(خلفتني رهن التندم والأسى ... تعتادني الأحزان والآلام)
(لَكِن لي بأخيك نجم الدّين فِي ... الدِّيوَان أنسا مَا عداهُ مرام)
(مهما توجس أَو توحش خاطري ... فبه تَزُول وتنقضي الأوهام)
وَكَانَ قد كتب إِلَيّ وَهُوَ بِدِمَشْق وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ من الْكَامِل
(ذكرت قلبِي حِين شط مزارهم ... بهم فناب عَن الجوى تذكارهم)
(وَبكى فُؤَادِي وَهُوَ منزل حبهم ... وأحق من تبْكي الْأَحِبَّة دَرَاهِم)
(وتخلق الجفن الهمول كَأَنَّمَا ... لمحته عِنْد غروبهم أنوارهم)
(وَذكرت عَيْني عِنْد عين فراقهم ... لما أثارت لوعتي آثَارهم)
(نذري الدُّمُوع عَلَيْهِم وَكَأَنَّهُم ... زهر الرِّبَا وَكَأَنَّهَا أمطارهم)
(ويئن من حَالي العواذل رَحْمَة ... لما بَكَيْت وَمَا الأنين شعارهم)
(وَيْح المحبين الَّذين بودهم ... قرب المزار لَو نأت أعمارهم)
(فقدوا خليلهم الحبيب فأذكيت ... بالشوق فِي حطب الأضالع نارهم)
(مولى تقلص ظلّ أنسٍ مِنْهُ عَن ... أَصْحَابه فأستوحشت أفكارهم)
(كم راقها يَوْمًا بِرُؤْيَة وَجهه ... مَا لَا يروقهم بِهِ دينارهم)
(وَلكم بَدَت أسماعهم فِي حليةٍ ... من لَفظه وَكَذَا غَدَتْ أَبْصَارهم)
(كَانُوا بِصُحْبَتِهِ اللذيذة رتعاً ... بمسرةٍ ملئت بهَا أعشارهم)
)
(يتنافسون على دنو مزاره ... فَكَأَنَّمَا بلقاه كَانَ فخارهم)
(لَا غيب الرحمان رُؤْيَة وَجهه ... عَن عاشقيه فَإِنَّهَا أوطارهم)
(وجلا ظلام بِلَادهمْ من بعده ... فَلَقَد تساوى ليلهم ونهارهم)
(يَا سيداً لي لم تزل ثقتي بِهِ ... إِن خادعتني فِي الولا أسرارهم)
(أصرمت حَبل مودتي ولصحبتي ... عرف الطَّرِيقَة فِي الوداد كبارهم)
(أم تِلْكَ عادات القلى أجريتها ... فَكَذَا الْأَحِبَّة هجرهم ونفارهم)
وكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الْكَامِل
(أفدي الَّذين إِذا تناءت دَارهم ... أَدْنَاهُم من صبهم تذكارهم)(17/192)
(فِي جلق الفيحاء منزلهم وَفِي ... مصرٍ بقلب الصب تضرم نارهم)
(قومٌ بذكرهم الندامى أَعرضُوا ... عَن كأسهم وكفتهم أخبارهم)
(وَإِذا الثَّنَاء على محاسنهم أَتَى ... طربوا لَهُ وتعطلت أوتارهم)
(وَإِذا هم نظرُوا لحسن وُجُوههم ... لم تبْق أنجمهم وَلَا أقمارهم)
(فهم البدور إِذا ادلهم ظلامهم ... وَهُوَ الشموس إِذا استبان نهارهم)
(دنت النُّجُوم تواضعاً لمحلهم ... وترفعت من فَوْقهَا أقدارهم)
(وبكفهم وبوجههم كم قد هَمت ... أنواؤهم وتوقدت أنوارهم)
(أهْدى جمَالهمْ إِلَيّ تَحِيَّة ... مِنْهَا تدار على الْأَنَام عقارهم)
(أفقٌ وروضٌ فِي البلاغة فَهِيَ ... إِمَّا زهرهم فِي اللَّيْل أَو أزهارهم)
(لَك يَا جمال الدّين سبقٌ فِي الوفا ... لَو رامه الْأَصْحَاب طَال عثارهم)
(وتوددٌ مَا زَالَ يصفو ورده ... حَتَّى تقر لصفوه أكدارهم)
(يَا ابْن الْكِرَام الْكَاتِبين فشأنهم ... صدق الْمَوَدَّة وَالْوَفَاء شعارهم)
(قومٌ إِذا جاروا إِلَى شأو العلى ... سبقوا إِلَيْهِ وَلم يشق غبارهم)
(صانوا وزانو باليراع مُلُوكهمْ ... أسوارهم من كتبهمْ وسوارهم)
(مَا مثلهم فِي جودهم فلذاك قد ... عزت نظائرهم وَهَان نضارهم)
(مَا فِي الزَّمَان حلىً على أعطافه ... إِلَّا مآثرهم بِهِ وفخارهم)
(تتعلم النسمات من أَخْلَاقهم ... وتنوب عَن زهر الرِّبَا أشعارهم)
)
ولفضلهم مَا ابْن الْفُرَات يعد فيهذا قَطْرَة لما تمد بحارهم
(وحماهم يحمي النزيل بربعه ... من جور مَا يخْشَى ويرعى جارهم)
(بالرغم مني أَن بَعدت وَلم أجد ... ظلاً تفيئه عَليّ دِيَارهمْ)
(لَو كَانَ يمكنني وَمَا أحلى المنى ... مَا غَابَ عني شخصهم ومزارهم)
(وَيْح النَّوَى شَمل الْأَحِبَّة فرقت ... فَمَتَى يفك من البعاد إسارهم)
وَكتب رَحمَه الله قد دخلت الدِّيوَان بِدِمَشْق من الوافر
(يَقُول جمَاعَة الدِّيوَان فِيهِ ... فسادٌ لَا يزَال وَلَا يزاح)(17/193)
(فَقلت فَسَاده سيزول عَمَّا ... قليلٍ إِذْ بدا فِيهِ الصّلاح)
فَكتبت الْجَواب من الوافر
(هويت جمَاعَة الدِّيوَان دهراً ... فَلَمَّا ضمنا بِدِمَشْق مغنى)
(نظرت إِلَيْهِم نظر انتقادٍ ... فَكنت جمَالهمْ لفظا وَمعنى)
وَكنت قد وعدته بعارية رِسَالَة لِابْنِ رَشِيق سَمَّاهَا ساجور الْكَلْب فَتَأَخر إرسالها إِلَيْهِ فَكتب إِلَيّ من الْخَفِيف
(يَا جواداً عنانه فِي بُد الجو ... د تباخلت لي بساجور كلب)
لَا تضع رُتْبَة التفضل والايثار فَالْأَمْر دون بذل العتب
(وَإِذا لم يكن من العتب يدٌّ ... فمرادي إِن شِئْت غير الْكتب)
فجهزتها إِلَيْهِ وكتبت الْجَواب من الْخَفِيف
(أَيهَا الأروع الَّذِي فاق مجداً ... لَا تؤنب من لَا أَتَاك بذنب)
(أَنْت تَدْرِي أَن الْوَفَاء الموفى ... لي طباعٌ فِي الود من غير كسب)
(أَنا أخبا لَو كَانَ طوق عروسٍ ... عَنْك حَتَّى أصون ساجور كلب)
وَكتب إِلَيّ وانا بصفد ضَعِيف من الوافر
(كتابك قد أَتَى عَيْني وفيهَا ... فَسَاد نوى لشوقي وارتياحي)
(فجدده فَلَيْسَ يَزُول إِلَّا ... إِذا عَاد الصّلاح إِلَى الصّلاح)
فَكتبت الْجَواب من الوافر
(كتابك جَاءَنِي فنفى همومي ... وآذن سقم جسمي بالزوال)
)
(وأذكر ناظري زَمنا حميدا ... تمتّع بالجمال من الْجمال)
وَكتب هُوَ إِلَيّ يَوْمًا من السَّرِيع
(قد أصبح الْمَمْلُوك يَا سَيِّدي ... يخْتَار أَن يتَفَرَّع الربوه)
(وَقد أَتَى صحبتكم خاطباً ... فأسعفوا واغتنموا الخلوه)
فَكتبت أَنا الْجَواب إِلَيْهِ ارتجالاً من السَّرِيع
(مَا لي على الربوة من قدرةٍ ... لأنني أعجز عَن خطوه)
(وَلَيْسَ مركوبي هُنَا حَاضرا ... فَمر نَحْو الْخلْوَة الحلوه)(17/194)
وكتبت إِلَيْهِ وَقد سَافر إِلَى بعلبك وَطول الْغَيْبَة فِيهَا من مجزوء الرجز
(قربك الْقلب الَّذِي ... أبعدته وقربك)
(يَا نازحاً عَن جلقٍ ... ونازلاً فِي بعلبك)
(لَك البلاغات الَّتِي ... أبدعت فِيهَا مذهبك)
(جرت جَرِيرًا فالتوى ... إِلَى النسيب وانسبك)
(وكل سطرٍ كالدجى ... وبرق مَعْنَاهُ احتبك)
(شوارد الْمَعْنى غَدَتْ ... ميماته لَهَا شَبكَ)
(أَشْكُو لَك الْبعد الَّذِي ... تطويله قد أعْجبك)
(ذواك فِي ليل المنى ... عَن ناظري وغيبك)
(فَاطلع علينا قمراً ... حَتَّى تنير غيهبك)
(أَنا خَلِيل صحبةٍ ... ودادها قد جلبك)
(حليك من فاخرٌ ... وسحره قد خلبك)
(جلتك أنوار المنى ... فِي خاطرٍ تطلبك)
(خلتك الْحسنى جلت ... لي فِي الْمَعَالِي شهبك)
(حلتك بِالْعلمِ الَّذِي ... بِهِ عَلَوْت رتبك)
(أَبُو جلنك لَو رأى ... كَمَا رَأينَا أدبك)
(حل بك الْمَعْنى الَّذِي ... جلّ بك الْحق التبك)
فَكتب الْجَواب إِلَيّ من مجزوء الرجز)
(أَمن عقارٍ انسبى ... أم من نضارٍ انسبك)
(أم من لآلٍ نظمت ... على عِذَارَيْ كالشبك)
(أم نفس الأحباب هَب ... موهناً فأطربك)
نسم فِي دمشق فاشتممته فِي بعلبك
(يحمل ذكراك لقد ... عطرت مِنْهُ مركبك)
(يَا حَاضرا فِي خاطرٍ ... محاضرٍ مَا غيبك)
وفاضلا ذهبك اللهذا لنا وهذبك(17/195)
(فِي أَي صورةٍ لنا ... فضيلةٍ قد ركبك)
(ينسى بك النسيب من ... حقق فِيهِ نسبك)
(ربتك للعلوم نفسٌ ... بلغتك رتبك)
أعرب عَنْك الدَّهْر بالتمييز حَتَّى نصبك
(عاج ببحرك الورى ... لما تراءوا عجبك)
(سر بك الرَّأْي الَّذِي ... بفهمه قد سربك)
(جلا بذوق علمه ... نهاك لما جلبك)
(أَنْت جليل فطنةٍ ... يعرف ذَا من طَلَبك)
(حلتك فارتضت وَمن ... يرتض إِلَّا أدبك)
خلتك مَعْدُوم النظيرضي الله عَنهُ فَرد أَفْرَاد النبك
(أَنْت خليلٌ للعلى ... وَليهَا قد قربك)
حل بك النايل بالنحلة مِنْهَا أربك
(حكتك فِي الذكا ذكا ... وَلم تحاك نخبك)
حل بك الْفضل فحلى للبرايا كتبك
(جلّ باليراع يَا جواد ... فِيهِ واحرز قصبك)
(حلتك الْفضل جاكها ... نهاك إِذْ حبك)
(شدوت من تَصْحِيف ذَا ... الِاسْم الَّذِي قد صحبك)
(بعض الَّذِي فهمته ... إِذا بِمَعْنى حببك)
)
(بك اهتديت فهمها ... لما رَأَيْت شهبك)
(لَا زلت فِي بيد النهى ... تحدو إِلَيْهَا نجبك)
وَحكى لي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رَأَيْت البارحة فِي الْمَنَام كَانَ فِي بَيْتِي نَهرا عَظِيما صافياً وَأَنت من ذَلِك الْجَانِب وَأَنا فِي هَذَا الْجَانِب وَكَأَنِّي أنْشدك من الْخَفِيف
(يَا خليلي أَبَا الصَّفَا لَا تكدر ... منهلاً من نمير ودك أروى)
(فَجَمِيع الَّذِي جرى كَانَ بسطاً ... ولعمري بسط الْمجَالِس يطوى)
فَقلت لي لَا بل انظم فِي زهر اللوز شَيْئا فأنشدتك(17/196)
(أيا قادم الزهر أَهلا وسهلاً ... مَلَأت البرايا هَدَايَا أرج)
(فوقتك فض ختام السرُور ... وعهدك فُرْجَة بَاب الْفرج)
فَكتبت إِلَيْهِ عِنْدَمَا قصّ عَليّ هَذِه الرُّؤْيَا من الْخَفِيف
(حاش لله أَن أكدر عهدا ... لم يزل من وفائك الْمَحْض صفوا)
(وَإِذا مَا حَدِيث فضلك عِنْدِي ... ضَاعَ مني فِي نشره كَيفَ يطوى)
وَاجْتمعَ يَوْمًا هُوَ وجمال الدّين مُحَمَّدًا ابْن نباتة فِي غِيَاض السفرجل فَقَالَ جمال الدّين بن نباتة من الْكَامِل
(قد أشبه الْحمام منزل لهونا ... فالماء يسخن والأزاهر تحلق)
(فلذاك جسمي منشدٌ ومصحفٌ ... عرقٌ على عرقٍ ومثلي يعرق)
قَالَ جمال الدّين ابْن غَانِم رَحمَه الله تَعَالَى من الْكَامِل
(مَا أشبه الْحمام منزل لهونا ... إِلَّا لِمَعْنى راق فِيهِ الْمنطق)
(فالدوح مثل قبابه والزهر كال ... جامات فِيهِ وماؤه يتدفق)
3 - (عبد الله بن عمر)
ابْن عمر بن الْخطاب عبد الله بن عمر بن الْخطاب أَبُو عبد الرحمان صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن وزيره هَاجر بِهِ أَبوهُ قبل أَن يَحْتَلِم واستصغر عَن أحد وَشهد(17/197)
الخَنْدَق وَمَا بعْدهَا وَهُوَ شَقِيق حَفْصَة أمهَا زَيْنَب بنت مَظْعُون روى علما كثيرا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أبي بكر وَعمر شهد فتح مصر قَالَه ابْن يُونُس وَقَالَ غَيره شهد غَزْو فَارس كَانَ يخضب بالصفرة قَالَ عرضت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَأَنا ابْن أَربع عشرَة سنة فَلم يجزني وأجازني يَوْم الخَنْدَق بلغ أَرْبعا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة ثَلَاث وَسبعين قيل إِنَّه قدم حَاجا فَدخل عَلَيْهِ الْحجَّاج وَقد أَصَابَهُ زج رمحٍ فَقَالَ من أَصَابَك قَالَ أصابني من أمرتوه بِحمْل السِّلَاح فِي مكانٍ لَا يحل فِيهِ حمله رَوَاهُ البُخَارِيّ وَقد روى الْجَمَاعَة كلهم لعبد الله بن عمر وَقد قيل إِن إِسْلَامه كَانَ قبل إِسْلَام أَبِيه وَلَا يَصح وَقيل إِنَّه أول من بَايع يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَالصَّحِيح أَن أول من بَايع تَحت الشَّجَرَة بيعَة الرضْوَان أَبُو سِنَان الْأَسدي وَكَانَ شَدِيد التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاط فِي فتواه وكل مَا يَأْخُذ بِهِ نَفسه وَكَانَ لَا يتَخَلَّف عَن السَّرَايَا فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كَانَ بعد مَوته مُولَعا بِالْحَجِّ قبل الْفِتْنَة وَفِي الْفِتْنَة وَيُقَال إِنَّه كَانَ أعلم الصَّحَابَة بمناسك الْحَج وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزوجته حَفْصَة بنت عمر إِن أَخَاك عبد الله رجلٌ صَالح لَو كَانَ يقوم من اللَّيْل فَمَا ترك بعْدهَا ابْن عمر قيام اللَّيْل وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ لورعه قد اشكلت عَلَيْهِ حروب عَليّ بن أبي طَالب فَقعدَ عَنهُ وَنَدم على ذَلِك حِين حَضرته الْوَفَاة وَسُئِلَ عَن تِلْكَ الْمشَاهد فَقَالَ كَفَفْت يَدي فَلم أقدم والمقاتل على الْحق أفضل وَقَالَ جَابر ابْن عبد الله مَا منا أحدٌ إِلَّا مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَال بهَا خلا عمر وَابْنه عبد الله وَأفْتى فِي الْإِسْلَام سِتِّينَ سنة وَنشر نَافِع عَنهُ علما جماً
قَاضِي نيسابور عبد الله بن عمر بن الرماح أَبُو مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي قاضيها روى عَنهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه مَعَ تقدمه والذهلي وَجَمَاعَة قَالَ الذهلي ثِقَة ثِقَة وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(17/198)
الْمدنِي ابْن ابْن عمر بن الْخطاب عبد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر الْمدنِي أحد أوعية الْعلم وَهُوَ أَخُو)
عبيد الله كَانَ صَالحا عَالما خيرا صَالح الحَدِيث قَالَ ابْن حَنْبَل لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ ابْن معِين صُوَيْلِح وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ ضَعِيف توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة وَقيل سنة ثلاثٍ وَسبعين وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَمُسلم مُتَابعَة
العبليُّ عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عَليّ بن ربيعَة بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس أَبُو عدي الْقرشِي العبلي عرف بالعبلي وَلَيْسَ مِنْهُم لِأَن العبلات من ولد أُميَّة الْأَصْغَر بن عبد شمس وَسموا بذلك لِأَن أمّهم عبلة بنت عبيد بن جاذل بِالْجِيم بن قيس بن مَالك ابْن حَنْظَلَة وَهَؤُلَاء يُقَال لَهُم براجم بني تَمِيم ولدت لعبد شمس بن عبد منَاف أُميَّة الْأَصْغَر وَعبد أُميَّة ونوفلاً وَأُميَّة بني عبد شمس فَهَؤُلَاءِ يُقَال لَهُم العبلات وَلَهُم جَمِيعًا عقبٌ أما بَنو أُميَّة الْأَصْغَر فهم بالحجاز وَأما بَنو نَوْفَل فهم بِالشَّام كثير وَعبد الْعُزَّى بن عبد شمس كَانَ يُقَال لَهُ أَسد الْبَطْحَاء وَإِنَّمَا أدخلهم النَّاس فِي العبلات لما صَار الْأَمر لبني أُميَّة الْأَكْبَر وسادوا وَعظم شَأْنهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام فَجعل سَائِر بني عبد شمسٍ من لَا يعلم طبقَة وَاحِدَة فسموهم أُميَّة الصُّغْرَى ثمَّ قيل لَهُم العبلات لشهرة الِاسْم وَعلي بن عدي جد هَذَا الشَّاعِر شهد الْجمل مَعَ عَائِشَة وَله يَقُول شَاعِر بني ضبة من الرجز
(يَا رب اكبب بعلي جَمَلَهْ ... وَلَا تبَارك فِي بعيرٍ حمله)
(إِلَّا عَليّ بن عدي لَيْسَ لَهُ)
وَأما العبلي هَذَا عبد الله بن عمر فَكَانَ فِي أَيَّام بني أُميَّة يمِيل إِلَى بني هَاشم ويذم بني أُميَّة وَلم يكن لَهُم إِلَيْهِ صنعٌ جميلٌ فَسلم بذلك إِلَى أَيَّام بني الْعَبَّاس ثمَّ خرج على الْمَنْصُور فِي أَيَّامه مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله ابْن الْحسن وَكَانَ العبلي يكره فِي أَيَّام بني أُميَّة مَا يَبْدُو(17/199)
مِنْهُم فِي حق عَليّ وَيظْهر إِنْكَار لذَلِك فَشهد عَلَيْهِ قومٌ من بني أُميَّة بذلك بِمَكَّة ونهوه عَنهُ فانتقل إِلَى الْمَدِينَة وَقَالَ من الْخَفِيف
(شردوني عَن امتداحي عليا ... وَرَأَوا ذَاك فِي دَاء دويا)
(فوربي لَا أَبْرَح الدَّهْر حَتَّى ... تختلى مهجتي أحب عليا)
(وبنيه أحب أَحْمد إِنِّي ... كنت أَحْبَبْتهم لحبي النبيا)
(حب دين لَا حب دنيا وَشر ال ... حب حبٌّ يكون دنياويا)
)
(صاغني الله فِي الذؤابة مِنْهُم ... لَا زنيماً وَلَا سنيداً دعيا)
(عدوياً خَالِي صَرِيحًا وجدي ... عبد شمسٍ وهَاشِم أبويا)
(فسواءٌ عليّ لستُ أُبَالِي ... عبشمياً دعيتُ أم هاشميا)
وَفد العبلي إِلَى هِشَام بن عبد الْملك وَقد أمتدحه بقصيدته الدالية وَهِي مَذْكُورَة فِي الأغاني الَّتِي يَقُول فِيهَا من الْخَفِيف
(عبد شمسٍ أَبوك وَهُوَ أَبونَا ... لَا نناديك من مَكَان بعيد)
(والقرابات بَيْننَا وأشجاتٌ ... محكمات القوى بعقدٍ شَدِيد)
فانشده إِيَّاهَا وَأقَام بِبَابِهِ مُدَّة حَتَّى حضر بَابه وُفُود قريشٍ فَدخل فيهم وَأمر لَهُم بمالٍ فضل فِيهِ بني مَخْزُوم أَخْوَاله وَأعْطى العبلي عَطِيَّة لم يرضها فَانْصَرف وَقَالَ من الْخَفِيف
(خس حظي أَن كنت من عبد شمسٍ ... لَيْتَني كنت من بني مَخْزُوم)
(فأفوز الْغَدَاة فيهم بسهمٍ ... وأبيع الْأَب الْكَرِيم بلوم)
وَلما فر العبلي من الْمَنْصُور قصد عبد الله وَالْحسن ابْني الْحسن بسويقة فاستنشده عبد الله شَيْئا من شعره فأنشده فَقَالَ أُرِيد شَيْئا مِمَّا رثيت بِهِ قَوْمك فأنشده قصيدةً سينيةً مَذْكُورَة فِي الأغاني مِنْهَا من المتقارب
(أُولَئِكَ قومٌ أذعت بهم ... نَوَائِب من زمنٍ متعسِ)
(أذلت قيادي لمن رامني ... وألصقت الرغم بالمعطسِ)
(فَمَا أنس لَا أنس قتلاهم ... والا عَاشَ بعدهمْ من نسي)
فَبكى مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن فَقَالَ لَهُ عَمه الْحسن بن حسن ابْن عَليّ اتبكي على بني أُميَّة وَأَنت تُرِيدُ ببني الْعَبَّاس مَا تُرِيدُ فَقَالَ وَالله يَا عَم لقد كُنَّا نقمنا على بني أُميَّة مَا نقمنا فَمَا بَنو الْعَبَّاس أخوف الله مِنْهُم وَإِن الْحجَّة على بني الْعَبَّاس لأوجب مِنْهَا عَلَيْهِم(17/200)
وَلَقَد كَانَ للْقَوْم أَحْلَام وَمَكَارِم وفواضل لَيست لأبي جَعْفَر فَوَثَبَ حسنٌ وَقَالَ أعوذ بِاللَّه من شرك مشكدانه عبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن أبان الْكُوفِي أَبُو عبد الرحمان مشكدانه بِضَم الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْكَاف وَالدَّال الْمُهْملَة وَبعد الْألف نون وهاء وَهُوَ بِلِسَان الخرسانيين وعَاء الْمسك روى عَنهُ مسلمٌ وَأَبُو دَاوُد أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ وَغَيره وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق)
توفّي سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أهل الْكُوفَة من موَالِي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَسمع عبد الله بن الْمُبَارك وَأَبا الْأَحْوَص سَلام ابْن سليم وعبثر بن الْقَاسِم وَعلي بن عَبَّاس وَعبيدَة بن الْأسود وَمُحَمّد ابْن الْحَارِث وَغَيرهم
الدبوسي الْحَنَفِيّ عبد الله بن عمر بن عِيسَى أَبُو زيد الدبوسي بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا السِّين مُهْملَة الْفَقِيه الْحَنَفِيّ كَانَ مِمَّن يضْرب بِهِ الْمثل فِي النّظر واستخرج الْحجَج وَهُوَ أول من وضع علم الْخلاف وأبرزه إِلَى الْوُجُود صنف كتاب الْأَسْرَار وتقويم الْأَدِلَّة وَالْأَمر الْأَقْصَى وناظر بعض الْفُقَهَاء فَكَانَ كلما ألزمهُ أَبُو زيد إلزاماً تَبَسم أَو ضحك فانشد أَبُو زيد من السَّرِيع
(مَا لي إِذا ألزمته حجَّة ... قابلني بالضحك والتبسمه)
(إِن كَانَ ضحك الْمَرْء من فقهه ... فالدب فِي الصَّحرَاء مَا أفهمهُ)
وَتُوفِّي الدبوسي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
سيف الدّين الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن عمر بن أبي بكر سيف الدّين أَبُو الْقَاسِم الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام ولد بقاسيون سنة تسعٍ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
ورحل إِلَى بَغْدَاد وَسمع بهَا الْكثير وتفقه واشتغل بالفقه(17/201)
وَالْخلاف والفرائض والنحو وَصَارَ إِمَامًا عَالما ذكياً فطناً فصيح الْإِيرَاد قَالَ بعض الْفُقَهَاء مَا اعْترض السَّيْف على مستدل إِلَّا ثلم دَلِيله وَكَانَ يتَكَلَّم فِي الْمَسْأَلَة غير مستعجل بكلامٍ فصيحٍ من غير توقفٍ وَلَا تتعتع وَكَانَ حسن الخلْق والخلُق وَأنكر مُنْكرا بِبَغْدَاد فَضَربهُ الَّذِي أنكر عَلَيْهِ كسر ثنيته ثمَّ مكن مِنْهُ فَلم يقْتَصّ وَحفظ الْإِيضَاح للفارسي وَقَرَأَ على أبي الْبَقَاء العكبري واشتغل بالعروض وصنف فِيهِ ورثاه سُلَيْمَان بن النجيب بقوله من الطَّوِيل
(على مثل عبد الله يفترض الْحزن ... وتسفح آماقٌ وَلم يغتمض جفن)
(عَلَيْهِ بَكَى الدّين الحنيفي والتقي ... كَمَا قد بكاه الْفِقْه والذهن وَالْحسن)
(ثوى لثواه كل فضلٍ وسؤددٍ ... وعلمٍ جزيلٍ لَيْسَ تحمله الْبدن)
ورثاه جِبْرِيل المصعبي بقوله من الْبَسِيط)
(صبري لفقدك عبد الله مَفْقُود ... ووجدك قلبِي عَلَيْك الدَّهْر مَوْجُود)
(عدمت صبري لما قيل إِنَّك فِي ... قبرٍ بحران سيف الدّين مَفْقُود)
(نبكي عَلَيْك شجوناً بالدماء كَمَا ... تبْكي التَّعَالِيق حزنا والأسانيد)
ابْن الصفار أَبُو سعد عبد الله بن عمر بن أَحْمد بن مَنْصُور بن الإِمَام مُحَمَّد بن الْقَاسِم ابْن حبيب الْعَلامَة أَبُو سعد ابْن الصفار النَّيْسَابُورِي كَانَ إِمَامًا عَالما بالأصول فَقِيها ثِقَة من بَيت الْعلم توفّي سنة سِتّمائَة وَولد سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة وَسمع جده لأمه الْأُسْتَاذ أَبَا نصر ابْن الْقشيرِي وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ والفراوي وزاهر الشحامي وَعبد الغافر بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي وَعبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد الخواري وَغَيرهم وَحدث بِصَحِيح مُسلم عَن الفراوي وبالسنن والْآثَار للبهيقي بِسَمَاعِهِ من الخواري وبالسنن لأبي دَاوُد وروى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ الشَّيْخ شمس الدّين عبد الرحمان وفخر الدّين عَليّ ابْن البُخَارِيّ
ابْن اللَّتي عبد الله بن عمر بن عَليّ بن عمر بن زيد الشَّيْخ أَبُو المنجى ابْن(17/202)
اللتي بلامين آخرهما وبدها تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف مُشَدّدَة الْبَغْدَادِيّ الحريمي الطاهري الْقَزاز روى الْكثير بِبَغْدَاد وحلب ودمشق والكرك وَعلا سَنَده واشتهر اسْمه وَتفرد فِي الدُّنْيَا وَطَلَبه النَّاصِر دَاوُد إِلَى الكرك وسَمعه أَوْلَاده قَالَ ابْن نقطة سَمَاعه صَحِيح وَله أخٌ قد زوّر لعبد الله إجازاتٍ من ابْن نَاصِر وَغَيره وَإِلَى الْآن مَا عَلمته روى بهَا شَيْئا وَهِي بَاطِلَة وَأما الشَّيْخ فصالحٌ لَا يدْرِي هَذَا الشَّأْن الْبَتَّةَ وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي الْعشْرين من ذِي الْقعدَة من سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَسمع بإفادة عَمه أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ من أبي الْقَاسِم سعيد بن أَحْمد بن السحن بن الْبَنَّا وَأبي الْوَقْت عبد الأول السجْزِي وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي عَليّ الْحسن بن جَعْفَر بن عبد الصَّمد بن المتَوَكل على الله وَأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الطَّائِي وَأبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اللحاس وَغَيرهم
ابْن الظريف الشَّافِعِي عبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عليّ مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن الْحسن بن سهل بن عبد)
الله أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الْفَتْح ابْن أبي بكر الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الظريف البخلي وَالِد أبي الْحَيَاة مُحَمَّد بن عبد الله الْوَاعِظ قدم بَغْدَاد حَاجا فِي سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة وحدَّث بهَا عَن أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ الإسلامي وَولي التدريس بنظامية بَلخ وَقبل ذَلِك بِمَسْجِد راعوم
الْمُزنِيّ البدوي عبد الله بن عمر ابْن أبي صبح الْمُزنِيّ أَعْرَابِي بدوي نزل بَغْدَاد وَبهَا مَاتَ كَانَ شَاعِرًا فصيحاً أَخذ عَنهُ الْعلمَاء ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي الفهرست وَمن شعره
الْمُوفق الوَرَن عبد الله بن عمر بن نصر الله الأديب الْفَاضِل الْحَكِيم(17/203)
موفق الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمَعْرُوف بالورن كَانَ قَادِرًا على النّظم وَله مشاركةٌ فِي الطِّبّ والوعظ وَالْفِقْه حُلْو النادرة لَا تمل مُجَالَسَته أَقَامَ ببعلبك مُدَّة وَخمْس مَقْصُورَة ابْن دُرَيْد مرثيةً فِي الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ
وَمن شعره من الْخَفِيف
(أَنا اهوى حُلْو الشَّمَائِل ألمى ... مشْهد الْحسن جَامع الْأَهْوَاء)
(آيَة النَّمْل قد بَدَت فَوق خدي ... هـ فهيموا يَا معشر الشُّعَرَاء)
وَمِنْه مَا كتبه إِلَى بعض الْكتاب من الوافر
(أيا ابْن السَّابِقين إِلَى الْمَعَالِي ... وَمن فِي مدحه قالي وقيلي)
(لقد وصل انقطاعي مِنْك وعدٌ ... فَمن قطع الطَّرِيق على الْوُصُول)
وَمِنْه من الْكَامِل
(من لي بأسمر جفونه ... بيضٌ وحمرٌ للمنايا تنتضى)
(كَيفَ التَّخَلُّص من لواحظه الَّتِي ... بسهامها فِي الْقلب قد نفذ القضا)
(أم كَيفَ أجحد صبوةً عذريةً ... ثبتَتْ بِشَاهِد قده الْعدْل الرضى)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(تجور بجفنٍ ثمَّ تَشْكُو انكساره ... فوا عجبا تعدو عَليّ وتستعدي)
(أحمل أنفاس الْقبُول سلامها ... وحسبي قبولاً حِين تسعف بِالرَّدِّ)
)
(تثنت فَمَال الْغُصْن شوقاً مُقبلا ... من الترب مَا جرت بِهِ فَاضل الْبرد)
وَمِنْه من الْكَامِل
(يَا سعد إِن لاحت هضاب المنحنى ... وبدت أثيلاتٌ هُنَاكَ تبين)
(عرج على الْوَادي فَإِن ظباءه ... لِلْحسنِ فِي حركاتهن سُكُون)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لله أيامنا والشمل منتظمٌ ... نظماً بِهِ خاطر التَّفْرِيق مَا شعرًا)
(والهف نَفسِي على عَيْش ظَفرت بِهِ ... قطعت مَجْمُوعَة الْمُخْتَار مُخْتَصرا)(17/204)
وَمِنْه من السَّرِيع
(أرى غديراً الرَّوْض يهوى الصِّبَا ... وَقدر أَبَت مِنْهُ سكوناً يَدُوم)
(فُؤَاده مرتجفٌ للنوى ... طرفه مختلجٌ للقدوم)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ولع النسيم ببانهم فلأجل ذَا ... قد جَاءَ وَهُوَ معطرٌ من تربه)
(وأظن لم يمس خفاق الحشا ... متولهاً إِلَّا بساكن شعبه)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(حَار فِي لطفه النسيم فأضحى ... رائحاً اشتياقاً وغادي)
(مذ رأى الظبي مِنْهُ طرفا وجيداً ... هام وجدا عَلَيْهِ فِي كل وَاد)
وَكَانَ بالبقاع قاضٍ يلقب شهَاب الدّين وَله ولدٌ مليحٌ اسْمه مُوسَى فَأَتَاهُ فقيهٌ مَشْهُور باللواط وَكَانَ قد أظل شهر رَمَضَان فأنزله القَاضِي عِنْد ابْنه فَكتب إِلَيْهِ الْمُوفق الْمَذْكُور من السَّرِيع
(قل لشهاب الدّين يَا حَاكما ... فِي شَرعه الْحبّ على الْجَار جَار)
(آويت فِي ذَا الشَّهْر ضيفاً يرى ... أَن دَبِيب اللَّيْل مثل النَّهَار)
(وَهُوَ فقيهٌ أشعري الخُصى ... يعلم الصّبيان بَاب الظِّهَار)
(إياك إِن لاحت لَهُ غفلةٌ ... لف كبار الْبَيْت بعد الصغار)
وَكَانَ بالبقاع أَيْضا والٍ من أهل الْأَدَب يعرف بعلاء الدّين عَليّ بن درباسٍ بنظم الشّعْر ويتوالى وَكَانَ الْوَزير بِدِمَشْق إِذْ ذَاك بدر الدّين جَعْفَر ابْن الْآمِدِيّ وَكَانَ يتوالى فاتفق أَنه ولى عِنْده كَاتبا مِمَّن سلم من التسمير فِي نوبَة ديوَان المطابخ لأَنهم كَانُوا قد سرقوا قنداً كثيرا)
بِدِمَشْق فَبلغ ذَلِك الْملك الظَّاهِر بيبرس فَأمر بهم فسمروا وطيف بهم على الْجمال إِلَّا هَذَا الْكَاتِب فَإِنَّهُ شفع فِيهِ فَأطلق بعد أَن قدم إِلَى الْجمل ليسمر فَلَمَّا استخدمه ابْن الْآمِدِيّ بالبقاع ضيق على ابْن درباسٍ فَأَقَامَ يعْمل قريحته فِيمَا يَكْتُبهُ إِلَى ابْن الْآمِدِيّ فَلم يَأْتِ بشيءٍ فَسَأَلَ الْمُوفق الْمَذْكُور فِي ذَلِك فنظم من الْبَسِيط
(شكية يَا وَزِير الْعَصْر أرفعها ... مَا كَانَ يأمل هَذَا من ولاك عَليّ)
(لم يبْق فِي الأَرْض مختارٌ فتبعثه ... إِلَّا فَتى من بقايا وقْعَة الْجمل)
فَضَحِك ابْن الْآمِدِيّ وَقَالَ قَالَ وَالله الْحق ثمَّ عزل الْكَاتِب وَلم يستخدمه بعْدهَا أبدا(17/205)
نصير الدّين القاروقي الشَّافِعِي عبد الله بن عمر بن أبي الرِّضَا الْفَارِسِي الفاروقي الْعَلامَة سيف النّظر نصير الدّين أَبُو بكر الشَّافِعِي مدرس المستنصرية من كبار الشَّافِعِيَّة قدم دمشق وَتكلم وَبَانَتْ فضائله وَمَات بِبَغْدَاد سنة ستٍ وَسَبْعمائة
الْبَيْضَاوِيّ عبد الله بن عمر الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق المدفق نَاصِر الدّين الشِّيرَازِيّ الْبَيْضَاوِيّ صَاحب التصانيف البديعة الْمَشْهُورَة مِنْهَا كتاب الْغَايَة القصوى فِي دارية الْفَتْوَى وَشرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي الْأُصُول وَكتاب الْمِنْهَاج فِي أصُول الْفِقْه وَشَرحه أَيْضا وَشرح الْمُنْتَخب فِي الْأُصُول للْإِمَام فَخر الدّين وَكتاب الْإِيضَاح فِي أصُول الدّين وَشرح الكافية فِي النَّحْو وَشرح الْمطَالع فِي الْمنطق قَالَ لي الْحَافِظ نجم الدّين سعيد الدهلي الْحَنْبَلِيّ الحريري توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمسٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بتبريز وَدفن بهَا
3 - (عبد الله بن عَمْرو)
ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ من نجباء الصَّحَابَة وعلمائهم كتب الْكثير عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَن أَبِيه وَاخْتلف فِي كنيته فَقيل أَبُو عبد الرحمان وَقيل أَبُو نصير وَهِي غَرِيبَة وَالْأَشْهر أَبُو مُحَمَّد أمه ريطة بنت مُنَبّه بن الْحجَّاج السهمية وَلم يعله أَبوهُ فِي السن إِلَّا باثنتي عشرَة سنة وَأسلم قبل أَبِيه وَكَانَ فَاضلا حَافِظًا عَالما قَرَأَ الْكتب وَاسْتَأْذَنَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كتب الحَدِيث فَأذن لَهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله(17/206)
أكتب كل مَا سمع مِنْك الرضى وَالْغَضَب قَالَ نعم فَإِنِّي لَا أَقُول إِلَّا حَقًا وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة مَا كَانَ أحفظ مني لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ عبد الله بن عَمْرو فَإِنَّهُ كَانَ يعي بِقَلْبِه وأعي بقلبي وَكَانَ يكْتب وَأَنا لَا أكتب وَقَالَ عبد الله حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألف مثل وَكَانَ يسْرد الصَّوْم وَلَا ينَام اللَّيْل وشكاه أَبوهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لعينيك عَلَيْك حَقًا وَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزوجك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزورك عَلَيْك حَقًا قُم ونم وصم وَأفْطر صم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَذَلِك صِيَام الدَّهْر فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك فَلم يزل يُرَاجِعهُ فِي الصّيام حَتَّى قَالَ لَهُ لَا صَوْم أفضل من صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا فَوقف عبد الله عِنْد ذَلِك وَتَمَادَى ونازل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ختم الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ إختمه فِي كل شهر فَقَالَ إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك فَلم يزل يُرَاجِعهُ حَتَّى قَالَ لَا تَقْرَأهُ فِي أقل مَعَ سبعٍ قيل أقل من خمس وَالْأَكْثَر على سبع فَوقف عِنْد ذَلِك وَاعْتذر رَضِي الله عَنهُ من شُهُود صفّين وَأقسم أَنه لم يرم فِيهَا بسهمٍ وَلَا رمحٍ وَأَنه إِنَّمَا شهد ذَلِك لعزمة أَبِيه عَلَيْهِ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ أطع أَبَاك وَكَانَ يَقُول مَالِي ولصفين مَالِي ولقتال الْمُسلمين وَالله لَوَدِدْت أَنِّي مت قبل هَذَا بِعشر سِنِين وَكَانَ يَقُول أسْتَغْفر الله عز وَجل من ذَلِك وَأَتُوب إِلَيْهِ إِلَّا أَنه كَانَت الرَّايَة بِيَدِهِ يومئذٍ وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل ثَلَاث وَسبعين وَقيل خمس وَسِتِّينَ وَقيل سبع وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن اثْنَيْنِ وَسبعين سنة بِمصْر وَقيل بِأَرْض فلسطين وَقيل بِمَكَّة وَقيل بِالطَّائِف
ابْن السَّعْدِيّ)
عبد الله بن عَمْرو السَّعْدِيّ العامري لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة نزل(17/207)
الْأُرْدُن وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
أَبُو معمر التَّمِيمِي عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحَاج ميسرَة أَبُو معمر التَّمِيمِي الْمنْقري مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ المقعد
روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَاقُونَ بِوَاسِطَة والذهلي وَأَبُو زرْعَة وَعُثْمَان بن خرزاد
وَكَانَ رِوَايَة عبد الْوَارِث وَلَيْسَ لَهُ فِي الْكتب السِّتَّة شَيْء عَن غَيره قَالَ ابْن معِين ثِقَة ثبتٌ وَكَانَ يَقُول بِالْقدرِ وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ أَمِير الْبَصْرَة الثَّقَفِيّ عبد الله بن عَمْرو بن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ ولاه مُعَاوِيَة إمرة الْبَصْرَة وروى عَن ابْن مسعودٍ وَكَعب الْأَحْبَار وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة
سبط ابْن عمر عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان سبط ابْن عمر مدنِي كَانَ يُقَال لَهُ الْمطرف من ملاحته وَحسنه وَهُوَ وَالِد مُحَمَّد الديباج روى عَن ابْن عَبَّاس وَرَافِع بن بن خديج وَالْحُسَيْن بن عَليّ
وَتُوفِّي بِمصْر سنة ستٍّ وَتِسْعين وروى لَهُ مسلمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
العرجي الْأمَوِي عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان وَقيل عبد الله بن(17/208)
عمر على وزن زفر مَمْنُوعًا من الصّرْف هُوَ العرجي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وبهدها جِيم كَانَ يسكن عرج الطَّائِف وَهُوَ من شعراء قُرَيْش الْمَشْهُورين بالغزل نحا نَحْو عمر بن أبي ربيعَة وأجاد وَكَانَ مشغوفاً باللهو وَالصَّيْد وَكَانَ ذَا مروءةٍ وَلم تكن لَهُ نباهةٌ فِي أَهله كَانَ يتَعَرَّض لأم الأوقص وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرحمان المَخْزُومِي فَمر يَوْمًا بِبَطن النقيع فَنظر إِلَيْهَا وَكَانَت مَتى رَأَتْهُ رمت بِنَفسِهَا إِلَى الأَرْض وتسترت مِنْهُ وَهِي امرأةٌ من بني تَمِيم فَبَصر بهَا فِي نسوةٍ جالسة يتحدثن فَأحب أَن يَتَأَمَّلهَا من قرب فلقي أَعْرَابِيًا من بني نصر وَمَعَهُ وطبا لبن فَدفع إِلَيْهِ دَابَّته وثيابه وَأخذ قعوده ولبنه وَلبس ثِيَابه وَأَقْبل على النسْوَة فصحن بِهِ يَا أَعْرَابِي أَمَعَك لبنٌ قَالَ نعم وَمَال إلَيْهِنَّ وَجلسَ يتَأَمَّل أم الأوقص وتواثب من مَعهَا إِلَى الوطبين وَجلسَ العرجي يلحظها وَينظر أَحْيَانًا إِلَى الأَرْض فَقَالَت امرأةٌ مِنْهُنَّ أَي شَيْء تطلب فِي)
الأَرْض يَا أَعْرَابِي قَالَ قلبِي فَلَمَّا سمعته التميمية نظرت إِلَيْهِ وَكَانَ أشقر أَزْرَق جميل الْوَجْه فَقَالَت العرجي بن عَمْرو وَرب الْكَعْبَة وسترها نساؤها وقلن لَا حَاجَة لنا فِي لبنك فَمضى منصرفاً وَقَالَ من الوافر
(أَقُول لصاحبي وَمثل مَا بِي ... شكاة الْمَرْء ذِي الوجد الْأَلِيم)
(إِلَى الْأَخَوَيْنِ مثلهمَا إِذا مَا ... تأوبه مؤرقة الهموم)
(لحيني وَالْبَلَاء لقِيت ظهرا ... بِأَعْلَى النَّقْع أُخْت بني تَمِيم)
(فَلَمَّا أَن رَأَتْ عَيْنَايَ مِنْهَا ... أسيل الخد فِي خلقٍ عميم)
(وعيني جؤذرٍ خرقٍ وثغراً ... كلون الأقحوان وجيد ريم)
(حنا أترابها دوني عَلَيْهَا ... حنو العائدات إِلَى السقيم)
وَمن شعره من الوافر
(أضاعوني وأيّ فَتى أضاعوا ... ليَوْم كريهةٍ وسدادِ ثغر)
(فصبراً عِنْد معترك المنايا ... وَقد شرعت أسنتها بنحري)
(أجرر فِي الْجَوَامِع كَا يومٍ ... فيا الله مظلمتي وصبري)
(كَأَنِّي لم أكن فيهم وَسِيطًا ... وَلم تَكُ نسبتي فِي آل عَمْرو)
وَهَذِه الأبيات قَالَهَا وَهُوَ فِي الْحَبْس لِأَنَّهُ كَانَ قد لاحى مولى لِأَبِيهِ فأمضه العرجي فَأَجَابَهُ الْمولى بِمثل مَا قَالَه فأمهله حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل أَتَاهُ مَعَ جماعةٍ من موَالِيه وعبيده فهجم عَلَيْهِ فِي منزله وأوثقه كتافاً ثمَّ أَمر عبيده أَن ينكحوا زَوجته بَين يَدَيْهِ ثمَّ قتلته وَأحرقهُ بالنَّار
فاستعدت الْمَرْأَة على العرجي إِلَى مُحَمَّد بن هِشَام وَكَانَ والياً على مَكَّة فِي خلَافَة هِشَام(17/209)
وَكَانَ العرجي قد هجاه قبل ذَلِك هجواً كثير لما ولاه هِشَام الْحَج وتشبب بِأُمِّهِ وَامْرَأَته فأمض ذَلِك مُحَمَّدًا وَلم يزل يطْلب عثراته حَتَّى وجدهَا فَلَمَّا وجد هَذِه الْحجَّة عَلَيْهِ أَخذه وَأخذ مَعَه الْحصين الْحِمْيَرِي وجلدهما وصب على رؤوسهما الزَّيْت وأقامها فِي الحناطين بِمَكَّة فَقَالَ العرجي أبياتاً مِنْهَا من الوافر
(وَكم من عاكبٍ حوراء بكرٍ ... أُلُوف السّتْر وَاضِحَة التراقي)
(بَكت جزعاً وَقد سمرت كبولي ... وجامعةٌ يشد بهَا خناقي)
ثمَّ حَبسه بعد الْجلد وَأقسم لَا يخرج من حَبسه مَا دَامَ لَهُ سلطانٌ فَمَكثَ فِي حَسبه تسع سِنِين)
حَتَّى مَاتَ فِيهِ وَلما ولي الْخلَافَة الْوَلِيد بن يزِيد قبض على مُحَمَّد بن هِشَام وأخيه إِبْرَاهِيم وأشخصهما إِلَى الشَّام ودعا بالسياط فَقَالَ مُحَمَّد أَسأَلك بِالْقَرَابَةِ فَقَالَ الْوَلِيد وَأي قرابةٍ بيني وَبَيْنك هَل أَنْت إِلَّا من أَشْجَع فَقَالَ فأسألك بصهر عبد الْملك قَالَ لَهُ لم تحفظه قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يضْرب قرشيٌّ بالسياط إِلَّا فِي حد
قَالَ فَفِي حدٍّ أضربك وقودٍ أَنْت أول من سنّ ذَلِك على العرجي وَهُوَ ابْن عمي وَابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَمَا رعيت حق جده وَلَا نسبه بِهِشَام وَأَنا ولي ثَأْره إضراب يَا غُلَام فضربهما ضربا مبرحاً وأثقلا بالحديد ووجها إِلَى يُوسُف بن عمر بِالْكُوفَةِ وَأمره باستصفائهما وتعذيبهما حَتَّى يتلفا فعذبهما عذَابا شَدِيدا وَأخذ مِنْهُمَا مَالا عَظِيما وَمَاتَا تَحت الْعَذَاب وَكَانَ من الفرسان الْمَعْدُودين مَعَ مسلمة بن عبد الْملك بِأَرْض الرّوم وَكَانَ قد اتخذ غلامين فَإِذا كَانَ اللَّيْل نصب قدوره وَقَامَ الغلامان يوقدان النَّار فَإِذا نَام واحدٌ قَامَ الآخر فَلَا يزَالَانِ كَذَلِك حَتَّى يصبحا يَقُول لَعَلَّ طَارِقًا يطْرق وَكَانَ غازياً فَأصَاب النَّاس مجاعةٌ فَقَالَ للتجار أعْطوا النَّاس وَعلي مَا تعطون فَلم يزل يعطيهم وَيطْعم النَّاس حَتَّى أخصبوا فَبلغ عشْرين ألف دِينَار فألزمها العرجي نَفسه وَبلغ الْخَبَر عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ بَيت المَال أَحَق بِهَذَا فَقضى التُّجَّار من بَيت المَال وَمن شعره من الْكَامِل
(باتا بأنعم ليلةٍ حَتَّى إِذا ... صبحٌ تلوح كالأغر الْأَشْقَر)
(فتلازما عِنْد الْفِرَاق صبَابَة ... أَخذ الْغَرِيم بِفضل الْمُعسر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أماطت كسَاء الْخَزّ عَن حر وَجههَا ... وأدنت على الْخَدين بردا مهلهلا)
(من اللاء لم يحججن يبغين حسبَة ... وَلَكِن ليقْتلن البريء المغفلا)(17/210)
3 - (عبد الله بن عمرَان)
العابد الْمَكِّيّ عبد الله بن عمرَان العابد المَخْزُومِي الْمَكِّيّ روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق
وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو الكنود الْأَزْدِيّ عبد الله بن عمرَان أَبُو الكنود الْأَزْدِيّ سمع ابْن مَسْعُود وخباب ابْن الْأَرَت وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (عبد الله بن عون)
الخراز الْبَغْدَادِيّ عبد الله بن عون ابْن أَمِير مصر الْهِلَالِي الْبَغْدَادِيّ أَبُو مُحَمَّد الأدمِيّ الخراز روى عَنهُ مسلمٌ وروى النَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَأَبُو زرْعَة وَغَيرهم وثَّقه ابْن معِين وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
الْحَافِظ الْمُزنِيّ عبد الله بن عون أرطبان أَبُو عون الْمُزنِيّ مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ الْحَافِظ أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام قَالَ خَالِد بن قُرَّة كُنَّا نعجب من ورع ابْن سِيرِين فأنساناه ابْن عون قَالَ شُعْبَة شكّ ابْن عون أحب إِلَيّ من يَقِين غَيره وروى حَمَّاد بن زيد(17/211)
عَن مُحَمَّد بن فضَالة قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَقَالَ زورزا ابْن عون فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله وَكَانَت بعض أَسْنَانه مشدودةً بِالذَّهَب وَكَانَ يُمكنهُ السماع من طائفةٍ من الصَّحَابَة وَكَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث عثمانياً
وَقيل إِن أمه نادته فعلا صَوتهَا فخاف فَأعتق رقبتين وترجمته فِي تَارِيخ دمشق عشرُون ورقة ومولده سنة ستٍ وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة
الدِّمَشْقِي الْقَارئ عبد الله بن عَوْف الْكِنَانِي الدِّمَشْقِي الْقَارئ رأى عُثْمَان وروى عَن أبي جُمُعَة الْأنْصَارِيّ وَبشير بن عقربة قَالَ بَعضهم اسْتَعْملهُ عمر بن عبد الْعَزِيز فِي شيءٍ فَتكون وَفَاته تَأَخَّرت إِلَى خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز
أَبُو زبر الدِّمَشْقِي)
عبد الله بن الْعَلَاء زبر الربعِي أَبُو زبر الدِّمَشْقِي وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ دُحَيْم ثِقَة من أَشْرَاف أهل دمشق وَثَّقَهُ عدةٌ وَقَالَ أَحْمد مقارب الحَدِيث توفّي سنة أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة
3 - (عبد الله بن عَيَّاش)
عبد الله بن عَيَّاش بن ربيعَة بن الحارت بن عبد الْمطلب توفّي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
المَخْزُومِي عبد الله بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة عَمْرو بن الْمُغيرَة بن(17/212)
عبد الله بن عمر ابْن مَخْزُوم أَبُو الْحَارِث ولد بِالْحَبَشَةِ لَهُ رؤيةٌ وَشرف وَقَرَأَ على أبي ابْن كَعْب وَكَانَ من أَقرَأ أهل الْمَدِينَة
وروى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن عمر وَغَيره وروى عَنهُ الْحَارِث بن عبد الله وَنَافِع مولى ابْن عمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
المنتوف عبد الله بن عَيَّاش المنتوف الْهَمدَانِي الْكُوفِي كنيته أَبُو الْجراح حدث عَن الشّعبِيّ وَغَيره
وروى عَنهُ الْهَيْثَم بن عدي فأوعب وَكَانَ أحد أَصْحَاب الْأَخْبَار ورواة الْأَنْسَاب والأشعار مَعَ دراية وَفهم وَكَانَ كيساً مطبوعاً صَاحب نَوَادِر كَانَ ينتف لحيته وَكَانَ أبرص توفّي سنة ثمانٍ وَخمسين وَمِائَة فِي السِّتَّة الَّتِي مَاتَ فِيهَا الْمَنْصُور أَمِير الْمُؤمنِينَ كتب إِلَيْهِ معن بن زَائِدَة من الْيمن قد بعثت إِلَيْك بِخَمْسِمِائَة دينارٍ وَمن الثِّيَاب اليمنية بِخَمْسِينَ ثوبا أَشْتَرِي بهَا دينك فَكتب إِلَيْهِ قد بِعْتُك ديني كُله إِلَّا التَّوْحِيد لعلمي بقلة رغبتك فِيهِ قَالَ ابْن عَيَّاش فَحدثت الْمَنْصُور بذلك فَمَا زَالَ يضْحك مِنْهُ ويعجب لَهُ وَكَانَ شَاعِرًا هجاء يتقى لِسَانه وَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور يَوْمًا أنظر إِلَى لحية عبد الله بن الرّبيع مَا أحْسنهَا فَحلف ابْن عَيَّاش أَنه أحسن مِنْهُ فَقَالَ ابْن الرّبيع مَا أجرأك على الله أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ ابْن عَيَّاش يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنتف لحيته وأقمني إِلَى جنبه حَتَّى ترى أَيّنَا أحسن وَكَانَ يطعن على الرّبيع فِي نسبه طَعنا قبيحاً وَيَقُول لَهُ فِيك شبهٌ من الْمَسِيح يخدعه بذلك فَكَانَ يُكرمهُ فَأخْبر الْمَنْصُور بذلك فَقَالَ إِنَّه يُرِيد أَنه لَا أَب لَك فتنكر لَهُ بعد ذَلِك وَقَالَ لَهُ رجلٌ لي إِلَيْك حاجةٌ صَغِيرَة فَقَالَ أطلب لَهَا صَغِيرا مثلهَا وَكَانَ الْمَنْصُور قد أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد بإعفاء لحيته من النتف فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُور جعل يصْرخ عَلَيْهِ وَيَقُول يَا أَمِير المؤمنيناه وينتف لحيته حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا جَمْعَاء)
وَمن شعره فِي أخي أبي عَمْرو بن الْعَلَاء من الطَّوِيل
(صبحت ابا سُفْيَان سِتِّينَ حجَّة ... خليلي صَفاءٍ وُدُّنا غيرُ كاذِبِ)
(فَأمْسَيتُ لما حالَتِ الأَرْض بَيْننَا ... على قربه مني كمن لم أصَاحب)
الْقِتْبَانِي عبد الله بن عَيَّاش الْقِتْبَانِي بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون التَّاء(17/213)
ثَالِثَة الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف نون الْمصْرِيّ إحتج بِهِ مسلمٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق لَيْسَ بالمتين وَقَالَ أَيْضا هُوَ قريب من ابْن لَهِيعَة وَضَعفه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ توفّي سنة سبعين وَمِائَة وروى لَهُ مسلمٌ وَالنَّسَائِيّ
3 - (عبد الله بن عِيسَى)
أبن أبي ليلى عبد الله بن عِيسَى بن عبد الرحمان بن أبي ليلى الْكُوفِي كَانَ أسن من عَمه القَاضِي وأزهد
وروى عَن جده وَسَعِيد بن جُبَير وَالشعْبِيّ وَعِكْرِمَة قَالَ ابْن خرَاش هُوَ أوثق ولد ابْن أبي ليلى توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة
أَبُو مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ عبد الله بن عِيسَى أَبُو مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ السَّرقسْطِي الْحَافِظ كَانَ يحفظ صَحِيح البُخَارِيّ وَسنَن أبي دَاوُد عَن ظهر قلبٍ وَله على صَحِيح مُسلم تأليفٌ حسن لم يكمله وَله اتساع بَاعَ فِي اللُّغَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
أَبُو مُحَمَّد الشلبي عبد الله بن عِيسَى بن أَحْمد بن سعيد أَبُو مُحَمَّد بن أبي بكر الأندلسي الشلبي من بَيت الْعلم والوزارة حصل من الْعلم مَا لم يحصله غَيره وَولي الْقَضَاء بالأندلس وَحج وجاور وَقدم خُرَاسَان وبغداد وطار ذكره فِي هَذِه الْبِلَاد وَتُوفِّي بهراة وَسمع وَحدث وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
ابْن بختويه الوَاسِطِيّ الطَّبِيب عبد الله بن عِيسَى بن بختويه كَانَ من أهل وَاسِط وَكَانَ طَبِيبا خَطِيبًا لَدَيْهِ معرفةٌ فِي صناعَة الطِّبّ كَلَام مطلعٍ على تصانيف(17/214)
القدماء وَله فِيهَا نظر ودراية وَكَانَ وَالِده أَيْضا طَبِيبا وَلأبي)
الْحُسَيْن عبد الله من الْكتب كتاب الْمُقدمَات وَيعرف بكنز الْأَطِبَّاء أَلفه لوَلَده وَكتاب فِي الفصد وَكتاب الْقَصْد إِلَى معرفَة الزّهْد
أَبُو مُحَمَّد الْمَالِكِي الْهَمدَانِي عبد الله بن غَالب بن تَمام بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْهَمدَانِي الْمَالِكِي الْفَقِيه عَالم أهل سبتة وصالحهم وشيخهم كَانَ إِمَامًا فتياً عَارِفًا بِالْمذهبِ بليغاً شَاعِرًا نظاراً توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (عبد الله بن غَانِم)
أَبُو مُحَمَّد بن غَانِم عبد الله بن غَانِم بن عَليّ الْقدْوَة الزَّاهِد أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الْكَبِير الْعَارِف أبي عبد الله النابلسي كَانَ شيخ الأَرْض المقدسة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة بنابلس وَبهَا ولد سنة ثَمَان وسِتمِائَة وَلَعَلَّه سمع بهَا من الْبَهَاء عبد الرحمان فَإِنَّهُ روى بهَا الْكثير فِي سنة تسع عشرَة وَقد سمع بِدِمَشْق من الْحَافِظ ضِيَاء الدّين الْمَقْدِسِي وَكَانَ شيخ وقته زاهداً وصلاحاً وشهرةً وجلالة وَحدث عَن النَّجْم بن الخباز فِي مشيخته
النَّحْوِيّ عبد الله بن فَزَارَة النَّحْوِيّ من نحاة مصر مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (عبد الله بن فروخ)
سمع أَبَا هُرَيْرَة وَعَائِشَة توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
فَقِيه القيروان عبد الله بن فروخ أَبُو مُحَمَّد الْفَارِسِي المغربي فَقِيه القيروان(17/215)
وزاهدها كَانَ قوالاً للحق لَا يهاب الْمُلُوك فِي نهيهم الظُّلم كثير التجهد والتأله قَالَ البُخَارِيّ يعرف مِنْهُ وينكر قَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه غير محفوظةٍ وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد
ابْن غزلون عبد الله بن فرج بن غزلون أَبُو مُحَمَّد الْيحصبِي الطليطلي ابْن الْعَسَّال روى الحَدِيث وَكَانَ فصيحاً مفوهاً شَاعِرًا مفلقاً توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره
الشَّاعِر الْأَسدي عبد الله بن فضَالة بن شريك بن سلمَان بن خويلد بن سَلمَة بن عَامر بن موقد النَّار يَنْتَهِي إِلَى نزار كَانَ شَاعِرًا وَسَيَأْتِي ذكره وَالِده فضَالة فِي حرف الْفَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَتَى عبد الله إِلَى عبد الله بن الزبير وافدأً فَقَالَ لَهُ بَعدت شقتي ونقبت رَاحِلَتي قَالَ أحضرها فأحضرها فَقَالَ أقبل بهَا وَأدبر فَفعل فَقَالَ ارقعها بسبتٍ واخفضها بهلبٍ وأنجد بهَا يبرد خفها وسر البردين تصح فَقَالَ ابْن فضَالة إِنِّي أَتَيْتُك مستحملاً وَلم آتِك مستوصفاً فلعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك فَقَالَ ابْن الزبير إِن وراكبها فَانْصَرف ابْن فضَالة وَقَالَ من الوافر
(أَقُول لغلمتي شدوا ركابي ... أجازو بطن مَكَّة فِي سَواد)
(فَمَالِي حِين أقطع ذَات عرقٍ ... إِلَى ابْن الكاهلية من معاد)
(سيبعد بَيْننَا نَص المطايا ... وَتَعْلِيق الأداوي والمزاد)
(وكل معبدٍ قد أعلمته ... مناسمهن طلاع النجاد)(17/216)
(أرى الْحَاجَات عِنْد أبي خبيبٍ ... نكدن وَلَا أُميَّة فِي الْبِلَاد)
(من الأعياص أَو من آل حربٍ ... أغر كغرة الْفرس الْجواد)
قلت أَبُو خبيب كنية عبد الله بن الزبير وَكَانَ يكنى أَبَا بكر وخبيبٌ أكبر أَوْلَاده وَلم يكنه بِهِ إِلَّا من ذمه فَكَأَن ذَلِك لقب لَهُ وَقَول ابْن الزبير إِن وراكبها إِن هَا هُنَا بِمَعْنى نعم كإنه إقرارٌ بِمَا قَالَه قَالَ ابْن قيس الرقيات من الْكَامِل المرفل)
(وَيَقُلْنَ شيبٌ قد علا ... ك وَقد كَبرت فَقلت إِنَّه)
الْمدنِي عبد الله بن الْمفضل با الْعَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب الْمدنِي قتل أَبوهُ يَوْم الْحرَّة وَهُوَ صبي روى عَن أنس وَعبيد الله بن أبي رَافع وَأبي سَلمَة عبد الرحمان وَنَافِع بن جُبَير والأعرج وَجَمَاعَة وَوَثَّقَهُ جمَاعَة وَهُوَ صَاحب حَدِيث الْبكر تستأمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
المغربي عبد الله بن فلاح المغربي قَالَ ابْن رَشِيق كَانَ متصدراً لِلْقُرْآنِ مَشْهُورا بذلك ذكياً لوذعياً مليح الشّعْر فَمن مشهوره قَوْله من الطَّوِيل
(محلك من قلبِي وسمعي وناظري ... حمى لم يبحه مذ نأيت مُبِيح)
(وَإِنِّي وَإِن أَبْصرت مِنْك تغيراً ... على مَا بقلبي من هوى لشحيح)
(يَقُول أناسٌ قد سلوت وإنني ... لفي حسراتٍ أغتدي وأروح)
تمكن من جسمي الضنى فأذابه فها أَنا أبلى والفؤاد صَحِيح وَمِنْه مَا كتب فِي رخامةٍ عِنْد رَأسه فِي قَبره من الطَّوِيل
(أيا من رأى قبراً تضمن رمسه ... أَخا سكرةٍ مَا إِن يفِيق إِلَى الْحَشْر)
(وَمَا سَاءَنِي الأحباب فِي برزخ البلى ... فَأَصْبَحت لَا أزداد إِلَّا على عقر)
(وَأصْبح وَجْهي بعد أَي نضارةٍ ... كَسَاه البلى ثوبا يجد مَعَ الدَّهْر)(17/217)
3 - (عبد الله بن الْقَاسِم)
مرتضي الدّين الشهرزوري عبد الله بن الْقَاسِم بن المظفر بن عَليّ أَبُو مُحَمَّد الشهرزوري المنعوت بالمرتضى وَالِد القَاضِي كَمَال الدّين كَانَ واعظاً رشقاً أديباً شَاعِرًا توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة
وَوعظ فِي بَغْدَاد مُدَّة واشتغل بالفقه والْحَدِيث وَرجع لى الْموصل وَتَوَلَّى بهَا الْقَضَاء وروى بهَا الحَدِيث وَمن شعره من الْخَفِيف
(لمعت نارهم وَقد عسعس اللي ... ل ومل الْحَادِي وحار الدَّلِيل)
(فتأملتها وفكري من البي ... ن عليلٌ ولحظ عَيْني كليل)
(وفؤادي ذَاك الْفُؤَاد الْمَعْنى ... وغرامي ذَاك الرغام الدخيل)
(ثمَّ قابلتها وَقلت لصحبي ... هَذِه النَّار نَار ليلى فيميلوا)
(فرموا نَحْوهَا لحاظاً صَحِيحا ... ت فَعَادَت خواسئاً وَهِي حول)
(ثمَّ مالوا إِلَى الملام وَقَالُوا ... خلبٌ مَا رَأَيْت أم تخييل)
(فتجنبتهم وملت إِلَيْهَا ... والهوى مركبي وشوقي الزميل)
(وَمَعِي صَاحب أَتَى يقتفي الآ ... ثار وَالْحب شَرطه التطفيل)
(وَهِي تعلو وَنحن ندنو إِلَى أَن ... حجزت دونهَا طلولٌ محول)
(فَدَنَوْنَا من الطلول فحالت ... زفراتٌ من دونهَا وغليل)
(قلت من بالديار قَالُوا جريحٌ ... وأسيرٌ مكبلٌ وقتيل)
(مَا الَّذِي جِئْت تبتغي قلت ضيفٌ ... جَاءَ يَنْبَغِي الْقرى فَأَيْنَ النُّزُول)
(فَأَشَارَتْ بالرحب دُونك فاعقر ... هَا فَمَا عندنَا لضيفٍ رحيلُ)
(من أَتَانَا ألقِي عَصا السّير عَنهُ ... قلت من لي بهَا وَكَيف السَّبِيل)
وَهِي أَكثر من هَذَا وَمن شعر ابْن الشهرزوري فِي الشمعة من مجزوء الْكَامِل
(ناديتها ودموعها ... تحكي سوابق عبرتي)
(وَالنَّار من زفراتها ... تحكي تلهب زفرتي)(17/218)
(مَاذَا التنحب والبكا ... ء فأعربت عَن قصتي)
(قَالَت فجعت بِمن هوي ... ت فمحنتي من منحتي)
)
(بالنَّار فرق بَيْننَا ... وَبهَا أفرق جملتي)
وَمِنْه فِيهَا أَيْضا من الوافر
(إِذا صال البلى وسطا عَلَيْهَا ... تَلَقَّتْهُ بذل فِي التواني)
(إِذا خضعت تقط بحس مس ... فتحيا فِي الْمقَام بِلَا تواني)
(كَأَنِّي مثلهَا فِي كل حالٍ ... أَمُوت بكم وتحييني الْأَمَانِي)
وَمِنْه من الدوبيت
(يَا قلب إلام لَا يُفِيد النصح ... دع مزحك هوى جناه المزح)
(مَا جارحةٌ فِيك خَلاهَا جرح ... مَا تشعر بالخمار حَتَّى تصحو)
وغالب شعره من هَذَا النمط من بَاب الْوَعْظ والتذكير والأشعار الربانية
أَبُو مُحَمَّد اللَّخْمِيّ عبد الله بن قَاسم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف أَبُو مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الْحَافِظ الأندلسي الحريري
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وعني بِالْحَدِيثِ أتم عناية وصنف كتاب حديقة الْأَنْوَار فِي معرفَة الْأَنْسَاب والمنهج الرضي فِي الْجمع بَين كتابي ابْن بشكوال وَابْن الفرضي وَكَانَ مَعَ حفظه شَاعِرًا مليح الْخط وَمن شعره
أَبُو الْقَاسِم الْبَصْرِيّ عبد الله بن قَاسم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الحريري أَبُو الْقَاسِم الْبَصْرِيّ ابْن صَاحب المقامات سكن بَغْدَاد لَهُ حظٌ وافرٌ من الْأَدَب واللغة مولده سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي
روى المقامات ودرة الغواص وملحة الْإِعْرَاب عَن وَالِده وَكتب المقامات بِخَطِّهِ رَأَيْتهَا بِخَطِّهِ غير وَاحِدَة
3 - (عبد الله بن أبي قَتَادَة)
روى عَن أَبِيه فَارس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتُوفِّي فِي حُدُود(17/219)
الْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس بن حضار هُوَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْيَمَانِيّ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم عَلَيْهِ مُسلما مَعَ أَصْحَاب السفينتين من الْحَبَشَة اسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على زبيد وعدن وَولي الْكُوفَة وَالْبَصْرَة لعمر وَحفظ الْكثير عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ من أجلاء الصَّحَابَة توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين على الصَّحِيح
الْحِمصِي عبد الله بن أبي قيس مولى عَطِيَّة شَامي من حمص روى عَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر وَعَائِشَة وَابْن الزبير توفّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة
3 - (عبد الله بن كثير)
أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة عبد الله بن كثير أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة أَبُو معبدٍ مولى عَمْرو بن عَلْقَمَة الْكِنَانِي أَصله فَارسي وَيُقَال لَهُ الدَّارِيّ الْعَطَّار نِسْبَة إِلَى دارين وَقَالَ البُخَارِيّ هُوَ قرشي من بني عبد الدَّار وَقَالَ أَبُو بكر بن دَاوُد الدَّار بطنٌ من لخمٍ مِنْهُم تَمِيم الدَّارِيّ وَعَن الْأَصْمَعِي الَّذِي لَا يبرح فِي دَاره وَلَا يطْلب معاشاً قَرَأَ الْقُرْآن على مُجَاهِد باتفاف وَورد أَنه قَرَأَ على عبد الله بن السَّائِب المَخْزُومِي صَاحب أبي بن كَعْب وَقد(17/220)
حدث عَن ابْن الزبير وَعبد الله الرحمان بن مطعم وَأبي الْمنْهَال وَعِكْرِمَة وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَة وراوياه قنبل مُحَمَّد بن عبد الرحمان وَالْآخر البزي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله وَاخْتلف الْعلمَاء فِي قِرَاءَة ابْن كثير فَقيل إِنَّهَا موقوفةٌ عَلَيْهِ لم تتجاوزه إِلَى أحد وَقيل مَوْقُوفَة على مُجَاهِد بن جبر لم يتجاوزها أحدا فَوْقه وَقيل مَوْقُوفَة على ابْن عَبَّاس لم تتجاوزه وَقيل مَوْقُوفَة على أبي ابْن كَعْب وَقيل قَرَأَ على درباس عَن ابْن عَبَّاس وَأهل مَكَّة يَقُولُونَ درباس مخففاً وَأهل الحَدِيث يَقُولُونَ درباس مشدداً وَقيل قَرَأَ على درباس عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَعِيسَى بن عمر والخليل بن أَحْمد وَحَمَّاد ابْن سَلمَة)
وَحَمَّاد بن زيد اليصري
الدِّمَشْقِي الطَّوِيل الْمُقْرِئ عبد الله بن كثير الدِّمَشْقِي أحد الْقُرَّاء إِمَام جَامع دمشق روى عَن الْأَوْزَاعِيّ وَعبد الرحمان بن يزِيد بن جَابر وشبيان النَّحْوِيّ وَعنهُ هِشَام بن عمار وَسليمَان بن عبد الرحمان ومحمود بن خَالِد وَغَيرهم قَرَأَ فِي الصَّلَاة وَإِذ قَالَ إبراهام فَبعث إِلَيْهِ نصر بن حَمْزَة فخفقه بِالدرةِ ونحاه عَن الصَّلَاة قَالَ أَبُو زرْعَة لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي سنة ستٍ وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (عبد الله بن كَعْب)
الْمرَادِي عبد الله بن كَعْب المرداي قتل يَوْم صفّين مَعَ عَليّ بن أبي طَالب يُقَال لَهُ صُحْبَة وَكَانَت وَفَاته سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
الْأنْصَارِيّ عبد الله بن كَعْب بن مَالك السّلمِيّ الْأنْصَارِيّ قَائِد أَبِيه من بَين بنيه حِين عمي سمع أَبَاهُ وَعُثْمَان وَأَبا لبَابَة وَعبد الله بن أنيس وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَسوى ابْن ماجة(17/221)
الْمَازِني عبد الله بن كَعْب الْأنْصَارِيّ البدري أَخُو أبي ليلى الْمَازِني توفّي سنة ثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (عبد الله بن كيسَان)
التَّيْمِيّ الْمدنِي عبد الله بن كيسَان التَّيْمِيّ الْمدنِي مولى أَسمَاء بنت أبي بكر روى عَن أَسمَاء وَابْن عمر
وثقوه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين ومائه وروى لَهُ الْجَمَاعَة
ابْن أبي فَرْوَة عبد الله بن كيسَان أبي فَرْوَة هُوَ أَبُو عبد الله بن أبي فَرْوَة جد الرّبيع مولى الْمَنْصُور كَانَ عبد الله هُوَ وَعبد الْملك بن مَرْوَان وَمصْعَب بن الزبيرفي حداثتهم أخلاء لَا يكادون يفترقون وَكَانَ أحدهم إِذا اكتسى كسْوَة اكتسى الآخر مثلهَا فاكتسى عبد الْملك حلَّة واكتسى ابْن أبي فَرْوَة مثلهَا وَبَقِي مُصعب لَا يجد مَا يكتسيه فَذكر ابْن أبي فَرْوَة ذَلِك لِأَبِيهِ فَكَسَاهُ مثل حلتيهما على يَد ابْنه فَلَمَّا ولي مُصعب الْعرَاق استكتب ابْن أبي فَرْوَة وَكَانَ عِنْده يَوْمًا إِذْ أُتِي مصعبٌ بِعقد جوهرٍ قد أُصِيب فِي بِلَاد الْعَجم لَا يدرى مَا قِيمَته فَجعل مُصعب يقلبه ويعجب مِنْهُ ثمَّ قَالَ لِابْنِ أبي فَرْوَة أَبَا عبد الله أَيَسُرُّك أَن أهبه لَك قَالَ نعم وَالله أصلح الْأَمِير فَدفعهُ إِلَيْهِ فَرَآهُ وَقد سر بِهِ سُرُورًا شَدِيدا ققال لَهُ مُصعب أَرَاك قد سررت بِهِ فَقَالَ نعم فَقَالَ مُصعب وَالله لأَنا بالحلة يَوْم كسوتنيها أَشد سُرُورًا مِنْك بِهَذَا الْآن وَلم يزل العقد عِنْد ابْن أبي فَرْوَة إِلَى أَن انْقَضتْ أَيَّام مُصعب فَكَانَ سَبَب غناهُ وغنى عقبه فِيمَا بعد وَذكر مصعبٌ الزبيرِي أَنه ظهر عَامل خُرَاسَان على كنزٍ فِيهِ نخلةٌ كَانَت لكسرى مصوغةٌ من ذهب عثاكيلها من لؤلؤٍ وجوهرٍ وياقوتٍ أَحْمَر وأخضر فحملها إِلَى مُصعب بن الزبير فَجمع المقومين لَهَا لما وَردت عَلَيْهِ فقوموها ألفي ألف دِينَار فَقَالَ إِلَى من أدفعها فَقَالُوا لَهُ إِلَى نِسَائِك وَأهْلك
فَقَالَ لَا بل إِلَى رجل قدم إِلَيْنَا يدا وأولانا جميلاً أَدْعُو عبد الله بن أبي فَرْوَة فَدَفعهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا قتل مصعبٌ كَاتب ابْن أبي فَرْوَة عبد الْملك بن مَرْوَان(17/222)
وبذل لَهُ مَالا فَسلم مِنْهُ بِمَالِه وَكَانَ أيسر أهل الْمَدِينَة وَأَبُو فَرْوَة كيسَان مولى الْحَارِث الحفار مولى عُثْمَان ابْن عَفَّان وَكَانَ أَبُو فَرْوَة أحد من حصر عُثْمَان وناداه وَفِي لِسَانه لكنةٌ رد المذالم يُرِيد الْمَظَالِم فَقَالَ عُثْمَان أَنْت أول من أرد على الحفار وَقَالَ الحزين الديلِي فِي ذَلِك من الطَّوِيل
(شهِدت بِإِذن الله أَن مُحَمَّدًا ... رسولٌ من الرحمان غير مكذب)
(وَأَن وَلَا كيسَان للحرث الَّذِي ... ولي زَمنا حفر الْقُبُور بيشرب)
)
وَقد رُوِيَ لعبد الله بن أبي فَرْوَة أَبْيَات شعرٍ وَهِي من الطَّوِيل
(وَلما أَتَيْنَا منزلا طله الندى ... أنيقاً وبستاناً من النُّور حاليا)
(أجد لنا طيب الْمَكَان وَحسنه ... منى نتمناها فَكنت الأمانيا)
أَبُو عَامر الْهَوْزَنِي عبد الله بن لحي وَالِد أبي الْيَمَان هُوَ أَبُو عَامر الْهَوْزَنِي من قدماء التَّابِعين توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
ابْن لهيعه عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة بن فرعان عَالم الديار المصرية وقاضيها ومفتيها ومحدثها قَالَ ابْن حَنْبَل مَا كَانَ مُحدث مصر إِلَّا ابْن لَهِيعَة وَقَالَ ابْن بكير إحترق منزل ابْن لَهِيعَة وَكتبه سنة سبعين وَمِائَة وَقَالَ ابْن حَنْبَل من كَانَ بِمصْر مثل ابْن لَهِيعَة فِي كَثْرَة حَدِيثه وَضَبطه وإتقانه ضعفه يحيى الْقطَّان وَغَيره وَسَائِر النقاد على أَنه لَا يحْتَج بحَديثه وَعَن ابْن معِين ضَعِيف وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن سَماع القدماء من ابْن لَهِيعَة فَقَالَ أَوله وَآخره سَوَاء وَقَالَ كَانَ ابْن لَهِيعَة لَا يضْبط وَلَيْسَ بِحجَّة وَقَالَ ابْن حبَان من(17/223)
أَصْحَابنَا من يَقُول من سمع مِنْهُ قبل احتراق كتبه مثل العبادلة عبد الله ابْن وهب وَعبد الله بن الْمُبَارك وَعبد الله بن يزِيد وَعبد الله ابْن مسلمة القعْنبِي سماعٌ صَحِيح وَمن سمع بعد احتراقها فَلَيْسَ بِشَيْء وَقد رمي بالتشيع
وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وروى لَهُ مسلمٌ تبعا وَلما توفّي أَبُو خُزَيْمَة إِبْرَاهِيم بن يزِيد الْحِمْيَرِي القَاضِي دخل ابْن حديج على الْمَنْصُور فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور يَا ابْن حديج لقد توفّي ببلدك رجلٌ أُصِيبَت بِهِ الْعَامَّة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذَاك إِذا أَبُو خُزَيْمَة قَالَ نعم فَمن ترى أَن نولي الْقَضَاء بعده قَالَ أَبَا معدان الْيحصبِي قَالَ رجلٌ أصمٌ وَلَا يصلح للْقَضَاء قَالَ فَابْن لَهِيعَة على ضعفٍ فِيهِ فَأمر بتوليته وَأجْرِي عَلَيْهِ فِي كل شهر ثَلَاثُونَ دِينَارا وَهُوَ أول قاضٍ تولى مصر من قبل الْخَلِيفَة وَإِنَّمَا كَانَ وُلَاة الْبَلَد هم الَّذين يولون الْقُضَاة من عِنْدهم
ابْن بُحَيْنَة عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا نون قديم الْإِسْلَام والصحبة فاضلٌ ناسك توفّي آخر أَيَّام مُعَاوِيَة فِي حُدُود)
السِّتين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
أَبُو الْمُصِيب الصّقليّ عبد الله بن أبي مَالك أَبُو الْمُصِيب الْقَيْسِي الصّقليّ أحد رجال اللُّغَة والعربية المطابيع فِي أَجنَاس القريض الْعَالمين بالأوزن والأعاريض وَمن شعره من الْكَامِل
(غلط الَّذِي سمى الْحِجَارَة جوهراً ... إِن الْكَرِيم أَحَق باسم الْجَوْهَر)
(إِن الْجَوَاهِر قد علمت صوامتٌ ... والمرء جوهره جميل الْمحْضر)
ابْن سيف الْمُقْرِئ عبد الله بن مَالك بن سيف بو بكر التجِيبِي الْمُقْرِئ من كبار قراء مصر أَخذ عَن أبي يَعْقُوب الْأَزْرَق صَاحب ورش تِلَاوَة وَتُوفِّي سنة سبع وثلاثمائة وَسمع مُحَمَّد بن رمح وَجَمَاعَة قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عدي عبد الْعَزِيز ابْن عَليّ بن(17/224)
مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْن الإِمَام وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَرْوَان وَمُحَمّد بن عبد الرحمان الظهراوي وَغَيرهم وَهُوَ آخر أَصْحَاب الْأَزْرَق وَفَاة
أَبُو تَمِيم الجيشاني عبد الله بن مَالك أَبُو تَمِيم الجيشاني هُوَ أَخُو سيف ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقدما الْمَدِينَة زمن عمر رَضِي الله عَنهُ وقرآ الْقُرْآن على معَاذ بن جبل وَكَانَ من أعبد أهل مصر وروى عَن عمر وَعلي وَأبي ذَر وَتُوفِّي سنة سبع لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم والتِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (عبد الله بن الْمُبَارك)
3 - (بن وَاضح الْحَنْظَلِي)
مَوْلَاهُم التركي ثمَّ الْمروزِي الْحَافِظ فريد الزَّمَان وَشَيخ الْإِسْلَام كَانَت أمه خوارزمية ومولده سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَقيل اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ طلب الْعلم وَهُوَ ابْن بضع عشرَة سنة ورحل سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَلَقي التَّابِعين وَأكْثر الترحال والتطواف إِلَى الْغَايَة فِي طلب الْعلم وَالْجهَاد وَالْحج وَالتِّجَارَة روى عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَعَاصِم الْأَحول وَحميد الْأَجْلَح الْكِنْدِيّ وحسين الْمعلم وحَنْظَلَة السدُوسِي وحيوة بن شُرَيْح وَهِشَام ابْن عُرْوَة والجريري وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وَالْأَعْمَش وبريد بن عبد الله وخَالِد الْحذاء وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَابْن عون وَابْن جريح ومُوسَى بن عقبَة وَخلق ثمَّ عَن الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَشعْبَة وَمَالك اللَّيْث وَابْن لَهِيعَة والحمادين وطبقتهم ثمَّ عَن هشيم وَابْن عُيَيْنَة وخلقٍ من أقرانه وصنف التصانيف النافعة قَالَ ابْن مهْدي هُوَ أفضل من الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن حَنْبَل لم يكن فِي زَمَانه مثله وَلَا أطلب مِنْهُ للْعلم وَقَالَ ابْن معِين كَانَ ثِقَة متثبتاً وَكتبه نحوٌ من عشْرين ألف حَدِيث وَقَالَ الْعَبَّاس بن مُصعب جمع ابْن الْمُبَارك والْحَدِيث وَالْفِقْه والعربية وَأَيَّام النَّاس والشجاعة والسخاء(17/225)
ومحبة الْفرق لَهُ وَكَانَ غَنِيا رَأس مَاله نحوٌ من أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ من فحول الشُّعَرَاء وَلما بلغ الرشيد مَوته قَالَ مَاتَ سيد الْعلمَاء وَمَات بهيت وعانة فِي رَمَضَان قَالَ الْعَبَّاس بن مُحَمَّد النَّسَفِيّ سَمِعت أَبُو حَاتِم الْفربرِي يَقُول رَأَيْت فِي النّوم ابْن الْمُبَارك وَاقِفًا على بَاب الْجنَّة وَبِيَدِهِ مفتاحٌ فَقلت مَا يوقفك هَاهُنَا قَالَ هَذَا مِفْتَاح الْجنَّة دَفعه لي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ حَتَّى أَزور الرب تَعَالَى فَكُن أميني فِي السَّمَاء كَمَا كنت أميني فِي الأَرْض وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم المصِّيصِي رَأَيْت الْحَارِث بن عَطِيَّة فِي النّوم فَسَأَلته فَقَالَ غفر لي قلت فَابْن الْمُبَارك فَقَالَ بخٍ بخٍ ذَاك فِي عليين مِمَّن يلج على الله فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَمن شعر عبد الله بن الْمُبَارك من الْبَسِيط
(قد يفتح حانوتاً لمتجره ... وَقد فتحت لَك الْحَانُوت بِالدّينِ)
(بَين الأساطين حَانُوت بِلَا غلقٍ ... تبْتَاع بِالدّينِ أَمْوَال الْمَسَاكِين)
(صيرت دينك شاهيناً تصيد بِهِ ... وَلَيْسَ يفلح أَصْحَاب الشواهين)
3 - (عبد الله بن الْمثنى)
3 - (بن عبد الله بن أنس بن مَالك بن نصر الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ)
قَالَ ابْن معِين صَالح الحَدِيث وَقَالَ مرّة لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَا أخرج حَدِيثه توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
أَبُو حُصَيْن المعري عبد الله بن المحسن بن عبد الله وَيَأْتِي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة وَلَده أبي يعلى عبد الْبَاقِي وكنيته عبد الله هَذَا أَبُو حُصَيْن وَهُوَ بيتٌ فِي المعرة طلع مِنْهُ فضلاء وشعراء قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب أَنْشدني لَهُ القَاضِي أَبُو الْيُسْر يرثي وَالِده وَقد مَاتَ فِي الْحَج من مجزوء المتقارب
(دمٌ فَوق صَدْرِي وكف ... من الجفن لما ذرف)
(لفقدان من لَا رأى ... يدا الدَّهْر مِنْهُ خلف)
(لميتٍ غَدا ثاوياً ... بِطيبَة بَين السّلف)
نَابِغَة بني شَيبَان عبد الله بن الْمخَارِق قيل إِنَّه كَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ شَاعِرًا يمدح خلفاء بني أُميَّة ويحزلون عطيته وَلما هم عبد الْملك بخلع أَخِيه عبد الْعَزِيز وَولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ(17/226)
الْوَلِيد فَدخل النابفة يَوْمًا على عبد الْملك وَالنَّاس حوله فِي يَوْم حفل وَولده قدامه فمشل بيد يَدَيْهِ وَأنْشد من المنسرح
(أزحت عَنَّا آل الزبير وَلَو ... كَانُوا هم المالكين مَا صلحوا)
(إِن تلق بلوى أَنْت مصطبرٌ ... وَإِن تلاق النعمى فَلَا فَرح)
(آل أبي الْعَاصِ أهل مأثرةٍ ... غر عتاٌ بِالْخَيرِ قد نفحوا)
(خير قريشٍ وهم أفاضلها ... فِي الْجد جدٌّ وَإِن هم مزحوا)
(أرجها أذرعاً وأصبرها ... أَنْتُم إِذا الْقَوْم فِي الوغي كلحوا)
(أما قريشٌ وَأَنت وازعها ... تكف من شغبهم إِذا طمحوا)
(حفظت مَا ضيعوا وزندهم ... أوريت إِن أصلدوا وَإِن قَدَحُوا)
(آلَيْت جهداً وصادقٌ قسمي ... بِرَبّ عبد الله بنتصح)
(يظل يَتْلُو الْإِنْجِيل يدرسه ... من خشيَة الله قلبه فيح)
(لآبك أولى بِملك وَالِده ... وَعَمه إِن حَرْب فَإِنَّهُم نصح)
)
(وهم خِيَار فاعمل بسنتهم ... واحي بخيرٍ واكدح كَمَا كدحوا)
قَالَ فَتَبَسَّمَ عبد الْملك وَلم يتَكَلَّم فِي ذَلِك بإقرارٍ وَلَا دفعٍ فَعلم النَّاس أَن رَأْيه فِي خلع أَخِيه عبد الْعَزِيز وَبلغ ذَلِك عبد الْعَزِيز فَقَالَ لقد أَدخل نَفسه ان النَّصْرَانِيَّة مدخلًا ضيقا وأوردها مورداً خطراً وَللَّه عَليّ إِن ظَفرت بِهِ لأخضبن دَمه بدمه وَمن شعر نَابِغَة بني شَيبَان من قصيدةٍ طَوِيلَة من الرمل
(إمدح الكأس وَمن أعملها ... واهج قوما قتلونا بالعطش)
(أَنما الكأس ربيع باكرٌ ... فَإِذا مَا غَابَ عَنَّا لم نعش)
(وَكَأن الشّرْب قومٌ موتوا ... من يقم مِنْهُم لأمرٍ يرتعش)
(خرس الألسن عَمَّا نالهم ... بَين مصروعٍ وصاحٍ منتعش)
(من حميا فرقف حصيةٍ ... قهوةٍ حوليةٍ لم تمتجش)
(ينفع المزكوم مِنْهَا رِيحهَا ... ثمَّ تَنْفِي دواه إِن لم تنش)
(كل من يشْربهَا بألفها ... ينْفق الاموال فِيهَا كل هش)(17/227)
3 - (عبد الله بن مُحَمَّد)
ابْن ابْن الْحَنَفِيَّة عبد الله بن مُحَمَّد الْحَنَفِيَّة أَبُو هَاشم الْعلوِي الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعَن صهرٍ لَهُ صَحَابِيّ من الْأَنْصَار كَانَ صَاحب الشِّيعَة فأوصى إِلَى مُحَمَّد ابْن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس وَالِد السفاح وَدفع إِلَيْهِ كتاب الشِّيعَة وَصرف الشِّيعَة إِلَيْهِ وَقَالَ أَتبَاع أبي هَاشم هَذَا المعروفون بالهاشمية من جملَة الشِّيعَة بِمَوْت السَّيِّد مُحَمَّد أبي أبي هَاشم وانتقال الْإِمَامَة مِنْهُ إِلَى ابْنه أبي هَاشم وَأَن أَبَاهُ أطلعه على الْأَسْرَار ثمَّ أختلفوا بعده على خمس فرقٍ فرقةٌ قَالَت إِنَّه مَاتَ بِأَرْض الشراة وَأوصى إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس قَالُوا وللعباس فِي الْخلَافَة حقٌ لاتصال النّسَب فَإِن الرَّسُول الله توفّي وَعَمه الْعَبَّاس أولى بالوراثة وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى بِالْإِمَامَةِ بعده إِلَى الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى بِالْإِمَامَةِ إِلَى أَخِيه عليٌّ إِلَى ابْنه الْحسن فالإمامة لَا تخرج عِنْدهم من بني الْحَنَفِيَّة إِلَى فرقة غَيرهم وفرقةٌ قَالَت إِن أَبَا هَاشم أوصى إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن حَرْب الْكِنْدِيّ وَإِن روح أبي هَاشم تحولت إِلَى عبد اله الْمَذْكُور وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي عبد الله علما وديناً فَلَمَّا)
ادّعى انْتِقَال روح أبي هَاشم إِلَيْهِ ووافقوه تبين لَهُم بعد ذَلِك عدم دينه وَعلمه وتحققوا كذبه وخيانته وأعرضوا عَنهُ وَقَالُوا بإمامة عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَكَانَ عبد الله بن مُعَاوِيَة يَقُول بتناسخ الْأَرْوَاح من شخصٍ إِلَى شخصٍ وَادّعى الإلهية والنبوة مَعًا فَقَالَ إِن روح الله جلّ جَلَاله حلت فِيهِ وَادّعى علم الْغَيْب وَتَبعهُ جهالٌ أَنْكَرُوا الْقِيَامَة لاعتقادهم أَن الثَّوَاب وَالْعِقَاب يكون بالتناسخ فِي الدُّنْيَا وعنهم نشأت فرقة الخرمية ثمَّ إِن أَصْحَاب عبد الله بن مُعَاوِيَة اخْتلفت فِيهِ فَقَالَ بَعضهم مَاتَ وتحولت روحه إِلَى إِسْحَاق بن زيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ وَتسَمى هَذِه الْفرْقَة الحارثية أباحوا الْمُحرمَات وأسقطوا التكاليف
قَالَ ابْن سعد كَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث وَقيل إِن سُلَيْمَان بن عبد الْملك دس إِلَيْهِ من سمه فِي لبنٍ وَذَلِكَ بالحميمة سنة ثَمَان وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة(17/228)
ابْن أبي عَتيق عبد الله بن مُحَمَّد أبي عَتيق عبد الرحمان بن أبي بكر الصّديق وَالِد مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين روى عَن أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وَابْن عمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
الْهَاشِمِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي طَالب الْمدنِي روى لَهُ أبوداود وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَة
دافن الْعلوِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب أمه خَدِيجَة بنت زين العابدين وَكَانَ لقبه دافن قَالَ بعض الْحفاظ صَالح الحَدِيث وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَة روى عَن أَبِيه وروى عَنهُ ابْنه عِيسَى وَابْن الْمُبَارك وَابْن أبي فديك والواقدي
وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ هُوَ وسط
سحبل عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ الْمدنِي سحبل روى عَن ابيه وَيزِيد بن عبد الله بن قسيط وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة روى عَن أبي صَالح السمان وَسَعِيد بن أبي هِنْد وَبُكَيْر بن الْأَشَج وَأبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرحمان وَطَالَ)
عمره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهُوَ فِيمَا أرى أكبر من إِبْرَاهِيم إِن كَانَ سمع من السمان وَابْن أبي هِنْد روى عَن القعْنبِي وقتيبة والواقدي وسُفْيَان بن وَكِيع وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث وروى لَهُ أَبُو دَاوُد
الدقاق عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي الدقاق أَبُو الْفَضَائِل بن أبي بكر الْمَعْرُوف بِابْن الخاضبة أسمعهُ وَالِده كثيرا فِي صباه من أبي الفوارس طراد الزَّيْنَبِي وَأبي الْخطاب بن البطر وَأبي مُحَمَّد رزق الله ابْن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وَغَيرهم وَقَرَأَ هُوَ بِنَفسِهِ كثيرا على أَصْحَاب أبي طَالب وَكتب(17/229)
بِخَطِّهِ وَخرج التخاريج وَكَانَ فَاضلا لَهُ معرفةٌ بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب وَكَلَامه على الحَدِيث مليحٌ وخطه مليح وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَيُقَال إِن سيرته لم تكن محمودة
أَبُو مُحَمَّد الشَّاشِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عمر الشَّاشِي أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي بكر تفقه على أَبِيه حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وناظر وَأفْتى وَتكلم بِلِسَان الْوَعْظ وَكَانَ فَاضلا حسن الْعبارَة حُلْو الْإِشَارَة ظريف الشَّمَائِل كثير الْمَحْفُوظ فصيحاً وَسمع من أبي عبد الله الْحُسَيْن النعالي وطبقته وَحدث باليسير وَمن شعره ارتجالاً من الرجز
(قضيةٌ أعجب بهَا قضيه ... جلوسنا اللَّيْلَة فِي التاجيه)
(والجو فِي حلته الفضيه ... صقالها قعقعة الرعديه)
(أعلامها شعشعة البرقيه ... تنثر من أردانها العطريه)
(ذائب در ينشر البريه ... وَالشَّمْس تبدو تَارَة جليه)
(ثمَّ ترَاهَا مرّة خفيه ... كَأَنَّهَا جاريةٌ خبيه)
(حَتَّى إِذا حانت لنا العشيه ... فضت لِبَاس الْغَيْم بالكليه)
(وأسفرت فِي الْجِهَة الغربيه ... صفراء فِي محلفةٍ ورسيه)
كَرَامَة أعرفهَا شاشيه وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَخَمْسمِائة
أَبُو الْقَاسِم بن الْمعلم)
عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمعلم أَبُو الْقَاسِم العكبري الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب عَلَى أبي الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن برهَان الْأَسدي وَالْفِقْه على أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الفيروزآبادي وَسمع جمَاعَة وَكَانَ فَاضلا شَاعِرًا صنف جُزْءا فِي الِانْتِصَار لِحَمْزَة الزيات مِمَّا نسبه إِلَيْهِ ابْن قُتَيْبَة فِي مُشكل الْقُرْآن وروى كتاب أَخْبَار النَّحْوِيين للسيرافي عَن أبي عَليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَتُوفِّي سنة(17/230)
سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة وَمن شعره من السَّرِيع
(أَسْلفنِي الْإِحْسَان من جَاءَنِي ... يطْلب إحساني على فقره)
(لِأَنَّهُ أحسن بِي ظَنّه ... من قبل عزمٍ لي على بره)
(فالشكر مني مَعَ جزائي لَهُ ... يلْزم أَن يُوفي على شكره)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(أرى الْمُرُوءَة أُنْثَى لَيْسَ يخطبها ... مَعَ حسنها معسرٌ أَو من لَهُ نسب)
(ظهرٌ كريمٌ وَلَكِن قل رَاكِبه ... كَأَنَّمَا حل فِي جلدي بِهِ جرب)
(كم قد تراءت لهَذَا الْخلق قاطبةً ... وَكلهمْ قائلٌ مَا فِيك لي أرب)
(تزوجت كل أُنْثَى فَهِيَ محصنةٌ ... وَتلك بن لداتٍ أيمٌ عزب)
القَاضِي الْكَرْخِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْكَرْخِي أَو مَنْصُور ابْن القَاضِي أبي طَاهِر الْبَغْدَادِيّ
ولي الْقَضَاء بِبَاب النوبي بعد أَبِيه وَبَقِي على الْقَضَاء إِلَى أَن توفّي سنة سبعٍ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَحدث بيسيرٍ عَن أبي الْقَاسِم بن الْحصين وَسمع مِنْهُ القَاضِي أَبُو المحاسن الْقرشِي
آخر المستنجد بِاللَّه عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله أَبُو جَعْفَر بن المقتفي أَخُو المستنجد كَانَ أسن من أَخِيه المستنجد بِعشر سِنِين وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة
أَمِير الْمُؤمنِينَ السفاح عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس السفاح أول خلفاء بني الْعَبَّاس ولد بالحميمة وَكَانَ شَابًّا طَويلا أَبيض مليح الْوَجْه واللحية أمه ريطة الحارثية حدث عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام وَهُوَ أَخُوهُ مولده سنة ثمانٍ وَمِائَة)
وَتُوفِّي سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة بالجدري(17/231)
وعاش ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَقَالَ خَليفَة مَاتَ ابْن ثمانٍ وَعشْرين سنة وبويع بِالْكُوفَةِ فِي شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن أَربع وَعشْرين سنة وَقيل ابْن ثمانٍ وَعشْرين سنة وَكَانَت ولَايَته أَربع سِنِين وَثَمَانِية أشهر
وَلما صعد الْمِنْبَر خطب قَائِما فَقَالَ النَّاس يَا ابْن عَم رَسُول الله أَحييت السّنة وَكَانَت بَنو أُميَّة يخطبون قعُودا وَقتل أَبَا سَلمَة الْخلال وَكَانَ الْقَائِم بالدعوة وأضمر خلع بني الْعَبَّاس وتصيير الْأَمر إِلَى آل عَليّ بن أبي طَالب وعهد إِلَى أَخِيه عبد الله الْمَنْصُور وَصرف الْبيعَة عَن عَمه عبد الله ابْن عَليّ وَقَالَ وَهُوَ مريضٌ وَقد دخل عَلَيْهِ الطَّبِيب من مجزوء الْكَامِل
(أنظر إِلَى ضعف الحرا ... ك وذله بَين السّكُون)
(ينبيك أَن بَيَانه ... هَذَا مُقَدّمَة الْمنون)
ولقب الْقَائِم والمرتضى والمهتدي والمبيح وَغير ذَلِك وَأشهر ألقابه السفاح وَلم يحجّ فِي خِلَافَته وصل عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بألفي ألف دِرْهَم وَهُوَ أول خليفةٍ وصل بِهَذِهِ الْجُمْلَة كَاتبه أَبُو الجهم بن عَطِيَّة وَأَبُو الْعَبَّاس خَالِد بن برمك بَعْدَمَا كَانَ وزيرهم أَبُو سَلمَة الْخلال حَاجِبه أَبُو حسان مَوْلَاهُ وَيُقَال أَبُو غَسَّان صَالح بن الْهَيْثَم وَقيل مُحَمَّد بن صول وَكَانَ قد وَقع فِي سبي يزِيد ابْن الْمُهلب وَكَانَ مَوْلَاهُ فَأنْكر ذَلِك وَادّعى أَنه مولى الْمَنْصُور
وَنقش خَاتمه الله ثِقَة عبد الله وَبِه يُؤمن وَلما تولى الْخلَافَة وأصعده أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي على الْمِنْبَر أرتج عَلَيْهِ فَقَالَ من الطَّوِيل
(فَإِن لم أكن فِيكُم خَطِيبًا فإنني ... بسيفي إِذا جدَّ الوغى لخطيب)
وَأخذ سَيْفه فِي يَده وَنزل فَعجب النَّاس من بلاغته وإصابته الْمَعْنى وَهُوَ أول من نزل الْعرَاق من خلفاء بني الْعَبَّاس بني لَهُ الْمَدِينَة الهاشمية إِلَى جَانب الأنبار وفيهَا قَبره إِلَى الْآن وَهِي الْمَعْرُوفَة الْآن بالأنبار لِأَن الأولى درست وَكَانَ من أكْرم النَّاس فِي المعاشرة وأسمحهم بِالْمَالِ وَمن شعره قَوْله فِي بني أُميَّة من الْبَسِيط
(أَحْيَا الضغائن آباءٌ لنا سلفوا ... وَلنْ تَمُوت وللآباء أبناءُ)
وَقَوله أَيْضا من الطَّوِيل
(تناولت ثَأْرِي من أُميَّة عنْوَة ... وحزت تراثي الْيَوْم عَن سلفي قسرا)
(وألقيت ذلاًّ من مفارق هاشمٍ ... وألبستها عزا وأعليتها قدرا)
)
وَمن كَلَامه إِذا عظمت الْقُدْرَة قلت الشَّهْوَة وَمَا أقبح الدُّنْيَا بِنَا إِذا كَانَت لنا وأولياءُنا خالون من حسن آثارها الأناة محمودةٌ إِلَّا عِنْد إِمْكَان الفرصة وَلما وَقع فِي النزع كَانَ آخر كَلَامه إِلَيْك يَا رب لَا إِلَى النَّار(17/232)
أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب العباسي الْخَلِيفَة أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور أمه سَلامَة البربرية ولد قريب سنة خمسٍ وَتِسْعين روى عَن أَبِيه وروى عَنهُ ابْنه الْمهْدي وَكَانَ قبل الْخلَافَة يُقَال لَهُ عبد الله الطَّوِيل وَضرب فِي الْآفَاق إِلَى الجزيرة وَالْعراق وإصبهان وَفَارِس قَالَ أَبُو بكر الجعابي كَانَ الْمَنْصُور فِي حَيَاة أَبِيه يلقب بمدرك التُّرَاب أَتَتْهُ الْبيعَة بالخلافة بِمَكَّة وعهد إِلَيْهِ بالخلافة أَخُوهُ السفاح فولي اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَكَانَ أسمر طَويلا نحيفاً خَفِيف العارضين معرق الْوَجْه رحب الْجَبْهَة يخضب بِالسَّوَادِ كَأَن عَيْنَيْهِ لسانان ناطقان تخالطه أبهة الْملك بزِي النساك تقبله الْقُلُوب وتتبعه الْعُيُون وَكَانَ أقنى الْأنف بَين القنا وَكَانَ من أَفْرَاد الدَّهْر حزماً ورأياً ودهاءً وجبروتاً وَكَانَ مسيكاً حَرِيصًا على جمع المَال كَانَ يلقب أَبَا الدوانيق لمحاسبته الْعمَّال والصناع على الدوانيق والحبات وَكَانَ شجاعاً مهيباً تَارِكًا للهو واللعب كَامِل الْعقل قتل خلقا كثيرا حَتَّى ثَبت الْأَمر لَهُ ولولده وَكَانَ فِيهِ عدلٌ وَله حَظّ من صلاةٍ وتدينٍ وَعلم وَفقه نفسٍ توفّي محرما على بَاب مَكَّة فِي سادس ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وَدفن مَا بَين الْحجُون وبئر مَيْمُون وَكَانَ فَحل بني الْعَبَّاس وَكَانَ بليغاً فصيحاً وَلما مَاتَ خلف فِي بيُوت الْأَمْوَال تسع مائَة ألف ألف وَخمسين ألف ألف دِرْهَم قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي فِي الْحرم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْكَعْبَة وبابها مفتوحٌ فَنَادَى منادٍ أَيْن عبد الله فَقَامَ أخي أَبُو الْعَبَّاس حَتَّى صَار على الدرجَة فَأدْخل فَمَا لبث أَن خرج وَمَعَهُ قناةٌ عَلَيْهَا لواءٌ أسود قدر أَرْبَعَة أَذْرع ثمَّ نُودي أَيْن عبد الله فَقُمْت إِلَى الدرجَة فأصعدت فَإِذا رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم وَأَبُو بكر وَعمر وبلال يعْقد لي وأوصاني بأمته وعممني بعمامةٍ وَكَانَ كورها ثَلَاثَة وَعشْرين وَقَالَ خُذْهَا إِلَيْك أَبَا الْخُلَفَاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وعاش أَرْبعا وَسِتِّينَ سنة وَتُوفِّي ببئر مَيْمُون من أَرض الْحرم قبل التَّرويَة بِيَوْم لثمانٍ خلون من ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وَكَانَ يَقُول حِين دخل فِي الثَّلَاث وَسِتِّينَ سنة هَذِه تسميها الْعَرَب القتالة والحاصدة كَاتبه أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان المورياني)
وَعبد الْجَبَّار بن عدي ثمَّ أبان بن صَدَقَة نقش خَاتمه الْحَمد لله كُله وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد(17/233)
مُحَمَّد الْمهْدي وجعفر الْأَكْبَر وجعفر الْأَصْغَر وَإِبْرَاهِيم وَسليمَان وَيَعْقُوب وَصَالح وَالقَاسِم وَعلي وَعبد الْعَزِيز وَالْعَبَّاس هَؤُلَاءِ الذُّكُور وَبنَاته الْعَالِيَة وَعبيدَة وَمن شعره قَوْله لما قتل أَبَا مُسلم الْخُرَاسَانِي من السَّرِيع
(زعمت أَن الدّين لَا يقتضى ... فاكتل بِمَا كلت أَبَا مجرم)
(وأشرب كؤوساً كنت تَسْقِي بهَا ... أَمر فِي الْحلق من العلقم)
(حَتَّى مَتى تضمر بغضاً لنا ... وَأَنت فِي النَّاس بِنَا تنتمي)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(فَإِنِّي وَهَذَا الْأَمر من حَيْثُ نلته ... لأعْلم أَن الشُّكْر لله يعظم)
(ترى نعْمَة فِي الحاسدين وَإِنَّمَا ... هِيَ المحنة الْعُظْمَى لمن يتفهم)
الْأَحْوَص الشَّاعِر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح الْأَحْوَص أَبُو عَاصِم وَقيل أَبُو عُثْمَان الْأنْصَارِيّ الشَّاعِر هُوَ من ولد حمي الدبر الصَّحَابِيّ نَفَاهُ عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى دهلك لِكَثْرَة هجائه وَقيل نَفَاهُ غَيره توفّي فِي حُدُود الْعشْر وَالْمِائَة قيل إِنَّه وَفد إِلَى الْوَلِيد بن عبد الْملك فأمتدحه فَأكْرم نزله وَأمر بمطبخه أَن يمال عَلَيْهِ فراود وصيفاً للوليد على الْفسق فَبلغ ذَلِك الْوَلِيد فَأرْسلهُ إِلَى ابْن حزمٍ بِالْمَدِينَةِ وَأمره أَن يجلده وَيصب على رَأسه الزَّيْت فَقَالَ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال من الْكَامِل
(مَا من مُصِيبَة نكبةٍ أمنى بهَا ... إِلَّا تشرفني وترفع شاني)
(وتزول حِين تَزُول عَن متخمط ... تخشى بوادره على الأقران)
(إِنِّي إِذا خَفِي اللئام رَأَيْتنِي ... كَالشَّمْسِ لَا تخفى بِكُل مكانٍ)
وَقَالَ يهجو ابْن حزمٍ من الْبَسِيط
(أَهْوى أُميَّة إِن شطت وَإِن قربت ... يَوْمًا وأهدي لَهَا نصحي وأشعاري)
(وَلَو وَردت عَلَيْهَا القيظ مَا حفلت ... وَلَا سقت عطشي من مَائِهَا الْجَارِي)
(لَا تأوين لحزمي رَأَيْت بِهِ ... ضراً وَلَو طرح الحزمي فِي النَّار)
(الناخسون بمروانٍ بِذِي خشبٍ ... والداخلون على عُثْمَان فِي الدَّار)(17/234)
)
وَقيل إِن سُلَيْمَان كتب إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ أَن يضْربهُ مائَة سوطٍ ويقيمه على البلس للنَّاس ثمَّ يسيره إِلَى دهلك فثوى هُنَالك سُلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ ولي عمر بن عبد الْعَزِيز فَكتب إِلَيْهِ يمتدحه من الطَّوِيل
(أيا رَاكِبًا إِمَّا عرضت فبلغن ... هديت أَمِير الْمُؤمنِينَ رسائلي)
(وَقل لأبي حفصٍ إِذا مَا لَقيته ... لقد كنت نَفَّاعًا قَلِيل الغوائل)
(فَكيف ترى للعيس طيبا وَلَذَّة ... وخالك أَمْسَى موثقًا فِي الحبائل)
فَأتى رجالٌ من الْأَنْصَار عمر بن عبد الْعَزِيز فكلموه فِيهِ وَقَالُوا قد عرفت نسبه وموضعه وقديمه وَأخرج إِلَى أَرض الشّرك ونطلب أَن ترده إِلَى حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدَار قومه قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(فَمَا هُوَ إِلَّا أَن أَرَاهَا فجاءةً ... فأبهت حَتَّى مَا أكاد أُجِيب)
قالو الْأَحْوَص قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(أدور وَلَوْلَا أَن أرى أم جعفرٍ ... بأبياتكم مَا درت حَيْثُ أدور)
(وَمَا كنت زواراً وَلَكِن ذَا الْهوى ... إِذا لم يزر لَا بُد أَن سيزور)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ فَمن الَّذِي يَقُول من المنسرح
(كَأَن لبنى صبير غاديةٍ ... أَو دميةٌ زينت بهَا البيع)
(الله بيني وَبَين قيمها ... يفر مني بهَا وأتبه)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ بل الله بَين قيمها وَبَينه فَمن الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(ستبقى لَهَا مُضْمر الْقلب والحشا ... سريرة حبٍّ يَوْم تبلى السرائر)
قَالُوا الْأَحْوَص قَالَ إِن الْفَاسِق عَنْهَا يومئذِ لمشغولٌ وَالله لَا أرده مَا دَامَ لي سُلْطَان فَمَكثَ هُنَاكَ بَقِيَّة ولَايَة عمر وصدراً من ولَايَة يزِيد بن عبد الْملك وَبينا يزِيد وجاريته لَيْلَة على سطحٍ وَهِي تغنيه بشعرٍ من أشعار الْأَحْوَص فَقَالَ لَهَا من يَقُول هَذَا قَالَت وعيشك لَا أَدْرِي فاستخبر عَنهُ فعرفوه أَنه للأحوص وَأَنه قد طَال حَسبه فَأمر لَهُ بمالٍ وكسوةٍ وَأطْلقهُ
أَبُو مُحَمَّد المصِّيصِي عبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة أَبُو مُحَمَّد المصِّيصِي(17/235)
روى عَنهُ مَالك وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَعنهُ صَالح بن عَليّ النَّوْفَلِي وَمُحَمّد بن أبان القلانسي وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سهم وَغَيرهم قَالَ أَبُو)
عبد الله الْحَاكِم يروي عَن مَالك الموضوعات وَقَالَ ابْن حبَان لَا يحل ذكره فِي الْكتب إِلَّا على سَبِيل الِاعْتِبَار وَتُوفِّي بعد الْمِائَتَيْنِ
الْحَافِظ الْبَصْرِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن حميد أَبُو بكر بن أبي الْأسود الْحَافِظ الْبَصْرِيّ ابْن أُخْت عبد الرحمان بن مهْدي ولي قَضَاء همذان وَحدث عَن مَالك وَأبي عوَانَة وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد وجعفر بن سُلَيْمَان وَيزِيد ابْن زُرَيْع وحاتم بن إِسْمَاعِيل وَخلق وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَإِسْمَاعِيل سمويه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَعُثْمَان بن خرزاد وَيَعْقُوب الْفَسَوِي وَطَائِفَة قَالَ ابْن معِين لَا بَأْس وَلكنه سمع من أبي عوَانَة وَهُوَ صَغِير توفّي سنة ثلاثٍ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو جَعْفَر المسندي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن الْيَمَان الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ المسندي لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يعتني بالمسند ويزهد فِي الْمُرْسل وعَلى يَده جده الْأَعْلَى الْيَمَان أسلم الْمُغيرَة جد البُخَارِيّ سمع عبد الله من سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِسْحَاق الْأَزْرَق ومروان بن مُعَاوِيَة وَعبد الرحمان بن مهْدي ورحل إِلَى عبد الرَّزَّاق وَإِلَى سعيد بن أبي مَرْيَم وَعَمْرو بن أبي سَلمَة وأقدم أشياخه الفضيل بن عِيَاض ورى عَنهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ وَعنهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق قَالَ الْحَاكِم هُوَ إِمَام الحَدِيث فِي عصره بِمَا وَرَاء النَّهر بِلَا مدافعة توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وثلاين وَمِائَتَيْنِ(17/236)
الْحَافِظ النُّفَيْلِي عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي أَبُو جَعْفَر الْقُضَاعِي الْحَرَّانِي الْحَافِظ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن رجلٍ عَنهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين والذهلي وَأَبُو زرْعَة قَالَ أَبُو دَاوُد أشهد عَليّ أَنِّي لم أر أحفظ من النُّفَيْلِي تجَاوز الثَّمَانِينَ وَتُوفِّي سنة)
أربعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
المخرمي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن الْمسور بن مخرمَة الزُّهْرِيّ المخرمي الْبَصْرِيّ روى عَنهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة ستٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو بكر بن أبي شيبَة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن خواسي الإِمَام أَبُو بكر الْعَبْسِي مَوْلَاهُم الْكُوفِي الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام سمع القَاضِي شريك وَأَبا الْأَحْوَص وَعبد السَّلَام بن حَرْب وَأَبا خَالِد الْأَحْمَر وَجَرِير بن عبد الحميد وَابْن الْمُبَارك وَعلي بن مسْهر وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعباد بن الْعَوام وَعبد الله بن إِدْرِيس وَحَفْص بن غياث وَخلف بن خَليفَة وَعبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى وَعبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد الْعمي وَعلي بن هَاشم بن الْبَرِيد وَعمر بن عبيد وهشيم بن بشير وخلقاً كثيرا وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ وَابْنه إِبْرَاهِيم وَابْن أَخِيه مُحَمَّد بن عُثْمَان وَأَبُو زرْعَة وَبَقِي بن مخلد وَخلق كثير قَالَ ابْن حَنْبَل صَدُوق أحب إِلَيّ من أَخِيه وَقَالَ(17/237)
الْعجلِيّ ثِقَة وَعَن أبي عبيد قَالَ أحْسنهم وضعا لكتابٍ أَبُو بكر وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ متقناً حَافِظًا صنف الْمسند وَالْأَحْكَام وَالتَّفْسِير وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
القَاضِي الخلنجي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي يزِيد الخلنجي قَاضِي الكرخ وَولي قَضَاء دمشق وَكَانَ جهمياً من أَصْحَاب ابْن أبي دؤاد وَهُوَ ابْن أُخْت عُلْوِيَّهُ الْمُغنِي توفّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ الخلنجي قد تقلد قَضَاء الشرقية فِي أَيَّام الْأمين وَكَانَ يجلس إِلَى أسطوانة من أساطين الْمَسْجِد فيستند إِلَيْهَا بِجَمِيعِ جسده وَإِذا جَاءَهُ الخصمان ترك الِاسْتِنَاد إِلَيْهَا فَإِذا فصل الْقَضِيَّة عَاد إِلَى الأسطوانة فَعمد بعض المجان إِلَى رقعةٍ من الرّقاع الَّتِي يكْتب فِيهَا الدُّعَاء فألصقها فِي مَوضِع دنيته وطلاها بدبقٍ قجاء الخلنجي وَجلسَ فالتصقت دنيته بالدبق وَتمكن مِنْهَا فَلَمَّا تقدم إِلَيْهِ الْخُصُوم أقبل إِلَيْهِم بِجَمِيعِ جسده فانكشف رَأسه وَبقيت موضعهَا مصلوبةً فَقَامَ مغضباً وَعلم أَنَّهَا حيلةٌ عَلَيْهِ فَغطّى رَأسه بطليسانه وَانْصَرف وَتركهَا مصلوبةً مَكَانهَا وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِيهِ من المنسرح)
(إِن الخنجلي من تتايهه ... أثقل بادٍ لنا بطلعته)
(مَا تيه ذِي نخوةٍ مُنَاسبَة ... بَين أخاوينه وقصعته)
(يُصَالح الْخصم من يخاصمه ... خوفًا من الْجور فِي قَضيته)
(لَو لم تدبقه كف قابضه ... لصار تيهاً على رَعيته)
واشتهرت الْقِصَّة والأبيات بِبَغْدَاد وَعمل عُلْوِيَّهُ ابْن اخته حِكَايَة أَعْطَاهَا للزفافين والمخنثين فأحرجوه فِيهَا فاستعفى الخلنجي من الْقَضَاء بِبَغْدَاد وَتَوَلَّى بعض الكور الْبَعِيدَة فولي دمشق أَو حمص فَلَمَّا ولي الْمَأْمُون غناهُ عُلْوِيَّهُ يَوْمًا شعر الخلنجي وَهُوَ من الطَّوِيل
(بَرِئت من الْإِسْلَام إِن كَانَ ذَا الَّذِي ... أَتَاك بِهِ الواشون عني كَمَا قَالُوا)
(وَلَكنهُمْ لما رأوك غريةً ... بهجري تواصوا بالنميمة واحتالوا)
(فقد صرت أذنا للوشاة سميعةً ... ينالون من عرضي وَلَو شِئْت مَا نالو)
فَقَالَ الْمَأْمُون من يَقُول هَذَا قَالَ قَاضِي دمشق فأشخص وَجلسَ الْمَأْمُون وأحضر عُلْوِيَّهُ ودعي بالخلنجي فَقَالَ لَهُ أَنْشدني قَوْلك بَرِئت من الْإِسْلَام فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه أَبْيَات قلتهَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة وَأَنا صبيٌّ وَالَّذِي أكرمك بالخلافة مَا قلت شعرًا(17/238)
مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا فِي زهدٍ أَو فِي عتاب صديقٍ فأجلسه وناوله قدحاً فأرعد وَبكى وَأَخذه وَقَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا غيرت المَاء بِشَيْء قطّ مِمَّا يخْتَلف فِي تَحْلِيله فَقَالَ لَعَلَّك تُرِيدُ نَبِيذ الزَّبِيب أَو التَّمْر فَقَالَ لاوالله لَا أعرف شَيْئا من ذَلِك فَأخذ الْمَأْمُون الْقدح من يَده وَقَالَ أما وَالله لَو شربت شَيْئا من هَذَا لضَرَبْت عُنُقك وَلَقَد ظَنَنْت أَنَّك صادقٌ فِي كل قَوْلك وَلَكِن لَا يتَوَلَّى الْقَضَاء لي أبدا رجلٌ يحلف ببراءته فِي الْإِسْلَام إنصرف إِلَى مَنْزِلك وَأمر عُلْوِيَّهُ أَن يُغير هَذِه الْكَلِمَة وَيَقُول بدلهَا حرمت مناي مِنْك
المخرمي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَيُّوب المخرمي روى عَنهُ ابْن صاعد وَابْن مخلدٍ وَآخَرُونَ قَالَ ابْن أبي حَاتِم سَمِعت مِنْهُ مَعَ أبي وَهُوَ صَدُوق وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قلت كَذَا ذكره الشَّيْخ شمس الدّين وَالظَّاهِر أَنه الَّذِي تقدم ذكر وَفَاته فِي سنة ستٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
أَبُو البخْترِي عبد الله بن مُحَمَّد بن شَاكر أَبُو البخْترِي الْبَغْدَادِيّ الْعَنْبَري قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة صَدُوق)
وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
النوقاني عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْخَلِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي حَامِد ابْن أَسد ابم إِبْرَاهِيم الخليلي النوقاني أَبُو بكر كَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بِالْمذهبِ وَالْخلاف مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالرِّوَايَة قدم بَغْدَاد حَاجا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَأقَام بهَا وَحدث عَن وَالِده وَمن شعره
الكرندي اليمني عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الكرندي بِفَتْح الْكَاف وَكسر الرَّاء وَسُكُون النُّون من أهل الْيمن شاعرٌ قدم بَغْدَاد ومدح المستظهر بِاللَّه وروى عَنهُ أَبُو طاهرٍ السِّلفي فِي مُعْجم شُيُوخه وَمن شعره من الْبَسِيط(17/239)
(يَا سر سري وروح الرّوح من بدني ... وَيَا حَقِيقَة تحقيقٍ نفى وسني)
(أَنْت الْحَيَاة الَّتِي تحيا الْحَيَاة بهَا ... يَا نفس نفسٍ بِنَفس النَّفس مقترن)
(تحقق الْحق قلبِي فاستطار لَهُ ... فَلَيْسَ يلوي على أهلٍ وَلَا وَطن)
(مشرد الْأنس بَين الْإِنْس شرده ... سَماع من سمع النَّجْوَى بِلَا أذن)
قلت رحى تطحن قروناً
الْأَمِير ابْن المعتز عبد الله بن مُحَمَّد وَقيل اسْم أَبِيه الزبير أَبُو الْعَبَّاس بن المعتز ابْن المتَوَكل ابْن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور الْأَمِير الأديب صَاحب الشّعْر البديع والنثر الْفَائِق أَخذ الْأَدَب والعربية عَن الْمبرد وثعلب عَن مؤدبه أَحْمد بن سعيد الدِّمَشْقِي مولده فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
قتل سرا فِي ربيع الآخر سنة ستٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ قَامَت الدولة ووثبوا على المقتدر وَأَقَامُوا ابْن المعتز فَقَالَ بِشَرْط أَن لَا يقتل بسببي مسلمٌ ولقبوه المرتضى بِاللَّه وَقيل الْمنصف بِاللَّه وَقيل الْغَالِب بِاللَّه وَقيل الراضي بِاللَّه وَأقَام يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ إِن أَصْحَاب المقتدر تحزبوا واجتمعوا وتحاربوا هم وَأَعْوَان ابْن المعتز وشتتوهم وأعادوا المقتدر إِلَى دسته واختفى ابْن المعتز فِي دَار ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي فَأَخذه المقتدر وَسلمهُ إِلَى مؤنس الْخَادِم الخاذن فَقتله)
وَسلمهُ إِلَى أَهله ملفوفاً فِي كساءٍ وَقيل إِنَّه مَاتَ حتف أَنفه وَلَيْسَ بِصَحِيح بل خنقه مؤنس وَدفن فِي خرابةٍ إزاء دَاره وَقَضيته مشهورةٌ فِيهَا طولٌ وَهَذِه خلاصتها وَكَانَ شَدِيد السمرَة مسنون الْوَجْه يخضب بِالسَّوَادِ وَكَانَ اسْم أمه قبيحة لحسنها وَله من التصانيف كتاب الزهر والرياض وَكتاب البديع وَكتاب مكاتبات الإخوان بالشعر وَكتاب الْجَوَارِح وَالصَّيْد وَكتاب السرقات وَكتاب أشعار الْمُلُوك وَكتاب الْآدَاب وَكتاب حلى الْأَخْبَار وَكتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء وَكتاب الْجَامِع فِي الْغناء كتابٌ فِيهِ أرجوزة فِي ذمّ الصبوح وَهُوَ أول من صنف فِي صَنْعَة(17/240)
الشّعْر فَوضع كتاب البديع وَقَالَ إِن البديع اسْم لفنون الشّعْر يذكرهَا فَوضع كتاب البديع وَقَالَ إِن البديع اسْم لفنون الشّعْر يذكرهَا الشُّعَرَاء ونقاد الْمُتَأَخِّرين بَينهم فَأَما الْعلمَاء باللغة وَالشعرَاء الْقَدِيم الجاهلي والمخضرمي والعربي فَلَا يعْرفُونَ هَذَا الإسم وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ قَالَ وَمَا جمع فنون البديع غير وَلَا سبقني إِلَيْهِ أحد وَهُوَ أشعر بني هَاشم على الْإِطْلَاق وأشعر النَّاس فِي الْأَوْصَاف والتشبيه لَيْسَ لأحدٍ مثل تشبيهاته وَكَانَ يَقُول إِذا قلت كَأَن وَلم أت بعْدهَا بالتشبيه ففض الله فاي وَكَانَ يحب غُلَامه نشوان وجاريته شرة وَلما مَاتَ قَامَ ابْن بسام يرثيه من الْبَسِيط
(لله دَرك من ميتٍ بمضيعةٍ ... ناهيك فِي الْعلم والآداب والحسب)
(مَا فِيهِ لَو وَلَا ليتٌ فتنقصه ... وَإِنَّمَا أَدْرَكته حِرْفَة الْأَدَب)
وَقَالَ فِيهِ بعض الأدباء من الْبَسِيط
(لَا يبعد الله عبد الله من ملكٍ ... سامٍ إِلَى الْمجد والعلياء مذ خلقا)
(قد كَانَ زين بني الْعَبَّاس كلهم ... بل كَانَ زين بني الدُّنْيَا حجىً وتقى)
(أشعاره زيفت بالشعر أجمعه ... وكل شعر سواهَا بهرجٌ ولقى)
من كَلَام ابْن المعتز بِاللَّه فِي الْآدَاب والمواعظ وَالْحكم الْأَدَب صُورَة الْعقل فَحسن أدبك كَيفَ شِئْت إِعَادَة الِاعْتِذَار تذكير بالذنب فِي العواقب شافٍ أَو مريح إِذا كثر الناعي إِلَيْك قَامَ الناعي بك الْعقل غريزة تربيها التجارب الْعلمَاء غرباء لِكَثْرَة الْجُهَّال بَينهم النصح بَين الْمَلأ تقريع إِذا تمّ الْعقل نقص الْكَلَام الأمل رَفِيق مؤنس إِن لم يبلغك فقد استمعت بِهِ لَا يقوم عز الْغَضَب بذل الِاعْتِذَار نفاق الْمَرْء من ذله وعقوبة الْحَاسِد من نَفسه من أحب الْبَقَاء فليعد للمصائب قلباً صبوراً عَلامَة الْكذَّاب جوده بِالْيمن لغير مستحلف من ذاد أدبه على عقله كَانَ)
كَالرَّاعِي الضَّعِيف مَعَ نعمٍ كَثِيرَة إفرح بِمَا لم تنطق بِهِ من الْخَطَأ مثل فرحك بِمَا لم تسكت عَنهُ من الصَّوَاب إِذا علمت فَلَا تفكر فِي كَثْرَة من دُونك من الْجُهَّال وَلَكِن اذكر من فَوْقك من الْعلمَاء الْمَرَض سجن الْبدن والهم سجن الرّوح الدَّار الضيقة الْعَمى الْأَصْغَر إِذا هرب الزَّاهِد من النَّاس فاطلبه إِذا طلب النَّاس فاهرب مِنْهُ الْبشر دالٌ على السخاء كَمَا يدل النُّور على الثَّمر من تملقك فقد استغمر فطنتك الشيب أول مواعيد الفناء لَا تَشِنْ وَجه الْعَفو بالتقريع إِنَّمَا أهل الدُّنْيَا كصور فِي صفيحة كلما نشر بَعْضهَا طوي بَعْضهَا الْعَاقِل لَا يَدعه مَا ستر الله من عيوبه يفرح مَا يظْهر من محاسنه أَن تذم بالعطاء خيرٌ من أَن تذم بِالْمَنْعِ الْعَجز نَائِم والحزم يقظان من تجرى لَك تجرى عَلَيْك مَا عفى عَن الذَّنب من قرع بِهِ الْحَسَد والنفاق وَالْكذب أثافي الذل أَمر المكاره مَا لم يحْتَسب عبد الشَّهْوَة أذلّ من عبد الرّقّ لَا تستبطئ(17/241)
الْإِجَابَة للدُّعَاء وَقد سددت طَريقَة بِالذنُوبِ النَّاس اثْنَان واحدٌ لَا يَكْتَفِي وطالبٌ لَا يجد كلما كثر خزان الْأَسْرَار ازدادت ضيَاعًا مَا ادري أَيّمَا أَمر موت الْغنى أم حَيَاة الْفقر أفقرك الْوَالِد وعاداك الْحَاسِد مغتاظٌ على من لَا ذَنْب لَهُ من كثر تملقه لم يعرف بشره من أَكثر المشورة لم يعْدم عِنْد الصَّوَاب مادحاً وَعند الْخَطَأ عاذراً شكرك نعْمَة سالفة تَقْتَضِي نعْمَة مستأنفه كلما حسنت نعْمَة الْجَاهِل ازْدَادَ قبحاً فِيهَا من قبل عطاءك فقد أعانك على الْكَرم وَلَوْلَا من يقبل الْجُود لم يكن من يجود الْعَالم يعرف الْجَاهِل لِأَنَّهُ قد كَانَ جَاهِلا وَالْجَاهِل لَا يعرف الْعَارِف لِأَنَّهُ لم يكن عَارِفًا كفى بالظفر للمذنب إِلَى الْحَلِيم من ترفع بِعِلْمِهِ وَضعه الله بِعِلْمِهِ زلَّة الْعَالم كانكسار السَّفِينَة يغرق مَعهَا خلقٌ كثير من كتم علما فَكَأَنَّهُ جاهله علم الْمُنَافِق فِي قَوْله وَعلم الْمُؤمن فِي عمله إِنَّمَا يحبك من لَا يتملقك ويثني عَلَيْك من لَا يسمعك من مدحك بِمَا لَا يَلِيق فحقيق أَن يذمك بِمَا لَيْسَ فِيك أبق لرضاك من غضبك لَا يرضى عَنْك الحسود حَتَّى تَمُوت إِذا قدمت الرَّحْمَة شبهت بِالْقَرَابَةِ لَا تسرع إِلَى أرفع مَوضِع فِي الْمجْلس فالموضع الَّذِي ترفع إِلَيْهِ خير من الْموضع الَّذِي تحط عَنهُ
إِذا زادك السُّلْطَان تأنيساً فزده إجلالاً أَصْغَر الْأَعْدَاء اخفاهم مكيدةً وأمضهم على المغلوب ظفراً لَو تميزت الْأَشْيَاء كَانَ الْكذَّاب مَعَ الْجُبْن والصدق مَعَ الشجَاعَة والتعب مَعَ الطمع والراحة مَعَ الْيَأْس والحرمان مَعَ الْحِرْص والذل مَعَ الدّين الْمَعْرُوف إِلَيْك غل لَا يفكه إِلَّا شكرٌ أَو مُكَافَأَة إِذا حضر الْأَجَل افتضح الأمل رَأس السخاء أَدَاء الْأَمَانَة الصَّبْر على)
الْمُصِيبَة مصيبةٌ على الشامت بهَا من كثر مزاحه لم يخل من استخفافٍ بِهِ أَو حقدٍ عَلَيْهِ كَثْرَة الدّين تضطر الصَّادِق إِلَى الْكَذِب والمنجز إِلَى الإخلاف الْوَعْد أول الْعَطاء وَآخره إنجازه رب صديق تُؤْتى من جَهله لَا من نِيَّته أول الْغَضَب جُنُون وَآخره نَدم إنفرد بسرك لَا وتودعه حازماً فيزل وَلَا جَاهِلا فيخون علم الْإِنْسَان وَلَده المخلد الْمَعْرُوف رق والمكافأن عتق من لم يقدم الامتحان قبل الثِّقَة والثقة قبل الْأَمْن أثمرت مودته ندماً الْجَاهِل صَغِير وَإِن كَانَ شَيخا والعالم كبيرٌ وَإِن كَانَ حَدثا الْمَيِّت يقل الْحَسَد لَهُ وَيكثر الْكَذِب عَلَيْهِ أبخل النَّاس بِمَالِه أجودهم بعرضه أذكر عِنْد الظُّلم عدل الله فِيك وَعند الْقُدْرَة قدرَة الله عَلَيْك أعرف النَّاس بِاللَّه أرضاهم عَن أقداره الْملك بِالدّينِ يبْقى وَالدّين بِالْملكِ يقوى الْعجب شَرّ آفَات الْعقل الخضاب من شُهُود الزُّور الزّهْد فِي الدُّنْيَا الرَّاحَة الْعُظْمَى الظُّلم من اللؤم والإنصاف من الْكَرم غضب الْجَاهِل فِي قَوْله وغضبُ الْعَاقِل فِي فعله طَلَاق الدُّنْيَا مهر الْجنَّة وَقَالَ بعض من كَانَ يَخْدمه إِنَّه خرج يَوْمًا يتنزه وَمَعَهُ ندماؤه وَقصد بَاب الْحَدِيد وبستان الناعورة وَكَانَ ذَلِك آخر أَيَّامه فأحذ خزفةً وَكتب بالجص من المجتث
((17/242)
سقيا لظل زماني ... ودهري الْمَحْمُود)
(ولى كليلة وصلٍ ... قُدَّام يَوْم صدود)
قَالَ وَضرب الدَّهْر ضربانه ثمَّ عدت بعد قتل ابْن المعتز فَوجدت خطه خفِيا وَتَحْته مَكْتُوب من المجتث
(أفٍّ لظل زماني ... وعيشي المنكود)
(فَارَقت أَهلِي وإلفي ... وصاحبي ووددي)
(وَمن هويت جفاني ... مطاوعاً لحسودي)
(يَا رب موتا وَإِلَّا ... فراحةً من صدود)
وَكَانَ ابْن المعتز حَنَفِيّ الْمَذْهَب لقَوْله من أبياتٍ من الطَّوِيل
(فهاتا عقارا فِي قَمِيص زجاجةٍ ... كياقوتةٍ فِي درةٍ تتوقد)
(وقتني من نَار الْجَحِيم بِنَفسِهَا ... وَذَلِكَ من إحسانها لَيْسَ يجْحَد)
وَكَانَ سني العقيدة منحرفاً عَن العلوين قَالَ وَلِهَذَا فِي قصيدته البائية الَّتِي أَولهَا من المتقارب
(أَلا من لعَيْنِي وتسكابها ... تشكى القذى وبكاها بهَا)
)
وَمِنْهَا من المتقارب
(نهيت بني رحمي لَو وعوا ... نصيحة برٍّ بأنسابها)
(وراموا قُريْشًا أسود الشرى ... وَقد نشبت بَين أنيابها)
(قتلنَا أُميَّة فِي دارها ... فَكُنَّا أَحَق بأسلابها)
(وَكم عصبةٍ قد سفت مِنْكُم ال ... خلَافَة صاباً باكوابها)
(إِذا مَا دنوتم تلقتكم ... زبوناً وقرت بجلا بهَا)
(وَلما أبي الله ان تملكوا ... دعينا إِلَيْهَا فقمنا بهَا)
(وَمَا رد حجابها وافداً ... لنا إِذْ وقفنا بأبوابها)
(كقطب الرَّحَى واقفت أُخْتهَا ... دَعونَا لَهَا وعلينا بهَا)
(وَنحن ورثنا ثِيَاب النَّبِي ... فَلم تجذبون بأهدابها)
(لكم رحمٌ يَا بني بنته ... وَلنْ أرى الْعم أولى بهَا)(17/243)
قلت أَخذ هَذَا من قَول مَنْصُور النمري وَقَول مَرْوَان ابْن أبي حَفْصَة وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة مَنْصُور النمري
(بِهِ نصر الله مَحل الْحجاز ... وأبرأها بعج أوصابها)
(وَيَوْم حنينٍ فداعيكم ... وَقد أبدت الْحَرْب عَن نابها)
(فَلَمَّا علا الحبر أَكْفَانه ... هوى مللٌ بَين أثوابها)
(فمهلاً بني عمنَا إِنَّهَا ... عَطِيَّة ربٍّ حبانا بهَا)
(وَأقسم أَنكُمْ تعلمو ... ن أَنا لَهَا خير أَرْبَابهَا)
وَقد أَجَابَهُ عَن ذَلِك صفي الدّين الْحلِيّ فِي وَزنهَا ورويها أَنْشدني ذَلِك لنَفسِهِ إجَازَة من المتقارب
(أَلا قل لشر عبيد الْإِلَه ... وطاغي قريشٍ وكذابها)
(وباغي الْعباد وباغي العناد ... وهاجي الْكِرَام ومغتابها)
(أَأَنْت تفاخر آل النَّبِي ... وتجحدها فضل أحسابها)
(بكم بَاهل الْمُصْطَفى أم بهم ... فَرد العداة بأوصابها)
(أعنكم نفى الرجس أم عَنْهُم ... لطهر النُّفُوس وألبابها)
)
(أما الرجس وَالْخمر من دأبكم ... وفرط الْعِبَادَة من دابها)
(وَقلت ورثنا ثِيَاب النَّبِي ... فكم تجذبون بأهدابها)
(وعندك لَا تورث الْأَنْبِيَاء ... فَكيف حظيتم بأثوابها)
(فَكَذبت نَفسك فِي الْحَالَتَيْنِ ... وَلم تعلم الشهد من صابها)
(أجدك يرضى بِمَا قلته ... وَمَا كَانَ يَوْمًا بمرتابها)
(وَكَانَ بصفين من حزبهم ... لِحَرْب الطغاة وأحزابها)
(وَقد شمر الْمَوْت عَن سَاقه ... وأكشرت الْحَرْب عَن نابها)
(فَأقبل يَدْعُو إِلَى حيدرٍ ... بإرغابها وبإرهابها)
(وآثر أَن يرتضيه الْأَنَام ... من الْحكمَيْنِ لإسهابها)
(ليعطي الْخلَافَة أَهلا لَهَا ... فَلم يرتضوه لإيجابها)(17/244)
(وَصلى مَعَ النَّاس طول الْحَيَاة ... وحيدر فِي صدر مِحْرَابهَا)
(فَهَلا تقمصها جدكم ... إِذا كَانَ إِذْ ذَاك أَحْرَى بهَا)
(وَإِذ جعل الْأَمر شُورَى لَهُم ... فَهَل كَانَ من بعض أَرْبَابهَا)
(أخامسهم كَانَ أم سادساً ... وَقد جليت بَين خطابها)
(وقولك أَنْتُم بَنو بنته ... وَلَكِن بَنو الْعم أولى بهَا)
(بَنو الْبِنْت أَيْضا بَنو عَمه ... وَذَلِكَ أدنى لأنسابها)
(فدع فِي الْخلَافَة فضل الْخلاف ... فَلَيْسَتْ ذلولاً لركابها)
(وَمَا أَنْت والفحص عَن شَأْنهَا ... وَمَا قمصوك بأثوابها)
(وَمَا ساورتك سوى ساعةٍ ... فَمَا كنت أَهلا لأسبابها)
(وَكَيف يخصوك يَوْمًا بهَا ... وَلم تتأدب بآدابها)
(وَقلت بأنكم القاتلون ... أسود أُميَّة فِي غابها)
(كذبت وأسرفت فِيمَا ادعيت ... وَلم تنه نَفسك عَن عابها)
(فكم حاولتها سراةٌ لكم ... فَردَّتْ على نكص أعقابها)
(وَلَوْلَا سيوف أبي مسلمٍ ... لعزت على جهد طلابها)
(وَذَلِكَ عبدٌ لَهُم لَا لكم ... رعى فِيكُم قرب أنسابها)
)
(وكنتم أُسَارَى بطُون الحبوس ... وَقد شفكم لثم أعتابها)
(فأخرجكم وحباكم بهَا ... وقمصكم فضل جلبابها)
(فجازيتموه بشر الْجَزَاء ... لطغوى النُّفُوس وإعجابها)
(فدعٌ ذكر قومٍ رَضوا بالكفاف ... وَجَاءُوا الْخلَافَة من بَابهَا)
(هم الزاهدون هم العابدون ... هم الْعَالمُونَ بآدابها)
(هم الصائمون هم القائمون ... هم الساجدون بمحرابها)
(هم قطب مِلَّة دين الْإِلَه ... ودور الرحي بأقطابها)
(عَلَيْك بلهوك بالغانيات ... وخل الْمَعَالِي لأصحابها)
(وَوصف الْعَذْرَاء ذَات الْخمار ... ونعت الْعقار بألقابها)
(فَذَلِك شَأْنك لَا شَأْنهمْ ... وجري الْجِيَاد بأحسابها)(17/245)
من قَول ابْن المعتز يفخر على العلويين من هَذِه الْمَادَّة من المتقارب
(فَأنْتم بَنو بنته دُوننَا ... وَنحن بَنو عَمه الْمُسلم)
وَمِنْه أَيْضا من الطَّوِيل
(وأعطاكم الْمَأْمُون عهد خلافةٍ ... لنا حَقّهَا لكنه جاد بالدنيا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(دعوا آل عباسٍ وإرث أَبِيهِم ... وَإِيَّاكُم مِنْهُم فَإِنَّهُم هم)
(ملوكٌ إِذا خَاضُوا الوغى فسيوفهم ... مقابضها مسكٌ وسائرها دم)
وَمِنْه قَوْله عِنْد الِانْتِصَار عَلَيْهِم من الطَّوِيل
(قدحتم زناد الْحَرْب أول مرةٍ ... لنا وخلعتم بَيْننَا ربقة الْعَهْد)
(وفاخرتم قوما بهم فَازَ قدحكم ... وهم علموكم فِي الملا حبوة الْمجد)
(فلذنا بِرُكْن الصَّبْر وانتصفت لنا ... صوارم تعدينا إِذا قل من يعدي)
وَمن شعره من الْبَسِيط
(مستيقظٌ لَا يفل الشَّك عزمته ... كَأَن أَوْهَامه أبصار أَقوام)
(لَا يشتكي الدَّهْر إِن خطبٌ ألم بِهِ ... إِلَّا إِلَى صعدةٍ أوحدّ صمصام)
وَمِنْه من المتقارب)
(تفقد مساقط لحظ الْمُرِيب ... فَإِن الْعُيُون وُجُوه الْقُلُوب)
(وطالع بوادره فِي الْكَلَام ... فَإنَّك تجني ثمار الغيوب)
وَمِنْه من مجزوء الْبَسِيط
(عجل شيبي على شَبَابِي ... ولي ديونٌ على الحبيب)
(لما تولى الصَّبِي سَرِيعا ... صفقت وَجْهي على المشيب)
وَمِنْه من السَّرِيع
(سَابق إِلَى مَالك وراثه ... مَا الْمَرْء فِي الدُّنْيَا بلباث)
(كم صامتٍ يخنق أكياسه ... قد صَاح فِي ميزَان مِيرَاث)
وَقَالَ ابْن المعتز رَحمَه الله فِي ذمّ الصبوح من الرجز
(لي صاحبٌ قد لامني وَزَادا ... فِي تركي الصبوح ثمَّ عادا)(17/246)
(قَالَ أَلا تشرب بِالنَّهَارِ ... وَفِي ضِيَاء الْفجْر والأسحار)
(إِذا وشى بِاللَّيْلِ صبحٌ فافتضح ... وَذكر الطَّائِر شجواً فصدح)
(والنجم فِي حَوْض الْغُرُوب وَارِد ... وَالْفَجْر فِي إِثْر الظلام طارد)
(ونفض اللَّيْل على الرَّوْض الندى ... وحركت أغصانه ريح الصِّبَا)
(وَقد بَدَت فَوق الْهلَال كرته ... كهامة الْأسود شابت لحيته)
(فجمش الدَّار بِبَعْض نوره ... وَاللَّيْل قد رفع من ستوره)
(وقدت المجرة الظلاما ... تحسبها فِي لَيْلهَا إِذا مَا)
(تنفس الصُّبْح وَلما يشْتَغل ... بَين النُّجُوم مثل خرق المكتهل)
(وَقَالَ شرب اللَّيْل قد آذَانا ... وطمس الْعُقُول والأذهانا)
(وَشَكتْ الْجِنّ إِلَى إِبْلِيس ... أَنهم فِي أضيق الحبوس)
(يَبُول فِي وجههم ويخرا ... وَيقتل الذُّبَاب مِنْهُم صبرا)
(أما ترى الْبُسْتَان كَيفَ نورا ... وَنشر المنثور بردا أصفرا)
(وَضحك الْورْد إِلَى الشقائق ... واعتنق الْقطر اعتناق الوامق)
(فِي روضةٍ كحلة الْعَرُوس ... وخرمٍ كهامة الطاوس)
(وياسمينٍ فِي ذرى الإغصان ... منظماً كَقطع العقيان)
)
(والسرو مثل قضب الزبرجد ... قد استمد المَاء من تربٍ ند)
(على رياضٍ وثرىً ثري ... وجدولٍ كالمبرد المجلي)
(وفرش الخشخاش جيباً وفتق ... كَأَنَّهُ مصاحفٌ بيض الْوَرق)
(حَتَّى إِذا مَا انتشرت أوراقه ... وَكَاد أَن ينأد رياً سَاقه)
(صَار كأقداحٍ من البلور ... كَأَنَّمَا تجسمت من نور)
(وَبَعضه عُرْيَان من أثوابه ... قد خجل البائس من أَصْحَابه)
(تبصره بعد انتثار الْورْد ... مثل الدبابيس بأيدي الْجند)
(والسوسن الآزاذ منشور الْحلَل ... كقطن قد مَسّه بعض البلل)
(نور فِي حاشيتي بستانه ... وَدخل الميدان فِي ضَمَانه)
(وَقد بَدَت فِي ثمار الكنكر ... كَأَنَّهَا جماجمٌ من عنبر)(17/247)
(وَحلق البهار فَوق الآس ... جمجمةً كهامة الشماس)
(حِيَال شيحٍ مثل شيب النّصْف ... وجوهرٍ من زهرٍ مُخْتَلف)
(وجلنارٍ كاحمرار الخد ... أَو مثل أعراف ديوك الْهِنْد)
(والأقحوان كالثنايا الغر ... قد صقلت أنواره بالقطر)
(قل لي أَهَذا حسنٌ بِاللَّيْلِ ... ويلي مِمَّا تشْتَهي وعولي)
(وَأكْثر الفضول والأوصافا ... فَقلت قد حببت لي الخلافا)
(بت عندنَا حَتَّى إِذا الصُّبْح سفر ... كَأَنَّهُ جدول ماءٍ منفجر)
(قمنا إِلَى زادٍ لنا معد ... وقهوةٍ صراعةٍ للجلد)
(كَأَنَّمَا حبابها المنشور ... كواكبٌ فِي فلكٍ تَدور)
(ومسمعٍ يلْعَب بالأوتار ... أرق من نائحة القُماري)
(وَلَا تقل لي قد ألفت منزلي ... فتفسد القَوْل بعذرٍ مُشكل)
(فَقَالَ هَذَا أول الْجُنُون ... مَتى ثوى الضَّب بوادي النُّون)
(دعوتكم إِلَى الصَّباح ثمَّ لَا ... أكون فِيهِ إِذْ أجبتم أَولا)
(لي حاجةٌ لَا بُد من قَضَائهَا ... فتستريح النَّفس من عنائها)
(ثمَّ أجي وَالصُّبْح فِي عنان ... من قبل أَن يغْفر بِالْأَذَانِ)
)
(ثمَّ مضى يوعد بالبكور ... وهز رَأس فرحٍ مسرور)
(فَقُمْت مِنْهُ خَائفًا مرتاعاً ... وَقلت نَامُوا وَيحكم سرَاعًا)
(لتأْخذ الْعين من الرقاد ... حضاً إِلَى تغليسة الْمُنَادِي)
(فمسحت جنوبنا المضاجعا ... وَلم أكن للنوم قبل طَائِعا)
(ثمت قمنا والظلام مطرق ... وَالطير فِي أوكارها لَا تنطق)
(وَقد تبدى النَّجْم فِي سوَاده ... كحلة الراهب فِي حداده)
(وَنحن نصغي السّمع نَحْو الْبَاب ... فَلم نجد حسا من الْكذَّاب)
(حَتَّى تبدت حمرَة الصَّباح ... وأوجع للندمان سَوط الراح)
(وَقَامَت الشَّمْس على الرؤوس ... وَملك السكر على النُّفُوس)
(جَاءَ بوجةٍ بَارِد التبسم ... مفتضحٍ لما جنى مذمم)(17/248)
(يعثر وسط الدَّار من حيائه ... وينتف الْأَهْدَاب من رِدَائه)
(فعطعط الْقَوْم بِهِ حَتَّى سدر ... وافتتح القَوْل بعيٍّ وَحصر)
(وَقَالَ يَا قوم اسمعوا كَلَامي ... لَا تسرعوا ظلما إِلَى ملامي)
(فجاءنا بقصةٍ كذابه ... لم يفتح الْقلب لَهَا أبوابه)
(كعذر الْعَينَيْنِ يَوْم السَّابِع ... إِلَى عروسٍ ذَات فرجٍ ضائع)
(قَالَ اشربوا فَقلت قد شربنا ... أَتَيْتنَا وَنحن قد سكرنا)
(فَلم يزل بِشَأْنِهِ مُنْفَردا ... يرفع بالكأس إِلَى فِيهِ يدا)
(وَالْقَوْم من معذرٍ نشوان ... أَو غرقٍ فِي نَومه وَسنَان)
(كَأَنَّهُ آخر خيل الحلبه ... لَهُ من السواس ألف ضربه)
(مُجْتَهدا كَأَنَّهُ قد أفلحا ... يطلع فِي آثارها مقبحاً)
(فاسمع فَإِنِّي للصبوح عائب ... عِنْدِي من أخباره عجائب)
(إِذا أردْت الشّرْب عِنْد الْفجْر ... والنجم فِي لجة ليلٍ يسري)
(وَكَانَ بردٌ فالنديم يرتعد ... وريقه على الثنايا قد جمد)
(وللغلام ضجرةٌ وهمهمه ... وشتمةٌ فِي صَدره مجمجمه)
(يمشي بِلَا رجلٍ من النعاس ... ويدفق الكأس على الْجلاس)
)
(ويلعن الْمولى إِذا دَعَاهُ ... وَوَجهه إِن جَاءَ فِي فقاه)
(وَإِن أحس من نديمٍ صَوتا ... قَالَ مجيباً طعنةً وموتا)
(وَإِن يكن للْقَوْم ساقٍ يعشق ... فجفنه بجفنه مدبق)
(وَرَأسه كَمثل فروٍ قد مطر ... وصدغه كالصولجان المنكسر)
(أعجل من مسواكه وزينته ... وهيئةٍ تنضر حسن صورته)
(فَجَاءَهُمْ بفسوة اللحاف ... مَحْمُولَة فِي الثَّوْب والأعطاف)
(كَأَنَّهُ عض على دماغ ... مُتَّهم الأنفاس والأرفاغ)
(يخدمهم بشفشجٍ محلول ... وَيحمل الكأس بِلَا منديل)
(فَإِن طردت الْبرد بالستور ... وَجئْت بالكانون والسمور)
(فَأَي فضلٍ للصبوح يعرف ... على الغبوق والظلام مسدف)(17/249)
(وَلَو دسست فِي است محمومٍ لما ... نجا من القر إِذا مَا صمما)
(تحس من رَائِحَة الشَّمَائِل ... صرصرةً ترسب فِي المفاصل)
(وَقد نسيت شرر الكانون ... كَأَنَّهُ نثار ياسمين)
(يَرْمِي بِهِ الْجَمْر إِلَى الأحداق ... إِن رمى قرطس فِي الآماق)
(وَترك الْبسَاط بعد الخمد ... ذَا نقطٍ سودٍ كَجلْد الفهد)
(وَقطع الْمجْلس باكتئاب ... وذكرحرق النَّار للثياب)
(وَلم يزل للْقَوْم شغلاً شاغلا ... وأصبحت جِبَابهمْ مناخلا)
(حَتَّى إِذا مَا ارْتَفَعت شمس الضُّحَى ... قيل فلانٌ وفلانٌ قد أَتَى)
(وَرُبمَا كَانَ ثقيلاً يحتشم ... فطول الْكَلَام حينا وجثم)
(وَرفع الريحان والنبيذ ... وَزَالَ عَنَّا عيشنا اللذيذ)
(وَلست فِي طول النَّهَار آمنا ... من حَادث لم يَك قبل كَائِنا)
(أَو خبر يكره أَو كتاب ... يقطع طَبِيب اللَّهْو وَالشرَاب)
(فاسمع إِلَى مشالب الصبوح ... فِي الصَّيف قبل الطَّائِر الصدوح)
(حِين حلا النّوم وطاب المضجع ... وانحسر اللَّيْل ولذ المهجع)
(وَانْهَزَمَ البق وَكن رتعا ... على الدِّمَاء وارداتٍ شرعا)
)
(من بعد مَا قد أكلو الأجسادا ... وطيروا عَن الورى الرقاد)
(فَقرب الزَّاد إِلَى نيام ... ألسنهم ثَقيلَة الْكَلَام)
(من بعد أَن دب عَلَيْهِ النَّمْل ... وحيةٌ تقذف سما صل)
(وعقربٌ محذورةٌ قِتَاله ... وجعلٌ فوارةٌ بواله)
(وللمغني عارضٌ فِي حلقه ... ونعسةٌ قد قدحت فِي حذقه)
(وَإِن أدرت الشّرْب بعد الْفجْر ... وَالصُّبْح قد سل سيوف الْحر)
(فساعةً ثمَّ تجيك الدامغة ... بنارها فَلَا تسوغ سَائِغَة)
(ويسخن الشَّرَاب والمزاج ... وَيكثر الْخلاف والضجاج)
(من معشرٍ قد جرعوا الحميما ... وطمعوا من زادهم سموما)
(وغيمت أنفاسهم أقداحهم ... وعذبت أقداحها أَرْوَاحهم)(17/250)
(وأولعو بالحك والتفرك ... وعصت الآباط أَمر المرتك)
(وَصَارَ ريحانهم كالقت ... فكلهم لكلهم ذُو مقت)
(وَبَعْضهمْ يمشي بِلَا رجلَيْنِ ... وَيَأْخُذ الكأس بِلَا يدين)
(وَبَعْضهمْ محمرةٌ عَيناهُ ... من السمُوم محرقٌ خداه)
(وَبَعْضهمْ عِنْد ارْتِفَاع الشَّمْس ... يحس جوعا مؤلما للنَّفس)
(فَإِن أسر مَا بِهِ تهوسا ... وَلم يطق فِي ضعفةٍ تنفسا)
(وَطَاف فِي أصداغه الصداع ... وَلم يكن بِمثلِهِ انْتِفَاع)
(وَكَثُرت حِدته وضجره ... وَصَارَ كالجمر يطير شرره)
(وهم بالعربدة الوحيه ... وَصرف الكاسات والتحيه)
(وَظَهَرت سبعيةٌ فِي خلقه ... وَمَات كل صاحبٍ من فرقه)
(وَإِن دَعَا الشقي بِالطَّعَامِ ... خيط جفنيه على الْمَنَام)
(وَكلما جَاءَت صلاةٌ واجبه ... فسا عَلَيْهَا فتولت هاربه)
(فكدر الْعَيْش بيومٍ أبلق ... أقطاره بلهوه لم تلتق)
(فَمن أدام للشقاء هَذَا ... من فعله والتذه التذاذا)
(لم يلف إِلَّا دنسٍ الأثواب ... مهوساً بهوس الْأَصْحَاب)
)
(يزْدَاد مهنواً وضنى وسقما ... وَلَا ترَاهُ الدَّهْر إِلَّا فدما)
(ذَا شاربٍ وظفرٍ طويلٍ ... ينغص الزَّاد على الأكيل)
(ومقلةٍ مبيضة المآقي ... وأذنٍ كحقة الدرياق)
(وجسدٍ عَلَيْهِ جلدٌ من وسخ ... كَأَنَّهُ شرب نفطاً أَو لطخ)
(تخال تَحت إبطه إِذا عرق ... لحية قاضٍ قد نجا من الْغَرق)
(وريقة كَمثل طوقٍ من أَدَم ... وَلَيْسَ من ترك السِّوَاك يحتشم)
(فِي صَدره من واكفٍ وقاطر ... كأثر الذرق على الكنادر)
(هَذَا وَمَا تركت أَكثر ... فجربوا مَا قلته وفكروا)
قلت إِنَّمَا أثبت هَذِه المزدوجة بِطُولِهَا لما فِيهَا من بَدَائِع التَّشْبِيه وغرائب الِاسْتِعَارَة وَقد عَارضه فِيهَا الشريف أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن حيدرة الْعقيلِيّ وَعكس مَقْصُوده ومدح فِيهَا الصبوح وَلَكِن لَيست كهذه فتانة فَإِن هَذِه درةٌ يتيمة وَتلك مرْجَانَة وسوف تَأتي إِن(17/251)
شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور فِي مَكَانَهُ
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وطافت بأقداح المدامة بَيْننَا ... بَنَات نَصَارَى قد تزين بالخفر)
(وَتَحْت زنانيرٍ شددن عقودها ... زنانير أعكانٍ معاقدها السرر)
قلت نقل هَذَا الْمَعْنى التهامي من هُنَا فَقَالَ من الْبَسِيط
(وغادرت فِي العدا طَعنا يحف بِهِ ... ضرب كَمَا حفت الأعكان بالسرر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلَسْت ترى شيباً لرأسي ماثلاً ... ونت حيلي عَنهُ وضاق بِهِ ذرعي)
(كَأَن المناقيش الَّتِي تعتورنه ... مناقير طيرٍ تتقي سنبل الزَّرْع)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومحجلٍ غر الْيَمين كَأَنَّهُ ... متبخرٌ يمشي بكمٍّ مُسبل)
(متلثمٍ لجم الْحَدِيد يلوكها ... لوك الفتاة سواكها من إسحل)
وَمِنْه فِي رَوْضَة من الْبَسِيط
(تضاحك الشَّمْس أنوار الرياض بهَا ... كَأَنَّمَا نثرت فِيهَا الدَّنَانِير)
)
(وَتَأْخُذ الرّيح من دخانها عبقاً ... كَأَن تربَتهَا مسكٌ وكافور)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(وَالرِّيح تجذب أَطْرَاف الرِّدَاء كَمَا ... أفْضى شفيقٌ إِلَى تَنْبِيه وَسنَان)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَأصْبح يحدي للنوى كل بازلٍ ... سفينة أسفارٍ على الأَرْض تسبح)
(وَقد ثقلت أخفافه فَكَأَنَّهَا ... من الأين أرحاءٌ تشال وتطرح)
وَمِنْه من الوافر
(وفتيانٍ سروا وَاللَّيْل داجٍ ... وضوء الصُّبْح مُتَّهم الطُّلُوع)
(كَأَن بزاتهم أُمَرَاء جيشٍ ... على أكتافهم صدأ الدروع)(17/252)
وَمِنْه فِي الْهلَال والثريا من المنسرح
(قد انْقَضتْ دولة الصّيام وَقد ... بشر سقم الْهلَال بالعيد)
(بتلو الثريا كفاغرٍ شرهٍ ... يفتح فَاه لأكل عنقود)
وَمِنْه من الْكَامِل
(فِي ليلةٍ أكل المحاق هلالها ... حَتَّى تبدي مثل وقف العاج)
(وَالصُّبْح يَتْلُو المُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ ... عُرْيَان يمشي فِي الدجى بسراج)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَقد صغت الجوزاء حَتَّى كَأَنَّهَا ... وَرَاء نجومٍ هاويات هاوياتٍ وغور)
(صنوج على رقاصةٍ قد تمايلت ... لتلهي شرباً بَين دفٍ ومزهرٍ)
وَمِنْه فِي الْحَيَّة من الْبَسِيط
(كَأَنَّهَا حِين تبدو من مكامنها ... غضنٌ تفتح فِيهِ النُّور وَالْوَرق)
(يستل مِنْهَا لسانٌ تستغيث بِهِ ... كَمَا تعوذ بالسبابة الْفرق)
وَمِنْه من الوافر
(أَطَالَ الدَّهْر فِي بغداذ همتي ... وَقد يشقى الْمُسَافِر أَو يفوز)
(ظللت بهَا على كرهي مُقيما ... كعنينٍ تعانقه عَجُوز)
وَمِنْه من المتقارب)
(إِذا مَا طَعنا بطُون الدنان ... وَسَار دم الْكَرم مِنْهُنَّ سورا)
(كَأَن خراطيمها فِي الزّجاج ... خراطيم نحلٍ ينقين نورا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(كَأَنَّمَا أقداحنا فضةٌ ... قد بطنت بِالذَّهَب الْأَحْمَر)
وَمِنْه من الوافر
(كَأَن بكاسها نَارا تلظى ... وَلَوْلَا المَاء كَانَ لَهَا حريق)
(كَأَن غمامةً بَيْضَاء بيني ... وَبَين الراح تحرقها البروق)
وَمِنْه من السَّرِيع
(يَا رب ليلٍ سحرٌ كُله ... مفتضح الْبَدْر عليل النسيم)
(لم أعرف الإصباح الإصباح فِي ضوئه ... لما بدا إِلَّا بسكر النديم)(17/253)
صَاحب الأندلس عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان الحكم بن هِشَام بن عبد الرحمان ابْن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة عبد شمس بن عبد منَاف بن قصي الْأمَوِي المرواني صَاحب الأندلس ولي الْأَمر بعد أَخِيه الْمُنْذر بن مُحَمَّد وطالت أَيَّامه وَبَقِي خمْسا وَعشْرين سنة وَكَانَ من الْأُمَرَاء العادلين الَّذين يعز وجودهم وَكَانَ صَالحا تقياً كثير الْعِبَادَة والتلاوة رَافعا علم الْجِهَاد مُلْتَزما للصلوات فِي الْجَامِع وَله غزوات مَشْهُورَة وَكَانَ أديباً عَالما توفّي فِي غرَّة شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاثمِائَة وَبلغ من السن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة وسوف يَأْتِي ذكر أَخِيه الْمُنْذر فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ صَاحب الريحان والريعان ثمَّ وَليهَا عبد الله بن مُحَمَّد ولَايَة منحلةً وَقد كَانَ النَّاس سئموا الْحَرْب والفتنة فانصدعوا فِي كل جِهَة ثمَّ ثَابت المملكة بظفره بحصون ابْن حفصون والوقايع الَّتِي أوقع بِهِ ووفر على الْمُسلمين وأنمى لَهُم بَيت مَالهم فَلم يمد يدا إِلَيْهِم وَاقْتصر على مُؤْنَته وعَلى مُؤنَة من يعوله من مَال نَفسه وخاصة كَسبه وَحل مِيرَاثه وَحمل على ذَلِك وَلَده وَسَائِر خاصته فَلم ينْفق من مَال الله شَيْئا إِلَّا فِي مَوْضِعه من الذب عَن بِلَاد الْمُسلمين وحوزة الدّين وَكَانَ روعاً
وَمن شعره من المنسرح
(لهفي على شادنٍ كجيلٍ ... فِي مثله يخلع العذارُ)
)
(كَأَنَّمَا وجنتاه وردٌ ... خالطٌ محمرَّه البهارُ)
(قضيب بانٍ إِذا تنثى ... يُدِير طرفا بِهِ أحورارُ)
(يصفو وحبّي عَلَيْهِ وقفٌ ... مَا اطرد اللَّيْل والنهارُ)
وَمِنْه من السَّرِيع(17/255)
(يَا كبد العشاق مَا أوجعك ... وَيَا أَسِير الْحبّ مَا أخضعك)
(وَيَا رَسُول الْعين من لحظها ... بِالرَّدِّ والتبليغ مَا أسرعك)
(تنطق بِالسحرِ وَتَأْتِي بِهِ ... فِي مجلسٍ يخفى على من مَعَك)
وَمِنْه من مجزوء الرمل
(هَذِه الدَّار الَّتِي قد ... كنت من قبل أَزور)
(قد محاها الدَّهْر بعدِي ... مثل مَا تمحى المطور)
(عج بهَا حَتَّى يُوفي ... حَقّهَا الْقلب الصبور)
(مَا قلوبٌ لم تذب بِعْ ... د النَّوَى إِلَّا صخور)
وَكَانَ جميلاً يمْلَأ الْعين بهاءً وَكَانَ متواضعاً يلازم الصَّلَوَات فِي الْجَامِع لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ يشاور الْعلمَاء ويزورهم وَكَانَ متصرفاً فِي الْعُلُوم إِلَّا أَنه ينْسب إِلَى الْبُخْل المفرط الَّذِي آل بِهِ إِلَى فَسَاد ملكه وقاسى من بخله سبطه النَّاصِر إِلَّا أَنه اخْتصَّ بخدمته من صغره من ذَلِك أَنه خرج مَعَه يَوْمًا فَنزل عَن فرسه لقَضَاء صلاةٍ فهرب الْفرس وتعب أَصْحَاب الموكب فِي أمره حَتَّى أَخَذُوهُ فَقَالَ لَهُ يَا عبد الرحمان مَالِي أَرَاك بِغَيْر خصي يحفظ دابتك فَقَالَ لَهُ النَّاصِر لَيْسَ يفضل لي من راتبي مَا اتَّخذهُ بِهِ فَقَالَ إِذا انصرفنا إِلَى الْقصر ذَكرنِي فَلَمَّا ذكره وَهُوَ لَا يشك أَن الوصيف حاصلٌ أَمر لَهُ بشكيمة مليحةٍ وَكتب عَنهُ النَّاصِر كتابا أرضاه بِهِ فَقَالَ لَهُ قُم إِلَى تِلْكَ الطاق فَخذ تِلْكَ الدَّجَاجَة بِمَا مَعهَا من الرقَاق فقد آثرتك بهَا مبارك لَك فِيهَا
ابْن البندار عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن ناقيا بن دَاوُد أَبُو الْقَاسِم بن أبي الْفَتْح الْحَنَفِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن البندار الْبَغْدَادِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار هَكَذَا رَأَيْت اسْمه بِخَط يَده وَرَأَيْت بِخَط عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي اسْمه عبد الْبَاقِي ذكر فِي عبد الْبَاقِي(17/256)
ابْن القلعي)
عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْأَوَانِي أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن القلعي أَخُو مُحَمَّد كَانَ أديباً شَاعِرًا وورى عَن الشريف مَسْعُود بن المحسن البياضي وَأبي عَليّ بن الشبل وَأبي الْقَاسِم بن ناقيا وورى عَنهُ أَبُو طاهرٍ السِّلفي فِي مُعْجم شُيُوخه
أترجّه الشَّاعِر عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْهَاشِمِي أترجة كَانَ شَاعِرًا مدح المستعين بِاللَّه قَالَ دخلت على المستعين وَقد خرج من الكرخ فَأَنْشَدته من الطَّوِيل
(غَدَوْت بسعدٍ غدْوَة لَك باكره ... فَلَا زَالَت الدُّنْيَا بملكك عامره)
(ونال مواليك الْغنى بك مَا بقوا ... وعزوا وعزت دولةٌ لَك ناضره)
(بقيت علينا غيث جودٍ ورحمةٍ ... فنلنا بدنيا مِنْك فضلا وَآخره)
(فَلَا خائفٌ إِلَّا بسطت أَمَانه ... وَلَا معدمٌ إِلَّا سددت مفاقره)
(تبين سبق المستعين بفضله ... على غَيره نعماء فِي النَّاس ظَاهره)
فَدفع إِلَيْهِ خريطةً فِيهَا دَنَانِير ودعا بغاليةٍ فَجعل يغلّفه بِيَدِهِ
الْوَزير الخاقاني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقَان أَبُو الْقَاسِم الْوَزير ابْن أبي عَليّ الْوَزير
ولي الوزارة للمقتدر بعد ابْن الْفُرَات بِرَأْي مؤنس الْخَادِم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة وَكَانَ رجلا قد مارس وجرب وتكهل وَكَانَ حسن البلاغة وَالْأَدب مليح الْخط جواداً قبض عَلَيْهِ سنة ثَلَاث عشرَة فَكَانَت وزارته ثَمَانِيَة عشرَة شهرا ووكل بِهِ فِي منزله وَلم يزل عليلاً بالسل إِلَى أَن توفّي سنة أَربع عشرَة وثلاثمائة وَسَيَأْتِي ذكر جده
أَبُو مُحَمَّد الْحَافِظ الْبَرْبَرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِية بن نجبة أَبُو مُحَمَّد الْبَرْبَرِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ كَانَ ثِقَة ثبتاً ممتعاً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ توفّي عَن سنٍّ عالية سنة إِحْدَى وثلاثمائة سمع أَبَا معمر الْهُذلِيّ وسُويد بن سعيد وَعبد الْوَاحِد بن غياث وَأَبا بكر بن أبي(17/257)
شيبَة وَعبد الْأَعْلَى بن حمادٍ وطبقتهم وَعنهُ أَبُو بكر الشَّافِعِي والجعابي وَأَبُو الْقَاسِم بن النّحاس وَإِسْحَاق النعالي
ابْن مقير عبد الله بن مُحَمَّد بن حَيَّان بن فروخ أَبُو مُحَمَّد بن مقير بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَسُكُون)
الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء سمع مَحْمُود بن غيلَان وَعبد الله بن عمر بن أبان وَغَيرهمَا وَعنهُ مُحَمَّد بن مخلدٍ وَإِسْمَاعِيل الخطبي وَأَبُو عَليّ ابْن الصَّواف وَأَبُو بكر ابْن الْإِسْمَاعِيلِيّ
وَكَانَ ثِقَة توفّي سنة إِحْدَى وثلاثمائة
السمناني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْحُسَيْن السمناني من أَعْيَان الْمُحدثين بخراسان وثقاتهم
سمع إساق بن رَاهَوَيْه وَهِشَام بن عمار وَعِيسَى بن زغبة وَأَبا كريب وَعنهُ عَليّ بن حمشاد وَمُحَمّد بن يَعْقُوب بن الأخرم وَأَبُو عَمْرو بن حمدَان توفّي سنة ثلاثٍ وثلاثمائة
أَبُو مُحَمَّد بن شيرويه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن شيرويه بن أَسد بن أعين الْقرشِي النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد أحد كبار نيسابور لَهُ مصنفات كَثِيرَة تدل على نبله سمع الْمسند من ابْن رَاهَوَيْه وَسمع خَالِد بن يُوسُف السَّمْتِي وَعبد الله بن مُعَاوِيَة الجحمي وَعَمْرو بن زُرَارَة وَأحمد بن منيعٍ وَأَبا كريب وَعنهُ ابْن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن يَعْقُوب بن الأخرم وَالْحُسَيْن بن عَليّ الْحَافِظ قَالَ قَالَ لي بنْدَار أَرِنِي مَا كتبته عني قَالَ فَجمعت مَا كتبته فِي أسفاطٍ وحملتها إِلَيْهِ على ظهر حمالٍ فَنظر فِيهَا وَقَالَ يَا ابْن شيرويه أفلستني وأفلسك الوراقون يَعْنِي النساخ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقع لنا حَدِيثه عَالِيا وَتُوفِّي سنة خمسٍ وثلاثمائة
الْقزْوِينِي القَاضِي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو الْقَاسِم الْقزْوِينِي(17/258)
الْفَقِيه الشَّافِعِي ولي نِيَابَة الحكم بِدِمَشْق وَقَضَاء الرملة وَسكن مصر وَحدث عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن عَوْف الجُمَحِي وَالربيع بن سُلَيْمَان الْمرَادِي وَعنهُ عبد الله بن السقاء الْحَافِظ وَأَبُو بكر بن الْمُقْرِئ وَابْن عدي ويوسف الميانجي وَمُحَمّد بن المظفر وَجَمَاعَة قَالَ ابْن الْمُقْرِئ رَأَيْتهمْ يضعفونه وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَقَالَ ابْن يُونُس كَانَ مَحْمُودًا فِيمَا يَتَوَلَّاهُ وَكَانَت لَهُ حلقةٌ للاشتغال وَقَالَ خلط فِي آخر عمره وَوضع أَحَادِيث على متونٍ فافتضح وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَضَعفه جمَاعَة
الْحَافِظ أَبُو بكر الإِسْفِرَايِينِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن مُسلم أَبُو بكر الاسفراييني الْحَافِظ اُحْدُ المجودين الْأَثْبَات الطوافين)
سمع مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وَالْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي وَأَبا زرْعَة الرَّازِيّ وَيُونُس بن عبد الاعلى وحاجب بن سُلَيْمَان وَالْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد وَعنهُ أَبُو عبد الله ابْن الأخرم وَأَبُو عَليّ الْحَافِظ وَأَبُو أَحْمد الْحَاكِم وَمُحَمّد بن الْفضل بن خُزَيْمَة وَآخَرُونَ وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وثلاثمائة
أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن الْمَرْزُبَان بن سَابُور أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ مُسْند الدُّنْيَا وَبَقِيَّة الْحفاظ ولد بِبَغْدَاد فِي أول شهر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي لَيْلَة عيد الْفطر سنة سبع عشرَة وثلاثمائة سمع عَليّ بن الْجَعْد وَخلف بن هِشَام وَأَبا نصر التمار وَيحيى الْحمانِي وَعلي ابْن الْمَدِينِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وشيبان بن فروخ وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ وخلقاً كثيرا أَزِيد من ثَلَاثمِائَة وروى عَنهُ جماعةٌ لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى لِأَنَّهُ طَال عمره وَتفرد فِي الدُّنْيَا بعلو السَّنَد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ(17/259)
كَانَ الْبَغَوِيّ قَلِيل الْكَلَام على الحَدِيث فَإِذا تكلم كَانَ كَلَامه كالمسمار فِي الساج وَآخر من روى عَنهُ عَالِيا أَبُو المنجا ابْن اللتي قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً فهما عَارِفًا وَله مُعْجم الصَّحَابَة فِي مجلدين يدل على سَعَة حفظه وتبحره وَكَذَلِكَ تأليفه الجعديات أحسن ترتيبها وأجاد تأليفها
أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن يزِيد بن فروخ بن دَاوُد أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ ابْن اخي الْحَافِظ أبي زرْعَة ولاؤهم لبني مَخْزُوم يروي عَن عَمه وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَأحمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي ويوسف بن سعد بن مُسلم وَمُحَمّد بن عِيسَى بن حَيَّان الْمَدَائِنِي والعراقيين والرازيين والمصريين روى عَنهُ وَالِد أبي نعيم وَالْحسن بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن الْمُقْرِئ وَمُحَمّد بن عبيد الله الذكواني وَكَانَ صَاحب أصولٍ ثِقَة وَتُوفِّي سنة عشْرين وثلاثمائة
أَبُو بكر الشَّافِعِي الْحَافِظ عبد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد بن وَاصل أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي مولى آل عُثْمَان بن عَفَّان سمع مُحَمَّد بن يحيى وَأحمد بن يُوسُف وَعبد الله بن هَاشم وَأحمد بن الْأَزْهَر بِبَلَدِهِ وَيُونُس وَالربيع وَأحمد ابْن أخي ابْن وهب وَأَبا إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ المصريين وَأَبا رزعة الرَّازِيّ وَالْعَبَّاس ابْن الْوَلِيد الْبَيْرُوتِي وَالْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي والرمادي وَعلي بن حَرْب)
وَمُحَمّد ابْن عَوْف وَهَذِه الطَّبَقَة وَعنهُ ابْن عقدَة وَأَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي وَحَمْزَة الْكِنَانِي وَأَبُو إِسْحَاق ابْن حَمْزَة الإصبهاني وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن المظفر حفاظ الدُّنْيَا وَغَيرهم قَالَ الْحَاكِم كَانَ إِمَام عصره فِي الشَّافِعِيَّة بالعراق من أحفظ النَّاس للفقيهات وَكَانَ يعرف زيادات الْأَلْفَاظ فِي الْمُتُون وَلما قعد للتحديث قَالُوا حدث قَالَ بل سلوا فَسئلَ عَن أحائيث أَجَاد فِيهَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة(17/260)
ابْن الشَّرْقِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو مُحَمَّد الشَّرْقِي أَخُو أبي حَامِد كَانَ أسن مِنْهُ الذهلي وَعبد الله بن هَاشم وَعبد الرحمان بن بشرٍ وَأحمد ابْن الْأَزْهَر وَأحمد بن يُوسُف وَأحمد مَنْصُور زاج وَعنهُ أَحْمد بن إِسْحَاق الصبغي وَأَبُو عَليّ الْحَافِظ وَيحيى بن إِسْمَاعِيل الْحَرْبِيّ وَعبد الله بن حَامِد الْوَاعِظ وَغَيرهم قَالَ الْحَاكِم توفّي وَله اثْنَتَانِ وَتسْعُونَ سنة ورأيته وَكَأن أُذُنَيْهِ مروحتان وَأَصْحَاب المحابر بَين يَدَيْهِ وَلم أرزق السماع مِنْهُ وَكَانَ أوحد وقته فِي الطِّبّ وَلم يدع الشّرْب إِلَى أَن مَاتَ فَلذَلِك نقموا عَلَيْهِ وَكَانَ أَخُوهُ لَا يرى لَهُم يرى لَهُم السماع مِنْهُ لذَلِك
وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وثلاثمائة
حامض رَأسه عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يزِيد أَبُو الْقَاسِم الْمروزِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بحامض رَأسه وبالحامض سمع الْحسن بن أبي الرّبيع وسعدان بن نصر وَأَبا يحيى الْعَطَّار وَأَبا أُميَّة الطرطوسي وَغَيرهم وَعنهُ أَبُو عمر بن حيويه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر الْأَبْهَرِيّ والمعافى الْجريرِي وَعمر ابْن أَحْمد الْوَاعِظ وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة
الكلاباذي الْحَنَفِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن الْحَارِث بن خَلِيل أَبُو مُحَمَّد الكلاباذي البُخَارِيّ الْفَقِيه شيخ الْفَقِيه الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاء النَّهر يعرف بِعَبْد الله الْأُسْتَاذ كَانَ كَبِير الشَّأْن كثير الحَدِيث إِمَامًا فِي الْفِقْه روى عَن عبيد الله بن واصلٍ وَعبد الصَّمد بن الْفضل وحمدان بن ذِي النُّون وَغَيره
وَعنهُ أَبُو طيب عبد الله بن مُحَمَّد وَمُحَمّد بن الْحسن بن مَنْصُور النيسابوريان وَجَمَاعَة سُئِلَ عَنهُ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ فَقَالَ ضعيفٌ وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ صَاحب عجائب عَن الثِّقَات وَقَالَ الْخَطِيب لَا يحْتَج بِهِ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة)(17/261)
أَبُو بكر لإصبهاني القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن بن الخصيب بن الصَّقْر أَبُو بكر الإصبهاني الشَّافِعِي ولي قَضَاء دمشق وَقَضَاء مصر ثمَّ قَضَاء دمشق من جِهَة الْخَلِيفَة الْمُطِيع وصنف كتابا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْمسَائِل المجالسية وَحَدِيثه فِي الخلعيات توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمائة
الْقُرْطُبِيّ ابْن الصفّار عبد الله بن مُحَمَّد بن مغيث أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ ابْن الصفار وَالِد القَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْوَلِيد يُونُس كَانَ أديباً شَاعِرًا بليغاً كَاتبا مَعَ عبادةٍ وتواضعٍ صنف للْحكم الْمُسْتَنْصر كتاب شعراء بني أُميَّة فأجاد وَجَاء بِهِ فِي مجلدٍ واحدٍ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة
وروى عَن خَالِد ابْن سعد وَأحمد بن سعيد بن حزم وَإِسْمَاعِيل بن بدر وَجَمَاعَة
أَبُو أَحْمد الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الناصح بن شُجَاع أَبُو أَحْمد بن الْمُفَسّر الْفَقِيه الشَّافِعِي نزيل مصر سمع أَحْمد بن عَليّ بن سعيد الْمروزِي وَعبد الرحمان بن الْقَاسِم بن الرواس وَعلي بن غَالب السكْسكِي وَمُحَمّد بن إِسْحَاق ابْن اهويه وانتقى عَلَيْهِ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَحدث عَنهُ الْحفاظ عبد الْغَنِيّ وَابْن مندة وَأحمد بن مُحَمَّد بن أبي الْعَوام وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وثلاثمائة
أَبُو الشَّيْخ ابْن حَيَّان الإصبهاني عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان أَبُو مُحَمَّد الإصبهاني الْحَافِظ أَبُو الشَّيْخ صَاحب التصانيف ولد سنة أربعٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي(17/262)
سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَسمع فِي صغره جده لأمه مَحْمُود بن الْفرج الزَّاهِد وَإِبْرَاهِيم بن سَعْدَان وَمُحَمّد بن عبد الله بن الْحسن بن حَفْص رَئِيس إصبهان وَمُحَمّد ابْن أَسد الْمَدِينِيّ وَأحمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْخُزَاعِيّ وَسمع بِالْبَصْرَةِ وببغداد وبمكة وبالموصل بِالريِّ كَانَ حَافِظًا عَارِفًا بِالرِّجَالِ والأبواب صنف تَارِيخ بَلَده والتأريخ على السنين وَكتاب السنّة وَكتاب العظمة وَكتاب ثَوَاب الْأَعْمَال وَكتاب السّنَن
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد وَقع لنا أَشْيَاء من حَدِيثه وتخاريجه وروى عَنهُ أَبُو سعد الْمَالِينِي وَأَبُو بكر بن مرْدَوَيْه وَأَبُو بكر أَحْمد بن عبد الرحمان الشِّيرَازِيّ وَأَبُو نعيم وَمُحَمّد أبي عَليّ بن سمويه الْمُؤَدب وسُفْيَان بن حسنكويه)
القباب عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن فورك بن عَطاء أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ الْمُقْرِئ القباب وَهُوَ الَّذِي يعْمل المحابر كَانَ مُسْند إصبهان فِي عصره ومقرئها سمع مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الجيراني سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَأَبا بكر بن أبي بكر عَاصِم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان وَعلي بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ وَطَائِفَة وَقَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شنبوذ وروى عَنهُ أَبُو نعيم وَالْفضل ابْن أَحْمد الْخياط وَعلي بن أَحْمد بن مهْرَان الصحاف وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سبعين وثلاثمائة
الْحَافِظ ابْن السقاء عبد الله بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن الْمُخْتَار الْمُزنِيّ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد ابْن السقاء الوَاسِطِيّ مُحدث وَاسِط توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة سمع أَبَا خَليفَة وزكرياء السَّاجِي وَأَبا يعلي الْموصِلِي وعبدان الْأَهْوَازِي مُوسَى ابْن سهل الْجونِي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن ابْن مكرم وَجَمَاعَة
وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو الْفَتْح يُوسُف القواس وَأَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ وَعلي بن احْمَد ابْن دَاوُد الرزاز وَأَبُو نعيم الْحَافِظ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن المظفر لم نر مَعَ ابْن السقاء كتابا وَإِنَّمَا حَدثنَا حفظا(17/263)
ابْن الْبَاجِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شَرِيعَة بن رِفَاعَة اللَّخْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْبَاجِيّ أَبُو مُحَمَّد الإشبيلي سمع مُحَمَّد بن عبد الله بن القوف وَالسَّيِّد أَبِيه الزَّاهِد وَسَعِيد بن جَابر وَغَيرهم وَكَانَ حَافِظًا ضابطاً متقناً بَصيرًا بمعاني الحَدِيث وَقَالَ ابْن الفرضي لم أحدا أفضله أحد عَلَيْهِ فِي الضَّبْط وروى النَّاس عَنهُ كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وثلاثمائة
القَاضِي أَبُو مُحَمَّد البعلبكي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْغفار بن ذكْوَان القَاضِي أَبُو مُحَمَّد البعلبكي حدث عَن أبي الجهم بن طلاب وَابْن جوصا وَأبي الدحداح أَحْمد بن مُحَمَّد وَأبي الْعَبَّاس الزفتي أبي بكر الخرائطي وَطَائِفَة وَعنهُ الْوَلِيد بن بكر الأندلسي ومكي بن الْغمر وَجَمَاعَة وَتَكَلَّمُوا فِيهِ وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة
وَالِد ابْن عبد الْبر)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر أَبُو مُحَمَّد النمري الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي وَالِد الإِمَام أبي عمر يُوسُف تفقه على التجِيبِي ولازمه وَسمع من أَحْمد بن مطرفٍ وَاحْمَدْ بن حزم وَكَانَ صَالحا عابداً مُجْتَهدا توفّي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة
أَبُو سعيد الْقرشِي الصُّوفِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن نصير بن عبد الْوَهَّاب بن عَطاء ابْن واصلٍ أَبُو سعيد الْقرشِي الرَّازِيّ الصُّوفِي حج وَدخل الشَّام ومصر وجاور وَأقَام بنيسابور مُدَّة وَصَحب الزَّاهِد أَبَا عَليّ الثَّقَفِيّ وَحدث عَن مُحَمَّد بن أَيُّوب الرَّازِيّ بن الضريس ويوسف بن عاصمٍ وروى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة(17/264)
أَبُو مُحَمَّد القلعي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن حزم أَبُو مُحَمَّد الأندلسي القلعي رحالٌ جوالٌ سمع أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن أبي الْعقب وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَأَبا بكر الشَّافِعِي وَأَبا عَليّ بن الصَّواف بِبَغْدَاد وَإِبْرَاهِيم بن عَليّ الهُجَيْمِي بِالْبَصْرَةِ وَأَبا جَعْفَر بن دُحَيْم بِالْكُوفَةِ وَعبد الله بن الْورْد بِمصْر ووهب بن مَسَرَّة بالأندلس وروى عَنهُ أَبُو الْوَلِيد بن الفرضي وَكَانَ شَيخا جَلِيلًا زاهداً شجاعاً مُجَاهدًا ولاه الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الحكم للْقَضَاء فاستعفى وَأَصله من قلعة أَيُّوب بالأندلس وَكَانَ فَقِيها صلباً الْحق ورعاً وَكَانُوا يشبهونه بسفيان الثَّوْريّ فِي زَمَانه وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا أَخذ النَّاس عَنهُ الْكثير وَكَانَ يقف وَحده للفئة من الْمُشْركين قَالَ ابْن الفرضي سَمِعت مِنْهُ علما كثيرا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
البشتي الصُّوفِي عبد الله بن مُحَمَّد بن نَافِع أَبُو الْعَبَّاس البشتي بالشين الْمُعْجَمَة الصُّوفِي ورث من آبَائِهِ أملاكاً كثير فأنفقها فِي الْخَيْر وَكَانَ كثير الْعِبَادَة بَقِي سبعين سنة لَا ستند إِلَى حائظ وَلَا يتكي على وسَادَة حج من نيسابور حافياً رَاجِلا وَأقَام بالقدس أشهراً وَدخل الغرب وَحج من الغرب وَرجع إِلَى بِشَتٍّ وَتصدق بِبَقِيَّة أملاكه وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن كلاب عبد الله بن مُحَمَّد بن كلاب الْقطَّان ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي كتاب الفهرست قَالَ محب الدّين بن النجار ونقلته من خطه فَقَالَ ابْن كلاب من نابتة الحشوية وَله مَعَ عبّاد بن)
سلمَان مناظراتٌ وَكَانَ يَقُول إِن كَلَام الله هُوَ الله وَكَانَ عباد يَقُول إِنَّه نَصْرَانِيّ فَهَذَا القَوْل
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْبَغَوِيّ دَخَلنَا على فشيون النَّصْرَانِي وَكَانَ فِي دَار الرّوم بالجانب الغربي فَجرى الحَدِيث إِلَى أَن سالته عَن ابْن كلاب فَقَالَ رحم الله عبد الله(17/265)
كَانَ يجيئني فيجلس إِلَى تِلْكَ الزواية وَأَشَارَ إِلَى ناحيةٍ من الْبيعَة عَن وعني أَخذ هَذ القَوْل وَلَو عَاشَ لنصرنا الْمُسلمين قَالَ الْبَغَوِيّ وَسَأَلَهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الطَّالقَانِي فَقَالَ مَا تَقول فِي الْمَسِيح فَقَالَ مَا يَقُوله أهل السّنة من الْمُسلمين فِي الْقُرْآن قَالَ النديم ولعَبْد الله من الْكتب كتاب الصِّفَات كتاب خلق الْأَفْعَال كتاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة وَقد تقدم فِي عبد الله ابْن سعيد بن كلاب ترجمةٌ أُخْرَى وَهِي لهَذَا وَالله أعلم بِمَا كَانَ من أمره فَإِن تِلْكَ التَّرْجَمَة تخَالف هَذِه التَّرْجَمَة فليكشف من هُنَاكَ
الفِهري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم ن أَبُو مُحَمَّد الفِهري ينتسب إِلَى عبد الْملك بن قطنٍ الفِهري وَالِي الأندلس لبني أُميَّة وَأَبُو مُحَمَّد هَذَا من مُلُوك الطوائف الصغار ورث الْملك بمعقل الْبِنْت عَن أَبِيه جده ودام فِيهِ مَشْهُورا مَقْصُودا ممدوحاً إِلَى أَن أَخذه مِنْهُ أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وَحمله إِلَى العدوة فأسكنه بسلا وَفِيه يَقُول صَاحب القلائد رجل زهت بِهِ الرياسة وَالتَّدْبِير وجبل دونه يلملمٌ وثبير ذووقارٍ لَا يستفزُّ وَلَو دارت عَلَيْهِ الْعقار وَضعته الدولة فِي مفرقها وأطلعت شمسه فِي أفقها فأظهر جمَالهَا وعطر صباها وشمالها وَمن شعره من المتقارب
(خلعت عَن الْملك لكنني ... عَن الصَّبْر وَالْمجد لَا أُخلع)
(رماني الزَّمَان بأزرائه ... وغيري من خطبه يجزع)
(فَلَيْسَ فُؤَادِي بالملتظي ... وَلَا مقلتي حسرةً تَدْمَع)
(ولي أمل ليته لم يكن ... فكم ذَا يغر وَكم يخدع)
ابْن الْأمين عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون أَبُو مُحَمَّد الْأمين بن الرشيد كَانَ أديباً مليح الشّعْر كَانَ ينادم الواثق أورد لَهُ الصولي قَوْله من السَّرِيع
(حَار على وجنته مدمعه ... وَزَالَ عَمَّا قد رجا مطمعه)
)
(من حب ظبيٍ لَك من وَجهه ... إِذا تجلى قمرٌ يطلعه)
(أعطي رق الْحسن ملكا فَمَا ... أصبح عَنهُ أحدٌ يمنعهُ)
(فِي خَدّه من صُدْغه عقربٌ ... تلسع من شَاءَ وَلَا تلسعه)(17/266)
ابْن يزْدَاد وَزِير المستعين عبد الله بن مُحَمَّد بن يزْدَاد بن سُوَيْد الْمروزِي أَبُو صَالح الْكَاتِب ولي الوزارة للمستعين بعد أَحْمد بن الخصيب مديدة ثمَّ صَعب على الموَالِي أمره وخاصمه بغا الصَّغِير لِأَنَّهُ كَانَ مَنعه إقطاعه فتهدده بِالْقَتْلِ ثمَّ وزر للمستعين ثَانِيًا بعد قتل الْوَزير شُجَاع أَو تامش وَجعل إِلَيْهِ الْعرض وديوان الْقَبْض والخاتم ودور الضَّرْب وَكِتَابَة ابْنه الْعَبَّاس حَتَّى تنكر لَهُ بغا الشرابي وألب عَلَيْهِ الأتراك فهرب إِلَى بَغْدَاد وَكَانَت وزارته أَرْبَعَة أشهرٍ وأياماً وَلم يزل بالكرخ مستتراً عِنْد بعض التُّجَّار إِلَى أَن أدْركهُ أَجله وَدفن فشاع مَوته ونبش حَتَّى رئي ثمَّ ورد فِي قَبره وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ومدحه البحتري وَغَيره من الشُّعَرَاء وَيُقَال إِنَّه امتدحه قومٌ من الشُّعَرَاء فَأمر لَهُم بِثَلَاثَة دَرَاهِم وَكتب إِلَيْهِم من السَّرِيع
(قيمَة أَشْعَاركُم درهمٌ ... عِنْدِي وَقد زودتكم درهما)
(وَدِرْهَم قيمَة قرطاسكم ... فانصرفوا قد نلتم مغنما)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(كفى حزنا أَنِّي بقربك نازلٌ ... وحالي حَال النازح المتباعد)
(وَأَنِّي ليلى مَا أَنَام صبَابَة ... وَأَنت قرير الْعين أنعم رَاقِد)
