِذا بلغت المنزلا)
وَقَالَ لأَصْحَابه بايعوني على أَن تَمُوت يهود ونحشر إِلَى النَّار حَتَّى لَا يصاحبني أحد لَعَلَّه وَقَالَ مَا يحسن بالفقير أَن ينهزم من شئ وَإِذا خَافَ من شئ قَصده وَقَالَ لَو قدم عَليّ من قتل وَلَدي وَهُوَ بذلك طيب كنت أطيب مِنْهُ وَمن شعره فِي الْجُزْء الْمَذْكُور
(أَمْرَد يقدم مداسي أخير من رضوانكم ... فحبه عِنْدِي أحسن من الْولدَان)
(قَالُوا مَا أَنْت تدعى صَالح دع عَنْك هذى ... الخندقة قلت السماع يصلح لي بالشمع والمردان)
(مَا أعرف لآدَم طَاعَة إِلَّا سُجُود الْمَلَائِكَة ... وَمَا أعرف آدم عصى الله يعظم الرحمان)
(إِن كنت تقدم وَإِن كنت رماح انتبه ... وَإِن كنت حَشْو المخدة اخْرُج ورد الْبَاب)
(أود أشتهى قبل موتِي أعشق وَلَو صُورَة ... حجرانا مُشكل محير والعشق بِي مَشْغُول)
وَمن شعره // (من الدوبيت) //
(كم تعتبني بِصُحْبَة الأجساد ... كم تسهرني بلذة الميعاد)
(جد لي بمدامة تقوى رمقي ... وَالْجنَّة جد بهَا على الزهاد)
وَكَانَ يلبس الطَّوِيل والقصير والمدورة والمفرج والأبيض وَالْأسود والعمامة والمئزر والقلنسوة وَحدهَا وثوب الْمَرْأَة والمطرز والملون وَذكر بهاء الدّين يُوسُف بن أَحْمد بن العجمي بن الصاحب مجد الدّين بن العديم حَدثهُ عَن أَبِيه قَالَ كنت أكره الحريري وَطَرِيقه فاتفق أَنِّي حججْت وَحج فِي الركب وَمَعَهُ جمَاعَة ومردان فأحرموا وبقوا يَبْدُو مِنْهُم فِي الْإِحْرَام أُمُور مُنكرَة فَحَضَرت يَوْمًا عِنْد أَمِير الْحَاج فجَاء الحريري فاتفق حُضُور إِنْسَان بعلبكي وأحضر بملاعق فَفرق علينا كل وَاحِد(20/224)
ملعقتين وَأعْطى الشَّيْخ على الحريري وَاحِدَة فَأعْطَاهُ الْجَمَاعَة ملاعقهم تكرمة لَهُ وَأما أَنا فَلم أعْطه ملعقتي فَقَالَ لي يَا كَمَال الدّين مَالك لَا توَافق الْجَمَاعَة فَقلت مَا أُعْطِيك شَيْئا فَقَالَ السَّاعَة نكسرك أَو نَحْو هَذَا قَالَ والملعقتان على ركبتي فَنَظَرت إِلَيْهِمَا وَإِذا بهما قد تكسرتا شقفتين فَقلت وَمَعَ هَذَا فَمَا أرجع عَن أَمْرِي فِيك وَهَذَا من الشَّيْطَان أَو قَالَ هَذَا حَال شيطاني وَذكر النسابة فِي تعاليقه قَالَ وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة أَمر الصَّالح بِطَلَب الحريري واعتقاله فهرب إِلَى بسر وَسَببه أَن ابْن الصّلاح وَابْن عبد السَّلَام وَابْن الْحَاجِب أفتوا بقتْله لما اشْتهر عَنهُ من الْإِبَاحَة وَقذف الْأَنْبِيَاء وَالْفِسْق وَترك الصَّلَاة وَقَالَ الْملك الصَّالح أَخُو السُّلْطَان أعرف مِنْهُ أَكثر من هَذَا وسجن الْوَالِي جمَاعَة من أَصْحَابه وتبرأ مِنْهُ أَصْحَابه وشتموه ثمَّ طلب وَحبس بعزتا فَجعل أنَاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ فَأنْكر الْفُقَهَاء وسألوا الْوَزير ابْن مَرْزُوق أَن يعْمل الْوَاجِب فِيهِ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ نَحن وَكَانَ ابْن الصّلاح يَدْعُو عَلَيْهِ فِي أثْنَاء كل صَلَاة بالجامع جَهرا وَكتب جمَاعَة من أَصْحَابه غير شخص بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَلما مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سنّ أَصْحَابه الْمحيا فِي شهر رَمَضَان كل لَيْلَة سبع وَعشْرين وَهِي من ليَالِي الْقدر فيحيون تِلْكَ اللَّيْلَة الشَّرِيفَة بالدقوق والشبابات والملاح والرقص إِلَى السحر وَفِي ذَلِك يَقُول الوداعي وَمن خطه نقلت // (من المجتث) //
(حَاز الحريري فضلا ... لمَيت مَا تهيا)
(فِي كل لَيْلَة قدر ... يرى لَهُ النَّاس محيا)
ورثاه نجم الدّين ابْن إِسْرَائِيل بقصيدته الَّتِي سَارَتْ وَهِي // (من الْكَامِل) //
(خطب كَمَا شَاءَ الْإِلَه جليل ... ذهلت لَدَيْهِ بصائر وعقول)
(ومصيبة كسفت لَهَا شمس الْعلَا ... وهفا ببدر المكرمات أفول)
(وتنكرت سبل المعارف واغتدت ... غفلا وأفقر ربعهَا المأهول)
(وكبا زناد الْمجد وانفصمت عرى العلياء ... واغتال الْفَضَائِل غول)
(وَمَضَت باشبة كل شَيْء وَانْقَضَت ... فالوقت قبض وَالزَّمَان عليل)
(وعَلى ملاحات الْوُجُود سماحة ... وخفيف ظلّ الكائنات ثقيل)
(وَالرَّوْض أغبر والمياه مؤجن ... ومعاطف الأغصان لَيْسَ تميل)(20/225)
(والسمع والألحان لَا نور وَلَا ... طرب وَلَيْسَ على الشُّهُود قبُول)
(خطب ألم بِكُل قطر بَغْتَة ... كَانَت لَهُ شم الْجبَال تَزُول)
(فعلى الْمَعَالِي والعلوم كآبة ... وعَلى الْحَقَائِق ذلة وحمول)
(ولدى المعارف والإرادة فَتْرَة ... والعزم من أربابه مَجْهُول)
(والسالكون سطت عَلَيْهِم حيرة ... وغوى بهم نهج وخلل سَبِيل)
(والعارفون تنكرت أَحْوَالهم ... فحجاب عين قُلُوبهم مسدول)
(ودنان خمر الْحبّ قد ختمت وَبَاب ... الحان مهجور القنا مهلول)
(بَحر الْمعَانِي غاض بعد طموه ... جبل الْمَعَالِي انقاض وَهُوَ مهيل)
(علم الْهدى سم العديى غيث الندى ... لَيْث الردى مولى الورى المأمول)
(مَا كنت أعلم والحوادث جمة ... وَالنَّاس فيهم عَالم وجهول)
(إِن الدجى لبس الْحداد مرقعا ... لمصابه قدما وَذَاكَ قَلِيل)
(أَو أَن صوب المزن حِين همى على ... عفر الثرى دمع عَلَيْهِ يسيل)
(أَو أَن صَوت الرَّعْد حنة فَاقِد ... فقد الْعلَا فَلهُ عَلَيْهِ عويل)
(أَو أَن قلب الْبَرْق يخْفق روعة ... لسَمَاع مَا ناعي علاهُ يَقُول)
(أإمامنا يَا أوحد الْعَصْر الَّذِي ... مَا إِن لَهُ فِيمَن نرَاهُ عديل)
(يَا سيدا ملك الْقُلُوب فَكلهَا ... عَن حق طَاعَة أمره مسؤول)
(من يبرد المهج الْحرار وَمن لَهَا ... ببلوغ آمال الْوِصَال كَفِيل)
(أَمن يدل السالكين إِلَى حمى ... ليلى وَقد ضل السَّبِيل دَلِيل)
(أَمن يرى الْخطر الْعَظِيم غنيمَة ... وَيحل وسط حماه وَهُوَ مهول)
(أَمن يَقُول الْحق لَا متخوفا ... حَيْثُ النُّفُوس على السيوف تسيل)
(أَمن يجود على النُّفُوس بقهوة ... فتميل طُلُوع سطاه حَيْثُ يمِيل)
(أَمن يرى الْأَشْيَاء فِي ميدانه ... شَيْئا فَلَا نقص وَلَا تَفْضِيل)
(أَمن يحل المشكلات بِلَفْظَة ... يرْمى بهَا الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول)
(أَمن يَفِي بِضَمَان حَان مدامة ... حَبل النجَاة بدنهَا مَوْصُول)(20/226)
(أَمن يُبِيح المفلسين سلافها ... ويحول بَين دنانها ويصول)
(أَمن يهيم بالجمال صبَابَة ... فَكَأَنَّمَا نمارث الْجبَال جميل)
(يصبوا إِلَيْهِ قلب من هُوَ عِنْد أَرْبَاب ... الْقُلُوب معشق مَقْبُول)
(من كل فتاك اللواحظ مَا رنا ... إِلَّا تشحط فِي الدِّمَاء قَتِيل)
(نشوان عَسَّال المعاطف فاتر ... أجفان خمر رضَا بِهِ معسول)
(يهواه لَا يصغي لقَوْل مُفند ... أبدا وَلَا يثنيه عَنهُ عذول)
