(يحن قلبِي إِلَى طلولٍ ... بنهر قارٍ وبالروابي)
مِنْهَا من الْخَفِيف
(آل طه بِلَا نصيبٍ ... ودولة النصب فِي انتصاب)
)
(إِن لم أجرد لَهَا حسامي ... فلست من قيسٍ فِي اللّبَاب)
(مفاخر الكرد فِي جدودي ... ونخوة الْعَرَب فِي انتسابي)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(على الْحر ضَاقَتْ فِي الْبِلَاد المناهج ... وكلٌ على الدُّنْيَا حريصٌ ولاهج)
(وَلَا عيب فِينَا غير أَن جبابنا ... خلاطيةٌ مَا دبجتها المناسج)
3 - (أَبُو المكارم الْوَاعِظ)
الْحسن بن ذِي النُّون بن أبي الْقَاسِم بن أبي الْحسن الشعرى أَبُو المكارم من أهل نيسابور
سمع أَبَا الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن الْحسن الْفَرَائِضِي وَأَبا بكر عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الشيروي وَمُحَمّد بن أبي مَنْصُور الركني الدمراحي وَغَيرهم
وَقدم بَغْدَاد وَوعظ بهَا وَظهر لَهُ الْقبُول عِنْد الْعَامَّة وَوَقعت فتنٌ بِسَبَبِهِ
وَحدث بِبَغْدَاد وَقيل كَانَ يمِيل للاعتزال وَكَانَ متفنناً كثير الْمَحْفُوظ توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ فَقِيها وذم الأشاعرة فِي بَغْدَاد وَأظْهر التحنبل وَبَالغ وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي إِخْرَاج أبي الْفتُوح الإِسْفِرَايِينِيّ من بَغْدَاد وَمَال إِلَيْهِ الْحَنَابِلَة ثمَّ ظهر أَنه معتزلي
3 - (البواري)
الْحسن بن الرّبيع البواري بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْوَاو وَالرَّاء بعد الْألف والبورائي أَيْضا بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وراءٍ بعد الْوَاو أَبُو عَليّ البَجلِيّ الْقَسرِي الْكُوفِي الْحصار الخشاب روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَاقُونَ بِوَاسِطَة وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم(12/7)
قَالَ الْعجلِيّ صَالح متعبدٌ وَكَانَ من أَصْحَاب ابْن الْمُبَارك توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَليّ الْكَاتِب)
الْحسن بن رَجَاء بن أبي الضَّحَّاك أَبُو عَليّ الْكَاتِب الجرجرائي الْبَغْدَادِيّ أحد البلغاء الْكتاب الشُّعَرَاء روى عَن أبي محلم وَبكر بن النطاح وروى عَنهُ الْمبرد وَكَانَ متكبراً متجبراً
يحْكى أَن الْمبرد حدث سُلَيْمَان بن وهب عَن الْحسن بن رَجَاء بِشَيْء ثمَّ قَالَ بعده وَكَانَ صَدُوقًا فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان كَانَ الْحسن أتيه وأصلف وأنبل من أَن يكذب)
قَلّدهُ الْمَأْمُون كور الْجَبَل وَضم أَبَا دلف إِلَيْهِ
دخل الْمَأْمُون يَوْمًا إِلَى الدِّيوَان الَّذِي للخراج فَمر بِغُلَام جميل على أُذُنه قلمٌ فأعجبه مَا رأى من حسنه فَقَالَ من أَنْت يَا غُلَام قَالَ النَّاشِئ فِي دولتك وخريج أدبك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ المتقلب فِي نِعْمَتك والمؤمل بخدمتك الْحسن بن رَجَاء فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا غُلَام بِالْإِحْسَانِ فِي البديهة تفاضلت الْعُقُول ثمَّ أَمر أَن يرفع عَن رُتْبَة الدِّيوَان وَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم
توفّي بِفَارِس سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ يتَوَلَّى حَرْب فَارس والأهواز وخراجهما
وَمن شعره من السَّرِيع
(مستشعر الصَّبْر لَهُ جنةٌ ... تقيه من عَادِية الدَّهْر)
(مَاذَا ينَال الدَّهْر من ماجدٍ ... لَهُ عَلَيْهِ عدَّة الصَّبْر)
(هَل هُوَ إِلَّا فقد خلانه ... وفقد مَا يملك من وفر)
(مَا سر حرا فِي الْغنى ... من حَظه فِي الْحَمد وَالْأَجْر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أرى ألفاتٍ كتبن على رَأْسِي ... بأقلام شيبٍ فِي صَحَائِف أنفاس)
(فَإِن تسأليني من يخط حروفها ... فَكف اللَّيَالِي تستمد بأنفاسي)
وَمِنْه من السَّرِيع
(قد يصبر الْحر على السَّيْف ... وَلَا يرى صبرا على الحيف)
(ويؤثر الْمَوْت على حالةٍ ... يعجز على قرى الضَّيْف)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(ألم ترني داويت تَركك بِالتّرْكِ ... وآثرت أَسبَاب الْيَقِين على الشَّك)(12/8)
(وَمَا ملني الْإِنْسَان إِلَّا مللته ... وَلَا فَاتَنِي شيءٌ فظلت لَهُ أبْكِي)
قلت شعر جيد وَهُوَ نفس من كَانَ لَهُ نفسٌ أبيةٌ ماجدة
3 - (ابْن رَشِيق القيرواني الشَّاعِر)
الْحسن بن رَشِيق القيرواني أحد البلغاء الأفاضل الشُّعَرَاء
ولد بالمسيلة وتأدب بهَا قَلِيلا ثمَّ ارتحل إِلَى القيروان سنة ستٍ وَأَرْبَعمِائَة
كَذَا قَالَ ابْن بسام وَقَالَ غَيره ولد بالمهدية سنة تسعين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ)
وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَت صَنْعَة أَبِيه فِي بَلَده وَهِي المحمدية الصياغة فَعلمه أَبوهُ صَنعته وَقَرَأَ الْأَدَب بالمحمدية وَقَالَ الشّعْر وتاقت نَفسه إِلَى التزيد مِنْهُ وملاقاة أهل الْأَدَب فَرَحل إِلَى القيروان واشتهر بهَا ومدح صَاحبهَا وَلم يزل بهَا إِلَى أَن هجم الْعَرَب عَلَيْهَا وَقتلُوا أَهلهَا وخربوها فانتقل إِلَى صقلية وَأقَام بمازر إِلَى أَن مَاتَ
وَكَانَ أَبوهُ رومياً وَاخْتلف فِي تَارِيخ وَفَاته
وَكَانَ بَينه وَبَين ابْن شرف القيرواني مناقضات ومهاجاةٌ وصنف عدَّة رسائل فِي الرَّد عَلَيْهِ مِنْهَا رِسَالَة سَمَّاهَا ساجور الْكَلْب ورسالة نجح الْمطلب ورسالة قطع الأنفاس ورسالة نقض الرسَالَة الشعوذية وَالْقَصِيدَة الدعية والرسالة المنقوضة ورسالة رفع الْإِشْكَال وَدفع الْمحَال
وَله كتاب أنموذج الشُّعَرَاء شعراء القيروان ورسالة قراضة الذَّهَب والعمدة فِي معرفَة صناعَة الشّعْر ونقده وعيوبه وَهُوَ كتاب جيد وَغير ذَلِك
وَقد وقفت على هَذِه المصنفات والرسائل الْمَذْكُورَة جَمِيعهَا فَوَجَدتهَا تدل على تبحره فِي الْأَدَب واطلاعه على كَلَام النَّاس وَنَقله لواد هَذَا الْفَنّ وتبحره فِي النَّقْد وَله كتاب شذوذ اللُّغَة يذكر فِيهِ كل كلمة جَاءَت شَاذَّة فِي بَابهَا
وَمن شعره من الوافر
(أحب أخي وَإِن أَعرَضت عَنهُ ... وَقل على مسامعه كَلَامي)(12/9)
(ولي فِي وَجهه تقطيب راضٍ ... كَمَا قطبت فِي وَجه المدام)
(وَرب تقطبٍ من غير بغضٍ ... وبغضٍ كامنٍ تَحت ابتسام)
وَمِنْه من المتقارب
(إِذا مَا خففت معهد الصِّبَا ... أَبَت ذَلِك الْخمس والأربعونا)
(وَمَا ثقلت كبرا وطأتي ... وَلَكِن أجر ورائي السنينا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وقائلةٍ مَاذَا الشحوب وَذَا الضنى ... فَقلت لَهَا قَول المشوق المتيم)
(هَوَاك أَتَانِي وَهُوَ ضيفٌ أعزه ... فأطعمته لحمي وأسقيته دمي)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ذمت لعينك أعين الغزلان ... قمرٌ أقرّ لحسنه القمران)
(ومشت فَلَا وَالله مَا حقف النقا ... مِمَّا أرتك وَلَا قضيب البان)
(وثن الملاحة غير أَن ديانتي ... تأبى عَليّ عبَادَة الْأَوْثَان)
مِنْهَا فِي المديح من الْكَامِل
(يَا ابْن الأعزة من أكَابِر حميرٍ ... وسلالة الْأَمْلَاك من قحطان)
(من كل أَبْلَج آمرٍ بِلِسَانِهِ ... يضع السيوف مَوَاضِع التيجان)
وَمِنْه من السَّرِيع
(فِي النَّاس من لَا يرتجى نَفعه ... إِلَّا إِذا مس بأضرار)
(كالعود لَا يطْمع فِي طيبه ... إِلَّا إِذا أحرق بالنَّار)
وَمِنْه من السَّرِيع
(أَقُول كالمأسور فِي لَيْلَة ... أَلْقَت على الْآفَاق كلكالها)
(يَا لَيْلَة الهجر الَّتِي ليتها ... قطع سيف الهجر أوصالها)
(مَا أَحْسَنت جملٌ وَلَا أجملت ... هَذَا وَلَيْسَ الْحسن إِلَّا لَهَا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمن حَسَنَات الدَّهْر عِنْدِي ليلةٌ ... من الْعُمر لم نَتْرُك لأيامها ذَنبا)(12/10)
(خلونا بهَا تَنْفِي القذى عَن عيوننا ... بلؤلؤة مَمْلُوءَة ذَهَبا سكبا)
(وملنا لتقبيل الثغور ولثمها ... كَمثل جنَاح الطير يلتقط الحبا)
قَالَ الأيبوردي هَذَا أحسن من قَول ابْن المعتز من المنسرح
(كم من عناقٍ لنا وَمن قبل ... مختلسات حذار مرتقب)
(نقر العصافير وَهِي خائفة ... من النواطير يَانِع الرطب)
قلت مقَام ابْن المعتز غير مقَام ابْن رَشِيق لِأَن ابْن رَشِيق ذكر أَنه فِي لَيْلَة أمنٍ وَهِي عِنْده من حَسَنَات الدَّهْر فَلهَذَا حسن تَشْبِيه التَّقْبِيل مَعَ الْأَمْن بالتقاط الطير الْحبّ لِأَنَّهُ يتوالى دفْعَة بعد دفعةٍ وَأما ابْن المعتز فَإِنَّهُ كَانَ خَائفًا يختلس التَّقْبِيل ويسرقه كَمَا يفعل العصفور فِي نقر الرطب اليانع لِأَنَّهُ يقدم جازعاً خَائفًا من الناطور فَلَا يطمئن فِيمَا يلتمسه أَلا ترى الآخر كَيفَ)
قَالَ فَأحْسن من مجزوء الوافر
(أقبله على جزعي ... كشرب الطَّائِر القزع)
(رأى مَاء فواقعه ... وَخَافَ عواقب الطمع)
وَمن شعر ابْن رَشِيق من مجزوء الْكَامِل قد حلمت مني التجارب كل شَيْء غير جودي أبدا أَقُول لَئِن كسبت لأقبضن يَدي شَدِيد حَتَّى إِذا أثريت عدت إِلَى السماحة من جَدِيد إِن الْمقَام بِمثل حَالي لَا يتم مَعَ الْقعُود
(لَا بُد لي من رحْلَة ... تدني من الأمل الْبعيد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(معتقةٌ يَعْلُو الْحباب متونها ... فتحسبه فِيهَا نثير جمان)
(رَأَتْ من لجينٍ رَاحَة لمديرها ... فطافت لَهُ من عسجدٍ ببنان)
وَأخذ الْأَدَب ابْن رَشِيق من أبي عبد الله مُحَمَّد بن جَعْفَر الْقَزاز القيرواني النَّحْوِيّ وَغَيره من أهل قيروان
3 - (الْحَافِظ العسكري الْمصْرِيّ)
الْحسن بن رَشِيق أَبُو محمدٍ العسكري عَسْكَر مصر(12/11)
الْمعدل الْحَافِظ رُوِيَ عَن النَّسَائِيّ وَغَيره وَكَانَ مُحدث الديار المصرية فِي عصره توفّي فِي سنة سبعين وثلاثمائة
وروى ابْن رَشِيق عَن أَحْمد بن حمادٍ وَأحمد بن إِبْرَاهِيم أبي دُجَانَة الْمعَافِرِي والمفضل بن مُحَمَّد الجندي وَعلي بن سعيد وَيَمُوت بن المزرع وخلقٍ
وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعبد الْغَنِيّ وَأَبُو مُحَمَّد بن النّحاس وَإِسْمَاعِيل ابْن عمرٍو الْمُقْرِئ وَيحيى بن عَليّ بن الطَّحَّان وَآخَرُونَ من المغاربة والمصريين
3 - (الْكَاتِب الْخُرَاسَانِي)
الْحسن بن أبي الرَّعْد الْكَاتِب الْخُرَاسَانِي قدم بَغْدَاد ومدح المعتضد واختص بِهِ وَصَارَ من ندمائه وَصَحبه إِلَى الشَّام وعلت مرتبته عِنْده فحسده أَحْمد ابْن الطّيب فوشى بِهِ وَتقول عِنْد المعتضد فأصغى إِلَيْهِ فَيُقَال إِنَّه أقدم عَلَيْهِ وَمَات بِالشَّام)
وَمن شعره من الْكَامِل
(وقفت كغصن البانة المياس ... وَسَوَاد وَجه اللَّيْل كالأنفاس)
(فَكَأَن داجي اللَّيْل صبحٌ مسفرٌ ... وَكَأَنَّهَا قبسٌ من الأقباس)
(جنية اللحظات إِلَّا أَنَّهَا ... إنسية الأشكال والأجناس)
(قَالَت مَتى أحدثت وصل صدورنا ... وَمَتى قسوت وَكنت لست بقاس)
(لأطيرن لذيذ نومك مِثْلَمَا ... طيرت عَن عَيْني لذيذ نعاسي)
(ولأودعن الْيَوْم قَلْبك ضعف مَا ... أودعته قلبِي من الوسواس)
(ارْفُقْ فَسَوف ترى فَقلت مَخَافَة ... يَا ابْن الْمُوفق يَا أَبَا الْعَبَّاس)
(أَنْت الْأَمِير ابْن الْأَمِير فَهَل على ... من كنت عدَّة دهره من باس)
(لَا تسلمني إِن سَيْفك قد حمى ... بالمشرقين مَعًا جَمِيع النَّاس)
قلت مَا أَظُنهُ تقدم عِنْد المعتضد بِهَذَا الشّعْر فَإِنَّهُ نَازل(12/12)
3 - (حسام الدّين القرمي الشَّافِعِي)
الْحسن بن رَمَضَان بن الْحسن هُوَ القَاضِي حسام الدّين أَبُو مُحَمَّد بن الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْخَطِيب معِين الدّين أبي الْحسن القرمي الشَّافِعِي
كَانَ فَاضلا ذكياً حسن الشكل وَالْبزَّة بساماً مليح الْوَجْه
حضر إِلَى صفد قَاضِيا أَيَّام الجوكندار الْكَبِير وَأقَام بهَا مُدَّة وَبنى بهَا حَماما عجيباً مَشْهُورا وَغير ذَلِك من الْأَمْلَاك ثمَّ إِنَّه عزل وَأَقْبل على شَأْنه بِدِمَشْق وَولى تدريس الرِّبَاط الناصري بالصالحية وَعَكَفَ على الِاشْتِغَال وَسَمَاع الحَدِيث وَلم يزل على خيرٍ
اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَجَرت بيني وَبَينه مبَاحث غريبةٌ وَغير ذَلِك وذهنه فِي غَايَة الْجَوْدَة
ثمَّ إِنَّه توفّي بطرابلس فِي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْعلوِي نقيب الْأَشْرَاف)
الْحسن بن زهرَة بن الْحسن بن زهرَة بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِسْحَاق المؤتمن بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو عَليّ بن أبي المحاسن بن أبي عَليّ بن أبي الْحسن الْعلوِي نقيب الطالبيين بحلب من بَيت حشمة وَتقدم أديبٌ فَاضل لَهُ شعر)
قدم بَغْدَاد حَاجا وروى بهَا شَيْئا من شعره مولده سنة ستٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الطَّوِيل
(سلامٌ على تِلْكَ الْمعَاهد إِنَّهَا ... رياض أماني الَّتِي ظلها دَان)
(وَحي بهَا حَيا غَدا الْقلب عِنْدهم ... مُقيما وَقد وليت عَنْهُم بجثماني)
وَمِنْه من الْخَفِيف برح الشوق بِي وَلم يطلّ الشوق فَمَا حيلتي إِذا مَا أطالا
(فسقى عهدكم عهاد ثناءٍ ... لَيْسَ يألو غمامه هطالا)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(فارقتني اللَّذَّات مذ بنت عَنْكُم ... وَأقَام الجوى وَسَار الْفَرِيق)
(حَيْثُ خلفت مورد الْعَيْش عذباً ... فِيهِ روض الْإِحْسَان وَهُوَ وريق)
(أزعجتني عَنهُ صروف اللَّيَالِي ... وَكَذَا الدَّهْر دأبه التَّفْرِيق)
هَكَذَا قَالَ محب الدّين بن النجار وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ أَبُو عَليّ الْحُسَيْنِي الإسحاقي الْحلَبِي الشيعي نقيب حلب ورئيسها ووجهها وعالمها ووالد النَّقِيب السَّيِّد أبي الْحسن عَليّ ولد لَهُ هَذَا الْوَلَد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَولي النقابة أَيَّام الظَّاهِر(12/13)
وَكَانَ أَبُو عَليّ عَارِفًا بالقراءات وَفقه الشِّيعَة والْحَدِيث والآداب والتواريخ وَله النّظم والنثر وَكَانَ صَدرا محتشماً وافر الْعقل حسن الْخلق والخلق فصيحاً مفوهاً صَاحب ديانَة وَتعبد
ولي كِتَابَة الْإِنْشَاء للظَّاهِر ثمَّ أنف من ذَلِك واستعفى وَأَقْبل على الِاشْتِغَال والتلاوة وَنفذ رَسُولا إِلَى الْعرَاق وَإِلَى سُلْطَان الرّوم وَإِلَى صَاحب الْموصل وَإِلَى الْعَادِل وَإِلَى صَاحب إربل
وَلما توفّي الظَّاهِر طلب للوزارة فاستعفى وَلما مَاتَ من عوده من الْحجاز بالدرب أغلقت الْمَدِينَة وَعظم عزاؤه على النَّاس وَكَانَت وَفَاته سنة عشْرين وسِتمِائَة
3 - (الْأَمِير الزيدي)
الْحسن بن زيد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب الزيدي الْأَمِير)
ظهر بطبرستان وَهزمَ جيوش الْخَلِيفَة وَدخل الرّيّ ثمَّ مَاتَ وَقَامَ بِالْأَمر من بعده أَخُوهُ مُحَمَّد بن زيد
وَكَانَت وَفَاة الْحسن فِي حُدُود السّبْعين وَمِائَتَيْنِ وخطب لِلْحسنِ هَذَا بالخلافة فِي بِلَاد الديلم وطبرستان فِي سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ فِي خلَافَة المستعين وَكَانَت طبرستان وبلاد الديلم بأيدي أَوْلَاد طَاهِر بن الْحُسَيْن فَأخْرجهُمْ مِنْهَا وَملك الرّيّ أَيْضا
وَله فِي التواريخ وقائع مَشْهُورَة وسيرٌ حسنةٌ مشكورة وَكَانَ مهيباً عَظِيم الْخلق عطس يَوْمًا فَفَزعَ رجلٌ فِي المنارة وَهُوَ يُؤذن فَوَقع مِنْهَا فَمَاتَ وَكَانَ أقوى البغال لَا يحملهُ أَكثر من فرسخين وَكَانَ فِي آخر عمره يشق بَطْنه وَيخرج مِنْهَا الشَّحْم ثمَّ تخاط
وَكَانَ مُقيما بالعراق فضاقت عَلَيْهِ الْأُمُور هُنَاكَ وَكَانَ كثير السُّؤَال عَن الْبِلَاد الممتنعة الوعرة الَّتِي تصلح للتحصن حَتَّى دلّ على بِلَاد الديلم فقصدها وَوَافَقَ فِيهَا جماعةٌ من الْعَجم لم يسلمُوا فأسلموا على يَده وتمذهبوا بمذهبه وَاسْتمرّ هَذَا الْمَذْهَب هُنَاكَ
وَكَانَ جواداً كَرِيمًا ممدحاً ذَا ناموس فِي الدّين وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم الْجِرْجَانِيّ لما افتصد وسيرها إِلَيْهِ مَعَ هَدَايَا من الْخَفِيف إِنَّمَا غيب الطَّبِيب شبا المبضع عِنْدِي فِي مهجة الْإِسْلَام
(سرت الأَرْض حِين صب عَلَيْهَا ... دم خير الورى وَأَعْلَى الْأَنَام)(12/14)
وَكَانَ أديباً شَاعِرًا عَارِفًا بِنَقْد الْأَشْعَار
قَالَ الصولي حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُعَلَّى قَالَ أَنا أحترس من مُحَمَّد ابْن زيد إِذا امتدحته لعلمه بالأشعار وَكَذَلِكَ من أَخِيه الْحسن بن زيد
وَلما حبس الصفار أَخَاهُ مُحَمَّد بن زيد بنيسابور قَالَ الْحسن بن زيد من الْبَسِيط
(نصفي أسيرٌ لَدَى الْأَعْدَاء مرتهنٌ ... يَرْجُو النجَاة بإقبالي وإدباري)
وَقد تقدم ذكر مُحَمَّد بن زيد فِي مَكَانَهُ فِي المحمدين فليطلب هُنَاكَ
وَقَالَ الْحسن أَيْضا من السَّرِيع
(لم نمْنَع الدُّنْيَا لفضل بهَا ... وَلَا لأَنا لم نَكُنْ أَهلهَا)
(لَكِن لنعطى الْفَوْز من جنَّة ... مَا إِن رأى ذُو بصرٍ مثلهَا)
(هاجرها خير الورى جدنا ... فَكيف نرجو بعده وَصلهَا)
)
وَقَالَ من الوافر
(وَمَا نشر المشيب عَليّ إِلَّا ... مصافحة السيوف لَدَى الصُّفُوف)
(فَأَنت إِذا رَأَيْت عَليّ شَيْئا ... فمكتسب من ألوان السيوف)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(إِذا مت فانعيني إِلَى الْبَأْس والندى ... وخيلين خيلي مأزق ورهان)
(وَقَوْلِي جَزَاك الله بِالْبرِّ رحمةٌ ... وَصلى عَلَيْك الرّوح والملكان)
(فقد كنت تغشى الْبَأْس من حَيْثُ يتقى ... فَهَلا فدَاك الْمَوْت كل جبان)
(ولي إبلٌ إِن غبت لم تخش ثائرا ... وتعرف أقْصَى الْعُمر حِين تراني)
(على أَن حد السَّيْف مِنْهَا معودٌ ... توقى مهازيلي بنحر سماني)
3 - (القَاضِي أَبُو عَليّ اللؤْلُؤِي)
الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي الْفَقِيه أَبُو عَليّ مولى الْأَنْصَار ولي الْقَضَاء ثمَّ استعفى(12/15)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قد سَاق الْخَطِيب فِي تَرْجَمته أَشْيَاء لَا يَنْبَغِي ذكرهَا وَكَانَ حَافِظًا لقَوْل أَصْحَاب الرَّأْي فَكَانَ إِذا جلس ليحكم ذهب عَنهُ التَّوْفِيق حَتَّى يسْأَل أَصْحَابه عَن الحكم فَإِذا قَامَ عَاد إِلَيْهِ حفظه وَتُوفِّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأنْصَارِيّ الْكَاتِب)
حسن بن زيد بن إِسْمَاعِيل أَبُو عَليّ الْأنْصَارِيّ كَانَ من المقدمين فِي ديوَان المكاتبات بِمصْر فِي أَيَّام العبيديين
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب أثنى القَاضِي الْفَاضِل عَلَيْهِ صنع ابْن قادوس بَيْتَيْنِ هجا فيهمَا حسنا ولد الْحَافِظ ودسهما فِي رقاع الْأنْصَارِيّ هَذَا ثمَّ سعى بِهِ إِلَى الْمَذْكُور فوجدا مَعَه فَضرب رقبته(12/16)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(سرى واصلاً طيف الْكرَى بَعْدَمَا صدا ... فَهَل خطأ أبدى الزِّيَارَة أَو عمدا)
(وَلما أَتَى عطلاً من الدّرّ جيده ... نظمت دموعي فَوق لباته عقدا)
وَمِنْه من المتقارب
(لَعَلَّ سنا البارق المنجد ... يخبر عَن سَاكِني ثهمد)
(وَيَا حبذا خطرةٌ للنسيم ... تجدّد من لوعة المكمد)
)
(وَفِي ذَلِك الْحَيّ خمصانةٌ ... لَهَا عنق الشادن الأجيد)
(تتيه بغرة بدر التَّمام ... وسالفة الرشأ الأغيد)
(وتلحف عطف قضيب الْأَرَاك ... رِدَاء من الأسحم الأجعد)
(أعاذل أنحيت لوماً عَليّ ... تروح بعذلك أَو تغتدي)
(ففضلي يبكي على نَفسه ... بكاء لبيدٍ على أَرْبَد)
(فَلَا تيأسن بمطل الزَّمَان ... فَإِنِّي مِنْهُ على موعد)
(وَلَا تشك دهرك إِلَّا إِلَيْك ... فَمَا فِي الْبَريَّة من مسعد)
(وَلَا تغترر بعطاء اللئام ... فقد ينضح المَاء من جلمد)
وَقد سَاق الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة قِطْعَة جَيِّدَة من ترسله فِي تهانٍ وتعازٍ وَغير ذَلِك
3 - (الطَّبِيب الْمصْرِيّ)
الْحسن بن زيرك كَانَ طَبِيبا بِمصْر أَيَّام أَحْمد بن طولون يَصْحَبهُ فِي الْإِقَامَة فَإِذا سَافر صُحْبَة سعيد بن نوقيل الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَلما توجه أَحْمد بن طولون إِلَى دمشق فِي شهور سنة تسع وَمِائَتَيْنِ وامتد مِنْهَا إِلَى الثغور لإصلاحها وَدخل أنطاكية أَكثر من اسْتِعْمَال لبن الجاموس فَأَدْرَكته هيضةٌ لم ينجع فِيهَا معالجة سعيد بن نوقيل وَعَاد بهَا إِلَى مصر وَهُوَ ساخطٌ على سعيد فَلَمَّا دخل الْفسْطَاط أحضر الْحسن بن زيرك وشكا إِلَيْهِ من سعيد فسهل عَلَيْهِ ابْن زيرك أَمر علته وأعلمه أَنه يَرْجُو لَهُ السَّلامَة فَخفت عَنهُ بالراحة والطمأنينة وهدوء النَّفس واجتماع الشمل وَحسن الْقيام وبر الْحسن وَكَانَ يسر التَّخْلِيط مَعَ الْحرم فازدادت ثمَّ دَعَا الْأَطِبَّاء ورغبهم وخوفهم وكتمهم مَا أسلفه من سوء التَّدْبِير والتخليط واشتهى على بعض حظاياه سمكًا قريساً فأحضرته إِيَّاه سرا فَمَا تمكن من معدته حَتَّى تتَابع الإسهال فأحضر ابْن زيرك فَقَالَ لَهُ أَحسب الَّذِي سقيتنيه الْيَوْم غير صَوَاب فَقَالَ يَأْمر الْأَمِير بإحضار الْأَطِبَّاء إِلَى دَاره فِي غَدَاة كل يَوْم حَتَّى يتفقوا على مَا يَأْخُذهُ فِي كل كل يَوْم وَمَا سقيتك تولى عجنه ثقتك وجميعها يفِيض الْقُوَّة الماسكة فِي معدتك وكبدك فَقَالَ أَحْمد وَالله لَئِن لم تنجعوا فِي تدبيركم لَأَضرِبَن أَعْنَاقكُم(12/17)
فَخرج من بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يرعد وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فحميت كبده من سوء فكره وخوفه وتشاغله عَن الْمطعم وَالْمشْرَب فاعتاده إسهالٌ ذريع وَاسْتولى الْغم عَلَيْهِ فخلط حَتَّى مَاتَ فِي)
غَد ذَلِك الْيَوْم
3 - (بهاء الدّين بن صصرى)
الْحسن بن سَالم بن الْحسن بن هبة الله بن مَحْفُوظ بن صصرى الصَّدْر الْجَلِيل بهاء الدّين أَبُو الْمَوَاهِب كَانَ شَيخا نبيلاً مهيباً دينا
سمع الْكِنْدِيّ وَابْن طبرزد وروى عَنهُ الدمياطي وقاضي الْقُضَاة نجم الدّين أَحْمد بن صصرى وَأَبُو عَليّ بن الْخلال وَأَبُو الْمَعَالِي بن البالسي وَأَبُو الْفِدَاء ابْن الخباز
وَلم يدْخل بهاء الدّين فِي المناصب وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (نجم الدّين بن سَالم)
الْحسن بن سَالم بن عَليّ بن سَلام الصَّدْر الْكَبِير نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد الطرابلسي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْكَاتِب وَالِد الْمُحدث أبي عبد الله مُحَمَّد
سمع من يحيى الثَّقَفِيّ وَابْن صَدَقَة وَغَيرهمَا وَولي الزَّكَاة ثمَّ نظر الدَّوَاوِين
وَكَانَ سَمحا جواداً لَهُ دارٌ للضيافة لكنه دخل فِي أَشْيَاء وَقَامَ فِي أَمر الصَّالح إِسْمَاعِيل وَفرق الذَّهَب فِي بَيته على الْأُمَرَاء حَتَّى جَاءَ وَأخذ دمشق فَذكر الصاحب معِين الدّين ابْن الشَّيْخ قَالَ أَوْصَانِي الْملك الصَّالح نجم الدّين أنني إِذا فتحت دمشق أَن أعلق ابْن سَلام بِيَدِهِ على بَاب دَاره فستره الله بِالْمَوْتِ قبل أَن تفتح دمشق بأشهر وتمزقت أَمْوَاله وَنسب إِلَى تشيع وَلم يَصح عَنهُ روى عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (الخونجي الشَّافِعِي)
الْحسن بن سعد بن الْحسن الخونجي أَبُو المحاسن الْفَقِيه الْكَاتِب صَاحب الْوَزير أبي نصر بن نظام الْملك كَانَ يَنُوب عَنهُ فِي النّظر فِي الْمدرسَة النظامية
تفقه على إِلْكيَا الهراسي وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وروى شَيْئا يَسِيرا وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ شَيخا صَالحا مسناً متديناً مليح الْخط والعبارة فطناً
3 - (الْحَافِظ الْقُرْطُبِيّ)
الْحسن بن سعد بن إِدْرِيس بن خلف أَبُو عَليّ الكتامي الْقُرْطُبِيّ الْحَافِظ سمع من بَقِي بن مخلد مُسْنده وَجَمَاعَة)
كَانَ يذهب إِلَى ترك التَّقْلِيد ويميل لقَوْل(12/18)
الشَّافِعِي وَكَانَ يحضر الشورى فَلَمَّا رأى الْفتيا دَائِرَة على الْمَالِكِيَّة ترك شهودها وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (المغربي الشَّافِعِي)
الْحسن بن سعيد بن أَحْمد بن عَمْرو بن الْمَأْمُون بن عَمْرو بن الْمَأْمُون بن المؤمل أَبُو عَليّ بن أبي مَنْصُور الْقرشِي من أَوْلَاد عتبَة بن أبي سُفْيَان بن حَرْب من أهل الجزيرة
قدم بَغْدَاد شَابًّا فِي طلب الْعلم وتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي حَتَّى برع وَسمع الحَدِيث من عبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأنمَاطِي وَعلي بن أَحْمد بن البسري وَعمر بن عبيد الله بن الْبَقَّال وَغَيرهم
وَعَاد إِلَّا بِلَاده وَولي الْقَضَاء بِجَزِيرَة ابْن عمر مُدَّة ثمَّ عزل وَخرج إِلَى رحبة مَالك بن طوق وَسكن آمد وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَحدث بهَا وَتُوفِّي بفنك سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (الشاتاني)
الْحسن بن سعيد بن عبد الله بن بنْدَار أَبُو عَليّ الديار بكري الشاتاني علم الدّين بالشين الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف الأولى تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَبعد الْألف الثَّانِيَة نون وشاتان قلعة من ديار بكر
أَقَامَ بالموصل قدم بَغْدَاد وتفقه على أبي عَليّ الْحسن بن سلمَان وَمن بعده على أبي مَنْصُور سعيد بن مُحَمَّد بن الرزاز وَعلي أبي عَليّ الْحسن بن إِبْرَاهِيم الفارقي قَاضِي وَاسِط
وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي السعادات بن الشجري وَأبي مَنْصُور بن الجواليقي وَسمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم بن الحُصَين وَأبي بكر بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْقَزاز وَغَيرهم
وَكَانَ ينظم الشّعْر وينشئ الرسائل ويعقد مجْلِس الْوَعْظ وَكَانَ يَأْتِي رَسُولا إِلَى بَغْدَاد من زنكي ومدح الْوَزير ابْن هُبَيْرَة وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة ومولده سنة عشر وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الْكَامِل
(أهْدى إِلَيّ جَسَدِي الضنى فأعله ... وَعَسَى يرق لعَبْدِهِ وَلَعَلَّه)
(مَا كنت أَحسب أَن عقد تجلدي ... ينْحل بالهجران حَتَّى حلّه)
)
(يَا وَيْح قلبِي أَيْن أطلبه وَقد ... نَادَى بِهِ دَاعِي الْهوى فأضله)
(إِن لم يجد بالْعَطْف مِنْهُ على الَّذِي ... أضناه من فرط الغرام فَمن لَهُ)(12/19)
(وَأَشد مَا يلقاه من ألم الْهوى ... قَول العواذل إِنَّه قد مله)
3 - (المطوعي الْمُقْرِئ)
الْحسن بن سعيد بن جَعْفَر أَبُو الْعَبَّاس الْعَبادَانِي المطوعي الْمُقْرِئ المعمر نزيل اصطخر فِي آخر عمره
كَانَ رَأْسا فِي الْقُرْآن وَحفظه وَفِي حَدِيثه لينٌ وَقَالَ أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه هُوَ ضَعِيف
قَرَأَ لنافعٍ على أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الإصبهاني وَأبي مُحَمَّد الْمَلْطِي وَقَرَأَ لأبي عمرٍو على مُحَمَّد بن بدر الْبَاهِلِيّ صَاحب الدوري
وَقَرَأَ على الْحُسَيْن بن عَليّ الْأَزْرَق بِرِوَايَة قالون وعَلى إِسْحَاق بن أَحْمد الْخُزَاعِيّ بِرِوَايَة البزي وعَلى ابْن مُجَاهِد بِرِوَايَة قنبل وَقَرَأَ بِدِمَشْق على مُحَمَّد بن مُوسَى الصُّورِي وبالإسكندرية على مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن يزِيد وَقَرَأَ على ابْن ذكْوَان وَقَرَأَ على أَحْمد بن فَرح الْمُفَسّر صَاحب الدوري وعَلى إِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد صَاحب خلف وَهُوَ أكبر شيخ لَهُ وَقَرَأَ على جمَاعَة مذكورين فِي الْمُبْهِج توفّي سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة وَقد قَارب الْمِائَة
3 - (المكربل)
الْحسن بن سعيد أَبُو عَليّ الْعَسْقَلَانِي الْمَعْرُوف بالمكربل بلغ من الْعُمر مائَة وَلم يسمع لَهُ فِي المديح إِلَّا النزر الْيَسِير وَلَا قبل من أحد مبرةً وَلَا امْتَدَّ إِلَّا النزر الْيَسِير وَلَا قبل من أحد مبرةً وَلَا امْتَدَّ أمله إِلَى رَغْبَة
وَمرض مرضة شَدِيدَة فَأَتَاهُ يَوْمًا رَسُول الشَّيْخ الْأَجَل أبي الْحسن عَليّ بن أبي أُسَامَة وَمَعَهُ صرةٌ من دَنَانِير وسفط ثِيَاب وَقَالَ لَهُ الشَّيْخ يسلم عَلَيْك وَيسْأل أَن تصرف هَذَا فِي بعض مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فَمَا زَاد على أَن قَالَ قل لَهُ لم يبلغ إِلَى هَذَا بعد وَلما كثر عَلَيْهِ عواده كتب على بَابه من مجزوء الرمل
(لَا تزوروني فَمَالِي ... أحدٌ يغلق بَابا)(12/20)
عظم الله لمن خفف أجرا وثوابا)
وَفِيه يَقُول أَبُو الْفَتْح بن قَتَادَة وَكَانَ بَينهمَا تهاجٍ شديدٌ من الْكَامِل
(قَالُوا المكربل قد قضى فأجبتهم ... مَاتَ الهجاء وعاش عرض الْعَالم)
وَمن قَوْله فِي أبي الْفَتْح بن قَتَادَة من مجزوء الرمل يَا أَبَا الْفَتْح لعثنونك نصف شقّ جحري
(فخرائي طول ليلِي ... ونهاري فِيهِ يجْرِي)
وَهُوَ مَوْصُوف لذِي الْعلَّة من لحية مقري يَا أَبَا الْفَتْح وَأَنت الْيَوْم أقرا من بِمصْر فتفضل يَا أَبَا الْفَتْح تحز من ذَاك شكري
(وأعرنيه إِلَى أَن ... تبصر السلح كبعر)
فَهُوَ لَا يبطئ فِي شغلي هَذَا غير شهر
(لَا تَكِلنِي يَا أَبَا الْفَتْح ... إِلَى زيدٍ وَعَمْرو)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْخَفِيف نقص التيه نور عَيْني أبي الْفَتْح وَمِنْه فِي النَّقْص نرجو الزياده نسبوه إِلَى الْعِبَادَة تصحيفا وَكَانَت من قبل ذَاك القياده وَقَالَ من مجزوء الرجز
(غنى لنا أَبُو السّري ... فَقلت من فِيهِ خري)
(ثمَّ انثنى مُحدثا ... وَهُوَ شَدِيد البخر)
(فخلته أحدث إِذْ ... حَدثنِي فِي منخري)
وَقَالَ من المنسرح
(لَا تغرنكم عِبَادَته ... فَإِنَّهَا شِيمَة لعيار)
(كلا وَلَا ميسم السُّجُود بِهِ ... فَإِنَّهُ ضربٌ خَارج الدَّار)
وَقَالَ من الْكَامِل
(إِن الشَّرِيعَة قد وهت أقسامها ... وتغيرت للنقص أَي تغير)
بوزارة ابْن أسامةٍ وَشَهَادَة ابْن قَتَادَة وخطابة ابْن ميسر وَقَالَ يهجو ابْن الرصفي من مجزوء الْكَامِل)
قَاض بفرنسة الْيَهُود أَحَق من قَاضِي الْقُضَاة فِي وَجهه أنفٌ كبظر عِيَاله سيال نات(12/21)
3 - (أَبُو سعيد الْخُرَيْبِي)
الْحسن بن سعيد أَبُو سعيد الْخُرَيْبِي قَالَ المرزباني رَشِيدِيّ بَصرِي يَقُول لمُسلم بن الْوَلِيد فِي رِوَايَة الصولي من الْكَامِل
(من ذَا يرجي من فَتى أكرومةً ... من بعد مؤتمن الْمَوَدَّة مُسلم)
(وَلَقَد عهِدت لَهُ خلائق حرةٍ ... فتبدلت أَو قلت مَا لم أعلم)
(ولربما جَاءَ الْفَتى بدنيةٍ ... ووراءها عذرٌ لَهُ لم يفهم)
3 - (ذُو القلمين)
الْحسن بن أبي سعيد أَخُو عَليّ بن أبي سعيد الملقب ذَا القلمين وهما ابْنا خَالَة الْفضل وَالْحسن ابْني سهل وَالْحسن بن أبي سعيد هُوَ الْقَائِل لِلْمَأْمُونِ لما بَايع لعَلي بن مُوسَى بالعهد من بعده من كلمة أنشدها الْمَأْمُون من الْخَفِيف
(بيعةٌ مثل بيعَة الرضْوَان ... أنست بالتقى وبالإيمان)
(بيعَة للرضى رضى الله فِيهَا ... وَصَلَاح الدُّنْيَا مَعَ الْأَدْيَان)
بيعَة أطلقت يَد الْجُود وَالْفضل وشلت بهَا يَد الشَّيْطَان عقدهَا جامعٌ لشمل رَسُول الله بالائتلاف بعد افتتان
(فجزى الله ذَا الرياسات حسنا ... عَن رَسُول الْإِلَه ذِي الْإِحْسَان)
بِالْإِمَامِ الْمَأْمُون تمت يَد الله ودان الْعباد بِالْقُرْآنِ
3 - (الْحَافِظ النسوي)
الْحسن بن سُفْيَان بن عَامر أَبُو الْعَبَّاس الشَّيْبَانِيّ النسوي بالنُّون(12/22)
الْحَافِظ صَاحب الْمسند
سمع بِدِمَشْق دحيما وَهِشَام بن عمار وَغَيرهمَا وَسمع إِسْحَاق وَيحيى وَأحمد وَغَيرهم
وَأخذ الْأَدَب عَن أَصْحَاب النَّضر بن شُمَيْل
وَهُوَ مُحدث خُرَاسَان فِي عصره مقدمٌ فِي الثبت والرحلة وَالْكَثْرَة والفهم وَالْفِقْه وَالْأَدب
تفقه عِنْد أبي ثَوْر وَكَانَ يُفْتِي على مذْهبه
وصنف الْمسند الْكَبِير وَالْجَامِع والمعجم وَغير ذَلِك وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وثلاثمائة)
3 - (أَبُو عَليّ النهرواني الشَّافِعِي)
الْحسن بن سلمَان بن عبد الله بن الْفَتى النهرواني أَبُو عَليّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الإصبهاني
قَرَأَ على أبي بكر الخجندي حَتَّى برع وَحصل من الْأَدَب طرفا جيدا وَسمع الحَدِيث من أَبِيه وَمن الرئيس الْقَاسِم بن الْفضل الْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا
وَقدم بَغْدَاد وَولي تدريس النظامية ودرس بهَا إِلَى حِين وَفَاته سنة خمس وَعشْرين وَخَمْسمِائة
وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وَكَانَ ينشئ الْخطب وَيَقُول الشّعْر وَله عِبْرَة حلوة وإيرادٌ مليحٌ وَكَانَ فصيحاً حسن الْكَلَام فِي المناظرة كثير الْمَحْفُوظ وَحدث باليسير
وَكَانَ أَبوهُ أديباً يعرف بِابْن الْفَتى وَكَانَ يُؤَدب أَوْلَاد نظام الْملك وَسُئِلَ الْحسن الْمَذْكُور فِي بعض مجالسه وعظه عَن عَلامَة قبُول الصَّوْم فَقَالَ أَن تَمُوت فِي شَوَّال قبل التَّلَبُّس بسيئ من الْأَعْمَال فَمَاتَ فِي شَوَّال بعد مَا أدّى صَوْم رَمَضَان وَأظْهر عَلَيْهِ أهل بَغْدَاد من الْجزع مَا لم يعْهَد مثله
وَمن شعره من المديد
(قل لجيراني بِذِي سلم ... لم تسامحتم بسفك دمي)
(لم يزل قلبِي يضن بكم ... وَهُوَ مطبوعٌ على الْكَرم)
(الجفا والغدر شيمتكم ... والوفا وَالصُّلْح من شيمي)
(وخصامي فيهم أبدا ... وهم خصمي وهم حكمي)
3 - (الْأَنْطَاكِي الْمُقْرِئ الْمُؤَدب النافعي)
الْحسن بن سُلَيْمَان بن الْخَيْر(12/23)
الْأَنْطَاكِي الْمُقْرِئ كَانَ يُؤَدب أَوْلَاد الْوَزير ابْن حنزابة توفّي سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة وَكَانَ يعرف بِأبي عَليّ النافعي
3 - (الْحَافِظ قبيطة)
الْحسن بن سُلَيْمَان بن سَلام أَبُو عَليّ الْفَزارِيّ الْبَصْرِيّ الْحَافِظ الْمَعْرُوف بقبيطة بِضَم الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وطاء مُهْملَة مَفْتُوحَة أحد الْأَثْبَات وَثَّقَهُ ابْن يُونُس لِأَنَّهُ سكن مصر وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين والمائتين
3 - (القَاضِي بهاء الدّين بن رَيَّان)
الْحسن بن سُلَيْمَان بن أبي الْحسن بن سُلَيْمَان بن رَيَّان القَاضِي بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد نَاظر)
الْجَيْش ولد فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة
وَسمع مَعَ وَالِده وأخيه من ابْن مشرف وست الوزراء وَحفظ الختمة وَصلى بهَا وَنقل بعض الْقرَاءَات وَقَرَأَ الحاجبية على الشَّيْخ علم الدّين طَلْحَة وَكتب على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بكتوت القرندلي وأتقن الأقلام السَّبْعَة
وَتوجه إِلَى الْحجاز سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَتَوَلَّى مشارفة الْجَيْش بحلب ثمَّ إِن وَالِده القَاضِي جمال الدّين نزل لَهُ عَن وَظِيفَة نَاظر الْجَيْش بحلب فِي أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا الْحَاجِب وَلم يزل إِلَى أَن هرب الْأَمِير سيف الدّين طشتمر الساقي من حلب وَلما عَاد الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا الْحَاجِب من حلب إِلَى دمشق فِي نوبَة الفخري استصحب بهاء الدّين مَعَه إِلَى دمشق وَلما هرب ألطنبغا عَاد بهاء الدّين إِلَى حلب وَأقَام بهَا فَلَمَّا عَاد طشتمر من بِلَاد الرّوم نقم عَلَيْهِ ذَلِك ورسم عَلَيْهِ فِي قلعة حلب وَاسْتمرّ فِي الترسيم إِلَى أَن توجه طشتمر إِلَى مصر وباشر نِيَابَة مصر أول دولة الْملك النَّاصِر أَحْمد فقرر عَلَيْهِ مَا يحمل إِلَى بَيت المَال وَهُوَ مبلغ(12/24)
خمسين ألف دِرْهَم فَصَبر بهاء الدّين لذَلِك ولجأ إِلَى الله تَعَالَى وَتوجه هُوَ ووالده فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل حَتَّى أمسك طشتمر وَكَانَ أَخُوهُ القَاضِي شرف الدّين حُسَيْن الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى قد توجه إِلَى مصر ليسعى لِأَخِيهِ فعوق بغزة وَمنع من الدُّخُول إِلَى مصر فَجَاءَهُ الْخَبَر وَهُوَ فِي غَزَّة فَقَالَ شرف الدّين حُسَيْن وأنشدني ذَلِك لنَفسِهِ من لَفظه من السَّرِيع
(طشتمر الساقي سرى ظلمه ... إِلَى بني رَيَّان لَا عَن سبّ)
(فأرسلوا مِنْهُم سِهَام الدعا ... عَلَيْهِ فِي جنح الدجى فَانْقَلَبَ)
(وَهَذِه عَادَتهم قطّ مَا ... عاداهم الظَّالِم إِلَّا انعطب)
ثمَّ إِن بهاء الدّين اسْتمرّ فِي نظر الْجَيْش إِلَى أَن قدم الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش إِلَى نِيَابَة حلب فَأَحبهُ وَأَقْبل عَلَيْهِ وَلما رسم لَهُ بنيابة دمشق كتب فِي حَقه إِلَى السُّلْطَان بِأَن يكون نَاظر جَيش دمشق ثمَّ فتر عزمه عَن ذَلِك
فَلَمَّا جَاءَ الْأَمِير سيف الدّين طقمزتمر إِلَى حلب نَائِبا أحبه وَأَقْبل عَلَيْهِ وَلما حضر ألطنبغا المارداني إِلَى حلب أَقَامَ بهَا قَلِيلا وتنكر عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه أمْسكهُ وعزله من نظر جَيش حلب فسير إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقمزدمر يَطْلُبهُ مِنْهُ وَكَانَ ألطنبغا فِي تِلْكَ الْأَيَّام قد مرض)
مرض الْمَوْت الَّذِي فَارق فِيهِ الْحَيَاة فأفرج عَنهُ وجهزه إِلَى دمشق وَمَات ألطنبغا بعد ذَلِك بيومين وَحضر بهاء الدّين إِلَى دمشق فَأكْرمه الْأَمِير سيف الدّين طقمزدمر وَكتب لَهُ إِلَى السُّلْطَان يطْلب توقيعه بِنَظَر جَيش حلب كَمَا كَانَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَحضر توقيعه وَتوجه بِهِ إِلَى حلب فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة قَليلَة وَحضر توقيع القَاضِي بدر الدّين بن الشهَاب مَحْمُود بِنَظَر الْجَيْش عوضا عَن القَاضِي بهاء الدّين ثمَّ قدم إِلَى دمشق فولاه الْأَمِير سيف الدّين طقزدمر نَائِب الشَّام فِي سنة خمس وَأَرْبَعين نظر الْوَقْف المنصوري وَنظر الْخَاص المرتجع فباشرهما قَلِيلا وَتوجه فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين إِلَى الْقَاهِرَة وَتَوَلَّى نظر جَيش حلب أَيْضا وَوصل إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن أَو دونهمَا ثمَّ عزل بدر الدّين بن الشهَاب مَحْمُود فِي أَيَّام الْكَامِل شعْبَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وباشر خَاص المرتجع عَن العربان وصحابة ديوَان الْحَرَمَيْنِ بِدِمَشْق وَأقَام كَذَلِك إِلَى أَن توجه إِلَى الْقَاهِرَة وَعَاد فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَقد رسم لَهُ بِأَن يكون فِي جملَة موقعي الدست الشريف بِدِمَشْق بالمعلوم الَّذِي كَانَ لَهُ على ديوَان الْحَرَمَيْنِ الشريفين
وَكنت قد وقفت على شيءٍ بِخَطِّهِ الْفَائِق الْمليح بصفد سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة فَكتبت إِلَيْهِ من الطَّوِيل
(وقفنا على مَا سطرته الأنامل ... فَكَانَ لنا مِنْهُ عَن الرَّوْض شاغل)
(وأذهلنا عَن وشي صنعاء رقمه ... وأهدت إِلَيْنَا السحر فِي الصُّحُف بابل)
(وَشَاهد طرفِي مِنْهُ نور خمائلٍ ... تبدت عَلَيْهِ للشموس مخايل)(12/25)
(فَمن ألفٍ كالغصن والهمز فَوْقهَا ... حمامٌ وَمَا غير السطور جداول)
(كَأَن نَهَارا ساطعاً قد تطلعت ... عَلَيْهِ من اللَّيْل البهيم أَوَائِل)
(وَإِلَّا كَأَن الصُّبْح ضَاعَ من الدجى ... وَقد قيدته للظلام سلاسل)
(وَإِن شِئْت قل فِيهِ عذارٌ منمنمٌ ... بخدٍ أسيلٍ وَاقِف وَهُوَ سَائل)
(وَإِن رمت تَحْقِيقا فعقدٌ منظم ... من الدّرّ والمسك الفتيت فواصل)
(تلوح على تِلْكَ السطور طلاوةٌ ... كَمَا راق ذُو حسنٍ ورقت شمائل)
(لقد رقمتها راحةٌ عَم جودها ... فَفِي كل قطر مِنْهُ برٌ ونائل)
(فَلَا بَرحت فِي رفْعَة مَا تنكرت ... صِفَات امرئٍ واستوجب الرّفْع فَاعل)
)
3 - (وَزِير الْمَأْمُون)
الْحسن بن سهل بن عبد الله السَّرخسِيّ تولى وزارة الْمَأْمُون بعد أَخِيه ذِي الرياستين الْفضل
وحظي عِنْد الْمَأْمُون وَتزَوج ابْنَته بوران وَقد تقدم ذكرهَا فِي حرف الْبَاء
وَكَانَ الْمَأْمُون قد ولاه جَمِيع الْبِلَاد الَّتِي فتحهَا طَاهِر بن الْحُسَيْن وَكَانَ عالي الهمة كثير العطايا للشعراء وَغَيرهم وقصده بعض الشُّعَرَاء فأنشده من الوافر
(تَقول حليلتي لما رأتني ... أَشد مطيتي من بعد حل)
(أبعد الْفضل ترتحل المطايا ... فَقلت نعم إِلَى الْحسن بن سهل)
فأجزل عطيته
وَخرج مَعَ الْمَأْمُون يَوْمًا يشيعه فَلَمَّا عزم على مُفَارقَته قَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا أَبَا مُحَمَّد أَلَك حَاجَة قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تحفظ عَليّ قَلْبك فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيع حفظه إِلَّا بك
قَالَ بَعضهم حضرت مجْلِس الْحسن بن سهل وَقد كتب لرجل كتابا شَفَاعَة فَجعل الرجل يشكره فَقَالَ الْحسن يَا هَذَا علام تشكرنا إِنَّا نرى الشفاعات من زَكَاة مروءاتنا
قَالَ وحضرته يَوْمًا آخر وَهُوَ يملي كتاب شفاعةٍ فَكتب فِي آخِره بَلغنِي أَن الرجل يسْأَل عَن فضل جاهه يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يسْأَل عَن زَكَاة مَاله
وَقَالَ لِبَنِيهِ يَا بني تعلمُوا النُّطْق فَإِن فضل الْإِنْسَان على سَائِر الْبَهَائِم بِهِ وَكلما كُنْتُم بِهِ أحذق كُنْتُم أَحَق بالإنسانية
وَلم يزل الْحسن على وزارة الْمَأْمُون إِلَى أَن غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء وَكَانَ سَببهَا كَثْرَة جزعه على أَخِيه الْفضل لما قتل وَلم تزل تستولي السَّوْدَاء عَلَيْهِ حَتَّى حبس فِي بَيته ومنعته من التَّصَرُّف(12/26)
وَقَالَ الطَّبَرِيّ إِن الْحسن غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء فِي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ سَببهَا أَنه مرض مرضةً تغير فِيهَا حَتَّى شدّ فِي الْحَدِيد وَحبس فِي بَيت فاستوزر الْمَأْمُون أَحْمد بن أبي خَالِد
وَدخل الْحسن بن سهل على الْمَأْمُون وَهُوَ يشرب فَقَالَ لَهُ بحياتي وبحقي عَلَيْك يَا أَبَا مُحَمَّد إِلَّا شربت معي قدحاً وصب لَهُ من نَبِيذ قدحاً فَأَخذه بِيَدِهِ وَقَالَ لَهُ من تحب أَن تغنيك فَأَوْمأ إِلَى إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون غنه يَا عَم فغناه صَوتا وَمِنْه من الْبَسِيط تسمع للحلي وسواساً إِذا انصرفت)
يعرض بِهِ لما كَانَ لحقه من السَّوْدَاء والاختلاط فَغَضب الْمَأْمُون حَتَّى ظن إِبْرَاهِيم أَنه سيوقع بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُ أَبيت إِلَّا كفراناً يَا أكفر النَّاس لنعمة وَالله مَا حقن دمك عِنْدِي غَيره وَلَقَد أردْت قَتلك فَقَالَ إِن عَفَوْت عَنهُ فعلت فعلا لم يسبقك إِلَيْهِ أحدٌ فعفوت وَالله عَنْك لقَوْله أفحقه أَن تعرض بِهِ وَلَا تدع كيدك وَلَا دغلك أَو أنفت من إيمائه إِلَيْك بِالْغنَاءِ فَنَهَضَ إِبْرَاهِيم قَائِما وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم أذهب حَيْثُ ظَنَنْت وَلست بعائدٍ فَأَعْرض عَنهُ
وَصَارَ أَبُو الْهُذيْل إِلَى سهل بن يخرون الْكَاتِب وَكَانَ خَاصّا بالْحسنِ بن سهل يسْأَله كَلَامه فِي أمره ويستعينه على إِضَافَة كَانَ فِيهَا فَصَارَ سهل إِلَى الْحسن مَعَه فَكَلمهُ وَقَالَ قد عرفت حَال أبي وَقدره فِي الْإِسْلَام وَأَنه مُتَكَلم أَهله والراد على أهل الْإِلْحَاد وَقد فزع إِلَيْك لإضاقة هُوَ فِيهَا فوعده أَن ينظر لَهُ فِيمَا يصلح لَهُ فَلَمَّا انْصَرف سهل إِلَى منزله كتب إِلَى الْحسن من الْكَامِل
(إِن الضَّمِير إِذا سَأَلتك حَاجَة ... لأبي الْهُذيْل خلاف مَا أبدي)
(فامنعه روح الْيَأْس ثمَّ امدد لَهُ ... حَبل الرَّجَاء بمخلف الْوَعْد)
(وألن لَهُ كنفاً ليحسن ظَنّه ... فِي غير مَنْفَعَة وَلَا رفد)
(حَتَّى إِذا طَالَتْ شقاوة جده ... بعناية فاجبهه بِالرَّدِّ)
فَلَمَّا قَرَأَ الْحسن كِتَابه وَقع إِلَيْهِ هَذِه لَك الويل صِفَتك لَا صِفَتي وَأمر لأبي الْهُذيْل بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم
وترجل لَهُ يَوْمًا عَليّ بن هِشَام فَأمر لَهُ بِأَلف دَابَّة قَالَ يحيى بن خاقَان فَبَقيت واجماً فَقَالَ يَا يحيى لَيْسَ لما أمرنَا بِهِ لَهُ نفعٌ وَفِيه عَلَيْهِ ضررٌ فَاكْتُبْ لَهُ مَعَ ذَلِك بِأَلف غُلَام وَأجر لَهُ أرزاق الغلمان وعلوفة الدَّوَابّ علينا
وَتُوفِّي الْحسن سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ
ومدحه يُوسُف الْجَوْهَرِي بقوله من الْبَسِيط(12/27)
(لَو أَن عين زُهَيْر عَايَنت حسنا ... وَكَيف يصنع فِي أَمْوَاله الْكَرم)
(إِذا لقَالَ زُهَيْر حِين يبصره ... هَذَا الْجواد على العلات لَا هرم)
وَكَانَ الْحسن من بَيت رياسةٍ فِي الْمَجُوس فَأسلم هُوَ وَأَخُوهُ الْفضل ذُو الرياستين مَعَ البرامكة)
مَعَ أَبِيهِمَا فِي أَيَّام الرشيد واتصلوا بالبرامكة وَكَانَ الْحسن أحد الْجواد وَقيل إِن الَّذِي أنفقهُ فِي وَلِيمَة ابْنَته بوران أَرْبَعَة آلَاف ألف دِينَار
3 - (المجوز)
الْحسن بن سهل بن عبد الْعَزِيز المجوز بِضَم الْمِيم وَفتح الْجِيم وَتَشْديد الْوَاو وَبعدهَا زَاي ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ رُبمَا أَخطَأ توفّي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْخَيْر الطَّبِيب)
الْحسن بن سوار هُوَ أَبُو الْخَيْر الْمَعْرُوف بِابْن الْخمار وَكَانَ طَبِيبا نَصْرَانِيّا عَالما بأصول صناعَة الطِّبّ ماهراً فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة خَبِيرا بِالنَّقْلِ من السرياني إِلَى الْعَرَبِيّ قَرَأَ الْحِكْمَة على يحيى بن عدي ومولده سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
قَالَ ابْن أبي أصيبعة وصل بالطب إِلَى أَن قبل الْملك محمودٌ لَهُ الأَرْض وَكَانَ إِذا دَعَاهُ من يظْهر مِنْهُ الزّهْد وَالْعِبَادَة يمشي إِلَيْهِ رَاجِلا وَإِذا استدعاه السُّلْطَان يركب إِلَيْهِ فِي زِيّ الْمُلُوك وحجبه ثَلَاثمِائَة مَمْلُوك من الأتراك ووفى صناعته حَقّهَا بالتواضع للضعفاء والتكبر على العظماء وَهَذَا كَانَ رَأْي أبقراط وجالينوس
قَالَ أَبُو الْفرج بن هندو فِي كتاب مِفْتَاح الطِّبّ أَنه رأى فِي بِلَاد الْعَجم جمَاعَة ينفون أَمر صناعَة الطِّبّ وَكَانَ زعيمهم يعادي أَبَا الْخَيْر وصنف فِي ذَلِك كتابا فاشتكى يَوْمًا ذَلِك الزعيم رَأسه واستفتى أَبَا الْخَيْر فِي دوائه فَقَالَ يَنْبَغِي أَن يضع كِتَابه الَّذِي نفى بِهِ صناعَة الطِّبّ تَحت رَأسه ليشفيه
وَلأبي الْخَيْر كتابٌ جليل فِي الْمَرَض الكاهني الْمَعْرُوف بالصرع والوفاق بَين رَأْي الفلاسفة وَالنَّصَارَى ثَلَاث مقالات كتاب تَفْسِير إيساغوجي مَبْسُوط آخر مُخْتَصر مقَالَة فِي الصّديق والصداقة مقَالَة فِي سيرة الفيلسوف ومقالة فِي الْآثَار المخيلة فِي الجو على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب مقَالَة فِي الإفصاح على رَأْي القدماء فِي الْبَارِي تَعَالَى وَفِي الشَّرَائِع مقَالَة فِي امتحان الْأَطِبَّاء كتاب فِي خلق الْإِنْسَان وتركيب أَعْضَائِهِ أَربع مقالات مقَالَة فِي تَدْبِير الْمَشَايِخ على طَرِيق الْمَسْأَلَة وَالْجَوَاب سِتَّة وَعِشْرُونَ بَابا كتاب تصفح مَا جرى بَين أبي زَكَرِيَّا يحيى وَبَين أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن بكوس تقاسيم إيساغوجي وقاطيغوياس لإلينوس الإسْكَنْدراني نَقله من السرياني إِلَى الْعَرَبِيّ)
3 - (أَبُو الْعَلَاء الْبَغَوِيّ)
الْحسن بن سوار أَبُو الْعَلَاء الْبَغَوِيّ الْمروزِي قَالَ أَبُو حَاتِم(12/28)
صَدُوق وَوَثَّقَهُ أَحْمد وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرةَ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (القَاضِي المنبجي الْحَنَفِيّ)
الْحسن بن سَلامَة بن ساعد أَبُو عَليّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ من أهل منبج قدم بَغْدَاد واستوطنها إِلَى أَن توفّي بهَا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
وتفقه على قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الدَّامغَانِي حَتَّى برع فِي الْفِقْه وَتَوَلَّى تدريس الموفقية وَتَوَلَّى الْقَضَاء بنهر عِيسَى وَكَانَ فَقِيها فَاضلا وشيخاً نبيلاً صَالحا وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي مُعْجم شُيُوخه
3 - (أَبُو عَليّ الْعِرَاقِيّ)
الْحسن بن سيف بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ أَبُو عَليّ الْعِرَاقِيّ من أهل شهرابان بِالْبَاء الْمُوَحدَة بَين الْأَلفَيْنِ وَالنُّون آخرا
سكن بَغْدَاد وَسمع أَبَا الْقَاسِم زَاهِر بن طاهرٍ الشحامي وَغَيره وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من المتقارب
(حملت من الشوق عَبَثا ثقيلا ... فأوردت جسمي الْمَعْنى النحولا)
وصيرني كلفاً بالغرام أندب حظاً وأبكي طلولا
(نشدتكم الله يَا صَاحِبي ... إِن جزتما بلوى الطلح ميلًا)
نسائل عَن خيم بالعراق هَل قوضت أم تراهم حلولا
(لَئِن منع الْغَيْث أخلافه ... فأضحت رباهم جدابا محولا)
(لأستمطرن لَهُم أدمعي ... فأسقي الوهاد وأروي التلولا)
قلت شعر غير ناضج لِأَنَّهُ فج الْأَلْفَاظ
3 - (ابْن النَّقِيب)
الْحسن بن شاور بن طرخان بن حسن هُوَ نَاصِر الدّين بن النَّقِيب الْكِنَانِي الْمَعْرُوف بِابْن الفقيسي)
أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ جالسته بِالْقَاهِرَةِ مرَارًا وكتبت عَنهُ وَكَانَ نظمه حسنا
قلت توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
وروى عَنهُ الدمياطي وَالشَّيْخ فتح الدّين وَغَيره
وَله كتاب سَمَّاهُ منَازِل الأحباب ومنازه الْأَلْبَاب ذكر فِيهِ المجاراة الَّتِي دارت بَينه وَبَين أهل عصره من البداءات والمراجعات وَهُوَ فِي مجلدين انتخبت مِنْهُ أَشْيَاء فِيمَا علقته فِي التَّذْكِرَة ووقفت على مقاطيعه بِخَطِّهِ وَهِي فِي مُجَلد ضخم ونقلت مِنْهَا جانباً جيدا
وشعره جيد عذب منسجم فِيهِ التورية الرائقة اللائقة المتمكنة وَهُوَ أحد فرسَان تِلْكَ(12/29)
الحلبة الَّذين كَانُوا فِي شعراء مصر فِي ذَلِك الْعَصْر ومقاطيعه جَيِّدَة إِلَى الْغَايَة خلاف قصائده
أَنْشدني من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(وَمَا بَين كفي وَالدَّرَاهِم عامرٌ ... وَلست لَهَا دون الورى بخليل)
(وَمَا استوطنتها قطّ يَوْمًا وَإِنَّمَا ... تمر عَلَيْهَا عابرات سَبِيل)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من السَّرِيع
(مَا كَانَ عَيْبا لَو تفقدتني ... وَقلت هَل أتهم أَو أنجدا)
(فعادة السَّادة مثلك فِي ... مثلي أَن يفتقدوا الأعبدا)
(هَذَا سُلَيْمَان على ملكه ... وَهُوَ بأخبارٍ لَهُ يقْتَدى)
(تفقد الطير وأجناسها ... فَقَالَ مَا لي لَا أرى الهدهدا)
ونقلت أَنا من خطٍ لَهُ من الوافر
(أَرَادَ الظبي أَن يَحْكِي التفاتك ... وجيدك قلت لَا يَا ظَبْي فاتك)
(وفدى الْغُصْن قدك إِذْ تثنى ... وَقَالَ الله يبقي لي حياتك)
(وَيَا آس العذار فدتك نَفسِي ... وَإِن لم أقتطف بفمي نباتك)
(وَيَا ورد الخدود حمتك عني ... عقارب صُدْغه فأمن جناتك)
(وَيَا قلبِي ثَبت على التجني ... وَلم يثبت لَهُ أحدٌ ثباتك)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْكَامِل
(يَا من أدَار بريقه مشمولةً ... وحبابها الثغر النقي الأشنب)
)
(تفاح خدك بالعذار ممسكٌ ... لكنه بِدَم الْقُلُوب مخضب)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْكَامِل
(يَا مالكي ولديك ذلي شَافِعِيّ ... مَا لي سَأَلت فَمَا أُجِيب سُؤَالِي)
(فوحدك النُّعْمَان إِن بليتي ... وشكيتي من طرفك الغزال)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من السَّرِيع
(بِخَالِد الأشواق يحيا الدجي ... يعرف هَذَا العاشق الوامق)
(فَخذ حَدِيث الوجد عَن جَعْفَر ... من دمع عَيْني إِنَّه الصَّادِق)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الوافر
(أَقُول لنوبة الْحمى اتركيني ... وَلَا يَك مِنْك لي مَا عِشْت أوبه)
(فَقَالَت كَيفَ يُمكن ترك هَذَا ... وَهل يبْقى الْأَمِير بِغَيْر نوبه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الطَّوِيل(12/30)
(نصبت عيوني للخيال حبائلا ... لَعَلَّ خيالاً فِي الْكرَى مِنْهُ يسنح)
(وَكَيف إِذا غمضتهن أصيده ... وَمن عَادَة الأشراك للصَّيْد تفتح)
ونقلت مِنْهُ لَهُ فِي مليحٍ اسْمه فتح من المنسرح
(رضاب فتحٍ يشفى الغليل بِهِ ... والبرء فِي رشفه من البرح)
(وشم آس العذار ينعشني ... مِنْهُ وتفاح خَدّه الفتحي)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من مخلع الْبَسِيط
(حدثت عَن ثغره الْمحلى ... فمل إِلَى خَدّه المورد)
(خد وثغر فجل ربٌ ... بمبدع الْخلق قد تفرد)
(هَذَا عَن الْوَاقِدِيّ يروي ... وَذَاكَ يروي عَن الْمبرد)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الوافر
(رميت بمهجتي جمرات شوقي ... وَلم تأخذك بالمشتاق رأفه)
(فهرول دمع عَيْني فَوق خدي ... وَمَا حصلت لَهُ مَعَ ذَاك وَقفه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْكَامِل
(يَا من نسيت بسكرةٍ من لحظه ... ألم الْجراح بِهِ فقلبي ذاهل)
)
(هَل فِي الجفون كنَانَة أم حانة ... أم حل فِيهَا نابلٌ أم بابل)
(قَالُوا عذارك مخبرٌ عَن حالتي ... فأجبتهم هَيْهَات بل هُوَ سَائل)
(أم هَل لخدك ملبسٌ من سندس ... أم هَل عَلَيْهِ من الشَّقِيق غلائل)
(وَلَقَد أرق لَهُ إِذا شاهدته ... وَعَلِيهِ آس عذاره مُتَحَامِل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من المنسرح
(لما رنا سل سيف مقلته ... وَقَالَ لَا صلح وَلَا هدنه)
وهز لي أسمر القوام فقتلاه بِلَا ضربةٍ وَلَا طعنه ونقلت مِنْهُ لَهُ من الوافر
(أَنا العذري فاعذرني وسامح ... وجر عَليّ بِالْإِحْسَانِ ذيلا)
(وَلما صرت كَالْمَجْنُونِ عشقاً ... كتمت زيارتي وأتيت لَيْلًا)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْبَسِيط
(أُعِيذهُ كَاتبا بِاللَّه مَا سَمِعت ... وَلَا رَأَتْ مثله أُذُنِي وَلَا عَيْني)
(صَحِيح خطٍ ولفظٍ قَالَ حسده ... كِتَابه الْجمع مَا بَين الصَّحِيحَيْنِ)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من السَّرِيع(12/31)
(أَحْكَام أجفانك فِي مهجتي ... نافذةٌ فِي كل مَا تحكم)
(وطالما قد نفذت مثلهَا ... أسنة المران والأسهم)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من المتقارب
(أَقُول لمن جفْنه سَيْفه ... وَلكنه لَيْسَ يخْشَى نبوه)
(تكلّف جفنك حمل الفتور ... وَأخرج فِيهِ من الضعْف قوه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْبَسِيط
(لي عِنْد خدك أقساطٌ من الْقبل ... فوفني الْبَعْض مِمَّا لي من الْجمل)
(وَلَا تحلني على مَا كَانَ منكسراً ... من الجفون وَلَا المرضى من الْمقل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْكَامِل
(أعملت فكري فِي السَّمَاء وَقد بدا ... فِيهَا هلالٌ جِسْمه منهوك)
(فَكَأَنَّمَا هِيَ شقةٌ ممدودةٌ ... وَكَأَنَّهُ من فَوْقهَا مكوك)
)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْكَامِل
(قَالُوا فلانٌ ناظرٌ فأجبت مَا ... هُوَ ناظرٌ إِلَّا إِلَى أعطافه)
(لم يدر مسح الأَرْض قلت أَزِيدكُم ... أُخْرَى وَلَا مسحاً على أَطْرَافه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من السَّرِيع
(الصب من بعدكم مفردٌ ... ودمعه النّيل وتغليقه)
(وخده مِمَّا بكاكم دَمًا ... مقياسه وَالدَّم تخليقه)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْخَفِيف
(أَنْت حرٌ لم يكن مِنْك وعدٌ ... فَإِذا مَا وعدت صرت رَقِيقا)
وَإِذا شِئْت أَن تكون عَتيق الرّقّ من موعدٍ فَكُن صديقا ونقلت مِنْهُ لَهُ من الطَّوِيل
(مَا بِي سوى عينٍ نظرت لحسنها ... وَذَاكَ لجهلي بالعيون وغرتي)
(وَقَالُوا بِهِ فِي الْحبّ عينٌ ونظرة ... لقد صدقُوا عين الحبيب ونظرتي)
أحسن مِنْهُ قَول محَاسِن الشواء من الطَّوِيل
(وَلما أَتَانِي العاذلون عدمتهم ... وَمَا فيهم إِلَّا للحمي قارض)
(وَقد بهتُوا لما رأوني شاحباً ... وَقَالُوا بِهِ عينٌ فَقلت وعارض)(12/32)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من الْخَفِيف
(أبكمٌ قلدوه أَمر الرعايا ... وَهُوَ من حلية الوزارة عطل)
(فَهُوَ بالبوق فِي الوزارة طبلٌ ... وَهُوَ فِي الدست حِين يجلس سطل)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من المنسرح
(يَا غَائِبا لَو قضيت من أسفٍ ... من بعده مَا قضيت مَا يجب)
(مَا ترك السقم بعد بعْدك لي ... وَالله جنبا عَلَيْهِ أنقلب)
ونقلت مِنْهُ قَوْله من الْكَامِل
(لَا تأسفن على الشَّبَاب وفقده ... فعلى المشيب وفقده يتأسف)
(هذاك يخلفه سواهُ إِذا انْقَضى ... وَمضى وَهَذَا إِن مضى لَا يخلف)
قلت هُوَ مَأْخُوذ من قَول الأول من الْبَسِيط)
(الشيب كرهٌ وكرهٌ أَن يفارقني ... أحبب بِشَيْء على الْبغضَاء مودود)
(يمْضِي الشَّبَاب فَيَأْتِي بعده بدلٌ ... والشيب يذهب مفقوداً بمفقود)
ونقلت مِنْهُ لَهُ من السَّرِيع
(يَقُول جسمي لنحولي وَقد ... أفرط بِي فرط ضنىً واكتئاب)
(فعلت بِي يَا سقم مَا لم يكن ... يلبس وَالله عَلَيْهِ الثِّيَاب)
وَمن شعر ابْن النَّقِيب من المنسرح
(عجبت للشيب كنت أكرهه ... فَأصْبح الْقلب وَهُوَ عاشقه)
(وَكنت لَا أشتهي أرَاهُ وَقد ... أَصبَحت لَا أشتهي أفارقه)
وَمِنْه من السَّرِيع
(قد خرج الشيب فِي تذاكره ... عَلَيْك مَا لَا تطِيق تخصمه)
(والعمر فذلكت كل حَاصله ... وَإِن بَاقِيه لَيْسَ نعلمهُ)
(وكل من كَانَ عَاملا عملا ... فَإِن ذَاك الْحساب يلْزمه)
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن الجزار لَهُ يَوْمًا أجز من الْخَفِيف لَا تسلني عَن المشيب إِذا حل وسل إِن جهلت شيبي عني فَقَالَ ابْن النَّقِيب مجيزاً لَهُ من الْخَفِيف خل شيبي وَمَا يَشَاء فَمَا يغلب جهلي حلمي وَمِنْه ومني وَمن شعره من الطَّوِيل(12/33)
(وَجَرت مَعَ فقري وشيخوختي الَّتِي ... بهَا عَاد نومي عَن جفوني يشرد)
(فَلَا يَدعِي غَيْرِي مقَامي فإنني ... أَنا ذَلِك الشَّيْخ الْفَقِير الْمُجَرّد)
وَكتب إِلَى السراج الْوراق يصحف من المنسرح
(مَا زلت مذ غبت عَنْك فِي بلدي ... حَتَّى إِذا مَا أزحت علتها)
(أَقمت أجرانها على عجلٍ ... وَبعد هَذَا خزنت غَلَّتهَا)
فَأجَاب السراج من المنسرح
(قل لِابْنِ عِيسَى يَمِين مجتهدٍ ... بِاللَّه مُوسَى أبن خلقتها)
(إِنِّي لأشتاق طلعة طلعت ... وخلفت فِي حشاي هيبتها)
)
فَكتب إِلَيْهِ ابْن النَّقِيب من الطَّوِيل
(وأرضٍ عَلَيْهَا رَاح نصف خراجها ... وخست وَأَرْجُو أَنَّهَا سَوف تخلف)
(وَقد اقطعوها لِابْنِ حجرٍ لِأَنَّهَا ... بوادٍ بِهِ تلفى هُنَاكَ وتعرف)
فَأجَاب السراج من الطَّوِيل
(أتذكركم أرضٍ جريت بهَا وَكم ... جرى لي عَلَيْهَا مُنْذُ حِين تصرف)
(وماسحها مُوسَى الدَّلِيل وَلَو أَبى ... مساحتها يَوْمًا لكَانَتْ تنتف)
وَكتب إِلَيْهِ نور الدّين بن سعيد المغربي من أَبْيَات من الطَّوِيل
(أيا سَاكِني مصرٍ غَدا النّيل جاركم ... فأكسبكم تِلْكَ الْحَلَاوَة فِي الشّعْر)
(وَكَانَ بِتِلْكَ الأَرْض سحرٌ وَمَا بَقِي ... سوى أثرٍ يَبْدُو على النّظم والنثر)
فَأَجَابَهُ ابْن النَّقِيب من الطَّوِيل
(وَلما حللت الثغر زَاد حلاوةً ... وحليته أغْلى من الشذر والدر)
(فرحت وَبِي شوقٌ وَمَا كنت شيقاً ... لمثلم ذَاك الثغر لولاك فِي الثغر)
(فَلَا تطلبا سحر الْبَيَان بأرضنا ... فكم فِيهِ مُوسَى مُبْطلًا آيَة السحر)
(وَلَا رقة الشّعْر الَّذِي كَانَ أَولا ... وَكَيف رَقِيق الشّعْر مَعَ قسوة الدَّهْر)
وَكتب ابْن النَّقِيب إِلَى السراج الْوراق من مسدس الرجز(12/34)
(يَا سَاكن الرَّوْضَة أَنْت المشتهى ... من هَذِه الدُّنْيَا وَأَنت الْمُقْتَضى)
(وَيَا سرُور النَّفس بَين الشعرا ... أَنْت الرضي فيهم والمرتضى)
(وَيَا سِرَاجًا لم تزل أنواره ... تعيد أسود اللَّيَالِي أبيضا)
(مَا لي أَرَاك قَاطعا لواصلٍ ... ومعرضاً عَن مقبلٍ مَا أعرضا)
فَأجَاب السراج من مسدس الرجز
(يَا سهم عتب جَاءَ من كنَانَة ... أصبت من سَواد قلبِي الغرضا)
(لَكِن أسوت مَا جرحته بِمَا ... أعقبته من العتاب بالرضى)
(يَا ابْن النَّقِيب لَا أرى منقبةً ... إِلَّا وأولتك الثَّنَاء الأبيضا)
(إِن ولائي حسنٌ فِي حسنٍ ... إِذْ مَا أرى لعمرٍ أَن يرفضا)
وَكتب ابْن النَّقِيب إِلَى السراج أَيْضا من المنسرح)
(ذكرت لي أَنَّك احْتَلَمت كَمَا ... يَحْتَلِم النائمون فِي النّوم)
(فليت شعري مَا كَانَ مِنْك وَمَا ... جوَار ذِي الدَّار بعد ذَا الْيَوْم)
فَأجَاب السراج من المنسرح
(قد تمّ مَا تمّ مِنْك على تلكؤ ... وَكَانَ الحَدِيث فِي الصَّوْم)
(فَخَل بحراً إِن خضت فِيهِ معي ... غرقت مَعَ مَا لديك من عوم)
وَكَانَ يهدي إِلَيْهِ السراج عنباً فَكتب ابْن النَّقِيب من المتقارب
(أيا كرم فَاضل هَذَا الزَّمَان ... سراج الْمُلُوك الْفَتى الْكَامِل)
(وَيَا عنباً مِنْهُ مَا جَاءَنِي ... وَقَالَ سآتيك فِي قَابل)
(لأَنْت أَحَق بِأَن لَا يُقَال ... سوى فِيك يَا عِنَب الْفَاضِل)
(وَمَا زلت مني داني القطوف ... أرضع من دَرك الحافل)
(ويلحفني ظلك المشتهى ... فَلَا كَانَ ظلك بالزائل)
(وَإِن كنت زببت فَوق الْعَريش ... فَلَا تأتنا وابق فِي الْحَاصِل)
فَأجَاب الْوراق من أَبْيَات من المتقارب
(أَتَانِي عتبٌ حلا فَضله ... فصحفته عِنَب الْفَاضِل)
(وَمَا أنس لَا أنس مطويةً ... على الْجد من لفظك الهازل)
(وصفت الكروم بهَا فِي كلامٍ ... جلبت بِهِ الْخمر من بابل)
(وَقد كنت فِي سنتي هَذِه ... عَن الْكَرم فِي شغلٍ شاغل)
(أمورٌ بلغت بِهن الطَّلَاق ... فزلت وَمَا أَنا بالزائل)
فو أسفاه لتِلْك القطوف دانيةً من فَم الْآكِل
(فَنقرَ العصافير من خَارج ... وَنقل المدابير من دَاخل)
(وَلَا تتهم كرمنا بالزبيب ... أُعِيذك من دهشة الذاهل)
(فَإنَّا بنادره حصرماً ... لميل النُّفُوس إِلَى العاجل)
وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه وَمن خطه نقلت من الْبَسِيط(12/35)
(شقَّتْ جُيُوب القوافي والقلوب مَعًا ... واستشعر الماضيان الْخَوْف والجزعا)
(وأبحر الشّعْر غاضت عِنْدَمَا عدمت ... مِنْك الْخَلِيل ومجرى الشّعْر قد نبعا)
)
(وَلَا تواتي الْمعَانِي من يمارسها ... بعد الْأَمِير وَقد كَانَت لَهُ تبعا)
(وَلَيْسَ يفتح بابٌ فِي البديع وَقد ... أودى بعمدته دهرٌ وَقد فجعا)
(لهفي على لسنٍ قد كَانَ من حسنٍ ... بِحَيْثُ إِن قَالَ أصغى القَوْل مستمعا)
(إِذا أَفَاضَ على أملاكنا خلعا ... مِنْهُ أفاضت عَلَيْهِ المَال والخلعا)
(خلت كنَانَة من سهمٍ يبلغهَا ... أغراضها بصواب حَيْثُمَا وَقعا)
(سهمٌ مضى فَمَتَى يُرْجَى الرُّجُوع لَهُ ... هَيْهَات هَيْهَات سهم مر لَا رجعا)
(عز الْقَبَائِل لَا تخصص قبيلته ... بمدرهٍ جمع الْإِقْدَام والورعا)
(مرابطٌ فِي ثغور الْمُسلمين فَلم ... يهجع وَلَا سَيْفه فِي الله مَا هجعا)
(يَا سَيِّدي ورضيعي من فَوَائِد قد ... رضعت أخلافها طفْلا وَقد رضعا)
(أَبَا عليٍّ ومدحي الْمُصْطَفى لَك من ... خير ادخار وَخير ذخر مَا نفعا)
(فَاذْهَبْ حميدا فكم أبقيت منقبةً ... يَا ابْن النَّقِيب وَكم مهدت مضجعا)
3 - (الْحَافِظ الْبَلْخِي)
الْحسن بن شُجَاع بن رَجَاء أَبُو عَليّ الْبَلْخِي الْحَافِظ رَحل إِلَى الْعرَاق وَالشَّام ومصر وَحدث عَن أبي مسْهر وَأبي نعيم وَابْن الْمَدِينِيّ وَغَيرهم وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَهُوَ رَفِيقه وَأَبُو زرْعَة وَغَيرهمَا
قَالَ قُتَيْبَة بن سعيد شباب خُرَاسَان أَرْبَعَة مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن السمر قندي وزَكَرِيا بن يحيى اللؤْلُؤِي وَالْحسن ابْن شُجَاع الْبَلْخِي
توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (السَّيِّد ركن الدّين)
الْحسن بن مُحَمَّد بن شرفشاه السَّيِّد ركن الدّين أَبُو مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي الأستراباذي عَالم الْموصل ومدرس الشَّافِعِيَّة كَانَ من كبار تلامذة النصير الطوسي
لَهُ تصانيف مَشْهُورَة كشرح الْمُخْتَصر لِابْنِ الْحَاجِب وَشرح مقدمتي ابْن الْحَاجِب(12/36)
وَكَانَ وافر الْجَلالَة عِنْد التتار وَله عَلَيْهِم إدرارات جَيِّدَة تبلغ فِي الشَّهْر ألفا وَخَمْسمِائة دِرْهَم
وَقد شرح الْحَاوِي فِي الْمَذْهَب شرحين وَتخرج بِهِ الْفُضَلَاء وَقيل إِنَّه كَانَ لَا يحفظ الختمة
وَكَانَ يُوصف بحلم زَائِد وتواضع بِحَيْثُ إِنَّه كَانَ يقوم للسقاء إِذا دخل دَاره وَتُوفِّي وَله بضع)
وَسَبْعُونَ سنة سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة
3 - (الْحَافِظ المعمري)
الْحسن بن شبيب الْحَافِظ أَبُو عَليّ المعمري الْبَغْدَادِيّ سمع خلف ابْن هِشَام وشيبان بن فروخ وَجَمَاعَة
قَالَ الْخَطِيب كَانَ من أوعية الْعلم يذكر بالفهم ويوصف بِالْحِفْظِ وَفِي حَدِيثه غرائب توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَليّ الْحَنْبَلِيّ العكبري الْكَاتِب)
الْحسن بن شهَاب بن الْحسن بن عَليّ أَبُو عَليّ العكبري الْحَنْبَلِيّ شيخ جليل معمر طلب الحَدِيث وَهُوَ كَبِير وَنسخ الْخط الْمليح الْكثير
وَكَانَ بارع الْكِتَابَة قَالَ كنت أَشْتَرِي كاغداً بِخَمْسَة دَرَاهِم فأكتب فِيهِ ديوَان المتنبي فِي ثَلَاث ليالٍ وأبيعه بِمِائَتي دِرْهَم وَأقله بِمِائَة وَخمسين درهما وَكَذَلِكَ كتب الْأَدَب الْمَطْلُوبَة توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ملك النُّحَاة)
الْحسن بن صافي بن عبد الله أَبُو نزار بن أبي الْحسن الْمَعْرُوف بِملك النُّحَاة
قَرَأَ مَذْهَب الشَّافِعِي على أَحْمد الأشنهي وَالْأُصُول على أبي عبد الله القيرواني وأصول الْفِقْه على أبي الْفَتْح بن برهَان وَالْخلاف على أسعد الميهني والنحو على أبي الْحسن عَليّ بن أبي زيد الفصيحي حَتَّى برع فِيهِ
ودرس النَّحْو فِي الْجَامِع بِبَغْدَاد ثمَّ سَافر إِلَى خُرَاسَان وكرمان وغزنة وَعَاد إِلَى الشَّام واستوطن دمشق إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير وَقد ناهز الثَّمَانِينَ
وَكَانَ صَحِيح الِاعْتِقَاد كريم النَّفس وصنف الْعُمر فِي النَّحْو والمنتخب فِي النَّحْو وَهُوَ كتاب جيد والمقتصد فِي التصريف وأسلوب الْحق فِي تَعْلِيل الْقرَاءَات الْعشْر وَشَيْء من الشواذ مجلدتان التَّذْكِرَة السفرية أربعمئة كراس الْعرُوض مُخْتَصر مُحَرر الْحَاكِم فِي(12/37)
مَذْهَب الشَّافِعِي مجلدتان مُخْتَصر فِي أصُول الدّين المقامات حذا فِيهَا حَذْو الحريري ديوَان شعره
قَالَ ابْن يعِيش النَّحْوِيّ كَانَ لأبي نزار غلامٌ سيئ الْعشْرَة قَلِيل المبالاة بمولاه أرْسلهُ يَوْمًا)
فِي حَاجَة وَأَبْطَأ عَلَيْهِ وَجَاء بِغَيْر عذر جميل وَكَانَ بِحَضْرَتِهِ جماعةٌ من أَصْحَابه وتلاميذه فَغَضب أَبُو نزار وَخرج عَن حد الْوَقار وَقَالَ لَهُ وَيلك أَخْبرنِي مَا سَبَب قلَّة مبالاتك بِي أنكتك قطّ فبادر الْغُلَام وَقَالَ عجلا لَا وَالله يَا مولَايَ معَاذ الله أَن تفعل ذَلِك قَالَ وَيلك فنكتني قطّ فحرك الْغُلَام رَأسه بتعجب من كَلَامه وَسكت فَقَالَ ملك النُّحَاة أدركني وَيلك بِالْجَوَابِ فَمَا هَذَا مَوضِع السُّكُوت لَا رعاك الله يَا ابْن الفاعلة عجل قل مَا عنْدك قَالَ لَا وَالله قَالَ فَمَا السَّبَب فِي أَنَّك لَا تقبل قولي وَلَا تسرع فِي حَاجَتي فَقَالَ لَهُ إِن كَانَ سَبَب الانبساط لَا يكون إِلَّا هذَيْن فأعدك أَلا أَعُود لما تكره
وَكَانَ ملك النُّحَاة مطبوعاً متناسب الْأَحْوَال وَالْأَفْعَال يحكم على أهل التَّمْيِيز بِحكم ملكه فَيقبل وَلَا يستثقل وَكَانَ يَقُول هَل سِيبَوَيْهٍ إِلَّا من رعيتي وَلَو عَاشَ ابْن جني لم يَسعهُ إِلَّا حمل غاشيتي مر الشتيمة حُلْو الشيمة يضم يَده على الْمِائَة والمائتين وَيَمْشي وَهُوَ مِنْهَا صفر الْيَدَيْنِ مولعٌ بِاسْتِعْمَال الحلاوات السكرية وإهدائها إِلَى جِيرَانه
وخلع عَلَيْهِ نور الدّين مَحْمُود يَوْمًا خلعةً سنيةً فَمضى بهَا إِلَى منزله فَرَأى فِي طَرِيقه حَلقَة مَجْمُوعَة على تَيْس يخرج الخبايا فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ للفرجة قَالَ معلم التيس قد وقف فِي حلقتي رجلٌ عَظِيم الْقدر شَائِع الذّكر ملك فِي زِيّ سوقة أعلم النَّاس وَأكْرمهمْ وأجملهم فأرني إِيَّاه
فشق ذَلِك التيس النَّاس وَخرج حَتَّى وضع يَده على ملك النُّحَاة فَلم يَتَمَالَك أَن ألْقى عَلَيْهِ تِلْكَ الخلعة فَبلغ ذَلِك نور الدّين فَعَاتَبَهُ وَقَالَ اسْتِخْفَافًا فعلت هَذَا بخلعتنا فَقَالَ عُذْري فِي ذَلِك واضحٌ لِأَن فِي هَذِه الْمَدِينَة زِيَادَة على مائَة ألف تَيْس فَمَا فيهم من عرفني إِلَّا هَذَا التيس فجازيته على ذَلِك فَضَحِك نور الدّين مِنْهُ
وَكَانَ إِذا ذكر أحدٌ من النُّحَاة يَقُول كلبٌ من الْكلاب فَقَالَ لَهُ رجل يَوْمًا فَحِينَئِذٍ أَنْت ملك الْكلاب لست ملك النُّحَاة فاستشاط غَضبا وَقَالَ أخرجُوا عني هَذَا الْفُضُولِيّ
وعضت يَده يَوْمًا سنورة فربطها بمنديل فَقَالَ فتيَان بن عَليّ بن فتيَان النَّحْوِيّ الْأَسدي من المتقارب
(عتبت على قطّ ملك النُّحَاة ... وَقلت أتيت بِغَيْر الصَّوَاب)
(عضضت يدا خلقت للندى ... وَبث الْعُلُوم وَضرب الرّقاب)
(فَأَعْرض عني وَقَالَ اتئد ... أَلَيْسَ القطاط أعادي الْكلاب)
)
فبلغته فاستحيى فتيَان وَانْقطع عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ ملك النُّحَاة جَوَابا عَن أَبْيَات يعْتَذر فِيهَا من الْخَفِيف(12/38)
(يَا خليلي نلتما النعماء ... وتسنمتما الْعلَا والْعَلَاء)
ألمما بالشاغور بِالْمَسْجِدِ المهجور واستمطرا لَهُ الأنواء
(امنحا صَاحِبي الَّذِي كَانَ فِيهِ ... كل يومٍ تَحِيَّة وثناء)
ثمَّ قولا لَهُ اعْتبرنَا الَّذِي فهت بِهِ مادحاً فَكَانَ هجاء
(وَقَبلنَا فِيهِ اعتذارك عَمَّا ... قَالَه الجاهلون عَنْك افتراء)
وَقَالَ فتيَان رَأَيْته بعد مَوته فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ أنشدته قصيدةً مَا فِي الْجنَّة مثلهَا فَتعلق بحفظي مِنْهَا من المنسرح
(يَا هَذِه أقصري عَن العذل ... فلست فِي الْحل ويك من قبلي)
(يَا رب هَا قد أتيت معترفاً ... بِمَا جنته يداي من زلل)
(ملآن كفٍ بِكُل مأثمةٍ ... صفر يدٍ من محَاسِن الْعَمَل)
(فَكيف أخْشَى نَارا مسعرةً ... وَأَنت يَا رب فِي الْقِيَامَة لي)
قَالَ فو الله مُنْذُ فرغت من إنشادها مَا سَمِعت حسيس النَّار
وَمن شعره من الْكَامِل
(يَا ابْن الَّذين نرفعوا فِي مجدهم ... وعلت أخامصهم فروع شمام)
(أَنا عَالم ملكٌ بِكَسْر اللَّام فِي ... مَا أدعيه لَا بِفَتْح اللَّام)
3 - (الْهَمدَانِي الْكُوفِي العابد)
الْحسن بن صَالح بن حَيّ الْفَقِيه أَبُو عبد الله الْهَمدَانِي الْكُوفِي العابد أَخُو عَليّ بن صَالح
قَالَ أَبُو زرْعَة اجْتمع فِي الْحسن بن صَالح إتقانٌ وَفقه وَعبادَة وزهد وَكَانَ وكيعٌ يعظمه ويشبهه بِسَعِيد بن حبير
وَقَالَ عَبدة بن سُلَيْمَان إِنِّي لأرى أَن الله يستحي أَن يعذب الْحسن ابْن صَالح
وَقَالَ ابْن عدي لم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا
وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة وَكَانَ يرى السَّيْف وَكَانَ من كبار الْفُقَهَاء لَهُ أَقْوَال تحكى فِي الخلافيات)
روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة(12/39)
3 - (الوَاسِطِيّ الْبَزَّار)
الْحسن بن الصَّباح الوَاسِطِيّ الْبَغْدَادِيّ الْبَزَّار أحد الْأَئِمَّة
روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين
3 - (الْموصِلِي)
الْحسن بن طازاد الْموصِلِي كَانَ نَصْرَانِيّا فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَأسلم وَحفظ الْقُرْآن وَالْعلم وَأفْتى بالموصل
وروى عَن غَسَّان بن الرّبيع وَأحمد بن يُونُس ومسدد وَأبي جَعْفَر النُّفَيْلِي
ورحل وَحصل وتزهد وَخرج من كل شَيْء لَهُ وَبَقِي يَأْكُل من النّسخ وَكَانَ يقوم نصف اللَّيْل وينام نصفه وَفِي الآخر صَار يحيي اللَّيْل كُله وينام بِالنَّهَارِ وَكَانَ زاهداً عابداً كَبِير الْقدر روى عَنهُ ابْنه مُحَمَّد وَكَانَ إِسْلَامه سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ ووفاته بعد الْخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الإخشيدي)
الْحسن بن طغج بن جف أَبُو المظفر الفرغاني الإخشيدي ولي إمرة دمشق نِيَابَة عَن أَخِيه ثمَّ ولي الرملة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الرستمي الشَّافِعِي)
الْحسن بن الْعَبَّاس بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن ابْن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن رستم أَبُو عبد الله بن أبي الطّيب الإصبهاني
أحد الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة درس وَأفْتى أَكثر من خمسين سنة وَكَانَ زاهداً ورعاً خَاشِعًا بكاء عِنْد الذّكر
سمع الْكثير صَبيا من أبي عمرٍو عبد الْوَهَّاب بن أبي عبد الله ابْن مندة وَأبي المظفر مَحْمُود بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الكوسج وَأبي نصر أَحْمد بن عمر بن سسويه وَجَمَاعَة كثيرين وَعمر حَتَّى حدث بالكثير وانتشرت عَنهُ الرِّوَايَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (القَاضِي ابْن أبي الْجِنّ)
الْحسن بن الْعَبَّاس بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل ابْن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد بن أبي الْجِنّ)
ولي قَضَاء دمشق أَيَّام الْحَاكِم وَكَانَ أصلهم من قُم فانتقل أَبوهُ الْعَبَّاس(12/40)
إِلَى حلب وانتقل الْحسن وَإِخْوَته إِلَى دمشق وأرسله الْحَاكِم إِلَى أَمِير حلب فَقَالَ أَبُو الْحسن بن الدويدة المعري من الطَّوِيل
(رأى الْحَاكِم الْمَنْصُور غَايَة رشده ... فَأرْسلهُ للْعَالمين دَلِيلا)
(أُتِي مَا أُتِي الله الْعلي مَكَانَهُ ... فَأرْسل من آل الرَّسُول رَسُولا)
توفّي بحلب سنة أَرْبَعمِائَة وَحمل إِلَى دمشق وَدفن بهَا
3 - (الْجمال الْمُقْرِئ)
الْحسن بن الْعَبَّاس بن أبي مهْرَان الرَّازِيّ الْجمال بِالْجِيم الْمُقْرِئ المجود نزيل بَغْدَاد قَرَأَ على قالون وَثَّقَهُ الْخَطِيب توفّي فِي حُدُود التسعين والمائتين
3 - (الأبناوي الْيَمَانِيّ)
الْحسن بن عبد الْأَعْلَى الأبناوي الْيَمَانِيّ البوسي بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة الصَّنْعَانِيّ رُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق وَغَيره وروى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (قَاضِي أرمنت)
الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مرام التَّمِيمِي الأرمنتي
كَانَ من الْقُضَاة الْفُضَلَاء تولى قَضَاء أرمنت وَهُوَ من الأخيار الكرماء مَعَ الْفَاقَة والضرورة وَحسن الْأَخْلَاق
توفّي بقوص سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَحمل إِلَى أرمنت فَدفن بهَا ومولده سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بأرمنت
وَمن شعره من الْبَسِيط
(بكفك الثقتان الْخَبَر وَالْخَبَر ... بأنك البغيتان السؤل والوطر)
(وفيك أَثْبَتَت الدَّعْوَى ببينةٍ ... أَقَامَهَا الشَّاهِدَانِ الْعين والأثر)
(يمناك يمنٌ فكم ذَا قد حوت ملحاً ... يحار فِي وصفهَا الْأَلْبَاب والفكر)
(ندىً وليناً وتقبيلاً فواعجباً ... أمزنةٌ أم حريرٌ أم هِيَ الْحجر)
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الإدفوي وَلما مَرَرْت بأرمنت زرت قَبره بظاهرها وَلم أَدخل الْبَلَد)
ونظمت ارتجالاً من الطَّوِيل
(أَتَيْنَا إِلَى أرمنت فانهل وابلٌ ... من الدمع أجراه الكآبة والحزن)
(وجاوزتها كرها وَأي إِقَامَة ... بمغنىً رعاه الله لَيْسَ بِهِ حسن)(12/41)
(فَتى كَانَ يَلْقَانَا ببشرٍ وراحةٍ ... وَلم نخش مِنْهُ لَا ملالا وَلَا منن)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الرامَهُرْمُزِي الخلادي)
الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن خَلاد أَبُو مُحَمَّد الرامَهُرْمُزِي الْحَافِظ القَاضِي صَاحب كتاب الْمُحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي
حَافظ متقن صَاحب رحْلَة توفّي فِي حُدُود السِّتين والثلاثمائة سمع أَبَاهُ وَمُحَمّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ وقاضي الْكُوفَة أَبَا حصينٍ الوداعي وَمُحَمّد بن حَيَّان الْمَازِني وَعبيد بن غَنَّام وَغَيرهم
وَأول سَمَاعه بِفَارِس سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَأول رحلته سنة بضع وَتِسْعين روى عَنهُ جمَاعَة من أهل فَارس
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَوَقع لنا من تصنيفه أَيْضا كتاب الْأَمْثَال
وروى عَنهُ القَاضِي أَبُو عبد الله أَحْمد بن إِسْحَاق النهاوندي وَالشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَمِيع الغساني فِي مُعْجَمه
وَمن تصانيف الخلادي كتاب ربيع المتيم فِي أَخْبَار العشاق كتاب الْفلك فِي مُخْتَار الْأَخْبَار والأشعار كتاب أَمْثَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب الريحانتين الْحسن وَالْحُسَيْن كتاب إِمَام التَّنْزِيل فِي علم الْقُرْآن كتاب النَّوَادِر والشوارد كتاب أدب النَّاطِق كتاب الرثاء والتعازي كتاب رِسَالَة السّفر كتاب مباسطة الوزراء المناهل والأعطان والحنين إِلَى الأوطان
وَكَانَ من أَقْرَان التنوخي وَقد مدح عضد الدولة أَبَا شُجَاع وَبَينه وَبَين الْوَزير المهلبي وَأبي الْفضل بن العميد مكاتباتٌ ومجاوباتٌ وَولي الْقَضَاء بِبِلَاد الخوز ورحل قبل التسعين وَمِائَتَيْنِ
وَمن شعره من السَّرِيع
(قل لِابْنِ خلادٍ إِذا جِئْته ... مُسْتَندا فِي الْمَسْجِد الْجَامِع)
)
(هَذَا زمانٌ لَيْسَ يحظى بِهِ ... حَدثنَا الْأَعْمَش عَن نَافِع)
3 - (المسيري)
الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن هبة الله هُوَ ابْن الصاحب فلك الدّين المسيري وَهُوَ قطب الدّين كَانَ دمث الْأَخْلَاق حسن الْعشْرَة لَهُ معرفةٌ بالتاريخ وَالْأَدب وَأمه بنت شيخ الشُّيُوخ تَاج الدّين ابْن حمويه(12/42)
وخدم جندياً مُدَّة ثمَّ سكن بعلبك فِي سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة وَلبس البقار وخدم ببعلبك فِي الدِّيوَان وَولي مشيخة الخانكاة النجمية وَتُوفِّي ببعلبك كهلاً سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
وروى عَن جده وَعَن كَرِيمَة وَغَيرهمَا وَكتب عَنهُ البرزالي بِدِمَشْق وبعلبك
3 - (الرفاء المسري)
الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الْكِنَانِي الْأُسْتَاذ الْمَعْرُوف بالرفاء المرسي
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم صَاحب مقطعات وتذييلات حسان وَكَانَ حُلْو النادرة فكهاً ممتعاً وَتُوفِّي بِبَلَدِهِ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَأورد لَهُ من المتقارب
(أَتَى فأسى كلما كلما ... وَبَان الأسى كلما كلما)
(وروى الغليل وَمن بَعْدَمَا ... شفى الصب مَاء اللمى آلما)
(وثلم مَا شَاءَ من قربه ... وَزَاد فقد ثل مَا ثلمًا)
(وسل عَلَيْهِ حسام النَّوَى ... وَمن يأس مَا سل مَا سلما)
(وضرم نَار الجوى فِي حشاه ... فألحفه ضرّ مَا ضرما)
(وَعَدَمه الصَّبْر من بعده ... يرى فرْصَة عد مَا عدما)
(أعينيه كفا فَأصل الأسى ... إِذا مَا اعترى وانتمى أَنْتُمَا)
(وَيَا صَاحِبيهِ أَلا عذتما ... وهلا إِذا عذتما عدتما)
(وَقد قلتما أَن سيقضي هوى ... وَمن قبله قلت مَا قلتما)
خرج أَبُو عَليّ هَذَا وَأَبُو بحرٍ صَفْوَان بن إِدْرِيس وَأَبُو عبد الله بن مرج الْكحل إِلَى متنزهات مرسية فَمروا فِي طريقهم بِمَسْجِد فجلسوا فِيهِ يَسِيرا فَلَمَّا هموا بالانفصال كتب أَبُو بحرٍ فِي صفحة من حيطانه من مخلع الْبَسِيط)
(قدست يَا بَيت فِي الْبيُوت ... ودمت للدّين ذَا ثُبُوت)
فَكتب ابْن مرج الْكحل من مخلع الْبَسِيط
(يعمرك النَّاس فِي سُجُود ... وَفِي رُكُوع وَفِي قنوت)
فَكتب أَبُو عَليّ الْمَذْكُور من مخلع الْبَسِيط
(وَإِن نبا بالغريب بيتٌ ... كنت لَهُ مَوضِع الْمبيت)
3 - (الشريف القناوي الْمَالِكِي)
الْحسن بن عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن حجون الشريف(12/43)
أَبُو مُحَمَّد القناوي صوفي فَاضل عَالم فَقِيه مالكي الْمَذْهَب من أَرْبَاب الْأَحْوَال والكرامات غير مدعٍ عديم السُّؤَال مَعَ فاقة وضرورة وَكَانَ ذَا خلق حسن
قَرَأَ الشاطبية مرَّتَيْنِ على عبد الْغفار السبتي النَّحْوِيّ بقنا وَسمع من الْفَقِيه شِيث فِي سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَمن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عمر الْقُرْطُبِيّ وَمن الشَّيْخ عمر بن عَليّ بن أبي سعيد وَغَيرهم وخطه جيد وَكتب كثيرا من كتب الْأَدَب وَكتب الْإِحْيَاء
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الإدفوي نقل عَنهُ كَلَام الشَّيْخ أبي الْحسن بن الصّباغ تلميذ وَالِده الشَّيْخ عبد الرَّحِيم مِمَّا تحصل بِهِ وحشةٌ فَكتب الْحسن إِلَى أبي الْحسن من الطَّوِيل
(طهرتم فطهرنا بفاضل طهركم ... وطبتم فَمن أنفاس طيبكم طبنا)
(ورثنا من الْآبَاء حسن ولائكم ... وَنحن إِذا متْنا نورثه الإبنا)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَلما رَأَيْت الدَّهْر قطب وَجهه ... وَقد كَانَ طلقاً قلت للنَّفس شمري)
(لعَلي أرى دَارا أقيم بربعها ... على خفض عَيْش لَا أرى وَجه مُنكر)
(وَمَا الْقَصْد إِلَّا حفظ دينٍ وخاطرٍ ... تكنفه التشويش من كل مجتري)
(فَإِن نلْت مَا أبغيه مِمَّا أرومه ... بلغت وَإِلَّا قلت للهمة اعذري)
وَمِنْه من الوافر
(عرضنَا أنفساً عزت علينا ... لديكم فَاسْتحقَّ بهَا الهوان)
(وَلَو أَنا منعناها لعزت ... وَلَكِن كل معروضٍ يهان)
ولد بقنا سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي بهَا سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة)
3 - (ابْن أبي الشخباء)
الْحسن بن عبد الصَّمد وَقيل الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد الشَّيْخ الْمجِيد ابْن أبي الشخباء بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَبعد الْبَاء الْمُوَحدَة ألفٌ ممدودة الْعَسْقَلَانِي صَاحب الْخطب الْمَشْهُورَة والرسائل المحبرة كَانَ من فرسَان النثر
قَالَ القَاضِي شمس الدّين بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى يُقَال إِن القَاضِي الْفَاضِل كَانَ جلّ اعْتِمَاده على حفظ كَلَامه وَإنَّهُ كَانَ يستحضر أَكْثَره
قلت لَو كَانَ الْأَمِير كَمَا ذكره لَكَانَ الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى ينْزع منزعه وَيكون على كَلَامه مسحة مِنْهُ وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك
وَقَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة الْمجِيد مجيدٌ كنعته قادرٌ على ابتداع الْكَلَام ونحته(12/44)
وَأورد لَهُ ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة قَوْله من الْكَامِل
(مَا زَالَ يخْتَار الزَّمَان ملوكه ... حَتَّى أصَاب الْمُصْطَفى المتخيرا)
(قل للألى ساسوا الورى وتقدموا ... قدماً هلموا شاهدوا المتأخرا)
(تَجِدُوهُ أوسع فِي السياسة مِنْكُم ... صَدرا وَأحمد فِي العواقب مصدرا)
(إِن كَانَ رأيٌ شاوروه أحنفاً ... أَو كَانَ بأسٌ نازلوه عنترا)
(قد صَامَ والحسنات ملْء كِتَابه ... وعَلى مِثَال صِيَامه قد أفطرا)
(وَلَقَد تخوفك الْعَدو بِجهْدِهِ ... لَو كَانَ يقدر أَن يرد مُقَدرا)
(إِن أَنْت لم تبْعَث إِلَيْهِ ضمراً ... جردا بعثت إِلَيْهِ كيداً مضمرا)
(يسري وَمَا حملت رجالٌ أبيضاً ... فِيهِ وَلَا ادرعت كماةٌ أسمرا)
وَمن شعره من الْكَامِل
(يَا سيف نصري والمهند يَا نعٌ ... وربيع أرضي والسحاب مصَاف)
(أخلاقك الغر السجايا مَا لَهَا ... حملت قذى الواشين وَهِي سلاف)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(حجابٌ وإعجابٌ وفرط تصلفٍ ... وَمد يدٍ نَحْو الْعلَا بتكلف)
(وَلَو كَانَ هَذَا من وَرَاء كِفَايَة ... عذرت وَلَكِن من وَرَاء تخلف)
وَتُوفِّي مقتولاً فِي خزانَة البنود سجن الْقَاهِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة)
قَالَ ياقوت وَأَظنهُ كتب فِي ديوَان الرسائل بِمصْر للمستنصر لِأَن فِي رسائله جواباتٍ للفساسيري إِلَّا أَن أَكثر رسائله إخوانياتٌ وَأورد لَهُ مِنْهَا جملَة فِي تَرْجَمته وَأورد لَهُ من الْكَامِل
(أخذت لحاظي من جنى خديك ... أرش الَّذِي لاقيت من عَيْنَيْك)
(هَيْهَات إِنِّي قد وزنت بمهجتي ... نَظَرِي إِلَيْك فقد ربحت عَلَيْك)
(غضي جفونك وانظري تَأْثِير مَا ... صنعت لحاظك فِي بنان يَديك)
(هُوَ ويك نضح دمي وَعز عَليّ أَن ... أَلْقَاك فِي عرض الْخطاب بويك)
(لَسَلَكْت فِي فيض الدُّمُوع مسالكاً ... قصرت بهَا يَد عامرٍ وسليك)
(صانوك بالسمر اللدان وصنتهم ... بنواظرٍ فحميتهم وحموك)
(لَو يشهرون سيوف لحظك فِي الورى ... مَا استقرءوا فِيهَا قِنَا أَبَوَيْك)
قلت تحيل على إِثْبَات ويك فِي هَذِه القوافي وَاعْتذر لَهَا بِأَن خَاطب محبوبته وواجهها بِهَذِهِ اللَّفْظَة فَحسن موقعها وَجَاءَت غَايَة فِي الْحسن بليغة وَأما قافية حموك فَإِنَّهَا غَرِيبَة بَين هَذِه القوافي مَعَ جَوَاز ذَلِك(12/45)
3 - (ابْن قرقرينا)
الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن قرقرينا بقافين وراءين أَبُو مُحَمَّد الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو شُجَاع فارسٌ الذهلي وَأَبُو الْفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عيشون
أورد لَهُ ابْن النجار من الوافر
(عجبت بِأَن شتوت بِغَيْر سحبٍ ... تجودك وبلها ومطرت قيظا)
(فَلَا تعجب فَكل الدَّهْر خلفٌ ... وَمن حَيْثُ الْتفت وجدت غيظا)
3 - (الجروي الْمصْرِيّ)
الْحسن بن عبد الْعَزِيز الجروي الْمصْرِيّ الجذامي نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ
قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة كَانَ يَقُول من لم يردعه الْقُرْآن وَالْمَوْت ثمَّ تناطحت الْجبَال بَين يَدَيْهِ لم يرتدع توفّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن حربون المغربي)
)
الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن حربون
قَالَ ابْن رَشِيق تونسي الْأُبُوَّة شَاعِر مَشْهُور مبَاحث دراس يعرف يسْتَعْمل اللُّغَة وتركيب أَلْفَاظ الشّعْر ينحو نَحْو أبي الْقَاسِم بن هَانِئ فِي الإجلاب والتهويل وَإِن قصر ذَلِك بالمعاني وحصرها ويركب الأعاريض الطَّوِيلَة لتمكن مَا حاوله من ذَلِك وَرُبمَا انْقَلب عَلَيْهِ التَّشْبِيه
ثمَّ قَالَ وَقد تصفحت جَمِيع مَا رَأَيْت لَهُ من الشّعْر فَلم أَجِدهُ ولد معنى انْفَرد بِهِ وَلَا زَاده زِيَادَة توجبه لَهُ
وَمن شعره من الْكَامِل
(لظبى المناصل والوشيج الذبل ... شرفٌ أناف على السماك الأعزل)
(ولعزة الْإِسْلَام من أبياته ... نصرٌ يفل شبا الحسام المقصل)
(غضبوا لدينهم فنالوا فَوق مَا ... أملوا بِكُل مهندٍ ومذبل)
مِنْهَا من الْكَامِل
(لبسوا الْقُلُوب على الدروع مفاضةً ... وردوا الشنار الأعظل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِذا لم تطَأ بض السيوف عزائمي ... إِذا قرعت عِنْد اللِّقَاء الظنابيب)
(فَلَا صَحِبت كفي كعوب مثقفٍ ... وَلَا خَاضَ فِي غمر المهالك يعبوب)
(خليلي حثا بِي الْمطِي فَمَا لنا ... على غير حَيّ الْمَالِكِيَّة أسلوب)(12/46)
(وَمَا هاجني إِلَّا بكاء حمامةٍ ... شجاني لَهُ من دوحة البان تطريب)
(دعت سَاق حرٍ والظلام كَأَنَّهُ ... رقيبٌ لَهُ بَين السوامر مرقوب)
قَالَ ابْن رَشِيق وَتوجه حسن إِلَى الْمشرق أول سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة وَأقَام بِمَكَّة يتَوَلَّى خدمَة أبي الْفرج وتأديب وَلَده
3 - (ابْن الحصني الْمصْرِيّ)
أَبُو الْحسن بن عبد الْعَظِيم بن أبي الْحسن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْمُحدث مكين الدّين ابْن الحصني الْمصْرِيّ
ولد بِمصْر سنة سِتّمائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع الْكثير من الجم الْغَفِير وَكتب وتعب وَحصل وَفهم وَأكْثر عَن أَصْحَاب السلَفِي وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة فَاضلا متميزاً)
3 - (سبط زِيَادَة المعمر)
الْحسن بن عبد الْكَرِيم بن عبد السَّلَام بن فتح الغماري المغربي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْمُقْرِئ المجود الصَّالح المعمر بَقِيَّة المسندين أَبُو مُحَمَّد الْمَالِكِي الملقن الْمُؤَدب سبط الْفَقِيه زِيَادَة بن عمرَان
ولد سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة بِمصْر وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة
وَكَانَ تَلا بالروايات على أَصْحَاب أبي الْجُود وَسمع من أبي الْقَاسِم بن عِيسَى جملَة صَالِحَة وَكَانَ آخر من حدث عَنهُ بِالسَّمَاعِ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بل مَا روى لنا عَنهُ سواهُ وَكَانَ عِنْده عَنهُ التَّيْسِير والتذكرة والعنوان فِي الْقرَاءَات وَكتاب الْمُحدث الْفَاصِل للوامهرمزي وَكتاب النَّاسِخ والمنسوخ لأبي دَاوُد وعدة أَجزَاء
وَسمع الشاطبيتين من أبي عبد الله الْقُرْطُبِيّ تلميذ الشاطبي وَتفرد بمروياته وَكَانَ شَيخا حسنا متواضعاً طيب الْأَخْلَاق
روى عَنهُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَفتح الدّين بن سيد النَّاس والواني وَابْن الْفَخر والعلامة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ
3 - (أَبُو عَليّ النجاد الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن عبد الله أَبُو عَليّ النجاد الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ صنف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع
وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين والثلاثمائة
أَخذ عَن أبي مُحَمَّد البربهاري وَأبي الْحسن بن بشار وتفقه بِهِ عبد الْعَزِيز غُلَام الزّجاج وَأَبُو عبد الله بن حَامِد وَجَمَاعَة
3 - (السيرافي النَّحْوِيّ)
الْحسن بن عبد الله بن الْمَرْزُبَان أَبُو سعيد السيرافي النَّحْوِيّ(12/47)
القَاضِي نزيل بَغْدَاد حدث عَن أبي بكر بن زِيَاد النَّيْسَابُورِي وَابْن دُرَيْد وَمُحَمّد بن أبي الْأَزْهَر وروى عَنهُ جمَاعَة وَكَانَ إِمَامًا كَبِير الشَّأْن
كَانَ أَبوهُ مجوسياً أسلم وسموه عبد الله تصدر أَبُو سعيد لإقراء الْقرَاءَات والنحو واللغة وَالْفِقْه والفرائض والحساب وَالْعرُوض وَكَانَ من أعلم النَّاس بِنَحْوِ الْبَصرِيين عَارِفًا بِفقه أبي حنيفَة)
قَرَأَ الْقُرْآن على أبي بكر بن مُجَاهِد وَأخذ اللُّغَة عَن ابْن دُرَيْد والنحو عَن أبي بكر بن السراج(12/48)
وَكَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا من كسب يَده تديناً فَكَانَ لَا يجلس للْقَضَاء وَلَا الِاشْتِغَال حَتَّى ينْسَخ كراساً يَأْخُذ أجرته عشرَة دَرَاهِم
قَالَ ابْن أبي الفوارس كَانَ يذكر عَنهُ الاعتزال وَلم يظْهر مِنْهُ شَيْء وَأفْتى فِي جَامع الْمَنْصُور خمسين سنة وَصَامَ أَرْبَعِينَ سنة
شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ وألفات الْقطع والوصل والإقناع فِي النَّحْو وكمله وَلَده يُوسُف وأخبار النُّحَاة وَالْوَقْف والابتداء وصناعة الشّعْر والبلاغة وَشرح مَقْصُورَة ابْن دُرَيْد والمدخل إِلَى كتاب سِيبَوَيْهٍ وجزيرة الْعَرَب
وَكَانَت بَينه وَبَين أبي الْفرج صَاحب الأغاني منافسةٌ جرت الْعَادة بِمِثْلِهَا بَين الْفُضَلَاء فَقَالَ أَبُو الْفرج من الْخَفِيف لسن صَدرا وَلَا قَرَأت على صدر وَلَا علمك البكي بشاف
(لعن الله كل نحوٍ وشعرٍ ... وعروضٍ يَجِيء من سيراف)
وَجَرت بَينه وَبَين مَتى بن يُونُس القنائي الفيلسوف مناظرةٌ طَوِيلَة قد سَاقهَا ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَهِي طَوِيلَة وَطول تَرْجَمته إِلَى الْغَايَة أَيْضا
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَكَانَ أَبُو حَيَّان التوحيدي يعظمه وَقد مَلأ تصانيفه بِذكرِهِ وَالثنَاء عَلَيْهِ وَذكر فضائله
3 - (أَبُو أَحْمد العسكري)
الْحسن بن عبد الله بن سعيد بن إِسْمَاعِيل بن زيد بن حَكِيم العسكري أَبُو أَحْمد اللّغَوِيّ الْعَلامَة مولده سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
وَكَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي الْأَدَب وَهُوَ صَاحب أخبارٍ ونوادر وَله رِوَايَة متسعة وتصانيف مفيدة مِنْهَا كتاب التَّصْحِيف وراحة الْأَرْوَاح وَالْحكم والأمثال وَتَصْحِيح الْوُجُوه والنظائر والزواجر والمواعظ وصناعة الشّعْر والمختلف والمؤتلف
وَكَانَ قد سمع بِبَغْدَاد وَالْبَصْرَة وإصبهان وَغَيرهَا من شُيُوخ فيهم أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأَبُو دَاوُد السجسْتانِي وَبَالغ فِي الْكِتَابَة وعلت سنه واشتهر فِي الْآفَاق بِالدّينِ والدراية والتحديث)
والإتقان وانتهت إِلَيْهِ رياسة التحديث والإملاء للآداب والتدريس بقطر خوزستان ورحل إِلَيْهِ الأجلاء للأخذ عَنهُ وَالْقِرَاءَة عَلَيْهِ
وَكَانَ يملي بالعسكر وتستر ومدن ناحيته مَا يختاره من عالي رِوَايَته عَن أشياخه الْمُتَقَدِّمين(12/49)
وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد عَبْدَانِ الْأَهْوَازِي وَأَبُو بكر بن دُرَيْد ونفطويه وَأَبُو جَعْفَر بن زُهَيْر ونظراؤهم
وَمن متأخري أَصْحَابه الَّذين رووا عَنهُ الحَدِيث ومتقدميهم أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْمُقْرِئ الْأَهْوَازِي نزيل دمشق إِلَّا أَنه ان قد انْقَلب عَلَيْهِ اسْمه فَيَقُول فِي تصانيفه أخبرنَا أَبُو أَحْمد عبد الله بن الْحسن بن سعيد النَّحْوِيّ بعسكر مكرم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن جريرٍ الطَّبَرِيّ وَغَيره
وَكَانَ الصاحب بن عباد يتَمَنَّى لقاءه وَيكْتب إِلَيْهِ ويطلبه فيعتل عَلَيْهِ بالشيخوخة وَالْكبر فَلَمَّا قرب من عَسْكَر مكرم صُحْبَة السُّلْطَان كتب إِلَيْهِ كتابا من جملَته من الطَّوِيل
(وَلما أَبَيْتُم أَن تزوروا وقلتم ... ضعفنا فَمَا نقوى على الوخدان)
(أَتَيْنَاكُم من بعد أرضٍ نزوركم ... على منزلٍ بكرٍ لنا وعوان)
(نسائلكم هَل من قرى لنزيلكم ... بملء جفون لَا بملء جفان)
فأملى الْجَواب عَن النثر نثراً وَعَن النّظم نظماً وَقَالَ فِيهِ من الطَّوِيل
(أروم نهوضاً ثمَّ يثني عزيمتي ... تعوذ أعضائي من الرجفان)
(فضمنت بَيت لبن الشريد كَأَنَّمَا ... تعمد تشبيهي بِهِ وعناني)
(أهم بِأَمْر الحزم لَو أستطيعه ... وَقد حيل بَين العير والنزوان)
ثمَّ نَهَضَ وَقَالَ لَا بُد من الْحمل على النَّفس فَإِن الصاحب لَا يقنعه هَذَا وَركب وقصده فَلم يتَمَكَّن من الْوُصُول إِلَيْهِ لاستيلاء الحشم فَصَعدَ تلعةً وَرفع صَوته بقول أبي تَمام من الْبَسِيط
(مَا لي أرى الْقبَّة الفيحاء مقفلةً ... دوني وَقد طَال مَا استفتحت مقفلها)
(كَأَنَّهَا جنَّة الفردوس معرضة ... وَلَيْسَ لي عملٌ زاكٍ فَأدْخلهَا)
فناداه الصاحب ادخلها يَا أَبَا أَحْمد فلك السَّابِقَة الأولى فتبادر إِلَيْهِ أَصْحَابه فَحَمَلُوهُ حَتَّى جلس بَين يَدَيْهِ وَلما وقف الصاحب على جَوَاب العسكري استحسنه كثيرا وَقَالَ لَو عرفت أَن هَذَا المصراع يَقع فِي هَذِه القافية لم أتعرض لَهَا وَلَكِنِّي ذهلت عَنهُ وَذهب عني يُرِيد)
قَوْله وَقد حيل بَين العير والنزوان
3 - (أَبُو هِلَال العسكري)
الْحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهْرَان أَبُو هِلَال اللّغَوِيّ العسكري أَيْضا
كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْأَدَب وَالشعر وَيعرف الْفِقْه أَيْضا وَمِمَّنْ روى عَنهُ أَبُو سعد السمان الْحَافِظ بِالريِّ وَأَبُو الْغَنَائِم بن حَمَّاد الْمُقْرِئ إملاءً(12/50)
وَمن تصانيفه كتاب التَّلْخِيص فِي اللُّغَة وجوده وَكتاب صناعتي النّظم والنثر وَهُوَ مُفِيد وجمهرة الْأَمْثَال ومعاني الْأَدَب وَمن احتكم من الْخُلَفَاء إِلَى الْقُضَاة والتبصرة وَهُوَ مُفِيد وَشرح الحماسة وَالدِّرْهَم وَالدِّينَار المحاسن فِي تَفْسِير الْقُرْآن خمس مجلدات كتاب الْعُمْدَة فضل الْعَطاء على الْعسر مَا تلحن فِيهِ الْخَاصَّة أَعْلَام المغاني فِي مَعَاني الشّعْر كتاب الْأَوَائِل الْفرق بَين الْمعَانِي نَوَادِر الْوَاحِد وَالْجمع ديوَان شعره
قَالَ ياقوت وَأما وَفَاته فَلم يبلغنِي فِيهَا شيءٌ غير أَنِّي وجدت فِي آخر كتاب الْأَوَائِل من تصنيفه وفرغنا من إملاء هَذَا الْكتاب يَوْم الْأَرْبَعَاء لعشرٍ خلت من شعْبَان سنة خمسٍ وَتِسْعين وثلاثمائة
وَكَانَ يتبزز احْتِرَازًا من الطمع والدناءة والتبذل
قلت وَقد ذكره الباخرزي فِي كتاب دمية الْقصر
وَمن شعره من الطَّوِيل
(جلوسي فِي سوقٍ أبيع وأشتري ... دليلٌ على أَن الْأَنَام قرود)
(وَلَا خير فِي قومٍ يذل كرامهم ... ويعظم فيهم نذلهم ويسود)
(وتهجوهم عني رثاثة ملبسي ... هجاء قبيحاً مَا عَلَيْهِ مزِيد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِذا كَانَ مَالِي مَال من يلقط الْعَجم ... وحالي فِيكُم حَال من حاك أَو حجم)
(فَأَيْنَ انتفاعي بِالْأَصَالَةِ والحجى ... وَمَا ربحت كفي على الْعلم وَالْحكم)
(وَمن ذَا الَّذِي فِي الدَّهْر يبصر حالتي ... فَلَا يلعن القرطاس والحبر والقلم)
وَله قصيدة يفضل فِيهَا فصل الشتَاء على غَيره من الْفُصُول
وَمن شعره أَيْضا من الطَّوِيل)
(علينا محاذاة المرامي سهامنا ... وَلَيْسَ علينا أَن نصيب وَلَا نخطي)
قلت قد أَخذه من قَول الآخر من الْبَسِيط
(وَمَا عَليّ إِذا مَا لم أنل غرضي ... إِذا رميت وسهمي فِيهِ تسديد)
وَمِنْه أَيْضا من المنسرح
(لي ذكرٌ لَا يزَال يفضحني ... كأنني مِنْهُ فَوق إرزبه)
(عَاد قَمِيصِي بِهِ قلنسوةٌ ... وأصبحت جبتي بِهِ قبه)
(فَإِن تكن كربةٌ تكابدها ... فَلَا تخف فَهُوَ كاشف الكربه)
قلت من هُنَا أَخذ الْقَائِل قَوْله من السَّرِيع(12/51)
(وَيحك يَا أيري أما تَسْتَحي ... تخجلني مَا بَين جلاسي)
(تطلع من طوقي كَذَا عَامِدًا ... تنكس الْعمة عَن راسي)
وَمن شعر أبي هِلَال قَوْله من الْكَامِل
(شوقي إِلَيْك وَإِن نأيت شَدِيد ... شوقٌ عَليّ بِهِ الْإِلَه شَهِيد)
(طُوبَى لمن أَمْسَى يراك بِعَيْنِه ... وتراه عَيْنك إِنَّه لسَعِيد)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(لَا يَغُرنكُمْ علو لئيم ... فعلوٌ لَا يسْتَحق سفال)
(فارتفاع الغريق فِيهِ فضوحٌ ... وعلو المصلوب فِيهِ نكال)
وَمن شعر أبي هِلَال العسكري قَوْله من الْبَسِيط
(مَا بَال نَفسك لَا تهوى سلامتها ... وَأَنت فِي عرض الدُّنْيَا ترغبها)
(دارٌ إِذا جَاءَت الآمال تعمرها ... جَاءَت مُقَدّمَة الْآجَال تخربها)
(أَرَاك تطلب دنيا لست تدركها ... فَكيف تدْرك أُخْرَى لست تطلبها)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(بركوب المقبحات جهارا ... يفْسد الجاه والمروءة تخرب)
(فَاجْعَلْ الْجد بِالنَّهَارِ شعاراً ... واله بِاللَّيْلِ مَا بدا لَك والعب)
(كم تسربلت من رِدَاء ظلامٍ ... ضحك اللَّهْو مِنْهُ إِذْ هُوَ قطب)
(وَرَأَيْت الهموم بِاللَّيْلِ أدهى ... وكذاك السرُور بِاللَّيْلِ أعذب)
)
قلت أحسن من هَذِه الْقطعَة مَا كتب بِهِ يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي إِلَى ابْنه الْفضل بن يحيى وَقد بلغه الانهماك على اللَّذَّات بِالنَّهَارِ وَهُوَ انصب نَهَارا لطلب الْعلَا
3 - (الْأَمِير ابْن أبي حَصِينَة)
الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن أبي حَصِينَة الْأَمِير أَبُو الْفَتْح السّلمِيّ المعري
توفّي رَحمَه الله سنة سِتّ أَو سبع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة بحلب ومولده قبل التسعين
مدح الْأَمِير أَسد الدولة أَبَا صَالح عَطِيَّة بن صَالح بن مرداس بقصيدة أَولهَا من الطَّوِيل
(سرى طيف هندٍ والمطي بِنَا تسري ... فأخفى دجى ليلِي وَأبْدى سنا فجري)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(خليلي فَكَأَنِّي من الْهم واركبا ... فجاج الموامي الغبر فِي النوب الغبر)(12/52)
(إِلَى ملك من عامرٍ لَو تمثلت ... مناقبه أغنت عَن الأنجم الزهر)
(إِذا نَحن أثنينا عَلَيْهِ تلفتت ... إِلَيْهِ المطايا مصغياتٍ إِلَى قتر)
(وَفَوق سَرِير الْملك من آل صَالح ... فَتى وَلدته أمه لَيْلَة الْقدر)
(فَتى وَجهه أبهى من الْبَدْر منْظرًا ... وأخلاقه أشهى من المَاء وَالْخمر)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(أَبَا صَالح أَشْكُو إِلَيْك نوائباً ... عرتني كَمَا يشكو النَّبَات إِلَى الْقطر)
(لتنظر نحوي نظرةً لَو نظرتها ... إِلَى الصخر فجرت الْعُيُون من الصخر)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(وَفِي الدَّار خَلْفي صبيةٌ قد تَركتهم ... يطلون إطلال الْفِرَاخ من الوكر)
(جنيت على روحي بروحي جِنَايَة ... فأثقلت ظَهْري بِالَّذِي خف من ظَهْري)
(فَهَب هبة يبْقى عَلَيْك ثناءها ... بَقَاء النُّجُوم الطالعات الَّتِي تسري)
قَالَ أُسَامَة بن مُرشد بن عَليّ بن مُقلَّد بن نصر بن مُنقذ فَلَمَّا فرغ من إنشادها أحضر الْأَمِير أَسد الدولة القَاضِي وَالشُّهُود وَأشْهد على نَفسه بِتَمْلِيك ابْن أبي حَصِينَة ضيعتين من ملكه لَهما ارتفاعٌ كبيرٌ وَأَجَازَهُ وَأحسن إِلَيْهِ فأثرى وتمول
وَمن شعر ابْن أبي حَصِينَة من الطَّوِيل
(وَلما وقفنا للوداع وقلبها ... وقلبي يبثان الصبابة والوجدا)
)
(بَكت لؤلؤا رطبا وفاضت مدامعي ... عقيقاً فَصَارَ الْكل فِي نحرها عقدا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(مَا بَال شمس الْحَيّ ذَات شماسٍ ... لما رَأَتْ وضح المشيب براسي)
(يَا هَذِه لَو كنت جد شفيقةٍ ... لرثيت لي مِمَّا أَبيت أقاسي)
(لَكِن فُؤَادك مثل فودك فاحمٌ ... وكذاك قَلْبك مثل قَلْبك قَاس)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أما وَالَّذِي حج الملبون بَيته ... فَمن ساجدٍ لله فِيهِ وَرَاكِع)
(لقد جرعتني كأس بينٍ مريرةً ... من الْبعد سلمى بَين تِلْكَ الأجارع)
(وحلت بِأَكْنَافِ الغضا فَكَأَنَّمَا ... حشت ناره بَين الحشا والأضالع)
وَلما امتدح أَبُو الْفَتْح بن أبي حَصِينَة نصر بن صالحٍ بحلب قَالَ لَهُ تمن فَقَالَ(12/53)
أَتَمَنَّى أَن أكون أَمِيرا فَجعله أَمِيرا يجلس مَعَ الْأُمَرَاء ويخاطب بالأمير وقربه وَصَارَ يحضر مَجْلِسه فِي زمرة الْأُمَرَاء ثمَّ وهبه أَيْضا مَكَانا بحلب قبلي حمام الواساني فعمرها دَارا وزخرفها وعرضها وتمم بنيانها وكمل حَالهَا وَنقش على دائر الدرابزين من السَّرِيع
(دارٌ بنيناها وعشنا بهَا ... فِي دعةٍ من آل مرداس)
(قومٌ محوا بؤسي وَلم يتْركُوا ... عَليّ فِي الْأَيَّام من باس)
(قل لبني الدُّنْيَا أَلا هَكَذَا ... فَلْيفْعَل النَّاس مَعَ النَّاس)
وَلما تَكَامل عمل الدَّار عمل دَعْوَة وأحضر إِلَيْهَا نصر بن صَالح فَلَمَّا أكل الطَّعَام وَرَأى حسن بِنَاء الدَّار ونقوشها وَقَرَأَ الأبيات قَالَ يَا أَمِير كم خسرت على بِنَاء الدَّار فَقَالَ يَا مَوْلَانَا مَا لي علم بل هَذَا الرجل تولى عمارتها فَسَأَلَ ذَلِك المعمار فَقَالَ غرم عَلَيْهَا ألفي دينارٍ مصرية فأحضر لَهُ من سَاعَته ألفي دِينَار مصرية وثوب أطلسٍ وعمامةً مذهبَة وحصاناً بطوق ذهب وسحب ذهب وسرفسار ذهب وَقَالَ لَهُ من السَّرِيع
(قل لبني الدُّنْيَا أَلا هَكَذَا ... فَلْيفْعَل النَّاس مَعَ النَّاس)
وَبعد أَيَّام حضر رجلٌ من أهل المعرة ينبز بالزقوم كَانَ من أراذلها وَفِيه رجلة فَطلب خبز جندي فَأعْطِي ذَلِك وَجعل من أجناد المعرة فَلَمَّا وصل نظم أَحْمد بن مُحَمَّد الدويدة المعري من الْكَامِل)
(أهل المعرة تَحت أقبح خطة ... وبهم أَنَاخَ الْخطب وَهُوَ جسيم)
(لم يَكفهمْ تأمير ابْن حصينةٍ ... حَتَّى تجند بعده الزقوم)
(يَا قوم قد سئمت لذاك نفوسنا ... يَا قوم أَيْن التّرْك أَيْن الرّوم)
فاشتهرت الأبيات بالمعرة وحلب فَسَمعَهَا الْأَمِير أَبُو الْفَتْح فَعبر على بَاب ابْن الدويدة وَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ وَيلك يَا ابْن الدويدة هجوتني وَالله مَا بِي من هجوي مثل مَا بِي كونك قرنتني إِلَى الزقوم فَضَحِك ابْن الدويدة وَقَالَ الْآن وَالله كَانَ عِنْدِي الزقوم وَقَالَ وَالله مَا بِي من الهجو مَا بِي من كونك قرنتني بِابْن أبي حَصِينَة فَقَالَ لَهُ قبحك الله وَهَذَا هجو ثانٍ
وَهَذَا الْأَمِير أَبُو الْفَتْح شَاعِر وَولده الْأَمِير أَبُو الذواد المفرج بن الْحسن شاعرٌ أَيْضا وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (النَّخعِيّ)
الْحسن بن عبد الله النَّخعِيّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة(12/54)
3 - (العرني الْكُوفِي)
الْحسن بن عبد الله العرني بِضَم الْعين وَفتح الرَّاء وَبعدهَا نون الْكُوفِي
يروي عَن ابْن عَبَّاس وَعَمْرو بن حُرَيْث وَعبيد الله بن نَضْلَة وعلقمة بن قيس وَيحيى بن الجزار توفّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى التِّرْمِذِيّ
3 - (لكذة)
الْحسن بن عبد الله الْمَعْرُوف بلغدة ولكذة الإصبهاني أَبُو عَليّ
قدم بَغْدَاد وَكَانَ جيد الْمعرفَة بالأدب حسن الْقيام بِالْقِيَاسِ موفقاً فِي كَلَامه إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة وَكَانَ فِي طبقَة أبي حنيفَة الدينَوَرِي مشايخهما سواءٌ وَكَانَ بَينهمَا مناقضاتٌ
وَحفظ فِي صغره كتب أبي زيد وَأبي عُبَيْدَة والأصمعي ثمَّ تتبع مَا فِيهَا فامتحن بهَا الْأَعْرَاب الوافدين على إصبهان وَكَانُوا يفدون على مُحَمَّد بن يحيى بن أبان ويضربون خيامهم بِفنَاء دَاره وَكَانَ أَبُو عَليّ يلقِي عَلَيْهِم مسَائِل مشكوكةً من كتب اللُّغَة وَيثبت تِلْكَ الْأَوْصَاف عَنْهُم فِي كتبه الَّذِي سَمَّاهُ كتاب النَّوَادِر ثمَّ لم يكن لَهُ آخر أَيَّامه نظيرٌ بالعراق
وَمن كتبه كتاب الصِّفَات كتاب خلق الْإِنْسَان كتاب خلق الْفرس وَالرَّدّ على الشُّعَرَاء نقضه)
عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي كتاب النُّطْق الرَّد على أبي عبيدٍ فِي غَرِيب الحَدِيث كتاب علل النَّحْو كتابٌ مختصرٌ فِي النَّحْو الهشاشة والبشاشة كتاب التَّسْمِيَة شرح مَعَاني الْبَاهِلِيّ نقض علل النَّحْو الرَّد على ابْن قُتَيْبَة فِي غَرِيب الحَدِيث
وَمن شعره من الْكَامِل
(ذهب الرِّجَال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمرٍ مُنكر)
(وَبقيت فِي خلفٍ يزين بَعضهم ... بَعْضًا ليستر معورٌ من معور)
(الْجد انهض بالفتى من كده ... فانهض بجدٍ فِي الْحَوَادِث أَو ذَر)
(وَإِذا تعسرت الْأُمُور فارجها ... وَعَلَيْك بِالْأَمر الَّذِي لم يعسر)
3 - (العثماني)
الْحسن بن عبد الله العثماني أَبُو عبد الله النَّيْسَابُورِي
ذكره عبد الغافر فِي كتاب السِّيَاق وَقَالَ مَاتَ فِي شهور سنة نيفٍ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَقَالَ هُوَ الإِمَام الْكَامِل البارع فِي فنه المعجز فِي نكته لَهُ التصانيف الْمَشْهُورَة فِي التَّذْكِير والخطب وطرف الْأَشْعَار والرسائل والموشحات الغريبة والصناعات البديعة والترصيعات الرشيقة فِي النّظم والنثر بِحَيْثُ يَسْتَفِيد مِنْهَا الأكابر والأماثل(12/55)
تفقه على الْجُوَيْنِيّ ثمَّ انْتقل إِلَى نَاحيَة بست وسكنها ووافى بهَا قبولاً بَالغا فَصَارَ مشاراً إِلَيْهِ فِي عصره
قلت وَكتب إِلَيْهِ الباخرزي صَاحب الدمية من الْكَامِل
(الله يعلم أنني متبجحٌ ... بمحاسن الْحسن بن عبد الله)
(كم للظريف أبي عَليّ نكتةٌ ... غربت فَلم تدر الْخَلَائق مَا هِيَ)
كجواهر الأصداف بل كزواهر الْآدَاب بل عظمت من الْأَشْبَاه
(شَاهَت وُجُوه الطالبين لشأوه ... فهم البيادق وَهُوَ مثل الشاه)
فَكتب العثماني الْجَواب إِلَيْهِ من الْكَامِل
(يَا هدهداً هُوَ كالفيوج بِحمْلِهِ ... فِي هَامة الرَّأْس الْكتاب مضاهي)
(اذْهَبْ إِلَيْهِ بِالْكتاب فألقه ... بِالْقربِ مِنْهُ وَإِن نهاك الناهي)
(وتول عَنهُ وانظرن فِي خُفْيَة ... بِمَ يذكر الْحسن بن عبد الله)
)
فَأجَاب الباخرزي من الْكَامِل
(تِلْكَ الْجنان قطوفهن دوان ... تشدو حمائمها على الأغصان)
(أم صدغ معشوقٍ تصولج مسكه ... من ورد وجنته على ميدان)
(أم روضةٌ بيد السَّحَاب مروضةٌ ... لنسيمها لعبٌ بِغُصْن البان)
(أم شعر أظرف من مَشى فَوق الثرى ... حسن بن عبد الله ذِي الْإِحْسَان)
(عُثْمَان يَوْم الدَّار لم يَك جازعاً ... جزعي لحرقة فرقة العثماني)
فَأجَاب العثماني وَهُوَ بقرية بَان من الْكَامِل
(ريح الصِّبَا خلي قضيب البان ... هبي على قلبِي بقرية بَان)
(هبي عَلَيْهِ سحرةً قولي لَهُ ... كم ذَا الْمقَام كَذَا بدار هوان)
(قد كنت تولع بالبديع وشعره ... فَارْجِع فقد وافى بديع زمَان)
(أَيْن البديع من الطريف الْفَاضِل ... بن الْفَاضِل الْفَرد الْعَلِيم الثَّانِي)
(سلسل خطوطك مَا غَدا متسلسلاً ... شاطي الْحمام الْوَرق بالأغصان)
وَمن شعر العثماني
(لَا تعلون على السُّلْطَان طائفةٌ ... وَبعد ذَاك لتفعل كل مَا فعلت)
(لَا تحرق النَّار إِلَّا كل نابتةٍ ... لِأَنَّهَا نازعتها فِي الْعلَا فعلت)
3 - (نَاصِر الدولة)
الْحسن بن عبد الله بن حمدَان بن حمدون بن الْحَارِث بن لُقْمَان بن(12/56)
رَاشد بن الْمثنى يَنْتَهِي إِلَى تغلب هُوَ أَبُو مُحَمَّد نَاصِر الدولة بن أبي الهيجاء صَاحب الْموصل وَمَا والاها تنقلت بِهِ الْأَحْوَال تاراتٍ إِلَى أَن ملك الْموصل بعد أَن كَانَ بهَا نَائِبا عَن أَبِيه ولقبه الْخَلِيفَة المتقي لله نَاصِر الدولة وَذَلِكَ سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة ولقب أَخَاهُ سيف الدولة فِي ذَلِك الْيَوْم وَعظم شَأْنهمَا
وَكَانَ نَاصِر الدولة أكبر من سيف الدولة وأقدم منزلَة عِنْد الْخُلَفَاء وَكَانَ كثير التأدب مَعَه وَجَرت بَينهمَا وَحْشَة فَكتب إِلَيْهِ سيف الدولة من الْخَفِيف لست أجفو وَإِن جفيت وَلَا أترك حَقًا عَليّ فِي كل حَال إِنَّمَا أَنْت وَالِد وَالْأَب الجافي يجازى بِالصبرِ وَالِاحْتِمَال وَكتب إِلَيْهِ مرّة أُخْرَى من الطَّوِيل)
(رضيت لَك الْعليا وَإِن كنت أَهلهَا ... وَقلت لَهُم بيني وَبَين أخي فرق)
(وَلم يَك بِي عَنْهَا نكولٌ وَإِنَّمَا ... تجافيت بِي عَنْهَا فتم لَك الْحق)
(وَلَا بُد لي من أَن أكون مُصَليا ... إِذا كنت أرْضى أَن يكون لَك السَّبق)
قلت هَذِه الأبيات تنظر إِلَى قَول الشريف الرضى من الْكَامِل
(مهلا أَمِير الْمُؤمنِينَ فإننا ... فِي دوحة العلياء لَا نتفرق)
(مَا بَيْننَا هَذَا التَّفَاوُت كُله ... أبدا كِلَانَا فِي السِّيَادَة معرق)
(إِلَّا الْخلَافَة ميزتك وَإِنَّمَا ... أَنا عاطلٌ مِنْهَا وَأَنت مطوق)
وَكَانَ نَاصِر الدولة شَدِيد الْمحبَّة لِأَخِيهِ سيف الدولة فَلَمَّا توفّي سيف الدولة تَغَيَّرت أَحْوَال نَاصِر الدولة وَسَاءَتْ أخلاقه وَضعف عقله إِلَى أَن لم يبْق لَهُ حرمةٌ عِنْد أَوْلَاده وجماعته
فَقبض عَلَيْهِ وَلَده عدَّة الدولة فضل الله الْمَعْرُوف بالغضنفر بالموصل باتفاقٍ من إخْوَته وسيره إِلَى قلعة أردمشت
قَالَ ابْن الْأَثِير هِيَ القلعة الْمُسَمَّاة الْآن كواشي وَلم يزل بهَا مَحْبُوسًا إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمائة وَنقل إِلَى الْموصل وَدفن بتل تَوْبَة شَرْقي الْموصل وَكَانَت مُدَّة إمارته اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سنة وَقتل أَبوهُ بِبَغْدَاد وَهُوَ يدافع عَن الإِمَام القاهر سنة سبع عشرَة وثلاثمائة
3 - (ابْن القريق الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن القريق بقافين الأولى مَضْمُومَة وَبَينهمَا راءٌ مَكْسُورَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة كَذَا وجدته مضبوطا
قَرَأَ الْقُرْآن على أبي بكر بن مُجَاهِد وعَلى مُحَمَّد بن الْحسن النقاش وَأبي الْحسن مُحَمَّد(12/57)
بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن جَعْفَر بن بويان الْحَرْبِيّ وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الْمروزِي
وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو نصر مَنْصُور بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْمُقْرِئ الْعِرَاقِيّ وروى عَنهُ فِي كتاب الْإِشَارَة من جمعه وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن رَئِيس الرؤساء)
الْحسن بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن بن الْمُسلم تَاج الدّين أَبُو عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن رَئِيس الرؤساء وَهُوَ أَخُو الْوَزير مُحَمَّد
كَانَ من الْأَعْيَان الأماثل بِبَغْدَاد تولى النّظر بأعمال نهر الْملك وَغَيره وَكَانَ فَاضلا نبيلاً)
سمع أَبَا مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خيرون وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (شرف الدّين بن الْجمال الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن عبد الله بن الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن عبد الْوَاحِد الإِمَام شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد بن الْجمال أبي مُوسَى الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ
ولد سنة خمس وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة وَسمع من الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَابْن ملاعب ومُوسَى بن عبد الْقَادِر وَابْن رَاجِح وَالشَّيْخ الْمُوفق وتفقه عَلَيْهِ وعَلى غَيره وأتقن الْمَذْهَب وَأفْتى ودرس ورحل فِي طلب الحَدِيث ودرس بالجوزية
وَكتب عَنهُ الدمياطي والأبيوردي وروى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الزراد وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَولي الْقَضَاء وَلَده شهَاب الدّين وناب عَنهُ أَخُوهُ شرف الدّين
3 - (أَبُو عَليّ الصّقليّ الْمُقْرِئ)
الْحسن بن أبي عبد الله بن صَدَقَة بن أبي الْفتُوح الإِمَام الْمُقْرِئ الزَّاهِد أَبُو عَليّ الْأَزْدِيّ الصّقليّ ولد سنة تسعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
قَرَأَ الْقُرْآن على السخاوي وَأقَام بِدِمَشْق وروى بِالْإِجَازَةِ عَن الْمُؤَيد الطوسي وَأبي روح الْهَرَوِيّ وَزَيْنَب الشعرية وَكَانَ من الْعباد وروى عَنهُ ابْن الخباز وعلاء الدّين بن الْعَطَّار
3 - (أَبُو عَليّ الرَّاشِدِي الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عبد الله بن ويحيان بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا ألف وَنون كَذَا وجدته مضبوطاً الرَّاشِدِي نِسْبَة إِلَى بني رَاشد قَبيلَة من البربر التلمساني الْمُقْرِئ أَبُو عَليّ
شيخ صَالح صَاحب صدق ومعاملة كَانَ إِمَامًا حاذقاً بالقراءات بَصيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ
قدم الْقَاهِرَة وَقَرَأَ بالروايات على الْكَمَال بن الشجاع الضَّرِير وَجلسَ للإقراء وَعَلِيهِ قَرَأَ مجد الدّين التّونسِيّ وشهاب الدّين أَحْمد بن جبارَة الْمَقْدِسِي وَكَانَ كل مِنْهُمَا يُبَالغ فِي وَصفه بِالْعلمِ وَالْعَمَل(12/58)
وَلم يكن عَارِفًا بِالْأَسَانِيدِ وَلَا متقناً لتجويد الْحُرُوف لِأَنَّهُ لم يقْرَأ على متقن وَكَانَ فِي لِسَانه شيءٌ من رطانة البربر)
وَكَانَ نَحوه نزراً قَرَأَ مُقَدّمَة ابْن بابشاذ وألفية ابْن معطي يحل ظَاهر ذَلِك لمن يقْرَأ عَلَيْهِ وَلم يتلمذ لغير الْكَمَال الضَّرِير وَلَا قَرَأَ مجد الدّين على غَيره وَقد اشْتهر مجد الدّين وَبعد صيته
وَآخر من قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن جبارَة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن عبد الله بن الشَّيْخ الْقدْوَة الزَّاهِد أبي عمر محمّد بن أَحْمد بن محمّد ابْن قدامَة قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو الْفضل بن الْخَطِيب شرف الدّين أبي بكر الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
سمع من ابْن قميرة وَابْن مسلمة والمرسي واليلداني وَجَمَاعَة قَرَأَ الحَدِيث بِنَفسِهِ على الكفرطابي وَغَيره وتفقه على عَمه شمس الدّين وَصَحبه مدّةً وبرع فِي الْمَذْهَب
وَكَانَ مليح الشكل مديد الْقَامَة حسن الْهَيْئَة لَهُ شيب يسير وَفِيه لطف وَمَكَارِم وسيادة ومروءة وديانة وصيانة وأخلاقه زكية وَسيرَته حَسَنَة فِي الْأَحْكَام
سمع من البرزالي وَغَيره توفّي بِالْجَبَلِ وشيعه ملك الْأُمَرَاء والقضاة وَدفن بمقبرة جده
ودرس بمدرسة جده وبدار الحَدِيث الأشرفية وَولي الْقَضَاء بعد نجم الدّين بن الشَّيْخ
3 - (ابْن الْحَافِظ الفاطمي)
الْحسن بن عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد هُوَ ابْن الْحَافِظ لدين الله استوزره أَبوهُ وَجعله ولي الْعَهْد فظلم وعسف وَسَفك الدِّمَاء وَقتل أعوان الْوَزير الَّذِي قَتله حِين قيل أَرْبَعِينَ أَمِيرا فخافه أَبوهُ وجهز بحربه ودس أَبوهُ من سقَاهُ سما لكنه كَانَ يمِيل إِلَى السّنة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ مَوته سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (وَكيل المستظهر بِاللَّه)
الْحسن بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن الْحسن بن الْحصين الدسكري أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْفَقِيه هُوَ ووالده
كَانَ أَبُو الْقَاسِم من الْأَعْيَان الأماثل ولي الواكلة للمستظهر بِاللَّه وَالنَّظَر فِي المخزن بعد وَفَاة وَالِده وَكَانَ كثير الصَّدَقَة فِي السِّرّ
سمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الصريفيني وَأحمد بن مُحَمَّد ابْن النقور وَأبي مَنْصُور عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن غَالب الْعَطَّار وَغَيرهم)(12/59)
وَتوجه رَسُولا من الدِّيوَان إِلَى السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه بأصبهان وَحدث هُنَاكَ
قَالَ ابْن النجار وَمَا أَظُنهُ روى شَيْئا بِبَغْدَاد وَتُوفِّي سنة خمس وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو مُحَمَّد ابْن الْوَزير)
الْحسن بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن وهب أَبُو مُحَمَّد كَانَ وَالِده وَزِير المكتفي بِاللَّه وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين مَكَانَهُ
كَانَ أَبُو مُحَمَّد لَهُ معرفَة بالفلسفة والمنطق صنف كتابا فِي شرح الْمُشكل من كتاب إقليدس
وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وفجع فِيهِ أَبوهُ فَقَالَ عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر بن بسام من مخلع الْبَسِيط
(أبلغ وَزِير الْأَنَام عني ... وناد يَا ذَا المصيبتبن)
(يَمُوت حلف الندى وَيبقى ... حلف الْمَغَازِي أَبُو الْحُسَيْن)
(فَأَنت من ذَا عميد قلبٍ ... وَأَنت من ذَا سخين عين)
(حَيَاة هَذَا كموت هَذَا ... فالطم على الرَّأْس باليدين)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من مخلع الْبَسِيط
(قل لأبي الْقَاسِم المرجى ... قابلك الدَّهْر بالعجائب)
(مَاتَ لَك ابْن وَكَانَ زيناً ... وعاش ذُو النَّقْص والمعائب)
(حَيَاة هَذَا كموت هَذَا ... فلست تَخْلُو من المصائب)
وَقَالَ أَيْضا من الوافر
(معَاذ الله من كذبٍ ومين ... لقد أبكت وفاتك كل عين)
(هَلَكت أَبُو مُحَمَّد والليالي ... مولكةٌ بتشتيتٍ وَبَين)
(إِذا رمنا العزاء أَبَت علينا ... سماحة ماجدٍ طلق الْيَدَيْنِ)
وَلما بلغ المقطوعان الْأَوَّلَانِ للوزير عبيد الله أحضر ابْن بسام وَقَالَ يَا هَذَا مَالِي وَلَك تهجوني وتهتف بِي وتجدد أحزاني على وَلَدي مَعَ إحساني إِلَيْك وَإِلَى أَبِيك وَأهْلك فتنصل وَاعْتذر وَقَالَ مَا هَكَذَا قلت وَأنْشد من مخلع الْبَسِيط
(قل لأبي الْقَاسِم المرجى ... لن يدْفع الْمَوْت كف غَالب)
(لَئِن تولى بِمن تولى ... وَمَوته أعظم المصائب)
)
(لقد تخطت بك المنايا ... عَن حاملٍ عَنْك للنوائب)
فَقَالَ وَالله لقد قلت الأول وَالثَّانِي وأغضى عَنهُ(12/60)
3 - (أَبُو عَليّ الْبَنْدَنِيجِيّ الشَّافِعِي)
الْحسن بن عبيد الله الْفَقِيه أَبُو عَليّ الْبَنْدَنِيجِيّ الشَّافِعِي صَاحب الشَّيْخ أبي حَامِد لَهُ عَنهُ تعليقة مَشْهُورَة وَله مصنفات كَثِيرَة
درس بِبَغْدَاد الْفِقْه ثمَّ رَجَعَ إِلَى البندنيجين وَأفْتى وَكَانَ ورعاً صَالحا وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الإخشيدي)
الْحسن بن عبيد الله بن طغج بن جف الإخشيدي لما أَقَامَ الْجند أَبَا الفوارس أَحْمد بن عَليّ بن الإخشيد جعلُوا خَلِيفَته فِي تَدْبِير الْأُمُور أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن عبيد الله الْمَذْكُور وَهُوَ ابْن عَم أَبِيه وَكَانَ صَاحب الرملة من بِلَاد الشَّام وَهُوَ الَّذِي مدحه أَبُو الطّيب بقصيدته الَّتِي أَولهَا من الطَّوِيل
(أَنا لائمي إِن كنت وَقت اللوائم ... علمت بِمَا بِي بَين تِلْكَ المعالم)
وَقَالَ فِي مخلصها من الطَّوِيل
(إِذا صلت لم أترك مصالاً لفاتكٍ ... وَإِن قلت لم أترك مقَالا لعالم)
(وَإِلَّا فخانتني القوافي وعاقني ... عَن ابْن عبيد الله ضعف العزائم)
وَتزَوج الْحسن فَاطِمَة ابْنة عَمه الإخشيد ودعوا لَهُ على الْمِنْبَر بعد ابْن عَمه أبي الفوارس أَحْمد بن عَليّ وَهُوَ بِالشَّام
وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى يَوْم الْجُمُعَة لثلاث عشرَة لَيْلَة خلت من شعْبَان سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمائة وَدخل إِلَى مصر رايات المغاربة الواصلين صُحْبَة الْقَائِد جَوْهَر فانقرضت دولة الإخشيدية وَكَانَت أَرْبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَعشرَة اشهر وَأَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا
وَكَانَ قد قدم ابْن عبيد الْمَذْكُور من الشَّام مُنْهَزِمًا من القرامطة وَدخل على ابْنة عَمه الَّتِي تزَوجهَا وَحكم وَتصرف وَقبض على الْوَزير جَعْفَر بن الْفُرَات وصادره وعذبه ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام فِي مستهل شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمائة
وَكَانَ جَعْفَر بن فلاح رَسُول الْقَائِد جَوْهَر قد أسر الْحسن بن عبيد الله من الشَّام وسيره إِلَى)
مصر مَعَ جمَاعَة من أُمَرَاء الشَّام إِلَى الْقَائِد جَوْهَر ودخلوا مصر سنة تسع وَخمسين
وَكَانَ ابْن عبيد الله قد أَسَاءَ إِلَى المصريين فِي مُدَّة ولَايَته عَلَيْهِم فتركوهم وقوفاً مشهورين مِقْدَار خمس سَاعَات وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِم ويشمت بهم من فِي نَفسه مِنْهُم ثمَّ أنزلوا فِي مضرب الْقَائِد جَوْهَر مَعَ المعتقلين(12/61)
وَقيل إِن الْقَائِد جَوْهَر بعث بِهِ مَعَ جملَة الْأُسَارَى إِلَى الْمعز وَقيل بل مَاتَ فِي الْقصر وَصلى عَلَيْهِ الْعَزِيز نزار بن الْمعز سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة
3 - (الْحسن بن عُثْمَان القَاضِي الزيَادي)
الْحسن بن عُثْمَان بن حَمَّاد بن حسان بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد أَبُو حسان الزيَادي الْبَغْدَادِيّ القَاضِي من أَعْيَان أَصْحَاب الْوَاقِدِيّ
روى عَن الْهَيْثَم بن عدي وهشيم بن بشير وَغَيرهمَا
وَكَانَ أديباً فَاضلا نسابةً أخبارياً جواداً كَرِيمًا سَمحا
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ عَن تسع وَثَمَانِينَ سنة وَمَات هُوَ وَالْحسن بن عَليّ بن الْجَعْد فِي وَقت وَاحِد
وَكَانَ الزيَادي قَاضِي مَدِينَة الْمَنْصُور وَكَانَ يصنف الْكتب وتصنف لَهُ وَكَانَت لَهُ خزانَة كتبٍ حَسَنَة وَله كتاب عُرْوَة بن الزبير طَبَقَات الشُّعَرَاء كتاب الْآبَاء والأمهات
وَلَيْسَ هُوَ كَمَا يظنّ بِهِ أَنه من ولد زِيَاد بن أَبِيه وَلما أحضرهُ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي وَالِي بَغْدَاد مَعَ من أحضرهُ لما أَمر الْمَأْمُون بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن عرض ذَلِك عَلَيْهِ وَقَرَأَ كتاب الْمَأْمُون فَكل مِنْهُم غالط وَصرح إِلَّا هُوَ فَإِنَّهُ قَالَ الْقُرْآن كَلَام الله وَالله خَالق كل شَيْء وأمير الْمُؤمنِينَ إمامنا وبسببه سمعنَا عَامَّة الْعلم وَقد سمع مَا لم نسْمع وَعلم مَا لم نعلم وَقد قَلّدهُ الله أمرنَا فَصَارَ يُقيم حجنا وصلاتنا ونؤدي إِلَيْهِ زكوات أَمْوَالنَا ونجاهد مَعَه ونرى إِمَامَته فَإِن أمرنَا أتمرنا وَإِن نَهَانَا انتهينا
قَالَ إِسْحَاق الْقُرْآن مَخْلُوق فَأَعَادَ مقَالَته قَالَ إِسْحَاق فَإِن هَذِه مقَالَة أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قد تكون مقَالَته وَلَا يَأْمر بهَا النَّاس وَإِن أَخْبَرتنِي أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمرك أَن أَقُول قلت مَا أَمرتنِي بِهِ قَالَ مَا أَمرنِي أَن أَقُول لَك شَيْئا قَالَ القَاضِي مَا عِنْدِي إِلَّا السّمع وَالطَّاعَة
قَالَ رَأَيْت رب الْعِزَّة فِي النّوم فَرَأَيْت نورا عَظِيما لَا أحسن أصفه وَرَأَيْت شخصا خيل إِلَيّ)
أَنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَأَنَّهُ يشفع إِلَى رب الْعِزَّة فِي رجل من أمته وَسمعت قَائِلا يَقُول ألم يكفك أَنِّي أنزلت عَلَيْك فِي سُورَة الرَّعْد وَإِن رَبك لذُو مغفرةٍ للنَّاس على ظلمهم
ثمَّ انْتَبَهت
3 - (أَبُو عَليّ الصرصري)
الْحسن بن عُثْمَان بن الْحسن بن هِشَام أَبُو عَليّ الصرصري تفقه على أبي حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ وَسمع الحَدِيث من عَليّ بن عمر بن الْحسن الْحَرْبِيّ السكرِي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن المخلص وَإِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجِرْجَانِيّ وَغَيرهم
وَكَانَ يكْتب خطا حسنا حدث فِي سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وروى عَنهُ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الكرويي وَأَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن زَكَرِيَّاء الطريثيثي(12/62)
3 - (السعيد صَاحب الصبيبة)
الْحسن بن عُثْمَان الْملك السعيد ابْن الْملك الْعَزِيز ابْن الْعَادِل صَاحب الصبيبة وبانياس
توفّي أَبوهُ سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فَقَامَ بعده ابْنه الْملك الظَّاهِر ثمَّ توفّي فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ فتملك بعده حسنٌ هَذَا وَبَقِي إِلَى أَن انتزع الصبيبة مِنْهُ الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَأَعْطَاهُ خبْزًا بِالْقَاهِرَةِ فَلَمَّا قتل الْمُعظم هرب إِلَى غَزَّة وَأخذ مَا فِيهَا وتزجه إِلَى الصبيبة وتسلمها
فَلَمَّا ملك الْملك النَّاصِر الشَّام أَخذ الْملك السعيد حسنا واعتقله بقلعة البيرة فَلَمَّا دخل هولاكو الشَّام وَملك التتار البيرة أَخْرجُوهُ من السجْن وأحضر عِنْد الْملك بقيوده فَأَطْلقهُ وخلع عَلَيْهِ بسراقوج وَصَارَ من جُمْلَتهمْ وَمَال إِلَيْهِم بكليته وَكَانَ يَقع فِي الْملك النَّاصِر عِنْدهم ويحرض على هَلَاكه فَسَلمُوا إِلَيْهِ الصبيبة وبانياس وَبَقِي فِي خدمَة كتبغا نوين لَا يُفَارِقهُ وَحضر مَعَه مصَاف عين جالوت وَقَاتل مَعَ التتار قتالاً شَدِيدا وَكَانَ بطلاً شجاعاً فَلَمَّا كسروا حضر بَين يَدي السُّلْطَان قطز فَقَالَ هَذَا مَا يَجِيء مِنْهُ خيرٌ فَأمر بِضَرْب عُنُقه فَقتل سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الْحسن بن عدي شيخ الأكراد)
حسن بن عدي بن أبي البركات بن صَخْر بن مُسَافر بن إِسْمَاعِيل الملقب بتاج العارفين شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد شيخ الأكراد وجده أَبُو البركات هُوَ أَخُو الشَّيْخ الْقدْوَة عدي رَحمَه الله تَعَالَى)
وَكَانَ شمس الدّين من رجال الْعَالم رَأيا ودهاءً وَله فضل وأدب وَشعر وتصانيف فِي التصوف وَله أتباعٌ ومريدون يبالغون فِيهِ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَبَينه وَبَين الشَّيْخ عدي من الْفرق كَمَا بَين الْقدَم وَالْفرق
وَبلغ من تَعْظِيم العدوية لَهُ فِيمَا حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد الإربلي قَالَ قدم واعظٌ على الشَّيْخ حسنٍ هَذَا فوعظ حَتَّى رق حسنٌ وَبكى وَغشيَ عَلَيْهِ فَوَثَبَ بعض الأكراد على الْوَاعِظ فذبحوه ثمَّ أَفَاق الشَّيْخ حسن فَرَآهُ يخبط فِي دَمه فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالُوا والا أيشٍ هَذَا من الْكلاب حَتَّى يبكي سَيِّدي الشَّيْخ فَسكت حفظا لدسته وحرمته
وَخَافَ مِنْهُ الْملك بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل حَتَّى قبض عَلَيْهِ وحبسه ثمَّ خنقه بوترٍ بقلعة الْموصل خوفًا من الأكراد لأَنهم كَانُوا يشنون الغارات على بِلَاده فخشي حَتَّى لَا يَأْمُرهُم بِأَدْنَى إِشَارَة فيخربون بِلَاد الْموصل
وَفِي الأكراد طوائف إِلَى الْآن يَعْتَقِدُونَ أَن الشَّيْخ حسنا لَا بُد أَن يرجع وَقد تجمعت عِنْدهم زكواتٌ ونذور ينتظرون خُرُوجه وَمَا يَعْتَقِدُونَ أَنه قتل وَكَانَت قتلته سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَله من الْعُمر ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة(12/63)
وَمن تصانيفه كتاب محك الْإِيمَان والجلوة لأرباب الْخلْوَة وهداية الْأَصْحَاب
وَله ديوَان شعر فِيهِ شَيْء من الْإِلْحَاد من ذَلِك من الْبَسِيط
(وَقد عصيت اللواجي فِي محبتها ... وَقلت كفوا فهتك السِّرّ أليق بِي)
(فِي عشق غانيةٍ فِي طرفها حورٌ ... فِي ثغرها شنبٌ وجدي من الشنب)
(فتنت عني بهَا يَا صَاح إِذْ برزت ... وغبت إِذْ حضرت حَقًا وَلم تغب)
(وصرت فَردا بِلَا ثانٍ أقوم بِهِ ... وَأصْبح الْكل والأكوان تَفْخَر بِي)
(وكل معناي مَعْنَاهَا وَصورتهَا ... كصورتي وَهِي تَدعِي ابْنَتي وَأبي)
وَمِنْه من أرجوزة من الرجز
(وشاهدت عَيْنَايَ أمرا هائلا ... جلّ بِأَن ترى لَهُ مماثلا)
(فغبت عِنْد ذَاك عَن وجودي ... لما تجلى الْحق فِي شهودي)
(وعاينت عَيْنَايَ ذَات الْبَارِي ... من غير شكٍ وَلَا تُمَارِي)
(فَكنت من رَبِّي لَا محاله ... كقاب قوسين وَأدنى حَاله)
)
وَمِنْه من الدوبيت الْحِكْمَة أَن تشرب فِي الحانات خمرًا قرنت بِسَائِر اللَّذَّات من كف مهفهفٍ مَتى مَا تليت آيَات صِفَاته بَدَت من ذاتي وَمِنْه من الطَّوِيل
(سَطَا وَله فِي مَذْهَب الْحبّ أَن يَسْطُو ... مليحٌ لَهُ فِي كل جارحة قسط)
(وَمن فَوق صحن الخد للنقط غايةٌ ... يدل على مَا يفعل الشكل والنقط)
وَختم الشَّيْخ شمس الدّين تَرْجَمَة الشَّيْخ حسن بَعْدَمَا أورد هَذِه الأبيات بِأَن قَالَ أَمْرَد وقهوة وقحبة أوراد أَرْبَاب الْهوى هذي طَرِيق الْجنَّة فَأَيْنَ طَرِيق النَّار
3 - (ابْن عَرَفَة)
الْحسن بن عَرَفَة بن يزِيد الْعَبْدي مَوْلَاهُم الْبَغْدَادِيّ الْمُؤَدب مُسْند وقته تفرد عَن جمَاعَة من الْمَشَايِخ وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وروى عَنهُ النَّسَائِيّ فِي غير السّنَن بِوَاسِطَة
سُئِلَ كم تعد فَقَالَ مائةٌ وَعشر سِنِين وَلم يبلغ أحد من أهل الْعلم هَذَا السن غَيْرِي وَكَانَ لَهُ عشرَة أَوْلَاد سماهم بأسماء الصَّحَابَة(12/64)
قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَمِير الْحَرَشِي)
الْحسن بن عريب بن عمرَان الْحَرَشِي من أُمَرَاء الْعَرَب بالعراق كَانَ شَاعِرًا جواداً سَمحا رُبمَا وهب الْمِائَة من الْإِبِل توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(صَحا قلبه لَا من ملام المؤنب ... وَلَا من سلوٍ عَن سليمى وَزَيْنَب)
(سوى زاجرات الْحلم إِذْ وضحت لَهُ ... حَوَاشِي صبحٍ فِي دياجر غيهب)
(وطار غراب الْجَهْل عَن روض رَأسه ... وكلت قلُوص الرَّاكِب المتحوب)
(وقضيت أوطار الشبيبة وَالصبَا ... سوى رشفةٍ من بَارِد الظُّلم أشنب)
قلت شعر جيد من سَاكن بادية وَلَكِن الْغُرَاب مَا هُوَ من طيور الرَّوْض
3 - (أَمِين الدولة وَزِير الصَّالح)
أَبُو الْحسن بن غزال الطَّبِيب كَانَ سامرياً ثمَّ أسلم أَمِين الدولة الصاحب كَمَال الدّين وَزِير)
الصَّالح إِسْمَاعِيل
قَالَ أَبُو المظفر مَا كَانَ لَا سامرياً وَلَا مُسلما بل كَانَ يتستر بِالْإِسْلَامِ ويبالغ فِي هدم الدّين وَلَقَد بَلغنِي عَن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الكوراني أَنه قَالَ لَهُ لَو بقيت على دينك كَانَ أصلح لَك لِأَنَّك تتمسك بدين فِي الْجُمْلَة أما الْآن فَأَنت مذبذب لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ
قَالَ وَآخر أمره شنق بِمصْر وَظهر لَهُ من الْأَمْوَال والجواهر مَا لَا يُوصف وَبَلغنِي أَن قيمَة مَا ظهر لَهُ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِينَار وَوجد لَهُ عشرَة آلَاف مجلدة من الْكتب النفيسة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَإِلَيْهِ تنْسب الْمدرسَة الأمينية ببعلبك
حبس بقلعة مصر مُدَّة وَلما جَاءَ الْخَبَر الَّذِي لم يتم بِأخذ الْملك النَّاصِر صَاحب الشَّام الديار المصرية كَانَ السامري فِي الْجب هُوَ وناصر الدّين بن يغمور وَسيف الدّين القيمري والخوارزمي صهر النَّاصِر فَخَرجُوا من الْجب وعصوا فِي القلعة وَلم يوافقهم القيمري بل جَاءَ وَقعد على بَاب الدَّار الَّتِي فِيهَا حرم عز الدّين أيبك التركماني وحماها وَأما أُولَئِكَ فصاحوا بشعار النَّاصِر ثمَّ كَانَت الكرة للترك الصالحية فَجَاءُوا وفتحوا القلعة وشنقوا أَمِين الدولة وَابْن يغمور
وَكَانَ الْمُهَذّب السامري وَزِير الأمجد عَمه وَكَانَ ذكياً فطناً داهيةً شَيْطَانا ماهراً فِي الطِّبّ عالج الأمجد واحتشم فِي أَيَّامه وَلما ملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بعلبك وزر لَهُ ودبر ملكه فَلَمَّا غلب على دمشق اسْتَقل بتدبير المملكة وَحصل لمخدومه أَمْوَالًا عَظِيمَة وعسف وظلم وَلما عجز الصَّالح عَن دمشق وتسلمها الصَّالح أَيُّوب احتاطوا على أَمِين الدولة واستصفوا أَمْوَاله وبعثوه إِلَى قلعة مصر وحبسوه فَبَقيَ مَحْبُوسًا خمس سِنِين ثمَّ شنق سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة(12/65)
وَقد ذكره ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخ الْأَطِبَّاء وَطول فِي تَرْجَمته وَذكر أَنه طلب مِنْهُ نُسْخَة من تَارِيخه وَأَنه كتب لَهُ نُسْخَة وَحملهَا إِلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهِ المَال الجزيل وَالْخلْع الفاخرة وشكره
وَكَانَ ابْن أبي أصيبعة قد مدحه بقصيدة جهزها إِلَيْهِ مَعَ الْكتاب أَولهَا من الوافر
(فُؤَادِي فِي محبتهم أَسِير ... وأنى سَار ركبهمْ يسير)
مِنْهَا من الوافر
(وَإِن أَشك الزَّمَان فَإِن ذخري ... أَمِين الدولة الْمولى الْوَزير)
)
(تسامى فِي سَمَاء الْمجد حَتَّى ... تأثر تَحت أَخْمُصُهُ الْأَثِير)
(وَهل شعرٌ يعبر عَن علاهُ ... وَدون مَحَله الشعرى العبور)
وَأورد لَهُ شعرًا كتب بِهِ أَمِين الدولة إِلَى برهَان الدّين وَزِير الْأَمِير عز الدّين المعظمي يعزيه فِي وَالِده الْخَطِيب شرف الدّين عمر من السَّرِيع
(قولا لهَذَا السَّيِّد الْمَاجِد ... قَول حزينٍ مثله فَاقِد)
(لَا بُد من فقدٍ وَمن فاقدٍ ... هَيْهَات مَا فِي النَّاس من خَالِد)
(كن المعزي لَا المعزى بِهِ ... إِن كَانَ لَا بُد من الْوَاحِد)
قلت وَله من الْكتب كتاب النهج الْوَاضِح فِي الطِّبّ وَهُوَ أجل كتاب صنف فِي الصِّنَاعَة الطّيبَة وَأجْمع لقوانينها الْكُلية والجزئية وَكتاب فِي الْأَدْوِيَة المفردة وقواها وَكتاب فِي الْأَدْوِيَة المركبة ومنافعها وَكتاب فِي تَدْبِير الأصحاء وعلاج الْأَمْرَاض وأسبابها وعلائمها وعلاجها وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من عمل الْيَد فِيهَا
قَالَ وَكَانَت لَهُ نفس فاضلة وهمةٌ عالية فِي جمع الْكتب وتحصيلها واقتنى كتبا كَثِيرَة فاخرة فِي سَائِر الْعُلُوم وَكَانَت النساخ أبدا يَكْتُبُونَ لَهُ وَأَنه فرق تَارِيخ دمشق على عشرَة نساخ فَكتب لَهُ فِي نَحْو سنتَيْن
وَقَالَ حكى لي الْأَمِير نَاصِر الدّين زكري الْمَعْرُوف بِابْن عليمة وَكَانَ من جمَاعَة الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب قَالَ لما حبس الصاحب أَمِين الدولة أرسل إِلَى منجم بِمصْر لَهُ خبْرَة فِي علم النُّجُوم وإصابات لَا تكَاد تخرم فِي أَحْكَامه وَسَأَلَهُ مَا يكون من حَاله وَهل يتَخَلَّص من الْحَبْس فَلَمَّا وصلت الرسَالَة إِلَيْهِ أَخذ ارْتِفَاع الشَّمْس للْوَقْت وحقق دَرَجَة الطالع والبيوت الاثنى عشر ومراكز الْكَوَاكِب ورسم ذَلِك كُله فِي تخت الْحساب وَحكم بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ يخلص هَذَا من الْحَبْس وَيخرج مِنْهُ وَهُوَ فرحان مسرور تلحظه السَّعَادَة إِلَى أَن يبْقى لَهُ أمرٌ مُطَاع فِي الدولة بِمصْر ويمتثل أمره وَنَهْيه جمَاعَة من الْخلق
فَلَمَّا وصل الْجَواب إِلَيْهِ بذلك وعندما وَصله مَجِيء الْمُلُوك وَأَن النُّصْرَة لَهُم خرج وأيقن أَنه يبْقى وزيراً بِمصْر وَتمّ لَهُ مَا ذكره المنجم من الْخُرُوج من الْحَبْس والفرح وَالْأَمر وَالنَّهْي(12/66)
وَصَارَ لَهُ أمرٌ مُطَاع فِي ذَلِك الْيَوْم وَلم يعلم أَمِين الدولة بِمَا يجْرِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَأَن الله عز وَجل قد أنفذ مَا جعله عَلَيْهِ مُقَدرا)
3 - (الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب)
3 - (رَضِي الله عَنْهُمَا)
الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا رَيْحَانَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن بنته السيدة فَاطِمَة الزهراء
ولد فِي شعْبَان سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة وَقيل فِي نصف شهر رَمَضَان لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة عَن أَبِيه وجده كَانَ يشبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو بكرَة رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر وَالْحسن بن عَليّ إِلَى جنبه وَهُوَ يَقُول إِن ابْني هَذَا سيدٌ وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين فئتين من الْمُسلمين رَوَاهُ البُخَارِيّ
وَتُوفِّي الْحسن فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين بِالْمَدِينَةِ فِي قَول الْوَاقِدِيّ وَفِي سنة خمسين فِي قَول جمَاعَة
وَفد دمشق على مُعَاوِيَة مَرَّات فَأعْطَاهُ مرّة أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ يُعْطِيهِ كل سنة مائَة ألف وَقيل ألف ألف
وَلما ولد رَضِي الله عَنهُ تفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فِيهِ وَسَماهُ حسنا وَكَانَ عَليّ سَمَّاهُ حَربًا وَقيل حَمْزَة وَقيل جَعْفَر وَقيل جَعْفَر فَغَيره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمر بِهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بليالٍ وَهُوَ يلْعَب مَعَ الصّبيان فَحَمله على رقبته وَقَالَ وَا بِأبي شبه النَّبِي لَيْسَ شَبِيها بعلي وعليٌّ يبتسم
وَقَالَ ابْن الزبير أَنا أحدثكُم بأشبه أَهله بِهِ يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحبهم إِلَيْهِ الْحسن بن عَليّ رَأَيْته يَجِيء وَهُوَ ساجدٌ فيركب رقبته أَو قَالَ ظَهره فَمَا ينزله حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي ينزل وَلَقَد رَأَيْته يَجِيء وَهُوَ رَاكِع فيفرج لَهُ رجلَيْهِ حَتَّى يخرج من الْجَانِب الآخر
وَقَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ريحانتي من الدُّنْيَا وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه وَأحب من يُحِبهُ
وَعَن عَليّ كَانَ الْحسن أشبه النَّاس برَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم من وَجهه إِلَى سرته وَكَانَ الْحُسَيْن أشبه النَّاس برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ أَسْفَل من ذَلِك
وَعَن جَابر قَالَ دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْحسن وَالْحُسَيْن على ظَهره وَهُوَ يمشي بهما على أَربع وَهُوَ يَقُول نعم الْجمل جملكما وَنعم العدلان أَنْتُمَا)
وَعَن عَليّ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة أَن لَا تسبقه برضاع وَلَدهَا فسبقته برضاع الْحُسَيْن وَأما الْحسن فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنع فِي فِيهِ شَيْئا لَا يدْرِي مَا هُوَ فَكَانَ أعلم الرجلَيْن
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جملَة من فضائله
وَقَالَ ابْن الزبير لَا وَالله مَا قَامَت النِّسَاء عَن مثله يَعْنِي الْحسن وَكَانَ الْحُسَيْن يجله وَيرد النَّاس عَنهُ إِذا ازدحموا عَلَيْهِ ويمتثل أوامره(12/67)
وَنَشَأ الْحسن كَمَا وَصفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عابداً عَالما جواداً فَاضلا مهيباً وقوراً حَلِيمًا فصيحاً وَحج خمْسا وَعشْرين حجَّة مَاشِيا وَإِن النجائب لتقاد مَعَه
وَلَقَد قَاسم الله مَاله ثَلَاث مَرَّات حَتَّى أَنه يُعْطي الْخُف ويمسك النَّعْل
وَقَالَ ابْن سِيرِين كَانَ الْحسن يُجِيز الرجل الْوَاحِد بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ مطلاقاً قيل إِنَّه أحصن بسبعين امْرَأَة وقلما تُفَارِقهُ أَربع حرائر وَكَانَ لَا يُفَارق امْرَأَة إِلَّا وَهِي تحبه
وَكَانَ يَوْم الْجمل على الميمنة وَقيل على الميسرة وَكَانَ يكره الْقِتَال وَيُشِير على أَبِيه بِتَرْكِهِ
وبويع بعد قتل أَبِيه بالخلافة بَايعه أهل الْكُوفَة وَكَانُوا تسعين ألفا أَو نَحْوهَا وأطاعوه وأحبوه أَشد من حبهم لِأَبِيهِ فَبَقيَ فِيهَا سِتَّة أشهر أَو سَبْعَة أَو نَحْو ذَلِك فتمت بهَا خلَافَة النُّبُوَّة ثَلَاثِينَ سنة
ثمَّ إِنَّه صَالح مُعَاوِيَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بسواد الْكُوفَة فَسُمي عَام الْجَمَاعَة وَسلم الْأَمر إِلَيْهِ وَكَانَ هَذَا هُوَ الصُّلْح الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الْحسن فوَاللَّه وَالله بعد أَن ولي لم يهرق فِي خِلَافَته ملْء محجمة من دم وَكَانَ أهل الْعرَاق قد خذلوه فِي قتال مُعَاوِيَة وَنهب سرادقه وَطعن بخنجر فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة بِالصُّلْحِ فَقدم عَلَيْهِ وَبَايَعَهُ على أَن جعل الْعَهْد من بعده لِلْحسنِ وَاشْترط عَلَيْهِ أَخذ مَا فِي بَيت المَال وَكَانَ سَبْعَة آلَاف ألف دِرْهَم وَأَن لَا يسب عليا وَهُوَ يسمع وَأَن يحمل إِلَيْهِ خراج فسا ودارابجرد من أَرض فَارس كل عَام إِلَى الْمَدِينَة مَا بَقِي فَأَجَابَهُ مُعَاوِيَة إِلَى ذَلِك ثمَّ كَانَ يجْرِي عَلَيْهِ كل سنة ألف ألف دِرْهَم وَلم يحمل إِلَيْهِ الْخراج
وَعرض لِلْحسنِ رجلٌ فَقَالَ يَا مسود وُجُوه الْمُسلمين وَقَالَ آخر يَا مسخم وُجُوه الْمُؤمنِينَ)
وَكَانَ أَصْحَابه يَقُولُونَ يَا عَار الْمُؤمنِينَ فَيَقُول لَهُم الْعَار خيرٌ من النَّار
ثمَّ إِنَّه مَاتَ مسموماً قيل إِن زَوجته جعدة بنت الْأَشْعَث بن قيس أمرهَا بذلك يزِيد بن مُعَاوِيَة لتَكون ولَايَة الْعَهْد لَهُ ووعدها أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا مَاتَ الْحسن قَالَ يزِيد وَالله لم نرضك لِلْحسنِ فَكيف نرضاك لأنفسنا وَلم يَتَزَوَّجهَا
وَكَانَ الْحسن تُوضَع تَحْتَهُ طست وترفع أُخْرَى نَحوا من أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَالَ الطَّبِيب هَذَا رجل قطع السم أمعاؤه وَأقَام نسَاء بني هَاشم عَلَيْهِ النواح شهرا
وَلما مَاتَ ارتجت الْمَدِينَة صياحاً وَكَانَ قد أوصى أَن يدْفن فِي حجرَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَن تخَاف فتْنَة فحال مَرْوَان بِمن مَعَه دون ذَلِك فَقَالَ وَالله لَا يدْفن فِي الْحُجْرَة وَقد دفن عُثْمَان فِي البقيع وَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فاستصوبه فَدفن عِنْد قبر أمه فَاطِمَة وَصلى عَلَيْهِ سعيد بن الْعَاصِ وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة(12/68)
وَمَات وَله سبع وَأَرْبَعُونَ سنة أَو سِتّ وَأَرْبَعُونَ وَقيل ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة رَضِي الله عَنهُ
وَلما بَايع الْحسن مُعَاوِيَة قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَأَبُو الْأَعْوَر السّلمِيّ لَو أمرت الْحسن فَصَعدَ الْمِنْبَر فَتكلم فَإِنَّهُ عييٌّ فِي الْمنطق فيزهد فِيهِ النَّاس فَقَالَ مُعَاوِيَة لَا تَفعلُوا فوَاللَّه لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمص لِسَانه وشفته وَلنْ يعيي لِسَان مصه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوَ شفةٌ
3 - (الأطروش الْعلوِي)
الْحسن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عمر بن عليّ زينِ العابدين ابْن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الناجم بطبرستان أَبُو مُحَمَّد الأطروش
خرج بالديلم أَيَّام أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الساماني صَاحب خُرَاسَان فَهَزَمَهُمْ وَاسْتولى على طبرستان
وَكَانَ شَاعِرًا وَمن شعره من الْكَامِل
(لهفان جم بلابل الصَّدْر ... بَين الغياض بساحل الْبَحْر)
(يَدْعُو الْعباد لرشدهم وَكَأن ... ضربوا على الأذقان بالوقر)
(كَيفَ الْإِجَابَة للرشاد وهم ... أعداؤه فِي السِّرّ والجهر)
(متبرمٌ بحياته قلقٌ ... قد مل صُحْبَة أهل ذَا الدَّهْر)
)
(دفعُوا الْإِمَامَة عَن أسنهم ... أهل التقى وَالنَّهْي وَالْأَمر)
(وبنوا معالمها على جرفٍ ... هارٍ وعقدتها على غدر)
(جعلُوا الضَّرِير يَقُود مبصرهم ... وأخا الضلال دَلِيل ذِي الْخَبَر)
(ولي النَّصَارَى حكم دينهم ... وَالتّرْك أهل الشّرك وَالْكفْر)
(أَو مسرفٌ بادٍ ضلالته ... حلف المجون معاقر الْخمر)
(تهدى رُؤُوس بني النَّبِي وهم ... جذلون من مصرٍ إِلَى مصر)
(فَخَشِيت أَن ألْقى الْإِلَه وَمَا ... أبليت فِي أعدائه عُذْري)
(فِي فتيةٍ باعوا نُفُوسهم ... لله بالغالي من الْأجر)
(صَبَرُوا على غير الزَّمَان وَمَا ... لاقوا من البأساء والضر)
(صَبَرُوا وَلَو شَاءُوا نَجوا فَأَبَوا ... إِلَّا جميل عواقب الذّكر)
(فَجَمِيع مَا يَأْتِيهِ أمتنَا ... غَضبا على الْإِسْلَام للكفر)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(عهود الصِّبَا سقيا لَكِن عهودا ... وَإِن كَانَ إسعافي لَهُنَّ زهيدا)
(لقد حل مغنى كل حلم وَشَيْبَة ... يرى هَدْيه من هديكن بَعيدا)(12/69)
(فَتى غادرت مِنْهُ الخطوب وصرفها ... طَبِيبا لأدواء الخطوب جليدا)
(أمخترمي ريب الزَّمَان وَلم أقد ... خيولاً إِلَى أَعْدَائِنَا وجنودا)
(وَلم أخضب المران من علق الكلى ... وأترك مِنْهُ فِي الْقُلُوب قصيدا)
(بِكُل فَتى كالسيف يفْسد فِي العدى ... وَإِن كَانَ فِي دين الْإِلَه مجيدا)
(إِلَى أَن أرى أثر المحلين قد عَفا ... وقائم زرع الظَّالِمين حصيدا)
وَكَانَ خُرُوج الأطروش سنة إِحْدَى وثلاثمائة فغلب على طبرستان وَأخرج مِنْهَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صعلوكاً صَاحب إِسْمَاعِيل بن أَحْمد صَاحب خُرَاسَان وتلقب بالناصر ثمَّ إِنَّه توفّي بآمل سنة أَربع وثلاثمائة فَبَايع وَلَده وَأَصْحَابه بعده الْحسن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن زيد بن الْحسن بن عَليّ
3 - (العسكري وَالِد الإِمَام المنتظر)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الرِّضَا بن مُوسَى بن جَعْفَر الصَّادِق بن مُحَمَّد ابْن عَليّ زين)
العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد العسكري
أحد أَئِمَّة الشِّيعَة الَّذين يدعونَ عصمتهم وَيُقَال لَهُ الْحسن العسكري لكَونه نزل سامر وَهُوَ وَالِد منتظر الرافضة
توفّي يَوْم الْجُمُعَة وَقيل يَوْم الْأَرْبَعَاء لثماني ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول وَقيل جُمَادَى الأولى سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَله تسع وَعِشْرُونَ سنة وَدفن إِلَى جَانب وَالِده
وَأمه أمةٌ وَأما ابْنه مُحَمَّد الْحجَّة الْخلف الَّذِي تدعيه الرافضة فولد سنة ثَمَان وَخمسين وَقيل سِتّ وَخمسين عَاشَ بعد أَبِيه سنتَيْن وَمَات عدم وَلم يعلم كَيفَ مَاتَ وهم يدعونَ بَقَاءَهُ فِي السرداب من تِلْكَ الْمدَّة وَأَنه صَاحب الزَّمَان
3 - (المعمري)
الْحسن بن عَليّ بن شبيب أَبُو عَليّ المعمري الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ(12/70)
صَاحب كتاب الْيَوْم وَاللَّيْلَة