عَبدُوس عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْوراق مولى بني هَاشم كَانَ يلقب عَبدُوس ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة وَقَالَ كَانَ أقدر النَّاس على تأليف سمرٍ وكتابٍ مصورٍ عمل كتابا ذكر فِي آبَاء أبي مُحَمَّد الْحسن بن مخلد ومآثرهم وَكَانَ يَخْدمه ويصحب وَلَده وَكتب إِلَى الْحسن بن مخلد يَوْم فصده من المتقارب
(أيا من لع الْعِزّ والمفخر ... وَمن وجوده أبدا يشْكر)
(هَديا الْمُلُوك وأبنائها ... ومنحتها الدّرّ والجوهر)
(وحقك أعظم من حَقّهَا ... ويتك فِي الْمجد مَا يُنكر)(17/267)
)
(وَإِنِّي رَأَيْت كَبِير النوا ... ل فِي جنب معرفوكم يصغر)
(فأهديت للفصد رامشنةً ... ترائبها الْمسك والعنبر)
(موشحة بجميل الثنا ... ء ينشدها البدو والحضر)
(سَيبقى على الدَّهْر تذكارها ... وتفنى الْهَدَايَا وَلَا تذكر)
أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ الشَّافِعِي الدُّود عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَسد أَبُو الْقَاسِم الرَّازِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمُحدث نزيل مصر
كَانَ يلقب بالدود سمع من عبد الرحمان ابْن أبي حَاتِم وَغَيره بِالريِّ وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن عبادل وَمُحَمّد بن يُوسُف الْهَرَوِيّ بِدِمَشْق وروى عَنهُ عبد الْكَرِيم بنم عبد الْوَاحِد الحسناباذي وَعبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ وَمُحَمّد مغلس وَأَبُو عمر الطلمنكي وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن الثلاج عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ الشَّاهِد أَبُو الْقَاسِم ابْن الثلاج أَصله من حلوان ولد سنة سبعٍ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَحدث عَن أبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأبي بكر بن أبي دَاوُد وَيحيى بن صاعد وَمن بعدهمْ فَأكْثر وروى عَنهُ أَبُو عبد الله الصَّيْمَرِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْقَاسِم التنوخي وَآخَرُونَ قَالَ مَا بَاعَ أحدٌ من أسلافي الثَّلج إِنَّمَا كَانَ جدي مترفاً يجمع لنَفسِهِ كل فِي سنة ثلجاً كثيرا فَمر بعض الْخُلَفَاء بحلوان فَطلب ثلجاً فَلم يُوجد إِلَّا عِنْد جدي فأهدى إِلَيْهِ فَوَقع عِنْده بموقع وَقَالَ اطْلُبُوا عبد الله الثلاج فغلب عَلَيْهِ قَالَ عبيد الله الازهري كَانَ ابْن الثلاج الحَدِيث على سُلَيْمَان المطلي وَغَيره وَكَذَا تكلم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
ابْن الزيات عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن بن يحيى أَبُو مُحَمَّد التجِيبِي(17/268)
وَيعرف بقرطبة بِابْن الزيات
رَحل إِلَى الْعرَاق مرَّتَيْنِ وَسمع من إِسْمَاعِيل الصفار وَمُحَمّد بن يحى بن عمر بن عَليّ بن حَرْب وَعُثْمَان بن السماك وَسمع بِالْبَصْرَةِ من أبي بكر ابْن داسة وَجَمَاعَة وبتنيس من عُثْمَان بن مُحَمَّد السَّمرقَنْدِي وَكَانَ صَدُوقًا كثير الحَدِيث إِلَّا أَن ضَبطه لم يكن جيدا وَكَانَ ضَعِيف الْخط رُبمَا أخل بالهجاء وَكتب النَّاس عَنهُ كثيرا وَكَانَ يتَصَرَّف فِي التِّجَارَة وَهُوَ)
من شُيُوخ أبي عمر ابْن عبد الْبر توفّي سنة تسعين وثلاثمائة
الْجُهَنِيّ الطليطلي الْمَالِكِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن أَسد أَبُو مُحَمَّد الْجُهَنِيّ الطليطلي الأندلسي الْفَقِيه الْمَالِكِي اللّغَوِيّ الْبَزَّاز فقيهٌ أديب مُحدث مُسْند سمع من قَاسم بن أصبغ وَغَيره ورحل وَسمع بِمصْر عبد الله بن جَعْفَر بن الْورْد وَابْن السكن وبمكة أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْمَوْت صَاحب عَليّ ابْن عبد الْعَزِيز كَانَ لَا يعير كتابا إِلَّا لمن يَثِق بِهِ وَلَا يسمع من غير كِتَابه وَيُحب التِّلَاوَة فِي الْمُصحف وامتحن الْحَبْس والقيد أَيَّام الْمَنْصُور بن أبي عامرٍ أخرج من الأندلس ورى عَنهُ أَبُو عمر ابْن عبد الْبر وَهُوَ من كبار أشياخه وَأَبُو الْمطرف ابْن فطيسٍ وَأَبُو عمر ابْن الْحذاء والخولاني وَآخَرُونَ ولد سنة عشرٍ وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
ابْن متويه النسابه عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفرج بن متويه الْقزْوِينِي الْفَقِيه النسابه الْحَافِظ كَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم سمع على بن مهرويه وَفِي الرحلة من إِسْمَاعِيل الصفار عبد الله بن شَوْذَب الوَاسِطِيّ وجماعةٍ وَولي قَضَاء خُرَاسَان وروى عَنهُ أَبُو يعلى الخليلي وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
أَبُو مُحَمَّد البافي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد البُخَارِيّ الْفَقِيه(17/269)
الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالبافي نزيل بَغْدَاد تفقه على أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَأبي إِسْمَاعِيل الْمروزِي وبرع فِي الْمَذْهَب وَكَانَ ماهراً فِي الْعَرَبيَّة حَاضر البديهة وَهُوَ من أَصْحَاب الْوُجُوه تفقه بِهِ جمَاعَة قَالَ الْخَطِيب أنشدنا أَبُو الْقَاسِم التنوخي قَالَ أنشدنا أَبُو مُحَمَّد البُخَارِيّ لنَفسِهِ من المنسرح
(ثلاثةٌ مَا اجْتَمعْنَ فِي الرجل ... إِلَّا أسلمنه إِلَى الْأَجَل)
(ذل اغترابٍ وفاقةٌ وَهوى ... كلهَا سائقٌ على عجل)
(يَا عاذل العاشقين إِنَّك لَو ... أنصفت رفهتهم عَن العذل)
وَقصد البافي صديقا يزوره فَلم يجده فَكتب لَهُ من الْخَفِيف
(قد حَضَرنَا وَلَيْسَ يقْضى التلاقي ... نسْأَل الله خير هَذَا الْفِرَاق)
)
(أَن تغب وَإِن لم تغب غب ... ت كَأَن افتراقنا بِاتِّفَاق)
وَتُوفِّي البافي سنة ثمانٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
الطليطلي النَّحْوِيّ الْمُحدث عبد الله بن مُحَمَّد بن نصر بن أَبيض الْأمَوِي أَبُو الْحسن الطيطلي النَّحْوِيّ الْمُحدث الْحَافِظ نزيل قرطبة روى عَن أبي جَعْفَر بن عون الله وعباس بن أصبغ وَعلي بن مصلح وَأَجَازَ لَهُ تَمِيم بن مُحَمَّد القيرواني وَمُحَمّد بن الْقَاسِم مسْعدَة وعني بِالْحَدِيثِ وَجمعه وَجمع كتابا فِي الرَّد على مُحَمَّد بن عبد الله بن مَسَرَّة وَهُوَ كتابٌ كَبِير وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو عمر بن سميق وَحكم بن مُحَمَّد وَأَبُو إِسْحَاق وَأَبُو جَعْفَر الصاحبان وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة أَو سنة أَرْبَعمِائَة
أَبُو بكر الحناني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هِلَال أَبُو بكر الحنائي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة الْبَغْدَادِيّ الأديب نزيل دمشق روى عَن يَعْقُوب الْجَصَّاص وَغَيره وثفة الْخَطِيب وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
أَبُو مُحَمَّد الصيريفيني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أَحْمد أَبُو(17/270)
مُحَمَّد الصيريفيني خطيب صريفين قدم بَغْدَاد مراتٍ وَحدث وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
ابْن اللبان عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان بن عبد السَّلَام الإصبهاني أَبُو مُحَمَّد بن اللبان قَالَ الْخَطِيب كَانَ أحد أوعية الْعلم وَلم أرَ أَجود وَلَا أحسن قِرَاءَة مِنْهُ توفّي سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
الخفاجي الْحلَبِي عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد بن سِنَان أَبُو مُحَمَّد الْحلَبِي الخفاجي الشَّاعِر أَخذ الْأَدَب عَن أبي الْعَلَاء المعري وَأبي نصر المنازي وَتُوفِّي بقلعة عزاز مسموماً سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَحمل إِلَى قلعة حلب وَصلى عَلَيْهِ الْأَمِير مَحْمُود بن صَالح وَكَانَ يرى رَأْي الشِّيعَة الإمامية وَيرى ذمّ السّلف وَكَانَ قد عصى بقلعة عزاز من أَعمال حلب وَكَانَ بَينه وَبَين أبي نصر)
مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ابْن النّحاس الْوَزير لمحمود وَغَيره مودةٌ مؤكدةٌ فَأمر مَحْمُود أَبَا نصر أَن يكْتب إِلَى الخفاجي كتابا يستعطفه ويؤنسه وَقَالَ إِنَّه لَا يَأْمَن إِلَّا إِلَيْك وَلَا يَثِق إِلَّا بك فَكتب إِلَيْهِ كتابا فَلَمَّا فرغ مِنْهُ وَكتب إِن شَاءَ الله تَعَالَى شدد النُّون من إِن شَاءَ الله فَلَمَّا قَرَأَهُ الخفاجي خرج من عزاز قَاصِدا حلب فَلَمَّا كَانَ على ظهر الطَّرِيق أعَاد النّظر فِي الْكتاب فَلَمَّا رأى التشديدة على النُّون أمسك رَأس فرسه وفكر فِي نَفسه وَأَن ابْن النّحاس لم يكْتب هَذَا عَبَثا فلاح لَهُ أَنه أَرَادَ إِن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك فَرجع إِلَى عزاز وَكتب الْجَواب أَنا الْخَادِم الْمُعْتَرف بالانعام وَكسر الْألف من أَنا وشدد النُّون وَفتحهَا فَلَمَّا وقف أَبُو نصر على ذَلِك سر بِهِ وَعلم أَنه قصد إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا وَكتب الْجَواب يسنصوب رَأْيه فَكتب الخفاجي إِلَيْهِ من الْبَسِيط
(خف من أمنت وَلَا تركن إِلَى أحدٍ ... فَمَا نَصَحْتُك إِلَّا بعد تجريب)
(إِن كَانَت التّرْك فيهم غير وافيةٍ ... فَمَا تزيد على غدر الأعاريب)
(تمسكوا بوصايا اللؤم بَينهم ... وَكَاد أَن يدرسوها فِي المحاريب)(17/271)
واستدعى مَحْمُود أَبَا نصر وَقَالَ أَنْت أَشرت عَليّ بتولية هَذَا الرجل وَلَا أعرفهُ إِلَّا مِنْك وَمَتى لم تفرغ بالي مِنْهُ قتلتك وألحقت بك من بَيْنك وَبَينه حرمةٌ فَقَالَ لَهُ مرني بِأَمْر أمتثله قَالَ تمْضِي إِلَيْهِ وَفِي صحبتك ثَلَاثُونَ فَارِسًا فَإِذا قاربته عرفه بحضورك فَإِنَّهُ يلتقيك فَإِذا حضر وسألك النُّزُول عِنْده وَالْأكل مَعَه فَامْتنعَ وَقل لَهُ أَنِّي حلفتك أَن لَا تَأْكُل زَاده وَلَا تحضر مَجْلِسه حَتَّى يطيعك فِي الْحُضُور عِنْدِي وطاوله فِي المخاطبة حَتَّى تقَارب الظّهْر ثمَّ أدعِ أَنَّك جعت وَأخرج هَاتين الخشكنانجين فَكل أَنْت هَذِه وأطعمه هَذِه فَإِذا استوفى أكلهَا عجل الرُّجُوع إِلَيّ فَإِن منيته فِيهَا فَفعل مَا أمره بِهِ وَلما أكلهَا الخفاجي رَجَعَ أَبُو نصر إِلَى حلب وَرجع الخفاجي عزاز وَلما اسْتَقر بهَا وجد مغصاً شَدِيدا ورعدةً مزعجةً ثمَّ قَالَ قتلني وَالله أخي أَبُو النَّصْر ثمَّ أَمر بالركوب خَلفه ورده ففاتهم وَوصل إِلَى حلب وَأصْبح من الْغَد عِنْد مَحْمُود فَجَاءَهُ من عزاز من أخبرهُ أَن الخفاجي فِي السِّيَاق وَمَات وحُمل إِلَى حلب وللخفاجي من التصانيف كتاب سر الفصاحة كتاب الصرفة كتاب الحكم بَين النّظم والنثر صَغِير كتاب عبارَة الْمُتَكَلِّمين فِي أصُول الدّين كتاب فِي رُؤْيَة الْهلَال كتاب حكم منثورة كتاب الْعرُوض مجدول وَمن شعره من الوافر)
(وَقَالُوا قد تَغَيَّرت اللَّيَالِي ... وضيعت الْمنَازل والحقوق)
(فأقسم مَا استجد الدَّهْر خلقا ... وَلَا عدوانه إِلَّا عَتيق)
(أَلَيْسَ يرد عَن فدكٍ عليٌ ... وَيملك أَكثر الدُّنْيَا عَتيق)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بقيت وَقد شطت بكم النَّوَى ... وَمَا كنت أخْشَى أنني بعدكم أبقى)
(وعلمتموني كَيفَ أَصْبِر عَنْكُم ... وأطلب من رق الغرام بكم عتقا)
(فَمَا قلت يَوْمًا للبكاء عَلَيْكُم ... رويداً وَلَا للشوق نحوكم رفقا)
(وَمَا الْحبّ إِلَّا أَن أعد قبيحكم ... أَلِي جميلاً والقلى مِنْكُم عشقا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(هَل تَسْمَعُونَ شكايةً من عَاتب ... أَو تقبلون إنابةً من تائب)
(أم كلما يَتْلُو الصّديق عَلَيْكُم ... فِي جانبٍ وقلوبكم فِي جَانب)
(أما الوشاة فقد أَصَابُوا عنْدكُمْ ... سوقاً تنْفق كل قولٍ كَاذِب)
(فمللتم من صابرٍ ورقدتم ... عَن ساهرٍ وزهدتم فِي رَاغِب)(17/272)
(وَأَقل مَا حكم الملال عَلَيْكُم ... سوء القلى وَسَمَاع قَول العائب)
وَمِنْه من الرمل
(مَا على محسنكم لَو أحسنا ... إِنَّمَا نطلب شَيْئا هينا)
(قد شجانا الْيَأْس من بعدكم ... فادركونا بِأَحَادِيث المنى)
(وعدوا بالوصل من طيفكم ... مقلةً تعرف فِيكُم وسنا)
(لَا وسحرٍ بَين أجفانكم ... فتن الْحبّ بِهِ من فتنا)
(وحديثٍ من مواعيدكم ... تحسد الْعين عَلَيْهَا الأذنا)
(مَا رحلت العيس عَن أَرْضكُم ... فرأت عَيْنَايَ شَيْئا حسنا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(عطر الثَّنَاء تعطرت أَوْصَافه ... وحلت فَكل فمٍ بهَا مَشْغُول)
(مَا كَانَ يعلم قبل صوب ثنائه ... أَن الْغَمَام المستهل بخيل)
(وَلَو آن للأيام نَار ذكائه ... مَا كَانَ فِيهَا بكرةٌ وأصيل)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أملالةً ضيعت ودي بَعْدَمَا ... وَجَبت عَلَيْك حُقُوقه الأسلاف)
(أم شِئْت تعلم أَن جودك لم يدع ... شَيْئا وَأَن طباعك الْإِتْلَاف)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(إِذا هجوتكم لم أخش سطوتكم ... وَإِن مدحت فَمَا حظي سوى التَّعَب)
(فحين لم يَك لَا خوفٌ وَلَا طمعٌ ... رغبت فِي الصمت إشفاقاً على الْكَذِب)
وَمِنْه وَهِي من الطنانات من الطَّوِيل
(سلا ظَبْيَة الوعساء هَل فقدت خشفا ... فَإنَّا لمحنا من مرابعها طرفا)
(وقولا لخوط البان فليمسك الصِّبَا ... علينا فَإنَّا قد عرفنَا بهَا عرفا)
(سرت من هضاب الشَّام وَهِي مريضةٌ ... فَمَا ظَهرت إِلَّا وَقد كَاد أَن تخفى)
(عليلةُ أنفاسٍ تداوي بهَا الجوى ... وضعفاً وَلَكنَّا نرجي بهَا ضعفا)
(وهاتفةٍ فِي البان تملي غرامها ... وتتلو علينا من صبابتها صحفا)
(عجبت لَهَا تَشْكُو الْفِرَاق جَهَالَة ... وَقد جاوبت من كل ناحيةٍ إلفا)(17/273)
(ويشجي قُلُوب العاشقين حنينها ... وَمَا فَهموا مِمَّا تغنت بِهِ حرفا)
(وَلَو صدقت فِيمَا تَقول من الأسى ... لما لبست طوقاً وَلَا خضبت كفا)
(أجارتنا أذكرت من كَانَ نَاسِيا ... وأضرمت نَارا للصبابة لَا تطفا)
(وَفِي جَانب المَاء الَّذِي تردينه ... مواعيد مَا يُنكرُونَ لثما وَلَا خلفا)
(ومهزوزةٍ للبان فِيهَا تمايلٌ ... جعلن لَهَا فِي كل قافيةٍ وَصفا)
(لبسنا عَلَيْهَا بالثنية لَيْلَة ... من الود لم يطو الصَّباح لَهَا سجفا)
(كَأَن الدجى لما تولت نجومه ... مُدبر حربٍ قد هَزَمْنَا لَهُ صفا)
(كَأَن عَلَيْهِ للمجره رَوْضَة ... مفتحة الْأَنْوَار أَو نثرةً زغفا)
(كأنا وَقد ألقا إِلَيْنَا هلاله ... سلبناه جَاما أَو فصمنا لَهُ وَقفا)
(كَأَن السها إنسام عينٍ غريقةً ... من الدمع يَبْدُو كلما ذرفت ذرفا)
(كَأَن سهيلاً فارسٌ عاين الوغى ... ففر وَلم يشْهد طراداً وَلَا زحفا)
(كَأَن أفول الطّرف طرفٌ تعلّقت ... بِهِ سنةٌ مَا هَب مِنْهَا وَلَا أغفى)
)
ابْن البواب عبد الله بن مُحَمَّد بن عتاب بن إِسْحَاق بن البواب وَكَانَ يخلف الْفضل بن الرّبيع على حجبة الْخُلَفَاء وَهُوَ شاعرٌ قَلِيل الشّعْر راويةٌ للْأَخْبَار عَن الْخُلَفَاء عارفٌ بأمورهم روى عَنهُ عمر بن شبه ونظراؤه وَلما أُتِي الْمَأْمُون بِشعر ابْن البواب الَّذِي قَالَ فِيهِ من الطَّوِيل
(أيبخل فَرد الْحسن فَرد صِفَاته ... عَليّ وَقد أفردته بهوىً فَرد)
(رأى الله عبد الله خير عباده ... فملكه وَالله أعلم بِالْعَبدِ)
(أَلا إِنَّمَا الْمَأْمُون عصمةٌ ... مميزةٌ بَين الضَّلَالَة والرشد)
قَالَ الْمَأْمُون أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أعيني جودا وابكيا لي مُحَمَّدًا ... وَلَا تذخرا دمعاً عَلَيْهِ وأسعدا)
(فَلَا فَرح الْمَأْمُون بِالْملكِ بعده ... وَلَا زَالَ فِي الدُّنْيَا طريداً مشردا)
هَيْهَات واحدةٌ بِوَاحِد وَلم يصله بِشَيْء وَمن شعره من الطَّوِيل
(أذا أبصرتك الْعين من بعد غايةٍ ... فأدخلت شكا فِيك أثبتك الْقلب)
(وَلَو أَن ركباً يمموك لقادهم ... نسيمك حَتَّى يسْتَدلّ بك الركب)(17/274)
وَوَقع بَين إِسْحَاق وَبَين ابْن البواب شرٌ فَقَالَ ابْن البواب شعرًا ردياً وَنسبه إِلَى إِسْحَاق ليعره بِهِ وَهُوَ من الْخَفِيف
(إِنَّمَا أَنْت يَا عنان سراجٌ ... زيته الظّرْف والفتيلة عقل)
(أَنْت ريحانةٌ وَرَاح وَلَكِن ... كل أُنْثَى سواك خلٌّ وبقل)
قَالَ حَمَّاد بن إِسْحَاق فَبلغ ذَلِك أبي فَقَالَ من الْكَامِل
(الشّعْر قد أعيا عَلَيْك فخله ... وَخذ الْعَصَا واقعد على الْأَبْوَاب)
الْعَطَّار عبد الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ المغربي الْمَعْرُوف بالعطار قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ حاذقٌ نقي اللَّفْظ جدا لطيف الإشارات مليح الْعبارَات صَحِيح الاستعارات على شعره ديباجةٌ ورونقٌ يمازجان النَّفس ويملكان الْحس وَفِيه مَعَ ذَلِك قوةٌ ظَاهِرَة قَالَ وَلم أر عطاردياً مثله لَا ترى عينه شَيْئا إِلَّا صَنعته يَده وَكَانَ الْأَمِير حُسَيْن بن ثِقَة الدولة قد أَرَادَهُ للكتابة بعد أَن اسْتَشَارَ الحذاق فدلوه عَلَيْهِ وَلَكِن حَال بَينهمَا رُجُوع حسن إِلَى مصر وَكَانَت لَهُ)
عِنْد عبد الله بن حسن بِمَدِينَة طرابلس حالٌ شريفة وجرايةٌ ووظيفةٌ إِلَى أَن نازعته نَفسه إِلَى الوطن وَمن شعره من الْكَامِل
(أعرضن لما أَن عرضن فَإِن يكن ... حذرا فَأَيْنَ تلفت الغزلان)
(عطرن جيب الرّيح ثمَّ بعثنها ... طرب الشجي ورائد الغيران)
(وكأنما أسكرنها فترنمت ... بحليهن ترنم النشوان)
(يَا بنت ملتحف العجاج كَأَنَّهُ ... قبسٌ يضيء سناه تَحت دُخان)
(إِذْ ينشر الطن الكماة كَأَنَّمَا ... يتراجم الفرسان بالفرسان)
وَمِنْه وَهُوَ غَرِيب من مجزوء الوافر
(شَكَوْت إِلَيْهِ جفوته ... وَمن خَافَ الصدود شكا)
(فَأجرى فِي العقيق الد ... مر واستبقاه فامتسكا)
(فَقلت مُخَاطبا نَفسِي ... أرق للوعتي فَبكى)
(فَقَالَت مَا بَكت عينا ... هـ لَكِن خَدّه ضحكا)
قلت ذكرت هَهُنَا لي بَيْتَيْنِ وهما من الوافر
(بَكَى المحبوب لي لما اجْتَمَعنَا ... وَكَانَ هَوَاء فرقته تنسم)(17/275)
(غَلطت فَمَا بَكَى أسفا لبعدي ... وَلَكِن ثغر ناظره تَبَسم)
وَمن شعر الْعَطَّار من السَّرِيع
(مهفهف الْقَامَة ممشوقها ... مستملح الخطرة معشوقها)
(فِي طرفه من سقم أجفانه ... دَعْوَى وَفِي جسمي تحقيقها)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وكأنما المريخ يَتْلُو المُشْتَرِي ... بَين الثريا والهلال المعتم)
(ملك وَقد بسطت لَهُ يَد معدمٍ ... فَرمى بدينارٍ إِلَيْهِ وَدِرْهَم)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لله وجنته يَا مَا أميلحها ... كم بت مُشْتَمِلًا مِنْهَا على حرق)
(أودعت صبري عِنْد الشوق مختبراً ... مَا تحتهَا وخبأت النّوم فِي الأرق)
(حَتَّى إِذا زَالَ صبح الثَّوْب عَنهُ بدا ... ليلٌ تزين فِي أَعْلَاهُ بالشفق)
)
(كدوحة الْورْد رَوَاهَا الحيا فَبَدَا ... نوارها وتوارى الشوك بالورق)
وَمِنْه من الْكَامِل
(يَا رب كأس مدامةٍ باكرتها ... وَالصُّبْح يرشح من جبين الْمشرق)
(وَاللَّيْل يعثر بالكواكب كلما ... طردته رايات الصَّباح الْمشرق)
ابْن قَاضِي مَيْلَة عبد الله بن مُحَمَّد بن قَاضِي مَيْلَة بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بليدةٌ من إفريقية
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ لسنٌ مقتدر يُؤثر الِاسْتِعَارَة وَيكثر الزّجر والعيافة ويسلك طَرِيق ابْن أبي ربيعَة وَأَصْحَابه فِي نظم الْأَقْوَال والحكايات وَله فِي الشّعْر قدمٌ سابقةٌ ومجالٌ متسعٌ وَرُبمَا بلغ الإغراق والتعمق إِلَى فَوق الْوَاجِب هُوَ لهجٌ بذلك مطالبٌ لَهُ صحب أَبَاهُ إِلَى جَزِيرَة صقيلة وَكَانَ مفخماً حاذقاً فَعرف ثِقَة الدولة بِسَبَبِهِ واتصل لاتصاله بِهِ فأوطن الْبَلَد وصنع فِيهِ قصيدته الفائية وَمَا أعلم لأحدٍ فِي وَزنهَا ورويها مثلهَا فأجزل صلته وَقرب مَنْزِلَته وألحقه فِي أحد دواوين الْخَاصَّة وَأول هَذِه القصيدة من الطَّوِيل(17/276)
(يذيل الْهوى دمعي وقلبي المعنف ... وتجني جفوني الوجد وَهُوَ مُكَلّف)
(وَإِنِّي ليدعوني إِلَى مَا شنفته ... وَفَارَقت مغناه الأغن المشنف)
(وأحور ساجي الطّرف أما وشاحه ... فصفرٌ وَأما وَقفه فموقف)
(يطيب أجاج المَاء من نَحْو أرضه ... يجيئ ويندى رِيحه وَهُوَ حرجف)
(وأيأسني من وَصله أَن دونه ... متالف تسري الرّيح فِيهَا فتتلف)
(وغيران يجفو النّوم كي لَا يرى لنا ... إِذا نَام شملاً فِي الْكرَى يتألف)
(يظل على مَا كَانَ من قرب دَارنَا ... وغفلته عَمَّا مضى يتأسف)
(وجونٍ مزن الرَّعْد يستن ودقه ... يرى برقه كالحية الصل تطرف)
(كَأَنِّي إِذا مَا لَاحَ والرعد معولٌ ... وجفن السَّحَاب الجون بِالْمَاءِ يذرف)
(سليمٌ وَصَوت الرَّعْد راقٍ وودقه ... كنفث الرقى من سوء مَا أتكلف)
(ذكرت بِهِ رياً وَمَا كنت نَاسِيا ... فأذكر لَكِن لوعةٌ تتضعف)
(وَلما الْتَقَيْنَا محرمين وسيرنا ... بلبيك تطوى والركائب تعسف)
(نظرت إِلَيْهَا والهدايا كَأَنَّمَا ... غواربها مِنْهَا عواطس رعف)
)
(فَقَالَت أما مِنْكُن مَا يعرف الْفَتى ... فقد رَابَنِي من طول مَا يتشوف)
(أرَاهُ إِذا سرنا يسير حذاءنا ... ونوقف أَخْفَاف الْمطِي فَيُوقف)
(فَقلت لتربيها ابلغاها بأنني ... بهَا مستهامٌ قَالَتَا نتلطف)
(وقولا لَهَا يَا أم عمرٍ أَلَيْسَ ذَا ... منى والمنى فِي خيفةٍ لَيْسَ تخلف)
(فَقَالَت فِي أَن تبذلي طارف الوفا ... بِأَن عَن لي مِنْك البنان الْمطرف)
(وَفِي عرفاتٍ مَا يخبر أنتي ... بعارفةٍ من عطف قَلْبك أسعف)
(وَأما دِمَاء الْهَدْي فَهِيَ تواصل ... ورأي يراني فِي الْهوى متألف)
(وتقبيل ركن الْبَيْت إقبال دولةٍ ... لنا وزمانٌ بالتحية يعْطف)
(فأوصلتا مَا قلته فتبسمتْ ... وقالْ أحاديثُ العيافة زخرف)
(بعيشي ألم أخبركما أَنه امرؤٌ ... على لَفْظَة برد الْكَلَام المفوف)
(فَلَا تأمنا مَا استطعتما كيد نطقه ... وقولا ستدري أَيّنَا الْيَوْم أعيف)
(إِذا كنت ترجو فِي منى الْفَوْز بالمنى ... فبا لخيف من إعراضنا تتخوف)(17/277)
(وَقد أنذر الْإِحْرَام أَن وصالنا ... حرَام وَأَنا عَن مرادك نصدف)
(فَهَذَا وقذفي بالحصا لَك مخبرٌ ... بِأَن النَّوَى بِي عَن دِيَارك تقذف)
(وحاذر نفاري لَيْلَة النَّفر إِنَّه ... سريعٌ فقلبي بالعيافة أعرف)
(فَلم أر مثلينا خليلي محبةٍ ... لكل لسانٌ ذُو غرارين مرهف)
(إِمَّا إِنَّه لَوْلَا الأغن المهفهف ... وأشنب براقٌ وأحور أَوْطَفُ)
(لراجع مشتاقٌ ونام مسهدٌ ... وأيقن مرتابٌ وأقصر مدنف)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومدامةٍ عني الرضاب بمزجها ... فأطابها وأدارها التَّقْبِيل)
(ذهبيةٍ ذهب الزَّمَان بجسمها ... قدماً فَلَيْسَ لوصفها تَحْصِيل)
(بتنا وَنحن على الْفُرَات نديرها ... وَهنا فأشرق من سناها النّيل)
(فَكَأَنَّهَا شمس وكف مديرها ... فِينَا ضحى وفم النديم أصيل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(محياً ترى الأتراب أشخاصها بِهِ ... جرى فِيهِ رقراق النضارة مذهبا)
)
(إِذا زَارَهُ ذُو لوعةٍ لَاحَ شخصه ... إِلَى الْحول فِي إفرنده متنصبا)
(فاعجب بوجهٍ حسنه من وشاته ... ينم على من زَارَهُ متنقبا)
(بَدَت صور العشاق فِي مَاء خَدّه ... فأغنت رَقِيب الْحَيّ أَن يترقبا)
الجراوي عبد الله بن مُحَمَّد الجراوي تأدب بجراوة دخل الْمغرب قَالَ ابْن رَشِيق قدم إِلَى الحضرة سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة مُتَعَلقا بِالْخدمَةِ وَكَانَ شَاعِرًا فحلاً قَوِيا وصافاً درباً بالْخبر والنسيب جيد الفكرة والخاطر تحسب بديهته رويةً عميدي الترسيل يتحدر كَلَامه كالسيل وَكَانَ حسن الْخلق جميل الْعشْرَة مدمناً على الشَّرَاب متغارقاً فِيهِ مزاحا سَأَلَهُ أَيُّوب مرّة أَي بروج السَّمَاء لَك فَقَالَ وَاعجَبا مِنْك مَالِي فِي الأَرْض بيتٌ يكون لي برجٌ فِي السَّمَاء فَضَحِك وَأمر لَهُ بدارٍ جواره وَقَالَ يَوْمًا وَقد تعدى الْمعز فِي موكبه أجيزوا من الْبَسِيط لله دَرك اي ابنٍ لأي أَب فَقَالَ ابْن رَشِيق مَا أشبه الشبل بالضرغامة الدَّرْب فَقَالَ الجراوي(17/278)
هَذَا الْمعز لدين الله محتسباً فَقَالَ ابْن رَشِيق لَا من سواهُ وَلَيْسَ الأسم كاللقب وَقَالَ يصف الديك من المتقارب
(وكائن نفى النّوم عَن عترفان ... بديع الملاحة حُلْو الْمعَانِي)
(بأجفان عَيْنَيْهِ ياقوتتان ... كَأَن وميضهما جمرتان)
(على رَأسه التَّاج مستشرقاً ... كتاج ابْن هُرْمُز فِي المهرجان)
(وقرطان من جوهرٍ أَحْمَر ... يزينانه زين قرط الحصان)
(لَهُ عنقٌ حولهَا رونقٌ ... كَمَا حوت الْخمر إِحْدَى القناني)
(ودارٌ نزايله حولهَا ... كَمَا نورت شعرةُ الزَّعْفَرَان)
(ودارت بجؤجؤه حلةٌ ... تروق كَمَا راقك الخسرواني)
)
(فَقَامَ لَهُ ذنبٌ معجبٌ ... كباقةِ زهرٍ بَدَت من بنان)
(وقاس جنَاحا على سَاقه ... كَمَا قيس شبرٌ على خيزران)
(وصفق تصفيق مستهترٍ ... بمحمرةٍ من بَنَات الدنان)
(وغرد تغريد ذِي لوعةٍ ... يبوح بأشواقه للغواني)
وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَقد بلغت سنة نيفاً وَأَرْبَعين سنة وَكَانُوا قد أغروا بِهِ الْقَائِد حَمَّاد بن سيف فَدس عَلَيْهِ من قَتله لَيْلًا قَالَ ابْن رَشِيق حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ غدونا إِلَى حَانُوت عبد الله بن الحادرة أحد الجراويين وَهُوَ موصوفٌ بِالْكَرمِ وَبَين يَدَيْهِ طفلةٌ فَقَالَ إشهدوا أَن هَذِه الطفلة فِي كفالتي إِلَى أَن تصلح للنِّكَاح فَإِن صلح لَهَا وَلَدي فلانٌ فعلي مهرهَا وَخَمْسُونَ دِينَارا وازنةً لشوارها نَقْدا وَإِن لَا فالخمسون صَدَقَة عَلَيْهَا لوجه الله فقد رَأَيْت البارحة أَبَاهَا رَحمَه الله يوبخني بِسَبَبِهَا وأنشدني من الْكَامِل
(قَتَلُوهُ لَا لخيانةٍ عرفت لَهُ ... إِلَّا لفضل براعة الشُّعَرَاء)
(أمروا بِهِ من غير ذنبٍ واجبٍ ... أكذا تكون صنائع الْأُمَرَاء)
فاتصلا بحمادٍ فأسف على الجراوي
ابْن الْبَغْدَادِيّ المغربي عبد الله بن مُحَمَّد من أهل قفصة كَانَ أَبوهُ(17/279)
ظريفاً فلقب الْبَغْدَادِيّ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وَطَرِيق عبد الله فِي الشّعْر خارجةٌ عَن طرقات أهل الْعَصْر تعالياً وتغالياً كَأَنَّهُ جاهلي المرمى ملوكي المنتمى يخاله السَّامع فحلاً يهدر أَو أسداً يزأر وَله أمثالٌ واستعاراتٌ على حدةٍ من الْكَلَام وَفِي جهةٍ من البلاغة وَكَانَت لَهُ من عبد الله بن حسن مكانةٌ ثمَّ تغير عَلَيْهِ فداجاه إِلَى أَن تخلص مِنْهُ إِلَى جَزِيرَة صقلية بحيلةٍ كَانَت مِنْهُ ثمَّ ورد الحضرة ثمَّ انْتقل إِلَى طرابلس ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى مصر سنة أَرْبَعمِائَة وَكَانَت لَهُ بِمصْر وقعات فَخرج مِنْهَا مترقباً ثمَّ مَاتَ بالحضرة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَقد بلغ قَرِيبا من السِّتين وَقَالَ لما سَار إِلَى مصر وَكتب بهَا إِلَى أَبِيه من الْخَفِيف
(لَيْت شعري هَل ساءك الْبعد لما ... قلت مثلي من حرقةً لَيْت شعري)
(وبرغم المُرَاد أزعجني المق ... دَار قسراً وَكَانَ للقسر قصري)
(قل لمن جَاءَ زائري عِنْد أَهلِي ... سَار عَنْهُم وَصَارَ من أهل مصر)
)
(غير أَنِّي سلوت عَن لَذَّة الرا ... ح على طيب مخبري عِنْد سكري)
(أَيهَا الدَّهْر قد تبينت صبري ... فاصطنعني حَتَّى ترى كَيفَ شكري)
وَمن شعره من الْكَامِل
(مَا كل من عرف التغزل باسمه ... يجد الَّذِي أدنى إِلَيّ خلوبا)
(أَعْطَيْت فضل زِمَام قلبِي أَحْمَر ال ... خدين مَكْحُول الجفون ربيبا)
(ويطيب لي حل الغدائر عابثاً ... بيَدي وَحكي بَينهُنَّ الطيبا)
(وَإِذا الْعُيُون أردن قتل متيمٍ ... كسبنه بجفونهن ذنوبا)
(وَلكم جريت مَعَ الزَّمَان كَمَا جرى ... ومشيت فِي حلق الكبول دبيبا)
(وَرَأَيْت مَاء المزن بَين شبا القنا ... وَالْبيض فِي قَعْب الْوَلِيد حليبا)
(وَإِذا أرابني الزَّمَان بصرفه ... أخرجت من أخلاقه التأديبا)
(وَالسيف أجمل مَا ترَاهُ مضرجاً ... والمرء أخيب مَا يكون هيوبا)
(وَاللَّيْل صَاحب كل ليثٍ باسلٍ ... وَلَقَد أكون لَهُ وَكنت صحوبا)
مِنْهَا يذكر المريخ من الْكَامِل
(وَكَأَنَّهُ سيف الزَّمَان مُجَردا ... للنائبات فَلَا يزَال خضيبا)
(وكأنني لتلاعب الْأَيَّام بِي ... رجلٌ لبست ثِيَابهَا مقلوبا)(17/280)
أَبُو بكر ابْن أبي الدُّنْيَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد بن سُفْيَان بن قيس الْقرشِي مولى بني أُميَّة يعرف بِابْن أبي الدُّنْيَا
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة إِحْدَى ومولده سنة ثمانٍ وَمِائَتَيْنِ وَصلى عَلَيْهِ يُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي وَكَانَ يُؤَدب المكتفي بِاللَّه فِي حداثته وَهُوَ أحد الثِّقَات المصنفين للْأَخْبَار وَالسير وَله كتبٌ كَثِيرَة تزيد على مائَة كتابٍ كتب إِلى المعتضد وَابْنه المكتفي وَكَانَ مؤدبهما من الْخَفِيف
(إِن حق التَّأْدِيب حق الْأُبُوَّة ... عِنْد أهل الحجى وَأهل الْمَرْوَة)
(وأحق الْأَنَام أَن يعرفوا ذَا ... ك وبرعوه أهل بَيت النبوه)
قَالَ كنت أؤدب المكتفي فأقرأته يَوْمًا كتاب الفصيح فأخطاً ففرصت خَدّه قرصةً شَدِيدَة فَانْصَرَفت فَإِذا قد لَحِقَنِي رشيقٌ الْخَادِم فَقَالَ يُقَال لَك لَيْسَ من التَّأْدِيب سَماع الْمَكْرُوه فَقلت)
سُبْحَانَ الله أَنا لَا أسمع الْمَكْرُوه غلامي وَلَا أمتِي قَالَ فَخرج إِلَيّ وَمَعَهُ كاغذٌ قَالَ يُقَال لَك صدقت يَا أَبَا بكر وَإِذا كَانَ يَوْم السبت تَجِيء على عادتك فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت جِئْت فَقلت أَيهَا الْأَمِير تَقول عني مَا لم أقل فَقَالَ نعم يَا مؤدبي من فعل مَا لم يجب قيل عَنهُ مَا لم يكنّ وَسمع من الْمَشَايِخ وَلم يسمع من أَحْمد بن حَنْبَل وروى عَنهُ جمَاعَة قَالَ ابْن أبي حَاتِم كتبت عَنهُ مَعَ أبي وَهُوَ صَدُوق وَكَانَ إِذا جَالس أحدا إِن شَاءَ أضحكه وَإِن شَاءَ أبكاه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقع لنا جملةٌ صَالِحَة من مصنفاته وَآخر من روى حَدِيثه بعلوًّ الشَّيْخ فَخر الدّين ابْن البُخَارِيّ
أَبُو مُحَمَّد التوزي اللّغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون التوزي وَيُقَال التوجي أَبُو مُحَمَّد مولى قُرَيْش توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ أَخذ عَن أبي عُبَيْدَة(17/281)
والأصمعي وَأبي زيد وَهُوَ من أكَابِر أَئِمَّة اللُّغَة قَرَأَ على أبي عمر الْجرْمِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَكَانَ فِي طبقته فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم قَالَ الْمبرد كَانَ التوزي أعلم من الرياشي والمازني وَله من التصانيف كتاب الْأَمْثَال كتاب الأضداد كتاب الْخَيل وسبقها وشياتها
وَقَالَ خَالِد النجار يَهْجُونَ من الْكَامِل المرفل
(يَا من يزِيد تمقتاً ... وتبغضاً فِي كل لحظه)
(وَالله لَو كنت الْخَلِيل ... لما كتبنَا عَنْك لَفظه)
النَّاشِئ الشَّاعِر الْمُتَكَلّم عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس النَّاشِئ الشَّاعِر الْمُتَكَلّم الْمَعْرُوف بِابْن شرشير أَصله من الأنبار وَسكن مصر بَغْدَاد وَهُوَ معدودٌ فِي طبقَة البحتري وَابْن الرُّومِي وَله قصيدةٌ نَحْو من أَرْبَعَة آلَاف بيتٍ فِيهَا فنونٌ من الْعلم وَهِي على رويٍّ واحدٍ وقافيةٍ واحدةٍ قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَقد قَرَأت بعض كتبه فدلتني على هوسه واختلاطه لِأَنَّهُ أَخذ نَفسه بِالْخِلَافِ على أهل الْمنطق وَالشعر والعروضيين وَغَيرهم ورام أَن يحدث لنَفسِهِ أقوالاً ينْقض بهَا مَا هم عَلَيْهِ فَسقط فِي بَغْدَاد فلجأ إِلَى مصر وَأقَام بهَا بَقِيَّة عمره إِلَى أَن مَاتَ سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
قيل إِن سَبَب مَوته كَانَ عجبا وَهُوَ أَنه كَانَ فِي جماعةٍ على شرابٍ فَجرى ذكر الْقُرْآن وَعَجِيب نظمه فَقَالَ ابْن شرشير كم تَقولُونَ لوشئت وَتكلم بكلامٍ عظيمٍ فأنكروا عَلَيْهِ ذَلِك)
فَقَالَ إيتوني بقرطاسٍ ومحبرةٍ فأحضر لَهُ ذَلِك فَقَامَ وَدخل بَيْتا فانتظروه فَلَمَّا طَال انْتِظَاره قَامُوا ودخلوا إِلَيْهِ فَإِذا القرطاس مَبْسُوطا وَإِذا النَّاشِئ فَوْقه ممتداً فحركوه فَإِذا هُوَ ميت وَكَانَ السَّبَب فِي تلقبه بالناشئ أَنه دخل مَجْلِسا فِيهِ أهل الجدل فَتكلم فَأحْسن على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فجود وَقطع من ناظره فَقَامَ شيخٌ مِنْهُم فَقبل رَأسه وَقَالَ لَا أعد منا الله مثل هَذَا النَّاشِئ أَن يكون فِينَا فينشأ فِي كل وقتٍ لنا مثله فَاسْتحْسن أَبُو الْعَبَّاس هَذَا الِاسْم وتلقب بِهِ وَمن شعره من المتقارب
(بَكت للفراق وَقد راعني ... بكاء الحبيب لبعد الديار)
(كَأَن الدُّمُوع على خدها ... بَقِيَّة طل على جلنار)(17/282)
وَله فِي دَاوُد بن عَليّ الظَّاهِرِيّ من الطَّوِيل
(أَقُول كَمَا قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد ... وَإِن قست بَين اللَّفْظ وَاللَّفْظ فِي الشّعْر)
(عذلت على مَا لَو علمت بِقَدرِهِ ... بسطت مَكَان اللوم والعذل من عُذْري)
(جهلت وَلم تَدْرِي بأنك جاهلٌ ... فَمن لي بِأَن تَدْرِي بأنك لَا تَدْرِي)
وَقَالَ من الْبَسِيط
(أشدد يَديك بِمن تهوى فَمَا أحدٌ ... يمْضِي فيدرك حيٌّ بعده خلفا)
(واسعتب الْحر إِن أنْكرت شيمته ... فالحر يسْتَأْنف العتبى إِذا أنفًا)
(من ذَا الَّذِي نَالَ حظاً دون صَاحبه ... يَوْمًا فأنصفه فِي الود وانتصفا)
قَالَ مُحَمَّد بن خلف بن الْمَرْزُبَان إجتمع عِنْدِي أَحْمد بن أبي طَاهِر والناشئ وَمُحَمّد بن عروس فدعوت لَهُم مغنيةً فَجَاءَت وَمَعَهَا رقيبةٌ لم ير النَّاس أحسن مِنْهَا فَلَمَّا شربوا أَخذ النَّاشِئ رقْعَة وَكتب فِيهَا من المتقارب
(فديتك لَو أَنهم أنصفوك ... لردوا النواظر عَن ناظريك)
(تردين أَعيننَا عَن سواك ... وَهل تنظر الْعين إِلَّا إِلَيْك)
(وهم جعلوك رقيباً علينا ... فَمن ذَا يكون رقيباً عَلَيْك)
(ألم يقرأوا ويحهم مَا يرَوْنَ ... من وَحي حسنك فِي وجنتيتك)
وَقَالَ النَّاشِئ يصف أَصْحَابه من الْبَسِيط
(وَلَو شهِدت مقاماتي وأنديتي ... يَوْم الْخِصَام وَمَاء الْمَوْت مطرد)
)
(فِي فتيةٍ لم يلاق النَّاس مذ وجدوا ... لَهُم شَبِيها وَلَا يلقون إِن فقدوا)
(مجاورو الْفضل أفلاك العلى سبل الت ... قوى مَحل الْهدى عمد النهى الوطد)
(كَأَنَّهُمْ فِي صُدُور النَّاس أفئدةٌ ... تحس مَا أخطأوا فِيهَا وَمَا عَمدُوا)
(يبدون للنَّاس مَا تخفي ضمائرهم ... كَأَنَّهُمْ وجدو مِنْهَا الَّذِي وجدوا)
(دلوا على بَاطِن الدُّنْيَا بظاهرها ... وَعلم مَا غَابَ عَنْهُم بِالَّذِي شهدُوا)
(مطالع الْحق مَا من شبهةٍ غسقت ... إِلَّا وَمِنْهَا لديهم كوكبٌ يقد)
وَمن شعره النَّاشِئ من الْبَسِيط
(وشادان مَا تولى وَصفه أحدٌ ... إِلَّا تلجلج فِي الْوَصْف الَّذِي وَصفا)(17/283)
(يلوح فِي خَدّه وردٌ على زهرٍ ... يعود من حسنه غضاً إِذا قطفا)
(لَا شَيْء أعجب من جفينه إنَّهُمَا ... لَا يُضعفَانِ القوى إِلَّا إِذا ضعفا)
لنيسابوري اللّغَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن هَانِئ النَّيْسَابُورِي أَبُو عبد الرحمان مَاتَ سنة ستٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
روى عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ يحْكى أَنه أنْفق على الْأَخْفَش سعيد بن مسْعدَة اثْنَي عشر ألف دينارٍ وبيعت كتبه بِأَرْبَع مائَة ألف درهمٍ قَالَ شمر بن حَمْدَوَيْه كنت عِنْد أبي عبد الرحمان فَجَاءَهُ وكيلٌ لَهُ فحاسبه فَبَقيَ وكيلٌ لَهُ فحاسبه فَبَقيَ لَهُ خمس مائَة دِرْهَم فَقَالَ لَهُ أَي شيءٍ أصنع بهَا قَالَ تصدق بهَا وَكَانَ قد أعد دَارا لكل من يقدم عَلَيْهِ من المستفيدين فيأمر بإنزاله فِيهَا ويزيح علله فِي النَّفَقَة والرزق ويوسع النّسخ عَلَيْهِ وَله كتاب نَوَادِر الْعَرَب وغرائب ألفاظها يربى على ألفي ورقة سمع شمرٌ مِنْهُ بعض هَذَا الْكتاب
ابْن وداع الْوراق عبد الله بن مُحَمَّد بن وداع بن الزياد بن هاني الْأَزْدِيّ أَبُو عبد الله كَانَ وراقاً حسن الْمعرفَة صَحِيح الْخط يرغب النَّاس فِي خطه وَكَانَ لخطه نفاقٌ وثمنٌ ونفاسةٌ توفّي
ابْن فأر اللَّبن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَارِث معِين الدّين الْأنْصَارِيّ أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بِابْن فأر اللَّبن
شيخٌ متميز مسن وَهُوَ آخر من روى عَن الشاطبي روى عَنهُ القصيده الشَّيْخ حسن الرَّشِيدِيّ وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَبدر الدّين الْجَوْهَرِي توفّي سنة أربعٍ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة)
ابْن أبي الْجُوع الْوراق عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْجُوع النَّحْوِيّ الأديب الْوراق من أهل مصر كَانَ مليح الْخط جيد الضَّبْط وخطه مرغوبٌ فِيهِ وَكَانَ لَهُ تحققٌ باللغة والنحو والبلاغة وَقَول الشّعْر وصل إِلَيْهِ من الْعَزِيز وَابْنه الْحَاكِم جملةٌ كَبِيرَة على الوراقة وَقد أدْرك المتنبي وَأَيَّام كافور وَمَات بِمصْر سنة خمسٍ وَتِسْعين وثلاثمائة قَالَ كَانَ لي على الْوَزير ابْن خنزابة وعدٌ مطلني بِهِ مطلاً ضَاقَ بِهِ صَدْرِي فَعمِلت فِيهِ من مجزوء الرمل(17/284)
(تاه جهلا بالفرات ... أحمقٌ ذُو نزوات)
(قَالَ لي أهيف عَنهُ ... وَهُوَ من إِحْدَى الثِّقَات)
(إِنَّه يجمع بالم ... يم رُؤُوس الألفات)
قَالَ وكتبتها فِي رقعةٍ وكتبت فِي أُخْرَى إِلَيْهِ أتنجزه الْوَعْد وَاتفقَ لقائي لَهُ على عجلةٍ فَأَرَدْت أَن أعرض عَلَيْهِ الْقِصَّة فَدفعت إِلَيْهِ الأبيات غَلطا فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ لعنك الله قد غَلطت وأعادها إِلَيّ وَالْتمس الْأُخْرَى فدفعتها إِلَيْهِ وَعِنْدِي من الخجل مَا يَقْتَضِيهِ مثل تِلْكَ الْحَال فَأَخذهَا وَوَقع فِيهَا بِمَا أردْت فَقلت لَك عَليّ مَعَ مَا تكرمت بِهِ من الْحلم أَن لَا يسْمعهَا أحدٌ مني
أَبُو مُحَمَّد الْخطابِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن حَرْب بن خطاب الْخطابِيّ أَبُو مُحَمَّد من نحاة الْكُوفَة وَكَانَ شَاعِرًا يغلب عَلَيْهِ السخف والألفاظ الغريبة لَهُ كتاب النَّحْو الْكَبِير كتاب النَّحْو الصَّغِير كتاب عَمُود النَّحْو كتاب المكتم فِي النَّحْو
أَبُو الْحسن الخراز النَّحْوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن سُفْيَان الخراز النَّحْوِيّ أَبُو الْحسن أَخذ عَن الْمبرد وثعلب وَغَيرهمَا وَمَات سنة خمسٍ وَعشْرين وثلاثمائة وَكَانَ معلما فِي دَار الْوَزير عَليّ بن عِيسَى بن الْجراح وَهُوَ الَّذِي صنف كتاب الْمعَانِي وخلط المذهبين وَله مصنفات فِي عُلُوم الْقُرْآن مِنْهَا كتابٌ مُخْتَصر فِي علم الْعَرَبيَّة الْمَقْصُور والممدود الْمُذكر والمؤنث كتاب مَعَاني الْقُرْآن كتاب أَعْيَان الْحُكَّام أَلفه لأبي الْحُسَيْن بن أبي عمر القَاضِي كتاب أعياد النُّفُوس فِي الْعلم كتاب رَمَضَان وَمَا قيل فِيهِ
ابْن الْأَكْفَانِيِّ قَاضِي بَغْدَاد)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم أَبُو(17/285)
مُحَمَّد الْأَسدي الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْأَكْفَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد أنْفق على أهل الْعلم مائَة ألف دينارٍ وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَأَرْبَعمِائَة
ابْن الفرضي الْقُرْطُبِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن نصرٍ الْأَزْدِيّ الْحَافِظ أَبُو الْوَلِيد ابْن الفرضي الْقُرْطُبِيّ مُصَنف تَارِيخ الأندلس لَهُ مصنفٌ فِي أَخْبَار شعراء الأندلس وكتابٌ فِي المؤتلف والمختلف وَفِي مشتبه النِّسْبَة وروى عَنهُ ابْن عبد الْبر وَكَانَ فَقِيها عَالما فِي جَمِيع فنون الْعلم إستقضاه مُحَمَّد الْمهْدي ببلنسية وَكَانَ حسن البلاغة والخط وقتلته البربر فِي الْفِتْنَة وَبَقِي فِي دَاره ثَلَاثَة أَيَّام مقتولاً قَالَ ابْن الفرضي تعلّقت بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَسَأَلت الشَّهَادَة ثمَّ انحرفت وفكرت فِي هول الْقَتْل فندمت وهممت أَن أرجع واستقيل الله ذَلِك فَاسْتَحْيَيْت قَالَ الْحميدِي فَأَخْبرنِي من رَآهُ بَين الْقَتْلَى ودنا مِنْهُ فَسَمعهُ يَقُول بصوتٍ ضعيفٍ لَا يكلم أحدٌ فِي سَبِيل الله وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله إِلَّا وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة وجرحه يثعب دَمًا اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك كَأَنَّهُ يُعِيد الحَدِيث على نَفسه ثمَّ قضى على أثر ذَلِك وَأنْشد لَهُ ابْن عبد الْبر من الطَّوِيل
(أَسِير الْخَطَايَا عِنْد بابك واقفٌ ... على وجلٍ مِمَّا بِهِ أَنْت عَارِف)
(يخَاف ذنوباً لم يغب عَنْك عيبها ... ويرجوك فِيهَا فَهُوَ راجٍ وخائف)
(وَمن ذَا الَّذِي يَرْجُو سواك وَيَتَّقِي ... وَمَالك من فضل الْقَضَاء مُخَالف)
(فيا سَيِّدي لَا تخزني فِي صحيفتي ... إِذا نشرت يَوْم الْحساب الصحائف)
(وَكن مؤنسي فِي ظلمَة الْقَبْر عِنْدَمَا ... يصد ذَوُو ودي ويجفو الموالف)
(لَئِن ضَاقَ عني عفوك الْوَاسِع الَّذِي ... أرجي لإسرافي فَإِنِّي لتالف)(17/286)
وَأنْشد الْحميدِي لِابْنِ الفرضي من الْكَامِل
(إِن الَّذِي أَصبَحت طوع يَمِينه ... إِن لم يكن قمراً فَلَيْسَ بِدُونِهِ)
(ذلي لَهُ فِي الْحبّ من سُلْطَانه ... وسقام جسمي من سقام جفونه)
الزوزني العبدلكاني عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف العبدلكاني أَبُو مُحَمَّد الزوزني الأديب توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَهُوَ رجلٌ مشهورٌ من الشُّعَرَاء حسن الْكَلَام غزير الْعلم كثير الْحلم سمع الحَدِيث)
وقلما كَانَ ينشط للرواية وَكَانَ خَفِيف الرّوح كثير النَّوَادِر والمضاحك سريع الْجَواب قصير الْقَامَة لَا يزِيد على ذراعين كث اللِّحْيَة نحيف الْجِسْم إِلَّا أَن وَجهه بهيٌّ وَكَانَ يكتحل إِلى قريبٍ من أُذُنَيْهِ فَيصير شهرةً مضحكةً وَكَانَ مُلُوك خُرَاسَان يصطفونه لمنادمتهم وَتَعْلِيم أَوْلَادهم وَله كتاب المرجان فِي الرسائل وَمن شعره من مجزوء الْبَسِيط
(يَا سَيِّدي نَحن فِي زمانٍ ... أبدلنا الله مِنْهُ غَيره)
(كل خسيسٍ وكل نذل ... متع بالطيبات أيره)
(وكل ذِي فطنةٍ وعقلٍ ... بجلد من فقره عميره)
وَمِنْه من مجزوء الْبَسِيط
(لما رَأَيْت الزَّمَان نكساً ... وَلَيْسَ فِي الْحِكْمَة انْتِفَاع)
(كل رئيسٍ بِهِ ملالٌ ... وكل رأسٍ بِهِ صداع)
(وكل نذلٍ بِهِ ارتفاعٌ ... وكل حرٍّ بِهِ اتضاع)
(لَزِمت بَيْتِي وصنعت عرضا ... بِهِ عَن الذلة امْتنَاع)
(أشْرب مِمَّا ادخرت رَاحا ... لَهَا على راحتي شُعَاع)
(لي من قراقيرها ندامى ... وَمن قواريرها سَماع)
(وأجتني من ثمار قومٍ ... قد أقفرت مِنْهُم الْبِقَاع)
الواثق الصُّمادحي عبد الله بن مُحَمَّد بن معنٍ الواثق عز الدولة بن المعتصم بن صمادح كَانَ أَبوهُ قد ولاه بالمرية عَهده فَلَمَّا أَخذ الملثمون المرية عِنْد موت أَبِيه ركب الواثق الْبَحْر إِلى جِهَة بجاية بِمَا قدر عَلَيْهِ وَأقَام فِي الجزائر تَحت ظلّ بني حَمَّاد سلاطين الغرب الْأَوْسَط وَمن وصف الْحِجَازِي لَهُ قمرٌ عاجله المحاق قبل التَّمام فنشر من(17/287)
يَدَيْهِ مَا كَانَ عقد أَبوهُ من ذَلِك النظام وَكَانَ قد خصّه بِولَايَة عَهده ورشحه للْملك من بعده وَآل أمره إِلى أَن حل ببجابة فِي دولة بني حَمَّاد مستوحشاً وَقَالَ شعرًا مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل
(لَك الْحَمد بعد الْملك أصبح خاملاً ... بِأَرْض اغترابٍ لَا أَمر وَلَا أحلي)
(وَقد أصدأت فِيهَا الهوادة منصلي ... كَمَا نسيت ركض الْجِيَاد بهَا رجْلي)
(وَلَا مسمعي يصغي لنغمة شاعرٍ ... وكفي لَا تمتد يَوْمًا إِلى بذل)
)
قَالَ وَمَا أَظن أحدا قَالَ فِي عظم الْهم مثل قَوْله من الْبَسِيط
(لييأس النَّاس من همٍّ وَمن كمدٍ ... فإنني قد جمعت الْهم والكمدا)
(لم أبق مِنْهُ لغيري مَا يحاذره ... فَلَيْسَ يقْصد دوني فِي الورى أحدا)
وَقَالَ من المجتث
(أَهْوى قضيب لجينٍ ... قد أطلع الْبَدْر فِيهِ)
(إِن كَانَ موتِي بلحظٍ ... فَمِنْهُ عيشي يَلِيهِ)
(يَا رب كم اتمنى ... لقيَاهُ كم أشتهيه)
(وَلَا أرى مِنْهُ شَيْئا ... سوى جفاءٍ وتيه)
(طُوبَى لدارٍ حوته ... وَأمه وَأَبِيهِ)
(بل ألف طُوبَى لصبٍّ ... فِي موضعٍ يلتقيه)
أَبُو بكر القَاضِي الطريثيثي عبد الله بن مُحَمَّد بن طَاهِر الطريثيثي أَبُو بكر القَاضِي وطريثيث بلدٌ من أَعمال نيسابور لَهُ يدٌ باسطة فِي اللُّغَة والنحو وَالْأَدب ورد بَغْدَاد قبل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة لَهُ كتاب الموازنة بَين أبي طَاهِر وطاهر يمدح فِيهِ أَبَا طَاهِر الْخَوَارِزْمِيّ ويذم طَاهِر الطريثيثي وَهُوَ كتابٌ كثير الْفَوَائِد وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَخَمْسمِائة
أَبُو مُحَمَّد الشهراباني عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أبي عِيسَى أَبُو مُحَمَّد من أهل شهرابان وَأقَام بِبَغْدَاد كَانَ لَهُ معرفةٌ بِعلم الْأَدَب والنحو والعربية وَالشعر وَهُوَ مليح الْخط جيد الضَّبْط قَرَأَ على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب ولازمه حَتَّى حصل(17/288)
طرفا جيدا مِمَّا عِنْده مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّمائَة وَمن شعره من الرمل
(نَحن قومٌ قد تولى حظنا ... وأتى قومٌ لَهُم حظٌّ جَدِيد)
(وَكَذَا الْأَيَّام فِي أفعالها ... تخْفض الهضب وتستعلي الوهود)
(إِنَّمَا الْمَوْت حياةٌ لامرئٍ ... حَظه ينقص والهم يزِيد)
أَبُو مُحَمَّد الأشيري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ الْأنْصَارِيّ أَبُو مُحَمَّد الاشيري وأشير بلدةٌ فِي أَطْرَاف)
إفريقية كَانَ اُحْدُ الْأَعْلَام والشيوخ الْمَشْهُورين كتب بِيَدِهِ الْكثير من الحَدِيث وَالْأَدب وَدخل الأندلس وَلَقي القَاضِي عياضاً وَورد إِلى الشرق وَحج وَدخل مصر وَالشَّام وحلب وَمَات سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ يقْرَأ الحَدِيث فغلط فِي شيءٍ سبقه إِلَيْهِ لِسَانه فَرده عَلَيْهِ بعض الْحَاضِرين فَقبل قَوْله وَقَالَ الْقَارئ أَسِير المستمع وَكَانَ الْوَزير أَبُو المظفر ابْن هُبَيْرَة طلبه من الْعَادِل نور الدّين الشَّهِيد لما صنف كتاب الإفصاح وَجمع أهل الْمذَاهب لأَجله وَقيل لَهُ إِنَّه فقيهٌ مالكي الْمَذْهَب وَلما وصل بَغْدَاد أنزلهُ بدارٍ بَين الدربين وأنعم عَلَيْهِ وأجرى لَهُ الجرايات الْحَسَنَة وَأكْثر مذاكرته ومجالسته وَكَانَ قد بحث يَوْمًا مَعَه فَرد عَلَيْهِ وأغضبه بَين الْجَمَاعَة فَقَالَ لَهُ الْوَزير تهذي لَيْسَ كلامك بِصَحِيح فَمضى الأشيري وَلم يعد إِلى مَجْلِسه فَأرْسل إِلَيْهِ حَاجِبه فَلم يحضر فَرد الْحَاجِب وَقَالَ لَهُ إِن لم يجِئ بعثت إِلَيْهِ ولديّ الْإِثْنَيْنِ فَحَضَرَ فَقَالَ لَهُ لَا بُد أَن تقوم بَين الْجَمَاعَة وتخاطبني بِمَا خاطبتك بِهِ وَحلف على ذَلِك فَلم يفعل فألزمه الْوَزير وَالْجَمَاعَة الْحَاضِرُونَ إِلى أَن قَالَ للوزير كَمَا قَالَ لَهُ وَاعْتذر الْوَزير إِلَيْهِ وَوَصله وَله كتاب الِاشْتِقَاق وَكتاب وجوب الطُّمَأْنِينَة
أَبُو مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن وليد الأندلسي النَّحْوِيّ يعرف بِابْن الْأَسْلَمِيّ كنيته أَبُو مُحَمَّد
كَانَ يخْتم كتاب سِيبَوَيْهٍ كل خَمْسَة عشر يَوْمًا مرّة(17/289)
وَألف كتبا مِنْهَا كتاب تفقيه الطالبين ثَلَاثَة أَجزَاء كتاب الْإِرْشَاد إِلى إِصَابَة الصَّوَاب
البلنسي المجلد عبد الله بن مُحَمَّد البلنسي أَبُو مُحَمَّد كَانَ مجلداً فَاضلا قَالَ لَهُ يَوْمًا شهَاب الدّين عبد الْحق بن عبد السَّلَام الصّقليّ وَهُوَ يبشر جلدا لكتابٍ مَا أَنْت إِلَّا بشارٌ فَقَالَ من مجزوء الرمل
(أَنا بشار وَلَك ... لست بشار بن برد)
(ذَاك بشارٌ لشعرٍ ... وَأَنا بشار جلد)
المكفوف النَّحْوِيّ القيرواني عبد الله بن مُحَمَّد وَقيل ابْن مَحْمُود أَبُو مُحَمَّد المكفوف النَّحْوِيّ القيرواني كَانَ عَالما بالغريب والعربية وَالشعر وَتَفْسِير المشروحات وَأَيَّام الْعَرَب وأخبارها وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وثلاثمائة وَله كتابٌ فِي الْعرُوض يفضله أهل الْعلم على كل مَا ضنف لما بَين وَقرب وَكَانَ)
يجلس مَعَ حمدون النعجة فِي مكتبه فَرُبمَا اسْتعَار بعض الصّبيان كتابا فِيهِ شعرٌأو غريبٌ أَو شَيْء من أَخْبَار الْعَرَب فيقتضيه صَاحبه إِيَّاه فَإِذا ألح عَلَيْهِ أعلم أَبَا مُحَمَّد المكفوف بذلك فَيَقُول لَهُ إقرأ عَليّ فَإِذا فعل قَالَ أعده ثَانِيَة ثمَّ يَقُول رده على صَاحبه وَمَتى شِئْت تَعَالَى حَتَّى أمليه عَلَيْك وهجاه إِسْحَاق بن خنيسٍ فَأَجَابَهُ المكفوف وَقَالَ من الْبَسِيط
(إِن الخنيسي يهجوني لأرفعه ... إخسا خنميس فَإِنِّي لست أهجوكا)
(لم تبْق مثلبةٌ تحصى إِذا جمعت ... من المثالب إِلَّا كلهَا فيكا)
وَكَانَت الرحلة إِلَيْهِ من جَمِيع إفريقية لِأَنَّهُ كَانَ أعلم خلق الله بالنحو واللغة وَالشعر وَالْأَخْبَار
أَبُو مُحَمَّد الغيمي الْمَالِكِي عبد الله بن مُحَمَّد الغيمي بالغين الْمُعْجَمَة مَفْتُوحَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة أَبُو مُحَمَّد المغربي صوام قوامٌ عني بكتب أَشهب وبالمدونة وبكتب ابْن الْمَاجشون وَأخذ الْفِقْه عَن جلة أَصْحَاب ابْن سَحْنُون حمل هُوَ وَأَبُو عبد الله الصدري إِلى الْمهْدي لما ذما التَّشَيُّع فضربهما حَتَّى مَاتَا وصلبهما رَضِي الله عَنْهُمَا وَذَلِكَ سنة ثَمَان وثلاثمائة(17/290)
الْحَافِظ الدينَوَرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن وهب بن بشر أَبُو مُحَمَّد الدينَوَرِي الْحَافِظ الْكَبِير طوف الأقاليم وَسمع
كَانَ أَبُو زرْعَة يعجز عَن مذاكرته قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ متروكٌ توفّي سنة ثمانٍ وثلاثمائة
عين الْقُضَاة الميانجي عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن أَبُو الْمَعَالِي عين الْقُضَاة الميانجي بعد الْمِيم آخر الْحُرُوف وَبعدهَا الفٌ وَنون وجيم وميانج بلدٌ بِأَذربِيجَان وَهُوَ من أهل همذان فَقِيه عَلامَة شاعرٌ مفلق يضْرب بِهِ الْمثل فِي الذكاء وَالْفضل وَيتَكَلَّم بإشارات الصُّوفِيَّة وَكَانَ النَّاس يتباركون بِهِ والعزيز المستوفي يُبَالغ فِي تَعْظِيمه فَلَمَّا قتل كَانَ بَينه وَبَين الْوَزير أبي الْقَاسِم إحنٌ فَعمل محضراً بألفاظٍ شنيعةٍ التقطت من تصانيفه فَكتب جماعةٌ بِحل دَمه فَحَمله أَبُو الْقَاسِم الْوَزير إِلَى بَغْدَاد مُقَيّدا ثمَّ رد وصلب بهمذان فِي سنة خمسٍ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَكَانَ من تلاميذ الْغَزالِيّ وتلاميذ مُحَمَّد بن حمويه وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَقُول لنَفْسي وَهِي طالبة العلى ... لَك الله من طلابةٍ للعلى نفسا)
(أجيبي المنايا إِن دعتك إِلَى الردى ... إِذا تركت للنَّاس أَلْسِنَة خرسا)
)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(فَمَا خدع الأجفان بعْدك غفوةٌ ... وَلَا وطئ الأجفان قبلك أدمع)
وَمن تصانيفه الرسَالَة العلائية أمالي الِاشْتِقَاق الْبَحْث عَن معنى الْبَعْث كتاب زبدة الْحَقَائِق فِي الْحساب الْهِنْدِيّ مُقَدّمَة وَغير ذَلِك
الْكَامِل الْخَوَارِزْمِيّ صَاحب الرحل عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْخَوَارِزْمِيّ أَبُو الْقَاسِم الْكَامِل أحد البلغاء الْمُتَأَخِّرين وَالْعُلَمَاء المبرزين كَانَ فِي عصر الحريري أبي مُحَمَّد صَاحب المقامات وَلما فَازَ الحريري بِالسَّبقِ إِلَى عمل(17/291)
المقامات إخترع هَذَا الْخَوَارِزْمِيّ كتاب الرحل وَعمل فِيهِ سِتّ عشرَة رحْلَة حذا فِيهَا حَذْو المقامات وأهداها إِلَى هبة الله ابْن الْفضل بن صاعد بن التلميذ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة وَأورد مِنْهَا ياقوت فِي مُعْجم الأدباء رحْلَة وَاحِدَة
ابْن الذَّهَبِيّ الطَّبِيب عبد الله بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ يعرف بِابْن الذَّهَبِيّ أحد المعتنين بصناعة الطِّبّ ومطالعة كتب الفلاسفة وَكَانَ كلفاً بصناعة الكيمياء مُجْتَهدا فِي طلبَهَا توفّي سنة ستٍ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَله من الْكتب مقَالَة فِي أَن المَاء لَا يغذو
ابْن عَلْقَمَة البلنسي عبد الله بن مُحَمَّد بن الْخلف أَبُو مُحَمَّد الصَّدَفِي البلنسي يعرف بِابْن عَلْقَمَة وَأَبوهُ الْكَاتِب أَبُو عبد الله هُوَ صَاحب تَارِيخ بلنسية وَكتب أَبُو مُحَمَّد هَذَا للْقَاضِي أبي الْحُسَيْن بن عبد الْعَزِيز وَفِيه يَقُول أَبُو الْعَبَّاس بن العريف الزَّاهِد رَحمَه الله تَعَالَى من السَّرِيع
(من عجب الدَّهْر وآياته ... سكرةٌ تعزى إِلَى علقمه)
(خيف عَلَيْهَا الْعين من طيبها ... فَهِيَ بأضداد الكنى معلمه)
(بَقِيَّة الْمَعْنى لذِي فطنةٍ ... لِأَنَّهَا فِي اللَّفْظ علقٌ ومه)
وَمن شعر أبي مُحَمَّد يُخَاطب الْأُسْتَاذ أَبَا عبد الله بن خلصة عقيب إبلاله من مرضٍ أرجف فِيهِ بِمَوْتِهِ من الطَّوِيل
(نعوك وقاك الله كل ملمةٍ ... وَمَا هُوَ نعيٌ بل مصحفه بَقِي)
(وينعٌ لزهر الْجِسْم بعد ذبوله ... وبالضد من مَعْنَاهُ يَبْدُو لنا الشي)
)
(فَهَذَا صَحِيح الزّجر بادٍ دَلِيله ... وَللَّه فِينَا الحكم وَالْأَمر وَالنَّهْي)
فَأجَاب ابْن خلصة بأبياتٍ مِنْهَا من الطَّوِيل
(لثن كنت منعياً فَمَا الْمَوْت وصمةً ... لقد نعيت قبلي الرسَالَة وَالْوَحي)
(ليغض عدوٌّ أَو ليظْهر شماتةً ... فعما قليلٍ يتبع الْمَيِّت الْحَيّ)(17/292)
قلت أحسن من الأول قَول الأول من الطَّوِيل
(تمنى رجالٌ أَن أَمُوت وَإِن أمت ... فَتلك طريقٌ لست فِيهَا بأوحد)
ابْن أبي روح المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي روح أَبُو مُحَمَّد من أهل الجزيرة الخضراء رَحل مِنْهَا إِلَى الْمشرق سنة سبعين وَخَمْسمِائة أَو نَحْوهَا وَلم يعد إِلَيْهَا فَقَالَ يتشوقها من الطَّوِيل
(أعلل يَا خضراء نَفسِي بالمنى ... وأقنع إِن هبت رياحك بالشم)
(إِذا غبت عَن عَيْني يغيب منامها ... وَكَيف ينَام اللَّيْل ذُو الوجد والهم)
(تذكرت من فِيهَا فَفَاضَتْ مدامعي ... فَللَّه من فِيهَا من الْخَال وَالْعم)
(أحن إِلَى الخضراء من كل موطنٍ ... حنين مشوقٍ للعناق وللضم)
(وَمَا ذَاك إِلَّا أَن جسمي رضيعها ... وَلَا بُد من شوق الرَّضِيع إِلَى الْأُم)
قلت شعر مَقْبُول
المغربي الْمهرِي عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن المنخل الْمهرِي من أهل شلب أَبُو مُحَمَّد بن أبي بكر وَمن شعره من الْكَامِل
(شرف الْخلَافَة أَن ملكت زمامها ... وغدوت من عقب الإِمَام إمامها)
(وافتك تبتدر الرِّضَا إِذْ رمتها ... ولشد مَا امْتنعت على من رامها)
(طبع الْإِلَه لَهَا حساماً صَارِمًا ... يحمي جوانبها فَكنت حسامها)
(وَرَأَتْ عداة الله أَن حمامها ... من قيس عيلانٍ فَكنت حمامها)
مِنْهَا
(فعلى رماحك أَن تشق جيوبها ... وعَلى حسامك أَن يفلق هامها)
(ملكٌ يجير من الزَّمَان فَإِن يضم ... حرا بوادية اللَّيَالِي ضامها)
)
(قسطاس عدلٍ لَا يمِيل فَإِن رأى ... ميل الْخلَافَة أمهَا فأقامها)
(مَا الْجُود إِلَّا مَا تفيض بنانه ... لَا مَا تفيض الْعَرَب فِيهِ سهامها)
(مَا الْبَأْس إِلَّا مَا تضمن سَيْفه ... لَا مَا تضمن بعضه صمصامها)(17/293)
(مَا الزّجر إِلَّا مَا يجر خِلَافه ... لَيْسَ الَّذِي وسمت بِهِ أَيَّامهَا)
(يطفي الحروب إِذا توهج جمرها ... ولربما خمدت فشب ضرامها)
(وَإِذا أسود الْحَرْب هاج غرامها ... عانى بِحَدّ المشرفي عرامها)
(وَإِذا بروق المزن لحن كواذباً ... صدقت بروق نواله من شامها)
وَمِنْهَا
(لما رَأَيْت الدّين أظلم وَجهه ... وَالْحَرب قد سدلت عَلَيْهِ قتامها)
(أقبلتها شعث النواصي شزباً ... جردا تباري فِي الفلاة سمامها)
(من كل مشرفة التليل كَأَنَّمَا ... عقدوا بباسقة النخيل لجامها)
(وأغر وضاح الحجول مطهمٍ ... يجلو إِذا خَاضَ الغمار ظلامها)
مِنْهَا
(يلقى العداة الرعب قبل لِقَائِه ... فيزل قبل قتالها أَقْدَامهَا)
وَقَالَ مسلياً من هزيمةٍ من الْكَامِل
(لَا تكترث يَا ابْن الخلفة إِنَّه ... قدرٌ أتيح فَمَا يرد متاحه)
(قد يكدر المَاء القراح لعلةٍ ... وَيعود صفواً بعد ذَاك قراحه)
قلت شعرٌ جيد
أَبُو مُحَمَّد المرسي الْكَاتِب عبد الله بن مُحَمَّد بن ذمام أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب المرسي من أهل لقنت بِفَتْح اللَّام وَالْقَاف وَسُكُون النُّون وَبعدهَا تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف سكن مالقة وَكَانَ فِي أول أمره توجه إِلَى مراكش وَتعلق بِخِدْمَة أبي الْغمر هِلَال بن الْأَمِير مُحَمَّد بن مرذنيش فَكتب إِلَيْهِ أَبوهُ الْأُسْتَاذ أَبُو عبد الله مَعَ رسالةٍ يشعره اللحاق بِهِ وَقد رغب إِلَيْهِ فِيهِ من الطَّوِيل
(إِلَى الحضرة الْعليا الْمسير الْمُحَقق ... بهَا أملٌ إِن شاءه الله يلْحق)
(بهَا كعبة الآمال طُوبَى لطائفٍ ... يقبل أركاناً لَهَا ويخلق)
)
(فطوبى لمن أَمْسَى وَقد حط رَحْله ... بِسَاحَة بابٍ للهدى لَيْسَ يغلق)
(وتعساً لمن لم ينظم الدَّهْر شَمله ... بمراكش الغراء حَيْثُ التأنق)(17/294)
فَرَاجعه برسالةٍ يَقُول فِيهَا من الطَّوِيل
(بنانك من بَحر المعارف تنْفق ... وذهنك للمعنى البديع موفق)
(فنظمك درٌّ أنفس الدّرّ دونه ... ونثرك مسكٌ طيب الْعرف يعبق)
(وَأَنت مليكٌ للبلاغة كلهَا ... وراياتها من فَوق رَأسك نخفق)
(وَللَّه بكرٌ بنت عشرٍ زففتها ... تعبر عَن سحرٍ حلالٍ وتنطق)
(تجلت فَجلت أَن يُعَارض حسنها ... وَكَيف وفيهَا للمعالي تأنق)
(وَمَا هُوَ إِلَّا أَن فضضت ختامها ... فهيج بلبالي إِلَيْك التشوق)
(فيا لَيْت مر الشوق لم تدر طعمه ... وياليت هَذَا الْبَين لم يَك يخلق)
(فَذَاك للذات التواصل قاطعٌ ... وَهَذَا لشمل الْأَقْرَبين مفرق)
قلت شعره أَجود من شعر أَبِيه بل مَا بَينهمَا صِيغَة أفعل واقترح عَلَيْهِ أَبُو الْغمر الْمَذْكُور أَن يُعَارض أَرْبَعَة من أشعار الْغناء أَولهَا من الوافر
(يخط الشوق شخصك فِي ضميري ... على بعد التزاور خطّ زور)
فَقَالَ من الوافر
(ملكت الْفضل يَا نجل ابْن سعدٍ ... فَمَا لَك فِي الأكارم من نَظِير)
(حسامك حاسمٌ عَدو الأعادي ... وَمَالك مذهبٌ عدم الْفَقِير)
(ووجهك إِن تبدى فِي ظلامٍ ... تجلى عَن سنا قمرٍ مُنِير)
(لذا سماك من سمى هلالاً ... لإشراقٍ حبيت بِهِ وَنور)
وَثَانِيها من الطَّوِيل
(أشاقك طيفٌ آخر اللَّيْل من هِنْد ... ضَمَان عَلَيْهِ أَن يزور على بعد)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(حكى دمعها الْجَارِي على صفحة الخد ... نثير جمانٍ قد تساقط من عقد)
(فَقلت لَهَا مَا بَال دمعك جَارِيا ... فَقَالَت لما فِي الْقلب من ألم الوجد)
(وَلَوْلَا لهيبٌ ظلّ بَين جوانحي ... يجفف دمعي كَانَ كالسيل فِي الْمَدّ)
)
(وَمَا يُطْفِئ الْجَمْر المضرم فِي الحشا ... سوى وصل مَوْلَانَا هلالٍ أبي سعد)(17/295)
وَثَالِثهَا من الطَّوِيل
(أعانق غُصْن البان مِنْهَا تعللاً ... فَأنكرهُ مساً وأعرفه قدا)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(شكت يالها تَشْكُو لفرط صبابةٍ ... ولوعة وجدٍ ألبستها الضنى بردا)
(وَقَالَت ودمع الْعين فِي ورد خدها ... يُرِيك جمان الطل إِذْ بَلل الوردا)
(أيا قمرٌ رفقا على الْقلب إِنَّه ... سقيمٌ ضعيفٌ لَيْسَ يحْتَمل الصدا)
(فَلَو حملت شم الْجبَال من الْهوى ... كبعض الَّذِي حَملته هدها هدا)
وَرَابِعهَا من الطَّوِيل
(صَحا الْقلب عَن سلمى وعلق زينبا ... وعاوده أَضْعَاف مَا قد تجنبا)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(إِذا نمت الأزهار واعتلت الصِّبَا ... وهيجت الألحان أشجان من صبا)
(ودارت كؤوسٌ للمدام تخالها ... لرقة مَا فِيهَا لجيناً مذهبا)
(تهز هلالاً للمكارم هزةً ... كهز القنا يَوْم الكريهة والظبى)
(فَفِي حَالَة الإفضال يشبه حاتماً ... وَفِي حَالَة الْإِقْدَام يَحْكِي المهلبا)
وَمن شعره وَالرَّابِع مضمن من الوافر
(نفى نومي وهيج لي خيالي ... فراقٌ لم يكن يجْرِي ببالي)
(وَكُنَّا قبله فِي خفض عيشٍ ... وأنسٍ وانتظامٍ واتصال)
(فشتتنا الْفِرَاق وروعتنا ... مطي الْبَين تدني لارتحال)
(فَلَو نعطى الْخِيَار لما افترقنا ... وَلَكِن لَا خِيَار مَعَ اللَّيَالِي)
الْبكْرِيّ الإشبيلي عبد الله بن مُحَمَّد بن عمار الْبكْرِيّ الإشبيلي من أقَارِب أبي عبيد الْبكْرِيّ قدم على شَرق الأندلس فِي أول الْمِائَة السَّابِعَة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم سمع مِنْهُ ببلنسية بعض شعره شَيخنَا القَاضِي أَبُو الْخطاب بن واجبٍ ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَبِه توفّي وَمن شعره من الْكَامِل
(سلت على الْأَعْدَاء مِنْهُ صوارمٌ ... قطعت مُنَاسِب دومةٍ عَن قَيْصر)(17/296)
)
(وكتائبٌ ضَاقَ الفضاء بحملها ... بَرِئت بهَا لمتونة من حمير)
وَأول هَذِه الأبيات من الْكَامِل
(طلعت كبدر التم لَاحَ لمبصر ... غيداء تَبَسم عَن نَفِيس الْجَوْهَر)
(وتنفست فَكَأَن نفح مدامةٍ ... شيبت روائحها بمسكٍ أذفر)
(عجبت لرامية الْقُلُوب بأسهمٍ ... أبدا تفوق من قسيِّ المحجر)
(سفرت كَمَا وضح الصَّباح فقابلت ... بدر السَّمَاء ببدر أرضٍ نير)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أَهلا بساحرة الجفون وَقد أَتَت ... لزيارتي تمشي على استحياء)
(خَافت عُيُون وشاتها فتلفعت ... حذر الرَّقِيب بِبُرْدَةٍ الظلماء)
(وأتتك ببن لداتها فَكَأَنَّهَا ... قمرٌ وَهن كواكب الجوزاء)
وَقَالَ فِي أَعور غمت حدقته السليمة حمرةٌ إِلَّا يسير بياضٍ كالخط الدائر بهَا وَقَالَهُ ارتجالاً من السَّرِيع
(لم تَرَ عَيْني مثل عينٍ غَدَتْ ... لَا تعرف السهد من الغمض)
(فازت يَد الدَّهْر يتفريقها ... من كل مسودٍّ ومبيض)
(وأبقت الأيم أُخْتا لَهَا ... ناكسة الرَّأْس إِلَى الأَرْض)
(كَأَنَّهَا من حمرةٍ وردةٌ ... قد طوقت بالسوسن الغض)
وَقَالَ فِي صديق كَانَ يداجيه من الطَّوِيل
(ومستبطن حقداً وَفِي حركاته ... تصنع مظلومٍ يدل بظالم)
(تصدى لإيناسي بحيلة فاتكٍ ... ولاحظني خوفًا بِطرف مسالم)
(تستر عَن كشف الْعَدَاوَة جاهداً ... كَمَا كمنت فِي الرَّوْض دهم الأراقم)
قلت يشبه قَول ابْن عبدون فِي ذمّ الْأَيَّام من الْبَسِيط
(تستربالشيء لَكِن كي تغر بِهِ ... كالأيم ثار إِلَى الْجَانِي من الزهر)
وَمِنْه شعره يصف إشبيلية من الْبَسِيط
(أجل فديتك طرفا فِي محاسنها ... تبصر وحقك مِنْهَا آيَة عجبا)
(قطر تكنفه من جانبيه مَعًا ... مصانعٌ تحمل الأنداء واللهبا)(17/297)
)
(زهر الْوُجُوه كَأَن الْبَدْر جر على ... حيطانها الْبيض من أنواره عذبا)
(وَالنّهر كالجوارق الْعين بهجته ... تهز مِنْهُ الصِّبَا هنديةً قضبا)
(ترَاهُ من فضةٍ حينا فَإِن طلعت ... عَلَيْهِ شمس الضُّحَى أبصرته ذَهَبا)
(صفا وراق فلولا أَنه نهرٌ ... أَمْسَى سَمَاء يرينا فِي الدجى شهبا)
(كَأَنَّمَا الجو مرآةٌ بِهِ صقلت ... زرقاء تحسب فِيهَا زهرها حببا)
(مَا رَوْضَة الْحزن حلى الْقطر لبتها ... ومدت الشَّمْس فِي حافتها طنبا)
(يَوْمًا بأبهج مرأىً مِنْهُ إِن رقصت ... حدائق الْحسن فِي أرجائه طَربا)
وَكتب إِلى أبي الرّبيع بن سَالم يطْلب مِنْهُ جُزْءا من نسب الْأَشْرَاف للبلاذري من الْكَامِل
(إبعث إِلَيّ أَبَا الرّبيع صحيفَة ... قد راق منظرها وطاب ثناها)
(مهما تصخ أسماعنا لحديثها ... فنفوسنا تصبو إِلى رؤياها)
(أضحت تحدث عَن أناسٍ أَصْبحُوا ... رمماً يذكرك الردى مثواها)
(أظفر يَدي مِنْهَا بعلقٍ مضنةٍ ... كمين مُوسَى أظفرت بعصاها)
(أَو كالقميص أَتَى النَّبِي مبشراً ... فأزاح عَن عين النَّبِي عماها)
فَأجَاب أَبُو الرّبيع بأبياتٍ مِنْهَا من الْكَامِل
(أهْدى إِلى النَّفس المشوق مناها ... وَأعَاد نَضرة أنسه وثناها)
(طرسٌ أَتَى وَالْمجد بعض حداته ... يحوي نَظَائِر فاقت الأشباها)
(حييّ بهَا ودي سلافاً مزةً ... طابت مذاقتها وطاب شذاها)
وَهِي أَبْيَات طَوِيلَة جَيِّدَة وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد قد كتب قَوْله علق مضنة بِظَاء ثمَّ إِنَّه تذكر ذَلِك بعد إنفاذها فَكتب إِلى أبي الرّبيع ابْن سَالم من الْكَامِل
(قل للفقيه أبي الرّبيع وَقد جرى ... قلمي فَأصْبح بِالصَّوَابِ ضنينا)
(أبشر بِفَضْلِك ظاء كل مضنةٍ ... سَأَلته كفي فاستحال ظنينا)
فَكتب أَبُو الرّبيع جَوَابه من اكامل
(حسن بِإِخْوَان الصفاء ظنونا ... لَيْسَ الصجي على الصّديق ضنينا)
(مَا دَار فِي خلدي سوى غلطٍ جرى ... حاشاك تفلى بِالصَّوَابِ ضنينا)
(وَقد بشرْتُ مُشَال كل مضنةٍ ... لما أَتَت حَتَّى بشرت النونا)(17/298)
)
القَاضِي أَبُو مُحَمَّد التجِيبِي عبد الله بن مُحَمَّد بن مطروح التجِيبِي أَبُو مُحَمَّد القَاضِي البلنسي توفّي بهَا وَالروم يحاصرونها سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره يرثي أَبَاهُ من قصيده من المتقارب
(دعَاك فلبيت دَاعِي البلى ... وَفَارَقت أهلك لَا عَن قلى)
(رمتك وَسَهْم الردى صائبٌ ... شعوبٌ فَمَا أَخْطَأت مقتلا)
(تقاضاك منا الْغَرِيم الَّذِي ... أبي قدر الله أَن يمطلا)
(أيا ظَاعِنًا هدنا فَقده ... جَمِيعًا ألم يَأن أَن نقفلا)
(أحن إِلى مورد أمه ... وَإِن لم يكن مورداً سلسلاً)
(وأذهل مهما دعوا باسمه ... وَحقّ لمثلي أَن يذهلا)
(وهون وجدي على فَقده ... لحاقي بِهِ بعد مستعجلا)
(إِن جف من شجرٍ أَصله ... فال بُد للفرع أَن يذبلا)
(سأبكيه مَا دمت ذَا مقلةٍ ... وأعصي العواذل والعذلا)
(وأترك حكم لبيد سدىً ... كَمَا ينْسَخ الآخر الأولا)
قلت قَول لبيد من أبياتٍ وأنشدها لابنتيه لما احْتضرَ من الطَّوِيل
(إِلى الحولِ ثمَّ اسْم السَّلَام عَلَيْكُمَا ... وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذر)
وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم الطَّائِي من الْكَامِل
(ظعنوا فَكَانَ بكاي حولا بعدهمْ ... ثمَّ ارعويت وَذَاكَ حكم لبيد)
وَقَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد يرثي الشَّيْخ أَبَا عبد الله بن نوح من قصيدةٍ من الْكَامِل
(ناداك إِذْ أزف الرحيل مُنَادِي ... فظعنت فِي قَود الْحمام الغادي)
(وَالنَّاس وَالدُّنْيَا كسفرٍ أزمعوا ... ظعناً وَمَا غير الْمنية حادي)
(هَل نَحن إِلَّا من أرومٍ هَالك ... فالفرع تلو الأَصْل فِي الْمُعْتَاد)
(كل الجسوم وَإِن تطاول مكثها ... فمصيرها بجواهر أَفْرَاد)
(فضت الْعُقُول بِأَن كل مركبٍ ... ينْحل عِنْد تغالب الأضداد)(17/299)
(تتلو المبادي فِي الْأُمُور نهايةٌ ... والكون يُؤذن طبعه بِفساد)
(لهفي ولهفي لَا يجير من الردى ... لهفي على قمر العلى والنادي)
)
(أودى ابْن نوحٍ فالشريعة بعده ... تبْكي وتندب مِنْهُ ثَوَاب حداد)
(كم ذب عَنْهَا كم أَقَامَ لواءها ... فَردا وجلى من ظلام عناد)
(وَلم يلج أُذُنَيْهِ مؤلم نعيه ... لم يدر كَيفَ تصدع الأكباد)
ابْن الْوَاعِظ الْمَقْدِسِي عبد الله بن مُحَمَّد بن الصفي أبي الْمَعَالِي أَحْمد الْمَقْدِسِي عرف بِابْن الْوَاعِظ أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ لَقيته بدمياط سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وأنشدنا لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(سرت نسمةٌ مسكية الْعرف معطار ... لَهَا أرجٌ فِي طي مسراه أسرار)
(فلمنا بهَا حَتَّى الغصون كَأَنَّمَا ... شذاها سلاف الراح والنشر خمار)
(أَلا هَات عَن نجدٍ أَحَادِيث غربةٍ ... فِيمَا طيب مَا خبرٌ أفدت وأخبار)
(أهيل ودادي هَل عل أَيمن الْحمى ... أَرَاكُم وتقضى بالتواصل أوطار)
(وَهل تسعف الْأَيَّام تسمح بالمنى ... بِقرب مزازٍ أَو يُوَافق مِقْدَار)
(خليلي إِن الْقلب وَالنَّفس والهوى ... لعينيه أعوان عَليّ وأنصار)
قلت شعرٌ يُقَارب الْجَوْدَة وَلَو كَانَ لي فِيهِ حكمٌ لَقلت فيا حبذا خبرٌ أفدت وأخبار وَكَانَ يستريح من اللّحن وَمن قلق هَذَا التَّرْكِيب لِأَن مَا هُنَا زَائِدَة تَقْدِيره فيا طيب خبرٍ وأخبار أفدت وَالْمعْنَى عَلَيْهِ وَإِن كَانَت نكرَة مَوْصُولَة وَتَقْدِيره فيا طيب مَا أفدته خَبرا وأخباراً فَيتَعَيَّن النصب حينئذٍ على التَّمْيِيز
بليغ الدّين القسنطيني عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْغفار القسنطيني أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ الْعَرُوضِي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني بليغ الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الْعَرُوضِي رَحمَه الله لنَفسِهِ بِدِمَشْق بِالْمَدْرَسَةِ الريحانية فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة لغزاً فِي الفرزدق وَجَرِير من الطَّوِيل
(رَأَيْت جَرِيرًا والفرزدق فَوْقه ... بخفيف منى لم يخْش عاراً وَلَا إِثْمًا)
(فألقيت فِي النَّار الفرزدق بَعْدَمَا ... لطمت محياه وَلم أقترف ظلما)
(وَلَوْلَا جريرٌ مَا ذكت نارنا لَهُ ... فَلَمَّا ذكت أضحى جريرٌ بهَا فحما)(17/300)
)
الفرزدق قطع الْعَجِين والجرير هُوَ الْحَبل قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(جمع الْهَوَاء من الْهوى فِي باطني ... فتكاملت فِي أضلعي ناران)
(فقصرت بالمقصور عَن وصل الظبا ... ومددت بالمدود فِي أكفاني)
قلت لَو قَالَ فقصرت بالمدود ومددت بالمقصور لَكَانَ أغزل وأشعر وأصنع قَالَ وأنشدني نَفسه القصيدة الخالية وَهِي من الطَّوِيل
(أيا رَاكب الوجناء فِي السبسب الْخَالِي ... إِذا جِئْت نجداً عج على دمن الْخَال)
الأول لَا أنيس بِهِ وَالثَّانِي بنجدٍ مَعْرُوف
(وقف باللوى حَيْثُ الرياض أنيقةٌ ... بِذَات الغضاغب المواطر كالخال)
برود الْيمن الموشاة
(وَحَيْثُ الصِّبَا تثني الغصون عليلةً ... تهب فتذكي لوعة الصب والخالي)
الَّذِي لَيْسَ فِي قلبه علاقَة من حب
(وَمهما أرتك الجلهتان ذوائباً ... من البان يثني بانثناءٍ على الْخَال)
الْمَطَر الَّذِي يتخيل فِي السحب
(غدتها بعل بعد نهلٍ فرنحت ... معاطفها كالمزدهي الْعَطف ذِي الْخَال)
الْخُيَلَاء
(تهيج بهَا الأغصان ورقٌ صوادحٌ ... وتبكي هديلاً بَان فِي العُصر الْخَالِي)
الْمُتَقَدّم
(فَتلك المغاني معشري وأحبتي ... وَربع ذَوَات الْأَعْين النجل وَالْخَال)
أحد الخيلان
(ربوعٌ بهَا أَصبَحت اللَّهْو وَالصبَا ... وَحَيْثُ بهَا ريعان عمري كالخال)
المتكبر عجبا
(يخيل لي من نشوة الْحبّ أنني ... أهز الرديني المثقف ذَا الْخَال)
اللِّوَاء(17/301)
(أنزه سَمْعِي عَن ملامة ناصحٍ ... وَأَعْدل عَن عذلٍ من الْعم وَالْخَال)
أَخُو الْأُم)
(وأصغي إِلى صَوت المهيب إِذا دَعَا ... لراحٍ براحٍ من أخي ثقةٍ خَالِي)
الْحسن المخيلة
(إِذا أَنا أَعْطَيْت النديم مدامةً ... بروضة حزنٍ راقت الطّرف للخال)
نورٌ مَعْرُوف بِنَجْد
(أَجود بِمَا ضن الْبَخِيل ببذله ... وأحسبني كسْرَى وَقَيْصَر بالخال)
الظَّن والتوهم
(إِذا كنت لَا تسطيع رد منيتي ... فَدَعْنِي ولذاتي وخال إِذن خَالِي)
فعلا أمرٍ من المتاركة
(إِلَيْك فَإِنِّي لَا أصيخ لعاذلٍ ... فَلَا تحلني واكفف ملامك يَا خَال)
ترخيم خَالِد
(إِذا أَنا أتلفت الَّذِي جمعت يَدي ... وعيشك إِنِّي فارغ الْقلب كالخال)
العزب لَا زوج لَهُ
(عليم بِأَسْبَاب اكتسابٍ تخالني ... إِذا مَا حويت الوفر يَا صَاح كالخال)
حسن الْقيام على المَال
(لحى الله مَالا صانه بذل باخلٍ ... لعرض ذميم النشر أهجن من خَال)
ثوب يستر بِهِ الْمَيِّت
(وَلَا أمنح الكوماء إِلَّا غريرةً ... وَلَا الْقَوْم إِلَّا إِن غَدا وَهُوَ كالخالِ)
الْحَبل الْأسود
(وَمَالِي لَا أسموا إِلى طلب العلى ... وَألْحق أطواد المبارين بالخال)
الأكمة الصَّغِيرَة(17/302)
(وَإِن تخل سلمى من وجيبٍ ولوعةٍ ... فلست وَإِن خانت عهودي بالخالي)
الفارغ
(فقلبي وَإِن شت بهَا غربَة النَّوَى ... على حفظ عهد الْحبّ مَا عِشْت كالخالي)
الْخَالِي الملازم للشَّيْء
(قررت بهَا عينا على السخط وَالرِّضَا ... كقرة عين الرائد الخصب بالخال)
)
الَّذِي وجد الخلا
(خلعت فِي الصبابة وَالصبَا ... وَمَا أَنا ذَا طوعٍ إِذا شِئْت للخالِ)
الَّذِي يلقِي اللجام فِي فَم الْفرس
(وَمَا أَنا بالهيابة الْأَمر هائلاً ... وَلَيْسَ فُؤَادِي باليراع وَلَا الْخَال)
الضَّعِيف الْقلب
(وعزمي كالغضب الجراز مضاؤه ... وَإِنِّي بِهِ للخطب إِن جلّ للخالي)
قَاطع الخلا وَهُوَ العشب
(أراعي عهوداً بَيْننَا ومودة ... وَإِن كنت فِي وجٍّ كنت بِذِي الْخَال)
مَوضِع بِبِلَاد بني أَسد
(فَلَا تتهمني فِي الوداد فانني ... إِذا غير الْبَين المحبين للخالي)
البريء من التُّهْمَة
(وَكم وَقْفَة لي بالمعالم باكياً ... أروي بدمع ذاوي الطلح والخالِ)
قلت قد تَكَرَّرت مَعَه القوافي فِي مَوَاضِع وَهِي ظَاهِرَة إِلَّا بتكلفٍ كثير وتوسعٍ زَائِد
ابْن جرج الْكَاتِب عبد الله بن مُحَمَّد بن جرج بجيمين بَينهمَا رَاء الْكَاتِب أَبُو جَعْفَر الْقُرْطُبِيّ أَصله من ألبيرة توفّي سنة خمسٍ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره يَسْتَدْعِي طَبِيبا من السَّرِيع
(خل ابْن سيناء وأقواله ... فَإِنَّهَا من خدع الْمَرْء)
(ولتأتني فِي منزلي مسرعاً ... فَإِن عِنْدِي حِيلَة الْبُرْء)
وَمِنْه من الْبَسِيط(17/303)
(أما ذكاء فَلم تصفر إِذْ جنحت ... إِلَّا لفرقة هَذَا المنظر الْحسن)
(ربىً تروق وريعانٌ مزخرفةٌ ... وسابحٌ مد بالهطالة الهتن)
(وللنسيم على أرجائه حببٌ ... يكَاد من رقةٍ يخفى على الْغُصْن)
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم وتنسب هَذِه الْقطعَة غَلطا إِلَى أبي الْقَاسِم أخيل ابْن إِدْرِيس الرندي وأنشدها أَبُو الْقَاسِم عَامر بن هِشَام الْقُرْطُبِيّ فِي مجموعٍ لَهُ لأبي جَعْفَر بن جرج هَذَا وَهُوَ بلديه وَلَعَلَّه سَمعهَا مِنْهُ)
ابْن سارة المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن سارة وَيُقَال صارة بالصَّاد أَبُو مُحَمَّد الْبكْرِيّ الشنتريني نزيل إشبيلية
كَانَ شَاعِرًا مغلقاً لغوياً مليح الْكِتَابَة نسخ الْكثير بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ قَلِيل الْحَظ توفّي سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة كَانَ لم يَسعهُ مكانٌ وَلَا اشْتَمَل عَلَيْهِ سلطانٌ أثنى عَلَيْهِ صَاحب القلائد وَصَاحب الذَّخِيرَة قَالَ إِنَّه يتبع المحقرات وَبعد جهدٍ اتَّقى إِلَى كِتَابَة بعض الْوُلَاة فَلَمَّا كَانَ من خلع الْمُلُوك مَا كَانَ آوى إِلَى إشبيلية أوحش حَالا من اللَّيْل وَأكْثر انفراداً من سُهَيْل وتبلغ بالوراقة وَله مِنْهَا جانبٌ وَبهَا بصر ثاقبٌ فانتحلها على كساد سوقها وخلو طريقها وفيهَا يَقُول من الْكَامِل
(أما الوراقة فَهِيَ أيكة حرفةٍ ... أوراقها وثمارها الحرمان)
(شبهت صَاحبهَا بِصَاحِب إبرةٍ ... تكسو العراة وجسمها عُرْيَان)
وَمن شعره من الْكَامِل
(ومعذرٌ رقت حَوَاشِي وَجهه ... فَقُلُوبنَا وجدا عَلَيْهِ رقاق)
(لم يكس عَارضه السوَاد وَإِنَّمَا ... نفضت عَلَيْهِ سوادها الأحداق)
وَمِنْه فِي غلامٍ أَزْرَق الْعَينَيْنِ من الْكَامِل
(ومهفهف أَبْصرت فِي أَطْرَافه ... قمراً بآفاق الملاحة يشرق)(17/304)
(تقضي على المهجات مِنْهُ صعدةٌ ... متألقٌ فِيهَا سنانٌ أَزْرَق)
وَأورد لَهُ صَاحب الحديقة من الرجز
(أَسْنَى ليَالِي الدَّهْر عِنْدِي ليلةٌ ... لم أخل فِيهَا الكأس من أعمالي)
(فرقت فِيهَا بَين جفني والكرى ... وجمعت بَين القرط والخلخال)
وَقيل إنَّهُمَا لصالح الهزيل الإشبيلي وَمن شعره ابْن سارة من الْبَسِيط
(يَا من يصيخ إِلَى دَاعِي السقاة وَقد ... نَادَى بِهِ الناعيان الشيب والكبرُ)
(إِن كنت لَا تسمع الذكرى فَفِيمَ ثوى ... فِي رَأسك الواعيان السّمع والبصرُ)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَيْسَ الْأَصَم وَلَا الْأَعْمَى سوى رجل ... لم يهده الهاديان الْعين والأثرُ)
(لَا الدَّهْر يبْقى وَلَا الدُّنْيَا وَلَا الْفلك ال ... أَعلَى وَلَا النيرَان الشَّمْس والقمرُ)
)
(ليرحلن عَن الدُّنْيَا وَإِن كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(وَصَاحب لي كداء الْبَطن عشرته ... يودني كوداد الذِّئْب لِلرَّاعِي)
(يثني عَليّ جزاه الله صَالِحَة ... ثَنَاء هندٍ على روح بن زنباع)
إِشَارَة إِلَى قَول هِنْد بنت النُّعْمَان بن بشير الْأنْصَارِيّ وَكَانَت زَوْجَة روح بن زنباع وَفِيه تَقول من الطَّوِيل
(وَهل هِنْد إِلَّا مهرَة عَرَبِيَّة ... سليلة أفراسٍ تحللها بعل)
(فَإِن تنجت مهْرا كَرِيمًا فبالحرى ... وَإِن يَك إقرافٌ فَمَا أَنْجَب الْفَحْل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أعندك أَن الْبَدْر بَات ضجيعي ... فقضت أطاري بِغَيْر شَفِيع)
(جعلت ابْنه العنقود بيني وَبَينه ... فَكَانَت لنا أمّاً وَصَارَ رضيعي)
وَمن شعر ابْن سارة قَوْله من الوافر
(تَأمل حَالنَا والجو طلقٌ ... محياه وَقد طِفْل الْمسَاء)
(وَقد جالت بِنَا عذراء حُبْلَى ... تجاذب مرْطهَا ريحٌ رخاء)(17/305)
(بنهرٍ كالسجنجل كوثريٍّ ... تعاين وَجههَا فِيهِ السَّمَاء)
قلت قَوْله تجاذب مرْطهَا أَرَادَ بذلك الْقلع الَّذِي كَانَ للمركب أَو المظلة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم فِيهِ
وَلما وقف أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن خفاجة على هَذِه الْقطعَة أعجب بهَا فَقَالَ من الوافر
(إِلَّا يَا حبذا ضحك الحميا ... بحامتها وَقد طِفْل الْمسَاء)
(وأدهم من جِيَاد المَاء نهدٍ ... تنَازع جله ريحٌ رخاء)
(إِذا بَدَت الْكَوَاكِب فِيهِ غرقى ... رَأَيْت الأَرْض تحسدها السَّمَاء)
وَمِنْه فِي ذمّ فروته من الْكَامِل
(أودى بِذَات يَدي ذماء فريةٍ ... كفؤاد عُرْوَة فِي الضنى والرقة)
(يتجشم الْفراء فِي ترقيعها ... بعد الْمَشَقَّة فِي قريب الشقة)
(إِن قلت بِسم الله عِنْد لباسها ... تقرا عَليّ إِذا السَّمَاء انشقت)
قلت ذكرت هَا هُنَا مَا نظمت وَنحن بمرج الغسولة وَقد تَوَاتَرَتْ الأمطار والرعود علينا وَنحن)
فِي الْخيام مقيمون من المنسرح
(لم أنس لَيْلًا بالمرج مر لنا ... بِهِ حللنا فِي غَايَة الشدَّة)
(تقَابل الرَّعْد فِيهِ خيمتنا ... بِسُورَة الانشقاق والسجده)
النَّحْوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن زبرج أَبُو الْمَعَالِي العتابي النَّحْوِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ عسراً فِي الرِّوَايَة جدا مبغضاً لأهل هَذَا الشَّأْن وَلم تكن سريته مرضيةً وَله معرفَة حَسَنَة بالنحو ويتردد إِلى بيُوت النَّاس للتعليم وَتُوفِّي سنة سِتّمائَة
أَبُو طَالب النهرواني عبد الله بن مُحَمَّد الفتي أَبُو طَالب النهرواني كَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا أَمر(17/306)
أَن ينقش على لوح قَبره من الطَّوِيل
(شربنا بكأس سَوف تسقون مثلهَا ... قَرِيبا لعمري والكؤوس تَدور)
(فَقل للَّذي أبدى شماتته بِنَا ... إِلى مثل مَا صرنا إِلَيْهِ تصير)
(فَلَو دَامَت الدُّنْيَا على ذِي مهابةٍ ... لدمت وَلَكِن الزَّمَان مبير)
الْحَافِظ الْهَرَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مت شيخ الْإِسْلَام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ الْهَرَوِيّ الْحَافِظ الْعَارِف هُوَ من ولد أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ بكر الزَّمَان فِي فنون الْفَضَائِل وأنواع المحاسن صنف كتاب الْفَارُوق فِي الصِّفَات وَكتاب ذمّ الْكَلَام وَكتاب الْأَرْبَعين حَدِيثا وَله فِي التصوف كتاب منَازِل السائرين وقصيدة فِي مذْهبه ومناقب أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَالِد ابْن الْعَرَبِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن الْعَرَبِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمعَافِرِي الإشبيلي وَالِد القَاضِي أبي بكر بن الْعَرَبِيّ سمع بِبَلَدِهِ وَحج وَسمع بِالشَّام وَالْعراق وَكَانَ من أهل الْآدَاب واللغة والذكاء والبراعة والتقدم فِي معرفَة الْخَبَر وَالشعر والافتتان بالعلوم وَجَمعهَا وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعر أبي مُحَمَّد الْمعَافِرِي قَوْله من الْكَامِل
(نصح العدى ضربٌ من التمويه ... فعلام تقبل نصحهمْ وتعيه)
)
(أَو لم يبن لَك نصح عهدي فِي الْهوى ... أَيَّام قَلْبك فِي يَدي وَإِلَيْهِ)
(قل لي فقد بلغ الأسى من خاطري ... وتحكمت أَيدي والوساوس فِيهِ)
(أَو لَا فَلَا يضررك قَوْله عاشق ... لخليه فِي السِّرّ أَو لِأَخِيهِ)
(كَيفَ السَّبِيل إِلى الْخَلَاص من الْأَذَى ... يَوْمًا وقلبي فِي يَدي مؤذيه)
ابْن السَّيِّد البطليوسي عبد الله بن مُحَمَّد بن السَّيِّد أَبُو مُحَمَّد البطليوسي(17/307)
النَّحْوِيّ نزيل بلنسية قَالَ ابْن بشكوال كَانَ عَالما باللغاتٍ والآداب مبتحراً فيهمَا يجْتَمع النَّاس إِلَيْهِ ويقرؤون عَلَيْهِ وَكَانَ حسن التَّعْلِيم
صنف كتبا حسانا مِنْهَا كتاب الاقتضاب فِي شرح أدب الْكتاب والتنبيه على الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للِاخْتِلَاف بَين الْأمة وَكتاب شرح الوطأ وَشرح ديوَان المتنبي وَشرح سقط الزند والخلل فِي أغاليط الْجمل وَالْحلَل فِي شرح أَبْيَات الْجمل وَكتاب فِي الحرفة الْخَمْسَة وَهِي السِّين وَالصَّاد وَالضَّاد والظاء والذال والمثلث فِي مجلدين ومشائل منثورة عَرَبِيَّة ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي نصف شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الطَّوِيل
(ترى ليلنا شابت نواصية كبرة ... كَمَا شبت أم الجو روض بهار)
(كَأَن اللَّيَالِي السَّبع فِي الجو جمعت ... وَلَا فصل فِيمَا بَينهَا بنهار)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَخُو الْعلم حيٌّ خَالِد بعد مَوته ... وأوصاله تَحت التُّرَاب رَمِيم)
(وَذُو الْجَهْل ميتٌ وَهُوَ ماشٍ على الثرى ... يظنّ من الْأَحْيَاء وَهُوَ عديم)
وَمِنْه يمدح المستعين بن هود من الطَّوِيل
(هم سلبوني حسن صبري إِذْ بانوا ... بأقمار أطوافٍ مطالعها البان)
(لَئِن غادروني باللوى إِن مهجتي ... مسايرةٌ أضعانهم حَيْثُمَا بانوا)
(سقِِي عَهدهم بالخيف عهد غمائمٍ ... ينازعها مزنٌ من الدمع هتان)
(أأحبابنا هَل ذَلِك الْعَهْد راجعٌ ... وَهل لي عَنْكُم آخر الدَّهْر سلوان)
(ولي مقلة عبرى وَبَين جوانحي ... فؤاد إِلَى لقياكم الدَّهْر حنان)
(تنكرت الدُّنْيَا لنا بعد بعدكم ... وحلت بِنَا من معضل الْخطب ألوان)
)
من مديحها من الطَّوِيل
(رحلنا سوام الْحَمد عَنْهَا لغَيْرهَا ... وَلَا ماءها صدى وَلَا النبت سَعْدَان)
(إِلَى ملك حاباه بالْحسنِ يُوسُف ... وشاد لَهُ الْمجد الرفيع سُلَيْمَان)
(من النَّفر الشم الَّذين أكفهم ... غيوثٌ وَلَكِن الخواطر نيران)(17/308)
كَانَ لِابْنِ الْحَاج صَاحب قرطبة ثَلَاثَة بنُون يُسمى أحدهم عزون وَالثَّانِي رحمون وَالثَّالِث حسنون وَكَانُوا صغَارًا فِي حد الْحلم وهم من أجمل النَّاس صُورَة وَكَانُوا يقرؤون الْقُرْآن على الْمُقْرِئ ويختلفون إِلَيْهِ فِي الْجَامِع وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد البطليوسي قد أولع بهم وَلم يُمكنهُ صحبتهم إِذْ كَانَ من غير زيهم فَكَانَ يجلس فِي الْجَامِع تَحت شجرةٍ كَانَت فِي وَسطه بكتابٍ يقْرَأ فِيهِ يتحين وَقت خُرُوجهمْ وَلم يكن لَهُ مِنْهُم حَظّ غير ذَلِك فَقَالَ من الْبَسِيط
(أخفيت سقمي حَتَّى كَاد يخفيني ... وهمت فِي حب عزونٍ فعزوني)
(ثمَّ ارحموني برحمونٍ فَإِن ظمئت ... نَفسِي ريق حسنونٍ فحسوني)
القَاضِي ابْن عصرون عبد الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن المطهر بن عَليّ بن أبي عصرون ابْن أبي السّري قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو سعد التَّمِيمِي الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تفقه على القَاضِي المرتضى الشهرزوري وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن خميسٍ الْموصِلِي وَقَرَأَ السَّبع على أبي عبد الله البارع وَالْعشر على أبي بكر المزرفي والنحو على أبي الْحسن بن دبيس وَدخل حلب ودرس بهَا وَأَقْبل عَلَيْهِ صَاحبهَا نور الدّين وَلما أَخذ دمشق ورد مَعَه إِلَيْهَا ودرس بالغزالية ثمَّ عَاد إِلَى حلب وَولي قَضَاء سنجار وحران وديار ربيعَة ثمَّ عَاد إِلَى دمشق فولي بهَا الْقَضَاء وَبنى لَهُ نور الدّين الْمدَارِس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وَبنى هُوَ لنَفسِهِ مدرسةً بحلب وَأُخْرَى بِدِمَشْق وأضر آخر عمره وَهُوَ قاضٍ وصنف جُزْءا فِي جَوَاز قَضَاء الْأَعْمَى وَهُوَ خلاف مذْهبه وَفِي جَوَازه وَجْهَان وَالْجَوَاز أقوى لِأَن الْأَعْمَى أَجود من الْأَصَم والأعجمي وَكتب السُّلْطَان صَلَاح الدّين كتابا بِخَطِّهِ إِلَى القَاضِي الْفَاضِل يَقُول فِيهِ إِن القَاضِي قَالَ إِن قَضَاء الْأَعْمَى جَائِز وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَ غير جَائِز فتجتمع بالشيخ أبي الطَّاهِر بن عَوْف الأسكندراني وتسأله عَمَّا ورد من الْأَحَادِيث فِي قَضَاء الْأَعْمَى ووفي سنة خمسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن تصانيفه صفوة الْمَذْهَب فِي(17/309)
نِهَايَة الْمطلب سبع مجلدات والانتصار فِي أَربع)
مجلدات والمرشد فِي مجلدين والذريعة فِي معرفَة الشَّرِيعَة والتيسير فِي الْخلاف أَربع مجلدات ومآخذ النّظر ومختصر فِي الْفَرَائِض والإرشاد فِي نصْرَة الْمَذْهَب وماتم والتنبيه فِي معرفَة الْأَحْكَام وفوائد الْمُهَذّب فِي مجلدين وَغير ذَلِك وَله شعرٌ مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل
(أُؤَمِّل أَن أحيى وَفِي كل ساعةٍ ... تمر بِي الْمَوْتَى تهز نعوشها)
(وَهل أَنا إِلَّا مثلهم غير أَن لي ... بقايا ليالٍ فِي الزَّمَان أعيشها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أُؤَمِّل وصلا من حبيبٍ وإنني ... على ثقةٍ عَمَّا قيلٍ أفارقه)
(تجارى بِنَا خيل الْحمام كَأَنَّمَا ... يسابقني نَحْو الردى وأسابقه)
(فيا ليتنا متْنا مَعًا ثمَّ لم يذقْ ... مرَارَة فقدي لَا وَلَا أَنا ذائقه)
قلت فِي تَرْجَمَة سعيد بن حميد فِي هَذِه الْمَادَّة أَبْيَات جَيِّدَة
وَمِنْه من الْبَسِيط
(يَا سائلي كَيفَ حَالي بعد فرقته ... حاشاك مِمَّا بقلبي من تنائيكا)
(قد أقسم الدمع لَا يجفو الجفون أسىً ... وَالنَّوْم لَا زارها حَتَّى ألاقيكا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمَا الدَّهْر إِلَّا مَا مضى وَهُوَ فائتٌ ... وَمَا سَوف يَأْتِي وَهُوَ غير مُحَصل)
(وعيشك فِيمَا أَنْت فِيهِ فَإِنَّهُ ... زمَان الْفَتى من مجملٍ ومفصل)
قلت أكمل مِنْهُ قَول الأول من الْخَفِيف
(مَا مضى فَاتَ والمؤمل غيبٌ ... وَلَك السَّاعَة الَّتِي أَنْت فِيهَا)
وَأجَاب القَاضِي الْفَاضِل لمن كتب إِلَيْهِ يعرفهُ بِمَوْت ابْن أبي عصرون وصل كتاب الْحَضَر جمع الله شملها وسر بهَا أَهلهَا وَيسر إِلَى الْخيرَات سبلها وَجعل فِي ابْتِغَاء رضوانه قَوْلهَا وفعلها وَفِيه زيادةٌ وَهِي نقص الْإِسْلَام وثلمٌ فِي الْبَريَّة يتَجَاوَز رُتْبَة الانثلام إِلَى الانهدام وَذَلِكَ مَا قَضَاهُ الله من وَفَاة الإِمَام شرف الدّين ابْن أبي عصرون رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَمَا حصل بِمَوْتِهِ من نقص الأَرْض من أطرافها وَمن مساءة أهل الْملَّة ومسرة أهل خلَافهَا فَلَقَد كَانَ علما للْعلم مَنْصُوبًا وَبَقِيَّة من بقايا السّلف الصَّالح محسوباً وَقد علم الله اغتمامي لفقد حَضرته واستيحاشي لخلو الدُّنْيَا من بركته واهتمامي بِمَا عدمت من النَّصِيب الموفور من أدعيته)(17/310)
الحجري المغربي عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عبيد الله بن سعيد بن مُحَمَّد ابْن ذِي النُّون الحجري بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْجِيم حجر ذِي رعين الأندلسي المريي الْفَقِيه الْحَافِظ الزَّاهِد أحد أَئِمَّة الأندلس سمع الْكثير وروى وَكَانَ لَهُ بصرٌ بصناعة الحَدِيث مَوْصُوفا بجودة الْفَهم أصَاب النَّاس قحطٌ شديدٌ فَلَمَّا وضعوه على شَفير قَبره توسلوا بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فسقوا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
ابْن زهر الطَّبِيب عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن زهرٍ أَبُو مُحَمَّد الْإِيَادِي ابْن الْحَفِيد أبي بكر الأندلسي الإشبيلي الطَّبِيب مَعْرُوف بالطب آباؤه شُيُوخ لطب وَكَانَ شَابًّا جميلاً مفرط الذكاء خيرا عَاشَ خمْسا وَعشْرين سنة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَكَانَ قد اشْتغل على وَالِده وَأَوْقفهُ على كثيرٍ من أسرار هَذِه الصِّنَاعَة وعملها وَقَرَأَ كتاب النَّبَات لأبي حنيفَة على أَبِيه وأتقن مَعْرفَته وَكَانَ الْخَلِيفَة أَبُو عبد الله النَّاصِر مُحَمَّد بن الْمَنْصُور أبي يَعْقُوب يرى لَهُ كثيرا ويحترمه وَيعرف مِقْدَار علمه ويثق بِهِ وَلما توجه إِلَى الحضرة خرج مِنْهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لسفره وَنَفَقَته فِي الطَّرِيق عشرَة آلَاف دينارٍ وَكَانَ يشْتَغل على الْجُزُولِيّ فِي النَّحْو وَكَانَ النَّاصِر إِذا جلس جلس الْخَطِيب أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي عَليّ بن الْحسن بن أبي يُوسُف حجاج القَاضِي وَيجْلس تلوه القَاضِي الشريف أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي وَكَانَ يجلس تلوه ابْن الْحَفِيد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن زهرٍ هَذَا وَكَانَ يجلس تلوه أَبُو مُوسَى عِيسَى الْجُزُولِيّ النَّحْوِيّ وَمَات ابْن الْحَفِيد مسموماً وَقَالَ أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ قَالَ لي يَوْمًا رَأَيْت البارحة أُخْتِي وَكَانَت أُخْته قد مَاتَت قبله وكأنني قلت لَهَا بِاللَّه يَا أُخْتِي عرفيني كم يكون عمري فَقَالَت لي طابيتين وَنصفا والطابية هِيَ الْخَشَبَة للْبِنَاء الْمَعْرُوفَة فِي الْمغرب بِهَذَا الِاسْم طولهَا عشرَة أشبار فَقلت لَهَا أَنا أَقُول لَك جدا وَأَنت تجيبيني بالهزء فَقَالَت لَا وَالله مَا أَجَبْتُك إِلَّا بالجد وَإِنَّمَا أَنْت مَا فهمت أَلَيْسَ أَن الطابية عشرَة أشبار والطابيتان وَنصفا خمسةٌ وَعِشْرُونَ شبْرًا يكون عمرك خمْسا وَعشْرين سنة قَالَ أَبُو مَرْوَان فَلَمَّا قصّ عَليّ هَذِه الرُّؤْيَا قلت لَهُ لَا تتوهم من هَذَا فَلَعَلَّهُ أضغاث أَحْلَام قَالَ وَلَا تكمل تِلْكَ السّنة إِلَّا وَقد مَاتَ وَكَانَ عمره كَمَا قيل لَهُ خمْسا وَعشْرين سنة لَا أقل وَلَا أَكثر)(17/311)
أَبُو مُحَمَّد النَّاسِخ عبد الله بن مُحَمَّد بن جرير أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي الْأمَوِي الْبَغْدَادِيّ النَّاسِخ من ولد سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة سمع الْكثير وَكتب من الْكتب الْكِبَار شَيْئا كثيرا وَكَانَ مليح الْكِتَابَة مُحدثا مُفِيدا مالكي الْمَذْهَب قَالَ ابْن النجار كتب مَا لَا يدْخل تَحت الْحصْر بِالْأُجْرَةِ وَيُقَال إِنَّه كتب بِخمْس مائَة رَطْل حبرٍ أحصاها هُوَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
الْهَرَوِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الأديب الْهَرَوِيّ الْبَغْدَادِيّ قَرَأَ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر وَغلب عَلَيْهِ المجون والخلاعة وَالْفُحْش والسخف وَجمع مقاماتٍ فِي الْهزْل وروى عَنهُ ابْن النجار شعرًا وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ يخضب بِالسَّوَادِ والحرة وَمن شعره من الطَّوِيل
(سَلام كَمَا افتر النسيم وصافحت ... بواكره روضاً تجلت غمائمه)
(وَأحسن من دوحٍ يراوحه الحيا ... تأشب أَعْلَاهُ وغنت حمائمه)
وَمِنْه من السَّرِيع
(واخجلتا من عبرةٍ كشفت ... ستري بعد الْبَين للحاسد)
(قد يكْشف الدمع ضمير الْهوى ... وَيعرف الْغَائِب بِالشَّاهِدِ)
ابْن الْمُهْتَدي عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه أَبُو جَعْفَر أَخُو أبي الْغَنَائِم مُحَمَّد الْخَطِيب وَعبد الله أسن وَكَانَت لَهُ معرفَة بأنساب الهاشميين والطالبيين وصنف فِي ذَلِك كتابا حافلاً كَانَ أديباً فَاضلا متفنناً ولي الخبرية بِبَاب النوبي أَيَّام المستنجد وَجمع مدائحه فِي كتابٍ وَكَانَ يكْتب مليحاً نقم عَلَيْهِ شيءٌ فَقبض عَلَيْهِ وَحبس إِلَى أَن أَتَاهُ حِينه وَكَانَ شَابًّا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
الشَّيْخ نجم الدّين الرَّازِيّ عبد الله بن مُحَمَّد شاهاور بن أنوشروان بن أبي(17/312)
النجيب الْأَسدي الرَّازِيّ نجم الدّين أَبُو بكر شيخ الطَّرِيقَة والحقيقة كَانَ كَبِير الشَّأْن من أَصْحَاب الْحَال والمقامات أكثرمن الترحال إِلَى الْحجاز ومصر وَالشَّام وَالْعراق وَالروم وآذربيجان وأران وخراسان وخوارزم ولد سنة ثَلَاث)
وَسبعين وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَخمسين وسِتمِائَة وَسمع عبد الْمعز الْهَرَوِيّ وَمَنْصُور بن الفراوي وَأحمد بن عمر الخيوقي والمؤيد الطوسي وَابْن السَّمْعَانِيّ وَعبد الْوَهَّاب بن سكينَة وَزَيْنَب الشعرية وَعبد المحسن بن الطوسي ومسسمار بن العويس وَمُحَمّد بن أبي بكر الغزال وَعبد الله بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْملك الشحادي وَجَمَاعَة وروى عَنهُ جماعةٌ مِنْهُم شرف الدّين الدمياطي وقطب الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكنجي
نجم الدّين البادرائي الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْوَفَاء بن الْحسن بن عبد الله بن عُثْمَان الإِمَام نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد البادرائي الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي الفرضي ولد سنة أَربع وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَخمسين وسِتمِائَة سمع من عبد الْعَزِيز ابْن منينا وَسَعِيد بن مُحَمَّد الرزاز وَسَعِيد بن هبة الله الصّباغ وجماعةٍ وتفقه وبرع فِي الْمَذْهَب ودرس بالنظامية وَترسل عَن الدِّيوَان الْعَزِيز غير مرةٍ وَحدث بحلب ودمشق ومصر وبغداد وَبنى بِدِمَشْق الْمدرسَة الْكَبِيرَة الْمَشْهُورَة بِهِ وَكَانَ صَدرا محتشماً جليل الْقدر وافر الْحُرْمَة قَالَ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي أحسن إِلَيّ وَلَقِيت مِنْهُ أَثَرَة وَبرا فِي السّفر والحضر بِبَغْدَاد ودمشق والموصل ومصر وحلب وصحبته تسع سِنِين وَولي قَضَاء الْقُضَاة بِبَغْدَاد خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا وَعمل عزاؤه بِدِمَشْق فِي مدرسته فِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة وَكَانَ يركب بالطرحة وَيسلم على من يمر بِهِ وَعَافَاهُ الله من فتْنَة التتار الكائنة على بَغْدَاد وَقَالَ لَهُ الزين خَالِد تذكر وَنحن بالنظامية وَالْفُقَهَاء يلقبونني حولتا ويلقبونك الدعشوش فَتَبَسَّمَ وَحملهَا مِنْهُ وَلما اجتاز بالموصل رَسُولا إِلَى حلب سنة سبعٍ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سَأَلَ الْفُقَهَاء بهَا هَذِه المسأله من الطَّوِيل
(أَلا يَا فُقَهَاء الْعَصْر هَل من مخبرٍ ... عَن امرإةٍ حلت لصَاحِبهَا عقدا)
(إِذا طلقت بعد الدُّخُول تربصت ... ثَلَاثَة أقراءٍ حددن لَهَا حدا)
(وَإِن مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فاعتدادها ... بقرءٍ من الْأَقْرَاء تَأتي بِهِ فَردا)
فَأَجَابَهُ صَاحب التَّعْجِيز ابْن يُونُس من الطَّوِيل
(وَكُنَّا عهدنا النَّجْم يهدي بنوره ... فَمَا باله قد أبهم الْعلم الفردا)(17/313)
(سَأَلت فَخذ عني فَتلك ليقطةٌ ... أقرَّت برقٍ أَن نكحت عمدا)
قَاضِي الْقُضَاة الْأَذْرَعِيّ الْحَنَفِيّ)
عبد الله بن مُحَمَّد بن عَطاء بن حسن بن عَطاء قَاضِي الْقُضَاة أَبُو مُحَمَّد شمس الدّين الْأَذْرَعِيّ الْحَنَفِيّ ولد سنة خمسٍ وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسبعين وسِتمِائَة سمع من حَنْبَل وَابْن طبرزد والكندي وَابْن ملاعبٍ والموفق الْحَنْبَلِيّ وتفقه ودرس وَأفْتى وَصَارَ مشاراً إِلَيْهِ فِي الْمَذْهَب وَولي عدَّة مدارس وناب فِي الْقَضَاء عَن صدر الدّين ابْن سني الدولة وَغَيره وَولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة لما جددت الْقُضَاة الْأَرْبَع وَكَانَ فَاضلا دينا حسن الْعشْرَة وَلَقَد صدع بِالْحَقِّ لما حصلت الحوطة على الْبَسَاتِين بِحُضُور الْملك الظَّاهِر بيبرس وَقَالَ مَا يحل لمسلمٍ أَن يتَعَرَّض لهَذِهِ الْأَمْلَاك وَلَا إِلَى هَذِه الْبَسَاتِين فَإِنَّهَا بيد أَصْحَابهَا ويدهم عَلَيْهَا ثابتةٌ فَغَضب السُّلْطَان وَقَامَ وَقَالَ إِذا كُنَّا مَا نَحن مُسلمين ايش قعودنا فَأخذ الْأُمَرَاء فِي التلطف وَقَالُوا لم يقل عَن مَوْلَانَا السُّلْطَان وَلما سكن غَضَبه قَالَ أثبتوا كتبنَا عِنْد القَاضِي الْحَنَفِيّ وَتحقّق صلابته فِي الدّين ونبل فِي عينه روى عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الحريري وَابْن الْعَطَّار وَجَمَاعَة وشيع جنَازَته خلائق
نجم الدّين ابْن سطيح عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر بن سطيح الشَّيْخ الْقدْوَة نجم الدّين ابْن الْحَكِيم الْحَمَوِيّ ولد سنة ثلاثٍ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَسبعين وَيُقَال إِنَّه من ذُرِّيَّة سطيح الكاهن كَانَ شيخأً صَالحا زاهداً كَبِير الْقدر أثنى عَلَيْهِ ابْن الدباهي وَكَانَ يحضر السماع وَهُوَ الَّذِي أنكر على ابْن إِسْرَائِيل ذَلِك الْبَيْت وَأَظنهُ قَوْله من الْكَامِل
(هَذَا الْوُجُود وَإِن تكْثر ظَاهرا ... وحياتكم مَا فِيهِ إِلَّا أَنْتُم)
وَهُوَ وَالِد شرف الدّين الْمُحْتَسب وَلَهُم زَاوِيَة بحماة وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَدفن فِي مَقَابِر الصُّوفِيَّة(17/314)
محيي الدّين قَاضِي الْقُضَاة ابْن عين الدولة عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عين الدولة قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين أَبُو الصّلاح ابْن قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين الصفراوي ثمَّ الإسكندري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي عَاشَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَسبعين وسِتمِائَة وَولي الْقَضَاء بِمصْر وَالْوَجْه القبلي بعد القَاضِي تَاج الدّين ابْن بنت الْأَعَز مُدَّة وأصابه فالج وَعجز عَن الْكِتَابَة خَمْسَة أعوامٍ وَكَانَ كَاتب الحكم يعلم عَنهُ ثمَّ عزل وَكَانَ فِيهِ لطفٌ ودماثة
الطوبي الْكَاتِب)
عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الصّقليّ الطوبي الْكَاتِب أورد لَهُ أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت فِي الحديقة من مجزوء الوافر
(تلاعب بِي وأطعمني ... بنعمى لَيْسَ يبدلها)
(يقبل لي أنامله ... ويمنعني أقبلها)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المتقارب
(بخدك آسٌ وتفاحةٌ ... وعينيك نرجسةٌ ذابله)
(وَرِيقك من طيبه قهوةٌ ... فوجهك لي دعوةٌ كَامِله)
هَذَا كَقَوْل الْقَائِل من مجزوء الْخَفِيف
(شادنٌ خَدّه وعي ... ناه وردي ونرجسي)
(إِن يجد لي بِخَمْر فِي ... هـ فقد تمّ مجلسي)
المعري عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان هُوَ أَبُو مُحَمَّد التنوخي المعري وَهُوَ من بَيت أبي الْعَلَاء المعري وَقد تقدم وَالِده وجده فِي مكانيهما كَانَ وَالِده أَبُو الْمجد مُحَمَّد قَاضِي المعرة إِلَى أَن ملكهَا الفرنج وَمن شعر أبي مُحَمَّد هَذَا من الْكَامِل
(يَا من تنكب قوسه وسهامه ... وَله من اللحظ السقيم سيوف)
(تغنيك عَن حمل السِّلَاح إِلَى العدى ... أجفانك المرضى فهن حتوف)
مجد الدّين الطَّبَرِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّيْخ الإِمَام(17/315)
مجد الدّين أَبُو مُحَمَّد الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمُحدث الْمُفْتِي ولد بِمَكَّة سنة تسعٍ وَعشْرين وَسمع من ابْن المقير وَابْن الجميزي وَشُعَيْب الزَّعْفَرَانِي وَجَمَاعَة وَقدم دمشق وَسمع من الرشيد بن مسلمة ومكي بن عَلان وبرع فِي الْفِقْه ودرس وَأفْتى ولي الإِمَام بِمَكَّة ثمَّ بِمَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قدم أَوَاخِر أَيَّامه الْقُدس وَأم بالصخرة فَجمع لَهُ الْإِمَامَة بِالْمَسْجِدِ الثَّلَاثَة وَأفْتى بالأماكن الْمَذْكُورَة روى عَنهُ ابْن الْعَطَّار والبرزالي وَالْجَمَاعَة وَكتب إِلَى الشَّيْخ شمس الدّين بمروياته وَتُوفِّي بالقدس سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة
ابْن هَارُون المغربي)
عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن إِسْمَاعِيل الطَّائِي الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي نزيل تونس مولده سنة ثلاثٍ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَطلب الْعلم فِي حدائثته قراآتٍ وَحَدِيث وَفقه ولغة وَنَحْو وأدب وَمهر فِي الْآدَاب وَله حظٌ من النّظم قَرَأَ الْقُرْآن على جده لأمه مُحَمَّد بن قادم الْمعَافِرِي ولازم خَال أمه إِمَام جَامع قرطبة الْعَلامَة أَبَا مُحَمَّد عِصَام ابْن أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلصة واستفاد عَلَيْهِ وَأخذ على قرَابَته الْحَافِظ أبي زَكَرِيَّاء بن أبي عبد الله بن يحيى الْحِمْيَرِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الفصيح والأشعار السِّتَّة وَسمع مِنْهُ الرَّوْض الْأنف وَلم يكن أحدٌ فِي عصر أبي ذكرياء أحفظ مِنْهُ وَسمع قَاضِي الْجَمَاعَة أَبَا الْقَاسِم بن بَقِي وَأخذ عَنهُ الْمُوَطَّأ سَمَاعا وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَامِل لمبرد وَسمع صَحِيح مسلمٍ من عبد الله بن أَحْمد بن عَطِيَّة وَسمع من أبي بكر مُحَمَّد بن سيد النَّاس الْخَطِيب صَحِيح البُخَارِيّ ولازمه وَسمع الشَّمَائِل من الْحَافِظ مُحَمَّد بن سعيد الطرار وَسمع التَّيْسِير من النَّحْوِيّ أَحْمد بن عَليّ الفحام المالقي وَأخذ كتاب سِيبَوَيْهٍ تفهماً عَن أبي عَليّ الشلوبين وَأبي الْحسن الدباج وَقَرَأَ مقامات الحريري تفهماً على الْعَلامَة عَامر بن هِشَام الْأَزْدِيّ وَله نظمٌ كثير وانْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد روى عَنهُ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَأَبُو عبد الله الْوَادي آشي وَأَبُو مَرْوَان التّونسِيّ خَازِن الْمُصحف وَآخَرُونَ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكتب إِلَيْنَا بمروياته عَام سَبْعمِائة وَفِي آخر وقته أسن وانحطم وَتغَير تغير الْهَرم وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ رَأَيْت بِخَط نَاصِر الدّين بن سَلمَة الغرناطي شَيخنَا ابْن هَارُون فِيهِ تشيعٌ وانحرافٌ عَن مُعَاوِيَة وَابْنه يطعن فيهمَا نظماً ونثراً اخْتَلَط بعد انفصالي عَنهُ وَبَان اخْتِلَاطه(17/316)
الصاحب فتح الدّين ابْن القيسراني عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَالِد بن نصرٍ الصاحب الْأَثِير فتح الدّين ابْن القيسراني المَخْزُومِي الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي نزيل مصر مولده سنة ثلاثٍ وَعشْرين ووفاته سنة ثلاثٍ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ سمع أَبَا الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة ابْن الجميزي ويوسف الساوي وَابْن خَلِيل وَأحمد بن الْحباب وَجَمَاعَة وشارك فِي الْفَضَائِل والآداب وعني بِالْحَدِيثِ وَجمع وَألف كتابا فِي معرفَة الصَّحَابَة وَله النّظم والنثر وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا ولي الوزارة فِي دولة الْملك السعيد ابْن الظَّاهِر روى عَنهُ الدمياطي من نظمه وَأخذ عَنهُ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس والبرزالي أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ أَنْشدني الصاحب فتح الدّين من لفظ)
لنَفسِهِ من الوافر
(بِوَجْه معذبي آيَات حسنٍ ... فَقل مَا شِئْت فِيهِ وَلَا تحاشي)
(ونسخة حسنه قُرِئت فَصحت ... وَهَا خطّ المَال على الْحَوَاشِي)
الْقُرْطُبِيّ القوصي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ ثمَّ القوصي كَانَ فَاضلا وتزهد قَالَ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ أَنْشدني أَبُو الْحسن عَليّ بن بن مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ قَالَ أَنْشدني أخي عبد الله بمنزله بقوص وَقد انْقَطَعت فِيهِ قَرِيبا من ثَلَاثِينَ سنة يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا لنَفسِهِ من الوافر
(مَتى تعش ملكا كَرِيمًا ... يذل لملكك الْملك الفخور)
(قنعت بوحدتي ولزمت بَيْتِي ... فطاب الْعَيْش لي ونما السرُور)
(وأدبني الزَّمَان فَلَا أُبَالِي ... هجرت فَلَا أزار وَلَا أَزور)
(وَلست بقائلٍ مَا دمت حَيا ... أسار الْجَيْش أم ركب الْأَمِير)
الأسواني عبد الله بن مُحَمَّد بن زُرَيْق أَبُو عبد الله الأسواني ذكره ابْن عرام فِي جملَة من مدح بني الْكَنْز وَذكر لَهُ قصيدةً أَولهَا من الْبَسِيط
(بالسفح من ربع سلمى منزلٌ دثرا ... فاسفح دموعك فِي ساحاته دررا)
(واستوقف الركب واستسق الْغَمَام لَهُ ... والثم صَعِيد ثراه الأذفر العطرا)(17/317)
(واستخبر الدَّار عَن سلمى وجارتها ... إِن كَانَت الدرا تُعْطِي سَائِلًا خَبرا)
(وَكَيف تسْأَل دَارا لم تدع جلدا ... لسائليها وَلَا سمعا وَلَا بصرا)
وَمِنْهَا فِي المديح من الْبَسِيط
(أَقْسَمت لَو كَانَ فِي الماضين مولده ... لأنزل الله فِي أَوْصَافه سورا)
(كَأَنَّهُ الْحرم المحجوج تقصده ... وفوده لَا تمل الْورْد والصدرا)
عماد الدّين الطَّبِيب الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق الْعِرَاقِيّ الإِمَام البارع عماد الدّين الحربوي الطَّبِيب الأديب الحيسوب الْمُتَكَلّم الفيلسوف أحد الْأَعْيَان بِبَغْدَاد ولد سنة ثلاثٍ وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة وبرع فِي فنونٍ وَعلم شرف الدّين هَارُون ابْن الْوَزير وَأَوْلَاد عَمه عَلَاء)
الدّين صَاحب الدِّيوَان فن الْحساب وَكَثُرت الْأَمْوَال الَّتِي لَهُ ودرس مَذْهَب الشَّافِعِي بدار الذَّهَب وَولي رياسة الطِّبّ ومشيخة الرِّبَاط وجالس الْمُلُوك وَأخذ عَن النصير علم الْأَوَائِل وَأَنْشَأَ دَارا ووقف عَلَيْهَا الإِمَام ومؤدباً وَعشرَة أَيْتَام وَله تصانيف وإنشاء وَأخذ عَنهُ الْعِزّ الإربلي الطَّبِيب وَله من الْكتب الْقَوَاعِد البهائية فِي الْحساب ومقدمة فِي الطِّبّ وَغير ذَلِك قَالَ فِي تَفْسِير رشيد الدولة هُوَ إنسانٌ رباني بل ربٌّ إنساني تكَاد تجل عِبَارَته بعد الله فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بعد موت الرشيد فَدخل على قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين فحقن دَمه وَمَات وَدفن بداره فِي بَغْدَاد
ابْن العاقولي الشَّافِعِي مدرس المستنصرية عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمَّاد بن ثابتٍ الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي الإِمَام مفتي الْعرَاق جمال الدّين بن العاقولي الْبَغْدَادِيّ مدرس المستنصرية ولد سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة تفقه ودرس وَأفْتى وَعدل سنة سبعٍ وَخمسين وَكَانَ يَقُول إِنَّه سمع من محيي الدّين ابْن الْجَوْزِيّ وَسمع من الْكَمَال الْكَبِير روى عَنهُ ابْن الساعاتي شَيْئا فِي تأليفه ورزق الْحَظ فِي فَتَاوِيهِ وَكَانَ إِمَامًا عَالما مفتياً شهماً حميد الطَّرِيقَة أفتى نَحوا من سبعين سنة دفن بداره الَّتِي وَقفهَا على ملقن وَعشرَة(17/318)
أَيْتَام وَذكر أَنه مَا رئي أَكثر جمعا من جنَازَته وَخلف ولدا ذكياً مشتغلاً بالحكمة والبحث ودرس وَعظم
تَقِيّ الدّين الزيراني الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر الإِمَام الْعَلامَة تَقِيّ الدّين الزريراني الْعِرَاقِيّ الْحَنْبَلِيّ مدرس المستنصرية ولد سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَقدم دمشق فِي حُدُود التسعين فتفقه على الْمجد وَغَيره وَرجع وبرع فِي الْمَذْهَب وصنف واشتغل وناب فِي الحكم وحمدت سيرته وتفقه بِهِ جماعةٌ وَهُوَ وَالِد شرف الدّين عبد الرَّحِيم
قَاضِي حلب ابْن قَاضِي الْخَلِيل عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن نَاصِر قَاضِي الْقُضَاة بحلب زين الدّين الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي الْخَلِيل الشَّافِعِي كَانَ رَئِيسا متميزاً وقوراً مليح الشكل فاخرة البزة حسن الْمُشَاركَة حُلْو المحاضرة سمع من ابْن أبي عَمْرو البُخَارِيّ والقطب الزُّهْرِيّ وَحدث وناب فِي الحكم بِدِمَشْق وَولي قَضَاء حمص وبعلبك ثمَّ حلب نيفاً وَعشْرين سنة وَثقل سَمعه وَحج مراتٍ)
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة عَن أَربع وَسبعين سنة وَكَانَ الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني كثير الْحَط عَلَيْهِ حكى لي عَنهُ حكاياتٍ عَجِيبَة
تَقِيّ الدّين الهرغي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الهرغي بِالْهَاءِ وَالرَّاء والغين الْمُعْجَمَة الزكندري بالزاء وَالْكَاف وَالنُّون وَالدَّال الْمُهْملَة وَالرَّاء المراكشي قَاضِي الركب المغربي إجتمعت بِهِ بجسر اللبادين بِدِمَشْق فِي حادي عشر صفر سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي تَاسِع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وَسَبْعمائة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ ملغزاً فِي البربر من الطَّوِيل
(وَمَا أمةٌ سكناهم نصف وَصفهم ... وعيش أعيالهم إِذا ضم أَوله)
(ومقلوبة بِالضَّمِّ مشروب جلهم ... وبالفتح من كل عَلَيْهِ معوله)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا من الْبَسِيط
(إسم الَّذِي قد سبى قلبِي تجنيه ... وَعز ملكٍ جَمِيع الْحسن يطغيه)(17/319)
(مَا كل آخِره عشرٌ لأوله ... وَعشر ثالثه شطرٌ لثانيه)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا من الْكَامِل
(قسما بورد الوجنتين ونضرته ... وبقدرك السَّامِي الرفيع وعزته)
(لَو لَاحَ وَجهك فِي الْكرَى لكثيرٍ ... مَا اعتاده برح الخيال بعزته)
(أَو لَو رأى الضليل بعض جمالكم ... مَا ضل عَن سبل الْهوى بعنيزته)
الْمرْجَانِي عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْمرْجَانِي الْوَاعِظ الْمُذكر الزَّاهِد الْقرشِي التّونسِيّ كَانَ مفتياً عَالما مُفَسرًا مذكراً حُلْو الْعبارَة كَبِير الْقدر لَهُ شهرةٌ فِي الْآفَاق قدم الْإسْكَنْدَريَّة وَذكر بهَا وبالديار المصرية وَكَانَ بارعاً فِي مَذْهَب مَالك عَارِفًا بِالْحَدِيثِ لَهُ قدمٌ فِي التصوف وَالْعِبَادَة والزهد وَلم يصنف شَيْئا وَلَا كَانَ أحدٌ يقدر يُعِيد مَا يَقُوله لِكَثْرَة مَا يَقُول على الْآيَة ولربما فسر فِي الْآيَة الْوَاحِدَة على لِسَان الْقَوْم ثَلَاثَة أشهرٍ خلف كتبا كَثِيرَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بتونس سنة تسعٍ وَتِسْعين وسِتمِائَة وحضره صَاحب تونس الْمُسْتَنْصر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الواثق
وعاش اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَصلي عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ)
الْعَسْقَلَانِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن خَلِيل الْعَسْقَلَانِي ثمَّ الْمَكِّيّ الْمُقْرِئ الشَّافِعِي الْمُحدث الْقدْوَة الرباني بهاء الدّين أَو مُحَمَّد قَرَأَ بالروايات وأتقن الْمَذْهَب وعني بِالْحَدِيثِ وارتحل فِيهِ وَأخذ عَن بيبرس العديمي بحلب وَعَن سِتّ الوزراء والدشي بِدِمَشْق وَعَن التوزري وَرَضي الدّين بِمَكَّة وَعَن طَائِفَة بِمصْر وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة جيد الْمعرفَة مليح المذاكرة متين الدّيانَة شَدِيد الْوَرع يُؤثر الِانْقِطَاع والخمول وَقَرَأَ الْمنطق وحصّل الجامكية ثمَّ ترك ذَلِك وَانْقطع بِظَاهِر الْإسْكَنْدَريَّة فِي زاويةٍ على الْبَحْر مرابطاً مولده سنة أربعٍ وَتِسْعين بِمَكَّة
القَاضِي موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الإِمَام الْعَالم قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ عالمٌ ذكي خيرٌ فِيهِ مُرُوءَة وديانة وَله أوصافٌ حسنةٌ وسيرةٌ حميدة ويدٌ طولى فِي الْمَذْهَب إرتحل إِلى دمشق سنة سبع عشرَة فَسمع من أبي بكر بن عبد الدَّائِم وَعِيسَى المطعِّم وعدةٍ وَسمع بِمصْر وَقَرَأَ وعني(17/320)
بالرواية وَسمع من الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ ولد سنة نَيف وَتِسْعين وسِتمِائَة وولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الْقَضَاء بالديار المصرية سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة لما عزل الْقُضَاة بِمصْر فَكَانَ القَاضِي موفق الدّين عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الْحَنْبَلِيّ
ابْن الواني عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الْفَاضِل شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد الواني الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ حفيد الشَّيْخ برهَان الدّين الْمُؤَذّن وَقد تقدم ذكر آبَائِهِ ولد فِي شهر ربيع الآخر سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة وسَمعه وَالِده الشَّيْخ أَمِين الدّين من أبي بكر بن عبد الدَّائِم والمطعم حضوراً وَمن ابْن سعد والبهاء ابْن عَسَاكِر وبالقدس من بنت شكر وبمصر وقوص والحرمين وحماة وحلب وَطلب هُوَ بِنَفسِهِ وَقَرَأَ وَهُوَ فصيح الْأَدَاء جيد الْقِرَاءَة حاد الذِّهْن فِيهِ ورعٌ قرأعلى الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَغَيره وَعمل أَرْبَعِينَ بلدية وَغير ذَلِك وكتبت لَهُ ورقة شَهَادَة باستحقاقه لما يَتَوَلَّاهُ من وظائف الْعلم وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي آخر جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بالطاعون فِي دمشق
الحمداني الخوافي)
عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الحمداني من أهل خواف ناحيةٍ من نواحي نيسابور كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا رِوَايَة للْأَخْبَار والأشعار قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا مُدَّة يقتبس من فضلائها وروى بهَا الْأَشْعَار وَكتب عَنهُ فَارس الذهلي وَمن شعره من الْكَامِل
(لله سَاحر ناظريه إِذا انتضى ... من جفْنه حد الحسام الباتر)
(يغتال وامقه بطرفٍ فاتنٍ ... ويصيد رامقه بطرفٍ فاتر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(لَو كَانَ يحوي الرَّوْض ناضر خلقه ... مَا كَانَ يذبل نوره بشتائه)
(أَو قَابل الأفلاك طالع سعده ... مَا سَار نحسٌ فِي نُجُوم سمائه)
نجم الدّين الإصبهاني عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام الْقدْوَة شيخ الْحرم نجم الدّين الإصبهاني الشَّافِعِي المجاور ولد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَصَحب أَبَا الْعَبَّاس المرسي تلميذ الشاذلي وتفقه وبرع فِي الْأُصُول وَدخل فِي طَرِيق الْحبّ صُحْبَة الشَّيْخ عماد الدّين الْحزَامِي وَكَانَ شَيخا مهيباً منقبضاً(17/321)
عَن النَّاس وجاور بضعاً وَعشْرين سنة حج من مصر وَلم يزر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعيب ذَلِك عَلَيْهِ مَعَ جلالة قدره وَكَانَ لجماعةٍ فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم
الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ العابد عبد الله بن محيريز بن جُنَادَة الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ نزيل الْقُدس قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَا أعلم أحدا ذكر أَبَاهُ فِي الصَّحَابَة روى عَن عبَادَة ابْن الصَّامِت وَأبي مَحْذُورَة الْمُؤَذّن الجُمَحِي وَكَانَ زوج أمه وَمُعَاوِيَة وَأبي سعيد والصنابحي وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة قَالَ رَجَاء بن حَيْوَة إِن يفخر علينا أهل الْمَدِينَة بعابدهم عبد الله بن عمر فَإنَّا نفخر عَلَيْهِم بعابدنا عبد الله بن محيريز توفّي سنة تسعٍ وَتِسْعين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
راوية أبي عبيد عبد الله بن مخلد بن عبد الله التَّمِيمِي راوية أبي عبيد من أهل نيسابور كنيته أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بنيسابور روى عَنهُ أَبُو بكر الجارودي وَغَيره وَهُوَ روى كتب أبي عبيدٍ عَنهُ)
أَبُو الْخَيْر الْهَرَوِيّ عبد الله بن مَرْزُوق بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الْهَرَوِيّ من الموَالِي لأبي إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ
قَرَأَ الْعلم ورزق الْفَهم وَسمع الْكثير وسافر فِي طلب الحَدِيث وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والمعرفة مَعَ حسن سيرةٍ وَجَمِيل طريقةٍ وَكَانَ خطه ردياً وأصابه فِي آخر عمره صممٌ شَدِيد توفّي سنة سبعٍ وَخَمْسمِائة
وَزِير الرشيد عبد الله بن مَرْزُوق أَبُو مُحَمَّد الزَّاهِد الْبَغْدَادِيّ كَانَ وَزِير(17/322)
الرشيد فَخرج من ذَلِك وتخلى عَن مَاله وتزهد وَكَانَ كثير الْبكاء والحزن وَسبب حزنه أَنه نَام يوماًعن صَلَاة الظّهْر وَكَانَت لَهُ جاريةٌ فعمدت إِلَى جمرةٍ من نارٍ فَوَضَعتهَا على قدمه فاتنبه فَزعًا وَقَالَ مَا هَذَا قَالَت هَذِه نَار الدُّنْيَا فَكيف بِنَار الْآخِرَة فَقَامَ فَدخل على هَارُون فاستعفاه فأعفاه وَقَالَ سَلامَة قَالَ عبد الله فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَا سَلامَة إِن لي إِلَيْك حَاجَة قلت وَمَا هِيَ قَالَ تحملنِي فتطرحني عى تِلْكَ المزبلة لعَلي أَمُوت عَلَيْهَا فَيرى ذلي ومكاني فيرحمني وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى بِبَغْدَاد سنة ستٍ وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (عبد الله بن مَرْوَان)
زين الدّين الفارقي عبد الله بن مَرْوَان بن عبد الله بن فيره الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث الْمُفْتِي الْإِسْلَام زين الدّين الفارقي خطيب دمشق ومفتيها أَبُو محمدٍ الشَّافِعِي وَشَيخ دَار الحَدِيث الأشرفية ولد سنة ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسَبْعمائة سمع من كَرِيمَة القرشية وَابْن رَوَاحَة وَابْن الصّلاح والسخاوي وَابْن خَلِيل وطبقتهم ثمَّ تحول إِلَى مصر وبرع فِي الْفِقْه على ابْن عبد السَّلَام وَغَيره وَقدم بالمشيخة بعد الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ ودرس بالشامية والناصرية وتصدى للأشغال وروى الْكثير وَكَانَ فصيحاً متحرياً وَفِيه ديانةٌ وصيانةٌ وَقُوَّة فِي الْحق وَله هيبةٌ وزعارة أَخذ عَنهُ ابْن أبي الْفَتْح وَابْن الخباز والبرزالي والمزي وَابْن حبيب وَطَائِفَة وَلم يكن بالماهر فِي خطبَته وَقدم على الْبَرِيد بجهاته صدر الدّين ابْن الْوَكِيل فَجرى مَا جرى على مَا تقدم فِي تَرْجَمته
الْهَمدَانِي عبد الله بن مرّة الْهَمدَانِي الْكُوفِي روى عَن الْبَراء بن عازبٍ وَابْن عمر ومسروق وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
الْفَزارِيّ عبد الله بن مسْعدَة الْفَزارِيّ قَالَ الطَّبَرَانِيّ لَهُ صُحْبَة وَقَالَ ابْن عَسَاكِر لَهُ رُؤْيَة توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ(17/323)
3 - (عبد الله بن مَسْعُود)
الصَّحَابِيّ عبد الله بن مَسْعُود بن غافل بالغين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء بن حبيب ابْن شمخ أَبُو عبد الرحمان الْهُذلِيّ حَلِيف بني زهرَة كَانَ أَبوهُ فِي الْجَاهِلِيَّة قد حَالف عبد الله بن الْحَارِث بن زهرَة وَأم عبد الله أم عبد بنت عبدودٍ من هُذَيْل كَانَ إِسْلَام عبد الله قَدِيما حِين أسلم سعيد بن زيد وَزَوجته فَاطِمَة بنت الْخطاب قبل إِسْلَام عمر بزمانٍ وَكَانَ سَبَب إِسْلَامه أَنه كَانَ يرْعَى غنما لعقبة بن أبي معيط فَمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ شَاة حَائِلا من تِلْكَ الْغنم فَدرت علينا لَبَنًا غزيراً فحلبه فِي إناءٍ وَشرب وَسَقَى أَبَا بكرٍ ثمَّ قَالَ للضرع اقلص فقلص
قَالَ ثمَّ أَتَيْته بعد هَذَا فَقلت يَا رَسُول الله عَلمنِي من هَذَا القَوْل فَمسح رَأْسِي وَقَالَ يَرْحَمك الله فَإنَّك عليمٌ معلمٌ قَالَ ابْن عبد الْبر ثمَّ ضمه إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يلج عَلَيْهِ ويلبسه نَعْلَيْه وَيَمْشي أَمَامه ويستره إِذا اغْتسل ويوقظه إِذا نَام وَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذنك عَليّ أَن ترفع الْحجاب وَأَن تجمع سوَادِي حَتَّى أَنهَاك وَكَانَ يعرف فِي الصَّحَابَة بِصَاحِب السوَاد والسواك شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة وَهَاجَر الهجرتين جَمِيعًا الأولى إِلى الْحَبَشَة وَالثَّانيَِة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَصلى الْقبْلَتَيْنِ وَشهد لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضيت لأمتي مَا رَضِي لَهَا ابْن أم عبدٍ وسخطت لَهَا مَا(17/324)
سخط ابْن أم عبدٍ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اهدوا هدي عمارٍ وتمسكوا بِعَهْد ابْن أم عبدٍ
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل عبد الله أَو رجلا عبد الله فِي الْمِيزَان أثقل من أحد وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إستقرأوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة نفرٍ فَبَدَأَ بِابْن أم عبدٍ ومعاذ بن جبلٍ وَأبي بن كعبٍ وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحب أَن يسمع الْقُرْآن غضاً فليسمعه من ابْن أم عبدٍ وَكَانَ رَحمَه الله رجلا قَصِيرا نحيفاً يكَاد طوال الرِّجَال يوازونه جُلُوسًا وَهُوَ قَائِم وَكَانَت لَهُ شَعْرَة تبلغ أُذُنَيْهِ وَكَانَ لَا يُغير شَيْبه وَجَاء رجلٌ إِلَى عمر وَهُوَ بِعَرَفَات فَقَالَ جئْتُك من الْكُوفَة ونركت بهَا رجلا يملي الْمَصَاحِف عَن ظهر قلبه فَغَضب عمر غَضبا شَدِيدا وَقَالَ وَيحك من هُوَ قَالَ عبد الله بن مسعودٍ فَذهب عَنهُ ذَلِك الْغَضَب وَسكن وَعَاد إِلَى حَاله وَقَالَ وَالله مَا أعلم أحدا من النَّاس هُوَ أَحَق بذلك مِنْهُ وَبَعثه عمر بن الْخطاب إِلَى الْكُوفَة مَعَ عمار بن يَاسر وَكتب إِلَيْهِم إِنِّي بعثت إِلَيْكُم بِعَمَّار بن ياسرٍ أَمِيرا)
وَعبد الله بن مَسْعُود معلما ووزيراً وهما من النجباء من أَصْحَاب محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل بدرٍ فاقتدوا بهما واسمعوا من قَوْلهمَا وَقد آثرتكم بِعَبْد الله بن مَسْعُود على نَفسِي
وَقَالَ عمر فِيهِ كنيفٌ ملئ علما وَلما أَمر عُثْمَان بِمَا أَمر قَامَ عبد الله بن مَسْعُود خَطِيبًا فَقَالَ أتأرمني أَن أَقرَأ الْقُرْآن على قِرَاءَة زيد بن ثَابت وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد خذت من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبعين سُورَة وَإِن زيد بن ثابتٍ لذُو ذؤابة يلْعَب مَعَ الغلمان الله مَا نزل شيءٌ من الْقُرْآن إِلَّا وَأَنا أعلم فِي أَي شيءٍ نزل وَمَا أحدٌ أعلم بِكِتَاب الله مني وَلَو أعلم أحدا تبلغنيه الْإِبِل أعلم بِكِتَاب الله مني لأتيته ثمَّ اسْتَحى مِمَّا قَالَ فَقَالَ وَمَا أَنا بِخَيْرِكُمْ وَلما مَاتَ عبد الله(17/325)
نعي إِلَى أبي الدَّرْدَاء فَقَالَ مَا ترك بعده مثله وَدفن بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان وَقيل عمار وَقيل الزبير وَدَفنه لَيْلًا بإيصائه بذلك إِلَيْهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الله بن مُسلم)
ابْن قُتَيْبَة عبد الله بن مُسلم بن قُتَيْبَة الدينَوَرِي وَقيل الْمروزِي الْكَاتِب نزيل بَغْدَاد صَاحب التصانيف
حدث عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن زِيَاد الزيَادي وَزِيَاد بن يحيى الحساني وَأبي حَاتِم السجسْتانِي وَغَيرهم وروى عَنهُ ابْنه القَاضِي أَحْمد وَعبيد الله السكرِي وَعبيد الله بن أَحْمد ابْن بكير وَعبد الله بن جَعْفَر بن درسْتوَيْه ومولده سنة ثَلَاث عشرَة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَسِتِّينَ وماتئين قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة دينا فَاضلا ولي قَضَاء الدينور وَكَانَ رَأْسا فِي اللُّغَة والعربية وَالْأَخْبَار وَأَيَّام النَّاس وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ كَانَ يرى رَأْي الكرامية وَنقل صَاحب الْمرْآة عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَنه كَانَ يمِيل إِلَى التَّشْبِيه قلت وَهَذَا فِيهِ بعدٌ لِأَن لَهُ مصنفاً فِي الرَّد على المشبهة وَالله أعلم وَمَات فَجْأَة صَاح صَيْحَة عَظِيمَة سَمِعت من بعدٍ ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ كَانَ أكل هريسةً فَأصَاب حرارةً فَبَقيَ إِلَى الظّهْر ثمَّ اضْطربَ سَاعَة ثمَّ هدأ فَمَا زَالَ يتَشَهَّد إِلَى السحر وَمَات
وَقَالَ مَسْعُود السجْزِي سَمِعت الْحَاكِم يَقُول أَجمعت الْأمة على أَن القتيبي كَذَّاب وَهَذِه مجازفةٌ من الْحَاكِم قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَا علمت أحدا اتهمَ القتيبي فِي نَقله مَعَ أَن الْخَطِيب قد وَثَّقَهُ وَمَا أعلم الْأمة أَجمعت إِلَّا على كذب الدَّجَّال ومسيلمة وَمن تصانيفه كتاب مُخْتَلف الحَدِيث كتاب إِعْرَاب الْقُرْآن كتاب الْخَلِيل كتاب جَامع النَّحْو كتاب ديوَان الْكتاب كتاب خلق)
الْإِنْسَان كتاب الْمَرَاتِب والمناقب كتاب القراآت كتاب الأنواء كتاب التَّسْوِيَة بَين الْعَرَب والعجم كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة كتاب مُشكل الْقُرْآن كتاب تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث كتاب المعارف كتاب جَامع الْفِقْه كتاب غَرِيب الحَدِيث كتاب الميسر والقداح كتاب الحكم والأمثال كتاب الْأَشْرِبَة كتاب جَامع النَّحْو الصَّغِير كتاب(17/326)
الْمسَائِل والجوابات كتاب إصطلاح مَا غلط فِيهِ أَبُو عبيد فِي غَرِيب الحَدِيث كتاب الرَّد على المشبهة كتاب الْقَلَم كتاب الجوابات الْحَاضِرَة كتاب النَّفس كتاب مَا قيل فِي الْخَيل من الشّعْر كتاب ملح الْأَخْبَار كتاب ذكر النَّبِي ومولده ووفاته كتاب الضواري والبزاة كتاب الفهود كتاب الْكلاب كتاب السماحة كتاب التَّنْبِيه كتاب عُيُون الْأَخْبَار كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء كتاب الْإِبِل كتاب الْوَحْش والرؤيا كتاب مَعَاني الشّعْر كتاب أدب القَاضِي كتاب الرَّد على من قَالَ بِخلق الْقُرْآن كتاب الصّيام كتاب الْمَطَر والرواد كتاب الشّعْر وَالشعرَاء كتاب الْحجامَة وَمن شعره من المقارب
(فيا من مودته بالعيان ... فَإِن غَابَ كَانَت مَعَ الْغَائِب)
(وَيَا من رَضِي لي من وده ... بِفعل امرئٍ قاطعٍ قاضب)
(بأية جرمٍ قد اقصيتني ... وألقيت حبلي على غاربي)
ابْن جُنْدُب الْقَارئ عبد الله بن مُسلم بن جُنْدُب بن حُذَيْفَة بن عَمْرو بن زُهَيْر بن خِدَاش الْهُذلِيّ الْقَارئ أحد قراء الروَاة قَرَأَ عَلَيْهِ نَافِع بن أبي نعيمٍ وَحدث عَنهُ ابْن أبي ذِئْب وَغَيره وَدخل على الْمهْدي مَعَ الْقُرَّاء فَأخذ عشرَة آلَاف درهمٍ ثمَّ دخل عَلَيْهِ فِي الروَاة فَأخذ عشرَة آلَاف دِرْهَم ثمَّ دعِي فِي المغنين فَأخذ عشرَة آلَاف دِرْهَم ثمَّ دعِي فِي الْقصاص فَقَالَ الْمهْدي لم أر كَالْيَوْمِ أجمع لما لم يجمع الله فِي أحدٍ مِنْك وَكَانَ ظريفاً غزلاً وَهُوَ أحد الكملة لما ولي الْحسن بن زيدٍ الْمَدِينَة مَنعه أَن يؤم بِالنَّاسِ فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير لم منعتني مقَامي ومقام آبَائِي وأجدادي قبلي فَقَالَ مَنعك مِنْهُ يَوْم الْأَرْبَعَاء يُرِيد بذلك قَوْله من الْبَسِيط
(يَا للرِّجَال ليَوْم الْأَرْبَعَاء أما ... يَنْفَكّ يحدث لي بعد النهى طَربا)
(إِذا لَا يزَال غزالٌ فِيهِ يفتنني ... يهوي إِلَى مَسْجِد الْأَحْزَاب منتقبا)
(يخبر النَّاس أَن الْأجر همته ... وَمَا أَتَى طَالبا لِلْأجرِ محتسبا)
(لَو كَانَ يطْلب أجرا مَا أَتَى ظهرا ... مضمخاً بفتيت الْمسك مختضبا)
)
وَهِي أطول من هَذَا وَله من الْكَامِل
(قل للمليحة فِي الْخمار الْأسود ... مَاذَا صنعت براهبٍ متعبد)
(قد كَانَ شمر للصَّلَاة ثِيَابه ... حَتَّى وقفت لَهُ بِبَاب الْمَسْجِد)(17/327)
أَبُو مُحَمَّد القيرواني عبد الله بن مُسلم بن عبد الله القيرواني أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا وَتَوَلَّى تدريس الْعَرَبيَّة بالنظامية وروى بهَا كتاب الزجاجي فِي النَّحْو رَوَاهُ عَنهُ أَبُو مَنْصُور ابْن الجواليقي وَحدث باليسير وَكَانَ من أهل الصّلاح وَالدّين وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
ابْن الْمولى الْأنْصَارِيّ عبد الله بن مُسلم بن الْمولى الْأنْصَارِيّ مَوْلَاهُم كَانَ شَاعِرًا من شعراء الدولتين مدح الْمهْدي فأنعم عَلَيْهِ وَكَانَ ظريفاً عفيفاً وَهُوَ الْقَائِل يمدح يزِيد بن حَاتِم من قصيدةٍ من الْكَامِل
(يَا وَاحِد الْعَرَب الَّذِي دَانَتْ لَهُ ... قحصان قاطبةً وساد نزارا)
(إِنِّي لأرجو إِن لقيتك سالما ... أَن لَا أعالج بعْدك الأسفارا)
(رَشَّتْ الندى وَلَقَد تكسر ريشه ... فعلا الندى فَوق الْبِلَاد وطارا)
فَأعْطَاهُ رزمتي ثيابٍ وَعشرَة أُلَّاف دينارٍ وَقدم على الْمهْدي فأنشده قصيدته الَّتِي قَالَ فِيهَا من الطَّوِيل
(وَمَا قارع الْأَعْدَاء مثل مُحَمَّد ... إِذا الْحَرْب أبدت عَن حجول الكواعب)
(فَتى ماجد الأعراق من آل هاشمٍ ... تبحبح مِنْهَا فِي الذرى والذوائب)
(أَشمّ من الرَّهْط الَّذين كَأَنَّهُمْ ... لَدَى حندس الظلماء زهر الْكَوَاكِب)
(إِذا ذكرت يَوْمًا مَنَاقِب هاشمٍ ... فَإِنَّكُم مِنْهَا بِخَير المناصب)
(وَمن عيب فِي أخلاقه ونصابه ... فَمَا فِي بني الْعَبَّاس عيبٌ لعائب)
(وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ ورهطه ... لأهل الْمَعَالِي من لؤَي بن غَالب)
(أُولَئِكَ أوتاد الْبِلَاد ووراثوا الن ... م بِي بِأَمْر الْحق غير التكاذب)
ثمَّ ذكر آل أبي طَالب فِيهَا فَقَالَ
(وَمَا نقموا إِلَّا الْمَوَدَّة مِنْهُم ... وَأَن غادرو فيهم جزيل الْمَوَاهِب)
(وَأَنَّهُمْ نالوا لَهُم من دِمَائِهِمْ ... شِفَاء النُّفُوس من قتيلٍ وهارب)
)
(وَقَامُوا لَهُم دون العدى وكفوهم ... بسمر القنا والمرهفات القواضب)(17/328)
(وحاموا على أحسابهم وكرائم ... حسان الْوُجُوه واضحات الترائب)
(وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ لعائدٌ ... بإنعامه فيهم على كل تائب)
(إِذا مَا دنوا أَدْنَاهُم وَإِذا هفوا ... تجَاوز عَنْهُم نَاظرا فِي العواقب)
(شفيقٌ على الأقصين أَن يركبُوا الردى ... فَكيف بِهِ فِي واشجات القرائب)
فوصله الْمهْدي صلَة سنيةً وَقدم بِالْمَدِينَةِ فأنفق وَبنى دَاره وَلبس ثيابًا فاخرةً كَذَلِك مُدَّة حَتَّى نفذ مَا جَاءَ بِهِ ثمَّ دخل على الْحسن بن زيدٍ وَكَانَت لَهُ عَلَيْهِ وَظِيفَة فِي كل سنةٍ فأنشده مديحاً فِيهِ قصيدةً مِنْهَا من الْخَفِيف
(وَلَو أَن أمرأً ينَال خلوداً ... بمحلٍ ومنصبٍ وَمَكَان)
(أَو بَيت ذرعه تلصق بالنج ... م قراناً فِي غير برج قرَان)
(أَو بمجد الْحَيَاة أَو بسماحٍ ... أَو بحلم أوفى على ثهلان)
(أَو بفضلٍ لَنَالَهُ حسن الخي ... ر بِفضل الرَّسُول ذِي الْبُرْهَان)
(فَضله راجحٌ برهط أبي القا ... سم رَهْط الْيَقِين وَالْإِيمَان)
(هم ذَوُو النُّور وَالْهدى وأولو الْأُم ... ر وَأهل الْبُرْهَان وَالْفرْقَان)
(مَعْدن الْحق والنبوة والبذ ... ل إِذا مَا تنَازع الخصمان)
فَلَمَّا أنْشدهُ دَعَا بِهِ خَالِيا وَقَالَ يَا عاض كَذَا من أمه إِذا مَا جِئْت إِلى الْحجاز تَقول لي هَذَا وَإِذا مَا مضيت إِلى الْعرَاق تَقول وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ ورهطه وأنشده الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ لَهُ أتنصفني يَا ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَا قَالَ بلَى قَالَ ألم أقل وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ ورهطه ألستم رهطه فَقَالَ دع هَذَا ألم تقدر أَن تنْفق شعرك ومديحك إِلَّا بتهجين أَهلِي والطعن عَلَيْهِم والإغراء بهم حَيْثُ تَقول وَمَا نقموا إِلَّا الْمَوَدَّة مِنْهُم وأنشده الْبَيْتَيْنِ فَوَجَمَ ابْن الْمولى وأطرق ثمَّ قَالَ يَا ابْن رَسُول الله إِن الشَّاعِر يَقُول ويتقرب بِجهْدِهِ ثمَّ قَامَ وَخرج من عِنْده منكسراً فَأمر الْحسن وَكيله أَن يحمل إِلَيْهِ وظيفته ويزيده مثلهَا فَفعل فَقَالَ ابْن الْمولى وَالله لَا ٌأقبلها وَهُوَ عَليّ ساخط فَعَاد رَسُول فَأخْبرهُ فَقَالَ قل لَهُ قد رضيت فأقبلها فَدخل على الْحسن وأنشده من الطَّوِيل
(سَأَلت فَأَعْطَانِي وَأعْطى وَلم أسل ... وجاد كَمَا جَادَتْ غوادٍ رواعد)
)
(فأقسمت لَا أَنْفك أنْشد مدحه ... إِذا جمعتني والحجيج الْمشَاهد)
(إِذا قلت يَوْمًا فِي ثنائي قصيدةً ... ثنيت بِأُخْرَى حَيْثُ تجزى القصائد)(17/329)
أَبُو صَخْر الْهُذلِيّ عبد الله بن مُسلم الْهُذلِيّ كَانَ شَاعِرًا موالياً لبني أُميَّة وَهُوَ الْمَعْرُوف بِأبي صَخْر لما ظهر عبد الله بن الزبير بالحجاج دخل عَلَيْهِ أَبُو صخرٍ الْهُذلِيّ وَكَانَ عَارِفًا بهواه فِي بني أُميَّة فَمَنعه عطاءه فَقَالَ لَهُ علام تمنعني حَقًا لي وَأَنا امرؤٌ مسلمٌ مَا أحدثت فِي الْإِسْلَام حَدثا وَلَا أخرجت من طاعةٍ يدا فَقَالَ عَلَيْك ببني أُميَّة فاطلب عطاءك عِنْدهم فَقَالَ إِذا أجدهم سبطاً أكفهم سَمْحَة أنفسهم بذلاً لأموالهم وَأبين لمجتديهم كَرِيمَة أعراقهم شريفةً أصولهم زاكيةً فروعهم قَرِيبا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسبهم وسببهم لَيْسُوا بأذناب وَلَا وشائظ وَلَا أتباعٍ وَلَا هم فِي قريشٍ كفقعة القاع لَهُم السؤدد فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْملك فِي الْإِسْلَام لاكمن لَا يعد فِي عيرها وَلَا نفيرها وَلَا حكم آباؤه فِي نقيرها وَلَا قطميرها لَيْسَ من أحلافها المطيبين وَلَا من ساداتها المطعمين وَلَا جودائها الوهابين وَلَا من هاشمها المنتخبين وَلَا عبد شمسها المسودين كَيفَ تقَابل الرؤوس بالأذناب أَيْن النصل من الجفن والسنان من الزج والذنابى من القدامى وَكَيف يفضل الشحيح على الْجواد والسوقة على الْملك والمجيع بخلا على الْمطعم فضلا فَغَضب ابْن الزبير حَتَّى ارتعدت فرائصه وعرق جَبينه واهتز من قرنه إِلى قدمه وامتقع لَونه ثمَّ قَالَ يَا ابْن البوالة على عقبيها يَا جلف يَا جَاهِل أم وَالله لَوْلَا الحرمات الثَّلَاث حُرْمَة الْإِسْلَام وَحُرْمَة الْحرم وَحُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام لأخذت مَا فِيهِ عَيْنَاك ثمَّ أَمر بِهِ إِلى سجن عَارِم فحبس فِيهِ مُدَّة ثمَّ استوهبته قُرَيْش وهذيل وَمن لَهُ من قُرَيْش خؤولة فِي هُذَيْل فَأَطْلقهُ بعد سنةٍ وَأقسم أَلا يُعْطِيهِ عَطاء مَعَ الْمُسلمين أبدا وَلما كَانَ عَام الْجَمَاعَة وَولي عبد الْملك وَحج فَلَقِيَهُ أَبُو صَخْر فَلَمَّا رَآهُ عبد الْملك قربه وَأَدْنَاهُ وَقَالَ لم يخف عَليّ خبرك مَعَ الملحد وَلَا ضَاعَ لَك عِنْدِي هَوَاك وَلَا موالاتك فَقَالَ إِذا شفى الله نَفسِي ورأيته قَتِيل سَيْفك وصريع أوليائك مصلوباً مهتوك السّتْر مفرق الْجمع فَمَا أُبَالِي مَا فَاتَنِي من الدُّنْيَا ثمَّ استأذنه فِي الإنشاد فَأذن لَهُ فَمثل قَائِما وَأَنْشَأَ يَقُول من الطَّوِيل
(عفت ذَات عرقٍ عصلها فرئامها ... فدهناؤها وحشٌ وَأجلى سوامها)
(إِلى عقد الجرعاء من جمل أقفرت ... وَكَانَ بهَا مصطافها ومقامها)
)
(إِذا اعتجلت فِيهَا الرِّيَاح فأدلجت ... عَيْشًا جرى فِي جانبيها قمامها)
(وَإِن معاجي فِي القتام وموقفي ... بدراسة الربعين بالٍ ثمامها)
(لجهلٌ وَلَكِنِّي أَجلي ضمانةً ... وأضعف أسرار الْفُؤَاد سقامها)(17/330)
(فأقصر فَلَا مَا قد مضى لَك راجعٌ ... وَلَا لَذَّة الدُّنْيَا يَدُوم دوامها)
(وَفد أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّذِي رمى ... بجأواء جمهورٍ تسيل إكامها)
(من ارْض قرى الزَّيْتُون مَكَّة بَعْدَمَا ... غلبنا عَلَيْهَا واستحل حرامها)
(وَإِذ عاث فِيهَا الْفَاسِقُونَ وأفسدوا ... فخيفت أقاصيها وطار حمامها)
(فشج بهم عرض الفلاة تعسفاً ... إِذا الأَرْض أخْفى مستواها علامها)
(لَهُ عَسْكَر طاحي الصُّفُوف عرمرمٌ ... وجمهورةٌ يثني الْعَدو اقتحامها)
(فطهر مِنْهُم بطن مَكَّة بَعْدَمَا ... أبي الضيم والميلاء حِين يسامها)
(فدع ذَا وَبشر شاعري أم خالدٍ ... بِأَبْيَات مَا خزيٍ طَوِيل عرامها)
(فَإِن تبد تجدع منخراك بمديةٍ ... مشرشرةٍ حرى حديدٍ حسامها)
(وَإِن تخف مِنْهَا أَو تخف من أذاتنا ... تنوشك نابا حيةٍ وسمامها)
(فلولا قريشٌ لَا سترقت عجوزهم ... وَطَالَ على قطبي رحاها احتزامها)
(هم الْبيض إقداماً وديباج أوجهٍ ... وغيثٌ إِذا الجوزاء قل رهامها)
فَأمر لَهُ عبد الْملك بِمَا فَاتَهُ من الْعَطاء وبمثلة صلَة من مَاله وكساه
3 - (عبد الله بن مسلمة)
القعْنبِي عبد الله بن مسلمة بن قعنب الْحَارِثِيّ القعْنبِي كَانَ من أهل الْمَدِينَة وَأخذ الْعلم عَن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ من جلة أَصْحَابه وفضلائهم وخيارهم وَهُوَ أحد رُوَاة الْمُوَطَّأ عَنهُ فَإِن الْمُوَطَّأ رَوَاهُ عَن مَالك جماعةٌ وَبَين الرِّوَايَات اختلافٌ وأكملها رِوَايَة يحيى ابْن يحيى وَكَانَ يُسمى الراهب لعبادته وفضله وَسكن الْبَصْرَة ولد بعد الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَسمع من صغَار التَّابِعين وروى عَنهُ البُخَارِيّ ومسلمٌ وَأَبُو دَاوُد وروى مسلمٌ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَعبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي وَهُوَ أكبر وجماعةٌ كَثِيرُونَ وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَكَانَ لَا يرضى لنَفسِهِ قِرَاءَة حبيب حَتَّى قَرَأَ لنَفسِهِ الْمُوَطَّأ وَهُوَ أكبر شيخ لمسلمٍ(17/331)
3 - (عبد الله بن مُصعب)
أَمِير الْمَدِينَة واليمن عبد الله بن مُصعب بن الزبير الْمدنِي الْأَمِير ولي إمرة الْمَدِينَة وإمرة الْيمن وحمدت سيرته
وَكَانَ وسيماً جميلاً فصيحاً مفوهاً ولاه الرشيد وَجعل لَهُ فِي الْعَام اثْنَي عشر ألف دينارٍ وَوَصله بِعشْرين ألف دينارٍ وَعقد لَهُ اللِّوَاء بِيَدِهِ وزاده مَعَهُمَا ولَايَة عك وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة روى عَن هِشَام بن عُرْوَة وَأبي حازمٍ الْأَعْرَج ومُوسَى بن عقبَة وروى عَنهُ ابْنه مُصعب وَهِشَام بن يُوسُف وَإِبْرَاهِيم بن خَالِد الصنعانيان سُئِلَ عَنهُ ابْن معِين فَقَالَ ضَعِيف الحَدِيث لم يكن لَهُ كتابٌ وَتُوفِّي بالرقة وَله نَحْو سبعين سنة وَقَالَ ياقوت كنيته أَبُو بكر ويلقب عَائِد الْكَلْب لقَوْله من الْكَامِل
(مَالِي مَرضت فَلم يعدني عائدٌ ... مِنْكُم ويمرض كلبكم فأعود)
(وَأَشد من مرضِي عَليّ صدوركم ... وصدود عبدكم عَليّ شَدِيد)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(فَإِن يحجبوها أَو يحل دون وَصلهَا ... مقَالَة واشٍ أَو وَعِيد أَمِير)
(فَلَنْ يمنعوا عَيْني من دَائِم البكا ... وَلنْ يحجبوا مَا قد أجن ضميري)
(وَمَا برح الواشون حَتَّى بَدَت لنا ... بطُون الْهوى مَقْلُوبَة لظُهُور)
)
(إِلى الله أَشْكُو مَا أُلَاقِي من الْهوى ... وَمن نفسٍ يعتادني وزفير)
عبد الله بن مُطِيع الْعَدوي عبد الله بن مُطِيع بن الْأسود الْعَدوي ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدَّث عَن أَبِيه وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم قَالَ أَبوهُ مُطِيع رَأَيْت فِي الْمَنَام أهدي إِلَيّ جراب تمرٍ فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي تَلد امْرَأَتك غُلَاما فَولدت عبد الله بن مُطِيع فَذَهَبت بِهِ إِلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الزبير كَانَ عبد الله بن مُطِيع من جلة(17/332)
قُرَيْش شجاعةً وجلداً قتل مَعَ ابْن الزبير وَكَانَ قد هرب وَلحق بِمَكَّة فَلَمَّا حصر الْحجَّاج ابْن الزبير جعل عبد الله بن مُطِيع يُقَاتل وَيَقُول من الرجز
(أَنا الَّذِي فَرَرْت يَوْم الحره ... وَالْحر لَا يفر إِلَّا مره)
(يَا حبذا الكرة بعد الفره ... لأجزين فرةً بكره)
3 - (عبد الله بن مُطِيع بن رَاشد)
روى عَنهُ مُسلم وروى النَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
الإصبهاني عبد الله بن مظاهرٍ أَبُو مُحَمَّد الإصبهاني الْحَافِظ توفّي شَابًّا وَكَانَ آيَة فِي الْحِفْظ حفظ الْمسند كُله وَشرع فِي حفظ فتاوي الصَّحَابَة وَحدث عَن مطين وَتُوفِّي سنة أَربع وثلاثمائة
الجُمَحِي عبد الله بن مَظْعُون بن حبيبٍ الجُمَحِي أَخُو عُثْمَان وَقُدَامَة شهد بَدْرًا وَهَاجَر إِلى الْحَبَشَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (عبد الله بن المظفر)
أَبُو الْحَكِيم الْبَاهِلِيّ الطَّبِيب عبد الله بن المظفر بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الحكم الْبَاهِلِيّ الأندلسي المغربي الأَصْل يمني المولد كَانَ أديباً شَاعِرًا وَله يَد فِي الهندسة والطب وَله ديوَان شعرٍ يغلب عَلَيْهِ المجون والهزل قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا يعلم الصّبيان بهَا ومدح الأكابر وسمى ديوانه نهج الوضاعة
وَكَانَ يهجو ابْن الحويزي النَّاظر ثمَّ انْتقل إِلى الشَّام وَسكن دمشق وَبهَا مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ يعرف الموسيقى ويلعب بِالْعودِ وَيجْلس فِي جيرون على دكان للطب وَسكن دَار الْحِجَارَة ومدح بني الصُّوفِي كثيرا(17/333)
وَكَانَ يهاجي أهل عصره ورثى أَحيَاء لم يموتوا مجوناً مِنْهُ وهزلاً وَفِيه يَقُول عرقلة الشَّاعِر من السَّرِيع
(لنا طبيبٌ شاعرٌ أشترٌ ... أراحنا من شخصه الله)
(مَا عَاد فِي صبحة يومٍ فَتى ... إِلَّا وَبَاقِي الْيَوْم رثاه)
وَكَانَ لشتره سببٌ وَهُوَ أَنه خرج ليلةٌ وَهُوَ سَكرَان من دَار زين الْملك أبي طَالب ابْن الْخياط وَوَقع وشج وَجهه وَجعل النَّاس يسألونه كَيفَ وَقعت فنظم هَذِه الأبيات من الطَّوِيل
(وصعت على وَجْهي فطارت عمامتي ... وَضاع شمشكي وانبطحت على الأَرْض)
(وَقمت وأسراب الدِّمَاء بلحيتي ... ووجهي وَبَعض الشَّرّ أَهْون من بعض)
(قضى الله أَنِّي صرت فِي الْحَال هتكةً ... وَلَا حِيلَة للمرء فِيمَا بِهِ يقْضِي)
(وَلَا خير فِي قصفٍ وَلَا فِي لذاذةٍ ... إِذا لم يكن سكرٌ إِلى مثل ذَا يُفْضِي)
وآخذ الْمرْآة فَرَأى الْجرْح بِوَجْهِهِ غايراً تَحت الوجنة بعد وقعته فَقَالَ من مجزوء الْكَامِل
(ترك النَّبِيذ بوجنتي ... جرحا ككس النعجة)
(وَوَقعت منبطحاً على ... وَجْهي وطارت عَمَّتي)
(وَبقيت منهتكاً وَلَو ... لَا اللَّيْل بَانَتْ سوأتي)
(وَعلمت أَن جَمِيع ذَا ... لَك من تَمام اللَّذَّة)
(من لي بِأُخْرَى مثل تل ... ك وَلَو بحلق اللِّحْيَة)
وَقَالَ يهجو الطَّبِيب المفشكل على سَبِيل المرثية من الطَّوِيل
(أَلا عد عَن ذكرى حبيبٍ ومنزل ... وعرج على قبر الطَّبِيب المفشكل)
)
(فيا رَحْمَة الله استهيني بقبره ... وكوني على الشَّيْخ الوضيع بمعزل)
(وَيَا مُنْكرا جود فديت قذاله ... بمقنعةٍ واسقله سقل السجنجل)
(وكبكبه فِي قَعْر الْجَحِيم بِوَجْهِهِ ... كجلمود ضخرٍ حطه السَّيْل من علٍ)
(فَلَا زَالَ وكافٌ يرجيه ديمةٌ ... عَلَيْهِ بمنهل من السلح مُسبل)
(لقد حَاز ذَاك اللَّحْد أَخبث جيفةٍ ... وأوضع ميتٍ بَين ترب وجندل)(17/334)
وَقَالَ يهجو نَصِيرًا الْحلَبِي على سَبِيل المرثيه من مجزوء الرجز
(يَا هَذِه قومِي اندبي ... شخص النصير الْحلَبِي)
(يرحمه الله لقد ... كَانَ طَوِيل الذَّنب)
(قد ضجت الْأَمْلَاك من ... نكهته فِي الترب)
(وودهم لَو عوضوا ... مِنْهُ بكلبٍ جرب)
وَهِي أطول من هَذَا وَعمل أرجوزةً وسمها بمعرة الْبَيْت يذكر فِيهَا مَا ينَال الْإِنْسَان من العناء إِذا عمل دَعْوَة وَهِي مائَة وَسِتُّونَ بَيْتا أوردهَا ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء كَامِلَة فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور أَولهَا من الرجز
(معرة الْبَيْت على الْإِنْسَان ... تطرى بِلَا شكّ على الْأَسْنَان)
(فاصغ إِلى قَول أخي تجريب ... يَأْتِيك الشَّرْح على الترنيب)
(جَمِيع مَا يحدث فِي الدَّعْوَات ... وكل مَا فِيهَا من الْآفَات)
(فَصَاحب الدعْوَة والمسره ... لَا بُد أَن يحْتَمل المضره)
أَبُو الْفضل عبد الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن بن الْمسلمَة أَبُو الْفضل ابْن الْوَزير أبي الْقَاسِم الملقب برئيس الرؤساء كَانَ فَاضلا أديباً لبيباً كَبِير الْقدر توقي سنة سِتّ وَعشْرين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الوافر
(أمولانا جلال الدّين يَا من ... أذكرهُ بخدمتي القديمه)
(ألم تَكُ قد عزمت على اصطناعي ... فَمَاذَا صد عَن تِلْكَ العزيمه)
الْأَثِير أَبُو جَعْفَر عبد الله بن المظفر بن هبة الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن بن الْمسلمَة أَبُو جَعْفَر بن أبي)
شُجَاع من بَيت الْمَذْكُور آنِفا كَانَ يعرف بالأثير وَكَانَ من الْأَعْيَان كَاتبا جَلِيلًا حاذقاً بليغاً نبيلاً كَانَ يَنُوب فِي وقتٍ فِي ديوَان الْإِنْشَاء فِي سفر سديد الدولة بن الْأَنْبَارِي وَولي النّظر بأعمال دجيل ثمَّ صَار عميداً فِي الْحلَّة السيفية وَسمع الحَدِيث من أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الْحسن بن خيرون وَغَيره وروى وَتُوفِّي(17/335)
سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الْخَفِيف
(قلت شعرًا قَالُوا بِغَيْر عرُوض ... ناقصٌ وَالْعرُوض كالميزان)
(قلت إِنِّي لص القوافي فديوا ... ني من شعر كل ذِي ديوَان)
(أسرق الشّعْر لَا بوزنٍ وَمَا يس ... رق إِلَّا جزفٌ بِلَا ميزَان)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(خير مَا جَالس اللبيب كتابٌ ... لَا قريناً فِيهِ رياً ونفاق)
(هُوَ مثل الرياض حَقًا كَمَا أَو ... راقها بَينهَا لَهَا أوراق)
رشيد الدّين الصفوي عبد الله بن المظفر رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد الصفوي الْكَاتِب الْمصْرِيّ نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور من أجلاء الْكتاب جَامعا بَين فضيلتي الْحِكْمَة والحساب وَعرف بِخِدْمَة الْوَزير صفي الدّين سيد الْأَصْحَاب ووزر بحماة للْملك النَّاصِر قلج أرسلان وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة أَنْشدني بحماة وَقد ذكرت لَهُ قَول الامام عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه إِذا قدرت على عَدوك فَاجْعَلْ الْعَفو عَنهُ شكرا لقدرتك عَلَيْهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ من الْكَامِل
(إِذا قدرت على عَدوك مرّة ... فالعفو أجمل بالكريم الْقَادِر)
(ليَكُون ذَلِك شكر قدرتك الَّتِي ... أعطاكها الرحمان أكْرم نَاصِر)
قَالَ وأجريت يَوْمًا مَعَه بحماة ذكر السَّيْف الْآمِدِيّ وزين الدّين قَاضِي حمص وَكَانَا لَا يفترقان ويعرفان بِالسَّيْفِ والنطع فأنشدني هذَيْن الْبَيْتَيْنِ من الطَّوِيل
(وَقَالُوا افترشت النطع صيفاً وقدأتى ال ... خريف فَمر فِي نطعك الْآن بِالرَّفْع)
(فَقلت حَبِيبِي شاهرٌ سيف لحظه ... وَلَا بُد للسيف الشهير من النطع)
إنتهي قلت وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأشرفي حكايةٌ تتَعَلَّق بهَا الرشيد)
الصفوي
الزماني الْبَصْرِيّ عبد الله بن معبد الزماني الْبَصْرِيّ روى عَن ابْن مسعودٍ وَأبي قَتَادَة وَأبي هُرَيْرَة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة(17/336)
الْمُزنِيّ الْكُوفِي عبد الله بن معقل بن مقرن الْمُزنِيّ الْكُوفِي لِأَبِيهِ صُحْبَة روى عَن أَبِيه وَعلي وَابْن سمعودٍ وَكَعب بن عجْرَة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى ابْن ماجة
3 - (عبد الله بن معاوبة)
الجُمَحِي الْبَصْرِيّ عبد الله بن مُعَاوِيَة بن مُوسَى الجُمَحِي الْبَصْرِيّ المعمر مُسْند الْعرَاق فِي زَمَانه روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَمِائَتَيْنِ
الْعلوِي رَأس الجناحية عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب روى عَن أَبِيه كَانَ جواداً ممدحاً شَاعِرًا من رجال الْعَالم وَأَبْنَاء الدُّنْيَا خرج بِالْكُوفَةِ وَجمع خلقا وَنزع الطَّاعَة وَجَرت لَهُ أمورٌ يطول شرحها ثمَّ لحق بإصبهان وَغلب على تِلْكَ الديار ثمَّ ظفر أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي فَقتله
وَقيل سجنه إِلَى أَن مَاتَ ذكره ابْن حزم فِي الْملَل والنحل قَالَ كَانَ رَدِيء الدّين معطلاً يصحب الدهرية وَذهب بعض الكيسانية الى أَن عبد الله حيٌّ لم يمت وَأَنه بجبال إصبهان وَلَا بُد أَن يظْهر وَكَانَت قتلته فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وَهُوَ رَئِيس الجناحية من الرافضة قَالَ ابْن أبي الدَّم فِي الْفرق الإسلامية زعمت هَذِه الْفرْقَة أَن الْأَرْوَاح تتناسخ وَأَن روح الله حلت فِي آدم ثمَّ فِي الْأَنْبِيَاء بعده إِلَى محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ فِي علىٌّ ثمَّ فِي أَوْلَاده الثَّلَاثَة من بعده ثمَّ صَارَت إِلَى عبد الله بن مُعَاوِيَة وَأَنه حيٌّ لم يمت مقيمٌ بجبال إصبهان وذهبوا إِلَى القَوْل بإلهية الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة وَكَفرُوا بالقيامة فأنكروها وأباحوا شرب الْخمر وَأكل الْميتَة فَكَفرُوا بِجَمِيعِ ذَلِك وَكَانَ قد خرج عبد الله هَذَا قبيل الدولة العباسية أَوَان اخْتِلَاف النزارية واليمنية وَقَالَ إِنِّي أجد الَّذِي يَلِي الْخلَافَة من بني هَاشم اسْمه عبد الله وَلَيْسَ فيهم من اسْمه عبد الله يسْتَحق ذَلِك غَيْرِي فَقدم الْكُوفَة وَجمع وَأظْهر أمره بالجبانة وعَلى الْعرَاق عبد الله بن عمر)
بن عبد الْعَزِيز من قبل مَرْوَان بن مُحَمَّد فَوجه إِلَيْهِ بِخَالِد بن قطن الْحَارِثِيّ فَهَزَمَهُ عبد الله ثمَّ إِنَّه خرج إِلَى الْمَدَائِن وَغلب على الماهين وهمذان وإصبهان(17/337)
والري وَخرج إِلَيْهِ العبيد وتلاحق بِهِ الشذاذ وَدخل فَارس وجبى الْأَمْوَال فِي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَمِائَة واتسع أمره وَاسْتعْمل أَخَاهُ الْحسن على الْجبَال وأخاه يزِيد على فَارس وقصده النَّاس من بني هاشمٍ وَغَيرهم وَقدم يزِيد بن عمر بن هُبَيْرَة الْفَزارِيّ أَمِيرا على الْعرَاق فَوجه لحربه نباتة بن حَنْظَلَة الْكلابِي ثمَّ وَجه بِابْن ضبارة مَعَ ابْنه دَاوُد بن يزِيد وَمَعَهُ معن بن زَائِدَة فَانْهَزَمَ عبد الله بن مُعَاوِيَة من إصطخر وَقتل فيهم ابْن ضبارة وَأسر مِنْهُم خلقا وَمضى ابْن مُعَاوِيَة إِلَى سمنان ثمَّ إِلى خُرَاسَان ثمَّ وصل هراة هُوَ وَأَخُوهُ الْحسن وَيزِيد أَخُوهُ فَأَخذهُم مَالك أبي الْهَيْثَم وَكَانَ من قبل أبي مسلمٍ فَكتب إِلَيْهِ بخبرهم فَقَالَ إحبسهم إِلى أَن يَأْتِيك أَمْرِي وَوجه إِلَيْهِم بعينٍ فحبس مَعَهم وَكَانُوا يَقُولُونَ وَلَا يَدْرُونَ بمَكَان الْعين أَبُو مسلمٍ كَذَّاب فَكتب الْعين إِلَيْهِ بذلك فَجهز يطلبهم فحملوا إِلَيْهِ فَأطلق الْحسن وَيزِيد ابْني مُعَاوِيَة وَقتل عبد الله ابْن مُعَاوِيَة أَخَاهُم وَقيل بل مَاتَ سنة تسعٍ وَعشْرين وَمِائَة ورثاه أَبُو مَالك الْخُزَاعِيّ فَقَالَ من الطَّوِيل
(تَغَيَّرت الدُّنْيَا خلاف ابْن جعفرٍ ... عَليّ وَولي طيبها وسرورها)
وَكتب عبد الله بن مُعَاوِيَة إِلى أبي مسلمٍ الْخُرَاسَانِي وَهُوَ فِي سجنه من الأسٍير فِي يَديك من غير ذنبٍ إِلَيْك وَلَا خلافٍ عَلَيْك أما بعد فَإنَّك مستودعٌ ودائع وَمولى صنائع وَإِن الودائع مرعيةٌ وَإِن الصنيعة عَارِية فاحذر الْقصاص واطلب الْخَلَاص وأنبه للتفكر قَلْبك وَاتَّقِ الله رَبك وآثر مَا يلقاك غَدا على مَا لَا يلقاك أبدا فَإنَّك لاقٍ مَا استلفت لَا مَا خلفت وفقك الله لما ينجيك وأوزعك شكر مَا يوليك وَمن شعره من الطَّوِيل
(رَأَيْت فضيلاً كَانَ شَيْئا ملففا ... فكشفه التمحيص حَتَّى بدا ليا)
(فَأَنت أخي مَا لم تكن لي حاجةٌ ... فَإِن عرضت أيقنت أَلا أخاليا)
(فَلَا زَاد مَا بيني وَبَيْنك بَعْدَمَا ... بلوتك فِي الْحَاجَات إِلَّا تماديا)
(وَلست براءٍ عيب ذِي الود كُله ... وَلَا بعض مَا فِيهِ إِذا كنت رَاضِيا)
(فعين الرضى عَن كل عيبٍ كليلةٌ ... كَمَا أَن عين السخط تبدي المساويا)
الْمُزنِيّ عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور شهد بيعَة الشَّجَرَة وَنزل(17/338)
الْمَدِينَة وتو فِي سنة)
سِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
مخلص الدّين الطوخي عبد الله بن الْمفضل بن سليم مخلص الدّين الطوخي وَيعرف بضياء الدّين أَيْضا أَخْبرنِي الْعَلامَة أثير الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ يحضر مَعنا فِي درس قَاضِي الْقُضَاة ابْن رزين وَبعده فِي درس ابْنه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ الحاجبية وَكتاب المتنبي وَكَانَ لَهُ معرفةٌ بالفقه وَالْأُصُول وَله ردٌّ على النَّصَارَى وأدبٌ من النثر وَالنّظم وَكَانَ معدوداً فِي فضلاء ديار مصر وأخلدت بِهِ البطالة عَن بُلُوغه مَرَاتِب الْعلمَاء وَكَثِيرًا مَا كَانَ يشْتَغل عَلَيْهِ الْكتاب وَالنَّصَارَى وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بقرافة سَارِيَة بتربة نجم الدّين ابْن الْحلِيّ ورثاه نَاصِر الدّين ابْن النَّقِيب على حرف الزَّاي الْمَفْتُوحَة وَبعث بهَا إِلى نَاصِر الدّين شَافِع وَهِي قطعةٌ مليحة وأجابه عَنْهَا نَاصِر الدّين بِمِثْلِهَا فِي الْوَزْن والروي