(وغريرة الألحاظ ناعمة الصِّبَا ... ريا الْإِزَار وخصرها مهزول)
(حوراء مائسة المعاطف طرفها ... سيف على عشاقها مسلول)
(سجدت إِلَيْهَا دمية فِي دمنة ... كَمَا استبان بروحها التَّقْبِيل)
(كل يهيم بحبه وكذاك من ... ملك الْإِرَادَة أمره الْمَفْعُول)
(مولَايَ دعة من دهته مُصِيبَة ... غطت عَلَيْهِ فعقله مَعْقُول)
(مَالِي أرى مِنْك حَيا بَاقِيا ... لَو لم يخنى ذهني المخبول)
(حاشى علاك من الْمَمَات وَإِنَّمَا ... هِيَ نقلة فِيهَا المنى والسول)
(ناداك من أحببته فأجبته ... وأتاك مِنْهُ بِالْقبُولِ رَسُول)
(وحننت نَحْو حماك حنة صَادِق ... لم يقتطعه عَن حماك بديل)
(فخلعت هيكلك السعيد مطهرا ... تبدو عَلَيْهِ نظرة وَقبُول)
(جَسَد علا وحلا وخف كَأَنَّمَا ... قد ضمن مِنْهُ الْحَامِل الْمَحْمُول)
(لم يستفد بِالْمَاءِ وغسلا إِنَّمَا المَاء ... الطّهُور بِغسْلِهِ مغسول)
(وكذاك مَا نقل الْأَنَام سَرِيره ... لَو لم يسر بالناقل الْمَنْقُول)
(وَالْأَرْض لَو لم تتخذها تربة ... لعلاه أوشك أَنَّهَا ستزول)
(وغدوت تحترق السَّمَوَات الْعلَا ... وأمامك التَّكْبِير والتهليل)
(حَتَّى حللت محلك الْأَعْلَى الَّذِي ... مَا بعده بعد وَلَا تَحْويل)
(فهناك عرس للوصال مُجَدد ... وسعادة تبقى وَلَيْسَ تَزُول)
(وليهن من والاك مَا أوليته ... من أنعم لم يحوها التَّحْصِيل)(20/227)
(غادرتنا فِي نور هديك نغتدي ... وَنَرُوح لَا خوف وَلَا تضليل)
(وَتركت فِينَا مِنْك أخمارا بهم ... تسمو على من رابنا ونطول)
(وَلنَا رضَاع مِنْك ثمَّ رضاعهم ... فهم شموس مالهن أفول)
(بلغُوا أَشَّدهم لديك فَأَصْبحُوا ... وَعَلَيْهِم من بَيْننَا التعويل)
(ومقصرون عَن الرَّضَاع فصلتهم ... قبل الفصال فشاتهم مَعْقُول)
(أَطْفَال قصد فِي ضِيَافَة قَومهمْ ... والطف لَيْسَ يعِيبهُ التطفيل)
(أدنى التقي لَك الوداد وَرُبمَا ... أقْصَى الْقَرِيب الْجَهْل والتخييل)
(وَالْكل موعودون بِالْحُسْنَى وَمَا ... زرع سقَاهُ ندى يَديك محيلك)
(أوليتنا فضلا ومجدا شامخا ... مَا إِن يُحِيط بِبَعْضِه التَّفْصِيل)
(فجزاك عَنَّا الله أفضل مَا جزى ... مولى يبر عبيده وينيل)
(خُذْهَا عجالة مسنت عبثت بِهِ ... نَار الْفِرَاق فقلبه مَشْغُول)
(جاذبت فِيهَا النّظم ذهني بُرْهَة ... متوفقا لم أدر كَيفَ أَقُول)
(كَانَت على مَا خيلت لامية ... بكرا يقر بفضلها الْمَحْصُول)
(وأطلتها وَرَأَيْت أَنِّي مقصر ... وَمَتى يُحِيط بوصفك التَّطْوِيل)
(جَادَتْ ثراك من السحائب ثرة ... وكفت دموع قد وكفن همول)
(وغدت عَلَيْك صَلَاة رَبك مَا دجى ... ليل وضاء ضحى وآب أصيل)
(وتعاهدتك تَحِيَّة وكرامة ... مِنْهُ يروح بهَا صبا وَقبُول)
(وغدت علينا من حماك تَحِيَّة ... وبحسبنا من تربك التَّقْبِيل)
وَفِي الْحَرِير يَقُول سيف الدّين المشد // (من الوافر) //
(سَمِعت بِأَن خَيركُمْ عَليّ ... حباه الله مِنْهُ بالحبور)
(إِذا حضر السماع يتيه عجبا ... بِمَا أوتيه من عزم الْأُمُور)
(فَلَا تولوه تعنيفا ولوما ... فَمَا تَدْرُونَ أسرار الصُّدُور)
(وَمن ذَا فِي السماع لَهُ مقَام ... إِذا سَمِعت مقامات الحريري)(20/228)
316 - الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن بن أَحْمد الإِمَام الزَّاهِد العابد علم الْأَوْلِيَاء أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي صحب الشَّيْخ عز الدّين الفاروثي وَسمع من أَمِين الدّين ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَقَرَأَ الْقُرْآن وَالْفِقْه وَأكْثر من مطالعة الْعلم وَحج وَهُوَ شَاب ولازم الْحَج سِتِّينَ عَاما وجاور فِي بعض ذَلِك وَكَانَ مُنْقَطع القرين منجمعا عَن النَّاس ذَا حَظّ من تهجد وَعبادَة وتلاوة وَصِيَام وَله كشف وَحَال توفّي محرما ببدر وَكَانَ لَا يقبل من كل أحد وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
317 - ابْن الجابي خطيب جَامع جراح عَليّ بن الْحسن الإِمَام الْخَطِيب ابْن الجابي خطيب جَامع جراح كَانَ طيب الصَّوْت بليغ الْأَدَاء يُورد خطبا طوَالًا وَله عمل كثير فِي الكيمياء زعم أَنَّهَا صحت مَعَه ويعترف بذلك جمع نَحْو أَرْبَعمِائَة دِينَار ثمَّ أَقبلت التتار فكابر وَقعد فِي بَيته فِي الْجَامِع فَدخل التتار عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُمْ بالتركي فَأخذُوا ثِيَابه وفرسه وَنَحْو ثَلَاثِينَ قطر ميزا من زَيْت وَعسل ومخللات ثمَّ أَتَتْهُ فرقة أُخْرَى وَقَالُوا أَيْن المَال فتمسكن لَهُم فَرَأَوْا لَا زوردا أَن يوجروه بِهِ فصاح وحفر لَهُ عَن ثَلَاثمِائَة دِينَار فَأخذُوا الذَّهَب وعذبوه ثمَّ هرب وتسلق من بَاب صَغِير فظفر بِهِ أنَاس وطالبوه مصادة وقاسى وبالا وفقرا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة وخطب بعده شَرق الدّين الْفَزارِيّ إِلَى أَن نقل إِلَى خطابه الْجَامِع الْأمَوِي
318 - ابْن عمرون عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي نصر عَلَاء الدّين بن عمرون تقدم ذكر أَبِيه الصَّدْر شهَاب الدّين فِي مَكَانَهُ نَشأ وَلَده وَقد عدم مَا كَانَ لوَلَده من الدُّنْيَا الواسعة واشتغل بِكِتَابَة الْحساب وَولي الزَّكَاة ثمَّ الْوكَالَة وَغَيرهَا وَكَانَ من عقلاء النَّاس وَتُوفِّي بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتَّة وَسَبْعمائة(20/229)
319 - شيخ خانقاه كريم الدّين عَليّ بن الْحسن بن عَليّ الشَّيْخ نور الدّين أَبُو الْحسن الأرموي الشَّافِعِي شيخ خانقاه القَاضِي كريم الدّين مولده سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة بأقصرا سمع من الْفَخر ابْن البُخَارِيّ وَغَيره وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ
320 - نور الدّين بن الْأَفْضَل عَليّ بن الْحسن بن عَليّ الْأَمِير نور الدّين ابْن الْأَمِير بدر الدّين حسن بن الْأَفْضَل هُوَ ابْن أخي الْملك الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل بن عَليّ صَاحب حماة تقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة الْملك الْمُؤَيد جَاءَ بعد الفخري إِلَى دمشق أَمِير طلبخاناه وَأقَام بِدِمَشْق وَاشْترى دَارا بدغدي شقير الَّتِي عِنْد مأذنة فَيْرُوز من أَمِير عَليّ بن بيبرس الْحَاجِب وَهِي دَار عَظِيمَة وَبهَا بحرة وَاسِعَة متسعة وَلم ين بداخل دمشق أكبر مِنْهَا وَعمر بهَا الْأَمِير نور الدّين الْمَذْكُور قبَّة مليحة إِلَى الْغَايَة وَكَانَت لَهُ أَمْلَاك وسعادة وإقطاع جيد وَعند جواري جنكيات فانقصف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي عَاشر صفر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وعمره تَقْديرا أَربع وَعِشْرُونَ سنة وَكَانَ يعرج قَلِيلا إِلَّا انه شكل حسن