لَهُ رحْلَة سمع فِيهَا هِشَام بن عمار وَأحمد بن أبي الْحوَاري ودحيماً وَأَبا نصر التمار وَخلف بن هِشَام وَغَيرهم
روى عَنهُ أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا وَإِسْمَاعِيل الخطبي وَأحمد بن كَامِل القَاضِي وَغَيرهم
كَانَ من أوعية الْعلم يذكر بالفهم ويوصف بالفهم فِي حَدِيثه أَشْيَاء وغرائب يتفرد بهَا
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَا يتَعَمَّد الْكَذِب وَلَكِن أَحسب أَنه صحب قوما يصلونَ الحَدِيث
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صَدُوق عِنْدِي وَأما مُوسَى بن هَارُون فجرحه وَكَانَت بَينهمَا عَدَاوَة
مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَدفن على الطَّرِيق عِنْد مَقَابِر البرامكة بِبَاب البردان بلغ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة وَشد أَسْنَانه بِالذَّهَب وَقيل لَهُ المعمري لِأَن أمه بنت سُفْيَان بن أبي سُفْيَان صَاحب معمر بن رَاشد
3 - (ابْن وَكِيع التنيسِي)
الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلف أَبُو مُحَمَّد الضَّبِّيّ التنيسِي الْمَعْرُوف بِابْن وَكِيع الشَّاعِر أَصله من بَغْدَاد ومولده بتنيس
لَهُ كتاب الْمنصف بَين فِيهِ سرقات المتنبي
قَالَ ابْن رَشِيق فِي كتاب أبكار الأفكار وَهُوَ أجور من سدوم
قلت لِأَنَّهُ تحامل فِيهِ على أبي الطّيب كثيرا وَهُوَ خلاف التَّسْمِيَة إِلَّا أَنه دلّ على أَنه كَانَ لَهُ)
اطلَاع عَظِيم إِلَى الْغَايَة وَلم يرض لَهُ بِالسَّرقَةِ من شَاعِر وَاحِد حَتَّى يعد الْجُمْلَة من الشُّعَرَاء ذَلِك الْمَعْنى الْمَسْرُوق
وَكَانَ فِي لِسَانه عجمة وَيُقَال لَهُ الْعَاطِس وَتُوفِّي بعلة الفالج سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة
قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الصُّورِي حَدثنِي أَبُو مَنْصُور الْحلَبِي كَانَ ابْن وَكِيع هَذَا(12/71)
سمساراً فِي بَلَده متأدباً ظريفاً سَأَلَني أَن أخرج مَعَه إِلَى تَوْبَة لنشرب فَخرجت مَعَه واستصحبت مغنياً يعرف بِابْن ديار رطوب وَألقى إِلَيْهِ أَن لَا يُغني إِلَّا بِشعرِهِ فغنى من مجزوء الْكَامِل
(لَو كَانَ كل عليلٍ ... يزْدَاد مثلك حسنا)
(لَكَانَ كل عليلٍ ... يود لَو كَانَ مضنى)
(يَا أكمل النَّاس حسنا ... صل أكمل النَّاس حزنا)
(غيبت عني وَمَالِي ... وجهٌ بِهِ عَنْك أغْنى)
وَكَانَ قد صنف كتاب سرقات المتنبي وحاف عَلَيْهِ وعذلته فَلم يرجع قلت هَل تثقل عَلَيْك الْمُوَافقَة قَالَ لَا قلت أبياتك مَأْخُوذَة الأول من وَاحِد وَالثَّانِي من آخر فَالْأول من قَوْله من الوافر
(فَلَو كَانَ الْمَرِيض يزِيد حسنا ... كَمَا تزداد أَنْت على السقام)
(لما عيد الْمَرِيض إِذا وعدت ... شكايته من النعم الْعِظَام)
وَالثَّانِي من قَول رؤبة من الرجز
(مُسلم مَا أنساك مَا حييت ... لَو أشْرب السلوان مَا سليت)
مَا لي غنى عَنْك وَإِن غنيت فَقَالَ وَالله مَا سَمِعت بِهَذَا فَقلت فَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَاعْتَذر بِمثلِهِ للمتنبي
وَمن شعر ابْن وَكِيع من الْخَفِيف
(قلت للمعرض الَّذِي صد عني ... دم على الهجر واجتهد فِي بعادك)
نَاب طيف الخيال لي عَنْك بالوصل فأغنى وداده عَن ودادك
(قَالَ مَا زارك الخيال لبرٍّ ... أَنا أَرْسلتهُ لطرد رقادك)
وَمِنْه من المتقارب)
(لَهُ مضحك برقه خاطفٌ ... عقول الرِّجَال إِذا مَا ابتسم)
(أَقُول لَهُ إِذْ بدا دره ... شَهِيدا لناظمه بالحكم)
(أرى الدّرّ يثقبه الناظمون ... وَمَا ثقبوا ذَا فَكيف انتظم)
وَمِنْه من السَّرِيع
(حاسبني الدَّهْر على مَا مضى ... بدل فرحاتي بترحات)
(فليته جازى بِمَا نلته ... لكنه أَضْعَف مَرَّات)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(ونحرٍ كَأَن الله للثم صاغه ... وَبَعض نحور النَّاس يصلح للنحر)(12/72)
وَمن شعره من الْكَامِل
(إِن كَانَ قد بعد المزار فودُّنا ... باقٍ وَنحن على النَّوَى أحباب)
(كم قاطعٍ للوصل يُؤمن وده ... ومواصل بوداده يرتاب)
ذكرت هُنَا مَا كتب بِهِ السراج الْوراق إِلَى الرشيد المارديني وَقد بعث إِلَيْهِ تَمرا رديئاً ضمن قدور من الْكَامِل
(يَا من غَدا لي وَاضِعا بقدوره ... قدرا لَهُ فَوق السَّمَاء قباب)
(جَاءَت بأنواع النَّوَى فمجاببٌ ... أدماً وعارٍ مَا لَهُ جِلْبَاب)
(وعَلى النقير لتمرها أثرٌ عَفا ... فهدى إِلَيْهِ الحائرين ذُبَاب)
(أرجيع مَا لاك الْحجاز بعثته ... والرزق سد فَمَا لَدَيْهِ بَاب)
(أم خلت زجاجاً أَخَاك ومصر من ... شُؤْم النَّوَى قفر الرحاب يباب)
(وَإِذا تَبَاعَدت الجسوم فودنا ... بَاقٍ وَنحن على النَّوَى أحباب)
وَلابْن وَكِيع الْمَذْكُور من السَّرِيع
(أبصره عاذلي عَلَيْهِ ... وَلم يكن قبلهَا رَآهُ)
(فَقَالَ لي لَو هويت هَذَا ... مَا لامك النَّاس فِي هَوَاهُ)
(قل لي إِلَى من عدلت عَنهُ ... فَلَيْسَ أهل الْهوى سواهُ)
(فظل من حَيْثُ لَيْسَ يدْرِي ... يَأْمر بالحب من نَهَاهُ)
قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان كنت أنْشد هَذِه الأبيات لصاحبنا الْفَقِيه شهَاب الدّين)
مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم الْمَعْرُوف بِابْن الخيمي فأنشدني لنَفسِهِ فِي الْمَعْنى من الرمل
(لَو رأى وَجه حَبِيبِي عاذلي ... لتفاصلنا على وجهٍ مليح)
وَمن شعر ابْن وَكِيع من المتقارب
(لقد قنعت همتي بالخمول ... وصدت عَن الرتب العاليه)
(وَمَا جهلت طعم طيب الْعلَا ... وَلكنهَا تطلب العافيه)
وَمِنْه من الوافر
(ملا عَن حبك الْقلب المشوق ... فَمَا يصبو إِلَيْك وَلَا يتوق)
(جفاؤك كَانَ عَنْك لنا عزاءً ... وَقد يسلي عَن الْوَلَد العقوق)
وَمِنْه من مخلع الْبَسِيط
(أما ترى أنجم الدياجي ... تزهر فِي جوها النقي)
(تحكي لنا لؤلؤاً نثيراً ... على بساطٍ بنفسجي)(12/73)
وَمِنْه من المتقارب
(وَقد شاكلت فِي أَدِيم السما ... نُجُوم الثريا للحظ الْمقل)
(دَنَانِير أعطتكها راحةٌ ... سَواد الخضاب بهَا قد نصل)
وَمِنْه قَوْله من الطَّوِيل
(أَلا سقنيها والثريا كَأَنَّمَا ... كواكبها فِي جوها غُصْن مشمش)
وَمِنْه من المتقارب
(غَدِير تدرج أمواجه ... هبوب الرِّيَاح وَمر الصِّبَا)
(إِذا الشَّمْس من فَوْقه أشرقت ... توهمته زرداً مذهبا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلَسْت ترى وشي الرياض المنمنما ... وَمَا رصع الربعِي فِيهِ ونظما)
(وَقد حكت الأَرْض السَّمَاء بنورها ... فَلم أدر فِي التَّشْبِيه أَيهمَا السما)
(فخضرتها كالجو فِي حسن لَونه ... ونوارها يَحْكِي لعينيك أنجما)
وَمِنْه فِي زهر الْكَتَّان والسلجم من المنسرح
(وهز كتانه ذوائبه ... فَفِيهِ جهد الصِّفَات تَقْصِير)
)
(كَأَنَّهُ بسط سندس بهجٍ ... قد نثرت فَوْقه دَنَانِير)
(وطلعٍ هتكنا عَنهُ جيب قَمِيصه ... فيا حسنه من منظرٍ حِين هتكا)
(حكى صدر خودٍ من بني الرّوم هزها ... سماعٌ فشقت عَنهُ ثوبا مفركا)
وَابْن وَكِيع هُوَ نَافِلَة مُحَمَّد بن خلف الضَّبِّيّ القَاضِي الْبَغْدَادِيّ وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين
3 - (صَاحب أفريقية)
الْحسن بن عَليّ بن يحيى بن تَمِيم بن المُعزّ بن باديس بن الْمَنْصُور ابْن بلكين بن زيري بن منادٍ الْأَمِير أَبُو يحيى ابْن الْأَمِير أبي الْحسن ابْن الْأَمِير أبي طَاهِر الْمعز ابْن الْأَمِير أَصْحَاب أفريقية وَمَا والاها قد تقدم ذكر جده الْأَكْبَر تَمِيم فِي حرف التَّاء وَسَيَأْتِي ذكر أَبِيه عَليّ وَذكر جده يحيى وَذكر تَمِيم وَذكر الْمعز كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما جده الْأَكْبَر باديس فقد تقدم فِي حرف الْبَاء
توفّي وَالِده عَليّ بن يحيى سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة بَعْدَمَا قوض الْأَمر إِلَى وَلَده أبي يحيى هَذَا ومولده بِمَدِينَة سوسة فِي شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة وَكَانَت ولَايَته وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة وَتِسْعَة أشهر وَركب والجيوش بِهِ محتفة(12/74)
وَجَرت فِي أَيَّامه حروب ووقائع يطول شرحها من ذَلِك رَجَاء الفرنجي صَاحب صقلية أَخذ طرابلس الغرب بِالسَّيْفِ عنْوَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَقتل أَهلهَا وسبى الْحَرِيم والأطفال وَأخذ الْأَمْوَال ثمَّ عمرها وحصنها بِالرِّجَالِ وَالْعدَد ثمَّ أَخذ المهدية سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة لِأَن الْحسن هَذَا لما علم بعجزه عَن مقاومته خرج من المهدية هَارِبا واستصحب مَا خف حمله من النفائس وهرب أهل الْبَلَد أَيْضا إِلَّا من عجز فملكها الفرنج وَتوجه الْحسن هَذَا إِلَى قلعة الْمُعَلقَة وَهِي حَصِينَة بإفريقية تجاور تونس وصاحبها مُحرز بن زِيَاد أحد أُمَرَاء الْعَرَب فَأَقَامَ عِنْده قَلِيلا وَظهر لَهُ مِنْهُ الضجر فعزم على الْقَصْد إِلَى الديار المصرية ليَكُون عِنْد الْحَافِظ العبيدي فَبلغ الْخَبَر رجاراً فَجعل عشْرين شينياً فِي الْبَحْر عينا عَلَيْهِ لإمساكه
فَرجع الْحسن عَن هَذَا وَأَرَادَ التَّوَجُّه إِلَى عبد الْمُؤمن بن عَليّ بمراكش وجهز ثَلَاثَة من أَوْلَاده إِلَى صَاحب بجاية وَهِي آخر أَعمال أفريقية يَسْتَأْذِنهُ فِي الْوُصُول إِلَيْهِ وَبعد ذَلِك يتَوَجَّه إِلَى عبد الْمُؤمن فأضمر لَهُ الْغدر وَخَافَ من اجتماعه بِعَبْد الْمُؤمن أَن يتَّفقَا عَلَيْهِ فَكتب على)
يَد أَوْلَاده إِلَيْهِ لَا حَاجَة لَك فِي الرواح إِلَى عبد الْمُؤمن وَنحن نَفْعل مَعَك ونصنع وأجزل لَهُ المواعيد الْحَسَنَة فَتوجه إِلَيْهِ فَلَمَّا قرب من بجاية لم يخرج للقائه وَعدل بِهِ إِلَى الجزائر وَهِي بَلْدَة فَوق بجاية من جِهَة الغرب وأنزلوه بهَا فِي مَكَان لَا يَلِيق بِمثلِهِ ورتبوا لَهُ من الْإِقَامَة مَا لَا يَكْفِي بعض أَتْبَاعه ومنعوه من التَّصَرُّف
وَكَانَ وُصُوله إِلَى الجزائر فِي الْمحرم سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
ثمَّ إِن عبد الْمُؤمن فتح بجاية سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وهرب صَاحبهَا إِلَى قسطنطينة وَهلك رجار ثمَّ إِن عبد الْمُؤمن وصل إِلَى المهدية وملكها بعد جهد جهيد سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَولى بهَا نَائِبا
وَكَانَ الْحسن هَذَا قد وصل مَعَه فرتبه مَعَ النَّائِب لتدبيرها لكَونه عَارِفًا بِحَالِهَا وأقطعه بهَا ضيعتين وَأَعْطَاهُ دوراً يسكنهَا هُوَ وَأَوْلَاده فسبحان من لَا يَزُول ملكه وَلَا يحول
هَذَا الْحسن بعد أَن كَانَ ملكا أصبح سوقةً وَكَانَ هُوَ آخر من ملك إفريقية من أهل بَيته وَأول مُلُوك بَيته زيري وَيَأْتِي ذكره فِي حرف الزَّاي وهم تِسْعَة مُلُوك وَمُدَّة ولايتهم مِائَتَا سنة وَثَمَانِية أَعْوَام وانقرضت دولة بني إِدْرِيس وَهَذَا الْحسن بن عَليّ الْمَذْكُور هُوَ الَّذِي صنف لَهُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت كتاب الحديقة
3 - (الْمَذْهَب)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن وهب التَّمِيمِي الْوَاعِظ أَبُو عَليّ الْمَذْهَب الْبَغْدَادِيّ رَاوِي الْمسند توفّي لَيْلَة الْجُمُعَة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة(12/75)
3 - (الْأَهْوَازِي الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يزْدَاد بن هُرْمُز الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي الْمُقْرِئ نزيل دمشق
صنف الموجز وَالْوَجِيز والإيجاز وَغير ذَلِك فِي الْقرَاءَات وصنف كتابا فِي الصِّفَات وروى فِيهِ الموضوعات وَلم يضعفها وَمَا كَأَنَّهُ عرف بوضعها فَتكلم فِيهِ الأشاعرة لذَلِك وَلِأَنَّهُ كَانَ ينَال من الْأَشْعَرِيّ(12/76)
قَالَ ابْن عَسَاكِر كَانَ مذْهبه مَذْهَب السالمية يَقُول بِالظَّاهِرِ ويتمسك بالأحاديث الضعيفة
وَتُوفِّي سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة)
3 - (العامري)
الْحسن بن عَليّ بن عَفَّان العامري أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي روى عَنهُ ابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَقْرَع الْمُؤَدب)
الْحسن بن عَليّ بن عبد الله أَبُو عَليّ الْعَطَّار الْمُقْرِئ الْبَغْدَادِيّ وَالِد فَاطِمَة صَاحِبَة الْخط الْمَنْسُوب وَهُوَ الْمَعْرُوف بالأقرع الْمُؤَدب
روى عَنهُ الْخَطِيب توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (المقنعي الْمسند)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي الشِّيرَازِيّ الْبَغْدَادِيّ المقنعي مُسْند الْعرَاق بل مُسْند الدُّنْيَا فِي عصره
قيل لَهُ المقنعي لِأَنَّهُ كَانَ يتطلس ويلتف بهَا من تَحت حنكه توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الْوَزير نظام الْملك)
الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَاق بن الْعَبَّاس الْوَزير أَبُو عَليّ نظام الْملك قوام الدّين الطوسي كَانَ مَجْلِسه عَامِرًا بالفقهاء والقراء
أَمر بِبِنَاء الْمدَارِس فِي الْأَمْصَار وَرغب فِي الْعلم كل أحد وَسمع الحَدِيث وأملى فِي الْبِلَاد وَحضر مَجْلِسه الْحفاظ
وزر للسُّلْطَان ألب أرسلان وَكَانَ يدبر أمره وَجرى على يَدَيْهِ من الرسوم المستحسنة وَنفي الظُّلم وَإِسْقَاط الْمُؤمن مَا شاع وذاع ثمَّ وزر بعده لملكشاه بن ألب أرسلان
وَسمع هَذَا الْوَزير من أبي مُسلم مُحَمَّد بن عَليّ بن مهريزد الأديب بإصبهان وَمن أبي الْقَاسِم الْقشيرِي وَأبي حَامِد الْأَزْهَرِي وَهَذِه الطَّبَقَة(12/77)
وروى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الْوَزير عَليّ بن طراد الزَّيْنَبِي وَالْقَاضِي أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عمر الأرموي وَأَبُو الْقَاسِم نصر بن نصر بن عَليّ العكبري
وَهُوَ أول من بنى الْمدَارِس فِي الْإِسْلَام بني نظامية بَغْدَاد ونظامية نيسابور ونظامية طوس ونظامية إصبهان وَغير ذَلِك من الرَّبْط وأنواع الْبر)
وَدخل على الإِمَام الْمُقْتَدِي بِاللَّه فأجلسه وَقَالَ يَا حسن رَضِي الله عَنْك برضى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَنْك
وَكَانَ كثير الإنعام على الصُّوفِيَّة فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ أَتَانِي صوفي وَأَنا فِي خدمَة بعض الْأُمَرَاء فوعظني وَقَالَ اخدم من ينفعك خدمته وَلَا تخْدم من تَأْكُله الْكلاب غَدا فَلم أعلم معنى كَلَامه فَشرب ذَلِك الْأَمِير من الْغَد وَكَانَت لَهُ كلابٌ كالسباع تفترس الغرباء فِي اللَّيْل فغلبه السكر فَخرج وَحده وَلم تعرفه الْكلاب فمزقته فَعلمت أَن الصُّوفِي كوشف بذلك فَأَنا أخدم الصُّوفِيَّة لعَلي أظفر بِمثلِهِ
وَكَانَ إِذا سمع الْأَذَان أمسك عَمَّا هُوَ فِيهِ وَكَانَ يسمع الحَدِيث وَيَقُول إِنِّي لأعْلم لست أَهلا لذَلِك وَلَكِن أُرِيد أَن أربط نَفسِي فِي قطار النقلَة لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ممدحاً أَكثر من فِي دمية الْقصر من الشُّعَرَاء شعراؤه ومادحوه
وَكَانَت وِلَادَته سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة بنوقان وَتوجه صُحْبَة ملكشاه إِلَى إصبهان فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة السبت عَاشر شهر رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة أفطر وَركب فِي محفته فَلَمَّا بلغ قَرْيَة قريبَة من نهاوند قَالَ هَذَا الْموضع قتل فِيهِ خلق كثير من الصَّحَابَة زمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُم فطوبى لمن كَانَ مِنْهُم فاعترضه صبيٌ ديلمي على هَيْئَة الصُّوفِيَّة مَعَه قصَّة فَدَعَا لَهُ وَسَأَلَهُ تنَاولهَا فَمد يَده ليأخذها فَضَربهُ بسكين فِي فُؤَاده فَحمل إِلَى مضربه وَمَات فِي التَّارِيخ رَحمَه الله وَقتل قَاتله فِي الْحَال بَعْدَمَا هرب فعثر فِي طُنب خيمة وَحمل الْوَزير إِلَى إصبهان وَدفن بهَا
يُقَال إِن السُّلْطَان دس عَلَيْهِ من قَتله لِأَنَّهُ سئم طول حَيَاته واستكثر مَا بِيَدِهِ من الإقطاعات وَلم يَعش السُّلْطَان بعده سوى خَمْسَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فَقَالَ ختنه شبْل الدولة أَبُو الهيجاء مقَاتل بن عَطِيَّة بن مقَاتل الْبكْرِيّ يرثي الْوَزير من الْبَسِيط
(كَانَ الْوَزير نظام الْملك لؤلؤة ... نفيسة صاغها الرَّحْمَن من شرف)
(عزت فَلم تعرف الْأَيَّام قيمتهَا ... فَردهَا غيرَة مِنْهُ إِلَى الصدف)
وَقَالَ صَدَقَة بن إِبْرَاهِيم التنوخي المعري من الْكَامِل
(كَانَ النظام أَبُو عَليّ للورى ... صَدرا وللدين الْعَقِيم إِمَامًا)
(حَتَّى إِذا قَتَلُوهُ ظلما مِنْهُم ... عَاد الضياء على الْأَنَام ظلاما)
)
(لم يقتلُوا الشَّيْخ الْكَبِير وَإِنَّمَا ... قتلوا جَمِيع الْخلق والإسلاما)(12/78)
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي مُسلم بن مُحَمَّد الطرابلسي من الوافر
(نظام الْملك مذ قتلوك عَادوا ... حيارى مَا لملكهم نظام)
(نظام الْملك لَا يُرْجَى نظامٌ ... لملك التّرْك بعْدك وَالسَّلَام)
وَقَالَ بعض شعراء إصبهان من الْكَامِل
(مَاتَ الْوَزير فكلكم جذلان ... لَا تفرحوا فوراءه خذلان)
(الْملك بعد أبي عليٍّ لعبةٌ ... يلهو بهَا النسوان وَالصبيان)
قَالَ التَّمِيمِي كَانَ نظام الْملك ممدحاً فَيُقَال إِن مداحه كَانُوا خَمْسَة آلَاف شَاعِر وَزِيَادَة ومدح بثلاثمائة ألف قصيدة
وَمن شعرائه أَبُو طَالب عَليّ بن الْحسن الْعلوِي وَمِنْهُم أَبُو الْفضل المظفر ابْن أَحْمد وَمِنْهُم أَبُو عبد الله ألكيا وَمِنْهُم أَبُو نصر الزوزني وَمِنْهُم أسعد ابْن عَليّ الزوزني وَأكْثر شعراء دمية الْقصر من مداحه
وَمن شعر الْوَزير نظام الْملك من المنسرح
(بعد الثَّمَانِينَ لَيْسَ قوه ... لهفي على قُوَّة الصبوه)
(كأنني والعصا بكفي ... مُوسَى وَلَكِن بِلَا نبوه)
وَمِنْه من الوافر
(أتذكرها وَقد خرجت عشَاء ... بأتراب لَهَا كَالْعَيْنِ رَود)
(فمدت من أصابعها وَقَالَت ... خضبناهن من علق الوريد)
وَكَانَ لنظام الْملك عدَّة أَوْلَاد فَمنهمْ أَحْمد وزر لمُحَمد بن ملكشاه وللمسترشد وَعلي وزر لتاج الدولة تتش ولقبه فَخر الْملك ومؤيد الْملك عبيد الله وزركياروق وَمن أَوْلَاده عز الْملك وَعبد الرَّحِيم وَغَيرهم
3 - (الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب)
الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْجُوَيْنِيّ أَبُو عَليّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن اللعيبة تَصْغِير لعبة صَاحب الْخط الْمليح كَانَ أديباً فَاضلا ذكره الْعِمَاد فِي الخريدة
كَانَ من ندماء أتابك زنكي بِالشَّام وتخصص بِنور الدّين وَلَده بعده وأكرمه ثمَّ سَافر إِلَى)
مصر أَيَّام ابْن رزبك وَأقَام بهَا قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَلَيْسَ بِمصْر من يكْتب مثله
قَالَ محب الدّين بن النجار حَدثنِي سعد الإربلي الْكَاتِب بِمصْر قَالَ كَانَ الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب لي صديقا وَكَانَ مشتهراً بِشرب الْخمر فَحَدثني أَنه كَانَ يكْتب مُصحفا للسُّلْطَان فِي يَوْم بَارِد كثير(12/79)
الْغَيْم والإنداء قَالَ وَبَين يَدي مجمرة فِيهَا نَار فاشتدت ليقة الدواة وَلم يكن ماءٌ قَرِيبا مني فأتركه فِيهَا وَبَين يَدي قنينةٌ من الْخمر فَصَبَبْت مِنْهُ فِي الدواة ثمَّ كتبت بهَا وجهة من الْمُصحف وكببتها على المجمرة لتنشف فَصَعدت شرارة فأحرقت الْخط الْمَكْتُوب أجمعه من غير بَقِيَّة الكاغد فَرُعِبْت من ذَلِك وَقمت وغسلت الدواة والأقلام وَجعلت فِيهَا مداداً جَدِيدا واستغفرت الله من ذَلِك
توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
وَمن شعره يمدح صَلَاح الدّين بن أَيُّوب من الْخَفِيف ملكاه محسدان لما يرفع من حسن فعله الْملكَانِ صحباه مكرمين عَن السوء وَلم يكتبا سوى الْإِحْسَان يُقَال إِنَّه كتب مِائَتَيْنِ وَسِتَّة وَثَلَاثِينَ ختمة وربعة وَله حيل الْمُلُوك ومدائح أهل الْبَيْت ومدائح صَلَاح الدّين وخطه مليح مرغوبٌ فِيهِ
3 - (النَّقِيب الأقساسي)
الْحسن بن عَليّ بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْمَعْرُوف بِابْن الأقساسي من أهل الْكُوفَة
ولي نقابة الطالبيين مُدَّة وَقدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ تولى النقابة بالحضرة سنة تسع وَثَمَانِينَ إِلَى أَن عزل عَنْهَا سنة تسعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ شَيخا نبيلاً جَلِيلًا أديباً مهيباً فَاضلا مدح الْخُلَفَاء والوزير ابْن هُبَيْرَة
وَمن شعره من الْبَسِيط
(مَا حَاجَة الْحسن فِي جيدٍ إِلَى سخبٍ ... لَوْلَا مُظَاهرَة فِي الدّرّ وَالذَّهَب)
(وَمَا تقلدها مرصوفةً لحلي ... سنى الزجاجة أبدى رونق الحبب)
(والبدر فِي التم لم تعلم فضائله ... حَتَّى تقلد للنظار بِالشُّهُبِ)
)
(وَلَو محاها سناه حِين يشملها ... لفاتنا نظرٌ فِي منظر عجب)
(والدر فِي عنق الْحَسْنَاء من شرف ... درٌ وَفِي عنق الْأُخْرَى كمخشلب)
(وَالْحسن يكْسب مِنْهُ الحلى منقبةً ... والقبح أوضح مسلوب من السَّلب)
قلت قعاقع مَا تحتهَا طائل
3 - (الْهمام الْبَغْدَادِيّ الْعَبْدي)
الْحسن بن عَليّ بن نصر بن عقيل أَبُو عَليّ الْعَبْدي(12/80)
الوَاسِطِيّ الْبَغْدَادِيّ المنعوت بالهمام مدح طَائِفَة بِالشَّام وَالْعراق وَأقَام بِدِمَشْق وَكَانَ شِيعِيًّا
روى عَنهُ القوصي واتصل بِخِدْمَة الأمجد وَتُوفِّي سنة ستٍ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة
وَمن شعره من الْكَامِل
(ذما معي قلبِي وليلي فِي الْهوى ... فكلاهما بالطيف نم وأخبرا)
(ذَا أيقظ الرقباء فرط وجيبه ... بَين الضلوع وَذَاكَ أشرق إِذْ سرى)
وَمِنْه قَوْله من الرمل
(أَيْن من ينشد قلباً ... ضَاعَ يَوْم الْبَين مني)
(تاه لما رَاح يقفو ... أثر الظبي الأغن)
(سكن البيد فعلمي ... فيهمَا لَا رجم ظن)
إِن هَذَا فِي لظى حزن وَذَا فِي روض حزن نح معي شوقا إِلَى البانة يَا ورق وغن كلنا قد علم الْحبّ بِنَا عاشق غُصْن
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن عُبَيْدَة الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عَليّ بن بركَة بن عُبَيْدَة أَبُو مُحَمَّد بن أبي الْحسن الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ الفرضي الْبَغْدَادِيّ
قَرَأَ بالروايات على مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خيرون وَعبد الله بن أَحْمد ابْن عَليّ الْخياط وَغَيرهمَا وَقَرَأَ الْأَدَب على الشريف الشجري ولازمه إِلَى أَن برع وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وأقرأ النَّاس الْقُرْآن وَالْأَدب وروى الحَدِيث والكتب الأديبة وَتخرج بِهِ جمَاعَة)
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة متدينا
ومدح الإِمَام المستضيئ بقصيدة مِنْهَا من الْخَفِيف هَذِه دولةٌ تخيرها الله فدامت لنا سجيس اللَّيَالِي
(دولةٌ روضت رباها وجادت ... من لهاها بوابلٍ متوال)
واستقادت صَعب المقادة بِالْعَدْلِ ودانت لَهَا قُلُوب الرِّجَال وأضاءت بالمستضيئ بِأَمْر الله لَا زَالَ ملكه فِي اتِّصَال(12/81)
3 - (الْمُهَذّب ابْن الزبير)
الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن الزبير أَبُو مُحَمَّد الملقب بِالْقَاضِي الْمُهَذّب وَهُوَ أَخُو القَاضِي الرشيد أَحْمد بن عَليّ وَقد تقدم ذكره فِي الأحمدين
توفّي القَاضِي الْمُهَذّب الْمَذْكُور فِي شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بِمصْر
وَكَانَ كَاتبا مليح الْخط جيد الْعبارَة فصيح الْأَلْفَاظ وَكَانَ أشعر من أَخِيه الرشيد
واختص بالصالح بن زريك وَيُقَال إِن أَكثر الشّعْر الَّذِي فِي ديوَان الصَّالح إِنَّمَا هُوَ شعر الْمُهَذّب هَذَا وَحصل لَهُ من مَال الصَّالح مالٌ جمٌ وَكَانَ القَاضِي عبد الْعَزِيز بن الْحباب هُوَ الَّذِي قدمه عِنْد الصَّالح وَلما مَاتَ ابْن الْحباب شمت بِهِ الْمُهَذّب وَمَشى فِي جنَازَته لابساً ثيابًا مذهبَة فنقص بِهَذَا السَّبَب واستقبح النَّاس فعله وَلم يَعش بعده إِلَّا شهرا وَاحِدًا
وصنف الْمُهَذّب كتاب الْأَنْسَاب وَهُوَ أَكثر من عشْرين مجلدة كل مُجَلد عشرُون كراساً
قَالَ ياقوت رَأَيْت بعضه فَوَجَدته مَعَ تحققي بِهَذَا الْعلم وبحثي عَن كتبه لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَكَانَ الْمُهَذّب قد مضى رَسُولا إِلَى الْيمن عَن بعض مُلُوك مصر واجتهد هُنَاكَ فِي تَحْصِيل كتب النّسَب وَجمع مِنْهَا مَا لم يجْتَمع عِنْد أحد
وَمن شعره من الطَّوِيل
(لقد طَال هَذَا اللَّيْل بعد فِرَاقه ... وعهدي بِهِ قبل الْفِرَاق قصير)
(وَكَيف أرجي الصُّبْح بعدهمْ وَقد ... تولت شموسٌ بعدهمْ وبدور)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(أقصر فديتك عَن لومي وَعَن عذلي ... أَو لَا فخ أَمَانًا من ظبى الْمقل)
(من كل طرفٍ مَرِيض الجفن ينشدني ... يَا رب رامٍ بنجدٍ من بني ثعل)
)
(إِن كَانَ فِيهِ لنا وَهُوَ السقيم شفا ... فَرُبمَا صحت الْأَجْسَام بالعلل)
وَمِنْه فِي رفاء من الطَّوِيل
(بليت برفاءٍ لواحظ طرفه ... بِنَا فعلت مَا لَيْسَ يَفْعَله النصل)
(يجور على العشاق وَالْعدْل دأبه ... ويقطعني ظلما وصنعته الْوَصْل)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وَلَئِن ترقرق دمعه يَوْم النَّوَى ... فِي الطّرف مِنْهُ وَمَا تناثر عقده)
(فالسيف أقطع مَا يكون إِذا غَدا ... متحيراً فِي صفحتيه فرنده)(12/82)
وَمِنْه يرثي صديقا لَهُ وَقع الْمَطَر يَوْم مَوته من الطَّوِيل
(بنفسي من أبكى السَّمَوَات فَقده ... بغيثٍ ظنناه نوال يَمِينه)
(فَمَا استعبرت إِلَّا أسىً وتأسفاً ... وَإِلَّا فَمَاذَا الْقطر فِي غير حِينه)
وَمِنْه من السَّرِيع
(لَا ترج ذَا نقصٍ وَإِن أَصبَحت ... من دونه فِي الرُّتْبَة الشَّمْس)
(كيوان أَعلَى كوكبٍ موضعا ... وَهُوَ إِذا أنصفته نحس)
وَمِنْه من الْكَامِل
(فدع التمدح بالقديم فكم عَفا ... فِي هَذِه الآكام قصرٌ داثر)
(إيوَان كسْرَى الْيَوْم بعد خرابه ... خيرٌ لعمرك مِنْهُ خصٌ عامرٌ)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِذا أحرقت فِي الْقلب مَوضِع سكناهَا ... فَمن ذَا الَّذِي من بعد يكرم مثواها)
(وَإِن نزفت مَاء الْعُيُون بهجرها ... فَمن أَي عينٍ تَأمل العيس سقياها)
(وَمَا الدمع يَوْم الْبَين إِلَّا لآلىءٌ ... على الرَّسْم فِي رسم الديار نثرناها)
(وَمَا أطلع الزهر الرّبيع وَإِنَّمَا ... رأى الدمع أجياد الغصون فحلاها)
(وَلما أبان الْبَين سر صدورنا ... وَأمكن فِيهَا الْأَعْين النجل مرماها)
(عددنا دموع الْعين لما تحدرت ... ردوعاً من الصَّبْر الْجَمِيل نزعناها)
(وَلما وقفنا للوداع وترجمت ... لعَيْنِي عَمَّا فِي الضمائر عَيناهَا)
(بَدَت صُورَة فِي هيكل فَلَو أننا ... ندين بأديان النَّصَارَى عبدناها)
)
(وَمَا طَربا صغنا القريض وَإِنَّمَا ... جلا الْيَوْم مرْآة القرائح مرآها)
(وَلَيْلَة بتنا فِي ظلام شبيبتي ... سراي وَفِي ليل الذوائب مسراها)
(تأرج أَرْوَاح الصِّبَا كلما سرى ... بِأَنْفَاسِ ريا اللَّيْل آخر رياها)
(وَمهما أدرنا الكأس باتت جفونها ... من الراح تسقينا الَّذِي قد سقيناها)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(وَلَو لم يجد الندى فِي يَمِينه ... لسائله غير الشبيبة أَعْطَاهَا)
(فيا ملك الدُّنْيَا وسائس أَهلهَا ... سياسة من سَاس الْأُمُور وقاساها)
(وَمن كلف الْأَيَّام ضد طباعها ... وعاين أهوال الخطوب فعاناها)
(عَسى نظرةٌ تجلو بقلبي وخاطري ... صداه فَإِنِّي دَائِما أتصداها)
وَمِنْه من الطَّوِيل(12/83)
(يَا صَاحِبي سجن الخزانة خليا ... نسيم الصِّبَا ترسل إِلَى كَبِدِي نفحا)
(وقولا لضوء الصُّبْح هَل أَنْت عائدٌ ... إِلَى ناظري أم لَا أرى بعْدهَا صبحا)
(وَلَا تيأسا من رَحْمَة الله أَن أرى ... سَرِيعا بِفضل الْكَامِل الْعَفو والصفحا)
(فَإِن تحبساني فِي النُّجُوم تجبراً ... فَلَنْ تحبسا مني لَهُ الشُّكْر والمدحا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَمَا كنت أَدْرِي قبل سجنكما على ... دموعي أَن يقطرن خوف المقاطر)
(وَمَا لي من أَشْكُو إِلَيْهِ أذاكما ... سوى ملك الدُّنْيَا شُجَاع بن شاور)
وَمِنْه وَمَا لي إِلَى مَاء سوى النّيل غلَّة وَلَو أَنه أسْتَغْفر الله زَمْزَم كَانَ القَاضِي الْمُهَذّب رَحمَه الله لما جرى لِأَخِيهِ الرشيد مَا جرى فِي تَرْجَمته من اتِّصَاله بصلاح الدّين بن ايوب لما كَانَ محاصر الْإسْكَنْدَريَّة قبض شاور على الْمُهَذّب وحبسه فَكتب إِلَى شاور شعرًا كثيرا يستعظمه فَلم ينجع فِيهِ حَتَّى التجأ إِلَى وَلَده الْكَامِل شُجَاع وَكتب إِلَيْهِ أشعاراً كَثِيرَة من جُمْلَتهَا هَذِه الَّتِي قدمتها فَقَامَ بأَمْره واصطنعه وضمه إِلَيْهِ بعد أَن أَمر أَبوهُ شاور بصلبه
وَمن شعر القَاضِي الْمُهَذّب من الْكَامِل)
(أعلمت حِين تجاور الْحَيَّانِ ... أَن الْقُلُوب مواقد النيرَان)
(وَعلمت أَن صدورنا قد أَصبَحت ... فِي الْقَوْم وَهِي مرابض الغزلان)
(وعيوننا عوض الْعُيُون أمدها ... مَا غادروا فِيهَا من الغدران)
(مَا الوجد هز قناتهم بل هزها ... قلبِي لما فِيهِ من الخفقان)
(وتراه يكره أَن يرى إظعانهم ... وكأنما أَصبَحت فِي الأظعان)
وَمِنْه القصيدة الَّتِي كتبهَا إِلَى الدَّاعِي لما قبض على أَخِيه بِالْيمن يستعطفه على أَخِيه الرشيد فَأَطْلقهُ وأولها من الْكَامِل
(يَا ربع أَيْن ترى الْأَحِبَّة يمموا ... هَل أنجدوا من بَعدنَا أَو أتهموا)
(نزلُوا من الْعين السوَاد وَإِن نأوا ... وَمن الْفُؤَاد مَكَان مَا أَنا أكتم)
(رحلوا وَفِي الْقلب الْمَعْنى بعدهمْ ... وجدٌ على مر الزَّمَان مخيم)
(رحلوا وَقد لَاحَ الصَّباح وَإِنَّمَا ... تسري إِذا جن الظلام الأنجم)
(وتعوضت بالأنس روحي وَحْشَة ... لَا أوحش الله الْمنَازل مِنْهُم)
مِنْهَا من الْكَامِل(12/84)
(إِنِّي لأذكركم إِذا مَا أشرقت ... شمس الضُّحَى من نحوكم فَأسلم)
(لَا تبعثوا لي فِي النسيم تَحِيَّة ... إِنِّي أغار من النسيم عَلَيْكُم)
(إِنِّي إمرؤٌ قد بِعْت حظي رَاضِيا ... من هَذِه الدُّنْيَا بحظي مِنْكُم)
(فسلوت إِلَّا عَنْكُم وقنعت إِلَّا ... مِنْكُم وزهدت إِلَّا فِيكُم)
(مَا كَانَ بعد أخي الَّذِي فارقته ... ليبوح إِلَّا بالشكاية لي فَم)
(هُوَ ذَاك لم يملك علاهُ مالكٌ ... كلا وَلَا وجدي عَلَيْهِ متمم)
(أقوت مغانيه وعطل ربعَة ... ولربما هجر العرين الضيغم)
(ورمت بِهِ الْأَهْوَال همة ماجدٍ ... كالسيف يمْضِي غربه ويصمم)
(يَا راحلاً بالمجد عَنَّا والعلا ... أَتَرَى يكون لكم علينا مقدم)
(يفديك قومٌ كنت وَاسِط عقدهم ... مَا إِن لَهُم مذ غبت شملٌ ينظم)
(جهلوا فظنوا أَن بعْدك مغنمٌ ... لما رحلت وَإِنَّمَا هُوَ مغرم)
(ولد أقرّ الْعين أَن عداك قد ... هَلَكُوا بغيهم وَأَنت مُسلم)
)
مِنْهَا من الْكَامِل
(أقيال بأسٍ خير من حملُوا القنا ... وملوك قحطان الَّذين هم هم)
(متواضعون وَلَو ترى ناديهم ... مَا اسطعت من إجلالهم تَتَكَلَّم)
(وكفاهم شرفاً ومجداً أَنهم ... أَن أصبح الدَّاعِي المتوج مِنْهُم)
(هُوَ بدر تمٍ فِي سَمَاء علائهم ... وبنوا أَبِيه بَنو زريعٍ أنجم)
(ملكٌ حماه جنةٌ لعفاته ... لكنه للحاسدين جَهَنَّم)
مِنْهَا من الْكَامِل
(مَعَ أنني سيرت فِيك شوارداً ... كالدر بل أبهى لَدَى من يفهم)
(تَغْدُو وهوج الذاريات رواكدٌ ... وتبيت تسري وَالْكَوَاكِب نوم)
قلت شعر جيد فِي الذرْوَة مصقول اللَّفْظ مُحكم التَّرْكِيب وَفِيه غوصٌ على الْمعَانِي
ابْن أثردي الْحسن بن عَليّ بن سعيد بن عليّ بن هبة الله بن عَليّ أَبُو عَليّ بن أثردي الطَّبِيب وسوف يَأْتِي ذكر جمَاعَة من أهل بَيته كلٌ مِنْهُم فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
كَانَ فَاضلا فِي صناعَة الطِّبّ عَاملا بهَا متميزاً فِي عَملهَا وَعلمهَا اسْتعَار مِنْهُ همام الدّين الْعَبْدي الشَّاعِر كتاب مسَائِل حنين وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فَقَالَ وَكتب بذلك إِلَيْهِ من مجزوء الْكَامِل(12/85)
(حياك رقراق الحيا ... عني وخفاف النسيم)
فلأنت ذُو الْخلق الْكَرِيم وَأَنت ذُو الْخلق الوسيم
(غدق الأنامل بالندى ... لبق الشَّمَائِل بالنعيم)
3 - (ابْن ناهوج الْكَاتِب)
الْحسن بن عَليّ بن أبي سَالم المعمر بن عبد الْملك بن ناهوج الإسكافي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ المولد وَالدَّار أَبُو الْبَدْر بن أبي مَنْصُور أحد الْكتاب المتصرفين فِي خدمَة الدِّيوَان الإمامي هُوَ وَأَبوهُ
وَكَانَ فِيهِ فضلٌ وَله أدبٌ بارعٌ وعربية وَيكْتب خطا حسنا على طَريقَة ابْن مقلة قل نَظِيره فِيهِ)
وَلَقي الْمَشَايِخ وصنف عدَّة تصانيف فِي الْأَدَب وتنقل فِي الولايات وَصَحب أَبَا مُحَمَّد بن الخشاب النَّحْوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وعلق عَنهُ تعاليق
وَحج وجاور بِمَكَّة ثمَّ صَار إِلَى الشَّام وَأقَام بحلب مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى مصر وسكنها إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة عَن سبع وَسِتِّينَ سنة
وَطول ياقوت تَرْجَمته إِلَى الْغَايَة وَأورد من رسائله إِلَى القَاضِي الْفَاضِل جملَة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(خليلي هَل تشفي من الوجد وقفةٌ ... بخيف منى والسامرون هجوع)
(وَهل للييلات المحصب عودةٌ ... وعيشٍ مضى بالمازمين رُجُوع)
(وَهل سرحةٌ بالسفح من ايمن الصَّفَا ... رعت من عهودي مَا أضاع مضيع)
(وَهل قوضت خيمٌ على أبرق الْحمى ... وَمَا ذَاك من غدر الزَّمَان بديع)
(وَهل تردا مَاء بشعب ابْن عامرٍ ... حوائم لَو يقْضى لَهُنَّ شُرُوع)
(وَمَا ذَاك إِلَّا عارضٌ من طماعةٍ ... لَهُ بقلوب العاشقين ولوع)
(وَإِنِّي مَتى أعص التجلد والأسى ... وللشوق مني والغرام مُطِيع)
(فيا جيرتي إِذْ للزمان نضارةٌ ... وعودي نضارٌ والخيام جَمِيع)
(بنعمان وَالْأَيَّام فِينَا حميدةٌ ... ووادي الْهوى للنازلين مريع)(12/86)
(وَمَا أزمع الْحَيّ اليمانون نِيَّة ... وَلَا ريع بالبين المشت مروع)
(كفى حزنا أَنِّي أَبيت وبيننا ... من البيد معروض الفجاج وسيع)
(أعالج نفسا قد تولى بهَا الأسى ... وطرفاً يجِف المزن وَهُوَ هموع)
3 - (الشاكر الْبَصْرِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن غَسَّان أَبُو عَمْرو وَيعرف بالشاكر الْبَصْرِيّ لَهُ فِي جَمِيع الْعُلُوم الْيَد الْبَيْضَاء والهمة العلياء وَكَانَ يغشى مَجْلِسه رُؤَسَاء الْبَصْرَة وفضلاؤها يقرأون عَلَيْهِ الْفِقْه والْحَدِيث وعلوم الْقُرْآن والقراءات وَكتب الْأَدَب
وَكَانَ حسن الْهَيْئَة نظيف الثَّوْب مليح الْخط ظريف الشكل حسن الْخلق أبي النَّفس متين الدّين كثير الْوَرع
وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَله عدَّة تصانيف فِي عدَّة فنون وَله شعر وخطب وأدعية وَكَانَ يبْذل)
جهده فِي تَعْلِيم ولد لَهُ اسْمه عبد الرَّحْمَن وَيحسن تَرْبِيَته فَأبى الله تَعَالَى إِلَّا أَن ينشأ أقبح صفة واشتغل فِي حَيَاة أَبِيه مَعَ الكناسين وَمن أشبههم وَبَالغ أَبوهُ فِي استنقاذه وَلم يصل مَعَه إِلَى مَقْصُود
وَمن كَلَامه فِي مُخَاطبَة وَلَده هَذَا أما بعد فَإِن الْعلم أفضل مَا التمس وأنفع مَا اقتبس وَبِه يحاز الْجمال وَالْأَجْر وَهُوَ الْغَايَة فِي الشّرف وَالْفَخْر من الوافر
(إِذا مَا فاخر المثرون يَوْمًا ... بِمَا حازوه من مَال ووفر)
(فخرت عَلَيْهِم بِالْعلمِ إِنِّي ... وجدت الْعلم غَايَة كل فَخر)
3 - (أَبُو عَليّ الْقطَّان الطَّبِيب)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْقطَّان أَبُو عَليّ الْمروزِي
أَصله من بُخَارى وَولد بمرو سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمَات مقتولاً قَتله الغز لما وردوا خُرَاسَان وتغلبوا على مرو فقبضوا عَلَيْهِ فِيمَن قبضوا فَجعل يشتمهم وَجعلُوا يحثون التُّرَاب فِي فَمه حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ شَيخا فَاضلا كَبِيرا مُحْتَرما قد أَخذ بأطراف الْعُلُوم على اختلافها وَغلب عَلَيْهِ اسْم الطِّبّ وَله فِي كل نوع تصنيف مأثور وَكَانَ ينظر فِي الخزانة الَّتِي عملت فِي الْمدرسَة الخاتونية ووقف عَلَيْهَا من كتب نَفسه شَيْئا كثيرا
وَمن تصانيفه كتاب دوحة الشّرف فِي نسب أبي طَالب ثَمَانِي مجلدات كتاب بِخَطِّهِ مشجر رِسَالَة سارحة الرموز وفاتحة الْكُنُوز سائك الذَّهَب الْعرُوض مشجر كتاب كيهان شناخت فِي الْهَيْئَة وَقد رَأَيْته وَهُوَ جيد فِي بَابه وَمن شعره فِي كتاب الدوحة فِي النّسَب من الطَّوِيل
(حداني لحصر الطالبيين حبهم ... وَشد إِلَى مرقى علاهم تشوفي)(12/87)
(ففيهم ذَرَارِي النَّبِي مُحَمَّد ... فهم خير أخلاف تلوا خير مخلف)
(مضى بعد تَبْلِيغ الرسالات موصياً ... بإكرام ذِي الْقُرْبَى وإعظام مصحف)
(وَمَا رام أجرا غير ود أقاربٍ ... وأهون بِهِ أجرا فَهَل من بِهِ يَفِي)
قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ كَانَ فَاضلا عَالما بالطب واللغة وَالْأَدب وعلوم الْأَوَائِل المهجورة وَكَانَ ينصر مَذْهَبهم ويميل إِلَيْهِم واشتغل بالفقه والْحَدِيث فِي ابْتِدَاء عمره ثمَّ أعرض عَنهُ وَكَانَ يسمع الحَدِيث على كبر سنه ويشتغل بِهِ ويصححه على من يعلم من الغرباء الواردين)
إِلَى مرو تستراً وإظهاراً للرغبة فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَالله أعلم بالعقيدة الْبَاطِنَة
سمع كتاب فَضَائِل الْقُرْآن من أبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الْقرشِي
3 - (الحرمازي)
الْحسن بن عَليّ الحرمازي أَبُو عَليّ مولى لبني هَاشم وَإِنَّمَا نزل بِالْبَصْرَةِ فِي بني الحرماز فنسب إِلَيْهِم
قَالَ الْمبرد كَانَ الثَّوْريّ والحرمازي والجرمي يَأْخُذُونَ عَن أبي عُبَيْدَة وَأبي زيد الْأنْصَارِيّ والأصمعي وَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة أكبر أَصْحَابهم وَكَانَ من دونهم فِي السن إِبْرَاهِيم الزيَادي والمازني والرياشي
واعتل الحرمازي وَكَانَ لَهُ صديق من الهاشميين فَلم يعده فَكتب إِلَيْهِ من الوافر
(مَتى تنفك وَاجِبَة الْحُقُوق ... إِذا كَانَ اللِّقَاء على الطَّرِيق)
(إِذا مَا لم يكن إِلَّا سلامٌ ... فَمَا يَرْجُو الصّديق من الصّديق)
(مَرضت فَلم تعدني عمر شهر ... وَلَيْسَ كَذَاك فعل أخٍ شفيق)
وَمن شعره أَيْضا من الوافر
(رَأَيْت النَّاس قد صدقُوا ومانوا ... وَوَعدك كُله خلفٌ ومين)
(وعدت فَمَا وفيت لنا بوعدٍ ... وموعود الْكَرِيم عَلَيْهِ دين)
(أَلا يَا لَيْتَني استبقيت وَجْهي ... فَإِن بَقَاء وَجه الْحر زين)
3 - (الْمَدَائِنِي النَّحْوِيّ)
الْحسن بن عَليّ الْمَدَائِنِي النَّحْوِيّ كَانَ إِمَامًا فَاضلا تخرج بِهِ جمَاعَة وافرة الْعدَد وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وثلاثمائة
3 - (ابْن الْمُصَحح النَّحْوِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن عمرٍو وَيُقَال عمار الْمَعْرُوف بِابْن الْمُصَحح أَبُو مُحَمَّد التَّيْمِيّ النَّحْوِيّ
سمع أَبَا بكر عبد الله الحنائي وَأَبا بكر بن أبي الْحَدِيد وَأَبا(12/88)
نصر حَدِيد بن جَعْفَر الرماني
وروى عَنهُ عبد الْعَزِيز الْكِنَانِي ونجاء بن أَحْمد وَأَبُو الْقَاسِم النسيب وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ ثِقَة
توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
ذكره ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق)
3 - (ابْن مقلة الْكَاتِب)
الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن عبد الله بن مقلة أَبُو عبد الله أَخُو الْوَزير أبي عَليّ مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين
وَكَانَ أَبُو عبد الله هَذَا أكتب من أَخِيه فِي قلم الدفاتر والنسخ مُسلم لَهُ الْفضل فِي ذَلِك ولد أَبُو عبد الله سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
وَكَانَ أَبوهُمَا الملقب بمقلة كَاتبا مليح الْخط وَقد كتب فِي زمانهما وبعدهما جماعةٌ من أهلهما وولدهما وَلم يقاربوهما وَإِنَّمَا ينْدر للْوَاحِد مِنْهُمَا الْحَرْف بعد الْحَرْف والكلمة بعد الْكَلِمَة
وَإِنَّمَا كَانَ الْكَمَال لأبي عَليّ مُحَمَّد وَأبي عبد الله هَذَا
وَمِمَّنْ كتب من أولادهما أَبُو مُحَمَّد عبد الله وَأَبُو الْحسن ابْنا مُحَمَّد وَأَبُو أَحْمد سُلَيْمَان بن أبي الْحسن وَأَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن أبي عَليّ وَأَبُو الْفرج الْعَبَّاس بن عَليّ بن مقلة
حدث أَبُو نصر قَالَ حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم بن الرقي منجم سيف الدولة قَالَ كنت فِي صُحْبَة سيف الدولة فِي غزَاة وَقد انْكَسَرَ كسرةً قبيحةً سلم فِيهَا بِنَفسِهِ بعد أَن قتلت عساكره قَالَ فَسمِعت سيف الدولة يَقُول وَقد عَاد إِلَى حلب هلك مني من عرض مَا كَانَ معي خَمْسَة آلَاف ورقة بِخَط أبي عَليّ بن مقلة فاستعظمت ذَلِك وَسَأَلت بعض شُيُوخ خدمه الْخَاصَّة عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ أَبُو عبد الله مُنْقَطِعًا إِلَى بني حمدَان سِنِين كَثِيرَة يقومُونَ بأَمْره أحسن قيام وَكَانَ ينزل فِي دارٍ قوراء حسنةٍ وفيهَا فرشٌ يشاكلها مجْلِس دست وَله شَيْء للنسخ وحوضٌ فِيهِ محابر وأقلامٌ فَيقوم وَيَمْشي فِي الدَّار إِذا ضَاقَ صَدره ثمَّ يعود وَيجْلس فِي بعض تِلْكَ الْمجَالِس وينسخ مَا يخف عَلَيْهِ ثمَّ ينْهض وَيَطوف على جَوَانِب الْبُسْتَان ثمَّ يجلس فِي مجْلِس آخر وينسخ أوراقاً أخر على هَذَا فَاجْتمع فِي خزائنهم مَا لَا يُحْصى من خطه
وَلما تولى الوزارة أَبُو عَليّ سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة قلد أَخَاهُ أَبَا عبد الله ديوَان الضّيَاع الْخَاصَّة وديوان الضّيَاع المستحدثة وديوان الدَّار الصَّغِيرَة
وصودر أَبُو عبد الله فِي أَيَّام القاهر على خمسين ألف دِينَار بعد أَن حلف أَنه لَا يملك إِلَّا بساتين وَمَا وَرثهُ من زَوجته وَقِيمَة الْجَمِيع نَحْو مائَة ألف درهمٍ
وَمن شعره من المتقارب
(رَأَيْت كتابا بأيدي النِّسَاء ... فَقلت عزيزٌ على من ثوى)
)
(يقلبه النَّاس جهلا بِهِ ... يُرَاد بِهِ البيع مَا يشترى)
(فَقلت كَذَا كتبنَا بَعدنَا ... إِذا مَا أهالوا علينا الثرى)(12/89)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(شكرنا لدهرٍ عقنا فِي نفوسنا ... وأسعفنا فِيمَن نجل ونكرم)
(فَقلت لَهُ نعماك فِيهِ أتمهَا ... ودع أمرنَا إِن المهم الْمُقدم)
3 - (أَبُو عَليّ الزنجاني الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عَليّ بن بنْدَار أَبُو عَليّ الزنجاني الْفَقِيه الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ حدث بِبَغْدَاد عَن أبي بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُقْرِئ الإصبهاني وروى عَنهُ أَبُو نصر عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هَارُون الشِّيرَازِيّ فِي فَوَائده
3 - (ابْن الْفراء المغربي)
الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن الْحسن بن عمر الْأنْصَارِيّ أَبُو عليٍّ الْمَعْرُوف بِابْن الْفراء من أهل بطليوس
خرج من بِلَاده وَدخل الْإسْكَنْدَريَّة وَسمع بهَا أَبَا بكر مُحَمَّد بن الْوَلِيد الطرطوشي والحافظ السلَفِي وَدخل الْعرَاق وَالْبَصْرَة وخراسان وَسكن نيسابور وَسمع بهَا الْكثير من أبي نصر عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن هوزان الْقشيرِي وَغَيره وَدخل بَغْدَاد وَحدث بهَا بِيَسِير ثمَّ سَافر إِلَى مَكَّة وَتوجه إِلَى الشَّام وحلب إِلَى حِين وَفَاته
وَكَانَ شَيخا صَالحا غزير الدمعة عِنْد الذّكر عَالما فَاضلا قَرَأَ شَيْئا من علم الْكَلَام على أبي نصر الْقشيرِي وَتُوفِّي سنة ثمن وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَقد وصل إِلَى الثَّمَانِينَ
3 - (البربهاري الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن خلف البربهاري شيخ الْحَنَابِلَة ومقدمهم الْفَقِيه العابد كَانَ شَدِيدا على أهل الْبدع يُقَال إِنَّه تنزه عَن مِيرَاث أَبِيه وَكَانَ سبعين ألف دِرْهَم وَكَانَ تقع الْفِتَن بَين الطوائف بِسَبَبِهِ فَتقدم الإِمَام القاهر إِلَى وزيره أبي عَليّ بن مقلة بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ لتنقطع الْفِتَن فاستتر فَقبض على جماعةٍ من أَصْحَابه وَنَفَوْا إِلَى الْبَصْرَة
ثمَّ إِن البربهاري ظهر فِي أَيَّام الراضي وَظهر أَصْحَابه وانتشروا وعادوا إِلَى مَا نهوا عَنهُ فَتقدم الراضي بِاللَّه إِلَى بدر الخرشني صَاحب الشرطة بِبَغْدَاد بالركوب والنداء أَن لَا يجْتَمع)
من أَصْحَاب البربهاري نفسان فاستتر البربهاري أَيْضا وَتُوفِّي فِي الاستتار الثَّانِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
وَمن شعره من المنسرح
(من قنعت نَفسه ببلغتها ... أضحى غَنِيا وظل مُمْتَنعا)(12/90)
(لله در القنوع من خلق ... كم من وضيع بِهِ قد ارتفعا)
(تضيق نفس الْفَتى إِذا افْتَقَرت ... وَلَو عزى بربه اتسعا)
وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ أصولاً وفروعاً
وَلما دخل الْأَشْعَرِيّ بَغْدَاد قَالَ رددت على الْمُعْتَزلَة وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَقلت فَقَالَ البربهاري مَا أَدْرِي مِمَّا قلت لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا وَلَا نَعْرِف إِلَّا مَا قَالَه أَحْمد بن حَنْبَل فَخرج الْأَشْعَرِيّ وصنف لَهُ الْإِبَانَة فَلم يقبله مِنْهُ
وللبربهاري مصنفات مِنْهَا شرح السّنة وَله مقامات ومجاهدات
3 - (ابْن خطيب مالقة)
الْحسن بن عَليّ بن صَالح أَبُو عَليّ الْهَمدَانِي من أهل مالقة يعرف بِابْن خطيب مالقة
قدم بَغْدَاد سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة طَالبا للْحَدِيث وَسمع من شُيُوخ ذَلِك الْوَقْت وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَحدث بِيَسِير
وَكَانَت لَهُ كتب ملاحٌ أصُول بخطوط الْعلمَاء توفّي بإصبهان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
أَبُو عَليّ بن صَدَقَة جلال الدّين الْوَزير الْحسن بن عَليّ بن صَدَقَة أَبُو عَليّ بن أبي الْعِزّ الْوَزير الملقب بِجلَال الدّين
ولد بنصيبين سنة تسع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وخدم بعد وَفَاة أَبِيه وَقد أناف على الْعشْرين من عمره الْأَمِير إِبْرَاهِيم بن قُرَيْش بن مُسلم فَلَمَّا قبض على إِبْرَاهِيم هرب من الْموصل إِلَى بَغْدَاد وَولي النّظر فِي أَمْلَاك الوكلاء بواسط وَغير ذَلِك من الولايات
وَتزَوج بابنة الْوَزير أبي الْمَعَالِي بن الْمطلب ثمَّ ولي نظر ديوَان الزِّمَام ثمَّ استعفى ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ ثمَّ عزل ثمَّ ولي الْحلَّة وَبَقِي مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى الدِّيوَان وَلم يزل يخْدم تَارَة بِبَغْدَاد وَتارَة بأعمالها إِلَى أَن توفى الْوَزير أَبُو شُجَاع الْحُسَيْن ابْن الْوَزير أبي مَنْصُور بن أبي شُجَاع بإصبهان وَكَانَ أَبُو عَليّ بتكريت فكوتب من الدِّيوَان بالوزارة فَحَضَرَ بَغْدَاد وَولي الوزارة)
ومالت قُلُوب النَّاس إِلَيْهِ
وَلم يزل على ولَايَته عالي الْقدر إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ وَحبس بدار الْخلَافَة وَنهب دَاره وهرب أَهله ثمَّ وَقع الرضى عَلَيْهِ وأعيد إِلَى الوزارة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً
وَلم يزل فِي علو قدر إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخَمْسمِائة فَقَالَ ابْن الأقفاصي يرثيه
من الطَّوِيل
(نزورك فِي ثوبي خشوع وذلة ... كَأَنَّك ترجى فِي الضريح وترهب)
(ونلثم ترباً من رفيع محجبٍ ... كَمَا يلثم الْبَيْت الرفيع المحجب)(12/91)
(وترثى بِمَا قد كنت ممتدحاً بِهِ ... فيحزننا مِنْك الَّذِي كَانَ يطرب)
وَمن شعر الْوَزير ابْن صَدَقَة مَا كتبه إِلَى المسترشد بِاللَّه من الطَّوِيل
(تقسم أَمْرِي فِيك كَيفَ نسيتني ... وَأَنت بِأَن ترعى الْحُقُوق حقيق)
(وَمَا ذَاك إِلَّا أَن شيمتك الْعلَا ... وَلَيْسَ لَهَا يَوْمًا إِلَيّ طَرِيق)
(لِأَن صروف الدَّهْر حطت محلتي ... فمهبطها دون اللِّقَاء عميق)
الْمُؤَدب الْبَصْرِيّ الْحسن بن عَليّ بن عبد الله الْبَصْرِيّ الْمُؤَدب أَبُو عَليّ
أورد لَهُ محب الدّين بن النجار من الْبَسِيط
(حَتَّى مَتى أَنْت باللذات مسرور ... وَكم ترى وَإِلَى كم أَنْت مغرور)
(والشيب يخبر عَن نقص فَكُن حذرا ... من الْمَمَات فَإِن الْعُمر مبتور)
(لَا تأمنن من الدُّنْيَا غوائلها ... وَلَا تغرنك الْبُنيان والدور)
(فَكل حيٍّ وَإِن طَال الْبَقَاء بِهِ ... فَعَن قليلٍ بِبَطن الأَرْض مقبور)
قلت نظم نَازل
ابْن أبي قِيرَاط الْحسن بن عَليّ بن الْمُبَارك بن عبد الْعَزِيز أَبُو عَليّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن أبي قِيرَاط كَانَ أديباً شَاعِرًا
وَمن شعره يمدح الْوَزير أَبَا المظفر بن هُبَيْرَة من المتقارب
(يداك من الْجُود مخلوقتان ... وعزمك وَالْمجد طرفا رهان)
)
وَلَو لم تكن مَالِكًا للزمان لم تَكُ مقصد أهل الزَّمَان
(إِذا نَحن زرناك زرنا فَتى ... كريم الشَّمَائِل سبط البنان)
(أغر الجبين طَوِيل الْيَمين ... بعيد القرين مشيد المباني)
(يلوذ بِهِ خَائِف النائبات ... فَيُصْبِح من جورها فِي أَمَان)
(يبيض وَجه الْعلَا للقرى ... وجنح الدجى أسود الطيلسان)
(كريمٌ رأى الْحَمد مَالا لَهُ ... فَمَا هُوَ فِي كَسبه غير وان)
إِذا الْعَام جف فَفِي راحتيه عينان بِالْخَيرِ نضاختان توَحد حَتَّى عَلَيْهِ اعْتِمَاد كل الْبَريَّة فِي كل شان حكى الشَّمْس حَتَّى غَدا أوحداوما فِي الْكَوَاكِب للشمس ثَان
3 - (القحف الْوَاعِظ)
الْحسن بن عَليّ بن عمر الزنجاني أَبُو مُحَمَّد الْوَاعِظ الْمَعْرُوف(12/92)
بالقحف بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة وَالْفَاء الْبَغْدَادِيّ
سَافر إِلَى الشَّام ومصر وَلَقي الْفُضَلَاء وَأخذ عَنْهُم وَسمع من أبي الْعَلَاء المعري شَيْئا من شعره ثمَّ أَقَامَ بِبَغْدَاد وَكَانَ يعظ فِي التعازي ويقص فِي الْأَسْوَاق وَكَانَ يحفظ كثيرا من الحكايات والأناشيد
وروى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب وَأَبُو بكر بن كَامِل وَحدث بِكِتَاب الشهَاب للقضاعي عَنهُ وَحدث بِكِتَاب ملقي السَّبِيل لأبي الْعَلَاء المعري عَنهُ
وَقَالَ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ سمعتهم يَقُولُونَ إِنَّه كَانَ موثوقاً فِيمَا يذكرهُ وَيَرْوِيه
3 - (الباخرزي)
الْحسن بن عَليّ بن أبي الطّيب الباخرزي هُوَ وَالِد عَليّ بن الْحسن بن عَليّ الباخرزي الشَّاعِر الْمَشْهُور وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده فِي حرف الْعين مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
من شعر الْحسن هَذَا قَوْله فِي الجرب من الطَّوِيل
(لنا جربٌ بَين البنان نحكه ... رَضِينَا بِهِ والحاسدون غضاب)
(وَكُنَّا مَعًا كالراح وَالْمَاء صُحْبَة ... علانا لطول الامتزاج حباب)
قلت أخذت أَنا هَذَا الْمَعْنى وزدت عَلَيْهِ وَقلت وَقد كَانَ حصل لي وَلمن كنت أحبه جربٌ عِنْد)
دخولنا الديار المصرية من الطَّوِيل
(وَلما صُفُونا وامتزجنا محبَّة ... علانا حباب الْحبّ فِي سَاعَة المزج)
(وَمَا ضرّ من قد خَاضَ بَحر غرامه ... وَعَاد وَفِي كفيه من لُؤْلُؤ اللج)
وَمن شعر الباخرزي الْمَذْكُور قَوْله فِي غُلَام مطرب من مخلع الْبَسِيط
(ومطربٍ صَوته وفوه ... قد جمع الطَّيِّبَات طرا)
(لَو لم يكن صَوته بديعاً ... مَا مَلأ الله فَاه درا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(إِنْسَان عَيْني قطّ لَا يرتوي ... من مَاء وَجه ملحت عينه)
(كَذَلِك الْإِنْسَان لَا يرتوي ... من شرب ماءٍ ملحت عينه)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بنفسي ملول إِن أردْت اعتنقاه ... بَكَى ضجراً حَتَّى ضجرت بكاء)
(وَيعرف إِن مَا زحته ورد خَدّه ... فأخشى عَلَيْهِ أَن يذوب حَيَاء)
وَمِنْه من السَّرِيع(12/93)
(يَا ملكا قَالَ حَمَلْنَاكُمْ ... لما طَغى المَاء على الجاريه)
(عَبدك هَذَا قد طَغى مَاؤُهُ ... يَا رب فاحمله على جاريه)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(لنا صاحبٌ إِن يركب الْفَحْل ظَهره ... يفر قَرِيبا كي يكر فيرجعا)
(فأفره بِهِ من مركبٍ أَي مركبٍ ... مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مَعًا)
وَمِنْه من المتقارب
(عَسى الشَّيْخ عَن حسن منهاجه ... فكاشفه إِن شِئْت أَو داجه)
(فقد كَاد شوقاً ذُبَاب الحسام ... يطير إِلَى دم أوداجه)
وَمِنْه يهجو مغنية من المتقارب
(ومسمعةٍ صَوتهَا شاقني ... إِلَى نومها بل غلَّة مَوتهَا)
(لَهَا نوبةٌ تستفيد الندام ... جَمِيع المسرات من فَوْقهَا)
(فهم يطربون وهم يَضْحَكُونَ ... لَدَى صمتها وعَلى صَوتهَا)
)
3 - (ابْن زنجي الْكَاتِب المغربي)
الْحسن بن عَليّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن زنجي
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج من بَيت كِتَابَة ورياسة وَعلم وَكَانَ شَاعِرًا بارعاً ينعَت فِي صَنعته ويجيدها قَلِيل الاختراع والتوليد حسن الابتداءات وثاباً فِي أَكثر شعره
صنع فِي قتلة الرافضة قصيدةً قدمهَا شَيخنَا أَبُو عبد الله على جَمِيع مَا صنع النَّاس كلهم وكل قصيدة فيهم أَخذ مِنْهَا وَترك إِلَّا هَذِه فَإِنَّهَا اختيرت بأجمعها وَهِي من الطَّوِيل
(شفى الغيظ فِي طي الضَّمِير المكتم ... دِمَاء كلاب حللت فِي الْمحرم)
(فَلَا أرقأ الله الدُّمُوع الَّتِي جرت ... أسىً وجوىً فِيمَا أريق من الدَّم)
(هِيَ الْمِنَّة الْعُظْمَى الَّتِي جلّ قدرهَا ... وَسَار بهَا الركْبَان فِي كل موسم)
(فيا سمراً أَمْسَى علالة منجدٍ ... وَيَا خَبرا أضحى فكاهة مُتَّهم)
(وَيَا نعْمَة بالقيروان تباشرت ... بهَا حصبٌ حول الْحطيم وزمزم)
(وأهدت إِلَى قبر النَّبِي وَصَحبه ... سَلاما كعرف الْمسك من كل مُسلم)
(غزونا أعادي الدّين لَا الرمْح ينثني ... نبواً وَلَا حد الحسام المصمم)
(بِكُل فَتى شهم الْفُؤَاد كَأَنَّمَا ... تسربل يَوْم الروع جلدَة شيهم)
(إِذا أم لم يسدد عرى متخوفٍ ... وَإِن هم لم يحلل حبا متندم)
مِنْهَا من الطَّوِيل
(وَكُنَّا نظن الْكفْر فِي جاهليةٍ ... فتعساً لكل جاهليٍّ مخضرم)(12/94)
(يَقُولُونَ مَوْلَاهُم عليٌّ وَإِنَّهُم ... لأعظم بغضاً فِيهِ من آل ملجم)
(سببتم عتيقاً والإمامين بعده ... فَلم تعنفوا يَوْم الْحَرِيق المضرم)
(وسؤتم نَبِي الله فِي خير أَهله ... وَأفضل بكرٍ فِي النِّسَاء وأيم)
(فكم عاثرٍ مِنْكُم إِذا صَافح الثرى ... من الذعر قُلْنَا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ)
(فَلَا نفقٌ فِي الأَرْض أخْفى مَكَانكُمْ ... وَلَا شاهقٌ يرقى إِلَيْهِ بسلم)
(لقد رفضتكم كل أَرض وبقعةٍ ... وَقد صرخت مِنْكُم بقاع جَهَنَّم)
(فَذُوقُوا كَمَا ذقناه أَيَّام كفركم ... من الغيظ فِي أكبادنا والتألم)
قَالَ ابْن رَشِيق هَذَا الْبَيْت تطفل فِيهِ على طفيل الغنوي وافتقر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ)
(فَذُوقُوا كَمَا ذقنا غَدَاة محجرٍ ... من الغيظ فِي أكبادنا والتحوب)
قَالَ وَمن جيد مَا سَمِعت لَهُ فِي الرثاء قَوْله فِي الشَّيْخ أبي عَليّ بن خلدون من الْكَامِل
(لَوْلَا الْحيَاء وَأَن أجيء بفعلةٍ ... ينضي عَليّ بهَا سيوف ملام)
(وأكون مُتبعا لأشنع سنه ... قد سنّهَا قبلي أَبُو تَمام)
(للبست لبس الثاكلات وَكنت فِي ... سود الْوُجُوه كأنني من حام)
أَشَارَ إِلَى مَا صنعه أَبُو تَمام يَوْم نعى مُحَمَّد بن حميد لِأَنَّهُ غمس طرف رِدَائه فِي مدادٍ ثمَّ ضرب بِهِ كَتفيهِ وصدره ثمَّ أنْشد كَلمته من الطَّوِيل
(كَذَا فليجل الْخطب وليفدح الْأَمر ... فَلَيْسَ لعينٍ لم يفض مَاؤُهَا عذر)
وَكَانَت وَفَاته بِجَزِيرَة صقلية سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَقد شَارف الْخمسين سنة
3 - (الساسكوني)
الْحسن بن عَليّ بن حسن بن عَليّ بن كثير بن عَليّ العامري الساسكوني الشَّاعِر قَالَ يمدح الظَّاهِر غازياً
(أروم هَذَا الْقلب برْء جراحه ... وسيوف لحظك تنتضى لكفاحه)
(يَا مستبيح دم المتيم عَامِدًا ... أنسيت يَوْم الْبَعْث حمل جنَاحه)
(نَظَرِي الَّذِي فِي الْحبّ قد أفسدته ... إفساده فِي الْحبّ عين صَلَاحه)
(حتام تطرف طرف عَيْني بالبكا ... وإلام طرفِي مولع بطماحه)
(يَا وَيْح مُودع سره فِي جفْنه ... فَلَقَد أَرَادَ السّتْر من فضاحه)
(لَيْت الحبيب غَدَاة أثمر خَدّه ... لم يحم عَن عَيْني جنى تفاحه)
(يَا لائم المشتاق يَبْغِي نصحه ... مره بهم لتَكون من نصاحه)(12/95)
(أَو فَانْظُر الرشأ الَّذِي خلخاله ... لَو شَاءَ صيره مَكَان وشاحه)
(يفتر عَن شبمٍ تلألأ نوره ... كالروض لَاحَ لديك نور أقاحه)
(ويدير ناظره فيسكرنا فَقل ... رشأٌ يَنُوب بِعَيْنِه عَن راحه)
مِنْهَا فِي المديح من الْكَامِل
(ملكٌ إِذا رتج العدا أَبْوَابهم ... كَانَت مفاتحها رُءُوس رماحه)
(يُرْجَى ويخشى فالمنية والمنى ... مقرونتان بصحفه وصفاحه)
)
(سمحٌ لَو أَن الْغَيْث كلم قبله ... بشرا لعنفه لفرط سماحه)
(هُوَ بَحر جودٍ فابتعد عَن لجه ... لَا يغرقنك وادن من ضحضاحه)
وَقَالَ يمدح زين الدّين أتابك من الطَّوِيل
(أعن لؤلؤٍ رطبٍ تبسمت أم ثغر ... وَمن ريقةٍ أسكرتني أم من الْخمر)
(وعطفك تيهاً مَاس أم خوط بانةٍ ... وطرفك أم هاروت ينفث بِالسحرِ)
(فعنك نهاني لائمي وَلَو أَنه ... يحاول نصحي بدل النَّهْي بِالْأَمر)
(وَهَا أنذري إِن كنت ناذرةً دمي ... لديك وَيَا شوقي إِلَى ذَلِك النّذر)
(وَإِنِّي لأهوى أَن تبوئي بقتلتي ... ليبعثني خصما لَك الله فِي الْحَشْر)
قلت هَذَا يشبه قَول ابْن رَوَاحَة الْحَمَوِيّ من مخلع الْبَسِيط
(عَسى يُطِيل الْوُقُوف بيني ... وَبَيْنك الله فِي الْحساب)
وَقَالَ الساسكوني يهجو عروضياً نحوياً من المنسرح لَا تنكروا مَا ادّعى فلَان من الشّعْر إِذا قَالَ إِنَّه شَاعِر
(فالنحو ثمَّ الْعرُوض قد شَهدا ... لَهُ على الشّعْر أَنه قَادر)
(يقصر ممدوده وَيَرْفَعهُ ... فِي الْجَرّ نصب الغرمول فِي الآخر)
(يُرِيك وَهُوَ الْبَسِيط دَائِرَة ... تجمع بَين الطَّوِيل والوافر)
وَقَالَ فِي طراحة فيروزها أَخْضَر من الْخَفِيف
(أَنا أرضٌ تغار مني السَّمَاء ... إِذْ يطاني بأخمصيه الْبَهَاء)
(فاض من كَفه الندى فاستدارت ... فِي حَوَاشِي روضةٌ خضراء)
وَقَالَ وَقد نَاوَلَهُ مليحٌ خَاتمًا بفص عقيق ولوزاتٍ من السَّرِيع
(وأهيف ناولني خَاتمًا ... فخلته ناولني فَاه)
(كَأَنَّمَا الفص ولوزاته ... لِسَانه بَين ثناياه)(12/96)
(وَفضل فِيهِ أَنه خاتمٌ ... من فضةٍ صياغه الله)
وَقَالَ من السَّرِيع
(قد جبل الجبول من راحةٍ ... فَلَيْسَ يعرو ساكنيها هموم)
(كَأَنَّمَا المَاء وأطياره ... فِيهِ سماءٌ زينت بالنجوم)
)
(كَأَن سود الطير فِي بيضها ... خليط جيشٍ بَين زنجٍ وروم)
3 - (الشَّيْخ بدر الدّين بن هود)
الْحسن بن عَليّ أَبُو عَليّ بن عضد الدولة أبي الْحسن أخي المتَوَكل على الله ملك الأندلس أبي عبد الله مُحَمَّد ابْني يُوسُف بن هود الجذامي
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ رَأَيْته بِمَكَّة وجالسته وَكَانَ يظْهر مِنْهُ الْحُضُور مَعَ من يكلمهُ ثمَّ تظهر الْغَيْبَة مِنْهُ وَكَانَ يلبس نوعا من الثِّيَاب مِمَّا لم يعده لبس مثله بِهَذِهِ الْبِلَاد وَكَانَ يذكر أَنه يعرف شَيْئا من عُلُوم الْأَوَائِل وَكَانَ لَهُ شعر أنشدنا لَهُ أَبُو الحكم بن هاني صاحبنا قَالَ أنشدنا أَبُو عَليّ الْحسن بن عضد الدولة لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(خضت الدجنة حَتَّى لَاحَ لي قبسٌ ... وَبَان بَان الْحمى من ذَلِك القبس)
(فَقلت للْقَوْم هَذَا الرّبع ربعهم ... وَقلت للسمع لَا تَخْلُو من الحرس)
(وَقلت للعين غضي عَن محاسنهم ... وَقلت للنطق هَذَا مَوضِع الخرس)
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ الشَّيْخ الزَّاهِد الْكَبِير أَبُو عَليّ بن هود المرسي أحد الْكِبَار فِي التصوف على طَريقَة الْوحدَة
مولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بمرسية وَكَانَ أَبوهُ نَائِب السلطنة بهَا عَن الخليقة الملقب بالمتوكل حصل لَهُ زهدٌ مفرط وفراغٌ عَن الدُّنْيَا وسكرةٌ عَن ذَاته وغفلة عَن نَفسه فسافر وَترك الحشمة وَصَحب ابْن سبعين واشتغل بالطب وَالْحكمَة وزهديات الصُّوفِيَّة وخلط هَذَا بِهَذَا وَحج وَدخل الْيمن وَقدم الشَّام
وَكَانَ ذَا هَيْبَة وَشَيْبَة وَسُكُون وفنون وتلامذة وزبون وعَلى رَأسه قبع دلك وعَلى جسده دلق
كَانَ غارقاً فِي الْفِكر عديم اللَّذَّة متواصل الأحزان فِيهِ انقباضٌ عَن النَّاس
وَحمل مرّة إِلَى وَالِي الْبَلَد وَهُوَ سَكرَان أَخَذُوهُ من حارة الْيَهُود فَأحْسن الْوَالِي بِهِ الظَّن وسرحه سقَاهُ الْيَهُود خبثاً مِنْهُم ليغضوا مِنْهُ بذلك
قلت لِأَن الْيَهُود نالهم مِنْهُ أَذَى وَأسلم على يَده مِنْهُم جماعةٌ مِنْهُم سعيد وبركات وَكَانَ الشَّيْخ يحب الكوارع المغمومة فَدَعوهُ إِلَى بَيت وَاحِد مِنْهُم وَقدمُوا لَهُ ذَلِك فَأكل ثمَّ غَابَ ذهولاً على عَادَته فأحضروا الْخمر فَلم يُنكر حُضُورهَا وأداروها ثمَّ ناولوه مِنْهَا قدحا(12/97)
فَاسْتَعْملهُ تشبهاً بهم فَلَمَّا سكر أَخْرجُوهُ على تِلْكَ الْحَال وَبلغ الْخَبَر إِلَى الْوَالِي فَركب)
وَحضر إِلَيْهِ وأردفه خَلفه وَبَقِي النَّاس خَلفه يتعجبون من أمره وَهُوَ يَقُول لَهُم بعد كل فَتْرَة وأيشٍ قد جرى ابْن هود شرب الْعقار يعْقد الْقَاف كافاً فِي كَلَامه
وَكَانَ يشْتَغل الْيَهُود عَلَيْهِ فِي كتاب الدّلَالَة وَهُوَ مصنفٌ فِي أصُول دينهم للرئيس مُوسَى
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ شَيخنَا عماد الدّين الوَاسِطِيّ أَتَيْته وَقلت لَهُ أُرِيد أَن تسلكني فَقَالَ من أَي الطّرق من الموسوية أَو العيسوية أَو المحمدية وَكَانَ إِذا طلعت الشَّمْس يستقبلها ويصلب على وَجهه وَصَحبه الشَّيْخ الْعَفِيف عمرَان الطَّبِيب وَسَعِيد المغربي وَغير وَاحِد من هَؤُلَاءِ
صلى عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين بن جمَاعَة وَدفن بسفح قاسيون سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة
قلت الَّذِي بَلغنِي عَنهُ كَمَا حَدثنِي بِهِ الشَّيْخ الإِمَام نجم الدّين الصَّفَدِي قَالَ كَانَ بعض الْأَيَّام يَقُول لتلميذه سعيد يَا سعيد أَرِنِي فَاعل النَّهَار فَيَأْخُذ بِيَدِهِ ويصعد بِهِ إِلَى سطحٍ فيقف باهتاً إِلَى الشَّمْس نصف نهارٍ
وَكَانَ يمشي فِي الْجَامِع باهت الطّرف ذاهل الْعقل وَهُوَ رَافع إصبعه السبابَة كالمتشهد وَكَانَ يوضع فِي يَده الْجَمْر فَيقبض عَلَيْهِ ذهولاً عَنهُ فَإِذا أحرقه رَجَعَ إِلَى حسه وألقاه من يَده
وَكَانَ يحْفر فِي طَرِيقه فَيَقَع فِيهَا ذهولاً وغيبةً
وَمن شعره من الطَّوِيل
(فُؤَادِي من مَحْبُوب قلبِي لَا يَخْلُو ... وسري على فكري محاسنه يجلو)
(أَلا يَا حبيب الْقلب يَا من بِذكرِهِ ... على ظاهري من باطني شاهدٌ عدل)
(تجليت لي مني عَليّ فَأَصْبَحت ... صفاتي تنادي مَا لمحبوبنا مثل)
(أورى بِذكر الْجزع عَنهُ وبانه ... وَلَا البان مطلوبي وَلَا قصدي الرمل)
(وأذكر سعدى فِي حَدِيثي مغالطاً ... بليلى وَلَا ليلى مرادي وَلَا جمل)
(وَلم أر فِي العشاق مثلي لأنني ... تلذ لي الْبلوى ويحلو لي العذل)
سوى معشرٍ حلوا النظام ومزقوا الثِّيَاب فَلَا فرضٌ عَلَيْهِم وَلَا نفل
(مجانين إِلَّا أَن ذل جنونهم ... عزيزٌ على أعتابهم يسْجد الْعقل)
وَمِنْه من مجزوء الرمل)
(علم قومِي بِي جهل ... إِن شأني لأجل)
(أَنا عبدٌ أَنا ربٌّ ... أَن عزٌ أَنا ذل)
(أَنا دنيا أَنا أُخْرَى ... أَنا بعضٌ أَنا كلٌ)(12/98)
(أَنا معشوقٌ لذاتي ... لست عني الدَّهْر أسلو)
(فَوق عشرٍ دون تسعٍ ... بَين خمسٍ لي مَحل)
وَمن شعر ابْن هود من الطَّوِيل
(سَلام عَلَيْكُم صدق الْخَبَر الْخَبَر ... فَلم يبْق قَالَ القس أَو حدث الحبر)
(خُذُوا خبري عني بقيت مشاهداً ... ذَروا مَا يَقُول الغر أَو يفهم الْغمر)
(خُذُوا من غَرِيب الدَّار كل غَرِيبَة ... وحقكم من دونهَا حجر الْحجر)
(عَلَيْك سَلام الله يَا خير قادمٍ ... على خير مقدوم عَلَيْهِ لَك الْبشر)
(عَلَيْك السَّلَام اسْلَمْ وقيت الردى فدم ... على غابر الْأَيَّام لَا خانك الدَّهْر)
(أتيتكم مستقضياً دين وَعدكُم ... فَمن قَوْلهم عِنْد القضا يعرف الْحر)
(أذكركم عهدا لنا طَال عَهده ... وقولكم صبرا وَقد فني الصَّبْر)
(فَلَا تحسبوا أَنِّي نسيت عهودكم ... فَإِنِّي وَحقّ الله عبدكم الْحر)
(أأنسى عهوداً بالحمى طَابَ ذكرهَا ... ومثلي وفيٌ لَا يَلِيق بِهِ الْغدر)
(تحييك عَنَّا الشَّمْس مَا أشرقت ضحا ... تحييك عَنَّا مَا تبدى لَك الْبَدْر)
(يُحْيِيك عَنَّا كلما ذَر شارقٌ ... يُحْيِيك عَنَّا من غمائمه الْقطر)
(يُحْيِيك عَنَّا الرّيح بِالروحِ قد بَدَت ... يُحْيِيك عَنَّا من منابته الزهر)
(أَلا فاعجبوا من أمرنَا إِنَّه امرؤٌ ... أَلا فاعجبوا للقل من بعضه الكثر)
3 - (ابْن النشابي وَالِي دمشق)
حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد عماد الدّين بن النشابي وَالِي دمشق تعلم الصياغة ثمَّ خدم جندياً وتقلبت بِهِ الْأَحْوَال وَولي ولاياتٍ بِالْبرِّ ثمَّ ولي دمشق مُدَّة ثمَّ تولى الْبر ثمَّ أعطي طبلخاناه
وَكَانَ كَافِيا ناهضاً لَهُ خبْرَة بالأمور وَمَعْرِفَة بسياسة الْبَلَد وَكَانَ من أَبنَاء الْخمسين توفّي بالبقاع سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَحمل إِلَى دمشق وَدفن بقاسيون فِي تربته
3 - (شرف الدّين بن الصَّيْرَفِي)
)
الْحسن بن عَليّ بن عِيسَى بن الْحسن الإِمَام الْمُحدث شرف الدّين بن الصَّيْرَفِي اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ شيخ الحَدِيث بالفارقانية فَقِيه مُحدث مُفِيد صَدُوق خيرٌ دينٌ متواضع حسن الْأَخْلَاق مليح الشيبة
سمع من عبد الْوَهَّاب بن رواج وَأبي الْحسن بن الجميزي ويوسف الساوي وفخر(12/99)
الْقُضَاة بن الْحباب والمؤتمن بن قميرة والزكي عبد الْعَظِيم والرشيد الْعَطَّار وَسمع بالإسكندرية من سبط السلَفِي وَجَمَاعَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين سَمِعت مِنْهُ وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ
3 - (أَبُو عَليّ الْخَطِيب المغربي)
الْحسن بن عَليّ بن خلف أَبُو عَليّ الْأمَوِي الْقُرْطُبِيّ نزيل أشبيلية الْمَعْرُوف بالخطيب
أجَاز لَهُ ابْن رشد مروياته وَكَانَ مائلاً إِلَى الْأَدَب وَله كتاب رَوْضَة الأزهار واللؤلؤ المنظوم فِي معرفَة الْأَوْقَات والنجوم وتهافت الشُّعَرَاء توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة
3 - (نَفِيس الدّين بن البن)
الْحسن بن عَليّ بن أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن بن الْحسن الشَّيْخ نَفِيس الدّين أَبُو مُحَمَّد بن البن بِالْبَاء وَالنُّون الْأَسدي الدِّمَشْقِي
ولد فِي حُدُود سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة سمع الْكثير من جده أبي الْقَاسِم وَتفرد عَنهُ بأَشْيَاء وَصَحب الْأَمِير مَحْمُود بن نعْمَة الشيزري زَمَانا وتأدب عَلَيْهِ وَكَانَت لَهُ أصُول يحدث مِنْهَا وَكَانَ ثِقَة ثبتاً كثير الصَّدَقَة وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ يسكن بالكجك وَأَظنهُ كَانَ خشاباً
قَالَ ابْن الْحَاجِب كَانَ دَائِم السُّكُوت لَا يكَاد يتَكَلَّم وَإِذا نفر من شَيْء لَا يعود إِلَيْهِ
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو بكر بن الزَّاغُونِيّ وَنصر بن نصر العكبري وروى عَنهُ الضياء والبرزالي وَابْن خَلِيل والشرف النابلسي وبلدياه سعد الْخَيْر وَنصر وَالْفَخْر بن البُخَارِيّ والتقي بن الوَاسِطِيّ وَالشَّمْس بن الْكَمَال والعز بن الْفراء وَالشَّمْس بن الوَاسِطِيّ والشهاب الأبرقوهي وَالشَّمْس بن عَبْدَانِ وَجَمَاعَة
3 - (ابْن ميجا الطَّبِيب)
)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن صَدَقَة الْحَكِيم البارع أَبُو مُحَمَّد الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِابْن ميجا بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَالْجِيم
جاور بِمَكَّة سمع أَبَا الْفَتْح ابْن المندائي وَابْن الْأَخْضَر وَغَيرهمَا وروى عَنهُ الدمياطي وَغَيره توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الشهرزوري الشَّافِعِي)
الْحسن بن عَليّ بن عبد الله أَبُو عبد الله الشهرزوري الْفَقِيه(12/100)
الشَّافِعِي إِمَام عَلامَة زاهد قَائِم على الْمَذْهَب وَهُوَ من شُيُوخ الفرضى
قَالَ ابْن الفوطي أفتى عدَّة سِنِين وَكَانَ يحفظ الْمُهَذّب لأبي إِسْحَاق وَكَانَ أُمِّيا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الشَّيْخ الحريري)
الْحسن بن عَليّ بن أبي الْحسن بن مَنْصُور الشَّيْخ الصَّالح الزَّاهِد بَقِيَّة الْمَشَايِخ ابْن الشَّيْخ عَليّ الحريري
ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكَانَ شيخ الطَّائِفَة الحريرية
وَكَانَ مهيباً مليح الشيبة حسن الْأَخْلَاق لَهُ مكانة عِنْد النَّاس وَحُرْمَة زَائِدَة قدم مَرَّات إِلَى دمشق من قَرْيَة بسر بِدِمَشْق وَتُوفِّي فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
3 - (الْحَافِظ الوخشي)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر أَبُو عَليّ الوخشي بِالْخَاءِ والشين المعجمتين من أهل وخش من نواحي طخارستان بَلخ أحد حفاظ الحَدِيث الْأَثْبَات الْفُضَلَاء لَهُ الرحلة الواسعة من بَلَده إِلَى الْعرَاق وَالشَّام ومصر وَسمع الْكثير وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وانتقى على الْحفاظ وَكتب بِخَطِّهِ
سمع ببلخ مُحَمَّد بن عبد الله بن روزبة وَعلي بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْخُزَاعِيّ وبنيسابور يحيى بن إِبْرَاهِيم الْمُزَكي وَمُحَمّد بن مُوسَى بن الْفضل الصَّيْرَفِي وَأحمد ابْن الْحسن الْحِيرِي وبهمذان مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مزدئن وبإصبهان الْحَافِظ أَبَا نعيم أَحْمد بن عبد الله وَأَبا سعيد بن حسنويه وببغداد عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن مهْدي وَعلي بن مُحَمَّد بن عبد الله بن)(12/101)
بَشرَان وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الْفضل الْقطَّان وَمُحَمّد بن أَحْمد بن أبي الفوارس وبالبصرة وبدمشق وبعسقلان وبتنيس وبالرملة وبالقدس وبعكا وبحلب جمَاعَة يطول ذكرهم
وَحدث بِبَغْدَاد وَسمع مِنْهُ الْخَطِيب أَبُو بكر وروى عَنهُ فِي مصنفاته ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة ببلخ
3 - (ابْن السوادي الْكَاتِب)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبيد الله بن السوادي أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب الوَاسِطِيّ من أهل الْبيُوت الْكِبَار
سمع الْكثير من عَمه أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن السوادي وَأبي الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الصَّقْر وَعلي بن مُحَمَّد كَاتب الْوَقْف وَأبي الْكَرم خَمِيس بن عَليّ الْجَوْزِيّ وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن العجمي وَغَيرهم
وَكَانَ كَاتبا سديداً لَهُ معرفَة بِالْحِسَابِ والمساحة قدم بَغْدَاد وَحدث بهَا توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة بواسط
3 - (الإِمَام أَبُو عَليّ الحمادي)
الْحسن بن عَليّ بن مكي بن إسْرَافيل بن حَمَّاد الإِمَام أَبُو عَليّ الحمادي النَّسَفِيّ
كَانَ حنفياً فانتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وَعمر دهراً وَهُوَ أحد الْأَعْلَام وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الذِّئْب الْبَصْرِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن زَكَرِيَّا بن صَالح أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ الْعَدوي الملقب بالذئب نزيل بَغْدَاد
قَالَ ابْن عدي كَانَ يضع الحَدِيث وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وثلاثمائة وَالصَّحِيح سنة تسع عشر وثلاثمائة
حدث فافترائه عَن عَمْرو بن مَرْزُوق ومسدد وطالوت بن عباد وكامل بن طَلْحَة وخراش بن عبد الله(12/102)
روى عَنهُ أَبُو بكر الْقطيعِي وَعمر الْكِنَانِي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر ابْن شَاذان وَآخَرُونَ
وَزعم أَنه ولد سنة عشر وَمِائَتَيْنِ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك وَمن مَوْضُوعَاته عَلَيْكُم بالوجوه الملاح والحدق السود)
3 - (ابْن غُلَام الزُّهْرِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن عَمْرو بن غُلَام الزُّهْرِيّ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ كَانَ حَمْزَة السَّهْمِي يسْأَله عَن الْجرْح وَالتَّعْدِيل توفّي سنة خمس وَسبعين وثلاثمائة
3 - (أَبُو عَليّ الدقاق)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو عَليّ الْأُسْتَاذ الدقاق الزَّاهِد النَّيْسَابُورِي شيخ الصُّوفِيَّة وَشَيخ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَالله أعلم
3 - (الْحَافِظ الْخلال)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد الْهُذلِيّ الْحلْوانِي الْخلال الريحاني الْحَافِظ نزيل مَكَّة روى عَنهُ الْجَمَاعَة كلهم إِلَّا النَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (المسوحي الزَّاهِد)
الْحسن بن عَليّ المسوحي الزَّاهِد من كبار الصُّوفِيَّة بِبَغْدَاد صحب السّري السَّقطِي وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين والمائتين
3 - (أَخُو القَاضِي عبد الْوَهَّاب)
الْحسن بن عَليّ بن نصر أَخُو القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى
كَانَ أديباً فَاضلا صنف كتاب الْمُفَاوضَة للْملك الْعَزِيز جلال الدولة أبي مَنْصُور بن بويه جمع فِيهِ مَا شَاهده فِي ثَلَاثِينَ كراساً وَهُوَ من الْكتب الممتعة توفّي رَحمَه الله سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة بواسط
3 - (ابْن الْأَمِير السَّيِّد)
الْحسن بن عَليّ بن المرتضى بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الدَّاعِي بن زيد بن حَمْزَة ابْن عَليّ بن عبيد الله بن الْحسن بن مُحَمَّد السيلقي بن الْحسن بن جَعْفَر بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد الحسني الْعلوِي الْمَعْرُوف بِابْن الْأَمِير السَّيِّد
أسمعهُ أَبوهُ فِي صباه من أبي الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر الْحَافِظ وَعمر حَتَّى انْفَرد بالرواية عَنهُ)(12/103)
قَالَ محب الدّين بن النجار وَكَانَ دينا كريم الْأَخْلَاق تَامّ الْمُرُوءَة كَبِير النَّفس كتبت عَنهُ
توفّي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (القرميسيني الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن عَليّ أَبُو مَنْصُور القرميسيني الْبَغْدَادِيّ كَانَ من فُقَهَاء الْحَنَابِلَة
صحب أَبُو عبد الله بن حَامِد وَأَبا طَاهِر بن الغباري وَأَبا طَالب بن الْبَقَّال وَابْن الفقاعي وَالْقَاضِي أَبَا يعلى بن الْفراء
وحاضر أَبَا حَفْص بن شاهين وطبقته وَسمع الْكثير وَكتب وَلم يحدث بِشَيْء لاشتغاله بالفقه
توفّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ البدوي)
الْحسن بن عَليّ أَبُو عَليّ البدوي
أورد لَهُ ابْن النجار من الطَّوِيل
(ترحلت الأظعان فالعين تَدْمَع ... وقلبك بالأشواق وَالذكر موجع)
(فَلَا دَارهم تَدْنُو وَلَا الصَّبْر يرتجى ... وَلَا خيرٌ يَأْتِي إِلَيْك فتطمع)
(أعاذلتي مهلا فَلم يبْق حيلةٌ ... لمن بعد الْأَصْحَاب عَنهُ وأزمعوا)
قلت شعر نَازل
3 - (أَبُو عَليّ الْمُؤَدب العلثي)
الْحسن بن عَليّ العلثي بالثاء الْمُثَلَّثَة
أورد لَهُ ابْن النجار قَوْله فِي صبي يَهُودِيّ من الْكَامِل
(متهود لَوْلَا الغيار وذله ... تاهت ملاحته على الْأَرْوَاح)
(وَكَأن صدغيه صوالج عنبر ... يلعبن فِي خديه بالتفاح)
3 - (ابْن عمار الْموصِلِي)
الْحسن بن عَليّ بن الْحسن محيي الدّين الْموصِلِي الْخَطِيب الْمَعْرُوف بِابْن عمار
شيخ واعظ حُلْو الْوَعْظ لَهُ تصانيف وَشعر توفّي بالموصل سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمن شعره من الْكَامِل
(مَا بَين منعرج اللوى والأبرق ... ريمٌ رماني فِي الغرام المونق)
)
(أسر الْفُؤَاد المستهام بحسنه ... وَوَقعت مِنْهُ فِي الْعَذَاب الْمُطلق)
(يصمي الْقُلُوب بطرفه السَّاجِي الَّذِي ... يرنو بِهِ وَإِذا رمى لَا يَتَّقِي)
(بَانَتْ صباباتي ببانات اللوى ... فِي حبه ورثت لشجوي أينقي)
(وَأَنا الَّذِي لَا أستفيق من الْهوى ... طفْلا وَهَا قد شَاب فِيهِ مفرقي)(12/104)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (ابْن العلاف)
الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن بشار بن زِيَاد أَبُو بكر الْمَعْرُوف بِابْن العلاف الضَّرِير النهرواني الشَّاعِر الْمَشْهُور
كَانَ من الشُّعَرَاء المجيدين وَحدث عَن أبي عمر الدوري الْمُقْرِئ وَحميد ابْن مسْعدَة الْبَصْرِيّ وَنصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الحساني وروى عَنهُ عبد الله بن الْحسن بن النّحاس وَأَبُو الْحسن الخراجي القَاضِي وَأَبُو حَفْص بن شاهين وَغَيرهم
وَكَانَ ينادم الإِمَام المعتضد حكى قَالَ بت لَيْلَة فِي دَار المعتضد مَعَ جمَاعَة من ندمائه فَأَتَانَا خادمٌ لَيْلًا فَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول أرقت اللَّيْلَة بعد انصرافكم فَقلت من الطَّوِيل
(وَلما انتبهنا للخيال الَّذِي سرى ... إِذا الدَّار قفرٌ والمزار بعيد)
وَقَالَ قد أرتج عَلَيْهِ تَمَامه فَمن أجَازه بِمَا يُوَافقهُ فِي غَرَضه أَمر لَهُ بجائزة قَالَ فأرتج على الْجَمَاعَة وَكلهمْ شَاعِر فَاضل فابتدرت وَقلت من الطَّوِيل
(فَقلت لعَيْنِي عاودي النّوم واهجعي ... لَعَلَّ خيالاً طَارِقًا سيعود)
فَرجع الْخَادِم ثمَّ عَاد فَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول قد أَحْسَنت وَأمر لَك بجائزة
وَكَانَ لأبي بكر هرٌ يأنس بِهِ وَكَانَ يدْخل أبراج الْحمام الَّتِي لجيرانه وَيَأْكُل فراخها وَكثر ذَلِك مِنْهُ فأمسكه أَرْبَابهَا فذبحوه فرثاه بقصيدة اشتهرت
وَقد قيل إِنَّه رثى بهَا عبد الله بن المعتز وخشي من الإِمَام المقتدر أَن يتظاهر بهَا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتله فنسبها إِلَى الهر وَعرض بِهِ فِي أَبْيَات مِنْهَا لصحبةٍ كَانَت بَينهمَا أكيدة
وَقيل إِنَّمَا كنى بالهر عَن المحسن بن الْفُرَات أَيَّام محنته لِأَنَّهُ لم يَجْسُر أَن يذكرهُ ويرثيه
وَقيل إِنَّمَا كنى بالهر عَن المحسن بن الْفُرَات أَيَّام محنته لِأَنَّهُ لم يَجْسُر أَن يذكرهُ يرثيه
وَقيل إِن جَارِيَة لعَلي بن عِيسَى هويت غُلَاما لأبي بكر بن العلاف فَفطن بهما فقتلا جَمِيعًا)
وسلخا وَحشِي جلودها تبناً فَقَالَ مَوْلَاهُ أَبُو بكر هَذِه القصيدة يرثيه بهَا وأولها من المنسرح
(يَا هر فارقتنا وَلم تعد ... وَكنت عِنْدِي بمنزل الْوَلَد)
(فَكيف ننفك عَن هَوَاك وَقد ... كنت لنا عدَّة من الْعدَد)
(وَتخرج الفأر من مكامنها ... مَا بَين مفتوحها إِلَى السدد)
(يلقاك فِي الْبَيْت مِنْهُم مددٌ ... وَأَنت تلقاهم بِلَا مدد)
(لَا عددٌ كَانَ مِنْك منفلتاً ... مِنْهُم وَلَا وَاحِد من الْعدَد)
(لَا ترهب الصَّيف عِنْد هاجرةٍ ... وَلَا تهاب الشتَاء فِي الجمد)(12/105)
(وَكَانَ يجْرِي وَلَا سداد لَهُم ... أَمرك مَا بَيْننَا على السدد)
(حَتَّى اعتقدت الْأَذَى لجيرتنا ... وَلم تكن للأذى بمعتقد)
(وحمت حول الردى بظلمهم ... وَمن يحم حول حَوْضه يرد)
(وَكَانَ قلبِي عَلَيْك مرتعداً ... وَأَنت تنساب غير مرتعد)
(تدخل برج الْحمام متئداً ... وتبلع الفرخ غير متئد)
(وتطرح الريش فِي الطَّرِيق لَهُم ... وتبلع اللَّحْم غير مزدرد)
(أطمعك الغي لَحمهَا فَرَأى ... قَتلك أَصْحَابهَا من الرشد)
(حَتَّى إِذا داوموك واجتهدوا ... وساعد النَّصْر كيد مُجْتَهد)
(كادوك دهراً فَمَا وَقعت وَكم ... أفلت من كيدهم وَلم تكد)
فحين أخفرت وانهمكت وكاشفت وأسرفت غير مقتصد
(صادوك غيظاً عَلَيْك وانتقموا ... مِنْك وَزَادُوا وَمن يصد يصد)
(ثمَّ شفوا بالحديد أنفسهم ... مِنْك وَلم يرعووا على أحد)
مِنْهَا من المنسرح
(فَلم تزل للحمام مرتصداً ... حَتَّى سقيت الْحمام بالرصد)
(لم يرحموا صَوْتك الضَّعِيف كَمَا ... لم تَرث مِنْهَا لصوتها الغرد)
(أذاقك الْمَوْت ربهن كَمَا ... أذقت أفراخه يدا بيد)
(كَأَن حبلاً حوى بجودته ... جيدك للخنق كَانَ من مسد)
وَمِنْهَا من المنسرح)
(كَأَن عَيْني تراك مضطرباً ... فِيهِ وَفِي فِيك رغوة الزّبد)
(وَقد طلبت الْخَلَاص مِنْهُ فَلم ... تقدر على حيله وَلم تَجِد)
(فجدت بِالنَّفسِ والبخيل بهَا ... أَنْت وَمن لم يجد بهَا يجد)
(فَمَا سمعنَا بِمثل موتك إِذْ ... مت وَلَا مثل عيشك النكد)
(عِشْت حَرِيصًا يَقُودهُ طمعٌ ... ومت ذَا قاتلٍ بِلَا قَود)
(يَا من لذيذ الْفِرَاخ أوقعه ... وَيحك هلا قنعت بالغدد)
(ألم تخف وثبة الزَّمَان وَقد ... وَثَبت فِي البرج وثبة الْأسد)
وَمِنْهَا من المنسرح
(عَاقِبَة الظُّلم لَا تنام وَإِن ... تَأَخَّرت مُدَّة من المدد)
(أردْت أَن تَأْكُل الْفِرَاخ وَلَا ... يَأْكُلك الدَّهْر أكل مضطهد)(12/106)
(هَذَا بعيدٌ من الْقيَاس وَمَا ... أعز فِي الدنو والبعد)
(لَا بَارك الله فِي الطَّعَام إِذا ... كَانَ هَلَاك النُّفُوس فِي الْمعد)
(كم دخلت لقمةٌ حَشا شرهٍ ... فأخرجت روحه من الْجَسَد)
مَا كَانَ أَغْنَاك عَن تسلقك البرج وَلَو كَانَ جنَّة الْخلد وَمِنْهَا من المنسرح
(قد كنت فِي نعْمَة وَفِي دعةٍ ... من الْعَزِيز الْمُهَيْمِن الصَّمد)
(تَأْكُل من فأر بيتنا رغداً ... وَأَيْنَ بِالشَّاكِرِينَ للرغد)
(وَكنت بددت شملهم زَمنا ... فَاجْتمعُوا بعد ذَلِك البدد)
(فَلم يبقوا لنا على سبدٍ ... فِي جَوف أَبْيَاتنَا وَلَا لبد)
(وفرغوا قعرها وَمَا تركُوا ... مَا علقته يدٌ على وتد)
(وفتتوا الْخبز فِي السلال فكم ... تفتت للعيال من كبد)
(ومزقوا من ثيابنا جدداً ... فكلنا فِي المصائب الجدد)
وَدخل ابْن العلاف على المعتضد وَهُوَ يفرق دَرَاهِم الصَّدَقَة فَقَالَ هَل لي فِي هَذَا نصيبٌ
فَقَالَ هَذِه دَرَاهِم الصَّدَقَة وَأَنا أشْفق عَلَيْك وأرفعك عَنْهَا فَقَالَ من المنسرح
(إِن إِمَام الْهدى ليرفعني ... سؤدده عَن دَرَاهِم الصدقه)
)
(يَا سيد النَّاس وَابْن سيدهم ... أعدمني الله هَذِه الشفقه)
فَضَحِك وَوَصله
وَقَالَ وَقد وَقع فِي حفرةٍ من الْبَسِيط
(قَالَت كَأَنَّك فِي الْمَوْتَى فَقلت لَهَا ... قد مَاتَ من ذهبت وَالله عَيناهُ)
(عَيْنَايَ كفاي لَا طرفٌ ألذ بِهِ ... وَكَيف يفرح من عَيناهُ كَفاهُ)
توفّي ابْن العلاف سنة ثَمَان عشرَة وَقيل تسع عشرَة وثلاثمائة
3 - (ابْن أبي السُّعُود الْكُوفِي)
الْحسن بن عَليّ بن أبي السُّعُود الأديب أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي نزيل الْقَاهِرَة
لَهُ قصيدة نونية فِي الْقرَاءَات رَوَاهَا عَنهُ الشَّيْخ شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد الدمياطي وَقَالَ توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره(12/107)
3 - (أَبُو عَليّ بن أبي جَرَادَة)
الْحسن بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة أَبُو عَليّ كَانَ كَاتبا فَاضلا شَاعِرًا أديباً يكْتب النّسخ طَريقَة ابْن مقلة والرقاع طَريقَة ابْن البواب وخطه جيد حُلْو
سمع أَبَاهُ بحلب وَكتب عَنهُ السَّمْعَانِيّ عِنْد قدومه حلب وَسَار فِي حَيَاة أَبِيه إِلَى مصر واتصل بالعادل أَمِير الجيوش وَزِير المصريين وَأنس بِهِ ثمَّ نفق بعده على الصَّالح بن رزيك وخدم فِي ديوَان الْجَيْش وَلم يزل بِمصْر إِلَى أَن مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة وَكتب إِلَى أَخِيه عبد القاهر من الطَّوِيل
(سرى من أقاصي الشَّام يسألني عني ... خيالٌ إِذا مَا زار يسلبني مني)
(بذلت لَهُ قلبِي وجسمي كليهمَا ... فَلم يرض إِلَّا أَن يعرس فِي جفني)
(وَإِنِّي ليدنيني اشتياقي إِلَيْكُم ... ووجدي بكم لَو أَن وجد الْفَتى يدني)
(وأبعث آمالي فترجع حسراً ... وقوفاً على ضنٍ من الْوَصْل أَو ظن)
(فليت الصِّبَا تسري بمكنون سرنا ... فتخبرني عَنْكُم وتخبركم عني)
(وليت اللَّيَالِي الخاليات عوائدٌ ... علينا فنعتاض السرُور من الْحزن)
وَقَالَ من الْبَسِيط)
(مَا ضرهم يَوْم جد الْبَين لَو وقفُوا ... وزودوا كلفاً أودى بِهِ الكلف)
(تخلفوا عَن وداعي ثمت ارتحلوا ... وأخلفوني وعودواً مَا لَهَا خلف)
(وأوصلوني بهجرٍ بَعْدَمَا وصلوا ... حبلي وَمَا أنصفوني لَكِن انتصفوا)
(فليتهم عدلوا فِي الحكم إِذْ ملكوا ... وليتهم أسعفوا بالطيف من شغفوا)
قلت شعر جيد وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه
3 - (ابْن الْجلَال الدِّمَشْقِي)
الْحسن بن عَليّ بن أبي بكر بن يُونُس الشَّيْخ الْأَمِير الْخَيْر الْمسند بدر الدّين أَبُو عَليّ الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي القلانسي ابْن الْجلَال أحد المكثرين
ولد فِي صفر سنة تسع وَعشْرين وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَسمع من ابْن اللتي وَابْن المقير ومكرم وَأبي نصر الشِّيرَازِيّ وجعفر الْهَمدَانِي وكريمة الزبيرية وَسَالم بن صصرى وَخلق كثير وَحضر ابْن غَسَّان والإربلي وَأَجَازَ لَهُ ابْن روزبة والسهروردي وَأَبُو الْوَفَاء ابْن مندة
وَله إِثْبَات فِي سِتَّة أَجزَاء اعتنى بأَمْره خَال أمه الْمُحدث ابْن الْجَوْهَرِي
روى شَيْئا كثيرا(12/108)
بِدِمَشْق وحلب ومصر وروى عَنهُ الْمزي وَابْن تَيْمِية وَابْن البرزالي وَكَانَ يخرج أَمينا على الْقرى وَله فهمٌ وَعِنْده فَضِيلَة مَا
3 - (شهَاب الدّين بن عمرون)
الْحسن بن عَليّ بن أبي نصر بن النّحاس الْمَعْرُوف بِابْن عمرون شهَاب الدّين الْحلَبِي التَّاجِر الْمَشْهُور
كَانَ من الرؤساء الْأَعْيَان بحلب وَغَيرهَا وَكَانَت لَهُ صورةٌ ومنزلة عِنْد مُلُوك الشَّام ويسافر بحشمٍ وخدمٍ ويخفر من يَصْحَبهُ ويميره وَله معروفٌ فِي الرحلة وَالْمقَام توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (علم الدّين الشاتاني)
الْحسن بن عَليّ بن سعيد بن عبد الله علم الدّين أَبُو عَليّ الشاتاني بالشين الْمُعْجَمَة وَبَين الْأَلفَيْنِ تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف وشاتان من نواحي ديار بكر
كَانَ يحب الحَدِيث وَكَانَ فِي كنف جمال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي مَنْصُور وَزِير الْموصل)
وجيهاً عِنْده كثير الإفضال عَلَيْهِ ولاه البيمارستان بالموصل ووقوفه
وَلما نكب الْوَزير وقف أمره فوفد على نور الدّين الشَّهِيد فَأكْرمه إِلَى أَن مَاتَ وَقصد السُّلْطَان صَلَاح الدّين سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة فَأكْرمه ومدحه وَهُوَ بِالشَّام بقصيدته الَّتِي أَولهَا من الطَّوِيل
(أرى النَّصْر معقوداً برايتك الصفرا ... فسر وَافْتَحْ الدُّنْيَا فَأَنت بهَا أَحْرَى)
(يَمِينك فِيهَا الْيمن واليسر فِي الْيُسْرَى ... فبشرى لمن يَرْجُو الندى مِنْهُمَا بشرى)
وَقَالَ يمدح الْوَزير ابْن هُبَيْرَة من الْكَامِل
(أهْدى إِلَيّ جَسَدِي الضنى فأعله ... وَعَسَى يرق لعَبْدِهِ وَلَعَلَّه)
(مَا كنت أَحسب أَن عقد تجلدي ... ينْحل بالهجران حَتَّى حلّه)
(يَا وَيْح قلبِي أَيْن أطلبه وَقد ... نَادَى بِهِ دَاعِي الْهوى فأضله)
(إِن لم يجد بِالْعَفو مِنْهُ على الَّذِي ... قد ذاب من برح الغرام فَمن لَهُ)
(وَأَشد مَا يلقاه من ألم الْهوى ... قَول العواذل إِنَّه قد مله)
وَقد عَارض الشاتاني بِهَذِهِ القصيدة قصيدةً للعماد الْكَاتِب وأولها
(سل سيف ناظره لماذا سَله ... وعَلى دمي لم دله قد دله)
(واسأله كَيفَ أَبَاحَ فِي شرع الْهوى ... دم من يهيم بِهِ وَكَيف أحله)
(سل عطفه فَعَسَى لطافة عطفه ... تعدِي قساوة قلبه وَلَعَلَّه)
(كثرت لقسوة قلبه جفواته ... يَا مَا أرق وفاءه وَأقله)(12/109)
(يَا منجداً ناديته مستنجداً ... فِي خلتي والمرء ينجد خله)
(سر حَامِلا سري فَأَنت بِحمْلِهِ ... أهلٌ وخفف عَن فُؤَادِي ثقله)
(وَإِذا وصلت ففض عَن وَادي الغضا ... طرف الْمُرِيب وَحي عني أَهله)
(أهد السَّلَام هديت للرشأ الَّذِي ... أعطَاهُ قلبِي رشده فأضله)
ومولد علم الدّين سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي شعْبَان سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ قد تأدب على ابْن الشجري وَابْن الجواليقي وَعقد لَهُ بِدِمَشْق مجْلِس وعظ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة)
وَقيل إِنَّه تغير آخر عمره وَكَانَ تفقه بِبَغْدَاد على مَذْهَب الشَّافِعِي وَسمع بهَا الحَدِيث
وَكَانَ ينبز بِالْعلمِ قاع وَكَانَ علم الدّين الشاتاني الْمَذْكُور يستشيط غيظاً من كلمة فِيهَا الفقاع فَعمل الْعِمَاد الْكَاتِب أبياتاً لَا يَخْلُو كل بَيت مِنْهَا من هَذِه اللَّفْظَة وَكَانَت تنشد قدامه وَهُوَ يغْضب وعتب على الْعِمَاد وتهاجرا مُدَّة ثمَّ استعطفه الْعِمَاد بقصيدةٍ فَأَجَابَهُ عَنْهَا واصطلحا
وَمن شعر علم الدّين الشاتاني من الطَّوِيل
(خليلي كفا عَن ملامي وعرجا ... فأنفاس نجدٍ نشرها قد تأرجا)
(وقولا لمن قد ضل عَن قصد حبه ... وصلنا إِلَى وصل الْأَحِبَّة منهجا)
(وحطا بِأَكْنَافِ الْحمى فقد انْتهى ... مسير مطايا قد أضرّ بهَا الوجى)
(فقد لَاحَ ضوء الصُّبْح بعد كمونه ... ومزق ثوبا لفقته يَد الدجى)
(وحاكت يَد الأنواء للْأَرْض حلَّة ... تقدرها الْأَبْصَار ثوبا ممرجا)
(وغرد فِي الأيك الهزار مطرباً ... وهيجه نوح الْحمام فهزجا)
3 - (ابْن الْمُحدث الْكَاتِب)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عدنان بن شُجَاع الحمداني بدر الدّين ابْن الْمُحدث المجود الْكَاتِب
كَانَ فَاضلا ينظم وينثر وَله كتاب بربى بَاب الْجَابِيَة بِدِمَشْق وَكَانَ يكْتب الْعَصْر فِي الْمدرسَة الأمينية كتب عَلَيْهِ جمَاعَة وَكتب هُوَ على الشَّيْخ نجم الدّين بن البصيص
كَانَ الْملك الأوحد لَهُ مَعَه صُحْبَة فَتحدث لَهُ مَعَ الأفرم أَن يدْخل فِي ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق فرسم لَهُ بذلك فَأبى فلامه الْملك الأوحد على ترك ذَلِك فَقَالَ أَنا إِذا دخلت بَين الموقعين مَا يرتب لي أَكثر من خَمْسَة دَرَاهِم فِي كل يَوْم وَمَا يجلسونني فَوق بني فضل الله وَلَا فَوق بني القلانسي وَلَا فَوق بني غَانِم فَم يجلسونني إِلَّا دونهم وَلَو تَكَلَّمت قَالُوا أبْصر(12/110)
المصفعة وَاحِد كَانَ فَقِيه كتاب قَالَ يُرِيد يقْعد فَوق السَّادة من الموقعين وَإِذا جَاءَت سفرة مَا يخرجُون غَيْرِي فَإِن تَكَلَّمت قَالَ أبْصر المصفعة قَالَ يحتشم على السّفر فِي ركاب ملك الْأُمَرَاء وَهَذَا أَنا كل يَوْم يحصل لي من التكتيب الثَّلَاثُونَ درهما وَالْأَكْثَر والأقل وَأَنا كَبِير هَذِه الصِّنَاعَة وَأحكم فِي أَوْلَاد الرؤساء والمحتشمين
ونظم فِي ذَلِك من الْخَفِيف
(لائمي فِي صناعتي مستخفاً ... بِي إِذْ كنت للعلا مُسْتَحقّا)
)
(مَا غزالٌ يقبل الْكَفّ مني ... بعد بري وَلم يضع لي حَقًا)
(مثل تيسٍ أبوس مِنْهُ يدا ... قد صغرت من ندىً لأسأل رزقا)
(فيولي عني ويلوي عَن رد ... سلامي ويزدريني حَقًا)
فاقتصد وَاقْتصر عَلَيْهَا فَمَا عِنْد إِلَه السَّمَاء خيرٌ وَأبقى وَقَالَ أَيْضا من الطَّوِيل
(غَدَوْت بتعليم الصغار مؤجرا ... وحولي من الغلمان ذُو الأَصْل والفصل)
(يقبل كفي مِنْهُم كل سَاعَة ... ويعطونني شَيْئا أَعم بِهِ أَهلِي)
(وَذَاكَ بِأَن أسعى إِلَى بَاب جَاهِل ... أقبل كفيه أَحَي إِلَى مثلي)
(أميرٌ إِذا ميزت لَكِن بِلَا حجىً ... وَكم قد رَأينَا من أَمِير بِلَا عقل)
قلت هَذَا نظم عَجِيب التَّرْكِيب
وَقَالَ فِي فرحة من السَّرِيع
(مَا فرحتي إِلَّا إِذا واصلت ... فرحة بَين الكس والكاس)
(لَا أَن أَرَاهَا وَهِي فِي مجْلِس ... مَا بَين طباخٍ وعداس)
وَكَانَ قد أَنْشدني شَيْئا من شعره وَكتب إِلَيّ أبياتاً لامية ملزومة فأجبته عَنْهَا فِي وَزنهَا ورويها والتزمت الْمِيم قبل اللَّام وَلم أجد أبياته لعدمها عِنْد تَعْلِيق هَذِه التَّرْجَمَة فَمَا أثبتها وَلَا أبياتي إِذْ لَا فَائِدَة فِي ذَلِك
وَكنت وقفت لَهُ على قصيدة بِخَطِّهِ نونية أَولهَا من الطَّوِيل
(نعم هَذِه نجدٌ وهاتيك نعْمَان ... فمل إِن قلبِي للصبابة أوطان)
وَفِي القصيدة جدولان مكتوبان بالحمرة من كل بَيت كلمتان الأولى من النّصْف الأول وَالثَّانيَِة من النّصْف الثَّانِي ومجموع الْجَدْوَل الأول قَوْله تَعَالَى إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر الْآيَة
وَمن شعره أَيْضا من الطَّوِيل
(وَقد عنفوني فِي هَوَاهُ بقَوْلهمْ ... ستطلع مِنْهُ الذقن فاقصر عَن الْحزن)
(فَقلت لَهُم كفوا فَإِنِّي واقعٌ ... وحقكم بالوجد فِيهِ إِلَى الذقن)(12/111)
وَله يُعَارض القصيدة الهيئية من الهزج)
(عَن الغي إِلَى الرشد ... عدلت الْآن عَن قصدي)
وميلت وُجُوه الْهزْل عَن عمدٍ إِلَى الْجد وأجدي بِي أَن أعلم أَن الْجَهْل لَا يجدي لِأَنِّي نلْت من لذات دهري غَايَة الْقَصْد
(فكم عاشرت من حرٍ ... وَكم حارفت من عبد)
(وَكم صاحبت ذَا جهل ... وَكم خالطت ذَا رشد)
(وَكم صافيت صوفيا ... وزاورت أَخا زهد)
وعاشرت كبار الأَرْض فِي قرب وَفِي بعد
(وَكم مازحت سوقياً ... وَكم مازجت من جندي)
(وَكم لقلقت بالتركي ... وَكم بقبقت بالكردي)
(وَكم نادمت فِي ليلِي ... أَمِيرا مَا لَهُ قصدي)
إِلَى أَن صَار فِي كفي مَا يَكْفِي من الرفد
(وَكم سَافَرت فِي الْبر ... لرؤيا الجزر وَالْمدّ)
وَكم واكلت فِي الأسطول من برٍ وَمن وغد
(وَكم خاللت من خلٍّ ... وَكم داريت من ضد)
(وَكم سَافَرت فِي بحرٍ ... طَوِيل الْحر وَالْبرد)
(وَكم لاقيت من نحسٍ ... وَكم صادفت من سعد)
(وَكم غازلت غزلانا ... من النسوان والمرد)
(وَكم قبلت من ثغرٍ ... وَكم عانقت من قد)
وَكم غالبت من لاعب بالشطرنج والنرد
(وَكم ظبيٍ رخيم الد ... ل يَحْكِي الْبَدْر فِي السعد)
(ثنى نحوي عطفيه ... وَقد أنْجز لي وعدي)
(فأضحى رِيقه خمري ... وَأمسى خَدّه وردي)
وَكم من غادة لمياء قد مَالَتْ على زندي
(وضمتني إِلَى صدرٍ ... تمليت بِهِ وحدي)
)
(وعمداً واصلت وَصلي ... وَقد صدت عَن الصد)(12/112)
وباتت وَهِي لي إِذْ بت أرضي قَصدهَا تفدي
(فتهدي وافر النهد ... وأهدي وافر النهد)
(ونادمت وغنيت ... وألهبت بِمَا أبدي)
من الأسمار والأشعار والأسحار والوعد
(وَكم سرمطت سرماطاً ... من الْحل إِلَى العقد)
(وعزبرت وعزمت ... على الْكَفّ مَعَ الزند)
(وَفِي المندل أحضرت ... بحرق الْعود والند)
وجمعت جموع الجان فِي الْحَال إِلَى عِنْدِي
(فَمنهمْ طائعٌ قولي ... وَمِنْهُم ناكث عهدي)
وَمِنْهُم من لَهُ استخدمت حَتَّى صَار كَالْعَبْدِ وَمِنْهُم من لَهُ أحرقت إِذْ خَالف من جد
(وَكم أرمدت من عين ... وَكم أبرأت من رمد)
(وَكم قطعت ملبوساً ... من الصُّوف إِلَى الْبرد)
إِلَى المنظر والجوخ السقلاط إِلَى الْهِنْدِيّ
(وَكم قطعت من جلدي ... عباةً قطعت جلدي)
(وَكم شقيت صهيوني ... وَكم كفنت من سندي)
(وَكم شعشعت حلبوين ... لندماني على الْورْد)
(وَكم أشعلت من شمع ... تروق الْعين بالوقد)
وأقلامي بهَا أفعل فعل السَّيْف ذِي الْحَد وَهل من كاتبٍ مثلي من قبلي أَو بعدِي
(إِذا والى لَهُ قلمٌ ... كَمثل الْبَحْر ذِي الْعد)
(وَإِن عادى لَهُ كلم ... كَمثل النَّار فِي الوقد)
وَكم قد طَال بل قد طَابَ فِي كسب الْعلَا سهدي وطالعت عُلُوم النَّاس عَن قصد وَعَن جهد)
وعاشرت من الْكتاب أهل الْحل وَالْعقد وجالست ذَوي الْأَلْبَاب أهل الْجد وَالْجد وشكري دَائِما لله رَبِّي الصَّمد الْفَرد
(لما يسر من فضل ... وَمَا أنعم من رفد)(12/113)
(وَأَرْجُو مِنْهُ غفرانا ... إِذا أمسيت فِي لحدي)
(فَمَا لي غَيره مولى ... لَهُ شكري مَعَ الْحَمد)
وَله أَيْضا من الْخَفِيف
(كم كَذَا فِيهِ تقعدي يَا تاجه ... مَا تزوري الحريف وَقت الحاجه)
(وتغيبي شهرا وشهراً وَتَأْتِي ... هَكَذَا هَكَذَا تكون الخواجه)
(خبروكي عني بِأَنِّي عديمٌ ... لَيْسَ لي قطّ قحبة هياجه)
(كم أَتَتْنِي صبيةٌ مثل بدرٍ ... كسها قد رَبًّا مثل الكماجه)
(مَا تجيني إِلَّا بنقلٍ وشمع ... وشرابٍ وخضرة ودجاجه)
(وَإِذا نمت كفها فَوق زكلي ... وعَلى نيكه تطيل اللجاجه)
(وَإِذا مَا عانقتها فِي فرَاش ... فَهِيَ تحتي شخارة غناجه)
(كلما أَن ذاقت لقلقاس أيري ... أطعمته من حَيْضهَا زيرباجه)
(لَا تقولي بسى من الشَّيْخ بسى ... إِن ترك الشُّيُوخ عِنْدِي سماجه)
(كل ستٍ وكل بنتٍ إِلَى مَا ... قد علمتي يَا ستنا محتاجه)
لَا تضيعي مثلي وعودي إِلَى الووخلي يَا سِتّ عَنْك الزلاجه وأنشدني من لَفظه شمس الدّين مُحَمَّد بن بَادِي قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن الْمُحدث لنَفسِهِ من المنسرح
(كن عاذراً شاتم الْمُؤَدب إِذْ ... يَأْخُذ من عرضه ويشتمه)
(لِأَنَّهُ ناكه على صغرٍ ... وَمن ينيك الصَّغِير يَظْلمه)
(وكل فلسٍ حواه يَأْخُذهُ ... وكل قوت بِالضَّرْبِ يؤلمه)
(نيكٌ وأخذٌ وَالضَّرْب بعدهمَا ... والحقد إِحْدَى الثَّلَاث يضرمه)
قلت مَا جزم الشَّرْط وَلَا جَوَابه فِي الْبَيْت الثَّانِي)
وَمن شعره أَيْضا من مجزوء الرجز
(بقل هُوَ الله أحد ... أعيذ خداً قد وَقد)
(وناظراً وسنانه ... عَلَيْهِ طرفِي مَا رقد)
(أَقُول لما زارني ... أنْجز حرٌ مَا وعد)
(من كأسه وخده ... تخال وردا قد ورد)
(من حمل ثقل ردفه ... مَا قَامَ إِلَّا وَقعد)
(وَلَا انثنى من لينه ... إِلَّا وَقد قلت انْعَقَد)(12/114)
(كالظبي إِلَّا أَنه ... يفعل أَفعَال الْأسد)
(فِي جيد من عنفني ... عَلَيْهِ حبلٌ من مسد)
3 - (بدر الدّين الْغَزِّي)
الْحسن بن عَليّ بن حمد بن حميد بن إِبْرَاهِيم بن شنار بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَبعد الْألف رَاء بدر الدّين الْغَزِّي سَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة سِتّ وَسَبْعمائة بغزة
شَاعِر جيدٌ جزل الْأَلْفَاظ متين التراكيب متسرع البديهة حسن التروي لَهُ غوصٌ على الْمعَانِي كتب الْمَنْسُوب وعارض ابْن شَهِيد فِي كِتَابه التوابع والزوابع وَوضع فِي تِلْكَ الْمَادَّة كتابا سَمَّاهُ قريض القرين وجوده
وأنشدني بِدِمَشْق وصفد والديار المصرية غَالب شعره وَدخل ديوَان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا رَحمَه الله فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَلم يزَل إِلَى أَن توفّي رحمهُ الله وَعَفا عَنهُ وسامحه فِي لَيْلَة الْخَمِيس حادي عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن فِي مَقَابِر بَاب الصَّغِير بِدِمَشْق مرض بدوسنطاريا كبدية مُدَّة سِتَّة عشر يَوْمًا
وبيني وَبَينه مكاتبات ومراجعات ذكرتها فِي كتاب ألحان السواجع أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي مليح على فَمه حبٌ مجزوء الرمل يَا فَم المعشوق سُبْحَانَ الَّذِي زادك زينا
(قد تحليت بدرٍ ... فتحببت إِلَيْنَا)
وأنشدني أَيْضا من الوافر)
(توهم إِذْ رأى حبا يحاكي ... على شَفَتَيْه درا فِي عقيق)
(فَقلت لَهُ وحقك لَيْسَ هَذَا ... سوى حببٍ على كأس الرَّحِيق)
وأنشدني أَيْضا من المتقارب
(وأغصان دوح زها دفها ... فَللَّه بالقصف تعميرها)
(تغنى على الْعود ورقاؤها ... وينقر فِي الدُّف شحرورها)
وأنشدني لَهُ أَيْضا من الوافر
(شممت نسيم زهر اللَّوْن لما ... خرجنَا سبكرةً تَنْفِي الهموما)
(فتحت الدوح شاهدنا بدوراً ... وَفِي أَعْلَاهُ عاينا نجوما)
وأنشدني لَهُ أَيْضا من مجزوء الْكَامِل أَو مَا ترى الفوار قَارب أَن يقوض
(والزهر فِي ورقٍ ... زمرده مفضض)(12/115)
(كالخد عذر بعضه ... وَالْبَعْض أَبيض)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الْخَفِيف
(ثغر من قد هويته يهدي ... فِي ظلام الدجنة الحالك)
(بِالثُّرَيَّا شبهته ظلما ... والثريا أقل من ذَلِك)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الرمل
(مَا ترى التفاح يهدي ... زهره نشراً ذكيا)
(فاق زهر الْأُفق فَانْظُر ... وتأمله مَلِيًّا)
(كل غُصْن مِنْهُ يَبْدُو ... فَوْقه ألف ثريا)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الطَّوِيل
(وصفراء حَال المزج يصْبغ ضوءها ... أكف الندامى وَهُوَ فِي الْحَال ناصل)
(وتهفو بألباب الرِّجَال لِأَنَّهَا ... دويهيةٌ تصفر مِنْهَا الأنامل)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من مسدس الرجز
(أَنا الْقَلِيل الْعقل فِي صرفي الَّذِي ... أملكهُ فِي كلف المشارب)
(مَا نلْت من تَضْييع موجودي سوى ... تصفية الكاسات فِي شواربي)
)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من مسدس الرجز
(أعجب مَا فِي مجْلِس اللَّهْو جرى ... من أدمع الراووق لما انسكبت)
(لم تزل البطة فِي قهقهة ... مَا بَيْننَا تضحك حَتَّى انقلبت)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا من مسدس الرجز
(يَا من يلوم فِي التصابي خَلِّنِي ... فأذني عَن الملام قد نبت)
(تصفية الكاسات فِي شواربي ... أضحكت البطة حَتَّى انقلبت)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الطَّوِيل
(وأهيف كالغصن المرنح شاقني ... فطار إِلَيْهِ الْقلب من فرط شوقه)
(رأى الْبَدْر يَحْكِي وَجهه وَهُوَ سَافر ... فَحَمله من جوره فَوق طوقه)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الْكَامِل
(يَا صاحباً مَا زَالَ فِي إنعامه ... لثياب راجيه المؤمل رافي)
(قد قطعت فرجيتي حَتَّى لقد ... ظهر القطوع بهَا على أكتافي)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من المتقارب
(وأيكيةٍ هَتَفت سحرةً ... فهاجت عَليّ غراماً دَفِينا)(12/116)
(تكَاد إِذا رجعت صَوتهَا ... قضيب الأراكة ينْقد لينًا)
(تغني فتستوقف الصَّبْر عَن ... لجاجته وتحث الشجونا)
(وتبكي وَلَكِن بِلَا أدمعٍ ... وَمَا هَكَذَا يَنْبَغِي أَن تَكُونَا)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الْكَامِل
(غصنٌ رَشِيق الْقد لَان معاطفاً ... نشوى وبالشعر الْمرجل أورقا)
(وبمثل بدر التم أثمر فانظروا ... هَذَا القوام أجل أم غُصْن النقا)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الطَّوِيل
(سرت من بعيد الدَّار لي نفحة الصِّبَا ... فقد أَصبَحت حسرى من السّير ظالعه)
(وَمن عرقٍ مبلولة الجيب بالندى ... وَمن تَعب أنفاسها متتابعه)
وَكتب إِلَيّ بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة من الْبَسِيط
(ليل التجنب من أجفاننا شهبه ... ومجدب الرّبع مَا كَانَت دَمًا سحبه)
)
(مَا للنوى أطلعت فِي غاربٍ قمراً ... يقلهُ البان يَوْم الْبَين لَا غربه)
(تنظمت عبراتي فِي ترائبه ... عقدا كَمَا انتثرت فِي وجنتي سخبه)
(يَا من وفى الدمع إِذْ خَان الوداد لَهُ ... غدر الحبيب وَفَاء الدمع أَو سَببه)
(قد كنت أَحسب صبري لَا يذم وَقد ... مضى وَفِي ذمَّة الأشواق أحتسبه)
(يَا نازحاً سكن الْقلب الخفوق وَمن ... إِحْدَى الْعَجَائِب نائي الْوَصْل مقتربه)
(مَا لَاحَ برقٌ وَلَا ناحت مطوقةٌ ... وَلَا تناوح من بَاب الْحمى عذبه)
أَلا تساعد قلبِي والدموع وأحناء الضلوع على شوقٍ علا لهبه
(حكيت يَا برق قلبِي فِي الخفوق وَلم ... يفتك إِلَّا لهيب الوجد لَا شنبه)
(من لي بأغيد بدر التم حِين بدا ... قد سَاءَ إِذْ رام تَشْبِيها بِهِ أدبه)
(ممنعٌ بِالَّذِي ضمت غلائله ... من القنا وَبِمَا أصمت بِهِ هدبه)
(بَين الأسنة محجوبٌ وَلَو قدرُوا ... مَا قَوس حَاجِبه أغنتهم حجبه)
(سلبنني بالضنى لحمي لواحظه ... وهم أَسد الشرى المسلوب لَا سلبه)
(لَو لم يكن رِيقه خمرًا ومرشفه ... كأساً لما كَانَ يَحْكِي ثغره حببه)
(كَذَا ابْن ابْنك لَوْلَا مَا حواه لما ... عَن الْكَتَائِب أغنت فِي الوغى كتبه)(12/117)
(ذاد الأولى عَن طَرِيق الْمجد ثمَّ نحا ... آثاره فعلت أحبالهم هضبه)
(وآب يقطف من أغصانه ثمراً ... إِذا أَتَى غَيره بالشوك يحتطبه)
(أقلامه فَرحا بِالْفَضْلِ أنملها ... كلٌ مخلق ثوب الْمجد مختضبه)
(تكَاد ألسنها تمتد من شغف ... إِلَى أجل مَعَاني القَوْل تقتضبه)
(يراعه روعت لامات أحرفها ... أحشاء منحرفٍ لاحاته يُلَبِّهِ)
(أضحت مسببة الأرزاق حِين حكت ... سبابةً لعدوٍ قد وهى سَببه)
(يَا من يجيل قداح الميسر ارْمِ بهَا ... وارم الفجاج لتيهٍ نجحه طلبه)
(واقصد جناب صَلَاح الدّين تلق فَتى ... يهزه حِين يُتْلَى مدحه طربه)
(بنت على عنق العيوق همته ... بَيْتا تمد على هام السها طنبه)
(قد أَتعبت راحتاه الْكَاتِبين وَلم ... يُدْرِكهُ حِين جرى نَحْو الْعلَا تَعبه)
(فاعجب لَهَا رَاحَة تَسْقِي اليراع ندىً ... إِذْ لم تكن أورقت فِي ظلها قضبه)
)
(تناسب الدّرّ من ألفاظها فَإلَى ... بجر الندى لَا إِلَى بَحر الدنا نسبه)
(يرضى ويغضب فِي حَالي ندىً وردىً ... وَبَين هذَيْن منهوك الْحمى نشبه)
(رِضَاهُ للطالبي جدواه ثمَّ على ... مَا تحتوي يَده من مَاله غَضَبه)
وَقَالَ موشحةً عَارض بهَا قَول ابْن سناء الْملك الراح فِي الزجاجة أذكى الجوى وهاجه برد اللمى فِي ثغر ريم مايس الْقد يحميه أَن أرومه لحظٌ أرى فرط الفتور سَيْفه الْهِنْدِيّ
(ظبيٌ رمى فُؤَادِي ... من لحظه بِسَهْم)
(وَقد حمى رقادي ... لما أَبَاحَ سقمي)
(فالطرف للسهاد ... وللسقام جسمي)
(واعجب من انقيادي ... إِلَيْهِ وَهُوَ خصمي)
لَكِنَّهَا اللجاجة ترمي بهَا عقل الْحَلِيم سُورَة الوجد إياك أَن تلومه فاللوم فيهذي الْأُمُور قَلما يجدي
(أفديه ظَبْي أنس ... ألمى الشفاه أحوى)
(حشاشتي وَنَفْسِي ... مرعىً لَهُ ومثوى)
(كذبت فِيهِ حسي ... إِذْ لم تلنه شكوى)
(وجسمه بلمسي ... عِنْد العناق يطوى)
يَا حسن الاندماجه فِي خصره المضنى السقيم وَهُوَ فِي الْبرد فالقامة القويمة بالخد(12/118)
كالغصن النَّضِير ناضر الْورْد
(لله مِنْهُ طرفٌ ... يدمي الْقُلُوب لحظا)
(ووجنةٌ تشف ... وَلَا ينيل حظا)
(يرق إِذْ يرف ... قلبِي لَهَا ليحظى)
(تريك حِين تصفو ... جسماً يخال فظا)
كالراح فِي الزجاجه تزهى بهَا كف النديم عِنْدَمَا تبدي أشعةً عَظِيمَة تندى إِذا شيمت وتوري جذوة تهدي
(يَا لوعة الغرام ... زيدي وَيَا جفوني)
(بأدمعي الهوامي ... جودي وَلَا تخوني)
)
(فَهَتَفَ الْحمام ... قد هيجت شجوني)
(وكل مستهامٍ ... مُسْتَأْنف الحنين)
لَا تنكر انزعاجه للبرق فِي اللَّيْل البهيم مقلةٌ تهدي إِلَى الحشا السليمه خفقاً أباتته سميري لَيْلَة الصد
(دع ذَا وَقل مديحا ... فِي أَحْمد بن يحيى)
(من لم يزل مزيحا ... أعذار كل عليا)
(منتسباً صَرِيحًا ... آخِرَة وَدُنْيا)
(تخال مِنْهُ يوحا ... فِي الدست حسن رُؤْيا)
إِذا رأى ابتهاجه للجود وللداعي المضيم سَاعَة الْجهد فالكف مِنْهُ ديمه وَالْوَجْه شمس ذَات نور فِي سَمَاء الْمجد
(للسر مِنْهُ حصنٌ ... على الورى مطل)
(لَيست بِهِ تظن ... عوراء تستدل)
(غاراته تَشِنْ ... على العدى فتبلو)
(أخبارهم ويعنو ... مِنْهُم لَهَا الْأَجَل)
فَمن رأى هياجه سواهُ بالليث الكليم وَهُوَ فِي السرد وَنَفسه الكريمه فِي السّلم كالغيث للطير سَاعَة الرفد
(وغادةٍ ثنتني ... أعطافها الرشاق)
(لَكِنَّهَا أرتني ... أَن الدما تراق)
(بالصد والتجني ... وَبعدهَا الْفِرَاق)(12/119)
(قَالَت فرغت عني ... والصحبة اتِّفَاق)
فَقلت بانحراجه يَا سِتّ خليني بشؤمي وانجزي وعدي قَالَ أَنا مقيمه فاعمل وهات لي قلت زوري فالذهب عِنْدِي
3 - (الفارقي)
الْحسن بن عَليّ بن دَاوُد جمال الدّين الفارقي مولده سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الْبَسِيط)
(هَذَا عذارك أم ذَا مشْهد الْخضر ... فَلَيْسَ يبرح فِيهِ زائر الْبَصَر)
(أنكرته فَرَأَيْت الزَّعْفَرَان بِهِ ... مضمخا فَعرفت الْقُدس بالأثر)
وَمِنْه فِي مصلوب من الْكَامِل
(صلبوه لَا لجنايةٍ لَكِن أَبَوا ... أَن ينظروه على التُّرَاب طريحا)
(فَلَقَد علا عِنْد الْمنية جِسْمه ... وكذاك يَعْلُو فِي الْقِيَامَة روحا)
(عذرا لعباد الصَّلِيب لأَنهم ... حسبوه من نورٍ عَلَيْهِ مسيحا)
3 - (أَبُو الجوائز الوَاسِطِيّ)
الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن باري الْكَاتِب أَبُو الجوائز الوَاسِطِيّ أَقَامَ بِبَغْدَاد زَمنا طَويلا
وَذكره الْخَطِيب فِي تَارِيخه وَقَالَ علقت عَنهُ أَخْبَارًا وحكاياتٍ وأناشيد رَوَاهَا لي عَن ابْن سكرة الْهَاشِمِي وَغَيره وَلم يكن ثِقَة فَإِنَّهُ ذكر لي أَنه سمع من ابْن سكرة وَكَانَ يصغر عَن ذَلِك وَكَانَ أديباً شَاعِرًا
وَأورد لَهُ من الطَّوِيل
(دع النَّاس طراً واصرف الود عَنْهُم ... إِذا كنت فِي أَخْلَاقهم لَا تسَامح)
(وَلَا تَبْغِ من دهرٍ تظاهر رنقه ... صفاء بنيه فالطباع جوامح)(12/120)
(وشيئان معدومان فِي الأَرْض درهمٌ ... حَلَال وخلٌ فِي الْمَوَدَّة نَاصح)
وَمن شعره من مجزوء الرجز
(واحزني من قَوْلهَا ... خَان عهودي وَلها)
(وَحقّ من صيرني ... وفقاً عَلَيْهَا وَلها)
(مَا خطرت بخاطري ... إِلَّا كستني وَلها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(براني الْهوى بري المدى وأذابني ... صدودك حَتَّى صرت أمحل من أمس)
(فلست أرى حَتَّى أَرَاك وَإِنَّمَا ... يبين هباء الذَّر فِي ألق الشَّمْس)
وَمن شعر أَبُو الجوائز الوَاسِطِيّ من المتقارب
(غريرٌ على فطنتي غرني ... وَسلم للوصل واستسلما)
(فَلَمَّا تملكني واحتوى ... على مهجتي سل مَا سلما)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وافى كتابك فافتداني من يَدي ... أَجلي فظلت بمهجتي أفديه)
(ولثمته ألفا وَبَات لناظري ... إلفاً كَأَنَّك أَو مثالك فِيهِ)
قلت شعر متوسط متكلف
توفّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (جمال الدّين بن نباتة المشطوب)
الْحسن بن عَليّ بن نباتة جمال الدّين الفارقي الْكَاتِب المشطوب وَالِد أَوْلَاد المشطوب كتب فِي الإجازات
أوردهُ الشَّيْخ شمس الدّين فِي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة ثمَّ قَالَ وَلم أتحقق مَوته
3 - (فَخر الدّين نقيب الْأَشْرَف)
الْحسن بن عَليّ بن الْحسن ماهر بن طَاهِر بن أبي الْحسن فَخر الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْنِي نقيب الْأَشْرَاف وَابْن نقيبهم
ولد سنة ثَمَان وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة ببعلبك جمع تَارِيخا وَلم يتمه وَحضر بَين يَدي هولاكو فَلم يجد مِنْهُ إقبالاً فَعَاد على غير شَيْء من الولايات
وَمن شعره
(بعلبكٌ علت على الْبلدَانِ ... وَغدا كَون نورها النيرَان)
رق فِيهَا الْهَوَاء إِذْ راق فِيهَا المَاء وافتر ثغرها الأقحواني
(وتغنى الأطيار فِيهَا بِصَوْت ... لذ للسامعين فِي الأغصان)
(حصنها باذخٌ على كل طودٍ ... ثَابت الأس شامخ الْبُنيان)(12/121)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (أَبُو مُحَمَّد قَاضِي بَغْدَاد)
الْحسن بن عمَارَة بن مضرب البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه أحد الْأَعْلَام ولي الْقَضَاء بِبَغْدَاد
وَكَانَ شُعْبَة يتَكَلَّم فِيهِ وَقَالَ مُسلم وَغَيره مَتْرُوك الحَدِيث
وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ أمره أبين من قَول شُعْبَة)
وَقَالَ الفلاس مَتْرُوك الحَدِيث صَدُوق يَعْنِي فِي نَفسه توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة
3 - (الْحسن بن عمر بن التمار الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عمر بن عبد الله أَبُو عَليّ الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن التمار الْبَغْدَادِيّ
قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن الحمامي وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَختم خلقا كتاب الله وَكَانَ صَالحا حدث باليسير وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ)
الْحسن بن عمر بن الْحسن بن يُونُس أَبُو عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ الْحَافِظ ثِقَة مكثر رحال توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن الْقيم الْكرْدِي)
الْحسن بن عمر بن عِيسَى بن خَلِيل الدِّمَشْقِي الْكرْدِي الشَّيْخ الْمُقْرِئ الْمسند المعمر الْبَقِيَّة أَبُو عَليّ بن الْقيم
كَانَ أَبوهُ قيمًا بتربة أم الصَّالح فأسمعه حضوراً فِي الرَّابِعَة من ابْن اللتي كثيرا وَسمع الْمُوَطَّأ من مكرم بن أبي الصَّقْر وَسمع من أبي الْحسن السخاوي وتلا عَلَيْهِ ختمة
وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال ثمَّ صَار إِلَى مصر وَسكن بالجيزة وَكَانَ يُؤذن بمسجدٍ وَيبِيع الْوَرق للشُّهُود على بَاب الْجَامِع وخفي خَبره غَالب عمره إِلَى سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة فَعرف بثبتٍ كَانَ مَعَه فَأقبل إِلَيْهِ الطّلبَة وأحضر إِلَى الْقَاهِرَة مراتٍ ووصلوه بِدَرَاهِم ثمَّ شاخ وأصم
وَحدث آخر عمره بالجزء الأول من حَدِيث ابْن السماك بتلقين القَاضِي تَقِيّ الدّين الْعَلامَة السُّبْكِيّ لَهُ
أَخذ عَنهُ الواني وَابْن الْفَخر وَابْن رَافع وابنا الْمزي وَآخَرُونَ وَمَات سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَله تسعون سنة
3 - (ابْن حبيب الْحلَبِي)
الْحسن بن عمر بن الْحسن بن حبيب بدر الدّين ابْن الْمُحدث(12/122)
زين الدّين دمشقي الأَصْل حَلَبِيّ المولد والمنشأ
قَرَأَ على القَاضِي فَخر الدّين ابْن خطيب جبرين وَهُوَ يرتزق بِالشُّرُوطِ عِنْد الْحُكَّام بحلب)
مولده سنة عشر وَسَبْعمائة
وَمن شعره قصيدة مدح بهَا القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله من الْبَسِيط
(جوانحي للقا الأحباب قد جنحت ... وعاديات غرامي نحوهم جنحت)
(وعبرتي عِبْرَة للناظرين غَدَتْ ... لِأَنَّهَا بجفوني إِذْ جرت جرحت)
(يَا حبذا جبرةٌ سفح النقا نزلُوا ... آيَات حسنهم ذكر الحسان محت)
(صدوا فطرفي لبعد الدَّار ينشدهم ... يَا سَاكِني السفح كم عينٍ بكم سفحت)
(آهاً لعيش تقضى فِي معاهدهم ... وَطيب أَوْقَات أنفاسٍ بهم نفحت)
(حَيْثُ الحواسد والأعداء قد صدرت ... والسعد من فَوْقنَا أطياره صدحت)
(والدهر قد غض طرف الحادثات لنا ... والزهر أعينه فِي الحضرة اتقحت)
(وَالْوَرق ساجعةٌ والقضب راكعةٌ ... والسحب هامعةٌ والغدر قد طفحت)
(وَالْعود عودان هَذَا نشره عطرٌ ... وَذَا بألحانه أحزاننا نزحت)
(والراح تشرق فِي الراحات تحسبها ... أشعة الشَّمْس فِي الأقداح قد قدحت)
(أكْرم بهَا بنت كرمٍ كف خاطبها ... كف الخطوب وإسداء الندى منحت)
(مظلومةٌ سجنت من بعد مَا عصرت ... مَعَ أَنَّهَا مَا جنت ذَنبا وَلَا اجترحت)
(كم أعربت عَن سرورٍ كَانَ مكتتماً ... وَكم صدورٍ لأرباب الْهوى شرحت)
(تديرها بَيْننَا حوراء ساحرةٌ ... كَأَنَّهَا من جنان الْخلد قد سرحت)
(ألحاظها لَو بَدَت للبيض لاحتجبت ... وقدها لَو رَأَتْهُ السمر لافتضحت)
(ظلامةٌ للكرى عَن مقلتي حبست ... أما ترَاهَا ببحر الدمع قد سبحت)
(وَرب عاذلةٍ فِيمَن كلفت بهَا ... تكلفت لملامي فِي الْهوى ولحت)
(جَاءَت وَفِي زعمها نصحي وَمَا علمت ... أَنِّي أَزِيد غراماً كلما نصحت)
(بِالروحِ أفدي من النُّقْصَان عَارِية ... تسربلت برداء الْحسن واتشحت)
(غيداء من ظبيات الْإِنْس كانسةً ... لَكِنَّهَا عَن مغاني الْأنس قد سنحت)
(عَيْني إِلَى غير مرأى حسن طلعتها ... وَغير فضل ابْن فضل الله مَا طمحت)
(ذَاك الرئيس الَّذِي أيدى عنايته ... للظلم قد منعت والرفد قد منحت)(12/123)
(لَوْلَا رئاسته مَا كَانَت اتّفقت ... على تقدمه الْأَيَّام واصطلحت)
)
(إِمَام علمٍ لَهُ الْأَعْلَام قد خضعت ... شهَاب دينٍ بِهِ الدُّنْيَا قد انصلحت)
(غوث الْوُجُود وغوث الْجُود ذُو نعمٍ ... تولي قريحة من يرجوه مَا اقترحت)
(ورتبةٍ قد سمت فَوق السماك وَمَا ... منت بِذَاكَ وَلَا منت وَلَا بجحت)
(وعزمةٍ ذَات آراء مسددة ... بَاب السَّعَادَة والعليا لَهُ فتحت)
(وبسطةٍ بسطت للنَّاس نائلها ... وقدرة عَن ذنُوب الدَّهْر قد صفحت)
(أَمْوَاله وموازين السماح لمن ... يَرْجُو عطاياه ذِي خفت وَذي رجحت)
(أسطار أطراسه فِي عين ناظرها ... حلت وألفاظها فِي سَمعه ملحت)
(ندمان لطف سجاياه قد اغتبقت ... بقهوة الشُّكْر لَا بالسكر واصطبحت)
(شمس المفاخر والعلياء نيرةٌ ... أضحت وَلَوْلَا شهَاب الدّين مَا وضحت)
(أَنْت الَّذِي عَنهُ أَخْبَار المكارم قد ... صحت وَمن خمر كاسات السقام صحت)
(أَنْت الْهمام الَّذِي آفَاق همته ... نجومها لشياطين العداة دحت)
(لَا أشتهي لعداك الْمَوْت عَن كثبٍ ... فَإِن كذن الأسى أكبادهم ذبحت)
(بِاللَّه أَحْلف صدقا مَا هم بشرٌ ... لكِنهمْ أكلبٌ فِي الْحَيّ قد نبحت)
(يَا من إِذا حل أَرضًا أنبتت وزهت ... وبالمياه على وَجه الفلا نضحت)
(قد أَصبَحت مصر للأبصار مفتنةً ... لم لَا ومنك بِعَين الْقرب قد لمحت)
(أنفاسها عبقت أزهارها رمقت ... أطيارها نطقت غزلانها مرحت)
(ومنبر اللَّهْو منصوبٌ بروضتها ... لذا غَدَتْ مشتهى من نَفسه نزحت)
(والنيل قد عَاد محمراً بهَا خجلا ... إِذْ شبهوه بنعماك الَّتِي طفحت)
(لَوْلَا أياديك مَا زَادَت أَصَابِعه ... وَلَا الْخَلَائق مِنْهُ بالوفا فرحت)
(أَنْت الخصيب بهَا لَيْسَ الَّذِي ذكرُوا ... يَا من سما كَفه بالجود قد سمحت)
(لولاك مَا يمم الْعَافُونَ ساحتها ... وَلَا خواطر أهليها بهَا انفسحت)
(دبرت إقليمها تَدْبِير مقتدر ... أقلامه بمياه الرزق قد رشحت)
(لله أَقْلَام فضلٍ مِنْك قَاطِعَة ... عود القنا فضلت سهم القنا فضحت)
(يَا سَاكِني مصر هنيتم بشخص فَتى ... أَقَامَ فِيكُم وذكرى جوده نزحت)
(من فتيةٍ لأهل الْعلم نائلهم ... سوقاً بضائعهم فِي ربعه ربحت)
)
(سَمَاء سؤددهم بِالْحَمْد قد رفعت ... وَأَرْض أنعامهم للوفد قد سطحت)(12/124)
(كم بالندى جبروا فِي النَّاس منكسراً ... حوادث الدَّهْر فِي أَحْوَاله فدحت)
(كم أَنْقِذُوا مقتراً يمتار أنعمهم ... من نَار فرط هموم وَجهه لفحت)
(بشخص أَحْمد رسل الْجُود قد ختمت ... وبالأفاضل من أسلافه فتحت)
(زَالُوا فبرح بالعافين فقدهم ... وألسن الشُّكْر مَا زَالَت وَمَا بَرحت)
(يَا كعبة الْقَصْد مَا طَاف العفاة بهَا ... إِلَّا وَفِي بَابهَا حاجاتهم نجحت)
(هَا قد أتيت نداك الطلق واضحه ... إِذْ أوجه الدَّهْر وَالْأَيَّام قد كلحت)
(أَشْكُو إِلَيْك خمولاً فِي خمائله ... ريح المتاعب والأنكاد قد نفحت)
(وَبعد أَن شمت برقاً من حماك فقد ... نأى وَعَن كاهلي أثقاله طرحت)
(وَقد تهجمت فِي مدحٍ أتيت بِهِ ... سحب الْقُصُور على أبياته سفحت)
(أَنْت الَّذِي فِي الورى مداح سؤدده ... تزداد فخراً وتشريفا إِذا مدحت)
3 - (الْفُقيْمِي الْكُوفِي)
الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي الْكُوفِي وَثَّقَهُ أَحْمد وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْكُوفِي أَخُو أبي بكر)
الْحسن بن عَيَّاش بن سَالم أَخُو أَبُو بكر بن عَيَّاش الْكُوفِي كَانَ وَصِيّ سُفْيَان الثَّوْريّ
وَثَّقَهُ ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ وروى لَهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَمَات كهلا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة
3 - (الْحسن بن عِيسَى بن ماسرجس)
الْحسن بن عِيسَى بن ماسرجس أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة
وَكَانَ من رُؤَسَاء النَّصَارَى فَأسلم على يَد ابْن الْمُبَارك لِأَنَّهُ دَعَا لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَصَارَ من الْعلمَاء عد فِي مَجْلِسه بِبَاب الطاق اثْنَا عشر ألف محبرة وَحج فأنفق فِي الْحجَّة الَّتِي توفّي فِيهَا ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم وقبره بالثعلبية ووفاته سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (حفيد المقتدر)
)
الْحسن بن عِيسَى ابْن الإِمَام المقتدر بن المعتضد
قَالَ الْخَطِيب كتبنَا عَنهُ وَكَانَ دينا حَافِظًا لأخبار الْخُلَفَاء عَارِفًا بأيام النَّاس توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة(12/125)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الهمذاني)
الْحسن بن الْفَتْح بن حَمْزَة بن الْفَتْح أَبُو الْقَاسِم الهمذاني من أَوْلَاد الوزراء استوطن بَغْدَاد وتفقه بِأبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَلَقي جمَاعَة من الْعلمَاء والأدباء
وَكَانَ غزير الْفضل حفظَة للحكايات والأشعار مِنْهَا كثيرا بِبَغْدَاد وَله تَفْسِير حسن ويدٌ فِي الْفَرَائِض وَالْأَدب
وَمن شعره من الطَّوِيل
(نسيم الصِّبَا إِن هجت يَوْمًا بأرضها ... فَقولِي لَهَا حَالي علت عَن سؤالك)
(فها أَنا ذَا إِن كنت يَوْمًا مغيثتي ... فَلم يبْق لي إِلَّا حشاشة هَالك)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الأديب الوَاسِطِيّ)
الْحسن بن أبي الْفَتْح بن أبي النَّجْم بن وَزِير أَبُو مُحَمَّد الأديب الوَاسِطِيّ
قدم بَغْدَاد وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن موهوب بن الجوالقي وَأبي الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحِيم العصار وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب الْأَدَب لنَفسِهِ وَلِلنَّاسِ
وَسمع الْكثير من أبي الْفَتْح بن شاتيل وَأبي السَّعادات نصر الله بن عبد الرَّحْمَن الْقَزاز وَالْقَاضِي أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَجَمَاعَة
وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وينقل نقلا صَحِيحا ويضبط مليحاً وَكَانَ فَاضلا عَالما بالنحو واللغة وَالْأَخْبَار صَدُوقًا حسن الطَّرِيقَة
وَلما توفّي مُصدق النَّحْوِيّ ولي مشيخة رِبَاط نسيبه الشَّيْخ صَدَقَة مَكَان مُصدق وتصدر لإقراء الْآدَاب إِلَى حِين وَفَاته توفّي سنة عشْرين وسِتمِائَة بخليص بَين مَكَّة وَالْمَدينَة
3 - (الْحسن بن الْفضل أَبُو عَليّ الْآدَمِيّ)
الْحسن بن الْفضل بن الْحسن بن الْفضل بن الْحسن بن عَليّ الْآدَمِيّ أَبُو عَليّ الأديب الْأَصْبَهَانِيّ
كَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً كَامِلا لَهُ معرفَة بِالْحَدِيثِ سمع مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن سكرويه وَسليمَان)
بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الْحسن بن ماجة الْأَبْهَرِيّ وَغَيرهم توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن سهلان الْوَزير)
الْحسن بن الْفضل بن سهلان أَبُو مُحَمَّد ولي وزارة الْعرَاق لسلطان الدولة أبي شُجَاع بن عضد الدولة بعد فَخر الْملك أبي غَالب
وَكَانَ ضَعِيف الصِّنَاعَة قَلِيل البضاعة فِي الْكِتَابَة سريع الْغَضَب حَدِيد الْخلق لَا يرد لِسَانه عَن قَول وَلَا يَده عَن بَطش حَتَّى إِنَّه رُبمَا نَهَضَ من مَجْلِسه إِلَى الديلمي ولكمه بِيَدِهِ(12/126)
وَكَانَ كَبِير النَّفس وَاسع الطَّعَام جميل الْمُرُوءَة ظَاهر الفتوة يطْلب فِي كل أُمُوره معالي الْأُمُور وَبلغ من هيبته فِي النُّفُوس وَقَتله العيارين وَإِظْهَار الصولة والسطوة وَمنع الديلم من النُّزُول فِي دور النَّاس مبلغا عَظِيما
وَحكم بِبَغْدَاد نيفاً وَسبعين يَوْمًا ثمَّ إِنَّه صودر وَأطلق فَمضى إِلَى الْموصل وَأقَام فِي ضِيَافَة مُعْتَمد الدولة أبي المنيع فَضَاقَ صَدره وتطاولت بِهِ الْأَيَّام فَخرج يعتسف الطَّرِيق إِلَى الأهواز فَلَمَّا قرب مِنْهَا وضع عَلَيْهِ بنكير بن عِيَاض وَقَتله غيلَة سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الشرمقاني الْمُقْرِئ)
الْحسن بن أبي الْفضل أَبُو عَليّ الشرمقاني الْمُؤَدب الْمُقْرِئ نزيل بَغْدَاد
قَالَ الْخَطِيب كَانَ من الْعَالمين بالقراءات ووجوهها وَحدث وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (وَالِي بَغْدَاد)
الْحسن بن أبي الْفضل أَبُو مُحَمَّد النسوي كَانَ صَارِمًا فاتكاً مهيباً ظلوماً يقتل النَّاس وَيَأْخُذ أَمْوَالهم وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ صَاحب الشرطة بِبَغْدَاد
3 - (أَبُو عَليّ الدِّمَشْقِي الأخباري)
الْحسن بن الْقَاسِم بن دُحَيْم أَبُو عَليّ الدِّمَشْقِي حدث عَن الْعَبَّاس ابْن الْوَلِيد البيروني
وَكَانَ أخبارياً وَله فِي ذَلِك تصانيف وَتُوفِّي بِمصْر سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة وَقد أناف على الثَّمَانِينَ
وَلَيْسَ هَذَا بالكوكبي فَإِن ذَلِك الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وَهَذَا الْحسن وَمن العجيب أَن وفاتيهما كَانَتَا)
فِي هَذَا الْعَام
3 - (أَبُو عَليّ الرَّازِيّ النَّحْوِيّ)
الْحسن بن الْقَاسِم أَبُو عَليّ الرَّازِيّ كَانَ يلازم مجْلِس الصاحب بن عباد وَكَانَ نحوياً لغوياً وَله كتاب الْمَبْسُوط فِي اللُّغَة
3 - (غُلَام الهراس الْمُقْرِئ)
الْحسن بن الْقَاسِم بن عَليّ الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِغُلَام(12/127)
الهراس أَبُو عَليّ الْمُقْرِئ إِمَام الْحَرَمَيْنِ
مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة بواسط
سَافر فِي طلب الْإِسْنَاد للقراءات وأتعب نَفسه فِي التجويد وَالتَّحْقِيق حَتَّى صَار طبقَة أهل الْعَصْر ورحل إِلَيْهِ النَّاس من أقطار الأَرْض وكف بَصَره بأخرةٍ
وَقد قدح قوم فِي قِرَاءَته وَقَالُوا ادّعى الْإِسْنَاد فِي شَيْء لَا حَقِيقَة لَهُ
قَالَ ياقوت ذكر ذَلِك عَن ابْن خيرون الْأَمِير وَغَيره
3 - (أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي)
الْحسن بن الْقَاسِم الطَّبَرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي أَخذ عَن أبي عَليّ الْحسن ابْن أبي هُرَيْرَة وعلق عَنهُ التعليقة المنسوبة إِلَيْهِ وَسكن بَغْدَاد ودرس بهَا بعد أستاذه أبي عَليّ الْمَذْكُور
وَهُوَ أول من صنف فِي الْخلاف الْمُجَرّد وَله كتاب الإفصاح فِي الْفِقْه وَكتاب الْعدة وَهُوَ كَبِير يدْخل فِي عشرَة أَجزَاء وصنف كتابا فِي الجدل وكتاباً فِي أصُول الْفِقْه توفّي بِبَغْدَاد سنة خمسين وثلاثمائة
3 - (الدَّاعِي)
الْحسن بن الْقَاسِم بن الْحسن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْحسن ابْن زيد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب بَايعه أَصْحَاب الْحسن بن عَليّ الأطروش الْمَذْكُور أَولا وَابْن الْحسن بعد موت الأطروش بآمل وتلقب الْحسن هَذَا بالداعي وَفتح جرجان ثمَّ خَالفه جَعْفَر بن النَّاصِر الْحسن بن عَليّ وَصَارَ إِلَى الديلم واستحاش وَعَاد إِلَى طبرستان فَأخْرج الْحسن الدَّاعِي فَمضى الدَّاعِي إِلَى دنباوند فَأسرهُ عَليّ بن أَحْمد بن نصر خَليفَة عَليّ بن وهشوذان بن حسان ملك الديلم فقيده وَحمله إِلَى عَليّ بن وهشوذان إِلَى الرّيّ فأنفذه إِلَى الديلم فحبسه فِي حصنه إِلَى أَن قتل عَليّ بن وهشوذان فَأطلق خسرو بن فَيْرُوز الدَّاعِي واستحاش الديلم)
والجبل وَعَاد إِلَى طبرستان فهرب الْحسن بن الدَّاعِي وَأقَام جَعْفَر بن النَّاصِر بهَا مُدَّة ثمَّ مَاتَ
فَأتى الْحسن الديلم فَكَانَ بهَا إِلَى أَن ظهر مَا كَانَ فَبَايع لَهُ وَأخرجه إِلَيْهِ
وَمَات جَعْفَر(12/128)
وَكَانَ افتصد وجامع وَدخل الْحمام وتطيب فَمَاتَ فبويع ابْن أَخِيه الْحسن ثمَّ قبض عَلَيْهِ مَا كَانَ بن كالي وأنفذه إِلَى أَخِيه بجرجان ليَقْتُلهُ فَأَقَامَ عِنْده
ثمَّ سكر أَبُو الْحُسَيْن أَخُو ماكان فَأَرَادَ قتل الْحسن فِي سكره وَكَانَ مَعَ الْحسن سكين فاحتال على أبي الْحُسَيْن فشق بَطْنه وَنَجَا فَبَايع النَّاس الْحسن هَذَا وَهُوَ ابْن أَحْمد بن الْحسن الأطروش
فاتصل الْخَبَر بِمَا كَانَ وأتى جرجان وَحَارب الْحسن النَّاصِر فَانْهَزَمَ مَا كَانَ إِلَى سَارِيَة وَأَتَاهُ الْحسن فحاربه بِسَارِيَة وهزمه ثَانِيَة وَصَارَ الْحسن إِلَى آمل وعاش أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ ركب إِلَى الميدان فَضرب بالصوالجة فعثر بِهِ فرسه فَمَاتَ فبويع أَخُوهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الأطروش النَّاصِر الْكَبِير
ثمَّ أَتَى مَا كَانَ من الرّيّ فكبس آمل وهرب أَبُو جَعْفَر إِلَى سَارِيَة وَبهَا أسفار بن شيرويه ثمَّ حَارب مَا كَانَ أسفار فَهزمَ أسفار إِلَى جرجان وَاسْتَأْمَنَ أَبَا بكر بن مُحَمَّد بن إلْيَاس ثمَّ أخرج مَا كَانَ أَبَا الْقَاسِم الدَّاعِي الحسني وقلده الرياسة
ثمَّ خرج الْحسن إِلَى الرّيّ وَطلب مردويج بثأر خَاله هروشذان بن بنْدَار وَكَانَ الدَّاعِي قَتله بجرجان سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة وَانْصَرف مَا كَانَ إِلَى الديلم ثمَّ خرج إِلَى طبرستان فغلب عَلَيْهَا وَجعل الرياسة لأبي عَليّ النَّاصِر إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن الْحسن الأطروش النَّاصِر الْأَكْبَر وَكَانَ غُلَاما فَبَقيَ مُدَّة ثمَّ فعل كَفعل أَبِيه افتصد وجامع وَدخل الْحمام وتطيب وَمَات
وَمضى أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن الأطروش النَّاصِر الْأَكْبَر إِلَى الديلم فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن غلب مرداويج على الرّيّ والجبل فَكتب إِلَيْهِ وَأخرجه عَن الديلم وَأحسن إِلَيْهِ فَلَمَّا غلب على طبرستان وَأخرج مَا كَانَ جعل الرياسة لأبي جَعْفَر فَأَقَامَ بهَا وَسمي صَاحب القلنسوة
3 - (حسن بن قَتَادَة)
حسن بن قَتَادَة بن إِدْرِيس بن مطاعن بن عبد الْكَرِيم بن مُوسَى بن عِيسَى ابْن سُلَيْمَان بن عبد)
الله بن مُوسَى الجون بن عبد الله الْكَامِل بن الْحسن بن الْحسن ابْن عَليّ بن أبي طَالب
كَانَ الْحسن هَذَا صَاحب مَكَّة بعد أَبِيه قَتَادَة لِأَن قَتَادَة كَانَ يَوْمًا بِالْحرم مَعَ الْأَشْرَاف إِذْ هجم عَلَيْهِ ولد لِابْنِهِ حسن هَذَا وترامى فِي حجره فَدخل الْحسن كَالْمَجْنُونِ يشْتَد فِي أَثَره وَألقى يَده فِي شعر ابْنه وجره من حجر وَالِده
فاغتاظ قَتَادَة وَقَالَ هَكَذَا ربيتك وَلِهَذَا ذخرتك فَقَالَ حسن ذَاك الْإِخْلَال أوجب هَذَا الإدلال
فَقَالَ قَتَادَة لَيْسَ هَذَا بإدلال وَلكنه إذلال وَانْصَرف حسن بولده
فَالْتَفت قَتَادَة إِلَى من حوله وَقَالَ وَالله لَا أَفْلح هَذَا أبدا وَلم يفلح مَعَه فَلم يمر إِلَّا(12/129)
الْقَلِيل حَتَّى واطأ الْحسن جَارِيَة تخْدم أَبَاهُ فأدخلته لَيْلًا عَلَيْهِ فَقتله بمعونة الْجَارِيَة وغلامٍ آخر لَهُ على ذَلِك
ثمَّ إِن حسنا الْمَذْكُور قَتلهمَا بعد ذَلِك وَقعد فِي مَكَان أَبِيه والعيون تنثني عَنهُ والقلوب تنفر مِنْهُ
فامتعض رَاجِح بن قَتَادَة من قتل أَبِيه وَكَون قَاتله يَأْخُذ ملكه فَلَمَّا وصل آقباش التركي أَمِير الركب الْعِرَاقِيّ إِلَى مَكَّة اجْتمع بِهِ راجحٌ وَشرح لَهُ الْقِصَّة وَسَأَلَ مِنْهُ أَن يعضده فِي أَخذ ثأر أَبِيه ويلتزم من الْخدمَة وَالطَّاعَة مَا يجب للديوان الْعَزِيز
فنهي الْخَبَر إِلَى حسنٍ الْمَذْكُور فأغلق أَبْوَاب مَكَّة وَمنع النَّاس من الدُّخُول إِلَيْهَا وَالْخُرُوج عَنْهَا واقتتلوا وَقتل الْأَمِير الْمَذْكُور وَنهب النَّاس وفتك بهم
ثمَّ إِن حسنا الْمَذْكُور مَاتَ طريداً غَرِيبا لِأَن الْملك المسعود بن الْكَامِل بن أَيُّوب استولى على مَكَّة وهرب حسنٌ الْمَذْكُور إِلَى بَغْدَاد وَمرض بهَا وَكَانَ يرى أَبَاهُ فِي النّوم يَجِيء إِلَيْهِ وَيَضَع يَده فِي خناقه فينتبه مذعوراً ويسمعه من فِي الْبَيْت وَهُوَ يَقُول بِاللَّه لَا تفعل وَهُوَ كالمتخبط وَكَانَ فِي الزقاق الَّذِي سكن فِيهِ امرأةٌ مَشْهُورَة بالصلاح فَسَأَلَ أَن يحمل إِلَيْهَا على سَرِير فَلَمَّا حصل بَين يَديهَا قَالَ لَهَا أُرِيد مِنْك دَعْوَة وَأَنا على مُفَارقَة الدُّنْيَا قَالَت وَمَا هِيَ قَالَ أَن يغْفر الله لي فقد قتلت أبي وسفكت دِمَاء الْحجَّاج فِي الْحرم وصلبت أَمِيرهمْ فِي الْمَسْعَى وعصيت الْخَلِيفَة وَقطعت السبل وظلمت الْخلق وَمَا صليت للخالق رَكْعَة قطّ
قَالَ الريحاني فضرطت بملء فِيهَا فَقَالَ مَا هَذَا وَأَيْنَ الَّذِي شهر مِنْك الصّلاح فَقَالَت لَهُ كل)
شَيْء فِي مَكَانَهُ مليحٌ فَقَالَ احْمِلُونِي فَأَنا الْجَاهِل الَّذِي حسبت أَنه يَجِيء من نسَاء بَغْدَاد صالحةٌ أبدا وَمَات سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة ثمَّ إِن أَخَاهُ استولى بعد ذَلِك على ملك مَكَّة
3 - (الْأَمِير الطَّائِي)
حسن بن قَحْطَبَةَ بن شبيب الطَّائِي كَانَ أَمِيرا من أكبر قواد الرشيد وَكَانَ من رجالات النَّاس توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة(12/130)
3 - (الْأَمِير فتح الدّين)
حسن بن كرّ الْأَمِير الْكَبِير فتح الدّين الْبَغْدَادِيّ من أكبر الزعماء كَانَ مَوْصُوفا بِالْكَرمِ والشجاعة وأصالة الرَّأْي مَا أكل شَيْئا إِلَّا تصدق بِمثلِهِ وَكَانَ يحب الْفُقَرَاء اسْتشْهد فِي ملتقى هولاكو سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو الْعَالِيَة الشَّامي)
الْحسن بن مَالك أَبُو الْعَالِيَة الشَّامي مولي العميين وَبَنُو الْعم قومٌ من فَارس نزلُوا الْبَصْرَة فِي بني تَمِيم أَيَّام عمر بن الْخطاب وَأَسْلمُوا وغزوا مَعَ الْمُسلمين فحمدوا بلاءهم فَقَالُوا لَهُم أَنْتُم وَإِن لم تَكُونُوا من الْعَرَب إخوتنا وأهلنا وَأَنْتُم الْأَنْصَار وَبَنُو الْعم فلقبوا بذلك
وَنزل أَبُو الْعَالِيَة الْبَصْرَة ثمَّ قدم بَغْدَاد فأدب الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون
وَكَانَ أديباً شَاعِرًا راويةً من أَصْحَاب الْأَصْمَعِي وَكَانَ إِذا جَالس الْأَصْمَعِي أَو غَيره وَتكلم مَعَه انتصف مِنْهُ وَزَاد عَلَيْهِ
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَلَو أنني أَعْطَيْت من دهري المنى ... وَمَا كل من يعْطى المنى بمسدد)
(لَقلت لأيامٍ مضين أَلا ارجعي ... وَقلت لأيام أتين أَلا ابعدي)
حدث الْمبرد قَالَ قَالَ الجماز لأبي الْعَالِيَة كَيفَ أَصبَحت قَالَ أَصبَحت على غير مَا يحب الله وَغير مَا أحب أَنا وَغير مَا يحب إِبْلِيس لِأَن الله عز وَجل يحب أَن أطيعه وَلَا أعصيه وَلست كَذَلِك وَأَنا أحب أَن أكون على غير الْجدّة والثروة وَلست كَذَلِك وإبليس يحب أَن أكون منهمكاً فِي الْمعاصِي وَاللَّذَّات وَلست كَذَلِك
وَمن شعره من المنسرح
(أَذمّ بَغْدَاد وَالْمقَام بهَا ... من بعد مَا خبْرَة وتجريب)
)
(مَا عِنْد سكانها لمختبطٍ ... رفدٌ وَلَا فرجةٌ لمكروب)
(قومٌ مواعيدهم مطرزةٌ ... بزخرف القَوْل والأكاذيب)
(خلوا سَبِيل الْعلَا لغَيرهم ... ونازعوا فِي الفسوق وَالْحوب)(12/131)
(يحْتَاج راجي النوال عِنْدهم ... إِلَى ثلاثٍ من بعد تَعْذِيب)
(كنوز قَارون أَن تكون لَهُ ... وَعمر نوحٍ وصبر أَيُّوب)
3 - (الْحسن بن الْمُبَارك بن الْخلّ)
الْحسن بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْخلّ أَبُو الْحُسَيْن بن أبي الْبَقَاء الشَّاعِر أَخُو أبي الْحسن مُحَمَّد الْمُقدم ذكره فِي المحمدين
كَانَ شَاعِرًا ظريفاً رَشِيق القَوْل مليح الْمعَانِي مدح وهجا وتنوع فِي قَول الشّعْر وَقَالَ الدوبيت وَحدث بِشَيْء يسير وَسَماهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ أَحْمد
قَالَ محب الدّين بن النجار روى شعره أَبُو بكر بن كَامِل الْخفاف وَأَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الدِّمَشْقِي فِي مُعْجم شيوخهما وَكلهمْ سَمَّاهُ الْحسن وَرَأَيْت بِخَطِّهِ وَكتب الْحسن
وَتُوفِّي فجاءة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من مجزوء الرمل
(روحا روحي براحي ... عوض المَاء القراح)
(وادركاني بالأغاني ... قبل إِدْرَاك الصَّباح)
(فَهُوَ يومٌ قد بَدَت ... فِيهِ أَمَارَات الْفَلاح)
(يَوْم لهوٍ وفنون ... من مجون ومزاح)
سِيمَا والغيم قد أقبل من كل النواح واستغاث المَاء قي دجلة من جور الرِّيَاح
(ودعا عذلكما لي ... فِي فسادي أَو صلاحي)
ففساد الْعقل أَن أبصرني ذَا الْيَوْم صاحي وَمِنْه من الْخَفِيف
(زار طيف الخيال نضو خيال ... زورةٌ مَا تموهت بالوصال)
(غير أَن الْمُحب يرضى بطيفٍ ... أَو بوعدٍ منغصٍ بمطال)
)
(وعَلى أَنه يسر وَلَكِن ... حِين يسري عني يزِيد خبالي)
آه من قلَّة التجلد وَالصَّبْر وويلي من كَثْرَة العذال
(وبنفسي ذَاك الغزال وحاشا ... حسنه أَن أقيسه بالغزال)
والبديع الَّذِي إِذا بلبل الأصداغ أعدى الْقُلُوب بالبلبال ومحياه كالهلال إِذا أقمر فِي تمه وَلَا كالهلال وَمِنْه من السَّرِيع(12/132)
(قلت لَهَا لَا تقتلي مدنفا ... حبك قد هيج بلباله)
(مَا زَالَ يَرْجُو مِنْك وصلا إِلَى ... أَن قطع الهجران أوصاله)
(فابتسمت تيهاً وَقَالَت وَكم ... قد قتلت عَيْنَايَ أَمْثَاله)
قلت قد تقدم فِي ذكر أَحْمد بن الْمُبَارك فِي الأحمدين مَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ التَّرْجَمَة فليكشف من هُنَاكَ
3 - (أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ الْبَغْدَادِيّ)
الْحسن بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن يحيى الزبيدِيّ أَبُو عَليّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الْبَغْدَادِيّ
سمع أَبَا الْوَقْت عبد الأول بن عِيسَى السجْزِي وَأَبا عَليّ أَحْمد بن أَحْمد ابْن عَليّ بن الخراز وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّائِي الهمذاني وَغَيرهم وَعمر حَتَّى حدث بالكثير
قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ عَالما فَاضلا أَمينا متديناً صَالحا حسن الطَّرِيقَة لَهُ معرفَة تَامَّة بالنحو وَقد كتب بِخَطِّهِ كثيرا من كتب التفاسير والْحَدِيث والتواريخ وَالْأَدب وَكَانَت أوقاته مَحْفُوظَة توفّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين حدث بِبَغْدَاد وَمَكَّة وَكَانَ حنبلياً ثمَّ تحول شافعياً ثمَّ اسْتَقر حنفياً
3 - (الضراب الْحلِيّ)
الْحسن بن المحسن أَبُو عَليّ الْحلِيّ روى عَنهُ أَبُو مَنْصُور بن الصّباغ فِي كتاب مَكَارِم الْأَخْلَاق من جمعه شَيْئا من شعره
وَمن شعره من الْكَامِل
(لَا خير فِي بذل ينَال بذلة ... وَهوى يحاول نيله بهوان)
(تأبى لي أَن أقيم على أَذَى ... أَو أَن أَغضّ على القذى أجفاني)
)
(أتراكما لم تعلما أَن الرضى ... بالهون فرض الْعَاجِز المتواني)
3 - (ابْن الْحَنَفِيَّة)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي هُوَ ابْن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وأخو عبد الله
روى عَن جَابر وَعَن أَبِيه وَعبيد الله بن أبي رَافع وَسمع مِنْهُ عَمْرو بن دِينَار وَالزهْرِيّ
توفّي فِي زمن عبد الْملك بن مَرْوَان(12/133)
قَالَ ابْن سعد وَكَانَ من ظرفاء بني هَاشم وَهُوَ أول من تكلم فِي الإرجاء
قلت والمرجئة جنس لأربعة أَنْوَاع الأول مرجئة الْخَوَارِج ومرجئة الْقَدَرِيَّة ومرجئة الجبرية والمرجئة الصَّالِحَة والإرجاء يستق من الرَّجَاء لأَنهم يرجون لأَصْحَاب الْمعاصِي الثَّوَاب من الله تَعَالَى فَيَقُولُونَ لَا يضر مَعَ الْإِيمَان مَعْصِيّة كَمَا أَنه لَا ينفع مَعَ الْكفْر طَاعَة
وَقيل الإرجاء هُوَ تَأْخِير حكم أَصْحَاب الْكَبَائِر إِلَى الْآخِرَة فِي الدُّنْيَا وَلَا يقْضى عَلَيْهِم بِأَنَّهُم من أهل الْجنَّة
وَكَانَ الْحسن بن مُحَمَّد هَذَا يكْتب بِهِ الْكتب إِلَى الْأَمْصَار إِلَّا أَنه لم يُؤَخر الْعَمَل عَن الْإِيمَان كَمَا قَالَ بِهِ بعض المرجئة وَقَالَ أَدَاء الطَّاعَات وَترك الْمعاصِي لَيْسَ من الْإِيمَان وَأَن اٌيمان لَا يَزُول بزوالها
وَمن رجال الإرجاء سعيد بن جُبَير وطلق بن حبيب وَعَمْرو بن مرّة ومحارب بن دثار وَعَمْرو بن ذَر وَحَمَّاد بن سُلَيْمَان شيخ أبي حنيفَة وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَمُقَاتِل بن سُلَيْمَان
وَهَؤُلَاء هداة الدّين وأئمة الْمُسلمين وخالفوا الْقَدَرِيَّة والخوارج والمرجئة فِي أَنهم لم يكفروا أَصْحَاب الْكَبَائِر بالكبائر وَلَا حكمُوا بتخليدهم فِي النَّار وَلَا سبوا أحدا من الصَّحَابَة وَلَا وَقَعُوا فيهم
وَلَا عقب لهَذَا الْحسن وَكَانَ يقدم على أَخِيه أبي هَاشم فِي الْفضل والهيئة
قَالَ الزُّهْرِيّ كَانَ الْحسن أوثقهما قَالَ أَحْمد الْعجلِيّ هُوَ مدنِي تَابِعِيّ ثِقَة وَهُوَ أول من وضع الإرجاء
وَاخْتلف فِي تَارِيخ وَفَاته وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم)
وَقَالَ عَمْرو بن دِينَار مَا رَأَيْت أحدا أعلم بِمَا اخْتلف فِيهِ النَّاس من الْحسن بن مُحَمَّد مَا كَانَ زهريكم إِلَّا غُلَاما من غلمانه
3 - (أَبُو عَليّ الْحَرَّانِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أعين الْحَرَّانِي أَبُو عَليّ روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَتُوفِّي سنة عشر وَمِائَتَيْنِ
3 - (الماسرجسي)
الْحسن بن مُحَمَّد الماسرجسي حدث عَن أَبِيه عَن مُسلم(12/134)
3 - (أَبُو نصر اليونارتي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو نصر اليونارتي بياء آخر الْحُرُوف وَبعد الْوَاو نون وَبعد الْألف رَاء وَبعدهَا تَاء مثناة من فَوق
سمع الْكثير بِبَلَدِهِ وسافر إِلَى خُرَاسَان وجال فِي بلادها وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ مليح الْخط سريع النَّقْل مَوْصُوفا بِحسن الْقِرَاءَة
وَجمع لنَفسِهِ معجماً فِي عدَّة أَجزَاء وَحدث بِهِ وأملى بأصبهان عدَّة أمالٍ وَخرج لجَماعَة من أَصْبَهَان وبغداد فَوَائِد وَكَانَ مَوْصُوفا بالمعرفة والصدق والديانة توفّي سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (الْكرْمَانِي الصُّوفِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن الْفضل بن غَالب الْكرْمَانِي الشيرجاني أَبُو عَليّ الصُّوفِي
رَحل فِي طلب الحَدِيث إِلَى بِلَاد فَارس وَدخل الشَّام وَسمع الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْكتب والأجزاء وَصَحب مَشَايِخ الصُّوفِيَّة
سمع الْخَطِيب أَبَا بكر وَحدث باليسير لضَعْفه وَظُهُور الْكَذِب عَلَيْهِ مَعَ ديانَة وَعبادَة ونسك
روى عَنهُ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي الْحَافِظ وَأَبُو طَاهِر السلَفِي الْحَافِظ وَأَبُو البركات إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد الصُّوفِي توفّي بِبَغْدَاد سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ الْآمِدِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو عَليّ الْآمِدِيّ قدم بَغْدَاد كَانَ شَاعِرًا حسن الْمعرفَة بالأدب)
روى عَنهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ وَغَيره وَكَانَ عَارِفًا باللغة ناطح التسعين
وَمن شعره من الطَّوِيل
(لبست الحيا لما رَأَيْتُك عاتباً ... وحاضر ذهني كَانَ بالْأَمْس غَائِبا)
(وفتشت عَن ذهني فَلَمَّا وجدته ... رميت الحيا عني وجئتك تَائِبًا)(12/135)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لله در حبيب دَار فِي خلدي ... بعد الشَّبَاب ولى وَلم يعد)
(أَيَّام كَانَ لريعان الشَّبَاب على ... فودي نورٌ ونار الشيب لم تقد)
(وللغنى وَالصبَا خيلٌ ركضت بهَا ... فِي حلبة اللَّهْو بَين الغي والرشد)
(والآمدية فِي أنيابها شنبٌ ... عذبٌ بردت بِهِ حرا على كَبِدِي)
(وَالله لَو لم تكن من أعظمٍ خلقت ... مَا كنت أحسبها إِلَّا حَصى برد)
(وَمن فتور الحيا فِي لحظها مرضٌ ... تشفى بِهِ الْأَعْين المرضى من الرمد)
قلت شعر جيد
3 - (قَاضِي الرّيّ الْحَنَفِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو مُحَمَّد بن أبي عبد الله الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الأستراباذي
سمع أَبَاهُ وَأَبا الْفضل ظفر بن الدَّاعِي بن مهْدي الْعلوِي وَأَبا حَاجِب مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الأستراباذي وَسمع بدهستان وببسطام وببلخ
وَقدم بَغْدَاد وتفقه بهَا على قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغَانِي حَتَّى برع فِي الْفِقْه وَسمع من الشريفين أبي نصر مُحَمَّد وَأبي الفوارس طرادٍ ابْني مُحَمَّد ابْن عَليّ الزَّيْنَبِي وَأبي الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي عُثْمَان الدقاق وَغَيرهم
وناب فِي الْقَضَاء على حَرِيم دَار الْخلَافَة لأقضى الْقُضَاة أبي سعد مُحَمَّد بن نصر الْهَرَوِيّ
وَحدث بِبَغْدَاد ثمَّ تولى قَضَاء الرّيّ
وَكَانَ بهي المنظر فصيح الْعبارَة حسن المحاورة كثير الْمَحْفُوظ عَارِفًا بآداب الْقَضَاء
قَالَ محب النجار كتبت عَنهُ بِالريِّ وَكَانَ يرى الاعتزال وَيبْخَل مَعَ السعَة الْكَثِيرَة حَتَّى قَالَ قَائِل فِيهِ من المتقارب
(وقاض لنا خبزه ربه ... ومذهبه أَنه لَا يرى)
)
توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بِالريِّ ومولده سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ الباقرحي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد أَبُو عَليّ الباقرحي الْبَغْدَادِيّ هُوَ محدِّث ابْن محدِّث ابْن محدِّث ابْن محدِّث ابْن مُحدث
سمع أَبَا الْقَاسِم عليّ بن المحسّن التنوخي ومحمّد بن عبد الْملك بن بَشرَان وَعلي ابْن عمر الْقزْوِينِي وَعبد الْوَاحِد بن شيطا وَجَمَاعَة توفّي سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة(12/136)
3 - (أَبُو عَليّ القيلوي خَازِن الْكتب)
الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي الْعِزّ بن عَليّ أَبُو عَليّ القيلوي
ولد بالنيل وَدخل بَغْدَاد وَقَرَأَ بهَا الْأَدَب وجالس الأدباء والفضلاء وَكَانَ يتجر فِي الْكتب ويسافر بهَا إِلَى الشَّام وبلاد الجزيرة وَكَانَت لَهُ معرفةٌ حَسَنَة بخطوط الْعلمَاء ويحفظ كثيرا من الْآدَاب وَالْأَخْبَار والحكايات وسير النَّاس وَكتب الْكثير من ذَلِك صِحَاح الْجَوْهَرِي سِتّ نسخ وَقَالَ كتبت ألفي مجلدة
ثمَّ إِنَّه فَارق بَغْدَاد وَسكن الشَّام وَبَقِي فِي خدمَة الْملك الظَّاهِر صَاحب حلب واتصل بعد وَفَاته بالأشرف وَبَقِي مَعَه مُدَّة بحران ودمشق وَكَانَ يتَوَلَّى خزانَة الْكتب بهما
قَالَ محب الدّين بن النجار علقت عَنهُ كثيرا بحلب وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَأورد لَهُ قصيدة كتبهَا إِلَى الظَّاهِر من الرجز
(يَا ابْن صَلَاح الدّين يَا مولى الْبشر ... يَا ملكا فِي النَّاس مَحْمُود السّير)
(جدواه أجدى من سحابٍ منهمر ... لِأَنَّهُ فِي كل وردٍ وَصدر)
(بِالْمَاءِ يَأْتِي وَهُوَ يولي بالبدر ... وَوَجهه أحسن من وَجه الْقَمَر)
(وعدله فِي ملكه مثل عمر ... مولَايَ إِنِّي عازمٌ على السّفر)
(فِي خدمَة الْمولى الْوَزير الْمُعْتَبر ... فِي صِحَة الرَّأْي وَفِي حسن النّظر)
(وحاجتي حويجةٌ تَنْفِي الْمَطَر ... أرفل فِيهَا تائهاً على الحبر)
(ومالكي سمحٌ عطاياه غرر ... لَا زَالَ فِي سعدٍ وعزٍ وظفر)
وَكَانَ يلقب بِالْقَاضِي وبعز الدّين وَحدث عَن الأبله الشَّاعِر وَله تاريخٌ كَبِير على الشُّهُور)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَبُو الْقَاسِم بن أبي طَالب الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ كَانَ يتَوَلَّى الْأَعْمَال بواسط وَكَانَ أديباً فَاضلا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
وَمن شعره من الْكَامِل
(عودتني من حسن رَأْيك عَادَة ... راشت جناحي والجناح كسير)
(أَحْسَنت عِنْدِي والخطوب مسيئةٌ ... وحفظتني والحاسدون كثير)
(ووقيتني نوب الزَّمَان وَصَرفه ... والدهر يسلمني وَأَنت تجير)
(شكرا لأنعمك الجسام فإنني ... عبد لما أوليتنيه شكور)
(بشرٌ وتقريبٌ وعطفٌ فِي ندىً ... لَا من يتبعهُ وَلَا تكدير)(12/137)
(أَنا من جنابك فِي ربيع ناضرٍ ... لي فِي حماه روضةٌ وغدير)
(وألفت أَن لَا أبتغيك لحاجةٍ ... إِلَّا وقارن مطلبي التَّيْسِير)
(قد نابني حدثٌ تدارك مثله ... سهلٌ عَلَيْك إِذا أردْت يسير)
(وَإِذا أمرت أطَاع أَمرك كل من ... وطئ التُّرَاب رعيةٌ مَأْمُور)
(حاشى لمثلك أَن يرد مطالبي ... أَو أَن يكدر عرفك التَّأْخِير)
(أَو أَن أَذمّ من الزَّمَان صروفه ... وَجَمِيل رَأْيك عدةٌ وظهير)
قلت شعر جيد وَكتب هَذِه الأبيات إِلَى رَئِيس الرؤساء أبي الْقَاسِم عَليّ ابْن الْحسن يستنصره فِي أَمر ضَيْعَة لَهُ أقطعت فارتجعها لَهُ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْأَنْبَارِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن زكرويه التَّمِيمِي أَبُو الْقَاسِم الْأَنْبَارِي الشَّاعِر