البليغ الْمَشْهُور عبد الله بن المقفع بِضَم وَفتح الْقَاف وَكسر الْفَاء الْمُشَدّدَة وَفتحهَا مَعًا وَالْفَتْح أشهر أَصله من خُرَاسَان قتل سنة سبعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا بارعاً فِي الفصاحة والبلاغة متحققاً بنحوٍ ولغةٍ وَكَانَ يكْتب لعيسى بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس عَم الْمَنْصُور
قيل لَهُ لم لَا تَقول الشّعْر قَالَ مَا يَأْتِي جيده وآبى رديئه وَهُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(رزئنا أَبَا عمروٍ وَلَا حَيّ مثله ... فَللَّه ريب الحادثات بِمن وَقع)
(لَئِن تَكُ قد فارقتنا وَتَرَكتنَا ... إِلَى خلةٍ مَا فِي انسدادٍ لَهَا طمع)
(فقد جر نفعا فَقدنَا لَك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الْجزع)
وَهُوَ الْقَائِل أَيْضا من الطَّوِيل
(دليلك أَن الْفقر خيرٌ من الْغنى ... وَأَن الْقَلِيل المَال خيرٌ من المثري)
(لقاؤك إنْسَانا عصى الله للغنى ... وَلم تَرَ إنْسَانا عصى الله للفقر)
قَالَ نصر بن حبيب المهلبي أخذت قوما من الزَّنَادِقَة فَوجدت فِي كتبهمْ إِلَى هَذَا مَا انْتهى قَول ابْن المقفع وَقَالَ الجهشياري كَانَ ابْن المقفع من أهل خوز من أَرض فَارس(17/339)
وَكَانَ سرياً سخياً كَاتبا فصيحاً لبيباً يطعم الطَّعَام ويصل كل من احْتَاجَ إِلَيْهِ وَكَانَ يكْتب للداود بن يزِيد بن)
هُبَيْرَة على كرمان وَأفَاد مَعَه مَالا وَكَانَ يجْرِي على جماعةٍ من أهل الْكُوفَة مَا بَين الْخَمْسمِائَةِ إِلَى الْأَلفَيْنِ وَكَانَت بَينه وَبَين عمَارَة بن حَمْزَة مَوَدَّة فَلَمَّا أنكر الْمَنْصُور على عمَارَة بن حَمْزَة شَيْئا وَنَقله إِلَى الْكُوفَة كَانَ ابْن المقفع يَأْتِيهِ ويزوره فَبينا هُوَ عِنْده ذَات يومٍ إِذْ ورد على عمَارَة كتاب وَكيله بِالْبَصْرَةِ يُعلمهُ فِيهِ أَن ضيعته مجاورةٌ لضيعةٍ تبَاع بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَأَن ضيعته لَا تصلح إِلَّا بِهَذِهِ الضَّيْعَة وَإِن لم تشتر هَذِه الضَّيْعَة فيبيع ضيعته فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ مَا أعجب أَمر هَذَا الْوَكِيل يُشِير علينا بمشترى ضيعةٍ فِي وَقت إضاقتنا وإملاقنا وَنحن إِلَى البيع أحْوج فَسمع ابْن المقفع الْكَلَام وَكتب فِي منزله سفتجةً إِلَى الْوَكِيل بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكتب إِلَيْهِ على لِسَان عمَارَة بمشترى الضَّيْعَة وَأَن يُقيم مَكَانَهُ وَينفذ إِلَيْهِ الْكتاب بالابتياع فَلم يشْعر عمَارَة بعد أيامٍ إِلَّا وَكتاب وَكيله قد ورد عَلَيْهِ قرين الْكتاب بمشترى الضَّيْعَة فتعجب عمَارَة من وُقُوع ذَلِك فَقيل لَهُ إِن ابْن المقفع فعل ذَلِك فَلَمَّا صَار إِلَيْهِ بعد أيامٍ وتحدثا قَالَ لَهُ عمَارَة بعثت الى الْوَكِيل بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكُنَّا إِلَيْهَا هَهُنَا أحْوج فَلَمَّا توجه من عِنْده بعث إِلَيْهِ بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم أُخْرَى وَلما هرب عبد الله بن عَليّ بن الْعَبَّاس من أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي قصد أَخَوَيْهِ سُلَيْمَان وَعِيسَى ابْني عَليّ وهما بِالْبَصْرَةِ فكاتبا الْمَنْصُور أَن يُؤمنهُ وأنفذ سُلَيْمَان كَاتبه عمر ابْن أبي حليمة فِي ذَلِك فاستقر الْأَمر فِي إِعْطَائِهِ الْأمان وأنفذ الْمَنْصُور سُفْيَان ابْن مُعَاوِيَة بن يزِيد بن الْمُهلب بن أبي صفرَة وَأمره بضبطهم والتضييق عَلَيْهِم حَتَّى يحضروا عبد الله بن عَليّ إِلَى حَضرته وَكَانَ ابْن المقفع يكْتب لعيسى بن عَليّ فَأمره عِيسَى بن عَليّ بِعَمَل نُسْخَة الْأَيْمَان لعبد الله وأكدها واحترس من كل تأويلٍ يجوز أَن يَقع عَلَيْهِ فِيهَا وترددت بَين أبي جعفرٍ الْمَنْصُور وَبينهمْ فِي النُّسْخَة كتبٌ ورسائل إِلَى أَن اسْتَقَرَّتْ على مَا أَرَادَ من الِاحْتِيَاط وَلم يَقع للمنصور فِيهَا حِيلَة لفرط احتيال ابْن المقفع وَكَانَ الَّذِي زَاده فِيهَا مِمَّا شقّ على الْمَنْصُور أَن قَالَ يُوقع بِخَطِّهِ فِي سفل الْأمان فَإِن أَنا نلْت عبد الله بن عَليّ أَو أحدا مِمَّن آمنته مَعَه بصغيرةٍ من الْمَكْرُوه أَو كَبِيرَة أَو أوصلت إِلَى أحدٍ مِنْهُم ضَرَرا سرا أَو عَلَانيَة على الْوُجُوه والأسباب كلهَا تَصْرِيحًا أَو كِنَايَة أَو بحيلةٍ من الْحِيَل
فَأَنا نفيٌ من مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس ومولودٌ لغير رشدة وَقد حل لجَمِيع أمة مُحَمَّد خلعي وحربي والبراءة مني وَلَا بيعَة لي فِي رِقَاب الْمُسلمين وَلَا عهد وَلَا ذمَّة وَقد وَجب لَهُم الْخُرُوج من طَاعَتي وإعانة من ناوأني من جَمِيع الْخلق وَلَا مُوالَاة بيني وَبَين أحدٍ)
من الْمُسلمين وَأَنا متبرٍ من الْحول وَالْقُوَّة مدعٍ إِن كَانَ أَنه كافرٌ بِجَمِيعِ الْأَدْيَان ألْقى رَبِّي على غير دينٍ وَلَا شريعةٍ محرم المأكل وَالْمشْرَب والمنكح والملبس والمركب وَالرّق وَالْملك على سَائِر الْوُجُوه والأسباب كلهَا(17/340)
وَيُعْطِي ولايتي سواهُ وَلَا يقبل الله مني إِلَّا إِيَّاه وَالْوَفَاء بِهِ
فَقَالَ الْمَنْصُور إِذا وَقعت عَيْني عَلَيْهِ فَهَذَا الْأمان لَهُ صَحِيح لِأَنِّي لَا آمن إِن أعْطه إِيَّاه قبل رؤيتي لَهُ أَن يسير فِي الْبِلَاد وَيسْعَى عَليّ بِالْفَسَادِ وتهيأت لَهُ الْحِيلَة من هَذِه الْجِهَة وَقَالَ من كتب لَهُ هَذَا الْأمان فَقيل ابْن المقفع كَاتب عِيسَى بن عَليّ فَقَالَ الْمَنْصُور فَمَا أحدٌ يكفنيه وَكَانَ سُفْيَان بن مُعَاوِيَة أَمِير الْبَصْرَة من قبل الْمَنْصُور يضطغن على ابْن المقفع أَشْيَاء كَثِيرَة مِنْهَا أَنه كَانَ يهزأ بِهِ ويسأله عَن الشَّيْء بعد الشَّيْء فَإِذا أَجَابَهُ قَالَ أَخْطَأت ويضحك مِنْهُ فَلَمَّا كثر ذَلِك على سُفْيَان غضب وافترى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْن المقفع يَا ابْن المغتلمة وَالله مَا اكتفت أمك بِرِجَال الْعرَاق حَتَّى تعدتهم إِلَى الشَّام فَلَمَّا قَالَ الْمَنْصُور ذَلِك الْكَلَام كتب أَبُو الخصيب إِلَى سُفْيَان بذلك فَعمل على قَتله فَقَالَ يَوْمًا عَليّ بن عِيسَى لِابْنِ المقفع صر إِلَى سُفْيَان فَقل لَهُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ وَجه معي إِبْرَاهِيم بن جبلة بن مَخْزَمَةَ الْكِنْدِيّ فَإِنِّي لَا آمن سُفْيَان فتوجها إِلَيْهِ فَأذن لإِبْرَاهِيم بن جبلة قبله فَدخل ثمَّ خرج الْإِذْن لِابْنِ المقفع فَلَمَّا دخل عدل بِهِ إِلَى مقصورةٍ فِيهَا غلامان فَأَوْثَقَاهُ كتافاً فَقَالَ إِبْرَاهِيم لِسُفْيَان ايذن لِابْنِ المقفع فَقَالَ للآذن ايذن لَهُ فَخرج ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ إِنَّه انْصَرف فَقَالَ سُفْيَان لإِبْرَاهِيم هُوَ أعظم كبرا من أَن يُقيم وَقد أَذِنت لَك قبله وَمَا أَشك فِي أَنه غضب ثمَّ قَامَ سُفْيَان وَقَالَ لإِبْرَاهِيم لَا تَبْرَح وَدخل الْمَقْصُورَة الَّتِي فِيهَا ابْن المقفع فَقَالَ لَهُ وَقد وَقعت عينه عَلَيْهِ أنْشدك الله فَقَالَ أُمِّي مغتلمةٌ كَمَا قلت إِن لم أَقْتلك قتلةً لم يقتل بهَا أحد وَأمر بتنورٍ فسجر ثمَّ أَمرهمَا فقطعا مِنْهُ عضوا عضوا ويلقى فِي التَّنور وَهُوَ يرى إِلَى أَن قطع أعضاءه ثمَّ أحرقه وَهُوَ يَقُول وَالله يَا ابْن الزنديقة لأحرقنك بِنَار الدُّنْيَا قبل نَار الْآخِرَة فَلَمَّا فرغ مِنْهُ رَجَعَ لإِبْرَاهِيم فحدثه سَاعَة ثمَّ خرج إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ غُلَام ابْن المقفع مَا فعل مولَايَ فَقَالَ مَا رَأَيْته فَقَالَ دخل بعْدك إِلَى سُفْيَان فرام الرُّجُوع إِلَى سُفْيَان فحجب عَنهُ فَانْصَرف غُلَام ابْن المقفع وَهُوَ يَقُول سُفْيَان قتل مولَايَ فدخلا على عِيسَى ابْن عَليّ فَقَالَ مَا هَذَا فخبره الْخَبَر فَقَالَ عِيسَى إرجع إِلَى سُفْيَان وَقل لَهُ خل سَبِيل ابْن المقفع مَا لم تكن قتلته وَإِن كنت قتلته فوَاللَّه لأطالبنك بدمه وَلَا أدع جهداً فَعَاد إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ ذَلِك فَقَالَ مَا رَأَيْته وسعى سُفْيَان مَعَ)
أبي أَيُّوب المورياني إِلَى الْمَنْصُور وَطلب سُفْيَان إِلَى الْمَنْصُور وَجَرت أمورٌ وَذهب ابْن المقفع وَقيل إِن سُفْيَان لما أَرَادَ قتل ابْن المقفع قَالَ لَهُ وَالله إِنَّك لتقتلني فَيقْتل بقتلي ألف نفسٍ وَلَو قتلوا مثلك مائَة مَا وفوا بواحدٍ ثمَّ قَالَ من الوافر
(إِذا مَا مَاتَ مثلي مَاتَ شخصٌ ... يَمُوت بِمَوْتِهِ خلقٌ كثير)
(وَأَنت تَمُوت وَحدك لَيْسَ يدْرِي ... بموتك لَا الصَّغِير وَلَا الْكَبِير)(17/341)
وَقَالَ أَبُو الغول الْأَسدي قصيدةً طَوِيلَة يعير فِيهَا عَليّ بن عِيسَى ابْن عَليّ مِنْهَا من الطَّوِيل
(لعمري لمن أوفى بجارٍ أجاره ... لقد غر عِيسَى جَاره ابْن المقفع)
(فَلَو بِابْن حربٍ عاذ أَو بِابْن عامرٍ ... لما اغتيل عبد الله فِي شَرّ مَضْجَع)
(وَلَكِن عبد الله ألجأ ظَهره ... إِلَى رخماتٍ بالنبيط وإصبع)
(دَعَا دَعْوَة عِيسَى وهم يسحبونه ... بلحيته جر الحوار المفزع)
(فَمَا كنت عدلا للسموأل إِذْ فدى ... بواحده أحلاف بيضٍ وأدرع)
(وَلَا مثل جَار ابْن الملهب إِذا سما ... بِهِ جَاره فِي شاهقٍ متمنع)
(أُولَئِكَ لم تقعد بِهِ أمهاتهم ... وَلم يسلمُوا الْأَحْرَار أَسْوَأ مصرع)
(أهابوا بِهِ حَتَّى إِذا قيل قد علا ... مَعَ النَّجْم خلوه وَقَالُوا لَهُ قع)
(إِذا أَنْت لم تغْضب لجارٍ أجرته ... فدونك ثوبي حيضةٍ فتقنع)
وَمن تصانيفه كتاب مزدك كتاب كليلة ودمنة صنعه وَعَزاهُ إِلَى الْهِنْد كتاب التَّاج فِي سيرة أنوشروان كتاب الْأَدَب الْكَبِير كتاب الْأَدَب الصَّغِير كتاب جَوَامِع كليلة ودمنة كتاب رسَالَته فِي الصَّحَابَة كتاب خداي نامه فِي السّير كتاب آئين نامه كتاب الدرة الْيَتِيمَة
3 - (عبد الله بن مَنْصُور)
ابْن الباقلاني الْمُقْرِئ عبد الله بن مَنْصُور بن عمرَان بن ربيعَة الربعِي أَبُو بكر الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الباقلاني
من أهل وَاسِط كَانَ أحد الْمَشَايِخ الْقُرَّاء الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ والمعرفة وتجويد الْقِرَاءَة ووجهها وطرقها وعلو الْأَسَانِيد فِيهَا والرحلة إِلَيْهِ من سَائِر الأقطار قَرَأَ على أبي الْعِزّ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن بنْدَار القلانسي وَانْفَرَدَ بالرواية عَنهُ فِي الدُّنْيَا جَمْعَاء وعَلى أبي الْقَاسِم عَليّ بن عَليّ بن شيران وَأبي الْكَتَائِب بن ملاهي الخباز(17/342)
وَقَرَأَ بِبَغْدَاد على أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ سبط أبي مَنْصُور الْخياط وَسمع من أبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الدباس وَأبي غالبٍ أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء وَغَيرهم
ضعفه غير واحدٍ إِلَّا مَا صحت قِرَاءَته بِهِ على القلانسي وَهُوَ كتاب إرشاد الْمُبْتَدِي فِي القراآت الْعشْر تصنيفه لَا غير وَمَا عداهُ من كتب القراآت الْمَشْهُور مِنْهَا والشاذ فَلَا تصح قِرَاءَته بِهِ وَلَا رِوَايَته لَهُ ذكر ذَلِك محب الدّين ابْن النجار ولد سنة خَمْسمِائَة وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
أَمِير الْمُؤمنِينَ المستعصم بِاللَّه عبد الله بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو أَحْمد المستعصم بِاللَّه الشَّهِيد ابْن الْمُسْتَنْصر بن الظَّاهِر بن النَّاصِر بن المستضيء بن المستنجد بِاللَّه الْبَغْدَادِيّ آخر خلفاء العباسيين بالعراق وَكَانَ ملكهم بِهِ من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة إِلَى سنة ستٍ وَخمسين وسِتمِائَة ولد سنة تسعٍ وسِتمِائَة وَقتل سنة ستٍ وَخمسين وسِتمِائَة آخر الْمحرم هُوَ وابناه أَحْمد وَعبد الرحمان وَبَقِي ابْنه الصَّغِير مبارك وأخواته فَاطِمَة وَخَدِيجَة وَمَرْيَم فِي أسر التتار بُويِعَ بالخلافة سنة أَرْبَعِينَ وَكَانَ مليح الْخط قَرَأَ الْقُرْآن على الشَّيْخ عَليّ بن النيار الشَّافِعِي وعملت دعوةٌ عَظِيمَة وَقت خَتمه وَأعْطِي الشَّيْخ من الذَّهَب سِتَّة آلَاف دينارٍ وخلع يَوْم خِلَافَته ثَلَاثَة عشر ألف وَسبع مائَة وَخمسين خلعةً وروى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ فِي خِلَافَته محيي الدّين ابْن الْجَوْزِيّ وَنجم الدّين الباذرائي وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا سليم الْبَاطِن حسن الدّيانَة متمسكاً بِالسنةِ وَلكنه لم يكن كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَبوهُ وجده من الحزم والتيقظ وَكَانَ الدوادار والشرابي لَهُم الْأَمر وركن إِلَى ابْن العلقمي الْوَزير فَأهْلك الْحَرْث والنسل وَحسن لَهُ جمع الْأَمْوَال والاقتصار على)
بعض العساكر وَكَانَ فِيهِ شحٌ وَقلة معرفةٍ وَعدم تَدْبِير جَاءَ هولاكو الْبِلَاد فِي نَحْو مِائَتي ألف فَارس وَطلب الْخَلِيفَة وَحده فطلع وَمَعَهُ الْقُضَاة والمدرسون والأعيان نَحْو سبع مائَة نفسٍ فَلَمَّا وصلوا إِلَى الحربية جَاءَ الْأَمر بِحُضُور الْخَلِيفَة وَحده وَمَعَهُ سَبْعَة عشر نفسا فساقوا مَعَ الْخَلِيفَة وأنزلوا من بَقِي عَن خيلهم وضربوا رقابهم وَوَقع السَّيْف فِي بَغْدَاد وَعمل الْقَتْل أَرْبَعِينَ يَوْمًا وأنزلوا الْخَلِيفَة فِي خيمةٍ وَحده والسبعة عشر فِي خيمة أُخْرَى ثمَّ إِن(17/343)
هولاكو أحضر الْخَلِيفَة وَجَرت لَهُ مَعَه وَمَعَ ابْنه أبي بكر محاوراتٌ وأخرجاورفسوهما إِلَى أَن مَاتَا وعفي أثرهما وأطلقوا السَّبْعَة عشر وأعطوهم نشابة وَكَانَ الْحَال قد تقرر أَن يكون للتتار دَاخل الْبِلَاد فَلَمَّا تَركهم ابْن العلقمي وَقَالَ الْمصلحَة قَتله وَإِلَّا مَا يتم لكم ملك الْعرَاق قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين توفّي الْخَلِيفَة فِي أَوَاخِر الْمحرم وَمَا أَظُنهُ دفن وَكَانَ الْأَمر أعظم من أَن يُوجد من يؤرخ مَوته أَو يواري جسده وَرَاح تَحت السَّيْف أممٌ لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى وَيُقَال إِنَّهُم أَكثر من ألف ألفٍ وَاسْتغْنى التتار إِلَى الْأَبَد وحَدثني شَيخنَا ابْن الدباهي قَالَ لما بَقِي بَين التتار وَبَين بَغْدَاد يَوْمَانِ أعلم الْخَلِيفَة حينئذٍ فَقَالَ عَدْلَيْنِ يروحون يبصرون هَذَا الْخَبَر إِن كَانَ صَحِيح
المكين الأسمر الْمُقْرِئ عبد الله بن مَنْصُور بن عَليّ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الإسْكَنْدراني الْمَعْرُوف بالمكين الأسمر الْمُقْرِئ قَرَأَ القراآت على أبي الْقَاسِم الصفراوي وَغَيره وَطَالَ عمره وأقرأ جمَاعَة وَحدث عَن أَصْحَاب السلَفِي وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة
الْمروزِي الزَّاهِد عبد الله بن مُنِير الْمروزِي الزَّاهِد كَانَ من كبار الْأَوْلِيَاء روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (عبد الله بن مُوسَى)
ابْن الكريد عبد الله بن مُوسَى بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم السلَامِي أَبُو الْحسن بن الكريد توفّي فِي الْمحرم سنة أَربع وَسبعين وثلاثمائة سمع أَبَا محمدٍ صاعداً(17/344)
وأقرانه روى عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي وَغَيره كنفطويه النَّحْوِيّ وَمُحَمّد بن مخلد الْعَطَّار وَكَانَ من الرحالة فِي طلب الحَدِيث وَكَانَ شَاعِرًا كثير الْحِفْظ للحكايات والنوادر وصنف كتبا كَثِيرَة وَكَانَ صَحِيح السماع إِلَّا أَنه كتب عَمَّن دب ودرج من المجهولين وَمن شعره من المنسرح
(قَالَ السلَامِي محنتي عجبٌ ... أصغرها فِي الْقيَاس أعظمها)
(من ذَلِك أَنِّي اشْتريت جَارِيَة ... خادمةً لي فصرت أخدمها)
ابْن الْهَادِي عبد الله بن مُوسَى الْهَادِي بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور ذكره الصولي فِي كتاب الأوراق قَالَ أمه أم ولدٍ يُقَال لَهَا أمة الْعَزِيز وَكَانَ أديباً فَاضلا مليح الشّعْر ظريفاً كَرِيمًا جواداً ممدحاً وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيبٍ كَانَ عبد الله بن مُوسَى الْهَادِي معربداً وَكَانَ قد أعضل الْمَأْمُون مِمَّا يعربد عَلَيْهِ إِذا شرب مَعَه فَأمر بِهِ أَن يجلس فِي بَيته فَلَا يخرج مِنْهُ وأقعد على بَابه حرسا ثمَّ تذمم من ذَلِك فأظهر لَهُ الرضى وَصرف الحرس عَنهُ ثمَّ نادمه فعربد عَلَيْهِ وَكَلمه بكلامٍ أحفظه
وَكَانَ عبد الله مغرماً بالصيد فَأمر الْمَأْمُون خَادِمًا من خواصه يُقَال لَهُ حُسَيْن فسمه فِي دراج وَهُوَ بموشاباذ فَدَعَا عبد الله الْعشَاء فَأَتَاهُ حُسَيْن بذلك الدراج فَأَكله فَلَمَّا أحس بالسم ركب فِي اللَّيْل وَقَالَ لأَصْحَابه هُوَ آخر مَا تروني وَأكل مَعَه الدراج خادمان فَأَما أَحدهمَا فَمَاتَ من وقته وَالْآخر مضى مُدَّة مضنىً ثمَّ مَاتَ وَمَات عبد الله بعد أيامٍ وَمن شعره من المتقارب
(تقاضاك دهرك مَا أسلفا ... وكدر عيشك بعد الصَّفَا)
(فَلَا تنكرن فَإِن الزَّمَان ... جديرٌ بتشتيت مَا ألفا)
(وَلما رآك قَلِيل الهموم ... كثير الْهوى نَاعِمًا مترفا)
(ألح عَلَيْك بروعاته ... وَأَقْبل يرميك مستهدفا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(يَا من يرَاهُ النَّاس دوني وَلَا ... أرَاهُ طُوبَى لعيونٍ تراك)
)
(أَنْت الَّذِي إِن غَابَ بدر الدجا ... لم يكْشف الظلمَة نورٌ سواك)
(وَأَنت من لَو خير الْحسن أَن ... يملكهُ خلقٌ إِذا مَا عداك)
(وَمَا يشم النَّاس من وردهم ... فَإِنَّمَا منشؤه وجنتاك)(17/345)
ابْن حدير المغربي عبد الله بن مُوسَى بن حدير المغربي ذكره حرقوص فِي كِتَابه فَقَالَ شاعرٌ محسنٌ مفلقٌ مجودٌ مطبوعٌ كَانَ من أَمْلَح النَّاس وأطيبهم وأرشقهم وأظرفهم وأحضرهم جَوَابا وأسرعهم بديهةً وأوقعهم على نادرةٍ مضحكةٍ وطيبةٍ مستطرفةٍ كَانَ جَالِسا عِنْد صاحبٍ لَهُ فَأمر بمرآةٍ فَأتي بهَا فَنظر إِلَى وَجهه فِيهَا ثمَّ رمى بهَا إِلَى ابْن حدير وَقَالَ لَهُ أنظر إِلَى هَذَا الْوَجْه الْقَبِيح فَلَمَّا تصفح وَجهه فِيهَا قَالَ يَا رب لقد صورتني فشوهت بِي وخلقتني فقبحت صُورَتي وَمَا أعلم شَيْئا أكافيك بِهِ إِلَّا ترك الصَّلَاة وَأَنا أدعها وَلَا أصيلها ولقيه رجلٌ من أخوانه فِي السُّوق فَسلم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَن حَاله وَقَالَ لَهُ أَي شَيْء تصنع فَقَالَ لَهُ مَا كَانَت الْأَنْبِيَاء تصنع تَأْكُل الطَّعَام وتمشي فِي الْأَسْوَاق وَمن شعره من الوافر
(جَفا أَهلا وزايله طريدا ... وأخلى منزلا واحتل بيدا)
(وهدد بالردى إِن لم يقوض ... فخاف فأعمل الركض الشديدا)
(فَعَاد بقفرةٍ لَا مَاء فِيهَا ... وَلَا ظلاًّ يلوذ بِهِ مديدا)
(تأنس بالوحوش وَمن يرَاهُ ... يخال بِهِ خلال الْوَحْش سيدا)
(غَدا من أَهله بالبيد وحشاً ... يوالف من أهاليه جُنُودا)
3 - (عبد الله بن مُوسَى الجون)
3 - (بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب)
وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده مُوسَى الجون فِي حرف الْمِيم من مَكَانَهُ كَانَ عبد الله سيداً مَشْهُورا بالجود ممدحاً معمراً وَهُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أذا الْعَرْش إِن تفرج فَإنَّك قادرٌ ... وَإِن تكن الْأُخْرَى فَإِنِّي صابر)
(جزى الله عَنَّا قَومنَا شَرّ مَا جزى ... فَللَّه للمظلوم كافٍ وناصر)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(على زهرَة الدُّنْيَا السَّلَام من امرئٍ ... يرى كل مَا فِيهَا يَزُول وَيذْهب)
3 - (عبد الله بن نَافِع)
عبد الله بن نَافِع الْعَدْوى مولى ابْن عمر وَله إخْوَة ضعفه ابْن معِين وَغَيره وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ ابْن ماجة(17/346)
الْأَصْغَر عبد الله بن نَافِع بن ثَابت بن عبد الله بن الزبير بن العوّام أَبُو بكر الْأَسدي الزبير الْمدنِي وَلَيْسَ بالصايغ ذَاك مخزومي وَهَذَا يُقَال لَهُ عبد الله بن نَافِع الْأَصْغَر قَالَ ابْن معِين صَدُوق
وَقَالَ البُخَارِيّ أَحَادِيثه مَعْرُوفَة توفّي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن سبعين سنة وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة
الصايغ الْمدنِي الْفَقِيه عبد الله بن نَافِع الصايغ الْمدنِي الْفَقِيه قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقَالَ البُخَارِيّ تعرف وتنكر قَالَ ابْن عدي روى عَن مَالك غرايب وَتُوفِّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة
السّلمِيّ عبد الله بن النَّضر السّلمِيّ روى عَنهُ أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَمُوت لأحدٍ من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد فيحتسبهم إِلَّا كَانُوا لَهُ جنَّة من النَّار فَقَالَت إمرأةٌ يَا رَسُول الله أَو اثْنَان قَالَ أَو اثْنَان قَالَ ابْن عبد الْبر وَهُوَ مجهولٌ لَا يعرف وَلَا أعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث وَقد ذَكرُوهُ فِي الصَّحَابَة وَفِيه نظرٌ وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ مُحَمَّد وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ أَبُو النَّضر كل ذَلِك قَالَ فِيهِ أَصْحَاب مالكٍ وَبَعْضهمْ يَقُول فِيهِ)
ابْن النَّضر لَا يُسَمِّيه وَأما ابْن وهبٍ فَجعل هَذَا الحَدِيث لأبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزمٍ عَن عبد الله بن عامرٍ الْأَسْلَمِيّ وَمَا أعلم فِي الْمُوَطَّأ رجلا مَجْهُولا غير هَذَا
جلال الدّين ابْن شَاس الْمَالِكِي عبد الله بن نجم بن شَاس بن نزار بن(17/347)
عشاير بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن شاسٍ الجذامي السَّعْدِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي جلال الدّين كَانَ فَقِيها فَاضلا عَارِفًا بقواعد مذْهبه قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت بِمصْر جمعا كثيرا من أَصْحَابه يذكرُونَ فضائله وصنف فِي مَذْهَب مالكٍ كتابا نفيساً أبدع فِيهِ وَسَماهُ الْجَوَاهِر الثمينة فِي مَذْهَب عَالم الْمَدِينَة وَضعه على تَرْتِيب الْوَجِيز وَفِيه دلالةٌ على غزارة فَضله والطائفة الْمَالِكِيَّة بِمصْر عاكفةٌ عَلَيْهِ لحسنه وَكَثْرَة فَوَائده وَكَانَ مدرساً بِمصْر بِالْمَدْرَسَةِ الْمُجَاورَة للجامع وَتُوفِّي غازياً بدمياط سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة
تَاج الدّين كَاتب قطيا عبد الله بن نجيب بن خصيب تَاج الدّين الْمصْرِيّ كَاتب الدرج بقطيا فِيهِ خدمةٌ وإحسان للصادر والوارد ويخدم من يعرف وَمن لَا يعرف سَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الْكَامِل
(أفديه إِن نبذ الْمَوَدَّة أَو رعى ... ملك الحشاشة مَا عشى أَن يصنعا)
(رشاءٌ تصيد الْأسود سود عيونه ... ولديه أضحى كل قلبٍ مرتعا)
(لم أنس لَيْلَة زارني متعطفاً ... من بعد صدٍّ بالوصال ممتعا)
(والعتب مِنْهُ كقهوةٍ لما افترى ال ... واشي سلوي عَن هَوَاهُ وأبدعا)
(قمرٌ سقاني من رحيق رضابه ... إِذْ عزت الصَّهْبَاء كأساً مترعا)
(حفت كؤوس رضابه بعتابه ... فسكرت من خمرين فِي وقتٍ مَعًا)
رشيد الدّين ابْن كَاتب الصَّادِر القوصي عبد الله بن نصر ابْن كَاتب الصَّادِر القوصي رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد كَانَ حَيا سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِدِمَشْق فِي الشيب وَالْكبر من الْبَسِيط
(نعمت حينا قَدِيما فِي بلهنيةٍ ... من الشَّبَاب وعودي وارقٌ نضر)
)
(وَقد سقيت زمَان الشيب وَا أسفا ... قد خَابَ مني مَا قد كنت أنْتَظر)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من مجزوء الرجز
(هَذَا غزالٌ فاتنٌ ... بطرفه وشعره)
(يُرِيد أَن يخرجكم ... من أَرْضكُم بسحره)(17/348)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الرمل
(عللونا فالشفا من سوركم ... وَكَذَا جنتنا من سوركم)
(فارفعوا سجفكم كي نهتدي ... وانظرونا نقتبس من نوركم)
الهريع النَّحْوِيّ عبد الله بن نصر بتن سعد رشيد الدّين القوصي النَّحْوِيّ قَرَأَ النَّحْو وتصدر لإقرائه مُدَّة وَتَوَلَّى عدَّة ولاياتٍ وَسمع الحَدِيث وَحدث ولد بقوص سنة سِتّمائَة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسبعين وسِتمِائَة بِمصْر وَذكره الْمُحدث عبد الْغفار بن عبد الْكَافِي فِي مُعْجَمه وَقَالَ عَنهُ اللّغَوِيّ وَيعرف بالهريع وَقَالَ كَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَة وَقَالَ إِنَّه ذكر أَنه وَهُوَ صَغِير سمع كتاب التِّرْمِذِيّ من أبي الْحسن ابْن الْبناء وَقَالَ قَرَأت عَلَيْهِ الْجُزْء الأول مِنْهُ
الْحَافِظ الخارفي عبد الله بن نمير الخارفي الْكُوفِي الْحَافِظ وَثَّقَهُ ابْن معينٍ وَغَيره وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَتِسْعين وَمِائَة وورى لَهُ الْجَمَاعَة
قَاضِي الْمَدِينَة عبد الله بن نَوْفَل بن الْحَارِث أَخُو الْحَارِث ولي قَضَاء الْمَدِينَة زمن مُعَاوِيَة وَكَانَ يشبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحفظ لَهُ سماعٌ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل قتل يَوْم الْحرَّة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة أَربع وَثَمَانِينَ
3 - (عبد الله بن هَارُون)
أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون عبد الله بن هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْعَبَّاس(17/349)
الْمَأْمُون بِاللَّه بن الرشيد ابْن الْمهْدي بن الْمَنْصُور ولد سنة سبعين وَمِائَة بَايعُوهُ أول سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة وَكَانَ يكنى أَبَا الْعَبَّاس فَلَمَّا اسْتخْلف اكتنى بِأبي جَعْفَر وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ فِي يَوْم الْخَمِيس لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت من رَجَب وَكَانَت وَفَاته بالبدنون فَكَانَت خِلَافَته عشْرين سنة وَسِتَّة أشهرٍ قَرَأَ الْعلم فِي صغره وَسمع من هشيم وَعباد بن الْعَوام ويوسف بن عَطِيَّة وَأبي مُعَاوِيَة الضَّرِير وطبقتهم وروى عَنهُ وَلَده الْفضل وَيحيى بن أَكْثَم وجعفر ابْن أبي عُثْمَان الطَّيَالِسِيّ والأمير عبد الله ابْن طَاهِر وَأحمد بن الْحَارِث الشيعي ودعل الْخُزَاعِيّ وبرع فِي الْفِقْه والعربية وَأَيَّام النَّاس وَلما كبر عني بعلوم الْأَوَائِل وَمهر فِي الفلسفة فجره ذَلِك إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن
وَكَانَ من رجال بني الْعَبَّاس حزماً وعزماً وعلماً وحلماً ورأياً ودهاءً وشجاعةً وسؤدداً وسماحة قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا كَانَ أَبيض ربعَة حسن الْوَجْه تعلوه صفرةٌ قد وخطه الشيب أعين وطويل اللِّحْيَة رقيقها ضيق الجبين على خَدّه خالٌ وَقَالَ الجاحظ كَانَ أَبيض فِيهِ صفرةٌ وَكَانَ ساقاه دون جسده صفراوين كَأَنَّمَا طليتا بزعفران وَلما خلعه الْأمين غضب ودعا إِلَى نَفسه بخراسان فَبَايعُوهُ فِي ذَلِك التَّارِيخ وَأمه أم ولد اسْمهَا مراجل مَاتَت أَيَّام نفَاسهَا بِهِ
ودعي لِلْمَأْمُونِ بالخلافة وَأَخُوهُ الْأمين حَيّ فِي آخر سنة خمسٍ وَتِسْعين وَمِائَة إِلَى أَن قتل الْأمين فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَتْ عماله فِي الْبِلَاد وأقيم الْمَوْسِم سنة ستٍّ وَسنة سبعٍ باسمه وَهُوَ مقيمٌ بخراسان وَاجْتمعَ النَّاس عَلَيْهِ بِبَغْدَاد فِي أول سنة ثمانٍ وَكَانَ فصيحاً مفوهاً كَانَ يَقُول مُعَاوِيَة بعمره وَعبد الْملك بحجاجه وَأَنا بنفسي وَرويت هَذِه عَن الْمَنْصُور ختم فِي الرمضانات ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ختمةً وَقَالَ يحيى بن أَكْثَم قَالَ الْمَأْمُون أُرِيد أَن أحدث فَقلت وَمن أولى بِهَذَا من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ضَعُوا لي منبراً ثمَّ صعد فَأول مَا حدث حَدثنَا هشيم بن أبي الجهم عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رفع الحَدِيث قَالَ امْرُؤ الْقَيْس صَاحب لِوَاء الشُّعَرَاء إِلى النَّار ثمَّ حدث بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ حَدِيثا ثمَّ نزل فَقَالَ كَيفَ(17/350)
رَأَيْت يَا يحيى مَجْلِسنَا فَقلت أجل مجلسٍ تفقه الْخَاصَّة والعامة فَقَالَ مَا رَأَيْت لكم حلاوةً إِنَّمَا الْمجْلس لأَصْحَاب الخلقان والمحابر وروى عَن مُحَمَّد بن عون عَن ابْن عُيَيْنَة أَن الْمَأْمُون)
جلس فَجَاءَتْهُ امرأةٌ فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَاتَ أخي وَخلف سِتّمائَة دِينَارا فأعطوني دِينَارا وَقَالُوا هَذَا نصيبك فَقَالَ الْمَأْمُون هَذَا نصيبك هَذَا خلف أَربع بناتٍ فَقَالَت نعم قَالَ لَهُنَّ أَرْبَعمِائَة دينارٍ وَخلف وَالِدَة لَهَا مائَة دِينَار وَخلف زَوْجَة لَهَا خمسةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارا بِاللَّه أَلَك إثنا عشر أَخا قَالَت نعم قَالَ لكل واحدٍ دِينَارَانِ وَلَك دينارٌ واحدٌ وَقَالَ الْمَأْمُون لَو عرف النَّاس حبي للعفو لتقربوا إِلَيّ بالجرائم وَقيل إِن ملاحاً مر فَقَالَ أتظنون أَن هَذَا ينبل فِي عَيْني وَقد قتل أَخَاهُ الْأمين فَسَمعَهَا فَتَبَسَّمَ وَقَالَ مَا الْحِيلَة الَّتِي أنبل فِي عين هَذَا السَّيِّد الْجَلِيل وَكَانَ الْمَأْمُون بخراسان قد بَايع بالعهد لعَلي بن مُوسَى الرِّضَا الْحُسَيْنِي ونوه بِذكرِهِ وَغير زِيّ آبَائِهِ من لبس السوَاد وأبدله بالحضرة فَغَضب بَنو الْعَبَّاس بالعراق لهذين الْأَمريْنِ وخلعوه وَبَايَعُوهُ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي عَمه ولقبوه الْمُبَارك فحاربه الْحسن ابْن سهل فَهَزَمَهُ إِبْرَاهِيم وألحقه بواسط وَأقَام إِبْرَاهِيم بِالْمَدَائِنِ ثمَّ سَار جَيش الْحسن وَعَلَيْهِم حميد الطوسي وَعلي بن هِشَام فهزموا إِبْرَاهِيم فاختفى وَانْقطع خَبره إِلى أَن أظهر فِي وسط خلَافَة الْمَأْمُون فَعَفَا عَنهُ على مَا ذكرته فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم وَتقدم رجلٌ غَرِيب بِيَدِهِ محبرةٌ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ صَاحب حَدِيث مُنْقَطع بِهِ فَقَالَ مَا تحفظ فِي بَاب كَذَا فَلم يذكر فِيهِ شَيْئا فَمَا زَالَ الْمَأْمُون يَقُول حَدثنَا هشيم وَحدثنَا يحيى وَحدثنَا الْحجَّاج حَتَّى ذكر الْبَاب ثمَّ سَأَلَهُ عَن بابٍ آخر فَلم يذكر فِيهِ شَيْئا فَقَالَ الْمَأْمُون حَدثنَا فلَان وَحدثنَا فلَان إِلى أَن قَالَ لأَصْحَابه يطْلب أحدهم الحَدِيث ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ يَقُول اعطوني أَنا من أَصْحَاب الحَدِيث أَعْطوهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ مُسْرِف الْكَرم جواداً ممدحاً فرق سَاعَة سِتَّة وَعشْرين ألف ألف دِرْهَم ومدحه أَعْرَابِي مرّة فَأَجَازَهُ بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَقَالَ أَبُو معشر كَانَ أماراً بِالْعَدْلِ مَيْمُون النقيبة فَقِيه النَّفس يعد مَعَ كبار الْعلمَاء وَأهْدى إِلَيْهِ ملك الرّوم تحفاً سنيّةً مِنْهَا مائَة رَطْل مسك وَمِائَة حلَّة سمور فَقَالَ الْمَأْمُون أضعفوها لَهُ ليعلم عز الْإِسْلَام وذل الْكفْر وَقَالَ يحيى بن أَكْثَم كنت عِنْد الْمَأْمُون وَعِنْده جماعةٌ من قواد خُرَاسَان وَقد دَعَا إِلى خلق الْقُرْآن فَقَالَ لَهُم مَا تَقولُونَ فِي الْقُرْآن فَقَالُوا كَانَ شُيُوخنَا يَقُولُونَ مَا كَانَ فِيهِ من ذكر الْجمال وَالْبَقر وَالْخَيْل وَالْحمير فَهُوَ مخلوقٌ وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ غير مخلوقٍ فَأَما إِذْ قد قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ مَخْلُوق فَنحْن نقُول كُله مخلوقٌ فَقلت لِلْمَأْمُونِ أتفرح بموافقة هَؤُلَاءِ وَقَالَ ابْن عَرَفَة أَمر الْمَأْمُون منادياً فَنَادَى فِي النَّاس بِبَرَاءَة الذِّمَّة مِمَّن ترحم على مُعَاوِيَة أَو ذكره بِخَير وَكَانَ كَلَامه فِي الْقُرْآن)
سنة اثْنَتَيْ عشرَة فَكثر المنكرلذلك وَكَاد الْبَلَد يفتن وَلم يلتئم لَهُ من ذَلِك مَا أَرَادَ(17/351)
فَكف عَنهُ إِلى بعد هَذَا الْوَقْت وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل دخلت على الْمَأْمُون فَقَالَ إِنِّي قلت الْيَوْم من المنسرح
(أصبح ديني الَّذِي أدين بِهِ ... وَلست مِنْهُ الْغَدَاة معتذرا)
(حب عليٍّ بعد النَّبِي وَلَا ... أشتم صديقه وَلَا عمرا)
(وَابْن عَفَّان فِي الْجنان مَعَ الأ ... برار ذَاك الْقَتِيل مصطبرا)
(وعائش الْأُم لست أشتمها ... من يفتريها فَنحْن مِنْهُ برا)
وَقد نَادَى الْمُنَادِي بإحة مُتْعَة النِّسَاء وَلم يزل بِهِ يحيى بن أَكْثَم وروى لَهُ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن ابْني ابْن الْحَنَفِيَّة عَن أَبِيهِمَا مُحَمَّد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر فَلَمَّا صحّح لَهُ الحَدِيث رَجَعَ إِلى الْحق وأبطلها وَأما مَسْأَلَة خلق الْقُرْآن فَلم يرجع عَنْهَا وصمم عَلَيْهَا فِي سنةٍ ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ وأمتحن الْعلمَاء فعوجل وَلم يُمْهل توجه غازياً بالخلافة إِلى أَرض الرّوم فَلَمَّا وصل إِلى البدندون مرض وَأوصى بالخلاقة إِلى أَخِيه المعتصم وَلما مَاتَ نَقله أَخُوهُ المعتصم وَابْن الْمَأْمُون الْعَبَّاس إِلى طرسوس فَدفن بهَا فِي دَار خاقَان خَادِم أَبِيه وَمن شعره من المتقارب
(لساني كتومٌ لأسراركم ... ودمعي نمومٌ لسري يذيع)
(فلولا دموعي كتمت الْهوى ... وَلَوْلَا الْهوى لم تكن لي دموع)
وَمن شعره من الوافر
(أَنا الْمُؤْمِنُونَ وَالْملك الْهمام ... وَلَكِنِّي بحبك مستهام)
(أترضى ان أَمُوت عَلَيْك وجدا ... وَيبقى النَّاس لَيْسَ لَهُم إِمَام)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بَعَثْتُك مشتاقاً ففزت بنظرةٍ ... وأغفلتني حَتَّى أَسَأْت بك الظنا)
(وناجيت من أَهْوى وَكنت مقرباً ... فَمَا لَيْت شعري عَن دنوك مَا أغْنى)
(فَمَا لَيْتَني كنت رَسُول وكنتني ... فَكنت الَّذِي يقصى وَكنت الَّذِي أدنى)(17/352)
حكى الْفضل بن الرّبيع عَن أَبِيه قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي شَدِيد الانحراف عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَحدث الْمَأْمُون يَوْمًا أَنه رأى عليا فِي النّوم فَقَالَ لَهُ من أَنْت فَأخْبرهُ أَنه عَليّ بن أبي طالبٍ قَالَ فمشينا حَتَّى جِئْنَا قنطرةً فَذهب يتقدمني لعبورها فأمسكته وَقلت)
أَنْت رجلٌ يَدعِي هَذَا الْأَمر بامرأةٍ وَنحن أَحَق بِهِ مِنْك فَمَا رَأَيْت لَهُ فِي الْجَواب بلاغةً كَمَا تُوصَف عَنهُ فَقَالَ واي شَيْء قَالَ لَك قَالَ مَا زادني على أَن قَالَ سَلاما سَلاما فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون قد وَالله أجابك أبلغ جوابٍ قَالَ فَكيف ذَلِك قَالَ عرف أَنَّك جاهلٌ لَا يُجَاوب مثلك قَالَ الله عز وَجل وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما فَخَجِلَ إِبْرَاهِيم وَقَالَ لَيْتَني لم أحَدثك بِهَذَا الحَدِيث قلتُ يُؤَيّد هَذ التَّفْسِير مَا حَكَاهُ أَحْمد بن الرّبيع عَن إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي قَالَ رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي النّوم فَقلت إِن النَّاس قد أَكْثرُوا فِيك وَفِي أبي وَعمر فَمَا عنْدك ذَلِك فَقَالَ لي إخسه وَلم يزدني على ذَلِك وَأدْخل رجلٌ من الْخَوَارِج عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا حملك على الْخُرُوج وَالْخلاف قَالَ قَوْله تَعَالَى وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ قَالَ أَلَك علمٌ بِأَنَّهَا منزلةٌ قَالَ نعم قَالَ مَا دليلك قَالَ إِجْمَاع الْأمة قَالَ فَكَمَا رضيت بإجماعهم فِي التَّنْزِيل فارض بإجماعهم فِي التَّأْوِيل فَقَالَ صدقت السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ يحيى كَانَ الْمَأْمُون يحلم حَتَّى يغيظنا وَكَانَ يشرب النَّبِيذ وَقيل بل الْخمر وَكَانَ يتشيع قَالَ الجهشياري وَكَانَ الْمَأْمُون أول من جعل التواقيع أَن تختم وَإِنَّمَا كَانَت مُجَرّدَة منشورةً وكاتبه أَبُو الْعَبَّاس الْفضل بن سهلٍ ثمَّ أَخُوهُ أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن سهل ثمَّ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي خالدٍ الْأَحول ثمَّ مُحَمَّد بن زيادٍ ثمَّ عَمْرو ابْن مسْعدَة ثمَّ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن يُوسُف ثمَّ أَبُو عبادٍ ثَابت بن يحيى وَقيل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يزْدَاد وحاجبه عبد الحميد بن شبيب بن حميد بن قَحْطَبَةَ وَصَالح صَاحب الْمصلى ثمَّ مُحَمَّد وَعلي ابْنا صالحٍ ثمَّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن صالحٍ وَمُحَمّد بن حَمَّاد بن دنقش وعَلى حجابة الْعَامَّة الْحسن ابْن أبي سعيدٍ وَنقش خَاتمه الله ثِقَة عبد الله وَبِه يُؤمن وَقيل عبد الله يُؤمن بِاللَّه مخلصاً وَكَانَ الْمَأْمُون يعرف بِابْن مراجل طباخةٍ كَانَت لزبيدة
الطوسي عبد الله بن هَاشم بن حَيَّان الطوسي رَحل وعُني بِالْحَدِيثِ روى عَنهُ مُسلم وَاخْتلف فِي مَوته وَالصَّحِيح أَنه مَاتَ سنة خمسٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ(17/353)
الْحَضْرَمِيّ عبد الله بن هُبَيْرَة السبائي الْحَضْرَمِيّ الْمصْرِيّ روى عَن مسلمة ابْن مخلدٍ وَأبي تميمٍ الجيشاني وَعبيد بن عميرٍ وَقبيصَة بن ذُؤَيْب وثقة أَحْمد وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة)
وروى لَهُ مسلمٌ وَالْأَرْبَعَة
3 - (عبد الله بن هبة الله)
عز الدّين استاذدار المقتفي عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن بن الْمسلمَة أَبُو الْفتُوح بن أبي الْفرج بن أبي الْقَاسِم الملقب برئيس الرؤساء عز الدّين وَهُوَ وَالِد الْوَزير أبي الْفرج مُحَمَّد تولى أستاذ دارية الْخلَافَة أَيَّام المقتفي سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَعلا قدره وَكَانَ رَئِيسا نبيلاً كثير الْميل إِلى الصُّوفِيَّة وأرباب الْفقر وَالصَّلَاح وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
أَبُو الْعِزّ الضَّرِير عبد الله بن هُرْمُز بن عبد الله أَبُو الْعِزّ الضَّرِير الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ كَانَ ينظم الشّعْر وروى عَنهُ أَبُو بكر بن كاملٍ الْخفاف وَمن شعره يمدح أَبَا طَالب الزَّيْنَبِي من المتقارب
(هَنِيئًا لَك النّوم يَا نَائِم ... رقدت وَلم يرقد الهائم)
(وَكَيف ينَام فَتى مغرمٌ ... بَرى جِسْمه سره الكاتم)
(أُرِيد لأضمر وجدي بكم ... فيظهره دمعي الساجم)
(فليت الَّذِي شفتي حبه ... بِمَا فِي فُؤَادِي لَهُ عَالم)
(عساه على ظلمه يرعوي ... فيدنو وَقد يرعوي الظَّالِم)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومدامةٍ صهباء صافيةٍ ... تنسي الهموم وتذكر المرحا)
(سبقت حُدُوث الدَّهْر عصرتها ... فلذاك يلفى سؤرها شبحا)
قلت شعرٌ جيد(17/354)
السَّلُولي عبد الله بن همام أَبُو عبد الرحمان السَّلُولي الْكُوفِي أحد الشُّعَرَاء توفّي حدودَ الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
الْأَسدي عبد الله بن وهب بن زَمعَة بن الْأسود الْأَسدي قتل يَوْم الدَّار مَعَ عُثْمَان وَالأَصَح أَنه مَا لَهُ صُحْبَة قتل سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ)
الْمَالِكِي عبد الله بن وهب بن مُسلم الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الفِهري الْمَالِكِي الْمصْرِيّ أحد الْأَعْلَام وعالم مصر ولد سنة خمسٍ وَعشْرين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة قَالَ أَبُو زرْعَة نظرت فِي ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث لِابْنِ وهب لَا أعلم أَنِّي رَأَيْت لَهُ حَدِيثا وَلَا أصل لَهُ وَهُوَ ثِقَة لَهُ موطأ كَبِير إِلى الْغَايَة وَكتاب الْجَامِع وَكتاب الْبيعَة وَكتاب الْمَنَاسِك وَكتاب الْمَغَازِي وَكتاب الرِّدَّة وَكتاب تَفْسِير غَرِيب الْمُوَطَّأ وَغير ذَلِك قَرَأَ كتاب أهوال يَوْم الْقِيَامَة فَخر مغشياً عَلَيْهِ وَلم يتَكَلَّم بكلمةٍ حَتَّى مَاتَ
ابْن العميد عبد الله بن أبي الياسر المكين الْمَعْرُوف بِابْن العميد الْكَاتِب النَّصْرَانِي كَانَ جده من تكريت وَكَانَ يحضر إِلى مصر بمتجرٍ فِي أَيَّام الإِمَام الْآمِر بِأَمْر الله الفاطمي فَقدم للخليفة الْمَذْكُور من متجره طُرفاً فَأحْسن إِلَيْهِ وقربه فَأَقَامَ بالديار المصرية وجاءه بهَا الْأَوْلَاد وَكَانَ فيهم من تعلم الْكِتَابَة وَتصرف وَتقدم وَعرف أَبُو الياسر بالعميد وخدم بديوان الْجَيْش بِمصْر وَالشَّام وَتقدم فِي الدولة الناصرية يُوسُف وَبعده إِلى الدولة الظَّاهِرِيَّة والنائب يومئذٍ عَلَاء الدّين طيبرس الوزيري فَتقدم عِنْده وَصَارَت لَهُ كلمة نَافِذَة وَلما تغير خاطر الظَّاهِر على النَّائِب الْمَذْكُور أرسل يطْلب ديوَان الْجَيْش إِلى مصر فَلم يرسلم واعتقلهم(17/355)
صُورَة فَلَمَّا قبض السُّلْطَان عَلَيْهِ طلب المكين إِلى مصر وأعتقله مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ ولاه جَيش مصر وأضاف إِلَيْهِ جَيش الشَّام فحسده بعض نواب ديوَان الْجَيْش وزور كتابا إِلَيْهِ وألقاه فِي حرمدانه ووشى بِهِ لينقم عَلَيْهِ ويتولى مَكَانَهُ فاعتقل المكين وَنقل عَن الَّذِي وشى بِهِ كَلَام أوجب الْقَبْض عَلَيْهِ والعقوبة فاعتقل بعد الْعَذَاب مُدَّة خمس عشرَة سنة وَأَفْرج عَن المكين هَذَا وَترك التَّصَرُّف وَحضر إِلى دمشق وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَكَانَ مولده سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَجمع تَارِيخا فِي مجلدين من ابْتِدَاء الْعَالم إِلى أول الدولة الظَّاهِرِيَّة وَعمل الْملَّة الإسلامية فِي مُجَلد مِنْهُمَا وَكَانَ لَهُ بر وَفِيه مكارمٌ وَعِنْده مُرُوءَة
3 - (عبد الله بن يحيى)
اليمامي عبد الله بن يحيى بن أبي كثيرٍ اليمامي كَانَ من خِيَار النَّاس ورعاً وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
عبدون بن صَاحب الصَّلَاة عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فتوح أَبُو مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ الداني النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بعبدون وبابن صَاحب الصَّلَاة أَقرَأ النَّحْو بشاطبة زَمَانا وأدب بني صَاحب بلنسية وَكَانَ مبرزاً فِي الْعَرَبيَّة مشاركاً فِي الْفِقْه وَيَقُول الشّعْر وَفِيه تواضع وطيبة اخلاقٍ توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَأخذ عَنهُ جلة مِنْهُم أَبُو جَعْفَر الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْحسن بن حريق وَأَبُو مُحَمَّد ابْن نصرون وَأَبُو الرّبيع بن سالمٍ وَمن شعره فِي ابْن سعدٍ وَقد كتبت بِهِ البغلة من الْبَسِيط
(إِن تكب فِي السّير بنت العير بِالْملكِ ... فَلَيْسَ يُدْرِكهَا فِي ذَاك من دَرك)
(عذرك الملومة فِيهَا انها حملت ... مَا لَيْسَ يحمل غير الأَرْض والفلك)
(الدَّهْر وَالْبَحْر والطود الأشم ذرى ... والبدر بدر الدجى وَالشَّمْس فِي الحلك)
قلت كَذَا وجدته وَلَعَلَّه وَالشَّمْس شمس الضُّحَى والبدر فِي الحلك قَالَ ابْن الأنبار هَذَا مَأْخُوذ من قَول ابْن المعتز من الْبَسِيط(17/356)
(لَا ذَنْب عِنْدِي لِابْنِ العير يَوْم وهت ... قواه من خورٍ فِيهَا وَمن لين)
(حملتموه سوى مَا كَانَ يحملهُ ... فره البغال وأصناف البراذين)
(الشَّمْس والبدر والطود المنيف ولي ... ث الغاب وَالْبَحْر وَالدُّنْيَا مَعَ الدّين)
وَلأبي بكرٍ من مجبرٍ من الْبَسِيط
(لَا ذَنْب للطرف وَإِن زلت قوائمه ... وهضبة الْحلم إِبْرَاهِيم يجريها)
(وَكَيف يحملهُ طرفٌ وخردلةٌ ... من حمله تزن الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)
وَله أَيْضا من الطَّوِيل
(أَلا اصفح عَن الطّرف الَّذِي زل إِذْ جرى ... أيثبت طرفٌ فَوْقه النَّاس والدهر)
(تداخله كبرٌ لَئِن كنت فَوْقه ... فَتلك لعمري زلةٌ جرها الْكبر)
(ثَبت عَلَيْهِ حِين زل رجاحةً ... أيخرج عَن أثْنَاء هالته الْبَدْر)
)
(وَلم يدر هَل أمسكته أَو ركضته ... وللعجب سكرٌ لَيْسَ يعدله سكر)
وَمن شعر عبدون أَيْضا من الْبَسِيط
(يَا من محياه جناتٌ مفتحةٌ ... وهجره لي ذنبٌ غير مغْفُور)
(لقد تناقضت فِي خلق وَفِي خلقٍ ... تنَاقض النَّار بالتدخين والنور)
وَمِنْه مَا ألغزه فِي باكورة تين من الوافر
(وَمَا شيءٌ نماه الْعود حَتَّى ... تناهى بالنماء إِلى الصّلاح)
(تكفله الْهَوَاء بدر سكرى ... من الأنواء صيبةٍ رداح)
(طلته الشَّمْس مكاً ثمَّ خطت ... بكافورٍ عَلَيْهِ يَد الرِّيَاح)
(خُطُوطًا بالبياض على سوادٍ ... كَمَا خطّ الدجى ضوء الصَّباح)
قَاضِي مالقة وخطيبها عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمان بن أَحْمد بن عبد الرحمان بن ربيعٍ أَبُو الْقَاسِم الْأَشْعَرِيّ نسبا الْقُرْطُبِيّ قَاضِي الْجَمَاعَة بغرناطة روى عَن الْخَطِيب أبي جَعْفَر بن يحيى وَتفرد بالرواية عَنهُ وَعَن أبي الْحسن عَليّ القشوري وَأبي الْقَاسِم بن بَقِي وَأبي الْحسن بن خروف النَّحْوِيّ وروى عَنهُ ابْن الزبير وَأثْنى عَلَيْهِ وَولي(17/357)
الْقَضَاء بشريش ومالقة وخطابنها وتصدر للأشغال قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان كَانَ مُسَدّد النّظر رطب المناظرة منصفاً أديباً نحوياً فقسيهاً مشاركاً فِي الْأُصُول توفّي سنة ستٍ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
الجزائري عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يُوسُف بن حيون الغساني الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد الجزائري نزيل دمشق شيخ محدثٌ عالمٌ متقن كثير الرِّوَايَة مليح الْكِتَابَة نسخ الْكثير وعني بِالْحَدِيثِ مَعَ فهمٍ ومعرفةٍ وديانةٍ وتواضع سمع بِمصْر من جماعةٍ من أَصْحَاب السلَفِي وَحدث عَن ابْن دحْيَة واخيه يُوسُف بن المخيلي والسخاوي وكريمة القرشية وَابْن الصّلاح وَإِبْرَاهِيم بن الخشوعي وروى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَابْن تَيْمِية وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَولي مشيخة النجيبية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
صفي الدّين الْبَغْدَادِيّ عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن المعمر بن جعفرٍ أَبُو الْقَاسِم أبن أبي الْفضل)
الْمَعْرُوف بصفي الدّين بن زعيم الدّين كَانَ وَالِده صَدرا بالمخزن وناب فِي الوزارة قَرَأَ عبد الله الْأَدَب على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب وَسمع بقرَاءَته الحَدِيث على أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن مُحَمَّد العباسي الْمَكِّيّ وَأبي بكر ابْن الزغواني وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وجماعةٍ وَغَيرهم وَمَات شَابًّا سنة أربعٍ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَلم يرو شَيْئا وَمن شعره فِي مدح المستضيء بِاللَّه على وزنين وقافيتين من الْكَامِل ومجزوء الرجز
(جود الإِمَام المستضيء غمام للمجتدي ... تروى بهَا آماله)
(منح الورى مِنْهُ بأبلج الشدائد منجد ... معدومةٌ أمتاله)
(إِن الخليقة بالخليفة فِي المكارم تقتدي ... فدليلها أَفعاله)
(وبجوده الحيران مِنْهَا فِي النوائب يَهْتَدِي ... فسراجها أفضاله)
(قَالَ السماح وَقد حبا أكْرم بِهِ من مرفد ... مبذولة أَمْوَاله)
(أحيى مَنَاقِب جده الْعَبَّاس عَم مُحَمَّد ... فبذاك تمّ جَلَاله)
(خجل الحيا بسحابه مُتَبَرعا بندى يَد ... متتابعٌ هطاله)
(جود السَّحَاب بمائه والمستضيء بعسجد ... فاعتاقه إخجاله)(17/358)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل
(هَب النسيم بحاجرٍ ... فتنبهت أشواقه)
(ووشت بِمَا حوت الضلو ... ع من الجوى آماقه)
(ناديت والبين المش ... ت غَدَتْ تزم نياقه)
(يَا مشبه الشَّمْس الْمَنِيّ ... رة فِي الضُّحَى إشراقه)
(الصب فِيك معذبٌ ... مضني الحشا مشتاقه)
(وَالْقلب فِي أسر الْهوى ... مَا تَنْقَضِي أعلاقه)
(إرحم معنى فِي الْهوى ... مَا إِن يحل وثَاقه)
(أَمْسَى لديغ هواكم ... ووصالكم درياقه)
الْمصْرِيّ الْبُرُلُّسِيّ عبد الله بن يحيى المغافري الْمصْرِيّ الْبُرُلُّسِيّ روى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ)
طَالب الْحق الْخَارِجِي الإِمَام عبد الله بن يحيى الْكِنْدِيّ أحد بني عَمْرو بن كنَانَة كَانَ من حَضرمَوْت مُجْتَهدا عابداً كَانَ يَقُول قبل أَن يخرج لَقِيَنِي رجل فَأطَال النّظر إِلَيّ وَقَالَ مِمَّن أَنْت فَقلت من كِنْدَة فَقَالَ من أَيهمْ فَقلت من بني شَيْطَان فَقَالَ وَالله لتملكن ولتبلغن وَادي الْقرى وَذَلِكَ بعد أَن تذْهب إِحْدَى عَيْنَيْك وَقد ذهبت وَأَنا أَتَخَوَّف مَا قَالَ وأستخير الله فَرَأى بِالْيمن جوراً ظَاهرا وعسفاً شَدِيدا وسيرةً قبيحةً فَقَالَ لأَصْحَابه مَا يحل لنا الْمقَام على مَا نرى وَلَا يسعنا الصَّبْر عَلَيْهِ وَكتب إِلى أبي عُبَيْدَة مُسلم بن أبي كَرِيمَة الَّذِي يُقَال لَهُ كرزين مولى تميمٍ وَكَانَ ينزل فِي الأزد وَإِلَى غَيره من الإباضية بِالْبَصْرَةِ يشاورهم فِي الْخُرُوج فَكَتَبُوا إِلَيْهِ إِن اسْتَطَعْت أَن لَا تقيم يَوْمًا وَاحِدًا فافعل وشخص إِلَيْهِ الْمُخْتَار بن عوفٍ الْأَزْدِيّ وبلج بن عقبَة السقوري فِي(17/359)
رجالٍ من الإباضية وأتوه إِلى حَضرمَوْت وسموه طَالب الْحق وَكثر جمعه وَتوجه إِلى صنعاء سنة تسعٍ وَعشْرين وَمِائَة فِي أَلفَيْنِ وَجَرت لَهُ حروبٌ ثمَّ دَخلهَا وَجمع الخزائن وَالْأَمْوَال فأحرزها وَلما استولي على بِلَاد الْيمن خطب فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَصلى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوعظ وَذكر وحذر ثمَّ قَالَ إِنَّا ندعوكم إِلى كتاب الله وَسنة نبيه وَإجَابَة من دَعَا إِلَيْهِمَا الْإِسْلَام ديننَا والكعبة قبلتنا وَالْقُرْآن إمامنا رَضِينَا بالحلال حَلَالا لَا نبغي بِهِ بَدَلا وَلَا نشتري بِهِ ثمنا حرمنا الْحَرَام ونبذناه وَرَاء ظُهُورنَا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعَظِيم وَإِلَى الله المشتكى وَعَلِيهِ الْمعول من زنا فَهُوَ كافرٌ وَمن سرق فَهُوَ كافرٌ وَمن شرب الْخمر فَهُوَ كافرٌ وَمن شكّ فِي أَنه كافرٌ فَهُوَ كافرٌ ندعوكم إِلى فَرَائض بيناتٍ وآياتٍ محكماتٍ وآثار يقْتَدى بهَا ونشهد أَن الله صادقٌ فِيمَا وعد وعدلٌ فِيمَا حكم ندعوكم إِلَى تَوْحِيد الرب وَالْيَقِين بالوعيد والوعيد وَأَدَاء الْفَرَائِض وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالْولَايَة لأهل ولَايَة الله والعداوة لأعداء الله أَيهَا النَّاس إِن من رَحْمَة الله أَن جعل فِي كل فترةٍ بقايا من أهل الْعلم يدعونَ من ضل إِلى الْهدى ويصبرون على الْأَلَم فِي جنب الله يقتلُون على الْحق سالف الدهور شُهَدَاء فَمَا نسيهم رَبهم وَمَا كَانَ ربكك نسيا أوصيكم بالتقوى وَحسن الْقيام على مَا وكلتم بِالْقيامِ بِهِ فابلوا الله بلَاء حسنا فِي أمره وزجره أَقُول قولي هَذَا واستغفر الله لي وَلكم وَأقَام بِصَنْعَاء أشهراً يحسن السِّيرَة وأتته الشراة من كل جَانب وَلما كَانَ وَقت الْحَج جهز أَبَا حَمْزَة الْمُخْتَار بن عوفٍ وبلج بن عقبَة وأبرهة بن)
الصَّباح إِلى مَكَّة فِي سَبْعمِائة وَقيل فِي ألفٍ وَأمره أَن يُقيم بِمَكَّة إِذا صدر النَّاس وَيُوجه بلجاً إِلى الشَّام وَجَرت حروبٌ وخطوبٌ يطول شرحها ثمَّ إِن مَرْوَان انتخب من عسكره أَرْبَعَة آلَاف فارسٍ وَقدم عَلَيْهِم عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة السَّعْدِيّ فَالتقى أَبُو حَمْزَة وَابْن عَطِيَّة بِأَسْفَل مَكَّة فَخرج أهل مَكَّة مَعَ ابْن عَطِيَّة فَقتل أَبُو حَمْزَة على فَم الشّعب وتفرق الْخَوَارِج وصلب أَبُو حَمْزَة وأبرهة بن الصَّباح وَعلي بن الْحصين وَلم يزَالُوا كَذَلِك إِلى أَن حج مهلهل الهُجَيْمِي فِي خلَافَة أبي الْعَبَّاس فأنزلهم ودفنهم وَكَانَ ابْن عَطِيَّة قد بعث بِرَأْس أبي حَمْزَة إِلى مَرْوَان وَخرج إِلى الطَّائِف وَقَاتل عبد الله بن يحيى وَجَرت بَينهمَا حروبٌ وَآخر الْأَمر التقيا فِي مَكَان كثير الشّجر وَالْكَرم والحيطان فترجل عبد الله بن يحيى فِي ألف فارسٍ وقاتلوا حَتَّى قتلوا وَبعث عبد الْملك بن عَطِيَّة بِرَأْس عبد الله بن يحيى إِلى مَرْوَان مَعَ ابْنه يزِيد ابْن عبد الْملك(17/360)
الصليحي صَاحب خدد عبد الله بن يعلي السُّلْطَان الصليحي صَاحب حصن خدد قَالَ من قصيدةٍ فِي رجلٍ ادّعى أَنه شاعرٌ ومدح المكلة الْحرَّة بِمَا لم يسْتَحق عَلَيْهِ جَائِزَة فاستشفع بِهِ من الْكَامِل
(قَاس الْأُمُور وَلم يجد فِي فكره ... أمرا يقوم بواجبٍ من عذره)
(فمضي ينْفق زائفاً من تبره ... وسرى يلفق كاسداً من شعره)
(ويظن أَن حقوقك ابْنة أَحْمد ... جهلا يقوم بِهن بَاطِل أمره)
(هَيْهَات مِنْك فَوق ذَاك وَإنَّهُ ... قسما بحقك عاجزٌ عَن شكره)
(إِن الَّذِي يلقى الصَّنِيع بجحده ... مثل الَّذِي يلقى الْإِلَه بِكُفْرِهِ)
(وَمَتى أخل بواجباتك شاعرٌ ... عَن قدره هدمت مباني فخره)
(إِن الصَّنَائِع فِي الْكِرَام ودائعٌ ... تبقى وَلَو فني الزَّمَان بأسره)
3 - (عبد الله بن يزِيد)
الأوسي الخطمي عبد الله بن يزِيد بن زيدٍ الأوسي الخطمي شهد الْحُدَيْبِيَة وَله سبع عشرَة سنةٍ وروى أَحَادِيث وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وروى عَنهُ عدي بن ثابتٍ عَن الْبَراء بن عازبٍ وَكَانَ أَمِيرا على الْكُوفَة وَشهد مَعَ عَليّ الْجمل والنهروان
حمَار الْفراء عبد الله بن يزِيد بن راشدٍ أَبُو بكر الْقرشِي الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ الملقب بِحِمَار الْفراء شيخٌ مسن معمر قَالَ ابْن عدي أَرْجُو أَن لَا بَأْس بِهِ توفّي فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(17/361)
الْمُقْرِئ الْمَكِّيّ عبد الله بن يزِيد مولى آل عمر الْفَارُوق الْمُقْرِئ الْمَكِّيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى عَنهُ الْجَمَاعَة الْبَاقُونَ عَن رجلٍ عَنهُ وَأحمد بن حنبلٍ وَغَيرهم كَانَ إِمَامًا فِي الْقُرْآن والْحَدِيث كَبِير الشَّأْن مَاتَ بِمَكَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
أَبُو بكر ابْن هُرْمُز عبد الله بن يزِيد بن هُرْمُز أَبُو بكر الْأَصَم الفقية أحد الْأَعْلَام روى عَن جماعةٍ من التَّابِعين
قَالَ مَالك كنت أحب أَن أقتدي بِهِ وَكَانَ قَلِيل الْكَلَام قَلِيل الْفتيا شَدِيد التحفظ يرد على أهل الْأَهْوَاء عَالما بالْكلَام قَالَ أَبُو حَاتِم ابْن هُرْمُز أحد الْفُقَهَاء لَيْسَ بِقَوي يكْتب حَدِيثه توفّي فِي حُدُود ثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
عبد الله بن يزِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم ولد عبد الله هَذَا سبعةٌ من الْخُلَفَاء أَبوهُ يزِيد وجده عبد الْملك وجد أَبِيه مَرْوَان وجده لأم أَبِيه يزِيد بن مُعَاوِيَة لِأَن أم أَبِيه عَاتِكَة بنت يزِيد وَأَبُو جده لأم أَبِيه مُعَاوِيه بن أبي سُفْيَان وجده لأمه عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لِأَن أمه سعدى بنت عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان وَأم عبد الله بن عَمْرو ابْن عُثْمَان ابْنة عبد الله بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ لعبد الله هَذَا ولدٌ عَظِيم الْقدر عِنْد الْمهْدي والرشيد اسْمه عبد الْمطلب
ابْن أبي نجيح)
عبد الله بن يسارٍ أبي نجيحٍ مولى الْأَخْنَس الثَّقَفِيّ أحد الثِّقَات قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة هُوَ ثقةٌ قدري توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَة روى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الله بن يَعْقُوب)
الْعَادِل صَاحب مراكش عبد الله بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن السُّلْطَان أَبُو مُحَمَّد الملقب بالعادل بُويِعَ بالمغرب إِثْر خلع ابْن عمهم عبد الْوَاحِد سنة إِحْدَى(17/362)
وَعشْرين وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَت دولته أقل من أَربع سِنِين وَلم يسْتَقلّ بالمملكة وَكَانَ أَخُوهُ الْمَأْمُون أَبُو العلى منازعاً لَهُ ثمَّ قوي الْمَأْمُون وَدخل قصر الْإِمَارَة بمراكش وَقبض على الْعَادِل
3 - (عبد الله بن يعلى الصليحي)
صَاحب حصن خدد هُوَ من بَيت الصليحيين الَّذين كَانَت لَهُم سلطنة الْيمن وَهُوَ مِمَّن ذكره الْعِمَاد فِي الخريدة وَأنْشد لَهُ من أبياتٍ قَالَهَا فِي شاعرٍ مدح الْحرَّة صَاحِبَة الْيمن بشعرٍ لم يسْتَحق عَلَيْهِ جَائِزَة من الْكَامِل
(قَاس الْأُمُور فَلم يجد فِي فكره ... أمرا يقوم بواجبٍ من عذره)
(فَمضى ينْفق زائفاً من نثره ... وسرى يلفق كاسدا من شعره)
(ويظن أَن حقوقك ابْنة أحمدٍ ... جهلا يقوم بِهن بَاطِل أمره)
وَمِنْه من الْكَامِل
(إِن الصَّنَائِع فِي الْكِرَام ودائعٌ ... تبقى وَلَو فني الزَّمَان بأسره)
3 - (عبد الله بن يُوسُف)
وَالِد إِمَام المحرمين عبد الله بن يُوسُف بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن حيويه الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالِد إِمَام الْحَرَمَيْنِ كَانَ إِمَامًا بارعاً فَقِيها شَافِعِيّ الْمَذْهَب مُفَسرًا نحوياً أديباً تفقه على أبي بكر الْقفال وَتخرج بِهِ فُقَهَاء صنف التَّبْصِرَة وصنف التَّذْكِرَة وَالتَّعْلِيق ومختصر الْمُخْتَصر وَالْفرق وَالْجمع والسلسلة وموقف الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالتَّفْسِير الْكَبِير وَسمع من جماعةٍ وروى عَنهُ وَلَده إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقَرَأَ أَيْضا على أبي الطّيب سهلٍ الصعلوكي وَكَانَ مهيباً لَا يجْرِي بَين يَدَيْهِ إِلَّا الْجد وَلما مَاتَ وَالِد إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ أَبُو الْفرج حمد بن مُحَمَّد بن حسنيل الهمذاني يرثيه من الطَّوِيل(17/363)
(علومٌ علت أعلامها غبراتها ... وأعين أعيانٍ طغت عبرانها)
(وأفلاذ أكبادٍ من الْفضل فتتت ... فدلت على تفتيتها زفراتها)
(بنى بليوث الغاب عقر غيولها ... وأخلته من عفر الفلا سمراتها)
(أَبى الله عز الدّين إِلَّا تنقصاً ... من الأَرْض حَتَّى استقلعت شجراتها)
(تداعت مباني الدّين وانهد رُكْنه ... ودهده من أطواده صخراتها)
(وغار ضِيَاء الشرق فانكسفت لَهُ ... شموسٌ وأقمارٌ خبت شرراتها)
(أرى عصباً تيجانها قد تقوضت ... وَقد عصبتها بالثرى غبراتها)
(علا الحبر عبد الله صهوة سَابق ... قوائمه من معشرٍ قصداتها)
(وَإِن قلوباً قطعت لوفاته ... كوتها على تقطيعها حسراتها)
(ذوت دوحة الْإِسْلَام وَالْعلم والعلى ... بمصرع من جدت بِهِ ثمراتها)
(هوى نجمها العالي وأظلم جوها ... ومادت رواسيها ومارت كراتها)
(سلامٌ على المنطيق فِي شبهاتها ... إِذا مَا رجالٌ عاقها حصراتها)
(برغم الْفَتَاوَى والمدارس هورت ... خواطره واستنزفت خطراتها)
(برغم النوادي والمجالس رنقت ... مواردها وارتد ملحاً فراتها)
(برغم العلى وَالدّين وَالْعلم والجحى ... ثوى الْبَدْر والبيداء ضلت سراتها)
(فجايع سَالَتْ بالخدود دماؤها ... كَذَا وتهارت فِي الحشا جمراتها)
)
(لخفت مَثَاقِيل الرِّجَال وأضللت ... حلوماً وطاشت بعده وقراتها)
(وَكَانَ إِذا مَا حررت كَلِمَاته ... مَعَاني لم ترقم سطوراً قراتها)
وَهِي طويلةٌ سَاقهَا الباخرزي فِي الدمية وتألم مرّة من ضرسه فَقَالَ الباخرزي من السَّرِيع
(جلّ الإِمَام الحبر عَن علةٍ ... فِي ضرسه لم تَكُ معتاده)
(لِسَانه أوجع أَسْنَانه ... وَالسيف قد يَأْكُل أغماده)
الْجِرْجَانِيّ الْمُحدث عبد الله بن يُوسُف القَاضِي أَبُو محمدٍ الْجِرْجَانِيّ الْمُحدث صنف فَضَائِل الشَّافِعِي وفضائل أَحْمد بن حَنْبَل وَدخل هراة وَكَانَ ثِقَة(17/364)
وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
أَبُو مُحَمَّد الكلَاعِي عبد الله بن يُوسُف التنيسِي أَبُو مُحَمَّد الكلَاعِي الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمصْرِيّ نزل تنيس روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجلٍ عَنهُ قَالَ البُخَارِيّ من أثبت الشاميين وَقَالَ أَبُو حَاتِم وَغَيره ثِقَة توفّي سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
العاضد صَاحب مصر عبد الله بن يُوسُف هُوَ العاضد لدين الله أَبُو مُحَمَّد ابْن يُوسُف ابْن الْحَافِظ لدين الله عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد بن الْمُسْتَنْصر بن الظَّاهِر بن الْحَاكِم العبيدي الْمصْرِيّ هُوَ آخر خلفاء المصريين
ولد سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فِي أَولهَا وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة لما هلك الفائز ابْن عَمه وَاسْتولى الْملك الصَّالح طلائع على الديار المصرية بَايع العاضد وأقامه صُورَة وَكَانَ كالمحجور عَلَيْهِ لَا يتَصَرَّف فِي أمرٍ وَكَانَ رَافِضِيًّا سباباً خبيثاً إِذا رأى سنياً اسْتحلَّ دَمه وَقتل ابْن رزيك ووزر لَهُ شاور وَدخل أَسد الدّين شيركوه إِلَى الْقَاهِرَة وَقتل شاور ووزر لَهُ شيركوه على مَا هُوَ مذكورٌ فِيمَا تقدم فِي ترجمتهما وَمَات شيركوه فوزر لَهُ صَلَاح الدّين يُوسُف على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة صَلَاح الدّين وَتمكن صَلَاح الدّين من المملكة وَلم يزل يَسْتَدْعِي مِنْهُ الْخَيل وَالرَّقِيق وَغَيره إِلَى أَن أَخذ مِنْهُ فرسا كَانَ رَاكِبه فسيره إِلَيْهِ وشق خفيه وَلزِمَ بَيته وَبَقِي مَعَه صُورَة إِلَى أَن خلعة وخطب لأمير الْمُؤمنِينَ المستضيء بِأَمْر الله العباسي وأزال تِلْكَ الدولة وَكَانُوا أَرْبَعَة عشر خَليفَة مِنْهُم ثلاثةٌ بإفريقية وهم الْمهْدي والقائم والمنصور وَأحد عشر بِمصْر وهم الْمعز والعزيز وَالْحَاكِم وَالظَّاهِر والمستنصر)
والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والفائز(17/365)
والعاضد يدعونَ الشّرف ونسبتهم إِلَى مَجُوسِيّ أَو يَهُودِيّ واشتهروا بَين الْعَوام فَيَقُولُونَ الدولة الفاطمية والعلوية وَقد أوضحت ذَلِك فِي تَرْجَمَة عبيد الله الْمهْدي وتسلم الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين قصر الْخلَافَة وَاسْتولى على مَا كَانَ فِيهِ من الذَّخَائِر وَكَانَت عَظِيمَة الْوَصْف وَقبض على أَوْلَاد العاضد وَأَهله وحبسهم فِي مكانٍ واحدٍ بِالْقصرِ وأجرى عَلَيْهِم مَا يموتهم وَعفى آثَارهم وَاسْتمرّ البيع فِي موجودهم مُدَّة عشر سِنِين وَلم يُوجد فِي خزائنهم من المَال كثيرٌ لِأَن شاور ضيعه وصانع بِهِ الفرنج وَمن عجائب مَا وجد فِيهَا قضيب زمردٍ طوله شبرٌ وشيءٌ فِي غلظ الْإِبْهَام فَأَخذه صَلَاح الدّين وأحضر صائغاً ليقطعه فاستعفى الصَّائِغ من ذَلِك فَرَمَاهُ السُّلْطَان فانكسر ثَلَاث قطعٍ وفرقه على نِسَائِهِ وَوجد طبل القولنج الَّذِي صنع للظافر وَكَانَ من ضربه خرج مِنْهُ الرّيح واستراح من القولنج فَوَقع إِلَى بعض أُمَرَاء الأكراد فَلم يدر مَا هُوَ فَكَسرهُ لِأَنَّهُ ضربه فضرط وَوجد إبريقٌ عظيمٌ من الْحجر الْمَانِع فَكَانَ من جملَة مَا أرسل إِلَى بَغْدَاد من التحف ثمَّ إِن موفق الدّين خَالِد بن القيسراني وصل إِلَى مصر من جِهَة نور الدّين الشَّهِيد وطالبه بِجَمِيعِ مَا حصله فشق ذَلِك على صَلَاح الدّين وهم بشق الْعَصَا ثمَّ إِنَّه أَمر بِعَمَل الْحساب وَعرضه على موفق الدّين وَأرَاهُ جرائد الأجناد وَأرْسل مَعَه هَدِيَّة إِلَى نور الدّين على يَد الْفَقِيه عِيسَى وَهِي خمس ختماتٍ إِحْدَاهُنَّ مَكْتُوبَة بِالذَّهَب بِخَط يانس فِي ثَلَاثِينَ جُزْء وختمة بِخَط مهلهل وختمة بِخَط الْحَاكِم الْبَغْدَادِيّ وختمة بِخَط رَاشد فِي عشرَة أجزاءٍ وختمة بِخَط ابْن البواب وَثَلَاثَة أَحْجَار بلخش وَزنهَا أَرْبَعَة وأبعون مِثْقَالا وست قصبات مرد مزنها ثَلَاثَة عشر مِثْقَالا وَثلث وَربع وياقوتة وَزنهَا سَبْعَة مَثَاقِيل وَحجر أَزْرَق وَزنه سِتَّة مَثَاقِيل وَسدس وَمِائَة عقد جَوْهَر وَزنهَا مائَة وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ مِثْقَالا وَخَمْسُونَ قَارُورَة دهن بِلِسَان وَعِشْرُونَ قِطْعَة بلور وَأَرْبع عشرَة قِطْعَة جزع وإبريق يشم وطشت يشم وسقرق مينا مَذْهَب وصحون وزبادي صيني أَرْبَعُونَ قِطْعَة وكرتين عود وزنهما خَمْسُونَ رطلا بالمصري وَمِائَة ثوب أطلس وَأَرْبع وَعِشْرُونَ بقياراً مذهبَة وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ثوبا حَرِيرًا وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ من الوشي وحلة فلفلي مذهبَة وحلة مريش صفراء مذهبَة وَغير ذَلِك أَنْوَاع قماش قيمتهَا مِائَتَان وَعِشْرُونَ ألف دِينَار مصرية وعدة من الْخَيل والغلمان والجواري وشيئاً كثيرا من السِّلَاح وَيُقَال إِن دَار الْكتب كَانَ بهَا ألف ومائتان وَعِشْرُونَ نُسْخَة بتاريخ الطَّبَرِيّ وَكَانَت تحتوي على ألفي ألف وسِتمِائَة ألف)
كتاب وَكَانَ فِيهَا من الخطوط المنسوبة أَشْيَاء كَثِيرَة حصل القَاضِي الْفَاضِل نخبها أَنه اعتبرها وَكلما أعجبه شَيْء قطع جلده ورماه فِي الْبركَة فَلَمَّا فرغ النَّاس من شِرَاء الْكتب اشْترى هُوَ تِلْكَ على أَنَّهَا مخرومة ذكر ذَلِك ابْن أبي طي وَقَالَ أَخْبرنِي بذلك جمَاعَة من المصريين مِنْهُم الْأَمِير شمس الْخلَافَة مُوسَى بن مُحَمَّد وَسَارُوا بِهَذِهِ الْهَدِيَّة فَلم تصل إِلَى نور الدّين لأَنهم اتَّصَلت بهم وَفَاة نور الدّين فِي الطَّرِيق(17/366)
وَقيل إِنَّهَا أُعِيدَت جَمِيعهَا إِلَى صَلَاح الدّين لِأَنَّهُ وضع على موفق الدّين والفقيه عِيسَى من نهبهما فِي الطَّرِيق وَكَانَ موت العاضد بذربٍ مفرطٍ وَقيل مَاتَ غماً لما بلغه قطع خطبتهم من مصر وَقيل سم نَفسه وَمَات يَوْم عَاشُورَاء بعد قطع الْخطْبَة بيوميات قَلَائِل يُقَال إِن صَلَاح الدّين لما بلغته وَفَاته قَالَ لَو علمت قرب أَجله مَا رَوْعَته بِقطع الْخطْبَة حكى ابْن المارستاني فِي سيرة الْوَزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة أَنه رأى إنسانٌ من أهل بَغْدَاد فِي سنة خمسٍ وَخمسين وَخَمْسمِائة كَأَن قمرين أَحدهمَا أنور من الآخر والأنور مِنْهُمَا مسامت الْقبْلَة وَله لحيةٌ سَوْدَاء فِيهَا طولٌ ويهب أدنى نسيم فيحركها وظلها فِي الأَرْض وَكَأن الرجل يتعجب من ذَلِك وَكَأَنَّهُ يسمع أصوات جماعةٍ يقرؤن بألحانٍ وأصواتٍ لم يسمع قطّ مثلهَا وَكَأَنَّهُ يسْأَل بعض من حضر فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ قد استبدل النَّاس بإمامهم قَالَ وَكَأن الرجل اسْتقْبل الْقبْلَة وَهُوَ يَدْعُو الله أَن يَجعله إِمَامًا برا نقياً
واستيقظ الرجل وَبلغ هَذَا الْمَنَام الْوَزير ابْن هُبَيْرَة إِذْ ذَاك بِبَغْدَاد فَعبر الْمَنَام بِأَن الإِمَام الَّذِي بِمصْر يسْتَبْدل بِهِ وَتَكون لدَعْوَة لبني الْعَبَّاس لمَكَان اللِّحْيَة السَّوْدَاء وَقَوي هَذَا عِنْده حَتَّى كَاتب نور الدّين الشَّهِيد حِين دخل أَسد الدّين شيركوه إِلَى مصر فِي أول مرّة بِأَنَّهُ يظفر بِمصْر وَتَكون الْخطْبَة لبني الْعَبَّاس بهَا على يَده وَفِي قطع خطْبَة خلفاء مصر يَقُول العرقلة من الْخَفِيف
(أصبح الْملك بعد آل عليٍّ ... مشرقاً بالملوك من آل شاذي)
(وَغدا الشرق يحْسد الغرب للقو ... م ومصرٌ تعلو على بغداذ)
(مَا حووها إِلَّا بحزمٍ وعزمٍ ... وصليل الفولاذ فِي الفولاذ)
(لَا كفرعون والعزيز وَمن كَا ... ن بهَا كالخصيب والأستاذ)
وَيُقَال إِن الشريف الجليس وَهُوَ رجلٌ شرِيف كَانَ يجلس مَعَ العاضد ويحادثه عمل دَعْوَة لشمس الدولة توران شاه أخي السطان صَلَاح الدّين بعد انْقِرَاض دولة الفاطميين غرم عَلَيْهَا)
مَالا كثيرا وأحضرها جمَاعَة من أكَابِر أُمَرَاء الدولة الصلاحية فَلَمَّا جَلَسُوا على الطَّعَام قَالَ شمس الدولة للشريف حَدثنَا بِأَعْجَب مَا رَأَيْت قَالَ نعم طلبني العاضد يَوْمًا وَالْجَمَاعَة من الندماء فَلَمَّا دَخَلنَا عِنْده وجدنَا عِنْده مملوكين من التّرْك عَلَيْهِم أقبية مثل أقبيتكم وقلانس كقلانسكم وَفِي أوساطهم مناطق كمناطقكم فَقُلْنَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا هَذ الَّذِي مَا رَأَيْنَاهُ قطّ فَقَالَ هَذِه هَيْئَة الَّذين يملكُونَ دِيَارنَا وَيَأْخُذُونَ أمولنا وذخائرنا وَكتب صَلَاح الدّين إِلى وَزِير بَغْدَاد على يَد شمس الدّين مُحَمَّد بن المحسن بن الْحُسَيْن بن أبي المضاء البعلبكي الَّذِي خطب أول شَيْء بِمصْر للعباسيين من إنْشَاء القَاضِي الْفَاضِل كتابا مِنْهُ وَقد توالت الْفتُوح غرباً ويمناً وشاماً وَصَارَت الْبِلَاد والشهر بل الدَّهْر حرما حَرَامًا(17/367)
وأضحى الدّين وَاحِدًا بَعْدَمَا كَانَ أدياناً والخلافة إِذا ذكر بهَا أهل الْخلاف لم يخروا عَلَيْهَا صمًّا وعمياناً والبدعة خاشعة وَالْجُمُعَة جَامِعَة والمذلة فِي شيع الضلال شايعة ذَلِك بِأَنَّهُم آتخذوا عباد الله من دونه أَوْلِيَاء وَسموا أَعدَاء الله أصفياء وتقطعوا أَمرهم شيعًا وَفرقُوا أَمر الْأمة وَكَانَ مجتمعاً وكذبوا بالنَّار فَجعلت لَهُم نَار الحتوف وَنَثَرت أَقْلَام الظبى حُرُوف رؤوسهم نثر الأقلام للحروف ومزقوا كل ممزقٍ وَأخذ مِنْهُم بِكُل مخنقٍ وَقطع دابرهم وَوعظ آثبهم غابرهم ورغمت أنوفهم ومنابرهم صدقا وعدلاً وَلَيْسَ السَّيْف عَمَّن سواهُم من الفرنج بصائم وَلَا اللَّيْل عَن السّير إِلَيْهِم بنائم وَلَا خَفَاء عَن الْمجْلس الصاحبي أَن من شدّ عقد خلَافَة وَحل عقد خلاف وَقَامَ بدولةٍ وَقعد بِأُخْرَى قد عجز عَنْهَا الأخلاف والأسلاف فَإِنَّهُ مفتقرٌ إِلى أَن يشْكر مَا نصح ويقلد مَا فتح ويبلغ مَا اقترح وَيقدم حَقه وَلَا يطْرَح وَيقرب مَكَانَهُ وَإِن نزح وتأتيه التشريفات الشَّرِيفَة وَيُقَال إِن الْمعز لما أَتَى إِلَى الْقَاهِرَة قَالَ لديوان الْإِنْشَاء أكتبوا لنا ألقاباً تصلح لنا أَن نتلقب بهَا فَكَتَبُوا لَهُم ألقاباً آخر مَا كَانَ فِيهِ لقب العاضد فَقدر الله تَعَالَى أَن آخر من ملك مِنْهُم كَانَ لقبه العاضد وَهَذَا فألٌ عَجِيب وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة الخبوشاني فصل يتَعَلَّق بالعاضد وَكَانَ الْفَقِيه عمَارَة اليمني قد رثى أهل الْقصر بِهَذِهِ القصيدة اللامية وَهِي من الْبَسِيط
(رميت يَا دهر كف الْمجد بالشلل ... وجيده بعد حسن الْحلِيّ بالعطل)
(سعيت فِي مَنْهَج الرَّأْي العثور فَإِن ... قدرت من عثرات الدَّهْر فاستقل)
(جدعت مَا رنك الأقنى فأنفك لَا ... يَنْفَكّ مَا بَين أَمر الشين والخجل)
)
(هدمت قَاعِدَة الْمَعْرُوف عَن عجلٍ ... سقيت مهلا أما تمشي على مهل)
(لهفي ولهف بني الْأَيَّام قاطبةً ... على فجيعتها فِي أكْرم الدول)
(قدمت مصرا فأولتني خلائفها ... من المكارم مَا أربى على الأمل)
(قومٌ عرفت بهم كسب الألوف وَمن ... تَمامهَا أَنَّهَا جَاءَت وَلم أسل)
(وَكنت من وزراء الدست حِين سما ... رَأس الحصان يهاديه على الكفل)
(ونلت من عُظَمَاء الْجَيْش تكرمةً ... وحلةً حرست من عَارض الْحلَل)
(يَا عاذلي فِي هوى أَبنَاء فاطمةٍ ... لَك الْمَلَامَة إِن قصرت فِي عذلي)
(بِاللَّه زر ساحة القصرين وابك معي ... عَلَيْهِمَا لَا على صفّين والجمل)(17/368)
(مَاذَا ترى كَانَت الأفرنجٍ فاعلةً ... فِي نسل آل أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ)
(هَل كَانَ فِي الْأَمر شيءٌ غير قسْمَة مَا ... ملكتم بَين حكم السَّبي وَالنَّفْل)
(وَقد حصلتم عَلَيْهَا وَاسم جدهم ... محمدٍ وأبيكم غير منتقل)
(مَرَرْت بِالْقصرِ والأركان خاليةٌ ... من الْوُفُود وَكَانَ قبْلَة الْقبل)
(فملت عَنْهَا بوجهي خرف منتقدٍ ... من الأعادي وَوجه الود لم يمل)
(أسبلت من أسفٍ دمعي غَدَاة خلت ... رحابكم وغدت مهجورة السبل)
(أبْكِي على مَا تراءت من مكارمكم ... حَال الزَّمَان عَلَيْكُم وَهِي لم تحل)
(دَار الضِّيَافَة كَانَت أنس وافدكم ... وَالْيَوْم أحوحش من رسمٍ وَمن طلل)
(وفطرة الصَّوْم إِن أصغت مكارمكم ... تَشْكُو من الدَّهْر حيفاً غير مُحْتَمل)
(وَكِسْوَة النَّاس فِي الْفَصْلَيْنِ قد درست ... ورث مِنْهَا جديدٌ عَنْهُم وبلي)
(وموسمٌ كَانَ فِي يَوْم الخليج لكم ... يَأْتِي تجملكم فِيهِ على الْجمل)
(وَأول الْعلم وَالْعِيدَيْنِ كم لكم ... فِيهِنَّ من وبل وجودٍ لَيْسَ بالوشل)
(وَالْأَرْض تهتز فِي عيد الغدير كَمَا ... يَهْتَز مَا بَين قصريكم من الأسل)
(وَالْخَيْل تعرض فِي وشيٍ وَفِي شيةٍ ... مثل العرائس فِي حليٍ وَفِي حلل)
(وَمَا حملتم قرى الأضياف من سَعَة إِلَى ال ... أطباق إِلَّا على الأكتاف والعجل)
(وَمَا خصصتم ببرٍّ أهل ملتكم ... حَتَّى عممتم بِهِ الْأَقْصَى من الْملَل)
(كَانَت رواتبكم للذمتين ولل ... ضيف الْمُقِيم وللطاري من الرُّسُل)
)
(ثمَّ الطّراز بتنيس الَّذِي عظمت ... مِنْهُ الصلات لأهل الأَرْض والدول)
(وللجوامع من أحباسكم نعمٌ ... لمن تصدر فِي علمٍ وَفِي عمل)
(وَرُبمَا عَادَتْ الدُّنْيَا بمعقلكم ... مِنْكُم وأضحت بكم محلولة الْعقل)
(وَالله لَا فَازَ يَوْم الْحَشْر مبغضكم ... وَلَا نجا من عَذَاب الله غير ولي)
(وَلَا سقِِي المَاء من حرٍّ وَمن ظمأٍ ... من كف خير البرايا خَاتم الرُّسُل)
(أئمتي وهداتي والذخيرة لي ... إِذا ارتهنت بِمَا قدمت من عَمَلي)
(تالله لم أوفهم فِي الْمَدْح حَقهم ... لِأَن فَضلهمْ كالوابل الهطل)
(وَلَو تضاعفت الْأَقْوَال واستبقت ... مَا كنت فيهم بِحَمْد الله بالخجل)(17/369)
(بَاب النجَاة فهم دنيا وآخرة ... وحبهم فَهُوَ أصل الدّين وَالْعَمَل)
(نور الْهدى ومصابيح الدجى ومح ... ل الْغَيْث إِن ونت الأنواء فِي الْمحل)
(أئمةٌ خلقُوا نورا ونورهم ... عَن نور خَالص نور الله لم يفل)
(وَالله لَا زلت عَن حبي لَهُم أبدا ... مَا أخر الله لي فِي مُدَّة الْأَجَل)
قلت أَنا شَدِيد التَّعَجُّب من الْفَقِيه عمَارَة وَهُوَ كَانَ من أهل السّنة مَعْرُوفا بذلك فِي أيامهم لم يتشيع وَكَيف رثاهم بِهَذِهِ المرثية خُصُوصا هَذِه الأبيات الْأَخِيرَة وَكَأَنَّهَا ألحقت فِي هَذِه القصيدة أَو عملت على لِسَانه حَتَّى أغري السُّلْطَان صَلَاح الدّين بشنقه على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته لَكِن القصيدة من نَفسه وَالله أعلم
ابْن عبد الْبر عبد الله بن يُوسُف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر أَبُو مُحَمَّد ابْن الْحَافِظ أبي عمر ابْن عبد الْبر وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده أبي عمر فِي مَكَانَهُ كَانَ أَبُو مُحَمَّد من أهل الْأَدَب البارع والبلاغة الرائعة والتقدم فِي الْعلم والذكاء توفّي قبل أَبِيه رَحمَه الله تَعَالَى بعد الْخمسين والأربع مائَة وَدون النَّاس رسائله وشعره وَمِنْه قَوْله من الْكَامِل المرفل
(لَا تكثرن تأملاً ... واحبس عَلَيْك عنان طرفك)
(فلربما أَرْسلتهُ ... فرماك فِي ميدان حتفك)
3 - (عبد الله بن يُونُس)
الشَّيْخ الأرمني عبد الله بن يُونُس الأرمني الشَّيْخ الزَّاهِد الْقدْوَة نزيل سفح قاسيون وَهُوَ من أرمينية الرّوم
كَانَ صَاحب أَحْوَال ومجاهدات سَمحا لطيفاً متعففاً ساح مُدَّة وَأكل الْمُبَاحَات وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن والقدوري فَوَقع برجلٍ من الْأَوْلِيَاء فدله على(17/370)
الطَّرِيق وَطول أَبُو المظفر ابْن الْجَوْزِيّ تَرْجَمته وزاويته مطلة على مَقْبرَة الشَّيْخ الْمُوفق توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
البطال عبد الله أَبُو مُحَمَّد البطال الْمَذْكُور فِي سيرة دلهمه والبطال يُقَال لَهُ أَبُو يحيى أَيْضا كَانَ أحد الشجعان الموصوفين بالاقدام كَانَ أحد أُمَرَاء بني أُميَّة وَكَانَ على طلايع مسلمة بن عبد الْملك وَكَانَ ينزل بأنطاكية شهد عدَّة حروب وأوطأ الرّوم خوفًا وذلاًّ وسارت بِذكرِهِ الركْبَان إِلَّا أَنه لم يكن كَمَا كذبُوا عَلَيْهِ فِي السِّيرَة الْمَذْكُورَة من الخرافات والأمور المستحيلة
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَة
أَخُو مهْدي البعلبكي عبد الله البعلبكي الْمَعْرُوف بأخي مهْدي وَهُوَ وَالِد الْفَقِيه نجم الدّين هَاشم ولد سنة أَربع وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ لوناً غَرِيبا ووحشاً عجيباً قطع إِصْبَع يَده وَزعم أَنه أمرهَا فعصته فقطعها وَكَانَ لجماعةٍ من أهل الضّيَاع فِيهِ عقيدةٌ وَقضى أَكثر عمره مَحْبُوسًا فِي برج وَكَانَ يتَكَلَّم تَارَة بالعجمى وَتارَة بالفرنجي وَيظْهر مِنْهُ أَنْوَاع من الاختلال وَالَّذِي ظهر من أمره أَنه كَانَ يمِيل إِلى مَذْهَب الإسماعيلية لِأَنَّهُ سَافر فِي شبابه إِلى حصونهم
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ ضالاًّ بِلَا شكّ لِأَنَّهُ كَانَ يتَكَلَّم بالْكفْر
الفاتولة الْحلَبِي عبد الله الفاتولة الْحلَبِي الدِّمَشْقِي شيخٌ مسن حرفوشٌ مَكْشُوف الرَّأْس عَلَيْهِ دلقٌ رَقِيق وسخ من رقاع وَله مجمرة يجلس عِنْد قناة عقبَة الْكَتَّان وَلَا يقرب الصَّلَاة ثَابت الْعقل وَلَا يسْأَل أحدا شَيْئا وَيذكر النَّاس لَهُ كراماتٍ وَكَانَ الصّبيان يعبثون بِهِ فيزط عَلَيْهِم وَكَانَت لَهُ جنازةٌ حفلة وَتُوفِّي سنة سَبْعمِائة
النَّحْوِيّ الْكُوفِي)
أَبُو عبد الله الطوَال أحد الْأَئِمَّة فِي نَحْو الْكُوفِيّين لَهُ مذهبٌ وذكرٌ قديمٌ وَهُوَ فِي وقتنا خامل الذّكر لخمول نَحْو الْكُوفِيّين توفّي
الصّقليّ أَبُو عبد الله الْعَرُوضِي الصّقليّ أحد الْعلمَاء الروَاة الْحفاظ الثِّقَات الْعَالمين بِجَمِيعِ التواريخ وَالْأَخْبَار وملح الْآدَاب والأشعار كَانَ يسامر الْمُلُوك والأمراء وينادم السادات والوزراء عالمٌ بِالْغنَاءِ أربى فِيهِ على الْمُتَقَدِّمين وَعلمه بالعروض والقوافي والأوزان كعلم الْخَلِيل وَله شعرٌ مِنْهُ من المنسرح(17/371)
(وَسنَان طرفٍ يبيت فِي دعةٍ ... وَلَيْسَ طرفِي عَنهُ بوسنان)
(كَانَ أجفان عينه حَلَفت ... الا تذوق الرقاد أجفاني)
وَمِنْه من الْكَامِل
(لما نَظرنَا إِلَيّ من حدق المها ... وبسمن عَن متفتح النوار)
(وحللن أَطْرَاف الْخمار مجانةً ... عَن جنح ليلٍ فاحمٍ ونهار)
(وشددن بَين قضيب بانٍ ناعمٍ ... وكثيب رملٍ عقدَة الزنار)
(عفرت وَجْهي فِي الثرى لَك سَاجِدا ... وعزمت فِيك على دُخُول النَّار)
المغربي عبد الله البلوي من أهل باجة الْقَمْح قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شاعرٌ قديمٌ معروفٌ بحب الْغَرِيب من اللُّغَة ويورد كثيرا فِي أشعاره من ذَلِك وَلَا يُبَالِي بِلَفْظِهِ كَيفَ وَقع وَرُبمَا سهل طَرِيقه فجَاء فَوق المُرَاد من ذَلِك قَوْله فِي فرس من الرجز
(يُدِير فِي ملمومةٍ كالفهر ... أذنا كأطراف اليراع المبري)
(مدلق الخد رحيب السحر ... عذاره من خَدّه فِي السطر)
وَقَوله من الرجز
(قد أغتدي قبل نعيب الأسحم ... بسابحٍ قانٍ كلون العندم)
(لَيْسَ بفرساحٍ وَلَا بأقتم ... وَلَا بمضطرٍّ وَلَا بأهضم)
(منهرت الشدق ممر المعصم ... تصل فِي فِيهِ فؤوس الألجم)
(يصهل فِي مثل الطوى الْمُحكم ... يعدو بساقي نقنقٍ مصلم)
)
(قد ركبا فِي سنبكٍ عثمثم ... مجتمعٍ كالحجر الململم)
بَاطِنه فِيهِ مغار الشيهم وَقَوله من الطَّوِيل
(وحول بيُوت الْحَيّ جردٌ وَترى لَهَا ... إِذا مَا علا صَوت الصَّرِيخ تحمحما)
(وَفِي الْحَيّ فتيانٌ تخال وُجُوههم ... إِذا سفروا فِي ظلمَة اللَّيْل أنجما)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(إِذا مَا تتوجنا فَلَا نَاس غَيرنَا ... ونمنع من شئناه أَن يتعمما)
(وَكُنَّا ذَوي التيجان قبل محمدٍ ... وَمن بعده نلنا الفخار المعظما)(17/372)
المنوفي الْمَالِكِي عبد الله بن المنوفي الْمَالِكِي الْعَالم الصَّالح أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ إجتمع بِهِ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي زَائِرًا وَحمل إِلَيْهِ سبعين ألف دِرْهَم فَامْتنعَ من قبُولهَا وَقَالَ لَهُ مَالِي بهَا حَاجَة فَقَالَ لَهُ ففرقها على من تخْتَار فَقَالَ نعم حَتَّى أنظر فِي ذَلِك إِلى غَد فَلَمَّا أصبح ردهَا وَقَالَ مَا أعرف أحدا فَأَخَذُوهَا مِنْهُ وَقَالَ أَيْضا أَنه جَاءَ فِي بعض الْأَيَّام إِلى شواء عِنْده رَأس غنمٍ قد شواه فَقَالَ لَهُ بكم هَذَا فَقَالَ بِخَمْسَة وَعشْرين درهما فَقَالَ هَات الْمِيزَان وَوزن لَهُ الثّمن وَطلب حمالاً فَحمل لَهُ ذَلِك الرَّأْس وَتوجه بِهِ إِلى كيمان البرقية ودعا الْكلاب وجعلهم من ذَلِك الرَّأْس إِلى أَن فرغ فَغسل يَده وَدفع إِلى الْحمال أجرته فراح الْحمال إِلى الشواء وَقَالَ لَهُ هَذَا الَّذِي أشترى مِنْك هَذَا الرَّأْس مجنونٌ لِأَنَّهُ توجه بِهِ وأطعمه الْكلاب فَقَالَ لَهُ الشواء وَلَا الله إِلَّا هَذَا رجلٌ صَالح لِأَنَّهُ لم يكن عِنْدِي غَيره وَلما أَصبَحت الْيَوْم وجدته مَيتا وَأَنا لَا أملك غَيره فشويته على أَنِّي أبيعه فجَاء وَفعل مَا رَأَيْت فأطعمه الْكلاب حَتَّى لَا يَأْكُل النَّاس مِنْهُ وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ من الْعلمَاء المجيدين فِي مَذْهَب الإِمَام مَالك يقري النَّاس وَتُوفِّي فِي سَابِع شهر رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
القاق عبد الله القاق هُوَ أَبُو سَالم ابْن الدويدة وَكَانَ لَهُ أَخَوان عَليّ وَمُحَمّد وَأَبُو سَالم هَذَا هُوَ الْقَائِل فِي أبي صَالح حَيْثُ أعْطى ابْن حيوس وَحرم الشُّعَرَاء أبياته السائرة وَهِي من الطَّوِيل)
(على بابك الميمون مِنا عصابةٌ ... مَفاليسُ فانظُر فِي أُمور المفاليس)
(وَقد قنعت منا الْعِصَابَة كلهَا ... بعُشرِ الَّذِي أَعْطيته لِابْنِ حَيوس)
(وَمَا بَيْننَا هَذَا التَّفَاوُت كُله ... وَلَكِن سعيدٌ لَا يُقَاس بمنحوس)
(الْجُزْء الثَّامِن عشر)(17/373)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
(عبد الْأَحَد)
عبد الْأَحَد بن أبي الْقَاسِم بن عبد الْغَنِيّ ابْن خطيب حران هُوَ الشَّيْخ الْعدْل بَقِيَّة الأخيار شرف الدّين أَبُو البركات ابْن تَيْمِية التَّاجِر سمع من ابْن اللتي فِي الْخَامِسَة وَمن ابْن رَوَاحَة ومرجى بن شقيرة وعلوان بن جَمِيع وَكَانَ لَهُ حَانُوت فِي الْبر ثمَّ انْقَطع وَحدث زَمَانا
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة
(عبد الْأَعْلَى)
3 - (أَبُو الْخطاب الْمعَافِرِي)
عبد الْأَعْلَى بن السَّمْح أَبُو الْخطاب الْمعَافِرِي مَوْلَاهُم رَأس الإباضية وهم صنفٌ من الْخَوَارِج بالمغرب خرج بالمغرب ودعي لَهُ بالخلافة فِي عصر الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ وَمِائَة واستفحل أمره وَكَانَ لَهُ شَأْن فندب لَهُ الْمَنْصُور مُحَمَّد ابْن الْأَشْعَث الْخُزَاعِيّ فَقتل عبد الْأَعْلَى سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَكَانَت أَيَّامه أَربع سِنِين
قَالَ ابْن أبي الدَّم الإباضية أَصْحَاب عبد الرَّحْمَن بن إباض خرج فِي أَيَّام مَرْوَان بن مُحَمَّد
وَقيل إِن عبد الله بن يحيى الإباضي كَانَ رَفِيقًا لعبد الرَّحْمَن بن إباض مُوَافقا لَهُ فِي أَقْوَاله وأفعاله زَعَمُوا أَن مخالفيهم من أهل الْقبْلَة كفارٌ غير مُشْرِكين ومناكحتهم جَائِزَة ومواريثهم حَلَال وَلَا يجوز قَتلهمْ إِلَّا بعد إِقَامَة الْحجَّة وَنصب الْقِتَال وَقَالُوا إِن أَصْحَاب الْكَبَائِر موحدون غير مُؤمنين وَإِن أَفعَال العَبْد مخلوقة لله تَعَالَى إحداثاً وإبداعاً مكتسبة للْعَبد حَقِيقَة لَا مجَازًا وَلَا يسمون إمَامهمْ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقَالُوا الْعَالم يفني كُله إِذا فني أهل التَّكْلِيف(18/5)
وَحكى أَبُو الْقَاسِم الكعبي عَنْهُم أَنهم قَالُوا بِطَاعَة لَا يُرَاد بهَا وَجه الله تَعَالَى كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي الْهُذيْل العلاف من الْمُعْتَزلَة وَاخْتلفُوا فِي النِّفَاق هَل يُسمى شركا أَو لَا وَقَالَ قوم مِنْهُم يجوز أَن يخلق الله تَعَالَى رَسُولا بِلَا دَلِيل وَلَا معْجزَة ويكلف الْعباد مَا يوحي إِلَيْهِ وَلَا يجب على الله إقداره على المعجزة وَلَا يجب على النَّبِي إِظْهَار المعجزة وافترقت الإباضية ثَلَاث فرق حفصية وحارثية وبريدية وَقد ذكرت كل فرقة فِي حرفها عِنْد ذكر اسْم رئيسها
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي)
عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى الشَّامي الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي صَدُوق لكنه رمي بِالْقدرِ وَرُوِيَ لَهُ الْجَمَاعَة توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى عَن حميد والجريري وَيُونُس بن عبيد وَدَاوُد بن أبي هِنْد وطبقتهم وروى عَنهُ ابْن رَاهَوَيْه وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو حَفْص الفلاس وَبُنْدَار وَنصر الْجَهْضَمِي وَخلق
3 - (أَبُو يعلى الْحُسَيْنِي)
عبد الْأَعْلَى بن عَزِيز بن أبي الْفَخر السَّيِّد الشريف أَبُو يعلى الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْمَالِينِي الْهَرَوِيّ سبط عبد الْهَادِي ابْن شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ كَانَ مفضلاً جواداً سخي النَّفس سمع أَبَا عبد الله العميري وَأَبا عَطاء المليجي وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو يحيى الْبَاهِلِيّ)
عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد النَّرْسِي الْحَافِظ أَبُو يحيى الْبَاهِلِيّ روى عَن الحمادين وَعبد الْجَبَّار بن الْورْد ووهيب بن خَالِد وَمَالك بن أنس وَسَلام بن أبي مُطِيع وَيزِيد بن زُرَيْع وَخلق وَعنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة وَأَبُو حَاتِم وَمُحَمّد بن عبد بن حميد اللَّيْثِيّ وَعبد الله بن نَاجِية وَبَقِي بن مخلد وَغَيرهم وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن هِلَال الْأَسدي)
عبد الْأَعْلَى بن وَاصل بن عبد الْأَعْلَى بن هِلَال الْأَسدي(18/6)
روى عَن عبد الله بن إِدْرِيس وَأبي أُسَامَة وَابْن فُضَيْل وَيحيى بن آدم وَيعْلي بن عبيد وَغَيرهم وَعنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبي دارمة)
عبد الْأَعْلَى بن مسْهر بن عبد الْأَعْلَى أَبُو مسْهر الغساني شيخ الشَّام الدِّمَشْقِي أحد الْأَعْلَام يعرف بِابْن أبي دارمة وَهِي كنية جده عبد الْأَعْلَى ولد سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان)
عشرَة وَمِائَتَيْنِ روى لَهُ الْجَمَاعَة وَعنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَمُحَمّد بن يحيى الذهلي وَمُحَمّد بن إِسْحَاق الصغاني وَغَيرهم
قَالَ ابْن معِين مُنْذُ خرجت من بَاب الأنبار إِلَى أَن رجعت لم أر مثل أبي مسْهر وَقد امتحنه الْمَأْمُون وَحمله إِلَى الرقة بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن وَأدْخل إِلَيْهِ وَقد ضربت رَقَبَة رجل وَهُوَ مطروح بَين يَدَيْهِ فامتحنه فَلم يجبهُ فَأمر بِهِ فَوضع فِي النطع فَأجَاب فَأخْرج فَعَاد فأعيد فَأجَاب فَأمر بِهِ إِلَى بغداذ فَأَقَامَ مائَة يَوْم وَمَات عَاشَ تسعا وَسبعين سنة
(عبد الأول)
3 - (ابْن أبي عبد الله السجْزِي)
عبد الأول بن عِيسَى بن شُعَيْب بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق مُسْند الْوَقْت أَبُو الْوَقْت ابْن أبي عبد الله السجْزِي الأَصْل الْهَرَوِيّ الْمَالِينِي الصُّوفِي رَحمَه الله سمع الصَّحِيح وَمُنْتَخب مُسْند عبد وَكتاب الدَّارمِيّ من جمال الْإِسْلَام أبي الْحسن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الدَّاودِيّ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ ببوشنج حمله أَبوهُ إِلَيْهَا وَسمع من أبي عَاصِم النَّبِيل وَغَيره وَحدث بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداذ واشتهر اسْمه وازدحم الطّلبَة عَلَيْهِ وروى عَنهُ ابْن عَسَاكِر وَابْن السَّمْعَانِيّ وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَكَانَ صبوراً على الْقِرَاءَة محباً للرواية وأشياخه كثر إِلَى الْغَايَة مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة وَكَانَ أَبوهُ قد سَمَّاهُ مُحَمَّدًا فَسَماهُ الإِمَام أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ عبد الأول وكناه أَبَا الْوَقْت وَكَانَ آخر كلمة قَالَهَا يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين(18/7)
وَأنْشد الرئيس أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن الْمفضل بن كاهويه لنَفسِهِ وَقد دخل على أبي الْوَقْت فِي النظامية بأصبهان وَشهد اجْتِمَاع الْعلمَاء والحفاظ فِي مَجْلِسه عِنْد الإِمَام صدر الدّين مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف الخجندي والحافظ أَبُو مَسْعُود كوتاه يقْرَأ عَلَيْهِ الصَّحِيح السَّرِيع
(أَتَاكُم الشَّيْخ أَبُو الْوَقْت ... بِأَحْسَن الْأَخْبَار من ثَبت)
(طوى إِلَيْكُم علمه ناشراً ... مراجل الأبرق والخبت)
(ألحق بالأشياخ أطفالكم ... وَقد رمى الْحَاسِد بالكبت)
(بَارك فِيهِ الله من حَامِل ... خُلَاصَة الْفِقْه إِلَى الْمُفْتِي)
(انتهزوا الفرصة يَا سادتي ... وحصلوا الْإِسْنَاد فِي الْوَقْت)
)
(فَإِن من فَوت مَا عِنْده ... يصير ذَا الْحَسْرَة والمقت)
(عبد الْبَارِي)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ)
عبد الْبَارِي بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد الصعيدي الْمُقْرِئ المجود قَرَأَ بالروايات على أبي الْقَاسِم بن عِيسَى وَغَيره وصنف فِي الْقرَاءَات وتصدر بِالْمَدْرَسَةِ الحافظية بالإسكندرية وَأخذ عَنهُ الطّلبَة وَكَانَ مقرئاً صَالحا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد روى وَلَده أَبُو بكر عَن سبط السلَفِي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة
3 - (كَمَال الدّين الأرمنتي)
عبد الْبَارِي بن أبي عَليّ الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن كَمَال الدّين بن الأسعد الأرمنتي بِهَمْزَة مَفْتُوحَة وَرَاء سَاكِنة وَمِيم مَفْتُوحَة وَنون سَاكِنة وتاء ثَالِثَة الْحُرُوف الْقرشِي الْبكْرِيّ سمع من ابْن النُّعْمَان وَغَيره
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي كَانَ فَقِيها مالكياً اشْتغل بِمذهب مَالك وبمذهب الشَّافِعِي وَحفظ كتاب ابْن الْحَاجِب فِي مَذْهَب مَالك والتعجيز فِي مَذْهَب الشَّافِعِي ذكر لي جمَاعَة من قوص أَن قَاضِي الْقُضَاة أَبَا الْفَتْح الْقشيرِي قَالَ لَهُ اكْتُبْ على بَاب بلدك أَنه مَا خرج مِنْهَا أفقه مِنْك
وَكَانَ متورعاً زاهداً عِنْده قَمح قد انتقاه يغسلهُ بِالْمَاءِ ويزرعه بِنَفسِهِ فِي أَرض يختارها ويحصده ويطحنه بِيَدِهِ وَعِنْده طين طَاهِر يعْمل مِنْهُ آنِية بِنَفسِهِ ويحترز فِي الطهارات لكنه حصل لَهُ تغير مزاج فطلع إِلَى الْمِنْبَر بقوص عقيب صَلَاة الْجُمُعَة وَادّعى الْخلَافَة بعد(18/8)
ذَلِك صلح حَاله قَلِيلا وَتُوفِّي بقوص سنة سِتّ أَو سبع وَسبع مائَة بلسعة ثعبان
(عبد الْبَاقِي)
3 - (الْحَافِظ ابْن قَانِع)
عبد الْبَاقِي بن قَانِع بن مَرْوَان بن واثق أَبُو الْحُسَيْن الْأمَوِي مَوْلَاهُم البغداذي الْحَافِظ سمع الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَإِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم الْبَلَدِي وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَإِسْحَاق بن الْحسن الْحَرْبِيّ وَمُحَمّد بن مسلمة الوَاسِطِيّ وَإِسْمَاعِيل بن الْفضل الْبَلْخِي وخلقاً سواهُم وَعنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن رزقويه وَجَمَاعَة وصنف مُعْجم الصَّحَابَة وَوَقع للشَّيْخ شمس الدّين بعلو
وَقَالَ البرقاني أما البغداذيون فيوثقونه وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيف قَالَ الْخَطِيب ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَحدث بِهِ اخْتِلَاط قبل مَوته
3 - (ابْن عبد الله النَّحْوِيّ)
عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الله النَّحْوِيّ أَخذ النَّحْو عَن أبي عَليّ الْفَارِسِي وَتُوفِّي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة لَهُ كتاب الدواة واشتقاقها النكت المختارة فِي شرح حُرُوف الْعَطف
3 - (أَبُو البركات ابْن النَّرْسِي)
عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن النَّرْسِي أَبُو البركات الْأَزجيّ الْمُحْتَسب البغداذي
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ شيخ مسن بهي المنظر بِهِ طرش وجدنَا لَهُ ثَلَاثَة أَجزَاء عَن أبي الْقَاسِم عبد الله بن الْحسن الْخلال قرأناها عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سمعنَا على أبي الْفِدَاء ابْن الْفراء أَجزَاء من حَدِيث ابْن صاعد بِسَمَاعِهِ من أبي الْقَاسِم ابْن صصرى والطبقة بِخَط الْحَافِظ الضياء بإجازته من عبد الْبَاقِي بن النَّرْسِي بِسَمَاعِهِ من القَاضِي أبي يعلى وفرحت بذلك فَلَمَّا تنبهت فِي الحَدِيث بِأَن لي أَن هَذَا غلط وَأَن عبد الْبَاقِي ولد بعد موت أبي يعلى بِسنة
ولي أَبُو البركات قَضَاء بَاب الأزج وَولي الْحِسْبَة ببغداذ وبذل أَمْوَالًا جمة فيهمَا
3 - (وَزِير الظَّاهِر غَازِي)
عبد الْبَاقِي بن أبي يعلى مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن أبي يعلى بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم قيل أَبُو المظفر الصاحب شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد الْموصِلِي وَزِير الْملك الظَّاهِر غَازِي بحلب)(18/9)
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه قَالَ لما اجْتمعت بِهِ بحلب فِي شهور سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَقلت لَهُ إِن الْمولى السُّلْطَان الْملك الْعَادِل مَا يعْتَمد فِي تَشْدِيد أُمُور سُلْطَانه إِلَّا عَلَيْك وَلَا يُفَوض إصْلَاح ذَات الْبَين إِلَّا إِلَيْك فَقَالَ تخْدم عني مَوْلَانَا السُّلْطَان عز نَصره وتنهي إِلَيْهِ أَن حَالي وَحَال مخدومي عبرت عَن حقيقتهما بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وأنشدنيهما وهما لقمر الدولة أبي طَاهِر جَعْفَر بن دواس الْمصْرِيّ الطَّوِيل
(فَإِنِّي وَالْمولى الَّذِي أَنا عَبده ... طريفان فِي أَمر لَهُ طرفان)
(تراني قَرِيبا مِنْهُ أبعد مَا ترى ... كَأَنِّي يَوْم الْعِيد من رَمَضَان)
فاستحسنت مِنْهُ هَذَا الْمَعْنى الَّذِي قَصده والاعتذار الَّذِي ضمنه فِي الشّعْر الَّذِي أوردهُ وَقَالَ كَانَ هَذَا الْوَزير عَالما فَاضلا رَئِيسا فِي أَفعاله وأقواله كَامِلا وَبعد انْفِصَاله من الوزارة الظَّاهِرِيَّة بحلب قصد بِلَاد الرّوم وَبلغ من صَاحبهَا من الْكَرَامَة كل مَطْلُوب ومروم
وَقَالَ ابْن أَنْجَب هُوَ أَبُو المظفر البغداذي الأَصْل الْموصِلِي المولد فاضلٌ أَخذ بأطراف الْعُلُوم وصنف كتابا سَمَّاهُ نخبة الْكَلم وروضة الحكم سَار إِلَى حلب واتصل بِالْملكِ الظَّاهِر غَازِي ورتبه مشرفاً بديوان حلب ثمَّ ولاه الوزارة وَكَانَ أهل حلب يثنون عَلَيْهِ ويحمدون سيرته ثمَّ إِنَّهُم صَارُوا يذمونه ويسيئون الثَّنَاء عَلَيْهِ وَذَلِكَ بعد موت الظَّاهِر فَإِنَّهُ كَانَ على حَاله فِي الوزارة وَمد يَده وَأخذ الْأَمْوَال وصنف كتابا سَمَّاهُ تجنب الْحَرَام والتورع عَن الآثام توفّي رَحمَه الله بحلب فِي أَوَاخِر الْأَيَّام المستنصرية
كتب إِلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله الْهَاشِمِي يعْتَذر عَن تَأَخره الْخَفِيف
(حَال دون الْوَزير وَحل وَبرد ... وسحاب يروح طوراً وَيَغْدُو)
(وظلامٌ كَأَنَّهُ وَجه نضر ... وسجاياه حِين يطْلب رفد)
(فاعذر العَبْد إِن تَأَخّر أَو قصّ ... ر وزيراً إحسانه لَا يعد)
(وابق فِي نعْمَة تدوم على الده ... ر إِلَى أَن يرى لمجدك ند)
فَكتب إِلَيْهِ الْوَزير أَبُو المظفر الْخَفِيف
(أَيهَا السَّيِّد الشريف المود ... قد تغشى الْقُلُوب بعْدك وجد)
(لم يكن عاقك اللِّقَاء لغيث ... فلقاء الليوث مَا لَا يصد)
(غير أَن الْحَواس تطلب حظاً ... من خَلِيل آلاؤه لَا تحد)
)
(فابق للفضل قدوةً وإماماً ... مَا تراقى لأهل بَيْتك مجد)(18/10)
3 - (ابْن الْبَاجِيّ)
عبد الْبَاقِي حسن بن أبي الْقَاسِم أَبُو ذَر الصّقليّ ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْبَاجِيّ سمع من الْعِمَاد الْكَاتِب وَغَيره وَحضر إِسْمَاعِيل بن ياسين وَحدث وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن ناقيا)
عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن دَاوُد بن ناقيا بالنُّون وَبعد الْألف الأولى قَاف وياء آخر الْحُرُوف أَبُو الْقَاسِم الجريمي البغداذي الشَّاعِر
صنف عدَّة كتب مِنْهَا تَفْسِير فصيح ثَعْلَب وَاخْتصرَ الأغاني وَغير ذَلِك وَله ملح الممالحة وأغاني الْمُحدثين وملح الْمُكَاتبَة والرسائل والجمان فِي تشبيهات الْقُرْآن لم يسْبق إِلَيْهَا بل إِلَى مثلهَا إِلَّا أَنه كَانَ معثراً ثلابة يطعن على الشَّرِيعَة وَيذْهب إِلَى رَأْي الْأَوَائِل وَله مقَالَة فِي التعطيل توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ يعرف بِابْن البندار وَله مقامات أدبية إِلَّا أَنه كَانَ مطعوناً عَلَيْهِ فِي دينه وعقيدته وَكَانَ كثير الْهزْل والمجون
سمع من عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله المَخْزُومِي وَمُحَمّد بن عَليّ العشاري وَأبي الْقَاسِم عَليّ بن المحسن التنوخي وَغَيرهم وروى عَن جمَاعَة من الشُّعَرَاء كَأبي الْخطاب الحبلي وَأبي الْقَاسِم الْمُطَرز وَغَيرهم وَمن شعره وَهُوَ مَرِيض الْكَامِل
(نمضي كَمَا مَضَت الْقَبَائِل قبلنَا ... لسنا بِأول من دَعَاهُ الدَّاعِي)
(تبقى النُّجُوم دوائراً أفلاكها ... وَالْأَرْض فِيهَا كل يَوْم دَاعِي)
(وزخارف الدُّنْيَا يجوز خداعها ... أبدا على الْأَبْصَار والأسماع)
وَمِنْه الطَّوِيل(18/11)
(وَإِنِّي لآبي الدمع فِيك تطيراً ... عَلَيْك وتأبى الْعين إلاه جَارِيا)
(وأسخط لاستمرار هجرك سَاعَة ... وتغلب أشواقي فأرجع رَاضِيا)
(هَنِيئًا إِن استحللت قَتْلِي فَلَا تطل ... عَذَابي وموهوب لعينك ثاريا)
وَمِنْه الطَّوِيل
(أرى كل مَحْبُوب يلاقي محبه ... وَمَا نتلاقى والليالي تصرم)
)
(وَقد علمت أَنِّي مشوقٌ وأنني ... بهَا كلفٌ لَكِنَّهَا لَيْسَ ترحم)
وَمِنْه الْكَامِل
(يَا صَاح أذن بالصباح يُشِير ... والكاس تطلع تَارَة وتفور)
(وَالرَّوْض مبتسم الثغور نسيمه ... يستاف مِنْهُ الْمسك والكافور)
(وَالْعود تخطر فِي حشاه أناملٌ ... لم يطو سرا دونهن ضمير)
(فَاشْرَبْ على طرب النديم وَلَا تطل ... حبس المدامة فالزمن قصير)
وَمِنْه مَا كتبه إِلَى بعض الرؤساء وَقد افتصد الْخَفِيف
(جعل الله ذُو الْمَوَاهِب عقبا ... ك من الفصد صِحَة وَسَلَامه)
(قل ليمناك كَيفَ شِئْت استهلي ... لَا عدمت الندى فَأَنت غمامه)
وَمِنْه الطَّوِيل
(أخلاي مَا صاحبت فِي الْعَيْش لَذَّة ... وَلَا زَالَ عَن قلبِي حنين التَّذَكُّر)
(وَلَا طَابَ لي طعم الرقاد وَلَا اجتلت ... لحاظي مذ فارقتكم حسن منظر)
(وَلَا عبثت كفي بكأس مدامة ... يطوف بهَا سَاق وَلَا جس مزهر)
وَكَانَ يَقُول فِي السَّمَاء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل لَا ينقط مِنْهُ شَيْء ينقط هَذَا الَّذِي يخرب الْبيُوت ويهدم السقوف وَكَانَت بَينه وَبَين ابْن الشبل مُنَافَسَة ومباعدة شائعة ظَاهِرَة قَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد ابْن الدهان أنشدته يَوْمًا لِابْنِ الشبل الطَّوِيل
(وَمَا أَسجد لله الملائك كلهم ... لآدَم إِلَّا أَن فِي نَسْله مثلي)
(وَلَو أَن إبليساً درى خر سَاجِدا ... لآدَم من قبل الملائك من أَجلي)
(وَلَكِن أنسى الله عَنهُ تَكُونِي ... إِلَى أَن زهت أنوار فضلي على النَّسْل)
(فيا رب إِبْرَاهِيم لم أوت فَضله ... وَلَا فضل مُوسَى وَالنَّبِيّ على الرُّسُل)
(فَلم لي وحدي ألف فِرْعَوْن فِي الورى ... ولي ألف نمرودٍ وَألف أَبُو جهل)
فَلَمَّا سَمعهَا قالك أشهد بَين يَدي الهل أَنه مَا أخرج آدم من الْجنَّة إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ فِي ظَهره(18/12)
ثمَّ قَالَ أمضي إِلَيْهِ فأنشده المتقارب
(إِذا مَا افتخرت فَلَا تجهلاً ... أَبَاك وشلاقه والعصا)
(فَأَنت قذار تبيد الذُّبَاب ... إِذا أَنْت أوطئتها إخمصا)
)
(فكونك فِي الظّهْر من آدمٍ ... بشؤمك أهبطه إِذْ عَصا)
وَلَو كَانَ آدم ذَا خبرةٍ بأنك من نَسْله لاختصى فَقيل لَهُ ألم تكن قَرَأت على الشَّيْخ ابْن الشبل قَالَ بلَى وغلا من أَيْن أكتسب هَذِه البلادة الَّتِي فِي فَبلغ ذَلِك ابْن الشبل فَقَالَ الوافر
(فَقل مَا شِئْت إِن الْحلم دأبي ... وشأني الْخَيْر إِن حاولت شرا)
(فَأَنت أقل أَن تلقى بذم ... مجاهرة وَأَن تغتاب سرا)
وَبلغ ابْن شبْل عَنهُ كَلَام قَبِيح فَقَالَ وَأغْرب فِي عروضها الْبَسِيط
(وَسِتَّة فِيك لم يجمعن فِي بشر ... كذب وَكبر وبخل أَنْت جَامعه)
مَعَ اللجاج وَشر الحقد والحسد
(وَسِتَّة فِي لم يخلقن فِي ملك ... حلمي وَعلمِي وإفضالي وتجربتي)
وَحسن خلقي وبسطي بالنوال يَدي وَقَالَ ابْن الدهان دخلت على ابْن ناقيا بعد مَوته لأغسله فَوجدت يَده الْيُسْرَى مَضْمُومَة فاجتهدت حَتَّى فتحتها وفيهَا كتابةٌ بَعْضهَا على بعض فتمهلت حَتَّى قرأتها فَإِذا فِيهَا مَكْتُوب الطَّوِيل
(نزلت بجارٍ لَا يخيب ضَيفه ... أرجي نجاتي من عَذَاب جَهَنَّم)
(وَإِنِّي على خوفي من الله واثق ... بإنعامه وَالله أكْرم منعم)
3 - (أَبُو الْحسن الْمُقْرِئ)
عبد الْبَاقِي بن حسن بن أَحْمد الإِمَام الْمُقْرِئ أَبُو الْحسن بن السقاء أحد الحذاق بالقراءات
توفّي فِي حُدُود التسعين وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن كتيلة)
عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحُسَيْن النجاد البغداذي الْمَعْرُوف وَالِده بكتيلة تَصْغِير كتلة قَرَأَ بالروايات على أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد ابْن الْبناء وَسمع من أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الصريفيني وَغَيرهمَا قَالَ محب الدّين بن النجار يُقَال إِن سيرته لم تكن مرضية توفّي سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مائَة(18/13)
3 - (أَبُو الْفضل البغداذي)
)
عبد الْبَاقِي بن حَمْزَة بن الْحُسَيْن الْحداد أَبُو الْفضل البغداذي الفرضي قَرَأَ الْفِقْه وَكَانَت لَهُ يَد باسطة فِي الْفَرَائِض والحساب وَكَانَ صَالحا ثِقَة سمع الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن حسنون الزيني وَغَيرهم وَحدث باليسير ولد سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وتوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد العبرناني)
عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد العبرتاني أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب أديب شَاعِر غلب عَلَيْهِ الخلاعة والمجون
كتب عَنهُ أَبُو الْوَفَاء أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحصين قِطْعَة من شعره وعظية تشْتَمل على تصحيفات فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَمن شعره مَا وجد فِي كَفنه مَكْتُوبًا عِنْد مَوته الطَّوِيل
(نزلت بجار لَا يخيب ضَيفه ... أرجي نجاتي من عَذَاب جَهَنَّم)
(وَإِنِّي على خوفٍ من الله واثق ... بإنعامه وَالله أكْرم منعم)
قلت وَقد تقدم إيرادهما فِي تَرْجَمَة ابْن ناقيا آنِفا وَالله أعلم لمن هما
3 - (أَبُو يعلى ابْن أبي حُصَيْن)
عبد الْبَاقِي بن عبد الله أبي حُصَيْن بن المحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن سعيد ابْن مُحَمَّد بن دَاوُد بن المطهر إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى قحطان هُوَ من بَيت يعْرفُونَ ببني أبي حُصَيْن من معرة النُّعْمَان وَأَخُوهُ أَبُو سعد عبد الْغَالِب بن أبي حُصَيْن عبد الله وَأَخُوهُ القَاضِي أَبُو غَانِم عبد الرَّزَّاق بن أبي حُصَيْن وَأَبُو حُصَيْن عبد الله وَأَبُو الْقَاسِم المحسن وَالِد أبي حُصَيْن كل هَؤُلَاءِ شعراء فَمن شعر أبي يعلى عبد الْبَاقِي بن عبد الله الْكَامِل
(بانوا فجفن المستهام قريح ... يخفي الصبابة مرّة ويبوح)
(من طرفه وصلت جِرَاحَة قلبه ... وَإِلَيْهِ فاض نجيعها المسفوح)
(لم يبْق بعدهمْ لَهُ من جِسْمه ... شَيْء فوا عجباه أَيْن الرّوح)
مِنْهَا
(لم يدنني طمعٌ إِلَى طبع وَلَا ... شعري لجائزة عَلَيْهِ مديح)
(أغلقت بَاب الْحِرْص خشيَة وَقْفَة ... بِفنَاء من مَا بَابه مَفْتُوح)
)
(وعفوت عَن جرم الزَّمَان وَلم أرد ... مِنْهُ الْقصاص وَفِي مِنْهُ جروح)
وَمن شعره الطَّوِيل(18/14)
(وَلما الْتَقَيْنَا للوداع وقلبها ... وقلبي يبثان الصبابة والوجدا)
(بَكت لؤلؤاً رطبا فَفَاضَتْ مدامعي ... عقيقاً فصارا الْكل فِي نحرها عقدا)
وَمِنْه فِي ولد لَهُ مَاتَ فَرَآهُ فِي النّوم الْكَامِل
(أَهلا بطيف خيالك الْمُعْتَاد ... شقّ التُّرَاب إِلَيّ شقّ فُؤَادِي)
(أهْدى الثرى لي فِي الْكرَى شخصا لَهُ ... أهديته حملا على الأعواد)
(شتان بَين الْحَالَتَيْنِ قبرته ... فِي يقظتي ونشرته برقادي)
وَمن شعره المتقارب
(إِذا غبت عَن ناظري لم يكد ... يمر بِهِ وَأَبِيك الْكرَى)
(فيؤلمني أنني لأرَاك ... إِذا مَا طلبتك فِيمَن أرى)
(لقد كذب النّوم فِيمَا اسْتَقل ... بشخصك فِي مقلتي وافترى)
(وَكَيف وداري بِأَرْض الشآم ... ودارك أرضٌ بوادي الْقرى)
(وَبعد فلي أمل فِي اللِّقَاء ... لِأَنِّي وَإِيَّاك فَوق الثرى)
قلت شعر جيد مُتَمَكن
3 - (ابْن عبد الْمجِيد)
عبد الْبَاقِي بن عبد الْمجِيد بن عبد الله بن أبي الْمَعَالِي مَتى بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن يُوسُف تَاج الدّين اليمني المَخْزُومِي الْمَكِّيّ ولد بِمَكَّة لمضي اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة من رَجَب سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة أَو أَوَائِل سنة أَربع وَأَرْبَعين بالديار المصرية ورد إِلَى دمشق أَيَّام الأفرم وَأقَام بهَا متصدراً بالجامع فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز مُدَّة سبع سِنِين يقرئ الطّلبَة المقامات الحريرية وَالْعرُوض وَغير ذَلِك من عُلُوم الْأَدَب وَقرر لَهُ على ذَلِك مائَة دِرْهَم فِي كل شهر على مَال الْجَامِع الْأمَوِي ثمَّ توجه إِلَى الْيمن وَكتب الدرج لصَاحب الْيمن وَرُبمَا وزر لَهُ ثمَّ لما مَاتَ الْملك الْمُؤَيد صادره وَلَده وَأخذ مِنْهُ مَا حصله ثمَّ ورد إِلَى مصر سنة ثَلَاثِينَ وفوض إِلَيْهِ تدريس المشهد النفيسي وَشَهَادَة البيمارستان المنصوري ثمَّ قدم دمشق ورأيته بهَا فِيمَا أَظن سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ثمَّ)
عَاد إِلَى الْقَاهِرَة ورأيته بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ثمَّ قدم دمشق ورتب مصدرا بِالْحرم فِي الْقُدس فَأَقَامَ بِهِ مُدَّة وَتردد إِلَى دمشق وحلب وطرابلس وَعمل لَهُ راتب بطرابلس(18/15)
ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة وأباع وظائفه وَبهَا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى
وَكَانَ شَيخا طوَالًا حسن الشكل والعمة حُلْو الْوَجْه اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَكَانَ قَادِرًا على النّظم والنثر إِلَّا أَنه لم يكن لَهُ فيهمَا غوص وَكَانَ ظنيناً بِنَفسِهِ يعيب كَلَام القَاضِي الْفَاضِل وَغَيره ويظن أَن كَلَامه خير من كَلَام القَاضِي الْفَاضِل ويرجح كَلَام ابْن الْأَثِير عَلَيْهِ
وعارض الرسائل المختارة للْقَاضِي الْفَاضِل مثل الرسَالَة الذهبية وَفتح الْقُدس وَغَيرهمَا فعارض الشَّمْس بالزبالة والجواهر بالزبالة لَكِن كَلَامه كَانَ متوسطاً وَهُوَ قَادر على الْإِنْشَاء نظماً ونثراً ذُو بديهة وارتجال وخطه جيد قوي عمل تَارِيخا لليمن وتاريخاً للنحاة لَيْسَ بِشَيْء وذيل على تَارِيخ ابْن خلكان بذيل قصير جدا رَأَيْته لم يبلغ بِهِ ثَلَاثِينَ رجلا وَكَانَ يعظم نَفسه ويمدحها ولكلامه وَقع فِي النُّفُوس إِذا أطنب فِي وصف فضائله وأنشدني من كَلَامه كثيرا وَكتب عَليّ أَشْيَاء وقف عَلَيْهَا من تصانيفي تقريظاً بالنظم والنثر فَمن ذَلِك مَا كتبه على جنان الجناس الطَّوِيل
(جنان جناس فاق جنس جنان ... يعين الْمعَانِي فِيهِ جلّ مَعَاني)
(لقد نوع الْأَجْنَاس فِيهِ مؤلف ... طرائق وشي أَو سموط جمان)
(غَدا ناهجاً فِيهِ مناهج لم يكن ... قدامَة قدماً جاءها بِبَيَان)
(مَقَاصِد مَا نجل الْأَثِير مثيرها ... بَدَائِع فضلٍ من بديع زمَان)
(محررة الْأَلْفَاظ لَكِن حسنها ... رَقِيق ينسينا حليل حسان)
(إِذا ابْن فَتى نجل الْحَدِيد أرادها ... تَقول لَهُ أقصر فلست بدان)
(وَمَا أَنْت مِمَّن يسبك التبر ناقداً ... وَمَا لَك فِي سبك النضار يدان)
(لقد أطربت أبياته كل سامع ... فرائد مَا جَاءَت لَهُنَّ ثوان)
(تفوح بأرواح الصِّبَا نفحاتها ... حَظِيرَة بَان عِنْد حَضْرَة بَان)
(لقد صير الحساد تذرف عِنْدهَا ... مدامع شَأْن فِي محاجر شان)
(أَقُول لنظمي حِين حاول شأوها ... رفيقك قيسي وَأَنت يمَان)
(بقيت صَلَاح الدّين للفضل صَالحا ... لحسن بَيَان من يراع بنان)
)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ الوافر
(تجنب أَن تذم بك اللَّيَالِي ... وحاول أَن يذم لَك الزَّمَان)(18/16)
(وَلَا تحفل إِذا كملت ذاتاً ... أصبت الْعِزّ أم حصل الهوان)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا الْكَامِل
(بخلت لواحظ من رَأينَا مُقبلا ... برموزها ورموزهن سَلام)
(فعذرت نرجس مقلتيه لِأَنَّهُ ... يخْشَى العذار فَإِنَّهُ نمام)
قلت أَخذه من الأول وَهُوَ أحسن وأكمل المديد
(لافتضاحي فِي عوارضه ... سَبَب وَالنَّاس نوام)
(كَيفَ يخفى مَا أكابده ... وَالَّذِي أهواه نمَّام)
وأنشدني لنَفسِهِ فِي حمَار وَحش السَّرِيع
(حمَار وَحش نقشه معجب ... فَلَا يضاهي حسنه فِي الملاح)
(قد غَدا فِي حسنه أوحداً ... تشاركا فِيهِ الدجى والصباح)
قلت فِيهِ إِضْمَار قبل الذّكر وَلَا يجوز إِلَّا على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَأحسن من هَذَا قَول الْقَائِل فِي فَهد الْبَسِيط
(تنافس اللَّيْل فِيهِ وَالنَّهَار مَعًا ... فقمصاه بجلباب من الْمقل)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا وَقد ركب الْمُؤَيد فيلاً الْبَسِيط
(الله أولاك يَا دَاوُد مكرمَة ... ورتبةً مَا أَتَاهَا قبل سُلْطَان)
(ركبت فيلاً فظل الْفِيل ذَا رهجٍ ... مُسْتَبْشِرًا وَهُوَ بالسُّلطان فرحان)
(لَك الْإِلَه أذلَّ الْوَحْش أجمعه ... هَل أَنْت دَاوُد فِيهِ أم سُلَيْمَان)
وأنشدني لنَفسِهِ يهجو عدن الْكَامِل
(عدن إِذا رمت الْمقَام بربعها ... فَلَقَد أَقمت على لهيب الهاوية)
(بلد خلا عَن فَاضل وصدوره ... أعجاز نخل إِذْ ترَاهَا خاوية)
وأنشدني لنَفسِهِ مَا قَالَه وَقد زار جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة الشَّاعِر بِدِمَشْق فَرَأى فِي بَيته نملاً كثيرا الْبَسِيط
(مَا لي أرى منزل الْمولى الأديب بِهِ ... نمل تجمع فِي أرجائه زمرا)
)
(فَقَالَ لَا تعجبن من نمل منزله ... فالنمل من شَأْنهَا أَن تتبع الشعرا)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا الْبَسِيط
(لَا أعرف النّوم فِي حَالي جَفا ورضى ... كَأَن جفني مطبوع من السهد)
(فليلة الْوَصْل تمْضِي كلهَا سمراً ... وَلَيْلَة الهجر لَا أغفي من الكمد)(18/17)
وأنشدني لنَفسِهِ الرجز
(لَو لم تكن وجرة منشا عفرها ... مَا طَابَ وصف نورها وغفرها)
(منَازِل لَوْلَا الصِّبَا مَا شاقني ... نور أقاحيها وظل سدرها)
(إِن المغاني كالغواني لم تزل ... معشوقة تصبي بِحسن ذكرهَا)
(علام أَهْوى منزلا مَا عطرت ... فجاجه سلمى بنشر عطرها)
(وَلَا غَدَتْ تسحب ذيل مرْطهَا ... فِيهِ وَلَا مدت حبال خدرها)
(بهنانة قد ملكت لمهجتي ... قلبِي وَأمسى فِي أَلِيم أسرها)
(مرت على الْوَادي فَمَال نَحْوهَا ... أراكه يَبْغِي ارتشاف ثغرها)
(وراعها مِنْهُ الْحَصَى فسيرت ... يَمِينهَا تكشف عقد نحرها)
(غزالة إِن سفرت لناظر ... رَأَيْت ليلى فِي فروع شعرهَا)
(تملي على خلْخَالهَا شكاية ... من ردفها مَرْفُوعَة عَن خصرها)
(يَا حبذا مِنْهَا أصيل وَصلهَا ... لَو لم ينغصه هجير هجرها)
(سَارَتْ بهَا فوارس من وَائِل ... قد أطلعت كواكباً من سمرها)
(وخلفتني فِي الديار نَادِيًا ... أبْكِي طلول رسمها وعقرها)
(اعملت فِي طلابها رواحلاً ... بوخدها تفري أَدِيم قفرها)
(وَاللَّيْل مثل غادة زنجية ... قد زانها عشاقها بدرها)
(وصفحة الْأُفق كَمثل روضةٍ ... تبدو لنا أنوارها من نورها)
وَله الطَّوِيل
(لَعَلَّ رَسُولا من سعاد يزور ... فيشفي وَلَو أَن الرسائل زور)
(يخبرنا عَن غادة الْحَيّ هَل ثوت ... وَهل ضربت بالرقمتين خدور)
(وَهل سنحت فِي الرَّوْض غزلان عالج ... وَهل أثله بالساريات مطير)
)
(ديار لسلمى جادها واكف الحيا ... إِذا ذكرت خلت الْفُؤَاد يطير)
(كَأَن غنا الورقاء من فَوق دوحها ... قيان وأوراق الغصون ستور)
(تمايل فِيهَا الْغُصْن من نشوة الصِّبَا ... كَأَن عَلَيْهِ بالسلاف تدير)
(مَتى أطلعت فِيهِ الغمائم أنجماً ... تلوح وَلَكِن بالأكف تغور)
(إِذا اقتطفتها الغانيات رَأَيْتهَا ... نجوماً جنتها فِي الصَّباح بدور)(18/18)
(وَفِي الكلة الوردية اللَّوْن غادة ... أَسِير لَدَيْهَا الْقلب حَيْثُ تسير)
(بعيدَة مهوى القرط أما أثيثها ... فضاف وَأما خطوها فقصير)
(من العطرات الْعرف مَا زَان فرقها ... ذرور وَلَا شَاب الثِّيَاب بخور)
(حمتها كماةٌ من فوارس عامرٍ ... ضراغمة يَوْم الْهياج ذُكُور)
(فَمَا الْحبّ إِلَّا حَيْثُ تشتجر القنا ... وللأسد فِي أرجائهن زئير)
(عبد الْبر)
3 - (ابْن الْحَافِظ الهمذاني)
عبد الْبر بن الْحَافِظ أبي الْعَلَاء الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن الهمذاني الْعَطَّار أَبُو مُحَمَّد سمع أَبَاهُ وَعلي بن مُحَمَّد المشكاني رَاوِي التَّارِيخ الصَّغِير وَنصر بن المظفر الْبَرْمَكِي وَأَبا الْخَيْر الباغياني وَأَبا الْوَقْت السجْزِي وَجَمَاعَة وروى عَنهُ وَلَده والصدر الْبكْرِيّ والزكي البرزالي وَسَائِر الرحالة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْوَادي آشي الْكَاتِب)
عبد الْبر بن فرسَان الغساني الْكَاتِب أَبُو مُحَمَّد الْوَادي آشي أَخذ بمالقة عَن أبي الْقَاسِم السُّهيْلي ثمَّ لحق بإفريقية فَكتب ليحيى بن إِسْحَاق بن غانية وَحضر مَعَه حروبه وَكَانَ من رجالات وقته براعةً وشجاعة وأصابته فِي بعض الوقائع جِرَاحَة انتقضت بِهِ فَهَلَك مِنْهَا فِي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة قبل وَفَاة مخدومه بِعشْرين سنة فَلم يسد عَنهُ أحد مسده وَلَا أغْنى غناهُ بعده وَله فِي مخدومه أمداح حسان يصف وقائعه وَمن شعره مخلع الْبَسِيط
(بيض من مفرقي عدوي ... لخوض هول وخرق دو)
(وصير اللَّيْل مِنْهُ صبحاً ... طُلُوع شمس بِكُل جو)
وَمِنْه أَيْضا قَوْله الطَّوِيل)
(كفى حزنا أَن الزّجاج صقيلةٌ ... وَأَن الشبا رهن الصدى ببهائه)
(وَأَن بياذيق الجوانب فرزنت ... وَلم يعد رخ الدست بَيت بنائِهِ)
وَمِنْه فِي خباء ضرب خلف قيطون شعر الْكَامِل
(أخريدة أم دمية من عاج ... حَتَّى الدجى مِنْهَا بضوء سراج)
(قد كَانَ أليل داجياً حَتَّى بَدَت ... فعزته للألاء لَا للداجي)(18/19)
(وكأنما أبقى عَلَيْهَا حارساً ... مِنْهُ فَقَامَ لَهَا مقَام مناجي)
(كفتاة زنج فِي حلي كحلي الملا ... حفت بِبَعْض كرائم الأعلاج)
(كاللمة السَّوْدَاء أرسل عقصها ... فَوق الغلائل دون عقد التَّاج)
(كالفجر أشرق من حجاب جهامه ... أَو كالهدي على منصة سَاج)
وَمِنْه الطَّوِيل
(مَتى تتجلى عَن بدور المطالب ... سَحَاب الخطوب الفاحمات الذوائب)
(وَهل تأخذن الْعين حظاً من الْكرَى ... بِمَا أخذت من حَظّ رعي الْكَوَاكِب)
(أرقت لبرق سَله الْأُفق صَارِمًا ... على اللَّيْل لساعا كهام الْمضَارب)
(ينير ذرى الأفواز ومض التياحه ... كَمَا شعشع الساقي كؤوساً لشارب)
(إِذا قيل أورت زندها كف مصطل ... تلألاء خفاقاً فأكذبت صَاحِبي)
(سرى وسرى همي فَأصْبح دانياً ... وواصلت سيري بالسرى المتناوب)
(وَمِمَّا شجاني والشجون كَثِيرَة ... وغيري يشجي بالحسان الخوالب)
(وَمَا كنت وقاعاً على مَا يقودني ... مباديه مطواعاً كذم العواقب)
(بكاء ضنينات الدُّمُوع سواجع ... حللن من الأغصان فَوق مشاجب)
(سليمات رَجَعَ اللّحن من خطل الأسى ... مثيرات شجو الصب عجم أعارب)
(صقيلات مَا فَوق الظُّهُور إِلَى الطلى ... وَمَا خطت الْأَعْنَاق فَوق الترائب)
(فقدن هديلاً مَا تناسين برحة ... وَلَيْسَ يَجِيء الدَّهْر مِنْهُ بذاهب)
(فهن على مَا خيلت يدعينه ... وصم عَن الدَّاعِي صماخ المجاوب)
قلت شعر جيد فصيح جزل
3 - (ابْن رزين القَاضِي)
)
عبد الْبر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن رزين القَاضِي الْعَالم صدر الدّين ابْن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الشَّافِعِي مدرس القيمرية بِدِمَشْق كَانَ شَابًّا متودداً متواضعاً حسن الْعشْرَة وَفِيه ذكاء وَمَعْرِفَة توفّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
(عبد الْجَبَّار)
3 - (القَاضِي عبد الْجَبَّار المعتزلي)
عبد الْجَبَّار بن أَحْمد القَاضِي أَبُو الْحسن(18/20)
الْهَمدَانِي المعتزلي قَاضِي قُضَاة الرّيّ شيخ الاعتزال توفّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة وَقيل سنة خمس عشرَة زَاد سنة على التسعين وَكَانَ كثير المَال وَالْعَقار ولي قَضَاء الْقُضَاة بِالريِّ وأعمالها بعد امْتنَاع مِنْهُ وإباء وإلحاح من الصاحب بن عباد وَهُوَ صَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة فِي الاعتزال وَتَفْسِير الْقُرْآن وَكَانَ مَعَ ذَلِك شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَكَانَ الصاحب قد أنفذ إِلَى أستاذه أبي عبد الله الْبَصْرِيّ يسْأَله إِنْفَاذ رجل يَدْعُو النَّاس بِعَمَلِهِ وَعلمه إِلَى مذْهبه فأنفذ إِلَيْهِ أَبَا إِسْحَاق النصيبي وَكَانَ حسن اللَّفْظ وَالْحِفْظ فَلم ينْفق على الصاحب لشراسة أخلاقه واحتشم الصاحب أَن يجْزِيه بِمَا يكره فَأكل مَعَه يَوْمًا وَأكْثر من أكل الْجُبْن فَقَالَ لَهُ الصاحب لَا تكْثر من أكل الْجُبْن فَإِنَّهُ يضر الذكاء فَقَالَ النصيبي لَا تطبب النَّاس على مائدتك فَسَاءَتْ هَذِه الْكَلِمَة الصاحب فَبعث إِلَيْهِ بِخَمْسَة مائَة دِينَار وَثيَاب ورحل وَأمره بالانصراف عَنهُ وَكتب إِلَى أبي عبد الله الْبَصْرِيّ أُرِيد أَن تبْعَث لي رجلا يَدْعُو النَّاس بعقله أَكثر مِمَّا يَدعُوهُم بِعِلْمِهِ وَعَمله فأنفذ إِلَيْهِ عبد الْجَبَّار فَرَأى مِنْهُ جبل علم وأخلاقاً مهذبة فنفق عَلَيْهِ
ودرس يَوْمًا القَاضِي عبد الْجَبَّار مَسْأَلَة فِي بعض الْأَيَّام فَقَالَ تقوم عَليّ هَذِه الْمَسْأَلَة بِمِائَة وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم فَسَأَلَهُ التلامذة عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ يلازمني حدث من أهل قزوين لم يكن لَهُ رَغْبَة فِي الْعلم فَعلمت أَن ملازمته لي رَغْبَة فِي جاهي فاتفق أَن تَوَجَّهت عَلَيْهِ مُطَالبَة تتَعَلَّق بدار الضَّرْب بقزوين فقرر عَلَيْهِ مائَة وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم فقصدني وشكا إيل فَمَا ظَهرت لَهُ نصيحتي فَحَضَرت مجْلِس الصاحب فَسَأَلَنِي عَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي قَوْله تَعَالَى وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله هَل فِي النَّصَارَى من يَقُول أَن مَرْيَم إِلَه فَقلت هَذَا على سَبِيل الْإِلْزَام يلْزمهُم بِمُقْتَضى قَوْلهم فِي عِيسَى أَن يقولوه فِي مَرْيَم)
وسألني عَن قَوْله تَعَالَى إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شاكراً وَإِمَّا كفوراً كَيفَ قرن بَين لفظ فَاعل بفعول وَأَحَدهمَا يُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة دون الآخر فَقلت نعم الله تَعَالَى على عباده كَثِيرَة فَكل شكر يَأْتِي فِي مقابلتها قَلِيل وكل كفر يَأْتِي فِي مقابلتها عَظِيم فجَاء بِلَفْظ فَاعل لَيْسَ للْمُبَالَغَة وَجَاء كفور على وزن فعول للْمُبَالَغَة فتهلل وَجهه فَقلت هَذِه سَاعَة تلِيق أَن أخاطبه فِي أَمر الْقزْوِينِي فَلَمَّا خاطبته قَالَ يحكم القَاضِي فَقلت إِن حكمت بِشَيْء يسير نسبني إِلَى ضعف النَّفس وَصغر الهمة فَقلت تسْقط عَنهُ مائَة ألف دِرْهَم فَقَالَ الصاحب والعلاوة أَيْضا وَكَانَ قبل اتِّصَاله بالصاحب على حَظه من الْفِقْه وَكَانَ لَهُ زَوْجَة وَولد وابتاع لَيْلَة من اللَّيَالِي دهناً ليداوي بِهِ جرباً كَانَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أظلم اللَّيْل تفكر هَل يطلي الجرب أَو يشعل بِهِ السراج وَلَا تفوته مطالعة الْكتب فرجح عِنْده الإشعال للمطالعة فَمَا بعد أَن أرسل الصاحب وَرَاءه وولاه الْقَضَاء فَملك الْأَمْوَال وَكَانَ مَوْصُوفا بقلة الرِّعَايَة للحقوق(18/21)
فَأول ذَلِك أَنه كَانَ يكْتب للصاحب على عنوان كتبه عَبده وصنيعه وغرسه عبد الْجَبَّار فَلَمَّا رأى مَنْزِلَته مِنْهُ ومعرفته لحقه وإقباله عَلَيْهِ كتب عَبده وصنيعه ثمَّ كتب غرسه فَقَالَ الصاحب لجلسائه إِن تطاول مقَام القَاضِي عندنَا عنون كتبه إِلَيْنَا الْجَبَّار وَترك مَا سواهُ من اسْمه وَلما مَاتَ الصاحب كَانَ يَقُول أَنا لَا أترحم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يظْهر تَوْبَته فطعن النَّاس عَلَيْهِ بذلك ومقتوه مَعَ كَثْرَة إِحْسَان الصاحب إِلَيْهِ وَكَانَ عَاقِبَة ذَلِك أَن قبض فَخر الدولة عَلَيْهِ بعد موت الصاحب وصادره على ثَلَاثَة آلَاف ألف دِرْهَم وعزله عَن قَضَاء الرّيّ وَولى مَكَانَهُ القَاضِي أَبَا الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ الْعَلامَة صَاحب التصانيف الَّتِي مِنْهَا الوساطة وَيُقَال إِن عبد الْجَبَّار بَاعَ فِي مصادرته ألف طيلسان مصري
وَهُوَ شيخ الْمُعْتَزلَة وَرَئِيس طائفتهم يزْعم أَن الْمُسلم يخلد فِي النَّار على ربع دِينَار وَجمع هَذَا المَال من الْقَضَاء وَالْحكم بالظلم والرشا وتولاها عَن قوم هم فِي مذْهبه ظلمَة بل كفرة
3 - (أَبُو يعلى الديناري)
عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْيَمَان الديناري أَبُو يعلى من أهل الْبيُوت الْمَذْكُورَة وَذَوي الْأَنْسَاب كَانَ وَالِده يزور على خطّ أبي عَليّ بن مقلة تزويراً لَا يكَاد يفْطن لَهُ
وَكَانَ أَبُو يعلى فِيهِ فَضَائِل جمة من درس الْقُرْآن وَالْفِقْه وَرِوَايَة الْأَخْبَار وَحفظ دواوين)
الْأَشْعَار وَمَعْرِفَة تَامَّة بالنحو واللغة وإنشاء الرسائل وَكَانَ عَارِفًا بِأُمُور الْمِيَاه والضياع وَله بَصِيرَة جَيِّدَة بأحوال الْمصَالح ويميل إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة وَيَدعِي الفروسية ويتعاطاها وواقع الْعَرَب عدَّة وقعات
وَأورد لَهُ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء قَوْله فِي الشمعة السَّرِيع
(فالليل صبح كلما استوقدت ... والمنزل الموحش كالآهل)
(تشبه مني كلما حل بِي ... عِنْد صدود الرشاء الخاذل)
(صفرَة لون إِن تأملتها ... مثل بوادي لوني الْحَائِل)
(وأدمعي تجْرِي وَلَا ينثني ... كدمعها المنسبل الهامل)
(وزفرتي ترقا كَمَا ترتقي ... زفرتها شوقاً إِلَى قاتلي)
(والجسم مني محرق ذابلٌ ... كقلبها المحترق الذابل)
(وَالنَّار من قلبِي وَمن قَلبهَا ... تذيب جسميناً وَلَا تأتلي)(18/22)
3 - (أَبُو طَالب الْقُرْطُبِيّ)
عبد الْجَبَّار بن عبد الله بن أَحْمد المرواني الْقُرْطُبِيّ أَبُو طَالب توفّي سنة عشر وَخمْس مائَة
كَانَ من أهل الْمعرفَة باللغة وَالْأَدب والعربية جمع كتابا حافلاً فِي التَّارِيخ سَمَّاهُ عنوان الْآثَار ونواظر السياسة وَكَانَ شَاعِرًا ذكياً
3 - (أَبُو مُحَمَّد الجراحي)
عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْجراح أَبُو مُحَمَّد الجراحي المرزباني رَاوِي جَامع التِّرْمِذِيّ عَن أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْبُوب بن فضل التَّاجِر توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن حسكان الإِسْفِرَايِينِيّ)
عبد الْجَبَّار بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسكان الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الإِسْفِرَايِينِيّ الْمُتَكَلّم الْأَصَم الْمَعْرُوف بالإسكاف فَقِيه إِمَام أشعري من تلامذة أبي إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ المبرزين فِي الْفَتْوَى توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (المساحقي صَاحب مَالك)
عبد الْجَبَّار بن سعيد بن سُلَيْمَان المساحقي الْفَقِيه الْمدنِي صَاحب مَالك روى عَنهُ وَعَن ابْن)
أبي ذِئْب وروى عَنهُ إِسْمَاعِيل القَاضِي وَغَيره ولي قَضَاء المصيصة وعاش بضعاً وَثَمَانِينَ سنة قَالَ مُصعب كَانَ أجمل قرشي وَجها وَأَحْسَنهمْ لِسَانا توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو بكر الْعَطَّار الْبَصْرِيّ)
عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار أَبُو بكر الْبَصْرِيّ المجاور بِمَكَّة مولى الْأَنْصَار سمع سُفْيَان بن عُيَيْنَة ومروان بن مُعَاوِيَة وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ ويوسف بن عَطِيَّة وغندرا وَجَمَاعَة وروى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو بكر بن أبي عَاصِم وَإِسْحَاق بن أَحْمد الْخُزَاعِيّ وَعمر الْبُحَيْرِي وَأَبُو قُرَيْش مُحَمَّد بن جُمُعَة(18/23)
وَابْن صاعد وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عرُوبَة وروى النَّسَائِيّ أَيْضا عَن زَكَرِيَّا خياط السّنة عَنهُ وَقَالَ لَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَالح وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة مَا رَأَيْت أسْرع قِرَاءَة مِنْهُ وَمن بنْدَار وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو هَاشم السّلمِيّ)
عبد الْجَبَّار بن عبد الصَّمد بن إِسْمَاعِيل أَبُو هِشَام السّلمِيّ الْمُؤَدب الْمُقْرِئ قَرَأَ الْقرَاءَات على أبي عُبَيْدَة أَحْمد بن ذكْوَان وَسمع مُحَمَّد بن خريم وجعفر بن أَحْمد بن عَاصِم وَالقَاسِم بن عِيسَى العصار وَمُحَمّد بن الْمعَافي الصَّيْدَاوِيُّ وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَغَيرهم بِالشَّام ومصر والحجاز وَعنهُ تَمام الرَّازِيّ ومكي بن الْغمر وَعبد الْوَهَّاب الميداني وَأَبُو الْحسن ابْن جَهْضَم وَغَيرهم وَجمع من المصنفات شَيْئا وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو سعيد الْأَزجيّ)
عبد الْجَبَّار بن يحيى بن عَليّ بن هِلَال أَبُو سعيد الْأَزجيّ الدباس الْمَعْرُوف بِابْن الْأَعرَابِي سمع أَبَا الْقَاسِم بن بَيَان وَأَبا يَاسر البرداني وَمُحَمّد ابْن عبد الْبَاقِي الدوري وَابْن الْحصين وَجَمَاعَة سمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب مَعَ تقدمه وروى عَنهُ ابْن الدبيثي والبهاء عبد الرَّحْمَن وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)
عبد الْجَبَّار بن يُوسُف بن عبد الْجَبَّار بن شبْل بن عَليّ القَاضِي الأكرم أَبُو مُحَمَّد بن القَاضِي الْأَجَل أبي الْحجَّاج الجذامي الصويتي الْمَقْدِسِي)
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بِبَيْت الْمُقَدّس سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
سمع من السلَفِي وَولي ديوَان الْجَيْش بِمصْر مُدَّة ومولده وداره بِمصْر
3 - (شيخ الفتوة)
عبد الْجَبَّار بن يُوسُف بن صَالح الْبَغْدَادِيّ شيخ الفتوة ورئيسها ودرة تاجها وحامل لوائها تفرد بالمروءة والعصبية وَانْفَرَدَ بشرف النَّفس والأبوة وَانْقطع إِلَى عبَادَة الله بِموضع اتَّخذهُ لنَفسِهِ وبناه فاستدعاه الإِمَام النَّاصِر وتفتى إِلَيْهِ وَلبس مِنْهُ خرج حَاجا فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فَتوفي بالمعلاة فِي ذِي الْحجَّة من السّنة
3 - (عبد الْجَبَّار الحصري)
عبد الْجَبَّار بن أبي الْفضل بن الْفرج بن حَمْزَة الْأَزجيّ الحصري الْمُقْرِئ الراجل الصَّالح قَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْكَرم الشهرزوري وَسمع من أبي الْوَقْت وَابْن نَاصِر وَأبي بكر الزَّاغُونِيّ وَجَمَاعَة وأقرأ الْقُرْآن مُدَّة ببغداذ والموصل والقفص(18/24)
سقط عَلَيْهِ جرف بتكريت وعجزوا عَن كشفه وَكَانَ قَبره سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْخرقِيّ)
عبد الْجَبَّار بن عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد بن ثَابت بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد الثابتي الْخرقِيّ الْمروزِي
فَقِيه فَاضل بارع تفقه على تَاج الْإِسْلَام أبي بكر بن السَّمْعَانِيّ وعَلى الإِمَام أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المروروزي ثمَّ اشْتغل بِالْحِسَابِ والهندسة وتجاوزه وتجاوزها إِلَى عُلُوم الْأَوَائِل وَمَعَ ذَلِك كَانَ حسن الصَّلَاة وَسمع الْكثير من الحَدِيث فَانْتَفع بِهِ وَجمع تَارِيخا لمور وَسمع أَبَا بكر مُحَمَّد ابْن السَّمْعَانِيّ قَالَ ولد بعزبة خرق بِفَتْح الْخَاء وَالرَّاء سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي يَوْم عيد الْفطر سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو طَالب الْمعَافِرِي)
عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو طَالب الْمعَافِرِي اللّغَوِيّ المغربي قدم الْبِلَاد وأقرأ الْعَرَبيَّة بِمصْر وبغداذ وانتفع بِهِ خلق وَتُوفِّي وو رَاجع إِلَى بِلَاده سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَهُوَ شيخ عبد الله بن بري
3 - (كَمَال الدّين بن الحرستاني)
عبد الْجَبَّار بن عبد الْغَنِيّ بن عَليّ بن أبي الْفضل بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد ابْن عبد الضَّيْف)
الْأنْصَارِيّ بن الحرستاني الشَّافِعِي الْفَقِيه الْمُفْتِي كَمَال الدّين أَبُو مُحَمَّد
سمع أَبَا الْقَاسِم الْحَافِظ وَأَبا سعد بن أبي عصرون وَأَجَازَ لَهُ خطيب الْموصل أَبُو الْفضل والحافظ أَبُو مسوى الْمَدِينِيّ وَسمع مِنْهُ الزكي البرزالي وَخرج لَهُ جُزْءا وَأَبُو حَامِد ابْن الصَّابُونِي وَابْن الدخميسي وَالْفَخْر مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن التيني ودرس بالكلاسة والأكزية وَهُوَ من بَيت ابْن طليس وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
3 - (ابْن حمديس الصّقليّ)
عبد الْجَبَّار بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن حمديس أَبُو مُحَمَّد الصّقليّ الشَّاعِر امتدح مُلُوك الأندلس بعد السّبْعين وَأَرْبع مائَة واختص بالمعتمد وامتدح بعده ملك إفريقية يحيى بن تَمِيم وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة وَمن شعره الرمل
(والثريا رجح الغرب بهَا ... كَابْن مَاء ضم للوكر جنَاح)
(وَكَأن الغرب مِنْهَا ناشق ... باقة من ياسمين أَو أقاح)(18/25)
(وَكَأن الصُّبْح بالأنوار من ... ظلم اللَّيْل على الظلماء صَاح)
وَمِنْه الْبَسِيط
(ومغرب طعنته غير نابيةٍ ... أسنة هن إِن حققتها شهب)
(ومشرق كيمياء الشَّمْس فِي يَده ... ففضة المَاء من إلقائها ذهب)
وَمِنْه الْبَسِيط
(وَرب ليل سريناه وَقد طلعت ... بَقِيَّة الْبَدْر فِي أولى بشائره)
(كَأَنَّمَا أدهم الإظلام حِين نجا ... من أَشهب الصُّبْح ألْقى نعل حَافره)
وَمِنْه الطَّوِيل
(ووردية فِي اللَّوْن والفوح شعشعت ... فأبدت نجوماً فِي شُعَاع من الشَّمْس)
(نفيت هموم النَّفس مِنْهَا بشربةٍ ... دَبِيب حمياها يدق عَن الْحس)
(كَأَن يَدي من فضَّة فَإِذا حوت ... زجاجتها عَادَتْ مذْهبه الْخمس)
وَمِنْه الْكَامِل
(حَمْرَاء يشرب الأنوف سلافها ... لطفاً مَعَ الأسماع والأحداق)
(بزجاجة صور الفوراس نقشها ... فترى لَهَا حَربًا بكف الساقي)
)
(وكأنما سفكت صورامها دَمًا ... لبست بِهِ غرقاً إِلَى الْأَعْنَاق)
(وَكَأن للكاسات حمر غلائل ... أزرارها دُرَر على الأطواق)
وَمِنْه فِي وصف فرس الْكَامِل
(يجْرِي ولمع الْبَرْق فِي آثاره ... من كَثْرَة الكبوات غير مُفِيق)
(ويكاد يخرج سرعَة من ظله ... لَو كَانَ يرغب فِي فِرَاق رَفِيق)
وَمِنْه الْبَسِيط
(يرْعَى الرعايا بِعَين من حفيظته ... ويبسط الْعدْل مِنْهُ لين قَاس)
(كَأَن سُورَة كسْرَى عِنْد سورته ... سُكُون صُورَة كسْرَى وَهِي فِي الكاس)
وَمِنْه فِي الذُّبَاب الَّذِي يَقع على الْإِبِل الْبَسِيط
(ومودع فِي المطايا لسعة حمة ... فيزعج الرّوح مسراها من الْجَسَد)
(يحك من دَمهَا القاني يدا بيد ... كَمَا تحك بحناء يدا بيد)
(يغشى السوام مناقيراً فتحسبها ... مباضعاً مدميات كل مفتصد)(18/26)
وَمِنْه فِي وصف الْإِبِل فِي الْمسير الْبَسِيط
(وداخلات على بهماء سبسبها ... بِكُل خرق عريق فِي العلى ندس)
(كَأَنَّهَا وَهِي ترمي المقفرات بهم ... من الوجيف نبال والهزال قسي)
(مثل الحواجب لاذت وَهِي ظامئة ... بأعين بالفلا مطموسة درس)
من ذَا يَقُول ولج الْآل يحملهاإن السَّفِينَة لَا تجْرِي على يبس وَمِنْه الْبَسِيط
(حرر لمعناك لفظا كي تزان بِهِ ... وَقل من الشّعْر سحرًا أَو فَلَا تقل)
(فالكحل لَا يفتن الْأَبْصَار منظره ... حَتَّى يصير حَشْو الْأَعْين النجل)
وَمِنْه فِي الشيب مخلع الْبَسِيط
(ولي شَبَابِي وراع شيبي ... مني سرب المها وفضه)
(كَأَنَّمَا الْمشْط فِي يَمِيني ... يجر مِنْهُ خيوط فضه)
وَمِنْه الوافر
(وَقد سكرت صعاد الْخط حَتَّى ... تأود كل لدن مُسْتَقِيم)
)
(وَمَا شربت سوى خمر التراقي ... وَلَا نشقت سوى ورد الكلوم)
وَمِنْه الْكَامِل
(والروع تثقل بالردى ساعاته ... وتخف بالأبطال فِي الضمر)
(نكص النَّهَار بِهِ على أعقابه ... حَتَّى حسبت الشَّمْس فِيهِ تكور)
(وَالنَّقْع مِنْهُ دجنة لَا تنجلي ... وَالصُّبْح مِنْهُ ملاءة لَا تنشر)
وَمِنْه السَّرِيع
(قُم هَاتِهَا من كف ذَات الوشاح ... فقد نعى اللَّيْل بشير الصَّباح)
(واحلل عرى نومك من مقلة ... تمقل أحداقاً مراضاً صِحَاح)
(خل الْكرَى عَنْك وَخذ قهوة ... تهدي إِلَى الرّوح نسيم ارتياح)
(باكر إِلَى اللَّذَّة واركب لَهَا ... سوابق اللَّهْو ذَوَات المراح)
(من قبل أَن ترشف شمس الضُّحَى ... ريق الغوادي من ثغور الأقاح)
وَمِنْه الطَّوِيل
(كَأَنَّك لم تجْعَل قناك مراودا ... تشق من اللَّيْل البهيم مآقيا)(18/27)
(وَلم تزد الإظلام بالنقع ظلمَة ... إِذا بيض الإصباح مِنْهُ حواشيا)
وَمِنْه القصيدة الْمَشْهُورَة المتقارب
(قَضَت فِي الصِّبَا النَّفس أوطارها ... وأبلغها الشيب إنذارها)
(نعم وَأحلت قداح الْهوى ... عَلَيْهَا فقسمن أعشارها)
(وَمَا غرس الدَّهْر فِي تربة ... غراساً وَلم يجن أثمارها)
(فأفنيت فِي الْحَرْب آلاتها ... وأفنيت فِي السّلم أَوزَارهَا)
(كميتاً لَهَا مرح بالفتى ... إِذا حث باللهو أدوارها)
(ينازلها الكوب من دنها ... فتحسبه كَانَ مضمارها)
(وساقية زررت كفها ... على عنق الظبي أزرارها)
(تدير بياقوتة درة ... فتغمس فِي مَائِهَا نارها)
(وفتيان صدق كزهر النُّجُوم ... كرام النحائز أحرارها)
(يديرون رَاحا تفيض الكؤوس ... على ظلم اللَّيْل أنوارها)
)
(كَأَن لَهَا من نَسِيج الْحباب ... شباكاً تعقل أطيارها)
(وراهبة أغلقت ديرها ... فَكُنَّا مَعَ اللَّيْل زوارها)
(هدَانَا إِلَيْهَا شذا قهوة ... تذيع لأنفك أسرارها)
(فَمَا فَازَ بالمسك إِلَّا امْرُؤ ... تيَمّم دارين أَو دارها)
(كَأَن نوافجه عِنْدهَا ... دنان مضمنة قارها)
(طرحت بميزانها درهمي ... فسيل فِي الكاس دينارها)
(خَطَبنَا بَنَات لَهَا أَرْبعا ... ليفترع اللَّهْو أبكارها)
(تريك عرائسها أيدياً طوَالًا ... تصافح أخصارها)
(من اللأى أَعمار زهر النُّجُوم ... تكَاد تطاول أعمارها)
(تفرس فِي طيبها شمها ... مجيد الفراسة فاختارها)
(فَتى دارس الكاس حَتَّى درى ... عصير الْخُمُور وأعصارها)
(يعد لما شِئْت من قهوة ... سنيها وَيعرف خمارها)
(وعدنا إِلَى هَالة أطلعت ... على قضيب البان أقمارها)
(نفى ملك اللَّهْو عَنَّا الهموم ... وَلَو ثرن قتل ثوارها)(18/28)
(وَقد سكنت حركات الأسى ... قيان تحرّك أوتارها)
(فهذي تعانق لي عودهَا ... وَتلك تقبل مزمارها)
(وراقصة لقطت رجلهَا ... حِسَاب يَد نقرت طارها)
(وقضب من الشمع مصفرة ... تريك من النَّار نوارها)
(كَأَن لَهَا عمدا صففت ... وَقد وزن الْعدْل أقطارها)
(تقل الدياجي على هامها ... وتهتك بِالنورِ أستارها)
(كأنا نسلط آجالها ... عَلَيْهَا فتمحق أعمارها)
(ذكرت صقلية والأسى ... يهيج للنَّفس تذكارها)
(ومنزلة للصبا قد خلت ... وَكَانَ بَنو الظّرْف عمارها)
(فَإِن كنت أخرجت من جنَّة ... فَإِنِّي أحدث أَخْبَارهَا)
(وَلَوْلَا ملوحة مَاء الْبكاء ... حسبت دموعي أنهارها)
)
(ضحِكت ابْن عشْرين من صبوة ... بَكَيْت ابْن سِتِّينَ أَوزَارهَا)
(فَلَا تعظمن عَلَيْك الذُّنُوب ... إِذا كَانَ رَبك غفارها)
قلت كَذَا فَلْيَكُن الشّعْر عذوبة وانسجاماً وَتمكن قواف وَحسن تَشْبِيه ولطف اسْتِعَارَة وغوصاً على الْمعَانِي
3 - (أَبُو مُحَمَّد البغداذي)
عبد الْجَبَّار بن عبد الْخَالِق بن مُحَمَّد بن أبي نصر بن عبد الْبَاقِي بن عكبر الإِمَام الْوَاعِظ الْعَلامَة جلال الدّين أَبُو مُحَمَّد البغداذي أحد الْمَشَاهِير ولد فِي حُدُود الْعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة
سمع من ابْن اللتي وَنصر بن عبد الرَّزَّاق وَحدث أَخذ عَنهُ ابْن الفوطي وَأَبُو الْعَلَاء ابْن الفرضي وَدفن فِي دَاره وَولي تدريس المستنصرية وَكَانَ وحيد دهره فِي الْوَعْظ وَالتَّفْسِير وَله مصنفات مِنْهَا مشكاة الْبَيَان فِي تَفْسِير الْقُرْآن ومراتع المرتعين فِي مرابع الْأَرْبَعين من أَخْبَار سيد الْمُرْسلين وإيقاظ الوعاظ وَلم يخلف مثله
3 - (أَبُو طَالب النَّسَائِيّ)
عبد الْجَبَّار بن عَاصِم النَّسَائِيّ حدث ببغداذ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(18/29)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الجهرمي)
عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن مُحَمَّد الجهرمي أَبُو مُحَمَّد بن أبي الْحَدث كَانَ فَقِيها مناظراً ولي الْحِسْبَة ببغداذ وعزل وَولي الإشراف على جبل وَالنَّظَر فِي أَمْوَال الوكلاء بواسط وَالْبَصْرَة واتصل بالوزير أبي المحاسن وَزِير السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه وَقبض عَلَيْهِ لما نكب الْوَزير وخلصه صَدَقَة بن مزِيد ثمَّ قبض عَلَيْهِ العميد أَبُو جَعْفَر وصودر على مَال سمع من أبي مُحَمَّد الصريفيني وَحدث باليسير
3 - (أَبُو المظفر عبد الْجَبَّار)
عبد الْجَبَّار بن عبد الْجَلِيل أَبُو المظفر قَالَ الباخرزي فِي الدمية ارتبطه الصاحب أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن مِيكَائِيل رَحمَه الله لكتابته فِي ديوَان رسَالَته وَكُنَّا نَحن ثلاثتنا هُوَ وَأَبُو مَنْصُور الْجلاب وَهُوَ منخرط فِي سلك الْكتاب لنجابته وأنشدني لنَفسِهِ وَنحن فِي مجْلِس)
الْأنس بَين يَدي الصاحب بِالريِّ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة الرمل
(أشتهي نوماً ونيكاً مَعَه ... إِنَّمَا النّوم مَعَ النيك يطيب)
(هُوَ دائي ودوائي عنْدكُمْ ... هَل لدائي سادتي فِيكُم طَبِيب)
قَالَ الباخرزي هَذَا الْفَاضِل صَادِق الاشتهاء أفْصح عِنْد الطَّبِيب بالداء وَلم يسر الحسو فِي الارتغاء يغر أَن الطَّبِيب هُنَا كِنَايَة عَن القواد وَعَن الْبغاء وَمَا أطيب مَا اشْتهى وَالْعجب أَنه مَا بَكَى فَهُوَ كَمَا وصفت بِهِ نَفسِي حَيْثُ قلت السَّرِيع
(يَا قوم إِنِّي رجل فَاضل ... وَلَيْسَ فِي فضلي من شكّ)
(أَهْوى كؤوس الراح مَمْلُوءَة ... وأشتهي الْإِيلَاج فِي التّرْك)
(وأقضم القند وَلَا أشتكي ... وآكل التَّمْر وَلَا أبْكِي)
(عبد الْجَلِيل)
3 - (أَبُو المظفر الْمروزِي)
عبد الْجَلِيل بن عبد الْجَبَّار بن عبد الله بن طَلْحَة أَبُو المظفر الْمروزِي الْفَقِيه الشَّافِعِي قدم دمشق وتفقه بِهِ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْمفضل يحيى بن عَليّ الْقرشِي وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مَسْعُود الْأَصْبَهَانِيّ كوتاه)
عبد الْجَلِيل بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سهمرد بن مهرَة الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو مَسْعُود الْأَصْبَهَانِيّ كوتاه بِالْكَاف وَبعد الْوَاو تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة تقدم ذكر وَالِده وَولده وحفيده فِي المحمدين(18/30)
كَانَ من أَئِمَّة الحَدِيث مَوْصُوفا بِالْحِفْظِ والإتقان والصدق والديانة وَقد أمْلى كثيرا من الْمجَالِس وَسمع مِنْهُ الْكِبَار سمع هُوَ رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن الذكواني وَالقَاسِم بن الْفضل بن أَحْمد الثَّقَفِيّ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الْحسن بن ماجة الْأَبْهَرِيّ وَأحمد بن الْحُسَيْن ابْن أبي ذَر الصالحاني وَجَمَاعَة
3 - (عبد الْجَلِيل الغزنوي)
عبد الْجَلِيل بن فَيْرُوز بن الْحسن من أهل غزنة أحد أعيانها لَهُ تصانيف مِنْهَا كتاب لباب التصريف كتاب الْهِدَايَة فِي النَّحْو كتاب مَعَاني الْحُرُوف كتاب مؤنس الْإِنْسَان وَمذهب)
الأحزان
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ)
عبد الْجَلِيل بن مُوسَى بن عبد الْجَلِيل القصري الإِمَام الْقدْوَة شيخ الْإِسْلَام أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ عرف بالقصري قصر كتامة كَانَ رَأْسا فِي الْعلم وَالْعَمَل مُنْقَطع القرين فَارغًا عَن الدُّنْيَا صنف التَّفْسِير وَشرح الْأَسْمَاء الْحسنى وَله شعب الْإِيمَان وَكَلَامه فِي الْعرْفَان بديع وَتُوفِّي سنة ثَمَان وست مائَة
3 - (ابْن وهبون المرسي)
عبد الْجَلِيل بن وهبون أَبُو مُحَمَّد الملقب بالدمعة المرسي قَالَ ابْن بسام فِي تَرْجَمته شمس الزَّمَان وبدره وسر الْإِحْسَان وجهره ومستودع الْبَيَان ومستقره أحد من أفرغ فِي وقتنا فنون الْمقَال فِي قوالب السحر الْحَلَال وَقيد شوارد الْأَلْبَاب بأرق من ملح العتاب وأروق من غفلات الشَّبَاب وكورة تدمير أفقه الَّذِي مِنْهُ طلع وعارضه الَّذِي مِنْهُ لمع
اجتاز بالمرية فِي بعض رَحْله الشرقية وملكها يَوْمئِذٍ أَبُو يحيى ابْن صمادح فاهتز لعبد الْجَلِيل واستدعاه وَعرض لَهُ بجملة وافرة من عرض دُنْيَاهُ فَلم يعرج على ذَلِك وارتحل عَن بَلَده وَقَالَ فِي ارتجال الطَّوِيل
(دنا الْعِيد لَو تَدْنُو بِهِ كعبة المنى ... وركن الْمَعَالِي من ذؤابة يعرب)
(فيا أسفا للشعر ترمى جماره ... وَيَا بعد مَا بَين المنى والمحصب)
وَمن عَجِيب مَا اتّفق أَن عبد الْجَلِيل وَأَبا إِسْحَاق بن خفاجة تصاحبا فِي طَرِيق مخوف فمرا بعلمين وَعَلَيْهِمَا رأسان كَأَنَّهُمَا بسر متناجيان فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الطَّوِيل(18/31)
(أَلا رب رَأس لَا تزاور بَينه ... وَبَين أَخِيه والمزار قريب)
(أناف بِهِ صلد الصَّفَا فَهُوَ مِنْبَر ... وَقَامَ على أَعْلَاهُ فَهُوَ خطيب)
فَقَالَ عبد الْجَلِيل الطَّوِيل(18/32)
(يَقُول حذاراً لَا اغترار فطالما ... أَنَاخَ قَتِيل بِي وَمر سليب)
فَمَا أتم قَوْله حَتَّى لَاحَ لَهما قتام سَاطِع كَأَن السيوف فِيهِ برق لامع فَمَا تجلى إِلَّا وَعبد الْجَلِيل قَتِيل وَابْن خفاجة سليب فَكَأَنَّمَا كشف لَهُ فِيمَا قَالَ ستر الْغَيْب وَمن شعره يمدح الْمُعْتَمد الْبَسِيط)
(بيني وَبَين اللَّيَالِي همة جلل ... لَو نالها الْبَدْر لاستخزى لَهُ زحل)
(سراب كل يباب عِنْدهَا شنب ... وهول كل ظلام عِنْدهَا كحل)
(من أَيْن أبخس لَا فِي ساعدي قصر ... عَن المساعي وَلَا فِي مقولي خطل)
(ذَنبي إِلَى الدَّهْر إِن أبدي تعنته ... ذَنْب الحسام إِذا مَا أحجم البطل)
(يَا طَالب الوفر إِنِّي قُمْت أطلبها ... علياء تعيا بهَا الأسماع والمقل)
(لَا كَانَ للعيش فضل لَا أَجود بِهِ ... يَكْفِي المهند من أسلابه الْخلَل)
(لَكِن بخلت بِأَنْفَاسِ مهذبة ... تروي الْعُقُول وَهن الْجَمْر والشعل)
(وَإِن وصفت فكاليوم الَّذِي عرفت ... مِنْك الفرنجة فِيهِ كنه مَا جهلوا)
(وَقد دلفت إِلَيْهِم تَحت خافقة ... قلب الضَّلَالَة مِنْهَا خَائِف وَجل)
(فراعهم مِنْك وضاح الجبين وَعَن ... بشر الحسام يكون الْخَوْف والوهل)
(وَحين أسمعت مَا أسمعت من كلم ... تمثلت لَهُم الْأَعْرَاب وَالْحلَل)
(وَكلما نفحت ريح الْهدى خمدت ... دِمَاؤُهُمْ وسيوف الْهِنْد تشتعل)
(أشباه مَا اعتقلوه من ذوائبهم ... فالحرب جاهلة من مِنْهُم الأسل)
(لَوْلَا اعتراضك سرا بَين أَعينهم ... لَكَانَ يفرق مِنْهَا السهل والجبل)
(أنسيتها النّظر الشزر الَّذِي عهِدت ... فَكل عين بهَا من دهشة قبل)
(تنزلوا آل عباد فربتما ... لم يدْرك الْوَصْف مَا تأتون والمثل)
(إِذا أسرتم فَمَا فِي أسركم قنط ... وَإِن عفوتم فَمَا فِي عفوكم خلل)
(يقبل الغل مرتاحاً أسيركم ... فَهُوَ البشير لَهُ أَن تسحب الْحلَل)
(جَيش فوارسه بيض كأنصلة ... وخيله كالقنا عسالة ذبل)
وَمن شعر عبد الْجَلِيل الْكَامِل
(ناهضتهم والبارقات كَأَنَّهَا ... شعل على أَيْديهم تتلهب)
(ووقفت مشكور الْمَكَان كريمه ... وَالْبيض تطفو فِي الْغُبَار وترسب)
(مَا إِن ترى إِلَّا توقد كَوْكَب ... من قونس قد غَابَ فِيهِ كَوْكَب)
(فمجدل ومزمل وموسد ... ومضرج ومضمخ ومخضب)
(سلبوا وأشرقت الدِّمَاء عَلَيْهِم ... محمرة فكأنهم لم يسلبوا)
)
(وَلَو أَنهم ركبُوا الْكَوَاكِب لم يكن ... لمجدهم من حد بأسك مهرب)
وَمِنْه الطَّوِيل
(قتلت بني الْأَيَّام خَبرا فباطني ... مشيب وَمَا يَبْدُو عَليّ شباب)
(وَلما رَأَيْت الزُّور فِي النَّاس فاشياً ... تحيل لي أَن الشَّبَاب خضاب)
وَمِنْه الْكَامِل
(للدهر عِنْدِي فِي جنابك لَيْلَة ... وضاحة الأقطار والجنبات)
(لَو أَنَّهَا يَوْم الْحساب صحيفَة ... فِي راحتي لضقت بِالْحَسَنَاتِ)
وَمِنْه المتقارب
(بِنَفس وَإِن كنت لَا نفس لي ... فقد سلبتها لحاظ الْمقل)
(عذار وخد كَمَا يحتوي ... سَواد الْقُلُوب بَيَاض الأمل)
وَمِنْه قَوْله أَيْضا فِي مغنية لابسة حليا الْبَسِيط
(إِنِّي لأسْمع شدوا لَا أحققه ... وَرُبمَا كذبت فِي سَمعهَا الْأذن)
(مَتى رأى أحد قبلي مطوقة ... إِذا تغنت بلحن جاوب الفنن)
وَمِنْه الطَّوِيل
(يعز على العلياء أَنِّي خامل ... وَأَن أَبْصرت مني خمود شهَاب)
(وَحَيْثُ ترى زند النجابة وارباً ... فثم ترى زند السَّعَادَة كابي)
وَمِنْه الْكَامِل
(زَعَمُوا الغزال حَكَاهُ قلت لَهُم نعم ... فِي صده عَن عاشقيه وهجره)
(قَالُوا الْهلَال شبيهه فأجبتهم ... إِن كَانَ قيس إِلَى قلامة ظفره)
(وَكَذَا يَقُولُونَ المدام كريقه ... يَا رب لَا علمُوا مذاقة ثغره)
وَمِنْه السَّرِيع(18/33)
(وبركة تزهى بنيلوفر ... نسيمه يشبه ريح الحبيب)
(حَتَّى إِذا اللَّيْل دنا وقته ... ومالت الشَّمْس لحين الْغُرُوب)
(أطبق جفنيه على إلفه ... وغاص فِي المَاء حذار الرَّقِيب)
وَأنْشد الْمُعْتَمد يَوْمًا قَول أبي الطّيب الطَّوِيل)
(إِذا ظَفرت مِنْك الْعُيُون بنظرة ... أثاب بهَا معيي الْمطِي ورازمه)
فَجعل يردده اسْتِحْسَانًا لَهُ فَقَالَ عبد الْجَلِيل بديهاً الطَّوِيل
(لَئِن جاد شعر ابْن الْحُسَيْن فَإِنَّمَا ... تجيد العطايا واللهى تفتح اللها)
(تنبأ عجبا بالقريض وَلَو درى ... بأنك تروي شعره لتألها)
فَأمر لَهُ بِمِائَتي دِينَار
وَأرْسلت البزاة يَوْمًا بَين يَدَيْهِ واستحث الشُّعَرَاء فِي وصفهَا فَقَالَ عبد الْجَلِيل الْكَامِل
(للصَّيْد قبلك سنة مأثورة ... لَكِنَّهَا بك أعجب الْأَشْيَاء)
(تمْضِي البزاة وَكلما أمضيتها ... عارضتها بخواطر الشُّعَرَاء)
وَجلسَ الْمُعْتَمد يَوْمًا وَبَين يَدَيْهِ جَارِيَة تسقيه فخطف الْبَرْق فارتاعت فَقَالَ السَّرِيع
(روعها الْبَرْق وَفِي كفها ... برق من القهوة لماع)
(عجبت مِنْهَا وَهِي شمس الضُّحَى ... كَيفَ من الْأَنْوَار ترتاع)
ثمَّ أنْشد الأول لعبد الْجَلِيل واستجازه فَقَالَ السَّرِيع
(وَلنْ ترى أعجب من آنس ... من مثل مَا يمسك يرتاع)
وَمن شعر عبد الْجَلِيل الوافر
(غزال يستطاب الْمَوْت فِيهِ ... ويعذب فِي محاسنه الْعَذَاب)
(يقبله اللثام هوى وشوقاً ... ويجني ورد خديه النقاب)
وَمِنْه الطَّوِيل
(سقى فسقى الله الزَّمَان من أَجله ... بكأسين من لميائه وعقاره)
(وَحيا فَحَيَّا الله دهراً أَتَى بِهِ ... بأطيب من ريحانه وعراره)
وَلما ركب الْمُعْتَمد الْبَحْر قَالَ ابْن وهبون الْبَسِيط
(أحَاط جودك بالدنيا فَلَيْسَ لَهُ ... إِلَّا الْمُحِيط مِثَال حِين يعْتَبر)(18/34)
(وَمَا حسبت بِأَن الْكل يحملهُ ... بعض وَلَا كَامِلا يحويه مُخْتَصر)
(كَأَنَّمَا الْبَحْر عين أَنْت ناظرها ... وكل شط بأشخاص الورى شفر)
وَكَانَ للمعتمد أستاذ يُسمى خَليفَة فَأمره أَن يَأْتِي بنبيذ فَأخذ وعَاء يُسمى القمصال فجَاء إِلَيْهِم فعثر وَوَقع القمصال فانكسر وَمَات الْأُسْتَاذ فَأخْبر الْمُعْتَمد بذلك فَقَالَ الوافر)
(أنأمن والحياة لنا مخيفة ... ونفرح والمنون بِنَا مطيفه)
فَقَالَ ابْن عمار
(وَفِي يَوْم وَمَا أَدْرَاك يومٌ ... مضى قمصالنا وَمضى خليفه)
فَقَالَ ابْن وهبون
(هما فخارتا رَاح وريح ... تكسرتا فاشقاف وجيفه)
واجتاز ابْن وهبون يَوْمًا على فرن وَيَده فِي يَد فَتى يُسمى ربيعاً فَقَالَ لَهُ صف هَذَا الفرن فَقَالَ الْخَفِيف
(رب فرن رَأَيْته يتلظى ... وربيع مخالطي وعقيدي)
(قَالَ شهه قلت صدر حسود ... خالطته مَكَارِم الْمَحْسُود)
وَهُوَ الْقَائِل فِي رثاء ابْن عمار لما قَتله الْمُعْتَمد الْكَامِل
(عجبا لَهُ أبكيه ملْء مدامعي ... وَأَقُول لَا شلت يَمِين الْقَاتِل)
(عبد الْحَافِظ)
3 - (عماد الدّين النابلسي)
عبد الْحَافِظ بن بدران بن شبْل بن طرخان الزَّاهِد الْقدْوَة الْمسند الرحلة أَبُو مُحَمَّد عماد الدّين النابلسي الْمَقْدِسِي شيخ نابلس
قدم دمشق فِي صباه وَسمع الْكثير من الشَّيْخ موفق الدّين ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَابْن رَاجِح وَأحمد بن طَاوس وزين الْأُمَنَاء والبهاء عبد الرَّحْمَن وَابْن الزبيدِيّ وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن الحرستاني وَأَبُو البركات ابْن ملاعب وَتفرد بأَشْيَاء وَقصد للسماع والزيارة والتبرك وَبنى بنابلس مدرسة وجدد طَهَارَة وَكَانَ كثير التِّلَاوَة والأوراد لَازِما بَيته إِلَى جَانب مَسْجده وَقيل إِنَّه تعاطى الكيمياء مُدَّة وَلم تصح لَهُ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت عَلَيْهِ عشرَة أَجزَاء ورحل إِلَيْهِ قبلي ابْن الْعَطَّار والبرزالي وسمعا مِنْهُ وَسمع مِنْهُ شمس الدّين بن مُسلم وَابْن نعْمَة وَجَمَاعَة وشارف التسعين وَأول سَمَاعه سنة خمس عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة(18/35)
(عبد الْحق)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الزُّهْرِيّ)
عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد الزُّهْرِيّ الأندي بالنُّون الساكنة نزيل بلنسية ولد سنة سبع أَو ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة حج عَام اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسمع من السلَفِي الْأَرْبَعين والمحامليات وَكَانَ عدلا تَاجِرًا قَالَ ابْن الْأَبَّار سَمِعت الْأَرْبَعين مِنْهُ وَقد سَمعهَا مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو سُلَيْمَان ابْنا ابْن حوط الله وَعمر وأسن حَتَّى ألحق الصغار بالكبار
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ المغربي)
عبد الْحق بن عبد الله بن عبد الْحق أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ المغربي الْمَهْدَوِيّ قَاضِي الْجَمَاعَة بمراكش وبإشبيلية وَولي أَولا قَضَاء غرناطة وامتحن فِي قَضَاء مراكش بالفتنة المتفاقمة قَالَ ابْن الْآبَار وَكَانَ من الْعلمَاء المتفننين فَقِيها مالكياً حَافِظًا للْمَذْهَب نظاراً بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ صليباً فِي الْحق مهيباً مُعظما وَله كتاب فِي الرَّد على أبي مُحَمَّد بن حزم دلّ على فَضله وَعلمه وَأفَاد بِوَضْعِهِ وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (عبد الْحق بن خلف الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْحق بن خلف بن عبد الْحق ضِيَاء الدّين أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ المغسل إِمَام مَسْجِد الأرزة الَّذِي بطرِيق الجسر الْأَبْيَض ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن أبي الْعَجَائِز وَهبة الله بن مَحْفُوظ بن صصرى وَعبد الصَّمد بن سعد النسوي وَأحمد بن أبي الْوَفَاء وَأبي الْمَعَالِي صابر وَأحمد بن حَمْزَة المواويني وَجَمَاعَة وَله مشيخة وروى عَنهُ الحافظان البرزالي والضياء مُحَمَّد وحفيده عز الدّين عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْمعدل وسبط كَمَال الدّين عَليّ بن أَحْمد القَاضِي وَغَيرهم قَالَ الضياء هُوَ دين خير وَقَالَ غَيره شيخ معمر صَالح حسن المحاضرة حُلْو النادرة وَعجز آخر عمره عَن التَّصَرُّف
3 - (ابْن الْحجَّاج)
عبد الْحق بن عبد الله بن عبد الْوَاحِد بن علاف بن خلف أَبُو سُلَيْمَان الخزرجي الْمصْرِيّ وَيعرف بِابْن الْحجَّاج بِضَم الْحَاء صِيغَة جمع مُحدث مَعْرُوف ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين)
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَطلب وَسمع من أبي الْقَاسِم البوصيري وَأبي نزار ربيعَة وبدمشق الْخضر بن كَامِل وَابْن الحرستاني روى عَنهُ الدمياطي وَتقدم ذكر وَالِده
3 - (ابْن الرصاص الشَّافِعِي)
عبد الْحق بن مكي بن صَالح بن عَليّ بن سُلْطَان(18/36)
الْمُحدث علم الدّين أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الرصاص ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن سبعين)