321 - زين العابدين عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَبُو الْحسن وَقيل أَبُو مُحَمَّد زين العابدين روى عَن أَبِيه وَعَمه وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر ومسور بن مخرمَة وَأم سَلمَة وَصفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ وَسَعِيد بن الْمسيب حضر مصرع وَالِده الشَّهِيد بكربلاء قدم إِلَى دمشق ومسجده بهَا مَعْرُوف بالجامع ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ توفّي سنة أَربع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ أمه غزالة سندية وَقيل سلافة بنت يزدجرد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي ربيع الْأَبْرَار لما أَتَى الصَّحَابَة بسبي فَارس إِلَى الْمَدِينَة فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ فيهم ثَلَاث بَنَات ليزذجرد فباعوا السبايا وَأمر عمر بِبيع بَنَات يزدجر أَيْضا فَقَالَ لَهُ عَليّ إِن بَنَات الْمُلُوك لَا يعاملن مُعَاملَة غَيْرهنَّ من بَنَات السوقة قَالَ كَيفَ الطَّرِيق إِلَى الْعَمَل مَعَهُنَّ قَالَ يقومن وَمهما بلغ ثمنهن قَامَ بِهِ من يختارهن فقومن وأخذهن عَليّ بن أبي طَالب فَدفع وَاحِدَة إِلَى عبد الله بن عمر وَأُخْرَى لوَلَده الْحُسَيْن وَأُخْرَى لمُحَمد بن أبي بكر الصّديق وَكَانَ ربييه فأولدها(20/230)
عبد الله ابْنه سالما وأولد الْحُسَيْن زين العابدين وأولد مُحَمَّد الْقَاسِم فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة أَوْلَاد خَالَة وَكَانَ أهل الْمَدِينَة يكْرهُونَ اتِّخَاذ الْأُمَّهَات الْأَوْلَاد حَتَّى نَشأ فيهم زين العابدين والسم بن عبد الله وَالقَاسِم بن مُحَمَّد ففاقوا أهل الْمَدِينَة فَرغب النَّاس فِي السراري وَكَانَ زين العابدين كثير الْبر بِأُمِّهِ وَلم يكن يَأْكُل مَعهَا فِي صحفه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَخَاف أَن تسبق يَدي إِلَى مَا سبقت إِلَيْهِ عينهَا وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن الخيرتين لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تَعَالَى من عباده خيرتان فخيرته من الْعَرَب قُرَيْش وَخيرته من الْعَجم فَارس وَأَخُوهُ عَليّ الْأَكْبَر قتل مَعَ أَبِيه الْحُسَيْن وَكَانَ زين العابدين من أحسن أهل بَيته طَاعَة وأحبهم إِلَى مَرْوَان والى عبد الْملك وَكَانَ من دُعَائِهِ اللَّهُمَّ لَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي فأعجز عَنْهَا وَلَا تَكِلنِي إِلَى المخلوقين فيضيعوني وَكَانَ يبجل فَلَمَّا مَاتَ وجدوه يعول مائَة أهل بَيت من أهل الْمَدِينَة وَكَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة أَخَذته الرعدة وَلَا عقب للحسين إِلَّا من زين العابدين وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة الاثْنَي عشر وَكَانَ من سَادَات التَّابِعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
322 - الشريف المرتضى عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن موس بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْقَاسِم المرتضى علم الْهدى نقيب العلويين أَخُو الشريف الرضي ولد سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة كَانَ فَاضلا ماهراً أديباً متكلماً لَهُ مصنفات جمة على مَذْهَب الشِّيعَة قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ رَأْسا فِي الاعتزال كثير الِاطِّلَاع والجدل قَالَ ابْن حزم فِي الْملَل والنحل وَمن قَول الإمامية كلهَا قَدِيما وحديثاً أَن الْقُرْآن مبدل زيد فِيهِ وَنقص مِنْهُ حاشى عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُوسَى وَكَانَ إمامياً فِيهِ تظاهر بالاعتزال وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يُنكر هَذَا القَوْل وَكفر من قَالَه وَكَذَلِكَ صَاحِبَاه أَبُو يعلى الطوسي وَأَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ وَقد اخْتلف فِي كتاب نهج البلاغة هَل هُوَ وَضعه أَو وضع أَخِيه الرضي وَحكى عَنهُ ابْن برهَان النَّحْوِيّ أَنه سَمعه وَوَجهه إِلَى الْحَائِط يُعَاتب نَفسه وَيَقُول أَبُو بكر وَعمر وليا واسترحما فرحما فَأَنا أَقُول ارتدا بعد أَن أسلما قَالَ فَقُمْت وَخرجت فَمَا بلغت عتبَة الْبَاب حَتَّى سَمِعت الزعقة عَلَيْهِ وَكَانَ ابْن برهَان قد دخل عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ من أملاكه فِي كل(20/231)
سنة سَبْعَة وَعِشْرُونَ ألف دِينَار قَالَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي دخلت على الكيا أبي الْحُسَيْن يحيى بن الْحُسَيْن الْعلوِي الزيدي وَكَانَ من نبلاء أهل الْبَيْت وَمن المحمودين فِي صناعَة الحَدِيث وَغَيره من الْأُصُول وَالْفُرُوع فَذكر بَين يَدَيْهِ يَوْمًا الإمامية فَذكرهمْ أقبح ذكر وَقَالَ لَو كَانُوا من الدَّوَابّ لكانوا الْحمير وَلَو كَانُوا من الطُّيُور لكانوا الرخم وَأَطْنَبَ فِي ذمهم وَبعد مُدَّة دخلت على المرتضى وَجرى ذكر الزيدية والصالحية أَيهمَا خير فَقَالَ يَا أَبَا الْفضل تَقول أَيهمَا خير وَلَا تَقول أَيهمَا شَرّ فتعجبت من إمامي الشِّيعَة فِي وقتهما وَمن قَول كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَذْهَب الآخر فَقلت قد كفيتما أهل السّنة الوقيعة فيكما قيل إِن المرتضى اطلع يَوْمًا من روشنه فَرَأى الْمُطَرز الشَّاعِر وَقد انْقَطع شِرَاك نَعله وَهُوَ يصلحه فَقَالَ لَهُ فديت ركائبك أَشَارَ إِلَى قصيدته الَّتِي أَولهَا // (من الطَّوِيل) //
(سرى مغرما ينتجع الركبا ... يسائل عَن بدر الدجى الشرق والغربا)
(على عذبات الْجزع من مَاء تغلب ... غزال يرى مَاء الْقُلُوب لَهُ شربا)
إِلَى قَوْله
(إِذا لم تبلغني إِلَيْكُم ركائبي ... فَلَا وَردت مَاء وَلَا رعت العشبا)
فَقَالَ لَهُ الْمُطَرز مسرعا أتراها تشبه مجلسك وشربك وخلعك أَرَادَ بذلك أَبْيَات المرتضى وَهِي // (من الْخَفِيف) //
(يَا خليلي من ذؤابة قيس ... فِي التصابي مَكَارِم الْأَخْلَاق)
(غنياني بذكرهم تطرباني ... واسقياني دمعي بكأس دهاق)
(وخذا النّوم من جفوني فَإِنِّي ... قد خلعت الْكرَى على العشاق)