قدم بَغْدَاد ومدح الْإِمَامَيْنِ الْمُقْتَدِي وَابْنه المستظهر وَكَانَ أديباً سمع مِنْهُ أَبُو الْحسن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَأَبُو الْفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن عطاف الْموصِلِي
وَمن شعره من الطَّوِيل
(لَعَلَّ خزامى جاسم يتنسم ... فتبرد أنفاسي الَّتِي تتضرم)
(أحسن إِلَى ذَاك الجناب وَأَهله ... وأسأل عَنهُ من لقِيت وعنهم)
(وتعجبني أنفاس أرواحه الَّتِي ... تهب وساري برقه المتنسم)
)
(وَإِنِّي وَإِن ساءت ظنوني بأَهْله ... وصدقها مَا قد بدا لي مِنْهُم)
(لأعرض عَن واشيهم متكفتاً ... وأقطع حَبل الْوَصْل مِنْهُ وأصرم)
(وَإِنَّهُم مَعَ مَا بهم من ملالة ... إِلَى الْقلب أدنى من أود وَأكْرم)
(فليتهم إِذْ سهدونا ببعدهم ... وناموا أحلُّوا مَا من النّوم حرمُوا)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو عَليّ الديبلي قَاضِي السَّنَد)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي سهل أَبُو عَليّ المضري الديبلي قَاضِي بِلَاد السَّنَد
قدم بَغْدَاد حَاجا وأملى بهَا وَحدث عَن مَسْعُود بن أبي سمع مِنْهُ إلْيَاس ابْن جَامع الأربلي وَعَاد إِلَى بِلَاده سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة ثمَّ توفّي قَرِيبا من ذَلِك فِي بَلَده
وَمن شعره من الطَّوِيل
(تذكرنيه الشَّمْس والبدر إِن بدا ... ويذكرنيه اللَّيْث والغيث وَالْبَحْر)(12/138)
(وَمن أَيْن من تهتانه الْبَحْر والحيا ... وَمن أَيْن من شحنائه الشَّمْس والبدر)
3 - (أَبُو سعد بن حمدون)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حمدون تَاج الدّين أَبُو سعد الْكَاتِب
أسمعهُ أَبوهُ فِي صباه من مُحَمَّد بن عبيد الله بن الزَّاغُونِيّ والشريف أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن جَعْفَر العباسي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن البطي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد ابْن اللحاس وَغَيرهم وَسمع بعد علو سنه كثيرا وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكتب كثيرا من كتب الحَدِيث واللغة وَالْأَدب وَحصل الْأُصُول الملاح بخطوط الْفُضَلَاء وَكَانَت لَهُ همة وافرة فِي ذَلِك وخطه مليح
وَقَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد بن الجواليقي وَأبي الْحسن بن العصار وَكَانَ أديباً فَاضلا حسن الْأَخْلَاق
قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ يتشيع وَمَا رَأَيْت شِيعِيًّا أَعقل مِنْهُ وَلَا أقل كلَاما
وَولي النّظر بديوان الْأَبْنِيَة مُدَّة ثمَّ البيمارستان العضدي ثمَّ عطل مُدَّة ثمَّ رتب كَاتبا بديوان الْمجْلس إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وسِتمِائَة بِالْمَدَائِنِ
وَمن شعره من مخلع الْبَسِيط)
(نَار عقارٍ وَبرد ريق ... قد جمعا لَذَّة المشوق)
(فِي ليلةٍ طَالَتْ اللَّيَالِي ... قصرهَا الْبَدْر بالطروق)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلا لَيْت حظي مِنْك فِي حَال يقظتي ... كَمَا كَانَ حظي مِنْك عِنْد مَنَامِي)
(عنَاق قضيبٍ فَوْقه قمر الدجى ... وتقبيل درٍ وارتشاف مدام)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الصلحي الْكَاتِب)
الْحسن بن مُحَمَّد الصلحي أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب كَانَ من الْأَعْيَان بِبَغْدَاد تصرف فِي عدَّة أَعمال للسُّلْطَان تولى الْكِتَابَة لِابْنِ رائق الْأَمِير وَخَلفه على الحضرة مُدَّة ولَايَته ثمَّ تولى الْكِتَابَة للْإِمَام الْمُطِيع على ضيَاعه وداره
روى عَنهُ القَاضِي أَبُو عَليّ المحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد التنوخي فِي كتاب النشوار توفّي فِي سنة ستٍ وَسبعين وثلاثمائة
3 - (الْوَزير المهلبي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن هَارُون أَبُو مُحَمَّد الْوَزير المهلبي من ولد الْمُهلب بن أبي صفرَة كَاتب معز الدولة أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن بويه وَلما مَاتَ(12/139)
الصَّيْمَرِيّ قَلّدهُ معز الدولة مَكَانَهُ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وقربه وَأَدْنَاهُ واختص بِهِ وَعظم جاهه عِنْده
وَكَانَ يدبر أَمر الوزارة للمطيع من غير تسميةٍ بوزارة ثمَّ جددت لَهُ الْخلْع من دَار الْخلَافَة بِالسَّوَادِ وَالسيف والمنطقة ولقبه الْمُطِيع بالوزارة ودبر الدولتين
وَكَانَ ظريفاً نظيفاً قد أَخذ من الْأَدَب بحظٍ وافر وَله همة كَبِيرَة وصدرٌ وَاسع وَكَانَ جماعاً لخلال الرياسة صبوراً على الشدائد
وَكَانَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ وسخاً فِي ثَوْبه وَنَفسه وَفعله فواكل الْوَزير المهلبي على مائدته وقدمت سكباجة وَافَقت من أبي الْفرج سعلة فبدرت من فَمه قِطْعَة بلغم سَقَطت فِي وسط الصحن فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد ارْفَعُوا هَذَا وهاتوا من هَذَا اللَّوْن فِي غير هَذَا الصحن وَلم يبن فِي وَجهه استكراه وَلَا دَاخل أَبَا الْفرج حياءٌ وَلَا انقباضٌ
وَكَانَ من ظرف الْوَزير المهلبي إِذا أَرَادَ أكل شَيْء من أرز بِلَبن وهرايس وحلوى رَقِيق وقف إِلَى جَانِبه الْأَيْمن غُلَام مَعَه نَحْو ثَلَاثِينَ ملعقةً زجاجاً مجروداً فَيَأْخُذ الملعقة من الْغُلَام)
الَّذِي على يَمِينه وَيَأْكُل بهَا لقْمَة وَاحِدَة ويدفعها إِلَى الَّذِي على يسَاره لِئَلَّا يُعِيد الملعقة إِلَى فِيهِ دفْعَة ثَانِيَة
وَلما كثر على الْوَزير اسْتِمْرَار مَا يجْرِي من أبي الْفرج جعل لَهُ مائدتين إِحْدَاهمَا كَبِيرَة عَامَّة وَالْأُخْرَى لَطِيفَة خَاصَّة يؤاكله عَلَيْهَا من يَدعُوهُ إِلَيْهَا
وعَلى صنعه بِأبي الْفرج مَا كَانَ يصنعه مَا خلا من هجوه فَإِنَّهُ قَالَ من الْكَامِل
(أبعين مفتقرٍ إِلَيْك رَأَيْتنِي ... فأهنتني وقذفتني من حالق)
(لست الملوم أَنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بِغَيْر الْخَالِق)
وَقد روى تَاج الدّين الْكِنْدِيّ هذَيْن لأبي الطّيب المتنبي وَالله أعلم لمن هما
وَكَانَ قبل وزارته قد سَافر مرّة وَلَقي فِي سَفَره مشقة شَدِيدَة واشتهى اللَّحْم فَلم يقدر عَلَيْهِ وَكَانَ مَعَه رَفِيق يُقَال لَهُ أَبُو عبد الله الصُّوفِي وَقيل أَبُو الْحسن الْعَسْقَلَانِي فَقَالَ المهلبي ارتجالاً من الوافر
(أَلا موتٌ يُبَاع فأشتريه ... فَهَذَا الْعَيْش مَالا خير فِيهِ)
(أَلا موتٌ لذيذٌ الطّعْم يَأْتِي ... يخلصني من الْمَوْت الكريه)
(إِذا أَبْصرت قبراً من بعيدٍ ... وددت بأنني مِمَّا يَلِيهِ)
(أَلا رحم الْمُهَيْمِن نفس حرٍ ... تصدق بالوفاة على أَخِيه)(12/140)
فَلَمَّا سمع الأبيات اشْترى لَهُ بدرهمٍ لَحْمًا وطبخه وأطعمه وتفارقا وتنقلت الْأَحْوَال بالمهلبي وَولي الوزارة وَضَاقَتْ الْأَحْوَال برفيقه الصُّوفِي فقصده وَكتب إِلَيْهِ من الوافر
(أَلا قل للوزير فدته نَفسِي ... مقَالَة مذكرٍ مَا قد نَسيَه)
(أَتَذكر إِذْ تَقول لضيق عيشٍ ... أَلا موتٌ يُبَاع فأشتريه)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا تذكره وَأمر لَهُ فِي الْحَال بسبعمائة دِرْهَم وَوَقع فِي رقعته مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل فِي كل سنبلة مائَة حبةٍ ثمَّ دَعَا بِهِ وخلع عَلَيْهِ وقلده عملا
وَلما ترقت بِهِ الْحَال قَالَ من مجزوء الْكَامِل
(رق الزَّمَان لفاقتي ... ورثى لطول تقلقي)
فأنالني مَا أرتجيه وحاد عَمَّا أتقي)
فلأصفحن عَنَّا أَتَاهُ من الذُّنُوب السَّبق
(حَتَّى جانيه بِمَا ... صنع المشيب بمفرقي)
وَمن شعره أَيْضا من الْخَفِيف قَالَ لي من أحب والبين قد جد وَفِي مهجتي لهيب الْحَرِيق
(مَا الَّذِي فِي الطَّرِيق تصنع بعدِي ... قلت أبْكِي عَلَيْك طول الطَّرِيق)
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الصابي صَاحب الرسائل كنت يَوْمًا عِنْد الْوَزير المهلبي فَأخذ ورقة وَكتب فِيهَا فَقلت بديهاً من الْبَسِيط
(لَهُ يدٌ برعت جوداً بنائلها ... ومنطقٌ دره فِي الطرس ينتثر)
(فحاتم كامنٌ فِي بطن رَاحَته ... وَفِي أناملها سحبان يسْتَتر)
وَمن شعره من الْبَسِيط
(الْجُود طبعي وَلَكِن لَيْسَ لي مَال ... فَكيف يصنع من بالقرض يحتال)
(فهاك خطي فَخذه مِنْك تذكرةً ... إِلَى اتساع فلي فِي الْغَيْب آمال)
وَمِنْه من الوافر
(أَتَانِي فِي قَمِيص اللاذ يسْعَى ... عدوٌّ لي يلقب بالحبيب)
(فَقلت لَهُ فديتك كَيفَ هَذَا ... بِلَا واشٍ أتيت وَلَا رَقِيب)
(فَقَالَ الشَّمْس أَهْدَت لي قَمِيصًا ... كلون الشَّمْس فِي شفق الْغُرُوب)
(فثوبي والمدام ولون خدي ... قريبٌ من قريبٍ من قريب)
وَمِنْه من المنسرح(12/141)
(تطوي بأوتارها الهموم كَمَا ... تطوي دجى اللَّيْل بالمصابيح)
(ثمَّ تغنت فخلتها سمحت ... بروحها خلعةً على روحي)
كَانَ أَبُو النجيب شَدَّاد بن إِبْرَاهِيم الْجَزرِي الشَّاعِر الملقب بالطاهر كثير الْمُلَازمَة للوزير المهلبي فاتفق أَن غسل ثِيَابه وأنفذ يَدعُوهُ فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَلم يقبله وألح فِي استدعائه فَكتب إِلَيْهِ من السَّرِيع
(عَبدك تَحت الْحَبل عُرْيَان ... كَأَنَّهُ لَا كَانَ شَيْطَان)
(يغسل أثواباً كَأَن البلى ... فِيهَا خليطٌ وَهِي أوطان)
)
(أرق من ديني وَإِن كَانَ لي ... دينٌ كَمَا للنَّاس أَدْيَان)
(كَأَنَّهَا حَالي من قبل أَن ... يصبح عِنْدِي لَك إِحْسَان)
(يَقُول من يبصرني معرضاُ ... فِيهَا وللأقوال برهَان)
(هَذَا الَّذِي قد نسجت فَوْقه ... عناكب الْحِيطَان إِنْسَان)
فأنفذ إِلَيْهِ جُبَّة وقميصاً وعمامةً وَسَرَاويل وَخَمْسمِائة دِرْهَم وَقَالَ أنفذت إِلَيْك مَا تلبسه وَلَا تَدْفَعهُ إِلَى الْخياط فَإِن كنت غسلت التكة واللالكة عرفني لأنفذ لَك عوضهما
وَمن شعر الْوَزير من الطَّوِيل
(تصارمت الأجفان لما صرمتني ... فَمَا تلتقي إِلَّا على عِبْرَة تجْرِي)
قلت شعر جيد إِلَى الْغَايَة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة فِي طَرِيق وَاسِط وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَطول ياقوت تَرْجَمته وَأورد جملَة من أخباره وشعره
3 - (ابْن جدا الهيتي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد المحسن بن أَحْمد بن عبد الْوَارِث بن الطّيب بن جدا بِكَسْر الْجِيم وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا ألف كَذَا وجدته مضبوطاً أَبُو عَليّ بن أبي سعد الشَّاعِر من أهل هيت قدم بَغْدَاد مراتٍ وروى بهَا شَيْئا من شعره وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أرى عزماتي نَحْو أرضٍ بعيدَة ... وَلَا بُد من أَن أجعَل الْبعد لي قربا)
(فإمَّا أنال الْخَيْر فِي ذَاك عَاجلا ... فأنظره بِالْعينِ أَو أسكن التربا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وَجَمِيع من فِيهِ ذكاً وكياسةٌ ... صرف الزَّمَان موكلٌ بعناده)
(ويسوؤه الدَّهْر الخؤون بِفِعْلِهِ ... ومجاري الأفلاك ضد مُرَاده)(12/142)
قلت شعر نَازل
3 - (أَبُو عَليّ بن عَبدُوس الوَاسِطِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَبدُوس أَبُو عَليّ الشَّاعِر الوَاسِطِيّ سكن بَغْدَاد وَقَرَأَ الْأَدَب على مُصدق بن شبيب النَّحْوِيّ وَكتب الصِّحَاح فِي اللُّغَة بِخَطِّهِ ومدح الإِمَام النَّاصِر بقصائد كثيرةٍ وَصَارَ)
من شعراء الدِّيوَان المختصين بالإنشاد فِي الهناء والعزاء بدار الْخلَافَة ومجالس الوزراء وسافر إِلَى الشَّام ومدح مُلُوكهَا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وسِتمِائَة وَقد قَارب الْأَرْبَعين
وَمن شعره من الْبَسِيط
(أشتاقهم وحواني الصَّدْر دَارهم ... وَلَيْسَ يرضى بِدُونِ النهلة الصادي)
(وأستلذ بذكراهم وَإِن بعدوا ... والوجد يفعل مَا لَا يفعل الشادي)
(يَا مَانِعا لزكاة الْحسن من وَجَبت ... لَهُ وباذل فضل المَاء والزاد)
(هبني وَلَو زورةً فِي الدَّهْر وَاحِدَة ... أَنا الْمَرِيض وليلى بعض عوادي)
(لَو شَاءَ من باح بالهوى كتمه ... وَكَيف يخفي عواده سقمه)
(قَالُوا مَرِيض الْفُؤَاد قلت لَهُم ... والجسم أنفي بذلك التهمه)
(فأوسعوني عذلاً عدمتهم ... مَا هَكَذَا عَاد سالمٌ سلمه)
(نعم وَإِن ساءهم عشقت وَمَا ... فِي الْعِشْق عارٌ عِنْدِي وَلَا نقمه)
(أهيف من شكله الْقَضِيب وَمن ... شبه بالغصن قده ظلمه)
(أحسن من ضمه القباء فَلَو ... يسطيع من حبه لَهُ الْتَزمهُ)
(قد اسْتَوَى سَهْمه وناظره ... عذب فنفسٌ أشقيتها نعمه)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو تَمام النَّقِيب)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو تَمام الزَّيْنَبِي الْهَاشِمِي
كَانَ يتَوَلَّى نقابة الْبَصْرَة وَالْقَضَاء بهَا قدم بَغْدَاد مَعَ معز الدولة أَحْمد بن بويه وَاشْترى الدَّار الشاطية بِبَاب خُرَاسَان بأَرْبعَة وَعشْرين ألف دِينَار فَقَالَ النَّاس قد خاس الْعقار وَلم يتق لَهُ حُرْمَة(12/143)
وقلد النقابة على الهاشميين بِبَغْدَاد وَبَقِي فِيهَا تسعا وَعشْرين سنة ثمَّ صرف مِنْهَا وأعيدت إِلَى عبد الْوَاحِد بن الْفضل بن عبد الْملك ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا
وَقَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة على الْحسن الْكَرْخِي وروى عَن المفجع الْبَصْرِيّ شَيْئا من)
شعره وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة
3 - (البديعي الْأَزْرَق)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن هَارُون بن إِسْحَاق أَبُو عَليّ البديعي الْأَزْرَق الشَّاعِر حدث عَن أبي عبيد الْمحَامِلِي وروى عَنهُ أَبُو بكر الشِّيرَازِيّ فِي كتاب الألقاب من جمعه
وَمن شعره من الْبَسِيط
(يَا ذَا الَّذِي لَيْسَ لي فِي غَيره غرضٌ ... وَمن هَوَاهُ عَليّ الدَّهْر مفترض)
(لم لَا أكون لكم من غَيْركُمْ عوضا ... إِذْ لَيْسَ لي فِي البرايا مِنْكُم عوض)
3 - (ابْن الدهان النَّحْوِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن رَجَاء أَبُو مُحَمَّد اللّغَوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الدهان أحد أَئِمَّة النَّحْو الْمَشْهُورين
قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات الْكَثِيرَة ودرس الْفِقْه على مَذْهَب أهل الْعرَاق وَالْكَلَام على مَذْهَب الاعتزال والعربية على عَليّ بن عِيسَى الرماني والسيرافي وَعلي بن عِيسَى الربعِي
وَكَانَ متبحراً فِي اللُّغَة وَسمع من عَليّ وَعبد الْملك ابْني مُحَمَّد بن عبد الله ابْن بَشرَان وَحدث باليسير
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْخَطِيب التبريزي كُنَّا نَقْرَأ اللُّغَة على الْحسن بن الدهان يَوْمًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَرَاوِيل فانكشف عَوْرَته فَقَالَ لَهُ بعض من كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ مَعنا أَيهَا الشَّيْخ قمدك فتجمع ثمَّ انْكَشَفَ ثَانِيَة فَقَالَ لَهُ ذَلِك الرجل أَيهَا الشَّيْخ عردك فتجمع ثَانِيًا ثمَّ انْكَشَفَ ثَالِثا فَقَالَ لَهُ ذَلِك الرجل أَيهَا الشَّيْخ عجارمك فَخَجِلَ الشَّيْخ وَقَالَ لَهُ أَيهَا الْمُدبر مَا تعلمت من اللُّغَة إِلَّا أَسمَاء هَذَا المردريك وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ يلقب كل من يقْرَأ عَلَيْهِ فلقب أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ الْفَقِيه بالزبزب وَهُوَ دَابَّة تنبش الْقُبُور ولقب أَبَا الْبَيَان النهرواني درابة لطوله
3 - (مفتي الْفَرِيقَيْنِ الْوَركَانِي الشَّافِعِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن فَخر الدّين مفتي(12/144)
الْفَرِيقَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي الْوَركَانِي الشَّافِعِي
كَانَ إِمَام أَصْبَهَان وَبهَا ولد عَاشَ نيفاً وَثَمَانِينَ سنة يدرس بالنظامية وَله طَريقَة فِي الْخلاف
وَكَانَ فصيحاً مناظراً توفّي سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة)
أطنب الْعِمَاد الْكَاتِب فِي تَرْجَمته بِكِتَاب الخريدة وَأورد لَهُ من الرمل
(يَا أحبائي بجرعاء الْحمى ... بكم مِنْكُم لقلبي المستجار)
(لَيْت شعري مَا الَّذِي زهدكم ... فِي وصالي أدلالٌ أم نفار)
(أم لِأَن كُنْتُم بدوراً وضحاً ... فِي دجى عيشي والعيش سرار)
وَله من الطَّوِيل
(أأحبابنا أما حَياتِي بعدكم ... فموتٌ وَأما مشربي فمنغص)
(وأسعد شَيْء فِي قلبِي لِأَنَّهُ ... لديكم وجسمي بالبعاد مُخَصص)
(عَسى الله أَن يقْضِي اجتماعاً معجلا ... يرد جنَاح الْبَين وَهُوَ مُخَصص)
وَكتب إِلَيْهِ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن مَسْعُود القسام فتيا وَهِي من الْبَسِيط
(يَا من تساهم فِيهِ الْفضل والشرف ... وَمن بِهِ قذفات الْعِزّ تأتلف)
(قد حل فِي مدرج العلياء مرتبَة ... مطامح الشهب عَن غاياتها تقف)
(أغرى بِوَصْف معاليه الورى شغفاً ... لكنه والمعالي فَوق مَا وصفوا)
(إِن ناصبته العدى والدهر معتذرٌ ... وأنكروا فَضله فالمجد معترف)
(تشاجر النَّاس فِي تَحْدِيد عشقهم ... شَتَّى الْمذَاهب فالآراء تخْتَلف)
(فاكشف حَقِيقَته واستجل غامضه ... يَا من بِهِ شبه الآراء تنكشف)
فَكتب الْجَواب بديهةً من الْبَسِيط
(حد الْهوى إِنَّه يَا سائلي شغفٌ ... أدنى نكايته فِي أَهله التّلف)
(نارٌ تأجج فِي الأحشاء جاحمها ... وَمَاء عين ترَاهُ دَائِما يكف)
(وَقد يجن الْفَتى مِنْهُ لِشِدَّتِهِ ... فكم أناسٍ بِهِ فِي قَيده رسفوا)
(يشب نيرانه فكرٌ ويطفئه ... وطءٌ كَذَا قَالَه الْقَوْم الأولى سلفوا)
(فهاك مَا رمت من عِنْدِي حَقِيقَته ... فَإِنَّهُ وَاضح كَالشَّمْسِ تنكشف)
(بديهةً لم أنقح لَفظه فَأتى ... كالدر ينشق عَن لألائها الصدف)
قلت مَا رَأَيْت من حد الْعِشْق نظماً أعجز وَلَا أوجز من أبي الطّيب فَإِنَّهُ قَالَ الْحبّ مَا منع الْكَلَام الألسنا(12/145)
وَقد تقدم ذكر وَالِد مفتي الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي المحمدين وَسَيَأْتِي ذكر أخي هَذَا)
الْمَذْكُور وَهُوَ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن بابشاذ أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ سمع بهَا إِبْرَاهِيم بن طَلْحَة بن إِبْرَاهِيم بن غَسَّان وَتَمام بن الْحسن بن عَليّ الْقرشِي وَطَاف وَحل وَكتب الْكثير بالحجاز وبغداد وواسط وأصبهان وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأدب
وَمن شعره من الْكَامِل
(من كَانَ يفخر باللباس تجملاً ... فجمال مثلي لَيْسَ فِي ملبوسه)
(ولخير مَا لبس الْفَتى ثوب التقى ... إِن كَانَ فِي نعماه أَو فِي بوسه)
3 - (ابْن رَئِيس الرؤساء)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن أَحْمد بن المسملمة أَبُو مُحَمَّد بن أبي نصر ابْن الْوَزير أبي الْقَاسِم الملقب برئيس الرؤساء
سمع من عَم جده أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَحدث باليسير وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا وَله اخْتِصَاص بالمستظهر وبأولاده أبي مَنْصُور وَأبي الْحسن وَأبي عبد الله يزورهم ويزورونه وينبسطون وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الْبَسِيط
(وليلةٍ بت أجلو فِي غياهبها ... عروس خدر ثوت فِي الدن مذ حِين)
(من كف أهيف ساجي الطّرف معتدل ... كالخيزرانة فِي قدٍّ وَفِي لين)
(يظل يشدو وَقد مَال النعاس بِهِ ... شدوا ضَعِيفا بتطريب وتلحين)
مَشوا إِلَى الراح مشي الرخّ وَانْصَرفُوا والراح تمشي بهم مشي الفرازين وَمِنْه من الْخَفِيف
(هَب دموعي سترتها بردائي ... نَفسِي يَا معذبي كَيفَ يخفى)
قسم الوجد فِي المحبين نِصْفَيْنِ فأعطوا نصفا وَأعْطيت نصفا
(فَإِذا رمت سلوةً قَالَ قلبِي ... لَيْسَ ذَا فعل من يواصل إلفا)
قلت شعر نَازل
3 - (أَبُو مُحَمَّد النَّقِيب)
)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الضَّوْء أَبُو مُحَمَّد الْعلوِي الحسني نقيب المشهد بِبَاب التِّين بِبَغْدَاد
روى عَنهُ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الْكَامِل(12/146)
(من لي بإيناس الرقاد النافر ... فأبيت أنعم بالخيال الزائر)
(وَلَقَد أَبيت النّوم لَوْلَا أَنه ... سببٌ إِلَى وصل الحبيب الهاجر)
(أشتاق علوة أَن يمر خيالها ... بِالْعينِ بعض مروره بالخاطر)
(نذرت دمي فوفت وَلم أعلم بِهِ ... إِن الْوَفَاء سجيةٌ من غادر)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو عَليّ بن طوق)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن طوق أَبُو عَليّ بن أبي البركات الْكَاتِب
تفقه للشَّافِعِيّ بالنظامية بِبَغْدَاد وَسمع البُخَارِيّ على أبي الْوَقْت السجْزِي وتأدب وَقَالَ الشّعْر
وَولي النّظر فِي الْعقار الْخَاص وديوان التركات ثمَّ عزل وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ سيئ الطَّرِيقَة مَذْمُوم السِّيرَة رَدِيء الْأَفْعَال وَكَانَ مليح الشيبة حسن الْوَجْه نظيفاً ظريفاً لباساً متنعماً
وَكَانَ لَا يتجاسر على الظُّهُور من بَيته بعد عَزله وَكَانَ مَعَ جنَازَته حراس وَأَعْوَان يحفظونها من الْعَوام فَقَالَ مَجْنُون خرب الله بُيُوتهم هلا حفظوه بعد دَفنه من الزَّبَانِيَة
3 - (الزَّعْفَرَانِي الشَّافِعِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح أَبُو عَليّ الزَّعْفَرَانِي نِسْبَة إِلَى الزعفرانية قَرْيَة قريب بَغْدَاد
والمحلة الَّتِي بِبَغْدَاد وَتسَمى بدرب الزَّعْفَرَانِي منسوبةٌ إِلَى هَذَا الإِمَام لِأَنَّهُ أَقَامَ بهَا
وَكَانَ أَبُو عَليّ هَذَا صَاحب الإِمَام الشَّافِعِي برع فِي الْفِقْه والْحَدِيث وصنف فِيهَا كتبا وَسَار ذكره فِي الْآفَاق لزم الشَّافِعِي وَمَا حمل أحدٌ محبرةً إِلَّا وَللشَّافِعِيّ عَلَيْهِ منَّة وَكَانَ يتَوَلَّى الْقِرَاءَة على الشَّافِعِي وَسمع من سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمن فِي طبقته مثل وَكِيع بن الْجراح وَعَمْرو بن الْهَيْثَم وَيزِيد بن هَارُون وَغَيرهم)
وَهُوَ أحد رُوَاة الْأَقْوَال الْقَدِيمَة عَن الشَّافِعِي ورواتها أَرْبَعَة هُوَ وَأَبُو ثَوْر وَأحمد بن حَنْبَل والكرابيسي ورواة الْأَقْوَال الجديدة سِتَّة وهم الْمُزنِيّ وَالربيع بن سُلَيْمَان الجيزي وَالربيع بن سُلَيْمَان الْمرَادِي والبويطي وحرملة وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى(12/147)
وروى عَنهُ الْجَمَاعَة كلهم سوى مُسلم وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن كسْرَى المالقي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ أَبُو عَليّ المالقي الْمَعْرُوف بِابْن كسْرَى
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم توفّي سنة ثَلَاث أَو أَربع وسِتمِائَة
قَالَ فِي طِفْل قبله فاحمرت وجنته من المنسرح
(وَا بِأبي رائق الشَّبَاب رنا ... بهجة خديه مَا أميلحها)
(كأنني كلما أقبله ... أنفخ فِي وردة لأفتحها)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(وخالق بِنُقْصَان جَمِيع الورى تسد ... فيا سوء مَا تَلقاهُ إِن كنت فَاضلا)
(ألم تَرَ أَن الْبَدْر يرقب نَاقِصا ... وَيتْرك منسياً إِذا كَانَ كَامِلا)
وَقَالَ من المجتث
(يَا شَاعِرًا يتسامى ... وجده خلدون)
(لم يكف أَنَّك خلٌّ ... إِلَّا بأنك دون)
وَقَالَ فِي راقصة اسْمهَا نزهة وتعرف بيخط الشوق من الطَّوِيل
(يخط يخط الشوق فِي الْقلب شخصها ... فَفِي كل مَا تَأتيه حسنٌ وتحسين)
(وَلَيْسَت تطِيق الشين فِي كل عطفها ... فَمن أجل بعد الشين باعدها الشين)
(إِذا رقصت أَبْصرت كل بديعة ... ترى ألفا حينا وحيناً هِيَ النُّون)
(فيا نزهة الْأَبْصَار سميت نزهةً ... لكَي يُوضح الْمَعْنى بيانٌ وتبيين)
وَالْبَيْت الثَّالِث مَأْخُوذ من قَول عبَادَة بن مَاء السَّمَاء من المنسرح
(يُعجبنِي أَن تقوم قداما ... بفتل قبل الجفون أكماما)
(كَأَنَّهَا فِي اعتدالها ألفٌ ... ترجع عِنْد انعطافها لاما)
3 - (ابْن الربيب التاهرتي)
)
الْحسن بن مُحَمَّد التَّمِيمِي القَاضِي التاهرتي الْمَعْرُوف بِابْن الربيب
طلب الْعلم بالقيروان وَكَانَ مُحَمَّد بن جَعْفَر الْقَزاز معينا بِهِ محباً لَهُ فَبلغ النِّهَايَة فِي الْأَدَب وَعلم الْخَبَر وَالنّسب وَله فِي ذَلِك تأليف مَشْهُور
وَكَانَ يَقُول الشّعْر الْجيد توفّي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَقد جَاوز الْخمسين وَتَوَلَّى الْقَضَاء
وَمن شعره من الطَّوِيل
(فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ واستمطر الأسى ... مدامع منا تمطر الْمَوْت والدما)(12/148)
(لَدَى مأتم للبين غنى بِهِ الْهوى ... بشجوٍ وحن الشوق فِيهِ فأرزما)
(تصدت فأشجت ثمَّ صدت فَأسْلمت ... ضميرك للبلوى عقيلة أسلما)
وَمِنْه يرثي الْمَنْصُور بن مُحَمَّد بن أبي الْعَرَب من الْكَامِل
(يَا قبر لَا تظلم عَلَيْهِ فطالما ... جلى بغرته دجى الإظلام)
(أعجب بقبرٍ قيس شبرٍ قد حوى ... ليثاً وبحر ندىً وَبدر تَمام)
وَمِنْه يرثي جمَاعَة قتلوا من الطَّوِيل
(وهون وجدي أَنهم خمسةٌ مضوا ... وَقد أقعصوا خمسين قرماً مسوما)
(وَكَانَ عَظِيما لَو نَجوا غير أَنهم ... رَأَوْا حسن مَا أَبقوا من الذّكر أعظما)
وَقد طول ابْن رَشِيق تَرْجَمته فِي الأنموذج وَأورد لَهُ شعرًا كثيرا وَتكلم على مَعَانِيه وبديعه
3 - (أَبُو طَالب الدلائي المغربي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن هيثمون أَبُو طَالب الدلائي الْجُهَنِيّ
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ شَيخا ظريفاً ذَا رقة مفرطة ولطافة بَينه وافتتان أَدْرَكته وَقد أسن وَكَانَ مَشْهُورا بالمحبة وَالْكَلَام عَلَيْهَا وَالْوَفَاء فِيهَا مَوْصُوفا بالصيانة والعفة مَنْسُوبا إِلَى طلب الْعلم وصحبة الشُّيُوخ الجلة من أَهله كالغساني وَأبي الْحسن الدّباغ وَأبي مُحَمَّد التبَّان موسوماً بِكُل خير إِلَى أَن صنع أبياتاً كَانَ لَهَا سببٌ أوجبهَا وَهِي من الْخَفِيف
(اجْعَل الْعلم يَا فَتى لَك قيدا ... وَاتَّقِ الله لَا تخنه رويدا)
(لَا تكن مثل معشرٍ فقهاءٍ ... جعلُوا الْعلم للدراهم صيدا)
(طلبوه فصيروه معاشا ... ثمَّ كَادُوا بِهِ الْبَريَّة كيدا)
(فَلهَذَا صب الْبلَاء علينا ... مُسْتَحقّا ومادت الأَرْض ميدا)
)
فَدخل فِي عَدَاوَة الْفُقَهَاء وعزل عَن إِمَامَة الْمَسْجِد وَلزِمَ دَاره
قَالَ وَحكى لي عَنهُ غير وَاحِد أَنه فقد من أحبته نيفاً وَأَرْبَعين غريقاً فِي الْبَحْر فَصَارَ شعره كُله رثاء تفجعاً عَلَيْهِم ووفاءً لَهُم وَلم أر لَهُ تغزلاً إِلَّا بَيْتا وَاحِدًا وَهُوَ من الوافر
(ولي عينان دمعهما عزيزٌ ... ونومهما أقل من الْوَفَاء)
وبيتين من قصيدة وهما من الطَّوِيل
(وَلَو أنني أنصفت شوقي إِلَيْكُم ... لأنضيت بزل العيس بالذملان)
(وَلَو أنني أسطيع شوقاً لزرتكم ... على الرَّأْس إِن لم تسعد القدمان)
3 - (أَبُو الْقَاسِم بن حبيب)
الْحسن بن مُحَمَّد بن حبيب أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ الْمُفَسّر(12/149)
قَالَ ياقوت ذكره عبد الغافر فَقَالَ إِمَام عصره فِي مَعَاني الْقرَاءَات وعلومها
وَقد صنف التَّفْسِير الْمَشْهُور بِهِ وَكَانَ أديباً نحوياً عَارِفًا بالمغازي والقصص وَالسير مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة وصنف فِي الْقرَاءَات وَالْأَدب وعقلاء المجانين
وَكَانَ يدرس لأهل التَّحْقِيق ويعظ الْعَوام وانتشر عَنهُ بنيسابور الْعلم الْكثير وسارت تصانيفه فِي الْآفَاق
حدث عَن الْأَصَم وَعبد الله ابْن الصفار وَأبي الْحسن الكارزي وَكَانَ أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ من خَواص تلاميذه وَكَانَ كرامي الْمَذْهَب ثمَّ تحول شافعياً
وَكَانَ فِي دَاره بستانٌ وبئر وَكَانَ إِذا قَصده إِنْسَان من الغرباء إِن كَانَ ذَا ثروة طمع فِي مَاله وَأخذ مِنْهُ حَتَّى يقرئه وَإِن كَانَ فَقِيرا أمره بِنَزْع المَاء من الْبِئْر للبستان بِقدر طاقته وَكَانَ لَا يفعل هَذَا بِأَهْل بَلَده
وَمن شعره من الطَّوِيل
(بِمن يستغيث العَبْد إِلَّا بربه ... وَمن للفتى عِنْد الشدائد وَالْكرب)
(وَمن مَالك الدُّنْيَا وَمَالك أَهلهَا ... وَمن كاشف الْبلوى على الْبعد والقرب)
(وَمن يدْفع الغماء وَقت نُزُولهَا ... وَهل ذَاك إِلَّا من فعالك يَا رَبِّي)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ومصائب الْأَيَّام إِن عاديتها ... بِالصبرِ رد عَلَيْك وَهِي مواهب)
)
(لم يدج ليل الْعسر قطّ بغمة ... إِلَّا بدا لليسر فِيهِ كواكب)
3 - (الصغاني)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن حيدر بن عَليّ الصغاني رَضِي الدّين الْعَلامَة أَبُو الْفَضَائِل الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ الْمُحدث الْفَقِيه الْحَنَفِيّ اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ وصاغان من بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر
قَالَ ياقوت قدم الْعرَاق وَحج ثمَّ دخل الْيمن ونفق لَهُ بهَا سوقٌ وَله تصانيف فِي الْأَدَب مِنْهَا تَكْمِلَة العزيزي وَكتاب فِي التصريف ومناسك فِي الْحَج خَتمه بِأَبْيَات قَالَهَا وَهِي من الْبَسِيط
(شوقي إِلَى الْكَعْبَة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخادة الزادا)
(أراقك الحنظل الْعَاميّ منتجعاً ... وَغَيْرك انتجع السعدان والرادا)(12/150)
(أَتعبت سرحك حَتَّى آض عَن كثبٍ ... نياقها رزحاً والصعب منقادا)
(فاقطع علائق مَا ترجوه من نشبٍ ... واستودع الله أَمْوَالًا وأولادا)
قلت شعر نَازل
وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ بعدن معالم السّنَن للخطابي وَكَانَ معجباً بِهِ وبكلام مُصَنفه وَيَقُول إِن الْخطابِيّ جمع لهَذَا الْكتاب جارميزه
وَقَالَ لأَصْحَابه احْفَظُوا غَرِيب أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام فَمن حفظه ملك ألف دِينَار فَإِنِّي حفظته فملكتها وأشرت على بعض أَصْحَابِي بحفظه فحفظه فملكها
قَالَ ياقوت وَفِي سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة كَانَ بِمَكَّة وَقد رَجَعَ من الْيمن وَهُوَ آخر الْعَهْد بِهِ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ صَاحب التصانيف ولد بِمَدِينَة لوهور سنة سبع وَسبعين وَنَشَأ بغزنة وَدخل بَغْدَاد سنة خمس عشرَة وَذهب مِنْهَا بالرياسة الشَّرِيفَة إِلَى صَاحب الْهِنْد سنة سبع عشرَة فَبَقيَ مُدَّة ثمَّ رَجَعَ وَقدم سنة أَربع وَعشْرين ثمَّ أُعِيد رَسُولا إِلَيْهَا فَمَا رَجَعَ إِلَى بَغْدَاد إِلَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ
وَسمع بِمَكَّة واليمن وبالهند من القَاضِي سعد الدّين خلف بن مُحَمَّد الحسنابادي والنظام مُحَمَّد بن الْحسن المرغيناني وببغداد وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي معرفَة اللِّسَان الْعَرَبِيّ)
صنف كتاب مجمع الْبَحْرين فِي اللُّغَة اثْنَا عشر مجلداً والعباب الزاخر فِي اللُّغَة فِي عشْرين مجلداً وَلم يتمه
قلت رَأَيْته بِخَطِّهِ فِي دمشق وَرَأَيْت بِخَطِّهِ تعزيز بَيْتِي الحريري من نظمه وَرَأَيْت فِي بعض أبياته كسراً وزحافا غير جَائِز وَلَكِن خطٌ جيدٌ مُحَرر الضَّبْط
وَله كتاب الشوارد فِي اللُّغَات وَكتاب توشيح الدريدية وَكتاب التراكيب وَكتاب فعال وَكتاب فعلان وَكتاب الانفعال وَكتاب يفعول وَكتاب الأضداد وَكتاب الْعرُوض وَكتاب أَسمَاء الْعَادة وَكتاب أَسمَاء الْأسد وَأَسْمَاء الذِّئْب وَكتاب فِي علم الحَدِيث ومشارق الْأَنْوَار فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ ومصباح الدجى وَالشَّمْس المنيرة وَشرح البُخَارِيّ فِي مُجَلد ودر السحابة فِي وفيات الصَّحَابَة وَكتاب الضُّعَفَاء والفرائض وَشرح أَبْيَات الْمفصل وَغير ذَلِك
وَقَالَ شَيخنَا الدمياطي كَانَ شَيخا صَالحا صَدُوقًا صموتاً عَن فضول الْكَلَام إِمَامًا فِي اللُّغَة وَالْفِقْه والْحَدِيث قَرَأت عَلَيْهِ وَحَضَرت دَفنه بداره بِالْحَرِيمِ الظَّاهِرِيّ ثمَّ نقل بعد خروجي من بَغْدَاد إِلَى مَكَّة وَدفن بهَا وَكَانَ أوصى بذلك وَأعد خمسين دِينَارا لمن يحملهُ(12/151)
قلت وَتُوفِّي سنة خمسين وسِتمِائَة
حُكيَ لي الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ قَالَ حكى لي الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي أَن الصغاني كَانَ مَعَه مولد وَقد حكم فِيهِ بِمَوْتِهِ فِي وقتٍ فَكَانَ يترقب ذَلِك الْيَوْم فَحَضَرَ ذَلِك الْيَوْم وَهُوَ معافىً قَائِم لَيْسَ بِهِ قلبةٌ فَعمل لأَصْحَابه وتلاميذه طَعَاما شكران ذَلِك
قَالَ وفارقناه وعديت إِلَى هَذَا الشط فلقيني من أَخْبرنِي بِمَوْتِهِ فَقلت لَهُ السَّاعَة فارقته فَقَالَ والساعة وَقع الْحمام بِخَير مَوته فجاءةً أَو كَمَا قَالَ
3 - (أَبُو عَليّ السهواجي)
الْحسن بن مُحَمَّد السهواجي أَبُو عليٍّ
قَالَ ياقوت أديب أريبٌ شاعرٌ لَبِيب مَشْهُور مَذْكُور وسهواج من قرى مصر صنف كتاب القوافي وَتُوفِّي بِمصْر سنة أَرْبَعمِائَة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَقد كنت أخْشَى الْحبّ لَو كَانَ نافعي ... من الْحبّ أَن أخشاه قبل وُقُوعه)
(كَمَا حذر الْإِنْسَان من نوم عينه ... ونام وَلم يشْعر أَوَان هجوعه)
)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قومٌ كرامٌ إِذا سلوا سيوفهم ... فِي الروع لم يغمدوها فِي سوى المهج)
(إِذا دجا الْخطب أَو ضَاقَتْ مذاهبه ... وجدت عِنْدهم مَا شِئْت من فرج)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(كرام المساعي فِي اكْتِسَاب محامدٍ ... وَأهْدى إِلَى طرق الْمَعَالِي من القطا)
(وأبوابهم معمورةٌ بعفاتهم ... وأيديهم مَا تستريح من العطا)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(نطقت بالضحى حمامة أيكٍ ... فأثارت أسىً وأجرت دموعا)
(ذكرت إلفها فحنت إِلَيْهِ ... فبكينا من الْفِرَاق جَمِيعًا)
قلت شعر جَدِيد
3 - (أَبُو مَنْصُور اللّغَوِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَزِيز أَبُو مَنْصُور اللّغَوِيّ
قَالَ ياقوت لَا أعرف من حَاله شَيْئا غير أَنِّي وجدت لَهُ كتابا فِي اللُّغَة فِي عشر مجلدات مُرَتبا على حُرُوف المعجم سَمَّاهُ ديوَان الْعَرَب وميدان الْأَدَب وخطه عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ فِي شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة(12/152)
3 - (أَبُو عَليّ الصَّابُونِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن فَهد أَبُو عَليّ العلاف الْمَعْرُوف بالصابوني نسيب أبي عَليّ بن الْبناء
كَانَ شَيخا صَالحا صحب عبد الصَّمد الْوَاعِظ زَمَانا يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَيخْتم فِي شبيبته كل يَوْم وَلَيْلَة ختمةً
عمر حَتَّى جَاوز الْمِائَة وَسَقَطت أَسْنَانه ثمَّ طلعت وَعَاد السوَاد إِلَى شعر لحيته
سمع مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَمَّاد الْموصِلِي وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة عَن مائَة سنة وَأَرْبع سِنِين إِلَّا يَوْمَيْنِ
3 - (أَبُو عَليّ الزنجاني)
الْحسن بن مُحَمَّد بن يُوسُف الزنجاني أَبُو عَليّ الأديب قدم همذان سنة أَربع وَسِتِّينَ)
وَأَرْبَعمِائَة وَسمع مِنْهُ أهل همذان قَالَ شيرويه وَلم يقدر لي السماع مِنْهُ
3 - (أَبُو عَامر القومسي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ القومسي أَبُو عَامر النسوي الأديب النَّحْوِيّ الفرضي الصُّوفِي توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
كَانَ كثير الطّواف جم الْفَوَائِد دَائِم الْعِبَادَة وَالصَّوْم والتهجد يُقَال إِنَّه من الأبدال
حدث عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ يعرف بِابْن الْمُقْرِئ بِمُسْنَد أبي يعلى بنيسابور ونشط للرُّجُوع إِلَى بلدته فَمَاتَ يَوْم وُرُوده إِلَيْهَا
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَمَا تركت سِتّ وَسِتُّونَ حجَّة ... لنا حجَّة أَن نركب اللَّهْو مركبا)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل
(الْعلم يَأْتِي كل ذِي ... خفضٍ ويأبى كل آبي)
كَالْمَاءِ ينزل فِي الوهاد وَلَيْسَ يصعد فِي الروابي وَمِنْه من الطَّوِيل
(رويت قَدِيما مَا رووا وحديثا ... وَقد سرت سيراً فِي الْبِلَاد حثيثا)
(فصرت حَدِيثا والْحَدِيث هُوَ الَّذِي ... يصير أَصْحَاب الحَدِيث حَدِيثا)
3 - (الْأَمِير معِين الدّين ابْن شيخ الشُّيُوخ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الصاحب الْأَمِير مقدم الجيوش معِين الدّين أَبُو عَليّ ابْن شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين أبي الْحسن
تقدم فِي الدولة الكاملية وَعظم شَأْنه فِي الدولة الصالحية ووزر للْملك الصَّالح وَقدم دمشق بالجيوش المصرية وبالخوارزمية وحاصرها وتسلمها من الصَّالح إِسْمَاعِيل وَمرض بالإسهال وَالدَّم وَمَات سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان وَله نَيف وَخَمْسُونَ سنة(12/153)
وَكَانَ بَين حُصُول أمْنِيته وحلول منيته أَرْبَعَة أشهر وَنصف وَكَانَ فِيهِ دينٌ وكرم وسخاءٌ
وَأخرج الصَّالح أَيُّوب أَخَاهُ فَخر الدّين ابْن الشَّيْخ فِي أثْنَاء السّنة من الْحَبْس بعد أَن لَاقَى شَدَائِد وسجنه ثَلَاث سِنِين ثمَّ أنعم عَلَيْهِ وقربه)
وَأَوْلَاد شيخ الشُّيُوخ أَرْبَعَة فَخر الدّين وعماد الدّين ومعين الدّين وَكَمَال الدّين وَلِهَذَا قَالَ فيهم شرف الدّين بن عنين من مخلع الْبَسِيط
(أَوْلَاد شيخ الشُّيُوخ قَالُوا ... ألقابنا كلهَا محَال)
(لَا فَخر فِينَا وَلَا عمادٌ ... وَلَا معينٌ وَلَا كَمَال)
وَلَقَد قَالَ غير الْحق لأَنهم كَانُوا سَادَات زمانهم وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة فَخر الدّين يُوسُف إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه
3 - (الْعِزّ الإربلي الضَّرِير)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نجا الإربلي الرافضي الفيلسوف عز الدّين الضَّرِير
كَانَ بارعاً فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب رَأْسا فِي عُلُوم الْأَوَائِل وَكَانَ فِي منزله بِدِمَشْق مُنْقَطِعًا يقرئ الْمُسلمين وَأهل الْكتاب والفلاسفة وَله حُرْمَة وافرة وَكَانَ يهين الرؤساء وَأَوْلَادهمْ بالْقَوْل إِلَّا أَنه كَانَ مجرماً تَارِك الصَّلَاة يَبْدُو مِنْهُ مَا يشْعر بانحلاله وَكَانَ يُصَرح بتفضيل عَليّ على أبي بكر وَكَانَ حسن المناظرة لَهُ شعر خَبِيث الهجو
روى عَنهُ من شعره وأدبه الدمياطي وَابْن أبي الهيجا وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة
وَلما قدم القَاضِي شمس الدّين بن خلكان ذهب إِلَيْهِ فَلم يحتفل بِهِ فَأَهْمَلَهُ القَاضِي وَتَركه
قَالَ عز الدّين بن أبي الهيجاء لازمت الْعِزّ الضَّرِير يَوْم مَوته فَقَالَ هَذِه البنية قد تحللت وَمَا بَقِي يُرْجَى بَقَاؤُهَا واشتهى رزاً بِلَبن فَعمل لَهُ وَأكل مِنْهُ فَلَمَّا أحس بشروع خُرُوج الرّوح مِنْهُ قَالَ قد خرجت الرّوح من رجْلي ثمَّ قَالَ قد وصلت إِلَى صَدْرِي فَلَمَّا أَرَادَ لمفارقة بِالْكُلِّيَّةِ تَلا هَذِه الْآيَة أَلا يعلم من خلق وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير ثمَّ قَالَ صدق الله الْعَظِيم
وَكذب ابْن سينا ثمَّ مَاتَ فِي ربيع الآخر وَدفن بسفح قاسيون وَولد بنصيبين سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ قذراً زري الشكل قَبِيح المنظر لَا يتوقى النَّجَاسَات ابْتُلِيَ مَعَ الْعَمى بقروح وطلوعات وَكَانَ ذكياً جيد الذِّهْن
أَنْشدني من لَفظه العلامةُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن خطاب الْبَاجِيّ قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ عز الدّين حسن الضَّرِير الإربلي من الدوبيت(12/154)
(لَو كَانَ لي الصَّبْر من الْأَنْصَار ... مَا كَانَ عَلَيْهِ هتكت أستاري)
)
(مَا ضرك يَا اسمر لَو بت لنا ... فِي دهرك لَيْلَة من السمار)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور لعز الدّين الْمَذْكُور من الدوبيت
(لَو ينصرني على هَوَاهُ صبري ... مَا كنت ألذ فِيهِ هتك السّتْر)
(حرمت عَليّ السّمع سوى ذكرهم ... مَا لي سمرٌ سوى حَدِيث السمر)
وَمن شعر الْعِزّ الضَّرِير فِي الْعِمَاد بن أبي زهران من المتقارب
(تعمم بالطرف من ظرفه ... وَقَامَ خَطِيبًا لندمانه)
(وَقَالَ السَّلَام على من زنى ... ولاط وقاد لإخوانه)
(فَردُّوا جَمِيعًا عَلَيْهِ السَّلَام ... وكلٌ يترجم عَن شانه)
(وَقَالَ يجوز التَّدَاوِي بهَا ... وكلٌ عليلٌ بأشجانه)
(فَأفْتى بِحل الزِّنَا واللواط ... فَقِيه الزَّمَان ابْن زهرانه)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا وَقد لقب الْعِمَاد وَكَانَ يلقب أَولا بالشجاع من الهزج
(شُجَاع الدّين عمدتا ... فَهَلا كنت شمستا)
(خَطِيبًا قُمْت سكراناً ... وبالزكرة عممتا)
وَمن شعره قَوْله من الطَّوِيل
(توهم واشينا بليلٍ مزارنا ... فهم ليسعى بينتا بالتباعد)
(فعانقته حَتَّى اتحدنا تلازما ... فَلَمَّا أَتَانَا مَا رأى غير وَاحِد)
قلت وَهَذَا الْمَعْنى تداوله الشُّعَرَاء ولهجوا بِهِ قَالَ ابْن قزل من الوافر
(وَلما زار من أهواه لَيْلًا ... وخفنا أَن يلم بِنَا مراقب)
(تعانقنا لأخفيه فصرنا ... كأنا واحدٌ فِي عقد كَاتب)
وَقَالَ آخر من السَّرِيع
(كأنني عانقت رَيْحَانَة ... تنفست فِي لَيْلهَا الْبَارِد)
(فَلَو تَرَانَا فِي قَمِيص الدجى ... حسبتنا فِي جسدٍ وَاحِد)
وَقَالَ نفطويه النَّحْوِيّ من الطَّوِيل
(وَلما الْتَقَيْنَا بعد بعدٍ بمجلسٍ ... تغازل فِيهِ أعين النرجس الغض)
(جعلت اعتمادي ضمه وعناقه ... فلمم نفترق حَتَّى توهمته بَعْضِي)
)
وَقَالَ غرس الدّين أَبُو بكر الإربلي من الْبَسِيط
(هم الرَّقِيب ليسعى فِي تفرقنا ... لَيْلًا وَقد بَات من أهواه معتنقي)(12/155)
(عانقته فاتحدنا والرقيب أَتَى ... فمذ رأى وَاحِدًا ولى على حنق)
وَقد عقدت لهَذَا الْمَعْنى فصلا طَويلا فِي الْجُزْء الثَّامِن من التَّذْكِرَة وسقت فِيهِ كثيرا من هَذَا الْبَاب
وَمن شعر الْعِزّ الإربلي أَيْضا من الدوبيت
(إِن أجف تكلفاً وَفِي لي طبعا ... أَو خُنْت عهوده عهودي يرْعَى)
(يَبْغِي لي فِي ذَاك دوَام الْأسر ... هَذَا ضررٌ يحسبه لي نفعا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(وكاعبٍ قَالَت لأترابها ... يَا قوم مَا أعجب هَذَا الضَّرِير)
(هَل تعشق العينان مَا لَا ترى ... فَقلت والدمع بعيني غزير)
(إِن كَانَ طرفِي لَا يرى شخصها ... فَإِنَّهَا قد صورت فِي الضَّمِير)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ذهبت بشاشة مَا عهِدت من الجوى ... وتغيرت أَحْوَاله وتنكرا)
(وسلوت حَتَّى لَو سرى من نحوكم ... طيفٌ لما حَيَّاهُ طيفي فِي الْكرَى)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قُم يَا نديم إِلَى الإبريق والقدح ... هَات الثَّلَاث وسل مَا شِئْت واقترح)
(وغن إِن غادرتني الكأس مطرحاً ... وَأَنت يَا صَاح صاحٍ غير مطرح)
(عَلَيْك سقى ثَلَاث غير مازجها ... وَمَا عَلَيْك إِذا مني وَمن فرحي)
(إِنِّي لأفهم فِي الأوتار تَرْجَمَة ... مَا لَيْسَ يفهمهُ النساك فِي السبح)
قلت الرَّابِع مضمن وَشعر الْعِزّ شعر جيد
3 - (شيخ الرافضة)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن شيخ الرافضة وعالمهم أَبُو عَليّ بن شيخ الرافضة وعالمهم الشَّيْخ أبي جَعْفَر الطوسي
رحلت طوائف الشِّيعَة إِلَيْهِ إِلَى الْعرَاق وحملوا عَنهُ وَكَانَ ورعاً عَالما متألهاً كثير الزّهْد)
وَبَين عَيْنَيْهِ كركبة العنز من أثر السُّجُود وَكَانَ يَسْتُرهَا
أثنى عَلَيْهِ السَّمْعَانِيّ قَالَ الْعِمَاد الطَّبَرِيّ لَو جَازَت الصَّلَاة على غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغير تلإمام لصليت عَلَيْهِ توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْحَافِظ صدر الدّين)
الْحسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمروك(12/156)
بن مُحَمَّد يَنْتَهِي إِلَى مُحَمَّد بن الصّديق وَقد ذكر أَبوهُ فِي المحمدين هُوَ الشريف الْحَافِظ صدر الدّين أَبُو عَليّ الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ النَّيْسَابُورِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصُّوفِي
ولد بِدِمَشْق سنة أَربع وَسبعين وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
وَسمع بِمَكَّة من جده وَمن أبي حفصٍ عمر بن الميانشي وبدمشق من ابْن طبرزذ وحنبل وَجَمَاعَة وبنيسابور من الْمُؤَيد الطوسي وبهراة ومرو وأصبهان وبغداد وإربل والموصل وحلب والقدس والقاهرة
وَكتب العالي والنازل وَخرج وصنف وَشرع فِي جمع تَارِيخ ذبلاً لتاريخ دمشق وَحصل مِنْهُ أَشْيَاء حَسَنَة وَعدم بعد مَوته
وروى الْكتب الْكِبَار كالأنواع لِابْنِ حبَان وَالصَّحِيح لأبي عوَانَة وَالصَّحِيح لمُسلم وَخرج الْأَرْبَعين البلدية وَحمل عَنهُ خلقٌ كثير
وَولي مشيخة الشُّيُوخ بِدِمَشْق ونفق سوقه عِنْد الْمُعظم وانتقل آخر عمره إِلَى مصر وَمَات بهَا
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيّ ضعفه عمر بن الْحَاجِب قَالَ كَانَ كثير البهت الدعاوي عِنْده مداعبة ومجون دَاخل الْأُمَرَاء وَولي الْحِسْبَة
3 - (الحرون الْعلوِي)
الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الْعلوِي الْمَعْرُوف بالحرون بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الرَّاء وَسُكُون الووا وَبعدهَا نون
ظهر بِالْكُوفَةِ وَقَوي أمره وَحَارب جَيش المستعين وَقبض عَلَيْهِ وحبسه دهراً إِلَى أَن أطلقهُ الْمُعْتَمد ثمَّ عاث وَخرج بِأَرْض السوَاد وَطَرِيق مَكَّة فَأخذ وَأتي بِهِ إِلَى الْمُوفق فحبسه إِلَى أَن مَاتَ فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين)
3 - (ابْن قطرب اللّغَوِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن المستنير هُوَ ابْن قطرب اللّغَوِيّ لَهُ ذكر فِي تَرْجَمَة وَالِده فليطلب هُنَاكَ
3 - (زين الْأُمَنَاء بن عَسَاكِر)
الْحسن بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الله زين الْأُمَنَاء أَبُو البركات بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة
سمع الْكثير وَكَانَ شَيخا جَلِيلًا خيرا متعبداً حسن الْهَدْي والسمت مليح التَّوَاضُع ولي نظر الخزانة والأوقاف ثمَّ ترك ذَلِك وَأَقْبل على شَأْنه
وَكَانَ كثير الصَّلَاة حَتَّى لقب السَّجَّاد وأقعد فِي آخر عمره وَكَانَ يحمل فِي محفة إِلَى الْجَامِع وَإِلَى دَار الحَدِيث النورية وعاش ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سنة
وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن أبي الْحسن الدارني وَأبي العشائر مُحَمَّد بن خَلِيل وَأبي(12/157)
المظفر سعيد الفلكي وَأبي المكارم بن هِلَال وعميه الضياء بن هبة الله وَأبي الْقَاسِم الْحَافِظ وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن الْحُسَيْن بن البن وَعبد الْوَاحِد بن إِبْرَاهِيم بن القزة وَالْخضر بن شبْل الْحَارِثِيّ وَإِبْرَاهِيم بن الْحسن الحصني وَجَمَاعَة
روى عَنهُ البرزالي وَعز الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الْأَثِير والزكي الْمُنْذِرِيّ والكمال ابْن العديم وَابْنه أَبُو الْمجد والزين خَالِد والشرف النابلسي وَالْجمال ابْن الصَّابُونِي والشهاب القوصي والشهاب الأبرقوهي
وتفقه على جمال الْأَئِمَّة أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن الماسح وَقَرَأَ بِرِوَايَة ابْن عَامر على أبي الْقَاسِم الْعمريّ وتأدب على عَليّ بن عُثْمَان السّلمِيّ
بَالغ فِي وَصفه ابْن الْحَاجِب وَقَالَ السَّيْف سمعنَا مِنْهُ إِلَّا أَنه كَانَ كثير الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة
وَيُقَال إِنَّه كَانَ يشاري بِيَدِهِ فِي الصَّلَاة وَيُشِير بِيَدِهِ لمن يبْتَاع مِنْهُ وَقَالَ ابْن الْحَاجِب سَأَلت البرزالي عَنهُ فَقَالَ ثقةٌ نبيلٌ كريم صينٌ
3 - (قطنبة)
الْحسن بن مُحَمَّد بن هبة الله شرف الدّين قطنبة بِضَم الْقَاف والطاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَبعدهَا بَاء ثَانِيَة الْحُرُوف وَبعدهَا هَاء الأصفوني
شَاعِر ماجنٌ خَفِيف الرّوح كَانَ معاصر شخص آخر يُسمى نبيه الدّين عبد الْمُنعم شَاعِر)
ماجن كَانَا يشبهان بِأبي الْحُسَيْن الجزار والسراج الْوراق
صلى قطنبة صَلَاة الْعِيد الْأَضْحَى وَإِلَى جَانِبه آخر فَلَمَّا ذكر الْخَطِيب قصَّة الذَّبِيح بَكَى ذَلِك الشَّخْص زَمَانا طَويلا فَالْتَفت إِلَيْهِ قطنبة وَقَالَ لَهُ مَا هَذَا الْبكاء الطَّوِيل أما سمعته فِي الْعَام الْمَاضِي يَقُول إِنَّه سلم وَمَا أَصَابَهُ شَيْء
وَاتفقَ أَن وَقع بَينه وَبَين أهل بَلَده وَحضر الْأَمِير عَلَاء الدّين حربدار وَالِي قوص وأخميم فقصد شكواهم فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَلم يرجع وَكَانَ مَعَ الْوَالِي آيتمش الْآمِدِيّ النَّاظر وَكَانَ شِيعِيًّا فَلَمَّا حَضَرُوا عِنْد الْأَمِير قفز قطنبة وَقَالَ يال أبي بكر فاغتاظ النَّاظر وَأنْشد قطنبة من الطَّوِيل
(حديثٌ جرى يَا مَالك الرّقّ واشتهر ... بأصفون مأوى كل من ضل أَو كفر)
(لَهُم مِنْهُم داعٍ كتيسٍ معممٍ ... وحسبك من تيسٍ تولى على بقر)
(وَمن نحسهم لَا كثر الله فيهم ... يسب أَبُو بكر وَلَا يشتهى عمر)
(فَخذ مَا لَهُم لَا تختشي من مآلهم ... فَإِن مآل الْكَافرين إِلَى سقر)
فَقَالَ لَهُ النَّاظر أَنْت تتشارر مَا أَنْت مِنْهُم وصرفهم وَلم يحصل لَهُ قَصده فَقَالُوا لَهُ مَا قُلْنَا لَك نصطلح مَعَك مَا فعلت فَقَالَ أَنا مَا عرفت أَن هَذَا المشوم مِنْكُم(12/158)
وَكَانَ قد تزوج بِامْرَأَة لَهَا منزلٌ بَاعه أَمِين الحكم وخلى من اشْتَرَاهُ لَهُ فَتقدم قطنبة إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين وأنشده من الْبَسِيط
(سبت فؤاد الْمَعْنى من تثنيها ... فتانةٌ كل حسن مجمع فِيهَا)
(إنسيةٌ مثل شمس الْأُفق قد بزغت ... وحشيةٌ فِي نفورٍ خوف واشيها)
مِنْهَا من الْبَسِيط
(قهرت بالجانب البحري طَائِفَة ... فول وَجهك يَا مولَايَ قبليها)
(وَانْزِلْ بأصفون واكشف عَن قضيتها ... وكف كف شُهُود أَصْبحُوا فِيهَا)
(عِنْدِي يتيمة تركيٍّ ظَفرت بهَا ... لَهَا من الله جدرانٌ تواريها)
(تعاونوا مَعَ أَمِين الْملك واغتصبوا ... أخفوا وثائق فحوى خطهم فِيهَا)
(حَتَّى أبيعت عَلَيْهَا نصف حصَّتهَا ... مَا حيلتي وَأمين الحكم شاريها)
(مَا زلت أفحص عَن تِلْكَ الوثائق يَا ... مولَايَ حَتَّى أبان الله خافيها)
)
(وَهَا هِيَ الْآن عِنْدِي وَهِي ثَابِتَة ... فَامْضِ الْولَايَة فِيمَن كَانَ يؤذيها)
وَمَات لَهُ صاحبان كَانَا خصيصين بِهِ فَقَالَ الشهَاب أَحْمد بن أبي الْحُسَيْن الأصفوني مَا لقطنبة تَأَخّر عَنْهُمَا فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ من الْخَفِيف
(مَا تَأَخَّرت عنكما عَن ملالٍ ... غير أَنِّي أروم صيد الشهَاب)
فَأَنا مثل فَارس الْبَحْر لَا بُد بظفري أصيده أَو بنابي وَكَانَ قد وَقع بَينه وَبَين نجم الدّين بن يحيى الأرمنتي فهجاه بقصيدة مِنْهَا من الْخَفِيف يَا إلهي أرحتها مِنْهُ فِي الحكم أرحها من ابْنه فِي الخطابه فَقَالَ لَهُ الخفراء يَا قطنبة الياسرية جَاءُوا من أرمنت يُرِيدُونَ قَتلك أرسلهم ابْن يحيى وَمَا نقدر على ردهم انج بِنَفْسِك
فَخرج من أصفون وَلم يعرف لَهُ خبرٌ وَالله أعلم
3 - (الشَّيْخ نجن الدّين الصَّفَدِي)
الْحسن بن مُحَمَّد الشَّيْخ الإِمَام الْفَاضِل نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ كَمَال الدّين الْقرشِي الْقُرْطُبِيّ الكركي المولد الصَّفَدِي
كَانَ بصفد وَالِده خطيب القلعة وَكَانَ يَنُوب عَن وَالِده وَكَانَ يكْتب الْإِنْشَاء بصفد ويوقع بَين يَدي النواب فَلَمَّا قدم الْأَمِير سيف الدّين بتخاص الْمَذْكُور فِي حرف الْبَاء إِلَى صفد حضر مَعَه الشَّيْخ شهَاب الدّين بن غَانِم الْمَذْكُور فِي حرف الأحمدين وَكَانَ زين الدّين عمر بن حلاوات قد قدمه الشَّيْخ(12/159)
نجم الدّين وَجعله يكْتب عِنْده فَمَا زَالَ يسْعَى إِلَى أَن وَقع الِاتِّفَاق بَينهمَا وَبَين القَاضِي شرف الدّين حَاكم صفد وَغَيره وقرروا الْأَمر مَعَ النَّائِب وَقطع الشَّيْخ نجم الدّين من التوقيع وَبَقِي بِيَدِهِ خطابة الْجَامِع
ثمَّ إِنَّهُم ضاروه حَتَّى توجه إِلَى دمشق خُفْيَة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين بلبان الجوكندار بِدِمَشْق يَوْمئِذٍ مشد الدَّوَاوِين وَله بِهِ معرفَة من صفد فاستخدمه فِي كتاب الْإِنْشَاء بِدِمَشْق وَكتب قدامه
وَكَانَ القَاضِي محيي الدّين بن فضل الله يَأْمَن إِلَيْهِ ويقدمه ويستكتبه عِنْده فِي السِّرّ وَغَيره وَكَانَ بِيَدِهِ خطابة جَامع جراح بِدِمَشْق
وَلما أَتَى الْأَمِير سيف الدّين كراي إِلَى دمشق نَائِبا كَانَ يعرفهُ من صفد ويركن إِلَى أَمَانَته)
فقلده الْأَمر وعذقه بِهِ فتعب تعباً مفرطاً ونصح مخدمه فعادى الدماشقة ومقتوه فَلَمَّا أمسك كراي اختفى فسلمه الله
ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى صفد خَطِيبًا وموقعتاً وَكَانَ زين الدّين بن حلاوات قد انْفَرد بِالْأَمر فَدخل إِلَى النَّائِب وَقرر مَعَه مَا أَرَادَ فَلم يُمكن نجم الدّين من مُبَاشرَة شَيْء فَبَقيَ فِي صفد إِلَى أَن حضر لَهُ توقيعٌ ثانٍ وَكلما حضر شيءٌ يسْعَى فِي تعطيله إِلَى أَن أشركوا بَينهمَا فِي الوظيفتين
فأقاما مُدَّة وَوَقع بَينهمَا فطلبا إِلَى دمشق وَقرر الْأَمِير سيف الدّين تنكز أَن يخيرا كل وَاحِد ينْفَرد بوظيفته فَاخْتَارَ الشَّيْخ نجم الدّين خطابة القلعة وَالْجَامِع بِالْمَدِينَةِ وَاسْتقر زين الدّين بن حلاوات فِي التوقيع
وَلم يزل خَطِيبًا إِلَى أَن توفّي فجاءةً فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَلم تسمع أذناي خَطِيبًا أفْصح مِنْهُ وَلَا أعذب عبارَة وَلَا أصح أَدَاء كَأَنَّهُ يقْرَأ الْخطْبَة تجويداً لمخارج الْحُرُوف وَكَانَ لكَلَامه فِي الخطابة وقعٌ فِي السّمع وأثرٌ فِي الْقلب
وَتخرج بِهِ جماعةٌ فضلاء وَقل من قَرَأَ عَلَيْهِ وَلم يتَنَبَّه وَلم أر مثله فِي مبادئ التَّعْلِيم كَانَ يفتق ذهن المشتغل ويوضح لَهُ طرق الِاشْتِغَال وَلم أر مثله فِي تَنْزِيل قَوَاعِد النَّحْو على قَوَاعِد الْمنطق وَكَانَ يحب فَسَاد الْحُدُود وَالرَّدّ عَلَيْهَا وَالْجَوَاب عَنْهَا
وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ أَولا الْعَلامَة القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ وَغَيره وَكَانَ لي مِنْهُ رَحمَه الله نصيبٌ وافر وَأَجد مِنْهُ حنواً كثيرا وَبرا وَلم أَقرَأ على أحد قبله وَكَانَ شَدِيد الْمحبَّة لأَصْحَابه شفوقاً عَلَيْهِم صَادِق اللهجة مفرط الْكَرم
وَكَانَت بَينه وَبَين الشَّيْخ صدر الدّين قرَابَة وَكَانَ هشاً بشاً بساماً وَعَمَّته مليحة وَلم أر أعف يدا وَلَا فرجا مِنْهُ رَحمَه الله
وَكَانَ يكْتب خطا حسنا ونظمه سريعٌ إِلَى الْغَايَة ونظمه أرشق من نثره وَكَانَ قَادِرًا على الْإِنْشَاء وَلم أره يخْطب بِغَيْر الْخطب النباتية(12/160)
وَكَانَ جيد الْمُشَاركَة أشعري العقيدة شَافِعِيّ الْمَذْهَب يحب الْكثير ويبالغ فِي الْحِرْص على اقتنائها والمنافسة فِيهَا
رَأَيْته بعد مَوته بِمدَّة فِي الْمَنَام فَقُمْت إِلَيْهِ وصافحته وقبضت على يَده وَقلت لَهُ قل لي مَا الْخَبَر فَقَالَ لي لَا تعتقد إِلَّا وحدانيته فَقلت لَهُ هَذَا شيءٌ قد جبل اللَّحْم وَالدَّم عَلَيْهِ فَقَالَ)
(بِاللَّه لَا تغْضب لما قد بدا ... فَأَنت عِنْدِي مثل عَيْني الْيَمين)
(مَا أتعب النَّفس سوى من غَدا ... يجْحَد مَا أوليته أَو يَمِين)
(وَأَنت عِنْدِي جوهرٌ قد صفا ... من دنس الذَّم نفيسٌ ثمين)
(ووالدي يعلم مَا قلته ... أَخْبَار من أخْلص فِي ذَا الْيَمين)
(مَا حلت عَن حسن الوفا فِي الْهوى ... فَأَنت فِي هَذَا المكين الْأمين)
الْمَمْلُوك حسن بن مُحَمَّد يسْأَل الله تَعَالَى أَن يحرس تِلْكَ الروحانية الطاهرة من الكدر إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَكتبت أَنا جَوَابه عَن ذَلِك رَحمَه الله تَعَالَى من السَّرِيع
(بررت فِيمَا قلت يَا سَيِّدي ... وَلست تحْتَاج إِلَى ذِي الْيَمين)
(وَالله لم أغضب وحاشى لمن ... أرَاهُ عِنْدِي مثل عَيْني الْيَمين)
(وَلم يكن غيظي إِلَّا لمن ... يمِيل عَن طرق الوفا أَو يَمِين)
(ويفتري الْبَاطِل فِي قَوْله ... عني وَلَيْسَ النَّاس عَنهُ عمين)
(وَيظْهر الود الَّذِي إِن بدا ... ظَاهره فالغش فِيهِ كمين)
(فغثه غثى نفوس الورى ... مِمَّن ترى والسم مِنْهُ سمين)
وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى مَا كتبه لمن أهْدى لَهُ قراصيا من الْبَسِيط
(يَا سيداً أَصبَحت كَفاهُ بَحر ندىً ... تولي سحائبه الإنعام والقوتا)
(كُنَّا عهدنا اللآلى من مواهبه ... وَالْيَوْم ننظرها فِينَا يواقيتا)
وَمِنْه لمن أهْدى لَهُ بطيخاً أصفر وقرأته عَلَيْهِ من المنسرح
(أهديت شَيْئا يروق منظره ... مَاء تبدى فِي جامد اللهب)
(أَو شمس أفقٍ قد كورت فَبَدَا ... شعاعها مثل ذائب الذَّهَب)
(لما تبدت لَهَا بروق مدىً ... أبدت حشاها أهلة الشهب)
(وَكم أرتنا القسي عَن قزحٍ ... مُبَشِّرَات بواكفٍ سرب)
(أخضرها قد زهى بأحمرها ... كورد خدٍّ بالآس منتقب)(12/161)
)
(وأرشفت من عقيق مبسمها ... خمرة ريقٍ أحلى من الضَّرْب)
(فَبت من نشوة بهَا ثملاً ... أهز عطف السرُور من طرب)
(ومذ ترشفت برد ريقتها ... خلت فُؤَادِي الْعَزِيز فِي حلب)
وَكتب إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز يهنئه بِفَتْح ملطية وقرأته عَلَيْهِ من الطَّوِيل
(مقَام العوالي تَحت ظلّ القواضب ... ونيل الْأَمَانِي فَوق جرد السلاهب)
(وَإِدْرَاك غايات المفاخر والعلا ... بسمر العوالي أَو ببذل الرغائب)
(ومجنى ثمار النَّصْر فِي حومة الوغى ... من الرَّأْي والإقدام بَين المواكب)
(وَأكْرم بِهِ مجنىً يلذ شرابه ... إِذا مَا كؤوس الْمَوْت لذت لشارب)
(وَلَا خمر إِلَّا من دِمَاء سواربٍ ... تدار بيض الْهِنْد بَين المقانب)
(لَهَا رنةٌ تلهيك عَن كل مزهرٍ ... وتنسيك أنس الآنسات الكواعب)
(وَلَا ليل إِلَّا من تراكم عثيرٍ ... وَلَا صبح إِلَّا من رقاق الْمضَارب)
(يغيب سناه ساطعاً فِي مفارقٍ ... ويبدو كبرق لَاحَ بَين سحائب)
(وَلَا نجم فيع غير لمع لهاذمٍ ... تلوح لمرأى الْعين مثل الْكَوَاكِب)
(لَهَا فِي صُدُور الدارعين مغاربٌ ... فآونة فِي النَّحْر أَو فِي الترائب)
(هُنَالك تمحو آيَة الشّرك فِي الوغى ... لوامع سيف الله بَين الْكَتَائِب)
وَمِنْه وقرأته عَلَيْهِ ونقلته من خطه من الْكَامِل
(يَوْم العقيق أسَال من أجفانه ... عقيان دمعٍ فاق عقد جمانه)
(صبٌّ على خديه قد كتب الْهوى ... رفقا بِهِ إِن كنت من أعوانه)
(رام العناق مودعاً غُصْن النقا ... وجدا عَلَيْهِ فخاف من نيرانه)
(وَأَرَادَ لثم لثام بارق ثغره ... لَيْلًا فأدهشه سنا لمعانه)
(وأدار كأساً من رحيق عذيبة ... صرفا فلج الْقلب فِي خفقانه)
(وبدت تروحه نسيماتٌ سرت ... تهدي إِلَيْهِ النشر من نعمانه)
(حملت شذاً من جيرةٍ سكنوا الْحمى ... وروت صَحِيحا مُسْندًا عَن بانه)
وَمِنْه وقرأته عَلَيْهِ ونقلته من خطه من الطَّوِيل
(سرى برق نعمانٍ فأذكره السقطا ... وَأبْدى عقيق الدمع فِي خَدّه سمطا)
)
(ولاح كسيفٍ مَذْهَب سل نصله ... وروع وَسمي السحائب فانحطا)
(وَأدّى رسالاتٍ عَن البان والنقا ... وأقرأه معنى الغرام فَمَا أخطا)
(وَأهْدى إِلَيْهِ نسمَة سحريةً ... أعادت فؤاداً طالما عَنهُ قد شطا)(12/162)
(تمر على روض الْحمى نفحاتها ... فتهدي إِلَى الأزهار من نشرها قسطا)
(وتنثر عقد الطل فِي وجناتها ... فتظهر فِي لألاء أوجهنا بسطا)
(وتطلع مِنْهُ فِي الدجى أَي أنجمٍ ... وتلبس عطف الْغُصْن من سندسٍ مِرْطًا)
(وتوقظ فَوق الدوح ورق حمائمٍ ... جعلنَا قُلُوب العاشقين لَهَا لقطا)
(هم نسبوا حزنا إِلَيْهَا وَمَا دروا ... وَمَا أرْسلت من جفنها أبدأً نقطا)
(وَكم تيمت صبا بلحنٍ غَرِيبه ... رَوَاهُ الْهوى عَنْهَا وَمَا عرفت ضبطا)
(فيا لَيْت شعري هَل بهَا مَا بمهجتي ... من الوجد أم لم ترع عهدا وَلَا شرطا)
(وَهل هِيَ فِي دوحات كل خميلةٍ ... تغرد أَو ناحت على فقدها السبطا)
(وَلَو أَنَّهَا قد تيمتها صبابةٌ ... لما طوقت جيدا وَلَا جَاوَزت شطا)
(وَلَا عانقت غصناً بكفٍّ مخضبٍ ... وَلَا اتَّخذت من زهر أعطافه قرطا)
(وَلَا لبست ثوبا يروق مدبجاً ... وَلَا نسيت عهد الهديل بِذِي الأرطى)
(وَلَو ذكرت أيامنا بطويلعٍ ... لأجرت بدمعي مذ بَدَت لمتي شُمْطًا)
(وَقد نفرت عني غرائب صبوتي ... غرائب دهرٍ جَار فِي الحكم واشتطا)
(وَخط على فودي سطراً حُرُوفه ... رقمن بقلبي عَارض الحتف مذ خطا)
(وَلكنه قد أودع الْفِكر حِكْمَة ... أفادته عرفاناً فيا نعم مَا أعْطى)
(تجارب أيامٍ لَهَا الْغدر شيمةٌ ... فكم سترت فضلا وَكم أظهرت غمطا)
(وَألبسهُ ثوبا من الْعلم معلما ... بدا لِذَوي جهل فأورثهم سخطا)
(إِذا مَا رَوَت عَنهُ البلاغة منطقاً ... يرى النَّجْم فِي عليائه عَنهُ منحطا)
(وَإِن غاص فِي لج الْبَيَان يراعه ... أرى جنَّة لَا أثل فِيهَا وَلَا خمطا)
(بهَا حور عينٍ لَو رَآهَا زهيرها ... لصير خديه لأقدامها بسطا)
(إِذا مَا تجلى للأفاضل حسنها ... أدارت عَلَيْهِم من لواحظها اسفنطا)
(وتحجب عَمَّن قد تردى بجهله ... وَأصْبح جِلْبَاب الحيا عَنهُ منعطا)
)
(وَلَا غرو أَن لَا يدْرك الشَّمْس ذُو عمى ... على قلبه مين الْجَهَالَة قد غطى)
(صفاتٌ عرتها نسبةٌ قرشيةٌ ... إِلَى من سما مجداً وَأكْرم بِهِ رهطا)
وشعره كثيرٌ إِلَى الْغَايَة وَهَذَا الْقدر أنموذج مِنْهُ كَاف وَله مدائح كَثِيرَة فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلما توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كنت بحلب فَحصل لي ألمٌ عَظِيم زَائِد إِلَى الْغَايَة وكتبت إِلَى وَلَده الْخَطِيب كَمَال الدّين مُحَمَّد وَإِلَى غَيره من الْأَصْحَاب مراثي كَثِيرَة نظماً ونثراً ثمَّ جمعت ذَلِك وسميته ساجعات الْغُصْن الرطيب فِي مراثي نجم الدّين الْخَطِيب وَمِمَّا رثيته بِهِ قولي من الْبَسِيط(12/163)
(يَا ذَاهِبًا عظمت فِيهِ مصيباتي ... بأسهمٍ رشقت قلبِي مصيبات)
(قد كنت نجماً بأفق الْفضل ثمَّ هوى ... فاستوحشت مِنْهُ آفَاق السَّمَوَات)
(سبقت من بَات يَرْجُو قرب خالقه ... وَلم تزل قبلهَا سباق غايات)
(بَكَى الْغَمَام بدمع الْوَرق مذ عقدت ... حمائم البان من شجوي مناحات)
(وَلَطم الرَّعْد خد السحب وانتشرت ... ذوائب الْبَرْق حمراً فِي الدجنات)
(أَصمّ نعيك سَمْعِي عَن تحَققه ... وَهَان مَا لليالي من ملمات)
(جنحت فِيهِ إِلَى تَكْذِيب قَائِله ... تعللاً بالأماني المستحيلات)
(وكدت أَقْْضِي وَيَا لَيْت الْحمام قضى ... حسبي بِأَن الْأَمَانِي فِي المنيات)
(وَرَاح دمعي يجاري فِيك نطق فمي ... فالشان فِي عبراتي والعبارات)
(إِن أبدت الْوَرق فِي أفنانها خطباً ... فكم لوجدي وحزني من مقامات)
(جرحت قلبِي فأجريت الدُّمُوع دَمًا ... ففيض دمعي من تِلْكَ الْجِرَاحَات)
(لَو كنت تفدى رددنا عَنْك كل ردىً ... بأنفسٍ قد بذلناها نفيسات)
(فآه من أكؤسٍ جرعتها غصصاً ... وَقد تركت لنا فِيهَا فضالات)
(نسيت إِلَّا مساعيك الَّتِي بهرت ... عين الْمَعَالِي بأنوارٍ سنيات)
(ومكرماتٍ مَتى تتلى محامدها ... تعطر الْكَوْن من ريا الرِّوَايَات)
وَفضل حلم تخف الراسيات لَهُ وَعز علا السَّبع المنيرات
(وَكم مَنَاقِب فِي علمٍ وَفِي عملٍ ... أضحت أسانيدها فِينَا صحيحات)
)
مِنْهَا من الْبَسِيط
(فَأَيْنَ لطفك بِي إِن هفوةٌ عرضت ... كَأَنَّمَا حسناتي فِي إساءاتي)
(وَأَيْنَ فضلك إِن وافى أَخُو طلبٍ ... فيخجل الْغَيْث من تِلْكَ العطيات)
(نبكي عَلَيْك وَقد عوضت من كفنٍ ... ألبسته بثيابٍ سندسيات)
(وَمَا تلبثت فِي مثوى الضريح إِلَى ... أَن صرت مَا بَين أنهارٍ وجنات)(12/164)
(تصافح الْحور والولدان مِنْك يدا ... كم أظهرت فِي الندى وَالْفضل آيَات)
(من ذَا يُعِيد دروس النَّحْو إِن درست ... ربوعها بالعبارات الجليات)
(وَمن لعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَمن ... يُبْدِي بعلميهما سر البلاغات)
(وَمن يزف عروس النّظم سافرةً ... قد حليت بعقودٍ جوهريات)
(إِذا أديرت على أسماعنا خلبت ... ألبابنا بكئوسٍ بابليات)
(ويرقم الطرس أسطاراً فنحسبها ... سوالفاً عطفت من فَوق وجنات)
(وَمن إِذا بِدعَة عنت يمزقها ... سَطَا براهينه بالمشرفيات)
(وَإِن أَتَت مشكلاتٌ بَعْدَمَا اتضحت ... وَأَقْبَلت كالدياجي المدلهمات)
(نضا نصول أصُول الدّين لامعة ... فَيقطع الشُّبُهَات الفلسفيات)
(وَمن يُفِيد الورى فِي علمه حكما ... تجلى ويبدي رياضاً فِي الرياضات)
(وَمن يذيب دموع الْعين من أسفٍ ... إِذا ارْتقى منبراً بَين الْجَمَاعَات)
(ويوقظ الْأَنْفس اللَّاتِي غَدَتْ سفهاً ... من لهوها والتصابي فِي منامات)
(وتقتفيه إِلَى الْعرْفَان تاركةً ... قَبِيح مَا ارتكبته من غوايات)
(لِيهن قبرك مَا قد حَاز مِنْك فَمَا ... ضمت حَشا كل قبرٍ طَاهِر الذَّات)
(وجاد تربتك الغراء ساريةٌ ... تحل فِيهَا الْعُقُود اللؤلؤيات)
(وكل يَوْم تحياتي تباكرها ... فتفضح النسمات العنبريات)
3 - (الصاحب قوام الدّين بن الطراح)
الْحسن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الْكَرِيم بن أبي سعد الصاحب قوام الدّين ابْن الطراح
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ هُوَ من بَيت علم وَحَدِيث ورياسة وَله معرفَة بنحوٍ ولغة ونجوم وحساب وأدب وَغير ذَلِك)
وَكَانَ فِيهِ تشيع يسير قَالَ لي وَإِنِّي أول من تشيع من أهل بيتنا وَكَانَ حسن الصُّحْبَة والمحاورة وَكَانَ لِأَخِيهِ فَخر الدّين أبي مُحَمَّد المظفر بن مُحَمَّد تقدم عِنْد التتار
قدم علينا قوام الدّين الْقَاهِرَة ثمَّ سَافر إِلَى الشَّام ثمَّ كرّ مِنْهَا رَاجعا إِلَى الْعرَاق مَعَ غازان
وَكنت سَأَلته أَن يُوَجه إِلَيّ شَيْئا من أخباره وَعَمن أَخذ من أهل الْعلم وشيئاً من شعره فَوجه لي بذلك وَكتب لي من شعره بِخَطِّهِ من المنسرح
(غَدِير دمعي فِي الخد يطرد ... ونار وجدي فِي الْقلب تتقد)
ومهجة فِي هَوَاك أتلفهَا الشوق وقلبٌ أودى بِهِ الكمد
(وَعدك لَا يَنْقَضِي لَهُ أمدٌ ... وَلَا ليل المطال مِنْك غَد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(لقد جمعت فِي وَجهه لمحبه ... بَدَائِع لم يجمعن فِي الشَّمْس والبدر)
(حبابٌ وخمرٌ فِي عقيقٍ ونرجسٍ ... وآسٌ وريحانٌ وليلٌ على فجر)
وَقَالَ كتب إِلَيّ أخي أَبُو مُحَمَّد المظفر يعاتبني على انقطاعي عَنهُ وَهُوَ الَّذِي رباني وكفلني بعد الْوَالِد من الْكَامِل
(لَو كنت يَا ابْن أبي حفظت إخائي ... مَا طبت نفسا سَاعَة بجفائي)(12/165)
(وحفظتني حفظ الْخَلِيل خَلِيله ... ورعيت لي عهدي وَصدق وفائي)
(خلفتني قلق الْمضَاجِع ساهراً ... أرعى الدجى وكواكب الجوزاء)
(مَا كَانَ ظَنِّي أَن تحاول هجرتي ... أَو أَن يكون الْبعد مِنْك جزائي)
فَكتبت إِلَيْهِ من الْكَامِل
(إِن غبت عَنْك فَإِن ودي حَاضر ... رهنٌ بمحض محبتي وولائي)
(مَا غبت عَنْك بِهِجْرَة تعتدها ... ذَنبا عَليّ وَلَا لضعف وفائي)
(لكنني لما رَأَيْت يَد النَّوَى ... ترمي الْجَمِيع بفرقةٍ وتنائي)
(أشفقت من نظر الحسود لوصلنا ... فَحَجَبَتْهُ عَن أعين الرقباء)
3 - (العابر الْمصْرِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْعَسَّال أَبُو عَليّ الْمصْرِيّ العابر لم يكن أحد يدانيه فِي وقته فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وثلاثمائة)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن الْأَزْهَر أَبُو مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ ابْن أُخْت أبي عوَانَة
رَحل بِهِ خَاله وَكَانَ مُحدث عصره وَمن أَجود النَّاس أصولا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (أَبُو عَليّ الْأَشْعَرِيّ)
الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الْفَقِيه أَبُو عَليّ الساوي الشَّافِعِي الْمُتَكَلّم الْأَشْعَرِيّ حدث بِدِمَشْق وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة
3 - (النَّاصِر بن النَّاصِر)
حسن بن مُحَمَّد قلاوون السُّلْطَان الْملك النَّاصِر نَاصِر الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون ولي السلطنة بعد خلع أَخِيه الْملك المظفر سيف الدّين حاجي فِي بكرَة الثُّلَاثَاء رَابِع عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة على الصُّورَة الْمَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة المظفر حاجي وَضربت البشائر وَحضر فِي الْبشَارَة إِلَى دمشق الْأَمِير سيف الدّين أسنبغا المحمودي السلاحدار
وَلم يزل السُّلْطَان على حَاله والنائب الْأَمِير سيف الدّين بيبغا آروس والوزير الْأَمِير سيف الدّين منجك وَزِير وأستاذدار والأمير سيف الدّين شيخو فِي آخر الْأَمر تقْرَأ الْقَصَص عَلَيْهِ بِحُضُور السُّلْطَان وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء إِلَى أَن كَانَ فِي يَوْم السبت رَابِع عشْرين شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة قَالَ بِحُضُور الْقُضَاة الْأَرْبَع وأمراء الدولة أَنا مَا أَنا رشيد(12/166)
فَقَالُوا الله الله فَقَالَ مَا أَنا أهلٌ للسلطنة فَقَالُوا الله الله فَقَالَ إِن كَانَ الْأَمر هَكَذَا فامسكوا لي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الْوَزير فَأمْسك وَجرى مَا يَأْتِي شَرحه فِي تَرْجَمَة منجك وَفِي تَرْجَمَة شيخو
وَكَانَ النَّائِب قد توجه إِلَى الْحجاز وشيخو فِي الصَّيْد بِنَاحِيَة طنان وَجرى لشيخو مَا يَأْتِي شَرحه فِي تَرْجَمته
ثمَّ إِن السُّلْطَان حلف الْأُمَرَاء لنَفسِهِ وجهز الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبرس إِلَى دمشق وحماة وحلب ليحلف الْأُمَرَاء لَهُ فحلق الْجَمِيع
وَكَانَ وُصُول طيبرس فِي سلخ شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة)
وَلم يزل الْحَال على ذَلِك والأمير عَلَاء الدّين مغلطاي ومنكلي بغا الفخري هما القائمان بِالْأَمر إِلَى أَن خلع النَّاصِر فِي ثامن عشْرين شهر جُمَادَى الْآخِرَة نَهَار الِاثْنَيْنِ وأجلس السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين الصَّالح على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته
3 - (وَزِير الْمُعْتَمد)
الْحسن بن مخلد بن الْجراح أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب
لما توفّي عبيد الله بن يحيى بن خاقَان أحضر الْمُعْتَمد بن مخلدٍ هَذَا واستوزره وخلع عَلَيْهِ
وَكَانَ يكْتب للموفق فاجتمعت لَهُ الوزارة وَكِتَابَة الْمُوفق إِلَى أَن دخل مُوسَى بن بغا سر من رأى فخافه فَاسْتَأْذن الْمُعْتَمد فِي الانحدار إِلَى بَغْدَاد لأموالٍ يقبضهَا من الْعمَّال وَدخل مُوسَى على الْمُعْتَمد وَسَأَلَهُ أَن يستوزر سُلَيْمَان بن وهب فَأَجَابَهُ وَبلغ ذَلِك ابْن مخلد فاستتر فِي بَغْدَاد وَكَانَت وزارته شهرا وشخص الْمُوفق إِلَى سر من رأى فَسَأَلَهُ مُوسَى أَن يسْتَكْتب عبيد الله بن سُلَيْمَان فَفعل فقوي أَمر سُلَيْمَان بذلك وَوجه سُلَيْمَان إِلَى بَغْدَاد يطْلب ابْن مخلد فظفر بِهِ وحبسه وعذبه وطالبه بالأموال إِلَى أَن أَخذ خطه بِأَلف ألف دِينَار
وابتدأ بأَدَاء المَال شَيْئا بعد شَيْء إِلَى أَن دخلت سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فاعتل مُوسَى بن بغا وَتُوفِّي فضعف أَمر سُلَيْمَان وَابْنه فعطفا على مداراة الْحسن ابْن مخلد وَأَخْرَجَاهُ وأسقطا مَا كَانَ بَقِي من المَال وَردت عَلَيْهِ ضيَاعه وجعلاه ثالثهما فِي تَدْبِير المملكة وَلم يزل سُلَيْمَان وزيراً إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ وعَلى ابْنه واستوزر الْحسن بن مخلد ثَانِيًا
ثمَّ إِن الْمُوفق سَأَلَ الْمُعْتَمد أَن يولي وزارته إِسْمَاعِيل بن بلب فَفعل واستتر الْحسن ثمَّ إِن القواد سَأَلُوا الْمُعْتَمد أَن يولي الْحسن فَفعل فاستوزره ثَالِثا ثمَّ إِن الْمُوفق كره ابْن مخلد فَحمل الْجند على الْإِيقَاع بِهِ فقبضوا عَلَيْهِ وَحمل إِلَى الأنبار ثمَّ إِلَى مصر إِلَى ابْن طولون فأظهر إكرامه ثمَّ إِنَّه اتهمه بمكاتبة الْمُوفق فحبسه وَلم يزل مَحْبُوسًا إِلَى أَن مَاتَ مُثقلًا بالحديد فِي شَرّ حالٍ سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ(12/167)
وَكتب الْحسن بن مخلد من الرقة إِلَى عماله قبل حمله إِلَى مصر من الْبَسِيط
(من للغريب الْبعيد النازح الوطن ... من للأسير أَسِير الْهم والحزن)
(من للغريب الَّذِي لَا مستراح لَهُ ... من الهموم وَلَا حظٌ من الوسن)
(خلى الْعرَاق وَقد كَانَت لَهُ وطناً ... لَا خير فِي عَيْش منقولٍ عَن الوطن)
)
(لَا خير فِي عَيْش نائي الدَّار مغتربٍ ... يأوي إِلَى الْهم كالمصفود فِي قرن)
(يَا أهل كم فَاتَنِي من حسن مستمعٍ ... مِنْكُم وفارقته من منظرٍ حسن)
(وَكم تجرعت للأيام بعدكم ... من جرعة أزعجت روحي عَن الْبدن)
وَكَانَ الْحسن عَظِيم الْجِسْم مهيب المنظر قوي الْحجَّة شَدِيد الْعَارِضَة لَا يقدم فِي وقته أحدٌ عَلَيْهِ وَلَا يُقَاس بِهِ وَكَانَ يُقَال مَا لَا يُعلمهُ الْحسن بن مخلد من الْخراج فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا
وَكَانَ جواداً ممدحاً ومدحه البحتري وَغَيره
وَكتب إِلَيْهِ البحتري وَهُوَ فِي الْحَبْس من الطَّوِيل
(يعز علينا أَن نزورك فِي الْحَبْس ... وَلم نستطع نفديك بِالْمَالِ وَالنَّفس)
(فَقدنَا بك الْأنس الطَّوِيل وعطلت ... مجَالِس كَانَت مِنْك تأوي إِلَى أنس)
(فَإِن تحتجب بالجدر عَنَّا فَرُبمَا ... رَأينَا جلابيب السَّحَاب على الشَّمْس)
3 - (الْحسن بن المرتضى)
الْحسن بن المرتضى بن مُحَمَّد بن زيد النَّقِيب السَّيِّد بهاء الدّين البقري الْحُسَيْنِي نقيب الْموصل
كَانَ من أكَابِر الْبَلَد رياسةً وديناً وعقلاً وكرماً وأدباً توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمن شعره من مجزوء الْكَامِل
(لَو كنت شَاهد عبرتي ... وصبابتي عِنْد التلاقي)
(لرحمتنا مِمَّا بِنَا ... وَعَجِبت من ضيق العناق)
3 - (الْحسن بن مَسْعُود)
الْحسن بن مَسْعُود بن الْحسن أَبُو عَليّ الْوَزير الدِّمَشْقِي الْحَافِظ
أَصله من خوارزم وَكَانَ جده وَزِير تتش تَاج الدولة وتزيا أَبُو عَليّ بزِي الْجند مُدَّة ثمَّ اشْتغل بالفقه والْحَدِيث ورحل وَدخل إِلَى أَصْبَهَان وَأقَام بمرو وتفقه لأبي حنيفَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة(12/168)
3 - (الحوري)
الْحسن بن مُسلم بن أبي الْحسن بن أبي الْجُود القادسي أَبُو عَليّ الحوري بِالْحَاء الْمُهْملَة مَفْتُوحَة وَبعد الْوَاو الساكنة رَاء قَرْيَة من عمل دجيل)
كَانَ مجداً فِي الْعِبَادَة ملازماً للمحراب والسجادة أَقَامَ أَرْبَعِينَ سنة لَا يكلم أحدا يقْرَأ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ختمةً
صحب الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَالشَّيْخ حماداً الدباس وتفقه فِي شبيبته وَسمع من أبي البَدر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الكَرخي وَغَيره وروى عَنهُ يُوسُف بن خَلِيل والدبيثي وَابْن ناسويه وَآخَرُونَ
وَكَانَ يَصُوم الدَّهْر وَكَانَت السبَاع تأوي إِلَى زاويته وَتردد إِلَيْهِ الإِمَام النَّاصِر وزاره وَكَانَ يَعْتَقِدهُ
وَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ يُبَالغ فِي وَصفه وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة فِي الْمحرم وَقد بلغ تسعين سنة
3 - (الْحسن بن مظفر وَالِد الْحَاتِمِي)
الْحسن بن مظفر بن الْحسن الْحَاتِمِي كَانَ أديباً شَاعِرًا وَهُوَ وَالِد أبي عَليّ مُحَمَّد ومدح الْحسن الإِمَام الْقَادِر بِاللَّه
وَمن شعره من الْخَفِيف
(حَيّ رسم الغميم تحي الرميما ... إِن فقدت الْهوى فحي الرسوما)
واستمح مقلة الْغَمَام على أطلاله دِيمَة أَبَت أَن تدوما نثرت عقد دمعها فغدا النُّور بأعطاف روضها منظوما
(هُوَ مأوى الظباء إنساً ووحشاً ... وَمحل الْأسود خلقا وخيما)
(كل ريمٍ يعطو فيصطاد ليثا ... عِنْد ليثٍ يَسْطُو فيصطاد ريما)
كم رعينا من البطاح وكأس الراح وَالْأَوْجه الملاح نجوما
(حِين رضنا من التصابي جموحاً ... ونعشنا من الْوِصَال رميما)
ودعتنا المنى إِلَى مرح الفتك ولكننا أجبنا الحلوما قلت شعر جيد
3 - (أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي)
الْحسن بن مظفر النَّيْسَابُورِي أَبُو عَليّ أديبٌ نبيل شَاعِر كَانَ مؤدب أهل خوارزم ومخرجهم وشاعرهم ومقدمهم الْمشَار إِلَيْهِ
وَهُوَ شيخ مَحْمُود الزَّمَخْشَرِيّ قبل أبي مُضر توفّي أبي عَليّ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة)(12/169)
وَمن تصنيفه تَهْذِيب ديوَان الْأَدَب تَهْذِيب إصْلَاح الْمنطق كتاب ذيله على تَتِمَّة الْيَتِيمَة محَاسِن من اسْمه الْحسن زيادات أَخْبَار خوارزم ديوانه مجلدان رسائله مجلدان
وَمن شعره من الْكَامِل
(أَهلا بعيشٍ كَانَ جد مواتي ... أَحْيَا من اللَّذَّات كل موَات)
(أَيَّام سرب الْأنس غير منفرٍ ... والشمل غير مروعٍ بشتات)
(عيشٌ تحسر ظله عَنَّا فَمَا ... أبقى لنا شَيْئا سوى الحسرات)
(وَلَقَد سقاني الدَّهْر مَاء حيائه ... والآن يسقيني دم الْحَيَّات)
(لهفي لأحرار منيت ببعدهم ... كَانُوا على غير الزَّمَان ثقاتي)
قلت شعر متوسط
3 - (الشريف المنقذي)
الْحسن بن مظفر بن عبد الْمطلب بن عبد الْوَهَّاب بن مَنَاقِب بن أَحْمد الشريف الْعدْل شمس الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْنِي المنقذي الدِّمَشْقِي
روى عَن الْفَخر الإربلي وَأبي نصر بن الشِّيرَازِيّ وَعبد الْعَزِيز بن الدجاجية وَإِبْرَاهِيم الخشوعي نَاب الْحِسْبَة مديدة وَشهد تَحت السَّاعَات
وابتلي بالبلغم وَكَانَ إِذا مَشى يعدو بِغَيْر اخْتِيَاره ثمَّ يسْقط ويستريح وَيقوم سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن الباقلاني النَّحْوِيّ)
الْحسن بن معالي بن مَسْعُود بن الْحُسَيْن بن الباقلاني أَبُو عَليّ النَّحْوِيّ الْحلِيّ
قدم بَغْدَاد فِي صباه وَقَرَأَ بهَا الْمَذْهَب وَالْكَلَام على الشَّيْخ يُوسُف بن إِسْمَاعِيل اللامغاني الْحَنَفِيّ وعَلى النصير عبد الله بن حسن الطوسي وَعلي المجير مَحْمُود بن الْمُبَارك وَقَرَأَ الْحِكْمَة على المَسْعُودِيّ غُلَام عمر بن سهلان الساوي صَاحب البصائر وَالْأَدب على أبي الْحسن بن بانويه وَأبي الْبَقَاء العكبري ومصدق الوَاسِطِيّ واللغة على القَاضِي أبي مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن الْمَأْمُون وَغَيره
ولازم الِاشْتِغَال والتحصيل إِلَى أَن برع فِي هَذِه الْعُلُوم وَصَارَ مشاراً إِلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمدًا على مَا يَقُوله)
وَسمع من أبي مُحَمَّد بن الْمَأْمُون الْمَذْكُور وَمن مَسْعُود بن عَليّ بن النَّادِر وَعبد الْوَهَّاب بن هبة الله ابْن أبي حَبَّة وَمن أبي الْفرج بن كُلَيْب وَآخَرين
وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْأَدَب واللغة وَسَائِر الْفُنُون وَكَانَ لَهُ همةٌ عالية وحرصٌ شَدِيد وَتَحْصِيل الْفَوَائِد مَعَ علو سنه وَضعف بَصَره وَكَثْرَة محفوظه وَصدقه وثقته وَحسن طريه وتواضعه وكرم أخلاقه(12/170)
وانتقل آخر عمره إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وانتهت إِلَيْهِ رياسة النَّحْو مولده سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعره وَقد أمره بعض أصدقائه بِطَلَاق امْرَأَته لما كَبرت من الْبَسِيط
(وقائلٍ لي وَقد شابت ذوائبها ... وأصبحت وَهِي مثل الْعود فِي النحف)
(لم لَا تجذ حبال الْوَصْل من نصفٍ ... شَمْطَاء من غير مَا حسنٍ وَلَا ترف)
(فَقلت هَيْهَات أَن أسلو مودتها ... يَوْمًا وَلَو أشرفت نَفسِي على التّلف)
(وَأَن أخون عجوزاً غير خائنةٍ ... مُقِيمَة لي على الْإِتْلَاف والسرف)
(يكون مني قبيحاً أَن أواصلها ... جنى وأهجرها فِي حَالَة الحشف)
وَنفذ صُحْبَة الْأَمِير عَليّ بن الإِمَام النَّاصِر إِلَى تستر حِين صير ملكهَا ليعلمه النَّحْو وَكتب بِخَطِّهِ كتبا نفيسةً وَكَانَ حاذقاً فِي الذكاء
3 - (الْعلوِي)
الْحسن بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب كَانَ من مَشَايِخ أَهله ووجوههم
حمل إِلَى الْمَنْصُور فحبسه لشَيْء اتهمه بِهِ فَمَا زَالَ فِي الْحَبْس إِلَى أَن مَاتَ الْمَنْصُور فَكتب إِلَى الْمهْدي من الْكَامِل
(ارْحَمْ كَبِيرا سنه متهدماً ... فِي الْحَبْس بَين سلاسلٍ وقيود)
(وَارْحَمْ صغَار بني يزيدٍ إِنَّهُم ... نقموا لفقدي لَا لفقد يزِيد)
(وَارْحَمْ أخيته الَّتِي تبْكي لَهُ ... وبنيةً عمرت بطول سهود)
(وَارْحَمْ فدَاك أبي وَأمي إِنَّه ... لم يبْق لي خلفٌ من الْمَفْقُود)
(فلئن طلبت عَظِيم أمرٍ جَرّه ... لتذبحن لَهُ بِكُل صَعِيد)
(أَو عدت للرحم الْقَرِيبَة بَيْننَا ... مَا جدنا من جدكم بعيد)
)
(ولتلفيني شاكراً لَك دَاعيا ... فِيمَا اصطنعت إِلَيّ غير جحود)
(أَدْعُوك يَا خير الْبَريَّة كلهَا ... فَارْحَمْ دُعَاء عبيدك المصفود)
فَأَطْلقهُ الْمهْدي فَمَكثَ قَلِيلا وَمَات أول خلَافَة الْمهْدي وَقَوله صغَار بني يزِيد يَعْنِي أَوْلَاد أَخِيه يزِيد بن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ الْبَزَّاز)
الْحسن بن مكرم أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ الْبَزَّاز روى عَنهُ الْمحَامِلِي والصفار وَجَمَاعَة وَثَّقَهُ الْخَطِيب وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ(12/171)
3 - (الْوَزير أَبُو غَالب)
الْحسن بن مَنْصُور أَبُو غَالب الْوَزير الملقب ذَا السعادتين ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة وَقتل سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
تصرف بالأهواز وَخرج إِلَى شيراز وَولي أَعمال كرمان وَصَحب فَخر الْملك أَبَا غالبٍ بالعراق واستخلفه بِبَغْدَاد وَأقَام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ أخرجه إِلَى فَارس للنَّظَر فِي الْأُمُور بِحَضْرَة السُّلْطَان سُلْطَان الدولة أبي شُجَاع فناخسرو وَخلف أَبَا الْقَاسِم جَعْفَر بن مُحَمَّد فسانجس الْوَزير وَلما قبض عَلَيْهِ ولي الوزارة مَكَانَهُ وَخرج سُلْطَان الدولة من بَغْدَاد وَأقَام على خدمَة مشرف الدولة أَخِيه
وَأخرجه مشرف الدولة مَعَ الديلم الَّذين كَانُوا مَعَ أبي مُحَمَّد بن سهلان واستأمنوا إِلَى مشرف الدولة وَأَرَادُوا الْعود إِلَى مراكزهم فَلَمَّا حصل بالأهواز عاجلوه وقتلوه وَنَادَوْا بشعار سُلْطَان الدولة
قَالَ الْوَزير أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن الْفضل بن أردشير كنت بالشيرجان مَعَ أبي غَالب ابْن مَنْصُور فاتفق أَن شربت يَوْمًا عِنْده وسكرت سكرا سَقَطت مِنْهُ شستجة كَانَت فِي كمي وفيهَا عدَّة رقاعٍ أُرِيد عرضهَا عَلَيْهِ لجَماعَة وفيهَا رقْعَة فِيهَا من الرمل
(يَا قَلِيل الْخَيْر مَأْمُون الصلف ... وَالَّذِي فِي الْبَغي قد جَازَ السَّرف)
(كن لئيماً وتواضع تحْتَمل ... أَو كَرِيمًا يحْتَمل مِنْك الصلف)
وَفِي الْأُخْرَى من الرجز
(يَا طَارق الْبَاب على عبد الصَّمد ... لَا تطرق الْبَاب فَمَا ثمَّ أحد)
)
فَأخذ الشستجة ووقف على الرّقاع وَوَقع فِي إِحْدَى الرقعتين يُطلق لَهُ ألفا دِرْهَم نَفَقَة وَفِي الْأُخْرَى يوظف لَهُ ألف دِرْهَم مشاهرة لاستقبال كَذَا وَوَقع فِي الرّقاع الْبَاقِيَة بِمَا سَأَلَهُ أَرْبَابهَا ورد الْجَمِيع إِلَى الْموضع الَّذِي نمت فِيهِ ثمَّ استدعاني من الْغَد إِلَى طَعَامه فَحَضَرت وَلم ير عِنْدِي علما بِمَا جرى فَقَالَ وقفت على شسجتك قلت لَا فَأمْسك فَلَمَّا خلوت بنفسي تَأَمَّلت الرّقاع فَوجدت مَا وَقع بِهِ فعدت إِلَيْهِ وشكرته واعتذرت عَمَّا كتبته فَقَالَ لَا تعتذر فَإنَّا نستحقه إِذْ لم نقض حَقًا وَلم نرع صاحباً
3 - (ابْن شواق)
الْحسن بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الْمُبَارك جلال الدّين ابْن شواق الإسنائي
كَانَ كَرِيمًا جواداً حَلِيمًا عَاقِلا أديباً لبيباً وَاسع الصَّدْر متواضعاً وَكَانَ بَنو السديد بإسنا يحسدونه ويعملون عَلَيْهِ فَعَلمُوا عَلَيْهِ بعض الْعَوام فَرَمَاهُ بالتشيع وَلما حضر بعض الكاشفين إِلَى إسنا حضر إِلَيْهِ شخصٌ يُقَال لَهُ عِيسَى بن إِسْحَاق وَأظْهر التَّوْبَة من الرَّفْض وأتى بِالشَّهَادَتَيْنِ وَقَالَ إِن شَيخنَا ومدرسنا فِي هَذَا جلال الدّين بن شواق فصادره الكاشف وَأخذ مَاله(12/172)
فجَاء إِلَى الْقَاهِرَة وَعرض عَلَيْهِ أَن يكون فِي ديوَان الْإِنْشَاء فَلم يفعل وَقَالَ لَا تركت أَوْلَادِي يُقَال لَهُم من بعدِي والدكم خدم وَعرض عَلَيْهِ أَن يكون شَاهد ديوَان حسام الدّين لاجين قبل السلطنة فَلم يفعل
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي أَخْبرنِي الْفَقِيه الْعدْل حَاتِم بن النفيس الإسنائي أَنه تحدث مَعَه فِي شَيْء من مَذْهَب الشِّيعَة فَحلف أَنه يحب الصَّحَابَة ويعظمهم ويعترف بفضلهم قَالَ إِلَّا أَنِّي أقدم عليا عَلَيْهِم
مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة ووفاته سنة سِتّ وَسَبْعمائة
وَمن شعره من السَّرِيع
(رَأَيْت كرماً ذاوياً ذابلاً ... وربعه من بعد خصب محيل)
(فَقلت إِذْ عاينته مَيتا ... لَا غرو أَن شقَّتْ عَلَيْهِ النخيل)
وَمِنْه من الرمل
(كَيفَ لَا يحلو غرامي وافتضاحي ... وَأَنا بَين غبوقٍ واصطباح)
)
(مَعَ رَشِيق الْقد معسول اللمى ... أسمرٍ فاق على سمر الرماح)
(جوهري الثغر ينحو عجبا ... رفع المرضى لتعليل الصِّحَاح)
(نصب الهجر على تَمْيِيزه ... وابتدا بالصد جدا فِي مزاح)
(فَلهَذَا صَار أَمْرِي خَبرا ... شاع فِي الْآفَاق بالْقَوْل الصراح)
(يَا أهيل الْحَيّ من نجدٍ عَسى ... تجبروا قلب أسيرٍ من جراح)
(لم خفضتم حَال صبٍّ جازمٍ ... مَاله نَحْو حماكم من براح)
(لَيْسَ يصغي قَول واشٍ سَمعه ... فعلى مَاذَا سَمِعْتُمْ قَول لَاحَ)
(ومحوتم اسْمه من وصلكم ... وَهُوَ فِي رسم هواكم غير صَاح)
(فلئن أفرطتم فِي هجره ... ورأيتم بعده عين الصّلاح)
(فَهُوَ لاجٍ لأولي آل العبا ... مَعْدن الْإِحْسَان طراً والسماح)
(قلدوا أمرا عَظِيما شَأْنه ... فَهُوَ فِي أَعْنَاقهم مثل الوشاح)
(أُمَنَاء الله فِي السِّرّ الَّذِي ... عجزت عَن حمله أهل الصّلاح)(12/173)
(هم مصابيح الدجى عِنْد السرى ... وهم أَسد الشرى عِنْد الكفاح)
3 - (أَبُو النجيب الْخُرَاسَانِي)
الْحسن بن مهْدي أَبُو النجيب الْعلوِي الْخُرَاسَانِي من أَعْيَان الْفُقَهَاء
ذكره القَاضِي أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الصَّدَفِي الْمَعْرُوف بِابْن سكرة فِي مشيخته وَقَالَ لَقيته بِبَغْدَاد قدمهَا وعلقت عَنهُ شَيْئا من كَلَامه إِلَّا أَن عِبَارَته لم تكن بِذَاكَ وناظر الشَّاشِي بِبَغْدَاد
3 - (ابْن مهيار الديلمي)
الْحسن بن مهيار بن مرزويه الشَّاعِر ابْن الشَّاعِر ذكره الباخرزي فِي دمية الْقصر وَأورد لَهُ من الرمل
(يَا نسيم الرّيح من كاظمةٍ ... شدّ مَا هجت البكا والبرحا)
(الصِّبَا إِن كَانَ لَا بُد الصِّبَا ... إِنَّهَا كَانَت لقلبي أروحا)
(يَا نداماي بسلعٍ هَل أرى ... ذَلِك المغبق والمصطبحا)
(اذكرونا ذكرنَا عهدكم ... رب ذكرى قربت من نزحا)
)
(اذْكروا صبا إِذا غنى بكم ... شرب الدمع ورد القدحا)
قلت كَذَا أوردهُ الباخرزي وَقَالَ أَنْشدني الأديب سلمَان النهرواني لَهُ وَالصَّحِيح أَن هَذَا الشّعْر من قصيدة لِأَبِيهِ مهيار وأولها من الرمل
(من عذيري يَوْم شَرْقي الْحمى ... من هوى جد بقلبي مزحا)
(نظرةٌ عارت فَعَادَت حسرةً ... قتل الرَّامِي بهَا من جرحا)
وَهَذِه القصيدة كتبهَا مهيار إِلَى أبي المعمر بن الْمُوفق فِي يَوْم النوروز سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد النوبختي)
الْحسن بن مُوسَى أَبُو مُحَمَّد النوبختي ابْن أُخْت أبي سهل إِسْمَاعِيل ابْن عَليّ بن نوبخت
كَانَ متكلماً فيلسوفاً فَاضلا على مَذْهَب الشِّيعَة وَكَانَ جمَاعَة للكتب نسخ بِخَطِّهِ شَيْئا كثيرا(12/174)
وَله مصنفات وتواليف فِي الْكَلَام والفلسفة مِنْهَا كتاب الآراء والديانات وَالرَّدّ على أَصْحَاب التناسخ والتوحيد وحدوث الْعَالم واختصار الْكَوْن وَالْفساد لأرسطو والاحتجاج لمعمر بن عبَادَة ونصرة مذْهبه وَكتاب الْإِمَامَة وَلم يتم
3 - (الأشيب)
الْحسن بن مُوسَى الأشيب أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الْموصل مرّة وحمص مرّة وطبرستان توفّي بِالريِّ سنة تسع وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (النصري)
الْحسن بن مَيْمُون النصري بالنُّون أحد بني نصر بن قعين بن طريف روى عَنهُ مُحَمَّد بن النطاح وَكَانَ أخبارياً عَارِفًا
ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَقَالَ لَهُ من الْكتب كتاب الدولة كتاب المآثر
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الكاغدي)
الْحسن بن نَاصِر بن أبي بكر بن باناز بن مُحَمَّد أَبُو الْمَعَالِي الْبكْرِيّ الكاغدي السَّمرقَنْدِي
قدم بَغْدَاد آخر سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَحج وَعَاد وَحدث بهَا فِي سنة تسع وأملى الحَدِيث بمشهد أبي حنيفَة وروى عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ ابْن إِسْحَاق الطيان وَأبي بكر مُحَمَّد بن نصر النحاري سمع مِنْهُ الشريف عَليّ بن مَسْعُود بن نَاصِر الْعلوِي وروى عَنهُ)
3 - (ابْن نقيش)
الْحسن بن نقيش تَصْغِير نقش بالنُّون وَالْقَاف والشين الْمُعْجَمَة أَبُو عَليّ الْمُؤَدب الْموصِلِي
أَقَامَ بِبَغْدَاد يعلم الصّبيان وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا لَهُ مدائح فِي الْوَزير أبي عَليّ بن صَدَقَة وَغَيره
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَمن شعره من المنسرح
(إِن وهبت بالحمى جآذرها ... سفك دمي لم تهب محاجرها)
(مهاً أسود الفلا تحاذر من ... لحاظها مِثْلَمَا تحاذرها)
(من كل خود خدورها أبدا ... بيض الظبى والقنا ستائرهم)
(تبرقعت بالصباح غرتها ... واعتجرت بالدجى غدائرها)
(هاجرةً لَا تزَال واصلةً ... هجرانها والوصال هاجرها)
(لوصلها فِي الضلوع نَار أسىً ... قد مازجت أدمعي سرائرها)
كَأَنَّمَا تستعير عزم جلال الدّين يَوْم الوغى محاجرها(12/175)
قلت شعرٌ متوسط وَقَوله هاجرة لَا تزَال واصلة ينظر من طرف خَفِي إِلَى قَول المتنبي من المنسرح
(ملولةٌ مَا يَدُوم لَيْسَ لَهَا ... من مللٍ دائمٍ بهَا ملل)
3 - (أَبُو مَنْصُور الْقمرِي)
الْحسن بن نوح أَبُو مَنْصُور الْقمرِي كَانَ سيد وقته وَوَاحِد زَمَانه فِي صناعَة الطِّبّ مَحْمُود الطَّرِيقَة فِي أَعمالهَا فَاضلا فِي أُصُولهَا وفروعها حسن المعالجة جيد المداواة متميزاً عِنْد الْمُلُوك
قَالَ ابْن أبي أصيبعة حَدثنِي الشَّيْخ شمس الدّين الخسروشاهي أَن الشَّيْخ ابْن سينا كَانَ قد لحق هَذَا وَهُوَ شيخ كَبِير وَكَانَ يحضر مجالسه ويلازم دروسه وانتفع بِهِ فِي صناعَة الطِّبّ
وَله من الْكتب كتاب غنى وَمنى وَهُوَ كناش حسن قد استقصى فِيهِ ذكر الْأَمْرَاض ومداواتها على أفضل مَا يكون ولخص فِيهَا جملا من أَقْوَال المتعينين فِي صناعَة الطِّبّ خُصُوصا مَعَ مَا ذكره الرَّازِيّ مفرقاً فِي كتبه وَكتاب علل الْعِلَل
3 - (نجم الدّين الهذباني الشَّافِعِي)
)
الْحسن بن هَارُون بن حسن الْفَقِيه الصَّالح نجم الدّين الهذباني الشَّافِعِي أحد أَصْحَاب محيي الدّين النَّوَوِيّ دين خير ورعٌ
سمع من ابْن عبد الدايم وَلم يحدث توفّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ كهل
أَبُو نواس الْحسن بن هَانِئ بن عبد الأول بن الصَّباح أَبُو عَليّ الْحكمِي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْكَاف الْمَعْرُوف بِأبي نواس كَانَ جده مولى الْجراح بن عبد الله الْحكمِي وَالِي خُرَاسَان
ولد أَبُو نواس بِالْبَصْرَةِ وَنَشَأ بهَا ثمَّ خرج إِلَى الْكُوفَة مَعَ والبة بن الْحباب ثمَّ صَار إِلَى بَغْدَاد هَكَذَا قَالَ مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة
وَقَالَ غَيره إِنَّه ولد بالأهواز وَنقل مِنْهَا وعمره سنتَانِ وَاسم أمه جلبان وَكَانَ أوبه من جند مَرْوَان آخر مُلُوك بني أُميَّة وَكَانَ من أهل دمشق وانتقل إِلَى الأهواز فَتزَوج بجلبان وأولدها عدَّة أَوْلَاد مِنْهُم أَبُو نواس وَأَبُو معَاذ
قَالَ أَبُو نواس فأسلمته أمه إِلَى بعض العطارين فَرَآهُ يَوْمًا والبة بن الْحباب فاستحلاه فَقَالَ لَهُ إِنِّي أرى فِيك مخايل أرى أَن لَا تضيعها وستقول الشّعْر فاصحبني أخرجك فَقَالَ لَهُ(12/176)
وَمن أَنْت قَالَ أَبُو أُسَامَة والبة بن الْحباب قَالَ نعم أَنا وَالله فِي طَلَبك وَلَقَد أردْت الْخُرُوج إِلَى الْكُوفَة بسبك لآخذ عَنْك وأسمع مِنْك شعرك فَصَارَ مَعَه وَقدم بِهِ بَغْدَاد فَكَانَ أول مَا قَالَه من الشّعْر وَهُوَ صبي من المقتضب
(حَامِل الْهوى تَعب ... يستخفه الطَّرب)
(إِن بَكَى يحِق لَهُ ... لَيْسَ مَا بِهِ لعب)
(تضحكين لاهيةً ... والمحب ينتحب)
(تعجبين من سقمي ... صحتي هِيَ الْعجب)
قَالَ إِسْمَاعِيل بن نوبخت مَا رَأَيْت قطّ أوسع علما من أبي نواس وَلَا أحفظ مِنْهُ مَعَ قلَّة كتبه وَلَقَد فتشنا منزله بعد مَوته فَمَا وجدنَا إِلَّا قمطراً فِيهِ جزارٌ مشتملٌ على غريبٍ ونحوٍ لَا غير
وَهُوَ فِي الطَّبَقَة الأولى من المولدين وشعره عشرَة أَنْوَاع وَهُوَ محيد فِي الْعشْرَة
واعتنى بِشعرِهِ جماعةٌ من الْفُضَلَاء مِنْهُم أَبُو بكر الصولي وَعلي بن حَمْزَة وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ الْمَعْرُوف بتوزون وَأجْمع هَذِه الرِّوَايَات جمع عَليّ بن حَمْزَة)
وَسمع أَبُو نواس الحَدِيث من حَمَّاد بن زيد وَعبد الرَّحْمَن بن زِيَاد وَعرض الْقُرْآن على يَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ وَأخذ اللُّغَة عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ وَأبي عُبَيْدَة ومدح الْخُلَفَاء والوزراء وَكَانَ شَاعِر عصره وترجمته فِي تَارِيخ بَغْدَاد سبع وَرَقَات
وَكَانَ يُقَال الشَّافِعِي شاعرٌ غلب عَلَيْهِ الْفِقْه وَأَبُو نواس فَقِيه غلب عَلَيْهِ الشّعْر
وَإِنَّمَا قيل لَهُ أَبُو نواس لذؤابتين كَانَتَا تنوسان على عَاتِقيهِ حدث مُحَمَّد بن كثير الصَّيْرَفِي قَالَ دَخَلنَا على أبي نواس الْحسن بن هَانِئ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ صَالح بن عَليّ الْهَاشِمِي يَا أَبَا عَليّ أَنْت الْيَوْم فِي أول يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة وَآخر يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا وَبَيْنك وَبَين الله هناتٌ فتب إِلَى الله من عَمَلك
قَالَ فَقَالَ إيَّايَ تخوف بِاللَّه ثمَّ قَالَ أسندوني حَدثنِي حَمَّاد بن سَلمَة عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل نبيٍّ شَفَاعَة وَإِنِّي اخْتَبَأْت شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي أفترى لَا أكون مِنْهُم وَقَالَ عبد الله بن صَالح الْهَاشِمِي حَدثنِي من أَثِق بِهِ قَالَ رَأَيْت أَبَا نواس فِي النّوم وَهُوَ(12/177)
فِي نعْمَة كَبِيرَة فَقلت لَهُ أَبَا نواس قَالَ نعم قلت مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَأَعْطَانِي هَذِه النِّعْمَة قلت ومم ذَاك وَأَنت كنت مخلطاً فَقَالَ إِلَيْك عني جَاءَ بعض الصَّالِحين إِلَى الْمَقَابِر فِي ليلةٍ من اللَّيَالِي فَبسط رِدَاءَهُ وصف قَدَمَيْهِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ لأهل الْمَقَابِر قَرَأَ فيهمَا ألفي مرّة قل هُوَ الله أحدٌ وَجعل ثَوَابهَا لأهل الْمَقَابِر فغفر الله لأهل الْمَقَابِر عَن آخِرهم فَدخلت أَنا فِي جُمْلَتهمْ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة أَبُو نواس للمحدثين كامرئ الْقَيْس للأولين هُوَ الَّذِي فتح لَهُم هَذِه الطّرق فِي الفطن ودلهم على هَذِه الْمعَانِي
وَقَالَ أَبُو هفان إِنَّمَا أفسد شعر أبي نواس المنحولات لِأَنَّهَا خلطت بِشعرِهِ ونسبت إِلَيْهِ فَأَما مَا يعرف من خَالص شعره رِوَايَة فَإِنَّهُ أحكم شعرٍ وأتقنه فِي مَعَانِيه وفنونه
وَقَالَ النظام كَأَنَّمَا كشف لأبي نواس عَن مَعَاني الشّعْر فَقَالَ أجوده وَاخْتَارَ أحْسنه
قلت أما قصائده فطنانة رنانة وَأما بعض المقاطيع الَّتِي تقع لَهُ وغالبها فِي المجون فَهِيَ منحطةٌ عَن طبقته وَأرَاهُ كَانَ بكر الزَّمَان فِي المجون وخفة الرّوح وَقد انْفَتح للنَّاس بابٌ لم يعهدوه فَكَانُوا إِذا اجْتَمعُوا فِي مجْلِس شراب وَقد أخذت مِنْهُ الْخمر اقترحوا عَلَيْهِ شَيْئا أَو قَالَ هُوَ شَيْئا مَشى بِهِ الْحَال فِي ذَلِك الْوَقْت فَيخرج غير منقحٍ وَلَا منقى لم تنضجه الروية)
وَلَا هذبه التفكر لقلَّة مبالاته بِهِ فيدون عَنهُ ويحفظ ويروى فَهَذَا هُوَ السَّبَب الَّذِي أرَاهُ فِي انحلال بعض شعره
وَقيل إِنَّه كَانَ لَيْلَة نَائِما إِلَى جَانب والبة بن الْحباب فانتبه فَرَآهُ وَقد انْكَشَفَ استه وَهِي بَيْضَاء حَمْرَاء فَمَا تمالك أَن قبلهَا فَلَمَّا دنا مِنْهَا أَجَابَهُ بضرطة هائلة فَقَالَ وَيلك مَا هَذَا فَقَالَ لِئَلَّا يذهب الْمثل ضيَاعًا فِي قَوْلهم مَا جَزَاء من يقبل الأستاه إِلَّا الضراط
وَكَانَ خَفِيف الرّوح نادم الْأمين وَكَانَ الْمَأْمُون يعيره بذلك وَيَقُول فِي خُرَاسَان من يكون أَبُو نواس نديمه لَا يصلح للخلافة وَلَو عَاشَ أَبُو نواس إِلَى أَن يدْخل الْمَأْمُون بَغْدَاد لَنَالَهُ مِنْهُ سوءٌ
وَله أَخْبَار وحكايات ومجاراةٌ مَعَ شعراء عصره وَتُوفِّي سنة سِتّ أَو سنة سبع أَو سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة
وَمن شعره من الْبَسِيط
(دع عَنْك لومي فَإِن اللوم إغراء ... وداوني بِالَّتِي كَانَت هِيَ الدَّاء)
(صفراء لَا تنزل الأحزان ساحتها ... لَو مَسهَا حجرٌ مسته سراء)
(من كف ذَات حرٍ فِي زِيّ ذِي ذكرٍ ... لَهَا محبان لوظيٌّ وزناء)
(قَامَت بإبريقها وَاللَّيْل معتكرٌ ... فظل من وَجههَا فِي الْبَيْت لألاء)
(فَأرْسلت من فَم الإبريق صَافِيَة ... كَأَنَّمَا أَخذهَا بِالْعقلِ إغفاء)(12/178)
(رقت عَن المَاء حَتَّى لَا يلائمها ... لطافةً وجفا عَن شكلها المَاء)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وكأسٍ كمصباح السَّمَاء شربتها ... على قبْلَة أَو موعدٍ بلقاء)
(أَتَت دونهَا الْأَيَّام حَتَّى كَأَنَّهَا ... تساقط نورٍ من فنون سَمَاء)
(ترى ضوءها من ظَاهر الكأس ساطعاً ... عَلَيْك وَلَو غطيته بغطاء)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلا دارها بِالْمَاءِ حَتَّى تلينها ... فَمَا تكرم الصَّهْبَاء حَتَّى تهينها)
(أغالي بهَا حَتَّى إِذا مَا ملكتها ... أهنت لإكرام النديم مصونها)
(وصفراء قبل المزج بَيْضَاء بعده ... كَأَن شُعَاع الشَّمْس يلقاك دونهَا)
)
(ترى الْعين تستعفيك من لمعانها ... وتحسر حَتَّى مَا تقل جفونها)
(كأنا حلولٌ بَين أكناف روضةٍ ... إِذا مَا سلبناها مَعَ اللَّيْل طينها)
(كَأَن يواقيتاً رواكد حولهَا ... وزرق سنانيرٍ تدير عيونها)
وَمِنْه من المديد
(أَيهَا المنتاب عَن عفره ... لست من ليلى وَلَا سمره)
(لَا أذود الطير عَن شجرٍ ... قد بلوت المر من ثمره)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَدَار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بهَا أثرٌ مِنْهُم جديدٌ ودارس)
(مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحَان جنيٌّ ويابس)
(أَقَمْنَا بهَا يَوْمًا وَيَوْما وثالثاً ... وَيَوْما لَهُ يَوْم الترحل خَامِس)
(تَدور علينا الراح فِي عسجديةٍ ... حبتها بأنواع التصاوير فَارس)
(قرارتها كسْرَى وَفِي جنباتها ... مهاً تدريها بالقسي الفوارس)
(فللراح مَا زرت عَلَيْهِ جيوبها ... وللماء مَا دارت عَلَيْهِ القلانس)
قلت هَذِه أبياتٌ سَار لَهَا ذكر وَصَارَ لَهَا شكرٌ بَين الأدباء أولعوا بهَا وبمعاني أبياتها
قَالَ الجاحظ نَظرنَا فِي شعر القدماء والمحدثين فَوَجَدنَا الْمعَانِي تقلب ووجدناها بَعْضًا يسترق من بعضٍ إِلَّا قَول عنترة فِي الذُّبَاب من الْكَامِل
(وخلا الذُّبَاب بهَا فَلَيْسَ ببارحٍ ... غرداً كَفعل الشَّارِب المترنم)
(هزجا يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزِّنَاد الأجذم)
وَقَول أبي نواس فِي الكأس المصورة قرارتها كسْرَى الأبيات
قلت قد ذكرت هَذِه(12/179)
الأبيات وأبيات عنترة فِي كتابي نُصرْة الثائر عَلَى الْمثل السائر وَبسطت الْكَلَام على ذَلِك وَذكرت مَا ورد للشعراء فِي ذَلِك من النَّظَائِر وَذكرت هُنَا مَا كتبه أَبُو الْحُسَيْن الجزار فِي يَوْم نوروز من الطَّوِيل
(كتبت بهَا فِي يَوْم لهوٍ وهامتي ... تمارس من أهواله مَا تمارس)
(وَعِنْدِي رجالٌ للمجون ترجلت ... عمائمهم عَن هامهم والطيالس)
(فللراح مَا زرت عَلَيْهِ جيوبها ... وللماء مَا دارت عَلَيْهِ القلانس)
)
(مساحب من جر الزقاق على الْقَفَا ... وأضغاث أنطاع جنيٌّ ويابس)
لم أر لأحد مثل هَذَا التَّضْمِين وَلَا هَذَا الاهتدام كَيفَ نقل وصف الكأس المصورة إِلَى وصف الَّذين يتصافعون يَوْم النوروز
وَمن شعر أبي نواس وَفِيه دلَالَة على أَنه كَانَ يعرف علم الْمنطق من الطَّوِيل
(أَبَاحَ الْعِرَاقِيّ النَّبِيذ وشربه ... وَقَالَ حرامان المدامة وَالسكر)
(وَقَالَ الْحِجَازِي الشرابان واحدٌ ... فَحلت لنا من بَين قوليهما الْخمر)
وَقد امتحنت بهما جمَاعَة فَمَا رَأَيْت من يعرف مَعْنَاهُمَا وَهُوَ شكلٌ من أشكال الْمنطق
3 - (ابْن الدوامي)
الْحسن بن هبة الله بن الْحسن بن عَليّ بن الدوامي أَبُو عَليّ بن أبي الْمَعَالِي أحد الْأَعْيَان الأماثل من أَوْلَاد الرؤساء
تولى حجبة الْحجاب بِبَغْدَاد وَارْتَفَعت مَنْزِلَته ورتب صَدرا بالمخزن ورد إِلَيْهِ النّظر فِي أَعماله وأضيف إِلَيْهِ الْوكَالَة للْإِمَام النَّاصِر وَلم يزل على ذَلِك على أحسن طَريقَة إِلَى أَن عزل عَن الْوكَالَة وَالنَّظَر وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن توفّي سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة
وَكَانَ صَدرا نبيلاً مهيباً غزير الْفضل محباً لأهل الْعلم وداره مجمع الأفاضل وَكَانَ يتشيع وَسمع الحَدِيث بإفادة عَمه من أبي الْفضل الأرموي
قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ
وَمن شعره من الْبَسِيط
(كم لي أرقع ثوب الْعُمر مُجْتَهدا ... وَلَا يجد سوى الخلاق من خلق)
(لم تتْرك السن من نَفسِي سوى رمقٍ ... قَلِيل لبثٍ وَمن شمسي سوى شفق)
(يفرق الْمَوْت منا كل مجتمعٍ ... وَيجمع الْحَشْر منا كل مفترق)(12/180)
3 - (ابْن الْوَزير فَخر الدولة)
الْحسن بن هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمطلب أَبُو المظفر بن الْوَزير أبي الْمَعَالِي فَخر الدولة كَانَ من الصُّدُور الْأَعْيَان ووالده وَزِير المستظهر
وَنَشَأ أَبُو المظفر فِي الرياسة والرفعة وَأُرِيد أَن يَلِي الوزارة فَلم يفعل وزهد فِي الدُّنْيَا وَرغب عَن الولايات وَأحب طَرِيق التصوف والتشبه بالقوم وَأكْثر الْحَج والمجاورة بِمَكَّة)
وَأنْفق أَمْوَاله فِي الطَّاعَات وَعمر مدرسةً لأَصْحَاب الشَّافِعِي ورباطاً للصوفية ومسجداً كَبِيرا مُتَّصِلا بهما وَأَنْشَأَ جَامعا كَبِيرا لصَلَاة الْجُمُعَة وَغَيرهَا وَبنى فِيهِ بُيُوتًا للمجاورين من الْفُقَرَاء وأجرى لَهُم الجرايات وَعمل رِبَاطًا للنِّسَاء وأوقف أَكثر أملاكه وضياعه على ذَلِك وَكَانَ ملازماً لبيته مُحْتَرما مُعظما يَقْصِدهُ النَّاس فِي منزله وَلَا يمْضِي إِلَى أحد
وَسمع الحَدِيث فِي صباه من الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد ب العلاف وَأبي عَليّ مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان الْكَاتِب وَغَيرهمَا وَحدث باليسير بعد جهدٍ شَدِيد وَامْتِنَاع وَكَانَ عسراً فِي الرِّوَايَة
وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (تَاج الدّين بن رَئِيس الرؤساء)
الْحسن بن هبة الله بن المظفر بن عَليّ بن الْحسن بن الْمسلمَة أَبُو عَليّ تَاج الدّين عَم الْوَزير أبي الْفرج مُحَمَّد بن عبد الله بن هبة الله بن رَئِيس الرؤساء
كَانَ أحد الْأَعْيَان الْفُضَلَاء ذكره أَبُو الْفتُوح عبد السَّلَام بن يُوسُف الدِّمَشْقِي فِي كتاب أنموذج الْأَعْيَان كَانَ حسن الشيم وافر الْمُرُوءَة دمث الْأَخْلَاق طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن
وَكَانَ ينظم ألغازاً بديعة من ذَلِك قَوْله فِي القفل من الْكَامِل
(أَخَوان مَا افْتَرقَا إِذا اجْتمعَا ... إِلَّا بثالثهم من الْجِنْس)
(قد وكلا بِالْحِفْظِ مذ خلقا ... وَكِلَاهُمَا بعدا من الْحس)
وَقَوله فِي الناعورة من المجتث
(وَذي عُيُون يُغني ... بأنةٍ وزفير)
(ويستهل بدمعٍ ... من الْعُيُون غزير)
(كَأَنَّهُ حِين يَبْدُو ... أهلةٌ من بدور)
3 - (ابْن البوقي الشَّافِعِي)
الْحسن بن هبة الله بن يحيى بن الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْبَاقِي بن البوقي أَبُو عَليّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الوَاسِطِيّ
كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْكِبَار سديد الْفَتَاوَى حَافِظًا لمَذْهَب الشَّافِعِي حسن المناظرة حُلْو المجالسة
قدم بَغْدَاد شَابًّا وَسمع الحَدِيث من أبي زُرعة طَاهِر بن مُحَمَّد الْمَقْدِسِي وَأبي الْفَتْح(12/181)
بن البطي)
وَعبد الله بن الْحُسَيْن بن الطَّاهِر الْوزان ثمَّ قدمهَا بعد ذَلِك وروى بهَا شَيْئا يَسِيرا وَتُوفِّي بواسط سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الحاقظ ابْن صصرى)
الْحسن بن هبة الله بن أبي البركات مَحْفُوظ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن ابْن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن صصرى الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو الْمَوَاهِب بن أبي الْغَنَائِم الربعِي التغلبي الْبَلَدِي الدِّمَشْقِي الْمعدل
ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ اسْمه أَولا نصر الله فَغَيره بالْحسنِ
سمع بِدِمَشْق جده والفقيه نصر الله بن مُحَمَّد المصِّيصِي وعبدان بن رزين الْمُقْرِئ وَعلي بن حيدرة الْعلوِي وَنصر بن أَحْمد بن مقَاتل وَالْحُسَيْن ابْن البن الْأَسدي وَأَبا يعلى بن الحبوبي وَأَبا المظفر الفلكي وَحَمْزَة بن كروس وخلقاً كثيرا وَلزِمَ أَبَا الْقَاسِم الْحَافِظ فَأكْثر عَنهُ وَتخرج بِهِ وعني بِهَذَا الشَّأْن أتم عناية
ورحل وَسمع بحماة الْحجَّة مُحَمَّد بن ظفر وبحلب أَبَا طالبٍ بن العجمي وَابْن ياسرٍ الجياني وبالموصل الْحسن بن عَليّ الكعبي وَغَيره وببغداد هبة الله بن الْحسن الدقاق وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي بن البطي وَيحيى بن ثَابت وشهدة الكاتبة وَجَمَاعَة وبهمذان أَبَا الْعَلَاء الْعَطَّار الْحَافِظ وبإصبهان مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَا شاذه صَاحب سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ وَغَيرهمَا وبتبريز مُحَمَّد بن أسعد العطاردي حفدة أَو لقِيه بالموصل
وصنف التصانيف وَجمع المعجم لنَفسِهِ فِي سِتَّة عشر جُزْءا وصنف فَضَائِل الصَّحَابَة وفضائل الْقُدس وعوالي ابْن عُيَيْنَة وجزءاً فِي رباعيات التَّابِعين
وَأطيب بكتبه فَإِنَّهَا احترقت بالكلاسة ثمَّ وقف بعد ذَلِك خزانَة أُخْرَى
وَكَانَ ثِقَة مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة لين الْجَانِب سَمحا كَرِيمًا عَاشَ تسعا وَأَرْبَعين سنة وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه الْحُسَيْن فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الشَّمْس الإدفوي)
الْحسن بن هبة الله بن عبد السَّيِّد شمس الدّين الإدفوي كَانَ حسن الْأَخْلَاق خَفِيف الرّوح لطيفاً قَلِيل الْغَيْبَة إِذا نقل عَن أحدٍ شَيْء أَوله وَحمله على وجهٍ حسن)
حفظ الْمِنْهَاج للنووي وَسمع من أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن أَحْمد الدشناوي وَكَانَ أديباً شَاعِرًا
أَقَامَ بإسنا سنتَيْن ثمَّ أَقَامَ بقوص إِلَى أَن مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين وَسَبْعمائة بعد أَن انخلع(12/182)
من الخلاعة وَالْتزم بالأشغال وَالْعلم وَالصَّلَاح وَدخل إِلَى مصر وَحضر الدُّرُوس وَكَانَ يعرف شَيْئا من الموسيقى
وَمن شعره فِيمَن وَقع على نصفيته حبر من الْكَامِل
(جَاءَ الْبَهَاء إِلَى الْعُلُوم مبادراً ... مَعَ مَا حوى من أجره وثوابه)
(ملئت صحائفه بَيَاضًا ساطعاً ... غَار السوَاد فشن فِي أثوابه)
وَمِنْه من الْكَامِل
(إِن المليحة والمليح كِلَاهُمَا ... حضرا ومزمارٌ هُنَاكَ وعود)
(وَالرَّوْض فتحت الصِّبَا أكمامه ... فَكَأَنَّهُ مسك يفوح وعود)
(ومدامة تجلو الهموم فبادروا ... واستغنموا فرص الزَّمَان وعودوا)
3 - (أَبُو مُحَمَّد بن الصابي الْكَاتِب)
الْحسن بن هِلَال بن مُحَمَّد بن هِلَال بن المحسِّن بن إِبْرَاهِيم بن الصابي أَبُو مُحَمَّد بن أبي الْحُسَيْن بن أبي الْحسن الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ من بَيت رياسة وبلاغة وَكِتَابَة كَانَ وَالِده يعرف بالأشرف
سمع أَبَا غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الْبَقَّال وَأَبا بكر أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وَأَبا الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون النَّرْسِي وَغَيرهم وَسمع مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بن الخشاب
قَالَ محب الدّين بن النجار وَحدثنَا عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن الْأَخْضَر وَكَانَ أديباً فَاضلا يَقُول الشّعْر توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَقَالُوا كريمٌ والأقاويل جمة ... وأكثرها يَا جاهلون سقيم)
(كَمَا قيل فِي أَرض الْهَلَاك مفازةٌ ... وَقيل لملدوغ الصلال سليم)
قلت يشبه قَول إِبْرَاهِيم الْغَزِّي يهجو من الوافر
(كَمَال سميرمٍ للْملك نقصٌ ... كَمَا سميت مهلكةً مفازه)
(لَئِن رفعت محلته اللَّيَالِي ... فكم رفعت على كتفٍ جنازه)
)
3 - (الْحسن بن وصيف)
الْحسن بن وصيف مولى عَليّ بن الجهم الشَّاعِر كَانَ قد رباه مَوْلَاهُ وَرَوَاهُ شعره وروى عَنهُ مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح(12/183)
3 - (ابْن العريف النَّحْوِيّ الْقُرْطُبِيّ)
الْحسن بن الْوَلِيد أَبُو الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِابْن العريف النَّحْوِيّ المغربي صنع لوَلَدي الْمَنْصُور أبي عَامر مَسْأَلَة فِيهَا من الْعَرَبيَّة مِائَتَا ألف وجهٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ ألف وجهٍ وثمانيةٌ وَسِتُّونَ وَجها وَهِي ضرب الضَّارِب الشاتم الْقَاتِل محبك وادك قاصدك معجباً خَالِدا وسرد ذَلِك وَعلله وبرهنه وَقد أثبتها فِي الْجُزْء الْحَادِي عشر من التَّذْكِرَة
وَخرج إِلَى مصر فِي أَوَاخِر عمره وَرَأس فِيهَا وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (أَبُو عَليّ الجويمي)
الْحسن بن وهب بن الْحسن أَبُو عَليّ الجويمي الْفَارِسِي قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا
سمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن عَليّ الْأنمَاطِي ابْن بنت السكرِي
وَكَانَ أديباً شَاعِرًا مدح الْمُقْتَدِي بِاللَّه ووزيره أَبَا مَنْصُور بن جهير ونظام الْملك وروى عَنهُ أَبُو البركات بن الطوسي
وَمن شعره فِي نظام الْملك من الطَّوِيل
(وَقد جِئْت أستقيك من أَرض بابلٍ ... وأشتام برق الْعَارِض المتألف)
(فَإِن سقت لي سقيا وَإِلَّا فَلم أكن ... بِأول من شام البروق وَمَا سقِِي)
(إِذا كنت عوني عِنْد كل ملمة ... فَقل لزماني مَا بدا لَك فأبرق)
(فَإِن ورائي من يفل شباته ... وَيدْفَع عني والأسنة تلتقي)
قلت شعر متوسط
3 - (الْكَاتِب الْمَشْهُور)
الْحسن بن وهب بن سعيد بن عَمْرو بن حُصَيْن بن قيس بن قنان بن مَتى الْحَارِثِيّ أَبُو عَليّ الْكَاتِب
كَانَ يذكر أَنه من ولد الْحَارِث بن كَعْب وَهُوَ معرق فِي الْكِتَابَة فآباؤه وأجداده كلهم كتبةٌ فِي الدولتين الأموية والعباسية)
وَكَانَ الْحسن يكْتب بَين يَدي مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الزيات ثمَّ إِنَّه ولي ديوَان الرسائل وَولي بعض الْأَعْمَال بِدِمَشْق وَبهَا مَاتَ وَهُوَ يتَوَلَّى الْبَرِيد آخر أَيَّام المتَوَكل ومولده سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة(12/184)
قَالَ المرزباني بَنو وهب أصلهم نَصَارَى من حضر سَابُور تعلقوا بنسبٍ فِي الْيمن فِي بني الْحَارِث بن كَعْب وَكَانَ عبيد الله وَابْنه الْقَاسِم يدفعان ذَلِك وَكتب الْحسن إِلَى أَخِيه سُلَيْمَان وَقد نكبه الواثق من الْكَامِل
(اصبر أَبَا أَيُّوب صبرا يرتضى ... فَإِذا جزعت من الخطوب فَمن لَهَا)
(الله يفرج بعد ضيقٍ كربها ... ولعلها أَن تنجلي ولعلها)
وَكَانَ الْحسن جعل على نَفسه أَن لَا يَذُوق طيبا وَلَا يشرب شرابًا حَتَّى يتَخَلَّص أَخُوهُ سُلَيْمَان ووفى بذلك
وَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان يَوْمًا أَرَاك الْيَوْم فَارغًا متخلياً قَالَ نعم وَلذَلِك لَا أعده من عمري ثمَّ قَالَ من الطَّوِيل
(إِذا كَانَ يومي يَوْم غير مدامةٍ ... وَلَا يَوْم فتيانٍ فَمَا هُوَ من عمري)
(وَإِن كَانَ معموراً بعودٍ وقهوةٍ ... فَذَلِك مسروقٌ من الدَّهْر)
وَكَانَ الْحسن أَشد النَّاس شغفاً بنبات جَارِيَة مُحَمَّد بن حَمَّاد كَاتب رَاشد لَا يعد من عمره يَوْمًا لَا يَرَاهَا فِيهِ فَكَانَ يَوْمًا عِنْدهَا وَهِي تغني بَين يَدَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ كانونٌ فِيهِ نارٌ فتأذت بالنَّار فَأمرت أَن تنحى عَنْهَا فَقَالَ الْحسن من الْكَامِل
(بِأبي كرهت النَّار حَتَّى أبعدت ... فَعلمت مَا معناك فِي إبعادها)
(هِيَ ضرةٌ لَك بالتماع ضيائها ... وَبِحسن صورتهَا لَدَى إيقادها)
(وَأرى صنيعك فِي الْقُلُوب صنيعها ... بأراكها وسيالها وعرادها)
(شركتك فِي كل الْجِهَات بحسنها ... وضيائها وصلاحها وفسادها)
وَقَالَ من المنسرح
(جراك عفوي على الذُّنُوب فَمَا ... تخَاف عِنْد الذُّنُوب إعراضي)
(أَشد يَوْمًا أكونه غَضبا ... عَلَيْك فالقلب ضاحكٌ رَاض)
(أَنْت أميرٌ عَليّ مقتدرٌ ... حكمك فِي قبض مهجتي مَاض)
)
(والخصم لَا يرتجى الْفَلاح لَهُ ... يَوْمًا إِذا كَانَ خَصمه القَاضِي)
وَقَالَ فِي نَبَات وَقد أفسدها الْحسن بن مخلد من الْكَامِل
(إِن يمس بَيْتك يَا حَبِيبَة بذلةً ... لبما يحجب مرّة ويصان)
(لما أَبَاحَ اللَّيْث غابة عرسه ... طن البعوض وزمزم الذبان)
وَقَالَ من السَّرِيع
(ابك فَمن أيسر مَا فِي البكا ... لِأَنَّهُ للوجد تسهيل)
(وَهُوَ إِذا أَنْت تأملته ... حزنٌ على الْخَدين محلول)(12/185)
وزارته يَوْمًا نَبَات جَارِيَة ابْن حَمَّاد وشرطت عَلَيْهِ أَن تَنْصَرِف وَقت الْعَتَمَة فَلَمَّا أقبل اللَّيْل كتب إِلَى مُؤذن على بَاب دَاره من الْخَفِيف
(قل لداعي الصَّلَاة أخر قَلِيلا ... قد قضينا حق الصَّلَاة طَويلا)
لَيْسَ فِي سَاعَة تؤخرها إِثْم تجازى بِهِ وتحيي قَتِيلا
(وتراعي حق الْمَوَدَّة فِينَا ... وتعافى من أَن تكون ثقيلا)
فَحلف الْمُؤَذّن أَن لَا يُؤذن عتمةً شهرا
حكى الصولي فِي أخباره قَالَ كَانَ أَبُو تَمام يعشق غُلَاما خزرياً لِلْحسنِ ابْن وهب وَكَانَ الْحسن يعشق غُلَاما رومياً لأبي تَمام فَرَآهُ يعبث بغلامه فَقَالَ وَالله لَئِن سرت إِلَى الرُّومِي لأسيرن إِلَى الخزري فَقَالَ الْحسن لَو شِئْت حكمتنا واحتكمت فَقَالَ لَهُ أَبُو تَمام أَنا أشبهك بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وأشبهني أَنا بخصمه فَقَالَ الْحسن لَو كَانَ هَذَا منظوماً فَقَالَ أَبُو تَمام من جملَة أَبْيَات من الْبَسِيط
(أذكرتني أَمر دَاوُد وَكنت فَتى ... مصرف الْقلب فِي الْأَهْوَاء والفكر)
(أعندك الشَّمْس تزهي فِي مطالعها ... وَأَنت مشتغل الأفكار بالقمر)
(إِن أَنْت لم تتْرك السّير الحثيث إِلَى ... جآذر أعنقنا إِلَى الخزر)
(وَرب أمنع مِنْهُ جانباً وَحمى ... أَمْسَى وتكته مني على خطر)
(جردت فِيهِ جيوش الْعَزْم فَانْكَشَفَتْ ... عَنهُ غياهبها عَن سكةٍ هدر)
(أَنْت الْمُقِيم فَمَا تَغْدُو رواحله ... وأيره أبدا مِنْهُ على سفر)
وَقيل لأبي تَمام غلامك أطوع لِلْحسنِ بن وهب من غُلَامه لَك قَالَ أجل لِأَن غلامي يجد)
عِنْده مَالا وَأَنا أعطي غُلَامه قيلاً وَقَالا
وَكَانَ ابْن الزيات وقف على مَا بَينهمَا فِي غلاميهما فاتفق أَن عزم يَوْمًا غُلَام أبي تَمام على الاحتجام فَكتب إِلَى الْحسن بن وهب يُعلمهُ بذلك ويستدعيه مطبوخاً فَوجه إِلَيْهِ بِمِائَة دنٍّ وَمِائَة دِينَار وَكتب إِلَيْهِ من الْخَفِيف
(لَيْت شعري يَا أَمْلَح النَّاس عِنْدِي ... هَل تداويت بالحجامة بعدِي)
(دفع الله عَنْك لي كل سوءٍ ... باكرٍ رائحٍ وَإِن خُنْت عهدي)
(قد كتمت الْهوى بأبلغ جهدي ... فَبَدَا مِنْهُ غير مَا كنت أبدي)
وخلعت العذار إِذْ علم النَّاس بِأَنِّي إياك أصفي بودي فليقولوا بِمَا أَحبُّوا إِذا كنت وصُولا وَلم ترعني بصد وَاتفقَ أَن وضع الرقعة تَحت مصلاة وَبلغ مُحَمَّد بن الزيات خَبَرهَا فَوجه إِلَى الْحسن من(12/186)
يشْغلهُ بِالْحَدِيثِ وَأمر من جَاءَهُ بِتِلْكَ الرقعة ففكها وَقرأَهَا وَكتب فِيهَا على لِسَان أبي تَمام الطَّائِي من الْخَفِيف
(لَيْت شعري عَن لَيْت شعري هَذَا ... أبهزلٍ تَقوله أم بجد)
(فلئن كنت فِي الْمقَال مجداً ... يَا ابْن وهب لقد تظرفت بعدِي)
وتشبهت بِي وَكنت أرى أَنِّي أَنا العاشق المتيم وحدي لَا أحب الَّذِي يلوم وَإِن كَانَ حَرِيصًا على صلاحي وزهدي بل أحب الْأَخ المشارك فِي الْحبّ وَإِن لم يكن بِهِ مثل وجدي
(كنديمي أبي عليٍّ وحاشا ... لنديمي من مثل شقوة جدي)
(إِن مولَايَ عبد غَيْرِي وَلَوْلَا ... شُؤْم جدي لَكَانَ مولَايَ عَبدِي)
وَمِنْه من مجزوء الرمل كثر الشَّرّ وَقل الْخَيْر حَتَّى سَاءَ ظَنِّي ونبا الدَّهْر كَأَن الدَّهْر قد أوحش مني فَهُوَ يرميني بإعراض وَصد وتجني لَيْسَ لي مِنْهُ وَإِن طَال سوى روح التَّمَنِّي عجبا من سَعَة الرزق الَّذِي قد ضَاقَ عني)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب)
الْحسن بن يحيى بن عمَارَة أَبُو مُحَمَّد الْكَاتِب كَانَ شَيخا نبيلاً كَاتبا أديباً يتَوَلَّى الْكِتَابَة فِي أَعمال نهر عِيسَى
سمع شَيْئا من الحَدِيث النَّبَوِيّ من أبي زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد طَاهِر الْمَقْدِسِي والوزير أبي المظفر يحيى بن هُبَيْرَة قَالَ محبُّ الدّين بن النجَّار وَمَا أظنُّه روى شَيْئا وَلم يتَّفق لي أَن أكتب عَنهُ شَيْئا وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق متودداً مضيء الْوَجْه وَأورد لَهُ من الطَّوِيل
(فَخر الورى من عاف كل دنية ... وَكَانَ بِمَا دون الْعلَا غير قَانِع)
(وأضرم نَار الْجُود فِي كل غاسقٍ ... ليهدي إِلَيْهَا كل عافٍ وقانع)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(ركبت مطا الْيَأْس المريح فَسَار بِي ... إِلَى الْعِزّ لَا يلوي بذل المطامع)
(فَمن شَاءَ عزا لَا بيَدي ومنعةً ... تزيد فيعلو متن هَذَا المطا معي)(12/187)
توفّي سنة أَربع وسِتمِائَة
3 - (أَبُو بكر الْمُقْرِئ)
الْحسن بن يحيى بن قيس أَبُو بكر الْمُقْرِئ
سمع أَبَا بكر عبد الله بن سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي وَحدث بمختصر عمر بن الْحُسَيْن الْخرقِيّ فِي الْفِقْه عِلّة مَذْهَب ابْن حَنْبَل
سمع مِنْهُ أَبُو عبد الله بن حَامِد الْفَقِيه وَأَبُو طَالب مُحَمَّد بن عَليّ العشاري وَغَيره
3 - (ابْن روبيل)
الْحسن بن يحيى بن روبيل براءٍ بعْدهَا وَاو وَبعدهَا بَاء ثَانِيَة الْحُرُوف وياء آخر الْحُرُوف وَلَام أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الْأَبَّار
كَانَ يَبِيع الإبر فِي دكانه وَكَانَ صَالحا ناسكاً لَا يشرب الْخمر وَلَا يقرب مُنْكرا وَكَانَ مَعَ ذَلِك مغرىً بِهِجَاء زَوجته لِأَنَّهَا أشارت عَلَيْهِ أَن يمدح كَبِيرا فَمَا نفع فهجاه فَقَالَ لَوْلَا زَوْجَتي لما صفعت وَلَوْلَا تغريرها بِي لما وَقعت)
وَأورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب من السَّرِيع
(لي قطة أنظف من زَوْجَتي ... ودبرها انظف من فِيهَا)
(وكل مَا صوره رَبنَا ... من الْخَنَا رَكبه فِيهَا)
وَقَالَ وَكَانَ يسكن درب صَامت بِدِمَشْق من مجزوء الْكَامِل
(فِي درب صَامت قحبةٌ ... قد أشبعت كل المدينه)
(وَلها أخٌ فِي رَأسه ... قرنٌ وَلَا صاري سَفِينِهِ)
(يرضى بِمَا ترْضى بِهِ ... وَيبِيع عنبلها بتينه)
(لَو كَانَ سلمانٌ يعي ... ش لما رَضِي من ذَا بسينه)
وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الْبَنْدَنِيجِيّ)
الْحسن بن يحيى بن مُحَمَّد بن تَمِيم بن الْحُسَيْن أَبُو مُحَمَّد الْبَنْدَنِيجِيّ الْبَغْدَادِيّ معلم كتاب
قَرَأَ شَيْئا من الْأَدَب على أبي مُحَمَّد بن الخشاب النَّحْوِيّ وَغَيره توفّي سنة سِتّمائَة
وَأورد لَهُ محب الدّين بن النجار قَالَ قَالَ ذَلِك ارتجالاً وَهُوَ متمسك بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة من الْخَفِيف
(يَا إلهي يَا غَافِر الذَّنب يَا مس ... دي العطايا يَا دَائِم الْإِحْسَان)
عَبدك المسرف المفرط يَدْعُوك بذلٍّ خوفًا من النيرَان(12/188)
(وَهُوَ مستمسكٌ ببيتك يَرْجُو ... رَحْمَة مِنْك مَعَ بُلُوغ الْأَمَانِي)
(فَاغْفِر الْآن ذَنبه واعف عَنهُ ... وَتصدق عَلَيْهِ بالرضوان)
3 - (أَبُو صَادِق الْمصْرِيّ)
الْحسن بن يحيى بن صباح بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو صَادِق الْقرشِي المَخْزُومِي الْمصْرِيّ الْكَاتِب نشء الْملك
كَانَ عدلا دينا صَالحا سمع من الْفَقِيه عبد الله بن رِفَاعَة وَأَجَازَ لَهُ وَهُوَ آخر أَصْحَابه
كَانَ يبْقى سِتَّة أشهر لَا يشرب المَاء قَالَ ابْن الْحَاجِب قلت لَهُ تركته لِمَعْنى قَالَ لَا أشتهيه
توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بِدِمَشْق وَدفن بِالْجَبَلِ وَكَانَ قد استوطن دمشق بعد التسعين وَخَمْسمِائة وَشهد بهَا)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أَظُنهُ كَانَ من شُهُود الخزانة وروى عَنهُ الضياء وَابْن خَلِيل والبرزالي وَجَمَاعَة من الْحفاظ والعلامة جمال الدّين بن مَالك النَّحْوِيّ وَغَيرهم
قلت أما كَونه كَانَ لَا يَشْتَهِي المَاء فَهُوَ دَلِيل على أَن كبده كَانَ ريا كثير الرُّطُوبَة بَارِدَة المزاج فَلَا تحْتَاج إِلَى المَاء لِأَن المَاء لَيْسَ لَهُ حظٌ فِي غذَاء الْجَسَد إِنَّمَا هُوَ لبذرقة الطَّعَام
وَلابْن مندويه الطَّبِيب وَغَيره رِسَالَة فِي أَن المَاء لَا يغذو وَقد رَأَيْت الْأَمِير فَخر الدّين بن الشَّمْس لُؤْلُؤ يبْقى أَرْبَعَة أَيَّام وَخَمْسَة أَيَّام لَا يشرب المَاء وَإِن شربه فَيكون قَلِيلا إِلَى الْغَايَة بعد الْخَمْسَة أَيَّام
3 - (سني الدولة الْكَاتِب ابْن الْخياط)
الْحسن بن يحيى بن مُحَمَّد الْخياط هُوَ سني الدولة أَبُو مُحَمَّد وَهُوَ ابْن أخي الشَّاعِر الدِّمَشْقِي
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب لقِيت وَلَده واستنشدته من شعر وَالِده فَذكر أَن يَده فِي النّظم قَصِيرَة ودرر فضائله عِنْده كَثِيرَة وَكتب لي من نثر وَالِده فصلٌ فِي جَوَاب مهزوم وصل كِتَابه فَأَما سَلَامَته فَلم نستبعدها وَلَا تعجبنا مِنْهَا إِذْ لم يقتحم الْحَرْب وَلَا بَاشر الطعْن وَالضَّرْب وَلَا لبث فِي حومتها إِلَّا بِقدر مَا شَاهد المنايا الْحمر والسود ورجالاً يفترسون الْأسود حَتَّى عاذ بالفرار وطار بِهِ الْخَوْف كل مطار وتجلل ملابس الخزي والعار وَأسلم من كَانَ مَعَه لأيدي الحتوف وأنياب الصروف وظبى السيوف وَأما دَلِيل الْوَعْد والتهديد فَإنَّا أَحَق بِأَن نطول ونصول ونوعد بالإقدام والوصول وَلكم بَين من منحه الله عقائل النَّصْر وصفاياه وخصائصه ومزاياه وَبَين من(12/189)
رَاح مُنْهَزِمًا مكلوماً معنفاً من جماعته ملوما وَكَانَ الأولى أَن يُبْدِي مَا عِنْده من القلق والعويل والأسف
3 - (الْحسن الْبَصْرِيّ)
الْحسن بن يسَار الْبَصْرِيّ الْفَقِيه الْقَارئ الزَّاهِد العابد سيد زَمَانه إِمَام أهل الْبَصْرَة بل إِمَام أهل الْعَصْر
ولد بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى وَعشْرين فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت أمه خيرة مولاة لأم سَلمَة فَكَانَت تذْهب لمولاتها فِي حَاجَة وتشاغله أم سَلمَة بثديها فَرُبمَا در عَلَيْهِ ثمَّ نَشأ بوادي الْقرى
سمع من عُثْمَان وَهُوَ يخْطب وَشهد يَوْم الدَّار وَرَأى طَلْحَة وعلياً وروى عَن عمرَان بن)
حُصَيْن والمغيرة بن شُعْبَة وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَأبي بكرَة والنعمان بن بشير وجندب بن عبد الله وَسمرَة بن جُنْدُب وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَمْرو بن ثَعْلَب وَعبد الله بن عَمْرو وَمَعْقِل بن يسَار وَأبي هُرَيْرَة وَالْأسود بن سريع وَأنس بن مَالك وَخلق كثير من الصَّحَابَة وكبار التَّابِعين كالأحنف بن قيس وحطان الرقاشِي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَصَارَ كَاتبا فِي إمرة مُعَاوِيَة للربيع بن زِيَاد مُتَوَلِّي خُرَاسَان ومناقبه كَثِيرَة ومحاسنه غزيرة
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ يُدَلس وَيُرْسل وَيحدث بالمعاني وَكَانَ رَأْسا فِي الْعلم والْحَدِيث إِمَامًا مُجْتَهدا كثير الِاطِّلَاع رَأْسا فِي الْقُرْآن وَتَفْسِيره رَأْسا فِي الْوَعْظ والتذكير رَأْسا فِي الْحلم وَالْعِبَادَة رَأْسا فِي الزّهْد والصدق رَأْسا فِي الفصاحة والبلاغة رَأْسا فِي الأيد والشجاعة
روى الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه قَالَ مَا رَأَيْت زنداً أعظم من زند الْحسن الْبَصْرِيّ كَانَ عرضه شبْرًا
وَقد نسبه قوم إِلَى القَوْل بِالْقدرِ حدث حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب قَالَ لَا أعلم أحدا يَسْتَطِيع أَن يعيب الْحسن الْبَصْرِيّ إِلَّا بِهِ وَأَنا نازلته فِي الْقدر غير مرّة حَتَّى خوفته السُّلْطَان فَقَالَ لَا أَعُود فِيهِ بعد الْيَوْم وَقد أدْركْت الْحسن وَالله وَمَا يَقُوله
وَقَالَ أَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي فِي كتاب طَبَقَات النساك كَانَ يجلس إِلَى الْحسن طائفةٌ من هَؤُلَاءِ وَهُوَ يتَكَلَّم فِي الْخُصُوص حَتَّى نسبه الْقَدَرِيَّة إِلَى الْجَبْر وَتكلم فِي الِاكْتِسَاب حَتَّى نسبوه إِلَى الْقدر كل ذَلِك لافتنانه وتفاوت النَّاس عِنْده وَهُوَ بَرِيء من الْقدر وَمن كل بِدعَة
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ الْخَيْر بقدرٍ وَالشَّر لَيْسَ بقدرٍ هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمد بن عَليّ الْأَبَّار فِي تَارِيخه(12/190)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هَذِه هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا الْحسن ثمَّ أَفَاق على نَفسه وَرجع عَنْهَا
وَمَات الْحسن لَيْلَة الْجُمُعَة وغسله أَيُّوب وَحميد وَأخرج حِين انْصَرف النَّاس وازدحموا عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَت النَّاس صَلَاة الْعَصْر لم تصل فِي جَامع الْبَصْرَة وَكَانَ توفيه سنة عشر وَمِائَة وعمره تسعٌ وَثَمَانُونَ سنة وَقيل ستٌّ وَتسْعُونَ سنة
حدث أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كَانَ بَين الْحسن الْبَصْرِيّ وَبَين ابْن سِيرِين هِجْرَة فَكَانَ إِذا ذكر ابْن سِيرِين عِنْد الْحسن يَقُول دَعونَا من ذكر الحاكة وَكَانَ بعض أهل)
ابْن سِيرِين حائكاً فَرَأى الْحسن فِي مَنَامه كَأَنَّهُ عريانٌ وَهُوَ قائمٌ على مزبلة يضْرب بِالْعودِ فَأصْبح مهموماً برؤياه فَقَالَ لبَعض أَصْحَابه امْضِ إِلَى ابْن سِيرِين فَقص عَلَيْهِ رُؤْيَايَ على أَنَّك أَنْت رَأَيْتهَا فَدخل على ابْن سِيرِين وَذكر لَهُ الرُّؤْيَا فَقَالَ ابْن سِيرِين قل لمن رأى هَذِه الرُّؤْيَا لَا تسْأَل الحاكة عَن مثل هَذَا فَأخْبر الرجل الْحسن بمقالته فَعظم لَدَيْهِ وَقَالَ قومُوا بِنَا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ ابْن سِيرِين قلم إِلَيْهِ وتصافحا وَسلم كل واحدٍ مِنْهُمَا على صَاحبه وجلسا يتعاتبان فَقَالَ الْحسن دَعْنَا من هَذَا فقد شغلت الرُّؤْيَا قلبِي
فَقَالَ ابْن سِيرِين لَا تشغل قَلْبك فَإِن العري عريٌ من الدُّنْيَا لَيْسَ عَلَيْك مِنْهَا علقَة وَأما المزبلة فَهِيَ الدُّنْيَا وَقد انكشفت لَك أحوالها فَأَنت ترَاهَا كَمَا هِيَ فِي ذَاتهَا وَأما ضربك بِالْعودِ فَإِنَّهُ الْحِكْمَة الَّتِي تَتَكَلَّم بهَا وَينْتَفع بهَا النَّاس
فَقَالَ لَهُ الْحسن فَمن أَيْن لَك أَنِّي أَنا رَأَيْت هَذِه الرُّؤْيَا قَالَ ابْن سِيرِين لما قصها عَليّ فَكرت فَلم أر أحدا يصلح أَن يكون رَآهَا غَيْرك
وَقَالَ رجل لِابْنِ سِيرِين قبل موت الْحسن رَأَيْت كَأَن طائراً أَخذ أحسن حصاةٍ بِالْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْن سِيرِين إِن صدقت رُؤْيَاك مَاتَ الْحسن فَلم يكن غير قَلِيل حَتَّى مَاتَ الْحسن وَلم يحضر ابْن سِيرِين جنَازَته لشَيْء كَانَ بَينهمَا ثمَّ توفّي ابْن سِيرِين بعده بِمِائَة يَوْم
3 - (أَبُو سعد التجِيبِي)
الْحسن بن يَعْقُوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو بكر الأديب ابْن الأديب أَبُو سعد التجِيبِي
كَانَ شَيخا فَاضلا مليح الْخط مَقْبُول الظَّاهِر حسن الْجُمْلَة ووالده الأديب صَاحب التصانيف
وَكَانَ أستاذ أهل نيسابور فِي عصره غالياً فِي مَذْهَب الاعتزال دَاعيا إِلَى الشِّيعَة
سمع أَبَا يَعْقُوب وَأَبا نصر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي أَحْمد التَّاجِر وَالسَّيِّد أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن عبد الله الحسني وَأَبا سعيد مَسْعُود بن نَاصِر بن أبي زيد السجْزِي الْحَافِظ وَكَانَ يكْتب الحَدِيث بِخَطِّهِ وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة بنيسابور
قَالَ وَالِده يَعْقُوب بَعْدَمَا أنْشد أبياتاً سَوف تَأتي فِي تَرْجَمَة وَالِده يَعْقُوب واقتدى بِي ابْني الْحسن حبرَة الله فَقَالَ وأجاد من الطَّوِيل(12/191)
(أعد عِلّة الْأَحْوَال مني صَحِيحَة ... وضاعف نداك الْغمر تنقص بِهِ فقري)
(وبدد صروف الدَّهْر قبل التفافها ... على جَوف مَهْمُوز الْفُؤَاد من الضّر)
)
قلت يُرِيد بذلك ألقاب الْأَفْعَال الْمَشْهُورَة وَهِي الصَّحِيح والمضاعف والمنقوص والمعتل والأجوف والمهموز واللفيف
وَكتب الْحسن إِلَى الباخرزي من الوافر
(نظامك مسكرٌ لَا الراح صرفا ... ونثرك لؤلؤٌ لَا مَا ينظم)
(فَإِن تنظم فسحرٌ بابليٌّ ... وَإِن تنثر فمنثورٌ وأنعم)
(عَليّ بقيت للعلياء تُكْسَى ... لِبَاس الْأَمْن فِي عيشٍ منعم)
وَقَالَ فِي أوحال نيسابور من المديد
(قل لمن يعذلني فِي انحجازي ... بعد أَن شاد الشتَاء رواقه)
(لَا تلمني فِي لزومي لبيتي ... إِن عومي فِي الخرا لحماقه)
قَالَ الباخرزي وَلم يزل يقرع سَمْعِي مَا بنيت عَلَيْهِ نيسابور من رهل التربة وابتلاع طينها رجل الْمَاشِي من الأخمص إِلَى الرّكْبَة حفائر حاشى الْوُجُوه تذكر قَارون وبليةً وَالْعِيَاذ بِاللَّه مِنْهَا تعيا الْقُرُون ووحلاً بلغ منْكب خائضه فالتحفه وأودع الْقلب مصحفه ودجناً يزم فِي الْهَوَاء كل سَارِيَة كلفا إِذا حلقت ألصقت بأشراف الْكَوَاكِب سنامها وَإِذا أسفت غلقت من آناف المتاعب زمامها
وَذكر الْبَيْتَيْنِ
3 - (أَمِير الْمُؤمنِينَ المستضيئ بِاللَّه)
الْحسن بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْحَاق ابْن جَعْفَر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو مُحَمَّد المستضيئ بِأَمْر الله بن المستنجد بن المقتفي بن المستظهر بن الْمُقْتَدِي ابْن الْقَائِم بن الْقَادِر بن إِسْحَاق بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق ابْن المتَوَكل ابْن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور
بُويِعَ بالخلافة بعد وَفَاة وَالِده المستنجد يَوْم الْأَحَد الْعَاشِر من شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وسنه يَوْمئِذٍ عشرُون سنة وَتِسْعَة أشهر ويومان ومولده سحرة يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشْرين شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَأمه أم ولد أرمنية اسْمهَا غضة
يُقَال إِن طالعه كَانَ بِالْقَوْسِ وَالْمُشْتَرِي)
كَانَ حَلِيمًا رحِيما شفوقاً لينًا سهل الْأَخْلَاق كَرِيمًا جواداً معطاءً بذولاً كثير الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف شَدِيد الْبَحْث عَن الْفُقَرَاء وأحوالهم وتفقدهم بِالْبرِّ والعطايا(12/192)
وَكَانَت أَيَّامه مشرقةً بِالْعَدْلِ وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد أَحْمد وَهُوَ الإِمَام النَّاصِر وهَاشِم أَبُو مَنْصُور
ونادى بِرَفْع المكوس ورد الْمَظَالِم الْكَثِيرَة وَفرق مَالا عَظِيما على الهاشميين والعلويين والمدارس والربط
وَكَانَ دَائِم الْبَذْل لِلْمَالِ وخلع على أَرْبَاب الدولة ألفا وثلاثمائة قبَاء إبرسيم لما اسْتخْلف وَأمر سَبْعَة عشر مَمْلُوكا ثمَّ احتجب عَن النَّاس وَلم يركب إِلَّا مَعَ الخدم وَلم يدْخل عَلَيْهِ غير قايماز
وَفِي أَيَّامه انْقَضتْ دولة بني عبيد مُلُوك مصر وَضربت السِّكَّة باسمه وَجَاء البشير إِلَى بَغْدَاد وغلقت الْأَسْوَاق وَضربت القباب وصنف ابْن الْجَوْزِيّ فِي ذَلِك كتاب النَّصْر على مصر وخطب لَهُ بِمصْر وأسوان وَالشَّام واليمن برقة وتوزر ودانت الْمُلُوك بِطَاعَتِهِ
وَكَانَ يطْلب ابْن الْجَوْزِيّ ويأمره بِعقد مجْلِس الْوَعْظ وَيجْلس بِحَيْثُ يسمع
ووزر لَهُ عضد الدولة ابْن رَئِيس الرؤساء وَأَبُو الْفضل زعيم الدّين ابْن جَعْفَر وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْأَنْبَارِي وَمَات فِي الوزارة ظهير الدّين ابْن الْعَطَّار
وَكَانَ على قَضَاء قُضَاته أَبُو الْحسن بن عَليّ بن الدَّامغَانِي وحاجبه مجد الدّين أَبُو الْفضل بن الصاحب وَأَبُو سعد مُحَمَّد بن المعوج
وَقَالَ فِيهِ الحيص بيص من الْخَفِيف ياإمام الْهدى عَلَوْت عَن الْجُود بِمَال وَفِضة ونضار فَوهبت الْأَعْمَار والمدن والبلدان فِي ساعةٍ مَضَتْ من نهارِ فبماذا أُثني عَلَيْك وَقد جَاوَزت فضل البحور والأمطار
(إِنَّمَا أَنْت معجزٌ مستقلٌ ... خارق للعقول والأفكار)
جمعت نَفسك الشَّرِيفَة بالبأس وبالجود بَين ماءٍ ونار
3 - (الْبَاهِلِيّ الْأَشْعَرِيّ)
أَبُو الْحسن الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الْمُتَكَلّم الْأَشْعَرِيّ أَخذ عَن الْأَشْعَرِيّ علم النّظر وبرع وَتقدم مَعَ)
الدّين والتعبد قَالَ ابْن الباقلاني كنت أَنا والأستاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ والأستاذ ابْن فورك مَعًا فِي درس أبي الْحسن الْبَاهِلِيّ كَانَ يدرس لنا فِي كل جُمُعَة مرّة وَكَانَ من شدَّة اشْتِغَاله بِاللَّه مثل الواله الْمَجْنُون
وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين والثلاثمائة
3 - (رَأس الخياطية)
أَبُو الْحسن بن أبي عَمْرو الْخياط المعتزلي رَأس الْفرْقَة الخياطية(12/193)
من الْمُعْتَزلَة وَهُوَ أستاذ أبي الْقَاسِم الكعبي وَافق أَصْحَابه فِي مذاهبهم وَزَاد عَلَيْهِم بِأَن قَالَ إِن الْمَعْدُوم شيءٌ وَيُسمى أَيْضا جوهراً وعرضاً
3 - (جلال الدّين صَاحب الألموت)
حسن الرئيس المطاع جلال الدّين حفيد الْحسن بن الصَّباح صَاحب الألموت وَملك الإسماعيلية
كَانَ قد أظهر شعار الْإِسْلَام من الْأَذَان وَالصَّلَاة وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة وَولي بعده وَلَده الْأَكْبَر عَلَاء الدّين مُحَمَّد بن حسن فامتدت أَيَّامه إِلَى أَن حَاصَرَهُمْ هولاكو وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة سِنَان صَاحب حصن الْكَهْف حَدِيث الإسماعيلية ودعوتهم النزارية
3 - (ابْن الظريف الفارقي)
أَبُو الْحسن ابْن الظريف الفارقي أورد لَهُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي كتاب الحديقة فِيمَا أَظن من الْبَسِيط
(عشقته ودواعي الْبَيْت تعشقه ... فَكل يَوْم لنا شملٌ تفرقه)
(بدرٌ يجير فُؤَادِي ثمَّ يُسلمهُ ... ويسترق فُؤَادِي ثمَّ يعشقه)
(وَقد تساعد قلبِي فِي مساعدتي ... على السلو وَلَكِن لَا أصدقه)
(أهابه وَهُوَ طلق الْوَجْه زاهره ... وَكَيف يؤنسني للسيف رونفه)
(إِذا أَذمّ لأحشائي فغدرته ... رهنٌ بِأول طيفٍ مِنْهُ يطرقه)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المتقارب
(قصائد خابت وَلَو أنني ... قصدت الزَّمَان بهَا لم أخب)
)
(وأبيات شعر أذيلت وَلَو ... مدحت الزَّمَان بهَا لم أشب)
(فَإِن كذبُوا أملي فيهم ... فَإِنِّي سبقتهم بِالْكَذِبِ)
قلت شعر جيد عالي الطَّبَقَة
3 - (الشَّيْخ حسن الْكرْدِي)
حسن الْكرْدِي شيخ صَالح زاهد صَاحب حَال وكشف كبيرٍ عمر نَحوا من تسعين سنة
وَكَانَ مُقيما بالشاغور من دمشق لَهُ جاكورة يزرع فِيهَا البقل والقنبيط ويرتفق بذلك وَيطْعم من يدْخل يزوره
يُقَال إِنَّه أَخذ من شعره واغتسل واستقبل الْقبْلَة وَركع رَكْعَات وَمَات سنة سَبْعمِائة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (شرف الدّين الْحسن الْبَصْرِيّ)
الْحسن الْبَصْرِيّ شرف الدّين جَعْفَر بن عَليّ
3 - (حسن)
حسن بِضَم الْحَاء وَسُكُون السِّين جَارِيَة الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل اشْتَرَاهَا(12/194)
بعد موت زَوجته أم ابْنه عبد الله فَولدت لَهُ زَيْنَب وَالْحسن وَالْحُسَيْن توأمين وَمَاتَا بِالْقربِ من ولادتهما ثمَّ ولدت لَهُ الْحسن ومحمداً فعاشا حَتَّى قاربا الْأَرْبَعين ثمَّ ولدت بعدهمَا سعيداً قبل موت أَحْمد بن حَنْبَل بِخَمْسِينَ يَوْمًا وروت عَن أبي عبد الله مسَائِل كَثِيرَة
(ابْن حسول)
ابْن حسول عَليّ بن الْحسن بن حسول الهمذاني مُحَمَّد بن عَليّ
(حسيل)
3 - (حسيل الْعَبْسِي)
حسيل بن جابرٍ الْعَبْسِي الْقطعِي وَهُوَ الْمَعْرُوف باليمان وَالِد حُذَيْفَة ابْن الْيَمَان وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْيَمَان لِأَنَّهُ نسب إِلَى جده الْيَمَان بن الْحَارِث ابْن قطيعة
شهد هُوَ وَابْنه حُذَيْفَة وَصَفوَان مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدأ فَأصَاب الْمُسلمُونَ حسيلاً فِي المعركة يَظُنُّونَهُ من الْمُشْركين وَلَا يَدْرُونَ وَحُذَيْفَة يَصِيح أبي أبي وَلَا يسمع فَتصدق حُذَيْفَة بديته على من أَصَابَهُ وَقيل إِن الَّذِي قَتله عتبَة بن مَسْعُود
3 - (حسيل الْأَشْجَعِيّ)
حسيل بن نُوَيْرَة الْأَشْجَعِيّ كَانَ دَلِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(الْحُسَيْن)
3 - (أَبُو عبد الله الجورقاني)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن بن جَعْفَر أَبُو عبد الله الجورقاني قَرْيَة بِنَاحِيَة همذان
سمع الْكثير وَكتب وَحصل وصنف عدَّة كتب فِي علم الحَدِيث مِنْهَا كتاب الموضوعات أَجَاد تصنيفه
روى عَن أبي الْغَنَائِم شيرويه بن شهردار الديلمي وَأبي سعيد سعد بن هَاشم بن عَليّ الْهَاشِمِي ووالده إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن وَأبي الْعَلَاء حمد بن نصر بن أَحْمد الْحَافِظ جمَاعَة كثيرين وَقدم بَغْدَاد وَحدث بهَا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (خطير الدولة الْكَاتِب)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْخطاب أَبُو عبد الله الْكَاتِب خطير الدولة
كَانَ صَاحب الْخَيْر بالديوان الزمامي وَكَانَ شَيخا نبيلاً كَاتبا حاذقاً أديباً بليغاً شَاعِرًا منشئاً مليح الْخط أنشأ إِحْدَى وَخمسين مقامة سلك فِيهَا طَرِيق البديع الهمذاني وصنف كتاب جَوَامِع الْإِنْشَاء ونبذاً من أَخْبَار الوزراء
وَكَانَ قد صحب الْخَطِيب التبريزي وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئا من مصنفاته مَعَ كتب الْأَدَب وَسمع شَيْئا)
من الحَدِيث من أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَغَيره وروى شَيْئا يَسِيرا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة(12/195)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَلا لَيْت شعري هَل أقولن مرّة ... وَقد سكنت مِمَّا أجن الضمائر)
(وَمَا لي إِلَى بَاب المحجب حاجةٌ ... وَلَا لي عَمَّا يحفظ الْعرض زاجر)
(فَأَلْقَت عصاها واستقرت بهَا النَّوَى ... كَمَا قر يَوْمًا بالإياب مُسَافر)
وَكَانَ يتحدى بإنشاء الرسَالَة من آخرهَا إِلَى أَولهَا وَلِهَذَا قَالَ يفتخر من الطَّوِيل أَلَسْت الَّذِي أنشأ الرسائل عاكسا
3 - (ركن الدّين بن خلكان)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن خلكان ركن الدّين أَبُو يحيى الإربلي الْفَقِيه الشَّافِعِي
درس بعده مدارس وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ صَالحا كثير التِّلَاوَة
سمع من يحيى الثَّقَفِيّ وَحدث بإربل وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة
وَأَظنهُ عَم قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَحْمد بن خلكان
3 - (ابْن برهَان الْمُقْرِئ)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو عبد الله الْمُقْرِئ الْأَنْبَارِي كَانَ وَالِده يلقب برهَان بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة
قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي أَحْمد عبد الله بن الْحُسَيْن بن حسنون الْبَغْدَادِيّ صَاحب ابْن مُجَاهِد وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو عبد الله الدينَوَرِي)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الدينَوَرِي أَبُو عبد الله الْبَغْدَادِيّ سمع الْكثير بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَكَانَت لَهُ أصُول وَكَانَ شَيخا صَالحا صَدُوقًا
سمع الشريفين أَبَا نصر مُحَمَّد وَأَبا الفوارس طراداً ابْني مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَأَبا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَجَمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو الْكَرم عبد السَّلَام بن أَحْمد بن صبوخا الْمُقْرِئ
قَالَ محب الدّين بن النجار وَلم يحدثنا عَنهُ سواهُ)
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (شرف الدّين الإربلي اللّغَوِيّ)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن بن يُوسُف الإِمَام شرف الدّين أَبُو عبد الله الهذباني الإربلي الشَّافِعِي اللّغَوِيّ
ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ بإربل وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة
قدم الشَّام وَسمع من الخشوعي وحنبل وَعبد اللَّطِيف بن أبي سعد وَابْن طبرزد وَابْن الزنف والكندي وَطَائِفَة ورحل وَهُوَ كهل وَسمع من أبي عَليّ بن الجواليقي وَالْفَتْح بن عبد السَّلَام والداهري(12/196)
وعني عناية وافرة بالأدب وَحفظ ديوَان المتنبي والخطب النباتية والمقامات الحريرية وَكَانَ يعرفهَا وَيحل مشكلها ويقرئها وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وَكَانَ دينا ثِقَة
وروى عَنهُ الدمياطي والخطيب شرف الدّين وَمُحَمّد بن الزراد وَعبد الرَّحِيم ابْن قَاسم الْمُؤَذّن وَأَبُو الْحُسَيْن اليونيني وَأَخُوهُ قطب الدّين وَأَبُو عَليّ بن الْجلَال وَشَيخنَا شهَاب الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود وروى لي عَنهُ المقامات وديوان المتنبي وجماعةٌ أخر
3 - (ذُو اللسانين النطنزي)
الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم أَبُو عبد الله النطنزي الإصبهاني النَّحْوِيّ الملقب بِذِي اللسانين من كبار أَئِمَّة الْعَرَبيَّة توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
من شعره من الْكَامِل
(الْعِزّ مخصوصٌ بِهِ الْعلمَاء ... مَا للأنام سواهُم مَا شَاءُوا)
(إِن الأكابر يحكمون على الورى ... وعَلى الأكابر يحكم الْعلمَاء)
وَمِنْه فِي مقص من الْكَامِل
(مَا عاملٌ يَحْكِي إِذا استعملته ... وأعانه خمسٌ بِهن يَدُور)
(صقراً يصيد أهلةً يلمعن من ... أَعلَى بدورٍ تحتهن بحور)
وَكتب إِلَى أبي المطهر المعدائي الْفَقِيه وَقد عَاد من الْحَج رِسَالَة لَا تستحيل كل كلمة أَو كَلِمَتَيْنِ عِنْد الْقِرَاءَة بِالْعَكْسِ وَهِي يَا بَاب الإِمَام غمام الآلاء آمنا غانما أَضَاءَت إضاءة الصلاء وُجُوهنَا أَنه برٌ مربٍّ تَارِيخ خيرات ملْء علم ملْء حلم لَا زَالَ إِمَامًا آدباً عابداً)
نازح الأحزان نامي الْإِيمَان
وَقَالَ فِيهِ نظماً وَالثَّانِي كل كَلِمَتَيْنِ تقْرَأ مقلوباً من الوافر
(لسيدنا الإِمَام أبي المطهر ... فَضَائِل أربعٌ كالزهر تزهر)
(ضياءٌ فائضٌ رأيٌ عيارٌ ... عطاءٌ ساطعٌ رهطٌ مطهر)
وَكتب إِلَى أبي المطهر أَيْضا أحصف فصحاء الْوَقْت قولا بارع الْإِعْرَاب نامي الْإِيمَان حامدٌ ماحٍ لزلل وللخلل وللعلل وَهُوَ أجل ملْجأ لكل آنٍ وناءٍ أقوى وقاءٍ لَا زَالَ آمراً صَارِمًا
وَقَالَ من الأبيات المفردة من الرمل
(أَسْوَأ الْأمة حَالا رجلٌ ... عالمٌ يقْضِي عَلَيْهِ جَاهِل)
وَقَالَ من الْبَسِيط
(مَال الْبَخِيل أسيرٌ تَحت خَاتمه ... وَلَيْسَ يُطلق إِلَّا عِنْد مأتمه)(12/197)
وَقَالَ من مطلع قصيدة من الْكَامِل
(طرفِي لفرقة ذَات طرفٍ أكحل ... يجْرِي دَمًا فَكَأَن طرفِي أكحلي)
وَقَالَ من المتقارب ألم تَرَ أَنِّي أَزور الْوَزير أمدحه ثمَّ اسْتغْفر
(وأثني عَلَيْهِ ويثني عَليّ ... وكلٌ بِصَاحِبِهِ يسخر)
وَقَالَ من الْبَسِيط
(وافى المشيب فطرفي دامعٌ دَامَ ... وَبَان صبري فقلبي هائمٌ حام)
(وابيض من دمعي المحمر ناصيتي ... واسود من شعري المبيض أيامي)
وَقَالَ من الْكَامِل
(بِأبي فمٌ شهد الضَّمِير لَهُ ... قبل المذاقة أَنه عذب)
(كشهادةٍ لله خالصةٍ ... قبل العيان بِأَنَّهُ الرب)
وَقَالَ من الوافر
(أيا لهفي على عهد التصابي ... إِذْ الرشأ الرشيق لنا عشيق)
(وَنقل شرابنا عضٌ وريقٌ ... وغصن شبابنا غضٌّ وريق)
)
وَقَالَ من مخلع الْبَسِيط
(جَوَاب مَا استفهموا بفاء ... يكون نصبا بِلَا امتراء)
(كالأمر وَالنَّهْي وَالتَّمَنِّي ... وَالْعرض والجحد وَالدُّعَاء)
3 - (الْحُسَيْن بن أَحْمد الكوكبي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبد الله الأرقط بن عَليّ ابْن الْحُسَيْن بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم وَيعرف الْحُسَيْن بالكوكبي
ظهر بقزوين فغلب عَلَيْهَا وَأخرج عُمَّال السُّلْطَان مِنْهَا وَذَلِكَ فِي فتْنَة المستعين والمعتز وَكَانَ ظُهُوره فِي شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
وَاجْتمعَ هُوَ وَأحمد بن عِيسَى الْعلوِي على الرّيّ فقتلا خلقا ثمَّ أسر أَحدهمَا وَقتل الآخر
3 - (المنتجب)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن يحيى بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب الملقب بالمنتجب بِالْجِيم ابْن النَّاصِر ابْن الْهَادِي تقدم ذكر وَالِده النَّاصِر فِي الأحمدين وَسَيَأْتِي ذكر جده الهاجي فِي حرف الْيَاء
ولي بعد أَبِيه النَّاصِر سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة مملكة الْيمن وَبَقِي إِلَى أَن توفّي رَحمَه(12/198)
الله تَعَالَى سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة وَولي بعده أَخُوهُ الْمُخْتَار الْقَاسِم بن أَحْمد وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْقَاف مَكَانَهُ
3 - (أَبُو زنبور الْكَاتِب)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن رستم المادرائي أَبُو عَليّ الْكَاتِب الملقب بِأبي زنبور الْبَغْدَادِيّ
مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وثلاثمائة
دخل مصر مَعَ أَخِيه عَليّ بن أَحْمد وَكَانَ يتَوَلَّى الوزارة لِأَحْمَد بن طولون فولاه خراج الشَّام وَتوجه إِلَى دمشق مَعَ أبي الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد بن طولون وَضبط الْأُمُور وَبَان أَثَره وتوفره
وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلا لَهُ دهاء ورأي وأفعال جميلَة وكرم
وَلم يزل مَعَ أبي الْجَيْش إِلَى أَن قتل أَبُو الْجَيْش بِدِمَشْق فَبَايع لِابْنِهِ أبي العساكر جَيش وَأقَام)
بِدِمَشْق وتجددت حوادث كَثِيرَة فَعَاد إِلَى أَخِيه إِلَى مصر وَولي خراج مصر دفعات من قبل المعتضد والمكتفي ثمَّ وَليهَا من قبل المقتدر مَرَّات
وَكتب الحَدِيث بالعراق عَن عمر بن أَحْمد بن شبة وَغَيره وَأكل يَوْمًا بطيخاً فاعتل من أكله وَذهب شقَّه فَأَقَامَ أَيَّامًا وَمَات
3 - (أَبُو عبد الله الْحَرْبِيّ)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عمر بن الْحسن الْحَرْبِيّ أَبُو عبد الله من أَوْلَاد الْمُحدثين
وَهُوَ أَخُو أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّاعِر وَكَانَ أديباً يَقُول الشّعْر
قَالَ شُجَاع بن فَارس الذهلي كتبت إِلَيْهِ أتشوقه وَهُوَ بتستر من الْكَامِل
(ريح الشمَال إِذا مَرَرْت بتسترٍ ... وَالطّيب خصيها بِكُل سَلام)
(وتعرفي خبر الْحُسَيْن فَإِنَّهُ ... مذ غَابَ أودعني لهيب ضرام)
(قولي لَهُ مذ غبت عني لم أذق ... شوقاً إِلَى لقياك طيب مَنَام)
(وَالله مَا يومٌ يمر وَلَيْلَة ... إِلَّا وَأَنت تزور فِي الأحلام)
فَأجَاب الْحُسَيْن من الْكَامِل
(مرت بِنَا بالطيب ثمَّ بتسترٍ ... ريحٌ روائحها كنشر مدام)
(فتوقفت حسنا لدي وَبَلغت ... أَضْعَاف ألف تحيةٍ وَسَلام)
(وَسَأَلت عَن بَغْدَاد كَيفَ تركتهَا ... قَالَت كَمثل الرَّوْض غب غمام)
(فلكدت من فرحٍ أطير صبَابَة ... وأصول من جذلٍ على الْأَيَّام)
(ونسيت كل عظيمةٍ وشديدٍ ... وظننتها حلماً من الأحلام)(12/199)
3 - (أَبُو عَليّ اليزدي الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن محموية أَبُو عَليّ الْفَقِيه الشَّافِعِي اليزدي
نزل بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ فَقِيها زاهداً مُقبلا على التَّعْلِيم قَالَ أَخُوهُ عَليّ بن أَحْمد أَنا وَأخي نحيي اللَّيْل كُله أقعد أَنا من أول اللَّيْل أنسخ شَيْئا أَو أطالع فِي شَيْء وينام هُوَ إِلَى أَن يضْرب طبل نصف اللَّيْل وَيقوم أخي نصف اللَّيْل وَيُصلي إِلَى الصُّبْح وأنام أَنا)
3 - (ابْن خالويه النَّحْوِيّ)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن خالويه بن حمدَان أَبُو عبد الله الهمذاني النَّحْوِيّ
دخل بَغْدَاد وَطلب الْعلم سنة أَربع عشرَة وثلاثمائة وَقَرَأَ الْقُرْآن على أبي بكر ابْن مُجَاهِد وَالْأَدب على أَبَوي بكر مُحَمَّد بن بشار الْأَنْبَارِي وَمُحَمّد بن الْحسن بن دُرَيْد وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة نفطويه وَأبي عمر الزَّاهِد وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار الدوري وَغَيره
ثمَّ دَخلهَا بعد علو سنه وأملى بهَا فِي جَامع الْمَدِينَة
روى عَنهُ من أَهلهَا عُثْمَان بن أَحْمد بن الفلو وَالْقَاضِي الْمعَافى بن زَكَرِيَّا النهرواني
وسافر إِلَى الشَّام وَسكن حلب واختص بِسيف الدولة بن حمدَان وبأولاده وانتشر ذكره فِي الْآفَاق وَتُوفِّي سنة سبعين وثلاثمائة بحلب(12/200)
وَأورد لَهُ الثعالبي قَوْله من الطَّوِيل
(إِذا لم يكن صدر الْمجَالِس فَاضلا ... فَلَا خير فِيمَن صدرته الْمجَالِس)
(وَكم قائلٍ مَالِي رَأَيْتُك رَاجِلا ... فَقلت لَهُ من أجل أَنَّك فَارس)
وَكَانَت لَهُ مَعَ أبي الطّيب مجَالِس ومباحث بِحَضْرَة سيف الدولة
وَمن تصانيفه كتاب الِاشْتِقَاق الْجمل فِي النَّحْو اطرغش لُغَة الْقرَاءَات إِعْرَاب ثَلَاثِينَ سُورَة الْمَقْصُور والممدود الْمُذكر والمؤنث الألفات وَله كتاب لَيْسَ كتابٌ كَبِير وَلم أر مثله يدل على إطلاع عَظِيم واستحضار كثير بناه على أَن يَقُول لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَذَا إِلَّا كَذَا وَكَذَا كَقَوْلِه لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب مَا مفرده مَمْدُود وَجمعه مَمْدُود إِلَّا دَاء وأدوات
وَعمل بَعضهم كتابا سَمَّاهُ كتاب بل استدرك عَلَيْهِ أَشْيَاء
أَبُو عبد الله بن الْبَقَّال الشَّافِعِي الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ بن الْبَقَّال أَبُو عبد الله الْبَغْدَادِيّ أحد الْفُقَهَاء الْأَعْيَان فِي مَذْهَب الشَّافِعِي
قَرَأَ الْفِقْه على القَاضِي أبي الطّيب طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ حَتَّى برع
وَكَانَت لَهُ مقاماتٌ سنية فِي النّظر الْجِدَال وَكَانَ فَقِيها فَاضلا بارعاً كَامِلا مفتياً مدققاً محققاً جميل الطَّرِيقَة زاهداً متعبداً عفيفاً نزهاً على طَريقَة السّلف)
ولاه القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الدَّامغَانِي الْقَضَاء بحريم دَار الْخلَافَة وَبَقِي على ذَلِك نَحوا من ثَلَاثِينَ سنة سديد القضايا وَالْأَحْكَام على أكمل قَاعِدَة وَأسد طَريقَة وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر للمناظرة يحضرها أَعْيَان الْفُقَهَاء من الغرباء والبلدية
سمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم عبد الْملك بن مُحَمَّد بن بَشرَان وَالْقَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَحدث باليسير توفّي سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الشقاق الفرضي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ بن جَعْفَر أَبُو عبد الله الشقاق الفرضي الْبَغْدَادِيّ كَانَ يشق الْقُرُون لعمل القسي وَغَيرهَا
قَرَأَ الْفَرَائِض والحساب على أبي حَكِيم عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخبري وَعلي أبي الْفضل عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم الهمذاني وبرع فيهمَا وَصَارَ إِمَامًا يرجع إِلَيْهِ فيهمَا وَلم يكن لَهُ نظيرٌ فِي فنه ولع تعليقة فِي الْحساب مَشْهُورَة وتصانيف فِي الْفَرَائِض وَقسم التركات
سمع الحَدِيث من القَاضِي أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن المُهتدي وَغَيره وَحدث عَن أبي حَكِيم الخبري بِشَيْء من تصانيفه فِي الْفَرَائِض وَرَوَاهُ عَنهُ الْحَافِظ ابْن النَّاصِر
وَكَانَ لَهُ ولد يتَعَرَّض بِالرَّمْي عَن قَوس الجلاهق وَكَانَ ماهراً فِي ذَلِك فَوَقَعت لَهُ وَاقعَة(12/201)
توجب السياسة إِتْلَافه أَيَّام المستظهر فَكتب إِلَى الزعيم ابْن المعوج الْحَاجِب وَكَانَ قد قَرَأَ هُوَ وَأَوْلَاده عَلَيْهِ من الْكَامِل
(أزعيم دولتنا السعيدة إِنَّنِي ... أرجوك فِي البأساء وَالضَّرَّاء)
(أرجوك أَن تَعْفُو الجريمة إِنَّنِي ... من أجلهَا متقلقل الأحشاء)
(وَاصْفَحْ فَإِن الصفح مِنْك مؤملٌ ... يَا مصطفىً من عنصر الْآبَاء)
(هَا قد مددت يَدي إِلَيْك فَردهَا ... بِالْعَفو لَا بشماتة الْأَعْدَاء)
فرق لَهُ ورد وَلَده إِلَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا سجنته إصلاحاً لَهُ وحفظاً لجانبك توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ أَخُو عبد السَّلَام بن أَحْمد
تفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَسمع كثيرا من أبي عبد الله الْحُسَيْن بن الْحسن ابْن مُحَمَّد)
الغضاري وَأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفضل الْقطَّان وَغَيرهمَا وَحدث باليسير
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن الْمُغلس)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْمُغلس أَبُو عبد الله شَاعِر مدح الْقَادِر بِاللَّه وَله أشعار كَثِيرَة فِي اللغز والأحاجي وروى عَنهُ أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن وشاج الزَّيْنَبِي
وَمن شعره من السَّرِيع
(غَضْبَان من فرط الصِّبَا والدلال ... يكَاد يطغيه غلو الْجمال)
(قد كتب الْحسن على خَدّه ... كل دمٍ يسفك طرفِي حَلَال)
(يَا سحر عَيْنَيْهِ وَيَا ثغره ... وَيَا عذاريه فُؤَادِي بِحَال)
وَمِنْه فِي محك الذَّهَب من الطَّوِيل
(وملتمسٍ من صبغة اللَّيْل بردة ... تفوف طوراً بالنضار وتطلس)
(إِذا سَأَلُوهُ عَن عويين أشكلا ... أجَاب يما يعيي الورى وَهُوَ أخرس)
وَمِنْه فِي القبان من المتقارب
(وأعور من بَين أضرابه ... وأنواعه وَبني جنسه)
(لَهُ فِي دناباه ملمومةٌ ... تقوم مَا كَانَ من نكسه)
(تنقل بَين فقاراته ... وتنبي بِمَا كَانَ فِي نَفسه)
وَمِنْه فِي نَخْلَة على شاطي نهر من المتقارب
(وهيفاء تهتز طوع النسيم ... إِذا هَب شرقيه أَو جنح)
(إِذا المَاء مثل لي شخصها ... توهمتها مخوضًا فِي قدح)
قلت شعر جيد ومقاصد حَسَنَة دقيقة(12/202)
3 - (ابْن البغيديدي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن البغيديدي من أهل الْحلَّة كَانَ أَبوهُ يحمل الْجَنَائِز وَلذَلِك قَالَ من الطَّوِيل
(أَنا ابْن الَّذِي للنعش من فَوق رَأسه ... مجالٌ وللعلياء من قومه بعد)
(إِذا أَنا فاخرت الرِّجَال بمعشري ... تظلمت الأحساب وانتحب الْمجد)
)
وَكَانَ العميد أَبُو مَنْصُور هبة الله بن حَامِد بن أَيُّوب اللّغَوِيّ كثير التطفل على النَّاس وَكَانَ رُبمَا أحضر مَعَه صهراً لَهُ يعرف بالسراج بن الدربي فَقَالَ ابْن البغيديدي من الْخَفِيف
(يَا عميداً وَمَوْضِع الْمِيم نونٌ ... لَا تُخلّط يعرض لَك الإنفلاج)
كن خَفِيف الْغذَاء وَإِلَّا تأذيت بداء يضل فِيهِ العلاج
(فطعامٌ على بقايا طعامٍ ... عِنْد بقراط لَا يَصح العلاج)
(مَا كفى النَّاس مَا بهم مِنْك حَتَّى ... صرت تغزوهم ومعك السراج)
(فَإِذا زرت لَا تزر بجنيبٍ ... لَا يكون الطَّاعُون وَالْحجاج)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(فَلَا تتبعني فِي الملام ملامةً ... فَمَا أَنا فِي ذمّ الرِّجَال بآثم)
(فَلَو أنني أعْطى المنى كنت جاعلاً ... مَكَان لساني حد صارم)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو عبد الله الشيعي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْمَعْرُوف بالشيعي أَبُو عبد الله الْقَائِم بدعوة عبيد الله الْمهْدي جد مُلُوك مصر وقصته فِي الْقيام بالغرب مَشْهُورَة وَله بذلك سير مسطورة
وَأَبُو عبد الله الْمَذْكُور أَصله من الْيمن من صنعاء وَكَانَ من الرِّجَال الدهاة الخبيرين بِمَا يصنعون لِأَنَّهُ دخل إفريقية وحيداً بِلَا مالٍ ورلا رجالٍ وَلم يزل يسْعَى إِلَى أَن ملكهَا وهرب ملكهَا أَبُو مُضر زِيَادَة الله آخر مُلُوك بني الْأَغْلَب مِنْهُ إِلَى بِلَاد الشرق وَمَات هُنَاكَ
وَلما مهد الْقَوَاعِد للمهدي ووطد الْبِلَاد وَأَقْبل الْمهْدي من الشرق وَعجز عَن الْوُصُول إِلَى أبي عبد الله الْمَذْكُور وَتوجه إِلَى سجلماسة وأحس صَاحبهَا إليسع آخر مُلُوك بني مدرار فأمسكه واعتقله وَمضى إِلَيْهِ أَبُو عبد الله وَأخرجه من الاعتقال وفوض إِلَيْهِ أَمر المملكة وَاجْتمعَ بِهِ هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد وَأحمد هُوَ الْأَكْبَر وندمه على مَا فعل وَقَالَ لَهُ تكون أَنْت صَاحب(12/203)
الْبِلَاد والمستقل بأمورها وتسلمها إِلَى غَيْرك وَتبقى من جملَة الأتباع وَكرر عَلَيْهِ القَوْل فندم أَبُو عبد الله على مَا صنع وأضمر الْغدر فاستشعر مِنْهُمَا الْمهْدي فَدس إِلَيْهِمَا من قَتلهمَا فِي سَاعَة وَاحِدَة وَذَلِكَ فِي منتصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ بِمَدِينَة رقادة)
3 - (ابْن الحائك)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن يَعْقُوب أَبُو مُحَمَّد الهمذاني الْمَعْرُوف بِابْن الحائك اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ الأخباري الطَّبِيب صَاحب التصانيف
كَانَ نادرة زَمَانه وَوَاحِد أَوَانه وَكَانَ جده يعرف بِذِي الدمينة الحائك وَعند أهل الْيمن الشَّاعِر هُوَ الحائك لِأَنَّهُ يحوك الْكَلَام
وَله شعر مدائح فِي مُلُوك الْيمن وَله كتاب فِي عجائب الْيمن وَله كتاب جَزِيرَة الْعَرَب وَأَسْمَاء بلادها وأوديتها وَمن يسكنهَا وَله كتاب الإكليل فِي مفاخر قحطان وَذكر الْيمن وَله قصيدة سَمَّاهَا الدامغة فِي فضل قحطان أَولهَا من الوافر
(أَلا يَا دَار لَوْلَا تنطقينا ... فَإنَّا سائلوك فخبرينا)
وَقيل إِن اسْمه الْحسن غير مصغر وَكتاب فِي الطِّبّ وَكتاب المسالك والممالك وشعره سَائِر
توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن بطوية أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء فمما أنشدت من شعره من الطَّوِيل
(وماذا عَلَيْهِم لَو أَقَامُوا فَسَلمُوا ... وَقد علمُوا أَنِّي مشوقٌ متيم)
(سروا ونجوم اللَّيْل زهرٌ طوالعٌ ... على أَنهم فِي اللَّيْل للنَّاس أنجم)
(وأخفوا على تِلْكَ المطايا مَسِيرهمْ ... فنم عَلَيْهِم فِي الظلام التبسم)
3 - (ابْن حجاج الشَّاعِر)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن حجاج أَبُو عبد الله الْكَاتِب الشَّاعِر ذُو المجون والخلاعة والسخف فِي شعره
كَانَ فَرد زَمَانه فِي بَابه(12/204)
وَإِمَام الشّعْر فِي أضرابه أول من فتح ذَلِك الْبَاب أَبُو نواس وَجَاء ابْن حجاج بعده بالطم والرم وَأكْثر فَأحْسن واستوعب الإجادة فأمعن
وَأَنا أرَاهُ مِمَّن يُطلق عَلَيْهِ اسْم شَاعِر لِأَنَّهُ أَجَاد فِي الْمَدْح والهجو والرثاء والغزل وَالْوَصْف وَالْأَدب وَسَائِر أَنْوَاع الشّعْر لكنه فِي المجون إمامٌ وكل من أَتَى بعده بِشَيْء من)
ذَلِك فَهُوَ لَهُ غُلَام وَلما أَتَى ابْن الهبارية الْمَذْكُور فِي المحمدين بعده وَأَرَادَ يسْلك طَريقَة قصر وَكَانَ الْأَلْيَق بِهِ الْإِمْسَاك عَن مجاراته لَو تبصر
وَكَانَ حسن الْهَيْئَة واللبس والسمت وَالْوَقار والسكينة مدح ابْن حجاج الْمُلُوك والأمراء والوزراء والرؤساء وديوانه كَبِير إِلَى الْغَايَة أَكثر مَا يُوجد فِي عشر مجلدات ورأيته كثيرا فِي مجلدين وَفِي مُجَلد وَاحِد
تولى حسة بَغْدَاد مَرَّات وَأقَام بهَا مُدَّة يُقَال إِنَّه عزل بِأبي سعيد الْإِصْطَخْرِي الْفَقِيه الشَّافِعِي
قلت وَهَذَا لَا يَسْتَقِيم فَإِن أَبَا سعيد توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة وَابْن حجاج توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة بالنيل وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَدفن عِنْد مشْهد مُوسَى بن جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ وَأوصى أَن يدْفن عِنْد رجلَيْهِ وَيكْتب على قَبره وكلبهم باسطٌ ذِرَاعَيْهِ بالوصيد وَكَانَ من كبار الشِّيعَة
وَرَآهُ أَحْمد بن الخازن فِي الْمَنَام بعد مَوته فَسَأَلَهُ عَن حَاله فأنشده من مجزوء الرجز
(أفسد حسن مذهبي ... فِي الشّعْر سوء مذهبي)
(وحملي الْجد على ... ظهر حصان اللّعب)
(لم يرض مولَايَ على ... سبي أَصْحَاب النَّبِي)
(وَقَالَ لي وَيلك يَا ... أَحمَق لم لم تتب)
(من سبّ قومٍ من رجا ... وَلَاء هم لم يخب)
(رمت الرِّضَا جهلا بِمَا ... أصلاك ذَات اللهب)
قلت أشهد أَن هَذَا الشّعْر نَفسه كَأَنَّهُ قَالَه حَيا
وَلما مَاتَ رثاه الشريف الرضي بقصيدة من جُمْلَتهَا من المتقارب
(نعوه على حسن ظَنِّي بِهِ ... فَللَّه مَاذَا نعى الناعيان)
(رَضِيع ولاءٍ لَهُ شُعْبَة ... من الْقلب مثل رَضِيع اللبان)
(وَمَا كنت أَحسب أَن الزَّمَان ... يفل مضَارب ذَاك اللِّسَان)(12/205)
(بكيتك للشرد السائرات ... تفتق ألفاظها بالمعاني)
(ليبك الزَّمَان طَويلا عَلَيْك ... فقد كنت خفَّة روح الزَّمَان)
وَقد جمع أخباره أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن حمدون فِي مجلدة ذكر فِي أَولهَا قَالَ حَدثنِي)
صديقٌ لي قَالَ رَأَيْت عِنْد بعض الوراقين جُزْءا من هَذَا الشّعْر فِيهِ خَمْسُونَ ورقة فَسَأَلته أَن يبعينه بِمَا شَاءَ فَامْتنعَ وَقَالَ لي هَذَا الْجُزْء فِي دكاني بِمَنْزِلَة جَارِيَة طيبَة الْغناء مليحة الْوَجْه فِي القيان يكتريه حرفاء لي مجانٌ طيابٌ إِذا اجْتَمعُوا للشُّرْب بِأُجْرَة قد اتفقنا عَلَيْهَا فأستثني عَلَيْهِم بعد الْأُجْرَة أَن يتنقصوا لي من مَأْكَلهمْ ومشروبهم وفاكهتهم بِمَا يحمل إِلَيّ مَعَ الْجُزْء إِذا ردُّوهُ
وَقَالَ بَلغنِي عَمَّن يَقع إِلَيْهِ من طَبَقَات النَّاس فِي الْأَمْصَار والبلدان الْبَعِيدَة أَنهم يتهمون أَبَا عبد الله بسخفٍ فِي دينه ومروءته وَضعف عهدٍ فِي مودته وأمانته وتسلطه على الْأَعْرَاض برويته وبديهته فَإِذا أخْبرهُم من شَاهده عَمَّا فِيهِ من الْفضل وَالْحريَّة والديانة والمروءة والخفر وَالْحيَاء والتعلق بِالْخَيرِ والتبري من الشَّرّ وَالرُّجُوع فِي ذَلِك إِلَى أبوته الجليلة وقديمه الْمَشْهُور وبيته الْمَعْرُوف لم يصدقوه وَشَكوا فِي خَبره
وَقَالَ ابْن حجاج أعانني على مذهبي أَن أبي كَانَ أباع مستغلات لَهُ مُتَّصِلَة بدوره فابتاعها قومٌ نقضوها وبنوها خاناتٍ أسكنوها الشحاذين والغرباء السّفل وَذَوي العاهات المكديين وكل دلوك وقطعي من الْخلد والربيدية فَكنت أسمع فِي ليَالِي الصَّيف خَاصَّة مشاتمات رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ فَوق السطوح وَمَعِي دواةٌ وبياضٌ أثبت مَا أسمعهُ فَإِذا مر بِي مَا لَا أفهمهُ أثْبته على لَفظه واستدعيت من غدٍ من قد سَمِعت مِنْهُ ذَلِك وَأَنا عَارِف بلغاتهم لأَنهم جيراني فأسأله عَن التَّفْسِير وأكتبه وَلم أزل أصمعي تِلْكَ الْبَادِيَة مُدَّة
وَقَالَ فِي سخف شعره من الوافر
(أيا مولَايَ هزلي تَحت جدي ... وَتَحْت الْفضة انحرف اللحام)
(وشعري سخفه لَا بُد مِنْهُ ... فقد طبنا وَزَالَ الاحتشام)
(وَهل دارٌ تكون بِلَا كنيفٍ ... يكون لعاقلٍ فِيهَا مقَام)
وَلما دخل أَبُو الطّيب المتنبي بَغْدَاد وأشير عَلَيْهِ بمدح الْوَزير المهلبي قَالَ حَتَّى يسير إِلَيّ الْجَائِزَة قبل ذَلِك فَإِذا رَأَيْتهَا مدحته على قدرهَا فَبلغ ذَلِك الْوَزير المهلبي فَغَضب وَأمر شعراء بَغْدَاد بهجوه فكلهم قَالَ مَا لَا وَقع قَرِيبا من مرماه فَقَالَ ابْن حجاج من المجتث
(يَا دِيمَة الصفع صبي ... على قفا المتنبي)
(وَأَنت يَا ريح بَطْني ... على سباليه هبي)(12/206)
)
القصيدة وَقَالَ غَيرهَا وَقد أَشرت إِلَى شَيْء من ذَلِك فِي تَرْجَمَة المتنبي فَلم يقر للمتنبي بِبَغْدَاد قرارٌ وَخرج مِنْهَا فَارًّا
وَمن مَعَاني ابْن حجاج الغريبة من الْبَسِيط
(تَقول لي وَهِي غَضبى من تدللها ... وَقد دعتني إِلَى شيءٍ فَمَا كَانَا)
(إِن لم تنكني نيك الْمَرْء زَوجته ... فَلَا تلمني إِذا أَصبَحت قرنانا)
(مَا بَال أيرك من شمعٍ رخاوته ... فَكلما عركته راحتي لانا)
وَمِنْه وَقد صرف عَن الْحِسْبَة من المنسرح
(قَالَ غلامي ومقلتاه تكف ... وجسمه ظَاهر السقام دنف)
حسبتنا هَذِه الَّتِي كثر الإرجاف فِي أمرهتا فَلَيْسَ يقف
(قد عزلونا عَنْهَا فَقلت نعم ... وصاد فا عين وَاو نون ألف)
وَمِنْه من الْخَفِيف ورقيعٍ أَرَادَ أَن يعرف النَّحْو بزِي الْعيار لَا المستفتي
(قَالَ لي لست تعرف النَّحْو مثلي ... قلت سلني عَنهُ أجب فِي الْوَقْت)
قَالَ مَا الْمُبْتَدَأ وَمَا الْخَبَر الْمَجْرُور أخبر فَقلت ذقنك فِي استي وَمِنْه من المنسرح لَو كنت شاهين بنت جَارِيَة الْفضل وَكَانَ الْحَرِيم مَنْزِلك لَا بُد من عض عظم عصعص شبباك رواقات قنطرة حرك وَمِنْه من السَّرِيع
(رَأَيْتهَا وَهِي على سطها ... قاعدةٌ فِي جَانب السَّطْح)
(بشعرةٍ كرقشها يمتلي ... بصوفه دور بني الصلحي)
(فَقلت بالمزح وَفِي طبعها ... فديتها صبرٌ على المزح)
(أشعرةٌ فِي السَّطْح أم هَذِه ... لحية فِرْعَوْن على الصرح)
(أغرك يَا ابْنة الْعشْرين سنٌّ ... ملكت بهَا الغضارة والنضاره)
(فَلَا يعظم عَلَيْك بَيَاض شعري ... فَإِن سَواد شعرك فِي القصاره)
وَمِنْه من المجتث)
(الصَّوْم قد هد جسمي ... وَزَاد فِيهِ اصفراري)
(وَقد بقيت خيالا ... لَكِن بِغَيْر إِزَار)(12/207)
وَمِنْه من مخلع الْبَسِيط
(من ولد التّرْك أعجميٌّ ... شباك بَاب استه مخرم)
(فَكل يَك فِي الْكَوْن مِنْهُ ... قِيمَته صَاد هزار دِرْهَم)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل شعري الَّذِي أَصبَحت مِنْهُ فضيحةً بَين الملا
(لَا يستجيب لخاطري ... إِلَّا إِذا دخل الخلا)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(قيل إِن الْوَزير قد قَالَ شعرًا ... يجمع الْجَهْل شَمله ويعمه)
(ثمَّ أخفاه فَهُوَ كالهر يخرا ... فِي زَوَايَا الْبيُوت ثمَّ يطمه)
وَمِنْه من الهزج بقد مثل غُصْن البان أَمْسَى وَهُوَ رَيَّان وَعين مثل عين الظبي أضحى وَهُوَ عطشان
(غزالٌ ناعس الطّرف ... وَلَا يُقَال نعسان)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(سقاني الْخمر من فِيهِ وَمن يَده ... لما انْتَبَهت قبيل الصُّبْح وانتبها)
(فَقلت يَا ملبسي ثوب الغرام بِهِ ... بِأَيّ شيءٍ مزجت الْخمر قَالَ بهَا)
وَمِنْه من المنسرح
(وَكلما رمت أَن أقابله ... على تماديه تيهاً فِي تعديه)
(جَاءَت على غَفلَة محاسنه ... تلزمني الصفح عَن مساويه)
وَمِنْه من الْخَفِيف وكبار الْمُلُوك مَا فتشوا قطّ وَكَانُوا إِلَّا كبار الأيور نعمٌ خصهم بهَا الله ختى استكملوا الْفضل فِي جَمِيع الْأُمُور وَمِنْه من الْخَفِيف)
وَيحكم يَا شُيُوخ أَو يَا كهول الْفسق أَو يَا معشر الفتيان
(اشربوها حَمْرَاء مِمَّا اقتناها ... آل دير العاقول للقربان)
بكؤوسٍ كَأَنَّهَا ورق النسرين فِيهَا شقائق النُّعْمَان
(اشربوها وكل إثمٍ عَلَيْكُم ... إِن شربتم بالرطل فِي ميزَان)
(فِي ليالٍ لَو أَنَّهَا دفعتني ... وسط ظَهْري وَقعت فِي رَمَضَان)(12/208)
(أَنا إِبْلِيس فاشربوها وغنوا ... أَنْت مثل الشَّيْطَان للْإنْسَان)
(أَنا جوذابةٌ ودهني صديدي ... تَحت خصيي فِرْعَوْن أَو هامان)
3 - (ابْن الدَّامغَانِي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد هُوَ ابْن القَاضِي أبي الْحُسَيْن ابْن قَاضِي الْقُضَاة بن الدَّامغَانِي
استنابه أَخُوهُ قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَسمع من ابْن الْحصين وَأبي غَالب بن الْبناء وعاش نيفاً وَسِتِّينَ سنة وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (الإِمَام أَبُو الْفضل اليزدي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن سعد الإِمَام أَبُو الْفضل الهمذاني اليزدي الْحَنَفِيّ
حدث بجدة عَن الشريف شميلة بن مُحَمَّد الْحُسَيْنِي وَتُوفِّي بقوص قَاصِدا مصر وَحمل إِلَى مصر وَدفن بالقرافة وَسمع مِنْهُ أَبُو الْجُود ندى بن عبد الْغَنِيّ
وَقيل إِنَّه كَانَ تَحت يَده إِحْدَى عشرَة مدرسة توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (النَّقِيب بهاء الدّين)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن هبة الله الشريف أَبُو طَالب بهاء الدّين ابْن الْمُهْتَدي الْهَاشِمِي العباسي نقيب بني هَاشم بالعراق وخطيب جَامع الْقصر
كَانَ صَدرا محتشماً كَبِير الْقدر ذَا دينٍ وعدالة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وشيعه الْأَعْيَان سوى الْوَزير وَابْن الْجَوْزِيّ الأشتاذدار وَمُجاهد الدّين وعلاء الدّين الدوادارين
3 - (الْمسند النعالي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة أَبُو عبد الله النعالي شيخ معمر من كبار المسندين
توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة)
3 - (الْحَافِظ الصَّيْرَفِي الْبَغْدَادِيّ ابْن بكير)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن عبد الله بن بكير أَبُو(12/209)
عبد الله الْبَغْدَادِيّ الصَّيْرَفِي الْحَافِظ
سمع أَبَا جَعْفَر بن البخْترِي وَإِسْمَاعِيل الصفار وَعُثْمَان بن السماك وَأَبا بكر النجاد فَمن بعدهمْ روى عَنهُ أَبُو حَفْص بن شاهين وَهُوَ أكبر مِنْهُ وَأَبُو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ وَأَبُو الْقَاسِم التنوخي وَعبيد الله الْأَزْهَرِي وَآخر من حدث عَنهُ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي
قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي كنت أحضر عِنْد ابْن بكير وَبَين يَدَيْهِ أجزاءٌ فَأنْظر فِيهَا فَيَقُول لي أَيّمَا أحب إِلَيْك تذكر لي متن مَا تُرِيدُ من هَذِه الْأَجْزَاء حَتَّى أخْبرك بِإِسْنَادِهِ أَو تذكر إِسْنَاده حَتَّى أخْبرك بمتنه فَكنت أذكر لَهُ الْمُتُون فيحدثني بِالْأَسَانِيدِ كَمَا هِيَ حفظا وَفعلت هَذَا مَعَه مرَارًا وَكَانَ ثِقَة لكِنهمْ حسدوه وَتَكَلَّمُوا فِيهِ
قَالَ الْخَطِيب قَالَ لي ابْن أبي الفوارس كَانَ يتساهل فِي الحَدِيث وَيلْحق فِي بعض أصُول الشُّيُوخ مَا لم يكن فِيهَا ويصل المقاطيع
ولد سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
قَالَ بَعضهم حسدوه فتكلموا فِيهِ
3 - (الْحَافِظ الشماخي)
الْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَسد بن شماخ أَبُو عبد الله الشماخي الْحَافِظ الْهَرَوِيّ الصفار
حدث بهراة وبغداد ودمشق عَن أَحْمد بن عبد الْوَارِث الْمصْرِيّ وَغَيره وَضَعفه أَبُو عبد الله بن أبي ذهل
وَله مستخرجٌ على صَحِيح مُسلم وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ الْهَرَوِيّ)
الْحُسَيْن بن إِدْرِيس بن الْمُبَارك بن الْهَيْثَم أَبُو عَليّ الْأنْصَارِيّ(12/210)
الْهَرَوِيّ الْحَافِظ
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَله تَارِيخ صنفه على وضع تَارِيخ البُخَارِيّ توفّي سنة إِحْدَى وثلاثمائة
3 - (ابْن كرنيب)
الْحُسَيْن بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن زيد أَبُو أَحْمد بن أبي الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بِابْن كرنيب الْكَاتِب)
كَانَ من جلة الْمُتَكَلِّمين وَيذْهب مَذْهَب الفلاسفة الطبيعيين
قَالَ ابْن أبي أصيبعة وَكَانَ فِي نِهَايَة الْفضل والمعرفة والاضطلاع بالعلوم الطبيعية الْقَدِيمَة
وَله من المصنفات كتاب الرَّد على ثَابت بن قُرَّة فِي نَفْيه وجوب وجود سكونين بَين كل حركتين متساويتين ومقالة فِي الْأَجْنَاس والأنواع وَهِي الْأُمُور العامية
3 - (القَاضِي الْمحَامِلِي)
الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن سعيد بن أبان أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ الْمحَامِلِي
ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأول سَمَاعه سنة أَربع وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة
سمع أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي وَعَمْرو بن عَليّ الفلاس وَعبد الرَّحْمَن بن يُونُس السراج وَزِيَاد بن أَيُّوب وَيَعْقُوب الدَّوْرَقِي وَأحمد بن الْمِقْدَام وَأحمد ابْن إِسْمَاعِيل السَّهْمِي وخلقاً كثيرا
روى عَنهُ دعْلج وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن جَمِيع وَإِبْرَاهِيم بن خرشيد وَابْن الصَّلْت الْأَهْوَازِي وَأَبُو عمر بن مهْدي وَأَبُو مُحَمَّد بن البيع
قَالَ الْخَطِيب كَانَ فَاضلا دينا شهد عِنْد الْقُضَاة وَله عشرُون سنة وَولي قَضَاء الْكُوفَة سِتِّينَ سنة(12/211)
وَكَانَ يحضر مَجْلِسه عشرَة آلَاف رجل واستعفي من الْقُضَاة قبل سنة عشْرين وثلاثمائة
وَكَانَ مَحْمُودًا فِي ولَايَته
قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الإسكاف رَأَيْت فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول إِن الله ليدفع الْبلَاء عَن أهل بَغْدَاد بالمحاملي وَحَدِيثه بعلو عِنْد سبط السلَفِي
3 - (ابْن إياز النَّحْوِيّ)
الْحُسَيْن بن إياز بِأَلفَيْنِ بَينهمَا ياءٌ آخر الْحُرُوف وَفِي الآخر زَاي الْعَلامَة جمال الدّين النَّحْوِيّ شيخ الْعَرَبيَّة بالمستنصرية بِبَغْدَاد لَهُ مصنفات فِي النَّحْو مِنْهَا كتاب المطارحة وجوده
وَكتب عَنهُ أَبُو الْعَلَاء الفرضي وَابْن الفوطي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ تَاج الدّين الأرموي
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعره)
3 - (الْمصْرِيّ)
الْحُسَيْن بن بشر أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ وَهُوَ غير الْحسن بن بشر الْآمِدِيّ
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الشُّعَرَاء شَاعِر مَشْهُور مَذْكُور جيد الشّعْر عالي الطَّبَقَة مشهودٌ لَهُ بالفضيلة
حدث أَبُو الْخطاب الحبلي قَالَ حَدثنِي عبد المحسن الصُّورِي قَالَ مَا رَأَيْت فِيمَن شاهدته من الشُّعَرَاء أَعلَى طبقَة من ابْن بشر وَلَا أحسن طَريقَة وَشَهَادَة عبد المحسن لَهُ بذلك مَعَ تقدمه وفضله وَالْإِجْمَاع على إحسانه فضيلةٌ لَهُ لَا تجحد ومزية لَا تدفع وشعره نَحْو خَمْسَة آلَاف بَيت
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أيا دهر كم ترنو إِلَيْهِ تَعَجبا ... وَتَبَسم مَا يخفى بأنك عاشق)
(وَقد زفت الدُّنْيَا إِلَيْهِ بقوله ... مَتى صنتها عَن طالبٍ فَهِيَ طَالِق)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(حصلت من الدُّنْيَا على الشّعْر رُتْبَة ... قصاراي فِيهَا أَن يُقَال مجود)
(فأكرمهم من برني باستماعه ... وأجودهم من قَالَ شعرك جيد)
وَقَالَ عبد المحسن الصُّورِي كنت وَابْن بشرٍ نشرب فِي بعض اللَّيَالِي وَكَانَ فضلٌ الْقَائِد قد ورد يافا وَمَعَهُ عَسْكَر عَظِيم وَهُوَ غلامٌ حسن الصُّورَة حِين بقل وَجهه وَإِذا رَسُوله قد حضر(12/212)
يستدغي ابْن بشر فَمضى إِلَيْهِ وَلم يكن بأسرع من أَن عَاد وَقد أَفَاضَ عَلَيْهِ خلعةً سنيةً وَحمله على بغلة بمركب ذهب فَسَأَلته عَن الْحَال فَقَالَ استدعاني وخاطبني بالجميل وَقَالَ أَنا أعرف لسَانك وخبثه وَأَنه لَا يسلم عَلَيْك أحدٌ وَأحب أَن تهب لي نَفسِي وَلَا تذكرني فِي شعرك وخلع عَليّ هَذِه الملابس وحملني على هَذَا المركوب فدعوت لَهُ وشكرته وَقلت معَاذ الله أَن أفعل هَذَا أبدا
وأخذنا فِيمَا كُنَّا فِيهِ من الشّرْب فَعمل فِي الْحَال من مجزوء الرمل
(فضل فِي الْعَالم فضلٌ ... لَيْسَ يحْتَاج إِلَيْهِ)
(قائدٌ قَامَ علينا ... حِين سلمنَا عَلَيْهِ)
ثغره الأشنب بالتقبيل أولى من يَدَيْهِ)
فَقلت لَهُ وفيت وَمَا قصرت
وَولي بعض النواحي مشرفاً فَخرج إِلَيْهَا رَاجِلا فَقَالَ من المتقارب
(أولى الْخراج وكشف الضّيَاع ... وَذَا الزي زيي وَذي حالتي)
(وأخشى إِذا جئتهم رَاجِلا ... يظنونني بعض رجالتي)
وَقَالَ فِي الْحُسَيْن بن لسلة من مجزوء الْخَفِيف
(شعراتٌ تسلسلت ... فِي عذار ابْن سلسله)
يَا حُسَيْن ارث للخسين بن بشرٍ ورق لَهُ
(أَنْت تَدْرِي بلوعتي ... بك مَا كل ذَا بله)
وَقَالَ فِيهِ بعد ذَلِك من الْخَفِيف والعذار الَّذِي تسلسل بالْحسنِ هُوَ الْيَوْم ذقن تيسٍ كثيف
(فَإِذا مَا نظرته قلت صوفٌ ... وَإِذا مَا لمسته قلت لِيف)
(إِن عقلا يظنّ أَنِّي بعقلي ... كنت فِي زلقتي لعقلٌ ضَعِيف)
قَالَ أَبُو الْخطاب الحبلي كَانَ ابْن بشر على خبث لِسَانه كثير الهجاء ليعقوب بن كلس الْوَزير مغرىً بهجائه وَكَانَ يبلغهُ ذَلِك عَنهُ فيحقده عَلَيْهِ وَكَانَ لِابْنِ كلس نديمٌ يعرف بالزلازلي وَكَانَ يدْخل إِلَى الْعَزِيز فيمازحه فِي خلواته فَقَالَ لَهُ يَوْمًا يَا زلازلي أَنْشدني أَبْيَات ابْن بشرٍ فِيك من مخلع الْبَسِيط
(مَا غَابَ يَعْقُوب عَن مكانٍ ... يحضر فِيهِ الزلازلي)
فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن أَنا حَتَّى أهجي هَذَا قد هجاك وهجا وزيرك فَقَالَ بِمَاذَا قَالَ بقوله من الوافر
(تنصر فالتنصر دين حقٍّ ... عَلَيْهِ زَمَاننَا هَذَا يدل)(12/213)
فيعقوب الْوَزير أَب وَهَذَا الْعَزِيز ابنٌ وروح الْقُدس فضل وَهِي أَبْيَات كَثِيرَة فَقَالَ قد أبحت أَن يُؤَدب وَلَا يحْتَمل لَهُ مثل هَذَا القَوْل وَتقدم إِلَى ابْن كلس بِهَذَا وَكَانَ فِي قلبه عَلَيْهِ مَا فِيهِ وَكَانَ ابْن بشر نحيف الْجِسْم ضعيفه فتناوله وصفعه بدرة كَانَت محشوةً بالحصى فَمَاتَ من ليلته بمحبسه فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أنفذ الْعَزِيز يسْأَل عَن خَبره وَتقدم بِإِخْرَاجِهِ وَأَن يخلع عَلَيْهِ وَيُعْطى جَائِزَة يَسْتَكِف بهَا فَأخْبر بوفاته فساءه ذَلِك)
وَأنْكرهُ
3 - (الخالع الرافقي)
الْحُسَيْن بن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد الخالع الرافقي وَيُقَال إِنَّه من ذُرِّيَّة مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ
كَانَ من كبار النُّحَاة أَخذ عَن أبي سعيد السيرافي وَأبي عَليّ الْفَارِسِي
وَله من المصنفات كتاب الشُّعَرَاء وَكتاب المواصلة والمفاصلة وَكتاب الْأَمْثَال وَكتاب الأودية وَالْجِبَال وَكتاب الرمال وَكتاب تخيلات الْعَرَب وَتَفْسِير شعر أبي تَمام وصناعة الشّعْر وَغير ذَلِك وَكَانَ من الشُّعَرَاء الْمَذْكُورين كَانَ مَوْجُودا فِي عشر الثَّمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (عميد الجيوش)
الْحُسَيْن بن أبي جَعْفَر أستاذ هُرْمُز أَبُو عَليّ عميد الجيوش ولد سنة خمسين وثلاثمائة
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعمِائَة
كَانَ أَبوهُ من حجاب عضد الدولة وَجعل ابْنه أَبَا عَليّ يرسم ابْنه صمصام الدولة فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة وولاه الْعرَاق فَقَدمهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين والفتن قائمةٌ والذعار يفتكون بِالنَّاسِ ففتك بهم وَقتل وصلب وغرق خلقا كثيرا فَقَامَتْ الهيبة وَمنع أهل الكرخ من النِّيَاحَة يَوْم عَاشُورَاء وَأهل بَاب الْبَصْرَة من زيادرة قبر مُصعب بن الزبير
وَبلغ من هيبته أَنه أعْطى غُلَاما لَهُ صينية فضَّة فِيهَا دَنَانِير وَقَالَ خُذْهَا على رَأسك وسر من النجمي إِلَى الماصر الْأَعْلَى فَإِن اعترضك معرضٌ فأعطه إِيَّاهَا واعرف الْمَكَان الَّذِي أخذت مِنْك فِيهِ فجَاء وَقد انتصف اللَّيْل وَقَالَ مشيت الْبَلَد جَمِيعه وَلم يلقني أحد عارضني فِيهَا
وسارت سمعة عدله وَتمنى النَّاس فِي الْأَمْصَار أَن يَكُونُوا تَحت كنفه
وَلما دخل عميد الجيوش بَغْدَاد كَانَ ابْن أبي طَاهِر المنجم قد قَالَ اقْتضى حكم النُّجُوم أَن يُقيم بِبَغْدَاد ثَمَانِي سِنِين وشهوراً وَبلغ عميد الجيوش ذَلِك فانزعج فَقيل لَهُ لَا تلْتَفت إِلَى قَول منجم فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ أَقَامَ على ولَايَة الْعرَاق ثَمَانِي سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وَلما مَاتَ تولى أمره الرضى الموسوي وَدفن بمقابر قُرَيْش(12/214)
3 - (أَمِير حُسَيْن بن جندر بك)
حُسَيْن بن جندر الْأَمِير شرف الدّين أَمِير حُسَيْن الرُّومِي كَانَ وَهُوَ أَمْرَد رَأس مدرج لحسام الدّين لاجين لما كَانَ نَائِب الشَّام وَكَانَ يؤثره لِأَنَّهُ كَانَ صياداً شجاعاً وَكَانَ يُحِبهُ لأجل أَخِيه)
الْأَمِير مظفر الدّين وَرُبمَا تنادم مَعَهُمَا فِي الْخلْوَة
وَلما ملك حسام الدّين الديار المصرية طلبه إِلَى مصر وخلع عَلَيْهِ خلعةً لم يرضها ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام وَطَلَبه فِيمَا أَظن ثَانِيًا ورسم لَهُ بِعشْرَة فَمَاتَ حسام الدّين لاجين فَأَقَامَ بِمصْر حَتَّى حضر الْملك النَّاصِر من الكرك فرسم لَهُ بِالْعشرَةِ وَحضر مَعَ الأفرم فِيمَا أَظن إِلَى دمشق ثمَّ أَخذ الطبلخاناه ونادم الأفرم وَلم يزل مَعَ الأفرم بِدِمَشْق إِلَى أَن هرب الْأُمَرَاء كلهم وقفزوا إِلَى الكرك وهرب الأفرم فلحق بِالْملكِ النَّاصِر وَدخل مَعَه وجهزه السُّلْطَان لإحضار المَال من الكرك فَتوجه هُوَ والأمير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى
وَتوجه مَعَ السُّلْطَان إِلَى مصر وَدخل عَلَيْهِ فِي الطَّرِيق بأنواع من الْحِيَل إِلَى أَن صَار قَرِيبا عِنْده وَكَانَ يَقُول يَا خوند إِن كُنَّا ندخل مصر فهذ الطير يصيد وَيَرْمِي الصَّقْر أَو الْجَارِح الَّذِي يكون مَعَه فيصيد فَنزل من قلبه
وَكَانَ الْأَمِير شرف الدّين محظوظاً فِي الصَّيْد بالجوارح والضواري والنشاب لَا يكَاد يفوتهُ مِنْهُ شَيْء رَأَيْت هَذَا مِنْهُ مرَارًا عديدة لما كنت أسافر مَعَه فإنني كتبت لَهُ الدرج وترسلت عَنهُ وَكَانَ يستصحبني مَعَه فِي أَسْفَاره شاما ومصرا
ثمَّ إِن السُّلْطَان أعطَاهُ إمرة مائَة وَقدمه على ألف وأفرد لَهُ زَاوِيَة من طيور الْجَوَارِح فَكَانَ أَمِير شكار مَعَ الْأَمِير كوجري
وَحضر مَعَ السُّلْطَان إِلَى دمشق لما توجه إِلَى الْحجاز وَأقَام بِدِمَشْق لِأَنَّهُ وَقع فَانْكَسَرت رجله
وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز يحضر إِلَى زيارته كل قَلِيل
وَلما عَاد السُّلْطَان عَاد مَعَه إِلَى مصر ولقى الْحُرْمَة الوافرة وحظي بالديار المصرية وَكَانَ ينتمي إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طغاي وينبسط مَعَه فحلا بقلب الخاصكية وَسلم لذَلِك لما أمسك الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب والأمير عَلَاء الدّين آيدغدي شقير وَمَا أعطَاهُ النَّاس فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة سَلامَة
ثمَّ إِنَّه توالت عَلَيْهِ الْأَمْرَاض فرسم السُّلْطَان لَهُ بِالْعودِ إِلَى دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَهُوَ مستمرٌ عِنْد الْأَمِير سيف الدّين تنكز على تِلْكَ الْمحبَّة إِلَى أَن وَقع بَينهمَا بِسَبَب الْقصب الَّذِي فِي قَرْيَة عمتنا وتخاصما فِي سوق الْخَيل ورجعا إِلَى دَار السَّعَادَة وتحاكما
ثمَّ إِنَّهُم سعوا بَينهمَا فِي الْمُصَالحَة فَقَامَ تنكز وَقَامَ حُسَيْن فَوضع يَده على عنق تنكز وَقبل)
رَأسه فَمَا حمل تنكز مِنْهُ ذَلِك(12/215)
قَالَ لي أَمِير حُسَيْن وَالله مَا تَعَمّدت ذَلِك وَلكنه كَانَ خطأ كَبِيرا فَكتب تنكز وطالع السُّلْطَان بأَمْره فَشد الفخري قطلوبغا مِنْهُ شداً كثيرا فَمَا أَفَادَ كَلَام تنكز ورسم السُّلْطَان للأمير شرف الدّين بِأَن يكون مقَامه بصفد وإقطاعه على حَاله وَجَاء كتاب السُّلْطَان إِلَيْهِ إِنَّك أَسَأْت الْأَدَب على نائبنا وَمَا كَانَ يَلِيق بك هَذَا وَحضر كتاب السُّلْطَان إِلَى نَائِب صفد بِأَن الْأَمِير شرف الدّين طرخان لَا تجرده إِلَى يزك وَلَا تلْزمهُ بِخِدْمَة إِن شَاءَ ركب وَإِن شَاءَ نزل
فَأَقَامَ بصفد قَرِيبا من سنتَيْن وَنصف وَمن هُنَاكَ كتبت لَهُ الدرج ثمَّ لما حضر الْأَمِير سيف الدّين الجاي الدوادار لإحضار الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا من حلب ليتوجه إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِبا كَأَنَّهُ قَالَ للأمير سيف الدّين تنكز لما جَاءَ ذكر الْأَمِير حُسَيْن وَالله مَا كَانَ السُّلْطَان هان عَلَيْهِ أمره فَحِينَئِذٍ صَحَّ الصُّلْح مَعَه وسير إِلَيْهِ وَهُوَ بالغور ليلتقيه إِلَى الْقصير فاصطلحا هُنَاكَ وخلع عَلَيْهِ ووعده بِأَنَّهُ إِذا عَاد من مصر أَخذه مَعَه إِلَى دمشق ففاوض السُّلْطَان فِي ذَلِك فَمَا وَافق على ذَلِك
وَطلب الْأَمِير حُسَيْن إِلَى مصر فَأَخذه من الْغَوْر إِلَى دمشق وجهزه تنكز إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهِمَا على خيل الْبَرِيد وَكنت مَعَه فوصل إِلَيْهَا وأنعم عَلَيْهِ بِخبْز الْأَمِير بهاء الدّين أصلم السلاحدار فَأَقَامَ عَلَيْهِ إِلَى أَوَائِل سنة ثَمَان وَعشْرين فَتوفي رَحمَه الله بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بجوار جَامعه الَّذِي عمره فِي حكر جَوْهَر النوبي بِالْقَاهِرَةِ وحنا السُّلْطَان عَلَيْهِ حنواً كَبِيرا إِلَى الْغَايَة وَأعْطى الإقطاعات فِي الْحلقَة لمماليكه ورتب لَهُم الرَّوَاتِب وَأمر بعض أَقَاربه ورتب الرَّوَاتِب لبنَاته وزوجاته وأقاربه وَلم يتم هَذَا لغيره
وَهُوَ الَّذِي عمر القنطرة على الخليج وَإِلَى جَانبهَا الْجَامِع الَّذِي لَهُ وَلما فرغ أحضر إِلَيْهِ المشد وَالْكَاتِب حشاب ذَلِك وَقَالا هَذَا حِسَاب هَذِه الْعِمَارَة فَرمى بِهِ فِي الخليج وَقَالَ أَنا خرجت عَن هَذَا لله تَعَالَى فَإِن خنتما فعليكما وَإِن وفيتما فلكما
يُقَال إِنَّه غرم على ذَلِك فَوق المائتي ألف دِرْهَم وَكَانَ رَحمَه الله شحيحاً على الدِّرْهَم وَالدِّينَار من يَده وَأما من خَلفه فَمَا كَانَ يقف فِي شَيْء وَكَانَ الْفرس والقباء عِنْده هينٌ يُطلق ذَلِك كثيرا
وَكَانَ خَفِيف الرّوح دَائِم الْبشر لطيف الْعبارَة وَكَانَت فِي عِبَارَته عجمة لكنه إِذا قَالَ الْحِكَايَة)
أَو ندب أَو ندر يظْهر لكَلَامه حلاوة فِي الْقلب والسمع
قَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين نَحن إِذا حكينا مَا يَقُوله مَا يكون لذَلِك حلاوته من فِيهِ وَكَانَ ظريفاً إِلَى الْغَايَة وَهُوَ الَّذِي عمر الْجَامِع الْأَبْيَض بالرملة وَعمر تِلْكَ المنارة العجيبة رَاح عَلَيْهَا مبلغ ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكَانَ فِيهِ الْخَيْر وَالصَّدَََقَة وَلكنه كَانَ يَسْتَحِيل فِي الآخر
وَلم يخلف إِلَّا ابْنَتَيْن رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يجلس فِي الميمنة فَلَمَّا حضر تمرتاش جلس مَكَانَهُ وَكَانَ هُوَ يجلس فِي الميسرة وَكَانَ السُّلْطَان يُحِبهُ ويؤثره كثيرا وَلم يخلص من مخاليب تنكز أحدٌمن الْأُمَرَاء غَيره(12/216)
أَبُو عمار الْمروزِي الْحُسَيْن بن حُرَيْث بن الْحسن بن ثَابت بن قُطْبَة أَبُو عمار الْمروزِي
روى عَنهُ الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن ماجة وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة رَأَيْته فِي الْمَنَام بعد وَفَاته على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ ثيابٌ بيض وعمامة خضراء وَهُوَ يقْرَأ أم يحسبون أَنا لَا نسْمع سرهم ونجواهم بلَى وَرُسُلنَا لديهم يَكْتُبُونَ فَأَجَابَهُ مجيبٌ من مَوضِع الْقَبْر حَقًا قلت يَا زين أَرْكَان الْجنَّة
وَتُوفِّي بقرميسين منصرفاً من الْحَج سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
الْحُسَيْن بن الْحسن أَبُو عبد اله الْحَلِيمِيّ الْحُسَيْن بن الْحسن بن مُحَمَّد بن حَلِيم الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالحليمي الْجِرْجَانِيّ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الاام يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَبعدهَا مِيم
ولد بجرجان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ قد حمل إِلَى بخاري وَكتب الحَدِيث عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبيب وَغَيره وتفقه على أبي بكر الأودني وَأبي بكرٍ الْقفال ثمَّ صَار إِمَامًا مرجوعاً إِلَيْهِ بِمَا وَرَاء النَّهر وَله فِي الْمَذْهَب وُجُوه حَسَنَة وَحدث بنيسابور روى عَنهُ الْحَافِظ الْحَاكِم مَعَ تقدمه وَغَيره
وَكَانَ رَئِيس أَصْحَاب الحَدِيث وَأحد الشَّافِعِيَّة وأنظرهم بعد أستاذه أبي بكر الْقفال وَله مصنفات كَثِيرَة ينْقل مِنْهَا الْبَيْهَقِيّ كثيرا
3 - (الْخَطِيب الْكُوفِي)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن الخصيب العباسي مَوْلَاهُم أَبُو عبد الله بن أبي عَليّ الْخَطِيب الْكُوفِي)
كَانَ خطيبها وَكَانَ أديباً يَقُول الشّعْر قدم بَغْدَاد غير مرّة وروى بهَا شَيْئا من شعره
وَمن شعره من المنسرح
(أَطُوف كَيْمَا أرى مثالكم ... لتشتفي الْعين مِنْهُ بِالنّظرِ)
(لَا وَالَّذِي بالنوى عَليّ قضى ... فَدلَّ جفني بالدمع والسهر)
(مَا نظرت مقلتي إِلَى صورٍ ... إِلَّا وَأَنْتُم أحلى من الصُّور)(12/217)
وَمِنْه من الْكَامِل
(قَالُوا أَتَى عاشور قلت لَهُم ... يَا حبذا الْمَذْكُور من وَفد)
(قد أرجفوا بِفِرَاق ظالمتي ... فِيهِ فَزَاد تمقتاً عِنْدِي)
قتل الْحُسَيْن بِهِ وَهَا أنذا الْمَقْتُول بالهجران والصد قلت شعر متوسط
3 - (ابْن الْوَزير ابْن سهل)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن سهل أَخُو مُحَمَّد بن الْحسن كَانَ وَالِده وَزِير الْمَأْمُون وَقد تقدم ذكره
وَكَانَ الْحُسَيْن أديباً فَاضلا لَهُ نظمٌ حسن
وَمن شعره فِي غُلَامه بدر وَقد نَاوَلَهُ وردا من المتقارب
(مشارك بدر الدجى فِي اسْمه ... وَفِي الْحسن مِنْهُ وَفِي بعده)
(يطيب بِهِ الْورْد إِن مَسّه ... وتخجله وردتا خَدّه)
(وَلَا وصل أبعد من وَصله ... وَلَا صد أقرب من صده)
(صَدُوق المحاسن لكنه ... كذوب المطامع فِي وعده)
(هُوَ العَبْد لي وَأَنا عَبده ... فَمن ينصف العَبْد من عَبده)
قلت شعر جيد
3 - (الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ الْمَقْدِسِي)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن عبد الله أَبُو عبد الله الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ الْمَقْدِسِي قدم بَغْدَاد شَابًّا وتفقه على قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن عَليّ الدَّامغَانِي
وَسمع الحَدِيث من الشريف مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزَّيْنَبِي وَعلي بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن البشري وَمُحَمّد بن أبي نصر الْحميدِي وَغَيرهم وَقَرَأَ بالروايات على أَحْمد ابْن عَليّ)
الصُّوفِي
وَكَانَ إِمَام مشْهد أبي حنيفَة وَكَانَ صَالحا دينا توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن مَالك الْبَصْرِيّ)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن يسَار بن مَالك الْبَصْرِيّ روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة
3 - (أَمِير دمشق الحمداني)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عبد الله بن حمدَان نَاصِر الدولة أَبُو عَليّ التغلبي الْأَمِير أَمِير دمشق
ولي أمرهَا للمصريين سنة خمسين(12/218)
وَأَرْبَعمِائَة وَسَار إِلَى حلب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين فَجرى بَينه وَبَين بني كلاب وقْعَة الفنيدق بِظَاهِر حلب فَكسر ابْن حمدَان وأفلت هزيماً جريحاً إِلَى مصر وَولي بعده أَبُو مَنْصُور سبكتكين التركي فَبَقيَ بعده بِمصْر ثَلَاثَة أشهر وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَت يَده قد شلت فِي وَاقعَة الفنيدق
وَفِيه يَقُول الفكيك الْحلَبِي الشَّاعِر من الْكَامِل
(وَلَئِن غَلطت بِأَن مدحتك طَالبا ... جدواك مَعَ علمي بأنك باخل)
(فالدولة الغراء قد غَلطت بِأَن ... سمتك ناصرها وَأَنت الخاذل)
(إِن تمّ أَمرك مَعَ يدٍ لَك أَصبَحت ... شلاء فالأمثال عِنْدِي بَاطِل)
وَفِي نَاصِر الدولة يَقُول الفكيك وَقد هَزَمه تَاج الْمُلُوك مَحْمُود بن نصر بن صَالح على حلب ثمَّ إِن الْمُسْتَنْصر جعله والياً على دمشق من الوافر
(على حلبٍ بِهِ حلبت دماءٌ ... وَحكم فِيكُم الرمْح الْأَصَم)
(وَقد أَرْسلتهُ وَالِي دمشقٍ ... يدٌ شلا وأمرٌ لَا يتم)
3 - (ابْن البن)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم بن البن بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد النُّون الْأَسدي الدِّمَشْقِي الْفَقِيه
سمع أَبَا الْقَاسِم بن أبي الْعَلَاء وَسَهل بن بشر وَأَبا عبد الله الْحسن بن أَحْمد بن أبي الْحَدِيد وَأَبا البركات بن طَاوُوس والفقيه نصر الْمَقْدِسِي وَعَلِيهِ تفقه وخلط على نَفسه وَلكنه تَابَ)
تَوْبَة نصُوحًا
روى عَنهُ ابْن عَسَاكِر الْحَافِظ وَابْنه الْقَاسِم والحافظ أَبُو الْمَوَاهِب بن صصرى وَأَخُوهُ أَبُو الْقَاسِم وَهُوَ آخر من حدث عَنهُ وَأَبُو الْقَاسِم بن الحرستاني وَأَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ بن الْحُسَيْن الْأَسدي حفيده وَآخَرُونَ توفّي بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (الْحَافِظ أَبُو معِين)
الْحُسَيْن بن الْحسن أَبُو معِين الرَّازِيّ أحد حفاظ الرّيّ توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (الصُّوفِي التكريتي)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو عبد الله الصُّوفِي التكريتي أَقَامَ بِبَغْدَاد إِلَى أَن توفّي بهَا سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة سمع الحَدِيث بعد علو سنه من ابْن شاتيل فَمن دونه وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله دينا
وَمن شعره من الطَّوِيل
(تبَارك من لَا يعلم الْغَيْب غَيره ... وشكراً على مَا قد قَضَاهُ وَمَا حكم)(12/219)
(إِذا كَانَ رَبِّي عَالما بسريرتي ... وَكنت بَرِيئًا عِنْده غير مُتَّهم)
(فَقل لظلومٍ سَاءَنِي سوء فعله ... سينصف الْمَظْلُوم من كل من ظلم)
(فيا نفس لي فِي يوسفٍ خير أسوةٍ ... فصبراً فَإِن الصَّبْر خيرٌ من النَّدَم)
قلت شعر منحط
3 - (النَّقِيب ابْن الأقساسي)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو عبد الله بن أبي مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي الْمَعْرُوف بِابْن الأقساسي الْكُوفِي وَقد تقدم ذكر جمَاعَة من أهل بَيته
ولاه الْمُسْتَنْصر بِاللَّه نقابة الطالبيين سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة وأضيف إِلَيْهِ الإشراف على المخزن ثمَّ عزل عَن الإشراف وَبَقِي على النقابة
وَكَانَ صَدرا كَامِلا أديباً فَاضلا لَهُ نظم وَفِيه تواضع وَحسن أَخْلَاق
وَمن شعره من السَّرِيع
(لج بِي الشوق إِلَى شادنٍ ... مهفهفٍ كَالْقَمَرِ الطالع)
)
(يميس كالنشوان من عجبه ... وينثني كالغصن اليانع)
(ويرشق الْقلب إِذا مَا بدا ... بأسهمٍ من طرفه الرائع)
(قد كنت أبْكِي قبل حبي لَهُ ... بأدمعٍ من جفني الهامع)
(حَتَّى رسا الْحبّ بقلبي فَمَا ... أبْكِي بِغَيْر العلق الناصع)
(أَغضّ أجفاني لَا من كرىً ... تشبهاً بالراقد الوادع)
(لَعَلَّ طيفاً مِنْك يَأْتِي إِذا ... أبصرني فِي صُورَة الهاجع)
(أعلل النَّفس بزور المنى ... عِلّة لَا راجٍ وَلَا طامع)
(قناعةً مني بِمَا لَا أرى ... وَتلك عِنْدِي غَايَة القانع)
3 - (الْوَزير مؤيد الْملك الرخجي)
الْحُسَيْن بن الْحسن أَبُو عَليّ الرخجي الملقب مؤيد الْملك ولد بالأهواز سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
كَانَ أَبُو عَليّ الْحسن ابْن أستاذ هُرْمُز الملقب عميد الجيوش قد سَار إِلَى الْعرَاق فاستصحب أَبَا عَليّ الرخجي نَاظرا فِي النِّيَابَة عَنهُ ومتولياً للأعمال بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا توفّي عميد الجيوش نظر أَبُو عَليّ فِي أُمُور الحضرة إِلَى أَن وزر فَخر الْملك أَبُو غَالب فأقره على أمره وَصَارَ يخلفه وَلما قبض عَلَيْهِ عرضت عَلَيْهِ الوزارة فأباها وَأَشَارَ بِأبي مُحَمَّد بن سهلان وَصَارَ نَائِبا عَنهُ(12/220)
فَلَمَّا فسد أَمر ابْن سهلان ألزم أَبُو عليٍّ بالوزارة لمشرف الدولة أَبُو عَليّ ابْن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة وخلع عَلَيْهِ القباء وَالسيف والمنطقة ولقب مؤيد الْملك سيد الوزراء
وَتَوَلَّى الْأُمُور ومشاها أحسن تمشية وَأَنْشَأَ البيمارستان بواسط ثمَّ شغب الغلمان شغباً أدّى إِلَى الْقَبْض عَلَيْهِ وألزم بِمِائَتي ألف دِينَار فوفى أَكْثَرهَا وَكَانَت وزارته سنتَيْن ويومين
وَكَانَت لَهُ أفعالٌ كريمةٌ أَيَّام تصرفه ورعايةٌ مَشْهُورَة لأهل وده
3 - (الشهراباني الشَّاعِر)
الْحُسَيْن بن أبي الْحسن أَبُو عبد الله الشهراباني الشَّاعِر
من شعره من الْكَامِل
(يَا بانة الْوَادي الَّتِي سفكت دمي ... بلحاظها بل يَا فتاة الأجرع)
)
(مني عَليّ بنظرة فِيهَا رضى ... ثمَّ اصنعي مَا شِئْت بِي أَن تصنعي)
(وتحققي أَنِّي بحبك مغرمٌ ... قَول المحق خلاف قَول الْمُدَّعِي)
(وَإِذا تَوَاتَرَتْ الغيوم وأمطرت ... مِنْهَا سحائبها حكتها أدمعي)
(وَإِذا رَأَيْت النَّار شب وقودها ... كلظى الْجَحِيم فمثلها فِي أضلعي)
(لي أَن أبثك كل مَا أَلْقَاهُ من ... ألم الْهوى وَعَلَيْك أَن لَا تسمعي)
وَمِنْه من المديد
(من عذيري من هوى قمرٍ ... ظلّ ينساني وأذكره)
(هاجري من غير مَا سببٍ ... وَأَنا بالرغم أعذره)
(قلت للعذال إِذا أمروا ... بسلوٍّ عز أيسره)
(مالكي فِي الْقلب مَسْكَنه ... فسلوي أَيْن أضمره)
قلت شعر جيد
3 - (الْأَمِير نَاصِر الدّين بن حمدَان)
الْحُسَيْن بن الْحسن بن الْحُسَيْن الْأَمِير نَاصِر الدّين حفيد الْأَمِير نَاصِر الدولة ابْن حمدَان
توثب على الديار المصرية وَجَرت أمورٌ وحروبٌ وَكَانَ عَازِمًا على إِقَامَة الدولة العباسية بِمصْر وتهيأت لَهُ الْأَسْبَاب وقهر الْمُسْتَنْصر العبيدي ثمَّ وثب عَلَيْهِ الدكز التركي فِي جمَاعَة فَقَتَلُوهُ سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقد تقدم ذكر جده نَاصِر الدولة الْحُسَيْن بن الْحسن
وَكَانَ نَاصِر الدّين قد لقب نَفسه سُلْطَان الجيوش وَاتفقَ مَعَ الدكز التركي وزوجه الدكز ابْنَته وتحالفا كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى الآخر فَركب ابْن حمدَان يَوْمًا إِلَى بعض أَعمال مصر مُرَتبا للعساكر والمراكب فِي طمأنينة فَركب الدكز فِي خمسين فَارِسًا وَله غلامٌ يدعى حسام الدولة كمشتكين فَقَالَ لَهُ أُرِيد أَن أطلعك على أَمر قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ قد علمت مَا فعل ابْن حمدَان بِالْمُسْلِمين من سفك الدِّمَاء والغلاء والجلاء وَقد عزمت على قَتله فَهَل فِيك مُوَافقَة(12/221)
على رَاحَة الْمُسلمين مِنْهُ فَقَالَ نعم
وَقصد ابْن حمدَان وَهُوَ يتمشى فِي صحن دَاره فَمشى الدكز مَعَه وَتَأَخر عَنهُ وضربه بتافروت كَانَ مَعَه فِي خاصرته وضربه كمشتكين فَقطع رجلَيْهِ فصاح فعلتموها وحزوا)
رَأسه وَكَانَ مَحْمُود بن ذبيان أَمِير بني سِنْبِسٍ فِي خزانَة السراب فَدَخَلُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ ثمَّ دخلُوا دَارا فِيهَا فَخر الْعَرَب بن حمدَان وَعِنْده شاور فَقَتَلُوهُمَا وَخَرجُوا إِلَى خيمة تَاج الْمَعَالِي بن حمدن أخي الْأَمِير نَاصِر الدولة فهرب واستتر فِي خرابة فَدلَّ عَلَيْهِ فَقتل
وَفِي الْأَمِير نَاصِر الدّين يَقُول ابْن حيوس قصيدة أَولهَا من الْكَامِل
(مَحْض الإباء وسؤدد الْآبَاء ... جعلاك مُنْفَردا على الْأَكفاء)
(وَلَقَد جمعت حميةً وتقيةً ... تثني إِلَيْك عنان كل ثَنَاء)
(الدَّهْر فِي أَيَّام عزك لَا انفضت ... متعوضٌ عَن ظلمَة بَيْضَاء)
(حطت الرعايا بالرعاية رأفةً ... فاضت على الْقُرَبَاء والبعداء)
3 - (الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن عَلَاء الدّين الغوري)
الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن الْملك عَلَاء الدّين الغوري صَاحب الْغَوْر
توفّي بِبَغْدَاد سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة بعد محاصرة غزنة وَكَانَ من أَجود الْمُلُوك وتملك بعده وَلَده الْملك سيف الدّين مُحَمَّد
3 - (الأرمنتي)
الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن بن يحيى أَبُو مُحَمَّد بن أبي عَليّ القَاضِي الأرمنتي توفّي بأرمنت سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة
ذكره المؤرخ قطب الدّين عبد الْكَرِيم فِي تَارِيخه والفاضل مُحَمَّد بن عَليّ ابْن يُوسُف والفاضل جمال الدّين جَعْفَر الإدفوي فِي تَارِيخ السعيد
وَأورد لَهُ من الطَّوِيل
(غَلطت لعمري يَا أخي وإنني ... لفي سكرةٍ مِمَّا جناه لي الْغَلَط)
(حططت بقدري إِذا رفعت أخسةً ... وَمن رفع الْأَطْرَاف حق بِأَن يحط)
وَأورد لَهُ أَيْضا من السَّرِيع
(أَقْسَمت لَا عدت لشكر امرئٍ ... يَوْمًا وَلَا أخلصت فِي ودي)
(من قبل أَن تبدو أَفعاله ... فِي حَالَة الْقرب وَفِي الْبعد)
(وكل من جرعني سمه ... فَهُوَ الَّذِي أطعمته شهدي)
3 - (الْهَمدَانِي)
)
الْحُسَيْن بن حَفْص الْهَمدَانِي ثِقَة نبيل نقل علما كثيرا إِلَى أَصْبَهَان(12/222)
كَانَ دخله فِي كل سنة مائَة ألف دِرْهَم فَمَا وَجَبت عَلَيْهِ زكاةٌ وروى لَهُ مُسلم وَابْن ماجة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَمِير ابْن حمدَان)
الْحُسَيْن بن حمدون الْأَمِير أَبُو عبد الله التغلبي عَم السُّلْطَان سيف الدولة
قدم الشَّام لقِتَال الطولونية فِي جيشٍ من قبل المكتفي وَقدم دمشق لِحَرْب القرامطة أَيَّام المقتدر
ثمَّ ولاه ديار ربيعَة فغزا وافتتح حصوناً وَقتل خلقا من الرّوم ثمَّ خَالف فَأتى لحربه رائقٌ فحاربه وأسره رائق سنة ثَلَاث وثلاثمائة فسجن بِبَغْدَاد ثمَّ قتل سنة سِتّ وثلاثمائة
3 - (أَمِين الدولة قَاضِي حماة)
الْحُسَيْن بن حَمْزَة بن الْحُسَيْن بن حُبَيْش البهراني الحبيشي الْحَمَوِيّ الْقُضَاعِي أَمِين الدولة أَبُو الْقَاسِم قَاضِي حماة
أحد الكرماء الأجواد كَانَ يضيف الْخَاص وَالْعَام وَكَانَ صَلَاح الدّين يُكرمهُ ويجله وَكَانَ لَا يقبل بر أحد توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب
3 - (الْحُسَيْن بن الْخضر أَبُو عَليّ البُخَارِيّ)
الْحُسَيْن بن الْخضر بن مُحَمَّد أَبُو عَليّ البُخَارِيّ الفشيدنزجي بِفَتْح الْفَاء وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الزَّاي وَبعدهَا جِيم كَذَا رَأَيْته مضبوطاً الْفَقِيه الْحَنَفِيّ قَاضِي بُخَارى إِمَام عصره بِلَا مدافعة لَهُ أصحابٌ وتلامذة
نَاظر الشريف المرتضى وقطعه فِي حَدِيث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة قَالَ للمرتضى إِذا جعلت مَا نَافِيَة خلا الحَدِيث من الْفَائِدَة فَإِن كل أحد لَا يخفى عَلَيْهِ أَن الْمَيِّت يَرِثهُ أقرباؤه وَلَا تكون تركته صَدَقَة وَلَكِن لما كَانَ الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام بِخِلَاف الْمُسلمين بَين ذَلِك فَقَالَ مَا تَرَكْنَاهُ صدقةٌ
وَقد سمع أَبُو عَليّ هَذَا من ابْن شبوية وَغَيره وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (نَاصِر الدّين ابْن أَمِير الغرب)
الْحُسَيْن بن خضر بن مُحَمَّد بن حجي بن كَرَامَة بن(12/223)
بحتر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم ابْن الْحُسَيْن بن)
إِسْحَاق بن مُحَمَّد التنوخي هُوَ الْأَمِير نَاصِر الدّين الْمَعْرُوف بِابْن أَمِير الغرب
هم بَيت حشمة وَمَكَارِم مقامهم بجبال الغرب من بِلَاد بيروت هُوَ وآباؤه لَهُم خدمٌ على النَّاس وتفضل
وَالْحُسَيْن بن إِسْحَاق فِي أجداده هُوَ ممدوح أبي الطّيب فِي القصيدة القافية الَّتِي قَالَهَا فِيهَا من الطَّوِيل
(شدوا بِابْن إِسْحَاق الْحُسَيْن فصافحت ... دفاريها كيرانها والنمارق)
وَله فيهم أمداحٌ ومراثٍ وكرامة بن بحتر هُوَ الَّذِي هَاجر إِلَى نور الدّين الشَّهِيد فأقطعه الغرب وَمَا مَعَه بإمرته فَسُمي أَمِير الغرب
قَالَ نَاصِر الدّين صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة ومنشوره إِلَى الْآن بِخَط عماد الدّين الْكَاتِب عندنَا وتحضر كَرَامَة بعد البداوة وَسكن حمص سلحمور من نواحي إقطاعه وَهُوَ على تلٍّ عالٍ بِغَيْر بِنَاء وانتشأ أَوْلَاده هُنَاكَ حصناً وَلم يزَالُوا إِلَى أَن كَانَ الْخضر وَكَانَ قذىً فِي عين صَاحب بيروت أَيَّام الفرنج وشجىً فِي حلقه ورام حصره مرَارًا فيتوعر الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَمَّا صَار الْحَال إِلَى أَوْلَاده الشَّبَاب هادنهم صَاحب بيروت وسالمهم وَجعلُوا ينزلون إِلَى السَّاحِل وألفوا الصَّيْد بالطير وَغَيره فراسلهم وَطلب الِاجْتِمَاع بهم فِي الصَّيْد فَتوجه كبارهم وتصيدوا مَعَه إِلَى آخر النَّهَار فأكرمهم وَقدم لَهُم ضواري وطيوراً وكساهم قماشاً وَلمن مَعَهم وعادوا إِلَى حصنهمْ
وَلم يزل يستدرجهم مرّة بعد مرّة إِلَى أَن أخرج ابْنه مَعَه وَهُوَ شَاب فَقَالَ قد عزمت على زواجه وأدعو لَهُ مُلُوك السَّاحِل وأريدكم تحضرون ذَلِك النَّهَار فَتوجه الثَّلَاثَة الْكِبَار وَبَقِي أخوهم الصَّغِير فِي الْحصن ووالدته وَجَمَاعَة قَليلَة وتوجهوا إِلَيْهِ وامتلأ السَّاحِل بالشواني وَالْمَدينَة بالفرنج الغتم وتلقوهم بالشمع والمغاني فَلَمَّا صَارُوا فِي القلعة وجلسوا مَعَ الْمُلُوك غدروا بهم وتكاثروا عَلَيْهِم وأمسكوهم وأمسكوا غلمانهم وغرقوهم وركبوا فِي اللَّيْل وَمَعَ صَاحب بيروت جَمِيع الْعَسْكَر القبرسي وَاشْتَغلُوا بالحصن فانجفل الفلاحون والحريم وَالصبيان إِلَى الْجبَال والشعاب والكهوف وطاولوهم
وَعلم أهل الْحصن بِأَن الْجَمَاعَة قد أمسكوهم وغرقوهم ففتحوا الْبَاب فَخرجت الْعَجُوز وَمَعَهَا)
وَلَدهَا الصَّغِير وعمره سبع سِنِين وَلم يبْق من بَيتهمْ سوى هَذَا الصَّبِي واسْمه حجي وَهُوَ جد وَالِد نَاصِر الدّين
وَلما حضر السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَفتح صيدا وبيروت توجه إِلَى خدمته حجي وباس(12/224)
رجل السُّلْطَان فِي ركابه فلمس رَأسه بِيَدِهِ وَقَالَ أَخذنَا ثأرك طيب قَلْبك أَنْت مَكَان أَبِيك
وَأمر لَهُ بِكِتَابَة أَمْلَاك أَبِيه وَهِي القرايا الَّتِي بِأَيْدِيهِم بستين فَارِسًا وَلم يزَالُوا على ذَلِك إِلَى أَيَّام الْمَنْصُور قلاوون
فَذكر أَوْلَاد تغلب من مشغرا قُدَّام الشجاعي أَن بيد الجبلية أملاكاً عَظِيمَة بِغَيْر اسْتِحْقَاق وَمن جُمْلَتهمْ أُمَرَاء الغرب وتوجهوا مَعَه إِلَى مصر فرسم الْمَنْصُور بإقطاع أَمْلَاك الجبلية مَعَ بِلَاد طرابلس لجندها وأمرائها فأقطعت لعشرين فَارِسًا من طرابلس
فَلَمَّا كَانَ أَيَّام الْملك الْأَشْرَف توجهوا إِلَيْهِ وسألوه أَن يخدموا على أملاكهم بالعدة فرسم لَهُم بهَا وَأَن يزيدوها عشرَة أرماحٍ أخر
وَلما كَانَ أَيَّام الروك فِي الْأَيَّام التنكزية وكشفها عَلَاء الدّين بن معبد حصل من تفضول فِي حَقهم فرسم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَن تستمر عَلَيْهِم بمضاعفة الْعدة فاستقرت عَلَيْهِم بستين فَارِسًا وَهِي إِلَى الْآن باقيةٌ على هَذَا الْحَال
وَأما هَذَا نَاصِر الدّين فَإِنَّهُ كثير المكارم وَالْإِحْسَان يخْدم كل من يتَوَجَّه إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة وَهُوَ مقيمٌ بقرية أعبية بِالْجَبَلِ وَله دارٌ حَسَنَة فِي بيروت يخْدم الغادي والرائح وَيهْدِي إِلَى أكَابِر النَّاس وأعيان الدولة
وَكنت قد تَوَجَّهت إِلَى بيروت وَلَك يكن بهَا فسير إِلَيّ قَاصِدا يطلبني لأتوجه إِلَيْهِ إِلَى أعبية فَرَأَيْت الْحَرَكَة تشق عَليّ فاعتذرت فَحَضَرَ هُوَ بعد أيامٍ بَعْدَمَا تفضل وَأحسن وَاجْتمعت بِهِ وَرَأَيْت مِنْهُ رياسةً كَثِيرَة
وَهُوَ يعرف عدَّة صنائع أتقنها وَيكْتب جيدا ويترسل وَفِيه عدَّة فَضَائِل وَلما اجْتمعت بِهِ ببيروت أنشدته من الْكَامِل
(مَا زرت فِي أعبية قصد الجفا ... ربعا تشرف بالأمير حُسَيْن)
(ورأيته فِي ثغر بيروت الَّذِي ... بنداه أصبح مجمع الْبَحْرين)
وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَلما كبر وأسن نزل عَن)
إمرته لوَلَده الْأَمِير زين الدّين صَالح وَبَقِي بعد ذَلِك قَرِيبا من سنتَيْن ثمَّ إِنَّه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي نصف شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة
3 - (الْحُسَيْن بن دَاوُد أَبُو عَليّ الْبَلْخِي)
الْحُسَيْن بن دَاوُد بن معَاذ الأديب الْعَلامَة نزيل نيسابور أحد المتروكين توفّي فِي حُدُود التسعين والمائتين(12/225)
3 - (الْعلوِي)
الْحُسَيْن بن دَاوُد بن عَليّ بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن الْحُسَيْن بن زيد ابْن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب النَّيْسَابُورِي
قَالَ الْحَاكِم فِي تَرْجَمته شيخ آل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عصره بخرسان وَكَانَ من أَكثر النَّاس صَلَاة وَصدقَة صحبته بُرْهَة من الدَّهْر فَمَا سمعته ذكر عُثْمَان إِلَّا قَالَ الشَّهِيد وَبكى وَمَا سمعته يذكر عَائِشَة إِلَّا قَالَ الصديقة بنت الصّديق حَبِيبَة حبيب الله وَبكى
توفّي سنة خمس وَخمسين وثلاثمائة
سمع جَعْفَر بن أَحْمد الْحَافِظ وَابْن شيروية وَابْن خُزَيْمَة وَكَانَ جده عَليّ بن عِيسَى أزهد العلوية فِي عصره وَأَكْثَرهم اجْتِهَادًا وَكَانَ عِيسَى يلقب بالفياض لِكَثْرَة عطائه وجوده وَكَانَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم ينادم الرشيد وَكَانَ الْقَاسِم رَاهِب آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَبوهُ أَمِير الْمَدِينَة وَأحد من روى عَنهُ مالكٌ فِي الْمُوَطَّأ قَالَه الْحَاكِم
3 - (العوذي الْبَصْرِيّ)
الْحُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم الْمكتب العوذي الْبَصْرِيّ سمع عبد الله بن بُرَيْدَة وَيحيى بن أبي كثير وَسمع مِنْهُ شُعْبَة وَعبد الْوَارِث وَابْن الْمُبَارك وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ وَأوردهُ الْعقيلِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء بِلَا سندٍ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وتوفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الشيعي)
الْحُسَيْن بن روح بن بَحر أَبُو الْقَاسِم
قَالَ ابْن أبي طي هُوَ(12/226)
أحد الْأَبْوَاب لصَاحب الْأَمر نَص عَلَيْهِ بالنيابة أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سعيد الْعمريّ وَجعله من أول من يدْخل عَلَيْهِ حِين جعل الشِّيعَة طبقاتٍ وَقد خرج على يَدَيْهِ تواقيع كَثِيرَة)
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو جَعْفَر صَارَت النِّيَابَة إِلَى أبي الْقَاسِم وَجلسَ بِبَغْدَاد فِي الدَّار وَجلسَ الشِّيعَة حوله وَخرج ذكا الْخَادِم وَمَعَهُ عكازة ومدرج وحقة وَقَالَ إِن مَوْلَانَا قَالَ إِذا دفنني أَبُو الْقَاسِم وَجلسَ فَسلم إِلَيْهِ هَذَا وَإِذا فِي الْحق خَوَاتِيم الْأَئِمَّة ثمَّ قَامَ فِي آخر الْيَوْم وَمَعَهُ طَائِفَة فَدخل دَار أبي جَعْفَر مُحَمَّد وَكَثُرت غاشيته حَتَّى كَانَ الْأُمَرَاء يركبون إِلَيْهِ والوزراء والمعزولون عَن الوزارة والأعيان وتواصف النَّاس عقله
وَلم يزل أَبُو الْقَاسِم على مثل هَذِه الْحَال حَتَّى ولي حَامِد بن الْعَبَّاس الوزارة فَجرى لَهُ مَعَه أمورٌ وخطوب يطول شرحها وَقبض عَلَيْهِ وسجن خَمْسَة أَعْوَام وَأطلق من الْحَبْس لما خلع المقتدر فَلَمَّا أُعِيد إِلَى الْخلَافَة شاوروه فِيهِ قَالَ دَعوه فبخطيئته جرى علينا مَا جرى
وَبقيت حرمته على مَا كَانَت عَلَيْهِ وَرمي بِأَنَّهُ كَانَ يُكَاتب القرامطة ليحاصروا بَغْدَاد وَأَن الْأَمْوَال تجبى إِلَيْهِ وَكَانَ يُفْتِي الشِّيعَة ويفيدهم وَكَاد أمره يتم ويستفحل إِلَى أَن توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (الْحُسَيْن بن زيد الزيدي)
الْحُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم الزيدي الْكُوفِي الْمدنِي
كَانَ بَقِيَّة أهل بَيته توفّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة وروى لَهُ ابْن ماجة
3 - (الْعلوِي الْكُوفِي)
الْحُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الْعلوِي الْكُوفِي أحد الْأَشْرَاف النبلاء كَانَ شيخ الطالبية فِي عصره توفّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ
3 - (وَالِد السيدة نفيسة)
الْحُسَيْن بن زيد بن السَّيِّد الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَالِد العابدة السيدة نفيسة المدفونة بِظَاهِر الْقَاهِرَة رَضِي الله عَنْهَا
كَانَ من سروات بني هَاشم ولي الْمَدِينَة للمنصور خمس سِنِين ثمَّ عَزله وحبسه فَلَمَّا توفّي أخرجه الْمهْدي وَأَعْطَاهُ أَمْوَالًا عَظِيمَة وَلم يزل فِي صحابته ومدحه جماعةٌ من الشُّعَرَاء وتوفيّ سنة ثَمَان وستّين وَمِائَة وروى لَهُ النَّسَائِيّ
3 - (أَبُو عَليّ الْآمِدِيّ)
)
الْحُسَيْن بن سعد بن الْحُسَيْن أَبُو عَليّ الْآمِدِيّ كَانَ إِمَامًا فِي(12/227)
اللُّغَة وَالْأَدب
قدم بَغْدَاد وَسمع بهَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غيلَان وَالْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن حسنون النَّرْسِي وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الْفراء أَبَا يعلى وسافر إِلَى الشَّام وَسمع بِدِمَشْق مُحَمَّد بن مكي بن عُثْمَان الْأَزْدِيّ وبصور عبد الْوَهَّاب ابْن الْحُسَيْن بن عمر بن برهَان الغزال وَسَعِيد بن مُحَمَّد بن الْحسن الإدريسي والخطيب أَبَا بكر
وَدخل بَغْدَاد ثَانِيًا وروى بهَا شَيْئا من شعره وَتوجه إِلَى أَصْبَهَان وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
وَمن شعره من الْخَفِيف
(لست أنسى وقوفنا نتشاكى ... بدموع الجفون حَتَّى الصَّباح)
وفراقي لكم وَقد نشر الصُّبْح جناحيه خيفة الافتضاح وَمِنْه من الطَّوِيل
(تصدر للتدريس كل مهوس ... بليدٍ تسمى بالفقيه الْمدرس)
(فَحق لأهل العلن أَن يتمثلوا ... بيتٍ قديمٍ شاع فِي كل مجْلِس)
(لقد هزلت حَتَّى بدا من هزالها ... كلاها وَحَتَّى سامها كل مُفلس)
3 - (الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان شرف الدّين بن رَيَّان)
الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان بن أبي الْحسن شرف الدّين أَبُو عبد الله بن القَاضِي جمال الدّين أبي الرّبيع بن رَيَّان الطَّائِي تقدم ذكر أَخِيه القَاضِي بهاء الدّين الْحسن
ولد شرف الدّين هَذَا بحلب سنة اثْنَيْنِ وَسَبْعمائة وَسمع البُخَارِيّ من ابْن مشرف وست الوزراء بِدِمَشْق حضوراً وَسمع المقامات على ابْن الصايغ وَقَرَأَ بحلب الحاجبية على الشَّيْخ علم الدّين طَلْحَة وَقَرَأَ على الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني أَوَائِل ضوء الْمِصْبَاح
وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم صَغِيرا وَصلى بِهِ وَنقل بعض الرِّوَايَات وَلما قدم مَعَ وَالِده إِلَى صفد قَرَأَ على الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي النَّحْو
وطالع وَحصل وَكتب وأتقن الْإِعْرَاب وَمهر فِيهِ وَأما خطه البهج فأسحر من الطّرف الغنج
وتولع بالنظم إِلَى أَن أَجَاد فِيهِ ونظم فِي سَائِر أَنْوَاعه من أوزان الْعَرَب والموشح والزجل)
والبليق والمواليا والدوبيت فَأَما البلاليق الهزلية فَإِنَّهُ قوسان عصره ونوشادره بِحَيْثُ إِنَّنِي مَا أعلم أحدا فِي عصره يُقَارِبه فِيهِ ونظم صور الْكَوَاكِب ونظم فِي البديع كتابا سَمَّاهُ زهر الرّبيع وَأَنْشَأَ مفاخراتٍ عدَّة وَسمع على الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري وَأَجَازَهُ رِوَايَة مصنفاته(12/228)
وَأما ذهنه فيتوقد ويعلو فِي الذكاء إِلَى أَن يسمو على الفرقد وَمَا يَخْلُو معرفَة مسَائِل فِي أصُول الدّين وَغير ذَلِك من عقليات فِي الطبيعي وَغَيره
وَفِيه هشاشةٌ وطلاقة وَجه وكرم نفس وَعدم مبالاة بحوادث الزَّمَان قل أَن رَأَيْته اغتاظ من شَيْء
وَتوجه إِلَى الْحجاز سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بَعْدَمَا وقفت على قصيدتين بِخَطِّهِ نظمهما فِي مَكَّة وَالْمَدينَة وَله أمداح من الموشحات وَغَيرهَا فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ولي بِهِ أنسٌ كثيرٌ حضر إِلَى صفد بعد أَن خَرجُوا مِنْهَا أَولا مَعَ وَالِده وَهُوَ نَاظر الْجَيْش ووالده نَاظر المَال فِي آخر أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي
ثمَّ توجه إِلَى حلب وَكتب الدرج بحلب وبطرابلس وَولي نظر قلعة الْمُسلمين ثمَّ أُعِيد إِلَى نظر الْجَيْش أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين طشتمر ثمَّ أُعِيد إِلَى نظر قلعة الرّوم ثمَّ إِنَّه تولى نظر الدَّوَاوِين بحماة المحروسة فِي أَوَائِل سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَكتبت إِلَيْهِ من الْقَاهِرَة كتابا وَفِيه أَبْيَات شذت عني وَقد عدمتها الْآن لفظا وَلَكِن الْمَعْنى باقٍ وَهِي من السَّرِيع
(يَا شرف الدّين الَّذِي جوده ... قد غمر الْحَاضِر والغائبا)
(جِئْت حماةً بَعْدَمَا قد غَدا ... مليكها عَن ربعهَا ذَاهِبًا)
(بالْأَمْس قد كَانَت بِلَا صاحبٍ ... وَالْيَوْم أَصبَحت بهَا صاحبا)
لِأَنَّهُ ورد إِلَيْهَا أَيَّام النواب بعد خُرُوجهَا عَن حكم مُلُوكهَا ونظار مَالهَا يدعونَ بالصاحب على الْعَادة فِي أَيَّام مُلُوكهَا وَطلب إِلَى مصر وَهُوَ ابْن بكتاش مشد الدِّيوَان وَعَاد إِلَيْهَا على عَادَته وَأقَام بهَا إِلَى أَوَاخِر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَتوجه إِلَى مصر وَعَاد إِلَى حلب موقعاً فِي الدست وناظر القلاع فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
وَكَانَ قد سَافر إِلَى مصر مَعَ وَالِده وَاجْتمعَ بالشيخ أثير الدّين أبي حَيَّان وَبحث عَلَيْهِ فِي ألفية ابْن مَالك وَأَجَازَهُ وَبحث على ابْن حَيَّان درساً فِي الحاجبية وَأَجَازَهُ)
وبيني وَبَينه مكاتبات كَثِيرَة إِلَى الْغَايَة ومراجعاتٌ تخجل أصوات الساجعات من ذَلِك مَا كتبه إِلَيّ وَأَنا بالرحبة من الْكَامِل
(قرت بمنصبك الْجَلِيل عُيُون ... ورنت إِلَيْك من السُّعُود جفون)
(وأتتك من رتب السَّعَادَة غادةٌ ... يسبيك مِنْهَا الْحَاجِب المقرون)
(ودعتك للرتب الْعلية فَارقهَا ... فِي نعْمَة وقرينك التَّمْكِين)
(واصعد إِلَى درج الْمَعَالِي راقياً ... أَعلَى الْعلَا فلأنت ثمَّ أَمِين)
(والبس بهَا الْخلْع النفيسة دَائِما ... وَلَك السَّعَادَة فِي الْأُمُور تعين)
(فلسوف تعلو بعْدهَا ويطير من ... أرجائها لَك طائرٌ مَيْمُون)(12/229)
وَهَذِه من جملَة أَبْيَات فِي أثْنَاء كتاب وَفِي أَثْنَائِهِ من الْكَامِل
(أبشر بهَا من رحبةٍ قد أَصبَحت ... كَهْف الْغَرِيب ومأمناً للسالك)
(وحللتها يَا مالكي فلأجل ذَا ... قد أَصبَحت تدعى برحبة مَالك)
فَكتبت إِلَيْهِ الْجَواب عَن ذَلِك من الْكَامِل
(جَاءَت سطورك وَالسُّرُور قرين ... وَلها من الْحسن البديع فنون)
(الله أكبر كم تلظت قبلهَا ... كَبِدِي عَلَيْك وَكم بكتك عُيُون)
(وَلكم سرورٌ غَابَ عَن سري وَكم ... وَردت عَليّ لأجل ذَاك منون)
(حَتَّى أَتَت غراء يفضح حسنها ... ليلى وَلَكِنِّي بهَا الْمَجْنُون)
(يَا حسنها من رَوْضَة همزاتها ... فَوق السطور حمائمٌ وغصون)
(أسْتَغْفر الله الْعَظِيم غَلطت فِي ... تشبيهها بالروض وَهُوَ الدون)
(أعذر فَإِنِّي من بقايا دهشتي ... لما أَتَتْنِي بَغْتَة مفتون)
(بل دِيمَة الْفضل الَّتِي كم قد سقت ... زهراً وَكم مِنْهَا اسْتهلّ هتون)
(وغلطت أَيْضا بل هِيَ الْبَحْر الَّذِي ... ألفاظها در النهى الْمكنون)
(وَأَنا أقيم أَدِلَّة ترْضى بهَا ... والصدق فِيمَا أَدعِي مَضْمُون)
(من وَزنهَا بحرٌ وَمن ألفاظها ... دررٌ وقافية القصيدة نون)
(مَا هَذِه عِنْدِي بِأول منةٍ ... مَا أجرهَا لتمامها ممنون)
(عِنْدِي لفضلك كل طولٍ سابغٍ ... وعَلى مديحي فِي علاك دُيُون)
)
وكتبت فِي أثْنَاء الْجَواب من الْكَامِل
(وَلَقَد حللت ببلدةٍ حاشا لظىً ... وقبيح منظرها الشنيع الْهَالِك)
(وسعت لأنواع الْعَذَاب على الْفَتى ... فلذاك سَموهَا برحبة مَالك)
وَلما كَانَ بطرابلس عمل لغزاً فِي المئذنة فوقفت عَلَيْهِ وَأَنا بِدِمَشْق سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ مَا اسْم شَيْء إِن قصد تَعْرِيفه فَهُوَ مَعْرُوف وَإِن طلب وجد فِي جملَة الظروف خماسيٌّ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَرْبَعَة حُرُوف حَار النَّحْوِيّ فِي تصريفه وَعجز عَن تأليفه مفعول وَهُوَ مَرْفُوع محمولٌ وَهُوَ مَوْضُوع مبنيٌّ دخله الْإِعْرَاب مرفوعٌ وَهُوَ باقٍ على الانتصاب يقبل التصغير وَالتَّكْبِير وَفِيه التَّأْنِيث والتذكير لَا يَصح فِيهِ معنى الْعَطف وَلَا يدْخلهُ من الحركات إِلَّا الْوَقْف لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي النداء وَلَا يعرب إِلَّا وَهُوَ باقٍ على الْبناء وَفِيه نَوْعَانِ من أدوات الشَّرْط وَالْجَزَاء لَهُ هيئةٌ إِلَى التَّبْصِرَة مفتقرة وشكل خطوطه فِي الهندسيات مُعْتَبرَة وأضلاعٌ قَامَت من الْبَسِيط على كرة وزواياه قائمةٌ حدثت عَن منفرجة ومعانٍ دقيقة زَادَت على دَرَجَة والفقيه يرى(12/230)
أَنه محرم الابتياع وَينْدب إِلَى المناداة عَلَيْهِ بِشَرْط الِاتِّبَاع مَعَ أَنه عينٌ طَاهِرَة يَصح بهَا الِانْتِفَاع كم صلى خلف إِمَام واقتدى بِهِ وَهُوَ إِمَام حينا يُوجد فِي الشَّام وحيناً فِي بَيت الله الْحَرَام وحيناً ترَاهُ قَائِما فِي ظلام اللَّيْل وَالنَّاس نيام والعروضي يعلم أَنه بيتٌ برع حسنا واستقام وزنا نظم على الْبَسِيط وَهُوَ طَوِيل وَركب من سببين خفيفٍ وثقيل ينزحف بِحَذْف فاصلةٍ صغرى ويتغير وَزنه فترى فِيهِ كسراً خمساه حرف من الْحُرُوف وَبَعضه فِي بعضه يطوف وَإِن حذف أَوله فباقيه بلدٌ مَعْرُوف وَمَعَ ذَلِك فَكل حرفٍ مِنْهُ ساكنٌ يَصح عَلَيْهِ الْوُقُوف وَفِيه أعمالٌ أقصرت عَنْهَا واختصرت مِنْهَا خيفة الْملَل وتخفيفاً فِي الْعَمَل وَقد قصدت بَيَان الجناب ورصدت إتْيَان الْجَواب
وَطلب مني الْجَواب عَن ذَلِك فَكتبت
(وَإِن صخراً لتأتم الهداة بِهِ ... كَأَنَّهُ علمٌ فِي رَأسه نَار)
لحقيق بِأَن يصفه مَوْلَانَا وصف الخنساء ويعدد محاسنه الَّتِي أربت كثرتها على رَملَة الوعساء ويستغرق أَوْصَافه الَّتِي استوعبت فِي سردها ويركض فِي ميادين البلاغة على مطهمات نعوته وجردها حَتَّى أبدع فِي مقاصده الَّتِي وقف لَهَا كل سَائل وَقَالَ فَلم يتْرك مقَالا)
لقَائِل وَفتح بَابا لَيْسَ للنَّاس عَلَيْهِ طَاقَة وَأصْبح فِي التَّقَدُّم لعصابة الْأَدَب رَأْسا وَالنَّاس ساقة
لَا جرم أَن هَذَا الملغز فِيهِ قَالَ بعض واصفيه من الْخَفِيف
(علمٌ مفردٌ فَإِن رَفَعُوهُ ... رَفَعُوهُ قصدا لأجل الْبناء)
أنثوه وَمِنْه قد عرف التَّذْكِير فَانْظُر تنَاقض الْأَشْيَاء وَأما الْمَمْلُوك فَيَقُول فِيهِ إِنَّه صَاحب الرِّبَاط والزاوية وَالْمقَام الَّذِي يُقَال لقاعديه الْجَبَل يَا سَارِيَة وَالْقِسْمَة الَّتِي هِيَ على صِحَة الِاخْتِلَاف مُتَسَاوِيَة كم فِي الزوايا مِنْهُ خبية حنية وَكم علق عَلَيْهِ ذُرِّيَّة من الْكَوَاكِب الدرية كم رأى النَّاس فِي قِيَامه من قَاعِدَة وَكم لشهادته من كلمةٍ إِلَى الْعَرْش صاعدة وَكم تليت على الصحن مِنْهُ آيَة من الْمَائِدَة يكَاد من علاهُ يسامر النُّجُوم فِي الدجنة ويرقى كل حينٍ وَلَيْسَ بِهِ فِي النَّاس جنَّة هلاله لَا يزِيد وَلَا ينقص فِي الطّرف وراقيه يعبد الله على حرف قد حسن مِنْهُ عَكسه الْمُصحف وَعظم قدره فِي الْبناء فَلَا بدع إِذا تشرف عجب الْعَرُوضِي من بسيطه الطَّوِيل الوافر ووقف على ساقٍ وَاحِدَة وَكم كَانَ لَهُ من حافر واستقام خطه وَفِيه الدائر وشاهدنا القرنصة فِيهِ وَهُوَ غير طَائِر وَأقَام مَكَانَهُ ونداؤه لسَائِر الْمُسلمين سَائِر يُجيب نداءه الْمُلُوك والملائك وَيرى من يعلوه وَهُوَ متكئٌ على الأرائك من الطَّوِيل
(إِذا مَا اطمأنت دونه السحب إِنَّه ... لَهُ همةٌ لم ترض إِلَّا التناهيا)
(وحسبك أَن القائمين بِحقِّهِ ... يحوزون فِي الدَّاريْنِ مِنْهُ المعاليا)
(شَهَادَته مَا ردهَا غير كَافِر ... ويقبلها من كَانَ بِالْحَقِّ قَاضِيا)
(يَقُول مَعَاني الطِّبّ يَا عجبا لَهُ ... يَصح وَقد ضمت حشاه المراقيا)(12/231)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من المجتث
(أَنا الْمُسَمّى حُسَيْنًا ... واسمي ترَاهُ مصغر)
(لِأَن يصغر خيرٌ ... من أَن يُقَال تكبر)
وأنشدني أَيْضا من مسدس الرجز
(أَهْوى حلاوياً بَدَت خدوده ... ورديةً يَا مَا أحيلى سالفه)
(صير قلبِي دنفاً ومدمعي ... سكباً وروحي بالبعاد تالفه)
وَذكرت هُنَا مَا قلته أَنا من الطَّوِيل)
(هويت حلاوياً غَدا سكب أدمعي ... على ردفه المنقوش إِن غَابَ أَو دنا)
(لَهُ وجنةٌ ورديةٌ مَا ترق أَن ... أرى دنفاً حَتَّى أكون مكفنا)
وأنشدني من لَفظه لَهُ فِي الْهلَال مُقَارن الزهرة من المتقارب
(كَأَن الْهلَال نزيل السَّمَاء ... وَقد قَارن الزهرة النيره)
(سوارٌ لحسناء من عسجدٍ ... على قفله وضعت جوهره)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ وَفِيه مَوَانِع الصّرْف من الْبَسِيط
(أتيت حانة خمارٍ وصاحبها ... محارفٌ متقنٌ للنحو ذُو لسن)
(وَحَوله كل هيفاءٍ منعمةٍ ... وكل علق رشيقٍ أهيفٍ حسن)
(فَقَالَ لي إِذا رأى عَيْني قد انصرفت ... إِلَى النِّسَاء كَلَام الحاذق الفطن)
(أنث وَركب وصف واعدل بِمَعْرِِفَة ... واجمع وزد واسترح من عجمةٍ وزن)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ قد لَاحَ العذار بخده ... فَلم كنت فِيهِ للعذول تعَارض)
(فَقلت لَهُم كفوا فجوهر حسنه ... على حَاله بل عَارض الخد عَارض)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من الْبَسِيط
(انْظُر إِلَى ذهبيات الغصون وقم ... إِلَى المدام وواصلها إِلَى الغسق)
(أما ترى النَّهر بالتصفيق أطربها ... فنقطت بدنانيرٍ من الْوَرق)
كَانَ سمع قولي قَدِيما من الوافر
(وَبِي أحوى أغنٌ كغصن بانٍ ... غَدا حُلْو الجنى مر التجني)
(تزيد سيوف مقلته مضاءً ... إِذا كلت بعارضه المسني)
فأنشدني من لَفظه لَهُ من المجتث
(يَا قاتلي بلحاظٍ ... عَن الْبيض تغني)(12/232)
(سننتها حِين كلت ... على العذار المسني)
وَهَذَا أرشق وَأحسن من الأول
وأنشدني لنَفسِهِ من لَفظه يضمن أَبْيَات المنازي الْمَشْهُورَة من الوافر
(حللنا ضمنهَا فحنت علينا ... حنو المرضعات على الفطيم)
)
(ركبنَا فِي المحارة إِذْ حجَجنَا ... فصانتنا من الْحر الْعَظِيم)
(سقتنا من كراريزٍ زلالاً ... ألذ من المدامة للنديم)
(رَأَيْت بهَا مساميراً حسانا ... مبيضةً بنظمٍ مُسْتَقِيم)
(بِهن تروع حَالية العذارى ... فتلمس جَانب العقد النظيم)
(تصد الشَّمْس أَنى واجهتنا ... فتحجبها وتأذن للنسيم)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من مجزوء الرجز كَأَنَّمَا عذاره الْأَشْقَر فِي الخد الندي
(قنديل بلورٍ لَهُ ... سلسلةٌ من عسجد)
وأنشدني من لَفظه لَهُ فِيهِ أَيْضا من مجزوء الرجز
(لما بدا عذاره ... أشقر زادني الوله)
كَأَنَّهُ فِي خَدّه الصافي الَّذِي قد حمله
(قنديل بلورٍ لَهُ ... من العقيق سلسله)
وأنشدني من لَفظه من السَّرِيع
(وبحرة يظْهر فِيهَا الحيا ... فواقعا تعجب فِي المنظر)
(مثل بِسَاط لَونه أزرقٌ ... مرصعٌ بالدر والجوهر)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من مخلع الْبَسِيط
(انْظُر إِلَى النَّهر حِين يهمي ... من فَوْقه صيب الغيوم)
(قد شابه الْأُفق فَهُوَ يُبْدِي ... فواقعاً فِيهِ كَالنُّجُومِ)
وأنشدني من لَفظه لَهُ فِيمَا يكْتب على بطسين من مجزوء الرمل
(أَنا بطسينٌ مليحٌ ... أبدع النّحاس شكلي)
(قد حكاني الْبَدْر لما ... صَار فِي التدوير مثلي)
وأنشدني من لَفظه لَهُ من مجزوء الرجز أَصبَحت من دون الْأَنَام للرقيب شاكرا
(لِأَنَّهُ إِذا أَتَى ... كَانَ الحبيب حَاضرا)(12/233)
وَمِمَّا اخترته لَهُ من البليق وَإِن كَانَ لَفظه العذب فِي فحش الْمَعْنى كالورد فِي العليق قَوْله)
والك قحبه ديري الثقبه ريحي نَفسك مَا ريد كسك ديري فلسك واثني الركبه شيلي قعرك وارخي ظهرك يبْقى جحرك مثل القبه عِنْدِي سفار يهوى الأبعار عمري جحار نياك ثقبه أركب قصك واكثر بعصك واخرج جعصك بأيرٍ كَبه أيري قدفاز بالزيج حِين حَاز كنو عكاز راسو حربه فِي الزيج يغطس مَا يهوى أَو كب مَا زلت اسحي أَلفَيْنِ سحبه وأرجع أرجع لأوّل وادفع حِين تسمع للنيك هبه صَارَت ستي تبْكي تحتي دقنك فِي استي تهذي القحبه هَذِه الفسعه نيك من حَقه مَا هِيَ نزقه فِي أول جذبه عِنْدِي جَرّه خير من دره لي فِي كبره فِي الزيج طربه رَبِّي غَافِر ذَنْب الْكَافِر إيش هُوَ الشَّاعِر يكذب كذبه أَرْجُو رَبِّي مَا زَالَ حسبي وإيش هُوَ ذَنبي مَا لَو نسبه لما يشفع أَحْمد ينفع مَا زَالَ يدْفع عَنَّا الكربه اصغوا يَا أَصْحَاب هَذِه الْآدَاب تحكي الْجلاب حلوة عذبه
3 - (شهَاب الدّين الكفري الْمُقْرِئ)
الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان بن فَزَارَة القَاضِي شهَاب الدّين الكفري بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الْفَاء وَبعدهَا رَاء الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ
تَلا بالسبع على علم الدّين الْقَاسِم وَسمع من ابْن طَلْحَة وَمن ابْن عبد الدايم وتصدر للإقراء وَطَالَ عمره وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْنه القَاضِي شرف الدّين أَحْمد وَخلق من الْفُضَلَاء ودرس وَأفْتى وناب فِي الحكم
وَكَانَ دينا خيرا عَالما توفّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ودرس بالطرخانية وَكَانَ شيخ الإقراء بالمقدمية والزنجيلية
وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على ابْن أبي الْيُسْر وَكتب الطباق وأضر بأخرةٍ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (السنجي الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن شُعَيْب أَبُو عَليّ الْمروزِي السنجي بِكَسْر السِّين(12/234)
الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَبعدهَا)
جيمٌ الشَّافِعِي عَالم أهل مرو فِي وقته
تفقه بِأبي بكر الْقفال الْمروزِي وَصَحبه حَتَّى برع ورحل وَسمع وَله وَجه فِي الْمَذْهَب توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَشرح الْفُرُوع الَّتِي لِابْنِ الْحداد الْمصْرِيّ شرحاً لم يُقَارِبه فِيهِ أحد مَعَ كَثْرَة شروحها فَإِن الْقفال شَيْخه شرحها وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب شرحها
وَشرح التَّلْخِيص لأبي الْعَبَّاس بن الْقَاص شرحاً كَبِيرا وَهُوَ قَلِيل الْوُجُود وَله كتاب الْمَجْمُوع وَقد نقل مِنْهُ الْغَزالِيّ فِي كتاب الْوَسِيط وَهُوَ أول من جمع بَين طريقتي الْعرَاق وخراسان
3 - (ابْن خيران الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن صَالح أَبُو عَليّ بن خيران بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَرَاء بعْدهَا ألف وَنون الْفَقِيه الشَّافِعِي
كَانَ من جملَة الْفُقَهَاء المتورعين وأفاضل الشُّيُوخ وَكَانَ يُعَاتب ابْن سُرَيج على ولَايَة الْقَضَاء وَيَقُول هَذَا الْأَمر لم يكن فِي أَصْحَابنَا إِنَّمَا كَانَ فِي أَصْحَاب أبي حنيفَة ووكل بداره على أَن يَلِي الْقَضَاء فَلم يفعل وَتخرج بِهِ جمَاعَة توفّي رَحمَه الله سنة عشْرين وثلاثمائة أَو فِي حُدُودهَا
3 - (الخليع بن الضَّحَّاك)
الْحُسَيْن بن الضَّحَّاك بن يَاسر أَبُو عَليّ الشَّاعِر الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالخليع مولى لولد سُلَيْمَان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ الصَّحَابِيّ
أَصله من خُرَاسَان وَهُوَ شاعرٌ ماجنٌ مطبوع حسن الافتنان فِي ضروب الشّعْر وأنواعه
وَسمي بالخليع لِكَثْرَة مجونه وخلاعاته
قَالَ المرزباني يعرف بِحُسَيْن الْأَشْقَر بلغ سنا عالية قَارب التسعين أَو جاوزها يُقَال إِنَّه ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَمَات سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ
وَحكى يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي عَنهُ قَالَ أذكر وَأَنا صبيٌّ موت شُعْبَة ابْن الْحجَّاج وَشعْبَة مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَة
واتصل لَهُ من منادمة الْخُلَفَاء مَا لم يتَّصل لأحدٍ إِلَّا لإسحاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي فَإِنَّهُ قاربه فِي ذَلِك أَو ساواه جَالس الرشيد قبل أَن ينكب البرامكة ثمَّ جَالس من بعده من الْخُلَفَاء إِلَى)
آخر أَيَّام الواثق وَصَحب الْأمين سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَلم يزل مَعَ الْخُلَفَاء إِلَى أَيَّام المستعين وَله يَقُول من السَّرِيع(12/235)
(أسلفت أسلافك فِي خدمتي ... من مدتي إِحْدَى وستينا)
(كنت ابْن عشْرين وستٍّ وَقد ... وفيت سبعا وثمانينا)
وَكَانَ شَدِيد الْمُوَالَاة فِي الْأمين ورثاه بمراثٍ كَثِيرَة
عَن حَمَّاد بن إِسْحَاق عَن أَبِيه قَالَ كنت بَين يَدي الْمَأْمُون وَاقِفًا إِذْ دخل ابْن البواب وَفِي يَده رقْعَة فِيهَا أَبْيَات وَقَالَ إِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يَأْذَن لي فِي إنشادها فظنها لَهُ فَقَالَ هَات فأنشده من الطَّوِيل
(أجرني فَإِنِّي قد ظمئت إِلَى الْوَعْد ... مَتى ينجز الْوَعْد الْمُؤَكّد بالعهد)
(أُعِيذك من خلقٍ ملولٍ وَقد ترى ... تقطع أنفاسي عَلَيْك من الوجد)
(أيبخل فَرد الْحسن عني بنائلٍ ... قليلٍ وَقد أفردته بهوىً فَرد)
إِلَى أَن بلغ قَوْله من الطَّوِيل
(رأى الله عبد الله خير عباده ... فملكه وَالله أعلم بِالْعَبدِ)
(إِلَّا إِنَّمَا الْمَأْمُون لله عصمةٌ ... مميزةٌ بَين الضَّلَالَة والرشد)
فَقَالَ الْمَأْمُون أَحْسَنت يَا عبد الله فَقَالَ بل أحسن قَائِلهَا قَالَ وَمن هُوَ قَالَ عَبدك الْحُسَيْن بن الضَّحَّاك فقطب ثمَّ قَالَ لَا حَيَّاهُ الله وَلَا بياه وَلَا قربه وَلَا أنعم لَهُ عينا أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أعيني جودا وابكيا لمحمدٍ ... وَلَا تذخرا دمعاً عَلَيْهِ وأسعدا)
(فَلَا تمت الْأَشْيَاء بعد مُحَمَّد ... وَلَا زَالَ شَمل الْملك فِيهِ مبددا)
(وَلَا فَرح الْمَأْمُون بِالْملكِ بعده ... وَلَا زَالَ فِي الدُّنْيَا طريداً مشرداً)
هَذَا بِذَاكَ فَلَا شَيْء لَهُ عندنَا فَقَالَ لَهُ ابْن البواب فَأَيْنَ فضل إِحْسَان أَمِير الْمُؤمنِينَ وسعة حلمه وعادته فِي الْعَفو فَأمر بإحضاره فَلَمَّا حضر سلم فَرد عَلَيْهِ خافياً ثمَّ أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَنْك هَل عرفت يَوْم قتل أخي مُحَمَّد رَحمَه الله هاشميةً قتلت وهتكت قَالَ لَا
قَالَ فَمَا معنى قَوْلك من الطَّوِيل
(وَمِمَّا شجى قلبِي وكفكف عبرتي ... محارم من آل النَّبِي استحلت)
)
(ومهتوكةٌ بالخلد عَنْهَا سجوفها ... كعابٌ كقرن الشَّمْس حِين تبدت)
(إِذا أخفرتها روعةٌ من منازعٍ ... بهَا المرط عاذت بالخشوع ورنت)
(وسرب ظباءٍ من ذؤابة هاشمٍ ... هتفن بِدَعْوَى خير حيٍّ وميت)
(أرد يدا مني إِذا مَا ذكرته ... على كبدٍ حرى وقلبٍ مفتت)
(فَلَا بَات ليل الشامتين بغبطةٍ ... وَلَا بلغت آمالها مَا تمنت)
فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لوعةٌ غلبتني وروعةٌ فجأتني ونعمةٌ سلبتها بعد أَن غمرتني(12/236)
وإحسان شكرته فأنطقني وسيدٌ فقدته فأقلقني فَإِن عَاقَبت فبحقك وَإِن عَفَوْت فبفضلك فَدَمَعَتْ عين الْمَأْمُون وَقَالَ قد عَفَوْت عَنْك وَأمرت بإدرار رزقك عَلَيْك وإعطائك مَا فَاتَ مِنْهَا وَجعلت عُقُوبَة ذَنْبك امتناعي عَن استخدامك
وللحسين بن الضَّحَّاك مَعَ أبي نواس أخبارٌ ونوادر قَالَ الْحُسَيْن أنشدت أَبَا نواس قولي من المنسرح وشاطري اللِّسَان مختلق التكريه شَاب المجون بالنسك حَتَّى بلغت قولي
(كَأَنَّمَا نصب كأسه قمرٌ ... يكرع فِي بعض أنجم الْفلك)
قَالَ فأنشدني لنَفسِهِ بعد أَيَّام من الطَّوِيل
(إِذا عب فِيهَا شَارِب الْقَوْم خلته ... يقبل فِي داجٍ من اللَّيْل كوكبا)
قَالَ فَقلت لَهُ يَا أَبَا عَليّ هَذِه مصالتةٌ قَالَ أفتظن أَن يرْوى لَك فِي الْخمر معنى جيدٌ وَأَنا حَيّ
وَلما ولي المعتصم الْخلَافَة سَأَلَ عَن الْحُسَيْن بن الضَّحَّاك فَأخْبر بمقامه بِالْبَصْرَةِ لانحراف الْمَأْمُون عَنهُ فَأمر بقدومه عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل سلم وَاسْتَأْذَنَ فِي الإنشاد فَأذن لَهُ فأنشده من الْكَامِل
(هلا رحمت تلدد المشتاق ... ومننت قبل فِرَاقه بتلاق)
(إِن الرَّقِيب ليستريب تنفسي ... صعداً إِلَيْك وَظَاهر الإقلاق)
(نَفسِي الْفِدَاء لخائفٍ مترقب ... جعل الْوَدَاع إِشَارَة بعناق)
(إِذْ لَا مقَال لمفحمٍ متحيرٍ ... إِلَّا الدُّمُوع تصان بالإطراق)
)
حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله من الْكَامِل
(خير الْوُفُود مبشرٌ بخلافةٍ ... خصت ببهجتها أَبَا إِسْحَاق)
(وافته فِي الشَّهْر الْحَرَام سليمةٌ ... من كل مشكلة وكل شقَاق)
(سكن الزَّمَان إِلَى الإِمَام سَلامَة ... عف الضَّمِير مهذب الْأَخْلَاق)
(فحمى رَعيته ودافع دونهَا ... وأجار مملقها من الإملاق)
حَتَّى أتمهَا فَقَالَ لَهُ المعتصم أدن مني فَدَنَا مِنْهُ فَمَلَأ فَمه جوهراً من جَوْهَر كَانَ بَين يَدَيْهِ ثمَّ أمره أَن يُخرجهُ من فَمه فَأخْرجهُ وَأمر أَن ينظم وَيدْفَع إِلَيْهِ وَيخرج إِلَى النَّاس وَهُوَ فِي يَده ليعلم النَّاس موقعه من رَأْيه ويعفوا ثَمَرَة إحسانه
وَمن شعره من الهزج
(أيا من طرفه سحر ... وَيَا من رِيقه خمر)(12/237)
تجاسرت فكاشفتك لما غلب الصَّبْر وَمَا أحسن فِي مثلك أَن ينهتك السّتْر
(فَإِن عنفني النَّاس ... فَفِي وَجهك لي عذر)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(صل بخدي خديك تلق عجيباً ... من معانٍ يحار فِيهَا الضَّمِير)
(فبخديك للربيع رياضٌ ... وبخدي للدموع غَدِير)
3 - (الْحُسَيْن بن عبد الله بن الْعَبَّاس)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن عبيد الله بن الْعَبَّاس
قَالَ أَبُو زرْعَة وَغَيره لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك
وَكَانَ كثير الحَدِيث روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة وَعمر طَويلا حَتَّى بلغ التسعين أَو تجاوزها
وَهُوَ الْقَائِل فِي امْرَأَته العائدة بنت سعيد بن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ من الطَّوِيل
(أعائد حييتُمْ على النأي عَائِدًا ... وأسقاك رَبِّي المسبلات الرواعدا)
(أعائد مَا شمس النَّهَار إِذا بَدَت ... بِأَحْسَن مِمَّا بَين عَيْنَيْك عَائِدًا)
(وَمَا أَنْت إِلَّا دميةٌ فِي كَنِيسَة ... يظل لَهَا البطريق فِي اللَّيْل سَاجِدا)
)
وَقَالَ فِي مَالك بن أبي السَّمْح وَكَانَ صديقه وأليفه من المنسرح لَا عَيْش إِلَّا بِمَالك بن أبي السَّمْح فَلَا تلحني وَلَا تلم
(يزِيد فِي لَذَّة الْكَرِيم وَلَا ... ينهك حق الْإِسْلَام وَالْحرم)
3 - (الْوَاعِظ الكردلي)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن عَليّ بن الْقَاسِم بن الْبَقَّال الدَّلال أَبُو عبد الله الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بالكردلي بكاف قبل الرَّاء وَلَام بعد الدَّال الْبَغْدَادِيّ
سمع أَبَاهُ وَأَبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عمر الْبَرْمَكِي وَأَبا مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَأَبا يعلى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْفراء وَأَبا الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ ابْن الْمَأْمُون وَأَبا جَعْفَر بن الْمسلمَة وَغَيرهم
وروى عَنهُ الْحَافِظ السلَفِي وسلمان بن عَليّ صَاحب ابْن الذهبية وَأَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ الْمَعْرُوف بدولجة توفّي سنة ثَمَان عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن وَرْقَاء الشَّاعِر)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن وَرْقَاء أَبُو صَفْوَان الشَّيْبَانِيّ من بَيت الْإِمَارَة والتقدم كَانَ أديباً شَاعِرًا
روى عَنهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العكبري ذكر أَنه(12/238)
سمع مِنْهُ بعكبرى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة
وَمن شعره من الْبَسِيط
(لم أُنْسُهَا يَوْم قَالَت وَهِي باكيةٌ ... عِنْد الرحيل لأتراب لَهَا عرب)
(سكن قلبِي بأيديكن إِن لَهُ ... وهجاً يفوق ضرام النَّار واللهب)
(لَيْت الْفِرَاق نعى روحي إِلَى بدني ... قبل التألف بَين الرحل والقتب)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الإسكافي)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن الْخَطِيب أَبُو الْقَاسِم الْمصْرِيّ الإسكافي الشَّاعِر
من شعره فِي الجعبة من السَّرِيع
(مَا حاملٌ أَوْلَادهَا بَعْدَمَا ... ربين فِي الغرب وَفِي الشرق)
)
(موتى قيامٌ فِي حشاها وَقد ... تعمموا بالخوذ الزرق)
(حَتَّى إِذا مَا ركبُوا مَيتا ... جروا وحازوا غَايَة السَّبق)
3 - (أَبُو عبد الله التركي)
الْحُسَيْن بن عبد الله التركي من شُيُوخ أبي بكر بن كَامِل الْخفاف روى لَهُ عَنهُ من شعره من السَّرِيع
(أبصرتها يَوْمًا بِلَا رقبةٍ ... قَالَت فَمَا أجراك من ناسك)
(قلت لَهَا لَا تعجبي إِنَّنِي ... أغتنم الْخلْوَة من ناسك)
(قَالَت فَلم تهذي بِنَا دَائِما ... قلت لَهَا من نقل خناسك)
(قَالَت فَمَا بالك مستوحشاً ... قلت لَهَا من فقد إيناسك)
3 - (الْخرقِيّ الْحَنْبَلِيّ)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن أَحْمد الْخرقِيّ الْحَنْبَلِيّ وَالِد الإِمَام صَاحب الْمُخْتَصر فِي مَذْهَب الإِمَام أَحْمد توفّي يَوْم عيد الْفطر سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ صلى صَلَاة الْعِيد وَرجع فَأكل ونام فَوَجَدَهُ أَهله مَيتا
3 - (ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن الْحُسَيْن أَبُو عبد الله الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي
كَانَ من أَعْيَان التُّجَّار ذَوي الثروة الواسعة واليسار وَلما بُويِعَ لعبد الله بن المعتز بالخلافة وانحل أمره وتفرق جمعه وَطَلَبه المقتدر اختفى عِنْد ابْن الْجَصَّاص هَذَا فوشى بِهِ خادمٌ صَغِير لِابْنِ الْجَصَّاص وصادره المقتدر على سِتَّة آلَاف ألف دِينَار(12/239)
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ أخذُوا مِنْهُ مَا مِقْدَاره سِتَّة عشر ألف ألف دِينَار عينا وورقاً وقماشاً وخيلاً وَبَقِي لَهُ بعد المصادرة شيءٌ كثير إِلَى الْغَايَة من دور وقماش وأموال وضياع
قَالَ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن المحسن بن عَليّ التنوخي إِذْنا عَن أَبِيه حَدثنِي أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جعلان قَالَ حَدثنِي أَبُو عَليّ أَحْمد بن الْحُسَيْن ابْن عبد الله بن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي قَالَ قَالَ لي أبي كَانَ بَدْء إكثاري أنني كنت فِي دهليز حرم أبي الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد بن طولون وَكنت أتوكل لَهُ وَلَهُم فِي ابتياع الْجَوْهَر وَغَيره مِمَّا يَحْتَاجُونَ وَمَا كنت أُفَارِق الدهليز لاختصاصي بهم فَخرجت إِلَيّ قهرمانةٌ لَهُم فِي بعض الْأَيَّام وَمَعَهَا عقد جَوْهَر فِيهِ)
مِائَتَا حَبَّة لم أر قبله أَفْخَر وَلَا أحسن مِنْهُ تَسَاوِي كل حَبَّة مِنْهُ مائَة ألف دِينَار عِنْدِي فَقَالَت نحتاج أَن نخرط هَذِه حَتَّى تصغر فتجعل لأَرْبَع عشرات اللّعب فكدت أَن أطير وأخذتها وَقلت السّمع وَالطَّاعَة وَخرجت فِي الْحَال مَسْرُورا فَجمعت التُّجَّار وَلم أزل أَشْتَرِي مَا قدرت عَلَيْهِ إِلَى أَن حصلت مائَة حَبَّة أشكالاً فِي النَّوْع الَّذِي قدرت عَلَيْهِ وأرادته وَجئْت بهَا عشياً وَقلت إِن خرط هَذَا يحْتَاج إِلَى زمانٍ وانتظار وَقد خرطنا الْيَوْم مَا قَدرنَا عَلَيْهِ وَهُوَ هَذَا فَدفعت إِلَيْهَا الْمُجْتَمع وَقلت الْبَاقِي يخرط فِي أَيَّام فقنعت بذلك وارتضت الْحبّ وَخرجت فَمَا زلت أَيَّامًا فِي طلب الْبَاقِي حَتَّى اجْتمع فَحملت إِلَيْهِم مِائَتي حَبَّة قَامَت عَليّ بأثمانٍ قريبةٍ تكون دون مائَة ألف درهمٍ أَو حواليها وحصلت جوهراً بِمِائَتي ألف دِينَار ثمَّ لَزِمت دهليزهم وَأخذت لنَفْسي غرفَة كَانَت فِيهِ فجعلتها مسكني وَكَانَ يلحقني من هَذَا أَكثر مِمَّا يُحْصى حَتَّى كثرت النِّعْمَة وانتهيت إِلَى مَا استفاض خَبره
وَحكى ابْن الْجَصَّاص قَالَ كنت يَوْم قبض على المقتدر جَالِسا فِي دَاري وَأَنا ضيق الصَّدْر وَكَانَت عادتي إِذا حصل لي مثل ذَلِك أَن أخرج جَوَاهِر كَانَت عِنْدِي فِي درج معدة لمثل هَذَا من ياقوت أَحْمَر وأصفر وأزرق وحباً كبارًا ودراً فاخراً مَا قِيمَته خَمْسُونَ ألف دِينَار وأضع ذَلِك فِي صينية وألعب بِهِ فيزول قبضي فاستدعين بذلك الدرج فَأتي بِهِ بِلَا صينية ففرغته فِي حجري وَجَلَست على صحن دَاري فِي بُسْتَان فِي يَوْم بَارِد طيب الشَّمْس وَهُوَ مزهرٌ بصنوف الشقائق والمنثور وَأَنا أَلعَب بذلك إِذْ دخل النَّاس بالزعقات وَالْمَكْرُوه فَلَمَّا قربوا مني دهشت ونفضت جَمِيع مَا كَانَ فِي حجري من الْجَوْهَر بَين ذَلِك الزهر فِي الْبُسْتَان وَلم يروه وَأخذت وحملت وَبقيت مُدَّة فِي المصادرة وَالْحَبْس
وانقلبت الْفُصُول على الْبُسْتَان وجف مَا فِيهِ وَلم يفكر أحدٌ فِيهِ فَلَمَّا فرج الله عني وَجئْت إِلَى دَاري وَرَأَيْت الْمَكَان الَّذِي كنت فِيهِ ذكرت الْجَوْهَر فَقلت ترى بَقِي مِنْهُ شيءٌ ثمَّ قلت هَيْهَات وَأَمْسَكت ثمَّ قُمْت بنفسي وَمَعِي غُلَام يثير الْبُسْتَان بَين يَدي وَأَنا أفتش مَا يثيره وآخذ مِنْهُ الْوَاحِدَة بعد الْوَاحِدَة إِلَى أَن وجدت الْجَمِيع وَلم أفقد مِنْهُ شَيْئا
وَكَانَ ينْسب إِلَى الْحمق والبله مِمَّا يحْكى عَنهُ أَنه قَالَ فِي دُعَائِهِ يَوْمًا اللَّهُمَّ اغْفِر لي من ذُنُوبِي مَا تعلم وَمَا لَا تعلم
وَدخل يَوْمًا على ابْن الْفُرَات الْوَزير فَقَالَ يَا سَيِّدي عندنَا فِي الحويرة كلاب لَا يتركوننا(12/240)
ننام)
من الصياح والقتال فَقَالَ الْوَزير أحسبهم جراء فَقَالَ لَا تظن أَيهَا الْوَزير لَا تظن ذَلِك كل كلب مثلي وَمثلك
وَنظر يَوْمًا فِي الْمرْآة فَقَالَ لرجل آخر انْظُر ذقني هَل كَبرت أَو صغرت فَقَالَ إِن الْمرْآة بِيَدِك فَقَالَ صدقت وَلَكِن الْحَاضِر يرى مَا لَا يرى الْغَائِب
ورؤي وَهُوَ يبكي وينتحب فَقيل لَهُ مَالك فَقَالَ أكلت الْيَوْم مَعَ الجوتري المخيض بالبصل فآذاني فَلَمَّا قَرَأت فِي الْمُصحف ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض فَقلت مَا أعظم قدرَة الله قد بَين الله كل شَيْء حَتَّى أكل اللَّبن مَعَ الْجَوَارِي
وَأَرَادَ مرّة أَن يدنو من بعض جواريه فامتنعت عَلَيْهِ وتشاحت فَقَالَ أعطي الله عهدا لَا قربتك إِلَى سنة لَا أَنا وَلَا أحدٌ من جهتي
وَقَالَ يَوْمًا قد خربَتْ يَدي لَو غسلتها ألف مرّة لم تنظف حَتَّى أغسلها مرَّتَيْنِ
وَمَاتَتْ أم أبي إِسْحَاق الزّجاج فَاجْتمع النَّاس عِنْده للعزاء فَأقبل ابْن الْجَصَّاص وَهُوَ يضْحك وَيَقُول يَا أَبَا إِسْحَاق وَالله سرني هَذَا فدهش الزّجاج وَالنَّاس فَقَالَ بَعضهم يَا هَذَا كَيفَ سرك مَا غمه وغمنا لَهُ قَالَ وَيحك بَلغنِي أَنه هُوَ الَّذِي مَاتَ فَلَمَّا صَحَّ عِنْدِي أَنَّهَا أمه سرني ذَلِك فَضَحِك النَّاس
وَكَانَ يكسر يَوْمًا لوزاً فطفرت لوزةٌ وأبعدت فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كل الْحَيَوَان يهرب من الْمَوْت حَتَّى اللوز
وَقَالَ يَوْمًا فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنَّك تَجِد من تعذبه غَيْرِي وَأَنا لَا أجد غَيْرك يغْفر لي فَاغْفِر لي
وَقَالَ يَوْمًا اللَّهُمَّ امسخني واجعلني جوَيْرِية وزوجني بعمر بن الْخطاب فَقَالَ لَهُ زَوجته سل الله أَن يزوجك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ لَا بُد لَك من أَن تبقى جوَيْرِية فَقَالَ مَا أحب أَن أصير ضرَّة لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَأَتَاهُ يَوْمًا غُلَامه بفرخٍ وَقَالَ انْظُر هَذَا الفرخ مَا أشبهه بِأُمِّهِ فَقَالَ أمه ذكرٌ أَو أُنْثَى
وَبنى ابْنه دَارا وأتقنها ثمَّ أَدخل أَبَاهُ ليراها وَقَالَ لَهُ انْظُر يَا أبه هَل ترى فِيهَا عَيْبا فَطَافَ بهَا وَدخل المستراح وَاسْتَحْسنهُ ثمَّ قَالَ فِيهِ عيب وَهُوَ أَن بَابه ضيقٌ لَا تدخل مِنْهُ الْمَائِدَة(12/241)
وَكتب إِلَى وكيلٍ لَهُ أَن يحمل لَهُ مائَة منٍّ قطناً فحملها إِلَيْهِ فَلَمَّا حلجت اسْتَقل المحلوج)
وَكتب إِلَيْهِ أَن هَذَا لم يجِئ مِنْهُ إِلَّا الرّبع فَلَا تزرع بعْدهَا قطناً إِلَّا بِغَيْر حبٍّ وَيكون محلوجاً أَيْضا
وَقَالَ يَوْمًا لصديقه وحياتك الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ
وَتردد إِلَى بعض النَّحْوِيين ليصلح لِسَانه فَقَالَ لَهُ بعد مُدَّة الْفرس بِالسِّين أَو بالصين
وَقَالَ قُمْت البارحة إِلَى المستراح وَقد طفئ الْقنْدِيل فَمَا زلت أتلمظ المقعدة حَتَّى وَجدتهَا
وانبثق لَهُ كنيف فَقَالَ لغلامه بَادر أحضر من يصلحه لنتغدى بِهِ قبل أَن يتعشى بِنَا
وَطلب يَوْمًا من البستاني الَّذِي لَهُ بصلاً بخلٍّ فأحضر إِلَيْهِ بصلاً بِلَا خلٍّ فَقَالَ لَهُ لأي شَيْء مَا تزرعه بخل
وَالصَّحِيح أَنه كَانَ يتظاهر بذلك ليرى الوزراء مِنْهُ هَذَا التغفل فيأمنوه على أنفسهم إِذا خلا بالخلفاء
3 - (الرئيس بن سينا)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن سينا البُخَارِيّ أَبُو عَليّ الشَّيْخ الرئيس فيلسوف الْإِسْلَام
قَالَ أَبُو عبيد عبد الْوَاحِد الْجوزجَاني ذكر الرئيس قَالَ كَانَ أبي رجلا من(12/242)
أهل بَلخ وانتقل إِلَى بُخَارى أَيَّام نوح بن مَنْصُور واشتغل بالتصوف وأحضر لي معلم الْقُرْآن ومعلم الْأَدَب وكملت الْعشْر من الْعُمر وَقد أتيت على الْقُرْآن وعَلى كثيرٍ من الْأَدَب فَكَانَ يقْضى مني الْعجب وَكَانَ أبي مِمَّن أجَاب دَاعِي المصريين ويعد من الإسماعيلية وَقد سمع مِنْهُم ذكر النَّفس وَالْعقل على الْوَجْه الَّذِي يَقُولُونَهُ وَكَذَلِكَ أخي وَرُبمَا تذاكرا بِهِ وَأَنا أسمعهما وَأدْركَ مَا يقولانه وَلَا تقبله نَفسِي وابتدءوا يدعونني إِلَيْهِ ثمَّ جَاءَ إِلَى بُخَارى أَبُو عبد الله الناتلي وَكَانَ يَدعِي الفلسفة فأنوله أبي دَارنَا رَجَاء تعليمي مِنْهُ وَكنت قبل قدومه أشتغل بالفقه والتردد فِيهِ إِلَى إِسْمَاعِيل الزَّاهِد وأبحث وأناظر فِيهِ
ثمَّ ابتدأت بِكِتَاب إيساغوجي على الناتلي وَلما ذكر لي حد الْجِنْس أَنه هُوَ الْمَقُول على كثيرين مُخْتَلفين بالحقائق فِي جَوَاب مَا هُوَ وأخذته فِي تَحْقِيق الْحَد بِمَا لم يسمع مثله وتعجب مني كل الْعجب وحذر وَالِدي من شغلي بِغَيْر الْعلم وَكَانَ أَي مَسْأَلَة قَالَهَا لي أتصورها خيرا مِنْهُ حَتَّى قَرَأت ظواهر الْمنطق عَلَيْهِ وَأما دقائقه فَلم يكن عِنْده مِنْهَا خبرٌ ثمَّ أخذت أَقرَأ الْكتب على نَفسِي وأطالع الشُّرُوح حَتَّى أحكمت الْمنطق وَكَذَلِكَ كتاب أقليدس فَقَرَأت من أَوله)
خَمْسَة أشكالٍ أَو سِتَّة عَلَيْهِ ثمَّ توليت من نَفسِي حل بَقِيَّة الأشكال بأسره ثمَّ انْتَقَلت إِلَى المجسطي وَلما فرغت من مقدماته وانتهيت إِلَى الأشكال الهندسية قَالَ لي الناتلي تول قرَاءَتهَا وحلها بِنَفْسِك ثمَّ اعرضها عَليّ لأبين لَك صَوَابه من خطئه وَمَا كَانَ الرجل يقوم بِالْكتاب وَأخذت أحل ذَلِك الْكتاب فكم من شكلٍ مَا عرفه إِلَّا وَقت مَا عرضته عَلَيْهِ وفهمته إِيَّاه
ثمَّ فارقنا الناتلي واشتغلت أَنا بتحصيل الْعلم من الفصوص والشروح من الطبيعي والإلهي فَصَارَت أَبْوَاب الْعلم تنفتح عَليّ
ثمَّ رغبت فِي علم الطِّبّ وصرت أَقرَأ الْكتب المصنفة فِيهِ وَعلم الطِّبّ فَلَيْسَ من الْعُلُوم الصعبة فَلَا جرم أَنِّي برزت فِيهِ فِي أقل مُدَّة حَتَّى بَدَأَ فضلاء الطِّبّ يقرءُون عَليّ علم الطِّبّ وتعهدت المرضى فانفتح عَليّ من أَبْوَاب المعالجات المقتبسة من التجربة مَا لَا يُوصف وَأَنا مَعَ ذَلِك أختلف إِلَى الْفِقْه وأناظر فِيهِ وَأَنا فِي هَذَا الْوَقْت من أَبنَاء سِتّ عشرَة سنة ثمَّ توفرت على الْعلم وَالْقُرْآن سنة وَنصفا وأعدت قِرَاءَة الْمنطق وَجَمِيع أَجزَاء الفلسفة
وَفِي هَذِه الْمدَّة مَا نمت(12/243)
لَيْلَة وَاحِدَة وَلَا اشتغلت فِي النَّهَار بِغَيْرِهِ وجمعت بَين يَدي ظهوراً فَكل حجَّة أنظر فِيهَا أثبت مقدماتٍ قياسيةٍ ورتبتها فِي تِلْكَ الظُّهُور ثمَّ نظرت عساها تنْتج وراعيت شُرُوط مقدماته حَتَّى تحقق لي حَقِيقَة الْحق فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة وَكلما كنت أتحير فِي مَسْأَلَة وَلم أكن أظفر بِالْحَدِّ الْأَوْسَط فِي قياسٍ ترددت إِلَى الْجَامِع وَصليت وابتهلت إِلَى مبدع الْكل حَتَّى فتح لي المنغلق مِنْهُ وتيسر المتعسر
وَكنت أشتغل بِالنَّهَارِ وَاللَّيْل فمهما غلبني النّوم أَو شَعرت بضعفٍ عدلت إِلَى شرب قدحٍ من الشَّرَاب ريثما تعود إِلَيّ قوتي ثمَّ ارْجع إِلَى الْقِرَاءَة وَمهما أَخَذَنِي أدنى نومٍ أحلم بِتِلْكَ الْمسَائِل بِأَعْيَانِهَا حَتَّى إِن كثيرا من الْمسَائِل اتَّضَح لي وجوهها فِي الْمَنَام وَكَذَلِكَ حَتَّى استحكم معي جَمِيع الْعُلُوم ووقفت عَلَيْهَا بِحَسب الْإِمْكَان الإنساني وَدلّ مَا عَلمته ذَلِك الْوَقْت فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ لم أزدد فِيهِ إِلَى الْيَوْم حَتَّى أحكمت علم الْمنطق والطبيعي والرياضي ثمَّ عدلت إِلَى الإلهي وقرأت كتاب مَا بعد الطبيعة فَمَا كنت أفهم مَا فِيهِ والتبس عَليّ غَرَض وَاضعه حَتَّى أعدت قِرَاءَته أَرْبَعِينَ مرّة وَصَارَ لي مَحْفُوظًا وَأَنا مَعَ ذَلِك لَا أفهمهُ وَلَا أعلم مَا الْمَقْصُود بِهِ وأيست من نَفسِي وَقلت هَذَا لَا سَبِيل إِلَى فهمه وَإِذا أَنا فِي يَوْم من الْأَيَّام)
قد حضرت الوراقين وبيد دلالٍ مُجَلد يُنَادي عَلَيْهِ فعرضه عَليّ فرددته رد متبرمٍ بِهِ مُعْتَقد أَن لَا فَائِدَة فِي هَذَا الْعلم فَقَالَ لي اشْتَرِ مني هَذَا فَإِنَّهُ رخيصٌ فاشتريته بِثَلَاثَة دَرَاهِم فَإِذا هُوَ كتابٌ لأبي نصرٍ الفارابي فِي أغراض كتاب مَا بعد الطبيعة فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي وقرأته فانفتح عَليّ بِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت أغراض ذَلِك الْكتاب بِسَبَب أَنه قد كَانَ لي على ظهر قلب وفرحت بذلك وتصدقت ثَانِي يَوْم بِشَيْء كثيرٍ على الْفُقَرَاء شكرا لله تَعَالَى
وَكَانَ سُلْطَان بُخَارى فِي ذَلِك الْوَقْت نوح بن مَنْصُور الساماني فاتفق أَن مرض مَرضا تكع الْأَطِبَّاء فِيهِ وَكَانَ اسْمِي اشْتهر بَينهم بالتوفر على الْعلم وَالْقِرَاءَة فأجروا ذكري بَين يَدَيْهِ فَأمر بإحضاري وشاركتهم فِي مداواته وتوسمت بخدمته فَسَأَلته يَوْمًا دخولي دَار كتبهمْ ومطالعتها وَقِرَاءَة مَا فِيهَا من كتب الطِّبّ فَأذن لي فَدخلت دَارا ذَات بيُوت فِي كل بَيت صناديق كتب منضدة بَعْضهَا على الْبَعْض فِي بيتٍ الْعَرَبيَّة وَالشعر وَفِي آخر الْفِقْه وكل بَيت كتب علمٍ مُفْرد
فطالعت فهرست كتب الْأَوَائِل وَطلبت مَا احتجت إِلَيْهِ وَرَأَيْت هُنَاكَ من الْكتب مَا لم يَقع إِلَيّ اسْمه فَقَرَأت تِلْكَ الْكتب وظفرت بفوائدها فَلَمَّا بلغت ثَمَانِيَة عشر من عمري فرغت من هَذِه الْعُلُوم وَكنت إِذْ ذَاك للْعلم أحفظ وَلكنه الْيَوْم معي أنضج وَإِلَّا فالعلم واحدٌ لم يَتَجَدَّد لي بعده شيءٌ
وَكَانَ فِي جواري رجلٌ يُقَال لَهُ أَبُو الْحسن الْعَرُوضِي فَسَأَلَنِي أَن أصنف لَهُ كتابا جَامعا فِي هَذَا الْعلم فصنفته لَهُ وَهُوَ كتاب الْمَجْمُوع وسميته بِهِ وأتيت فِيهِ على سَائِر الْعُلُوم سوى(12/244)
الرياضي ولي إِذْ ذَاك إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة
وَكَانَ فِي جواري أَيْضا رجلٌ يُقَال لَهُ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ البرقي فَقِيه النَّفس متوجهٌ فِي التَّفْسِير فصنفت لَهُ كتاب الْحَاصِل والمحصول فِي قريب من عشْرين مجلداً وصنفت لَهُ فِي الْأَخْلَاق كتاب الْبر وَالْإِثْم وَهَذَا الكتابان فَلَا يوجدان إِلَّا عِنْده
ثمَّ مَاتَ وَالِدي وتصرفت فِي الْأَعْمَال وتقلدت شَيْئا من أَعمال السُّلْطَان ودعتني الضَّرُورَة إِلَى الْإِخْلَال ببخارى لما اضْطَرَبَتْ أَحْوَال الدولة السامانية والانتقال إِلَى كركانج وقدمت إِلَى الْأَمِير بهَا وَهُوَ عَليّ بن الْمَأْمُون وَكنت على زِيّ الْفُقَهَاء بطيلسانٍ وَتَحْت الحنك وتنقلت فِي الْبِلَاد إِلَى جرجان وَكَانَ قصدي الْأَمِير قَابُوس فاتفق فِي أثْنَاء هَذَا أَخذ قَابُوس وحبسه)
فِي بعض القلاع وَمَوته فمضيت إِلَى دهستان ومرضت وعدت إِلَى جرجان فاتصل بِي أَبُو عبيد الْجوزجَاني وأنشدت فِي حَالي قصيدةً فِيهَا الْبَيْت الْقَائِل من الْكَامِل
(لما عظمت فَلَيْسَ مصرٌ واسعي ... لما غلا ثمني عدمت المُشْتَرِي)
قَالَ أَبُو عبيد هَذَا مَا حَكَاهُ لي وَأما مَا شاهدته أَنا من أَحْوَاله فَإِنَّهُ كَانَ بجرجان رجلٌ يُقَال لَهُ أَبُو مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ يحب هَذِه الْعُلُوم فَاشْترى للشَّيْخ دَارا فِي جواره وأنزله إِلَيْهِ وَأَنا أختلف إِلَيْهِ فِي كل يَوْم أَقرَأ المجسطي وأستملي الْمنطق فأملى عَليّ الْمُخْتَصر الْأَوْسَط وصنف لأبي مُحَمَّد كتاب المبدأ والمعاد وَكتاب الأرصاد الْكُلية وصنف هُنَاكَ كتبا كَثِيرَة كأول القانون ومختصر المجسطي وَكَثِيرًا من الرسائل
ثمَّ صنف فِي أَرض الْجَبَل بَقِيَّة كتبه وَذكر مِنْهَا جملَة ثمَّ انْتقل إِلَى الرّيّ واتصل بِخِدْمَة السيدة وَابْنهَا مجد الدولة وعرفوه بِسَبَب كتب وصلت مَعَه تَتَضَمَّن تَعْرِيف قدره وَكَانَ بمجد الدولة إِذْ ذَاك عِلّة السَّوْدَاء فاشتغل بمداواته وصنف هُنَاكَ كتاب الْمعَاد ثمَّ اتّفقت لَهُ أَسبَاب أوجبت خُرُوجه إِلَى قزوين وَمِنْهَا همذان واتفقت لَهُ معرفَة شمس الدولة وَحضر مَجْلِسه بِسَبَب قولنج أَصَابَهُ وعالجه فشفاه الله وفاز من ذَلِك الْمجْلس بخلعٍ كَثِيرَة وَصَارَ من ندمائه
وسألوه تقلد الوزارة فتقلدها ثمَّ اتّفق تشويش الْعَسْكَر عَلَيْهِ وَأَشْفَقُوا على أنفسهم مِنْهُ فكبسوا دَاره وأخذوه إِلَى الْحَبْس وأغاروا على أَسبَابه وَجَمِيع مَا يملكهُ وساموا الْأَمِير قَتله فَامْتنعَ
وعزل نَفسه عَن الدولة طلبا لمرضاتهم وتوارى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فعاود شمس الدولة القولنج فَأحْضرهُ مَجْلِسه وَاعْتذر الْأَمِير شمس الدولة إِلَيْهِ بِكُل عذرٍ واشتغل بمعالجته وَأقَام عِنْده مكرماً مبجلاً وأعيد إِلَى الوزارة ثَانِيًا وَسَأَلته أَن يشْرَح لي كتب أرسطو فَذكر أَن لَا فرَاغ لَهُ فِي ذَلِك الْوَقْت وَلَكِن إِن رضيت مني بتصنيف كتابٍ أورد فِيهِ مَا صَحَّ عِنْدِي من هَذِه الْعُلُوم بِلَا مناظرة مَعَ الْمُخَالفين وَلَا الِاشْتِغَال بِالرَّدِّ عَلَيْهِم فعلت ذَلِك فرضيت مِنْهُ بذلك
فابتدأ بالطبيعيات من كتاب سَمَّاهُ الشِّفَاء وَكَانَ قد صنف الأول من القانون فَكُنَّا نَجْتَمِع كل لَيْلَة فِي دَار طلبة الْعلم وَكنت أَقرَأ من الشفاد نوبَة وَيقْرَأ غَيْرِي من القانون نوبَة فَإِذا فَرغْنَا حضر المغنون على اخْتِلَاف طبقاتهم وعبئ مجْلِس الشَّرَاب بآلاته وَكُنَّا نشتغل بِهِ وَكَانَ التدريس(12/245)
بِاللَّيْلِ لعدم الْفَرَاغ بِالنَّهَارِ خدمَة للأمير فقضينا على ذَلِك زَمنا ثمَّ توجه شمس الدولة لِحَرْب أَمِير الطرم وعاوده القولنج وانضاف إِلَى ذَلِك أمراضٌ أُخْرَى جلبها سوء)
تَدْبيره وَعدم قبُول إشارات الشَّيْخ فخاف الْعَسْكَر وَفَاته فَرَجَعُوا بِهِ وَتُوفِّي فِي الطَّرِيق
وبويع ابْن شمس الدولة وطلبوا وزارة الشَّيْخ فَأبى عَلَيْهِم وَكَاتب عَلَاء الدولة أَبَا جَعْفَر ابْن كاكويه سرا يطْلب خدمته والمسير إِلَيْهِ وَأقَام فِي دَار أبي غَالب الْعَطَّار مُتَوَلِّي الْمُهَذّب فطلبت مِنْهُ إتْمَام كتاب الشِّفَاء فَطلب الكاغد والمحبرة وَكتب فِي قريب من عشْرين جُزْءا رُءُوس الْمسَائِل فكتبها كلهَا بِلَا كتابٍ يحضرهُ وَلَا أصلٍ يرجع إِلَيْهِ وَفرغ مِنْهَا فِي يَوْمَيْنِ ثمَّ ترك تِلْكَ الْأَجْزَاء بَين يَدَيْهِ وَأخذ الكاغد فَكَانَ ينظر فِي كل مَسْأَلَة وَيكْتب شرحها فَكَانَ يكْتب كل يومٍ خمسين ورقة حَتَّى أَتَى على جَمِيع طبيعيات الشِّفَاء والإلهيات مَا خلا كتاب الْحَيَوَان
وابتدأ بالْمَنْطق وَكتب مِنْهُ جُزْءا ثمَّ اتهمه تَاج الْملك بمكاتبة عَلَاء الدولة فَحَث فِي طلبه فَدلَّ عَلَيْهِ بعض أعدائه وودوه إِلَى قلعةٍ يُقَال لَهَا فردجان وَأنْشد هُنَاكَ قصيدةً مِنْهَا من الوافر
(دخولي بِالْيَقِينِ كَمَا ترَاهُ ... وكل الشَّك فِي أَمر الْخُرُوج)
وَبَقِي فِيهَا أَرْبَعَة أشهر ثمَّ قصد عَلَاء الدولة همذان وَأَخذهَا وَانْهَزَمَ تَاج الْملك ثمَّ رَجَعَ عَلَاء الدولة عَن همذان وَعَاد تَاج الْملك وَابْن شمس الدولة إِلَى همذان وحملوا الشَّيْخ مَعَهم إِلَى همذان وَنزل فِي دَار الْعلوِي واشتغل بتصنيف الْمنطق من كتاب الشِّفَاء وَكَانَ قد صنف بالقلعة كتاب الهدايات ورسالة حَيّ بن يقظان وَكتاب القولنج وَأما الْأَدْوِيَة القلبية فَإِنَّمَا صنفها أول وُرُوده إِلَى همذان وتقضى على هَذَا زمانٌ وتاج الْملك يمنيه بمواعيد جميلةٍ
ثمَّ عَن لَهُ التَّوَجُّه إِلَى أَصْبَهَان فَخرج متنكراً وَأَنا وَأَخُوهُ وغلامان مَعَه فِي زِيّ الصُّوفِيَّة فقاسينا شَدَائِد إِلَى أَن قربنا من أَصْبَهَان فَخرج أصدقاؤه وندماء عَلَاء الدولة وخواصه وحملوا إِلَيْهِ المراكب الْخَاصَّة وَالثيَاب الفاخرة وَأنزل فِي مَكَان فِيهِ من الْآلَات جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ ورسم لَهُ فِي ليَالِي الْجمع بمجالس النّظر بَين يَدَيْهِ ويحضره الْعلمَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم فَمَا كَانَ يُطَاق فِي شيءٍ من الْعُلُوم
وتمم بأصبهان كتاب الشِّفَاء ففرغ من الْمنطق والمجسطي وَكَانَ قد اختصر أقليدس والأرثماطيقي والموسيقى وَأورد فِي كل كتاب من الرياضيات زياداتٍ رأى أَن الْحَاجة إِلَيْهَا داعيةٌ أما فِي المجسطي فأورد فِيهِ عشرَة أشكال فِي اخْتِلَاف المنظر وَأورد فِي آخر المجسطي فِي الْهَيْئَة إيراداتٍ لم يسْبق إِلَيْهَا وَأورد فِي أقليدس شبها وَفِي الأرثماطيقي حَسَنَة
وَفِي الموسيقى مسَائِل غفل عَنْهَا الْأَولونَ وَتمّ الْكتاب الْمَعْرُوف بالشفاء مَا خلا كتاب)
النَّبَات وَكتاب الْحَيَوَان فَإِنَّهُمَا صنفا فِي السّنة الَّتِي توجه فِيهَا عَلَاء الدولة إِلَى سَابُور فِي الطَّرِيق وصنف فِي الطَّرِيق أَيْضا كتاب النجَاة(12/246)
واختص بعلاء الدولة ونادمه إِلَى أَن عزم عَلَاء الدولة على قصد همذان وَخرج الشَّيْخ صحبته فَجرى لَيْلَة بَين يَدي عَلَاء الدولة ذكر الْخلَل الْحَاصِل فِي التقاويم المعمولة بِحَسب الأرصاد الْقَدِيمَة فَأمر الشَّيْخ بالاشتغال برصد هَذِه الْكَوَاكِب وَأطلق لَهُ من الْأَمْوَال مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وولاني اتِّخَاذ آلاتها واستخدام صناعتها حَتَّى ظهر كثيرٌ من الْمسَائِل وَكَانَ يَقع الْخلَل فِي الرصد لِكَثْرَة الْأَسْفَار وعوائقها وصنف الْكتاب العلائي
وَكَانَ الشَّيْخ يَوْمًا جَالِسا بَين يَدي الْأَمِير عَلَاء الدولة وَأَبُو مَنْصُور حاضرٌ فَجرى فِي اللُّغَة مسألةٌ فَتكلم فِيهَا الشَّيْخ بِمَا حَضَره فَالْتَفت أَبُو مَنْصُور إِلَى الشَّيْخ وَقَالَ نقُول إِنَّك حكيمٌ وفيلسوفٌ وَلَكِن لم تقْرَأ من اللُّغَة مَا يُرْضِي كلامك فِيهَا فاستنكف الشَّيْخ من هَذَا الْكَلَام وتوفر على درس كتب اللُّغَة ثَلَاث سِنِين واستهدى كتاب تَهْذِيب اللُّغَة من خُرَاسَان وَبلغ فِي اللُّغَة طبقَة قَلما يتَّفق مثلهَا ونظم ثَلَاث قصائد وضمنها ألفاظاً غَرِيبَة وَكتب بهَا ثَلَاثَة كتب أَحدهَا على طَريقَة الصابي وَالْأُخْرَى على طَريقَة الصاحب وَالْأُخْرَى على طَريقَة ابْن العميد وجلدها وأخلق جلدهَا وورقها ثمَّ أوعز الْأَمِير عَلَاء الدّين فَعرض تِلْكَ المجلدات على أبي مَنْصُور وَقَالَ ظفرنا بهَا فِي الصَّيْد فِي الصَّحرَاء فَتَقول لنا مَا فِيهَا فَنظر فِيهَا أَبُو مَنْصُور وأشكل عَلَيْهِ كثيرٌ مِمَّا فِيهَا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ إِن مَا تجهله من هَذَا فَهُوَ مذكورٌ فِي الْموضع الْفُلَانِيّ من كتاب فلانٍ وَذكر لَهُ كتبا كَثِيرَة من اللُّغَة الْمَعْرُوفَة فَفطن أَبُو مَنْصُور أَن تِلْكَ من وضع الشَّيْخ وَأَن الَّذِي حمله مَا جبهه بِهِ ذَلِك الْيَوْم فتنصل وَاعْتذر إِلَيْهِ ثمَّ صنف الشَّيْخ كتابا سَمَّاهُ لِسَان الْعَرَب لم يصنف فِي اللُّغَة مثله وَلم يَنْقُلهُ إِلَى الْبيَاض حَتَّى توفّي وَلم يهتد أحدٌ إِلَى تَرْبِيَته
وَكَانَ قد حصل لَهُ تجارب كَثِيرَة فِيمَا بَاشَرَهَا من المعالجات وعزم على تدوينها فِي كتاب القانون وَكَانَ قد علقها فِي أجزاءٍ فَضَاعَت قبل تَمَامه كتاب القانون من ذَلِك أَنه صدع يَوْمًا فتصور أَن مَادَّة تُرِيدُ النُّزُول إِلَى حجاب رَأسه وَأَنه لَا يَأْمَن ورماً يحصل فِيهِ فَأمر بإحضار ثلج كثير ودقه ولفه فِي خرقةٍ وتغطية رَأسه بهَا فَفعل ذَلِك حَتَّى قوي الْموضع وَامْتنع من قبُول مادته وعوفي)
وَمن ذَلِك امرأةٌ مسلولة بخوارزم أمرهَا أَن لَا تتَنَاوَل شَيْئا من الْأَدْوِيَة سوى الجلنجبين السكرِي حَتَّى تناولت على الْأَيَّام مِقْدَار مائَة منٍّ وشفيت الْمَرْأَة
وَكَانَ قد صنف بجرجان الْمُخْتَصر الْأَوْسَط فِي الْمنطق وَهُوَ الَّذِي وَضعه بعد ذَلِك أول النجَاة وَوَقعت نسخةٌ إِلَى شيراز فَنظر فِيهَا جماعةٌ من أهل الْعلم هُنَاكَ فَوَقَعت لَهُم شبهٌ فِي مسَائِل مِنْهَا فكتبوها فِي جُزْء وَكَانَ قَاضِي شيراز من جملَة الْقَوْم فأنفذ الْجُزْء إِلَى أبي الْقَاسِم الْكرْمَانِي صَاحب إِبْرَاهِيم بن بَابا الديلمي المشتغل بِعلم المناظر وأنفذها على يَدي ركابي(12/247)
قاصدٍ فَعرض الْجُزْء على الشَّيْخ عِنْد اصفرار الشَّمْس فِي يومٍ صائفٍ فَترك الْجُزْء بَين يَدَيْهِ وَنظر فِيهِ وَالنَّاس يتحدثون ثمَّ خرج أَبُو الْقَاسِم فَأمرنِي بإحضار الْبيَاض وَقطع أَجزَاء مِنْهَا فشددت خَمْسَة أَجزَاء كل وَاحِد عشرَة أوراق بِالربعِ الفرعوني وصلينا الْعشَاء وَقدم الشمع وَأمر بإحضار الشَّرَاب وأجلسني وأخاه وأمرنا بمناولة الشَّرَاب وابتدأ هُوَ بِجَوَاب تِلْكَ الْمسَائِل وَكَانَ يكْتب وَيشْرب إِلَى نصف اللَّيْل حَتَّى غلبني وأخاه النّوم فَأمرنَا بالانصراف وَعند الصَّباح قرع الْبَاب فَإِذا رَسُول الشَّيْخ يستحضرني فحضرته وَهُوَ على الْمصلى وَبَين يَدَيْهِ الْأَجْزَاء الْخَمْسَة فَقَالَ خُذْهَا وصر بهَا إِلَى الشَّيْخ أبي الْقَاسِم الْكرْمَانِي وَقل لَهُ استعجلت فِي الْإِجَابَة عَنْهَا لِئَلَّا بتعوق الركابي فَصَارَ هَذَا الحَدِيث تَارِيخا بَينهم
وَوضع فِي حَال الرصد آلَات مَا سبق إِلَيْهَا وصنف فِيهَا رِسَالَة وَبقيت أَنا ثَمَانِي سِنِين فِي خدمَة الرصد وَكَانَ غرضي تبين مَا يحكيه بطليموس عَن نَصبه فِي الأرصاد وصنف الشَّيْخ كتاب الْإِنْصَاف
وَكَانَ أَبُو عليٍّ قوي المزاج يغلب عَلَيْهِ حب النِّكَاح حَتَّى أنهكه مُلَازمَة ذَلِك وأضعفه وَلم يكن يُدَارِي مزاجه وَعرض لَهُ قولنج فحقن نَفسه فِي يَوْم وَاحِد ثَمَانِي مراتٍ فقرح بعض أمعائه وَظهر بِهِ سحجٌ وَاتفقَ سَفَره مَعَ عَلَاء الدولة فَحدث لَهُ الصرع الْحَادِث عقيب القولنج فَأمر باتخاذ دانقين من كرفس فِي جملَة مَا يحقن بِهِ وخلطه بهَا طلبا لكسر الرِّيَاح فقصد بعض الْأَطِبَّاء الَّذِي كَانَ يتَقَدَّم هُوَ إِلَيْهِ بمعالجته وَطرح من بزر الكرفس خَمْسَة دَرَاهِم لست أَدْرِي فعله عمدا أَو خطأ لأنني لم أكن مَعَه فازداد السحج بِهِ من حِدة ذَلِك البزر وَكَانَ يتَنَاوَل المثرود يطوس لأجل الصرع فَقَامَ بعض غلمانه وَطرح فِيهِ شَيْئا كثيرا من الأفيون وناوله فَأَكله وَكَانَ سَبَب ذَلِك خيانتهم لَهُ فِي مالٍ كثيرٍ من خزانته فتمنوا إهلاكه ليأمنوا)
عَاقِبَة أَعْمَالهم
وَنقل الشَّيْخ إِلَى أَصْبَهَان فاشتغل بتدبير نَفسه وَكَانَ من الضعْف بِحَيْثُ لَا يقدر على الْقيام وَلم يزل يعالج نَفسه حَتَّى قدر على الْمَشْي وَحضر مجْلِس عَلَاء الدولة وَلكنه مَعَ ذَلِك لَا يتحفظ وَيكثر التَّخْلِيط فِي أَمر المجامعة وَلم يبرأ كل الْبُرْء وَكَانَ ينتكس كل وقتٍ وَيبرأ
ثمَّ قصد عَلَاء الدولة همذان فَسَار مَعَه الشَّيْخ فعاودته تِلْكَ الْعلَّة فِي الطَّرِيق إِلَى أَن وصل همذان وَعلم أَن قوته قد سَقَطت وَأَنَّهَا لَا تفي بِدفع الْمَرَض فأهمل مداواة نَفسه وَقَالَ الْمُدبر الَّذِي كَانَ يدبر بدني قد عجز عَن التَّدْبِير فَلَا تَنْفَع المعالجة
ثمَّ اغْتسل وَتَابَ وَتصدق بِمَا مَعَه على الْفُقَرَاء ورد الْمَظَالِم على من عرفه وَأعْتق مماليكه وَجعل يخْتم فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام ختمةً
ثمَّ انْتقل إِلَى جوَار ربه عز وَجل يَوْم الْجُمُعَة فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وعمره ثَمَانِيَة وَخَمْسُونَ سنة وَكَانَ مولده فِي صفر سنة سبعين وثلاثمائة انْتهى(12/248)
قلت وَلم يَأْتِ فِي الْإِسْلَام بعد أبي نصر الفارابي من قَامَ بعلوم الفلسفة مثل الشَّيْخ الرئيس أَبُو عليٍّ إِلَّا أَن عِبَارَته أفْصح وأعذب وَأحلى وَأجلى وَمَا كَانَ كَلَام الْأَطِبَّاء قبله إِلَّا كَلَام عَجَائِز حَتَّى جَاءَ الرئيس وأتى بالقانون فَكَأَنَّهُ خطب لبلاغة مَعَانِيه وفصاحة أَلْفَاظه
وَكَانَ الإِمَام فَخر الدّين لَا يُطلق لفظ الشَّيْخ إِلَّا عَلَيْهِ وَكَانَ يحفظ الإشارات الَّتِي لَهُ بِالْفَاءِ وَالْوَاو ويكتبها من حفظه وحكايته مَعَ القطب الْمصْرِيّ فِيمَا يدل على تَعْظِيم الرئيس مرت فِي تَرْجَمَة قطب الدّين إِبْرَاهِيم بن عيل الْمصْرِيّ
وَلما اختصر الإِمَام فَخر الدّين الإشارات الَّتِي للرئيس جَاءَ إِلَى مقامات العارفين وَأوردهُ بِلَفْظِهِ لِأَنَّهُ لم يقدر على الْإِتْيَان بأحلى من تِلْكَ الْعبارَة وَقَالَ هَذَا الْبَاب لَا يقبل الانتخاب لِأَنَّهُ فِي غَايَة الْحسن وَمَا محَاسِن شَيْء كُله حسنٌ
وَجَاء فِي كَلَام الرئيس فِي النمط التَّاسِع أَن قَالَ جلّ جناب الْحق أَن يكون شَرِيعَة لكل وَارِد أَو يطلع عَلَيْهِ إِلَّا واحدٌ بعد وَاحِد وَلذَلِك فَإِن مَا يشْتَمل عَلَيْهِ هَذَا الْفَنّ ضحكةٌ للمغفل عِبْرَة للمحصل فَمن سَمعه فاشمأز عَنهُ فليتهم نَفسه فَلَعَلَّهُ لَا يُنَاسِبه وكل ميسرٌ لما خلق لَهُ انْتهى
قلت وَقد رَأَيْت القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله قَالَ فِي بعض فصوله وَقَالَ ابْن سينا قلقل الله)
أنيابه بِكَلَالِيب جَهَنَّم جلّ جناب الْحق أَن يكون شرعةً لكل وَارِد أَو يطلع عَلَيْهِ إِلَّا واحدٌ بعد وَاحِد وَأخذ يعاكسه ويظن أجساد أَلْفَاظه تكون لهَذِهِ الْأَرْوَاح هياكل أَو أَن كَلِمَاته المزوقة تكون للباب هَذِه الْمعَانِي قشوراً فتشدق وتفيهق وتمطى وتمطق من الْبَسِيط
(من أَيْن أَنْت وَهَذَا الشَّأْن تذكره ... أَرَاك تقرع بَابا عَنْك مسدودا)
إِلَّا أَن الرئيس أَبَا عليٍّ كَانَ من فلاسفة الْإِسْلَام وعدة الْعلمَاء فِي الْحُكَمَاء
قَالَ تَاج الدّين مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الشهرستاني فِي كتاب الْملَل والنحل الْمُتَأَخّرُونَ من فلاسفة الْإِسْلَام مثل يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْكِنْدِيّ وحنين بن إِسْحَاق وَيحيى النَّحْوِيّ وَأبي الْفَرح الْمُفَسّر وَأبي سُلَيْمَان السجْزِي وَأبي سُلَيْمَان مُحَمَّد بن مسعر الْمَقْدِسِي وَأبي بكر ثَابت بن قُرَّة الْحَرَّانِي وَأبي تَمام يُوسُف بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي وَأبي زيد أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي وَأبي محَارب الْحُسَيْن بن سهل بن محَارب القمي وَأحمد بن الطّيب السَّرخسِيّ وَطَلْحَة بن مُحَمَّد النَّسَفِيّ وَأبي حَامِد أَحْمد بن مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ وَعِيسَى بن عَليّ ابْن عِيسَى الْوَزير وَأبي عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن مسكويه وَأبي زَكَرِيَّا يحيى ابْن عَليّ الصَّيْمَرِيّ وَأبي الْحسن العامري وَأبي نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن طرخان الفارابي وَغَيرهم وَإِنَّمَا عَلامَة الْقَوْم أَبُو عليٍّ الْحُسَيْن بن عبد الله بن سينا كلهم قد سلكوا طَريقَة أرسطاليس فِي جَمِيع مَا ذهب إِلَيْهِ وَانْفَرَدَ بِهِ سوى كلماتٍ يسيرةٍ رُبمَا رَأَوْا فِيهَا رَأْي أفلاطون والمتقدمين وَلما كَانَت طَريقَة(12/249)
ابْن سينا أدق وَنَظره فِي الْحَقَائِق أغوص اخْتَرْت نقل طَرِيقَته من كتبه على إيجاز واختصار فَإِنَّهَا عُيُون كَلَامه ومتون مرامه وأعرضت عَن نقل طرق البَاقِينَ وكل الصَّيْد فِي جَوف الفرا
وَقَالَ القَاضِي شهَاب الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْمُنعم الْمَعْرُوف بِابْن أبي الدَّم فِي كتاب الْفرق الإسلامية إِلَّا أَنه لم يقم أحدٌ من هَؤُلَاءِ بِعلم أرسطاليس مثل مقَام أبي نصرٍ الفارابي وَأبي عَليّ بن سيناء وَلَا صنف أحدٌ مِنْهُم مثل تصانيفهما وَكَانَ الرئيس أَبُو عَليّ بن سينا أقوم الرجلَيْن بذلك وأعلمهما بِهِ
ثمَّ قَالَ فِيمَا بعد وَاتفقَ الْعلمَاء على أَن ابْن سينا كَانَ يَقُول بقدم الْعَالم وَنفى الْمعَاد الجسماني وَأثبت الْمعَاد النفساني وَنقل عَنهُ أَنه قَالَ إِن الله تَعَالَى لَا يعلم الجزئيات بعلمٍ جزئي وَإِنَّمَا يعلمهَا بعلمٍ كليٍّ وَقطع عُلَمَاء زَمَانه وَمن بعده الْأَئِمَّة الْمُعْتَبرَة أَقْوَالهم أصولاً)
وفروعاً من الْحق بِكُفْرِهِ وبكفر أبي نصرٍ الفارابي بِهَذِهِ الْمسَائِل الثَّلَاث واعتقاده فِيهَا بِمَا يُخَالف اعْتِقَاد الْمُسلمين
قلت وَكَانَ رَأْيه فِي الْفُرُوع رَأْي الإِمَام أبي حنيفَة
ذكر تصانيفه كتاب الشِّفَاء جمع فِيهِ الْعُلُوم الْأَرْبَعَة وصنف طبيعياته وإلهياته فِي مُدَّة عشْرين يَوْمًا بهمذان وَلَا مزِيد لأحد على مَا فِيهِ من الْمنطق كتاب اللواحق يذكر أَنه شرحٌ للشفاء كتاب الْحَاصِل والمحصول صنفه أول عمره فِي قريب من وَعِشْرُونَ مجلدة كتاب الْبر وَالْإِثْم مجلدان كتاب الْإِنْصَاف جمع فِيهِ كتب أرسطو جَمِيعهَا وأنصف فِيهِ بَين المشرقيين والمغربيين ضَاعَ فِي نهب السُّلْطَان مَسْعُود وَهُوَ فِي عشْرين مجلداً كتاب الْمَجْمُوع وَيعرف بالحكمة العروضية صنفه لأبي حسن الْعَرُوضِي وعمره إِحْدَى وَعشْرين سنة كتاب القانون صنف بعضه بجرجان وتممه بِالريِّ وعول على أَن يعْمل لَهُ شرحاً
قلت وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُسمى هَذَا القانون كتاب الشِّفَاء لكَونه فِي الطِّبّ وعلاج الْأَمْرَاض وَأَن يُسمى كتاب الشِّفَاء كتاب القانون لِأَن الشِّفَاء فِيهِ الْعُلُوم الْأَرْبَع الَّتِي هِيَ الْحِكْمَة والقانون هُوَ الْأَمر الْكُلِّي الَّذِي ينطبق على جَمِيع جزئيات ذَلِك الشَّيْء
كتاب الْأَوْسَط الْجِرْجَانِيّ فِي الْمنطق كتاب المبدأ والمعاد فِي النَّفس كتاب الأرصاد الْكُلية كتاب الْمعَاد كتاب لِسَان الْعَرَب فِي اللُّغَة عشر مجلدات لم يَنْقُلهُ من الْبيَاض كتاب الإشارات والتنبيهات وَهُوَ آخر مَا صنف وأجوده
وَقد سقت فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشرواني سنداً بِهَذَا الْكتاب كتاب الْهِدَايَة فِي الْحِكْمَة صنفه وَهُوَ مَحْبُوس بقلعة مردوخان لِأَخِيهِ عَليّ كتاب القولنج صنفه بِهَذِهِ القلعة كتاب الْأَدْوِيَة القلبية رِسَالَة حَيّ بن يقظان صنفها بِهَذِهِ القلعة وَقد عارضها جمَاعَة مِنْهُم ابْن رشد المغربي وَغَيره مقَالَة فِي النبض بِالْفَارِسِيَّةِ مقَالَة فِي مخارج(12/250)
الْحُرُوف مقَالَة فِي القوى الطبيعية رِسَالَة الطير مرموزة فِيمَا يُوصل إِلَى علم الْحق كتاب الْحُدُود كتاب عُيُون الْحِكْمَة يجمع الْعُلُوم الثَّلَاث مقَالَة فِي عكوس ذَوَات الْجِهَة الْخطْبَة التوحيدية فِي الإلهيات والموجز الْكَبِير فِي الْمنطق وَأما الموجز الصَّغِير فَإِنَّهُ منطق النجَاة القصيدة المزدوجة فِي الْمنطق مقَالَة فِي تَحْصِيل السَّعَادَة تعرف بالحجج الْعشْر مقَالَة فِي الْقَضَاء وَالْقدر مقَالَة فِي الهندباء مقَالَة فِي الْإِشَارَة إِلَى علم الْمنطق مقَالَة فِي تقاسيم الْعُلُوم وَالْحكمَة رِسَالَة فِي)
السكنجبين مقَالَة فِي أَن لَا نِهَايَة تعاليق علقها عَنهُ بعض الأفاضل مقَالَة فِي خَواص خطّ الاسْتوَاء المباحثات سُؤال بهمنيار تِلْمِيذه وَجَوَابه لَهُ عشر مسَائِل أجَاب عَنْهَا لأبي الريحان البيروني جَوَاب سِتّ عشرَة مَسْأَلَة لأبي الريحان مقَالَة فِي هَيْئَة الأَرْض وَكَونهَا فِي الْوسط كتاب الْحِكْمَة المشرقية وَلم يتم مقَالَة فِي تعقب الْمَوَاضِع الجدلية الْمدْخل إِلَى صناعَة الموسيقى وَهُوَ غير الَّذِي فِي النجَاة مقَالَة فِي الأجرام السماوية مقَالَة فِي الْخَطَأ الْوَاقِع فِي التَّدْبِير الطبي مقَالَة فِي كَيْفيَّة الرصد ومطابقته مَعَ الْعلم الطبيعي مقَالَة فِي الْأَخْلَاق رِسَالَة فِي الكمياء مقَالَة فِي آلةٍ رصدية صنفها عِنْد عمل الرصد لعلاء الدولة مقَالَة فِي غَرَض قاطيغورياس الرسَالَة الأصحوية فِي الْمعَاد معتصم الشُّعَرَاء فِي الْعرُوض مقَالَة فِي حد الْجِسْم الْحِكْمَة العرشية وَهُوَ كَلَام متفرعٌ فِي الإلهيات عهدٌ لَهُ مَعَ الله عَاهَدَ بِهِ نَفسه مقَالَة فِي أَن علم زيد غير علم عَمْرو كتاب تَدْبِير الْجند والممالك والعساكر وأرزاقهم وخراج الممالك مناظرات جرت لَهُ مَعَ أبي عَليّ النَّيْسَابُورِي فِي النَّفس خطبٌ وتحميداتٌ وأسجاعٌ جَوَاب يتَضَمَّن الِاعْتِذَار عَمَّا نسب إِلَيْهِ فِي الْخطب مُخْتَصر أوقليدس مقَالَة الأرثماطيقي عشر قصائد وأشعار فِي الزّهْد وَوصف أَحْوَاله رِسَالَة بالفارسي والعربي مخاطبات ومكاتبات وهزليات تعاليق مسَائِل حنين فِي الطِّبّ قوانين ومعالجات طبية عشرُون مَسْأَلَة سَأَلَهَا أهل الْعَصْر مسَائِل عدَّة طبية مسَائِل ترجمها بالتذكير جَوَاب مسَائِل كَثِيرَة رِسَالَة إِلَى عُلَمَاء بَغْدَاد يسألهم الْإِنْصَاف بَينه وَبَين رجل ادّعى الْحِكْمَة رِسَالَة إِلَى صديق لَهُ يسْأَله الْإِنْصَاف بَينه وَبَين الهمذاني الَّذِي يَدعِي الْحِكْمَة كَلَام لَهُ فِي تَبْيِين مَاهِيَّة الْحُرُوف شرح كتاب النَّفس لأرسطو يُقَال إِنَّه من الْإِنْصَاف مقَالَة فِي النَّفس تعرف بالفصول مقَالَة فِي إبِْطَال علم النُّجُوم كتاب الْملح فِي النَّحْو فُصُول إلهية فِي إِثْبَات الأول فُصُول فِي النَّفس وطبيعيات رِسَالَة إِلَى أبي سعد بن أبي الْخَيْر فِي الزّهْد مقَالَة فِي أَنه لَا يجوز أَن يكون الشَّيْء جوهراً وعرضيا مسَائِل جرت بَينه وَبَين بعض الْفُضَلَاء فِي فنون الْعُلُوم تعليقات استفادها أَبُو الْفرج الطَّبِيب الهمذاني من مَجْلِسه وجوابات مقَالَة فِي الممالك وبقاع الأَرْض مُخْتَصر فِي أَن الزاوية الَّتِي من الْمُحِيط والمماس لَا كمية لَهَا كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا
قَالَ ابْن أبي الدَّم وَرُوِيَ أَنه رُوِيَ بعد مَوته فَقيل لَهُ مَا الْخَبَر فَأَنْشد من السَّرِيع(12/251)
(أعوم فِي بحرك كَيْمَا أرى ... لَهُ على طول المدى قعرا)
)
(فَلَا أرى فِيهِ سوى لجةٍ ... تسلمني مِنْهَا إِلَى أُخْرَى)
وَقَالَ ابْن خلكان كَانَ الشَّيْخ كَمَال الدّين بن يُونُس رَحمَه الله يَقُول إِن مخدومه سخط عَلَيْهِ واعتقله وَمَات فِي السجْن وَكَانَ ينشد من المتقارب
(رَأَيْت ابْن سينا يعادي الرِّجَال ... وبالحبس مَاتَ أخس الْمَمَات)
(فَلم يشف مَا نابه بالشفا ... وَلم ينج من مَوته بالنجاة)
يُرِيد بِالْحَبْسِ انحباس الْبَطن الَّذِي أَصَابَهُ
وَمن شعر الرئيس أبي عَليّ بن سينا من الطَّوِيل
(أَقَامَ رجَالًا فِي معارفه ملكي ... وأقعد قوما فِي غوايتهم هلكى)
(نَعُوذ بك اللَّهُمَّ من شَرّ فتنةٍ ... تطوق من حلت بِهِ عيشةً ضنكا)
(رَجعْنَا إِلَيْك الْآن فاقبل رجوعنا ... وقلب قلوباً طَال إعراضها عنكا)
(فَإِن أَنْت لم تبرئ شكايا عقولنا ... وَتصرف عماياها إِذا فَلِمَنْ يشكى)
(فقد آثرت نَفسِي رضاك وَقطعت ... عَلَيْك جفوني من جواهرها سلكا)
وَمن شعره يصف النَّفس وَلم يكن لغيره مثلهَا من الْكَامِل
(هَبَطت إِلَيْك من الْمحل الأرفع ... وَرْقَاء ذَات تعززٍ وتمنع)
(وصلت على كرة إِلَيْك وَرُبمَا ... كرهت فراقك فَهِيَ ذَات تفجع)
(محجوبةٌ عَن كل مقلة عارفٍ ... وَهِي الَّتِي سفرت وَلم تتبرقع)
(أنفت وَمَا ألفت فَلَمَّا واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع)
(وأظنها نسيت عهوداً بالحمى ... ومنازلاً بفراقها لم تقنع)
(حَتَّى إِذا اتَّصَلت بهاء هبوطها ... من مِيم مركزها بِذَات الأجرع)
(علقت بهَا ثاء الثقيل فَأَصْبَحت ... بَين الْمعلم والطلول الخضع)
(تبْكي وَقد نسيت عهوداً بالحمى ... بمدامعٍ تهمي وَلما تقلع)
(حَتَّى إِذا قرب الْمسير إِلَى الْحمى ... ودنا الرحيل إِلَى الفضاء الأوسع)
(وغدت تغرد فَوق ذرْوَة شاهقٍ ... وَالْعلم يرفع كل من لم يرفع)
(إِن كَانَ أهبطها الْإِلَه لحكمةٍ ... طويت عَن الفطن اللبيب الأروع)
(فهبوطها لَا شكّ ضَرْبَة لازبٍ ... لتَكون سامعةً بِمَا لم تسمع)
)
(وتعود عَالِمَة بِكُل خفيةٍ ... فِي الْعَالمين فخرقها لم يرقع)
(فلأي شَيْء أهبطت من شاهقٍ ... سامٍ إِلَى قَعْر الحضيض الأوضع)(12/252)
(إِذْ عاقها الشّرك الكثيف فصدها ... قفصٌ عَن الأوج الفسيح الأرفع)
(فَكَأَنَّهَا برقٌ تألق بالحمى ... ثمَّ انطوى فَكَأَنَّهُ لم يلمع)
وَقد خمسها جمَاعَة ونظم فِي مَعْنَاهَا جمَاعَة وَتقدم فِي تَرْجَمَة شهَاب الدّين السهروردي مُحَمَّد بن حبش أبياتٌ قافية فِي هَذِه الْمَادَّة
وينسب إِلَيْهِ البيتان اللَّذَان أوردهما الشهرستاني فِي أول نِهَايَة الْإِقْدَام وهما من الطَّوِيل
(لقد طفت فِي تِلْكَ الْمعَاهد كلهَا ... وسيرت طرفِي بَين تِلْكَ المعالم)
(فَلم أر إِلَّا وَاضِعا كف حائرٍ ... على ذقنٍ أَو قارعاً سنّ نادم)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من الْكَامِل
(خير النُّفُوس العارفات ذواتها ... وحقيق كميات ماهياتها)
(وَبِمَ الَّذِي حلت ومم تكونت ... أَعْضَاء بنيتها على هيآتها)
(نفس النَّبَات وَنَفس حسٍّ ركبا ... هلا كَذَاك سماته كسماتها)
(يَا للرِّجَال لعظم رزءٍ لم تزل ... مِنْهُ النُّفُوس تخب فِي ظلماتها)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(هذب النَّفس بالعلوم لترقى ... وذر الْكل فَهِيَ للْكُلّ بَيت)
إِنَّمَا النَّفس كالزجاجة وَالْعلم سراجٌ وَحِكْمَة الله زَيْت وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من الطَّوِيل
(شربنا على الصَّوْت الْقَدِيم قديمَة ... لكل قديم أولٌ هِيَ أول)
(وَلَو لم تكن فِي حيزٍ قلت إِنَّهَا ... هِيَ الْعلَّة الأولى الَّتِي لَا تعلل)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من الرمل
(نزل اللاهوت فِي ناسوتها ... كنزول الشَّمْس فِي أبراج يُوح)
(قَالَ فِيهَا بعض من هام بهَا ... مثل مَا قَالَ النَّصَارَى فِي الْمَسِيح)
(هِيَ والكأس وَمَا مازجها ... كأب متحدٍ وَابْن وروح)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من الْكَامِل)
(هَات اسقنا كأس الطلا كَدم الطلى ... يَا صَاحب الكأس الملا بَين الملا)
(خمرًا تظل لَهَا النَّصَارَى سجدا ... وَلها بَنو عمرَان أخلصت الولا)
(لَو أَنَّهَا قَالَت وَقد مَالَتْ بهم ... سكرا أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى)
وَنسب إِلَيْهِ أَيْضا من مجزوء الرمل
(صبها فِي الكأس صرفا ... غلبت ضوء السراج)(12/253)
(ظَنّهَا فِي الكأس نَارا ... فطفاها بالمزاج)
قلت لَا يُقَال طفاه وَلَكِن أطفأه والرئيس يحاشى من ذَلِك
وينسب إِلَيْهِ الأبيات الَّتِي يَقُولهَا بعض النَّاس عِنْد رُؤْيَة عُطَارِد عِنْد وَقت شرفه ويعتقد أَنَّهَا تفِيد علما وَخيرا وَهِي من الطَّوِيل
(عُطَارِد قد وَالله طَال ترددي ... مسَاء وصبحاً كي أَرَاك فأغنما)
(وَهَا أَنْت فامددني بِمَا أدْرك المنى ... وأحوي الْعُلُوم الغامضات تكرما)
(ووقني الْمَحْذُور وَالشَّر كُله ... بِأَمْر مليكٍ خَالق الأَرْض والسما)
وينسب إِلَيْهِ القصيدة الرائية وَهِي من الْكَامِل
(احذر بني من الْقرَان الْعَاشِر ... وانفر بِنَفْسِك قبل نفر النافر)
(لَا تشغلنك لذةٌ تلهو بهَا ... فالموت أولى بالظلوم الْفَاجِر)
(واسكن بلاداً بالحجاز وقم بهَا ... واصبر على جور الزَّمَان الجائر)
(لَا تركنن إِلَى الْبِلَاد فَإِنَّهَا ... سيعمها حد الحسام الباتر)
(من فتيةٍ فطس الأنوف كَأَنَّهُمْ ... سيلٌ طما أَو كالجراد الناشر)
(خزر الْعُيُون تراهم فِي ذلةٍ ... كم قد أبادوا من مليكٍ قاهر)
(مَا قصدهم إِلَّا الدِّمَاء كَأَنَّهُمْ ... ثأرٌ لَهُم من كل ناهٍ آمُر)
(وخراب مَا شاد الورى حَتَّى يرى ... قفراً عمارتهم برغم العامر)
مِنْهَا بَعْدَمَا ذكر خراب الْبِلَاد
(ويفر سفاك الدما مِنْهُم كَمَا ... فر الْحمام من الْعقَاب الكاسر)
(فَهُوَ الْخَوَارِزْمِيّ يكسر جيشها ... فِي نصف شهرٍ من ربيع الآخر)
(وَيَمُوت من كمدٍ على مَا ناله ... من ملكه فِي لج بَحر زاخر)
)
مِنْهَا وَقد ذكر وَلَده
(وَيكون آخر عمره فِي آمدٍ ... يسري إِلَيْهِ وَمَا لَهُ من سَائِر)
(وَيعود عظم جيوشه مرتدةً ... عَنهُ إِلَى الْخصم الألد الْفَاجِر)
(وديار بكر سَوف يقتل بَعضهم ... بِالسَّيْفِ بَين أصاغرٍ وأكابر)
(وَالْوَيْل مَا تلقى النَّصَارَى مِنْهُم ... بالذل بَين أصاغرٍ وأكابر)
(وَالْوَيْل إِن حلوا ديار ربيعةٍ ... مَا بَين دجلتها وَبَين الجازر)
(ويخربون ديار بابل كلهَا ... من شهر زور إِلَى بِلَاد السامري)
(وخلاط ترجع بعد بهجة منظرٍ ... قفراً تداس على اخْتِلَاف الْحَافِر)(12/254)
(هَذَا وتغلق إربلٌ من دونهم ... تسعا وتفتح فِي النَّهَار الْعَاشِر)
(ولربما ظَهرت عَسَاكِر موصلٍ ... تبغي الْأمان من الخؤون الْكَافِر)
(وَترى إِلَى الثرثار نهباً وَاقعا ... ودما تسيل وهتك ستر السَّاتِر)
(ولربما ظَهرت عَلَيْهِم فتيةٌ ... من آل صعصعةٍ كرام عشائر)
(تلقاهم حلبٌ بجيشٍ لَو سرى ... فِي الْبَحْر أظلم كالعجاج الثائر)
(وَإِذا مضى حد الْقرَان رَأَيْتهمْ ... يردون جلق وَهِي ذَات عَسَاكِر)
(يفنيهم الْملك المظفر مِثْلَمَا ... فنيت ثمودٌ فِي الزَّمَان الغابر)
(ويبيدهم نجل الإِمَام مُحَمَّد ... بحسامه فيهلكهم حسام النَّاصِر)
(ولربما أبقى الزَّمَان عِصَابَة ... مِنْهُم فيهلكهم حسام النَّاصِر)
(فِي أَرض كنعان تظل جسومهم ... مرعى الذئاب وكل نسرٍ طَائِر)
(وَكَذَا الْخَلِيفَة جعفرٌ سيظل فِي ... أرضٍ وَلَيْسَ لسبلها من خاطر)
(وَكَذَا الْعرَاق قُصُورهَا وربوعها ... تِلْكَ النواحي بالمشيد العامر)
(وَالروم تكسرهم وتكسر بعدهمْ ... عَاما وَلَيْسَ لكسرها من جَابر)
(تمحى خِلَافَته وينسى ذكره ... بَين الورى من صنع ربٍّ قَادر)
(فترى الْحُصُون الشامخات مهدةً ... لم يبْق فِيهَا ملجأٌ لمسافر)
(وَترى قراها والبلاد تبدلت ... بعد الأنيس بِكُل وحشٍ نافر)
قلت يُرِيد بالقران الْعَاشِر على مَا زَعمه المنجمون قرَان المُشْتَرِي بزحل فِي برج الجدي)
وَهُوَ أنحس البروج لكَونه برج زحل وزحل نحسٌ أكبر
وَقد طنطن ابْن أبي أصيبعة وأعجب بِصِحَّة مَا حكم فِيهَا وَالَّذِي أرَاهُ أَن الَّذِي نظم القصيدة العينية فِي النَّفس مَا ينظم مثل هَذِه القصيدة الساقطة الرَّكِيكَة السمجة التَّرْكِيب وَأَنَّهَا نظم بعض الْعَوام أَرَادَ أَن يَحْكِي مَا جرى وَلم تنظم هَذِه القصيدة وَالله أعلم إِلَّا بعد خراب بَغْدَاد وَلم يقل ابْن سينا مِنْهَا كلمة وَاحِدَة وَلَا عرف هَذِه الوقائع قبل حدوثها بمائتين وَثَلَاثِينَ سنة تَقْرِيبًا سلمنَا أَنه علم كلياتها من حِسَاب النُّجُوم وَلَا نسلم أَن هَذَا كَلَامه وَلَا نظمه إنَّ فِي ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلبٌ وَلم أوردهَا إِلَّا لِأَن بعض النَّاس يطنب فِي أمرهَا
3 - (ظهير الدّين الغوري)
حُسَيْن بن عبد الله بن أبي بكر بن عَليّ ظهير الدّين الغوري بِضَم الْغَيْن الصُّوفِي الْحَنَفِيّ من كبار الصُّوفِيَّة بخانقاه السميساطي
لَهُ معرفَة بالفقه والعربية(12/255)
ومشاركة فِي الحَدِيث والتاريخ وَلم يزل حَرِيصًا على الْعلم والتحصيل وَهُوَ وَالِد شمس الدّين مُحَمَّد الغوري تقدم ذكره فِي المحمدين وَتُوفِّي ظهير الدّين سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن رَوَاحَة الْحَمَوِيّ)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن رَوَاحَة أَبُو عَليّ الْأنْصَارِيّ الْحَمَوِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الشَّاعِر ابْن خطيب حماه ولد سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
سمع بِدِمَشْق من أبي المظفر الفلكي وَأبي الْحسن عَليّ بن سُلَيْمَان الْمرَادِي والصائن هبة الله وَجَمَاعَة
وَوَقع فِي أسر الفرنج وَبَقِي عِنْدهم مُدَّة وَولد لَهُ بجزائر الْبَحْر عز الدّين عبد الله وَقدم بِهِ الْإسْكَنْدَريَّة وسَمعه الْكثير من السلَفِي
وَكَانَ قد سَافر فِي الْبَحْر إِلَى الغرب فَأسر ثمَّ خلصه الله تَعَالَى وحصلت لَهُ الشَّهَادَة على عكا وَمن شعره من السَّرِيع
(يَا قلب دع عَنْك الْهوى قسرا ... مَا أَنْت مِنْهُ حامداً أمرا)
(أضعت دنياي بهجرانه ... إِن نلْت وصلا ضَاعَت الْأُخْرَى)
وَعَكسه فَقَالَ من مجزوء الْكَامِل)
(لاموا عَلَيْك وَمَا دروا ... أَن الْهوى سَبَب السعاده)
(إِن كَانَ وصلٌ فالمنى ... أَو كَانَ هجرٌ فالشهاده)
وَمن شعره من مخلع الْبَسِيط
(إِن كَانَ يحلو لديك قَتْلِي ... فزد من الهجر فِي عَذَابي)
(عَسى يُطِيل الْوُقُوف بيني ... وَبَيْنك الله فِي الْحساب)
وَذكرت هُنَا مَا قلته فِي هَذَا الْمَعْنى من الْبَسِيط
(زِدْنِي عذَابا وَلَا تتْرك لجارحةٍ ... مني حراكاً وَخذ روحي وجثماني)
(عساك فِي الْحَشْر لما أَن يطول غَدا ... حسابنا تتملى مِنْك أجفاني)
وَمن شعر ابْن رَوَاحَة من الْكَامِل
(قل للروافض إِنَّكُم فِي سبكم ... أهل الْهدى فِي حبكم علم الْهدى)
(مثل النَّصَارَى لَا نسب لأجلهم ... عِيسَى وَقد سبوا النَّبِي مُحَمَّدًا)(12/256)
وَمِنْه فِي مليح اسْمه إِبْرَاهِيم من الرمل
(صدني بعد اقترابٍ وجفاني ... قمرٌ يخجل مِنْهُ القمران)
(لست أَدْعُو باسمه ضناً بِهِ ... غير أَنِّي بِالَّذِي أخفيه دَان)
(ظمئي فِيهِ ظما آخِره ... لَيْتَني أَوله مِمَّا عراني)
وَمِنْه فِي مليح اسْمه مبارك من الطَّوِيل
(وأغيد لَا تحكي الأسنة لحظه ... وَلَا يملك الخطى لينًا بقده)
(تألفني قرب السقام لبعده ... خالفني وصل الغرام بصده)
(صباحي إِذا مَا زارني فِيهِ مثله ... وعيشي إِذا مَا صد عني بضده)
وَمِنْه فِي مليح اسْمه إلْيَاس من السَّرِيع
(أتيت من أهواه عكس اسْمه ... فَلم أنل مِنْهُ سوى الِاسْم)
(وَكلما أطمعني ضِدّه ... عَاد بِهِ التيه إِلَى الرَّسْم)
وَمِنْه فِي هجو إِنْسَان بِمصْر من الْخَفِيف
(أحكمت عرسه ضروب الأغاني ... من ثقيلٍ فِي رَأسه وخفيف)
(وتمنت عَلَيْهِ كل الملاهي ... غَيره وَحده لِمَعْنى لطيف)
)
(فقضيباً لاسمٍ وناياً لشكلٍ ... ورباباً للجر والتصحيف)
وَمِنْه من الوافر
(أيحسن بعد ظَنك حسن ظَنِّي ... وَأجْمع بَين يأسي وَالتَّمَنِّي)
(وَمَا نفعي بعطفك بعد فوتٍ ... كرقة شامتٍ من بعد دفن)
(أأطمع أَن أكون شَهِيد حبٍّ ... فأصحب مِنْك حورياً بعدن)
(ملكت عَليّ أجفاني وقلبي ... فأبعدت الْكرَى والعذل عني)
(فكم أرعيت غير اللوم سَمْعِي ... وَكم أرعيت غير النّوم جفني)
(صددت وَمَا سوى إفراط وجدي ... لَك الدَّاعِي إِلَى فرط التجني)
(لقد أبديت لي فِي كل حسنٍ ... ضروباً أبدعت لي كل حزن)
(فكم فنٍّ من الْبلوى عراني ... لعشق الْوَصْف مِنْك بِكُل فن)
(كَأَنَّك رمت أَن أسلوك حَتَّى ... أَقمت الشّبَه فِي بدرٍ وغصن)
(فألبس وَجهك الأقمار تماً ... وَعلم قدك البان التثني)
(رماني فِي هَوَاك طماح طرفِي ... إِلَى حسنٍ فأخلف فِيهِ ظَنِّي)
(فكم دمعٍ حملت عَلَيْهِ عَيْني ... وَكم ندمٍ قرعت عَلَيْهِ سني)(12/257)
(غدرت وَمَا رَأَيْت سوى وفاءٍ ... فَهَلا قبل يغلق فِيك رهني)
(أَقمت الْمَوْت لي رصداً فأخشى ... زيارته وَإِن يَك لم يزرني)
وَخرج مِنْهَا إِلَى مدح السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب فَقَالَ يصف الأساطيل والسبايا من الوافر
(لقد جلب الْجَوَارِي بالجواري ... يمدن بِكُل قدٍّ مرجحن)
(يزيدهم اجْتِمَاع الشمل بؤساً ... فمرنانٌ ينوح على مرن)
(فَمَا من ظبيةٍ تفدى بليثٍ ... وَلَا ليثٍ فدا رشأٍ أغن)
قَالَ أَبُو سَالم ابْن الزَّاهِد الْوَاعِظ الوَاسِطِيّ كنت جَالِسا مَعَ ابْن رَوَاحَة بحماه وَإِذا قد مر غلامٌ حسن فَدَعَاهُ فَقَالَ يَا فلَان مَا حملك على جفَاء فلَان وسمى شخصا قد مَاتَ مَعَ معرفتك بحبه لَك فَقَالَ الْغُلَام إِنِّي نَدِمت بعد ذَلِك فأنشدني ابْن رَوَاحَة فِي الْحَال لنَفسِهِ من الوافر
(يرق لمن يَمُوت بِهِ شَهِيدا ... ويهجر دَائِما أهل الْبَقَاء)
)
(لتعلم أَنه من حور عدنٍ ... منال وصاله بعد الفناء)
وَمن شعر ابْن رَوَاحَة فِي مليح يقْرَأ الْقُرْآن من الطَّوِيل
(تَلا فَدَعَا قلبِي إِلَى حب وَصله ... وعهدي بِمَا يتلوه ينْهَى عَن الْحبّ)
(فَكيف اصْطِبَارِي عَنهُ لَو كَانَ مسمعي ... غناء الغواني من مقبله العذب)
3 - (عماد الدّين خطيب فوه)
الْحُسَيْن بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن عماد الدّين أَبُو عبد الله الْقرشِي الفوي بِضَم الْفَاء وَتَشْديد الْوَاو الشَّافِعِي خطيب فوه من بِلَاد مصر
ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة ولي الْقَضَاء بِبَعْض الْأَعْمَال
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأرْسل وَلَده شَيخنَا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَسمع الخلعيات من ابْن عمار