عبد الْحق بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نصر بن مُحَمَّد بن سبعين الشَّيْخ قطب الدّين أَبُو مُحَمَّد المرسي الرقوطي الصُّوفِي كَانَ صوفياً على قَوَاعِد الفلاسفة وَله كَلَام كثير فِي الْعرْفَان وتصانيف وَله أَتبَاع ومريدون يعْرفُونَ بالسبعينية
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ذكر شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد قَالَ جَلَست مَعَ ابْن سبعين من ضحوة إِلَى قريب الظّهْر وَهُوَ يسْرد كلَاما تعقل مفرداته وَلَا تعقل مركباته
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين واشتهر عَنهُ أَنه قَالَ لقد تحجر ابْن آمِنَة وَاسِعًا بقوله لَا بني بعدِي فَإِن كَانَ ابْن سبعين قَالَ هَذَا فقد خرج بِهِ من الْإِسْلَام مَعَ أَن هَذَا الْكَلَام هُوَ أخف وأهون من قَوْله فِي رب الْعَالمين إِنَّه حَقِيقَة الموجودات تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا
وحَدثني فَقير صَالح أَنه صحب فُقَرَاء من السبعينية وَكَانُوا يهونون لَهُ ترك الصَّلَاة وَغير ذَلِك قَالَ وَسمعت أَن ابْن سبعين فصد يَدَيْهِ وَترك الدَّم يخرج حَتَّى تصفى وَمَات بِمَكَّة فِي ثامن عشْرين شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة وَله خمس وَخَمْسُونَ سنة
قَالَ الشَّيْخ صفي الدّين الأرموي الْهِنْدِيّ وَحَجَجْت فِي حُدُود سنة سِتّ وَسِتِّينَ وبحثت مَعَ ابْن سبعين فِي الفلسفة وَقَالَ لي لَا يَنْبَغِي لَك الْإِقَامَة بِمَكَّة فَقَالَ لَهُ كَيفَ تقيم أَنْت بهَا قَالَ انحصرت الْقِسْمَة فِي قعودي بهَا فَإِن الْملك الظَّاهِر يطلبني بِسَبَب انتمائي إِلَى أَشْرَاف مَكَّة واليمن صَاحبهَا لَهُ فِي عقيدة وَلَكِن وزيره حشوي يكرهني
قَالَ صفي الدّين وَكَانَ داوى صَاحب مَكَّة فَصَارَت عِنْده لَهُ بذلك مكانة يُقَال إِنَّه نفي من الْمغرب بِسَبَب كلمة كفر صدرت عَنهُ وَهِي أَنه قَالَ لقد تحجر ابْن آمِنَة كَمَا مر انْتهى مَا نقلته من كَلَام الشَّيْخ شمس الدّين)
قلت وَلَقَد اجْتمعت بِجَمَاعَة من أَصْحَاب أَصْحَابه ورأيتهم ينقلون عَن أُولَئِكَ أَن ابْن سبعين كَانَ يعرف السيمياء والكيمياء وَأَن أهل مَكَّة كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّه أنْفق فِيهَا ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَإنَّهُ كَانَ لَا ينَام كل لَيْلَة حَتَّى يُكَرر على ثَلَاثِينَ سطراً من كَلَام غَيره وَإنَّهُ لما خرج من وَطنه كَانَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة أَو مَا حولهَا وَخرج فِي خدمته جمَاعَة من الطّلبَة والأتباع(18/37)
وَفِيهِمْ الشُّيُوخ وَأَنَّهُمْ لما أبعدوا بعد عشرَة أَيَّام دَخَلُوهُ الْحمام ليزيل وعثاء السّفر فَدَخَلُوا فِي خدمته وأحضروا لَهُ قيمًا فَأخذ الْقيم يحك رجلَيْهِ ويسألهم عَن وطنهم لما استغربهم فَقَالُوا لَهُ من فُلَانَة فَقَالَ لَهُم من الْبَلَد الَّتِي ظهر فِيهَا الزنديق ابْن سبعين فَأَوْمأ إِلَيْهِم أَن لَا يتكلموا وَقَالَ هُوَ نعم فَأخذ يسبه ويلعنه كثيرا وَهُوَ يَقُول لَهُ استقص فِي الحك وَذَاكَ الْقيم يزِيد فِي اللَّعْن والذم وَهُوَ لَا يزِيدهُ إِلَّا استقص إِلَى أَن فاض أحدهم غيظاً وَقَالَ لَهُ وَيلك هَذَا الَّذِي تسبه قد جعلك الله تحك رجلَيْهِ وَأَنت فِي خدمته أقل لغلام يكون فَسكت خجلاً وَقَالَ اسْتغْفر الله
ويحكون عَنهُ أَشْيَاء من الرياضة وَكَلَامه مفحل محشو بقواعد الفلاسفة وَله كتاب البد يَعْنِي أَنه لَا بُد للعارف مِنْهُ وَكتاب الْإِحَاطَة ومجلدة صَغِيرَة فِي الْجَوْهَر وَغير ذَلِك وَله عدَّة رسائل بليغة الْمَعْنى فصيحة الْأَلْفَاظ جَيِّدَة مِنْهَا رِسَالَة الْعَهْد وَهِي
3 - (رِسَالَة الْعَهْد)
يَا هَذَا هَل عمرك إِلَّا كلمح أَو إِعْطَاء مكد لَا سمح وآصالك لَهو وَعلل وأسحارك سَهْو وَعلل وَمَا سر ورد أَو صدر إِلَّا وساء كدر وَالْغَرَض بحول الله تَعَالَى فِي تَحْصِيل الكمالات وأسبابها والتجوهر بمدلولات الإمكانات الإلهية وَبِمَا يجب كَمَا يجب على مَا يجب فِي الْوَقْت الَّذِي يجب والاتصاف بالحكمة الَّتِي تفِيد الصُّورَة المتممة للسعيد وبالحقيقة الَّتِي تُقِيمهُ فِي الصُّورَة المقومة وتعمل على نيل الْآلَات الَّتِي تُعْطِي الْحق بِحَسب مَا تعطيه وتقتضيه طبيعة الْبُرْهَان
وتحكم الشَّارِع عَلَيْهِ السَّلَام على جملتك وتمتثل أوامره وتعتقد أَنه الْخَيْر بِالذَّاتِ وَتصل حَبل الْمَعْرُوف وَجَمِيع مَا استحسنه الْعقل وحرره النَّقْل وحضت عَلَيْهِ الشَّرَائِع وتتخلا عَن كل قَاطع يقطعك عَن الله تَعَالَى بعد مَا تتصف بالعلوم الضرورية الَّتِي لَا يحملهَا أحد عَن أحد فِي عرف الشَّرِيعَة وبالأعمال الَّتِي تلْزم لُزُوم هَذِه الْعُلُوم وبالعلوم الَّتِي تدخل بهَا فِي زمرة الْحُكَمَاء وبالحقيقة الجامعة الَّتِي فِيهَا نتيجة الشَّرَائِع وَغَايَة الْحِكْمَة وَهِي عُلُوم التَّحْقِيق وَإِن)
غلبت عَلَيْك شَهْوَة حيوانية وَمَا أشبه ذَلِك أجبر وقتك مَعَ الله تَعَالَى بتوبة صَادِقَة فَإِن بَابه مَا عَلَيْهِ بواب إِلَّا رَحمته خَاصَّة ورضوانه يأمرها بالمضمار
وَاعْلَم أَن مطالك مطال ومحالك محَال والواصل رَحمَه مهما دَعَا الله تَعَالَى رَحمَه وَالْعلم للعلو عَلامَة وَالسّلم لِلْعَدو سَلامَة وَالصُّلْح مَعَ جملتك صَلَاح وَالدُّعَاء بالإخلاص سلَاح
وَإِيَّاك من الْعَمَل المهدوم والأمل الْمَعْدُوم وَمن الْأُمُور الَّتِي تفْسد حِكْمَة الْعَادة(18/38)
وأصول السَّعَادَة وَمن الود مَعَ الْملك فَإِنَّهُ قَبِيح فِي كل الْملَل والسعيد هُوَ المصلح أَعماله المطرح لله تَعَالَى مَا لَهُ وَلَا تخالط إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة قبل إِن اسْتَطَعْت وَإِلَّا الأمثل فالأمثل
وحبيبك من يدبر أَمر آخرتك ويعينك عَلَيْهَا ويذكرك بهَا ويهجرك ويصلك من أجلهَا وَمَعَ هَذَا كُله سَله ورح مَمْلُوء الرَّاحَة وصل وسح مكلوء الساحة وَلَا تغفل عَن الدَّعْوَات المأثورة وَأَعْظَمهَا اللَّهُمَّ اختر لي وَأَسْمَاء الله تَعَالَى دروع مَا مَعهَا أحد مروع وَلَا سَبِيل إِلَى التَّعَجُّب فِي قيامك وجلوسك وَلَا تنظر إِلَى جاهك وفلوسك والتقي هُوَ الَّذِي يطرفه فِي حبوته مغضوض وَخذ الْبَغي فِي خلوته تنير مغضوض وَهُوَ الَّذِي لَا يرفل فِي أَثوَاب اللاهي وَلَا يغْفل عَن ثَوَاب الله وَإِذا الله تَعَالَى تَابَ عَلَيْهِ أناب هُوَ إِلَيْهِ وتأهب لجَوَاز الْعقَاب وَكَفاهُ سوء الْحساب والشرير الْجَاهِل هُوَ الَّذِي لَا يعرف مَعْرُوفا ويحسب مَاله من الْبَحْر مغروفاً وَنَفسه تطمع وتشح ويداه تجمع وَلَا تسح فَإِذا قضى الله وَفَاته خانه الأمل وَفَاته
وَقد عاهدتك على هَذَا وارتضيتك لي تلميذاً وجعلتك مَعَ الْأَصْحَاب الَّذين يخاطبهم لِسَان حَال الْغِبْطَة وَيَقُول لَهُم تكثرون وَأَنْتُم ترثون وأشهدت الله تَعَالَى عَلَيْك الْعَلِيم بخفيات الصُّدُور الَّذِي يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ ويثيب على كظم نفثات الصُّدُور وَقد رَجَوْت لَك خبر الْخَلَاص وَخير الْإِخْلَاص وَصلى الله على الشَّرْط فِي نيل الشّرف والكمال مُحَمَّد وآدَم وَمَا بَينهمَا من النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد هَذَا كُله تبَارك المبدي المعيد قد صدق الْوَعْد والوعيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (ابْن الْخَرَّاط الإشبيلي)
عبد الْحق بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حُسَيْن بن سعيد أَبُو مُحَمَّد الْأَزْدِيّ الإشبيلي وَيعرف بِابْن الْخَرَّاط)
روى عَن شُرَيْح بن مُحَمَّد وَأبي الحكم بن برجان وَعمر بن أَيُّوب وَأبي بكر بن مُدبر وأبى الْحسن طَارق وطاهر بن عَطِيَّة وَأَجَازَ لَهُ ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَنزل بجاية وَقت فتْنَة الأندلس بانقراض الدولة اللمتونية فَبَثَّ بهَا علمه وصنف التصانيف وَولي الْخطْبَة وَالصَّلَاة بهَا(18/39)
وَكَانَ فَقِيها حَافِظًا عَالما بِالْحَدِيثِ وَعلله وَرِجَاله مَوْصُوفا بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح والزهد والورع والتقلل من الدُّنْيَا مشاركاً فِي الْأَدَب وَقَول الشّعْر وصنف فِي الْأَحْكَام نسختين كبرى وصغرى سبقه إِلَى مثل ذَلِك أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي مَرْوَان الشهير بلبلة فحظي عبد الْحق دونه وَجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وَجمع الْكتب السِّتَّة وَله كتاب فِي المعتل من الحَدِيث وَكتاب فِي الرَّقَائِق ومصنفات أخر وَله فِي اللُّغَة كتاب حافل ضاهي بِهِ كتاب الْهَرَوِيّ وَتُوفِّي بعد محنة نالته من قبل الْولَايَة وَرُوِيَ عَنهُ أَبُو الْحسن الْمعَافِرِي عَليّ بن مُحَمَّد خطيب الْقُدس وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره الْخَفِيف
(إِن فِي الْمَوْت والمعاد لشغلاً ... وادكاراً لذِي النهى وبلاغا)
(فاغتنم خطتين قبل المنايا ... صِحَة الْجِسْم يَا أخي والفراغا)
3 - (ابْن البيطار المالقي)
عبد الْحق بن عبد الْملك بن بونة بن سعيد أَبُو مُحَمَّد المالقي الْعَبدَرِي الْمَعْرُوف بِابْن البيطار نزيل مَدِينَة الْمنْكب بالأندلس شيخ معمر يوري عَن أَبِيه أبي مَرْوَان وَأبي مُحَمَّد بن عتابٍ وَأبي بَحر بن الْعَاصِ وغالب بن عَطِيَّة وَأبي الْحسن ابْن البادش وَأبي الْحسن بن مغيث وَطَائِفَة وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عَليّ بن سكرة قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ عالي الْإِسْنَاد صَحِيح السماع اعتنى بِهِ أَبوهُ وسَمعه صَغِيرا ورحل بِهِ إِلَى قرطبة فأورثه نباهةً وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من شُيُوخنَا وروى عَنهُ ابْن دحْيَة وَغَيره
مولده سنة أَربع وَخمْس مائَة ووفاته سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (سبط ابْن عَطِيَّة)
عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد الْقَيْسِي المرسي سبط عبد الْحق بن عَطِيَّة روى عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن سهل الضَّرِير وَأبي الْقَاسِم بن حُبَيْش قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والنظرية مَعَ دقة الذِّهْن وجودة النّظر وَقَول الشّعْر وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة)
3 - (ابْن عَطِيَّة الْمُفَسّر)
عبد الْحق بن غَالب بن عبد الْملك بن تَمام بن عَطِيَّة(18/40)
الإِمَام الْكَبِير قدوة الْمُفَسّرين أَبُو مُحَمَّد ابْن الْحَافِظ النَّاقِد الْحجَّة أبي بكر الْمحَاربي الغرناطي القَاضِي حدث عَن أَبِيه وَغَيره وَكَانَ فَقِيها عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ والْحَدِيث وَالتَّفْسِير بارعاً فِي الْأَدَب ذَا ضبط وَتَقْيِيد وتجويد وذهن سيال وَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا تَفْسِيره لكفى ولد سنة ثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَقيل سنة إِحْدَى خَامِس عشْرين شهر رَمَضَان وَمَات بحصن لورقة
3 - (عبد الْحق بن مُحَمَّد)
عبد الْحق بن مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث مجد الدّين أَبُو مُحَمَّد سمع الْكثير كأخيه من أَصْحَاب ابْن كُلَيْب والبوصيري وَحدث وَمَات وَقد نَيف على الثَّمَانِينَ وَهُوَ أَخُو تَاج الدّين عبد الْغفار السَّعْدِيّ توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَأَجَازَ لي بخطّه سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ
3 - (ابْن الْجنان الشَّاعِر)
عبد الْحق بن خلف أَبُو الْعَلَاء الْكِنَانِي الشاطبي الْمَعْرُوف بِابْن الْجنان الشَّاعِر صحب ابْن خفاجة وَكَانَ بَصيرًا بالشعر بارعاً فِي الطِّبّ واللغة والعربية توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
(عبد الحكم)
3 - (ابْن الْعِرَاقِيّ)
عبد الحكم بن إِبْرَاهِيم بن مَنْصُور بن الْمُسلم الْفَقِيه الْخَطِيب أَبُو مُحَمَّد ابْن الإِمَام أبي إِسْحَاق الْمَعْرُوف وَالِده بالعراقي اشْتغل على وَالِده وَقَرَأَ الْأَدَب ونظم الشّعْر وَأَنْشَأَ الْخطب الْكَثِيرَة وناب عَن وَالِده فِي خطابة جَامع مصر واستقل بِهِ بعد مَوته وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة وَمن شعره مَا نقلته من خطّ ابْن سعيد المغربي الْكَامِل
(قَامَت تطالبني بلؤلؤ نحرها ... لما رَأَتْ عَيْني تجود بدرها)
(وتبسمت عجبا فَقلت لصاحبي ... هَذَا الَّذِي اتهمت بِهِ فِي ثغرها)
3 - (أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ)
عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين الْفَقِيه(18/41)
أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ أحد الْإِخْوَة سمع أَبَاهُ وَابْن وهب وَكَانَ فَقِيها صَالحا عَالما سجن وعذب عذَابا شَدِيدا ودخن عَلَيْهِ فِي السجْن فَمَاتَ لِأَنَّهُ اتهمَ بودائع لعَلي بن الجروي
وَيُقَال إِن بني عبد الحكم ألزموا فِي نوبَة ابْن الجروي بِأَكْثَرَ من ألف ألف دِينَار ثمَّ بعد مُدَّة ورد كتاب المتَوَكل بِإِخْرَاج من بَقِي مِنْهُم فِي السجْن ورد أَمْوَالهم إِلَيْهِم وسجن القَاضِي الْأَصَم الَّذِي تعصب عَلَيْهِ وحلقت لحيته وَضرب بالسياط وطيف بِهِ على حمَار وَكَانَت وَفَاة عبد الحكم فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن عبد الحكم)
الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله
(شهَاب الدّين)
عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن عبد الله بن أبي الْقَاسِم الإِمَام الْمُفْتِي المتفنن شهَاب الدّين ابْن الْعَلامَة أبي البركات ابْن تَيْمِية الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ نزيل دمشق وَالِد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رحمهمَا الله
ولد سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وتوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة سمع من ابْن اللتي وَأبي الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة وحامد بن أميرتن وَعلي ابْن الْفَتْح الكيماري وَابْن خَلِيل وَعِيسَى الْخياط وَقَرَأَ الْمَذْهَب وأتقنه على وَالِده ودرس وَأفْتى وصنف وَصَارَ شيخ الْبَلَد بعد أَبِيه
وَكَانَ محققاً لما يَنْقُلهُ جيد الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم لَهُ يَد طولى فِي الْفَرَائِض والحساب والهيئة وَكَانَ دينا خيرا تفقه عَلَيْهِ ولداه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَأَخُوهُ وَهَاجَر بأَهْله إِلَى دمشق سنة سبع وَسِتِّينَ وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة
(عبد الحميد)
3 - (عبد الحميد الْمدنِي الْأَعْرَج)
عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب الْمدنِي الْأَعْرَج ولي إمرة الْكُوفَة لعمر بن عبد الْعَزِيز سَأَلَ ابْن عَبَّاس وروى عَن مُسلم بن يسَار ومقسم وَمُحَمّد بن سعد بن أبي وَقاص وَثَّقَهُ ابْن خرَاش وَغَيره وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ جمَاعَة
3 - (ابْن رَافع الْأنْصَارِيّ)
عبد الحميد بن جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم بن رَافع الْأنْصَارِيّ قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَكَانَ الْوَاقِدِيّ يُنكر عَلَيْهِ خُرُوجه مَعَ مُحَمَّد بن(18/42)
عبد الله وَكَانَ من فُقَهَاء الْمَدِينَة وَيَرْمِي بِالْقدرِ
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْحمانِي الْكُوفِي)
عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحمانِي الْكُوفِي وَلَاؤُه لحْمَان وهم بطن من تَمِيم وَأَصله خوارزمي ولقبه بشمين بِالْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة وَبعد الْمِيم يَاء آخر الْحُرُوف وَنون وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ دَاعِيَة فِي الإرجاء وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ ابْن ماجة
3 - (أَبُو بكر الأصبحي)
)
عبد الحميد بن عبد الله أبي أويس بن عبد الله بن مَالك بن أبي عَامر أَبُو بكر الأصبحي الْمدنِي الْأَعْشَى وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَقَرَأَ الْقُرْآن على نَافِع وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى ابْن ماجة
3 - (البرجمي)
عبد الحميد بن صَالح البرجمي الْكُوفِي قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ النَّسَائِيّ
3 - (أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ)
عبد الحميد بن بَيَان أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ الْعَطَّار روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (القَاضِي أَبُو خازم السكونِي)
عبد الحميد بن عبد الْعَزِيز القَاضِي أَبُو خازم السكونِي الْبَصْرِيّ البغداذي الْحَنَفِيّ الْفَقِيه كَانَ ثِقَة ولي قَضَاء الشَّام والكوفة والشرقية ببغداذ للمعتضد أدب شخصا فَمَاتَ فَكتب إِلَى المعتضد أَن دِيَة هَذَا وَاجِبَة فِي بَيت المَال فَإِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ يحملهَا إِلَى أَهله فَحمل إِلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم فَدَفعهَا إِلَى ورثته وَله شعر مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ(18/43)
وَمن شعره
3 - (أَبُو عَليّ الزيدي)
عبد الحميد بن عبد الله بن أُسَامَة بن أَحْمد أَبُو عَليّ بن التقي الْهَاشِمِي الْعلوِي الْحُسَيْنِي الزيدي الشريف النَّقِيب عَاشَ خمْسا وَسبعين سنة وَكَانَ إِمَامًا فِي الْأَنْسَاب واشتغل على ابْن الخشاب وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
قَالَ ياقوت حدث النَّقِيب شرف الدّين يحيى بن أبي زيد نقيب الْبَصْرَة أَنه لم يكن تَحت السَّمَاء أحد أعرف من ابْن التقي بالأنساب وَكَانَ يحدث عَن مَعْرفَته بالعجائب وَكَانَ مَعَ ذَلِك عَارِفًا بالطب والنجوم وعلوم كَثِيرَة من الْفِقْه وَالشعر وَغَيره
3 - (أَبُو بكر الهمذاني)
عبد الحميد بن عبد الرشيد بن عَليّ بن بنيمان القَاضِي أَبُو بكر الهمذاني الشَّافِعِي الْحداد سبط)
الْحَافِظ أبي الْعَلَاء الهمذاني ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَثَلَاثِينَ وست مائَة سمع وَله أَربع سِنِين من جده وناب فِي الْقَضَاء بالجانب الغربي وَكَانَ صَالحا دينا ورعاً على طَريقَة السّلف كثير الْمَحْفُوظ قدم دمشق وَحدث بهَا وَولي قَضَاء الْجَانِب الغربي ببغداذ لما عَاد من دمشق وروى عَنهُ جمَاعَة
3 - (شمس الدّين الخسروشاهي)
عبد الحميد بن عِيسَى بن عمويه بن يُونُس بن خَلِيل الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد الخسروشاهي التبريزي ولد سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة بخسروشاه وَتُوفِّي بِدِمَشْق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وست مائَة
اشْتغل بالعقليات على الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ وَسمع من الْمُؤَيد الطوسي وبرع فِي الْكَلَام وتفنن فِي الْعُلُوم ودرس وأقرأ واشتغل عَلَيْهِ زين الدّين بن الْمرجل خطيب دمشق وَالِد الشَّيْخ صدر الدّين وَغير زين الدّين وَأقَام بالكرك مُدَّة عِنْد النَّاصِر وَأخذ النَّاصِر دَاوُد عَنهُ أَشْيَاء من علم الْكَلَام روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره وَدفن بقاسيون وَاخْتصرَ الْمُهَذّب لأبي إِسْحَاق وَاخْتصرَ الشِّفَاء لِابْنِ سينا وتمم الْآيَات الْبَينَات الَّتِي للْإِمَام فَخر الدّين وصل فِيهَا إِلَى الشكل الثَّانِي وَهَذِه الْآيَات الْبَينَات غير النُّسْخَة الصَّغِيرَة الَّتِي هِيَ عشرَة أَبْوَاب وَكتب إِلَيْهِ سعد الدّين مُحَمَّد بن عَرَبِيّ الطَّوِيل
(يَمِينا لقد أَحييت علم أفاضل ... مضوا فرأيناه لديك جَمِيعًا)(18/44)
(وَلَو لم أكذب قلت إِنَّك مِنْهُم ... فليت لقولي سَامِعًا ومطيعا)
(لِأَنَّك أَنْت الشَّمْس وَالشَّمْس إِن تغب ... فَإِن لَهَا بعد المغيب طلوعا)
ورثاه عز الدّين الإربلي الضَّرِير الغنوي بِأَبْيَات مِنْهَا الطَّوِيل
(بموتك شمس الدّين مَاتَ الْفَضَائِل ... وأقفر من ذكر الْعُلُوم المحافل)
(أصَاب الردى شمس الورى عِنْدَمَا اسْتَوَت ... وأودى ببدر الْفضل والبدر كَامِل)
(فَتى بذ كل الْقَائِلين بصمته ... فَكيف إِذا وافيته وَهُوَ قَائِل)
(فربع الحجى من بعده الْيَوْم قد خلا ... وجيد الْمَعَالِي من حلى الْفضل عاطل)
(أَتَدْرِي المنايا من رمت بسهامها ... وَأي فَتى أودى وغال الغوائل)
(رمت أوحد الدُّنْيَا وبحر علومها ... وَمن قصرت فِي الْفضل عَنهُ الْأَوَائِل)
)
ورثاه الصاحب نجم الدّين بن اللبودي بِأَبْيَات مِنْهَا الطَّوِيل
(أيا ناعياً عبد الحميد تصبراً ... عَليّ فَإِن الْعلم أدرج فِي كفن)
(مضى مُفردا فِي فَضله وعلومه ... وعدت فريد الوجد والهم والحزن)
(فيا عين سحي بالدموع لفقده ... فَمَا حسن صبري بعده الْيَوْم بالْحسنِ)
(تَلَقَّتْهُ أَصْنَاف الملائك بهجة ... بمقدمه الْأَسْنَى على ذَلِك السّنَن)
(تَقول لَهُ أَهلا وسهلاً ومرحباً ... بِخَير فَتى وافي إِلَى ذَلِك الوطن)
3 - (أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي)
عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن القَاضِي أَبُو الْحسن ابْن الإِمَام أبي سعيد النَّيْسَابُورِي أحد رجال الدَّهْر علما ورئاسة وسؤدداً عرض عَلَيْهِ الْمُطِيع لله قَضَاء بغداذ فَأبى وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (عبد الحميد الكتامي الأسيوطي)
عبد الحميد بن عبد المحسن الكتامي الأسيوطي قَالَ من قصيدة مدح بهَا القَاضِي الْفَاضِل الْكَامِل
(وَالرَّوْض قد رَاض الخواطر بَعْدَمَا ... ركضت خُيُول الْغَيْث فِي جنباته)
(قد أشرع الأرماح أغصاناً وَقد ... نشر الشَّقِيق هُنَاكَ من راياته)
(وترنحت أغصانه بنسيمه ... لتشاجر الأطيار فِي سحراته)
(كتب الْغَمَام بِهِ سطور منمق ... فِي خطه ودواته من ذَاته)(18/45)
(وَرَأَتْ طيور الدوح حسن كِتَابه ... فغدت لَهُ همزاً على ألفاته)
3 - (مُخْتَصّ الدّين ابْن أبي الرَّجَاء)
عبد الحميد بن عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي الرَّجَاء هُوَ مُخْتَصّ الدّين كَانَ من أَئِمَّة أَصْبَهَان الشَّافِعِيَّة قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب فارقته بهَا حَيا وَلم أسمع بعد ذَلِك سوى خبر سَلَامَته شَيْئا وَأورد لَهُ الوافر
(أَلا يَا لَيْت دهري صَار شخصا ... وَيدْرك فهمه رتب الْكَلَام)
(لأعرف مِنْهُ فِي سر لماذا ... أصر على معاداة الْكِرَام)
وَأورد لَهُ أَيْضا الوافر)
(إِمَام الْعَصْر لَا أحصي ثَنَاء ... عَلَيْك فَأَنت أكْرم من ثنائي)
(وَإِنِّي فِيك معترف بعجزي ... وَلَكِن لَا أقل من الدُّعَاء)
3 - (عز الدّين ابْن أبي الْحَدِيد)
عبد الحميد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن أبي الْحَدِيد عز الدّين أَبُو حَامِد الْمَدَائِنِي المعتزلي الْفَقِيه الشَّاعِر أَخُو موفق الدّين ولد سنة ستٍ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائةٍ وتوفِّي سنة خمس وَخمسين وست مائَة وَهُوَ مَعْدُود فِي أَعْيَان الشُّعَرَاء وَله ديوَان مَشْهُور روى عَنهُ الدمياطي
وَمن تصانيفه القلك الدائر على الْمثل السائر صنفه فِي ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وَكتب إِلَيْهِ أَخُوهُ موفق الدّين السَّرِيع
(الْمثل السائر يَا سَيِّدي ... صنفت فِيهِ الْفلك الدائرا)
(لَكِن هَذَا فلك دائر ... أَصبَحت فِيهِ الْمثل السائرا)
ونظم فصيح ثَعْلَب فِي يَوْم وَلَيْلَة وَشرح نهج البلاغة فِي سِتَّة عشر مجلداً وَله تعليقات على كتابي المحصل والمحصول للْإِمَام فَخر الدّين
وَمن شعره الطَّوِيل
(وحقك لَو أدخلتني النَّار قلت لل ... ذين بهَا قد كنت مِمَّن يُحِبهُ)
(وأفنيت عمري فِي دَقِيق علومه ... وَمَا بغيتي إِلَّا رِضَاهُ وقربه)
(هبوني مسيئاً أوتغ الْحلم جَهله ... وأبقه دون الْبَريَّة ذَنبه)
(أما يَقْتَضِي شرع التكرم عَفوه ... أيحسن أَن ينسي هَوَاهُ وحبه)
(أما رد زيغ ابْن الْخَطِيب وشكه ... وتمويهه فِي الدّين إِذْ جلّ خطبه)(18/46)
(أما كَانَ يَنْوِي الْحق فِيمَا يَقُوله ... ألم تنصر التَّوْحِيد وَالْعدْل كتبه)
وَقلت أَنا ردا عَلَيْهِ فِي وَزنه ورويه الطَّوِيل
(علمنَا بِهَذَا القَوْل أَنَّك آخذ ... بقول اعتزال جلّ فِي الدّين خطبه)
(فتزعم أَن الله فِي الْحَشْر مَا يرى ... وَذَاكَ اعْتِقَاد سَوف يرديك غبه)
(وتنفي صِفَات الله وَهِي قديمَة ... وَقد أثبتتها عَن إلهك كتبه)
(وتعتقد الْقُرْآن خلقا ومحدثاً ... وَذَلِكَ دَاء عز فِي النَّاس طبه)
(وَتثبت للْعَبد الضَّعِيف مَشِيئَة ... يكون بهَا مَا لم يقدره ربه)
)
(وَأَشْيَاء من هذي الفضائح جمة ... فأيكما دَاعِي الضلال وَحزبه)
(وَمن ذَا الَّذِي أضحى قَرِيبا إِلَى الْهدى ... وحامي عَن الدّين الحنيفي ذبه)
(وَمَا ضرّ فَخر الدّين قَول نظمته ... وَفِيه شناع مفرط إِذْ تسبه)
(وَقد كَانَ ذَا نور يَقُود إِلَى الْهدى ... إِذا طلعت فِي حندس الشَّك شهبه)
(وَلَو كنت تُعْطِي قدر نَفسك حَقه ... لأخمدت جمراً بالمحال تشبه)
(وَمَا أَنْت من أقرانه يَوْم معرك ... وَلَا لَك يَوْمًا بِالْإِمَامِ تشبه)
وأنشدني من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدنا شَيخنَا الْحَافِظ شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْمُؤمن بن خلف ابْن أبي الْحسن الدمياطي قَالَ أنشدنا الشَّيْخ الْعَالم الصاحب عز الدّين أَبُو حَامِد عبد الحميد بن هبة الله ابْن أبي الْحَدِيد المعتزلي ببغداذ السَّرِيع
(لَوْلَا ثَلَاث لم أخف صرعتي ... لَيست كَمَا قَالَ فَتى العَبْد)
(أَن أنْصر التَّوْحِيد وَالْعدْل فِي ... كل مَكَان باذلاً جهدي)
(أَن أُنَاجِي الله مستمتعاً ... بخلوة أحلى من الشهد)
(وَأَن أتيه الدَّهْر كبرا على ... كل لئيم أصعر الخد)
(لذاك لَا أَهْوى فتاة وَلَا ... خمرًا وَلَا ذَا ميعةٍ نهد)
وَقلت أَنا أَيْضا فِي هَذِه الْمَادَّة السَّرِيع
(لَوْلَا ثَلَاث هن أقْصَى المنى ... لم أهب الْمَوْت الَّذِي يردي)
(تَكْمِيل ذاتي بالعلوم الَّتِي ... تنفعني إِن صرت فِي لحدي)
(وَالسَّعْي فِي رد الْحُقُوق الَّتِي ... لصَاحب نلْت بِهِ قصدي)
(وَأَن أرى الْأَعْدَاء فِي صرعة ... لقيتها من جمعهم وحدي)(18/47)
(فبعدها الْيَوْم الَّذِي حم لي ... قد اسْتَوَى فِي الْقرب والبعد)
وَفِي تَرْجَمَة أَحْمد بن صابر الْقَيْسِي مقطوعان لَهُ وللشيخ أثير الدّين أبي حَيَّان فِي هَذِه الْمَادَّة
ولعز الدّين ابْن أبي الْحَدِيد قصائد مُطَوَّلَة مديح فِي على ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ مِنْهَا قَوْله الطَّوِيل
(أَلا إِن نهج الْمجد أَبيض محلوب ... على أَنه جم المسالك مرهوب)
(هُوَ الْعَسَل الماذي يشتاره امْرُؤ ... بغاه وأطراف الرماح اليعاسيب)
)
(ذُقْ الْمَوْت إِن شِئْت العلى واطعم الردى ... فنيل الْأَمَانِي بالمنية مكسوب)
(خض الحتف تأمن خطة الْخَسْف إِنَّمَا ... يُبَاح ضرام الْخطب والخطب مَنْسُوب)
(ألم تخبر الْأَخْبَار عَن فتح خَيْبَر ... فَفِيهَا لذِي اللب الملب أَعَاجِيب)
(وَفَوْز عَليّ بالعلى فوزها بِهِ ... فَكل إِلَى كل مُضَاف ومنسوب)
(حصون حصان الْفرج حَيْثُ تبرجت ... وَمَا كل ممتط الجرارة مركوب)
(تناط عَلَيْهَا للنجوم قلائد ... وتسفل عَنْهَا للغمام أهاضيب)
وَمِنْهَا
(وأرعن موار الْعَنَان يمورها ... فَلم يغن عَنْهَا جر مجر وتلبيب)
(فللخطب عَنْهَا والصروف صوارف ... كَمَا كَانَ عَنْهَا للنوائب تنكيب)
مِنْهَا
(نَهَار سيوف فِي دجى ليلٍ عثير ... فأبيض وضاح وأسود غربيب)
(ينوح عَلَيْهَا نوح قَارون يُوشَع ... ويذري عَلَيْهَا دمع يُوسُف يَعْقُوب)
(بهَا من زماجير الرِّجَال صواعق ... وَمن صوب أذي الدِّمَاء شآبيب)
مِنْهَا
(يمج منوناً سَيْفه وسنانه ... ويلهب نَارا غمده والأنابيب)
وَمن شعره فِيهِ أَيْضا الْكَامِل
(عَن رِيقهَا يتحدث المسواك ... أرجاً فَهَل شجر الْأَرَاك أَرَاك)
(ولطرفها خنث الجبان فَإِن رنت ... باللحظ فَهِيَ الضيغم الفتاك)
(شرك الْقُلُوب وَلم أخل من قَلبهَا ... أَن الْقُلُوب تصيدها الأشراك)
(يَا وَجههَا المصقول مَاء شبابه ... مَا الحتف لَوْلَا طرفك الفتاك)
(أم هَل أَتَاك حَدِيث وقفتها ضحى ... وقلوبنا بشبا الْفِرَاق تشاك)(18/48)
(لَا شَيْء أفظع من نوى الأحباب أَو ... سيف الْوَصِيّ كِلَاهُمَا سفاك)
3 - (الْأَخْفَش الْأَكْبَر)
عبد الحميد بن عبد الْمجِيد مولى قيس بن ثَعْلَبَة الْأَخْفَش الْأَكْبَر أَبُو الْخطاب إِمَام فِي علم الْعَرَبيَّة قديم لَقِي الْأَعْرَاب وَأخذ عَنْهُم وَأخذ عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة وسيبويه وَالْكسَائِيّ وَيُونُس بن)
حبيب وَأخذ هُوَ عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء وطبقته وَكَانَ دينا ورعاً ثِقَة قَالَ المرزباني هُوَ أول من فسر الشّعْر تَحت كل بَيت وَمَا كَانَ النَّاس يعْرفُونَ ذَلِك قبله وَإِنَّمَا كَانُوا إِذا فرغوا من القصيدة فسروها
وقف أَبُو الْخطاب عَليّ أَعْرَابِي يُرِيد الْحَج فَقَالَ لَهُ أَتَقْرَأُ من الْقُرْآن شَيْئا قَالَ نعم قَالَ فاقرأ فَقَالَ الطَّوِيل
(فَإِن كنت قد أيقنت أَنَّك ميت ... وَأَنَّك مَجْزِي بِمَا كنت تفعل)
(فَكُن رجلا من سكرة الْمَوْت خَائفًا ... ليَوْم بِهِ عَنْك الْأَقَارِب تشغل)
فَقَالَ لَهُ لَيْسَ هَذَا من الْقُرْآن قَالَ بلَى فاقرأ أَنْت فَقَرَأَ وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد فَقَالَ هَذِه أُخْت الَّتِي تلوتها سَوَاء إِلَّا أَنَّهَا بعد لم تنتظم لَك
3 - (شمس الدّين الْجَزرِي)
عبد الحميد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن ندى الْأَمِير الأوحد شمس الدّين ابْن الصاحب الْكَبِير محيي الدّين بن شمس الدّين الْجَزرِي تقدم ذكره وَالِده فِي المحمدين وَذكر مملوكهم أيدمر المحيوي وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه الْأَمِير مجير الدّين عبد الْعَزِيز
انْقَطع وانعزل عَن الدُّنْيَا بعد الرِّئَاسَة وزهد فِي الدُّنْيَا وَأَقْبل على الْآخِرَة وَكَانَ الْملك الْكَامِل بن الْعَادِل يعرف مِنْهُ ذَلِك وَيَرَاهُ من أعظم وُجُوه الدول الَّذين تسفر عَنْهُم حسان الممالك وَكَانَ يأنس بمحاضرته ويحن إِلَى مُجَالَسَته وَأورد لَهُ نور الدّين سعيد المغربي فِي كتاب الْمشرق فِي أَخْبَار الْمشرق ونقلت ذَلِك من خطه الطَّوِيل
(لنا من سنا وَجه المليحة مِصْبَاح ... وَمن لَفظهَا در وَمن رِيقهَا رَاح)
(وَمن شعرهَا ليل يضل عَن الْهدى ... وَمن فرقها خيط من الصُّبْح وَصَاح)(18/49)
وَأورد لَهُ أَيْضا المنسرح
(عَلَيْهِ من شعره قَمِيص دجاً ... لكنه بالصباح مشقوق)
وَأورد لَهُ يُعَارض أَبَا نواس فِي قَوْله المديد
(مَا هوى إِلَّا لَهُ سَبَب ... يبتدي مِنْهُ وينشعب)
فَقَالَ
(لي حَشا بالجمر يلتهب ... من رشا فِي ثغره شنب)
)
(تيمت قلبِي لواحظه ... حِين يَبْدُو سحرها الْعجب)
(أجتلي من وَجهه قمراً ... بضياء الصُّبْح ينتقب)
(فَكَأَن الْحسن فِي يَده ... ملك حق لَيْسَ يستلب)
وَأورد لَهُ الْكَامِل
(سفر الحبيب مواجهي فحسبته ... بَدْرًا وَأَيْنَ الْبَدْر من تمثاله)
(وثنى معاطفه إِلَيّ تمايلاً ... بذؤابة وصلت إِلَى خلخاله)
وَأورد لَهُ أَيْضا السَّرِيع
(أما ترى الصَّهْبَاء قد أَقبلت ... تتيه فِي معجرها الْأَبْيَض)
(فِي مجْلِس حفت رياحينه ... وَفِيه ظَبْي هجره ممرضي)
(وأوجه الْعَيْش صباح بِهِ ... وَلَذَّة الأفراح لَا تَنْقَضِي)
(يَا خيل لهوي أَنْت فِي ساحة ... كري على الإخوان لي واركضي)
وَأورد لَهُ مَا كتبه إِلَى الْملك الْكَامِل وَقد قصد بِلَاد عَدو لَهُ دون أَن يبلغ غَرَضه الْبَسِيط
(لله لله هَذَا الْورْد والصدر ... وللعلى كل مَا تَأتي وَمَا تذر)
(مَا غير الله أمرا كنت تعهده ... وَإِنَّمَا النَّصْر عِنْد الله مدخر)
(قد أَخَّرته لَك الْأَيَّام طَائِعَة ... عمدا ومقصودها أَن يحلو الظفر)
3 - (عماد الدّين الجماعيلي)
عبد الحميد بن عبد الْهَادِي بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام بن نصر عماد الدّين الْمَقْدِسِي الجماعيلي ثمَّ الصَّالح الْمُقْرِئ الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَدب ولد بجماعيل سنة ثَلَاث وَسبعين ظنا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَقدم(18/50)
دمشق وَسمع وَكَانَ لَهُ مكتب بالقصاعين روى عَنهُ الدمياطي وَغَيره
3 - (أَبُو الْقَاسِم الموسوي النسابة)
عبد الحميد بن فخار بن معد الشَّيْخ جلال الدّين أَبُو الْقَاسِم الموسوي الْحُسَيْنِي الأديب النسابة وَفِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة سمع عبد الْعَزِيز بن الْأَخْضَر وَغَيره وَمَات ببغداذ
3 - (ملك الْمَوْت)
عبد الحميد بن عمر ابْن أبي الْقَاسِم الْعَلامَة نور الدّين الْبَصْرِيّ العبدلياني درس للحنابلة)
بالبشرية مُدَّة ثمَّ درس بالمستنصرية بعد ابْن عكبر وَله تصانيف مِنْهَا كتاب جَامع الْعُلُوم فِي التَّفْسِير وكب الْحَاوِي فِي الْفِقْه وَكتاب الْكَافِي فِي شرح الْخرقِيّ والشافي فِي الْمَذْهَب وَله طَريقَة فِي الْخلاف وَكَانَ يلقب بِملك الْمَوْت وَمَات لَيْلَة عيد الْفطر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (اليونيني الْحَنْبَلِيّ)
عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع بن منهال بن عِيسَى الْفَقِيه الزَّاهِد العابد حسام الدّين اليونيني الْحَنْبَلِيّ مُرِيد الشَّيْخ إِبْرَاهِيم البطائحي وفقي قَرْيَة عمسكا وخطيبها شيخ صَالح عَالم عَابِد دَائِم الذّكر وَالصِّيَام والمراقبة قَلِيل الْكَلَام روى عَن إِبْرَاهِيم بن ظفر وَسمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة
3 - (ابْن الْوَزير المغربي)
عبد الحميد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد المغربي أَبُو يحيى ابْن الْوَزير أبي الْقَاسِم المغربي تقدم ذكر وَالِده كَانَ فَاضلا أديباً يكْتب مليحاً روى ببغداذ عَن أَبِيه وروى عَنهُ أَبُو مَنْصُور العكبري وَفَارِس الذهلي وَمن شعره الطَّوِيل
(لقِيت من الدُّنْيَا أموراً ثَلَاثَة ... وَلَو كَانَ مِنْهَا واحدٌ لكفانيا)
(تكدر عَيْش الْمَرْء بعد صفائه ... وهجر خَلِيل كَانَ للفجر قاليا)
(وثالثةٌ تنسي الْأَحَادِيث كلهَا ... ثقيل إِذا أبعدت عَنهُ أتانيا)
3 - (أَبُو مَنْصُور الْمَدَائِنِي)
عبد الحميد بن مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب أَبُو الْمَنْصُور الْمَدَائِنِي كَانَ قاضيها وَكَانَ شَابًّا أديباً فَاضلا نزيهاً عفيفاً مشكوراً عِنْد أهل بَلَده توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَمن شعره السَّرِيع(18/51)
(إِذا نهيت الوغد عَن طبعه ... أَتَاك مِنْهُ الزيغ وَالْخلف)
(لَا يصبر الْمَرْء على حالةٍ ... كَانَ لَهُ فِي ضدها إلْف)
(كدودة الْخلّ إِذا ألقيت ... فِي عسل بادرها الحتف)
3 - (عبد الحميد الْأنْصَارِيّ)
عبد الحميد بن مَنْصُور بن عَليّ بن عبد الْجَبَّار الْأنْصَارِيّ سمع من عَليّ ابْن عبد الْوَاحِد)
وَإِسْمَاعِيل ابْن أبي الْيُسْر وَغَيرهمَا وَولد فِي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي ذِي الْعقْدَة سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي هَذِه السّنة الَّتِي توفّي فِيهَا
3 - (عبد الحميد الْكَاتِب)
عبد الحميد بن يحيى بن سعد أَبُو يحيى الْكَاتِب مولى الْعَلَاء بن وهب العامري الْأَنْبَارِي كَانَ يعلم الصّبيان وينتقل فِي الْبلدَانِ سكن الرقة وَله بهَا عقب كَانَ من الْكتاب الْفُضَلَاء البلغاء الَّذين يضْرب بهم الْمثل فِي الْكِتَابَة كَانَ أوحد دهره بلغ مَجْمُوع رسائله نَحوا من ألف ورقة وأستاذه فِي الْكِتَابَة سَالم مولى هِشَام بن عبد الْملك
تولى عبد الحميد الْكِتَابَة لمروان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن الحكم آخر خلفاء الأمويين لما قوي أَمر بني الْعَبَّاس قَالَ مَرْوَان لعبد الحميد إِنَّا نجد فِي الْكتاب أَن هَذَا الْأَمر زائل عَنَّا لَا محَالة وسيضطر إِلَيْك هَؤُلَاءِ الْقَوْم فصر إِلَيْهِم فَإِنِّي أَرْجُو أَن تتمكن مِنْهُم فتنفعني فِي مخلفي وَفِي كثير من أموري فَقَالَ وَكَيف لي بِأَن يعلم النَّاس جَمِيعًا أَن هَذَا عَن رَأْيك وَكلهمْ يَقُول أَنِّي غدرت بك وَأَنِّي صرت إِلَى عَدوك الطَّوِيل
(أسر وَفَاء ثمَّ أظهر غدرةً ... فَمن لي بِعُذْر يُوسع النَّاس ظَاهره)
ثمَّ أنْشد أَيْضا الوافر
(فلومٌ ظَاهر لَا شكّ فِيهِ ... للائمة وعذري بالمغيب)
فَلَمَّا سمع ذَلِك مَرْوَان علم أَنه لَا يفعل ثمَّ قَالَ عبد الحميد إِن الَّذِي أَمرتنِي بِهِ أَنْفَع الْأَمريْنِ لَك وأقبحهما لي وَلَك عَليّ الصَّبْر إِلَى أَن يفتح الله عَلَيْك أَو أقتل فِي جماعتك وَلَكِن دَعْنِي أكتب إِلَى أبي مُسلم كتابا إِن قَرَأَهُ على نَفسه جبنه وفزعه وَإِن قَرَأَهُ على جَيْشه فَللَّه وفرقه فَكتب إِلَيْهِ طوماراً حمل على بعير فوصل الرَّسُول إِلَى أبي مُسلم وَهُوَ بِالريِّ فَوضع الْكتاب يبن يَدَيْهِ فِي سرادقه وَجمع عساكره ووزراءه فَلَمَّا حَضَرُوا أَمر بِنَار فأضرمت ثمَّ(18/52)
قَالَ لكَاتبه اقْطَعْ من رَأس هَذَا الطومار قدر الرَّاحَة ثمَّ قَالَ اكْتُبْ إِلَى مَرْوَان جَوَابه الطَّوِيل
(محا السَّيْف أسطار البلاغة وانتحت ... عَلَيْك صُدُور الْخَيل من كل جَانب)
وَسلم الْجَواب إِلَى الرَّسُول ثمَّ أَمر بالطومار فَوضع فِي النَّار وَلم يقرأه وَلَا فضه وَقيل لعبد الحميد مَا الَّذِي مكنك من البلاغة وخرجك فِيهَا قَالَ كَلَام الأصلع يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ)
وَأهْدى عَامل لمروان غُلَاما أسود فَقَالَ لعبد الحميد اكْتُبْ إِلَيْهِ واذممه وَاخْتصرَ فَكتب لَو وجدت لوناً شرا من السوَاد وعدداً أقل من الْوَاحِد لأهديته وَعبد الحميد أول من أَطَالَ الرسائل وَاسْتعْمل التحميدات فِي فُصُول الْكتب وَقيل إِنَّه قتل مَعَ مَرْوَان على بوصير سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقيل أَنه استخفى لما قتل مَرْوَان وَكَانَ بالجزيرة فغمز عَلَيْهِ فَدفعهُ السفاح إِلَى عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن صَاحب شرطته فَكَانَ يحمي لَهُ طستاً ويضعه على رَأسه إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ
وَكَانَ يَعْقُوب بن دَاوُد وَزِير الْمهْدي كَاتبا بَين يَدي عبد الحميد وَعَلِيهِ تحرج وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن عبد الحميد من الْكتاب الماهرين ورسالته أَعنِي عبد الحميد إِلَى الْكتاب مَشْهُورَة وَهِي الَّتِي أَولهَا أما بعد حفظكم الله يَا أهل هَذِه الصِّنَاعَة وَمن شعر عبد الحميد المتقارب
(ترحل مَا لَيْسَ بالقافل ... وأعقب مَا لَيْسَ بالآفل)
(فلهفي من الْخلف النَّازِل ... ولهفي من السّلف الراحل)
(وأبكي على ذَا وأبكي لذا ... بكاء المولهة الثاكل)
(تبْكي من ابْن لَهَا قَاطع ... وتبكي على ابْن لَهَا وَاصل)
وَكَانَ الْمَنْصُور كثيرا مَا يَقُول بعد إفضاء الْأَمر إِلَيْهِم غلبنا بَنو مَرْوَان بِثَلَاثَة أَشْيَاء بالحجاج وَعبد الحميد الْكَاتِب وبالمؤذن البعلبكي
(عبد الْخَالِق)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ)
عبد الْخَالِق بن أَسد بن ثَابت أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الدِّمَشْقِي تفقه على الْبَلْخِي وَسمع الْكثير من عبد الْكَرِيم بن حَمْزَة الْحداد وَأبي الْحسن عَليّ بن الْمُسلم وطاهر بن سهل الاسفراييني وَغَيرهم ورحل فِي طلب الحَدِيث وَحدث بِهِ وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا وَكَانَ يدرس بِالْمَدْرَسَةِ الصادرية بِبَاب الْبَرِيد فِي دمشق وَتُوفِّي سنة أَربع(18/53)
وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره الْبَسِيط
(قل الْحفاظ فذو العاهات محترمٌ ... والشهم ذُو الْفضل يُؤْذِي مَعَ سَلَامَته)
(كالقوس يحفظ عمدا وَهُوَ ذُو عوج ... وينبذ السهْم قصدا لاستقامته)
3 - (السيوري الْمَالِكِي)
عبد الْخَالِق بن عبد الْوَارِث أَبُو الْقَاسِم السيوري المغربي الْمَالِكِي خَاتِمَة شُيُوخ القيروان كَانَ آيَة فِي معرفَة الْمَذْهَب بل فِي معرفَة مَذَاهِب الْعلمَاء توفّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِي)
عبد الْخَالِق بن طَاهِر بن عبد الله أَبُو مُحَمَّد الشَّاعِر الدِّمَشْقِي توفّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة بالديار المصرية نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ بِدِمَشْق سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة الطَّوِيل
(فُؤَادِي لم يسكن وهم فِيهِ سكان ... فعندهم قلب وَعِنْدِي جثمان)
(مَرَرْت على الأوطان عَنْهُم مسائلاً ... وقلبي لَهُم فِيهِ ربوع وأوطان)
(سَلام عَلَيْهِم أَيْن حلوا فإنني ... أَسِير هواهم عبدهم أَيْنَمَا كَانُوا)
(وَكم رمت كتمان الْهوى مَا أطقته ... وَكَيف ودمع الْعين فِي الخد هتان)
قلت أثبت القوصي القصيدة بكمالها وَهِي مُطَوَّلَة من هَذَا الأنموذج وَهُوَ شعر نَازل إِلَى الْغَايَة
3 - (أَبُو جَعْفَر الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْخَالِق بن عِيسَى بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد بن مُوسَى ابْن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن معبد بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو جَعْفَر ابْن أبي مُوسَى الْفَقِيه إِمَام طَائِفَة)
الْحَنَابِلَة فِي زَمَانه بِلَا مدافعة كَانَ ورعاً زاهداً مفنناً عَالما بِأَحْكَام الْقُرْآن والفرائض دفن إِلَى جَانب الإِمَام أَحْمد وَختم على قَبره نَحْو عشرَة آلَاف ختمة وَكَانَ دَفنه يَوْمًا مشهوداً وَتُوفِّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
وَكَانَ قد انْقَطع إِلَى الزّهْد وَالْعِبَادَة وخشونة الْعَيْش والشدة والصلابة فِي مذْهبه حَتَّى أفْضى ذَلِك إِلَى مسارعة الْعَوام إِلَى إِيذَاء النَّاس وَإِقَامَة الْفِتْنَة وَسَفك الدِّمَاء وَسَب الْعلمَاء وتكفير طوائف الْمُسلمين فَأخذ وَحبس إِلَى حِين وَفَاته وَأَرَادَ الْعَوام دَفنه فِي قبر الإِمَام أَحْمد فَقَالَ لَهُم أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي لَا يجوز دَفنه فِيهِ فَإِن بنت أَحْمد دفنت عِنْد أَبِيهَا فَقَالَ لَهُ بعض(18/54)
الْعَوام أسكت قد زوجناه بنت الإِمَام أَحْمد وَرويت لَهُ المنامات الصَّالِحَة من ذَلِك أَنه قيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ لما وضعت فِي قَبْرِي رَأَيْت فِيهِ قبَّة من درة بَيْضَاء لَهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب وقائلاً يَقُول هَذِه لَك أَدخل من أَي أَبْوَابهَا شِئْت
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي النَّحْوِيّ)
عبد الْخَالِق بن صَالح بن عَليّ بن زَيْدَانَ بن أَحْمد الشَّيْخ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي التقى الْقرشِي الْأمَوِي المسكي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ برع فِي اللُّغَة وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَكَانَ مُفِيد الْقَاهِرَة وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة
3 - (الْحَافِظ النشتبري)
عبد الْخَالِق بن الأنجب بن المعمر بن الْحسن الْفَقِيه الملقب بِالْحَافِظِ أَبُو مُحَمَّد ضِيَاء الدّين الْعِرَاقِيّ والنشتبري بنُون بعْدهَا شين مُعْجمَة وتاء ثَالِثَة الْحُرُوف مَفْتُوحَة أَو مَكْسُورَة وباء مُوَحدَة سَاكِنة وَبعدهَا رَاء المارديني نزيل دنيسر وماردين سمع ببغداذ من ابْن شاتيل وَغَيره وبمصر ودمشق وَكَانَ فَقِيها عَالما ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة روى عَنهُ الدمياطي ومجد الدّين ابْن العديم وَابْن الظَّاهِرِيّ وَجَمَاعَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن علوان الشَّافِعِي)
عبد الْخَالِق بن عبد السَّلَام بن سعيد بن علوان القَاضِي الإِمَام تَاج الدّين أَبُو مُحَمَّد المعري الأَصْل البعلبكي الشَّافِعِي الأديب ولد سنة ثلاثٍ وست مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة)
حدث عَن الشَّيْخ الْمُوفق والبهاء عبد الرَّحْمَن وَالْمجد الْقزْوِينِي والكاشغري والعز بن رَوَاحَة والتقي أبي أَحْمد عَليّ بن وَاصل الْبَصْرِيّ وَأحمد بن هِشَام الليلي والزكي أبي عبد الله البرزالي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ الْكِنْدِيّ وروى الْكثير وَتفرد فِي زَمَانه وَرجل إِلَيْهِ وَحدث بسنن ابْن ماجة بِدِمَشْق وسَمعه مِنْهُ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَأكْثر عَنهُ وَهُوَ من جلة شُيُوخه
ولي قَضَاء بعلبك وحمدت سيرته وَكَانَ صَاحب أوراد وتهجد وبكاء من خشيَة الله ودرس بالأمينية وَهُوَ ابْن نَيف وَتِسْعين سنة وَحدث عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن اليونيني والمزي وَمن شعره
3 - (ابْن أبي حَاتِم)
عبد الْخَالِق بن أبي حَاتِم قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ(18/55)
شَاعِرًا مَشْهُورا وَكَانَ مقصراً عِنْد نَفسه لَا يتعاطى الدُّخُول بَين الحذاق على أَنه مجود تواضعاً وَبعد همة فِي الشّعْر لَا يكَاد يرضى عَن جيد نَفسه وَلم تكن لَهُ بديهة بل كَانَ شَدِيد التَّعَب والمعالجة إِذا أَرَادَ الصَّنْعَة
وَأورد لَهُ الطَّوِيل
(جنَاح سلوي عَن هَوَاك مهيض ... وَمَا لي بِمَا حملت مِنْك نهوض)
(وَكَيف وَبِي فِي الْقرب مَا بِي فِي النَّوَى ... وجسمي من اللحظ الْمَرِيض مَرِيض)
(يغيض اصْطِبَارِي عَنْك وَالنَّفس كلما ... تذكرت أشجاني تكَاد تفيض)
قلت شعر يظْهر أثر الكلفة عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة عشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الفكاه)
عبد الْخَالِق بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي الْمَعْرُوف بِابْن الفكاه قَالَ ابْن رَشِيق شَاعِر بارع ذكي الخاطر حسن الطَّرِيقَة يضْرب فِي كل علم بقدح وَيرجع من كل طَرِيق بِرِبْح وَأورد لَهُ الطَّوِيل
(وَقَالُوا ظلام اللَّيْل سترٌ لذِي الْهوى ... إِذا قَادَهُ الشوق المبرح عَاشَ)
(فَمَا لي إِذا مَا جن أيقظ يَا فَتى ... كَأَن عَليّ اللَّيْل مقلة واش)
وَأورد لَهُ أَيْضا الطَّوِيل
(على الضيم أَو فاحلل عقال الركائب ... وللذل أَو فاحلل صُدُور الْكَتَائِب)
(فإمَّا حَيَاة تَحت إِدْرَاك منيةٍ ... وَإِمَّا منايا تَحت عز القواضب)
(فَمَا الْعَيْش فِي ظلّ الهوان بِطيب ... وَمَا الْمَوْت فِي سبل الْعَلَاء بعائب)
)
قلت شعر جيد
(عبد الدَّائِم)
3 - (ابْن عبد الدَّائِم الْحَنْبَلِيّ)
ابْن عبد الدَّائِم الْحَنْبَلِيّ اسْمه أَحْمد بن عبد الدَّائِم وَابْنه أَبُو بكر بن أَحْمد
(عبد ربه)
3 - (عبد ربه بن سعيد)
عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الْمدنِي أَخُو يحيى وَسعد توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
(عبد الرب)
3 - (أَبُو عبد الرب الدِّمَشْقِي)
أَبُو عبد الرب الدِّمَشْقِي الزَّاهِد مولى رومي قسطنطيني روى عَنهُ فضَالة بن عبيد وَمُعَاوِيَة وأويس الْقَرنِي خرج عَن عشرَة آلَاف دِينَار(18/56)
لله تَعَالَى وَكَانَ يخْتَار الْفقر على الْغنى وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ ابْن ماجة
(عبد الرَّحْمَن)
3 - (ابْن أم برثن)
عبد الرَّحْمَن بن آدم الْبَصْرِيّ صَاحب السِّقَايَة توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد
3 - (دُحَيْم الْيَتِيم)
عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن عَمْرو بن مَيْمُون الْأمَوِي مولى آل عُثْمَان الْحَافِظ الدِّمَشْقِي توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبي طَاهِر طيفور)
عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أبي طَاهِر بن إِبْرَاهِيم بن طيفور البغداذي كَانَ يتَوَلَّى الخطابة بصرصر وَكَانَ مالكي الْمَذْهَب سمع أَبَا الْقَاسِم هبة الله ابْن الْحُسَيْن وَحدث باليسير وَكَانَ شَيخا صَالحا ورعاً متديناً توفّي سنة سبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن مَنْصُور الإِمَام بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولد بقرية الساويا بِالْأَرْضِ المقدسة سنة خمس أَو سِتّ وَخمسين وَخمْس مائَة وَكَانَ أَبوهُ يؤم بِأَهْلِهَا وَهِي من عمل نابلس وَأمه سِتّ النّظر بنت أبي المكارم
هَاجر بِهِ أَبوهُ نَحْو دمشق سرا وخيفة من الفرنج ثمَّ سَافر بِهِ إِلَى مصر وَسمع بالبلاد
قَالَ قَرَأت الْقُرْآن فِي سِتَّة أشهر وَصليت التَّرَاوِيح بهم وَتوجه إِلَى بغداذ وَسمع بالموصل وروى الْكثير ببعلبك ونابلس ودمشق واشتغل على ابْن الْمَنِيّ وَكَانَ فَقِيها مناظراً وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَأقَام بنابلس بعد الْفتُوح سِنِين كَثِيرَة وَشرح كتاب الْمقنع وَكتاب(18/57)
الْعُمْدَة لموفق الدّين وروى عَنهُ جمَاعَة وَانْقطع بِمَوْتِهِ حَدِيث كثير وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْفَزارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن سِبَاع بن ضِيَاء الْعَلامَة الإِمَام مفتي الْإِسْلَام فَقِيه الشَّام تَاج الدّين أَبُو مُحَمَّد الْفَزارِيّ البدري الْمصْرِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الفركاح
ولد فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة تسعين وست مائَة
وَسمع البُخَارِيّ من ابْن الزبيدِيّ وَسمع من ابْن ناسويه وَابْن المنجا وَابْن اللتي ومكرم بن)
أبي الصَّقْر وَابْن الصّلاح والسخاوي وتاج الدّين ابْن حمويه والزين أَحْمد بن عبد الْملك وَخرج لَهُ البرزالي عشرَة أَجزَاء صغَار عَن مائَة نفس وَسمع مِنْهُ وَلَده الشَّيْخ برهَان الدّين وَابْن تَيْمِية والمزي وَالْقَاضِي ابْن صصرى وَكَمَال الدّين الزملكاني وَابْن الْعَطَّار وَكَمَال الدّين الشهبي وَالْمجد الصَّيْرَفِي وَأَبُو الْحسن الختني وَالشَّمْس مُحَمَّد بن رَافع الرجبي وعلاء الدّين الْمَقْدِسِي والشرف بن سيدة وزكي الدّين زكري
وَخرج من تَحت يَده جمَاعَة من الْقُضَاة والمدرسين والمفتيين ودرس وناظر وصنف وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْمَذْهَب كَمَا انْتَهَت إِلَى وَلَده وَكَانَ لطيف الْحَيَّة قَصِيرا أسمر حُلْو الصُّورَة ظَاهر الدَّم مفركح السَّاقَيْن بهما حنف مَا وَكَانَ يركب البغلة ويحف بِهِ أَصْحَابه وَيخرج مَعَهم إِلَى الْأَمَاكِن النزهة ويباسطهم ويحضر المغاني وَله فِي النُّفُوس صُورَة عَظِيمَة لدينِهِ وَعلمه وتواضع وخيره ولطفه وَكَانَ مفرط الْكَرم وَله تصانيف تدل على مَحَله من الْعلم وتبحره وَكَانَت لَهُ يَد فِي النّظم والنثر
تفقه فِي صغره على الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح وبرع فِي الْمَذْهَب وَهُوَ شَاب وَجلسَ للاشتغال وَله بضع وَعِشْرُونَ سنة ودرس سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَكتب فِي الْفَتَاوَى وَقد كمل الثَّلَاثِينَ وَلما قدم النَّوَوِيّ من بَلَده أحضروه ليشتغل عَلَيْهِ فَحمل همه وَبعث بِهِ إِلَى مدرس الرواحية ليَصِح لَهُ بهَا بَيت ويرتفق بمعلومها وَكَانَت الْفَتَاوَى تَأتيه من الأقطار وَإِذا سَافر إِلَى زِيَارَة الْقُدس ترامى أهل الْبر على ضيافاته وَكَانَ أكبر من الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ بِسبع سِنِين وَهُوَ أفقه نفسا وأذى وَأقوى مناظرة من الشَّيْخ(18/58)
محيي الدّين بِكَثِير وَقيل إِنَّه كَانَ يَقُول أيش قَالَ النَّوَوِيّ فِي مزيلته يَعْنِي الرَّوْضَة وَكَانَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام يُسَمِّيه الدويك لحسن بَحثه
وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَلَده برهَان الدّين وَكَمَال الدّين ابْن الزملكاني وَكَمَال الدّين الشهبي وزكي الدّين زكري وَكَانَ قَلِيل الْمَعْلُوم كثير الْبركَة لم يكن لَهُ إِلَّا تدريس الباذرائية مَعَ مَا لَهُ على الْمصَالح دفن بمقابر بَاب الصَّغِير وشيعه الْخلق وتأسفوا عَلَيْهِ عَاشَ سِتا وَسِتِّينَ سنة وَثَلَاثَة أشهر وَله الإقليذ فِي شرح التَّنْبِيه وَهُوَ جيد وكشف القناع فِي حل السماع وَله شرح الْوَسِيط فِي نَحْو عشرَة أسفار وَمن شعره لما انجفل النَّاس سنة ثَمَان وَخمسين الْبَسِيط
(لله أَيَّام جمع الشمل مَا بَرحت ... بهَا الْحَوَادِث حَتَّى أَصبَحت سمرا)
)
(ومبتدا الْحزن من تَارِيخ مَسْأَلَتي ... عَنْكُم فَلم ألق لَا عينا وَلَا خَبرا)
(يَا راحلين قدرتم فالنجاء لكم ... وَنحن للعجز لَا نستعجز القدرا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(يَا كريم الْآبَاء والأجداد ... وَسَعِيد الإصدار والإيراد)
(كنت سَعْدا لنا بوعد كريم ... لَا تكن فِي وَفَاته كسعاد)
وَكتب الشَّيْخ تَاج الدّين إِلَى زين الدّين عبد الْملك بن العجمي ملغزاً فِي اسْم بيدرا الْبَسِيط
(يَا سيداً مَلأ الْآفَاق قاطبة ... بِكُل فن من الألغاز مبتكر)
(مَا اسْم مُسَمَّاهُ بدرٌ وَهُوَ مُشْتَمل ... عَلَيْهِ فِي اللَّفْظ إِن حققت فِي النّظر)
(وَإِن تكن مسْقطًا ثَانِيَة مُقْتَصرا ... عَلَيْهِ فِي الْحَذف أضحى وَاحِد الْبَدْر)
فَكتب الْجَواب الْبَسِيط
(يَا أَيهَا الْعَالم الحبر الَّذِي شهِدت ... لَهُ فضائله فِي البدو والحضر)
(مقلوب خمسي مُسَمّى أَنْت ملغزه ... يطوف ظَاهره نعتاً على الْبشر)
(وَمَا بَقِي مِنْهُ وَحشِي مصحفه ... من بعد قلبٍ بعكس عِنْد ذِي الْبَصَر)
(هَذَا اسْم من صَار سُلْطَان الملاح وَقد ... جلاه وصفك إِذْ حلوه بالدرر)
وَمن شعر الشَّيْخ تَاج الدّين
(مَا أطيب مَا كنت من الوجد لقِيت ... إِذْ أصبح بالحبيب صبا وأبيت)
(وَالْيَوْم صَحا قلبِي من سكرته ... مَا أعرف فِي الغرام من أَيْن أتيت)(18/59)
3 - (ابْن أبي عمر الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي عمر الْمَقْدِسِي سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (عبد الرَّحْمَن بن أبي أَبْزَى)
عبد الرَّحْمَن بن أبي أَبْزَى مولى نَافِع بن عبد الْحَارِث لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد السَّيِّد الْقدْوَة أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي الْعَنسِي بالنُّون أَصله واسطي قَالَ)
مُحَمَّد بن خريم الْعقيلِيّ سَمِعت أَحْمد بن أبي الْحوَاري يَقُول تمنيت أَن أرى أَبَا سُلَيْمَان الدَّارَانِي فِي الْمَنَام فرأيته بعد سنة فَقلت لَهُ يَا معلم مَا فعل الله بك قَالَ يَا أَحْمد دخلت من بَاب الصَّغِير فَلَقِيت وسق شيح فَأخذت مِنْهُ عوداً فَلَا ادري تخللت بِهِ أم رميت بِهِ فَأَنا فِي حسابه من سنة مَاتَ سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ أَو خمس عشرَة وَهُوَ الصَّحِيح
3 - (نجم الدّين الشِّيرَازِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن القَاضِي شمس الدّين أبي نصر مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن جميل الصَّدْر نجم الدّين أَبُو بكر ابْن القَاضِي تَاج الدّين الشِّيرَازِيّ الدِّمَشْقِي من بَيت الرِّوَايَة وَالْعلم والرئاسة روى عَن عمر بن طبرزد وتاج الدّين الْكِنْدِيّ وَدَاوُد بن ملاعب وَابْن الحرستاني وَغَيرهم وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَالْمجد بن الصَّيْرَفِي وَجَمَاعَة وَكَانَ من أَعْيَان الشُّهُود وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة
3 - (أَبُو الْفضل الْعجلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن الْحسن بن بنْدَار أَبُو الْفضل الْعجلِيّ الرَّازِيّ الْمُقْرِئ الزَّاهِد الإِمَام
كَانَ فَاضلا كثير التصنيف عَارِفًا بالقراءات وَالْأَدب والنحو وَله شعر وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبع مائَة بنيسابور وَمن شعره السَّرِيع
(يَا موت مَا أجفاك من زائر ... تنزل بِالْمَرْءِ على رغمه)(18/60)
(وَتَأْخُذ الْعَذْرَاء من خدرها ... وتسلب الْوَاحِد من أمه)
وَمِنْه الطَّوِيل
(طوى الدَّهْر أترابي فبادوا جَمِيعهم ... وَمَا أحد مِنْهُم إِلَيْهِ يؤوب)
(وَمن رزق الْعُمر الطَّوِيل تصيبه ... مصائب فِي أشكاله وتنوب)
(إِذا مَا مضى الْقرن الَّذِي أَنْت فيهم ... وخلفت فِي قرن فَأَنت غَرِيب)
(وَإِن امْرَءًا قد سَار سبعين حجَّة ... إِلَى منهل من ورده لقريب)
3 - (كَمَال الدّين ابْن الفاقوسي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَبَّاس بن أَحْمد بن بشر كَمَال الدّين أَبُو الْفرج الْمصْرِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الفاقوسي إِمَام الْمدرسَة المجاهدية روى عَن ابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وَابْن البن وروى عَنهُ البرزالي والمزي وَابْن تَيْمِية وَكَانَ فِيهِ نباهة وخطه مليح وَتُوفِّي عَن)
خمس وَسبعين سنة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره
3 - (ابْن بَقِي بن مخلد)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن بَقِي بن مخلد أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ سمع وروى وَكَانَ ثِقَة ضابطاً بليغاً وقوراً قَالَ ابْن الفرضي أَخْبرنِي من سمع عَنهُ يَقُول الْإِجَازَة عِنْدِي وَعند أبي وَعند جدي كالسماع وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو حبيب المغربي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد أَبُو حبيب قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج ولد بالمحمدية وتأدب بالأندلس دَخلهَا صَغِيرا مَعَ أَبِيه وَكَانَ من صالحي الْأمة وعبادها وزهادها ترك التِّجَارَة لشَيْء اطلع عَلَيْهِ من شريك كَانَ لَهُ فتبرأ لَهُ من جَمِيع مَا فِي يَدَيْهِ وَخرج فَقِيرا إِلَى الأندلس غازياً وَلم يخف حَاله هُنَاكَ وَسكن الثغر مرابطاً حَتَّى قبض وَلم يزل وَلَده أَبُو حبيب هَكَذَا يخالط أَشْرَاف النَّاس وَأهل الأقدار حَتَّى برز فِي الْأَدَب وصناعة الشّعْر وَعلم الشَّرْع فَصَارَ صَدرا مَذْكُورا فِي كل وَاحِد مِنْهَا يصلح للْفَتْوَى وَمن شعره الْكَامِل
(أضحى عذولي فِيهِ من عشاقه ... لما بدا كالبدر فِي إشراقه)
(وَغدا يلوم ولومه لي غيرَة ... مِنْهُ عَلَيْهِ لَيْسَ من إشفاقه)
قلت من هُنَا أَخذ ابْن الخيمي قَوْله الرمل
(مَا عذولي قطّ إِلَّا عاشق ... ستر الْغيرَة بالعذل وداجى)(18/61)
رَجَعَ إِلَى تَمام شعر أبي حبيب الْكَامِل
(قمر تنافست الجوانح وَالصبَا ... فِي حبه لتفوز عِنْد عناقه)
(فِي خَدّه نورٌ تفتح ورده ... ألحاظه منعته من عشاقه)
وَمِنْهَا
(عرض الْوِصَال وظل يعرض دونه ... وتخلق المعسول من أخلاقه)
(وَغدا محاق الْبَدْر موعد بَينه ... ورحيله فمحقت قبل محاقه)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وَإِنِّي على شوقي إِلَيْهِ وصبوتي ... أغار عَلَيْهِ فِي دجى اللَّيْل إِذْ يسري)
(فَبت ودمعي مزج فيض دُمُوعه ... أقبل مَا بَين الترائب والنحر)
)
(إِذا هم أَن يمْضِي جذبت بِثَوْبِهِ ... وأطبقت من خوف على مقلتي شفري)
(وَكم لَيْلَة هَانَتْ عَليّ ذنوبها ... بِمَا بَات يرويني من الرِّيق وَالْخمر)
(أقبل مِنْهُ الْورْد فِي غير حِينه ... وألثم بدر التم فِي غيبَة الْبَدْر)
(إِلَى أَن بدا نور التبلج فِي الدجا ... كنور جبين لَاحَ فِي ظلمَة الشّعْر)
(وهب نسيم للصباح كَأَنَّمَا ... يهب برِيح الْمسك أَو خَالص الْعطر)
(وَقد نبه الساقي الندامى لقهوة ... كشعلة مِصْبَاح خلا أَنَّهَا تجْرِي)
وَمِنْه الْبَسِيط
(مجْرى جفوني دِمَاء وَهُوَ ناظرها ... ومتلف الْقلب وجدا وَهُوَ مرتعه)
(إِذا بدا حَال دمعي دون رُؤْيَته ... يغار مني عَلَيْهِ فَهُوَ برقعه)
قلت ولي فِي مثل هَذَا الْمَعْنى الوافر
(سَأَلتهمْ وَقد عزم التنائي ... قفوا نفسا عَليّ فَمَا أجابوا)
(وَلم أرهم وَقد زموا المطايا ... بِأَن الدمع فِي عَيْني حجاب)
ولي مثله أَيْضا الْبَسِيط
(هم نور عَيْني وَإِن كَانَت لبعدهم ... أَيَّام عيشي سُودًا كلهَا عطب)
(أَن يحضروا فالبكا غطى على بَصرِي ... فهم حضورٌ وَفِي الْمَعْنى هم غيب)
3 - (أَبُو الْمطرف بن بشر الْقُرْطُبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن سعيد بن مُحَمَّد بن(18/62)
بشر بن غرسيه أَبُو الْمطرف الْقُرْطُبِيّ قَاضِي الْجَمَاعَة ابْن الْحصار مولى ابْن فطيس روى عَن أَبِيه وتفقه بِهِ وَكَانَ من أهل الْعلم والتفنن والذكاء وَكَانَ لَا يفتح على نَفسه بَاب رِوَايَة وَلَا مدارسة
قَالَ ابْن بشكوال سَمِعت أَبَا مُحَمَّد ابْن عتاب حَدثنَا أبي مرَارًا قَالَ كنت أرى القَاضِي ابْن بشر فِي الْمَنَام بعد مَوته فِي هَيئته وَهُوَ مقبل من دَاره فَأسلم عَلَيْهِ وأدري أَنه ميت وأسأله عَن حَاله وَعَما صَار إِلَيْهِ فَكَانَ يَقُول لي إِلَى خير وَيسر بعد شدَّة فَكنت أَقُول لَهُ وَمَا تذكر من فضل الْعلم وَكَانَ يَقُول لي لَيْسَ هَذَا الْعلم يُشِير إِلَى علم الرَّأْي وَيذْهب إِلَى أَن الَّذِي انْتفع بِهِ من ذَلِك مَا كَانَ عِنْده من علم كتاب الله وَحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن حزم فِي آخر كتاب الْإِجْمَاع مَا لقِيت فِي المناظرة أَشد إنصافاً مِنْهُ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ)
وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَلم يَأْتِ بعده قَاض مثله
3 - (أَبُو الْفرج السَّرخسِيّ الزاز)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْأُسْتَاذ أَبُو الْفرج السَّرخسِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالزاز
كَانَ أحد من يضْرب بِهِ الْمثل فِي حفظ الْمَذْهَب وَهُوَ رَئِيس الشَّافِعِيَّة بمرو تفقه على القَاضِي حُسَيْن وَله مُصَنف سَمَّاهُ الْإِمْلَاء انْتَشَر فِي الأقطار توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو نصر النَّيْسَابُورِي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن سهل بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن حمدَان ابْن مُحَمَّد السراج أَبُو نصر بن أبي بكر من أهل نيسابور من بَيت الْعلم وَالدّين وَكَانَ وَالِده من كبار الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء تفقه أَبُو نصر هَذَا على أبي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ ولازمه حَتَّى برع فِي الْفِقْه وَصَارَ من خَواص أَصْحَابه والمعيدين لدرسه وَجرى على منوال أسلافه فِي الدّين والورع وَقلة المخالطة لأبناء الدُّنْيَا وملازمة طَرِيق السّلف سمع وَالِده وَسَعِيد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبُحَيْرِي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن الجترزوذي وَغَيرهم وَقدم بغداذ حَاجا وَحدث بهَا وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر الساوي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن علك بتَشْديد اللَّام بعد الْعين الْمُهْملَة وَآخره كَاف ابْن دات بِالدَّال الْمُهْملَة وَبعد الْألف تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف الساوي أَبُو طَاهِر الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ وَالِده من أهل ساوة وَكَانَ وَالِده أَمِير الْحَاج سمع بسمرقند من(18/63)
طَاهِر بن عبد الله الإيلافي وَالْحَاكِم أبي عَمْرو عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْقَنْطَرِي الْمروزِي وَعبد الله بن مُحَمَّد الْفَارِسِي وَغَيرهم توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وشيع جنَازَته نظام الْملك وَجمع من الأكابر وَدفن عِنْد قبر الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ ورؤي الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي اللَّيْلَة الَّتِي دفن أَبُو طَاهِر بجانبه كَأَنَّهُ خرج من قَبره وَقعد على شَفير الْقَبْر وَهُوَ يُحَرك إصبعه المسبحة وَيَقُول يَا بني الأتراك يَا بني الأتراك كَأَنَّهُ يستغيث من جواره
3 - (أَبُو النجيب التغلبي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن المفرج بن درع بن الْخضر بن حسن بن حَامِد أَبُو النجيب ابْن أبي الْعَبَّاس التغلبي التكريتي ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس)
مائَة قَرَأَ الْقُرْآن على وَالِده وَالتَّفْسِير والوعظ والعربية وَصَارَ يعظ النَّاس على الْكُرْسِيّ وَقَوي فهمه واحتد خاطره وسافر إِلَى بغداذ وتفقه على يُوسُف الدِّمَشْقِي بالنظامية وعَلى ابْن الْخلّ وأتقن الْمَذْهَب وَالْخلاف والجدل وناظر الْأَئِمَّة وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف ومدح شَيْخه الدِّمَشْقِي بِأَبْيَات مِنْهَا الْخَفِيف
(هَل زماني بالأجرعين يعود ... أم هَل الدَّهْر بالحبيب يجود)
(أم هَل الشمل شَامِل بعد نأي ... فبري مكمداً بِذَاكَ الحسود)
مِنْهَا
(بَحر برٍ بالمكر مَاتَ مُحِيط ... فسماء السماح مِنْهُ تجود)
(لَو سرى روح راحتيه إِلَى الجل ... مد حَقًا لأعشب الجلمود)
(كَفه فِي الْعَطاء بَحر وَفِي البأ ... س دمٌ تقشعر مِنْهُ الْجُلُود)
ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى تكريت وَأقَام مُدَّة وَتوجه إِلَى الْموصل وَتكلم عِنْد فضلاء بهَا وَندب للتدريس بماردين وَبنت لَهُ أُخْت شاه أرمن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن سكان مدرسة فدرس بهَا مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى تكريت وَولي الْقَضَاء بهَا إِلَى أَن توفّي فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
3 - (أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الْملك بن عُثْمَان الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو الْفرج الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وست مائَة وتوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وست مائَة سمع حضوراً من عبد الْجَلِيل بن مندويه وَمن الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَدَاوُد بن ملاعب وَأبي عبد الله ابْن الْبناء وَأبي الْفتُوح ابْن الحرستاني وَدَاوُد بن ملاعب وَأبي عبد الله ابْن الْبناء وَأبي الْفتُوح ابْن الجلاجلي ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَالشَّيْخ الْمُوفق وَابْن رَاجِح وَابْن البن وَابْن أبي لقْمَة وَطَائِفَة ورحل هُوَ وَالسيف بن الْمجد والتقي بن الوَاسِطِيّ وسمعوا ببغداذ من(18/64)
الْفَتْح بن عبد السَّلَام وَأبي الْحسن ابْن بو زَيْدَانَ وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة
وَكَانَ فَقِيها صَالحا ثِقَة نبيلاً عابداً مهيباً متيقظاً وَاسع الرِّوَايَة على الْإِسْنَاد تفرد بِبَعْض مروياته وَسمع مِنْهُ خلق مِنْهُم ابْن الخباز وَأَبُو الْحسن الْموصِلِي وَابْن الْعَطَّار وشمس الدّين بن مُسلم وَابْن تَيْمِية والمزي والبرزالي وَابْن المهندس وَأَجَازَ الشَّيْخ شمس الدّين مروياته
3 - (ابْن يُونُس الصَّدَفِي)
)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي الْمصْرِيّ الْحَافِظ المؤرخ أَبُو سعيد مؤرخ مصر ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة وَلم يرحل وَلَكِن كَانَ إِمَامًا فِي فن التَّارِيخ روى عَنهُ ابْن مندة وَأَبُو مُحَمَّد ابْن النّحاس وَعبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد الْبَلْخِي وَجَمَاعَة من الرحالة والمغاربة وَله كَلَام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل يدل على بَصَره بِالرِّجَالِ ومعرفته بالعلل
وَعمل لمصر تاريخين أَحدهمَا وَهُوَ الْأَكْبَر يخْتَص بالمصريين وَالْآخر وَهُوَ صَغِير يخْتَص بِذكر الغرباء الواردين على مصر وَقد ذيلهما أَبُو الْقَاسِم يحيى بن عَليّ الْحَضْرَمِيّ وَبنى عَلَيْهِمَا وَهَذَا أَبُو سعيد هُوَ حفيد يُونُس بن عبد الْأَعْلَى صَاحب الإِمَام الشَّافِعِي
وَلما مَاتَ أَبُو سعيد الْمَذْكُور رثاه أَبُو عِيسَى عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله الْخَولَانِيّ الخشاب النَّحْوِيّ الْعَرُوضِي بقوله الْبَسِيط
(بثثت علمك تشريقا وتغريبا ... وعدت بعد لذيذ الْعَيْش مَنْدُوبًا)
(أَبَا سعيد وَمَا نألوك إِن نشرت ... عَنْك الدَّوَاوِين تَصْدِيقًا وتصويبا)
(مَا زلت تلهج بالتاريخ تكتبه ... حَتَّى رَأَيْنَاك فِي التَّارِيخ مَكْتُوبًا)
(أرخت موتك فِي ذكري وَفِي صحفي ... لمن يؤرخه إِذْ كنت محسوبا)
(نشرت عَن مصر من سكانها علما ... مبجلاً لجمال الْقَوْم مَنْصُوبًا)
(كشفت عَن فَخْرهمْ للنَّاس مَا سجعت ... ورق الْحمام على الأغصان تطريبا)
(أعربت عَن عرب نخبت عَن نحب ... سَارَتْ مناقبهم فِي النَّاس تنقيبا)
(أنشرت ميتتهم حَيا بنسبته ... حَتَّى كَأَن لم يمت إِذْ كَانَ مَنْسُوبا)
(إِن المكارم للإحسان موجبةٌ ... وفيك قد ركبت يَا عبد تركيبا)
(حجبت عَنَّا وَمَا الدُّنْيَا بمظهرة ... شخصا وَإِن جلّ إِلَّا عَاد محجوبا)(18/65)
(كَذَلِك الْمَوْت لَا يبقي على أحدٍ ... مدى اللَّيَالِي من الأحباب محبوبا)
قَوْله مَا زلت تلهج بالتاريخ تكتبه الْبَيْت مَأْخُوذ من خبر لعَلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ أَنه كَانَ رجل مَجْنُون فِي زَمَانه يمشي أَمَام الْجَنَائِز وينادي الرحيل الرحيل لَا تكَاد جَنَازَة تَخْلُو مِنْهُ فمرت يَوْمًا جَنَازَة بعلي ابْن أبي طَالب وَلم يره أمامها وَلم يسمع نداءه فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل لَهُ هُوَ هَذَا الْمَيِّت فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْكَامِل)
(مَا زَالَ يصْرخ بالرحيل مناديا ... حَتَّى أَنَاخَ بِبَابِهِ الْجمال)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي حَدثنِي أبي قَالَ رَأَيْت رجلا على قصر أويس أَيَّام الطَّاعُون وَبِيَدِهِ كوز يعد الْمَوْتَى فِيهِ بالحصى فعد فِي أول يَوْم ثَمَانِينَ ألفا ثمَّ عد فِي الْيَوْم الثَّانِي مائَة ألف فَمر قوم بميتهم فرأوه ثمَّ رجعُوا فَرَأَوْا على الْكوز رجلا غَيره فسألوا عَنهُ فَقَالَ وَقع فِي الْكوز وَمثل هَذَا قَول التهامي الْكَامِل
(حكم الْمنية فِي الْبَريَّة جَار ... مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار)
(بَينا يرى الْإِنْسَان فِيهَا مخبرا ... حَتَّى يرى خَبرا من الْأَخْبَار)
3 - (ابْن الْعَجُوز)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الكتامي الْفَقِيه الْمَالِكِي أَبُو عبد الرَّحْمَن السبتي يعرف بِابْن الْعَجُوز إِلَيْهِ كَانَت الرحلة بالمغرب وَعَلِيهِ مدَار الْفَتْوَى وَفِي عقبه نجباء
3 - (ابْن عجب)
عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن سعيد أَبُو الْمطرف الْبكْرِيّ عرف بِابْن عجب الْحَافِظ لمَذْهَب مَالك توفّي سنة أَربع وَأَرْبع مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن أَرْطَاة)
عبد الرَّحْمَن بن أَرْطَاة وَقيل ابْن سيحان بن أَرْطَاة بن سيحان يَنْتَهِي إِلَى مُضر بن نزار هُوَ شَاعِر مقل إسلامي لَيْسَ من الفحول الْمَشْهُورين وَلكنه يَقُول فِي الْغَزل وَالْفَخْر وَالشرَاب وَهُوَ أحد المعاقرين للشراب المحدودين فِيهِ وَكَانَ مَعَ بني أُميَّة كواحد مِنْهُم إِلَّا أَنه اخْتصَّ بآل أبي سُفْيَان وَآل عُثْمَان وَكَانَ ينادم الْوَلِيد بن عُثْمَان فَأَصَابَهُ ذَات يَوْم خمار فَذهب لِسَانه وسكنت أَطْرَافه وصرخ أَهله عَلَيْهِ فَجَاءَهُ الْوَلِيد فَزعًا فَلَمَّا رَآهُ قَالَ أخي مخمور وَرب الْكَعْبَة ثمَّ أَمر غُلَامه فَأَتَاهُ بشراب من منزله فَأمر بِهِ فأسخن وسقاه إِيَّاه وقيأه وصنع لَهُ حساء وَجعل على رَأسه دهناً وَجعل رجلَيْهِ(18/66)
فِي مَاء سخن فَمَا لبث أَن انْطلق وَذهب مَا كَانَ بِهِ فَقَالَ يذكر تِلْكَ الْإِدَاوَة الَّتِي أحضر لَهُ فِيهَا الشَّرَاب الْكَامِل
(حنت إِلَى برق فَقلت لَهَا قري ... بعض الحنين فَإِن شجوك شائقي)
(بِأبي الْوَلِيد وَأم نَفسِي كلما ... بَدَت النُّجُوم وذر قرن الشارق)
(أثوى فَأكْرم فِي الثواء وقضيت ... حاجاتنا من عِنْد أورع باسق)
)
(كم عِنْده من نائل وسماحةٍ ... وفضائل معدودةٍ وخلائق)
(وكرامة للمعتفين إِذا اعتفوا ... فِي مَاله حَقًا وَقَول صَادِق)
(لَا تبعدن إداوة مطروحة ... كَانَت حَدِيثا للشراب العاتق)
3 - (الزجاجي)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق النهاوندي أَبُو الْقَاسِم الزجاجي النَّحْوِيّ صَاحب الْجمل أَصله من صيمر نزل بغداذ وَلزِمَ أَبَا إِسْحَاق الزّجاج حَتَّى برع فِي النَّحْو ثمَّ نزل حلب ثمَّ دمشق
وأملى عَن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس اليزيدي وَعلي بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش وَابْن دُرَيْد وَغَيرهم
وصنف الْجمل بِمَكَّة وَكَانَ إِذا فرغ الْبَاب طَاف بِهِ أسبوعاً ودعا بالمغفرة وللنحاة عَلَيْهِ مؤاخذات مَعْرُوفَة فِي هَذَا الْكتاب والجزولية حواش عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث مائَة
وَله كتاب الْإِيضَاح فِي النَّحْو وَشرح خطْبَة أدب الْكَاتِب والمخترع فِي القوافي وَالْكَافِي فِي النَّحْو وَكتاب اللامات كَبِير وَشرح كتاب الْألف وَاللَّام للمازني فِي النَّحْو وَله آمال حَسَنَة جَامِعَة لفنون الْأَدَب من النَّحْو واللغة والأشعار وَالْأَخْبَار
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْأَزْدِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْقَاسِم الْأَزْدِيّ ابْن الْحداد التّونسِيّ شَارِح الشاطبية كَانَ قد رَحل وسمعها من النَّاظِم وتلا عَلَيْهِ بالسبع سمع ابْن بَقِي وَجَمَاعَة وَدخل الأندلس وَبهَا لقِيه ابْن مسدي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة أَو سنة خمس وَعشْرين وَهُوَ الصَّحِيح
3 - (أَبُو شامة الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الإِمَام(18/67)
الْعَلامَة ذُو الْفُنُون شهَاب الدّين أَبُو الْقَاسِم الْمَقْدِسِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْفَقِيه الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ أَبُو شامة ولد سنة تسع وَتِسْعين بِدِمَشْق فِي أحد الربيعين وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة وَقَرَأَ الْقُرْآن وَله دون الْعشْر وَقَرَأَ الْقرَاءَات كلهَا سنة سِتّ عشرَة على الشَّيْخ علم الدّين السخاوي وَسمع بالإسكندرية من أبي الْقَاسِم عِيسَى بن عبد الْعَزِيز وَغَيره وَحصل لَهُ سنة بضع وَثَلَاثِينَ عناية بِالْحَدِيثِ وَسمع أَوْلَاده وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكتب الْكثير من الْعُلُوم وأتقن الْفِقْه ودرس وَأفْتى وبرع فِي الْعَرَبيَّة وصنف شرحاً نفيساً للشاطبية وَاخْتصرَ تَارِيخ دمشق مرَّتَيْنِ الأولى فِي خَمْسَة)
عشر مجلداً وَالثَّانيَِة فِي خَمْسَة وَشرح القصائد النَّبَوِيَّة للسخاوي فِي مُجَلد وَله كتاب الروضتين فِي أَخْبَار الدولتين النورية والصلاحية وَكتاب الذيل عَلَيْهَا وَكتاب شرح الحَدِيث المقتفى فِي مبعث الْمُصْطَفى وَكتاب ضوء الْقَمَر الساري إِلَى معرفَة الْبَارِي والمحقق فِي علم الْأُصُول فِيمَا يتَعَلَّق بِأَفْعَال الرَّسُول وَكتاب الْبَسْمَلَة الْأَكْبَر فِي مُجَلد والباعث على إِنْكَار الْبدع والحوادث وَكتاب السِّوَاك وكشف حَال بني عبيد وَالْأُصُول من الْأُصُول ومفردات الْقُرَّاء ومقدمة نَحْو ونظم الْمفصل للزمخشري وشيوخ الْبَيْهَقِيّ وَله غير ذَلِك وأكثرها لم يفرغها
وَذكر أَنه حصل لَهُ الشيب وَله خمس وَعِشْرُونَ سنة وَولي مشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية ومشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية وَكَانَ متواضعاً مطرحاً للتكلف أَخذ عَنهُ الْقرَاءَات الشَّيْخ شهَاب الدّين حُسَيْن الكفري والشهاب أَحْمد اللبان وزين الدّين أَبُو بكر بن يُوسُف الْمزي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح الشاطبية الشَّيْخ شرف الدّين الْفَزارِيّ الْخَطِيب دخل عَلَيْهِ اثْنَان جبليان إِلَى بَيته الَّذِي بآخر الْمَعْمُور من حكر طواحين الأشنان فِي صُورَة فتيا فضرباه ضربا مبرحاً كَاد يتْلف مِنْهُ وَلم يدر بِهِ أحد وَلَا أغاثه وَتُوفِّي فِي تَاسِع عشر رَمَضَان وَدفن بِبَاب الفراديس(18/68)
قَالَ رَحمَه الله جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان فألهم الله الصَّبْر ولطف وَقيل لي اجْتمع بولاة الْأَمر فَقلت أَنا قد فوضت أَمْرِي إِلَى الله وَهُوَ يكفينا وَقلت فِي ذَلِك السَّرِيع
(قلت لمن قَالَ أما تَشْتَكِي ... مَا قد جرى فَهُوَ عَظِيم جليل)
(يقيض الله تَعَالَى لنا ... من يَأْخُذ الْحق ويشفي الغليل)
(إِذا توكلنا عَلَيْهِ كفى ... وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل)
وَمن شعره ضَابِط فِي السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله الطَّوِيل
(إِمَام محب نَاشِئ متصدق ... وَبَاكٍ مصل خَائِف سطوة الباس)
(يظلهم الله الْجَلِيل بظله ... إِذا كَانَ يَوْم الْعرض لَا ظلّ للنَّاس)
(أَشرت بِأَلْفَاظ تدل عَلَيْهِم ... فيذكرهم بالنظم من بَعضهم نَاس)
وَقَالَ أَيْضا الطَّوِيل
(وَقَالَ النَّبِي الْمُصْطَفى إِن سَبْعَة ... يظلهم الله الْعَظِيم بظله)
(محب عفيف نَاشِئ متصدق ... وَبَاكٍ مصل وَالْإِمَام بعدله)
)
وَلما تولى دَار الحَدِيث الأشرفية مَكَان القَاضِي عماد الدّين عبد الْكَرِيم ابْن القَاضِي جمال الدّين بن الحرستاني بعد مَوته فِي تَاسِع عشْرين جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة حضر درسه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان والأعيان على الْعَادة وَذكر من أول تصنيفه فِي كتاب المبعث الْخطْبَة والْحَدِيث وَالْكَلَام على سَنَده وَمَتنه فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِي ذَلِك الْكَامِل
(الْعلم والمعلوم قد أَدْرَكته ... وسماعك الْبَحْر الْمُحِيط بمحدث)
(وَبعثت فِي دَار الحَدِيث بمعجز ... وَأَبَان عَنهُ لَك افْتِتَاح المبعث)
(مكثت لَهُ الْأَلْبَاب طائعه الندى ... وَالْحسن من طرب بِهِ لم يمْكث)
وَقد نظم الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة رَحمَه الله تَعَالَى قصيدة تناهز الْأَرْبَعين بَيْتا فِي زَوجته فسمج عَفا الله عَنهُ فِيهَا مَا شَاءَ وَبرد رَحمَه الله مَا أَرَادَ أَولهَا الطَّوِيل
(تزوجت من أَوْلَاد دنو عقيلة ... بهَا من خِصَال الْخَيْر مَا حير العقلا)
(مكملة الْأَوْصَاف خلقا وخلقة ... فأهلاً بهَا أَهلا وسهلاً بهَا سهلا)
(ولود ودود حرَّة قرشية ... مخدرة من حسنها تكرم البعلا)
مِنْهَا(18/69)
(مطرزة خطالة ذهبية ... مفصلة خياطَة تحكم الغزلا)
(تنقل فِي الأشغال من ذَا وَذَا وَذَا ... وَتفعل حَتَّى الكنس والطبخ والغسلا)
3 - (وضاح الْيمن)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عبد كلال الْحِمْيَرِي الْخَولَانِيّ الْمَعْرُوف بوضاح الْيمن قيل هُوَ من الْفرس الَّذين قدمُوا الْيمن مَعَ وهرز لنصرة سيف ابْن ذِي يزن على الْحَبَشَة وَكَانَ من حسنه يتقنع فِي المواسم مَخَافَة الْعين وَكَانَ يهوى امْرَأَة من الْيمن اسْمهَا رَوْضَة ويشبب بهَا
فَمن ذَلِك قَوْله السَّرِيع
(قَالَت أَلا لَا تلجاً دَارنَا ... إِن أَبَانَا رجل غاير)
(قلت فَإِنِّي طَالب غرَّة ... وَإِن سَيفي صارم باتر)
(قَالَت فَإِن الْقصر من دُوننَا ... قلت فَإِنِّي فَوْقه طَائِر)
(قَالَت فَإِن الْبَحْر من دُوننَا ... قلت فَإِنِّي سابح ماهر)
(قَالَت فحولي إخوةٌ سَبْعَة ... قلت فَإِنِّي لَهُم حاذر)
)
(قَالَت فليث رابض دُوننَا ... قلت فَإِنِّي أَسد عَاقِر)
(قَالَت فَإِن الله من فَوْقنَا ... قلت فربي رَاحِم غَافِر)
(قَالَت فقد أعييتنا حجَّة ... فأت إِذا مَا هجع السامر)
(واسقط علينا كسقوط الندى ... لَيْلَة لَا ناهٍ وَلَا آمُر)
قلت هَذِه الأبيات عدهَا أَرْبَاب البديع فِي الْمُرَاجَعَة وَأما هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ قَوْله واسقط علينا كسقوط الندى فقد اشْتهر ونظم الشُّعَرَاء فِي مَعْنَاهُ كثيرا وَأَصله لامرئ الْقَيْس حَيْثُ قَالَ الطَّوِيل
(سموت إِلَيْهَا بعد مَا نامأهلها ... سمو حباب المَاء حَالا على حَال)
وَقيل إِن بعض الظرفاء وقف على هَذِه الأبيات وَكتب فِي الْحَاشِيَة عِنْد قَوْله فربي رَاحِم غَافِر هَذَا نياك بالدبوس مَا يرجع
وَلما اسْتَأْذَنت أم الْبَنِينَ بنت عبد الْعَزِيز من الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي الْحَج أذن لَهَا وَهُوَ خَليفَة وَهِي زَوجته وَكتب الْوَلِيد يتوعد الشُّعَرَاء جَمِيعًا أَن يذكرهَا أحد مِنْهُم أَو يذكر أحدا مِمَّن تبعها فَقدمت مَكَّة وتراءت للنَّاس وتصدى لَهَا أهل الْغَزل وَالشعرَاء وَوَقعت عينهَا على(18/70)
وضاح فهويته وأنفذت إِلَى كثير وَإِلَى وضاح أَن انسبا بِي فكره ذَلِك كثير وشبب بجاريتها غاضرة وَذَلِكَ فِي قَوْله الوافر شجا أظعان غاضرة الغوادي وَأما وضاح فَإِنَّهُ صرح فَبلغ ذَلِك الْوَلِيد فَقتله وَقيل إِنَّه مدح الْوَلِيد فوعدته أَن تعينه على رفده وتقوي أمره فَقدم عَلَيْهِ وأنشده الوافر
(صبا قلبِي إِلَيْك وَمَال ميلًا ... وأرقني خيالك يَا أثيلا)
(يَمَانِية تلم بِنَا فتبدي ... ودقيق محَاسِن وتكن غيلا)
وَهِي أبياتٌ مشهورةٌ فَأحْسن رفده ثمَّ نمي إِلَيْهِ أَنه يشبب بِأم الْبَنِينَ فجفاه وحجبه ودبر فِي قَتله واختلسه وَدَفنه فِي دَاره وَقيل إِن أم الْبَنِينَ كَانَت ترسل إِلَيْهِ فَيدْخل إِلَيْهَا وَيُقِيم عِنْدهَا فَإِذا خَافت وارته فِي صندوق كَانَ عِنْدهَا فأهدي إِلَى الْوَلِيد جَوْهَر فأعجبه ودعى خَادِمًا وَبعث بِهِ إِلَى أم الْبَنِينَ فَدخل عَلَيْهَا مفاجأة ووضاح عِنْدهَا فَرَآهُ وَقد وارته فَقَالَ لَهَا يَا مولاتي هبي لي مِنْهُ حجرا فَقَالَت لَا يَا ابْن اللخناء وَلَا كَرَامَة فَرجع إِلَى الْوَلِيد وَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ لَهُ)
كذبت وَأمر بِهِ فوجئت عُنُقه ثمَّ أَتَى أم الْبَنِينَ وَهِي تمتشط فِي بَيتهَا وَقد وصف لَهُ الْخَادِم ذَلِك الصندوق فجَاء فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهَا يَا أم الْبَنِينَ مَا أحب إِلَيْك هَذَا الْبَيْت من بَين بيوتك فَلم تختارينه قَالَت أختاره لِأَنَّهُ يجمع حوائجي كلهَا فأتناولها مِنْهُ من قرب على مَا أُرِيد فَقَالَ لَهَا هبي لي صندوقاً من هَذِه الصناديق فَقَالَت كلهَا لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا أُرِيد كلهَا إِنَّمَا أُرِيد وَاحِدًا مِنْهَا فَقَالَت خُذ أَيهَا شِئْت قَالَ هَذَا الَّذِي جَلَست عَلَيْهِ قَالَت غَيره خُذ فَإِن لي فِيهِ أَشْيَاء أحتاج إِلَيْهَا قَالَ مَا أُرِيد غَيره قَالَت خُذْهُ فَدَعَا بالخدم وَأمرهمْ بِحمْلِهِ حَتَّى انْتهى بِهِ إِلَى مَجْلِسه وحفر بِئْرا عميقة فِي الْمجْلس إِلَى المَاء تَحت بساطه وَوضع الصندوق على شَفير الْبِئْر ودنا مِنْهُ وَقَالَ يَا صَاحب الصندوق إِنَّه بلغنَا شَيْء فَإِن كَانَ حَقًا فقد كَفَيْنَاك ودفناك ودفنا ذكرك وقطعنا أثرك إِلَى آخر الدَّهْر وَإِن كَانَ بَاطِلا فَإِنَّمَا دفنا الْخشب وَمَا أَهْون ذَلِك ثمَّ قذف بِهِ فِي الْبِئْر وهيل عَلَيْهِ التُّرَاب وسويت الأَرْض ورد الْبسَاط وَجلسَ عَلَيْهِ والوليد وَمَا رأى الْوَلِيد وَلَا أم الْبَنِينَ فِي وَجه وَاحِد مِنْهُمَا أثرا حَتَّى فرق الدَّهْر بَينهمَا
قَالَ البلاذري أم الْبَنِينَ صَاحِبَة وضاح الْيمن لَيست ببنت عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَإِنَّمَا هِيَ أم الْبَنِينَ بنت الْمحرم من حمير من أهل الْيمن وَكَانَت جميلَة عَشِقَهَا وضاح وعشقته فَتَزَوجهَا وَخرج بهَا إِلَى مَكَّة وَطَلقهَا فحج الْوَلِيد وَهِي بِمَكَّة فَبَلغهُ حسنها وجمالها فَتَزَوجهَا وَخرج بهَا إِلَى الشَّام وَخرج وضاح خلفهَا فَفعل بِهِ الْوَلِيد مَا فعل(18/71)
قلت أَنا فِي حيرة من أَمر أم الْبَنِينَ وَمَا جرى لَهَا مَعَ وضاح إِن قُلْنَا إِنَّهَا بنت عبد الْعَزِيز فنحاشيها من ذَلِك لِأَنَّهَا كَانَت من العفائف العابدات وَقد قيل إِنَّهَا كَانَت تُوجد فِي ذَلِك الْمَكَان تبْكي إِلَى أَن وجدت يَوْمًا مكبوبة على وَجههَا ميتَة وَهَذَا لَا يَصح أَيْضا فَإِنَّهَا توفيت سنة سبع عشرَة وَمِائَة والوليد توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَكَانَ أَبوهُ قد زوجه إِيَّاهَا فِي حَال حَيَاته
وَإِن قُلْنَا أَن أم الْبَنِينَ هِيَ بنت الْمحرم الحميرية فَلَا يَصح احْتِمَال الْوَلِيد قصَّتهَا مَعَ وضاح الْيمن وَأَنه مَا واجهها بذلك لِأَنَّهُ إِنَّمَا فعل ذَلِك مَعَ أم الْبَنِينَ بنت عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان لشرفها ومكانها من قَومهَا وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال فِي ذَلِك
3 - (أَبُو عِيسَى الْخَولَانِيّ النَّحْوِيّ الْمصْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن سُلَيْمَان الْخَولَانِيّ النَّحْوِيّ الْعَرُوضِي الخشاب أَبُو عِيسَى الْمصْرِيّ مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة وَهُوَ صَاحب المرثية البائية الَّتِي قَالَهَا فِي)
ابْن يُونُس الصَّدَفِي المؤرخ واسْمه عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد وأولها الْبَسِيط
(بثثت علمك تشريقا وتغريبا ... وعدت بعد لذيذ الْعَيْش مَنْدُوبًا)
وَقد مرت الأبيات فِي تَرْجَمَة ابْن يُونُس
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْوراق)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز أَبُو مُحَمَّد الْوراق البغداذي كتب بِخَطِّهِ الْكثير توريقاً للنَّاس وَكَانَ حفظَة للحكايات والأشعار المستحسنة وَكَانَ صَدُوقًا صَالحا
سمع مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن اللحاس وَأحمد بن مُحَمَّد الرَّحبِي البواب وَتُوفِّي سنة سِتّ عشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن يحيى الزبيدِيّ أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي سمع فِي صباه من ابْن البطي وَأحمد بن بنيمان الْبَقَّال وَعبد الله بن الْمُبَارك بن البقلي وَغَيرهم وبرع فِي الْفِقْه وَصَارَ معيداً بمدرسة أم الْخَلِيفَة جوَار مَعْرُوف الْكَرْخِي وَكَانَت لَدَيْهِ يَد باسطة فِي الْفَرَائِض والحساب ثمَّ رتب شَيخا برباط الشونيزية وَتُوفِّي سنة عشْرين وست مائَة
وبرع فِي الْفِقْه وَصَارَ معيداً بمدرسة أم الْخَلِيفَة جوَار مَعْرُوف الْكَرْخِي وَكَانَت لَدَيْهِ يَد باسطة فِي الْفَرَائِض والحساب ثمَّ رتب شَيخا برباط الشونيزية وَتُوفِّي سنة عشرَة وست مائَة(18/72)
3 - (شيخ الشُّيُوخ)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين أَبُو الْقَاسِم بن أبي البركات بن أبي سعد النَّيْسَابُورِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ شيخ الشُّيُوخ كَانَ حسن النثر وَالنّظم لَهُ رَأْي ودهاء وَتقدم وجاه عريض وَكَانَ والمشار إِلَيْهِ فِي حسن الرَّأْي وَالتَّدْبِير مَعَ الزّهْد والورع وَالْعِبَادَة ترسل إِلَى الشَّام وَكَانَت الْمُلُوك تَسْتَغْنِي بِرَأْيهِ توفّي بالرحبة سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ كَفنه مَعَه من غزل أمه ودينار من غزل أمه لتجهيزه أَيْنَمَا سَافر وَأَظنهُ هُوَ الَّذِي لما اجْتمع بالسلطان صَالح الدّين وَقَامَ من عِنْده قدم السُّلْطَان مداسه فَقَالَ القَاضِي الْفَاضِل هَذَا مَا بَقِي يصلح إِلَّا للرؤوس فَقَالَ الشَّيْخ صدر الدّين بِمَسّ الله يَا مَوْلَانَا الْمَمْلُوك فَقير ومذهبه الإيثار وَمن شعره الْبَسِيط
(من عَاشَ فِي أَهله أبدوا سآمته ... وعافه مِنْهُم أهل وجيران)
)
(يحنو وداداً وتبدو مِنْهُم إحن ... وَلَيْسَ يألوهم نصحاً وَإِن خانوا)
(يهوى لإيثارهم موتا يعاجله ... والمرتجى بعده عَفْو وغفران)
(إِن بَان من بَينهم سروا بغيبته ... وَلَيْسَ يهناؤه عَيْش إِذا بانوا)
وَمِنْه من أَبْيَات الْكَامِل
(سَافر بهمك فِي مقامات الرضى ... واسرح بقلبك فِي رياض الْأنس)
(تصفو صفاتك من كدورات الْهوى ... وتعيش فَرحا بَين جمع الْإِنْس)
(شمر فقد وضح الطَّرِيق إِلَى الْهدى ... وَالْحر موعده زَوَال اللّبْس)
(من عاف شَهْوَته وعف ضَمِيره ... فَهُوَ الْمعَافي من عُيُوب النَّفس)
3 - (عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْأسود الزُّهْرِيّ روى عَن أبي بكر وَعمر وَغَيرهمَا وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين من الْهِجْرَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
3 - (أَبُو حَفْص النَّخعِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْأسود النَّخعِيّ يروي عَن أَبِيه وَعَن عَمه عَلْقَمَة بن قيس وَعَائِشَة وَابْن الزبير وَأدْركَ عمر يُقَال أَنه صَامَ حَتَّى احْتَرَقَ لِسَانه وَلم يزل(18/73)
يقْرَأ الْقُرْآن حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم المالقي)
عبد الرَّحْمَن بن أَيُّوب بن تَمام أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ المالقي روى عَن جمَاعَة كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة والآداب مبرزاً فِيهَا مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه والْحَدِيث توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (الرشيد النابلسي)
عبد الرَّحْمَن بن بدر بن الْحسن بن المفرج بن بكار رشيد الدّين النابلسي الشَّاعِر مدح النَّاصِر وَأَوْلَاده وَأَوْلَاد الْعَادِل وَهُوَ عَم الْحَافِظ شرف الدّين يُوسُف بن الْحسن النابلسي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي شهور سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَقد رأى مليحاً بديع الصُّورَة بَين أسودين قبيحي الصُّورَة الْبَسِيط
(لله من عَايَنت عَيْني محاسنه ... يَوْمًا فعوذته بِاللَّه من عَيْني)
)
(يختال كالغصن تهياً فِي شمائله ... مَا بَين عَبْدَيْنِ لون اللَّيْل علجين)
(فَقلت والشوق يطويني وينشرني ... لم ألق قبلك صبحاً بَين ليلين)
(فَمر يضْحك من قولي وَقَالَ بلَى ... كم قد رأى النَّاس سَعْدا بَين نحسين)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ غزلاً فِي محبوبه المنسرح
(يَا من عُيُون الْأَنَام ترقبه ... رَقَبَة شهر الصّيام وَالْفطر)
(وَإِنَّمَا يرقب الْهلَال فَلم ... ترقب بعد الْكَمَال يَا بَدْرِي)
وَمن شعره قصيدة لَهَا أَربع قواف رجز كم الحشى معذبموجعمع المدى صب الْفُؤَاد مغرم بناره ملتهبملذعما خمداأواره والضرم حكم فِي أشنبممنعمن الفدافهو الْأَسير الْمُسلم مبتعد مجتنبمودعتعمداوهو الْقَرِيب الْأُمَم زَمَانه تعتبوولعوقد أكمدامن غر فَهُوَ يحكم
(مَا الْحبّ إِلَّا لهبومدمع ... تجدداولوعة وسقم)
يَا هَل إِلَيْهِ سببممتعيولي يدامن لبه مخترم(18/74)
مَا أَنا إِلَّا أشعبوأطمعفيما عدامما إِلَيْهِ سلم وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَمن شعره الرجز
(مَا لَك وَالْوَرق على أوراقها ... تعجم مَا يعرب عَن أشواقها)
(دعها وَمَا هيجها فَإِنَّهَا ... أَو ألف تفرق من فراقها)
(وَإِنَّمَا يريب ذَا الوجد بهَا ... ملبسها الْحلِيّ فِي أطواقها)
(أفدي الأولى فَارَقْتهمْ فمهجتي ... لَا تطمع الأساة فِي إفراقها)
(سروا بدوراً فِي دجى غدائر ... أعاذها الرَّحْمَن من مخلوقها)
(غواراباً أفلاكها غوارب ... تزري بضوء الشَّمْس فِي إشراقها)
(تساق لبين المشت عيسها ... وأنفس العشاق فِي سياقها)
(فكم حَشا نطوي على حريقه ... وأدمع تنشر من آماقها)
وَمِنْه الْخَفِيف)
(هز لدنا من قده سمهريا ... وَمن اللحظ صَارِمًا مشرفيا)
(شادن أرسل الجفون سهاماً ... حِين أبدى من حاجبيه قسيا)
(من بني التّرْك مَا رنا وَرمى حب ... ة قلب إِلَّا وأصمى الرميا)
(مخطف الخصر والسهام وَلما أر ... شقّ فِي الرَّمْي راشقاً تركيا)
(فَهُوَ شاكي السِّلَاح مَا زَالَ من قت ... ل محبيه يركب المنهيا)
وأظن أَن الرشيد النابلسي كَانَ يلقب مدلويه وَفِيه يَقُول الصاحب شرف الدّين ابْن عنين السَّرِيع
(جال على حجرته مدلويه ... فويه من أَفعاله ثمَّ ويه)
(كَأَنَّهُ الرَّحبِي فِي حمقه ... فلعنة الله على وَالِديهِ)
وَفِيه يَقُول لما اعْتكف النجيب غُلَام الْكِنْدِيّ فِي جَامع دمشق وَجلسَ الرشيد فِي الْجَامِع يقْرَأ شعره الْبَسِيط
(اثْنَان فِي الْجَامِع الْمَعْمُور لَيْسَ على ... كل الْبَريَّة فِي صفعيهما حرج)
(هذاك قد أنف الْفُسَّاق مِنْهُ وَذَا ... تتلى عَلَيْهِ مساويه فيبتهج)
وَفِي الرشيد يَقُول وَقد صفح الْخَفِيف قيل لي إِن مدلويه بن بدر قَتَلُوهُ بالصفع أشنع قتل
(قلت عظمتهم الْقَضِيَّة فِي دلّ ... وخليع قد رقعوه بنعل)(18/75)
وَفِيه يَقُول المتقارب
(تعجب قوم لصفع الرشيد ... وَذَلِكَ مَا زَالَ من دأبه)
(رحمت انكسار قُلُوب النِّعَال ... وَقد دنسوها بأثوابه)
(فوَاللَّه مَا صفعوه بهَا ... وَلَكنهُمْ صفعوها بِهِ)
3 - (عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن بشر بن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ الْمدنِي روى عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وخباب وَأبي هُرَيْرَة مُحَمَّد سعيد وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (عبد الرَّحْمَن بن بشر النَّيْسَابُورِي)
عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم بن حبي الْعَبْدي النَّيْسَابُورِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو)
دَاوُد وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمُؤَدب البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله النَّيْسَابُورِي أَبُو مُحَمَّد الْمُؤَدب البغداذي كَانَ يُؤَدب الصّبيان بدرب النَّخْلَة وَكَانَ أديباً فَاضلا حسن الطَّرِيقَة نظيفاً ظريفاً توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة وَمن شعره الْخَفِيف
(زارني من أحبه بعد يأس ... من شفائي فَكَانَ نعم الآسي)
(زارني والسمول تفعل فِيهِ ... فعل ريح الشمَال فِي غُصْن آس)
(ثملاً مائلاً يميس دلالاً ... بَين سكري مدامةٍ ونعاس)
(وأماط اللثام عَن وجنتيه ... فغنينا عَن شعلة النبراس)
(وانجلت ظلمَة الغياهب عَنَّا ... وأضاءت حنادس الديماس)
قلت شعر جيد
3 - (ابْن الفحام الصّقليّ)
عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر عَتيق بن خلف أَبُو الْقَاسِم(18/76)
الصّقليّ الْمُقْرِئ المجود الْمَعْرُوف بِابْن الفحام مُصَنف التَّجْرِيد فِي الْقرَاءَات طَال عمره وَتفرد فِي عصره وَأَعْلَى مَا يرْوى سَنَد الْقرَاءَات من طَرِيقه توفّي سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (ابْن أبي بكرَة الثَّقَفِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة الثَّقَفِيّ أول مَوْلُود ولد بِالْبَصْرَةِ ثِقَة كَبِير الْقدر توفّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن ثَوْبَان)
عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان أَبُو عبد الله الْعَنسِي بالنُّون الدِّمَشْقِي الْمُحدث أحد الصَّالِحين
ولد فِي خلَافَة عبد الْملك وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَة وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَاخْتلف قَول ابْن معِين فِيهِ وَوَثَّقَهُ دُحَيْم قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ باس وَقَالَ ابْن حَنْبَل وَغَيره أَحَادِيثه مُنكرَة وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ صَالح جزرة قدري ضَعِيف وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو قيس بن ثروان)
)
عبد الرَّحْمَن بن ثروان الْأَزْدِيّ أَبُو قيس الْكُوفِي روى عَن عَلْقَمَة وَالْقَاضِي شُرَيْح وهذيل بن شُرَحْبِيل وسُويد بن غَفلَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَلينه أَبُو حَاتِم وَغَيره وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة
3 - (ابْن غنيمَة)
عبد الرَّحْمَن بن جَامع بن غنيمَة الْبناء أَبُو الْغَنَائِم الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البغداذي كَانَ يُسَمِّي نَفسه غنيمَة أَيْضا قَرَأَ الْفِقْه على أبي بكر الدينَوَرِي وَالْخلاف على أسعد المهيني وَكَانَ يدرس فِي مَسْجده بالميدان وَكَانَ فَقِيها فَاضلا ورعاً زاهداً مليح المناظرة حسن الْمعرفَة بِالْمذهبِ وَالْخلاف سمع من أبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحُسَيْن وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَالْحُسَيْن بن عبد الْملك الْخلال وَغَيرهم ولد سنة(18/77)
خمس مائَة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو حميد الْحَضْرَمِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن جُبَير من نفير الْحَضْرَمِيّ الْحِمصِي روى عَن أَبِيه وخَالِد بن معدان وَكثير بن مرّة وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْمصْرِيّ الْمُؤَذّن)
عبد الرَّحْمَن بن جُبَير الْمصْرِيّ الْمُؤَذّن يروي عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ وَعبد الله بن عَمْرو وَغَيرهمَا شهد فتح مصر وَكَانَ عبد الله بن عمر معجباً بِهِ وَيَقُول إِنَّه من المحبتين
وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو مُحَمَّد المَخْزُومِي)
عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي أَبُو مُحَمَّد وَالِد أَبى بكر الْفَقِيه أحد الَّذِي عينهم عُثْمَان لكتابة مصاحف الْأَمْصَار وَهُوَ ابْن أبي جهل توفّي فِي آخر أَيَّام مُعَاوِيَة فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة وَأَظنهُ الشريد الَّذِي رثى لَهُ عمر
3 - (أعشى هَمدَان)
عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث أَبُو المصيح الْأَعْشَى الْهَمدَانِي الشَّاعِر أحد الفصحاء المفوهين قيل أَن اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْحَارِث وَسَيَأْتِي فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله
3 - (عبد الرَّحْمَن بن حجيرة)
)
عبد الرَّحْمَن بن حجيرة الْخَولَانِيّ الْمصْرِيّ القَاضِي روى عَن أبي ذَر وَابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة وَكَانَ عبد الْعَزِيز قد جمع لَهُ الْقَضَاء(18/78)
والقصص وَبَيت المَال ورزقه فِي الْعَام ألف دِينَار وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن حَرْمَلَة)
عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَضَعفه الْقطَّان وَلينه البُخَارِيّ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يحْتَج بِهِ وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن حسان)
عبد الرَّحْمَن بن حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ يُقَال إِنَّه أدْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله رِوَايَة عَن أَبِيه وَأمه شيرين الْقبْطِيَّة أُخْت مَارِيَة توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ ذكره الشَّيْخ شمس الدّين فِي من توفّي فِي حُدُود السّبْعين ثمَّ ذكره فِي من مَاتَ فِي سنة أَربع وَمِائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْبَنْدَنِيجِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن عَليّ بن بصلا أَبُو مُحَمَّد الصُّوفِي الْبَنْدَنِيجِيّ البغداذي تفقه للشَّافِعِيّ وَقَرَأَ الْأَدَب وَكَانَ من أَعْيَان المتصوفة وَفِيه فضل وَله نظم سمع أَحْمد بن المقرب الْكَرْخِي وَيحيى بن ثَابت بن بنْدَار وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره الْكَامِل
(ورد الْكتاب من الحبيب فسرني ... لما قَرَأت سطوره وفهمته)
(وَوَضَعته فَوق الجفون وحقكم ... يَا سادتي فَرحا بِهِ ولثمته)
(كتب أناملكم كتابا أودعت ... سر الْهوى فِي طيه فعلمته)
(فختامه مسك وَفِي أرجائه ... أرج بِهِ تحيي النُّفُوس شممته)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الهمذاني)
عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد(18/79)
الْأَسدي أَبُو الْقَاسِم الهمذاني روى عَن إِبْرَاهِيم بن ديزيل وَيحيى بن عبد الله الْكَرَابِيسِي وَمُحَمّد بن الضريس وَتَكَلَّمُوا فِي سَمَاعه من ابْن ديزيل وروى عَنهُ ابْن مندة وَالْحَاكِم وَأحمد بن مُوسَى بن مرْدَوَيْه وَأَبُو بكر بن لال وَمُحَمّد ابْن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْمحَامِلِي وَأَبُو عَليّ بن شَاذان وَآخَرُونَ ورماه الْقَاسِم ابْن أبي صَالح بِالْكَذِبِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَلَاث مائَة)
3 - (الْحَافِظ أَبُو سعد النَّيْسَابُورِي)
عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن عَلَيْك بِضَم الْعين وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا كَاف ابْن الْحُسَيْن الْحَافِظ أَبُو سعد النَّيْسَابُورِي ثِقَة حَافظ مَشْهُور نبيل مُصَنف بَصِير بالفن حسن المذاكرة توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن القبابي)
عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن الْفَقِيه الإِمَام الْقدْوَة الرباني بركَة الْمُسلمين نجم الدّين اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ القبابي والقباب قَرْيَة بِنَاحِيَة دمياط تفقه لِأَحْمَد وَكَانَ زكي النَّفس ثخين الْوَرع ذَا حَظّ من صدق وعزم وتأله وقناعة حدث بِشَيْء يسير عَن عِيسَى الْمطعم وتحول من مصر بأَهْله وَترك الْمدَارِس وانزوى بحمص ثمَّ فتح لَهُ فاخورياً وَكَانَ ينْتَه المُشْتَرِي على عُيُوب الشربة ثمَّ تحول إِلَى حماه فَعرف بِهِ ملكهَا فَأقبل عَلَيْهِ واشتهر أمره وَقصد بالزيارة
مولده سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وست مائَة وَتُوفِّي بحماة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَحمل على الرؤوس وقبره الْآن بحماه يزار
3 - (القرمسيني)
عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحسن هُوَ القَاضِي صدر الدّين بن محيي الدّين القرمسيني الإسكندري من بَيت رئاسة وحشمة تقدم ذكر أَخِيه أَحْمد فِي مَكَانَهُ فِي الأحمدين وَلأبي الْحُسَيْن الجزار فِيهِ أمداح جَيِّدَة وَتَوَلَّى نظر جِهَات من الديار المصرية مِنْهَا نظر الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ وجيهاً عِنْد الْكَامِل وَمن أمداح الجزار فِيهِ قَوْله وَقد عصر بعض أعدائه الْكَامِل
(وَالْعصر إِن عداك فِي الْعَصْر ... وَقد انْتَهوا لبداية الْحَشْر)
(ظلمُوا فَمَا أَبقوا لَهُم وزراً ... يُنجي وَلَا سلمُوا من الْوزر)
(ظَهَرُوا لنورك وَهُوَ شمس ضحى ... فتضاءلوا كتضاؤل الْبَدْر)
(مكروا وَقد مكر الْإِلَه بهم ... شتان بَين الْمَكْر وَالْمَكْر)
(دعهم فَلَا برح التغابن من ... حسد يواصلهم إِلَى الْحَشْر)(18/80)
(وَأنْشد إِذا مَا زرت تربتهم ... مُتَمَكنًا فِي السِّرّ والجهر)
(مَاتُوا بغيظهم وَمَا ظفروا ... بمدادهم واضيعة الْعُمر)
(وَمن الْعَجَائِب كَونهم جهلوا ... أَن الْعُلُوم وَدِيعَة الصَّدْر)
)
(لَوْلَا أَخَاف الله قلت لمن ... يروي مديحك أثل يَا مقري)
(لله دَرك كل ممتدحٍ ... بعلاك قد ضاهى أَبَا ذَر)
وَقَوله من قصيدة السَّرِيع
(واحر قلباه وللعين فِي ... خديه من حسنهما جنتان)
(فِي صُدْغه الآس وَفِي خَدّه إِلَى ... ورد وَفِي مبسمه الأقحوان)
(لَهُ من الصَّدْر مَكَان وللص ... در من العلياء أَعلَى مَكَان)
(الْعَالم الْعَامِل والفاضل إِلَى ... فَاضل حكما بوجيز الْبَيَان)
(والناظر الْيَقظَان أغنته عَن ... سود جفون اللحظ بيض الجفان)
(والكامل الْفضل السَّرِيع الندى ... والوافر الْعرض الْبَسِيط البنان)
(ذُو طلعة كالبدر فِي التم بل ... كَالشَّمْسِ لَوْلَا هَالة الطيلسان)
وَمن شعر صدر الدّين عبد الرَّحْمَن الوافر
(فلَان وَالْجَمَاعَة عارفوه ... وَظَاهره التنسك والزهادة)
(يَمُوت على الشَّهَادَة وَهُوَ حَيّ ... إلهي لَا تمته على الشَّهَادَة)
وَمِنْه الْخَفِيف
(قد لعمري أَخْطَأت يَا بن عباده ... فِي ترقيك جَاهِلا للشهاده)
(لَو تصديت للقيادة قُلْنَا ... أَنْت علق وَمَا بلغت القياده)
3 - (الْحَافِظ الْأَصْبَهَانِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن مُوسَى الضراب الْأَصْبَهَانِيّ الْحَافِظ ثِقَة كَبِير صنف الْأَبْوَاب والمسند وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْحسن أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ الْفَقِيه شيخ الشَّافِعِيَّة وَهُوَ من أَصْحَاب الْوُجُوه
تفقه بِأبي الْفَيَّاض الْبَصْرِيّ وَهُوَ شيخ أقضى الْقُضَاة الْمَاوَرْدِيّ لَهُ كتاب الْإِيضَاح فِي الْمَذْهَب وَهُوَ كتاب جليل وَمن غرائب وجوهه أَنه قَالَ لَا يملك الرجل الْكلأ النَّابِت فِي ملكه وَمِنْهَا لَا يجوز مس الْمُصحف لمن بعض بدنه(18/81)
نجس كَانَ حَيا فِي سنة خمس وَأَرْبع مائَة وَلم يعلم وَقت وَفَاته)
3 - (أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي)
عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن خَالِد أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي القَاضِي الْحَنَفِيّ قَالَ الْحَاكِم كَانَ إِمَام أهل الرَّأْي بِلَا مدافعة وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن خُزَيْمَة منافرة فَلَمَّا مَاتَ أظهر السرُور ابْن خُزَيْمَة وَعمل دَعْوَة وَكَانَت وَفَاته سنة تسع وَثَلَاث مائَة
3 - (شُرَيْح النعماني)
عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن عبد الله النعماني أَبُو مَنْصُور الْمَعْرُوف بشريح ولي قَضَاء النّيل مُدَّة كَانَ فَاضلا أديباً اتَّصل بِالْملكِ طاشتكين وَمَات سنة ثَلَاث وست مائَة وَكتب الْإِنْشَاء لطاشتكين وَله رسائل مدونة فِي مجلدين وَكَانَ كَامِل الرِّئَاسَة يصلح للوزارة وَكَانَ كَرِيمًا جواداً وسجن بعد وَفَاة طاشتكين إِلَى أَن مَاتَ فِي محبسه
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمُقْرِئ البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْقَاسِم بن أبي عبد الله الْمُقْرِئ البغداذي قَرَأَ بالروايات على عبد الله بن عَليّ سبط أبي مَنْصُور الْخياط وَسمع من أبي الْفضل بن نَاصِر وَحدث باليسير وَكَانَ مقرئاً مجوداً وَله معرفَة بمنازل النُّجُوم وأوقات الصَّلَوَات وصنف فِي ذَلِك كتابا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد الطَّبَرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله الطَّبَرِيّ أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الشَّافِعِي تفقه على وَالِده وعَلى أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَسمع من عَليّ بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَأبي الْخطاب نصر بن البطر وجعفر بن أَحْمد بن السراج وَغَيرهم وَولي التدريس بنظامية بغداذ سنة ثَلَاث عشرَة وَخمْس مائَة ثمَّ عزل سنة سبع عشرَة وَحدث بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة
سمع مِنْهُ مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن شهفيروز اللارزي الطَّبَرِيّ وَأنْفق الْأَمْوَال والذخائر حَتَّى ولي التدريس قيل إِنَّه أنْفق على تدريس الْمدرسَة مَا لَو أَرَادَ لعمر بِهِ مدرسة مثل النظامية ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (ابْن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي)
عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي أَخُو(18/82)
مَرْوَان شَاعِر محسن شهد يَوْم الدَّار وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ كَانَ حَاضرا عِنْد يزِيد بن مُعَاوِيَة وَقد جِيءَ إِلَيْهِ بِرَأْس)
الْحُسَيْن وَوضع بَين يَدَيْهِ فِي طست فَبكى عبد الرَّحْمَن ثمَّ قَالَ الطَّوِيل
(أبلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَا تكن ... كموتر قَوس ثمَّ لَيْسَ لَهَا نبل)
(لهام يجنب الطف أدنى قرَابَة ... من ابْن زِيَاد الوغد ذِي الْحسب الرذل)
(سميَّة أَمْسَى نسلها عدد الْحَصَى ... وَبنت رَسُول الله لَيْسَ لَهَا نسل)
فصاح يزِيد وَقَالَ اسْكُتْ يَا ابْن الحمقاء وَمَا أَنْت وَهَذَا وَقَالَ لما ادّعى مُعَاوِيَة زياداً وَبَعض النَّاس بنسبه لِابْنِ مفرغ وَهُوَ خطأ الوافر
(أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب ... مغلغلة عَن الْقَوْم الهجان)
(أتغضب أَن يُقَال أَبوك عف ... وترض أَن يُقَال أَبوك زاني)
(فأَشْهَدُ أَنّ رَحْمَكَ مِنْ زِيادٍ ... كرَحْمِ الفِيلِ من ولد الأتان)
(وَأشْهد أَنَّهَا ولدت زياداً ... وصخر من أُميَّة غير دَان)
فَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فَحلف لَا يرضى عَنهُ حَتَّى يرضى عَنهُ زِيَاد فَخرج عبد الرَّحْمَن إِلَى زِيَاد فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ إيه يَا عبد الرَّحْمَن أَنْت الْقَائِل أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب الأبيات فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير مَا قلت هَذَا وَلَكِنِّي قلقت الوافر
(أَلا من مبلغ عني زياداً ... مغلغلة من الرجل الهجان)
(من ابْن القرم قرم بني قصي ... أبي الْعَاصِ ابْن آمِنَة الحصان)
(حَلَفت بِرَبّ مَكَّة والمصلى ... وبالتوراة أَحْلف وَالْقرَان)
(لأَنْت زِيَادَة فِي آل حَرْب ... أحب إِلَيّ من وسطى بناني)
(سررت بِقُرْبِهِ وفرحت لما ... أَتَانِي الله مِنْهُ بِالْبَيَانِ)
(وَقلت أَتَى أَخُو ثِقَة وَعم ... بعون الله فِي هَذَا الزَّمَان)
(كَذَاك أَرَاك والأهواء شَتَّى ... فَمَا أَدْرِي بِغَيْب مَا تراني)
فَرضِي عَنهُ زيادٌ وَكتب لَهُ إِلَى مُعَاوِيَة بِرِضَاهُ عَنهُ فَلَمَّا دخل بِالْكتاب وَقَالَ أَنْشدني مَا قلته لزياد فأنشده فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ قبح الله زياداً فَمَا أجهله لما قلت لَهُ أخيراً حَيْثُ يَقُول لأَنْت زِيَادَة فِي آل حَرْب(18/83)
الْبَيْت شَرّ من القَوْل الأول وَلَكِنَّك خدعته فجازت خديعتك عَلَيْهِ)
3 - (عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط)
عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي وَهُوَ عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط الْأَمِير أَبُو الْمطرف صَاحب الأندلس كَانَ عادلاً فِي الرّعية بِخِلَاف أَبِيه جواداً فَاضلا لَهُ نظر فِي الْعُلُوم العقليلة وَهُوَ أول من أَقَامَ رسوم الإمرة وَامْتنع عَن التبذل للعامة وَهُوَ أول من ضرب الدَّرَاهِم بالأندلس وَبنى سور إشبيلية وَأمر بِالزِّيَادَةِ فِي جَامع قرطبة وَكَانَ يشبه بالوليد بن عبد الْملك وَكَانَ محباً للْعُلَمَاء مقرباً لَهُم وَكَانَ يُقيم الصَّلَوَات بِنَفسِهِ وَيُصلي إِمَامًا بهم فِي أَكثر الْأَوْقَات اسْم أمه حلاوة وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة ومدته إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَخَمْسَة أشهر وَمن شعره الطَّوِيل
(وَهل برأَ الرَّحْمَن من كل مَا برا ... أقرّ لعَيْنِي من منعمة بكر)
(ترى الْورْد فَوق الياسمين بخدها ... كَمَا فوف الْورْد الْمنور بالزهر)
(فَلَو أنني ملكت قلبِي وناظري ... نظمتهما مِنْهَا على الْجيد والنحر)
وَمِنْه مجزوء الرمل
(مَا ترَاهُ فِي اصطباح ... وعقود الْقطر تنثر)
(ونسيم الرَّوْض يختا ... ل على مسك وَعَنْبَر)
(كلما حاول سبقاً ... فَهُوَ بالريحان يعثر)
(لَا تكن شبها لَهُ واس ... بق فَمَا فِي البطء تعذر)
وَقيل أَنه ولد لسبعة أشهر وجهز إِلَى الْبِلَاد فِي طلب الْكتب وَهُوَ أول من أَدخل كتب الْأَوَائِل إِلَى الأندلس وَعرف أَهلهَا بهَا وَكَانَ حسن الصُّورَة ذَا هَيْئَة وَكَانَ يكثر تِلَاوَة الْقُرْآن ويحفظ حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يُقَال لأيامه أَيَّام الْعَرُوس وافتتح دولته بهدم فندق الْخمر وَإِظْهَار الْبر وتملا النَّاس بأيامه وَطَالَ عمره وَكَانَ حسن التَّدْبِير فِي تَحْصِيل الْأَمْوَال وَعمارَة الْبِلَاد بِالْعَدْلِ حَتَّى انْتهى ارْتِفَاع بِلَاده فِي كل سنة ألف ألف دِينَار وَاتفقَ أَن بعض عُلَمَاء سرق لَهُ بدرة وَهُوَ يلمحه فَلَمَّا عدت الْبَدْر نقصت فَأَكْثرُوا التَّنَازُع فِي من أَخذهَا فَقَالَ(18/84)
السُّلْطَان أَخذهَا من لَا يردهَا وَرَآهُ من لَا يتم عَلَيْهِ وَلَا يَفْضَحهُ فإياكم والعودة فَإِن كَبِير الذَّنب يهجم على استنفاد الْعَفو
وَمن توقيعاته من لم يعرف وَجه مطلبه كَانَ الحرمان أولى بِهِ)
3 - (أَبُو سَلمَة الْعَنْبَري)
عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد بن شُعَيْب أَبُو سَلمَة الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل عَنهُ قَالَ أَبُو زرْعَة لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِالْقَوِيّ توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْجلاب)
عبد الرَّحْمَن بن حمدَان بن الْمَرْزُبَان الهمذاني أَبُو مُحَمَّد الْجلاب الجزار كَانَ أحد أَرْكَان السّنة بهمذان توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن الدوني الزَّاهِد)
عبد الرَّحْمَن بن حمد بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الدوني الصُّوفِي الزَّاهِد من بَيت زهد روى كتاب السّنَن لنسائي عَن ابْن الكسار وَهُوَ آخر من حدث بِهِ عَنهُ قَرَأَهُ عَلَيْهِ السلَفِي سنة خمس مائَة قَالَ السلَفِي كَانَ سفياني الْمَذْهَب ثِقَة بليغاً توفّي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد نَاظر الدِّيوَان)
عبد الرَّحْمَن بن حمدَان بن أَحْمد الْكِنَانِي التكريتي القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد كَانَ قَاضِيا بقلعة الكرك وقلعة جعبر وَتَوَلَّى نظر الدِّيوَان بالقدس نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور رَحمَه الله لنَفسِهِ بِالْبَيْتِ الْمُقَدّس وَهُوَ يَوْمئِذٍ نَاظر ديوانه الْبَسِيط
(يَا خير من سطرت فِي الطرس أنمله ... وَخير من وَلدته برة وَأب)
(أَنْت الشهَاب لديك الْفضل وَالْأَدب ... وَالْعلم والحلم والعلياء والحسب)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن حميد الزُّهْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهري الْمدنِي توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة(18/85)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد)
عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة الْقرشِي المَخْزُومِي اِدَّرَكَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يحفظ عَنهُ وَلَا سمع مِنْهُ وَكَانَ عبد الرَّحْمَن من فرسَان قُرَيْش وَله فضل وهدي حسن وكرم إِلَّا أَنه كَانَ منحرفاً عَن عَليّ ابْن أبي طَالب وَبني هَاشم مُخَالفا لِأَخِيهِ المُهَاجر)
بن خَالِد فَأن المُهَاجر كَانَ يحب عليا وَشهد عبد الرَّحْمَن صفّين مَعَ مُعَاوِيَة وَلما أَرَادَ مُعَاوِيَة الْبيعَة ليزِيد خطب أهل الشَّام وَقَالَ إِنَّه قد كَبرت سني وَقرب أَجلي وَقد أردْت أَن أعقد لرجل يكون نظاماً لكم وَإِنَّمَا أَنا رجل مِنْكُم فارتأوا رَأْيكُمْ فاتفقوا واجتمعوا وَقَالُوا رَضِينَا عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد فشق ذَلِك على مُعَاوِيَة وأسرها فِي نَفسه ثمَّ إِن عبد الرَّحْمَن مرض فَأمر مُعَاوِيَة طَبِيبا عِنْده يَهُودِيّا أَن يَأْتِيهِ فيسقيه سقية يقْتله بهَا فَسَقَاهُ فانحرق بَطْنه
وَدخل أَخُوهُ المُهَاجر دمشق مستخفياً هُوَ وَغُلَام لَهُ فرصدا ذَلِك الْيَهُودِيّ فَخرج لَيْلًا من عِنْد مُعَاوِيَة فَقتله المُهَاجر وقصته مَشْهُورَة وَجَاءَت عَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا سَماع
3 - (ابْن مُسَافر الفهمي)
عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر الفهمي أَمِير الْمُؤمنِينَ الديار المصرية لهشام بن عبد الْملك
قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس لَهُ نُسْخَة عَن الزُّهْرِيّ نَحْو مِائَتي حَدِيث وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو الْقَاسِم المَخْزُومِي)
عبد الرَّحْمَن بن دَاوُد بن رسْلَان الشَّيْخ عماد الدّين أَبُو الْقَاسِم المَخْزُومِي الْمصْرِيّ السمرباوي من أَعمال الغربية عَاشَ ثَمَانِينَ سنة وَكَانَ دينا عَالما خيرا مَشْهُورا لَهُ فضل وأدب توفّي فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَسبعين وست مائَة وجدت لَهُ أبياتاً يخرج بهَا الضَّمِير وَحكمهَا أَبْيَات الخطيري سعد بن عَليّ وَهِي الطَّوِيل
(أَتَانِي غزال ظلّ إِذْ دَاء شيقاً ... يَخُوض دجى ليل لشأن لِقَاء)
(بَعرَة صبح حل كعبة صُورَة ... كروضة زهر صبحت برخاء)
(صفي خَلِيل كيس حَيْثُ لَا شجى ... يَحُثُّك فِي ضيق لأجل جفَاء)
(يروض شمولاً من يَمِين نديةٍ ... لأزهر ذِي صد وسيم رواء)
(ظلوم غوي عطفه لَا يقيمه ... على كلف ينمي لطول وَفَاء)(18/86)
3 - (ابْن أبي الرِّجَال الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أبي الرِّجَال الْأنْصَارِيّ النجاري وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَلينه أَبُو حَاتِم قَلِيلا
وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وَمِائَة روى لَهُ الْأَرْبَعَة)
3 - (ابْن رَوَاحَة)
عبد الرَّحْمَن بن رَوَاحَة بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن مظفر بن نصر بن رَوَاحَة الشَّيْخ الْجَلِيل المعمر الْمسند زين الدّين بن أبي صَالح الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي نزيل مَدِينَة أسيوط من مُدَّة طَوِيلَة ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة سمع من جده لأمه أبي الْقَاسِم بن رَوَاحَة عدَّة أَجزَاء مِنْهَا القناعة لِابْنِ مَسْرُوق وَسمع من صَفِيَّة بنت الحبقبق جُزْءا من معرفَة الصَّحَابَة لِابْنِ مندة وَهُوَ الثَّامِن وللبغوي وَله إجَازَة من ابْن روزبه وللشيخ شهَاب الدّين السهروردي وَطَائِفَة تفرد فِي زَمَانه واختفى ذكره مُدَّة ثمَّ تنبه الطّلبَة لَهُ وَحدث بآخرة وَكَانَ كَاتبا بأسيوط
3 - (عبد الرَّحْمَن بن زيد)
عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمه لبَابَة بنت أبي لبَابَة أَتَى بِهِ أَبُو لبَابَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا مِنْك يَا أَبَا لبَابَة فَقَالَ ابْن بِنْتي يَا رَسُول الله فَقَالَ مَا رَأَيْت مولوداً قطّ أَصْغَر مِنْهُ فحنكه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمسح رَأسه ودعا لَهُ بِالْبركَةِ قَالَ فَمَا رُؤِيَ عبد الرَّحْمَن فِي قوم قطّ إِلَّا فرعهم طولا قَالَ مُصعب كَانَ أطول الرِّجَال وأتمهم توفّي فِي حُدُود السّبْعين من الْهِجْرَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ
3 - (عبد الرَّحْمَن بن زيد الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن زيد بن خَارِجَة الْأنْصَارِيّ أَخُو مجمع ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحدث عَن عَمه وَأبي لبَابَة وخنساء بنت خدام وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الإفْرِيقِي)
عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم الإفْرِيقِي قَاضِي إفريقية وعالمها وَكَانَ أول مَوْلُود ولد فِي الْإِسْلَام بإفريقية فِيمَا قيل وَفد على الْمَنْصُور(18/87)
وَأَغْلظ لَهُ فِي الْكَلَام طلبا للمعدلة قَالَ ابْن معِين هُوَ ضَعِيف وَلَا يسْقط حَدِيثه وَقَالَ أَحْمد لَا أكتب حَدِيثه وَهُوَ مُنكر الحَدِيث لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ توفّي بإفريقية سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْحَافِظ الْمحَاربي)
عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الْكُوفِي الْحَافِظ قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي)
رَحمَه الله فِي عشر الْمِائَتَيْنِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَيعرف بالمحاربي
3 - (الجُمَحِي الْمَكِّيّ)
عبد الرَّحْمَن بن سابط الجُمَحِي الْمَكِّيّ روى عَن أَبِيه وَله صُحْبَة وَعَن عَائِشَة وَجَابِر وَأبي أُمَامَة وَأرْسل عَن معَاذ وَغَيره وَقد وثقوه وَكَانَ ابْن معِين يعد أَكثر رواياته مُرْسلَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة
وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَكَانَ يحيى بن معِين يَقُول هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن سليط وسابط جده قَالَ ابْن عبد الْبر وَفِي ذكر نظر
3 - (ابْن صصرى)
عبد الرَّحْمَن بن سَالم بن الْحسن بن صصرى الصَّدْر الرئيس شرف الدّين ابْن أبي الْغَنَائِم سمع من حَنْبَل وَابْن طبرزد والكندي وَغَيرهم ولي الوزارة والمناصب الجليلة وَله بر وَصدقَة وَهُوَ وَالِد الصاحب جمال الدّين إِبْرَاهِيم روى عَنهُ ابْن أَخِيه قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين وَتُوفِّي سنة أبع وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (جمال الدّين الْأَنْبَارِي)
عبد الرَّحْمَن بن سَالم بن يحيى بن هبة الله الإِمَام الْمُفْتِي جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْأَنْبَارِي البغداذي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ سمع من الْكِنْدِيّ وَابْن ملاعب وَابْن الحرستاني وتفقه على الشَّيْخ الْمُوفق وَنسخ بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْعلم وَكَانَ صَحِيح النَّقْل يَقُول الشّعْر وَهُوَ دين صَالح روى عَنهُ ابْن الْخلال والدمياطي وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة
قَالَ أَبُو شامة كَانَ يُصَلِّي بالمتأخرين إِمَامًا صَلَاة الصُّبْح فيطيل إطالة مفرطة خَارِجَة عَن الْمُعْتَاد بِكَثِير إِلَى أَن تكَاد الشَّمْس تطلع وَلَا يتْرك ذَلِك وَمن شعره(18/88)
3 - (أَبُو حميد السَّاعدي)
عبد الرَّحْمَن بن سعد بن الْمُنْذر أَبُو حميد السَّاعِدِيّ من أكبر فُقَهَاء الصَّحَابَة وَقد اخْتلف فِي اسْمه فَقيل عبد الرَّحْمَن بن سعد بن مَالك وَقيل عبد الرَّحْمَن بن سعد بن عَمْرو بن سعد وَقيل الْمَنّ بن سعد بن الْمُنْذر
أمه أُمَامَة بنت ثَعْلَبَة الخزرجية روى عَنهُ من الصَّحَابَة جَابر بن عبد الله وَمن التَّابِعين)
عُرْوَة بن الزبير وَالْعَبَّاس بن سهل بن سعد وَمُحَمّد ابْن عَمْرو بن عَطاء وخارجة بن زيد بن ثَابت وَجَمَاعَة من تَابِعِيّ الْمَدِينَة وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن أبي سعيد الْخُدْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَأبي حميد السَّاعِدِيّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (جمال الدّين البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن سعيد بن سُلَيْمَان الإِمَام الْفَقِيه جمال الدّين البغداذي مُصَغرًا ثمَّ الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ ولد بحران سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة وَسمع من ابْن طبرزد وحنبل والكندي وَعبد الْقَادِر الْحَافِظ وَابْن الحرستاني وَالشَّيْخ الْمُوفق وَالْفَخْر بن تَيْمِية وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَكَانَ إِمَامًا صَالحا خيرا خَبِيرا بِالْمذهبِ حسن التَّعْلِيم متواضعاً
3 - (ابْن الغسيل)
عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن حَنْظَلَة بن الغسيل أَبُو سُلَيْمَان الْأنْصَارِيّ رأى عبد الرَّحْمَن بن سهل السَّاعِدِيّ وروى عَن عِكْرِمَة وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَعَن ابْن معِين صُوَيْلِح وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
3 - (الجُمَحِي)
عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي مَوْلَاهُم روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو زرْعَة(18/89)
وَأَبُو حَاتِم
قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن سَمُرَة العبشمي)
عبد الرَّحْمَن بن العبشمي أسلم يَوْم الْفَتْح قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسْأَل الْإِمَارَة غزا خُرَاسَان زمن عُثْمَان وَفتح سجستان وكابل وَلم يزل بسجستان حَتَّى اضْطربَ أَمر عُثْمَان فَخرج عَنْهَا واستخلف رجلا من بني يشْكر فخرجه أهل سجستان ثمَّ عَاد إِلَيْهَا بعد ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَة فسكنها وَإِلَيْهِ تنْسب سكَّة ابْن سَمُرَة بِالْبَصْرَةِ
توفّي سنة خمسين لِلْهِجْرَةِ أَو إِحْدَى وَخمسين وروى لَهُ الْجَمَاعَة)
3 - (أَبُو الْمطرف الْقُرْطُبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن سوار بن أَحْمد بن سوار أَبُو الْمطرف الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه قَاضِي الْجَمَاعَة كَانَ نبيها وَلم يَأْخُذ على الْقَضَاء أجرا توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْفرج بن شُجَاع)
عبد الرَّحْمَن بن شُجَاع بن الْحسن بن الْفضل أَبُو الْفرج الْفَقِيه الْحَنَفِيّ البغداذي قَرَأَ الْفِقْه على أَبِيه حَتَّى برع فِيهِ وأجاد الْكَلَام فِي المناظرة وَولي التدريس بمشهد أبي حنيفَة سمع من ابْن نَاصِر وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن يحيى بن نَاقَة الْكُوفِي توفّي سنة تسع وست مائَة
3 - (أَبُو شُرَيْح الْمعَافِرِي)
عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح أَبُو شُرَيْح الْمعَافِرِي الإسكندري العابد قَالَ أَبُو حَاتِم لَا بَأْس بِهِ
وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة(18/90)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الدنيسري)
عبد الرَّحْمَن بن صَالح بن عمار المزعفري أَبُو مُحَمَّد الثَّعْلَبِيّ الدنيسري محتسب دنيسر لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْعرُوض والعربية حَبسه الْملك الْمَنْصُور صَاحب ماردين بِسَبَب قصيدة عَملهَا فِي الْملك الْأَشْرَف ابْن الْعَادِل فَمَاتَ فِي السجْن بعد خمس سِنِين فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره الوافر
(تزايد فِي هوى أملي جنوني ... وأورث مهجتي سقماً شجوني)
(وصرت أغار من نظر البرايا ... عَلَيْهِ وَمن خيالات الظنون)
(وأحرص أَن يكون لَهُ وَفَاء ... من الْأَبْصَار قلبِي أَو جفوني)
3 - (أَبُو هُرَيْرَة)
عبد الرَّحْمَن بن صَخْر أَبُو هُرَيْرَة الدوسي رَضِي الله عَنهُ فِي اسْمه وَاسم أَبِيه اخْتِلَاف كثير لَا يضْبط وَلَا يحصر وأشهرها عبد الرَّحْمَن بن صَخْر كَانَ اسْمه قبل الْإِسْلَام عبد شمس
وَقَالَ كناني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنِّي كنت أحمل هرة فِي كمي فَلَمَّا رَآنِي قَالَ مَا هَذِه فَقلت هرة فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة وَقيل أَنه قَالَ كناني أبي بِأبي هُرَيْرَة لِأَنِّي كنت أرعى غنما فَوجدت أَوْلَاد هرة وحشية فأخذتها فَلَمَّا رَآنِي قَالَ أَتَت أَبُو هُرَيْرَة
كَانَ أحد الْحفاظ الْمَعْدُودين فِي الصَّحَابَة قدم من أَرض دوس هُوَ وَأمه مُسلما وَقت فتح خَيْبَر)
قَالَ البُخَارِيّ روى عَنهُ ثَمَان مائَة رجل أَو أَكثر كَانَ فَقِيرا من أَصْحَاب الصّفة اسْتَعْملهُ عمر وَغَيره وَولي الْمَدِينَة زمن مُعَاوِيَة قَالَ المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قلت يَا رَسُول الله أسمع مِنْك أَشْيَاء فَلَا أحفظها قَالَ فابسط رداءك فبسطته فَحدث حَدِيثا كثيرا فَمَا نسيت شَيْئا حَدثنِي بِهِ
قَالَ الْوَاقِدِيّ توفّي سنة تسع وَخمسين وَله سبع وَثَمَانُونَ سنة وَقيل سنة سبع وَهُوَ الَّذِي صلى على عَائِشَة فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَخمسين وَقَالَ هِشَام مَاتَ هُوَ وَعَائِشَة سنة ثَمَان وَتَابعه الْمَدَائِنِي وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَقَالَ غَيرهم سنة ثَمَان وَصلى عَلَيْهِ الْوَلِيد بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ قد لزم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وواظبه رَغْبَة فِي الْعلم رَاضِيا بشبع بَطْنه وَكَانَت يَده مَعَ يَد رَسُول(18/91)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يَدُور مَعَه حَيْثُمَا دَار وَكَانَ أحفظ الصَّحَابَة لِأَنَّهُ كَانَ يحضر مَا لَا يحضرهُ سَائِر الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لاشتغال الْمُهَاجِرين بِالتِّجَارَة وَالْأَنْصَار بحوائجهم
شهد لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ حَرِيص على الْعلم والْحَدِيث وروى عَنهُ من الصَّحَابَة ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَجَابِر وَأنس وَوَائِلَة بن الْأَسْقَع وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن الضَّحَّاك الفِهري)
عبد الرَّحْمَن بن الضَّحَّاك بن قيس الفِهري أحد أَشْرَاف الْعَرَب ولي إمرة الْمَدِينَة فَأحْسن إِلَى أَهلهَا خطب فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب فألح عَلَيْهَا فشكته إِلَى يزِيد فَغَضب لَهَا وعزله وغرمه أَرْبَعِينَ ألف دِينَار وَأَبوهُ هُوَ الْمَقْتُول يَوْم مرج راهط وَتُوفِّي عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي حُدُود الْعشْر وَمِائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ)
عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ الْأَزْدِيّ الثمالِي الْحِمصِي يُقَال لَهُ صُحْبَة وَلَا تصح روى عَن معَاذ وَعمر وَأبي ذَر وَعلي وَعمر بن عَنْبَسَة وعَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ والعرباض وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (أَبُو النَّصْر الْهَرَوِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْجَبَّار بن عُثْمَان بن مَنْصُور بن عُثْمَان الفامي أَبُو النَّصْر ابْن أبي عبد الرَّحْمَن من أهل هراة كَانَ من المعدلين بهَا وَمن وُجُوه محدثيها وأدبائها وَأَوْلَاده وأحفاده شُهُود سمع الْكثير من عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ العميري)
ونجيب بن مَيْمُون الوَاسِطِيّ وَجَمَاعَة وَقدم بغداذ سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة وَسمع بهَا أَبَا الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَأَبا غَالب أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَمن شعره الوافر
(يروم الْقلب عَيْشًا مستطابا ... مداماً لَا يُغَيِّرهُ الزَّوَال)
(وَمن عرف الزَّمَان درى يَقِينا ... بِأَن منال مَا يَرْجُو محَال)
(فطب نفسا بِمَا قَضَت اللَّيَالِي ... فَلَيْسَ لدفع مَا يقْضِي احتيال)
(فَلَا حزن يَدُوم وَلَا سرُور ... وَلَا هجر يَدُوم وَلَا وصال)(18/92)
وَكَانَ كثير الصَّلَاة وَالصَّدَََقَة دَائِم الذّكر متودداً متواضعاً لَهُ معرفَة بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب يكرم الغرباء وَفِيه دماثة أَخْلَاق حسن السِّيرَة جميل الطَّرِيقَة
3 - (أَبُو عدنان السّلمِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْأَعْلَى أَبُو عدنان يُقَال اسْمه ورد بن حَلِيم السّلمِيّ من أهل الْبَصْرَة مولى بني سليم كَانَ عَلامَة راوية أَخذ عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ وَأبي عُبَيْدَة والأصمعي وطبقتهم وَكَانَ شَاعِرًا راوية وَكَانَ معلما وَكتابه بِالْبَصْرَةِ فِي بني جشم بن سعد وَكَانَ يتَطَوَّع على المعلمين وعَلى أَصْحَابه بتعليمه روى عَنهُ الجاحظ حكايات وَمن شعره الْكَامِل
(أهملت نَفسك فِي هَوَاك ولمتني ... لَو كنت تنصف لمت نَفسك دوني)
(مَا بَال عَيْنك لَا ترى أقذاءها ... وَترى الْخَفي من القذى بجفوني)
3 - (سَحْنُون)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْحَلِيم بن عمرَان الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث الْمُقْرِئ الْفَقِيه صدر الدّين أَبُو الْقَاسِم الأوسي الدكالي الْمَالِكِي الملقب سَحْنُون
كَانَ إِمَامًا فَقِيها مفتياً متفنناً كثير الْفَضَائِل قوي الْعَرَبيَّة زعر الْأَخْلَاق ولد سنة سِتّ عشرَة وَقيل سنة عشر وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة قدم الْإسْكَنْدَريَّة فِي عنفوان شبابه وَقَرَأَ بهَا على أبي الْقَاسِم الصفراوي وَسمع مِنْهُ وَمن عَليّ بن مُخْتَار العامري وَابْن رواح وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الحَدِيث على الشُّيُوخ وَسمع مِنْهُ ابْن الظَّاهِرِيّ والمزي وَابْن سيد النَّاس والبرزالي وَطَائِفَة
3 - (أَبُو طَالب ابْن العجمي)
)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحِيم بن أبي طَالب عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الْكَرَابِيسِي الْفَقِيه الْعَالم أَبُو طَالب بن العجمي الْحلَبِي كَانَ رَئِيسا محتشماً ومفتياً مُحْتَرما روى عَنهُ جمَاعَة وعذبه التتار وَمَات سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة
3 - (سديد الدّين القوصي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن رَافع العثمان القوصي الكيزاني سديد الدّين سمع من مجد الدّين الْقشيرِي وَمن ابْنه تَقِيّ الدّين وَمن عبد الْعَظِيم وَمن ابْن برطلة وَمن ابْن عبد السَّلَام وَغَيرهم وَحدث بقوص سمع مِنْهُ شرف الدّين النصيبي وَغَيره
وَحدث بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْفِقْه للشَّافِعِيّ على مجد الدّين الْقشيرِي وَكَانَ خَفِيف الرّوح وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد ينبسط(18/93)
مَعَه وينشده الرجز
(بَين السديد والسداد سد ... كسد ذِي القرنين أَو أَشد)
ولد بقوص سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي بهَا سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة
3 - (أَبُو الْفضل اللمغاني)
عبد الرَّحْمَن بن عبد السَّلَام بن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن الْحسن بن اللمغاني أَبُو الْفضل الْفَقِيه الْحَنَفِيّ البغداذي قَرَأَ الْقُرْآن وَالْخلاف وناظر ودرس وناب فِي الحكم وَالْقَضَاء عَن القَاضِي مَحْمُود بن أَحْمد الزنجاني ثمَّ عَن قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن يحيى بن فضلان وَبعده عَن قَاضِي الْقُضَاة أبي صَالح الْحَنْبَلِيّ وَعَن قَاض الْقُضَاة عبد الرَّحْمَن بن مقبل وَولي التدريس بِجَامِع السُّلْطَان ثمَّ بمشهد أبي حنيفَة وَولي قَضَاء بغداذ وخوطب بأقضى الْقُضَاة واستناب نواباً فِي الحكم والتدريس وَولي التدريس بالمستنصرية وَحدث عَن وَالِده وَغَيره ومولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (ابْن الطبيز الرَّامِي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز أَحْمد أَبُو الْقَاسِم الْحلَبِي الْمَعْرُوف بِابْن الطبيز الرَّامِي سكن دمشق وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو سُلَيْمَان الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ الْفَقِيه أَبُو سُلَيْمَان ابْن الْحَافِظ الْمَقْدِسِي محيي الدّين ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة سمع من أَبِيه)
والخشوعي وَجَمَاعَة وتفقه على الْمُوفق وَكَانَ فَقِيها متقناً صَالحا عابداً مدرساً من أَعْيَان الْحَنَابِلَة قيل إِنَّه حفظ كتاب الْكَافِي جَمِيعه وَكَانَ دَائِم الْبشر حسن الْأَخْلَاق روى عَنهُ جمَاعَة
3 - (أَبُو الْفرج الْبَزَّاز الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن عبد الله بن وريد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا دَال مُهْملَة الشَّيْخ المعمر كَمَال الدّين أَبُو الْفرج البغداذي الْحَنْبَلِيّ الْمُقْرِئ البرَاز المكبر وَالِده(18/94)
بِجَامِع الْقصر شيخ دَار الحَدِيث بالمستنصرية ويلقب بالفويرة من الفروهية انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد فِي عصره ولد قبل سنة خمس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة وَسمع من أَحْمد بن صرما وَأبي بكر زيد بن يحيى البيع وَأبي الْوَفَاء مَحْمُود بن مندة قدم عَلَيْهِم والمهذب بن قنيدة وَعمر بن كرم وَمُحَمّد بن الْحسن بن إشنانة وَأبي الْكَرم عَليّ بن يُوسُف بن صَبُوحًا ويعيش بن مَالك وَمُحَمّد بن أَحْمد بن صَالح الجيلي وَأبي صَالح نصر بن عبد الرَّزَّاق الجيلي وَسعد بن ياسين وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أبي حَرْب النَّرْسِي وَمُحَمّد بن أبي جَعْفَر بن الْمُهْتَدي وَأَجَازَ لَهُ ابْن طبرزد وَابْن سكينَة وَابْن شنيف وَمُحَمّد بن هبة الله الْوَكِيل وَابْن الْأَخْضَر وَخلق وَقَرَأَ السَّبْعَة على فَخر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْفرج الْموصِلِي الْفَقِيه صَاحب ابْن سعدون الْقُرْطُبِيّ وَسمع مِنْهُ كتابي التَّيْسِير والتجريد فِي الْقرَاءَات وروى الْكثير وَعمر دهراً طَويلا ذكره الفرضي فَقَالَ شيخ جليل ثِقَة مُسْند مكثر وَأذن للشَّيْخ شمس الدّين فِي جَمِيع مروياته
3 - (عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عُثْمَان أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو مُحَمَّد هُوَ ابْن أبي بكر الصّديق
أدْرك هُوَ وَأَبوهُ وجده وَابْنه أَبُو عَتيق بن عبد الرَّحْمَن النَّبِي صلى اللهُ عليهِ وَسلم يُقَال أَنه شَقِيق عَائِشَة حضر بَدْرًا مُشْركًا ثمَّ أسلم قبل الْفَتْح وَهَاجَر وَكَانَ أسن ولد أبي بكر وَكَانَ شجاعاً رامياً قتل يَوْم الْيَمَامَة سَبْعَة نفر توفّي بالصفاح من مَكَّة على أَمْيَال وَحمل فَدفن فِي مَكَّة سنة ثَلَاث وَخمسين لِلْهِجْرَةِ
شهد بَدْرًا وأحداً مَعَ الْكفَّار ودعي إِلَى البرَاز وَقَامَ إِلَيْهِ ليبادره فَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ متعني بِنَفْسِك وَأسلم وَصَحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة)
وَكَانَ اسْمه عبد الْكَعْبَة فَغَيره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ فِيهِ دعابة ونفله عمر بن الْخطاب ليلى بنت الجودي حِين فتح دمشق وَكَانَ رَآهَا قبل ذَلِك وَكَانَ يشبب بهَا وَله فِيهَا أشعار وَخَبره مَعهَا مَشْهُور وَكَانَ قد رَآهَا فِي طَرِيقه بِالشَّام لما وافى الشَّام تَاجِرًا وَهِي قَاعِدَة على طنفسة وحولها ولائد فَقَالَ فِيهَا وَكَانَت تسمى ليلى الطَّوِيل
(نذْكر ليلى والسماوة دونهَا ... وَمَا لابنَة الجودي ليلى وَمَا ليا)
(وأنى تعَاطِي قلبه حارثية ... تدمن بصرى أَو تحل الجوابيا)
(وأنى يلاقيها بلَى ولعلها ... إِن النَّاس حجُّوا قَابلا أَن توافيا)(18/95)
وَلما أَمر لَهُ بهَا عمر أحبها وآثرها على نِسَائِهِ فشكونه إِلَى عَائِشَة فعاتبته على ذَلِك فَقَالَ وَالله لكَأَنِّي أرتشف بأنيابها حب الرُّمَّان فأصابها مرض وَقع لَهُ فوها فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عَائِشَة فَقَالَت لَهُ يَا عبد الرَّحْمَن لقد أَحْبَبْت ليلى وأفرطت وأبغضتها فأفرطت فإمَّا أَن تنصفها وَإِمَّا أَن تجهزها إِلَى أَهلهَا فجهزها إِلَى أَهلهَا وَمن شعره فِيهَا الوافر
(وَقَالَت يَا ابْن عَم استحي مني ... وَلَا بقيا إِذا ذهب الْحيَاء)
وَمِنْه أَيْضا المديد
(يَا ابْنة الجودي قلبِي كئيب ... مستهام عِنْدهَا لَا يؤوب)
(جَاوَرت أخوالها حَيّ عك ... فلعك من فُؤَادِي نصيب)
(وَلَقَد قلت ملن لَام فِيهَا ... إِن من تلحون فِيهِ حبيب)
وَشهد الْجمل مَعَ عَائِشَة وَكَانَ أَخُوهُ مُحَمَّد يَوْمئِذٍ مَعَ عَليّ ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَلما قعد مُعَاوِيَة على الْمِنْبَر ودعا إِلَى بيعَة يزِيد كَلمه الْحُسَيْن بن عَليّ وَابْن الزبير وَأما عبد الرَّحْمَن هَذَا فَقَالَ لَهُ أهرقلية إِذا مَاتَ كسْرَى كَانَ كسْرَى مَكَانَهُ لَا نَفْعل وَالله أبدا وَبعث إِلَيْهِ مُعَاوِيَة بِمِائَة ألف دِرْهَم بعد أَن أَبى الْبيعَة فَردهَا وَقَالَ أبيع ديني بدنياي وَخرج إِلَى مَكَّة فَمَاتَ بهَا قبل أَن تتمّ الْبيعَة ليزِيد يُقَال إِنَّه مَاتَ فِي نومَة نامها وظعنت أُخْته عَائِشَة من الْمَدِينَة حَاجَة ووقفت على قَبره فَبَكَتْ وتمثلت الطَّوِيل
(وَكُنَّا كندماني جذيمة حقبة ... من الدَّهْر حَتَّى قيل لن يتصدعا)
(فَلَمَّا تفرقنا كَأَنِّي ومالكاً ... لطول اجْتِمَاع لم نبت لَيْلَة مَعًا)
أما وَالله لَو حضرتك لدفنتك حَيْثُ مت وَلَو حضرتك مَا بَكَيْت وروى لَهُ الْجَمَاعَة)
3 - (عبد الرَّحْمَن الْهُذلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود الْهُذلِيّ المَسْعُودِيّ الْكُوفِي أحد الْأَعْلَام قَالَ أَبُو حَاتِم تغير قبل مَوته بِيَسِير سنة أَو سنتَيْن وَكَانَ أعلم أهل زَمَانه بِحَدِيث ابْن مَسْعُود وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله مولى بني هَاشم شيخ بَصرِي(18/96)
حَافظ جاور بِمَكَّة وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره
وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْجَوْهَرِي الْمَالِكِي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْمَالِكِي الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ الْجَوْهَرِي توفّي بِمصْر وَهُوَ صَاحب مُسْند الْمُوَطَّأ ووفاته سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَسمع الْمُوَطَّأ مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس بن نَفِيس الْمُقْرِئ وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وَأَبُو الْحسن بن فَهد وَآخَرُونَ
3 - (عبد الرَّحْمَن بن أبي عصرون)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي عصرون القَاضِي نجم الدّين التَّمِيمِي ابْن شيخ الشَّام أبي سعد شرف الدّين توفّي بحماة سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن القس)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي عمار من بني جشم بن مُعَاوِيَة كَانَ فَقِيها عابداً من عباد مَكَّة فَسُمي القس لعبادته وَكَانَ يشبه بعطاء بن أبي رَبَاح فَسمع يَوْمًا غناء سَلامَة جَارِيَة سُهَيْل بن عبد الرَّحْمَن على غير تعمد مِنْهُ فَبلغ غنَاؤُهَا مِنْهُ كل مبلغ فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَقَالَ لَهُ هَل لَك أَن أخرجهَا إِلَيْك أَو تدخل فَتسمع غناءها وَلَا ترَاهَا وَلَا تراك فَأبى فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخرجهَا إِلَيْهِ فأقعدها بَين يَدَيْهِ فغنته فشغف بهَا وَعرف ذَلِك أهل مَكَّة واشتهر بهَا فَهِيَ تعرف بسلامة القس وَقد تقدم ذكرهَا فِي مَكَانَهُ من حرف السِّين وَقَالَت لَهُ يَوْمًا أَنا وَالله أحبك قَالَ وَأَنا وَالله أحبك قَالَت وَأحب أَن أَضَع فمي على فمك قَالَ وَأَنا وَالله أحب ذَلِك
قَالَت وألصق بَطْني مَعَ بَطْنك قَالَ وَأَنا وَالله أحب ذَلِك قَالَت فَمَا يمنعك فَإِن الْموضع لخال قَالَ إِنِّي سَمِعت الله جلّ وَتَعَالَى يَقُول الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ فَأَنا أكره أَن يكون خلة مَا بيني وَبَيْنك تؤول إِلَى عَدَاوَة ثمَّ قَامَ وَانْصَرف وَعَاد إِلَى مَا كَانَ)
عَلَيْهِ من النّسك وَمن قَوْله فِيهَا الْكَامِل
(إِن الَّتِي طرقتك بَين ركائب ... تمشي بمزهرها وَأَنت حرَام)
(لتصيد قَلْبك أَو جَزَاء مَوَدَّة ... إِن الرفيق لَهُ عَلَيْك ذمام)
(باتت تعللنا وتحسب أننا ... فِي ذَاك أيقاظ وَنحن نيام)
(حَتَّى إِذا سَطَعَ الضياء لناظر ... فَإِذا وَذَلِكَ بَيْننَا أَحْلَام)
(قد كنت أعذل فِي السفاهة أَهلهَا ... فاعجب لما تَأتي بِهِ الْأَيَّام)(18/97)
(فاليوم أَعْذرهُم وَأعلم أَنما ... سبل الضَّلَالَة وَالْهدى أَقسَام)
وَمِنْه قَوْله أَيْضا الطَّوِيل
(ألم تَرَهَا لَا يبعد الله دارها ... إِذا رجعت فِي صَوتهَا كَيفَ تصنع)
(تمد نظام القَوْل ثمَّ ترده ... إِلَى صلصل فِي صَوتهَا يترجع)
وَمِنْه قَوْله السَّرِيع
(سَلام هَل لي مِنْكُم نَاصِر ... أم هَل لقلبي عَنْكُم زاجر)
(قد سمع النَّاس بوجدي بكم ... فَمنهمْ اللائم والعاذر)
وَله فِيهَا غير ذَلِك
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عبد الله)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود الْهُذلِيّ الْكُوفِي توفّي أَبوهُ وَله سِتّ سِنِين فحفظ عَنهُ شَيْئا
وروى عَن عَليّ والأشعث بن قيس ومسروق وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أغشى هَمدَان)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الْحَارِث بن نظام الْهَمدَانِي أَبُو المصبح الْأَعْشَى كُوفِي من شعراء الدولة الأموية كَانَ زوج أُخْت الشّعبِيّ وَالشعْبِيّ زوج أُخْته وَكَانَ من الْقُرَّاء وَالْفُقَهَاء ثمَّ ترك ذَلِك وَقَالَ الشّعْر وَكَانَ قد قصّ يَوْمًا على الشّعبِيّ مناماً رَآهُ قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي دخلت بَيْتا فِيهِ حِنْطَة وشعير وَقيل خُذ أَيهمَا شِئْت فَأخذت الشّعير فَقَالَ الشّعبِيّ إِن صدقت رُؤْيَاك تركت الْقُرْآن وقراءته وَقلت الشّعْر فَكَانَ كَمَا قَالَ
وَكَانَ قد وَفد على النُّعْمَان بن بشير إِلَى حمص ومدحه فَيُقَال إِنَّه حصل لَهُ أَرْبَعِينَ ألف دِينَار)
وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة النُّعْمَان وَكَانَ الْحجَّاج قد أغراه الديلم فأسروه وَبَقِي فِي أَيْديهم مُدَّة
ثمَّ إِن بنت العلج الَّذِي أسره هويته فمكنته من نَفسهَا فواقعها ثَمَانِي مَرَّات فَقَالَت لَهُ الديلمية يَا معشر الْمُسلمين هَكَذَا تَفْعَلُونَ بنسائكم فَقَالَ هَكَذَا نَفْعل كلنا فَقَالَت بِهَذَا الْعَمَل نصرتم أَفَرَأَيْت إِن خلصتك أَن تصطفيني لنَفسك قَالَ نعم فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل حلت قيوده وَأخذت بِهِ طَرِيقا تعرفها حَتَّى خلصته فَقَالَ شَاعِر من أسراء الْمُسلمين الطَّوِيل
(فَمن كَانَ يفْدِيه من الْأسر مَاله ... فهمدان تفديها الْغَدَاة أيورها)(18/98)
وَقَالَ الْأَعْشَى قصيدته الفائية الَّتِي يذكر فِيهَا أسره بالديلم وَهِي طَوِيلَة مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني وأولها الْكَامِل
(لمن الظعائن سيرهن تزحف ... عوم السفين إِذا تقاعس مجذف)
(مرت بِذِي خشب كَأَن حمولها ... نخل بِيَثْرِب حمله متضعف)
وَقَتله الْحجَّاج فِي حُدُود التسعين لما خرج مَعَ ابْن الْأَشْعَث
ثمَّ إِن أعشى هَمدَان خرج هُوَ وَالشعْبِيّ مَعَ ابْن الْأَشْعَث على الْحجَّاج فَلَمَّا أَتَى بِهِ أَسِيرًا قَالَ الْحجَّاج الْحَمد لله الَّذِي أمكن مِنْك أَلَسْت الْقَائِل كَذَا أَلَسْت الْقَائِل كَذَا وَعدد لَهُ أشعاراً قَالَهَا فَلم يبْق فِي الْمجْلس أحد إِلَّا أهمته نَفسه وأرعدت فرائصه فَقَالَ الْأَعْشَى لَا بل أَنا الْقَائِل الطَّوِيل
(أَبى الله إِلَّا أَن يتمم نوره ... ويطفئ نَار الْفَاسِقين فتخمدا)
مِنْهَا
(فصادمنا الْحجَّاج دون صُفُوفنَا ... كفاحاً وَلم يضْرب لذَلِك موعدا)
(بجند أَمِير الْمُؤمنِينَ وخيله ... وسلطانه أَمْسَى معاناً مؤيدا)
(ليهنئ أَمِير الْمُؤمنِينَ ظُهُوره ... على أمة كَانَت بغاة وحسدا)
(وجدنَا بني مَرْوَان خير أَئِمَّة ... وَأعظم هَذَا الْخلق حلماً وسؤددا)
(وَخير قُرَيْش من قُرَيْش أرومةً ... وَأكْرمهمْ إِلَّا النَّبِي مُحَمَّدًا)
وَهِي أَكثر من هَذَا فَقَالَ الْحجَّاج أظننت يَا عَدو الله أَنَّك تخدعني وتفلت من يَدي أَلَسْت الْقَائِل الْكَامِل
(وَإِذا سَأَلت الْمجد أَيْن مَحَله ... فالمجد بَين مُحَمَّد وَسَعِيد)
)
(بَين الْأَشَج وَبَين قيس بَيته ... بخ بخ لوالده وللمولود)
وَالله لَا تبخبخ بعْدهَا أبدا أولست الْقَائِل الْكَامِل
(وَإِذا تصبك من الْحَوَادِث نكبة ... فاصبر فَكل غيابة ستكشف)
أما وَالله لتكونن غيابةٌ لَا تتكشف عَنْك يَا حرسي اضربا عُنُقه
3 - (جمال الدّين الباذرائي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن الإِمَام جمال الدّين ابْن الشَّيْخ الإِمَام نجم الدّين الباذرائي درس بمدرسة وَالِده إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع(18/99)
وَسبعين وست مائَة عَن نَيف وَخمسين سنة وَكَانَ صَدرا رَئِيسا حسن الْأَخْلَاق ودرس بعده الشَّيْخ تَاج الدّين
3 - (ياقوت الرُّومِي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الرُّومِي أَبُو الدّرّ الشَّاعِر مولى أبي مَنْصُور الجيلي كَانَ اسْمه ياقوت أَقَامَ بِالْمَدْرَسَةِ النظامية ببغداذ وَحفظ الْقُرْآن وَله معرفَة بالأدب وَيَقُول الشّعْر وَلَا يمدح بِهِ أحدا وَكَانَ غالياً فِي التَّشَيُّع وجد مَيتا فِي دَاره سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره الْخَفِيف
(كتبت أدمعي ووجدي أملي ... أسطراً أعربته نقطاً وشكلا)
(يَا مُقيما على الجفا صل محباً ... غادر الْبعد طل جفنيه وَبلا)
(أَي مفت أَفْتَاك فِي حل قَتْلِي ... لَيْت شعري وَأي شرعٍ أحلا)
(أسلوا يروم بالعذل مني ... عاذلي فِي الْهوى سفاهاً وجهلا)
(أَنا لَا أعرف السلو وَلَا أس ... مَعَ فِي حب من تعشقت عذلا)
(كلما زادني دلالاً وَعزا ... زِدْته فِي الْهوى خضوعاً وذلا)
(يَا حبيباً صدوده وتجن ... يه بقتلي يَوْم الْفِرَاق استقلاً)
(لَا يظنّ الْمُحب عَنْك وَإِن غي ... بت عَن لحظ طرفه يتسلى)
قلت شعر وسط خالٍ من الغوص
3 - (السُّهيْلي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد بن أصْبع بن الْحُسَيْن بن سعدون(18/100)
بن رضوَان ابْن فتوح الإِمَام الْخَيْر أَبُو الْقَاسِم وَأَبُو زيد وَيُقَال أَبُو الْحسن ابْن الْخَطِيب أبي عمر بن أبي الْحسن)
الْخَثْعَمِي السُّهيْلي الأندلسي المالقي الْحَافِظ صَاحب المصنفات توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
نَاظر عَليّ بن الْحُسَيْن بن الطراوة فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَسمع مِنْهُ كثيرا من اللُّغَة والآداب
وكف بَصَره وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة وَكَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة والقراءات بارعاً فِي ذَلِك تصدر للإقراء والتدريس والْحَدِيث وَبعد صيته وَجل قدره جمع بَين الرِّوَايَة والدراية لَهُ من المصنفات الرَّوْض الْأنف فِي شرح السِّيرَة وَهُوَ كتاب جليل جود فِيهِ مَا شَاءَ ذكر فِي آخِره أَنه استخرجه من نَيف وَعشْرين وَمِائَة ديوَان وَله التَّعْرِيف والإعلام بِمَا فِي الْقُرْآن من الْأَسْمَاء والأعلام وَشرح آيَة الْوَصِيَّة وَمَسْأَلَة رُؤْيَة الله تَعَالَى ورؤية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَشرح الْجمل وَلم يتم وَمَسْأَلَة السِّرّ فِي عور الرِّجَال واستدعي إِلَى مراكش وحظي بهَا وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة وَحسنت سيرته
وَأَصله من قَرْيَة بوادي سُهَيْل من كورة مالقة لَا يرى سُهَيْل من جَمِيع الْمغرب إِلَّا من جبل مطل على هَذِه الْقرْيَة وَمن شعره يرثي بَلَده وَكَانَ الفرنج قد خربته وَقتلت رِجَاله ونساءه وَكَانَ غَائِبا عَنهُ الْكَامِل
(يَا دَار أَيْن الْبيض والأرآم ... أم أَيْن جيران عَليّ كرام)
(دَار الْمُحب من الْمنَازل آيَة ... حيى فَلم يرجع إِلَيْهِ سَلام)
(أخرسن أم بعد المدى فنسينه ... أم غال من كَانَ الْمُجيب حمام)
(دمعي شهيدي أنني لم أنسهم ... إِن السلو على الْمُحب حرَام)
(لما أجابتني الصدى عَنْهُم وَلم ... يلج المسامع للحبيب كَلَام)
(طارحت ورق حمامها مترنماً ... بمقال صب والدموع سجام)
(يَا دَار مَا صنعت بك الْأَيَّام ... ضامتك وَالْأَيَّام لَيْسَ تضام)
وَمر على دَار بعض تلاميذه من أَعْيَان الْبَلَد وَهُوَ جميل وَقد مرض فَلَقِيَهُ بعض الْمَشَايِخ فَقَالَ لَهُ عجبا لمرورك هَهُنَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو دَار التلميذ وَأنْشد المتقارب
(جعلت طريقي على دَاره ... وَمَا لي على دَاره من طَرِيق)
(وعاديت من أَجله جيرتي ... وواخيت من لم يكن لي صديقي)
(فَإِن كَانَ قَتْلِي حَلَالا لَهُ ... فسيري بروحي مسير الرفيق)(18/101)
)
وَله الأبيات الْمَشْهُورَة وَهِي الْكَامِل
(يَا من يرى مَا فِي الضَّمِير وَيسمع ... أَنْت الْمعد لكل مَا يتَوَقَّع)
(يَا من يُرْجَى للشدائد كلهَا ... يَا من إِلَيْهِ المشتكي والمفزع)
(يَا من خَزَائِن رزقه فِي قَول كن ... أمنن فَإِن الْخَيْر عنْدك أجمع)
(مَا لي سوى فقري إِلَيْك وَسِيلَة ... فبالافتقار إِلَيْك رَبِّي أضرع)
(مَا لي سوى فقري إِلَيْك حِيلَة ... فلئن رددت فَأَي بَاب أَقرع)
(وَمن الَّذِي أَدْعُو وأهتف باسمه ... إِن كَانَ فضلك عَن فقيرك يمْنَع)
(حاشى لمجدك أَن يقنط عَاصِيا ... الْفضل أجزل والمواهب أوسع)
3 - (ابْن شبراق)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الخضرمي الأديب أَبُو الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِابْن شبراق بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الرَّاء ألف وقاف كَانَ شَاعِرًا نبيلاً صنف كتابا فِي الْأَخْبَار وَعمر طَويلا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (دحمان الْأَشْقَر الْمُغنِي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الله هُوَ دحمان الْأَشْقَر الْمُغنِي مولى بني لَيْث كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاة الْأَرْبَعَة الحذاق ابْن سُرَيج ومعبد وَمَالك وَابْن عَائِشَة وَيَأْخُذ مِنْهُم وَكَانَ جيد الصَّوْت وَالضَّرْب من فحول المغنين وَكَانَ فَاضلا عفيفاً حسن الْمَذْهَب يوالي بَين الْحَج والغزو
عَاشَ تسعين سنة وَمَات فِي خلَافَة الرشيد
قَالَ إِسْحَاق قَالَ دحمان مَا رَأَيْت بَاطِلا أشبه بِحَق من الْغناء وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَهُوَ على الْمَدِينَة وَكَانَ دحمان يَقُول مَا رَأَيْت مثل مجْلِس جَعْفَر فِيهِ الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء والأدباء وَالشعرَاء والقراء والمغنون وَأَصْحَاب النُّجُوم والغريب والمضحكون قَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان النَّوْفَلِي غنى دحمان الْأَشْقَر الرشيد صَوتا فأطربه واستعاده مرَارًا ثمَّ قَالَ لَهُ احتكم فَقَالَ غَالب والريان وهما ضيعتان بِالْمَدِينَةِ غلتهما أَرْبَعُونَ ألف دِينَار فَأمر لَهُ بهما فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن هَاتين الضيعتين من جلالتهما وَعظم خطرهما لَا يجب أَن يسمح بمثلهما فَقَالَ الرشيد لَا سَبِيل إِلَى اسْتِرْدَاد مَا أَعْطَيْت وَلَكِن احْتَالُوا فِي شرائهما مِنْهُ فوافقوه على مائَة ألف دِينَار فَرضِي بذلك وأخبروا الرشيد فَقَالَ ادفعوها إِلَيْهِ فَقَالُوا(18/102)
يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي)
إِخْرَاج مائَة ألف دِينَار لمغن من بَيت المَال أشنوعة عَظِيمَة وَلَكِن تقطعها لَهُ فَكَانَ يُوصل بِخَمْسَة آلَاف دِينَار وَثَلَاثَة آلَاف دِينَار حَتَّى استوفاها قَالَ أَبُو الْفرج وَالصَّوْت الَّذِي طرب لَهُ الرشيد حَتَّى حكمه الطَّوِيل
(إِذا نَحن أدلجنا وَأَنت إمامنا ... كفى لمطايانا برياك هاديا)
(أعد اللَّيَالِي مَا نأيت وَلم أكن ... لما مر من دهري أعد اللياليا)
(ذكرتك بالديرين يَوْمًا فأشرقت ... بَنَات الْهوى حَتَّى بلغن التراقيا)
3 - (أَبُو الْقَاسِم ابْن الصفراوي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمجِيد بن إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان بن يُوسُف بن الْحُسَيْن بن حَفْص الإِمَام جمال الدّين أَبُو الْقَاسِم بن الصفراوي الإسكندري الْمَالِكِي الْمُقْرِئ الْمُفْتِي كَانَ من الْأَئِمَّة الْأَعْلَام وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الإقراء وَالْفَتْوَى بِبَلَدِهِ وَنزل النَّاس بِمَوْتِهِ دَرَجَة وَحدث بِبَلَدِهِ وبمصر والمنصورة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَكَانَ قَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن خلف بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة الْقرشِي وعَلى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن جَعْفَر الغافقي وَأبي يحيى اليسع بن حزم وَأبي الطّيب عبد الْمُنعم بن الخلوف وتفقه على الْعَلامَة أبي طَالب صَالح بن إِسْمَاعِيل ابْن بنت معافي وَسمع السلَفِي وَإِسْمَاعِيل بن عَوْف وَأَبا مُحَمَّد العثماني وَجَمَاعَة وَهُوَ آخر من قَرَأَ على الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورين خرج لنَفسِهِ مشيخة وَكَانَ صَاحب ديانَة وجلالة
3 - (خطيب الْموصل)
عبد الرَّحْمَن بن عبد المحسن بن الْخَطِيب أبي الْفضل عبد الله بن أَحْمد الطوسي ثمَّ الْموصِلِي تَاج الدّين خطيب الْموصل وَابْن خطبائها كَانَ ورعاً صَالحا متواضعاً شَاعِرًا توفّي سنة تسع وَعشْرين وست مائَة وَقيل سنة سِتّ وَمن شعره مجزوء الْكَامِل
(مَا لَاحَ بارق مقلتي ... هـ لناظر إِلَّا وشامه)
(للصبح يشبه والظلا ... م إِذا بدا خداً وشامه)
(فاقت محاسنه الحسا ... ن عراقة فِينَا وشامه)
(يَا ليته مثل يقو ... ل لمن إِلَيْهِ بِي وشى مَه)
قلت شعر جيد صنع)
3 - (كَمَال الدّين الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد المحسن بن حسن بن ضرغام بن(18/103)
صمصام الْعدْل الْفَقِيه المعمر كَمَال الدّين الْكِنَانِي الْمصْرِيّ المنشاوي الْحَنْبَلِيّ مولده بالمنشية الَّتِي لقناطر الأهرام سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة عشْرين وَسبع مائَة وَكَانَ يخْطب بالمنشية وَصَارَ عدلا بِالْقَاهِرَةِ دهراً سمع من سبط السلَفِي والصدر الْبكْرِيّ وَطَائِفَة سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين واختبل قبل مَوته بِنَحْوِ من أَرْبَعَة أشهر
3 - (أَبُو الْفرج الوَاسِطِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عبد المحسن بن عمر بن شهَاب الإِمَام الْمُفْتِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبُو الْفرج الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي مُحدث وَاسِط ولد سنة أَربع وَسبعين وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله ببغداذ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَحج مَرَّات وَقدم دمشق وَسمع هُوَ وَالشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ وَأخذ عَن المَخْزُومِي وَبنت جَوْهَر والموجودين وَكَانَ كيساً خيرا لطيفاً متواضعاً كثير المحاسن لَهُ صُورَة كَبِيرَة بِبَلَدِهِ ومروة تَامَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين حصل كثيرا من مروياته وَحدثنَا عَنهُ ابْن ثردة الْوَاعِظ وَصَحب الشَّيْخ عز الدّين الفاروثي
3 - (أَبُو مُحَمَّد اليلداني)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُحدث الْمعبر تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد اليلداني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد بيلدا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتُوفِّي سنة خمس وَخمسين وست مائَة وَطلب الحَدِيث على كبر وَسمع من ابْن كُلَيْب وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَكَانَ ثِقَة صَالحا وَسمع من ابْن بوش وَالْمبَارك بن المعطوش وَهبة الله بن الْحسن السبط وغياث بن الْحسن بن الْبناء وأعز بن عَليّ الظهيري ودلف بن قوفا وَالْحسن بن أشنانة وَعبد اللَّطِيف بن أبي سعد وَبَقَاء بن جند وَأبي عَليّ بن الخريف وَعبد الله بن جوالق وَعبد الرَّحْمَن بن أَحْمد الغمري وَخلق كثير بالموصل وبدمشق وروى عَنهُ سبطه عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الزراد والبدر بن التوزي وَالْجمال عَليّ بن الشاطبي والشرف مُحَمَّد بن رقية وَأَبُو الْمَعَالِي ابْن البالسي وَجَمَاعَة وَكَانَ خطيب يلدا قَالَ أَبُو شامة أَخْبرنِي أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَقَالَ لَهُ يَا رَسُول الله مَا أَنا رجل جيد فَقَالَ لَهُ بلَى أَنْت رجل جيد)
3 - (الْحَافِظ أَبُو يحيى الأندلسي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن الْفرس الْوَزير الْحَافِظ اللّغَوِيّ أَبُو يحيى ابْن القَاضِي النَّحْوِيّ أبي مُحَمَّد الخزرجي الأندلسي أحد الْأَعْلَام ذكره ابْن الزبير فِي تَارِيخه فَقَالَ أَخذ عَن أَبِيه فَأكْثر وَعَن أبي الْحسن ابْن كوثر وَعبد الْحق بن بونة وَابْن عبد الله الحجري وَابْن رِفَاعَة(18/104)
وَانْفَرَدَ بالرواية عَنْهُم وَأَجَازَ لَهُ من الْمشرق الأرتاحي والبوصيري كَانَ يدْرِي كثيرا من مُشكل الحَدِيث وغريبه صنف كتابا فِي غَرِيب الْقُرْآن وأسمع الحَدِيث طول حَيَاته وَكَانَت فِيهِ غَفلَة قصرت بِهِ عَن قَضَاء بَلَده وخطابته توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (أَبُو الْفرج النابلسي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن نعْمَة بن سُلْطَان بن سرُور بن رَافع الْفَقِيه الإِمَام جمال الدّين أَبُو الْفرج النابلسي الْحَنْبَلِيّ وَالِد شهَاب الدّين العابر وفخر الدّين عَليّ ولد سنة أَربع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة سمع بالقدس من أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْبناء وبنابلس من الْبَهَاء وبدمشق من الْكِنْدِيّ والموفق وَحضر ابْن طبرزد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وروى لنا عَنهُ أَحْمد بن ياقوت الْمُقْرِئ وَكَانَ فَقِيها دينا لَهُ شعر حسن
3 - (سبط اليلداني)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمولى بن إِبْرَاهِيم الشَّيْخ الْمسند أَبُو مُحَمَّد اليلداني الصحراوي سبط اليلداني سمع الْكثير من جده تَقِيّ الدّين الرشيد الْعِرَاقِيّ وَابْن خطيب القرافة وَشَيخ الشُّيُوخ الْأنْصَارِيّ وَأَجَازَ لَهُ الْعلم السخاوي والضياء الْحَافِظ وَآخَرُونَ وَتفرد بأَشْيَاء وَسمع مِنْهُ الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام كتاب الْآثَار للطحاوي وَوَصله ورتب لَهُ مرئباً وَكَانَ فَقِيرا ثمَّ عمي مولده سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن بنت الْأَعَز)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب بن خَليفَة بن بدر قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْقَاسِم ابْن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين العلامي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن بنت الْأَعَز كَانَ جده لأمه يعرف بِالْقَاضِي الْأَعَز وَزِير الْملك الْكَامِل بن أبي بكر بن أَيُّوب وعلامة بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف قَبيلَة من لخم)
3 - (سمع من الرشيد الْعَطَّار وَغَيره وتفقه على ابْن عبد السَّلَام وعَلى وَالِده وَكَانَ فَقِيها(18/105)
إِمَامًا)
مناظراً بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ جيد الْعَرَبيَّة ذكياً كَامِلا نبيلاً رَئِيسا شَاعِرًا محسناً فصيحاً مفوهاً وافر الْعقل كَامِل السؤدد روى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه شَيْئا من نظمه توفّي كهلاً سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة ودرس فِي أَمَاكِن كبار وَولي الوزارة مَعَ الْقَضَاء ثمَّ استعفى من الوزارة
أَخْبرنِي الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ كَانَ يجلس وَكتاب الحكم بَين يَدَيْهِ والموقعون وتعمل محاسبات الضَّمَان من خاطره أَو كَمَا قَالَ وَتَوَلَّى الْقَضَاء بعده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَأَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ نَاظر الخزانة السُّلْطَانِيَّة ودرس بالصالحية وَفِي قبَّة الشَّافِعِي وبالشريفية وبالمشهد وَتَوَلَّى مشيخة الشُّيُوخ بخانقاه سعيد السُّعَدَاء وَتَوَلَّى الخطابة بالجامع الْأَزْهَر وَله خطب ونثر ونظم وَكَانَ فصيحاً جزلاً فِي أَحْكَامه يقظاً مهيباً كثير التَّحَرُّز وَالِاجْتِهَاد فِي من يَنُوب عَنهُ وَكَانَ من بقايا الْعلمَاء الفصحاء وَمن أحد رجال الْكَمَال بالديار المصرية
وامتحن فِي الدولة الأشرفية على يَد الصاحب شمس الدّين ابْن السلعوس ثمَّ نجاه الله تَعَالَى مِنْهُ قلت فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دقي الْعِيد كَلَام لَهُ علاقَة بِهَذِهِ التَّرْجَمَة وَيُقَال أَنه لما حكم بتعزيره نهره ابْن السلعوس وأقامه فَقَالُوا لَهُ هَذَا تَعْزِير مثل هَذَا فَقَالَ لَا بُد من زِيَادَة فَقَالُوا ينزل من القلعة إِلَى بَاب زويلة مَاشِيا وَلم ينله مِنْهُ مَكْرُوه بعد عَزله من الْقَضَاء أَكثر من ذَلِك وَسكن القرافة وَتَوَلَّى التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الْمُجَاورَة لضريح الشَّافِعِي ثمَّ سَافر إِلَى الْحَج فقضي الْفَرِيضَة وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنْشد بهَا القصيدة البليغة من نظمه وَهِي الْكَامِل
(النَّاس بَين مرجز ومقصد ... ومطولٍ فِي مدحه ومجود)
(ومخبر عَمَّن روى ومعبر ... عَمَّا رَآهُ من العلى والسؤدد)
وَمِنْهَا
(مَا فِي قوى الأذهان حصر صفاتك ال ... عليا وَمَا لَك من كريم المحتد)
(وتفاوت المداح فِيك بِقدر مَا ... بصروا بِهِ من نورك المتوقد)
(وَمن الْمُحِيط بكنه معنى مدهش ... بهر بالعقول بمصدر وبمورد)
)
(فَإِذا البصائر فِيهِ تنفذ أدْركْت ... مِنْهُ مَعَاني حسنها لم ينْفد)
(ورأتك فِي مرآتها شمس الضُّحَى ... طلعت بِكُل تنوفة وبفدفد)
(فأفادت الْبَصَر الصَّحِيح إنارة ... يقوى على الْبَصَر الضَّعِيف الأرمد)
(وأخو الْهوى فِي طرفه وفؤاده ... مرض يصد عَن الطَّرِيق الأقصد)(18/106)
(جحد الظهيرة نورها واهاً لَهُ ... حرم السَّعَادَة كلهَا إِن يجْحَد)
(حَظّ الْمُوفق أَن يُتَابع دَائِما ... أخلاقك الغر الْكِرَام ويقتدي)
مِنْهَا فِي الْإِسْرَاء
(لم يرْتَفع لله من خفض وَلم ... يقرب إِلَيْهِ من مَكَان مبعد)
(لَكِن أرى محبوبه ملكوته ... حَتَّى يُشَاهد فِيهِ مَا لم يشْهد)
(وَأرَاهُ كَيفَ تفاضل الْأَمْلَاك وَال ... رسل الْكِرَام وَكَانَ غير مقلد)
(وَرَأَتْ لَهُ الْأَمْلَاك فِي ملكوته ... جاهاً وَقدرا مثله لم يُوجد)
مِنْهَا
(هَل جَاءَ قبلك مُرْسل بخوارق ... إِلَّا وَجئْت بِمثلِهِ أَو أَزِيد)
(فعصا الكليم تبدلت أعراضها ... وَكَذَا عصاك تبدلت بمهند)
(نبعت عُيُون المَاء من حجرٍ لَهُ ... والنبع فِي الْأَحْجَار كالمتعود)
(إِن الْبعيد من العوائد كلهَا ... نبع بدا بَين الْأَصَابِع فِي الْيَد)
(هذي هِيَ الْكَفّ الَّتِي قد أَصبَحت ... بحراً إِذا مدحوا لنا الْكَفّ الندي)
مِنْهَا
(ومحبة الْمولى هِيَ الأَصْل الَّذِي ... لم يثن عزمك عَنهُ رَأْي مُفند)
(وَمن الَّذِي يجلي عَلَيْهِ جهرة ... ذَاك الْجمال فَلم يخر وَيسْجد)
مِنْهَا
(صلوَات رَبك وَالسَّلَام عَلَيْك مَا ... حييت من متوجهٍ متعبد)
(وَجرى بذكرك لَفظه فِي وَقفه ... لخطابة أَو جلْسَة لتشهد)
(وَإِذا مَرَرْت على الْقُلُوب فَكنت كال ... أرج الذكي يرد روح المكمد)
(وعَلى صحابتك الْكِرَام وآلك ال ... برَاء من قَول الجهول الْمُفْسد)
)
(وعَلى ضجيعيك اللَّذين تشرفا ... بِالْقربِ مِنْك بمقعدٍ وبمرقد)
(لمكانةٍ فِي الدّين مَا خفيت على ... متبصر قَرَأَ الْعُلُوم مُسَدّد)
(قاما بنصرك فِي الْحَيَاة عبَادَة ... وجلادة أزرت على المتجلد)
(وتكفلا بعد الْمَمَات بنصرة ال ... دين الحنيف على الكفور الملحد)
(وتقلدا الْأَمر الْعَظِيم فأصبحا ... حجَجًا على كل امرء متقلد)
(تالله قد جدا وَمَا ونيا وَلَا اخ ... تارا الأخف على الأشق الأجهد)(18/107)
(وَكِلَاهُمَا بزلال فضلك يرتوي ... وبفضل برد من شعارك يرتدي)
(كَانَا سَعَادَة كل عبد صَالح ... وشقاوة الْبَاغِي الجهول المفند)
قلت شعر جيد جزل يدل على تمكن من الْعُلُوم
3 - (عماد الدّين النابلسي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب عماد الدّين النابلسي كَانَ إِمَامًا فِي علم الطِّبّ يشْتَغل النَّاس عَلَيْهِ قَالَ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان فَأخذ ذَلِك عَن ابْن الرَّحبِي وَلم يصنف فِيهِ وَلَا فِي غَيره وَكَانَ لَهُ نظم يسير وَحفظ جملَة كَبِيرَة من شعر أبي الْعَلَاء المعري ويتمثل بِهِ كثيرا وَقَرَأَ ألفية ابْن مَالك على الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس واشتغل الشَّيْخ بهاء الدّين عَلَيْهِ فِي الطِّبّ ودرس أخيراً قِطْعَة من مُخْتَصر الْوَجِيز لِابْنِ يُونُس وَكَانَ يمِيل إِلَى كَلَام ابْن حزم ويعظمه وقرأت عَلَيْهِ جملَة من الأرجوزة المنسوبة لأبي عَليّ ابْن سينا فِي الطِّبّ بحثا ونظراً وقيدت لي جملَة مِنْهَا شرحاً وَلما مَاتَ دفن خَارج بَاب النَّصْر فِي التربة الَّتِي ابتناها رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (ضِيَاء الدّين البعلبكي)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن أَحْمد بن عقيل الإِمَام الْخَطِيب المعمر ضِيَاء الدّين ابْن الْخَطِيب السّلمِيّ البعلبكي ولد سنة أَربع عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبع مائَة
سمع من أبي الْمجد الْقزْوِينِي كتاب شرح السّنة وَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه وَسمع من ابْن اللتي وَابْن الصّلاح وَكَانَ خيرا متواضعاً يخضب بالحمرة بَقِي فِي الخطابة بضعاً وَخمسين سنة وَسمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين
3 - (الْقَارِي)
)
عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي والقارة هم بَنو الْهون ابْن خُزَيْمَة أَخُو أَسد وكنانة ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ سَماع وَلَا لَهُ عَنهُ رِوَايَة وَكَانَ مَعَ عبد الله بن الأرقم على بَيت المَال فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب وَهُوَ من جملَة تَابِعِيّ الْمَدِينَة وعلمائها
توفّي سنة ثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن عبيد الله التَّيْمِيّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة أسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَقيل يَوْم الْفَتْح قتلوا ثَلَاثَتهمْ مَعَ ابْن الزبير وَفَاته سنة(18/108)
ثَلَاث وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّسائيّ
3 - (عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة الْقرشِي التَّيْمِيّ ابْن أخي طَلْحَة بن عبيد الله أسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَقيل يَوْم الْفَتْح قتل فِي يَوْم وَاحِد هُوَ وَابْن الزبير فِي مَكَّة وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد معَاذ وَعُثْمَان رويا عَنهُ وروى عَنهُ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَأَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن وَيحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب قَالَ ابْن سعد يُقَال لعبد الرَّحْمَن هَذَا شَارِب الذَّهَب
3 - (الشَّيْخ الْعَفِيف)
عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن الْقَاسِم بن مَعْرُوف بن حبيب أَبُو مُحَمَّد بن أبي نصر التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي الْمعدل الرئيس الْمَعْرُوف بعفيف الدّين قَرَأَ لأبي عَمْرو على أَحْمد بن عُثْمَان غُلَام السباك حضر جنَازَته حَتَّى الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَتُوفِّي سنة عشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الشهرزوري)
عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن مُوسَى بن أبي نصر الْمُفْتِي صَلَاح الدّين أَبُو الْقَاسِم الْكرْدِي الشهرزوري الشَّافِعِي وَالِد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن الصّلاح تفقه على القَاضِي شرف الدّين بن أبي عصرون وَغَيره وَأفْتى وَأفَاد وَسكن حلب بآخرة ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الأَسدِية وَتُوفِّي بحلب سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة
3 - (ابْن عسيلة الصنَابحِي)
عبد الرَّحْمَن بن عسيلة الصنَابحِي نزيل الشَّام هَاجر فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
قبل قدومه بِخمْس أَو سِتّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْجَوْزِيّ(18/109)
أَبُو الْفرج الْوَاعِظ قَالَ محب الدّين بن النجار هَكَذَا كَانَ يكْتب نسبه بِخَطِّهِ وَهَكَذَا رَأَيْته بِخَط شَيْخه ابْن نَاصِر وَذكر لي وَلَده أَبُو الْقَاسِم عَليّ أَنه عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عبيد الله بن حمادى بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْجَوْزِيّ بن عبد الله بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق كَانَ وَالِده يعْمل الصفر بنهر العلامين فَتوفي وَهُوَ صَغِير
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الْحَافِظ الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ البغداذي الْحَنْبَلِيّ الْوَاعِظ صَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة فِي أَنْوَاع الْعُلُوم عرف جدهم بالجوزي لجوزة فِي دَاره بواسط وَلم يكن بواسط جوزة غَيرهَا وجعفر فِي أجداده هُوَ الْجَوْزِيّ مَنْسُوب إِلَى فرضة من فرض الْبَصْرَة يُقَال لَهَا جوزة توفّي أَبوهُ وَله ثَلَاث سِنِين وَكَانَت لَهُ عمَّة صَالِحَة وَكَانَ أَهله تجارًا فِي النّحاس وَلِهَذَا كتب اسْمه فِي بعض السماعات عبد الرَّحْمَن الصفار
ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان أَو سنة عشر وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَأول سَمَاعه سنة عشر وَخمْس مائَة وَسمع بعد ذَلِك فِي سنة عشْرين من ابْن الْحصين وَعلي بن عبد الْوَاحِد الدينَوَرِي وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد البارع وَأبي السعادات أَحْمد بن مُحَمَّد المتوكلي وَأبي سعد إِسْمَاعِيل بن أبي صَالح الْمُؤَذّن وَأبي الْحسن عَليّ بن الزَّاغُونِيّ الْفَقِيه وَأبي غَالب ابْن الْبناء وأخيه يحيى وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن المزرفي وَهبة الله بن الطير وقاضي المارستان وَأبي غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الْمَاوَرْدِيّ وخطيب أَصْبَهَان أبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الرَّاوِي عَن ابْن شمة وَأبي السُّعُود أَحْمد بن المجلي وَأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الفزاز وَعلي بن أَحْمد الموحد وَأبي الْقَاسِم السَّمرقَنْدِي والحافظ بن نَاصِر وَأبي الْوَقْت وَخرج لنَفسِهِ مشيخة عَن سَبْعَة وَثَمَانِينَ شَيخا وَوعظ وَهُوَ صَغِير وَقَرَأَ الْوَعْظ على الشريف أبي الْقَاسِم عَليّ بن يعلى بن عوض الْعلوِي الْهَرَوِيّ وَأبي الْحسن ابْن الزَّاغُونِيّ وتفقه على أبي بكرٍ أَحْمد بن مُحَمَّد الدَّينُوري وَتخرج فِي الحَدِيث بِابْن نَاصِر وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مَنْصُور الجواليقي وروى عَنهُ ابْنه محيي الدّين يُوسُف الْوَاعِظ والحافظ عبد الْغَنِيّ)
وَالشَّيْخ الْمُوفق والبهاء عبد الرَّحْمَن والضياء مُحَمَّد وَابْن خَلِيل والدبيثي ومحب الدّين ابْن النجار واليلداني والزين بن عبد الدايم وَأحمد ابْن أبي الْخَيْر والعز عبد الْعَزِيز بن الصَّقِيل والنجيب عبد اللَّطِيف وَخلق سواهُم وَأَجَازَ لجَماعَة كثيرين وَقَالَ يَوْمًا فِي وعظه للخليفة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن تَكَلَّمت خفت مِنْك وَإِن(18/110)
سكت خفت عَلَيْك فَأَنا أقدم خوفي عَلَيْك على خوفي مِنْك إِن الْقَائِل اتَّقِ الله خيرٌ من الْقَائِل أَنْتُم أهل بَيت مغْفُور لكم وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى أَلَيْسَ لي ملك مصر يفتخر فِرْعَوْن بنهر مَاء أجراه مَا أجراه وَقَالَ وَقد طرب الْجمع فهمتم فهمتم
صنف ابْن الْجَوْزِيّ وَله ثَلَاث عشرَة سنة وصنف فِي عُلُوم الْقُرْآن الْمُغنِي وَهُوَ أحد وَثَمَانُونَ جُزْءا زَاد الْمسير أَربع مجلدات تيسير الْبَيَان مجلدة تذكرة الأريب فِي تَفْسِير الْغَرِيب مُجَلد وَالْوُجُوه والنظائر مُجَلد عُيُون المشتبه جُزْء وعيون عُلُوم الْقُرْآن مُجَلد وفنون الأفنان مُجَلد النَّاسِخ والمنسوخ خَمْسَة أَجزَاء
فِي الْأُصُول منهاج الْوُصُول إِلَى علم الْأُصُول خَمْسَة أَجزَاء نفي التَّشْبِيه مُجَلد
فِي علم الحَدِيث جَامع المسانيد سبع مجلدات الحدائق أَربع وَثَلَاثُونَ جُزْءا نقي النَّقْل خَمْسَة أَجزَاء المجتنى مُجَلد النزه جزءان وغرر الْأَثر ثَلَاثُونَ جُزْءا التَّحْقِيق فِي أَحَادِيث التَّعْلِيق مجلدان المديح سَبْعَة أَجزَاء الموضوعات مجلدان الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة مجلدان الْكَشْف لمشكل الصَّحِيحَيْنِ أَربع مجلدات الضُّعَفَاء والمتروكون مُجَلد النَّاسِخ والمنسوخ فِي الحَدِيث مُجَلد الْأَحَادِيث الرائقة
فِي التَّارِيخ التلقيح مُجَلد المنتظم فِي تَارِيخ الْمُلُوك والأمم عشر مجلدات شذور الْعُقُود مُجَلد مَنَاقِب بغداذ مُجَلد درة الإكليل أَربع مجلدات الْمِصْبَاح المضيء فِي سيرة المستضيء مُجَلد الْفجْر النوري الْمجد الصلاحي مُجَلد
فِي الْفِقْه الْمَذْهَب فِي الْمَذْهَب الْإِنْصَاف فِي مسَائِل الْخلاف جنَّة النّظر وحبة النّظر مُخْتَصر الْمُخْتَصر فِي مسَائِل النّظر الدَّلَائِل فِي مشتهر الْمسَائِل الْمَنْفَعَة فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة
وَفِي الْوَعْظ اليواقيت فِي الْخطب مُجَلد الْمُنْتَخب فِي الغرب مُجَلد نسيم الرياض مُجَلد اللُّؤْلُؤ مُجَلد كتاب الذَّخَائِر مُجَلد كنز الْمُذكر مُجَلد الأرج مُجَلد اللطف مُجَلد اللطائف مُجَلد كنوز الرموز مُجَلد النفيس مُجَلد زين الْقَصَص مُجَلد مغاني الْمعَانِي مُجَلد منهاج القاصدين أَربع)
مجلدات المدهش مجلدان النُّور فِي فَضَائِل الْأَيَّام والشهور مُجَلد أَخْبَار النِّسَاء مُجَلد الْمُخْتَار من أَخْبَار(18/111)
الأخيار مُجَلد ملتقط الحكايات ثَلَاثَة عشر جُزْءا عُيُون الحكايات مُجَلد إرشاد المريدين مُجَلد صفوة الصفوة خمس مجلدات مثير الْعَزْم السَّاكِن مُجَلد كَانَ وَكَانَ فِي الْوَعْظ مُجَلد المعقد الْمُقِيم مُجَلد تبصرة الْمُبْتَدِي عشرُون جُزْءا تحفة الْوَعْظ مُجَلد المرتجل مُجَلد التَّبْصِرَة ثَلَاث مجلدات ياقوتة المواعظ
فِي فنون شَتَّى ذمّ الْهوى مجلدان صدي الخاطر خَمْسَة وَسِتُّونَ جُزْءا أَحْكَام الْأَشْعَار عشرُون جُزْءا الأذكياء مُجَلد الحمقى مُجَلد تلبيس إِبْلِيس مجلدان لقط الْمَنَافِع فِي الطِّبّ مُجَلد الشيب والخضاب مُجَلد الْمُخْتَار من الْأَشْعَار عشر مجلدات ملح الْأَحَادِيث لُغَة الْفِقْه تَقْوِيم اللِّسَان منهاج الْإِصَابَة فِي محبَّة الصَّحَابَة الملهب المطرب صبا نجد مُنْتَهى المشتهى فنون الْأَلْبَاب الظرفاء والمتحابين تقريب الطَّرِيق الْأَبْعَد فِي فضل مَقْبرَة أَحْمد أَسبَاب الْهِدَايَة لأرباب الْبِدَايَة واسطات الْعُقُود الوفا بفضائل الْمُصْطَفى مَنَاقِب عَليّ مَنَاقِب أبي بكر مَنَاقِب عمر مَنَاقِب عمر بن عبد الْعَزِيز مَنَاقِب سعيد بن الْمسيب مَنَاقِب الْحسن الْبَصْرِيّ مَنَاقِب إِبْرَاهِيم بن أدهم مَنَاقِب الفضيل مَنَاقِب الشَّافِعِي مَنَاقِب أَحْمد مَنَاقِب مَعْرُوف مَنَاقِب الثَّوْريّ مَنَاقِب بشر مَنَاقِب رَابِعَة كتاب الْمعَاد إيقاظ الْوَسْنَان الثَّبَات عِنْد الْمَمَات النَّصْر على مصر خطب اللآلي على الْحُرُوف مواسم الْعُمر مرافق الْمُوَافق
الْخَوَاتِم الْمجَالِس اليوسفية كتاب تنوير الْغِشّ فِي فَضَائِل الْحَبَش كتاب الْمُحْتَسب فِي النّسَب كتاب عجائب الْبَدَائِع الدَّالَّة على الصَّنَائِع كتاب مُنْقد المعتقد كتاب السهْم الْمُصِيب فِي الرَّد على الْخَطِيب عدد الْآخِرَة لنيل الْمَرَاتِب الفاخرة وَأكْثر هَذِه التصانيف متداخل بعضه فِي بعض فَإِنَّهُ كَانَ إِذا جمع كتابا كَبِيرا اختصر مِنْهُ كتابا أَوسط ثمَّ اختصر من الْأَوْسَط كتابا أَصْغَر وَلم يزل يصنف وَيكْتب إِلَى أَن مَاتَ قَالَ سبطه شمس الدّين أَبُو المظفر سمعته يَقُول على الْمِنْبَر فِي آخر عمره كتبت بإصبعي هَاتين ألفي مُجَلد وَتَابَ على يَدي مائَة ألف وَأسلم على يَدي عشرُون ألف يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي وَسُئِلَ عَن عدد تصانيفه فَقَالَ تزيد على ثَلَاث مائَة وَأَرْبَعين مصنفاً مِنْهَا مَا هُوَ عشرُون مجلداً وَمِنْهَا مَا هُوَ كراس وَاحِد
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَمَعَ تبحر ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعُلُوم وَكَثْرَة اطِّلَاعه وسعة دائرته لم يكن مبرزاً فِي علم من الْعُلُوم وَذَلِكَ شَأْن كل من فرق نَفسه فِي بحور الْعُلُوم مَعَ أَنه كَانَ(18/112)
مبرزاً فِي)
الْوَعْظ وَالتَّفْسِير والتاريخ متوسطاً فِي الْمَذْهَب والْحَدِيث لَهُ اطلَاع على متون الحَدِيث وَأما الْكَلَام على صَحِيحه وسقيمه فَمَا لَهُ فِيهِ ذوق الْمُحدثين وَلَا نقد الْحفاظ المبرزين فَإِنَّهُ كثير الِاحْتِجَاج بالأحاديث الضعيفة مَعَ كَونه كثير السِّيَاق لتِلْك الْأَحَادِيث فِي الموضوعات وَالتَّحْقِيق أَنه لَا يَنْبَغِي الِاحْتِجَاج بهَا وَلَا ذكرهَا فِي الموضوعات وَرُبمَا ذكر فِي الموضوعات أَحَادِيث حسانا قَوِيَّة وَكَلَامه فِي السّنة مُضْطَرب ترَاهُ فِي وَقت سنياً وَفِي وَقت متجهماً محرفاً للنصوص وَالله يرحمه وَيغْفر لَهُ مرض خَمْسَة أَيَّام وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة بني العشاءين الثَّالِث عشر من شهر رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة كَمَا تقدم فِي أول تَرْجَمته فِي دَاره وَدفن بمقبرة أَحْمد بن حَنْبَل وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما وَختم النَّاس الختمات على قَبره طول رَمَضَان على الشمع والقناديل وغالي بعض النَّاس فَقَالَ جمعت كراريسه الَّتِي كتبهَا وحسبت مُدَّة عمره وَقسمت الكراريس على الْمدَّة فَكَانَ مَا خص كل يَوْم تِسْعَة كراريس وَهَذَا مِمَّا لَا يكَاد الْعقل يعيه وَيُقَال إِنَّه جمعت براية أقلامه فَكَانَ شَيْئا كثيرا وَأوصى أَن يسخن بِهِ المَاء الَّذِي يغسل بِهِ فَفعل ذَلِك وَفضل مِنْهَا وَمن شعره المتقارب
(عذيري من فتية بالعراق ... قُلُوبهم بالجفا قلب)
(يرَوْنَ العجيب كَلَام الْغَرِيب ... وَقَول الْقَرِيب فَلَا يعجب)
(ميازيبهم إِن تندت بِخَير ... إِلَى غير جيرانهم تقلب)
(وَعذرهمْ عِنْد توبيخهم ... مغنية الْحَيّ مَا تطرب)
وَمِنْه المتقارب
(وَلما رَأَيْت ديار الصَّفَا ... ء أقوت من اخوان أهل الصفاء)
(سعيت إِلَى سد بَاب الوداد ... وأحزن قلبِي وَفَاة الْوَفَاء)
(فَلَمَّا اصطحبنا وعاشرتكم ... علمت بكم أَن رَأْي وَرَاء)
وَمِنْه السَّرِيع
(يَا صَاحِبي إِن كنت لي أَو معي ... فعج إِلَى وَادي الْحمى نرتعي)
(وسل عَن الْوَادي وسكانه ... وَأنْشد فُؤَادِي فِي رَبِّي الْمجمع)
(حَيّ كتب الرمل رمل الْحمى ... وقف وَسلم لي على لعلع)
(واسمع حَدِيثا قد روته الصِّبَا ... تسنده عَن بانة الأجرع)
)
(وابك فَمَا فِي الْعين من فضلَة ... ونب فدتك النَّفس عَن مدمعي)
(وَانْزِلْ على الشَّيْخ بواديهم ... واشمم عشيب الْبَلَد البلقع)
(رفقا بنضو قد براه الأسى ... يَا عاذلي لَو كَانَ قلبِي معي)(18/113)
(لهفي على طيب لَيَال خلت ... عودي تعودي دنفاً قد نعي)
(إِذا تذكرت زَمَانا مضى ... فريح أجفاني من أدمعي)
(يَا نفس كم أتلو حَدِيث المنى ... ضَاعَ زماني بالمنى فاقطعي)
(يَا قلب لَا تسكن على بعدهمْ ... وَأَنت يَا عين فَلَا تهجعي)
وَمِنْه المتدارك
(أَتَرَى سَأَلُوا لما رحلوا ... مَاذَا فعلوا فِي من قتلوا)
(خدعوا بالبين قبيل الْبَين ... فسحب الْعين لَهُم ذلل)
(وغدوا فطمعت غَدَاة سَمِعت ... مني وقنعت بِمَا بذلوا)
(أحليف النّوم أقل اللوم ... فعندي الْيَوْم بهم شغل)
(أدنى جزعي لم يبْق معي ... قلباً فيعي مُنْذُ احتملوا)
(لما ذرفت عَيْني وقفت ... أَتَرَى عرفت مَا بِي الْإِبِل)
(ولحا اللاحي وَهُوَ الصاحي ... وَلَهُم زاجي وَأَنا الثمل)
وَأمر أَن يكْتب على قَبره مجزوء الرمل
(يَا كثير الْعَفو عَمَّن ... كثر الذَّنب لَدَيْهِ)
جَاءَك المذنب يرجوالصفح عَن جرم يَدَيْهِ
(أَنا ضيف وَجَزَاء الض ... يَفِ إِحْسَان إِلَيْهِ)
وَلما دفن قَامَ الفاخر الْعلوِي من أهل مشْهد مُوسَى بن جَعْفَر فَأَنْشد الْكَامِل
(الدَّهْر عَن طمع يعز ويخدع ... وزخارف الدُّنْيَا الدنية تطمع)
(وأعنة الآمال يطلقهَا الرجا ... طَمَعا وأسياف الْمنية تقطع)
(والمرء مَعَ علم بهَا متشوف ... أبدا إِلَى نيل المنى متطلع)
(يَا لاهياً أَمن الْحَوَادِث غرَّة ... يَغْدُو ويصفو زَمَانه يتمتع)
(الشيب يَا مغرور يأنفه الردى ... أأمنت من حدثانه مَا يفزع)
)
(وَالْمَوْت آتٍ والحية مريرة ... وَالنَّاس بَعضهم لبَعض يتبع)
(وأخو البصيرة من لخير زارع ... والمرء يحصد فِي غَد مَا يزرع)
(وَاعْلَم بأنك عَن قَلِيل صائر ... خَبرا فَكُن خَبرا لخير يسمع)(18/114)
(لعلا أبي الْفرج الَّذِي بعد التقى ... وَالْعلم يَوْم حواه هَذَا المضجع)
(مَا زَالَ منتصراً لمَذْهَب أَحْمد ... بِالْحَقِّ والحجج الَّتِي لَا تدفع)
(خبر عَلَيْهِ الشَّرْع أصبح والهاً ... ذَا مقلة حرى عَلَيْهِ تَدْمَع)
(من للفتاوى المشكلات وحلها ... من ذَا لخرق الشَّرْع يَوْمًا يرقع)
(من للمنابر إِن تفاقم خطبهَا ... ولرد مَسْأَلَة يَقُول فَيسمع)
(من للجدال إِذا الشفاه تقلصت ... وَتَأَخر القرم الهزبر المصقع)
(من للدياجي قَائِما ديجورها ... يَتْلُو الْكتاب بمقلة لَا تهجع)
(أجمال دين مُحَمَّد مَاتَ التقى ... وَالْعلم بعْدك واستجم الْمجمع)
(وتزعزعت لعَظيم يَوْمك حسرةً ... صم الْجبَال وَكَيف لَا تتصدع)
(قد كنت كهفاً للشريعة وَالْهدى ... حبرًا بألوان الْهِدَايَة تلمع)
(يَا قَبره جادتك كل غمامة ... هطالة بركابه لَا تقلع)
(فِيك الصَّلَاة مَعَ الصَّلَاة فته بِهِ ... وَانْظُر بِهِ يَا ويك مَاذَا تصنع)
(يَا أحمدا خُذ أَحْمد الثَّانِي الَّذِي ... مَا زَالَ عَنْك مدافعاً لَا يرجع)
(خُذ يَا ابْن حَنْبَل سَيْفك الْمَاضِي الَّذِي ... مَا زَالَ عَنْك إِذا يذب وَيدْفَع)
(أَقْسَمت لَو كشف الغطا لرأيتمو ... وَفد الملائك حوله تتسرع)
(وَمُحَمّد يبكي عَلَيْهِ وَآله ... خير الْبَريَّة والبطين الأنزع)
(والحور حور الْقُدس حول ضريحه ... والأولياء بقبره تتضرع)
3 - (ابْن مسْعدَة الْكَاتِب)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مسعد العامري الْكَاتِب من أهل غرناطة وَولي الْخطْبَة بِجَامِع قصبتها قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم وَكَانَ من مشاهير الْكتاب وَتُوفِّي عَن سنّ عالية يَوْم الْأَرْبَعَاء الموفي ثَلَاثِينَ لجمادى الأولى وَدفن مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ مائَة
كتب إِلَيْهِ أَبُو الْحُسَيْن بن جُبَير أَيَّام الشبيبة الوافر)
(أَبَا يحيى أما فِي الدن فضل ... تجود بِهِ فقد طَال الظماء)
(فأطلعها لنا حَمْرَاء نبصر ... بهَا شفقاً تضمنها الْإِنَاء)
(وَلَيْسَ بلونها لَكِن أغبت ... زيارتها فخامرها الْحيَاء)(18/115)
فَبعث إِلَيْهِ بمطلوبه وَكتب إِلَيْهِ مراجعاً الوافر
(نعم نعمت بك العلياء خُذْهَا ... مُعتقة كَمَا طلعت ذكاء)
(فَأَما طعمها فألذ شَيْء ... كَانَ مزاجها عسل وَمَاء)
(بعثت بهَا على الْغَرَض الموفي ... وحسبي مَا تتضمنه الْإِنَاء)
أدام الله رفعتكم فهمت إشارتك فِي معنى الْبَيْت الْمشَار إِلَيْهِ وَعرضت مِنْهُ بِمثلِهِ الْبَسِيط
(فسقياني شرابًا نَام طابخه ... نصف النَّهَار وَنصفا لم يجد حطبا)
وَكتب ابْن مسْعدَة إِلَى أبي بكر يزِيد بن مُحَمَّد بن صقْلَابٍ الوافر
(أَبَا بكر ودادك من ضميري ... كرقم يحابر أعي الصناعا)
(وأنسى أَن الرّقاع وَأم سلمى ... فَمَا لي لَا أضمنه الرقاعا)
(وأكتم لوعتي حفظا لشيبٍ ... لحى فِي الْحبّ من كشف القناعا)
(وخلة وَاصل بِالذَّاتِ تبقى ... بِالْإِعْرَاضِ لَا تألو انْقِطَاعًا)
(وَإِن يَك طيفك الساري سهيلا ... قنعت بِهِ على الْبعد اطلاعا)
(وحسبي نفثة فِي عقد سحر ... لخمسك تلأم النَّفس الشعاعا)
فَكتب ابْن صقْلَابٍ الوافر
(خلفت وَإِنَّهَا ليمين صدق ... كشفت بهَا إِلَى الْخصم القناعا)
(لقدك فِي لطيف الْوَهم مثوى ... أمنت بِهِ من الحدق اطلاعا)
(وَكنت أَقُول فِي قلبِي وَلَكِن ... خشيت عَلَيْهِ من كَبِدِي انصداعا)
(مَتى مَا شِئْت لقيا أمسكتني ... وَلم أثقل لَهَا فِي الْحِين باعا)
(إِذا تَدْعُو فَأول من يُلَبِّي ... وَإِن تَأمر فَأول من أطاعا)
(فزد بضمائري شرب التصافي ... ورد حَوْض الْهوى فِي انتجاعا)
(أأسترها علاقَة مستهام ... فَشَا وَلها بكم ونمى وشاعا)
(وَيَا لله لَا أنسى رياضاً ... سلبت بهَا مسالمة الشجاعا)
)
(جرى الْأَدَب الْمعِين بحافتيها ... وأخدمها الخواطر واليراعا)
(غلبت بهَا النُّجُوم على سراها ... وضمنت الرّبيع بهَا الرقاعا)
(وخذها من يَدي زمن ظلوم ... تقسم صرفه النَّفس الشعاعا)(18/116)
قلت قَوْله مسالمة الشجاعا لحن فَمَا أَدْرِي علام نصب الشجاع وَهُوَ مُضَاف وَكَأن يُشِير فِي هَذَا إِلَى الْبَيْت الَّذِي يمثل بِهِ النُّحَاة وَهُوَ الرجز
(قد سَالم الْحَيَّات مِنْهُ القدما ... الأفعوان والشجاع الشجعما)
مستشهدين على نصب الأفعوان والشجاع بِأَنَّهُ مفعول سَالم والقدما تَثْنِيَة قدم وَإِنَّمَا سَقَطت النُّون وَتَقْدِيره قد سَالم القدمان مِنْهُ الْحَيَّات والأفعوان وَمَا بعده بدل
3 - (ابْن شقف الأتون البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن حَمْزَة بن أَحْمد بن حَمْزَة أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن شقف الأتون البغداذي قَرَأَ بالروايات على وَالِده وعَلى أبي بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن المرزفي وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري والشريف أبي الْفضل مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُهْتَدي وَعبد الله سبط ابْن الْخياط وَغَيرهم وَسمع من ابْن الْحصين وَابْن الْبناء وَأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الفزاز وَغَيرهم توفّي سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن التانرايا البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بِابْن التانرايا الأولى تَاء مثناة من فَوق وَالثَّانيَِة نون البغداذي قَرَأَ الْفِقْه على أبي الْفَتْح بن الْمَنِيّ وناظر الْفُقَهَاء وَصَحب ابْن الْجَوْزِيّ أَبَا الْفرج وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَتكلم على المنابر فِي الْوَعْظ مُدَّة وَتَوَلَّى مشيخة رِبَاط الزوزني واستنابه القَاضِي أَبُو صَالح الجيلي وَأذن لَهُ فِي سَماع الْبَيِّنَة والإسجال عَنهُ وعزل بعزل أبي صَالح وأدركه أَجله فَجْأَة بعد يَوْمَيْنِ من عَزله سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة
3 - (صدر الدّين القرميسني)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مهْرَان الْفَقِيه صدر الدّين ابْن الْعَلامَة أبي الْحسن القرميسيني الشَّافِعِي الإسكندري الْحَاكِم ولي الحكم بالغربية مُدَّة وخدم فِي الدِّيوَان مُدَّة ودرس بِمصْر بزاوية الْمَسْجِد البهنسي مُدَّة وَله شعر وأدب وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ)
وست مائَة وَمن شعره الْخَفِيف
(قد لعمري أَخْطَأت يَا ابْن عبَادَة ... فِي ترقيك جَاهِلا للشهاده)
(لَو تصديت للقيادة قُلْنَا ... أَنْت علق وَمَا بلغت القيادة)
3 - (أَبُو الْقَاسِم سعد الله البيساني)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد(18/117)
الرَّحِيم بن عَليّ الْأَجَل سعد الدّين أَبُو الْقَاسِم بن زين الدّين أَبُو الْحسن ابْن القَاضِي الْأَشْرَف بهاء الدّين ابْن القَاضِي الْفَاضِل البيساني الأَصْل الْمصْرِيّ روى عَن جَعْفَر الْهَمدَانِي وَعبد الصَّمد الغضاري ويوسف ابْن المخيلي ويوسف بن جِبْرِيل بن مَحْبُوب وَجَمَاعَة وَحضر عَليّ ابْن باقا وَتفرد أَجزَاء وَكَانَ من المكثرين وَكَانَ خَازِن الْكتب الَّتِي بمدرسة جده سمع مِنْهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي يَوْم الْأَحَد مستهل شهر رَجَب سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَنه فِي هَذَا الْوَقْت توفّي رجل بِدِمَشْق باسمه وَاسم أَبِيه وجده وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْفَقِيه الْعدْل جمال الدّين الشهرزوري الشَّاهِد
3 - (ابْن أبي صَادِق النَّيْسَابُورِي)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي صَادِق النَّيْسَابُورِي طَبِيب فَاضل بارع فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة كثير الدِّرَايَة فِي الصِّنَاعَة الطبية لَهُ حرص بَالغ فِي الِاطِّلَاع على كتب جالينوس وَمَا أودعهُ فِيهَا من غامض الصِّنَاعَة وَكَانَ فصيحاً بليغ الْكَلَام فِيمَا فسره من كتب جالينوس وَهُوَ فِي نِهَايَة الْجَوْدَة والإتقان وَقيل إِنَّه اجْتمع بِابْن سينا واشتغل عَلَيْهِ
وَله من الْكتب شرح كتاب الْمسَائِل فِي الطِّبّ لحنين بن إِسْحَاق اخْتِصَار شَرحه الْكَبِير شرح الْفُصُول لأبقراط وَوجد خطه على هَذَا الشَّرْح سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة شرح تقدمه الْمعرفَة شرح كتاب مَنَافِع الْأَعْضَاء لِجَالِينُوسَ وَوجد خطه عَلَيْهِ سنة تسع وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَله حل شكوك الرَّازِيّ على كتب جالينوس
3 - (القَاضِي المرتضى الْعَسْقَلَانِي)
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن قُرَيْش يلقب القَاضِي المرتضى بهاء الدّين من أهل عسقلان انْتقل إِلَى مصر وَكتب فِي الدَّوَاوِين وَكَانَ من أهل البلاغة والكفاية جليل الْقدر وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي)
3 - (رستة الْأَصْبَهَانِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن يزِيد بن كثير الزُّهْرِيّ رستة الْأَصْبَهَانِيّ الْمَدَائِنِي سمع يحيى القطاع وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَغَيره وروى عَنهُ ابْن ماجة وَمُحَمّد بن يحيى بن مَنْدَه وَعبد الله بن أَحْمد بن أسيد وَابْن أَخِيه عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عمر الزُّهْرِيّ وَابْن أَخِيه الآخر مُحَمَّد ابْن عبد الله بن عمر وَخلق وَكَانَ عِنْده عَن ابْن مهْدي ثَلَاثُونَ ألف حَدِيث توفّي فِي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ أَو فِي حُدُودهَا(18/118)
3 - (أَبُو الْفضل المجلد)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن حميلة العجان أَبُو الْفضل المجلد صَاحب أبي بكر بن الزَّاغُونِيّ كَانَ مَوْصُوفا بِحسن الصَّنْعَة فِي تجليد الْكتب سمع أَبَا عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مِلَّة الْأَصْبَهَانِيّ وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْحَرَّانِي)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن بَرَكَات بن شحانة بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة الْمُحدث الْعَالم سراج الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحَرَّانِي توفّي بميافارقين سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة سماعاته كَثِيرَة سنة نَيف عشرَة وست مائَة بِدِمَشْق ومصر وحلب والموصل وَكتب شَيْئا كثيرا وَكَانَ ثِقَة فهما حسن المحاضرة
3 - (الصاحب ابْن أبي جَرَادَة)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن أَحْمد بن هبة الله بن أبي جَرَادَة الصاحب قَاضِي الْقُضَاة مجد الدّين أَبُو الْمجد ابْن الصاحب الْعَلامَة كَمَال الدّين أبي الْقَاسِم ابْن العديم الْعقيلِيّ الْحلَبِي الْحَنَفِيّ
ولد سنة ثَلَاث عشرَة أَو قَرِيبا مِنْهَا وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وست مائَة سمع من ثَابت بن مشرف حضوراً وَعَن عمر بن أَبِيه القَاضِي أبي غَانِم هبة الله وَأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن علوان وَأبي حَفْص الشهروزدي وَعبد الرَّحْمَن بن بصلا وَابْن شَدَّاد وَالْحَاكِم وَعبد اللَّطِيف بن يُوسُف وَابْن زوزيه وَابْن اللتي وَأبي الْحسن ابْن الْأَثِير وَجَمَاعَة بحلب وَجَمَاعَة بِمَكَّة وَجَمَاعَة بِدِمَشْق وَجَمَاعَة بِبَغْدَاد وَجَمَاعَة بِمصْر وَجَمَاعَة بالإسكندرية وَقَرَأَ بالسبع على الفاسي وَخرج لَهُ ابْن الظَّاهِرِيّ معجماً فِي مجلدة وَأَجَازَ لَهُ الْمُؤَيد الطوسي
وَكَانَ صَدرا مُعظما محتشماً ذَا دين وَتعبد وأوراد وسيرة حميدة لَوْلَا مَا كَانَ فِيهِ من التيه)
وَكَانَ إِمَامًا مفتياً مدرساً عَالما بِالْمذهبِ عَارِفًا بالأدب وَهُوَ أول حَنَفِيّ ولي خطابة جَامع الْحَاكِم ودرس بظاهرية الْقَاهِرَة وحضره السُّلْطَان وَهُوَ لم يَأْتِ بعد فَطَلَبه السُّلْطَان فَقيل حَتَّى يقْضِي ورد الضُّحَى ثمَّ جَاءَ وَقد تَكَامل النَّاس فَقَامَ كلهم وَلم يقم هُوَ لأحد ثمَّ قدم على قَضَاء الشَّام وَهُوَ بزِي الوزراء والرؤساء لم يعبأ بالمنصب وَلَا غير زيه وَلَا وسع كمه وَمر بوادي الربيعة وَهُوَ مخوف فَنزل وَصلى ورده وَلما فرغ ركب وَسَار وَكَانَ يتواضع للصالحين ويعتقد فيهم ودرس بِدِمَشْق فِي عدَّة مدارس وَسمع مِنْهُ(18/119)
ابْن الظَّاهِرِيّ والدمياطي والحارثي وَشرف الدّين الْحسن بن الصَّيْرَفِي وقطب الدّين بن الْقُسْطَلَانِيّ وبهاء الدّين يُوسُف بن العجمي وَابْن الْعَطَّار وَابْن جعوان وَجَمَاعَة وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَتُوفِّي فِي سادس عشر شهر ربيع الآخر من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن بتربته قبالة جوسق ابْن العديم عِنْد زَاوِيَة الحريري وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً ورثاه الشُّعَرَاء مِنْهُم الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدتين إِحْدَاهمَا أَولهَا الوافر
(أقِم يَا ساري الْخطب الذميم ... فقد أدْركْت مجد بني العديم)
(هدمت وَكنت تقصر عَنهُ بَيْتا ... لَهُ شرف يطول على النُّجُوم)
(قصدت ذَوي الْجمال فعاجلتهم ... يداك بِحل عقدهم النظيم)
(أَتَدْرِي من أصبت وَكَيف أمست ... بك العلياء دامية الكلوم)
(وَكَيف رفعت قدر الْجَهْل لما ... خفضت مَنَارَة أَعْلَام الْعُلُوم)
(ومكنت الصغار من الْأَيَامَى ... وسلطت الشظاء على الْيَتِيم)
(وَلم تتْرك لوفد الرفد أَيدي ... شطاك سوى الْبكاء على الرسوم)
(عثرت وَقد ضللت بطود علم ... أما تمشي على السّنَن القويم)
(بِمن أودى بِصَرْف الدَّهْر قدماً ... فثار عَلَيْهِ للثأر الْقَدِيم)
(بِمن بسط الندى فَأَفَاضَ عدلا ... يكف اللَّيْث عَن ظلم الظلوم)
(صَحِيح الزّهْد غَادَرَهُ تقاه ... وَخَوف الله كالنضو السقيم)
(فكم قد بَات وَهُوَ من الْخَطَايَا ... سليم النَّفس فِي ليل السَّلِيم)
(وَكم أورى هداه المستضيء ... وَكم أروى نداه غليل هيم)
(مضى وسراح منزله الثريا ... ومورد بَيته قلب الغيوم)
)
(وودع وَالثنَاء على علاهُ ... يفوق مضاعف النبت العميم)
(وساد وَكَانَ للفضلاء مِنْهُ ... حنو المرضعات على الْيَتِيم)
(وَغَابَ فأعدم الأسماع لفظا ... أرق من المدامة للنديم)
(أمجد الدّين دَعْوَة مستنيم ... لأنواع الكآبة مستديم)
(حللت من الْجنان أجل دَار ... وقلبي حل بعْدك فِي الْجَحِيم)
(فَمَا لي غير حزني من صديق ... وَلَا غير المدامع من حميم)
(إِذا مَا شام نوء الْأنس طرفِي ... ليمطرني اهتمامي بالهموم)
(سقاك من الْجنان رحيق لطف ... يدار عَلَيْك مفضوض الختوم)(18/120)
(وَلَا بَرحت ركاب المزن تسري ... إِلَى مثواك مُطلقَة الرسيم)
ورثاه بقصيدة أُخْرَى جَيِّدَة جَاءَ مِنْهَا أخيراً الطَّوِيل
(أَمر على مغناه كي يذهب الأسى ... كعادته الأولى فيغري وَلَا يُغني)
(وتنثر عَيْني لؤلؤاً كَانَ كلما ... يساقطه من فِيهِ تلقطه أُذُنِي)
(وأحسد عجم الطير فِيهِ لِأَنَّهَا ... تزيد على إِعْرَاب لَفْظِي باللحن)
(وَأقسم أَن الْفضل مَاتَ لمَوْته ... ويخطر فِي ذهني أَخُوهُ فأستثني)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن عذرة أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ القَاضِي من أهل الجزيرة الخضراء كَانَ خَطِيبًا مفوهاً وَاسْتعْمل فِي قَضَاء الجزيرة توفّي بهَا سنة سِتّ وست مائَة أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من أَبْيَات رَاجع بهَا أَبَا عَمْرو بن عتاب الشريشي الطَّوِيل
(ترفق على النَّفس النفيسة إِنَّهَا ... أجل نهى من أَن تحملهَا هما)
(كَبِير عَلَيْهَا أَن تهيم بخطة ... وَقد عظمت قدرا وَقد رسخت حلما)
(وَقد طلعت شمساً إِلَى كل نَاظر ... وَمَا خفيت إِلَّا على نَاظر أعمى)
(رويدك يَا إِنْسَان عين زَمَاننَا ... فقد لاحظ الإقبال والسعد أوهما)
ووقف هُوَ وأخواه أَبُو بكر مُحَمَّد وَأَبُو الحكم عبد الرَّحِيم على قبر أَبِيهِم أبي حَفْص فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَسِيط
(يَا أَيهَا الْوَاقِف اسْتغْفر لمودعه ... رب الْعباد وَرب الْمجد وَالْكَرم)
)
فَقَالَ أَبُو بكر
(وَاحْذَرْ هجوم المنايا واستعد لَهَا ... وعد نَفسك إِحْدَى هَذِه الرمم)
فَقَالَ أَبُو الحكم
(وَلَا تغرنك الدُّنْيَا وَزينتهَا ... فكم أبادت وَكم أفنت من الْأُمَم)
وَهِي طَوِيلَة أَكثر من هَذَا ونقشوها على قبر أَبِيهِم فِي مرمرة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب هم ثَلَاثَة الْأَكْبَر مِنْهُم هُوَ أَبُو بيهس وبيهس لقب اسْمه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن الْأَكْبَر هَذَا أدْرك(18/121)
بسنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يحفظ عَنهُ
وَعبد الرَّحْمَن بن عمر الْأَوْسَط هُوَ أَبُو شحمة وَهُوَ الَّذِي ضربه عَمْرو بن الْعَاصِ بِمصْر فِي الْخمر ثمَّ حمله إِلَى الْمَدِينَة فَضَربهُ أَبوهُ أدب الْوَالِد ثمَّ مرض وَمَات بعد شهر قَالَ ابْن عبد الْبر هَكَذَا يروي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه وَأما أهل الْعرَاق فَيَقُولُونَ إِنَّه مَاتَ تَحت سياط عمر وَذَلِكَ غلط
وَعبد الرَّحْمَن بن عمر الْأَصْغَر هُوَ أَبُو الْمُجبر وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ وَقع وَهُوَ صَغِير فتكسر فَأتي بِهِ إِلَى حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ فَقيل لَهَا انظري إِلَى ابْن أَخِيك المكسر فَقَالَ لَيْسَ وَالله بالمكسر وَلكنه الْمُجبر
3 - (النّحاس مُسْند مصر)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن مُحَمَّد بن سعيد أَبُو مُحَمَّد التجِيبِي الْمَعْرُوف بِالنُّحَاسِ مُسْند ديار مصر فِي وقته كَانَ الْخَطِيب قد هم بالرحلة إِلَيْهِ لعلو سَنَده وَحَدِيثه أَعلَى مَا فِي الخلعيات
توفّي سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (الشنشتري الطَّبِيب)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن عَليّ الْهَاشِمِي الْجَعْفَرِي الشنشتري الطَّبِيب قدم بغداذ وَنزل بالنظامية وتفقه وَمهر فِي الطِّبّ وَتخرج بِابْن الصّباغ وبابن القسيس ثمَّ برع فِي الْإِنْشَاء وَالْأَدب وَكِتَابَة الْمَنْسُوب وَأَيَّام النَّاس فَنَوَّهَ عز الدّين الْجَعْفَرِي مُتَوَلِّي الْبَصْرَة بِذكرِهِ وأجزل عطاءه واتصل بِصَاحِب الدِّيوَان عَلَاء الدّين وَحصل الْأَمْوَال بالطب ثمَّ إِنَّه أقبل على التصوف وَدخل فِي تِلْكَ المضائق وَعمر خانقاه صير نَفسه شيخها وَعظم شَأْنه عِنْد خربندا وَبَقِي دخله فِي الْعَام)
سبعين ألفا إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة وَقد شاخ وَهُوَ وَالِد نظام الدّين شيخ الربوة بِدِمَشْق
3 - (المشارف كَمَال الدّين الأرمنتي)
عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْحسن بن عَليّ كَمَال الدّين الشيمي الأرمنتي يعرف بالمشارف وَكَانَ كَرِيمًا جواداً كثير الْمُرُوءَة والفتوة شَاعِرًا أديباً تقلب فِي الخدم الديوانية وَكَانَ فَقِيها حسن السِّيرَة توفّي فِي سنة تسع وَسبع مائَة وَمن شعره المديد
(حبست جفني على الأرق ... نغمات الْوَرق فِي الْوَرق)(18/122)
(وانعطاف الْغُصْن صيرني ... وَاخْتِلَاف النُّور فِي نسق)
(هائماً لم أدر مَا فعلت ... يَد هَذَا الْبَين بالأفق)
وَمِنْه الوافر
(ألحظك فِيهِ سحر أم حسامٌ ... وخدك فِيهِ ورد أم ضرام)
(وثغرك فِيهِ در أم أقاح ... وَمَا فِي فِيك شهد أم مدام)
(خطرت فَكَانَ من فرط التثني ... يغرد فَوق عطفيك الْحمام)
(أيا من خص بالتعذيب قلبِي ... أما فِي الْوَصْل بعْدك لي مرام)
3 - (أَبُو عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن يحمد أَبُو عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ إِمَام أهل الشَّام وفقيههم وعالمهم سكن بِظَاهِر الفراديس بمحلة الأوزاع ثمَّ تحول إِلَى بيروت فرابط بهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع وَخمسين وَمِائَة والأوزاع بطن من هَمدَان وَولد سنة ثَمَانِينَ
وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا فَاضلا خيرا كثير الْعلم والْحَدِيث وَالْفِقْه حجَّة روى عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَالقَاسِم ابْن مخيمرة وَمُحَمّد بن سِيرِين حِكَايَة وَالزهْرِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ الباقر وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله بن أبي المُهَاجر وَقَتَادَة وَعَمْرو بن شُعَيْب وَرَبِيعَة بن يزِيد وَشَدَّاد وَأبي عمار وَعَبدَة ابْن أبي لبَابَة وبلال بن سعد وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَيحيى بن أبي كثير وَعبد الله بن عَامر الْيحصبِي وَمَكْحُول وَأبي كثير السحيمي وَخلق
وَكَانَت صناعته الْكِتَابَة والترسل ورسائله تُؤثر قَالَ ابْن الْمُنْذر بشر كَانَ الْأَوْزَاعِيّ كَأَنَّهُ أعمى من الْخُشُوع وَقَالَ ابْن مسْهر كَانَ يحيي اللَّيْل صَلَاة وقرآناً وَكَانَ يَقُول لَا بَأْس)
بإصلاح اللّحن
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ رَأَيْت كَأَن ملكَيْنِ نزلا فأخذا بضبعي فعرجا بِي إِلَى الله وأوقفاني بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أَنْت عَبدِي عبد الرَّحْمَن الَّذِي يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر قَالَ قلت بعزتك يَا رب فرداني إِلَى الأَرْض(18/123)
قَالَ الحكم بن مُوسَى بن الْوَلِيد قَالَ مَا كنت أحرص على السماع من الْأَوْزَاعِيّ حَتَّى رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي النّوم وَالْأَوْزَاعِيّ إِلَى جنبه فَقلت يَا رَسُول الله عَمَّن أحمل الْعلم قَالَ عَن هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الْأَوْزَاعِيّ وَكَانَت أمه تدخل منزله فتفقد مُصَلَّاهُ فتجده رطبا من دُمُوعه وَقَالَ لَا يجْتَمع حب عَليّ وَعُثْمَان إِلَّا فِي قلب مُؤمن وَقَالَ إِنَّا لَا ننقم على أبي حنيفَة أَنه رأى كلنا يرى ولكننا ننقم عَلَيْهِ أَنه رأى الشَّيْء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخالفه
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الطنافسي كنت جَالِسا عِنْد الثَّوْريّ فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت كَأَن رَيْحَانَة قلعت من الْمغرب فَقَالَ إِن صدقت رُؤْيَاك مَاتَ الْأَوْزَاعِيّ فَكَتَبُوا ذَلِك فوجدوه قد مَاتَ فِي ذَلِك الْوَقْت
قيل إِنَّه دخل الْحمام وَكَانَ لصَاحب الْحمام حَاجَة فأغلق الْبَاب عَلَيْهِ وَذهب ثمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُ مَيتا مُسْتَقْبلا الْقبْلَة وَلم يخلف إِلَّا سِتَّة دَنَانِير من عطائه وَخرج فِي جنَازَته الْيَهُود نَاحيَة وَالنَّصَارَى نَاحيَة وَكَانَت وَفَاته فِي صفر وَلَقَد كَانَ مذْهبه ظَاهرا بالأندلس إِلَى حُدُود الْعشْرين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ تناقص واشتهر مَذْهَب مَالك بِيَحْيَى بن يحيى اللَّيْثِيّ وَكَانَ مذْهبه بِدِمَشْق مَشْهُورا إِلَى حُدُود الْأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَولد فِي بعلبك وَكَانَ فَوق الربعة خَفِيف اللِّحْيَة بِهِ سَمُرَة وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ بقرية خنتوس من عمل بيروت ورثاه بَعضهم بقوله الْكَامِل
(جاد الحيا بِالشَّام كل عَشِيَّة ... قبراً تضمن لحده الْأَوْزَاعِيّ)
(قبر تضمن فِيهِ طود شَرِيعَة ... سقيا لَهُ من عَالم نفاع)
(عرضت لَهُ الدُّنْيَا فَأَعْرض مقلعاً ... عَنْهَا بزهد أَيّمَا إقلاع)
3 - (أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي)
عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْحَافِظ أَبُو زرْعَة النصري الدِّمَشْقِي مُحدث الشَّام عَن جمَاعَة وروى)
عَنهُ أَبُو دَاوُد تَفْسِير حَدِيث وَابْن صاعد وَجَمَاعَة
قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق قَالَ جمَاعَة توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمن قَالَ سنة ثَمَانِينَ فقد وهم
3 - (ابْن أبي عمْرَة)
عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الصَّحَابِيّ توفّي سنة سِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لمعاوية اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هادياً مهدياً واهده الْهَدِيَّة قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب(18/124)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة)
عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة الْهَمدَانِي كَانَ على ميمنة ابْن الْأَشْعَث قتل يَوْم الرادية فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى عَن الْبَراء بن عَازِب وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بن عبد عَوْف بن عبد بن الْحَارِث بن زهرَة بن كلاب بن مرَّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي الزُّهْرِيّ أَبُو مُحَمَّد
كَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة عبد عَمْرو وَقيل عبد الْكَعْبَة فَغَيره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أمه الشِّفَاء بنت عَوْف بن عبد الْجَبَّار بن زهرَة بن كلاب ولد بعد الْفِيل بِعشر سِنِين وَأسلم قبل أَن يدْخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ أَو اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْن خمس وَسبعين سنة وَدفن بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان هُوَ أوصى بذلك
وَقَالَ ابْن سعد كَانَ سنه ثمانياً وَسبعين سنة
كَانَ من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين جمع الهجرتين إِلَى الْحَبَشَة وَإِلَى الْمَدِينَة وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين سعد بن الرّبيع وَشهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى دومة الجندل إِلَى كلب وعممه بِيَدِهِ وسدلها بَين كَتفيهِ وَقَالَ لَهُ سر باسم الله وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه ثمَّ قَالَ لَهُ إِن فتح الله عَلَيْك فَتزَوج بنت ملكهم أَو قَالَ بنت شريفهم وَكَانَ الْأَصْبَغ بن ثَعْلَبَة بن ضَمْضَم الْكَلْبِيّ شريفهم فَتزَوج بنته تماضر وَهِي أم ابْنه أبي سَلمَة الْفَقِيه
قَالَ ابْن الزبير وَأم ابْنه مُحَمَّد الَّذِي كَانَ يكنى بِهِ ولد فِي الْإِسْلَام وَابْنَته أم الْقَاسِم ولدت فِي)
الْجَاهِلِيَّة أم هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة أم كُلْثُوم بنت عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس وَأم إِبْرَاهِيم وَحميد وَإِسْمَاعِيل أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وَأم عُرْوَة بحيرة بنت هاني بن قبيصَة من بني شَيبَان قتل عُرْوَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بإفريقية وَأم سَالم الْأَصْغَر سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو العامري أَخُوهُ لأمه مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة وَأم أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أم حَكِيم بنت قارط بن خَالِد بن عبيد من كنَانَة وَأم عبد الله الْأَكْبَر يكنى أَبَا عُثْمَان قتل بإفريقية أَيْضا وَالقَاسِم أمهما بنت أنس ابْن رَافع الْأنْصَارِيّ من بني عبد الْأَشْهَل هِيَ أمهما جَمِيعًا وَعبد الله الْأَصْغَر هُوَ أَبُو سَلمَة الْفَقِيه وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أمه أَسمَاء بنت سَلامَة بن مخرمَة وَمصْعَب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أمه سبية من بهران وَسُهيْل بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أمه مجد بنت يزِيد بن سَلامَة الْحِمْيَرِي وَعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف أمه غزال بنت كسْرَى من سبي سعد بن أبي وَقاص يَوْم الْمَدَائِن وَجُوَيْرِية بنت(18/125)
عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف زوج الْمسور بن مخرمَة أمهَا بادية بنت غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ وَمُحَمّد بن معن وَزيد بَنو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أمّهم سهلة الصُّغْرَى بنت عَاصِم بن عدي الْعجْلَاني هَذَا كُله قَول الزبير بن بكار
كَانَ عبد الرَّحْمَن أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ وَأحد السِّتَّة الَّذين جعل عمر الشورى فيهم وَأخْبر أَن رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَهُوَ رَاض عَنْهُم وَصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه فِي سَفَره وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف سيد من سَادَات الْمُسلمين وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَمِين فِي السَّمَاء وَأمين فِي الأَرْض
وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لأَصْحَاب الشوري هَل لكم أَن أخْتَار لكم وأشفى مِنْهَا فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنا أول من رَضِي فإنِّي سمعتُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَنْت أَمِين فِي أهل السَّمَاء أَمِين فِي أهل الأَرْض
وَقَالَ الزبير بن بكار كَانَ عبد الرَّحْمَن أَمِين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ وَكَانَ رجلا طَويلا أجنا ابيض مشرباً حمرَة حسن الْوَجْه رَقِيق الْبشرَة لَا يُغير لحيته وَلَا رَأسه وَكَانَ أعين أهدب الأشفار أقنى طَوِيل النابين الأعليين رُبمَا أدمي شفته لَهُ جمة ضخم الْكَفَّيْنِ غليظ الْأَصَابِع جرح يَوْم أحد إِحْدَى وَعشْرين جِرَاحَة وجرح فِي رجله وَكَانَ يعرج مِنْهَا)
قَالَ ابْن عبد الْبر كَانَ تَاجِرًا مجدوداً فِي التِّجَارَة وَكسب مَالا كثيرا وَخلف ألف بعير وَثَلَاثَة آلَاف شَاة وَمِائَة فرس ترعى بِالبَقِيعِ وَكَانَ يزرع بالجرف على عشْرين ناضحاً وَكَانَ يدّخر من ذَلِك قوت أَهله سنة
وَقَالَ صَالح بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف صالحنا امْرَأَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الَّتِي طَلقهَا فِي مَرضه من ثلث الثّمن بِثَلَاثَة وَثَمَانِينَ ألفا وَقيل صُولِحَتْ بذلك عَن ربع الثّمن من مِيرَاثه وَأعْتق فِي يَوْم وَاحِد ثَلَاثِينَ عبدا وَلم حَضرته الْوَفَاة بَكَى بكاء شَدِيدا فَقَالَ إِن مُصعب بن عُمَيْر كَانَ خيرا مني توفّي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يكن لَهُ مَا يُكفن فِيهِ وَإِن حَمْزَة بن عبد الْمطلب كَانَ خيرا مني لم نجد لَهُ كفناً وَإِنِّي أخْشَى أَن أكون مِمَّن عجلت لَهُ طيباته فِي حَيَاته الدُّنْيَا وأخشى أَن أحبس أَصْحَابِي بِكَثْرَة مَالِي وَدخل على أم سَلمَة فَقَالَ يَا أمه قد خشيت أَن يهلكني كَثْرَة مَالِي أَن أَكثر قُرَيْش كلهم مَالا قَالَت يَا بني تصدق فإنِّي سمعتُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن من أَصْحَابِي من لَا يراني بعد أَن أفارقه فَخرج عبد الرَّحْمَن فلقي عمر فَأخْبرهُ بِمَا قَالَت أم سَلمَة فجَاء عمر فَدخل عَلَيْهَا فَقَالَ بِاللَّه مِنْهُم أَنا فَقَالَت لَا وَلنْ أَقُول بعْدك لأحد هَكَذَا(18/126)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن عَيَّاش)
عبد الرَّحْمَن بن عَيَّاش لما خرج ابْن الْأَشْعَث عَليّ عبد الْملك بَايع أهل الْبَصْرَة عبد الرَّحْمَن بن عَيَّاش وَخَرجُوا مَعَه لقِتَال الْحجَّاج بالزاوية فَهزمَ وفر إِلَى الْكُوفَة ثمَّ لحق بخراسان فبويع بهَا بيعَة ثَانِيَة وَقصد لِحَرْب يزِيد بن الْمُهلب فَالْتَقَيَا بهراة فَهزمَ أَيْضا وَلحق بِالْهِنْدِ وانقضى أمره
3 - (أَبُو عَليّ بن الْجراح)
عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن دَاوُد بن الْجراح أَبُو عَليّ الْكَاتِب أَخُو الْوَزير عَليّ ابْن عِيسَى كَانَ كَاتبا سديداً ولي الوزارة للراضي بِاللَّه بعد عزل أبي عَليّ بن مقلة لأَرْبَع عشرَة لَيْلَة بقيت من جُمَادَى الأولى سنة أَربع عشرَة وَثَلَاث مائَة وعزل لسبع خلون من شهر رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة فَكَانَت وزارته ثَمَانِينَ يَوْمًا
قَالَ أَبُو بكر بن مُجَاهِد اعتللت عِلّة فعادني رُؤَسَاء بغداذ جَمِيعهم إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى أَخُو الْوَزير عَليّ فَكتبت إِلَيْهِ المتقارب)
(تراني أعيش إِذا عدتني ... وَإِن لم تعدني تراني أَمُوت)
(تمحل بِمَا شِئْت من ذَا وَذَا ... فَإِن المكافاة لَيْسَ تفوت)
فَركب إِلَى سَبْعَة عشر ركبة يَقُول فِي كل ركبة زَالَ مَا فِي نَفسك من تركي عيادتك إِلَى أَن حَلَفت لَهُ على زَوَال ذَلِك وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة لَهُ أَخْبَار الوزراء كتاب الْخراج التَّارِيخ وَغير ذَلِك
3 - (صَاحب الْأَلْفَاظ)
عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن حَمَّاد الهمذاني كَاتب بكر بن عبد الْعَزِيز ابْن أبي دلف الْعجلِيّ لَهُ من التصانيف كتاب الْأَلْفَاظ قَالَ الصاحب بن(18/127)
عباد لَو أَدْرَكته لأمرت بِقطع يَده وَلسَانه لِأَنَّهُ جمع شذور الْعَرَبيَّة الجزلة الْمَعْرُوفَة فِي أوراق يسيرَة فأضاعها فِي أَفْوَاه صبيان الْمكَاتب وَرفع عَن المتأدبين تَعب الدَّرْس وَالْحِفْظ والمطالعة وَمن شعره الْبَسِيط
(مَا ودني أحد إِلَّا بذلت لَهُ ... صفو الْمَوَدَّة مني آخر الْأَبَد)
(وَلَا قلاني وَإِن كنت الْمُحب لَهُ ... إِلَّا دَعَوْت لَهُ الرَّحْمَن بِالرشد)
(وَلَا أوتمنت على سر فبحت بِهِ ... وَلَا مددت إِلَى غير الْجَمِيل يَدي)
(وَلَا أَقُول نعم يَوْمًا فأتبعها ... بِلَا وَلَو ذهبت بِالْمَالِ وَالْولد)
وَتُوفِّي سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (التمتام الْحداد الْمصْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى أَبُو الْقَاسِم الْكِنَانِي التمتام الْمَعْرُوف بالحداد الْمصْرِيّ نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور بِدِمَشْق سنة أَربع وَتِسْعين وَخمْس مائَة لنَفسِهِ المنسرح
(أما ترى الْغَيْث كلما ضحِكت ... كمائم الزهر فِي الرياض بَكَى)
(كالحب يبكي لَدَيْهِ عاشقه ... وَكلما فاض دمعه ضحكا)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ الطَّوِيل
(بنفسي غزال فِي فُؤَادِي كناسه ... ومرعاه قلبِي ليته ذِمَّتِي رعى)
(دَعَوْت عليا فاعتزيت بحبه ... لدين نصير وادعيت كَمَا ادّعى)
(وَأقسم لَو أَن الشقي ابْن ملجم ... رأى مِنْهُ مَا عاينته لتشيعا)
)
وَقَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي راقصة الْبَسِيط
(وَذَات دلّ يضل المهتدون بهَا ... أَصبَحت فِي حبها بَين الورى علما)
(يعلم اللين خوط البان قامتها ... تَعْلِيم جفني من أجفانها السقما)
(رقراقة لَو مشت فِي جفن ذِي رمد ... لما أحس بِهِ من وَطئهَا ألما)
(خَفِيفَة الخطو لَو جالت بخطوتها ... رقصاً على المَاء مَا ندى لَهَا قدماً)
(معَاذ رَبِّي أسلوها وَقد تركت ... وجود قلبِي فِي وجدي بهَا عدهَا)
3 - (أَبُو نوح الْخُزَاعِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان أَبُو نوح الْخُزَاعِيّ وَيُقَال الضَّبِّيّ(18/128)
مَوْلَاهُم
قَالَ ابْن الْمَدَائِنِي وَابْن نمير ثِقَة وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ بَأْس
توفّي سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي
3 - (ابْن غنم الْأَشْعَرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن غنم الْأَشْعَرِيّ نزيل فلسطين روى عَن عمر وَعلي ومعاذ بن جبل وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي مَالك الْأَشْعَرِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (ابْن غطريف البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن أبي الفوارس بن أَحْمد بن شيران أَبُو الْفتُوح السمسار الْمَعْرُوف بِابْن غطريف البغداذي طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَقَرَأَ على الْمَشَايِخ وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ سمع أَبَا غَالب مُحَمَّد بن الداية وَأَبا الْفضل مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الأُرموي والحافظ ابْن نَاصِر وَغَيرهم
قَالَ محب الدّين بن النجار توفّي سنة تسع وست مائَة وأنشدنا لنَفسِهِ الْكَامِل
(إِنِّي أَسَأْت رجا لحلمك سَيِّدي ... وعظيم عفوك والتجاوز وَالْكَرم)
(إِلَّا رحمت فَلَيْسَ غَيْرك راحماً ... رَبًّا سواهُ لمن عَصَاهُ أَو اجترم)
(ظَنِّي بك الْحسنى وَأَنت وَليهَا ... تمحو وَتثبت مَا تشَاء بِلَا قلم)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم)
عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق الْمدنِي الْفَقِيه أحد الْأَعْلَام سمع أَبَاهُ وَأسلم مولى عمر وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن(18/129)
الزبير وَغَيرهم وَكَانَ إِمَامًا ورعاً حجَّة وَهُوَ خَال)
جَعْفَر الصَّادِق ولد فِي حَيَاة عمَّة أَبِيه عَائِشَة استوفده الْوَلِيد بن يزِيد فَمَاتَ بحوران سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن الرواس الدِّمَشْقِي)
عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْفَرح أَبُو بكر الْهَاشِمِي الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الرواس وَهُوَ آخر من روى عَن أبي مسْهر والوحاظي توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عبد الله العتقي)
عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن خَالِد أَبُو عبد الله العتقي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي أحد الْأَعْلَام القائمين بِمذهب مَالك أنْفق أَمْوَالًا جمة فِي طلب الْعلم قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة مَأْمُون أحد الْفُقَهَاء وَعَن مَالك أَنه ذكر عِنْده عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم فَقَالَ عافاه الله مثله كَمثل جراب فِيهِ مسك
قَالَ سَحْنُون رَأَيْت ابْن الْقَاسِم فَقلت مَا فعل الله بك فَقَالَ وجدت عِنْده مَا أَحْبَبْت توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ صحب مَالِكًا عشْرين سنة وانتفع بِهِ أَصْحَابه بعد مَوته وَهُوَ صَاحب الْمُدَوَّنَة فِي مَذْهَب مَالك
3 - (ابْن المسجف الْعَسْقَلَانِي)
عبد الرَّحْمَن بن أبي الْقَاسِم بن غَنَائِم بن يُوسُف الأديب بدر الدّين الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي ابْن المسجف الشَّاعِر ولد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَدفن عِنْد وَالِده بالمزة وَكَانَ أديباً ظريفاً خليعاً توفّي فجاءة وَخلف خمس مائَة ألف دِرْهَم فَأَخذهَا الْجواد صَاحب دمشق وَله أُخْت عمياء فقيرة فَمنعهَا حَقّهَا من مِيرَاثهَا وَكَانَ بدر الدّين يتجر وَله رسوم على الْمُلُوك وَأكْثر شعره فِي الهجو
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه كَانَ السَّيِّد الشريف شهَاب الدّين ابْن الشريف فَخر الدولة بن أبي الْجِنّ الْحُسَيْنِي رَحمَه الله تَعَالَى لما ولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أعزه الله النقابة على الطالبين من الْأَشْرَاف اجْتمع فِي دَاره للتهنئة جمَاعَة الْوُلَاة وَالْقَضَاء والصدور وسألني الشريف وَالْجَمَاعَة إنْشَاء خطْبَة أَمَام قِرَاءَة المنشور فَذكرت خطْبَة(18/130)
على البديهة بِآيَة جمعت فِيهَا بَين ذكر فضل أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام وَبَين شكر السُّلْطَان على تَوليته مَا أولاه من الْإِحْسَان فَحَضَرَ بدر الدّين ابْن المسجف رَحمَه الله الْمجْلس وَأنْشد هَذِه)
الثَّلَاثَة أَبْيَات لنَفسِهِ الْكَامِل
(دَار النَّقِيب حوت بِمن قد حلهَا ... شرفاً يقصر عَن مداه المطنب)
(أضحت كسوق عكاظ فِي تفضيلها ... وَبهَا شهَاب الدّين قس يخْطب)
(الْفَاضِل القوصي أفْصح من غَدا ... عَن فَضله فِي الْعَصْر يعرب يعرب)
وأنشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ فِي الشّرف الْحلِيّ الشَّاعِر الطَّوِيل
(يَقُولُونَ لي مَا بَال حظك نَاقِصا ... لَدَى رَاجِح رب الفهاهة وَالْجهل)
(فَقلت لَهُم إِنِّي سمي ابْن ملجم ... وَذَلِكَ اسْم لَا يَقُول بِهِ حلي)
وأنشدني لنَفسِهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَكَانَ قد قالهما ببغداذ وَقد جَاءَ مطر كثير يَوْم عَاشُورَاء فِي فصل الصَّيف الْكَامِل
(مطرَت بعاشورا وَتلك فَضِيلَة ... ظَهرت فَمَا للناصبي المعتدي)
(وَالله مَا جاد الْغَمَام وَإِنَّمَا ... بَكت السَّمَاء لرزء آل مُحَمَّد)
وأنشدني لنَفسِهِ يمدح الْكَمَال القانوني الْكَامِل
(لَو كنت عانيت الْكَمَال وجسه ... أوتار قانون لَهُ فِي الْمجْلس)
(لرأيت مِفْتَاح السرُور بكفه ال ... يسرى وَفِي الْيُمْنَى حَيَاة الْأَنْفس)
وأنشدني لنَفسِهِ الْكَامِل
(وَلَقَد مدحتهم على جهل بهم ... وظننت فيهم للصنيعة موضعا)
(فَرَجَعت بعد الاختبار أذمهم ... فأضعت فِي الْحَالين عمري أجمعا)
قلت وَمثل هَذَا قَول سبط بن التعاويذي السَّرِيع
(قضيت شطر الْعُمر فِي مدحكم ... ظنا بكم أَنكُمْ أَهله)
(وعدت أفنيه هجاء لكم ... فَضَاعَ عمري فِيكُم كُله)
وَمن شعر ابْن المسجف الْكَامِل
(يَا رب كَيفَ بلوتني بعصابة ... مَا فيهم فضل وَلَا إفضال)
(متنافري الْأَوْصَاف يصدق فيهم ال ... هاجي وَتكذب فيهم الآمال)
(غطى الثراء على عيوبهم وَكم ... من سوءة غطى عَلَيْهَا المَال)
(جبناء مَا استنجدتهم لملمة ... لؤماء مَا استرفدتهم بخال)(18/131)
)
(فوجوههم عوذ على أَمْوَالهم ... وأكفهم من دونهَا أقفال)
(هم فِي الرخَاء إِذا ظَفرت بِنِعْمَة ... آل وهم عِنْد الشدائد آل)
وَمن شعره فِي الْعَزِيز خَلِيل وَالِي دمشق الرمل
(مَا خَلِيل بخليل لَا وَلَا ... صَحبه أهل صَلَاح بل فَسَاد)
(لقبوه الغرز لَا جهلا بِهِ ... صدقُوا لكنه غرز جَراد)
وَقَالَ يمدح الْملك الْكَامِل المتقارب
(إِذا لبس الدرْع مستلئماً ... وكرسيه صهوة الصاهل)
(ترى الأَرْض محمرة بالدما ... ومخضرة اللَّوْن بالنائل)
وَقَالَ على لِسَان بنت الْملك الْأَشْرَف فِي دَار السَّعَادَة الْبَسِيط
(قَالَت مليكَة هذي الدَّار حِين ثوى ... من شيد الدَّار بعد الْملك بالترب)
(لَا تحسدوني على دَار السَّعَادَة بل ... دَار السَّعَادَة كَانَت فِي زمَان أبي)
وَقَالَ السَّرِيع
(إربل دَار الْفسق حَقًا فَلَا ... يعْتَمد الْعَاقِل تعزيزها)
(لَو لم تكن دَار فسوق لما ... اصبح بَيت النَّار دهليزها)
وصل ابْن المسجف فِي بعض سفراته إِلَى الْموصل بِمَا مَعَه من تِجَارَة فَبَاعَ الْملك الرَّحِيم بدر الدّين لُؤْلُؤ الأتابكي متملك الْموصل شَيْئا مَعَه ومدحه فَتقدم إِلَى نَائِبه الْأَمِير أَمِين الدّين لُؤْلُؤ عتيقه بِقَضَاء أشغاله فتوقف فِي أمره فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَاب الْبَاب لَو طَابَ قلب الْأمين لمشى الْحَال وَحصل الْمَقْصُود فَقَالَ المتقارب
(يَقُولُونَ إِن طَابَ قلب الْأمين ... رجعت بِشَيْء نَفِيس ثمين)
(فَقلت أَعُود بِلَا حَبَّة ... وَلَا طيب الله قلب الْأمين)
3 - (أَبُو ليلى الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن عَمْرو أَبُو ليلى الْأنْصَارِيّ الْمَازِني وَهُوَ أَخُو عبد الله بن كَعْب الْأنْصَارِيّ كَانَ أَبُو ليلى أحد البكائين الَّذين نزل فيهم توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع توفّي أول خلَافَة عُثْمَان وَكَانَ قد شهد أحدا وَمَا بعْدهَا
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الفرضي)
)
عبد الرَّحْمَن بن كُلَيْب أَبُو مُحَمَّد الْحَمَوِيّ(18/132)
الْمُقْرِئ الفرضي قَالَ ابْن عَسَاكِر كَانَ عَلامَة فِي الْفَرَائِض والحساب وَكَانَ يعلم الصّبيان فِي مكتبه توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة
3 - (شيخ الدولة)
عبد الرَّحْمَن بن لُؤْلُؤ الْأَمِير شيخ الدولة قَالَ الْأَمِير أَبُو غَانِم شمس الدولة حَامِد بن عَبْدَانِ أنشدت شيخ الدولة للظَّاهِر الْجَزرِي فِي وصف فرس الْكَامِل
(أَبَت الحوافر أَن يمس بهَا الثرى ... فَكَأَنَّهُ فِي جريه مُتَعَلق)
(وَكَأن أَرْبَعَة تراهن طرفه ... فتكاد تسبقه إِلَى مَا يرمق)
فأنشدني لنَفسِهِ فِي هَذَا الْمَعْنى الطَّوِيل
(وأدهم كالليل البهيم مطهم ... فقد عز من يَعْلُو لساحة عرفه)
(يفوت هبوب الرّيح سبقاً إِذا جرى ... تراهن رجلَيْهِ مواقع طرفه)
3 - (أَبُو سعد الْمُتَوَلِي)
عبد الرَّحْمَن بن مَأْمُون بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم أَبُو سعد بن أبي سعيد الْمُتَوَلِي النَّيْسَابُورِي تفقه بمرو على أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الفوراني وبمرو الروذ على القَاضِي حُسَيْن وببخارى على أبي سهل أَحْمد ابْن عَليّ الأبيوردي وَسمع مِنْهُم وَمن أبي عبد الله الطَّبَرِيّ وَأبي عَمْرو مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْقَنْطَرِي وَجَمَاعَة وبرع فِيمَا حصله من الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأُصُول وَقدم بغداذ وَولي التدريس بالنظامية بعد وَفَاة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق ثمَّ صرف عَنْهَا ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا فدرس بهَا إِلَى حِين وَفَاته سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبع مائَة
وَكَانَ أحسن النَّاس خلقا وخلقاً وَأكْثر الْعلمَاء تواضعاً ومروءة وَكَانَ محققاً مدققاً مَعَ فصاحة وبلاغة وتحرج بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة وَقد تمم كتاب الْإِبَانَة للْقَاضِي حُسَيْن وجوده
3 - (عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك)
عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك الْبَصْرِيّ الخلقاني العيسي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف الظفاوي روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ(18/133)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن الْأَشْعَث)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ أَمِير سجستان ظفر بِهِ الْحجَّاج وَقَتله)
وطيف بِرَأْسِهِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ قد خلع عبد الْملك بن مَرْوَان ودعا لنَفسِهِ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَبَايع النَّاس فدوفع بدير الجماجم وَقتل وَلما أَن وصل ابْن الْأَشْعَث الْبَصْرَة هرب الْحجَّاج إِلَى نَاحيَة الْعرَاق وَبَايع أهل الْبَصْرَة ابْن الْأَشْعَث على قتال الْحجَّاج وَحرب عبد الْملك من الْقُرَّاء وَغَيرهم
وَكَانَ مِمَّن بَايع ابْن الْأَشْعَث من الْأَعْيَان مُسلم بن يسَار وَجَابِر بن زيد أَبُو الشعْثَاء وَأَبُو الْحَوْرَاء وَقتل مَعَه وَأَيوب ابْن الْقرْيَة وماهان العابد قَتلهمَا الْحجَّاج وَأنس بن مَالك فِي جملَة الْقُرَّاء وَمن أهل الْكُوفَة سعيد بن جُبَير وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وعامر الشّعبِيّ وَطَلْحَة بن مصرف وذر وَعبد الله بن شَدَّاد وَأَبُو البحتري الطَّائِي وَالْحكم بن عتبَة وَعون بن عبد الله بن مَسْعُود الْهُذلِيّ وَخلق سواهُم
وَكَانَ ابْن الْأَشْعَث فِي مِائَتي ألف فَارس وَمِائَة ألف راجل وَكَانَ دُخُول ابْن الْأَشْعَث الْبَصْرَة فِي آخر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ ثمَّ إِن الْحجَّاج التقى مَعَ ابْن الْأَشْعَث فِي أول الْمحرم وَهِي وقْعَة الزاوية فاقتتلا قتالاً شَدِيدا وَقَالَ الْحجَّاج لله در مُصعب بن الزبير مَا كَانَ أكْرمه
فَعلم أهل الْكُوفَة أَنه لَا يفر حَتَّى يقتل فَقَاتلُوا دونه هم وَأهل الشَّام وَانْهَزَمَ ابْن الْأَشْعَث وَالنَّاس مَعَه إِلَى الْكُوفَة فَأَتَاهُ وُجُوه أهل الْكُوفَة وَأَتَاهُ الْعلمَاء من الْأَمْصَار والزهاد وَبَايَعُوهُ
وَقتل الْحجَّاج يَوْم الزاوية أحد عشر ألفا نَادَى مناديه بالأمان ثمَّ قَتلهمْ إِلَّا وَاحِدًا وَلم يزل هُوَ وَالْحجاج فِي حروب وكروب وكر وفر إِلَى أَن أسر ابْن الْأَشْعَث وَكَانَت بَينه وَبَين ابْن الْأَشْعَث ثَمَانِينَ وقْعَة
وَهَذَا عبد الرَّحْمَن بالمذكور أعرق النَّاس فِي الْغدر لِأَن عبد الرَّحْمَن غدر بالحجاج وغدر وَالِده مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بِأَهْل طبرستان لِأَن عبيد الله بن زِيَاد ولاه إِيَّاهَا فَصَالح أَهلهَا على أَن لَا يدْخل إِلَيْهَا ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَيْهِم غادراً فَأخذُوا عَلَيْهِ الشعاب وَقتلُوا ابْنه أَبَا بكر وغدر الْأَشْعَث بن قيس ببني الْحَارِث بن كَعْب غزاهم فأسروه ففدا نَفسه بِمِائَتي بعير فَأَعْطَاهُمْ مائَة وَبَقِي عَلَيْهِ مائَة فَلم يؤدها إِلَيْهِم حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام فهدم مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَكَانَ بَين قيس بن معدي كرب وَبَين مُرَاد عهد إِلَى أجل فغزاهم فِي آخر يَوْم من الْعَهْد وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة فَقَالُوا إِنَّه لَا يحل لنا الْقِتَال فأمهلنا إِلَى يَوْم السبت فأمهلهم فَلَمَّا كَانَت(18/134)
صبحية السبت قَاتلهم فَقَتَلُوهُ وهزموا جَيْشه وغدر معدي كرب ببني مهرَة كَانَ بَينه وَبينهمْ عهد إِلَى)
أجل فغزاهم ناقضاً لعهدهم فَقَتَلُوهُ وملأوا بَطْنه حَصى
3 - (كزبران)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْحَارِثِيّ البغداذي الْبَصْرِيّ الأَصْل يلقب كزبران قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ أَبُو يحيى الرَّازِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سلم أَبُو يحيى الرَّازِيّ الْحَافِظ إِمَام جَامع أَصْبَهَان صنف الْمسند وَالتَّفْسِير وَغير ذَلِك وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ الْخُرَاسَانِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْخُرَاسَانِي أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ البارع الأديب توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة سمع السّري بن خُزَيْمَة وَالْحُسَيْن بن الْفضل ومُوسَى بن هَارُون وروى عَنهُ ابْنه أَبُو الْحُسَيْن وَأَبُو إِسْحَاق المذكي وَجَمَاعَة حضر ابْن خُزَيْمَة مَجْلِسه فَلَمَّا فرغ قَالَ مَا رَأينَا مثل أبي الْقَاسِم وَلَا رأى مثل نَفسه وَقَالَ أَبُو سهل الصعلوكي مَا رَأَيْت مثل أبي الْقَاسِم مذكراً وَلَا مثل السراج مُحدثا وَلَا مثل أبي سَلمَة أديباً
3 - (ابْن أبي حَاتِم)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْمُنْذر بن دَاوُد بن مهْرَان(18/135)
أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي حَاتِم التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي الإِمَام ابْن الإِمَام الْحَافِظ ابْن الْحَافِظ سمع أَبَاهُ وَغَيره وَقَالَ يحيى بن مَنْدَه صنف ابْن أبي حَاتِم الْمسند فِي ألف جُزْء وَكتاب الزّهْد وَكتاب الكني والفوائد الْكَبِير وفوائد الرازيين وتقدمة الْجرْح وَالتَّعْدِيل وصنف فِي الْفِقْه وَاخْتِلَاف الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وعلماء الْأَمْصَار وَله الْجرْح وَالتَّعْدِيل فِي عدَّة مجلدات تدل على سَعَة حفظه وإمامته وَكتاب الرَّد على الْجَهْمِية فِي مُجَلد كَبِير وَله تَفْسِير كَبِير سائره آثَار مُسندَة فِي أَربع مجلدات
قَالَ أَبُو يعلى الخليلي كَانَ يعد من الأبدال وَقد أثنى عَلَيْهِ جمَاعَة بالزهد والورع التَّام وَالْعلم وَالْعَمَل توفّي فِي الْمحرم سنة سبع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْخرقِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن ثَابت أَبُو الْقَاسِم الثابتي الْخرقِيّ من قَرْيَة خرق كَانَ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة ورعاً زاهداً تفقه بمرو على الفوراني وبمرو الروز على القَاضِي حُسَيْن وببغداذ)
على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مخلد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن الْحَافِظ بَقِي بن مخلد أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ تولى الْأَحْكَام بقرطبة وَكَانَ بهَا درباً وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي المرواني النَّاصِر لدين الله أَبُو الْمطرف صَاحب الأندلس الملقب أَمِير الْمُؤمنِينَ
بَقِي فِي الإمرة خمسين سنة وَقَامَ بعده وَلَده الحكم وَكَانَ أَبوهُ قد قَتله أَخُوهُ الْمطرف فِي صدر دولة أَبِيهِمَا وَخلف(18/136)
ابْنه عبد الرَّحْمَن هَذَا ابْن عشْرين يَوْمًا وَتُوفِّي جده عبد الله الْأَمِير فِي سنة ثَلَاث مائَة فولي عبد الرَّحْمَن النَّاصِر وَقيل لبث فِي ولَايَته خمْسا وَأَرْبَعين سنة وجد فِي الْغَزْو والفتوح وَكَثُرت لَهُ الفتوحات واستوت لَهُ طَاعَة الأجناد وَلم يكن بعد عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل أجزل مِنْهُ فِي الحروب وَصِحَّة الرَّأْي والإقدام عل المخاطرة والهول حَتَّى نَالَ البغية وَبنى الْمَدِينَة الزهراء فِرَارًا بِنَفسِهِ وخاصة جنده عَن عَامَّة قرطبة الْكَثِيرَة الْهَرج الجمة سَواد الْخلق فرتب الجيوش ترتيباً لم يعْهَد مثله قبله واكرم أهل الْعلم واجتهد فِي تخير الْقُضَاة وَكَانَ مبخلاً لَا يُعْطي وَلَا ينْفق إِلَّا فِيمَا رَآهُ سداداً وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
وَتَوَلَّى ابْنه الحكم الْمُسْتَنْصر وَقد مر ذكره وَلم يتسم بأمير الْمُؤمنِينَ حَتَّى تحقق اختلال دولة بني الْعَبَّاس بالعراق وَقتل المقتدر العباسي وَغَلَبَة الْعَجم عَلَيْهِم بعد قتل المتَوَكل قَالَ ابْن عبد ربه نظمت أرجوزة ذكرت فِيهَا غَزَوَاته وافتتح سبعين حصناً من أعظم الْحُصُون ومدحه الشُّعَرَاء وَكثر الْعلمَاء فِي أَيَّامه وَمن شعر النَّاصِر عبد الرَّحْمَن الْكَامِل
(همم الْمُلُوك إِذا أَرَادوا ذكرهَا ... من بعدهمْ فبألسن الْبُنيان)
(إِن الْبناء إِذا تعاظم شَأْنه ... أضحى يدل على عَظِيم الشان)
وَمِنْه وَقيل هُوَ لِابْنِهِ الْمُسْتَنْصر مخلع الْبَسِيط)
(مَا كل شَيْء فقدت إِلَّا ... عوضني الله عَنهُ شيا)
(إِنِّي إِذا مَا منعت خيري ... تبَاعد الْخَيْر من يديا)
(من كَانَ لي نعْمَة عَلَيْهِ ... فَإِنَّهَا نعْمَة عليا)
وَمن سياساته الْحَسَنَة أَنه رفع إِلَيْهِ أَن تَاجِرًا زعم أَنه ضَاعَت لَهُ صرة فِيهَا مائَة دِينَار وَأَنه نَادَى عَلَيْهَا وَجعل لمن يَأْتِيهِ بهَا عشرَة دَنَانِير فَجَاءَهُ بهَا رجل عَلَيْهِ سمة خير وَذكر أَنه وجدهَا فَلَمَّا حصلت فِي يَد التَّاجِر ادّعى أَنَّهَا كَانَت مائَة وَعشرَة وَإِن الْعشْرَة الَّتِي نقصت مِنْهَا أَخذهَا وغرضه أَن لَا يُعْطِيهِ مَا شَرط لَهُ فَوَقع النَّاصِر صدق الرّجلَانِ فَنَادِ على مَال التَّاجِر فَإِنَّهُ مائَة وَعشرَة واترك الْمِائَة مَعَ الَّذِي أَخذهَا إِلَى أَن يَجِيء صَاحبهَا
3 - (النَّاصِر شنشول الأندلسي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله النَّاصِر الْمَعْرُوف بشنشول بشينين معجمتين بَينهمَا نون وَبعد الْوَاو لَام ابْن الْمَنْصُور أبي عَامر الْحَاجِب تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين
ولي بعد أَبِيه الأندلس وَفتح أُمُوره باللعب وَاللَّهْو وَالْخُرُوج إِلَى النزه والتهنك والمؤيد بِاللَّه على عَادَته الَّتِي قررها الْمَنْصُور أَبُو عَامر الْحَاجِب من الْأَصْحَاب فأكره الْمُؤَيد على(18/137)
النُّزُول عَن الْأَمر وَأَنه الْخَلِيفَة بعده وَكَانَ زيه وزي أَصْحَابه الشُّعُور المكشوفة فَأمر أَصْحَابه بحلق الشُّعُور وَشد العمائم تشبهاً ببني زيري فبقوا أوحش مَا يكون ثمَّ إِن ابْن عبد الْجَبَّار ظفر بِهِ وَقَتله وطيف بِرَأْسِهِ وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة وَأخرج ابْن عبد الْجَبَّار الْمُؤَيد بِاللَّه من الاحتجاب وَكتب خلع شنشول وتولية مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار
3 - (الْحَافِظ أَبُو مُسلم العابد)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مهْرَان أَبُو مُسلم البغداذي الْحَافِظ الثِّقَة العابد صنف أَشْيَاء كَثِيرَة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة سمع الْبَغَوِيّ وَابْن صاعد وَأَبا عرُوبَة الْحَرَّانِي وَأحمد بن عُمَيْر بن جوصاء وَأَبا حَامِد بن بِلَال وَسمع الْكثير بخراسان وَدخل بُخَارى وسمرقند وَأقَام هُنَاكَ نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَجمع الْمسند على الرِّجَال وروى عَنهُ الْحَاكِم وَأَبُو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ وَعلي بن مُحَمَّد الْحذاء وَأحمد بن مُحَمَّد الْكَاتِب
3 - (ابْن فوران الشَّافِعِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن فوران أَبُو الْقَاسِم الْمروزِي الْفَقِيه صَاحب أبي بكر الْقفال لَهُ)
المصنفات الْكَثِيرَة فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَانَ مقدم أَصْحَاب الشَّافِعِي بمرو وصنف الْإِبَانَة وَغَيرهَا وَهُوَ شيخ الْمُتَوَلِي صَاحب التَّتِمَّة وَهِي تَتِمَّة الْكتاب الْمَذْكُور وَشرح لَهُ وَكَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ يحط عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ فِي بَاب الْأَذَان وَالرجل غير موثوق بِهِ فِي نَقله ونقم الْعلمَاء ذَلِك عَلَيْهِ وَلم يصوبوا حطه عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
وَقيل أَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ كَانَ يحضر حَلقَة ابْن فوران وَهُوَ شَاب وَكَانَ ابْن فوران لَا ينصفه وَلَا يصغي إِلَى قَوْله لكَونه شَابًّا فَمَتَى قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي نِهَايَة الْمطلب وَقَالَ بعض المصنفين كَذَا وَغلط فِي ذَلِك فمراده ابْن فوران
3 - (أَبُو الْقَاسِم ابْن مَنْدَه)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن يحيى بن مَنْدَه وَاسم مَنْدَه إِبْرَاهِيم ابْن الْوَلِيد أَبُو الْقَاسِم ابْن الْحَافِظ أبي عبد الله الْعَبْدي(18/138)
الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ كَبِير الشَّأْن جليل الْقدر حسن الْخط وَاسع الرِّوَايَة لَهُ أَصْحَاب وَأَتْبَاع وَهُوَ أكبر الْإِخْوَة وَالْإِجَازَة كَانَت عِنْده قَوِيَّة وَله تصانيف كَثِيرَة وردود جمة عل أهل الْبدع
قَالَ السَّمْعَانِيّ سَمِعت الْحسن بن مُحَمَّد بن الرِّضَا الْعلوِي يَقُول سَمِعت خَالِي أَبَا طَالب ابْن طَبَاطَبَا يَقُول كنت اشتم أبدا عبد الرَّحْمَن بن أبي عبد الله بن مَنْدَه إِذا سَمِعت ذكره أَو جرى ذكره فِي محفل فسافرت إِلَى جرباذقان فَرَأَيْت أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَنَام وَيَده فِي يَد رجل عَلَيْهِ جُبَّة زرقاء وَفِي عَيْنَيْهِ نُكْتَة فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ وَقَالَ لم تَشْتُم هَذَا إِذا سَمِعت اسْمه فَقيل لي فِي الْمَنَام هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب وَهَذَا عبد الرَّحْمَن بن مَنْدَه فانتبهت ثمَّ رجعت إِلَى أَصْبَهَان وقصدت الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ ورأيته صادفته على النَّعْت الَّذِي رَأَيْته فِي الْمَنَام وَعَلِيهِ جُبَّة زرقاء فَلَمَّا سلمت عَلَيْهِ قَالَ وَعَلَيْك السَّلَام يَا أَبَا طَالب وَقبل ذَلِك مَا رَآنِي وَلَا رَأَيْته فَقَالَ لي قبل أَن ُأكَلِّمهُ شَيْء حرمه الله وَرَسُوله يجوز لنا أَن نحله فَقلت لَهُ اجْعَلنِي فِي حل ونشدته الله وَقبلت بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ جعلتك فِي حل فِيمَا يرجع إِلَيّ وَتُوفِّي ابْن مَنْدَه سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الرمال النَّحْوِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى أَبُو الْقَاسِم الْأمَوِي الإشبيلي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الرمال روى عَن جمَاعَة مِنْهُم ابْن الطراوة وَابْن الْأَخْضَر وَكَانَ أستاذاً فِي)
الْعَرَبيَّة مدققاً قيمًا بِكِتَاب سِيبَوَيْهٍ
قَالَ أَبُو عَليّ الشلوبيني ابْن الرمال عَلَيْهِ تعلم طلبة الأندلس وَتُوفِّي كهلاً سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الإِمَام الْمُفْتِي فَخر الدّين أَبُو مَنْصُور الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن عَسَاكِر شيخ الشَّافِعِيَّة تولى تدريس الجاروخية ثمَّ تدريس الصلاحية بالقدس ثمَّ بِدِمَشْق تدريس التقوية وَكَانَ يُقيم بالقدس أشهراً وبدمشق أشهراً وَكَانَ عِنْده بالتقوية فضلاء الشَّام وَهُوَ أول من(18/139)
درس بالعذراوية وَكَانَ يتورع من الْمُرُور فِي رواق الْحَنَابِلَة لِئَلَّا يأثموا بالوقيعة فِيهِ لِأَن عوامهم يبغضون بني عَسَاكِر لأَنهم شافعية أشاعرة وَعرض عَلَيْهِ ولايات ومناصب فَتَركهَا وصنف فِي الْفِقْه والْحَدِيث مصنفات وَتُوفِّي سنة عشْرين وست مائَة ومولده سنة خمسين وَخمْس مائَة
3 - (الفراسي المغربي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الفراسي بِالْفَاءِ وَبعد الرَّاء ألف وسين مُهْملَة قَرْيَة تعرف ببني فراس جوَار تونس إِلَّا أَن مستقره تونس وَبهَا تأدبه كَانَ شَاعِرًا خليعاً مَاجِنًا شريراً كثير المهاجاة قيل المداراة خَفِيف اللِّسَان من تلاميذ الصرايري توفّي بِمَدِينَة سوسة سقط من سطح وَهُوَ سَكرَان بِحَضْرَة عَتيق بن مفرج سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة وَقد نَيف على الثَّلَاثِينَ
لما ولي القَاضِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ قَضَاء تونس كتب الفراسي فِي الْجَبَل المعشوق حَيْثُ يتنزه النَّاس ويتفرجون المتقارب
(يَقُول فراسي هَذَا الزَّمَان ... وَمَا زَالَ فِي قَوْله يعدل)
(مَتى يملك الأَرْض دجالها ... فقد صَار قاضينا أَحول)
وبلغه ذَلِك فأحفظه وَدعَاهُ إِلَيْهِ رجل خاصمه فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ سمع دَعْوَى خَصمه وَسَأَلَهُ فَأقر فألزمه أَدَاء الْحق فَامْتنعَ وَقَالَ عَليّ يَمِين إِن لَا أديته إِلَى وَقت كَذَا فَأَطْرَقَ القَاضِي سَاعَة وَقضى عَنهُ مَا وَجب لغريمه فَلَمَّا خرج قَلِيل لَهُ وَيحك مَا صنعت قَالَ أردْت أَن اسْتحلَّ عرضه فحرمه عَليّ ونظم المنسرح
(من كَانَ عِنْدِي لَهُ مُطَالبَة ... كَأَن بيني وَبَينه القَاضِي)
)
(قَاض قضى عني الْحُقُوق على ... بعدِي مِنْهُ وفرط إعراضي)
(أَبَاحَ لي مَاله ليمنعني ... من عرضه وَهُوَ ساخط رَاض)
(فيا لَهَا رقية مسكنةً ... لحية قد ساورت نضناض)
وَمن شعره مخلع الْبَسِيط
(خلقت إِلَّا عَلَيْك جلدا ... يَا متلفي جفوة وصدا)
(لججت وصلا فلج هجراً ... وزدت قرباً فَزَاد بعدا)
(يَا أَيهَا النَّاس أَي شَيْء ... عَلَيْكُم إِن هَلَكت وجدا)
(حرمت من وَصله نَصِيبي ... إِن لم تكن وجنتاه وردا)(18/140)
وَمِنْه الْكَامِل
(مِسْكين هجرك أَو أَسِير هواكا ... أَمْسَى وَأصْبح يرتجيك عساكا)
(ضَاقَتْ بِهِ سَعَة الْبِلَاد وَأَمْسَكت ... كف الغرام لِقَلْبِهِ إمساكا)
(قد كَانَ مُنْقَطع الرَّجَاء فَمَا ترى ... فِيمَن أضرّ بِهِ الْهوى فدعاكا)
(يَا أَيهَا الرشأ الَّذِي بلحاظه ... مَا زَالَ ينصب للهوى أشراكا)
(أَتَرَى جميلاً أَن تعذب فِي الْهوى ... قلبِي وَقد عبثت بِهِ عيناكا)
(وَلَقَد عكفت على هَوَاك ألومه ... فَأبى وَأقسم لَا يحب سواكا)
وَكتب إِلَى معد بن جبارَة السَّرِيع يَا وَاحِد الْعلم وَيَا كهفهويا فريد الْأَدَب الْمَحْض
(وَمن بِهِ يفخر شأو العلى ... فِي سَائِر الْآفَاق وَالْأَرْض)
(مَسْأَلَة جَاءَك عنوانها ... خصمان فِي أَمر بِمَا تقضي)
(طرف رأى طرفا فَلم يبرحا ... وَآخر فِي خَدّه الغض)
(لَكِن جرح الْقلب عَن لَذَّة ... وَهِي بِهِ نَحْو الردى تمْضِي)
(وَالْجرْح فِي الخد لَهُ زِينَة ... أَتَتْهُ عَن كره وَعَن بغض)
(فَاقْض وقاك الله من بَيْننَا ... بِالْحَقِّ يَا خير امْرِئ يقْضِي)
فَأَجَابَهُ معد وتعافى من الْحُكُومَة قطعا للجدال وللخصومة وَقَالَ السَّرِيع
(تفديك نَفسِي من فَتى بارع ... يعرف بالإبرام والنقض)
)
(قد أتعب الأفكار وصف الْهوى ... وكل غبن دونه يعضي)
(تِلْكَ أُمُور خفيت دقةً ... عَن كل من يحكم أَو يقْضِي)
(لَو لم يعب أَمر الْهوى لم يكن ... فِيهِ تلاف المَال وَالْعرض)
وَجلسَ يَوْمًا إِلَى شيخ تونس وَكَانَ نِهَايَة فِي المجون فاجتاز بهما رجل يسْأَل عَن دَار ابْن عبدون فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ هِيَ تِلْكَ الرائقة حَيْثُ يقوم أيرك فَقَالَ الفراسي وَالله لأنظمنه فَمَا رَأَيْت كَهَذا الْمَعْنى وَقَالَ من سَاعَته السَّرِيع
(إِن شِئْت أَن تعرف عَن صحةٍ ... دَار الَّتِي تعزى لعبدونه)
(فامش فَإِن أيرك أبصرته ... قَامَ فَإِن الْبَاب من دونه)
قلت قد وَقع لي هَذَا الْمَعْنى لَكِن هُوَ عكس هَذَا وَهُوَ الوافر
(أَقُول لمن يسائل عَن محلي ... تقدم وامش من خلف السَّوَارِي)(18/141)
(وَمر فَحَيْثُمَا تلقى حكاكا ... بسرمك لَا تعد فثم دَاري)
3 - (أَبُو طَالب الوَاسِطِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد السَّمِيع بن أبي تَمام عبد الله بن عبد السَّمِيع أَبُو طَالب الْهَاشِمِي الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ الْمعدل سمع وَكتب الْكثير لنَفسِهِ وَلغيره وصنف أَشْيَاء حَسَنَة وروى الْكثير وَكَانَ ثِقَة حسن النَّقْل وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الطَّيِّبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حمدَان الْفَقِيه صائن الدّين أَبُو الْقَاسِم الطَّيِّبِيّ مُصَنف شرح التَّنْبِيه ومعيد النظامية كَانَ سديد الْفَتْوَى متقناً فرضياً حاسباً توفّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الإِمَام رَضِي الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الْمُقْرِئ وَالِد السَّيْف بن الرضي شيخ صَالح تال لكتاب الله تَعَالَى سمع وروى وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (ابْن رحمون النَّحْوِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم بن رحمون النَّحْوِيّ المصمودي
أَخذ الْعَرَبيَّة عَن ابْن خروف وَكَانَ ذَا لسن وفصاحة وَكَانَ يقرئ كتاب سِيبَوَيْهٍ وَله صيت)
وشهرة ومشاركة فِي فنون توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (ابْن الفويرة)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حفاظ الشَّيْخ زكي الدّين أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الفويرة حدث عَن الْكِنْدِيّ وَكَانَ من المعدلين وَهُوَ وَالِد بدر الدّين الْحَنَفِيّ
3 - (عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْحَافِظ الْكَبِير(18/142)
عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد الإِمَام الْمُحدث عز الدّين ابْن الْعِزّ أَخُو التقي بن الْمعز الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة سمع حضوراً من ابْن طبرزد وتفقه على الشَّيْخ الْمُوفق وَسمع من الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَابْن ملاعب وطبقتهم وَسمع من أَصْحَاب السلَفِي بالإسكندرية وَله معرفَة بِالرِّجَالِ وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الزراد وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين وَلم يستكمل السِّتين
3 - (ابْن قدامَة الجماعيلي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة شيخ الْإِسْلَام وَبَقِيَّة الْأَعْلَام شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو الْفرج ابْن الْقدْوَة الشَّيْخ أبي عمر الْمَقْدِسِي الجماعيلي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْخَطِيب الْحَاكِم ولد سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة بالدير الْمُبَارك بسفح قاسيون وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة
وَسمع حضوراً من سِتّ الكتبة بنت الطراح وَمن أَبِيه وَعَمه الْمُوفق وَعَلِيهِ تفقه وَعرض عَلَيْهِ الْمقنع وَشَرحه عَلَيْهِ وَشرح عَلَيْهِ غَيره وَشَرحه فِي عشر مجلدات وَسمع من حَنْبَل وَابْن طبرزد والكندي وَابْن الحرستاني وَابْن كَامِل وَالْقَاضِي أسعد بن المنجا وَابْن الْبناء وَابْن ملاعب وَأبي الْفتُوح الْبكْرِيّ والجلاجلي وَالشَّمْس البُخَارِيّ وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَطلب بِنَفسِهِ وَكتب وَقَرَأَ على الشُّيُوخ قَرَأَ على ابْن الزبيدِيّ وجعفر الهمذاني والضياء الْمَقْدِسِي وَسمع بِمَكَّة من أبي الْمجد الْقزْوِينِي وَابْن باسويه وبالمدينة من أبي طَالب عبد المحسن بن العميد الحفيفي وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ وَأَبُو جَعْفَر الصيدلاني وَأَبُو سعد بن الصفار وعفيفة الفارقانية وَأَبُو الْفَتْح المندائي وَخلق كثير وروى عَنهُ الْأَئِمَّة أَبُو بكر النواوي وَأَبُو الْفضل بن قدامَة الْحَاكِم وَابْن تَيْمِية وَأَبُو مُحَمَّد الْحَارِثِيّ وَابْن الْعَطَّار وَأَبُو الْحجَّاج الْكَلْبِيّ)
وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَأَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل الْحَرَّانِي والبرزالي وَخلق كثير وَإِلَيْهِ انْتَهَت رئاسة الْمَذْهَب فِي عصره وَكَانَ عديم النظير علما وَعَملا وزهداً وَتَوَلَّى الْقَضَاء أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَلم يَأْخُذ عَلَيْهِ رزقا ثمَّ إِنَّه تَركه
وَبَالغ نجم الدّين بن الخباز وَجمع سيرته فِي مائَة وَخمسين جُزْءا تَجِيء سِتّ مجلدات لَعَلَّ ثلثهَا مِمَّا يخْتَص بترجمة الشَّيْخ وَالْبَاقِي فِي تَرْجَمَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكَون الشَّيْخ من أمته وَفِي(18/143)
تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وَأَصْحَابه وهلم جراً إِلَى زمَان الشَّيْخ وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته ورثاه شمس الدّين الصَّائِغ وَالشَّيْخ عَلَاء الدّين بن غَانِم وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن الْأمَوِي والبرهان بن عبد الْحَافِظ وَنجم الدّين بن فليته ومجد الدّين بن المهمار ورثاه شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدته الَّتِي أَولهَا الْكَامِل
(مَا للوجود وَقد علاهُ ظلام ... أعراه خطب أم عداهُ مرام)
(أم قد أُصِيب بشمسه فغدا وَقد ... لبست عَلَيْهِ حدادها الْأَيَّام)
(لم أدر هَل نبذ الظلام نجومه ... أم حل للفلك الْأَثِير نظام)
(فَلَقَد تنكرت المعالم واستوى ... فِي ناظري الْإِشْرَاق والإظلام)
(وذهلت حَتَّى خلت أَنِّي لَيْسَ لي ... بعد الْفِرَاق سوى الدُّمُوع كَلَام)
(أَتَرَى درى صرف الردى لما رمى ... أَن الْمُصَاب بسهمه الْإِسْلَام)
(أَو أَنه مَا خص بِالسَّهْمِ الَّذِي ... أصمى بِهِ دون الْعرَاق الشَّام)
(سهم تقصد وَاحِدًا فغدا وَفِي ... كل الْقُلُوب لِوَقْعِهِ آلام)
(مَا خلت أَن يَد الْمنون لَهَا على ... شمس المعارف وَالْهدى إقدام)
(من كَانَ يستسقى بغرة وَجهه ... إِن عَاد وَجه الْغَيْث وَهُوَ جهام)
(وَتبين للساري أسرة فَضله ... فَكَأَنَّمَا هِيَ للهدى أَعْلَام)
(مَا خلت أَن الدّين لَوْلَا فَقده ... فَمن يروع سربه ويضام)
(كَانَت تطيب لنا الْحَيَّة بأنسه ... وبقره فعلى الْحَيَاة سَلام)
(كَانَت ليالينا بِطيب بَقَائِهِ ... فِينَا تضيء كَأَنَّهَا أَيَّام)
(كَانَت بِهِ تروى الْقُلُوب وتنثني ... وَلها إِلَيْهِ تعطش وأوام)
(من للعلوم وَقد علت وغلت بِهِ ... أضحت تسامي بعده وتسام)
)
(من للْحَدِيث وَكَانَ حَافظ سره ... من أَن يضم إِلَى الصِّحَاح سقام)
(وَله إِذا ذكر الدُّرُوس مَرَاتِب ... تسمو فتقصر دونهَا الأوهام)
(يروي فيروي كل ذِي ظمأ لَهُ ... بحمى الحَدِيث تعلق وغرام)
(ببديهة فِي الْعلم يقسم من رأى ... ذَاك التسرع أَنَّهَا إلهام)
(من للقضايا المشكلات إِذا نبت ... عَنْهَا الْعُقُول وحارت الأفهام)
(هَل للفتاوى من إِذا وافى بهَا ... قضي الْقَضَاء وجفت الأقلام)
(من للمنابر وَهُوَ فارسها الَّذِي ... تحيى الْقُلُوب بِهِ وَهن رمام)(18/144)
(وَله إِذا أم الدُّرُوس مَوَاقِف ... مَشْهُودَة مَا نالهن إِمَام)
(يجلى بهَا صدأ الْقُلُوب وترتوي ... مِنْهَا الْعُقُول وتعقل الْأَحْكَام)
(ولديه فِي علم الْكَلَام جَوَاهِر ... غر يحار لحسنها النظام)
(من للزمان وَكَانَ طول حَيَاته ... ألليل يحيى وَالنَّهَار يصام)
(من للعفاة وللعناة وَهل لَهُم ... من بعد فِي ذَاك الْمقَام مقَام)
(كَانَت لَهُم مِنْهُ عواطف مُشفق ... فَمضى فهم من بعده أَيْتَام)
(إِن يخل مِنْهُم بَابه فلطالما ... عاينته وَلَهُم عَلَيْهِ زحام)
(وذوو الْحَوَائِج مَا أَتَوْهُ لحادث ... إِلَّا ونالوا عَنهُ مَا قد راموا)
(يلقاهم بشر يبشرهم بِمَا ... قصدُوا من الْحَاجَات وَهِي جسام)
(من للطريد وَهل لَهُ من بعده ... يَوْمًا من الدَّهْر الذميم ذمام)
(فجعت بِهِ الدُّنْيَا فَإِن لم تصف ... من أكدارها يَوْمًا فَلَيْسَ تلام)
(فعلام يبقي الطّرف فِيهِ بَقِيَّة ... أيروم أَن يرد الجفون مَنَام)
(أَو أَن يصون الدمع كي يطفي الجوى ... ولناره بَين الضلوع ضرام)
(أَو أَن يكون ذخيرة هَيْهَات مَا ... لملمة من بعْدهَا إيلام)
(هَذَا الَّذِي عفنا الْمضَاجِع خشيَة ... من أَن تخيله لنا الأحلام)
(فعلام نجزع للحوادث مَا اشتهت ... من بعده فلتفعل الْأَيَّام)
(بتنا نودعه وَقد جَاءَتْهُ من ... دَار السَّلَام تَحِيَّة وَسَلام)
(ونقوم إجلالاً لَدَيْهِ وَلم نخل ... أَن الْمَلَائِكَة الْكِرَام قيام)
)
(وأتته من خلع الْقبُول ملابس ... شرفت فَلَيْسَ ترى وَلَيْسَ ترام)
(فليهنه الدَّار الَّتِي لنعيمها ... فِيهَا إِذا زَالَ النَّعيم دوَام)
(دَار لَهُ فِيهَا السرُور مُحَقّق ... لَا كالحياة فَإِن تِلْكَ مَنَام)
(حييّ الحيا زَالَ الزَّمَان فَإِنَّهُ ... للأنس بل للمكرمات ختام)
(وَسَقَى العهاد عهوده فَإِذا ونى ... فالدمع إِن ضن الْغَمَام غمام)
(إِن كَانَ عاندنا الزَّمَان بفقده ... فَلهُ بِمن أبقى لنا إنعام)
(أَو غالنا فِي الشَّمْس وَهِي منيرة ... فَلَقَد سخا بالبدر وَهُوَ تَمام)
(نجم بِهِ ألف الْهدى وبنوره ... عَادَتْ وُجُوه الدَّهْر وَهِي وسام)(18/145)
(أبقى لنا مِنْهُ الزَّمَان بَقِيَّة ... أثنى عَلَيْهِ بِتَرْكِهَا الْإِسْلَام)
(شرف الْقَضَاء بِعِلْمِهِ وتشرفت ... بِوُجُودِهِ الْأَحْكَام والحكام)
(وَبِه علينا الدَّهْر لما أَن مضى ... مِنْهُ إِمَام قَامَ مِنْهُ إِمَام)
(حسن الزَّمَان بِهِ فألفت جيده ... ماضي الدهور وحنت الأعوام)
(وَلكم عدت من زلَّة وفريضة ... هذي تقال بِهِ وَتلك تُقَام)
(من دوحة شرفت وَكم فرع بهَا ... زاك تَأَخّر عَنهُ وَهُوَ إِمَام)
(من كَانَ فِي حجر الْعُلُوم وطالما ... سبق الكهول تقاه وَهُوَ غُلَام)
(مولَايَ نجم الدّين دَعْوَة من غَدا ... الصَّبْر الْجَمِيل عَلَيْهِ وَهُوَ حرَام)
(طلب عَن أَبِيك فدتك نَفسِي إِنَّه ... ولى وَلم تعلق بِهِ الآثام)
(فلمثل هَذَا كَانَ يتعب نَفسه ... اللَّيْل ذكر وَالنَّهَار صِيَام)
(لكم الكرامات الجليلات الَّتِي ... لَا يَسْتَطِيع جحودها الأقوام)
(فِي وَقت دفن أَبِيك هبت نسمَة ... فِي طيها كلف بِهِ وغرام)
(إِن لم يكن روح الْجنان فقبلها ... مَا طَابَ من لفح الهجير مقَام)
(فَاسْلَمْ وَدم تحيى المآثر والعلى ... مَا ناح فِي فرع الْأَرَاك حمام)
3 - (ابْن الْإِخْوَة الْكَاتِب)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْغفار بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْوَزير الصَّقْر إِسْمَاعِيل بن بلبل الشَّيْبَانِيّ البيع أَبُو الْفَتْح ابْن أبي الْغَنَائِم الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن)
الْإِخْوَة سمع مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْأنْصَارِيّ وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن البشري وَغَيرهم وَكَانَ أحد الْكتاب بالديوان وَكتب خطا مليحاً وَله أدب وَشعر
توفّي سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وَمن شعره الرجز المجزوء
(صد الغزال الأغيد ... فَعَاد طرفِي السهد)
(وَلَيْسَ لي من مسعد ... على الغرام يسْعد)
(وَفِي ضلوعي زفرا ... ت نارها مَا تخمد)
(يَا عاذلي رفقا فَمَا ... مثل الَّذِي بِي تَجِد)(18/146)
(أَنْت خلي وَأَنا ... صب معنى مكمد)
(فَلَا تلمني فِي الْبكاء ... إِذا بدا لي معهد)
وَهِي أَكثر من هَذَا طَوِيلَة قلت شعر فارغ لَا روح فِيهِ
3 - (أَبُو مَنْصُور الْكَرْخِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو مَنْصُور الْكَرْخِي أسمعهُ جده فِي صباه من أبي الْفَتْح بن البطي وَجَمَاعَة فِي طبقته وَكَانَ وَالِده سنياً وَلَكِن صحب وَلَده هَذَا أَبُو مَنْصُور الرفضة وَتعلم الإنشاد لمراثي الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فِي أَيَّام المواسم بالكرخ فِي مشْهد مُوسَى بن جَعْفَر وَيذكر سبّ الصَّحَابَة وجود حفظ الْقُرْآن وقرأه بالروايات على أبي بكر بن الباقلاني وَكَانَ حسن التِّلَاوَة طيب النغمة أدب الصّبيان فِي منزله وَكتب الْحسن وَتُوفِّي شَابًّا قد جَاوز الْأَرْبَعين سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَأورد لَهُ محب الدّين ابْن النجار الْكَامِل
(وصل الْكتاب فَلَا عدمت أناملاً ... عبثت بِهِ فَلَقَد تضوع طيبا)
(فَقَرَأته وفهمته فَوَجَدته ... لحفي أسرار الْقُلُوب طَبِيبا)
(يجلو الْعَمى عَن ناظري بوروده ... كقميص يُوسُف إِذْ أَتَى يعقوبا)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن بدر بن سعيد بن جَامع أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ يعرف بِابْن الْمعلم
دخل بغداذ وتفقه للشَّافِعِيّ على أبي الْقَاسِم بن فضلان وَأبي عَليّ بن الرّبيع حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأُصُول وَسمع من ابْن شاتيل أبي الْفَتْح ولي الْإِعَادَة بمدرسة الْجِهَة أم الْخَلِيفَة بالجانب الغربي عِنْد الفارقي فَلَمَّا توفّي الفارقي ولي بهَا التدريس وَتُوفِّي سنة ثَمَان)
وَعشْرين وست مائَة
3 - (كَمَال الدّين بن الْأَنْبَارِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي سعيد أَبُو البركات النَّحْوِيّ كَمَال الدّين ابْن الْأَنْبَارِي قدم بغداذ فِي صباه وَقَرَأَ الْفِقْه بِالْمَدْرَسَةِ النظامية على أبي مَنْصُور سعيد ابْن الرزاز وعَلى من بعده حَتَّى برع وَحصل طرفا صَالحا من(18/147)
الْخلاف وَصَارَ معيداً بالنظامية وَكَانَ يعْقد مجْلِس الْوَعْظ ثمَّ قَرَأَ الْأَدَب على أبي مَنْصُور بن الجواليقي ولازم الشريف أَبَا السعادات ابْن الشجري حَتَّى برع وَصَارَ من الْمشَار إِلَيْهِم فِي النَّحْو وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَسمع من أَبِيه بالأنبار وَمن خَليفَة بن مَحْفُوظ الْمُؤَدب وببغداذ من أبي مَنْصُور مُحَمَّد ابْن خيرون وَعبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَمُحَمّد بن عبد الله بن حبيب العامري وَغَيرهم وَحدث باليسير إِلَّا أَنه روى الْكثير من كتب الْأَدَب وَمن مصنفاته
وَكَانَ إِمَامًا ثِقَة صَدُوقًا فَقِيها مناظراً غزير الْعلم ورعاً زاهداً عابداً تقياً عفيفاً لَا يقبل من أحد شَيْئا وَكَانَ خشن الْعَيْش خشن المأكل لم يتلبس من الدُّنْيَا بِشَيْء توفّي سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة وَله من المصنفات هِدَايَة الذَّاهِب فِي معرفَة الْمذَاهب كتاب بداية الْهِدَايَة والداعي إِلَى الْإِسْلَام فِي علم الْكَلَام النُّور اللائح فِي اعْتِقَاد السّلف الصَّالح واللباب الْمُخْتَصر منثور الْعُقُود فِي تَجْرِيد الْحُدُود التَّنْقِيح فِي مَسْلَك التَّرْجِيح الْجمل فِي علم الجدل والاختصار فِي الْكَلَام على أَلْفَاظ تَدور بَين النظار نجدة السُّؤَال فِي عُمْدَة السُّؤَال الْإِنْصَاف فِي مسَائِل الْخلاف بَين نحاة الْبَصْرَة والكوفة أسرار الْعَرَبيَّة عُقُود الْإِعْرَاب حَوَاشِي الْإِيضَاح منثور الْفَوَائِد مِفْتَاح المذاكرة كلا وكلتا كتاب لَو كتاب مَا كتاب كَيفَ كتاب الْألف وَاللَّام كتاب فِي يعفون كتاب حلية الْعَرَبيَّة كتاب لمع الْأَدِلَّة الإغراب فِي علم الْإِعْرَاب شِفَاء السَّائِل فِي بَيَان رُتْبَة الْفَاعِل الْوَجِيز فِي التصريف الْبَيَان فِي جمع أفعل أخف الأوزان الْمُعْتَبر فِي الْفرق بَين الْوَصْف وَالْخَبَر المرتجل فِي إبِْطَال تَعْرِيف الْجمل جلاء الأوهام وجلاء الأفهام فِي مُتَعَلق الظّرْف فِي قَوْله تَعَالَى أحل لكم لَيْلَة الصّيام غَرِيب إِعْرَاب الْقُرْآن رُتْبَة الإنسانية فِي الْمسَائِل الخراسانية مقترح السَّائِل فِي ويل أمه كتاب الزهرة فِي اللُّغَة الأسمى فِي شرح الأسما كتاب حيص بيص حلية الْعُقُود فِي الْفرق بَين الْمَقْصُور والممدود كتاب ديوَان اللُّغَة زِينَة الْفُضَلَاء فِي الْفرق بَين الضَّاد والظاء الْبلْغَة فِي)
الْفرق بَين الْمُذكر والمؤنث كتاب النَّوَادِر كتاب الأضداد كتاب فعلت وأفعلت الْأَلْفَاظ الْجَارِيَة على لِسَان الْجَارِيَة قبسة الطَّالِب فِي شرح خطْبَة أدب الْكَاتِب تَفْسِير غَرِيب المقامات الحريرية شرح ديوَان المتنبي شرح الحماسة شرح السَّبع الطوَال شرح مَقْصُورَة ابْن دُرَيْد الْمَقْبُوض فِي الْعرُوض شرح الْمَقْبُوض الموجز فِي القوافي اللمْعَة فِي صَنْعَة الشّعْر نزهة الألباء فِي طَبَقَات الأدباء الْجَوْهَرَة فِي نسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الْعشْرَة تَارِيخ الأنبار نكت الْمجَالِس فِي الْوَعْظ نقد الْوَقْت بغية الْوَارِد التفريد فِي كلمة التَّوْحِيد أصُول الْفُصُول فِي التصوف نسمَة العبير فِي(18/148)
التَّعْبِير وَمن شعره الْبَسِيط
(إِذا ذكرتك كَاد الشوق يقتلني ... وأرقتني أحزان وأوجاع)
(وَصَارَ كلي قلوباً فِيك دامية ... للسقم فِيهَا وللآلام إسراع)
(فَإِن نطقت فكلي فِيك أَلْسِنَة ... وَإِن سَمِعت فكلي فِيك أسماع)
وَمِنْه الْخَفِيف
(دع فُؤَادِي من ذكر دعد وَهِنْد ... وبكائي مغنى العقيق ونجد)
(وادكاري أطلال رامة والجز ... ع فَذكر الأطلال مَا لَيْسَ يجدي)
(وارتياحي إِلَى الْحمى والأثيلا ... ت وَمَا فِيهِ من عرار ورند)
(واشتياقي إِلَى الْأَرَاك وَمَا ض ... م حماه من المها والربد)
(وَدَعَانِي بِذكر من سكن الخي ... ف فخيفي خوفي ونجدي وجدي)
(سوق شوق الحبيب يَحْدُو بقلبي ... نَحْو سوق الشوق المبرح وجدي)
(غيرَة أَن يحل فِيهِ سواهُ ... أَو يرى فِيهِ ذكر مولى وَعبد)
(هُوَ أنسي إِذا تبَاعد أنسي ... وجليسي إِذا ذكرت وَعِنْدِي)
(جلّ فِي الذَّات وَالصِّفَات عَن الح ... د وَفِي الطول أَن يحد بِحَدّ)
(عد عني ذكر الغواني وَهِنْد ... والمغاني بالجزع بِاللَّه عد)
وَمِنْه الْكَامِل
(الْعلم أوفى حلية ولباس ... وَالْعقل أوقى جنَّة الأكياس)
(كن طَالبا للعم تحيا فَإِنَّمَا ... جهل الْفَتى كالموت فِي الأرماس)
(وصن الْعُلُوم عَن المطامع كلهَا ... لترى بِأَن الْعِزّ عز الياس)
)
(وَالْعلم ثوب والعفاف طرازه ... ومطامع الْإِنْسَان كالأدناس)
(وَالْعلم نور يهتدى بضيائه ... وَبِه يسود النَّاس فَوق النَّاس)
3 - (الْحلْوانِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحلْوانِي أَبُو مُحَمَّد بن(18/149)
أبي الْفَتْح تفقه على أَبِيه وَفسّر الْقُرْآن الْكَرِيم فِي أحد وَأَرْبَعين جُزْءا وَحدث بِهِ وَكَانَ فَقِيها يُفْتِي وَينْتَفع بِهِ أهل محلته بالمأمونية فِي بغداذ وروى عَن وَالِده وَعلي بن الْحُسَيْن بن أَيُّوب البرَاز وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد الصَّيْرَفِي مولده سنة تسعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عمرَان بن علوان بن خزرج أَبُو مُحَمَّد الْحَنَفِيّ الْعِرَاقِيّ قدم دمشق وروى بهَا عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن يحيى الزبيدِيّ الْوَاعِظ وَعَن الْوَزير أبي المظفر يحيى بن هُبَيْرَة وَكتب عَنهُ أَبُو الْخَيْر سَلامَة ابْن إِبْرَاهِيم بن سَلامَة الْحداد إِمَام الْحَنَابِلَة بالجامع الْأمَوِي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره الْكَامِل
(مَا بَال قلبِي لَا يفِيق لدائه ... كم ذَا التَّمَادِي مِنْهُ فِي عميائه)
(يصف الرشاد وَلَا يصيخ لمرشد ... ويظل يخبط فِي دجى ظلمائه)
(حسب الْمُنَافِق أَن يكون مُخَالفا ... فِي فعله عَن قَوْله بريائه)
(مَا عذر من قطع الزَّمَان مشرقاً ... فِي طَاعَة الرَّحْمَن يَوْم لِقَائِه)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن منقذ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مرشد بن منقذ أَبُو الْحَارِث شمس الدولة الشيزري ابْن بَيت الْإِمَارَة والتقدم وَالْفضل وَالْأَدب قدم بغداذ رَسُولا عَن السُّلْطَان صَلَاح الدّين وروى بهَا شَيْئا من شعره وجهزه أَيْضا رَسُولا إِلَى ابْن تاشفين صَاحب مراكش ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس مائَة من شعره مجزوء الْكَامِل
(لَام العذول على هوا ... هـ فَقلت عذل لَا يُفِيد)
زَادَت ملاحته فقللوا من ملامي أَو فزيدوا
(قد جدد الوجد القدي ... م لدي عَارضه الْجَدِيد)
)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وأغيد مسب للعقول بِوَجْهِهِ ... وثغر تبدى دره من عقيقه)
(إِذا لدغت عقارب صُدْغه ... فَلَيْسَ شفائي غير درياق رِيقه)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ بن الْحُسَيْن أَبُو عَليّ توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة سمع جمَاعَة من أهل الْعلم(18/150)
مِنْهُم أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يَعْقُوب النجيرمي وَأَبُو سعيد السيرافي وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار السَّمْعَانِيّ فِي مصنفاته
الداوودي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن المظفر بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن أَحْمد بن معَاذ بن سهل بن الحكم بن شيرزاذ أَبُو الْحسن بن أبي طَلْحَة الداوودي البوشنجي جمال الْإِسْلَام وَشَيخ خُرَاسَان
كَانَ من الْأَئِمَّة الْكِبَار فِي معرفَة الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأَدب مَعَ علو الْإِسْنَاد وَله حَظّ من النّظم والنثر قَرَأَ الْفِقْه على الْقفال الْمروزِي وَأبي الطّيب سهل الصعلوكي وَأبي ظَاهر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحمش الزيَادي وَأبي بكر الطوسي وَأبي سعيد يحيى بن مَنْصُور وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي عَليّ الفلجردي وَصَحب الْأُسْتَاذ أَبَا عَليّ الدقاق وَأَبا عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وفاخر السجْزِي الضَّرِير وَيحيى بن عمار وَقدم بغداذ وَقَرَأَ على أبي حَامِد الإسفرييني حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَسمع من أَحْمد بن مُحَمَّد بن الصلب وَعبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن مهْدي وَعلي بن عمر التمار وَغَيرهم وَعَاد إِلَى بوشنج وَأخذ فِي التدريس وَالْفَتْوَى والتصنيف وَعقد مجَالِس التَّذْكِير وَرِوَايَة الحَدِيث إِلَى أَن توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ مولده سنة أَربع وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَمن شعره السَّرِيع
(كَانَ اجْتِمَاع النَّاس فِيمَا مضى ... يُورث الْبَهْجَة والسلوة)
(فَانْقَلَبَ الْأَمر إِلَى ضِدّه ... فَصَارَت السلوة فِي الْخلْوَة)
وَمِنْه الْخَفِيف
(كَانَ فِي الِاجْتِمَاع من قبل نور ... فَمضى النُّور وادلهم الظلام)
(فسد النَّاس وَالزَّمَان جَمِيعًا ... فعلى النَّاس وَالزَّمَان السَّلَام)
)
وَمِنْه الرجز المجزوء
(إِن شِئْت عَيْشًا طيبا ... صفواً بِلَا مُنَازع)
(فاقنع بِمَا أُوتِيتهُ ... فالعيش عَيْش القانع)
3 - (ابْن دوست)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَزِيز بن يزِيد الْحَاكِم أَبُو(18/151)
سيعد بن دوست ودوست لقب جده مُحَمَّد أحد الْأَعْيَان الْأَئِمَّة بخراسان فِي الْعَرَبيَّة سمع الدَّوَاوِين وحصلها وصنف التصانيف المفيدة وأقرأ النَّاس الْأَدَب والنحو وَله رد على الزجاجي فِيمَا استدركه على ابْن السّكيت فِي إصْلَاح الْمنطق وَكَانَ زاهداً عَارِفًا فَاضلا وَعنهُ أَخذ الواحدي اللُّغَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ أطروشاً لَا يسمع شَيْئا وَكَانَ يقْرَأ على الْحَاضِرين مَجْلِسه بِنَفسِهِ وَكَانَ أوجه من قَرَأَ اللُّغَة على إِسْمَاعِيل الْجَوْهَرِي وَمن شعره الهزج
(أَلا يَا ريم أَخْبرنِي ... عَن التفاح من عضه)
(وَحدث بِأبي عَن حب ... ك الْبكر من افتضه)
(وَختم الله بالورد ... على خديك من فضه)
(لقد أثرت العض ... ة فِي وجنتك الغضه)
(كَمَا يكْتب بالعنب ... ر فِي جَام من الفضه)
وَمن شعره السَّرِيع
(وشادن نادمت فِي مجْلِس ... قد مطرَت رَاحا أباريقه)
(طلبت وردا فَأبى خَدّه ... ورمت رَاحا فَأبى رِيقه)
وَمِنْه الرجز المجزوء
(وشادن قلت لَهُ ... هَل لَك من المنادمة)
(فَقَالَ كم عاشق ... سفكت بالمنى دَمه)
وَمِنْه الْبَسِيط
(عَلَيْهِ بِالْحِفْظِ دون الْجمع فِي كتب ... فَإِن للكتب آفاتٍ تفرقها)
(المَاء يغرقها وَالنَّار تحرقها ... والفار يخرقها واللص يسرقها)
3 - (الْحَافِظ الإدريسي)
)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِدْرِيس بن حسن بن متويه الْحَافِظ أَبُو سعيد الإدريسي الأسترابادي نزيل سَمَرْقَنْد رَحل وَأكْثر وصنف تَارِيخ سَمَرْقَنْد وتاريخ استراباد وَجمع الْأَبْوَاب والشيوخ وَثَّقَهُ الْخَطِيب(18/152)
وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْحصار الطليطلي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَيَّاش بن جوشن أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ عرف بِابْن الْحصار الطليطلي خطيبها حدث وعني بالرواية وَجمع وَكَانَت إِلَيْهِ الرحلة وَهُوَ ثِقَة صَدُوق صبور على النّسخ ذكر أَنه نسخ مُخْتَصر ابْن عبيد وعارضه فِي يَوْم وَاحِد وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْمطرف ابْن فطيس)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس الْعَلامَة أَبُو الْمطرف قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة سمع وروى وَكَانَ من جهابذة الْمُحدثين وكبار الْحفاظ بِيعَتْ كتبه بِأَرْبَعِينَ ألف دِينَار وَكَانَ لَهُ سِتَّة وراقين ينسخون دَائِما وصنف كتاب الْقَصَص وَأَسْبَاب النُّزُول وَهُوَ فِي مائَة جُزْء وفضائل الصَّحَابَة فِي مائَة جُزْء وفضائل التَّابِعين فِي مائَة جُزْء وَخمسين جُزْء والناسخ والمنسوخ ثَلَاثُونَ جُزْءا وَالإِخْوَة من أهل الْعلم وَالصَّحَابَة وَمن بعدهمْ فِي أَرْبَعِينَ جُزْءا وأعلام النُّبُوَّة وَدلَالَة الرسَالَة عشرَة أسفار كرامات الصَّالِحين ثَلَاثُونَ جُزْءا مِنْهُ حَدِيث مُحَمَّد بن وطس فِي خمسين جُزْءا ومسند قَاسم بن أصبغ العوالي فِي سِتِّينَ جُزْءا وَالْكَلَام على الْإِجَازَة والمناولة فِي عدَّة أَجزَاء توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْوَزير أَبُو مطرف اللَّخْمِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْكَبِير بن وَافد بن مهند اللَّخْمِيّ الْوَزير أَبُو الْمطرف أحد أَشْرَاف الأندلس وَذَوي السّلف الصَّالح والسابقة الْقَدِيمَة عني عناية بَالِغَة بِقِرَاءَة كتب جالينوس وتفهمها ومطالعة كتب أرسططاليس وَغَيره من الْحُكَمَاء وَمهر فِي علم الْأَدْوِيَة وَجمع فِيهَا كتابا جَلِيلًا لَا نَظِير لَهُ فِي حسن التَّرْتِيب جمعه فِي عشْرين سنة وَله فِي الطِّبّ منزع لطيف وَمذهب نبيل كَانَ لَا يرى التَّدَاوِي بالأدوية مَا أمكن التَّدَاوِي بالأغذية أَو كَانَ قَرِيبا مِنْهَا فَإِذا دعت الضَّرُورَة إِلَى الدَّوَاء لَا يرَاهُ بالمركب فَإِن اضْطر إِلَى الْمركب لم يره بِمَا كثر تركيبه
وَله نَوَادِر مَحْفُوظَة وغرائب مَشْهُورَة فِي الْإِبْرَاء من الْعِلَل الصعبة والأمراض المخيفة بأيسر)
علاج واستوطن طليطلة
ومولده سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَكَانَ حَيا سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَله كتاب الْأَدْوِيَة(18/153)
المفردة وَكتاب الوساد فِي الطِّبّ كتاب تدقيق النّظر فِي عِلّة حاسة الْبَصَر كتاب المغيب
3 - (أَبُو مُحَمَّد المكناسي الْكَاتِب)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد المكناسي الْكَاتِب الأديب قَالَ ابْن الْآبَار ختمت بِهِ البلاغة بالأندلس وَرَأس فِي الْكِتَابَة وديوان رسائله بأيدي النَّاس يتنافسون فِيهِ وَكتب لأبي عبد الله مُحَمَّد بن سعد وَغَيره من الْأُمَرَاء وَمَات كهلاً سنة إِحْدَى وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب بن محسن أَبُو مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ مُسْند الأندلس فِي عصره قَالَ ابْن بشكوال هُوَ آخر الشُّيُوخ الجلة الأكابر بالأندلس فِي علو الْإِسْنَاد وسعة الرِّوَايَة جمع كتابا حفلاً فِي الزّهْد وَالرَّقَائِق
3 - (ابْن حُبَيْش الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن أبي عِيسَى القَاضِي أَبُو الْقَاسِم بن حُبَيْش الْأنْصَارِيّ الأندلسي المرسي نزيل مرسية وحبيش خَاله
برع فِي النَّحْو وَولي الْقَضَاء بِجَزِيرَة شقر ثمَّ نقل إِلَى قَضَاء مرسية وخطابتها وَكَانَ أحد الْأَئِمَّة بالأندلس فِي الحَدِيث وغريبه ولغته وَله الْمَغَازِي فِي عدَّة مجلدات وملكته بِخَطِّهِ وَهُوَ فِي مجلدين وخطه جيد فِي المغربي طبقَة وَطَالَ عمره وَكَاد النَّاس يهْلكُونَ من الزحمة على قَبره توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم القوصي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن سُلَيْمَان وجيه الدّين أَبُو الْقَاسِم القوصي تفقه لأبي حنيفَة وَسمع من ابْن بري وَعلي بن هبة الله الكاملي ومحمود بن أَحْمد الصَّابُونِي وَعبد الْخَالِق بن فَيْرُوز الْجَوْهَرِي وَالْمُسلم بن عَلان وَأبي مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ الدِّمَشْقِي وَإِسْمَاعِيل بن صَالح بن ياسين وَجَمَاعَة وَأخذ الْقرَاءَات عَن أبي الجيوش عَسَاكِر وجاور بِمَكَّة ودرس بهَا ودرس بِالْمَدْرَسَةِ العاشورية بحارة زويلة بِالْقَاهِرَةِ وَحدث وصنف وَكَانَ أحد الْفُقَهَاء ولد بقوص سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين)
وست مائَة وَكَانَ شَاعِرًا وَمن شعره(18/154)
تَاج الدّين التبريزي الشَّافِعِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الإِمَام الْقدْوَة العابد المتبع الْمُذكر تَاج الدّين ابْن الإِمَام أفضل الدّين أبي حَامِد التبريزي الشَّافِعِي الْوَاعِظ أحد من قَامَ بالإنكار على رشيد الدولة وَزِير التتار وَطعن فِي نحلته وفلسفته فَمَا أقدم الرشيد عَلَيْهِ وَأعْرض عَنهُ لِوَقْعِهِ فِي نفوس أهل تبريز وَكَانَ سلفياً قوالاً بِالْحَقِّ ذَا سكينَة وإخلاص قدم دمشق حَاجا بِأَبِيهِ وَأَوْلَاده فَسَار وَرجع مَعَ الركب الْعِرَاقِيّ فأدركه أَجله ببغداذ سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة وَله ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة
3 - (ابْن عَسْكَر البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَسْكَر البغداذي مدرس المستنصرية ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ شيخ الْمَالِكِيَّة شهَاب الدّين روى عَن ذِي الفقار مُحَمَّد بن شرف الْعلوِي مُسْند الشَّافِعِي بِسَمَاعِهِ من ابْن الخازن وَسمع من عَليّ بن مُحَمَّد الأسدآبادي وَعز الدّين الفاروثي والعماد بن الطبال وَسمع فِي الْحجاز من زين الدّين بن الْمُنِير قصيدة وَأخذ عَنهُ الشّرف ابْن الكازروني وَأَبُو الْخَيْر الذهلي وَولده الْفَقِيه شرف الدّين أَحْمد الَّذِي درس بعده وَكَانَ صَاحب أَخْلَاق وتصوف ولطف يشْهد السماع ويتواجد وَلَا يُرَاعِي ناموساً وَلَا ملبوساً سَافر وَدخل الْيمن وَله مصنفات فِي الْمَذْهَب وَفِي الدَّعْوَات وَله عُمْدَة الناسك وَغير ذَلِك من التواليف وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وَبعد صيته
3 - (أَبُو مُحَمَّد البعلبكي الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف البعلبكي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الْمُحدث الْمُفِيد فَخر الدّين عين الطّلبَة أَبُو مُحَمَّد قَارِئ الكراسي ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة سمع من الْفَخر فِي الْخَامِسَة وَمن ابْن الوَاسِطِيّ وَابْن القواس ثمَّ طلب بِنَفسِهِ سنة خمس وَسبع مائَة ورحل وَكتب وتعب وَخرج وتميز ودرس الْفِقْه وَغير ذَلِك وَكَانَ فِيهِ دين وَخير ونفع للعامة
3 - (الدّباغ القيرواني)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ المؤرخ الْمُحدث أَبُو زيد(18/155)
الْأنْصَارِيّ الْأَسدي القيرواني المعمر صَاحب تَارِيخ القيروان ولد بهَا سنة خمس وست مائَة وتوفِّي سنة تسع وَتِسْعين)
وست مائَة وَأخذ عَن عبد الرَّحْمَن بن طَلْحَة وَعبد السَّلَام بن عبد الْغَالِب الصُّوفِي وَطَائِفَة
وَأَجَازَ لَهُ ابْن رواج وَابْن الجميزي وسبط السلَفِي وَجَمَاعَة وَخرج لَهُ أَرْبَعِينَ تساعيات بِالْإِجَازَةِ سمع مِنْهُ مُحَمَّد بن جَابر الْوَادي آشي وَتُوفِّي فِي بَلَده
3 - (تَاج الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ تَاج الدّين ابْن الإِمَام الْعَلامَة القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي تقدم ذكر وَالِده فِي مَكَانَهُ قَرَأَ تَاج الدّين الْمَذْكُور الْمِنْهَاج للشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ فِي الْأُصُول وناب عَن وَالِده فِي العادلية الصَّغِيرَة وَفِي الرواحية واستقل هُوَ بتدريس الدولعية لما نزل لَهُ عَنْهَا وَالِده وَحج مَعَ وَالِده سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وجاور وَالِده وَقدم هُوَ صُحْبَة الركب إِلَى دمشق وَكَانَ هشاً بشاً فِيهِ كيس وذوق وتعصب مَعَ النَّاس وَله مُرُوءَة وَعِنْده كرم وَفِي كل قَليلَة يعْمل للفقهاء دَعْوَة وَيحسن إِلَى أَصْحَابه وَتُوفِّي رَحمَه الله بالطاعون فِي شهر رَمَضَان الْمُعظم سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة شَابًّا تَقْدِير عمره ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة وتأسف أَصْحَابه وَمن يعرفهُ عَلَيْهِ
3 - (ابْن سنينيرة)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي الْقَاسِم بن بخمش أَبُو المظفر بن أبي سعد جمال الدّين الوَاسِطِيّ الشَّاعِر الْمَشْهُور بِابْن سنينيرة تَصْغِير سنورة ولد سنة سبع أَو تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بواسط وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وست مائَة كَانَ يطوف الْبِلَاد وَدخل حلب ومدح الظَّاهِر غازياً وَجرى لَهُ مَعَه قَضِيَّة ذكرتها فِي تَرْجَمَة ابْن خروف عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَكَانَ عسر الْأَخْلَاق صَعب الممارسة كثير الدعاوي لَا يعْتَقد فِي أحد من أقرانه من الشُّعَرَاء مثل الأبله وَابْن الْمعلم وَغَيرهمَا شَيْئا وَيَقُول أَنا أسحب ذيلي عَلَيْهِم فضلا ومزية وَأنْشد الْملك الظَّاهِر قصيدة يذكر فِيهَا الْقَنَاة الَّتِي أجراها بحلب وَهِي الْكَامِل
(دون الصراة بَدَت لنا صور الدما ... لَا أَدَم صيران الصريم وَلَا الْحمى)(18/156)
(غيد هززن من القدود ذوابلاً ... لدنا ورشن من اللواحظ أسهما)
(عنت وَكم دون الْحَرِيم أحل من ... دم عاشق عان وَكَانَ محرما)
(فنهبن أنقاء الصريم روادفاً ... ووهبن إيماض البروق تبسما)
(وأعرن أنفاس النسيم من الصِّبَا ... أرجاً أَبَت أسراره أَن يكتما)
)
(وعَلى أوانا كم ونى يَوْم النَّوَى ... جلد وعهد هوى وهى وتصرما)
(أأميم لَوْلَا فرط صدك لم أهم ... ظمأً وَلَا ألما إِلَى رشف اللمى)
(وَلما وقفت بسفح سلمى منشداً ... أمحلتي سلمى بكاظمة اسلما)
(خلفتني بَين التجني والقلى ... لَا ممعناً هرباً وَلَا مستسلما)
(وتركتني تفني الزَّمَان تعللاً ... نَفسِي بِذكر عَسى وسوف ولعلما)
(وَلكم طرقتك زَائِرًا فَجعلت لي ... دون الوسادة والمهاد المعصما)
(ومنحتني ضماً ولثماً لم يكن ... حَوْض العفاف بورده متهدما)
(فاليوم طيفك لَو ألم لبخله ... بالصب فِي سنة الْكرَى مَا سلما)
(يَا سعد إِن حلاوة الْعَيْش الَّتِي ... قد كنت تعهدها استحالت علقما)
(سر بِي فلي فِي السرب قلب سَار فِي ... أثر الْفَرِيق مقوضاً ومخيما)
(قد فَازَ بالقدح الْمُعَلَّى من أَتَى ... نهر الْمُعَلَّى زَائِرًا وَمُسلمًا)
(لَو لم تكن تِلْكَ القباب منازلا ... مَا قابلت فِيهَا البدور الأنجما)
(يَا سَاكِني دَار السَّلَام عَلَيْكُم ... مني التَّحِيَّة معرقاً أَو مشئما)
(وعَلى حمى حلب فَإِن مليكها ... مَا زَالَ صبا بالمكارم مغرما)
(قرم ترى فِي الدرْع مِنْهُ لَدَى الوغى ... ذَا لبدة قرماً وصلا أرقما)
(وَيضم مِنْهُ الدست فِي يَوْم الوغى ... بحراً طمى كرماً وطوداً أَيهمَا)
مِنْهَا
(روى ثرى حلب فَعَادَت رَوْضَة ... أنفًا وَكَانَت قبله تَشْكُو الظما)
(أَحْيَا رفات عفاتها فَكَأَنَّهُ ... عِيسَى بِإِذن الله أَحْيَا الأعظما)
(لَا غرو إِن أجْرى الْقَنَاة جداولاً ... فلطالما بقناته أجْرى الدما)
(وبكفه للآملين أنامل ... مِنْهَا الْعباب أَو السَّحَاب إِذا هما)
وَقَالَ الطَّوِيل
(رَآنِي جليداً وَهُوَ شمس منيرة ... فذبت وبالشمس الجليد يذوب)(18/157)
3 - (ابْن قرطاس القوصي)
عبد الرَّحْمَن بن مَحْمُود مجد الدّين بن قرطاس القوصي أديب فَاضل سمع الحَدِيث بِالْقَاهِرَةِ)
على أَشْيَاخ عصره وَقَرَأَ النَّحْو على الْعَلامَة أثير الدّين وتأدب على الطوفي الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ صدر الدّين بن الْوَكِيل والأمير مجير الدّين عمر بن اللمطي وَتَوَلَّى الخطابة بِجَامِع الصارم بقوص وَكَانَ صوفياً وعلق تعاليق كَثِيرَة وَاخْتَارَ دواوين ووقف كتبه بِالْمَدْرَسَةِ السابقية بقوص وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة وَقَالَ يرثي مجير الدّين بن اللمطي بقصيدة أَولهَا الْكَامِل
(كأس الْحمام على الْأَنَام تَدور ... يسقى بهَا ذُو الصحو والمخمور)
مِنْهَا
(يزهى بِهِ النعش الَّذِي هُوَ فَوْقه ... وكذاك يزهى بالأمير سَرِير)
3 - (أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مخلد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن بَقِي بن مخلد أَبُو الْحسن الْقُرْطُبِيّ سمع من أَبِيه وَأَجَازَ لَهُ جده وَكَانَ مليح الْخط درباً بِالْقضَاءِ توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن مخلوف الإسكندري)
عبد الرَّحْمَن بن مخلوف بن عبد الرَّحْمَن بن مخلوف بن جمَاعَة بن رَجَاء الربعِي الإسكندري الْمَالِكِي الشَّيْخ الْعَالم الْعدْل الْخَيْر المعمر الْمسند محيي الدّين أَبُو الْقَاسِم ولد سنة تسع وَعشْرين وست مائَة أَو نَحْوهَا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسبع مائَة سمع من جَعْفَر الْهَمدَانِي وَعلي بن زيد التسارسي وَابْن رواح وَطَائِفَة وَتفرد بأجزاء عالية سلفية وَله بصر بِالشُّرُوطِ وَتقدم فِيهَا سمع مِنْهُ الواني وَابْن سيد النَّاس وَابْن ربيع المصغوني وَسمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين خمس مجَالِس تعرف بالسلماسية وَمن سَمَاعه الثَّالِث من الثقفيات على التسارسي وَالدُّعَاء للمحاملي على جعيفر
3 - (أَبُو سهل التنوخي الشَّاعِر)
عبد الرَّحْمَن بن مدرك بن عَليّ أَبُو سهل التنوخي المعري الشَّاعِر زلزلت حماة فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَخمسين وَخمْس مائَة فَهَلَك جمَاعَة تَحت الرَّدْم مِنْهُم أَبُو سهل روى عَنهُ من شعره أَبُو الْيُسْر شَاكر التنوخي الْكَاتِب مقطعات مِنْهَا قَوْله المنسرح
(سارقته نظرة أَطَالَ بهَا ... عَذَاب قلبِي وَمَا لَهُ ذَنْب)(18/158)
(يَا جور حكم الْهوى وَيَا عجبا ... تسرق عَيْني وَيقطع الْقلب)
)
3 - (أَبُو الْقَاسِم بن مرهف)
عبد الرَّحْمَن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى بن عبد الْمجِيد الإِمَام البارع تَقِيّ الدّين أَبُو الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي النَّاشِرِيّ الْمُقْرِئ ولد سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَقَرَأَ على أبي الْجُود انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الإقراء بِجَامِع مصر
3 - (عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان)
3 - (ابْن المنجم الْوَاعِظ)
عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان بن سَالم بن الْمُبَارك أَبُو مُحَمَّد التنوخي المعري ابْن المنجم الْوَاعِظ قدم بغداذ وَعَلِيهِ مسح على هَيْئَة السياح فَصَارَ لَهُ ناموس عَظِيم وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بدار السُّلْطَان وَحضر السُّلْطَان مَجْلِسه وَصَارَ لَهُ الجاه التَّام ونفذه الْخَلِيفَة رَسُولا إِلَى الْموصل واشتهر ذكره ونمى خَبره وَكَانَ مشتهراً بتزويج الْأَبْكَار وَأكْثر من ذَلِك حَتَّى قيلت فِيهِ الْأَشْعَار وَصَارَ لَهُ جوَار يَقِين عَلَيْهِنَّ وَخرج من بغداذ هَارِبا من أَيدي الْغُرَمَاء وَدخل الشَّام وَأقَام بِدِمَشْق إِلَى أَن توفّي سنة سبع وَخمسين وَخمْس مائَة وَقد جَاوز السّبْعين
وَكَانَ يعظ بِدِمَشْق ونفقت سوقه بهَا وَلم يتْرك الْوَعْظ فِي الأعزية أَتَاهُ يَوْمًا صَغِير ليتوب على يَده فَحَمله على كتفه وَقَالَ الرجز
(هَذَا صَغِير مَا أَتَى صَغِيرَة ... فَهَل كَبِير ركب الكبائرا)
فَضَجَّ أهل الْمجْلس بالبكاء وَكَانَ يظْهر لكل طَائِفَة أَنه مِنْهُم حرصاً على التَّحْصِيل وَعمل عزاء أَمِير الْمُؤمنِينَ المقتفى لأمر الله فِي الْجَامِع الْأمَوِي بِدِمَشْق فَقَامَ فِي التَّعْزِيَة ورثاه بِأَبْيَات فَخلع عَلَيْهِ صدر الْمجْلس ثَوْبه فَذكر عَادَته فِي الكدية وعرج عَمَّا كَانَ فِيهِ من التَّعْزِيَة إِلَى استدعاء مُوَافقَة الْحَاضِرين فَخلع عَلَيْهِ بَعضهم فَقَالَ ذَلِك الْيَوْم فِيهِ الْعِمَاد الْكَاتِب المُعري لَا المَعري يَعْنِي بِضَم الْمِيم لَا فتحهَا قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب يَعْنِي ابْن المنجم الْوَاعِظ قَالَ بديهاً وسمعني أنْشد بعض الْأَصْحَاب قِطْعَة سَمعتهَا فِي الجرب من جُمْلَتهَا مجزوء الْخَفِيف دب فِي الْجِسْم والتهب(18/159)
فَقطع عَليّ الإنشاد وَأَنْشَأَ فَهُوَ كالنار فِي الْحَطب)
ثمَّ قَالَ كالنار فِي الغرب فَإِنَّهُ أغرب
(صحت من حر ناره ... صَيْحَة السخط وَالْغَضَب)
(مُتْعب قلبِي الجرب ... ومطيل بِي النصب)
(فَمَتَى يأمل الخلا ... ص معنى بِهِ تَعب)
(مطرَت قلبه الهمو ... م فأودت بِهِ السحب)
(فَهُوَ مَا فَوق جِسْمه ... طافيات من الحبب)
مَا قصر فِي تَشْبِيه الجرب بالحبب وأنشدني أَيْضا الهزج
(وَلما أصبح الْوَصْل ... صَحِيحا مَا بِهِ دَاء)
(أَتَى الهجر فَلَا سين ... وَلَا هَاء وَلَا لاء)
(وَلَا مِيم وَلَا رَاء ... وَلَا حاء وَلَا يَاء)
وَمن شعره الوافر
(حبيب لست أنظرهُ بعيني ... وَفِي قلبِي لَهُ حب شَدِيد)
(أُرِيد وصاله وَيُرِيد هجري ... فأترك مَا أُرِيد لما يُرِيد)
وَمِنْه مجزوء الْخَفِيف
(جَارة قد أجارها ال ... حسن من كل جَانب)
(فَهِيَ بَين النِّسَاء كال ... بدر بَين الْكَوَاكِب)
وَمِنْه مجزوء الرمل
(أُفٍّ للدنيا وتف ... كل من فِيهَا يلف)
(مثل خياط حَرِيص ... كلما شل يكف)
وَمِنْه فِي فرس أدهم الوافر
(وأدهم يستعير اللَّيْل مِنْهُ ... وتطلع بَين عَيْنَيْهِ الثريا)
(إِذا لَاحَ الصَّباح يطير طيراً ... وتطوى دونه الأفلاك طيا)
وَمِنْه الْبَسِيط
(وشارب مثل نصف الصَّاد صَاد بِهِ ... قلبِي رشاً ثغره أنقى من الْبرد)(18/160)
(كَأَنَّمَا خَاله من فَوق وجنته ... سَواد عين بدا فِي حمرَة الرمد)
)
وَمِنْه الطَّوِيل
(أرى حب ذَات الطوق يزْدَاد لوعة ... إِذا نحت أَو ناح الْحمام المطوق)
(وقلبي على جمر الْمحبَّة مُودع ... وإنسان عَيْني بالمدامع يغرق)
(سعى الدَّهْر مَا بيني وَبَين أحبتي ... فغربت لما فارقوني وشرقوا)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو عَوْف البغداذي)
عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان بن عَطِيَّة أَبُو عَوْف البغداذي الْبزورِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْمطرف القنازعي)
عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْمطرف الْأنْصَارِيّ القنازعي الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي نشر الْعلم وأقرأ الْقُرْآن وَكَانَ عَالما عَاملا فَقِيها حَافِظًا ورعاً متقشفاً صنف شرح الْمُوَطَّأ وَكَانَ لَهُ معرفَة باللغة وَالْأَدب وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (شمس الدّين الْحَارِثِيّ الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود بن أَحْمد الْعَلامَة شيخ الْحَنَابِلَة شمس الدّين ابْن قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الْحَارِثِيّ الْمصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة سمع من الْعِزّ الْحَرَّانِي وغازي وبدمشق من الْفَخر عَليّ وَجَمَاعَة وبرع فِي الْمَذْهَب وَأخذ النَّحْو عَن ابْن النّحاس وَالْأُصُول عَن ابْن دَقِيق الْعِيد ودرس وَأفْتى وناظر وتصدر للإفادة مَعَ الدّيانَة والصيانة وَالْوَقار والسمت الصَّالح وَالْقُوَّة فِي الصدْق وَكَانَ مَعَه مدارس كبار وَحج غير مرّة وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي)
عبد الرَّحْمَن بن مُسلم أَبُو مُسلم وَقيل إِبْرَاهِيم بن(18/161)
عُثْمَان بن يسَار الْخُرَاسَانِي صَاحب الدعْوَة كَانَ قَصِيرا أسمر جميلاً حلواً نقي الْبشرَة أحور الْعين عريض الْجَبْهَة حسن اللِّحْيَة طَوِيل الشّعْر طَوِيل الظّهْر خافض الصَّوْت فصيحاً بالعربي والفارسي حُلْو الْمنطق راوية للشعر عَالما بالأمور لم ير ضَاحِكا وَلَا مازحاً إِلَّا فِي وقته وَلَا يكَاد يقطب فِي شَيْء من أَحْوَاله تَأتيه الفتوحات العظائم فَلَا يظْهر عَلَيْهِ أثر السرُور وتنزل بِهِ الفادحة فَلَا يرى مكتئباً لَا يَأْتِي)
النِّسَاء فِي السّنة إِلَّا مرّة وَيَقُول الْجِمَاع جُنُون وَيَكْفِي الْإِنْسَان أَن يجن فِي السّنة مرّة وَاحِدَة
ولد سنة مائَة من الْهِجْرَة وَقتل سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَأول ظُهُوره بمرو وَكَانَ فِي سنة تسع وَعشْرين ظهر فِي خمسين رجلا ويروى أَنه من ولد بزرجمهر ولد بأصبهان وَنَشَأ بِالْكُوفَةِ وروى عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَعَن ثَابت الْبنانِيّ وَابْن الزبير وَإِسْمَاعِيل السّديّ وَمُحَمّد بن عَليّ العباسي وَجَمَاعَة كَانَ اسْمه إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم الإِمَام غير اسْمك فَسمى نَفسه عبد الرَّحْمَن قيل إِن أَبَاهُ رأى فِي نَومه كَأَنَّهُ جلس للبول فَخرج من إحليله نَار وَارْتَفَعت فِي السَّمَاء وسدت الْآفَاق وأضاءت الأَرْض وَوَقعت بِنَاحِيَة الْمشرق فَقص رُؤْيَاهُ على عِيسَى بن معقل الْعجلِيّ فَقَالَ لَهُ مَا اشك أَن فِي بطن جاريتك غُلَام وَكَانَت جَارِيَته حَامِلا فَوضعت أَبَا مُسلم فَلَمَّا ترعرع اخْتلف مَعَ وَلَده إِلَى الْمكتب فَخرج أديباً لبيباً أريباً يشار إِلَيْهِ فِي صغره فَاجْتمع بِجَمَاعَة من نقباء الإِمَام مُحَمَّد بن عَليّ بن الْعَبَّاس الخراسانية فَأَعْجَبَهُمْ عقله وأدبه وَكَلَامه ومعرفته وَمَال هُوَ إِلَيْهِم وَخرج مَعَهم إِلَى مَكَّة فأورد النُّقَبَاء على إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِمَام وَقد تولى الْإِمَامَة بعد وَفَاة أَبِيه عشْرين ألف دِينَار ومائتي ألف دِرْهَم وأهدوا إِلَيْهِ أَبَا مُسلم فأعجب بمنطقه وأدبه وَقَالَ لَهُم هَذَا عضلة من العضل وَأقَام بخدمه سفرا وحضراً ثمَّ إِن النُّقَبَاء عَادوا إِلَى إِبْرَاهِيم وسألوه رجلا يقوم بِأَمْر خُرَاسَان فَقَالَ إِنِّي جربت هَذَا الْأَصْبَهَانِيّ وَعرفت بَاطِنه وَظَاهره فَوَجَدته حجرا لأرض فَدَعَا أَبَا مُسلم وقلده(18/162)
أَمر خُرَاسَان وَكَانَ إِبْرَاهِيم قد أرسل إِلَى أهل خُرَاسَان سُلَيْمَان بن كثير الْحَرَّانِي يَدعُوهُم إِلَى أهل الْبَيْت فَلَمَّا بعث أَبَا مُسلم أَمر من هُنَاكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وَأمره أَن لَا يُخَالف سُلَيْمَان فَكَانَ أَبُو مُسلم يخْتَلف مَا بَين إِبْرَاهِيم وَسليمَان وَكَانَ مَرْوَان بن مُحَمَّد يحتال على الْوُقُوف على حَقِيقَة الْأَمر وَإِلَى من يَدْعُو أَبُو مُسلم فَلم يزل حَتَّى ظهر لَهُ أَن الدُّعَاء لإِبْرَاهِيم فَأرْسل مَرْوَان وَقبض عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْد إخْوَته بالحميمة وأحضره إِلَى حران فأوصى إِبْرَاهِيم لِأَخِيهِ عبد الله السفاح وَقتل إِبْرَاهِيم الإِمَام على مَا مر فِي تَرْجَمته وَأخذ أَبُو مُسلم يَدْعُو إِلَى عبد الله السفاح وَلما ظهر بمرو كَانَ الْوَالِي بخراسان نصر بن سيار اللَّيْثِيّ فَكتب نصر إِلَى مَرْوَان الطَّوِيل
(أرى جذعاً إِن يَئِن لم يَقوَ رَيِّضٌ ... عَلَيْهِ فبادِر قَبلَ أَن يثني الْجذع)
وَكَانَ مَرْوَان مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ من الْخَوَارِج بالجزيرة الفراتية وَغَيرهَا مِنْهُم الضَّحَّاك بن قيس الحروري وَغَيره فَلم يجبهُ عَن كِتَابه فَكتب إِلَيْهِ ثَانِيَة قَول ابْن مَرْيَم عبد الله بن إِسْمَاعِيل)
البَجَلي الْكُوفِي وَكَانَ لَهُ مكتب بخراسان الوافر
(أرى خلل الرماد وميض جمر ... ويوشك أَن يكون لَهَا ضرام)
(فَإِن النَّار بالزندين تورى ... وَإِن الْحَرْب أَولهَا كَلَام)
(لَئِن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام)
(أَقُول من التَّعَجُّب لَيْت شعري ... أأيقاظ أُميَّة أم نيام)
(فَإِن كَانُوا لحينهم نياماً ... فَقل قومُوا فقد حَان الْقيام)
فَكتب مَرْوَان الْجَواب نمنا حِين وليناك خُرَاسَان وَالشَّاهِد يرى مَا لَا يرى الْغَائِب فاحسم الشولول قبلك فَقَالَ نصر قد أعلمكُم أَن نصر عِنْده ثمَّ كتب ثَالِثا فَأَبْطَأَ الْجَواب عَنهُ وقويت شَوْكَة أبي مُسلم وهرب نصر من خُرَاسَان فَمَاتَ بِنَاحِيَة ساوة ووثب أَبُو مُسلم على عَليّ بن جديع بن عَليّ الْكرْمَانِي فَقتله بنيسابور بعد أَن قَيده وحبسه وَقعد فِي الدست وَسلم عَلَيْهِ بالإمرة وَصلى وخطب ودعا للسفاح وصفت لَهُ خُرَاسَان وانقطعت عَنْهَا ولَايَة بني أُميَّة ثمَّ أَنه سير العساكر لقِتَال مَرْوَان وَظهر السفاح بِالْكُوفَةِ وبويع بالخلافة وتجهزت العساكر لمروان وَعَلَيْهَا عبد الله بن عَليّ بن الْعَبَّاس فَتقدم مَرْوَان إِلَى الزاب وَهُوَ نهر بَين الْموصل وإربل وَكَانَت الْوَقْعَة على كساف وانكسر عَسْكَر مَرْوَان فَتَبِعَهُ عبد الله بن عَليّ بجيوشه فهرب إِلَى مصر فَأَقَامَ عبد الله بِدِمَشْق وَأرْسل وَرَاءه جَيْشًا بصبغ الْأَصْفَر فَأدْرك مَرْوَان عِنْد قَرْيَة بوصير بالفيوم وَقتل على مَا يذكر فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى واجتز رَأسه وبعثوه إِلَى(18/163)
السفاح فَبَعثه إِلَى أبي مُسلم وَأمره أَن يطِيف بِهِ فِي بِلَاد خُرَاسَان
وَكَانَ السفاح كثير التَّعْظِيم لأبي مُسلم لما صنعه وَدبره وَكَانَ أَبُو مُسلم ينشد الْبَسِيط
(أدْركْت بالحزم والكتمان مَا عجزت ... عَنهُ مُلُوك بني مَرْوَان إِذْ حشدوا)
(مَا زلت أسعى بجهدي فِي دمارهم ... وَالْقَوْم فِي غَفلَة بِالشَّام قد رقدوا)
(حَتَّى ضربتهم بِالسَّيْفِ فانتبهوا ... من نومةٍ لم ينمها قبلهم أحد)
(وَمن رعى غنما فِي أَرض مسبعةٍ ... ونام عَنْهَا تولى رعيها الْأسد)
وَلما مَاتَ السفاح وَتَوَلَّى أَخُوهُ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور صدرت من أبي مُسلم أَسبَاب وقضايا غيرت قلب الْمَنْصُور عَلَيْهِ فعزم على قَتله وَبَقِي حائراً فِي أمره بَين الاستبداد بِرَأْيهِ أَو الاستشارة فِي أمره فَقَالَ يَوْمًا لسلم بن قُتَيْبَة ابْن مُسلم الْبَاهِلِيّ مَا ترى فِي أَمر أبي مُسلم)
فَقَالَ لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا فَقَالَ حَسبك يَا ابْن قُتَيْبَة لقد أودعتها أذنا وَاعِيَة
وَكَانَ أَبُو مُسلم قد حج وَلما عَاد نزل الْحيرَة عِنْد الْكُوفَة وَكَانَ بهَا نَصْرَانِيّ كَبِير السن يخبر بالكوائن فَسَأَلَهُ أَبُو مُسلم فَقَالَ لَهُ تقتل وَإِن صرت إِلَى خُرَاسَان سلمت فعزم على الرُّجُوع
فَلم يزل أَبُو جَعْفَر يخدعه بالرسائل إِلَى أَن عَاد وَكَانَ أَبُو مُسلم ينظر فِي كتب الْمَلَاحِم ويجد خَبره فِيهَا وَأَنه مميت دولة ومحيي دولة وَأَنه يقتل بِبِلَاد الرّوم وَكَانَ الْمَنْصُور برومية الْمَدَائِن الَّتِي بناها كسْرَى وَلم يخْطر لأبي مُسلم أَنَّهَا مَوضِع قَتله فَلَمَّا دخل على الْمَنْصُور رحب بِهِ وَأمره بالانصراف إِلَى مخيمه وَركب أَبُو مُسلم إِلَيْهِ مرَارًا وَأظْهر لَهُ التجني ثمَّ جَاءَهُ يَوْمًا فَقيل لَهُ إِنَّه يتَوَضَّأ للصَّلَاة فَقعدَ تَحت الرواق ورتب لَهُ الْمَنْصُور جمَاعَة يقفون وَرَاء السرير الَّذِي خلف أبي مُسلم فَإِذا عاتبه لَا يظهرون فَإِذا ضرب يدا على يَد ظَهَرُوا وضربوا عُنُقه ثمَّ جلس الْمَنْصُور وَدخل أَبُو مُسلم فَسلم فَرد عَلَيْهِ وَأذن لَهُ فِي الْجُلُوس وحادثه ثمَّ عاتبه فَقَالَ فعلت وَفعلت فَقَالَ أَبُو مُسلم مَا يُقَال هَذَا إِلَيّ بعد سعيي واجتهادي وَمَا كَانَ مني فَقَالَ الْمَنْصُور يَا ابْن الخبيثة إِنَّمَا فعلت ذَلِك بجدنا وحظنا وَلَو كَانَ مَكَانك أمة سَوْدَاء لعملت عَمَلك أَلَسْت الْكَاتِب إِلَيّ تبدأ بِنَفْسِك قبلي أَلَسْت الْكَاتِب تخْطب عَمَّتي آسِيَة وتزعم أَنَّك ابْن سليط بن عبد الله بن الْعَبَّاس لقد ارتقيت لَا أم لَك مرتقى صعباً فَأخذ أَبُو مُسلم بِيَدِهِ يعركها ويقبلها وَيعْتَذر إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور قتلني الله إِن لم أَقْتلك ثمَّ صفق بِيَدِهِ على الْأُخْرَى فَخرج إِلَيْهِ الْقَوْم وخبطوه بسيوفهم والمنصور يَقُول اضربوا قطع الله أَيْدِيكُم وَكَانَ أَبُو مُسلم قد قَالَ عِنْد أول ضَرْبَة استبقني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لعدوك فَقَالَ لَا أبقاني الله أبدا إِذا وَأي عَدو أعدى مِنْك ثمَّ أدرج فِي بِسَاط فَدخل جَعْفَر ابْن حَنْظَلَة فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مَا(18/164)
تَقول فِي أَمر أبي مُسلم فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كنت أخذت من رَأسه شَعْرَة فَاقْتُلْ ثمَّ اقْتُل ثمَّ اقْتُل فَقَالَ الْمَنْصُور وفقك الله هَا هُوَ فِي الْبسَاط فَلَمَّا نظره قَتِيلا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عد هَذَا الْيَوْم أول خلافتك فَأَنْشد الْمَنْصُور الطَّوِيل
(فَأَلْقَت عصاها واستقرت بهَا النَّوَى ... كَمَا قر عينا بالإياب الْمُسَافِر)
ثمَّ أقبل الْمَنْصُور على من حَضَره وَأَبُو مُسلم بَين يَدَيْهِ طريحاً وَأنْشد السَّرِيع
(زعمت أَن الدّين لَا يقتضى ... فاستوف بِالْكَيْلِ أَبَا مجرم)
(إشرب بكأس كنت تَسْقِي بهَا ... أَمر فِي الْحلق من العلقم)
)
وَفِيه يَقُول أَبُو دلامة الطَّوِيل
(أَبَا مجرم مَا غير الله نعْمَة ... على عَبده حَتَّى يغيرها العَبْد)
(أَفِي دولة الْمَنْصُور حاولت غدرة ... أَلا إِن أهل الْغدر آباؤك الكرد)
(أَبَا مجرم خوفتني الْقَتْل فانتحى ... عَلَيْك بِمَا خوفتني الْأسد الْورْد)
وَكَانَ الْمَنْصُور بعد قَتله أَبَا مُسلم كثيرا مَا ينشد لجلسائه الطَّوِيل
(طوى كشحه عَن أهل كل مشورة ... وَبَات يُنَاجِي عزمه ثمَّ صمما)
(وأقدم لما لم يجد ثمَّ مذهبا ... وَمن لم يجد بدا من الْأَمر أقدما)
وَفِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة ظهر الريوندية وهم قوم من خُرَاسَان على رَأْي أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي يَقُولُونَ فِي مَا زعم بتناسخ الْأَرْوَاح وَأَن روح آدم حلت فِي عُثْمَان بن نهيك وَأَن الْمَنْصُور هُوَ رَبهم الَّذِي يُطعمهُمْ ويسقيهم وَأَن الْهَيْثَم بن عدي هُوَ جِبْرِيل أَتَوا قصر الْمَنْصُور وَجعلُوا يطيفون بِهِ وَيَقُولُونَ هَذَا فَقبض الْمَنْصُور مِنْهُم نَحْو الْمِائَتَيْنِ من الْكِبَار وحبسهم فَغَضب الْبَاقُونَ لأجل ذَلِك وحملوا نعشاً ومروا بِهِ على بَاب السجْن يوهمون أَنَّهَا(18/165)
جَنَازَة واقتحموا السجْن وأخرجوا أَصْحَابهم وقصدوا الْمَنْصُور وهم سِتّ مائَة فتنادى النَّاس وأغلقت الْمَدِينَة ثمَّ أبادوهم قتلا
3 - (عبد الرَّحْمَن بن الْمسور)
عبد الرَّحْمَن بن الْمسور بن مخرمَة الزُّهْرِيّ الْمدنِي الْفَقِيه سمع أَبَاهُ وسعداً بن أبي وَقاص وَأَبا رَافع وَكَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم
3 - (ابْن مسافع الشَّاعِر)
عبد الرَّحْمَن بن مسافع بن دارة وَقيل هُوَ عبد الرَّحْمَن بن ربعي بن مسافع وَأَخُوهُ مسافع بن مسافع وَكِلَاهُمَا شاعران وأخوهما سَالم بن مسافع ابْن دارة شَاعِر أَيْضا فَأَما سَالم أخوهما فمخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَأما عبد الرَّحْمَن ومسافع فإسلاميان لما أَخذ السمهري العكلي اللص وَحبس وَقتل كَانَت بَنو أَسد قد أَخَذته وَبعثت بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَكَانَ نديماً لعبد الرَّحْمَن فَقَالَ عبد الرَّحْمَن يهجو بني أَسد ويحرض عكلا الطَّوِيل
(إِن يمس بالعينين سقم فقد أَنا ... لعينيك من طول الْبكاء على جمل)
(يهيم بهَا لَا الدَّهْر فان وَلَا المنى ... سواهَا وَلَا تسلوا بِأَهْل وَلَا شغل)
)
(كبيضة أدحي بميث خميلة ... يخففها جون بجوجؤه الصعل)
مِنْهَا الطَّوِيل
(وَيَا رَاكِبًا إِمَّا عرضت مبلغا ... على نأيهم مني الْقَبَائِل من عكل)
(وَكَيف تنام اللَّيْل عكل وَلم تنَلْ ... رضَا قَود بالسمهري وَلَا عقل)
(فَلَا صلح حَتَّى تنحط الْخَيل بالقنا ... وتوقد نَار الْحَرْب بالحطب الجزل)
(وجرد تعادي بالكماة كَأَنَّهَا ... تلاحظ من غيظ بأعينها الْقبل)
(علام تمشي فقعس بدمائكم ... وَمَا هِيَ بالفرع المنيف وَلَا الأَصْل)
(وَكُنَّا حَسبنَا فقعساً قبل هَذِه ... أذلّ على وَقع الهوان من النَّعْل)
(فقد نظرت نَحْو النُّجُوم وسلمت ... على النَّاس واعتاضت بخصب من الْمحل)
(وَإِن أَنْتُم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا بَغَايَا للخلوق وللكحل)(18/166)
(وبيعوا الردينيات بالحلي واقعدوا ... على الذل وابتاعوا المغازل بِالنَّبلِ)
وَهِي قصيدة طَوِيلَة فاعتضه الْكُمَيْت بن مَعْرُوف الفقعسي فَعَيَّرَهُ بقتل زميل الْفَزارِيّ سَالم بن دارة وَقَالَ الطَّوِيل
(فَلَا تكثروا فِينَا الضجاج فَإِنَّهُ ... محا السَّيْف مَا قَالَ ابْن دارة أجمعا)
ثمَّ إِن بني أَسد ظَفرت بِعَبْد الرَّحْمَن بَعْدَمَا أَكثر من سبهم وهجائهم فتآمروا فِي قَتله فَقَالَ بَعضهم لَا نَقْتُلهُ وَلَكِن نَأْخُذ عَلَيْهِ أَن يمدحنا فنحسن إِلَيْهِ فَيَمْحُو بمدحه مَا سلف من هجائه