وَمن تصانيفه كتاب الشافي فِي الإمامية وَكتاب الملخص فِي الْأُصُول لم يتممه كتاب الذَّخِيرَة فِي الْأُصُول تَامّ كتاب مُجمل الْعلم وَالْعَمَل كتاب الدُّرَر وَالْغرر وَهُوَ كثير الْفَوَائِد كتاب التَّنْزِيه كتاب الْمسَائِل الموصلية الأولى وَكتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّانِيَة وَكتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّالِثَة كتاب الْمقنع فِي الْغَيْبَة كتاب مسَائِل الْخلاف فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الِاقْتِصَار فِيمَا انْفَرَدت بِهِ الإمامية كتاب مسَائِل مُفْرَدَات فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمِصْبَاح فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الْمسَائِل الطرابلسية الأولى كتاب الْمسَائِل الطرابلسية الْأَخِيرَة كتاب الْمسَائِل الحلبية الأولى كتاب الْمسَائِل(20/232)
الحلبية الْأَخِيرَة كتاب مسَائِل أهل مصر الأولى كتاب أهل مصر الثَّانِيَة كتاب الْبَرْق كتاب طيف الخيال كتاب الشيب والشباب كتاب تتبع أَبْيَات الْمعَانِي للمتنبي الَّتِي تكلم عَلَيْهَا ابْن جنى كتاب النَّقْض على ابْن جني فِي الْحِكَايَة والمحكي كتاب تَفْسِير قصيدة السَّيِّد كتاب قصر الروية وَإِبْطَال القَوْل بِالْعدَدِ كتاب الذريعة فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمسَائِل الصيداوية وَله مسَائِل مُفْردَة نَحْو مائَة مَسْأَلَة فِي فنون شَتَّى وَمن شعره // (من الْكَامِل) //
(وطرقنني وَهنا بأجواز الربى ... وطروقهن على النَّوَى تخييل)
(فِي لَيْلَة وافي بهَا متمنع ... وَدنت بعيدات وجاد بخيل)
(يَا لَيْت زائرنا بفاحمة الدجى ... لم يَأْتِ إِلَّا والصباح رَسُول)
(فقليله وضح الدجى مستكثر ... وَكَثِيره غبش الظلام قَلِيل)
(مَا عابه وَبِه السرُور زَوَاله ... فَجَمِيع مَا سر الْقُلُوب يَزُول)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(وزارت وِسَادِي فِي الظلام خريدة ... أَرَاهَا الْكرَى عَيْني وَلست أَرَاهَا)
(تمانع صبحاً أَن أَرَاهَا بناظري ... وتبذل جنحاً أَن أقبل فاها)
(وَلما سرت لم تخش وَهنا ضَلَالَة ... وَلَا عرف العذال كَيفَ سراها)
(فَمَاذَا الَّذِي من غير وعد أَتَى بهَا ... وماذا على بعد المزار هداها)
(وَقَالُوا عساها بعد زورة بَاطِل ... تزور بِلَا ريب فَقلت عساها)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(تجاف عَن الْأَعْدَاء فَرُبمَا ... كفيت فَلم تجرح بناب وَلَا ظفر)
(وَلَا تبر مِنْهُم كل عود تخافه ... فَإِن الأعادي يَنْبُتُونَ مَعَ الدَّهْر)
وَمِنْه // (من مجزوء الْكَامِل) //
(بيني وَبَين عواذلي ... فِي الْحبّ أَطْرَاف الرماح)
(أَنا خارجي فِي الْهوى ... لَا حكم إِلَّا للملاح)(20/233)
وَمِنْه // (من المنسرح) //
(مولَايَ يَا بدر كل داجيةٍ ... خُذ بيَدي قد وَقعت فِي اللجج)
(حسنك مَا تَنْقَضِي عجائبه ... كالبحر حدث عَنهُ بِلَا حرج)
(بِحَق من خطّ عَارِضَيْك وَمن ... سلط سلطانها على المهج)
(مد يَديك الكريمتين معي ... ثمَّ ادْع لي من هَوَاك بالفرج)
وَمِنْه // (من الْخَفِيف) //
(قل لمن خَدّه من اللحظ دَامَ ... رق لي من جوانح فِيك تدمى)
(يَا سقيم الجفون من غير سقم ... لَا تلمني إِن مت مِنْهُنَّ سقما)
(أَنا خاطرت فِي هَوَاك بقلب ... ركب الْبَحْر فِيك أما وَأما)
قلت شعر جيد وَلَكِن أَيْن هَذِه الديباجة من ديباجة أَخِيه الرضى آخر الْجُزْء الْعشْرين من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو الْحسن المَسْعُودِيّ
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم(20/234)
(الْجُزْء الْحَادِي وَالْعِشْرين)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
(عَليّ)
3 - (المَسْعُودِيّ المؤرخ)
عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو الْحسن المَسْعُودِيّ المؤرخ من ذُرِّيَّة عبد الله بن مَسْعُود الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين عداده فِي البغداديين وَأقَام بِمصْر مُدَّة وَكَانَ أخبارياً عَلامَة صَاحب غرائب وملح ونوادر مَاتَ سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة وَقَالَ ياقوت ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق النديم فَقَالَ هُوَ من أهل الْمغرب وَهُوَ غلط لِأَن المَسْعُودِيّ ذكر فِي السّفر الثَّانِي من كتاب مروج الذَّهَب وَقد عدد فَضَائِل الأقاليم وَوصف هواءها واعتدالها وانحرافها ثمَّ قَالَ وأوسط الأقاليم إقليم بابل الَّذِي مولدنا بِهِ
وَله من التصانيف كتاب مروج الذَّهَب ومعادن الْجَوْهَر فِي تحف الْأَشْرَاف(21/5)
والملوك وَكتاب ذخائر الْعُلُوم وَمَا كَانَ فِي سالف الدهور وَكتاب الرسائل والاستذكار لما مر فِي سالف الْأَعْصَار وَكتاب التَّارِيخ فِي أَخْبَار الْأُمَم من الْعَرَب والعجم وَكتاب التبيه والإشراف وَكتاب خَزَائِن الْملك وسر الْعَالمين وَكتاب المقالات فِي أصُول الديانَات وَكتاب أَخْبَار الزَّمَان وَمن أباده الْحدثَان وَكتاب الْبَيَان فِي أَسمَاء الْأَئِمَّة وَكتاب أَخْبَار الْخَوَارِج
الشريف المرتضى عَليّ بن الْحُسَيْن بَين مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن(21/6)
مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْقَاسِم المرتضى علم الْهدى نقيب العلويين أَخُو الشريف الرضي ولد سنة خمس وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
وَكَانَ فَاضلا ماهراً أديباً متكلماً لَهُ مصنفات جمة على مَذْهَب الشِّيعَة
قَالَ الْخَطِيب كتبت عَنهُ وَكَانَ رَأْسا فِي الاعتزال كثير الِاطِّلَاع والجدال قَالَ ابْن حزم فِي الْملَل والنحل وَمن قَول الإمامية كلهَا قَدِيما وحديثاً أَن الْقُرْآن مبدل زيد فِيهِ وَنقص مِنْهُ حاشا عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُوسَى وَكَانَ إمامياً فِيهِ تظاهر بالاعتزال وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يُنكر هَذَا)
القَوْل وَكفر من قَالَه وَكَذَلِكَ صَاحِبَاه أَبُو يعلى الطوسي وَأَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ وَقد اخْتلف فِي كتاب فِي كتاب نهج البلاغة هَل هُوَ وَضعه أَو وضع أَخِيه الرضي وَحكى عَنهُ ابْن برهَان النَّحْوِيّ أَنه سَمعه وَوَجهه إِلَى الْحَائِط يُعَاتب نَفسه وَيَقُول أَبُو بكر وَعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما أفأنا أَقُول ارتدا بعد أَن أسلما قَالَ فَقُمْت وَخرجت فَمَا بلغت عتبَة الْبَاب حَتَّى سَمِعت الزعقة عَلَيْهِ