وَحدث عَن الْفَقِيه أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن سَلامَة وروى عَنهُ الْحَافِظ زكي الدّين شَيْئا من شعره
3 - (أَبُو عبد الله الصَّيْرَفِي)
الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الله الصَّيْرَفِي أَبُو عبد الله الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالنباتي
صحب أَبَا نصر بن نباتة الشَّاعِر السَّعْدِيّ وَنسب نَفسه إِلَيْهِ وروى عَنهُ وَعَن الْملك الْعَزِيز أبي مَنْصُور بن بويه والوزير أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن بن عَليّ المغربي وروى عَنهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز النديم العكبري توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
وَمن شعره(12/258)
3 - (أَبُو عبد الله الْغَزِّي الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن مَحْبُوب الْأنْصَارِيّ الْغَزِّي أَبُو عبد الله الْفَقِيه
أَصله من غَزَّة هاشمٍ وَولد بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي مُدَّة طَوِيلَة وَسمع الحَدِيث الْكثير من أبي غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الباقلاني وَأبي سعد مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن خشيش وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاّف وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير)
وَكَانَ يورق للنَّاس وَكَانَ صَدُوقًا مرضِي الطَّرِيقَة مَحْمُود السِّيرَة ورعاً زاهداً صَابِرًا على الْفقر قانعاً باليسير توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن شأس)
الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن شأس قَاضِي الْقُضَاة الْمَالِكِي تَقِيّ الدّين
كَانَ عرافاً بِالْمذهبِ جيد النَّقْل عَلامَة لكنه كَانَ مَذْمُوم الْأَحْكَام متسرعاً سَمحا فِي التَّعْدِيل
حدث عَن ابْن الجميزي وَغَيره وَهُوَ قَاضِي الديار المصرية توفّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الزلازلي)
الْحِين بن عبد الرَّحِيم بن الْوَلِيد بن عُثْمَان بن جَعْفَر الْكلابِي الْمَعْرُوف بالزلازلي الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِأبي الزلازل توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَسبعين وثلاثمائة
أحد الأدباء الْفُضَلَاء الشُّعَرَاء المصنفين حدث عَن جمَاعَة مِنْهُم أَبُو بكر ابْن جَعْفَر الخرائطي وَأَبُو يَعْقُوب النجيرمي
وصنف كتاب الأسجاع وَهُوَ مَا جَاءَ من أَخْبَار الْعَرَب مسجوعاً وجود فِيهِ
وَمن شعره من الْخَفِيف
(عيد يمنٍ مؤكدٌ بِأَمَان ... من تصاريف طَارق الْحدثَان)
(جعل الله عيد عامك هَذَا ... خير عيدٍ يجريه خير زمَان)
ثمَّ لَا زلت فِي زَمَانك فِي يسر وَمن طيب عيشه فِي أَمَان قلت شعر نَازل
3 - (الْجمل)
الْحُسَيْن بن عبد السَّلَام أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بالجمل توفّي(12/259)
بِمصْر سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
كَانَ مدح الْمَأْمُون وَبني الْمُدبر والطولونية واكتسب مِنْهُم مَالا جماً وَلم يزل يَقُول الشّعْر من أَيَّام الرشيد إِلَى أَيَّام المعتصم وعلت سنه وَكَانَ نِهَايَة فِي الخلاعة وتشتهر نوادره
وَكَانَ ابْن أبي دؤاد قد وعده أَن يدْخلهُ على الْمَأْمُون فَلم يفعل فَقَالَ من الوافر
(سنفرغ للتضاحك من إياد ... وَلَا نبكي على حلق الرماد)
)
(وَمن عجبٍ رجائي مِنْك خيرا ... وَلم تبصر نذالتك انتقادي)
(عدمت مطامعا وقفت رجائي ... وآمالي على فقع الْبَوَادِي)
(ألحت سَحَابَة فرجوت غيثاً ... وأغفلت الَّذِي صنعت بعاد)
(فمعذرةً إِلَيْك بِأَن تراني ... أَعُود إِلَيْك يَا بَان أبي دؤاد)
(مَتى ساقت إيادٌ يَوْم خيرٍ ... وَلَا سِيمَا قبيلك من إياد)
3 - (الْخلال الإصبهاني)
الْحُسَيْن بن عبد الْملك بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّيْخ أَبُو عبد الله الإصبهاني الْخلال الأديب النَّحْوِيّ البارع الْمُحدث الأثري سمع من جماعةٍ وروى عَنهُ جماعةٌ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الشهراباني)
الْحُسَيْن بن عبد الْوَاحِد الشهراباني الْمعلم الْمَعْرُوف بِابْن عجاجة
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَقَالَ أنشدت لَهُ فِي ابْن رزين من الْخَفِيف
(قبح الله باخلاً لَيْسَ فِيهِ ... طمعٌ واقعٌ لمن يرتجيه)
سفلَة إِن قصدته يتلقاك على فرسخٍ بكبرٍ وتيه
(أحمقٌ رَأسه إِذا فتشوه ... وجدوه بضد اسْم أَبِيه)
3 - (الغضائري)
الْحُسَيْن بن عبيد الله بن إِبْرَاهِيم الغضائري
كَانَ من كبار شُيُوخ الشِّيعَة وَكَانَ ذَا زهد وورع وَحفظ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة(12/260)
3 - (جمال الدّين بن رَشِيق الْمَالِكِي)
الْحُسَيْن بن عَتيق بن الْحُسَيْن بن عَتيق بن الْحُسَيْن بن رَشِيق بن عبد الله الْفَقِيه الْعَالم جمال الدّين أَبُو عَليّ الربعِي الْمَالِكِي الْمصْرِيّ
شهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين عبد الْملك بن درباس فَمن بعده وَأفْتى وصنف فِي الْمَذْهَب وتفقه بِهِ جمَاعَة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ دينا ورعاً وروى عَنهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَهُوَ من بَيت فضلاء)
3 - (أَبُو عَليّ بن رَشِيق)
الْحُسَيْن بن عَتيق بن الْحسن بن رَشِيق الربعِي الأندلسي
أَخْبرنِي من لَفظه الإِمَام الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ بسبتة فِي كنف العرفيين يكنى أَبَا عَليّ لَهُ فنونٌ من المعارف وَله تصانيف وأدبٌ كثير
قَالَ يمدح الرئيس أَبَا الْحسن عَليّ بن نصر صَاحب المرية من الْكَامِل
(فعل النَّوَى ملغىً لبَعض نوالكا ... فاشف الخيال وَلَو بطيف خيالكا)
(مَا ضرّ لَو سامحت مِنْهُ بزورةٍ ... أرد السراب بهَا مَكَان زلالكا)
(مَا زورة الطيف المُرَاد وَإِنَّمَا ... صدق الْهوى يرضيه زور وصالكا)
(يَا مَالِكًا رقي أما لَك رقةٌ ... أَو مَا ضياعة مهجتي من مَالِكًا)
(حاشاك من إهمال عَبدك عِنْدَمَا ... ناداك مُضْطَرّا إِلَى إمهالكا)
(أتظن قلبِي لست مَطْلُوبا بِهِ ... واللطخ من دَمه بصفحة خالكا)
(كم ارتضي إذلال نَفسِي فِي الْهوى ... وأراك مرتكباً مدى إدلالكا)
قلت قافية صعبة
3 - (الْأَمِير نَاصِر الدّين القيمري)
حُسَيْن بن عَزِيز بن أبي الفوارس الْأَمِير نَاصِر الدّين أَبُو الْمَعَالِي القيمري صَاحب الْمدرسَة القيمرية الْكُبْرَى الَّتِي بسوق الخريميين
كَانَ من أعظم النَّاس وجاهةً وإقطاعاً وَكَانَ بطلاً شجاعاً وَهُوَ الَّذِي ملك النَّاصِر دمشق(12/261)
وَكَانَ أَبوهُ شمس الدّين من أجلاء الْأُمَرَاء
وَتُوفِّي مرابطاً بالسَّاحل سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
وَكَانَ الظَّاهِر قد أقطعه إقطاعاً جيدا وَجعله مقدم العساكر بالسَّاحل فَمَاتَ بِهِ وَعمل عزاؤه بالجامع
وَكَانَ يضاهي الْمُلُوك فِي مركبه وتجمله وغلمانه وحاشيته وَقيل إِنَّه غرم على السَّاعَات الَّتِي على بَاب مدرسته مَا يزِيد على أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم
3 - (ابْن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا رَيْحَانَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَابْن ابْنَته فَاطِمَة الزهراء رَضِي الله عَنْهَا وَأحد سَيِّدي شباب أهل الْجنَّة هُوَ وَأَخُوهُ وَأمه وَأَبوهُ أهل الْبَيْت الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا
حدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووفد على مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ وَتوجه غازياً إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي الْجَيْش الَّذِي كَانَ أميره يزِيد بن مُعَاوِيَة
ولد لليالٍ خلون من شعْبَان سنة أَربع من الْهِجْرَة وَقطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرته وتفل فِي فِيهِ وَسَماهُ حُسَيْنًا وَدفعه إِلَى أم الْفضل وَكَانَت ترْضِعه بِلَبن قثم
وَقيل بَين الْحسن وَالْحُسَيْن طهرا وَاحِدًا وَقيل سنة وَعشرَة أشهر
وَكَانَ عليٌّ سَمَّاهُ جعفراً وَقيل حَربًا فَغَيره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَ الْحُسَيْن يشبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّصْف الْأَسْفَل من جسده وَالْحسن رَضِي الله عَنهُ يشبه النّصْف الْأَعْلَى
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُسَيْن مني وَأَنا من حُسَيْن أحب الله من أحب حُسَيْنًا
حُسَيْن سبطٌ من الأسباط من أَحبَّنِي فليحب حُسَيْنًا وَكَانَ يَقُول لفاطمة ادعِي لي ابْني فيشمهما ويضمهما إِلَيْهِ
وَقد مرت الْأَحَادِيث الَّتِي يشْتَرك هُوَ وأخيه فِي فَضلهَا فِي تَرْجَمَة أَخِيه الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِن ابْني هَذَا سيخرج من هَذَا الْأَمر وأشبه أَهلِي بِي الْحُسَيْن(12/262)
وَكَانَ الْحسن يَقُول للحسين وددت أَن لي بعض شدَّة قَلْبك فَيَقُول الْحُسَيْن وَأَنا وددت أَن يكون لي بعض مَا بسط لَك من لسَانك
وَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَة لَو يعلم النَّاس مِنْك مَا أعلم لحملوك على رقابهم
وَكَانَ على ميسرَة أَبِيه يَوْم الْجمل وَفِيه يَقُول الشَّاعِر من الْبَسِيط
(مطهرون نقيات وُجُوههم ... تجْرِي الصَّلَاة عَلَيْهِم أَيْنَمَا ذكرُوا)
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخبر أَنه يقتل بِأَرْض الْعرَاق بالطف بكربلاء وَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بتربة الأَرْض الَّتِي يقتل بهَا فشمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْطَاهَا أم سَلمَة وَقَالَ لَهَا إِذا تحولت هَذِه التربة دَمًا فاعلمي أَن ابْني قتل ثمَّ جعلت تنظر)
إِلَيْهَا وَتقول إِن يَوْمًا تحولين دَمًا ليومٌ عظيمٌ فَقتل يَوْم الْجُمُعَة وَقيل يَوْم السبت يَوْم عَاشُورَاء سنة سِتِّينَ أَو إِحْدَى وَسِتِّينَ أَو اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَله سِتّ وَخَمْسُونَ سنة
وَكَانَ أهل الْمَدِينَة قد نصحوه وَقَالُوا لَهُ تثبت فَإِن هَذَا موسم الْحَاج فَإِذا وصلوا اخْطُبْ فِي النَّاس وادعهم إِلَى نَفسك فنبايعك نَحن وَأهل هَذَا الْمَوْسِم ويتذكر بك النَّاس جدك ونمضي حينئذٍ فِي جُمْلَتهمْ فِي جمَاعَة ومنعةٍ وسلاحٍ وعدة فَلم يصبر فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق لقِيه الفرزدق الشَّاعِر فَقَالَ الْحُسَيْن يَا أَبَا فراس كَيفَ تركت النَّاس وَرَاءَك فَعلم عَن أَي شَيْء يسْأَله فَقَالَ يَا ابْن بنت رَسُول الله تركت الْقُلُوب مَعكُمْ وَالسُّيُوف مَعَ بني أُميَّة فَقَالَ هَا إِنَّهَا مملوءةٌ كتبا وَأَشَارَ إِلَى حقيبة كَانَت تَحْتَهُ ثمَّ كَانَ مَا كَانَ
وَرُوِيَ عَن أبي سعيد المَقْبُري قَالَ وَالله لرأيت حُسَيْنًا وَإنَّهُ ليمشي بَين رجلَيْنِ يعْتَمد على هَذَا مرّة وَمرَّة على هَذَا حَتَّى دخل مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول من الْخَفِيف لَا ذعرت السوام فِي غلس الصُّبْح مغيراً وَلَا دَعَوْت يزيدا
(يَوْم أعطي مَخَافَة الْمَوْت ضيماً ... والمنايا يرصدنني أَن أحيدا)
قَالَ فَعلمت عِنْد ذَلِك أَنه لَا يلبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يخرج فَمَا لبث حَتَّى لحق بِمَكَّة لما أخذت الْبيعَة ليزِيد بن مُعَاوِيَة لم يبايعه الْحُسَيْن
وَكَانَ أهل الْكُوفَة كتبُوا إِلَى الْحُسَيْن يَدعُونَهُ إِلَى الْخُرُوج زمن مُعَاوِيَة وَهُوَ يَأْبَى فَقدم قومٌ مِنْهُم ثمَّ غلب على رَأْيه فَخرج وَمَعَهُ من أهل الْمَدِينَة تِسْعَة عشر رجلا نسَاء وصبيان وَتَبعهُ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وأعلمه أَن الْخُرُوج لَيْسَ بِرَأْي فَأبى الْحُسَيْن فحبس محمدٌ وَلَده
وَخرج من مَكَّة مُتَوَجها إِلَى الْعرَاق فِي عشر ذِي الْحجَّة فَكتب يزِيد إِلَى عبيد الله بن زِيَاد أَن حُسَيْنًا صائرٌ إِلَى الْكُوفَة وَقد ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانك من بَين الْأَزْمَان وبلدك من بَين الْبلدَانِ وَعِنْدهَا تعْتق أَو تعود عبدا(12/263)
فندب لَهُ عبيد الله بن زِيَاد عمر بن سعد بن أبي وَقاص فَقَاتلهُمْ فَقَالَ الْحُسَيْن يَا عمر اختر مني إِحْدَى ثَلَاث إِمَّا تتركني أرجع أَو تسيرني إِلَى يزِيد فأضع يَدي فِي يَده فَيحكم فِي مَا يرى فَإِن أَبيت فسيرني إِلَى التّرْك فأقاتلهم حَتَّى أَمُوت فَأرْسل عمر بذلك إِلَى ابْن زِيَاد فهم أَن يسيره إِلَى يزِيد فَقَالَ شمر بن ذِي الجوشن لَا أَيهَا الْأَمِير إِلَّا أَن ينزل على حكمك)
فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ الْحُسَيْن وَالله لَا أفعل وَأَبْطَأ عمر عَن قِتَاله فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن زِيَاد شمراً وَقَالَ إِن تقدم عمر وَقَاتل وَإِلَّا فاقتله وَكن مَكَانَهُ
فقاتلوه إِلَى أَن أَصَابَهُ سهمٌ فِي حنكه فَسقط عَن فرسه فَنزل الشمر وَقيل غَيره فاحتز رَأسه إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون
وَقتل مَعَه يَوْم عَاشُورَاء إخْوَته بَنو أَبِيه جَعْفَر وعتيق وَمُحَمّد وَالْعَبَّاس الْأَكْبَر بَنو عَليّ وَابْنه الْأَكْبَر عَليّ وَهُوَ غير عَليّ زين العابدين وَابْنه عبد الله بن الْحُسَيْن وَابْن أَخِيه الْقَاسِم بن الْحسن وَمُحَمّد بن عبد الله بن جَعْفَر ابْن أبي طَالب وَأَخُوهُ عون وَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن ابْنا مُسلم بن عقيل رَضِي الله عَنْهُم
وَحمل رَأس الْحُسَيْن إِلَى يزِيد فَوَضعه فِي طستٍ بَين يَدَيْهِ وَجعل ينكت ثناياه بقضيبٍ فِي يَده وَيَقُول إِن كَانَ لحسن الثغر فَقَالَ لَهُ زيد ابْن أَرقم ارْفَعْ قضيبك فطالما رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلثم مَوْضِعه فَقَالَ إِنَّك شيخ قد خرفت فَقَامَ زيدٌ يجر ثَوْبه
وَعَن مُحَمَّد بن سوقة عَن عبد الْوَاحِد الْقرشِي قَالَ لما أُتِي يزِيد بِرَأْس الْحُسَيْن تنَاوله بقضيب فكشف عَن ثناياه فوَاللَّه مَا الْبرد بأبيض من ثناياه ثمَّ قَالَ من الطَّوِيل
(نفلق هاماً من رجالٍ أعزةٍ ... علينا وهم كَانُوا أعق وأظلما)
فَقَالَ لَهُ رجل كَانَ عِنْده يَا هَذَا ارْفَعْ قضيبك فوَاللَّه لربما رَأَيْت هُنَا شفتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرفعه متذمماً عَلَيْهِ مغضباً
وَذكر ابْن سعد أَن جسده دفن حَيْثُ قتل وَأَن رَأسه كَفنه يزِيد وأرسله إِلَى الْمَدِينَة فَدفن عِنْد قبر فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ثمَّ علق الرَّأْس على مَا قيل بِدِمَشْق ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ مكث الرَّأْس فِي خَزَائِن السِّلَاح حَتَّى ولي سُلَيْمَان الْخلَافَة فَبعث فجيء بِهِ وَقد بَقِي عظما أَبيض فَجعله فِي سفطٍ وطيبه وكفنه وَدَفنه فِي مَقَابِر الْمُسلمين فَلَمَّا دخلت المسودة نبشوه وأخذوه وَالله أعلم بمكانه الْآن من ذَلِك الْوَقْت
قلت وَبَعْضهمْ زعم أَن الْخُلَفَاء الفاطميين لما كَانُوا بِمصْر تَتبعُوهُ فوجدوه فِي علبة رصاص بعسقلان فَحَمَلُوهُ إِلَى مصر وجعلوه فِي الْمَكَان الَّذِي هُوَ الْيَوْم مَعْرُوف بمشهد الْحُسَيْن بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ ذَلِك عِنْدهم فِي دَاخل الْقصر يزورونه وَالله أعلم)(12/264)
وَقيل اسودت السَّمَاء يَوْم قتل الْحُسَيْن وَسقط ترابٌ أَحْمَر وَكَانُوا لَا يرفعون حجرا إِلَّا وجدوا تَحْتَهُ دَمًا
وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز لَو كنت فِي قتلة الْحُسَيْن وَأمرت بِدُخُول الْجنَّة لما فعلت حَيَاء أَن تقع عَيْني على مُحَمَّد
وَلما قتل قَالَت مرْجَانَة ابْنة عبيد الله بن زِيَاد خَبِيث قتلت ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ترى الْجنَّة أبدا
وَقَالَ أَعْرَابِي انْظُرُوا ابْن دعيها قتل ابْن نبيها
وَعَن رَأس الجالوت وَالله إِن بيني وَبَين دَاوُد سبعين أَبَا وَإِن الْيَهُود لتلقاني فتعظمني وَأَنْتُم لَيْسَ بَيْنكُم وَبَين نَبِيكُم إِلَّا أبٌ وَاحِد قتلتم وَلَده
وَلما أصبح الْحُسَيْن يَوْم قتل قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت ثقتي فِي كل كرب ورجائي فِي كل شدَّة وَأَنت لي فِي كل أمرٍ نزل بِي ثقةٌ وَأَنت ولي كل نعْمَة وَصَاحب كل حَسَنَة
وعطش وَقد قَاتل أَشد الْقِتَال فَاسْتَسْقَى فجيء بِمَاء فرام الشّرْب فَرمي بِسَهْم فِي فِيهِ فَجعل يتلَقَّى الدَّم بِيَدِهِ ويحمد الله وَقيل إِنَّه رمى بِالدَّمِ نَحْو السَّمَاء وَقَالَ اطلب بِدَم ابْن بنت نبيك وَتوجه نَحْو الْفُرَات فعرضوا لَهُ وحالوا بَينه وَبَين المَاء أَشَارَ بذلك رجلٌ من بني أبان بن دارم فَقَالَ الْحُسَيْن اللَّهُمَّ أظمئه فَمَا لبث الأباني إِلَّا قَلِيلا حَتَّى رُؤِيَ وَإنَّهُ ليؤتى بعسٍّ يروي عدَّة فيشربه فَإِذا نَزعه عَن فِيهِ قَالَ اسقوني فقد قتلني الْعَطش وَبَقِي الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فريداً وَقد قتل جَمِيع من كَانُوا مَعَه من الْمُقَاتلَة أَهله وَغَيرهم فَلم يَجْسُر أحدٌ أَن يتَقَدَّم إِلَيْهِ حَتَّى حرضهم شمر بن ذِي الجوشن فَتقدم إِلَيْهِ من طعنه وَمن ضربه بِالسَّيْفِ حَتَّى صرع عَن جَوَاده ثمَّ حز رَأسه
قَالَ الزبير قَتله سِنَان بن أبي أنس النَّخعِيّ وأجهز عَلَيْهِ خولي بن يزِيد الأصبحي من حمير
وَعَن ابْن عباسٍ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وعَلى رَأسه ولحيته ترابٌ فَقتل مَالك يَا رَسُول الله قَالَ شهِدت قتل الْحُسَيْن آنِفا
وَعَن ابْن عَبَّاس رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يرى النَّائِم بِنصْف النَّهَار أغبر أَشْعَث وَبِيَدِهِ قَارُورَة فِيهَا دم فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا هَذَا فَقَالَ دم الْحُسَيْن وَأَصْحَابه لم أزل مُنْذُ الْيَوْم ألتقطه فأحصى ذَلِك الْيَوْم فوجدوه قد قتل يَوْمئِذٍ)
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قد قتلوا سَبْعَة عشر شَابًّا كلهم قد ارتكضوا فِي رحم فَاطِمَة وَنَجَا ذَلِك الْيَوْم من الْقَتْل الْحسن وعمرٌو ابْنا الْحُسَيْن وعليٌّ الْأَصْغَر ابْن الْحُسَيْن وَالقَاسِم بن عبد الله بن جَعْفَر وَمُحَمّد الْأَصْغَر ابْن عقيل لصغرهم وضعفهم(12/265)
وَقيل إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي نَومه كَأَن كَلْبا أبقع ولغَ فِي دَمه فَلَمَّا قتل الْحُسَيْن وَكَانَ شمر بن ذِي الجوشن بِهِ وضحٌ تفسرت رُؤْيَاهُ
ويروى لأبي الْأسود الدؤَلِي وَقيل لغيره من الوافر
(أيرجو معشرٌ قتلوا حُسَيْنًا ... شَفَاعَة جده يَوْم الْحساب)
وجدت لبَعْضهِم من الْخَفِيف عبد شمس قد أضرمت لبني هَاشم حَربًا يشيب مِنْهَا الْوَلِيد
(فَابْن حربٍ للمصطفى وَابْن هندٍ ... لعليٍّ وللحسين يزِيد)
وَقَالَ سُلَيْمَان بن قَتَّة الْعَدوي من الطَّوِيل
(أَلا إِن قَتْلَى الطف من آل هاشمٍ ... أذلت رقاباً من قُرَيْش فذلت)
فَقَالَ عبد الله بن حسن بن حسن وَيحك أَلا قلت أذلت رِقَاب الْمُسلمين
(مَرَرْت على أَبْيَات آل مُحَمَّد ... فَلم أرها أَمْثَالهَا يَوْم حلت)
(فَلَا يبعد الله الديار وَأَهْلهَا ... وَإِن أَصبَحت مِنْهُم برغمي تخلت)
(وَكَانُوا غياثاً ثمَّ صَارُوا رزيئة ... أَلا عظمت تِلْكَ الرزايا وجلت)
(ألم تَرَ الأَرْض أضحت مَرِيضَة ... لفقد حُسَيْن والبلاد اقشعرت)
(فَإِن تَتبعُوهُ عَائِذ الْبَيْت تصبحوا ... كعادٍ تعمت عَن هداها فضلت)
وَقد رثاه من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين خلقٌ لَا يُحصونَ وخمسوا القصائد الْمَشْهُورَة مراثي فِيهِ وَمِنْهُم الْحَكِيم الْمُوفق الْمَعْرُوف بالورل خمس الدريدية مرثيةً فِيهِ والسراج الْوراق خمس قصيدتي أبي تَمام الطَّائِي مرثيةً فِيهِ الأولى قَوْله من الطَّوِيل
(أَصمّ بك الناعي وَإِن كَانَ أسمعا ... وَأصْبح مغنى الْجُود بعْدك بلقعا)
وَالْأُخْرَى قَوْله من الْبَسِيط
(أَي الْقُلُوب عَلَيْكُم لَيْسَ تنصدع ... وَأي نومٍ عَلَيْكُم لَيْسَ يمْتَنع)
3 - (أَخُو الباقر)
)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَخُو الباقر
قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْحَافِظ أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزِيد بن دَاوُد بن يزِيد أَبُو عَليّ(12/266)
النَّيْسَابُورِي الصَّائِغ الْحَافِظ
رَحل وطوف وَجمع وصنف وَسمع بِدِمَشْق أَبَا الْحسن بن جوصا وَغَيره وَإِبْرَاهِيم بن أبي طَالب وَغَيره
قَالَ الْحَاكِم هُوَ وَاحِد عصره فِي الْحِفْظ والإتقان والورع والذاكرة والتصنيف ولد سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الْكَرَابِيسِي الشَّافِعِي)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزِيد الْكَرَابِيسِي الْبَغْدَادِيّ صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأشهرهم بانتياب مَجْلِسه وأحفظهم لمذهبه
وَله تصانيف كَثِيرَة فِي(12/267)
أصُول الْفِقْه وفروعه وَكَانَ متكلماً عَارِفًا بِالْحَدِيثِ وصنف أَيْضا فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَأخذ عَنهُ خلق كثير وَتُوفِّي سنة خمس وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين تكلم فِي أَحْمد بن حَنْبَل وَقَالَ ابْن معِين لما بلغه ذَلِك مَا أحوجه إِلَى أَن يضْرب ولعنه
وَكَانَ يَقُول كَلَام الله منزلٌ غير مَخْلُوق إِلَّا أَن لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مخلوقٌ وَمن لم يقل إِن لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر
قَالَ أَبُو عبد الله بل هُوَ كَافِر أَي شَيْء قَالَت الْجَهْمِية غير ذَلِك
3 - (مؤيد الدّين الطغرائي)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد العميد فَخر الْكتاب أَبُو إِسْمَاعِيل مؤيد الدّين الطغرائي بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْغَيْن وَبعد الرَّاء ألف ممدودة وياء النّسَب هَذِه نِسْبَة إِلَى من يكْتب الطغراء وَهِي الطرة الَّتِي فِي أَعلَى المناشير والكتب فَوق الْبَسْمَلَة الْكَاتِب المنشئ
ولي الْكِتَابَة مُدَّة بإربل وَكَانَ وَزِير السُّلْطَان مَسْعُود بن مُحَمَّد السلجوقي بالموصل وَلما جرى)
بَينه وَبَين أَخِيه السُّلْطَان مَحْمُود المصاف بِالْقربِ من همذان وَكَانَت النُّصْرَة لمحمود أول من أَخذ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْمَاعِيل وَزِير مَسْعُود فَأخْبر بِهِ وَزِير مَحْمُود وَهُوَ الْكَمَال نظام الدّين أَبُو طَالب عَليّ بن أَحْمد بن حَرْب السميرمي قَالَ الشهَاب أسعد وَكَانَ طغرائياً فِي ذَلِك الْوَقْت نِيَابَة عَن النصير الْكَاتِب هَذَا الرجل ملحد يَعْنِي الْأُسْتَاذ فَقَالَ وَزِير مَحْمُود من يكون ملحداً يقتل فَقتل ظلما وَقد كَانُوا خَافُوا مِنْهُ فاعتمدوا قَتله وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة وَقيل إِنَّه قتل سنة أَربع عشرَة وَقيل ثَمَانِي عشرَة وَقد جَاوز السِّتين
وَقيل إِن أَخا مخدومه لما عزم على قَتله أَمر أَن يشد إِلَى شَجَرَة وَأَن يقف تجاهه جماعةٌ يرمونه بالنشاب وأوقف إنْسَانا خلف الشَّجَرَة من غير أَن يشْعر بِهِ ليسمع مَا يَقُول وَقَالَ لأرباب السِّهَام لَا ترموا إِلَّا إِذا أَشرت إِلَيْكُم فوقفوا تجاهه والسهام بِأَيْدِيهِم مفوقةٌ نَحوه فَأَنْشد الطغرائي من الْكَامِل
(ولد أَقُول لمن يسدد سَهْمه ... نحوي وأسياف الْمنية شرع)
(وَالْمَوْت فِي لحظات أخزر طرفه ... دوني وقلبي دونه يتقطع)
(بِاللَّه فتش عَن فُؤَادِي هَل ترى ... فِيهِ لغير هوى الْأَحِبَّة مَوضِع)
(أَهْون بِهِ لَو لم يكن فِي طيه ... عهد الحبيب وسره الْمُسْتَوْدع)(12/268)
فرق لَهُ وَأمر بِإِطْلَاقِهِ فِي ذَلِك الْوَقْت
ثمَّ إِن الْوَزير عمل عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَقَتله رَحمَه الله ثمَّ وثب على الْوَزير عبدٌ من عبيد مؤيد الدّين الطغرائي فَقتله بعد سنة
وَله القصيدة اللامية الْمَعْرُوفَة بلامية الْعَجم الَّتِي أَولهَا من الْبَسِيط
(أَصَالَة الرَّأْي صانتني عَن الخطل ... وَحلية الْفضل زانتني لَدَى العطل)
وَهِي من غرر القصائد ودرر الْفَوَائِد لما اشْتَمَلت عَلَيْهِ من لطف الْغَزل واحتوت عَلَيْهِ من الحكم والأمثال وَقد وضعت عَلَيْهَا شرحاً فِي أَربع مجلدات
وتقوى بذهنه الْوَقَّاد حَتَّى حل رموز الكمياء وَله فِي ذَلِك تصانيف معتبرةٌ عِنْد أَرْبَاب هَذَا الْفَنّ مِنْهَا كتاب مَفَاتِيح الرَّحْمَة ومصابيح الْحِكْمَة وجامع الْأَسْرَار وَكتاب تراكيب الْأَنْوَار ورسالة وسمها بِذَات الْفَوَائِد وحقائق الاستشهادات يبين فِيهِ إِثْبَات صناعَة الكيمياء وَيرد على ابْن سينا فِي إِبْطَالهَا بمقدمات من كتاب الشِّفَاء وَله مقاطيع شعر فِي الكيمياء)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَمن عجب الْأَشْيَاء أَنِّي واقفٌ ... على الْكَنْز من يظفر بِهِ فَهُوَ مبخوت)
(وَأَن كنوز الأَرْض شرقاً ومغرباً ... مفاتحها عِنْدِي ويعجزني الْقُوت)
(وَلَوْلَا مُلُوك الْجور فِي الأَرْض أَصبَحت ... وحصباؤها درٌّ لدي وَيَاقُوت)
وَمِنْه من الْكَامِل
(أما الْعُلُوم فقد ظَفرت ببغيتي ... فِيهَا فَمَا أحتاج أَن أتعلما)
(وَعرفت أسرار الخليقة كلهَا ... علما أنار لي البهيم المظلما)
(وورثت هرمس سر حكمته الَّذِي ... مَا زَالَ ظنا فِي الغيوب مرجما)
(وملكت مِفْتَاح الْكُنُوز بفطنةٍ ... كشفت لي السِّرّ الْخَفي المبهما)
(لَوْلَا التقية كنت أظهر معجزاً ... من حكمتي تشفي الْقُلُوب من الْعَمى)
(أَهْوى التكرم والتظاهر بِالَّذِي ... عَلمته وَالْعقل ينْهَى عَنْهُمَا)
(وَأُرِيد لَا ألْقى عيياً مُوسِرًا ... فِي الْعَالمين وَلَا لبيباً معدما)
(وَالنَّاس إِمَّا ظالمٌ أَو جاهلٌ ... فَمَتَى أُطِيق تكرماً وتكلما)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(سأحجب عني أسرتي عِنْد عسرتي ... وأبرز فيهم إِن أصبت ثراء)
(ولي أسوةٌ بالبدر ينْفق نوره ... فيخفى إِلَى أَن يستجد ضِيَاء)(12/269)
قلت أَخذه من قَول أبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ من الطَّوِيل
(رَأَيْتُك إِن أَيسَرت خيمت عندنَا ... لزاماً وَإِن أعسرت زرت لماما)
(فَمَا أَنْت إِلَّا الْبَدْر إِن قل ضؤوه ... أغب وَإِن زَاد الضياء أَقَامَا)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وردنا سحيراً بَين يَوْم وَلَيْلَة ... وَقد علقت بالغرب أَيدي الركائب)
(على حِين عرى منْكب الشرق جدبةٌ ... من الصُّبْح واسترخى عنان الغياهب)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(ونفسٍ بأعقاب الخطوب بصيرةٌ ... لَهَا من طلاع الْغَيْب حادٍ وقائد)
(وتأنف أَن يشفي الزلَال غليلها ... إِذا هِيَ لم تشتق إِلَيْهَا الْمَوَارِد)
)
(إِنِّي لأذكركم وَقد بلغ الظما ... مني فأشرق بالزلال الْبَارِد)
(وَأَقُول لَيْت أحبتي عاينتهم ... قبل الْمَمَات وَلَو بيومٍ وَاحِد)
وَمِنْه من الْكَامِل
(مرض النسيم وَصَحَّ والداء الَّذِي ... أشكوه لَا يُرْجَى لَهُ إفراق)
(وهدا خفوق الْبَرْق وَالْقلب الَّذِي ... ضمت عَلَيْهِ جوانحي خفاق)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(تالله مَا استحسنت من بعد فرقتكم ... عَيْني سواكم وَلَا استمتعت بِالنّظرِ)
(إِن كَانَ فِي الأَرْض شيءٌ غَيْركُمْ حسنا ... فَإِن حبكم غطى على بَصرِي)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(خبروها أَنِّي مَرضت فَقَالَت ... أضنىً طارفاً شكا أم تليدا)
(وأشاروا بِأَن تعود وِسَادِي ... فَأَبت وَهِي تشْتَهي أَن تعودا)
(وأتتني فِي خُفْيَة وَهِي تَشْكُو ... ألم الوجد والمزار البعيدا)
(ورأتني كَذَا فَلم تتمالك ... أَن أمالت عَليّ عطفا وجيدا)
وَمِنْه من المتقارب
(غصون الْخلاف اكتست فانبرت ... لَهَا الطير دارسةً شجوها)
مُقَدّمَة لوُرُود الرّبيع تشخص أبصارنا نَحْوهَا
(أحست برحلة فصل الشتَاء ... فَجَاءَت وَقد قلبت فروها)
يشبه قَول الآخر من السَّرِيع(12/270)
(قد أقبل الصَّيف وَولى الشتا ... وَعَن قليلٍ نسأم الحرا)
(أما ترى البان بأغصانه ... قد قلب الفرو إِلَى برا)
وَقَالَ الطغرائي فِي الشمعة من الْكَامِل
(يحيي بِمَا يفنى بِهِ من جِسْمه ... فحياته مرهونةٌ بفنائه)
(ساويته فِي لَونه ونحوله ... وفضلته فِي بؤسه وشقائه)
(هَب أَنه مثلي بحرقة قلبه ... وسهاده طول الدجى وبكائه)
(أفوادعٌ طول النَّهَار مرفهٌ ... كمعذبٍ بِصَاحِبِهِ ومسائه)
)
قلت شعر جيد فِي الذرْوَة
وَأما قصيدته اللامية فَلَا بَأْس بإيرادها وَهِي من الْبَسِيط
(أَصَالَة الرَّأْي صانتني عَن الخطل ... وَحلية الْفضل زانتني لَدَى العطل)
(مجدي أخيراً ومجدي أَولا شرعٌ ... وَالشَّمْس رأد الضُّحَى كَالشَّمْسِ فِي الطِّفْل)
(فِيمَا الْإِقَامَة بالزوراء لَا سكني ... بهَا وَلَا نَاقَتي فِيهَا وَلَا جملي)
(ناءٍ عَن الْأَهْل صفر الرحل منفردٌ ... كالسيف عري متناه من الْخلَل)
(فَلَا صديقٌ إِلَيْهِ مشتكى حزني ... وَلَا أنيسٌ إِلَيْهِ مُنْتَهى جزلي)
(طَال اغترابي حَتَّى حن رَاحِلَتي ... ورحلها وقرى العسالة الذبل)
(وضج من لغبٍ نضوي وعج لما ... يلقى ركابي ولج الركب فِي عذلي)
(أَرْبَد بسطة كف أستعين بهَا ... على قَضَاء حقوقٍ للعلا قبلي)
(والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الْغَنِيمَة بعد الكد بالقفل)
(وَذي شطاطٍ كصد الرمْح معتقلٍ ... لمثله غير هبابٍ وَلَا وكل)
(حُلْو الفكاهة مر الْجد قد مزجت ... بقسوة الْبَأْس مِنْهُ رقة الْغَزل)
(طردت سرح الْكرَى عَن ورد مقلته ... وَاللَّيْل أغرى سوام النّوم بالمقل)
(والركب ميلٌ على الأكوار من طربٍ ... صاحٍ وَآخر من خمر الْكرَى ثمل)
(فَقلت أَدْعُوك للجلى لتنصرني ... وَأَنت تخذلني فِي الْحَادِث الجلل)
(تنام عَيْني وَعين النَّجْم ساهرةٌ ... وتستحيل وصبغ اللَّيْل لم يحل)
(فَهَل تعين على غيٍّ هَمَمْت بِهِ ... والغي يزْجر أَحْيَانًا عَن الفشل)
(إِنِّي أُرِيد طروق الْحَيّ من إضمٍ ... وَقد حماه رماةٌ الْحَيّ من ثعل)
(يحْمُونَ بالبيض والسمر اللدان بِهِ ... سمر الغدائر حمر الْحلِيّ وَالْحلَل)
(فسر بِنَا فِي ظلام اللَّيْل مهتدياً ... فنفحة الصب تهدينا إِلَى الْحلَل)(12/271)
(فالحب حَيْثُ العدا والأسد رابضةٌ ... حول الكناس لَهَا غابٌ من الأسل)
(نَؤُم ناشئةً بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل)
(قد زَاد طيب أَحَادِيث الْكِرَام بهَا ... مَا بالكرائم من جبنٍ وَمن بخل)
(تبيت نَار الْهوى مِنْهُنَّ فِي كبدٍ ... حرى ونار الْقرى مِنْهُم على قلل)
)
(يقتلن أنضاء حبٍّ لَا حراك بهَا ... وينحرون كرام الْخَيل وَالْإِبِل)
(يشفى لديغ العوالي فِي بُيُوتهم ... بنهلةٍ من غَدِير الْخمر وَالْعَسَل)
(لَعَلَّ إلمامةً بالجزع ثَانِيَة ... يدب مِنْهَا نسيم الْبُرْء فِي علل)
(لَا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقةٍ من نبال الْأَعْين النجل)
(وَلَا أَخَاف الصفاح الْبيض تسعدني ... باللمح من صفحات الْبيض فِي الكلل)
(وَلَا أخل بغزلانٍ تغازلني ... وَلَو دهتني أسود الغيل بالغيل)
(حب السَّلامَة يثنى حب صَاحبه ... عَن الْمَعَالِي ويغري الْمَرْء بِالْكَسَلِ)
(فَإِن جنحت إِلَيْهِ فَاتخذ نفقاً ... فِي الأَرْض أَو سلما فِي الجو فاعتزل)
(ودع غمار الْعلَا للمقدمين على ... ركُوبهَا واقتنع مِنْهُنَّ بالبلل)
(رضى الذَّلِيل بخفض الْعَيْش يخفضه ... والعز عِنْد رسيم الأينق الذلل)
(فادرأ بهَا فِي نحور البيد جافلةً ... معارضاتٍ مثاني اللجم والجدل)
(إِن الْعلَا حَدَّثتنِي وَهِي صادقةٌ ... فِيمَا تحدث أَن الْعِزّ فِي النَّقْل)
(لَو كَانَ فِي شرف المثوى بُلُوغ منى ... لم تَبْرَح الشَّمْس يَوْمًا دارة الْحمل)
(أهبت بالحظ لَو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال فِي شغل)
(لَعَلَّه إِن بُد فضلي ونقصهم ... لعَينه نَام عَنْهُم أَو تنبه لي)
(أعلل النَّفس بالآمال أرقبها ... مَا أضيق الْعَيْش لَوْلَا فسحة الأمل)
(لم أَرض بالعيش وَالْأَيَّام مقبلةٌ ... فَكيف أرْضى وَقد ولت على عجل)
(غالى بنفسي عرفاني بِقِيمَتِهَا ... فصنتها عَن رخيص الْقدر مبتذل)
(وَعَادَة النصل أَن يزهى بجوهره ... وَلَيْسَ يعْمل إِلَّا فِي يَدي بَطل)
(مَا كنت أوثر أَن يَمْتَد بِي زمني ... حَتَّى أرى دولة الأوغاد والسفل)
(تقدمتني أناسٌ كَانَ شوطهم ... وَرَاء خطوي إِذْ امشي على مهل)
(هَذَا جَزَاء امْرِئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الْأَجَل)
(وَإِن علاني من دوني فَلَا عجبٌ ... لي أسوةٌ بانحطاط الشَّمْس عَن زحل)
(فاصبر لَهَا غير محتال وَلَا ضجرٍ ... فِي حَادث الدَّهْر مَا يُغني عَن الْحِيَل)(12/272)
(أعدى عَدوك أدنى من وثقت بِهِ ... فحاذر النَّاس واصحبهم على دخل)
)
(وَإِنَّمَا رجل الدُّنْيَا وواحدها ... من لَا يعرج فِي الدُّنْيَا على رجل)
(غاض الْوَفَاء وفاض الْغدر وانفرجت ... مَسَافَة الْخلف بَين القَوْل وَالْعَمَل)
(وَحسن ظَنك بِالْأَيَّامِ معجزةٌ ... فَظن شرا وَكن مِنْهَا على وَجل)
(وشان صدقك عِنْد النَّاس كذبهمْ ... وَهل يُطَابق معوجٌ بمعتدل)
(إِن كَانَ ينجع شيءٌ فِي ثباتهم ... على العهود فَسبق السَّيْف للعذل)
(يَا وارداً سُؤْر عَيْش كُله كدرٌ ... أنفقت عمرك فِي أيامك الأول)
(فِيمَا اعتراضك لج الْبَحْر تركبه ... وَأَنت يَكْفِيك مِنْهُ مصة الوشل)
(ملك القناعة لَا يخْشَى عَلَيْهِ وَلَا ... يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْأَنْصَار والخول)
(ترجو الْبَقَاء بدارٍ لَا بَقَاء لَهَا ... فَهَل سَمِعت بظلٍّ غير منتقل)
(وَيَا خَبِيرا على الْأَسْرَار مطلعاً ... اصمت فَفِي الصمت منجاةٌ من الزلل)
(قد رشحوك لأمرٍ إِن فطنت لَهُ ... فاربأ بِنَفْسِك أَن ترعى مَعَ الهمل)
3 - (ابْن الخازن الْكَاتِب)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن أَبُو الفوارس الْمَعْرُوف بِابْن الخازن الْكَاتِب
كَانَ فريد عصره فِي الْكِتَابَة كتب خَمْسمِائَة مصحف مَا بَين ربعةٍ وجامعٍ خلا مَا كتبه من كتب الْأَدَب وخطه مَشْهُور وَكتب من الأغاني ثَلَاث نسخ وَتُوفِّي فجاءة سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة
وَله شعر مِنْهُ من المديد
(عنت الدُّنْيَا لطلابها ... واستراح الزَّاهِد الفطن)
(كل ملكٍ نَالَ زخرفها ... حَسبه مِمَّا حوى كفن)
(يقتني مَالا ويتركه ... فِي كلا الْحَالين مفتتن)
(أملي كوني على ثِقَة ... من لِقَاء الله مُرْتَهن)
(أكره الدُّنْيَا وَكَيف بهَا ... وَالَّذِي تسخو بِهِ وَسن)
(لم تدم قبلي على أحدٍ ... فلماذا الْهم والحزن)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (الْوَزير المغربي)
)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بَحر(12/273)
بن بهْرَام ابْن الْمَرْزُبَان بن ماهان يَنْتَهِي إِلَى بهْرَام جور الْمَعْرُوف بِأبي الْقَاسِم الْوَزير المغربي
وَهَارُون ابْن عبد الْعَزِيز الأوارجي الَّذِي مدحه المتنبي بالقصيدة الَّتِي أَولهَا من الْكَامِل
(أَمن ازديارك فِي الدجى الرقباء ... إِذْ حَيْثُ كنت من الظلام ضِيَاء)
هُوَ خَال أَبِيه
كَانَ كَاتبا ناظماً ناثراً فَاضلا سَاق صَاحب الذَّخِيرَة لَهُ رِسَالَة سَأَلَ فِيهَا مسَائِل تدل على وفور فَضله وَوجد بِخَط وَالِده على ظهر مُخْتَصر إصْلَاح الْمنطق الَّذِي اخْتَصَرَهُ وَلَده الْوَزير أَبُو الْقَاسِم ولد سلمه الله وبلغه مبالغ الصَّالِحين أول وَقت طُلُوع الْفجْر من ليلةٍ صباحها يَوْم الْأَحَد الثَّالِث عشر من ذِي الْحجَّة سنة سبعين وثلاثمائة وَاسْتظْهر الْقُرْآن الْعَزِيز وعدة من الْكتب الْمُجَرَّدَة فِي النَّحْو واللغة وَنَحْو خَمْسَة عشر ألف بيتٍ من مُخْتَار الشّعْر الْقَدِيم ونظم الشّعْر وَتصرف فِي النثر وَبلغ من الْخط إِلَى مَا يقصر عَنهُ نظراؤه وَمن حِسَاب المولد والجبر والمقابلة إِلَى مَا يسْتَقلّ بِدُونِهِ الْكَاتِب وَذَلِكَ قبل استكماله أَربع عشرَة سنة وَاخْتصرَ هَذَا الْكتاب(12/274)
فتناهى فِي اختصاره وأوفى على جَمِيع فَوَائده حَتَّى لم يفته شيءٌ من أَلْفَاظه وَغير من أبوابه مَا أوجب التَّدْبِير تَغْيِيره للْحَاجة إِلَى الِاخْتِصَار وَجمع كل نوع إِلَى مَا يَلِيق بِهِ ثمَّ ذكرت لَهُ نظمه بعد اختصاره فابتدأ بِهِ وَعمل مِنْهُ عدَّة أوراقٍ فِي لَيْلَة وَكَانَ جَمِيع ذَلِك قبل استكماله سبع عشرَة سنة وأرغب إِلَى الله فِي بَقَائِهِ ودوام سَلَامَته انْتهى
وَكَانَ الْوَزير المغربي خَبِيث الْبَاطِن شَدِيد الْحَسَد على الْفَضَائِل وَكَانَ إِذا دخل إِلَيْهِ النَّحْوِيّ سَأَلَهُ عَن الْفِقْه وَإِذا دخل إِلَيْهِ الْفَقِيه سَأَلَهُ عَن النَّحْو وَإِذا دخل إِلَيْهِ الشَّاعِر سَأَلَهُ عَن الْقُرْآن قصدا للتبكيت
وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء من المجتث
(ويلٌ وعولٌ وويه ... لدولة ابْن بويه)
(سياسة الْملك لَيست ... مَا جَاءَ عَن سِيبَوَيْهٍ)
وَكَانَ الْوَزير الْمَذْكُور من الدهاة العارفين وَلما قتل الْحَاكِم أَبَاهُ وَعَمه وَإِخْوَته هرب الْوَزير وَوصل إِلَى الرملة وَاجْتمعَ بِحسان بن مفرج بن دَغْفَل صَاحبهَا وأفسد نِيَّته وَنِيَّة جماعته على الْحَاكِم وَتوجه إِلَى الْحجاز وأطمع صَاحب مَكَّة فِي الْحَاكِم ومملكة الديار المصرية وَعمل)
فِي ذَلِك عملا قلق الْحَاكِم بِسَبَبِهِ وَلم يزل الْحَاكِم يعْمل الْحِيَل إِلَى أَن استمال هَؤُلَاءِ فقصد الْوَزير الْعرَاق هَارِبا من الْحَاكِم وَقصد فَخر الْملك أَبَا غَالب بن خلفٍ الْوَزير فَرفع خَبره إِلَى الإِمَام الْقَادِر فاتهمه أَنه ورد لإفساد دولته وراسل فَخر الْملك فِي إبعاده فَاعْتَذر عَنهُ فَخر الْملك وَقَامَ فِي أمره وَانْحَدَرَ فَخر الْملك إِلَى وَاسِط وَأخذ الْوَزير أَبَا الْقَاسِم مَعَه وَلم يزل عِنْده فِي رعايةٍ وكرامة إِلَى أَن توفّي فَخر الْملك مقتولاً
وَشرع الْوَزير فِي استعطاف قلب الإِمَام الْقَادِر حَتَّى صلح لَهُ بعض الصّلاح وَعَاد إِلَى بَغْدَاد قَلِيلا فاتفق موت كَاتب أبي المنيع قرواش فتقلد الْوَزير مَوْضِعه
وَشرع يسْعَى فِي وزارة الْملك مشرف الدولة البويهي فَلَمَّا قبض على الْوَزير مؤيد الْملك أبي عَليّ كُوتِبَ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم بالحضور من الْموصل إِلَى الحضرة وقلد الوزارة من غير خلعٍ وَلَا لقبٍ وَلَا مُفَارقَة الدراعة
وَأقَام كَذَلِك حَتَّى خرج مشرف الدولة من بَغْدَاد فَخرج مَعَه وقصدا أَبَا سِنَان غَرِيب بن مُحَمَّد بن معن وَنزلا عَلَيْهِ وَأَقَامَا بأوانا وَبينا هُوَ كَذَلِك عرض لَهُ إشفاقٌ من مخدومه مشرف الدولة ففارقه وانتقل إِلَى أبي المنيع قرواش وَأقَام عِنْده
ثمَّ تجدّد من سوء رَأْي الإِمَام الْقَادِر فِيهِ فَكتب إِلَى قرواشٍ بإبعاده فقصد أَبَا نصر بن مَرْوَان بميافارقين وَأقَام عِنْده إِلَى أَن توفّي ثَالِث عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَحمل إِلَى الْكُوفَة بوصيةٍ مِنْهُ وَدفن بهَا فِي تربة تجاور مشْهد الإِمَام عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأوصى أَن يكْتب على قَبره من الْخَفِيف(12/275)
كنت فِي سفرة الغواية وَالْجهل مُقيما فحان مني قدوم تبت من كل مأثم فَعَسَى يمحى بِهَذَا الحَدِيث ذَاك الْقَدِيم بعد خمسٍ وَأَرْبَعين لقد ماطلت إِلَّا أَن الْغَرِيم كريم وَقيل إِنَّه لم يكل مغربي الأَصْل وَإِنَّمَا أحد أجداده وَهُوَ الْحُسَيْن ابْن عَليّ بن مُحَمَّد كَانَت لَهُ ولَايَة فِي الْجَانِب الغربي بِبَغْدَاد وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء فَإِنَّهُ قَالَ فِي أدب الْخَواص وَقد ذكر المتنبي وإخواننا المغاربة يسمونه المتنبه
وَله ديوَان شعر وديوان ترسل واختصار إصْلَاح الْمنطق واختصار الأغاني وَكتاب الإيناس وأدب الْخَواص والمأثور فِي ملح الْخُدُور وَتَفْسِير الْقُرْآن فِي مُجَلد وَغير ذَلِك)
وَرَأَيْت السِّيرَة النَّبَوِيَّة بِخَطِّهِ فِي أجزاءٍ صغَار وَهِي كتابةٌ مليحةٌ صَحِيحَة
وَإِلَيْهِ كتب أَبُو الْعَلَاء المعرب رسَالَته الإغريضية الَّتِي أَولهَا السَّلَام عَلَيْك أيتها الْحِكْمَة المغربية وَنفذ الْوَزير المغربي إِلَى أبي الْعَلَاء المعري قصيدةً وَكَانَ من جملَة مَا كتب فِي تقريظها وَالله لَوْلَا أَن يُقَال غاليت لكتبت تَحت كل بَيت فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت
وَمن شعره من الْكَامِل
(لي كلما ابتسم النَّهَار تعلةٌ ... بمحدثٍ مَا شان قلبِي شانه)
(فَإِذا الدجى وافى وَأَقْبل جنحه ... فهناك يدْرِي الْهم أَيْن مَكَانَهُ)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَقُول لَهَا والعيس تحدج للسرى ... أعدي لفقدي مَا اسْتَطَعْت من الصَّبْر)
(سأنفق ريعان الشبيبة آنِفا ... على طب العلياء أَو طلب الْأجر)
(أَلَيْسَ من الخسران أَن ليالياً ... تمر بِلَا نفعٍ وتحسب من عمري)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أرى النَّاس فِي الدُّنْيَا كراعٍ تنكرت ... مراعيه حَتَّى لَيْسَ فِيهِنَّ مرتع)
(فماءٌ بِلَا مرعىً ومرعىً بِغَيْر مَا ... وَحَيْثُ ترى مَاء ومرعى فمسبع)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل إِنِّي أبثك عَن حَدِيثي والْحَدِيث لَهُ شجون
(غيرت مَوضِع مرقدي ... لَيْلًا ففارقني السّكُون)
(قل لي فَأول ليلةٍ ... فِي الْقَبْر كَيفَ ترى أكون)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(حَلقُوا شعره ليكسوه قبحاً ... غيرَة مِنْهُم عَلَيْهِ وشحا)(12/276)
(كَانَ صبحاً علاهُ ليلٌ بهيمٌ ... فمحوا ليله وأبقوه صبحا)
قلت وَأحسن من هَذَا قَول يلول الْكَاتِب لَوْلَا ثقل القافية بِالْهَمْزَةِ من الْكَامِل
(حلقوك تقبيحاً لحسنك رَغْبَة ... فازداد وَجهك بهجةً وضياء)
(كَالْخمرِ فك ختامها فتشعشعت ... كالشمع قطّ ذباله فأضاء)
وَمِنْه من الوافر)
(غزالٌ حبه للصبر غربٌ ... وَلَكِن وَجهه لِلْحسنِ شَرق)
(رددت وَقد تَبَسم عَنهُ طرفِي ... وَقلت لَهُ ترى لي فِيك رزق)
(سأرجو الْوَصْل لَا أَنِّي جديرٌ ... وَلَا قدري لقدرك فِيهِ وفْق)
(وَلَكِن لست أول من تمنى ... من الدُّنْيَا الَّذِي لَا يسْتَحق)
وَمِنْه فِي غُلَام يسبح من مجزوء الْكَامِل
(علمت منطق حاجبيه ... والبين ينشر رايتيه)
وَلَقَد أرَاهُ فِي الخليج يشقه من جانبيه وَالنّهر مثل السَّيْف وَهُوَ فرنده فِي صفحتيه
(لَا تشْربُوا من مَائه ... أبدا وَلَا تردوا عَلَيْهِ)
(قد دب فِيهِ السحر من ... أجفانه أَو مقلتيه)
هَا قد رضيت من الْحَيَاة بنظرةٍ مني إِلَيْهِ وَمِنْه من الهزج
(كساني الْحبّ ثوبا من ... نحولٍ مُسبل الذيل)
(وَمَا يعلم مَا أُخْفِي ... من الدمع سوى ليلِي)
(وَقد أرجف بالبين ... فَإِن صَحَّ فوا ويلي)
وَمِنْه من السَّرِيع
(قارعت الْأَيَّام مني امْرَءًا ... قد علق الْمجد بأمراسه)
(يسْتَنْزل الرزق بأقدامه ... ويستدر الْعِزّ من باسه)
(أروع لَا ينحط عَن قدره ... وَالسيف مسلولٌ على راسه)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أيا أمتا إِن غالني غائل الردى ... فَلَا تجزعي بل أحسني بعدِي الصبرا)
(فَمَا مت حَتَّى شيد الْمجد والعلا ... فعالي واستوفت مناقبي الفخرا)
(وَحَتَّى شفيت النَّفس من كل حاسدٍ ... وأبقيت فِي أعقاب أولادك الذكرا)(12/277)
وَولد للوزير أبي الْقَاسِم وَلَده أَبُو يحيى عبد الحميد فَكتب إِلَيْهِ أَبُو عبد الله مُحَمَّد صَاحب ديوَان الْجَيْش بِمصْر من مخلع الْبَسِيط)
(قد أطلع الفأل مِنْهُ معنى ... يُدْرِكهُ الْعَالم الذكي)
(رَأَيْت جد الْفَتى عليا ... فَقلت جد الْفَتى عَليّ)
3 - (سعد الدّين بن شبيب)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن بكر بن شبيب الطَّيِّبِيّ أَبُو عبد الله الْكَاتِب سعد الدّين
كَانَ من الْأَعْيَان الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين بالأدب وَكَمَال الظّرْف اخْتصَّ بِخِدْمَة الإِمَام المستنجد بِاللَّه وقربه ومنادمته
ولي الإشراف بالمخزن أَيَّام المستضيء وَلما عزل ابْن الْعَطَّار عَن نظر المخزن تولى سعد الدّين مَكَانَهُ أَيَّام النَّاصِر سنة خمس وَسبعين ثمَّ عزل سنته
دخل على المستنجد يَوْمًا فَقَالَ لَهُ أَيْن شتيت فَقَالَ لَهُ عنْدك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فأعجبه هَذَا التَّصْحِيف مِنْهُ
وَذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة فَقَالَ ابْن شبيبٍ حُلْو التشبيب رَقِيق نسيم النسيب
وَقَالَ ابْن شبيب فِي المستنجد من الْبَسِيط
(أَنْت الإِمَام الَّذِي يَحْكِي بسيرته ... من نَاب بعد رَسُول الله أَو خلفا)
(أَصبَحت لب بني الْعَبَّاس كلهم ... إِن عددت بحروف الْجمل الخلفا)
المستنجد هُوَ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ من الْخُلَفَاء ولب جمل حروفها اثْنَان وَثَلَاثُونَ
ولد ابْن شبيب سنة خَمْسمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بمقبرة الْكَرْخِي
وَمن شعر ابْن شبيب من الطَّوِيل
(وأغيد لم تسمح لنا بوصاله ... يَد الدَّهْر حَتَّى دب فِي عاجه النَّمْل)
(تمنيت لما اختط فقدان ناظري ... وَلم أر إنْسَانا تمنى الْعَمى قبل)
(ليبقى على مر الزَّمَان خياله ... خيالي وَفِي عَيْني لمنظره شكل)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(سرى والدجى تصبي غدائره الجون ... نسيمٌ على سر الْأَحِبَّة مَأْمُون)
(فراحت قدود البان من سكر راحه ... نشاوى فقد كَادَت تميد الميادين)(12/278)
(وشق لَهُ ورد الشقائق جيبه ... من الوجد وارتاحت إِلَيْهِ الرياحين)
)
(وغنت لَهُ الورقاء بَين مُورق ... تجاوبها من جانبيه الوراشين)
(فَبلغ من سر التحايا لطائماً ... فهاج غراماً بالأضالع مَكْنُون)
(تهادى بِهِ طيف البخيلة واهتدى ... وَمن دُوننَا الْبَين المشت أَو الْبَين)
(عَلَيْهِ من الظلماء ريطٌ ممسكٌ ... وَفِي جيده من لُؤْلُؤ الطل موضون)
(وَمَا اسْتَيْقَظَ الواشون إِلَّا بنشره ... فَقَالُوا وَمَا قَالُوهُ حدسٌ وتخمين)
(وعرج عَنَّا يَجْعَل اللَّيْل مركبا ... لَهُ وقمير الْفجْر فِي الشرق عرجون)
(صبا أذكرت عهد الصِّبَا وصبابتي ... بأسماء إِذْ دَار الْأَحِبَّة دارين)
(سرى حَيْثُ لَا تسري الشُّمُول ودونه ... هوى دافنٌ بَين الجوانح مدفون)
(وبحر الْهوى حامي الغوارب مزبدٌ ... مخوفٌ وفلكي بالصبابة مشحون)
(مشارع للعشاق فِيهَا مناسكٌ ... لدين التصابي والنفوس قرابين)
(صَحا الْقلب إِلَّا عَن هَواهَا فإنني ... بهَا بعد هجران الغواية مفتون)
(إِذا جن ليل جن حبي صبَابَة ... بهم وليالي العاشقين بحارين)
(وَقد ظن خالٍ من جوى الْحبّ أَنما ... يخص بِهِ الماضون قيسٌ وَمَيْمُون)
(لعمرك كم للعامريات من بِهِ ... جُنُون وَكم للدارميات مِسْكين)
(وَكم لأمير الْمُؤمنِينَ صنائعٌ ... هِيَ الرمل مَا ضمت زرود ويبرين)
وَمِنْه من المتقارب
(إِذا حل تشرين فاحلل أوانا ... فَإِن لكل سرورٍ أوانا)
(فَهَذَا الرّبيع ضفا ظله ... ورق النسيم سحيراً ولانا)
مِنْهَا من المتقارب
(وَقد سكنت نزوات الْعقار ... وَبَان الْوَقار عَلَيْهَا وآنا)
(وصهباء لم تبتذلها الْيَهُود ... وَلَا دوستها النَّصَارَى أمتهانا)
(تأنق فِي عصرها الْمُسلمُونَ ... بأيمانهم يملؤون الدنانا)
(فمازج نشوتها عزةٌ ... فصالت على الْعقل حَتَّى استكانا)
فقد حرموها لِأَن الوضيع من جَهله بالشريف استهانا
(وندبٍ ندبنا لتحصيلها ... فَمَا جشر الصُّبْح حَتَّى أَتَانَا)
)
(فجَاء بهَا عطرٌ نشرها ... فَأَهْدَتْ عَن السفح زندا وبانا)
(وقمنا نقبل تيجانها ... ونشكر من بَاعهَا واشترانا)(12/279)
(أهنا الكرائم فِي مهرهَا ... وَلنْ يكرم الْمَرْء حَتَّى يهانا)
(وَطَاف بهَا وبضراتها ... غزالٌ إِذا صدق الْوَعْد مانا)
(فَمَا درةٌ شدخت بالضياء ... نَهَارا وَمَا جبت عَنْهَا الصوانا)
(تراءت فَكفر غواصها ... لَدَيْهَا وأسجدت المرزبانا)
(بِأَحْسَن مِمَّن أدَار المدام ... فورست الكأس مِنْهُ البنانا)
قلت شعر جيد وَقَوله فمازج نشوتها عزة الْبَيْتَيْنِ يشبه قَول الحيص بيص من الْخَفِيف لَا تَضَعْ من عظيمِ قدرٍ وَإِن كنت مشاراً إِلَيْهِ بالتعظيم
(فالشريف الرفيع يسْقط قدرا ... بالتجري على الشريف الْعَظِيم)
ولع الْخمر بالعقول رمى الْخمر بتنجيسها وبالتحريم وَكَانَ مقداماً على حل الألغاز لَا يكد يتَوَقَّف عَمَّا يسْأَل عَنهُ فتفاوض أَبُو غَالب بن الْحصين هُوَ وَأَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن سليمات بن قتلمش الَّذِي تقدم ذكره فِي المحمدين فِي أَمر ابْن شبيب هَذَا وَمَا هُوَ عَلَيْهِ من حل اللغز فَقَالَ أَبُو مَنْصُور تعال حَتَّى نعمل لغزاً محالاً ونسأله عَنهُ ونظم أَبُو مَنْصُور من الوافر
(وَمَا شيءٌ لَهُ فِي الرَّأْس رجلٌ ... وَمَوْضِع وَجهه مِنْهُ قَفاهُ)
(إِذا غمضت عَيْنك أبصرته ... وَإِن فتحت عَيْنك لَا ترَاهُ)
ونظم أَيْضا من الهزج
(وجارٍ وَهُوَ تيار ... ضَعِيف الْعقل خوار)
(بِلَا لحمٍ وَلَا ريشٍ ... وَلَكِن هُوَ طيار)
(بطبعٍ باردٍ جدا ... وَلَكِن كُله نَار)
وأنفذ اللغزين إِلَيْهِ فَكتب على الأول هُوَ طيف الخيال وَكتب على الثَّانِي هُوَ الزئبق فجاءا إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ هَب اللغز الأول هُوَ طيف الخيال وَالْبَيْت الثَّانِي يساعدك عَلَيْهِ فَكيف تعْمل فِي الأول فَقَالَ لِأَن المنامات تفسر بِالْعَكْسِ لِأَن من بَكَى يُفَسر لَهُ بالضحك وَمن مَاتَ)
فسر لَهُ بطول الْعُمر وَفسّر اللغز الثَّانِي فَقَالَ أَبُو مَنْصُور تكلم عَلَيْهِ كلَاما شَذَّ عني
قلت قَوْله وَلَكِن هُوَ طيار أَرْبَاب صناعَة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيار والفرا والآبق وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُنَاسب صفته وَأما برده فَظَاهر ولإفراط برده ثقل جرمه وَكله نارٌ لسرعة حركته وتشكله فِي افتراقه والتئامه كألسنة النَّار وعَلى كل حَال فَفِي ذَلِك تسامحٌ يجوز فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء الْبَاطِلَة إِذا نزلت على الْحَقَائِق(12/280)
وَقد ذكر ابْن شرف القيرواني فِي كِتَابه أبكار الأفكار عَن رجلٍ يعرف بِأبي عَليّ التّونسِيّ وَأَنه وضع ألغازاً من هَذِه الْمَادَّة الَّتِي لَا حَقِيقَة لَهَا وأنشده إِيَّاهَا فيجيب عَنْهَا على الْفَوْر وينزلها على حقائق من ذَلِك أَنه صنع لَهُ لغزاً وَهُوَ من السَّرِيع
(مَا طائرٌ فِي الأَرْض منقاره ... وجسمه ي الْأُفق الْأَعْلَى)
(مَا زَالَ مَشْغُولًا بِهِ غَيره ... وَلَا يرى أَنه لَهُ شغلا)
فَقَالَ للْوَقْت والساعة هِيَ الشَّمْس وَأخذ يتَكَلَّم على شرح ذَلِك وَذكر عدَّة ألغازٍ وَضعهَا لَهُ وَهُوَ ينزلها على حقائق وَيذكر لَهَا مناسباتٍ لائقةً بذلك وسرد الْجَمِيع فِي أبكار الأفكار
3 - (حفيد الإِمَام النَّاصِر)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد النَّاصِر بن الْحسن المستضيء بن المستنجد يُوسُف بن المقتفي مُحَمَّد بن المستظهر أَحْمد أَبُو عبد الله وَهُوَ الْأَكْبَر من أَوْلَاد أَبِيه
ولاه جده النَّاصِر بعد وَفَاة وَالِده بِلَاد خورستان وأعمالها وقلاعها ونواحيها سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة ولقبه الْملك الْمُؤَيد وسير مَعَه أَخَاهُ الْملك الْمُوفق أَبَا عليٍّ يحيى وَمضى فِي خدمتهما الْوَزير مؤيد الدّين القمي ونجاح الشرابي والأمراء والأعيان ودخلوها وخطبوا لَهُ ولأخيه من بعده بالمملكة والسلطنة هُنَاكَ على مَنَابِر خوزستان وَنزل هُنَاكَ وَأقَام فِي دَار المملكة
وَعَاد مؤيد الدّين وَالْجَمَاعَة إِلَى أَن بَلغهُمْ أَن خوارزم شاه مَحْمُود بن تكش قد انْفَصل من الْعرَاق إِلَى بَغْدَاد فأعيد الْأَمِير أَبُو عبد الله إِلَى بَغْدَاد
وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعقلِ والرزانة والنبل والرياسة وَحسن الطَّرِيقَة وَكَانَ عوده إِلَى بَغْدَاد سنة خمس عشرَة وسِتمِائَة ومولده سنة تسعين وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن الْأُسْتَاذ)
)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي بكر بن أبي الْحسن بن عَليّ الربعِي أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْأُسْتَاذ
ولد بإربل سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَنَشَأ بواسط وَكَانَ وَالِده من أهل بَغْدَاد يعلم الصّبيان الْخط
وعانى أَبُو عبد الله هَذَا الْأَدَب وَالْكِتَابَة والإنشاء وَالشعر إِلَى أَن نَدبه الْأَمِير طاشتكين لتأديب وَلَده فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال فِي كِتَابَة الْأُمَرَاء إِلَى أَن اخْتصَّ بِخِدْمَة الْوَزير مؤيد الدّين القمي فَكتب بَين يَدَيْهِ فِي ديوَان الْإِنْشَاء مُدَّة ولَايَته إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ فَقبض على الْحُسَيْن هَذَا واعتقل مُدَّة وصودر على مَال كثير ثمَّ أطلق وَعَاد إِلَى خدمَة الْأُمَرَاء وَكَانَ فَاضلا حسن الْأَخْلَاق متواضعاً وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعره من الْخَفِيف
(أَيْن غزلان عالجٍ والمصلى ... من ظباءٍ سكن نهر الْمُعَلَّى)
(أبتلك الكثبان أَغْصَان بانٍ ... وبدورٌ فِي أفقها تتجلى)(12/281)
(أم لتِلْك الغزلان حسن وجوهٍ ... لَو تراءت للحزن أصبح سهلا)
أَيْن ذَاك العرار من صبغة الْورْد إِذا جَاءَهُ النسيم وطلا
(ألدار السَّلَام فِي الأَرْض شبهٌ ... معجزٌ أَن ترى لبغداد مثلا)
كل يَوْم تبدي وُجُوهًا خلاف الأمس حسنا كَأَنَّمَا هِيَ حُبْلَى قلت شعر متوسط
3 - (صَاحب فخ الْعلوِي)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأمه زَيْنَب بنت عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ صَاحب فخ
كَانَ وَالِده كثير الْعِبَادَة فَنَشَأَ الْحُسَيْن أحسن نشءٍ لَهُ فضلٌ فِي نَفسه وصلاحٌ وسخاءٌ وشجاعةٌ
قدم على الْمهْدي بَغْدَاد فرعى حرمته وَحفظ قرَابَته ووهبه عشْرين ألف دِينَار ففرقها بِبَغْدَاد والكوفة على قرائبه ومواليه وَمَا عَاد إِلَى الْمَدِينَة إِلَّا بقرض وَمَا كسوته إِلَّا جبةٌ كَانَت عَلَيْهِ وإزارٌ كَانَ لفراشه)
حَتَّى ولي الْهَادِي فَأمر على الْمَدِينَة رجلا من ولد عمر بن الْخطاب فأساء إِلَى الطالبيين واستأذنه بَعضهم فِي الْخُرُوج إِلَى مَوضِع فَلم يَأْذَن لَهُ حَتَّى كفله الْحُسَيْن فَلَمَّا مضى الْأَجَل طَالبه بِهِ فَسَأَلَهُ النظرة فَأبى وَغلظ عَلَيْهِ فَأمر بحبسه حَتَّى حلف لَهُ ليَأْتِيَن بِهِ من الْغَد فخلى سَبيله فَجمع أَهله وأعلمهم أَنه قد عزم على الْخُرُوج فَبَايعُوهُ على ذَلِك فَخرج يَوْم السبت عَاشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة
وَكَانَ سخياً لَا يكبر عَلَيْهِ مَا يسْأَله وَكَانَ يَقُول إِنِّي لأخاف أَن لَا أؤجر على مَا أعطي لِأَنِّي لَا أكره نَفسِي عَلَيْهِ وَكَانَ محبباً كثير الصّديق أباع مواريثه كلهَا وأنفقها
فَلَمَّا سمع بِحَالهِ الْعمريّ هرب وَانْفَرَدَ بِالْمَدِينَةِ وخطب النَّاس وَبَايَعَهُ أَكثر حَاج الْعَجم واستجابوا لَهُ وَتوجه إِلَى مَكَّة فَتَلَقَّتْهُ الجيوش بفخ وفيهَا سُلَيْمَان بن أبي جَعْفَر وَكَانَ أَمِير الْمَوْسِم ومُوسَى بن عِيسَى على الْعَسْكَر وَجرى الْقِتَال بَينهم والتحم فَتفرق عَنهُ أَصْحَابه وَبَقِي فِي نفرٍ قَلِيل فَقتل الْحُسَيْن وَمَعَهُ رجلَانِ من أهل بَيته سُلَيْمَان بن عبد الله بن حسن بن حسن وَعبد الله ابْن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن حسن بن حسن وَكَانَ مقدم الْعَسْكَر يُقَال لَهُ يَقْطِين فَلَمَّا قتل الْحُسَيْن قطع رَأسه وَحمله إِلَى الْهَادِي ورماه بَين يَدَيْهِ متبجحاً فَقَالَ الْهَادِي ارْفُقْ فَلَيْسَ بِرَأْس جالوت وَلَا طالوت(12/282)
وَقَالَت فَاطِمَة بنت عَليّ لأَخِيهَا الْحُسَيْن وَالله لَا أسأَل عَنْك الركْبَان أبدا فَخرجت مَعَه حَتَّى شهِدت قَتله وَكَانَت تعتاد قَبره وَتلْزم زيارته وَفِي عُنُقهَا مصحف فتبكيه حَتَّى عميت
وَتَأَخر قومٌ بَايعُوهُ فَلَمَّا فقدهم وَقت المعركة أنشأ يَقُول من الطَّوِيل
(وَإِنِّي لأهوى الْخَيْر سرا وجهرةً ... وَأعرف مَعْرُوفا وَأنكر مُنْكرا)
(ويعجبني الْمَرْء الْكَرِيم نجاده ... وَمن حِين أَدْعُوهُ إِلَى الْخَيْر شمرا)
(يعين على الْأَمر الْجَمِيل وَإِن يرى ... فواحش لَا يصبر عَلَيْهَا وغيرا)
وَقتل يَوْم التَّرويَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَتقدم ذكر أَخِيه مُحَمَّد وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده عَليّ فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين
3 - (ابْن دبابا السنجاري)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن سعيد بن حَامِد بن عُثْمَان بن عَليّ بن جَار الْخَيل وَقيل جَار الْخَيْر أَبُو عبد الله الْبَزَّاز الْمَعْرُوف بِابْن دبابا بائين موحدتين من أهل سنجار)
قَرَأَ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر وَسكن بَغْدَاد ومدح الإِمَام النَّاصِر وَغَيره من الْأَعْيَان والصدور وَكَانَ كثير الْمَحْفُوظ وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة عَن سِتّ وَسبعين سنة
وَمن شعره من الوافر
(تبصر هَل بِذِي العلمين نَار ... أم ابتسمت على إضمٍ نوار)
(فَإِن تَكُ أوحشت مِنْهَا ديارٌ ... فقد أنست بحلتها ديار)
(ذراني كي أسيل بهَا دموعي ... وأسألها مَتى شط المزار)
(أصبراً بعدهمْ وَلنَا ثلاثٌ ... عدمت تصبري وهم جوَار)
(أحن وَمَا الَّذِي يجدي حنيني ... حنين النوق فَارقهَا الحوار)
(تَقول عواذلي وَاللَّيْل داجٍ ... وللجوزاء فِي الْأُفق انحدار)
(تمتّع من شميم عرار نجدٍ ... فَمَا شيم البروق عَلَيْك عَار)
قلت هَذَا الْبَيْت تَمَامه فَمَا بعد العشية من عرار وَهُوَ من قِطْعَة فِي الحماسة فَلَمَّا رأى هَذَا الشَّاعِر القافية مجرورةً كمله بنصفٍ من عِنْده لَيْسَ بَينه وَبَين الأول علاقةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الأول للبرق ذكرٌ أَلْبَتَّة وَلَو قَالَ فَمَا شم العرار عَلَيْك عَار لَكَانَ أَتَى بنصفٍ جيد ملائم للْأولِ وَفِيه هَذَا الجناس الْمليح
3 - (أَبُو عبد الله النوبختي)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْعَبَّاس النوبختي أَبُو عبد الله الْكَاتِب من بَيت الْفضل وَالْعلم وَالْأَدب وَالْكِتَابَة
كَانَ يتَوَلَّى الْكِتَابَة للأمير أبي بكر مُحَمَّد بن رائق وَكَانَ(12/283)
فِي مرتبَة الوزراء بِبَغْدَاد مُدبر الْأُمُور حَاكما على الدولة ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (أَبُو طَالب بن عزور)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عزور أَبُو طَالب الْأنمَاطِي روى عَنهُ أَبُو شُجَاع الذهلي
وَغَيره
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وليلٍ عططنا جيبه بمدامةٍ ... كَأَن سناها جلدَة الشَّمْس والبدر)
)
(على ربواتٍ شابه الْغَيْث تربها ... وألبسها وشي الحدائق والزهر)
(وشربٍ كأمثال النُّجُوم أعزة ... أذلت ظبى أسيافهم نخوة الدَّهْر)
(قسمت حَياتِي بَينهم خير قسمةٍ ... سَوَاء فَلَا شطرٌ يزِيد على شطر)
(وأفرشتهم خدي وَهِي كريمةٌ ... عَليّ وَإِن كَانَت ثرى أَخْمص الْحر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(سقى الله لَيْلًا بالثنية بته ... إِلَى أَن بدا برد الظلام سحيقا)
(عَشِيَّة كُنَّا فِي ملاءة صبوةٍ ... من الوجد ضمت شائقاً ومشوقا)
(ليَالِي لَا الهجران نحوي شاخصٌ ... وَلَا يجد الواشي إِلَيّ طَرِيقا)
قلت شعر جيد فِي التَّوَسُّط وَهُوَ من تاجرٍ كثيرٌ وَكَانَ شعره كثيرا إِلَى الْغَايَة وَقد اخْتَار مِنْهُ مهيار فِي كتاب الصفوة
3 - (ابْن أبي شريك الحاسب)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُطَرز أَبُو عبد الله بن أبي شريك الحاسب الْبَغْدَادِيّ
كَانَ أقوم أهل عصره بالهندسة وَعلم الْهَيْئَة والحساب والجبر والمقابلة وَالنِّسْبَة وَالضَّرْب وَله فِي ذَلِك الْيَد الطُّولى
سمع الحَدِيث من الشريف عبد الْوَدُود بن عبد المتكّبر بن الْمُهْتَدي بِاللَّه وَمن عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله بن عبد الله الْحرفِي وَغَيرهمَا وَتُوفِّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن نما الْحلِيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن نما بن حمدون أَبُو عبد الله بن أبي الْقَاسِم الْكَاتِب من الْحلَّة السيفية الْبَغْدَادِيّ
كَانَ يكْتب لأمراء الجيوش وَفِيه فضل وأدب وَكَانَ رَافِضِيًّا توفّي سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة
وَمن شعره من الْكَامِل
(أوميض برقٍ فِي الدجنة أومضا ... أم ثغر غانيتي بليلٍ قد أضا)
(أسكبتم الأجفان فياض الحيا ... وكسوتم الأحشاء ألهوب الغضا)
(يَا جامعي الأضداد لم لم تجمعُوا ... سخطاً ممضاً للفؤاد بِهِ الرِّضَا)
(زمن الْوِصَال تقوضت أَيَّامه ... يَا لَيْت دهر الهجر كَانَ تقوضا)(12/284)
)
قلت شعر غث
آخر الْجُزْء الثَّانِي عشر من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ممويه
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
طالعه إِبْرَاهِيم بن دقماق عَفا الله عَنهُ(12/285)
(الْجُزْء الثَّالِث عشر)(12/286)
3 - (ابْن القمّ)
الْحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمَّد بن ممّويه أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن قمّ ولد بزبيد قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب هُوَ من شعراء الْقصر الْأَقْرَب عصره متقدّمٌ وَكَانَ معاصر ابْن سنانٍ الخفاجيّ أَو بعده بقريب وَكَانَ الْأَمِير المفضّل نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن فضّال ينشدني من شعره وَذكر أنّ ابْن القمّ سمع بَيْتا لِابْنِ الخفاجيّ قد ابتكر مَعْنَاهُ وَقد أحسن صياغة مفراه وَهُوَ من الطَّوِيل
(طويت إِلَيْك الباخلين كأنني ... سريت إِلَى شمس الضُّحى فِي الغياهب)
فَقَالَ ابْن القمّ يذكر أَنه مدح الممدوح فَأجَاز شعره وَأَجَازَهُ وفرةً
(ولمّا مدحت الهبرزيَّ بن أَحْمد ... أجَاز وكافاني على الْمَدْح بالمدح)
(فعوّض عَن شعري بشعرٍ وَزَادَنِي ... عطاه فَهَذَا رَأس مَالِي وَذَا ربحي)
(لفظت مُلُوك الأَرْض حَتَّى رَأَيْته ... فَكنت كمن شقّ الظّلام إِلَى الصّبح)
قَالَ وَكَانَ أَبوهُ يشْعر أَيْضا وساد فِي أَيَّام الدَّاعِي عليّ بن محمدٍ الصّليحي
وَكتب وَلَده الْحُسَيْن هَذَا على طَرِيق ابْن مقلة وَحَكَاهُ وَكَانَ شَاعِرًا مترسلاً يكْتب عَن الحرّة وَأورد لَهُ من شعره قَوْله من الْبَسِيط
(مشهّر الْفضل إِن شمس الضُّحى احْتَجَبت ... عَن الْعُيُون اضاء الْأُفق سودده)(13/5)
(مَاتَ الْكِرَام فأحيتهم مآثره ... كأنَّ مبعث أهل الْفضل مولده)
(لَوْلَا المخافة من أَن لَا تدوم لَهُ ... إِرَادَة الْبَذْل أَعْطَتْ نَفسهَا يَده)
(كَأَنَّهُ خَافَ أَن ينسى السّماح فَمَا ... يزَال مِنْهُ لَهُ درسٌ يردِّده)
مِنْهَا
(الموقدون إِذا باتو فواضل مَا ... بَات الطِّعان بِأَيْدِيهِم يقصّده)
(بكلِّ عضبٍ تخرُّ الْهَام سَاجِدَة ... إِذا رَأَتْهُ كأنَّ الْهَام تعبده)
وَمِنْه يمدح عبد الْوَاحِد بن بِشَارَة من الْكَامِل
(وَلَئِن ذكرت هوى الظعائن جملَة ... فالقصد صَاحِبَة الْبَعِير الْوَاحِد)
(وكما يعدُّ الأكرمون جمَاعَة ... وَالْوَاحد المرجوُّ عبد الْوَاحِد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(معاليك لَا مَا شيَّدته الْأَوَائِل ... ومجدك لَا مَا قَالَه فِيك قَائِل)
(وَمَا السَّعد إلاَّ يمَّمت قَاصِدا ... وَمَا النَّصر إلاَّ حَيْثُ ينزل نَازل)
(إِذا رمت صيدا فالملوك طرائدٌ ... أمامك تسْعَى والرِّماح أجادل)
(ومذ رمت إِيرَاد العوالي تيقَّنت ... نفوس الأعادي أنهنَّ مناهل)
(وَقد عشقت أسيافك الْهَام مِنْهُم ... فكلُّ حسامٍ مرهف الحدِّ ناحل)
(مليكٌ يفضُّ الْجَيْش والجيش حافلٌ ... ويخجل صوب المزن والمزن هاطل)
(سحابٌ غواديه لجينٌ وعسجدٌ ... وَلَيْث عواديه قِنَا وقنابل)
(توقَّى الأعادي بأسه وَهُوَ باسمٌ ... ويرجو الموالى جوده وَهُوَ صائل)
قلت أَنا وَكتب رسَالَته الْمَشْهُورَة عَنهُ إِلَى أبي حمير سبأ بن أبي السُّعُود أَحْمد بن المظفر بن عليّ الصُّليحيّ اليمانيّ بعد انْفِصَاله عَنهُ رَوَاهَا الْحَافِظ أَبُو الطَّاهِر السِّلفي عَنهُ سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة والرسالة الْمَذْكُورَة كتب عبد حَضْرَة السُّلطان الأجلِّ مولَايَ ربيع المجدبين وقريع المتأدبين جلاء الملتبس وذكاء المقتبس شهَاب الْمجد الثاقب ونقيب ذَوي المناقب أَطَالَ الله بَقَاءَهُ وأدام علوَّه وارتقاءه مَا أجابت العادية المستغير ولزمت الْيَاء التصغير وَجعل رتبته فِي الأوَّليَّة وافرة السِّهام كحرف الِاسْتِفْهَام وكالمبتدأ لِأَنَّهُ وَإِن تأخَّر فِي النَّية فَإِنَّهُ مقدَّمٌ فِي النِّيَّة وَلَا زَالَت حَضرته للوفود مزدحماً وَمن الْحَوَادِث حمى حَتَّى يكون فِي الْعَلَاء بِمَنْزِلَة حرف الاستعلاء فإنَّهنَّ لحروف اللين حصونٌ وَمَا جاورهنَّ على الإمالة مصونٌ وَلَا زَالَ عدوُّه كالألف فِي أنَّ حَالهَا يخْتَلف فَتسقط فِي صلَة الْكَلَام لَا سيَّما مَعَ اللاَّم
وَلَا يكون أَولا بحالٍ وَإِن تقدمَّم همز فاستحال لِأَنَّهُ أدام الله علوَّه أحسن إليَّ ابْتِدَاء وَنشر عليَّ من فَضله رِدَاء أَرَادَ(13/6)
إخفاءه فكشف خفاءه وَمن شرف الْإِحْسَان سُقُوط ذكره عَن اللِّسان)
كالمفعول رفع رفع الْفَاعِل الْكَامِل لَّما حذف من الْكَلَام ذكر الْعَامِل يهدي إِلَيْهِ سَلاما مَا الرَّوض ضاحكه النَّوض غرس وحرس وَسقي وَوُقِيَ وغيث وصيب فأحذ من كل نوء بنصيبٍ زهاه الزَّهر وسقاه النَّهر جاور الأضا فَحسن وأضا رتعت فِيهِ الْفَوْر ومرح بِهِ العصفور فطَّلع من التِّمراد وَقد ظفر بالمراد فَنظر إِلَى أقاحيه تفترُّ فِي نواحيه وَإِلَى البهار يضاحك شمس النَّهَار فَجعل يلثم من ورده خدوداً ويهصر من أغصانه قدوداً ويقتبس النَّار من الجلَّنار ويلتمس العقيق من الشَّقِيق فغرَّد ثملاً وغنَّى خَفِيفا ورملاً بأطيب من نفحته المسكيَّة وأعطر من رَائِحَته الزكيَّة مَعَ أَنِّي وَإِن أهديته فِي كلِّ أوانٍ عَن أَدَاء مَا يجب عليّ غير وأنٍ أعدُّ نَفسِي السُّكيت لَّلاحق لما يجب عليَّ من الحقِّ أثرت فَعَثَرَتْ وجهدت فَمَا أثرت فَأَنا بِحَمْد الله فِي حَال خمولٍ وقنوعٍ وجنابٍ عَن غير الْغَيْر ممنوعٍ فَارَقت المتَّج بأزل ولزمت الخمول والاعتزال سعيى الجاهد وعيشي عَيْش الزَّاهِد ببلدٍ الأديب فِيهِ غريبٌ والأريب كالمريب إِن تكلًّم استثقل وَإِن سكت استقلل مَنَازِله كبيوت العناكب ومعيشته كعجالة رَاكب فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو تَمام حَيْثُ قَالَ من الْكَامِل
(أَرض الفلاحة لَو أَتَاهَا جرولٌ ... أَعنِي الحطيئة لاغتدى حرَّاثا)
(لم آتِهَا من أيِّ بابٍ جِئْتهَا ... إلاَّ حسبت بيوتها أحداثا)
(تصدى بهَا الأفهام بعد صقالها ... وتردُّ ذكران الْعُقُول إِنَاثًا)
(ارضٌ خلعت اللَّهو خلعي خَاتمِي ... فِيهَا وطلَّقت السُّرور ثَلَاثًا)
وَأما حَال عَبده بعد فِرَاقه فِي الْجلد فَمَا حَال أمِّ تسعةٍ من الْوَلَد ذكورٍ كَأَنَّهُمْ عقبان وكورٍ
اخترم مِنْهُم ثمانيةٌ فَهِيَ على التَّاسِع حانية نَادَى النذير فِي الْبَادِيَة يَا للعادية بالعادية فَلَمَّا سَمِعت الدَّاعِي وَرَأَتْ الْخَيل وَهِي سواعي جعلت تنادي وَلَدهَا الأناة الأناة وَهُوَ يناديها الْقَنَاة الْقَنَاة من الْكَامِل
(بطلٌ كأنَّ ثِيَابه فِي سَرْجه ... يحذى نعال السِّبت لَيْسَ بتوأم)(13/7)
فحين رَأَتْهُ يختال فِي غُضُون الزَّرد المضون أنشأت تَقول من المتدارك
(أشدٌ أضبط يمشي ... بَين طرفاءٍ وغيل)
(لبسه من نسج دَاوُد ... كضحضاح المسيل)
)
فَعرض لَهُ فِي العادية أسدٌ هصورٌ كأنَّ ذراعه مسدٌ معصورٌ من الْكَامِل
(فتطاعنا وتوافقت خيالهما ... وَكِلَاهُمَا بَطل اللِّقاء مقنَّع)
فَلَمَّا سَمِعت صياح الرعيل برزت من الصِّرم بصبرٍ قد عيل فَسَأَلت عَن الْوَاحِد فَقيل لَهَا لحده الَّلاحد من الوافر
(فكرَّت تبتغيه فصادفته ... على دَمه ومصرعه السِّباعا)
(عبثن بِهِ فَلم يتركن إلاَّ ... أديماً قد تمزَّق أوكراعا)
بأشدَّ من عَبده تأسفاً وَلَا أعظم كمداً وَلَا تلهُّفاً وإنَّه ليعنِّف نَفسه دَائِما وَيَقُول لَهَا لائماً لَو فطنت لقطنت وَلَو عقلت لما انْتَقَلت وَلَو سعدت لما بَعدت فَتَقول لَهُ مجيبةً لَيْسَ كَمَا ظَنَنْت بل لَو قدمت لندمت وَلَو رجعت لما هجعت من الطَّوِيل
(يُقيم الرِّجال الموسرون بأرضهم ... وَتَرْمِي النَّوى بالمقترين المراميا)
(وَمَا تركُوا أوطانهم عَن ملالةٍ ... وَلَكِن حذاراً من شمات الأعاديا)
أَيهَا السَّيِّد أَمن الْعدْل والإنصاف ومحاسن الشِّيم والأوصاف إكرام المهان وإذالة جواد الرِّهان يشْبع فِي ساجوره كلب الزِّبل ويسغب فِي خيشه أَبُو الشِّبل من الْكَامِل
(للخطب والخطب البليغة أندب ... وَإِذا يحاس الحيس يدعى جُنْدُب)
من الطَّوِيل
(إِذا حلَّ ذُو نقصٍ محلَّة فاضلٍ ... وَأصْبح ربُّ الجاه غيروجيه)
(فإنَّ حَيَاة الْمَرْء غير شهيَّةٍ ... إِلَيْهِ وَطعم الْمَوْت غير كريه)
أَقُول لنَفْسي الدنيَّة هبي طَال نومك واستيقظي لَا عزَّ قَوْمك أرضيت بالعطاء المنزور(13/8)
وقنعت بمواعيد الزُّور يقظةً فإنَّ الجدَّ قد هجع ونجعةً فَمن أجدب انتجع أعجزت فِي الإباء عَن خلق الحرباء أدلى لِسَانا كالرشاء وتسنّم أَعلَى الْأَشْيَاء ناط هيمته بالشمس مَعَ بعْدهَا عَن اللَّمْس أنف من ضيق الوجار ففرَّخ فِي الْأَشْجَار وسام البوس فغيَّر الملبوس وَكره الْعَيْش المسخوط فاستبدل خوطاً بخوط فَهُوَ كالخطيب على الْغُصْن الرَّطيب من الطَّوِيل
(وإنَّ صَرِيح الحزم والرأي لامريءٍ ... إِذا بلغته الشَّمس أَن يتحوَّلا)
وَقد أصحب عَبده هَذِه الأسطر شعرًا يقصر فِيهِ عَن وَاجِب الْحَمد وَإِن بنيت قافيته على المدِّ)
وَمَا يعدُّ نَفسه إِلَّا كمهدي جلد السبنيِّ الأنمر إِلَى الديباج الْأَحْمَر أَيْن درُّ الْحباب من ثغور الأحباب وَأَيْنَ الشَّرَاب من السَّراب والرَّكيُّ من الواد ذِي الموادِّ أتطلب الصَّباحة من العتم والفصاحة من الغتم غلط من رأى الْآل فِي الْبَلَد القيِّ فشبَّهه بهلهال الدَّبيقيِّ هَيْهَات أَيْن مناسج الرِّياط بسيفي تنيس ودمياط لَا أَقُول إلاّ كَمَا قَالَ الْقَائِل من الرمل
(من يساجلني يساجل ماجداً ... يمْلَأ الدَّلو إِلَى عقد الكرب)
بل أَضَع نَفسِي فِي أقلِّ الْمَوَاضِع وَأَقُول لمولاي قَول الخاضع من الطَّوِيل
(فأسبل عَلَيْهَا ستر مَعْرُوفك الَّذِي ... سترت بِهِ قدماً عليَّ عواري)
وَهَا هِيَ هَذِه من الْخَفِيف
(فِيك برَّحت بالعذول إباءً ... وعصيت اللُّوًّام والنُّصحاء)
(فانثنى العاذلون أخيب مني ... يَوْم أزمعتم الرحيل رَجَاء)
(من مجيري من فاتر الطَّرف ألمى ... جمع النَّار خدُّه وَالْمَاء)
(فِيهِ للَّيل وَالنَّهَار صفاتٌ ... فَلهَذَا سرَّ الْقُلُوب وساء)
(لازمٌ شِيمَة الْخلاف فَإِن لن ... تُ قسا أَو دَنَوْت مِنْهُ تناءى)
(يَا غَرِيب الصِّفات حقَّ لمن كَا ... ن غَرِيبا أَن يرحم الغرباء)
(حَربًا من صدوده وتجنِّي ... هـ وإشماته بِي الْأَعْدَاء)
وَإِذا مَا كتمت مَا بَين الوجد أذاعته مقلتاي بكاء كعطايا سبا بن أَحْمد يخفيها فتزداد شهرة ونماء أريحي بهزه الْمَدْح للجود وَإِن لم تمدحه جاد ابْتِدَاء
(ألمعيٌّ يكَاد ينبيك عمَّا ... كَانَ فِي الْغَيْب فطنةً وذكاء)(13/9)
(وَإِذا أخلف السَّمَاء بأرضٍ ... أخلفت راحتاه ذَاك السَّمَاء)
(بندىً يخجل الغيوث انهمالاً ... وشذىً ينهل الرماح الظِّماء)
(مَا أُبَالِي إِذْ أحسن الدَّهْر فِيهِ ... أحسن الدَّهْر بالورى أم أَسَاءَ)
(أَيهَا الطَّالِب الْغنى زره تظفر ... بعطاء يخجِّل الأنواء)
تلق مِنْهُ الْمُهَذّب الْمَاجِد النّدب الْكَرِيم السَّميدع الأنَّاء)
إِن سَطَا أرهب الضَّراغم فِي الآجام أَو جاد بخل الكرماء
(راحةٌ فِي النَّدى تسيل نضاراً ... وحسامٌ فِي الرَّوع يهمي دِمَاء)
شيم من ابيه أَحْمد مَا يَنْفَكّ عَنْهَا تقيُّلاً واقتفاء يَا با حميرٍ دعوتك للدهر فَكنت امْرَءًا تجيب الدُّعاء
(قد تعاطى فِي الْمجد شأوك قومٌ ... عجزوا واحتملتبه العناء)
(فَأبى الْبُخْل أَن يَكُونُوا أماماً ... وأبى الْجُود أَن يكون وَرَاء)
(شرفاً شامخاً ومجداً منيفاً ... عد مَلِيًّا وَعزة قعساء)
(أَنا أَشْكُو إِلَيْك جور زمانٍ ... دأبه أَن يعاند الأدباء)
(مَال عني بِمَا أومل فِيهِ ... كلَّما قلت سَوف يأسو أساه)
(أهملتني صروفه فكأنِّي ... ألف الْوَصْل ألغيت إِلْغَاء)
رهن بَيت لَو اسْتَقر بِهِ اليربوع لم يرضه قاصعاء
(نَقَصْتنِي نقص المرخَّم فِيهِ ... خلتني فِي فَم الزَّمَان نِدَاء)
منعتني من التَّصَرُّف منع الْعِلَل التسع صرفهَا الْأَسْمَاء يَا با حميرٍ وَحُرْمَة إحسانك عِنْدِي مَا كَانَ حبي رِيَاء مَا ظَنَنْت الزَّمَان يبعدني عَنْك إِلَى أَن أُفَارِق الْأَحْيَاء غير أَنِّي فدتك نَفسِي من السوء وَإِن قلَّ أَن تكون فدَاء ضَاعَ سعيي وخبت خابت أعاديك وَمن يَبْتَغِي لَك الأسواء
(واحتملت الحرمان والنَّقص والإب ... عَاد والذُّلَّ والعنا والجفاء)(13/10)
وتحملت واصطبرت فَمَا أبقى على عمودي الزَّمان لحاء
(أَعلَى هَذِه الْمُصِيبَة صبرٌ ... لَا وَلَو كنت صَخْرَة صمَّاء)
(وَلَو أنِّي لم أعْتَمد دون غَيْرِي ... لتأسَّيت أَن أَمُوت وَفَاء)
(غير أنَّ التَّصْرِيح لَيْسَ بخافٍ ... عِنْد من كَانَ يفهم الْإِيمَاء)
غير أنِّي مثن عَلَيْك وَمَا لمت على مَا لقِيت إلاَّ الْقَضَاء وسيأتيك فِي البعاد وَفِي الْقرب مديح يجمل الشُّعَرَاء فبشكر رحلت عَنْك وألقاك بِهِ إِن قضى الآله لِقَاء)
لَيْسَ يبْقى فِي الدَّهْر غير ثناءفاكتسب مَا اسْتَطَعْت ذَاك الثَّناء
3 - (أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْوَلِيد أَبُو عبد الله النحويّ مدح عضد الدولة أَبَا شُجَاع من شعره من المتدارك
(أخذت بفؤاد متيَّمها ... فمدامعه سكبٌ همل)
(طلعت سحرًا وبدت قمراً ... فَبكى درراً لَهُم الرَّجل)
(وَبَقِي بفراقهم سلباً ... كرباً يتعاهده الوجل)
(أرقاً قلقاً سئماً ألماً ... بهم زَمنا فبه الخبل)
(لتذكُّرهم وتشوُّقهم ... فديارهم درسٌ مثل)
قلت شعرٌ رثّ غثّ
3 - (أَبُو عبد الله الطبريّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ الْحُسَيْن أَبُو عبد الله الطبريّ الققيه نزيل مَكَّة ومحدِّثها رَحل وَسمع قَالَ السّمعاني كَانَ حسن الْفَتَاوَى تفقِّه على نَاصِر بن الْحُسَيْن الْعمريّ المروزيّ وَصَارَ لَهُ بِمَكَّة أولادٌ وأعقاب وَهُوَ شَافِعِيّ أشعريّ جليل توفّي سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الصَّيرفيّ المغربيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ الصيرفيّ قَالَ ابْن رشيقٍ فِي الأنموذج شاعرٌ حُلْو الْأَلْفَاظ سَلس الطَّبع طيار الشِّعر خَفِيف أَرْوَاح الْكَلَام بَصِير بالمعمَّى قدير على استخراجه وصنعته حسن المناقشة والمفاتشة فِيهِ وَأورد لَهُ من الْبَسِيط(13/11)
(يَا نعمةَ فزت من بَين الْأَنَام بهَا ... وسؤل نَفسِي بل يَا مُنْتَهى وطري)
(يَا منَّةَ كنت مَمْلُوء الْيَدَيْنِ بهَا ... فعاقني دونهَا صرفٌ من الْقدر)
(قد كنت تعلم حَالي فِي مغيبك عَن ... عَيْني وَإِن كنت لم أنجد وَلم أغر)
(فَكيف ظنُّك بِي والدَّار نازحةٌ ... وَلم أجد مِنْك فِي كفي سوى الذِّكر)
(وَالله لَا فَارَقت نَفسِي عَلَيْك أسىً ... وجدٍ عَلَيْك وَلَا عينيَّ من سهري)
(وَلَا وحقِّك لَا أخليتُ قلبِي من ... وجدٍ عَلَيْك وَلَا عينيَّ من سهري)
(وَلَا سَمِعت بموصولين نالهما ... سهم من الهجر أَو سهمٌ من السَّفر)
)
(إلاَّ بَكَيْت وَمَا يُغني الْبكاء وَقد ... عاثت يَد الدَّهر فِي سَمْعِي وَفِي بَصرِي)
(مَا أَحسب الْبعد إِلَى كَانَ يحسدني ... على دنوِّك يَا شمسي وَيَا قمري)
وَأورد لَهُ من جزوء الْخَفِيف
(قلقت فِيك هَذِه ... هَذِه كَيفَ تقلق)
(فرَّقت يمن ميَّةٍ ... هِيَ من ميَّ تفرق)
(فترى لحن مقتفٍ ... فتق من حلَّ يرتق)
كل بيتٍ من هَذِه الأبيات يقْرَأ معكوساً وَهُوَ قدرةٌ على الْكَلَام لَيْسَ فِيهِ انسجامٌ وأبيات الحريريّ الَّتِي فِي المقامات وأولها من الرجز
(أس أرملاً إِذا عرى ... وارع إِذا مَا الْمَرْء أسا)
أعذب وأفصح
3 - (الْجعل الحنفيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ البصريّ الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بالجعل كَانَ مقدِّماً فِي الْفِقْه وَالْكَلَام عَاشَ ثَمَانِينَ سنة وَكَانَ من كبار الْمُعْتَزلَة وَله تصانيف فِي ذَلِك ذكره أَبُو إِسْحَق فِي طَبَقَات الْفُقَهَاء وَقَالَ كَانَ راس الْمُعْتَزلَة وصلَّى عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الفارسيّ النحويّ وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة(13/12)
3 - (حسينك ابْن منينة)
الْحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمَّد بن يحيى أَبُو أَحْمد التميميّ النيسابوريّ يُقَال لَهُ حسينك وَيعرف بِابْن منينة من بَيت حشيمةٍ ورياسة تربَّى فِي حجر الإِمَام ابْن خُزَيْمَة وَكَانَ يقدِّمه على أَوْلَاده قَالَ الْحَاكِم صحبته حضرا وسفراً نَحْو ثَلَاثِينَ سنة فَمَا رَأَيْته يتْرك قيام اللَّيل وَيقْرَأ كلَّ ليلةٍ سبعا وَكَانَت صدقاته دارَّةً سرّاً وَعَلَانِيَة خرج مرَّةً عشرَة أنفس إِلَى الْغُزَاة بآلتهم بَدَلا عَن نَفسه ورابط غير مرّةٍ وأوّل سَمَاعه سنة خمس وَثَلَاث مائَة سمع من ابْن خُزَيْمَة وَأبي الْعَبَّاس السَّراج ورحل سنة تسع وَسمع عمر بن اسماعيل ابْن أبي غيلَان وَعبد الله بن مُحَمَّد البغويّ وَعبد الله بن زيد بن البجليّ وَأَبا عوَانَة الإِسْفِرَايِينِيّ وروى عَنهُ أَبُو بكر البرقانيّ وَالْحَاكِم وَعمر بن أَحْمد بن مسرور وَجَمَاعَة قَالَ الْخَطِيب كَانَ حجَّةً ثِقَة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَخرج السُّلْطَان للصَّلَاة عَلَيْهِ)
3 - (المقرىء صَاحب الْمَنْظُومَة)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن ثَابت المقرىء صَاحب الْمَنْظُومَة فِي الْقرَاءَات السَّبع رَوَاهَا عَنهُ أَحْمد بن مُحَمَّد العتيقيّ وَكَانَ حَافِظًا ذكياً ولد أعمى وَكَانَ يحضر مجْلِس ابْن الأبناريّ ويحفظ مَا يملي وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (قَاضِي مصر)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن النّعمان أَبُو عبد الله قَاضِي الْقُضَاة للْحَاكِم صَاحب مصر ولي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وعزل سنة أَربع وَتِسْعين وَفِي أوّل سنة خمس وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة قَتله الْحَاكِم وأحرق جثَّته وولِّى بعده ابْن عمِّه عبد الْعَزِيز
3 - (الشَّيح صفيّ الدِّين الأنصاريَ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي الْمَنْصُور صفيُّ الدّين الأنصاريّ الشِّيخ الْقدْوَة كَانَ صَاحب زَاوِيَة بالقرافة يُؤثر عَنهُ كرامات وكشف وَكَانَ الْوَزير وَغَيره من الأكابر بمشون إِلَيْهِ ويبرّكون بِهِ
وَكتب فِي الإجازات وحدَّث عَن أبي الْحسن عليّ بن البنَّاء وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وستِّ مائةٍ عَن سبعٍ وَثَمَانِينَ سنة(13/13)
3 - (الفرَّاش)
الْحُسَيْن بن عَليّ الفرّاش لّما بلغ بهاء الدولة بن فَخر الدولة بالأهواز انزعج لذَلِك وَندب الْحُسَيْن بن عَليّ الْمَذْكُور لِلْخُرُوجِ فِي هَذَا الْوَجْه وَالْقِيَام فِيهِ بتدبير الْحَرْب ولقَّبه بالصَّاحب مغايظةً للصَّاحب بن عبّادٍ وخلع عَلَيْهِ كَمَا يخلع على الصّاحب وقاد بَين يَدَيْهِ مواكب بمراكب الذَّهَب وَمَشى بَين يَدَيْهِ خمس مائةٍ من قواَّاد الدَّيلم وجهَّز مَعَه العساكر وَخرج بهاء الدَّولة لوداعه وَسَار مثل الْمُلُوك إِذْ مدَّ السِّماط يقوم بالدَّيلم والتُّرك سماطين وتدور عَلَيْهِم فنون الْأَطْعِمَة فَإِذا فرغ خرجت البقج فِيهَا الْخلْع للقوّاد وَإِذا جلس للشُّرب فعلما لم يَفْعَله ملك قبله
وَكَانَ قبل ذَلِك يشدُّ وَسطه ويكنس الدَّار وَكَانَ الَّذِي أَشَارَ بِإِخْرَاجِهِ أَبُو الْحُسَيْن الْمعلم ليبعده عَن بهاء الدولة لِأَنَّهُ كَانَ قد غلب عَلَيْهِ فَلَمَّا حصل بواسط وَبعد عَنهُ حكيت عَنهُ حكايات انْفَسَخ بهَا رَأْي بهاء الدولة فِيهِ وَقَالُوا فِيهِ قد طمع فِي الْملك فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَبعث إِلَيْهِ جمَاعَة فأدركوا بمطارا فقبضوا عَلَيْهِ وقيَّدوه وبعثوا بِهِ إِلَى بَغْدَاد فأنزلوه فِي دَار نحرير الْخَادِم فتقدَّم بهَا الدولة بِإِخْرَاج لِسَانه من قَفاهُ فَفعل بِهِ ذَلِك وَرمي بِهِ فِي دجلة وَكَانَ بَين)
الْخلْع عَلَيْهِ وَبَين قَتله شَهْرَان وَأَيَّام وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الجعفيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْوَلِيد الجعفيّ مَوْلَاهُم الكوفيّ المقرىء الزَّاهِد قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقَالَ ابْن حَنْبَل مَا رَأَيْت أفضل مِنْهُ وَقَالَ حميد بن الرّبيع رأى حُسَيْن الجعفيّ كأنَّ الْقِيَامَة قد قَامَت وكأنَّ منادياً يُنَادي ليقمْ الْعلمَاء فيدخلوا الجنَّة فَقَامُوا وَقمت مَعَهم قَالَ فَقيل لي إجلس لست مِنْهُم أَنْت لَا تحدِّث فَلم يزل يحدِّث بعد أَن لم يكن يحدِّث حَتَّى كتبنَا عَنهُ أَكثر من عشرَة آلَاف حَدِيث وروى لَهُ الجامعة وتوفِّي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عبد الله النَّمريّ)
الْحُسَيْن بن عليّ أبوعبد الله النَّمريّ صَاحب التصانيف لَهُ شعر وَكَانَ أديباً لغوياً لَهُ مصنَّف فِي أَسمَاء الفضّة وَالذَّهَب ومعاني الحماسة وَالْخَيْل والملمَّع وَكَانَ مُقيما بِالْبَصْرَةِ وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَمن شعره(13/14)
3 - (الصَّيمريّ الحنفيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو عبد الله الصَّيمريّ سكن بَغْدَاد فِي صباه وتفقَّه لأبي حنيفَة وبرع فِي الْمَذْهَب وَولي قَضَاء الْمَدَائِن وَربع الكرخ وحدَّث عَن جَامِعَة وتوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن مَاكُولَا)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن جَعْفَر بن علِّكان ابْن الْأَمِير أبي دلفٍ الْعجلِيّ الْفَقِيه قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عبد الله الجرباذقانيّ الْمَعْرُوف بِابْن مَاكُولَا ولي قَضَاء الْقُضَاة بِبَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب لم نر قَاضِيا أعظم نزاهة مِنْهُ كَانَ عَارِفًا بِمذهب الشافعيّ وَهُوَ عمُّ الْحَافِظ الْأَمِير أبي نصر بن مَاكُولَا وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الكاشغريّ الْوَاعِظ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن خلف بن جِبْرِيل الألمعيّ الكاشغريّ وَيعرف بِالْفَضْلِ رَحل وَسمع وَوعظ وَكَانَ بكَّاء خَائفًا لَهُ الْمقنع فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَكتاب التَّوبة وَكتاب الْوَرع وَكتاب الزُّهد
ذكر لَهُ السِّمعاني أَكثر من مائَة تصنيف فِي التصوُّف والآداب الدِّينِيَّة توفّي سنة أربعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة)
3 - (البسريّ محدِّث بَغْدَاد)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابو عبد الله البسريّ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة البندار محدِّث بَغْدَاد وَبَان محدِّثها كَانَ رجلا صَالحا تفرَّد بالرواية عَن عبد الله السُّكَّري وَسمع من غَيره توفّي سنة سبعٍ وَتِسْعين وَأَرْبع
3 - (ابْن سلاَّم)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن إِسْحَق بن سلاّم الشَّيْخ الإِمَام الْفَاضِل الْمُفْتِي(13/15)
شرف الدّين الشافعيّ كَانَ مفتي دَار الْعدْل أَيَّام الْأَمِير جمال الدّين الأفرم حكى لي من أَثِق بِهِ أَنه حضر بعض الدُّرُوس على عَادَة النَّاس فِي حُضُور أول درس يدَّرس فِيهِ المدّرس وَكَانَ فِيهِ فُقَهَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَأَنه بحث مَعَهم وقطعهم وَكَانَ جيِّد المناظرة توفّي سنة سبع عشرَة وَسبع مائَة
3 - (نجم الدِّين الأسوانيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن سيِّد الكلِّ الشَّيْخ نجم الدّين الأسوانيّ الشَّافعيّ شيخ مدرسة الْملك توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة أَخْبرنِي العلاَّمة قَاضِي الْقُضَاة تقيُّ الدّين السُّبْكِيّ قَالَ تجرَّد الْمَذْكُور مَعَ الْفُقَرَاء زَمَانا طَويلا وَكَانَ فِي وقتٍ فَقِيها فِي الْمدرسَة الشريفية فَحَضَرَ درس قَاضِي الْقُضَاة ابْن بنت الأعزِّ فَأَنْشد بعض النَّاس قصيدةً مديحاً فِي النَّبِي صلّى اللهُ عليهِ وَسلم فَصَرَخَ هُوَ على عَادَة النَّاس فَأنْكر القَاضِي ذَلِك وَقَالَ أيش هَذَا فَقَامَ وَقَالَ هَذَا شَيْء مَا تذوقه وَترك الْمدرسَة والفقاهة بهَا
وَأَخْبرنِي أقضى الْقُضَاة تقيّ الدّين أَبُو الْفَتْح السِّبكي قَالَ كَانَ يقرىء فِي كلِّ شيءٍ فِي أيِّ كتابٍ كَانَ وانتفع بِهِ جمَاعَة وَأثْنى عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين فِي الْفِقْه وَكَانَ يُفْتِي ويدرِّس ويقرىء الطّلبَة وَهُوَ وَأَخُوهُ الْحسن وَالزُّبَيْر ثَلَاثَة من أهل الْخَيْر والتعبُّد وَقَالَ فِيهِ الْفَاضِل كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي هُوَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن سيِّد الْأَهْل ابْن أبي الْحسن بن قَاسم بن عمارٍ الْأَسدي الشَّيْخ نجم الدّين الأصفوني الْمَعْرُوف بِابْن أبي شيخة الشَّافِعِي كَانَ فَقِيها مشاركاً فِي الْأُصُول والنحو وَغير ذَلِك سمع من أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق بن طرخان وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْقوي وَمن ابي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْعِرَاقِيّ والحافظ شرف الدّين الدمياطيّ وحدَّث بِالْقَاهِرَةِ وَأخذ الْفِقْه عَن أبي الْفضل جَعْفَر التزمنتي وَغَيره واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة طَائِفَة بعد طَائِفَة وَهُوَ يشغل)
فِي غَالب الْعُلُوم ويفتي وَتَوَلَّى الْإِعَادَة بِالْمَدْرَسَةِ الشريفية بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا وَأقَام مُدَّة بمدرسة الْملك يلقِي فِيهَا الدُّرُوس وتجَّرد مُدَّة مَعَ الْفُقَرَاء وسافر مَعَهم الْبِلَاد وَجرى على طريقهم فِي القَوْل بِالشَّاهِدِ وَأقَام بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ مُدَّة يشْتَغل ويشغل وَهُوَ قويُّ النَّفس حدُّ الْخلق مِقْدَام فِي الْكَلَام وَهُوَ من أهل بَيت معروفين بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَتُوفِّي فِي صفر سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
3 - (ابْن مصدَّق الصُّوفيّ)
الْحُسَيْن بن عَليّ بن مصدَّق بن الْحسن الشَّيبانيّ الوَاسِطِيّ(13/16)
شرف الدّين أَبُو عبد الله الصُّوفِي بخانقاة سعيد السُّعَدَاء رَأَيْته مَرَّات وَاجْتمعت بِهِ عِنْد الصاحب أَمِين الدّين رَحمَه الله وأنشدني جملَة من شعره من ذَلِك من مجزوء الْكَامِل
(يَا من هَوَاهُ وحُّبه ... عطَّى على عَيْني وقلبي)
(عطفا عليَّ بنظرة ... فإليك إيجابي وسلبي)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(أَنا أهواكم وأهوى نسيماً ... صحَّ لما أرسلتموه عليلا)
(لوأردتم عودي إِلَيْكُم سَرِيعا ... لبعثتم قلبِي إليَّ رَسُولا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وأحور أحوى فاتن الطَّرف فاتر ... مسير بدور التَّم من دون سيره)
(مَتى جِئْت أَشْكُو طرفه قَالَ قدُّه ... وَمن لم يمت بالسَّيف مَاتَ بِغَيْرِهِ)
وَمِنْه من مجزوء الرجز
(دمشق فِي أوصافها ... جنَّة خلدٍ راضيه)
(أما ترى أَبْوَابهَا ... قد جعلت ثمانيه)
3 - (القحف)
الْحُسَيْن بن عمر أَبُو عبد الله القاصّ المصريّ يعرف بالقحف قَالَ يرثي القَاضِي أَبَا الْحُسَيْن بن الْمُهْتَدي من الْخَفِيف
(إنِّما الْعَيْش والحياة غرورٌ ... كلُّ حيٍّ إِلَى الْمَمَات يصير)
(حكم الْمَوْت بَينهم حكم عدلٍ ... فتساوى غنيُّهم وَالْفَقِير)
)
(رحَّلتهم عَن الدِّيار المنايا ... فحوتهم بعد الْقُصُور الْقُبُور)
(وَإِذا كَانَ غَايَة الْحَيّ موتٌ ... فطويل الْحَيَاة عِنْدِي قصير)
(كلُّ شيءٍ يفنيه كرُّ اللَّيَالِي ... لَيْسَ يبْقى إِلَّا اللَّطِيف الْخَبِير)
قلت شعر مَقْبُول وَلَعَلَّه الْحسن بن عَليّ بن عمر الَّذِي تقدم ذكره وَالله أعلم بذلك
3 - (أَبُو عبد الله الموصليّ)
الْحُسَيْن بن عمر بن حمائل بن عليّ الموصليّ نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ الصَّالح أَبُو عبد الله الْحُسَيْن الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِدِمَشْق عِنْد مقدمه من مكّة شرَّفها الله تَعَالَى من الْكَامِل(13/17)
(عزَّ النَّصير وقلَّ فِيك المسعد ... ووحدت من حبِّيك مَا لَا يُوجد)
(فعلام أمحضك المحَّبة مخلصاً ... وأروم قربك بِالْوَفَاءِ وتبعد)
(لم يبْق مني الشَّوق إلاَّ أضلعاً ... نحلت وأنفاساً بهَا تتصعَّد)
(يَا من يرنِّح عطفه مرح الصِّبا ... فيكاد من لينٍ يحلُّ ويعقد)
(لَو لم يبح قَتْلِي عذارك عَامِدًا ... مَا جَاءَ يَوْم الزَّحف وَهُوَ مزرَّد)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو عبد الله الْكَامِل)
الْحُسَيْن بن أبي الفوارس أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالكامل أوردهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة
وَقَالَ أَنْشدني أَبُو الْمَعَالِي الكتبي قَوْله من المنسرح
(صبا إِلَى اللَّهو فِي هبوب صبا ... وقا قُم فالصَّبوح قد وجبا)
(هَا أنجم الصُّبح من مخافتنا ... ميلٌ إِلَى الغرب تطلب الهربا)
وأدهم اللَّيْل كلَّما حاول الحظوة من أَشهب الصَّباح كبا
(والديك قد قَامَ فِي ممزَّجةٍ ... شمَّر أذيالها وشدَّ قبا)
(يَصِيح إمَّا على الدُّجى أسفا ... مِنْهُ وإمَّا على الضُّحى طَربا)
وَقَوله من الْبَسِيط
(إشرب فقد جَادَتْ الأوتار بالفرح ... وأتحفتنا بأسبابٍ من الْمنح)
(من كفِّ ظبيٍ تخيَّلناه حِين بدا ... يحثُّ فِي شربنا والديك لم يَصح)
)
(بَدْرًا يناولنا فِي اللَّيْل من يَده ... شمساً من الرَّاح فِي صبحٍ من الْقدح)
قلت شعر متوسٍّط
3 - (البجليّ الكوفيّ)
الْحُسَيْن بن الْفضل بن عميرٍ البجليّ الكوفيّ النيسابوريّ المفسِّر الأديب إِمَام عصره فِي مَعَاني الْقُرْآن كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ستَّ مائَة رَكْعَة توفّي وَهُوَ ابْن مائَة وَأَرْبع سِنِين فِي حُدُود التسعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الهمذاني)
الْحُسَيْن بن الْفَتْح بن حَمْزَة أَبُو الْقَاسِم الهمذاني الأديب(13/18)
من أَوْلَاد الوزراء كَانَ يعرف اللُّغَة والمعاني وَالْبَيَان وَله تَفْسِير حسن وَشعر توفّي فِي حُدُود الْخمس مائَة وَمن شعره
3 - (عميد الدولة الْوَزير)
الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهبٍ أَبُو عَليّ وَأَبُو الْجمال الْوَزير ولي الوزارة للمقتدر سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة وَلم يكن فِي وزراء بني الْعَبَّاس أعرف مِنْهُ فِي الوزارة لِأَنَّهُ وَزِير مكنيّ ابْن وَزِير مكنيّ ابْن وَزِير مكنيّ ابْن وَزِير مكنيّ ولقب بعميد الدولة ابْن ولي الدولة وَكَانَ أَخُوهُ أَبُو جَعْفَر وزيراً أَيْضا وعزل عَن الوزارة سِتَّة عشْرين وَثَلَاث مائَة وَكَانَت وزارته سَبْعَة أشهر واعتقل بالرقة وَلما ظهر أَمر أبي الَّذِي كَانَ بِبَغْدَاد وتدَّعي الرافضة أَنه الْبَاب إِلَى الْأَمَام المنتظر وَجمع لَهُ الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء ونوظر وَكَتَبُوا بإراقة دَمه وأحرق وَظَهَرت عِنْده رقاعٌ من الْحُسَيْن بن الْقَاسِم الْوَزير يخاطبه فِيهَا بالآلهية وأنَّه ربُّه ورازقه ومحييه ومميته وَأَنه يسْأَله الْعَفو عَن ذنُوبه والصفح عَن تَقْصِيره وَشهد جمَاعَة بِأَنَّهَا خطه فَأفْتى الْفُقَهَاء بِإِبَاحَة دَمه فنفِّذ من بَغْدَاد من ضرب عُنُقه الرَّقة وَحمل رَأسه إِلَى بَغْدَاد فِي خلَافَة الراضي ووزارة أبي عليّ ابْن مقلة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَمن الْغَرِيب أَنه لما قطعت يَد ابْن مقلة جعلت فِي سفطٍ فِيهِ رَأس الْوَزير الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وأودع الخزانة ثمَّ إِن ابْنه الْقَاسِم بن الْحُسَيْن طلب الرَّأْس فَدفع إِلَيْهِ السَّفط بِمَا فِيهِ
فسَّير الْيَد إِلَى الدِّينارية زَوْجَة ابْن مقلة وَدفن هورأس ابيه فِي مقاير قُرَيْش فسبحان الله الْعَظِيم يَد كتبت بِقطع رَأس فِي الرقة وَهِي فِي بَغْدَاد قطعت وَجمع بَينهمَا فِيمَا بعد فِي سفطٍ وَاحِد)
3 - (الكوكبيّ الأخباريّ)
الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن جَعْفَر أَبُو عليّ الكوكبيّ الْكَاتِب الأخباريّ الأديب قَالَ الْخَطِيب مَا علمت من حَاله إِلَّا خيرا توفّي سنة سبعٍ وَعشْرين وَثَلَاث مائَة سمع أَبَا بكر بن أبي الدُّنْيَا وَأحمد بن أبي خَيْثَمَة وَأَبا العيناء وروى عَنهُ الْمعَافى الجريريّ والدارقطنيّ وَإِسْمَاعِيل بن سُوَيْد(13/19)
3 - (ابْن شقشق)
الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن الْحُسَيْن بن عليّ أَبُو عبد الله ابْن أبي حربٍ الأديب الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن شقشق وَكَانَت لِابْنِ شقشق شقشقةٌ فِي الشّعْر هادرة مدح برهَان الدّين الْوَاعِظ الغزنويّ بِبَغْدَاد بقصيدةٍ أَولهَا من السَّرِيع
(إِن جرت بالرمل وكثبانه ... فاقرأ تحياتي على بانه)
(وَسَائِل الرَّبع الَّذِي قد عَفا ... مَا صنع الْبَين بسكّانه)
(فالرَّبع مفجوعٌ بقطَّانه ... وَالْقلب موجوعٌ باشجانه)
(وَإِن كتمت الحبَّ يَوْم النَّوى ... أظهره دمعي بتهتانه)
(لَا تطلبا منِّي سلوَّاً فقد ... ضَاعَ عَلَيْهِ نهج سلوانه)
(فِي حبِّ عذب الْوَصْل مرِّ الجفا ... أغيد ساجي الطَّرف وسنانه)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (ابْن الزَّبيديّ الحنبليّ)
الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُسلم الشَّيْخ سراج الدّين أَبُو عبد الله ابْن أبي بكر الرَّبعيّ الزَّبيديّ الأَصْل البغداديّ الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ البابصريّ الفرسيّ نِسْبَة إِلَى ربيعَة الْفرس
ولد سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَسمع من أبي الْوَقْت السجري وَغَيره وَكَانَ فَقِيها فَاضلا متديناً متواضعاً درَّس بمدرسة الْوَزير عون الدّين وَفَرح بِهِ الْملك الْأَشْرَف لمَّا قدم وَأَخذه إِلَى القعة ولازمه وَسمع مِنْهُ الصَّحِيح فِي أيامٍ يسيرةٍ
ثمَّ نزل إِلَى دَار الحَدِيث الأشرفية وَفد فتحت من نَحْو شهر فحشد النَّاس لَهُ وتزاحموا عَلَيْهِ وفرغوا عَلَيْهِ الصَّحِيح فِي شوَّال ثمَّ حدَّث بِالْكتاب وبمسند الشافعيّ بِالْجَبَلِ واشتهر اسْمه وَبعد صيته ثمَّ سَافر إِلَى بَلَده فَدخل ممرَّضاً وَتُوفِّي ثَالِث عشْرين صفر فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور)
وَقد حدَّث من بَيته جمَاعَة
3 - (الْحُسَيْن بن مُحَمَّد)
3 - (الْحَافِظ أَبُو عليٍّ ابْن ماسرجس)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن ماسرجس النَّيسابوري كثير السَّماع والرِّحلة إِلَى الشَّام ومصر وَالْعراق سمع أَبَاهُ(13/20)
وجدَّه وَغَيرهمَا روى عَنهُ الْحَاكِم والسلمي وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ سيفنَّة عصره فِي كَثْرَة الْكِتَابَة والسَّماع والرِّحلة وَأثبت أَصْحَابنَا فِي السماع وَالْأَدَاء وصنَّف الْمسند الْكَبِير فِي الفٍ وَثَلَاث مائَة جُزْء مهذَّباً بالعلل قَالَ وَعِنْدِي أنَّه لم يصنَّف فِي الْإِسْلَام مسندٌ أكبر مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وصنَّف الْأَبْوَاب والشيوخ والتواريخ وَجمع حَدِيث الزهريّ جمعا لم يسْبقهُ إِلَيْهِ أحد وَكَانَ يحفظه مثل المَاء وصنَّف على البخاريّ كتابا وعَلى مسلمٍ كتابا وأدركته الْمنية فَتوفي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة ومولده سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابوعليّ الجيَّانيّ المحدِّث)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد الغساني الجيَّاني الأندلسي المحدَّث كَانَ إِمَامًا فِي الحَدِيث وَالْأَدب وَله كتاب مُفِيد سمَّاه تَقْيِيد الْمهل وتمييز الْمُشكل ضبط فِيهِ كلَّ لفظٍ يَقع فِي اللَّبس من رجال الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ فيجزئين وَكَانَ حسن الخطِّ جيِّد الضَّبط وَله معرفَة بالغريب وَالشعر والنَّسب وَكَانَ يجلس فِي جَامع قرطبة وَيسمع مِنْهُ أعيانها ورحل النَّاس إِلَيْهِ وعوَّلوا عَلَيْهِ ولد سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أبوعبد الله الونِّي الفرضي)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الونِّي بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد النُّون الفرضي الحاسب كَانَ إِمَامًا فِي الْفَرَائِض وَله فِيهَا تصانيف كَثِيرَة مليحة جوَّد فِيهَا وَسمع الحَدِيث من أَصْحَاب أبي عليّ الصَّفَّار وَغَيرهم وَسمع مِنْهُ أَبُو حَكِيم عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخبريّ صَاحب التَّلْخِيص فِي الْحساب والخطيب التبريزيّ وَغَيرهمَا وَهُوَ شيخ الخبريِّ فِي الْحساب والفرائض وانتفع بِهِ خلق كثر
وَتُوفِّي شَهِيدا بِبَغْدَاد فِي فتْنَة البساسيري سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبع مائَة وونُّ قَرْيَة من عمل قهستان(13/21)
3 - (البارع الدبَّاس)
)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن الْقَاسِم البكريّ الدبَّباس الْمَعْرُوف بالبارع الشَّاعِر النديم الْبَغْدَادِيّ كَانَ نحوياً لغوياً مقرئاً حسن الْمعرفَة بصنوف الْآدَاب أَقرَأ الْقُرْآن خلقا وَهُوَ من بَيت الوزارة لأنَّ جدَّه الْقَاسِم كَانَ وَزِير المعتضد والمكتفي بعده وَهُوَ الَّذِي سمَّ ابْن الرُّومِي كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ بَين البارع وَبَين ابْن الهبارية مداعبات لَطِيفَة فاتفق أنَّ البارع تعلق بِخِدْمَة بعض الْأُمَرَاء وحجَّ فَلَمَّا عَاد حضر غليه ابْن الهبارية مرَارًا فَلم يجده فَكتب إِلَيْهِ قصيدةً طَوِيلَة داليَّةً يعاتبه فِيهَا وَيُشِير إِلَى أَن تغيَّر عَلَيْهِ بِسَبَب الْخدمَة وأولها من الْخَفِيف
(يَا ابْن ودِّي وَأَيْنَ منِّي ابْن ودي ... غيَّرت طرقه الرياسة بعدِي)
(صدَّ عني وَلَيْسَ أوَّل خلٍّ ... رَاع ودِّي مِنْهُ بهجرٍ وصدِّ)
شغتله عني الرياسة فاستعلى فخليته وَذَلِكَ جهدي افلما حججْت لَا قبل الله تَعَالَى مسعاك أنْكرت عهدي أَي حَرْب بيني وَبَيْنك هَل أَنْت سوى شَاعِر وَإِنِّي مكدّي
(وَحرم الزَّمَان فَهِيَ يمينٌ ... برَّةٌ إنَّني سأفتح جندي)
وأجاريك بالتبظرم لَو شِئْت بأصلي الزاكي وفضلي ومجدي
(لَو تبظرمت جَازَ ذَاك وَلَكِن ... شَرط ظرفيأن لَا تجَاوز حدِّي)
قد ترددت للزيارة شَهْرَيْن وَبَاب الكشخان قفرٌ بردِّي فشتمت الرئيس لَا التيس إِذْ يحجب مثلي وَلَا يرى حقَّ قصدي
(ووحقِّ الْهوى لَئِن لم تجبني ... باعتذارٍ يزِيل ضغني وحقدي)
(لأميلنَّ عَن هَوَاك مَالِي ... فِيهِ حظٌ لَوْلَا جنوني وردِّي)
(كَانَ عزمي فِي أَن أعاتب صفعاً ... فاستحال العتاب شتماً لبعدي)
وَمَتى مَا قدمت وفيتك الصفع بشوقٍ فإنَّ وعدي نقدي فَكتب البارع الْجَواب بقصيدة طَوِيلَة أَولهَا من الْخَفِيف وصلت رقْعَة الشريف أبي يعلى فحلَّت محلَّ لقيَاهُ عِنْدِي
(فتلقَّيتها بأهلاً وسهلاً ... ثمَّ ألصقتها بطرفي وخدِّي)(13/22)
وفضضت الختام عَنْهَا فَمَا ظَنك بالصَّاب إِذْ يشاب يشْهد)
(بَين حلوٍ من العتاب ومرٍّ ... هُوَ أولى بِهِ وهزلٍ وجدِّ)
(وتجنٍّ عليَّ من غير جرمٍ ... بملامٍ يكَاد يحرق جلدي)
يَدعِي أنني حجبت وَقد زار مرَارًا حاشاه من قبح ردِّ
(ثمَّ دع ذَا مَا للرياسة الحجِّ ... أبن لي من حلِّ أنفٍ وَعقد)
(فبماذا علمت بِاللَّه أَنِّي ... قد تنكَّرت أَو تغيَّر عهدي)
(من تراني عاملٌ أم وزيرٌ ... لأميرٍ أَو عارضٌ للجند)
أَنا إِلَّا ذَاك الخليع الَّذِي تعرف أرْضى وَلَو بجرَّة دردي وَإِذا صحَّ لي مليح فَذَاك الْيَوْم عيدي وَصَاحب الدًّست عَبدِي أَترَانِي لَو كنت فِي النَّار مَعَ هامان أنساك أَو جنان الْخلد أَو لواني عصبت بالتاج أسلوك وَلَو كنت عانياً فِي القدِّ أَنا أَضْعَاف مَا عهِدت على الْعَهْد وَإِن كنت لَا تجازي بودّي مِنْهَا أم لِأَنِّي قنعت من سَائِر النَّاس بزوجٍ من الْكَلَام وفرد صان وَجْهي عَن اللثام وأولاني جميلاً مِنْهُ إِلَى غير حدِّ فتعفَّفت واقتنعت بتدفيع زماني وَقلت إنِّي وحدي لَا لِأَنِّي أنفت مَعَ ذَا من الكدية أَيْن الْكِرَام حَتَّى أكدِّي وَمن شعر البارع أَيْضا من السَّرِيع
(أفنيت مَاء الْوَجْه من طول مَا ... أسأَل من لَا مَاء فِي وَجهه)
(أنهِي إِلَيْهِ شرح حَالي الَّذِي ... يَا لَيْتَني متُّ وَلم أنهه)
(فَلم ينلني كرماً ورفده ... وَلم أكد أسلم من جبهه)
(وَالْمَوْت من دهرٍ نحاريره ... ممتدَّة الْأَيْدِي إِلَى بلهه)
وللبارع ديوَان شعر وَله كتاب الشَّمْس المنيرة فِي الْقرَاءَات السَّبع الشهيرة وَأخذ الْقرَاءَات عَن الْأَشْيَاخ الْكِبَار وروى عَنهُ ابْن عَسَاكِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس مائَة القَاضِي حُسَيْن)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد القَاضِي أَبُو عليٍّ المروزيّ وَيُقَال(13/23)
لَهُ المروالرُّوذي الشافعيّ فَقِيه خُرَاسَان فِي عصره كَانَ أحد أَصْحَاب الْوُجُوه تفقَّه على أبي بكر القفَّال وَله التَّعليق الْكَبِير والفتاوى وَعَلِيهِ تفقَّه صَاحب التَّتِمَّة وَصَاحب التَّهْذِيب محيي السُّنَّة وَكَانَ يُقَال لَهُ حبر الْأمة وَمِمَّا نقل فِي تَعْلِيقه أنَّ البيهقيّ نقل قولا للشافعيّ أنَّ الموذِّن إِذا ترك الترجيع فِي الْأَذَان لَا يصحّ أَذَانه ووجوهه غَرِيبَة فِي الْمَذْهَب وكل مَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي نِهَايَة الْمطلب وَالْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط والوسيط وَقَالَ القَاضِي فَهُوَ المُرَاد بالذِّكر لَا سواهُ وصنَّف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَالْخلاف وَلم يزل يحكم بَين النَّاس ويدرِّس ويفتي وتوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو ثَابت ابْن زِينَة الحنفيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن زِينَة أَبُو ثَابت بن أبي غَانِم الْأَصْبَهَانِيّ وَهُوَ من بَين فضل وَعلم وعدالة وَرِوَايَة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَيعرف الْأَدَب معرفَة حَسَنَة أَمَام بِبَغْدَاد مُدَّة يقرىء الْأَدَب وَسمع الحَدِيث من الْأَمِير الْعَبَّادِيّ وَغَيره وَكتب عَنهُ أَبُو مُوسَى الْحَافِظ الْأَصْبَهَانِيّ توفّي سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَمن شعره من الوافر
(بودِّي أَن ألاقيه وجاها ... وأذكر مَا أقاسيه شفاها)
(وأنَّ مدامعي مذ صدَّعنِّي ... ترقرق دَائِما وَالْعقل تاها)
(رجائي أَن يكون لنا وصالٌ ... فإنَّ الصَّبر منِّي قد تناهى)
3 - (الدّلفيّ المقدسيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم أَبُو عليّ الدّلفيّ المقدسيّ قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي عَليّ أبي نصر بن الصَّبَّاغ بِبَغْدَاد وَسمع من الْحسن بن عليّ الْجَوْهَرِي وَكَانَ سمع بعسقلان مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عليّ الميماسي وبمكة حسن بن عبد الرَّحْمَن الشافعيّ وحدَّث باليسير وَكَانَ فَقِيها فَاضلا ورعاً زاهداً عابداً حسن الطَّرِيقَة على سمت السَّلف توفّي سنة أربعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (الْوَزير الرَّيب)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الرُّوذاراوري أَبُو مَنْصُور ابْن أبي شُجَاع الْوَزير ابْن الْوَزير كَانَ يلقَّب بالرَّبيب وَولي الرَّبيب الوزارة للمستظهر بِاللَّه بعد وَفَاة(13/24)
الْوَزير أبي الْقَاسِم)
ابْن جهير سنة ثمانٍ وَخمْس مائَة فَأَقَامَ وزيراً إِلَى أَن نفذ رَسُولا إِلَى السُّلْطَان أبي شُجَاع مُحَمَّد بن ملكشاه إِلَى أَصْبَهَان فخاطبه السُّلْطَان فِي أَن يَلِي لَهُ الوزارة فَأجَاب إِلَى ذَلِك سنة إِحْدَى عشرَة وَأقَام بأصبهان وَلم يعد إِلَى بَغْدَاد وَسَأَلَ المستظهر أَن يكون وَلَده أَبُو شُجَاع مُحَمَّد نَائِبا عَنهُ فِي ديوَان الْمجْلس فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك ثمَّ سَأَلَ السُّلْطَان أَن يسْأَل لَهُ المستظهر أَن يستوزر وَلَده أَبَا شجاعٍ مُحَمَّدًا وينفرد وَالِده بوزارة السُّلطان فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك واستوزر وَلَده وَهُوَ حينئذٍ صبي دون الْعشْرين سنة وَمَات السُّلْطَان بأصبهان وَقَامَ وَلَده مَحْمُود مقَامه
والربيب على وزارته فَلَمَّا توفّي المستظهر بَقِي أَبُو شجاعٍ على حَاله وزيراً إِلَى أَن توفّي وَالِده الربيب بأصبهان فعزل وَلَده عَن الوزارة بِبَغْدَاد وَتُوفِّي الربيب سنة ثَلَاث عشرَة وَخمْس مائَة بهمذان وَله من الْعُمر سبعا وَأَرْبَعين سنة وَثَلَاثَة أشهر وَحمل تابوته إِلَى بَغْدَاد وَدفن بِبَاب الطَّاق وَكتب المستظهر إِلَى الربيب لما استوزره السُّلْطَان بأصبهان من الْبَسِيط
(تبدَّلوا وتبدّلنا وأخسرنا ... من ابْتغى بَدَلا منَّا فَلم يجد)
3 - (السّمسار الحنفيّ مُفِيد بَغْدَاد)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خسرو البلخيّ أَبُو عبد الله السّمسار الحنفيّ مُفِيد أهل بَغْدَاد فِي وقته
سمع الْكثير من مَالك بن أَحْمد بن عليّ البانياسيّ وَمُحَمّد بن عليّ بن أبي عُثْمَان الدقاق وَعلي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب الْأَنْبَارِي وَعبد السّلام بن مُحَمَّد القزوينيّ وعليّ بن الْحُسَيْن بن قريشٍ وَعلي بن أَحْمد بن حميدٍ البزَّاز وَنصر بَين أَحْمد بن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَأحمد بن عُثْمَان بن نَفِيس الواسطيّ وَعبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن فهدٍ العلاَّف وَعبد الْوَاحِد بن علوان بن عقيل الشّيبانيّ وَفَارِس بن الْحُسَيْن الذّهليّ والنقيب طراد بن مُحَمَّد بن عليّ الزّينبيّ وخلقاً كثيرا وَأكْثر عَن أَصْحَاب أبي عليّ بن شَاذان وَأبين الْقَاسِم بن بَشرَان وَأبي طَالب بن غيلَان وَأبي الْقَاسِم التنوخي وَأبي محمدٍ الجوهريّ وأمثالهم
وَبَالغ فِي الطّلب حَتَّى سمع من طبقته دون هَؤُلَاءِ من أَصْحَاب أبي الْحُسَيْن بن الْمُهْتَدي وَابْن النَّقور وَابْن الصريفيني وَابْن البشريّ حَتَّى كتب عَنهُ جمَاعَة من أقرانه وَكتب بخطّه الْكثير وَقَرَأَ الْكثير لنَفسِهِ وَلغيره وَكَانَ يُفِيد الغرباء والطلاب والأحداث وانتفع بِهِ جمَاعَة
وَجمع مُسْندًا لأبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وخرَّج تخاريج وَلم يحدِّث إِلَّا باليسير قَالَ ابْن السَّمعانيّ سَأَلت أَبَا الْفَصْل بَين ناصرٍ عَن أبي عبد الله البلخيّ فَقَالَ كَانَ فِيهِ لين يذهب إِلَى)
الاعتزال وَكَانَ حَاطِب ليل يسمع من كلِّ أحدٍ توفّي سنة ستٍّ وَعشْرين وَخمْس مائَة(13/25)
3 - (الحجَّاجيّ الشَّاعفيّ الطَّبريّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله الحجَّاجيّ البزَّازيّ أَبُو عبد الله بن أبي بكر الْفَقِيه الشّافعيّ من أهل طبرستان قدم بَغْدَاد فِي صباه وَأقَام بهَا وَقَرَأَ الْفِقْه على القَاضِي أبي الطيّب الطَّبَرِيّ
ولازم بعده أَبَا إِسْحَق الشّيرازيَّ حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف وَصَارَ من جلَّة أَصْحَابه وتعيَّن بعده للتدريس وتولَّى تدريس النّظامية بعد الشريف أبي الْقَاسِم الدبوسي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة إِلَى أَن قدم أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ فأشركوا بَينه وَبَين الطَّبَرِيّ يَوْمًا وَيَوْما ثمَّ صرفا بِأبي حَامِد الْغَزالِيّ فَلَمَّا توجه إِلَى الْقُدس أُعِيد الطَّبَرِيّ ثَانِيًا وَخرج من بَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين إِلَى أَصْبَهَان بعد قتل تَاج الْملك أبي الْغَنَائِم الْوَزير مطالباً بودائع كَانَت لَهُ هُنَاكَ عِنْده وَبَقِي هُنَاكَ إِلَى أَن توفيّ سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ قد سمع من الْخَطِيب أبي بكر وَغَيره
3 - (ابْن السِّيبي)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب بن هبة الله بن السِّيبيّ ابو المظفَّر البغداديّ من أهل الْبيُوت الْكَبِيرَة وَهُوَ أَخُو الْحسن بن مُحَمَّد وَكَانَ الْأَصْغَر ولي النّظر فِي أَعمال قوسان فنقم عَلَيْهِ وَقطعت يَده وَرجله وَمَات سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ شَابًّا ظريفاً متودِّداً لطيفاً ذَا كياسةٍ ورياسةٍ ونفاسةٍ حُلْو الشَّمَائِل حسن الْبَهْجَة لسن اللَّهجة بَاء ابْن البلديِّ فِي وزارته بوزر دمع وتوصَّل فِي قطع يَده وَقدمه فَلم يمض شَهْرَان حَتَّى انْقَضتْ أَيَّام المستنجد وفتك بالوزير المتبلّد وَلم ينم ثاره حَتَّى ظَهرت فِي تَبْدِيل الدّولة آثاره وَمن شهره من مخلّع الْبَسِيط
(يَا ناجياً من عَذَاب قلبِي ... وسالماً من رسيس وجدي)
(لَا تتقرَّب إِلَى ثِيَابِي ... فإنَّ دَاء الغرام يعدي)
(تزْعم أنَّ الْفُؤَاد عِنْدِي ... لَو كنت عِنْدِي لَكَانَ عِنْدِي)
(قد غيَّر الدَّهر كلَّ شيءٍ ... غير جفاكم وَحسن عهدي)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أعيذكم من لوعتي وشجوني ... ونار جوىً بَين الضُّلوع دَفِين)
)
(وبرح أسىً لم يبْق فيَّ بقيَّةً ... سوى حركاتٍ تَارَة وَسُكُون)
(أرى الْقلب أضحى بعد طارقة الأسى ... أَسِير صباباتٍ رهين شجون)
(وَكنت أظنُّ الدَّمع ينقع غلَّتي ... فَزَاد نزاعي نحوكم وحنيني)
(وَكَيف سَبِيل الْقرب مِنْكُم ودونكم ... رمال زرودٍ والأجارع دوني)
(سلو مضجعي هَل قرَّ من بعد بعدكم ... وَهل عرفت طعم الرقاد جفوني)(13/26)
(سهرنا بنعمان ونمتم ببابلٍ ... فيا لعيونٍ مَا وفت لعيون)
قلت شعر جيد منسجم
3 - (نور الْهدى الزَّينبيّ النَّقيب)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الوهّاب أَو طالبن الزَّينبي الملقَّب نور الْهدى أَخُو أبي نصر مُحَمَّد وَأبي الفوارس طراد وَكَانَ الْأَصْغَر قَرَأَ الْقُرْآن على عليِّ بن عمر ابْن القزوينيّ الزّاهد فَعَادَت عَلَيْهِ بركته وَقَرَأَ الْفِقْه على قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد بن عليّ الدامغانيِّ حَتَّى برع وَأفْتى ودرِّس بالشَّرفيّة الَّتِي أَنْشَأَهَا شرف الْملك بِبَاب الطّاق وَكَانَ مدرِّسها وناظرها وترسَّل إِلَى مُلُوك الْأَطْرَاف وأمراء الْبِلَاد من قبل الْخَلِيفَة وَولي نقابة العباسيين والطالبيين مَعًا سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبع مائَة مُدَّة ثمَّ استعفى وَكَانَ شرِيف النَّفس قويَّ الدِّين وافر الْعلم شيخ أَصْحَاب الرَّأْي فِي وقته وزاهدهم وفقيه بن الْعَبَّاس وراهبهم وَله الوجاهة الْكَبِيرَة عِنْد الْخُلَفَاء وانتهت إِلَيْهِ رياسة أَصْحَاب الرَّأْي ببغدادٍ وَسمع من عبيد الله بن أَحْمد بن عُثْمَان الصَّيْرَفِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غيلَان وَالْحسن بن عِيسَى بن المقتدر وجماعةٍ وجاور بمكَّة نَاظرا فِي مصَالح الْحرم وَسمع البُخَارِيّ من كَرِيمَة بنت أَحْمد المروزيَّة وَانْفَرَدَ بروايته عَنْهَا بِبَغْدَاد وروى عَنهُ جمَاعَة من الأكابر والحفَّاظ وَآخر من حدَّث عَنهُ أَبُو الْفرج بن كليبٍ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة وَقد مدحه أَبُو إِسْحَق الغزِّي بقصيدةٍ أوَّلها من الطَّوِيل
(جفونٌ يصحُّ السُّقم فِيهَا فتسقم ... ولحظٌ بناجيه الضَّمِير فيفهم)
(مَعَاني جمالٍ فِي عِبَارَات خلقه ... لَهَا ترجمانٌ صامتٌ يتكلَّم)
(محا الله نونات الحواجب لم تزل ... قسيّاً لَهَا دعجٌ النَّواظر أسْهم)
(وأطفأ نيران الخدود فَقل لمن ... رأى قبلهَا نَارا يقبِّلها الْفَم)
)
مِنْهَا فِي المديح
(بِنور الْهدى قد صحَّ معنى خطابه ... وكلُّ بعيدٍ من سنا النُّور مظلم)
(رَقِيق الْمعَانِي جلَّ إيجاز لَفظه ... عَن الْوَصْف حَتَّى عَنهُ سحبان يفحم)
(يجود ويخشى أَن يلام كأنَّه ... إِذا جاد من خوف الْمَلَامَة مجرم)
(وَمَا حرَّم الدُّنيا ولكنَّ قدره ... من الْملك فِي الدُّنْيَا أجلُّ وَأعظم)
3 - (ابْن سكَّرة الصَّدفيّ المغربيّ أَبُو عليّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن فيّرة بن حيُّون أَبُو(13/27)
عليّ الصَّدفيّ الْمَعْرُوف بِابْن سكّرة من أهل سرقسطة قَرَأَ بهَا الْقُرْآن على الْحسن بن مُحَمَّد بن مبشِّر الْمَعْرُوف بِابْن الإِمَام صَاحب أبي عمر والدانيّ وَسمع من عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن مُحَمَّد بن فورتش وَأبي الْوَلِيد الباجيّ وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن الصَّرَّاف إِمَام الْجَامِع بهَا وجال فِي الأندلس وَسمع ببلنسية وبالمريَّة وبالمهديَّة وَدخل مصر والإسكندرية وَسمع بهما وبتنِّيس وحجَّ وَسمع بِمَكَّة وبالبصرة وبواسط وَدخل بَغْدَاد وَأقَام بهَا خمس سِنِين وعلق عَن أبي بكر الشاشيّ الشافعيّ تعليقته الْكُبْرَى فِي الْخلاف وتفقَّه عَلَيْهِ وَسمع الْكثير من خلقٍ كثيرٍ بِبَغْدَاد وحصَّل الْكتب والفوائد وَدخل الشَّام وَسمع بهَا وَعَاد إِلَى الْمغرب فَأَقَامَ بهَا وَأخذ النَّاس عَنهُ علما كثيرا
وحدَّث بِبَغْدَاد بحديثٍ وَاحِد وَبعد صيته بالغرب ثمَّ إنَّ أهل مرسية وشرق الأندلس طلبُوا من أَمِير الْمُسلمين أبي الْحسن عليّ بن يُوسُف بن تاشفين أَن يقلَّده قضاءهم فقلَّده فَامْتنعَ وفرَّ بِنَفسِهِ إِلَى المريَّة فتردَّدت كتب ابْن تاشفين وألزم إشخاصه إِلَى مرسية وشدِّد عَلَيْهِ فتقلَّد ذَلِك مكْرها وَلم يزل مَحْمُود السّيرة إِلَى أَن عزل نَفسه واختفى فَكتب ابْن تاشفين بردِّه إِلَى الْقَضَاء ثمَّ شفع فِيهِ قَاضِي الْجَمَاعَة فَأَجَابَهُ إِلَى الإعفاء وَلما وجَّه ابْن تاشفين الجيوش إِلَى الثَّغر مَعَ أَخِيه الْأَمِير إِبْرَاهِيم سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة خرج فِيمَن خرج مَعَ المطوَّعة
فَلَمَّا جرت الْهَزِيمَة على الْمُسلمين بقتندة كَانَ فِي من ختم لَهُ بالشَّهادة سنة أَربع عشرَة وَخمْس مائَة قَالَ القَاضِي عِيَاض وَلَقَد حَدثنِي الْفَقِيه أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن جعفرٍ أَنه قَالَ لَهُ خُذ الصَّحيح فاذكر أيَّ متنٍ شِئْت مِنْهُ أذكر لَك سَنَده أَو أيَّ سندٍ شِئْت أذكر لَك مَتنه
3 - (ابْن الفقاعيّ الحنبليّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُوسَى أَبُو عبد الله الْفَقِيه الحنبليّ الْمَعْرُوف بَان الفقاعيّ تفقَّه على أبي)
عبد الله حامدٍ وزوَّجته بابنته وَكَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء صَاحب فَتْوَى وَنظر وَكَانَت لَهُ حلقةٌ بِجَامِع الْمَدِينَة وَله تصانيف فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وروى عَنهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَأَبُو عليِّ ابْن البنَّاء فِي مشيخته وتوفيّ سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو عرُوبَة الحرَّانيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مودودٍ أَبُو عرُوبَة الْحَرَّانِي(13/28)
السُّلميّ الْحَافِظ أحد أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن كَانَ ثِقَة نبيلاً رَحل النَّاس إِلَيْهِ إِلَى حرّان قَالَ ابْن عديّ كَانَ عَارِفًا بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَال وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الرّاغب)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الرَّاغِب الأصبهانيّ أحد أَعْلَام الْعلم ومشاهير الْفضل مُتَحَقق بِغَيْر فنٍّ من الْعلم وَله تصانيف تدل على تَحْقِيقه وسعة دائرته فِي الْعُلُوم وتمكُّنه مِنْهَا
3 - (عز الدّين ابْن النيَّار)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن علوان الْمولى الْكَبِير عز الدّين أَخُو شيخ الشُّيُوخ صدر الدّين بن النيَّار بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف رَاء كَانَ وَكيل أَوْلَاد المستعصم وَكَانَ يدْرِي الْجَبْر والمقابلة وَلما شَاهد الْقَتْل فدى نَفسه بِعشْرَة آلَاف دِينَار فَأطلق وَتُوفِّي بعد شهرٍ سنة ستٍ وَخمسين وست مائَة وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه صدر الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ
3 - (أَبُو سعيدٍ الزَّعفرانيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو سعيدٍ الإصبهانيّ الزَّعفرانيّ كَانَ فِي مَا ذكر أَبُو نعيم بنْدَار الْبَلَد فِي كَثْرَة الْأُصُول والْحَدِيث صَاحب معرفةٍ وإتقانٍ صنَّف الْمسند والشيوخ وَله من المصنفات شَيْء كثير وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائةٍ وَسمع أَبَا الْقَاسِم البغويّ وَيحيى بن صاعد وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن زيد وروى عَنهُ أَبُو بكر بن أبي عليٍّ وَأَبُو نعيم وَأهل أَصْبَهَان
3 - (الْأنْصَارِيّ الْخَطِيب الطُّرطوشيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن عريب الإِمَام أَبُو عليِّ الْأنْصَارِيّ الطرطوشيّ المقرىء أَخذ الْقرَاءَات بطرطوشة عَن أبي مُحَمَّد بن مُؤمن وبسرقسطة عَن ابْن الورَّاق)
وتفقَّه بقاضي طرطوشة أبي الْعَبَّاس بن مسْعدَة وَغير وَاحِد وَسمع أدب الْكَاتِب بِبَلَدِهِ من أبي الْعَرَب الصِّقلِّي الشَّاعِر قِرَاءَة عَلَيْهِ وَرَوَاهُ بعلوً عَن أبي عمر بن عبد(13/29)
الْبر وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مُحَمَّد بن عتاب وَغير واحدٍ وتصدَّر للإقراء بِبَلَدِهِ والخطابة وأقرأ بِجَامِع المريَّة فَلَمَّا دَخلهَا الفرنج استوطن مرسيةً وقدِّم للخطابة وأقرأ بهَا وَأخذ عَنهُ النَّاس وَكَانَت لَهُ حَلقَة عَظِيمَة
وَكَانَ مَعَ فضائله متواضعاً ليِّن الْجَانِب وَكَانَ صَالحا أَخذ عَنهُ أَبُو الْخطاب بن واجبٍ وَأَبُو مُحَمَّد بن غلبون وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 - (المرورُّوذيَ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن بهْرَام المرو الرُّوذي المؤدِّب نزيل بَغْدَاد توفّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وَالْعِشْرين وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْحَافِظ القبانيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زِيَاد أَبُو عليٍّ النَّيسابوريّ القبَّانيّ بالقاب وَالْبَاء الموحَّدة مشدَّدة وَبعد الْألف نون الْحَافِظ أحد أَرْكَان الحَدِيث بنيسابور سمع الْكثير وَرُوِيَ عَنهُ الْكثير وصنَّف الْمسند والأبواب والتاريخ والكنى توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْحَافِظ السِّنجيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُصعب بن زُرَيْق الْحَافِظ أَبُو عَليّ السِّنجيّ المروزيّ كَانَ يُقَال مَا فِي خراسنان أَكثر حَدِيثا مِنْهُ توفّي سنة خمس عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن أبي زرْعَة قَاضِي دمشق)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عُثْمَان أَبُو عبد الله ابْن القَاضِي(13/30)
أبي زرْعَة قَاضِي دمشق وَابْن قاضيها
ثمَّ ولي قَضَاء مصر سنة أَربع وَعشْرين وَتُوفِّي يَوْم عيد الْأَضْحَى سنة سبعٍ وَعشْرين وثلاثمائةٍ بِمصْر
3 - (الخالع)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن جعفرٍ أَبُو عبد الله البغداديّ الشَّاعِر يعرف بالخالع حدَّث عَن أَحْمد بن خُزَيْمَة وَغَيره وروى عَنهُ الْخَطِيب وَغَيره وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة من شعره
3 - (ابْن طَبَاطَبَا النسَّابة)
)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم أَبُو عبد الله ابْن طَبَاطَبَا الْعلوِي النَّسَّابة قَالَ الْخَطِيب كَانَ متميزاً بِعلم النَّسب وَمَعْرِفَة الْأَيَّام وتاريخ النَّاس وَله حَظّ من الْأَدَب والشِّعر وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (الْخَطِيب الدِّمشقي)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن طلاَّبٍ أَبُو نصرٍ الدِّمشقي الْخَطِيب روى عَن ابْن جَمِيع مُعْجَمه وَكَانَ يخْطب للمصريين ثمَّ تخلَّى عَن ذَلِك توفّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (السِّنديّ المدنيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أبي معشرٍ السنديّ المدنيّ الأَصْل البغداديّ حدَّث عَن وَكِيع وَلم يكن بالثقة فَتَركه النَّاس توفّي سنة خمسٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الوركانيّ)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحسن ظهير الدّين أَبُو المحاسن الْأَصْبَهَانِيّ(13/31)
الْوَركَانِي تقدم ذكر وَالِده فِي المحمدين وَذكر أَخِيه مفتي الْفَرِيقَيْنِ الْحسن بن مُحَمَّد فِي مكانيهما وَمَات ظهير قبل أَخِيه بستِّ سِنِين أَو سبعٍ ووفاة أَخِيه المذكورسنة تسعٍ وَخمسين وَخمْس مائَة والظهير هَذَا كَانَ أَصْغَر من مفتي الْفَرِيقَيْنِ الْحسن وَكَانَ فَاضلا عَالما شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَمن شعره مسمَّطه
(أَهلا بطيفٍ طَارق فِي جنح ليلٍ غَاسِق ... مرقد صبٍّ عاشق مهاجرٍ مفارق)
قد شفَّه طول السَّقم
(يطوى على الأيانق صحايف السّمالق ... فَردا بِلَا مرافق من خوف واشٍ لَاحق)
يطمس آثَار الْقدَم
(لكنَّه لّما مَشى نمَّ عَلَيْهِ ووشى ... فايح نشرٍ قد نشا من صُدْغه وريَّشا)
لكنَّ ريَّاه ينمّ
(أرَّج مسراه الثرى لما تبدَّى وسرى ... وجرَّ ذيلاً فَجرى كأنَّ فِيهِ عنبرا)
ينشره من الأكم
3 - (الشريف زين الدّين الْحُسَيْنِي)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عدنان الشريف زين الدّين الحسينيّ الْكَاتِب الْمَشْهُور خدم بكراك الشوبك)
شَابًّا وَحضر إِلَى دمشق وتنقَّل فِي المباشرات ثمَّ انْتقل إِلَى نظر حلب ثمَّ إِلَى نقابة الْأَشْرَاف بِدِمَشْق والديوان إِلَى أَن استولى قازان على دمشق واستخرج مِنْهَا ذَلِك المَال الْعَظِيم وَكَانَ ظَاهره أَرْبَعَة آلَاف ألف دِرْهَم وتوزيعه مَا لَا يُحْصى فباشره زين الدّين ونوابه قَالَ ابْن الصقاعي وَلم يصل إِلَى قازان مِنْهُ عشره هَذَا غير مَا بذله النَّاس مداراةً وَمَا أَخذ من الحواصل وَلما عَادَتْ الدولة الإسلامية وشمس الدّين الأعسر المشدّ فِي شعْبَان سنة تسع وَتِسْعين وستِّ مائةٍ عُوقِبَ الشريف زين الدّين وَضرب هُوَ وَأَخُوهُ أَمِين الدّين بدار الْوَزير الْأَمِير شمس الدّين الأعسر وصودرا بأموالٍ كثيرةٍ وَأخذ إِلَى مصر ثمَّ إِن الْأَمِير جمال الدّين الأفرم أرسل فِي طلبه مرَارًا ليحاققه فَأرْسل إِلَيْهِ فولاَّه ديوانه وَنظر الْجَامِع ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى الدّيونه فَتوفي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثمانٍ وَسبع مائَة وَقد تقدم ذكر أَخِيه أَمِين الدّين جَعْفَر
وَهُوَ وَالِد السَّيِّد عَلَاء الدّين عَليّ نقيب الْأَشْرَاف بِدِمَشْق(13/32)
3 - (الشّريف شهَاب الدّين)
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زيد بن الْحُسَيْن بن مظفّر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله العوكلانيّ ابْن مُوسَى الكاظم بن الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق بن الإِمَام مُحَمَّد الباقر بن الإِمَام عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم القَاضِي السَّيِّد الإِمَام الْفَاضِل الْكَاتِب شهَاب الدّين أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي الْعَسْكَر بَاشر كِتَابَة الْإِنْشَاء بِبَاب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَله عشرُون حولا وخطب بالسلطان فِي جَامع القلعة خطْبَة وَاحِدَة وحجَّ إِلَى بَيت الله الْحَرَام وَتوجه مَعَ بشتاك إِلَى قطيا صُحْبَة الْعَسْكَر لما خرج للقبض على الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وتوحّه صُحْبَة القَاضِي عَلَاء الدّين بن فضل الله إِلَى الكرك لّما توجّه صُحْبَة الْملك النَّاصِر أَحْمد وَأقَام بهَا إِلَى أَن عَاد الْجَمَاعَة ثمَّ رسم لَهُ بالتوقيع فِي الدَّست وقدَّام النَّائِب ثمَّ رسم لَهُ بالتوقيع قدّام السُّلْطَان الْملك الْكَامِل شعْبَان بن النَّاصِر فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائةٍ عِنْد خُرُوج القَاضِي تَاج الدّين مُحَمَّد بن الزين خضر إِلَى كِتَابَة سرّ الشَّام اجْتمعت بِهِ غير مرةٍ وكاتبته وكاتبني وأنشدني كثيرا من نظمه ونثره ورأيته يكْتب وينشىء وينشد وَهَذَا غَرِيب وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة ثمانٍ وَتِسْعين وستّ مائةٍ بِالْقَاهِرَةِ فِي دَار جده شمس الدّين قَاضِي الْعَسْكَر فِي سويقة الصاحب قَالَ وتوجهت إِلَى مَكَّة صُحْبَة وَالِدي سنة)
إِحْدَى وَسبع مائةٍ واستجاز لي من جمَاعَة وَأَجَازَ لي الشَّيْخ تفيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد جَمِيع مَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَأَجَازَ لي الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي وَالشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن إِسْحَق بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد الأبرقوهي وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبع مائةٍ سَمِعت صَحِيح مُسلم وَفِي سنة أَربع عشرَة نظمت الشّعْر وَنَثَرت وأكملت التَّنْبِيه حفظا وبحثته وَفِي هَذِه السّنة اجْتمعت بقاضي الْقُضَاة بدر الدّين بن جمَاعَة وَأَجَازَ لي وَاجْتمعت بالشيخ عَلَاء الدّين القونوي وَحَضَرت دروسهما وفيهَا باشرت الْإِعَادَة بمدرستي الإِمَام السَّيِّد الْحُسَيْن ومدرسة الْأَمِير فَخر الدّين عُثْمَان عِنْد ابْن المرحَّل زين الدّين وأقضى الْقُضَاة نجم الدّين الْقَمُولِيّ وَفِي هَذِه السّنة خطبت بِجَامِع أبي الْجد القَاضِي محيي الدّين عبد الله بن عبد الظَّاهِر وَفِي أَوَائِل سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة كنت أنشأت خطباً وخطبت بِبَعْضِهَا وَفِي سنة ستّ عشرَة سَمِعت على الشيخة المعمَّرة زَيْنَب ابْنة أَحْمد الْمَقْدِسِي بِقِرَاءَة ابْن سيِّد النَّاس وَفِي سنة عشْرين تَوَجَّهت إِلَى مَكَّة لأَدَاء فَرِيضَة الحجّ وَاجْتمعت بقاضيها نجم الدّين وخطيبها بهاء الدّين الطبريَّين وَفِي سنة ثلاثٍ وَعشْرين توجَّهت إِلَى مَكَّة متطوَّعاً ونظمت بِمَنْزِلَة رابغ من مجزوء الْكَامِل
(لله لطفٌ سابغٌ ... شكرا فهذي رابغ)
(بلِّغتموا مَا ترتجون ... فَفِي المحامد بالغوا)
وأنشدني فِي لَفظه لنَفسِهِ قصيدتيه اللّتين مدح بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أوّلهما إِلَى آخرهما وَأول الأولى من الْبسط(13/33)
(بَانَتْ لعينيَّ أعلامٌ هِيَ السُّول ... ومعهدٌ برَسُول الله مأهول)
وَأول الثَّانِيَة وَهِي مائَة وَتسْعُونَ بَيْتا من الْبسط
(يَا حبَّذا طللٌ بالدّمع مطلول ... خلا وقلبي بِمن حلُّوه مأهول)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(هِيَ البانة الهيفاء تخطر أَو تخطو ... أَو الظّبية الوطفاء تنظر أَو تعطو)
(بل الشَّمْس والجوزا وشاحٌ وقلبها ... هلالٌ وَمن نجم الثُّريا لَهَا قرط)
(إِذا اهتزّ ذَاك القدُّ وارتجَّ ردفها ... فيا حبَّذا تِلْكَ الأراكة والسِّقط)
(من الغيد تَغْدُو بالقلوب أسيرةً ... وتحكم منّا فِي الْقُلُوب فتشتطُّ)
(إِذا ذلَّ مضناها تتيه تدلُّلاً ... وَإِن جدّ بالصَّبِّ الْهوى فلهَا بسط)
)
(وَفِي شرعها أنَّ الْوِصَال محرّمٌ ... وأنَّ الجفا والصَّدَّ فِي حبّها شَرط)
(سبتني غَدَاة الْبَين حِين ترحَّلت ... وأومت بتوديعي أناملها السُّبط)
(وأبدت دنوّاً والبعاد وَرَاءه ... وربَّ رضى قد طَال من بعده السُّخط)
(فَمَا روضةٌ صفَّت نمارق زهرها ... وَمن سندسيَّات الرّبيع لَهَا بسط)
(بأبهى واذكى من سناها وَعرفهَا ... وَمِمَّا حوت تِلْكَ المطارف والنُّمط)
(وَلما سرت ذَاك الخليط تبادرت ... مدامع طرفٍ بالدّماء لَهَا خلط)
(حكت أدمعي لون الجمان بجيدها ... وَلَكِن لذا نظمٌ وَهَذَا لَهُ فرط)
(بروحي الَّتِي فِي الْقرب شحَّت بنظرةٍ ... وَبَات ضجيعي طيفها والمدى شحط)
(رأى نَار أشواقي فَلم يخط موضعي ... وزار كلمحٍ والصَّباح لَهُ وَخط)
(وَلَو كنت أَدْرِي أَن يلمّ خيالها ... فرشت لَهُ خدِّي وَمن لي بِأَن يخطو)
(وَمَا بَرحت تشتطُّ والشَّمل جامعٌ ... فَلم سمحت بالوصل والحيُّ قد شطُّوا)
(خليليَّ قد نمَّت بوجدي عبرتي ... فَلَا تعذلاني واعذرا فالأسى فرط)
(فَإِن أخفه فالزَّند بوجدي عبرتي ... وَإِن أبده قهرا فقد يظْهر السّقط)
(فكم ذَا أَشْيَم الْبَرْق من أَيمن الغضا ... دجى أَو تبدّى لي ذوائبه الشُّمط)
(وحتّام أرعى أنجم اللِّيل ساهراً ... كأنَّ لعلياء الجفون بهَا ربط)
(تفرَّق مِنْهَا شملها وترجَّلت ... وبالغرب قد أضحى لأرجلها حطُّ)
(حكتني وأحبابي افتراقاً وألفةً ... فمني لَهَا رحمى ومني لَهَا غبط)
(كأنَّ بآفاق السَّمَاء قلائداً ... وَفِي كل قطرٍ من كواكبها سمط)
(كأنَّ صغَار الشُّهب بَين كِبَارهَا ... سطورٌ من البلَّور زينها النفط)(13/34)
(كأنّ مُرُور السُّحب فَوق نجومها ... رياض أقاحٍ مرَّ من فَوْقهَا مرط)
(كأنّ رَقِيق الْغَيْم يحجب نورها ... خمارٌ على حسناء يَبْدُو وينحطُّ)
(كأنّ كمون الْبَرْق ثمَّ ظُهُوره ... بنانٌ خضيبٌ شانه الْقَبْض والبسط)
(كأنّ الدجا والزهر فرع مكلل ... لَهُ الْفجْر فرقٌ والثريا لَهُ مشط)
(كأنّ نُجُوم الْأُفق وَالصُّبْح لائحٌ ... أزاهر فِي نهرٍ تلوح وتنعطُّ)
(كأنّ يَد الإمساء تنثر لؤلؤاً ... وَتَأْتِي يَد الإصباح من دأبها اللَّقط)
)
(كأنَّ انهمال الْغَيْث والبرق مضرمٌ ... أيادي عليٍّ حِين يسمح أَو يَسْطُو)
(غياث الورى المدعوّ إِن جلَّ حادثٌ ... وغيث الورى المرجوّ إِن شَمل الْقَحْط)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من مجزوء الرمل حكم الرازق بالرزق فَمَا هَذَا التهافت
(لم يقل من كدَّ وافه ... وَلمن عَنْك التهى فت)
وَكتب إِلَى العلاَّمة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود رَحمَه الله تَعَالَى من الْقَاهِرَة يقبّل الأَرْض لَا أبعد الله عَن الرُّوّاد ساحتها وَلَا أفقد الورّاد سماحتها وَلَا زَالَت محوطةً بعناية الله فِي ظعنها وإقامتها منوطةً بامتداد النِّعم وإدامتها مَرْفُوعَة إِلَى غايةٍ يقصر النَّجْم أَن يساميها وتضحي الشَّمْس دون وساميها وَلَا بَرحت رحال الرجاءتحطّ برحابها وجنائب الثَّنَاء تحثّ إِلَى جنابها ونتائج الْأَلْبَاب تهدي لبابها وَيُنْهِي شوقه الَّذِي تكَاد حَصَاة الْقلب مِنْهُ تذوب إِلَى لثم تِلْكَ الْيَد الَّتِي تعلم مِنْهَا الْغَيْث كَيفَ يصوب والأنعم الَّتِي وسمت بهَا مغناي وَهُوَ جديب والمكارم الَّتِي تجفّ ضروع المزن وَهِي حَلُوب حَيْثُ وضوح محجَّة الحجى واتساع أرجاء الرجا ومهب رخاء الرخا وانتظام سَحَاب السخاء إِذْ ظلال الْآدَاب وارفة وشمس الأفضال طالعة لَيست بكاسفة فرعى الله وحيَّ وَسَقَى وصان وَحمى وَوقى وَلَا عدمت أندية الْآدَاب أنداء ذَلِك السَّحَاب وَلَا غَابَ عَن غَابَ الأقلام بَأْس ذَلِك الضِّرغام مَا شوق العليل إِلَى الشِّفا والحجيج إِلَى الصَّفا والمشرد إِلَى الوطن والمسهَّد إِلَى الوسن والظمآن إِلَى المَاء والحرث إِلَى أَسمَاء بِأَكْثَرَ كلفاً وَلَا أَشد شغفاً من الْمَمْلُوك إِلَى اقتباس تِلْكَ الْفَوَائِد والتماس تِلْكَ الفرائد قرَّب الله مغناها مَا أسناها وَلَا أبعد مسراها فَمَا أسراها إِنَّهَا العقائل الشَّرِيفَة بشرف الْقَائِل وَلها من نَفسهَا طرب كَمَا فِي ابْنة الْعِنَب من الْخَفِيف لَا تخافي إِن غبت أَن نتناساك وَلَا إِن واصلتنا أَن نملاّ إِن تغيبي عَنَّا فسقيا ورعياأو تلمِّي بِنَا فأهلاً وسهلا أَيهَا السَّيِّد وَمَا خلت الْبِقَاع وَالْإِمَام الَّذِي انْعَقَد على فَضله الْإِجْمَاع والماجد الَّذِي محامده ملْء الْأَبْصَار والأفواه والأسماع صفحاً عَن قريحةٍ مَا أَوْمَضْت حَتَّى خبت وَلَا مَضَت حَتَّى كبت وَلَا مَضَت حَتَّى نبت وَلَا امتدّ لَهَا ظلّ الْعَيْش حَتَّى تقلّص وَلَا سَاغَ لَهَا ورده حَتَّى غصّص وتنغَّص وَلَا أطلّ سحابه حَتَّى أقلع وَلَا أظلّ حَتَّى تقشَّع وَلَا سلَّم بنان بَيَانهَا حَتَّى(13/35)
ودَّع كرَّت)
عَلَيْهَا الكروب وتخطَّت إِلَيْهَا الخطوب وتوالت عَلَيْهَا الهموم فَلم تدع لَهَا همَّه ورمتها الْحَوَادِث بِكُل ملمّة تسوِّد الْقلب وتبيِّض اللِّمَّة فَلَا غرو إِن أَصبَحت كليلةً من الأفراح ودمنةً من الأتراح تدعى وَلَا تجيب وَمَا ذَاك بعجيب إِن شَاءَ الْمَمْلُوك مِنْهَا إنْشَاء أَبَت إِلَى إباءً وَقَالَ النجَاة النجَاة فبضاعتك مزجاة عدِّ عَن هَذَا السَّبِيل لست من هَذَا الْقَبِيل فَقلت لما أَعْطَتْ منعهَا وَأَكْثَرت ردَّها وردعها لَا يكلِّف الله نفسا إِلَّا وسعهَا إِن الْهَدَايَا على مِقْدَار مهديها وَلما شجع الْمَمْلُوك نَفسه بِهَذِهِ الْمقَالة شفع هَذِه الرسَالَة بأبياتٍ تباريها فِي الثَّنَاء وتجاريها فِي حلبة الدُّعَاء وأقدم على هَذَا الْعرض الْأَدْنَى على ذَلِك الْجَوْهَر الْأَسْنَى وقابل ذَلِك الْمقَام بِهَذَا الْمقَال بعد أَن استقال وَقَالَ من الطَّوِيل
(سلا قلبه إِن كَانَ عَن حبكم سلا ... وَهل مَال يَوْمًا عَن هوى ذَلِك الملا)
(وَهل زَالَ من بعد البعاد وداده ... وَهل حَال عَن تِلْكَ المعاطف والحلا)
(سقى الله أَيَّام الْوِصَال وعيشنا ... رَقِيق الْحَوَاشِي لَا ينغَّص بالقلى)
(لياليَّ روض الْجزع فيهنَّ مَا ذوى ... ومعهد ليلى الأخيلية مَا خلا)
(سحبت بهَا ذيل المسرَّة والصِّبا ... وحالفت لذِّاتٍ وخالفت عذَّلا)
(لقد طَال ليلِي بعدهنَّ كَأَنَّهُ ... بسود فروع الغانيات توصَّلا)
(فكم كلفٍ مثلي بمنعرج اللِّوى ... تكلّف أثقال الْهوى وتحمَّلا)
(لَهُ مقلةٌ عبرى تجود بِمَائِهَا ... وقلبٌ من الْبَين المجدِّ تجدَّلا)
(مَا كلُّ جفنٍ مثل جفني مسهَّد ... وَلَا كلُّ قلبٍ مثل قلبِي مبتلى)
مِنْهَا
(ولّما وقفنا بالمطايا عشيَّةً ... على الطلل الْبَالِي وَقُلْنَا لَهُ الا)
(أذنَّنا لأخلاف الدُّمُوع فأحلفت ... وفاضت إِلَى أَن انبت العشب والكلا)
مِنْهَا
(وعاذلةٍ فِي سوء حظي جَهَالَة ... وَلَا ذَنْب لي فِي سوء حظي لتعذلا)
(وَلَو يصلح الْإِنْسَان بالجدِّ حظَّه ... لأوسعت فِي إصْلَاح حَالي التَّحيُّلا)
(وقائلةٍ قد جلَّ منصب جلَّقٍ ... فَقلت لَهَا مَا ذَاك بدعٌ وَكَيف لَا)
(ومحمود ذُو الْجُود ابْن سلمَان حلَّها ... فحلَّى من الْآدَاب مَا قد تعطَّلا)
)
(أعزُّ الوى جاراً وأنفع نائلاً ... وَأكْثر إفضالاً وأعذب منهلا)
(وأوفاهم عهدا وأقربهم ندىً ... وأطوعهم باعاً وأفصح مقولا)
(هُوَ الْبَدْر خلقا والنسيم خلائقاً ... هوالبحر كفا والجداول أنملا)
(فوبل الحيا من ذَلِك الكفِّ يجتدى ... وشمس الضُّحى من ذَلِك الْوَجْه تجتلى)(13/36)
(محّياً وسيمٌ وَالْوُجُوه عوابسٌ ... وكفٌّ بإثراء العديم تكفَّلا)
(فَإِن حلَّ جدبٌ كَانَ كنزاً ومزنةً ... وَإِن جلَّ خطبٌ كَانَ حرْزا ومعقلا)
مِنْهَا
(أَتَاك قريضي قد تلَّفع بالحيا ... وأمَّك للاغضاء مِنْك مؤمِّلا)
(وماهو إِلَّا قَول تلميذك الَّذِي ... روى خبر الإبداع عَنْك مسلسلا)
(غَدا العفاة الْعَصْر مغنىً ومغنياً ... وَأصْبح للراجين مولى وموئلا)
(فَإِن كَانَ ذَا عيبٍ فَلَنْ تضمن الْهدى ... وَإِن كَانَ ذَا حسنٍ فعنك تأصَّلا)
وَهِي تِسْعَة وَسِتُّونَ بَيْتا وَكلهَا جيد فَكتب جَوَابه رَحمَه الله تَعَالَى يقبل الباسطة لَا زَالَت قضب أقلامها بالمعاني مثمرة وليالي أنفاسها بالأماني مُقْمِرَة وأنواء فضائلها بِمَاء النعماء ممطرة من الْبَسِيط
(حَتَّى يرى كلُّ طرسٍ من أناملها ... روضاً تقَابل فِي أَثْنَائِهِ الثَّمر)
(وللمعاني على أنفاسه لمعٌ ... كاللّيل أشرق فِي أرجائه الْقَمَر)
فَهِيَ الْيَد الَّتِي شرِّف مقبِّلها وتغني مؤمِّلها وتباري الْغَيْث فيبين فَضلهَا عَلَيْهِ وتجاري الْبَحْر الَّذِي يهدي الدّرّ فيودُّ لَو أَهْدَت درَّها إِلَيْهِ من الْبَسِيط
(يدٌ عهدتك للتقبيل تبسطها ... فتستقلُّ الثُّريَّا أَن تكون فَمَا)
تقبيلاً يواليه حَتَّى يكَاد يثبت فِيهِ قبله ويتابعه إِلَى أَن تروى مِنْهَا غلله فَهُوَ لَا يُطيق عَن وردهَا صَدرا وَلَا يتعوَّض من عين معينها أثرا
من الْبَسِيط
(وَلَا يملُّ وروداً من مناهلها ... إِلَّا إِذا ملَّ طرف النَّاظر النَّظرا)
وَينْهى وُرُود المشرَّفة الْكَرِيمَة بل دِيمَة الْفضل المربي دوامها على كل دِيمَة فقبَّل مِنْهَا مواقع كرمه وقابل مِنْهَا مطالع نعمه فشاهد بهَا أفق فضلٍ كلما أفل نجم أطلع بَدْرًا ووقف مِنْهَا)
على بَحر علمٍ كلما أبرز لؤلؤاً رطبا قذف بعده درا فتحير كَيفَ يتَخَيَّر وتململ حِين تأمّل
وَقَالَ مَا طَائِر هَذَا الْبَيَان مِمَّا يلج أوكار الأفكار وَلَا در هَذَا الانسجام مِمَّا ينظم فِي سخاب السّحاب إِن هَذَا إلاّ سحر وَلكنه حَلَال وَمَا هَذِه الْموَاد إِلَى بَحر وَلكنه العذب الزُّلال ثمَّ ثاب ذهنه فَقَالَ بل هَذَا لفظ من أُوتِيَ ملك البراعة وخطب بفضله على مَنَابِر الأنامل فِي شعار السوَاد خطيب البراعة فسيفه قلمه وجنده كَلمه وذخائره الْمعَانِي الَّتِي تنمى على الْإِنْفَاق وسراياه شوارد الْأَمْثَال الَّتِي تسري بهَا رفاق الْآفَاق وَعلم الْمُلُوك مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ هَذَا الْكتاب من إحسانٍ عميمٍ وفضلٍ صدر عَن كرم أصلٍ وشرفٍ جسيمٍ وودٍّ مثله من يرعاه وَلَا يرْعَى الودّ الْقَدِيم إِلَى الْكَرِيم وفضلٍ مَا وصف إِلَّا نَفسه فَإِنَّهُ لَا يُشَارك فِي الْفضل الجسيم فَشكر الْمَمْلُوك وَأثْنى وقبَّل فرائد سطوره مثنى مثنى وعوَّذ محَاسِن مهديه بأسماء الله الْحسنى وَقَالَ(13/37)
إِن قبل هَذَا الدرّ فالدرّ دونه وَلكنه زهر الدراري بل اسنى وقرَّظ ذَلِك الْفضل الراسخ والبديع الَّذِي إِذا تعاطاه فَهُوَ الْمُبْدع وَإِن تعاطاه غَيره فَإِنَّهُ النَّاسِخ وكلّف فكره الْإِجَابَة فاستقال
وعاوده فَمَا زَاد على أَن قَالَ كنت تقدر على هَذَا والبديهة مطاوعة والقريحة مسارعة والخاطر نقّاد والفكر منقاد والمواد مجتمعة والمسالك متّسعة والشباب جَامع لهَذِهِ الْأَسْبَاب والفراغ رادع عَن الإحجام عَن اقتحام هَذَا الْبَاب فأمّا الْآن فخاطرك مكدود وَبَاب نشاطك مسدود وعوارض الْكبر رادعة وهواجس الْفِكر فِي أَمر معادك صادَّة صادعة فَعلم الْمَمْلُوك صدق هَذَا الْجَواب وَكَاد يُوَافق الخاطر على التوجّه صوب هَذَا الصَّوْت وَلَكِن خشِي أَن ينْسب إِلَى إهمال حقِّ سيّده وَمن يَرْجُو بركَة سلفه ليومه وغده فسطَّرها الْمَمْلُوك معتذرةً عَن قصوره مقترنةً بنظمٍ تتطاول بيوته إِلَى مَنَارَة قصوره من الطَّوِيل
(فَمَا هُوَ من أكفاء أبياتك الَّتِي ... سررت بهَا سرِّي وأعليت لي قدري)
(وشتَّان مَا بَين الثريا إِلَى الثرى ... وَأَيْنَ السُّهى من طلعة الْقَمَر الْبَدْر)
وَهِي من الطَّوِيل
(ذكرت وَلم أنس الزَّمَان الَّذِي خلا ... فَعَاد غرامي مِثْلَمَا كَانَ أوَّلا)
(وعاودني ذكرى حبيبٍ ومنزلٍ ... فَوَافَقت من يبكي حبيباً ومنزلا)
(أحنُّ وَمَا يجدي الحنين وَبَين من ... أحبُّ وبيني الضَّعف والسِّنُّ والفلا)
(إِذا نهضت بِي همَّة الشَّوق أقعدت ... عوائق أدناهنَّ يذبلن يذبلا)
)
(فواهاً لأيام الشَّبَاب الَّتِي مَضَت ... وأبقت حنيناً بعْدهَا مَا انْقَضى وَلَا)
(وَللَّه عيشٌ مرَّ فِي مصر لم يرق ... لنَفْسي عيشٌ مذ تقضَّى وَلَا حلا)
(وإخوان صدقٍ كنت مِنْهُم مجاوراً ... شموس الْهدى سحب النَّدى شهب الْعلَا)
(علوا شرفاً سادوا نهى كرموا ندىً ... زكوا سلفا طالوا علا كملوا حلا)
(وعهدي بهم لَا أبعد الله عَهدهم ... يداوون دَاء الْخطب أعيى وأعضلا)
(يفون بحقِّ الْجَار والدهر غادرٌ ... ويسخون إِذْ يلفى الْغَمَام مبخَّلا)
(ويسري إِلَى عافيهم نشر جودهم ... فيهدي إِلَيْهِم من أَتَاهُم مؤمِّلا)
(إِذا ذكرُوا فِي مجلسٍ خلت ذكرهم ... بأرجائه مسكاً ذكياً ومندلا)
(وأقربهم عهدا عليٌ فإنَّه مضى ... وَبِه عقد العلى قد تكمَّلا)
مِنْهَا
(فقد كَانَ برّاً بِي أرَاهُ على الَّذِي ... يرى أنَّ فِيهِ راحتي متطفِّلا)(13/38)
(وأورثني حبّ الشريف ابْن أُخْته ... وحسبي بِهَذَا منَّةً وتفضُّلا)
(شهابٌ علا فَوق الْعلَا بمناسبٍ ... تطيل إليهنَّ النُّجُوم تأمُّلا)
(فَلَو فاضلته الشَّمْس والبدر لاغتدى ... من الشَّمْس أضوا أَو من الْبَدْر أكملا)
(هُوَ ابْن الأولى مَا خَابَ فِي الْحَشْر من بهم ... هُنَاكَ إِلَى عَفْو الْإِلَه توسَّلا)
(توقَّل فِي هضب السِّيادة ذرْوَة ... رأى مرتقىً فِي أفقها فتنقَّلا)
(وَلم يقتنع بِالْأَصْلِ حَتَّى غَدا لَهُ ... بآدابه فِي النَّاس علما مكمَّلا)
(فنظمٌ إِذا مَا الدرُّ قايسته بِهِ ... وأنصفته أضحى من الدرِّ أفضلا)
(شهيٌّ إِلَى الأسماع ألطف مسلكاً ... من المَاء معسول المدامة سلسلا)
(وممتنعٌ سهلٌ بعيدٌ مناله ... قريب المدى لَا يتعب المتأمِّلا)
وكتبت إِلَيْهِ من رحبة مَالك بن طوق من الْخَفِيف
(مَا لقلبي عَن حبِّكم قطُّ سلوة ... كلُّ حالٍ مِنْكُم لَدَى الصَّبِّ حلوه)
(إِن بخلتم حاشاكم بوفاءٍ ... أَو ثنتكم بعد التعطُّف قسوه)
فلكم قد قضى وَمَا نقض الْعَهْد محبٌ ولي بذلك أسوه
(يَا بن بنت النبيِّ قللي وَقَوْلِي ... يَا ابْن بنت النبيِّ أفضل دَعوه)
)
(هَل بدا فِي الْوَفَاء منِّي نقصٌ ... أَو جرى فِي الْحفاظ منِّي هفوه)
(فعلام الْإِعْرَاض والصَّدُّ عمَّن ... لم يجد فِي سوى معاليك صبوه)
(كَيفَ أنسى سَاعَات وصلٍ تقضَّت ... وبعطفي مِنْهَا بقيَّة نشوه)
(مَا خلت خلْوَة وَلم ألق فِيهَا ... من عذارى حَدِيثك العذب جلوه)
حَيْثُ لي من فنون نظمك والنثر مَتى مَا أردْت كاسات قهوه
(ومعانٍ كالحور زفَّ حلاها ... منطقٌ تشخص الأفاضل نَحوه)
(كَانَ فِي مصر لي بقربك أنسٌ ... عَن أناسٍ لَهُم عَن الْخَيْر نبوه)
وَأرى رقَّة الْحَوَاشِي الَّتِي عنْدك تغني عمَّن غَدا فِيهِ جفوه
(وَإِذا مَا أتيت ألفيت صَدرا ... مِنْك لي فِي حماه حظٌّ وحظوه)
(واقتعدت الفخار بَين البرايا ... وتسنَّمت فِي السِّيادة ذروه)
(وَأرى أنَّ لي إِذا زرت أَرضًا ... أَنْت فِيهَا التَّشريف فِي كلِّ خطوه)
(كَيفَ لَا وَالْوَلَاء فِي قَوْمك الغرِّ ... أرَاهُ فِي الدّين أوثق عروه)
(منيتي أَن أرى حماك بعيني ... لَا أَرَاك الْحمى وَلَا دَار علوه)
(آه لَو تنصف اللَّيَالِي إِذا مَا ... حكمت بالبعاد من غير عنوه)(13/39)
(أَو لَو أنَّ الْفِرَاق يقبل مني ... فِي اقتراب الدِّيار من مصر رشوه)
(يَا زَمَانا بِمصْر ولَّى حميدا ... هَل يُجيب الْإِلَه لي فِيك دَعوه)
فَكتب إليّ الْجَواب عَنْهَا تِسْعَة وَسِتِّينَ بَيْتا فِي وَزنهَا ورويِّها وَهِي
(أنسيم الصَّبا على الرَّوْض غدوه ... سحبت ذيلها على كلِّ ربوه)
(وسرى لطفها إِلَى الدَّوح فارتاح ... فكم رنَّحت معاطف سروه)
أم سقيط النَّدى على الْورْد كالياقوت إِذْ يَجْعَل اللآلىء حشوه
(أم تثني الغصون فِي حلل الزَّهر ... ساقاها السَّحاب كاسات قهوه)
(أم مسيل الْمِيَاه بَين رياضٍ ... بنضار الْأَصِيل أمست تموَّه)
(أم غناء الْحمام غرَّد فِي البان ... وأضحى بِهِ يرجِّع شدوه)
أم نُجُوم السَّمَاء زهر أم الْبَدْر منيرٌ أم مشرق الشَّمس ضحوه
(أَو وصال الحبيب بعد صدودٍ ... فَأتى ذَا لذا فأسرع محوه)
)
(أم بشير الْأمان من بعد خوفٍ ... لخليعٍ رأى الرَّبيع وزهوه)
أم حَدِيث العذيب يعذب فِي كل لاةٍ لمن تذكَّر لهوه
(أم كتابٌ قد جَاءَنِي من خليلٍ ... بارعٍ فالخليل لم ينح نَحوه)
(رحب باعٍ لرحبة الشَّام وافى ... ذَا وفاءٍ وعفةٍ وفتوَّه)
سامقٌ فَوق هضبة الْمجد والعز سبوقٌ لم يدْرك النَّاس شأوه
(ناظمٌ ناثرٌ بليغٌ بديعٌ ... ماهرٌ باهر الْمقَالة أفوه)
(حَيْثُ مَا حلَّ فِي الممالك حلَّى ... وَغدا وارداً من الْحَمد صَفوه)
(بعد حَوْلَيْنِ قد أَتَانِي فأهلا ... وحباني عذب الْكَلَام وحلوه)
(وعناني من بعد دارٍ وَلَكِن ... غصبته أَيدي الحواسد عنوه)
(وَأَرَادُوا خمول ذكري فغاروا ... مِنْهُ لَّما أَعلَى بذكري ونوه)
حجبوه عني فأظهره الله لعَيْنِي أتحجب الشَّمس هبوه قُمْت لله شاكراً ثمَّ حليتوقد حلَّ ساحتي كلّ حبوه
(غير أَنِّي رَأَيْت فِيهِ عتاباً ... مضرماً مَا بَين الجوانح جذوه)
(قَالَ أَنِّي بخلت بالودِّ كلّا ... مَا تعمَّدت إنِّما هِيَ سَهْوه)
وَرمى أسهماً تمزَّق ثوب الصَّبْر مِنْهَا وَمِنْه أمَّلت رفوه
(ألزم الذَّنب قبل ذنبٍ فأنصف ... وسل الْقلب هَل نوى عَنْك سلوه)
لم يكن شأني الصدود بِلَا جرم وحاشى لوجه ودِّي يشوَّه(13/40)
لَيْسَ مثلي مِمَّن يحول عَن الود وَلَا يُبدل المحبَّة جفوه
(كَيفَ يهفو ثبير حلمك يَا ذَا ... الثَّبت لّما ظَنَنْت منِّي هفوه)
أذكرتني أبياتك الغر أَبْيَات الإِمَام الْمَحْمُود أَنْفَع قدوه
(سابقٌ قد هدى إِلَى النّجح قصدي ... لم يطق من سعى هُنَالك خطوه)
وَمَعَ الْبعد كَانَ يدني بِي اللطف ويشكو لَهُ فُؤَادِي شجوه
(كَانَ لي والداً وبرّاً شفوقاً ... فذووه لي فِي المحبَّة إخوه)
مِنْهَا
(يَا صَلَاح الدّين البديع نظاماً ... والّذي من إنشائه لي نشوه)
)
(لَا تلمني على تأخُّر كتبي ... إذألَّمت بحدِّ ذهني نبوه)
كنت فِي شدَّة وَقد فرج الله ونجَّى فصرت مِنْهَا بنجوه
(ونسيت الصِّناعتين لأنِّي ... حججٌ قد مَضَت وَلم الق حظوه)
(يرجع الحظُّ الْقَهْقَرِي فَإِذا مَا ... رمت أَن يمشي عاجلته كبوه)
كلما قلت قد مضى الهمُّ إِذْ مر مساءٌ أرى المساءة غدوه
(وأعادى ظلما وأقهر ممَّن ... مهلي للفخار يسْبق عدوه)
(أَنا سبط النبيِّ وَابْن عليٍّ ... شرفٌ شامخٌ لأَرْبَع ذروه)
(وَإِذا مَا اعْتَرَانِي الدَّهر بالعد ... وَإِن أَمْسَكت مِنْهُمَا أيَّ عروه)
3 - (البغويّ الشَّافعيّ)
الْحُسَيْن بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالفرّاء البغويّ الْفَقِيه الشافعيّ المحدِّث المفسِّر كَانَ بحراً فِي الْعُلُوم وَأخذ الْفِقْه عَن القَاضِي حُسَيْن بن مُحَمَّد وصنَّف التَّفْسِير الْمَشْهُور وأوضح المشكلات من قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى الحَدِيث ودرَّس وَكَانَ لَا يلقِي الدَّرْس إِلَّا على طهارةٍ وصنَّف التَّهْذِيب فِي الْفِقْه وَكتاب شرح السُّنَّة فِي الحَدِيث والمصابيح جمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وَغير ذَلِك وَتُوفِّي بمرو الرُّوذسنة سِتَّة عشر وَخمْس مائةٍ وَدفن عِنْد شَيْخه القَاضِي حُسَيْن بمقبرة الطالقان وَمَاتَتْ لَهُ زَوْجَة فَلم يَأْخُذ من مِيرَاثهَا شَيْئا وَكَانَ يَأْكُل الْخبز الْبَحْث فعذل فِي ذَلِك فَصَارَ يَأْكُلهُ بالزيت(13/41)
3 - (الأسديّ)
الْحُسَيْن بن مطيرٍ تَصْغِير مطر الأسديّ من فحول الشّعراء مدح الدولتين وَله مدائح فِي المهديّ وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبعين وَمِائَة قَالَ صَاحب الأغاني هُوَ مولى بني سعد بن مَالك من بني أَسد وَهُوَ يذهب مَذْهَب الْأَعْرَاب وَكَانَ من سَاكِني ربالة وَقَالَ يمدح المهديّ من الطَّوِيل
(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ تعسَّفت ... بِي البيد هوجاء النَّجاء خبوب)
(وَلَو لم يكن قدَّامها مَا تقاذفت ... جبالٌ بهَا مغبرَّةٌ وسهوب)
(فَتى هُوَ من غير التخلُّق ماجدٌ ... وَمن غير تَأْدِيب الرِّجال أديب)
(علا خلقه خلق الرِّجال وخلقه ... إِذا ضَاقَ أَخْلَاق الرِّجال رحيب)
)
(إِذا شَاهد القواد سَار أمامهم ... جرىءٌ على مَا يتَّقون وثوب)
(وَإِن غَابَ عَنْهُم شاهدتهم مهابة ... بهَا تقهر الْأَعْدَاء حِين يغيب)
(يعفُّ ويستحيي إِذا كَانَ خَالِيا ... كَمَا عفَّ واستحيى بِحَيْثُ رَقِيب)