فَأتى رجل مِنْهُم كَانَ قد عضه بهجائه فَضَربهُ بِسَيْفِهِ فَقتله وَقَالَ الْكَامِل
(قتل ابْن دارة بالجزيرة سبنا ... وَزَعَمت أَن سبابنا لَا يقتل)
وَيُقَال إِن الْبَيْت الأول لهَذَا الْقَائِل أَيْضا
3 - (عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل)
عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك الْأمَوِي الدَّاخِل إِلَى الأندلس وَهُوَ أول من ملك الأندلس وانفلت من بَين يَدي بني الْعَبَّاس وَأبْعد إِلَى الْمغرب أَقَامَ ببرقة خمس سِنِين وَدخل بدر مَوْلَاهُ يتجسس لَهُ الْأَخْبَار فَقَالَ للمضرية لَو وجدْتُم رجلا من أهل الْخلَافَة أَكُنْتُم تبايعونه فَقَالُوا وَكَيف لنا بذلك فَقَالَ بدر هَذَا عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة فَأتوهُ فَبَايعُوهُ فولي عَلَيْهِم ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ دُخُوله الأندلس سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الآخر سنة)
اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة وَكَانَت ولَايَته ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَأَرْبَعَة اشهر وَكَانَ يُوسُف الفِهري أول من قطع الدعْوَة عَنْهُم وَكَانُوا من قبله يدعونَ لولد عبد الْملك بن مَرْوَان بالخلافة فَأبْطل يُوسُف ذَلِك فَلَمَّا دخل عبد الرَّحْمَن قَاتل يُوسُف وَاسْتولى على الْبِلَاد وَبَقِي ملك الأندلس بأيدي أَوْلَاده إِلَى رَأس الْأَرْبَع مائَة
وَكَانَ عبد الرَّحْمَن من أهل الْعلم على سيرة جميلَة من الْعدْل فِي قَضَائِهِ وَكَانُوا يَقُولُونَ ملك الدُّنْيَا ابْنا بربريتين يعنون الْمَنْصُور وَعبد الرَّحْمَن وَكَانَ الْمَنْصُور إِذا ذكر لَهُ عبد الرَّحْمَن قَالَ ذَاك صقر قُرَيْش دخل الْمغرب وَقد قتل قومه فَلم يزل يضْرب العدنانية بالقحطانية حَتَّى تملك قَالَ ابْن حزم خطب عبد الرَّحْمَن بالخلافة لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور أعواماً ثمَّ ترك الْخطْبَة وَلم تهجه بَنو الْعَبَّاس وَلَا تعرض هُوَ لَهُم وَكَانَ بقرطبة جنَّة اتخذها عبد الرَّحْمَن وَكَانَ فِيهَا نَخْلَة تولدت مِنْهَا كل نَخْلَة بالأندلس وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة(18/167)
اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة
وَقيل إِن رجلا مِمَّن كَانَ لَهُ علم رَأْي فِيهِ عَلامَة فَقَالَ لَهُ إِن أَمر الأندلس صائر إِلَيْك فَهُوَ الَّذِي حثه على التَّوَجُّه إِلَى الأندلس وبويع بطتيانة من قرى الْوَادي بإشبيلية وَطلبت قناة تعقد لَهُ فِيهَا راية فَلم تُوجد فعقدوا لَهُ ملحفة فِي قَصَبَة وَكَانَت الأندلس غفلاً من سمة الْملك فدون الدَّوَاوِين وجند الأجناد وَفرض الأعطية وَأقَام للْملك أبهة وشعاراً
وَمن شعره الرجز
(غنيت عَن روض وَقصر شَاهِق ... بالقفر والإيطان فِي السرادق)
(فَقل لمن نَام على النمارق ... إِن العلى شدت بهم طَارق)
وَمِنْه الْخَفِيف
(أَيهَا الرَّاكِب الميمم أرضي ... أقرّ من بعض السَّلَام لبَعض)
(إِن جسمي كَمَا علمت بِأَرْض ... وفؤادي ومالكيه بِأَرْض)
(قدر الْبَين بَيْننَا فافترقنا ... وطوى الْبَين عَن جفوني غمضي)
(قد قضى الله بالفراق علينا ... فَعَسَى باجتماعنا سَوف يقْضِي)
وَمِنْه الْكَامِل
(لَا يلف ممتن علينا قَائِل ... لولاي مَا ملك الْأَنَام الدَّاخِل)
)
(سعدي وحزمي والمهند والقنا ... ومقادر بلغت وَحَال حَائِل)
(إِن الْمُلُوك مَعَ الزَّمَان كواكبٌ ... نجم يطالعنا وَنجم آفل)
(والحزم كل الحزم أَن لَا يغفلوا ... أيردم تَدْبِير الْبَريَّة غافل)
(وَيَقُول قوم سعده لَا عقله ... خير السَّعَادَة مَا حماها الْعَاقِل)
(أبني أُميَّة قد جبرنا كسركم ... بالغرب رغماً والسعود قبائل)
(مَا دَامَ من نسلي إِمَام قَائِم ... فالملك فِيكُم ثَابت متواصل)
3 - (أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مل بِكَسْر الْمِيم وَضمّهَا أَبُو عُثْمَان(18/168)
النَّهْدِيّ قَالَ أسلمت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأديت إِلَيْهِ ثَلَاث صدقَات وَلم ألقه وغزوت على عهد عمر قَالَ ابْن عبد الْبر شهد الْقَادِسِيَّة وجلولاء وتستر ونهاوند واليرموك ومهران ورستم يُقَال أَنه عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَزِيد من سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام مثل ذَلِك وَكَانَ يَقُول بلغت من الْعُمر مائَة وَثَلَاثِينَ سنة فَمَا مني شَيْء إِلَّا قد عرفت النَّقْص فِيهِ إِلَّا أملي فَإِنَّهُ كَمَا كَانَ وَكَانَ يَقُول أدْركْت الْجَاهِلِيَّة فَمَا سَمِعت صَوت صبح وَلَا بربط وَلَا مزمار أحسن من صَوت أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِالْقُرْآنِ وَإنَّهُ كَانَ ليُصَلِّي بِنَا صَلَاة الصُّبْح فنود لَو صلى بِنَا بِسُورَة الْبَقَرَة من حسن صَوته
وَسمع أَبُو عُثْمَان من عمر وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وبلال وسلمان وَعلي وَأبي مُوسَى وَسَعِيد بن زيد وَابْن عَبَّاس وَطَائِفَة وَحج فِي الْجَاهِلِيَّة مرَّتَيْنِ وَصَحب سلمَان الْفَارِسِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَكَانَ صواماً قواماً قَانِتًا لله وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى يغشى عَلَيْهِ وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مُسلم الْأَصْبَهَانِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مندويه أَبُو مُسلم الْأَصْبَهَانِيّ من بلغاء أَصْبَهَان ورسائله فِي طَرِيق رسائل الجاحظ وَكَلَامه يكَاد يشبه كَلَامه وَله كتاب الشّعْر وَالشعرَاء يشْتَمل على خَمْسَة وَعشْرين كتابا كل كتاب مِنْهَا ذُو أَبْوَاب وفصول يبلغ عَددهَا سبع مائَة بَاب وَفصل وَقد فرق فِيهَا كل فن من فنون الشّعْر الْمَقُول فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام يَقع فِي ألف ورقة وَله كتاب فِي السّمن والهزال والطول وَالْقصر يَقع فِي نَحْو مِائَتي ورقة مَا سبق إِلَى مثله وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة تَقْرِيبًا قَالَ حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ وَمن عجب الِاتِّفَاق أَن سعيد بن الْفضل)
اليزيدي كَانَ أَنْشدني لنَفسِهِ أبياتاً من نُسْخَة ديوَان شعره وَكَانَت أول من نسخهَا وَهِي الْكَامِل
(ضاعف عَليّ بجهدك الْبلوى ... واصرف عنانك للَّذي تهوى)
(واهجر وَبَالغ فِي مهاجرتي ... والهج بهَا فِي السِّرّ والنجوى)
(فَإِذا بلغت الْجهد مِنْك وَلم ... تتْرك لنَفسك غَايَة ترجى)
(فَانْظُر فَهَل حَالي بك انْتَقَلت ... عَمَّا تحب لحالة أُخْرَى)
فَدخلت فِي أسبوعي إِلَى أَصْبَهَان فاجتمعت بِأبي مُسلم فأنشدني لنَفسِهِ من دفتر شعره الْكَامِل
(مَا كل من لَك يظْهر الشكوى ... حنيت أضالعه على الْبلوى)
(فطوى الْهوى وَأسر علته ... وَلم يدر من يهواه مَا يلقى)(18/169)
(أتظن أَنَّك لَو سفكت دمي ... يَا من يتيه بحسنه زهوا)
(هَل كنت منتقلاً ومنصرفاً ... عَمَّا تحب لحالة أُخْرَى)
3 - (أَبُو سعيد الْعَنْبَري)
عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْعَنْبَري مَوْلَاهُم وَقيل مولى الأزد أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ اللؤْلُؤِي الْحَافِظ أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة سمع أَيمن بن نائل وَعمر بن أبي زَائِدَة وَهِشَام بن عبد الله وَمُعَاوِيَة بن صَالح وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم الْعَبْدي قَاضِي جَزِيرَة كيش وَعبد الله بن بديل الْمَكِّيّ وَعبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة وَأَبا خلدَة خَالِد ابْن دِينَار السَّعْدِيّ وَشعْبَة وسُفْيَان والمسعودي وخلقاً كثيرا
قَالَ أَحْمد ابْن حَنْبَل هُوَ أفقه من يحيى بن سعيد وَإِذا اخْتلف هُوَ ووكيع فَابْن مهْدي أثبت لِأَنَّهُ أقرب عهدا بِالْكتاب قَالَ أَحْمد الْعجلِيّ شرب عبد الرَّحْمَن وَالطَّيَالِسِي البلاذر فبرص عبد الرَّحْمَن وجذم الآخر وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن حديج قَاضِي مصر)
عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن حديج الْكِنْدِيّ التجِيبِي الْمصْرِيّ قَاضِي مصر لعبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَصَاحب شرطته روى عَن أَبِيه وَأبي بصرة الْغِفَارِيّ وَعبد الله بن عَمْرو وَلم يخرجُوا لَهُ شَيْئا وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن أبي الموال الْمدنِي)
عبد الرَّحْمَن بن أبي الموال الْمدنِي مولى آل عَليّ بن أَبى طَالب يروي حَدِيث الاستخارة لَيْسَ)
يرويهِ غَيره وَهُوَ حَدِيث مُنكر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أخرجه العجاري قَالَ وَأهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ إِذا كَانَ حَدِيث غلط الْمُنْكَدر عَن جَابر وَأهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ ثَابت عَن أنس يحيلون عَلَيْهِمَا قَالَ ابْن عدي وَقد روى حَدِيث الاستخارة غير وَاحِد من الصَّحَابَة كَمَا رَوَاهُ ابْن أبي الموال توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة(18/170)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الوَاسِطِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مقبل بن الْحُسَيْن الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين أَبُو الْمَعَالِي الوَاسِطِيّ الشَّافِعِي ولد بواسط سنة سبعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وتفقه بواسط وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده وتفقه على ابْن البوقي وعَلى المجير البغداذي وَابْن فضلان وَابْن الرّبيع وبرع فِي الْمَذْهَب وَأعَاد وَأفْتى ودرس وناب فِي الْقَضَاء عَن أبي صَالح الجيلي ثمَّ ولي بعده قَضَاء الْقُضَاة سنة أَربع وَعشْرين وَولي تدريس مذْهبه بالمستنصرية ثمَّ عزل من الْجَمِيع وتنسك وَلزِمَ بَيته ثمَّ ولي مشيخة رِبَاط المرزبانية إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ من عقلاء الْعلمَاء
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن مقرب بن عبد الْكَرِيم الْحَافِظ الْمُفِيد أسعد الدّين أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الإسكندري الْعدْل قَرَأَ بِنَفسِهِ على البوصيري وَلزِمَ الْحَافِظ أَبَا الْحسن بن الْمفضل وتحرج بِهِ وَخرج لنَفسِهِ عشْرين جُزْءا أبان فِيهَا عَن معرفَة ونباهة وَحدث عَنهُ الدمياطي وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن مكي)
عبد الرَّحْمَن بن مكي بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد بن عَتيق جمال الدّين أَبُو الْقَاسِم ابْن الحاسب الطرابلسي المغربي الإسْكَنْدراني السبط ولد سنة سبعين وَخمْس مائَة بالإسكندرية وَسمع من جده أبي طَاهِر السلَفِي قِطْعَة صَالِحَة من مروياته وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ وَسمع من موقا جُزْءا وَتفرد فِي زَمَانه ورحل إِلَيْهِ الطّلبَة وروى الْكثير وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة وروى عَنهُ الدمياطي وَالْمُنْذِرِي
3 - (عبد الرَّحْمَن بن ملجم)
عبد الرَّحْمَن بن ملجم الْمرَادِي قَاتل عَليّ بن أبي(18/171)
طَالب رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ الْقُرْآن على)
معَاذ بن جبل وَكَانَ من الْعباد وَقيل أنّ عمر بن الْخطاب رَضِيَ الله عَنهُ كتب إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ أَن قرب إِلَيّ دَار عبد الرَّحْمَن بن ملجم ليعلم النَّاس الْقُرْآن وَالْفِقْه فَوسعَ لَهُ مَكَان دَاره ثمَّ كَانَ من شيعَة عَليّ بن أبي طَالب بِالْكُوفَةِ وَشهد مَعَه صفّين ثمَّ فعل مَا فعل وَهُوَ عِنْد الْخَوَارِج من أفضل الْأمة وَكَذَلِكَ النصيرية يعظمونه قَالَ ابْن حزم يَقُولُونَ أَن ابْن ملجم أفضل أهل الأَرْض لِأَنَّهُ خلص روح اللاهوت من ظلمَة الْجَسَد وكدره وَعند الروافض أَنه أَشْقَى الْخلق فِي الْآخِرَة وَهُوَ عندنَا أهل السّنة من نرجو لَهُ النَّار وَيجوز أَن الله تَعَالَى يتَجَاوَز عَنهُ وَحكمه حكم قَاتل عُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسَعِيد بن جُبَير وَقَاتل عمار وَقَاتل خَارِجَة وَقَاتل الْحُسَيْن فَكل هَؤُلَاءِ نبرأ مِنْهُ ونبغضهم فِي الله تَعَالَى وَنكل أَمرهم إِلَى الله وَلما دفن عَليّ أحضر ابْن ملجم وَجَاء النَّاس بالنفط والبواري وَقطعت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وكحلت عَيناهُ ثمَّ قطع لِسَانه ثمَّ أحرق فِي قوصرة
وَكَانَ أسمر حسن الْوَجْه أفلج شعره مَعَ شحمة أُذُنه وَفِي جَبهته أثر السُّجُود وَكَانَت قتلته سنة أَرْبَعِينَ من الْهِجْرَة وَقيل إِنَّه قطعت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَلم يتأوه بل يَتْلُو الْقُرْآن فَلَمَّا أَرَادوا قطع لِسَانه امْتنع عَن إِخْرَاجه فتعبوا فِي ذَلِك فَقيل لَهُ قطعت يداك ورجلاك وَمَا ألمت وَلَا امْتنعت فَمَا هَذَا الِامْتِنَاع من قطع لسَانك فَقَالَ لِئَلَّا تفوتني تِلَاوَة الْقُرْآن شَيْئا وَأَنا حَيّ فشقوا شدقه وأخرجوا لِسَانه بكلاب وقطعوه
وَكَانَ السَّبَب فِي قَتله لعَلي أَن عليا لما قَاتل الْخَوَارِج بالنهروان واستأصل جمهورهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا الْيَسِير انتدب لَهُ من بقاياهم عبد الرَّحْمَن بن ملجم وتعاقد الْخَوَارِج على قتل مُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعلي بن أبي طَالب وَخرج مِنْهُم ثَلَاثَة نفر لذَلِك وَدخل عبد الرَّحْمَن الْكُوفَة وَاشْترى لذَلِك سَيْفا وسقاه السم فِيمَا زَعَمُوا حَتَّى لَفظه فَقيل ذَلِك لعَلي فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ لم تَسْقِي سَيْفك السم قَالَ لعدوي وعدوك فخلى عَنهُ وَكَانَ فِي خلال ذَلِك يَأْتِي عليا فيسأله ويستحمله فيحمله إِلَى أَن وَقعت عينه على قُدَّام وَكَانَت جميلَة رائعة فأحبته فَخَطَبَهَا فَقَالَت لقد آلَيْت أَلا أَتزوّج إِلَّا على مهر لَا أُرِيد سواهُ فَقَالَ مَا هُوَ قَالَت ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَعبد وَجَارِيَة وَقتل عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ وَالله مَا أتيت إِلَّا للفتك بِهِ وَلَا أقدمني هَذَا الْمصر غير ذَلِك وَلَك لما رَأَيْتُك آثرت تزويجك فَقَالَت لَيْسَ إِلَّا الَّذِي قلت لَك فَقَالَ وَمَا بغيتك أَو مَا يغنيني مِنْك قتل عَليّ وَأَنا أعلم أَنِّي إِذا قتلته لم أفلت فَقَالَت إِن قتلته ونجوت فَهُوَ)
الَّذِي أردْت تبلغ شِفَاء نَفسِي ويهنيك الْعَيْش معي وَإِن قتلت فَمَا عِنْد الله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَقَالَ لَهَا لَك مَا اشْترطت ثمَّ قَالَ الطَّوِيل
(ثَلَاثَة آلافٍ وَعبد وقينة ... وَضرب عَليّ بالحسام المسمم)
(فَلَا مهر أغلا من قُدَّام وَإِن غلا ... وَلَا فتك إِلَّا دون فتك ابْن ملجم)(18/172)
فَقَالَت أَرَانِي من يشد ظهرك فَبعثت إِلَى ابْن عَم لَهَا يدعى وردان بن مجَالد فأجابها وَلَقي ابْن ملجم شبيب بن بحرة الْأَشْجَعِيّ فَقَالَ يَا شبيب هَل لَك فِي شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تساعدني على قتل عَليّ بن أبي طَالب قَالَ ثكلتك أمك لقد جِئْت شَيْئا إداً كَيفَ تقدر على ذَلِك قَالَ إِنَّه رجل لَا حرص لَهُ وَيخرج إِلَى الْمَسْجِد مُنْفَردا فنتمكن مِنْهُ وَقد كمنا لَهُ فِي الْمَسْجِد فنقتله فَإِن نجونا نجونا وَإِن قتلنَا فقد سعدنا بِالذكر فِي الدُّنْيَا وبالجنة فِي الْآخِرَة فَقَالَ وَيلك إِن عليا ذُو سَابِقَة فِي الْإِسْلَام مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله مَا تَنْشَرِح نَفسِي لقَتله قَالَ وَيحك إِنَّه حكم الرِّجَال فِي دين الله وَقتل إِخْوَاننَا الصَّالِحين فنقتله بِبَعْض من قتل فَلَا تسكن فِي دينك فَأَجَابَهُ وأقبلا حَتَّى دخلا على قُدَّام وَهِي معتكفة فِي الْمَسْجِد الْأَعْظَم فِي قبَّة ضربتها لنَفسهَا فدعَتْ لَهما وأخذا سيفيهما وجلسا قبالة السدة الَّتِي يخرج مِنْهَا عَليّ فَخرج إِلَى صَلَاة الصُّبْح فبدره شبيب فَضَربهُ فأخطأه وضربه عبد الرَّحْمَن على رَأسه وَقَالَ الحكم لله يَا عَليّ لَا لَك وَلَا لأصحابك فَقَالَ عَليّ فزت وَرب الْكَعْبَة لَا يفوتنكم الْكَلْب رشد النَّاس عَلَيْهِ من كل جَانب فَأَخَذُوهُ وهرب شبيب خَارِجا من بَاب كِنْدَة فَقَالَ عَليّ احْبِسُوهُ فَإِن مت فَاقْتُلُوهُ وَلَا تمثلوا بِهِ وَإِن لم أمت فَالْأَمْر إِلَيّ فِي الْعَفو وَالْقصاص
قَالَ ابْن عبد الْبر اخْتلفُوا هَل ضربه فِي الصَّلَاة أَو قبل الدُّخُول فِيهَا وَهل اسْتخْلف من أتم بهم الصَّلَاة أَو هُوَ أتمهَا وَالْأَكْثَر أَنه اسْتخْلف جعدة بن هُبَيْرَة فصلى بهم تِلْكَ الصَّلَاة وَالله أعلم
وَعَن عُثْمَان بن صُهَيْب عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَلي من أَشْقَى الْأَوَّلين قَالَ الَّذِي عقر النَّاقة قَالَ فَمن أَشْقَى الآخرين قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ الَّذِي يَضْرِبك على هَذَا يَعْنِي يَافُوخه فيخضب هَذِه يَعْنِي لحيته وَكَانَ عَليّ إِذا رأى ابْن ملجم قَالَ الوافر
(أُرِيد حباءه وَيُرِيد قَتْلِي ... عذيرك من خَلِيلك من مُرَاد)
وَكَانَ عَليّ كثيرا مَا يَقُول مَا يمْنَع أشقاها أَن يخضب هَذِه من هَذَا وَيُشِير إِلَى لحيته وَرَأسه)
خضاب دم لَا خضاب عطر وعبير وَعَن سكين بن عبد الْعَزِيز أَنه سمع أَبَاهُ يَقُول جَاءَ عبد الرَّحْمَن بن ملجم يستحمل عليا فَحَمله ثمَّ قَالَ الوافر
(أُرِيد حباءه وَيُرِيد قَتْلِي ... عذيري من خليلي من مُرَاد)
أما أَن هَذَا قاتلي قيل فَمَا يمنعك مِنْهُ قَالَ إِنَّه لم يقتلني بعد وَاجْتمعَ الْأَطِبَّاء لعَلي وَكَانَ أبصرهم بالطب أثير بن عَمْرو السكونِي كَانَ صَاحب كسْرَى يتطبب لَهُ وَهُوَ الَّذِي تنْسب لَهُ صحراء أثير فَأخذ أثير رئة شَاة حارة فتتبع عرقا مِنْهَا فاستخرجه فَأدْخلهُ فِي جِرَاحَة عَليّ ثمَّ نفخ الْعرق فاستخرجه فَإِذا عَلَيْهِ بَيَاض دماغ وَإِذا الضَّرْبَة قد وصلت إِلَى أم رَأسه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إعهد عَهْدك فَإنَّك ميت(18/173)
وَقَالَ عمرَان بن حطَّان يَا ضَرْبَة من تَقِيّ الأبيات وَهِي الْمَذْكُورَة فِي تَرْجَمته وَقَالَ بكر بن حَمَّاد التاهرتي مُعَارضا لَهُ الْبَسِيط
(قل لِابْنِ ملجم والأقدار غالبة ... هدمت وَيلك لِلْإِسْلَامِ أركانا)
(قتلت أفضل من يمشي على قدم ... وَأول النَّاس إسلاماً وإيمانا)
(وَأعلم النَّاس بِالْقُرْآنِ ثمَّ بِمَا ... سنّ الرَّسُول لنا شرعا وتبيانا)
(صهر النَّبِي ومولاه وناصره ... أضحت مناقبه نورا وبرهانا)
(وَكَانَ مِنْهُ على رغم الحسود لَهُ ... مَكَان هَارُون من مُوسَى بن عمرانا)
(وَكَانَ فِي الْحَرْب سَيْفا مَاضِيا ذكرا ... ليثاً إِذا لَقِي الأقران أقرانا)
(ذكرت قَاتله والدمع منحدر ... فَقلت سُبْحَانَ رب النَّاس سبحانا)
(إِنِّي لأحسبه مَا كَانَ من بشر ... يخْشَى الْمعَاد وَلَكِن كَانَ شَيْطَانا)
(أَشْقَى مُرَاد إِذا عدت قبائلها ... وأخسر النَّاس عِنْد الله ميزانا)
(كعاقر النَّاقة الأولى الَّتِي جلبت ... على ثَمُود بِأَرْض الْحجر خسرانا)
(قد كَانَ يُخْبِرهُمْ أَن سَوف يخضبها ... قبل الْمنية أزمانا وأزمانا)
(فَلَا عَفا الله عَنهُ مَا تحمله ... وَلَا سقى قبر عمرَان بن حطانا)
(لقَوْله فِي شقي ظلّ مجترما ... ونال مَا ناله ظلما وعدوانا)
(يَا ضَرْبَة من تَقِيّ مَا أَرَادَ بهَا ... أَلا ليبلغ من ذِي الْعَرْش رضوانا)
(بل ضَرْبَة من غوى أوردته لظى ... فَسَوف يلقى بهَا الرَّحْمَن غضبانا)
)
(كَأَنَّهُ لم يرد قصدا بضربته ... إِلَّا ليصلى عَذَاب الْخلد نيرانا)
3 - (أَبُو تاشفين بن عبد الواد)
عبد الرَّحْمَن بن مُوسَى هُوَ الْملك أَبُو تاشفين بن الْملك أبي حمو بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْمِيم الْمُشَدّدَة وَالْوَاو ابْن الْملك أبي عَمْرو عُثْمَان ابْن السُّلْطَان يغمرآسن بن عبد الواد الزناتي المغربي البريري صَاحب تلمسان
كَانَ سيئ السِّيرَة يذكر عَنهُ قبائح وَفِيه شجاعة وحزم وجبروت نظر فِي الْعلم وتفقه على أَبِيه الإِمَام وَقتل أَبَاهُ وَكَانَ ملكه نيفاً وَعشْرين سنة قَصده سُلْطَان الْمغرب أَبُو الْحسن المريني وحاصره مُدَّة طَوِيلَة وَأَنْشَأَ فِي الْمنزلَة مَدِينَة كَبِيرَة وَطَالَ الْأَمر إِلَى شهر رَمَضَان فبرز أَبُو تاشفين فِي إِبْطَاله لكبسة(18/174)
ومكيدة انعكست عَلَيْهِ وَركب جَيش أبي الْحسن وحملوا حَتَّى دخلُوا من بَاب تلمسان وقتلوه على ظهر جَوَاده سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ الْحصار نَحْو سنتَيْن وَأكْثر وطيف بِرَأْس أبي تاشفين بالمغرب ثمَّ دفن مَعَ جسده عِنْد أبائه بتلمسان وَكَانَ جد السُّلْطَان أبي الْحسن قد نَازل تلمسان أَيْضا سنوات وَمَات وَهُوَ يحاصرها سنة بضع وَسبع مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن نجم الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن نجم بن شرف الْإِسْلَام أبي البركات عبد الْوَهَّاب ابْن الشَّيْخ الإِمَام أبي الْفرج عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الإِمَام نَاصح الدّين أَبُو الْفرج الْحَنْبَلِيّ الْأنْصَارِيّ السَّعْدِيّ الْعَبَّادِيّ الشِّيرَازِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الْوَعْظ سمع وَوعظ ودرس وَله خطب ومقامات وتاريخ الوعاظ وَأَشْيَاء فِي الْوَعْظ وَكَانَ لَهُ قبُول زَائِد وَكَانَ رَئِيس مذْهبه فِي زَمَانه وروى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
دخل بغداذ وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي الْفَتْح ابْن الْمَنِيّ وَسمع من شهدة بنت الأبري وَغَيرهَا ثمَّ قدم دمشق وَعَاد إِلَى بغداذ ثَانِيًا وَتوجه إِلَى أَصْبَهَان وتفقه بهَا على القَاضِي أبي طَالب وخالط الْمُلُوك وروسل بِهِ إِلَى الْأَطْرَاف ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ بعد علو سنه وَحدث بهَا
3 - (الْأَعَز أَبُو بكر الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن النفيس بن الأسعد الغياثي أَبُو بكر الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بالأعز سمع عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَسعد الْخَيْر بن مُحَمَّد بن سهل الْأنْصَارِيّ وعسكر بن أُسَامَة)
النصيبي وتفقه لِأَحْمَد بن حَنْبَل وَحفظ الْقُرْآن وَتكلم فِي الْخلاف وَكَانَ يؤم بالحنابلة فِي الْجَامِع الْأمَوِي ثمَّ توجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي بعد سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا قَارِئًا مجوداً طيب النغمة وَكَانَ يحفظ فِي يَوْم وَاحِد مَا لَا يحفظه غَيره فِي شهر
3 - (عبد الرَّحْمَن بن نوح)
عبد الرَّحْمَن بن نوح بن مُحَمَّد الإِمَام شمس الدّين التركماني الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمُفْتِي صَاحب الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن الصّلاح كَانَ فَقِيها مجوداً(18/175)
بَصيرًا درس بالرواحية وتفقه عَلَيْهِ جمَاعَة وَهُوَ وَالِد نَاصِر الدّين الَّذِي شنفوه فِي الدولة المنصورية وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين وشمس الدّين هُوَ وَالِد بهاء الدّين أَيْضا توفّي سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن نصر الْحَنَفِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن نصر بن عبيد الْمُفْتِي الإِمَام زين الدّين الفدمي السوادي الصَّالِحِي الْحَنَفِيّ سمع المرسي وسبط بن الْجَوْزِيّ وخطيب مردا وَإِبْرَاهِيم البطائحي والرشيد الْعِرَاقِيّ واليلداني وعدة وَشهد تَحت السَّاعَات دهراً ثمَّ عجز وَانْقطع بمدرسة الأَسدِية وَكَانَ بَصيرًا بالفقه عابراً للرؤيا توفّي وَله سِتّ وَثَمَانُونَ سنة ووفاته سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (ابْن أبي نعم البَجلِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم البَجلِيّ الْكُوفِي يروي عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد
كَانَ يفْطر فِي الشَّهْر مرَّتَيْنِ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو نعيم النَّخعِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ بن سعيد أَبُو نعيم النَّخعِيّ الْكُوفِي ابْن بنت إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ضَعِيف توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
3 - (الْوَزير فلك المسيري)
عبد الرَّحْمَن بن هبة الله هُوَ فلك المسيري الْوَزير كَانَ صَدرا كَبِيرا محتشماً وافر الْحُرْمَة ظَاهر الحشمة وَالنعْمَة كثير التيه والصلف ورسم الْملك الْأَشْرَف عَلَيْهِ وأحاط على موجوده سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة لكَونه نقل إِلَيْهِ أَنه يُكَاتب أَخَاهُ الْكَامِل وَكَانَ لَهُ عِنْده حَظّ مَعَ أَنه كَانَ يستجهله خرج يَوْمًا وَعَاد فَقَالَ لَهُ أَيْن كنت فَقَالَ يَا مَوْلَانَا سيرت الدَّوَابّ إِلَى الاصطبل فَقَالَ لَهُ عجب مَا رحت مَعهَا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَفِيه قَالَ)
الْقَائِل(18/176)
(صَعب القيادة يَا فلك ... تنقاد لَك)
(ايش هُوَ فلك وايش هُوَ مسير ... حَتَّى يجي مِنْهَا وَزِير)
(وَالله وَلَا راعي حمير ... كنت اجعلك)
(ترضي غلامك بِالنَّهَارِ ... مَرَّات وبالليل زَاد مرار)
(بالصاحب ازعق لي جهار ... قع طز فِي جَوف لحيتك)
(اسْمك مقار مَا تعربه ... وَالْمَال بالْقَوْل تحسبه)
(والسرح بالصَّاد تكتبه ... مَا أجهلك)
(لَو كَانَ فِي الدُّنْيَا خَبِير ... كَانَ ركبك فَوق الْحمير)
(والبوق خَلفك والنفير ... وَأَنا أنذلك)
(خلي القيادة والفضول ... كم ذَا تخاصم كم تصول)
(وتدعي أَنَّك رَسُول ... من أرسلك)
(لَو كنت أملك يَا قبق ... أَمرك جعلتك فِي الْحلق)
(عُرْيَان وَفِي عُنُقك حلق ... وَأَنا انطلك)
وجدت بِخَط بعض الْفُضَلَاء أَن فَخر الْقُضَاة ابْن بصاقة نظمها وَعَزاهَا إِلَى النصير الإخميمي قَالَ وَسَأَلت فَخر الْقُضَاة عَنْهَا فَسكت
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن هبة الله بن رِفَاعَة السديد علم الرؤساء أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة كَانَ يتَوَلَّى ديوَان المكاتبات لخلفاء مصر وَله نثر جيد ونظم جيد وَمن شعره فِي القطائف الْبَسِيط
(وافى الصّيام فوافتنا قطائفه ... كَمَا تسنمت الكثبان من كثب)
(مَا بَين محشوة صفت إِلَى أخر ... حمر من القلي تشفي جنَّة السغب)
(كأنهن حروز ذَات أغشية ... من فضَّة وتعاويذ من الذَّهَب)
وَمِنْه فِي الثغر الطَّوِيل
(وَحقّ لَهُ إِذْ كَانَ حق جَوَاهِر ... إِذا صين من مسك اللمى بختامه)
)
وَمِنْه الوافر
(فهبني من زيارتك افتخاراً ... يجر على المجرة مِنْهُ ذيل)(18/177)
(فَإِن اللَّيْل إِن حلاه قصف ... نَهَار وَالنَّهَار العطل ليل)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أحباب قلبِي أعيدوا لي وصالكم ... فَمَا للسعة قلبِي غَيْركُمْ راق)
(أَقْسَمت مَا حَال قلبِي عَن محبتكم ... يَوْمًا وَلَا حل بعد الدَّار ميثاقي)
(فَغير دمعي عَلَيْكُم غير مكتسب ... وَغير قلبِي إِلَيْكُم غير مشتاق)
(فَإِن يكن قد مَضَت أَيَّام وصلكم ... فَإِن حبكم بَين الحشا بَاقٍ)
وَكتب علم الرؤساء إِلَى القَاضِي الْفَاضِل قد جعل الله الْمجْلس العالي الفاضلي الأسعدي زَاده الله من اصطفائه أبكار المناقب وعونها وواصل إِلَى جنابه حمولات المئويات وظعونها واستجاب من أوليائه فِي طول بَقَائِهِ وهلاك أعدائه صَالح الدَّعْوَات الَّتِي يدعونها خير من يُنَادي ويناجي قَرِيبا وبعيداً وَأفضل منعم يُحَقّق وَعدا ويخلف وعيداً وَعم الْخلق جَمِيعًا بنعمته وَشرف الدُّنْيَا بصوابحكمه وَصوب حكمته والهج أقلامه بتوزيع أفضال المَال والجاه وقسمته وَخَصه فِي إهداء الْهدى بمدى أقربه على السامعين أبعده وأثل لَهُ مجداً لَا يتناهى مصعده وَيكون فَوق النَّجْم مَقْعَده وَلم يزل إقباله على الْمُلُوك يرِيه وَجه الإقبال وسيماً وَيُعِيد عِنْده سموم الْيَأْس بأرواح النجاح نسيماً وَلَا يضيع جريه فِي ميدان اعتناق تنفذ مراسمه عنقًا ورسيما وَقد كَانَ أكبر مَوْلَاهُ عَن مُكَاتبَة تلِيق بالأكابر وتنحط عَن الأصاغر وَسَأَلَ ابْن حيون إحساناً إِلَيْهِ بِذكر هَذِه الْجُمْلَة فِي كتبه وإجمالاً وَأَن يقلده بالإعراب عَنهُ منَّة لَا يسأم لَهَا على مر الزَّمَان احْتِمَالا وَحين أكدت مطالبه وأحاطت بجوانبه دواعي النَّدَم وجوالبه وَصَارَ الإجلال وجلا وَعَاد الْإِحْلَال خجلاً ثاب إِلَيْهِ من علم شرف خلق الْمولى وكرم طبعه وتواضعه المرتفعة أقدار الْمَعَالِي بِحسن وَضعه وَمَا حمله على نظم قصيدة خدم بهَا مَجْلِسه الْكَرِيم مَعَ تحَققه أَن لمدحه جادة يعجز جلة الشُّعَرَاء عَن سلوكها وضراعته فِي إجرائه فِي تقبلهَا على مألوف عَادَة الْإِحْسَان ومعروفها واغتفار خطلها الَّذِي كَفَّارَته مَا يواصله هُوَ وعائلته من أدعية صَالِحَة للْمولى والمملوك مُسْتَمر على عَادَته فِي مُلَازمَة الْخدمَة والمواظبة عَلَيْهَا وإدامة البكور إِلَيْهَا مَعَ مَا يلْحقهُ من النزلات الَّتِي يظلم بهَا مطالع محياه وَغَيرهَا من)
أمراض شَاهدهَا اصفرار محياه وَالله تَعَالَى يزِيد فِي مَحل الْمولى علوا يؤسس على التَّقْوَى ويجمل الدُّنْيَا بمفاخره الموفية على ناصع الْجَوْهَر الْمُنْتَقى وَالْقَصِيدَة المنسرح
(تالله مَا عاشق الدمى عَاقل ... كلا وَلَا عاذل لَهُ عَادل)
(ذَا مغرم مرغم أَخُو حرق ... وَذَا مطيل مَا عِنْده طائل)
(لم يخْش من ناقد وَقد جَاءَ بالن ... كس إِلَى نَاقَة الْهوى ناقل)(18/178)
مِنْهَا
(غانية عَن حلي غانيةٍ ... بِحسن عاط من جيدها عاطل)
(وأسمر غادرت لدونته ... مَاء لَهَا فِيهِ جَارِيا جائل)
(سنانه طرفه وَمن عجب ... سيف علا لهذما على ذابل)
(أَهله ضَارِبًا وأعمل للط ... عَن سواهُ من نهده عَامل)
مِنْهَا
(وحاله المستهام أَنْفَع مَا ... عاذبه المستهام من عاذل)
(خبا سناه وخاب مقْصده ... أَيَّة حَال لخامد خامل)
(وَزَاد حب الدُّنْيَا عَلَيْهِ فَمَا ... يزَال فِي هوة الْهوى نَازل)
(يُرِيد مِنْهَا خفضاً فترفعه ... من نَصبه للعنا بهَا فَاعل)
(أَيْن من الدّرّ كف جالبها ال ... مكفوف مِنْهَا بكفه الحابل)
(يظْهر تَكْذِيب سلم بَاطِنهَا ... عنوان عدوان خائرٍ خابل)
(أنصارها عصبَة التَّتَابُع فِي ال ... جهل وأحزاب طالبي الْبَاطِل)
(وَمَا يني مذكراً لخطبتها ... حكم التناسي لخطبها الهايل)
(يكون مِنْهَا أَمر الْوَلَاء وَمَا ... تمّ لَهَا عاضل سوى الْفَاضِل)
(عبد الرَّحِيم الَّذِي لِرَحْمَتِهِ ... ظلّ على الْخلق وارق شَامِل)
(الْقَائِل الْقَصْد والمعيد من ال ... من ألوفاً فِي الْعَام والقابل)
(وجاعل الرَّسْم فِي سماحته ... نحبيس ملك الْغنى على السَّائِل)
(بديهة الْبر مِنْهُ موفية ... على تراخي روية الآمل)
(فضل أياديه زايد أبدا ... أيد عوادي أَيدي الردى زابل)
)
(إِن يظْهر الْمَدْح فِيهِ منتقصاً ... فَمِنْهُ فِي النَّفس كامن كَامِل)
(لِأَن أدنى فعال همته ... لغاية الْعَجز قَائِد الْقَائِل)
(ومعجز السَّيْف فضل جوهره ... وماؤه لَا عناية الصاقل)
3 - (المستظهر الْأمَوِي)
عبد الرَّحْمَن بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن النَّاصِر لدين الله(18/179)
الْأمَوِي أَخُو مُحَمَّد الْمهْدي توفّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة وَكَانَ قد ولي بعد الْقَاسِم ابْن حمود يَوْم الثُّلَاثَاء السَّادِس عشر من شهر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة ويكنى أَبَا المظفر بالمستظهر
وَكَانَ من أمره أَنه لم يزل مستخفياً فِي دولة العلويين وَله دعاة يَأْخُذُونَ الْبيعَة من النَّاس فَلَمَّا ثار أهل قرطبة على ابْن حمود وأخرجوه اجْتَمعُوا إِلَى الْجَامِع وَحضر أَرْبَاب الدولة وَكَانُوا قد عزموا على مبايعة سُلَيْمَان بن المرتضى وَكَتَبُوا كتاب الْبيعَة باسمه فَأقبل جمَاعَة من الْعَامَّة شاهرين سيوفهم معلنين باسم المستظهر أبي المظفر عبد الرَّحْمَن فدهش الَّذين كَانُوا قد بَايعُوا ابْن المرتضى وكشطوا اسْمه وَكتب اسْم المستظهر وَتمّ لَهُ الْأَمر إِلَّا أَنه أَخطَأ من جِهَة السياسة فِي قصتين الأولى أَنه ظهر بِقرب البربر وهم أَعدَاء أهل قرطبة فأحقد الْعَامَّة بذلك وَالثَّانيَِة أَن ابْن عمرَان كَانَ رجل فتْنَة مارداً من مَرَدَة الْإِنْس فأشير عَلَيْهِ بحبسه فحبسه واستصفى مَاله ثمَّ شفع إِلَيْهِ فِيهِ فَأَطْلقهُ فَقَالَ لَهُ أحد أَصْحَابه إِن مَشى ابْن عمرَان فِي غير حَبسك باعاً بتر من عمرك عَاما فَلم يصغ إِلَى قَوْله وَأطْلقهُ فشرع فِي التأليب عَلَيْهِ وجلب الْحِين من كل جِهَة إِلَيْهِ فَدخل عَلَيْهِ ابْن عمرَان الْمَذْكُور مَعَ جمَاعَة كَثِيرَة من الْعَامَّة فَقتلُوا المستظهر فِي الْيَوْم الثَّالِث من إِطْلَاقه وَهُوَ يَوْم السبت لثلاث خلون من ذِي الْقعدَة من سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة وَكَانَت مُدَّة ملكه سَبْعَة وَأَرْبَعين يَوْمًا وعمره ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة
قَالَ ابْن بسام وَبِه ختم فضلاء أهل بَيته وَكَانَ جواداً مجيداً فِي الشّعْر ذَا بديهة وعلو همة
رفع إِلَيْهِ شَاعِر مِمَّن هنأه بالخلافة يَوْم بيعَته شعرًا مَكْتُوبًا فِي رق مبشور وَاعْتذر عَن إِنْفَاذه الأبيات فِي ذَلِك الرّقّ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وهما الْكَامِل
(الرّقّ مبشور وَفِيه بِشَارَة ... ببقا الإِمَام الْفَاضِل المستظهر)
(ملك أعَاد الْملك غضا شخصه ... وَكَذَا يكون بِهِ طوال الأدهر)
فَأمر بتوفر صلته وَوَقع فِي الْحَال خلف رقعته الوافر)
(قبلنَا الْعذر فِي بشر الْكتاب ... لما أحكمت من فصل الْخطاب)
(وجدنَا بالندى مِمَّا لدينا ... على قدر الْوُجُود بِلَا حِسَاب)
(فَنحْن المطلعون بِلَا امتراء ... شموس الْمجد من فلك الثَّوَاب)
وَمن مستحسن شعره قَوْله وَقد مر بابنة عَمه حَبِيبَة الَّتِي كَانَ يهواها فَسلم عَلَيْهَا فَلم ترد عَلَيْهِ السَّلَام خجلاً الطَّوِيل
(سلامٌ على من لم يجد بسلامه ... وَلم يرني أَهلا لرد كَلَامه)
(ألم تعلمي يَا عذبة الِاسْم أنني ... فَتى فِيك مخلوع عذار لجامه)(18/180)
(عَلَيْك سَلام الله من ذِي صبَابَة ... وَإِن كَانَ هَذَا زَائِدا فِي اجترامه)
وَمن لطيف شعره مجزوء الرمل
(طَال عمر اللَّيْل عِنْدِي ... مذ تولعت بصدي)
(يَا غزالاً نقض العه ... د وَلم يوف بعهدي)
(أنسيت الْوَعْد إِذْ بت ... نَا على مفرش ورد)
(واعتنقنا كوشاح ... وانتظمنا مثل عقد)
(ونجوم الجو تحكي ... ذَهَبا فِي لازورد)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن الرّبيع بن سُلَيْمَان أَبُو الْقَاسِم من أهل وَاسِط قدم بغداذ وَقَرَأَ بهَا الْفِقْه وَالْخلاف على وَالِده وعَلى أبي الْقَاسِم بن فضلان وَتكلم فِي الْخلاف وناظر فِي الْمجَالِس وَأفْتى فِي الْمسَائِل وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة وَنفذ من الدِّيوَان رَسُولا إِلَى غزنة ثمَّ إِلَى خوارزم وَحدث هُنَاكَ بِالْإِجَازَةِ عَن جمَاعَة من شُيُوخ بغداذ كَأبي الْفَتْح بن البطي وَأبي زرْعَة الْمَقْدِسِي وأمثالهما وَتُوفِّي فِي عوده من خوارزم بأران سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة
3 - (أَبُو النجيب التغلبي)
عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن الْقَاسِم بن المفرج بن درج أَبُو النجيب التغلبي من أهل تكريت
حفظ الْقُرْآن وجوده وتفقه على وَالِده ولازمه وَحصل طرفا صَالحا من الْفِقْه والفرائض وَالْأَدب وَسمع من أبي الْفرج بن كُلَيْب وَغَيره وولاه أَبُو صَالح الجيلي قَضَاء تكريت وخدم فِي عدَّة أشغال فِي ديوَان الْوكَالَة وَغَيرهَا وَلما فتحت الْمدرسَة المستنصرية جعل نَاظرا)
عَلَيْهَا وَجَرت أُمُوره فِيمَا تولاه على السداد وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (ابْن يخلفتن)
عبد الرَّحْمَن بن يخلفتن بن أَحْمد أَبُو زيد الفازازي الْقُرْطُبِيّ نزيل تلمسان كَانَ شَاعِرًا محسناً بليغاً فَقِيها متكلماً لغوياً كَاتبا كتب لِلْأُمَرَاءِ زَمَانا وَمَال إِلَى التصوف وَكَانَ شَدِيدا على المبتدعة بمراكش وَسمع وروى وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين(18/181)
وست مائَة وَكَانَ أَبوهُ قَاضِي قرطبة
وَلأبي زيد قصائده الْمَشْهُورَة فِي مديح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي العشرونيات وَمن شعره الْبَسِيط
(يَا نَائِم الطّرف عَن سهدي وَعَن أرقي ... وفارغ الْقلب من وجدي وَمن حرقي)
(إلام أتلفهَا نفسا معذبة ... على نقيضين للإحراق وَالْغَرق)
(وَإِن أعذب شَيْء أَنْت سامعه ... دمع تكفكفه أجفان محترق)
(فَتَارَة أَنا من وصل على طمع ... وَتارَة أَنا من يأس على فرق)
(كم رمت إرْسَال أنفاسي مؤدية ... عني إِلَيْك فَقَالَ الْقلب لَا تثق)
(كَأَنَّمَا زفراتي فِي جوانحها ... سمائم القيظ فِي ذاو من الْوَرق)
(لَيْت الْمحبَّة للعشاق مَا خلقت ... وليتني حِين ذاقوا الْحبّ لم أذق)
(هَذَا الْفِرَاق وَهَذَا الهجر يتبعهُ ... يَا نفس صبرا على موتين فِي نسق)
وَمِنْه الْبَسِيط
(مَا حيلتي فِيك قد ضَاقَتْ بِي الْحِيَل ... لَا الْكتب مغنية عني وَلَا الرُّسُل)
(فِي كل يَوْم غرام لَا شِفَاء لَهُ ... إِلَّا لقاؤك والهجران مُتَّصِل)
(الْخَوْف يَمْنعنِي والتيه يمنعكم ... مَتى وَكَيف وأنى يبلغ الأمل)
3 - (ابْن الْخَواص الكفيف)
عبد الرَّحْمَن بن يحيى الْأَسدي الكفيف أَبُو الْقَاسِم بن الْخَواص المغربي لم يكن أَبوهُ خواصاً وَلكنه سكن بالقيروان فِي سوق الخوص قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج أَبُو الْقَاسِم هَذَا شَاعِر مَشْهُور حسن الطَّرِيقَة منقاد الطَّبْع لَا يتَكَلَّف التصنيع بَرِيء من تعقيد أَصْحَابه النَّحْوِيين وَبرد أشعارهم مفنن فِي علم الْقُرْآن من مُشكل وغريب وَأَحْكَام وَمن شعره الطَّوِيل)
(جرى حكم هَذَا الدَّهْر أَن يجمع الْغنى ... مَعَ الْجَهْل والفهم الذكي مَعَ الْحَرْف)
(فَلَا تَكُ فِي شكّ إِذا كنت عَالما ... بأنك لَا تُعْطى سوى خطة الْخَسْف)
(وَلما رَأَيْت الدَّهْر لَيْسَ بتارك ... كَرِيمًا وَلَا تبقي نَوَاه على إلْف)
(قسمنا بَين الْآدَاب نِصْفَيْنِ بَيْننَا ... فَلم يغنه النّصْف الَّذِي اخْتَار عَن نصفي)
(خليلي هَذَا مأتم الْمجد والعلى ... أَصَابَهُم سهم الْحَوَادِث والحتف)(18/182)
(فَأَصْبَحت الْآدَاب وخلفت ... مغاني الحجى مدروسة بني ذَا الْخلف)
وَمِنْه السَّرِيع
(دق لما يلقى من اللَّمْس ... وَفَاتَ دَرك الْوَهم والحس)
(كَأَنَّهُ مِمَّا بِهِ من ضنى ... وهم جرى فِي خاطر النَّفس)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أَرَاك عَيْني كحيل الطّرف ذِي حور ... ظَبْي خلا أَنه ظَبْي من الْبشر)
(أغْنى عَن الْغُصْن قداً بالقوام كَمَا ... أغْنى بغرته عَن طلعة الْقَمَر)
(يفتر عَن أشنب عذب مراشفه ... كالمسك نكهته فِي سَاعَة السحر)
(مستملح الدل حُلْو الشكل مَا نظرت ... إِلَيْهِ عين فَلم تفتن من النّظر)
(مَا كَانَ أحسن إِذْ تمت محاسنه ... لَو تمّ لي مِنْهُ إشفاق على ضرري)
(جرى هَوَاهُ مجاري الرّوح من جَسَدِي ... وَحل مني مَحل السّمع وَالْبَصَر)
3 - (عبد الرَّحْمَن النَّخعِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ الْكُوفِي الْفَقِيه أَخُو الْأسود وَابْن أخي عَلْقَمَة روى عَن عُثْمَان وسلمان وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْحَافِظ الدَّارَانِي الدِّمَشْقِي)
عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الْأَزْدِيّ الدَّارَانِي الدِّمَشْقِي الْحَافِظ وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وروى الْحَافِظ أَبُو عتبَة عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ وَأبي كَبْشَة السَّلُولي وَمَكْحُول وَأبي سَلام مَمْطُور وعطية بن قيس وَعبد الله بن عَامر الْمُقْرِئ وَالزهْرِيّ وَخلق كثير وَعنهُ ابْنه عبد الله وَابْن الْمُبَارك وَعمر بن عبد الْوَاحِد وَأَيوب بن سُوَيْد وحسين الْجعْفِيّ وَابْن شَابُور ووفد على الْمَنْصُور لما طلبه)(18/183)
3 - (زكي الدّين بن وهيب القوصي)
عبد الرَّحْمَن بن وهيب بن عبد الله زكي الدّين أَبُو الْقَاسِم القوصي الْكَاتِب كَانَ فَاضلا فِي نظمه ونثره متقناً للكتابة توفّي بحماة مشنوقاً بعد وزارته للْملك المظفر بحماة وصحبته لَهُ دهراً طَويلا كَانَ المظفر قد وعده أَنه مَتى ملك حماة أعطَاهُ ألف دِينَار فَلَمَّا ملكهَا أنْشدهُ السَّرِيع
(مولَايَ هَذَا الْملك قد نلته ... برغم مَخْلُوق من الْخَالِق)
(والدهر منقاد لما شئته ... وَذَا أَوَان الْموعد الصَّادِق)
فَدفع لَهُ ألف دِينَار وَأقَام مَعَه مُدَّة وَلَزِمتهُ أسفار أنْفق فِيهَا المَال الَّذِي أعطَاهُ وَلم يحصل بِيَدِهِ زِيَادَة عَلَيْهِ فَقَالَ السَّرِيع
(ذَاك الَّذِي أَعْطوهُ لي جملَة ... قد استردوه قَلِيلا قَلِيل)
(فليت لم يُعْطوا وَلم يَأْخُذُوا ... وحسبي الله وَنعم الْوَكِيل)
فَبلغ ذَلِك المظفر فَأخْرجهُ من دَار كَانَ قد أنزلهُ بهَا فَقَالَ الطَّوِيل
(أتخرجني من كسر بَيت مهدم ... ولي فِيك من حسن الثَّنَاء بيُوت)
(فَإِن عِشْت لم أعدم مَكَانا يضمني ... وَأَنت فتدري ذكر من سيموت)
فحبسه المظفر فَقَالَ مَا ذَنبي إِلَيْك فَقَالَ وحسبي الله وَنعم الْوَكِيل وَأمر بخنقه فَلَمَّا أحس بذلك قَالَ الْبَسِيط
(أَعْطَيْتنِي الْألف تَعْظِيمًا وتكرمة ... يَا لَيْت شعري أم أَعْطَيْتنِي ديتي)
وَكَانَ قد أنْشدهُ قصيدة قبل أَن يتَمَلَّك حماة حِين وعده بِالْألف دِينَار
وَمِنْهَا الْبَسِيط
(مَتى أَرَاك وَمن تهوى وَأَنت كَمَا ... تهوى على زعمهم روحين فِي بدن)
(هُنَاكَ أنْشد والآمال حَاضِرَة ... هنيت بِالْملكِ والأحباب والوطن)
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني زكي الدّين أَبُو الْقَاسِم القوصي لنَفسِهِ بِدِمَشْق عِنْد وُصُوله من الديار المصرية لقصد الْخدمَة بحماة وَذكر أَنه كتبهَا إِلَى الصاحب تَاج الدّين يُوسُف ابْن الصاحب صفي الدّين بن شكر لما نكب بعد موت أَبِيه الْكَامِل
(أسفي وَهل يجدي عَلَيْك تأسفي ... حكم الزَّمَان عَلَيْك حكم تعسف)
)
(يَا قبْلَة الراجي وكهف الملتجي ... ومسامح الْجَانِي وكنز المعتفي)(18/184)
(فِي مثل هَذَا الْيَوْم بَيْتك مشْهد ... يُتْلَى الثَّنَاء بِهِ كآي الْمُصحف)
(فلأجرين على ربوعك أدمعي ... ولأضرمن عَلَيْك نَار تلهفي)
(فَأَنا الوفي لَدَى زمَان غادر ... لَا ذاق برد أَمَانه من لَا يَفِي)
(شاركت يُوسُف فِي اسْمه وبلائه ... ستنال بعد السجْن رُتْبَة يُوسُف)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ الطَّوِيل
(تَبَدَّتْ فَهَذَا البدرُ من كَلَفٍ بهَا ... وحقَّك مثلي فِي دجى اللَّيْل حائرُ)
(وماستْ فشقَّ الْغُصْن غيظاً جيوبه ... أَلَسْت ترى أوراقه تتناثر)
وَذكر أَن يُوسُف بن عبد الْعَزِيز بن المرصص الْمصْرِيّ أجازهما فَقَالَ الطَّوِيل
(وفاحت فَألْقى العودُ فِي النارِ نفسَه ... كَذَا نقلتْ عَنهُ الحَدِيث المجامر)
(وَقَالَت فغار الدَّار واصفرَّ لونُه ... كَذَلِك مَا زالتْ تغارُ الضَّرائرُ)
قَالَ وَكتب إِلَيّ وَهُوَ بالديار المصرية السَّرِيع
(أوحشتني وَالله يَا سَيِّدي ... وَزَاد شوقي وغرامي إِلَيْك)
(ن غبت عَن عَيْني برغمي فقد ... أَقَامَ فِي الحضرة قلبِي لديك)
(وَإِن شممت الرّيح مسكية ... فَذَاك من طيب ثنائي عَلَيْك)
قَالَ وَكتب إِلَيّ أَيْضا الْخَفِيف
(سَيِّدي سَيِّدي كتابك أحلى ... من زلال على فُؤَادِي الصادي)
(خلت فِيهِ قَمِيص يُوسُف لما ... أَلْصَقته أناملي بفؤادي)
(كرر اللثم يَا فمي وترشف ... مِنْهُ آثَار فضل تِلْكَ الأيادي)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي الْمعِين الهيتي وَقد نفي من مصر إِلَى الشَّام الْكَامِل
(لَا تحسب الهيتي يفلح بعْدهَا ... ونحوسه يتبعنه أَنى سلك)
(قد غلقت أَبْوَاب مصر دونه ... بغضاً لطلعته وَقَالَت هيت لَك)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ الوافر
(فلَان وَالْجَمَاعَة عارفوه ... وَظَاهره التنسك والزهادة)
(يَمُوت على الشَّهَادَة وَهُوَ حَيّ ... إِلَيْهِ لَا تمته على الشَّهَادَة)
)
قلت شعر جيد طبقه(18/185)
3 - (ابْن أبي ليلى الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن يسَار أبي ليلى بن بِلَال بن أحيجة بن الجلاح الْأنْصَارِيّ وَقيل اسْم أبي ليلى دَاوُد وَفِيه خلاف غير هَذَا وَهُوَ أَبُو عِيسَى الْكُوفِي الْفَقِيه الْمُقْرِئ روى عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي ذَر وبلال وَأبي ابْن كَعْب وصهيب وَغَيرهم ولأبيه صُحْبَة اسْتَعْملهُ الْحجَّاج على الْقَضَاء ثمَّ عَزله ثمَّ ضرب ليسب عليا وَشهد وقْعَة الْجمل وَكَانَت راية عَليّ بن أبي طَالب بِيَدِهِ وَسمع مِنْهُ الشّعبِيّ وَمُجاهد وَعبد الْملك بن عُمَيْر وَخلق وسواهم
ولد لست بَقينَ من خلَافَة عمر فَلهَذَا لَا يثبت سَمَاعه من عمر وَقتل بدجيل وَقيل غرق فِي نهر الْبَصْرَة وَقيل فقد بدير الجماجم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة إِحْدَى وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن خمرتاش)
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن خمرتاش بن عبد الله الْبَزَّاز أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب البغداذي كَانَ يكْتب على الجسر وَفِيه أدبو ينظم وُلد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة بالمارستان العضدي وَمن شعره الوافر
(أتيه على الْخَلِيفَة فِي نواله ... ويمنعني التعفف عَن سُؤَاله)
(وَأعلم أَن رزق الْمَرْء يَأْتِي ... كَمَا تَأتي الْمنية لاغتياله)
(وَقد مَضَت الدهور وَمَاء وَجْهي ... مُقيم فِيهِ يقطر من خلاله)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن وليدويه)
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن وليدويه النخاس شَاعِر ابْن شَاعِر يروي عَن أَبِيه وروى عَنهُ أَبُو عمر بن حيويه وَمن شعره يرثي غُلَامه نجماً الْخَفِيف
(عين جودي بعبرة مَا بقيت ... جلّ رزء بِهِ الْغَدَاة رزيت)
(مَاتَ نجم فَكل حَيّ يَمُوت ... وخلت مِنْهُ عرصتي والبيوت)(18/186)
(وَيْح ذَا الْمَوْت كَيفَ بدد شملي ... إِن شملي من بعد نجم شتيت)
(مَاتَ إِذْ مَاتَ ميتَة فَتَوَلّى ... وَأرَانِي فِي كل يَوْم أَمُوت)
قلت شعر مرذول سَاقِط وَذكرت لي هَهُنَا بَيْتَيْنِ وهما الْبَسِيط)
(يَا غَائِبا فِي الثرى تبلى محاسنه ... وَالله يوليه إحساناً وغفرانا)
(إِن كنت جرعت كأس الْمَوْت وَاحِدَة ... فَكل يَوْم أَذُوق الْمَوْت ألوانا)
وكررته فَقلت أرثي أخي إِبْرَاهِيم رَحمَه الله تَعَالَى الطَّوِيل
(أخي ذقت كأس الْمَوْت فِي الدَّهْر مرّة ... وجرعت كاسات الردى فِيك ألوانا)
(وجار عَلَيْك الدَّهْر دوني ظَالِما ... فغادرني تبعا وأذواك ريحانا)
3 - (عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن الْجَوْزِيّ)
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن الصاحب محيي الدّين ابْن الإِمَام ابْن الْجَوْزِيّ ولد سنة سِتّ مائَة وَقتل مَعَ وَالِده فِي نوبَة بغداذ سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة وَكَانَ محتسب بغداذ وَترسل عَن الْخَلِيفَة إِلَى مصر وَوعظ وَحدث
3 - (الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمروزِي)
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن خرَاش الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمروزِي الأَصْل البغداذي قَالَ شربت بولِي خمس مَرَّات فِي هَذَا الشَّأْن يَعْنِي فِي(18/187)
طلب الحَدِيث وَله كَلَام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَقد اتهمَ بالرفض قَالَ ابْن عدي ذكر بِشَيْء من التَّشَيُّع
3 - (أَبُو مُحَمَّد البعلبكي)
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن نصر بن أبي الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن الْمُفْتِي الْقدْوَة فَخر الدّين أَبُو مُحَمَّد البعلبكي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة
سمع من أبي الْمجد الْقزْوِينِي والبهاء عبد الرَّحْمَن وَابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي وَالْفَخْر الإربلي والناصح بن الْحَنْبَلِيّ ومكرم بن أبي الصَّقْر وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الْقُرْآن على خَاله القَاضِي صدر الدّين عبد الرَّحِيم بن نصر وتفقه على تَقِيّ الدّين بن الْعِزّ وشمس الدّين عمر بن المنجا وَأبي سُلَيْمَان الْحَافِظ وَحفظ كتاب عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَعرضه حفظا على المُصَنّف وَقَرَأَ الْأُصُول وشيئاً من الْخلاف على السَّيْف الْآمِدِيّ وعَلى القَاضِي نجم الدّين أَحْمد بن رَاجِح وَقَرَأَ النَّحْو على ابْن الْحَاجِب ثمَّ على الْمجد الإربلي الْحَنْبَلِيّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده دمشق وَقد درس بالجوزية عَن القَاضِي نجم الدّين ابْن الشَّيْخ شمس الدّين ودرس بالصدرية والمسمارية نِيَابَة عَن بني المنجا وَولي تدريس الْحلقَة بالجامع)
وَكَانَ قَلِيل الْمثل وَفِيه ديانَة وَتعبد أجَاز للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وروى عَنهُ ابْن الْعَطَّار وَابْن الخباز وَابْن تَيْمِية والمزي والبرزالي وَخلق
3 - (أَبُو عَامر الْقَيْسِي)
عبد الرَّحْمَن الْعَقدي أَبُو عَامر الْقَيْسِي من حفاظ أهل الْبَصْرَة توفّي سنة خمس وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْبَيْلَمَانِي الشَّاعِر)
عبد الرَّحْمَن الْبَيْلَمَانِي الشَّاعِر روى عَن سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نُفيل وَابْن عَبَّاس وَعَمْرو بن عَنْبَسَة وَابْن عمر وَغَيرهم وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَمن شعره
3 - (عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ رَسُول أَحْمد بن هولاكو)
عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ رَسُول(18/188)
الْملك أَحْمد بن هولاكو كن من مماليك الْخَلِيفَة المستعصم وَكَانَ اسْمه قراجا فَلَمَّا أخذت بغداذ تزهد واتصل بِالْملكِ أَحْمد وَعظم عِنْده إِلَى أَن كَانَ ينزل إِلَى زيارته وَإِذا شَاهده ترجل وَقبل يَده وامتثل جَمِيع مَا يَأْمُرهُ بِهِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يتَّفق مَعَ الْملك الْمَنْصُور فندبه لذَلِك وسير فِي خدمته جمَاعَة كَثِيرَة من الْمغل فَحَضَرَ إِلَى دمشق فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَأقَام بِمن مَعَه فِي دَار رضوَان ورتب لَهُم من الإقامات مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ وَقدم السُّلْطَان الشَّام فَعِنْدَ وُصُوله بلغه قتل أَحْمد وتملك أرغون فَاسْتَحْضر الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن لَيْلًا بالقلعة وَسمع رسَالَته ثمَّ أخبرهُ بقتل مرسله وَعَاد السُّلْطَان إِلَى مصر وَبَقِي عبد الرَّحْمَن وَمن مَعَه معتقلين بالقلعة وَاخْتصرَ أَكثر تِلْكَ الرَّوَاتِب فَلَمَّا كَانَ فِي آخر شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست مائَة توفّي الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن وَدفن بسفح قاسيون وَقد نَيف على السِّتين وَبَقِي من مَعَه على حَالهم وتطاول بهم الاعتقال وضاق بهم الْحَال فِي الْمطعم والملبس فنظم النَّجْم يحيى شعرًا وَبعث بِهِ إِلَى ملك الْأُمَرَاء حسام الدّين لاجين مِنْهُ الْكَامِل
(أولى بسجنك أَن يُحِيط وتقتفي ... صيد الْمُلُوك وأفخر العظماء)
(مَا قدر فرَاش وحداد ونق ... اط وخربندا إِلَى سقاء)
(خدموا رَسُولا مَا لَهُم علم بِمَا ... يخفى وَمَا يُبْدِي من الْأَشْيَاء)
(لم يتبعوا الشَّيْخ الرَّسُول ديانَة ... وطلاب علم واغتنام دُعَاء)
)
(بل رَغْبَة فِي نيل مَا يتَصَدَّق ال ... سُلْطَان من كرم وفيض عَطاء)
(ويؤملون فواضلاً تَأتيه من ... لحم وَفَاكِهَة وَمن حلواء)
(تَفِرُّوا من الْكفَّار والتجأوا إِلَى ال ... إِسْلَام وَاتبعُوا سَبِيل نجاء)
(فيقابلون بطول سجن دَائِم ... وتحسر ومجاعة وعناء)
(أخبارهم مَقْطُوعَة فكأنهم ... موتى وهم فِي صُورَة الْأَحْيَاء)
(إِن كَانَ خيرا قد مضى أَو كَانَ ش ... راً قد أمنت عواقب الأسواء)
(وَإِذا قطعت الرَّأْس من بشر فَلَا ... تحفل بِمَا يبْقى من الْأَعْضَاء)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أطلق أَكْثَرهم وَبَقِي مِنْهُم ثَلَاثَة قيل إِن صَاحب ماردين أَشَارَ بإبقائهم فِي الاعتقال وَكَانَت مَقَاصِد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن جَيِّدَة وباطنه وَظَاهره منصرف إِلَى نصْرَة الْإِسْلَام واجتماع الْكَلِمَة وَله سفرات عديدة إِلَى مصر وَالشَّام والحجاز وَلما قدم فِي الرسلية كَانُوا يَسِيرُونَ بِهِ فِي اللَّيْل وينزلون بِهِ فِي النَّهَار
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ يعرف السحر والسيمياء رَأَيْت فِي تَارِيخ أَنه كَانَ رومياً من فِرَاشِي السدة وَأخذ من الدّور وَقت الكائنة جوهراً نفيساً وَأسر فَسلم لَهُ الْجَوْهَر ثمَّ(18/189)
صَار من فِرَاشِي القان ثمَّ تزهد وتنمش وطمر الْجَوْهَر وَصَارَ إِلَى الْموصل فاتصل بعز الدّين أيبك أحد نواب القان وَكَانَ مهوساً بالكيمياء فربطه وَصَارَ مَعَه إِلَى أبغا وَدخل إِلَيْهِ فَقَالَ رَأَيْت فِي النّوم فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا جوهراً مَدْفُونا فَبعث مَعَه جمَاعَة فَقَالَ لَهُم احفروا هُنَا فوجدوا ذَلِك فخضع لَهُ أبغا ثمَّ ربطه بِأَمْر الْجِنّ ثمَّ إِنَّه عمل خاتمين نفيسين على هَيْئَة وَاحِدَة فأظهر الْوَاحِد وَأَعْطَاهُ لأبغا ففرح والشعبذة بِهِ فَقَالَ لَهُ إِن رميته فِي الْبَحْر أَنا أخرجه فَرَمَاهُ فَقَالَ لَهُ اصبر إِلَى غَد ثمَّ عمل هَيْئَة سَمَكَة خشب مجوفة وملأها ملحاً مَعَ الْخَاتم الآخر وَقَالَ هَذِه تَأتي بالخاتم ورماها فِي الْبَحْر فغرقت فَمَا تحلل الْملح طفت وفح أبغا فمها فَإِذا الْخَاتم فانبهر واعتقد فِيهِ وخضع لَهُ الْملك أَحْمد أَيْضا
3 - (أَبُو زيد السالمي)
عبد الرَّحْمَن أَبُو زيد السالمي من أهل أستجه قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم حدثت عَن أبي الْقَاسِم ابْن الطيلسان الْقُرْطُبِيّ قَالَ أَنْشدني أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الزهراوي قَالَ أَنْشدني الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم بن غَالب وَقد حَدثنِي أَبُو سُلَيْمَان بن حوط الله القَاضِي وَغَيره عَن)
أبي غَالب هَذَا وَيعرف بالشراط قَالَ لقِيت السالمي برحبة القريش بقرطبة فأنشدني لنَفسِهِ وَقد صحب فَتى اسْمه عِيسَى ثمَّ ترك صداقته وانتقل إِلَى صداقة آخر اسْمه مُحَمَّد فَقَالَ فِي ذَلِك الطَّوِيل
(تسليت عَن عِيسَى بحب مُحَمَّد ... هديت وَلَوْلَا الله مَا كنت أهتدي)
(وَمَا عَن قلى مني سلوت وَإِنَّمَا ... شَرِيعَة عِيسَى عطلت بِمُحَمد)
قلت الْمَشْهُور أَن هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لإِبْرَاهِيم بن سهل وَهِي فِي محبوبه مُوسَى الَّذِي يكثر من ذكره فِي شعره وَأَنه لما قالهما ألزم بِالْإِسْلَامِ وَقيل لَهُ قد اعْترفت بنسخ شَرِيعَة عِيسَى
3 - (أَبُو زيد الجياني)
عبد الرَّحْمَن أَبُو زيد الجياني الْمَعْرُوف بالنجاري بالنُّون وَالْجِيم سكن بياسة وَتُوفِّي سنة سبع وست مائَة خرج يَوْمًا مَعَ أبي بَحر صَفْوَان بن إِدْرِيس بمرسية يطوفان على ضفة نهرها فوقفا على الدولاب الملاصق للقصر فَقَالَ النجاري الطَّوِيل
(وباكية تبْكي فيسلي بكاؤها ... وَمَا كل مَا يبكي إِذا مَا بَكَى يسلي)
فَقَالَ أَبُو بَحر
(كَأَن بكاها من سرُور بدمعها ... يثير سُرُورًا فِي جوانح ذِي خيل)
فَقَالَ النجاري
(فيا عجبا ينهل واكف دمعها ... سَرِيعا وَإِن كَانَت تَدور على رسل)(18/190)
فَقَالَ أَبُو بَحر
(كَذَاك السَّحَاب الغر ترسل دمعها ... سَرِيعا وتمشي فِي السَّمَاء على مهل)
فَقَالَ النجاري
(تسلسل مِنْهَا المَاء من كل جَانب ... فخطتها من عِبْرَة الصب تستملي)
فَقَالَ أَبُو بَحر
(كَأَن السَّحَاب الغر أَلْقَت بسرها ... إِلَيْهَا فَلم تكْتم وَضَاقَتْ عَن الْحمل)
من شعر النجاري أَيْضا المتقارب
(إِذا هان عنْدك ترك الدنا ... فَلَيْسَ يؤدك مَا تحمل)
(فجد بالتوسط فِي كل أَمر ... إِذا مَا وليت هُوَ الأجمل)
)
(وفكر فَلَا بُد من آخر ... إِلَيْهِ انْتهى قبلك الأول)
(وَلَا تتمن علوا كثيرا ... فَإِن على قدره تنزل)
(عبد الرَّحِيم)
3 - (ابْن الْبَارِزِيّ)
عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن الْمُسلم بن هبة الله بن حسان القَاضِي نجم الدّين الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن الْبَارِزِيّ قَاضِي حماة وَابْن قاضيها شرف الدّين ولد بحماة سنة ثَمَان وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست مائَة وَحدث عَن مُوسَى ابْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَسمع مِنْهُ ابْنه والحافظ أَبُو الْعَبَّاس بن الظَّاهِرِيّ وَولده أَبُو عَمْرو وَعُثْمَان والبدر أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا فَقِيها أصولياً أديباً شَاعِرًا لَهُ خبْرَة بالعقليات وَنظر فِي الْفُنُون وَقد سمع من الْقَاسِم بن رَوَاحَة وَغَيره وسماعه من مُوسَى بِدِمَشْق وَقد حكم قَدِيما بحماة بِحكم النِّيَابَة عَن وَالِده شمس الدّين ثمَّ ولي بعده وَلم يَأْخُذ عَن الْقَضَاء رزقا وعزل عَن الْقَضَاء قبل مَوته بأعوام وَكَانَ مشكور الْأَحْكَام وافر الدّيانَة محباً للْفُقَرَاء وَالصَّالِحِينَ درس وَأفْتى وصنف وأشغل وَخرج لَهُ الْأَصْحَاب فِي الْمَذْهَب توجه لِلْحَجِّ فَأَدْرَكته الْمنية وَحمل إِلَى الْمَدِينَة وَدفن فِي البقيع(18/191)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أَنْشدني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب النَّحْوِيّ قَالَ أَنْشدني القَاضِي نجم الدّين الْبَارِزِيّ لنَفسِهِ فِي الْقَلَم الْكَامِل
(ومثقف لِلْخَطِّ يَحْكِي فعل سم ... ر الْخط إِلَّا أَن هَذَا أصفر)
(فِي رَأسه المسود إِن أجروه فِي ال ... مبيض للأعداء موت أَحْمَر)
وَمن شعره وَهُوَ تَشْبِيه سَبْعَة أَشْيَاء بسبعة الطَّوِيل
(يقطع بالسكين بطيخة ضحى ... على طبق فِي مجْلِس لأصاحبه)
(كبدر ببرق قد شمساً أهلةً ... لَدَى هَالة فِي الْأُفق بَين كواكبه)
قلت وَهَذَا يشبه قَول الآخر الطَّوِيل
(وَلما بدا مَا بَيْننَا منية النَّفس ... يحزز بالسكين صفراء كالورس)
(توهمت بدر التم قد أهلة ... على أنجم بالبرق من كرة الشَّمْس)
وَالْأَصْل فِي هَذَا لِابْنِ قلاقس الإسكندري حَيْثُ قَالَ المتقارب)
(أَتَانَا الْغُلَام ببطيخة ... وسكينة قد أجيدت صقالا)
(فَقطع بالبرق شمس الضُّحَى ... وَأهْدى لكل هلالاً هلالا)
بل للْآخر حَيْثُ قَالَ الْكَامِل
(خلناه لما حزز الْبِطِّيخ فِي ... أطباقه بصقيلة الصفحات)
(بَدْرًا يقد من الشموس أهلة ... بالبرق بَين الشهب فِي الهالات)
وَأول من سبق إِلَى فتح هَذَا الْبَاب العسكري حَيْثُ قَالَ الوافر
(وجامعة لأصناف الْمعَانِي ... صلحن لوقت إكثار وقله)
(فَمن أَدَم وَرَيْحَان وَنقل ... فَلم ير مثلهَا سداً لخله)
(فَمِنْهَا مَا تشبهه بدوراً ... فَإِن قطعتها رجعت أَهله)
وَمن شعر نجم الدّين بن الْبَارِزِيّ مَا كتبه إِلَى الْملك الْمَنْصُور الوافر
(خدمتك فِي الشَّبَاب وَهَا مشيبي ... أكاد أحل مِنْهُ الْيَوْم رمسا)
(فراع لحرمتي عهدا قَدِيما ... وَمَا بالعهد من قدم فينسى)
وَمِنْه الطَّوِيل
(إِذا شمت من تِلْقَاء أَرْضكُم برقاً ... فَلَا أضلعي تهدأ وَلَا أدمعي ترقا)
(وَإِن ناح فَوق البان ورق حمائم ... سحيراً فنوحي فِي الدجى علم الورقا)
(فرقوا لقلب فِي ضرام غرامه ... حريق وأجفان بأدمعها غرقى)(18/192)
(سميري من سعد خذا نَحْو أَرضهم ... يَمِينا وَلَا تستبعدا نَحْوهَا الطرقا)
(وعوجا على أفق توشح شيحه ... بِطيب الشذا المسكي أكْرم بِهِ أفقا)
(فَإِن بِهِ الْمُغنِي الَّذِي بترابه ... وذكراه يستشفي لقلبي ويسترقي)
(وَمن دونه عرب يرَوْنَ نفوس من ... يلوذ بمغناهم حَلَالا لَهُم طلقا)
(بِأَيْدِيهِم بيض بهَا الْمَوْت أَحْمَر ... وَسمر لَدَى هيجائهم تحمل الزرقا)
(وقولا محب بالشآم غَدا لقى ... لفرقة قلب بالحجاز غَدا ملقى)
(تعلقكم فِي عنفوان شبابه ... وَلم يسل عَن ذَاك الغرام وَقد أنقى)
(وَكَانَ يمني النَّفس بِالْقربِ فاغتدى ... بِلَا أمل إِذْ لَا يؤمل أَن يبْقى)
قلت شعر جيد)
3 - (ابْن أبي الْيُسْر التنوخي)
عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر التنوخي تَاج الدّين أَبُو الْفضل سمع من جده أبي مُحَمَّد كثيرا وَأَجَازَ لي بخطّه سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الْحَافِظ)
عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن نصر بن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو الْحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا التَّمِيمِي البُخَارِيّ الْمُحدث صَاحب الرحلة الواسعة سمع بِالشَّام ومصر واليمن وَالْعراق والثغور والحجاز وبخارى والقيروان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (عبد الرَّحِيم القنائي)
عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن حجون بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن جَعْفَر بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الصَّادِق السبتي شيخ من مَشَايِخ الْإِسْلَام وَإِمَام من الائمة العارفين أَقَامَ بِمَكَّة سبع سِنِين ثمَّ قدم إِلَى قِنَا من صَعِيد مصر وَأقَام بهَا سِنِين إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة لَا يكَاد قَبره بقنا يَخْلُو من زائر وقاصد وعابر وَتزَوج بقنا وجاءته الْأَوْلَاد وانتفع النَّاس بِهِ وأشرق نوره عَلَيْهِم وَمن أَصْحَابه الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ بن حميد بن الصّباغ ذكره الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ فِي وفياته وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا لَهُ مقالات فِي التَّوْحِيد منقولة عَنهُ ومسائل فِي عُلُوم الْقَوْم كَانَ مالكي الْمَذْهَب(18/193)
قَالَ القَاضِي الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي الشَّيْخ الْفَاضِل الثِّقَة الْعدْل ضِيَاء الدّين منتصر بن الْحسن خطيب أدفو عَن الشَّيْخ الإِمَام الْعَارِف كَمَال الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الظَّاهِر نزيل إخميم وَحكى لي أَيْضا ابْنه الشَّيْخ الْعَالم أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ كَمَال الدّين الْمشَار إِلَيْهِ أَنَّهُمَا سمعا الشَّيْخ كَمَال الدّين يَقُول زرت جبانة قِنَا وَجَلَست عِنْد قبر سَيِّدي الشَّيْخ عبد الرَّحِيم وَإِذا يَد قد خرجت من قَبره وصافحتني قَالَ وَقَالَ لي يَا بني لَا تعص الله طرفَة عين فَإِنِّي فِي عليين وَأَنا أَقُول يَا حسرتاً على مَا فرطت فِي جنب الله انْتهى وَقد اشْتهر أَن الدُّعَاء عِنْد قَبره مجاب
3 - (القَاضِي الْمُخْتَار الْحَنَفِيّ)
عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله القَاضِي الْمُخْتَار أَبُو سعد الْإِسْمَاعِيلِيّ السراج الْحَنَفِيّ ولي الْقَضَاء بِاخْتِيَار المشائخ لَهُ فَلِذَا قيل لَهُ الْمُخْتَار وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين)
وَأَرْبع مائَة
3 - (عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الْحَرَّانِي)
عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن زيد بن الْفرج بن الطّيب الْحَرَّانِي كَاتب سُلَيْمَان بن عبد الله بن طَاهِر وَفد مَعَه إِلَى سر من رأى وَهُوَ كَاتب مترسل بليغ شَاعِر مدح الْمُعْتَمد وَمن شعره السَّرِيع
(عاديت مرآتي وآذنتها ... بالهجر مَا كَانَت وَمَا كنت)
(فأقفرت مني وَمن طلعتي ... كَمَا من اللَّذَّات أقفرت)
(وَقد أَرَاهَا شغلي نزهة ... قبْلَة وَجْهي حَيْثُ يممت)
(كَانَت تريني الْعُمر مُسْتَقْبلا ... وَهِي تريني الْمَوْت مذ شبت)
3 - (ابْن الْأُخوة)
عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ابْن الْأُخوة الْعَطَّار أَبُو الْفضل سمع أَبَا الفوارس طراد الزَّيْنَبِي وَأَبا الْخطاب نصر بن البطر وَالْحُسَيْن النعالي وَغَيرهم وسافر إِلَى خُرَاسَان فِي طلب الحَدِيث وَسمع بنيسابور وبالري وبطبرستان وبأصبهان وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَنسخ بِخَطِّهِ مَا لَا يدْخل تَحت الْحَد وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً وَكَانَ سريع الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة
قَالَ محب الدّين بن النجار رَأَيْت بِخَطِّهِ كتاب التَّنْبِيه فِي الْفِقْه لأبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَقد ذكر فِي آخِره أَنه كتبه فِي يَوْم وَاحِد وَكَانَت لَهُ معرفَة بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب وَله شعر وَكَانَ يَقُول كتبت بخطي ألف مجلدة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بشيراز وَرمي بِأَنَّهُ كَانَ يقْرَأ مُعْجم الطَّبَرَانِيّ ورقتين وَيتْرك حَدِيثا وحديثين رَوَاهُ السَّمْعَانِيّ عَن(18/194)
يحيى بن عبد الْملك بن أبي الْمُسلم الْمَكِّيّ وَكَانَ شَابًّا صَالحا وَمن شعره الْبَسِيط
(مَا النَّاس نَاس فسرح إِن خلوت بهم ... فَأَنت مَا حَضَرُوا فِي خلْوَة أبدا)
(وَلَا يغرنك أَثوَاب لَهُم حسنت ... فَلَيْسَ حاملها من تحتهَا أحدا)
(القرد قرد وَإِن حليته ذَهَبا ... وَالْكَلب كلب وَإِن سميته أَسد)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أنفقت شرخ شَبَابِي فِي دِيَاركُمْ ... فَمَا حظيت وَلَا أحمدت إنفاقي)
(وَخير عمري الَّذِي ولى وَقد ولعت ... بِهِ الهموم فَكيف الظَّن بِالْبَاقِي)
)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وَلما التقى للبين خدي وخدها ... تلاقى بهار ذابل وجنى ورد)
(ولفت يَد التوديع عطفي بعطفها ... كَمَا لفت النكباء مَا يستي رند)
(وأذرى النَّوَى دمعي خلال دموعها ... كَمَا نظم الْيَاقُوت والدر فِي عقد)
(وَوَلَّتْ وَبِي من لوعة الوجد مَا بهَا ... كَمَا عِنْدهَا من حرقة الْبَين مَا عِنْدِي)
وَمِنْه الْكَامِل
(الدَّهْر كالميزان يرفع نَاقِصا ... أبدا ويخفض زَائِد الْمِقْدَار)
(وَإِذا انتحى الْإِنْصَاف عَادل عدله ... فِي الْوَزْن بَين حَدِيدَة ونضار)
قلت شعر جيد
3 - (مجد الدّين الْجَزرِي)
عبد الرَّحِيم بن أبي بكر مجد الدّين الْجَزرِي الْفَقِيه النَّحْوِيّ الصُّوفِي كَانَ من كبار النُّحَاة وَله حَلقَة أشغال وَفِيه عشرَة وانطباع ابْتُلِيَ بحب شَاب وقويت عَلَيْهِ السَّوْدَاء ففسدت مخيلته فأغلق عَلَيْهِ الخانقاه الشهابية وطلع إِلَى السَّطْح وَألقى نَفسه إِلَى الطَّرِيق فَمَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة فِي ثَانِي عشر شهر رَمَضَان يَوْم الْجُمُعَة وَقت الصَّلَاة
3 - (ابْن الدقدق الشَّاعِر)
عبد الرَّحِيم بن أبي بكر بن عبد الْبَاقِي أَبُو مَنْصُور الشَّاعِر الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الدقدق بدالين مهملتين وقافين ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بواسط وَقدم بغداذ وروى بهَا شَيْئا من شعره سنة عشْرين وست مائَة وَمن شعره الوافر
(سَقَاهَا بعد عَافِيَة الرسوم ... مجش رواعد هزج النسيم)(18/195)
(وعاهدت العهاد عهود سلمى ... ترم برامة شعث الرميم)
(وصافحت الربوع يدا ربيع ... تشق بِهِ عَن الزهر الوسيم)
(وناوحت الحمائم فِي النواحي ... على الأغصان غريد الْقدوم)
(ديار طالما خلعت عذاراً ... عذاراها عَن الْوَرع الْحَلِيم)
(وصدت عينهَا عَيْني محب ... يهيم صدى عَن الْورْد الغميم)
(وحجبن الحواجب محميات ... بِمَا جردن من دلّ رخيم)
)
(وسلطن القدود فَمَا لصب ... يقد بلين قد من رَحِيم)
(وصوبن السِّهَام فَكيف ينجو ... فؤاد ترتميه لحاظ ريم)
قلت شعر أَكثر فِيهِ من الجناس فَأدى إِلَى الإملال
3 - (عبد الرَّحِيم بن جَعْفَر)
عبد الرَّحِيم بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب كَانَ من الرؤساء الأجلاء أديباً شَاعِرًا شرِيف الْأَخْلَاق نجيباً فصيحاً ولاه المعتصم الْيمن فَأَقَامَ بهَا وَأقرهُ الواثق بعده ثمَّ عَزله بإيتاخ فأشخصه وحبسه وطالبه بأموال فَمَاتَ فِي الْحَبْس سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَمن شعره المنسرح
(كل محب سواي مَسْتُور ... وَالنَّاس إِلَّا عَن قصتي عور)
(كَأَن طرفِي عين عَليّ لَهُم ... فَكل طي لدي منشور)
(مَا إِن يغيب الفعال أَفعلهُ ... إِلَّا تهادته بَيْننَا الدّور)
يخرج من هَذِه وَيدخل هاتيك وَعنهُ القناع محسور
(كأنني عِنْد ستر مأربتي ... بِكُل طرف إِلَيّ مَنْظُور)
(فَمَا احتيالي وَقد خلقت فَتى ... تجْرِي بِمَا سَاءَنِي الْمَقَادِير)
(لَكِن وَجه الَّذِي كلفت بِهِ ... مُحْتَمل ذَا لَهُ ومغفور)
3 - (الْوَزير الْعَادِل)
عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن الْوَزير الأوحد أَبُو عبد الله الْكَاتِب الملقب بالعادل وزر للْملك الرَّحِيم أبي نصر كاليجار وخلع عَلَيْهِ الْخَلِيفَة وَكَانَ جواداً ظَالِما سفاكاً للدماء وَغَضب عَلَيْهِ أَبُو نصر وَقد غطوا على حفيرة فِي دَاره حصيرة فَلَمَّا مر نزل فِيهَا وطم عَلَيْهِ فِي الْحَال سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة(18/196)
3 - (الجُمَحِي الْفَقِيه)
عبد الرَّحِيم بن خَالِد الجُمَحِي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ الْفَقِيه من قدماء أَصْحَاب مَالك كَانَ مَالك معجباً بِهِ وبفهمه وَهُوَ أول من أَدخل مصر فقه مَالك وَكَانَ من الصَّالِحين مَاتَ شَابًّا سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة وتفقه بِهِ ابْن الْقَاسِم قبل رحلته إِلَى مَالك وروى عَنهُ اللَّيْث بن سعد)
وَرشْدِين وَابْن وهب
3 - (ابْن الصنيعة الْأنْصَارِيّ)
عبد الرَّحِيم بن سعيد بن مُؤَمل بن الصنيعة الْأنْصَارِيّ من شعره مجزوء الْكَامِل
(إِن قيل أسرف فِي الَّذِي ... لَا يَأْمَن الذَّنب الْعَظِيم)
(وَغدا بسخط فعاله ... يَرْجُو رضى الرب الرَّحِيم)
(مَاذَا يكون جَوَابه ... عِنْد الْقدوم على الْكَرِيم)
(فَأَقُول من أَنا عبد من ... فَيُقَال لي عبد الرَّحِيم)
3 - (أَبُو عَليّ الرَّازِيّ)
عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ أَبُو عَليّ نزيل الْكُوفَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث صنف الْكتب وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن الْمحَاربي)
عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي الْكُوفِي أَبُو زِيَاد سمع أَبَاهُ ومبارك بن فضَالة وشريكاً وزائدة وَغَيرهم وروى عَنهُ البُخَارِيّ وروى ابْن ماجة عَن رجل عَنهُ وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَابْن نمير وَعبد بن حميد وَأحمد بن أبي عذرة قَالَ أَبُو زرْعَة شيخ فَاضل ثِقَة وَقَالَ أَبُو دَاوُد هُوَ أثبت من أَبِيه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (نجم الدّين بن الشحام)
عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن نصير الْموصِلِي الشَّافِعِي ابْن الشحام هُوَ نجم الدّين الْمُفْتِي
أَكثر الْأَسْفَار واشتغل ببغداذ وتميز وَسكن مَدِينَة سراي مُدَّة وَقدم دمشق سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة وَكَانَ فَقِيها طيبا ولي مشيخة الْقصر ودرس بالجاروخية والظاهرية البرانية وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة مَاتَ وَله ثَمَان وَسَبْعُونَ سنة(18/197)
3 - (عبد الرَّحِيم بن العجمي)
عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحِيم ثَلَاثَة بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي عماد الدّين أَبُو الْحسن الْحلَبِي ابْن العجمي ولد سنة خمس وست مائَة وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة سمع من الافتخار الْهَاشِمِي وثابت بن مشرف وَحدث ودرس وَأفْتى وَولي الْقَضَاء بالفيوم مُدَّة)
فَشكر وناب فِي الحكم بِدِمَشْق وروى عِنْد الدمياطي وَابْن جمَاعَة وَتُوفِّي بحلب
3 - (ابْن سَعْدَوَيْه)
عبد الرَّحِيم بن عبد السَّلَام بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سَعْدَوَيْه بن بشر بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن غياث أَبُو زيد الغياثي الْحَنَفِيّ من أهل مرو كَانَ أحد أَعْيَان الْقُضَاة الْفُضَلَاء حدث ببغداذ عَن أَبِيه وَأبي غَانِم أَحْمد ابْن عَليّ بن الْحُسَيْن الكراعي وَأبي حَفْص عمر بن مَنْصُور الْبَزَّاز وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الدندري الفصيح)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْعَلِيم الدندري يعرف بالفصيح كَانَ خَفِيف الرّوح ومدح الأكابر توفّي سنة أَربع وَسبع مائَة ظنا أورد لَهُ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي فِي تَارِيخ الصَّعِيد قصيدة فِي مدح الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد المتقارب
(أيا سيداً فاق كل الْبشر ... وَمن علمه فِي الْوُجُود انْتَشَر)
(وَيَا بَحر علم غَدا فيضه ... لوارده من نَفِيس الدُّرَر)
(أيادي ندى عمنَا جودها ... كَمَا عَم فِي الأَرْض جود الْمَطَر)
(وَفِي روض أيامك المونقات ... أنزه طرف المنى بِالنّظرِ)
3 - (الزُّهْرِيّ رَاوِي السِّيرَة)
عبد الرَّحِيم بن عبد الله بن عبد الرَّحِيم الزُّهْرِيّ مَوْلَاهُم البرقي روى السِّيرَة عَن عبد الْملك ابْن هِشَام عَن البكاي وَكَانَ ثِقَة توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (جمال الدّين الباجربقي)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْمُنعم بن عمر بن عُثْمَان الإِمَام(18/198)
الْمُفْتِي الزَّاهِد جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد الباجربقي الْموصِلِي الشَّافِعِي شيخ فَقِيه مُحَقّق نقال طَوِيل مهيب سَاكن كثير الصَّلَاة يلازم الْجَامِع لَهُ حَلقَة تَحت النسْر إِلَى جَانب البرادة منقبض عَن النَّاس أشغل بالموصل وَأفَاد وخطب بِجَامِع دمشق نِيَابَة ودرس بالغزالية نِيَابَة وَولي تدريس الفتحية وَحدث بِجَامِع الْأُصُول لِابْنِ الْأَثِير عَن وَاحِد عَن المُصَنّف وَله نظم ونثر وَوعظ وَقد نظم كتاب التَّعْجِيز وَعَمله برموز وَهُوَ وَالِد الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَذْكُور فِي المحمدين صَاحب الْعَجَائِب وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره)
3 - (محيي الدّين بن الدَّمِيرِيّ)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْمُنعم بن خلف بن عبد الْمُنعم الشَّيْخ الإِمَام الْمسند محيي الدّين أَبُو الْفضل ابْن الدَّمِيرِيّ اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ ولد سنة ثَلَاث وست مائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة وَسمع سنة عشر من الْحَافِظ أبي الْحسن عَليّ بن الْمفضل وَسمع من أبي طَالب أَحْمد ابْن حَدِيد وَابْن أبي الْفَخر الْبَصْرِيّ والزين بن فتح الدّين الدمياطي وَإِسْمَاعِيل بن ظافر الْعقيلِيّ وَتفرد بالرواية عَن هَؤُلَاءِ وَالْفَخْر الْفَارِسِي وَابْن ناقا وَالْقَاضِي زين الدّين وَعبد الصَّمد الغضائري ومكرم الْقرشِي ومرتضى بن حَاتِم وَلبس الْخِرْقَة من الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي وَكَانَ من كبار المسندين
3 - (أَبُو المظفر بن السَّمْعَانِيّ)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الإِمَام فَخر الدّين أَبُو المظفر ابْن الْحَافِظ أبي سعد بن السَّمْعَانِيّ الْمروزِي الشَّافِعِي ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وست مائَة اعتنى بِهِ أَبوهُ أتم عناية ورحل بِهِ وسَمعه الْكثير وَأدْركَ الْإِسْنَاد العالي وَوَقع لَهُ عَالِيا صَحِيح البُخَارِيّ وَسنَن أبي دَاوُد وجامع التِّرْمِذِيّ وَسنَن النَّسَائِيّ ومسند أبي عوَانَة وتاريخ يَعْقُوب الْفَسَوِي وَسمع الْكتب الْكِبَار مثل الْحِلْية ومسند الْهَيْثَم بن كُلَيْب وَأَشْيَاء كَثِيرَة وَخرج لَهُ أَبوهُ معجماً فِي ثَلَاثَة عشر جُزْءا وَحدث ببغداذ وَعَاد إِلَى مرو ورحل النَّاس إِلَيْهِ وَحدث عَنهُ الْأَئِمَّة وَانْقطع بِمَوْتِهِ شَيْء كثير من المرويات وَسَيَأْتِي ذكر جده مُحَمَّد فِي المحمدين وَسَيَأْتِي ذكر جد أَبِيه الْمَنْصُور بن مُحَمَّد فِي مَكَانَهُ من حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى(18/199)
3 - (أَبُو نصر الْقشيرِي)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن هوَازن بن عبد الْملك بن طَلْحَة أَبُو نصر ابْن الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي من أهل نيسابور كَانَ من أَئِمَّة الْمُسلمين وأعلام الدّين قَرَأَ الْأُصُول على وَالِده وَتَفْسِير الْقُرْآن والوعظ ورزق من ذَلِك حظاً وافراً ولازم إِمَام الْحَرَمَيْنِ ودرس عَلَيْهِ الْمَذْهَب وَالْخلاف وبرع فِي ذَلِك وَجَاز أقرانه وَقَرَأَ الْأَدَب ونظم ونثر وَسمع من إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي وَعبد الغافر بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْفَارِسِي وَغَيرهم
وَقدم بغداذ وَسمع ابْن النقور وَعبد الْعَزِيز الْأنمَاطِي وَعبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن غَالب الْعَطَّار)
وَغَيرهم وَسمع بِمَكَّة سعد بن عَليّ الزنجاني وَالْحسن ابْن عبد الرَّحْمَن الشَّافِعِي وَعقد مجْلِس الْوَعْظ ببغداذ وَظهر لَهُ الْقبُول الْعَظِيم وَأظْهر مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَقَامَت سوق الْفِتْنَة بَينه وَبَين الْحَنَابِلَة وثار الْعَوام إِلَى الْمُقَاتلَة وكوتب الْوَزير نظام الْملك بِأَن يَأْمُرهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى وَطنه فَأحْضرهُ وأكرمه وَأمره بِلُزُوم وَطنه فَأَقَامَ يدرس ويعظ ويروي الحَدِيث إِلَى أَن توفّي سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة كتب إِلَيْهِ فَتْوَى وَهِي الْخَفِيف يَا إِمَامًا حوى الْفَضَائِل طراطبت أصلا وزادك الله قدرا مَا على عاشق رأى الْحبّ مختالا كغصن الْأَرَاك يحمل بَدْرًا فَدَنَا نَحوه يقبل خديه غراماً بِهِ ويلثم ثغرا
(وَعَلِيهِ من العفاف رَقِيب ... لَا يداني فِي سنة الْحبّ غدرا)
فَأجَاب رَحمَه الله الْخَفِيف
(مَا على من يقبل الْحبّ حد ... غير أَنِّي أرَاهُ حاول نكرا)
(امتحان الحبيب باللثم حيف ... لَو تعففت كَانَ ذَلِك أَحْرَى)
(لَا تشرف للثم خد وثغر ... فتلاقي فِي لحظ نَفسك مرا)
(واخش مِنْهُ إِذا تسامحت فِيهِ ... غائلات تجر إِثْمًا ووزرا)
(قمعك النَّفس دَائِما عَن هَواهَا ... لَك خير فَالْزَمْ النَّفس صبرا)
من بلاه إلهه بهوى الْخلق فقد سامه هواناً وصغرا(18/200)
(فَاجْتَنِبْهُمْ وراقب الله سرا ... فَهُوَ أولى بِنَا وَأعظم أجرا)
(ذَا جَوَاب لِابْنِ الْقشيرِي فاسمع ... إِن أردْت السداد سرا وجهرا)
وَمن شعره الطَّوِيل
(ليَالِي وصال قد مضين كَأَنَّهَا ... لآلي عُقُود فِي نحور الكواعب)
(وَأَيَّام هجر أعقبتها كَأَنَّهَا ... بَيَاض مشيب فِي سَواد الذوائب)
وَجلسَ فِي مدرسة النظامية للوعظ فِي شهر رَمَضَان فَمُطِرُوا فَأَنْشد الْكَامِل
(رَمَضَان أرمضني بعادات على ... عدد الطبائع والفصول الْأَرْبَعَة)
(صَوْم وَصوب مَا يغيب سحابه ... وصبابة وصدود من قلبِي مَعَه)
وَمن شعره مجزوء الْكَامِل)
(تَقْبِيل خدك أشتهي ... أمل إِلَيْهِ أَنْتَهِي)
(لَو نلْت ذَلِك لم أبل ... بِالروحِ مني أَن تهي)
(دنياي لَذَّة سَاعَة ... وعَلى الْحَقِيقَة أَنْت هِيَ)
3 - (ابْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ)
عبد الرَّحِيم بن عبد الْملك بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن قدامَة بن مِقْدَام الشَّيْخ كَمَال الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ شيخ صَالح ورع حَافظ كتاب الله عالي السَّنَد ولد سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسمع من حَنْبَل حضوراً وَمن ابْن طبرزد والكندي والجلاجلي وَحدث فِي أَيَّام الْحَافِظ ابْن خَلِيل بحلب وروى الْكثير وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الْعَطَّار والمزي والبرزالي
وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (القَاضِي الْفَاضِل)
عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن أَحْمد بن المفرج بن أَحْمد القَاضِي الْفَاضِل محيي الدّين أَبُو عَليّ ابْن القَاضِي الْأَشْرَف أبي الْحسن اللَّخْمِيّ البيساني الأَصْل الْعَسْقَلَانِي المولد الْمصْرِيّ الدَّار صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء ووزير(18/201)
السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب ولد فِي نصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة رَحمَه الله
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين اشْتغل بصناعة الْإِنْشَاء على الْمُوفق ابْن الْخلال شيخ الْإِنْشَاء لخلفاء مصر ثمَّ خدم بالإسكندرية فِي صباه سمع السلَفِي وَأَبا مُحَمَّد العثماني وَأَبا طَاهِر بن عَوْف وَأَبا الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَعُثْمَان بن سعيد بن فَرح الْعَبدَرِي وَكَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة أحدهم خدم بالإسكندرية وَبهَا مَاتَ خلف من الخواتيم صناديق وَمن الْحصْر والقدور والخزف بُيُوتًا مَمْلُوءَة وَكَانَ إِذا رأى خَاتمًا وَسمع بِهِ تسبب فِي تَحْصِيله وَأما الآخر فَكَانَ لَهُ هوى مفرط فِي تَحْصِيل الْكتب كَانَ عِنْده زهاء مِائَتي ألف كتاب من كل كتاب نسخ وَكَانَ الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى قَلِيل النَّحْو وَلكنه لَهُ دربة توجب لَهُ قلَّة اللّحن كَانَ عِنْد ابْن سناء الْملك من إنشائه اثْنَان وَعِشْرُونَ مجلدة وَعند ابْن الْقطَّان أحد كِتَابه عشرُون مجلداً وَكَانَ متقللاً فِي مطعمه ومنكحه وملبسه لِبَاسه الْبيَاض لَا يبلغ جَمِيع مَا عَلَيْهِ دينارين ويركب مَعَه غُلَام وركاب وَلَا يُمكن أحدا أَن يَصْحَبهُ وَيكثر تشييع الْجَنَائِز وعيادة المرضى وزيارة الْقُبُور وَكَانَ ضَعِيف)
البنية رَقِيق الصُّورَة لَهُ حدبة يغطيها الطيلسان وَكَانَ فِيهِ سوء خلق يكد بِهِ نَفسه وَلَا يضر بِهِ أحدا ولأصحاب الْفَضَائِل عِنْده نفاق يحسن إِلَيْهِم وَلَا يمن عَلَيْهِم وَلم يكن لَهُ انتقام من أعدائه إِلَّا بِالْإِحْسَانِ وَكَانَ دخله ومعلومه فِي السّنة خمسين ألف دِينَار سوى متاجر الْهِنْد وَالْمغْرب وَغَيرهمَا مَاتَ مسكوباً أحْوج مَا كَانَ إِلَى الْمَوْت عِنْد تولي الإقبال وإقبال الإدبار وَهَذَا يدل على أَن لله بِهِ عناية وَله أوقاف فِي فكاك الأسرى وأعان الطّلبَة الشَّافِعِيَّة والمالكية عِنْد دَاره بِالْمَدْرَسَةِ والأيتام بِالْكتاب وَله مُعَاملَة حَسَنَة مَعَ الله وتهجد فِي اللَّيْل لما بلغه أَن الْعَادِل أَخذ الديار المصرية دَعَا على نَفسه بِالْمَوْتِ خشيَة من ابْن شكر وزيره فيهينه انْتهى
وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء مولده وَأَصله بعسقلان وَإِنَّمَا قيل لَهُ البيساني لِأَن وَالِده ولي الْقَضَاء ببيسان قيل لما ولد أَخذ طالعه القَاضِي ابْن قُرَيْش وَكَانَ خَبِيرا بِعلم النُّجُوم فَقَالَ هَذِه وَالله سَعَادَة لَا تسعها الدُّنْيَا فضلا عَن عسقلان قلت وَقد ذكر مولده وطالعه واتصالات الْكَوَاكِب فِي ذَلِك الْوَقْت القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ الدّرّ النظيم فِي تقريظ عبد الرَّحِيم(18/202)
قَالَ ياقوت كَانَ السَّبَب فِي تقدمه أَن أَبَاهُ كَانَ يتَوَلَّى بعسقلان بعد الْقَضَاء ببيسان وكاتبه السُّلْطَان بِمصْر بالأخبار فاتفق أَن وَالِي عسقلان أطلق أَسِيرًا لَهُ قيمَة فتعلل عَلَيْهِ المصريون كَونه لم يخبر بِخَبَرِهِ فَاسْتَحْضر إِلَى الْقَاهِرَة وصودر حَتَّى استصفى مَاله وَلم يبْق لَهُ شَيْء فأصابته فجعة فَمَاتَ وَبَقِي الْفَاضِل وَأُخْت لَهُ وَأَخ على غَايَة من الاختلال وَسُوء الْحَال والفقر فألجأه الْحَال إِلَى أَن مَشى رَاجِلا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَقصد بهَا القَاضِي ابْن حَدِيد فالتجأ إِلَيْهِ وعرفه بِنَفسِهِ وشكا إِلَيْهِ فاقته فتوجع لَهُ وَفرض لَهُ فِي كل شهر ثَلَاثَة دَنَانِير واستنابه فِي الْكِتَابَة عَنهُ
وَفتحت الفرنج عسقلان وَخرج أَخُوهُ وَأُخْته حَتَّى لَحقا بِهِ وَأَقَامَا عِنْده فاختبره القَاضِي فَوَجَدَهُ على غَايَة من الفصاحة والبلاغة وَحسن الْمَقَاصِد وَكَانَ إِذا أَرَادَ مُكَاتبَة ديوَان مصر أمره بِالْكِتَابَةِ عَنهُ وَكَانَت كتبه ترد كالدر النظيم فحسده الْكتاب الَّذين ترد كتبه عَلَيْهِم وخافوا مِنْهُ على مَنْزِلَتهمْ فسعوا بِهِ إِلَى الظافر بن الْحَافِظ فَحدث مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بنان الْأَنْبَارِي كَاتب الْإِنْشَاء يَوْمئِذٍ قَالَ فأحضرني الظافر وَأَمرَنِي أَن أكتب إِلَى الْوَالِي بالإسكندرية أَن يتسلم ابْن البيساني من القَاضِي ابْن حَدِيد وَيقطع يَده ويسيرها إِلَيْنَا قَالَ فَمَا علمت السَّبَب وَلَا عرفت)
ابْن البيساني ووددت لَو كَانَ هَذَا الْكتاب بِخَط غَيْرِي فَأخذت الدواة والقلم والدرج وكتبت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبَطلَت الْكِتَابَة فَنظر إِلَيّ وَقَالَ مَا تنظر قلت عَفْو مَوْلَانَا قَالَ تعرف هَذَا الرجل قلت لَا وَالله قَالَ هَذِه رقْعَة وَردت من الدِّيوَان تخبر بِسوء أدبه واستخفافه وَذَاكَ أَنه كتب كتابا وَجعل بَين السطر والسطر شبْرًا وَهَذَا لَا يكون إِلَّا من الْفَاضِل إِلَى الْمَفْضُول وَبَلغنِي أَيْضا أَنه يرى انتقاضنا وَذَهَاب دولتنا دينا فَقلت إِن رأى استحضار الْمَكْتُوب وَالْوُقُوف عَلَيْهِ فأحضر فَرَأَيْت أبلغ كتاب وَأحسن عبارَة فَقلت هَذَا كتاب مَعْدُوم الْمِثَال وكاتبه أوحد عصره وَمَا كتبُوا فِي أمره بِمَا كتبُوا إِلَّا حسداً لَهُ فَإِن رأى إِحْضَار كَاتبه وَسَمَاع لَفظه وَالْعَمَل بِمُوجب الْمُشَاهدَة رَجَوْت أَن يكون ثَوابًا وصواباً فَكتبت بتسييره مكرماً فَمَا كَانَ إِلَّا مَسَافَة الطَّرِيق حَتَّى أحضر إِلَى مجْلِس الظافر وَأَنا حَاضر فَرَأَيْت شَابًّا ظريفاً بِثِيَاب قصار وأكمام لَطِيفَة وطيلسان فَوقف بَين يَدي الظافر فَقَالَ الظافر اختبره فِي شَيْء من الرسائل فَقلت لَهُ مَوْلَانَا يَأْمُرك أَن تكْتب منشوراً لأحد أَوْلِيَاء دولته يتَضَمَّن تَوليته مَا وَرَاء بَابه فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فقربت مِنْهُ دَوَاة فَأخذ يكْتب وَهُوَ قَائِم وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يستمد(18/203)
انكب إِلَى الدواة ثمَّ وقف فَكتب فَلَمَّا أَن رأى الظافر جَرَيَان قلمه وثبات جنانه أَمر خَادِمًا أَن يحمل لَهُ الدواة ثمَّ فرغ من الْكِتَابَة وَهُوَ قَائِم على رجله فتناوله الْخَادِم وَعرضه على الظافر فَاسْتحْسن خطه وَكَانَ خطا مليحاً رائقاً على طَريقَة ابْن مقلة وَقَالَ لي اقرأه فَقلت يَا مَوْلَانَا اسْمَعْهُ من منشئه فَهُوَ أحسن فقرأه بِلِسَان حاد وَبَيَان صَادِق فَلَمَّا استتم قِرَاءَته أَمر الظافر بقلع طيلسانه وَأخذ عذبة عمَامَته وفتلها وتحنيكه بهَا فَفعل بِهِ ذَلِك وَلم يزل فِي الدِّيوَان مُدَّة أَيَّام الظافر والفائز والعاضد
فَلَمَّا استعلى الضرغام على شاور وَتَوَلَّى الوزراة وهرب شاور إِلَى الشَّام وَقبض على وَلَده الْكَامِل وأودعه السجْن خدمه الْفَاضِل ومت إِلَيْهِ بِخِدْمَة قديمَة ثمَّ إِن الضرغام تنكر على الْفَاضِل فَمضى من فوره إِلَى ملهم أخي ضرغام واستجار بِهِ وَكَانَ ملهم هُوَ الْكَبِير وَكَانَ ترفع عَن الْولَايَة فَأمره بملازمة دَاره حَتَّى يصلح أمره فاتفق أَن قرن بالكامل ابْن شاور فِي محبسه وَحبس مَعَه وَحصل لَهُ بذلك يَد بَيْضَاء عِنْده وَرجع شاور إِلَى الديار المصرية يَصْحَبهُ شيركوه وَقتل الضرغام وَأَخُوهُ ملهم ملهم وَبَنوهُ وعادت الوزارة إِلَى ساور وَركب ابْنه الْكَامِل من دَار ملهم وَمَعَهُ القَاضِي الْفَاضِل حَتَّى دخلا على شاور وَعرف الْكَامِل أَبَاهُ شاور حُقُوق)
الْفَاضِل عَلَيْهِ وَحسن ولائه
واختص الْفَاضِل بالكامل اختصاصاً كلياً وَكَانَ أَولا يدعى بالأسعد فَغَيره ولقبه بالفاضل وَلم يزل مَعَهُمَا على أحسن حَال إِلَى أَن عَاد أَسد الدّين إِلَى مصر فِي الْمرة الْأُخْرَى وَاسْتولى على الديار المصرية وَتَوَلَّى الوزارة وَقتل شاور وَابْنه الْكَامِل وَطلب الْفَاضِل وَكَانَ فِي نَفسه مِنْهُ أَشْيَاء نقمها عَلَيْهِ فِي مكاتباته عَن شاور وَكَانَ يغلظ القَوْل فِيهَا ولجأ القَاضِي إِلَى الْقصر مستجيراً ومستخفياً وَطَلَبه شيركوه من العاضد فشفع فِيهِ فَلم يقبل الشَّفَاعَة وألح فِي طلبه فاتفق أَن العاضد أهْدى إِلَى شيركوه هَدَايَا نفيسة وَقعت مِنْهُ موقعاً لطيفاً وَسَأَلَهُ مَعَ قبُولهَا أَمَان الْفَاضِل فَأَمنهُ فَلَمَّا حضر أكْرمه شيركوه وَأمره بِالْجُلُوسِ فِي حَضرته وَقَالَ اكْتُبْ كتاب إِلَى نور الدّين مَحْمُود بن زنكي عرفه مَا فعل الله بِهَذَا الطاغية الْفَاسِق يَعْنِي شاوراً فَكتب وَلم يذكرهُ إِلَّا بِالْخَيرِ فَغَضب أَسد الدّين وَقَالَ مَا لَك لَا تكْتب بِمَا آمُرك بِهِ فَقَالَ مَا يسعني ذَلِك أَيهَا الْوَزير لحقوق لَهُ عَليّ فَأَغْلَظ لَهُ وتهدده إِن لم يكْتب وَحلف ليوقعن بِهِ فَوَثَبَ حَتَّى صَار بَين يَدَيْهِ وَقَالَ قد انبسط الْآن عُذْري فِيمَا كنت أكاتب بِهِ الْمولى فَإِنَّمَا أَنا آلَة أكتب حَسْبَمَا أومر فسط عذره وَأَعْجَبهُ مخرجه من الْحجَّة وآنس بِهِ آنساً تَاما
فَلَمَّا مَاتَ أَسد الدّين شيركوه ترشح أكَابِر الدولة لمكانه وطمع فِيهَا من هُوَ أهل لذَلِك(18/204)
وَلم يكن صَلَاح الدّين مِمَّن تطمع نَفسه فِي تِلْكَ الرُّتْبَة وَاتفقَ أَنه اجْتمع بالفاضل فِي دَار السُّلْطَان وَجرى حَدِيث من ترشح للولاية وَبسط صَلَاح الدّين الحَدِيث فِي ذكرهم وَلم يذكر نَفسه فَجَذَبَهُ الْفَاضِل إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ سرا هَل عنْدك قُوَّة لِأَن تلِي هَذَا الْأَمر فَقَالَ صَلَاح الدّين وأنى لي بذلك وَهنا مثل فلَان وَفُلَان وَعدد الأكابر فَقَالَ لَهُ لَا عَلَيْك فَإِنِّي أدبر أَمرك فاستعد لذَلِك
فَبينا هما فِي الحَدِيث استدعي الْفَاضِل إِلَى مجْلِس العاضد واستشير فِيمَن يُولى وَلم يكن شيركوه دفن بعد لِأَن من عَادَتهم أَن الَّذِي يتَوَلَّى يلبس فِي الْجِنَازَة أَخْضَر دون كل من فِيهَا وَنهي إِمَارَة الْولَايَة فَقَالَ الْفَاضِل رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ أَعلَى وَهُوَ أعرف فَقَالَ العاضد مَا تَقول فِي فلَان فوهى أمره وَذكر شَيْئا صدفه عَنهُ إِلَى أَن ذكر جمَاعَة كلهم كَذَلِك فَقَالَ للفاضل فَمن ترى أَنْت قَالَ مَا رَأَيْت فِي الْجَمَاعَة أحسن طَريقَة من يُوسُف ابْن أَيُّوب ابْن أخي الْمَيِّت فَإِنِّي اختبرته ورأيته يرجع إِلَى دين وَأَمَانَة فَقَالَ العاضد إِنِّي أَخَاف أَن لَا يرضى بِهِ الْقَوْم فَقَالَ الْفَاضِل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنْت ألبسهُ وَأَجْلسهُ وَهُوَ يبْذل الْأَمْوَال وَيصْلح)
حَال الرِّجَال فَفعل ذَلِك وَخرج النَّاس وعَلى صَلَاح الدّين الْأَخْضَر من دون الْجَمَاعَة فعرفوا أَنه صَاحب الْأَمر وساعدته السَّعَادَة فَلم يقل أحد كلمة وَفرق خزاين شيركوه وعامل النَّاس بِالْإِحْسَانِ وبذل المَال فَأَحبُّوهُ وَتمّ أمره وَصَارَ الْقَبْض والبسط إِلَى الْفَاضِل وفوض صَلَاح الدّين إِلَيْهِ أُمُور دولته وَصَارَ لَا يصدر عَن رَأْيه واستنابه فِي جَمِيع أُمُوره ورعى لَهُ تِلْكَ الْحَال فَجرى فِي تصاريفه على أحسن قانون وَأحسن إِلَى أَرْبَاب الْبيُوت وَجمع كتبا مَشْهُورَة بَلغنِي أَنَّهَا تكون سبعين ألف مُجَلد فِي فنون الْعلم وأنواعه وَأما ابْن بنان الَّذِي كَانَ السَّبَب فِي خُلَاصَة وعلو منزله فَإِنَّهُ أطرح فِي دولة بني شادي حَتَّى احْتَاجَ إِلَى النَّاس فَدخل يَوْمًا إِلَى الْفَاضِل وَقد انقادت الدولة لأَمره وَنَهْيه فعدد إحسانه إِلَيْهِ واشتماله فِي الدولة الذاهبة عَلَيْهِ فاعترف الْفَاضِل بذلك واستخلص لَهُ رزقا كَانَ يقوم عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ القَاضِي الْفَاضِل شَابًّا مليحاً من أظرف الرِّجَال فَلَمَّا كَانَت وقْعَة الْبَاب بَين شيركوه وشاور بالصعيد نفرت بِهِ فرسه فَوَقع على ظَهره على قربوس السرج فأوهنه فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة عمل عَلَيْهِ وَكَانَ يمرضه ويداويه وَقد مد وانتفخ فَلَمَّا كَانَ يَوْم جُلُوسه بَين يَدي أَسد الدّين وَهُوَ يكْتب انفجرت عَلَيْهِ وَهُوَ بَين يَدَيْهِ فَمَا راعه إِلَّا والمدة وَالدَّم يسيلان بَين يَدي أَسد الدّين فارتاع من ذَلِك وَقَالَ احملوه ورق لَهُ وعولج وانفسدت إِحْدَى خَرَزَات ظَهره ثمَّ اندملت وَكَانَت لَهُ حدبة وَفِي ذَلِك يَقُول ابْن عنين المنسرح(18/205)
(قد أصبح الْملك مَا لَهُ سَبَب ... فِي النَّاس إِلَّا الْبغاء والحدب)
(سلطاننا أعرج وكاتبه ... ذُو عمش والوزير منحدب)
(معايب كلهَا لَو اجْتمعت ... فِي فلك لم تحله الشهب)
انْتهى كَلَام ياقوت قلت وَقد أَكثر ابْن عنين من هجوه وَذكر الحدبة فَقَالَ وَهُوَ أحسن مَا يكون من التهكم المنسرح حاشا لعبد الرَّحِيم سيدنَا الْفَاضِل مِمَّا تَقوله السّفل
(يكذب من قَالَ إِن حدبته ... فِي ظَهره من عبيده حَبل)
(هَذَا قِيَاس فِي غير سيدنَا ... يَصح إِن كَانَ يحبل الرجل)
وَقَالَ أَيْضا الْكَامِل
(كم ذَا التبظرم زَائِد عَن حَده ... مَا كَانَ قبلك هَكَذَا الحدبان)
)
(مَا طَال فِي اللَّيْل البهيم سُجُوده ... إِلَّا ليركع فَوْقه السودَان)
وَقَالَ أَيْضا المتقارب
(إِذا كلبة ولدت سَبْعَة ... فقف واستمع أَيهَا السَّائِل)
(وَإِن كلبة ولدت تِسْعَة ... تزاوجن فالفاضل الْفَاضِل)
وَقَالَ فتيَان الشاغوري الْكَامِل
(عجبا لأحدب فِي دمشق وَكتبه ... هن الْكَتَائِب عثن فِي الحدباء)
(آراؤه شهب البزاة فسل بهَا ... حَلبًا إِذا انْقَضتْ على الشَّهْبَاء)
وَكَأَنَّهُ الزَّوْرَاء والأقلام أسهمه بهَا يفري كلى الزَّوْرَاء وَفِيه يَقُول ابْن الخيمي الْخَفِيف
(يشبه الْقوس صُورَة فَلهَذَا ... قد غَدَتْ فِي النُّفُوس مِنْهُ نبال)
قلت إِلَّا أنني مَا أعرف أحدا كَانَ فِي عصره من الشُّعَرَاء الْمَشْهُورين إِلَّا وَقد مدح القَاضِي الْفَاضِل كَابْن سناء الْملك وَابْن مماتي وَابْن الدروي وَابْن قلاقس وَابْن الساعاتي وَابْن النبيه وَابْن نفاده والرشيد النابلسي والتعاويذي وَقَالَ القَاضِي محيي الدّين عبد الله بن عبد(18/206)
الظَّاهِر ونقلت ذَلِك من خطه كَانَ القَاضِي الْفَاضِل يبكر كل يَوْم سحرة إِلَى مصر فيقف على بَاب الْمُوفق بن قادوس حَتَّى يركب ويسايره إِلَى الْقَاهِرَة ويذاكره ويستفيد مِنْهُ فَإِذا وصل إِلَى الْقصر مضى لمنزله وَأقَام إِلَى الظّهْر ثمَّ يركب وَيقف على بَاب الْقصر فَإِذا خرج صَحبه إِلَى مصر قَالَ وَرَأَيْت أوراقاً سود القَاضِي الْفَاضِل فِي ظهرهَا شَيْئا من كَلَامه وشعره وَهِي استدعاءات بجلبان لعلوفات الْحمام الرسائلي بالإسكندرية وَصُورَة خطه بِصِحَّة المستدعى بِهِ وَكتب عبد الرَّحِيم ابْن القَاضِي الْأَشْرَف وخطه بذلك عِنْدِي
وَعِنْدِي بِخَطِّهِ فِي إِجَارَة اسْتَأْجر فلَان ابْن فلَان من ديوَان الرباع السُّلْطَانِيَّة بثغر الْإسْكَنْدَريَّة وَفِي آخرهَا الشَّهَادَة على الْمُسْتَأْجر وَكتب عبد الرَّحِيم ابْن القَاضِي الْأَشْرَف وَهُوَ كَانَ يُبَاشر هَذَا الدِّيوَان فَالْإِجَارَة مِنْهُ وَالشَّهَادَة على الْمُسْتَأْجر بِخَطِّهِ وَهَذَا فِيهِ نظر قلت مَا فِي هَذَا نظر لاحْتِمَال أَن يكون النَّاظر غَيره وَهُوَ الَّذِي آجر الْمُسْتَأْجر والفاضل كَانَ شَاهد الدِّيوَان وَقَالَ محيي الدّين كلَاما آخِره أَن الْوَزير شاور لما وزر الوزارة الثَّانِيَة استخدم الْفَاضِل فِي ديوَان المكاتبات شَرِيكا للشَّيْخ الْمُوفق أبي الْحجَّاج يُوسُف بن الْخلال وَقَالَ الصاحب كَمَال الدّين بن)
العديم وَقَالَ لي القَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد قَاضِي حلب دخلت على القَاضِي الْفَاضِل أول دخولي عَلَيْهِ دَاره وَمَعِي الْعِمَاد الْكَاتِب فَلَمَّا خرجنَا قَالَ لي الْعِمَاد كَيفَ رَأَيْت القَاضِي الْفَاضِل قلت رَأَيْت رجلا قد أَتَاهُ الله أَرْبَعَة أَسبَاب السَّعَادَة وَهِي تَدْعُو النَّاس إِلَى الْميل إِلَيْهِ والاشتمال عَلَيْهِ وَأَتَاهُ الله الْعلم فَإِنَّهُ كَانَ عَالما مطلعاً على سَائِر الْعُلُوم آخِذا من كل نوع مِنْهَا بأوفر سهم لَا يجْتَمع بِهِ صَاحب علم إِلَّا ويخوض مَعَه فِي علمه وَذَلِكَ من أَسبَاب السَّعَادَة لِأَن النَّاس يميلون إِلَى إرشاد علمه
الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ من أَكثر النَّاس ورعاً وَكَانَ وقته لَا يخليه من تِلَاوَة قُرْآن أَو التَّسْبِيح وَإِن اتّفق من يكلمهُ فِي حَاجَة كلمة ثمَّ عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا يَدْعُو النَّاس إِلَيْهِ فَإِنَّهُم يميلون إِلَى ذِي الدّين
وَالثَّالِث الجاه وَكَانَ من أوفر النَّاس جاهاً عِنْد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأقربهم منزلَة وَكَانَ أعظم النَّاس ميلًا إِلَيْهِ
وَالرَّابِع المَال وَكَانَ كثير المَال جدا حَتَّى أَن وَكيله ابْن سناء الْملك قَالَ كَانَ دخله فِي كل يَوْم خمسين دِينَارا
وَقَالَ القَاضِي جمال الدّين ابْن شِيث على مَا شاهدته مسطوراً قَالَ كَانَ للْقَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله بِمصْر ربع عَظِيم يُؤجر بمبلغ كَبِير فَلَمَّا عزم على الْحَج ركب وَمر بِهِ ووقف عَلَيْهِ(18/207)
وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَن هَذَا الخان لَيْسَ شَيْء أحب لي مِنْهُ أَو قَالَ أعز عَليّ مِنْهُ اللَّهُمَّ فاشهد أنني وقفته على فكاك الأسرى وَسَار إِلَى مَكَّة وَهُوَ إِلَى يَوْمنَا وقف وَأَظنهُ صناعَة التَّمْر الَّتِي بِمصْر على الْبَحْر
قَالَ القَاضِي محيي الدّين وَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن قَائِلا يَقُول لي قل للْقَاضِي تَاج الدّين يَعْنِي ابْن بنت الْأَعَز قَاضِي الْقُضَاة إِن شِئْت أَن تَدْعُو وَأَن يُسْتَجَاب لَك فَاقْعُدْ بَين قبر القَاضِي الْفَاضِل وَبَين قبر الشَّيْخ الشاطبي وادع فَإِن دعَاك يُسْتَجَاب أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ فعرفته ذَلِك قَالَ كنت أفعل ذَلِك وَتركته مُدَّة وسر بذلك وَقَالَ الصاحب كَمَال الدّين بن العديم إِنَّه سمع عبد الرَّحِيم بن شِيث بِالْبَيْتِ الْمُقَدّس وَكَانَ يكْتب بَين يَدي الْفَاضِل قَالَ كَانَ النَّاس يَشكونَ من الْفَاضِل قلَّة اهتمامه بهم وَأَنه لَا يوفيهم رد السَّلَام إِذا لقوه فِي طَرِيق قَالَ وَلم يكن ذَلِك كبرا مِنْهُ وَإِنَّمَا من يرى أَنه لَا يضيع وقتا من أوقاته إِمَّا فِي مصلحَة أَو فِي عبَادَة فَإِذا ركب الدَّابَّة)
تنفل عَلَيْهَا فيمضي ويمر بِهِ الْإِنْسَان فَيسلم عَلَيْهِ فَلَا يقطع صلَاته فَهَذَا كَانَ سَبَب إهماله الاحتفال بِالنَّاسِ فِي رد السَّلَام قلت لَا تفي لَهُ صَلَاة النَّافِلَة بِمَا يحصل لَهُ من كسر قُلُوب من هُوَ دونه أَو أَنه يؤثم من هُوَ مثله أَو قريب مِنْهُ لِأَنَّهُ يغتابه أَو أَنه يسبه أَو غير ذَلِك
وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين عبد اللَّطِيف البغداذي وَالْقَاضِي الْفَاضِل هُوَ الَّذِي زَاد فِي الكلاسة مثلهَا وَلما حفرت وجد تَحت الأَرْض أعمدة قَائِمَة على عتب وفوقها مثلهَا وَأثر الْعِمَارَة مُتَّصِل تَحت الأَرْض لَيْسَ لَهُ نِهَايَة وَكَأَنَّهُ كَانَ معبدًا وَوجدت فِيهِ قبْلَة بحي الشمَال قَالَ محيي الدّين ومدرسته بِالْقَاهِرَةِ بدرب ملوخياً هِيَ أول مدرسة بنيت بِالْقَاهِرَةِ ووقفها على الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة والمالكية وَجعل فِيهَا قاعة لإقراء الْقُرْآن كَانَ الشاطبي متصدراً بهَا وَغَيره وَخرج مِنْهَا جمَاعَة من الْعلمَاء وَكَانَ الْفَقِيه ابْن سَلامَة مدرساً بهَا وَجعل قاعة للكتب وقف بهَا الْكتب الْعَظِيمَة الجليلة من التفاسير والشروح وأصناف الْعُلُوم وَمن مَبارّه الأرضي الَّتِي ابتاعها بالجمل الْكَثِيرَة من المَال بأراضي اللوق على عين الْأَزْرَق بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَهِي قريب بُسْتَان البورجي وَهِي الْآن بُسْتَان لبني قُرَيْش وَبَعضهَا دخل فِي الميدان الظَّاهِرِيّ وَعوض عَنْهَا أَرَاضِي بِأَكْثَرَ من قيمتهَا وَمن مباره الميضأة الَّتِي قريب مشْهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ وَالْمَسْجِد والساقية ووقف عَلَيْهَا أراض قريب الخَنْدَق انْتهى مَا نقلته من خطّ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر(18/208)
وَقَالَ ابْن مماتي كنت فِي مجْلِس الْفَاضِل فحدثه بعض حاضري مَجْلِسه أَن الْغَزالِيّ لما ورد بغداذ سُئِلَ عَن أبي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ فَقَالَ تركته بنيسابور وَقد أُسَمِّهِ الشِّفَاء وَقد كَانَ شرع فِي مطالعة كتاب الشِّفَاء لِابْنِ سينا قَالَ فَجعل القَاضِي يتعجب من حسن قَوْله أسقمه الشِّفَاء ويتمايل لَهُ وَيَقُول وَالله إِن هَذَا كَلَام حسن بديع وَكَانَ عِنْده ابْن ولد الْوَزير ابْن هُبَيْرَة فَقَالَ كَلَام جدي فِي هَذَا الْمَعْنى أحسن وأبلغ قَالَ لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ قَوْله الشِّفَاء ترك الشِّفَاء والنجاة ترك النجَاة فَقَالَ الْفَاضِل لَا وَلَا كَرَامَة بَين الْكَلَامَيْنِ بون لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا أَرْبَاب الصَّنَائِع
وَكتب إِلَيْهِ تَاج الدّين بن جراح الْخَفِيف
(أَنا أهذي وَأَنت تقرا وَتَرْمِي ... والليالي تمر وَالله حسبي)
فَكتب فَوق قَوْله أَنا أهذي أَنْت اعْترفت بالهذيان وَكتب فِي قَوْله وَأَنت تقْرَأ وَتَرْمِي الهذيان مرمى وَفَوق قَوْله والليالي تمر نعم تمر عَليّ وَعَلَيْك وَكتب فَوق قَوْله وَالله حسبي)
وحسبي أَيْضا
وَدخل أَبُو الْخَيْر سَلامَة الضَّرِير عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ حق يُوجب الدَّالَّة يستقضيه فِي مُهِمّ كَانَ سَأَلَهُ استنجازه من السُّلْطَان فمطله فتضجر أَبُو الْخَيْر وأنشده قَول ابْن الرُّومِي الْبَسِيط
(لَا يسر الله خيرا أَنْت جالبه ... وَلَا أعَان على مقدوره الْقدر)
(فَأَنت عِنْدِي كزب الْكَلْب مدخله ... سهل ومخرجه مستصعب وعر)
فَقَالَ الْفَاضِل يَا أَبَا الْخَيْر وَقع الْفساد فِي مَوضِع الحيا وَعرض عَلَيْهِ يَوْمًا ورقة باسم مؤذنين يستخدمان اسْم أَحدهمَا مرتضى وَالْآخر زِيَادَة فَكتب على رَأس الورقة أما مرتضى فَزِيَادَة وَأما زِيَادَة فمرتضى فصرف مرتضى واستخدم زِيَادَة
وَحضر مرّة من الْعَجم واعظ وَكَانَ جميلاً مبدعاً فِي الْحسن فَاجْتمع لَهُ النَّاس فوعظ فَظهر مِنْهُ خلاف مَا يُؤَدِّي إِلَى الْخُشُوع فَقَالَ الْفَاضِل يَا لَهَا من عظة منعظة وَعمل الْجَمَاعَة فِي هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ الأسعد بن مماتي السَّرِيع
(وجاهل بعد من ضَيفه ... لما أَتَى من سفه منسفه)
(فَقبل الأَرْض فجف الثرى ... فيا لَهَا من شفة منشفه)
وَقَالَ ابْن الْحجَّاج حضرت يَوْمًا عِنْد الْفَاضِل فَحَضَرَ من ثقل عَلَيْهِ فَاعْتَذر الْفَاضِل فَأقبل وَقَالَ الْمَوْت غَدا فَأَنْشد الْفَاضِل الرجز المجزوء(18/209)
(قَالَ لي الْمَوْت غَدا ... فَقلت هذي حجتي)
وَكَانَ كثيرا مَا ينشد الرجز المجزوء
(عمَارَة الْجِسْم نفس ... وهدمه إِذا احْتبسَ)
وَركب الْفَاضِل يَوْمًا فَرَكبهُ القَاضِي المكين ابْن حيوس وَلم يكن مَعَه مقرعة فَأعْطَاهُ الْفَاضِل مقرعة فَرَمَاهَا ثمَّ رد فِي طلبَهَا عجلاً فَمَا وجدهَا فَعَاد بسكتة وسكينة لخيبته فأنشده الْفَاضِل الْكَامِل المجزوء يَا عاديا شبه السَّفِيه وعائدا مثل الْحَلِيم ضيعت مقرعة وعدت شبيهها من غير مِيم وَتوجه رَسُولا إِلَى صَاحب الْموصل فأحضرت فواكه فَقَالَ بعض الْكِبَار خياركم أحدب فَقَالَ الْفَاضِل خسنا خير من خياركم)
وَلما عمل الْعِمَاد الْكَاتِب كتاب الخريدة بعثها إِلَيْهِ فِي ثَمَانِيَة أَجزَاء فَلَمَّا أحضرت لَدَى الْفَاضِل قَالَ وَأَيْنَ الْآخرَانِ لِأَنَّهُ قَالَ كتاب خريدة وَمَا أرى إِلَّا ثَمَانِيَة يَعْنِي خرى عشرَة لِأَن ده بالعجمي عشرَة
وَقَالَ ضِيَاء الدّين ابْن الْحجَّاج دخلت على الْفَاضِل أَنا وَأخي فَقَالَ الأسعد بن مماتي إِن فلَانا أفضل من فلَان فَقَالَ الْفَاضِل هما كَحَد السَّيْف قَالَ وَذكرت قَول الْفَاضِل هَذَا بعد مُدَّة للموفق الديباجي فنظمه وَقَالَ الهزج هما كالسيف لَا يدْرك فرق بَين حديه وَقَالَ ضِيَاء الدّين أَيْضا حضرت وَأَنا صَغِير مجْلِس الْفَاضِل فَحَضَرَ عِنْده أحد أَوْلَاد الْوَزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة وَكَانَ ينْسب إِلَى الثّقل فِي أشغاله فَسَأَلَهُ عدَّة سُؤَالَات فقضاها وَكثر فِي أَشْيَاء لَا يُمكن الْفَاضِل فعلهَا والفاضل يحلم عَنهُ ويجيبه أجوبة حَسَنَة فَلَمَّا قَامَ قَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَن يَجِيء فيا خيل الله ارْكَبِي وَيَا يَد البطالة اكتبي وَيُقَال إِنَّه تخرج وتدرب على الْمُوفق ابْن الْخلال فِي أَيَّام الْخُلَفَاء المصريين وَكَانَ الْمُوفق يكْتب إِلَيْهِ فِي أَيَّام السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَلم يُغير مُكَاتبَته أَيَّام المصريين فَيَقُول خادمه وَكَانَ الْفَاضِل يتعجب من ذَلِك وَيَقُول إِلَى مَتى يخبئ الْألف وَاللَّام يَعْنِي يكْتب الْخَادِم
وَكَانَ الْفَاضِل يعْمل للسجعة وَيَقُول لكتابه اعْمَلُوا قرينتها فَمَا ارْتَضَاهُ أجاره وَمَا لَا يرتضيه أفادهم إِيَّاه فَقَالَ لَهُم جَاءَت خيل الله تعسل مَا قرينتها فَقَالُوا أَشْيَاء لم يرضها فَقَالَ وَهِي من كل حدب تنسل وَقَالَ لَهُم يَوْمًا كتبهَا وَالْمغْرب قد تنحنح مؤذنه وَطلب إجازتها فَلم يَأْتُوا بِمَا أرضاه فَقَالَ وجفن عين الشَّمْس قد غمضه وسنه(18/210)
وَقيل إِن الْعَزِيز هوى قينة شغلته عَن مَصَالِحه فَأمره أَبوهُ بِتَرْكِهَا فشق ذَلِك عَلَيْهِ وضاق صَدره وَلم يجْتَمع بهَا فسيرت لَهُ مَعَ بعض الخدم كرة عنبر فَكَسرهَا فَوجدَ فِيهَا زر ذهب ففكر فِي ذَلِك وَلم يعرف مَعْنَاهُ وَعرف الْفَاضِل الصُّورَة فنظم الْفَاضِل بَيْتَيْنِ وجهزهما إِلَيْهِ وهما السَّرِيع
(أَهْدَت لَك العنبر فِي وَسطه ... زر من التبر خَفِي اللحام)
(فالزر فِي العنبر مَعْنَاهُمَا ... زر هَكَذَا مختفياً فِي الظلام)
قَالَ شمس الدّين مَحْمُود الْمروزِي كنت يَوْمًا بِحَضْرَة القَاضِي الْفَاضِل وَكَانَ الْعِمَاد الْكَاتِب)
عِنْده فَلَمَّا انْفَصل قَالَ الْفَاضِل للْجَمَاعَة بِمَ تشبهون الْعِمَاد وَكَانَت عِنْده فَتْرَة عَظِيمَة وجمود فِي النّظر وَالْكَلَام فَإِذا أَخذ الْقَلَم أَتَى بالنظم والنثر فكلهم شبه بِشَيْء فَقَالَ لَهُم مَا أصبْتُم هُوَ كالزناد ظَاهره بَارِد وباطنه فِيهِ نَار وَقَالَ لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب يَوْمًا سر فَلَا كبا بك الْفرس فَقَالَ الْفَاضِل دَامَ عَلَاء الْعِمَاد
وَمن كَلَام الْفَاضِل فِي هَذِه الْمَادَّة أَعنِي مَا يقْرَأ مقلوباً فَلَا يتَغَيَّر قَوْله أبدا لَا تدوم إِلَّا مَوَدَّة الأدباء قلت وَلَا يعلم أَن كَاتبا بلغ من الرُّتْبَة عِنْد مخدومه مَا بلغه الْفَاضِل عِنْد صَلَاح الدّين حَتَّى أَنه كَانَ يَقُول مَا فتحت الْبِلَاد بالعساكر إِنَّمَا فتحتها بأقلام القَاضِي الْفَاضِل وَعمل الْخُلَفَاء على أَخذه مِنْهُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُم يطلبونه لأمور لَا تقال إِلَّا للْقَاضِي الْفَاضِل فِي مَا يتَعَلَّق بالفتوحات فَأذن لَهُ فَقَالَ لَهُ السَّلَام عَلَيْك هُوَ آخر الْعَهْد بك ثمَّ دَافع عَنهُ وَاعْتذر بضعفه فَعَلمُوا عَلَيْهِ لما حج وَأَرَادُوا أَخذه غصبا فَتعذر ذَلِك وَيُقَال إِن النَّاصِر الإِمَام لما توفّي صَلَاح الدّين كتب إِلَى الْفَاضِل أَو أرسل إِلَيْهِ يَقُول لَهُ أَي من كَانَ فِي أَوْلَاد صَلَاح الدّين يصلح للْملك وَله الْأَمر وَحكى شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز الْأنْصَارِيّ قَالَ لما مرض السُّلْطَان صَلَاح الدّين بحران مَرضا شَدِيدا حَتَّى حصل الْيَأْس مِنْهُ وَبَقِي أَيَّامًا لَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَدخل عَلَيْهِ القَاضِي ضِيَاء الدّين الشهرزوري عَائِدًا فَبكى السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ ضِيَاء الدّين يَا مَوْلَانَا مثلك مَا يسامح أَنْت ربيت بَين سمر الرماح وبيض الصفاح وَعرضت نَفسك على الْمَوْت مرَارًا فِي عدَّة حروب وَأَنت الْآن تفزع من الْمَوْت وَأَنت فِي هَذَا السن فَقَالَ وَالله مَا خطر لي هَذَا ببال وَلَكِن فَكرت السَّاعَة فِي القَاضِي الْفَاضِل كَيفَ يكون إِذا بلغته وفاتي فَأَشْفَقت عَلَيْهِ لعلمي بِهِ وَمَا يجده من أَجلي
وَرَأَيْت من تمكن الْفَاضِل عِنْد السُّلْطَان فصلا كتبه فِي معنى الْعَادِل أخي السُّلْطَان وَكَانَ الْعَادِل يكره الْفَاضِل لِأَنَّهُ أَخذ حلب مِنْهُ وَأَعْطَاهَا للعزيز عُثْمَان وَبلغ الْخَادِم أَن الْمولى الْعَادِل(18/211)
أنكر توالي الإنعام بعد الإنعام وتتابع الْإِكْرَام بعد الْإِكْرَام وَمَا علم أَن آثَار السَّيْف طاحت وَبَقِي أثر الأقلام وَكم للخادم من موقف مشكور يعجز عَنهُ السيوف الْمَشْهُور وَالْعلم المنشور وَالْمولى الْعَادِل يمني نَفسه فأدام الله أَيَّام الْمولى مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْخَادِم إِن تقدم الْمولى فَهُوَ أكبر مُرَاده وَإِن كَانَت شقوة تطيل لَهُ الْبَقَاء فَمَا يخرج الْملك عَن السَّادة الْمُلُوك من أَوْلَاده)
قلت من هَذَا الْكَلَام يعرف أَيْن كَانَ الْفَاضِل فِي الرُّتْبَة عِنْد صَلَاح الدّين وَمَا أَفَادَ هَذَا الْكَلَام
وَمَات السُّلْطَان وَاسْتولى الْعَادِل على الْبِلَاد وسل أَوْلَاد أَخِيه صَلَاح الدّين وَاحِدًا بعد وَاحِد وَمَا نفعهم القَاضِي الْفَاضِل
وَمن إدلال الْفَاضِل على السُّلْطَان مَا رَأَيْته فِي مُكَاتبَة عَنهُ إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ أَن الْعَزِيز عُثْمَان وَلَده كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ السفرة فَذكره الْفَاضِل وَقَالَ الْكَامِل
(مَمْلُوك مَوْلَانَا ومملوك ابْنه ... وأخيه وَابْن أَخِيه وَالْجِيرَان)
(طي الْكتاب إِلَيْهِ مِنْهُ إِجَابَة ... لسلام مَوْلَانَا ابْنه عُثْمَان)
(وَالله قد ذكر السَّلَام وَأَنه ... يَجْزِي بِأَحْسَن مِنْهُ فِي الْقُرْآن)
(وغريبة قد جِئْت فِيهَا أَولا ... وَمن اقتفاها كَانَ بعدِي الثَّانِي)
(فرسولي السطلان فِي إبلاغها ... وَالنَّاس رسلهم إِلَى السُّلْطَان)
وترسله فَلَعَلَّهُ يبلغ الْمِائَة مُجَلد ونظمه فقد قَالَ فِي جملَة رِسَالَة إِنِّي من مدرجة سِتِّينَ وَمَا قاربها وَهِي الْمدَّة من تاريخها قدح هِجْرَة وَكري وعلو سعر شعري قد نظمت مَا بَين خمسين ألف بَيت من الشّعْر بِشَهَادَة عيانها وَحُضُور ديوانها وَمثل هَذَا الْعدَد لَا يعرف لقديم وَلَا مُحدث فِي مثل هَذِه الْمدَّة مثل قولي فِي صفة باذهنج شَدِيد الحرور مَا يناهز ألف بَيت وَمثل قولي فِي رجل طَوِيل الآذان كَأَنَّهُمَا فِي رَأسه خفان أَو قد عجل لَهُ مِنْهُمَا نَعْلَانِ مَا يُقَارب ألفي بَيت وَمثل قولي فِي رثاء الوطن الَّذِي درجت من وَكره وَخرجت فَلم أخرج عَن ذكره مَا يناهز عشرَة آلَاف بَيت وَمثل قولي فِي مدائح منصوصة وأهاجي مَخْصُوصَة وَمثل قواف لم اسبق إِلَى ركُوبهَا وَلم يدر الزَّمَان على مسامع أَهله مثل كوبها
فَأَما نثره فَمِنْهُ مَا كتبه إِلَى موفق الدّين خَالِد بن القيسراني وَقد وقف لَهُ على رِسَالَة كتبهَا بِالذَّهَب وقف الْخَادِم على مَا دبجته أنامل الحضرة الَّتِي إِذا صاب سحابها روض لساعته وَإِذا عدمت حَقِيقَة السحر فَهِيَ الَّتِي نفثها بَيَانه فِي روع يراعته فانتقل من الِاسْتِحْسَان(18/212)
إِلَى التَّسْبِيح لِأَن حُرُوفه شذور السبح وخلص من التَّرْجِيح بِأول مَا صَافح الطّرف من الطّرف واللمح من الْملح فَتَنَاول مِنْهَا جنَّة قد زخرفت بِنَار وَلَيْلَة قد وثجت بنهار وروضة قد سقيت بأنهار عقار وعارض ذهب قد أذيب يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار فتعالى من ألان لداود عَلَيْهِ السَّلَام الْحَدِيد وَلها الذَّهَب وَأَيْقَظَ بِهِ جد هَذِه الصِّنَاعَة بعد أَن نَام بَين الْأَنَام فَهَب وَأعلم)
النَّاس أَن الْقَلَم فِي يَد ابْن البواب للضرب لَا للطرب وَأَن قيمَة كل مِنْهَا وَمِنْه مَا بِهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة وَكتب وجلاها بِتمَام البدور وَأَعْطَاهُ مَا أعْطى أَبَاهُ من المحاق وَأخر زمانها وَقدم زَمَانه وَرِزْقهَا السَّبق وَحرمه اللحاق فَمن ألفات ألفت الهمزات غصونها حمائم وَمن لامات بعْدهَا يحسدها الْمُحب على عنَاق قدودها النواعم وَمن صادات نقعت غلال الْقُلُوب الصوادي والعيون الحوائم وَمن واوات ذكرت مَا فِي جنَّة الأصداغ من العطفات وَمن ميمات دنت الأفواه من ثغورها لتنال جني الرشفات وَمن سينات كَأَنَّهَا التأشير فِي تِلْكَ الثغور وَمن دالات دالات على الطَّاعَة لكاتبها بانحناء الظُّهُور وَمن جمات كالمناسر تصيد الْقُلُوب الَّتِي تخفق لروعات الِاسْتِحْسَان كالطيور وفيهَا مَا تشْتَهي الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين وخَالِد فِيهَا خَالِد وتحيته فِيهَا المحامد وَيَده تضرب فِي ذهب ذائب والخلق تضرب فِي حَدِيد بَارِد فَهِيَ الْيَد الَّتِي تنظم تيجان الْمُلُوك بدرها وَتظهر آيَة الْكَرم على قراطيسها لما تظهره من تبرها وَمَا كنت قبل يَدهَا أَحسب أَن سحاباً يمطر تضاراً وَلَا أَن مَاء يستمد نَارا وَلَا أَن أقلامها سفكت دم المَال فأجرته أَنهَارًا وَلَا قل لحظها أَن الشَّفق لَا يشفق من طُلُوع الْفجْر وَلَا أَن لون الْوَصْل ينْقض على لون الهجر وَلَا أَن اللَّيْل يتشبث بعطف الْبَرْق فَلَا يريم وَلَا أَن ذهب الْأَصِيل يجْرِي بِهِ سَواد اللَّيْل البهيم وَلَا أَن يدا كَرِيمَة تَدعِي من آيَات قلمها وكرمها أَن الجلمود بهَا يُفَارق الجمود وَأَن اليراعة تستر فرقدها على الظمأ فيشافه منهل النضارة المورود وَمَا كَانَت خطوط الْفُضَلَاء إِلَّا تجربة بَين يَدي تجريرها الْآن وَلَا أقلامها إِلَّا حطباً أوقدته على الذَّهَب فذاب لَهَا ولان وَلَا تحسب الْخط إِلَّا بحسبها فغيرت لَهُ أَثوَاب الْحداد وجلت عرائس حُرُوفه مضمخة الأجساد بالجساد وأطلعت إِنْسَان عين الْإِحْسَان بِدَلِيل كَونه لم يلمح إِلَّا فِي سَواد وَسجد لَهُ وَالسُّجُود فَرْضه لِأَنَّهُ ثوب التيجان وَقَبله والتقبيل حَقه لِأَن الْجنان تجَاوز مِنْهُ حور الْجنان كَيفَ لَا يفضل جوهرها بِأَن يفضل ويقابل حروفها بَان تقبل وَقد كتب النَّاس إِلَيْهِ وَكتب بِالْعينِ وَحصل النَّاس من هَذِه الصِّنَاعَة بعد حَرْب حنين على خَفِي حنين وفازت بِمَا أظهرت من ثروتها للنظار من النضار وَصحت لَهَا الكيمياء لِأَنَّهُ كتب بِشَطْر دِينَار سطراً بِأَلف دِينَار وَأَن لَهُ فِي نَهَارهَا بل فِي أنهارها سبح طَوِيل وَأَنَّهَا على خفَّة وَزنهَا وَقلة أسطرها لتكلف من الشُّكْر عبئاً ثقيلاً وَكَيف لَا تخف ميزَان الثَّنَاء على أَنَّهَا رجحته بذائب ذهب وَكَيف يضل وَفد الشُّكْر وَقد هدبه بذوائب لَهب وَقد نشره وطواه حَتَّى كَاد أَن يخلقه وأسام فِيهِ نَاظرا لَا يسأمه)
فَكَانَ آخر مَا يأمله أول مَا رمقه أَمْسَى لافتتانه يعبد مذْهبه على حُرُوفه أَو(18/213)
على ورقه وورده إِذْ ورده فازداد عطشاً على كَثْرَة العل والنهل وأعشاه إِذا عشاه وَكَثْرَة النُّور يعشي نَاظر الْمقل
وَمِنْه مَا وصف بِهِ الْخيام فَقَالَ إِن الْخيام فقد بليت وَصَارَت أمشاجاً ورقت فخالطت كأس الْغَمَام مزاجاً وَلَقِيت مَعنا الشدَّة وَكَانَت شدتنا أَن رَأينَا بهَا انفراجاً وفيهَا من السَّمَاء رقاع وكأنما أَخذهَا فِي شقّ الثِّيَاب سَماع وَإِذا هبت الرِّيَاح فَهِيَ بتقدمها وتأخرها فِي نزاع حثيث وَنزع من الشَّيْطَان خَبِيث طلقتنا وَهِي بعد فِي حبالنا وظعنت وَهِي بعد فِي عقالنا إِن أرْسلت الرّيح آيَة ظلت أعناقها لَهَا خاضعة وَإِن قعدنا فِيهَا فعلى قَارِعَة الطَّرِيق وَهِي قَاعِدَة على طَرِيق القارعة وَإِن وَقعت لَيْلًا فَمَا لوقعتها الخافضة الرافعة بهَا للدهر جراح الإبر لَا تقطبها وَمِنْهَا على الدَّهْر أطلال تصدقها الْعين تَارَة وتكذبها قد فرجت سماؤها وانشقت وأذنت إربها وحقت لم يبْق فِي أدمها بشرة تعاتب وَلَا فِي صبرها سكَّة تجاذب كَأَنَّهَا وَأَخَوَاتهَا إِذا هبت الرِّيَاح المجرمون رَأَوْا الْعَذَاب وتقطعت بهم الْأَسْبَاب بِحَيْثُ يرى حماها نافضاً والعارض وَقد دخل عَلَيْهَا على الْحَقِيقَة عارضاً فعمدها الأغصان هزها البارح وشرائطها الشرار أطاره القادح أما إِذا نشأت السحائب فسلت سيوف برقها وسلسلت سيول ودقها فَإِنَّهَا أَمَام تِلْكَ السيوف جرحى ووراء تِلْكَ السُّيُول طرحى تود مَا ود ابْن نوح يَوْم لَا عَاص وتراها كبط المَاء وَنحن بَين غريق وعائم نَضْرِبهَا فِي كل يَوْم فَوق الْحَد ونأخذها فِي المصيف بِحَرب حر وَفِي الشتَاء بِبرد برد
وَمِنْه كتاب أصدره من بعرين وَهُوَ المستقر ببعرين حَيْثُ أخرجت السَّمَاء أثقالها وَفتحت من عز إِلَيْهَا أقفالها وركضت خيل الرعود لابسة من الْغَيْم جلالها ثوب اللَّيْل بِمَاء الْغَمَام غسيل وشبح الظلام بِسيف الْبَرْق قَتِيل وغراب الْأُفق فِي الجو باز لِأَنَّهُ فِي قَوس قزَح ناز وَكَأن عقارب الظلماء بالثلج أفاعي فَلْيَكُن ليل السَّلِيم وَكَأن مواقع الرَّعْد قواقع حلى على الغواني فَهُوَ لَا نَام وَلَا تنيم وَكَأن الصَّباح قد ذاب فِي اللَّيْل قطراً وَكَأن الْبَرْق لما سَاوَى بَين صدفي اللَّيْل وَالنَّهَار قد قَالَ آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً وَقد ابتل جنَاح اللَّيْل المغدق فَمَا يطير وَأَبْطَأ حمام الصُّبْح خلاف مَا يحياه فِي رِسَالَة نوح فَمَا يسير والرياح قد أعصفت فقصفت عيدَان نجد ورتمها وخيولها قد ركضت فِي السَّحَاب فَكَانَ الْبَرْق تحجيلها ورتمها فَأَما الْخيام الَّتِي قد)
نَضِجَتْ جلودها بإيقاد الشَّمْس واسودت ثمَّ نَضِجَتْ بدموع الْغَمَام فتراخت أجفانها بَعْدَمَا اشتدت فَمَا هِيَ إِلَّا أعين سَالَ مِنْهَا بالدموع كحلها وخيول دهم جلّ عَنْهَا بالرياح من الإطناب شكلها وَلَا يزَال الْخِصَام بَينهَا وَبَين الأهوية إِلَى أَن تشق الشَّاب من حرمهَا كَمَا شقها السَّحَاب من طربها وَنحن ندأب فِي عقد طنبها لنَدْخُل فِي عقد حسبها وهيهات سلبت فِي البيكار أشباحها وَخرجت بالرياح أرواحها فالشمس إِن طلعت ألْقى الشرق جامات تقر على العيان لَا دَنَانِير أبي الطّيب الَّتِي تَفِر من البنان وَمَا لاذت بجانبها(18/214)
الرِّيَاح وأبت على الْأَطْنَاب من إرسالها فِي عنان الجماح إِلَّا أشبهت قطاة غرها شرك وَقد علق الْجنَاح وقداة هزها دَرك وَقد أَبَت البراح وَقد زَادَت السُّيُول إِلَى أَن صَار هَذِه الْخيام عَلَيْهَا فواقع وهمهم الرَّعْد قارياً فاستقلت قِيَامهَا بَين ساجد وَرَاكِع وَأَنا فِيهَا كعثمان فِي دَاره والخطب قد أَخذ فِي حصاره فَلَا يزَال ويل الثبل مفرقاً وَلَا أَزَال على نَفسِي من السَّيْل مخندقاً وَقد رَجعْنَا إِلَى النشأة الأولى فعدنا فِي هَذَا المَاء علقاً وَلَا كفران لله فَإِنِّي ملقى على طرق الطوارق ملقى مَا شَاب الْعَيْش من فِرَاق يشوب بالشيب المفارق وَمَا كنت أخْشَى أَن ينقلني الدَّهْر من دَرَجَة مجانيه المقتطفة إِلَى مدرجة مجاريه المجتحفة وَلنْ يرى أعجب مني ممحلاً وَأَنا أَشْكُو الغدران الغادرة ومجدباً أتظلم من ظلمات اللَّيَالِي الماطرة وَفتح الله بعرين وَإِن استجن مِنْهَا أَسد الْإِسْلَام بعرين وَأَنا بَرِيء مِنْهَا بِعَدَد رمل بيرين
وَمِنْه من جملَة كتاب ثمَّ وَردت فِي هَذِه السَّاعَة على الْعُيُون عُيُون مُوسَى فِي سَاعَة بَكت لَهَا عُيُون أم أَحْمد وَفِي هجير مَا يُوقد بالنَّار بل النَّار بِهِ توقد والجو يتنفس عَن صدر مسجور كصدر مهجور وَالْحر وصاليه فِي نَحْو هَذِه الطَّرِيق جَار ومجرور والمهامه قد نشر فِيهَا ملاء السراب وزخر فِيهَا بَحر مَاء ولد لغير رشدة وعَلى غير فرش السَّحَاب وحر الرمل قد منع حث الرمل وَنحن فِي أَكثر من جموع صفّين نَخَاف من الْعَطش وقْعَة الْجمل ووردنا مَاء الْعُيُون وَهُوَ كَمَا عُيُون المحابر يغترف المجرم مِنْهُ مثل عمله ويرسله فَلَا يُؤَدِّي الْأَمَانَة إِلَى غلله وَهُوَ مَعَ هَذَا قَلِيل كَأَنَّهُ مِمَّا جَادَتْ بِهِ الآماق فِي ساحات النِّفَاق لَا فِي سَاعَات الْفِرَاق وَلَو لم يكن مِمَّا جَادَتْ مَا كَانَ ملحاً طعمه نَافِذا فِي الْقُلُوب سَهْمه فيا لَك من مَاء لَا تتَمَيَّز أَوْصَافه من التُّرَاب وَلَا يعدو مَا وصف لَهُ أهل الْجَحِيم فِي قَوْله تَعَالَى وَإِن يستغيثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي الْوُجُوه بئس الشَّرَاب فَنحْن حوله كالعوائد حول الْمَرِيض بل)
الْمَيِّت يُجهز للدفن ونعشه المزاد ويحفر عَلَيْهِ ليقوم من قَبره وَذَلِكَ خلاف الْمُعْتَاد وَفِي غير من قد وَأَدت الأَرْض فاطمع فَمَا شِئْت من صارخ وصارخة وَابْن شمس وَهُوَ وَإِن لم يكن من مُضر فَإِنَّهُ ابْن طابخة وَكلما عصفت الرِّيَاح تعاهدها مِنْهُ نافخ وقابل صفحتها من صَحَائِف الْوُجُوه مَنْسُوخ وناسخ وكل لِسَانه كسباً بِهِ الْفرق وإصبع الْغَرق قد جَفتْ اللهوات من الأرياق وفدي بَيَاض المَاء بسواد الأحداق وسئلت الثماد عَمَّا عِنْدهَا واقتدح الْحفر زندها فَلَا حجر يبض وَلَا نقد مَاء ينض إِنَّمَا هِيَ يَد الْبَخِيل إِذا سُئِلت وَإِنَّمَا المؤودة وبيننا قتلت فَأَما الْقُلُوب فقد أوقد لظى أنفاسها وسلط سُلْطَان سوء الظَّن على وسواسها وخناسها وَلَا غرو فَإِن الْقُلُوب مَا بَرحت تتبع الْعُيُون على عَشِقَهَا وَمَا بَرحت الْعُيُون تقودها إِلَى حتفها وَهَذِه قُلُوبنَا الْآن منقادة لحكم هَذِه الْعُيُون منتظرة على يَدهَا الْمنون إِلَّا أَن مَاء قد كشف الغرب خبيئته وَزعم أَن الطير كَانَ ربيئته وَالله مَا عرفوه إِلَّا الْآن على أَنه لَو كَانَ دمعاً لما بل الأجفان أَو مَالا لما رفع كفة الْمِيزَان وَإِن امْرَءًا روحه فِي جلد غَيره وَهُوَ المَاء(18/215)
الَّذِي فِي المزاد وخصمه غير نَفسه وَهُوَ النَّار الَّتِي فِي غير الزِّنَاد لجدير بِأَن يعزى بِهِ أعزاؤه وَأَن يلام على مُفَارقَة الأحباب وَيُقَال هَذَا جَزَاؤُهُ وَأَنا وَإِن كنت من الْحر فِي أجيج وَمن الْعرق فِي خليج كإنسان الْعين ظام ماتح غرق سابح فَإِنِّي إِلَى أَخْبَار حَضرته أشوق مني إِلَّا ذكر المَاء على مَا ذكرته من هَذِه الغلل وعَلى مَا اعترضنا فِي هَذِه الطَّرِيق من هَذِه الغيل وَلَو أَنه عللني بِكِتَاب لعلني بسحاب وَلَو أَنه زَاد طرفِي سَواد مداده لأعاد صبغة مَا غسلته بكارة من سوَاده وَلَو أَنه بعث الطيف لقدم لمسيره الطّرف جواد رقاده وَإِن كَانَ جواداً على النَّوَى برقاده
وَمِنْه فصل من كتاب يذكر فِيهِ الجرب وأشكو بعد قلبِي جسمي فقد ضعفت قوته وَقَوي ضعفه ونسجت عَلَيْهِ همومي ثوبا دون الثِّيَاب وشعاراً دون الشعار من الجرب الَّذِي عادى بيني وبيني وأنتقم بيَدي من جسمي وأستخدمها تحرث أرضه فَإِن لم يكن لأرضه عجاج فلي عجيج وَإِن لم يكن لي بذار فلي من الْحبّ ثمار وَإِن لم يكن لي سنبلة فلي أُنْمُلَة وَإِن لم يكن فِي كل سنبلة مائَة حَبَّة فَفِي كل أُنْمُلَة مائَة حَبَّة تأكلني وَقد كنت مسالماً لأعضائي إِلَّا سنا أقرعها فَمَا يَخْلُو زمن من مندماتي أَو إصبعاً أعضها فَمَا أَكثر مَا تَأتي بِهِ الْأَيَّام من غايظاتي والآن فقد زِدْت على الظَّالِم الَّذِي يعَض يَدَيْهِ فَأَنا أَقرع جَمِيع أعضائي وَكلهَا ثنيات وأعض على جوارحي وَكلهَا أنامل وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ والجرب هم)
للأجسام والهم جرب الْقُلُوب والفكر للقلب حك والحك للجسم فكر وَبِاللَّهِ ندفع مَا لَا نطيق يَا واهب الْعُمر خلصه من الكدر
وَمِنْه يصف مَا حصل لَهُ من النقرس وجالي فِي النقرس إِلَى هَذِه الْغَايَة الأَرْض من ذَوَات الْمَحَارِم مَا وطئتها برجلي وطرقها ضاحية مني مَا كسوتها ظِلِّي والمملوك قد وهنت ركبتاه وَضعف أطيباه وكتبت لَام ألف عِنْد قِيَامه رِجْلَاهُ وَلم يبْق من نظره إِلَّا شفافة وَمن حَدِيثه إِلَّا حَدِيث خرافة
وَمن كَلَامه فِي وصف المكاتبات الْوَارِدَة عَلَيْهِ وصلني كِتَابه فوصلني مِنْهُ مَا وصلني وَعرفت من بلاغته مَا جهلني وشربت من بَحر كَلَامه مَا شربني وأكلني وعلوت بِهِ قدرا على أَنه صهوة الْكَلَام استنزلني فَإِنَّهَا بَدَائِع مَا سر البلاغة قبلهَا بذائع ووقائع خاطر صفت صفاتها فَهِيَ الَّتِي رقته وروقته الوقائع وغرائب سهلت وجزلت فَتَارَة أَقُول جرْأَة نبع وَتارَة أَقُول جرية نابع قد ضمن الدّرّ إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ أَبُو الطّيب كلم وأحي حَيّ الأشواق إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ أَبُو تَمام لَو مَاتَ من شغل بالبين مَا علم
ففديت يَدهَا وَقد مدت ظلاً كَاد يقصر ظلاً من الْخط وَالله قلمها الَّذِي طَال وأناف(18/216)
مِنْهَا كَأَنَّهُ تحيفه القط قطّ
وَمِنْه وَمَا أَحسب الأقلام جعلت سَاجِدَة إِلَّا لِأَن طرسه محراب وَلَا أَنَّهَا سميت خرساً إِلَّا قبل أَن ينفث سيدنَا فِي روعها رايع هَذَا الصَّوَاب وَلَا أَنَّهَا اضطجعت فِي دويها إِلَّا ليبعثها أما ينفح فِيهَا روحه فِي مرقدها وَلَا سوددت رؤوسها إِلَّا لِأَنَّهَا أَعْلَام عباسية تداولتها الحضرة بِيَدِهَا لَا جرم أَنَّهَا تَحْمِي الْحمى وتسفك دَمًا وتتشح بهَا يَده عنانا ويرسلها فَيعلم الفرسان أَن فِي الْكتاب فُرْسَانًا وَيقوم الخطباء بِمَا كتبت فتعلم الْأَلْسِنَة أَن فِي الْأَيْدِي كَمَا فِي الأفواه لِسَانا وَلَقَد عجبت من هَذِه الأقلام تجز ألسنتها قطعا فَتَنْطِق فصيحة وتجدع أنوفها فَتخرج صَحِيحه وتجلى مليحة وَمَا هِيَ إِلَّا آيَة فِي يَد سيدنَا الْبَيْضَاء موسوية وَمَا مادتها فِي الفصاحة إِلَّا علوِيَّة وَلَوْلَا الْخلق لقَالَ علوِيَّة
وَمِنْه وَلَو ادّعى سحر الْبَيَان أَنه يقْضِي أيسر حُقُوقه ويثمر مَا يجب من شكر فورعه وعروقه لَكُنْت أفضح بَاطِل سحره وأذيقه وبال أمره وأصلب الخواطر السحارة على جُذُوع الأقلام وأعقد ألسنتها كَمَا تعقد الْحَسْرَة الْأَلْسِنَة عَن الْكَلَام)
وَمِنْه كتاب كريمي من حَيْثُ النِّسْبَة إِلَيْهِ كلمي من حَيْثُ نسبته إِلَى الْيَد الْبَيْضَاء من يَدَيْهِ مسيحي من حَيْثُ أَنه أَحْيَا ميت الْأنس محمدي منم حَيْثُ كَاد يكون بِمَا نفثه فِي روعي روح الْقُدس فَلَا عدمت مخاطبته الَّتِي تخلع على الْأَيَّام يَوْم الْعِيد وعَلى اللَّيَالِي لَيْلَة الْعرس فأبقاه الله للسان الْعَرَبِيّ فلولاه كَانَ مزوياً لَا مروياً ومدحوراً لَا مذخوراً ولولاه لحالت أحرفه عَن حَالهَا وأبت الفصاحة أَن تكون قَوَائِم الأحرف من آلاتها وَكَانَت تقعد أَلفه الْقَائِمَة وَتَمُوت باؤه النائمة وَيزِيد حَتَّى ظهر داله حَتَّى يلْحق بالرغام خدها ويغض وَحَتَّى تدرد أَسْنَان سينه فَلَا يبْقى لَهَا ناجذ عَلَيْهِ تعض
وَمِنْه وقف عَلَيْهِ وَالشُّكْر عَن الْمُنعم بِهِ غير وَاقِف بل وقف واستمطر مِنْهُ صوب الْغَمَام فَمَا انْقَطع وَلَا كف وكف وَأرى بُنيان تبيان لَو رَأَتْهُ المجارون لأبي بنيانهم من الْقَوَاعِد فجر عَلَيْهِم السّقف فَللَّه هُوَ من بليغ أَن قَالَ فَالْقَوْل عِنْده أَكثر يَوْم الْبَين من مَاء الطّرف وَإِن رام القَوْل غَيره فَهُوَ أقل عِنْده يَوْم الحنين من مَاء الطف
وَمِنْه من جَوَاب الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وظننته وحقق الله فِي الظَّن قد ارْتقى الْأَسْبَاب وَأخذ اللَّفْظ من الْقطر والقرطاس من السَّحَاب وَآمَنت بِصِحَّة رقِيه وتبينت الْتِقَاطه للنجوم حِين أوردهَا فِي بارع اللَّفْظ ونقيه قلت للْجَمَاعَة كَلَام التَّاج تَاج الْكَلَام وَالْملك فِي كِنْدَة وَكَانَت أقلامها سيوفاً وسيوفها الْآن أَقْلَام
وَمِنْه فوقفت مِنْهُ على طرف الطّرف وتحفة الطّرف وكدت أعبده مِنْهُ على حرف وكل جرف ذَلِك الْحَرْف وَلَوْلَا إشفاقي أَن يفْطن الدَّهْر لمكانه من قلبِي وخوفي أَن أعرفهُ(18/217)
بحسنته مِنْهُ فأغريه مِنْهَا بِدفع أوزار حَرْبِيّ لَقلت قولا يغض الْأَوَّلين والآخرين من هَذِه الصِّنَاعَة وأنفدت فيهم سهاماً لَا تَحْمِي شَاعِرًا مِنْهُم صَخْرَة وَجه وَلَا كَاتبا درع دراعه وَمَا هِيَ إِلَّا آيَات كل وَاحِدَة أكبر من أُخْتهَا وفكر مرزوقة فِي أَيَّام الْجمع كلهَا إِذا أَتَت الْفِكر أرزاقها يَوْم سبقها
وَمِنْه كتب كَرِيمَة كَادَت ألفاظها تتبسم ومعانيها تَتَكَلَّم وكادت حروفها تكون أناسي لعين المسار وكادت سطورها تحلي عرائس وَعَلَيْهَا من الشكل حلي وَمن النقط نثار
وَمِنْه كتاب سني الْمعَانِي سني القوافي وَحقّ سينه أَن يخلص لَهَا الإقبال وَالسِّين تصْحَب الْفِعْل فتخلصه للاستقبال وَهَذَا أفق لَا مطار فِيهِ إِلَّا للعقاب وَابْنه وبحر لَا سبح فِيهِ إِلَّا لمن)
يخرج الدّرّ من فِيهِ وَيدخل الْبَحْر فِي ردنه وَمَا عنيت هَاهُنَا بالبحر إِلَّا يَده الْكَرِيمَة فَأَما الْبَحْر فَلم أعنه
وَمِنْه كتب الْمجْلس روح وأتاح فريه وَلَا بَرحت أقلامه سلَاح أوليائه على الزَّمن إِذا خَافُوا حربه تؤنس راجيها وتؤنس مجاريها وتخضب بهَا السّمع ويتظاهر بهَا النَّفْع لَوْلَا أَنَّهَا تغير علينا شيمنا فتخلق فِيهَا الْحَسَد وتشد أَيْدِينَا إِذا تعاطينا المجاراة بِحَبل من مسد
وَمِنْه وَسَيِّدنَا مَا بعد بَيَانه بَيَان وَبَين فَكَّيْهِ سيف وَبَين فكي كل إِنْسَان لِسَان فَقولِي يَا أقلامه فقد خرست فِي الغمود المناصل وتبختري يَا تغلب ابْنة وَائِل فقد أعْطى التقدمة من البلغاء وهم صاغرون وأفلح الْمُعْتَرف بفضله وَقد علم أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ
وَمِنْه وَلَكِن اعتزل النَّاس السماك الأعزل وارتفع أهل الدرج الْعليا وانخفض أهل الدَّرك الْأَسْفَل وضيع النَّاس السِّهَام وأصبت أَنْت بواحدها المقتل فَأَنت الرَّامِي وَغَيْرك الرائم وَأَنت الحامي وَغَيْرك الحائم وحروفك الأزهار وكتبك الكمائم وقلمك الساقي وخاطرك الغمائم وبقولك يضن ويغالي وَإِذا قلت يَا خيل الأقلام ارْكَبِي مَلَأت الأَرْض تصهالاً وصيالاً ونفرت إِلَيْك الْمعَانِي خفافاً وثقالاً وأذنت فِيهَا بِالْحَجِّ فَأَتَت ضمائر على كل ضامر ورجالاً وَأَنت الْحَاضِر والغيث الْحُضُور وَأَنت السَّيِّد وَغَيْرك الحصور والأسماع إِلَى مَا تَقول فِي دمشق صور وَلَو قدحت المَاء لاستطار شراراً وَلَو أجرت ورد الخد لَكُنْت لَهُ من بنفسج العذار جاراً
وَمِنْه ووقفت على الميمية فأطاف بِهِ مِنْهَا الطوفان وحياه مِنْهَا الرّوح وَالريحَان وَهِي مِمَّا أملاه ملك إِن كَانَ يملي الْأَشْعَار شَيْطَان وَعَجِبت لاطراد تِلْكَ القوافي وَرَأَيْت الشُّعَرَاء أَتَت بِمَا ألفت فِي ضيق الأودية وخاطره وقلمه أَتَيَا بِمَا ألفيا فِي الفيافي وكل بَيت مِنْهَا بديوان كَمَا أَن قَائِلهَا إِنْسَان يعد بِأَلف إِنْسَان كَمَا أَن قلمه قصير فَمَا جدع أَنفه إِلَّا ليَأْخُذ ثأر(18/218)
الْقَلَم من السنان
وَمِنْه وارتحت لما امتحت على بعد أرضي من غمامه وداويت الْقلب الدوي من آلامه بلمامه وَأعَاد عَليّ زمن رامة كَمَا هُوَ بآرامه وأطلع عَليّ مطالع الْأَهِلّة وَمَا الْأَهِلّة وَهل هِيَ إِلَّا قلامة أقلامه
وَمن كَلَامه)
وَأَنْتُم يَا بني أَيُّوب لَو ملكتم الدَّهْر لأمطيتم لياليه أداهم وقلدتم أَيَّامه صوارم ووهبتم شموسه وأقماره دَنَانِير ودراهم وأيامكم أعراس وَمَا تمّ فِيهَا على الْأَمْوَال مآتم والجود فِي أَيْدِيكُم خَاتم وَنَفس حَاتِم فِي نقش تِلْكَ الْخَاتم
وَمِنْه ونزلنا قلعة كَوْكَب وَهِي نجم فِي سَحَاب وعقاب فِي عِقَاب وَهَامة لَهَا الغمامة عِمَامَة وأنملة إِذا خضبها الْأَصِيل كَانَ الْهلَال لَهَا قلامة
وَمِنْه وَالْفضل والفصل اللَّذين وردا بالإسهاب والإيجاز والجميل المخلد الذّكر فَإِنَّهُ تَنْجِيز وعد الخلود وَإِن جَازَ فِيهِ إنجاز
وَمِنْه وَعرفت الإنعام بِالْخلْعِ وَمن تكفل فِي مَوَاقِف المناظرة بطي لسانها تكفلت لَهُ المملكة بِأَن يزهى بطيلسانها وأحلته من سَواد الْخلْع فِي خلعة إنسانها
وَمِنْه واطلعت شرف الْأَرْبَعين وَمَا تركت سرف الْعشْرين وَقلت للنَّفس إنساني نيسان مَا تشرين لتشرين
وَمِنْه وأوحشني قَوْله إِنِّي بعثت بِالْكتاب مستأذناً وَكَيف يرى فِي معشر طلبته بالحقوق لأستاذنا
وَأما شعره فكثير وَتقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ وَكله قصائد مُطَوَّلَة ومعانيه مَعَاني الْكتاب لَا مَعَاني الشُّعَرَاء فَلذَلِك قل دوره على الْأَلْسِنَة وَمن شعره مَا هُوَ مَشْهُور السَّرِيع
(بتنا على حَال يسر الْهوى ... وَرُبمَا لَا يحسن الشَّرْح)
(بوابنا اللَّيْل فَقُلْنَا لَهُ ... إِن نمت عَنَّا هجم الصُّبْح)
وَمِنْه الْكَامِل
(بِاللَّه قل للنيل عني إِنَّنِي ... لم أشف من مَاء الْفُرَات غليلا)
(وسل الْفُؤَاد فَإِنَّهُ لي شَاهد ... إِن كَانَ جفني بالدموع بَخِيلًا)
(يَا قلب كم خلفت ثمَّ بثينة ... وأعيذ صبرك أَن يكون جميلا)
وَمِنْه الْبَسِيط
(وَكَيف أَحسب مَا يُعْطي العفاة وَمَا ... حسبت الَّذِي مَا زَالَ يعطيني)(18/219)
(الْكتب تشكره عَنَّا وَلَا عجب ... مَا تشكر السحب إِلَّا بالبساتين)
وَمِنْه الْكَامِل)
(للنَّاس أَغْصَان وَقد يجنونها ... وعلقت غصناً دونهَا وجنان)
(وَيَد النسيم كَرِيمَة عِنْدِي بِمَا ... شرع التعانق فِي غصون البان)
(وعَلى الْأَحِبَّة من عداهم رَقَبَة ... وعَلى الحمائم رَقَبَة الأغصان)
(وَالرِّيح تَحت الطير تجْرِي خيلها ... وَالطير يمسك غصنه بعنان)
(ويهزني كالغصن خمر غنائه ... فَأَقُول هَل غناهُ أَو غناني)
وَمِنْه المتقارب
(وأغيد لما رجا عتبنا ... تبدى على الخد مِنْهُ شفق)
(صفا فَوق خديه خمر الصِّبَا ... فَكَانَ الْحباب عَلَيْهِ الْعرق)
(إِلَى الله أَشْكُو فكم حَادث ... طرا فِي هَوَاهُ وخطب طرق)
(ضعيفين من جفْنه والوداد ... فليت الضَّعِيف لضعفي رق)
(وصعبين من لوعتي والوصال ... فَلَا تِلْكَ هَانَتْ وَلَا ذَا اتّفق)
(وماءين من وَجهه والعيون ... وَهَذَا أَقَامَ وَذَاكَ اندفق)
(ونارين فِي خَدّه والقلوب ... سناها لغيري وَعِنْدِي الحرق)
وَمِنْه الْبَسِيط كم بت أسرِي على ظهر الكؤوس إِلَى أَن أصبح الدن فِي آثارها طللا
(فَاسْأَلْهُ لَا تسْأَل الأطلال حادثه ... فالدن من أنطق الأطلال أَن يسلا)
(أما الشَّبَاب فأبكاني برحلته ... فَقَالَ إِن كنت تنعي فابك من رحلا)
(فَقلت هَل بعْدك الْأَيَّام وَاسِعَة ... أَو لَا فقد جَاءَنِي مَا ضيق السبلا)
وَمِنْه من وصف قصيدة الطَّوِيل
(يَد الْجُود عِنْدِي من يَديك عَظِيمَة ... وَأعظم مِنْهَا عِنْدِي الْحَمد وَالشُّكْر)
(ومجلسك الْأَعْلَى المطهر مَسْجِد ... فَمَا قلت خُذْهَا خيفة أَنَّهَا خمر)
وَمِنْه الْكَامِل المجزوء والمدن إِن رَجَعَ الْمُسَافِر أَو إِذا خرج الْمُسَافِر
(مَا استقبلته وودعت ... هـ المدن إِلَّا بالمقابر)(18/220)
وَمِنْه الطَّوِيل)
(فَلَا تمكن الْأَيَّام من أَن تمسني ... فمهما تمس الْحر مسته بالضر)
(وَأَنت بِحَمْد الله أعدل حَاكم ... فَلَا ترفعن الْحجر عَن سفه الدَّهْر)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وَمَا ألسن الراوين إِلَّا صوارم ... كَمَا أَن أَعْرَاض اللئام رِقَاب)
(فَلَا تنكروا الأنفاس فَهِيَ دِمَاؤُهُمْ ... وَلَا تنكروا الأقلام فَهِيَ حراب)
وَمِنْه الطَّوِيل
(تلق ضِيَاء الصُّبْح فَهُوَ أرايحي ... وشم نسيم الرَّوْض فَهُوَ سلامي)
(وَإِن زَاد مَاء النّيل فَهُوَ مدامعي ... وَإِن هاج وَقد القيظ فَهُوَ ضرامي)
وَمِنْه فِي وصف الْخمر الطَّوِيل
(لَهَا منن تصفو على الشّرف أَربع ... وَوَاحِدَة لَوْلَا سماحتها تَكْفِي)
(سرُور إِلَى قلب وتبر إِلَى يَد ... وَنور إِلَى عين وعطر إِلَى أنف)
(وَلما رَأينَا ياسمين حبابها ... مددنا يَمِين القطف قبل يَد الرشف)
وَمِنْه الْكَامِل
(من لي بِوَجْهِك والشباب وثروة ... والأمن من دهري وَمن أبنائه)
(وَيْح الْمُحب وَقَلبه وحبيبه ... ورقيبه والدهر من أعدائه)
(وَيَمُوت بالداء الَّذِي فِي قلبه ... وَيخَاف من علم الطَّبِيب بدائه)
(وعذوله وَكَفاهُ هم عذوله ... وَالْمَوْت مِنْهُ وَمن تفلسف رائه)
جرى عِنْده يَوْمًا ذكر حب الصَّغِير فَإِن الْقلب للضيق رُبمَا ضَاقَ عَنهُ فارتجل فِي الْحَال وَقَالَ السَّرِيع
(طِفْل كَفاهُ الْقلب دَارا لَهُ ... كَأَنَّمَا الْقلب لَهُ قالب)
(كيوسف الْحسن وقلبي لَهُ ... سجن وَمَا ثمَّ لَهُ صَاحب)
(أصبح وَالْقلب لِبَاس لَهُ ... لَا قَاصِر عَنهُ وَلَا ساحب)
(وَهُوَ كعيني وَهُوَ إنسانها ... وَهِي لَهُ من خَارج حَاجِب)
وَمن شعره السَّرِيع
(يبش من هون لأقدارهم ... وَالسيف فِي الروع يرى هشاً)
)
(كَأَنَّمَا أسيافه فِي الوغى ... طير ترى الْهَام لَهَا عشا)(18/221)
وَمِنْه الْخَفِيف
(عللوني عَن الشآم بذكرى ... أَن قلبِي إِلَيْهِ بالأشواق)
(مثلته الذكرى لسمعي كَأَنِّي ... أتمشى هُنَاكَ بالأحداق)
قلت هُوَ من قَول الشريف الرضي الْخَفِيف فَاتَنِي أَن أرى الديار بعيني فعلي أرى الديار بسمعي وَهَذَانِ البيتان غَرِيبَانِ من القَاضِي الْفَاضِل فَإِنَّهُ مَا كَانَ يُؤثر الشَّام وَلَا يُحِبهُ وَله فِي نثره عجائب من ذمّ دمشق لَكِن هَذَا الْمَعْنى من مَعَانِيه وَهَذَا النَّفس من أنفاسه وَمِنْه الطَّوِيل
(أفيكم لهَذَا الْحسن بِاللَّه مُنكر ... فَإِن كَانَ فالأعمى الَّذِي لَيْسَ يبصر)
(تودي إِلَى قلب الْفَتى نغماته ... هوى غير مَا كَانَت بِهِ الْعين تشعر)
(هِيَ الكأس مَا دارت بكف على فَم ... فبالسمع نسقاها وبالقلب نسكر)
(فيا لَك من در من اللَّفْظ مقتنى ... وَيَا لَك من خمر من اللحظ تعصر)
(يمجمج ألفاظاً بخمرة رِيقه ... سكارى الخطا فِي ذيلها تتعثر)
وَمِنْه الْخَفِيف تعس الْكَاتِب الشقي فَمَا أِشقاه بِالْأَمر بَين هذي الخليقة خير أَيَّامه وَلَا خير فِيهَا يَوْم يلقى من بكرَة وَجه ليقه والدراريع فخره وَهُوَ مِنْهَا فِي ثِيَاب من صَدره مشقوقه وَمِنْه الْبَسِيط
(الْغُصْن تثمره الأغصان من بَان ... وكل غُصْن يحيينا ببستان)
(مُبشر جلنار الوجنتين بِمَا ... رباه فِي الصَّدْر من أَطْفَال رمان)
(إِنِّي لأخشى على ورد بوجنته ... من أَن يسبخه خطّ بريحان)
وَمِنْه الطَّوِيل
(نديمي هيا قد قضى النَّجْم نحبه ... وهب نسم ناعم يوقظ الفجرا)
(وَقد أَزْهَر النارنج أزهار فضَّة ... تزر على الْأَشْجَار أوراقها الخضرا)
وَمِنْه الْكَامِل)
(من ثغره وحليه ونسيمه ... مَا لَا يقوم بكتمه الظلماء)
(وَمَتى يفوز بِمَا تمنى عاشق ... وَجَمِيع مَا يهوى لَهُ أَعدَاء)(18/222)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وَلما مَرَرْنَا بالرسوم تنفذت ... بهَا للهوي فِي العاشقين المراسم)
(بكينا فَغطّى الدمع أنوار أعين ... وَمن عجب أَن الدُّمُوع كواتم)
وَمِنْه الْبَسِيط(18/223)
(الصمت أسلم لَكِن إِن أردْت دمي ... أَن لَا يفِيض فسامحني أفض كلمي)
(بيني وَبَين وجودي الله يحكم لي ... عَلَيْهِ يَا لَيْتَني لَا شَيْء فِي الْعَدَم)
(وَلَا حَدِيثي وَلَا دهري أحادثه ... وَلَا همومي وَلَا وهمي وَلَا هممي)
(وَلَا حسامي الَّذِي للعجز أغمده ... وَلَا أجرد فِي الشكوى سوى قلمي)
(وَلَا اللَّيَالِي الَّتِي نيرانها انقدت ... بالفكر لم يعل فِي الدُّنْيَا سوى علمي)
(الشَّرّ فِي يقظتي بِالْعينِ أبصره ... وَالْخَيْر بِالْقَلْبِ قد أَلْقَاهُ فِي حلمي)
وَمِنْه الطَّوِيل
(قدمت علينا بالبشاشة والندى ... ففجر إِلَى ليل ومزن إِلَى قفر)
(ووافيت من لين الْخَلَائق والظبا ... بأسهل من مزن وأخشن من صَخْر)
(فَللَّه مَا ألبست ذَا الدّين من على ... وَللَّه مَا ألبست ذَا الْملك من فَخر)
(بِجَيْش إِذا مَا النَّقْع أبدى حديده ... حسبتهم قد نصلوا السمر بالزهر)
(إِذا اشتجرت راياتهم وتألفت ... طيور إِلَيْهِم قلت حنت إِلَى وكر)
(أسيدنا إِن جِئْت فِي الدَّهْر آخرا ... فقد جَاءَ عيد الْفطر فِي آخر الشَّهْر)
(وَتمّ لي التَّمْثِيل فِيمَا ذكرته ... وَقد جَاءَ عيد النَّحْر فِي آخر الْعشْر)
وَمِنْه الْبَسِيط
(يَا لمْعَة الْبَرْق وَيَا هبة الرّيح ... روحي بجسمي إِلَى من عِنْدهم روحي)
(خدي لَهُم من سلامي عنبراً عبقاً ... وأوقديه بِنَار من تباريحي)
(ناشدتك الله إِلَّا كنت مخبرة ... عني بِأَنَّهُم ذكري وتسبيحي)
وَمِنْه الْكَامِل)
(والشمع فَوق الْبَحْر تحسب إِنَّه ... من لجه قد أطلع المرجان)
(وَالْمَاء درع والشموع أسنة ... وَلها إِذا خَفق النسيم طعان)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أَشْكُو إِلَيْك جفوناً عينهَا أبدا ... عين تترجم من نيران أحشائي)
(كَأَن إنسانها وافى بمعجزة ... فَكَانَ من أدمعي يمشي على المَاء)
وَمن شعره مِمَّا نقلته من خطه الطَّوِيل
(أيقطع صرف الدَّهْر مني بَعْدَمَا ... علقت بِحَبل من حبال مُحَمَّد)
(جرى أملي بالنجح لما لَقيته ... إِلَى موعد لم أثن عَنهُ بموعد)
(عشوت إِلَى نَار تلقى بقوله ... تَجِد خير نَار عِنْدهَا خير موقد)
(كَأَن اللَّيَالِي فِي كَفَالَة جوده ... فَإِن تعذلي خيرا فَمن يَده يَدي)(18/224)
(فدى لَك من يدعى فَلَا ينْطق الصدى ... ويورد مَعْنَاهُ فَلَا ينقع الصدى)
(رَأَيْنَاك فِي العلياء طلاب أنجم ... إِذا افتخرت يَوْمًا بطلاع أنجدي)
(وَكم عدتم إِن الشجَاعَة متجر ... بِهِ رق مِنْهَا من ضراب مهند)
(تَعَالَى الَّذِي أجْرى على كفك الندى ... وَترْجم عَنهُ مَا على وَجهك الندي)
(فَمن همة تعلو على هام جبهة ... وَمن قدم يخطو على فرق فرقد)
(أسيدنا والسودد اسْم مفحم ... ولولاك لم نظفر بِأَفْعَال سَيِّدي)
(سَيَأْتِيكُمْ شكري على الْبعد عَنْكُم ... وَرب مغيب شَاهد لي بمشهد)
(وأذكر أَيَّامًا لديك جميلَة ... وَمن يلق مِنْهُ الْحَمد لاقيه يحمد)
(وَإِن أنصرف لم ينْصَرف حمد مجدكم ... وَفِي الْحَمد مَصْرُوف وحمديك أَحْمد)
(أجد رحيل الْيَوْم يَوْم منيتي ... وَكَانَ لقائي أمس سَاعَة موردي)
(وَمن لي من بعد الرحيل برجعة ... وَمن لي وَقد جد الرحيل بمورد)
(وَمَا أسفي إِلَّا على النَّفس الْهوى ... إِذا طرف عين ناهزك بمرود)
(وينشر عني إِن ذكرت لَهَا غَدا ... وَغدا يستجر الدمع خوف نوى غَد)
(هم وطئوا فِي سرة الأَرْض مقعدي ... وهم رفعوا إِلَى قمة النَّجْم مصعدي)
(وَلَو أنني يَوْمًا جحدت جميلهم ... قرت يَدي مِنْهُ بِمَا تمّ فِي يَدي)
)
مِنْهَا
(مغاني معَان لَو رَأَتْ عين معبد ... مجالتها أصبحن معبد معبد)
(يصادم قلبِي الْهم والهم صَخْرَة ... وَيَا جلمد أَلْقَاهُ مِنْهُ بجلمد)
(وأبلغ مَا لَا يبلغ الْجهد وادعاً ... وأغنى كَمَا يغنى العديد بمفرد)
(وصبحة يَوْم الوجد أَنِّي مجتدا ... وَلم يدر يَوْم الْفقر أَنِّي مجتدي)
(وأقصد مَا لَا يخجل الْحر قَصده ... وَلَا عَار إِن لم ينجح الدَّهْر مقصدي)
(وبالنفس قارنت العلى وَلَو أنني ... قعدت بهَا لاستنهض الدَّهْر محتدي)
(وأقتل من ناويت بِالسَّيْفِ مغمداً ... وَإِن كَانَ يلقاني بِسيف مُجَرّد)
(وَإِن رجوعي عَنْك قره أعين ... لقوم وَفِي قوم حرارة أكبد)
(مَوَاقِف رَأْي لَو رأتها غزيَّة ... لعض دُرَيْد يَوْم عض بأدرد)
(وهيهات مني أَن أَعُود إِلَيْكُم ... أرث جَدِيد الْحَبل من أم معبد)
(فَلَا تعجبوا إِن خبت فيهم فَإِن أخب ... فَتلك سَبِيل لست فِيهَا بأوحد)
(وَقُولُوا لنجم الدّين عني رِسَالَة ... دعوتك للجفن القريح المسهد)
(وللعين عِنْد النَّجْم أعظم رَاحَة ... وَهل أنست إِلَّا بِهِ فِي التفرد)
(فيا لسهام الدَّهْر كلي مقَاتل ... فَلَا تتحري فِي أَن تتعمد)
(إِذا وَردت تِلْكَ الأكف على الضنى ... فهيهات أَن اشفي الغليل بجلمد)
وَمِنْه قَوْله الوافر
(لعينيه على العشاق إمره ... وَلَيْسَ لَهُم إِذا مَا جَار نَصره)
(فَأَما الهجر مِنْهُ فَهُوَ إلْف ... وَأما الْوَصْل مِنْهُ فَهُوَ ندره)
(إِذا مَا سره قَتْلِي فأهلاً ... بِمَا قد سَاءَنِي إِن كَانَ سره)
(تلفت بِشعرِهِ وَسمعت غَيْرِي ... يَقُول سلمت من تلفي بِشعرِهِ)
(وَقد خدعتك ألحاظ مراض ... وتمم بالفتور عَلَيْك سحره)
(فيا حذر البصيرة كَيفَ حَتَّى ... وَقعت كَمَا رَأَيْت وُقُوع غره)
(فَإِن الْحَرْب تزرعها بِلَفْظ ... ون الْحبّ تجنيه بنظره)
(وَبعد فَإِن قلبِي فِي يَدَيْهِ ... فَإِن هُوَ ضَاعَ مِنْهُ أذاع سره)
)
(وَأعظم حسرة أَنِّي بدائي ... أَمُوت وَفِي فُؤَادِي مِنْهُ حسره)(18/225)
(لقد جمع الْإِلَه لناظريه ... بنضرة خَدّه مَاء وخضره)
(وحمرته بِمَاء الْعين تذكى ... وَمَا جَفتْ بهَا للشعر زهره)
(فإبريق المدام بريق فِيهِ ... وَلم أشْرب فَكيف وجدت سكره)
(وَعِنْدِي أَنه لبن وخمر ... وَقَالَ حسوده مَاء وجمره)
(يروع قرطه من بعد مهوى ... فَإِن يرعد فقد أبديت عذره)
(وَلَوْلَا جوره مَا كَانَ ظلما ... يغلظ ردفه ويرق خصره)
(وَلَوْلَا بخله مَا كَانَ نظمي ... لَهُ شفتان تستلمان ثغره)
(وأعجب من ذبولهما ظماء ... وَقد منعا الورى من ورد خمره)
(سقا روض العقيق بِفِيهِ خمر ... وَقد زَان الْبيَاض سَواد طره)
(سقا روض العقيق بِفِيهِ خمر ... وَكَانَ النبت بعد السَّقْي دره)
(فيا شمساً تبدت لي عشَاء ... وَيَا قمراً وَلَيْسَ يغيب بكره)
(إِذا استخدمت فِي الأفكار سري ... وَمَا أطلقت لي بالوصل أجره)
(وَقد ضمن اغترامي عَنْك صبري ... وَكم من ضَامِن يبْلى بكسره)
(وَلم أره على الْأَيَّام إِلَّا ... عقدت محبَّة وحللت صره)
(وَلَا عاتبته إِلَّا ثناه ... على الغيظ وَهُوَ عَليّ شفره)
(وَلَا استمطرت سحب الْعين إِلَّا ... بقيت بأدمعي فِي الشَّمْس عصره)
(بَكَيْت عَلَيْك يَا مولَايَ حَتَّى ... صرعت وَلَيْسَ فِي عَيْني قطره)
(وَكم زمن نواصله وَكُنَّا ... نقُول لذاك كَيفَ قطعت شعره)
(صببت عَلَيْهِ لما زَاد دمعي ... فَأنكرهُ فَقلت المَاء نثره)
(وخوفني من الأوزار فِيهِ ... وَمن لمحبه لَو نَالَ وزره)
(وحلمني هَوَاهُ فصرت فِيهِ ... أسامح كل من لحقته ضجره)
(بدا بَدْرًا جلاه ليل شعر ... وَقد أهْدى لَهُ الشَّفق المزره)
(وَجُمْلَة مَا أُرِيد بِأَن يراني ... مَكَان الْخَيط مِنْهُ وَهُوَ إبره)
(فَقلت لَهُ وَقد أحرقت جسمي ... وَأَنت بِهِ فَكيف سكنت سره)
)
(فَلَو قبلتني وَقبلت مني ... فَقَالَ أَخَاف بعد الْحَج عمره)
(تميدن خَدّه من وَقع لثمي ... وصولح صُدْغه وَالْخَال أكره)(18/226)
(إِذا عاينته وبدا رقيبي ... فيا لَك حمرَة نسجت بصفره)
(أَرَانِي كنت فِي وَطن التصابي ... وأشعار المشيب دَلِيل سَفَره)
(وَمَا أخصبت يَا نور الأقاحي ... وَإِن أجدبتني إِلَّا لمطره)
(وينهرني نَهَار الشيب زجرا ... وليل شبيبتي قد كَانَ ستره)
(وَإِن رابتك أقوالي فَإِنِّي ... حملت وقاره وحملت وقره)
وَلَيْسَ يجوز الْأَيَّام إِلَّا التخيل والتخيل للمسرة
(وخل لَا يخل بِشَرْط ودي ... وَلَا يُبْدِي لعينك وَجه عذره)
(وَبَعض الْحلم فِي الْأَوْقَات جهل ... ويعجبني الْحَلِيم وَلَو بمره)
(وَكم قد مر فِي سَمْعِي ملام ... أخذت لبابه وَتركت قشره)
(وَمَا فِي الأَرْض أشعر من أديب ... يَقُول الشّعْر فِي البخلاء سَخَّرَهُ)
(يروقني الْكَرِيم وَلَو بفلس ... وَلَا أَهْوى الْبَخِيل وَلَو ببدره)
(وكل مذاقة تحلو وتحلى ... سوى طعم السُّؤَال فَمَا أمره)
(مَرَرْت على حطام من حطام ... ويملكني الصّديق بِحسن عشره)
(وَأما سوء حظي من صديقي ... فَذَاك من الرسوم المستقره)
(حفظت عهوده وأضاع عهدي ... وَلم يَك لي بطرق الْغدر خَبره)
(وَكم آمنته خدعي ومكري ... وَلم آمن خديعته ومكره)
(بذلت لَهُ على العلات خيري ... وَلَكِن مَا كفاني الله شَره)
(وَمَا أدخلت نَار الهجر قلباً ... بَقِي من حبه مِثْقَال ذره)
(سترجعه لي الْأَيَّام طَوْعًا ... وتعطفه التجارب وَهُوَ مكره)
(لي الثِّقَة الَّتِي مَلَأت يَمِيني ... من الثِّقَة الَّذِي أمليت شكره)
(أَذمّ الدَّهْر من ذمِّي بمدحي ... وذم خَلِيله من ذمّ دهره)
(رَبِّي رئاسة وَأبي نفس ... وَرَأس سيادة وَأمين حَضَره)
(من الْقَوْم الَّذين لَهُم حَدِيث ... إِذا نشر استطاب الْمسك نشره)
)
(وُجُوه رئاسة لَهُم وُجُوه ... وَستر الْجُود فِي تِلْكَ الأسره)
(تفانوا فِي سَبِيل الْمجد لَكِن ... لَهُم ذكر أَطَالَ الله عمره)
(لقد أحببته سلفا رميماً ... فَعَاد لأثره فِي الْمجد أَثَره)(18/227)
(وَمَا أخْشَى عَلَيْك عثار سبق ... أيخشى نير الْآفَاق عثره)
(وعثر السَّمْح لمح فارتقبها ... حظوظاً أَبْطَأت لتجي بكثره)
(وَقد تتضاعف الأنواء جدا ... إِذا الأقمار كَانَت مستسره)
(وللأيام فِي الحكم اخْتِلَاف ... وهم عَشِيَّة يمحى ببكره)
(فيا من سره مني قصوري ... إِذا الْمَسْبُوق يُوضح مِنْك عذره)
(حسبت كِتَابه خداً صقيلاً ... ذكرت عذاره فلثمت سطره)
(وَشعر مَا حسبت أخف روحاً ... وأثقب زهرَة وأغض زهره)
(جلاه عَليّ فِي أَثوَاب ليلِي ... فابصر مِنْهُ ليل الْهم فجره)
(وفجرت البلاغة مِنْهُ بحراً ... أردْت عبوره فَخَشِيت عبره)
(إِذا غرق امْرُؤ فِي سيف بَحر ... فَلَا تذكر على شفتيك قَعْره)
(ألذ من الرِّضَا من بعد سخط ... وأعذب من وصال بعد هجره)
(وَكم من شَاعِر إِن قَالَ بَيْتا ... حكى مَيتا وَكَانَ الطرس قَبره)
(قَلِيل اللَّفْظ لَكِن فِي الْمعَانِي ... إِذا حصلتها بِالنَّقْدِ كثره)
(وَيُؤْنس ثمَّ يؤيس مثل بَحر ... ترَاهُ فيستهين الْغمر غمره)
(وَفِي شعر الورى غر ودهم ... وَهَذَا كل بَيت مِنْهُ غره)
(قواف شاردات طالعات ... لإمرة قَادر لم تعص أمره)
(وَجئْت بهَا على قدر فَجَاءَت ... ترينا مِنْك فِي التَّقْدِير قدره)
(وَلَيْسَ كمن يُغير على الْمعَانِي ... فَإِن ظهر ادّعى بِالنَّقْدِ غره)
(رَقِيق الطَّبْع مرهفه فَأَما ... خواطره فَمثل السَّيْف خطره)
(وَقد عرف الْأُمُور وعرفته ... فَصَارَ لَهُ بعقبى الْأَمر خَبره)
وَمَا يخفي غناهُ عَن صديقولكن مَا أرَاهُ أرَاهُ فقره(18/228)
(جَزَاك الله خيرا عَن صديق ... بتَخْفِيف الأسى أثقلت ظَهره)
)
(عرائس يجتليها وَجه نقدي ... فتنقد من صفاء الود مهره)
(لَئِن سهلت لقد صعبت وأضحت ... كروض دونه الطرقات وعره)
(فَلَا تَعْتَد كل النّظم شعرًا ... فتحسب كل سُودًا مِنْهُ تمره)
(تعلة حَاضر ونشيد سفر ... ومرشف ناهل وأنيس فقره)
(تخْفض فَتْرَة الأفكار عني ... وَكم دبت لَهَا بالسكر فتره)
(فَخذهَا بنت لَيْلَتهَا ارتجالاً ... وَلَكِن أَصبَحت شَمْطَاء سحره)
(لَئِن طَالَتْ لقد طابت وراقت ... على نظر الخواطر حسن نظره)
(وسارت أَو غَدَتْ للنجم نجماً ... فطيرها وأوقع ثمَّ نسره)
(تعرفنِي إِلَيْهِ وَلَا أرَاهُ ... وتعقد لي من الْفُضَلَاء أسره)
(عقائل سنّ شرع الشّعْر أَنِّي ... أَب من شَاءَ كنت بِهن صهره)
(ملكت قيادها بِيَمِين فكري ... وَلَقَد عتقت لوجه الْمجد حره)
(أَطَالَ الله عمرك فِي سعود ... تجر ذيولها فَوق المجره)
سَأَلَ شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ عبد الْعَزِيز الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ بعض أَصْحَابه مُعَارضَة هَذِه القصيدة فَقَالَ ارتجالاً الوافر
(لعَيْنِي كل يَوْم فِيك عبره ... تصيرني لأهل الْعِشْق عبره)
(فعسجد جفنها لَا نقص فِيهِ ... وَكم جهزت مِنْهُ جَيش عسره)
(إِذا غفل الوشاة أسلت دمعي ... فيغدو مُرْسلا فِي وَقت فتره)
(زِيَادَة صبوتي نقصت ملامي ... وكفت زيده عني وعمره)
(عَلامَة شقوتي فِي الْحبّ أَنِّي ... ثقلت عَلَيْك لَا من طول عشره)
(ووتر الْوَصْل لم يشفع بثان ... وهجرك زمرة من بعد زمره)
(وجفنك أكحل من غير كحل ... وخدك أَحْمَر من غير حمره)
(وصبري عَنْك لَيْسَ لَهُ وجود ... ووجدي فِيك لَا أحصيه كثره)
(وَبَيت الْحزن بَيْتِي حِين تنأى ... وَحين تزوره دَار المسره)
(وَقَالُوا كم ترى غَضْبَان رَاض ... فَقلت رضيت زنبوراً وتمره)
(سألزم بَاب خمار الثنايا ... ليطلق لي وَلَو فِي الْعُمر سكره)
)
(وقدماً كنت مَسْتُورا إِلَى أَن ... لبست من الخلاعة ثوب شهره)
(أَطَعْت غوايتي وعصيت رشد الناصح ... مرّة من بعد مره)
(وَمَا تنقى من الأدناس نَفسِي ... وَلَو غسلت بصابون المعره)
(وأعجب حادثات الدَّهْر أَنِّي ... أحاول طَاعَة فتعود حسره)
(وأطمع فِي خلاص يَوْم بعثي ... وَمَا أخلصت فِي مِثَال ذره)(18/229)
وَقد نظمت أَنا قصيدة على هَذَا الْوَزْن وَهَذَا الروي وَهِي مثبتة فِي الْجُزْء الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ من التَّذْكِرَة الَّتِي لي وَقد رَأَيْت للْقَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى موشحة عارضها جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وَقد تقدم ذَلِك فِي تَرْجَمَة أَحْمد الْموصِلِي وَهِي المجتث
(من لي بِهِ بدر كلهقد حَاز قلبِي كُله ... فَهَل ترى نتعززوالعز فِي الْحبّ ذله)
(رضيت فِيهِ مصابي ... فَمَا على النَّاس مني)
(وراحتي فِي عَذَابي ... فَلَو مضى ذَاك عني)
(لاشتاق قلبِي لما بِي ... فَهَل علمْتُم بِأَنِّي)
أمسيت أحمل مقلة من الْمَنَام مقلة لَو زارها الطيف اعورنوم يكون مَحَله
(مزجت مِنْهُ كؤوساً ... تجلو الدجى بشعاع)
(إِذا تجلت شموساً ... وَقَامَ للهو دَاع)