وَكَانَ ابْن برهَان قد دخل عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ من أملاكه فِي كل سنة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف دِينَار قَالَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي دخلت على الكيا أبي الْحُسَيْن يحيى ابْن الْحُسَيْن الْعلوِي الزيدي وَكَانَ من نبلاء أهل الْبَيْت وَمن المحمودين فِي صناعَة الحَدِيث وَغَيره من الْأُصُول وَالْفُرُوع فَذكر بَين يَدَيْهِ يَوْمًا الإمامية فَذكرهمْ أقبح ذكر وَقَالَ لَو كَانُوا من الدَّوَابّ لكانوا الْحمير وَلَو كَانُوا من الطُّيُور لكانوا الرخم وَأَطْنَبَ فِي ذمهم وَبعد مُدَّة دخلت على المرتضى وَجرى ذكر الزيدية والصالحية أَيهمَا خير فَقَالَ يَا أَبَا الْفضل تَقول أَيهمَا خير وَلَا تَقول أَيهمَا شَرّ فتعجبت من إمامي الشِّيعَة فِي وقتهما وَمن قَول كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَذْهَب الآخر فَقلت لقد كفيتما أهل السّنة الوقيعة فيكما
قيل إِن المرتضى اطلع يَوْمًا من روشنه فَرَأى الْمُطَرز الشَّاعِر وَقد انْقَطع شِرَاك نَعله(21/7)
وَهُوَ يصلحه فَقَالَ لَهُ فديت ركائبك وَأَشَارَ إِلَى قصيدته الَّتِي أَولهَا من الطَّوِيل
(سرى مغرباً بالعيس ينتجع الركبا ... يسائل عَن بدر الدجى الشرق والغربا)
(على عذبات الْجذع من مَاء تغلب ... غزال يرى مَاء الْقُلُوب لَهُ شربا)
إِلَى قَوْله
(إِذا لم تبلغني إِلَيْكُم ركائبي ... فَلَا وَردت مَاء وَلَا رعت العشبا)
فَقَالَ لَهُ الْمُطَرز مسرعاً أتراها مَا تشبه مجلسك وشربك وخلعك أَرَادَ بذلك أَبْيَات المرتضى وَهِي من الْخَفِيف
(يَا خليلي من ذؤابة قيس ... فِي التصابي مَكَارِم الْأَخْلَاق)
(غنياني بذكرهم تطرباني ... واسقياني دمعي بكأس دهاق)
(وخذا النّوم من جفوني فَإِنِّي ... قد خلعت الْكرَى على العشاق)
)
وَمن تصانيفه كتاب الشافي فِي الْإِمَامَة كتاب الملخص فِي الْأُصُول لم يتمه كتاب الذَّخِيرَة فِي الْأُصُول تَامّ كتاب جمل الْعلم وَالْعَمَل تَامّ كتاب الدُّرَر وَالْغرر وَهُوَ كثير الْفَوَائِد تَكْمِلَة الْغرَر كتاب التَّنْزِيه كتاب الْمسَائِل الموصلية الأولى كتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّانِيَة كتاب الْمسَائِل الموصلية الثَّالِثَة كتاب الْمقنع فِي الْغَيْبَة كتاب مسَائِل الْخلاف فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الِانْتِصَار فِيمَا انْفَرَدت بِهِ الإمامية كتاب مسَائِل مُفْرَدَات فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمِصْبَاح فِي الْفِقْه لم يتم كتاب الْمسَائِل الطرابلسية الأولى وَكتاب الْمسَائِل الطرابلسية الْأَخِيرَة كتاب مسَائِل أهل مصر الأولى كتاب مسَائِل أهل مصر الثَّانِيَة كتاب الْبَرْق كتاب طيف الخيال كتاب الشيب والشباب كتاب تتبع أَبْيَات الْمعَانِي الَّتِي تكلم عَلَيْهَا ابْن جنب كتاب النَّقْض على ابْن جني فِي الْحِكَايَة والمحكي كتاب تَفْسِير قصيدة السَّيِّد كتاب قصر الرِّوَايَة وَإِبْطَال القَوْل بِالْعدَدِ كتاب الذريعة فِي أصُول الْفِقْه كتاب الْمسَائِل الصيداوية وَله مسَائِل مُفْردَة نَحْو مائَة مَسْأَلَة فِي فنون شَتَّى وَمن شعره من الْكَامِل(21/8)
(وطرقنني وَهنا بأجواز الرِّبَا ... وطروقهن على النَّوَى تخييل)
(فِي لَيْلَة وافي بهَا متمنع ... وَدنت بعيدات وجاد بخيل)
(يَا لَيْت زائرنا بفاحمة الدجى ... لم يَأْتِ إِلَّا والصباح رَسُول)
(فقليله وضح الضُّحَى مستكثر ... وَكَثِيره غبش الظلام قَلِيل)
(مَا عابه وَبِه السرُور زَوَاله ... فَجَمِيع مَا سر الْقُلُوب يَزُول)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وزارت وِسَادِي فِي الظلام خريدة ... أَرَاهَا الْكرَى عَيْني وَلست أَرَاهَا)
(تمانع صبحاً أَن أَرَاهَا بناظري ... وتبذل جنحاً أَن أقبل فاها)
(وَلما سرت لم تخش وَهنا ظلالةً ... وَلَا عرف العذال كَيفَ سراها)
(فَمَاذَا الَّذِي من غير وعد أَتَى بهَا ... وماذا على بعد المزار هداها)
(وَقَالُوا عساها بعد زورة بَاطِل ... تزور بِلَا ريب فَقلت عساها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(تجاف عَن الْأَعْدَاء بقيا فَرُبمَا ... كفيت فَلم تجرح بناب وَلَا ظفر)
(وَلَا تبر مِنْهُم كل عود تخافه ... فَإِن الأعادي يَنْبُتُونَ من الدَّهْر)
)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل
(بيني وَبَين عواذلي ... فِي الْحبّ أَطْرَاف الرماح)
(أَنا خارجي فِي الْهوى ... لَا حكم إِلَّا للملاح)
وَمِنْه من المنسرح
(مولَايَ يَا بدر كل داجيةٍ ... خُذ بيَدي قد وَقعت فِي اللجج)
(حسنك مَا تَنْقَضِي عجائبه ... كالبحر حدث عَنهُ بِلَا حرج)
(بِحَق من خطّ عذاريك وَمن ... سلط سلطانها على المهج)
(مد يَديك الكريمتين وَمن ... ثمَّ ادْع لي من هَوَاك بالفرج)(21/9)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(قل لمن خَدّه من اللحظ دَامَ ... رق لي من جوانح فِيك تدمى)
(يَا سقيم الجفون من غير سقم ... لَا تلمني إِن مت مِنْهُنَّ سقما)
(أَنا خاطرت فِي هَوَاك بقلب ... ركب الْبَحْر فِيك أما وَأما)
قلت شعر جيد وَلَكِن أَيْن هَذِه الديباجة من ديباجة أَخِيه الرضي الْجَامِع الباقولي النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ الضَّرِير أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ الباقولي الْمَعْرُوف بالجامع ذكره أَبُو الْحسن الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الوشاح فَقَالَ هُوَ فِي النَّحْو وَالْإِعْرَاب كعبة لَهَا أفاضل الْعَصْر سدنة وَالْفضل بعد جفائه أُسْوَة حَسَنَة وَقد بعث إِلَى خُرَاسَان بِبَيْت الفرزدق الْمَشْهُور فِي شهور سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ من الطَّوِيل
(وَلَيْسَت خُرَاسَان الَّتِي كَانَ خَالِد ... بهَا أَسد إِذْ كَانَ سَيْفا أميرها)
وَكتب كل فَاضل من أفاضل خُرَاسَان لهَذَا الْبَيْت شرحاً ثمَّ قَالَ وَهَذَا الإِمَام استدرك على أبي عَليّ الْفَسَوِي وَعبد القاهر وَله هَذِه الرُّتْبَة وَمن شعره من الرمل
(أحبب النَّحْو من الْعلم فقد ... يدْرك الْمَرْء بِهِ أَعلَى الشّرف)
(إِنَّمَا النَّحْوِيّ فِي مَجْلِسه ... كشهاب ثاقب بَين السدف)
(يخرج الْقُرْآن من فِيهِ كَمَا ... تخرج الدرة من جَوف الصدف)
وَله من التصانيف شرح اللمع كتاب كشف المعضلات وإيضاح المشكلات فِي علل)
الْقرَاءَات وَكتاب الْجَوَاهِر وَكتاب الْمُجْمل وَكتاب الِاسْتِدْرَاك على أبي عَليّ وَكتاب الْبَيَان فِي شَوَاهِد الْقُرْآن
أَبُو الْفرج ابْن هندو عَليّ بن الْحُسَيْن بن هندو أَبُو الْفرج الْكَاتِب الأديب الشَّاعِر لَهُ(21/10)