فَلَمَّا أنشدها الْمهْدي أَمر لَهُ بسبعين ألف دِرْهَم وحصان جواد وَدخل عَلَيْهِ أَيْضا فأنشده من الْبسط
(لَو يعبد النَّاس يَا مهْدي أفضلهم ... مَا كَانَ فِي النَّاس إِلَّا أَنْت معبود)
(أضحت يَمِينك من جودٍ مصوَّرة ... لَا بل يَمِينك مِنْهَا صوِّر الْجُود)
(لَو أنَّ من نوره مِثْقَال خردلةٍ ... فِي السُّود طرّاً إِذا لَا بيضَّت السُّود)
وَقَالَ يرثي معن بن زَائِدَة من الطَّوِيل
(ألمَّا على معنٍ وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعًا ثمَّ مربعًا)
(أيا قبر معنٍ أَنْت أوَّل حفرةٍ ... من الأَرْض خطُّت للسَّماحة مضجعا)
(وَيَا قبر معِين كَيفَ واريت جوده ... وَقد كَانَ مِنْهُ الْبر وَالْبَحْر مترعا)
(بلَى قد وسعت الْجُود والجود ميِّتٌ ... وَلَو كَانَ حيّاً ضقت حَتَّى تصدَّعا)
(فَتى عَيْش فِي معروفه بعد مَوته ... كَمَا كَانَ بعد السَّيل مجْرَاه مرتعا)
(أَبى ذكر معنٍ أَن تَمُوت فعاله ... وَإِن كَانَ قد لَاقَى حَماما ومصرعا)(13/42)
وَولي الْمَدِينَة والٍ فَدخل عَلَيْهِ ابْن مطيرٍ فَقيل لَهُ هَذَا أشعر النَّاس فَأَرَادَ أَن يختبره وَقد كَانَت سَحَابَة مكفهرّة نشأت وتتابع مِنْهَا الرَّعد والبرق وَجَاءَت بمطرٍ جودٍ فَقَالَ لَهُ صف هَذِه فَقَالَ من الْكَامِل
(مستضحكٌ بلوامعٍ مستعبرٌ ... بمدامعٍ لم تمرها الأقذاء)
(فَلهُ بِلَا حزنٍ وَلَا بسمرَّةٍ ... ضحكٌ يراوح بَينه وبكاء)
(كثرت لِكَثْرَة ودقه أطباؤه ... فَإِذا تحلَّب فاضت الْأَطِبَّاء)
(وكأنَّ بارقه حريقٌ يلتقي ... ريحٌ عَلَيْهِ وعرفجٌ آلَاء)
(لَو كَانَ من لجج السَّواحل مَاؤُهُ ... لم يبْق فِي لجج السَّواحل مَاء)
وَمن شعره قَوْله من الطَّوِيل
(فيا عجبا للنَّاس يستشرفونني ... كَأَن لم يرَوا بعدِي محباً وَلَا قبلي)
)
(يَقُولُونَ لي اصرم يرجع الْعقل كُله ... وصرم حبيب النَّفس أذهب لِلْعَقْلِ)
(وَيَا عجبا من حبِّ من هُوَ قاتلي ... كأنِّي أجزيه المودَّة من قَتْلِي)
(وَمن بيِّنات الحبِّ إِن كَانَ أَهلهَا ... أحبَّ إِلَى قلبِي وعينيَّ من أَهلِي)
وَمن شعر ابْن مطير من الطَّوِيل
(وَقد تعذر الدّنيا فيضحي غنيُّها ... فَقِيرا ويغنى بعد بؤسٍ فقيرها)
(فَلَا تقرب الْأَمر الْحَرَام فإنِّما ... حلاوته تفنى وَيبقى مريرها)
(وَكم قد رَأينَا من تكدُّر عيشةٍ ... وَأُخْرَى صفا بعد اكدرارٍ غديرها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(مخصَّرة الأوساط زانت عقودها ... بِأَحْسَن مِمَّا زيَّنتها عقودها)
(وصفرٌ تراقيها وحمرٌ أكفُّها ... وسودٌ نَوَاصِيهَا وبيضٌ خدودها)
3 - (ابْن حرّاز)
الْحُسَيْن بن أبي مَنْصُور بن حرَّاز بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء المشدَّدة وَبعد الْألف زايٌ أَبُو عبد الله الهمامي وجيه الدّين وَهُوَ ابْن أُخْت أبي الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمعلم الهرثي كَانَ وجيه الدّين يعرف النَّحْو واللغة قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الشُّعَرَاء سمعته يَقُول حفظت كتاب سِيبَوَيْهٍ بعد الْمفصل للزمخشري أَقَامَ بِمصْر فِي خدمَة الْكَامِل بن الْعَادِل وصادف عِنْده الْقبُول وَلما سيَّر الْكَامِل وَلَده إِلَى الْيمن ليفتحها نظم وجيه الدّين من الْبَسِيط
(مهما أمرت يواتي أَمرك الْقدر ... سر بالعساكر مَقْرُونا بهَا الظَّفر)
(لَك العزائم لَا تنبو مضاربها ... تضاءلت عِنْدهَا الهنديَّة البتر)
(جيَّشت مِنْهَا جيوشاً خلتها سحباً ... لَهَا الصَّوارم برقٌ والدِّما مطر)(13/43)
(قد أينعت سمرها مِمَّا ارتوت علقاً ... كَأَنَّمَا الْهَام فِي أطرافها ثَمَر)
(بديهة الرَّأْي مِنْهَا كلما صدرت ... بالحزم فَهِيَ لأرباب النُّهى فكر)
ثمَّ ذكر ابْنه فَقَالَ من الْبَسِيط
(سَاق المقانب قد حفَّت بمقتبلٍ ... عَلَيْهِ ألوية الإقبال تنتثر)
(إِذا رَأَتْهُ وَهُوَ وافى الْمُلُوك بهَا ... أَلْقَت إِلَيْهِ جنَاح الذُّلِّ تعتذر)
(فَيمسك الْحلم مِنْهُ صوب بادرةٍ ... إنَّ الْكِرَام يرَوْنَ الْعَفو إِن قدرُوا)
)
قَالَ وجيه الدّين كنت قلت إِن قدرُوا شرطا فَقَالَ الْكَامِل لَا تجْعَل هُنَا شرطا وَلَكِن قل أَن قدرُوا فَأَنا أوردهُ كَمَا أَرَادَ وَهُوَ لعمري أُصِيب لشاكلة الْمَعْنى وأحيز لخصل الْحسن وَأَجَازَهُ عَنْهَا الْكَامِل جَائِزَة سنيةً قَالَ وجيه الدّين اشْتغل عني الْكَامِل مُدَّة بأَخيه الْمُعظم وَنحن فِي نواحي أشموم من نواحي مصر فَكتبت إِلَيْهِ من الْكَامِل
(مولَايَ إنَّ سهاد ليلى والبكا ... أَمْسَى رَقِيق عناهما إنساني)
(وَزَوَال ذَاك الرِّقِّ مِنْكُم نظرةٌ ... مَا آن لي أَن تعتقوا أجفاني)
فَلَمَّا وقف الْكَامِل عَلَيْهِمَا قَالَ لينصرف الجامعة وَيُؤذن لَهُ وَقَالَ فيهم أَيْضا من الْكَامِل
(إيهاً بني أَيُّوب أَنْتُم روضةٌ ... وَأَبُو المظفَّر غيثها المدرار)
(غصنٌ من الْمَعْرُوف يثني عطفه ... كرمٌ لَهُ الذّكر الْجَمِيل ثمار)
(وكأنَّ مدحي فِيهِ معصم غادةٍ ... وندى يَدَيْهِ الْغمر فِيهِ سوار)
وودع الْكَامِل يَوْمًا وَقد خرج إِلَى الصَّيْد فَلَمَّا رَجَعَ دخل إِلَيْهِ وأنشده من الْكَامِل
(عتب الغرام عليَّ يَوْم وداعكم ... إِذْ كَانَ لي صبرٌ على التَّوديع)
(وبجا على خدَّيَّ من ألم الجوى ... عقدٌ تنظَّم من سقيط دموعي)
(وتولَّعت ريح الصَّبا بصبابتي ... فسرت بقلبٍ بالغرام ولوع)
(وَرَأى السَّحَاب فضيض دمعي فِيكُم ... فغدا يجفنٍ للبكاء هموع)
(مَالِي تؤنِّبني العواذل فِيكُم ... وَجَمِيع شوقي قد أذاب جميعي)
فَقَالَ الْكَامِل لَو قلت ولبعض شوقي قد أذاب جميعي كَانَ أحسن قَالَ فرويته مثل مَا قَالَ
قَالَ وجيه الدّين بَينا أَنا ذَات يَوْم فِي بعض شوارع الْقَاهِرَة إِذا برجلٍ من الصُّوفِيَّة قد لزم بأطواقي فارتعت لَهُ وَقلت وَيلك ماخبرك فَقَالَ أَنْت الْمُدَّعِي الَّذِي يَقُول من الْبَسِيط
(قل للَّذين نأوا هَل عنْدكُمْ خبرٌ ... بأنَّ ليلِي عَلَيْكُم كلُّه سهر)
(هذي النُّجُوم سلوها فَهِيَ تخبركم ... هلزار جفني كرىً أَو راقه سحر)
فَقلت أَنا قَائِل ذَلِك وَمَا أنْكرت فِيهِ فَقَالَ وَيحك إنَّ الْجُنَيْد يَقُول وَقد وصفت رجلا(13/44)
فأطنب ثمَّ قَالَ نعم الرجل هُوَ لَوْلَا أَنه يرتاح فِي الأسحار وَأَنت تَقول مَا راقني سحر فَمَا زلت أخضع لَهُ حَتَّى تركني وَقَالَ خرجت مرّة مَعَ الْكَامِل إِلَى الصَّيْد فَنَهَضَ بِاللَّيْلِ لصيد الطير وَأَمرَنِي بالكون مَعَه فَقلت يَا مَوْلَانَا لَا أحسن الصَّيْد وَلَا أحبه فاعفني فَلم يقبل وَمضى)
بسفنه وَمن مَعَه وَتَرَكَنِي وَأمر رجلا من الحرس أَن يكون مني بِحَيْثُ أَن يرى مَا يكون مني
فمنت فَلَمَّا انْتَبَهت لم أر أحدا البتَّة فَقلت من الْبَسِيط إِن كُنْتُم قد ولتعم بالجفاء وسسلمتم لي الهمَّ تسليمي إِلَى الحرس
(فكلُّ ماءٍ سرت فِيهِ مراكبكم ... دمعي وكلُّ هواءٍ مزعجٍ نَفسِي)
وَقَالَ وَقع بيني وَبَين أَوْلَاد الشَّيْخ وَاقع أوجب تركي لَهُم بعد ودٍّ أكيد فشكوني إِلَى الْكَامِل
فتنكَّر لي وتنمَّر وَعَبس وَقَالَ مَا لي أرى فَخر الدّين عتْبَان عَلَيْك قلت لسوء مُعَامَلَته لي فَقلت إِن رسم مَوْلَانَا السلطات خلَّد الله ملكه أَن أكون جليس بَيْتِي وأنقطع عَن الْخدمَة فعلت ذَلِك دَاعيا لأيامه فَإِنِّي عَاجز عَن مداراة هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَا أكلِّفك هَذَا وَلَكِن آمُر الغلمان أَنهم مَتى رأوك أخذُوا نعالك قَالَ فهوَّنت ذَلِك وَقلت مَا عَسى أَن يبلغ بِي إِذا ثمَّ أَمرنِي بالملازمة فَجعلت أجيء فَكَمَا يَقع عليَّ عين الغلمان أخذُوا نَعْلي من رجْلي فَأدْخل إِلَيْهِ مرّة حافياً وَمرَّة بخفافي وَقد تنجَّست بالطين فَإِذا أردْت أَن أَطَأ الْبسَاط نَادَى السُّلْطَان وَمن حَضَره لَا تنجِّس الْبسط فَدخلت إِلَيْهِ يَوْمًا وأنشدته من الْكَامِل
(مولَايَ إنَّك قد قتلت حواسدي ... لَو يعلمُونَ بِأَحْسَن الألطاف)
(مَا إِن أمرت بخلع نَعْلي دَائِما ... إِلَّا لتجعلني كبشر الحافي)
قَالَ فتبسّم وَقَالَ نعم أحسناً إِلَيْك ورفعناك إِلَى هَذِه الدرجَة فاشكرنا إِذْ جعلناك مثل ذَلِك الرجل الصَّالح وَلم يغيِّر شَيْئا ثمَّ دخلت يَوْمًا وَقد رشُّوا الطَّرِيق بِالْمَاءِ فملأت خفافي بالطين وَصَاح الغلمان لَا تدس الْبسط فتقدمت وأنشدت من السَّرِيع
(يَا ملك الدُّنْيَا وَمن حازها ... بعدله والبذل والباس)
(أَمرتنِي أَن لَا أَطَأ حافياً ... بساطك المغتصَّ بِالنَّاسِ)
(قلي مَا أصنع فِي قدرتي ... أجعَل رجليَّ على راسي)
قَالَ فتبسّم وَلم يغيِّر شَيْئا فعجزت وَقصرت حيلتي وَجعلت أَحْلف لَهُ أَن ذَلِك بلغ مني مبلغا عَظِيما وَلَقِيت مِنْهُ شدّةً وأسأله الْعَفو فَلَا يزيدني على الضحك فشكوت ذَلِك إِلَى الصّلاح الإربلي الشَّاعِر فَقَالَ عِنْدِي لَك حِيلَة إِن شكرتها لي علَّكمتكها فَقلت مَا أشكرني لما يذهب عني هَذِه الوصمة فَقَالَ إِذا دخلت على السُّلْطَان فقع على نَعله وخذها بمنديلك وَقل يَا مَوْلَانَا إنَّ نَعْلي قد استجارت بِهَذِهِ النَّعْل كَمَا أَن صَاحبهَا ملك الْمُلُوك قَالَ فَفعلت ذَلِك)
فَضَحِك حَتَّى اسْتلْقى وَقَالَ بحياتي من علَّمك هَذَا قلت صَلَاح الدّين قَالَ قد علمت أَنَّهَا من فعلاته وأعفاني وَمن شعره من الْكَامِل(13/45)
(عاتبتها فسقت بنرجس لحظها ... وردا بفرط حيائه يتورَّد)
(صنمٌ تعبَّد ناظري بجماله ... فلواحظي أبدا إِلَيْهِ تسْجد)
وَكتب تحتهَا قولي فلوا حظي أبدا إِلَيْهَا تسْجد من البديع فَكتب الْكَامِل تَحْتَهُ أخذت هَذَا من قَول الشَّاعِر من المنسرح
(ولي حبيبٌ لم تبد صورته ... للنَّاس إلاَّ صلَّت لَهُ الحدق)
فأقسم لَهُ بحياته أَنه لم يسمع ذَلِك
3 - (الحلاَّج)
الْحُسَيْن بن منصورٍ الحلاَّج الزَّاهِد الْمَشْهُور من أهل الْبَيْضَاء بَلْدَة بِفَارِس
نَشأ بواسط وَالْعراق وَصَحب الْجُنَيْد وَغَيره وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أمره فَمنهمْ من يُبَالغ فِي تَعْظِيمه وَمِنْهُم من يكفِّره قَالَ ابْن خلكان وَرَأَيْت فِي كتاب مشكاة الْأَنْوَار لأبي حَامِد الْغَزالِيّ فصلا طَويلا فِي حَاله وَقد اعتذر لَهُ عَن الْأَلْفَاظ الَّتِي كَانَت تصدر عَنهُ مثل قَوْله أَنا الحقّ وَمَا فِي الجبَّة إِلَّا الله وَهَذِه الإطلاقات الَّتِي ينبو السَّمع عَنْهَا وَعَن ذكرهَا وَحملهَا كلَّها على محامل حسنةٍ وأوَّلها وَقَالَ هَذَا من فرط المحبَّة وشدّة الوجد وَجعل هَذَا مثل قَول الْقَائِل من الرمل
(أَنا من أَهْوى وَمن أَهْوى أَنا ... فَإِذا أبصرتني أبصرتنا)
وَمن الشّعْر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ على اصطلاحهم وإشاراتهم قَوْله من الْبَسِيط
(لَا كنت إِن كنت أَدْرِي كَيفَ كنت وَلَا ... لَا كنت إِن كنت أَدْرِي كَيفَ لم أكن)
وَقَوله أَيْضا على هَذَا الِاصْطِلَاح من الْبَسِيط
(أَلْقَاهُ فِي اليمِّ مكتوفاً وَقَالَ لَهُ ... إيَّاك إيَّاك أَن تبتلَّ بِالْمَاءِ)
وَقَالَ أَبُو بكر بن ثوابة القصري سَمِعت الْحُسَيْن بن مَنْصُور وَهُوَ على الْخَشَبَة يَقُول من الوافر(13/46)
(طلبت المستقرَّ بكلِّ أرضٍ ... قلم أر لي بأرضٍ مستقَّرا)
(أَطَعْت مطامعي فاستعبدتني ... وَلَو أنِّي قنعت لَكُنْت حرَّا)
)
وَالْبَيْت الَّذِي قبل قَوْله لَا كنت إِن كنت أَدْرِي من الْبَسِيط
(أرْسلت تسْأَل عني كَيفَ كنت وَمَا ... لاقيت بعْدك من همٍّ وَمن حزن)
وَقيل أنّ بَعضهم كتب إِلَى أبي الْقَاسِم سمنون بن حَمْزَة الزَّاهِد يسْأَله عَن حَاله فَكتب إِلَيْهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَكَانَ جدّه مجوسياً وَصَحب الْجُنَيْد وَمن فِي طبقته وَأفْتى أَكثر عُلَمَاء عصره بِإِبَاحَة دَمه وَيُقَال أَن أَبَا الْعَبَّاس ابْن سُرَيج كَانَ إِذا سُئِلَ عَنهُ يَقُول هَذَا رجل خَفِي عني حَاله وَمَا أَقُول فِيهِ شَيْئا وَكَانَ قد جرى مِنْهُ كَلَام فِي مجْلِس حَامِد بن الْعَبَّاس الْوَزير بِحَضْرَة القَاضِي أبي عمر فَأفْتى بحلِّ دَمه وَكتب خطّه بذلك وَكتب مَعَه من حضر الْمجْلس من الْفُقَهَاء فَقَالَ لَهُم الحلاَّج ظَهْري حمى وَدمِي حرَام وَمَا يحلّ لكم أَن تتأوَّلوا عليّ بِمَا يبيحه وَأَنا اعتقادي الْإِسْلَام ومذهبي السُّنَّة وتفضيل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَبَقِيَّة الْعشْرَة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ولي كتب فِي السّنَّة مَوْجُودَة فِي الورّاقين فَالله الله فِي دمي وَلم يزل يردِّد هَذَا القَوْل وهم يَكْتُبُونَ خطوطهم إِلَى أَن استكملوا مَا احتاجوا إِلَيْهِ ونهضوا من الْمجْلس وَحمل الحلاج إِلَى السِّجن وَكتب الْوَزير إِلَى المقتدر يُخبرهُ بِمَا جرى فِي الْمجْلس وسيَّر الْفَتْوَى فَعَاد الْجَواب بِأَن الْقُضَاة إِذا كَانُوا أفتوا بقتْله فليسلّم إِلَى صَاحب الشرطة وليتقَّدم إِلَيْهِ بضربه ألف سوطٍ فَإِن مَاتَ من الضَّرْب وَإِلَّا ضرب مرّة أُخْرَى ألف سوطٍ ثمَّ تضرب عُنُقه فسلّمه الْوَزير إِلَى الشرطي وَقَالَ لَهُ مَا رسم بِهِ المقتدر وَقَالَ إِن لم يتْلف بِالضَّرْبِ فتقطع يَده ثمَّ رجله ثمَّ يَده ثمَّ رجله ثمَّ تحزّ رقبته وَتحرق جثته وَإِن خدعك وَقَالَ لَك أَنا أجري الْفُرَات ودجلة ذَهَبا فَلَا تقبل ذَلِك مِنْهُ وَلَا ترفع الْعقُوبَة عَنهُ فتسلّمه الشرطي لَيْلًا وَأصْبح يَوْم الثُّلَاثَاء لسبعٍ بَقينَ أَو لستٍ بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة تسعٍ وَثَلَاث مائَة فَأخْرجهُ عِنْد بَاب الطَّاق وَاجْتمعَ من العامَّة خلق كثير لَا يُحْصى عَددهمْ وضربه الجلاد ألف سوطٍ وَلم يتأوَّه بل قَالَ الشرطي لما بلغ ستَّ مائةٍ ادْع بِي إِلَيْك فإنَّ لَك عِنْدِي نصيحةً تعدل فتح قسطنطينَّية فَقَالَ لَهُ قد قيل لي عَنْك أَن تَقول هَذَا وَأكْثر مِنْهُ وَلَيْسَ لي إِلَى أَن أَربع الضَّرْب عَنْك سَبِيل فَلَمَّا فرغ من ضربه قطع أَطْرَافه الْأَرْبَع ثمَّ حزَّ رَأسه وأحرق جثته وَلما صَارَت رَمَادا أَلْقَاهَا فِي دجلة وَنصب الرَّأْس على الجسر بِبَغْدَاد وَجعل أَصْحَابه يعدون نُفُوسهم بِرُجُوعِهِ بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا واتّفق أَنه مَا زَادَت الْفُرَات تِلْكَ السّنة زِيَادَة وافرةً فادَّعى أَصْحَابه أَن ذَلِك بِسَبَب إِلْقَاء رماده فِيهَا وادَّعى بعض أَصْحَابه أَنه لم يقتل وَإِنَّمَا ألقِي شبهه على)
عدوه انْتهى قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَتَلُوهُ على الْكفْر والحلول والانسلاخ من الدّين نسْأَل الله الْعَفو كَانَ قد صحب الْجُنَيْد وَعَمْرو بن عُثْمَان الْمَكِّيّ وَغَيرهمَا وَقد أفرد ابْن الْجَوْزِيّ أخباره فِي تصنيفٍ سَمَّاهُ الْقَاطِع لمحال الحاجِّ بمحال الحلاّج أفتى الْفُقَهَاء بِبَغْدَاد بِكُفْرِهِ وَمن نظر فِي مَجْمُوع أمره علم أَن الرجل كَانَ كذابا مموِّهاً ممخرقاً حلولياً لَهُ كَلَام يستحوذ بِهِ على نفوس جهَّال العوامّ حَتَّى ادّعوا فِيهِ الربوبية وَكَانَ قد قبض عَلَيْهِ بالسوس وَحمل(13/47)
إِلَى على بن أَحْمد الرَّاسِبِي فأقدمه إِلَى الحضرة فَجرى مَا جرى وَظهر بِبَغْدَاد وبالأهواز أَنه ادّعى الإلهية وَأَنه يَقُول بحلول اللاهوت فِي الاشراف ووجدوا فِي منزله رِقَاعًا فِيهَا رموز وَيكْتب إِلَى تلاميذه من النّور الشَّعشاني قَالَ مجد الدّين ابْن النجار وَذكر سنداً مِنْهُ يتَّصل بِالْقَاضِي أبي الْحسن عليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ حكى عَن أبي الْحسن العناد الصُّوفِي نه قَالَ حضرت بعض عقبات أَصْبَهَان فَرَأَيْت شَيخا ينزل عَن الْعقبَة فَكَانَ الشَّيْخ الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاّج فعرفته بِصفتِهِ فسلَّمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام وَقَالَ أغلام النوريّ قلت نعم قَالَ فَجَلَسَ على حجرٍ وَقَالَ من الوافر
(لَئِن أمسيت فِي ثوبي عديمٍ ... لقد بليا على حرٍّ كريم)
(فَلَا يغررك أَن أَبْصرت حَالا ... مغيَّرةً عَن الْحَال الْقَدِيم)
(فلي نفسٌ ستتلف أَو سترقى ... لعمرك بِي إِلَى خطبٍ جسيم)
فَقلت الصُّحبة فَقَالَ الصُّحبة صعبة وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْهَوَاء فَطرح فِي ركوتي عشرَة دَنَانِير
ثمَّ لم ألتق مَعَه إِلَى حِين ثمَّ الْتَقَيْنَا بجبال فَارس فسلَّمت عَلَيْهِ فَقَالَ أغلام النوريّ قلت نعم فَجَلَسَ فَقَالَ اكْتُبْ من مجزوء الْكَامِل دنيا تغالطني كأنِّي لست أعرف حَالهَا مدَّت إليَّ يَمِينهَا فرددتها وشمالها ورأيتها مكارةً فَوهبت جُمْلَتهَا لَهَا حظر المليك حرامها وَأَنا اجْتنبت حلالها وَمَتى أردْت وصالها حتَّى أَخَاف زَوَالهَا فَقلت الصُّحبة فَقَالَ إِنِّي أقصد قوما لَعَلَّهُم لَا يحتملونك ولعلك لَا تحتملهم وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْهَوَاء ثمَّ طرح فِي ركوتي دَنَانِير ثمَّ مضى على ذَلِك سِنِين فَلَقِيته يَوْمًا فِي الكرخ وَقد غطَّى)
وَجهه بفوطةٍ وَكَانَ مَطْلُوبا فسلَّم عليّ وَقَالَ أغلام النوريّ قلت نعم فَجَلَسَ على عتبَة بَاب دارٍ وَأَنْشَأَ يَقُول من الطَّوِيل
(لَئِن سهرت عَيْني لغيرك أَو بَكت ... فَلَا أدْركْت مَا أمَّلت وتمنَّت)
(وَإِن طلبت نَفسِي سواك فَلَا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنَّت)
3 - (الحسام الأسنائيّ الطَّبِيب)
الْحُسَيْن بن منصورٍ حسام الدّين أَبُو عليّ الأسنانيّ الطَّبِيب كَانَ مشاركاً فِي فنونٍ من الْآدَاب والعقليات والنِّجامة وَكَانَ يطبّ وَيُعْطِي ثمن الْأَدْوِيَة لم يطبّه قَالَ ابْن شمس الْخلَافَة أَظُنهُ مَاتَ فِي أَوَائِل الْمِائَة السَّادِسَة وَمن شعره يمدح سراج الدّين بن حسان من الْبسط(13/48)
(باحت أسارير من أَهْوى بأسراري ... ووازرته على تَعْظِيم أوزاري)
(وأشرق النُّور من نورٍ بمبسمه ... فابتزَّ عَقْلِي بأنوارٍ ونوَّار)
(وَمَا بخدَّيه من ماءٍ وَمن لهبٍ ... أَفَاضَ دمعي وأصلى الْقلب بالنَّار)
(حَتَّى جعلت لظى قلبِي لَهُ قبساً ... ليهتدي بضياه طيفه السَّاري)
(وَمَا خلعت عِذَارَيْ فِيهِ من سفهٍ ... لَوْلَا قيام عذاريه بإعذاري)
(وَمَا أمات اصْطِبَارِي فِي الْهوى جزعاً ... إِلَّا بشفرة سيفٍ بَين أشفار)
3 - (الْحُسَيْن بن مُوسَى)
3 - (النَّقِيب الطَّاهر وَالِد الرّضيّ)
الْحُسَيْن بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو أَحْمد الموسوي الملقب بالطّاهر وَالِد الرضي والمرتضى كَانَ من أهل الْبَصْرَة وَسكن بَغْدَاد وتقلّد نقابة الطالبيين سنة أَربع وَخمسين وَثَلَاث مائَة وعزل عَنْهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وتقلّدها أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد بن النَّاصِر
جِيءَ بِهِ من الأهواز ثمَّ وَليهَا ثَانِيًا سنة أَربع وَسِتِّينَ ثمَّ عزل عضد الدّولة سنة تسع وَسِتِّينَ وَحمل إِلَى فَارس واعتقل هُنَاكَ ثمَّ وَليهَا ثَالِثَة سنة ثَمَانِينَ ولاّه الإِمَام الطائع وَالنَّظَر فِي الْمَظَالِم وإمارة الحاجِّ واستخلف ولديه الرّضي والمرتضى وَلم يزل عَلَيْهَا إِلَى حِين وَفَاته سنة أَربع مائَة ومولده سنة أَربع وَثَلَاث مائَة وَكَانَ قد أضرَّ وَدفن فِي دَاره ثمَّ نقل إِلَى جوَار الْحُسَيْن بن عَليّ ابْن أبي طَالب ووف الثُّلث من أَمْوَاله وأملاكه على أَبْوَاب البِّر وتصدَّق)
بصدقاتٍ كَثِيرَة وَهُوَ الَّذِي رثاه أَبُو الْعَلَاء المعري بقصيدة الفائية الَّتِي أَولهَا من الْكَامِل
(أودى فليت الحادثات كفاف ... مَال المسيف وَعَنْبَر المستاف)
وَهِي فِي سقط الزند
مِنْهَا وَقد ذكر الْغُرَاب
(لَا خَابَ سعيك من خفافٍ أسحمٍ ... كسحيمٍ الأسديِّ أَو كخفاف)
(من شَاعِر للبين قَالَ قصيدةً ... يرثي الشَّريف على رويِّ الْقَاف)(13/49)
(هلاَّ دفنتم سيقه فِي قَبره ... مَعَه فَذَاك لَهُ خليلٌ واف)
(تكبيرتان حِيَال قبرك للفتى ... محسوبتان بعمرةٍ وَطواف)
(فَارَقت دهرك ساخطاً أَفعاله ... وَهُوَ الجدير بقلَّة الْإِنْصَاف)
(وَلَقِيت ربَّك فاستردَّ لَك الْهدى ... مَا نَالَتْ الْأَيَّام بِالْإِتْلَافِ)
(أبقيت فِينَا كوكبين سناهما ... فِي الصُّبح والظَّلماء لَيْسَ بخاف)
قدرين فِي الإرداء بل مطرين فِي الأجداء بل قمرين فِي الإسداف
(والرَّاح إِن قبل ابْنة الْعِنَب اكتفت ... بأبٍ من الْأَسْمَاء والأوصاف)
(مَا زاغ بَيتكُمْ الرَّفيع وإنَّما ... بالوهم أدْركهُ خفيُّ زحاف)
قلت قَوْله يرثي الشريف على رويِّ الْقَاف يَعْنِي صَوت الْغُرَاب إِذا قَالَ غاقٍ
وَأما هَذَا الْبَيْت الْأَخير فَإِنَّهُ بليغ الْمَعْنى وَمَا عزِّي كَبِير بِأَحْسَن مِنْهُ
3 - (صَاحب حمص)
حُسَيْن بن ملاعبٍ جنَاح الدولة صَاحب حمص كَانَ مُجَاهدًا شجاعاً يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ
نزل من قلعة حمص يَوْم الْجُمُعَة للصَّلَاة وَحَوله غلمانه بِالسِّلَاحِ فَلَمَّا حصل بمصلاَّه وثب عَلَيْهِ ثَلَاثَة من الباطنية الْعَجم وَمَعَهُمْ شيخ فَجعلُوا يدعونَ لَهُ ويستمنحونه وهم فِي زيِّ الْفُقَرَاء وضربوه بالسكاكين فَقَتَلُوهُ وَقتلُوا مَعَه جمَاعَة من أَصْحَابه وَكَانَ فِي الْجَامِع عشرَة من صوفيَّة الْعَجم فَقتلُوا مظلومين عَن آخِرهم واضطرب أهل حمص وراسلوا طغتكين ودقاقاً يَلْتَمِسُونَ إِنْفَاذ نائبٍ بِتَسْلِيم القلعة قبل مَجِيء الفرنج فَسَار طغنكين ودقاق إِلَى حمص وصعدا القلعة
وَجَاء الفرنج إِلَى الرّستن فحين عرفُوا ذَلِك تفَرقُوا وَكَانَ ذَلِك سنة خمسٍ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة)
3 - (الأيدبني قَاضِي نهاوند)
الْحُسَيْن بن نصر بن عبيد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن علاَّن بن عمرَان النهاوندي أَو عبد الله ابْن أبي الْفَتْح كَانَ وَالِده يلقَّب بالمرهف من نهاوند وَولد الْحُسَيْن هَذَا بديار بكر بموضعٍ من الهكَّاريَّة يعرف بأيدبن بهمةٍ مفتوحةٍ وياءٍ آخر الْحُرُوف سَاكِنة ودالٍ مهملةٍ بعْدهَا بَاء موحَّدة وَنون سمع بآمد مُحَمَّد بن هبة الله ابْن يحيى الموصلّ وَقدم بَغْدَاد شَابًّا ولازم أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وتفقَّه عَلَيْهِ وبرع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَالْخلاف وَسمع من الْحسن بن عليّ الجوهريّ وَالْقَاضِي أبي يعلى مُحَمَّد بن الْحسن بن الفّراء وَأحمد بن(13/50)
مُحَمَّد بن النقّور وَأبي بكرٍ الْخَطِيب وَغَيرهم وَولي قَضَاء نهاوند مُدَّة ثمَّ قدم بَغْدَاد وحدّث بهَا وَسمع مِنْهُ أَبُو نصرٍ مَحْمُود بن الْفضل وَأَبُو طاهرٍ أَحْمد السِّلفي وَغَيرهمَا مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَخمْس مائَة
3 - (الجهنيّ قَاضِي الرَّحبة)
الْحُسَيْن بن نصر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن خميسٍ بن عامرٍ الجهنيّ الكعبي أَبُو عبد الله الْموصِلِي دخل بَغْدَاد بعد الثَّمَانِينَ وَأَرْبع مائةٍ وَقَرَأَ الْفِقْه على الْغَزالِيّ وَسمع من النَّقِيب طرّاد الزَّينبي وَأبي الْخطاب بن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَغَيرهم وَسمع بالموصل وَولي الْقَضَاء برحبة مَالك بن طوقٍ مُدَّة وَرجع إِلَى الْموصل وَقدم بَغْدَاد وحدّث بهَا وَله من المصنفات مَنْهَج التَّوْحِيد مَنْهَج المريد تَحْرِيك الْغَيْبَة أَخْبَار المنامات لؤلؤة الْمَنَاسِك مَنَاقِب الْأَبْرَار محَاسِن الأخيار فَرح الموضح على مَذْهَب زيد بن ثَابت وَكَانَ يلقَّب مجد الدّين تَاج الْإِسْلَام توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس مائَة
3 - (الْحُسَيْن بن هبة الله)
3 - (ابْن رطبَة الشِّيعيّ)
الْحُسَيْن بن هبة الله بن رطبَة وَاحِدَة الرُّطب أَبُو عبد الله من أهل سورا من أَعمال الحلَّة السَّيفيَّة كَانَ من فُقَهَاء الشِّيعَة ومشايخهم قدم بَغْدَاد وجالس أَبَا مُحَمَّد ابْن الخشاَّب وروى أمالي أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الطوسي عَن ابْنه أبي عليّ الْحسن عَنهُ واشتغل بالحلَّة وسورا وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسبعين وَخمْس مائَة)
3 - (الْمسند أَبُو الْقَاسِم ابْن صصرى)
الْحُسَيْن بن هبة الله بن محفوظٍ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن صصرى القَاضِي شمس الدّين أَبُو الْقَاسِم ابْن الشَّيْخ الرئيس أبي الْغَنَائِم التغلبيّ البلديّ الأَصْل الدِّمَشْقِي أَخُو الْحَافِظ أبي الْمَوَاهِب وَقد تقدّم فِي(13/51)
الْحسن ولد أَبُو الْقَاسِم بل الْأَرْبَعين وَخمْس مائةٍ وَسمع أَبَاهُ وجدَّه لأمه أَبَا المكارم عبد الْوَاحِد بن هِلَال وَسمع من جماعةٍ كَبِيرَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وخرَّج لَهُ الشَّيْخ البرزاليّ مشيخةً فِي سَبْعَة عشر جُزْءا بالسَّماع وَالْإِجَازَة وَكَانَ عدلا جَلِيلًا صَحِيح الرِّوَايَة قَرَأَ شَيْئا من الْفِقْه على ابْن أبي عصرون وَهُوَ مُسْند الشَّام فِي زَمَانه وَكَانَ خَالِيا من معرفَة الحَدِيث وَكَانَ متموِّلاً ورزىء فِي مَاله مرّاتٍ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وستّ مائَة
3 - (النُّوريّ الضَّرير)
الْحُسَيْن بن هدّاب بن مُحَمَّد بن ثَابت الدَّيريّ أَبُو عبد الله الضِّرير المقرىء وَيعرف بالنوريّ نِسْبَة إِلَى النُّورية قَرْيَة على السِّيب من الْحلَّة السَّيفية والدير قَرْيَة من النُّعمانية سكن بَغْدَاد وَكَانَ يقرىء النَّحْو واللغة والقراءات ويحفظ عدَّة دواوين من شعر الْعَرَب وَكَانَ متفنناً فقهياً شافعياً عفيفاً صيِّناً كثير الْعِبَادَة منعكفاً على إقراء الْقُرْآن وَنشر الْعلم قَرَأَ بالروايات على أبي الْعِزّ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن بندارٍ الواسطيّ وَأبي بكرٍ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ المرزفيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وحدّث بِكِتَاب الْوَقْف والابتداء لأبي بكر بن الأنباريّ عَن المرزفي توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة بِبَغْدَاد
3 - (قَاضِي مرو)
الْحُسَيْن بن وَاقد قَاضِي مرو قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ ابْن حَنْبَل فِي بعض حَدِيثه نكرَة توفّي سنة سبعٍ وَخمسين وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (ابو الْقَاسِم القرطبيّ)
الْحُسَيْن بن وليدٍ بن نصرٍ أَبُو الْقَاسِم القرطبيّ ابْن العريف النحويّ أَخُو الْحسن بن وليد النحويّ كَانَ أَيْضا عَارِفًا بالنحو بارعاً فِيهِ أَخذ عَن ابْن القوطيّة وحجّ وَسمع من أبي الطَّاهِر الذُّهليّ وَابْن رَشِيق وَأقَام بِمصْر أعواماً ثمَّ عَاد إِلَى الأندلس فأدّب أَوْلَاد الْمَنْصُور محمدٍ بن أبي عَامر وَتُوفِّي بطليطلة سنة تسعين وَثَلَاث مائَة)
3 - (القطّان الْأَعْوَر)
الْحُسَيْن بن يحيى بن عَيَّاش أَبُو عبد الله الْمُتَوَلِي البغداديّ(13/52)
القطّان الْأَعْوَر سمع أَحْمد بن الْمِقْدَام العجليّ وَالْحسن بن أبي الرّبيع وَالْحسن بن عَرَفَة وَجَمَاعَة وروى عَنهُ الدارقطنيّ والقوّاس ووثّقه وَأَبُو الْحُسَيْن ابْن جَمِيع وهلال الحفّار وَأَبُو عمر بن مهديّ وَإِبْرَاهِيم بن مخلدٍ وَأَبُو عمر الْهَاشِمِي وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الحزقَّة المالكيّ)
الْحُسَيْن بن يحيى بن عبد الْملك بن حيّ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف مشددةٍ أَبُو عبد الله القرطبيّ الْمَعْرُوف بِابْن الحزقّة بضمّ الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الزَّاي وَتَشْديد الْقَاف كَانَ عَارِفًا بِمذهب مالكٍ وَولي قَضَاء مَدِينَة سالمٍ ثمَّ مَدِينَة جيَّان توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبع مائَة
3 - (زكيّ الدّين بن مُحي الدّين)
حُسَيْن بن يحيى القَاضِي زكيّ ابْن القَاضِي محيى الدّين ابْن الزكي كَانَ فَاضلا نبيلاً إِمَامًا مفتياً مَاتَ شَابًّا عَن سبعٍ وَعشْرين سنة سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة من شعره
3 - (أَبُو الفوارس الصّوفيّ)
الْحُسَيْن بن يلمش بن يزدمر التركي أَبُو الفوارس الصّوفيّ سمع أَبَا عبد الله مَالك بن أَحْمد البانياسيّ وَأَبا مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأَبا بكرٍ أَحْمد بن عَليّ الطريثيثي وَغَيرهم وخرَّج لَهُ أَبُو بكر بن كَامِل فَوَائِد فِي جزءٍ وروى عَنهُ شَيْئا من شعره وَكَانَ يَقُول الشِّعر وينشئْ الرسائل انْقَطع إِلَى الله سِنِين وَكَانَ يتَكَلَّم على لِسَان الصُّوفِيَّة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائةٍ وَمن شعره من الْكَامِل المرفل يَا من أجن لَهَا الْفُؤَاد هوى سبيّاً بالجنون
(منِّي بِتَصْدِيق المنى ... من قبل طارقة الْمنون)
وارثي لمن رق الرقاد عَلَيْهِ من أرق الجفون وَمِنْه من الْكَامِل المرفل
(صادفته قبل الزَّوَال ... كالبدر فِي غسق اللَّيَالِي)
نشوان قد غرس النَّعيم بخدِّه ورد الدَّلال)
(فحظيت مِنْهُ بنظرةٍ ... أحيت أماني البوالي)(13/53)
وَسَأَلته مَا يسْأَل الْمِسْكِين لَو أجدى سُؤَالِي وَمِنْه من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ لم يبكي المحبُّ إِذا التقى ... بمحبوبه أَضْعَاف يَوْم التَّفرُّق)
(فَقلت لما لاقاه من ألم النَّوى ... فيحذر أَن يلقى الَّذِي كَانَ قد لَقِي)
قلت شعر متوسِّطٌ
3 - (أَبُو عبد الله اللاّمغانيّ)
الْحُسَيْن بن يُوسُف بن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن اللامغاني أَبُو عبد الله تفقّه على وَالِده ودرَّس بعد وَفَاته بِجَامِع السُّلْطَان بِبَغْدَاد وَشهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة أبي الْقَاسِم عبد الله بن الْحُسَيْن اللامغاني وترتَّب فِي عدَّة أشغالٍ لم تحمد سيرته فِيهَا وَظَهَرت مِنْهُ أَحْوَال تدل على قلّة عقله وَدينه وَظُهُور خيانته فعزل عَن الشَّهَادَة واعتقل مُدَّة وحدّث بشيءٍ يسيرٍ عَن الْحسن بن نَاصِر بن أبي بكر بن بانار البكريّ وَسمع مِنْهُ بعض الطّلبَة وَكَانَ مولده سنة ثلاثٍ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عبد الله ابْن القنديّ الْبَغْدَادِيّ)
الْحُسَيْن بن يُوسُف بن الْحُسَيْن بن عليّ بن القنديّ أبوعبد الله الْكَاتِب كَانَ يتولَّى الْكِتَابَة بديوان التَّركات وَكَانَ أديباً فَاضلا سمع من شهدة الكاتبة وحدَّث باليسير وتوفيّ سنة ثلاثٍ وَعشْرين وستّ مائَة وَكَانَ ينظم وينثر وَمن شعره
3 - (الشَّيخ جمال الدّين ابْن المطهَّر)
الْحُسَيْن بن يُوسُف بن المطهَّر الإِمَام العلاّمة ذُو الْفُنُون جمال الدّين ابْن المطهَّر الأسديّ الحلَّي المعتزليّ عَالم الشِّيعَة وفقيههم صَاحب التصانيف الَّتِي اشتهرت فِي حَيَاته تقدّم فِي دولة خربندا تقدماً زَائِدا وَكَانَ لَهُ مماليك وإدارات كَثِيرَة وأملاك جَيِّدَة وَكَانَ يصنِّف وَهُوَ رَاكب شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَهُوَ مشهورٌ فِي حَيَاته وَله كتاب فِي الْإِمَامَة ردَّ عَلَيْهِ الشَّيْخ تقيّ الدّين ابْن تَيْمِية فِي ثَلَاث مجلداتٍ وَكَانَ يُسَمِّيه ابْن المنجَّس وَكَانَ ابْن المطهَّر ريِّض الْأَخْلَاق مشتهر الذِّكر تخَّرج بِهِ أقوامٌ كثيرةٌ وحجَّ أَوَاخِر(13/54)
عمره وخمل وانزوى إِلَى الْحلَّة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَقيل سنة ستٍ وَعشْرين وَسبع مائَة فِي شهر المحرّم وَقد)
ناهز الثَّمَانِينَ وَكَانَ إِمَامًا فِي الْكَلَام والمعقولات قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قيل اسْمه يُوسُف وَله الْأَسْرَار الْخفية فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة
3 - (النظام الكتبيّ الإسكندري)
الْحُسَيْن بن يُوسُف بن الْحسن بن عبد الحقِّ أَبُو عَليّ الصنهاجيّ الشاطبيّ الإسكندارني الكتبي النَّاسِخ ولد بالإسكندرية فِي المحرّم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَثَلَاثِينَ وستِّ مائَة وَسمع من السلَفِي وَأبي الطَّاهِر ابْن عوفٍ الْفَقِيه وَأبي الْقَاسِم مخلوف بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن جَارة وَأبي الطّيب عبد الْمُنعم بن الخلوف وَغَيرهم وَحدث بالإسكندرية ومصر وَكَانَ يقظاً
كتب الْكثير بِخَطِّهِ وَهُوَ أَخُو المحدِّث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبد الجبّار العثمانيِّ لأمه وَأَجَازَ لِابْنِ مشرف وَابْن الشيرازيّ وَكَانَ يلقب بالنظام
3 - (ابْن زلاّلٍ المقرىء الضَّرير)
الْحُسَيْن بن يُوسُف بن أَحْمد بن يُوسُف بن فتوح أَبُو عليّ الأنصاريّ الأندلسيّ البلنسيّ الضَّرِير الْمَعْرُوف بِابْن زلاّلٍ بِضَم الزَّاي وَتَشْديد اللَّام وَبعد الْألف لَام أُخْرَى قَرَأَ الْقرَاءَات وَسمع الحَدِيث وَأخذ النَّاس عَنهُ وَكَانَ محقِّقاً مشاركاً فِي فنون عديدةٍ آيَة من آيَات الله فِي الفطنة والذكاء والحدس توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وستّ مائَة
(الألقاب)
أَبُو الْحُسَيْن البصريّ المعتزليّ اسْمه مُحَمَّد بن عليّ
أَبُو الْحُسَيْن الجزّار اسْمه يحيى بن عبد الْعَظِيم
أَبُو الْحُسَيْن الإشبيليّ النحويّ عبيد الله بن أَحْمد
ابْن الحشيشيّ شمس الدّين مُحَمَّد
ابْن حشيش معِين الدّين هبة الله بن مَسْعُود
أَبُو حشيشة الطُّنبوريّ اسْمه مُحَمَّد بن عليّ القَاضِي ابْن حشيشة اسْمه مُحَمَّد بن عليّ الحصّار الأندلسيّ اسْمه أَحْمد بن يحيى بن عَليّ(13/55)
الحصّار الفاسي عليّ بن محمدٍ بن مُحَمَّد)
ابْن الحصّار عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
الحصائريّ الشافعيّ الْحسن بن حبيب
الحصريّ إِبْرَاهِيم بن عليّ بن تَمِيم صَاحب زهر الْآدَاب وَهُوَ ابْن خَالَة أبي الْحسن عليّ الحصريّ
والحصريّ الشَّاعِر
والحصريّ المقرىء عبد الجبّار
والحصريّ عليّ بن عبد الْغَنِيّ
والحصريّ المصريّ نَاصِر بن ناهض
ابْن الحصريّ الْحَافِظ نصر بن محمدٍ
الحصريّ المنجِّم المؤمِّل بن مُفْلِح
الحصكفيّ الْخَطِيب اسْمه يحيى بن سَلامَة بن الْحُسَيْن
الحصينّ الحمويّ الشافعيّ إِبْرَاهِيم بن الْحسن
الحصيريّ أَحْمد بن مَحْمُود
الحصيريّ الْحَافِظ اسْمه جَعْفَر بن أَحْمد
(حُصَيْن)
3 - (حُصَيْن السَّكونيّ)
حُصَيْن بن نمير بن فاتك أَبُو عبد الرَّحْمَن الكنديّ ثمَّ السَّكونيّ من أهل حمص روى عَن بِلَال وَكَانَ بِدِمَشْق حِين عزم مُعَاوِيَة على الْخُرُوج إِلَى صفّين وَخرج مَعَه وَولي الصافية ليزِيد بن مُعَاوِيَة وَكَانَ أَمِيرا على جند حمص وَكَانَ فِي الْجَيْش الَّذِي وجَّهه يزِيد إِلَى الْمَدِينَة لقِتَال أهل الحرَّة وَأمر مُسلم بن عتبَة أَن يستخلفه على(13/56)
الْجَيْش إِن نزل بِهِ الْمَوْت فَمَاتَ مُسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فحاصر حُصَيْن ابْن الزبير بِمَكَّة وَرمى الْكَعْبَة بالمنجنيق واحترقت فِي حصاره وَمَات يزِيد بن مُعَاوِيَة وَهُوَ بعد فِي الْحصار وَكَانَ مُسلم بن عقبَة قَالَ لَهُ قبل مَوته يَا برذعة الْحمار لَوْلَا عهد أَمِير الْمُؤمنِينَ إليَّ فِيك مَا عهِدت إِلَيْك اسْمَع عهدي لَا تمكِّن قُريْشًا من أُذُنك وَلَا تزدهم على ثلاثٍ الوقاف ثمَّ التفاف ثمَّ الِانْصِرَاف إِنَّك أَعْرَابِي جلف
وَقَومه السَّكون خرجت مِنْهُم فتن كَثِيرَة كَانَ مِنْهُم من غزا عُثْمَان وسودان بن حمْرَان الَّذِي قتل عُثْمَان مِنْهُم وَابْن ملجم قَابل عليٍّ مِنْهُم وَمِنْهُم هَذَا حُصَيْن وَلما عرضوا على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أعرض عَنْهُم وَقَالَ إِنِّي عَنْهُم لمتردِّد وَمَا مرَّ بِي قوم من الْعَرَب أكره إليَّ مِنْهُم ثمَّ أمضاهم وَكَانَ بعد يذكرهم بالكراهية ثمَّ قتل حُصَيْن عَام الخازر مَعَ عبيد الله بن زِيَاد سنة ستّ أَو سبعٍ وَسِتِّينَ قَتلهمْ إِبْرَاهِيم بن الأشتر وحرَّقهم بالنَّار وَبعث رؤوسهم إِلَى الْمُخْتَار فَنصبت بمكّة وَالْمَدينَة
3 - (الرِّيّ)
الْحصين بن الْحمام بن ربيعَة بن مسابٍ بن حرَام بن وائلة بن سهم بن مرَّة بن عَوْف يَنْتَهِي إِلَى قيس بن عيلان بن مُضر كَانَ سيد بني سهم بن مرَّة وفارسها وَقَائِدهمْ ورائدهم وَكَانَ يُقَال لَهُ مَانع الضَّيم أَتَى ابْنه إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ لآذنه اسْتَأْذن لي على أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ وَيحك لَا يكون هَذَا إلاّ عُرْوَة بن الْورْد أَو ابْن الْحصين بن الْحمام المريّ أدخلهُ فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ إِبْنِ من أَنْت قَالَ أَنا ابْن مَانع الضَّيم الْحصين بن الْحمام فَقَالَ لَهُ صدقت وَرفع مَجْلِسه وَقضى حَوَائِجه وَعَن أبي عُبَيْدَة أنَّ الْحمام أدْرك الْإِسْلَام وَأسلم ويدلّ على ذَلِك قَوْله من المتقارب
(وقافيةٍ غير إنسَّيةٍ ... قرضت من الشِّعر أَمْثَالهَا)
)
(شرودٍ تلمَّع بالخافقين ... إِذا أنشدت قيل من قَالَهَا)
(وحيران لَا يَهْتَدِي بالنَّهار ... من الضَّلع يتبع ضلاَّلها)
(وداعٍ دَعَا دَعْوَة المستغيث ... فَكنت كمن كَانَ لبَّى لَهَا)
(إِذا الْمَوْت كَانَ شجاً بالحلوق ... وبادرت النَّفس أشغالها)
(صبرت وَلم أك رعديدةً ... وللصَّبر فِي الرَّوع أنجى لَهَا)(13/57)
(ويومٍ تسعَّر فِيهِ الحروب ... لبست إِلَى الِّروع سربالها)
(مضاعفة السِّرد عاديَّةً ... وعضب الْمضَارب مصقالها)
(ومطَّرداً من ردينَّيةٍ ... أذود عَن الْورْد أبطالها)
(فَلم يبْق من ذَاك إلاّ التُّقى ... ونفسٌ تعالج آجالها)
(أمورٌ من الله فَوق السَّمَاء ... مقادير ينزل أدلالها)
أعوذ بربي من المخزيات يَوْم ترى النَّفس أَعمالهَا
(وخفَّ الموازين بالكافرين ... وزلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا)
(ونادى منادٍ بِأَهْل الْقُبُور ... فهبُّوا لتبرز أثقالها)
(وسعِّرت النَّار فِيهَا الْعَذَاب ... وَكَانَ السَّلاسل أغلالها)
3 - (المذحجيّ الْجَنبي أَبُو ظبْيَان)
الْحصين بن جُنْدُب بن عَمْرو بن الْحَارِث الْجَنبي الْمذْحِجِي من أهل الْكُوفَة تَابِعِيّ مَشْهُور بِالْحَدِيثِ سمع عليا وعمّاراً وَأُسَامَة بن زيد وروى عَنهُ ابْنه قَابُوس وَالْأَعْمَش مَاتَ بِالْكُوفَةِ سنة تسعين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ يكنى أَبَا ظبْيَان وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (ابْن مَالك)
الْحصين بن مَالك بن الخشخاش جد القَاضِي عبيد الله بن الْحسن العنبريّ وَله صُحْبَة روى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَبُو الْهُذيْل الْكُوفِي)
حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن السُّلمي أَبُو الْهُذيْل الكوفيّ ابْن عمّ(13/58)
مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر روى عَن جَابر بن سَمُرَة وَعمارَة بن رويبة الصحابيّين وَزيد بن وهب وَابْن أبي ليلى وَأبي وائلٍ وَابْن ظبْيَان وَسَعِيد بن جُبَير وَعَمْرو بن مَيْمُون الأوديّ وَكَانَ ثِقَة حَافِظًا عالي السَّند عَاشَ ثَلَاثًا)
وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (ابْن نمير الواسطيّ)
حُصَيْن بن نميرٍ الكوفيّ الواسطيّ كُوفِي الأَصْل ضَرِير وثَّقه أَبُو زرْعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي وَتُوفِّي فِي حُدُود التِّسعين وَالْمِائَة
3 - (ابْن عبد الّرحمن الأنصاريّ)
حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سعد بن معاذٍ الأشهليّ الأنصاريّ من أهل الْمَدِينَة روى عَن مَحْمُود بن عَمْرو ومحمود بن لبيد وروى عَنهُ ابْنه مُحَمَّد
3 - (الأنصاريّ السَّالميّ)
حُصَيْن بن مُحَمَّد السَّالميّ الأنصاريّ أحد بني سَالم بن غنم من ثِقَات تَابِعِيّ أهل الْمَدِينَة
روى عَن عتْبَان بن مَالك وروى عَنهُ الزُّهري
3 - (ذُو الغصَّة الصّحابي)
الْحصين بن يزِيد بن شدّاد الحارثيّ الصحابيّ من بني الْحَارِث بن كعبٍ ذُو الغصَّة وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكره ابْن الْكَلْبِيّ وَقَالَ إِنَّمَا قيل لَهُ ذُو الغصَّة لِأَنَّهُ كَانَ يلاحقه غصَّة وَكَانَ لَا يبين بهَا الْكَلَام فَسُمي ذَا الغصة(13/59)
3 - (الذُّهلي الرقّاشي)
حُصَيْن بن الْمُنْذر بالضاد الْمُعْجَمَة أَبُو ساسان وَقيل أَبُو مُحَمَّد الذُّهلي الرقاشيّ البصريّ من سَادَات قومه من كبار التَّابِعين سمع عُثْمَان وعلياً وَجَمَاعَة وروى عَنهُ الْحسن البصريّ وعليّ بن سُوَيْد وَهُوَ شَاعِر فَارس توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَهُوَ بضمّ الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الضّاد الْمُعْجَمَة وَشهد الْجمل وصفِّين أَمِيرا مَعَ عَليّ ووفد على مُعَاوِيَة وَأدْركَ خلَافَة سُلَيْمَان وَهُوَ الَّذِي يُؤثر عَنهُ أَن ختنه على ابْنَته أَو أُخْته كَانَ إِذا تنحَّى لَهُ حضين عَن مَجْلِسه وَقَالَ مرْحَبًا بِمن كفا المؤونة وَستر الْعَوْرَة وَكَانَ بخراسان أَيَّام قُتَيْبَة بن مُسلم وَكَانَ قُتَيْبَة يستشيره فِي أُمُوره وَكَانَ من سَادَات ربيعَة وَكَانَ صَاحب راية عليّ يَوْم صفّين وَفِيه يَقُول عَليّ من الطَّوِيل
(لمن رايةٌ سَوْدَاء يخْفق ظلُّها ... إِذا قيل قدِّمها حضين تقدَّما)
ثمَّ ولاّه اصطخر وَكَانَ يبخل قَالَ ابْن عَسَاكِر وَلَا أعرف من تسمَّى بِالْحَاء والضّاد وَالنُّون)
غَيره وَغير من ينْسب إِلَيْهِ من وَلَده وَقَالَ أَحْمد العجليّ هُوَ بَصرِي تَابِعِيّ ثِقَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد النّسائيّ وَابْن ماجة
(الألقاب)
ابْن الحُصَين الْمسند هبة الله بن مُحَمَّد
ابْن أبي حَصِينَة هُوَ الْأَمِير الْحسن بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الْفَتْح وَولده أَبُو الذوَّاد المفِّرج بن الْحسن
القَاضِي رضيّ الله بن أبي حَصِينَة اسْمه يحيى بن سَالم(13/60)
(حطّاب)
3 - (حطّاب بن الْحَارِث)
حطّاب بن الْحَارِث بن معمر بن حبيب بن وهيب بن حذاقة بن جمح القرشيّ الجمحيّ هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة مَعَ أَخِيه حَاطِب بن الْحَارِث وَهَاجَرت مَعَه امْرَأَته فكيهة بنت يسَار وَمَات خطّاب فِي الطَّرِيق وَلم يصل الْحَبَشَة وَقيل إِنَّمَا مَاتَ مُنْصَرفه من الْحَبَشَة كَذَلِك قَالَ مُصعب
(حطّان)
3 - (الرَّقَّاشيّ التابعيّ)
حطَّان بن عبد الله الرقَّاشي تابعيّ جليل بصريّ أزدي روى عَن عليّ وَأبي مُوسَى وَجَمَاعَة من الصَّحابة سمع مِنْهُ الْحسن وَيُونُس وَابْن جُبَير وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الجرميّ التابعيّ)
حطّان بن خفاف بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة الجرميّ تَابِعِيّ سمع ابْن عَبَّاس ومعن بن يزِيد وروى عَنهُ ابْن عُيَيْنَة وَأَبُو عوَانَة وَعَاصِم بن كُلَيْب
(الألقاب)
الحطيئة الشَّاعِر اسْمه جَرْوَل
ابْن الحطيئة الصَّالح اسْمه أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد
ابْن حطيط مُحَمَّد بن النُّعْمَان
الحظيري أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن عَليّ)
الحطيري الورَّاق أَبُو الْمَعَالِي سعد بن عَليّ(13/61)
وَبَان الحظيري عبد الْقَادِر بن يُوسُف بن مظفر
الحفَّار مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد السَّلام
مجد الدِّين حفدة اسْمه مُحَمَّد بن أسعد
(حَفْص)
3 - (العدويّ التابعيّ)
حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب القرشيّ الْعَدوي من جلّة التَّابِعين ثِقَة مجمع عَلَيْهِ كثير الحَدِيث سمع ابْن عمر روى عَنهُ الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم ابْن عبد الله وَغَيرهمَا وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَمِير مصر)
حَفْص بن الْوَلِيد أَبُو بكر أَمِير مصر من جِهَة هِشَام روى عَن الزُّهريّ وَهُوَ مقلّ وروى لَهُ النَّسائيّ قَتله حوثرة الباهليّ كَانَ ممَّن خلع مَرْوَان الْحمار فَلم يتمَّ لَهُ وَكَانَ أَمِيرا مُطَاعًا
وَاسْتولى الحوثرة على ديار مصر وَكَانَت قتلة أبي بكر حَفْص سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة
3 - (الغاضريّ المقرىء)
حَفْص بن سُلَيْمَان الأسديّ الغاضريّ الكوفيّ يُقَال لَهُ حَفْص بن أبي دواد وَكَانَ حجَّة فِي الْقِرَاءَة واهياً فِي الحَدِيث قَرَأَ على زوج أمه عَاصِم بن أبي النُّجود قَالَ ابْن حَنْبَل مَا بِهِ بَأْس وَقَالَ البخاريّ تَرَكُوهُ وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الإِمَام أَبُو عَمْرو قَاضِي الْكُوفَة)
حَفْص بن غياث ين طلقٍ النَّخعيّ الإِمَام أَبُو عمر القَاضِي أحد الْأَعْلَام مولده سنة سبع عشرَة وَمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة ولي قَضَاء الْجَانِب الشرقيّ بِبَغْدَاد ثمَّ بعث على قَضَاء الْكُوفَة كَانَ يَقُول من لم يَأْكُل من طَعَامي لَا(13/62)
أحدثَّه وَإِذا كَانَ لَهُ يَوْم ضِيَافَة لَا يبْقى رَأس فِي الروَّاسين روى لَهُ الجامعة وَمَات سنة سِتّ وَقيل خمس وَتِسْعين
3 - (الْوَزير الخلاّل)
حَفْص بن سُلَيْمَان أَبُو سَلمَة الكوفيّ الْمَعْرُوف بالخلاّل بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام وَبعد)
الْألف لَام أُخْرَى مولى السَّبيع من هَمدَان كَانَ من دعاة بني الْعَبَّاس وَكَانَ يعرف بوزير آل مُحَمَّد وَهُوَ أول من وَقع عَلَيْهِ اسْم الْوَزير فِي الْإِسْلَام قدم الحميمة من أَرض الشُّراة واشخصه مِنْهَا إِبْرَاهِيم الإِمَام بالكتب إِلَى النُّقباء بخراسان قَالَ أَحْمد بن سيَّار فِي أَسمَاء النُّقَبَاء الإثني عشر كلُّهم من مرو سَبْعَة من الْعَرَب وَخَمْسَة من الموَالِي فَلَمَّا قبض على إِبْرَاهِيم ظهر من أبي سَلمَة الْميل إِلَى أبي عَليّ فدسَّ عَلَيْهِ أَبُو مُسلم الخراسانيّ من قَتله سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة فَقَالَ سُلَيْمَان بن المُهَاجر البجليّ من الْكَامِل
(إنَّ المساءة قد تسرُّ وربِّما ... كَانَ السُّرور بِمَا كرهت نذيرا)
(إنَّ الْوَزير وَزِير آل محمدٍ ... أودى فَمن يشناك كَانَ وزيرا)
وَكَانَ السَّفَّاح يأنس بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ ذَا مفاكهةٍ حسنةٍ ممتعاً فِي حَدِيثه أديباً عَالما بالسِّياسة وَالتَّدْبِير وَكَانَ ذَا يسارٍ وَأنْفق أَمْوَالًا كَثِيرَة فِي إِقَامَة الدولة العباسيّة ولمّا ولي السّفَّاح استوزره وَكَانَ السَّفَّاح لما أَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو مُسلم بقتْله قَالَ هَذَا الرجل بذل مَاله فِي خدمتنا ونصحنا وَقد صدرت مِنْهُ زلَّة فَنحْن نغفرها لَهُ فلمّا سمع أَبُو مُسلم ذَلِك سيَّر جمَاعَة كمنوا لَهُ لَيْلًا فَلَمَّا خرج من عِنْد السفَّاح لَيْلًا وَكَانَ يسمر عِنْده لَيْلًا بالأنبار وَثبُوا عَلَيْهِ وخبطوه بِالسُّيُوفِ وَأصْبح النَّاس يَقُولُونَ قَتله الْخَوَارِج وَكَانَت قتلته بعد بيعَة السفَّاح بأَرْبعَة أشهرٍ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَلما سمع السفَّاح بقتْله أنْشد من الطَّوِيل
(إِلَى النَّار فليذهب وَمن كَانَ مثله ... على أيِّ شيءٍ فاتنا مِنْهُ نأسف)
وَلم يكن خلاَّلاً وإنِّما كَانَ منزله فِي حارة الخلاَّلين وَكَانَ من مياسير الصَّيارف
3 - (قَاضِي عمان)
حَفْص بن عمر بن حَفْص بن ابي السَّائب قَاضِي عمان توفّي سنة تسعين وَمِائَة أَو فِي حُدُودهَا(13/63)
3 - (قَاضِي حلب)
حَفْص بن عمر قَاضِي حلب توفّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة
3 - (قَاضِي نيسابور)
حَفْص بن عبد الرَّحْمَن قَاضِي نيسابور الْفَقِيه الْمَشْهُور أحد الْأَعْلَام قَالَ أَبُو حَاتِم مُضْطَرب الحَدِيث وروى لَهُ النّسائيّ وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَتِسْعين وَمِائَة)
3 - (أَبُو عَمْرو السُّلميّ)
حَفْص بن عبد الْملك بن رَاشد أَبُو عمروٍ السُّلميّ النَّيسابوريّ قَالَ مُحَمَّد بن عقيل كَانَ قَاضِيا عشْرين سنة لَا يحكم إِلَى بالأثر وَلَا يقْضِي بالرّأي البتَّة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة تسع وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَمْرو الحوضيّ)
حَفْص بن عمر بن الْحَارِث بن سَخْبَرَة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الموحَّدة وَبعد الرَّاء هَاء أَبُو عَمْرو الأزديّ النمريّ من النمر بن غيان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْمِيم ألف وَنون البصريّ الْمَعْرُوف بالحوضيّ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا ضاد مُعْجمَة ورى عَنهُ البخاريّ وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النّسائيّ بِوَاسِطَة وروى البخاريّ أَيْضا عَن صَاعِقَة عَنهُ وروى عَنهُ جمَاعَة قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ أجمع أهل الْبَصْرَة على عَدَالَته وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ(13/64)
3 - (الرَّباليّ الرّقاشيّ)
حَفْص بن عمر بن ربالٍ الرقاشيّ روى عَنهُ ابْن ماجة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الدُّوريّ المقرىء)
حَفْص بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن صهْبَان وَيُقَال صُهَيْب الإِمَام أبوعمر الدُّوريّ الأزديّ المقرىء الضَّرِير النحويّ نزيل سرَّ من رأى وَشَيخ المقرئين بالعراق صدَّقه أَبُو حَاتِم وصنَّف كتابا فِي الْقرَاءَات وَهُوَ ثِقَة فِي جَمِيع مَا يرويهِ وَتُوفِّي سنة ستٍ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
قَرَأَ على الكسائيّ وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَيحيى اليزديّ وسليم وشجاع بن أبي نصر وَأبي عمَارَة حَمْزَة بن الْقَاسِم الْأَحول صَاحب حَمْزَة الزيات وَسمع الْحُرُوف من أبي بكر بن عَيَّاش وَيُقَال أَنه كَانَ أول من جمع الْقرَاءَات وألَّفها حدَّث عَن أبي إِسْمَاعِيل المؤدِّب وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَإِسْمَاعِيل بن عيّاش وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأبي مُعَاوِيَة الضَّرِير وَمُحَمّد بن مَرْوَان السدِّي وَعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الوقَّاصي وَيزِيد بن هرون وعدة حَتَّى أَنه روى عَن أَحْمد ابْن حَنْبَل وروى أَحْمد عَنهُ وَطَالَ عمره وَقصد من الْآفَاق وازدحم عَلَيْهِ الحذَّاق لعلوِّ سَنَده وسعة علمه وحدَّث عَنهُ ابْن ماجة فِي سنَنه وَأَبُو زرْعَة الرَّازِيّ وحاجب بن أركين وَمُحَمّد بن حَامِد خَال ولد السنّي وَخلق كثير وَذهب بَصَره آخر عمره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَوْلَا)
تَأَخّر وَفَاته لذكرته مَعَ قالون وأقرانه
3 - (سنجة ألف)
حَفْص بن عمر بن الصَّباح سنجة ألف كَانَ مُسْند الرقة فِي وقته توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الأردبيليّ)
حَفْص بن عمر الأردبيليّ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم كَانَ ثِقَة(13/65)
عَارِفًا توفّي سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَسمع أَبَا حَاتِم الرازيّ وَيحيى بن أبي طَالب وَأَبا قلَابَة عبد الْملك الرقاشيّ وَإِبْرَاهِيم بن ديزيل وَله تصانيف وفوائد وروى عَنهُ أَحْمد بن طَاهِر المنانجي وَأحمد بن عليّ بن لال وَجَمَاعَة
3 - (الإباضيّ)
حَفْص بن أبي الْمِقْدَام افْتَرَقت الإباضيَّة ثَلَاث فرق حفصية وحارثية وبريدية فَأَما حَفْص هَذَا فَإِنَّهُ تميز عَن الإباضية بِأَن قَالَ بَين الشِّرك وَالْإِيمَان خصْلَة وَاحِدَة هِيَ معرفَة الله تَعَالَى وَحده فَمن عرفه ثمَّ كفر بِمَا سواهُ من رسولٍ أَو كتابٍ أَو قيامةٍ أَو جنَّةٍ أَو نارٍ أَو ارْتكب الْكَبَائِر فَهُوَ كَافِر لكنه بَرِيء من الشِّرك وَأما الحراثية والبريدية فقد تقدم ذكرهم
(حَفْصَة)
3 - (أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا)
حَفْصَة هِيَ أم الْمُؤمنِينَ إبنة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا زوج النبيّصلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاجه قيل أَنَّهَا ولدت قبل النبوَّة بِخمْس سِنِين وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلَّقها تَطْلِيقَة ثمَّ ارتجعها أمره بذلك جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلام وَقَالَ إِنَّهَا صوَّامة قوَّامة وَهِي زَوجتك فِي الجنَّة وَتوفيت سنة خمس وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ فِيمَا قبل وَكَانَت قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت خُنَيْس بن حذافة بن قيس بن عديّ السَّهميّ فَلَمَّا تأيَّمت ذكرهَا عمر لأبي بكر وعرضها عَلَيْهِ قلم يرجع أَبُو بكر كلمة فَغَضب من ذَلِك عمر ثمَّ عرضهَا على عُثْمَان حِين مَاتَت رقيَّة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عُثْمَان مَا أُرِيد أَن أَتزوّج الْيَوْم
فَانْطَلق عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَكا إِلَيْهِ عُثْمَان فَقَالَ(13/66)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَزَوَّج حَفْصَة من هُوَ خير من عُثْمَان ويتزوج عُثْمَان من هِيَ خير من حَفْصَة
ثمَّ خطبهَا إِلَى عمر فتزوَّجها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقي أبوبكر عمر فَقَالَ لَا تَجِد عليّ فِي نَفسك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ذكر حَفْصَة فَلم أكن لأفشي سرَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو تَركهَا لتزوَّجتها وَأوصى عمر بعد مَوته إِلَى حَفْصَة وأوصت حَفْصَة إِلَى عبد الله بن عمر بِمَا أوصى بِهِ إِلَيْهَا عمر وبصدقة تصدّقت بهَا بمالٍ وقفته بالغابه وَتوفيت رَضِي الله عَنْهَا سنة خمسٍ وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهَا الجامعة كلهم
3 - (بنت عبد الرَّحمن)
حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُم روى لَهَا مُسلم وَأَبُو دَاوُد والتِّرمذي وَابْن ماجة وَتوفيت فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (أم الْهُذيْل البصرية)
حَفْصَة بنت سِيرِين أم الْهُذيْل البصرية رَوَت عَن أم عَطِيَّة وَأم الرابح والرباب وَأنس بن مَالك مَوْلَاهَا من أَعلَى وَأبي الْعَالِيَة كَانَت عديمة النظير فِي وَقتهَا فقيهة صَادِقَة فاضلة كَبِيرَة الْقدر وروى لَهَا الجامعة وَتوفيت فِي حُدُود الْعشْر وَمِائَة
3 - (الغرناطيّة)
)
حَفْصَة بنت الحاجّ الرَّكونيّ من أهل غرناطة أورد لَهَا ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من المجتث
(يَا سيِّد النَّاس يَا من ... يؤمِّل النَّاس رفده)
(أمنن عليَّ بصكٍّ ... يكون للدَّهر عدَّه)
(تخطُّ يمناك فِيهِ ... وَالْحَمْد لله وَحده)
ونقلت من خطّ ابْن سعيد المغربي فِي كتاب الغراميات قَالَ كَانَت أديبة شاعرة جميلَة مَشْهُورَة بالحسب وَالْمَال فاتّفق أَن بَات أَبُو جَعْفَر بن عبد الْملك بن سعيد هُوَ وَإِيَّاهَا فِي جنَّة من جنَّات غرناطة الَّتِي على نهر شنيل فَقَالَ أَبُو جَعْفَر من الطَّوِيل
(رعى الله لَيْلًا لم يرح بمذمم ... عشيَّة وارانا بحور مؤمِّل)(13/67)
(وَقد خَفَقت من نَحْو نجدٍ أريجةٌ ... إِذا نفحت هبَّت بريَّا القرنفل)
(وغرَّد قمريٌّ على الدَّوح وانثنى ... قضيبٌ من الرَّيحان من فَوق جدول)
(ترى الرَّوض مَسْرُورا بِمَا قد بدا لَهُ ... عناقٌ وضمٌّ وارتشاف مقبَّل)
فَقَالَت حَفْصَة من الطَّوِيل
(لعمرك مَا سرَّ الرياض بوصلنا ... وَلكنه أبدى لنا الغلَّ والحسد)
(وَلَا صفَّق النَّهر ارتياحاً لقربنا ... وَلَا صحد القمريُّ إِلَّا لما وجد)
(فَلَا تحسن الظَّنَّ الَّذِي أَنْت أَهله ... فَمَا هُوَ فِي كلِّ المواطن بالرَّشد)
(فَمَا خلت هَذَا الْأُفق أبدى نجومه ... لأمرٍ سوى كَيْمَا تكون لنا رصد)
قلت أبوجعفر هَذَا هُوَ عَم وَالِد عَليّ بن سعيد وَكَانَ يهوى حَفْصَة هَذِه
(الألقاب)
أَبُو حَفْص الشَّطرنجيّ عمر بن عبد الْعَزِيز
(الجرايحيّ المصريّ)
الحقير النافع كَانَ يَهُودِيّا من أهل مصر طَبِيبا جرايحياً حسن المعالجة كَانَ يرتزق بالجراحة وَهُوَ فِي غَايَة الخمول فاتفق أَن عرض للْحَاكِم عقر أزمن وَلم يبرأ مِنْهُ وَكَانَ ابْن مقشَّر الْحَاكِم والحظيّ عِنْده من الْأَطِبَّاء يعالجونه وَلَا يبرأ فأحضر لَهُ هَذَا اليهوديّ الْمَذْكُور فَلَمَّا رَآهُ طرح عَلَيْهِ دَوَاء يَابسا فجفَّفه وشفاه فِي ثَلَاثَة أيامٍ فَأطلق لَهُ الف دينارٍ وخلع عَلَيْهِ ولقَّبه بالحقير النَّافع وَجعله من أطباء الخاصّ وظرَّف الْقَائِل من المتقارب
(طبيبٌ بِمصْر يسمَّى الحقير ... وَلكنه لَيْسَ بالنافع)
(لَهُ حولةٌ حوَّلت كلَّ من ... بِمصْر إِلَى حومة الشَّافع)
(الألقاب)
ابْن الحكَّاك جَعْفَر بن يحيى
وَبَان الحكَّاك الْحسن بن أَحْمد بن مَحْمُود
(ابْن سلم الرازيّ)
حكَّام بن سلم الرازيّ روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة قبل الوقفة بِمَكَّة(13/68)
(الحكم)
3 - (ابْن عمّ الْحجَّاج الثقفيّ)
الحكم بن أَيُّوب بن الحكم بن أبي عقيل الثقفيّ ابْن عمّ الْحجَّاج بن يُوسُف حدَّث عَن أبي هُرَيْرَة وَكَانَ قد تزوج زَيْنَب بنت يُوسُف أُخْت الْحجَّاج وَخرج بهَا إِلَى الشَّام وَاسْتَعْملهُ الْحجَّاج على الْبَصْرَة وَكَانَ الْحجَّاج قد عرض على زَيْنَب أَن يزوّجها مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن الحكم بن أبي عقيل وَهُوَ يؤمئذ أشرف ثقفيّ فِي زَمَانه وعمره سبع عشرَة سنة فَاخْتَارَتْ الحكم وَهُوَ شيخ وَكَانَ بَخِيلًا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يخْطب بِالْبَصْرَةِ حَتَّى يكَاد يخرج وَقت الصَّلَاة
فَقَامَ إِلَيْهِ يزِيد الضبيّ وَقَالَ لَهُ الصَّلَاة يَرْحَمك الله فَضَربهُ وحبسه وَقَتله صَالح بن عبد الرَّحْمَن الْكَاتِب مَعَ جمَاعَة من آل الْحجَّاج فِي الْعَذَاب على مَا اختزلوه من الْأَمْوَال بِأَمْر سُلَيْمَان وَقَتله بعد التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الغفاريّ)
الحكم بن عمر الغفاريّ أَخُو رَابِع لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَكَانَ صَالحا فَاضلا توفّي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن عتبَة الكنديّ)
الحكم بن عتبَة أَبُو مُحَمَّد الكنديّ مَوْلَاهُم الكوفيّ أحد(13/69)
الْأَعْلَام روى عَن أبي جُحَيْفَة السُّوانيّ وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَالْقَاضِي شُرَيْح وَأبي وَائِل وعليّ ابْن الْحُسَيْن وَمُجاهد وَمصْعَب بن سعد وَإِبْرَاهِيم النخعيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَخلق وَكَانَ إِذا قدم الْمَدِينَة أخلوا لَهُ سَارِيَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلِّي إِلَيْهَا وَكَانَ يفضِّل عليا على أبي بكر وعمره رَوَاهُ الشَّاذكُونِي وَهُوَ ضَعِيف وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَة فِي قَول شُعْبَة
3 - (العدنيّ العابد)
الحكم بن أبان العدنيّ العابد كَانَ إِذا هدأت الْعُيُون وقف فِي الْبَحْر إِلَى رُكْبَتَيْهِ يذكر الله تَعَالَى حَتَّى يصبح وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَة
3 - (أَبُو مَرْوَان الأمويّ)
الحكم بن أبي الْعَاصِ أَبُو مَرْوَان الأمويّ أسلم يَوْم الْفَتْح وَقدم الْمَدِينَة وَكَانَ يفشي سرّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبَّه وطرده إِلَى بطن وجّ وَلم يزل طريداً إِلَى أَن ولي)
عُثْمَان فَأدْخلهُ الْمَدِينَة وَوصل رَحمَه وَأَعْطَاهُ مائَة ألف دِرْهَم لِأَنَّهُ كَانَ عمَّه وَقيل نَفَاهُ إِلَى الطَّائِف لِأَنَّهُ كَانَ يحكيه فِي مشيته وَبَعض حركاته لَهُ عُمُوم الصُّحْبَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ جدُّ عبد الْملك بن مَرْوَان الأمويّ
3 - (ابْن سِنَان الباهليّ)
الحكم بن سِنَان الباهليّ القربيّ بِكَسْر الْقَاف وَفتح الرَّاء وَبعدهَا بَاء موحَّدة توفّي سنة تسعين وَمِائَة
3 - (أَبُو مُطِيع البلخيّ)
الحكم بن عبد الله أَبُو مُطِيع البلخيّ الْفَقِيه صَاحب كتاب الْفِقْه(13/70)
الْأَكْبَر تفقَّه بِأبي حنيفَة ووي قَضَاء بَلخ وَكَانَ بَصيرًا بِالرَّأْيِ وَكَانَ ابْن الْمُبَارك يعظِّمه عَن النَّضر بن شُمَيْل قَالَ أَبُو مُطِيع نزل الْإِيمَان وَالْإِسْلَام فِي الْقُرْآن على وَجْهَيْن وَهُوَ عِنْدِي على وَجه وَاحِد قلت ممَّن ترى الْغَلَط مِنْك أَو من الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلام أَو من جِبْرِيل أَو من الله تَعَالَى فَبَقيَ باهتاً
وَقيل كَانَ من رُؤُوس المرجئة قَالَ ابْن معِين هُوَ ضَعِيف وَقَالَ أَبُو دَاوُد تركُوا حَدِيثَة لِأَنَّهُ كَانَ جهميّاً وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (أَبُو النُّعمان البصريّ)
الحكم بن عبد الله أَبُو النُّعمان الْبَصْرِيّ كَانَ ثِقَة من الحفّاظ روى لَهُ البخاريّ وَمُسلم الترمذيّ والنّسائيّ توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة أَو مَا يُقَارب ذَلِك
3 - (ابْن معبد الحنفيّ)
الحكم بن معبد الخزاعيّ الأديب صَاحب كتاب السُّنَّة كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (قَاضِي حمص أَبُو الْيَمَان)
الحكم بن نَافِع أَبُو الْيَمَان الْحِمصِي البهرانيّ مَوْلَاهُم روى عَن حريز بن عُثْمَان وعفير بنمعدان وَأبي بكر بن أبي مَرْيَم وَصَفوَان بن عَمْرو وأرطاة بن الْمُنْذر التَّابِعين وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَغَيرهم وروى عَنهُ البخاريّ وَالْبَاقُونَ بِوَاسِطَة وَأحمد وَابْن معِين وَأَبُو عبيد والذّهليّ وَأَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي وَمُحَمّد بن عوفٍ وَعلي بن مُحَمَّد الجكَّاني وَخلق وَكَانَ ثِقَة نبيلاً إِمَامًا استقدمه الْمَأْمُون من حمص إِلَى دمشق ليولِّيه قَضَاء حمص قَالَ)
أَبُو زرْعَة سَمِعت أَبَا الْيَمَان يَقُول ولدت سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَمَات سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ(13/71)
3 - (ابْن عبدل الشَّاعِر)
الحكم بن عبدل الْأَسدي ثمَّ الغاضريّ الْكُوفِي شَاعِر مَشْهُور القَوْل مجيد هجَّاء نَفَاهُ ابْن الزبير من الْعرَاق لما نفى عَنْهَا عُمَّال بني أُميَّة وَقدم دمشق وَكَانَ لَهُ من عبد الْملك بن مَرْوَان مَوضِع وَقَالَ ابْن مَاكُولَا هُوَ الشَّاعِر الْأَعْرَج كُوفِي مَشْهُور قَالَ غَيره قَالَ كَانَ يَأْتِي ابْن بشر فَيَقُول لَهُ أخمس مائةٍ أحبُّ إِلَيْك الْعَام أم ألف فِي قَابل فَيَقُول ألف فِي قَابل
وَإِذا أَتَاهُ من قَابل قَالَ لَهُ ألف أحبُّ إِلَيْك الْعَام أم أَلفَانِ من قابلٍ فَيَقُول أَلفَانِ من قابلٍ قَالَ فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَاتَ ابْن بشر وَلم يُعْطه شَيْئا وَقَالَ صَاحب الأغاني كَانَ أعرج أحدب لَا تُفَارِقهُ الْعَصَا فَترك الْوُقُوف بِبَاب الْمُلُوك وَكَانَ يكْتب على عَصَاهُ حَاجته وَيبْعَث بهَا مَعَ رَسُوله فَلَا يحبس لَهُ رَسُول وَلَا تؤخَّر لَهُ حَاجَة فَقَالَ فِي ذَلِك يحيى بن نَوْفَل من الطَّوِيل
(عَصا حكمٍ فِي الدارأوَّل داخلٍ ... وَنحن على الْأَبْوَاب نقصى ونحجب)
(وَكَانَت عَصا مُوسَى لفرعون آيَة ... فهذي لعمر الله أَوْهَى وأعجب)
(تطاع فَلَا تعصى ويحذر سخطها ... ويرغب فِي المرضاة مِنْهَا ويرهب)
وشاعت هَذِه الأبيات بِالْكُوفَةِ وَضحك مِنْهَا النَّاس فَكَانَ الحكم يَقُول ليحيى يَا بن الزَّانِيَة مَا أردْت من عصاي حِين صيَّرتها ضحكة واجتنب أَن يكْتب عَلَيْهَا كَمَا كَانَ يفعل أَولا وَكَانَ لَهُ صديق أعمى يدعى أَبُو عليَّة وَكَانَ ابْن عبدل قد أقعد فَخَرَجَا لَيْلَة من منزلهما إِلَى منزل بعض إخوانهما وَالْحكم يحمل وَأَبُو علَّية يُقَاد فلقيهما صَاحب العسس بِالْكُوفَةِ وَأَخذهمَا فحبسهما فَلَمَّا استقرا فِي الْحَبْس نظر الحكم إِلَى عَصَاهُ مَوْضُوعَة بِجنب عَصا أبي عليَّة فَضَحِك وَقَالَ من مجزوء الْكَامِل حبسي وَحبس أبي علية من أَعَاجِيب الزَّمَان
(أعمى يُقَاد ومقعدٌ ... لَا الرِّجل مِنْهُ وَلَا اليدان)
هَذَا بِلَا بصرٍ هُنَاكَ وَبِي يخبُّ الحاملان يَا من رأى ضبَّ الفلاة قرين حوتٍ فِي مَكَان طرفِي وطرف أبي علية دَهْرنَا متوافقان)
(من يفتخر بجواده ... فجوادنا عكَّازتان)
(طرفان لَا علفاهما ... يشرى وَلَا يتصاولان)(13/72)
وَقَالَ أَيْضا من أَبْيَات من الطَّوِيل
(فَفِي حالتينا عبرةٌ وتفكُّر ... وأعجب مِنْهُ حبس أعمى ومقعد)
(كِلَانَا إِذا العكَّاز فارقكفَّه ... يخرُّ صَرِيعًا أَو على الْوَجْه يسْجد)
(فعكَّازه تهدي إِلَى السُّبل أكمهاً ... وَأُخْرَى مقَام الرِّجل قَامَت مَعَ الْيَد)
وَكَانَ بِالْكُوفَةِ امْرَأَة موسرة وَكَانَ لَهَا على النَّاس دُيُون بالسَّواد فاستعانت بِابْن عبدل فِي دينهَا وَقَالَت إِنِّي لست بِزَوْج وَجعلت تعرِّض بِأَنَّهَا تزَوجه نَفسهَا فَقَامَ ابْن عبدل فِي دينهَا حَتَّى اقْتَضَاهُ فَلَمَّا طالبها بِالْوَفَاءِ كتبت إِلَيْهِ من الوافر
(سيخطئك الَّذِي حاولت مني ... فقطِّع حَبل وصلك من حبالي)
(كَمَا أخطاك مَعْرُوف ابْن بشرٍ ... وَكنت تعدُّ ذَلِك رَأس مَال)
وَضرب الحجّاج الْبَعْث على المحتملين وَمن أنبت من الصِّبيان وَكَانَت الْمَرْأَة تَجِيء إِلَى ابْنهَا فتضمنه وَتقول يَا ابْني جزعاً عَلَيْهِ فسمِّي ذَلِك الْجَيْش جَيش با ابْني وأحضرابن عبدل وجرِّد فَوجدَ أحدب أعرج فأعفي من ذَلِك فَقَالَ من الطَّوِيل
(لعمري لَئِن جرَّدتني فوجدتي ... كثير الْعُيُوب سيءِّ المتجرَّد)
(فأعفيتني لّما رَأَيْت زمانتي ... ووفِّقت مني للْقَضَاء المسدَّد)
(وَلست بِذِي شيخين يلتزمانه ... وَلَكِن يتيمٌ سَاقِط الرِّجل وَالْيَد)
وَخرج لَيْلَة وَهُوَ سَكرَان مَحْمُولا فِي محفَّة فَلَقِيَهُ صَاحب العسس فَقَالَ لَهُ من أَنْت فَقَالَ لَهُ يَا بغيض أَنْت أعرف بِي من أَن تسْأَل عني اذْهَبْ إِلَى شغلك فَإِن اللُّصُوص لَا يخرجُون فِي اللَّيْل فِي محفَّة فَضَحِك الرجل وَانْصَرف وَكَانَت لَهُ جَارِيَة سَوْدَاء فَولدت لَهُ إبناً أسود وَكَانَ أعرم الصّبيان فَقَالَ فِيهِ من الرجز
(يَا ربَّ خالٍ لَك مسودِّ الْقَفَا ... لَا يشتكي من رجله مسَّ الحفا)
(كأنَّ عَيْنَيْهِ إِذا تشوَّفا ... عينا غرابٍ فَوق نيقٍ أشرفا)
3 - (صَاحب الأندلس الرَّبضي)
الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن(13/73)
عبد الْملك بن مَرْوَان ملك الأندلس)
ولي الْأَمر بعد وَالِده وامتدت أَيَّامه وَأقَام فِي الْأَمر بعد سبعا وَعشْرين سنة وشهراً ولقَّب نَفسه بالرَّبضي وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً فاتكاً جباراً ذَا حزمٍ ودهاء كَانَ يمسك أَوْلَاد النَّاس الملاح فيخصيهم ويمسكهم لنَفسِهِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن خمسين سنة وَدفن فِي الْقصر وَصلى عَلَيْهِ ابْنه عبد الرَّحْمَن وَقيل كَانَ عمره يَوْم مَاتَ اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة وَله شعر
وَقَامَ بعده وَلَده أَبُو المطرِّف عبد الرَّحْمَن وَمن شعره من الْبَسِيط
(قضبٌ من البان ماست فَوق كُثْبَان ... ولَّين عني وَقد أزمعن هجراني)
(ملكنني ملكاًذلَّت عَزَائِمه ... للحبِّ ذلَّ أسيرٍ موثقٍ عان)
(من لي بمغتصبات الرّوح من بدني ... يغصبنني فِي الْهوى عزِّي وسلطاني)
وَكَانَ لَهُ ألفا فرس مرتبطة على شاطىء النَّهر بقبليِّ قصره يجمعها داران وَكَانَ يعرف بالرَّبضيّ لِأَنَّهُ قتل أهل الربض القبليِّ وَهُوَ من جَانب شقندة فِي العدوة الْأُخْرَى من قرطبة وَرَاء الْوَادي وَهدم دِيَارهمْ وحرثها فَأَصْبَحت فدادين بعد حَرْب عَظِيمَة وَظهر فِي ذَلِك بشجاعة وبسالة وَكَانَ الحكم قد تظاهر فِي صدر ولَايَته بالخمور وَالْفِسْق فَقَامَتْ الْفُقَهَاء والكبار وخلعوه سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ ثمَّ أعادوه لما تنصَّل وَتَابَ فَقتل طَائِفَة من الْكِبَار وصلبهم بأزاء قصره قيل بلغُوا سبعين نفسا وَكَانَ يَوْمًا فظيعاً فمقتته الْقُلُوب وأضمروا لَهُ السوء وأسمعوه الْكَلَام المرّ فتحصّن واستعد وَجَرت لَهُ أُمُور يطول شرحها قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزمٍ كَانَ من المجاهرين بِالْمَعَاصِي سفَّاكاً للدماء وَقَالَ من الطَّوِيل
(رَأَيْت صدوع الأَرْض بالسِّيف راقعاً ... وقدماً لأمت الشِّعب مذ كنت يافعا)
(فسائل ثغوري هَل بهَا الْيَوْم ثغرةٌ ... أبادرها منتضي السِّيف دارعا)
(وشافه على الأَرْض الفضاء جماجماً ... كأقحاف منثور الهبيد لوامعا)
(تنبيك أَنِّي لم أكن فِي قراعهم ... بوانٍ وقدماً كنت بالسِّيف قارعا)
(وَهل زِدْت أَن وفَّيتهم صَاع قرضهم ... فوافوا منابا قدِّرت ومصارعا)
(فهاك سلاحي إِنَّنِي قد تركتهَا ... مهاداً وَلم أترك عَلَيْهَا منازعا)
3 - (الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الأمويّ)
الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن(13/74)
عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي المرواني هُوَ الْمُسْتَنْصر بِاللَّه صَاحب الأندلس ابْن النَّاصِر)
لدين الله الأمويّ بَقِي فِي المملكة بعد أَبِيه سِتَّة عشر عَاما وعاش ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة وَقد تقدّم ذكر أَخِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَسَيَأْتِي ذكر أَخَوَيْهِ عبد الله وَعبد الْعَزِيز فِي مكانيهما إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيَأْتِي ذكر وَالِده عبد الرَّحْمَن فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين وَكَانَ حسن السِّيرة مكرماً للقادمين عَلَيْهِ جمع من الْكتب مَا لَا يحدّ وَلَا يُوصف كَثْرَة ونفاسة قيل أَنَّهَا كَانَت أَربع مائَة ألف مُجَلد ونهم لّما نقولها أَقَامُوا سِتَّة أشهر فِي نقلهَا وَكَانَ عَالما نبيها حسن السِّيرَة صافي السريرة سمع من قَاسم بن أصبغ وَأحمد بن دُحَيْم ومحمّد بن محمّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي وزكرياء بن خطاب وَأكْثر عَنهُ وَأَجَازَ لَهُ ثَابت بن قَاسم وَكتب عَن خلق كثير سوى هَؤُلَاءِ وَكَانَ يستجلب المصنَّفات من الأقاليم والنواحي باذلاً فِيهَا مَا أمكن من الْأَمْوَال حَتَّى ضَاقَتْ عَنْهَا خزائنه وَكَانَ ذَا غرم بهَا قد آثر ذَلِك على لذات الْمُلُوك فاستوسع علمه ودق نظره وجمَّت استفادته وَكَانَ فِي الْمعرفَة بِالرِّجَالِ والأنساب وَالْأَخْبَار أحوذياً نَسِيج وَحده وَكَانَ أَخُوهُ الْأَمِير عبد الله الْمَعْرُوف بِالْوَلَدِ على هَذَا النمط من محبَّة الْعلم فَقيل فِي أَيَّامه أَبِيه وَكَانَ الحكم ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ قَالَ ابْن الْأَبَّار هَذَا وأضعافه فِيهِ وَقَالَ عجبا لِابْنِ الفرضي وَلابْن بشكوال كَيفَ لم يذكراه ولي الْأَمر سنة خمسين وَثَلَاث مائَة بعد وَالِده وَقل مَا نجد لَهُ كتابا من خزائنه إِلَّا وَله فِيهِ قِرَاءَة أَو نظر فِي أَي فن كَانَ وَيكْتب فِيهِ نسب الْمُؤلف ومولده ووفاته وَيَأْتِي من بعد ذَلِك بِغَرَائِب لَا تكَاد تُوجد إِلَّا عِنْده لعنايته بِهَذَا الشَّأْن توفّي بقصر قرطبة فِي ثَانِي صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة مَاتَ بالفالج وَكَانَ قد شدد فِي إبِْطَال الْخمر فِي مَمْلَكَته تشديداً مفرطاً وَتَوَلَّى الْأَمر بعده ابْنه الْمُؤَيد بِاللَّه هِشَام وسنه يَوْمئِذٍ تسع سِنِين وَقَامَ بتدبير المملكة الْحَاجِب أَبُو عمر مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عَامر العامري القحطاني الملقب بالمنصور وَقد تقدم ذكره وَمن شعر الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَهُوَ جيد من الطَّوِيل
(عجبت وَقد ودَّعتها كَيفَ لم أمت ... وَكَيف انْثَنَتْ بعد الْوَدَاع يَدي معي)
(فيا مقلتي العبرى عَلَيْهَا اسكبي دَمًا ... وَيَا كَبِدِي الحرَّى عَلَيْهَا تقطَّعي)(13/75)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِلَى الله أَشْكُو من شمائل مترفٍ ... عليَّ ظلومٍ لَا يدين بِمَا دنت)
(نأت عَنهُ دَاري فاستزاد صدوده ... وَإِنِّي على وجدي الْقَدِيم كَمَا كنت)
(وَلَو كنت أَدْرِي أنَّ شوقي بالغٌ ... من الوجد مَا بلِّغته لم أكن تبت)
)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْعقيلِيّ)
الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد الثقفيّ العقيليّ من آل أبي عقيل الكوفيّ سكن دمشق وحدّث عَن قَتَادَة وَعبد الله بن عُمَيْر وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَأبي إِسْحَق الهمدانيّ وَمَنْصُور والثوريّ وَهِشَام بن عُرْوَة وَغَيرهم وروى عَنهُ هِشَام بن عمار والواليد بن مُسلم والهيثم بن خَارِجَة وَغَيرهم قَالَ يحيى بن معِين الحكم بن هِشَام كوفيّ ثِقَة وَقَالَ أَبُو زرْعَة لَا بَأْس بِهِ وَكَانَ من ولد سعيد بن الْعَاصِ وَكَانَ يَقُول وَمن مثل الْحجَّاج تزوّج أَرْبَعِينَ من قُرَيْش وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ وَكَانَ عسراً فِي الحَدِيث فَلَمَّا جَاءَهُ ابْن الْمُبَارك انبسط لَهُ وحدَّثه وَكَانَ مؤاخياً لأبي حنيفَة
3 - (وليُّ الْعَهْد)
الحكم بن الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان جعله أَبوهُ وليَّ عَهده وَبَايع لَهُ بالخلافة من بعده وَبعده لِأَخِيهِ عُثْمَان بن الْوَلِيد فَلَمَّا قتل أَبوهُمَا حبسا وبويع يزِيد بن الْوَلِيد فَلَمَّا مَاتَ يزِيد سَار مَرْوَان بن مُحَمَّد إِلَى دمشق فالتقته جنود إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد فهزمت فَرَجَعُوا إِلَى دمشق وَذبح الغلامان فِي السجْن سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة وهربوا وَجَاء مَرْوَان وبويع بالخلافة وَقَالَ الحكم فِي السجْن من الوافر
(أتنزع بيعتي من أجل أُمِّي ... وَقد بايعتم بعدِي هجينا)
(ومروانٌ بِأَرْض ابْني نزارٍ ... كليث الغاب مفترساً عرينا)
(فَإِن أهلك أَنا ووليُّ عهدي ... فمروان أَمِير المؤمنينا)
وَبِهَذَا الْبَيْت احتجَّ مَرْوَان فِي طلب الْخلَافَة وَكَانَ بَنو مَرْوَان يرَوْنَ أنَّ ذهَاب ملكهم على يَد خليفةٍ مِنْهُم ابْن أمِّ ولد وَكَانَ الحكم وَيزِيد بن الْوَلِيد ومروان بن مُحَمَّد كلُّهم أَوْلَاد أمَّهات أَوْلَاد
3 - (حكم الْوَادي الْمُغنِي)
الحكم بن مَيْمُون وَيُقَال أَن يحيى بن مَيْمُون أَبُو يحيى الفارسيّ الْمَعْرُوف بِحكم الْوَادي من أهل وَادي الْقرى مولي عبد الْملك وَقيل مولى ابْنة الْوَلِيد(13/76)
كَانَ مَعَ الْوَلِيد بن يزِيد لما قتل وَالْأَظْهَر أَنه كَانَ مَعَه عمر الْوَادي وَقد الحكم مَعَ إِبْرَاهِيم بن المهديّ لما ولي دمشق واستوهبه صحبته من الرشيد وَكَانَ حسن الصّوت والنَّقر وَكَانَ من أحسن النَّاس خلقا وَكَانَ)
ابْن جُنْدُب الهذليّ يسميِّه وَأَصْحَابه القصّارين أَي أَنهم يقصرون الْأَشْعَار بالألحان
3 - (المخزوميّ أحد الأجواد)
الحكم بن المطَّلب بن عبد الله بن المطَّلب القرشيّ المخزوميّ كَانَ من أجواد قُرَيْش من أهل الْمَدِينَة قدم منبج وسكنها مرابطاً إِلَى أَن مَاتَ بهَا حدَّث عَن أَبِيه وَأبي سعيد المقبريّ وَكَانَ ممدَّحاً وَكَانَ من أبرِّ النَّاس بِأَبِيهِ وَكَانَ أَبوهُ يُؤثر أَخَاهُ الْحَارِث بن الْمطلب على جَمِيع إخْوَته وَكَانَ الحكم يطْلب رضى أَبِيه فِي كل مَا يُرِيد مَعَ أَخِيه الْحَارِث فَاشْترى الحكم جَارِيَة مَشْهُورَة الْجمال بمالٍ كثير فحين أَرَادَ الدُّخُول عَلَيْهَا أمره أَبوهُ أَن يَهَبهَا لِلْحَارِثِ أَخِيه فَفعل
وَفِي الحكم يَقُول ابْن هرمة من الْكَامِل
(إنَّ الْقَرَابَة مِنْك تَأمل أَهلهَا ... صلَة وتأمن غلظةً وعقوقا)
وَكَانَ قد اسْتَعْملهُ بعض وُلَاة الْمَدِينَة على بعض المساعي فَلم يرفع شَيْئا فَقَالَ لَهُ الْوَالِي أَيْن الْإِبِل وَالْغنم فَقَالَ أكلنَا لحومها بالخبز قَالَ فَأَيْنَ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم قَالَ اعتقدنا بهَا الصَّنَائِع فِي رِقَاب الرِّجَال فحبسه فَقَالَ فِيهِ بعض ولد نهيك الْأنْصَارِيّ من الطَّوِيل
(خليليَّ إنَّ الْجُود فِي السِّجن فابكيا ... على الْجُود إِذْ سدَّت علينا مرافقه)
قيل لنصيب هرم شعرك فَقَالَ لَا وَلَكِن هرم الْجُود لقد مدحت الحكم بن الْمطلب فَأَعْطَانِي أَربع مائَة شَاة وَأَرْبع مائَة دِينَار وَأَرْبع مائَة نَاقَة وَقَالَ قبيل مَوته هَذَا ملك الْمَوْت يَقُول إِنِّي بكلّ سخيّ رَفِيق وَمَات عقيب كَلَامه
3 - (القنطريّ)
الحكم بن مُوسَى بن أبي زُهَيْر أَبُو صَالح البغداديّ القنطريّ الزَّاهِد سمع بِدِمَشْق الْوَلِيد بن مُسلم وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر وَغَيرهمَا وروى عَنهُ مُسلم فِي الصَّحِيح وَأَبُو دَاوُد وَأحمد بن حَنْبَل وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَغَيرهم وَرَأى مَالك بن أنس وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(13/77)
3 - (الخضريّ الشَّاعِر)
الحكم بن معمر أَبُو منيع الخضريّ بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَالْخضر ولد مَالك بن طريف وَإِنَّمَا سمّي الْخضر لِأَن مَالِكًا كَانَ شَدِيد الأدمة وَكَذَلِكَ وَلَده فسموا الْخضر بذلك وَكَانَ الحكم شَاعِرًا مجيداً وَكَانَ يهاجي الرمَّاح بن ميادة المِّريّ فَشَكَاهُ بني مرَّة إِلَى)
وَالِي مَكَّة فتواعده فهرب إِلَى دمشق امتدح أسود بن بِلَال المحاربيّ الدَّارَانِي مَاتَ بِالشَّام غريقاً فِي بعض أنهاره وَكَانَ مدَّاحاً لبني العوَّام حَتَّى قَالَ من الْبَسِيط
(لَو يعدل الْمَوْت فِي قومٍ لفضلهم ... مَا مَاتَ من ولد العوَّام ديّار)
3 - (ابْن قنبر البصريّ)
الحكم بن مُحَمَّد بن قنبر الْمَازِني الْبَصْرِيّ كَانَ شَاعِرًا ظريفاً من شعراء الدولة الهاشمية قدم بَغْدَاد وَكَانَ يهاجي مُسلم بن الْوَلِيد مُدَّة ثمَّ غَلبه مُسلم اجْتمعَا يَوْمًا فِي مَسْجِد الرُّصافة يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بأزاء صَاحبه فَبَدَأَ مُسلم فَأَنْشد قصيدته الَّتِي مِنْهَا من الطَّوِيل
(أَنا النَّار فِي أحجارها مستكنَّةٌ ... فَإِن كنت ممَّن يقْدَح النَّار فاقدح)
وتلاه ابْن قنبر فَأَنْشد من الْبَسِيط
(قد كدت تهوي وَمَا قوسي بموترةٍ ... فَكيف ظنُّك بِي والقوس فِي وتر)
فَوَثَبَ مُسلم وتواخذا حَتَّى حجز النَّاس بَينهمَا فتفرَّقا وَمن شعره من الْبَسِيط
(ويلي على من أطار النّوم فامتنعا ... وَزَاد قلبِي على أوجاعه وجعا)
(ظبيٌ أغنُّ ترى فِي وَجهه سرجاً ... تعشى الْعُيُون إِذا مَا نوره سطعا)
(كَأَنَّمَا الشَّمْس فِي أثوابه بزغت ... حسنا أَو الْبَدْر فِي أردانه طلعا)
(فقد نسيت الْكرَى من طول مَا عطلت ... مِنْهُ الجفون وطارت مهجتي قطعا)
قلت شعر جيد
3 - (الزُّعيني)
الحكم بن عمر وَيُقَال عَمْرو أَبُو سُلَيْمَان وَأَبُو عِيسَى الرُّعيني(13/78)
الْحِمصِي سمع عبد الله بن بشر صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَتَادَة السَّدوسيّ وَعمر بن عبد الْعَزِيز الْأمَوِي ومسلمة بن عبد الْملك بن مَرْوَان وَإِسْمَاعِيل بن معدي كرب الزبيدِيّ وروى عَنهُ خَالِد بن مرداس السَّراج وَغَيره وَقدم بَغْدَاد وحدَّث بهَا قَالَ شهِدت عمر بن عبد الْعَزِيز فِي زَمَانه وَأَنا ابْن عشْرين سنة وَقد هلك عمر بن عبد الْعَزِيز مُنْذُ اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة قَالَ وَصليت مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز فَكَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي كل سُورَة يقرأوها قَالَ يحيى بن معِين الرُّعيني لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ ضَعِيف لَا يكْتب حَدِيثه
3 - (طَبِيب مُعَاوِيَة)
)
أَبُو حكم قَالَ ابْن أبي أصيبعة كَانَ طَبِيبا نَصْرَانِيّا عَالما بأنواع العلاج والأدوية وَله أَعمال مَذْكُورَة وصفات مَشْهُورَة وَكَانَ يستطبّه مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان ويعتمد عَلَيْهِ فِي تركيبات أدوية لأغراض قَصدهَا مِنْهُ وعمِّر أَبُو حكم هَذَا عمرا طَويلا حَتَّى تجَاوز الْمِائَة
3 - (الدِّمشقي الطَّبِيب)
حكم الدمشقيّ الطَّبِيب كَانَ يلْحق بِأَبِيهِ فِي مَعْرفَته بالمداواة والأعمال الطبية وَالصِّفَات البديعة
وَكَانَ مُقيما بِدِمَشْق وعمِّر أَيْضا عمرا طَويلا مثل أَبِيه
(الألقاب)
أَبُو الحكم الباهليّ الطَّبِيب عبد الله بن المظفَّر
(حكيِّم)
3 - (العبديّ العابد)
حكيِّم بن جبلة الْعَبْدي كَانَ متديناً عابداً وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَبُو يحيى الكوفيّ)
حكيِّم بن سعد بن تحيا بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف والحاء الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف أَبُو يحيى الْكُوفِي حدَّث عَن عَليّ وَأبي مُوسَى وَأم سَلمَة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (حَكِيم بن عبد الله)
حَكِيم بن عبد الله بن قيس حدَّث عَن نَافِع بن جُبَير وعامر بن(13/79)
سع وَعبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون وَرَأى عبد الله بن عمر وثّقه ابْن حبّان وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة
3 - (حكيمة الثقفية)
حكيمة بنت غيلَان الثقفية امْرَأَة يعلي بن مرّة رَوَت عَن زَوجهَا يعلى قَالَ ابْن عبد البرّ لَا أَدْرِي سَمِعت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَا
3 - (الْعَبْدي الْبَصْرِيّ)
حَكِيم بن جبلة بن حصن بن أسود بن كَعْب بن عَامر بن عديّ بن الْحَارِث ابْن الدُّئل بن عَمْرو بن غنم بن وَدِيعَة بن كثير بن أفصى بن عبد القس بن أفصى بن دعمي بن حديلة بن أَسد بن ربيعَة بن نزار بن معدِّ بن عدنان الْعَبْدي الْبَصْرِيّ وَهُوَ من أجداد يَمُوت بن المزرّع كَانَ)
حَكِيم من أعوان عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لما بُويِعَ بالخلافة بَايعه طَلْحَة وَالزُّبَيْر فعزم عليّ على تَوْلِيَة الزبير الْبَصْرَة وتولية طَلْحَة الْيمن فَخرجت مولاة لعَلي بن أبي طَالب فسمعتهما يَقُولَانِ مَا بَايَعْنَاهُ إِلَّا بألسنتنا وَمَا بَايَعْنَاهُ بقلوبنا فَأخْبرت مَوْلَاهَا بذلك فَقَالَ وَمن نكث فإنَّما ينْكث على نَفسه وَبعث عُثْمَان بن حنيف الْأنْصَارِيّ إِلَى الْبَصْرَة وَبعث عبيد الله بن الْعَبَّاس إِلَى الْيمن فَاسْتعْمل عُثْمَان بن حنيف حَكِيم بن جبلة الْمَذْكُور على شرطة الْبَصْرَة
ثمَّ إِن طَلْحَة وَالزُّبَيْر لَحقا بِمَكَّة وفيهَا عَائِشَة فاتفقوا وقصدوا الْبَصْرَة وفيهَا ابْن حنيف الْمَذْكُور فَأتى حَكِيم بن جبلة وَأَشَارَ عَلَيْهِ بمنعهم من دُخُول الْبَصْرَة فَأبى وَقَالَ مَا أَدْرِي رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي ذَلِك فَدَخَلُوهَا وتلقَّاهم النَّاس فوقفوا فِي مربد الْبَصْرَة وَتَكَلَّمُوا فِي قتل عُثْمَان وبيعة عَليّ فَرد عَلَيْهِم رجل من عبد الْقَيْس فنالوا مِنْهُ ونتفوا لحيته وترامى النَّاس بِالْحِجَارَةِ واضطربوا فجَاء حَكِيم بن جبلة إِلَى ابْن حنيف فَدَعَاهُ إِلَى قِتَالهمْ فَأبى ثمَّ أَتَى عبد الله بن الزبير إِلَى مَدِينَة الرزق ليرزق أَصْحَابه من الطَّعَام فِيهَا وَعدا حَكِيم بن جبلة فِي سبع مائَة من عبد الْقَيْس فقاتله فَقتل حَكِيم بن جبلة وَسَبْعُونَ من أَصْحَابه وَرُوِيَ أَنه قَالَ لامْرَأَته وَكَانَت من الأزد لأعملنَّ بقومك الْيَوْم عملا يكونُونَ بِهِ حَدِيثا للنَّاس فَلَقِيَهُ رجل يُقَال بِهِ سحيم فَضرب عُنُقه فَبَقيَ مُعَلّقا بجلده فَاسْتَدَارَ رَأسه فَبَقيَ مُقبلا بِوَجْهِهِ على دبره وَكَانَ ذَلِك قبل وُصُول عليّ رَضِي الله عَنهُ بجيوشه إِلَيْهِم وَكَانَت قتلته فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من الْهِجْرَة(13/80)
3 - (الأسديّ الصَّحابي)
حَكِيم بن حزَام بن خويلد القرشيّ هُوَ بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْكَاف الأسديّ عمته خَدِيجَة وَهُوَ وَالِد هِشَام لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَشرف فِي قومه وحشمة حضر بَدْرًا مُشْركًا وَأسلم عَام الْفَتْح بِالطَّرِيقِ قبل أَن يدْخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة وَشهد حنيناً وَكَانَ إِذا اجْتهد فِي يَمِينه قَالَ لَا والّذي نجّاني يَوْم بدر من الْقَتْل وَولد فِي جَوف الْكَعْبَة أسلم وَله سِتُّونَ سنة وَكَانَ من المؤلَّفة أعتق فِي الْجَاهِلِيَّة مائَة رَقَبَة وَفِي الْإِسْلَام مائَة رَقَبَة وَهُوَ أحد من دفن عُثْمَان وَلما توفّي الزبير قَالَ لِابْنِهِ كم على أخي من الدَّين قَالَ ألف ألف دِرْهَم قَالَ عليَّ مِنْهَا خمس مائَة ألف دِرْهَم توفّي سنة أَربع وَخمسين وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَأَعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة بعير وعاش مائَة وَعشْرين سنة وَكَانَ أحد عُلَمَاء قُرَيْش بالنَّسب وَعَن الزهريّ)
أَن حكيماً سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يدْخل الجنَّة قَالَ لَا تسْأَل أحدا شَيْئا فَكَانَ حَكِيم لَا يسْأَل خادمه أَن يسْقِيه مَاء وَلَا يناوله مَا يتَوَضَّأ بِهِ وَقيل أَنه حضر يَوْم عَرَفَة وَمَعَهُ مائَة رَقَبَة وَمِائَة بَدَنَة وَمِائَة بقرة وَمِائَة شَاة وَقَالَ هَذَا كلُّه لله فَأعتق الرّقاب وَأمر بذلك فَنحر وَبَاعَ دَار الندوة من مُعَاوِيَة بِمِائَة ألف دِرْهَم وَقيل بِأَرْبَعِينَ ألف دِينَار وَقَالَ وَالله إِن أَخَذتهَا فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا بزقِّ خمرٍ واشهدوا أَن ثمنهَا فِي سَبِيل الله
3 - (الْأَعْوَر الْكَلْبِيّ)
حَكِيم بن عيَّاش الكلبيّ الْأَعْوَر الشَّاعِر كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى بني أميِّة وَسكن المزَّة وانتقل إِلَى الْكُوفَة وَله شعر يفخر فِيهِ بِالْيمن نقضه عَلَيْهِ الْكُمَيْت بن زيد وافتخر بمضر وَهُوَ الْأَعْوَر الكلبيّ وَبِذَلِك يعرف وَهُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(صلبنا لكم زيدا على جذع نخلةٍ ... وَلم نرد مهدياً على الْجذع يصلب)
(وَقسم بعثمانٍ عليا سفاهةً ... وَعُثْمَان خيرٌ من عليٍّ وَأطيب)
يُرِيد زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب(13/81)
3 - (زوج عِكْرِمَة بن أبي جهل)
أم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام زوج عِكْرِمَة بن أبي جهل ابْن عَمها أسلمت يَوْم الْفَتْح واستأمنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزَوجهَا عِكْرِمَة بن أبي جهل وَكَانَ قد فر إِلَى الْيمن وَخرجت فِي طلبه فردَّته وثبتا على نِكَاحهمَا وَقتل زَوجهَا عَنْهَا بأجنادين فاعتدَّت اربعة أشهر وَعشرا وَكَانَ يزِيد بن أبي سُفْيَان يخطبها وخَالِد بن سعيد يُرْسل إِلَيْهَا يعرّض لَهَا فِي الْخطْبَة فَخطبت إِلَى خَالِد بن سعيد فَتَزَوجهَا على أَربع مائَة دِينَار فَلَمَّا نزل الْمُسلمُونَ على مرج الصُّفَّر وَكَانَ خَالِد شهد أجنادين وفحل ومرج الصُّفَّر فَأَرَادَ أَن يعرِّس بأمّ حَكِيم فَقَالَت لَهُ لَو أخّرت الدُّخُول حَتَّى يفضَّ الله هَذِه الجموع فَقَالَ خَالِد إنَّ نَفسِي تُحَدِّثنِي أَنِّي أصَاب فِي جموعهم قَالَت فدونك فأعرس بهَا عِنْد القنطرة الَّتِي بمرج الصُّفَّر وَبهَا سمِّيت قنطرة أم حَكِيم وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا ودعا أَصْحَابه على طَعَام فَمَا فرغوا من الطَّعَام حَتَّى صفَّت الرّوم صفوفها وبرز خَالِد فقاتل حَتَّى قتل رَحمَه الله وشدَّت أم حَكِيم عَلَيْهَا ثِيَابهَا وعات وإنّ عَلَيْهَا لدرع الخلوق وَقتلت أم حَكِيم يومئذٍ سَبْعَة من الرّوم بعمود الْخَيْمَة الَّتِي بَات فِيهَا خَالِد معرٍّساً)
3 - (بنت حرَام)
أمُّ حَكِيم بنت حرَام قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر من أسر أمَّ حَكِيم بنت حرَام فَلْيخل سَبِيلهَا وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار قد أسرها وشدها بذؤابتها فَلَمَّا سمع مناداة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلقها ولعلها أُخْت حَكِيم بن حزَام
3 - (بنت الزُّبيربن عبد المطَّلب)
أم حَكِيم بنت الزُّبير بن عبد الْمطلب أُخْت ضباعة بنت الزُّبير كَانَت تَحت ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد المطلَّب أسلمت وَهَاجَرت رَوَت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على ضباعة بنت الزبير فنهش عِنْدهَا كَتفًا ثمَّ صلَّى وَمَا توضَّأ من ذَلِك روى عَنْهَا ابْنهَا ابْن أم حَكِيم
3 - (الموصِّلة)
أم حَكِيم كَانَت تسمَّى الموصِّلة بنت الموصِّلة وَقيل الْوَاصِلَة بنت الْوَاصِلَة لِأَنَّهُمَا وصلتا الْجمال بالكمال وَهِي وَأمّهَا من أجمل نسَاء قُرَيْش تزَوجهَا هِشَام بن عبد(13/82)
الْملك وَكَانَت منهومة بِالشرابِ منهمكة عَلَيْهِ لَا تكَاد تصبر عَنهُ وَلها كأس اشتهرت بَين الشُّعَرَاء ومازالت فِي خَزَائِن الْخُلَفَاء وفيهَا يَقُول الْوَلِيد من الْخَفِيف
(علِّلاني بعاتقان الكروم ... واسقياني بكأس أمِّ حَكِيم)
(إنَّما تشرب المدامة صرفا ... فِي إناءٍ من الزّجاج عَظِيم)
فَلَمَّا بلغ ذَلِك هشاماً قَالَ لَهَا أتفعلين ذَلِك قَالَت أَو تصدقه الْفَاسِق فِي شَيْء قَالَ لَا قَالَت هُوَ كبعض كذبه وَكَانَ لهشام مِنْهَا ولد يُقَال لَهُ مسلمة وكنيته أَبُو شَاكر وَكَانَ هِشَام يُحِبهُ وينِّوه بِهِ وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ قَالَ إِسْمَاعِيل بن مجمع منا نخرج مَا فِي خَزَائِن الْمَأْمُون من الذَّهَب وَالْفِضَّة فنزكِّي عَنهُ وَكَانَ مِمَّا نزكِّي عَنهُ قَائِم كأس أم حَكِيم وَكَانَ فِيهِ من الذَّهَب ثَمَانُون مِثْقَالا وَكَانَ كأس زجاج أَخْضَر مقبضه من ذهب وَقَالَ أَحْمد بن الْهَيْثَم لما أخرج الْمُعْتَمد مَا فِي الخزائن ليباع فِي أَيَّام ظُهُور الناجم بِالْبَصْرَةِ أخرج إِلَيْنَا كأس مدوَّر على هَيْئَة القحف يسع ثَلَاثَة أَرْطَال فقوِّم أَرْبَعَة دَرَاهِم فعجبنا من حُصُوله فِي الخزائن مَعَ خساسته فسألنا الخازن عَنهُ فَقَالَ هَذَا كأس أم حَكِيم فرددناه إِلَى الخزانة
(الألقاب)
)
حَكِيم الزَّمَان الطَّبِيب اسْمه عبد الْمُنعم بن عمر أَبُو حكيمة رَاشد بن إِسْحَق
(حليمة السَّعدية)
حليمة بنت أبي ذُؤَيْب عبد الله بن الْحَارِث يَنْتَهِي إِلَى مُضر السّعدية
أم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة هِيَ الَّتِي أَرْضَعَتْه حَتَّى أكملت رضاعه وَرَأَتْ لَهُ برهاناً وعلماً جَلِيلًا وَجَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فَقَامَ إِلَيْهَا وَبسط لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَست عَلَيْهِ رَوَت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَنْهَا عبد الله بن جَعْفَر قلت كَذَا ذكره ابْن عبد البّر وَغَيره وَالظَّاهِر أَن الَّتِي أَتَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا هِيَ الشيماء بنت حليمة السَّعدية لما أغارت خيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هوَازن وسبوها وَسَيَأْتِي ذكرهَا فِي حرف الشين فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالله أَعلَى بِالصَّوَابِ(13/83)
(الألقاب)
ابْن الحلبيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم
الْحلَبِي الْكَبِير الْأَمِير عز الدّين أيبك
الحلبونيّ الزّاهد اسْمه عُثْمَان
أَبُو حليقة الطَّبِيب اسْمه أَبُو الْوَحْش بن الْفَارِس وَولده علم الدّين إِبْرَاهِيم
الْحَلِيمِيّ القَاضِي الشّافعي الْحُسَيْن بن الْحسن
الحلِّي الشَّاعِر صفي الدّين عبد الْعَزِيز بن سَرَايَا
الحلِّي النَّحْوِيّ عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
الحلاوي الشَّاعِر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْوَفَاء
الحلاوي الدِّمَشْقِي غَازِي بن أبي الْفضل
ابْن الحلوانية أَحْمد بن عبد الله بن أبي الْغَنَائِم
ابْن حلاوات اسْمه عمر بن أَحْمد
ابْن الْحلْوانِي عبد الرّحمن بن مُحَمَّد
ابْن الْحلْوانِي عَليّ بن مُحَمَّد)
ابْن الْحلْوانِي الشَّافِعِي يحيى بن عَليّ
الْحلْوانِي المقرىء أَحْمد بن يزِيد
(حمَّاد)
3 - (الكوفيّ)
حمَّاد بن أبي سُلَيْمَان هُوَ الْفَقِيه الكوفيّ مولى الْأَشْعَرِيين أحد الْأَعْلَام(13/84)
أَصله من أَصْبَهَان
روى عَن أنس وَابْن المسيِّب وَيزِيد بن وهب وَأبي وَائِل والشَّعبيّ وطبقتهم وَكَانَ سخياً جواداً يفطِّر كل لَيْلَة فِي رمكان خمس مائَة نفس ويعطيهم لَيْلَة الْعِيد مائَة مائَة وَقيل خمسين نفسا
قَالَ النّسائيّ ثِقَة إِلَّا أَنه مرجىء خرَّج لَهُ مُسلم مَقْرُونا بِرَجُل آخر وَأهل السّنن الْأَرْبَعَة
وَقَالَ ابْن عديّ يَقع فِي حَدِيثه الْإِفْرَاد والغرائب وَهُوَ متماسك فِي الحَدِيث لَا بَأْس بِهِ وَتُوفِّي فِي قولٍ سنة تسع عشرَة وَمِائَة
3 - (الرِّوَايَة)
حمَّاد بن أبي ليلى ميسرَة أَبُو سَابُور أَبُو الْقَاسِم الكوفيّ الْمَعْرُوف بالرواية وَلَاؤُه لبكر بن وَائِل كَانَ اخبارياً علاَّمة خَبِيرا بأيام الْعَرَب ووقائعها وشعرها وَكَانَت بَنو أُميَّة تقدَّمه وتؤثره وتحب مُجَالَسَته قيل أَن الْوَلِيد قَالَ لَهُ كم مِقْدَار مَا تحفظ من الشّعْر قَالَ أنْشدك على كلِّ حرف مائَة قصيدة طَوِيلَة سوى المقطّعات من شعر الْجَاهِلِيَّة دون الْإِسْلَام فامتحنه فأنشده أَلفَيْنِ وَسبع مائَة قصيدة فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ غير موثوق بِهِ كَانَ ينْحل شعر الرجل غَيره وَيزِيد فِي الْأَشْعَار وَهُوَ أوّل من جمع شعر الْعَرَب قَالَ الْمَدَائِنِي وَمن أهل الْكُوفَة ثَلَاثَة نفر من بكر بن وَائِل أَئِمَّة أَبُو حنيفَة فِي الْفِقْه وَحَمْزَة الزيات فِي الْقرَاءَات وَحَمَّاد الراوية فِي الشِّعر وَكَانَ الْمَنْصُور يستخفّ مُطِيع بن إِيَاس ويحبّه فَذكر لَهُ حمّاداً وَكَانَ صديقه وَكَانَ حمّاد مطّرحاً مجفوّاً فِي أيامهم فَقَالَ لَهُ آتنا بِهِ لنراه فَأَتَاهُ مُطِيع وأعلمه بذلك
فَقَالَ لَهُ حمّاد دَعْنِي فإنّ دَوْلَتِي كَانَت مَعَ بني أُميَّة وَمَا لي مَعَ هَؤُلَاءِ خير فَأبى مُطِيع وألزمه بالتَّوجُّه مَعَه إِلَى الْمَنْصُور فَأمره بِالْجُلُوسِ وَقَالَ لَهُ أَنْشدني قَالَ أَيهَا الْأَمِير لشاعر بِعَيْنِه أم لمن حضر قَالَ بل أَنْشدني لجرير قَالَ فسلخ وَالله شعر جرير من قلبِي إِلَّا قَوْله من الْكَامِل
(بَان الخليط برامتين فودَّعوا ... أَو كلَّما عزموا لبينٍ تجزع)
)
فاندفعت فَأَنْشَدته إِيَّاه حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى قَوْله(13/85)
(وَتقول بوزع قد دببت على الْعَصَا ... هلا هزئت بغيرنا يَا بوزع)
فَقَالَ لَهُ أعد هَذَا الْبَيْت فأعدته فَقَالَ بوزع أيش هُوَ فَقلت اسْم امْرَأَة فَقَالَ هُوَ بَرِيء من الله وَرَسُوله نفيّ من العبَّاس إِن كَانَت بوزع إِلَّا غولاً من الغيلان تَرَكتنِي يَا هَذَا وَالله لَا أَنَام اللَّيلة من فزع بوزع يَا غلْمَان فقاه قَالَ فصفعت حَتَّى لم أدر أَيْن أَنا ثمَّ قَالَ جرُّوا بِرجلِهِ فجروا برجلي حَتَّى أخرجت من بَين يَدَيْهِ محسوباً فتخرَّق السَّواد وانكسر جفن السِّيف فَلَمَّا انصرفت أَتَانِي مُطِيع يتوجَّع لي فَقلت لَهُ ألم أخْبرك أَنِّي لَا أُصِيب من هَؤُلَاءِ خيرا وأنَّ حظي قد مضى مَعَ بني أُميَّة وَكَانَ انْقِطَاع حمّاد إِلَى يزِيد بن عبد الْملك وَكَانَ هِشَام يجفوه فَلَمَّا ولي الْأَمر اختفى حمَّاد وَبَقِي سنة فِي بَيته لَا يخرج ثمَّ إِن هشاماً استقدمه من الْكُوفَة إِلَى دمشق فِي اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة وَدفع إِلَيْهِ مُتَوَلِّي الْكُوفَة خمس مائَة دِينَار وجملاً مرحولاً فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ فَإِذا جاريتان لم ير مِثْلَمَا وَفِي أذن كلِّ وَاحِدَة لؤلؤتان فِي حلقتين يوقدان فَقَالَ لَهُ بَيت خطر لي لم أدر لمن هُوَ وَهُوَ من الْخَفِيف
(فدعوا بالصَّبوح يَوْمًا بجاءت ... قينةٌ فِي يَمِينهَا إبريق)
فَقلت هَذَا يَقُوله عدي بن زيد فِي قصيدة فَقَالَ أنشدنيها فَأَنْشَدته بكر العاذلون فِي وضح الصُّبْح يَقُولُونَ لي أَلا تستفيق
(ويلومون فِيك يَا ابْنة عبد الله ... وَالْقلب عنْدكُمْ موثوق)
(لست أَدْرِي إِذْ أَكْثرُوا العذل عِنْدِي ... أعدوٌ يلومني أم صديق)
(زانها حسنها وفرعٌ عميمٌ وأثيتٌ ... صلت الجبين أنيق)
(وثنايا مفلَّجات عذابٌ ... لَا قصارٌ تزري وَلَا هنَّ روق)
(فدعَتْ بالصَّبوح يَوْمًا فَجَاءَت ... قينةٌ فِي يَمِينهَا إبريق)
(قدَّمته على عقارٍ كعين الدّيك ... صفَّى سلافها الرّاووق)
(ثمَّ كَانَ المواج مَاء سحابٍ ... غير مَا آجنٍ وَلَا مطروق)
فطرب هِشَام وَقَالَ يَا جَارِيَة اسقيه فسقته فَذهب ثلث عقله ثمَّ قَالَ أعد فَأَعَادَ فطرب فَقَالَ يَا جَارِيَة اسقيه فسقته فَذهب ثلثا عقله ثمَّ قَالَ لَهُ أعد فَأَعَادَ فَقَالَ سل حوائجك
فَقَالَ إِحْدَى الجارتين فَقَالَ هما جَمِيعًا لَك بِمَا لَهما وَمَا عَلَيْهِمَا ثمَّ قَالَ للأولى اسقيه فسقته)
فَسقط مَعهَا وَلم يعقل فَلَمَّا أصبح إِذا هُوَ بالجارتين عِنْد رَأسه وَعشرَة من الخدم مَعَ كل وَاحِدَة بدرة فَأخذ الْجَمِيع وَانْصَرف هَكَذَا أورد صَاحب الأغاني هَذِه الْحِكَايَة وَفِي(13/86)
بَعْضهَا زِيَادَة وَقَالَ فِي الأول أَن هشاماً كتب إِلَى عَامله يُوسُف بن عمر بتجهيز حمّاد إِلَيْهِ قَالَ شمس الدّين ابْن خلكان هَكَذَا سَاق الحريري هَذِه الْحِكَايَة وَمَا يُمكن أَن تكون هَذِه الْوَاقِعَة مَعَ يُوسُف بن عمر الثقفيّ لِأَنَّهُ لم يكن والياً بالعراق فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور بل كَانَ توليه خَالِد بن عبد الله القسريّ قَالَ وَهِشَام لم يكن يشرب الْخمر قلت وَمَعَ سَعَة هَذِه الرِّوَايَة كَانَ لَا يحسن من الْقُرْآن إِلَّا أمَّ الْكتاب فألزموه فَقَرَأَ فِي الْمُصحف فصحَّف فِي مَوَاضِع مِنْهَا أَن اتَّخذي من الْجبَال بُيُوتًا وَمن الشَّجر وممَّا يغرسون بالغين الْمُعْجَمَة وَالسِّين الْمُهْملَة وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إلاَّ عَن موعدةٍ وعدها أَبَاهُ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وليكون لَهُم عدوّاً وحربا بالراء وَالْبَاء الْمُوَحدَة ويعزِّزوه بزايين ولكلِّ امرىءٍ مِنْهُم يومئذٍ شأنٌ يعنيه بِفَتْح الْيَاء وَالْعين الْمُهْملَة وهم أحسن أثاثاً وزيّا بالزاي وعذابي أُصِيب بِهِ من أَسَاءَ بِالسِّين الْمُهْملَة وَفتح الْهمزَة الثَّانِيَة ونبلو أحباركم بِالْحَاء الْمُهْملَة وصنعة الله وَمن أحسن من الله صَنْعَة بالنُّون وَالْعين الْمُهْملَة وسلامٌ عَلَيْكُم لَا نتبع الْجَاهِلين بالنُّون وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْبَاء وَالْمُوَحَّدَة وَالْعين الْمُهْملَة وَقل إِن كَانَ للرَّحمن ولدٌ فَأَنا أوَّل العايذين بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف والذال الْمُعْجَمَة
كتب حمَّاد إِلَى بعض الْأَشْرَاف من الْخَفِيف
(إنَّ لي حَاجَة فرأيك فِيهَا ... لَك نَفسِي فدى من الأوصاب)
وَهِي لَيست مِمَّا يبلغهَا عيري وَلَا يستطيعها فِي كتاب غير أَنِّي أقولها حِين أَلْقَاك رويداً أسرُّها فِي حجاب فَكتب إِلَيْهِ الرجل اكْتُبْ لي حَاجَتك وَلَا تشهرني فِي شعرك فَكتب إِلَيْهِ حمَّاد من الْخَفِيف
(إنَّني عاشقٌ لجبَّتك الدّكناء ... عشقاً قد حَال دون الشَّراب)
(فاكسنيها فدتك نَفسِي وَأَهلي ... أتباها بهَا على الْأَصْحَاب)
(وَلَك الله وَالْأَمَانَة أَن أجعلها ... عمرها أَمِير ثِيَابِي)
فَبعث بهَا إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو الغول يهجوه من الْكَامِل
(نعم الْفَتى إِن كَانَ يعرف ربَّه ... أَو حِين وَقت صلَاته حمَّاد)
(ضمَّت مشافره الشّمول فأنفه ... مثل الْقدوم يسنُّها الحدَّاد)
)
(وابيضَّ من شرب المدامة وَجهه ... فبياضه يَوْم الْحساب سَواد)
وأخبارحمَّاد كَثِيرَة فِي كتاب الأغاني وَغَيره وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَة(13/87)
3 - (عجرد)
حمّاد عجرد بِالْعينِ الْمُهْملَة مَفْتُوحَة وَسُكُون الْجِيم وَفتح الرَّاء وَآخِرهَا دَال ومهملة وَقيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ مرَّ بِهِ أَعْرَابِي وَهُوَ غُلَام يلْعَب مَعَ الصِّبيان فِي يَوْم شَدِيد الْبرد وَهُوَ عُرْيَان فَقَالَ لَهُ لقد تعجردت يَا غُلَام والتعحرد التعرِّي وَهُوَ أَبُو يحيى بن عمر بن يُونُس بن كُلَيْب الْكُوفِي الوَاسِطِيّ مولى بن سوأة بن عَامر بن صعصعة وَهُوَ من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسيَّة ونادم الْوَلِيد بن يزِيد الْأمَوِي وَقدم بَغْدَاد أَيَّام الْمهْدي وَهُوَ من الشُّعَرَاء المجيدين وَبَينه وَبَين بشَّار بن برد أهاج فَاحِشَة وَله فِي بشَّار كل معنى غَرِيب وَأورد صَاحب الأغاني من هجائهما جملَة وَمن هجائه فِي بشَّار من مجزوء الوافر
(أَلا من مبلغٌ عني ... الَّذي وَالِده برد)
(إِذا نسب النَّاس ... فَلَا قبلٌ وَلَا بعد)
(شَبيه الْوَجْه بالقرد ... إِذا مَا عمي القرد)
فَلَمَّا سمع ذَلِك بشَّار صفق بيدَيْهِ وَقَالَ مَا حيلتي يراني ابْن الزَّانِيَة فيشبهني وَلَا أرَاهُ فأشبهه
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من السَّرِيع
(لَو طلبت جلدته عنبراً ... لأفسدت جلدته العنبرا)
(أَو طليت مسكاً ذكيّاً إِذا ... تحوَّل الْمسك عَلَيْهِ خرا)
وَكَانَ أَبُو حنيفَة صديقا لحماد عجرد ثمَّ إنَّ أَبَا حنيفَة طلب الْفِقْه ونسك وَبلغ فِيهِ مَا بلغ
ورفض حمَّاداً وَبسط لِسَانه فِيهِ فَجعل حمَّاد يلاطفه ليكفَّ عَن ذكره وَأَبُو حنيفَة يذكرهُ فَكتب إِلَيْهِ حَمَّاد من مجزوء الْكَامِل إِن كَانَ نسكك لَا يتم بِغَيْر شتمي وانتقاصي
(أولم تكن إلاّ بِهِ ... ترجو النجَاة من الْقصاص)
(فلطالما زكَّيتني ... وَأَنا الْمُقِيم على الْمعاصِي)
أَيَّام تأخذها وتععي فِي أَبَارِيق الرَّصاص فَأمْسك عَنهُ أَبُو حنيفَة وَلم يذكرهُ خوف لِسَانه)(13/88)
قيل أنَّ المهديَّ لم قتل بشَّاراً بالسِّياط على مَا تقدَّم حمل إِلَى منزله مَيتا وَدفن مَعَ حمَّاد عجرد على تلعةٍ فمرَّ بهما أَبُو هِشَام الباهليُّ الشَّاعر الضَّرِير وَكَانَ يهاجي بشَّاراً فَوقف على قبريهما وَقَالَ من السَّرِيع
(قد تبع الْأَعْمَى قفا عجردٍ ... فأصبحا جارين فِي دَار)
(قَالَت بقاع الأَرْض لَا مرْحَبًا ... بِقرب حمَّادٍ وبشَّار)
(تجاورا بعد تنائيهما ... مَا أبْغض الْجَار إِلَى الْجَار)
(صَارا جَمِيعًا فِي يَدي مالكٍ ... فِي النَّار وَالْكَافِر فِي النَّار)
والحمَّادون ثَلَاثَة هَذَا وحمَّاد الراوية وحمَّاد بن الزِّبرقان كَانُوا يشربون الْخمر ويتَّهمون بالزندقة قَالَ خلف بن المثنَّى كَانَ يجْتَمع بِالْبَصْرَةِ عشرَة فِي مجْلِس لَا يعرف مثلهم فِي تضادّ أديانهم الْخَلِيل بن أَحْمد سُّنِّي والسَّيد الحميريّ رافضيّ وَصَالح بن عبد القدُّوس ثنويّ وسُفْيَان بن مجاشع صفَّريّ وبشَّار بن برد خليع ماجن وحمَّاد عجرد زنديق وَابْن رَأس الجالوت يهوديّ وَابْن نظيرا متكلِّم وَعَمْرو ابْن أُخْت الْمُؤَيد مجوسيّ وروح بن سنانٍ الحرَّانيّ صابئيّ فيتناشد الجامعة أشعاراً وَكَانَ بشار يَقُول أبياتك هَذِه يَا فلَان أحسن من سُورَة كَذَا وَكَذَا وَفِي حمَّاد عجرد يَقُول بشّار من الطَّوِيل
(إِذا جِئْته فِي الحيِّ أغلق بَابه ... فَلم تلقه إلاّ وَأَنت كمين)
(فَقل لأبي يحيى مَتى تبلغ العلى ... وَفِي كلِّ معروفٍ عَلَيْك يَمِين)
وَفِيه يَقُول بشار أَيْضا نعم الْفَتى لَو كَانَ يعبد ربه الأبيات الْمُتَقَدّمَة فِي تردمة حمَّاد الراوية
وَمن شعر حمَّاد عجرد من الطَّوِيل
(فأقسمت لَو أَصبَحت فِي قَبْضَة الْهوى ... لأقصرت عَن لومي وأطنبت فِي عُذْري)
(وَلَكِن بلائي مِنْك أنَّك ناصحٌ ... وأنَّك لَا تَدْرِي بأنَّك لَا تَدْرِي)
وَقَتله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عليّ عَامل الْبَصْرَة بِظَاهِر الْكُوفَة على الزَّندقة سنة خمسٍ وَخمسين وَمِائَة وَقيل بل خرج من الأهواز يُرِيد الْبَصْرَة فَمَاتَ فِي طَرِيقه فَدفن فِي تلٍّ هُنَاكَ وَقيل مَاتَ سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة وأخباره وأشعاره فِي الأغاني كَثِيرَة
3 - (البصريّ)
)
حمّاد بن سَلمَة بن دِينَار مولى بني ربيعَة بن مَالك الإِمَام الْعلم أَبُو(13/89)
سَلمَة البزَّار الخرقيّ البطائنيّ شيخ أهل الْبَصْرَة هُوَ أعلم النّاس بِثَابِت البنانيّ وَقَالَ وهيب حَمَّاد أعلمنَا وسيِّدنا
وَقَالَ ابْن معِين هُوَ أعلم من غَيره بِحَدِيث عليّ بن زيد وَقَالَ هُوَ ثِقَة وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ هُوَ عِنْدِي حجَّة فِي رجال وَهُوَ أعلمهم بِثَابِت وبعمار بن أبي عمار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلِهَذَا احتجَّ بِهِ مُسلم فِي الْأُصُول بِمَا رَوَاهُ وَكَانَ إِمَامًا رَأْسا فِي الْعَرَبيَّة فصيحاً بليغاً كَبِير الْقدر شَدِيدا على المبتدعة صَاحب أثر وسنَّة وَله تصانيف قَالَ عليّ بن الْمَدِينِيّ من سمعتموه يتَكَلَّم فِي حَمَّاد فاتَّهموه وَقَالَ يُوسُف النَّحويّ من حَمَّاد تعلمت الْعَرَبيَّة عَاد حَمَّاد بن سَلمَة سُفْيَان الثَّوريّ فَقَالَ يَا أَبَا سَلمَة أَتَرَى الله يغْفر لمثلي فَقَالَ حَمَّاد وَالله لَو خيِّرت بَين محاسبة الله ومحاسبة أبويّ لاخترت محاسبة الله تَعَالَى لِأَنَّهُ أرْحم لي من أبويّ توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْأَزْرَق الْحَافِظ)
حمَّاد بن زيد بن دِرْهَم الإِمَام الأزديّ مَوْلَاهُم البصريّ الْأَزْرَق الضَّرير الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام
قَالَ ابْن معِين لَيْسَ أحد أثبت فِي أَيُّوب من حمَّاد بن زيد وَقَالَ أَحْمد حمَّاد من أَئِمَّة الدّين فِي الْمُسلمين وَهُوَ أحبُّ إليَّ من حَمَّاد بن سَلمَة وَقَالَ ابْن مهديّ لم أر أحدا قطُّ أعلم بالسُّنَّة وَلَا بِالْحَدِيثِ الَّذِي يدْخل فِي السُّنَّة من حمَّاد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين من خاصَّته أَنه لَا يدلِّس أبدا
مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شهر رَمَضَان سنة تسع وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (ابْن أبي حنيفَة)
حمَّاد ابْن الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ على مَذْهَب أَبِيه(13/90)
وَكَانَ من الصَّلاح وَالْخَيْر على قدمٍ عَظِيم وَلما توفّي أَبوهُ كَانَ عِنْده ودائع كَثِيرَة من ذهب وَفِضة وَغير ذَلِك وأربابها غائبون وفيم أَيْتَام فحملها ابْنه حمَّاد إِلَى القَاضِي ليتسلَّمها مِنْهُ فَقَالَ القَاضِي مَا نقبلها مِنْك وَلَا نخرجها عَنْك فَإنَّك أهل لَهَا وموضعها فَقَالَ حمَّاد زنها واقبضها حَتَّى تَبرأ مِنْهَا ذمَّة أبي ثمَّ افْعَل مَا بدا لَك فَفعل القَاضِي ذَلِك وَبَقِي فِي وَزنهَا أَيَّامًا فَلَمَّا كمل وَزنهَا استتر حَمَّاد فَلم يظْهر حَتَّى دَفعهَا إِلَى غَيره وَكَانَ ابْنه إِسْمَاعِيل قَاضِي الْبَصْرَة وعزل عَنْهَا بِالْقَاضِي يحيى بن أَكْثَم وَقد تقدَّم ذكره فِي حرف الْهمزَة فِي بَاب إِسْمَاعِيل وَقد ليَّنوا حماداً من قبل حفظه
وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَالْمِائَة)
3 - (ابْن شُعَيْب الحمَّانيّ)
حمَّاد بن شُعَيْب الحمَّاني بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم وَبعد الْألف نون توفّي سنة تسعين وَمِائَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو أُسَامَة)
حمَّاد بن اسامة بن زيد الْحَافِظ أَبُو أُسَامَة الْكُوفِي مولى بني هَاشم روى عَن الْأَعْمَش وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وَأُسَامَة بن زيد الليثيّ وَالْأَجْلَح الْكِنْدِيّ وَإِدْرِيس الأوديّ وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وَهِشَام بن عُرْوَة وَخلق كثير وروى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي مَعَ تقدمُّه ونبله وَأحمد وَإِسْحَق وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَق الكوسج وخلائق قَالَ أَحْمد أَبُو أُسَامَة ثِقَة كَانَ أعلم النَّاس بِأُمُور النَّاس وأخبار الْكُوفَة وَمَا كَانَ أرواه عَن هِشَام بن عُرْوَة وَقَالَ أَيْضا كَانَ ثبتاً لَا يكَاد يخطىء وَقَالَ أَبُو أُسَامَة كتبت بأصبعيَّ هَاتين مائَة ألف حَدِيث وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة
3 - (الخرَّاط البزاعي)
حمَّاد بن مَنْصُور البزاعي الْخَرَّاط قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب لَيْسَ فِي وقتنا هَذَا مثله رقَّة شعر وسلاسة نظم وسهولة عبارَة وَلَفظ ولطافة وَمعنى وحلاوة وَأورد لَهُ من المنسرح(13/91)
(من لعليل الْفُؤَاد محزون ... متيَّمٍ بالملاح مفتون)
(نافس مَجْنُون عامرٍ بهوى ... يعدُّ فِيهِ بِأَلف مَجْنُون)
(غرَّر بالنَّفس فِي هوى قمرٍ ... بَايَعَهَا فِيهِ غير مغبون)
لدن مهزِّ الأعطاف يخْطر كالقضيب فِي دقَّةٍ وَفِي لين
(جوَّال عقد النِّطاق يجذبه ... نقاً نبا عَن أَدِيم يبرين)
(يكسر بالوعد لي ممرَّضةً ... تميتني تَارَة وتحييني)
(كَأَنَّمَا شام من لواحظها ... غرار صافي المتنين مسنون)
أَقُول للنَّفس إِذْ تعزز بالجمال عزِّي إِن شِئْت أَو هوني
(لَا صَبر لَا صَبر عَن محبَّة من ... أطيعه فِي الْهوى ويعصيني)
(يسخطني بالجفا فالحظ من ... سخطي رِضَاهُ بِهِ فيرضيني)
)
وَله من الوافر
(أما أنباك طيفك إِذْ ألمَّا ... بِأَنِّي لم أذق للنَّوم طعما)
(تؤرِّقني وتبعث لي خيالاً ... لقد أوسعت بالإنصاف ظلما)
(وَلم تسمح بِهِ سنةٌ وَلَكِن ... يمثِّله لقلبي الشَّوق وهما)
(فدتك النَّفس كم هَذَا التَّجنِّي ... وفيم تصدّ مجتنباً وَمِمَّا)
(وَحقّ هَوَاك مَا أذنبت ذَنبا ... فتهجرني وَلَا أجرمت جرما)
(أَلا يَا مالكي فِي الحبّ عشقاً ... حكمت فَمن يردُّ عَلَيْك حكما)
وَمن شعره من السَّرِيع
(صَافح بصدر الْعَيْش صدر النَّهار ... وانهض مَعَ الشَّمس لشمس الْعقار)
(حيِّ بهَا وَجه الرَّبيع الَّذِي ... من جَوْهَر الزَّهر عَلَيْهِ نثار)
وَمِنْه من الرجز
(تولَّعي يَا نسمات نجد ... بالشِّيح من ذَاك الْحمى والرَّند)
(لَعَلَّ ريَّاك إِذا مَا نفحت ... يعود حرُّ لوعتي بِبرد)
(أصبو إِلَى ريح الصَّبا لَو أَنَّهَا ... تهدي حَدِيث الحيِّ فِيمَا تهدي)
(أسألها هَل صافحت مواقفاً ... أودُّ لَو صافحتها بخدِّي)
(اشتاق تَقْبِيل ثراها كلما ... هاج اشتياقي واستطار وجدي)(13/92)
(أستودع الله بهَا قلبِي فقد ... طَال بِهِ بعد الْفِرَاق عهدي)
(كَانَ معي قبل رحيلي عَنْهُم ... ثمَّ رحلت فَأَقَامَ بعدِي)
3 - (الخيَّاط المدنيّ)
حمَّاد بن خالدٍ الخيَّاط المدنيّ روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وَالله أعلم
3 - (أَبُو سعيد الباهليّ)
حمَّاد بن مسْعدَة أَبُو سعيد التميميّ وَيُقَال الباهليّ مَوْلَاهُم روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ
3 - (غريق الْجحْفَة)
حمَّاد بن عِيسَى بن عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الموحَّدة الجهنيّ الواسطيّ وَقيل)
البصريّ وَيُقَال لَهُ غريق الْجحْفَة لِأَنَّهُ حجَّ فغرق بوادي الْجحْفَة سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ التِّرمذيّ وَابْن ماجة
3 - (الحرستانيّ)
حمَّاد بن مَالك بن بسطَام أَبُو مَالك الأشجعيّ الدمشقيّ الحرستانيّ توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (المالكيّ البغداديّ)
حمَّاد بن إِسْحَق بن إِسْمَاعِيل بن حمَّاد الأزديّ القَاضِي الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها قيِّماً بِمذهب مَالك رَضِي الله عَنهُ توفّي حُدُود السّبْعين وَمِائَتَيْنِ(13/93)
3 - (أَبُو مُحَمَّد النَّسفيّ)
حمَّاد بن شَاكر بن سويَّة روى صَحِيح البُخَارِيّ عَن البُخَارِيّ وروى عَن عِيسَى بن أَحْمد وَمُحَمّد بن عِيسَى التِّرمذي وروى عَنهُ جمَاعَة قَالَ جَعْفَر المستغفريّ هُوَ ثِقَة مَأْمُون رَحل إِلَى الشَّام وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَلَاث مائَة وَكَانَ يعرف بِأبي مُحَمَّد النّسفيّ
3 - (ابْن ددُّوه)
حمَّاد بن مُسلم بن ددُّوه بِفَتْح الدّال الأولى الْمُهْملَة وَضم الثَّانِيَة وتشديدها وَسُكُون الوار وَبعدهَا هَاء أَبُو عبد الله الدَّباس الرَّحبي برحبة مَالك بن طوق الزَّاهِد الْعَارِف ولد بالرحبة وَنَشَأ بِبَغْدَاد وَكَانَ من الْأَوْلِيَاء أولي الكرامات صحب جمَاعَة وأرشدهم وَكَانَ أمِّياً لَا يكْتب وَلَا يقْرَأ وَكتب من كَلَامه مائَة جُزْء وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مائَة من كَلَامه من هرب من الْبلَاء لم يصل إِلَى بَاب الْوَلَاء وَمِنْه إتِّصالك بالخلق هُوَ انفصالك عَن الحقّ وَمِنْه الْعلم محجة فَإِذا طلبته لغير الله صَار حجَّة وَقد طوَّل تَرْجَمته محبُّ الدّين بن النجّار فِي ذيل تَارِيخ بَغْدَاد
3 - (البخاريّ)
حمَّاد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل أَبُو المحامد من أهل بخارا من بَيت الْعلم والزُّهد شذا طرفا من الْكَلَام وَالْفِقْه وَالْأَدب وَكَانَ يؤمّ بِالنَّاسِ يَوْم الْجُمُعَة فِي الصَّلَاة ويخطب غَيره وَكَذَا عَادَة أهل بخارا لَا يُصَلِّي بهم الْخَطِيب إلاّ من هُوَ أعلم مِنْهُ وَأحسن طَريقَة سمع أَبَاهُ وَمُحَمّد بن أَحْمد بن أبي سهل العتَّابيّ وَمُحَمّد بن عَليّ ابْن حَفْص الْحلْوانِي وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد وحدَّث بهَا)
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الفوارس المقرىء)
حمَّاد بن مزِيد بن خَليفَة أَبُو الفوارس الضَّرِير المقرىء البغداديّ قَرَأَ بالروايات على سعد الله بن الدّجاجيّ وَعلي بن عَسَاكِر البطائحي وَسمع مِنْهُمَا وَمن أبين الْفَتْح بن البطِّي وَغَيرهمَا
وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وَكَانَ شَيخا صَالحا حسنا ورعاً زاهداً لَهُ معرفَة حَسَنَة بِوُجُوه الْقرَاءَات وَطَرِيقَة مليحة فِي الْأَدَاء والتجويد توفّي سنة ستّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (أَمِير تكريت)
حمَّاد بن مقن بِفَتْح الْمِيم وَالْقَاف وَبعدهَا نون بن المقلّد بن جَعْفَر بن عَمْرو ابْن المهيّا من بَيت الْإِمَارَة والتقدّم كَانَت إِلَيْهِ إِمَارَة تكريت والجسر والدورين وَكَانَ(13/94)
يَقُول الشّعْر وَله قصائد كتبهَا إِلَى عضد الدولة وَكَانَت بَينهمَا مكاتبات بالشعر وَمن شعره من الطَّوِيل
(وقائلةٍ قد خالط الشِّيب رَأسه ... وَقد كَانَ ميَّاس المعاطف أغيدا)
(وَكَانَ يصيد الغانيات بدلِّه ... إِذا كَانَ فِي الْأَصْحَاب أَو كَانَ أوحدا)
(فَقلت لَهَا يَا ضلُّ حلمك إِنَّمَا ... تَرين من الكافور شَيْئا مبدّدا)
قلت شعر نَازل
3 - (أَبُو الثَّناء الحرّانيّ)
حمَّاد بن هبة الله بن حمَّاد بن الفضيل أَبُو الثَّناء التَّاجِر الحرَّانيّ رَحل وَسمع الْكثير بالعراق والشَّام ومصر وخراسان وَكتب بِخَطِّهِ وحصَّل النّسخ وَكَانَ فِيهِ فضل وأدب وَيَقُول الشّعْر وحدَّث بحرّان وديار مصر بالكثير وَكَانَ صَدُوقًا حسن الطَّرِيقَة متديِّناً وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَمن شعرن من الْبَسِيط
(غمزتها أقتضي إنجاز مَا وعدت ... وَمن عُيُون الأعادي حولنا مدد)
(فَأرْسلت طرفها نحوي مخالسةً ... بِمَا أحبّ وَلم يشْعر بِنَا أحد)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(تنقُّل الْمَرْء فِي الْآفَاق يكسبه ... محاسناً لم تكن فِيهِ ببلدته)
(أما ترى بيذق الشِّطرنج أكسبه ... حسن التَّنقُّل فِيمَا فَوق رتبته)
3 - (حمَّاد الصُّوفيّ)
)
من شعره من الْبَسِيط
(لله قوم أَقَامَ الْمجد دولتهم ... حَتَّى غَدا مدحهم يلهو بِهِ الساري)
(باتوا خماصاً وَذخر الزّاد عِنْدهم ... وأظهروا علما عالٍ من النَّار)
(إِن ضلَّ ضيفٌ رأى أعلامهم ظَهرت ... آوى إِلَيْهِم رأى معروفهم جاري)
(مَاتُوا وشكرهم باقٍ وَذكرهمْ ... لَا حِيلَة يَا فَتى فِيمَا قضى الْبَارِي)
(طَوَوْا المكارم فِي الأكفان واندرجوا ... ناسين من كرمٍ عارين من عَار)
قلت شعر فِي الرُّتْبَة الأولى من التَّوسُّط وَقَوله لَا حِيلَة يَا فَتى فِيمَا قضى الْبَارِي حشْوَة بَارِدَة وفيهَا حشْوَة أبرد مِنْهَا وَهِي قَوْله يَا فَتى(13/95)
(الألقاب)
ابْن حمَّاد جمال الدّين يُوسُف بن مُحَمَّد بن مظفَّر
الحمَّادي حسن بن عليّ
حمَار العزير الْكَاتِب اسْمه أَحْمد بن عبيد الله
الحمَّال الشَّافعي رَافع بن نصر
الحمَّال الْحَافِظ هرون بن عبد الْملك
(القَاضِي أَبُو بكر القرطبيّ)
حمام بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أكدر بن حمام بن حكم القَاضِي أَبُو بكرالقرطبيّ قَالَ ابْن حزم كَانَ أوحد عصره فِي البلاغة وسعة الرّواية وَكَانَ حسن الْخط قَوِيا على النّسخ
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع مائَة
(الألقاب)
الحماحميّ اسْمه مُحَمَّد بن عليّ
ابْن الحمامي عليّ بن الْحسن
الحماميّ الْمصْرِيّ الشَّاعِر اسْمه نصير
الْحَمَامَة يحيى بن أسعد
(حمد)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الدُّنيسريّ)
حمد بن حميد بن مَحْمُود بن حميد أَبُو مُحَمَّد من أهل دنيسر قَالَ ابْن النجار قدم علينا بَغْدَاد شَابًّا طَالبا سنة خمس وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَسكن الْمدرسَة النّظامية يقْرَأ الْفِقْه وَيسمع مَعنا من أبي كُلَيْب وَابْن الجوزيّ وَأبي طَاهِر بن المعطوش وَجَمَاعَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا كَامِل الْمعرفَة بالنحو وَله يَد فِي فنون من الْعُلُوم وأنشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(ناديته وَالْقلب فِيهِ من الأسى ... نَار تحرِّقه وسقم دَائِم)(13/96)
(جد بالوصال وَلَا تكن متعدِّياً ... فَأَجَابَنِي إِنِّي لفعل لَازم)
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وست مائَة بميّافارقين وأظنّه جَاوز السِّتين بِكَثِير قلت وروى لَهُ غير ابْن النجار قَوْله من الطَّوِيل
(رَوَت لي أَحَادِيث الغرام صبابتي ... بإسنادها عَن بانة الْعلم الْفَرد)
(عَن الدَّمع عَن طرفِي القريح عَن الجوى ... عَن الشَّوق عَن قلبِي الجريح عَن الوجد)
3 - (الزَّعفرانيّ)
حمد بن عَليّ أَبُو الْفرج الزَّعفرانيّ الهمذانيّ أورد لَهُ الباخرزي فِي الدمية من الوافر
(وَمَا أبواي وَيحك أدَّباني ... وَلَكِن مصبح وَمَسَاء ليل)
(دَمًا بدمٍ غسلت وَمَا أَرَانِي ... أرقِّع جيب أطماري بذيلي)
)
قلت الأول من قَول الأول وَهُوَ أحسن من مخلع الْبَسِيط
(من لم يؤدِّبه والداه ... أدَّبه اللَّيل والنَّهار)
وَقَالَ يهجو من السَّرِيع
(جانس فِي اللُّؤم وَلَا مِثْلَمَا ... جانس فِي أشعاره البستي)
(بخل وَعجب وحجاب مَعًا ... أَحْسَنت يَا جَامع فهرست)
3 - (ابْن شاتيل)
حمد بن عبد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن نجا بن شاتيل بشين مُعْجمَة وَبعد الْألف تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف وياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَبعدهَا لَام أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ تفقَّه على أبي الْخطاب الكلوذاني وَشهد عِنْد قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الدَّامغَانِي واستنابه القَاضِي أَبُو الْفَتْح عبد الله بن مُحَمَّد بن الْبَيْضَاوِيّ على الْقَضَاء وَتَوَلَّى الْقَضَاء بِالْمَدَائِنِ وبنهر الْملك وَسمع الحَدِيث من أبين الخطّاب ابْن البطر وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد بن طَلْحَة وَأبي مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأبين الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف الهكّاري وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد ابْن السّمعاني وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الصَّقّال الْفَقِيه ولد سنة سبع وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الطبريّ)
حمد ب عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم ابْن الْفَقِيه الإِمَام أبي المحاسن الرُّوبانيّ الطَّبري كَانَ وَالِده من كبار أَئِمَّة مَذْهَب الشَّافعي مَوْصُوفا بالورع والزُّهد لَهُ كتاب الْبَحْر فِي الْمذَاهب قتل شَهِيدا على يَد الْمَلَاحِدَة وَأَبُو الْقَاسِم ابْنه هَذَا تفقَّه على وَالِده بآمل طبرستان وَسمع مِنْهُ وَمن عَمه أبي مُسلم مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعلي(13/97)
بن عبد الرَّحْمَن بن عَلَيْك النَّيْسَابُورِي وَغَيرهم وَسمع بجرجان المظفر بن حَمْزَة التَّاجِر وَإِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الخلاَّليّ وَغَيرهمَا وبنيسابور جمَاعَة وخرَّج لنَفسِهِ فَوَائِد فِي عدّة أَجزَاء عَن أشياخه وحدَّث بِبَغْدَاد
وَسمع مِنْهُ الْحَافِظ ابْن نَاصِر وَغَيره وَكَانَ قدمهَا حاجّاً سنة تسع وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الأصبهانيّ)
حمد بن عُثْمَان بن سالار بن أبي الفوارس عبد الْملك أَبُو مُحَمَّد الأصبهانيّ عني بِطَلَب الحَدِيث من صباه وَقَرَأَ وَكتب وَأكْثر من ذَلِك وسافر فِي طلبه إِلَى همذان وشيراز وبغداد)
وَكتب بخطّه الْكثير وَجمع لنَفسِهِ معجماً فِي مجلّدة ضخمة على أَسمَاء مشايخه وَسمع بأصبهان عبد الأوَّل أَبَا الْوَقْت وَغَيره توفّي سنة أَربع وستّين وَخمْس مائَة بالحلة المزيديّة
3 - (ابْن صرُّوف الْحَنْبَلِيّ)
حمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بركَة بن أَحْمد بن صديق بن صرُّوف بتَشْديد الرَّاء بعد الصَّاد الْمُهْملَة كَذَا وجدته الْفَقِيه موفَّق الدّين الْحَنْبَلِيّ الحرَّاني رَحل إِلَى بَغْدَاد وتفقَّه على نَاصح الْإِسْلَام أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن المنّي وَأبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَسمع من عبد الحقّ اليوسفي وَعِيسَى الدُّوشابي وتجني الوهبانيّة وَأبي الْفَتْح بن شاتيل وَعبد المغيث بن زُهَيْر وَغَيرهم
وَسمع بحرّان من أَحْمد بن أبي الْوَفَاء الصّايغ وَعبد الوهّاب بن أبي حبَّة وَأعَاد بمدرسة حرَّان مُدَّة وحدّث بهَا وبدمشق وَكَانَ ثِقَة فَقِيها صَحِيح السَّماع وروى الزّكيّ الْمُنْذِرِيّ والشَّرف بن النَّابلسي وَالْمجد بن الحلوانية والشَّهاب الأبرقوهي والبدر أَبُو عليّ بن الحلاّل وَآخَرُونَ وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَدفن بقاسيون سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وستّ مائَة
3 - (أَبُو عبد الله الزبيرِي)
حمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن مُوسَى يَنْتَهِي إِلَى الزُّبير ابْن العوَّام أَبُو عبد الله الزُّبيري من أهل آمل طبرستان سمع الْكثير بِبَلَدِهِ وسافر إِلَى خُرَاسَان وَلَقي الْأَئِمَّة وجالس الْكِبَار وتفقَّه على نَاصِر بن الْحُسَيْن الْعمريّ وَولي الْقَضَاء بطبرستان وآستراباذ
وَكَانَ لَهُ تقدُّم عِنْد السِّلاطين والوزراء وَكَانَ يطوف مَعَ الْعَسْكَر ويراسل بِهِ إِلَى الْأَطْرَاف
وَقد جمع فِي الحَدِيث السُّنن وفضائل الصَّحَابَة وَغير ذَلِك من التَّارِيخ وَكَانَ متمسكاً بآثار السَّلف وَله لِسَان فِي النَّظر والوعظ وَقدم بَغْدَاد وناظر فِي حلق الْفُقَهَاء فأبان عَن فضل وافر توفّي بنيسابرو سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبع مائَة وَحمل إِلَى آمل طبرستان وَدفن بهَا
3 - (أَبُو الْفرج ذُو المفاخر)
حمد بن مُحَمَّد بن عليّ بن خلف أَبُو الْفرج ذُو المفاخر توفّي بعد الْخمسين والأربع مائَة تقدَّم ذكر أَبِيه فِي مَوْضِعه من المحمدين وَأما أَبُو الْفرج فَإِنَّهُ وَفد فِيمَا قيل على الْعَادِل أبي مَنْصُور ابْن مافنَّة الْوَزير وَلم يوفِّه حَقه فَكتب إِلَيْهِ وارتحل من الْكَامِل(13/98)
(مَاذَا يخّبر ذُو المفاخر أَهله ... إِن قيل كَيفَ معاده ومعاجه)
(أيقول حاولت الْفُرَات فَلم أجد ... ريّاً لَدَيْهِ وَقد طغت أمواجه)
)
(وَلَئِن شكرت تملُّقاً وتصُّعاً ... شكرا يكون من النِّفاق مزاجه)
(فلتخبرن خصاصتي بتكذُّبي ... لكلما تخبِّر عَن قذاه زجاجه)
(وعداوة الشُّعَرَاء داءٌ معضلٌ ... وَلَقَد يهون على الْكَرِيم علاجه)
فَأرْسل فِي الْوَقْت من جَاءَ بِهِ وَاعْتذر إِلَيْهِ جعل ينشد وعداوة الشُّعراء داءٌ معضلٌ ثمَّ برَّه وأغناه وَوَصله وأرضاه وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَأنكر جاراتي خضاب ذؤابتي ... وهنَّ بِهِ حلَّين بيض الأنامل)
(فيا عجبا منهنَّ ينكرن بَاطِلا ... عليَّ وَمَا يخلبن إِلَّا بباطل)
قلت شعر جيد
3 - (وَزِير عضد الدولة)
حمد بن مُحَمَّد أَبُو الرَّيَّان الْوَزير الإصبهانيّ وَكَانَ خَاله أَبُو الْقَاسِم الواذاري أستاذ دَار الْملك عضد الدولة أبي شُجَاع فَلَمَّا توفّي قلَّده عضد الدولة مَا كَانَ إِلَيْهِ فَلَمَّا أخرج عضد الدولة أَبَا الْقَاسِم المطهَّر بن عبد الله وزيره إِلَى البطائح لأخذها عِنْد وَفَاة عمرَان بن شاهين اسْتخْلف لَهُ أَبَا الريَّان بِحَضْرَتِهِ وَلم يكن لَهُ بضَاعَة فِي الْكِتَابَة وَلَا دربة بِالْأَعْمَالِ وَلَكِن دبَّر ذَلِك بعقله
فَلَمَّا توفّي عضد الدولة قبض عَلَيْهِ الْغَد من مَوته ثمَّ استدعاه صمام الدولة أَبُو كاليجار ابْن عضد الدولة وقلَّده الوزارة وخلع عَلَيْهِ فدبَّر الْأُمُور سَبْعَة أشهر وَتِسْعَة أَيَّام ثمَّ قبض عَلَيْهِ وسلَّمه إِلَى أبي الْفضل المظفَّر بن مَحْمُود الْحَاجِب وَهُوَ عدوه فَقتله وَلما ورد شرف الدولة أَبُو الفوارس بن عضد الدولة بحث عَن أمره فَأخْرجهُ بقيوده مَدْفُونا فِي دَار الْحَاجِب فسلَّمه إِلَى أَهله وَكَانَت قَتله سنة خمس وَسبعين وَثَلَاث مائَة
3 - (الجزريّ الأديب)
حمد بن مُحَمَّد الجزريّ الأديب الشَّاعر الصَّالح الديِّن المتعفّف كَانَ يعْمل المكاكي ويتصدَّق وَكَانَ شِيعِيًّا غالياً وَله قصيدة أَولهَا من السَّرِيع
(نَار غرامي فِيك مَا تنطفي ... وَوجد قلبِي فِيك مَا يشتفي)
(والجسم فِي حبِّك أضحى وَقد ... أذابه السُّقم فَلم يعرف)
(يَا رشأ تفعل ألحاظه ... فِي الْقلب فعل الصّارم المرهف)
)
وَهِي طَوِيلَة فِيهَا أَنْوَاع من الرَّفض وَكَانَ أهل الجزيرة أكراداً وَيَقُول خطيبهم اللَّهم ارْض عَن مُعَاوِيَة الْخَال وَيزِيد المفضال وَكَانَ حمد يتألم من ذَلِك وَكَانَ الأكراد يكفِّرونه ويمقتونه
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وست مائَة(13/99)
3 - (الخطَّابي)
حمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خطَّاب الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الخطَّابي تقدم فِي الأحمدين
(حمدَان)
3 - (إِبْنِ سهل الْحَافِظ)
حمدَان بن سهل الْحَافِظ توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن نَاصِر الدولة)
حمدَان ابْن نَاصِر الدَّولة قَالَ الوحيد الْآتِي ذكره يهجوه من الْكَامِل
(فقرٌ بِوَجْهِك لَيْسَ تَبْرَح شاكياً ... فَتكون مُبْتَسِمًا كأنَّك عَابس)
(وَإِذا بسطت يدا كأنَّك قابضٌ ... وَإِذا تقوم حسبت أَنَّك جَالس)
(مستوحشٌ من كلّ خيرٍ يرتجى ... وكلِّ مخزيةٍ وعارٍ آنس)
3 - (الجرّار)
حمدَان بن الْحسن الجرّار ذكره أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح الْكَاتِب فِي كتاب الورقة فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء الْمُحدثين من جمعه وَذكر أَنه بغداديّ ماجن معتضديّ وَهُوَ الْقَائِل يهجو الشّنوفيّ من المتقارب
(رَأَيْت الشّنوفيّ لما هجا ... أُنَاسًا وحاول أمرا خطيراً)
(كَمثل النِّعاج تباري الذّئاب ... وَمثل البغاث تباري الصُّقورا)
3 - (أَبُو حَامِد البخاريّ)
حمدَان بن نيار البخاريّ أَبُو حامدٍ توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
(الألقاب)
الحمدانيّ الخوافيّ عبد الله بن مُحَمَّد
(حمدة)
3 - (الْوَادي آشيّة)
حمدة بنت زِيَاد بن بقيّ الْعَوْفِيّ بِالْفَاءِ المؤدّب من أهل وَادي آش قَالَ ابْن الأبّار فِي تحفة القادم إِحْدَى المتأدِّبات المتصرِّفات المتغزِّلات المتعفِّفات حدِّثت عَن أبي الْكَرم جوديّ بن عبد الرَّحْمَن الأديب قَالَ أَنْشدني أَبُو الْقَاسِم بن البرَّاق قَالَ(13/100)
أنشدتني حمدة بنت زِيَاد العوفيَّة وَقد خرجت متنزِّهة بالرملة من وَادي آش فرأت ذَات وَجه وسيم أعجبها فَقَالَت من الوافر
(أَبَاحَ الدَّمع أسراري بوادي ... بِهِ لِلْحسنِ آثارٌ بوادي)
(فَمن نهرٍ يطوف بِكُل روضٍ ... وَمن روضٍ يطوف بِكُل وَاد)
(وَمن بَين الظِّباء مهاة رملٍ ... سبت لبِّي وَقد ملكت قيادي)
(لَهَا لحظٌ ترقِّده لأمرٍ ... وَذَاكَ اللحظ يَمْنعنِي رقادي)
(إِذا سدلت ذوائبها عَلَيْهَا ... رَأَيْت الْبَدْر فِي جنح الدّآدي)
(كَأَن الصُّبح مَاتَ لَهُ شَقِيق ... فَمن حزنٍ تسربل بالحداد)
قَالَ وأنشدني الكاتبان أَبُو جَعْفَر بن عبيد الأركشي وَأَبُو إِسْحَق ابْن الْفَقِيه الجيّاني قَالَا أنشدنا القَاضِي أَبُو يحيى عتبَة بن مُحَمَّد بن عتبَة الجراوي لحمدة هَذِه من الطَّوِيل
(وَلما أَبى الواشون إِلَّا فراقنا ... ومالهم عِنْدِي وعندك من ثار)
(وشنُّوا على آذاننا كلَّ غارةٍ ... وقلَّت حماتي عِنْد ذَاك وأنصاري)
(غزوتهم من قلتيك وأدمعي ... وَمن نَفسِي بالسَّيف والسَّيل والنَّار)
وحدَّثني بعض قرَابَة الْأَمِير أبي عبد الله بن سعدٍ أنَّ هَذِه الأبيات لمهجة بنت عبد الرَّزَّاق الغرناطيّة وعاصرت حمدة هَذِه نزهون بنت القليعي الغرناطية وَسَيَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف النُّون فِي مَكَانَهُ
3 - (الواعظة الهيتيَّة)
حمدة بنت واثقبن عليّ بن عبد الله الواعظة الهيتيَّة نزلت بَغْدَاد وسكنت بِبَاب الْمَرَاتِب
وَكَانَت تعقد مجْلِس الْوَعْظ وَسمعت أَبَا بكرٍ أَحْمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وروى عَنْهَا ابْن السَّمعانيّ قَالَ محبّ الدّين ابْن النجار قَالَ أَبُو سعدٍ ابْن السَّمعاني كَانَت تحضر مَعنا السَّماع عِنْد أبي الْقَاسِم بن السَّمرقندي لِأَنَّهَا من جِيرَانه وسألتها عَن مولدها فَقَالَت سنة سِتّ)
وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
(حمدون)
3 - (القصَّار)
حمدون القصَّار بن أَحْمد بن عمَارَة كَانَ فَقِيها على مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ وَكَانَ من الأبدال
توفّي فِي عشر الثَّمَانِينَ والمائتين(13/101)
3 - (حمدون الحامض)
حمدون الحامض هُوَ أَبُو أبي العبر المقدَّم ذكره فِي المحمَّدين انْتقصَ عليا فَرَمَاهُ الشّيعة من فَوق سطحٍ فَمَاتَ
3 - (النديم أَبُو عبد الله)
حمدون بن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد الْكَاتِب أَبُو عبد الله النَّديم كَانَ راويةً للْأَخْبَار والأشعار نديماً للخلفاء نادم المعتصم وَمن بعده إِلَى أَن توفّي فِي خلَافَة المعتزّ سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ جواداً وَمن شعره وَقد ولاَّه المتَوَكل مَوضِع الرَّسق وَهُوَ الشِّيز من أذربيجان من الْمُضَارع
(ولَايَة الشِّيز عزلٌ ... والعزل عَنْهَا ولايه)
(فولِّني الْعَزْل عَنْهَا ... إِن كنت بن ذَا عنايه)
3 - (الطَّبيب المغربيّ)
حمدون بن أثا كَانَ فِي أَيَّام الْأَمِير مُحَمَّد بن عبد الرّحمن الْأَوْسَط وَكَانَ طَبِيبا حاذقاً مجرِّباً
وَكَانَ صهر بني خَالِد وَكَانَ لَا يركب الدوَّاب إِلَّا من نتاجه وَلَا يَأْكُل إلاّ من زرعه وَلَا يلبس إِلَّا من كتَّان ضيعته وَلَا يستخدم إِلَّا من تيلادة أَوْلَاد عبيده
(الألقاب)
ابْن حمدون جمَاعَة مِنْهُم صَاحب التَّذكرة واسْمه مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد وَمِنْهُم الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الْكَاتِب الشَّاعِر وَمِنْهُم عبد الله ابْن حمدون وَمِنْهُم أَبُو الْفضل الْعَبَّاس
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن الْحسن أَخُو صَاحب التَّذكرة وَمِنْهُم جَعْفَر بن حمدون
الحمدونيّ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم
الحمدونيّ الشَّافعي يحيى بن عليّ)
ابْن حمديس الصِّقلِّي الشَّاعِر عبد الجبَّار بن عبد الله
(حمدين)
3 - (الْمَنْصُور بِاللَّه قَاضِي قرطبة)
حمدين بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن(13/102)
حمدين الثَّعلبيّ الْقُرْطُبِيّ أَبُو جعفرٍ قَاضِي الجامعة بقرطبة سمع أَبَاهُ وَولي الْقَضَاء سنة تسعٍ وَعشْرين وَخمْس مائَة بعد مقتل أبي عبد الله بن الحاجّ وَكَانَ من بَيت خشمةٍ وجلالة صَارَت إِلَيْهِ الرياسة عِنْد اختلال أَمر الملثَّمين وَقيام ابْن قسيّ عَلَيْهِم بغرب الأندلس وَهُوَ حينئذٍ على قَضَاء قرطبة ودعي لَهُ بالإمارة فِي رَمَضَان سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وتسمَّى بأمير الْمُسلمين الْمَنْصُور بِاللَّه ودعي لَهُ على أَكثر مَنَابِر الأندلس وَقيل أَن مُدَّة دولته كَانَت أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وتعاورته المحن فَخرج إِلَى العدوة فِي قصصٍ طويلةٍ ثمَّ قفل وَنزل مالقة إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَأما ابْن قسيّ فَإِنَّهُ خرج بغرب الأندلس واسْمه أَحْمد وَكَانَ فِي أول أمره يدَّعي الْولَايَة وَكَانَ ذَا حيل وشعبذةٍ وَمَعْرِفَة بالبلاغة وَقَامَ بحصن مارتلة ثمَّ اخْتلف عَلَيْهِ أَصْحَابه ودسُّوا عَلَيْهِ من أخرجه من الْحصن بحيلة وأسموا الْحصن إِلَى الموحَّدين فَأتوا بِهِ عبد الْمُؤمن فَقَالَ لَهُ بَلغنِي عَنْك أنَّك دعيت إِلَى الْهِدَايَة فَقَالَ أَلَيْسَ الْفجْر فجرين كَاذِب وصادق فَأَنا كنت الْفجْر الْكَاذِب
فَضَحِك عبد الْمُؤمن وَعَفا عَنهُ وَلم يزل بِحَضْرَتِهِ إِلَى أَن قَتله صَاحب لَهُ
(حمْرَان)
3 - (مولى عُثْمَان)
حمْرَان بن أبان بن خَالِد النمري من سبي عين التَّمر مولى عُثْمَان بن عفَّان رَضِي الله عَنهُ وحاجبه قدم الْكُوفَة وَالْبَصْرَة ودمشق وَكَانَ لَهُ بهَا دَار وحدَّث عَن عُثْمَان وَابْن عمر وَمُعَاوِيَة وَأدْركَ أَبَا بكر وَعمر روى عَنهُ عُرْوَة وَأَبُو سَلمَة وَالْحسن وَنَافِع وَمُسلم بن يسَار وَابْن الْمُنْكَدر وَزيد بن اسْلَمْ وَغَيرهم وروى لَهُ الجامعة وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسبعين وَكَانَ حمْرَان أول سبيٍ دخل من الْمشرق إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ الَّذِي سباهم خَالِد بن الْوَلِيد وتحوَّل حمْرَان إِلَى الْبَصْرَة فنزلها وادَّعى وَلَده أَنهم من النَّمر بن قاسط بن ربيعَة وَكَانَ كثير الحَدِيث قَالَ الْأَصْمَعِي حَدثنِي رجل قَالَ قدم شيخ أَعْرَابِي فَرَأى حمْرَان فَقَالَ من هَذَا قَالُوا حمْرَان فَقَالَ لقد رَأَيْت هَذَا وَمَال رِدَاؤُهُ عَن عَاتِقه فَابْتَدَرَهُ مَرْوَان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ أَيهمَا يسوِّيه قَالَ أَبُو عَاصِم فحدثّت بِهِ رجلا من ولد عبد الله بن عامرٍ فَقَالَ حدَّثني أبي أَن حمْرَان بن أبان مدَّ رجله فَابْتَدَرَهُ مُعَاوِيَة وَعبد الله بن عَامر أَيهمَا يغمزه وَكَانَ الحجَّاج أغرمه مائَة الف دِرْهَم فَبلغ ذَلِك عبد الْملك فَكتب إِلَيْهِ إِن حمْرَان أَخُو من مضى وعمُّ من بَقِي فاردد عَلَيْهِ مَا أخذت مِنْهُ فَدَعَا بحمران فَقَالَ كم أغرمناك قَالَ مائَة ألف
فبعثها إِلَيْهِ(13/103)
على غلْمَان وَكَانُوا عشرَة فَقَالَ هِيَ لَك مَعَ الغلمان فَقَسمهَا حمْرَان بَين أَصْحَابه واعتق الغلمان وَإِنَّمَا أغرمه الْحجَّاج بذلك لِأَنَّهُ كَانَ ولي لخَالِد بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد سَابُور
(حَمْزَة)
3 - (عمّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
حَمْزَة عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ حَمْزَة بن عبد المطَّلب بن هَاشم وأخو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرّضاعة أرضعتهما ثويبة الأسْلَمِيَّة يكنى أَبَا عمَارَة وَأَبا يعلى أسلم فِي السّنة الثَّانِيَة من النُّبوَّة وَقيل فِي السَّادِسَة كَانَ أسنَّ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَع سِنِين وَقيل بِسنتَيْنِ شهد بَدْرًا وأبلى فِيهَا بلَاء حسنا قيل أَنه قتل عتبَة بن ربيعَة مبارزةً يَوْم بدر كَذَا قَالَ مُوسَى بن عقبَة ويل بل قتل شيبَة بن ربيعَة كَذَا قَالَ ابْن إِسْحَق وَقتل يومئذٍ طعيمة بن عديّ أَخا الْمطعم بن عديّ وَقتل يومئذٍ سباعاً الخزاعيّ وَقيل قَتله يَوْم أحد وَشهد أحدا فَقتله وحشيّ بن حَرْب الحبشيّ مولى جُبَير بن مطعم وَكَانَ يَوْم قتل ابْن تسع وَخمسين سنة وَدفن هُوَ وَابْن أُخْته عبد الله بن جحش فِي قبرٍ وَاحِد وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَمْزَة سيّد الشُّهداء وَرُوِيَ خير الشُّهَدَاء وَلَوْلَا أَن تَجِد صَفِيَّة لتركت دَفنه حَتَّى يحْشر من بطُون الطِّير والسِّباع وَلم يمثَّل بِأحد مَا مثِّل بِهِ قطعت هِنْد كبده وجدعت أَنفه وَقطعت أُذُنَيْهِ وبقرت بَطْنه فَقيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فعل بِهِ فَقَالَ لإن ظَفرت بقريشٍ لأمثِّلنَّ بِثَلَاثِينَ مِنْهُم وَمَا برح حَتَّى أنزل الله تَعَالَى قَوْله وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل نصبر
وكفَّر عَن يَمِينه وَلما أسلم حَمْزَة قَالَ أبياتاً مِنْهَا من الوافر
(حمدت الله حِين هدى فُؤَادِي ... إِلَى الْإِسْلَام والدِّين الحنيف)
(لدينٌ جَاءَ من ربٍ عزيزٍ ... خبيرٍ بالعباد بهم لطيف)
وَقيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى على حَمْزَة سبعين مرّة كلما قدِّمت لَهُ جَنَازَة صلَّى عَلَيْهَا(13/104)
مَعهَا وَقَالَ كَعْب بن مَالك يرثي حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ وَقيل عبد الله بن رَوَاحَة من الوافر
(بَكت عَيْني وحقَّ لَهَا بكاها ... وَمَا يُغني الْبكاء وَلَا العويل)
(على أَسد الآله غَدَاة قَالُوا ... لِحَمْزَة ذاكم الرجل الْقَتِيل)
(أُصِيب المسلون بِهِ جَمِيعًا ... هُنَاكَ وَقد أُصِيب بِهِ الرًّسول)
(أَبَا يعلى لَك الْأَركان هدَّت ... وَأَنت الْمَاجِد البرُّ الْوُصُول)
)
(عَلَيْك سَلام ربَّك فِي جنانٍ ... يخالطها نعيمٌ لَا يَزُول)
(أَلا يَا هَاشم الأخيار صبرا ... فكلُّ فعالكم حسنٌ جميل)
(رَسُول الله مصطبرٌ كريمٌ ... بِأَمْر الله ينْطق إِذْ يَقُول)
(أَلا من مبلغ عني لؤيّاً ... فَبعد الْيَوْم دائلة تدول)
(وَقبل الْيَوْم مَا عرفُوا وذاقوا ... وقائعنا بهَا يشفى الغليل)
(نسيتم ضربنا بقليب بدرٍ ... غَدَاة أَتَاكُم الْمَوْت العجيل)
(غَدَاة ثوى أَبُو جهلٍ صَرِيعًا ... عَلَيْهِ الطَّير جاثمة تجول)
(وَعتبَة وَابْنه خرّا جَمِيعًا ... وَشَيْبَة عضَّه السَّيف الصَّقيل)
(أَلا يَا هِنْد لَا تبدي شماتاً ... بِحَمْزَة إنَّ عزَّكم ذليل)
(أَلا يَا هِنْد فابكي لَا تملِّي ... فَأَنت الواله العبرى الهبول)
3 - (الأسلميّ الصَّحابيّ)
حَمْزَة بن عَمْرو بن عُوَيْمِر أَبُو صَالح وَيُقَال أَبُو مُحَمَّد الأسلميّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة كَانَ البشير إِلَى أبي بكر بِفَتْح وقْعَة أجنادين وأمَّره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سريَّة وكنَّاه أَبَا صَالح وَكَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَلَمَّا نفَّر المُنَافِقُونَ نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة حَتَّى سقط بعض مَتَاع رَحْله قَالَ حَمْزَة فنوِّر لي فِي أصابعي فَأَضَاءَتْ حَتَّى جعلت ألقط مَا شذَّ من الْمَتَاع الصَّوط وَالْحَبل وَأَشْبَاه ذَلِك وَهُوَ الَّذين بشَّر كَعْب بن مَالك بتوبته فَكَسَاهُ كَعْب ثوبيه وَكَانَ يسْرد الصَّوم وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّسائيّ
3 - (المقرىء)
حَمْزَة بن حبيب بن عمَارَة بن إِسْمَاعِيل الإِمَام الْعلم أَبُو عمَارَة التَّيْمِيّ(13/105)
الْكُوفِي الزيات أحد الْقُرَّاء السَّبْعَة مولى آل عِكْرِمَة بن ربعي كَانَ عديم النَّظير فِي وقته علما وَعَملا وَكَانَ رَأْسا فِي الْوَرع قَرَأَ على حمْرَان بن أعين وَالْأَعْمَش وَجَمَاعَة وحدَّث عَن الحكم وَطَلْحَة بن مصرِّفٍ وعديّ بن ثَابت وَعَمْرو بن مرَّة وحبِيب بن أبي ثَابت وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَجَمَاعَة وَكَانَ يجلب الزَّين من الْكُوفَة إِلَى حلوان ويجلب إِلَى الْكُوفَة الْجُبْن والجوز قَالَ سُفْيَان الثَّوري مَا قَرَأَ حَمْزَة حرفا إِلَّا بأثر وَهُوَ إِمَام الْكسَائي فِي الْهَمْز والإدعام قَالَ رجل لِحَمْزَة)
بلغنَا أَن رجلا من أَصْحَابك همز حَتَّى انْقَطع زرُّه قَالَ لم آمُرهُم بِهَذَا كلِّه قَالَ ابْن معِين حَمْزَة ثِقَة وَقَالَ النّسائيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقد كره قِرَاءَة حَمْزَة بن إِدْرِيس الأودي وَأحمد بن حَنْبَل وَجَمَاعَة لفرط المدِّ والإمالة والسَّكت على السَّاكِن قبل الْهمزَة وَغير ذَلِك حَتَّى أَن بَعضهم رأى إِعَادَة الصَّلَاة وَهَذَا غلوّ وَقد اسْتَقر الْحَال وانعقد الْإِجْمَاع على ثُبُوت قِرَاءَته
روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة
3 - (ابْن عبد الله بن عمر)
حَمْزَة بن عبد الله أَبُو عمَارَة القرشيّ العدويّ المدنيّ حدًّث عَن أَبِيه وَعَائِشَة ووفد على بعض خلفاء بني أميِّة مستميحاً وَأمه أم سَالم أم ولد وَأَخُوهُ عبيد الله شقيقه وروى عَنهُ الزُّهري وَكَانَ قَلِيل الحَدِيث قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ سَمِعت يحيى ابْن سعيد يَقُول فُقَهَاء الْمَدِينَة إثنا عشر سعيد وَأَبُو سَلمَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم وَحَمْزَة وَزيد وَعبيد الله وبلال بَنو عبد الله بن عمر وَأَبَان بن عُثْمَان وَقبيصَة بن ذُؤَيْب وخارجة وَإِسْمَاعِيل ابْنا زيد بن ثَابت وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرَة وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (الْحَافِظ المصريّ)
حَمْزَة بن مُحَمَّد بن عليّ بن الْعَبَّاس أَبُو الْقَاسِم الكنانيّ المصريّ الْحَافِظ سمع النَّسَائِيّ وَالْحسن بن أَحْمد بن الصِّيقل وَعمْرَان بن مُوسَى الطَّبِيب وَمُحَمّد بن سعيد السَّراج وَسَعِيد بن عُثْمَان الحرّاني وعبدان بن أَحْمد الأهوازيّ وابا يعلى الْموصِلِي وَمُحَمّد بن دَاوُد بن عُثْمَان الصّفدي وَجَمَاعَة كَثِيرَة ورحل وطوَّف وَجمع وصنَّف وروى عَنهُ ابْن مندة والحافظ عبد الْغنى وَمُحَمّد بن عمر بن الخطّاب وَالْحُسَيْن بن الْحسن اللوّاز(13/106)
وَغَيرهم قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ حَافظ مصر بعد أبي سعيد بن يُونُس وَتُوفِّي سنة سبع وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَبُو يعلى الطَّبيب)
حَمْزَة بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْزَة أَبُو يعلى المهلَّبي النّيسابوريّ الطَّبِيب الحاذق توفّي سنة ستٍ وَأَرْبع مائَة
3 - (حَمْزَة بن سُلَيْمَان)
حَمْزَة بن سُلَيْمَان بن عبد الله الْكَامِل بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب سَوف يَأْتِي)
ذكر وَالِده فِي حرف السِّين إِن شَاءَ الله تَعَالَى أخرجه بَنو إِدْرِيس وعترته إِلَى الغرب الْأَوْسَط
وَكَانَ أشهر العترة حَمْزَة وَبعده إِبْرَاهِيم وَإِلَى حَمْزَة هَذَا ينْسب سوق حَمْزَة بالغرب الْأَوْسَط
وتوارث بنوه الْأَمر هُنَالك وكثروا إِلَى أَن توجَّه جَوْهَر غُلَام المعزِّ العبيديّ برسم العلويين القائمين بالمغرب فَحمل كل مَشْهُور مِنْهُم إِلَى مَوْلَاهُ وخلعهم عَن ملكهم وَبقيت مِنْهُم بقايا فِي الْجبَال والأطراف وهم مَشْهُورُونَ مكرمون عِنْد قبائل البربر وَكَانَ لِحَمْزَة هَذَا شعر ضَعِيف مِنْهُ من الْكَامِل جدّي النَّبِي وبنته أُمِّي فمذا يَبْتَغِي عِنْدِي الْفُجُور المكذِّب
(أبنوأميَّة أم بَنو العبَّاس من ... أكفائنا برقٌ لعمري حلَّب)
وَلَيْسَ بعده من بني سُلَيْمَان من لَهُ شعر لغَلَبَة العجمة عَلَيْهِم وبعدهم عَن الحواضر الأدبية وتخلقهم بالأخلاق البربرية
3 - (الأنصاريّ)
حَمْزَة بن أبي أسيد مَالك بن ربيعَة الأنصاريّ روى عَن أَبِيه والْحَارث بن زِيَاد الأنصاريّ
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الجرجانيّ الْحَافِظ)
حَمْزَة بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن محمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الْقرشِي السَّهمي من ولد هِشَام بن الْعَاصِ أَبُو الْقَاسِم الجرجانيّ الْحَافِظ روى عَنهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وصنَّف التَّصانيف وتكلَّم فِي الْجرْح والتَّعديل وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة(13/107)
3 - (أَبُو يعلى الجعفريّ)
حَمْزَة بن مُحَمَّد الشَّريف أَبُو يعلى الجعفريّ الْبَغْدَادِيّ من أَوْلَاد جَعْفَر بن أبي طَالب كَانَ من كبار عُلَمَاء الشِّيعة لزم الشَّيخ الْمُفِيد وفَاق فِي الأصولين وَالْفِقْه على طَرِيق الإماميَّة وزوَّجه الْمُفِيد بابنته وصنَّف كتبا حسانا وَكَانَ من صالحي طائفته وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن القبيَّطي المقرىء)
حَمْزَة بن عَليّ بن حَمْزَة بن فَارس بن مُحَمَّد أَبُو يعلى الحرّاني ابْن القبيَّطي الْبَغْدَادِيّ المقرىء من كبار الْقُرَّاء قَرَأَ بالروايات والطُّرق على الْمَشَايِخ وَسمع الْكثير وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة)
وحصَّل مِنْهَا طرفا صَالحا قَرَأَ على وَالِده وعَلى عبد الله بن عليّ ابْن أَحْمد سبط أبي منصورٍ الْخياط وَعلي الْمُبَارك بن الْحسن الشَّهرزوري وَعمر بن الرَّحْمَن بن مُحَمَّد القزَّاز وَعبد الله بن عَليّ بن أَحْمد المقرىء وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن نَبهَان الغنويّ الرَّقي والحافظ ابْن ناصرٍ وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وحصَّل الْأُصُول واحترقت كتبه وَكَانَ يقرىء عَلَيْهِ من أصُول غَيره ثمَّ أعَاد لنَفسِهِ بِخَطِّهِ أَجزَاء وَكَانَ يكْتب مليحاً وينقل صَحِيحا وَقَالَ ابْن النَّجار محبُّ الدّين وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا حجَّةً نبيلاً من أَئِمَّة القرَّاء المجوِّدين مَوْصُوفا بِحسن الْأَدَاء الْغُمَّة
وَكَانَ يَقْصِدهُ النَّاس فِي ليَالِي شهر رَمَضَان من الْأَمْكِنَة الْبَعِيدَة وَمَا رَأَيْت قَارِئًا أحلى نَغمَة مِنْهُ وَلَا أحسن تجويداً مَعَ علو سنِّه وانقلاع ثنيته وَكَانَ تَامّ الْمعرفَة بِوُجُوه الْقرَاءَات وعللها وَحفظ أسانيدها وطرقها وَكَانَ فِي صباه من أحسن أهل زَمَانه وَجها وأظرفهم شكلاً مَعَ عفَّةٍ وصيانة وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فِي وَصفه من ذَلِك قَول مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر ابْن الأديب الْكَاتِب من والوافر
(تملَّك مهجتي ظبيٌ غريرٌ ... ضنيت بِهِ وَلم أبلغ مرادي)
(فتصحيف اسْمه فِي وجنتيه ... وَمن ريقٍ بِفِيهِ وَفِي فُؤَادِي)
وَمن شعر ابْن القبيَّطي كتب بِهِ إِلَى المستضيء من الْكَامِل
(يَا ابْن الأولى سادوا وشادوا مَا بنوا ... بمكارمٍ إحصاؤها معتذِّر)
(أَنْتُم وُلَاة الْأَمر بعد محمدٍ ... حَتَّى يضمَّ الْعَالمين الْمَحْشَر)(13/108)
(وإليكم إِسْنَاد كلِّ فضيلةٍ ... مِنْكُم وعنكم تستفاد وتؤثر)
توفّي سنة اثْنَيْنِ وست مائَة وَهُوَ أَخُو أبي الْفرج مُحَمَّد وَتقدم وَكَانَ حَمْزَة الْأَكْبَر
3 - (الأجلّ الْوَزير)
حَمْزَة بن إِبْرَاهِيم أَبُو الخطَّاب ربَّاه جَعْفَر بن المكتفي بِاللَّه وَكَانَ متوحدِّاً فِي علم النُّجُوم فتعلَّم مِنْهُ شَيْئا يتكسَّب بِهِ على الطَّرِيق فنفق بالنجوم على الموفَّق أبي عَليّ بن إِسْمَاعِيل
وَكَانَ وَزِير الْملك بهاء الدَّولة فاستخلفه بِحَضْرَة بهاء الدَّولة فتقرَّب إِلَيْهِ وَاسْتولى على أُمُور المملكة فِي أَيَّامه وَأَيَّام ابْنه سُلْطَان الدولة وَكَانَ إِلَيْهِ الْأَمْوَال والحزائن والقلاع وخوطب بالأجلّ كَانَ بِحَضْرَة الْملك بهاء الدولة فِي يَوْم نوروز أَو مهرجان فَدخل عَلَيْهِ تركي من خَالص التّرْك يَخْدمه على حسب مَا جرت بِهِ عَادَتهم ثمَّ قَالَ لَهُ بالعجمية كلَاما مَعْنَاهُ تعيش)