(فالروض يجلي عروساً ... قد سورت لشجاع)
أشجارها مثل كلهفالروض مطرح بذلهله من النَّهر فروزفانظر إِلَى صفة الله
(قد جدد الله سَعْدا ... للْملك من آل سعد)
(بأنفس الْخلق تفدى ... وَإِن أَبَوا كنت وحدي)
(سيوفه لَيْسَ تصدى ... وَلَا تقر بغمد)
(مَا زَالَ دون المظلة يجلو الخطوب المظلة ... فنونها قد تطرزبالنصر مذ سل نصله)
(تثني عَلَيْهِ الأسنة ... بِمَا يَقُول وَيفْعل)
(وَجه يجلي الدجنة ... فِي كَفه النَّار تشعل)
(فِي نظرة مِنْهُ حملهعلى الجيوش المطلة ... بِجَيْش رأى مجهزيربى على ألف بغله)
(وغادة بنت عَنْهَا ... فأضمرت لي وحشه)
)
(من غادة ذَاك مِنْهَا ... شدت للدمع رشه)
(بلوعة لم تبنها ... لَوْلَا تعرض دهشه)
(كم بَات عُصْفُور نخلهمع العصافير جمله ... وَبَات قلبِي مفرزوحدي وَمَا بَث مثله)
3 - (جمال الدّين بن شِيث)
عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن شِيث القَاضِي(18/230)
الرئيس جمال الدّين الْأمَوِي الْإِسْنَوِيّ القوصي صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء للْملك الْمُعظم عِيسَى ولد بإسنا سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وست مائَة وَنَشَأ بقوص وتفنن بهَا وبرع فِي الْأَدَب وَالْعلم وَكَانَ ورعاً دينا خيرا حسن النّظم والنثر ولي الدِّيوَان القوصي ثمَّ بالإسكندرية ثمَّ بالقدس ثمَّ ولي كِتَابَة الْإِنْشَاء للمعظم وَكَانَ يُوصف بالمروءة وَقَضَاء الْحَاجة وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَدفن بتربته بقاسيون وَكَانَت بَينه وَبَين الْمُعظم مداعبات كتب لَهُ مرّة رقْعَة أَنه فَارق الْمُعظم وَدخل منزله فطالبه أَهله بِمَا حصل لَهُ من بره فَقَالَ لَهُم مَا أَعْطَانِي شَيْئا فَقَامُوا إِلَيْهِ بالخفاف وصفعوه وَكتب بعد ذَلِك الْكَامِل وتخالفت بيض الأكف كَأَنَّهَا التصفيق عِنْد مجامع الأعراس
(وتطابقت سود الْخفاف كَأَنَّهَا ... وَقع المطارق من يَد النّحاس)
فَرمى الْمُعظم الرقعة إِلَى فَخر الْقُضَاة ابْن بصاقة وَقَالَ أجبه عَنْهَا فَكتب إِلَيْهِ نثراً وَفِي آخِره الْكَامِل
(فاصبر على أخلاقهن وَلَا تكن ... متخلقاً إِلَّا بِخلق النَّاس)
(وَاعْلَم إِذا اخْتلفت عَلَيْك بِأَنَّهُ ... مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس)
وَمن شعره الْخَفِيف
(مَا لقلبي إِلَى السلو طَرِيق ... أَنا من سكرة الْهوى لَا أفِيق)
(ضحكوا يَوْم بَينهم وبكينا ... فتراءت سحائب وبروق)
لَو تَرَانَا وللمطالب إخفاق إِلَيْهِم وللقلوب خفوق
(لرأيت الدَّلِيل حيران منا ... كلما لَاحَ الْهلَال شروق)
(وسهام اللحاظ قد فوقت لي ... فلهَا كلما ومقت مروق)
(لست أَدْرِي إِذْ ضرم اللثم وجدي ... أحريق رشفته أم رحيق)
)
(ليدعني أولو الرشاد وعي ... لَيْسَ يدْرِي مَا بالأسير الطليق)
أقفرت دَار من أحب وَكم وَرْقَاء كَانَت بهَا وغصن وريق وهفا ثوبها الصفيق وللريح عَلَيْهَا من حسرة تصفيق دَار الْهوى وللهوى فِي مغانيها عروق تنمى وَوجد عريق
(أَي روح وفت هُنَاكَ لجسم ... عِنْدَمَا فَارق الديار الغريق)(18/231)
(أشبهتني تِلْكَ الديار فجسمي ... دَار مي ودمع عَيْني العقيق)
(وَكَأن الثِّيَاب لفظ وجسمي ... فِيهِ معنى من المعمى دَقِيق)
ورشيق القوام يرشق باللحظ وَلَا يسْتَقلّ مِنْهُ الرشيق لحظه قَاطع وَمَا فَارق الجفن وَفِي جفْنه عَن السَّيْف ضيق
(مشقت نون حاجبيه فأبدى ... ألف الْحسن قده الممشوق)
ولماه فِي صُدْغه لامه وَالْمِيم فوه وَالرّق مِنْهُ الرِّيق فغدا خطّ حسنه وَهُوَ منشور وأخلاقه عَلَيْهِ خلوق أحدق الْحسن بالحدائق من خديه لما آذاهما التحريق مسحة للجمال مسح بركنيها وخد لَهُ الشَّقِيق شَقِيق وَكَأن الْخَال الَّذِي لَاحَ فِي لجة خديه وَهُوَ طَاف غريق طابق الْحسن فِيهِ فَهُوَ إِذا يشْعر فِيهِ التَّجْنِيس والتطبيق مردف الردف وَهُوَ مُخْتَصر الخصر فَذا مفعم وَهَذَا دَقِيق
(فاتك الطّرف باتك الظّرْف عمدا ... وَهُوَ فِي كل حَالَة معشوق)
(يَا خليلي إِن الْعَدو كثير ... فاحذرنه وَأَيْنَ أَيْن الصّديق)
والرفيق الَّذِي يؤمل مِنْهُ الرِّفْق قَاس فَمَا رَفِيق رَفِيق وبسوق الهوان يبتذل الْفضل فَمَا للفروع فِيهِ بسوق فسد النَّاس وَالزَّمَان وَلَا بُد بِحَق أَن يخلق الْمَخْلُوق
(فالكريم الَّذِي يغيث يَغُوث ... واللئيم الَّذِي يعق يعوق)
(غير أَن الْملك الْمُعظم فَرد ... فاق فضلا وَخَصه التَّوْفِيق)
قلت شعر جيد وَقد تقدم ذكر وَلَده كَمَال الدّين إِبْرَاهِيم فِي مَكَانَهُ ولجمال الدّين عبد الرَّحِيم)
الْمَذْكُور كتاب معالم الْكِتَابَة فِي صناعَة الْإِنْشَاء وَكَانَ قد رمي من ابْن عنين بالداء العضال فَإِنَّهُ هجاه مَرَّات مِنْهَا قَوْله مجزوء الْكَامِل الله يعلم يَا ابْن شِيث مَا حصلت من الكتابه
(إِلَّا على الدَّاء الَّذِي ... خصت بِهِ تِلْكَ العصابه)
وَقَوله أَيْضا الْكَامِل
(أَنا وَابْن شِيث والرشيد ثَلَاثَة ... لَا يرتجى فِينَا لخلق فائده)
(من كل من قصرت يَدَاهُ عَن الندى ... يَوْم الندى وتطول عِنْد المائده)(18/232)
(فكأننا وَاو بِعَمْرو ألحقت ... أَو إِصْبَع بَين الْأَصَابِع زائده)
وَقَوله مُصحفا الوافر
(محَال أَن تَجِد فِي الْخلق شخصا ... عريق الأَصْل ممتدحاً كَرِيمًا)
(وَإِن أنْكرت مَا قد قلت فيهم ... فميز أَيْن شِئْت تَجِد لئيما)
وَمن شعر ابْن شِيث أَيْضا قَوْله الرجز المجزوء وشمعة فِي المنجنيق وَهِي فِيهِ تشرق
(كَأَنَّهَا من تَحْتَهُ ... شمس علاها شفق)
وَقَوله أَيْضا الْكَامِل
(وأنيسة باتت تساهر مقلتي ... تبْكي وتوري فعل صب عاشق)
(سرقت دموعي والتهاب جوانحي ... فغدا لَهَا بالقط قطع السَّارِق)
3 - (الدخوار الطَّبِيب)
عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن حَامِد الشَّيْخ مهذب الدّين الطَّبِيب الدخوار شيخ الْأَطِبَّاء وَرَئِيسهمْ بِدِمَشْق وقف دَاره بالصاغة العتيقة مدرسة طب ومولده سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي فِي صفر سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وَدفن بتربته فِي قاسيون فَوق الميطور
وَكَانَ أعرج روى عَنهُ القوصي وَغَيره شعرًا وَتخرج بِهِ جمَاعَة كَبِيرَة من الْأَطِبَّاء وصنف كتبا مِنْهَا كتاب الجنينة واختصار الْحَاوِي ومقالة فِي الاستفراغ وتعاليق ومسائل فِي الطِّبّ وشكوك وأجوبة ورد على شرح ابْن أبي صَادِق لمسائل حنين ورسالة يرد فِيهَا على يُوسُف الإسرائيلي فِي تَرْتِيب الأغذية اللطيفة والكثيفة فِي أَولهَا وَنسخ كتبا كَثِيرَة بِخَطِّهِ الْمَنْسُوب)
أَكثر من مائَة مُجَلد فِي الطِّبّ وَاخْتصرَ الأغاني الْكَبِير وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وَقَرَأَ الطِّبّ على الرضي الرجبي ثمَّ لَازم ابْن المطران ثمَّ أَخذ عَن الْفَخر المارديني وخدم الْعَادِل ولازم ابْن شكر وَكَانَت جامكيته جامكية الْمُوفق عبد الْعَزِيز فَإِنَّهُ نزل عَلَيْهَا بعده مائَة دِينَار صوري فِي الشَّهْر وَحصل لَهُ من الْعَادِل فِي مَرضه سَبْعَة آلَاف دِينَار مصرية وَمرض الْكَامِل فَحصل لَهُ من جِهَته اثْنَا عشر ألف دِينَار وَأَرْبع عشرَة بغلة بأطواق ذهب وَالْخلْع الأطلس وَغير ذَلِك وولاه السُّلْطَان الْكَبِير فِي(18/233)
ذَلِك الْوَقْت رئاسة الْأَطِبَّاء بِمصْر وَالشَّام
وَكَانَ خَبِيرا بِكُل مَا يقْرَأ عَلَيْهِ ولازم السَّيْف الْآمِدِيّ وَحصل مُعظم مصنفاته ثمَّ نظر فِي الْهَيْئَة والنجوم ثمَّ طلبه الْأَشْرَف فَتوجه إِلَيْهِ وأقطعه مَا يغل فِي السّنة ألف وَخمْس مائَة دِينَار ثمَّ عرض لَهُ ثقل فِي لِسَانه واسترخاء فجَاء إِلَى دمشق لما ملكهَا الْأَشْرَف فولاه رئاسة الطِّبّ بهَا وَجعل لَهُ مَجْلِسا ليدرس الصَّنْعَة وَزَاد ثقل لِسَانه حَتَّى إِنَّه لم يفهم كَلَامه وَكَانَ الْجَمَاعَة يبحثون بَين يَدَيْهِ ويجيب هُوَ وَرُبمَا كتب لَهُم مَا يشكل فِي اللَّوْح واجتهد فِي علاج نَفسه واستفرغ بدنه مَرَّات وَاسْتعْمل المعاجين الحارة فعرضت لَهُ حمى قَوِيَّة فأضعفت قوته وَظَهَرت بِهِ أمراض كَثِيرَة وأسكت سِتَّة أشهر وسالت عينه
وَاتفقَ لَهُ فِي بادئ خدمته للعادل أَشْيَاء قربته من خاطره وأعلت مَحَله عِنْده مِنْهَا أَنه اتّفق لَهُ مرض شَدِيد وعالجه الْأَطِبَّاء وَهُوَ مَعَهم فَقَالَ يَوْمًا لَا بُد من الفصد فَلم ير الْأَطِبَّاء بِهِ فَقَالَ وَالله لَئِن لم يخرج لَهُ دَمًا ليخرجن بِغَيْر اخْتِيَاره فاتفق أَن رعف السُّلْطَان وَبرئ وَمِنْهَا أَنه كَانَ يَوْمًا على بَاب دور السُّلْطَان فَخرج إِلَيْهِم خَادِم وَمَعَهُ قَارُورَة فرأوها ووصفوا لَهَا علاجاً فَأنْكر هُوَ ذَلِك العلاج وَقَالَ لَيْسَ هَذَا دَوَاء ويوشك أَن تكون هَذِه القارورة من حناء اختضبت بِهِ فاعترف الْخَادِم لَهُم بذلك وَمن شعره مَا كتبه إِلَى الْحَكِيم رشيد الدّين أبي خَليفَة فِي مرضة مَرضهَا الْكَامِل
(حوشيت من مرض تُعَاد لأَجله ... وَبقيت مَا بقيت لنا أَعْرَاض)
(إِنَّا نعدك جوهراً فِي عصرنا ... وَسوَاك إِن عدوا فهم أَعْرَاض)
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ على بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن خروف النَّحْوِيّ يهجو الدخوار الْبَسِيط)
(لَا ترجون من الدخوار مَنْفَعَة ... فَلَو شفى علتيه الْعجب والعرجا)
(طَبِيب إِن رأى المطبوب طلعته ... لَا يرتجي صِحَة مِنْهَا وَلَا فرجا)
(إِذا تَأمل فِي دستوره سحرًا ... وَقَالَ أَيْن فلَان قيل قد درجا)
(فشربة دخلت مِمَّا يركبه ... جسم العليل وروح مِنْهُ قد خرجا)
قَالَ وأنشدني لَهُ فِيهِ الْبَسِيط
(إِن الأعيرج حَاز الطِّبّ أجمعه ... اسْتغْفر الله إِلَّا الْعلم والعملا)
(وَلَيْسَ يجهل شَيْئا من غوامضه ... إِلَّا الدَّلَائِل والأمراض والعللا)
(فِي حِيلَة الْبُرْء قلت عِنْده حيل ... بعد اجْتِهَاد ويدري للردى حيلا)
(الرّوح يسكن جثمان العليل على ... علاته فَإِذا مَا طبه رحلا)(18/234)
قَالَ وأنشدني لَهُ فِيهِ الوافر
(تجرر يَا أعيرج ذيل عجب ... وَتَدْرِي لوم وغد أَنْت نجله)
(وتمشي مشْيَة الْخُيَلَاء زهواً ... أَمَام السامري وَأَنت عجله)
قَالَ وأنشدني لَهُ فِيهِ مجزوء الْكَامِل
(طبع الْمُهَذّب طبه ... سَيْفا وصال على المهج)
(وَعلا دمشق لسؤمه ... من كل نَاحيَة رهج)
(بَاب السَّلامَة لَا يرى ... مِنْهُ وَلَا بَاب الْفرج)
3 - (الإسنائي الصُّوفِي)
عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن هبة الله الإسنائي الصُّوفِي كَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ الْحسن ابْن الشَّيْخ عبد الرَّحِيم القنائي وَكَانَ نحوياً شَاعِرًا جمع فِي النَّحْو كتابا سَمَّاهُ الْمُفِيد وَتُوفِّي سنة تسع وَسبع مائَة وَمن شعره الطَّوِيل
(أهاجك برق بِالْمَدِينَةِ يلمع ... وبيض ثعاليل سوار وطلع)
(تراهن يهمين الحيا فَكَأَنَّهُ ... على وجنات الأَرْض در مرصع)
(كَأَن ثراها عِنْدَمَا مَسهَا الحيا ... سحيقة مسك نشره يتضوع)
(على جنبات النَّهر زهر تفتقت ... لَهَا فِي شُعَاع الشَّمْس لون منوع)
)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الدفاف)
عبد الرَّحِيم بن الْفضل الْكُوفِي الدفاف أَبُو الْقَاسِم قيل هُوَ عبد الرَّحْمَن بن سعد وَقيل عبد الرَّحِيم بن الْهَيْثَم بن سعد مولى لآل الْأَشْعَث بن قيس وَقيل مولى خُزَاعَة كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى عَليّ بن الْمهْدي الْمَعْرُوف بِأُمِّهِ ريطة بنت أبي الْعَبَّاس غنت جَارِيَة يَوْمًا بِحَضْرَة الرشيد المنسرح
(قل لعَلي أيا فَتى الْعَرَب ... وَخير نَام وَخير منتسب)
(أعلاك جداك يَا عَليّ إِذا ... قصر جد عَن ذرْوَة النّسَب)
فَأمر بِضَرْب عُنُقهَا فَقَالَت يَا سَيِّدي مَا ذَنبي هَذَا صَوت عَلمته وَالله مَا أَدْرِي من قَالَه وَلَا فِي من قيل فَعلم صدقهَا فَقَالَ عَمَّن أَخَذته فَقَالَت عَن عبد الرَّحِيم بن الدفاف فَأمر بِهِ فأحضر فَقَالَ يَا عاض بظر أمه أتغني فِي شعر تفاخر بيني وَبَين أخي جردوه فَجرد وَضرب بَين يَدَيْهِ خمس مائَة سَوط(18/235)
3 - (ابْن نباتة الْخَطِيب)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن نباتة الْأُسْتَاذ البارع البليغ الْخَطِيب أَبُو يحيى الحذاقي بِضَم الْحَاء وَبعد الْألف قَاف وحذاقة بطن من قضاعة الفارقي قَالَ سبط بن الْجَوْزِيّ كَانَ يحفظ نهج البلاغة وَعَامة أَلْفَاظه وخطبه من مَعَانِيه وَكَانَ من ميافارقين وَولي خطابة حلب لسيف الدولة وَبهَا اجْتمع بالمتنبي رزق السَّعَادَة فِي خطبه وَكَانَ رجلا صَالحا مولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَقيل مَاتَ قبل السّبْعين وَثَلَاث مائَة وَعمر دون الْأَرْبَعين وَتُوفِّي بميافارقين
قلت فِي ولَايَته خطابة حلب نظر وَكَأَنَّهُم غلطوا فِي مولده أَيْضا وخطبه أحسن من كل الْخطب الَّتِي جَاءَت بعده وَجَمِيع سجعها مُعرب بِخِلَاف المقامات فَإِنَّهَا لَا يلْتَزم الحريري إعرابها اتكالاً على الْوُقُوف على السَّاكِن ويشم من بعض ألفاظها رَوَائِح الاعتزال يظْهر ذَلِك للفضلاء مثل قَوْله وَمن وَجب لَهُ الثَّوَاب وَحقّ عَلَيْهِ الْعقَاب وَغَيره ذَلِك
وَذكر الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْخَطِيب قَالَ لما عملت خطْبَة الْمَنَام وخطبت بهَا يَوْم الْجُمُعَة رَأَيْت لَيْلَة السبت فِي مَنَامِي كَأَنِّي بِظَاهِر ميافارقين عِنْد الْجَبانَة وَرَأَيْت بهَا جمعا كثيرا بَين الْقُبُور فَقلت مَا هَذَا الْجمع فَقَالَ لي قَائِل هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَمَعَهُ الصَّحَابَة فقصدت إِلَيْهِ لأسلم عَلَيْهِ فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ الْتفت إِلَيّ فرآني فَقَالَ يَا خطيب الخطباء كَيفَ تَقول وَأَوْمَأَ إِلَى الْقُبُور قلت لَا يخبرون بِمَا إِلَيْهِ آلوا وَلَو قدرُوا على الْمقَال لقالوا قد شربوا من الْمَوْت كأساً مرّة وَلم يفقدوا من أَعْمَالهم ذرة وآلى عَلَيْهِم الدَّهْر ألية برة أَن لَا يَجْعَل لَهُم إِلَى دَار الدُّنْيَا كرة كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا للعيون قُرَّة وَلم يعدوا فِي الْأَحْيَاء مرّة أسكتهم وَالله الَّذِي أنطقهم وأبادهم الَّذِي خلقهمْ وسيجدهم كَمَا أخلقهم ويجمعهم كَمَا فرقهم يَوْم يُعِيد الله الْعَالمين خلقا جَدِيدا وَيجْعَل الظَّالِمين لنار جَهَنَّم وقوداً يَوْم تَكُونُونَ شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا وأومأت عِنْد قولي على النَّاس إِلَى الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَعند قولي شَهِيدا إِلَى الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضراً وَمَا عملت من سوء تود لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمداً بَعيدا فَقَالَ لي أَحْسَنت ادنه ادنه فدنوت مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ وَجْهي فَقبله وتفل فِي فِي وَقَالَ لي وفقك الله قَالَ فانتبهت من النّوم وَبِي من السرُور مَا يجل عَن الْوَصْف فَأخْبرت أَهلِي مَا رَأَيْت
قَالَ الْكِنْدِيّ بروايته وَبَقِي الْخَطِيب بعد هَذَا الْمَنَام ثَلَاثَة أَيَّام لَا يطعم طَعَاما وَلَا يشتهيه وَيُوجد من فِيهِ مثل رَائِحَة الْمسك وَلم يَعش إِلَّا مُدَّة يسيرَة وَلما اسْتَيْقَظَ الْخَطِيب من مَنَامه كَانَ على وَجهه أثر نور وبهجة لم يكن قبل ذَلِك وقص رُؤْيَاهُ على النَّاس وَقَالَ سماني(18/236)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا وعاش بعد ذَلِك ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا لَا يستطعم فِيهَا طَعَاما وَلَا شرابًا من أجل تِلْكَ التفلة وبركتها
وَقَالَ الْوَزير المغربي رَأَيْت الْخَطِيب بن نباتة فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ دفع لي ورقة فِيهَا سطران بالأحمر وهما السَّرِيع
(قد كَانَ أَمن لَك من قبل ذَا ... وَالْيَوْم أضحى لَك أمنان)
(والصفح لَا يحسن عَن محسن ... وَإِنَّمَا يحسن عَن جَان)
قلت وَهُوَ أقدر النَّاس على الترصيع وتنزيل الْآيَات فِي كَلَامه وَيُقَال عَن المتنبي وَغَيره كَانُوا تَحت منبره فَقَالَ أَيهَا النَّاس تجهزوا فقد ضرب فِيكُم بوق الرحيل فَقَالُوا أفحم الْخَطِيب مَا بَقِي يَأْتِي بعد هَذِه السجعة بِمِثْلِهَا فَقَالَ وبرزوا فقد قدمت لكم نُوق التَّحْوِيل فَزَادَهُم الِاسْتِعَارَة والترصيع
وَقد أورد عَلَيْهِ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ وواخذه فِي أَمَاكِن من فَسَاد الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب والتصريف)
واللغة وَأجَاب عَنهُ الْمُوفق عبد اللَّطِيف وَقد كتبت بهَا أَنا ثَلَاث نسخ وكتبت على كل مِنْهَا حَوَاشِي الْكِنْدِيّ وقرأتها طلبا للرواية على الْعَلامَة الشَّيْخ جمال الدّين الْمزي سنة خمس وَثَلَاثِينَ بالأشرفية دَار الحَدِيث بِدِمَشْق قلت لَهُ أخْبرك بِهَذَا الدِّيوَان سَمَاعا عَلَيْهِ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أبي عمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن قدامَة الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ بِسَمَاعِهِ من الشَّيْخ الْعَلامَة تَاج الدّين أبي الْيمن زيد الْكِنْدِيّ بقرَاءَته على الشَّيْخ أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن نَبهَان الرقي ببغداذ بروايته عَن أبي الْقَاسِم عَن أَبِيه أبي الْفرج عَن أَبِيه أبي طَاهِر يحيى عَن أَبِيه عبد الرَّحِيم بن نباتة الْخَطِيب وسماعاً لسِتَّة وَثَلَاثِينَ خطْبَة من أول الدِّيوَان من الشَّيْخ الإِمَام فَخر الدّين أبي الْحُسَيْن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد البُخَارِيّ الْمَقْدِسِي بِسَمَاعِهِ فاقر بِهِ وَأَجَازَ لي ولجماعة سمعوها بِقِرَاءَتِي
3 - (عبد الرَّحِيم سبط ابْن فضلان)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن ياسين أَبُو الرِّضَا بن أبي البركات بن أبي نصر سبط أبي الْقَاسِم يحيى بن عَليّ بن فضلان قَرَأَ الْفِقْه على جده ثمَّ سَافر إِلَى الْموصل وَقَرَأَ على أبي حَامِد بن يُونُس وَأقَام عِنْده مُدَّة وَحصل طرفا صَالحا من الْمَذْهَب وَالْخلاف فَصَارَ حسن المناظرة وَعَاد إِلَى بغداذ وَتَوَلَّى الْإِعَادَة بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَولي النّظر بديوان الزِّمَام وعزل ثمَّ رتب نَاظر الْوَقْف الْعَام مُدَّة وأضيف نظر المناثر وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (تَاج الدّين بن يُونُس)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن يُونُس بن مُحَمَّد بن مَنْعَة(18/237)
الْعَلامَة تَاج الدّين أَبُو الْقَاسِم بن رَضِي الدّين ابْن الإِمَام عماد الدّين الْموصِلِي الشَّافِعِي مُصَنف التَّعْجِيز ولد سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة ببغداذ وَكَانَ قد قدمهَا من قريب فولي قَضَاء الْجَانِب الغربي وتدريس البشيرية وخلع عَلَيْهِ وَله التطريز فِي شرح التَّعْجِيز وَلم يكمله وكمله الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري ومختصر الْمَحْصُول ومختصر طَريقَة الطاوسي فِي الْخلاف وَله النبيه مُخْتَصر التَّنْبِيه وَله التنويه أَيْضا ومختصر درة الغواص وجوامع الْكَلم الشَّرِيفَة فِي مَذْهَب أبي حنيفَة وَألف تصانيف عدَّة لم يكملها أَخذ عَنهُ الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري)
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن الزّجاج)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن فَارس الشَّيْخ الصَّالح أَبُو مُحَمَّد بن الزّجاج عفيف الدّين العلثي بالثاء الْمُثَلَّثَة ثمَّ البغداذي الْحَنْبَلِيّ الأثري ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة وَسمع من ابْن صرما وَالْفَتْح بن عبد السَّلَام وَعبد السَّلَام العبرتي وَابْن روزيه وَجَمَاعَة وَحدث بِدِمَشْق لما قدمهَا حَاجا وَكَانَ مُحدثا عَالما ورعاً
3 - (السمهودي)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن يُوسُف السمهودي الْخَطِيب بسمهود وَكَانَ فَقِيها شافعياً أديباً نحوياً شَاعِرًا رجل إِلَى دمشق وَاجْتمعَ بالشيخ محيي الدّين النَّوَوِيّ وَحفظ الْمِنْهَاج وَقَرَأَ الْفِقْه على الزكي عبد الله البهلوي وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة
قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأُدْفوي حكى لي رَحمَه الله أَنه كَانَ بِالْقَاهِرَةِ تحصل لَهُ ضائقة وتلجئه الْحَاجة والفاقة فَيَأْخُذ وَرقا وَيكْتب فِيهِ قلفطيريات ويعتقه ويبيعه بِشَيْء لَهُ صُورَة وَحكى لي ذَلِك أَيْضا شَيخنَا أثير الدّين وَكَانَ صَاحبه وَكَانَ ظريفاً لطيفاً خَفِيف الرّوح جَارِيا على مَذْهَب أهل الْأَدَب فِي حب الشَّرَاب والشباب والطرب وَكَانَ ضيق الْخلق قَلِيل الرزق اجْتمعت بِهِ كثيرا وَله خطب ورسائل وَكَانَ يقرئ الْعرُوض والنحو وَالْأَدب وَتُوفِّي بسمهود سنة عشْرين وَسبع مائَة وَمن شعره الْكَامِل
(يَا مالكي ذلي لحسنك شَافِعِيّ ... فاشفع هديت الْحسن بِالْإِحْسَانِ)
(من قبل أَن يَأْتِي ابْن حَنْبَل آخِذا ... من وجنتيك شقائق النُّعْمَان)(18/238)
وَمِنْه الْكَامِل
(وافى نظامك فِيهِ كل بديعة ... أخذت من الْحسن البديع نَصِيبا)
(فَلَقَد ملكت من البلاغة سرها ... وحويت من فن البديع غَرِيبا)
(ونصبت من بيض الطروس منابراً ... أضحى يراعك فوقهن خَطِيبًا)
(تبدي ضروب محَاسِن لسنا نرى ... بَين الورى يَوْمًا لَهُنَّ ضريبا)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وَروض حللنا من حماه خمائلاً ... يُنَبه مِنْهَا النشر غير نبيه)
(فغنت لنا الأطيار من كل جَانب ... بمرتجل تختاره وبديه)
)
(وأضحى لِسَان الزهر فَوق غصونها ... يخبر بالسر الَّذِي هُوَ فِيهِ)
وَمِنْه الْبَسِيط
(كَأَنَّمَا الْبَحْر إِذْ مر النسيم بِهِ ... والموج يصعد فِيهِ وَهُوَ منحدر)
(بَيْضَاء فِي أَزْرَق تمشي على عجل ... وطي أعكانها يَبْدُو ويستتر)
وَمِنْه الْخَفِيف
(قَالَ لي من هويت شبه قوامي ... وَقد اهتز بالجمال دلالا)
(قلت غُصْن على كثيب مهيل ... صافحته يَد النسيم فمالا)
وَمِنْه قصيدة مدح بهَا المظفر صَاحب الْيمن الطَّوِيل
(هم الْقَصْد إِن حلوا بنعمان أَو سَارُوا ... وَإِن عدلوا فِي مهجة الصب أَو جاروا)
(تعشقتهم لَا الْوَصْل أَرْجُو وَلَا الجفا ... أَخَاف وَأهل الْحبّ فِي الْحبّ أطوار)
(وآثرتهم بِالروحِ وَهِي حَبِيبَة ... إِلَيّ وَفِي أهل الْمحبَّة إِيثَار)
(وَهل سحر ولي بنعمان عَائِد ... فَكل ليالينا بنعمان أسحار)
3 - (تَقِيّ الدّين البمباني)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ تَقِيّ الدّين البمباني كَانَ فَاضلا نحوياً أديباً شَاعِرًا قَرَأَ النَّحْو وَالْأَدب على الشَّمْس الرُّومِي وَكَانَ خَفِيفا لطيفاً توفّي بأسوان سنة خمس أَو سِتّ وَسبع مائَة وبمبان قَرْيَة من أسوان وَمن شعره يمدح طقصبا وَالِي قوص الْكَامِل(18/239)
(لعلا جنابك كل أَمر يدْفع ... وَإِلَيْك حَقًا كل خطب يرجع)
مِنْهَا
(مَا كَانَ يَفْعَله الشجاعي سالفاً ... فِي مصر فِي أسوان جَهرا يصنع)
وضاعت لَهُ سكين فَوَجَدَهَا مَعَ ابْن المصوص الأسنائي فَقَالَ بليقة
(إِنَّك قذارى فِي اللُّصُوص ... ياابن المصوص)
خنيجري كَانَ فِي الطَّبَق ومنتصر فِي القَوْل صدق
(وَأَنت حزتهبالسبق ... لعبالفصوص)
3 - (الْقزْوِينِي خطيب الْجَامِع الْأمَوِي)
)
عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي الأَصْل الدِّمَشْقِي الدَّار تَاج الدّين ابْن قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين خطيب الْجَامِع الْأمَوِي تقدم ذكر وَالِده وأخيه الْخَطِيب بدر الدّين وَسَيَأْتِي ذكر عَمه قَاضِي الْقُضَاة إِمَام الدّين عمر بن عبد الرَّحْمَن
لما توفّي أَخُوهُ الْخَطِيب بدر الدّين ولى الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا الخطابة مَكَانَهُ للعلامة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وباشر الْخطْبَة إِلَى أَن أَخذ الفخري دمشق فولى الخطابة لتاج الدّين هَذَا فباشرها ثمَّ إِنَّه لما طلب قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ إِلَى الديار المصرية فِي أَيَّام الصَّالح تولى الخطابة من هُنَاكَ فَلَمَّا وصل إِلَى دمشق نزل عَنْهَا لتاج الدّين الْمَذْكُور فاستمر يخْطب بالجامع الْأمَوِي من سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة إِلَى أَن توفّي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين أَيَّام طاعون دمشق بَصق دَمًا على الْعَادة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ وَجَمَاعَة من بَيته
أما يَوْم مَاتَ فَخرج مَعَ نعشه ثَلَاثَة نعوش نسَاء ثمَّ مَاتَ بَقِيَّة النَّهَار أَخُوهُ صدر الدّين عبد الْكَرِيم الْموقع وَامْرَأَة وَمَات جمَاعَة مِنْهُم قبل ذَلِك وَكَانَ الْعَوام يحبونه وتعصبون لَهُ وَكَانَ أعجم وَيُؤَدِّي الْقُرْآن والخطابة فصيحاً فَكنت أعجب مِنْهُ لذَلِك وَأول مَا خطب بِجَامِع الْأَمِير بشتاك بالديار المصرية تَاج الدّين الْمَذْكُور وَلما خرج وَالِده خرج مَعَه وَكَانَ مَعَه تدريس الشامية الجوانية وتصدير بالجامع الْأمَوِي وَقَرَأَ الْكثير على القَاضِي بهاء الدّين بن عقيل وَلم يكن لَهُ يَد فِي شَيْء من الْعُلُوم بل كَانَت بضاعته مزجاة وتأسف الْعَوام عَلَيْهِ يَوْم مَوته وَكَانَت جنَازَته حفلة وَمَات وَلم يبلغ الْأَرْبَعين(18/240)
3 - (عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون)
عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون من موَالِي أهل الْمَدِينَة سكن مصر وَكَانَ زاهداً عابداً مجاب الدعْوَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو مُحَمَّد البعلبكي)
عبد الرَّحِيم بن نصر بن يُوسُف الإِمَام الْمُحدث صدر الدّين أَبُو مُحَمَّد البعلبكي الشَّافِعِي قَاضِي بعلبك كَانَ يقوم اللَّيْل وَيكثر الصَّوْم وَيحمل الْعَجِين إِلَى الفرن وَيَشْتَرِي حَاجته وَله حُرْمَة وافرة وَكَانَ ورعاً متحرياً سديد الْفَتْوَى سريع الدمعة لَهُ يَد فِي النّظم والنثر رثاه القَاضِي شرف الدّين بن الْمَقْدِسِي لما مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة يَقُول الطَّوِيل)
(لفقدك صدر الدّين أضحت صدرونا ... تضيق وَجَاز الوجد غَايَة قدره)
(وَمن كَانَ ذَا قلب على الدّين منطو ... تفتت أشجاناً على فقد صَدره)
وَكَانَ فِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة فِي السَّجْدَة الثَّانِيَة من صَلَاة الظّهْر فانتظره من خَلفه أَن يقوم فَلم يقم فحركوه فوجوده قد مَاتَ رَحمَه الله وَكَانَ قد تفقه بِدِمَشْق على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن الصّلاح وَسمع من الْكِنْدِيّ وَالشَّيْخ الْمُوفق وَجَمَاعَة وَقَالَ الْفَقِيه عبد الْملك المغربي مَا رَأَيْت قَاضِيا مكاشفاً إِلَّا القَاضِي صدر الدّين
3 - (أَبُو نصر بن النفيس)
عبد الرَّحِيم بن النفيس بن هبة الله بن وهبان بن رومي السّلمِيّ الحديثي أَبُو نصر بن أبي جَعْفَر البغداذي قَرَأَ الْقُرْآن وتفقه على مَذْهَب ابْن حَنْبَل وَتكلم فِي مسَائِل الْخلاف وَحصل من الْأَدَب طرفا صَالحا وَسمع فِي صباه من أبي الْفَتْح بن شاتيل وَأبي السَّعادات بن زُرَيْق فأبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عقيل وَغَيرهم وسافر فِي طلب الحَدِيث إِلَى الشَّام والجزيرة وَالْعراق وديار مصر وَمَا وَرَاء النَّهر وخوارزم وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَكَانَ مليح الْخط سريع النَّقْل فَاضلا حَافِظًا متقناً صَدُوقًا لَهُ يَد فِي النّظم والنثر وَكَانَ من أكمل النَّاس ظرفا ولطفاً
مولده سنة سبعين وَخمْس مائَة ببغداذ وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة وَمن شعره(18/241)
3 - (ابْن مسلمة الْكُوفِي)
عبد الرَّحِيم بن يحيى بن عبد الرَّحِيم بن المفرج بن مسلمة الْأمَوِي الشَّيْخ الْمُقْرِئ الْفَقِير أَبُو مُحَمَّد ابْن الْمُحدث الدِّمَشْقِي الْكُوفِي مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة حضر السخاوي وعتيقاً السَّلمَانِي وَعمر بن البراذعي وَسمع كثيرا من عَم أَبِيه الرشيد بن مسلمة والسديد بن عَلان وعدة وَحدث وَكتب فِي الإجازت فِي أَيَّام ابْن أبي الْيُسْر وَحفظ الْقُرْآن وَعمل فِي الكوافي وَقَرَأَ على الترب وَخرج لَهُ علم الدّين البرزالي مشيخة سَمعهَا الشَّيْخ شمس الدّين وَالْجَمَاعَة
3 - (ابْن خطيب المزة)
عبد الرَّحِيم بن يُوسُف بن يحيى بن يُوسُف بن أَحْمد بن سليم الْمسند شهَاب الدّين أَبُو الْفضل ابْن خطيب المزة الْموصِلِي الدِّمَشْقِي ولد بسفح قاسيون سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة سمع فِي الْخَامِسَة من حَنْبَل وَابْن طبرزد وَالشَّيْخ أبي)
عمر وَحدث بعامة مسموعاته روى عَنهُ الْحَافِظ زكي الدّين فِي مُعْجَمه وَسمع مِنْهُ خلق من الرحالة وَأهل مصر وعلت رِوَايَته وَتفرد هُنَاكَ وَكَانَ يعاني الْكِتَابَة
3 - (الْمهْر ابْن الْفرس)
عبد الرَّحِيم الْمَعْرُوف بِالْمهْرِ بن الْفرس كَانَ مَوْصُوفا بالذكاء المفرط والتفنن فِي الْعُلُوم والتقدم بأنواع الْفَضَائِل عالي الهمة تسمو نَفسه إِلَى أَعلَى الْمَرَاتِب حَتَّى أظهر أَنه القحطاني الَّذِي ذكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج رجل من قحطان يَسُوق النَّاس بعصاه وَادّعى ذَلِك وَخرج فِي برابر لمطة فِي قبلي مراكش وخطب لَهُ هُنَالك بالخلافة وابتعه خلق من البربر وَصَارَ لَهُ صيت عَظِيم لكنه عكس حَاله مَعَهم أَنه لم يكن يعرف بالبربري لِأَنَّهُ كَانَ أندلسياً وَلم يكن البربر يعْرفُونَ لِسَانه وَكَانَ لَهُ ترجمان وَلم يكن يحسن إِلَيْهِ فَعدل الترجمان إِلَى الإبطان عَلَيْهِ وَصَارَ يحرف كَلَامه عِنْد البربر ويقصد سُقُوطه من أَعينهم فَبلغ غَرَضه وَقَتله البربر وحملوا رَأسه إِلَى بني عبد الْمُؤمن بمراكش فعلق على بَاب الشَّرِيعَة وَمن شعره الْبَسِيط
(قولا لأبناء عبد الْمُؤمن بن عَليّ ... تأهبوا لوُقُوع الْحَادِث الجلل)
(قد جَاءَ سيد قحطان وعالمها ... ومنتهى القَوْل والغلاب للدول)
(وَالنَّاس طوع عَصَاهُ وَهُوَ سايقهم ... بِالْأَمر وَالنَّهْي نَحْو الْعلم وَالْعَمَل)(18/242)
(فبادروا أمره فَالله ناصره ... وَالله خاذل أهل الزيغ والزلل)
وَله موشحات مِنْهَا الموشح الْمَشْهُور الَّذِي مِنْهُ لَهُ مَا كَانَ من يَوْم بهيج بنهر حمص على تِلْكَ المروج ثمَّ انعطفنا على فَم الخليج نفض مسك الختام عَن عسجدي المدام ورداء الْأَصِيل تطويه كف الظلام
وَلما سمع ابْن زهر إِمَام الوشاحين هَذِه الِاسْتِعَارَة البديعة أعجب بهَا وحسده عَلَيْهَا وَقَالَ أَيْن كُنَّا عَن هَذَا الرِّدَاء وَلما سمع أحد بني عبد الْمُؤمن قَوْله من هَذِه الموشحة وَلَيْلَة بذلت فِيهَا الوصالا حَتَّى إِذا مَا خليج الْفجْر سالا قَامَت مودعة تبغي انفصالا
(وَإِذا أَتَت للسلام ... لثمت فَوق اللثام)
)
(وارتشفت الشُّمُول ... محجوبة بفدام)
قَالَ لَا بُد لهَذَا الرجل أَن يثور وَيطْلب الْملك قيل لَهُ وَمن أَيْن حكمت بذلك فَقَالَ رَأَيْت الثيارة ظَاهِرَة من قَوْله إِذا أَتَت للسلام فَلَو جرى على عَادَة العشاق وَلم تكن نخوة الْملك كامنة فِي رَأسه لقَالَ وجئتها للسلام وَجعل الخضوع من جِهَته لَا من جِهَتهَا
3 - (ابْن زويتينة)
عبد الرَّحِيم بن عَليّ جمال الدّين بن زويتينة مصغر زيتونة الرَّحبِي قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان كَانَ قد وصل إِلَى مصر رَسُولا عِنْد صَاحب حمص وأنشدني لنَفسِهِ فِي بعض شهور سنة سبع وَأَرْبَعين وست مائَة الرمل المجزوء يَا مليكا أوضح الْحق لدينا وأبانه جَامع التَّوْبَة قد قلدني مِنْهُ أَمَانه قَالَ قل للْملك الصَّالح أَعلَى الله شَأْنه
(يَا عماد الدّين يَا من ... حمد النَّاس زَمَانه)
كم إِلَى كم أَنا فِي ضرّ وبؤس وإهانه(18/243)
(لي خطيب واسطي ... يعشق الْخمر ديانه)
وَالَّذِي قد كَانَ من قبل يُغني بالجغانه فَكَمَا نَحن فَمَا زلنا وَلَا أَبْرَح حانه ردني للنمط الأول واستبق ضَمَانه قلت هَذِه الأبيات قَالَهَا الشَّاعِر وقدمها للْملك الصَّالح صَاحب دمشق عماد الدّين إِسْمَاعِيل ابْن الْملك الْعَادِل لِأَن الْملك الْأَشْرَف مُوسَى لما عمر جَامع التَّوْبَة بالعقيبة كَانَ بمدرسة سِتّ الشَّام إِمَام يعرف بالجمال السبتي كَانَ يُقَال أَنه فِي صباه يلْعَب بالجفانة ثمَّ لما كبر حسن طَرِيقَته وعاشر الْعلمَاء وَأهل الصّلاح فَذكر هَذَا الْجمال للْملك الْأَشْرَف فولاه خطابة الْجَامِع الْمَذْكُور وَلما توفّي رتب مَكَانَهُ الْعِمَاد الوَاسِطِيّ الْوَاعِظ وَكَانَ يتهم بِاسْتِعْمَال الشَّرَاب فنظم الشَّاعِر ابْن زويتينة هَذِه الأبيات
(عبد الرَّزَّاق)
3 - (عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ)
عبد الرَّزَّاق بن همام بن نَافِع الإِمَام أَبُو بكر الْحِمْيَرِي مَوْلَاهُم الصَّنْعَانِيّ أحد الْأَعْلَام روى عَن أَبِيه وَمعمر وَعبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد وَعبيد الله بن عمر وَابْن جريج والمثنى بن الصَّباح وثور بن يزِيد وحجاج بن أَرْطَاة وزَكَرِيا بن إِسْحَاق وَالْأَوْزَاعِيّ وَعِكْرِمَة بن عمار والسفيانين وَمَالك وَخلق ورحل إِلَى الشَّام بِتِجَارَة وَسمع الْكثير من جمَاعَة ومولده سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وروى عَنهُ شيخاه مُعْتَمر بن سُلَيْمَان وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَبُو أُسَامَة وَهُوَ أكبر مِنْهُ وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَإِسْحَاق وَمُحَمّد بن رَافع وَمُحَمّد بن يحيى ومحمود بن غيلَان وَأحمد بن صَالح وَأحمد بن الْأَزْهَر وَأحمد بن الْفُرَات والرمادي وَإِسْحَاق الكوسج وَالْحسن بن عَليّ الْخلال وَسَلَمَة بن شبيب وَعبد بن حميد وَإِسْحَاق الدبرِي وَإِبْرَاهِيم بن سُوَيْد الشبامي وَخلق كثير
قَالَ أَحْمد بن صَالح قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل رَأَيْت أحدا أحسن حَدِيثا من عبد الرَّزَّاق(18/244)
فَقَالَ لَا
قَالَ أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي قلت لِأَحْمَد ابْن حَنْبَل كَانَ عبد الرَّزَّاق يحفظ حَدِيث معمر قَالَ نعم قيل لَهُ فَمن أثبت فِي ابْن جريج عبد الرَّزَّاق أَو مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي قَالَ عبد الرَّزَّاق وَعمي عبد الرَّزَّاق وَكَانَ يلقن قَالَ الْأَثْرَم سَمِعت أَبَا عبد الله يسْأَل عَن حَدِيث النَّار خِيَار فَقَالَ هَذَا بَاطِل لَيْسَ من هَذَا شَيْء ثمَّ قَالَ وَمن يحدث بِهِ عَن عبد الرَّزَّاق
قلت حَدثنِي أَحْمد بن شيبوبة قَالَ هَؤُلَاءِ سمعُوا بَعْدَمَا عمي لَيْسَ هُوَ فِي كتبه وَقد أسندوا عَنهُ أَحَادِيث لَيست فِي كتبه كَانَ يلقنها بَعْدَمَا عمي
قَالَ ابْن معِين سَمِعت من عبد الرَّزَّاق كلَاما يَوْمًا فاستدللت بِهِ على مَا ذكر عَنهُ من الْمَذْهَب يَعْنِي التَّشَيُّع فَقلت لَهُ إِن أستاذيك الَّذين أخذت عَنْهُم ثِقَات كلهم أَصْحَاب سنة معمر وَمَالك وَابْن جريج وسُفْيَان وَالْأَوْزَاعِيّ فعمن أخذت هَذَا الْمَذْهَب فَقَالَ قدم علينا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي فرأيته فَاضلا حسن الْهدى فَأخذت هَذَا عَنهُ وَقَالَ سَلمَة بن شبيب سَمِعت عبد الرَّزَّاق يَقُول وَالله مَا انْشَرَحَ صَدْرِي قطّ أَن أفضل عليا على أبي بكر وَعمر وَقَالَ أَحْمد بن الْأَزْهَر سَمِعت عبد الرَّزَّاق يَقُول أفضل الشَّيْخَيْنِ بتفضيل عَليّ إيَّاهُمَا على نَفسه وَلَو لم يفضلهما لم أفضلهما كفى بِي إزراء أَن أحب عليا ثمَّ أُخَالِف قَوْله وَقَالَ ابْن معِين قَالَ لي عبد الرَّزَّاق)
اكْتُبْ عني حَدِيثا وَاحِدًا من غير كتاب فَقلت وَلَا حرف
وصنف عبد الرَّزَّاق التَّفْسِير وَالسّنَن وَغير ذَلِك وَعمر دهراً طَويلا وَأكْثر عَنهُ الطَّبَرَانِيّ وروى لَهُ الْجَمَاعَة قَالَ زُهَيْر بن حَرْب لما قدمنَا صنعاء أغلق عبد الرَّزَّاق الْبَاب وَلم يَفْتَحهُ لأحد إِلَّا لِأَحْمَد بن حَنْبَل لديانته فَدخل فحدثه بِخَمْسَة وَعشْرين حَدِيثا وَيحيى بن معِين بَين النَّاس جَالس فَلَمَّا خرج قَالَ لَهُ يحيى أَرِنِي مَا حَدثَك فَنظر فِيهِ فخطأه فِي ثَمَانِيَة عشر حَدِيثا فَعَاد أَحْمد إِلَى عبد الرَّزَّاق فَأرَاهُ مَوَاضِع الْخَطَأ فَأخْرج عبد الرَّزَّاق أُصُوله فَوَجَدَهَا كَمَا قَالَ يحيى فَفتح الْبَاب وَقَالَ ادخُلُوا وَأخذ مِفْتَاح بَيت وَسلمهُ إِلَى أَحْمد وَقَالَ هَذَا الْبَيْت مَا دَخلته يَد غَيْرِي مُنْذُ ثَمَانِينَ سنة أسلمه إِلَيْكُم بأمانة الله على أَنكُمْ لَا تَقولُونَ مَا لم أقل وَلَا تدْخلُوا عَليّ حَدِيثا من حَدِيث غَيْرِي ثمَّ أَوْمَأ إِلَى أَحْمد وَقَالَ أَنْت أَمِين الله على نَفسك وَعَلَيْهِم فأقاموا عِنْده حولا وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ عبد الرَّزَّاق ابْن همام من لم يكْتب عَنهُ من كتاب فَفِيهِ نظر وَمن كتب عَنهُ بآخرة حدث عَنهُ بِأَحَادِيث مَنَاكِير
3 - (عبد الرَّزَّاق العامري)
عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد بن الْخضر بن أَحْمد بن صَالح(18/245)
العامري بديع الدّين أَبُو الْقَاسِم من قَرْيَة كفر عَامر من بِلَاد الزبداني نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ الطَّوِيل
(أراق دمي من مأربي رشف رِيقه ... بإطراقه إِذْ مر بِي فِي طَرِيقه)
(وأغض وَمن جمر الغضا قد حَشا الحشا ... وَولى فَأولى الْقلب فرط خفوقه)
(إِذا انهل دمعي زَاد قلبِي تحرقا ... فَمن لفتى بالدمع بَدْء حريقه)
(جرى الدمع درا فِي مبادي جَفا عَمه ... فَعَاد عقيقاً فِي تمادي عقوقه)
(غزال من الأتراك لم يتْرك لمن ... يديم بِهِ قلباً لرعي حُقُوقه)
(أصَاب دموعي إِذْ أصَاب حشاشتي ... بِسَهْم مناي مِنْهُ تَقْبِيل فَوْقه)
(فيا بِأبي من راشق قلب عاشق ... بِسَهْم يرد السهْم قلب رشيقه)
(محياه بدر والعذاران هَالة ... وقامته كالغصن عِنْد بسوقه)
(ومبسمه حَصْبَاء در بمورد ... من الأرى غشاه غشاء عقيقه)
(سباني سبا إبريقه الْهم إِذْ سقى ... وَكم قد سبا عَقْلِي سباء بريقه)
(حباني بكأس من رحيق كخده ... بخيل بِمَا فِي ثغره من رحيقه)
(وَكم لَيْلَة خجلت بدر الدجا بِهِ ... ونادمت فِيهَا النَّجْم حَتَّى خفوقه)
(على غرَّة الواشي تقضت حميدة ... وغرة وضاح الجبين طليقه)
(برشف لماه واغتنام حَدِيثه ... وتقبيل خديه وَضم رشيقه)
(وَللَّه ليل مر لي بوصاله ... قصير كمر الْبَرْق حَال بريقه)
(تولى فَلَمَّا لألأ الصُّبْح مشرقاً ... ظَنَنْت عماد الدّين ضوء شروقه)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ فِي بهاء الدّين عَليّ بن الساعاتي الوافر
(بهاء الدّين يَا سامي الْبَهَاء ... وَيَا بدر تألق فِي السَّمَاء)
(أتزعم أنني قد قلت هجواً ... وعرضك لَا يدنس بالهجاء)
(وهبني قلت هَذَا الصُّبْح ليلٌ ... أيعمى الْعَالمُونَ عَن الضياء)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ فِيهِ عِنْد أَخذ الْألف دِينَار لَهُ من حب المَاء فِي منزله الْبَسِيط
(يَا من أصافيه ودي حِين أَلْقَاهُ ... وَمن إِذا غَابَ عني لست أنساه)
(ضَاعَت لَك الْألف يَا بن الْألف فِي زمن ... كَمَا علمت بِأَن قد عز لقيَاهُ)
(قد كَانَ مَالك مَاء الْحبّ أثله ... كَمَا علمت وَمَاء الْحبّ أفناه)(18/246)
قلت شعر جيد
3 - (شمس الدّين البهنسي)
عبد الرَّزَّاق بن حسام بن رزق الله بن حَاتِم شمس الدّين زُرَيْق البهنسي كَانَ مُقيما بقفط وَقيل من البلينا وَنَشَأ بقفط وَتَوَلَّى الحكم بهَا وَتَركه تزهداً وتصوف وَكَانَ صواماً قواماً قَالَ عبد الْغفار بن نوح أَقَامَ عِنْدِي أَرْبَعَة أشهر مَا رَأَيْته وضع جنبه إِلَى الأَرْض وَكَانَ يتورع وَله طاحون يَأْكُل مِنْهَا وَتُوفِّي بقفط مقتولاً سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره الْكَامِل
(طُوبَى لسكان الْقُبُور فَإِنَّهُم ... حلوا بِسَاحَة أكْرم الكرماء)
)
(فازوا بتعجيل الْقرى من رَبهم ... فِي خفض عَيْش دَائِم النعماء)
(نالوا المنى فِي قربه وجواره ... وتخلصوا من منَّة اللؤماء)
(مَا خص بِالْإِحْسَانِ من هُوَ محسن ... بل عَم أهل بَصِيرَة وعماء)
(أَدْنَاهُم لطفاً وَأكْرم نزلهم ... فمحلهم بِالْقربِ فَوق سَمَاء)
(لَا تخش يَا من حل ساحة ربه ... شَيْئا من البأساء وَالضَّرَّاء)
(إِن الْكَرِيم لَهُ عُمُوم تفضل ... يغشى فَيشْمَل جملَة الضُّعَفَاء)
3 - (أَبُو غَانِم بن أبي حُصَيْن)
عبد الرَّزَّاق بن عبد الله القَاضِي أَبُو غَانِم بن أبي حُصَيْن المعري تقدم ذكر أَخِيه القَاضِي أبي يعلى عبد الْبَاقِي بن أبي حُصَيْن فِي مَكَانَهُ وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه أبي سعد عبد الْغَالِب بن أبي حُصَيْن قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب أَنْشدني ابْن ابْنه أبي الْبَيَان أَبُو غَانِم سنة سبعين وَخمْس مائَة قَالَ أَنْشدني جدي أَبُو غَانِم لنَفسِهِ يصف الفقاع معمى الوافر
(ومحبوس بِلَا جرم جناه ... لَهُ حبس بِبَاب من رصاص)
(يضيق بَابه خوفًا عَلَيْهِ ... ويوثق بعد ذَلِك بالعفاص)
(إِذا أطلقته خرج ارتقاصاً ... وَقبل فَاك من فرج الْخَلَاص)
3 - (ابْن أخي نظام الْملك)
عبد الرَّزَّاق بن عبد الله بن عَليّ بن إِسْحَاق الْوَزير أَبُو المحاسن ابْن أخي الْوَزير نظام الْملك
تفقه على إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأفْتى وناظر ثمَّ وزر للسُّلْطَان سنجر وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة(18/247)
3 - (شيخ الشُّيُوخ)
عبد الرَّزَّاق بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن عَليّ بن عبيد الله شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين أَبُو الْفَضَائِل ابْن الإِمَام أبي أَحْمد بن سكينَة البغداذي ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة سمع من ابْن البطي وَغَيره وَهُوَ من بَيت رِوَايَة ومشيخة كتب عَنهُ الْكِبَار وَولي مشيخة رِبَاط جده أبي الْقَاسِم وروسل بِهِ إِلَى الْأَطْرَاف وَسمع من شهدة بنت الأبري وَغَيرهَا وجاور بِمَكَّة سِنِين مَعَ وَالِديهِ وَولي بعد وَفَاة وَالِده نظر البيمارستان العضدي مُدَّة)
3 - (الجيلي)
عبد الرَّزَّاق بن عبد الْقَادِر الجيلي قَالَ أَبُو شامة كَانَ زاهداً عابداً ورعاً لم يكن فِي أَوْلَاد الشَّيْخ مثله سمع الحَدِيث الْكثير وَكَانَ مقتنعاً من الدُّنْيَا باليسير وَكَانَ صَالحا ثِقَة لم يدْخل فِي مَا دخل فِيهِ غَيره من إخْوَته
ولد سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الدقوقي)
عبد الرَّزَّاق بن أبي الْغَنَائِم بن ياسين بن الْعَلَاء أَبُو مُحَمَّد مهذب الدّين الدقوقي الْعِرَاقِيّ الضَّرِير الْمُقْرِئ الشَّاعِر قدم دمشق شَابًّا وَسمع من عبد اللَّطِيف ابْن أبي سعد وَمن الْقَاسِم بن عَسَاكِر والدولعي الْخَطِيب وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَمن شعره
3 - (أَبُو مُحَمَّد الرَّسْعَنِي)
عبد الرَّزَّاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف الإِمَام الْحَافِظ الْمُفَسّر عز الدّين أَبُو مُحَمَّد الرَّسْعَنِي الْمُحدث الْحَنْبَلِيّ سمع تَارِيخ بغداذ كُله من الْكِنْدِيّ وصنف تَفْسِيرا يروي فِيهِ بأسانيده وَله كتاب مقتل الْحُسَيْن روى عَنهُ الدمياطي والأبرقوهي فِي مُعْجَمه بِالْإِجَازَةِ
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة(18/248)
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن أبي الثِّيَاب الشَّاعِر)
عبد الرَّزَّاق بن الْحسن بن أبي الثِّيَاب أَبُو مُحَمَّد الشَّاعِر سَافر إِلَى الْعرَاق ومدح الْمُلُوك والوزراء والأكابر واتصل بالوزير أبي الْفَتْح بن العميد وسافر بعد مَوته إِلَى خُرَاسَان وَدخل مَا وَرَاء النَّهر وصادف قبولاً من فضلائها
وَكَانَ لَهُ يَد فِي الْمنطق والهندسة وَعِنْده فلسفة وفضله مَشْهُور وَمن شعره الْكَامِل
(الْحر ينْهض بالخطوب عَزَائِمه ... ويطيع فِي نوب الزَّمَان صرائمه)
(مَا جَاءَت الأحزان ضَرْبَة لَازم ... بل سنة السلوان جَاءَت لَازمه)
(فادفع بكف الصَّبْر فِي صدر الأسى ... أوليس نَفسك فِي الأعزة سالمه)
(وَإِذا جزعت لفقد خير كَرِيمَة ... كَانَت لشملك بَين أهلك ناظمه)
(فاذكر رَسُول الله بعد خَدِيجَة ... وَاذْكُر عليا بعد أمك فَاطِمَة)
وَمِنْه فِي شمعة المتقارب)
(ومجدولةٍ مثل صدر الْقَنَاة ... تعرَّت وباطنها مكتس)
(لَهَا مقلة هِيَ روح لَهَا ... وتاج على الرَّأْس كالبرنس)
(وتنتح فِي وَقت تلقيحها ... ضِيَاء يجلي دجى الحندس)
(إِذا غازلتها الصَّبا حرَّكت ... لِسَانا من الذَّهَب الأملس)
(فَنحْن من النُّور فِي أسعدٍ ... وَتلك من النَّار فِي أنحس)
(وَقد نَاب وَجهك عَن ضوئها ... وَعَن ذَا البنفسج والنرجس)
3 - (عبد الرَّزَّاق بن عَليّ النَّحْوِيّ)
عبد الرَّزَّاق بن عَليّ النَّحْوِيّ أَبُو الْقَاسِم شَاعِر قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج قَادر يطْلب الطباق والتجنيس طلبا شَدِيدا بالتصريف وتبديل الْحُرُوف وَيسْتَعْمل القوافي العويصة وَيبعد المرامي تحلقاً على الْمعَانِي وَلَا يكَاد يهمل من التصنيع إِلَّا مَا أفلته وَالْغَالِب عَلَيْهِ علم الشَّرَائِع وَالْقُرْآن وَعِنْده من أصُول الجدل وَالنَّظَر فِي الْمذَاهب نصيب كتب إِلَيّ لما صنعت هَذَا الْكتاب صُحْبَة نبذ أنفذها إِلَيّ لأثبتها الْكَامِل
(يَا مبرزاً إبريز خير سبيكة ... ومكللاً إكليل خير متوج)
(ومطرزاً حلل البلاغة معجزاً ... كل الورى ببراعة الأنموذج)(18/249)
(فَكَأَنَّهُ للسمع لفظ أحبة ... وَكَأَنَّهُ للعين روض بنفسج)
(وَكَأَنَّهُ للقلب سحر علاقَة ... فِي مهجة تخشى الصدود وترتجي)
(خصصت أهل الغرب مِنْهُ بمشرق ... بأقر من شمس النَّهَار وأبهج)
(رجحت بَين ذَوي الفصاحة مِنْهُم ... وفضلت بَين مُرَتّب ومسبج)
(وكشفت عَن شعري لتلحقه بِهِ ... فاستر على خل لسترك محوج)
وَمن شعره الطَّوِيل
(أقمري أيك الْجزع هَل أَنْت جازع ... وَهل لَك إلْف نازح عَنْك نَازع)
(وَفِي لحنك المسجوع فِي رونق الضُّحَى ... دَلِيل أسى لَو أَن جفنك دامع)
(أثار كمين الشوق أَنَّك صادح ... وَإِن كَانَ لَا يدْرِي مرادك سامع)
(كَأَن نسيماً للشمال وللصبا ... نسيب الصِّبَا طيبا إِذا الشمل جَامع)
(وَإِذ لَيْسَ سر للمسرة ذائع ... وَلَيْسَ ذمام بالمذمة ضائع)
)
قلت شعر جيد
3 - (ابْن الفوطي)
عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الصَّابُونِي الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث المؤرخ الْعَلامَة الإخباري النسابة الفيلسوف الأديب كَمَال الدّين الشَّيْبَانِيّ البغداذي ابْن الفوطي صَاحب التصانيف ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أفردت لَهُ تَرْجَمَة فِي جُزْء ذكر أَنه من ولد معن بن زَائِدَة الْأَمِير أسر فِي كائنة بغداذ ثمَّ صَار للنصير الطوسي سنة سِتِّينَ فاشتغل عَلَيْهِ بعلوم الْأَوَائِل وبالآداب وبالنظم والنثر وَمهر فِي التَّارِيخ وَله يَد بَيْضَاء فِي ترصيع التراجم وذهن سيال وقلم سريع وَخط بديع إِلَى الْغَايَة قيل إِنَّه يكْتب من ذَلِك الْخط الْفَائِق الرَّائِق أَربع كراريس وَيكْتب وَهُوَ نَائِم على ظَهره وَله بصر بالْمَنْطق وفنون الْحِكْمَة بَاشر كتب خزانَة الرصد أَزِيد من عشرَة أَعْوَام بمراغة ولهج بالتاريخ واطلع على كتب نفيسة ثمَّ تحول إِلَى بغداذ وَصَارَ خَازِن كتب المستنصرية فأكب على التصنيف وسود تَارِيخا كَبِيرا جدا وَآخر دونه سَمَّاهُ مجمع الْآدَاب فِي مُعْجم الْأَسْمَاء على مُعْجم الألقاب فِي خمسين مجلداً عشرُون كراساً(18/250)
وَألف كتاب دُرَر الأصادف فِي غرر الْأَوْصَاف مُرَتّب على وضع الْوُجُود من المبدإ إِلَى الْمعَاد يكون عشْرين مجلداً وَكتاب تلقيح الأفهام فِي الْمُخْتَلف والمؤتلف مجدولاً والتاريخ على الْحَوَادِث من آدم إِلَى خراب بغداذ والدرر الناصعة فِي شعراء الْمِائَة السَّابِعَة قَالَ ومشائخي الَّذين أروي عَنْهُم ينيفون على الْخمس مائَة شيخ مِنْهُم الصاحب محيي الدّين بن الْجَوْزِيّ والأمير مبارك بن المستعصم بِاللَّه حَدثنَا عَن أَبِيه بمراغة وَخلف وَلدين وَله شعر كثير بالعربي والعجمي وَكتب الشَّيْخ شمس الدّين مروياته
(عبد الرشيد)
3 - (صَاحب غزنة)
عبد الرشيد بن مَحْمُود بن سبكتكين صَاحب غزنة تملك بعد موت ابْن أَخِيه نَحْو ثَلَاثَة أَعْوَام وَكَانَ مقدم جَيْشه طغرل أحد الْأَبْطَال فتح فتوحاً وَحدث نَفسه بِالْملكِ فَأحْسن بِهِ عبد الرشيد فالتجأ إِلَى القلعة وتحصن فَعمل عَلَيْهِ نواب القلعة وأسلموه إِلَى طغرل فَقتله وتملك ثمَّ قَتله بعض الْأُمَرَاء وَلم يمهله الله وَكَانَت قتلة عبد الرشيد فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَتَوَلَّى عبد الرشيد الْملك فِي سَابِع عشْرين شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَقد تقدم ذكر طغرل فِي مَكَانَهُ فِي حرف الطَّاء فليكشف من هذاك أوضح من هَذَا
(عبد السَّاتِر)
3 - (عبد السَّاتِر بن عبد الحميد الْحَنْبَلِيّ)
عبد السَّاتِر بن عبد الحميد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن ماضي بن وحيش الشَّيْخ الْفَقِيه الصَّالح تَقِيّ الدّين ابْن الْفَقِيه أبي مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ الصَّالِحِي توفّي بِالْجَبَلِ سنة تسع وَسبعين وست مائَة وَقد نَيف على السّبْعين قَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وتفقه على التقي ابْن الْعِزّ وَمهر فِي الْمَذْهَب وَسمع من الشَّيْخ الْمُوفق ومُوسَى بن الشَّيْخ عبد الْقَادِر والقزويني وَابْن رَاجِح وَقل من سمع مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِ زاعرة ومنابذة للمتكلمين وَله مُصَنف فِي الصِّفَات وَكَانَ حنبلياً خشناً متحرقاً على الأشاعرة قَالَ لَهُ بعض الْمُتَكَلِّمين أَنْت تَقول أَن الله اسْتَوَى على الْعَرْش فَقَالَ لَا مَا قلته وَلَكِن الله قَالَه وَالرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام بلغه وَأَنا صدقت وَأَنت كذبت
(عبد السَّلَام)
3 - (عز الدّين النابلسي)
عبد السَّلَام بن أَحْمد بن غَانِم بن عَليّ عز الدّين الْوَاعِظ(18/251)
النابلسي قدم دمشق وَوعظ بهَا وأعجب النَّاس كَلَامه وَله نظم وَكَلَام حسن كَانَ جده من سَادَات الشُّيُوخ وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وست مائَة وَله كتاب تفليس إِبْلِيس وَكتاب الأطيار والأزهار وَحل الرموز فِي فتح الْكُنُوز والفتوح الغيبية فِي الْأَسْرَار القلبية وَمن شعره يمدح سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَسِيط
(يَا بسمة الرّيح بثي أطيب الْخَبَر ... وعللينا بريا نشْرك الْعطر)
(وحدثي عَن رَبًّا وَادي العقيق وَعَن ... أهل الْفَرِيق فكم فِي ذَاك من غرر)
(فإنني بعد إيناسي بقربهم ... قد صرت أقنع بعد الْعين بالأثر)
(وَإِن أتيت ثنيات الْوَدَاع قفي ... واقري التَّحِيَّة عني سيد الْبشر)
(وبلغي أَن عيشي دون رُؤْيَته ... لَا يستلذ وَلَا يصفو من الكدر)
(أنوي نهوضاً وأيدي الدَّهْر تقعدني ... من ذَا يُطيق عناداً سطوة الْقدر)
(لَو أَسْتَطِيع انقياداً جِئْت مُعْتَمدًا ... على جفوني على رَأْسِي على بَصرِي)
(وَلَو بِقدر اشتياقي كنت مغتدياً ... لَكُنْت أسحب أجفاني على الإبر)
(وَلَو جعلت على خد مَسِيرهمْ ... أَعنِي الْمطِي لَكَانَ الْفَخر فِي سَفَرِي)
(طُوبَى لأنيق ركب حثها سحرًا ... حادي الرحيل يفد البيد بِالسَّفرِ)
(تمد أعناقها وَالسير يقلقها ... شوقاً إِلَى طلعة الْمُخْتَار من مُضر)
ونقلت من خطه موشحة من نظمه وَهِي المتقارب
(تجلى حَبِيبِي ونادانيه ... وأغصان وَصلي بِهِ دانية)
تجلى علينا وكاس الْعقار تدار وَقد طَابَ خلع العذار فَقَالَ وَقد جلّ ثوب الْوَقار
(ردوا وَاشْرَبُوا الصّرْف من كأسيه ... فأنوار صفوتها كاسيه)
(مدام من الدّرّ ... قد عتقت)
)
(وَفِي حانة الذّكر ... قد روقت)
(بهَا ظلمَة الْكَوْن ... قد أشرقت)
(بَدَت فِي الدجا فاهتدى ساريه ... بهَا عمر صَاح يَا ساريه)
تجلت لآدَم يَوْم اسجدوا فشاهد مَا لم يكن يشْهدُوا(18/252)
أردوا نهوضاً فَقيل اقعدوا
(فَمَا يعرف الْعِزّ أَو صافيه ... على كدر الكأس أَو صافيه)
بهَا نوح من قبل أوصى بهَا وصابر لوعة صابها فَقُمْ نجتني الشهد من أوصابها
(عَسى أَن أفوز بأغراضيه ... مَعَ الْحبّ فِي عيشة راضيه)
إِلَى حانها كَانَ سعي الْخَلِيل ولاح لمُوسَى عَلَيْهَا دَلِيل فَقَالَ قفوا وامكثوا لي قَلِيل
(فقد لَاحَ لي لمْعَة باهية ... وَلم أدر من نشوتي ماهيه)
فَلَمَّا اجتلاها نَبِي الْهدى وَشَاهد خمارها إِذْ بدا وَقَالَ وَقد قَالَ عَنهُ الردى
(وقف عِنْد ساحة أبوابيه ... ودع مَا حييت لاحبابيه)
سَأَلتك يَا ساقي القرقف تعطف على عَبدك المسرف على غير بابك لم يُوقف
(شهِدت حَبِيبِي وَأوحى ليه ... دَعونِي فَمَا حالكم حاليه)
فناداه خمارها يَا كليم أَنا الله فاسمع خطاب الْكَرِيم)
وَلَا تقربُوا ثمَّ مَال الْيَتِيم
(وَلَا تخزني عِنْد أعماليه ... فهن وحقك أعمى ليه)
قلت شعر متوسط
3 - (ابْن اللمغاني)
عبد السَّلَام بن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن عبد السَّلَام بن الْحسن بن اللمغاني أَبُو مُحَمَّد البغداذي كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب يدرس بمدرسة زيرك بسوق(18/253)
العبيد وناب فِي الحكم عَن قَاضِي الْقُضَاة أبي طَالب بن البُخَارِيّ فِي ولَايَته الأولى ثمَّ عَن قَاضِي الْقُضَاة عَليّ بن عبد الله بن سلمَان وَكَانَ فَاضلا متديناً حسن الْأَخْلَاق متواضعاً وَتُوفِّي سنة خمس وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْملَائي)
عبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي كُوفِي أَصله من الْبَصْرَة كَانَ شَرِيكا لأبي نعيم فِي بيع الْملَائي
توفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة
3 - (ابْن الطوير القيسراني)
عبد السَّلَام بن الْحسن بن عبد السَّلَام بن أَحْمد القَاضِي المرتضى أَبُو مُحَمَّد الفِهري القيسراني ثمَّ الْمصْرِيّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن الطوير خدم فِي دولة خلفاء مصر ثمَّ خدم فِي الدولة الصلاحية وَله شعر وَكِتَابَة حَسَنَة توفّي سنة سبع عشرَة وست مائَة عَن اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين سنة وَسَبْعَة وَعشْرين يَوْمًا عَن ذهن حَاضر وَكِتَابَة جَيِّدَة وَهُوَ الْقَائِل الرجز المجزوء
(بِاللَّه رَبِّي ثقتي ... دخلت عشر المئة)
(تسعون عَاما كملت ... فِي النّصْف من ذِي الْحجَّة)
(ممتعاً بناظري ... ومسمعي وقوتي)
(وإنني أطمع أَن ... تغْفر لي خطيئتي)
3 - (أَبُو الْخطاب الحريري)
عبد السَّلَام بن الْحسن بن عَليّ بن عون أَبُو الْخطاب الحريري توفّي سنة سبع وست مائَة وَكَانَ معتزلياً على مَذْهَب البغداذيين وَمن شعره الْبَسِيط
(ليل المحبين مطوي جوانبه ... مشمر الذيل مَنْسُوب إِلَى الْقصر)
)
(إِذا الحبيبان باتا تَحت جَانِبه ... غَابَتْ أَوَائِله فِي آخر السحر)
(مَا ذَاك إِلَّا لِأَن الصَّباح نم بِنَا ... فَأطلع الشَّمْس من غيظ على الْقَمَر)(18/254)
وَمِنْه الوافر
(أما ومقلدات مني يَمِينا ... وَمن جمع الحجيج بِأَرْض جمع)
(لقد مازجت حبك فِي فُؤَادِي ... كَمَا مازجت بَين دمي ودمعي)
(وأنزلك الْهوى مني مَكَانا ... أعز عَليّ من بَصرِي وسمعي)
وَمِنْه الطَّوِيل
(وبتنا أعف البائتين منتشاً ... على أَن عين الريب أفعالنا تبدي)
(صريعي هوى مِنْهُ فَم فَوْقه فَم ... وجيد على جيد وخد على خد)
(وَقد لفنا حَبل العناق كَأَنَّمَا ... خلقنَا كِلَانَا للمحبة فِي جلد)
وَمِنْهَا
(وَمَا عمرت شم الرواسِي لعظمها ... وَلكنهَا لم تدر مَا ألم الوجد)
(وَلَو مَسهَا بعض الَّذِي مس مهجتي ... سَمِعت أَنِين الْحبّ من حجر صلد)
3 - (الواجكا اللّغَوِيّ)
عبد السَّلَام بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله الْبَصْرِيّ أَبُو أَحْمد بن القرميسيني ويلقب بالواجكا اللّغَوِيّ صَاحب الْخط الْمليح والضبط الفصيح توفّي فِي الْمحرم سنة تسع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة ورد بغداذ وَحدث بهَا وَكَانَ صَدُوقًا عَالما أديباً قَارِئًا عَارِفًا بالقراءات وَكَانَ يتَوَلَّى النّظر بدار الْكتب الَّتِي أنشأنها الْوَزير سَابُور وَكَانَ سَمحا سخياً وَرُبمَا جَاءَهُ السَّائِل وَمَا مَعَه شَيْء فَيدْفَع إِلَيْهِ بعض كتبه الَّتِي لَهَا قيمَة كَثِيرَة وَقَرَأَ على أبي عَليّ الْفَارِسِي وَأبي سعيد السيرافي وَمن شعره مجزوء الْكَامِل
(قمر يتيه على الْقَمَر ... أهْدى لعَيْنِي السهر)
(وَلَقَد سعدت بِقُرْبِهِ ... لَو كَانَ ساعدني الْقدر)
(لَكِن شقيت ببعده ... لم أقض فِي الْقرب الوطر)
(وَلَقَد سقاني هجره ... كأساً أمرَّ من الصَّبْر)
(وَإِذا ذكرت حَدِيثه ... ظلت دموعي تبتدر)
)
3 - (أَبُو طَالب المأموني)
عبد السَّلَام بن الْحُسَيْن أَبُو طَالب المأموني من أَوْلَاد الْمَأْمُون توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة ورد الرّيّ وامتدح الصاحب بن عباد بقصائد فأعجبه نظمه وَتقدم عِنْده فدبت عقارب الْحَسَد لَهُ ورماه ندماء الصاحب بالدعوة فِي بني(18/255)
عَبَّاس وبالغلو فِي النصب واعتقاد تَكْفِير الشِّيعَة والمعتزلة وبهجاء الصاحب ويحلفون على انتحال مَا يظْهر من الشّعْر حَتَّى تَكَامل لَهُم إِسْقَاط مَنْزِلَته حَتَّى قَالَ قصيدته الغراء وَطلب الْإِذْن للرحيل وأولها الْبَسِيط
(يَا ربع لَو كنت دمعاً فِيك منسكباً ... قضيت نحبي وَلم أقض الَّذِي وجبا)
(لَا تنكرن ربعك الْبَالِي بجسدي ... فقد شربت بكأس الْحبّ مَا شربا)
(وَلَو أفضت دموعي حسب واجبها ... أفضت من كل عُضْو مدمعاً سربا)
(عهدي بربعك للذات مرتبعاً ... فقد غَدا للغوادي السحب منتحبا)
(فيا سقاك أَخُو جفني السَّحَاب حَيا ... يحبو رَبًّا الأَرْض من نور الرياض حبا)
(ذُو بارق كسيوف الصاحب انتضيت ... ووابل كعطاياه إِذا وهبا)
مِنْهَا
(وعصبة بَات فِيهَا الغيظ متقداً ... إِذْ شدت لي فَوق أَعْنَاق العدى رتبا)
فَكنت يُوسُف والأسباط هم وَأَبُو الأسباط أَنْت ودعواهم دَمًا كذبا
(وَمن يرد ضِيَاء الشَّمْس إِن شَرقَتْ ... وَمن يسد طَرِيق الْغَيْث إِن سكبا)
(قد ينبح الْكَلْب مَا لم يلق لَيْث شرى ... حَتَّى إِذا مَا رأى ليثاً مضى هربا)
(أرى مآربكم فِي نظم قافية ... وَمَا أرى لي فِي غير العلى أربا)
(عدوا عَن الشّعْر إِن الشّعْر منقصة ... لذِي الْعَلَاء وهاتوا الْمجد والحسبا)
(فالشعر أقصر من أَن يستطال بِهِ ... أَكَانَ مبتدعاً أم كَانَ مقتضبا)
وَمِنْهَا أَسِير عَنْك ولي فِي كل جارحة فَم بشكرك يحوي منطقاً ذربا
(إِنِّي لأهوى مقَامي فِي ذراك كَمَا ... تهوى يَمِينك فِي العافين أَن تهبا)
(لَكِن لساني يهوى السِّرّ عَنْك لِأَن ... يطبق الأَرْض مدحاً فِيك منتخبا)
(أظنني بَين أَهلِي والأنام هم ... إِذا ترحلت عَن مغناك مغتربا)
)
وَكَانَ يمني نَفسه أَن يقْصد بغداذ ويدخلها فِي جَيش يضم إِلَيْهِ من خُرَاسَان ويسمو بهمته إِلَى الْخلَافَة فاعتل بالاستسقاء وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَمن شعره الطَّوِيل
(فلست وَإِن حكت القريض بشاعر ... فَأعْطِي على مَا قلته القل والكثرا)
(وَلَكِن بَحر الْعلم بَين أضالعي ... طمى فَرمى من دره النّظم والنثرا)
(وَلَو كَانَ لي مَال بذلت رقابه ... لمن يعتفيكم أَو يذيع لكم شكرا)(18/256)
(قد قنعت وَالْحَمْد لله همتي ... وفزت وَمَا أبغي بمدحكم أجرا)
(وَمَا طلبي إِلَّا السرير وَإِنَّمَا ... سريت إِلَيْكُم أَبْتَغِي بكم النصرا)
وَمِنْه الْخَفِيف مَا ترى النَّار كَيفَ أسقمها القر فأضحت تخبو وحيناً تسعر
(وَغدا الْجَمْر والرماد عَلَيْهِ ... فِي قميصين مَذْهَب ومعنبر)
وَمِنْه الوافر
(وحمام لَهُ حر الْجَحِيم ... وَلَكِن شابه برد النسيم)
(قذفت بِهِ ثَوابًا فِي عِقَاب ... وزرت بِهِ نعيماً فِي جحيم)
3 - (ديك الْجِنّ)
عبد السَّلَام بن رغبان بالراء والغين الْمُعْجَمَة وَبعد الْبَاء الْمُوَحدَة ألف وَنون ابْن عبد السَّلَام أَبُو مُحَمَّد الْكَلْبِيّ الشَّاعِر الْحِمصِي الْمَعْرُوف بديك الْجِنّ كَانَ من شعراء بني الْعَبَّاس وَأَصله من سلمية وَكَانَ شِيعِيًّا ظريفاً مَاجِنًا لَهُ مراث فِي الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ مولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ أَخذ عَنهُ أَبُو تَمام الطَّائِي وَاجْتمعَ بِأبي نواس لما توجه إِلَى مصر
وَقَالَ سعيد بن زيد الْحِمصِي دخلت على ديك الْجِنّ لأكتب شعره وَقد صبغ لحيته بالزنجار وَعَلِيهِ ثِيَاب خضر وَكَانَ جيد الْغناء بالطنبور وَقيل أَنه كَانَ أشقر أَزْرَق الْعين ويصبغ حاجبيه بالزنجار وذقنه بِالْحِنَّاءِ وَلذَلِك قيل لَهُ ديك الْجِنّ وَمن شعره الطَّوِيل
(بهَا غير معذول فداو خمارها ... وميل بحبالات الغبوق ابتكارها)
(ونل من عَظِيم الْوزر كل عَظِيمَة ... إِذا ذكرت خَافَ الحفيظان نارها)
(وقم أَنْت فاحثث كأسها غير صاغر ... وَلَا تسق إِلَّا خمرها وعقارها)
)
(فَقَامَ يكَاد الكأس يحرق كَفه ... من الشَّمْس أَو من وجنتيه استعارها)
(ظللنا بِأَيْدِينَا نتعتع روحها ... فتأخذ من أقداحنا الراح ثارها)
(موردة من كف ظَبْي كَأَنَّمَا ... تنَاولهَا من خَدّه فأدارها)(18/257)
وَلما اجتاز أَبُو نواس بحمص سمع بِهِ الديك فاختفى خوفًا مِنْهُ لِأَنَّهُ قَاصِر فقصده أَبُو نواس فِي دَاره فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فأنكرته الْجَارِيَة ففهم الْمَعْنى فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ قولي لَهُ اخْرُج فقد فتنت أهل الْعرَاق بِقَوْلِك
(موردة من كف ظَبْي كَأَنَّمَا ... تنَاولهَا من خَدّه فأدارها)
فَلَمَّا سمع ذَلِك خرج إِلَيْهِ وأضافه وَكَانَ الديك يهوى غُلَاما لَهُ وَجَارِيَة فاتهمها بِهِ وقتلهما وأحرقهما وَعمل من رمادهما برنيتين ثمَّ تبين لَهُ أَمرهمَا وَأَنه ظلمهما فَكَانَ يضع البرنيتين عَن يَمِينه ويساره ويملأهما شرابًا وَيقبل هَذِه تَارَة وَهَذِه تَارَة وَقَالَ فيهمَا الْأَشْعَار الْكَثِيرَة وَمِنْهَا فِي الْجَارِيَة الْكَامِل
(يَا طلعة طلع الْحمام عَلَيْهَا ... وجنى لَهَا ثَمَر الردى بِيَدَيْهَا)
(رويت من دَمهَا الثرى ولطالما ... روى الْهوى شفتي من شفتيها)
(قد بَات سفي فِي مجَال وشاحها ... ومدامعي تجْرِي على خديها)
(فوحق نعليها وَمَا وطئ الْحَصَى ... شَيْء أعز عَليّ من نعليها)
(مَا كَانَ قتليها لِأَنِّي لم أكن ... أبْكِي إِذا سقط الذُّبَاب عَلَيْهَا)
(لَكِن ضننت على الْعُيُون بحسنها ... وأنفت من نظر الحسود إِلَيْهَا)
وَمِنْه فِي الْغُلَام الْكَامِل
(أشفقت أَن يرد الزَّمَان بغدره ... أَو أَبْتَلِي بعد الْوِصَال بهجره)
(قمر إِذا استخرجته من دجنه ... لبليتي ورفعته من خدره)
(فَقتلته وَبِه عَليّ كَرَامَة ... ملْء الحشا وَله الْفُؤَاد بأسره)
(عهدي بِهِ مَيتا كأحسن نَائِم ... والحزن يسفح دمعتي فِي نَحره)
(لَو كَانَ يدْرِي الْمَيِّت مَاذَا بعده ... بالحي كَانَ لَهُ بَكَى فِي قَبره)
(غصص تكَاد تغيظ مِنْهَا نَفسه ... ويكاد يخرج قلبه من صَدره)
وَقَالَ فِي الْجَارِيَة الْبَسِيط)
(جَاءَت تزور فِرَاشِي بَعْدَمَا قبرت ... فظلت ألثم نحراً زانه الْجيد)
(وَقلت قُرَّة عَيْني قد بعثت لنا ... فَكيف ذَا وَطَرِيق الْقَبْر مسدود)
(قَالَت هُنَاكَ عِظَامِي فِي مودعة ... تعيث فِيهَا بَنَات الأَرْض والدود)
(وَهَذِه الرّوح قد جاءتك زائرة ... هذي زِيَارَة من فِي الْقَبْر ملحود)
3 - (سَحْنُون الْمَالِكِي)
عبد السَّلَام بن سعيد أَبُو سعيد التنوخي الْحِمصِي ثمَّ(18/258)
القيرواني الْمَالِكِي سَحْنُون قَاضِي القيروان ومصنف الْمُدَوَّنَة رَحل إِلَى مصر وَقَرَأَ على ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب وبرع فِي مذْهبه وعَلى قَوْله الْمعول بالمغرب وتفقه بِهِ خلق وَسمع بِمَكَّة من سُفْيَان بن عُيَيْنَة ووكيع والوليد بن مُسلم وَكَانَ مَوْصُوفا بالديانة والورع والسخاء وَالْكَرم عَن ابْن عجلَان الأندلسي قَالَ مَا بورك لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه مَا بورك لسَحْنُون فَإِنَّهُم كَانُوا فِي كل بلد أَئِمَّة
وَسَحْنُون بِالضَّمِّ وَالْفَتْح طَائِر بالمغرب سموهُ بذلك لحدة ذهنه وَفِي الْمُدَوَّنَة أسئلة ومسائل لَا ينْهض بهَا دَلِيل وَإِنَّمَا هِيَ رَأْي مَحْض وَكَانَ علم عَلَيْهَا ليسقطها فَأَدْرَكته الْمنية فِي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وكبار أَئِمَّة مَذْهَب مَالك يعْرفُونَ تِلْكَ الْمسَائِل
عبد السَّلَام العبسمي عبد السَّلَام بن صَالح بن سُلَيْمَان الْقرشِي العبسمي مَوْلَاهُم النَّيْسَابُورِي نَاظر بشرا المريسي غير مرّة بَين يَدي الْمَأْمُون وَكَانَ الظفر لَهُ وَكَانَ خَاصّا عِنْد الْمَأْمُون قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ رَافِضِيًّا خبيثاً قيل إِنَّه قَالَ كلب للعلوية خير من جَمِيع بني أُميَّة وَأمر أَبُو زرْعَة أَن يضْرب على حَدِيثه وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
الموزوري عبد السَّلَام بن السَّمْح بن نائل بن عبد الله بن سَحْنُون بن حَرْب بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز الهواري الموزوري بواو بعْدهَا زَاي وواو وَرَاء نِسْبَة إِلَى موزورة كورة بالأندلس أَبُو سُلَيْمَان رَحل إِلَى الشرق وَتردد هُنَالك مُدَّة طَوِيلَة وَسكن الْيمن وَسمع بِمَكَّة ابْن الْأَعرَابِي وبمصر أَبَا جَعْفَر النّحاس وَأَبا عَليّ الْآمِدِيّ اللّغَوِيّ وَغَيرهم وَسمع بجدة من الْحُسَيْن ابْن حميد النجيرمي نَوَادِر عَليّ بن عبد الْعَزِيز وموطأ القعْنبِي وَغير ذَلِك وَقدم الأندلس وَكَانَ)
حسن الْخط بديعه وَكَانَ زاهداً صَالحا وَسكن الزهراء بقرطبة إِلَى أَن مَاتَ بهَا قَالَ ابْن الفرضي ترددت إِلَيْهِ زَمَانا وَسمعت مِنْهُ نَوَادِر عَليّ ابْن عبد الْعَزِيز وَلم تكن عِنْد أحد من شُيُوخنَا سواهُ وقرأت عَلَيْهِ كتاب الأبيات لسيبويه بشرح النّحاس وَكتاب الْكَافِي فِي النَّحْو لَهُ وَغير ذَلِك وَتُوفِّي فِي صفر سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن برجان الْحَفِيد)
عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ الْعَارِف أبي الحكم(18/259)
عبد السَّلَام ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن اللَّخْمِيّ الإفْرِيقِي الإشبيلي الْمَعْرُوف بِابْن برجان وَهُوَ مخفف من ابْن أبي الرِّجَال أَخذ اللُّغَة والعربية عَن أبي إِسْحَاق بن ملكون ولازمه كثيرا وَكَانَ من أحفظ أهل زَمَانه للغة مُسلما ذَلِك صَدُوقًا ثِقَة وَله رد على أبي الْحسن ابْن سيدة وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وَهُوَ حفيد الْمَذْكُور فِيمَا بعد
3 - (ابْن برجان الْجد)
عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الحكم اللَّخْمِيّ الإفْرِيقِي الإشبيلي الصُّوفِي الْعَارِف الْمَعْرُوف بِابْن برجان سمع وَحدث وَله تواليف مفيدة مِنْهَا تَفْسِير الْقُرْآن لم يكمله وَكتاب شرح أَسمَاء الله الْحسنى وَقد رَوَاهُمَا عَنهُ أَبُو الْقَاسِم القبطري وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (مجد الدّين ابْن تَيْمِية)
عبد السَّلَام بن عبد الله بن أبي الْقَاسِم الْخضر بن مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام مجد الدّين أَبُو البركات ابْن تَيْمِية الْحَرَّانِي جد تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية ولد فِي حُدُود التسعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة وتفقه فِي صغره على عَمه الْخَطِيب فَخر الدّين ورحل إِلَى بغداذ وَهُوَ ابْن بضع عشرَة سنة فِي صحابة ابْن عَمه السَّيْف وَسمع بهَا وبحران وروى عَنهُ الدمياطي وشهاب الدّين عبد الْحَلِيم وَجَمَاعَة وَكَانَ إِمَامًا حجَّة بارعاً فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَله يَد طولى فِي التَّفْسِير وَمَعْرِفَة تَامَّة بالأصول واطلاع على مَذَاهِب النَّاس وَله ذكاء مفرط وَلم يكن فِي زَمَانه مثله وَله المصنفات النافعة كالأحكام وَشرح الْهِدَايَة وبيض مِنْهُ ربعه الأول وصنف أرجوزة فِي الْقرَاءَات وكتاباً فِي أصُول الْفِقْه
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وحَدثني الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية قَالَ كَانَ الشَّيْخ جمال الدّين ابْن)
مَالك يَقُول أَلين للشَّيْخ مجد الدّين الْفِقْه كَمَا أَلين لداود الْحَدِيد وَشَيْخه فِي الْفَرَائِض والعربية أَبُو الْبَقَاء وَشَيْخه فِي الْقرَاءَات عبد الْوَاحِد وَشَيْخه فِي الْفِقْه أَبُو بكر بن(18/260)
غنيمَة صَاحب ابْن الْمَنِيّ توفّي يَوْم عيد الْفطر بحران وَحكى الْبُرْهَان المراغي أَنه اجْتمع بِهِ فأورد نُكْتَة عَلَيْهِ فَقَالَ مجد الدّين الْجَواب عَنْهَا من مائَة وَجه الأول كَذَا وَالثَّانِي كَذَا وسردها إِلَى آخرهَا ثمَّ قَالَ للبرهان قد رَضِينَا مِنْك الْإِعَادَة فخضع لَهُ وانبهر
3 - (عبد السَّلَام الجيلي)
عبد السَّلَام بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْقَادِر بن أبي صَالح الجيلي أَبُو مَنْصُور الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البغداذي قَرَأَ الْفِقْه على أَبِيه ودرس بمدرسة جده بعد وَفَاة أَبِيه ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الشاطبية فِي أَسْفَل الْبَلَد وَولي النّظر بالتربة الجهتية والرباط الناصري مُدَّة ثمَّ إِنَّه ظهر لَهُ على أَشْيَاء كتبهَا بِخَطِّهِ من العزائم وتبخير الْكَوَاكِب ومخاطبتها بالإلهية وَأَنَّهَا الْمُدبرَة لِلْخلقِ فأحضر بدار الْخلَافَة وأوقف على ذَلِك فاعترف أَنه إِنَّمَا كتبه مُتَعَجِّبا مِنْهُ لَا مُعْتَقدًا لَهُ فأخرجت تِلْكَ الْكتب وَغَيرهَا وأحرقت بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة
وَكَانَ قد رتب بعد تِلْكَ الْوَاقِعَة عميداً ببغداذ مُسْتَوْفيا للمكوس والضرائب فشرع فِيهِ ظلم النَّاس واهتضامهم وارتكاب مَا نهى الله عَنهُ من سفك الدِّمَاء وَضرب الأبشار وَأخذ الْأَمْوَال بِغَيْر حق وَلم يزل حَتَّى عزل واعتقل بالمخزن ثمَّ أطلق وَمكث خاملاً ثمَّ عمل وَكيلا للأمير الصَّغِير أبي الْحسن عَليّ ابْن الإِمَام النَّاصِر وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ وَكَانَ دمث الْأَخْلَاق لطيفاً ظريفاً وَمن شعره فِي مليح لابس أَحْمَر الْبَسِيط
(قَالُوا ملابسه حمر فَقلت لَهُم ... هذي الثِّيَاب ثِيَاب الصَّيْد والقنص)
(يَرْمِي بِسَهْم لحاظ طالما أخذت ... أَسد الْقُلُوب فتلقيها لَدَى قفص)
(فاللون فِي الثَّوْب إِمَّا من دم المهج ... أَو انعكاس شُعَاع الخد بالقمص)
قلت شعر يشبه عقيدته فِي الْكَوَاكِب
وَفِي إحراق كتب الرُّكْن عبد السَّلَام يَقُول الْمُهَذّب الرُّومِي سَاكن النظامية الْخَفِيف لي شعر أرق من دين ركن الدّين عبد السَّلَام لفظا وَمعنى
(زحلي يشنا علينا ويهوى ... آل حَرْب حقداً عَلَيْهِ وضغنا)
(منحته النُّجُوم إِذْ رام سَعْدا ... وسروراً نحساً وهما وحزنا)(18/261)
)
(سَار إحراق كتبه سير شعري ... فِي جَمِيع الأقطار سهلاً وحزنا)
أَيهَا الْجَاهِل الَّذِي جهل الْحق ضلالا وضيع الْعُمر غبنا رمت جهلا من الْكَوَاكِب بالتبخير عزا فنلت ذلاً وسجنا مَا زحيل وَمَا عُطَارِد والمريخ وَالْمُشْتَرِي ترى يَا معنى كل شَيْء يودي ويفني سوى الله إلهي فَإِنَّهُ لَيْسَ يفنى
3 - (ابْن سيد النَّاس الزواوي)
عبد السَّلَام بن عَليّ بن عمر بن سيد النَّاس الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين أَبُو مُحَمَّد الزواوي الْمُقْرِئ الْمَالِكِي شيخ الْقُرَّاء والماليكة بِالشَّام ولد بِظَاهِر بجاية بالمغرب سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وست مائَة وَقدم مصر سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة
وأكمل الْقرَاءَات سنة سِتّ عشرَة على أبي الْقَاسِم بن عِيسَى بالإسكندرية وعرضها بِدِمَشْق على أبي الْحسن السخاوي سنة سبع عشرَة وبرع فِي الْمَذْهَب وَأفْتى ودرس وَكَانَ مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل ولي الإقراء بتربة أم الصَّالح وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة سنة أَربع وَسِتِّينَ على كره مِنْهُ وَكَانَ يخْدم نَفسه وَيحمل الْحَطب على يَده مَعَ جلالته وعزل نَفسه عَن الْقَضَاء يَوْم موت رَفِيقه القَاضِي شمس الدّين بن عَطاء وَاسْتمرّ على التدريس وَالْفَتْوَى والإقراء وَحضر جنَازَته نَائِب الشَّام حسام الدّين لاجين
3 - (أَبُو مُحَمَّد الإبريسمي)
عبد السَّلَام بن عَليّ بن نصر بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان أَبُو مُحَمَّد الإبريسمي البغداذي ابْن بهارة
كَانَت لَهُ معرفَة حَسَنَة بتعبير الرُّؤْيَا وحلقة بِجَامِع الْقصر يجْتَمع عَلَيْهِ فِيهَا النَّاس ويسألونه
سمع من الْحَافِظ ابْن نَاصِر والمظفر بن أردشير الْعَبَّادِيّ الْوَاعِظ وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الميسر الْبَصْرِيّ)
عبد السَّلَام بن عمر بن صَالح الأديب البارع نجم الدّين أَبُو الميسر الْبَصْرِيّ توفّي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم المزرفي)
عبد السَّلَام بن الْفرج ابْن إِبْرَاهِيم أَبُو الْقَاسِم المزرفي الْحَنْبَلِيّ صَاحب أبي عبد الله بن حَامِد)
لَهُ تصانيف فِي الْمَذْهَب وَحدث عَن أبي الْحسن عَليّ بن الْقزْوِينِي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة(18/262)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الجيلي)
عبد السَّلَام بن الْفضل أَبُو لقاسم الجيلي الشَّافِعِي تفقه فِي النظامية على الكيا الهراسي وَولي قَضَاء الْبَصْرَة قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ برع فِي الْفِقْه وَالْأُصُول وَكَانَ وقوراً لَهُ هَيْبَة جرت أَحْكَامه على السداد وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الْفرج الأرمنازي)
عبد السَّلَام بن مُحَمَّد أَبُو الْفرج الصُّورِي الأرمنازي خطيب صور ومحدثها ومفيدها توفّي سنة تسع وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو يُوسُف الْقزْوِينِي)
عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بنْدَار أَبُو يُوسُف الْقزْوِينِي سمع أَبَاهُ أَبَا بكر وَعَمه أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَأَبا عمر عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مهْدي الْفَارِسِي وَسمع بِالريِّ ودرس الْكَلَام على مَذْهَب الاعتزال وَسمع بحران وَسكن طرابلس وَدخل مصر وَأقَام بهَا وَحصل كتبا كَثِيرَة نفيسة وَعَاد إِلَى بغداذ
وَكَانَ من أَعْيَان الْفُضَلَاء كثير الْمَحْفُوظ دَاعِيَة إِلَى الاعتزال وَبلغ من السن مبلغا يكَاد يختفي فِي الْمجْلس الَّذِي يكون فِيهِ وَله لِسَان شَاب وَله تَفْسِير فِي الْقُرْآن نَحْو ثَلَاث مائَة مُجَلد سَبْعَة مِنْهَا فِي الْفَاتِحَة وَفِي قَوْله تَعَالَى وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان مجلدة وَكَانَ يَقُول من قَرَأَ عَليّ هَذَا التَّفْسِير وهبته إِيَّاه فَلم يقْرَأ أحد عَلَيْهِ وَسَماهُ حدائق ذَات بهجة
وبيعت كتبه فِي سنتَيْن وَكَانَت تزيد على أَرْبَعِينَ ألف مجلدة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وعاش سِتا وَتِسْعين سنة
وَقَالَ لَهُ ابْن مَرْوَان عِنْد وُصُوله إِلَى آمد كَيفَ ترى سور آمد قَالَ يحفظك بِاللَّيْلِ وَيرد عَنْك السَّيْل وَلَا يرفع عَنْك دَعْوَة مظلوم فَقَالَ وَالله إِن هَذَا أحسن من الْغناء
3 - (أَبُو هَاشم الجبائي)
عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب أَبُو هَاشم بن أبي(18/263)
عَليّ الْبَصْرِيّ الجبائي نِسْبَة إِلَى قَرْيَة من قرى الْبَصْرَة وَهُوَ وَأَبوهُ من رُؤُوس الْمُعْتَزلَة وَكتب الْكَلَام مشحونة بمذاهبهما)
قَالَ ابْن درسْتوَيْه اجْتمعت مَعَ أبي هَاشم فَألْقى عَليّ ثَمَانِينَ مسالة من غَرِيب النَّحْو مَا كنت أحفظ لَهَا جَوَابا وَكَانَ يُصَرح بِخلق الْقُرْآن وَتُوفِّي هُوَ وَابْن دُرَيْد فِي يَوْم وَاحِد سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة وَكَانَ أَولا لَا يعرف النَّحْو فَوقف على الْجَامِع الصَّغِير لَهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الله الرامَهُرْمُزِي فَوجدَ فِيهِ ضروباً من اللّحن أزرى بهَا على أبي هَاشم فَبَعثه ذَلِك على طلب النَّحْو فَاخْتلف إِلَى المبرمان فلازمه وَاحْتمل سخف المبرمان إِلَى أَن حصل مَا أَرَادَ وَقد تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ)
عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن مزروع بن أَحْمد الإِمَام الْمُحدث الْقدْوَة عفيف الدّين أَبُو مُحَمَّد المضري الْبَصْرِيّ الْحَنْبَلِيّ ولد بِالْبَصْرَةِ سنة خمس وَعشْرين وست مائَة وَتُوفِّي سنة ستٍ وَتِسْعين وست مائَة وَحدث عَن المؤتمن بن قميرة وَفضل الله الجيلي وجاور بِالْمَدِينَةِ أَكثر عمره وَحج أَرْبَعِينَ حجَّة مُتَوَالِيَة وَكَانَ من محَاسِن الشُّيُوخ وَله نظم وَسمع مِنْهُ البرزالي
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الْفَارِسِي)
عبد السَّلَام بن مَحْمُود بن أَحْمد ظهير الدّين أَبُو الْمَعَالِي الْفَارِسِي الْفَقِيه الأصولي الْمُتَكَلّم من كبار الْمُتَكَلِّمين والخلافيين درس واشتغل وصنف الْكثير وَلم يشْتَهر مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة(18/264)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ)
عبد السَّلَام بن مُخْتَار أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ جيد الْخط يكْتب على طَريقَة ابْن مقلة مَوْصُوف بِالْفَضْلِ والذكاء إِلَّا أَنه كَانَ كذابا يَدعِي سَماع مَا لم يسمعهُ ويركب الْإِسْنَاد على كتب لم يروها وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو ظفر الْأَزْدِيّ)
عبد السَّلَام بن مطهر بن حسام بن مصك أَبُو ظفر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبي عصرون)
عبد السَّلَام بن المطهر ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي سعد عبد الله بن أبي السّري بن هبة الله بن المطهر بن عَليّ بن أبي عصرون الْفَقِيه شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي)
سمع من جده وَمن جمَاعَة وَكَانَ فَقِيها جليل الْقدر وافر الدّيانَة ترسل من حلب إِلَى بغداذ وَإِلَى الْأَطْرَاف وَانْقطع فِي الآخر بمكانه فِي الْجَبَل عِنْد حمام النّحاس بِدِمَشْق وَكَانَ منهمكاً فِي التَّمَتُّع كَانَ لَهُ أَكثر من عشْرين سَرِيَّة حَتَّى فنيت أعضاؤه وتولدت عَلَيْهِ أمراض وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد التكريتي)
عبد السَّلَام بن يحيى بن الْقَاسِم بن المفرج أَبُو مُحَمَّد التكريتي أَخُو عبد الرَّحْمَن وَهُوَ الْأَكْبَر تفقه على وَالِده وَحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ الْأَدَب وبرع فِيهِ وَله النّظم والنثر والخطب والمكاتبات والمصنفات الأدبية ولد سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره الْبَسِيط
(مَتى يفِيق من الْأَسْوَاق سَكرَان ... ويرتوي من شراب الْوَصْل ظمآن)
(وَيرجع الْعَيْش غضاً بَعْدَمَا يَبِسَتْ ... مِنْهُ بطول الجفا والصد أَغْصَان)
(أفنى اصْطِبَارِي صدوح غَابَ وَاحِدهَا ... فكم لَهَا فِي فروع الأيك ألحان)
(باتت تنوح على غُصْن تميل بِهِ ... ريح الصِّبَا فَكَأَن الْغُصْن نشوان)
(حزينة الصَّوْت تشجو قلب سامعها ... قريحة قَلبهَا المفجوع حنان)
(تبْكي بِغَيْر دموع والبكا خلق ... بالدمع لي وكذاك الوجد ألوان)
(آهاً على عيشنا الْمَاضِي ولذته ... إِذْ غصنه باجتماع الشمل فينان)(18/265)
وَمِنْه الطَّوِيل
(أمني قلبِي سَاعَة بعد سَاعَة ... لقاكم وَلَوْلَا ذَاك كنت أطيش)
(فَمَا الْعَيْش إِلَّا عَيْش من نَالَ وصلكم ... وهيهات من فارقتموه يعِيش)
3 - (الجماهري)
عبد السَّلَام بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن مقلد التنوخي الدِّمَشْقِي أَبُو الْفتُوح ابْن أبي الْحجَّاج الْمَعْرُوف بالجماهري بغداذي المولد وَالدَّار أسمعهُ أَبوهُ فِي صباه من مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الْحسن بن خيرون وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن السلال الْوراق والحافظ ابْن نَاصِر وَغَيرهم وَقَرَأَ هُوَ بِنَفسِهِ الْكثير على أبي الْفَتْح بن البطي وَأبي مُحَمَّد بن التعاويذي وَغَيرهمَا وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ شَيخا برباط زاخي يعظ على المنابر وَكَانَ صَالحا متديناً وَله نظم ونثر وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بسفح قاسيون كَانَ قدم دمشق يسترفد صَلَاح الدّين)
فَأعْطَاهُ ذَهَبا وَمن شعره الطَّوِيل
(أَظن الصِّبَا النجدي فِيهِ رِسَالَة ... أرى العيس قد حنت وَقد طرب الركب)
(وَقد مَال غُصْن البان مصغ كَأَنَّهُ ... يسائلها بالوهم مَا فعل الشّعب)
(فحطا عَن الأكوار رحلي وأنزلا ... إِلَى أَيْن ترحالي وَقد نزل الْقلب)
وَمِنْه الطَّوِيل
(على سَاكِني بطن العقيق سَلام ... وَإِن أسهرونا بالفراق وناموا)
(حظرتم علينا النّوم وَهُوَ مُحَلل ... وحللتم التعذيب وَهُوَ حرَام)
(إِذا بنتم عَن حاجر وحجرتم ... على السّمع أَن يدنوا إِلَيْهِ سَلام)
(فَلَا ميلت ريح الصِّبَا فرع بانه ... وَلَا سجعت فَوق الغصون حمام)
(وَلَا قهقهت فِيهِ الرعود وَلَا بَكت ... على حافتيه بالْعَشي غمام)
3 - (موفق الدّين عبد السَّلَام)
عبد السَّلَام موفق الدّين جمع إِلَى الصِّنَاعَة الطبية الْعُلُوم الْحكمِيَّة والأخلاق الحميدة والفضائل التَّامَّة أَصله من حماه وَأقَام بِدِمَشْق واشتغل على الشَّيْخ مهذب الدّين عبد الرَّحِيم بن عَليّ وعَلى غَيره وسافر إِلَى حلب وتزايد فِي الْعلم وخدم النَّاصِر وَأقَام عِنْده إِلَى أَن ملك النَّاصِر دمشق فَأتى صحبته وَلما قصد التتار دمشق(18/266)
توجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا ثمَّ أَنه خدم الْمَنْصُور صَاحب حماة ونال مِنْهُ إحساناً كثيرا وأموالاً جزيلة
3 - (بَنو عبد السَّلَام)
مِنْهُم الشَّيْخ عز الدّين عبد الْعَزِيز وَولده محيي الدّين عبد اللَّطِيف وَأَخُوهُ شرف الدّين مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز
(عبد السَّيِّد)
3 - (أَبُو الْقَاسِم بن عتاب)
عبد السَّيِّد بن عتاب بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الله الْحطاب بِالْحَاء الْمُهْملَة أَبُو الْقَاسِم الضَّرِير الْمُقْرِئ كَانَ من الموصوفين بجودة الْقِرَاءَة وَمَعْرِفَة وُجُوه الْقرَاءَات قَرَأَ بالروايات عَلَى القَاضِي أبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَالْحُسَيْن بن عبد الله بن الْحَرْبِيّ وَمُحَمّد بن عمر بن مُوسَى بن زلال النهاوندي وَجَمَاعَة كثيرين وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الصّباغ الشَّافِعِي)
عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن جَعْفَر بن الصّباغ أَبُو نصر الْفَقِيه الشَّافِعِي البغداذي فَقِيه الْعرَاق صَاحب الشَّامِل والكامل وَتَذْكِرَة الْعَالم وَالطَّرِيق السَّالِم توفّي ثَالِث عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
والشامل من أصح كتب الشَّافِعِيَّة وأجودها فِي النَّقْل وَله كتاب الْعدة فِي أصُول الْفِقْه وَتَوَلَّى التدريس بالنظامية ببغداذ أول مَا فتحت ثمَّ عزل بالشيخ أبي إِسْحَاق وَكَانَت ولَايَته لَهَا عشْرين يَوْمًا وَلما توفّي أَبُو إِسْحَاق أُعِيد إِلَيْهَا أَبُو نصر وَقيل لما مَاتَ أَبُو إِسْحَاق تولى النظامية أَبُو سعد الْمُتَوَلِي ثمَّ صرف وأعيد ابْن الصّباغ قَالَ ابْن النجار وكف بَصَره فِي آخر عمره رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو نصر حفيد ابْن الصّباغ)
عبد السَّيِّد بن عَليّ بن عبد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد أَبُو نصر حفيد الشَّيْخ أبي نصر بن الصّباغ الْمَذْكُور قبل سمع فِي صباه من أبي الْقَاسِم(18/267)
عَليّ بن أَحْمد بن بَيَان وَأبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان وَأبي طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَغَيرهم وَحدث باليسير
وَتُوفِّي بنصيبين سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره المتقارب
(أَلا سقني الراح بالدسكرة ... بكف غزال شَدِيد الجره)
(إِذا طَاف بالكاس بَين الْجُلُوس ... سكرت وهيهات أَن تسكره)
ومعتدل الْقد حُلْو الشَّبَاب يفتن بالدل من أبصره
(صبرت على طول هجرانه ... فَقَالَ العواذل مَا أصبره)
)
(فَللَّه أيامنا والهوى ... جَدِيد وعودي مَا أنضره)
(وأيامنا وليال لنا ... خلون بأعمالنا المنكره)
(مضين وخلفن بِي لوعتي ... بتذكارها جَمْرَة مسعره)
3 - (ابْن الزيتوني)
عبد السَّيِّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الطّيب بن مهْدي أَبُو جَعْفَر الْمُتَكَلّم الْمَعْرُوف بِابْن الزيتوني وَالِد أبي نصر كَانَ حنبلياً من أَصْحَاب أبي الْوَفَاء بن عقيل ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة وَقَرَأَ الْكَلَام على خلف بن أَحْمد الضَّرِير وبرع فِي ذَلِك وَكَانَ يذهب إِلَى الاعتزال وَله معرفَة بمذاهب الْمُتَكَلِّمين توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن الجكر الصَّواف)
عبد السَّيِّد بن أبي الْفَضَائِل بن الصَّواف أَبُو الْقَاسِم الشَّيْبَانِيّ يعرف بِابْن الجكر من أهل وَاسِط هَكَذَا سَمَّاهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَذكر لنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد الْحَافِظ الوَاسِطِيّ أَن ذَلِك وهم وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو السَّيِّد الْمُبَارك بن أبي الْفَضَائِل وَأَنه لَقِي جمَاعَة مِمَّن لقِيه وروى عَنهُ وَأَنَّهُمْ نسبوه كَذَلِك كَانَ حلاوياً فَترك ذَلِك واشتغل بالشعر والتطايب وَكَانَ خَفِيفا مطبوعاً وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَخمْس مائَة من شعره السَّرِيع
(يَا أَيهَا الدّهن الَّذِي أَصله ... أظهره إِحْسَان مَاء إِلَيْهِ)
(تعلو على المَاء وَجَهل بِمن ... يظْهر من شَيْء ويعلو عَلَيْهِ)
وَمِنْه مجزوء الْخَفِيف
(زارني بعد هجعة ... فَأرَانِي محاسنه)
طيف سعدى وَمَا نأى معرضًا أَو محا سنه(18/268)
وَمِنْه المتقارب
(أما فِي الْبَريَّة من ينتبه ... يهني بك الْعِيد لَا أَنْت بِهِ)
(وَإِن وَقعت شُبْهَة فِي الْهلَال ... فَأَنت على الْعين لَا تشتبه)
(عبد الصَّمد)
3 - (ابْن أبي الْجَيْش)
عبد الصَّمد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن أبي الْجَيْش الإِمَام الْمُقْرِئ المجود الزَّاهِد الْقدْوَة مجد الدّين أَبُو أَحْمد الْحَنْبَلِيّ البغداذي سمع من مُحَمَّد بن أبي غَالب شيخ قديم وَعبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن النَّاقِد وَأحمد بن صرما وَالْفَتْح بن عبد السَّلَام وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الْقُرْآن وتفقه وَلم يمعن فِيهِ وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ المقصاتي ومولده سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة
3 - (ابْن حنيش النَّحْوِيّ)
عبد الصَّمد بن أَحْمد بن حنيش بن الْقَاسِم بن عبد الْملك بن سُلَيْمَان بن حَفْص أَبُو الْقَاسِم الْخَولَانِيّ الْحِمصِي النَّحْوِيّ حُكيَ عَن المتنبي وَأبي بكر الصنوبري وَمن شعره الْخَفِيف
(لَا وَحسن الْإِنْصَاف بالألاف ... وتصافي الأحباب بعد التَّجَافِي)
مَا شريت السلاف لَكِن أبياتك قَامَت عَنهُ مقَام السلاف آنست وحشتي وحلت عرى حزني وهزت أعطافها أعطافي
(بمعان معسولة رائعات ... وقواف مصقولة أفواف)
3 - (قَاضِي هراة)
عبد الصَّمد بن حسان كَانَ إِمَامًا فَقِيها ولي قَضَاء هراة وَهُوَ من مروالروذ فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وَعشرَة
3 - (عبد الصَّمد البديع)
عبد الصَّمد بن حُسَيْن بن عبد الْغفار بن مَنْصُور الكلاهيني الزنجاني أَبُو المظفر الصُّوفِي الملقب بالبديع قدم بغداذ وتفقه بالنظامية على أسعد الميهني وَسمع من أبي الْقَاسِم بن الْحصين وزاهر بن ظَاهر الشحامي وَمُحَمّد ابْن الْحسن الْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهم وَانْقطع إِلَى الْعِبَادَة وَالْخلْوَة والرياضة ومواصلة الصّيام وَالْقِيَام حَتَّى ظَهرت عَلَيْهِ أنوار(18/269)
الطَّاعَة وانتشر لَهُ الْقبُول وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وَحدث بالكثير وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (عبد الصَّمد المقاماتي)
عبد الصَّمد بن الْحسن بن يُوسُف بن أَحْمد الأصبحي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالمقاماتي)
لِأَنَّهُ حفظ مقامات الحريري وَكَانَ إخبارياً كثير الْمَحْفُوظ توفّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة
3 - (الْحِمصِي)
عبد الصَّمد بن سعيد بن عبد الله بن سعيد أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الْحِمصِي لَهُ تَارِيخ لطيف توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
3 - (عبد الصَّمد الجذامي النَّحْوِيّ)
عبد الصَّمد بن سُلْطَان بن أَحْمد بن الْفرج الجذامي الصويتي النَّحْوِيّ الطَّبِيب مُعْتَمد الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن قراقيش كَانَ إِمَامًا بارعاً فِي الطِّبّ والعربية توفّي سنة ثَمَان وست مائَة
3 - (أَبُو صَالح الحاني)
عبد الصَّمد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن الْعَبَّاس بن عبد السَّلَام بن سَلامَة بن نصر بن عدي أَبُو صَالح الشَّيْبَانِيّ الحنوي من أهل حاني مَدِينَة من آخر ديار بكر قدم بغداذ وتفقه بهَا بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَسمع الْكثير من أبي الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن أبي عُثْمَان الدقاق وَعَاصِم بن الْحسن بن عَاصِم وَعلي بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَغَيرهم وَكَانَ صَدُوقًا وروى عَنهُ أَبُو أَحْمد بن سكينَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمْس مائَة
3 - (جمال الدّين بن الحرستاني)
عبد الصَّمد بن عبد الْكَرِيم أَبُو الْقَاسِم جمال الدّين ابْن القَاضِي الْخَطِيب عماد الدّين ابْن القَاضِي جمال الدّين أبي الْقَاسِم الحرستاني الْأنْصَارِيّ الشَّيْخ الزَّاهِد الإِمَام الْعَالم ولد سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة سمع من زين الْأُمَنَاء وَابْن صباح وَابْن الزبيدِيّ وَابْن ماسويه وَجَمَاعَة وَكَانَ فَقِيرا صَالحا خيرا فِيهِ بلة وَوَلِهَ وَله حَال وكشف يمشي وَيحدث نَفسه سمع مِنْهُ الْمزي والبرزالي وَأحمد بن النابلسي وَالشَّيْخ شمس الدّين نَاب فِي الْإِمَامَة بالجامع عَن وَالِده وَحضر الْمدَارِس ثمَّ فرغ عَن هَذِه الْأَشْيَاء(18/270)
3 - (أَبُو نصر الْأَزْدِيّ)
عبد الصَّمد بن عبد الله الأديب أَبُو نصر الْأَزْدِيّ الْهَرَوِيّ ورد لَهُ الباخرزي فِي كتاب الدمية قَوْله الطَّوِيل
(وناولني غُصْن الخزامى يَقُول لي ... لعمرك إِنِّي للفراق مصافح)
)
(فصحفت من مقلوبه الْخَاء فانبرى ... يُخْبِرنِي أَن الحبيب يمازح)
3 - (عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث الْحَافِظ)
عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث التَّمِيمِي الْعَنْبَري مَوْلَاهُم كَانَ من ثِقَات الْبَصرِيين وحفاظهم توفّي سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَمِين الدّين ابْن عَسَاكِر)
عبد الصَّمد بن عبد الْوَهَّاب بن زين الْأُمَنَاء أبي البركات الْحسن بن مُحَمَّد ابْن عَسَاكِر الإِمَام الْمُحدث الزَّاهِد أَمِين الدّين أَبُو الْيمن الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل الْحرم سمع من جده وَمن الشَّيْخ الْمُوفق وَأبي مُحَمَّد ابْن البن وَأبي الْقَاسِم ابْن صصرى وَابْن الزبيدِيّ وَابْن غَسَّان وَالْقَاضِي أبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ وَأَجَازَ لَهُ الْمُؤَيد الطوسي وَأَبُو روح الْهَرَوِيّ وَطَائِفَة وَحدث بالحرمين بأَشْيَاء وَكَانَ عَالما فَاضلا جيد الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَله نظم وَهُوَ صَاحب عبَادَة كل من يعرفهُ يثني عَلَيْهِ ولد سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وست مائَة بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ شيخ الْحجاز فِي وقته وَله تواليف فِي الحَدِيث تدل على حفظه ومعرفته بِالْأَسَانِيدِ واعتنائه بِعلم الْآثَار وَمن شعره
3 - (عبد الصَّمد بن المكتفي بِاللَّه)
عبد الصَّمد بن عَليّ المكتفي بِاللَّه بن أَحْمد المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل ابْن المعتصم بن هَارُون بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور كَانَ شَابًّا سرياً ذَا نعْمَة لما توجه الراضي بِاللَّه مَعَ بجكم إِلَى الْموصل لإِزَالَة الْحسن بن حمدَان عَنْهَا وَكَانَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن رائق مستتراً ببغداذ فَظهر وانضم إِلَيْهِ عَسْكَر كثير وراسله عبد الصَّمد بن المكتفي فِي أَن يقلده الْخلَافَة وبذل لَهُ مَالا فَلم يتم لَهُ ذَلِك فَلَمَّا قدم(18/271)
الراضي إِلَى بغداذ قبض على عبد الصَّمد واعتقله وَقَتله وَدفن فِي قصر الْخلَافَة وَظهر خبر وَفَاته سنة ثَلَاث وَقيل سنة سبع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَلما مَاتَ الراضي نقل إِلَى التربة الَّتِي كَانَ اتخذها فِي درب يَعْقُوب ابْن سوار بِحَضْرَة دَار ابْن طَاهِر
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الطستي)
عبد الصَّمد بن عَليّ بن مكرم أَبُو الْحُسَيْن الطستي الْوَكِيل بغداذي مَشْهُور توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْغَنَائِم بن الْمَأْمُون)
)
عبد الصَّمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن بن الْفضل بن الْمَأْمُون أَبُو الْغَنَائِم الْهَاشِمِي البغداذي
ثِقَة صَدُوق مهيب نبيل كثير الصمت وَكَانَ رَئِيس بَيت بني الْمَأْمُون توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (عبد الصَّمد بن عَليّ العباسي)
عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب الْهَاشِمِي كَانَت فِيهِ عجائب مِنْهَا أَنه ولد سنة سِتّ وَمِائَة أَو أَربع وَمِائَة وَولد أَخُوهُ مُحَمَّد بن عَليّ وَالِد السفاح والمنصور سنة سِتِّينَ فبينهما فِي المولد أَربع وَأَرْبَعُونَ سنة وَتُوفِّي مُحَمَّد سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وَتُوفِّي عبد الصَّمد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة فبينهما فِي الْوَفَاة تسع وَخَمْسُونَ سنة وَمِنْهَا أَنه حج يزِيد بن مُعَاوِيَة فِي سنة خمسين لِلْهِجْرَةِ وَحج عبد الصَّمد بِالنَّاسِ سنة مائَة وَخمسين وهما فِي النّسَب إِلَى عبد منَاف سَوَاء لِأَن يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف وَبَين يزِيد وَعبد منَاف خَمْسَة أجداد وَبَين عبد الصَّمد وَعبد منَاف خَمْسَة أجداد لِأَن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف وَمِنْهَا أَنه أدْرك السفاح والمنصور وهما ابْنا أَخِيه ثمَّ أدْرك الْمهْدي بن الْمَنْصُور وَهُوَ عَم أَبِيه ثمَّ أدْرك الْهَادِي وَهُوَ عَم جده ثمَّ أدْرك الرشيد وَفِي أَيَّامه مَاتَ وَمِنْهَا أَنه مَاتَ بِأَسْنَانِهِ الَّتِي خلق بهَا وَولد بهَا لم يثغر وَكَانَت قِطْعَة وَاحِدَة من أَسْفَل وَقَالَ يَوْمًا للرشيد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا مجْلِس فِيهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَعم أَمِير الْمُؤمنِينَ وَعم عَم أَمِير(18/272)
الْمُؤمنِينَ وَعم عَم عَمه وَذَلِكَ أَن سُلَيْمَان بن أبي جَعْفَر عَم الرشيد وَالْعَبَّاس عَم سُلَيْمَان وَعبد الصَّمد عَم الْعَبَّاس
ولي إمرة دمشق للمهدي والرشيد وَولي مَكَّة والموسم وَكَانَ كَبِير الْقدر مُعظما وَهُوَ أعرف النَّاس فِي الْعَمى لِأَنَّهُ أعمى ابْن أعمى ابْن أعمى وَقعت فِي عينه ريشة فَعميَ مِنْهَا توفّي بِالْبَصْرَةِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ)
عبد الصَّمد بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ ذكره الباخرزي فِي الدمية وَأورد لَهُ المنسرح
(دَعْنِي أسر فِي الْبِلَاد مبتغياً ... فضل ثراء إِن لم يفر زانا)
(فبيذق النطع وَهُوَ أَحْقَر مَا ... فِيهِ إِذا سَار صَار فرزانا)
وَقَوله السَّرِيع)
حمر يَدي بالكاس فالروض مخضر الرِّبَا قبل اصفرار البنان
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ)
عبد الصَّمد بن عمر أَبُو الْقَاسِم البغداذي الدينَوَرِي ثمَّ البغداذي الْوَاعِظ إِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة الْمَعْرُوفَة بأصحاب عبد الصَّمد توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم ابْن الحرستاني)
عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْقَاسِم جمال الدّين ابْن الحرستاني الْأنْصَارِيّ الخزرجي البغداذي السَّعْدِيّ الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الشَّافِعِي سمع جمَاعَة وَحدث وبرع فِي الْمَذْهَب وأفنى ودرس وَطَالَ عمره ولاه الْعَادِل الْقَضَاء ولد سنة عشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وست مائَة وَفِيه يَقُول ابْن عنين مجزوء الْكَامِل
(تَبًّا لحكمك لَا حرستا ... هَل أَنْت إِلَّا من حرستا)
(بلد تجمع من حرٍ ... واستٍ فَصَارَ إِذن حرستا)(18/273)
كَانَ بارعاً فِي الْفِقْه قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة حكى لي الْفِقْه عز الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام أَنه لم ير أفقه مِنْهُ وَعَلِيهِ كَانَ ابْتِدَاء اشْتِغَاله ثمَّ صحب الشَّيْخ فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر فَسَأَلته عَنْهُمَا فرجح ابْن الحرستاني انْتهى قلت وناهيك بِمن يثني عَلَيْهِ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام هَذَا الثَّنَاء وَقَالَ إِنَّه كَانَ يحفظ الْوَسِيط للغزالي ولي الْقَضَاء نِيَابَة بِدِمَشْق أَيَّام شرف الدّين بن أبي عصرون وَلما أضرّ شرف الدّين بَقِي هُوَ على نيابته مَعَ ابْنه محيي الدّين فَلَمَّا عزل وَولي محيي الدّين بن الزكي وَهُوَ شَاب انْقَطع ابْن الحرستاني فِي بَيته إِلَى أَن ولاه الْعَادِل قَضَاء الْقُضَاة وَأخذ مِنْهُ مدرستيه العزيزية والتقوية وَأعْطى التقوية لفخر الدّين بن عَسَاكِر وأضاف العزيزية إِلَى الْقَضَاء لِابْنِ الحرستاني واعتنى بِهِ الْعَادِل عناية كَثِيرَة إِلَى الْغَايَة بِحَيْثُ أَنه جهز لَهُ مَا يفرش تَحْتَهُ فِي مجْلِس الحكم لضَعْفه وَكبره وَمَا يسْتَند إِلَيْهِ وَكَانَ يجلس للْحكم بمدرسة المجاهدية وناب عَنهُ بهَا ابْنه عماد الدّين عبد الْكَرِيم وَكَانَ يجلس بَين يَدَيْهِ فَإِذا قَامَ الشَّيْخ يسْتَند مَكَانَهُ ثمَّ أَنه مَنعه ذَلِك لشَيْء بلغه عَنهُ وناب عَنهُ أَيْضا أكَابِر شُيُوخ الْقُضَاة يَوْمئِذٍ شمس الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ وَكَانَ يجلس قبالته فِي إيوَان المجاهدية وشمس الدّين ابْن سيني الدولة وبنيت لَهُ دكة فِي الزاوية الْقبلية بِقرب الْمدرسَة وَشرف الدّين الْموصِلِي الْحَنَفِيّ بِمَجْلِس الْمِحْرَاب بهَا وَبَقِي فِي الْقَضَاء نَحوا من سنتَيْن وَسَبْعَة أشهر وَلما)
توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة حفلة وَكَانَ لَهُ يَوْم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى خمس وَتسْعُونَ سنة وَفِيه قَالَ شهَاب الدّين فتيَان الشاغوري الْبَسِيط
(يَا من تدرع فِي حمل الحمول وَيَا ... معانق الْهم فِي سر وإعلان)
(لَا تأنسا روح من نَادَى لذِي مائَة ... قَاضِي الْقُضَاة الْجمال ابْن الحرستاني)
يَعْنِي أَنه غَرِيب وَلِأَنَّهُ قَاضِي الْقُضَاة من هُوَ فِي هَذَا السن على أَنه امْتنع رَحمَه الله تَعَالَى من الْولَايَة لما طلب لَهَا فألزمه الْعَادِل بهَا وَكَانَ عادلاً فِي ولَايَته صَارِمًا وَكَانَ عديم الِالْتِفَات إِلَى شَفَاعَة الأكابر عِنْده
قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ اتّفق أهل دمشق على أَنه مَا فَاتَهُ صَلَاة بِجَامِع دمشق فِي الْجَمَاعَة إِلَّا إِذا كَانَ مَرِيضا ينزل من الجويرة فِي سلم طَوِيل فَيصَلي وَيعود إِلَى دَاره وَمُصَلَّاهُ بِيَدِهِ وَكَانَ مقتصداً فِي ثِيَابه ومعيشته وَلم يدع أحدا من غلْمَان الْقُضَاة يمشي مَعَه وَقَالَ إِن الْعَادِل كتب لبَعض خواصه كتابا يوصيه فِي حُكُومَة بَينه وَبَين آخر فجَاء إِلَيْهِ وَدفع إِلَيْهِ الْكتاب فَقَالَ إيش فِيهِ قَالَ وَصِيَّة بِي قَالَ أحضر خصمك فَأحْضرهُ وَالْكتاب بِيَدِهِ لم يَفْتَحهُ وَادّعى على الرجل فَظهر الْحق لغريمه فَقضى عَلَيْهِ ثمَّ فتح الْكتاب وقرأه وَرمى الْكتاب إِلَى حامله وَقَالَ كتاب الله قد قضى وَحكم على هَذَا الْكتاب فَمضى الرجل إِلَى الْعَادِل وَبكى بَين يَدَيْهِ وَأخْبرهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ الْعَادِل صدق كتاب الله أولى من كتابي(18/274)
وَكَانَ القَاضِي جمال الدّين الْمَذْكُور قد شَارك الْحَافِظ أَبَا الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر فِي كثير من مشائخه الدماشقة سَمَاعا وَفِي الغرباء إجَازَة وَسمع بِدِمَشْق عَليّ بن الْمُسلم وَعبد الْكَرِيم بن حَمْزَة وَعلي بن أَحْمد بن قيس الْمَالِكِي وَسمع بحلب عَليّ بن سُلَيْمَان الْمرَادِي أَكثر كتب الْبَيْهَقِيّ وَكَانَ آخر من حدث عَن عبد الْكَرِيم الْحداد وجمال الْإِسْلَام عَليّ بن الْمُسلم سَمَاعا وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عبد الله الفراوي وَهبة الله بن سهل وقاضي المارستان وَابْن السَّمرقَنْدِي والأنماطي وزاهر بن طَاهِر الشحامي وَأَبُو الْمَعَالِي الْفَارِسِي وَعبد الْمُنعم بن أبي الْقَاسِم الْقشيرِي
3 - (عبد الصَّمد بن المعذل)
عبد الصَّمد بن المعذل بن غيلَان بن الحكم بن البخْترِي بن الْمُخْتَار بن ذريح بن أَوْس بن همام بن ربيعَة يَنْتَهِي إِلَى معد بن عدنان وَهُوَ أَخُو أَحْمد الْمَذْكُور فِي الأحمدين كَانَ شَاعِرًا)
فصيحاً من شعراء الدولة العباسية بَصرِي المولد والمنشأ وَكَانَ هجاء خَبِيث اللِّسَان شَدِيد الْعَارِضَة لَا يسلم مِنْهُ من مدحه من الهجو فضلا عَن غَيره توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَله ذكر فِي تَرْجَمَة أَخِيه وهما طرفا نقيض وَمن شعره الْكَامِل
(استبق قَلْبك لَا يَمُوت صبَابَة ... حذرا لبين أَخ لَهُ يتَوَقَّع)
(إِن حَان بَينهم وقلبك بَائِن ... فَبِأَي قلب بعد ذَلِك تجزع)
وَمِنْه الْبَسِيط
(إِن الْعُيُون إِذا أمكن من رجل ... يفعلن بِالْقَلْبِ مَا لَا يفعل الأسل)
(وَلَيْسَ بالبطل الْمَاشِي إِلَى بَطل ... فِي الْحَرْب تخمد أَحْيَانًا وتشتعل)
(لكنه من لوى قلباً إِذا رشقت ... فِيهِ الْعُيُون فَذَاك الْفَارِس البطل)
وَمِنْه الْكَامِل
(برعت محاسنه فجل بهَا ... عَن أَن يقوم بوصفها لفظ)
(نطق الْجمال بِعُذْر عاشقه ... للعاذل فأخرس الْوَعْظ)
(لم تبتذل مِنْهُ الْعُيُون سوى ... مَا نَالَ من وجناته اللحظ)
(مَا للقلوب إِذا التبسن بِهِ ... مِنْهُ سوى حسراتها حَظّ)
(مَا ضرّ من رقت محاسنه ... لَو كَانَ رق فُؤَاده الْفظ)(18/275)
وهجاه الجماز بقوله المجتث
(ابْن المعذل من هُوَ ... وَمن أَبوهُ المعذل)
(سَأَلت وهبان عَنهُ ... فَقَالَ بيض محول)
وَكَانَ وهبان رجلا يَبِيع الحملقة فَجمع جمَاعَة من جِيرَانه وَأَصْحَابه وَجعل يغشى الْمجَالِس وَيعْتَذر وَيحلف لَهُم أَنه مَا قَالَ إِن عبد الصَّمد بيض محول ويسألهم أَن يعتذروا لَهُ عَنهُ وَكَانَ ذَلِك أَشد على عبد الصَّمد من الهجو وهجا عبد الصَّمد الجماز فَقَالَ مجزوء الرمل نسب الجماز مَقْصُور إِلَيْهِ منتهاه يتَرَاءَى نسب النَّاس فَمَا يخفى سواهُ لَيْسَ يدْرِي من أَبُو الجماز إِلَّا من يرَاهُ فاشتهرت أَبْيَات الجماز وَلم تشتهر هَذِه وَمن شعره الطَّوِيل)
(هِيَ النَّفس تجزي الود بالود أَهله ... وَإِن سمتها الهجران فالهجر دينهَا)
(إِذا مَا قرين بت مِنْهَا حياله ... فأهون مَفْقُود عَلَيْهَا قرينها)
(لبئس معار الود من لَا يربه ... ومستودع الْأَسْرَار من لَا يصونها)
3 - (أَبُو الْقَاسِم بن بابك)
عبد الصَّمد بن مَنْصُور بن بابك أَبُو الْقَاسِم الشَّاعِر الْمَشْهُور بغداذي محسن مجيد القَوْل لَهُ ديوَان كَبِير طوف الْبِلَاد ومدح الْكِبَار وَتُوفِّي سنة عشر وَأَرْبع مائَة ومدح عضد الدولة والصاحب بن عباد وَغَيرهمَا وملكت ديوانه وَهُوَ فِي مجلدة وَاحِدَة بِخَط ضِيَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ بن خروف النَّحْوِيّ المغربي
من شعره قَوْله الْبَسِيط
(أحببته أسرد الْعَينَيْنِ والشعره ... فِي عينه عدَّة للوصل منتظره)
(لدن الْمُقَلّد مخطوف الحشا ثملاً ... رخص الْعِظَام أَشمّ الْأنف والقصره)
(للظبي لفتته والغصن قتلته ... وَالرَّوْض مَا بثه والرمل مَا ستره)
(تكَاد عَيْني إِذا خاضت محاسنه ... إِلَيْهِ تشربه من رقة البشره)
(حَتَّى إِذا قلت قد أمللتها شرهت ... شوقاً إِلَيْهِ وَفِي عين الْمُحب شَره)
(أدنى إِلَيّ فَمَا أعطَاهُ ريقته ... طير يفِيض على أعطافه جبره)(18/276)
(مزنر لم تنصره شمامسة ... وَلَا ارجحنت إِلَى أنصابه الكفره)
(فاءت عَليّ غصون من ذؤابته ... كَمَا تفيء على غزلانها السمره)
(نبهته وَسنَان الْفجْر معترض ... وَاللَّيْل كالبحر يخفي لجه درزه)
(فَقَامَ يكسر من أجفانه وسناً ... ودمعة الدل من عَيْنَيْهِ معتصره)
(نشوان يسرق لين البان خطرته ... مبلبل الخطو والأعطاف والبشره)
(فِي كَفه خمرة تترو فواقعها ... كَمَا تدوم فَوق الْجَمْرَة الشرره)
(مَا زَالَ يسحرني لحظاً وأسحره ... لفظا فَيَسْبق سيلي فِي الْهوى مطره)
(وَفِي الصبابة لَاحَ والسلو أَخ ... وَالشعر يلقف مَا تَأتي بِهِ السحره)
(ثمَّ اكتحلنا بأوشال الدُّمُوع كَمَا ... تقرطت برذاذ المزنة الشجره)
(يجني ويغضب وَالْإِقْرَار من شيمي ... وللمحب ذنُوب غير مغتفره)
)
(كَذَا الزَّمَان وَلَكِنِّي أماثله ... ذَنبا بذنب ولي من دونه الخيره)
وَمِنْه الْكَامِل
(سحر الْعرَاق ونعرة الندمان ... حبسا على خلع العذار عناني)
(يَا حبذا ضعف النسيم إِذا ونى ... وتحرش الأغصان بالأغصان)
(أرج تخنث حِين حمشه الندى ... فاختال فِي عذب من الريحان)
(أَيَّام تذكرني القدود وفتلها ... ري تردد فِي غصون البان)
(فِي شاطئي وَاد تطرف رَملَة ... خضراء يفحصها الربَاب الداني)
(فالريح تعثر فِي برود رياضها ... وَالْمَاء يمشي مشْيَة السَّكْرَان)
(سيل يبرح بالشعاب أتيه ... ويكب سدر القاع للأذقان)
(وَاد ترفعه الْجنُوب إِذا جرت ... عنقًا ويخضع للنسيم الواني)
وَمِنْه الْبَسِيط
(هَذَا الصَّباح وكفي فِي يَد الساقي ... تجلى وَقد قَامَت الدُّنْيَا على سَاق)
(فَمن جني على زير يخاطبه ... وَمن رشوف لريق الناي ذواق)
(وَمن مكب كَأَن الْبَدْر فِي يَده ... يجلوه مَا بَين إرعاد وإبراق)
(نملي عَلَيْهِ مَزَامِير اللحون يَد ... تمشي أناملها فِي رق وراق)
(كَأَنَّهُمْ وَالصبَا تستن فَوْقهم ... حمائم السدر لم توسم بأطواق)(18/277)
(وراقصاً ينثني تيهاً فتحسبه ... غصناً من البان لم يستر بأوراق)
(كَأَن أعضاءه والرقص يزعجها ... تصفيق ريش جنَاح الطَّائِر الراقي)
(وَمن ندامى إِذا اشتدت مدامتهم ... شجت بِمَاء من النونين رقراق)
(كَأَنَّمَا هامهم وَالسكر يسندها ... إِلَى المناكب لم تدعم بأعناق)
(لم يبْق مِنْهُم زجاج الراح دَائِرَة ... إِلَّا حشاشة أنفاس وأرماق)
(وتعسة كلما زارت أَخا شجن ... جَاءَت بطيف من الْحَسْنَاء طراق)
(هَذَا مراحي وشيب الراس مشتغل ... والمستهام لسيغ مَاله راق)
وَمِنْه مجزوء الوافر
(بَدَت بالجزع ذِي الضاله ... فغال الْقلب مَا عاله)
)
وهز الْمَشْي مِنْهَا بانه خضراء مياله
(مشت فوشت بهَا ريح ... على الأحباب دلاله)
(كَأَن بجيبها قمراً ... لَهُ من ثغرها هاله)
على غُصْن يجاذب رَملَة عرفاء منهاله وَفِي أَمْثَال ذَات الْخَال يَعْصِي الصب عذاله
(تراءت لي وَقد قطعت ... كثيب الرمل مختاله)
(فَلَمَّا عرجت هَاجَتْ ... لضيف الشوق بلباله)
(وَكَانَت نبعة الرَّامِي ... وَإِن لم تَكُ قِتَاله)
(وَأعْرض دونهَا دمع ... تخوض الْعين أوشاله)
(أغيضه مسارقة ... ويأبى الوجد إمهاله)
فتؤت بثقل مَا وزرت وَنَفس الصب حماله
(وَقَامَ بذنبها عُذْري ... فنال الْوَصْل من ناله)
(تراح عَليّ خرطوم ... كعين الديك سلساله)
(ونم الْفجْر بالصبح ... فزم اللَّيْل أجماله)
وَمِنْه الْبَسِيط
(زمر الْغُرُوب وأصوات النواعير ... وَالشرب فِي ظلّ أكواخ المناظير)
(أشهى إِلَيّ من الْبَيْدَاء أعسفها ... وَمن طُلُوع الثنايا الشهب والقور)(18/278)
(وصرعة بَين إبريق وباطية ... ونعرة بَين مزمار وطنبور)
(يَا رب يَوْم على القاطول جاذبني ... صبح الزجاجة فِيهِ فضلَة النُّور)
(صدعت طرته وَالشَّمْس قَاصِرَة ... فِي يلمق من ضباب الدجن مزرور)
(كَأَن مَا انحل من هداب مزنته ... دمع تساقط من أجفان مهجور)
(فَمن رشاش على الريحان مقتحم ... وَمن رذاذ على المنشور منثور)
(أجلت سحابته عَن فتية درجوا ... فِي ملعب من جناب الْعَيْش معمور)
(نَامُوا فنبههم قَول السقاة لَهُم ... هبوا فقد صفرت فصح الزرازير)
(فَهَب كل كسير الطّرف منخزل ... يطوي معاطفه طي الطوامير)
)
(يسْعَى إِلَيْهِ بهَا هيف القنا هضم ... عض المآزر من خور المقاصير)
(مزنرات على لف معاقدها ... تكَاد تنْبت من تَحت الزنانير)
(فَمن قدود كأطراف القنا قصف ... وَمن خصور كأوساط الزنانير)
(فَفِي المروط غصون فِي نقا دمث ... وَفِي الْجُيُوب وُجُوه كالدنانير)
تجميشنا مثل حسو الطير مختلس خوفًا وتقبيلنا نقر العصافير
(تحكي أباريقنا طيراً على خلج ... عوجا حلا قيمها حمر المناقير)
(فَلَو رَأَيْت كؤوس الراح دَائِرَة ... فِي كف كل طليق الْبشر مسرور)
(صهباء يرعشها طوراً وترعشه ... كَأَنَّهَا قبس فِي كف مقرور)
(وَلَو تهزجت الأوتار باغمة ... لَقلت للْأَرْض من طيب الْغِنَا سيري)
وَمِنْه الْكَامِل
(شفق يحف بِهِ الظلام فشمسه ... كالخد سَالَ عَلَيْهِ خطّ عذار)
(وَاللَّيْل فِي بدد الرذاذ كَأَنَّهُ ... كحل يكاثر صوب دمع جَار)
(حَتَّى تجاذبت الصِّبَا هدابه ... وذكا ذبال الْكَوْكَب الغرار)
(وافتر عَن فجر كَأَن نجومه ... شرر يطيش على لِسَان النَّار)
(وَكَأن حوذان الأنيعم سحرة ... نشز أناف عَلَيْهِ سرب صوار)
وَمِنْه الوافر
(وهات الكأس أرعشها مزاجاً ... إِذا دارت وترعشني خمارا)
(إِذا انعطفت يَد الساقي عَلَيْهَا ... حسبت عَلَيْهِ من ورس صدارا)(18/279)
(إِذا ابتسمت أرتك هِلَال فطر ... تضاءل طوقه ثمَّ استدارا)
(لَهُ فِي حمرَة لشفق التواء ... كَمَا ألقيت فِي النَّار السوارا)
(كَأَن سقاتها أَبنَاء وتر ... أَصَابُوا من عقول الشّرْب ثارا)
وَمِنْه يصف بطيخاً السَّرِيع
(جماجم أعضاؤهم ألسن ... لَكِنَّهَا معقولة بالخرس)
(تجمعت تكْتم أسرارها ... ففرقتها مدية كالقبس)
(فصلها الْقطع فَمن حزه ... كحاجب الشَّمْس بعيد الْغَلَس)
)
(وحزة كالنون ممشوقة ... كَأَنَّهَا موطئ نعل الْفرس)
(يجْرِي لعاب النَّحْل فِي نحرها ... وَظَاهر الْجلْدَة قاع يبس)
وَمِنْه الوافر
(وأطلال خواشع شاخصات ... كَأَن رسومهن نصول نقش)
(وجاثمة من الأنصاب ورق ... كَأَن ثلثهن حمام عش)
(ونؤي كالقلادة أَو كممشى ... شُجَاع الرمل ساور ضَب حرش)
وَمِنْه الوافر
(على وَاد كَأَن ريَاح نجد ... خلعن عَلَيْهِ أبدان الدروع)
(إِذا ريح اقشعر كَمَا استطارت ... لمس الْخَوْف أحشاء المروع)
(تنصب فِيهِ أَغْصَان الخزامى ... كَمَا انتصبت أنابيب الشموع)
(إِذا رقَّ النسيم بشاطئيه ... وأصغى الْعود إصغاء السَّمِيع)
(تنفض لُؤْلُؤ الأنداء فِيهِ ... كَمَا لجت أساريع الدُّمُوع)
(يُدِير النرجس المبهوت فِيهِ ... عيُونا لم تذق طعم الهجوع)
(يكفر للنسيم إِذا ثناه ... كَمَا هم الْمُصَلِّي بِالرُّكُوعِ)
وَمن شعر ابْن بابك وَفِيه غوص الْكَامِل
(وغدير مَاء أفعمت أَطْرَافه ... كالدمع لما ضَاقَ عَنهُ مجَال)
(قمر الرياض إِذا الغصون تعدلت ... وَإِذا الغصون تهدلت فهلال)
وَمِنْه الْبَسِيط
(وافى الشتَاء فبز النُّور بهجته ... فعل المشيب بِشعر اللمة الرجل)(18/280)
(ورد تفتح ثمَّ ارْتَدَّ مجتمعاً ... كَمَا تجمعت الأفواه للقبل)
قلت أَخذه مجير الدّين بن تَمِيم فَقَالَ وَزَاد فِيهِ التَّضْمِين الْكَامِل
(سبقت إِلَيْك من الحديقة وردة ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا)
(طمعت بلثمك إِذْ رأتك فَجمعت ... فمها إِلَيْك كطالب تقبيلا)
وَهَذَا التَّضْمِين من بَيت لأبي الطّيب فِي وصف النَّاقة وَهُوَ الْكَامِل
(وَتغَير فِي جذب الزِّمَام لقلبها ... فمها إِلَيْك كطالب تقبيلا)
)
فنقله إِلَى ذكر زر الْورْد فَأحْسن كل الْإِحْسَان
وَمن شعر ابْن بابك يصف زِمَام النَّاقة وَهُوَ معنى جيد الْكَامِل
(وَلَقَد أتيت إِلَيْك تحمل بزتي ... حرف يسكن طيشها الذألان)
(يَنْفِي الزَّفِير خطامها فَكَأَنَّهُ ... غَار يحاول نقبه ثعبان)
قلت وَفِيه زِيَادَة كَثِيرَة على قَول أبي الطّيب وَقد ذكر الْخَيل الطَّوِيل
(تجاذب مِنْهَا فِي الصَّباح أَعِنَّة ... كَأَن على الْأَعْنَاق مِنْهَا أفاعيا)
وَمن شعر ابْن بابك الْكَامِل
(طعن تكلل بالضراب كَأَنَّهُ ... زج الحواجب فَوق نجل الْأَعْين)
هُوَ مثل قَول ابْن نباتة السَّعْدِيّ الطَّوِيل
(خرقنا بأطراف القنا فِي ظُهُورهمْ ... عيُونا لَهَا وَقع السيوف حواجب)
وَمن شعر ابْن بابك يصف السيوف والدماء الطَّوِيل
(قواطع من مَاء الْحَدِيد كَأَنَّهَا ... بقايا سيول أسلمتها المقاصل)
(تعطب فِي نضح الدِّمَاء شفارها ... كَمَا اعتنقت تَحت الشَّقِيق الجداول)
3 - (أَبُو جَعْفَر بن تاجيت)
عبد الصَّمد بن مُوسَى بن هُذَيْل بن تاجيت أَبُو جَعْفَر الْبكْرِيّ قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة كَانَ يؤم النَّاس فِي مَسْجده وَيلْزم الْأَذَان وَاسْتمرّ على ذَلِك مُدَّة وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْبَزَّاز)
عبد الصَّمد بن النُّعْمَان البغداذي الْبَزَّاز وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره(18/281)
وَلم يَقع لَهُ شَيْء فِي الْكتب السِّتَّة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (عبد الصَّمد النَّحْوِيّ الضَّرِير)
عبد الصَّمد بن يُوسُف بن عِيسَى النَّحْوِيّ الضَّرِير قَرَأَ على ابْن الخشاب وَأقَام بواسط يقرئ أَهلهَا النَّحْو ويفيدهم إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
(عبد الظَّاهِر)
3 - (رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد الجذامي)
عبد الظَّاهِر بن نشوان بن عبد الظَّاهِر بن نجدة الإِمَام رشيد الدّين أَبُو مُحَمَّد الجذامي الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ الضَّرِير من ذُرِّيَّة روح بن زنباع قَرَأَ الْقرَاءَات على أبي الْجُود وَغَيره وَسمع وتصدر للإقراء مُدَّة وَتخرج بِهِ جمَاعَة
وَكَانَ مقرئ الديار المصرية فِي زَمَانه روى عَنهُ الدمياطي الْحفاظ وَهُوَ وَالِد القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر وَقد تقدم ذكره وَذكر وَلَده فتح الدّين مُحَمَّد وَسَيَأْتِي ذكر عَلَاء الدّين عَليّ بن فتح الدّين مُحَمَّد وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة ونقلت من خطّ وَلَده محيي الدّين يرثيه الطَّوِيل
(فَمَا ابْن كثير الدمع إِن مَاتَ نَافِع ... وَلَا نَافِع حزن عَلَيْك يحتم)
(خزانَة علم قَبره فَلِذَا غَدا ... بهَا كل يَوْم بالتلاوة يخْتم)
وَمن شعر رشيد الدّين الْمَذْكُور مِمَّا كتبه إِلَى بعض مُلُوك بني أَيُّوب يطْلب حَوْض طين فِي بهتيم الْكَامِل
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي إنعامه ... للنَّاس أَنْفَع من سَحَاب ممطر)
(بهتيم فِيهَا فضلَة فِي طينها ... جد لي بِهِ من فضلك المستثمر)
(حَوْض مَتى أَعْطيته لي منعماً ... فجزاك عِنْد الله حَوْض الْكَوْثَر)
وَله شرح العنوان وَكتاب قَبْضَة العجلان فِي مخارج الْحُرُوف وَله شرح بعض الْمفصل(18/282)
(عبد الْعَزِيز)
3 - (ابْن حَاجِب النُّعْمَان)
عبد الْعَزِيز بن إِبْرَاهِيم بن بَيَان الرئيس أَبُو الْحُسَيْن بن النُّعْمَان الْكَاتِب البغداذي قَالَ الْخَطِيب أحد الْكتاب الحذاق بِأُمُور الدِّيوَان لَهُ تواليف فِي الْهزْل توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَلَاث مائَة مِنْهَا كتاب الصبوة كتاب أشعار الْكتاب كتاب الْفَصْل فِي الْولَايَة والعزل كتاب الْغرَر ومجتنى الزهر كتاب النِّسَاء
3 - (ابْن مغلس الأندلسي)
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن السَّيِّد بن مغلس الأندلسي البلنسي اللّغَوِيّ أَبُو مُحَمَّد أحد الْعلمَاء باللغة الْعَرَبيَّة رَحل من الأندلس واستوطن مصر فَمَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة قَرَأَ اللُّغَة على أبي الْعَلَاء صاعد البغداذي وعَلى أبي يَعْقُوب يُوسُف بن خرزاذ النجيرمي قَالَ ياقوت أنْشد لَهُ بعض أهل مصر فِي حمام الطَّوِيل
(ومنزل أَقوام إِذا مَا اغتدوا بِهِ ... تشابه فِيهِ وغده ورئيسه)
(يخالط فِيهِ الْمَرْء غير خليطه ... ويضحى عَدو الْمَرْء وَهُوَ جليسه)
(يفرج كربي إِن تزايد كربه ... وَيُؤْنس قلبِي إِذْ يقل أنيسه)
(إِذا مَا أعرت الجو طرفا تكاثرت ... على مَا بِهِ أقماره وشموسه)
وَمن شعر البلنسي قَوْله المتقارب
(مَرِيض الجفون بِلَا عِلّة ... وَلَكِن قلبِي بِهِ ممرض)
(أعَاد السهاد على مقلتي ... بفيض الدُّمُوع فَمَا تغمض)
(وَمَا زار شوقاً وَلَكِن أَتَى ... يعرض لي أَنه معرض)
وَكَانَت بَينه وَبَين أبي الطَّاهِر إِسْمَاعِيل بن خلف صَاحب كتاب العنوان معارضات فِي قصائد هِيَ مَوْجُودَة فِي ديوانيهما
3 - (أَبُو مُحَمَّد الشرفي)
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن عبد الله بن عَامر الْيحصبِي أَبُو مُحَمَّد الشرفي من شرف إشبيلية قَالَ ابْن مسدي أديب بارع عذب المشارع قدم علينا مصر(18/283)
حَاجا ويلغني أَنه توفّي مُنْصَرفه من الْحَج فِي سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة قَالَ أنشدنا لنَفسِهِ مخلع الْبَسِيط)
(رَأَيْت فِي خَدّه عذاراً ... خلعت فِي حبه عِذَارَيْ)
(قد كتب الْحسن فِيهِ سطراً ... ويولج اللَّيْل فِي النَّهَار)
3 - (الْأَخْفَش)
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد النَّحْوِيّ أَبُو الْأصْبع يعرف بالأخفش سمع مِنْهُ أَصْحَابه سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن خطيب الأشمونين)
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن عُثْمَان الإِمَام البارع الرئيس عز الدّين أَبُو الْعِزّ الهكاري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي قَاضِي الْمحلة وَيعرف بِابْن خطيب الأشمونين وَكَانَ من نبلاء الْعلمَاء ذَا فهم وَمَعْرِفَة وتواضع وسؤدد حج وَسمع من عبد الصَّمد بن عَسَاكِر وَغَيره وَله تصانيف واعتناء بِالْحَدِيثِ حج مَرَّات وَذكر لقَضَاء دمشق بعد ابْن صصرى توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (الديريني)
عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن سعيد الشَّيْخ الْقدْوَة الصَّالح عز الدّين الدَّمِيرِيّ الْمَعْرُوف بالديريني بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء أُخْرَى وَنون أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور رجلا متقشفاً مخشوشناً من أهل الْعلم يتبرك النَّاس بِهِ رَأَيْته مرَارًا وزرته بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ كثير الْأَسْفَار فِي قرى مصر يُفِيد النَّاس وينفعهم وَله نظر كثير فِي غير مَا فن ومشاركة فِي فنون شَتَّى أنشدنا لَهُ بعض الْفُقَرَاء قَالَ أنشدنا عز الدّين عبد الْعَزِيز لنَفسِهِ الطَّوِيل
(وَعَن صُحْبَة الإخوان والكيمياء خُذ ... يَمِينا فَمَا من كيمياء وَلَا خل)
(لقد درت أَطْرَاف الْبِلَاد بأسرها ... وعانيت من شغل وعاينت من شكل)
(وَلم أر أحلى من تفرد سَاعَة ... مَعَ الله خَالِي البال والسر والشغل)
(أناجيه فِي سري وأتلو كِتَابه ... فَأشْهد مَا يسلي عَن المَال والأهل)
قلت أَخْبرنِي شهَاب الدّين أَحْمد بن مَنْصُور الْمَعْرُوف بِابْن الجباس وَقد تقدم ذكره وَكَانَ من تلامذته قَالَ أَخْبرنِي الشَّيْخ عز الدّين الدَّمِيرِيّ رَحمَه الله قَالَ رَأَيْت فِي النّوم(18/284)
كَأَن سَائِلًا يسألني عَن الْمحبَّة فأجبته الْمحبَّة بَيَان لَهَا مِنْهَا وشغل لَهَا عَنْهَا فَلَمَّا استيقظت نظمته فِي هَذَا)
الْمَعْنى فِي أَرْبَعَة أَبْيَات الطَّوِيل
(تحدث بأسرار الْمحبَّة أَو صنها ... فآثارها فِيهَا بَيَان لَهَا عَنْهَا)
(شواهدها تبدو وَإِن كَانَ سرها ... خفِيا فقد بَانَتْ وَإِن لم تبينها)
(لقد جليت حَتَّى طمعنا بنيلها ... وجلت فَلَا تَدْرِي الْعُقُول لَهَا كنها)
(لنا من سناها حيرة وهداية ... وَدلّ وإدلال وشغل بهَا عَنْهَا)
وَأَخْبرنِي شهَاب الدّين الْمَذْكُور أَن الشَّيْخ عز الدّين الْمَذْكُور نظم وجيز الْغَزالِيّ فِي قريب الْخَمْسَة آلَاف بَيت على حرف الرَّاء وأنشدني شهَاب الدّين الْمَذْكُور من أَوله جملَة من كتاب الطَّهَارَة وَهُوَ نظم مُتَمَكن قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى لنَفسِهِ الطَّوِيل
(تطهرن بِالْمَاءِ خص فَإِن بَقِي ... على أَصله فالطهر بَاقٍ بِلَا نكر)
سوى رَافع الْأَحْدَاث مُسْتَعْملا على الْجَدِيد لنقل الْمَنْع من حدث يجْرِي
(وَمن كَونه مُسْتَعْملا فِي عبَادَة ... فَإِن فقدا فالطهر حَقَّقَهُ عَن بشر)
(وَإِن فقدت إِحْدَاهمَا فتردد ... كَذَا فِي اجْتِمَاع مِنْهُ يكنز فِي النَّهر)
3 - (غُلَام الْخلال)
عبد الْعَزِيز بن جَعْفَر بن أَحْمد بن يزداذ أَبُو بكر الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ غُلَام الْخلال شيخ الْحَنَابِلَة وعالمهم الْمَشْهُور تفقه بأستاذه أبي بكر الْخلال وَسمع من عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِيمَا قيل وَجَمَاعَة وَكَانَ كَبِير الْقدر صَحِيح النَّقْل بارعاً فِي نقل مذْهبه لَهُ الْمقنع وَهُوَ نَحْو مائَة جُزْء والشافي نَحْو ثَمَانِينَ جُزْءا وَزَاد الْمُسَافِر وَالْخلاف مَعَ الشَّافِعِي ومختصر السّنة توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم بن خواستي)
عبد الْعَزِيز بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن خواستي أَبُو الْقَاسِم الْفَارِسِي البغداذي الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ شيخ معمر سمع وروى وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع مائَة(18/285)
3 - (أَبُو الْحسن التَّمِيمِي)
عبد الْعَزِيز بن الْحَارِث بن أَسد بن اللَّيْث أحد فُقَهَاء الْحَنَابِلَة الْأَعْيَان كَانَ جليل الْقدر لَهُ كَلَام فِي مسَائِل الْخلاف ومصنف فِي الْفَرَائِض وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو طَاهِر سيدوك)
)
عبد الْعَزِيز بن حَامِد بن الْخضر أَبُو طَاهِر الشَّاعِر من أهل وَاسِط كَانَ يعرف بسيدوك روى عَنهُ شعره أَبُو الْقَاسِم ابْن كردان وَأَبُو الجوائز الْكَاتِب الواسطيان كَانَ مَوْجُودا سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة وَمن شعره مخلع الْبَسِيط
(تاركتي فِي الْهوى حَدِيثا ... بِكَثْرَة الدمع بَين صحبي)
(هيك تجنبت لاجتناب ... طيفك يجفو لأي ذَنْب)
(خذي حَياتِي بِلَا مكاس ... يَا نور عَيْني ونار قلبِي)
وَمِنْه الوافر
(شربنا فِي شعانين النَّصَارَى ... على ورد كأردية الْعَرُوس)
(تغنينا بَنَات الرّوم فِيهِ ... بألحان الرهابن والقسوس)
(فيا لَيْلًا نعمنا فِي دجاه ... بحاجات تردد فِي النُّفُوس)
(رياضك والمدامة والتداني ... شموس فِي شموس فِي شموس)
وَمِنْه الْبَسِيط
(عهدي بِنَا ورداء الْوَصْل يجمعنا ... وَاللَّيْل أطوله كاللمح بالبصر)
(والآن ليلِي مذ غَابُوا فديتهم ... ليل الضَّرِير فصبحي غير منتظر)
وَمِنْه الْخَفِيف
(إِن دائي الْغَدَاة أَبْرَح دَاء ... وطبيبي سريرة مَا تبوح)
(تحسبوني إِذا تَكَلَّمت حَيا ... رُبمَا طَار طَائِر مَذْبُوح)
3 - (ابْن أبي حَازِم)
عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم الْفَقِيه أَبُو تَمام الْمدنِي كَانَ إِمَامًا كَبِير(18/286)
الشَّأْن قَالَ ابْن معِين صَدُوق وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْحَكِيم أسعد الدّين)
عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن الْحَكِيم أسعد الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ رَئِيس الْأَطِبَّاء بِمصْر سمع ابْن عَسَاكِر أَبَا الْقَاسِم وَشهد عِنْد الْقُضَاة وَأخذ الطِّبّ عَن أبي زَكَرِيَّا البياسي وخدم الْملك مَسْعُود الاقسيس بِالْيمن وَحصل أَمْوَالًا وعاش خمْسا وَسِتِّينَ سنة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَله كتاب نَوَادِر الألباء فِي امتحان الْأَطِبَّاء وَأَظنهُ الَّذِي عناه ابْن عنين بقوله)
الطَّوِيل
(فُرَادَى وَلَا خلف الإِمَام جمَاعَة ... وموتي وَلَا عبد الْعَزِيز طَبِيب)
3 - (أَخُو السفاح)
عبد الْعَزِيز بن الْحجَّاج بن عبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ أَخُو السفاح لأمه ريطة بنت عبيد الله الحارثية لما غلب مَرْوَان الْحمار وثب عَلَيْهِ غلمانه بداره فَقَتَلُوهُ فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الدَّارِيّ الخليلي)
عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن الْحسن الشَّيْخ مجد الدّين أَبُو مُحَمَّد الدَّارِيّ الخليلي الْمصْرِيّ وَالِد الصاحب فَخر الدّين ابْن الخليلي ولد سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة بِمصْر وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَسمع الشِّفَاء لعياض بن الْحُسَيْن بن جُبَير الْكِنَانِي وَدخل بغداذ وَسمع من الْفَتْح بن عبد السَّلَام وَأبي عَليّ ابْن الجواليقي والداهري وَعمر بن كرم وزَكَرِيا العيلبي وَأخذ عَنهُ الْمزي والبرزالي
قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين زعم أَنه من ولد تَمِيم الدَّارِيّ وَكَانَ دينا متعبداً لَهُ وجاهة فِي الدول وعَلى ذهنه من الْأَيَّام والتواريخ قِطْعَة صَالِحَة
3 - (الجليس ابْن الْجبَاب)
عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن بن الْجبَاب بِالْجِيم وَالْبَاء(18/287)
الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف بَاء أُخْرَى الأغلبي السَّعْدِيّ التَّمِيمِي الصّقليّ الأَصْل هُوَ الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي الجليس أَبُو الْمَعَالِي
قَالَ ابْن نقطة كَانَ عبد الله جد أبي الْمَعَالِي يعرف بالجباب لجلوسه فِي سوقهم وَسمي هُوَ الجليس لِأَنَّهُ كَانَ يعلم الظافر وأخويه أَوْلَاد الْحَافِظ الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْأَدب وَكَانَت عَادَتهم يسمون مؤدبهم الجليس
وَقَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَقد أناف على السّبْعين ذكر عمَارَة فِي كتاب تَارِيخ الْيمن أَن ابْن الْجبَاب تولى ديوَان الْإِنْشَاء للفائز مَعَ الْمُوفق بن الْخلال وَمن شعره الطَّوِيل
(وَمن عجب أَن السيوف لديهم ... تحيض دِمَاء وَالسُّيُوف ذُكُور)
(وأعجب من ذَا أَنَّهَا فِي أكفهم ... تأجج نَارا والأكف بحور)
وَمِنْه المنسرح)
(حَيا بتفاحة مخضبة ... من شفني حبه وتيمني)
(فَقلت مَا إِن رَأَيْت مشبهها ... فاحمر من خجلة فَكَذبنِي)
وَمِنْه الوافر
(وأصل بليتي من قد غزاني ... من السقم الْملح بعسكرين)
(طَبِيب طبه كغراب بَين ... يفرق بَين عافيتي وبيني)
(أَتَى الْحمى وَقد شاخت وباخت ... فَرد لَهَا الشَّبَاب بنسختين)
(ودبرها بتدبير لطيف ... حَكَاهُ عَن سِنَان أَو حنين)
(وَكَانَت نوبَة فِي كل يَوْم ... فصيرها بحذق نوبتين)
وَمِنْه مخلع الْبَسِيط
(يَا وَارِثا عَن أَب وجد ... فَضِيلَة الطِّبّ والسداد)
(وكاملاً رد كل نفس ... هَمت عَن الْجِسْم بالبعاد)
(أقسم لَو قد طببت دهراً ... لعاد كوناً بِلَا فَسَاد)
وَمِنْه الْكَامِل
(قد أهملت كل الْأُمُور فَمَا ... يَعْنِي بمصلحة وَلَا يُغني)(18/288)
(بسداد مُخْتَلفين مَا لَهما ... إِلَّا فَسَاد أمورنا معنى)
(نأتي فنكتب ذَا ونكشط ذَا ... فنعود بعدهمَا كَمَا كُنَّا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(ربَّ بيد سللنا باللحظ بيضًا ... مرهفات جفونهن جفون)
(وخدود للدمع فِيهَا خد ... وعيون قد فاض فِيهَا عُيُون)
وَمِنْه الْخَفِيف حبذا ميعة الشَّبَاب الَّتِي يعْذر حبها الخليع العذار
(إِذْ بِذَات الْخمار أمتع ليلِي ... وبذات الْخمار ألهو نهاري)
(والغواني لَا عَن وصالي غواني ... والجواري إِلَى جِواري جَواري)
وَكَانَ القَاضِي الجليس ابْن الْجبَاب كَبِير الْأنف وَكَانَ الْخَطِيب أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن الْبَدْر الْمَعْرُوف بِابْن الصياد مُولَعا بِأَنْفِهِ وهجائه وَذكر أَنفه فِي أَكثر من ألف مَقْطُوعَة فانتصر لَهُ)
أَبُو الْفَتْح ابْن قادوس الشَّاعِر فَقَالَ مجزوء الْكَامِل يَا من يعيب أنوفنا الشم الَّتِي لَيست تعاب
(الْأنف خلقَة رَبنَا ... وقرونك الشم اكْتِسَاب)
وَقَالَ القَاضِي الجليس يرثي وَالِده وَقد مَاتَ غريقاً فِي الْبَحْر لريح عصفت الْبَسِيط
(وَكنت أهدي مَعَ الرّيح السَّلَام لَهُ ... مَا هبت الرّيح فِي صبح وَمَسَاء)
(إِحْدَى ثقاتي عَلَيْهِ كنت أحسبها ... وَلم أخل أَنَّهَا من بعض أعدائي)
وَمن شعره الطَّوِيل
(ألمت بِنَا وَاللَّيْل يزهي بلمة ... دجوجية لم يكتهل بعد فوادها)
(فأشرق ضوء الصُّبْح وَهُوَ جبينها ... وفاحت أزاهير الرِّبَا وَهِي رياها)
(إِذا مَا اجتنت من وَجههَا الْعين رَوْضَة ... أسالت خلال الرَّوْض بِالدَّمِ أهواها)
(وَإِنِّي لاستسقي السَّحَاب لربعها ... وَإِن لم يكن إِلَّا ضلوعي مأواها)
(إِذا استعرت نَار الأسى بَين أضلعي ... نضحت على حر الحشا برد ذكرَاهَا)
(وَمَا بِي أَن يصلى الْفُؤَاد بحرها ... وتضرم لَوْلَا أَن فِي الْقلب سكناهَا)(18/289)
3 - (ابْن خلوف النَّحْوِيّ)
عبد الْعَزِيز بن خلوف الجزوري النَّحْوِيّ قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر مفلق ذُو أَلْفَاظ حَسَنَة وَمَعَان متمكنة مثقف لنواحي الْكَلَام رطبها حُلْو مذاقة الطَّبْع عذبها يشبه فِي المنظوم والمنثور بِأبي عَليّ الْبَصِير وَله من سَائِر الْعُلُوم حظوظ وافرة وَحُقُوق ظهرة أغلبها عَلَيْهِ علم النَّحْو والقراءات وَمَا تعلق بهَا وَفِيه ذكاء يخرج عَن الْحَد الْمَحْمُود
وَمن شعره من قصيدة الْكَامِل
(الصَّبْر من خلق الرِّجَال وطبعها ... والحزن أَكثر صابريه نسَاء)
(حَتَّى إِذا زرت هوادجهم ولي ... فِي بَعْضهَا لَو يعلمُونَ شِفَاء)
(الشَّمْس مشدود عَلَيْهَا معجر ... والغصن مُشْتَمل عَلَيْهِ رِدَاء)
(تصبو الجمادات الْموَات لوجهها ... طَربا فَكيف النُّطْق الْأَحْيَاء)
(سَارُوا وَقد بنت الأسنة حولهَا ... سوراً يجاز بحده الجوزاء)
(من كل أروع كل مَا فِي صَدره ... قلب وَمَا فِي قلبه سَوْدَاء)
)
(غيران يضْرب بالمهند كُله ... حَتَّى يُقَال لَهُ بِهَذَا دَاء)
وَمن مديحها
(لَو يَسْتَطِيع لأدخل الْأَمْوَات من ... نعمائه فِيمَا نَالَتْ الْأَحْيَاء)
(سوت رعاياه يَد إنصافه ... حَتَّى الشوامخ والوهاد سَوَاء)
(متنوع العزمات مَاء مغدق ... فيهم وعنهم صَخْرَة صماء)
(مَا أَنْت بعض النَّاس إِلَّا مِثْلَمَا ... بعض الْحَصَا الياقوتة الْحَمْرَاء)
(فتحت لنا نعماك كل بلاغة ... فَجرى اليراع وقات الشُّعَرَاء)
قلت قَوْله أول الأبيات الصَّبْر من خلق الرِّجَال الْبَيْت مَأْخُوذ من قَول الأول الطَّوِيل
(خلقنَا رجَالًا للتجلد والأسى ... وَتلك الغواني للبكا والمآتم)(18/290)
وَقَوله مَا أَنْت بعض النَّاس الْبَيْت مَأْخُوذ من قَول أبي الطّيب الوافر
(فَإِن تفق الْأَنَام وَأَنت مِنْهُم ... فَإِن الْمسك بعض دم الغزال)
ولي فِي مثل هَذَا الْمَعْنى الْكَامِل
(فاقوا الْأَنَام علا وهم من جنسهم ... وَمن الْحِجَارَة إثمد فِي الْأَعْين)
وَمن شعره أَيْضا الطَّوِيل
(وَمن دونهَا طود من السمر شامخ ... إِلَى النَّجْم أَو بَحر من الْبيض متآ)
(وأسود لَا تبدو بِهِ النَّار حالك ... وبيداء لَا تجتازها الرّيح غلق)
قَالَ ابْن رَشِيق لَا أعلم مثل هَذِه الْمُبَالغَة إِلَّا قَول الكموني الْبَسِيط
(تأملوا مَا دهاني تبصروا قصصاً ... ظلامها لَيْسَ يمشى فِيهِ بالسرج)
من الأبيات الْمَذْكُورَة فِي ذكر الْقَلَم الطَّوِيل
(بِهِ السحب ترجى وَالصَّوَاعِق تتقى ... وَمَاء الحيا ينهل وَالنَّار تحرق)
(هُنَا لكم يلقى العصي معاشر ... سوى مَا شدا طير الفلاة المحلق)
(ويرتفع الْحزن الصَّلِيب عجاجة ... على أَنه من وابل الدَّم مغدق)
قَالَ ابْن رَشِيق أَخذ هَذَا الْمَعْنى من قولي المديد ملك بل بالدماء ثرى الأَرْض فَمَا للجيوش فِيهَا غُبَار قلت وَمن هُنَا أَخذ شهَاب الدّين مَحْمُود قَوْله الْكَامِل)
(رَشَّتْ دِمَاؤُهُمْ الصَّعِيد فَلم يطر ... مِنْهُ على الْجَيْش السعيد غُبَار)
3 - (الأسعد بن مماتي)
عبد الْعَزِيز بن الخطير هُوَ الأسعد بن الْمُهَذّب بن مماتي تقدم ذكره وَذكر وَالِده فِي حُرُوف الْألف وَالسِّين من الْهمزَة فليكشف من هُنَاكَ
3 - (المتنقتل)
عبد الْعَزِيز بن خيرة أَبُو أَحْمد الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف بالمتنقتل من شعره يهجو اللقانق وَأهل الأندلس يسمونه المرقاس السَّرِيع لَا آكل المرقاس دهري لتأويل الورى فِيهِ قَبِيح العيان
(كَأَنَّمَا صورتهَا إِذْ بَدَت ... أنامل المصلوب بعد الثمان)
وَمِنْه الْخَفِيف
(إِن جفاني الْكرَى وواصل قوما ... فَلهُ الْعذر فِي التَّخَلُّف عني)(18/291)
(لم يخل الْهوى لجسمي شخصا ... فَإِذا جَاءَنِي الْكرَى لم يجدني)
قلت هُوَ كَقَوْل الآخر الْخَفِيف
(لم يَعش إِنَّه جليد وَلَكِن ... ذاب سقماً فَلم تَجدهُ الْمنون)
3 - (عبد الْعَزِيز بن دلف)
عبد الْعَزِيز بن دلف بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد البغداذي الْمُقْرِئ النَّاسِخ الخازن كَانَ عدلا ثِقَة لَهُ صُورَة كَبِيرَة ولي خزانَة كتب المستنصرية وَغَيرهَا وَسمع وروى وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (عبد الْعَزِيز بن رفيع)
عبد الْعَزِيز بن رفيع أَبُو عبد الله الْأَسدي الطَّائِفِي نزيل الْكُوفَة روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَشُرَيْح القَاضِي وَأنس بن مَالك وَعبيد بن عُمَيْر وَزيد بن وهب وَجَمَاعَة كَانَ أحد الثِّقَات المسندين وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الْعَزِيز بن أبي رواد)
عبد الْعَزِيز بن أبي رواد الْأَزْدِيّ الْمَكِّيّ أحد الْعلمَاء وَله جمَاعَة إخْوَة كَانَ يطوف بِالْكَعْبَةِ فطعنه الْمَنْصُور بإصبعه فَالْتَفت فَرَآهُ فَقَالَ علمت أَنَّهَا طعنة جَبَّار لم يصل عَلَيْهِ سُفْيَان)
الثَّوْريّ لكَونه يرى الإرجاء فَقيل للثوري فَقَالَ وَالله إِنِّي لأرى الصَّلَاة على من هُوَ دونه وَلَكِن أردْت أَن أرِي النَّاس أَنه مَاتَ على بِدعَة
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ مرجئاً رجلا صَالحا وَلَيْسَ هُوَ فِي التثبيت مثل غَيره وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (صفي الدّين الْحلِيّ)
عبد الْعَزِيز بن سَرَايَا بن عَليّ بن أبي الْقَاسِم بن أَحْمد بن(18/292)
نصر بن أبي الْعِزّ ابْن سَرَايَا بن بَاقِي بن عبد الله بن العريض هُوَ الإِمَام الْعَلامَة البليغ المفوه النَّاظِم الناثر شَاعِر عصرنا على الْإِطْلَاق صفي الدّين الطَّائِي السنبسي الْحلِيّ شَاعِر أصبح بِهِ رَاجِح الْحلِيّ نَاقِصا وَكَانَ سَابِقًا فَعَاد على عقبه ناكصاً أَجَاد القصائد المطولة والمقاطيع وأتى بِمَا أخجل زهر النُّجُوم فِي السَّمَاء فَمَا قدر زهر الأَرْض فِي الرّبيع تطربك أَلْفَاظه المصقولة ومعانيه المعسولة ومقاصده الَّتِي كَأَنَّهَا سِهَام راشقة وسيوف مسلولة
مولده يَوْم الْجُمُعَة خَامِس شهر ربيع الآخر سنة سبع وَسبعين وست مائَة دخل إِلَى مصر أَيَّام الْملك النَّاصِر فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَأَظنهُ وردهَا مرَّتَيْنِ وَاجْتمعَ بِالْقَاضِي عَلَاء الدّين بن الْأَثِير كَاتب السِّرّ ومدحه وَأَقْبل عَلَيْهِ وَاجْتمعَ بالشيخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَغَيره وَأثْنى فضلاء الديار المصرية عَلَيْهِ وَأما شمس الدّين عبد اللَّطِيف فَإِنَّهُ كَانَ يظنّ أَنه لم ينظم الشّعْر أحد مثله لَا فِي الْمُتَقَدِّمين وَلَا فِي الْمُتَأَخِّرين مُطلقًا وَرَأَيْت عِنْده قِطْعَة وافرة من كَلَامه بِخَطِّهِ نقلت مِنْهَا أَشْيَاء
اجْتمعت بِهِ بِالْبَابِ وبزاعه من بِلَاد حلب فِي مستهل ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ جَمِيع مَا لَهُ من نظم ونثر وتأليف مِمَّا سمعته مِنْهُ وَمَا لم أسمعهُ وَمَا لَعَلَّه يتَّفق لَهُ بعد ذَلِك التَّارِيخ على أحد الرائين وَمَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ سَمَاعا وإجازة ومناولة ووجادة بِشَرْطِهِ وَقلت وَقد بلغتني وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة مجزوء الرمل
(إِن فن الشّعْر نَادَى ... فِي جَمِيع الأدباء)
(أحسن الله تَعَالَى ... فِي الصفي الْحلِيّ عزائي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي التَّارِيخ بِالْبَابِ وبزاعه المجتث)
للترك مَا لي ترك مَا دين حييّ شرك
(حواجب وعيون ... لَهَا بقلبي فتك)
(كالقوس يصمي وهذي ... تشكي الْمُحب وتشكو)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا لنَفسِهِ مجزوء الْكَامِل وَإِذا العداة أرتك فرط مذلة فإليك عَنْهَا
(وَإِذا الذئاب استنعجت ... لَك مرّة فحذار مِنْهَا)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا الْكَامِل
(لَا غرو أَن يُصَلِّي الْفُؤَاد بذكركم ... نَارا تؤججها يَد التذْكَار)
(قلبِي إِذا غبتم يصور شخصكم ... فِيهِ وكل مُصَور فِي النَّار)(18/293)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا الْبَسِيط
(يقبل الأَرْض عبد تَحت ظلكم ... عَلَيْكُم بعد فضل الله يعْتَمد)
(مَا دَار مية من أَسْنَى مطالبه ... يَوْمًا وَأَنْتُم لَهُ العلياء فَالسَّنَد)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا الْكَامِل
(وأغر تبري الإهاب مورد ... سبط الْأَدِيم محجل ببياض)
(أخْشَى عَلَيْهِ بِأَن يصاب بأسهم ... مِمَّا يسابقني إِلَى الْأَغْرَاض)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا وَهُوَ غَرِيب الْبَسِيط
(وأدهم يقق التحجيل ذِي مرح ... يميس من عجبه كالشارب الثمل)
(مُضْمر مشرف الْأُذُنَيْنِ تحسبه ... موكلاً باستراق السّمع عَن زحل)
(ركبت مِنْهُ مطا ليل تسير بِهِ ... كواكب تلْحق الْمَحْمُول بِالْحملِ)
(إِذا رميت سهامي فَوق صهوته ... مرت بهاديه وانحطت عَن الكفل)
قلت وَلم يطلّ مجْلِس اجتماعنا بِالْبَابِ وبزاعة لِأَنَّهُ قصد الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام رَحمَه الله وَهُوَ نَازل عَلَيْهَا يتصيد وَكَانَ صفي الدّين قد سرقت لَهُ عملة وبلغه فِي ماردين أَن اللص من أهل صيدنايا وسال كِتَابه إِلَى وَالِي الْبر بِدِمَشْق بإمساكه وَقَوله كالقوس تصمى إِشَارَة إِلَى قَول ابْن الرُّومِي الْبَسِيط
(نشكي الْمُحب وتشكو وَهِي ظالمة ... كالقوس تصمى الرمايا وَهِي مريان)
)
وَقَوله وَإِذا الذئاب استنعجت الْبَيْت يُرِيد بِهِ قَول الْقَائِل الْكَامِل
(وَإِذا الذئاب استنعجت لَك مرّة ... فحذار مِنْهَا أَن تعود ذئابا)
(والذئاب أَخبث مَا يكون إِذا اكتسى ... من جلد أَوْلَاد النعاج ذئابا)
وَقد أنْفق غَالب مدائحه فِي مُلُوك ماردين بني أرتق وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى حماة ويمدح ملكهَا الْمُؤَيد وَالْأَفْضَل وَلَده وَكَانَا يعظمانه وَهُوَ من الشجعان الْأَبْطَال قتل خَاله فَأدْرك ثَأْره وَفِيه آثَار الْجراحَة وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة يفتخر الطَّوِيل
(سوابقنا وَالنَّقْع والسمر والظبى ... وأحسابنا والحلم والبأس وَالْبر)
(هبوب الصِّبَا وَاللَّيْل والبرق والقضا ... وشمس الضُّحَى والطود وَالنَّار وَالْبَحْر)
وأنشدني إجَازَة وَفِيه استخدامان الطَّوِيل
(لَئِن لم أبرقع بالحيا وَجه عفتي ... فَلَا أشبهته راحتي فِي التكرم)
(وَلَا كنت مِمَّن يكسر الجفن فِي الوغى ... إِذا أَنا لم أغضضه عَن رَأْي محرم)(18/294)
وأنشدني إجَازَة أَيْضا لَهُ الْبَسِيط
(لَا يسمع الْعود منا غير خاضنه ... من لبة الشوس يَوْم الروع بالعلق)
وَلَا يعاطى كميتاً غير مصدرهيوم الصدام بلَيْل الْعَطف بالعرق وأنشدني إجَازَة لَهُ السَّرِيع
(أودَّ حسادي أَن يكثروا ... وأعذرُ الْحَاسِد فِي فعله)
(لَا أفقد الحساد إِلَّا إِذا ... فقدت مَا أحسد من أَجله)
وأنشدني لَهُ إجاز المنسرح
(أَقُول للدَّار إِذْ مَرَرْت بهَا ... وعبرتي فِي عراصها تكف)
مَا بَال وعد السَّحَاب أخلف مغناك فَقَالَت فِي دمعك الْخلف وأنشدني لَهُ إجَازَة الوافر
(وسَاق من بني الأتراك طِفْل ... أتيه بِهِ على جمع الرفاق)
(أملكهُ قيادي وَهُوَ رقي ... وأفديه بعيني وَهُوَ ساقي)
وأنشدني لَهُ وَهُوَ سبع تشبيهات الطَّوِيل
(وظبي بقفر فَوق طرف مفوق ... بقوس رمى فِي النَّقْع وحشاً بأسهم)
)
(كشمس بأفق فَوق برق بكفه ... هِلَال رمى فِي اللَّيْل جنا بأنجم)
وأنشدني لَهُ إجَازَة السَّرِيع
(مَا زَالَ كحل النّوم فِي ناظري ... من قبل إعراضك والبين)
(حَتَّى سرقت الغمض من مقلتي ... يَا سَارِق الْكحل من الْعين)
وأنشدني لَهُ إجَازَة المديد
(رب يَوْم قد رفلت بِهِ ... فِي ثِيَاب اللَّهْو والمرح)
(أشرقت شمس المدام بِهِ ... وجبين الشَّمْس لم يلح)
(فظللنا بَين مغتبق ... محياها ومصطبح)
(وشدت فِي الدوح صادحة ... بضروب السجع وَالْملح)
(كلما ناحت على شجن ... خلتها غنت على قدحي)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(طلبت نديماً يُوجد الراح رَاحَة ... إِذا الراح أودت بِالْقَلِيلِ من الْعقل)(18/295)
(يشاركني فِي شربهَا وشروطها ... فَيسمع أَو يحسو ويملأ أَو يملي)
وأنشدني لَهُ إجَازَة فِي غُلَام حَيَّاهُ بنرجس السَّرِيع
(ومشرق الْوَجْه بِمَاء الحيا ... حَيا بِوَجْه كُله أعين)
(قبلته ثمَّ تقبلته ... بَين وُجُوه كلهَا أعين)
(وَقلت وقيت صروف الردى ... وانصرفت عَن وَجهك الْأَعْين)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(أحن إِلَيْكُم كَمَا ذَر شارق ... ويرتاح قلبِي كلما مر خاطف)
(وأهتز من خَفق النسيم إِذا سرى ... ولولاكم مَا حركتني العواصف)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْكَامِل
(وَلَقَد ذكرتك والعجاج كَأَنَّهُ ... مطل الْغَنِيّ وَسُوء عَيْش الْمُعسر)
(والشوس بَين مجدل فِي جندل ... منا وَبَين معفر فِي مغفر)
(فَظَنَنْت أَنِّي فِي صباح مُسْفِر ... بضياء وَجهك أَو مسَاء مقمر)
(وتعطرت أَرض الكفاح كَأَنَّمَا ... فتقت لنا ريح الجلاد بعنبر)
)
وأنشدني أَيْضا إجَازَة الْكَامِل
(وَلَقَد ذكرتك وَالسُّيُوف مواطر ... كالسحب من وبل النجيع وطله)
(فَوجدت أنسا عِنْد ذكرك كَامِلا ... فِي موقف يخْشَى الْفَتى من ظله)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْكَامِل
(وَلَقَد ذكرتك والجماجم وَقع ... تَحت السنابك والأكف تطير)
(والهام فِي أفق الْعَجَاجَة حوم ... فَكَأَنَّهَا فَوق النسور نسور)
(فاعتادني من طيب ذكرك نشوة ... وبدت عَليّ بشاشة وسرور)
(فَظَنَنْت أَنِّي فِي مجَالِس لذتي ... والراح تجلى والكؤوس تَدور)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْكَامِل
(أطلقت نطقي بالمحامد عِنْدَمَا ... قيدتني بسوابق الإنعام)
(فلتشكرنك نِيَابَة عَن منطقي ... صدر الطروس وألسن الأقلام)
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة الطَّوِيل
(سأثني على نعماك بالكم الَّتِي ... يقر لَهَا الحساد فِي اللَّفْظ وَالْفضل)(18/296)
(بهَا يطرد السارون عَن جفنها الْكرَى ... ويجلب طيب النّوم فِي المهد للطفل)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْبَسِيط
(وَالله مَا سهرت عَيْني لبعدكم ... لعلمها أَن طيب الْوَصْل فِي الْحلم)
(وَلَا صبوت إِلَى ذكر الجليس لكم ... لِأَن ذكركُمْ فِي خاطري وفمي)
ونقلت من خطه قصيدة يمدح بهَا سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّوِيل
(كفى الْبَدْر حسنا أَن يُقَال نظيرها ... فيزهى وَلَكنَّا بِذَاكَ نضيرها)
(وحسبت غصون البان أَن قوامها ... يُقَاس بِهِ ميادها ونضيرها)
(أسيرة حجل مطلقات لحاظها ... قضى حسنها أَن لَا يفك أَسِيرهَا)
(تهيم بهَا العشاق خلف حجابها ... فَكيف إِذا مَا آن مِنْهَا سفورها)
(وَلَيْسَ عجيباً أَن غررت بنظرة ... إِلَيْهَا فَمن شَأْن البدور غرورها)
(فكم نظرة قادت إِلَى الْقلب حسرة ... يقطع أنفاس الْحَيَاة زفيرها)
(فوا عجبا كم نسلب الْأسد فِي الوغى ... وتسلبنا من أعين الْحور حورها)
)
(فتور الظبى عِنْد القراع يشينها ... وَمَا يرهف الأجفان إِلَّا فتورها)
(وجذوة حسن فِي الخدود لهيبها ... يشب وَلَكِن فِي الْقُلُوب سعيرها)
(إِذا آنستها مقلتي خر صاعقاً ... فادي وَقَالَ الْقلب لَا دك طورها)
(وسرب ظباء مشرقات شموسه ... على حلية عِنْد النُّجُوم بدورها)
(تمانع عَمَّا فِي الكناس أسودها ... وتحرس مَا تحوي الْقُصُور صقورها)
(تغار من الطيف الملم حماتها ... ويغضب من مر النسيم غيورها)
(إِذا مَا رأى فِي النّوم طيفاً يزورها ... توهمه فِي الْيَوْم ضيفاً يزورها)
(نَظرنَا فأعدتنا السقام عيونها ... ولذنا فأولتنا النحول خصورها)
(وزرنا وَأسد الْحَيّ تذكي لحاظها ... وَيسمع فِي غَابَ الرماح زئيرها)
(فيا ساعد الله الْمُحب فَإِنَّهُ ... يرى غَمَرَات الْمَوْت ثمَّ يزورها)
(وَلما ألمت للزيارة خلسة ... وسجف الدياجي مسبلات ستورها)
(سعى بَيْننَا الواشون حَتَّى حجولها ... وثمت بِنَا الْأَعْدَاء حَتَّى عبيرها)
(وهمت بِنَا لَوْلَا حبائل شعرهَا ... خطى الصُّبْح لَكِن قيدتها ظفورها)
(ليَالِي يعديني زماني على العدى ... وَإِن ملئت حقداً عَليّ صدورها)(18/297)
(ويسعدني شرخ الشبيبة والغنى ... إِذا شانها إقتارها وقتيرها)
(ومذ قلب الدَّهْر الْمِجَن أصابني ... صبوراً على حَال قَلِيل صبورها)
(فَلَو تحمل الْأَيَّام مَا أَنا حَامِل ... لما كَاد يمحو صبغة اللَّيْل نورها)
(سأصبر إِمَّا أَن تَدور صروفها ... عَليّ وَإِمَّا تستقيم أمورها)
(فَإِن تكن الخنساء إِنِّي صخرها ... وَإِن تكن الزباء إِنِّي قصيرها)
(وَقد ارتدى ثوب الظلام بحسرة ... عَلَيْهَا من الشوس الحماة جسورها)
(كَأَنِّي بأحشاء السباسب خاطر ... فَمَا وجدت إِلَّا وشخصي ضميرها)
(وصادية الأحشاء غضى بالها ... يعز على الشعري العبور عبورها)
(ينوح بهَا الخريت ندبا لنَفسِهِ ... إِذا اخْتلفت حصباؤها وصخورها)
(إِذا وطئتها الشَّمْس سَالَ لُعَابهَا ... وَإِن سلكتها الرّيح طَال هديرها)
(وَإِن قَامَت الحرباء ترصد شمسها ... أصيلاً أذاب اللحظ مِنْهَا هجيرها)
)
(تجنب عَنْهَا للحذار جنوبها ... وتدبر عَنْهَا فِي الهبوب دبورها)
(خبرت مرامي أرْضهَا فقتلتها ... وَمَا يقتل الْأَرْضين إِلَّا خبيرها)
(بخطوة مرقال أمون عثارها ... كثير على وفْق الصَّوَاب عثورها)
(ألذ من الْأَنْغَام رَجَعَ بغامها ... وأطرب من سجع الهديل هديرها)
(نساهم شطر الْعَيْش عيساً سواهُمَا ... لطول السرى لم يبْق إِلَّا سطورها)
(حروفاً كنونات الصحائف أَصبَحت ... تخط على طرس الفيافي سطورها)
(إِذا نظمت نظم القلائد فِي البرى ... تقلدها خضر الربى ونحورها)
(طواها طواها فاغتدت وبطونها ... تجول عَلَيْهَا كالوشاح ظهروها)
(يعبر عَن فرط الحنين أنينها ... ويعرب عَمَّا فِي الضَّمِير ضمورها)
(تسير بهَا نَحْو الْحجاز وقصدها ... ملاعب شعبي بابل وقصورها)
(فَلَمَّا ترامت عَن زرود ورملها ... ولاحت لَهَا أَعْلَام نجد وقورها)
(وصدت يَمِينا عَن شميط وجاوزت ... رَبِّي قطن والشهب قد شف نورها)
(وعاج بهَا عَن رمل عاج دليلها ... فَقَامَتْ لعرفان المُرَاد صدورها)
(غَدَتْ تتقاضانا الْمسير لِأَنَّهَا ... إِلَى نَحْو خير الْمُرْسلين مسيرها)
(ترض الْحَصَى شوقاً لمن سبح الْحَصَى ... لَدَيْهِ وَحيا بِالسَّلَامِ بَعِيرهَا)(18/298)
(إِلَى خير مَبْعُوث إِلَى خير أمة ... إِلَى خير معبود دَعَاهَا بشيرها)
(وَمن بشر الله الْأَنَام بِأَنَّهُ ... مبشرها عَن إِذْنه ونذيرها)
(وَمن أخمدت مَعَ وَضعه نَار فَارس ... وزلزل مِنْهَا عرشها وسريرها)
(وَمن نطقت توراة مُوسَى بفضله ... وَجَاء بِهِ إنجيلها وزبورها)
(مُحَمَّد خير الْمُرْسلين بأسرهم ... وأولها فِي الْمجد وَهُوَ أخيرها)
(فيا آيَة الله الَّتِي مذ تبلجت ... على خلقه أخْفى الظلال ظُهُورهَا)
(عَلَيْك سَلام الله يَا خير مُرْسل ... إِلَى أمة لولاه دَامَ غرورها)
(عَلَيْك سَلام الله يَا خير شافعٍ ... إِذا النَّار ضم الْكَافرين حصيرها)
(عَلَيْك سَلام الله يَا من تشرفت ... بِهِ الْإِنْس طراً واستتم سرورها)
(عَلَيْك سَلام الله يَا من تعبدت ... لَهُ الْجِنّ وانقادت لَدَيْهِ أمورها)
)
(تشرفت الْأَقْدَام لما تَتَابَعَت ... إِلَيْك خطاها وَاسْتمرّ مريرها)
(وفاخرت الأفواه نور عيوننا ... بتربك لما قبلته ثغورها)
(فَضَائِل رامتها الرؤوس فقصرت ... ألم تَرَ للتقصير جزت شعورها)
(وَلَو وفت الوفاد قدرك حَقه ... لَكَانَ على الأحداق مِنْهَا مسيرها)
(لِأَنَّك سر الله وَالْآيَة الَّتِي ... تجلت فَجلى ظلمَة الشّرك نورها)
(مَدِينَة علم وَابْن عمك بَابهَا ... فَمن غير ذَاك الْبَاب لم يُؤْت سرورها)
(شموس لكم فِي الغرب مُدَّة شموسها ... بدور لكم فِي الشرق حق بدورها)
(جبال إِذا مَا الهضب دكت جبالها ... بحور إِذا مَا الأَرْض عَادَتْ بحورها)
(فآلك خير الْآل والعترة الَّتِي ... محبتها نعمى قَلِيل شكورها)
(إِذا جولست للبذل ذل نضارها ... وَإِن سوجلت فِي الْفضل عز نظيرها)
(وصحبك خير الصحب وَالْغرر الَّتِي ... بهم أمنت من كل أَرض ثغورها)
(كماة حماة فِي القراع وَفِي الْقرى ... إِذا شط قاربها وطاش وقورها)
(أيا صَادِق الْوَعْد الْأمين وَعَدتنِي ... ببشرى فَلَا أخْشَى وَأَنت بشيرها)
(بعثت الْأَمَانِي باطلات لتبتغي ... نداك فَجَاءَت حاليات نحورها)
(وَأرْسلت آمالاً خماصاً بطونها ... إِلَيْك فَعَادَت مثقلات ظهروها)
(إِلَيْك رَسُول الله أَشْكُو جرائماً ... يوازي الْجبَال الراسيات صغيرها)(18/299)
(كَبَائِر لَو تبلى الْجبَال بحملها ... لدكت وناد بالثبور ثبيرها)
(وغالب ظَنِّي بل يقيني أَنَّهَا ... ستمحى وَإِن جلت وَأَنت سفيرها)
(لِأَنِّي رَأَيْت الْعَرَب تخفر بالعصا ... وتحمي إِذا مَا أمهَا مستجيرها)
(فَكيف بِمن فِي كَفه أَوْرَق الْعَصَا ... تضام بَنو الآمال وَهُوَ خفيرها)
(وَبَين يَدي نَجْوَايَ قدمت مِدْحَة ... قضى خاطري أَن لَا يخيب خطيرها)
(يروي غليل السامعين قطارها ... وتجلو عُيُون الناظرين قطورها)
(وَأحسن شَيْء أنني قد جلوتها ... عَلَيْك وأملاك السَّمَاء حُضُورهَا)
(تروم بهَا نَفسِي الْجَزَاء فَكُن لَهَا ... مجيراً بِأَن تمسي وَأَنت مجيرها)
(فلابن زُهَيْر قد أجزت بِبُرْدَةٍ ... عَلَيْك فأثرى من ذويه فقيرها)
)
(أجرني أجزني وأجزني أجر مدحتي ... بِبرد إِذا مَا النَّار شب سعيرها)
(وقابل ثناها بِالْقبُولِ فَإِنَّهَا ... عرائس فكر وَالْقَبُول مهورها)
(فَإِن زانها تطويلها واطرادها ... فقد شانها تقصرها وقصورها)
(إِذا مَا القوافي لم تحط بصفاتكم ... فسيان مِنْهَا جمها ويسيرها)
(بمدحك تمت حجتي وَهِي حجتي ... على عصبَة يطغى عَليّ فجورها)
(أقص بشعري إِثْر فضلك واصفاً ... علاك إِذا مَا النَّاس قصت شعورها)
(وأسهر فِي نظم القوافي وَلم أقل ... خليلي هَل من رقدة أستعيرها)
تمت وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة الْكَامِل
(وَلَقَد أَسِير على الضلال وَلم أقل ... أَيْن الطَّرِيق وَإِن كرهت ضلالي)
(وأعاف تسآل الدَّلِيل ترفعاً ... عَن أَن يفوه فمي بِلَفْظ سُؤَالِي)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(ولائي لآل الْمُصْطَفى عقد مذهبي ... وقلبي من حب الصَّحَابَة مفعم)
(وَمَا أَنا مِمَّن يستجيز لحبهم ... مسَبَّة أَقوام عَلَيْهِم تقدمُوا)
(ولكنني أعطي الْفَرِيقَيْنِ حَقهم ... وزي بِحَال الْأَفْضَلِيَّة أعلم)
(فَمن شَاءَ تعويجي فَإِنِّي معوج ... وَمن شَاءَ تقويمي فَإِنِّي مقوم)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْخَفِيف
(قيل لي تعشق الصَّحَابَة طراً ... أم تفردت بَينهم بفريق)(18/300)
فوصفت الْجَمِيع وَصفا إِذا ضوع أزرى بِكُل مسك سحيق قيل هذي الصِّفَات وَالْكل كالدرياق يشفي من كل دَاء وثيق فَإلَى من تميل قلت إِلَى الْأَرْبَع لَا سِيمَا إِلَى الْفَارُوق ونقلت من خطه مَا صورته أَن جمَاعَة من أَعْيَان فضلاء الْموصل وقفُوا على شَيْء من النكت الَّتِي أنشأتها فِي أثْنَاء المقامات والرسائل فاقترحوا أَن أعمد إِلَى أَبْيَات من فصيح شعر الْعَرَب فأعد حروفها وأنشئ رِسَالَة عدد حروفها بِقدر عدد حُرُوف تِلْكَ الأبيات جملَة وتفصيلاً وَأَن يكون معنى الرسَالَة فِي عرض لَهُم فملكتهم زِمَام التَّخْيِير فِي الْحَالَتَيْنِ فَقَالُوا قد اقتصرنا على السَّبْعَة الأول من فَاتِحَة السَّبع الطوَال فَقلت اسطروها احْتِرَازًا من التبديل وَالِاخْتِلَاف فِي)
إِحْدَى الْأَلْفَاظ فَيَقَع الْخلَل فسطروها الطَّوِيل
(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بَين الدُّخُول وحومل)
(فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل)