رسائل مدونة وَكَانَ أحد كتاب الْإِنْشَاء فِي ديوَان عضد الدولة وَكَانَ متفلسفاً قَرَأَ كتب الْأَوَائِل على أبي الْحسن العامري بنيسابور ثمَّ عَليّ أبي الْخَيْر ابْن الْجمار وَورد بَغْدَاد فِي أَيَّام أبي غَالب ابْن خلف الْوَزير فَخر الْملك ومدحه وَكَانَ يلبس الدراعة على رسم الْكتاب وَلأبي الْفرج هَذَا ابْن يدعى أَبَا الشّرف عماداً ذكره الباخرزي فِي دمية الْقصر وَأورد لَهُ شعرًا متوسطاً وَقَالَ أَبُو الْفضل الْبَنْدَنِيجِيّ هُوَ من أهل الرّيّ وشاهدته بجرجان فِي سني بضع عشرَة وَأَرْبع مائَة كَاتبا بهَا
وَكَانَ بِهِ ضرب من السَّوْدَاء وَكَانَ قَلِيل الْقُدْرَة على شرب النَّبِيذ فاتفق أَنه كَانَ يَوْمًا عِنْد أبي الْفَتْح ابْن أبي عَليّ حمد كَاتب قَابُوس بن وشمكير وَأَنا مَعَه فَدخل أَبُو عَليّ الْموضع وَنظر فِيمَا كَانَ بَين أَيْدِينَا من الْكتب وتناشد هُوَ وَابْن هندو الْأَشْعَار وَحضر الطَّعَام فأكلنا وانتقلنا إِلَى مجْلِس الشَّرَاب فَلم يطق ابْن هندو المساعدة على ذَلِك فَكتب فِي رقْعَة دَفعهَا إِلَيْهِ من الْخَفِيف
(قد كفاني من المدام شميم ... صالحتني النهى وثاب الْغَرِيم)
(هِيَ جهد الْعُقُول سمي رَاحا ... مثل مَا قيل للديغ سليم)
(إِن تكن جنَّة النَّعيم فِيهَا ... من أَذَى السكر والخمار جحيم)
فَلَمَّا قَرَأَهَا ضحك وأعفاه من الشّرْب
وَمن شعره أَيْضا من الطَّوِيل
(أرى الْخمر نَارا والنفوس جواهراً ... فَإِن شربت أبدت طباع الْجَوَاهِر)
(فَلَا تفضحن النَّفس يَوْمًا بشربها ... إِذا لم تثق مِنْهَا بِحسن السرائر)
وَمِنْه من الْكَامِل
(مَا للمعيل وللمعالي إِنَّمَا ... يسمو إلَيْهِنَّ الوحيد الفارد)
(فالشمس تجتاب السَّمَاء فريدةً ... وَأَبُو بَنَات النعش فِيهَا راكد)
وَمِنْه من مخلع الْبَسِيط)
(عابوه لما التحى فَقُلْنَا ... عبتم وَغِبْتُمْ عَن الْجمال)(21/11)
(هَذَا غزال وَلَا عَجِيب ... أَن يظْهر الْمسك من غزال)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(تعرضت الدُّنْيَا بلذة مطعم ... وزخرف موشي من اللّبْس رائق)
(أَرَادَ سفاهاً أَن يموه قبحها ... على فكر خاضت بحار الدقائق)
(فَلَا تخدعينا بِالشرابِ فإننا ... قتلنَا نَهَانَا فِي طلاب الْحَقَائِق)
ومدح أَبُو الْفرج منوجهر بن قَابُوس بقصيدة تأنق فِيهَا وأنشده إِيَّاهَا فَلم يفهمها وَلَا أثابه عَلَيْهَا فَقَالَ من الْبَسِيط
(يَا وَيْح فضلي أما فِي النَّاس من رجل ... يحنو عَلَيْهِ أما فِي الأَرْض من ملك)
(لأكرمنك يَا فضلي بتركهم ... وأستهينن بِالْأَيَّامِ والفلك)
فَقيل لمنوجهر إِنَّه قد هجاك لِأَنَّهُ كَانَ يلقب فلك الْمَعَالِي فَطَلَبه ليَقْتُلهُ فهرب إِلَى نيسابور
وَمن شعره من المتقارب
(حللت وقاري فِي شادن ... عُيُون الْأَنَام بِهِ تعقد)
(غَدا وَجهه كعبةً للجمال ... ولي قلبه الْحجر الْأسود)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَا يؤيسنك من مجد تباعده ... فَإِن للمجد تدريجاً وترتيبا)
(إِن الْقَنَاة الَّتِي شاهدت رفعتها ... تنمي وتنبت أنبوباً فأنبوبا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(ضعت بِأَرْض الرّيّ فِي أَهلهَا ... ضيَاع حرف الرَّاء فِي اللثغه)
(صرت بهَا بعد بُلُوغ المنى ... أجهد أَن تبلغ بِي البلغه)
وَمِنْه من المتقارب
(وسَاق تقلد لما أَتَى ... حمائل زق ملاه شمولا)(21/12)
(فَللَّه دَرك من فَارس ... تقلد سَيْفا يقد العقولا)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(لعن الله مبدع التفخيذ ... قد أَتَى لَا أَتَى بِغَيْر لذيذ)
)
(أَي طيب وَلَذَّة لخليع ... يشرب المَاء شَهْوَة للنبيذ)
وَمِنْه من الرمل
(كل مَا لي فَهُوَ رهن مَا لَهُ ... من فكاك فِي مسَاء وابتكار)
(ففؤادي أبدا رهن هوى ... وردائي أبدا رهن عقار)
(فدع التفنيد يَا صَاح لنا ... إِنَّمَا الرِّبْح لأَصْحَاب الخسار)
(لَو ترى ثوبي مصبوغاً بهَا ... قلت ذمِّي تبدى فِي غيار)
(وَلَقَد أمرح فِي شرخ الصِّبَا ... مرح المهرة فِي ثني العذار)
وَمن شعر ابْن هندو من المنسرح
(كفى فُؤَادِي عذاره حرقه ... فَكف عينا بدمعها غرقه)
(مَا خطّ حرف من العذار بِهِ ... إِلَّا محا من جماله ورقه)
مِنْهُ من المنسرح
(يَا من محياه كاسمه حسن ... إِن نمت عني فَلَيْسَ لي وَسن)
(قد كنت قبل العذار فِي محن ... حَتَّى تبدى فزادت المحن)
(يَا شَعرَات جَمِيعهَا فتن ... يتيه فِي كنه وصفهَا الفطن)
(مَا غيروا من عذاره سفها ... قد كَانَ غصناً فأورق الْغُصْن)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أوحى لعارضه العذار فَمَا ... أبقى على روعي وَلَا نسكي)
(فَكَأَن نملاً قد دببن بِهِ ... غمست أكارعهن فِي مسك)
وَمِنْه من السَّرِيع
(قَالُوا لهَذَا الْقَمَر البادي ... مَالك إصلاحي وإفسادي)
(ردوا فؤاداً راحلاً قبْلَة ... لَا بُد للراحل من زَاد)(21/13)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قَالُوا اشْتغل عَنْهُم يَوْمًا بغيرهم ... وخادع النَّفس إِن النَّفس تنخدع)
(قد صِيغ قلبِي على مِقْدَار حبهم ... فَمَا لحب سواهُ فِيهِ متسع)
وَمِنْه من المتقارب)
(عجبت لقولنج هَذَا الْأُمِّي ... ر وأنى وَمن أَيْن قد جَاءَهُ)
(وَفِي كل يَوْم لَهُ حقنة ... تفرغ بالزيت أمعاءه)
وَمِنْه من المنسرح
(عَارض ورد الخدود وجنته ... فاتفقا فِي الْجمال وَاخْتلفَا)
(يزْدَاد بالقطف ورد وجنته ... وَينْقص الْورْد كلما قطفا)
وَمِنْه من الْكَامِل المجزوء
أوصى الْفَقِيه العسكري بِأَن أكف عَن الشَّرَاب فعصيته إِن الشَّرَاب عمَارَة الْجِسْم الخراب قَالَ الثعالبي كَانَ قد اتّفق لي فِي أَيَّام صباي معنى بديع لم أقدر أَنِّي سبقت إِلَيْهِ وَلَا ظَنَنْت أَنِّي شوركت فِيهِ وَهُوَ من مجزوء الرجز
(قلبِي وجدا مشتعل ... على الهموم مُشْتَمل)
(وَقد كست جسمي الضنى ... ملابس الصب الْغَزل)
(إنسانة فتانة ... بدر الدجى مِنْهَا خجل)
(إِذا زنت عَيْني بهَا ... فبالدموع تَغْتَسِل)
حَتَّى أنشدت لأبي الْفرج ابْن هندو من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ لي مَا بَال عَيْنَيْك إِذْ رَأَتْ ... محَاسِن هَذَا الظبي أدمعها هطل)
(فَقلت زنت عَيْني بطلعة وَجهه ... فَكَانَ لَهَا من صوب أدمعها غسل)
قلت وَفِي كتابي الْمُسَمّى ب لَذَّة السّمع فِي صفة الدمع بَاب عقدته لهَذَا الْمَعْنى ونبهت على مَا فِي هذَيْن من الْقبْح
وَمن تصانيف ابْن هندو كتاب مِفْتَاح الطِّبّ والمقالة المشوقة فِي الْمدْخل إِلَى علم الفلسفة كتاب الْكَلم الروحانية من الحكم اليونانية ورسالة الوساطة بَين الزناة واللاطة هزلية وديوان شعره(21/14)