ألف سنة فَقَالَ لَهُ وَهل يعِيش إِنْسَان ألف سنة فَقَالَ نعم تعيش أَن مائَة سنة وتعمل عملا جميلاً تذكر بِهِ تسع مائَة سنة فَذَلِك ألف سنة لِأَن الثَّناء عمر ثانٍ توفّي سنة تسع عشرَة وَأَرْبع مائَة وخلَّف ألفي ألف دِينَار
3 - (أَبُو سعبد ابْن النَّباطيّ)
حَمْزَة بن الْحُسَيْن أَبُو سعد ابْن النَّباطيّ من أهل عكبرا روى عَن أبي الْحسن عليّ بن عِيسَى الشّاكر الشَّاعر ديوَان شعره
3 - (ابْن البقشلام)
حَمْزَة بن عَليّ طَلْحَة بن يُوسُف الرَّازي أَبُو الْفتُوح الْمَعْرُوف بِابْن البقشلام بِفَتْح الْبَاء الموحّدة وَسُكُون الْقَاف بعْدهَا شين مُعْجمَة وَبعد اللَّام ألف لَام يدعى كَمَا الدّين كَانَت أمه أرضعت المسترشد بلبنه وربي مَعَه فِي الدَّار فَلَمَّا ولي الْخلَافَة ولاَّه الحجبة بِبَاب النُّوبيّ ثمَّ ولاَّه وكَالَته وَجعله صَدرا بالمخزن وولاَّه النّظر فِي أَعماله وَأَعْلَى كَلمته وفوَّض إِلَيْهِ الْأَحْوَال حَتَّى دَان لَهُ الخاصّ والعامّ وساوى الوزراء وَلما مَاتَ المسترشد وَولي أَخُوهُ المقتفي أقرَّه على النّظر بالمخزن ثمَّ إِنَّه حجَّ وَعَاد وغيَّر زيَّه واستعفى من الْخدمَة فأعفي وَجلسَ فِي بَيته مكبّاً على الْعِبَادَة وَبنى مدرسة شافعية ووقف عَلَيْهَا ثلث أملاكه وَكَانَ من محَاسِن الزَّمَان
وَقَالَ فِيهِ أَبُو الْحسن ابْن الْخلّ الْفَقِيه من السَّرِيع
(يَا عضد الْإِسْلَام يَا من سمت ... إِلَى العلى همَّته الفاخره)(13/109)
(كَانَت لَك الدُّنيا فَلم تَرضهَا ... ملكا مأخلدت إِلَى الْآخِرَه)
توفّي سنة سِتّ وَخمسين وحمس مائَة
3 - (الْأَشْرَف الْكَاتِب المصريّ)
حَمْزَة بن عَليّ بن عُثْمَان بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن مُسلم بن منبِّه القرشيّ المخزوميّ أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب من ولد عبد الله بن أبي ربيعَة المخزوميّ يلقَّب بالأشرف من أهل مصر كَانَ وَالِده صَاحب ديوَان مصر أَيَّام المصريين وَولي هُوَ الدِّيوَان أَيَّام صَلَاح الدّين وَكَانَ كَاتبا سديداً حاذقاً بليغاً لَهُ نظم ونثر وَكَانَ ينشىء الْكتاب من أَسْفَله إِلَى أَعْلَاهُ على أحسن مَا يكون من غير توقُّف واشتهر بذلك وَسمع الْكثير من السِّلفيّ وَمن دونه بالديِّار المصرية وحصَّل الْأُصُول الملاح وَخَافَ من ابْن شكر وَزِير الْعَادِل أَن)
يَقْصِدهُ بأذىً فهرب إِلَى الشَّام واتصل بِخِدْمَة الظّاهر صَاحب حلب فَأكْرم نزله وَكَانَ يراسل بِهِ الأطرتاف وأرسله مرَّتين إِلَى بَغْدَاد وَتُوفِّي فجاءة بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس عشرَة وست مائَة
وَمن شعره من الْبَسِيط
(زِيَادَة الطُّول نقصٌ ظَاهر الْأَثر ... وَقد سرى ذَاك حَتَّى كَانَ فِي الشَّجر)
(أنظر إِلَى الْحور لما عَاد معتلياً ... كَيفَ اعتذى وَهُوَ خَال الْغُصْن من ثَمَر)
3 - (نجم الدّين الأصفونيّ)
حَمْزَة بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الْمُنعم الصَّاحب نجم الدّين بن الأصفوني سمع من الشَّيْخ تقيّ الدّين القشيريّ وَحضر مجْلِس إمْلَائِهِ سنة تسعٍ وَخمسين وست مائَة بقوص وتنقَّل فِي الخدم الدّيوانية ثمَّ تولَّى النَّظر بِمصْر أَيَّام الْمَنْصُور قلاوون يُقَال أَن الشُّجاعيّ دسَّ عَلَيْهِ أحد عبيده وَكَانَ الصَّاحب نجم الدّين يثقق إِلَيْهِ وَيَأْكُل من يَده فَأعْطَاهُ الشُّجاعيّ مائَة دينارٍ وَقَالَ أشتهي مِنْك أَنَّك تدافع مخدومك عَن الْأكل حَتَّى يَنَالهُ الْجُوع فَإِذا طلب مِنْك شَيْئا يَأْكُلهُ ادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِه الكعكة فَفعل ذَلِك فَكَانَت منيته فِيهَا وَلما مَاتَ أوَّل مَا طلب الشُّجاعيّ ذَلِك اعبد وَقَتله بالمقارع وَأخذ الْمِائَة دِينَار وَغَيرهَا مِنْهُ وَكَانَ نجم الدّين يحب الْقُرْآن والْحَدِيث لما مَاتَ تطلَّب الشُّجاعيّ أَصْحَابه ومعارفه بكلّ مَكَان وَكَانَ من جُمْلَتهمْ شرف الدّين مُحَمَّد النّصيبي فهرب مِنْهُ مدَّةً ثمَّ كتب إِلَى الشُّجاعي هَذِه الأبيات من الْكَامِل
(دع عَنْك عذلي يَا عذولي فَإِن بِي ... من فرقة الأحباب مَا يَكْفِينِي)
(لَا تلح فِي حزني وفيض مدامعي ... الْقلب قلبِي والجفون جفوني)
(أنْكرت مني غير وَقْفَة ساعةٍ ... والرَّكب مرتحلٌ أبثُّ شجوني)(13/110)
(هِيَ وقفةٌ قصرت وَطَالَ بلاؤها ... فَكَأَنَّمَا هِيَ دولة الأصفوني)
(يَا حَمْزَة بن محمدٍ ألقيتنا ... فِي ذلِّ أحزانٍ وضيق سجون)
(لم تمش هونا فِي الْأُمُور فكلُّنا ... من شُؤْم رَأْيك فِي عَذَاب الْهون)
(مَا بَين مطرودٍ عَن الأوطان لَا ... يأوي بهَا حقّاً وَبَين رهين)
(تجني ونؤخذ بِالْجِنَايَةِ هَكَذَا ... الْعُقَلَاء مأخوذون بالمجنون)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا الشُّجاعيّ أمَّنه وَأمره بالظُّهور وَلم يتعرَّض إِلَيْهِ وَكَانَ قدحصل بَينه وَبَين أبي طَالب بن النّابلسيّ صُورَة فَقَالَ كَمَال الدِّين مُحَمَّد بن بشائر القوصيّ الإخميميّ من)
الطَّوِيل
(أَبَا طالبٍ مَا أَنْت قرنٌ لحمزةٍ ... لأنكما فِي الدِّين مُخْتَلِفَانِ)
(دعَاك النبيُّ الهاشميُّ فَلم تجب ... وَحَمْزَة لبَّاه بكلِّ لِسَان)
وَمن شعر نجم الدّين الأصفوني من الْكَامِل
(وَلَقَد أحنُّ إِلَى العقيق ويثربٍ ... وقبا وهنَّ منَازِل الورَّاد)
(وأحبُّهنَّ وَلَيْسَ هنَّ منازلي ... وأودُّهنَّ وَلَيْسَ هنَّ بلادي)
وَله قصيدة يمدح بهَا سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة
3 - (ابْن شيخ السلاميِّة)
حَمْزَة بن مُوسَى الشَّيخ الإِمَام الْعَالم الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الخاقاني نِسْبَة إِلَى الْفَتْح بن خاقَان وَزِير المتَوَكل عز الدّين ابْن القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية يَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ سَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة ستّ عشرَة وَسبع مائَة توفّي وَالِده وَهُوَ فِي الْجَيْش يُبَاشر مشارفة الجيوش بِدِمَشْق ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز أَخذ مِنْهُ مبلغ مائَة ألف دِرْهَم فِيمَا أَظن من غير ذَنْب وَلَا جِنَايَة لَكِن نقمةً على وَالِده فوزن ذَلِك من غير انزعاجٍ وَلَا إِكْرَاه ثمَّ ترك الخدم وَأَقْبل على الْعلم وزهد فِي المناصب وَأعْرض عَنْهَا إعْرَاضًا كلياً وأكبَّ على الِاشْتِغَال والمطالعة إِلَى أَن برع فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَصَارَ علاَّمةً فِي النُّقول وَمَعْرِفَة مَذَاهِب النَّاس وتولَّى تدريس الحنبليَّة الَّتِي عِنْد الرَّواحية دَاخل بَاب الفراديس وَشرح مَرَاتِب الْإِجْمَاع لِابْنِ حزم فِي عشرَة أسفار واستدرك عَلَيْهِ قيوداً أهملها
وحسبك بِمن يسْتَدرك على الْحَافِظ ابْن حزمٍ واطِّلاعه وَشرح أَحْكَام الشَّيْخ مُحَمَّد الدّين بن تَيْمِية فِي مجلداٍ كَثِيرَة(13/111)
3 - (أَبُو طَالب الأسديّ)
حَمْزَة بن غاضرة بن مُحَمَّد بن العبَّاس أَبُو طَالب الأسديّ العاني الأديب سمع من جماعةٍ بِبَغْدَاد وَدخل خُرَاسَان وَسكن بوشنج وحدَّث بهَا وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا مَشْهُورا بالأدب
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب ترامت بِهِ الْأَسْفَار إِلَى بوشنج فاستوطن بهَا وبنيت فِيهَا مدرسة باسمه وانثالت التَّلامذة عَلَيْهِ كعرف الضَّبع وَاسْتقر فِيهَا اسْتِقْرَار الظُّفر فِي برثن السَّبع وَحسنت)
آثاره على الْمُخْتَلفَة إِلَيْهِ المقتبسة مِمَّا لَدَيْهِ وَله شعر الأدباء والنحاة وَلَيْسَ مَعَ ذَلِك من صَخْر البلادة نحات قلت هَذَا من كَلَام الباخرزي فِي دمية الْقصر ترْجم لَهُ هَذِه التَّرْجَمَة وَأورد لَهُ من المتقارب
(أضعت الشَّبَاب وخنت المشيب ... برفض الْوَقار وخلع الرَّسن)
(وَلم ترع سمعا إِلَى واعظٍ ... فحتى مَتى ذَا أما آن أَن)
وَأورد لَهُ من السَّرِيع
(أَصبَحت فِي الحبِّ كَمَا قد ترى ... معذَّباً مَا بَين عذَّالي)
(أعدُّ مَا شِئْت ليَوْم اللِّقا ... ملآن من قيلٍ وَمن قَالَ)
(حَتَّى إِذا أبصرته مُقبلا ... لم يخْطر العب على بالي)
توفّي سنة خمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن المعتز بِاللَّه)
حَمْزَة بن المعتزِّ مُحَمَّد بن المتوكِّل أَخُو عبد الله روى عَن أَخِيه عبد الله
3 - (أَبُو يعلى الزَّينبي)
حَمْزَة بن مُحَمَّد بن عليّ بن حسن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المطلَّلب أَبُو يعلى الْهَاشِمِي الزَّينبي أَخُو أبي نصر مُحَمَّد وَأبي الفوارس طراد وَأبي طَالب الْحُسَيْن من بَيت النّقابة والتقدُّم سمع عليَّ بن مُحَمَّد بن الْحسن الْمَعْرُوف بِابْن قشيش وَأَبا الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَأَبا مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الْحَلَال وَغَيرهم وحدَّث باليسير عَاشَ سبعا وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمْس مائَة
3 - (القَاضِي فَخر الدَّولة ابْن أبي الجنّ)
حَمْزَة بن الْحسن بن العبَّاس بن الْحسن بن أبي الجنّ القَاضِي فَخر الدَّولة أَبُو يعلى الْعلوِي الْحُسَيْنِي وَولي قَضَاء دمشق من قبل الظَّاهر العبيدي(13/112)
وَولي نقابة الْأَشْرَاف بِمصْر وجدَّد بِدِمَشْق مَنَابِر وقنياً وأجرى الفوّارة وَذكر أَنه وجد فِي تَذكرته كل سنة شبعة آلَاف دِينَار صَدَقَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ ممدَّحاً وممَّن مدحه ابْن حيُّوس
3 - (الحنفيّ الشَّاعِر)
)
حَمْزَة بن بيضٍ بِكَسْر الْبَاء الموحّدة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَآخِرهَا ضاد مُعْجمَة الحنفيّ أحد بني بكر بن وَائِل كُوفِي شَاعِر مجيد سَائِر القَوْل كثير المجون كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى المهلَّب بن أبي صفرَة وَولده ثمَّ إِلَى بِلَال بن أبي بردة حصلت لَهُ أَمْوَال كَثِيرَة إِلَى الْغَايَة من ذهبٍ وخيلٍ ورقيق قيل أَنه حصَّل ألف ألف دِرْهَم وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَة أَتَى بِلَال بن أبي بردة وَكَانَ كثير المزاح مَعَه قَلما قدم عَلَيْهِ قَالَ لحاجبه اسْتَأْذن لِحَمْزَة بن بيض الْحَاجِب
فَدخل الْحَاجِب فَأخْبرهُ بِهِ فَقَالَ اخْرُج فَقل لَهُ حَمْزَة بن بيض ابْن من فَقَالَ لَهُ ادخل فَقل لَهُ الَّذِي جِئْت إِلَيْهِ إِلَى بنيار الْحمام وَأَنت أَمْرَد تسأله لَان يهب لَك طائراً فأدخلك وناكك ووهب لَك الطّائر فشتمه الْحَاجِب فَقَالَ لَهُ مَا أَنْت وَذَا بَعثك برسالةٍ فَأخْبرهُ الْجَواب فَدخل الْحَاجِب وَهُوَ مغضب فلمَّا رَآهُ بِلَال ضحك وَقَالَ مَا قَالَ لَك قبَّحه الله فَقَالَ مَا كنت لأخبر الْأَمِير بِمَا قَالَ فَقَالَ يَا هَذَا أَنْت رَسُول أدِّ الْجَواب فَأبى فأقسم عَلَيْهِ حَتَّى أخبرهُ فَضَحِك حَتَّى فحص برجليه وَقَالَ قل لَهُ مد عرفنَا الْعَلامَة فَادْخُلْ فَدخل وأكرمه وَسمع مديحه وَأحسن صلته وَأَرَادَ بِلَال بقوله ابْن بيض ابْن من قَول الشَّاعِر فِيهِ من الْبَسِيط
(أَنْت ابْن بيضٍ لعمري لست أنكرهُ ... فقد صدقت وَلَكِن من أَبُو بيض)
وَقدم على مخلد بن يزِيد بن المهلَّب وَعِنْده الْكُمَيْت فأنشده من المتقارب
(أَتَيْنَاك فِي حاجةٍ فاقضها ... وَقل مرْحَبًا يجب المرحب)
(وَلَا لَا تكلنَّا إِلَى معشرٍ ... مَتى وعدوا عدَّة يكذبوا)
(فإنَّك فِي الْفَرْع فِي أسرةٍ ... لَهُم خضع الشرق وَالْمغْرب)
بلغت لعشر مَضَت من سنيك مَا يبلغ السّيد الأشيبُ
(فهمُّك فِيهَا جسامُ الأمورِ ... وهمُّ لداتُكَ أَن يلعبوا)
(وجدت فَقلت أَلا سائلٌ ... فَيعْطى وَلَا راغبٌ يرغب)
(فمنك العطيِّة للسائلين ... وممَّن يَنُوبك أَن يطلبوا)
فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف درهمٍ فقبضها وَسَأَلَ عَن حَوَائِجه فَأخْبرهُ بهَا فقضاها جَمِيعًا وَقيل أَنه حسده الْكُمَيْت فَقَالَ لَهُ يَا حَمْزَة أَنْت كمهدي التَّمر إِلَى هجر فَقَالَ نعم وَلَكِن تمرنا طيب(13/113)
من تمر هجر وأودع حَمْزَة عِنْد ناسكٍ ثَلَاثِينَ ألف درهمٍ وَمثلهَا عِنْد رجلٍ نبَّاذ فَأَما الناسك فَبنى بهَا دَاره زوَّج بَنَاته وأنفقها وجحده وَأما النَّبّاذ فأدَّى إِلَيْهِ الْأَمَانَة فِي مَاله فَقَالَ حَمْزَة من)
المتقارب
(أَلا لَا يغرَّنك ذُو سجدةٍ ... يظلُّ بهَا دائباً يخدع)
(كَأَن بجهته حلبةً ... تسبِّح طوراً وتسترجع)
(وَمَا للتُّقى لَزِمت وَجهه ... وَلَكِن ليعثر مستودع)
(فَلَا تنفرنَّ من أهل النَّبيذ ... وَإِن قيل يشرب لَا يقْلع)
فعندك علمٌ بِمَا قد خبرت إِن كَانَ علمٌ بهم ينفع
(ثَلَاثُونَ ألفا حواها السُّجود ... فَلَيْسَتْ إِلَى أَهلهَا ترجع)
(بنى الدَّار من غير مَا مَاله ... فَأصْبح فِي بَيته يرتع)
(مهائر من غير مالٍ حواه ... يقاتون أَرْزَاقهم جوَّع)
(وأدَّى أَخُو الكأس مَا عِنْده ... وَمَا كنت فِي ردهَا أطمع)
وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان يعبث بِهِ فوجَّه إِلَيْهِ لَيْلَة رَسُولا وَقَالَ جئني بِهِ على أيِّ حالٍ وجدته فهجم الرَّسُول إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ دَاخِلا إِلَى بَيت الْخَلَاء فَقَالَ أجب الْأَمِير فَقَالَ وَيحك أكلت كثيرا وشربت نبيذاً حلواً وَقد أَخَذَنِي بَطْني فَقَالَ لَا سَبِيل إِلَى مفارقتك فَأَخذه وأتى بِهِ فَوَجَدَهُ قَاعِدا فِي طارمةٍ وَعِنْده جَارِيَة جميلَة يتحظَّاها وَهِي تسجر البخور فَجَلَسَ يحادثه وَهُوَ يعالج مَا هُوَ فِيهِ من دَاء بَطْنه فعرضن لَهُ ريحٌ فسيَّبها ظنّاً أَن البخور يَسْتُرهَا قَالَ حَمْزَة فو الله لقد غلب رِيحهَا المنتن ذَلِك النَّدّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا حَمْزَة قَالَ فَقلت عليَّ عهد الله وَعلي الْمَشْي وَالْهَدْي إِن كنت فعلتها وَمَا فعلهَا إِلَّا هَذِه الْجَارِيَة فَغَضب وخجلت الْجَارِيَة وَمَا قدرت على الْكَلَام ثمَّ جائتني أُخْرَى فسرَّحتها وسطع وَالله رِيحهَا فَقَالَ مَا هَذَا وَيلك أَنْت وَالله الآفة فَقلت امْرَأَتي طَالِق إِن كنت فعلتها فَقَالَ وَهَذِه الْيَمين لَازِمَة لي إِن كنت فعلتها وَمَا هُوَ إِلَّا عمل هَذِه الْجَارِيَة فَقَالَ وَيلك مَا قصتك قومِي إِلَى الْخَلَاء إِن كنت تجدين شَيْئا فأطرقت وطمعت فِيهَا فسرحت الثَّالِثَة فسطع من رِيحهَا مَا لم يكن فِي الْحساب
فَغَضب عبد الْملك حَتَّى كَاد يخرج من جلده ثمَّ قَالَ يَا حَمْزَة خُذ بيد هَذِه الْجَارِيَة الزَّانِيَة فقد وهبتها لَك وامض فقد نغَّصت عليَّ لَيْلَتي فَأخذت بِيَدِهَا وَخرجت فلقيني خَادِم فَقَالَ لي مَا تُرِيدُ أَن تصنع فَقلت أمضي بهَا فَقَالَ وَالله لَئِن فعلت ليبغضنَّك بغضاً لَا تنْتَفع بِهِ بعده
وَهَذِه مِائَتَا دِينَار فَخذهَا ودع هَذِه الْجَارِيَة فَقلت وَالله لَا نقصتك من خمس مائَة دِينَار فَقَالَ)
لَيْسَ إِلَّا مَا قلت لَك فأخذتها وَأخذ الْجَارِيَة فَلَمَّا كَانَ بعد ثَلَاث دَعَاني عبد الْملك فلقيني الْخَادِم فَقَالَ هَذِه مائَة دِينَار أُخْرَى وَتقول مَا لَا يضرُّك ولعلَّه ينفعك فَقَالَ ماهو قَالَ إِذا دخلت إِلَيْهِ تدَّعي عِنْده أنَّ تِلْكَ(13/114)
الفسوات الثَّلَاث مِنْك فَقلت هَاتِهَا وَدخلت فَلَمَّا وقفت بَين يَدَيْهِ قلت لي الْأمان يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ قل فَقلت أَرَأَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة مَا جرى من الفسوات قَالَ نعم قلت عليَّ وعليَّ إِن كَانَ فساهن غَيْرِي فَضَحِك حَتَّى سقط على قَفاهُ وَقَالَ فَلم وَيلك مَا أَخْبَرتنِي فَقلت أردْت خِصَالًا مِنْهَا أَن قُمْت وقضيت حَاجَتي وَمِنْهَا أَنِّي أخذت جاريتك وَمِنْهَا أَنِّي كافأتك على أذاك لي بِمثلِهِ حَيْثُ مَنَعَنِي رَسُولك من دفع أذاي قَالَ وَأَيْنَ الْجَارِيَة قلت مَا خرجت من دَارك وأخبرته الْخَبَر فسرَّ بذلك وَأمر لي بمائتين دينارٍ أُخْرَى وَقَالَ هَذِه لجميل فعلك وتركك أَخذ الْجَارِيَة وأخبار حَمْزَة فِي الأغاني كَثِيرَة وَكلهَا ظريف
3 - (شمس الدّين حَمْزَة التُّركمانيّ)
حَمْزَة التركمانيّ هُوَ شمس الدّين كَانَ وافداً من تركمان الشّرق اتَّصل بِخِدْمَة الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ جريئاً مقداماً عَارِفًا بأخبار رستم الْمَذْكُور فِي كتاب شاهنامة وعَلى ذهنه شَيْء من أَخْبَار مُلُوك الْفرس فَدخل على تنكز وراج عَلَيْهِ وَأظْهر لَهُ معرفَة بِلَاد التَّتار فسيَّره مرّة إِلَيْهَا وَأمره أَن يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَة فأحضرها فَأَعْجَبتهُ وَوَقعت من قلبه
وَصَارَ يداخله بِتِلْكَ الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة فِي كتاب شاه نامة إِلَى أَن بَقِي يسمر عِنْده فِي اللَّيْل
طَال هَذَا الْأَمر وَكَانَ يُقيم عِنْده فِي اللَّيْل جانباً وافراً وَأخذ فِي الْحَط على نَاصِر الدّين الدَّوادار وَتلك الرِّفعة وقرَّر عِنْده أموراً وهم غافلون عَنْهَا إِلَى أَن تحقَّق بعض مَا أوحاه إِلَيْهِ فَعظم وَتمكن عِنْده وَلم يزل إِلَى أَن عقر نَاصِر الدّين الدوادار وَعمل على قتل ابْن مقلِّد
وَأبْعد نَاصِر الدّين وَعمل على عزل القَاضِي شرف الدّين بن الشَّهاب مُحَمَّد كَاتب السِّرّ وعَلى علاءالدين بن القلانسيّ وعَلى القَاضِي جمال الدّين بن جملَة وأعطب جمَاعَة من البريدية وَغَيرهم وتقدَّم وَصَارَ فِي رُتْبَة نَاصِر الدّين الدَّوادار وَفِي مكانته وَصَارَ يتوجَّه فِي الْبَرِيد إِلَى السُّلطان ويحضر بأسرار وَعمل على جماعةٍ من مماليك تنكز الأقدمين وأبعدهم
وَلم يبْق عِنْده أحد فِي رتبته حَتَّى أَنه كَانَ يَدعُوهُ رستم باسم رستم الْمَذْكُور فِي كتاب شاه نامة
وتمرَّد وتجبَّر وتكبَّر وظلم وَبَالغ فِي العسف وعمَّر حمَّاماً عِنْد القنوات وزخرفه فكثرت الشَّكاوى عَلَيْهِ فتنمَّر لَهُ الْأَمِير سيف الدّين تنكز وسجنه وعذَّبه وَجَرت عَلَيْهِ شَدَائِد وَأخذ)
أَمْوَاله ورماه بالبندق فِي جِسْمه وَهُوَ عُرْيَان لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول لَهُ مثل ذَلِك ويأمره بِهِ فَذكر لَهُ هَذِه الْعقُوبَة وَلم يستعملها إِلَّا فِيهِ حَتَّى تورَّم وَخَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاك وَعمل قماش لبسه النِّسَاء ذَلِك الْعَصْر وسمّي بندق حَمْزَة وَمَا رقَّ لَهُ أحد من سوء مَا عَامل بِهِ النَّاس ثمَّ إِنَّه نقل من القلعة إِلَى حبس بَاب الصّغير مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ ثمَّ إِنَّه تعرّض للنّائب رَحمَه الله تَعَالَى فَبعث بِهِ إِلَى مغارة زلاَّيا فَقطع لِسَانه من أَصله وَقيل قطِّعت أربعته وَهلك فِي شهر ربيع الأول سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَت مدَّته دون السَّنتين أَو مَا حولهَا وَله فِي الظّلم والفرعنة حكايات وجد الْجَزَاء فِي بَعْضهَا فِي الدُّنْيَا(13/115)
3 - (الصَّاحب عز الدّين ابْن القلانسيّ)
حَمْزَة بن أسعد بن مظفر بن أسعد بن حَمْزَة هُوَ الصَّدْر المعظَّم رَئِيس الدماشقة الصَّاحب عز الدّين ابْن القلانسي التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي ولد سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وست مائَة وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ عز الدّين بن مؤيد الدّين بن مظفر ابْن الْوَزير مؤيد الدّين وَسمع الصَّاحب عز الدّين من ابْن عبد الدايم والرضي بن الْبُرْهَان وَابْن أبي الْيُسْر وحجَّ مرَّتَيْنِ وحدَّث بِدِمَشْق والحجاز وَولي الوزارة بعد حُضُور السّلطان من الكرك فِي المرّة الثّانية
وصادره الْأَمِير سيف الدّين كرآي المنصوريّ لما ولي النِّيَابَة بِدِمَشْق ورسم عَلَيْهِ وَمنع أَن لَا يدْخل إِلَيْهِ أحد وَكَانَ كل يَوْم يسيِّر إِلَيْهِ طبق طَعَام وطبق فاكهةٍ وصحن حلوى ومشروباً وَهُوَ تَحت الترسيم عِنْده وَكَانَ يستحضره فَإِذا رَآهُ قَامَ لَهُ فَمَا لبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى حضر المرسوم فإمساك كرآي والإفراج عَن ابْن القلانسي وَبعدهَا لم يل شَيْئا وَكَانَ ذَا حرمةٍ وافرةٍ فِي الدّولة يهادي مراء مصر وَالشَّام الْكِبَار وَإِذا ورد أحد إِلَى دمشق كَائِنا من كَانَ إِمَّا مُقيما أَو متوجِّهاً إِلَى بلدٍ غَيرهَا ربّ سيف أَو قلم يُبَادر إِلَيْهِ بالسالم ويجهز إِلَيْهِ ضِيَافَة متجملة وَكَانَ يركب مركوبه بعض الْأَوْقَات بِلَا خف رَأَيْته مرَارًا وَكَانَ على ذهنه تَارِيخ كثير ووقائع لأهل عصره ولآبائهم يستحضر مِنْهَا جملَة تَنْفَعهُ فِي نكاية من يُرِيد إنحاسه وَأَنْشَأَ خلقا
وَكَانَ ذَا ثروةٍ وأملاكٍ وأموال وَكَانَ كثير المكارمة للنَّاس محسناً إِلَى أَهله وَإِلَى مماليكه وَأَوْلَادهمْ
(الألقاب)
الحمصيّ الشِّيعي مَحْمُود بن عَليّ)
ابْن حمصة عَليّ بن عمر
ابْن حمكان الشَّافعي الْحسن بن الْحُسَيْن
حمك اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب
الْحَمَوِيّ نَائِب دمشق الْأَمِير عز الدّين أيبك
(حمل)
3 - (أَبُو نَضْلَة الْهُذلِيّ)
حمل وَيُقَال حَملَة بن مَالك بن النّابغة الهذليّ نزل(13/116)
الْبَصْرَة وَله بهَا دَار يكنى أَبَا نَضْلَة ذكره مُسلم بن الحجّاج فِي تَسْمِيَة مَنْ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْمَدِينَة وَغَيره يعدّه فِي الْبَصرِيين ومخرج حَدِيثه فِي الْجَنِين عِنْد الْمَدَنِيين وَعند الْبَصرِيين أَيْضا كَانَت عِنْده امْرَأَتَانِ إِحْدَاهمَا مليكَة وَالْأُخْرَى أم عفيف رمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بحجرٍ أَو مسطح أَو عَمُود فسطاطٍ فَأَلْقَت جَنِينا فَقضى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعرَّة عبدٍ أَو أمة
3 - (إِبْنِ سعدانة الكلبيّ)
حمل بن سعدانة بن حَارِثَة بن معقل الْكَلْبِيّ وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعقد لَهُ لِوَاء وَهُوَ الْقَائِل من الْكَامِل
(لبث قَلِيلا يدْرك الهيجا حمل ... مَا أحسن الْمَوْت إِذا حَان الْأَجَل)
وَشهد مَعَ خالدٍ مُشَاهدَة كلّها وَقد تمثَّل بقوله سعد بن معاذٍ يَوْم الخَنْدَق حَيْثُ قَالَ
(حممة الصّحابيّ)
قَالَ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الْجِهَاد لَهُ كَانَ رجل يُقَال لَهُ حممة من أَصْحَاب محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى أَصْبَهَان غازياً فِي خلَافَة عمر فَقَالَ اللهمّ إنَّ حممة يزْعم أَنه يحب لقاءك فَإِن كَانَ حممة صَادِقا فاعزم لَهُ عَلَيْهِ وصدِّقه اللَّهُمَّ لَا ترد حممة من سَفَره هَذَا فَأَخذه بَطْنه فَمَاتَ
(الألقاب)
حمْنَة بنت جحس بن رِئَاب الأسديَّة(13/117)
(حميد)
3 - (ابْن ثَوْر الهلاليّ)
حميد بن ثورٍ الْهِلَالِي الشَّاعِر إسلامي اِدَّرَكَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالسِّن وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وَقيل أَنه أرك الْجَاهِلِيَّة وَفد على خلفاء بني أميَّة وعدَّه مُحَمَّد بن سلاَّمٍ فِي الطَّبقة الرَّابِعَة من شعراء الْإِسْلَام قَالَ الأصمعيّ الفصحاء من شعراء الْعَرَب فِي الْإِسْلَام أَرْبَعَة راعي الْإِبِل النميريّ وَتَمِيم بن مقبلٍ العجلانيّ وَابْن أَحْمَر الباهليّ وَحميد بن ثورٍ الهلاليّ وَكلهمْ من قيس عيلان وَقَالَ فِي قتلة عُثْمَان بن عفَّان رَضِي الله عَنهُ من الْبَسِيط
(إِن الْخلَافَة لمَّا أظعنت ظعنوا ... من أهل يثرب إِذْ غير الْهدى سلكوا)
(صَارَت إِلَى أَهلهَا مِنْهُم وأورثها ... لمَّا رأى الله فِي عُثْمَان مَا انتهكوا)
(السَّافكي دَمه ظلما ومعصيةً ... وأيَّ دم لَا هُدُوا من غيَّهم سَفَكُوا)
(والهاتكي ستر ذِي حقٍ ومحرمةٍ ... فأيَّ سترٍ على أشياعهم هتكوا)
(والفاتحي بَاب قيلٍ لَا يزَال بِهِ ... قتلٌ بقتلٍ إِلَى دهرٍ ومعترك)
وَهُوَ الْقَائِل أَيْضا من الطَّوِيل
(أَبى الله إلاَّ أنَّ سرحة مالكٍ ... على كلِّ أفنان العضاه تروق)
(فقد ذهبت عرضا وَمَا فَوق طولهَا ... من السَّرح إلاَّ عشَّةٌ وسحوق)
(فَلَا الظِّلَّ من برد الضُّحى تستطيعه ... وَلَا الظِّلَّ من برد العشيِّ تذوق)
(فَهَل أَنا إِن علَّلت نَفسِي بسرحةٍ ... من السَّرح موجودٌ عليَّ طَرِيق)
3 - (الحميريّ)
)
حميد بن عبد الرَّحْمَن الحميريّ روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة تسعين أَو فِي سنة مائَة لِلْهِجْرَةِ أَو فِي حُدُودهَا وروى عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي بكرَة وَابْن عمر وثلاثةٍ من ولد سعد بن أبي وقَّاس وَسَعِيد بن هِشَام
3 - (الزُّهريّ)
حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهري وَأمه أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي(13/118)
معيط من الْمُهَاجِرَات وَهِي أُخْت عُثْمَان بن عفَّان لأمه روى عَن أَبِيه وَعُثْمَان وَسَعِيد بن زيد وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عبَّاس توفّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (المقرىء الْأَعْرَج)
حميد بن قيس أَبُو صَفْوَان المكيّ الْأَعْرَج المقرىء قَرَأَ على مُجَاهِد ختماتٍ وتصدَّر للإقراء وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانَ حميد الْأَعْرَج أفرضهم وأحسبهم يَعْنِي أهل مَكَّة وَكَانُوا لَا يَجْتَمعُونَ إِلَّا على قِرَاءَته وَلم يكن بِمَكَّة أَقرَأ مِنْهُ وَمن عبد الله بن كثير وَمَات سنة ثَلَاث أَو اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو هانىء المصريّ)
حميد بن هانىء الخولانيّ المصريّ أَبُو هانىء صَدُوق روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الباهليّ)
حميد بن مسْعدَة أَبُو عَليّ الباهليّ كَانَ صَدُوقًا مكثراً وَهُوَ من كبار شُيُوخ مُحَمَّد بن جرير
توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْأَمِير الطُّوسيّ)
حميد بن عبد الحميد الْأَمِير أَبُو غانمٍ الطُّوسيممدوح العكُّوك(13/119)
وَسَيَأْتِي ذكره وَفِي ذَلِك شَيْء من خَبره مَعَه فليطلب هُنَاكَ توفّي بِفَم الصُّلح لما توجَّه صُحْبَة الْمَأْمُون للدخول على بوران بنت الْحسن وَفِيه يَقُول أَبُو الْعَتَاهِيَة يرثيه وَمَات يَوْم عيد الْفطر سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ من الطَّوِيل
(أَبَا غانمٍ أمَّا ذراك فواسعٌ ... وقبرك معمور الجوانب مُحكم)
(وَمَا ينفع المقبور عمرَان قَبره ... إِذا كَانَ فِيهِ جِسْمه يتهدَّم)
وَفِيه يَقُول العكُّوك قصيدةً من جُمْلَتهَا من الطَّوِيل)
(فأدَّبنا مَا أدَّب النَّاس قبلنَا ... ولكنَّه لم يبْق للصَّبر مَوضِع)
وَمن أمداحه فِيهِ من السَّرِيع
(دجلة تَسْقِي وَأَبُو غانمٍ ... يطعم من تَسْقِي من النَّاس)
(فالنَّاس جسمٌ وَإِمَام الْهدى ... رأسٌ وَأَنت الْعين فِي الراس)
وَمِنْهَا من الوافر
(تكفَّل سَاكِني الدُّنيا حميدٌ ... فقد أضحوا لَهُ فِيهَا عيالاً)
(كأنَّ أَبَاهُ آدم كَانَ أوصى ... إِلَيْهِ أَن يعولهم فعالا)
قلت أحسن من هَذَا قَول الآخر من الْكَامِل
(وكأنَّ آدم كَانَ حِين وَفَاته ... أَوْصَاك وَهُوَ يجود بالحوباء)
(ببيه أَن ترعاهم فرعيتهم ... وكفيت آدم عيلة الْأَبْنَاء)
وَقد تقدم ذكر الْأَمِير مُحَمَّد بن حميد فِي مَكَانَهُ من المحمَّدين وهم بَيت إمرةٍ وحمشة ورياسةٍ
3 - (حميد الطَّويل)
حميد بن تيرويه الطَّوِيل البصريّ خَالِد حمّاد بن سَلمَة سمع أنسا وَالْحسن وَبكر بن عبد الله وَابْن أبي مليكَة وَجَمَاعَة وَكَانَ أحد الثِّقات وثِّقه ابْن معِين والعجليّ وَأَبُو حَاتِم وَلم يكن بالطويل وَلَكِن كَانَ طَوِيل الْيَدَيْنِ يغسل الْمَوْتَى فَإِذا وقف عِنْد رَأس الْمَيِّت(13/120)
تبلغ يَده رجل الْمَيِّت من طولهَا وَقيل كَانَ فِي جِيرَانه رجل قصير سميُّه فَقَالَ الْجِيرَان لَهُ الطَّوِيل تمييزاً
وَلم يرو عَنهُ زَائِدَة لكَونه لبس سَواد العبَّاسيّين وَهَذَا غلو وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَكَانَ يُصَلِّي قَائِما فَمَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْأَمِير ابْن قَحْطَبَةَ)
حمبد بن قَحْطَبَةَ بن شبيب الطَّائي الْأَمِير كَانَ من كبار قوَّاد بني العبَّاس هُوَ وَأَبوهُ وَأَخُوهُ الْحسن ولي الجزيرة ثمَّ مصر ثمَّ خُرَاسَان وَكَانَ ابْنه من كبار الْأُمَرَاء توفّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَة
3 - (الكرابيسيّ)
حميد بن الْأسود الكرابيسيّ الْبَصْرِيّ وثَّقه أَبُو حَاتِم وَقَالَ ابْن حَنْبَل سُبْحَانَ الله مَا أنكر مَا يَجِيء بِهِ روى لَهُ الْأَرْبَعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ مقارنه وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة)
3 - (الرُّواسي)
حميد بن عبد الرّحمن بن حميد أَبُو عَوْف الرُّواسي الْكُوفِي أحد الْأَثْبَات روى لَهُ الْجَمَاعَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَة وَقيل سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن زَنْجوَيْه)
حميد بن زَنْجوَيْه الْحَافِظ الأزديّ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد والتِّرمذيّ وصنَّف كتاب الْأَمْوَال وَكتاب التَّرغيب والتَّرهيب وَكَانَ ثِقَة إِمَامًا كَبِير الْقدر قَالَ أَبُو حَاتِم الَّذِي أظهر السُّنَّة بنسا توفّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ قَالَ ابْن عَسَاكِر روى عَنهُ البخاريّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد والنَّائيّ والرازيان وَإِبْرَاهِيم الحربيّ وَعبد الله بن أَحْمد وَأَبُو زرْعَة النصريّ وَغَيرهم(13/121)
3 - (الكوفيّ الحزّاز)
حميد بن الرَّبيع اللَّخمي الكوفيّ الخزَّاز كَانَ يدلِّس توفّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ
3 - (القرطبيّ)
حميد القرطبيّ هُوَ أَبُو بكر أَحْمد بن أبي مُحَمَّد بن الْحسن الزَّاهد الْقدْوَة الأنصاريّ القرطبيّ
رَحل من الأندلس وَمَات بِمصْر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وست مائَة وَكَانَ بديع النَّظم حسن الْخط والضَّبط وَمن شعره
3 - (المغربيّ الشَّاعر)
حميد بن سعيد الخزرجيّ المغربيّ قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حبيب المهدويّ الشَّاعر حضرت مجْلِس تَمِيم بن المعزّ فَالْتَفت حميد بن سعيد إِلَى غلامين من المماليك متناجيين قد ضمّا خدّاً إِلَى خد فَقَالَ حميد من المنسرح أنظر إِلَى لمتَّين قد حكتا فَقلت جنحي ظلامٍ على صباحين فَقَالَ حميد واعجب لغصنين كلَّما انعطفا فَقلت ماسا من اللِّين فِي وشاحين فَقَالَ حميد ظبْيَان يحمي حماهما أسدٌ(13/122)
فَقلت لولاه كَانَا لنا مباحين فَقَالَ حميد فَلَو تدانيت مِنْهُمَا لدنت)
فَقلت منَّي فِي الْحِين أسْهم الْحِين
3 - (مكين الدَّولة ابْن منقذ)
حميد بن مَالك بن مغيث بن نصر بن منقذ بن مُحَمَّد بن منقذ بن نصر بن هَاشم أَبُو الْغَنَائِم مكين الدَّولة ولد بشيزر تَاسِع جُمَادَى الآخرى سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَنَشَأ بهَا
وانتقل إِلَى دمشق فسكنها مدَّةً وَكتب فِي الْعَسْكَر وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَله شعر وَكَانَ فِيهِ شجاعة وعفاف وَتُوفِّي فِي نصف شعْبَان سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائةٍ بحلب وَمن شعره من الْبَسِيط
(مَا بعد جلَّق للمرتاد منزلةٌ ... وَلَا كسكانها فِي الأَرْض سكان)
(فلكُّها لمجال الطَّرف منتزهٌ ... وكلُّهم لصروف الدَّهر أَقْرَان)
(وهم وَإِن بعدوا منِّي بنسبتهم ... إِذا بلوتهم بالودِّ إخْوَان)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وسلامةٍ أزرى احمرار شعاعها ... بالورد والوجنات والياقوت)
(جَاءَت مَعَ السّباقي تنير بكأسها ... فكأنَّها اللاّهوت فِي النَّاسوت)
(الألقاب)
الْحميدِي الأندلسيّ عَتيق بن عليّ
أَبُو حميد السَّاعدي عبد الرَّحْمَن بن سعد
الْحميدِي فَقِيه مَكَّة عبد الله بن الزُّبير
ابْن حميدة شَارِح المقامات اسْمه مُحَمَّد بن عليّ بن أَحْمد
الْحميدِي اسْمه مُحَمَّد بن فتُّوح
(صَاحب مكَّة)
حميضة بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر(13/123)
الْحُرُوف وضاد مُعْجمَة هُوَ صَاحب مكَّة شرَّفها الله تَعَالَى توفّي مقتولاً سنة عشْرين وَسبع مائَة
(أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ)
حميل بن بصرة أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ وَيُقَال جميل بِالْجِيم والصَّواب الْحَاء الْمُهْملَة كَمَا قَالَه عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه خرج إِلَى الطُّور ليُصَلِّي فِيهِ وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة بصرة بن أبي بصرة فِي حرف الْبَاء
(الألقاب)
بَنو حنَّا مِنْهُم الصَّاحب بهاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن سليم وَابْنه الصَّاحب فَخر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ وَابْن ابْنه الصَّاحب تَاج الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد
ابْن الحنَّاط اسْمه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان
ابْن الحندقوقا اسْمه مُحَمَّد بن عليّ
ابْن حنزابة الْفضل بن جَعْفَر ووزير مصر جَعْفَر بن الْفضل
(حَنْبَل)
3 - (ابْن عمِّ الإِمَام أَحْمد)
حَنْبَل بن إِسْحَق بن حَنْبَل أَبُو عَليّ الشّيبانيّ ابْن عمِّ الإِمَام أَحْمد وَأحد تلامذته صنَّف تَارِيخا حسنا وَكَانَ يفهم ويحفظ قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً توفّي سنة ثلاثٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ(13/124)
(حَنش)
3 - (الْكِنَانِي الْكُوفِي)
حَنش بن الْمُعْتَمِر الكنانيّ الْكُوفِي روى عَن عَليّ وَأبي ذَر وَتُوفِّي سنة تسعين لِلْهِجْرَةِ أَو فِي حُدُودهَا وروى لَهُ أَبُو دَاوُد التّرمذيّ
3 - (أَبُو رشدين التّابعيّ)
حَنش بن عبد الله بن عَمْرو أَبُو رشدين السَّبائيّ من صنعاء دمشق صحب عليّ بن أبي طَالب وروى عَن ابْن عبّاس وفضالة بن عبيد ورويفع بن ثَابت وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وروى عَنهُ المصريّون قَالَ ابْن سعد كَانَ من الْأَبْنَاء وَنزل مصر وَمَات بهَا وَقَالَ ابْن يُونُس كَانَ مَعَ عَليّ بِالْكُوفَةِ وَقدم مصر بعد قتل عليّ وغزا الْمغرب مَعَ رويفع بن ثَابت وغزا الأندلس مَعَ مُوسَى بن نصير وَكَانَ فِيمَن ثار مَعَ ابْن الزُّبير على عبد الْملك فَأتي بِهِ عبد الْملك فِي وثاق فَعَفَا عَنهُ وَكَانَ أول من ولي عضور إفريقية فِي الْإِسْلَام توفّي بإفريقية سنة مائَة وَيُقَال أَن جَامع سرقسطة من بنائِهِ وَأَنه أول من اختطَّه وَقَالَ أَحْمد الْعجلِيّ حَنش مصري تَابِعِيّ ثِقَة وروى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
(حنْطَب الصَّحابيّ)
حنْطَب بن الْحَارِث بن عبيد بن عَمْرو بن مَخْزُوم الْقرشِي جد المطّلب بن عبد الله بن حنْطَب من مسلمة الْفَتْح لَهُ حَدِيث وَاحِد إِسْنَاده ضَعِيف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر هَذَانِ مني بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الرَّأْس
(حَنْظَلَة)
3 - (غسيل الْمَلَائِكَة)
حَنْظَلَة بن أبي عَامر الراهب الْأنْصَارِيّ الأوسي وَاسم أبي(13/125)
عَامر عَمْرو بن صَيْفِي وَكَانَ عَامر يعرف بِالرَّاهِبِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ هُوَ وَعبد الله بن أبي بن سلول قد نفسا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمنَّ الله بِهِ عَلَيْهِ فَأَما عبد الله فَآمن ظَاهره وأضمر النِّفاق وَأما أَبُو عَامر فَخرج إِلَى مكّة ثمَّ قدم مَعَ قُرَيْش يَوْم أحدٍ مُحَاربًا فسمَّاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا عَامر الْفَاسِق فَلَمَّا فتحت مَكَّة لحق بهرقل هَارِبا إِلَى الرُّوم فَمَاتَ هُنَاكَ كَافِرًا سنة تسع وَقيل سنة عشر وَكَانَ مَعَه هُنَاكَ كنَانَة بن عبد ياليل وعلقمة بن علاثة فاختصما فِي مِيرَاثه إِلَى هِرقل فَدفعهُ إِلَى كنَانَة وَقَالَ لعلقمة هما من أهل الْمدر وَأَنت من أهل الْوَبر
وحَنْظَلَة هَذَا فَقتل شَهِيدا يَوْم أحد قَتله أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَقَالَ حَنْظَلَة بحنظلة يَعْنِي بِهِ حَنْظَلَة ابْنه الَّذِي قتل ببدر وَقيل بل قَتله شدّاد بن الْأَوْس اللَّيثي وَقَالَ مُصعب الزُّبيريّ بارز أَبُو سُفْيَان حَنْظَلَة فصرعه حَنْظَلَة فَأَتَاهُ ابْن شعوب وَقد علاهُ فأعانه حَتَّى قتل حَنْظَلَة قَالَ أَبُو سُفْيَان من الطَّوِيل
(وَلَو شِئْت نجّتني كميتٌ طمرَّة ... وَلم أكمل النَّعماء لِابْنِ شعوب)
وَكَانَ حَنْظَلَة قد ألمَّ بأَهْله حِين خُرُوجه إِلَى أحد ثمَّ هجم عَلَيْهِ الْخُرُوج فِي النَّفير فأنساه الْغسْل أَو أعجله فَلَمَّا قتل شَهِيدا أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمَلَائِكَة غسَّلته فسمِّي غسيل الْمَلَائِكَة وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لامْرَأَة حَنْظَلَة مَا كَانَ شَأْنه قَالَت كَانَ جنبا وغسَّلت أحد شقَّي رَأسه فَلَمَّا سمع الهيعة خرج فَقتل
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسِّله وَكَانَت قتلته سنة ثَلَاث لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَبُو عبيد الحنفيّ الصَّحابيّ)
)
حَنْظَلَة بن حذيم بن حنيفَة أَبُو عبيد الحنفيّ قَالَ حذيم يَا رَسُول الله إِن حَنْظَلَة أَصْغَر بنيّ الحَدِيث كَذَا ذكره البخاريّ وَلم يجرِّده روى حَنْظَلَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتم على غُلَام بعد احْتِلَام وَلَا على جَارِيَة إِذا هِيَ حَاضَت ويروي أَيْضا أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا متربِّعاً روى عَنهُ الذّيَّال بن عبيد
3 - (إِمَام مَسْجِد قبَاء)
حَنْظَلَة الأنصاريّ إِمَام مَسْجِد قبَاء روى عَنهُ جبلة بن سحيم قَالَ ابْن عبد البِّر لَا أعلم أَنه روى عَنهُ غَيره(13/126)
3 - (كَاتب النّبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
حَنْظَلَة بن الرّبيع بن صَيْفِي التميميّ ثمَّ الأسديّ أحد كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
شهد مَعَ خَالِد حروبه بالعراق وَقدم مَعَه دومة الجندل من كور دمشق ثمَّ أَتَى مَعَه إِلَى سَوَاء
ووجَّهه خَالِد مَعَ جرير وعديّ بالأخماس إِلَى أبي بكر قَالَ الواقديّ كتب للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة كتاب فسمِّي بذلك الْكَاتِب وَكَانَت الْكِتَابَة فِي الْعَرَب قليلز وَقَالَ أَحْمد بن عبد الله بن البرقي وَإِنَّمَا سمِّي الْكَاتِب لِأَنَّهُ كتب الْوَحْي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ بِالْكُوفَةِ فَلَمَّا شتم عُثْمَان انْتقل إِلَى قرقيسياء وَكَانَ معتزل الْفِتْنَة حَتَّى مَاتَ وَتُوفِّي سنة خمسين لِلْهِجْرَةِ
وروى لَهُ مُسلم والتِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَلما توفّي حَنْظَلَة الْكَاتِب جزعت امْرَأَته عَلَيْهِ فَنَهَاهَا جاراتها وقلن لَهَا إِن هَذَا يحبط أجرك فَقَالَت من السَّرِيع
(تعجبَّبت دعدٌ لمخزونةٍ ... تبْكي على ذِي شيبةٍ شاحب)
(إِن تسأليني الْيَوْم مَا شفَّني ... أخْبرك قولا لَيْسَ بالكاذب)
(إنَّ سَواد الْعين أودى بِهِ ... حزنٌ على حَنْظَلَة الْكَاتِب)
وَمَات حَنْظَلَة رَضِي الله عَنهُ وَلَا عقب لَهُ
3 - (الأسلميّ)
حَنْظَلَة بن عليّ الأسلميّ الْمدنِي روى عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ وَأبي هُرَيْرَة وخفاف بن إِيمَاء وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد النّسائيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة
3 - (الزُّرقيّ المدنيّ)
حَنْظَلَة بن قيس الأنصاريّ الزُّرقيّ المدنيّ روى عَن عمر وَعُثْمَان إِن صَحَّ وَأبي الْيُسْر السُّلميّ)
وَرَافِع بن خديج وَغَيرهم وروى لَهُ الْجَمَاعَة سوى التّرمذيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة(13/127)
3 - (الْأَمِير ابْن صَفْوَان)
حَنْظَلَة بن صَفْوَان الكلبيّ من أَشْرَاف الشَّاميين ولي إمرة مصر مرَّتَيْنِ وإمرة الْمغرب وَتُوفِّي فِي عشر الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَة
3 - (الجمحيّ المكِّي)
حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي المكِّي روى لَهُ الْجَمَاعَة ووثَّقه غير وَاحِد
وَقَالَ أَحْمد ثِقَة ثِقَة وتناكد ابْن عديّ فأبداه فِي كَامِله فَمَا أبدى شَيْئا يتَعَلَّق بِهِ منحذلق وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة
3 - (أَبُو الطَّمحان)
حَنْظَلَة بن الشرقيّ كَانَ شَاعِرًا فَارِسًا صعلوكاً وَهُوَ مِمَّن كَانَ قد أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام
وَكَانَ خَبِيث الدّين ولقبه أَبُو الطّمحان وَكَانَ ترباً للزُّبير بن عبد المطلّب ونديماً لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة قيل لَهُ مَا أدنى ذنوبك فَقَالَ لَيْلَة الدَّير قيل لَهُ وَمَا لَيْلَة الدَّير قَالَ نزلت بديرانيّة فَأكلت طفشيلاً بِلَحْم خِنْزِير وشربت من خمرها وزنيت بهَا وسرقت كساءها ثمَّ انصرفت عَنْهَا وَهُوَ الْقَائِل يمدح بجير بن أَوْس بن لأم الطّائي وَكَانَ أَسِيرًا فِي يَده من الطَّوِيل
(إِذا قيل أيُّ النَّاس خير قَبيلَة ... وأصبر يَوْمًا لَا توارى كواكبه)
(فإنَّ بني لأم بن عمروٍ أرومةٌ ... علت فَوق صعبٍ لَا توارى كواكبه)
(أَضَاءَت لَهُم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللِّيل حَتَّى نظَّم الْجزع ثاقبه)
(لَهُم مجلسٌ لَا يحْضرُون عَن النَّدى ... إِذا مطلب الْمَعْرُوف أجدب رَاكِبه)
فَلَمَّا مدحه بِهَذِهِ القصيدة جزَّ ناصيته وَأطْلقهُ ومدحه بعْدهَا بعدة مدائح
وَمن شعره أَيْضا من الطَّوِيل
(إِذا كَانَ فِي صدر ابْن عمِّك إحنةٌ ... فَلَا تستثرها سَوف يَبْدُو دفينها)(13/128)
(وَإِن حمأة الْمَعْرُوف أَعْطَاك صفوها ... فَخذ عفوها لَا يلتبس بك طيبها)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلا علِّلاني قبل نوح النَّوائح ... وَقبل ارتقاء النَّفس فَوق الجوانح)
(وَقبل غدٍ يَا لهف نَفسِي على غدٍ ... إِذا رَاح أَصْحَابِي وَلست برائح)
)
(الألقاب)
ابْن الحنظلية الصَّحابيّ اسْمه سهل بن عَمْرو
ابْن الْحَنَفِيَّة اسْمه مُحَمَّد بن عليّ
(حنيف)
3 - (ابْن رِئَاب الأنصاريّ)
حنيف بن رِئَاب الأنصاريّ من بني سَالم بن الحبلى وَسمي الحبلى لعظم بَطْنه شهد حنيف أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وَاسْتشْهدَ يَوْم مُؤْتَة وَابْنه رِئَاب بن حنيف شهد بَدْرًا وَاسْتشْهدَ يَوْم بِئْر مَعُونَة وَابْنه عصمَة بن رِئَاب شهد الْحُدَيْبِيَة وَبَايع تَحت الشَّجَرَة وَشهد الْمشَاهد بعْدهَا وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة ذكرهم ابْن القداح فِي كتاب نسب الْأَنْصَار
3 - (الألقاب)
أَبُو حنيفَة جمَاعَة مِنْهُم الإِمَام الْأَعْظَم صَاحب الْمَذْهَب اسْمه النّعمان
وَأَبُو حنيفَة الصّغير هُوَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله
وَأَبُو حنيفَة النّعمان القَاضِي المغربيّ المالكيّ اسْمه النّعمان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور
وَأَبُو حنيفَة الخطيبي اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
وَأَبُو حنيفَة التَّغلبي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن عُثْمَان
وَأَبُو حنيفَة الأسواني اسْمه قحدم بِالْقَافِ والحاء الْمُهْملَة
وَأَبُو حنيفَة اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ(13/129)
(حنين)
3 - (ابْن بلُّوع المغنِّي)
حنين بن بلُّوع كَانَ شيخ المغنين بالعراق وَاجْتمعَ بِابْن سُرَيج وَأقَام عِنْده وَأخذ كل مِنْهُمَا عَن الآخر قَالَ الْأَصْمَعِي لما حرَّم خَالِد بن عبد الله الْغناء دخل إِلَيْهِ ذَات يَوْم حنين بن بلّوع مُشْتَمِلًا على عوده فَلَمَّا لم يبْق فِي الْمجْلس من يحتشم مِنْهُ قَالَ أصلح الله الْأَمِير إِنِّي شيخ كَبِير السّنّ ولي صناعَة كنت أَعُود بهَا على عيالي وَقد حرَّمتها قَالَ وَمَا هِيَ فكشف عوده وَضرب وغنَّى من الْخَفِيف أيُّها الشامت المعيِّر بالشيب أقلَّنَّ بالشَّباب افتخارا
(قد لبسنا الشَّباب غضّاً جَدِيدا ... فَوَجَدنَا الشَّبَاب ثوبا معارا)
فَبكى خَالِد حَتَّى علا نحيبه ورقَّ وارتجع وَقَالَ قد أَذِنت لَك مَا لم تجَالس معربداً وَلَا سَفِيها
وَكَانَ حنين بعد ذَلِك إِذا دعِي يقف على الْبَاب وَيَقُول أفيكم معربد أفيكم سَفِيه فَإِذا قَالُوا لَا دخل قَالَ إِسْحَق هوعبادي من أهل الْحيرَة وكنيته أَبُو الْأسود وَمن شعره الَّذِي غنى فِيهِ من المنسرح
(أَنا حنينٌ ومنزلي النَّجف ... ومانديمي إلاّ الْمنزل القصف)
(أقذف بالكاس وسط باطيةٍ ... مشمولةٍ مرّة وأغترف)
(من قهوةٍ باكر التِّجار بهَا ... بَيت يهود أقرَّها الخزف)
(والعيش غضٌّ ومنزلي خصبٌ ... لم تغذني شقوةٌ وَلَا عنف)
وغنَّى لهشام بن عبد الْملك هُوَ وزامر من الْكُوفَة إِلَى العبَّاسية فَأمر لَهُ بِمِائَتي دِرْهَم وللزامر بِخَمْسِينَ درهما
3 - (الطَّيب)
حنين بن إِسْحَق العباديّ الطَّبِيب الْمَشْهُور كَانَ إِمَام وقته فِي صناعَة الطِّب وَكَانَ يعرف اللّغة اليونانية معرفَة تامَّة وَهُوَ الَّذِي عرَّب كتاب أوقليدس وَجَاء ثَابت بن قرَّة المقدَّم ذكره فنقَّحه وهذَّبه وَكَذَلِكَ عرَّب حنين كتاب المجسطي وَكَانَ حنين أشدَّ أهل(13/130)
زَمَانه اعتناء بتعريبها وَله كتب مصنَّفة مفيدة فِي الطّلب مِنْهَا كتاب الْمسَائِل قَالَ ابْن أبي أصيبعة وَلَيْسَ جَمِيعه لَهُ بل تِلْمِيذه وَابْن أُخْته حُبَيْش تمَّمه من أَوْقَات الْأَمْرَاض وَابْن أبي صَادِق يرى أَن الزِّيَادَة من)
الْكَلَام فِي التِّرياق واستدلَّ على ذَلِك بِأَن لَهُ مقالتين فِي التِّرياق فَكَانَ يذكهرهما ويحيل عَلَيْهِمَا وَكَانَ حنين رَئِيس الأطبَّاء بِبَغْدَاد أَيَّام المتَوَكل وَكَانَ يشْتَغل هُوَ وسيبويه على الْخَلِيل بن أَحْمد فِي الْعَرَبيَّة كَذَا قَالَ ابْن أبي أصبيعة وَهَذَا شيءلا يَصح لِأَن سِيبَوَيْهٍ توفّي سنة ثمانٍ وَمِائَة ومولد حنين فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة وَكَلَامه فِي نَقله يدلّ على فَصَاحَته وفضله فِي الْعَرَبيَّة وخدم المتَوَكل بالطِّب وحظي أَيَّامه وَكَانَ يدْخل الحمَّام كل يومٍ ويقتصر على طائرٍ واحدٍ ورغيفٍ زنته مِائَتَا دِرْهَم وَفِي بعض الْأَوْقَات السَّفرجل والتُّفاح الشَّاميّ وينام ثمَّ يقوم وَيسْتَعْمل من الْخمر الْعَتِيق أَرْبَعَة أَرْطَال ومولده سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة ووفاته سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ الْمَأْمُون رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن رجلا على كرْسِي جَالِسا فِي الْمجْلس الَّذِي أَجْلِس فِيهِ فتعاظمته وتهيَّبته وَسَأَلت عَنهُ فَقيل هُوَ أرسطوطاليس فَقلت أسأله عَن شَيْء فَقلت مَا الْحسن فَقَالَ مَا استحسنته الْعُقُول قلت ثمَّ مَاذَا قَالَ مَا استحسنته الشَّريعة قلت ثمَّ مَاذَا قَالَ مَا استحسنه الْجُمْهُور قلت ثمَّ مَاذَا قَالَ ثمَّ لَا ثمَّ ثمَّ إِن الْمَأْمُون سَأَلَ عَن أرسطو فَقَالُوا لَهُ هُوَ رجل حَكِيم من اليونانيين فأحضر حنين بن إِسْحَق إِذا لم يجد من يضاهيه فِي نَقله وَسَأَلَهُ نقل كتب اليونان إِلَى اللَّعة العربيَّة وبذل لَهُ من الْأَمْوَال والعطايا شَيْئا كثيرا وَكتب الْمَأْمُون إِلَى ملك الرّوم يسْأَله الْإِذْن فِي إنقاذ مَا يخْتَار من الْعُلُوم الْقَدِيمَة المخزونة ببلاء الرّوم فَأجَاب إِلَى ذَلِك بعد امْتنَاع وَأخرج الْمَأْمُون لذَلِك جمَاعَة مِنْهُم الحجَّاج بن المطران وَابْن البطريق وسلمان صَاحب بَيت الْحِكْمَة وَغَيرهم فَأخذُوا مِمَّا وجدوا مَا اخْتَارُوا وَقيل أَن الْمَأْمُون كَانَ يُعْطِيهِ من الذَّهَب زنة مَا يَنْقُلهُ من الْكتب إِلَى العربيّ مثلا بِمثل
(الألقاب)
الحنيني مُحَمَّد بن الْحسن
ابْن حنَّى اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد
(حَوَّاء)
3 - (امْرَأَة قيس بن الخطم)
حَوَّاء بنت يزِيد بن سِنَان الأنصاريَّة امْرَأَة قيس بن الخطيم أسلمت وَكَانَت تكْتم زَوجهَا قيسا إسْلَامهَا وَلما قدم قيس مَكَّة حِين خَرجُوا يطْلبُونَ الْحلف من قريشٍ عرض عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْلَام فاستنظره قيس حَتَّى يقدم الْمَدِينَة فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يجْتَنب زَوجته حوّاء وأوصاه بهَا خيرا وَقَالَ لَهُ أَنَّهَا قد أسلمت فَفعل قيس وَحفظ وصيِّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وفَّى الأديعج هَذَا قَول مصعبٍ وَقد أنْكرت(13/131)
هَذِه القضيّة وَقيل أَن صَاحبهَا قيس ابْن شمِّاسٍ وَقَالَ أَن قيس بن الخطيم قتل قبل الْهِجْرَة قَالَ ابْن عبد الْبر وَالْقَوْل عندنَا قَول مصعبٍ وَقيس بن شمّاس أسن من قيس بن الخطيم وَلم يدْرك الْإِسْلَام إِنَّمَا أدْركهُ ثَابت بن قيس
3 - (جدَّة أبي بجيد)
حوّاء الأنصاريّة جدَّة أبي بجيد كَانَت من المبايعات قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أسفروا بالصُّبح فَإِنَّهُ كلما أسفرتهم عظم الْأجر وَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ردُّوا السّائل وَلَو بظلفٍ محترق وَقَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا نسَاء الْمُؤْمِنَات لَا تحقرنَّ إحداكنَّلجارتها وَلَو فرسن شاةٍ وَمِنْهُم من يَجْعَل هَذِه حوَّاء هِيَ الَّتِي قبلهَا وَقيل اسْمهَا بجيدة
(الألقاب)
ابْن أبي الحوافر الطَّبِيب اسْمه عُثْمَان بن هبة الله بن أَحْمد وَفتح الدّين أَحْمد بن عُثْمَان بن هبة الله وَأحمد بن عقيل
ابْن حوارى الشَّاعر اسْمه مُحَمَّد بن الْمُؤَيد وَشرف الدّين نصر الله بن عبد الْمُنعم بن نضر الله وَمُحَمّد بن عبد الْمُنعم
ابْن حواوا يحيى بن مُحَمَّد
(حوثرة)
3 - (وَالِي مصر)
حوثرة بن شَهِيد الباهليّ الْأَمِير وَالِي الدِّيار المصرية لمروان توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة أَو فِي حُدُودهَا
3 - (أَبُو عَامر البصريّ)
حوثرة بن أَشْرَس أَبُو عَامر العدويّ الْبَصْرِيّ روى عَنهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو يعلى الموصليّ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(13/132)
(الألقاب)
الحوراني أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن مرى
الحورافي يُوسُف بن مُحَمَّد
الحوضي حَفْص بن عمر
ابْن حوط الله اسْمه دَاوُد بن سُلَيْمَان دَاوُد وَالْآخر عبد الله بن سُلَيْمَان ابْن دَاوُد
الحوفي النَّحوي صَاحب الْإِعْرَاب اسْمه عليّ بن إِبْرَاهِيم بن سعيد
(ذُو ظليم)
حَوْشَب بن طخية بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَبعدهَا خاء مُعْجمَة سَاكِنة وياء آخر الْحُرُوف مَفْتُوحَة هُوَ ذُو ظليم بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وضمِّها الصَّحابي بعث إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَرِيرًا البَجلِيّ وَإِلَى ذِي الكلاع فِي التَّعاون على الْأسود الْعَنسِي وَكَانَا رئيسي قومهما وَقتل رَحمَه الله بصفِّين سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَقد رُوِيَ الْمَنَام الَّذِي رُؤِيَ فِي تَرْجَمَة أَيفع لهَذَا حَوْشَب أَيْضا رَآهُ عَمْرو بن شُرَحْبِيل أَيْضا
(حولاء القرشية)
حولاء بنت ثويب بن حبيب بن أَسد بن عبد العزَّى القرشية كَانَت من الْمُهَاجِرَات المجتهدات فِي الْعِبَادَة وفيهَا جَاءَ الحَدِيث أَنَّهَا كَانَت لَا تنام اللَّيْل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا الله لَا يملُّ حَتَّى تملُّوا تكلَّفوا من الْعَمَل مَا لكم بِهِ طَاقَة قَالَت عَائِشَة اسْتَأْذَنت الحولاء على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهَا وَأَقْبل عَلَيْهَا وَقَالَ كَيفَ أَنْت فَقلت يَا رَسُول الله أتقبل على هَذِه هَذَا الإقبال فَقَالَ إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا زمن خَدِيجَة وَإِن حسن الْعَهْد من الْإِيمَان كَذَا قَالَ مُحَمَّد بن مُوسَى الشَّاميّ عَن أبي عَاصِم وَقد تقدَّم هَذَا فِي تَرْجَمَة(13/133)
حسَّانة وَهُوَ الصَّواب وَالله أعلم
(الألقاب)
الْحُوَيْرِث بن عبد الله بن خلف بن مَالك الْغِفَارِيّ هُوَ آبي اللَّحْم وَقد تقدَّم ذكره فِي حرف الْهمزَة مَكَانَهُ
الحويزي الْحسن بن أَحْمد
الحويزي الْوَزير أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان
(أَبُو سعيد الأنصاريّ الحارثيّ)
حويَّصة بن مَسْعُود بن كَعْب الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ أَبُو سعيد أَخُو محيَّصة لِأَبِيهِ وَأمه كَانَ حويَّصة أسنّ وَفِيهِمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكبر الْكبر إِذْ قَالَا لَهُ قصَّة ابْن عَمهمَا عبد الله بن سهل الْمَقْتُول بِخَيْبَر وَشَكوا ذَلِك إِلَيْهِ مَعَ أَخِيه عبد الرَّحْمَن بن سهل فاراد عبد الرَّحْمَن أَن يتَكَلَّم لمكانه من أَخِيه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبِّر كبِّر فِي حَدِيث الْقسَامَة
شهد حويَّصة أحدا وَالْخَنْدَق وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(القرشيّ العامريّ)
حويطب بن عبد العزَّى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مَالك بن حسيل بن عَامر بن لؤَي أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال أَبُو الْأصْبع الْقرشِي العامريّ أسلم عَام الْفَتْح وَشهد حنيناً والطَّائف وَأَعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ مائَة بعير وَخرج إِلَى الشَّام مُجَاهدًا مَعَ الْحَارِث بن هِشَام وَسُهيْل بن عمر وَهُوَ أحد النَّفر الَّذين أَمرهم عمر بن الخطّاب بتجديد أنصاب الْحرم
وَكَانَ مِمَّن دفن عُثْمَان بن عَفَّان وَبَاعَ دَارا بِالْمَدِينَةِ بِأَرْبَعِينَ ألف دِينَار لمعاوية وَمَات فِي آخر خلَافَة مُعَاوِيَة وَله مائَة وَعِشْرُونَ سنة وَقَالَ ابْن سعد مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَخمسين وَله دَار بِالْمَدِينَةِ بالبلاط عِنْد أَصْحَاب الْمَصَاحِف قَالَ شهَاب الدّين أَبُو شامة رَحمَه الله تَعَالَى وَلَيْسَ لحويطب رِوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا روى السَّائب بن يزِيد عَن حويطب عَن عبد الله بن(13/134)
السَّعدي عَن عمر بن الخطَّاب حَدِيثا فِي العمالة فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمر مَا جَاءَك من هَذَا المَال وَأَنت غير مستشرفٍ وَلَا سائلٍ فَخذه وَمَا لَا فَلَا تتبعه نَفسك وَهَذَا إِسْنَاد يمْتَحن فِيهِ الحفّاظ وَهُوَ أَنه اجْتمع فِيهِ أَرْبَعَة من الصَّحَابَة بَعضهم يروي عَن بعض وَقد امتحن بِهِ الْوَزير ابْن حنزابة لما قدم حلب وَقد نظمت ذَلِك فِي بَيْتَيْنِ من الْبَسِيط
(وَفِي العمالة إسنادٌ بأربعةٍ ... من الصَّحابة فِيهِ عَنْهُم ظهرا)
السَّائب بن يزِيد عَن حويطب عبد الله حدَّثه بِذَاكَ عَن عمرا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ انْتهى وَقَالَ مَرْوَان يَوْمًا لحويطب تأخَّر إسلامك أيُّها الشِّيخ حَتَّى سَبَقَك الْأَحْدَاث فَقَالَ حويطب الله الْمُسْتَعَان وَالله لقد)
هَمَمْت بِالْإِسْلَامِ غير مَا مرَّةٍ كلُّ ذَلِك يعوقني أَبوك عَنهُ وينهاني وَيَقُول تضع شرفك وَتَدَع دينك وَدين آبَائِك لدينٍ محدثٍ وَتصير تَابعا فأسكت وَالله مَرْوَان وَنَدم على مَا كَانَ قَالَ لَهُ ثمَّ قَالَ حويطب أما كَانَ أخْبرك عُثْمَان بِمَا كَانَ لَقِي من أَبِيك حِين أسلم فازداد مَرْوَان غمّاً
ثمَّ قَالَ حويطب مَا كَانَ فِي قريشٍ أحد من كبرائها الَّذين بقوا على دين قَومهمْ إِلَى أَن فتحت مَكَّة كره لما هُوَ عَلَيْهِ مني وَلَكِنِّي منعتني الْمَقَادِير وأمَّن حويطباً يَوْم الْفَتْح أَبُو ذرٍّ وَمَشى مَعَه وَجمع بَينه وَبَين عِيَاله حَتَّى نُودي بالأمان للْجَمِيع إِلَّا النَّفر الَّذين أَمر بِقَتْلِهِم ثمَّ أسلم وَحسن إِسْلَامه واستقرضه رَسُول اللهصلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم فأقرضه إيّاها
(الألقاب)
الحلاّج الْحُسَيْن بن مَنْصُور
(حيّان)
3 - (أَبُو الهيّاج الأسديّ)
حيّان بن حُصَيْن أَبُو الهيّاج الأسديّ توفّي فِي سنة ثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأنْصَارِيّ وَالِد عمرَان بن حيَّان)
حيّان الأنصاريّ هُوَ وَالِد عمرَان بن حيَّان(13/135)
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خطب النَّاس يَوْم خَيْبَر روى عَنهُ ابْنه عمرَان بن حيّان
3 - (ابْن الأبجر الصَّحابيّ)
حيَّان بن الأبجر لَهُ صُحْبَة يعد فِي الكوفيّين شهد صفَّين مَعَ عليّ
3 - (الصّدائيّ الصَّحابيّ)
حيَّان بن بخّ بِالْبَاء الموحَّدة الصُّدائيّ يعدّ فِي من نزل مصر من الصّحابة روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا خير فِي الْإِمَارَة لمُسلم فِي حديثٍ طَوِيل حَدِيثه عِنْد بن لَهِيعَة
3 - (ابْن حيّان المؤرِّخ)
حيَّان بن خلف بن حُسَيْن بن حيّان أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ مولى بني أُميَّة شيخ الْأَدَب ومؤرّخ الأندلس روى عَنهُ أَبُو عليٍّ الغسّانيّ وَوَصفه بالصِّدق وَكَانَ أَبُو مَرْوَان فصيحاً بليغاً لَهُ كتاب المقتبس فِي تَارِيخ الأندلس فِي عشر مجلدات وَكتاب الْمُبين فِي تَارِيخ الأندلس أَيْضا)
سِتُّونَ مجلداً رَآهُ بَعضهم فِي النّوم فَسَأَلَهُ عَن التَّارِيخ الَّذِي عمله فَقَالَ لقد نَدِمت عَلَيْهِ إِلَّا أَن الله تَعَالَى أقالني وَغفر لي بِلُطْفِهِ وَكَانَ لَا يتَعَمَّد كذبا فِيمَا يَكْتُبهُ فِي تَارِيخه من الْقَصَص وَالْأَخْبَار توفّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (القَاضِي الحنفيّ)
حيَّان بن بشر الْحَنَفِيّ كَانَ من كبار أَصْحَاب الرَّأْي ولي قَضَاء إصبهان فِي دولة الْمَأْمُون والشرقية بِبَغْدَاد فِي أَيَّام المتَوَكل قَالَ ابْن معِين لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَعور رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الأنصاريّ البلنسيّ)
حيّان بن عبد الله بن مُحَمَّد بن هِشَام بن حيّان أَبُو الْبَقَاء الْأنْصَارِيّ الأوسي البلنسي كَانَ نحوياً لغوياً أديباً شَاعِرًا حسن الْحَظ أَقرَأ النَّاس وقتا وَتُوفِّي سنة سبع وست مائَة وَمن شعره(13/136)
(الألقاب)
الفيلسوف أَبُو حيّان التِّوحيدي الأخباري الفيلسوف اسْمه عليّ بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ
النَّحويّ أَبُو حيَّان أثير الدّين النَّحوي الْمُتَأَخر اسْمه مُحَمَّد بن يُوسُف تقدم ذكره فِي المحمدين فليطلب هُنَاكَ
(الشَّيْخ الحرّاني)
حَيَاة بن قيس بن رحَّال بن سُلْطَان الْأنْصَارِيّ الحرَّاني الزَّاهِد شيخ حرَّان وصالحها وقدوة الزُّهّاد بهَا كَانَ عبدا صَالحا ناسكاً قَانِتًا لله صَاحب أحوالٍ وكراماتٍ وصدقٍ وإخلاصٍ وجدٍ واجتهادٍ وتعفُّفٍ وانقباض كَانَ الْمُلُوك والأعيان يزورونه ويتبّركون بِهِ وزاره السُّلْطَان نور الدّين واستشاره فِي جِهَاد الفرنج وقوَّى عزمه ودعا لَهُ وَلما توجَّه السُّلْطَان صَلَاح الدّين إِلَى حَرْب صَاحب الْموصل دخل عَلَيْهِ وَطلب دُعَائِهِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بترك الْمسير إِلَى الْموصل فَلم يقبل وَسَار إِلَيْهَا فَلم يظفر وَمن شُيُوخه أَبُو عبد الله الْحُسَيْن البواري تلميذ الشَّيْخ مجلى بن ياسين وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده الشَّيْخ عمر فِي حرف الْعين مَكَانَهُ
(حيدرة)
3 - (الْأَمِير أَبُو المعلَّى)
حيدرة بن مبرور بن النّعمان الْأَمِير أَبُو المعلَّى الكتامي المغربي ولي إمرة دمشق بعد هروب أَمِير الجيوش عَنْهَا ثمَّ عزل بعد شَهْرَيْن بالأمير درِّي المستنصري وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو المنجَّا العابر)
حيدرة بن عَليّ بن مُحَمَّد أَبُو المنجا القحطاني الْأَنْطَاكِي(13/137)
المالكيّ العابر
يحْكى أَنه كَانَ يحفظ فِي تَعْبِير الرُّويا عشرَة آلَاف ورقة وَثَلَاث مائَة ونيِّف وَسبعين ورقة
توفّي سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الصّوفيِّ الْوَزير)
حيدرة بن المفرّج بن الْحسن الْوَزير زين الدولة ابْن الصُّوفي أَخُو الرئيس الْوَزير مسيَّب لم يزل حَتَّى عمل على أَخِيه وقلعه من وزارة صَاحب دمشق مجير الدّين وَولي منصبه فأساء السِّيرَة وظلم وعسف وارتشى ومقت وَبلغ ذَلِك مجير الدّين فَطَلَبه إِلَى القلعة على الْعَادة فَعدل بِهِ الجاندارية إِلَى الحمَّام وَذبح صبرا وَنصب رَأسه على حافة الخَنْدَق وَذَلِكَ سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وطيف بِرَأْسِهِ وَالنَّاس يعلنون بلعنته ويصفون أَنْوَاع ظلمه وتفنُّنه فِي الْفساد ومقاسمته اللُّصوص وقطَّاع الطَّرِيق على أَمْوَال النَّاس المستباحة وزحف العوامُّ)
والغوغاء على مَنَازِله ومخازنه وغلاّته وأثاثه وذخائره فانتبهوا مِنْهَا مَا لَا يُحْصى وغلبوا أعوان السُّلْطَان بِالْكَثْرَةِ وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه مؤيد الدولة المسيَّب فِي حرف الْمِيم
3 - (أَبُو الْحسن الصعَّاني)
حيدرة بن عمر بن الْحسن بن الْخطاب أَبُو الْحسن الصغَّاني كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء على مَذْهَب دَاوُد بن عَليّ أَخذ الْفِقْه عَن أبي الْحسن عبد الله بن أَحْمد بن المغلِّس وَعنهُ الْفُقَهَاء الدّاودية بِبَغْدَاد وَله مُخْتَصر فِي مَذْهَب دَاوُد وَكتاب آخر عمله على الْجَامِع الصَّغِير لمُحَمد بن الْحسن وَقد حدَّث عَن أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن عقبَة الشّيبانيّ وَأبي الْحسن بن المغلِّس وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الرَّضيّ النَّقيب)
حيدرة بن المعمَّر بن مُحَمَّد بن المعمَّر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبيد الله يَنْتَهِي إِلَى عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي الطَّالِب أَبُو الْفتُوح ابْن النَّقيب الطَّاهر أبي الْغَنَائِم كَانَ يلَّقب بالرِّضي حفظ الْقُرْآن فِي صباه وَقَرَأَ الْأَدَب وَسمع من أبي الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الجبَّار الصَّيرفي وَغَيره وَكتب بِخَطِّهِ مليحاً بعد وَفَاة أَبِيه وَكَانَ شَابًّا سرياً مليح الصُّورَة رائع الشَّبَاب ظريف الْمعَانِي اخترمته المنيَّة فِي عنفوان شبابه توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمْس مائَة
3 - (سراج الدّين ابْن الْغمر القوصيّ)
حيدرة بن الْحسن بن حيدرة بن عَليّ بن أَحْمد بن(13/138)
الْغمر القَاضِي أَبُو المناقب سراج الدّين القوصيّ قَالَ كَمَال الدّين الأدفوي جَعْفَر كَانَ عَالما فَاضلا حَاكما بِالْأَعْمَالِ القوصيّة روى عَنهُ السّخاوي وَالْحسن بن مُحَمَّد بن الذّهبي وَغَيرهمَا قَالَ السخاوي أنسدنا ابْن الْغمر لنَفسِهِ فِي خَامِس شوّالٍ سنة ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائةٍ بقوص يرثي قزّازاً من الطَّوِيل
(بَكَى فقدك المكُّوك والمقبض السِّنط ... وناح عَلَيْك النِّير والتَّخت والمشط)
(وأعولت الألطاخ والمغزل الَّذِي ... تدوِّره فِيهَا أناملك السُّبط)
(أنامل لم تخلق لشيءٍ سوى السَّدى ... أَو اللَّقط والتَّنخليص يَا حبَّذا اللَّقط)
مِنْهَا
(سقى وابل الوسميِّ قبرك دَائِما ... فَمَا كنت ذَا حيفٍ وَمَا كنت تشتطُّ)
(فَمَا تنْتج الأيّام مثلك آخرا ... إِلَى أَن يبيض الذِّيب أَو ينبح البطُّ)
)
وَمن شعره أَيْضا
(تبْكي المواسير والألطاخ وَالْبكْر ... على ابْن سَمُرَة لما اغتاله الْقدر)
(والمشط ينْدب والمتِّيت يسعده ... وحقَّ للنَّول أَن يبكيه والحفر)
(إِذا اسْتَوَى فَوق ظهر النَّول وانبسطت ... رِجْلَاهُ فِي الزَّرزرايا وَهُوَ متَّزر)
(وصابرت يَده المكُّوك وَاخْتلفت ... يسراه مقبضها والنِّير منحدر)
(فَمَا المهلهل أَو سيف بن ذِي يزنٍ ... أَو من ربيعَة فِي الهيجاء أَو زفر)
(كَأَنَّمَا مغزل الألطاخ فِي يَده ... إِذا تنَاوله صمصامةٌ ذكر)
وَمن شعره يرثي ملاَّحاً من الْخَفِيف
(من لجرِّ اللَّبان فِي النَّعلين ... ولإلقا المرسى على الأنبطين)
واعتقال المدرا وَقد سكن الرّيح بزعم السُّفَّار فِي تشرين
(والمجاذيف من بهَا مستقلّ ... بَعْدَمَا قد أَتَاك ريب الْمنون)
(من يلالي لصحبه كلّ وقتٍ ... بنشيدٍ جزلٍ وصوتٍ حَزِين)
(يطرب الأروع الْحَلِيم فيلهو ... ويسلِّي بالحسِّ لب الحزين)
يَهْتَدِي فِي الظلام بالقطب والجدي وَفِي الصُّبح بالضِّياء الْمُبين(13/139)
(فيشقُّ الْبحار فِي اللَّيل شقّاً ... حركاتٌ تَوَاتَرَتْ من سُكُون)
(كَانَت الْمركب الَّتِي أَنْت فِيهَا ... حرما آمنا كحصنٍ حُصَيْن)
(فَهِيَ الْيَوْم بعد فقدك عطلٌ ... بل حطامٌ ملقى ليَوْم الدِّين)
(الخجنديّ)
حيد الخجندي ذكره الثَّعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة وَقَالَ أستصفع بقوله من السَّرِيع
(مَا أَن سَأَلت الله مذ أيقنت ... نَفسِي أَن الذُّلَّ تَحت السُّؤال)
وَإِنَّمَا كتبته تعجُّباً من خرقه وحمقه فِي الترفع عَمَّا يدين بِهِ أفضل الْعَالم وسيّد ولد آدم نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَظِيره فِي الْجَهْل الكثيف وَالْعقل السخيف الصُّوفِي الَّذِي كَانَ إِذا كرّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَقُول تبَارك وَتَعَالَى وَلَا عزل وَجل فَإِذا قيل لَهُ فِي ذَلِك أنْشد من الوافر
(إِذا صفت المودَّة بَين قومٍ ... ودام إخاؤهم سمج الثَّناء)
انْتهى كَلَام الثعالبي قلت وَقد أجزت حيدر الْمَذْكُور بِقَوْلِي من السَّرِيع
(لَكِن أَنا أسأله دَائِما ... أَن لَا ترى إلاّ نتيف السِّبال)
(الرُّويدشتي)
حيدر بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن سراهنك الْعلوِي الرويندشتي السَّيِّد فَخر الدّين أَبُو الرِّضا كَانَ فَاضلا توفّي سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة بَعْدَمَا ناهز التسعين وَمن شعره من السَّرِيع
(لَيْت نسيماً رقَّ قد رقَّ لي ... مِمَّا بقلبي الهائم المغرم)
(فَأخْبر الظَّاعن عَن قاطنٍ ... وبلَّغ المنجد عَن مُتَّهم)
(لَا خضلت أردانه سحرةً ... من سيب وادٍ مترعٍ مفعم)
(وَلَا هفا وَهنا على زهرةٍ ... أَو أقحوانٍ طيِّب المنسم)
(إِن لم يبلِّغ سهري مسهري ... أَو لم يصف سقمي للمسقم)
(الألقاب)
حيدرة النّحوي عَليّ بن سُلَيْمَان
الحيريّث الشَّافِعِي أَحْمد بن الْحسن
الحيزانيّ اسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن حمد(13/140)
الحيص بيص الشَّاعِر اسْمه سعد بن مُحَمَّد بن سعد
حيكان الذُّهلي يحيى بن مُحَمَّد)
(ابْن شُرَيْح المصريّ)
حَيْوَة بن شُرَيْح بن صَفْوَان التُّجيبي أَبُو زرْعَة المصرين الْفَقِيه من رُؤُوس الْعلم وَالْعَمَل بديار مصر وَكَانَ يعرف بإجابة الدُّعَاء روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَخمسين وَمِائَة
روى عَن ربيعَة بن يزِيد الْقصير وَعقبَة بن مسلمٍ التجِيبِي وَيزِيد بن أبي حبيبٍ وَأبي يُونُس سليم بن جُبَير وَطَائِفَة وروى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَابْن وهب وَعبد الله بن يحيى البرلُّسي وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل وَأَبُو عبد الرَّحْمَن المقرىء وَجَمَاعَة آخِرهم هانىء بن المتَوَكل الإسْكَنْدراني
ووثَّقه أَحْمد وَغَيره وَقَالَ ابْن وهب مَا رَأَيْت أحدا اشد استخفاءً بِعَمَلِهِ مِنْهُ
(الألقاب)
ابْن الْحَيَوَان تَاج الدّين مُوسَى بن مُحَمَّد وَابْنه بهاء الدّين يُوسُف بن مُوسَى
ابْن حيُّوس الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن سُلْطَان بن مُحَمَّد
حينئذٍ محيى الدّين عبد الْقَادِر بن أَحْمد
ابْن حيُّويه مُحَمَّد بن العبَّاس
(حييّ)
3 - (الْمعَافِرِي)
حييّ بن عبد الله الْمعَافِرِي قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وروى لَهُ الأبعة وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وَأَرْبَعين وَمِائَة
المعافريّ حييّ بن هانىء المعافريّ الْمصْرِيّ أَبُو قبيل بِفَتْح الْقَاف وَبعد الْبَاء(13/141)
الموحَّدة يَاء آخر الْحُرُوف قدم من الْيمن زمن مُعَاوِيَة وَسكن مر وروى عَن عقبَة بن عامرٍ وَعبد الله بن عمروٍ وشفي بن ماتع ووثَّقه ابْن معِين وروى لَهُ التّرمذيّ والنّسائي وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وَمِائَة
3 - (ابْن جَارِيَة الثَّقفي)
حييّ بن جَارِيَة الثَّقفي حَلِيف لبني زهرَة أسلم يَوْم الْفَتْح وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا كَذَا قَالَ ابْن إِسْحَق وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حييّ بن جَارِيَة بِكَسْر الْحَاء ممال وَقَالَ ابْن عبد البِّر بِالْحَاء والثاء فِي أَبِيه
3 - (اللَّيثي الصّحابيّ)
)
حييّ اللّيثي سكن مصر وَله صُحْبَة حَدِيثه عِنْد ابْن لَهِيعَة
(الألقاب)
أَبُو حيَّة النُّميري الْهَيْثَم بن الرّبيع
أَبُو حيَّة الْأنْصَارِيّ اسْمه ثَابت بن النُّعْمَان(13/142)
(حرف الْخَاء)
(الخابوري خطيب حلب)
اسْمه أَحْمد بن عبد الله
(خاتون)
3 - (خاتون بنت الْأَشْرَف)
خاتون بنت الْملك الْأَشْرَف مُوسَى بن الْملك الْعَادِل الَّتِي أثبتوا عدم رشدها وصادروا السامري بِسَبَبِهَا وَكَانَت زَوْجَة الْملك الْمَنْصُور مَحْمُود بن الصَّالح أبي الخيش وَهِي أم ولديه وَتوفيت سنة أَرْبَعَة وَتِسْعين وست مائَة وَمن جملَة أَمْلَاك خاتون الْمَذْكُورَة ذار السَّعَادَة وبظاهر دمشق النيرب الجواسق والقاعات والمجالس من الجسر الغربيّ من الْقرْيَة إِلَى جسر الزُّعيفرينة الشَّرْقِي وقرايا ومزارع بمرج دمشق وحوران وَلما قطع الظَّاهِر خبز زَوجهَا وأقامت بِمصْر شرعت فِي بيع أملاكها أَولا فأولاً إِلَى أَن لم يبْق مِنْهَا إِلَّا دَار السَّعَادَة فَإِنَّهُ مَا أقدم أحد على مشتراها حَتَّى توجه نَاصِر الدّين ابْن الْمَقْدِسِي إِلَى مصر وتحدَّث مَعَ الشُّجاعي فِي أَمر أملاكها وَأَقَامُوا من شهد بِأَنَّهَا سَفِيهَة واحتاطوا على مَا أباعت من الْأَمْلَاك
ثمَّ إِنَّهَا رشدوها وأباعت الْجَمِيع وَجرى فِي ذَلِك أقاويل
3 - (وَالِدَة الْملك الْعَادِل)
خاتون وَالِدَة السُّلْطَان الْملك الْعَادِل سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب توفيت بِدِمَشْق بدارها الْمَعْرُوفَة بدار العقيقي الَّتِي صَارَت تربة الْملك الظَّاهِر توفيت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة
الخاتوني اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
خاثر المغنّي اسْمه السَّائِب يَأْتِي ذكره فِي حرف السِّين(13/143)
(خَارِجَة)
3 - (الأنصاريّ)
خَارِجَة بن زيد بن أبي زُهَيْر اسْتشْهد يَوْم أحد وَهُوَ من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج وَكَانَ ذَلِك سنة ثلاثٍ لِلْهِجْرَةِ وَدفن هُوَ وَسعد بن الرّبيع فِي قبرٍ وَاحِد وَكَانَ ابْن عَمه وَذَلِكَ كَانَ الشَّأْن فِي قَتْلَى أحد دفن الْإِثْنَيْنِ مِنْهُم وَالثَّلَاثَة فِي قبرٍ وَاحِد وَكَانَ خَارِجَة هَذَا من كبار الصّحابة صهراً لأبي بكر الصِّديق وَكَانَت ابْنَته تَحت أبي بكر وفيهَا قَالَ أَبُو بكرٍ حِين حَضرته الْوَفَاة إنَّ ذَا بطن بنت خَارِجَة وَذُو بَطنهَا أم كلثومٍ بنت أبي بكر وَكَانَ رَسُول الله آخى بَينه وَبَين أبي بكرٍ وَكَانَت الرِّماح قد أَخَذته يَوْم أحدٍ فجرح بضعَة عشر جرحا فَمر بِهِ صَفْوَان بن أُميَّة فَعرفهُ فأجهز عَلَيْهِ ومثَّل بِهِ وَقَالَ هَذَا مِمَّن قتل أَبَا عَليّ يَوْم بدر يَعْنِي أَبَاهُ أَبَا أُميَّة بن خلف وَيُقَال قَتله معَاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وخبيب بن إساف
3 - (ابْن حذاقة الصَّحابيّ)
خَارِجَة بن حذافة قَالَ ابْن مَاكُولَا لَهُ صُحْبَة وَشهد فتح مصر وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَةِ
كَانَ من فرسَان قريشٍ يعدل بِأَلف فَارس كتب عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى عمر بن الخطَّاب يستمده بِثَلَاثَة آلَاف فَارس فأمده بخارجة بن حذافة هَذَا والزُّبير بن العوَّام والمقداد بن الْأسود وَشهد خَارِجَة فتح مصر وَقيل أَنه كَانَ قَاضِيا لعَمْرو بن الْعَاصِ بهَا وَقيل بل كَانَ على شرطة عمروٍ وَلم يزل فِي مصر إِلَى أَن قتل قَتله أحد الْخَوَارِج الثَّلَاثَة الَّذين كَانُوا انتدبوا لقتل عَليّ ومعاويى وَعَمْرو فَأَرَادَ الْخَارِجِي قتل عمروٍ فَقتل خَارِجَة وَهُوَ يظنُّه عمرا وَذَلِكَ أَن عمرا اسْتَخْلَفَهُ على الصَّلَاة فِي الصُّبح من ذَلِك الْيَوْم فَلَمَّا قَتله أَخذ وَأدْخل على عمروٍ فَقَالَ من هَذَا الَّذِي تدخلونني عَلَيْهِ فَقَالُوا عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ وَمن قتلت قيل خَارِجَة فَقَالَ أردْت عمرا وَأَرَادَ الله خَارِجَة وَقيل أَن عمرا قَالَ لَهُ أردْت عمرا وَأَرَادَ الله خَارِجَة وَيُقَال أَن الْقَاتِل كَانَ اسْمه زاذويه مولى لنَبِيّ العنبر وَقيل أَن الْمَقْتُول خَارِجَة من بني سهم رَهْط عَمْرو بن الْعَاصِ وَلَيْسَ بِشَيْء قَالَ ابْن عبد البّر وَلَا أعرف لخارجة هَذَا حَدِيثا غير رِوَايَته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أَمركُم بصلاةٍ هِيَ لَك خير من حمر النَّعم وَهِي الْوتر جعلهَا لكم فِيمَا بَين الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر وَإِلَيْهِ ذهب بعض الكوفيّين فِي إِيجَاب الْوتر(13/144)
ابْن جبلة الصَّحابيّ)
خَارِجَة بن جبلة الصحابيّ روى عَنهُ فروى بن نَوْفَل فِي قل يَا أيُّها الْكَافِرُونَ أَنَّهَا بَرَاءَة من الشِّرك لمن قَرَأَهَا عِنْد نَومه قَالَ ابْن عبد البّر وَهُوَ حَدِيث كثير الِاضْطِرَاب
العذري الصَّحابيّ خَارِجَة بن جريّ بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء العذري الصَّحَابِيّ قَالَ سَمِعت رجلا قَالَ يَوْم تَبُوك يَا رَسُول الله أيباضع أهل الجنَّة حَدِيثه عِنْد سعيد بن سِنَان عَن ربيعَة الجرشيّ عَنهُ يعد فِي الشاميين
3 - (الأشجعيّ الصّحابيّ)
خَارِجَة بن حميِّر تَصْغِير حمَار الأشجعيّ الصِّحابي شهد بَدْرًا وَهُوَ وَأَخُوهُ عبد الله بن حميِّر هَكَذَا قَالَ ابْن إِسْحَق فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة حَارِثَة بن الحميّر وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه من أَشْجَع وَأَنه شهد بَدْرًا وأحدا وَقَالَ يُونُس بن بكير خميّر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة
3 - (خَارِجَة بن عقفان)
خَارِجَة بن عقفان بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف وَبعدهَا فَاء وَألف وَنون حَدِيثَة عِنْد وَلَده أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مرض فَرَآهُ يعرق فَسمع فَاطِمَة تَقول واكرب أبي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا كرب على أَبِيك بعد الْيَوْم لَيْسَ يَأْتِي حَدِيثه إِلَّا عَن وَلَده وَولد وَلَده وَلَيْسوا بالمعروفين
3 - (أحد الْفُقَهَاء السَّبعة)
خَارِجَة بن زيد بن ثَابت أَبُو زيد الأنصاريّ أحد الْفُقَهَاء(13/145)
السَّبعة بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ تابعياً جليل الْقدر أدْرك زمن عُثْمَان وأوبد بن ثَابت من أكَابِر الصَّحابة قَالَ ابْن سعد كَاتب الواقديّ فِي الطَّبَقَات قَالَ خَارِجَة رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي بنيت سبعين دَرَجَة فَلَمَّا فرغت مِنْهَا تدهورت وَهَذِه السّنة لي سَبْعُونَ سنة وَقد أكملتها فَمَاتَ فِيهَا سنة تسع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَلما مَاتَ قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز ثلمة وَالله فِي الْإِسْلَام
3 - (خَارِجَة بن عبد الله)
خَارِجَة بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن زيد بن ثابتٍ الْأنْصَارِيّ قَالَ ابْن عدي لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَحْمد والدارقطنيّ ضَعِيف وَقد احْتج بِهِ النَّسَائِيّ وروى لَهُ التِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة)
3 - (الضُّبعيّ السَّرخسي)
خَارِجَة بن مُصعب بن خَارِجَة الضُّبعيّ السّرخسي عَالم أهل حراسان على لين فِيهِ رَحل فِي طلب الْعلم وَهُوَ كَبِير وَسمع الْكثير قَالَ ابْن معِين هُوَ مُسْتَقِيم الحَدِيث عندنَا لم ننكر من أَحَادِيثه إِلَّا مَا كَانَ يدلِّس عَن غيَّاث فَإنَّا كُنَّا نَعْرِف تِلْكَ الْأَحَادِيث وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم هُوَ فِي نَفسه ثِقَة وَقَالَ ابْن عدي يغلط وَلَا يعْتَمد توفّي سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ التِّرمذي وَابْن ماجة
3 - (ابْن مُسلم بن الْوَلِيد)
خَارِجَة بن مُسلم بن الْوَلِيد الْأنْصَارِيّ الشَّاعِر كَانَ البحتريّ يصف شعره وَيَقُول كَانَ مطبوعاً ظريف الْأَلْفَاظ وَكَانَ منطقعاً إِلَى الْفضل بن مَرْوَان وَزِير المعتصم فَلَمَّا صرف بِابْن عمارٍ بِابْن الزَّيات هجاهما ومدح الْفضل بن مَرْوَان فَقَالَ من السَّرِيع
(عزلت طحّاناً بِذِي كَيْله ... مَا أشبه الْمُدبر بالمقبل)
(كِلَاهُمَا لم يخل من منسفٍ ... وديّه ملىء وَمن مكتل)
(هذاك من ميشان فِي منصبٍ ... واهٍ وَهَذَا من قرى جبُّل)
(ردَّ لنا الْفضل فإنَّ الْعَصَا ... لَيست غَدَاة الرَّوع كالمنصل)
وَقَالَ يهجو الْفضل بن الرّبيع من المجتث
(آل الرّبيع رُكُوع ... فِي غير وَقت رُكُوع)(13/146)
(من لم يكن حلقياً ... فَلَيْسَ بِابْن الرَّبيع)
(الألقاب)
الخارزنجي النَّحوي اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد
الخارزنجي يُوسُف بن الْحسن
الخاركي أَحْمد بن إِسْحَق
ابْن الخازن الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل
ابْن الخازن المغربي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم
ابْن الخازن الْحُسَيْن بن عَليّ
ابْن الخازن عَليّ بن عَليّ)
الخازن المغربي مُحَمَّد بن عبد السَّلَام
خاشاد بن فناخسرو اسْمه فَيْرُوز
(خاصّ)
3 - (الْأَمِير التَّركمانيّ)
خاصّ بك التَّركمانيّ صبي ثفق على السّلطان وأحبه وَقدمه على سَائِر الْأُمَرَاء وَعظم شَأْنه وَصَارَ لَهُ من الْأَمْوَال مَا لَا يُحْصى حَتَّى أَنه لما قتل وجد لَهُ سَبْعُونَ ألف ثوب أطلس فِي جملَة تركته لما مَاتَ مَسْعُود وخطب لملك شاه وَقَالَ أُرِيد أَن أَقبض عَلَيْك وأنفذك إِلَى أَخِيك محمدٍ ليَأْتِي فنسلِّمه إِلَيْك وتحوز الْملك فَقَالَ افْعَل فَلَمَّا قبض عَلَيْهِ وَنفذ إِلَى أَخِيه بذلك عرف مُحَمَّد خبثه فجَاء إِلَى همذان وَجَاء إِلَيْهِ النَّاس يخاطبونه فَقَالَ لَهُم مَا لكم معي كَلَام كلامكم مَعَ خَاص بك مهما أَشَارَ بِهِ فَهُوَ الْوَالِد والصاحب فوصل هَذَا القَوْل إِلَيْهِ فاطمأن فَلَمَّا التقيا قدم لَهُ تحفاً وأموالاً فأمسكه وَقَتله سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَبَقِي مطروحاً حَتَّى أَكلته الْكلاب
3 - (الْأَمِير ركن الدّين الظّاهري)
خاصّ ترك الْأَمِير الْكَبِير من أَعْيَان الدولة كَانَ(13/147)
يدعى ركن الدّين توفّي بِدِمَشْق سنة أَربع وَسبعين وست مائَة وَدفن بقاسيون وَكَانَ عالي الرُّتْبَة عِنْد الْملك الظَّاهِر بيبرس
3 - (الْأَمِير سيف الدّين الناصري)
خاصّ ترك الْأَمِير سيف الدّين الناصري كَانَ عِنْد أستاذه فِي تِلْكَ الدُّفعة الأولى الَّذين حَضَرُوا مَعَه من الكرك طغآي وكسَّاي وَغَيرهمَا وَكَانَ شكلاً حسنا أهيف الْقد مليح الْوَجْه وَتُوفِّي وَهُوَ عَلَيْهِ مسحة الْجمال وَتزَوج بابنة الْأَمِير سيف الدّين سلاّر وَسكن فِيمَا بعد لما اسْتَحَالَ عَلَيْهِ أستاذه بَين القصرين ثمَّ إِنَّه أخرجه إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَتُوفِّي فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَهُوَ وَالِد الْأَمِير غرس الدّين خَلِيل وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين الْمَذْكُور فِيمَا حُكيَ لي عَنهُ مِمَّن أَثِق بِهِ أَنه لطيف الْعشْرَة دمث الْأَخْلَاق ليِّن الْجَانِب زَائِد الْحلم
(الألقاب)
ابْن الخاضبة الدقاق اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد)
ابْن الخاضبة المحدِّث مُحَمَّد بن نصر بن عبد الْبَاقِي
الخاقاني الْوَزير اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
ابْن خاقَان الْوَزير الْأَمِير عبيد الله بن يحيى
الخاقاني اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله
ابْن خاقَان أَخُو الْوَزير أَحْمد بن عبيد الله
خَال الشَّرفي اسْمه مُحَمَّد بن عمر
(خَالِد)
3 - (الأمويّ)
خَالِد بن أسيد بن أبي الْعيص بن أُميَّة بن عبد شمس الْأمَوِي أَخُو عتَّاب ابْن اسيد اسْلَمْ عَام الْفَتْح وَقيل مَاتَ قبل الْفَتْح وَلم يسلم وَقيل فقد يَوْم الْيَمَامَة وَذكر أَبُو(13/148)
الْحُسَيْن الرَّازِيّ أَن الدَّار والحمَّام المعروفين بِخَالِد فِي رحبة خَالِد هُوَ لخَالِد ابْن أسيد قَالَ ابْن عَسَاكِر وَيُشبه أَن يكون ذَلِك نِسْبَة إِلَى خَالِد بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد لِأَنَّهُ كَانَ بِدِمَشْق مَعَ عبد الْملك وخَالِد بن أسيد قديم الْوَفَاة وَكَانَ فِيهِ تيه شَدِيد فَلَمَّا أسلم نظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللهمَّ زده تيهاً قَالَ ابْن سعد وان ذَلِك لفي وَلَده إِلَى الْيَوْم
3 - (القنّاص)
خَالِد بن أبان أَبُو الْهَيْثَم الْكَاتِب الشَّاعِر الأنباريّ كَانَ يعرف بالقنَّاص بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد النُّون وَبعد الْألف صَاد مُهْملَة مولى الأزد ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الجرّاح فَقَالَ شَاعِر يُطِيل ويمدح وَله القصيدة الَّتِي فِي طرد النَّعام ألف بَيت رجز وَقَالَ الجهشياري شخص إِلَى مصر وتصرَّف هُنَاكَ وَتزَوج وَولد لَهُ أَوْلَاد وَحسنت حَاله وَأقَام هُنَاكَ إِلَى أَن توفّي بِمصْر وَقَالَ فِي البعوض وَهِي طَوِيلَة من الْكَامِل
(ومخبَّآتٍ بالنَّهار طرقنني ... بعد الهدوِّ وَمَا عليّ قَمِيص)
3 - (أَمِير خُرَاسَان)
خَالِد بن أَحْمد الذُّهلي أَمِير خُرَاسَان مِمَّا وَرَاء النَّهر لَهُ آثَار محمودة أنْفق فِي طلب الحَدِيث ألف ألف دِرْهَم توفّي فِي حُدُود السّبْعين والمائتين
3 - (الْوَزير)
)
خَالِد بن برمك أَبُو العبَّاس وزيرالسّفّاح بعد أبي سَلمَة حَفْص الخلاّل وَكَانَ يخْتَلف إِلَى مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام ثمَّ إِلَى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بعده قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَكَانَ خَالِد يتَّهم بدين الْمَجُوس وجوده وجود أهل بَيته مَشْهُور وَذكر صَاحب الأغاني أَنه هُوَ الَّذِي سمى السُّؤَال الزوّار لبشاعة لفظ السُّؤَال فمدحه بشار بن برد بأبياتٍ على ذَلِك وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة ووزر خَالِد للمنصور نَحوا من سنتَيْن ثمَّ عَزله واستوزر أَبَا أَيُّوب الموريانيّ وَعقد لخَالِد بن برمك على إمرة فَارس وَقيل أَن الدفاتر فِي الدَّوَاوِين كَانَت صحفاً مدرجةً فَأول من جعلهَا دفاتر جلودٍ وقراطيس خَالِد بن برمك وَيُقَال أَن أحدا من وَلَده مَا بلغ مبلغه وَأَن الْفَضَائِل الَّتِي افْتَرَقت فيهم كَانَت فِيهِ مَجْمُوعَة وَكَانَ فَوق يحيى فِي(13/149)
رَأْيه وحلمه وَفَوق الْفضل فِي سخائه وَكَرمه وَفَوق جَعْفَر فِي فَصَاحَته وكتابته وَفَوق مُحَمَّد فِي سروره وَحسن آلَته وأبيَّته وَفَوق مُوسَى فِي شجاعته وبأسه وَكَانَ يحيى يَقُول مَا أَنا إِلَّا شرارة من نَار أبي
وَكَانَ من كرمه يكرم نزل من يقدم عَلَيْهِ ويتعاهده بأنواع التُّحف فَإِذا تراخت أَيَّام الزائر بعث إِلَيْهِ جَارِيَة بكرا ناهداً وَلما سمى السُّؤَال الزوّار قَالَ يزِيد بن خَالِد الْكُوفِي من الطَّوِيل
(حذا خَالِد فِي جوده حَذْو برمكٍ ... فمجدٌ لَهُ مستطرفٌ وأصيل)
(وَكَانَ بَنو الإعدام يدعونَ قبله ... إِلَى اسمٍ على الإعدام فِيهِ دَلِيل)
(يسمَّون بالسؤال فِي كلِّ موطنٍ ... وَإِن كَانَ فيهم نابهٌ وجليل)
(فسمّاهم الزُّوار سترا عَلَيْهِم ... وَذَلِكَ من فعل النِّبال نبيل)
وَلما بعث أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي قَحْطَبَةَ بن شبيب الطَّائِي لمحاربة يزِيد بن عمر بن هُبَيْرَة الْفَزارِيّ عَامل مَرْوَان على الْعرَاق كَانَ خَالِد بن برمك مَعَه فنزلوا فِي طريقهم بقرية فَبَيْنَمَا هم على سطح بعض دورها يتغدُّون إِذْ اقْبَلُوا على الصَّحرَاء وَقد أَقبلت أقاطيع الْوَحْش من الظباء وَغَيرهَا حَتَّى كَادَت تخالط الْعَسْكَر فَقَالَ خَالِد لقحطبة أَيهَا الْأَمِير نَاد فِي النَّاس ومرهم أَن يسرجوا ويلجموا قبل أَن تهجم الْخَيل عَلَيْهِم فَقَامَ قَحْطَبَةَ مذعوراً فَلم ير شَيْئا يروعه فَقَالَ يَا خَالِد مَا هَذَا الرَّأْي فَقَالَ قد نهد إِلَيْك الْعَدو أما ترى أقاطيع الْوَحْش قد أَقبلت إِن وَرَاءَهَا جمعا كثيرا فَمَا ركبُوا حَتَّى رَأَوْا الْغُبَار وَلَوْلَا خَالِد لهلكوا
3 - (ابْن البكير اللَّيثيّ)
خَالِد بن البكير بن عبد ياليل اللّيثي أَخُو إِيَاس بن البكير وعامر بن البكير وعاقل ابْن البكير)
شهد هُوَ وَإِخْوَته بَدْرًا قَالَ ابْن عبد البّر وَلَا أعلم لَهُم رِوَايَة وَقتل خَالِد بن البكير يَوْم الرَّجيع فِي صفر سنة أَربع من الْهِجْرَة مَعَ عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح ومرثد بن أبي مرثدٍ الغنوي
قَاتلُوا هذيلاً ورهطاً من عضل والقارة حَتَّى قتلوا وَمَعَهُمْ أَخذ خبيببن عدي وصلب وَله يَقُول حسّان بن ثَابت من الطَّوِيل
(أَلا لَيْتَني فِيهَا شهِدت ابْن طارقٍ ... وزيداً وَمَا تغني الْأَمَانِي ومرثدا)
(فدافعت عَن حيَّي خبيبٍ وعاصمٍ ... وَكَانَ شِفَاء لَو تداركت خَالِدا)
3 - (الْحَافِظ الهُجَيْمِي)
خَالِد بن الْحَارِث الهُجَيْمِي التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ أحد(13/150)
الْأَئِمَّة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي التثُّبت بِالْبَصْرَةِ وَقَالَ أَبُو حَاتِم إِمَام ثِقَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (صَاحب الحرس لبني أميَّة)
خَالِد بن الريَّان الْمحَاربي مَوْلَاهُم ولي أَبوهُ الحرس لعبد الْملك بن مَرْوَان وَولي هُوَ الحرس لعبد الْملك والوليد وَسليمَان كَانَ حروري قد شتم سُلَيْمَان فَقَالَ لعمر مَاذَا ترى عليهقال أَن تشتمه كَمَا شتمك فَأمر سُلَيْمَان بِهِ فَضربت عُنُقه وَقَامَ سُلَيْمَان وَخرج عمر فَتَبِعَهُ خَالِد فَقَالَ يَا أَبَا حَفْص تَقول لأمير الْمُؤمنِينَ مَا أرى عَلَيْهِ إِلَّا أَن تشتمه كَمَا شتمك وَالله لقد كنت متوقِّعاً أَن يَأْمُرنِي بِضَرْب عُنُقك فَقَالَ عمر لَو أَمرك فعلت قَالَ أَي وَالله فَلَمَّا أفضت الْخلَافَة إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز جَاءَ خَالِد وَقَامَ مقَام صَاحب الحرس فَقَالَ عمر يَا خَالِد ضع هَذَا السَّيْف عَنْك اللَّهُمَّ إِنِّي قد وضعت لخَالِد بن الريَّان اللَّهم لَا ترفعه أبدا ثمَّ أَعلَى السَّيْف عَمْرو بن مهَاجر الْأنْصَارِيّ وولاَّه الحرس لِأَنَّهُ رَآهُ يحسن الصَّلَاة قَالَ نَوْفَل بن الْفُرَات فَمَا رَأَيْت شريفاً خمل ذكره حَتَّى لَا يذكر مثله إِن كَانَ النَّاس ليقولون مَا فعل خَالِد أحيّ أم قد مَاتَ
3 - (أَبُو أيُّوب الْأنْصَارِيّ)
خَالِد بن زيد بن كُلَيْب أَبُو أيُّوب الأنصاريّ النَّجَّاري مضيف رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم لمَّا قدم الْمَدِينَة نزل عَلَيْهِ فِي دَاره وَشهد الْعقبَة الثَّانِيَة وبدراً وأُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يزل مُجَاهدًا حَتَّى مَاتَ فِي غزَاة قسطنطينية سنة خمس وَخمسين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ أَمِير الْجَيْش يزِيد بن مُعَاوِيَة من قبل أَبِيه فَلَمَّا مرض أَبُو أَيُّوب دخل)
يزِيد يعودهُ وَسَأَلَهُ حَاجَة فَأَوْصَاهُ إِذا مَاتَ أَن يتَقَدَّم بِهِ إِلَى أَرض الْعَدو مَا اسْتَطَاعَ من غير مشقَّةٍ(13/151)
على أحدٍ من الْمُسلمين ثمَّ يُوطأ قَبره حَتَّى لَا يعرف فَأخْبر يزِيد النَّاس بذلك فاستسلم النَّاس وَانْطَلَقُوا بجنازته إِلَى جَانب حَائِط القسطنطينيَّة فَدفن ثمَّ صلى عَلَيْهِ يزِيد وَكَانَ الرّوم يتعاهدونه ويرمُّونه ويستسقون إِذا قحطوا وآخرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين مُصعب بن عُمَيْر وَحضر مَعَ عَليّ حَرْب الْخَوَارِج بالنَّهروان وحرس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليلى بنى بصفية فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَحِمك الله يَا أَبَا أَيُّوب مرَّتَيْنِ
وَنزع من لحية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَذَى فَقَالَ لَا يصيبك السوء يَا أَبَا أَيُّوب وَكَانَ من أحب الصَّحَابَة إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي كذَّب مَا قيل فِي عَائِشَة فَنزلت لَوْلَا إِذْ سمعتموه الْآيَة أَي فَعلْتُمْ كَمَا فعل أَبُو أَيُّوب وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الأندلسيّ)
خَالِد بن سعد أَبُو الْقَاسِم الأندلسيّ سمع مُحَمَّد بن فطيس وَسليمَان بن قُرَيْش وَسَعِيد بن عُثْمَان الأعناقي وطاهر بن عبد الْعَزِيز وخلقاً وَله كتاب فِي رجال الأندلس وَكَانَ إِمَامًا فِي الحَدِيث بَصيرًا بالعلل مقدَّماً على أهل زَمَانه بقرطبة وَكَانَ أحد الأذكياء قيل أَنه حفظ من سمعةٍ واحدةٍ عشْرين حَدِيثا وَكَانَ الْمُسْتَنْصر يَقُول إِذا فاخرنا أهل الْمشرق بِيَحْيَى بن معِين فاخرناهم بخالدٍ بن سعد وَكَانَ خَالِد بذيء اللِّسَان ينَال من أَعْرَاض النَّاس توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْأمَوِي الصَّحَابِيّ)
خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف أَبُو سعيد الْقرشِي الأمويّ
قديم الْإِسْلَام أسلم ثَالِثا أَو رَابِعا أَو خَامِسًا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو سرا وَكَانَ يلْزم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُصلي فِي نواحي مَكَّة خَالِيا فَبلغ أَبَاهُ فضيَّق عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس والجوع ثمَّ انفلت مِنْهُ مُهَاجرا إِلَى الْحَبَشَة فِي الْهِجْرَة الثَّانِيَة فَأَقَامَ بهَا حَتَّى قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر مَعَ أَصْحَاب جَعْفَر فَأَسْهم لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر وَشهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك(13/152)
الْمشَاهد وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاملا على صدقَات الْيمن فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على ولَايَته
وَقيل أَن خَالِدا وأخاه عمرا هاجرا إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ قدما بعد بدرٍ بعام وَفِي روايةٍ وَقد فرغ)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وقْعَة بدرٍ فَحَزِنُوا أَن لَا يَكُونُوا شهدُوا بَدْرًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا تَحْزَنُونَ أَن للنَّاس هِجْرَة وَاحِدَة وَلكم هجرتان وَلما جهَّز أَبُو بكرٍ الجيوش لفتح الشَّام أمَّره عَلَيْهِم وَلم يزلبه عمر حَتَّى عَزله وَاعْتذر إِلَيْهِ ثمَّ أوصى بِهِ الْأُمَرَاء
وأبلى فِي حروب الشَّام بلَاء حسنا وَقتل خَالِد بمرج الصُّقَّر وَقيل بأجنادين وَقيل باليرموك
وَقَالَ وَهُوَ يُقَاتل أعلاج الرّوم من الْكَامِل
(هَل فارسٌ كره النِّزال يعيرني ... رمحاً إِذا نزلُوا بمرج الصُّفَّر)
وَكَانَ خَالِد وسيماً جسيماً وَقَالَ ابْن سعدٍ وَلَيْسَ لخَالِد بن سعيدٍ الْيَوْم عقب وَقَتله سنة ثَلَاث عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (المَخْزُومِي الصَّحابي)
خَالِد بن الْعَاصِ بن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي قتل أَبوهُ يَوْم بدرٍ كَافِرًا قَتله عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ خَال عمر وولّى عمر خَالِدا هَذَا مَكَّة إِذْ عزل عَنْهَا نَافِع بن الْحَارِث الخزاعيّ وولاّه أَيْضا عُثْمَان بن عَفَّان لَهُ رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ ابْن عبد الْبر وَيَقُولُونَ لم يسمع مِنْهُ روى عَنهُ ابْنه عِكْرِمَة ابْن خَالِد
3 - (أَخُو حَكِيم بن حزَام)
خَالِد بن حزَام بالزاي بن خويلد بن أسدٍ أَخُو حَكِيم بن حزامٍ الْقرشِي الْأَسدي كَانَ مِمَّن هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة فَمَاتَ فِي الطَّرِيق وَكَانَت هجرته إِلَيْهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة فنهشته حيَّة فَمَاتَ فِي الطَّرِيق وَقد رُوِيَ أَنه فِيهِ نزلت وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله(13/153)
3 - (فصيح الْعَرَب)
خَالِد بن صَفْوَان بن عبد الله بن عَمْرو بن الْأَهْتَم أَبُو صَفْوَان التَّميمي الْمنْقري الأهتمي الْبَصْرِيّ أحد فصحاء الْعَرَب وَفد على عمر بن عبد الْعَزِيز وهشامٍ ووعظهما وَقَالَ إِنِّي عَاهَدت الله أَن لَا أَخْلو بملكٍ إِلَّا ذكَّرته الله عز وَجل قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ مَشْهُور بِرِوَايَة الْأَخْبَار قيل لَهُ مَا لَك لَا تنْفق فَإِن مَالك عريض فَقَالَ الدَّهْر أعرض مِنْهُ قيل لَهُ كَأَنَّك تأملأن تعيش الدَّهْر كُله قَالَ وَلَا أَخَاف أَن أَمُوت فِي أَوله وَدخل على عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ لَهُ عظني يَا خَالِد فَقَالَ إِن الله تَعَالَى لم يرض أحدا أَن يكون فَوْقك فَلَا ترض أَن يكون)
أحد أولى بالشكر مِنْك فَبكى عمر حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ هيه يَا خَالِد لم يرض أَن يكون أحد فَوقِي فو الله لأخافنَّه خوفًا ولأحذرنَّه حذرا ولأرجونه رَجَاء ولأحبنه محبَّة ولأشكرنه شكرا ولأحمدنه حمداً يكون ذَلِك كلُّه أشدّ مجهودي وَغَايَة طاقتي ولأجتهدنّ فِي الْعدْل والنَّصفة والزهد فِي فَانِي الدُّنْيَا لزوالها وَالرَّغْبَة فِي بَقَاء الْآخِرَة لدوامها حَتَّى ألْقى الله عز وَجل فلعلي أنجو مَعَ الناجين وأفوز مَعَ الفائزين وَبكى حَتَّى غشي عَلَيْهِ
3 - (الْكُوفِي)
خَالِد بن سعد الْكُوفِي مولى أبي مسعودٍ البدري روى عَن مَوْلَاهُ وَحُذَيْفَة وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة
وروى لَهُ البُخَارِيّ والنّسائي وَابْن ماجة وَتُوفِّي حُدُود الْمِائَة
3 - (ابْن الصَّمصامة الْكُوفِي)
خَالِد بن الصَّمصامة من أهل الْكُوفَة كَانَ من أضْرب النَّاس بِالْعودِ قَالَ لما اشْتهر عَن الْوَلِيد بن يزِيد اشتهاره بِالْغنَاءِ وفدت إِلَيْهِ واستؤذن لي عَلَيْهِ فَدخلت فَأَلْفَيْته على سَرِيره وَبَين يَدَيْهِ معبد وَمَالك بن أبي السَّمح وَابْن عَائِشَة وَأَبُو كَامِل الدِّمشقيّ فَجعلُوا يغنُّونه حَتَّى بلغت النَّوبة إليَّ فغنَّيته من الوافر(13/154)
(سرى همي وهم الْمَرْء يسري ... وَغَابَ النَّجْم إِلَّا قيد فتر)
(أراقب فِي المجرة كل نجمٍ ... تعرَّض أَو على مجْرَاه يجْرِي)
(بهمٍّ مَا أَزَال لَهُ قرينا ... كَأَن الْقلب أبطن حر جمر)
(على بكر أخي فَارَقت بكرا ... وَأي الْعَيْش يصلح بعد بكر)
فَقَالَ أعد يَا خَالِد فَأَعَدْت فَقَالَ من يَقُول هَذَا الشّعْر قلت بقوله عُرْوَة بن أذينة يرثي أَخَاهُ بكرا فَقَالَ الْوَلِيد وأيُّ الْعَيْش يصلح بعد بكر هَذَا الْعَيْش الَّذِي نَحن فِيهِ وَالله لقد حجر وَاسِعًا على رغم أَنفه
3 - (الْقرشِي)
خَالِد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان من نبلاء قُرَيْش ووجوهها من أهل الْمَدِينَة وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد بن عبد الله الديباج لِأَبِيهِ وَفد على يزِيد بن عبد الْملك وَكَانَ خَالِد أسنّ ولد عبد الله بن عَمْرو وَكَانَ ذَا مروءةٍ وَقدر خطب إِلَيْهِ يزِيد بن عبد الْملك إِحْدَى أخواته فترغّب خَالِد فِي الصَّداق فَغَضب يزِيد وأشخصه إِلَيْهِ ثمَّ ردّه إِلَى الْمَدِينَة وَأمر أَن يخْتَلف بِهِ)
إِلَى الكتّاب مَعَ الصّبيان يعلِّم الْقُرْآن فزعموا أَنه مَاتَ كمداً وَله عقب وَكَانَ لمّا خطب يزِيد أُخْته قَالَ إِن أبي قد سنَّ لنسائه عشْرين ألف دِينَار فَإِن أعطيتنيها وَإِلَّا لم أزَوجك فَقَالَ يزِيد أَو مَا تَرَانَا أكفاء إِلَّا بِالْمَالِ قَالَ بلَى وَالله إِنَّكُم لبنو عمنَا قَالَ إِنِّي لأظنك لَو خطب إِلَيْك رجل من قُرَيْش لزوجته بأقلِّ مِمَّا ذكرت من المَال قَالَ أَي لعمري لِأَنَّهَا تكون عِنْده مالكةً مملكة وَهِي عنْدكُمْ مَمْلُوكَة مقهورة
3 - (الْقَسرِي أَمِير الْعرَاق)
خَالِد بن عبد الله بن يزِيد بن أَسد أَبُو الْهَيْثَم البجليّ الْقَسرِي أَمِير مَكَّة للوليد وَسليمَان وأمير العراقين لهشام وَهُوَ من أهل دمشق قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وداره بِدِمَشْق هِيَ الدَّار الْكَبِيرَة الَّتِي مربّعة سِنَان بِبَاب توما وَهُوَ الَّذِي قتل جعد ابْن دِرْهَم كَمَا مر فِي تَرْجَمَة جعد وَكَانَ جواداً سخياً ممدَّحاً فصيحاً إِلَّا أَنه كَانَ رجل سوءٍ كَانَ(13/155)
يَقع فِي عَليّ ويذمّ بِئْر زَمْزَم كَانَ نَحوا من الْحجَّاج وَبَقِي على ولَايَة الْعرَاق بضع عشرَة سنة ثمَّ عَزله هِشَام وولَّى يُوسُف بن عمر الثَّقَفِيّ يُقَال أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير إِنِّي امْرَأَة مسلمة وَإِن عاملك فلَانا المجوسيَّ وثب عليَّ فأكرهني على الْفُجُور وغصبني نَفسِي فَقَالَ لَهَا كَيفَ وجدت قلفته فَكتب بذلك كحسان النِّبطيّ إِلَى هِشَام وَعِنْده يومئذٍ رَسُول يُوسُف بن عمر فَكتب مَعَه إِلَيْهِ بِولَايَة الْعرَاق ومحاسبة خَالِد وعماله وَكَانَ بِالْيمن فاستخلف ابْنه الصّلت على الْيمن وَخرج يُوسُف فينفرٍ يسير فَسَار من صنعاء إِلَى الْكُوفَة على الرِّحال فِي سبع عشرَة يَوْمًا وَقدم الْكُوفَة سحرًا وَأخذ خَالِد وحبسه وحاسبه وعذبه ثمَّ قَتله أَيَّام الْوَلِيد جعل قديمه بَين خشبتين وعصرهما حَتَّى انقصفا ثمَّ على سَاقيه فانقصفا ثمَّ على وركيه فانقصفا ثمَّ على صلبه فَلَمَّا انقصف مَاتَ خَالِد فِي المحرّم سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة ويل سنة خمس وَعشْرين وَدفن بِالْحيرَةِ لَيْلًا وَهُوَ فيذلك كُله لَا يتأوَّه وَلَا ينْطق وَلما كَانَ فِي السّجن امتدحه أَبُو الشِّعب العبسيّ بقوله من الطَّوِيل
(أَلا إنَّ خير النّاس حَيا وميِّتاً ... أَسِير ثقيفٍ عِنْدهم فِي السَّلاسل)
(لعمري لَئِن عمَّرتم السِّجن خَالِدا ... وأوطأتموه وَطْأَة المتثاقل)
(لقد كَانَ نهّاضاً بكلِّ ملمَّةٍ ... ومعطي اللُّهى غمراً كثير النَّوافل)
(فَإِن تسجنوا القسريّ لَا تسجنوا اسْمه ... وَلَا تسجنوا معروفه فِي الْقَبَائِل)
)
وَكَانَ يُوسُف قد جعل على خالدٍ كل يَوْم حملا يحملهُ وَإِن لم يقم بِهِ فِي يَوْمه عذَّبه فَلَمَّا وصلت الأبيات إِلَى خَالِد كَانَ قد حصّل من قسطه سبعين ألف دِرْهَم فأنفذها لَهُ وَقَالَ لَهُ اعذرني فقد ترى مَا أَنا فِيهِ قردَّها أَبُو الشّعب وَقَالَ لم أمدحك لمالٍ وَلَكِن لمعروفك وأفضالك فأقسم عَلَيْهِ ليأخذنها وَيُقَال أَن خَالِدا من ولد شقّ الكاهن وَيُقَال أَن أمه كَانَت نَصْرَانِيَّة وَأَنه بنى لَهَا كَنِيسَة تتعبَّد فِيهَا وَلذَلِك قَالَ الفرزدق يهجوه من الطَّوِيل
(أَلا قبَّح الرَّحْمَن ظهر مطيّةٍ ... أَتَت تتهادى من دمشق بِخَالِد)
(وَكَيف يؤمُّ النَّاس من كَانَ أمُّه ... تدين بأنّ الله لَيْسَ بِوَاحِد)
(بنى بيعَة فِيهَا الصَّليب لأمّه ... ويهدم من بغضٍ منار الْمَسَاجِد)
ولجده صُحْبَة وروى خَالِد عَن أَبِيه وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَكَانَ خَطِيبًا بليغاً قَالَ ابْن معِين رجل سوء يَقع فِي عَليّ وَقَالَ على الْمِنْبَر إِنِّي لأطعم كل يومٍ سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألفا من الْأَعْرَاب من تمرٍ وَسَوِيق وَفِي سنَن أبي دَاوُد أَنه أَضْعَف صَاع الْعرَاق بجعله سِتَّة عشر رطلا(13/156)
وَقيل أَنه قبل الْولَايَة كَانَ يعرف بالخرِّيت وَذكر لَهُ صَاحب الأغاني تَرْجَمَة قبيحة إِلَى الْغَايَة
وَالظَّاهِر أَنه تحامل عَلَيْهِ فِيهَا
3 - (الْوَزير أَبُو زيد الْقُرْطُبِيّ)
خَالِد بن شام أَبُو زيد الْقُرْطُبِيّ وزر قَلِيلا للمؤيّد بِاللَّه وَسمع الحَدِيث وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الحذّاء)
خَالِد بن مهْرَان أَبُو الْمنَازل بالنُّون وَالزَّاي وَاللَّام الْبَصْرِيّ الحذّاء بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَشْديد الذّال الْمُعْجَمَة أحد الْأَئِمَّة الثّقات رأى أنس بن مَالك وروى عَن أبي عُثْمَان النّهدي وَعبد الله بن شَقِيق وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة وَعِكْرِمَة وَابْن سِيرِين وأخوته حَفْصَة وَأنس وَأبي الْعَالِيَة
وثَّقه ابْن معِين قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لم يكن حذّاء بل كَانَ يجلس فِي سوقهم أَحْيَانًا وَكَانَ حَافِظًا مهيباً لَيْسَ لَهُ كتاب وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (خَالِد بن عقبَة الصَّحابيّ)
خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط بن أبي عَمْرو بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف الْقرشِي الْأمَوِي وَاسم أبي معيط أبان وَاسم أبي عَمْرو ذكْوَان كَانَ هُوَ وأخواه الْوَلِيد وَعمارَة من)
مسلمة الْفَتْح قَالَ ابْن عبد البّر لَيست لَهُ رِوَايَة فِيمَا علمت وَلَا خبر(13/157)
نَادِر إِلَّا أَن لَهُ أخباراًفي يَوْم الدَّار مِنْهَا قَول أَزْهَر بن سيحان فِي خَالِد هَذَا مُعَارضا لَهُ فِي أبياتٍ قَالَهَا مِنْهَا من الطَّوِيل
(يلومني أَن جلت فِي الدَّار حاسراً ... وَقد فرَّ مِنْهَا خَالِد وَهُوَ دارع)
وَفِي الموطّأ لعبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أه كَانَ مَعَه عِنْد دَار خَالِد بن عقبَة الَّتِي فِي السُّوق حَدِيث لَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون وَاحِد قَالَ ابْن عبد البّر وخَالِد بن عقبَة إِلَيْهِ ينْسب المعيطويون الَّذين عندنَا بقرطبة وَأورد ابْن عبد البّر بعد ترجمتين خَالِد بن عقبَة جعله اسْما وترجمةً برأسها وَقَالَ جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إقرأ عليَّ الْقُرْآن فَقَرَأَ عَلَيْهِ إنَّ الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ لَهُ أعد فَأَعَادَ فَقَالَ وَالله إِن لَهُ لحلاوةً وإنّ عَلَيْهِ لطلاوةً وإنّ أَسْفَله لمعرقٌ وإنَّ أَعْلَاهُ لمثمرٌ وَمَا يَقُول هَذَا بشرٌ ثمَّ قَالَ أَبُو عمر ابْن عبد الْبر لَا أَدْرِي إِن كَانَ خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط أَو غَيره وظني أَنه غَيره وَالله أعلم
3 - (العامريّ الصَّحابي)
خَالِد بن هَوْذَة بن ربيعَة العامري ثمَّ القشيريّ وَفد هُوَ وَأَخُوهُ حَرْمَلَة بن هَوْذَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خُزَاعَة يبشِّرهم بإسلامهما ذكره ابْن الْكَلْبِيّ هما من المؤلَّفة قُلُوبهم وخَالِد هَذَا هُوَ وَالِد العدَّاء بن خَالِد الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العَبْد وَالْأمة وَكتب لَهُ الْعهْدَة قَالَ الأصمعيّ أسلم العدّاء وَأَبوهُ خَالِد وَكَانَا سِّيدي قومهما وَلَيْسَ خَالِد هَذَا من بني أنف النَّاقة الَّذين مدحهم الحطيئة أُولَئِكَ فِي بني تَمِيم وَلكنه يُقَال لجدّ خالدٍ هَذَا أنف النَّاقة
3 - (ابْن عبَادَة الْغِفَارِيّ الصَّحابيّ)
خَالِد بن عبَادَة الْغِفَارِيّ هُوَ الَّذِي دلاَّه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعمامته فِي البشري يَوْم الْحُدَيْبِيَة فماج فِي الْبِئْر فَكثر المَاء حَتَّى رُوِيَ النَّاس وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخرج سَهْما من كِنَانَته فَأمر بِهِ فَوضع فِي قعرها وَلَيْسَ فِيهَا مَاء فنبع المَاء فِيهَا وَكثر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رجل ينزل من الْبِئْر فَنزل فِيهَا خَالِد هَذَا وَقيل بل نزل نَاجِية بن جُنْدُب الْأَسْلَمِيّ(13/158)
3 - (النهشليّ التّميمي الصَّحابيّ)
خَالِد بن ربعي النّهشليّ التَّمِيمِي وَيُقَال خَالِد بن مَالك بن ربعي أحد الْوُفُود الْوُجُوه من بني)
تَمِيم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ خَالِدا مقدما فِي رهطه وَكَانَ قد تنافر هُوَ والقعقاع بن معبد إِلَى ربيعَة بن حدار أخي أَسد بن خُزَيْمَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عرفتكما وَأَرَادَ أَن يسْتَعْمل أَحدهمَا على بني تَمِيم فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله اسْتعْمل فلَانا وَقَالَ عمر يَا رَسُول الله اسْتعْمل فلَانا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إنَّكُمَا لَو اجتمعتما لأخذت برأيكما ولكنكما تختلفان عليّ أَحْيَانًا فَأنْزل الله تَعَالَى يَا أيُّها الَّذين آمنُوا لَا تقدَّموا بَين يَدي الله وَرَسُوله هَكَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَأما حَدِيث ابْن الزبير فَفِيهِ أَن الرجلَيْن اللَّذين جرت هَذِه الْقَضِيَّة فيهمَا بَين أبي بكر وَعمر هما الْقَعْقَاع بن معبد والأقرع بن حَابِس
3 - (الكلاعيّ الحمصيّ)
خَالِد بن معدان بن أبي كرب أَبُو عبد الله الكلاعيّ الحمصيّ كَانَ يتَوَلَّى شرطة يزِيد بن مُعَاوِيَة وروى عَن أبي عُبَيْدَة ومعاذ وَعبادَة وَأبي الدَّرداء وَأبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَمْرو ومعانية وَغَيرهم وَأدْركَ سبعين من الصَّحَابَة وَكَانَ من فُقَهَاء الشَّام بعد الصّحابة لَهُ علم وَعمل وَكَلَام فِي المواعظ وَذكر الْمَوْت وَكَانَ علمه فِي مصحف لَهُ أزرار وعرى وَكَانَ الأوزاعيّ يعظِّمه وَقَالَ أَنا لَهُ قَعْب وَقَالَ الْعجلِيّ تَابِعِيّ ثِقَة وروى لخالدٍ الْجَمَاعَة وَمَات وَهُوَ صَائِم سنة ثَلَاث أَو أَربع أَو خمس أَو سِتّ أَو ثَمَان وَمِائَة بأنطرطوس(13/159)
3 - (الذُّهليّ السَّدوسيّ)
خَالِد بن المعمَّر بن سلمَان الذُّهليّ السَّدوسيّ رَأس بكر بن وَائِل شهد الْجمل وصفّين مَعَ عَليّ أَمِيرا وَهُوَ الَّذِي غدر بالْحسنِ وَبَايع مُعَاوِيَة فَقَالَ الشَّاعِر من الطَّوِيل
(معاوي أمِّر خَالِد بن معمَّر ... معاوي لَوْلَا خَالِد لم تؤمَّر)
وَقدم على مُعَاوِيَة فولاه أرمينية فوصل إِلَى نَصِيبين فَمَاتَ بهَا وَهُوَ الْقَائِل لمعاوية من الطَّوِيل
(ودع عَنْك شَيخا قد مضى لسبيله ... على أيِّ حاليه مصيباً وخاطبا)
(فإنَّك لَا تسطيع ردَّ الَّذِي مضى ... وَلَا دافعاً شَيْئا إِذا كَانَ جائيا)
(وَكنت امْرَءًا تهوى الْعرَاق وَأَهله ... إِذا أَنْت حجازيٌ فَأَصْبَحت شاميا)
3 - (سيف الله المخزوميّ)
)
خَالِد بن الْوَلِيد بن المُغيرة بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم بن يقظة بن مرّة أَبُو سُلَيْمَان القرشيّ المخزوميّ سيف الله أسلم فِي هدنة الحيبية طَوْعًا فِي صفر(13/160)
سنة ثَمَان وَاسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض مغازيه وَاسْتَعْملهُ أَبُو بكر الصّديق على قتال مُسَيْلمَة وَمن ارتدَّ من الْأَعْرَاب بِنَجْد فَفتح الله على يَدَيْهِ ثمَّ وَجهه إِلَى الْعرَاق ثمَّ إِلَى الشَّام وأمَّره على جَمِيع أُمَرَاء الشَّام إِلَى أَن ولي عمر فَعَزله وَهُوَ أحد الْأُمَرَاء الَّذين ولوا فتح دمشق وَأحد الْعشْرَة الَّذين انْتهى إِلَيْهِم الشّرف من قُرَيْش من عشرَة بطُون وَوَصله الْإِسْلَام
كَانَ مُبَارَكًا مَيْمُون النقيبة هَاجر بعد الْحُدَيْبِيَة هُوَ وَعَمْرو ابْن الْعَاصِ وَعُثْمَان بن طَلْحَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمتكم مَكَّة بأفلاذ كَبِدهَا وَلم يزل يوليه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل وَيكون فِي مقدمه فِي مهاجرة الْعَرَب وَشهد فتح مَكَّة وَدخل الزبير بن العّوام فِي مُقَدّمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من أَعلَى مَكَّة وخَالِد من أَسْفَلهَا وَأمه لبَابَة الصّغرى بنت الْحَارِث أم بني الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَقد جَاءَ أَنه شهد خَيْبَر وَكَانَت خَيْبَر أول سنة سبع وَقيل أسلم فِي صفر سنة ثَمَان وَقَالَ الواقديّ الثّبت عندنَا أَن خَالِدا لم يشْهد خَيْبَر وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّناد كَانَ خَالِد بن أبي الْوَلِيد يشبه عمر فِي خلقه وَصفته فَكلم عَلْقَمَة بن علاثة عمر بن الخطّاب فِي السِّحر وَهُوَ يَظُنّهُ خَالِد بن الْوَلِيد لشبهه بِهِ وَكَانَ أَخُوهُ الْوَلِيد بن الْوَلِيد دخل فِي الْإِسْلَام قبله وَدخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة القصبة وتغيَّب خَالِد فَكتب إِلَيْهِ أَخُوهُ إِنِّي لم أر أعجب من ذهَاب رَأْيك عَن الْإِسْلَام وعقلك عقلك وَمثل الْإِسْلَام جَهله أحد وَقد سَأَلَني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَي خَالِد فَقلت يَأْتِي الله بِهِ فَقَالَ مَا مثل خَالِد جهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ جعل يكاتبه وَحده مَعَ الْمُسلمين على الْمُشْركين لَكَانَ خيرا لَهُ ولقدّمناه على غَيره فاستدرك يَا أخي مَا فاتك مِنْهُ فقد فاتتك يَا أخي مَوَاطِن صَالِحَة فَوَقع الْإِسْلَام فِي قلب خَالِد فاتَّعد هُوَ وَعُثْمَان بن طَلْحَة باجح وسارا مِنْهَا فلقيهما عَمْرو بن الْعَاصِ فَمَضَوْا لِلْإِسْلَامِ وسرَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدومهم وَقَالَ خَالِد مَا زَالَ يتبسَّم إليّ حَتَّى وقفت عَلَيْهِ وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي هداك قد كنت أرى لَك عقلا ورجوت أَن لَا يسلومك إِلَّا إِلَى خير قلت يَا رَسُول الله قد رَأَيْت مَا كنت أشهد من تِلْكَ المواطن عَلَيْك ومعانداً عَن الحقّ فَادع الله يغفرها فَقَالَ الْإِسْلَام يجبُّ مَا كَانَ قبله وَكَانَ خَالِد يَوْم حنين فِي مُقَدّمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بني)
سليم وجرح فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَمَا هزمت هوَازن فِي رَحْله فنفث على دراحه فَانْطَلق مِنْهَا وَبَعثه إِلَى العغميصاء وَكَانَ بهَا قوم فاستباحهم فادّعوا الْإِسْلَام فؤدّاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حضر مُؤْتَة فَلَمَّا قتل الْأُمَرَاء الثَّلَاثَة مَال الْمُسلمُونَ إِلَى خَالِد فانحاز بهم وَبَعثه إِلَى العزَّى فأبادها وَبَعثه إِلَى دومة الجندل فسبا من سبا وصالحهم
وَبَعثه إِلَى بلحارث بن كَعْب إِلَى نَجْرَان أَمِيرا وداعياً إِلَى الله وَحلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فِي حجَّة الْوَدَاع فَأعْطَاهُ ناصيته(13/161)
وَكَانَت فِي مقدم قلنسوته فَكَانَ لَا يلقى أحدا إِلَّا هَزَمه الله تَعَالَى وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ هَذَا سيف من سيوفك فانتقم بِهِ
وَفِي رِوَايَة نعم عبد الله وأخو الْعَشِيرَة وَسيف من سيوف الله سَله الله على الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ
وَكَانَ عمر يكلم أَبَا بكر فِي عزل خَالِد لما حرّق المرتدِّين وَقيل يَوْم مَالك بن نُوَيْرَة وَشهد قوم من السَّرية أَنهم كَانُوا أذَّنوا وصلّوا فَقَالَ عمر إِن فِي سَيْفه رهقاً فَقَالَ أَبُو بكر لَا أَشْيَم سَيْفا سلَّه الله تَعَالَى على الْكفَّار حَتَّى يكون الله يشيمه وَقَالَ خَالِد لقد قَاتَلت يَوْم مُؤْتَة فاندقَّ فِي يَدي تِسْعَة أسياف فَصَبَرت فِي يَدي صحيفَة لي يَمَانِية وَقَاتل يَوْم اليرموك قتالاً شَدِيدا قتل أحد عشر قَتِيلا مِنْهُم بطريقان وَكَانَ يرتجز وَيَقُول
(أضربهم بصارمٍ مهنَّد ... ضرب صَلِيب الدّين هادٍ مهتد)
وَكَانَ عمر يَقُول لإن صيَّر الله هَذَا الْأَمر لأعزلنَّ المثنَّى بن خَارِجَة عَن الْعرَاق وخَالِد بن الْوَلِيد عَن الشَّام حَتَّى يعلمَا أنَّما نصر الله دينه لَيْسَ إيَّاهُمَا نصر وَلما ولي عمر قَالَ مَا صدقت الله إِن كنت أَشرت على أبي بكر بأمرٍ فَلم أنفذه فَعَزله وولَّى أَمِين الْأمة أَبَا عُبَيْدَة بن الجرّاح وَصَارَ خَالِد أَمِيرا من جِهَته فَلَمَّا أجَاز الْأَشْعَث بِعشْرَة آلَاف فَكتب عمر إِلَى أبي عُبَيْدَة أَن يُقيم خَالِدا ويعقله بعمامته وَينْزع عَنهُ قلنسوته ويعزله على كل حَال ويقاسمه مَاله فَفعل ذَلِك وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يُكرمهُ ويفخِّمه ثمَّ كتب عمر إِلَى خَالِد يَأْمُرهُ بالإقبال إِلَيْهِ فَقدم على عمر فَشَكَاهُ وَقَالَ لقد شكوتكم إِلَى الْمُسلمين تالله إِنَّك فِي أَمْرِي غير مُجمل يَا عمر وَاعْتذر عَن المَال الَّذِي فرقه بِأَنَّهُ من مَاله فَقَالَ عمر وَالله إنّك عليَّ لكريم وَإنَّك إليَّ لحبيب وَلنْ تعاتبني بعد الْيَوْم على شَيْء وَاعْتذر عمر إِلَى النَّاس من أَجله ثمَّ كَانَ عمر يذكرهُ ويترحّم عَلَيْهِ ويتندَّم على مَا كَانَ صنع بِهِ وَيَقُول سيف من سيوف الله تَعَالَى وَقيل أَن خَالِدا لما قدم على عمر قَالَ متمثلاً من الطَّوِيل)
(صنعت فَلم يصنع كصنعك صانعٌ ... وَمَا يصنع الأقوام فَالله أصنع)
كتب عمر إِلَى الْأَمْصَار إِنِّي لم أعزل خَالِدا عَن سخطةٍ وَلَا خِيَانَة ولكنَّ النَّاس فتنُوا بِهِ فَخَشِيت أَن يوكّلوا إِلَيْهِ فَأَحْبَبْت أَن يعلمُوا أَن الله هُوَ الصّانع وَأَن لايكونوا بِعرْض فتْنَة عَن ابْن الضحَّاك أَن عمر بن الخطّاب كَانَ أشبه النَّاس بِخَالِد بن الْوَلِيد فَخرج عمر سحرًا فَلَقِيَهُ شيخ فَقَالَ مرْحَبًا بك يَا أَبَا سُلَيْمَان فَنظر إِلَيْهِ عمر فَإِذا هُوَ عَلْقَمَة بن علاثة فردّ عَلَيْهِ السَّلَام
فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَة أعزلك عمر بن الخطّاب فَقَالَ لَهُ عمر نعم فَقَالَ مَا يشْبع لَا أشْبع الله بَطْنه
فَقَالَ لَهُ عمر فَمَا عنْدك قَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا السّمع والطّاعة فَلَمَّا أصبح دَعَا بخالدٍ وحضره عَلْقَمَة بن علاثة فَأقبل على خالدٍ فَقَالَ لَهُ مَاذَا قَالَ لَك عَلْقَمَة فَقَالَ مَا قَالَ لي شَيْئا فَقَالَ أصدقني فَحلف خَالِد بِاللَّه مَا لَقيته وَلَا قَالَ لَهُ شَيْئا فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَة حلا أَبَا سُلَيْمَان فَتَبَسَّمَ عمر فَعلم(13/162)
خَالِد أَن عَلْقَمَة قد غلط فَنظر إِلَيْهِ فَفطن عَلْقَمَة فَقَالَ قد كَانَ ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَاعْفُ عني عَفا الله عَنْك فَضَحِك عمر وَأخْبرهُ الْخَبَر وَلما حضرت خَالِدا الْوَفَاة بَكَى وَقَالَ لقد لقِيت كَذَا وَكَذَا زحفاً وَمَا فِي جَسَدِي شبر إِلَّا وَفِيه ضَرْبَة بِسيف أَو رمية بِسَهْم أَو طعنة بِرُمْح وهأنذا أَمُوت على فِرَاشِي حتف أنفي كَمَا يَمُوت العير فَلَا نَامَتْ عين الْجُبَنَاء وَلما مَاتَ لم تبقى امْرَأَة من بني الْمُغيرَة إِلَّا وضعت لمَّتها على قَبره أَي حلقت شعر رَأسهَا وَكَانَ مَوته سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَعشْرين بحمص وَأوصى إِلَى عمر وَجعل خيله وسلاحه فِي سَبِيل الله فَلَمَّا بلغ مَوته عمر اسْترْجع ونكس وَأكْثر التَّرحم عَلَيْهِ وَقَالَ قد ثلم فِي الْإِسْلَام ثلمة لَا ترتق
3 - (المَخْزُومِي)
خَالِد بن المُهَاجر بن خَالِد بن الْوَلِيد بن المُغيرة بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم وَهُوَ حفيد خَالِد بن الْوَلِيد المَخْزُومِي حدَّث عَن عمر بن الخطّاب وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَغَيرهم وروى عَنهُ الزُّهري وَغَيره وَقد دمشق بعد وَفَاة عَمه عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد فَضَربهُ مُعَاوِيَة أسواطاً وحبسه وأغرمه ديتين ألفي دِينَار فَألْقى ألفا فِي بَيت المَال وَأعْطى وَرَثَة ابْن أَثَال ألفا وَلم يزل ذَلِك يجْرِي فِي دِيَة الْمعَاهد حَتَّى ولي عمر بن عبد الْعَزِيز فَأبْطل الَّذِي يَأْخُذهُ السُّلْطَان لنَفسِهِ وَبَقِي الَّذِي يدْخل بَيت المَال وَلم يخرج خَالِد من الْحَبْس حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَة وَكَانَ شَاعِرًا وَلذَلِك يَقُول مَا انْصَرف من دمشق إِلَى الْمَدِينَة وَقد قتل الْيَهُودِيّ الطَّبِيب ابْن أَثَال لِأَنَّهُ كَانَ قد سقى عَمه عبد الرَّحْمَن وَسَيَأْتِي ذكره سمّاً فَقتله يُخَاطب عُرْوَة بن)
الزبير من الطَّوِيل
(قضى لِابْنِ سيف الله بالحقِّ سَيْفه ... وعرِّي من حمل الرُّحول رواحله)
(سل ابْن أَثَال هَل ثأرت ابْن خالدٍ ... وَهَذَا ابْن حرموزٍ فَهَل أَنْت قَاتله)
وَقَالَ الزبير بن بكارٍ وَقد انقرض ولد خَالِد بن الْوَلِيد وَلم يبْق مِنْهُم أحد وَكَانَ وَفَاة خَالِد هَذَا فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ مُسلم
3 - (المحزوميّ)
خَالِد بن هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن هِشَام بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة القرشيّ المخزوميّ ابْن أبي أخي خَالِد بن الْوَلِيد وَأَبوهُ أول من أحدث الدراسة بِجَامِع دمشق وَفد خَالِد على الْوَلِيد بن عبد الْملك فسابق الْوَلِيد بَين الْخَيل وَكَانَ يجزع إِذا سبق فجَاء فرس خَالِد(13/163)
سَابِقًا فَقَالَ الْوَلِيد لمن هَذَا الْفرس فَقَالَ خَالِد هَذَا فرس أَمِير الْمُؤمنِينَ الَّتِي أهديت لَهُ البارحة فَقَالَ وصل الله رَحِمك وَقد قبلنَا هديتك وسوَّغناك سَبَقَك وعوَّضناك مِنْهُ ألف دِينَار ثمَّ قَتله مَرْوَان بن مُحَمَّد فِي خِلَافَته لِأَنَّهُ قَاتله
3 - (ابْن يزِيد بن مُعَاوِيَة)
خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَبُو هَاشم القرشيّ الأمويّ كَانَ من أعلم قُرَيْش بفنون الْعلم وَله كَلَام فِي صناعَة الكيمياء والطّبّ كَانَ بَصيرًا بِهَذَيْنِ العلمين متقناً لَهما وَله رسائل دَالَّة على مَعْرفَته وبراعته وَأخذ الكيمياء عَن مريانس الراهب الرّوميّ وَله فِيهَا ثَلَاث رسائل تَضَمَّنت إِحْدَاهَا مَا جرى لَهُ مَعَ مريانس وَصُورَة تعلُّمه مِنْهُ والرموز الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا وَله فِيهَا أشعار كَثِيرَة مطولات ومقاطيع وَله فِي غير ذَلِك أشعار مِنْهَا من الطَّوِيل
(تجول خلاخيل النِّساء وَلَا أرى ... لرملة خلخالاً يجول وَلَا قبا)
(أحبُّ بني العوَّام من أجل حبِّها ... وَمن أجلهَا أَحْبَبْت أخوالها كَلْبا)
وَهِي طَوِيلَة وَله قصَّة مَشْهُورَة مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان وَكَانَ لَهُ أخر يسمَّى عبد الله فَجَاءَهُ يَوْمًا وَقَالَ إِن الْوَلِيد بن عبد الْملك يعبث بِي ويحتقرني فَدخل خَالِد على عبد الْملك والوليد عِنْده فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْوَلِيد احتقر ابْن عَمه عبد الله واستصغره وَعبد الْملك مطرق فَرفع رَأسه وَقَالَ إنَّ الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أذَّلةً فَقَالَ خَالِد وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة أمرنَا متر فِيهَا ففسقوا فِيهَا فحقَّ عَلَيْهَا القَوْل(13/164)
فدمَّرناها تدميرا)
فَقَالَ عبد الْملك أَفِي عبد الله تكلمني وَالله لقد دخل عليَّ فَمَا أَقَامَ لِسَانه لحناً فَقَالَ خَالِد أفعلى الْوَلِيد يعوَّل فَقَالَ عبد الْملك إِن كَانَ الْوَلِيد يلحن فَإِن أَخَاهُ سُلَيْمَان فَقَالَ خَالِد وَإِن كَانَ عبد الله يلحن فَإِن أَخَاهُ خَالِد فَقَالَ الْوَلِيد أسكت يَا خَالِد فوَاللَّه مَا تعدّ فِي العير وَلَا فِي النفير فَقَالَ خَالِد اسْمَع يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ أقبل على الْوَلِيد وَقَالَ وَيحك وَمن العير والنفير غَيْرِي أَبُو سُفْيَان صَاحب العير جدي وَعتبَة صَاحب النفير جدي وَلَكِن لَو قلت غنيمات وحبيلات والطائف ورحم الله عُثْمَان لقلنا صدقت قالشمس الدّين ابْن خلكان وَالْعير عير قُرَيْش الَّتِي أقبل بهَا أَبُو سُفْيَان من الشَّام فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهَا هُوَ وَالصَّحَابَة ليغنموها فَبلغ الْخَبَر أهل مَكَّة فَخَرجُوا ليدفعوا عَن العير وَكَانَ المقدَّم على الْقَوْم عتبَة بن ربيعَة فَلَمَّا وصلوا إِلَى الْمُسلمين كَانَت وقْعَة بدر وكل وَاحِد من أبي سُفْيَان وَعتبَة جد خَالِد
أما أَبُو سُفْيَان فَمن جِهَة أَبِيه وَأما عتبَة فَلِأَن ابْنَته هِنْد هِيَ أم مُعَاوِيَة جد خَالِد وَقَوله غنيمات وحبيلات إِشَارَة إِلَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نفى الحكم بن أبي الْعَاصِ إِلَى الطَّائِف وَهُوَ جد عبد الْملك كَانَ يرْعَى الْغنم ويأوي إِلَى حبيلة وَهِي الكرمة وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى ولي عُثْمَان الْخلَافَة فَرده وَكَانَ الحكم عَمه وَيُقَال أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أذن لَهُ فِي رده إِن أفْضى الْأَمر إِلَيْهِ قَالَ الزبير بن بكار كَانَ خَالِد وأخواه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن من صالحي الْقَوْم جَاءَهُ رجل فَقَالَ لَهُ قد قلت فِيك بَيْتَيْنِ قَالَ فأنشدهما قَالَ على حكمي قَالَ نعم فأنشده من الطَّوِيل
(سَأَلت النَّدى والجود حران أَنْتُمَا ... فَقَالَا جَمِيعًا إنّنا لِعبيد)
(فَقلت فَمن مولاكما فتطاولا ... عليَّ وَقَالا خَالِد بن يزِيد)
فَأعْطَاهُ مائَة ألف دِرْهَم وروى خَالِد عَن أَبِيه وَعَن دحْيَة الْكَلْبِيّ وروى الزُّهْرِيّ عَنهُ ورجاء بن حَيْوَة والعباسبن عبد الله بن عباسٍ وَغَيرهم وروى لَهُ أَبُو دَاوُد قَالَ شهَاب الدّين أَبُو شامة كَانَ يتعصّب لأخوال أَبِيه كلبٍ يعينهم على قيس فِي حربٍ كَانَت بَين قيس عيلان وكلب وَقَالَ الزبير بن بكار فولد يزيدبن مُعَاوِيَة مُعَاوِيَة وخالداً وَأَبا سُفْيَان وأمهم أم هَاشم بنت هَاشم بن عتبَة بن ربيعَة يَعْنِي ابْنة خَالَة أَبِيه وَقَالَ عمِّي مُصعب زَعَمُوا انه هُوَ الَّذِي وضع ذكر السفياني وكثَّره وَأَرَادَ أَن يكون للنَّاس فيهم مطمع حِين غَلبه مَرْوَان بن الحكم على الْملك وتزوَّج أمه أم هَاشم وَكَانَت أمه تكنى بِهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ كَانَ يُقَال أَنه أصَاب)
علم الكيمياء قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَهَذَا لم يَصح وداره بِدِمَشْق دَار الْحِجَارَة بَاب الدّرج شَرْقي الْمَسْجِد وَكَانَ أَخَوَاهُ مُعَاوِيَة وَعبد الرَّحْمَن وَهُوَ من صالحي الْقَوْم وَكَانَ خَالِد يَصُوم الأعياد كلهَا الْجُمُعَة والسبت والأحد وَكَانَ يُقَال ثَلَاثَة أَبْيَات من قُرَيْش توالت خَمْسَة خَمْسَة فِي الشّرف كل مِنْهُم أشرف أهل زَمَانه خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان بن حَرْب وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة وَعَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان بن أُميَّة(13/165)
بن خلف وَتُوفِّي خَالِد سنة تسعين أَو مادونها فشهده الْوَلِيد بن عبد الْملك وَهُوَ خَليفَة وَصلى عَلَيْهِ وَقَالَ ليق بَنو أُميَّة الأردية على خالدٍ فَلَنْ يتحسروا على مثله
جرى بَين خَالِد وَبَين مَرْوَان بن الحكم كلاهم فَقَالَ لمروان أَيْن أَنْت مني قَالَ بَين رجْلي أمك الرّطبَة فَدخل على أمه فَاخِتَة بنت ابي هَاشم بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس فَقَالَ هَذَا عَمَلك بِي وَالله لأقتلنَّك أَو لأقتلنَّ نَفسِي قَالَ لي مَرْوَان كَذَا قَالَت أما وَالله لَا يَقُولهَا لَك ثَانِيَة فَلَمَّا نَام مَرْوَان أَلْقَت على وَجهه وسَادَة وَجَلَست عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ وَعلم عبد الْملك خَبَرهَا فهمَّ بقتلها فَقيل لَهُ أما إِنَّه شَرّ عَلَيْك أَن يعلم النَّاس أَن أَبَاك قتلته امْرَأَة فكلَّ عَنْهَا وَحضر خَالِد مَعَ مَرْوَان فأبلى بلَاء حسنا حَتَّى أَن كلى فِي أهل الْحجاز فَقَالَ رجل مِنْهُم من الرجز
(هَا إنَّ همَّ خالدٍ مَا همَّه ... أَن سلب الْملك ونيكت أمّه)
فَجعل فتيَان مِنْهُم يرتجزون بهَا فَلم يخرج خَالِد لِلْقِتَالِ بعد ذَلِك وَكَانَ خَالِد شرِيف المناكح تزوّج أم كُلْثُوم بنت عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وآمنة بنت سعيد بن الْعَاصِ ورملة بنت الزبير بن العوَّام
3 - (العذريّ الصَّحابيّ)
خَالِد بن عرفطة العذريّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة توفّي فِي حُدُود السِّتين من الْهِجْرَة وروى لَهُ التّرمذي والنَّسائي لما سلم الْأَمر الْحسن بن عَليّ إِلَى مُعَاوِيَة خرج عَلَيْهِ عبد الله بن أبي الحوساء وَقيل ابْن أبي الحمساء بِالْمِيم بالنّخيلة فَبعث إِلَيْهِ الْحسن خَالِد بن عرفطة فِي جمع من أهل الْكُوفَة فَقتل ابْن أبي الحوساء فِي جُمَادَى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فِيمَا ذكره أَبُو عُبَيْدَة والمدائني
3 - (ابْن عُمَيْر الْبَصْرِيّ)
خَالِد بن عُمَيْر الْبَصْرِيّ روى لَهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين)
لِلْهِجْرَةِ(13/166)
3 - (التُّجيبي قَاضِي إفريقية)
خَالِد بن أبي عمرَان التُّجيبي قَاضِي إفريقية روى عَن حَنش الصّنعاني ووهب ابْن منبّه وَعُرْوَة بن الزبير وَسليمَان بن يسَار وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَكَانَ مجاب الدعْوَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة
3 - (الفأفاء المَخْزُومِي)
خَالِد بن سَلمَة المَخْزُومِي الْكُوفِي الفأفاء أحد الْأَشْرَاف روى عَن الشّعبِيّ وَعبد الله الْبَهِي وسعي دبن المسيِّب ومُوسَى بن طَلْحَة وَأبي بردة بن أبي مُوسَى وَجَمَاعَة وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث يكون لَهُ عشرَة أَحَادِيث وثَّقه غير واحدٍ وَهُوَ ابْن عَم عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي المكَّي كَانَ مِمَّن قَامَ وَقعد فِي قتال بني الْعَبَّاس لما ظَهَرُوا ونادى مناديهم خَالِد بن سَلمَة آمن فَخرج فَقَتَلُوهُ غدراً سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْقَطوَانِي)
خَالِد بن مخلد قطوان مَوضِع بِالْكُوفَةِ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالْبَاقُونَ سوى أبي دَاوُد عَن رجلٍ عَنهُ وَقَالَ أَبُو دَاوُد صَدُوق لكنه يتشيع توفّي بِالْكُوفَةِ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ(13/167)
3 - (الإيليّ)
خَالِد بن نزار الإيلي كَانَ ثِقَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد النَّسائي وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (المهلَّبي)
خَالِد بن خدّاش بن عجلَان المهلبيّ مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ نزل بَغْدَاد وروى عَنهُ مُسلم وروى النَّسائي عَنهُ بِوَاسِطَة قَالَ أَبُو حَاتِم وَغَيره صَدُوق توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الإسْكَنْدراني الْمصْرِيّ)
خَالِد بن يزِيد أَبُو الرَّحِيم الإسكندرانيّ الْمصْرِيّ الْفَقِيه توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم
3 - (خَالِد الْمهْدي)
خَالِد بن يزِيد الْمهْدي توفّي بالثَّغر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة)
3 - (الدِّمَشْقِي وَالِد عرَاك)
خَالِد بن يزِيد الدِّمَشْقِي وَالِد عرَاك المقرىء توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة(13/168)
3 - (الشِّيبانيّ)
خَالِد بن يزِيد بن مزِيد أَبُو يزِيد الشِّيباني الشَّاعِر الْبَغْدَادِيّ الْأَمِير وخَالِد هَذَا من بَيت إمرةٍ ووجاهة وشجاعة وكرم ورئاسة وَقد تقدم ذكر أَخِيه مُحَمَّد وَسَيَأْتِي ذكر أَبِيه يزِيد فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ خَالِد قد تولّى الْموصل من جِهَة الْمَأْمُون فوصل إِلَيْهَا وَفِي صحبته أَبُو الشّمقيق الشّاعر فَلَمَّا دخل الْموصل نشب اللِّوَاء الَّذِي لَهُ فِي سقف بِالْمَدِينَةِ فاندقَّ فتطيَّر خَالِد من ذَلِك فأنشده ارتجالاً من الْكَامِل
(مَا كَانَ مندقّ اللّواء لريبةٍ ... تخشى وَلَا سوء يكون معجَّلا)
(لكنَّ هَذَا الرمْح اضعف مَتنه ... صغر الْولَايَة فاستقلَّ الْموصل)
فَبلغ الْمَأْمُون مَا جرى فَكتب إِلَى يزِيد قد زِدْنَا فِي ولايتك بِلَاد ربيعَة كلهَا لكَون رمحك استقلَّ الْموصل ففرح بذلك وأضعف جَائِزَة أبي الشَّمقمق
وَلما اخْتَلَّ أَمر أرمينية فِي أَيَّام الواثق جهَّز إِلَيْهَا خَالِد بن يزِيد فِي جَيش عَظِيم فاعتل فِي الطَّرِيق وَمَات سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَدفن بِمَدِينَة قبل أرمينية وَمن شعره من الطَّوِيل
(وقائلةٍ حزنا عليَّ مَعَ الرَّدى ... وَقد قلت هَاتِي ناوليني سلاحيا)
(لَك الْخَيْر لَا تعجل إِلَى قتل معشرٍ ... فريداً وحيداً وابغ نَفسك ثَانِيًا)
(فَقلت أخي سَيفي ورمحي ناصري ... ودرعي لي حصنٌ ومهري بِلَا عَنَّا)
(ستتلف نَفسِي أَو سأبلغ همَّتي ... فأغني وأقني من أردْت بماليا)
(وتقصر يمنى من أَرَادَ بِي الرّدى ... إِذا أَوْمَأت يَوْمًا إِلَيْهِ شماليا)
(فَلَا الْفقر أضناني وَلَا الْبُخْل عاقني ... ولكنَّ مَالِي ضَاقَ بِي عَن فعاليا)(13/169)
3 - (الْمصْرِيّ)
خَالِد بن يزِيد الْمصْرِيّ الْفَقِيه وثَّقه النَّسائي وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْكَاتِب)
خَالِد بن يزِيد أَبُو الْهَيْثَم الْكَاتِب البغداديّ أَصله من خُرَاسَان وَكَانَ أحد كتَّاب الْجَيْش ولاَّه ابْن)
الزَّيات الْإِعْطَاء بِبَعْض الثُّغور فَخرج فَسمع فِي طَرِيقه منشداً ينشد من الْبَسِيط
(من كَانَ ذَا شجنٍ بِالشَّام يَطْلُبهُ ... فَفِي سوى الشّام أَمْسَى الْأَهْل والوطن)
فَبكى حَتَّى سقط على وَجهه مغشياً عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق وَاخْتَلَطَ واتصل بِهِ ذَلِك إِلَى الوسواس وَبَطل وَكَانَ مغرماً بالصّبيان المرد وَينْفق عَلَيْهِم كل مَا يفِيدهُ فَهَوِيَ غُلَاما يُقَال لَهُ عبد الْحق وَكَانَ أَبُو تَمام الطَّائِي يهواه فَقَالَ فِيهِ خَالِد من مخلع الْبَسِيط
(قضيب بانٍ جناه ورد ... تحمله جنَّة وَورد)
(لم أثن طرفِي إِلَيْهِ إلاّ ... مَاتَ عزاءٌ وعاش وجد)
(ملِّك طوع النّفوس حَتَّى ... علَّمه الدَّهر كَيفَ يَبْدُو)
وَاجْتمعَ الصَّدُّ فِيهِ حَتَّى لَيْسَ لخلقٍ سواهُ صدُّ فَبلغ ذَلِك أَبَا تَمام فَقَالَ أبياتاً مِنْهَا من السَّرِيع
(شعرك هَذَا كلُّه مفرط ... من برده يَا خَالِد الْبَارِد)
فعلقها الصّبيان وَمَا زَالُوا يصيحون بِهِ يَا خَالِد الْبَارِد حَتَّى وسوس وهجاه أَبُو تَمام فَقَالَ من الْبَسِيط
(يَا معشر المرد إِنِّي ناصحٌ لكم ... والمرء فِي القَوْل بَين الصّدق وَالْكذب)
(لَا ينكحنَّ حبيبٌ مِنْكُم أحدا ... فدَاء وجعائه أعدى من الجرب)
(لَا تأمنوا أَن تحولوا بعد ثالثةٍ ... فتركبوا عمدا لَيست من الْخشب)(13/170)
وَمن شعر خَالِد الْكَاتِب من المتقارب
(تملَّكت يَا مهجتي مهجتي ... وأسهرت يَا ناظري ناظري)
(وَمَا كَانَ ذَا أملي يَا ملول ... وَلَا خطر الهجر فِي خاطري)
(وفيك تعلّمت نظم القريض ... فلقَّبني النّاس بالشّاعر)
وَمن شعره من الرمل
(عش فحِّبيك سَرِيعا قاتلي ... والهوى إِن لم تصلني واصلي)
(ظفر الشَّوق بقلبٍ دنفٍ ... فِيك والسُّقم بجسمٍ ناحل)
(فهما بَين الثِّياب وطنّي ... تركاني كالقضيب الذابل)
(وَبكى العاذل لي من رحمةٍ ... فبكائي لبكاء العاذل)
)
وَمِنْه من المتقارب
(رقدت وَلم تَرث للساهر ... وليل المحبِّ بِلَا آخر)
وَلم تدر بعد ذهَاب الرقاد مَا فعل الدَّمع بالناظر وَتُوفِّي خَالِد فِي حُدُود السّبْعين والمائتين قَالَ بَعضهم رَأَيْت خَالِدا وَقد كبر ورقَّ عظمه وَهُوَ رَاكب قَصَبَة والصّبيان حوله فَقلت لَهُ يَا أستاذ مَا الَّذِي أصار بك إِلَى هَذَا فَقَالَ من المقتضب المجزوء
(الهموم والسَّهر ... والسُّهاد والفكر)
(سلِّطت على جسدٍ ... فيّ للهوى أثر)
(لَا وَمن كلفت بِهِ ... مَا يُطيق ذَا بشر)
فَقلت لَهُ يَا أستاذ أُرِيد أَن تنشدني أرقَّ مَا تعرف فَقَالَ اكْتُبْ من السَّرِيع
(رقَّ فَلَو مرَّت بِهِ نملةٌ ... أرجلها منعلةٌ بالحرير)
(لأثَّرت فِيهِ كَمَا أثَّرت ... سحابةٌ فِي يَوْم دجنٍ مطير)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرقَّ من هَذَا فَقَالَ أكتب من السَّرِيع
(أضمر أَن أضمر حبِّي لَهُ ... فيشتكي إِضْمَار إضماري)
(رقَّ فَلَو مرَّت بِهِ نملةٌ ... لخضَّبته بدمٍ جَار)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرقَّ من هَذَا فَقَالَ اكْتُبْ من المنسرح
(صافحته فشتكت أنامله ... وَكَاد يبْقى بنانه بيَدي)
(وَكنت إِذْ صافحت يَدَاهُ يَدي ... كأنَّني قابضٌ على الْبرد)(13/171)
(لَو لحظته الْعُيُون مدمنةً ... لذاب من رقَّةٍ فَلم يجد)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرقَّ من هَذَا فَقَالَ اكْتُبْ من السَّرِيع
(رقَّته مَا مثلهَا رقَّة ... فَإِن جَفا فالويل من صدِّه)
(قدرَة عَيْنَيْهِ على مهجتي ... كقدرة الْمولى على عَبده)
(قد جال مَاء الْحسن فِي خدَّه ... وضجَّت الأغصان من قدّه)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرقَّ من هَذَا قَالَ اكْتُبْ من الطَّوِيل
(توهَّمه طرفِي فَأصْبح خدُّه ... وَفِيه مَكَان الْوَهم من نَظَرِي أثر)
)
(وَصَافحهُ كفي فآلم كفَّه ... فَمن غمز كفّي فِي أنامله عقر)
(ومرَّ بفكري خاطراً فجرحته ... وَلم أر جسماً قطُّ يجرحه الْفِكر)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرق من هَذَا فَقَالَ أكتب من الطَّوِيل
(تكوَّن من نور الْإِلَه بِلَا مسِّ ... بقول عزيزٍ كن من الرّوح بالقدس)
(فلمّا رَأَتْهُ الشَّمْس أخمد نورها ... وَقَالَت لَهُ بِاللَّه أَنْت من الْإِنْس)
(وَقَالَ لَهَا إِنِّي أظنُّك ضرَّتي ... وخمَّس بالكفِّ الْمليح على الشَّمْس)
فَقلت يَا أستاذ أُرِيد أرقَّ من هَذَا فَقَالَ قد تقدّمت إِلَى الْمنزل عَسى أَن يصلحوا لي عدساً بسلق وَأَنا أَلْقَاك غَدا بِشَيْء رَقِيق وَتَرَكَنِي وَانْصَرف وَقد تقدَّمت هَذِه الْحِكَايَة فِي تَرْجَمَة بهْلُول وَهِي أخصر من هَذَا
3 - (موفّق الدّين القيسرانيّ)
خَالِد بن مُحَمَّد بن نصر بن صَغِير الرئيس موفق الدّين أَبُو الْبَقَاء الْكَاتِب البارع المَخْزُومِي الخالدي الْحلَبِي ابْن القيسراني وَزِير السُّلْطَان نور الدّين مَحْمُود بن زنكي كَانَ صَدرا نبيلاً وافر الْجَلالَة بارع الْكِتَابَة كتب المحقَّق وتفرّد بِهِ فِي زَمَانه سمع من عبد الله بن رِفَاعَة والسِّلفي وَسمع بِدِمَشْق من ابْن عَسَاكِر وحدّث بحلب وروى عَنهُ الموفّق بن يعِيش النحويّ وَغَيره وَتُوفِّي بحلب فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وحمس مائَة وَهُوَ أصل سَعَادَة بني القيسراني وَمِنْه تفرع الْبَيْت يُقَال أَن وَالِده مهذب الدّين بن القيسراني الشَّاعِر الْمُقدم(13/172)
ذكره فِي المحمدين كَانَ قد عمل لَهُ مولداً رصدياً وَرَأى فِيهِ لخَالِد هَذَا سَعَادَة فَكَانَ يَقُول أَبْطَأت عليَّ سادة خَالِد وَمَات وَلم يرهَا فاتفق أَن نور الدّين الشَّهِيد أَرَادَ كِتَابَة ربعه محقّقاً فوصف لَهُ فأخضره فَكتب بَين يَدَيْهِ فأعجبه فأحضر لَهُ الْوَرق والحبر والأقلام وأفرد لَهُ مَكَانا يكْتب فِيهِ فَأَقَامَ عِنْده سنة إِلَى أَن فرغت وَلم يقل للسُّلْطَان لَا أَهلِي وَلَا وَلَدي إِلَى أَن فرغت الربعة فَانْصَرف إِلَى دَاره فَوجدَ الخدم على بَابهَا ودخلها فَوجدَ الْبَيْت وَفِيه كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وعَلى أَهله كسْوَة وبزة فاخرة فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَقَالُوا يَوْمًا طلبت إِلَى السُّلْطَان جاءتنا هَذِه الخدم والجواري والقماش ورتِّب لنا مَا نحتاج إِلَيْهِ من اللّحم وَالْخبْز والأدم وَغير ذَلِك ثمَّ تقلَّب الزَّمَان فَجعله السُّلْطَان مُسْتَوْفيا ثمَّ إِنَّه جعله يكْتب لَهُ الْإِنْشَاء والرسالة الذّهبية الَّتِي للْقَاضِي الْفَاضِل كتبهَا لموفق الدّين هَذَا وَقد وقف لَهُ على خطّ بسطور ذهب وَهِي)
مَشْهُورَة وسوف يَأْتِي شَيْء مِنْهَا فِي تَرْجَمَة القَاضِي الْفَاضِل وتقدّم عِنْد نور الدّين إِلَى أَن سيّره إِلَى مصر ليسترفع الْحساب من صَلَاح الدّين بن أَيُّوب فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أقبل عَلَيْهِ إقبالاً عَظِيما وتلقَّاه أكْرم تلقٍّ وَبَالغ فِي تَعْظِيمه ثمَّ قَالَ لَهُ السّمع وَالطَّاعَة الْحساب وَالْمَال حاصلان وَلَكِن توجه إِلَى إسكندرية واسترفع حِسَابهَا وخراجها وعد تَجِد الَّذِي هُنَا حَاصِلا
فَلَمَّا توجَّه وَعَاد جَاءَ الْبر بوفاة نور الدّين فَلَمَّا ول موفق الدّين إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين لمير نه ذَلِك الاحتفال فَقَالَ لَهُ يَا خوند أحسن الله عزاك فِي مخدوم الْمَمْلُوك فَقَالَ لَهُ صَلَاح الدّين من أعلمك بذلك قَالَ لَهُ أَنْت لِأَنَّك عاملتين تِلْكَ الْمرة باحتفال لم أره الْآن فَسَأَلَهُ الْإِقَامَة عِنْد فَأبى وَقَالَ مَا أخرج عَن أَوْلَاد أستاذي
3 - (الزّين خَالِد)
خَالِد بن يُوسُف بن سعد بن الْحسن بن مفرِّج بن بكّار الْحَافِظ الْمُفِيد زين الدّين أَبُو الْبَقَاء النّابلسيّ ثمَّ الدِّمشقي ولد بنابلس سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة وَقدم دمشق وَنَشَأ بهَا وَسمع من الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَمُحَمّد بن الْخَطِيب وبن طبرزد وحنبل وَطَائِفَة وَسمع بِبَغْدَاد من ابْن شنيف وَابْن الْأَخْضَر وَابْن مينا وَكتب وحصّل الْأُصُول النفيسة وَنظر فِي اللُّغَة والعربية وَكَانَ إِمَامًا ذكياً فطناً ظريفاً حُلْو النادرة حُلْو المزاح وَكَانَ يعرف قِطْعَة كَبِيرَة من الْغَرِيب والأسماء والمختلف والمؤتلف وَله حكايات متداولة بَين الْفُضَلَاء وَكَانَ النَّاصِر يُحِبهُ ويكرمه روى عَنهُ محيى الدّين النَّوَوِيّ وَالشَّيْخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ وَأَخُوهُ الْخَطِيب شرف الدّين وتقي الدّين بن دَقِيق الْعِيد والبرهان الذَّهَبِيّ وَأَبُو عبد الله(13/173)
الملقّن وَجَمَاعَة وَكَانَ ضَعِيف الْكِتَابَة جدا ويعرج من رجله حدّث الشّرف النَّاسِخ أَنه كَانَ يحضرهُ النَّاصِر بن الْعَزِيز فَأَنْشد شَاعِر قصيدة يمدحه فِيهَا فَقلع الزين خَالِد سراويله وخلعه على الشَّاعِر فَضَحِك النَّاصِر وَقَالَ مَا حملك على هَذَا فَقَالَ لم يكن معي مَا أستغني عَنهُ غَيره فَعجب مِنْهُ وَوَصله وَولي مشيخة النورية وَكَانَ قَصِيرا شَدِيد السُّمرة يلبس قَصِيرا وَمن شعره من الطَّوِيل
(أيا حسرتا إِنِّي إِلَيْك وَإِن نأت ... ركابي إِلَى بَغْدَاد مَا عِشْت تائق)
(وَلَو عنت الأقدار قبلي لعاشقٍ ... لما عاقني عَن حسن وَجهك عائق)
وَمِنْه من السَّرِيع)
(يَا ربِّ بالمبعوث من هاشمٍ ... وصهره والبضعة الطُّهر)
(لَا تجْعَل الْيَوْم الَّذِي لَا ترى ... عَيْني تَاج الدّين من عمري)
3 - (أم خَالِد الأمويّة)
أم خَالِد بنت خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ الأموية ولدت لأَبِيهَا بِالْحَبَشَةِ وَلها صُحْبَة وَرِوَايَة
توفّيت فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وروى لَهَا البُخَارِيّ وأو دَاوُد والنَّسائي
(خالدة)
3 - (عمَّة عبد الله بن سلاّم)
خالدة بنت الْحَارِث عمَّة عبد الله بن سلاّم ذكر ذَلِك ابْن إِسْحَق فِيمَا اقتصَّه من إِسْلَام عبد الله بن سلاّم وَإِسْلَام أهل بَيته قَالَ وَأسْلمت عَمَّتي خالدة
3 - (بنت الْأسود بن عبد يَغُوث)
خالدة بنت الْأسود بن عبد يَغُوث دخل(13/174)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة وَعِنْدهَا امْرَأَة تصلي فِي المجسد فَقَالَ يَا عَائِشَة من هَذِه قَالَت إِحْدَى خَالَاتك قَالَ إنّ خَالَاتِي بِهَذِهِ الْبِلَاد لغرائب فأيُّ خَالَاتِي هَذِه قَالَت هَذِه خالدة بنت الْأسود قَالَ سُبْحَانَ الله يخرج الحيّ من المِّيت ووالد خالدة هَذِه الْأسود بن يَغُوث بن وهب بن عبد منَاف بن زهرَة وَالْأسود ابْن أخي آمِنَة أم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرهَا بقيُّ بن مخلد فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان
(الألقاب)
الشّاعران الخالديان اسْم أَحدهمَا مُحَمَّد بن هَاشم وَالْآخر سعيد بن هَاشم تقدّم الأول فِي المحمدين وَالْآخر يَأْتِي فِي حرف السِّين فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
الخالديّ الْوَزير اسْمه أَحْمد بن عبد الرّحمن
ابْن أبي خَالِد الْوَزير أَحْمد بن يزِيد
الخالع الرافقيّ الْحُسَيْن بن أبي جَعْفَر
ابْن خالويه النَّحْوِيّ اسْمه الْحُسَيْن بن أَحْمد
خالوه الْحلْوانِي أَحْمد بن عَليّ
(صَاحب آذربيجان)
خاموش بن الأتابك أزبك صَاحب آذربيجان ولد هَذَا أصمَّ أبكم وَكَانَ يفهَّمه وَيفهم عَنهُ رجل رباه لما استولى خوارزم على بِلَاد خاموش جَاءَ خاموش إِلَى خدمته بكنجة خاضعاً فقدَّم تحفاً من جُمْلَتهَا حياصة كيكاوس ملك الْفرس فِي الزَّمن الْقَدِيم فِيهَا عدّة جَوَاهِر لَا تقوَّم مِنْهَا قِطْعَة بذخشاني مَمْسُوح بالطول فِي قدر كفّ قد نقرفيها اسْم كيكاوس وَكَانَ خوارزم يشدّها فِي الأعياد إِلَى أَن كبسه التتار بآمد وظفروا بهَا ونفذوها إِلَى القان جنكيز خَان وَأقَام خاموش مُدَّة فِي الْخدمَة فَلم يحظ بعناية إِلَى أَن رقَّت حَاله فَفَارَقَ خوارزم شاه وَدخل حصن ألموت فأدركه الْمَوْت بعد شهر سنة ثَمَان وَعشْرين وست مائَة(13/175)
(خبَّاب)
3 - (خبَّاب مولى عتبَة بن غَزوَان)
توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة تسع عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن الأرتّ الصَّحابيّ)
خبَّاب بن الْأَرَت بن جندلة التَّميميّ من الْمُهَاجِرين الأوّلين بدريّ وَشهد الْمشَاهد وَتُوفِّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَاخْتلف فِي نسبه فَقيل تميميّ وَهُوَ الصَّحِيح وَقيل خزاعيّ وَكَانَ من فضلاء الصَّحابة الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد
وكنايته قيل أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو يحيى وَقيل أَبُو مُحَمَّد وَكَانَ ممَّن عذِّب فِي الله وصبر على دينه وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين تَمِيم مولى خرَاش بن الصّمّة وَقيل بَينه وَبَين جُبَير بن عتِيك وَنزل الْكُوفَة وَمَات بهَا فِي التَّارِيخ المتقدِّم وَقيل سنة تسع عشرَة بِالْمَدِينَةِ وصلَّى عَلَيْهِ عمر وَسَأَلَ عمر خبّاباً عَمَّا لَقِي من الْمُشْركين فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ انْظُر إِلَى ظَهْري فَنظر فَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ظهر رجل قَالَ لقد أوقدت لي نَار وسحبت عَلَيْهَا فَمَا أطفأها إِلَّا ودك ظَهْري
3 - (الأنصاريّ الأشهليّ)
خبَّاب بن قبْطِي بن عَمْرو بن سُهَيْل الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي قتل يَوْم أحدٍ شَهِيدا هُوَ وَأَخُوهُ صَيْفِي بن قبْطِي
3 - (مولى عتبَة بن غَزوَان)
)
خبَّاب مولى عتبَة بن غَزوَان أَبُو مُحَمَّد وَقيل أَبُو يحيى شهد بَدْرًا مَعَ مَوْلَاهُ عتبَة وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ سنة تسع عشرَة وَهُوَ ابْن خمسين سنة وصلَّى عَلَيْهِ عمر بن الخطّاب(13/176)
مولى فَاطِمَة بنت عتبَة خبَّاب مولى فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَاخْتلف فِي صحبته وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وضوء إِلَّا من صوتٍ أَو ريحٍ روى عَنهُ صَالح بن خيران
وَبَنوهُ أَصْحَاب الْمَقْصُورَة مِنْهُم السّائب بن خبّاب أَبُو مُسلم صَاحب الْمَقْصُورَة
(الألقاب)
ابْن الخبّازة مُحَمَّد بن عبد الله
الخبّازيّ المقرىء عليّ بن مُحَمَّد
الخبّازيّ المقرىء اسْمه مُحَمَّد بن عليّ
ابْن الخبّازة نصر بن الْحُسَيْن
الخبّاز المصريّ يحيى بن مُوسَى
الخبّاز أَبُو أَحْمد سعود بن الْعَلَاء ابْن الخبّاز النّحويّ أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد
والشّيخ عليّ الخبّاز الزّاهد
وَابْن الخبّاز إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن سَالم
الخبّاز البلديّ الشّاعر اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان تقدم
الخبّاز المصريّ الشّاعر اسْمه يحيى بن مُوسَى
(الصّوفيّ الْمَشْهُور)
مُوسَى الخبوشاني الصّوفيّ الْمَشْهُور اسْمه مُحَمَّد بن الموفَّق مرّ ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ(13/177)
(خبيب)
3 - (ابْن عدي الأنصاريّ)
خبيب بن عديّ من بني عَمْرو بن عوفٍ الأنصاريّ الأوسي شهد بَدْرًا وَأسر فِي غَزْوَة الرّجيع سنة ثلاثٍ فَانْطَلق بِهِ إِلَى مَكَّة فَاشْتَرَاهُ بَنو الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل وَكَانَ خبب قد قتل الْحَارِث بن عامرٍ يَوْم بدرٍ كَافِرًا فَاشْتَرَاهُ بنوه ليقتلوه بِهِ فَأَقَامَ عِنْدهم أَسِيرًا ثمَّ صلبوه بِالتَّنْعِيمِ وَكَانَ الَّذِي صلبه عقبَة بن الْحَارِث وَأَبُو هُبَيْرَة الْعَبدَرِي وخبيب أول من صلب فِي الْإِسْلَام وَأول من سنَّ صَلَاة رَكْعَتَيْنِ عِنْد الْقَتْل روى عَنهُ الْحَارِث بن البرصاء وَفِي تَرْجَمَة مَارِيَة فِي حرف الْمِيم شَيْء من ذكره فليطلب هُنَاكَ وَال خبيب عِنْدَمَا قتل من الطَّوِيل
(لقد جمع الْأَحْزَاب حَولي وألَّبوا ... قبائلهم واستجمعوا كلَّ مجمع)
(وَقد قرّبوا أَبْنَاءَهُم ونساءهم ... وقرِّبت فِي جذعٍ طويلٍ ممنَّع)
(وكلُّهم يُبْدِي الْعَدَاوَة جاهداً ... عليّ لِأَنِّي فِي وثاقٍ بمضيع)
(إِلَى الله أَشْكُو غربتي بعد كربتي ... وَمَا جمع الْأَحْزَاب لي عِنْد مصرعي)
(فَذا الْعَرْش صبِّرني على مَا أصابني ... فقد بضعوا لحمي وَقد خلَّ مطمعي)
(وَذَلِكَ فِي ذَات الآله وَإِن يَشَأْ ... يُبَارك على أوصال شلوٍ ممزَّع)
(وَقد عرّضوا بالْكفْر وَالْمَوْت دونه ... وَقد ذرَّفت عَيْنَايَ من غير مدمع)
(وَمَا بِي حذار الْمَوْت إِنِّي لميِّتٌ ... وَلَكِن حذَارِي حرُّ نارٍ تلفع)
(فلست بمبدٍ للعدوِّ تخشُّعاً ... وَلَا جزعاً إِنِّي إِلَى الله مرجعي)
(وَلست أُبَالِي حِين أقتل مُسلما ... على أيِّ جنبٍ كَانَ فِي الله مصرعي)
وصلب خبيب بِالتَّنْعِيمِ رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ
3 - (الصّحابيّ)
خبيب بن إساف وَيُقَال يسَّاف بِالْيَاءِ بن عتبَة بن عَمْرو بن خديج الْأنْصَارِيّ الخزرجيّ شهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق وَكَانَ نازلاً بِالْمَدِينَةِ قَالَ الواقديّ تأخَّر إِسْلَامه(13/178)
حَتَّى خرج رَسُول الله)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر فَلحقه فِي الطَّرِيق وَأسلم وَشهد الْمشَاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات فِي خلَافَة عُثْمَان وَكَانَ تزوَّج حَبِيبَة بنت خَارِجَة بعد أَن توفّي عَنْهَا أَبُو بكرٍ رَضِي الله عَنهُ
3 - (ابْن عبد الله بن الزّبير)
خبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوّام ضربه عمر بن عبد الْعَزِيز بِأَمْر الْوَلِيد خمسين سَوْطًا وصبَّ على رَأسه قربَة فِي بَارِد وَأَوْقفهُ على بَاب الْمَسْجِد فَمَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وروى لَهُ النَّسائيّ
(الألقاب)
الخبري الفرضيّ اسْمه عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله
الخبزرزّي نصر بن أَحْمد
الخبيت الزنْجِي عليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد
ختن ثَعْلَب أَحْمد بن جَعْفَر
الختن الشافعيّ اسْمه مُحَمَّد بن الْحسن
الختنيّ يُوسُف بن عمر بن الْحُسَيْن
خت شيخ البخاريّ اسْمه يحيى بن مُوسَى