(ترى بعر الأرآم فِي عرصاتها ... وقيعانها كَأَنَّهُ حب فلفل)
(كَأَنِّي غَدَاة الْبَين يَوْم تحملوا ... لَدَى سمُرَات الْحَيّ ناقف حنظل)
(وقوفاً بهَا صحبي عَليّ مطيهم ... يَقُولُونَ لَا تهْلك أسى وتجمل)
(وَإِن شفائي عِبْرَة إِن سفحتها ... وَهل عِنْد رسم دارس من معول)
(كَذَا يَك من أم الْحُوَيْرِث قبلهَا ... وجارتها أم الربَاب بمأسل)
فَلَمَّا تعيّنت الأبيات سَأَلتهَا تعْيين معنى الرسَالَة فاقترحوا أَن تَتَضَمَّن استعطاف مخدوم لَهُم واعتذاراً من ذَنْب سبق واستنجازاً لوعد مِنْهُ سلف فأنشأت الْكَرِيم مرتجى وَإِن أصبح بَابه مرتجاً وَالنَّدْب يلتقى وَإِن كَانَ باسه يتقى والسحب تؤمل بوارقها وَإِن رهبت صواعقها ولحلم سيدنَا أعظم من اللّحن بعتب لسالف ذَنْب فَمَا فَتى شرف الله بلثم كفوفه أَفْوَاه الْعباد يغْفر الْخَطِيئَة ويوفر الْعَطِيَّة والملوك مقرّ عرف أَنه رب حق بل مَالك رق ومقتض من جوده العميم نجاز وعده الْكَرِيم فسالف كرمه مُقيم لَا برح إحسانه شَامِلًا مدى السنين إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ
فَلَمَّا سطروها وسطروها وعدوا أحرفها واعتبروها سَأَلُوا أَن أرجع ربعهَا مأهولاً وأعيدها سيرتها الأولى فنظمت الطَّوِيل
(قفا نبك فِي أطلال ليلى ونسأل ... دوارسها عَن ركبهَا المتحمل)
(وننشد من أدراسها كل معلم ... محاه هبوب الرامسات ومجهل)
(ونأخذ عَن أترابها من ترابها ... صَحِيح مقَال كالجمان الْمفصل)(18/301)
(معَان هوى أقوى بهَا دأب بَينهم ... كدأبي من تبريح قلب مفلفل)
(عفت غير سفع من رواكد جثم ... تحف بشفع من رواكض جفل)
(ووشم أَو أرى سحيل مريرها ... ليلهى بقاه حول نؤىٍ معطل)
(فرفقاً بهَا رفقا وَإِن هِيَ لم تنج ... بلظ وَلَا تأوي لسائل منزل)
فَكل وَاحِد من المقطوعين الشّعْر والرسالة عدد حُرُوفه مثل الآخر مجملة وتفصيلاً وَالْجُمْلَة)
مِائَتَيْنِ وَثَلَاثَة وَثَمَانُونَ حرفا الْألف أحد وَأَرْبَعُونَ الْبَاء سَبْعَة عشر التَّاء تِسْعَة الثَّاء أحد الْجِيم أَرْبَعَة الْحَاء تِسْعَة الْخَاء أحد الدَّال سِتَّة الذَّال أحد الرَّاء خَمْسَة عشر الزَّاي أحد السِّين ثَمَانِيَة الشين اثْنَيْنِ الصَّاد اثْنَيْنِ الضَّاد أحد الطَّاء اثْنَيْنِ الظَّاء أحد الْعين ثَمَانِيَة الْغَيْن أحد الْفَاء اثْنَا عشر الْقَاف تِسْعَة الْكَاف سَبْعَة اللَّام ثَمَانِيَة وَعشْرين اللَّام ألف اثْنَيْنِ الْيَاء تِسْعَة عشر
وأنشدني لَهُ إجَازَة من قصيدة طَوِيلَة ونقلت ذَلِك من خطه الْبَسِيط
(من نفخة الصُّور أم من نفخة الصُّور ... أَحييت يَا ريح مَيتا غير مقبور)
(أم من شذا نسمه الفردوس حِين سرت ... عَليّ بلَيْل من الأزهار مَمْطُور)
(وَالرِّيح قد أطلقت فضل الْعَنَان بِهِ ... طي النسيم بنشر فِيهِ منشور)
(فِي رَوْضَة نصبت أَغْصَانهَا وَغدا ... ذيل الصِّبَا بَين مَرْفُوع ومجرور)
(قد جمعت جمع تَصْحِيح جوانبها ... وَالْمَاء يجمع فِيهَا جمع تكسير)
(وَالرِّيح ترقم فِي أمواجها شبكاً ... والغيم يرسم أَنْوَاع التصاوير)
(وَالْمَاء مَا بَين مَصْرُوف وممتنع ... والظل مَا بَين مَمْدُود ومقصور)
(والنرجس الغض لم تغضض نواظره ... فزهره بَين منغض ومزرور)
(كَأَنَّهُ ذهب من فَوق أعمدة ... من الزمرد فِي أوراق كافور)
(والأقحوان زهى بَين البهار بهَا ... شبه الدَّرَاهِم مَا بَين الدَّنَانِير)
(وَقد أَطعْنَا التصابي حِين ساعدنا ... عصر الشَّبَاب بجود غير منزور)
(وزامر الْقَوْم يطوينا وينشرنا ... بالنفخ فِي الناي لَا بالنفخ فِي الصُّور)
(وَقد ترنم شاد صَوته غرد ... كَأَنَّهُ نَاطِق من حلق شحرور)
(شاد أنامله ترْضى الْأَنَام لَهُ ... إِذا شدا وَأجَاب اليم بالزير)(18/302)
(بشامخ الْأنف قوام على قدم ... يشكو الصبابة عَن أنفاس مهجور)
(شدت بِصَحِيفَة فِي الْعَضُد ألسنه ... فَزَاد نطقاً بسر فِيهِ مَحْصُور)
(إِذا تأبطه الشادي وأذكره ... عصر الشَّاب بأطراف الأظافير)
(شكت إِلَى الصحب أحشاه وأضلعه ... قرض المقاريض أَو نشر المناشير)
(بَينا ترى خَدّه من فَوق سالفة ... كمن يشاوره فِي حسن تَدْبِير)
)
(ترَاهُ يزعجه عنفاً ويوجعه ... بِضَرْب أوتاره عَن حقد موتور)
(والراقصات وَقد مَالَتْ ذوائبها ... على خصور كأوساط الزنابير)
(رَأَيْت أمواج أرداف إِذا التطمت ... فِي لج بَحر بِمَاء الْحسن مسحور)
(كَأَن فِي الشيز أيديها إِذا ضربت ... صبح تقلقل فِيهِ قلب ديجور)
(ترعى الضروب بأيديها وأرجلها ... وَتحفظ الأَصْل من نقص وتغيير)
(وتعرب الرقص من لحن فتلحقه ... مَا يلْحق النَّحْو من حذف وَتَقْدِير)
(وحامل الكأس ساجي الطّرف ذُو هيف ... صاحي اللواحظ يثني عطف مخمور)
(كَأَنَّمَا صاغه الرَّحْمَن تذكرة ... لمن يشكك فِي الْولدَان ولحور)
(تظلمت وجنتاه وَهِي ظالمة ... وطرفه سَاحر فِي زِيّ مسحور)
(يُدِير رَاحا يشب المَاء جذوتها ... فَلَا يزِيد لظاها غير تسعير)
(نَارا بَدَت لكليم الوجد آنسها ... من جَانب الكأس لَا من جَانب الطّور)
(كَأَنَّهَا وضياء الكأس يحجبها ... روح من المَاء فِي جسم من النُّور)
(تشعشعت فِي يَد السَّاقَيْن وانقدت ... بهَا زجاجاتها من لطف تَأْثِير)
(وللأباريق عِنْد المزج لجلجة ... كنطق مرتبك الْأَلْفَاظ مذعور)
(كَأَنَّهَا وَهِي فِي الأكواب ساكبة ... طير تزق فراخاً بالمناقير)
(أمست تحاول منا ثأر والدها ... ودوسه تَحت أَقْدَام المعاصير)
(فحين لم يبْق عقل غير معتقل ... من الْعقار ولب غير معقور)
(أجلت فِي الصحب أجفاني فكم نظرت ... ليثاً تعفره ألحاظ يَعْفُور)
(من كل عين عَلَيْهَا مثل ثَالِثهَا ... مَكْسُورَة ذَات فتك غير مكسور)
(أَقُول والكأس قد أبدت فواقعها ... والراح تنفث مِنْهَا نفث مصدور)
(أَسَأْت يَا مازج الكاسات حليتها ... وَهل يطوق ياقوت ببلور)(18/303)
(وَقَائِل إِذْ رأى الجنات عالية ... والحور مَقْصُورَة بَين المقاصير)
والجوسق الْفَرد فِي لج الْبحيرَة والصرح الممرد فِيهِ من قَوَارِير
(لمن ترى الْملك فِي ذَا الْيَوْم قلت لَهُ ... مقَال منبسط الآمال مسرور)
(لصَاحب التَّاج وَالْقصر المشيد وَمن ... أَتَى بِعدْل برحب الأَرْض منشور)
)
(الصَّالح الْملك المشكور نائله ... وَرب نائل ملك غير مشكور)
ونقلت من خطه لَهُ أَيْضا الْكَامِل
(كَيفَ الضلال وصبح وَجهك مشرق ... وشذاك فِي الأكوان مسك يعبق)
(يَا من إِذا سفرت محَاسِن وَجهه ... ظلت بِهِ حدق الْخَلَائق تحدق)
(أوضحت عُذْري فِي هَوَاك بواضح ... مَاء الحيا بأديمه يترقرق)
(فَإِذا العذول رأى جمالك قَالَ لي ... عجبا لقلبك كَيفَ لَا يتمزق)
(يَا آسراً قلب الْمُحب فدمعه ... وَالنَّوْم مِنْهُ مُطلق وَمُطلق)
(أغنيتني بالفكر فِيك عَن الْكرَى ... يَا آسري فَأَنا الْغَنِيّ المملق)
(وصحبت قوما لست من نظرائهم ... فكأنني فِي الطرس سطر مُلْحق)
(قولا لمن حمل السِّلَاح وخضره ... وَمن قد ذايله أدق وأرشق)
(لَا توه جسمك بِالسِّلَاحِ وَحمله ... إِنِّي عَلَيْك من الغلالة أشْفق)
(ظَبْي من الأتراك فَوق خدوده ... نَار يحر لهها الكليم ويصعق)
(تَلقاهُ وَهُوَ مزرد ومدرع ... وتراه وَهُوَ مقرط ومقرطق)
(لم تتْرك الأتراك بعد جمَالهَا ... حسنا لمخلوق سواهَا يخلق)
(إِن نوزلوا كَانُوا أسود عَرِيكَة ... أَو غوزلوا كَانُوا بدوراً تشرق)
(قوم إِذا ركبُوا الْجِيَاد ظننتهم ... أسداً بألحاظ الجآذر ترمق)
(قد خلقت بِدَم الْقُلُوب خدودهم ... ودروعهم بِدَم الكماة تخلق)
(جذبوا القسي إِلَى قسي حواجب ... من تحتهَا نبل اللواحظ ترشق)
(نشرُوا الشُّعُور فَكل قد مِنْهُم ... لدن عَلَيْهِ من الذؤابة صنجق)
(لي مِنْهُم رشأ إِذا قابلته ... كَاد لواحظه بِسحر تنطق)
(إِن شَاءَ يلقاني بِخلق وَاسع ... عِنْد السَّلَام نَهَاهُ طرق ضيق)
(لم أنس لَيْلَة زارني ورقيبه ... يُبْدِي الرضى وَهُوَ المغيظ المحنق)(18/304)
(حَتَّى إِذا عَبث الْكرَى بجفونه ... كَانَ الوسادة ساعدي والمرفق)
(عانقته وضممته فَكَأَنَّهُ ... من ساعدي ممنطق ومطوق)
(حَتَّى بدا قلق الصَّباح فراعه ... إِن الصَّباح هُوَ الْعَدو الْأَزْرَق)
)
وأنشدني لَهُ إجَازَة يمدح السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الْكَامِل
(أسبلن من فَوق النحور ذوائباً ... فتركن حبات الْقُلُوب ذوائبا)
(وجلون من صبح الْوُجُوه أشعة ... غادرن فود اللَّيْل مِنْهَا شائبا)
(بِي دعاهن الغبي كواعبا ... وَلَو استبان الرشد قَالَ كواكبا)
(وربائب فَإِذا رَأَيْت نفارها ... من بسط أنسك خلتهن رباربا)
(سفهن رَأْي المانوية عِنْدَمَا ... أسبلن من ظلم الشُّعُور غياهبا)
(وسفرن لي فرأين شخصا حَاضرا ... شدهت بصيرته وَقَلْبًا غَائِبا)
(أشرقن فِي حلل كَأَن أديمها ... شفق تدرعه الشموس جلائبا)
(وغربن فِي كلل فَقلت لصاحبي ... بِأبي الشموس الجانحات غواربا)
(ومعربد اللحظات يثني عطفه ... فيخال من مرح الشبيبة شاربا)
حُلْو التعتب والدلال يروعه عتبي وَلست أرَاهُ إِلَّا عاتبا
(عاتبته فتضرجت وجناته ... وازور ألحاظاً وقطب حاجبا)
(فَأرَانِي الخد الكليم وطرفه ... ذُو النُّون إِذْ ذهب الْغَدَاة مغاضبا)
(ذُو منظر تَغْدُو الْقُلُوب بحسنها ... نهباً وَإِن منح الْعُيُون مواهبا)
(لَا غرو أَن وهب اللواحظ حظوة ... من نوره وَدعَاهُ قلبِي ناهبا)
(فمواهب السُّلْطَان كست الورى ... نعما وَتَدْعُوهُ القساور سالبا)
(النَّاصِر الْملك الَّذِي خضعت لَهُ ... صيد الْمُلُوك مشارقاً ومغاربا)
(ملك يرى تَعب المكارم رَاحَة ... ويعد راحات الْفَرَاغ متاعبا)
(لم تخل أَرض من ثناه وَإِن خلت ... من ذكره ملئت قِنَا وقواضبا)
(بمكارم تذر السباسب أبحراً ... وعزائم تذر الْبحار سباسبا)(18/305)
(ترجى مواهب ويرهب بطشه ... مثل الزَّمَان مسالماً ومحاربا)
(فَإِذا سَطَا مَلأ الْقُلُوب مهابة ... وَإِذا سخا مَلأ الْعُيُون مواهبا)
(كالغيث يبْعَث من عطاه نائلاً ... سبطاً وَيُرْسل من سطاه حاصبا)
(كالليث يحمي غابه بزئيره ... طوراً وينشب فِي القنيص مخالبا)
(كالسيف يُبْدِي للنواظر منْظرًا ... طلقاً ويمضي فِي الْهياج مضاربا)
)
(كالسيل يحمد مِنْهُ عذباً واصلاً ... ويعده قوم عذَابا واصبا)
(كالبحر يهدي للنفوس نفائساً ... مِنْهُ ويبدي للعيون عجائبا)
(فَإِذا نظرت ندا يَدَيْهِ ورأيه ... لم تلف إِلَّا صيباً أَو صائبا)
(أبقى قلاوون الفخار لوَلَده ... إِرْثا ففازوا بالثناء مكاسبا)
(قوم إِذا سئموا الصوافن صيروا ... للمجد أخطار الْأُمُور مراكبا)
(عشقوا الحروب تيمناً بلقا العدا ... فكأنهم حسبوا العداة حبائبا)
(وكأنما ظنُّوا السيوف سوالفاً ... واللدن قدا والقسي حواجبا)
(يَا أَيهَا الْملك الْعَزِيز وَمن لَهُ ... شرف يجر على النُّجُوم ذوائبا)
(أصلحت بَين الْمُسلمين بهمة ... تذر الْأَجَانِب بالوفود أقاربا)
(ووهبتهم زمن الْأمان فَمن رأى ... ملكا يكون لَهُ الزَّمَان مواهبا)
(فَرَأَوْا خطابا كَانَ خطباً فادحاً ... لَهُم وكتباً كن قبل كتائبا)
(وحرست ملكك من رجيم مارد ... بعزائم إِن صلت كن قواضبا)
(حَتَّى إِذا خطف الْمُنَافِق خطْفَة ... أتبعته مِنْهَا شهاباً ثاقبا)
(لَا ينفع التجريب خصمك بعد مَا ... أفنيت من أفنى الزَّمَان تجاربا)
(صرمت شَمل المارقين بصارم ... يبديه مسلوباً فَيرجع سالبا)
(صافي الفرند حكى صباحاً جَامِدا ... أبدى النجيع بِهِ شعاعاً ذائبا)
(وكتيبة تدع الصهيل رواعداً ... وَالْبيض برقاً والعجاج سحائبا)
(حَتَّى إِذا ريح الجلاد حدت لَهَا ... مطرَت وَكَانَ الويل نبْلًا صائبا)
(بذوابل ملد يخلن أراقماً ... وشوائل جرد يخلن عقاربا)
(تطَأ الصُّدُور من الصُّدُور كَأَنَّمَا ... تعتاض عَن وَطْء التُّرَاب ترائبا)
(فأقمت تقسم للوحش وظائفاً ... فِيهَا وتصنع للنسور مآدبا)(18/306)
(وَجعلت هامات الكماة منابراً ... وأقمت حد السَّيْف فِيهَا خاطبا)
(يَا رَاكب الْخطر الْجَلِيل وَقَوله ... فخراً بمجدك لَا عدمت الراكبا)
(صيرت أسحار السماح بواكراً ... وَجعلت أَيَّام الكفاح غياهبا)
(وبذلت للمداح صفو خلائق ... لَو أَنَّهَا للبحر طَابَ مشاربا)
)
(فرأوك فِي جنب النضار مفرطاً ... وعَلى صَلَاتك وَالصَّلَاة مواظبا)
(إِن يحرس النَّاس النضار بحاجبٍ ... كَانَ السماح لعين مَالك حاجبا)
(لم يملأوا فِيك الْبيُوت رغائباً ... إِلَّا وَقد ملأوا الْبيُوت غرائبا)
(أوليتني قبل المديح عناية ... وملأت عَيْني هَيْبَة ومواهبا)
(وَرفعت قدري فِي الْأَنَام وَقد رَأَوْا ... مثلي لمثلك خاطباً ومخاطبا)
(فِي مجْلِس سَاوَى الْخَلَائق فِي الندى ... وترتبت فِيهِ الْمُلُوك مرابتا)
(وافيته فِي الْفلك أسعى جَالِسا ... فخراً على من قَالَ أَمْشِي رَاكِبًا)
(فأقمت أنفذ فِي الْأَنَام أوامراً ... مني وأنشب فِي الخطوب مخالبا)
(وسقتني الدُّنْيَا غَدَاة وردته ... رياً وَمَا مطرَت عَليّ مصائبا)
(فطفقت أملأ من ثناك وشكره ... حقباً وَأَمْلَأُ من نداك حقائبا)
(أثني فتثنيني صفاتك مظْهرا ... عياً وَكم أعييت صفاتك خاطبا)
(لَو أَن أعضانا جَمِيعًا ألسن ... تثني عَلَيْك لما قضينا الواجبا)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْبَسِيط
(يَا نسمَة لأحاديث الْحمى شرحت ... كم من صُدُور الأرباب النهى شرحت)
(بليلة الْبرد يهدي للقلوب بهَا ... برد فكم لفحت قلبِي وَقد نفحت)
(وبارق كسقيط الزند مقتدح ... لَهُ يَد لزناد الشوق قد قدحت)
(بدا فأذكرني أَرض الصراة وَقد ... تكللت بالكلاء والشيح واتشحت)
(وَالرِّيح نائحة والسحب سافحة ... والغدر طافحة وَالْوَرق قد صدحت)
(وقهوة كوميض الْبَرْق صَافِيَة ... كَأَنَّهَا من أَدِيم الشَّمْس قد رشحت)
(عذراء شَمْطَاء قد جف النشاط بهَا ... لَوْلَا المزاج إِلَى ندمانها جمحت)
(رقيقَة الجرم يستخفي المزاج بهَا ... كَأَنَّهَا دون جرم الشَّمْس قد سفحت)
(باكرتها وعيون الشهب قد غمضت ... خوف الصَّباح وَعين الشَّمْس قد فتحت)(18/307)
(وبشرت بوفاة اللَّيْل ساجعة ... كَأَنَّهَا فِي غَدِير الصُّبْح قد سبحت)
(مخضوبة الْكَفّ مَا تنفك نائحة ... كَأَن أفراخها فِي كفها ذبحت)
(وظبية من ظباء التّرْك كالية ... لَكِنَّهَا فِي رياض الْقلب قد سرحت)
)
(إِن جال مَاء الحيا فِي خدها خجلت ... وَإِن تردد فِي أجفانها انقحت)
(قست على صبها قلباً ووجنتها ... لَو مر تقبيلها بالوهم لانجرحت)
(سَأَلتهَا قبْلَة وَالْوَقْت منفسح ... لنا فَمَا رخصت فِيهَا وَلَا فسحت)
(وخلت أعطافها بالْعَطْف تمنحني ... فَمَا نحت ذَلِك المنحا وَلَا منحت)
(كم قد عصيت اللواحي فِي إطاعتها ... وَإِن ألحت على عذلي بهَا ولحت)
(من لَيْسَ يخْشَى اسود الغاب إِن زارت ... فيكف يخْشَى كلاب الْحَيّ إِن نبحت)
(مَا أَن أَخَاف من الْأَيَّام فادحة ... إِذا يَد الدَّهْر فِي أبنائه فدحت)
(وَكَيف تفْسد كف الدَّهْر حَال فَتى ... أُمُوره بالمليك النَّاصِر انصحلت)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْكَامِل
(لما رَأَتْ عَيْنَاك أَنِّي كَالَّذي ... أبدو فينقصني السقام الزَّائِد)
(وافيتني ووفيت لي بمكارم ... فنداك لي صلَة وَأَنت الْعَائِد)
وأنشدني لَهُ إجَازَة مجزوء الْكَامِل وَلَقَد ذكرت الْقرب مِنْك وَطيب أَيَّام الْوِصَال
(فطفقت اصفق راحتي ... وَعند صفقها مقالي)
كَيفَ السَّبِيل إِلَى سعاد ودونها قلل الْجبَال وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(وعود بِهِ عَاد السرُور لِأَنَّهُ ... حوى اللَّهْو قدماً وَهُوَ رَيَّان ناعم)
(يغرب فِي تغريده فَكَأَنَّهُ ... يُعِيد لنا مَا لقنته الحمائم)
وأنشدني لَهُ إجَازَة السَّرِيع
(عود حوى فِي الرَّوْض أعواده ... كل الْمعَانِي وَهُوَ رطب قويم)
(فحان شدو الْوَرق فِي سجعه ... ورقة المَاء ولطف النسيم)
وأنشدني لَهُ إجَازَة من أَبْيَات الْكَامِل
(وشدت فأيقظت الرقود بشدوها ... وأعارت الأيقاظ طيب رقودها)(18/308)
(خود شدت بلسانها وبنانها ... حَتَّى تشابه ضربهَا بنشيدها)
(وَكَأن نَغمَة عودهَا فِي صَوتهَا ... وَكَأن رقة صَوتهَا فِي عودهَا)
)
(إِنِّي لأحسد عودهَا إِن عانقت ... عطفيه أَو ضمته بَين نهودها)
(وأغار من لثم الكؤوس لثغرها ... وأذوب لمس الْحلِيّ لجيدها)
وأنشدني لَهُ إجَازَة فِي إبريق الوافر
(وإبريق لَهُ نطق عَجِيب ... إِذا مَا أرْسلت من السلاف)
(كتمتام تلجلج فِي حَدِيث ... يردد لَفظه وَالتَّاء قَاف)
وأنشدني لَهُ إجَازَة فِي رواقص الْبَسِيط
(بَحر من الْحسن لَا ينجو الغريق بِهِ ... إِذا تلاطم أعطاف بأعطاف)
(مَا حركته نسيم الرقص من مرح ... إِلَّا وَمَاجَتْ بِهِ أمواج أرداف)
وأنشدني لنَفسِهِ فِي جرغتوه الْبَسِيط
(هَذَا إِنَاء حوى مَا كَانَ مجتمعاً ... فِي غَيره فَلهُ الماعون أعوان)
(كَأَن وقمع وإبريق ومغرفة ... وصحفةٌ وشرابي وقرغان)
وأنشدني لَهُ إجَازَة فِي النّيل الطَّوِيل
(وَفِي النّيل إِذْ وفى البسيطة حَقّهَا ... وَزَاد على مَا جَاءَهُ من صنائع)
(فَمَاذَا يَقُول النَّاس فِي جود منعم ... يشار إِلَى إنعامه بالأصابع)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْكَامِل
(لي من ضميرك شَاهد فِيهِ غنى ... لَك عَن قِرَاءَة مَا حوى قرطاسي)
(وَلِأَن وقفت عَلَيْهِ مُعْتَبرا لَهُ ... مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس)
وأنشدني لَهُ إجَازَة السَّرِيع
(غارت وَقد قلت لمسواكها ... أَرَاك تجني رِيقهَا بأراك)
(قَالَت تمنيت جني ريقتي ... وفاز بالترشاف مِنْهَا سواك)
وأنشدني لَهُ أَيْضا الْكَامِل
(يَا من حمت عَنَّا مذاقة رِيقهَا ... وفقاً بقلب لَيْسَ فِيهِ سواك)
(فلكم سَالَتْ الثغر وصف رضابه ... فَأبى وَصرح لي سَفِيه سواك)
وَله من بَاب الْمُرَاجَعَة المنسرح(18/309)
(قَالَت كحلت الجفون بالوسن ... قلت ارتقاباً لوجهك الْحسن)
)
(قَالَت تسليت يَوْم فرقتنا ... فَقلت عَن مسكني وَعَن سكني)
(قَالَت تشاغلت عَن محبتناً ... قلت بفرط الْبَاء والحزن)
(قَالَت تناسيت قلت عافيتي ... قَالَت تناءيت قَالَت عَن وطني)
(قَالَت تخليت قلت عَن جلدي ... قَالَت تَغَيَّرت قلت فِي بدني)
(قَالَت تخصصت دون صحبتنا ... فَقلت بِالْغبنِ فِيك والغبن)
(قَالَت أذعت الْأَسْرَار قَالَت لَهَا ... صير سري هَوَاك كالعلن)
(قَالَت سررت الْأَعْدَاء قلت لَهَا ... ذَلِك شَيْء لَو شِئْت لم يكن)
(قَالَت فَمَاذَا تروم قلت لَهَا ... سَاعَة سعدٍ بالوصل تسعدني)
(قَالَت فعين الرَّقِيب ترصدنا ... قلت فَإِنِّي للعين لم أبن)
(نحلتني بالصدود مِنْك فَلَو ... ترصدني الْمنون لم ترني)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(وَلم أنس إِذْ زار الحبيب بروضة ... وَقد غفلت عَنَّا وشَاة ولوام)
(وَقد فرش الْورْد الخدود ونشرت ... بمقدمه للسوسن الغض أَعْلَام)
(أَقُول وطرف النرجس الغض شاخص ... إِلَيْنَا وللنمام حَولي إِلْمَام)
(أيا رب حَتَّى فِي الحدائق أعين ... علينا وَحَتَّى فِي الرياحين نمام)
وأنشدني لَهُ إجَازَة المنسرح
(قد أضْحك الرَّوْض مدمع السحب ... وتوج الزهر عاطل القضب)
(وقهقه الْورْد للصبا فغدت ... تملأ فَاه قراضه الذَّهَب)
(وَأَقْبَلت بِالربيعِ محدقة ... كتائب لَا تخل بالأدب)
(فغصنها قَائِم على قدم ... وَالْكَرم جاث لَهُ على الركب)
وأنشدني لَهُ إجَازَة المتقارب
(رعى الله ليلتنا بالحمى ... وأمواه أعينه الزاخره)
(وَقد زين حسن سَمَاء الغصون ... بأنجم أزهاره الزاهره)
(وللنرجس الغض من بَيْننَا ... وُجُوه بحضرتنا ناضره)
(كَأَن تحدق أزهارها ... عُيُون إِلَى رَبهَا ناظره)(18/310)
)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الْخَفِيف
(خلياني أجر فضل برودي ... راتعاً فِي رياض عين البرود)
(كم بهَا من بديع زهر أنيق ... كفصوص منظومة وعقود)
(زنبق بَين قضب آس وَبَان ... وأقاحٍ ونرجس وورود)
(كجبين وعارض وقوام ... وثغور وأعين وخدود)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الوافر
(تغانى بالحشيش عَن الرَّحِيق ... وبالورق الْجَدِيد عَن الْعَتِيق)
(وبالخضراء عَن حَمْرَاء صرف ... فكم بَين الزمرد والعقيق)
وأنشدني لَهُ إجَازَة السَّرِيع
(فِي الْكيس لَا فِي الكاس لي قهوة ... من ذوقها أسكر أَو شمها)
لم ينْه نَص الذّكر عَنْهَا وَلَا اجْتمع فِي الشَّرْع على ذمها
(ظَاهِرَة النَّفْع لَهَا نشوة ... تستنقذ الْأَنْفس من همها)
(فشكرها أَكثر من سكرها ... ونفعها أكبر من إثمها)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الوافر
(لِيَهنك أَن لي ولدا وعبداً ... وساء فِي الْمقَال وَفِي الْمقَام)
(فَهَذَا سَابق من يغر سين ... وَهَذَا عَاقل من غير لَام)
وأنشدني لَهُ إجَازَة الطَّوِيل
(تزوج جاري وَهُوَ شيخ صبية ... فَلم يسْتَطع غشيانها حِين جاءها)
(وَلَو أنني بادرتها لتركتها ... يرى قَائِم من دونهَا مَا وَرَاءَهَا)
وأنشدني لَهُ إجَازَة السَّرِيع
(جَاءَت بِوَجْه بَين قرطي ... شَبيه بدر بَين نجمين)
(فامتدت الْأَعْين منا إِلَى ... عينين مِنْهَا تَحت نونين)
(قَالَت لكَي تعبث بِي لَا تكن ... للنَّفس قوتاً بعد ميمين)
(فَقلت إِن عارضتني بعْدهَا ... قطعت سيناً بَين كافين)
وأنشدني إجَازَة لَهُ الطَّوِيل)
(وَذَات حرٍ جَادَتْ بِهِ فصدتها ... وَقلت لَهَا مقصودي الْعَجز لَا الْفرج)(18/311)
(فدارت وداوت سوء خلقي بِالرِّضَا ... وَفِي قَلبهَا مِمَّا تكابده وهج)
(وظلت تقاسي من فعالي شدَّة ... وَلم يعل من فرط الْحيَاء لَهَا وهج)
(إِذا مَا دفعت الأير فِيهِ تجشأت ... وَذَاكَ ضراط لم يتم لَهُ نضج)
وأنشدني لَهُ إجَازَة المنسرح
(ولي غُلَام كالنجم طلعته ... أخدمه وَهُوَ بعض خدامي)
(تعراه خَلْفي طول النَّهَار فَإِن ... دجا لنا اللَّيْل صَار قدامي)
(جعلته فِي الْحُضُور مَعَ سَفَرِي ... كفروة الْحَرْث بن همامي)
يُرِيد قَول الحريري فعمدت لفروة هِيَ بِالنَّهَارِ رياشي وَفِي اللَّيْل فِرَاشِي ونقلت من خطه لَهُ وَهُوَ مِمَّا يقْرَأ مقلوباً كَمَا ترَاهُ وَهُوَ كد ضدك كن كَمَا أمكنك كرم علمك يكمل عمرك
ونقلت من خطه رِسَالَة طَوِيلَة نظماً ونثراً كل كلمة مِنْهَا تصحف بِمَا بعْدهَا أَولهَا قبل قيل يراك ثراك عبد عِنْد رخاك رجالك أبيٌّ أَبى سُؤال سواك آمل أمك رَجَاء رخاء فألفى فَألْقى جدة خَدّه بأعتابك بأغيابك شرقاً سَرفًا لَاذَ بك لاد بك مقْدماً مُقَدِّماً أمل آملٍ يزجيه ترجيه يبشره بيسره وَجودك وُجودُك فاشتاق فاستاف عَرْفَ عُرْف مِنْك مثل عبير عنبر وقدِمَ قَدُّمَ صدَقه صِدْقه متجملاً متحملاً بضَاعَة بضَاعَة تِبر نثر وَمِنْهَا أَبْيَات الْخَفِيف
(سَنَد سيد حَلِيم حَكِيم ... فَاضل فاصل مجيد مجيد)
(حازمٌ جازمٌ بصيرٌ نصير ... زانه رَأْيه السديد الشَّديد)
(أمَّه أمَّةُ رَجَاء رخاء ... أدْركْت إِذْ زكتْ نقودٌ نَقُودُ)
مَكْرُماتٌ مُكَرَّمات بنت بَيت عَلَاء علا بجود يجود وَهِي طَوِيلَة إِلَى الْغَايَة تكون أَربع مائَة كلمة أَو أَكثر وَقد أوردتها بمجموعها فِي كتاب حَرْم المَرَح فِي تَهْذِيب لُمَحِ المُلَح وأنشدني لَهُ إجَازَة موشحة مدح بهَا الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماة رَحمَه الله تَعَالَى وَهِي المنسرح زار وصبغ الظلام قد نصلا بدر جلا الشَّمْس فِي الظلام أَلا فاعجب جَاءَ وسجف الظلام قد فتقا)
وَالصُّبْح لم يبْق فِي الدجى رمقا وَقد جلا نور وَجهه الغسقا وأدهم اللَّيْل مِنْهُ قد جفلا وَقد أَتَى رائد الصَّباح على أَشهب أفديه بَدْرًا فِي قالب الْبشر(18/312)
قد جَاءَ فِي حسنه على قدر يرتع فِي روض خَدّه نَظَرِي خد بلطف النَّعيم قد صقلا كَأَنَّهُ من دمي إِذا خجلا يخضب يَا من غَدا ظلّ حسنه حرما لما حوى مَا بِهِ الْجمال حمى فرعا وصدغاً مذ حكما ظلما فارقم الْجَعْد يحرس الكفلا وحارسا الخد مِنْهُ قد جعلا عقرب هلا تعلمت بذل ودك لي من المليك الْمُؤَيد بن عَليّ سُلْطَان عصر سما على الأول لَوْلَا أياد بهَا الورى شملاً لأصبح النَّاس كالسماء بِلَا كَوْكَب ملك مغانيه للورى حرم إِلَى معاليه يَنْتَهِي الْكَرم قد أغرق النَّاس سيله العرم سَحَاب جود على الورى هطلا لَا برقه مبطئ الثوال وَلَا خلب حماة أَصبَحت للأنام حمى حويت ملكا على الْمُلُوك سما بحراً غَدا بالعلوم ملتطما ملكا لرزق الْأَنَام قد كفلا فَصَارَ فِي النَّاس جوده مثلا يضْرب يَا من عطاه قبل السُّؤَال بدا وَمن حبانا قبل الندى بندى)
هَيْهَات ينسى صنيعكم أبدا عبد على فرط حبكم جبلا عَلَيْكُم إِن أَقَامَ أَو رحلا يحْسب
3 - (ابْن أبي سهل الْخُشَنِي)
عبد الْعَزِيز بن أبي سهل الْخُشَنِي الضَّرِير قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ مَشْهُورا باللغة والنحو مفتقراً إِلَيْهِ فيهمَا بَصيرًا بِغَيْرِهِمَا من(18/313)
الْعُلُوم وَلم ير ضَرِير قطّ أطيب نفسا مِنْهُ وَلَا أَكثر حَيَاء مَعَ دين وعفة أَدْرَكته وَقد جَازَ لتسعين والتلاميذ يكلمونه فيحمر خجلاً
وَكَانَ شَاعِرًا مطبوعاً يلقِي الْكَلَام إِلْقَاء ويسلك طَرِيق أبي الْعَتَاهِيَة فِي سهولة الطَّبْع ولطف التَّرْكِيب وَلَا غنى لأحد من الشُّعَرَاء الحذاق عَن الْعرض عَلَيْهِ وَالْجُلُوس بَين يَدَيْهِ أخذا للْعلم عَنهُ واقتباساً للفائدة مِنْهُ توفّي سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة وَأورد لَهُ قَوْله الْبَسِيط
(قَالَ العواذل قد طولت حزنك إِذْ ... لَو شِئْت إِخْرَاجه عَن سلوة خرجا)
(وَلنْ أُطِيق خُرُوج الْحزن من خلديه ... لأنني أَنا لم آمره أَن يلجا)
وَقَوله السَّرِيع
(الْعين من وَجهك فِي لَهو ... وَالْقلب من صدك فِي شجو)
(تناصف الْحسن الَّذِي حُزْته ... لم يفْتَقر عُضْو إِلَى عُضْو)
(وَلم يفد مِنْك محب سوى ... قلب شج فِي جَسَد نضو)
وَقَوله الْبَسِيط
(لما تحمل قطان الحمي تركُوا ... عِنْدِي وساوس قد فضلن بالحرق)
(وَفِي هوادجهم سرب أوانس قد ... دخلن فِي الْوَحْش بالأجياد والحدق)
(من كل مطلعة شمساً بِلَا فلك ... حسنا ويهززن أغصاناً بِلَا ورق)
3 - (عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب)
عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب الْبنانِيّ مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ الْأَعْمَى روى عَن أنس وَشهر وَأبي نَضرة الْعَبْدي وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب)
عبد الْعَزِيز بن طَلْحَة بن لُؤْلُؤ أَبُو مَنْصُور الْكَاتِب الْوراق كَانَ على الْبَرِيد أَيَّام المقتدر وَله فِيهِ مدائح وَكَانَ شَاعِرًا ظريفاً يكْتب خطا مليحاً وَمن كَلَامه إِن نعْمَة لَا تستدام بِمثل الإنعام)
وَالْقُدْرَة لَا تستبقى بِمثل الْعَفو ودعا لصَاحب لَهُ فَقَالَ صان الله عَن سَماع المكاره سَمعك وَعَن الْبكاء على الأحباب دمعك وَمن شعره المنسرح وَمن شعره المنسرح سَأَلته قبْلَة فبادر بالتقبيل مُسْتَبْشِرًا إِلَى قدمي(18/314)
(فَقلت مولَايَ إِن أردْت بهَا ... سرُور قلبِي جَعلتهَا لفمي)
(فَقَالَ كلا للْعَبد منزلَة ... لُزُومهَا من حراسة النعم)
3 - (عبد الْعَزِيز بن صَاحب أبي عَليّ الْفَارِسِي)
عبد الْعَزِيز بن الْعَبَّاس أَبُو أَحْمد من أَصْحَاب أبي عَليّ الْفَارِسِي وَصَحب عضد الدولة وَكَانَ من جُلَسَائِهِ وأعيان أَصْحَابه وَكَانَ معتزليا وَهُوَ الَّذِي قَالَ للمتنبي النَّاس يستبشعون قَوْلك ويستحيلون مَعْنَاهُ
أحاد أم سداس فِي أحاد فَقَالَ المتنبي يَحْتَاجُونَ أَن يجيئوا غلي ويسألوني حَتَّى أيبن لَهُم مَا انغلق وَلم يفسره وأنف أَن يستفسره
3 - (فَخر الدّين الخلاطي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْجَبَّار بن عمر الْعَلامَة فَخر الدّين الخلاطي الْحَكِيم شيخ معمر شهير استدعاه هولاكو لعمارة الرصد اشْتغل بالموصل على الْمُهَذّب ابْن هِنْد وَصَحب أوحد الدّين الْكرْمَانِي وَقَالَ ابْن الفوطي رَأَيْت سَمَاعه لجَمِيع جَامع الْأُصُول من مُصَنفه مجد الدّين ونيف على الْمِائَة وَأَجَازَ لي مصنفاته وَمَات فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَقَالَ ابْن الكازروني كثر مَاله وَجَهل وَشرب الْخمر
3 - (موفق الدّين السّلمِيّ الطَّبِيب)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد ابْن الْعَلامَة موفق الدّين السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الطَّبِيب خدم الْملك الْعَادِل وَكَانَ فَقِيها بَصيرًا بالطب دينا وَله تلامذة فِي الطِّبّ وَتُوفِّي سنة أرع وست مائَة وَكَانَ كثير الْخَيْر غزير الْمُرُوءَة شَدِيد الشَّفَقَة على الْمَرَض خُصُوصا لمن كَانَ مِنْهُم ضَعِيف الْحَال يصلهم ويتفقدهم بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الْأَدْوِيَة والأغذية وَكَانَ أول أمره فَقِيها بِالْمَدْرَسَةِ الأمينية ثمَّ اشْتغل على إلْيَاس بن المطران بصناعة الطِّبّ وَصَارَ من المتميزين)
وخدم بالطب فِي البيمارستان النوري ثمَّ خدم الْملك الْعَاد أَبَا بكر بن أَيُّوب وحظي عِنْد ونال الْمرتبَة الْعلية
وَتُوفِّي موفق الدّين بِدِمَشْق بعلة القولنج وَقد تقدم ذكر ابْنه سعد الدّين أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز فِي الأبارة
3 - (الْمَاجشون الْمدنِي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون الْمدنِي(18/315)
الْفَقِيه مولى آل الهدير التَّمِيمِي وَالِد عبد الْملك الْفَقِيه وَابْن عمر بن يُوسُف الْمَاجشون كَانَ إِمَامًا مفتياً حجَّة صَاحب سنة وَإِلَيْهِ تنْسب سكَّة الْمَاجشون وَكَانَ أصبهانياً يلقى النَّاس فَيَقُول جَوْنِي جَوْنِي يَعْنِي يحييهم فلقب الْمَاجشون وَقيل إِنَّه كَانَ يصلح للوزارة توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الأويسي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الله الْمَعْرُوف بالأويسي روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن رجل عَنهُ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْخُزَاعِيّ)
عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن أَبُو الْعَبَّاس الْخُزَاعِيّ من بَيت الْإِمَارَة والتقدم وَكَانَ شَاعِرًا مقدما مجَازًا ناقداً للْكَلَام سهل الْأَلْفَاظ لَهُ صَنْعَة فِي الْغناء وَمَعْرِفَة بِهِ وَله كتاب جليل أَلفه فِي الْغناء عرضه على ابْن المعتز فَذكر أَنه مَا قَرَأَ فِي مَعْنَاهُ أحسن مِنْهُ وقرظ مُؤَلفه وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَمن شعره الرجز
(أَقُول لما هاج قولي الذكرى ... واعترضت وسط السَّمَاء الشعرى)
(كَأَنَّهَا ياقوتة فِي مدرى ... مَا أطول اللَّيْل بسر من رى)
(فَإِن تَجِد لي بنجاة أُخْرَى ... يَا رب فكا كفكاك الأسرى)
(إجعل أدنى خطواتي بصرى ... حَتَّى أأوب بالمطايا حسرى)
(كَأَنَّهَا من الكلال سكرى ... ثمَّ أعيش مثل عَيْش كسْرَى)
قلت شعر سهل
3 - (أَبُو الْقَاسِم الداركي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الداركي لَهُ وُجُوه فِي الْمَذْهَب مِنْهَا أَنه قَالَ لَا)
يجوز السّلم فِي الدَّقِيق وانتقى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ ابْن أبي الفوارس كَانَ يتهم بالاعتزال وَكَانَ فَقِيها إِمَامًا قَالَ أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ مَا رَأَيْت(18/316)
افقه مِنْهُ الداركي وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة
وَكَانَ أَبوهُ مُحدث أَصْبَهَان ودرس أَبُو الْقَاسِم الْفِقْه بنيسابور ثمَّ انْتقل إِلَى بغداذ وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَأخذ الْفِقْه عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي وَأخذ عَنهُ عَامَّة شُيُوخ بغداذ وَغَيرهم من الْآفَاق وَرُبمَا أفتى على خلاف مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة فَيُقَال لَهُ فِي ذَلِك فَيَقُول وَيحكم حدث فلَان عَن فلَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَذَا وَكَذَا وَالْأَخْذ بِالْحَدِيثِ أولى من الْأَخْذ بقول الْإِمَامَيْنِ
3 - (الشَّاعِر العباسي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحِيم بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ الصولي كَانَ شَاعِرًا محسناً مطيلاً مدح المتَوَكل من شعره الْكَامِل
(طفقت تَأمل حسن مشبهها ... فشككت أَيهمَا هُوَ الْبَدْر)
(ثمَّ انْثَنَتْ بالدر تهمله ... فَكَأَنَّهُ فِي نحرها تبر)
(غراء آنسة تخال بهَا ... بهراً وَلَيْسَ بنهضها بهر)
(ذَنْب الرواد أَنَّهَا ثقلت ... فبهرتها إِذْ خانها الخصر)
قَالَ الْعَبَّاس ابْنه كنت مَعَ أبي بسر من رأى فَدفع إِلَيّ هَذِه الأبيات وَقَالَ لي سل ابْن السّكيت عَن الْبَيْت الثَّانِي فَسَأَلته عَنهُ فَقَالَ هَذِه جَارِيَة مضمخة النَّحْر بالخلوق بَكت فَتَلَوَّنَ الدمع فِي نحرها بالخلوق فَصَارَ كالذهب فَعرفت أبي ذَاك فَقَالَ صدق
3 - (ابْن قرناص الْحَمَوِيّ)
عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن هبة الله أَبُو بكر بن قرناص الْحَمَوِيّ حدث بِشَيْء من شعره وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
3 - (عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر)
عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي المرواني هُوَ ابْن النَّاصِر عبد الرَّحْمَن صَاحب الأندلس وَقد تقدم ذكر أَبِيه وأخيه عبد الله فِي مكانيهما)
كَانَ الْمَذْكُور أديباً شَاعِرًا حَنَفِيّ الْمَذْهَب لَهُ شعر عراقي المشرع نجدي المنزع وَكَانَ مغرماً بالنبيذ والغناء فَترك النَّبِيذ لِبُغْض أَخِيه فِي النَّبِيذ فَقَالَ أَخُوهُ الْمُسْتَنْصر لَو ترك الْغناء لكمل سروري فَقَالَ وَالله لَا تركته حَتَّى تتْرك الطُّيُور تغريدها ثمَّ قَالَ الْخَفِيف(18/317)
(أَنا فِي صِحَة وجاه ونعمى ... هِيَ تَدْعُو للذة الألحان)
(وَكَذَا الطير فِي الحدائق تشدو ... للَّذي سر نَفسه بالعيان)
وَمن شعره الرمل
(زارني من هَمت فِي سحرًا ... يتهادى كنسيم السحر)
(اقبس الصُّبْح ضِيَاء نوره ... فأضا وَالْفَجْر لم ينفجر)
(واستعار الرَّوْض مِنْهُ نفحة ... بثها بَين الصِّبَا والزهر)
(أَيهَا الطالع بَدْرًا زاهراً ... لَا حللت الدَّهْر إِلَّا بَصرِي)
3 - (الصّقليّ)
عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن الصّقليّ أَخُو عَليّ بن عبد الرَّحْمَن وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه
أورد أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي الحديقة لعبد الْعَزِيز قَوْله الْكَامِل
(من ذَا يدل على الطَّرِيق إِلَى الْكرَى ... فَعَسَى خيال أحبتي يلقاني)
(لَو لم تفض عبرات عَيْني حسرة ... فاضت عَلَيْك النَّفس من أجفاني)
(لَيْت الَّذِي خلق الْهوى قسم الْهوى ... فسقاك بالكأس الَّذِي أسقاني)
3 - (عز الدّين بن عبد السَّلَام)
عبد الْعَزِيز بن عبيد السَّلَام بن أبي الْقَاسِم بن الْحسن شيخ الْإِسْلَام وَبَقِيَّة الْأَعْلَام الشَّيْخ عز الدّين أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد سنة سبع أَو ثَمَان وَسبعين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة سِتِّينَ وست مائَة حضر أَبَا الْحُسَيْن احْمَد بن الموازيني والخشوعي وَسمع عبد اللَّطِيف بن إِسْمَاعِيل الصُّوفِي وَالقَاسِم بن عَسَاكِر وَابْن طبرزد وحنبل المكبر وَابْن الحرستاني وَغَيرهم وَخرج لَهُ الدمياطي أَرْبَعِينَ حَدِيثا عوالي روى عَنهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد والدمياطي وَأَبُو الْحُسَيْن اليونيني وَغَيرهم وتفقه على الإِمَام فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر وَقَرَأَ الْأُصُول والعربية ودرس وَأفْتى وصنف وبرع فِي الْمَذْهَب وَبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد وقصده الطّلبَة من الْبِلَاد وَتخرج بِهِ أَئِمَّة وَله الْفَتَاوَى السديدة)(18/318)
وَكَانَ ناسكاً ورعاً أماراً بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر لَا يخَاف فِي الله لومة لائم ولي خطابة دمشق بعد الدولعي فَلَمَّا تملك الصَّالح إِسْمَاعِيل دمشق وَأعْطى الفرنج صفد والشقيف نَالَ ابْن عبد السَّلَام مِنْهُ على الْمِنْبَر وَترك الدُّعَاء لَهُ فَعَزله وحبسه ثمَّ أطلقهُ فنزح إِلَى مصر فَلَمَّا قدمهَا تَلقاهُ الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَبَالغ فِي احترامه وَاتفقَ موت قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين ابْن عين الدولة فولي بدر الدّين السنجاري قَضَاء الْقَاهِرَة وَولي عز الدّين قَضَاء مصر وَالْوَجْه القبلي مَعَ خطابة جَامع مصر ثمَّ إِن بعض غلْمَان وَزِير الصَّالح وَهُوَ معِين الدّين ابْن الشَّيْخ بنى بنياناً على سطح مَسْجِد بِمصْر وَجعل فِيهِ طبلخاناه معِين الدّين فَأنْكر عز الدّين ذَلِك وَمضى بجماعته وَهدم الْبُنيان وَعلم أَن السُّلْطَان والوزير يغضبان فاشهد عَلَيْهِ بِإِسْقَاط عَدَالَة الْوَزير وعزل نَفسه عَن الْقَضَاء فَعظم ذَلِك على السُّلْطَان وَقيل لَهُ اعزله عَن الخطابة وَإِلَّا شنع عَلَيْك على الْمِنْبَر كَمَا فعل فِي دمشق فَعَزله فأقم ببيته يشغل النَّاس
وَكَانَ مَعَ شدته فِيهِ حسن محاضرة بالنادرة وَالشعر وَكَانَ يحضر السماع ويرقص ويتواجد
وَأرْسل إِلَيْهِ السُّلْطَان لما مرض وَقَالَ عين مناصبك لمن تُرِيدُ من أولادك فَقَالَ مَا فيهم من يصلح وَهَذِه الْمدرسَة الصالحية تصلح للْقَاضِي تَاج الدّين ففوضت إِلَيْهِ بعده وَلما مت شهد الْملك الظَّاهِر جنَازَته وَالْخَلَائِق
وَاخْتصرَ نِهَايَة الْمطلب وَله الْقَوَاعِد الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِد الصُّغْرَى ومقاصد الرِّعَايَة وَالنَّاس يَقُولُونَ فِي الْمثل مَا أَنْت إِلَّا من الْعَوام وَلَو كنت ابْن عبد السَّلَام وَيُقَال إِنَّه لما حضر بيعَة الْملك الظَّاهِر قَالَ لَهُ يَا ركن الدّين أَنا أعرفك مَمْلُوك البندقدار فَمَا بَايعه حَتَّى جَاءَ من شهد لَهُ بِالْخرُوجِ عَن رقّه إِلَى الصّلاح وعتقه رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ وملا كَانَ بِدِمَشْق سمع من الْحَنَابِلَة أَذَى كثيرا وَكَانَ الشَّيْخ عز الدّين يكْتب خطا حسنا قَوِيا وَفِيه يَقُول الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو الْحُسَيْن الجزار الْخَفِيف
(سَار عبد الْعَزِيز فِي الحكم سيراً ... لم يسره سوى ابْن عبد الْعَزِيز)
(عمنَا حكمه بِعدْل بسيط ... شَامِل للورى وَلَفظ وجيز)
3 - (عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد)
عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد الْعمي الْبَصْرِيّ وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره توفّي فِي حُدُود التسعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة)(18/319)
3 - (صائن الدّين الجيلي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَرِيم هُوَ الشَّيْخ الإِمَام صائن الدّين الهمامي الجيلي الشَّافِعِي شرح التَّنْبِيه شرحاً حسنا وجوده وَله شرحان للتّنْبِيه كَذَا قَالَ فِي أول الشَّرْح الْمَشْهُور لَهُ وَشرح الْوَجِيز وَالْفُقَهَاء يرمونه بِالْكَذِبِ فِي نقُوله وَقد قَالَ هُوَ وَالْوُجُوه الْمَذْكُورَة فِي الْكتب الْمَشْهُورَة بَين أَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وعنهم من الْوَسِيط والبسيط والشامل والتهذيب والتجريد وَالْخُلَاصَة والحلية وَالْحَاوِي والشافي وَالْكَافِي والتتمة وَالنِّهَايَة ومختصرها وبحر الْمَذْهَب والإيضاح والإبانة ومختصر الْمُزنِيّ والمستظهري وَالْمُحِيط وَالتَّلْخِيص وَالْبَيَان وَشرح الْبَيْضَاوِيّ وتبصرة الْجُوَيْنِيّ وتحرير الْجِرْجَانِيّ وَالْمُحَرر ومهذب أبي الْفَيَّاض الْبَصْرِيّ وَغَيرهَا وَلَا يُبَادر النَّاظر فِيهِ بالإنكار لَا بعد مطالعة الْكتب الْمَذْكُورَة إِذْ لَا مَعْصُوم إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام
3 - (ابْن الصيقل الْحَرَّانِي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن الصيقل عز الدّين أَبُو الْعِزّ الْحَرَّانِي مُسْند الديار المصرية بعد أَخِيه روى عَن يُوسُف بن كَامِل وضياء بن الخريف وَأبي الْفرج مُحَمَّد بن هبة الله بن الْوَكِيل وَأبي حَامِد بن جوالق وَسَعِيد بن مُحَمَّد بن ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عطاف وَأبي عَليّ يحيى بن الرّبيع الْفَقِيه وَابْن طبرزد وَأحمد بن الْحسن العاقولي وَابْن الْأَخْضَر وعزيزة بنت الطراح وَعبد الْقَادِر الزهاوي وَجَمَاعَة وبالإجازة عَن ابْن كُلَيْب وَتفرد فِي وقته ورحل إِلَيْهِ وَكَانَ من التُّجَّار المعروفين كأخيه ثمَّ افْتقر روى عَنهُ ابْن الخباز والدمياطي وَابْن الزراد وَأَبُو مُحَمَّد الْحَارِثِيّ والمزي وَأَبُو حَيَّان وَأَبُو عمر وَابْن الظَّاهِر(18/320)
والبرزالي وَفتح الدّين ابْن سيد النَّاس وَخلق وَهُوَ أكبر شيخ لقِيه الْمزي والبرزالي ولد بحران سنة أَربع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَحدث سنة تسع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (الرفيع الجيلي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق رفيع الدّين أَبُو حَامِد الجيلي الشَّافِعِي الَّذِي فعل بِالنَّاسِ تِلْكَ الأفاعيل وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مناظراً متكلماً متفلسفاً قدم الشَّام وَولي الْقَضَاء ببعلبك أَيَّام صَاحبهَا إِسْمَاعِيل الصَّالح ووزيره أَمِين الدولة السامري فَلَمَّا ملك الصَّالح دمشق ولاه الْقَضَاء بِدِمَشْق فاتفق هُوَ والزير الْمَذْكُور فِي الْبَاطِن على الْمُسلمين)
وَكَانَ عِنْده شُهُود زور وَمن يَدعِي زوراً فيحضر الرجل المتمول إِلَى مَجْلِسه وَيَدعِي عَلَيْهِ الْمُدَّعِي بِأَلف دِينَار أَو أَلفَيْنِ فينكر فيحضر الشُّهُود فَيلْزمهُ وَيحكم عَلَيْهِ فيصالح غَرِيمه على النّصْف أَو أَكثر أَو أقل فاستبيحت أَمْوَال النَّاس
قَالَ أَبُو المظفر ابْن الْجَوْزِيّ حَدثنِي جمَاعَة أَعْيَان أَنه كَانَ فَاسد العقيدة دهرياً مستهتراً بِأُمُور الشَّرْع يَجِيء إِلَى الصَّلَاة سَكرَان وَأَن دَاره كَانَت مثل الحانة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بَلغنِي أَن النَّاس اسْتَغَاثُوا إِلَى الصّلاح من الرفيع فخاف الْوَزير وَعجل بهلاكه ليمحو التُّهْمَة عَنهُ وَقيل إِن السُّلْطَان كَانَ عرافاً بالأمور وَالله أعلم وَقبض على أعوان الرفيع وَكَبِيرهمْ الْمُوفق حُسَيْن بن الرواس الوَاسِطِيّ وسجنوا ثمَّ عذبُوا بِالضَّرْبِ وَالْعصر والمصادرة وَلم يزل ابْن الرواس فِي الْعَذَاب والمصادرة إِلَى أَن فقد وَفِي ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة أخرج الرفيع من دَاره وَحبس بالمقدمية ثمَّ أخرج لَيْلًا فسجن فِي مغارة أفقة من نواحي الْبِقَاع وَقيل ألقِي من شَاهِق وَقيل بل خنق
وَقَالَ ابْن وَاصل حكى لي ابْن صبح بِالْقَاهِرَةِ أَنه ذهب بالرفيع إِلَى رَأس شقيف فَعرف أَنِّي أُرِيد أَن أرميه فَقَالَ بِاللَّه عَلَيْك دَعْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فأمهلته حَتَّى صلاهما ثمَّ رميته فَهَلَك
وَلما كثرت الشكاوي عَلَيْهِ أَمر الْوَزير بكشف مَا حمل إِلَى الخزانة وَكَانَ الْوَزير لَا يحمل إِلَى الخزانة إِلَّا الْقَلِيل فَقَالَ الرفيع الْأُمُور عِنْدِي مضبوطة فخافه الْوَزير وَخَوف السُّلْطَان من أَمر وَمن عاقبته فَقَالَ لَهُ أَنْت جِئْت بِهِ وَأَنت تتولى أمره أَيْضا فَأَهْلَكَهُ الْوَزير(18/321)
وَقَالَ ابْن أبي أصيبعة وَكَانَ من الأكابر المتميزين فِي الْحِكْمَة والطبيعي والطب وأصول الدّين وَالْفِقْه وَكَانَ فَقِيها فِي الْمدرسَة العذرية وَله مجْلِس للمشتغلين عَلَيْهِ وَحكى من أمره مَا حكى وَقَالَ إِن بعض الَّذين كَانُوا مَعَه حكى أَنه لما دفع فِي تِلْكَ الهوة تحطم فِي نُزُوله وَكَأَنَّهُ تعلق فِي بعض جوانبها أَسْفَل بثيابه قَالَ فبقينا نسْمع أنينه نَحْو ثَلَاثَة أَيَّام وَكلما مر يَوْم يضعف وَيخْفى حَتَّى تحققنا مَوته ورجعنا عَنهُ
قَالَ وَمن أعجب مَا يحْكى أَن القَاضِي رفيع الدّين وقف على نُسْخَة من هَذَا الْكتاب يَعْنِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء وَمَا كنت ذكرته فِي تِلْكَ النُّسْخَة وطالعه فَلَمَّا وقف على أَخْبَار السهروردي تأثر من ذَلِك فَقَالَ ذكرت هَذَا وَغَيره أفضل مِنْهُ مَا ذكرته وشار إِلَى نَفسه ثمَّ قَالَ وإيش كَانَ من حَال شهَاب الدّين إِلَّا أَنه قتل فِي آخر أمره وَقدر الله تَعَالَى أَن رفيع الدّين قتل أَيْضا)
وَذكر ابْن أبي أصيبعة قصيدة مدحه بهَا أَولهَا الْكَامِل
(مجد وَسعد دَائِم وعلاء ... أيد الزَّمَان ورفعة وسناء)
بِبَقَاء مولنا رفيع الدّين ذِي الْجُود العميم وَمن لَهُ النعماء
3 - (عبد الْعَزِيز المنوفي)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْغَنِيّ بن أبي الأفراح سرُور بن أبي الرَّجَاء سَلامَة بن أبي الْيمن بَرَكَات بن أبي الْحَمد دَاوُد ويتصل بالْحسنِ الْمثنى بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب الينبعي الْمجِيد الإسكندري المولد أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ مولده سنة سبع وست مائَة وأنشدنا لنَفسِهِ بِجَامِع عمر بن الْعَاصِ ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَمَانِينَ وست مائَة الطَّوِيل
(وجدت بقالي عِنْد فقد وجودي ... فَلم يبْق حد جَامع لحدودي)
(وألفيت سري عَن ضميري ملوحاً ... يرمز إشاراتي وَفك قيودي)
(فَأَصْبَحت مني دانياً بمعارف ... وَقد كنت عني نَائِيا لجمودي)
(وَمن عين ذَاك الْأَمر حكم مُبين ... لتحقيق ميراثي وَحفظ عهودي)
(فَمن مبتدا فرقي فتوتي ووجهتي ... إِلَى مُنْتَهى جمعي يكون سجودي)
(وعاكف ذاتي مُطلق غير مطرق ... وبادي صفاتي قد وفى بعقودي)
(وَإِن أَمرتنِي نشأتي غير نسبتي ... فَصَالح آبَائِي نَذِير ثمودي)
(وَإِن أضرمت للحرب نَار فإنني ... أقابلها من همتي بجنودي)(18/322)
(سألقي عصاي فِي رحاب نَار فإنني ... أقابلها من همتي بجنودي)
(وأخلد بلعامي إِلَى أَرض طيعة ... لترفعني الْآيَات حِين صعودي)
(إِذا وَردت من مَاء مَدين نشوتي ... لَطِيفَة أسراري بِطيب ورودي)
(فَأنْزل مني منزلا بعد منزلٍ ... وتنزل شمسي فِي بروج سعودي)
(فَلَا مَنْهَج إِلَّا ولي فِيهِ مَسْلَك ... وَلَا موطن إِلَّا وَمِنْه شهودي)
قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين قَالَ شَيخنَا الرضي الشاطبي هَذَا يعرف بالشيخ عبد الْعَزِيز المنوفي وَهُوَ من أَتبَاع ابْن الْعَرَبِيّ صَاحب عنقاء مغرب قَالَ الْأَثِير الدّين وَهُوَ شيخ عبد الْغفار بن نوح القوصي
3 - (عبد الْعَزِيز الربعِي)
)
عبد الْعَزِيز بن عبد الْقَادِر بن أبي الْكَرم بن أبي الذَّر الربعِي البغداذي هُوَ الشَّيْخ نجم الدّين أحد من سَمِعت أليه وَأَجَازَ لي بخطّه سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة لَهُ رِسَالَة فِي الرَّد على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية فِي إِنْكَاره صِحَة الكيمياء وَله مصنفات مِنْهَا كتاب نتائج الشيب من مدح وعيب وَهُوَ كَبِير ملكته بِخَطِّهِ وَسمعت الْخطب الجزرية الَّتِي لِابْنِ الصيقل يَرْوِيهَا عَن المُصَنّف بِقِرَاءَة شهَاب الدّين العسجدي بِالْمَدْرَسَةِ القراسنقرية بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة ببغداذ
3 - (عز الدّين الإربلي)
عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان بن أبي طَاهِر بن مفضل الشَّيْخ عز الدّين أَبُو مُحَمَّد الإربلي الْمُحدث إِمَام دَار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق طلب الْكثير وَسمع بِنَفسِهِ وَكَانَ صَاحب وقار أديباً فَاضلا حسن الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم كتب عَنهُ القدماء كَابْن الْحَاجِب وطبقته وَمَات بجوبر سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (الْمروزِي)
عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان الْمروزِي شَاذان أَخُو عَبْدَانِ روى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أسعد الدّين الطَّبِيب)
عبد الْعَزِيز بن عَليّ أسعد الدّين بن أبي الْحسن قَالَ ابْن(18/323)
أبي أصيبعة كَانَ من أفاضل الْعلمَاء وأعيان الْأَطِبَّاء حاد الذِّهْن كثير الاعتناء بِالْعلمِ أتقن الصِّنَاعَة الطبية وَحصل الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَكَانَ عَالما بعلوم الشَّرْع مسموع القَوْل اشْتغل بالطب على أبي زَكَرِيَّا يحيى البياسي فِي ديار مصر وخدم المكل المسعود أقسيس بن الْكَامِل وَأقَام مَعَه بِالْيمن مُدَّة وَقرر لَهُ فِي كل شهر مائَة دِينَار مصرية وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن توفّي ثمَّ إِن الْكَامِل أطلق لَهُ إقطاعات يستغلها
واشتغل أسعد الدّين بالأدب وَالشعر وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَله من الْكتب كتاب نَوَادِر الأنباء فِي امتحان الْأَطِبَّاء صنفه للكامل بن الْعَادِل
3 - (ابْن بنت السكرِي)
عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْأنمَاطِي أَبُو الْقَاسِم ابْن بنتن السكرِي سمع وَحدث وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَأَرْبَعمِائَة)
3 - (ابْن الطَّحَّان الإشبيلي)
عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سَلمَة بن عبد الْعَزِيز الأندلسي أَبُو الْأَصْبَغ الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن الطَّحَّان الإشبيلي دخل بغداذ من مَكَّة كَانَ من الْقُرَّاء المجودين الموصوفين بإتقان الْقرَاءَات وَمَعْرِفَة وجوهها وَله فِي ذَلِك مصنفات قَرَأَ بِبَلَدِهِ بالروايات على جمَاعَة وَسمع من شُرَيْح بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف بن عبد الله بن شُرَيْح الرعيني خطيب إشبيلية وبقرطبة من أبي بكر بن سَعَادَة الْقُرْطُبِيّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد ابْن الأشيري لَيْسَ فِي الْمغرب أحد أعلم من ابْن الطَّحَّان بالقراءات وَولد سنة ثَمَان وَخمْس مائَة بإشبيلية وَمن شعره مجزوء الوافر
(دع الدُّنْيَا لعاشقها ... سيصبح من رشائقها)
(وَعَاد النَّفس مصطبراً ... ونكب عَن خلائقها)
(هَلَاك الْمَرْء أَن يُضحي ... مجداً فِي علائقها)
(وَذُو التَّقْوَى يذللها ... فَيسلم من بوائقها)
3 - (ابْن صَاحب الرَّد)
عبد الْعَزِيز بن عَليّ أَبُو الْأَصْبَغ اللَّخْمِيّ الإشبيلي الظَّاهِرِيّ يعرف بِابْن صَاحب الرَّد كَانَ مِمَّن برع فِي فقه الظَّاهِرِيَّة قَالَ ابْن مسدي كَانَ ذَاكِرًا لصحيح مُسلم متظاهراً بِمذهب أهل الظَّاهِر رَافعا راية تِلْكَ الْمظَاهر مَعَ الثِّقَة والأصالة(18/324)
توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد السمات)
عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن زَيْدَانَ أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو بكر السمات بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف الْقُرْطُبِيّ نزيل فاس كَانَ من أهل الْفِقْه والْحَدِيث والنحو واللغة والتاريخ وَالْأَخْبَار وَأَسْمَاء الرِّجَال متصرفاً فِي أُمُور كَثِيرَة أديباً نحوياً شَاعِرًا مقدما فِي الْعَرَبيَّة توفّي سنة أَربع وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره
3 - (عبد الْعَزِيز بن عمر)
عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان كَانَ من ثِقَات الْعلمَاء وَثَّقَهُ ابْن معِين وَمَات سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة على الصَّحِيح ومروى لَهُ الْجَمَاعَة وَكَانَ عِنْده أدب ولطف وكرم
طرقه بعض اللَّيَالِي أضياف فَكتب إِلَى زَوجته الْخَفِيف)
(إِن عِنْدِي أبقاك رَبك ضيفاً ... وَاجِبا حَقه كهولاً ومردا)
(طرقوا جَارك الَّذِي كَانَ قدماً ... لَا يرى من غَرَامَة الضَّيْف بدا)
(فلديه أضيافه قد قراهم ... وهم يشتهون تَمرا وزبدا)
(فَلهَذَا أجْرى الحَدِيث وَلَكِن ... قد جعلنَا بعض الفكاهة جدا)
فَوقف أَبوهُ عمر رَضِي الله عَنهُ على هَذِه الأبيات فَقَالَ يَا بني لَو قلت بدل هَذَا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله كَانَ أَعُود عَلَيْك
وروى أَن عبد الْعَزِيز خرج وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة وَمَعَهُ عبد الله بن الْحسن فَنزلَا تَحت سرحة وتغذيا فَأخذ عبد الله حجرا وَكتب بِهِ على سَاق السرحة الْخَفِيف خبرينا خصصت بِالْغَيْبِ يَا سرج بِصدق فالصدق فِيهِ شِفَاء فَأخذ عبد الْعَزِيز الْحجر وَكتب تَحْتَهُ
(هَل يَمُوت الْمُحب من ألم الْحبّ ... ويشفي من الحبيب اللِّقَاء)
ثمَّ أَنَّهُمَا ركبا دَوَابِّهِمَا ومضيا غير بعيد فَإِذا السَّمَاء قد أَقبلت عَلَيْهِمَا فَرَجَعَا مُسْرِعين إِلَى السرحة فأصابا تَحت مَا كتبا(18/325)
(إِن جهلا سؤالك السَّرْح عَمَّا ... لَيْسَ يَوْمًا بِهِ عَلَيْك خَفَاء)
لَيْسَ للعاشق الْمُحب من العشقاضي الْقُضَاة سوى لَذَّة الْجِمَاع دَوَاء فتعجبا من ذَلِك وانصرفا
3 - (ابْن نباتة السَّعْدِيّ)
عبد الْعَزِيز بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نباتة بن حميد بن نباتة أَبُو نصر التَّمِيمِي السَّعْدِيّ البغداذي أحد الشُّعَرَاء المجودين كَانَ يعاب لكبرٍ فِيهِ توفّي سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة مدح الْمُلُوك والوزراء وَله فِي سيف الدولة غر القصائد كَانَ قد أعطَاهُ فرسا أدهم أغر محجلاً فَكتب إِلَيْهِ الْكَامِل
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي أخلافه ... من خلقه ورواؤه من رائه)
(قد جَاءَنَا الطّرف الَّذِي أهديته ... هادية يعْقد أرضه بسمائه)
(أولاية وليتنا فبعثته ... رمحاً سبيت الْعرف عقد لوائه)
(نحتل مِنْهُ على أغر محجل ... مَاء الدياجي قَطْرَة من مَائه)
)
(فَكَأَنَّمَا لطم الصَّباح جَبينه ... فاقتص مِنْهُ فَخَاضَ فِي أحشائه)
(متمهلاً والبرق من أَسْمَائِهِ ... متبرقعاً وَالْحسن من أكفائه)
(مَا كَانَت النيرَان يكمن حرهَا ... لَو كَانَ للنيران بعض ذكائه)
(لَا تعلق الألحاظ فِي أعطافه ... غلا إِذا كفكفت من غلوائه)
(لَا يكمل الطّرف المحاسن كلهَا ... حَتَّى يكون الطّرف من أسرائه)
قلت قد اشْتهر هَذَا الْبَيْت الَّذِي لَهُ أَعنِي قَوْله وكأنما لطم الصَّباح جَبينه فيروى أَن ابْن حجاج أَو غَيره قَالَ الْكَامِل
(غضِبت صباح وَقد رأتني قَابِضا ... أيري فَقلت لَهَا مقَالَة فَاجر)
(بِاللَّه إِلَّا مَا لطمت جَبينه ... حَتَّى يُحَقّق فِيك قَول الشَّاعِر)
وَمن شعر أبي نصر بن نباتة الْبَسِيط
(قد جدت لي باللهى حَتَّى ضجرت بهَا ... وكدت من ضجري أثني على الْبُخْل)
(إِن كنت ترغب فِي أَخذ النوال لنا ... فاخلق لنا أملاً أَولا فَلَا تنَلْ)(18/326)
(لم يبْق جودك لي شَيْئا أؤمله ... تَرَكتنِي أصحب الدُّنْيَا بِلَا أمل)
وَقَالَ ابْن نباتة كنت يَوْمًا قَائِلا فِي دهليزي فدق عَليّ الْبَاب فَقلت من قَالَ رجل من أهل الْمشرق أَنْت الْقَائِل الطَّوِيل
(وَمن لم يمت بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تخالفت الْأَسْبَاب والداء وَاحِد)
فَقلت نعم فَقَالَ أرويه عَنْك فَقلت نعم فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار دق عَليّ الْبَاب فَقلت من قَالَ رجل من أهل تاهرت من الْمغرب فَقلت مَا حَاجَتك قَالَ أَنْت الْقَائِل
(وَمن لم يمت بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تخالفت الْأَسْبَاب والداء وَاحِد)
فَقلت نعم فَقَالَ أرويه عَنْك فَقلت نعم وَعَجِبت كَيفَ وصل قولي إِلَى الْمشرق وَالْمغْرب
وَمن شعر ابْن نباتة قَوْله الطَّوِيل
(فَلَا تجعلني كَالَّذي رَأَيْتهمْ ... وَمن يَجْعَل الْأَقْدَام الذوائب)
(إِذا بصروني نكسوا فَكَأَنَّمَا ... شواربهم مضفورة بالحواجب)
قلت هُوَ عكس معنى قَول أبي الطّيب الطَّوِيل)
(بعيدَة مَا بَين الجفون كَأَنَّمَا ... عقدتم أعالي كل جفن بحاجب)
وَمن شعره ابْن نباتة السَّعْدِيّ فِي مصلوب الطَّوِيل
(على الْجذع موف لَا يزَال كَأَنَّهُ ... سليما دَعَا قوما إِلَيْهِ فَأَقْبَلُوا)
(فَقَامَ يماريهم وَقد مد بَاعه ... يَقُول لَهُم عرضي أم الطول أطول)
وَمِنْه الوافر
(رفعن ذلاذل الظلماء حَتَّى ... بدا مِنْهُنَّ ورد ذُو ابنلاج)
(إِذا مرت ركائبها بقاع ... خلعن عَلَيْهِ أردية العجاج)
وَمِنْه فِي الْحَيَّة الطَّوِيل
(وصل صفا بِالسِّنِّ دون سميره ... لَهُ فِي عقول الناظرين وجار)
(يُخَادع الْبَاب الرِّجَال كَأَنَّهُ ... إِذا مَا تطوى للأكف سوار)
وَمِنْه المتقارب
(غبطت الَّذِي لامني فِيكُم ... وَلم أدر أَنِّي حسدت الحسودا)
(فليت الْعُيُون وجدن الدُّمُوع ... وليت الدُّمُوع وجدن الخدودا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(قيل إِن الْهوى فرَاغ جهول ... وَكفى بالهوى لذِي اللب شغلا)(18/327)
مَا اسْتحق الْفِرَاق نجد فيشتاق وَلَا استأهل الْحمى أَن يملا وَمِنْه فِي السِّهَام الطَّوِيل
(سهامي من خطي سِهَام أعدهَا ... عطارف نبع لحمهن نيال)
(يردن وأطراف الرماح حوائم ... وَهن قصار والرماح طوال)
وَمِنْه فِي السَّيْف وَالرمْح المنسرح
(وصارم فِي الضراب نفحته ... يتبعهَا المنكبان والعنق)
(وَمن نطاق الجوزاء مطرد ... كَأَنَّهَا فِي كعوبه نسق)
وَقَالَ مهيار الديلمي يرثي ابْن نباتة الْكَامِل
(حملوك لَو علمُوا من الْمَحْمُول ... لارتاض معتاص وخفف ثقيل)
(واستودعوا بطن الثرى بك هضبة ... فاقلها إِن الثرى لحمول)
)
(هالوا التُّرَاب على دَقِيق شخصه ... معنى التُّرَاب وَقد حواه جليل)
مِنْهَا
(يَا نَاشد الْكَلم الغرائب أعوصت ... شبها فَلَيْسَ لآيها تَأْوِيل)
(قُم نَاد فِي النادي هَل ابْن نباتة ... أذن فَتسمع أَو فَم فَيَقُول)
(فاسأل غطارف من تَمِيم أمّهم ... يَوْم انطوى عبد الْعَزِيز ثكول)
(لَو أغمدت أسيافكم عَن نَصره ... وَلسَانه من دونكم مسلول)
(أوما لبستم مَا كسى أعراضكم ... شرفاً يعرض نسجها وَيطول)
(ضيعتم رحما رعاها بُرْهَة ... ويبيسها بِكَلَامِهِ مبلول)
مِنْهَا
(مني أَخ إِن ينأ عَنْك وَلَاؤُه ... فوداده بك لاصق مَوْصُول)
(أسيان طابت نَفسه عَن نَفسه ... لَك بِالْفِدَاءِ لَو أَنه مَقْبُول)
(عقل السلو عَن الْعُيُون وَأَن لي ... عينا عَلَيْك وكاؤها محلول)
(تَجِد الدُّمُوع المقذيات جلاءها ... حَتَّى كَأَن الدمع فِيهَا الْميل)
3 - (ابْن عمرَان الْأَعْرَج)
عبد الْعَزِيز بن عمرَان الْمدنِي الْأَعْرَج اتَّصل بِيَحْيَى(18/328)
الْبَرْمَكِي قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِثِقَة إِنَّمَا كَانَ صَاحب شعر وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لم أكتب عَنهُ توفّي فِي حُدُود السِّتين وَفِي حُدُود السّبْعين وَمِائَة
3 - (عبد الْعَزِيز الطَّائِي)
عبد الْعَزِيز بن عمرَان بن عَمْرو بن حسان بن سُلَيْمَان الطَّائِي كَانَ عمرَان ابْن عَمْرو من جلة قواد الْمَنْصُور وصحابته وَقد تقلد لَهُ فَارس وَأما عبد الْعَزِيز فَإِن الْمَأْمُون أحضرهُ فِي جملَة من اتهمه بقتلة الْفضل بن سهل وزيره وَقَالَ الْمَأْمُون لعبد الْعَزِيز تنسى مقدمك من خُرَاسَان دَاخِلا عَليّ وَأَنت آخذ بلحيتك لَا ترى للخلافة مهابة وَلَا توقيراً فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كنت فعلت ذَاك فبغير استخفاف مني وَمَا يبلغ هَذَا استحلال الدَّم فَاتق الله فِي
فَقَالَ الْمَأْمُون اتقاؤه فِيك إِقَامَة الْحَد عَلَيْك فَهَلا اتقيتموه فِي الْمَظْلُوم المرحوم المضرج بِالدَّمِ يَا غُلَام اضْرِب عُنُقه فَقَالَ عبد الْعَزِيز صبرا لأمر الله فَقَالَ الْمَأْمُون كذبت بل صبرا)
لأمري فَضربت عُنُقه وصلب فِي سوَاده وَالله أعلم بالباطن وَكَانَ ذَلِك فِي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ أَو اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد البابصري)
عبد الْعَزِيز بن أبي الْقَاسِم بن عُثْمَان الشَّيْخ عز الدّين أَبُو مُحَمَّد البابصري البغداذي الْحَنْبَلِيّ الصُّوفِي الأديب من أَعْيَان الشميساطية ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وست مائَة سمع مشيخة الباقرحي على ابْن الْأَجَل وَسمع بِدِمَشْق من أَصْحَاب ابْن طبرزد وَكَانَ عَارِفًا بالفقه بَصيرًا بالأدب وَالشعر وَأَيَّام النَّاس ضعف بَصَره وَسمع مِنْهُ ابْن البرزالي وَابْن الصَّيْرَفِي وَله شعر
3 - (القَاضِي عبد الْعَزِيز بن النُّعْمَان)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان بن حمد بن مَنْصُور قَاضِي الْحَاكِم صَاحب مصر علت رتبته عِنْده إِلَى أَن أقعده مَعَه على الْمِنْبَر فِي يَوْم الْعِيد وَقَتله مَعَ الْقَائِد حُسَيْن بن جَوْهَر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الدَّرَاورْدِي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي من قَرْيَة بخراسان أَبُو مُحَمَّد الْجُهَنِيّ مَوْلَاهُم الْمدنِي قَالَ معن بن عِيسَى يصلح أَن يكون أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقَالَ يحيى بن معِين هُوَ أثبت من فليح وَقَالَ أَبُو زرْعَة سيئ الْحِفْظ وَقَالَ أَحْمد إِذا حدث من حفظه بهم لَيْسَ هُوَ بِشَيْء توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وروى لَهُ(18/329)
البُخَارِيّ مُتَابعَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان الْمُحدث أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي الْكِنَانِي الصُّوفِي مُفِيد الدماشقة سمع الْكثير وَكتب مَا لَا ينْحَصر وَتُوفِّي فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو مُسلم الشِّيرَازِيّ)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو مُسلم الشِّيرَازِيّ الأديب قدم بغداذ وروى عَن الْقشيرِي
كَانَ من أَفْرَاد الدَّهْر وأعاينه متفنناً لغوياً نحوياً فَقِيها متكلماً مترسلاً شَاعِرًا لَهُ مصنفات كَثِيرَة فِي كل فن وَكَانَ حَافِظًا للتواريخ قَالَ السلَفِي توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَمن شعره)
الْبَسِيط
(كَأَنَّمَا اللَّيْل صب عز مرتقباً ... وأنجم اللَّيْل فِي ظلمائه رقبا)
(فَلَا ترى اللَّيْل يمْضِي خوف رقبه ... وَلَا ترى الصُّبْح يعمي عين من رقبا)
3 - (الطارقي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْقرشِي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج منشأه وأدبه بالبادية من سَاحل الْبَحْر تعرف قريته ببني طَارق وَلَقي بالحضرة رجَالًا وَهُوَ شَاعِر مجود فخم الْكَلَام ينحته نحتاً وَأكْثر اشتهاره بالنثر دون النّظم إِذْ كَانَ فِيهِ فَارس الفرسان وَوَاحِد الزَّمَان مَا بَين تزوير مقامة مبتدعة أَو خطْبَة غير مفترعة إِلَى الرسائل السُّلْطَانِيَّة والمكاتبات الإخوانية وَله من الْخط البارع حَظّ الْمُعَلَّى من قداح الميسر وَأورد لَهُ الطَّوِيل
(وَيَوْم كَأَن الشَّمْس دون عجاجه ... حشاشة قنديل يشف زجاجها)
(غزا إِبْرَاهِيم نصير الدولة الْعَرَب فانبرت ... كتائب سد الْخَافِقين عجاجها)
(تموج بالجرد الْعتاق بحورها ... ويزداد بالبيض الرقَاق ارتجاجها)
وَمن شعره من أَبْيَات الْبَسِيط
(هَب السرُور ونام الدَّهْر مشتغلاً ... عَنَّا فَلم نشمل ثوبا على حذر)
(أما ترى المزن قد فضت خواتمه ... وَالرَّوْض يضْحك عجبا من بكا الْمَطَر)
(والجو كالمنخل المسود جَانِبه ... يكسو الظهيرة أثواباً من الشّجر)
(فاقدح سرورك من صهباء صَافِيَة ... يكَاد يقذف مِنْهَا الكأس بالشرر)(18/330)
وَمن شعره الْبَسِيط
(بذ الرِّجَال وَجَاز السَّبق مبتدئاً ... كَأَنَّهُ مصعد ينحط صبب)
(ودوخ الْعَجم حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ ... مَا صفحة الصَّعق إِلَّا صولة الْعَرَب)
قلت مَا أحسن قَوْله كَأَنَّهُ مصعد ينحط من صبب وأذكرني قَول الْقَائِل فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المتقارب
(تحيره الله من آدم ... فَمَا زَالَ منحدراً يرتقي)
وَمن شعر الطارقي الطَّوِيل
(وَيَوْم على أعطافه من عجاجه ... مشرفة دكن ومحبوكة حمر)
)
(ترف إِلَى الْأَبْطَال من تَحت سجفه ... عوان من الهيجاء أَو غَارة بكر)
(أحن فليهيني بِهِ من بنانه ... يَمَانِية بيض وخطية سمر)
(إِذا جردت عِنْد العناق ترنمت ... فتطرب لَكِن ذَلِك الطَّرب الذعر)
(وجرد كأمثال السعالي خَفِيفَة ... مسومة لِابْنِ النصير بهَا نصر)
(أقرَّت نِصَاب الْملك فِي كف أروع ... تدين لَهُ الدُّنْيَا وَيَنْتَهِي الْأَمر)
قلت وهم فِي حَرَكَة الْبَاء من يَنْتَهِي وَلَا يجوز تحريكها لِأَنَّهَا لَيست ضميراً
3 - (ابْن القبيطي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن فَارس بن القبيطي الْحَرَّانِي أَبُو البركات حفظ الْقُرْآن فِي صباه وقرأه على عَمه حَمْزَة بالروايات وأتقنه وَصَارَ من الْقُرَّاء المجيدين وأسمعه عَمه من شهدة الْكَاتِب وَعبد الرَّحِيم بن عبد الْخَالِق بن يُوسُف وَأبي الْفَتْح بن شاتيل وَغَيرهم وَصلى إِمَامًا بعد عَمه بِبَاب بدر وَكَانَ حسن الْأَدَاء طيب النغمة وخدم فِي عدَّة أَعمال ديوانية فَلم تحمد سيرته وَحدث باليسير ولد سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (ابْن الديناري الْوَاعِظ)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أبي الْفَضَائِل بن أبي البركات الْأنْصَارِيّ أَبُو مُحَمَّد الْوَاعِظ ابْن الديناري قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن البطائحي وَسمع مِنْهُ وَمن ابْن الخشاب وَقَرَأَ الْأَدَب على ابْن الْأَنْبَارِي وَأبي الْحسن بن العصار وَأبي مُحَمَّد بن عُبَيْدَة الْكَرْخِي وتفقه على أبي طَالب غُلَام ابْن الْخلّ وَقَرَأَ الْوَعْظ على ابْن الْجَوْزِيّ وَورد دمشق وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره الْكَامِل(18/331)
(شهرت لواحظ مقلتيه مرهفاً ... صَوتا لورد خدوده أَن يقطفا)
(وَالْحسن أطلع من سَمَاء قبائه ... بَدْرًا ينير لنا وغصناً أهيفا)
(كتب الْجمال على صحيفَة خَدّه ... بالمسك سطراً ضم فِيهِ الأحرفا)
(ريم لنكهة فِيهِ من بعد الْكرَى ... عرف بِهِ الْمسك الذكي تعرفا)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي شَاعِر روى عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْمُنَادِي من)
شعره الْبَسِيط
(إِذا اشتكت نفس محزون وَقد جزعت ... وأظهرت بالتشكي بعض بلواها)
(وفاض مِنْهَا الَّذِي قد كَانَ يستره ... عقل ضنين فأوهى الْعقل شكواها)
(فَمَا تفِيد بشكواها وَإِن كثرت ... إِلَّا شماتة من عادى وناواها)
(وَمَا لنَفس أَتَاهَا ضرّ سَيِّدهَا ... إِلَّا دُعَاء الَّذِي بالضر أبلاها)
3 - (ضِيَاء الدّين السنجاري)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ضِيَاء الدّين أَبُو مُحَمَّد السنجاري مولده بسنجار سنة خمسين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بهَا سنة عشْرين وست مائَة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني بسنجار فِي شهور سنة سِتّ مائَة الْكَامِل
(وَلَئِن شكرتك قدر مَا أوليتني ... برا وبشراً فِي اصطناع جواد)
(حاولت مَا لَا أَسْتَطِيع وَقصرت ... أدوات نطقي عَن بُلُوغ مرادي)
(لَكِن شكري مِنْك فِيك على المدى ... جهد الْمقل وطاقة المنآد)
قَالَ وأنشدني لَهُ الطَّوِيل
(وَلَو أَن أعضائي وكل جوارحي ... أكف تخط الْحَمد وَالشُّكْر فِي طرس)
(لكلت وَمَا أدَّت ديوناً وَلَا قَضَت ... حقوقاً وفاءت ممسكات على يأس)
3 - (مجير الدّين ابْن الْجَزرِي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن ندى الْأَمِير الْأَجَل الأوحد مجير الدّين ابْن الصاحب محيي الدّين بن شمس الدّين الْجَزرِي قد تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين ومملوكهم أيدمر فِي الْهمزَة وأخيه عبد الْعَزِيز وَعبد الْعَزِيز أشعر من هَذَا وَكَانَ لَهما أَخ اسْمه نَاصِر الدّين مُحَمَّد
نقلت من خطّ ابْن سعيد المغربي فِي كتاب الْمشرق فِي أَخْبَار الْمشرق قَالَ كَفاهُ من المفاخر والأهلية للمكانة الَّتِي لَا يَسْتَوْفِي وصفهَا ناظم وَلَا ناثر أَن أَهله أَبوهُ الصاحب الْكَبِير(18/332)
للاستقلال بِمَا كن يسْتَقلّ بِهِ من تَدْبِير ملك الجزيرة العمرية بدهاء عمري وسيرة عمرية حَتَّى خطبَته المملكة الْعُظْمَى الأيوبية فَسَار إِلَيْهَا سير النسيم إِلَى الرَّوْض وَحل مِنْهَا مَحل الْهم من النُّفُوس الأبية وحظي من أشغالها الْعَظِيمَة بِمَا دَانَتْ لَهُ أكَابِر الدولة حسداً وَكتب غلي من قَوْله)
الطَّوِيل
(وَقد قيل إِن الشَّمْس تبدو بمغرب ... وَذَاكَ بعيد فِي الصحائف والكتب)
(إِلَى أَن رَأَيْت النُّور من مغرب أَتَى ... فحققت أَن الشَّمْس تبدو من الغرب)
وَقَالَ وَقد داست رجل وَالِده فرس الْكَامِل
(قَدَمٌ لَهَا قِدَمُ غَدَتْ مجبورة ... فِي المكرمات إِلَى ذَوي حَاجَتهَا)
(زكتْ وَمَا زَالَت عَن السَّعْي الَّذِي ... عودتها فجرت على عاداتها)
(طلبت بذلك رَاحَة لما انْتَهَت ... فِي حلبة الْعليا إِلَى غاياتها)
وَقَالَ فِي حمام خركاه الْخَفِيف
(إِن حمامك الَّتِي أَنْت فِيهَا ... زورت سَيِّدي عَليّ الْحمام)
(كالمزاوير قد تسمى طَعَاما ... وَهِي لَيست من طَيّبَات الطَّعَام)
وَقَالَ فِي الخوخ مجزوء الرجز يَا حبذا الخوخ بكف شادن مهفهف
(كَأَنَّهُ كأس ملي ... من الرَّحِيق القرقف)
وَقَالَ أَيْضا الطَّوِيل
(وخوج أَتَانَا فِي الهجير حره ... وَقد خلت قرص الشَّمْس صَارَت لنا أَرضًا)
(جمعناه فِي وَقت فَأشبه جمعه ... خدود غوان قبلت بَعْضهَا بَعْضًا)
وَقَالَ نور الدّين بن سعيد المغربي أَيْضا الوافر
(أَتَاك الخوخ أَحْمَر فِي ابيضاض ... رقيم الْوَجْه من خجل الْكِرَام)
(وَقد حيتك مِنْهُ دون إِثْم ... كؤوس قد ملئن من المدام)
وَقَالَ فِي فوارة تحتهَا شموع تقد الْكَامِل
(مَا أحسن المَاء الَّذِي ترمي بِهِ ... فوراة كالهاطل الهتان)(18/333)
(وَالنَّار فِي أحشائها كمتيم ... أضحى الغريق بهاطل الأجفان)
(أَو مثل شمس الْأُفق فِي كبد السما ... ممطورة مَمْنُوعَة الدوران)
وَكَانَ شرف الدّين التيفاشي حَاضرا فَقَالَ الْكَامِل
(فوراة بِالْمَاءِ يفتن حسنها ... ببديع منظرها وَحسن صفاء)
)
(فَالنَّار فَوق المَاء عنصر كَونهَا ... فاعجب لهَذَا النَّار تَحت المَاء)
3 - (ابْن الرفاء)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن خلف الإِمَام الْعَلامَة الأديب الشَّاعِر شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن القَاضِي أبي عبد الله الْأنْصَارِيّ الأوسي الدِّمَشْقِي ثمَّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الصاحب ابْن قَاضِي حماة وَيعرف بِابْن الرفاء ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة
ورحل بِهِ وَالِده وسَمعه جُزْء ابْن عَرَفَة من ابْن كُلَيْب والمسند كُله من عبد الله بن أبي الْمجد الْحَرْبِيّ وَحدث بالجزء نَحوا من سِتِّينَ مرّة بِدِمَشْق وحماه وبعلبك ومصر وروى الْمسند غير مرّة قَرَأَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخ شرف الدّين الْفَزارِيّ وَغَيره وَقَرَأَ الْكثير من كتب الْأَدَب على الْكِنْدِيّ وَسمع من جمَاعَة وبرع فِي الْعلم وَالْأَدب وَكَانَ من الأذكياء الْمَعْدُودين وَله محفوظات كَثِيرَة وَسكن بعلبك مُدَّة وَسمع بهَا من الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن وَحدث مَعَه وَسكن دمشق مُدَّة ثمَّ سكن حماه وَكَانَ صَدرا كَبِيرا نبيلاً مُعظما وافر الْحُرْمَة كَبِير الْقدر روى عَنهُ الدمياطي وَأَبُو الْحُسَيْن وَأَبُو الْعَبَّاس ابْن الظَّاهِرِيّ وقاض الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وَجَمَاعَة كَثِيرَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت لَهُ عدَّة قصائد على تَاج الدّين عبد الْخَالِق قَرَأَهَا عَلَيْهِ قلت لَا أعرف فِي شعراء الشَّام من بعد الْخمس مائَة وَقبلهَا من نظم أحسن مِنْهُ وَلَا أجزل وَلَا أفْصح وَلَا أصنع وَلَا أسرى وَلَا أَكثر فَإِن لَهُ لُزُوم مَا لَا يلْزم مُجَلد كَبِير وَمَا رَأَيْت لَهُ شَيْئا إِلَّا وعلقته لما فِيهِ من النكت والتورية الْقَاعِدَة والقوافي المتمكنة والتركيب العذب وَاللَّفْظ الفصيح ولمعنى البليغ فَمن ذَلِك قَوْله الوافر
(غَدَوْت فَكنت شمسي فِي صباحي ... ورحت فَكنت بَدْرِي فِي مسائي)(18/334)
(وَجَدْتُك إِذْ عدمت وجود نَفسِي ... فأهلاً بالفراق وباللقاء)
(وَإِن أغفيت كَانَ عَلَيْك وقفي ... أَو استيقظت كَانَ بك ابتدائي)
(فيا سعدي إِذا مَا دَامَ سكري ... عَليّ وَإِن صحوت فيا شقائي)
(وَقلت لصاحبي لما لحاني ... عَلَيْك بِمَا عناك ولي عنائي)
(أصمك سوء فهمي عَن خطابي ... وأعماك الضلال عَن اهتدائي)
(وهنت فَكنت فِي عَيْني صَبيا ... أخاطبه بِأَلْفَاظ الهجاء)
)
(فَلَو أَصبَحت ذَا حاء وسين ... لما عنفت فِي حاء وباء)
وَمِنْه الْبَسِيط
(قَرَأت خطّ عذاريه فأطمعني ... بواو عطف وَوصل مِنْهُ عَن كثب)
(وأعربت لي نون الصدغ مُعْجمَة ... بِالْحَال عَن نجح مقصودي وَعَن طلبي)
(حَتَّى رنا فسبت قلبِي لواحظه ... وَالسيف أصدق أنباء من الْكتب)
وَمِنْه مخلع الْبَسِيط
(حَيْثُ ترامت بِي الْجِهَات ... فلي إِلَى وَجهك الْتِفَات)
(جيراننا باللوى أجيروا ... وَلها أودى بِهِ الشتات)
(إِلَيْكُم هجرتي وقصدي ... وَفِيكُمْ الْمَوْت والحياة)
(أمنت أَن توحشوا فُؤَادِي ... فآنسوا مقلتي وَلَا تو)
يُرِيد وَلَا توحشوها فاقتصر على بعض الْكَلِمَة تظرفاً وتلطفاً
وَمِنْه مجزوء الْكَامِل
(رَاح هويت صَرِيح ... فمنحت مَاء المزن مقتا)
(إِن الَّتِي ناولتني ... فرددتها قلت قتلتا)
وَمِنْه مضمناً الوافر
(بروحي من سمحت لَهُ بروحي ... وَأصْبح خائني فِيهِ نصيحي)
(وَعز عَليّ عزلي فِي هَوَاهُ ... وَهَان عَليّ مأثور الْقَبِيح)
(فَقلت لصاحبي قفا فَإِنِّي ... جريت مَعَ الْهوى طلق الجموح)(18/335)
(وَفرق بَين أقراني وبيني ... قرَان النغم بالوتر الفصيح)
(فقاطع من يصدك عَن سرُور ... وصل بعرى الغبوق عرى الصبوح)
وَمِنْه مجزوء الْخَفِيف
(نفحت معنبرة ... من رياض محبره)
(وغمام معربد ... ببروق مزمجره)
(ترك الرَّوْض ناضراً ... بعيون مخضره)
وَمِنْه الْخَفِيف)
(كبد تلتظي وجفن غريق ... هَكَذَا هَكَذَا يكون المشوق)
(نفس عَن خنق نفس كثيب ... كلفت بالغرام مَا لَا يُطيق)
(مَا لنا فِي الْهوى حُقُوق عَلَيْكُم ... بل لكم سادتي علينا الْحُقُوق)
(مثلكُمْ فِي جمالكم لَيْسَ يلقى ... وعرامي بغيركم لَا يَلِيق)
(عقني لُؤْلُؤ المدامع فِيكُم ... ووفى لي دمع حَكَاهُ العقيق)
(فبعيني أفدي سيوف جفوني ... لدمى من جفوني عَيْني تريق)
(يَا حبيباً لَهُ بصدري وداد ... رحب صدر الفضاء عَنهُ يضيق)
(دق مغناي فِيك مذ كنت طفْلا ... لست أَدْرِي بكم يُبَاع الدَّقِيق)
(إِنَّنِي رب غلظة لعذولي ... ولداعي هَوَاك عبد رَقِيق)
(بهرت مِنْك مقلتي عين شمس ... يتهادى بهَا قضيب وريق)
(فبتعريق حاجبيك افتناني ... كلما مَاس قدك الممشوق)
(وبتعليق ذَا العذار اشْتِغَال ... عَن دروسي وَالضَّرْب وَالتَّعْلِيق)
وَمِنْه الْبَسِيط
(أفنيت عمري فِي دهر مكاسبه ... تطيع أهواءها فِينَا وتعصينا)
(تسعا وَعشْرين مد الدَّهْر شقتها ... حَتَّى توهمتها عشرا وَتِسْعين)
وَمِنْه المنسرح
(أكملت سِتا وَأَرْبَعين بهَا ... أحلّت همومي من راحتي ربعي)
(وجزت فِي السَّبع خَائفًا وجلاً ... كأنني جَائِز على السَّبع)(18/336)
وَمِنْه الوافر
(مَرَرْت وبدره فِي عقربيه ... فصد فَبَان لي صدق النجامه)
(فديتك لَو رَأَيْت لهيب قلبِي ... إِذا لرحمت دمعي وانسجامه)
(وخدك فِي العذار بديع حسن ... وَأحسن مِنْهُ ساقك فِي الحجامه)
وَمِنْه مجزوء الْكَامِل
(ضحك العواذل إِذْ بكيتك ... فشغلتني عَنْهُم فديتك)
لَا مت من يلحى عَلَيْك وعاش عيشي إِذْ نأيتك)
أطمعتني بلطيف وَعدك فِي وصالك فافتضيتك وَأَرَدْت قَتْلِي بالبعاد فَقَالَ صدرك قد كفيتك
(وَنزلت قلبِي فاحتكم ... فِيهِ فَإِن الْبَيْت بَيْتك)
وَمِنْه مجزوء الوافر
(غرامي فِيك لَا يُحْصى ... بميزان وَلَا كيل)
(وَأما دمع أجفاني ... فَلَا تسْأَل عَن السَّيْل)
(وَمَا أنسى فَلَا تنسى ... مراحي ساحباً ذيلي)
واجلابي على اللَّذَّات بِالرجلِ وبالخيل
(من اللَّيْل إِلَى اللَّيْل ... إِلَى اللَّيْل إِلَى اللَّيْل)
وَمِنْه مجزوء الرمل
(عد عَن عذلي وبسك ... إِن نَارِي لن تمسك)
(لَو تلبست بحالي ... لَا زَالَت عَنْك لبسك)
(قد ضرسنا مِنْك فاقلع ... من قبُول اللوم ضرسك)
(لَا تلمني فِي حبيب ... لَو ترَاهُ لمت نَفسك)
(سَيِّدي مأتم صبري ... قاتم هنيت عرسك)
لست أنساك فَلَا يعْدم فُؤَادِي مِنْك أنسك وَمِنْه السَّرِيع
(سِتّ عُيُون من تأتت لَهُ ... كَانَت لَهُ شافية كافيه)
الْعلم والعلياء وَالْعَفو والعزة والعفة والعافية(18/337)
وَمِنْه فِي طِفْل السَّرِيع
(لَا تكبروا وجدي بطفل فقد ... تمّ لَهُ الْحسن على صغره)
(يحسدني الْملك المنيع الْحمى ... لأنني والٍ على ثغره)
وَمِنْه السَّرِيع
(النذل مَفْرُوض لَهُ يسره ... وَالْحر بالإقتار مرفوض)
(كَذَلِك المنقوص لم ينخفض ... وأكمل الْأَسْمَاء مخفوض)
)
وَمِنْه السَّرِيع
(سَأَلته من رِيقه شربة ... أطفي بهَا من ظمأي حره)
فَقَالَ أخْشَى يَا شَدِيد الظما أَن تتبع الشربة بالجره وَمِنْه الْخَفِيف
(إِن قوما يلحون فِي حب سعدى ... لَا يكادون يفقهُونَ حَدِيثا)
(سمعُوا أوصافها ولاموا عَلَيْهَا ... أخذُوا طيبا وأعطوا خبيثا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(يَا غزالاً من سرب عبد المدان ... لَيْسَ لي بالصدود مِنْك يدان)
(بِعْتُك الرّوح بيعَة لزمتني ... فعلام الْفِرَاق بالأبدان)
وَمِنْه الْخَفِيف
(زَعَمُوا أنني هويت سواكم ... كذبُوا مَا عرفت إِلَّا هواكم)
(قد علمْتُم بِصدق مُرْسل دمعي ... فسلوه إِن كَانَ قلبِي سلاكم)
قَالَ لي عذلي مَتى تبصر الرشد وتسلو فَقلت يَوْم عماكم حاولوا سلوتي بلومي فاغروني فَمن ذَا بصدكم أغراكم
(صدق الواصفون للبدر فِيمَا ... قد حكوه لكنه مَا حكاكم)
(لَا تحيلوا قلبِي على حسن صبري ... أحسن الله فِي اصْطِبَارِي عزاكم)
وَمِنْه المجتث
(مَا بَان لي فِيك جين ... لَو لم يبن لَك حِين)
(يَا جنتي كل هون ... سوى تجنيك هَين)
(تديننا أَبُو عيد ... وتنكر الْوَعْد دين)(18/338)
إِن كَانَ جفنك جفن فَإِن عَيْني عين وَمِنْه الْبَسِيط
(ومعرف اللَّفْظ لي من نَحوه أبدا ... حذف وَصرف وإعلان وتنكير)
(فلحظه سَاكن وَالْقد منتصب ... والقرط مُرْتَفع والمرط مجرور)
وَمِنْه الوافر)
(لنا من ربة الخالين جَاره ... تواصل تَارَة وتصد تاره)
(توانسني فتنفر من قريب ... وَتعرض ثمَّ تقبل فِي الحراره)
(وَمَا لي فِي الغرام بهَا شبيبه ... وَلَيْسَ لَهَا نَظِير فِي النضاره)
(وَفِي الْوَصْف من كحل وكحل ... حوت حسن البداوة والحضاره)
(وَقَالُوا قد خسرت الرِّبْح فِيهَا ... فَقلت الرِّبْح فِي تِلْكَ الخساره)
(بأيسر نظرة أسرت فُؤَادِي ... كَمَا ينشا اللهيب من الشراره)
(وَقلت لَهَا قفي إِن لم تزوري ... فَقَالَت وَالْوُقُوف من الزِّيَارَة)
(وَدَار على مزررها عناقي ... فَبت ومعصمي للبدر دَاره)
وَمِنْه يمدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخلع الْبَسِيط
(ويلاه من غمضي المشرد ... فِيك وَمن دمعي المردد)
(يَا كَامِل الْحسن لَيْسَ يطفي ... نَارِي سوى ريقك الْمبرد)
(يَا بدر تمّ إِذا تجلى ... لم يبْق عذرا لمن تجلد)
(أبديت من حَالي الموري ... لما بدا خدك المورد)
(رفقا بولهان مستهام ... أَقَامَهُ جده وأقعد)
(مُجْتَهد فِي رضاك عَنهُ ... ونت فِي إثمه الْمُقَلّد)
(لَيْسَ لَهُ منزل بِأَرْض ... عَنْك وَلَا فِي السَّمَاء مصعد)
(قيدته فِي الْهوى فتمم ... واكتب على قَيده مخلد)
(بَان الصبى عَنهُ فالتصابي ... إنْشَاء إطرابه فَأَنْشد)
(من لي بطفل حَدِيث سحر ... بابل عَن ناظريه سَنَد)
(شتت عني نظام عَقْلِي ... شتيت ثغر لَهُ منضد)
(لَو اهْتَدَى لائمي عَلَيْهِ ... ناح على نَفسه وَعدد)(18/339)
(أكسبني نشوة بِطرف ... سكرت من خمره فعربد)
(لَا سهم لي فِي سديد رَأْي ... يحرس من سَهْمه المسدد)
غُصْن نقي حل عقد صبري بلين خص يكَاد يعْقد فَمن رأى ذَلِك الوشاح الصَّائِم صلى على مُحَمَّد)
(خير نَبِي نبيه قدر ... عودي إِلَى الْمَدْح فِيهِ أَحْمد)
(ومرسل حَمده شعاري ... لِأَنَّهُ فِي الْمعَاد أَعُود)
(عِقَابه للطغاة مقص ... وبابه للعفاة مقصد)
(أَن يحسدوه على علاهُ ... فَمثله فِي الْعَلَاء يحْسد)
(أبان نقص الْجَمِيع عَنهُ ... لما غَدا فِي الْكَمَال مُفْرد)
(رد مِنْهُ الْعدْل مَا تولى ... كف من الْجور مَا تولد)
(ألبسنا الْمجد فانتصرنا ... بِحَدّ عضب لَهُ مُجَرّد)
(فالعيش من سيبه المهنى ... وَالْمَوْت من سَيْفه المهند)
(فكم عصى عَلَيْهِ شقي ... وَكم منيب إِلَيْهِ يسْعد)
(وَكم شَدِيد الضلال مِمَّن ... أشرك لما رَآهُ وحد)
(فَلَو رَأَتْهُ بلقيس أغْنى ... بهداه عَن صرحها الممرد)
(أشرف من فِي النَّهَار نَاجِي ... وَخير من فِي الدجى تهجد)
(لله كم كربَة تجلت ... بِهِ وَكم مفخر تجدّد)
(وَكم سفاه عَلَيْهِ أبدى ... وَكم صَوَاب إِلَيْهِ أرشد)
(وَكم قَطعنَا إِلَى ذراه ... من مهمه موحش وفدفد)
(حَتَّى وفدنا إِلَى ضريح ... جنابه للوفود مشْهد)
(نَأْمَن فِي ظله إِذا مَا ... أبرق من كادنا وأرعد)
(وَغير بدع لمستجير ... بِهِ إِذا نَالَ كل مقصد)
قلت أما مخلص هَذِه القصيدة وَحسنه فَمَا رَأَيْته لأحد فَتَأَمّله يظْهر لَك مَعْنَاهُ
وَمن شعره قَوْله الْبَسِيط
(أَقْسَمت مَا خَدّه القاني من الخجل ... أرق من دمعي الْجَارِي وَلَا غزلي)
(يَا عاذلي لَيْسَ مثلي من تخادعه ... وَلَيْسَ مثلك مَأْمُونا على عذلي)(18/340)
(مَا دمت حلواً فَلَا تنفك مُتَّهمًا ... أعشق وقولك مَقْبُول عَليّ ولي)
(إِن تدعني خَالِيا من لوعتي فَلَقَد ... أجَاب دمعي وَمَا الدَّاعِي سوى طلل)
(عاتبت إِنْسَان عَيْني فِي تسرعه ... فَقَالَ لي خلق الْإِنْسَان من عجل)
)
وَمِنْه الوافر
(سَأَلت سوارها المثري فَنَادَى ... فَقير وشاحها الله يفتح)
(لَهَا طرف يَقُول الْحَرْب أولى ... ولي قلب يَقُول الصُّلْح أصلح)
قَالَ شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ حضرت بَين يَدي وَالِدي رَحمَه الله وَقد قاربت خمس عشرَة سنة فَسَأَلته عَن عمره فَقَالَ خُذ فِي شَأْنك هَكَذَا فِي حَدِيث مسلسل فألححت عَلَيْهِ فَأمرنِي فأحضرت كتابا من كتب الْقرَاءَات فَأرَانِي صفحة فِي آخِره عَلَيْهَا خطّ جدي رَحمَه الله ولد الْوَلَد الْمُبَارك مُحَمَّد فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتَحْته بِخَط وَالِدي ولد الْوَلَد الْمُبَارك عبد الْعَزِيز ضحوة نَهَار الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشْرين جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فأخذنا نتعجب من هَذَا الِاتِّفَاق فِي السّنة والشهر والجزء من الْيَوْم ثمَّ انصرفت من بَين يَدَيْهِ إِلَى حجرَة كنت أَخْلو فِيهَا بنفسي وأنفرد بأنسي وأتفرغ للاشتغال بدرسي ففكرت فِي يَوْم مولدِي كَانَ قد أكمل الله لوالدي عشْرين سنة فنظمت بَيْتَيْنِ وكتبت بهما إِلَيْهِ وهما السَّرِيع
(يَا رب قد وجدت قبلي أبي ... فِي هَذِه الدُّنْيَا بعشرينا)
(فاجعله بعدِي بَاقِيا مثلهَا ... وَارْحَمْ محباً قَالَ آمينا)
فَكتب إِلَيّ فِي الْحَال المجتث
(لَا بل أَمُوت وتحيى ... فِي غِبْطَة خير محيا)
حَتَّى يصرف صرف الزَّمَان أمرا ونهيا وَكتب بعدهمَا المجتث
(لَا بل أَمُوت وَتبقى ... من الخطوب موقى)
(وَيرْحَم الله خلا ... يَقُول آمين حَقًا)
(وَمَا عهدتك مِمَّن ... أَرَادَ برا فعقا)
وَكتب تحتهما إِنَّمَا أردْت بقافية الْبَيْت الثَّانِي أَن دَعَاني حَقِيقَة بِخِلَاف دعائك وَجعلت قدحي فِي ادعائك عُقُوبَة على اعتدائك ثمَّ بَات تِلْكَ اللَّيْلَة فَلَمَّا أصبح كتب إِلَيّ ليعلم الْوَلَد أسلكه الله الجدد وهياً لَهُ الرشد إِنَّنِي فرقت فَارَقت واستشعرت من مَضْمُون شعره فنظمت مجزوء الرمل)(18/341)
(أَيهَا النجل الشفيق ... كَيفَ أخطاك الطَّرِيق)
(راعني مِنْك دُعَاء ... لم يسع لي مِنْهُ ريق)
(قدك قد كلفت سَمْعِي ... مِنْهُ مَا لَيْسَ يُطيق)
لم أخلك الدَّهْر تَلقانِي بِشَيْء لَا يَلِيق أعدو أَنْت أَخْبرنِي بِصدق أم صديق مسني من شعرك الْبَارِد حر بل حريق
(مَا لَهُ لفظ جليل ... لَا وَلَا معنى دَقِيق)
(لم يضح لي مِنْهُ إِلَّا ... مقه مِنْك وموق)
(اعْفُ من برك هَذَا ... فَمن الْبر عقوق)
3 - (ضِيَاء الدّين الطوسي)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن عَليّ الطوسي ضِيَاء الدّين مدرس النجيبية شَارِح الْحَاوِي توفّي سنة سِتّ وَسَبْعمائة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن جمَاعَة)
عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة الإِمَام الْمُفْتِي الْفَقِيه الْمدرس الْمُحدث الْخَطِيب قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين أَبُو عمر بن جمَاعَة الْكِنَانِي الْحَمَوِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي قَاضِي الْقُضَاة بالديار المصرية وَابْن قَاضِي قضاتها تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين وجده فِي الأباره ولد سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة وَحضر عمر بن القواس وَأَبا الْفضل ابْن عسار وَسمع بِمصْر من أبي عبد الله الغوي والأبرقوهي وَطَائِفَة
وارتحل بولده إِلَى دمشق سنة خمس وَعشْرين وَسبع مائَة وَقَرَأَ الْكثير وَسمع وَكتب الطباق وعني بِهَذَا الشَّأْن وَسمع بِقِرَاءَتِي المقامات الحريرية وَهُوَ وَولده عمر على(18/342)
الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان بالجامع الْأَقْمَر وَغير ذَلِك وأجزت لَهُ ولولده وَعِنْده سُكُون وَعَلِيهِ وقار
لما توفّي القَاضِي تَاج الدّين إِسْحَاق نَاظر الْخَواص وَتَوَلَّى القَاضِي شرف الدّين النشو نظر الْخَواص أفرد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وكَالَة السُّلْطَان عَن النشو وولاها للْقَاضِي عز الدّين وضاف إِلَيْهِ ولايات أخر ثمَّ لما عزل القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي عَن الديار المصرية ولاها للْقَاضِي عز الدّين سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وخطابة الْجَامِع بقلعة)
الْجَبَل
وَلما تولى القَاضِي حسام الدّين الغوري قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بالديار المصرية آذاه بِلِسَانِهِ كثيرا فَصَبر القَاضِي عز الدّين عَلَيْهِ إِلَى أَن نَصره الله عَلَيْهِ وَأخرج الغوري من الْقَاهِرَة وَنفي إِلَى الْعرَاق نوبَة قوصون وَله سَعَادَة ضخمة وأموال جمة مِيرَاثا واكتساباً
3 - (الْحَافِظ ابْن الْأَخْضَر الجنابذي)
عبد الْعَزِيز بن مَحْمُود بن الْمُبَارك بن مَحْمُود الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد ابْن الْأَخْضَر الجنابذي الأَصْل البغداذي كتب الْكثير وعني بالفن أتم عناية وصنف تصانيف مفيدة وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة
الدّباغ الْبَصْرِيّ عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ الدّباغ وَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان)
عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم وَأَبُو الْأَصْبَغ الْأمَوِي أَمِير مصر وَولي عهد الْمُؤمنِينَ بعد أَخِيه عبد الْملك بِعَهْد من مَرْوَان إِن صححنا خلَافَة مَرْوَان فَإِنَّهُ خَارج على ابْن الزبير فَلَا يَصح عهد إِلَى وَلَده وَإِنَّمَا تصح خلَافَة عبد الْملك(18/343)
من يَوْم قتل ابْن الزبير وَكَانَ دَاره بِدِمَشْق الخانقاه الشميساطية ثمَّ انْتَقَلت بعده إِلَى ابْنه عمر وَذَلِكَ مَكْتُوب على عتبَة الْبَاب إِلَى الْيَوْم
روى عَن أَبِيه وَأبي هُرَيْرَة وَعقبَة بن عَامر وَابْن الزبير قَالَ ابْن سعد كَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث قَالَ عِنْد الْمَوْت يَا لَيْتَني لم أكن شَيْئا يَا لَيْتَني كنت مثل هَذَا المَاء الْجَارِي توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ بحلوان وَحمل فِي النّيل إِلَى مصر وَلما بلغ عبد الْملك وَفَاته بَايع بِولَايَة الْعَهْد لابْنَيْهِ الْوَلِيد ثمَّ سُلَيْمَان
وروى لعبد الْعَزِيز بن مَرْوَان أَبُو دَاوُد وَكَانَ أول من عرف بِمصْر يَعْنِي جمع النَّاس عَشِيَّة عَرَفَة ودعا لَهُم ووعظهم ذَلِك فِي سنة إِحْدَى وَسبعين
وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد عمر رَضِي الله عَنهُ وَولي الْخلَافَة وَعَاصِم وَأَبُو بكر وَمُحَمّد أمّهم أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الْخطاب والأصبغ وَأم عُثْمَان وَأم مُحَمَّد لأم ولد وَسُهيْل وَسَهل وَأم الحكم أمّهم أم عبد الله بنت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ بن وَائِل وزبان وجزي)
لأم لد وَأم الْبَنِينَ أمهَا ليلى بنت سهل بن حَنْظَلَة الْكلابِيَّة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحَارِث المَخْزُومِي دخل رجل على عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان يشكو إِلَيْهِ صهراً لَهُ فَقَالَ إِن الْخِتَان الَّذِي يختن النَّاس فَقَالَ عبد الْعَزِيز لكَاتبه وَيحك مَا هَذَا الْجَواب فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنَّك لحنت وَالرجل يعرف اللحنه وَقَالَ يَنْبَغِي أَن تَقول لَهُ من ختنك بِالضَّمِّ فَقَالَ عبد الْعَزِيز أَرَانِي أكلم بِكَلَام لَا يعرفهُ الْعَرَب وَالله لَا شاهدت النَّاس حَتَّى أعرف اللّحن فَأَقَامَ فِي بَيته جُمُعَة لَا يظْهر وَمَعَهُ من يُعلمهُ الْعَرَبيَّة فصلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَهُوَ من أفْصح النَّاس ثمَّ كَانَ بعد ذَلِك يُعْطي على الْعَرَبيَّة وَيحرم على اللّحن فَجَاءَهُ قوم من قُرَيْش زواراً فَجعل يَقُول للرجل مِنْهُم من أَنْت فَيَقُول من بني فلَان فيعطيه مِائَتي دِينَار فَسَأَلَهُ رجلا مِنْهُم فَقَالَ من بَنو عبد الدَّار فَقَالَ لِلْكَاتِبِ خُذ من جائزته مائَة دِينَار وَأَعْطَاهُ مائَة دِينَار
وَكَانَ عَمْرو بن سعيد الْأَشْدَق قد حد عبد الْعَزِيز فِي شراب شربه فَوجدَ عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى لما ولي الْمَدِينَة إِسْحَاق بن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر فِي بَيت(18/344)
خليدة العرجاء فحده حد الْخمر فَقَالَ لَهُ إِسْحَاق يَا عمر كل النَّاس جلدُوا فِي الْخمر يعرض بِأَبِيهِ وَمرض عبد الْعَزِيز فَدخل عَلَيْهِ كثير غَزَّة يعودهُ فَقَالَ الْكَامِل
(ونعود سيدنَا وَسيد غَيرنَا ... لَيْت التشكي كَانَ بالعواد)
(لَو كَانَ يقبل فديَة لفديته ... بالمصطفى من طارفي وتلادي)
وَكَانَ عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان يَقُول من أمكنني من وضع معروفي عِنْده فيده عِنْدِي أعظم من يَدي عِنْده وَكَانَ يترنم بِأَبْيَات عبد الله بن عَبَّاس الطَّوِيل
(إِذا طارقات الْهم ضاجعت الْفَتى ... وأعمل فكر اللَّيْل وَاللَّيْل عاكر)
(وباكرني فِي حَاجَة لم يجد لَهَا ... سواي وَلَا يُوجد لَهَا الدَّهْر نَاصِر)
(فَكَانَ لَهُ فضل عَليّ بظنه ... بِي الْخَيْر إِنِّي للَّذي ظن شَاكر)
وَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك يَقُول يَا أخي إِن رَأَيْت أَن تجْعَل الْأَمر لِابْنِ أَخِيك فافعل فَأبى فَكتب إِلَيْهِ فاجعله لَهُ من بعْدك فَإِنَّهُ أعز الْخلق عيل فَكتب إِلَيْهِ عبد الْعَزِيز إِن رأى فِي أبي بكر بن عبد الْعَزِيز مَا ترَاهُ فِي الْوَلِيد فَكتب إِلَيْهِ فاحمل خراج مصر غلي فَكتب إِلَيْهِ عبد الْعَزِيز إِنِّي وَإِيَّاك قد بلغنَا سنا لم يبلغهَا أحد من أهل بيتنا إِلَّا كَانَ بَقَاؤُهُ قَلِيلا وَإِنَّا لَا نَدْرِي)
أَيّنَا يَأْتِيهِ الْمَوْت أَولا فَإِن رَأَيْت أَن لَا تعتب عَليّ بَقِيَّة عمري وَلَا يأتيني الْمَوْت إِلَّا وَأَنت وَاصل لي فافعل فرق لَهُ عبد الْملك وَقَالَ لَا عتبت عله بَقِيَّة عمره وَقَالَ لابْنَيْهِ الْوَلِيد وَسليمَان إِن يرد الله أَن يعطيكماها لم يقدر أحد من الْخلق على ردهَا عنكما ثمَّ قَالَ قارفتما حَرَامًا قطّ قَالَا لَا وَالله فَقَالَ الله أكبر نلتماها وَرب الْكَعْبَة فَلم يلبث عبد الْعَزِيز قَلِيلا حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله
3 - (أَبُو طَاهِر اللبناني)
عبد الْعَزِيز بن مَسْعُود بن عبد الْعَزِيز اللبناني أَبُو طَاهِر الأديب من أهل أَصْبَهَان كَانَ من أفاضل عصره لَهُ يَد حَسَنَة فِي الْأَدَب قدم بغداذ صُحْبَة صدر الدّين عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد الخجندي وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره الوافر
(أَلا يَا أَيهَا الغادي أَلا يَا ... مذت نَفسِي نجايبك النجايا)
(أحامله وَأَنت على وفاز ... إِلَى الْعَالمين أَو قار التحايا)
(نشدتك والصبابة قد طوتني ... على شجن حشوت بِهِ الحشايا)
(إِذا شارفت من تلعان جزوى ... فعرج بَين تياك الثنايا)
(نعم عرج تنَلْ حجا وَلَكِن ... تَمام الْحَج أَن تقف المطايا)
(فَإِن آنست أغصاناً رشاقاً ... تحملهن أَخْفَاف روايا)(18/345)
(وسكرى الصد تَبَسم عَن أقاح ... عَلَيْهَا من ندى طل بقايا)
(فَنَادِ بملء فِيك وَلَا تخَاف ... أَمِير الْحسن رفقا بالرعايا)
(وَيَا طيف المليحة خل عني ... فقد خلى الشجي عني الخلايا)
(وَيَا نفس الصِّبَا يسري رخاء ... رويدك لَا يطر قلبِي شظايا)
(ألم ترني أَفَقْت من التصابي ... وودعت الصبابة والصبايا)
(وَحل اللَّهْو مني بعد شيبي ... مَكَان الشيب من مقل الفتايا)
وَمِنْه الْخَفِيف
(بِأبي أَنْت أَيْن أَلْقَاك ... طَال شوقي إِلَى محياك)
(ورد الْورْد يَدعِي سفهاً ... أَن رياه مثل رياك)
(ووقاح الأقاح توهمنا ... أَنَّهَا تفتر عَن ثناياك)
)
(ضحك الزهر عجلاً ... فهوت مثل عِبْرَة الباكي)
(لست أَدْرِي لفرط حمرتها ... أمحياك أم حمياك)
(هام قلبِي بِهَذِهِ وبذا ... آه من هَذِه وَمن ذَاك)
3 - (الصاحب ابْن ودَاعَة)
عبد الْعَزِيز بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن ودَاعَة الصاحب عز الدّين الحبي ولي خطابة جبلة لفي أَوَائِل أمره وَولي للْملك النَّاصِر شدّ الدَّوَاوِين بِدِمَشْق وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ وَكَانَ يظْهر النّسك وَالدّين ويقتصد فِي ملبسه وأموره فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر ولاه وزارة الشَّام وَلما ولي النجيبي نِيَابَة السلطنة حصل بَينه وَبَين ابْن ودَاعَة وَحْشَة لِأَن النجيبي كَانَ سنياً وَكتب ابْن ودَاعَة إِلَى السُّلْطَان يطْلب مِنْهُ مشداً تركياً وَظن أَنه يكون بِحكمِهِ ويستريح من النجيبي فرتب السُّلْطَان الْأَمِير عز الدّين كشتغدي الشقيري فَوَقع بَينهمَا وَكَانَ يهينه ثمَّ كَاتب فِيهِ فجَاء المرسوم بمصادرته فصودر وَأخذ خطه بجملة كَثِيرَة وعصره وعلقه وضربه فِي قاعة الشد وَبَاعَ موجوده وأملاكه الَّتِي كَانَ وَقفهَا وَحمل ثمنهَا ثمَّ طلب إِلَى مصر فَتوجه وَمرض فِي الطَّرِيق وَدخل مُثقلًا فَمَاتَ بِالْقَاهِرَةِ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة وَله مَسْجِد وتربة بقاسيون وَله وقف بر(18/346)
3 - (الكولمي التَّاجِر)
عبد الْعَزِيز بن مَنْصُور الصَّدْر عز الدّين الكولمي التَّاجِر ذُو الْأَمْوَال توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع وَمِائَة
3 - (الْقَسْمَلِي)
عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي مَوْلَاهُم الْخُرَاسَانِي قَالَ ابْن معِين وَغَيره ثِقَة وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (المَخْزُومِي قَاضِي الْمَدِينَة)
عبد الْعَزِيز بن الْمطلب نب عبد الله بن حنظب المَخْزُومِي الْمدنِي قَاضِي الْمَدِينَة توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَة روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَمُسلم مُتَابعَة
3 - (أَبُو خَالِد الْقرشِي)
عبد الْعَزِيز بن مُعَاوِيَة أَبُو خَالِد الْقرشِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي سنة أَربع وثمنين)
وَمِائَتَيْنِ
3 - (شمس الْعَرَب)
عبد الْعَزِيز بن النفيس بن هبة الله بن وهبان وَيعرف بشمس الْعَرَب الشَّاعِر الْمُحدث نزيل دمشق أَخُو الْمُحدث عبد الرَّحِيم وَقد مر ذكره كَانَ مُقيما بالعزيزية ومدح جمَاعَة من مُلُوك بني أَيُّوب وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة وَمن شعره مجزوء الْكَامِل
(روحي الْفِدَاء لشادن ... روحي تعذب فِي يَدَيْهِ)
فِي كَفه سهم وقوس غير مُحْتَاج إِلَيْهِ
(وسهامه من لحظه ... وقسيه من حاجبيه)(18/347)
يمنعن أَن تجني اللواحظ وردة من وجنتيه
(إِن أَخْطَأت يَده فَمَا ... تخطي رماية مقلتيه)
وَمِنْه الْبَسِيط
(يَا غَائِبا لست أَخْلو من تصَوره ... وَلَا يكل لساني من تذكره)
(عِنْد اشتياق إِلَى رُؤْيَاك شَاب لَهُ ... فودي وذاب فُؤَادِي من تسعره)
(فجد بلقياك يَا مِمَّن لَا نَظِير لَهُ ... على فَتى أَنْت إِنْسَان لناظره)
(مذ غبت عَن عَيْنَيْهِ أودى تصبره ... فَهُوَ الْمَعْنى المعتري من تصبره)
قلت شعر متوسط
3 - (الْأمَوِي نَائِب دمشق)
عبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان أَبُو الْأَصْبَغ الْأمَوِي هُوَ ابْن أُخْت عمر بن عبد الْعَزِيز دَاره بالكشك قبلي دَار الْبِطِّيخ العتيقة ولي نِيَابَة دمشق لِأَبِيهِ وَتُوفِّي فِي حُدُود الشعرة وَمِائَة
3 - (عماد الدّين بن الزكي)
عبد الْعَزِيز بن يحيى بن مُحَمَّد القَاضِي الرئيس عماد الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين يحيى بن قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين بن الزكي الْقرشِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي مدرس العزية والتقوية وَأحد من ولي نظر الْجَامِع غير مرّة وَكن صَدرا رَئِيسا محتشماً مليح الشكل وَعين للْقَضَاء قَرَأَ عَلَيْهِ البرزالي مشيخة أبي مسْهر بروايته حضوراً عَن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل)
مولده سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الغول الشَّافِعِي)
عبد الْعَزِيز بن يحيى بن عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْكِنَانِي الْمَكِّيّ كَانَ يلقب بالغول لدمامة منظره
وَهُوَ الْفَقِيه صَاحب كتاب الحيدة جرت بَينه وَبَين بشر المريسي مناظرات فِي الْقُرْآن وَله مصنفات عدَّة وَهُوَ أحد أَتبَاع الشَّافِعِي وَقد طَالَتْ صحبته لَهُ وَخرج مَعَه إِلَى الْيمن وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ(18/348)
3 - (الجكار كَاتب عضد الدولة)
عبد الْعَزِيز بن يُوسُف الجكار أَبُو الْقَاسِم كَاتب الْإِنْشَاء لعضد الدولة ثمَّ وزر لِابْنِهِ بهاء الدولة خَمْسَة أشهر وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة قَالَ أنشدت عضد الدولة الْبَسِيط
(سل الجرادة عني حِين أركبها ... هَل فَاتَنِي بَطل أَو حمت عَن بَطل)
(مَاذَا يُرِيد بنُون الهيجاء من رجل ... بالجمر مكتحل بِاللَّيْلِ مُشْتَمل)
(لَا يشرب المَاء إِلَّا من قليب دم ... وَلَا يبيت لَهُ جَار على وَجل)
فاستعادنيها غير مرّة فأعدتها وسال عَن قَائِلهَا فَقلت أَبُو سعد المَخْزُومِي فقطب وَجهه وَقَالَ قَائِلهَا غير أهل لَهَا وَمن شعره فِي عضد الدولة الْبَسِيط
(الله أكبر وَالْإِسْلَام قد سلما ... وَعَاد شَمل الْعلَا وَالْمجد ملتئما)
(وظل ملك بني الْعَبَّاس معتلياً ... كَمَا غَدا ببغاة الْحق مدعما)
(بآل بويه أَعلَى الله رايته ... وَشد من عقده مَا كَانَ منفصما)
(هم قلادة عز أَنْت وَاسِطَة ... فِيهَا وكل بِمَا قد قلته علما)
(سامتك أَبنَاء سامان وَمَا بلغُوا ... مدى من الْعِزّ لم يرفع لَهُ علما)
(وناضلوك عَن العلياء فَكنت بهَا ... أولى وَأثبت مِنْهُم فِي العلى قدما)
3 - (عز الدّين ابْن سبط ابْن الْجَوْزِيّ)
عبد الْعَزِيز بن يُوسُف عز الدّين ابْن الشَّيْخ شمس الدّين سبط ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ قد درس مَكَان أَبِيه بعده بِالْمَدْرَسَةِ العزية الَّتِي فَوق الميدان الْكَبِير وَدفن عِنْد أَبِيه بجبل قاسيون لما مَاتَ فِي سلخ شَوَّال سنة سِتِّينَ وست مائَة(18/349)
(الْجُزْء التَّاسِع عشر)(18/350)
(عبد الْعَظِيم)
3 - (ابْن أبي الإصبغ العدواني)
عبد الْعَظِيم بن عبد الْوَاحِد بن ظافر بن عبد الله بن مُحَمَّد الأديب أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي الإصبع العدواني الْمصْرِيّ الشَّاعِر الْمَشْهُور الإِمَام فِي الْأَدَب وشعره رائق عَاشَ نيفاً وَسِتِّينَ سنة
وَتُوفِّي بِمصْر فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وستماية وَمن شعره
(تصدق بوصل إِن دمعي سَائل ... وزود فُؤَادِي نظرة فَهُوَ راحل)
(جعلتك بالتمييز نصبا لناظري ... فَلم لَا رفعت الهجر والهجر فَاعل)
وَمِنْه
(تخيل أَن الْقرن وافاه سَائِلًا ... فعالجه طلق الأسرة بالبشر)
(ونادى فرند السَّيْف دُونك نَحره ... فَأحْسن مَا تهدى اللآلي إِلَى النَّحْر)
وَمِنْه
(وَلما اعتنقنا رد دمعي لنحرها ... وديعتها فَهِيَ اللآلي الَّتِي ترى)
(بَكت ورنت نحوي فَجرد لحظها ... من الجفن سَيْفا بالدموع مجوهرا)(19/5)
وَمن قصيدة يمدح فِيهَا الْأَشْرَف
(فضحت الحيا وَالْبَحْر جوداً فقد بَكَى ال ... حَيا من حَيَاء مِنْك والتطم الْبَحْر)
(عُيُون مَعَانِيهَا صِحَاح وأعين الملا ... ح مراض فِي لواحظها كسر)
(هِيَ السحر فأعجب لامرئ جَاءَ يَبْتَغِي ... عواطف من مُوسَى وصنعته السحر)
قَالَ زكي الدّين ابْن أبي الْأَصْبَغ وَقع فِي هَذَا الْبَيْت سِتَّة عشر ضربا من البديع اتّفقت فِيهِ الِاسْتِعَارَة فِي عشر فِي افتضاح الحيا وبكائه وحيائه وَالْمُبَالغَة إِذْ جعلت الممدوح يفضح الحيا وَالْبَحْر بجوده وَالتَّفْسِير فِي قولي جوداً وَقَوْلِي من حَيَاء مِنْك والإغراق لما فِي جملَة القافية من زِيَادَة الْمُبَالغَة والترشيح بِذكر الاستعادة الأولى للاستعارة الثَّانِيَة والتجنيس بَين الحيا والحيا والتورية فِي قولي والتطم الْبَحْر والترشيح للتورية بِذكر الْبكاء فَإِن ذكره هُوَ الَّذِي رشح التورية وَصِحَّة التَّقْسِيم فِي حصر الْقسمَيْنِ اللَّذين يضْرب بهما الْمثل فِي الْجَوْدَة وَلَا ثَالِث لَهما والتصدير فِي كَون الْبَحْر مَذْكُورا فِي صدر الْبَيْت وَهُوَ قافيته وَالتَّعْلِيل فِي كَون الْعلَّة فِي بكاء الحيا والتطام الْبَحْر فضيحتهما بجوده والتسهيم فِي كَون صدر الْبَيْت يَقْتَضِي)
الْعَجز وَيدل عَلَيْهِ وَحسن النسق فِي كَون جمل الْبَيْت عطف بَعْضهَا على بعض أصح تَرْتِيب والإرداف لِأَنِّي عبرت عَن نِهَايَة جوده بفضوح الحيا وَالْبَحْر والتمثيل فِي كوني عبرت عَن عظم الْجُود ببكاء الحيا من الحيا والتطام الْبَحْر فَهَذَا مَا فِي تفاصيل الْبَيْت وَأما مَا فِي جمله فالمساواة لكَون لَفظه قالباً لمعناه وائتلاف لَفظه مَعَ مَعْنَاهُ فِي كَون أَلْفَاظ الْبَيْت متلائمة مختارة لَا يصلح مَوضِع كل لَفْظَة غَيرهَا وَلم يحصل فِيهِ من تعقيد السبك والتقديم وَالتَّأْخِير وَسُوء الْجوَار مَا يُوجب لَهُ الاستثقال والإيداع لكَون كل لَفْظَة من مفرداته تَتَضَمَّن نوعا أَو نَوْعَيْنِ من البديع وَمن شعر ابْن أبي الإصبع
(من يذم الدُّنْيَا بظُلْم فَإِنِّي ... بطرِيق الْإِنْصَاف أثني عَلَيْهَا)
(وعظتنا بِكُل شَيْء لَو أَنا ... حِين جدت بالوعظ من مصطفيها)
(وأرتنا الْوَجْهَيْنِ مِنْهَا فهمنا ... للهوى بالفتان من وجهيها)
(نصحتنا فَلم نر النصح نصحاً ... حِين أبدت لأَهْلهَا مَا ليدها)
(أعلمتنا أم المَال يَقِينا ... للبلى حِين جددت عصريها)(19/6)
(كم أرتنا مصَارِع الْأَهْل والأ ... حباب لَو نستفيق بَين يَديهَا)
(وَلكم مهجة بزهرتها اغت ... رت فأدمت ندامة كفيها)
(أتراها أبقت على سبأ من ... قبلنَا حِين بدلت جنتيها)
(يَوْم بؤس لَهَا وَيَوْم رخاء ... فتزود مَا شِئْت من يوميها)
(وتيقن زَوَال ذَاك وَهَذَا ... تسل عَمَّا ترَاهُ من حادثيها)
(دَار زَاد لمن تزَود مِنْهَا ... وغرور لمن يمِيل إِلَيْهَا)
(مهبط الْوَحْي والمصلى الَّتِي كم ... عفرت صُورَة بهَا خديها)
(متجر الْأَوْلِيَاء قد ربحوا ... الْجنَّة فِيهَا وأوردوا عينيها)
(رغبت ثمَّ رهبت ليرى ... كل لَبِيب عقباه من حالتيها)
(فَإِذا أنصفت تعين أَن يث ... ني عَلَيْهَا الْبر من ولديها)
وَهَذِه الأبيات منظومة من كَلَام الإِمَام عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي خطْبَة قَالَهَا وَهِي أَيهَا الذام للدنيا المغتر بغرورها بِمَ تذمها أَنْت المجرم عَلَيْهَا أم هِيَ المجرمة عَلَيْك مَتى استهوتك أم مَتى غرتك أبمصارع آبَائِك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تَحت الثرى كم عللت)
بكفيك وَكم مَرضت بيديك تبغي لَهُم الشِّفَاء وتستوصف لَهُم الْأَطِبَّاء لم ينفع أحدهم إشفاقك وَلم تسعف فِيهِ بطلبتك وَلم تدفع عَنهُ بقوتك قد مثلت لَك بِهِ الدُّنْيَا نَفسك وبمصرعه مصرعك إِن الدُّنْيَا دَار صدق لمن صدقهَا وَدَار عَافِيَة لمن فهم عَنْهَا وَدَار غنى لمن تزَود مِنْهَا وَدَار موعظة لمن اتعظ بهَا مَسْجِد أحباء الله ومصلى مَلَائِكَة الله ومهبط وَحي الله ومتجر أَوْلِيَاء الله اكتسبوا فِيهَا الرَّحْمَة وربحوا فِيهَا الْجنَّة فَمن ذَا يذمها وَقد آذَنت ببينها وَنَادَتْ بفراقها ونعت نَفسهَا وَأَهْلهَا فمثلت لَهُم ببلائها الْبلَاء وشوقتهم بسرورها إِلَى السرُور راحت بعافية وابتكرت بفجيعة ترغيباً وترهيباً وتخويفاً وتحذيراً فذمها رجال غَدَاة الندامة وحمدها آخَرُونَ ذكرتهم الدُّنْيَا فَذكرُوا وحدثتهم فصدقوا ووعظتهم فاتعظوا
وَمن شعره
(إنتخب للقريض لفظا رَقِيقا ... كنسيم الرياض فِي الْأَشْجَار)
(فَإِذا اللَّفْظ رق شف عَن المع ... نى فأبداه مثل ضوء النَّهَار)(19/7)
(مِثْلَمَا شفت الزجاجة جسماً ... فاختفى لَوْنهَا بلون الْعقار)
وَمِنْه
(وقيم كلمت جسمي أنامله ... بِغَيْر أَلْسِنَة تكليم خرسان)
(إِن أمسك الْيَد مني كَاد يكسرها ... أَو سرح الشّعْر من قودي أدماني)
(فَلَيْسَ يمسك إمساكاً بِمَعْرِِفَة ... وَلَا يسرح تسريحاً بِإِحْسَان)
وَمِنْه
(وَكلما فاق على ... فاض ندى للمرمل)
(وَلَيْسَ فِي ذَا عجب ... فالسيل يَأْتِي من عل)
وَمِنْه
(أَرَانِي لَا يَنْفَكّ نجمي هابطاً ... ترَاهُ براه رَبنَا حسب للرجم)
(حنتني اللَّيَالِي فاغتديت كأنني ... أفتش دهري فِي التُّرَاب على نجمي)
(فصرت إِذا قوساً وعقلي رامياً ... ورأيي الَّذِي أصمي الرمايا بِهِ سهمي)
وَمن شعره
(وسَاق إِذا مَا ضَاحِك الكأس قابلت ... فواقعها من ثغره اللُّؤْلُؤ الرطبا)
)
(خشيت وَقد أَمْسَى رقيبي على الدجى ... فأسدلت دون الصُّبْح من ثغره حجبا)
(وَقسمت شمس الطاس بالكاس أنجماً ... وَيَا طول ليل شمسه قسمت شهبا)
وَمِنْه يضمن شعر أبي الطّيب
(إِذا مَا سقاني رِيقه وَهُوَ باسم ... تذكرت مَا بَين العذيب وبارق)
(ويذكرني من قده ومدامعي ... مجر عوالينا ومجرى السوابق)(19/8)
وَمِنْهَا يضمن أَبْيَات الحماسة
(لَهُ من ودادي ملْء كفيه صافياً ... ولي مِنْهُ مَا ضمت عَلَيْهِ الأنامل)
(وَمن قده الزاهي وَنبت عذاره ... صُدُور رماح أشرعت أَو سلاسل)
وَمِنْه
(أيا عبلة الأرداف لحظك عنتر ... وَمَالِي على غاراته فِي الحشا صَبر)
(نعم أَنْت حسناء خنساء عصرنا ... وَشَاهد قولي أَن قَلْبك لي صَخْر)
وَمِنْه
(تحلمنا الْأَيَّام وَهِي سَفِيهَة ... فتهدي إِلَيْنَا برهَا من عقوقها)
(كَمَا تحدث لطيش الطلا من سكونها ... فتغرب شمس الْفضل عِنْد شروقها)
(وتهدي الدراري وَهِي من حيرة ترى ... وَقد رجعت عَن مُسْتَقِيم طريقها)
وَمِنْه فِي فرس أدهم أغر محجل
(وأدهم جارى الشَّمْس فِي مثل لَونه ... من الْمغرب الْأَقْصَى إِلَى جَانب الشرق)
(فَوَافى إِلَيْهِ قبلهَا متمهلاً ... فَأعْطَاهُ من أنواره قصب السَّبق)
وَمِنْه
(تَبَسم لما أَن بَكَيْت من الهجر ... فَقلت أرى دمعي فَقَالَ أرى ثغري)
(فديتك لما أَن بَكَيْت تنظمت ... بفيك لآلي الدمع عقدا من الدّرّ)
(فَلَا تَدعِي يَا شَاعِر الثغر صَنْعَة ... وَكَاتب دمعي قَالَ ذَا النّظم من نثري)(19/9)
وَمِنْه
(رَأَيْت بِفِيهِ إِذْ تَبَسم أدمعاً ... فَقلت رثى لي إِذْ بَكَى فَمه حزنا)
(أَجَاد لَهُ فِي النّظم شَاعِر ثغره ... وَلكنه من مقلتي سرق الْمَعْنى)
)
لما صنف ابْن أبي الإصبع كِتَابه تَحْرِير التحبير نسخه الضياء مُوسَى ابْن ملهم الْكَاتِب وَكتب فِي آخِره
(هَذَا كتاب بديع مَا رأى أحد ... مثلا لَهُ فِي مبانيه وَمَعْنَاهُ)
(حوى تصانيف هَذَا الْعلم أجمعها ... وزادنا جملا عَمَّا سمعناه)
(لَا تعجبوا من لطيف الحجم قا ... م بِهَذَا الْفَنّ أجمع أقصاه وَأَدْنَاهُ)
(فقد رَأَيْتُمْ عَصا مُوسَى كم التقفت ... وَلم يزدْ قدرهَا عَمَّا عهدناه)
وَحضر السراج الْوراق مَعَ عفيف الدّين ابْن عَدْلَانِ وَأبي الْحُسَيْن الجزار قبر الزكي الْمَذْكُور فَقَالَ السراج وَقد كَانَا كتماه أَن ذَلِك الْيَوْم مأتمه وكتماه قصيدتين فِي رثائه وَمن خطه نقلت
(مَاذَا أَقُول وَقد أَتَاك مرثياً ... ملك النُّحَاة وَسيد الشُّعَرَاء)
(رثياك بالدر النظيم فَهَذِهِ ... للدال قافية وَتلك الرَّاء)
(وتوخيا نثر العقيق مدامعاً ... إِذْ كنت لم تنصف بنظم رثاء)
(يَا من طوى بفضائل وفواضل ... ذكرين للطائي بعد الطَّاء)
(غادرتني وَأَنا الحبيب مَوَدَّة ... صبا قد استعذبت مَاء بُكَائِي)
(فسقاك فضل الله فيض عطائه ... فَلَقَد أَقمت قِيَامَة الشُّعَرَاء)
3 - (الْحَافِظ زكي الدّين الْمُنْذِرِيّ)
عبد الْعَظِيم بن عبد الْقوي بن عبد الله بن سَلامَة(19/10)
بن سعد بن سعيد الْحَافِظ الإِمَام زكي الدّين
أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ الشَّامي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي ولد سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية غرَّة شعْبَان بِمصْر وَقَرَأَ الْقُرْآن على الأرتاحي وتفقه على أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقرشِي وتأدب على أبي الْحُسَيْن ابْن يحيى النَّحْوِيّ وَسمع من أبي عبد الله الأرتاحي وَعبد الْمجِيد بن زُهَيْر وَإِبْرَاهِيم بن البتيت وَمُحَمّد بن سعيد المأموني والمطهر بن أبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَرَبِيعَة اليمني الْحَافِظ وَأبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن عبد الله وَأبي الْجُود غياث بن فَارس والحافظ ابْن الْمفضل وَبِه تخرج وَهُوَ شَيْخه وبمكة من يُونُس الْهَاشِمِي وَأبي عبد الله ابْن الْبناء وبطيبة من جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أموسان وَيحيى ابْن عقيل بن رِفَاعَة وبدمشق من ابْن طبرزد وَمُحَمّد بن الزنف وَالْخضر بن كَامِل والكندي وَعبد الْجَلِيل ابْن مندويه وَخلق
وَسمع بحران والرها والإسكندرية وأماكن وَخرج لنَفسِهِ معجماً كَبِيرا مُفِيدا قَالَ الشَّيْخ شمس)
الدّين سمعناه روى عَنهُ الدمياطي والشريف عز الدّين وَأَبُو الْحُسَيْن ابْن اليونيني وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْقَزاز وَالْفَخْر إِسْمَاعِيل ابْن عَسَاكِر وَعلم الدّين سنجر الدواداري وقاضي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَإِسْحَاق ابْن الوزيري والأمين عبد الْقَادِر الصعبي والعماد مُحَمَّد ابْن الجرايدي وَأحمد الدفوني ويوسف ابْن الْخُنْثَى وَطَائِفَة سواهُم ودرس بالجامع الظافري بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة ثمَّ ولي مشيخة الدَّار الكاملية للْحَدِيث وَانْقطع بهَا نَحوا من عشْرين سنة مكباً على التصنيف والتخريج والإفادة وَالرِّوَايَة وَأول سَمَاعه سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَلَو اسْتمرّ يسمع لأدرك إِسْنَادًا عَالِيا وَلكنه فتر نَحوا من عشر سِنِين سمع من الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وَلم يظفر بِسَمَاعِهِ مِنْهُ وَأَجَازَ لَهُ وَسمع شَيْئا من أبي الْحسن ابْن نجا الْأنْصَارِيّ وَله رحْلَة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة أَكثر فِيهَا عَن أَصْحَاب السلَفِي قَالَ الدمياطي هُوَ شَيْخي ومخرجي أَتَيْته مبتدئاً وفارقته معيداً
توفّي الشَّيْخ زكي الدّين سنة سِتّ وَخمسين وست ماية وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه وَمن خطه نقلت
(مَا اقْتضى حظنا بَقَاءَك فِينَا ... ليتنا فِيك ليتنا لَو كفينا)
(من يعز الْمُخلفين بميت ... فليعز بفقدك المسلمينا)
(عَم فِيك الْمُصَاب حَتَّى لَقينَا ... كل حَيّ أودى بِهِ مَا لَقينَا)
(فكأنا لم ندر قبلك رزءاً ... أوكأنا لم ندر من قد رزينا)
(غال صرف الْحمام من كَانَ يحيي ... سنة الدّين وَالْكتاب المبينا)(19/11)
(لَو أمنا من الْقُلُوب جواها ... لوددناك فِي الْقُلُوب دَفِينا)
(أَو قبلت المجرحين مضى نَعشك ... تعلو خدودنا والعيونا)
(مُرْسلا جا حَدِيث دمعي ... وَكم قد بلغت مِنْهُ أَربع أربعينا)
(يَا إِمَامًا على حَدِيث رَسُول الله ... أضحى فِي الله حصناً حصينا)
(بِأبي مِنْك بَحر علم روينَا ... عَنهُ لَكِن مضى وَمَا إِن روينَا)
(وعجبنا من حَال أَعْوَاد نعش ... لم تعد يَوْم جاورتك غصونا)
(نضر الله للزكي محيا ... يستمد الصَّباح مِنْهُ جبينا)
(وجزاه خيرا إِذا أذن الله ... بِحسن الْجَزَاء للمحسنينا)
)
وَمن مناقبه الصَّالِحَة مَا ذكره لي قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ قَالَ لما توفّي ابْنه مُحَمَّد صَبر واحتسب وَلم يخرج مَعَ جنَازَته بل اتبعهُ إِلَى بَاب الْمدرسَة الكاملية لَا غير وَلم يرح إِلَى قَبره وَلَا كَانَ يزوره وَكَانَ وَلَده مُحَمَّد معيداً عِنْده فِي الكاملية وَكَانَت بَينه وَبَين الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي صُورَة جرت الْعَادة بهَا بَين المتناظرين فِي الطّلب والاشتغال وَكَانَ الشَّيْخ زكي الدّين يعرف مَا بَينهمَا من التحاسد والعداوة وَلما مَاتَ مُحَمَّد كَانَ الشَّيْخ شرف الدّين فِي الْحجاز فَلَمَّا وصل من الْحجاز جَاءَ إِلَيْهِ الشَّيْخ زكي الدّين إِلَى بَيته فدق عَلَيْهِ الْبَاب فَقَالَ من قَالَ أَنا عبد الْعَظِيم فَخرج إِلَيْهِ مدهوشاً لِحُرْمَتِهِ وعظمته فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد مَاتَ وَقد وليتك مَكَانَهُ فِي الْإِعَادَة رَحِمهم الله أَجْمَعِينَ
3 - (خطيب مالقة)
عبد الْعَظِيم بن عبد الله ابْن أبي الْحجَّاج ابْن الشَّيْخ البلوي الْخَطِيب الْعَلامَة أَبُو مُحَمَّد شيخ مالقة أدْرك جده وَسمع مِنْهُ قَلِيلا وصنف تصانيف وَله اختيارات لَا يُقَلّد فِيهَا أحدا كَانَ عاكفاً على إقراء الْمُسْتَصْفى والجواهر الثمينة ولازمه أَبُو جَعْفَر ابْن الزبير سِنِين للاشتغال عَلَيْهِ
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست ماية
3 - (ابْن شرف الدّين الدمياطي)
عبد الْعَظِيم بن عبد الْمُؤمن زكي الدّين ابْن الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي مَاتَ كهلاً سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع ماية(19/12)
وَكَانَ شيخ الظَّاهِرِيَّة بِالْقَاهِرَةِ
(عبد الغافر)
3 - (ركن الدّين السروستاني)
عبد الغافر ركن الدّين السروستاني الْفَقِيه الشَّافِعِي قدم بَغْدَاد وَنزل بالنظامية وَكَانَ أديباً فَاضلا غلب عَلَيْهِ الْعِشْق حَتَّى حمل إِلَى البيمارستان وَقيد وَكَانَ عفيفاً مَسْتُورا فَلَمَّا أبل من الْمَرَض لم يقم بِبَغْدَاد خجلاً وَكَانَ حَيا بأصبهان فِي سنة سِتّ أَو سبع وَأَرْبَعين وَخمْس ماية
وَمن شعره
(ناحت وَرْقَاء على فنن ... نوح المشتاق على الدمن)
(ناحت وتغنت هاتفة ... بالشجو تبوح وبالشجن)
(إِن كَانَ رضاكم فِي سهري ... فسلام الله على الوسن)
3 - (الْحَافِظ الْفَارِسِي)
عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل ابْن أبي الْحُسَيْن عبد الغافر هُوَ الْحَافِظ أَبُو الْحُسَيْن الْفَارِسِي مُصَنف السِّيَاق لتاريخ نيسابور وَله مُعْجم الغرائب فِي غَرِيب الحَدِيث والمفهم لشرح مُسلم كَانَ إِمَامًا مُحدثا حَافِظًا أديباً كَامِلا فصيحاً مفقهاً روى عَنهُ ابْن عَسَاكِر بِالْإِجَازَةِ
وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَخمْس ماية(19/13)
قَالَ ياقوت نقلت من خطه الَّذِي يفوق أصداغ الملاح قصائد تفوق سلاف الراح قَوْله
(بِاللَّه لَا تستري عَنَّا محياك ... وَلَا تضني على صب بلقياك)
(حييّ فؤاداً لقد عذبت مهجته ... حياك رَبك بالنعمى وبياك)
(يَا لَيْت شعري وَقد أَصبَحت ساهية ... أريقك العذب أحلى أم حمياك)
(بذلت ديني مَعَ الدُّنْيَا وآخرتي ... والعمر فِيك فجودي لي بدنياك)
وَقَوله
(وَبِي ظمأ أعداد سَبْعَة أبحر ... تقاصر أَن تشفي غليل أواره)
(ترقرق من عَيْني دمع أَظُنهُ ... يطبق وَجه الأَرْض إِن لم أواره)
وَقَوله
(رحت فِي سكرة اللَّذَّات آونة ... ألْقى المسرات مَا لي دونهَا شغل)
(عيشي هنيء وَمن أَهْوى يساعدني ... فِيمَا أُرِيد ورق الْعُمر مقتبل)
)
(أمسي وَأصْبح فِي زهو وَفِي مرح ... صبح السرُور بلَيْل الْأنس مُتَّصِل)
(حَتَّى انتصبت لأرباب الْهوى علما ... بِحسن حَالي فيهم يضْرب الْمثل)
(واستيقظ الدَّهْر حَربًا بعد رقدته ... سلما عَليّ وَأَيَّام الْفَتى دوَل)
(فصرت حيران مَا لي بعد فرقتهم ... سوى دموع على الْخَدين تنهمل)
قلت شعر محلول
3 - (أَبُو الْفتُوح الكاشغري)
عبد الغافر بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن خلف بن جِبْرِيل أَبُو الْفتُوح الألمعي الكاشغري سمع جمَاعَة وَكَانَ فهما ذكياً عَارِفًا بِالْحَدِيثِ واللغة حَافِظًا
مَاتَ فِي أَيَّام طلبه سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية
3 - (الْحَافِظ الْفَارِسِي)
عبد الغافر بن مُحَمَّد بن عبد الغافر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن(19/14)
سعيد أَبُو الْحُسَيْن الْفَارِسِي النَّيْسَابُورِي قَالَ فِي تَرْجَمته حفيده الْحَافِظ عبد الغافر لشيخ الْجد الثِّقَة الْأمين الصَّالح الصين الدّين المحظوظ فِي الدُّنْيَا وَالدّين الملحوظ من الْحق تَعَالَى بِكُل نعمى وَقد سمع من الْأَئِمَّة والصدور ألحق الأحفاد بالأجداد وعاش فِي النِّعْمَة عَزِيزًا مكرماً قَرَأَ عَلَيْهِ الْحسن السَّمرقَنْدِي الْحَافِظ صَحِيح مُسلم نيفاً وَثَلَاثِينَ مرّة وسماعه للصحيح من الجلودي
توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية
(عبد الْغَالِب)
3 - (القَاضِي أَبُو سعد المعري)
عبد الْغَالِب ابْن أبي حُصَيْن القَاضِي أَبُو سعد وَهُوَ أَخُو القَاضِي أبي يعلى عبد الْبَاقِي ابْن أبي حُصَيْن المعري وَله أَخ آخر اسْمه أَبُو غَانِم عبد الرَّزَّاق وَقد تقدماه أورد لَهُ أُسَامَة بن منقذ فِي مَجْمُوع أشعار الْمُحدثين قَوْله
(قلب وقلب فِي يَدي ... ك معذب ومنعم)
(ظمآن يطْلب قَطْرَة ... تشفي صداه ومفعم)
وَقَوله
(يَا من تفرد بالمكارم واغتدى ... فِي حوزه جمل المفاخر مَا اعْتدى)
(لما وقفت على سلامك خلته ... نفحات ند فحن لما أوقدا)
(قلدتني منناً بِهِ أثقلنني ... لَا زلت للفضل العميم مُقَلدًا)
(أرجت نواحي أَرْضنَا بمروره ... كالروض هاج نسيمها مر الشدا)
وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة
(رَأَيْت مرآتها تقَابلهَا ... فَقلت وَالْقلب فِي تلهبه)
(كَأَنَّهَا الشَّمْس عِنْد مشرقها ... قابلت الْبَدْر عِنْد مغربه)(19/15)
3 - (الماكسيني)
عبد الْغَالِب بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن مُحَمَّد بن ثَابت بن عبد الْغَالِب الماكسيني سمع من إِسْمَاعِيل ابْن أبي الْيُسْر وَأبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ ابْن النشبي وَإِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ابْن الدرجي وَغَيرهم أجَاز لي بخطّه سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع ماية بِدِمَشْق
(عبد الْغفار)
3 - (أَبُو الطّيب الحضيني الْمُقْرِئ)
عبد الْغفار بن عبيد الله بن السّري أَبُو الطّيب الحضيني بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ روى عَن أبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ
توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث ماية
لَهُ مُصَنف فِي القراآت السَّبع
3 - (الْفَقِيه أَبُو بكر الدينَوَرِي)
عبد الْغفار بن عبد الرَّحْمَن أَبُو بكر الدينَوَرِي الْفَقِيه كَانَ فَقِيها على مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ وَكَانَ آخر من بَقِي على مذْهبه بِمَدِينَة السَّلَام فِي جَامع الْمَنْصُور وَكَانَ إِلَيْهِ النّظر فِي الْجَامِع وَالْقِيَام بأَمْره
وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبع ماية
3 - (أَبُو الْفضل الْأنْصَارِيّ)
عبد الْغفار بن عَمْرو أَبُو الْفضل الْأنْصَارِيّ ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح الْكَاتِب فِي كتاب الورقة قَالَ نزل بَغْدَاد وَكَانَ فِي صحابة الرشيد وَكَانَ صديق أَحْمد ابْن أبي عُثْمَان فأطلعه على حبه لنعم فأحبها هُوَ واستهام بحبها فهجره أَحْمد وَقَالَ فِيهِ(19/16)
(وَصَاحب كنت بِهِ واثقاً ... أصفيته الود وأصفاني)
(سايلني عَن مُضْمر فِي الحشا ... كتمته أَهلِي وإخواني)
(فبحت بالمستور عِنْدِي لَهُ ... وَلم يزل صَاحب كتمان)
(فَاسْتحْسن الْغدر وأغري بِهِ ... لبئس مَا بالود جازاني)
فَأَجَابَهُ عبد الْغفار
(وَصَاحب أصبح يلحاني ... على هوى لم يَك من شاني)
(أَتَيْته أسأَل عَن حَاله ... وَكَانَ مفتوناً بفتان)
(فَلم يزل فِي وَصفه دائباً ... بالظرف فِي سر وإعلان)
(حَتَّى إِذا هام فُؤَادِي بِهِ ... أصبح فِي حبه يلحاني)
3 - (أَبُو سعد البستي الْكَاتِب)
)
عبد الْغفار بن فاخر بن شرِيف أَبُو سعد البستي ورد إِلَى بَغْدَاد رَسُولا سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع ماية للأمير أبي الْفَتْح مودود بن مَسْعُود بن مَحْمُود يلْتَمس أَن يخرج إِلَيْهِ من الألقاب وَالْخلْع والعهد بِولَايَة مَا كَانَ إِلَى أَبِيه من الْأَعْمَال وَكَانَ جميل المنظر حسن الصُّورَة وَكَانَ يتفقه لأبي حنيفَة وَمن شعره
(إِن شَكَوْت الأوصاب أبدت ... بروقاً للثنايا تشفي من الأوصاب)
(برضاب حُلْو المراشف كم حل ... جوى أَو أحل حسن الرِّضَا بِي)
(وبوجه كالبدر يجلو الدياجي ... ويرينا رضى اللَّيَالِي الغضاب)
(رب ليل مزجت فِيهِ مدامي ... لِاتِّفَاق بصفو ذَاك الرضاب)
(إِذْ هضاب اللوى تضم بِنَا شم ... ل التداني سقيا لَهَا من هضاب)
(إِذْ عَذَابي سقم الجفون وَلَكِن ... شفائي رشف الثنايا الْعَذَاب)
(فَهَل الْآن لي سَبِيل إِلَى ... رَجَعَ زماني عذوبة وَعَذَاب)
(وانجذابي إِلَى الخلاعة وَاللَّهْو ... وأنى خلاعتي وانجذابي)
وَمِنْه
(وحياة رَأسك إِنَّه قسم ... مستعظم أعزز بِهِ قسما)
(لقد اصطفاك الْحسن معتنياً ... بك إِذْ حباك أجل مَا قسما)(19/17)
(فلذاك ذل العَبْد منخفضاً ... فِيمَا هويت وَلَو أطَاق سما)
(فَأسلم ليبقى تَحت رجلك ... مثل الأَرْض طوع هَوَاك وابق سما)
وَمِنْه
(مَا رَوْضَة من رياض الْحزن مونقة ... زهراء يضْحك فِي حافاتها الزهر)
(كَأَن نور الأقاحي فِي شقائقها ... مباسم حول خد زانه الخفر)
(كَأَنَّمَا وردهَا المحمر إِذْ قطرت ... من الْغَمَام عَلَيْهِ أدمع همر)
(خد تضرج من صبغ الحيا وَجرى ... طل الدُّمُوع عَلَيْهِ فَهُوَ ينحدر)
(كَأَنَّمَا النُّور فَوق النبت منتثراً ... دراهماً فَوق خضر الوشي ينتثر)
(كَأَنَّمَا السرو مصفوف خلالهما ... رواقص شمرت عَن سوقها الحبر)
(أبهى وَأحسن من ملك طلعت لَهُ ... بَدْرًا مشارقه الإيوان والسرر)
)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو بكر الشيروي)
عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن شيرويه أَبُو بكر ابْن أبي الْحسن الشيروي الجنابذي التَّاجِر من أهل نيسابور حدث بنيسابور وأصبهان انْتَهَت إِلَيْهِ الرحلة من الْبلدَانِ وَختم بِعْ إِسْنَاد الْأَصَم وَكَانَ عفيفاً صَدُوقًا متديناً صائناً سمع أَبَاهُ وَالْقَاضِي أَبَا بكر أَحْمد بن الْحسن الْحِيرِي وَأَبا سعيد مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْفضل الصَّيْرَفِي وَغَيرهم وَحدث بالكثير
وروى عَنهُ الجم الْغَفِير من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين حدث نَحوا من أَرْبَعِينَ سنة وَألْحق الأحفاد بالأجداد وَلم تَتَغَيَّر حواسه فِي آخر عمره إِلَّا بَصَره فَإِنَّهُ ضعف
3 - (الْبكْرِيّ الْحَرَّانِي)
عبد الْغفار بن دَاوُد بن مهْرَان الْبكْرِيّ الْحَرَّانِي نزيل مصر(19/18)
روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ وَأَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي وَخلق كثير توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ قَالَ أَبُو حَاتِم لَا بَأْس بِهِ
3 - (تَاج الدّين الشَّافِعِي الْمصْرِيّ)
عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن عبد الْكَافِي بن عوض السَّعْدِيّ الْمصْرِيّ القَاضِي الْمُفْتِي المتقن الْمجِيد تَاج الدّين الشَّافِعِي روى عَن إِسْمَاعِيل بن عزون والنجيب وَابْن علاق وعدة وَجمع وصنف وَعمل المعجم والتساعيات وَنسخ الْكثير وجود وَخرج المسلسلات وَكَانَ مَوْصُوفا بالإتقان وَالْفِقْه ولي مشيخة الحَدِيث الصاحبية بِمصْر أَخذ عَنهُ ابْن رَافع وَابْن أَبِيك الدمياطي والواني وَابْنه والسروجي وعاش اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية بِالْقَاهِرَةِ
3 - (نجم الدّين ابْن المغيزل)
عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر الله الشَّيْخ نجم الدّين أَبُو المكارم الْعَبْدي الْحَمَوِيّ
الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن المغيزل وبابن الْمُحْتَسب حدث عَن أبي الْقَاسِم ابْن رَوَاحَة وَصَحب شيخ الشُّيُوخ وَكتب الدرج بحماه للْملك الْمَنْصُور ولولده المظفر وَكَانَ الْمَنْصُور يُحِبهُ ويحترمه وقف أوقافاً بحماه وَكَانَ أديباً شَاعِرًا فَاضلا حسن الصُّحْبَة كثير المكارم)
ولد سنة أَربع وَعشْرين وست ماية وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست ماية
من شعره
(هويت بحرياً إِذا سمته ... تَقْبِيل مَا فِي فِيهِ من در)
(ينهرني من فرط إعجابه ... ياما أحيلى النَّهر من بحري)(19/19)
3 - (الشَّيْخ ابْن نوح)
عبد الْغفار بن أَحْمد بن عبد الْمجِيد بن عبد الْمجِيد الدروي المحتد الأقصري المولد القوصي الدَّار الشَّيْخ عبد الْغفار بن نوح صحب الشَّيْخ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد الملثم وَالشَّيْخ عبد الْعَزِيز المنوفي وتجرد زَمَانا وَتعبد سمع الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي بِالْقَاهِرَةِ وَحدث عَنهُ بقوص وَسمع بِمَكَّة من محب الدّين الطَّبَرِيّ وصنف كتابا سَمَّاهُ الوحيد فِي التَّوْحِيد وَكَانَ لَهُ شعر وقدرة على الْكَلَام وَحَال فِي السماع وينسب أَصْحَابه إِلَيْهِ كرامات وَكَانَ يُنكر كثيرا من الْمُنْكَرَات وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ بفصاحة لِسَان وَقُوَّة جنان توفّي بِمصْر سنة ثَمَان وَسبع ماية
وَله بِظَاهِر قوص رِبَاط حسن وَله بقوص أَحْوَال مَعْرُوفَة ومقالات مَوْصُوفَة كَانَ النَّصَارَى قد أحضروا مرسوماً بِفَتْح الْكَنَائِس فَقَامَ شخص فِي السحر بِجَامِع قوص وَقَرَأَ إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم وَقَالَ يَا أَصْحَابنَا الصَّلَاة فِي هدم الْكَنَائِس فَلم تأت الظّهْر إِلَّا وَقد هدمت ثَلَاث عشرَة كَنِيسَة وَنسب ذَلِك إِلَى أَنه من جِهَة الشَّيْخ ثمَّ إِن عز الدّين الرَّشِيدِيّ أستاذ دَار سلار حضر إِلَى قوص فَتوجه إِلَيْهِ شخص نَصْرَانِيّ يدعى النشوكان يخْدم عِنْدهم فَتكلم فِي الْقَضِيَّة فَاجْتمع الْعَوام وَرَجَمُوا إِلَى أَن وصل الرَّجْم إِلَى حراقة الرَّشِيدِيّ فاتهم الشَّيْخ بذلك ثمَّ بعد أَيَّام حضر أَمِير إِلَى قوص وَأمْسك جمَاعَة من الْفُقَرَاء وضربهم وَأخذ الشَّيْخ عبد الْغفار مَعَه إِلَى مصر ورسم لَهُ أَن يُقيم بِمصْر وَلَا يطلع إِلَى الصَّعِيد ثمَّ حصل بعد مُدَّة لَطِيفَة للرشيدي مرض وتهوس وتلاشت حَاله وَاسْتمرّ فِي أنحس حَال إِلَى أَن توفّي وَتُوفِّي بعده بِمدَّة الشَّيْخ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
وَمن شعره
(أَنا أُفْتِي أَن ترك الْحبّ ذَنْب ... آثم فِي مذهبي من لَا يحب)
(ذُقْ على أَمْرِي مرارات الْهوى ... فَهُوَ عذب وَعَذَاب الْحبّ عذب)
(كل قلب لَيْسَ فِيهِ سَاكن ... صبوة عذرية مَا ذَاك قلب)(19/20)
)
(عبد الْغَنِيّ)
3 - (الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ)
عبد الْغَنِيّ بن سعيد بن عَليّ بن بشر بن مَرْوَان أَبُو مُحَمَّد الْأَزْدِيّ الْمصْرِيّ الْحَافِظ رَحل إِلَى الشَّام وَسمع كثيرا قَالَ لما رددت على أبي عبد الله الْحَاكِم الأوهام الَّتِي فِي مدْخل الصَّحِيح بعث إِلَيّ يشكرني وَيَدْعُو لي فَعلمت أَنه رجل عَاقل وَقَالَ البرقاني مَا رَأَيْت بعد الدَّارَقُطْنِيّ أحفظ من عبد الْغَنِيّ وَله كتاب الْمُخْتَلف والمؤتلف ومشتبه النِّسْبَة
توفّي سَابِع صفر سنة تسع وَأَرْبع ماية وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة وَكَانَت بَينه وَبَين أبي أُسَامَة جُنَادَة اللّغَوِيّ وَأبي عَليّ الْمُقْرِئ الْأَنْطَاكِي مَوَدَّة أكيدة واجتماع فِي دَار الْكتب ومذاكرات فَلَمَّا قَتلهمَا الْحَاكِم صَاحب مصر استتر الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بِسَبَب ذَلِك خوفًا أَن يلْحق بهما وَأقَام مُدَّة مختفياً حَتَّى ظهر لَهُ الْأَمْن
3 - (الْحَافِظ الْمَقْدِسِي)
عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن سرُور بن رَافع بن حسن بن جَعْفَر الْحَافِظ الْكَبِير تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الجماعيلي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ ماية هُوَ والموفق فِي عَام وَاحِد وهما ابْنا خَالَة ولدا بجماعيل سمع الْكثير بِدِمَشْق وبغداد والموصل وهمذان وأصبهان والإسكندرية ومصر وَحدث بأصبهان وبغداد ودمشق ومصر ودمياط والإسكندرية وصنف التصانيف المفيدة وَكتب مَا لَا يُوصف
وَكَانَ غزير الْحِفْظ من أهل الإتقان والتجويد قيمًا بِجَمِيعِ فنون الحَدِيث وَهُوَ كثير الْعِبَادَة والورع على قانون السّلف قَالَ ابْن(19/21)
النجار كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث سُئِلَ لم لَا تقْرَأ من غير كتاب يَعْنِي دَائِما فَقَالَ أَخَاف الْعجب وَلم يزل بِدِمَشْق بعد رُجُوعه من إصبهان ينْتَفع النَّاس بِهِ إِلَى أَن تكلم فِي الصِّفَات وَالْقُرْآن بِشَيْء أنكرهُ عَلَيْهِ أهل التَّأْوِيل من الْفُقَهَاء وشنعوا عَلَيْهِ وَعقد لَهُ مجْلِس بدار السُّلْطَان حَضَره الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء فأصر على قَوْله فأباحوا دَمه فشفع فِيهِ جمَاعَة من أُمَرَاء الأكراد على أَن يخرج من دمشق فَتوجه إِلَى مصر وَلم يزل بهَا خاملاً إِلَى أَن توفّي صحب السلَفِي مُدَّة وَكتب عَنهُ كثيرا وَسمع بِبَغْدَاد أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي ابْن البطي وَأحمد بن المقرب الْكَرْخِي وَعبد الله بن مُحَمَّد بن النقور وَعبد الله بن مَنْصُور بن هبة الْموصِلِي وَأَبا طَالب الْمُبَارك بن عَليّ بن خضير الصَّيْرَفِي وَغَيرهم)
وصنف الْمِصْبَاح فِي الْأَحَادِيث الصِّحَاح فِي ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين جُزْءا يشْتَمل على أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ نِهَايَة المُرَاد فِي السّنَن نَحْو مايتي جُزْء وَلم يبيضه اليواقيت مجلدة تحفة الطالبين فِي الْجِهَاد والمجاهدين مُجَلد الرَّوْضَة أَرْبَعَة أَجزَاء فَضَائِل الْبَريَّة أَرْبَعَة أَجزَاء الذّكر جزآن الْإِسْرَاء جزآن التَّهَجُّد جزآن الْفرج جزآن صلات الْأَحْيَاء إِلَى الْأَمْوَات جزآن الصِّفَات جزآن محنة أَحْمد ثَلَاثَة أَجزَاء ذمّ الرِّيَاء جُزْء ذمّ الْغَيْبَة جُزْء التَّرْغِيب فِي الدُّعَاء جُزْء الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَضَائِل مَكَّة أَرْبَعَة أَجزَاء فَضَائِل رَمَضَان وفضائل الْعشْر فَضَائِل الصَّدَقَة فَضَائِل الْحَج فَضَائِل رَجَب وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقسَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَرْبَعُونَ حَدِيثا جُزْء أَرْبَعُونَ أُخْرَى الْأَرْبَعُونَ من كَلَام رب الْعَالمين أَرْبَعُونَ حَدِيثا بِسَنَد وَاحِد اعْتِقَاد الشَّافِعِي جُزْء الحكايات سَبْعَة أَجزَاء غنية الْحفاظ فِي مُشكل الْأَلْفَاظ مجلدان ذكر الْقُبُور مَنَاقِب عمر بن عبد الْعَزِيز أَجزَاء فِي الْأَحَادِيث والحكايات أَكثر من ماية جُزْء وَكلهَا بأسانيده وَمن الْكتب بِلَا إِسْنَاد الْأَحْكَام فِي سِتَّة أَجزَاء الْعُمْدَة الْأَحْكَام جزآن دُرَر الْأَثر تِسْعَة أَجزَاء السِّيرَة النَّبَوِيَّة جُزْء كَبِير النَّصِيحَة فِي الْأَدْعِيَة الصَّحِيحَة الِاعْتِقَاد تَبْيِين أَوْهَام أبي نعيم الْحَافِظ فِي الصَّحَابَة الْكَمَال فِي معرفَة الرِّجَال عدَّة مجلدات وَفِيه إِسْنَاد
3 - (أَبُو مُحَمَّد الألواحي)
عبد الْغَنِيّ بن بازل بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف زَاي وَلَام ابْن يحيى بن الْحسن بن يحيى الألواحي من أهل مصر أَبُو مُحَمَّد قدم بَغْدَاد(19/22)
وتفقه بهَا للشَّافِعِيّ وَسمع من أبي طَالب ابْن غيلَان وَأبي إِسْحَاق الْبَرْمَكِي وَأبي مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَأبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَغَيرهم كَانَ شَيخا صَالحا حسن الطَّرِيقَة فَقِيرا صبوراً
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية
3 - (ابْن حنيفَة الباجسرائي)
عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن حنيفَة بن أبان بن زَكَرِيَّاء أَبُو الْقَاسِم الباجسرائي
توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية وَكَانَ عمره سبعا وَثَمَانِينَ سنة وَمن شعره
(إِن تحاول علم مَا أضمره ... من صفاء لَك أَو من دخل)
(فاعتبره مِنْك وَاعْلَم أَنه ... لَك عِنْدِي مثل مَا عنْدك لي)
)
وَمِنْه
(لعمرك إِنَّنِي لأصون عرضي ... بِمَا اكتسبته من مَال يَمِيني)
(وَإِنِّي مَعَ صيانته بِمَا لي ... أَجود ببذله بخلا بديني)
(وَلَا آسى على عرض وَمَال ... إِذا أَنا ذَا دين مصون)
3 - (ابْن نقطة الزَّاهِد)
عبد الْغَنِيّ ابْن أبي بكر بن شُجَاع بن نقطة الزَّاهِد لَهُ زَاوِيَة بِبَغْدَاد يأوي إِلَيْهَا الْفُقَرَاء وَكَانَ دينا جواداً سَمحا لم يكن فِي عصره من يقاومه فِي التَّجْرِيد كَانَ يفتح عَلَيْهِ قبل غرُوب الشَّمْس بِأَلف دِينَار فيفرقها والفقراء صِيَام فَلَا يدّخر لَهُم شَيْئا(19/23)
وَيَقُول نَحْو لَا تعْمل بِأُجْرَة يَعْنِي نَصُوم وَلَا ندخر مَا نفطر عَلَيْهِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية وَدفن بزاويته وَهُوَ أَخُو أبي مَنْصُور المزكلش وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الْمِيم
3 - (ظهير الدّين الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ)
عبد الْغَنِيّ بن حسان بن عَطِيَّة بن يخلف ظهير الدّين الكتامي الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ توفّي بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى فِي عَاشر شَوَّال سنة سِتّ وَعشْرين وست ماية وَدفن فِي مَقَابِر ابْن زوزان كَانَ فِيهِ مُرُوءَة وكرم وتعصب وَقيام مَعَ الْأَصْحَاب قَرَأَ الْعَرَبيَّة بِمصْر قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة على شَيخنَا أبي عمر وعلق عَنهُ أَشْيَاء كَثِيرَة وَكَانَ كثير الاعتناء بِكَلَامِهِ
3 - (سيف الدّين ابْن تَيْمِية)
عبد الْغَنِيّ ابْن شيخ حران وخطيبها فَخر الدّين ابْن تَيْمِية الْخَطِيب سيف الدّين أَبُو مُحَمَّد
ولي الخطابة بعد أَبِيه
وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وستماية
3 - (أثير الدّين القباني)
عبد الْغَنِيّ بن سُلَيْمَان بن بَنِينَ بن خلف الشَّيْخ الْمسند أثير الدّين أَبُو الْقَاسِم وَأَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الشَّافِعِي القباني النَّاسِخ)(19/24)
ولد سنة خمس وَسبعين وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست ماية
سمع الْكثير بإفادة وَالِده أبي الرّبيع وَسمع وَحدث وصنف وروى عَنهُ الدمياطي والدواداري
3 - (قَاضِي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ)
عبد الْغَنِيّ بن يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحَرَّانِي القَاضِي شرف الدّين الْحَنْبَلِيّ ولي نظر الخزانة بالديار المصرية مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ أضيف إِلَيْهِ قَضَاء الْحَنَابِلَة كَانَ رَئِيسا جواداً فِيهِ تعصب لمن يَقْصِدهُ
مولده سنة خمس وَأَرْبَعين وست ماية بحران وَتُوفِّي رَحمَه الله بِمصْر سنة تسع وَسبع ماية
(عبد الْقَادِر)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْوَاعِظ)
عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن السماك أَبُو مُحَمَّد الْوَاعِظ ولي الْقَضَاء بواسط سنة ثَلَاث وَخمسين وَأقَام بهَا إِلَى أَن مرض فَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَمَات بهَا سنة سبع وَخمسين وَأَرْبع ماية وَمن شعره
(قلبِي قلبِي على الْجَمْر ... وزيدي فِي عَذَابي)
(أَنا رَاض بِالَّذِي ترضي ... وَلَو مت لما بِي)
(قلت للعاذل دَعْنِي ... لَيْسَ ذَا وَقت عتابي)
(حكم الْحبّ لحبي ... وَهُوَ فِي الحكم يحابي)
3 - (ابْن النقار الشَّافِعِي)
عبد الْقَادِر بن دَاوُد ابْن أبي نصر مُحَمَّد بن النقار أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل وَاسِط
قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي بكر ابْن الباقلاني وعَلى غَيره وَسمع الحَدِيث من أبي طَالب ابْن الكتاني وَغَيره وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي الْعَلَاء ابْن البوقي وعَلى المجير مَحْمُود الْبَغْدَادِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأُصُول وَتَوَلَّى نظر دَار الْكتب الناصرية(19/25)
ثمَّ ترك ذَلِك وتصدى فِي بَيته لإقراء النَّاس الْمَذْهَب وَالْأُصُول والفرائض والحساب وَيكْتب فِي الْفَتَاوَى وَيقسم التركات وَكَانَ من الزّهْد والورع وَالْفِقْه على أحسن طَريقَة
وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وست ماية
3 - (أَبُو مُحَمَّد الإسكندري)
)
عبد الْقَادِر ابْن أبي الرِّضَا بن معافى أَبُو مُحَمَّد نَائِب الحكم بالإسكندرية كَانَ يروي جَامع التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ ابْن الْبناء وَكَانَ عسراً فِي الرِّوَايَة جدا فَلم يسمع مِنْهُ علم الدّين لذَلِك
وَذكر الْمزي أَنه أَتَاهُ ليسمع مِنْهُ فَقَالَ نَحن جُلُوس للْحكم فِي قَضَاء أشغال الْمُسلمين قَالَ فَقلت فأيش نَحن نَاب فِي الحكم مُدَّة وعزل نَفسه ولازم بَيته
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست ماية
3 - (الْملك أَسد الدّين)
عبد الْقَادِر بن عبد الْعَزِيز ابْن السُّلْطَان الْملك الْمُعظم عِيسَى ابْن أبي بكر مُحَمَّد الْعَادِل بن أَيُّوب الْملك أَسد الدّين أَبُو مُحَمَّد ولد بالكرك سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست ماية وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية سمع من خطيب مردا السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَحدث بهَا بِمصْر ودمشق
وروى عَنهُ عدَّة أَجزَاء وَله إجَازَة من مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي والصدر الْبكْرِيّ وَكَانَ مليح الشكل صَحِيح البنية حسن الْأَخْلَاق قيل إِنَّه لم يتَزَوَّج وَلَا تسرى وَله همة وجلادة
توفّي بالرملة وَنقل إِلَى الْقُدس وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى دمشق أجَاز لي بِالْقَاهِرَةِ بِخَطِّهِ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية وَاجْتمعت بِهِ غير مرّة
3 - (الجيلي الشَّيْخ الْمَشْهُور)
عبد الْقَادِر بن عبد الله أبي صَالح ابْن جنكي دوست ابْن أبي عبد الله يَنْتَهِي نسبه إِلَى الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الجيلي الْحَنْبَلِيّ الزَّاهِد صَاحب المقامات والكرامات وَشَيخ الْحَنَابِلَة رَحمَه الله قدم(19/26)
بَغْدَاد وتفقه على القَاضِي أبي سعد وَسمع
وَكَانَ يَأْكُل من عمل يَده وَتكلم فِي الْوَعْظ وَظهر لَهُ صيت وَكَانَ لَهُ سمت وَصمت قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لم يسع ابْن الْجَوْزِيّ أَن يترجم لَهُ أَكثر من هَذَا لما فِي قلبه لَهُ من البغض
وَترْجم لَهُ الشَّيْخ شمس الدّين سبع وَرَقَات
ولد بجيلان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس ماية وَقدم بَغْدَاد شَابًّا وتفقه على القَاضِي أبي سعد المخرمي وَسمع من أبي بكر أَحْمد بن المظفر بن سوسن التمار وَأبي غَالب الباقلاني وَأبي الْقَاسِم ابْن ببان الرزاز وَأبي مُحَمَّد جَعْفَر السراج وَأبي سعد ابْن خشيش وَأبي طَالب ابْن يُوسُف وَجَمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَعمر بن عَليّ الْقرشِي وولداه عبد الرَّزَّاق ومُوسَى ابْنا عبد الْقَادِر والحافظ عبد الْغَنِيّ وَالشَّيْخ)
الْمُوفق وَيحيى بن سعد الله التكريتي وَالشَّيْخ عَليّ بن إِدْرِيس اليعقوبي وَأحمد ابْن مُطِيع الباجسرائي وَأَبُو هُرَيْرَة وَمُحَمّد بن لَيْث الوسطاني وأكمل بن مَسْعُود الْهَاشِمِي وَطَائِفَة آخِرهم وَفَاة أَبُو طَالب عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد ابْن القبيطي وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ الرشيد أَحْمد بن مسلمة وَكَانَ إِمَام زَمَانه وقطب عصره وَشَيخ الشُّيُوخ بِلَا مدافعة قَالَ أَبُو الْحُسَيْن اليونيني سَمِعت الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام يَقُول مَا نقلت إِلَيْنَا كرامات أحد بالتواتر إِلَّا الشَّيْخ عبد الْقَادِر فَقيل لَهُ هَذَا مَعَ اعْتِقَاده فَكيف هَذَا قَالَ لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب
وَكَانَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر قد لَازم الْأَدَب على أبي زَكَرِيَّاء التبريزي واشتغل بالوعظ إِلَى أَن برز فِيهِ ثمَّ لَازم الْخلْوَة والرياضة والسياحة والمجاهدة والسهر وَالْمقَام فِي الْمِحْرَاب والصحراء وَصَحب الشَّيْخ أَحْمد الدباس وَأخذ عَنهُ علم الطَّرِيق ثمَّ إِن الله أظهره لِلْخلقِ وأوقع لَهُ الْقبُول الْعَظِيم فعقد الْمجْلس سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس ماية وَأظْهر الله الْحِكْمَة على لِسَانه ثمَّ جلس فِي مدرسة شَيْخه أبي سعد للتدريس وَالْفَتْوَى سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس ماية وَصَارَ يقْصد بالزيارة وَالنّذر وصنف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَله كَلَام على لِسَان أهل الطَّرِيق قَالَ طالبتني نَفسِي يَوْمًا بِشَهْوَة فَكنت أضاجرها وَأدْخل فِي درب وَأخرج إِلَى درب أطلب(19/27)
الصَّحرَاء فَبينا أَنا أَمْشِي إِذْ رَأَيْت رقْعَة ملقاة فَإِذا فِيهَا مَا للأقوياء والشهوات إِنَّمَا خلقت الشَّهَوَات للضعفاء ليتقووا بهَا على طَاعَتي فَلَمَّا قرأتها خرجت تِلْكَ الشَّهْوَة من قلبِي
وَقَالَ كنت أقتات بخرنوب الشوك وورق الخس من جَانب النَّهر وَكَانَ يَقُول الْخلق حجابك عَن نَفسك ونفسك حجاب عَن رَبك مَا دمت ترى الْخلق لَا ترى نَفسك وَمَا دمت ترى نَفسك لَا ترى رَبك وَكَانَ يَقُول الدُّنْيَا أشغال وَالْآخِرَة أهوال وَالْعَبْد فِيمَا بَين الأشغال والأهوال حَتَّى يسْتَقرّ قراره إِمَّا إِلَى جنَّة وَإِمَّا إِلَى نَار وَكَانَ يَقُول الْأَوْلِيَاء عرائس الله لَا يطلع عَلَيْهِم إِلَّا ذَا محرم وَكَانَ يَقُول فتشت الْأَعْمَال كلهَا فَمَا وجدت فِيهَا أفضل من إطْعَام الطَّعَام أود لَو أَن الدُّنْيَا بيَدي فأطعمها الجياع
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق بن عبد الْقَادِر ولد لوالدي تسع وَأَرْبَعُونَ ولدا سبع وَعِشْرُونَ ذكرا وَالْبَاقِي إناث
3 - (الْحَافِظ الرهاوي الْحَنْبَلِيّ)
)
عبد الْقَادِر بن عبد الله الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو مُحَمَّد الرهاوي الْحَنْبَلِيّ ولد بالرها سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس ماية وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست ماية وَنَشَأ بالموصل كَانَ مَمْلُوكا لبَعض المواصلة فَأعْتقهُ وَطلب الْعلم وَهُوَ ابْن نَيف وَعشْرين سنة ورحل إِلَى الْبِلَاد النائية وَلَقي الْكِبَار وعني بِالْحَدِيثِ أتم عناية وَعمل الْأَرْبَعين المتباينة والإسناد والبلدان وَهَذَا شَيْء لم يسْبق إِلَيْهِ وَلَا يرجوه أحد بعده وَهُوَ كتاب كَبِير فِي مُجَلد ضخم من نظر فِيهِ علم سَعْيه وتعبه وَحفظه لكنه تكَرر عَلَيْهِ ذكر أبي إِسْحَاق السبيعِي وَذكر مُحَمَّد بن سعيد الْبُحَيْرِي نبه على ذَلِك الشَّيْخ جمال الدّين الْمزي(19/28)
قَالَ ابْن نقطة ختم بِهِ علم الحَدِيث
3 - (ابْن نومَة الشَّاعِر)
عبد الْقَادِر بن عَليّ بن الْفضل أَبُو مُوسَى الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن نومَة الوَاسِطِيّ قدم بَغْدَاد شَابًّا أَيَّام المقتفي وَقَرَأَ الْأَدَب على الشريف ابْن الشجري ومدح الْوَزير أَبَا المظفر ابْن جهير وَغَيره
وَتُوفِّي بِمصْر سنة سبع وَسبعين وَخمْس ماية
وَمن شعره
(صَحا لي الْقلب عَن ذكر الْهوى ولهى ... عَنْهَا بِأُخْرَى وللإنسان أوطار)
(وَمَا الْمُقِيم على مَاء لينزحه ... بآمن أَن تشوب الصفو أكدار)
وَمِنْه
(وَمَا رَوْضَة نبت الخزامى أظلها ... من النُّور ظلّ دَامَ للنشر ينشر)
(تشف على الأجراع قضب زبرجد ... لَهَا الْمسك نور والكمائم عنبر)
(كَأَن سُقُوط الطل بَين مروجها ... سلاسل در من يَد السحب تنثر)
3 - (القَاضِي تَاج الدّين الْحَنَفِيّ)
عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد ابْن أبي الْكَرم عبد الرَّحْمَن بن علوي بن الْمُعَلَّى بن علوي بن جَعْفَر
القَاضِي تَاج الدّين ابْن القَاضِي عَزِيز الدّين الْعقيلِيّ البُخَارِيّ الْحَنَفِيّ
ولد بِدِمَشْق سنة ثَلَاث وَعشْرين وست ماية وَسمع الصَّحِيح من ابْن الزبيرِي من الْإِمَامَيْنِ جمال الدّين الحصيري وتقي الدّين ابْن الصّلاح وَولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بحلب وَنظر الْأَوْقَاف والمدرسة العصرونية وَقدم دمشق آخر عمره وَحدث بهَا بِالْمِائَةِ البخارية وَرجع إِلَى حلب)(19/29)
وَتُوفِّي بهَا
3 - (محيي الدّين المقريزي)
عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن تَمِيم الْفَقِيه الْمُحدث محيي الدّين المقريزي البعلبكي الْحَنْبَلِيّ اشْتغل وتفقه وَسمع بِبَلَدِهِ من زَيْنَب بنت كندي وبدمشق من ابْن عَسَاكِر وَابْن القواس وبمصر من الْبَهَاء ابْن الْقيم وسبط زِيَادَة وبحلب والحرمين وَنسخ وَحصل وَصَارَ شيخ دَار الحَدِيث للبهاء ابْن عَسَاكِر
توفّي عَن خمس وَخمسين سنة أَو نَحْوهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية
3 - (شمس الدّين ابْن الحظيري)
عبد الْقَادِر بن يُوسُف بن مظفر الصَّدْر الْجَلِيل الْعدْل الْمَأْمُون شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن الحظيري الدِّمَشْقِي الْكَاتِب من عقلاء الرِّجَال ونبلائهم
مولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست ماية وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وَسبع ماية
سمع بِمصْر من عبد الْوَهَّاب بن رواج وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن الصفراوي وَعلي بن مُخْتَار وَجَمَاعَة سمع مِنْهُ الواني والبرزالي وَابْن الشَّيْخ شمس الدّين وعدة وَولي نظر الْجَامِع وَنظر الخزانة
3 - (محيي الدّين حِينَئِذٍ)
عبد الْقَادِر بن أَحْمد الْفَقِيه المناظر محيي الدّين حِينَئِذٍ كَانَ يكثر فِي بحوثه من قَول حِينَئِذٍ
سقط من سلم فَمَاتَ سنة سبع ماية وَكَانَ بغدادياً فَقِيها كهلاً تَامّ الشكل لَدَيْهِ معرفَة وفضائل
3 - (الأدفوي)
عبد الْقَادِر بن مهذب بن جَعْفَر الأدفوي قَالَ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي هُوَ ابْن عمي كَانَ ذكياً جواداً متواضعاً رَحل إِلَى قوص للاشتغال بالفقه وَحفظ أَكثر التَّنْبِيه وَلم ينْتج فِيهِ وَكَانَ إسماعيلي الْمَذْهَب مشتغلاً بِكِتَاب(19/30)
الدعائم تصنيف النُّعْمَان بن مُحَمَّد متفقهاً
وَكَانَ فيلسوفاً يقرئ الفلسفة ويحفظ من كتاب زجر النَّفس وَكتاب أثلوجيا وَكتاب التفاحة الْمَنْسُوب لأرسطو كثيرا قَالَ وَذكر لي بعض أَصْحَابنَا مِمَّن لَا أَتَّهِمهُ بكذب أَنه تعسر عَلَيْهِ قفل بَاب فَذكر اسْما وفتحه وَأَنَّهُمْ قصدُوا حُضُور امْرَأَة فهمهم بشفتيه لَحْظَة فَحَضَرت فَسَأَلُوهَا عَن ذَلِك فَقَالَت إِنَّهَا حصل عِنْدهَا قلق فَلم تقدر على الْإِقَامَة وَكَانَ مُؤمنا بِالنَّبِيِّ صلى)
الله عَلَيْهِ وَسلم منزلاُ لَهُ مَنْزِلَته ويعتقد وجوب أَرْكَان الْإِسْلَام غير أَنه يرى أَنَّهَا تسْقط عَمَّن حصل لَهُ معرفَة بربه بالأدلة الَّتِي يعتقدها وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ مواظباً على الْعِبَادَة فِي الْخلْوَة والجلوة وَالصِّيَام إِلَّا أَنه يَصُوم بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحساب وَيرى أَن الْقيام بالتكاليف الشَّرْعِيَّة يَقْتَضِي زِيَادَة الْخَيْر وَإِن حصلت الْمعرفَة وَكَانَ يفكر طَويلا وَيقوم ويرقص وَيَقُول
(يَا قطوع من أفنى عَمْرو فِي المحلول ... فاتو العاجل والآجل ذَا البهلول)
قَالَ وَمرض فَلم أصل إِلَيْهِ وَمَات فَلم أصل عَلَيْهِ وَسَار إِلَى ساحة الْقُبُور وَصَارَ إِلَى من يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور وأظن وَفَاته فِي سنة خمس أَو سِتّ وَعشْرين وَسبع ماية وَقَالَ لي جمَاعَة سنة خمس لَا غير
(عبد القاهر)
3 - (الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور الشَّافِعِي)
عبد القاهر بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن عبد الله التَّمِيمِي أَبُو مَنْصُور ابْن أبي عبد الله الْفَقِيه الشَّافِعِي ولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وسافر مَعَ(19/31)
وَالِده إِلَى خُرَاسَان وسكنا نيسابور إِلَى حِين وفاتهما تفقه أَبُو مَنْصُور على أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ أصُول الدّين وَكَانَ ماهراً فِي فنون عديدة خُصُوصا علم الْحساب وَله فِيهِ تواليف نافعة مِنْهَا كتاب التكملة وَكَانَ يدرس فِي سَبْعَة وَعشْرين فَنًّا وَكَانَ عَارِفًا بالفرائض والنحو وَله أشعار وَكَانَ ذَا مَال وثروة وَلم يكْتَسب بِعِلْمِهِ مَالا وأربى على أقرانه فِي الْفُنُون وَجلسَ بعد أستاذه أبي إِسْحَاق للإملاء فِي مَكَانَهُ بِمَسْجِد عقيل فأملى سِنِين وَاخْتلف إِلَيْهِ الْأَئِمَّة فقرأوا عَلَيْهِ مثل نَاصِر الْمروزِي وزين الْإِسْلَام الْقشيرِي وَتُوفِّي سنة عشْرين وَأَرْبع ماية بِمَدِينَة أسفرايين وَدفن إِلَى جَانب شَيْخه وَمن شعره
(طلبت من الحبيب زَكَاة حسن ... على صغر من الْعُمر الْبَهِي)
(فَقَالَ وَهل على مثلي زَكَاة ... على قَول الْعِرَاقِيّ الكمي)
(فَقلت الشَّافِعِي لنا إِمَام ... وَقد فرض الزَّكَاة على الصَّبِي)
قلت هُوَ مثل قَول الْأَمِير أبي الْفضل الميكالي
(أَقُول لشادن فِي الْحسن فَرد ... يصيد بلحظه قلب الكمي)
(ملكت الْحسن أجمع فِي نِصَاب ... فأد زَكَاة منظرك الْبَهِي)
)
(وَذَاكَ بِأَن تجود لمستهام ... برشف من مقبلك الشهي)
(فَقَالَ أَبُو حنيفَة لي إِمَام ... وَعِنْدِي لَا زَكَاة على الصَّبِي)
وَقد رَوَاهَا بَعضهم على غير هَذِه القافية فَقَالَ
(أَقُول لشاذن فِي الْحسن فَرد ... يصيد بلحظه قلب الجليد)
(ملكت الْحسن أجمع فِي نِصَاب ... فَلَا تمنع وجوبا عَن وجود)
(وَذَاكَ بِأَن تجود لمستهام ... برشف من مقبلك البرود)
(فَقَالَ أَبُو حنيفَة لي إِمَام ... وَعِنْدِي لَا زَكَاة على الْوَلِيد)
وَمن شعر الْأُسْتَاذ أبي مَنْصُور الشَّافِعِي
(يَا سائلي عَن قصتي ... دَعْنِي أمت فِي غصتي)
(المَال فِي أَيدي الورى ... واليأس مِنْهُ حصتي)(19/32)
وَمِنْه
(شَبَابِي وشيبي دَلِيلا رحيل ... فسمعاً لذَلِك وَذَا من دَلِيل)
(وَقد مَاتَ من كَانَ لي من عديل ... وحسبي دَلِيلا رحيل العديل)
وَمن تصانيفه تَفْسِير الْقُرْآن تَأْوِيل متشابه الْأَخْبَار فضائح الْمُعْتَزلَة الْكَلَام فِي الْوَعْد والوعيد الفاخر فِي الْأَوَائِل والأواخر إبِْطَال القَوْل بالتولد فضائح الكرامية معيار النّظر تَفْضِيل الْفَقِير الصابر على الْغَنِيّ الشاكر الْإِيمَان وأصوله الْملَل والنحل التَّحْصِيل فِي أصُول الْفِقْه الْفرق بَين الْفرق بُلُوغ المدى فِي أصُول الْهدى نفي خلق الْقُرْآن الصِّفَات
3 - (أَبُو النجيب السهروردي الْوَاعِظ)
عبد القاهر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمويه يَنْتَهِي إِلَى عبد الرَّحْمَن ابْن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق أَبُو النجيب الْفَقِيه الْوَاعِظ السهروردي قدم بَغْدَاد فِي صباه وتفقه للشَّافِعِيّ وَسمع من أبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان وزاهر بن طَاهِر الشحامي وَأبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَغَيرهم وَكَانَ يسمع النَّاس بإفادته وَيحصل الْأُصُول والنسخ وَكَانَ يعظ النَّاس فِي مدرسته وَكَانَ مذْهبه فِي الْوَعْظ اطراح الكلفة وَترك السجع وَبَقِي عدَّة سِنِين يَسْتَقِي على ظَهره النَّاس بالقربة وَلم يزل إِلَى أَن صَار لَهُ الْقبُول عِنْد الْمُلُوك والأمراء وزاره الْأُمَرَاء والأكابر وَولي تدريس النظامية وأملي عدَّة أمالي وصنف عدَّة تصانيفوصحب)
مَشَايِخ الْمُعَامَلَات والمجاهدات ولازم خدمَة الشَّيْخ حَمَّاد الدباس ووقف على كثير مِمَّا كَانَ لَهُ من الكرامات
توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس ماية وَمن شعره
(أحبكم مَا دمت حَيا وَمَيتًا ... وَإِن كُنْتُم قد ملتم فِي بعاديا)
(وعذبتم قلبِي بشوقي إِلَيْكُم ... فحبي للقياكم وحبي نَادِيًا)
(وَقل خروجي عَن كناسي لأنني ... فقدت بقاعاً كنت فِيهِنَّ نَادِيًا)
(وإخوان صدق كنت آلف قربهم ... وَكَانُوا ينادوني بِكُل مراديا)
(لقد طفئت نَارِي وَقل مساعدي ... وَزَالَ أنيس كَانَ يوري زناديا)(19/33)