القَاضِي ابْن حربويه الشَّافِعِي عَليّ بن الْحُسَيْن بن حَرْب بن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ القَاضِي أَبُو عبيد ابْن حربويه روى عَنهُ النَّسَائِيّ فِي الصَّحِيح وَقَالَ الشَّيْخ محيي الدّين كَانَ من أَصْحَاب الْوُجُوه وَذكره فِي شرح)
الْمُهَذّب وَالرَّوْضَة ولي قَضَاء مصر سنة ثَمَان عشرَة وَكَانَ عَالما بالاختلاف والمعاني وَالْقِيَاس عَارِفًا بِالْقُرْآنِ والْحَدِيث كَانَ يتفقه على مَذْهَب أبي ثَوْر وَكَانَ ثِقَة ثبتاً وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة
ابْن وَاقد الْمروزِي عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد مولى عبد الله بن عَامر بن كريز الْقرشِي الْمروزِي توفّي بمرو سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ روى لَهُ البُخَارِيّ آثاره وروى لَهُ مُسلم تَعْلِيقا وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ صَاحب الأغاني عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْهَيْثَم بن عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان بن عبد الله بن مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف أَبُو الْفرج الأشبهاني الْكَاتِب الْعَلامَة الاخباري صَاحب الأغاني(21/15)
ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة كَذَا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَغَيره وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء ذكر فِي كتاب أدب الغرباء من تأليفه حَدثنِي صديق لي قَالَ قَرَأت على قصر معز الدولة بالشماسية يَقُول فلَان ابْن فلَان الْهَرَوِيّ حضرت وَفِي هَذَا الْموضع فِي سماط معز الدولة وَالدُّنْيَا عَلَيْهِ مقبلة وهيبة الْملك عَلَيْهِ مُشْتَمِلَة ثمَّ عدت إِلَيْهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة فَرَأَيْت مَا يعْتَبر بِهِ اللبيب يَعْنِي من الخراب وَذكر موت معز الدولة وَولَايَة ابْنه بختيار وَكَانَ ذَلِك فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة انْتهى
قلت قَالَ كثير من النَّاس إِنَّه مَاتَ فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة عالمان أَبُو عَليّ القالي وَصَاحب الأغاني وَثَلَاث مُلُوك معز الدولة وكافور وَسيف الدولة
وَسمع أَبُو الْفرج من جمَاعَة لَا يُحصونَ وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره
استوطن بَغْدَاد وَكَانَ من أَعْيَان أدبائها وأفراد مصنفيها وَكَانَ أخبارياً نسابة شَاعِرًا ظَاهر التَّشَيُّع
قَالَ أَبُو عَليّ التنوخي كَانَ يحفظ أَبُو الْفرج من الشّعْر والأغاني وَالْأَخْبَار والمسندات والأنساب مَا لم أر قطّ من يحفظ مثله ويحفظ من سوى ذَلِك من عُلُوم أخر مِنْهَا اللُّغَة والنحو والخرافات والمغازي وَالسير وصنف لبني أُميَّة أَقَاربه مُلُوك الأندلس تصانيف)
وسيرها إِلَيْهِم وجاءه الإنعام على ذَلِك قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين رَأَيْت شَيخنَا ابْن تَيْمِية يُضعفهُ ويتهمه فِي نَقله ويستهول مَا يَأْتِي بِهِ وَمَا علمت فِيهِ حرجاً إِلَّا قَول ابْن أبي الفوارس خلط قبل أَن يَمُوت وَقد أثنى على كِتَابه الأغاني جمَاعَة من جلة الأدباء انْتهى
قَالَ ابْن عرس الْموصِلِي كتب إِلَيّ أَبُو تغلب ابْن نَاصِر الدولة يَأْمُرنِي بابتياع كتاب الأغاني فابتعته لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا حَملته إِلَيْهِ ووقف عَلَيْهِ قَالَ لقد ظلم وراقه الْمِسْكِين وَإنَّهُ ليساوي عشرَة آلَاف دِينَار وَلَو فقد مَا قدرت عَلَيْهِ الْمُلُوك إِلَّا بالرغائب وَأمر أَن يكْتب لَهُ بِهِ نُسْخَة أُخْرَى وأبيعت مسودات الأغاني وأكثرها فِي ظُهُور بِخَط التَّعْلِيق فاشتريت لأبي أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَفْص بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم وَأهْدى أَبُو الْفرج بِهِ نُسْخَة(21/16)
لسيف الدولة ابْن حمدَان فَأعْطَاهُ ألف دِينَار وَبلغ ذَلِك الصاحب ابْن عباد فَقَالَ لقد قصر سيف الدولة وَإنَّهُ يستاهل أضعافها وَوصف الْكتاب وَأَطْنَبَ فِي وَصفه ثمَّ قَالَ لقد اشْتَمَلت خزانتي على مِائَتي ألف مُجَلد وَسَبْعَة عشر ألف مُجَلد مَا مِنْهَا مَا هُوَ سميري غَيره وَلَا راقني مِنْهَا سواهُ وَلم يكن كتاب الأغاني يُفَارق سيف الدولة فِي سفر وَلَا حضر وَقَالَ أَبُو الْفرج جمعته فِي خمسين سنة وكتبت بِهِ نُسْخَة وَاحِدَة وَهِي الَّتِي أهديت لسيف الدولة
قَالَ ياقوت كتبت مِنْهُ نُسْخَة بخطي فِي عشر مجلدات وجمعت تراجمه ونبهت على فَوَائده وَذكرت السَّبَب الَّذِي من أَجله وضع تراجمه وَوَجَدته يعد بِشَيْء وَلَا يَفِي بِهِ فِي غير مَوضِع مِنْهُ كَقَوْلِه فِي آخر أَخْبَار أبي الْعَتَاهِيَة وَقد طَالَتْ أخباره هَا هُنَا وَسَنذكر أخباره مَعَ عتب فِي مَوضِع آخر وَلم يفعل وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أَخْبَار أبي نواس مَعَ جنان إِذْ كَانَت سَائِر أخباره قد تقدّمت وَلم يتَقَدَّم شَيْء إِلَى أشباه ذَلِك والأصوات الْمِائَة هِيَ تسع وَتسْعُونَ وَمَا أَظن إِلَّا أَن الْكتاب قد سقط مِنْهُ شَيْء أَو يكون النسْيَان غلب عَلَيْهِ وَالله أعلم
قلت وَقد ذكرت فِي صدر الْكتاب فِي الديباجية عِنْدَمَا سردت أَسمَاء الْكتب المصنفة فِي التواريخ جمَاعَة مِمَّن اخْتَار كتاب الأغاني وَكَانَ أَبُو الْفرج من أَصْحَاب الْوَزير أبي مُحَمَّد المهلبي الخصيصين بِهِ وَكَانَ أَبُو الْفرج وسخاً فِي نَفسه ثمَّ فِي ثَوْبه قذراً لم يكن يغسل دراعة يلبسهَا وَلَا تزَال عَلَيْهِ أَن تبلى وَكَانَ لَهُ قطّ اسْمه يقق مرض ذَلِك القط بقولنج فحقنه بِيَدِهِ وَخرج ذَلِك الْغَائِط على يَدَيْهِ وَقد طرق الْبَاب عَلَيْهِ بعض أَصْحَابه الرؤساء فَخرج إِلَيْهِم وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَال لم يغسل يَدَيْهِ وَاعْتذر إِلَيْهِم بشغله عَنْهُم بِأَمْر القط وَكَانَ يَوْمًا على مائدة)
الْوَزير أبي مُحَمَّد المهلبي فَقدمت سكباجة فَوَافَقت من أبي الْفرج سعلة فبدر من فَمه قِطْعَة بلغم وَقعت فِي وسط السكباجة فَقَالَ الْوَزير إرفعوها وهاتوا من هَذَا اللَّوْن بِعَيْنِه فِي غير هَذِه الغضارة وَلم يبن عِنْده وَلَا فِي وَجهه إِنْكَار وَلَا دَاخل أَبَا الْفرج استحياء وَلَا انقباض
وَكَانَ الْوَزير من الصلف على مَا حُكيَ عَنهُ أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أكل شَيْء بملعقة كالأرز وَاللَّبن وَغير ذَلِك وقف من الْجَانِب الْأَيْمن غُلَام مَعَه ثَلَاثُونَ ملعقة زجاجاً مجروداً فَيَأْخُذ ملعقة وَيَأْكُل بهَا لقْمَة وَاحِدَة وناولها لغلام آخر وقف على يسَاره ثمَّ يتَنَاوَل ملعقة غَيرهَا جَدِيدَة وَيَأْكُل بهَا لقْمَة وَاحِدَة ثمَّ يَدْفَعهَا إِلَى الْغُلَام الَّذِي على يسَاره حَتَّى لَا يدْخل الملعقة(21/17)
فِي فَمه مرّة أُخْرَى وَكَانَ مَعَ هَذَا الصلف والظرف والتجنب يصبر على مواكلة أبي الْفرج ويحتمله لأدبه ومحادثته وَلما طَال الْأَمر على الْوَزير صنع لَهُ مائدتين عَامَّة وخاصة يَدْعُو إِلَى الْخَاصَّة من يُرِيد مواكلته
وَكَانَ أَبُو الْفرج أكولاُ نهماً فَإِذا ثقل الطَّعَام على معدته تنَاول خَمْسَة دَرَاهِم فلفلاً مدقوقاً وَلَا يُؤْذِيه وَلَا تَدْمَع مِنْهُ عَيناهُ وَكَانَ لَا يقدر أَن يَأْكُل حمصة وَاحِدَة وَلَا يَأْكُل طَعَاما فِيهِ حمص وَإِذا أكل شَيْئا مِنْهُ سرى بدنه كُله وَبعد سَاعَة أَو ساعتين يفصد وَرُبمَا لذَلِك دفعتين قَالَ وَلم أدع طَبِيبا حاذقاً إِلَّا سَأَلته عَن ذَلِك وَلَا يُخْبِرنِي عَن السَّبَب وَلَا يعلم لَهُ دَوَاء فَلَمَّا كَانَ قبل فالجه ذهبت عَنهُ الْعَادة فِي الحمص فَصَارَ يَأْكُلهُ وَلَا يضرّهُ وَبقيت عَلَيْهِ عَادَة الفلفل
وَكَانَ يَوْمًا هُوَ والوزير المهلبي فِي مجْلِس شراب فَسَكِرَ الْوَزير وَلم يبْق أحد من الندماء غير أبي الْفرج فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْفرج أَنا أعلم أَنَّك تهجوني سرا فاهجني السَّاعَة جَهرا فَقَالَ الله الله أَيهَا الْوَزير فِي إِن كنت قد مللتني انْقَطَعت وَإِن كنت تُؤثر قَتْلِي فبالسيف إِذا شِئْت فَقَالَ لَا بُد من ذَلِك فَقَالَ لي أير بلولب فَقَالَ الْوَزير فِي حر أم الْمُهلب هَات مصراعاً آخر فَقَالَ الطَّلَاق يلْزم الْأَصْفَهَانِي إِن زَاد على هَذَا
وَكَانَ أَبُو الْقَاسِم الْجُهَنِيّ الْمُحْتَسب على فَضله فَاحش الْكَذِب كَانَ فِي بعض الْأَيَّام فِي مجْلِس فِيهِ أَبُو الْفرج فَجرى حَدِيث النعنع وَإِلَى أَي حد يطول فَقَالَ الْجُهَنِيّ فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ نعنع)
يتشجر حَتَّى يعْمل من خشبه السلاليم فاغتاظ أَبُو الْفرج من ذَلِك وَقَالَ نعم عجائب الدُّنْيَا كَثِيرَة وَلَا يدْفع هَذَا وَلَا يستبعد وَعِنْدِي مَا هُوَ أعجب من هَذَا وَأغْرب وَهُوَ زوج حمام راعبي يبيض فِي كل نَيف وَعشْرين يَوْمًا بيضتين فأنتزعهما من تَحْتَهُ وأضع مكانهما صنجة مائَة وصنجة خمسين فَإِذا انْتَهَت مُدَّة الحضان تفقست الصنجتان عَن طست وإبريق أَو سطل وكرنيب فَعم أهل الْمجْلس الضحك وفطن الْجُهَنِيّ وانقبض عَن كثير مِمَّا كَانَ يحكيه
وَمن تصانيف أبي الْفرج كتاب الأغاني الْكَبِير كتاب مُجَرّد الأغاني كتاب التَّعْدِيل والانتصاف فِي أَخْبَار الْقَبَائِل وأنسابها كتاب مقَاتل الطالبيين كتاب أَخْبَار(21/18)
الفتيان كتاب الْإِمَاء الشواعر كتاب المماليك الشُّعَرَاء كتاب أدب الغرباء كتاب الديارات كتاب تَفْضِيل ذِي الْحجَّة كتاب الْأَخْبَار والنوادر كتاب أدب السماع كتاب أَخْبَار الطفيليين كتاب مَجْمُوع الْأَخْبَار والآراء كتاب الخمارين والخمارات كتاب الْفرق والمعيار فِي الأوغاد والأحرار وَهُوَ رِسَالَة عَملهَا فِي هرون بن المنجم كتاب دَعْوَة التُّجَّار كتاب أَخْبَار جحظة الْبَرْمَكِي كتاب جمهرة النّسَب كتاب نسب بني عبد شمس كتاب نسب بني شَيبَان كتاب نسب المهالبة كتاب نسب بني تغلب كتاب الغلمان المغنين كتاب مناجيب الخصيان عمله للوزير المهلبي فِي خصيين كَانَا لَهُ مغنيين كتاب الحانات
وَمن شعره مَا كتبه إِلَى الْوَزير المهلبي يشكو الفأر ويصف الهر من الْخَفِيف
(يَا لحدب الظُّهُور قعص الرّقاب ... لدقاق الأنياب والأذناب)
(خلقت للْفَسَاد مذ خلق الْخلّ ... ق وللعيث والأذى والخراب)
(ناقبات فِي الأَرْض والسقف والحي ... طان نقباً أعي على النقاب)
(آكلات كل المآكل لَا تأم ... ننها شاربات مَعَ ذَاك كل الشَّرَاب)
(آلفات قرض الثِّيَاب وَقد يع ... دلّ قرض الْقُلُوب قرض الثِّيَاب)
(زَالَ همي مِنْهُنَّ أَزْرَق تَرَ ... كي السبالين أنمر الجلباب)
(لَيْث غَابَ خلقا فَمن لَا ... ح لعينيه خَاله لَيْث غَابَ)
(ناصب طرفه إزاء الزوايا ... وإزاء السقوف والأبواب)
(ينتضي الظفر حِين يظفر للصي ... د وَإِلَّا فظفره فِي قرَاب)
(لَا ترى أخبثيه عين وَلَا يع ... لم مَا جنتاه غير التُّرَاب)
)
(قرطقوه وشنفوه وحلو ... هـ أخيراً وأولاً بالخضاب)
(فَهُوَ طوراً يمشي بحلي عروس ... وَهُوَ طوراً يخطو على عناب)
(حبذا ذَاك صاحباً هُوَ فِي الصح ... بة أوفى من أَكثر الْأَصْحَاب)
وَمِنْه مَا قَالَه فِي الْوَزير المهلبي من الْكَامِل(21/19)
(أبعين مفتقر إِلَيْك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق)
(لست الملوم أَنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بِغَيْر الْخَالِق)
قلت وَقد مرا فِي تَرْجَمَة أبي الطّيب المتنبي وَمِنْه من الطَّوِيل
(حضرتكم دهراً وَفِي الْكمّ تحفة ... فَمَا أذن البواب لي فِي لقائكم)
(إِذا كَانَ هَذَا حالكم يَوْم أخذكم ... فَمَا حالكم بِاللَّه يَوْم عطائكم)
وَمِنْه فِي المهلبي من الطَّوِيل
(وَلما انتجعنا لائذين بظله ... أعَان وَمَا عَنى وَمن وَمَا منى)
(وردنا عَلَيْهِ مقترين فراشنا ... وردنا نداه مجدبين فأخصبنا)
ابْن كوجك الْوراق عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ الْعَبْسِي يعرف بِابْن كوجك الْوراق كَانَ أديباً فَاضلا يورق بِمصْر
سمع من أبي مُسلم مُحَمَّد بن أَحْمد كَاتب أبي الْفضل ابْن حنزابة الْوَزير وَمَات سنة أَربع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وصنف كتبا مِنْهَا كتاب الطيوريين وَكتاب أعز المطالب إِلَى أَعلَى الْمَرَاتِب فِي الزّهْد وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَمَا ذَات بعل مَاتَ عَنْهَا فجاءة ... وَقد وجدت حملا دوين الترائب)
(بِأَرْض نأت عَن والديها كليهمَا ... تعاورها الوراث من كل جَانب)
(فَلَمَّا استبان الْحمل مِنْهَا تنهنهوا ... قَلِيلا وَقد دبوا دَبِيب العقارب)
(فَجَاءَت بمولود غُلَام فأحرزت ... تُرَاب أَبِيه الْمَيِّت دون الْأَقَارِب)
(فَلَمَّا غَدا لِلْمَالِ رَبًّا ونافست ... لإعجابها فِيهِ عُيُون الْكَوَاكِب)
(وَكَاد يطول الدرْع فِي الْقد جِسْمه ... وقارب أَسبَاب النهى والتجارب)
(وَأصْبح مأمولاً يخَاف ويرتجى ... جميل الْمحيا ذَا عذار وشارب)
(أتيح لَهُ عبل الذراعين محذر ... جريء على أقرانه غير هائب)
)
(فَلم يبْق مِنْهُ غير عظم مجزر ... وجمجمة لَيست بِذَات ذوائب)(21/20)