الخجندي جمَاعَة مِنْهُم جمال الْإِسْلَام مُحَمَّد بن ثَابت وَمِنْهُم ملك الْعلمَاء مَسْعُود بن مُحَمَّد بن ثَابت وَمِنْهُم ملك الْعلمَاء مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف صدر الدّين وَمِنْهُم عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف(13/179)
(خِدَاش)
3 - (أَبُو سلاّمة الصَّحَابِيّ)
خِدَاش بن سلاّمة أَبُو سلاّمة بتَشْديد اللَّام السلاّمي مشدداً يعد فِي الْكُوفِيّين روى ي عَنهُ حَدِيث وَاحِد قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصِي امْرَءًا بأمّه أوصِي امْرَءًا بأمّه أوصِي امْرَءًا بأمّه ثَلَاث مراتٍ أوصِي امْرَءًا بِأَبِيهِ أوصِي امْرَءًا بمولاه الَّذِي يَلِيهِ الحَدِيث
3 - (عَم صفيَّة بنت تجراه)
خِدَاش عَم صفيَّة بنت تجراه بِالتَّاءِ ثَلَاثَة الْحُرُوف وَالْجِيم والرّاء وَبعد الْألف هَاء عمَّة أَيُّوب بن ثَابت حَدِيثه فِي شَأْن الصَّحيفة
3 - (البعيث)
خِدَاش بن بشر بن خالدٍ أَبُو يزِيد وَأَبُو مالكٍ التميميّ ثمَّ المجاشعيّ الْمَعْرُوف بالبعيث أحد الشُّعَرَاء المجيدين بَصرِي قدم الشَّام وَكَانَ خَطِيبًا شَاعِرًا وَكَانَ يهاجي جَرِيرًا وَفِيه يَقُول جرير من الْكَامِل
(لما وضعت على الفرزدق ميسمي ... وصغا البعيث جدعت أنف الأخطل)
وسميّ البعيث بقوله من الطَّوِيل
(تبعَّث مني مَا تبعَّث بَعْدَمَا ... أمرَّت قواي واستمرَّعزيمتي)
وَكَانَ البعيث قد هجاني صحب بَطنا من باهلة فَاسْتَعدوا عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم بن عدي فِي خلَافَة الْوَلِيد بن عبد الْملك فَضَربهُ بالسِّياط وطيف بِهِ فَقَالَ جرير من الْبَسِيط
(لَئِن هجوت بني صحبٍ لقد تركُوا ... للأصبحيّة فِي جنبيك آثارا)
(قوم هم الْقَوْم لَو عَاد الزبير بهم ... لم يسلموه وَزَادُوا الْحَبل إمرارا)(13/180)
(الألقاب)
الخدبّ النَّحوي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن طَاهِر
(خَدِيجَة)
3 - (أم الْمُؤمنِينَ)
خَدِيجَة بنت خويلد زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوَّجها قبل الْبعْثَة وعمره خمس وَعِشْرُونَ سنة وشهران وَعشرَة أَيَّام وَقيل غير ذَلِك وَهِي أول النَّاس إِيمَانًا بِهِ ثمَّ أَبُو بكرٍ
وَكَانَت قبل عِنْد أبي هَالة هِنْد بن النبَّاش بن زُرَارَة التَّيْمِيّ فَولدت لَهُ هنداً ثمَّ خلف عَلَيْهَا عَتيق بن عَائِذ المَخْزُومِي ثمَّ أَنه خلف عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يخْتَلف الْعلمَاء أَنه ولد لَهُ مِنْهَا وَلَده كلهم خلا إِبْرَاهِيم زوَّجه بهَا عَمْرو بن أَسد بن عبد العزَّى وَقَالَ هَذَا الْفَحْل لَا يقذع أَنفه وَكَانَت إِذْ ذَاك بنت أَرْبَعِينَ سنة وأقامت مَعَه أَرْبعا وَعشْرين سنة توفيت وَهِي بنت أَربع وَسِتِّينَ وَسِتَّة أشهرٍ وَكَانَ لما تزّوج بهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمره إِحْدَى وَعشْرين سنة وَقيل ابْن خمسٍ وَعشْرين سنة وَهُوَ الْأَكْثَر وَقيل ابْن ثَلَاثِينَ وَأَجْمعُوا أَنَّهَا ولدت أَربع بناتٍ كُلهنَّ أدركن الْإِسْلَام وهاجرن وهنَّ زَيْنَب وَفَاطِمَة ورقيَّة وَأم كُلْثُوم وَولدت الْقَاسِم وَبِه كَانَ يكنى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل ولدت الطَّاهِر وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسمع من الْمُشْركين شَيْئا يكرههُ إِلَّا فرّج الله عَنهُ بهَا تثبِّته وتصدِّقه وتخفِّف عَنهُ وتهوِّن عَلَيْهِ مَا يلقى من قومه قَالَت لَهُ يَا بن عَم أتستطيع أَن تُخبرنِي بصاحبك إِذا جَاءَك تَعْنِي جِبْرِيل فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ يَا خَدِيجَة هَذَا جِبْرِيل جَاءَنِي فَقَالَت لَهُ قُم يَا أَب نعم فَاقْعُدْ على فَخذي الْيُمْنَى فَفعل قَالَت هَل ترَاهُ قَالَ نعم قَالَت فتحَّول إِلَى الْيُسْرَى فَفعل قَالَت هَل ترَاهُ قَالَ نعم قَالَت فاجلس فِي حجري فَفعل قَالَت هَل ترَاهُ قَالَ نعم فَأَلْقَت خمارها وحسرت عَن صدرها فَقَالَت هَل ترَاهُ قَالَت لَا قَالَت أبشر فَإِنَّهُ وَالله ملك وَلَيْسَ بِشَيْطَان
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل نسَاء الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم ابْنة عمرَان وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن وَقَالَت عَائِشَة مَا غرت على امرأةٍ مَا غرت على خَدِيجَة وَمَا بِي أَن أكون أدركتها وَلَكِن ذَلِك لِكَثْرَة ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيّاها وَإِن كَانَ ليذبح الشَّاة فيتتبَّع بذلك صدائق خَدِيجَة يهديها لهنَّ وَقَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايكاد(13/181)
يخرج من الْبَيْت حَتَّى يذكر خَدِيجَة فَيحسن عَلَيْهَا الثّناء
فَذكرهَا يَوْمًا من الْأَيَّام فأدركتني الْغيرَة فَقلت هَل كَانَت إِلَّا عجوزاً فقد أبدلك الله خيرا مِنْهَا
فَغَضب حَتَّى اهتزَّ مقدَّم شعره من الْغَضَب ثمَّ قَالَ لَا وَالله مَا أبدلني خيرا آمَنت بِي إِذْ كفر)
النَّاس وصدَّقني إِذْ كذّبني النَّاس وواستني فيمالها إِذْ حرمني النَّاس وَرَزَقَنِي الله مِنْهَا أَوْلَادًا
قَالَت عَائِشَة فَقلت فِي نَفسِي لَا اذْكُرْهَا بسبَّةٍ أبدا وَفِي روايةٍ وحرمني ولد غَيرهَا فَقلت وَالله لَا أعاتبك فِيهَا بعد الْيَوْم وَتوفيت رَضِي الله عَنْهَا قَالَ قَتَادَة قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وَقَالَ غَيره بِأَرْبَع سِنِين وَقيل بِخمْس سِنِين وَكَانَت وفاتها فِي شهر رَمَضَان ودفنت فِي الْحجُون
3 - (الواعظة الشّاهجانيّة)
خَدِيجَة بنت مُحَمَّد بن عليّ الشاهجانية البغدادية الواعظة كتبت عَن ابْن سمعون بعض أَمَالِيهِ بخطها وَتوفيت سنة سِتِّينَ وَأَرْبع مائةٍ
3 - (بنت القيِّم الواعظة)
خَدِيجَة بنت يُوسُف بن غنيمَة بن حُسَيْن العالمة الفاضلة أمة الْعَزِيز البغدادية ثمَّ الدمشقية تعرف ببنت القيِّم كَانَ أَبوهَا قيِّم حمام فحرص عَلَيْهَا لما رأى نجابتها وأسمعها الْكثير وعلَّمها الخطَّ وَالْقُرْآن والوعظ وَغير ذَلِك وَكَانَت تعظ النّساء ثمَّ تركت ذَلِك ولزمت بَيتهَا ولدت سنة ثمانٍ وَعشْرين وَتوفيت سنة تسعٍ وَتِسْعين وست مائَة وَسمعت من ابْن الشّيرازي وَابْن اللَّتيّ وَابْن المقير وكريمة وبمصر من عليّ بن مُخْتَار العامري وَابْن الجمَّيزي وحدَّثت بِدِمَشْق والعلا وتبوك وجودَّت على الوليّ وَابْن الشَّواء والرّضي والتونسي والنجَّار وَلَكِن لم تقو يَدهَا وقرأت مقدمتين فِي الْعَرَبيَّة أَو أَكثر وأعربت على النُّجاة تفرَّدت بِرِوَايَة المقامات الحريرية قَرَأَهَا البرزالي عَلَيْهَا وسمعها الشَّيْخ شمس الدّين
3 - (ابْنة المستعصم)
خَدِيجَة السِّت النَّبَوِيَّة بَاب جَوْهَر ابْنة المستعصم مَاتَت بِبَغْدَاد واحتفل الْأَعْيَان بجنازتها وتذكّروا أَيَّام والدها وَبكوا وَكَثُرت النوائح والنوادب وَرفعت الطّرحات وَجلسَ صَاحب الدِّيوَان فِي العزاء على الأَرْض سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة(13/182)
3 - (بنت عَم محيى الدّين ابْن الزّكي)
خَدِيجَة بنت الْحسن بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز أم الْبَقَاء القرشية الدّمشقية كَانَت صَالِحَة زاهدة تحفظ الْقُرْآن وتشتغل بالفقه وَهِي بنت عَم القَاضِي محيى الدّين بن الزّكي سَمِعت من أَحْمد بن الموازيني وَهِي عمَّة وَالِد الْمعِين الْقرشِي المحدِّث توفيت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة)
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين حدّثنا عَنْهَا بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْمَعَالِي ابْن البالسي
3 - (بنت الغبيري)
خَدِيجَة بنت أَحْمد بن الْحسن بن عبد الْكَرِيم النهرواني ابْن الغبيري فَخر النِّساء سَمِعت أَبَاهَا وَأَبا عبد الله الْحُسَيْن النّعالي وعمّرت حَتَّى حدَّثت بالكثير وَكَانَ سماعهَا صَحِيحا وَكَانَت صَالِحَة متدينِّة روى عَنْهَا جمَاعَة وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى سنة سبعين وَخمْس مائَة
3 - (السُّلجوقية)
خَدِيجَة بنت دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق المدعوة ارسلان خاتون ابْنة أخي السّلطان طغرل بك تزَوجهَا الإِمَام الْقَائِم بن الْقَادِر فِي بَيت الجودانك من دَار الْخلَافَة على صدَاق مبلغ مائَة ألف دِينَار وَحضر العقد عميد الْملك وَزِير السّلطان والأمائل والأعيان وخطب رَئِيس الرؤساء خطْبَة النِّكَاح سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائةٍ وَنقل الجهاز وَفِيه من الْجَوَاهِر الْيَتِيمَة وأواني الذَّهب المرصَّعة بالجواهر والخركاوات الديباج الروميّ المزركش منسوجة بالحبّ الْكِبَار ونثر رَئِيس الرؤساء عِنْد ذَلِك شَيْئا كثيرا من الذَّهَب والفضَّة وتوجهت أم الإِمَام الْقَائِم فِي المَاء إِلَى دَار المملكة إِلَيْهَا وَأَتَتْ بهَا فِي عماريّة مجلَّلة بالأطلس المرصَّع بِقطع الفيروزج وَفِي خدمتها ثَمَانُون جَارِيَة تركيةً على رؤوسهن القلانس والتيجان وَفِي أوساطهن المناطق الذَّهَب وَعَلَيْهِم أقبية الدّيباج المذهبة فَلَمَّا دخلت على الْخَلِيفَة قبلت الأَرْض دفعاتٍ بَين يَدَيْهِ فاستدناها إِلَيْهِ وَجعلهَا إِلَى جَانِبه وَطرح عَلَيْهَا فرجيّة كَانَت عَلَيْهِ مطمومة بِالذَّهَب
وألبسها تاجاً مرصّعاً وَأَعْطَاهَا من الْغَد مائَة ثوب ديباج بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وطاسة من الذَّهَب قد بيّت فِيهَا قطع الْيَاقُوت والفيروزج والبلخش وعقداً من الْحبّ الْكِبَار وأقامت عِنْده نَحوا من ثَمَان سِنِين ثمَّ(13/183)
طلبت الْخُرُوج إِلَى خُرَاسَان مَعَ عَمها وَذكرت أَنَّهَا قد أسقطت فَخرجت مَعَه وَمَات بالرِّي ثمَّ عَادَتْ إِلَى بَغْدَاد وأقامت مَعَ الْقَائِم إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله ثمَّ تزوجت بالأمير عَليّ بن فرامرز بن أبي جَعْفَر بن كاكويه سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة وَلما كَانَت فِي عصمَة الْقَائِم جرى بَينهمَا أَمر فَحَضَرَ الْوَزير الْكِنْدِيّ ووقف على بَاب النّوبي وَأعْطى ابْن بكران الْحَاجِب مَكْتُوبًا وَقَالَ أوصله إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ وآتني بِالْجَوَابِ سرعَة فَأَنا على السَّرج لَا أنزل وَكَانَ فِيهِ مَكْتُوب يَقُول لَك سُلْطَان الْعَالم أَرَادَ بِهِ طغرلبك مَا أكرمناك بكريمتنا طَمَعا فِي ملبوسك ومأكولك ولكننا أكرمناك بكريمتنا لتَكون مَعهَا كَمَا يكون الرجلمع)
زَوجته وَإِلَّا فخلّ سَبِيلهَا فَكتب الْخَلِيفَة الْجَواب من الْخَفِيف
(ذهبت شرَّتي وولَّى الغرام ... وارتجاع الشّباب مَا لَا يرام)
(أوهنت مني اللّيالي جليداً ... واللّيالي يضعفن والأيّام)
(فعلى مَا عهدته من شَبَابِي ... وعَلى الغانيات مني السّلام)
3 - (بنت الْمَأْمُون)
خَدِيجَة بنت أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الله الْمَأْمُون غنّت شارية يَوْمًا بَين يَدي المتَوَكل شعر خَدِيجَة هَذِه فطرب لَهُ وَسَأَلَ لمن هُوَ وَأقسم عَلَيْهَا فَقَالَت لِخَدِيجَة بنت الْمَأْمُون وَهُوَ من السَّرِيع
(بِاللَّه قُولُوا لي لمن ذَا الرَّشا ... المثقل الرِّدف الهضيم الحشا)
(أظرف مَا كَانَ إِذا مَا صَحا ... وأملح النَّاس إِذا مَا انتشى)
(وَقد بنى برج حمامٍ لَهُ ... أرسل فِيهِ طائراً مرعشا)
(يَا لَيْتَني كنت حَماما لَهُ ... أَو باشقاً يفعل بِي مَا يشا)
(لَو لبس القوهيَّ من رقَّةٍ ... أوجعهُ القوهيُّ أَو خدَّشا)
(المغربيّة)
خدُّوج قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج هَذِه امْرَأَة من أهل رصفة بساحل الْبَحْر اسْمهَا خَدِيجَة بنت أَحْمد بن كُلْثُوم المعافريّ وَهِي شاعرة حاذقة مَشْهُورَة بذلك فِي شبيبتها وَقد أسنَّت الْآن وكفَّت عَن كثير من ذَلِك وَأورد لَهَا قَوْلهَا من الْخَفِيف
(جمعُوا بَيْننَا فلمّا اجْتَمَعنَا ... فرّقونا بالزُّور والبهتان)
(مَا أرى فعلهم بِنَا الْيَوْم إِلَّا ... مثل فعل الشّيطان بالإنسان)(13/184)
(لهف نَفسِي عليَّ يَا لهف نَفسِي ... مِنْك إِن بنت يَا أَبَا مَرْوَان)
كَانَ أَبُو مَرْوَان هَذَا رجلا شَاعِرًا من أهل الأندلس كَانَ يودُّها فَظهر لَهُ تشبُّب بهَا فغار لذَلِك إخوتها وفرّقوا بَينهمَا واشتهر أَبُو مَرْوَان هَذَا فَقتله إخوتها ووجدها أحد إخوتها تكْتب رقْعَة فهمَّ بهَا فَكتبت إِلَيْهِ من الْكَامِل
(أبغي رضاك بطاعةٍ مفرونةٍ ... عِنْدِي بِطَاعَة ربِّي القدُّوس)
(فَإِذا زللت وجدت حلمك ضيّقاً ... عَن زلّتي أبدا لفرط نحوسي)
(وَلَقَد رَجَوْت بِأَن أعيش كَرِيمَة ... فِي ظلِّ طودٍ دَائِم التّعريس)
)
(بِبَقَاء عزّك لَا عدمت بَقَاءَهُ ... فَإِذا أَنا أصلى بَحر شموس)
(يَا سَيِّدي مَا هَكَذَا حكم النُّهى ... حقُّ الرئيس الرِّفق بالمرؤوس)
(فَإِذا رضيت إِلَيّ الهوان رضيته ... وَجعلت ثوب الذُّلِّ خير لبوسي)
قلت شعر جيد
(خرَاش)
3 - (الكعبي الصَّحابيّ)
خرَاش بن أميّة الكعبيّ الخزاعيّ شهد بيعَة الرّضوان وَحلق رَأس النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلم يرو شَيْئا وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ أَو فِي حُدُودهَا
3 - (قَائِد الفرسان)
خرَاش بن الصِّمَّة بن عَمْرو بن الجموح الأنصاريّ السُّلميّ شهد بَدْرًا وأحداً وجرح يَوْم أحد عشر جراحات وَكَانَ من الرُّماة الْمَذْكُورين وَكَانَ يُقَال لَهُ قَائِد الفرسان
3 - (الشّيبانيّ)
خراشة الشّيباني خرج محكِّماً فقلته مُسلم بن بكَّار العقيليّ فِي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة(13/185)
(الألقاب)
أَبُو خرَاش الهذليّ خويلد بن مرَّة
ابْن خرَاش الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف
ابْن الخرّاز القرطبيّ يحيى بن عبد الْعَزِيز
ابْن الخرّاز البغداديّ يحيى بن عَليّ
ابْن الْخَرَّاط الإشبيلي عبد الْحق بن عبد الرّحمن
ابْن الخرّاط الشّافعيّ عليّ بن عُثْمَان
الخرائطي صَاحب مصَارِع العشَّاق اسْمه مُحَمَّد بن جَعْفَر تقدّم ذكره فِي المحمّدين
(ذُو الْيَدَيْنِ السُّلميّ)
خرباق بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مَكْسُورَة وَبعد الرَّاء بَاء ثَانِيَة الْحُرُوف وَبعد الْألف قَاف السَّلميّ قَالَه سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن خرباق السُّلميّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى الظّهْر فسلّم من رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ خرباق أشككت أم قصرة الصَّلَاة فَقَالَ مَا شَككت وَلَا قصرت الصَّلَاة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصدق ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نعم فصلَّى الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ سلَّم ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ سلّم قَالَ ابْن عبد البّر هَكَذَا ذكره العقيليّ عَن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عليّ بن عُثْمَان النّفيليّ عَن مُحَمَّد بن بكار عَن سعيد بن بشير بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَبُو عمر وَرَوَاهُ أَيُّوب السّختيانيّ وَهِشَام بن حسّان عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة لم يذكرُوا خرباق وَإِنَّمَا أحفظ ذكر الْخِرْبَاق من حَدِيث عمرَان بن الْحصين فِي قصّة ذِي الْيَدَيْنِ قَالَ فَقَامَ رجل يُقَال لَهُ الْخِرْبَاق طَوِيل الْيَدَيْنِ وَقَالَ ابْن عبد البّر أَيْضا فِي تَرْجَمَة ذِي الْيَدَيْنِ فِي حرف الذَّال وَذُو الْيَدَيْنِ عَاشَ حَتَّى روى الْمُتَأَخّرُونَ عَنهُ وَشهد أَبُو هُرَيْرَة يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَهُوَ الرّاوي لحديثه وَصَحَّ عَنهُ فِيهِ قَوْله صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَدِيث وَأَبُو هُرَيْرَة أسلم عَام خَيْبَر بعد بدرٍ بأعوام فَهَذَا يبين لَك أَن ذَا الْيَدَيْنِ الَّذِي رَاجع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَأْن(13/186)
الصّلاة لَيْسَ بِذِي الشّمالين الْمَقْتُول يَوْم بدر وَقد كَانَ الزّهريّ على علمه بالمغازي يَقُول أَنه ذُو الشّمالين الْمَقْتُول ببدرٍ وَأَن قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة كَانَت قبل بدرٍ ثمَّ أحكمت الْأُمُور بعد وَذَلِكَ وهم مِنْهُ عِنْد أَكثر الْعلمَاء
وَقد ذكرنَا مَا يجب فِي ذَلِك عندنَا فِي كتاب التَّمْهِيد انْتهى وَسَيَأْتِي الْكَلَام على قَوْله أقصرت الصّلاة أم نسيت فَقَالَ كل ذَلِك لم يكن فِي تَرْجَمَة أبي النَّجْم الرّاجز واسْمه الْفضل بن قدامَة
(خربندا)
خربندا ملك التّتار اسْمه مُحَمَّد بن أرغون تقدَّم فِي مَكَانَهُ فِي المحمَّدين فليطلب هُنَاكَ
(الألقاب)
ابْن أبين الخرجين مَنْصُور بن الْمُسلم
(الإفرنجيّ وَزِير رجّار)
خرخي الإفرنجي وَزِير الْملك رجّار المتعلَّب على مملكة صقلية كَانَ بطلاً شجاعاً من دهاة النَّصَارَى سَار فِي الْبَحْر وَأخذ المهدية من الْمُسلمين ثمَّ سَار فِي الْبَحْر بالجيوش وحاصر الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَدخل فَم الميناء وَأخذ عدَّة شوانيّ وَرمى أَصْحَابه بالنَّشاب فِي قصر الْملك وَجَرت لَهُ مَعَ صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة عدّة حروب ينصر فِي جَمِيعهَا على صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَكَانَ لَا يصطلى لَهُ بِنَار فَهَلَك بالبواسير والحصى سنة ستٍّ وَأَرْبَعين وحمس مائَة وَفرع النَّاس بِمَوْتِهِ
(الألقاب)
ابْن خرداذبة عبيد الله بن أَحْمد
ابْن الخرزي يُوسُف بن أَحْمد
ابْن حرزاذ النّجيرميّ يُوسُف بن يَعْقُوب
(ابْن الحرّ الكوفيّ)
خَرشَة بن الحرّ الْكُوفِي كَانَ يَتِيما فِي حجر عمر وَأُخْته(13/187)
سلاّمة لَهَا صُحْبَة وروى عَن عمر وَأبي ذرٍّ وَعبد الله بن سلاّم وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة أربعٍ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
(أَبُو الْوَفَاء الكازروني)
خرَّة فَيْرُوز بن شافيروز بن الكازروني أَبُو الْوَفَاء الْكَاتِب المترسّل كَانَت لَهُ معرفَة بالأدب وَيكْتب خطا حسنا روى عَن عليّ بن إِبْرَاهِيم بن هرون الْمَالِكِي وَابْن كادشٍ العكبري شَيْئا يَسِيرا وَمن شعره من مجزوء الرمل يَا بديع الْحسن قد زِدْت على بدر التّمام
(تجْعَل اللّيل نَهَارا ... كلَّ أَوْقَات الظلام)
وَمِنْه من السَّرِيع
(يَا قلب لم ترغب فِي الزّاهد ... وتبتغي الْإِصْلَاح للفاسد)
(إِن كنت لَا تسلو وَلَا ترعوي ... فاصبر لجهدٍ فِي الْهوى جَاهد)
(آه من الحبِّ ولوعاته ... لَيْسَ بلائي فِيهِ بِالْوَاحِدِ)
قلت شعر مَقْبُول
(الألقاب)
الخره قي أَحْمد بن الْمُبَارك بن نَوْفَل
الْخرقِيّ القَاضِي أَبُو الْحسن أَحْمد بن عبد الله
الْخرقِيّ صَاحب الْمُخْتَصر الْحُسَيْن بن عبد الله
الْخرقِيّ عَمْرو بن الْحُسَيْن
ابْن الخروف نظام الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عليّ بن يُوسُف الشّاعر
ابْن خروف النَّحويّ اسْمه عليّ بن مُحَمَّد بن عليٍّ
(خريم)
3 - (خريم الطّائي)
خريم بن أَوْس بن حَارِثَة بن لأم الطَّائيّ أَبُو لَجأ بِاللَّامِ وَالْجِيم(13/188)
وَبعدهَا ألف مَهْمُوزَة قَالَ هَاجَرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْصَرفه من تَبُوك فَسمِعت العبّاس عَمه يَقُول يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أمتدحك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل لَا يفضض الله فَاك فَأَنْشَأَ يَقُول من الوافر
(من قبلهَا طبت فِي الظِّلال وَفِي ... مستودعٍ حَيْثُ يخصف الْوَرق)
وَسَتَأْتِي الأبيات فِي تَرْجَمَة العبّاس
3 - (الْأَسدي الصَّحابيّ)
خريم بن فاتك بن الأخرم أَبُو أَيمن أَو أَبُو يحيى الأسديّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة سكن دمشق
وَهُوَ أَخُو سُبْرَة بن فاتك وَكَانَ على قسم الدُّور حِين فتحت دمشق وَيُقَال أَخُوهُ سُبْرَة هُوَ الَّذِي قسَّم الدُّور وَكَانَ الشّعبيّ يروي عَن أَيمن بن خريمٍ قَالَ إِن أبي وَعمي شَهدا بَدْرًا وعهدا إليّ أَن لَا أقَاتل قَالَ مُحَمَّد ابْن عمر وَهَذَا فِيمَا لَا يتعرف عندنَا وَلَا عِنْد أحد ممّن لَهُ علم بالسّيرة أَنَّهُمَا شَهدا بَدْرًا وَلَا أحدا وَلَا الخَنْدَق وَإِنَّمَا أسلما حِين أسلمت بَنو أسدٍ بعد فتح مَكَّة وتحوّلا إِلَى الْكُوفَة ونزلاها بعد ذَلِك وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم الرجل خريم لَوْلَا طول جمَّته وإسبال إزَاره فَبلغ ذَلِك خريماً فَجعل يَأْخُذ شفرة فَيقطع بهَا شعره إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ وَرفع إزَاره إِلَى أَنْصَاف سَاقيه وَكَانَ حسن السَّاقَيْن فَدخل على مُعَاوِيَة فَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ساقين لَو أَنَّهُمَا لامْرَأَة فَقَالَ فِي مثل عجيزتك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَات بالرقَّة فِي عهد مُعَاوِيَة وَقيل بِالْكُوفَةِ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وروى لَهُ الْأَرْبَعَة(13/189)
(الألقاب)
الخزيمي الْوَاعِظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ
ابْن خرِّين يُونُس بن الْحُسَيْن
(المزنيّ)
خزاعي بن عُثْمَان بن عبد نهمٍ الْمُزنِيّ عَم عبد الله بن المغفّل كَانَ سَادِن صم لمزينة فَكَسرهُ وَتوجه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنشده من الطَّوِيل
(ذهبت إِلَى نهمٍ لأذبح عِنْده ... عنيزة نسكٍ كَالَّذي كنت أفعل)
(فَقلت لنَفْسي حِين راجعت حزمها ... أَهَذا الآله إنّكم لَيْسَ تعقلوا)
(أَبيت فديني الْيَوْم دين محمدٍ ... إِلَه السّماء الْمَاجِد المتفضِّل)
(المصريّ)
خزرج بن صَالح المصريّ توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة
(أَبُو الْمجد البربريّ)
خزرون أَبُو الْمجد البربريّ من أهل إشبيلية أورد لَهُ الأبَّار فِي تحفة القادم قَوْله يمدح الْأَمِير يحيى بن الحاجّ من الملثَّمين من الْكَامِل
(هَذَا النسيم يهزُّ من زهر الرُّبا ... فَمر الْحَمَامَة يَا غضى أَن تندبا)
(أبكى أوار الْبَرْق مقلة ديمةٍ ... فاستضحكت ثغر الأقاحة أشنبا)
مِنْهَا
(وفوارةٍ كالسّابرية نثرةً ... سحَّت مَكَان السَّمهريّة مذنبا)
(قَالُوا هِيَ الْمَرْأَة أخْلص صقلها ... ولربّما صدئت فَكَانَ الطُّحلبا)
(وَإِلَى الخميلة حَيْثُ أَلْقَت زورها ... أحوى أظلَّ صراره والرَّبربا)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الوافر
(مضى يتلفّت السّحر الحلالا ... ويأنف أَن يَقُول رنا غزالا)
(وَفِي خطواته نشوات تيهٍ ... تعربد فِي معاطفه دلالا)
(بذلت لَهُ الْهدى فنأى مرَارًا ... وباعدت الْكرَى فَدَنَا خيالا)
(وَدون الأجرعين مقيل خشفٍ ... توخّى الظّلَّ والشَّبم الزُّلالا)(13/190)
(يناغم ظَبْيَة مئت حذاراً ... فتحسب كلَّ مَا وطِئت جبالا)
قلت شعر جيد
(تقيّ الدّين المقرىء)
خزعل بن عَسْكَر بن خَلِيل العلاّمة تقيّ الدّين أَبُو الْمجد الشّنائيّ المصريّ المقرىء النحويّ اللغويّ نزيل دمشق ذكر أَنه سمع من السّلفيّ وَأَنه دخل بَغْدَاد وَقَرَأَ على الْكَمَال عبد الرَّحْمَن الأنباريّ أَكثر تصانيفه وَعند عوده أَخذ فِي الطّريق وراحت كتبه وَسكن دمشق وَصَارَ إِمَام مشْهد عليّ بن الْحُسَيْن أقعد فِي آخر عمره وازدهم عَلَيْهِ الطَّلبة وَكَانَ أعلم النَّاس بِكَلَام الْعَرَب وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وستّ مائَة
(الألقاب)
خزيفة البغداديّ عبد الله بن سعد
(خُزَيْمَة)
3 - (ذُو الشَّهادتين)
خُزَيْمَة بن ثَابت بن الْفَاكِه الْأنْصَارِيّ الخطمي بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الطّاء الْمُهْملَة ذُو الشّهادتين يُقَال بدريّ وَالصَّحِيح أَنه شهد أحدا وَمَا بعْدهَا(13/191)
وَقتل بصفين مَعَ عليّ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وروى لَهُ مُسلم والأبعة كَانَ يحمل راية بني خطمة وَشهد غَزْوَة مُؤْتَة فبارز رجلا فقلته وَأخذ من بيضته ياقوتة بَاعهَا فِي زمن عمر بِمِائَة دِينَار وَكَانَ هُوَ وَعُمَيْر بنعديّ بن خَرشَة يكسران أصنام بني خطمة وَأَجَازَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَته بشهادتين لِأَن يَهُودِيّا قَالَ يَا مُحَمَّد أقضني ديني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولم أقضك دينك قَالَ لَا إِن كَانَ لَك بَيِّنَة فهاتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه أَيّكُم يشْهد أَنِّي قضيت الْيَهُودِيّ مَاله فَقَالَ خُزَيْمَة أَنا أشهد يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ وَكَيف تشهد بذلك وَأَنت لم تحضرنا وَلم تعلم ذَلِك فَقَالَ يَا رَسُول الله نَحن نصدِّقك فِي الْوَحْي من السّماء فَلَا نصدّقك فِي قَضَاء دين يَهُودِيّ فأنفذ شَهَادَته وسمّاه ذَا الشَّهادتين لِأَنَّهُ صيَّر شَهَادَته شَهَادَة اثْنَيْنِ وَقَالَ من شهد لَهُ خُزَيْمَة أَو شهد عَلَيْهِ فحسبه
وافتخر الحيّان من الْأَنْصَار الْأَوْس والخزرج فَقَالَت الْأَوْس منّا غسيل الْمَلَائِكَة حَنْظَلَة بن الرّاهب وَمنا من اهتزَّ لَهُ عرش الرَّحْمَن سعد بن معَاذ وَمنا من حمته الدَّبر عَاصِم بن ثَابت وَمنا من أجيزت شَهَادَته برجلَيْن خُزَيْمَة بن ثَابت وَقَالَ الخزرجيون منا أَرْبَعَة جمعُوا الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد بن ثَابت وَأَبُو زيد وأبيُّ بن كَعْب ومعاذ بن)
جبل وَعَن مُحَمَّد بن عمَارَة بن خُزَيْمَة قَالَ كَانَ جدي كافّاً سلاحه يَوْم الْجمل وَيَوْم صفّين حَتَّى قتل عمار فَلَمَّا قتل عمار قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تقتل عمار الفئة الباغية ثمَّ سل سَيْفه وَقَاتل حَتَّى قتل وَخُزَيْمَة هُوَ الْقَائِل من الْبَسِيط
(مَا كنت أَحسب هَذَا الْأَمر منصرفاً ... من هاشمٍ ثمَّ مِنْهَا عَن أبي حسن)
(أَلَيْسَ أول من صلّى لقبلتهم ... وَأعلم النَّاس بالفرقان والسُّنن)
(من فِيهِ مَا فيهم لَا يمترونبه ... وَلَيْسَ فِي الْقَوْم مَا فِيهِ من الْحسن)
3 - (خُزَيْمَة بن الْحسن)
خُزَيْمَة بن الْحسن قَالَ المرزباني مُحدث يرثي الْأمين بمراثٍ كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله من الْخَفِيف(13/192)
(آذن الْملك رُكْنه بانهداد ... بعد ليثٍ من الْأَئِمَّة هاد)
(ملكٌ همُّه السّماحة والبذل ... كريمٌ موفَّق للرشاد)
(خانه الدَّهْر وَالزَّمَان خؤون ... جَائِر الحكم ظالمٌ للمعاد)
وَقَوله من الْكَامِل
(خلت الْقُصُور من الإِمَام مُحَمَّد ... وعفت معالم رسمها والمعهد)
(واجتثَّ أصل الْملك بعد مضائه ... فالملك مضطربٌ بعيد الْمسند)
3 - (أَبُو معمر الْأنْصَارِيّ الصّحابيّ)
خُزَيْمَة بن معمر أَبُو معمر الْأنْصَارِيّ الخطمي روى عَنهُ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ ابْن عبد البّر لَا أعلم روى عَنهُ غَيره حَدِيثه فِي المرجومة فِي إِسْنَاده اضْطِرَاب كثير وَفِيه إِقَامَة الحدّ كفّارة
3 - (خُزَيْمَة بن خزمة الصّحابي)
خُزَيْمَة بن خزمة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة والزّاي ابْن عديّ من القواقلة شهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (خُزَيْمَة بن خزي الصّحابي)
خُزَيْمَة بن خزيّ بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة والزّاي الْمَكْسُورَة السّلمي لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ أَخُوهُ حبّان بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف ذكره أَبُو حَاتِم الرّازي فِي الصّحابة قَالَ ابْن عبد البّر وَفِيه نظر وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ جزيّ بِكَسْر الْجِيم)
3 - (العبديّ الصّحابي)
خُزَيْمَة بن خزيّ بضمّ الْجِيم وَفتح الزّاي ابْن شهَاب العبديّ يعد من أهل الْبَصْرَة روى عَنهُ حَدِيث وَاحِد فِي الضّبّ يخْتَلف فِي إِسْنَاده وَمَتنه
3 - (خُزَيْمَة بن جهم)
خُزَيْمَة بن جهم بن قيس كَانَ ممّن حمل النجاشيّ فِي السّفينة مَعَ عَمْرو ابْن أُميَّة ابْن أبي حَاتِم الرّازي عَن أَبِيه الصّحابة(13/193)
3 - (خُزَيْمَة بن الْحَارِث الصّحابي)
خُزَيْمَة بن الْحَارِث الصّحابيّ مصري لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ يزِيد بن أبي حبيب حَدِيثه عِنْد ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد عَنهُ
3 - (الأسديّ النَّحوي)
خُزَيْمَة بن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة الْأَسدي النَّحْوِيّ من أهل الحلّة المزيدية يُقَال أَنه أول من انْتَشَر عَنهُ النَّحْو بِتِلْكَ الْبِلَاد وَتخرج بِهِ جمَاعَة مِنْهُم ابْن جياء وَكَانَ لَهُ شعر مِنْهُ
3 - (إِمَام الأئمَّة)
ابْن خُزَيْمَة إِمَام الأئمَّة الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن إِسْحَاق تقدم ذكره فِي المحمّدين فِي مَكَانَهُ
(خسرو)
3 - (الْملك الْعَزِيز ابْن بويه)
خسرو فَيْرُوز الْملك الْعَزِيز أَبُو مَنْصُور ابْن الْملك جلال الدولة ابْن بويه ولد بِالْبَصْرَةِ سنة سبع وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَولي إمرة وَاسِط لِأَبِيهِ وبرع فِي الْآدَاب وَالْأَخْبَار الْعَرَبيَّة وأكبَّ على اللَّهْو والخلاعة وَلما مَاتَ أَبُو سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة فَارق واسطاً وَأقَام عِنْد أَمِير الْعَرَب دبيس بن مزِيد ثمَّ توجه إِلَى ديار بكر منتجعاً للملوك وَمَات بميَّافارقين وَمن شعره من الْبَسِيط
(وراقصٍ يستحثُّ الكفَّ بالقدم ... مستملح الشَّكل والأعطاف والشِّيم)
(ترى لَهُ نبراتٍ من أنامله ... كَأَنَّهَا نبضات الْبَرْق فِي الظُّلم)
(يُرَاجع الحثَّ فِي الْإِيقَاع من طربٍ ... تراجع الرجل الفأفاء فِي الْكَلم)
وَمِنْه من الْكَامِل
(من ملَّني فليمض عني راشداً ... فَمَتَى عرضت لَهُ فلست براشد)(13/194)
(مَا ضَاقَتْ الدّنيا عليَّ بأسرها ... حَتَّى تراني رَاغِبًا فِي زاهد)
وَمن شعر ركن الدولة من الطَّوِيل
(إِذا خضب الْمَرْء الشّباب بعطره ... وأمَّل أَن يحظى بِذَاكَ لَدَى الْحور)
(بذلن لَهُ زور الْمَوَدَّة إنّه ... كَذَاك يجازى صَاحب الزُّور بالزُّور)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(وَقَالُوا أفق من سكرة اللَّهْو والصِّبا ... فقد لَاحَ صبحٌ فِي دجاك عَجِيب)
(فَقلت أخلائي دَعونِي ولذتي ... فَإِن الْكرَى عِنْد الصّباح يطيب)
وَلم يكن الْملك الْعَزِيز يركب فِي زبزب أَو يقْعد فِي مجْلِس إِلَّا وَحَوله كتب الْأَدَب ينظر فِيهَا
وكانيحضر مَجْلِسه جمَاعَة من أهل الْأَدَب مثل أبي الْحسن الخيشيّ وَأبي عَليّ البونسي وَأبي غالبٍ بن بَشرَان النحويّ ونظرائهم وَقد أعدُّوا مَا يذاكرون بِهِ من أَخْبَار ونوادر وملح وأشعار فَلَا يُورد أحدهم شَيْئا إِلَّا وسابقه الْملك الْعَزِيز إِلَيْهِ أَو عَارضه فِيهِ بِمثلِهِ وَزِيَادَة
3 - (سبط بن الحماميَّة)
خسرو شاه بن سعد بن عبد السيّد بن أبي الفوارس أَبُو شُجَاع سبط أبي عليّ ابْن الحماميّة)
ويسمَّى مُحَمَّدًا أَيْضا كَانَ أديباً فَاضلا لَهُ شعر وَقد حدَّث عَن الشريف أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُهْتَدي بِيَسِير وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمْس مائةٍ وَمن شعره من الْبَسِيط
(وليلةٍ جعلت فِي أرْضهَا فلكاً ... يديره عَبث الْقَيْنَات بالوتر)
(فشمسه الكأس والمصباح كوكبه ... وبدره شادنٌ من أحسن الصُّور)
(فسعدها بِتمَام اللّيل متّصلٌ ... ونحسها فرقةٌ يَأْتِي مَعَ السّحر)
قلت شعر جيد
3 - (صَاحب غزنة)
خسرو شاه سُلْطَان غزنة وَابْن سلاطينها ولي الْملك بعد أَبِيه بهْرَام شاه بن مَسْعُود ابْن إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود بن مَحْمُود بن سبكتكين وَكَانَ عادلاً حسن السِّيرَة فِي رعيَّته محباً للخير مقرِّباً للْعُلَمَاء يرجع إِلَى قَوْلهم وَكَانَ ملكه تسع سِنِين وَملك بعده ابْنه ملكشاه فلمّا ملك نزل عَلَاء الدّين ملك الْغَوْر فحاصر غزنة وَكَانَ الثَّلج كثيرا فَلم يُمكنهُ الْمقَام وَعَاد إِلَى بِلَاده وَكَانَت وَفَاة خسروشاه سنة خمسٍ وَخمسين وَخمْس مائَة(13/195)
3 - (صَاحب الألموت)
خسرو شمس الشُّموس الْملك ركن الدّين ابْن عَلَاء الدّين مُحَمَّد بن جلال الدّين الْحسن بن الصَّباح الباطني النّزاريّ صَاحب قلعة الألموت رَئِيس الإسماعيلية بِبِلَاد الْعَجم دَامَت الرياسة فِيهِ وَفِي أَبِيه وجدّه دهراً طَويلا وَكَانَ سِنَان الدّولة فِي الشَّام زمن صَلَاح الدّين من دعاة الْحسن بن الصّباح نزل هولاكو على قلعة الألموت وَأَخذهَا وَقتل ركن الدّين هَذَا وَقتل مَعَه طَائِفَة من الْمَلَاحِدَة سنة خمسٍ وَخمسين وستّ مائَة
(الألقاب)
الخسرو شاهي عبد الحميد بن عِيسَى بن محمويه
بنت الخشّاب اسْمهَا فَاطِمَة
الخشَّاب جمَاعَة مِنْهُم ابْن الخشّاب الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن الْقَاسِم
والخشَّاب الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
وَابْن الخشَّاب النَّحوي اسْمه عبد الله بن أَحْمد بن أَحْمد
الخشَّاب المحدِّث مُحَمَّد بن عليّ)
ابْن الخشَّاب عقيل بن يحيى
ابْن الخشّاب الْحلَبِي اسْمه إِبْرَاهِيم بن سعيد
ابْن الخشّاب وَكيل بَيت المَال صدر الدّين أَحْمد بن عِيسَى
ابْن خشنام إِبْرَاهِيم بن عليّ بن إِبْرَاهِيم
ابْن خشنام عليّ بن مُحَمَّد
الخشنامي أَحْمد بن عُثْمَان
ابْن خشكنانكة الشَّاعِر النديم هُوَ أَحْمد بن عليّ بن فضل
ابْن خشترين الْأَمِير فَخر الدّين عِيسَى بن خشترين
(اللّغويّ الكوفيّ)
خشّاف الكوفيّ صَاحب اللّغة توفّي سنة خمس وَسبعين وَمِائَة(13/196)
(الْأَمِير جمال الدّين الهكّاري)
خشترين الْأَمِير جمال الدّين الهكّاري هُوَ الَّذِي عمر الْمدرسَة الشَّافِعِيَّة بِالْقصرِ فِي الْقَاهِرَة
لما توفّي صدر الدّين عبد الْملك بن درباس عزل أَخُوهُ القَاضِي ضِيَاء الدّين عُثْمَان بن عِيسَى بن درباس عَن نِيَابَة الحكم ووقفها وفوض تدريسها إِلَيْهِ كَانَ الْأَمِير جمال الدّين الْمَذْكُور حَيا بعد السّت مائَة توفّي سنة تسع عشرَة وست مائَة بإربل وتخرَّج على ابْن سَعَادَة الْحِمصِي
(الخشخاش الصّحابي)
الخشخاش بن الْحَارِث وَيُقَال ابْن مَالك العنبريّ التَّمِيمِي هُوَ بِالْخَاءِ مُعْجمَة وَقيل فِيهِ بِالْحَاء الْمُهْملَة لَهُ ولبنيه مَالك وَقيس وَعبيد صُحْبَة وَقد روى عَنْهُم وَعَن أَبِيهِم حُصَيْن بن أبي الْحر قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعني ابْن لي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنّك لَا تجني عَلَيْهِ وَلَا يجني عَلَيْك مثل حَدِيث أبي رمثة سَوَاء قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعلم لَهُ غير هَذَا الحَدِيث
(الْحَافِظ النَّسائيّ)
خشيش بن أَصْرَم أَبُو عَاصِم النَّسائي الْحَافِظ مصنِّف كتاب الاسْتقَامَة فِي الردّ على أهل الْبدع
سمع عبد الرَّزَّاق وروى عَنهُ أَبُو دَاوُد والنِّسائيّ وثَّقة النَّسائي وَله رحْلَة إِلَى الشَّام ومصر واليمن وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ(13/197)
(الألقاب)
الخشوعي بَرَكَات بن إِبْرَاهِيم وَمِنْهُم عبد الله بن بَرَكَات
ابْن الخشكري اسْمه مزِيد بن عليّ
خشُّوية عبد الله بن حسن
ابْن أبي الْخِصَال الْكَاتِب الفافقي اسْمه عبد الْملك بن أبي الْخِصَال
الخصَّاف أَبُو بكر الْفَقِيه على مَذْهَب أهل الْعرَاق اسْمه أَحْمد بن عَمْرو
ابْن خصي الْبَغْل عبد القاهر بن المهنا
(الخصيب)
3 - (الْحَارِثِيّ البصريّ)
الخصيب بن نَاصح الْحَارِثِيّ الْبَصْرِيّ نزيل مصر روى عَن هِشَام بن حسان وَشعْبَة وَيزِيد بن إِبْرَاهِيم التستريّ وَنَافِع بن عمر وَهِشَام بن يحيى وَجَمَاعَة وروى عَنهُ الرّبيع الْمرَادِي وبحر بن نصر الْخَولَانِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الحكم وَسليمَان بن شُعَيْب الكيساني وَجَمَاعَة وَقَالُوا أَبُو زرْعَة مَا بِهِ بَأْس إِن شَاءَ الله وَلم يخِّرجوا بِهِ توفّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ أَو مَا بعْدهَا
3 - (الْمصْرِيّ)
الخصيب بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الخصيب أَبُو الْحسن بن أبي بكر المصريّ
ثِقَة توفّي سنة ستّ عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو الْعَلَاء التَّميمي)
الخصيب بن المؤمَّل بن مُحَمَّد بن عَليّ بن سلم بن الْعَبَّاس بن(13/198)
الخصيب أَبُو الْعَلَاء التّميمي الْمُجَاشِعِي كَانَ أَبوهُ بصرياً سمع أَحْمد بن مُحَمَّد بن النقور وَغَيره وحدّث باليسير وروى عَنهُ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد ابْن السّمعاني وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ شِيعِيًّا غالياً وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَقْْضِي زماني باللتيا وبالتي ... وَمن دون إِدْرَاك المنى حادثٌ يقْضِي)
(وأمزج من كأس المطامع والمنى ... مجاجة سمٍّ من خلاصته مَحْض)
(وأغضي على حرمَان راجٍ يزورني ... بوعدٍ وَلَو شَاءَ الْغنى لي لم أَغضّ)
3 - (الطّيب النّصرانيّ)
الخصيب كَانَ طَبِيبا نَصْرَانِيّا فَاضلا مقَامه بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ ماهراً فِي صناعته جيّد المعالجة
قَالَ مُحَمَّد بن سلاّم الجُمَحِي مرض الحكم بن مُحَمَّد بن قنبر الْمَازِني الشَّاعِر الْبَصْرِيّ فَأتوهُ بخصيب الطّيب يعالجه فَقَالَ من مجزوء الرمل
(وَلَقَد قلت لأهلي ... إِذْ أَتَوْنِي بخصيب)
(لَيْسَ وَالله خصيبٌ ... للّذي بن بطبيب)
(إنمّا يعرف دائي ... من بِهِ مثل الَّذِي بِي)
)
وحدَّث أَيْضا قَالَ سقى خصيب الطَّبِيب مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس السّفاح شربة دَوَاء وَهُوَ على الْبَصْرَة فَمَرض بهَا وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَمَات بهَا وَذَلِكَ أول سنة خمسين وَمِائَة فاتُّهم خصيب فحبس حَتَّى مَاتَ فَنظر فِي علّته إِلَى مَائه فَقَالَ قَالَ جالينوس إنَّ صَاحب هَذِه العلَّة إِذا صَار مَاؤُهُ هَكَذَا لَا يعِيش فَقيل لَهُ أنَّ جالينوس ربّما أَخطَأ فَقَالَ مَا كنت إِلَى خطائه قطُّ أحْوج مني غليه فِي هَذَا الْوَقْت وَمَات من علّته
3 - (صَاحب الْخراج بِمصْر)
الخصيب بن عبد الحميد أَبُو نصر صَاحب ديوَان الْخراج بِمصْر قَصده أَبُو فراس من بَغْدَاد وامتدحه بقصيدته الرّائيّة الْمَشْهُورَة الَّتِي أوّلها من الطَّوِيل
(أجارة بيتينا أَبوك غيور ... وميسور مَا يُرْجَى لديك عسير)
مِنْهَا
(ذَرِينِي أكثِّر حاسديك برحلةٍ ... إِلَى بلدٍ فِيهِ الخصيب أَمِير)
(فَمَا جازه جودٌ وَلَا حلَّ دونه ... وَلَكِن يصير الْجُود حَيْثُ يصير)
(فَتى يَشْتَرِي حسن الثَّنَاء بِمَالِه ... وَيعلم أَن الدّائرات تَدور)(13/199)
(فَمن كَانَ أَمْسَى جَاهِلا بمقالتي ... فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ خَبِير)
وَقد اشتهرت هَذِه الأبيات وَهَذِه القصيدة وَأَشَارَ النَّاس إِلَيْهَا وعارضها الشّعراء وضمَّنوا من أبياتها فِي أشعارهم وَمِمَّنْ عارضها ابْن درّاج القسطلِّي بقصيدة طائلة هائلة وأولها من الطَّوِيل
(دعِي عَزمَات المستضام تنير ... فتنجد فِي عرض الفلا وتغور)
وَهِي قصيدة بليغة فصيحة وَقد ذكرت بَعْضهَا فِي تَرْجَمَة ابْن درّاج فِي مَكَانَهُ واسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْعَاصِ وَلما قلّد الرشيد هرون الخصيب خراج مصر وضياعها توجَّه إِلَى مصر وَلما اسْتَقر بهَا كتب إِلَى أبي نواس يستزيره وَكَانَ بِهِ خاصّاً فَخرج إِلَيْهِ وَخرج وَقت خُرُوجه جمَاعَة من الشُّعَرَاء ليمتدحوه وَلم يعرفوا خُرُوج أبي نواس واجتمعوا بالرقَّة فَقَالَ بَعضهم لبَعض هَذَا أَبُو نواس يمْضِي إِلَى الخصيب وَلَا فضل فِيهِ لأحدٍ مَعَه فاجعوا من قريب وَبلغ ذَلِك أَبَا نواس فَصَارَ إِلَيْهِم مسلِّماً وَقَالَ بَلغنِي مَا عزتم عَلَيْهِ فَلَا تَفعلُوا وامضوا حَتَّى نصطحب فَإِنِّي وَالله لَا أبدأ إلاّ بكم فشكروا لَهُ وَسَكنُوا إِلَى قَوْله ومضوا فَلَمَّا قدمُوا)
مصر وَبلغ الخصيب خبر أبي نواس جلس لَهُ جُلُوسًا عَاما فِي مجلسٍ جليل وَدخل إِلَيْهِ الشُّعَرَاء فسلّم عَلَيْهِ وَقَالَ من الرجز قد استزرت عصبَة قد أَقبلُوا وعصبةٌ لم تستزرهم طفَّلوا رجوك فِي تطفيلهم وأمَّلوا وللرّجاء حرمةٌ لَا تجْهَل فافعل كَمَا كنت قَدِيما تفعل فَاسْتحْسن الخصيب ذَلِك وكل من حَضَره وَقَالَ الخصيب من هَؤُلَاءِ فعرَّفه أَبُو نواس خبرهم فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ وقدِّرلهم صلَاتهم على حسب مقاديرهم فِي نَفسك فقدَّر لَهُم أَبُو نواس صلَاتهم وعرضها عَلَيْهِ فوقَّع بإطلاقها فأطلقت من وَقتهَا وَقَالَ اخْرُج ففرِّقها عَلَيْهِم وَعَاد إِلَى الخصيب فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ حَتَّى اتفرَّغ لَك وللأنس بك وَفِيه يَقُول من الْكَامِل
(أَنْت الخصيب وَهَذِه مصر ... فتدفّقا فكلماكما بَحر)
(لَا تقعدا بِي عَن مدى أملي ... شَيْئا فَمَا لَكمَا بِهِ عذر)
(ويحقُّ لي إِذْ صرت بَيْنكُمَا ... أَن لَا يحلَّ بساحتي فقر)
وزار الخصيب رجل وَهُوَ يَلِي مصر مستميحاً فحرمه وَانْصَرف فَأَخذه أَبُو الندّى اللص وَكَانَ يقطع الطَّرِيق فَقَالَ لَهُ هَات مَا أَعْطَاك الخصيب فَقَالَ لم يُعْطِنِي شَيْئا فَضَربهُ مِائَتي مقرعة يقرّره على مَا ظن أَنه ستره عَنهُ ثمَّ قدم على الخصيب آخر فحرمه فَقَالَ لَهُ جعلت فدَاك تكْتب(13/200)
لي إِلَيّ أبي النّدى اللّص تعرِّفه فِيهَا أَنَّك لم تعطني شَيْئا لِئَلَّا يضربني فَضَحِك مِنْهُ وبرَّه وَكَانَ يكْتب للخصيب جَابر بن دَاوُد البلاذريّ المؤلّف لكتاب الْبلدَانِ وَلغيره من الْكتب
3 - (أَبُو الْعَلَاء الْمُجَاشِعِي)
الخصيب بن سلم أَبُو الْعَلَاء الْمُجَاشِعِي الشَّاعِر ولد سنة تسعٍ وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة من شعره من المتقارب
(فواحسرتا لطلاّب المعاش ... وسعيي إِلَيْكُم بجسمٍ كدود)
(وَمَا أَنا فِي ظلِّ هذي الْحَيَاة ... وفرط التَّمحُّل إلاّ كدود)
وَقَالَ من الطَّوِيل)
(أَقْْضِي زماني باللتيا وبالتي ... وَمن دون إِدْرَاك المنى حادثٌ يقْضِي)
(وأمزج من كأس المطامع والمنى ... مجاجة سمٍّ من خلاصته مَحْض)
(الألقاب)
الخصيبيّ الْكَاتِب أَحْمد بن عبيد الله
(الجزريّ الحرّاني)
خصيف بِفَتْح الْخَاء وَكسر الصّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بن عبد الرَّحْمَن وَيُقَال ابْن يزِيد أبوعونٍ الجزريّ الحرّانيّ الخضري بخاءٍ معجمةٍ مَكْسُورَة هُوَ مولى بني أُميَّة وَهُوَ أَخُو خصاف وَكَانَا توأمين وخصيف أكبرهما حدّث عَن أنسٍ وَابْن خبيرٍ ومجاهدٍ وَعِكْرِمَة وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَغَيرهم روى عَنهُ ابْن إِسْحَق وَابْن جريج والثوريّ وَشريك وَغَيرهم وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَتُوفِّي فِي الْأَرْبَعين وَمِائَة وَقَالَ كنت مَعَ مجاهدٍ فَرَأَيْت أنس بن مَالك فَأَرَدْت أَن آتيه فَمَنَعَنِي مُجَاهِد فَقَالَ لَا تذْهب إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يرخّص فِي(13/201)
الطلاء قَالَ فَلم ألقه وَلم آته قَالَ عتّاب بن بشير فَقلت لخصيف مَا أحوجك إِلَى أَن تضرب كَمَا يضْرب الصَّبِي بالدرّة تدع أنس بن مَالك صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتقيم على كَلَام مُجَاهِد
(الْخضر)
3 - (الْحَافِظ الْقزْوِينِي)
الْخضر بن أَحْمد بن الْخضر الْحَافِظ القزوينيّ توفّي سنة أَربع وَسبعين وَثَلَاث التوماثيّ بِضَم التّاء والمثنّاة من فَوق وَبعد الوار السّاكنة مِيم وَألف ثمَّ ثاء مُثَلّثَة كَذَا وجدته مقيَّداً من نواحي برقعيد من بِلَاد الجزيرة قدم بَغْدَاد شَابًّا وتفقَّه بهَا للشَّافِعِيّ وَسمع الحَدِيث وَقَرَأَ الْأَدَب وَكَانَ فَاضلا وَتُوفِّي ببخارا سنة ثَمَانِينَ وحمس مائَة وَمن شعره من الْخَفِيف
(أَنْت فِي عمْرَة التَّنْعِيم تعوم ... لست تَدْرِي بأنَّ ذَا لَا يَدُوم)
(كم رَأينَا من الْمُلُوك قَدِيما ... همدوا فالعظام مِنْهُم رَمِيم)
مَا رَأينَا الزّمان أبقى على شخص شقاءً فَهَل يَدُوم النّعيم
(والغنى عِنْد أَهله مستعارٌ ... فحميدٌ بِهِ وَمِنْهُم ذميم)
قلت شعر متوسط وَكَانَ يحفظ الْمُجْمل وَشعر الهذّليين وأخبار الأصمعيّ وَشعر رؤبة بن العجَّاج وَذي الرُّمّة وَغَيرهمَا من المخضرمين وَأهل الْإِسْلَام والجاهلية
3 - (العابر)
الْخضر بن مُحَمَّد بن عليّ أَبُو العبّاس العابر من أهل جَزِيرَة ابْن عمر ولد بهَا وَنَشَأ بالموصل وَأقَام بِبَغْدَاد وَكَانَت لَهُ معرفَة حَسَنَة بالتعبير وَتُوفِّي سنة خمسٍ وست مائةٍ بِبَغْدَاد وَأورد لَهُ أَبُو شامة رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله من الوافر
(أنست بوحشتي حَتَّى لَو أنيّ ... رَأَيْت الْإِنْس لاستوحشت مِنْهُ)
(وَمَا ظَفرت يَدي بصديق صدقٍ ... أَخَاف عَلَيْهِ إِلَّا خفت مِنْهُ)
(وَمَا ترك التجارب لي حبيباً ... أميل إِلَيْهِ إِلَّا ملت عَنهُ)(13/202)
كَذَا وجدته
3 - (أَبُو طَالب المقرىء)
الْخضر بن هبة الله بن أَحْمد بن عبد الله بن عليّ بن طَاوُوس أَبُو طَالب البغداديّ الأَصْل الدِّمَشْقِي المقرىء وَكَانَ أَبوهُ إِمَام الْجَامِع بِدِمَشْق وَولد أَبُو طَالب وَقَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْوَحْش سبيعٍ بن الْمُسلم بن قيراطٍ المقرىء صَاحب أبي عليٍ الأهوازيّ وَسمع من الشريف أبي الْقَاسِم عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أبي الجنّ وَأبي الْحسن عليّ بن طاهرٍ النحويّ وَغَيرهمَا وَقدم)
بَغْدَاد وأقرأ بهَا الْقُرْآن وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة ثمانٍ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (الطَّائيّ)
الْخضر بن هبة الله بن أبي الهجَّام أَبُو البركات الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالطَّائيّ مدح الْوَزير أَبَا عليٍّ صَدَقَة فَقَالَ هَذَا الغليِّم من طيِّء قَالَ فَعرف بالطّائي ومدح الْخُلَفَاء والرؤساء ومدح مُلُوك الشّام وَذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة ومولده سنة تسعٍ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَمن شعره من الطَّوِيل
(جزى الله عني الْخَيْر كلَّ مبخَّلٍ ... تجنَّبته فِي غدوةٍ ورواح)
(وقى مَنْكِبي عَبَثا من الذُّلٍّ مَنعه ... وأخرجني من تَحت رقِّ سماح)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(عنقاء معكوسك اقنع تكتسب ... نشباً وَلَا تشدُّ على مهريّةٍ قتبا)
(مَا فِي غدٍ لَيْسَ راجيه على ثقةٍ ... مِنْهُ وأمس بِمَا فِيهِ فقد ذَهَبا)
(يَوْم الْغنى مثل يَوْم الْفقر منسلخٌ ... سيّان من سرِّ فِيهِ أَو من اكتأبا)
(والعمر والرِّزق محتومان همُّهما ... فَمَا يزِيد الْفَتى فِي حرصه تعبا)
قلت شعر متوسط
3 - (نشء الْملك المصريّ)
الْخضر بن بدران القيسيّ نشء الْملك أَبُو الْحَيَاة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الرجز
(وشادنٍ لمّا بدا خلته ... والكاس فِي يمناه يسقينا)
(بَدْرًا بدا يسْعَى على نانةٍ ... فِي كفّه شمسٌ تحييِّنا)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(أنظر إِلَى قمرٍ من تَحْتَهُ غصنٌ ... من فَوْقه وجف شعرٍ أسودٍ حلك)(13/203)
(كأنّما الْوَجْه شمسٌ والعذار لَهُ ... لما اسْتَدَارَ على خدِّيه كالفلك)
قلت شعر متوسط
3 - (الظّافر ابْن صَلَاح الدّين)
الْخضر أَبُو الدّوام وَيعرف بالشمِّر الْملك الظّافر مظفّر الدّين ابْن السّلطان صَلَاح الدّين وَإِنَّمَا)
عرف بالشمَّر لِأَن أَبَاهُ لما قسم الْبِلَاد بَين أَوْلَاده الْكِبَار قَالَ وَأَنا مشمَّر ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَهُوَ شَقِيق الْأَفْضَل توفّي بحرّان عِنْد عمّه الْأَشْرَف مُوسَى والأشرف قد مرّ بهَا لِحَرْب الخوارزمية سنة سبعٍ وَعشْرين وستّ مائَة وَلابْن السّاعاتي فِي الْملك الظافر مظفَّر الدّين هَذَا أمداح مليحة جَيِّدَة وَهِي فِي ديوانه مِنْهَا قصيدة كافيَّة كَافِيَة الْحسن والجودة مِنْهَا قَوْله من الْكَامِل
(كفِّي كؤوسك فالمدامة مَا سقت ... عَيْنَاك لَا مَا صفَّقت كفّاك)
(حَمْرَاء يصغر ذكر حاسٍ عِنْدهَا ... وسلافها ويقلُّ قدر حباك)
(خلصت بِنَار الشَّمْس مهجة تبرها ... والتبر تخلصه لظى السُّبّك)
(وكأنّ جوهرها أَفَاضَ شعاعه ... وَجه المظفِّر نيِّر الْأَمْلَاك)
مِنْهَا
(تقف الْمُلُوك لَهُ وَلَوْلَا قسرها ... وقفت لَدَيْهِ دوائر الأفلاك)
(ملك النَّدى فلكفِّه فِي رقةٍ ... دون الْأَنَام تصرُّف الْأَمْلَاك)
(كالغيث فَوق منابرٍ وأسرَّةٍ ... واللَّيث بَين أسنَّةٍ ومذاكي)
وَمن ذَلِك قصيدة مِنْهَا من الطَّوِيل
(ولذَّ مذاق الْيَأْس بعد مرارةٍ ... نعم وجلا صبري وَقد آن أَن يجلو)
(وَإِن فَارَقت أَهلا ومالاً سوابقي ... بعند المليك الظافر المَال والأهل)
(حننت إِلَيْهِ حنَّةً عَرَبِيَّة ... كَمَا أطلق المأسور طَال بِهِ الكبل)
(هُوَ الباسل المجري دِمَاء عداته ... وَتلك دماءٌ لَا جرامٌ وَلَا بسل)(13/204)
(غَدَاة النجيع النقس والصحف الْفِعْل ... ومملي الْحمام النَّصْر وَالْكَاتِب النصل)
(وَحَيْثُ البروق الْبيض والركض رعدها ... وصفُّ البنود السحب والوابل النَّبل)
وَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة من الطَّوِيل
(فَلَا خَابَ ظَنِّي فِي العقيق وَأَهله ... كَمَا لم يخب فِي الظافر الْملك سَائل)
(هُوَ الْبَحْر كم مرَّت بِهِ من عجيبةٍ ... تحدّث عَنْهَا قبل ذَاك السَّواحل)
(وَكم صَحِبت لدن العوالي يَمِينه ... فللتِّيه والإعجاب هنَّ عواسل)
(وياكم لَهُ من قفةٍ ظافريةٍ ... بهَا أينعت أغصانهنَّ الذّوابل)
)
3 - (كَمَال الدّين قَاضِي المقس)
الْخضر بن أبي بكر بن أَحْمد القَاضِي كَمَال الدّين الْكرْدِي قَاضِي المقس قَالَ قطب الدّين كَانَ مُحْتَرما عِنْد المعزِّ فعلق بِهِ حب الرياسة فَصنعَ خَاتمًا وَجعل تَحت فصّه وريقةً فِيهَا أَسمَاء جمَاعَة عِنْدهم فِيمَا زعم ودائع للفائزي وادَّعى أَن الْخَاتم للفائزي وَأظْهر بذلك التقرُّب إِلَى السُّلْطَان وَدخل فِي أذيّة النّاس وَجَرت خطوب ثمَّ وضح أمره فحبس وصفع فَقَالَ فِيهِ بعض شعراء عصره وَقد صفع من الرجز
(مَا وفِّق الْكَمَال فِي أَفعاله ... كلا وَلَا سدِّد فِي أَقْوَاله)
يَقُول من أبصره يصكُّ تأديبا على مَا كَانَ من محاله
(قد كَانَ مَكْتُوبًا على جَبينه ... فَقلت لَا بل كَانَ فِي قذاله)
وَكَانَ فِي الْحَبْس شخص يدّعي أَنه من أَوْلَاد الْخُلَفَاء مَاتَ وَله ولد فِي الْحَبْس فَلَمَّا خرج الكرديّ شرع فِي السّعي لوَلَده وتحدّث مَعَ جمَاعَة من الْأَعْيَان وَكتب مناشير وتواقيع بِأُمُور واّتخذ بنوداً فَبلغ الْخَبَر السُّلْطَان فشنق وعلِّقت البنود والتواقيع فِي حلقه وَذَلِكَ سنة سِتِّينَ وست مائَة
3 - (سعد الدّين ابْن شيخ الشُّيُوخ)
الْخضر ويسمَّى مَسْعُود بن عبد السّلام ويسمَّى أَبُو عبد الله بن عمر بن عَليّ ابْن حمُّوية الشَّيْخ الْكَبِير سعد الدّين أَبُو سعد ابْن شيخ الشُّيوخ تَاج الدّين أَخُو شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة وَسمع من ابْن طبرزد والكندي وجماعةٍ وَأَجَازَ لَهُ ابْن كليبٍ وَأَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن المعطوش وَعبد الله بن أبي الْمجد الحربيّ وخدم فِي شبيبته وتعانى الجنديّة مَعَ بني عَمه الْأُمَرَاء الْأَرْبَعَة ثمَّ تصوُّف وَلبس البقيار وَأمه من ذُرِّيَّة أبي الْقَاسِم القشيريّ وَجمع تَارِيخا فِي(13/205)
مجلدين وَكَانَ لَدَيْهِ فَضِيلَة وَله شعر وَمرض أَوَاخِر عمره وقلَّ بَصَره روى عَنهُ ابْن الخبّاز وَابْن العطّار والدَّواداري وَجَمَاعَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأَجَازَ لي مروياته وَكَانَ يُشَارك أَخَاهُ فِي المشيخة وَمن شعره
3 - (شيخ الْملك الظّاهر)
خضر بن أبي بكر بن مُوسَى المهرانيّ العدويّ الشَّيْخ الْمَشْهُور شيخ الْملك الظّاهر كَانَ)
صَاحب حَال وَنَفس ومؤثّرة وهمة وَحَال كاهنيّ أخبر الظَّاهِر بسلطنته قبل وُقُوعهَا فَلهَذَا كَانَ يعظمِّه وَينزل إِلَى زيارته مرّة ومرّتين وَثَلَاثَة ويطلعه على غوامض أسراره ويستصحبه فِي أَسْفَاره سَأَلَهُ وَهُوَ محاصر أرسوف حَتَّى تُؤْخَذ فعيَّن لَهُ الْيَوْم فَوَافَقَ ذَلِك وَكَذَلِكَ صفد وقيسارية
وَلما عَاد إِلَى الكرك سنة خمسٍ وَسِتِّينَ استشاره فِي قَصده فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن لَا يقصدها ويتوجّه إِلَى مصر فخالفه وتوجَّه فَوَقع عِنْد بركَة زيزا وانكسرت فَخذه وَقَالَ فِي بعلبكَّ وَالظَّاهِر على حصن الأكراد يَأْخُذهُ السُّلْطَان بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَوَافَقَ ذَلِك وَلما توجّه السُّلْطَان إِلَى الرّوم كَانَ الشَّيْخ خضر فِي الْحَبْس فَأخْبر أَن السُّلْطَان يظفر وَيعود إِلَى دمشق وأموت وَيَمُوت بعدِي بِعشْرين يَوْمًا فاتفق ذَلِك نقم السُّلطان عَلَيْهِ وأحضر من حاققه على أُمُور لَا تصدر من مُسلم فأشاروا بقتْله فَقَالَ هُوَ للسُّلْطَان أَنا أَجلي قريب من أَجلك وبيني وَبَيْنك أَيَّام يسيرَة فَوَجَمَ لَهَا السُّلْطَان وَتوقف فِي قَتله وحبسه وضيَّق عَلَيْهِ لكنه كَانَ يُرْسل إِلَيْهِ الْأَطْعِمَة الفاخرة والملابس وَكَانَ حَبسه فِي شوّال سنة إِحْدَى وَسبعين
وَلما وصل الظَّاهِر من الرّوم إِلَى دمشق كتب إِلَى مصر بِإِخْرَاجِهِ فوصل الْبَرِيد بعد مَوته
وَكَانَ قد بنى لَهُ عدَّة زَوَايَا فِي عدَّة بِلَاد وَكَانَ كل أحدٍ يتَّقي جَانِبه حَتَّى الصّاحب بهاء الدّين بن حنَّى وبيليك الخزندار وَإِذا كتب ورقة يَقُول من خضر نيَّاك الحمارة وَأخرج من السجْن مَيتا وَحمل إِلَى الحسينية وَدفن بزاويته
قَالَ الشَّيْخ تقيُّ الدّين الشَّيْخ خضر مُسلم صَحِيح العقيدة لكنه قَلِيل الدّين باطوليٌّ لَهُ(13/206)
حَال شيطاني وَكَانَت وَفَاته سنة ستّ وسبين وست مائَة وَكَانَ قد بنى لَهُ زَاوِيَة بالحسينية على الخليج محاذيةً لأرض الطبَّالة ووقف عَلَيْهَا أحكاراً يَجِيء مِنْهَا فِي السّنة ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم وَبنى لَهُ بالقدس زَاوِيَة وبالمزَّة بدشق زَاوِيَة وبظاهر بعلبكَّ زَاوِيَة وبحماة زَاوِيَة وبحمص زَاوِيَة وَهدم بِدِمَشْق كَنِيسَة الْيَهُود وكنيسة المصلَّبة بالقدس الَّتِي لِلنَّصَارَى وَقتل قسيسها بِيَدِهِ وعملها زَاوِيَة وَهدم بالإسكندرية كَنِيسَة الرّوم وصيَّرها مَسْجِدا وسماها الْمدرسَة الخضراء
وَكَانَ وَاسع الصَّدْر يُعْطي الْفضة وَالذَّهَب وَيعْمل الْأَطْعِمَة فِي قدور مفرطة الْكبر يحمل الْقُدْرَة جمَاعَة عتالين وَفِي ملازمته للْملك الظَّاهِر يَقُول شرف الدّين مُحَمَّد ابْن رضوَان النَّاسِخ من الْكَامِل)
مَا الظّاهر السُّلْطَان إِلَّا مَالك الدُّنْيَا بِذَاكَ لنا الْمَلَاحِم تخبر
(وَلنَا دلل وَاضح كَالشَّمْسِ فِي ... وسط السّماء بكلِّ عينٍ تنظر)
(لمّا رَأينَا الْخضر يقدم جَيْشه ... أبدا علمنَا أنّه الْإِسْكَنْدَر)
3 - (الْأَمِير موفَّق الدّين الرّحبيّ)
خضر بن محَاسِن المقدّم موفَّق الدّين الرَّحبي الْأَمِير كَانَ من دهاة الْعَالم وشجعانهم كَانَ جمّاساً لشخص من الرّحبة فَمَاتَ فتزوّج بامرأته وَحَازَ تركته وتنقّلت بِهِ الْأَحْوَال وَصَارَ قراغلام بالرحبة أَيَّام الْأَشْرَف صَاحبهَا ثمَّ خدم نواب الظَّاهِر فوجدوه كَافِيا وتعّرف بِعِيسَى بن مهنَّا ثمَّ أعطي خبْزًا بتبعين وَتمكن إِلَى أَن ولي إمرة الرّحبة بعد موت الإسْكَنْدراني ودبّر الْأُمُور وجهّز القصَّاد فَلَمَّا انْكَسَرَ سنقر الْأَشْقَر وَلحق بالرحبة وَمَعَهُ ابْن مهنّا فَطلب من الموفّق تَسْلِيم الرحبة فخادعه وراوغه وَبعث الإقامات وطالع الْمَنْصُور بأحواله وتألَّف الْأُمَرَاء وأفسدهم على سنقر الْأَشْقَر فَلَمَّا قدم السُّلْطَان دمشق وَفد إِلَيْهِ بِهَدَايَا فَأقبل عَلَيْهِ لَكِن أَتَى تجار أخذُوا فوجدوا بعض قماشهم عِنْده فشكوه وعضده علم الدّين الحلبيّ فاعتقل فعزَّ عَلَيْهِ الْأَمر واغتمّ وَمرض وَمَات كمداً سنة ثَمَانِينَ وستّ مائةٍ وَقد قَارب السّبْعين
3 - (القَاضِي برهَان الدّين السِّنجاريّ)
الْخضر بن الْحسن بن عليّ قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين الزرزاري السّنجاريّ الشافعيّ ولد سنة عشرَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة ولي قَضَاء مصر فِي الدولة الصّالحية فِيمَا قيل إِذْ أَخُوهُ بدر الدّين قاضٍ على الْقَاهِرَة وَبَقِي على(13/207)
ذَلِك إِلَى أَيَّام الظَّاهِر فَعمل عَلَيْهِ الصّاحب بهاء الدّين وعزله وحبسه وَضرب وَبَقِي معزولاً فَقِيرا لَيْسَ بِيَدِهِ سوى الْمدرسَة المعزِّية فَلَمَّا مَاتَ ابْن حمى سيَّر لَهُ الْملك السعيد تقليداً بالوزارة فَأحْسن إِلَى آل ابْن حنَّا وَلم يؤذهم وَبَقِي فِي الوزارة إِلَى أَن تولَّى الشُّجاعي شدّ الدَّوَاوِين سعى فِي عَزله وضربه وَبَقِي معزولاً إِلَى أَن مَاتَ نجم الدّين الأصفونيّ الْوَزير فأعيد إِلَى الوزارة وَبَقِي مُدَّة ثمَّ سعى الشجاعي أَيْضا وآذاه وَلما توفّي القَاضِي بهاء الدّين بن الزكي بِدِمَشْق ذكر لقَضَاء الشّام ثمَّ زووه عَنهُ إِلَى ابْن الخوئيِّ ثمَّ ولي قَضَاء الْقَاهِرَة وَالْوَجْه البحريِّ خَاصَّة فَبَقيَ عشْرين يَوْمًا وَمَات يُقَال أَنه سمَّ وَولي بعده ابْن بنت الْأَعَز جَمِيع الديار المصرية وَكَانَ لَا بَأْس بسيرته فِيهِ مُرُوءَة وَقَضَاء حوائج النّاس وَقد روى جُزْءا عَن أبي اللّمط سمع مِنْهُ البرزاليّ)
والمصريون وَمَا أحسن مَا كتب إِلَيْهِ السِّراج والورَّاق وَقد خلع عَلَيْهِ بالوزارة من الوافر
(تهنَّ بخلعةٍ لبست جمالاً ... بوجهٍ مِنْك سبَّح مجتلوه)
(وَقَالَ النَّاس حِين طلعت فِيهَا ... أَهَذا الْبَدْر قلت لَهُم أَخُوهُ)
وَفِيه يَقُول الْحَكِيم شمس الدّين بن دانيال من الْكَامِل
(إِن السَّناجرة الْكِرَام لمثلنا ... بهم إِذا جَار الزَّمان أَمَان)
(لَا تجحد الْأَعْدَاء ذَاك جَهَالَة ... فلنا على مَا ندّعي الْبُرْهَان)
وَفِيه يَقُول شهَاب الدّين المنازي
(جبت الْبِلَاد فَلم أغادر غادراً ... إلاّ ظَفرت بغادرٍ خوَّان)
(وَسَأَلت عَن سمحٍ فَأنكرهُ الورى ... فعطفت نَحْو الْخضر فضل عناني)
(جَحَدُوا وجود الْجُود إِلَّا أنني ... أثبتُّ مَا جَحده بالبرهان)
وَفِيه يَقُول محيى الدّين بن عبد الظَّاهِر لما جهز إِلَيْهِ التَّقْلِيد من الْخَفِيف بك زَالَ الْخلاف واصطلح الخصمان يَا دولة المليك السّعيد كلما قَالَت الوزارة بالبرهان قَالَ الْبُرْهَان بالتقليد
3 - (أَبُو العبّاس الإربليّ)
الْخضر بن نصر بن عقيل بن نصرٍ أَبُو الْعَبَّاس الإربلي(13/208)
الشَّافعيّ كَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ والفرائض وَالْخلاف اشْتغل بِبَغْدَاد على الكيا الهرّاسي وَابْن الشَّاشِي وَلَقي عدَّة من أشياخها
وَرجع إِلَى إربل وَبنى لَهُ بهَا الْأَمِير أَبُو مَنْصُور شرفتكين الزَّيني صَاحب إربل مدرسة القلعة
ودرَّس فِيهَا زَمَانا وَهُوَ أول من درَّس بإربل وَله تصانيف حسان كَثِيرَة فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَله كتاب ذكر فِيهِ ستّاً وَعشْرين خطْبَة للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكلهَا مُسندَة وانتفع بِهِ خلق وَكَانَ صَالحا زاهداً وزعاً متقلِّلاً وممَّن تخرَّج عَلَيْهِ ضِيَاء الدّين أَبُو عمر وَعُثْمَان بن عِيسَى بن دراس الهذباني شَارِح المهذّب وَابْن أَخِيه عز الدّين أَبُو الْقَاسِم نصر بن عيل وَغَيرهمَا وولادته سنة ثمانٍ وَسبعين وَأَرْبع مائَة ووفاته سة سبعٍ وَسِتِّينَ وَخمْس مائةٍ بإربل
3 - (عماد الدّين بن دبُّوقا)
الْخضر بن سعد الله بن عِيسَى بن حيش عماد الدّين الرَّبعيّ الْمَعْرُوف بِابْن دبُّوقا أديب كَاتب حسن الْعشْرَة كتب الْإِنْشَاء للمشدِّ عَلَاء الدّين الشقيريّ وَولي مشارفة بعلبك ونكب وصودر)
وَله شعر روى عَن البلداني وَسمع مِنْهُ البرزالي وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَمن شعره من الْكَامِل
(أَتَرَى الَّذِي أَحْسَنت فِيهِ يقيني ... بالوصل يَوْمًا من جفاه يقيني)
(ظبيٌ من الْأَعْرَاب تبريني ظبى ... ألحاظه لَا من ظبا يبرين)
(يَا بدر كَيفَ سكنت قلباً خافقاً ... أسمعت قطُّ بخافقٍ مسكون)
(أسخطت حسّادي عَلَيْك لأجل مَا ... علمُوا بأنّ سواك لَا يرضيني)
(يَا غُصْن بَان مذ تثنَّى مايساً ... هَاجَتْ عَلَيْهِ بلابلي وشجوني)
(وَلكم سلبت قُلُوبنَا وعقولنا ... بفتور سحرٍ من فتون عُيُون)
(كن كَيفَ شِئْت فَأَنت دائي والدوا ... وهواك دنياي وخالص ديني)
(أَتَرَى أَرَاك مواصلي بعد الجفا ... يَوْمًا وأقضي من رضاك ديوني)
(وعليَّ ذَاك الْيَوْم شكران الرِّضى ... روحي وَمَا حكمت عَلَيْهِ يَمِيني)
كتب إِلَيْهِ الشَّيْخ مجد الدّين بن الظّهير الإربليّ ملغزاً من مجزوء الْخَفِيف
(إسم من قد هويته ... ظاهرٌ غير طَاهِر)(13/209)
(قسم الْبعد قلبه ... بَين قلبِي وناظري)
فَأَجَابَهُ عماد الدّين من السَّرِيع
(مولَايَ هَذَا لغز حلُّه ... مَا حلَّ عِنْدِي مِنْهُ تشويش)
(إِن كانقد أُخْفِي عني فقد ... دلَّ بِمَعْنَاهُ قراقوش)
3 - (الْملك المسعود)
خضر بن بيبرس الْملك المسعود ابْن الْملك الظَّاهِر تملَّك الكرك بعد أَخِيه الْملك السعيد ثمَّ اقْتَضَت الآراء إبعاده مَعَ أَخِيه سلامش إِلَى بِلَاد الأشكري النصرانيّ فَأَقَامَ هُنَاكَ دهراً وَتُوفِّي أَخُوهُ سلامش وأحضر خضر وَسكن مصر مُدَّة فَقيل أَنه سقِِي سنة ثَمَان وَسبع مائةٍ رَحمَه اللاه وَكَانَ من أحسن الرِّجَال شكلاً وعقلاً وَمَات كهلاً وَلما ختنه وَالِده الْملك الظَّاهِر قَالَ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر من الرجز
(هنِّئت بالعيد وَمَا ... على الهناء أقتصر)
(بل انها بشارةٌ لَهَا ... الْوُجُود مفتقر)
)
(بفرحةٍ قد جمعت ... مَا بَين مُوسَى وَالْخضر)
(قد هيّأت لوردكم ... مَاء الْحَيَاة المنهمر)
3 - (الْمسند شمس الدّين)
الْخضر بن عبد الرَّحْمَن بن الْخضر بن الْحُسَيْن بن الْخضر بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن عَبْدَانِ الشَّيْخ الْأَصِيل شمس الدّين بقيّة المسندين الدمشقيّ الْكَاتِب ارتزق بالخدم فِي جِهَات المكس وَغَيره ثمَّ آخر عمره عزل وَبَطل ولد سنة سبع عشرَة وست مائَة وَتُوفِّي سنة سبع مائةٍ وتفرّد بأَشْيَاء من المرويات والشيوخ وروى عَن النفيس ابْن البنّ معارر بن عايد وَعَن ابْن صصرى أبي الْقَاسِم وَأبي الْجد القزوينيّ وزين الْأُمَنَاء والمعافى بن أبي السِّنان وَالْمُسلم الْمَازِني وَابْن غسّان وَحضر ابْن أبي لقْمَة وَأَجَازَ لَهُ الْمُوفق وَالْفَتْح بن عبد السّلام وَسمع مِنْهُ خلق على ضعفه(13/210)
3 - (الْحَارِثِيّ خطيب دمشق)
الْخضر بن شبْل الْفَقِيه أَبُو البركات الحارثيّ الدمشقيّ الشَّافِعِي خطيب دمشق ومدرِّس الغزّالية والمجاهديّة كَانَ فَقِيها إِمَامًا كَبِير الْقدر بعيد الصّيت بنى نور الدّين مدرسته الَّتِي عِنْد بَاب الْفرج وَجعله مدرِّسها وَقَرَأَ على أبيالوحش سبيع وَسمع مِنْهُ وَمن ابْن الموازيني وَجَمَاعَة
روى عَنهُ ابْن عَسَاكِر وَابْنه زين الْأُمَنَاء وَأَبُو نصر بن الشِّيرَازِيّ وَآخَرُونَ وَتُوفِّي سنة ثلاثٍ وسين وَخمْس مائَة وَدفن فِي مَقْبرَة بَاب الفراديس
3 - (ابْن الزين خضر)
الْخضر بن مُحَمَّد بن الْخضر بن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن عَليّ هُوَ القَاضِي زين الدّين ابْن القَاضِي تَاج الدّين ابْن زين الدّين ابْن جمال الدّين ابْن علم الدّين ابْن نور الدّين كَذَا أمْلى عليّ نسبه وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي سنة عشرٍ وَسبع مائَة لَيْلَة الْأَحَد رَابِع ذِي الحجّة كَاتب الْإِنْشَاء بالديار المصرية قَادر على الْكِتَابَة سريعها يكْتب من رَأس قلمه التواقيع والمناشير
وَاعْتمد القَاضِي عَلَاء الدّين بن فضل الله عَلَيْهِ فَكَانَ يجلس عِنْده بَين يَدَيْهِ ينفّذ الْمُهِمَّات قلّ أَن رَأَيْت مثله فِي الصَّبْر على كِتَابَة أشغال الدِّيوَان وَهُوَ قَلِيل النّظم قَرَأَ الْقُرْآن وصلَّى بِهِ وَسمع البُخَارِيّ على الحجار وستّ الوزراء وعَلى غَيرهمَا وَأخذ النَّحْو عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين بن الرحَّل وَحفظ الألفيتين المالكيّة والمعطيّة وَبحث المقرّب وصناعة الْكتاب لِابْنِ)
النّحاس وَبَعض التَّنْبِيه تَقْدِير الرّبع وَحفظ عرُوض ابْن الْحَاجِب وقصيدة ابْن مالكٍ فِي الْفرق بَين الظَّاء وَالضَّاد والتجريد للبحراني فِي البديع وَدخل دَار الْعدْل أَيَّام الْملك النَّاصِر مُحَمَّد عوضا عَن وَالِده لما توجه كَاتب سر حلب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(يحركني مولَايَ فِي طوع أمره ... ويسكنني شانيه وسط فُؤَاده)
(وَيقطع بِي إِن رام قطعا وَإِن يصل ... يشق بجدِّي الْوَصْل عِنْد اعْتِمَاده)
وَلما طلبت أَيَّام السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَجَلَست(13/211)
فِي ديوَان الْإِنْشَاء بقلعة الجيل تفل الْجَمَاعَة الموقعون وَكتب بَعضهم إليّ شعرًا من بَاب الهناء وأجبته ثمَّ بعد مُدَّة كتب إليَّ زين الدّين هَذَا من الطَّوِيل
(تَأَخَّرت فِي مدحي لِأَنِّي مقصِّرٌ ... وَفضل صَلَاح الدّين مَا زَالَ يستر)
(خَلِيل لَهُ الْآدَاب حَقًا ينالها ... جليل بِهِ الْأَصْحَاب تسمو تَفْخَر)
(لقد آنس الْأَمْصَار لما أَتَى لَهَا ... وأوحش ربع الشَّام إِذْ كَانَ يقفر)
(فَلَا شهِدت عَيْنَايَ سَاعَة بعده ... وَلَا سهدت شوقاً إِلَيْهِ فتسهر)
(ودام عليَّ الْقدر يرقى إِلَى الْعلَا ... محامده بَين الْأَنَام تسطَّر)
فَكتب الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الطَّوِيل
(تفضّلت زين الدّين إِذْ أَنْت أكبر ... وأشرف من مدحٍ بِهِ العَبْد يذكر)
(فشرّفت قدريحين شنّفت مسمعي ... فيا من رأى شعرًا على الدرِّ يفخر)
(فَمَا هُوَ شعر يحضر الْوَزْن لَفظه ... وَلكنه شيءٌ من السّحر يُؤثر)
(يجوز بِلَا إذنٍ على الْأذن خفَّةً ... كأنّ الزلَال العذب مِنْهُ يفجَّر)
(فها أَنا مِنْهُ فِي نعيمٍ مخلَّدٍ ... وعيشي بخضرٍ فِي رَبًّا مصر أَخْضَر)
وَكتب إليَّ ملغزاً فِي قطن يَا سيد الْعلم والبلغاء وقدوة الكتّاب والأدباء مَا اسْم أوّل سورتين من الْقُرْآن وحرف من أول سورةٍ أُخْرَى وَهُوَ ثَلَاثَة أحرف ولقاه ثَمَانِيَة إِذا أفردت مَجْمُوعه سرا وجهراً أول حُرُوفه ينْسب إِلَيْهِ أحد الْجبَال وَآخِرهَا قسما لَا يزَال إِن حذفت أَوله وصحّفت ثَانِيه فَهُوَ ظن حَقِيقَته الآمال أَو صحّفت جملَته كَانَ وصف مؤمنٍ يجْرِي على هَذَا المنوال أَو حذفت أوسطه مَعَ)
التحريف كَانَ عبدا لَا يعْتق أَو حذفت آخِره مَعَ بَقَاء التحريف كَانَ حَيَوَانا يسرق وَلَا يسرق ويأنس وينفر ويقيَّد بِالْإِحْسَانِ وَهُوَ مُطلق يطوف بِالْبَيْتِ ويأوي فِي الْمنَازل إِلَى الحيّ وَالْمَيِّت لَا يُبَاع وَلَا يشترى وعينه الْمجَاز حَقِيقَة تبلغ قيمَة تماثل جوهراً وَإِن أبقيت هَذَا الِاسْم على حَالَته فَهُوَ شَيْء لَا يَسْتَغْنِي عَنهُ مَسْجِد وَلَا جَامع وَلَا بيع وَلَا صوامع وَلَا مُسلم وَلَا كَافِر وَلَا قاطن وَلَا مُسَافر وَلَا غنيّ وَلَا فَقير صابر وَلَا قوي وَلَا ضَعِيف وَلَا مشروف وَلَا شرِيف وَلَا خائن وَلَا مَأْمُون وَلَا حيّ وَلَا من سقِِي بكاس الْمنون وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ جليل حقير قَلِيل كثير تملكه الْمَالِك والمملوك والمليّ والصّعلوك وَهُوَ شَيْء ممتهن ويعلو على رُؤُوس الْأُمَرَاء والوزراء والملوك قلبه بالتحريف فعل مضى وَاسم إِذا نطق بِهِ قد يرتضى وَهُوَ قد يَبْدُو بِهِ النُّور فِي الدّياجي وَعند الصَّباح يَنْقَطِع مِنْهُ أمل الراجي لَا يَسْتَغْنِي بَيت عَنهُ وَلَا بقْعَة وَمَعَ ذَلِك يُبَاع بفلسٍ ودينار وَفَوق ذَلِك فِي الرِّفعة وَهُوَ بيِّن وَاضح وحلِّله بميزان عقلك الرَّاجِح إِن شَاءَ الله تَعَالَى(13/212)
(الألقاب)
الخضري بِالضَّمِّ الحكم بن معمر
الخضري الشَّاعِر صَخْر بن الْجَعْد
الخضري الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد تقدم ذكره فِي المحمدين
(خطّاب)
3 - (ابْن دِينَار الظَّفريّ)
خطاب بن صَالح الْمدنِي توفّي فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (أَبُو الْمُغيرَة الإياديّ الْمَالِكِي)
خطَّاب بن مسلمة بن مُحَمَّد بن سعيد أَبُو الْمُغيرَة الْإِيَادِي الْفَقِيه الْمَالِكِي سمع ابْن لبَابَة وَأسلم بن عبد الْعَزِيز وَأحمد بن خَالِد بن الحبّاب وَحج وَسمع من ابْن الْأَعرَابِي قَالَ عَنهُ رَفِيقه أَبُو بكر بن السَّليم القَاضِي هُوَ من الأبدال وَقَالَ القَاضِي عِيَاض كَانَ زاهداً مجاب الدعْوَة وَقَالَ ابْن الفرضي كَانَ حَافِظًا للرأي بَصيرًا بالنحو توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَله ثَمَان وَسَبْعُونَ سنة
3 - (الْأَزْدِيّ أحد قواد الْمَنْصُور)
خطّاب الْأَزْدِيّ أحد قواد الْمَنْصُور نظر إِلَيْهِ معن بن زَائِدَة يخْطر بَين يَدي الْمَنْصُور وَقد قد فتر عَن الْخَوَارِج فَقَالَ معن من الْكَامِل
(هلاّ خطرت كَذَا غَدَاة لقيتهم ... وَصَبَرت عِنْد الْمَوْت يَا خطّاب)
(نجّاك خوّار الْعَنَان كأنّه ... يَوْم الْهياج إِذا استحثَّ عِقَاب)
(أسلمت صحبك والرّماح تنوشهم ... وَكَذَلِكَ من قعدت بِهِ الأحباب)
فَأَجَابَهُ خطّاب فِي مقَامه والمنصور يسمع من الْكَامِل
(أَنْت الشّجاع على العتاة تكبُّهم ... ثقل الْحَدِيد بأسوقٍ ورقاب)
(وَإِذا توجَّهت الكماة وجرِّدت ... بيض القواضب فِي الْعَنَان الكابي)
(ألقيت حريفه بِكَسْر هشيمه ... ولجت مسامعها جَوَاب عِقَاب)(13/213)
(يَا معن لَو مارست مني نجدةً ... وَالْخَيْل ناكصةٌ على الأعقاب)
(لمنيت بِالْمَوْتِ الزُّؤام وبهمةٍ ... تدع الكميَّ مضرَّج الْأَبْوَاب)
3 - (التّلمسانيّ)
خطَّاب بن أَحْمد بن عديّ بن خطّاب بن خَليفَة بن خَليفَة بن عبد الله بن وليد أَبُو الْحُسَيْن التلمساني الْفَقِيه من أهل الْمغرب قدم بَغْدَاد وروى بهَا شَيْئا من شعره وَشعر غَيره وَكَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً شَاعِرًا لَهُ معرفَة باللغة من شعره من الطَّوِيل)
(حرامٌ على نَفسِي لذاذة عيشها ... إِلَى أَن تقرَّ النَّفس عينا بِمَا تَدْرِي)
(بعلمٍ يزكّي النَّفس ند مليكها ... وتؤنسها أنواره فِي دجى الْقَبْر)
(وتحشرإن أحضى الْأَنَام يظلُّها ... لِوَاء علومٍ يَوْم تدعى إِلَى الْحَشْر)
(فَإِن نلْت مَا أمَّلته كنت فائزاً ... وإلاّ فنفسي قد أَقمت بهَا عُذْري)
3 - (الفوزي)
خطّاب بن عُثْمَان الطَّائِي الفوزيّ الْحِمصِي أَبُو عَمْرو وَفَوْز من قرى حمص سمع إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَعِيسَى بن يُونُس وَمُحَمّد بن حمير وَجَمَاعَة روى عَنهُ البخاريّ وروى عَنهُ النّسائيّ بِوَاسِطَة وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني وَإِسْمَاعِيل سمُّوية وقرابته سَلمَة بن أَحْمد الفوزي وَسليمَان بن عبد الحميد البهراني وَآخَرُونَ وَذكره ابْن حبّان فِي الثِّقات توفّي بعد الْمِائَتَيْنِ
3 - (أنف الْكَلْب)
خطاب بن الْمُعَلَّى اللَّيْثِيّ يلقب أنف الْكَلْب قَالَ المرزباني بَصرِي شخص إِلَى مصر ومدح عَليّ بن صَالح بنعلي الْهَاشِمِي لما تقلدها فَلم يحمده فَقَالَ من الْخَفِيف
(لعليّ بن صَالح بن عليٍّ ... حسبٌ لَو يزينه بالسّماح)
ومواعيده بالرياح فَهَل أَنْت بكفَّيك قابضٌ للرياح(13/214)
(الخطّابية)
هم فرقة من الرافضة وهم أَتبَاع أبي الخطّاب مُحَمَّد بن أبي ذِئْب الْأَسدي الأجدع عزا نَفسه إِلَى جَعْفَر الصَّادِق فَلَمَّا وقف على باطله فِي دعاويه تبرّأ مِنْهُ ولعنه وَأمر أَصْحَابه بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وشدّد القَوْل فِي ذَلِك وَبَالغ فِيهِ وَفِي لعنته فَدَعَا أَبُو الْخطاب إِلَى نَفسه وَزعم أَن الْأَئِمَّة أَنْبيَاء ثمَّ آلِهَة وَأَن جَعْفَر الصَّادِق آله وآباه آلِهَة وهم أَبنَاء الله وأحبّاؤه والإلهية نور فِي النُّبُوَّة والنبوة نور فِي الْإِمَامَة وَلَا يَخْلُو الْعَالم من هَذِه الْأَنْوَار والْآثَار وَزعم مرّة أَن جعفراً هُوَ الآله فِي زَمَانه لكنه لَيْسَ هُوَ المحسوس الَّذِي يرى وَإِنَّمَا لما نزل إِلَى هَذَا الْعَالم لبس تِلْكَ الصُّور فَرَآهُ الْعَالم بهَا فبيلغ عِيسَى بن مُوسَى خَبره فَقتله فافترقت الخطابية بعده أَربع فرق البزيغية وَقد مرذكرهم فِي حرف الْبَاء والعجلية وَيَأْتِي ذكرهم فِي حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى والمعمَّريَّة وَيَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ
(الألقاب)
الخطّابي المحدِّث اسْمه حمدبن مُحَمَّد وَقيل أحد وَهُوَ الصَّحِيح
الخطَّابي أَبُو مُحَمَّد النّحوي اسْمَع عبد الله بن مُحَمَّد
أَبُو الخطّاب الصّابىء اسْمه المفضَّل بن ثَابت
الخطبيّ إِسْمَاعِيل بن عَليّ
الخطيبي عبيد الله بنعلي
الخطيبي عمر بن أَحْمد
خطيب بَيت الْأَبَّار موفَّق الدّين عمر بن أبي بكر
(الْأَمِير صارم الدّين)
خطلبا الْأَمِير صارم الدّين التنِّيسي كَانَ غازياً مُجَاهدًا ديِّناً كثير الرِّباط والصَّدقات توفّي بِدِمَشْق سنة خمس وَثَلَاثِينَ وستّ مائَة وَدفن بتربة جهاركس بِالْجَبَلِ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَهَا ووقف عَلَيْهَا من مَاله(13/215)
(خطلغ)
3 - (أَمِير الْكُوفَة والحاجِّ)
خطلغ بن بكتكين أَبُو مَنْصُور أَمِير الْكُوفَة والحاجِّ ذمَّه مُحَمَّد بن هِلَال الصّابي وذمّ سيرته وَكَانَ شجاعاً لَهُ وقائع مَعَ الْعَرَب فِي البريّة وَكَانُوا يخافونه وَكَانَ محافظاً على الصّلوات فِي الْجَمَاعَة وَيخْتم الْقُرْآن فِي كل يَوْم وَله آثَار جميلَة فِي الْمشَاهد والمساجد والجوامع والمصانع بطرِيق مَكَّة ولبث فِي إِمَارَة الحاجِّ اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وتأسَّف عَلَيْهِ الْوَزير نظام الْملك
3 - (الصّاحبي)
خطلغ شاه بن سنجر الْملك نَاصِر الدّين الصّاحبي الْجُوَيْنِيّ شَاب أديب عَاقل كَانَ يَنُوب عَن مخدومه بِبَغْدَاد إِذا غَابَ عَنْهَا وَولي بَغْدَاد ثمَّ ابْتُلِيَ بمعاداة سعد الدولة الذِّمِّي فَعمل على قَتله ثمَّ نقل وَدفن برباط لَهُ بِبَغْدَاد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة
(مقدَّم التتار)
خطلو شاه نَائِب التتار كَانَ كَافِرًا مَاكِرًا شاطراً رفيع الرّتبة نزل فِي دمشق بِالْقصرِ الأبلق وَخرج إِلَيْهِ الشَّيْخ تقيّ الدّين ابْن تَيْمِية وكلَّمه فِي الرعيّة فتنمرَّ وَلم يلو عَلَيْهِ وَكَانَ مقدم التتار نوبَة شقحب فردَّ خاسئاً مهزوماً وَسَار بالمغل لمحاربة صَاحب جيلان فبيَّته الْملك دوياج وبثَّقوا عَلَيْهِم المَاء فغرق مِنْهُم جمَاعَة ورماه دوياج بِسَهْم فَقتله فِي سنة سبعٍ وَسبع مائَة
وَكَانَ مَعَه الشَّيْخ براق الْمَذْكُور فِي حرف الْبَاء الْمُوَحدَة
(الألقاب)
الْخَطِيب أَبُو بكر خطيب بَغْدَاد اسْمه أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت
الْخَطِيب التبريزي الأديب اسْمه يحيى بن عَليّ
ابْن خطيب جبرين القَاضِي فَخر الدّين عُثْمَان بن عَليّ
خطيب بَيت الْأَبَّار دَاوُد بن عمر
الخطيري الْأَمِير عز الدّين أيدمر تقدم فِي حرف الْهمزَة فِي مَكَانَهُ فليطلب هُنَاكَ يُوجد(13/216)
الخطير وَالِد أسعد بن ممَّاتي تقدّم ذكره فِي تَرْجَمَة وَلَده أسعد فِي حرف الْهمزَة فليطلب هُنَاكَ
خطير الدولة الْكَاتِب الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم
الخفاجي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن صَدَقَة مر ذكره فِي المحمدين
الخفاجيّ الْحلَبِي الشَّاعِر اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد
ابْن خفاجة الشَّاعِر الأندلسيّ اسْمه إِبْرَاهِيم بن أبي الْفَتْح بن عبد الله
(خفاف)
3 - (إِمَام بني غفار)
خفاف بن إِيمَاء بن رحضة الْغِفَارِيّ كَانَ إِمَام بني غفار وخطيبهم شهد الْحُدَيْبِيَة وَتُوفِّي فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب بِالْمَدِينَةِ يعدُّ فِي الْمَدَنِيين روى عَنهُ عبد الله بن الْحَارِث وحَنْظَلَة بن عَليّ الْأَسدي ولخفاف ولإيماء أَبِيه ولجدّه رحضة صُحْبَة كلهم صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنْشد فِيمَا ذكره المرزباني من الْكَامِل
(إِنِّي أَتَانِي فِي الْمَنَام مخبِّرٌ ... من جنِّ وجرة فِي الْأُمُور موَات)
(يَدْعُو إِلَيْك ليالياً وليالياً ... ثمَّ احزألَّ وَقَالَ لست بآت)(13/217)
3 - (السُّلمي)
خفاف بن ندبة ندبة أمه وَكَانَت سَوْدَاء وَشهد خفاف فتح مَكَّة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ يذكر خيله من الوافر
(شهدن مَعَ النبيِّ مسوَّماتٍ ... حنيناً وَهِي دامية الحوامي)
(ووقعة خالدٍ شهِدت وحكّت ... سنابكها على الْبَلَد الْحَرَام)
(تعرّض للسيوف بكلِّ ثغرٍ ... خدوداً لَا تعرَّض للِّطامي)
(وَلست بخالع عنِّي ثِيَابِي ... إِذا هرَّ الكماة وَلَا أرامي)
(وَلَكِنِّي يجول الْمهْر تحتي ... إِلَى الغارات بالعضب الحسام)
وَقيل أَنَّهَا لحريش بن هِلَال القريعي وَهِي فِي الحماسة لأبي تَمام
3 - (الْعجلِيّ)
خفاف بن أَفْعَى العجليّ من شعراء خُرَاسَان هُوَ الْقَائِل من الْكَامِل
(وَلَقَد شربت الْخمر حَتَّى خلتني ... لما خرجت أجرُّ فضل المئزر)
(قَابُوس أَو عَمْرو بن هندٍ قَاعِدا ... يحبى لَهُ مَا بَين دارة قَيْصر)
(فِي بتيةٍ سبطي الأكفِّ مسامحٍ ... عِنْد الفصال نديمهم لم يخسر)
(الألقاب)
ابْن خَفِيف أَبُو عبد الله الصّوفي اسْمه مُحَمَّد بن خَفِيف
الخفيفي أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم)
الْخفاف عبد الْوَهَّاب بن عَطاء
الْخفاف المقرىء عبد الوهّاب بن مُحَمَّد
الْخفاف عبيد الله بن عبد الله
الْخفاف يُوسُف بن الْمُبَارك بن الْمُبَارك
الخلاطي عمر بن إِسْحَق بن هبة الله وَالشَّيْخ فَخر الدّين عبد الْعَزِيز بن عبد الْجَبَّار بن عمر
ابْن الخلاّل الموفَّق اسْمه يُوسُف بن مُحَمَّد(13/218)
ابْن خلدون عمر بن أَحْمد
الخلعي الشَّافِعِي عَليّ بن الْحسن
(النَّحوي)
ابْن خلصة النّحوي تقدَّم ذكره فِي المحمدين واسْمه مُحَمَّد بن خلصة وَقيل ابْن عبد الرَّحْمَن فليطلب هُنَاكَ
(خلف)
3 - (الْحَنَفِيّ الضَّرير)
خلف بن أَحْمد بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم الضَّرِير الشَّلجي الْفَقِيه الْحَنَفِيّ قدم بَغْدَاد وَقَرَأَ على قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الدَّامغَانِي وَغَيره حَتَّى برع فِي الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف وَعلم الْكَلَام وَكَانَ يدرِّس بمشهد أبي حنيفَة وَسمع الحَدِيث من الشريف أبي نصر الزَّيْنَبِي وَأبي عبد الله الدَّامغَانِي وَأبي الْحُسَيْن الْمُبَارك بن أَحْمد الصّيرفي وحدَّث باليسير وَسمع مِنْهُ السّلفي وَغَيره وَتُوفِّي سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (خلف الْأَحْمَر)
خلف الْأَحْمَر الشَّاعِر صَاحب البراعة فِي الْآدَاب يكنى أَبَا مُحرز مولى بِلَال بن أبي بردة
حمل عَنهُ ديوانه أَبُو نواس وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَة وَكَانَ رِوَايَة ثِقَة علاّمة يسْلك الأصمعيّ طَرِيقه ويحذو حذوه حَتَّى قيل هُوَ معلِّم الْأَصْمَعِي وَهُوَ الأصمعيّ فتَّقا الْمعَانِي وأوضحا الْمذَاهب وبيَّنا المعالم وَلم يكن فِيهِ مَا يعاب بِهِ إِلَّا أَنه كَانَ يعْمل القصيدة يسْلك فِيهَا أَلْفَاظ الْعَرَب القدماء وينحلها أَعْيَان الشُّعَرَاء كَأبي دَاوُد والإيادي وتأبَّط(13/219)
شرا والأنفري وَغَيرهم فَلَا يفرَّق بَين أَلْفَاظه وَأَلْفَاظهمْ ويرويها جلَّة الْعلمَاء لذَلِك الشَّاعِر الَّذِي نحله إيّاها فمّما نحله)
تأبَّط شرّاً وَهِي فِي الحماسة من الرمل
(إنّ بالشِّعب الَّذِي دون سلعٍ ... لقتيلاً دَمه لَا يطلُّ)
وَمِمَّا مَحَله الشّنفري القصيدة الْمَعْرُوفَة بلامية الْعَرَب وَهِي من الطَّوِيل
(أقِيمُوا بني أُمِّي صُدُور مطيِّكم ... فَإِنِّي إِلَى قومٍ سواكم لأميل)
وَقَالَ الرياشيّ سَمِعت الْأَخْفَش يَقُول وَلم ندرك أحدا أعلم بالشعر من خلف الْأَحْمَر والأصمعيّ قلت أيُّهما كَانَ أعلم قَالَ الأصمعيّ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ أعلم بالنحو قَالَ خلف الْأَحْمَر أَنا وضعت على النَّابِغَة القصيدة الَّتِي مِنْهَا من الْبَسِيط
(خيل صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ ... تَحت العجاج وَأُخْرَى تعلك اللُّجما)
وَقَالَ أَبُو الطّيب اللّغويّ كَانَ خلف الْأَحْمَر يصنع الشّعْر وينسبه إِلَى الْعَرَب فَلَا يعرف ثمَّ نسك وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن كلّ يَوْم وَلَيْلَة وبذل لَهُ بعض الْمُلُوك العظماء مَالا عَظِيما على أَن يتَكَلَّم فِي بَيت شعر شكوّا فِيهِ فَأبى ذَلِك وَقَالَ قد مضى لي فِيهِ مَا لَا أحتاج أَن أَزِيد عَلَيْهِ
وَكَانَ قد قَرَأَ أهل الْكُوفَة عَلَيْهِ أشعارهم فَكَانُوا يقصدونه لما مَاتَ حَمَّاد الراوية فَلَمَّا نسك خرج إِلَى أهل الْكُوفَة يعرِّفهم الْأَشْعَار الَّتِي أدخلها فِي أشعار النَّاس فَقَالُوا لَهُ أَنْت كنت عندنَا فِي ذَلِك الْوَقْت أوثق مِنْك السَّاعَة فَبَقيَ ذَلِك فِي روايتهم إِلَى الْآن وَله من التصانيف كتاب جنَّات الْعَرَب وَمَا قيل فِيهَا من الشّعْر وَكَانَ خلف قد قَالَ لأبي نواس ارثني وَأَنا حيّ حَتَّى أسمع فَقَالَ من الرجز
(لَو كَانَ حيٌّ وائلاً من التَّلف ... لوألت شغواء فِي أَعلَى شعف)
وَهِي مَشْهُورَة فِي ديوانه فاستجودها وَقَالَ مليحة إِلَّا أَنَّهَا رجز وَأحب أَن تكون قصيدة فَقَالَ أَنا أنظم هَذِه الْمعَانِي قصيدة فَقَالَ من المنسرح
(لَا تئل العصم فِي الهضاب وَلَا ... شغواء تغذو فرخين فِي لجف)
مِنْهَا
(لما رَأَيْت الْمنون آخذةً ... كلّ شديدٍ وكلّ ذِي ضعف)
(بتُّ أعزِّي الْفُؤَاد عَن خلفٍ ... وَبَات دمعي إلاَّ يفض يكف)
(إنسى الرزايا ميتٌ فجعت بِهِ ... أمس رهين التُّرَاب فِي جدف)
(وَكَانَ ممّن مضى لنا خلفا ... فَلَيْسَ مِنْهُ إِذْ بَان من خلف)(13/220)
)
3 - (أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي)
خلف بن تَمِيم بن أبي عتّاب مَالك أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي نزيل المصّيصة روى عَن سُفْيَان وزائدة وَأبي بكر النَّهشلي وَإِسْرَائِيل وَجَمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو إِسْحَق الْفَزارِيّ مَعَ تقدُّمه وَأحمد بن الْخَلِيل البرجلاني وَأحمد بن بكرويه البالسي وَالْحسن بن الصّباح الْبَزَّاز وعباس الدّوري وَغَيرهم وَقَالَ ابْن شيبَة ثِقَة صَدُوق أحد النُّسّاك الْمُجَاهدين صحب إِبْرَاهِيم بن أدهم وَقَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة وَقَالَ ابْن سعد توفّي سنة ثَلَاث عشرَة بِالْمصِّيصَةِ وَقَالَ أَبُو مُسلم النَّهْشَلِي وَغَيره توفّي سنة ستٍ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ النسائيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن أَيُّوب الْحَنَفِيّ)
خلف بن أيّوب الْفَقِيه أَبُو سعيد العامريّ البخليّ الحنفيّ مفتي أهل بَلخ وزاهدهم وعابدهم أَخذ الْفِقْه عَن أبي يُوسُف وَقيل أَنه أدْرك مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وتفقّه عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ وَمن عَوْف الْأَعرَابِي وَمعمر وَإِبْرَاهِيم بن أدهم وَصَحبه مُدَّة روى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَأَبُو كريب وعليّ بن سَلمَة وَجَمَاعَة وَكَانَ من أَعْلَام الْأَئِمَّة جَاءَ إِلَيْهِ أَسد بن نوح السَّامانيّ صَاحب بَلخ وتحيَّن مَجِيئه إِلَى الْجُمُعَة فَلَمَّا رَآهُ ترجَّل وقصده فَقعدَ خلف وغطى وَجهه فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم فَأجَاب وَلم يرفع رَأسه فَرفع الْأَمِير أَسد رَأسه إِلَى السَّمَاء وَقَالَ اللهمّ إنّ هَذَا العَبْد الصّالح يبغضنا فِيك وَنحن نحبّه فِيك ثمَّ ركب ومرّ فَأخْبر بعد ذَلِك أَنه مرض فعاده الْأَمِير وَقَالَ لَهُ هَل لَك من حَاجَة قَالَ نعم أَن لَا تعود إليّ وَإِن متّ فَلَا تصلِّ عليّ وَعَلَيْك السوَاد فَلَمَّا توفّي شهد جنَازَته رَاجِلا وَنزع السّواد وصلّى عَلَيْهِ فَسمع صَوتا بِاللَّيْلِ بتواضعك وإجلالك لخلف ثبتتت الدولة فِي عقبك وتوفيخلفسنة(13/221)
خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ
3 - (الْأَشْجَعِيّ)
خلف بن خَليفَة بن صاعد أَبُو أَحْمد الأشجعيّ مَوْلَاهُم نزيل وَاسِط ثمَّ بَغْدَاد وَهُوَ كوفيّ من بقايا صغَار التَّابِعين رأى عَمْرو بن حريب رَضِي الله عَنهُ وَرَآهُ أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ ابْن سعد تغيَّر قبل مَوته وَاخْتَلَطَ قيل أَنه جَاوز الْمِائَة وتوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة وَمُسلم مُتَابعَة
3 - (المقرىء البزّاز)
)
خلف بن هِشَام بن ثَعْلَب أَبُو مُحَمَّد البغداديّ المقرىء البزّاز أحد الْأَعْلَام لَهُ قِرَاءَة اخْتَارَهَا وثّقه ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ والدارقطنيّ كَانَ عابداً فَاضلا قَالَ أعدت الصَّلَاة أَرْبَعِينَ سنة كنت أتناول فِيهَا الشَّرَاب على مَذْهَب الْكُوفِيّين قيل أَن ابْن أُخْته قَرَأَ عَلَيْهِ سُورَة الْأَنْعَام حَتَّى بلغ قَوْله تَعَالَى ليميز الله الْخَبيث من الطَّيِّب فَقَالَ لَهُ يَا خَال إِذا ميَّز الله الْخَبيث من الطَّيب أَيْن يكون النَّبِيذ فَنَكس رَأسه طَويلا وَقَالَ مَعَ الْخَبيث فَقَالَ أترضى أَن تكون مَعَ الْخَبيث فَقَالَ يَا بني اذْهَبْ إِلَى الْمنزل فاصبب كل شَيْء فِيهِ فأعقبه الله الصّوم فصَام الدّهر إِلَى أَن مَاتَ
قَالَ يحيى الفحام رَأَيْت خلف بن هِشَام فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل الله(13/222)
بك فَقَالَ غفر لي توفّي سنة تسعٍ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد
3 - (قَاضِي الرّيّ)
خلف بن يحيى الْمَازِني البخاريّ قَاضِي الرِّيّ قَالَ أَبُو نعيم ولي قَضَاء إصبهان وروى عَن أبي مُطِيع الْبَلْخِي وَمصْعَب بن سلاّم وَإِبْرَاهِيم بن حَمَّاد الْبَصْرِيّ وعصام ابْن طليق وروى عَنهُ يحيى بن عَبدك الْقزْوِينِي وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الإصبهاني وعليّ ابْن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ
قَالَ أَبُو حَاتِم متَّرك لايشتغل بِهِ كَانَ يكذب توفّي بعد الْمِائَتَيْنِ وَعشْرين
3 - (الْوَزير اليمني)
خلف بن أبي الطّاهر الْأمَوِي وَزِير الْملك جيَّاش بن نجاح صَاحب زبيد كَانَ من أَفْرَاد الدّهر صحب جيّاشاً حِين زَالَ ملكه وَدخل مَعَه الْهِنْد وَحلف لَهُ أَن يقاسمه الْأَمر إِذا عَاد إِلَيْهِ ملكه ونعته بقسيم الْملك فَلَمَّا عَاد جيّاش إِلَى ملكه وَبَقِي خلف وزيراً شرب ذَات لَيْلَة فغنّاه ابْن المصريّ وَكَانَ محسناً بقول قيس بن الرقيات من المنسرح
(لَو كَانَ حَولي بَنو أميّة لم ... ينْطق رجالٌ إِذا هم نطقوا)
(إِن جولسوا لم تضق مجَالِسهمْ ... أَو ركبُوا ضَاقَ عَنْهُم الْأُفق)
(بحبِّهم عوِّد النِّسَاء إِذا ... مَا احمرَّ تَحت القلانس الحدق)
فطرب الْوَزير وَشرب وخلع على من كَانَ فِي مَجْلِسه وهم ثَلَاثَة عشر رجلا ثَلَاث مراتٍ ووصلهم وَلم يزل يستعيد الصّوت ويغنيه وَقد ظَهرت امارات الطَّرب فِيهِ إِلَى أَن اصبح فَنقل الْمجْلس إِلَى جياش فتوهَّم مِنْهُ واستوحش خلف وفارقه فَكتب إِلَيْهِ جياش يستعطفه فَكتب خلف إِلَيْهِ من الطَّوِيل)
(إِذا لم تكن أرضي لعرضي معزَّة ... فلست وَإِن نادت إليَّ مجيبها)
(وَلَو أَنَّهَا كَانَت كروضة جنّةٍ ... من الطّيب لم يحسن مَعَ الذّل طيبها)
(وسرت إِلَى أرضٍ سواهَا تعزُّني ... وَإِن كَانَ لَا يعوي من الجدب ذيبها)
الْحَافِظ الهمذاني خلف بن عَامر الْهَمدَانِي مصنِّف الْمسند كَانَ من الحفَّاظ(13/223)
وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (كرْدُوس الواسطيّ)
خلف بن مُحَمَّد بن عِيسَى الوَاسِطِيّ كرْدُوس روى عَنهُ ابْن ماجة ووثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (المغربي النَّحويّ)
خلف بن الْمُخْتَار المغربي كَانَ من كبار عُلَمَاء الْعَرَبيَّة توفّي فِي حُدُود التسعين والمائتين
3 - (أَبُو مُحَمَّد العكبري)
خلف بن عَمْرو أَبُو مُحَمَّد العكبري وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وَكَانَ من ظرفاء بَغْدَاد ومحتشميهم نقل الْخَطِيب أَنه كَانَ لَهُ كلّ يومٍ خَاتم وعكّاز فَكَانَ لَهُ ثَلَاثُونَ خَاتمًا وَثَلَاثُونَ عكّازاً وَتُوفِّي سنة ستّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْقَاسِم المقرىء)
خلف بن أبي الْفَتْح بن خلف بن أَحْمد بن عبد الله الْحَنَفِيّ أَبُو الْقَاسِم المقرىء البغداديّ سبط خلف الْفَقِيه كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن بِتِلَاوَة حَسَنَة وَيتبع مظفر التوثي المغنّي ويغنّي مَعَه وَكَانَ يحفظ أشعاراً كَثِيرَة وَفِيه كيس وَحسن خلق توفّي سنة عشر وست مائَة
3 - (أَبُو الذُّخر المقرىء)
خلف بن مُحَمَّد بن خلف أَبُو الذُّخر المقرىء الْبَغْدَادِيّ حفظ الْقُرْآن وتفقَّه لِابْنِ حَنْبَل ثمَّ سَافر إِلَى الْموصل وَأقَام بهَا وَسمع بهَا من أبي الْفضل عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطُّوسيّ الْخَطِيب وَيحيى بن مَحْمُود الثقفيّ الأصبهانيّ وَمن غَيرهمَا وأقرأ الْقُرْآن وَكتب النَّاس عَنهُ وَكَانَ متدينَّاً صَالحا حسن الطَّرِيقَة توفّي بالموصل سنة تسع وَعشْرين وستّ مائَة(13/224)
أَبُو صَالح الخيّام خلف بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن نصر البُخَارِيّ أَبُو صَالح الخيّام وَهُوَ الَّذِي يخيط)
الخيم كَانَ بنْدَار الحَدِيث ببخارا تكلم فِيهِ أَبُو سعد الإدريسيّ وليَّنه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (السَّعدي)
خلف بن أَحْمد السعَّدي من قريةٍ تعرف بالسَّعدين جوَار المهديّة كَانَ شَاعِرًا مطبوعاً كثير الْأَخْبَار والحكايات مزّاحاً قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ لَهُ حمَار سَمَّاهُ مرزوقاً فَكتب إِلَى بعض إخوانه يستهدي لَهُ علفاً من مجزوء الرمل
(إِن مرزوقاً يغنّي ... طَال شوقي للشّعير)
(قوته أكل حبالي ... وقفافي وحصيري)
فإذاما جنه اللَّيْل دهاني بالصَّفير
(همَّتي فَوق الثُّريا ... وَنَصِيبِي فِي الحقير)
وَصَحب الْأَمِير تَمِيم بن معدّ والأمراء إخْوَته بالمنصورية حينا طَويلا وامتدحهم وَكَانَت لَهُ عِنْدهم حظوة ومكانة وَدخل مصر فِي أَيَّام الْعَزِيز فَأفَاد وَأكْثر شعره فيهم فكتمه لتِلْك العلّة خوفًا مِمَّن لَا يعرف مخارج الْكَلَام ووجوهه حَتَّى زعم أَنه ضَاعَ جملَة وَلم يظْهر مِنْهُ سوى جُزْء أَوله من الْكَامِل
(مَاذَا يُرِيك تصرُّف الْأَحْوَال ... وكرور أيامٍ ومرُّ لَيَال)
وَرَأَيْت لَهُ قصيدة أَولهَا من الطَّوِيل
(هجرت لذيذ الغمض مذ هجرت هِنْد ... فجري دموع الْعين بَينهمَا مدُّ)
(وَمَا شيمتي رعي النُّجُوم لِأَنَّهَا ... حَيَاة وَلَا فِيهَا انْتِفَاع وَلَا رفد)
(وَلكنه ذكر لما بَان وانقضى ... وردّ لما قد فَاتَ لَو أمكن الردُّ)
(ذهَاب شبابٍ لم أكن بذهابه ... رشيدا وَلَكِن زَالَ عني بِهِ الرّشد)
قلت شعر متوسط السُّميسر خلف بن فرج أبوالقاسم ابْن الإلبيري الْمَعْرُوف بالسُّميسر أورد لَهُ أُميَّة بن أبي الصلب فِي الحديقة من مخلع الْبسط(13/225)
(يَا آكلا كلّما اشتهاه ... وشاتم الطِّبِّ والطبيب)
)
(ثمار مَا قد غرست تجني ... فانتظر السُّقم عَن قريب)
(تجمع الدَّاء كلَّ يومٍ ... أغذية السوء كالذُّنوب)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المتقارب المجزوء أأكل مَا يَشْتَهِي نهيت فَلم تَنْتَهِ
(لأكلك مَا تشْتَهي ... بقيت وَمَا تشْتَهي)
وَقَوله يهجو أَبَا الْحسن عليّاً العامري من مجزوء الرمل
(جاد نزراً فَقبلنَا ... ردهم السّاقط بدره)
(عجب النَّاس وَقَالُوا ... كَيفَ سلَّت مِنْهُ ذرَّه)
(عملت فِيهِ رقانا ... فَلِذَا خَالف أمره)
(هَل رَأَيْتُمْ بعد مُوسَى ... أحدا فجَّر صخره)
3 - (الْحَافِظ ابْن الدّباغ)
خلف بن الْقَاسِم بن سهل بن أسود أَبُو الْقَاسِم ابْن الدّباغ الْحَافِظ الأندلسي رَحل إِلَى الْمشرق وَكَانَ حَافِظًا فهما عَارِفًا بِالرِّجَالِ صنَّف حَدِيث مَالك وَحَدِيث شُعْبَة وَأَشْيَاء فِي الزّهْد وَسمع بِمصْر أَبَا مُحَمَّد ابْن الْورْد الْبَغْدَادِيّ وَسلم بن الْفضل وَالْحسن بن رَشِيق وَجَمَاعَة وَسمع بدشق عليّ بن أبي الْعقب وَأَبا الميمون ابْن رَاشد وبمكة من بكير الْحداد وَأبي الْحسن الخزاعيّ والآجرِّي وبقرطبة من أَحْمد بن يحيى بن الشامة وَمُحَمّد بن مُعَاوِيَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
3 - (أَمِير بخارا)
خلف بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن اللّيث أَمِير بخارا وَابْن أميرها كَانَ(13/226)
أوحد الْمُلُوك فِي إجلال أهل الْعلم والإفضال على الْعلمَاء سمع عليّ بن بنْدَار الصّوفيّ وَمُحَمّد بن عَليّ الْمَالِينِي صَاحب عُثْمَان الدَّارمِيّ وبالحجاز عبد الله بن مُحَمَّد الفاكهي وببغداد أَبَا عَليّ ابْن الصوّاف وَأَبا بكر الشَّافِعِي ومولده سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي شَهِيدا فِي الْحَبْس بِبِلَاد الْهِنْد رَحمَه الله سنة تسعٍ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة روى عَنهُ الْحَاكِم مَعَ جلالته وانتخب لَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ ياقوت كَانَ فِي أول أمره على مَذْهَب أهل الرَّأْي وَكَانَ أهل مذْهبه يغرونه بقتل من خَالف مذْهبه فَقتل ألوفاً كَثِيرَة على ذَلِك الرَّأْي وَكَانَ يحيى بن عمَارَة فِي سجستان فيذلك الْوَقْت فالتحف)
بملحفةٍ كالنسوان وَلحق بِبَعْض السِّفارة فتحمَّل مَعَهم على ذَلِك الْحَال قَاصِدا هراة ثمَّ إِن الْأَمِير أَحْمد رَجَعَ عَن مَذْهَب أهل الرَّأْي إِلَى مَذْهَب أهل الحَدِيث فَقتل خلقا كثيرا من أهل الرَّأْي وصنَّف فِي تَفْسِير الْقُرْآن كتابا كَبِيرا نَحْو مائَة وَعشْرين مجلداً وَله كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا سَمَّاهُ تحفة الْمُلُوك قبض عَلَيْهِ السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين وحبسه فِي قلعة فَشرب دَوَاء حَتَّى غَابَ رشده وخيِّل إِلَى الموكَّلين بِهِ أَنه قد مَاتَ فسلِّم إِلَى أَهله فجعلوه فِي تابوتٍ ومضوا بِهِ فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فَقبض عَلَيْهِ مرّة أُخْرَى فَفعل فعلته الأولى فَأمر السُّلْطَان أَن يَجْعَل فِي تابوتٍ ويغلق حَتَّى مَاتَ
3 - (المبرقع الْكَلْبِيّ)
خلف بن سعيد بن عبد الله بن عُثْمَان بن زُرَارَة أَبُو الْقَاسِم ابْن المرابط الكلبيّ من ذرّية الأبرش الْكَلْبِيّ وَيعرف بالمبرقع الْمُحْتَسب الْقُرْطُبِيّ رَحل إِلَى الْمشرق مرَّتَيْنِ أولاهما سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَعشْرين سنة وَسمع أَبَا سعيد ابْن الْأَعرَابِي وَابْن الْورْد وَأَبا بكر الآجرِّي وروى عَنهُ أَبُو إِسْحَق ابْن شنظير وَأَبُو حَفْص الزهراويّ وَقَالَ ابْن شنظير توفّي فِي نَحْو الْأَرْبَع مائَة
3 - (الْحَافِظ الواسطيّ)
خلف بن مُحَمَّد بن عليّ بن حمدون الواسطيّ الْحَافِظ مصنِّف الْأَطْرَاف رَحل وروى وَأثْنى عَلَيْهِ الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَتُوفِّي بعد الْأَرْبَع مائَة تَقْرِيبًا(13/227)
3 - (أَبُو الْقَاسِم البريليّ الْمَالِكِي)
خلف بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم البلنسي مولى يُوسُف بن بهْلُول كَانَ فَقِيها عَارِفًا بِمذهب مَالك
لَهُ مُخْتَصر المدوّنة جمع فِيهِ أَقْوَال صَاحب مَالك وَهُوَ كثير الْفَائِدَة وَكَانَ عَارِفًا بِعلم الوثائق مقدِّماً فِيهِ وَيعرف بالبريلي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (خطيب قرطبة)
خلف بن عبد الله بن سعيد بن عبّاس بن مدير أَبُو الْقَاسِم الأزديّ الْخَطِيب بِجَامِع قرطبة
روى عَن ابْن عبد البّر كثيرا وَكَانَ ثِقَة كثير الْجمع وَالتَّقْيِيد كتب بِيَدِهِ كثيرا وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة
3 - (ابْن الأبرش الأندلسيّ)
)
خلف بن يوسفبن فرتون أَبُو الْقَاسِم ابْن الأبرش الأندلسي الشنتريني النَّحْوِيّ كَانَ رَأْسا فِي الْعَرَبيَّة واللّغة حفظ كتاب سِيبَوَيْهٍ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائةٍ وَمن شعره من الْبَسِيط
(لَو لم يكن لي آبَاء أسود بهم ... وَلم يثبِّت رجال الْعَرَب لي شرفا)
(وَلم أنل عِنْد ملك الْعَصْر منزلَة ... لَكَانَ فِي سِيبَوَيْهٍ الْفَخر لي وكفا)
(فَكيف علمٌ ومجدٌ قد جمعتهما ... وكلُّ مختلقٍ فِي مثل ذَا وَقفا)
وَأورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من الوافر
(رَأَيْت ثَلَاثَة تحكي ثَلَاثًا ... إِذا مَا كنت فِي التَّشْبِيه تنصف)
(فتاجو النّيل مَنْفَعَة وحسناً ... ومصرٌ شنترين وَأَنت يُوسُف)(13/228)
ثمَّ قَالَ ابْن الأبّار وَمَا أحسن قَول شَيخنَا أبي الْحسن ابْن حريق فِي هَذَا الْمَعْنى من الرمل
(أَصبَحت تدمير مصرا شبها ... وَأَبُو يُوسُف فِيهَا يوسفا)
وَأورد لِابْنِ الأبرش يرثي غُلَاما وسيماً غرق قَالَ أَو تمثل بِهِ وَهُوَ من السَّرِيع
(الْحَمد لله على كلِّ حَال ... قد أطفأ المَاء سراج الْجمال)
(أطفاه مَا قد كَانَ محياً لَهُ ... قد يطفىء الزَّيْت ضِيَاء الذُّبال)
قَالَ وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فِي رثاء الغريق فأجادوا من ذَلِك قَول أبي الْقَاسِم ابْن الْعَطَّار ابْن الإشبيلي فِي بعض الهزونيين وَمَات غريقاً فِي نهر طلبيرة عِنْد فتحهَا من الطَّوِيل
(وَلما رَأَوْا أَن لَا مقرَّ لسيفه ... سوى هامهم لاذوا بأجرأ مِنْهُم)
(وَكَانَ من النَّهر الْمعِين معينهم ... وَمن ثلم السدّ الحسام المثلّم)
(فيا عجبا للبحر غالته نطفه ... وللأسد الضّرغام أرداه أَرقم)
قلت وَقَالَ مجير الدّين مُحَمَّد بن تَمِيم فِي مليح غرق فِي نهر يزِيد بِدِمَشْق من الوافر
(أَقُول وَقد قضى غرقاً حَبِيبِي ... وأعدم ناظري طيب الهجود)
(عجبت لنَقص عمرك كَيفَ وافى ... إِلَيْك وَأَنت تسبح فِي يزِيد)
مَسْعُود الدَّولة النّحويّ خلف بن طازنَّك بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَبعد الْألف زَاي مَفْتُوحَة وَنون مشدّدة ثمَّ كَاف مَسْعُود الدولة النَّحْوِيّ من شعره من الْخَفِيف)
(مَا أطاقوا تأمُّل الْجَيْش حَتَّى ... كحِّلت كلُّ مقلةٍ بسنان)
(غنَّت الْبيض فِي طلاهم غناء ... مَا سمعناه فِي كتاب الأغاني)
(هُوَ ضرب من السُّريجيّ لَكِن ... حسنه فِي الرّقاب لَا فِي المثاني)
قلت مَا أحسن قَوْله هُوَ ضرب من السريجي
3 - (إِمَام جَامع قرطبة)
خلف بن يحيى بن خطّاب أَبُو الْقَاسِم القرطبيّ الزَّاهِد من أهل التصوف وَالْهدى كَانَ يُوصف بإجابة الدّعاء أمَّ بِجَامِع قرطبة مُدَّة مديدة ثمَّ رغب فِي الانقباض وَكَانَ يعظ ويقصده النَّاس للبركة وَتُوفِّي سنة ستٍّ وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن بشكوال)
خلف بن عبد الْملك بن مَسْعُود بن مسود بن بشكوال بن يُوسُف بن(13/229)
داجة أَبُو الْقَاسِم الأنصاريّ الْقُرْطُبِيّ المحدِّث حَافظ الأندلس فِي عصره ومؤرِّخها ومسندها سمع العالي والنازل وَأسْندَ عَن شُيُوخه نيِّف وَأَرْبع مائَة ووصفوه بصلاح الدخلة وسلامة الْبَاطِن وصحّة التّواضع وَصدق الصّبر للطلبة وَطول الِاحْتِمَال وألَّف خمسين تأليفاً فِي أَنْوَاع الْعلم وَولي فِي إشبيلية قَضَاء بعض جهاتها لأبي بكر ابْن المقرىء وَعقد الشُّرُوط ثمَّ اقْتصر على اسماع الْعلم
وصنَّف كتاب الصِّلة فِي عُلَمَاء الأندلس وصل بِهِ تَارِيخ ابْن الفرضي وَتُوفِّي فِي ثامن شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَسبعين وَخمْس مائَة وَدفن بِقرب قبر بحيى بن يحيى اللَّيثي وَله كتاب الحكايات المستغربة وغوامض الْأَسْمَاء المبهمة عشرَة أَجزَاء وَمَعْرِفَة الْعلمَاء الأفاضل أحد وَعِشْرُونَ جُزْءا طرق حَدِيث المغفر ثَلَاثَة أَجزَاء الْقرْبَة إِلَى الله بِالصَّلَاةِ على نبيِّه جُزْء كَبِير من روى الْمُوَطَّأ عَن مَالك جزآن اخْتِصَار تَارِيخ أبي بكر الفنشيّ تِسْعَة أَجزَاء أَخْبَار سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَخْبَار ابْن الْمُبَارك أَخْبَار الْأَعْمَش أَخْبَار زِيَاد شبطون أَخْبَار المحاسبي أَخْبَار ابْن الْقَاسِم أَخْبَار إِسْمَاعِيل القَاضِي أَخْبَار ابْن وهب أَخْبَار أبي المطرّف عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان القنازعي قُضَاة قرطبة المسلسلات طرق من كذب عليَّ المعجم وَمِمَّنْ روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رشد وَأحمد بن عبد الْمجِيد المالقي وَأحمد بن مُحَمَّد بن الأصلع وَأَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن يزِيد بن بقيّ وَأحمد بن عياشٍ المرسيّ وَأحمد بن أبي حجَّة الْقَيْسِي وثابت بن محمدٍ الكلَاعِي وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن صلتان وَمُحَمّد بن عبد الله الصفار)
الْقُرْطُبِيّ ومُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الغرناطي وَأَبُو الْخطاب عمر بن دحْيَة وَأَخُوهُ عُثْمَان بن دحْيَة وبالإجازة أَبُو الْفضل جَعْفَر بن عَليّ الْهَمدَانِي وَأَبُو الْقَاسِم سبط السلَفِي وَآخَرُونَ(13/230)
3 - (الزّهراوي الطَّبِيب)
خلف بن عَبَّاس الزّهراوي قَالَ ابْن أبي أصيبعة كَانَ طَبِيبا فَاضلا خَبِيرا بالأدوية المفردة والمركبة جيِّد العلاج وَله تصانيف مَشْهُورَة فِي صناعَة الطبّ وأفضلها كِتَابه الْكَبِير الْمَعْرُوف بالزهراوي وَله كتاب التصريف لمن عجز عَن التَّأْلِيف وَهُوَ أكبر تصانيفه وأشهرها وَهُوَ كتاب تَامّ فِي مَعْنَاهُ
3 - (أَبُو الْقَاسِم القبتوري)
خلف بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن خلف بن خلف بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب الغافقي القبتوري بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْبَاء الموحَّدة وَفتح التَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا رَاء الإشبيليّ المولد والمنشأ ولد فِي شوّال سنة خمس عشرَة وستّ مائَة قَرَأَ على الْأُسْتَاذ أبي الْحُسَيْن الدبّاج كتاب سِيبَوَيْهٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بالسَّبع وَقَرَأَ الشِّفاء بسبتة على عبد الله بن الْقَاسِم الأنصاريّ وَله بَاعَ مديد فِي الترسّل مَعَ التَّقْوَى وَالْخَيْر وَله إجَازَة من الرضيِّ بن الْبُرْهَان والنجيب بن الصَّيقل وَكتب لأمير سبتة وحدَّث بتونس عَن الغرافي وجاور زَمَانا وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَسَبْعمائة وحجَّ مرَّتَيْنِ وجاور زَمَانا
أَخْبرنِي الْعَلامَة أثير الدّين من لَفظه قَالَ قدم الْقَاهِرَة مرّتين وحجّ فِي الأولى وأنشدني قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الوافر
(أسيلي الدَّمع يَا عَيْني وَلَكِن ... دَمًا ويقلُّ ذَلِك لي أسيلي)
(فكم فِي التُّرب من طرفٍ كحيلٍ ... لتربٍ لي وَمن خدٍّ أسيل)
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(مَاذَا جنيت على نَفسِي بِمَا كتبت ... كفِّي فيا وَيْح نفي من أَذَى كفِّي)
(وَلَو يَشَاء الَّذِي أجْرى عليّ بذا ... قَضَاءَهُ الكفَّ عَنهُ كنت ذَا كفِّ)
وأنشدني قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(واحسرتا لأمورٍ لَيْسَ يبلغهَا ... مَالِي وهنَّ منى نَفسِي وآمالي)
(أَصبَحت كالآل لَا جدوى لديَّ وَمَا ... آلوت جهداً وَلَكِن جدّي الآلي)(13/231)
)
وأنشدني العلاّمة فتح الدّين ابْن سيد النَّاس من لَفظه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِالْحرم الشريف النَّبَوِيّ سنة ثَلَاث وَسبع مائَة من الطَّوِيل
(رجوتك يَا رَحْمَن إِنَّك خيرُ من ... رجاه لغفران الجرايم مرتج)
(فرحمتك الْعُظْمَى الَّتِي لَيْسَ بَابهَا ... وحاشاك فِي وَجه الْمُسِيء بمرتج)
(الألقاب)
الخلقاني إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء
الخلنجي القَاضِي اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد
(خلاّد)
3 - (أَبُو عَمْرو الأرقط)
خلاّد بن يزِيد الأرقط الباهليّ أَبُو عَمْرو كَانَ بِهِ أثر جدريّ فسمّي الأرقط وَهُوَ مولّى لبني قراط وَكَانَ راوية لأخبار الْعَرَب وَأَشْعَارهَا أَخذ عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء وَغَيره من الْعلمَاء
3 - (ابْن رَافع الْأنْصَارِيّ)
خلاّد بن رَافع بن مَالك بن العجلان الْأنْصَارِيّ الزُّرقي شهد بَدْرًا مَعَ أَخِيه رِفَاعَة بن رَافع
قَالَ ابْن عبد البّر يَقُولُونَ أَن لَهُ رِوَايَة وَالله أعلم
3 - (ابْن سُوَيْد الْأنْصَارِيّ الخزرجي)
خلاّد بن سُوَيْد بن ثَعْلَب الْأنْصَارِيّ الخزرجي(13/232)
شهد الْعقبَة وَشهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق وَقتل يَوْم بني قُرَيْظَة شَهِيدا طرحت عَلَيْهِ رحى من أَطَم من آطامها فشدَّخته فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يذكرُونَ إنَّ لَهُ أجر شهيدين وَيَقُولُونَ أنّ الَّتِي طرحت عَلَيْهِ الرَّحَى بنانة امْرَأَة من بني قُرَيْظَة ثمَّ قَتلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ بني قُرَيْظَة إِذْ قتل من أنبت مِنْهُم وَلم يقتل امْرَأَة غَيرهَا
3 - (ابْن السّايب الْأنْصَارِيّ)
خلاّد بن السّايب بن خلاّد الْأنْصَارِيّ يخْتَلف فِي صحبته وَفِي حَدِيثه فِي رفع الصّوت بِالتَّلْبِيَةِ اخْتِلَافا كثيرا روى عَنهُ عَطاء بن يسارٍ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَخَاف أهل الْمَدِينَة أخافه الله)
3 - (خلاّد بن عَمْرو بن الجموح)
خلاّد بن عَمْرو بن الجموح الْأنْصَارِيّ السُّلمي شهد هُوَ وَأَبوهُ وَإِخْوَته معوِّذ وَأَبُو أَيمن ومعاذ بَدْرًا وَقتل هُوَ وَأَبوهُ وَأَخُوهُ أَبُو أَيمن فِي يَوْم أحدٍ شَهِيدا وَلم يخْتَلف فِي أنّ خلاّداً هَذَا شهد بَدْرًا وأحداً
3 - (الصّيرفيّ الْكُوفِي)
خلاّد بن خَالِد وَقيل ابْن عِيسَى الشِّيباني الصّيرفيّ الْكُوفِي(13/233)
المقرىء الْأَحول صَاحب سليم القارىء قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد السُّلميّ)
خلاّد بن يحيى بن صَفْوَان أَبُو مُحَمَّد السُّلمي الْكُوفِي سمع عِيسَى بن طهْمَان وَفطر بن خَليفَة وَعبد الْوَاحِد بن أَيمن وسُفْيَان الثوريّ وخلقاً وروى عَنهُ البخاريّ وروى أَبُو دَاوُد عَن رجل عَنهُ وَأَبُو زرْعَة وَمُحَمّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي وَبشير ابْن مُوسَى وَإِسْمَاعِيل بن يزِيد عمّ أبي زرْعَة وخال أبي حَاتِم وحنبل بن إِسْحَق قَالَ أَبُو دَاوُد لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير صَدُوق إِلَّا أَن فِي حَدِيثه غَلطا قَلِيلا سكن مَكَّة وَمَات بهَا سنة ثَلَاث عشرَة أَو سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (الصفَّار البغداديّ)
خلاّد بن أسلم الْبَغْدَادِيّ الصّفَّار أَبُو بكر سمع هشيم بن بشير ومروان بن شُجَاع وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي وروى عَنهُ الترمذيّ والنسائيّ وَيحيى بن صاعد والمحاملي وَجَمَاعَة وَكَانَ ثِقَة توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ بسرّ من رأى وَكَانَ ذَا جود وسخاء
(الألقاب)
ابْن الخلوف المقرىء اسْمه يحيى بن خلف
(الْحَافِظ الرامهرمزيّ)
الخلاّديّ الْحَافِظ المحدّث اسْمه الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بن خلاّد تقدم فِي حرف الْحَاء الْمُهْملَة
(الهجريّ)
خلاس بن عَمْرو الهجريّ روى عَن عليّ وعمار وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة(13/234)
(الألقاب)
ابْن خلصة النّحوي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الخلّ أَخَوان أَحدهمَا فَقِيه واسْمه مُحَمَّد بن الْمُبَارك بن مُحَمَّد وَالْآخر شَاعِر واسْمه الْحسن بن الْمُبَارك وَولده عَليّ بن الْحسن
ابْن خلِّكان قَاضِي عجلون مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد وَالْقَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
الخلاّل الْوَزير حَفْص بن سُلَيْمَان
(الْكَاتِب)
ابْن الخلاّل صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء بِمصْر أَيَّام الفاطميين اسْمه يُوسُف بن مُحَمَّد يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الْيَاء
الخلاّل الْفَقِيه اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن هرون
الخلاّل الورَّاق أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن
الخلاّل أَحْمد بن مُحَمَّد بن هرون
ابْن الخلاّل عليّ بن مُحَمَّد
(خُلَيْد)
3 - (السَّلامانيّ)
خُلَيْد بن سعد السَّلاماني وَيُقَال مولى أم الدّرداء وَيُقَال مولى أبي الدَّرْدَاء روى عَن أَحدهمَا وروى عَنهُ عَطاء الخرسانيّ وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر(13/235)
وَغَيرهمَا عَن ضَمرَة بن عليّ بن أبي حَملَة قَالَ مَا ضرب الناقوس بِبَيْت الْمُقَدّس قطّ إِلَّا وخويلد بن سعد قد جمع ثِيَابه وَقَامَ يُصَلِّي على الصَّخْرَة الَّتِي على شام الصَّخْرَة وَقَالَ ابْن جَابر كَانَ خُلَيْد بن سعد قَارِئًا حسن الصَّوْت وَكَانُوا يَجْتَمعُونَ فِي بَيت أم الدَّرْدَاء يقْرَأ عَلَيْهِم
3 - (مولى العبّاس)
خُلَيْد مولى العبّاس بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي وَهُوَ وَالِد أبي العميثل عبد الله بن خُلَيْد وَأَصله من الرّي وخليد هُوَ الْقَائِل من الوافر
(أما والرافضات بِذَات عرق ... وَمن صلى بنعمان الْأَرَاك)
(لقد أضمرت حبك فِي فُؤَادِي ... وَمَا أضمرت حبا من سواك)
(أريت الآمريك بِقطع حبلي ... مريهم فِي أحبتهم بِذَاكَ)
(فَإِن هم طاوعوك فطاوعيهم ... وَإِن عاصوك فاعصي من عصاك)
3 - (السَّدوسيّ البصريّ)
خُلَيْد بن دعْلج السَّدوسي البصريّ ثمَّ الْموصِلِي نزيل الْقُدس قَالَ أَحْمد ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ أَبُو خَاتم صَالح لَيْسَ بالمتين وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك وَقَالَ النّسائي لَيْسَ بِثِقَة توفّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة)
(خليدة)
3 - (خليدة المكيّة)
خليدة المكيَّة مولاة ابْن شماس كَانَت هِيَ وعقيلة وربيحة يعرفن بالشَّماسيات أخذت الْغناء عَن ابْن سُرَيج وَمَالك ومعبد وَكَانَت خليدة سَوْدَاء وفيهَا يَقُول الشَّاعِر من الْخَفِيف(13/236)
(فتنت كَاتب الْأَمِير رياحاً ... يَا لقومي خليدة المكيَّة)
بعث إِلَيْهَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان أَبَا عون مَوْلَاهُ يخطبها عَلَيْهِ فَدخل وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق لَا تسترها فَنَهَضت وَقَالَت إِنَّمَا ظننتك بعض سفهائنا وَلَكِنِّي ألبس إِلَيْك ثِيَاب مثلك فَفعلت وَقَالَت مَا حَاجَتك فَقَالَ أَرْسلنِي إِلَيْك مولَايَ وَهُوَ من تعلمين يخطبك
فَقَالَت قد نسبته فأبلغت فاسمع نسبي إنّ أبي بيع على غير عقد الْإِسْلَام وَلَا عَهده فَعَاشَ عبدا وَمَات وَفِي رجله قيد على الْإِبَاق والسّرقة ولدتني أُمِّي مِنْهُ على غير رشدة وَمَاتَتْ وَهِي آبقة وَأَنا من تعلم فَإِن أَرَادَ صَاحبك نِكَاحا مُبَاحا وزناءً صراحاً فهلمّ إِلَيْنَا فَنحْن لَهُ فَقَالَ لَهَا إِنَّه لَا يدْخل فِي الْحَرَام فَقَالَت وَلَا يَنْبَغِي أَن يستحيي من الْحَلَال وَأما نِكَاح السِّرّ فَلَا وَالله لَا فعلته أبدا وَلَا كنت عاراً على القيان فَعَاد أَبُو عون فَأخْبر مَوْلَاهُ بذلك فَقَالَ وَيلك أَتَزَوَّجهَا مُعْلنا وَعِنْدِي بنت طَلْحَة بن عبيد الله لَا وَلَكِن ارْجع إِلَيْهَا وَقل لَهَا لتختلف إليَّ لأردِّد بَصرِي فِيهَا لعلِّي أسلو فَعَاد إِلَيْهَا وأبلغها الرسَالَة فَضَحكت وَقَالَت أمَّا هَذَا فَنعم لسنا نمنعه مِنْهُ قلت لَو كنت أَنا بدل أبي عون لعدت إِلَى مُحَمَّد مَوْلَاهُ وَقلت لَهُ قبِّل الأَرْض لله شكرا فَإِنَّهَا قد أَنْعَمت عَلَيْك السَّوْدَاء بذلك
3 - (خليدة الأنصاريّ السُّلميّ)
خليدة بن قيس بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ السُّلمي شهد بَدْرًا كَذَا قالموسى ابْن عقبَة وَأَبُو معشر
وَقَالَ ابْن إِسْحَق والواقدي خُلَيْد بن قيس وَقيل خَالِد بن قيس وَلم يخْتَلف فِي أَنه شهد بَدْرًا
(الألقاب)
ابْن خُلَيْد الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن عليّ بن خُلَيْد
ابْن خُلَيْد القَاضِي يحيى بن أَحْمد
الخليع الشّاعر الْحُسَيْن بن الضحَّاك
(خَليفَة)
3 - (أَبُو هُبَيْرَة)
خَليفَة بن خيّاط الْكَبِير الْعُصْفُرِي الْبَصْرِيّ جد الْحَافِظ خَليفَة بن خياط أَبُو هُبَيْرَة وثَّقه ابْن معِين وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَة(13/237)
3 - (الْحَافِظ أَبُو عَمْرو)
خَليفَة بن خيّاط بن خَليفَة بن خيّاط الْمَذْكُور أَولا الْحَافِظ أَبُو عَمْرو الْعُصْفُرِي الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بشباب كَانَ حَافِظًا نسَّابة إخبارياً عَالما بأيام النَّاس صنَّف التَّارِيخ والطبقات وَغير ذَلِك وروى الْكثير روى عَنهُ البخاريّ فِي حَدِيثه سَبْعَة أَحَادِيث أَو أَكثر وبقيُّ بن مخلد وليّنه بَعضهم وَقَالَ ابْن عدي مُسْتَقِيم الحَدِيث صَدُوق من متيقِّظي الروَاة وَقَالَ مطيَّن مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سِتّ وَأَرْبَعين
3 - (أَبُو الْمَاضِي الأسديّ)
خَليفَة بن كُلَيْب الْأَسدي أَبُو الْمَاضِي الشَّاعِر روى عَنهُ أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ المحوّلي وَمن شعره من الطَّوِيل
(أهاجك شوقٌ أم شجاك غرام ... غرام ادِّكارٍ فالدموع سجام)
(سجامٌ على خدٍّ تخدُّ سيوله ... خدوداً وَفِي الأحشاء مِنْهُ ضرام)
(ضرام حنينٍ يَوْم زمَّت رِكَابهمْ ... وَقد رفعت للظاعنين خيام)
(خيامٌ وفيهنَّ البدور كوامنٌ ... لخمسٍ وتسعٍ نورهنَّ تَمام)
(تمامٌ وَفِي قلبِي محاق من الْهوى ... وَفِي الْقلب منى زفرةٌ وهيام)
(هيام يزلُّ الْقلب عَن مستقرِّه ... إِذا سجعت فَوق الغصون حمام)
(حمامٌ يهيِّجن الغرام لذِي الْهوى ... وشيكاً وَفِي سجع الْحمام حمام)
(حمامٌ خفيّ فِي جنى النَّحْل كامنٌ ... وَلكنه للعاشقين سمام)(13/238)
قلت شعر جيد
3 - (الْأَمِير خَليفَة)
خَليفَة بن الْمُبَارك الْأَمِير أَبُو الأغّر ولاَّه المعتضد قتل الْأَعْرَاب بطرِيق الحجّ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة)
3 - (السَّديد ابْن أبي أصبيعة الكحَّال)
خَليفَة بن يُونُس بن أبي الْقَاسِم بن خَليفَة الْحَكِيم سديد الدّين أَبُو الْقَاسِم الأنصاريّ الخزرجي السّعدي الْعَبَّادِيّ الكحَّال الْمَعْرُوف بِابْن أبي أصيبعة هُوَ وَالِد صَاحب تَارِيخ الْأَطِبَّاء موفق الدّين ولد بِالْقَاهِرَةِ واشتغل بهَا هُوَ وَأَخُوهُ الطَّبِيب رشيد الدّين وبرع السَّديد فِي الْكحل ورزق فِيهِ حظوةً وَكَانَ فِي البيمارستان النّوري وقلعة دمشق وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وستّ مائَة
3 - (أَبُو طَالب الإسكندريّ)
خَليفَة بن الْمُسلم بن رَجَاء أَبُو طَالب التّنوخي الإسْكَنْدراني وَيعرف بِأَحْمَد اللَّخميّ سمع أَبَا عبد الله الرَّازِيّ وَأَبا بكر الطرطوشي وَعبد الْمُعْطِي بن مُسَافر وَكَانَ عَارِفًا بالفقه وَالْأُصُول ماهراً فِي علم الْكَلَام وَفِيه لين فِيمَا يرويهِ قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن بن الْفضل إلاّ أنّا لم نسْمع مِنْهُ إِلَّا من أُصُوله روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم بن رَوَاحَة وَعبد الوهّاب بن رواج وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (الْأَمِير نَاصِر الدّين)
خَليفَة بن عَليّ شاه الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن الْوَزير يَأْتِي ذكر وَالِده فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفد إِلَى الْبِلَاد صُحْبَة الْأَمِير نجم الدّين مَحْمُود بن شيروين الْوَزير وَكَانَ شكلاً حسنا فأحبَّه الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَكتب إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر يسْأَله أَن يكون عِنْده بِدِمَشْق أَمِيرا فَأَعَادَهُ إِلَيْهِ ورسم لَهُ بطبلخاناة وَكَانَ خصيصاً بتنكز وَلما أمسك تنكز رَحمَه الله تَعَالَى لحق كلَّ من كَانَ يلازمه تِلْكَ الْأَيَّام شواظ من ناره خلا الْأَمِير نَاصِر الدّين خَليفَة فَإِن السُّلْطَان رَاعى فِيهِ خاطر أَخِيه لِأَنَّهُ كَانَ فِي تِلْكَ الْبِلَاد وتزوّج نَاصِر الدّين الْمَذْكُور بابنة الْأَمِير سيف الدّين كجكن وَكَانَ يلبسهَا لبس الخواتين فِي الْبِلَاد وَكَانَ مشداً فِي عمَارَة جَامع يلبغا وَقصد أَن يكون على زيّ جَوَامِع الْبِلَاد الشرقية فَلَمَّا أمسك الْأَمِير سيف الدّين يلبغ(13/239)
خشِي الْأَمِير نَاصِر الدّين أَن يُؤْخَذ بجريرته فسلمه الله تَعَالَى وَكَانَ إقطاعه بصفد فجهزَّه الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا وَحصل لَهُ ضعف فَحَضَرَ إِلَى دمشق ليتداوى بهَا فَأَقَامَ قَلِيلا وَهُوَ متمرِّض ثمَّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سادس عشْرين جُمَادَى الأولى سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة والظّاهر أَنه كَانَ يتشيَّع)
(الْخَلِيل)
3 - (الضّبعيّ)
الْخَلِيل بن مرّة الضُّبعي الْبَصْرِيّ قَالَ ابْن معِين ضَعِيف وَقَالَ أَبُو حَاتِم شيخ صَالح لَيْسَ بالقويّ وَقَالَ قُتَيْبَة فِيهِ نظر توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَة وروى لَهُ التِّرمذيّ
3 - (الفراهيديّ)
الْخَلِيل بن أَحْمد بن عَمْرو بن تَمِيم الأزديّ الفراهيديّ بِالْفَاءِ وَالرَّاء وَالْألف وَالْهَاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا دَال البصريّ صَاحب الْعَرَبيَّة وَالْعرُوض أحد الْأَعْلَام(13/240)
روى عَن أَيُّوب وَعَاصِم الْأَحْوَال والعوّام بن حَوْشَب وغالب الْقطَّان أَخذ النَّحْو عَنهُ سِيبَوَيْهٍ والأصمعي والنَّضر بن شُمَيْل وهرون بن مُوسَى النحويّ ووهب بن جرير وعليّ بن نصر الْجَهْضَمِي
كَانَ خيِّراً متواضعاً ذَا زهد وعفاف يُقَال أَنه دَعَا بِمَكَّة أَن يرزقه الله علما لم يسْبق إِلَيْهِ
فَرجع إِلَى الْبَصْرَة وَقد فتح عَلَيْهِ بالعروض فَوَضعه فَهُوَ أول من وَضعه وصنَّف كتاب الْعين فِي اللُّغَة وَقد ذكره أَبُو حَاتِم ابْن حيّان فِي كتاب الثِّقات فَقَالَ يروي المقاطيع وَقَالَ النّضر بن شُمَيْل أَقَامَ الْخَلِيل بن أَحْمد فِي خصّ بِالْبَصْرَةِ وَلَا يقدر على فلسين وتلامذته يَكْسِبُونَ بِعِلْمِهِ الْأَمْوَال وَكَانَ آيَة فِي الذكاء وَكَانَ سَبَب مَوته أَنه قَالَ أُرِيد أَن أعمل نوعا من الْحساب تمْضِي بِهِ الْجَارِيَة إِلَى الفاميّ فَلَا يُمكنهُ أَن يُظِلّهَا فَدخل الْمَسْجِد وَهُوَ يعْمل فكره فصدمته سَارِيَة وَهُوَ غافل فانصرع وَمَات قيل سنة خمس وَسبعين وَمِائَة وَقيل سنة سبعين وَقيل سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالإيقاع والنغم وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي أحدث لَهُ علم الْعرُوض فَإِنَّهُمَا متقاربان فِي المأخذ وَقَالَ حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب التَّنْبِيه على حُدُوث التَّصحيف وَبعد فَإِن دولة الْإِسْلَام لم تخرج أبدع للعلوم الَّتِي لم تكن لَهَا أصُول عِنْد عُلَمَاء الْعَرَب من الْخَلِيل وَلَيْسَ على ذَلِك برهَان أوضح من علم الْعرُوض الَّذِي لَا عَن حكيمٍ أَخذه وَلَا على مِثَال تقدّمه احتذاه وَإِنَّمَا اخترعه من ممر لَهُ بالصفَّارين من وَقع مطرقة على طست لَيْسَ فيهمَا حجّة وَلَا بَيَان يؤديان إِلَى غير حليتهما أَو يفسدان عين جوهرهما فَلَو كَانَت أَيَّامه قديمَة ورسومه بعيدَة ليشكّ فِيهِ بعض الْأُمَم لصنعته مَا لم يَضَعهُ أحد مُنْذُ خلق الله الدُّنْيَا من اختراعه الْعلم الَّذِي قدمت ذكره
وَمن تأسيسه بِنَاء كتاب الْعين الَّذِي يحصر فِيهِ لُغَة كلّ أمة من الْأُمَم قاطبة ثمَّ من إمداده)
سِيبَوَيْهٍ فِي علم النَّحْو بِمَا صنف كِتَابه الَّذِي هُوَ زِينَة لدولة الْإِسْلَام وَقَالَ حَمْزَة أَيْضا فِي كتاب الموازنة بَين الْعَرَبيَّة والعجمية وللعرب فضل على غَيرهم من الْأُمَم بِمَا اتّفق لعلماء لغاتهم من تَقْيِيد ألفاظهم فِي بطُون الْكتب
وعلماء الْفرس تدّعي مشاركتهم فِي هَذِه الْفَضِيلَة ويزعمون أَن لغتهم كَانَت منتشرةً ذَاهِبَة فِي الضّياع على غير نظام إِلَى أَن ظهر لجمعها بعد انتشارها فيلسوف دولة الْإِسْلَام الْخَلِيل بن أَحْمد الفرهودي وَمن الْفرس كَانَ أَصله لِأَنَّهُ من فراهيد الْيمن وَكَانُوا من بقايا أَوْلَاد الْفرس الَّذين فتحُوا بِلَاد الْيمن لكسرى وَكَانَ جدّ الْخَلِيل من أُولَئِكَ فَمن أجل أَن الْخَلِيل كَانَ من الْفرس صَارَت لنا مُشَاركَة فِي مفاخر الْعَرَب بِمَا أثّله الْخَلِيل بهم فزعموا أَن للخليل ثَلَاثَة أيادٍ عِنْد الْعَرَب كبار لم يشدّ مثلهَا إِلَيْهِم عَرَبِيّ مِنْهُم أَحدهَا مَا نهج لتلميذه سِيبَوَيْهٍ من التأتّي لتأليف كِتَابه حَتَّى علّمه كَيفَ يفرّق لَهُم جُمْهُور النَّحْو أبواباً ويجنِّس الْأَبْوَاب أجناساً ثمَّ يتنوّع(13/241)
الْأَجْنَاس أنواعاً حَتَّى أخرجه معجز التَّأْلِيف فقيَّد بِهِ على الْعَرَب منطقهم حَتَّى سلم أَعْقَابهم للإعراب من هجنة اللّحن وخطاء القَوْل
الثَّانِيَة اختراعه لأشعارهم ميزاناً حذاه على غير مِثَال وَهُوَ الْعرُوض الَّتِي إِلَيْهَا مفزع من خذله الطَّبْع وَلم يساعده الذَّوق من الشُّعَرَاء ورواة الْأَشْعَار فَصَارَ أَثَره لاختراع هَذَا الْعلم كأثر الفيلسوف ارسطاليس فِي شرح علم حُدُود الْمنطق
الثَّالِثَة مَا منحهم فِي لغتهم من حصره إِيَّاهَا فِي الْكتاب الَّذِي سمّاه كتاب الْعين فَبَدَأَ فِيهِ بسياقه مخارج الْحُرُوف وَأظْهر فِيهِ حِكْمَة لم تقع مثلهَا للحكماء من اليونان فَلَمَّا فرغ من سرد مخارج الْحُرُوف عدل إِلَى إحصاء أبنية الْأَشْخَاص وأمثلة أَحْدَاث الْأَسْمَاء فَزعم أَن مبلغ عدد أبنية كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَعْمل والمهمل على مراتبها الْأَرْبَع فِي الثُّنائي والثُّلاثي والرُّباعي والخماسي من غير تَكْرِير ينساق إِلَى اثْنَي عشر ألف ألف وَثَلَاث مائَة ألف وَخَمْسَة آلَاف وَأَرْبع مائَة واثني عشر ألفا الثّنائي مِنْهَا ينساق إِلَى سبع مائَة وستّ وَخمسين والثلاثي إِلَى تِسْعَة عشر ألف وست مائَة وَخمسين والرُّباعي إِلَى أَربع مائَة وَأحد وَتِسْعين ألفا وَأَرْبع مائَة
والخماسي إِلَى أحد عشر ألف ألف وَسبع مائةٍ وَثَلَاثَة وَتِسْعين ألفا وستِّ مائَة قَالُوا فقد شاركنا الْعَرَب فِي فَضِيلَة لغتها ومزية نَحْوهَا وَحلية عرُوض قريضها إِذْ كَانَ الْخَلِيل مثيرها من مكمنها وَهُوَ منا)
وَسَأَلَ الْخَلِيل بن أَحْمد رجل من أيِّ الْعَرَب أَنْت فَقَالَ فراهيدي وَسَأَلَهُ آخر فَقَالَ فرهوديّ
قَالَ المبّرد قَوْله فراهيدي انتسب إِلَى فراهيد بن مَالك ابْن فهم بن عبد الله بن مَالك بن مُضر بن الأزد وَقَوله فرهودي انتسب إِلَى وَاحِد من الفراهيد وَهُوَ فرهود والفراهيد صغَار الْغنم
وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ لم يكن فِي الْعَرَب بعد الصّحابة أذكى من الْخَلِيل بن أَحْمد وَلَا أجمع وَلَا كَانَ فِي الْعَجم أذكى من ابْن المقفّع وَلَا أجمع وَكَانَ الْخَلِيل يحجّ سنة ويغزو سنة حَتَّى مَاتَ
وَهُوَ أول من جمع حُرُوف المعجم فِي بَيت واحدٍ وَهُوَ من الْبَسِيط
(صف خلق خودٍ كَمثل الشَّمْس إِذْ بزغت ... يحظى الضَّجيع بهَا نجلاء معطار)
وَفِي تَرْجَمَة أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد اليزدي شَيْء يتَعَلَّق بِجمع حُرُوف المعجم فِي بيتٍ وَاحِد
وَيُقَال أَنه كَانَ عِنْد رجل دَوَاء لظلمة الْعين ينْتَفع بِهِ النَّاس فَمَاتَ وأضرّ ذَلِك بِمن كَانَ يَسْتَعْمِلهُ
فَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد أَله نُسْخَة مَعْرُوفَة قَالُوا لَا قَالَ فَهَل لَهُ آنِية كَانَ يعْمل فِيهَا قَالُوا نعم إِنَاء كَانَ يجمع فِيهِ الأخلاط فَقَالَ جيئوني بِهِ فجاؤه بِهِ فَجعل يشمّه وَيخرج نوعا نوعا حَتَّى ذكر خَمْسَة عشر نوعا ثمَّ سَأَلَ عَن جَمِيعهَا ومقدارها فَعرف ذَلِك مِمَّن يعالج مثله فعمله وَأَعْطَاهُ النَّاس فانتفعوا بِهِ مثل تِلْكَ الْمَنْفَعَة ثمَّ وجدت النُّسْخَة فِي كتب الرجل فوجدوا الأخلاط سِتَّة عشر خلطاً كَمَا ذكر الْخَلِيل لم يفته مِنْهَا إِلَّا خلط وَاحِد وَقَالَ الْخَلِيل ثَلَاثَة أَشْيَاء(13/242)
ينسين المصائب مرّ اللَّيَالِي وَالْمَرْأَة الْحَسْنَاء ومحادثة الرِّجَال قَالَ عليّ بن نصر الْجَهْضَمِي رَأَيْت الْخَلِيل بن أَحْمد فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا صنع الله بك فَقَالَ أَرَأَيْت مَا كُنَّا فِيهِ لم يكن شَيْئا وَمَا وجدت أفضل من سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر
وَقَالَ الْخَلِيل اجتزت فِي بعض أسفاري براهب فِي صومعة فوقفت عَلَيْهِ والمساء قد أزف جدا وَخفت من الصَّحرَاء فَسَأَلته أَن يدخلني فَقَالَ من أَنْت قلت الْخَلِيل بن أَحْمد فَقَالَ أَنْت الَّذِي يزْعم النَّاس أَنَّك وجيه وَاحِد فِي الْعلم بِعلم الْعَرَب فَقلت كَذَا يَقُولُونَ وَلست كَذَلِك فَقَالَ إِن أجبتني عَن ثَلَاث مسَائِل جَوَابا مقنعا فتحت لَك الْبَاب وأحسنت ضيافتك وَإِلَّا لم أفتح لَك
فَقلت وماهي قلا أَلسنا نستدلّ على الْغَائِب بالشّاهد فَقلت بلَى قَالَ فَأَنت تَقول أَن الله تَعَالَى لَيْسَ بجسم وَلَا عرض ولسنا نرى شَيْئا بِهَذِهِ الصّفة وَأَنت تزْعم أَن النَّاس فِي الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَلَا يتغوّطون وَأَنت لم تَرَ آكلاً وَلَا شارباً إِلَّا متغِّوطاً وَأَنت تَقول أَن نعيم)
أهل الْجنَّة لَا يَنْقَضِي وَأَنت لم تَرَ شَيْئا إِلَّا منقضياً قَالَ الْخَلِيل فَقلت لَهُ بِالشَّاهِدِ الْحَاضِر استدللت على ذَلِك كُله أما الله تَعَالَى فَإِنَّمَا استدللت عَلَيْهِ بأفعاله الدَّالَّة عَلَيْهِ وَلَا مثل لَهُ وَفِي الشَّاهِد مثل ذَلِك وَهُوَ الرّوح الَّتِي فِيك وَفِي كل حَيَوَان تعلم أَنَّك تحسّ بهَا وَهِي تَحت كل شَعْرَة منا وَنحن لَا نَدْرِي أَيْن هِيَ وَلَا كَيفَ هِيَ وَلَا مَا صفتهَا وَلَا مَا جوهرها ثمَّ نرى الْإِنْسَان يَمُوت إِذا خرجت وَلَا يحسّ بشيءٍ خرج مِنْهُ وَإِنَّمَا استدللنا عَلَيْهَا بأفعالها وبحركاتها وتصرّفنا بِكَوْنِهَا فِينَا وَأما قَوْلك أنّ أهل الْجنَّة لَا يتغّوطون مَعَ الْأكل فالشّاهد لَا يمْنَع ذَلِك
أَلا ترى الْجَنِين يغتذي فِي بطن أمه وَلَا يتغوّط وَأما قَوْلك أَن نعيم أهل الْجنَّة لَا يَنْقَضِي مَعَ أَن أَوله مَوْجُود فَإنَّا نجد أَنْفُسنَا نبتدىء الْحساب بِالْوَاحِدِ ثمَّ لَو أردنَا أَن لَا يَنْقَضِي لما لَا نِهَايَة لَهُ لم نكرِّره واعداده تَضْعِيفه إِلَى انْقِضَاء مَا قَالَ فَفتح الْبَاب لي وَأحسن ضيافتي
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء هَذَا الْجَواب كَمَا شَرط الراهب إقناعي لَا قطعيّ وَكَانَ عبد الله بن الْحسن العنبريّ قَاضِي الْبَصْرَة يَأْتِي جاراً لَهُ يَقُول بالنجوم فَدخل فِي قلبه شَيْء بجاء لى الْخَلِيل فَقَالَ لَهُ أَنْت عبد الله بن الْحسن قَالَ نعم فَسَأَلَهُ عَن شيءٍ من الْقدر فَقَالَ الْخَلِيل أَخْبرنِي عَن الْحَاء من أَيْن مخرجها قَالَ من الْحلق قَالَ فَأَخْبرنِي عَن الْبَاء من أَيْن مخرجها فَقَالَ من طرف اللِّسان قَالَ تقدر أَن تخرج هَذِه من مخرج هَذِه قَالَ لَا قَالَ ثمَّ فإنّك مائق ثمَّ أنشأ يَقُول من الْخَفِيف
(أبلغا عنِّي المنجم أنِّي ... كافرٌ بِالَّذِي قضته الْكَوَاكِب)
عالمٌ أنَّ مَا يكون وَمَا كَانَ بحتمٍ من الْمُهَيْمِن وَاجِب وَيُقَال أَن الْخَلِيل بِمَا أَرَادَ أَن يضع الْعرُوض خلا فِي بَيت وَوضع بَين يَدَيْهِ طستاً أَو مَا أشبه(13/243)
ذَلِك وَجعل يقرعه بِعُود وَيَقُول فاعلن مستفعلن فعولن فَسَمعهُ أَخُوهُ فَخرج إِلَى الْمَسْجِد وَقَالَ إنّ أخي قد أَصَابَهُ جُنُون وأدخلهم عَلَيْهِ وَهُوَ يضْرب الطّست فَقَالُوا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا لَك أأصابك شَيْء أتحبّ أَن نعالجك فَقَالَ وَمَا ذَاك فَقَالُوا أَخُوك يزْعم أَنَّك خولطت فَقَالَ من الْكَامِل
(لَو كنت تعلم مَا أَقُول عذرتني ... أَو كنت تعلم مَا تَقول عذلتكا)
(لَكِن جهلت مَقَالَتي فعذلتني ... وَعلمت أَن جاهلٌ فعذرتكا)
قَالَ الناشىء يهجو دَاوُد بن عليّ الْأَصْبَهَانِيّ الْفَقِيه من الطَّوِيل)
(أَقُول كَمَا قَالَ الْخَلِيل بن أحمدٍ ... وَإِن شيت مَا بَين النّظامين فِي الشّعْر)
(عذلت على من لَو علمت بِقَدرِهِ ... بسطت وَكَانَ العذل واللوم من عُذْري)
(جهلت وَلم تعلم بأنك جاهلٌ ... فَمن لي بِأَن تَدْرِي بأنك لَا تَدْرِي)
وَأنْشد عليّ بن هرون عَن أَبِيه فِي مَعْنَاهُ من الْخَفِيف
(يدَّعي الْعلم بالنجوم كَمَا قد ... يدَّعي مثل ذَلِك فِي كل أَمر)
وَهُوَ فِي ذَاك لَيْسَ يدْرِي وَلَا يدْرِي من النّوك أَنه لَيْسَ يدْرِي والخليل مَعْدُود من الشُّعَرَاء الْعلمَاء وشعره كثير وَيُقَال أَن أول من تسمّى فِي الْإِسْلَام بِأَحْمَد هُوَ أَحْمد وَالِد الْخَلِيل وَمن تصانيفه الْعين الْجمل كتاب النغم كتاب الْعرُوض كتاب الشّواهد كتاب النقط والشَّكل وَرُوِيَ أَن اللَّيْث ابْن المظفر بن نصر بن سيّار صحب الْخَلِيل مُدَّة يسيرَة وَأَن الْخَلِيل عمل لَهُ كتاب الْعين وأحذاه طَرِيقَته وعاجلت الْخَلِيل الْمنية فتمّمه اللَّيْث بن المظفر وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة اللَّيْث قَالَ ياقوت وجدت على ظهر جُزْء من كتاب التَّهْذِيب لأبي مَنْصُور الْأَزْهَرِي من مجزوء الرجز
(إِبْنِ دريدٍ بقره ... وَفِيه عجبٌ وشره)
(ويدَّعي بجهله ... وضع كتاب الجمهره)
وَهُوَ كتاب الْعين إِلَّا أَنه قد غيّره
(الأزهريُّ وزغه ... وحمقه حمق دَعه)
(ويدَّعي بجهله ... كتاب تَهْذِيب اللغه)
وَهُوَ كتاب الْعين إِلَّا أَنه قد صبغه
(فِي الخارزنجيِّ بله ... وَفِيه حمق وَوَلِهَ)
(ويدّعي بجهله ... وضع كتاب التكمله)
وَهُوَ كتاب الْعين إِلَّا أَنه قد بدَّله(13/244)
3 - (القَاضِي الْحَنَفِيّ)
الْخَلِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخَلِيل بن مُوسَى بن عبد الله بن عاصمٍ السِّجزيّ أَبُو سعيد إِمَام فِي كلّ علم شَائِع الذّكر مَشْهُور الْفضل مَعْرُوف بِالْإِحْسَانِ فِي النّظم والنثر مَاتَ بفرعانة وَهُوَ على مظالمها سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة ومولده سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ أدْرك)
الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء وصنّف التصانيف وَولي الْقَضَاء ببلدان شَتَّى من وَرَاء النَّهر
حدَّث قَالَ قدم علينا سجستان وَأَنا قاضيها صَاحب جَيش من خُرَاسَان من قبل نصر بن أَحْمد وَمَعَهُ جَيش عَظِيم فَأكْثر أَصْحَابه الْفساد فِي الْبَلَد وامتدت أَيْديهم إِلَى النِّسَاء فِي الطرقات قهرا فَاجْتمع النَّاس إليَّ وَإِلَى فلَان الْفَقِيه وَشَكوا إِلَيْنَا الْحَال فَدخلت أَنا والفقيه وَجَمَاعَة من وُجُوه الْبَلَد إِلَيْهِ وَكَانَ المبتدىء بِالْخِطَابِ الْفَقِيه فوعظه وعرَّفه مَا يجْرِي فَقَالَ لَهُ يَا شيخ مَا ظننتك بِهَذَا الْجَهْل معي ثَلَاثُونَ ألف رجل نِسَاؤُهُم ببخارا فَإِذا قَامَت أيورهم كَيفَ يصنعون ينفذونها بسفاتج إِلَى حرمهم لَا بدّ لَهُم من أَن يضعوها فِي من هَهُنَا كَيفَ اسْتَوَى لَهُم هَذَا أَمر لَا يمكنني إِفْسَاد قُلُوب الْجَيْش بنهيهم عَنهُ فانصر قَالَ فخرجنا فَقَالَت لنا العامّة أيش قَالَ الْأَمِير فَأَعَادَ الْفَقِيه الْكَلَام عَلَيْهِم بِعَيْنِه فَقَالُوا هَذَا القَوْل مِنْهُ فسق وأمرٌ بِهِ ومكاشفة بِمَعْصِيَة الل فَهَل يحلّ لنا قِتَاله عنْدك بِهَذَا القَوْل فَقَالَ لَهُم الْفَقِيه نعم قد حل لكم قِتَاله فتبادرت الْعَامَّة فانسللنا من الْفِتْنَة فَلم نصلِّ الْمغرب من تِلْكَ اللَّيْلَة وَفِي الْبَلَد أحد من الخراسانيَّة لِأَنَّهُ اجْتمع من العامَّة مَا لَا يضْبط فَقتلُوا خلقا عَظِيما من الخراسانية ونهبت دَار الْأَمِير وطلبوه ليقتلوه فَأَفلَت على فرسه وكل من قدر على الهروب وَلم يجىء بعْدهَا جَيش من خُرَاسَان وَمن شعره من الطَّوِيل
(رضيت من الدّنيا بقوتٍ يقيمني ... وَلَا أَبْتَغِي من بعده أبدا فضلا)
(وَلست أروم الْقُوت إِلَّا لأنّه ... يعين على علمٍ أردُّ بِهِ الجهلا)
(فَمَا هَذِه الدُّنيا بِطيب نعيمها ... لأصغر مَا فِي الْعلم من نكتةٍ عدلا)
3 - (القَاضِي أَبُو سعيد البستي)
الْخَلِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد القَاضِي أَبُو سعيد البستي قدم نيسابور وحدَّث بهَا وَتُوفِّي بعد الْأَرْبَع مائَة تَقْرِيبًا(13/245)
3 - (خطيب صَرْصَر)
الْخَلِيل بن أَحْمد بن عَليّ بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم وشاح الجوسقيّ أَبُو طَاهِر الْخَطِيب من أهل صَرْصَر قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وَسمع من وَالِده وَأبي الْفَتْح ابْن البطّي والأسعد بن يلدرك وشهدة الكاتبة وَغَيرهم قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَهُوَ شيخ صَالح حسن الطَّرِيقَة متديِّن توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وستِّ مائَة)
3 - (فَخر الدّين الأنصاريّ المقدسيّ)
خَلِيل بن إِسْمَاعِيل بن نابت بالنُّون قبل الْألف المحدّث الْفَقِيه فَخر الدّين الأنصاريّ القدسيّ فَقِيه ذكي متيقّظ كثير الْعلم حسن الْبَحْث فَاضل فِي الحَدِيث رَحل إِلَى مصر ودمشق وَلَقي الْمَشَايِخ وَكتب وَكَانَ محدّث الْقُدس ومفيده روى عَن العزّ الحرّانيّ وروى عَنهُ ابْن الخبّاز وَتُوفِّي سنة سبع مائَة
3 - (أَبُو زكّار الشَّيبانيّ)
الْخَلِيل بن زكريّاء الشَّيبانيّ أَبُو زكَّار البصريّ وَقدم بَغْدَاد وحدّث بهَا عَن حبيب ابْن الشّهيد وَهِشَام بن حسّان وَمُحَمّد بن ثَابت الْبنانِيّ وَعَمْرو بن عبيد ومجالد ابْن سعيد وَعبد الله بن عون وعامَّة أَحَادِيثه مَنَاكِير لم يُتَابع عَلَيْهَا قَالَ محبّ الدّين ابْن النَّجار وَلم أر لمن تقدم فِيهِ قولا وَقد تكلمُوا فِي من كَانَ خيرا مِنْهُ بدرجات لِأَن عامّة أَحَادِيثه مَنَاكِير
3 - (أَبُو إِبْرَاهِيم القرائيّ)
الْخَلِيل بن عبد الْجَبَّار بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن زُهَيْر بن أَسد بن يزِيد بن عبيد الله التميميّ أَبُو ابراهيم القرائي من أهل(13/246)
قزوين من بَيت الحَدِيث وَالرِّوَايَة رَحل إِلَى خُرَاسَان والشّام ومصر وَلَقي الْمَشَايِخ وَهُوَ محدِّث ابْن محدِّث ابْن محدِّث ابْن محدِّث ابْن محدِّث خَمْسَة وبيتهم فِي الْعلم قديم قَالَ محبّ الدّين ابْن النَّجار وأمارة الصدْق على أزائه حِين تأملتها
3 - (أَبُو إِسْمَاعِيل الصّوفي الْمُرَتّب)
الْخَلِيل بن عبد العفَّار بن يُوسُف السَّهرورديّ أَبُو إِسْمَاعِيل الصُّوفي الْمُرَتّب بِالْمَدْرَسَةِ النظامية كَانَ يذكر أَنه من ولد عمر بن عبد الْعَزِيز صحب أَبَا النجيب السَّهروردي مُدَّة وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن جمَاعَة كَأبي الْفَتْح بن البطِّي وَأحمد بن المقرّب وَغَيره وَلم يرو من)
الحَدِيث شَيْئا توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (الْحَافِظ الخليليّ)
الْخَلِيل بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو يعلى الخليليّ القزوينيّ الْحَافِظ المحدّث مصنِّف الْإِرْشَاد فِي معرفَة المحدِّثين كَانَ ثِقَة حَافِظًا عَارِفًا بالعلل وَالرِّجَال عالي الْإِسْنَاد روى عَنهُ أَبُو بكر بن لال مَعَ تقدُّمه وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
3 - (صفيّ الدّين الحنبليّ)
خَلِيل بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن صدّيق الإِمَام صفيّ الدّين أَبُو الصَّفا المراغي المقرىء الحنبليّ
قَرَأَ الْقرَاءَات بِدِمَشْق على تقيّ الدّين ابْن ناسويه بالعشر وَسمع من ابْن الحرستاني وَأبي الْفتُوح الْبكْرِيّ وَابْن ملاعب وَغَيرهم وَكَانَ عَارِفًا بِالْمذهبِ وَالْخلاف والطبّ وَغير ذَلِك
درَّس وأقرأ الْقرَاءَات وَكَانَ وافر الدّيانَة كثير الْوَرع أَخذ عَنهُ الدِّمياطي وَابْن الظَّاهري وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْحَارِثِيّ وَالشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وَخلق وَقد نَاب فِي الحكم وشكرت سيرته وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وستّ مائَة
3 - (الجلاهقيّ)
الْخَلِيل بن جمَاعَة المصريّ الجلاهقي نِسْبَة إِلَى الرّمي بقوس البندق كَانَ فِي زمن الرشيد بِاللَّه هرون أورد لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي مُعْجم الشُّعراء من السَّرِيع(13/247)
(تفاحةٌ من عِنْد تفاحةٍ ... قد أودعت مسكا نَوَاحِيهَا)
(بتُّ أناجيها بِعَين الْهوى ... طوراً وأخشى من تجنِّيها)
(فَلَو تراني واحتفالي بهَا ... كَأَن من أرسلها فِيهَا)
3 - (نجم الدّين الْحَمَوِيّ الحنفيّ)
خَلِيل بن عليّ بن الْحُسَيْن نجم الدّين الحنفيّ الحمويّ قدم دمشق وتفقه بهَا وخدم المعظِّم
وأرسله ابْن شكر إِلَى بَغْدَاد ودرَّس فِي الزّنجارية بِدِمَشْق وناب عَن القَاضِي الرفيع فِي الْقَضَاء وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وستّ مائَة
3 - (خليلان الْمُغنِي)
الْخَلِيل بن عَمْرو المكيّ الْمعلم الْمُغنِي الْمَعْرُوف بخليلان مولى بني عَامر بن لؤَي قَالَ أَبُو الْفرج مثل لَا يعرف لَهُ صَنْعَة غير هَذَا الصَّوْت وَكَانَ يؤدّب الصِّبيان ويلقِّنهم الْقُرْآن والخط)
ويلعَّم الْجَوَارِي الْغناء فِي مَوضِع وَاحِد قَالَ مُحَمَّد ابْن حُسَيْن كنت يَوْمًا عِنْده وَهُوَ يردد على صبيّ يقْرَأ بَين يَدَيْهِ وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضلَّ عَن سَبِيل الله بِغَيْر علمٍ ثمَّ يلْتَفت إِلَى صبيَّة بَين يَدَيْهِ فيردد عَلَيْهَا من السَّرِيع
(عَاد لهَذَا الْقلب بلباله ... إِذْ قرِّبت للبين أجماله)
فَضَحكت ضحكاً مفرطاً لما فعله فَالْتَفت إليّ فَقَالَ وَيلك مَا لَك فَقلت أتنكر ضحكي مِمَّا تفعل وَالله مَا سَبَقَك إِلَى هَذَا أحد ثمَّ قلت انْظُر أيَّ شَيْء أخذت على الصَّبِي من الْقُرْآن وأيَّ شَيْء هُوَ ذَا تلقي على الصبيَّة وَالله إِنِّي لأظنك مِمَّن يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله فَقَالَ أَرْجُو أَن لَا أكون كَذَلِك إِن شَاءَ الله
3 - (خَلِيل بن خَاص ترك)
الْأَمِير صَلَاح الدّين ابْن الْأَمِير سيف الدّين تقدّم ذكر وَالِده فِي مَكَانَهُ وَلما توفّي وَالِده رَحمَه الله أسْند وصيّته إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ هَذَا الْأَمِير صَلَاح الدّين كَانَ صَغِيرا فربّاه أحسن تربية وأزوجه وَكَانَ يَوْم العقد حافلاً أنشأت صداقه وقرأته يَوْم ذَاك وَاسْتمرّ فِي إمرة الْعشْرَة إِلَّا أَن توجّه الفخريّ بالعسكر(13/248)
الشاميّ إِلَى الديار المصرية أَيَّام النَّاصِر أَحْمد فَلَمَّا رَآهُ السُّلْطَان أمره بالْمقَام فِي الْقَاهِرَة وَأَعْطَاهُ طبلخاناه فَأَقَامَ بهَا وَكَانَ ممّن يتردّد إِلَى الْحِجَازِي فَلَمَّا أَن قتل الحجازيّ لحقه شواظ من ناره ثمَّ إِنَّه أخرج إِلَى الشَّام فِي أَوَائِل سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَهُوَ من أحسن الأشكال وأجمل الْوُجُوه لم ينْبت بِوَجْهِهِ شعر وَله بَين عَيْنَيْهِ خَال حسن فِي مَكَان البلج
3 - (الْأَمِير ابْن البرجميّ)
خَلِيل ابْن البرجمي الْأَمِير حسان الدّين أعرفهُ وَهُوَ يتحدّث فِي نِيَابَة ديوَان الْأَمِير سيف الدّين بشتاك بِالشَّام ثمَّ إِنَّه تحدَّث فِي ديوَان الْكَامِل قبل أَن يَلِي الْملك وَلما ولي الْكَامِل الْملك طلبه إِلَى مصر ورسم لَهُ بطبلخاناه وشدّ الدَّوَاوِين بِالشَّام وخلع عَلَيْهِ وجهزّه إِلَى الشَّام وَمَعَهُ عَلَاء الدّين بن الحرَّاني نَاظر النُّظار بالشّام فباشر ذَلِك لم يزل على حَاله مُدَّة ولَايَة الْكَامِل وَلما خلع الْكَامِل أخذت الطبلخاناة من الْأَمِير حسام الدّين الْمَذْكُور وَاسْتمرّ بطّالاً إِلَى أَن كتب لَهُ بِعشْرَة الْأَمِير بدر لدين صَدَقَة ابْن الحاجّ بيدمر فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه فَلَمَّا حضر منشوره بذلك من مصر صُحْبَة البريدي كَانَ قد انْقَطع قبل بيومٍ وَنَفث دَمًا وَمَات ثَانِي)
يومٍ تَاسِع عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة تسعٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائةٍ فِي طاعون دمشق رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْأَشْرَف بن قلاون)
خَلِيل بن قلاون السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف صَلَاح الدّين ابْن السّلطان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاون الصّالحيّ جلس على تخت الْملك فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وستّ مائَة بعد موت وَالِده واستفتح الْملك بِالْجِهَادِ وَسَار ونازل عكا وافتتحها ونظف الشَّام كُله من الفرنج ثمَّ سَار فِي السّنة الثَّانِيَة فنازل قلعة الرّوم وحاصرها خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا وافتتحها وَفِي السّنة الثَّالِثَة جَاءَتْهُ مَفَاتِيح قلعة بهسنى من غير قتالٍ إِلَى دمشق وَلَو طَالَتْ مدَّته لملك الْعرَاق وَغَيرهَا فَإِنَّهُ كَانَ بطلاً شجاعاً مقداماً مهيباً عَليّ الهمة يملاً الْعين ويرجف الْقلب وَكَانَ ضخماً سميناً كَبِير الْوَجْه بديع الْجمال مستدير اللّحية على وَجهه رونق الْحسن(13/249)
وهيبة السّلطنة وَكَانَ إِلَى جوده وبذله الْأَمْوَال فِي أغراضه الْمُنْتَهى تخافه الْمُلُوك فِي أقطارها أباد جمَاعَة من كبار الدولة وَكَانَ ومنهمكاً على اللّذات لَا يعبأ بالتحرّز على نَفسه لفرط شجاعته
توجَّه من الْقَاهِرَة فِي ثَالِث المحرّم سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة هُوَ والوزير شمس الدّين بن السّلعوس وأمراء دولته وفارقه وزيره من الطَّرَّانة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وعسف فِيهَا وظلم وصادر النَّاس وَنزل الْأَشْرَف بِأَرْض الحمّامات للصَّيد وَأقَام إِلَى يَوْم السَّبت ثَالِث عشر المحرّم فَلَمَّا كَانَ وَقت الْعَصْر وَهُوَ بتروجه حضر نَائِب السَّلطنة بيدرا وَجَمَاعَة من الْأُمَرَاء وَكَانَ الْأَشْرَف أمره بكرَة أَن يمْضِي بالدِّهليز ويتقدم ليتصيّد هُوَ وَيعود عشيّةً فأحاطوا بِهِ وَلَيْسَ مَعَه إِلَّا شهَاب الدّين ابْن الأشلِّ أَمِير شكاره فَابْتَدَرَهُ بيدرا فَضَربهُ بالسّيف قطع يَده فصاح حسام الدّين لاجين عَلَيْهِ وَقَالَ من يُرِيد الْملك تكون هَذِه ضَربته وضربه على كتفه حلَّه فَسقط إِلَى الأَرْض وَلم يكن مَعَه سيف بل كَانَ مشدود الْوسط بالبند ثمَّ جَاءَ سيف الدّين بهادر رَأس نوبَة فَأدْخل السَّيْف من أَسْفَله وَشقه إِلَى حلقه وتركوه طريحاً فِي الْبَريَّة والتفّوا على بيدرا وحلفوا لَهُ
وسَاق تَحت العصائب يطْلب الْقَاهِرَة وتسمَّى فِيمَا قيل بِالْملكِ الأوحد وَبَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَأصْبح يسيِّر فَلَمَّا ارْتَفع النَّهَار إِذا بطلبٍ كبيرٍ قد أقبل يقدمهُ زين الدّين كتبغا وحسام الدّين أستاذ الدَّار يطْلبُونَ بيدرا بِدَم أستاذهم وَذَلِكَ بالطَّرَّانة فحملوا عَلَيْهِ فتفرَّق عَنهُ أَكثر من مَعَه وَقتل فِي)
الْحَال وَحمل رَأسه على رمح وجاؤوا إِلَى الْقَاهِرَة فَلم يمكَّنهم الشُّجاعيّ من التَّعْدِيَة وَكَانَ نَائِب السلطنة فِي تِلْكَ السّفرة فَأمر بالشواني كلهَا فَربطت إِلَى الْجَانِب الآخر وَنزل الْجَيْش على الْجَانِب الغربي ثمَّ مشت بَينهم الرُّسُل على أَن يقيموا فِي السلطنة الْملك النَّاصِر مُحَمَّدًا أَخا الْأَشْرَف فتقرر ذَلِك وأجلسوه على التخت يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشر الْمحرم وَأَن يكون كتبغا أتابكه ووزيره الشُّجاعي واختفى حسام الدّين لاجين وقراسنقر المنصوري وَغَيرهمَا مِمَّن شَارك فِي قتلته
قَالَ شمس الدّين الْجَزرِي حَدثنِي الْأَمِير سيف الدّين أَبُو بكر المحفَّدار قَالَ كَانَ السُّلْطَان رَحمَه الله قد نفذني بكرَة إِلَى بيدرا بِأَن يتقدَّم بالعساكر فَلَمَّا قلت لَهُ ذَلِك نفر فيَّ وَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة كم يستعجلني ثمَّ إِنِّي حملت الزَّردخاه والثِّقل الَّذِي لي وَركبت فَبينا أَنا ورفيقي صارم الدّين الفخري وركن الدّين أَمِير جاندار عِنْد الْغُرُوب وَإِذا بنجَّاب قد أقبل فَقُلْنَا لَهُ أَيْن تركت السُّلطان فَقَالَ يطول الله أعماركم فِيهِ فبهتنا وَإِذا بالعصائب قد لاحت وَأَقْبل الْأُمَرَاء وبيدرا فِي الدّست فَجِئْنَا وَسلمنَا وسايره أَمِير جاندار وَقَالَ لَهُ يَا خوند هَذَا الَّذِي تمّ كَانَ بمشورة الْأُمَرَاء قَالَ نعم أَنا قتلته بمشورتهم وحضورهم وهاهم حُضُور وَكَانَ من جُمْلَتهمْ حسام الدّين لاجين وبهادر رَأس نوبَة وقراسنقر وَبدر الدّين بيسري ثمَّ إِن بيدرا شرع يعدِّد ذنُوبه وإهماله لأمور الْمُسلمين واستهتاره بالأمراء وتوزيره لِابْنِ السَّلعوس ثمَّ قَالَ رَأَيْتُمْ الْأَمِير زين الدّين كتبغا قُلْنَا(13/250)
لَا فَقَالَ لَهُ أَمِير جاندار كَانَ عِنْده علم من هَذِه الْقَضِيَّة قَالَ نعم هُوَ أول من أَشَارَ بهَا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ كتبغا فِي طلب نَحْو أَلفَيْنِ من الخاصَّكية وَغَيرهم ثمَّ قَالَ كتبغا لبيدرا أَيْن السّلطان ورماه بالنشّاب ورموا كلّهم بالنشّاب وقتلوه وتفرَّق جمعه قَالَ فَلَمَّا رَأينَا ذَلِك التجأنا إِلَى جبلٍ واختلطنا بِالطَّلَبِ الَّذِي جَاءَ فَعرفنَا بعض أَصْحَابنَا فَقَالَ لنا شدّوا بالعجلة مناديلكم فِي أرقابكم إِلَى تَحت الْإِبِط يَعْنِي شعارهم
قَالَ ابْن المحفَّدار وَسَأَلت شهَاب الدّين ابْن الأشلّ كَيفَ كَانَ قتل السُّلْطَان قَالَ جَاءَ إِلَيْهِ بعد رحيل الدّهليز الْخَبَر أَن بترُّوجة طيراً كثيرا فَقَالَ لي امش بِنَا حَتَّى نسبق الخاصَّكيَّة فَرَكبْنَا وسرنا فَرَأَيْنَا طيراً كثيرا فَرمى بالبندق وصرع كثيرا ثمَّ قَالَ أَنا جيعان فَهَل مَعَك شيءٌ تطعمني فَقلت مَا معي سوى فرُّوجة ورغيف فِي سولقي فَقَالَ هاته فناولته فَأَكله ثمَّ قَالَ امسك فرسي حَتَّى أبول قَالَ فَقلت مَا فِيهَا حِيلَة أَنْت رَاكب حصان وَأَنا رَاكب حجر وَمَا)
يتفقان فَقَالَ انْزِلْ أَنْت واركب خَلْفي وأركب أَنا الْحجر الَّتِي لَك وَهِي تقف مَعَ الحصان إِذا كنت فَوْقه فَنزلت وناولته لجامها وَركبت خَلفه ثمَّ نزل هُوَ وَجعل يريق المَاء ويولع بِذكرِهِ ويمازحني ثمَّ ركب حصانه وَأمْسك الْحجر لي حَتَّى ركبت وَإِذا بغبار عَظِيم فَقَالَ لي سُقْ واكشف الْخَبَر فسقت وَإِذا ببيدرا والأمراء فسألتهم عَن سَبَب مجيئهم فَلم يردّوا عليّ وَسَاقُوا إِلَى السُّلْطَان وقتلوه ثمَّ إِنَّه بعد يَوْمَيْنِ طلع وَالِي ترّوجة وغسلوه وكفّنوه ووضعوه فِي تَابُوت وسيَّروا من الْقَاهِرَة الْأَمِير سعد الدّين كوجبا الناصري فأحضر التابوت وَدفن فِي تربة والدته وَذَلِكَ سنة ثلاثٍ وَتِسْعين وستّ مائَة وَكَانَ من أَبنَاء الثَّلَاثِينَ أَو أقلّ
ذكر فتوحاته عكا وصور وصيدا وبيروت وقلعة الرّوم وبهسنى وَجَمِيع السَّاحِل فِي أقرب مُدَّة وَكَانَ مُدَّة ملكه ثَلَاث سِنِين وشهرين وَخَمْسَة أَيَّام وَكَانَ كرمه زَائِدا وإطلاقاته عَظِيمَة
وَكَانَت واقعته تسمَّى وقْعَة الْأَيْدِي والأكتاف لِأَن جَمِيع من وَافق عَلَيْهِ قطِّعت أَيْديهم أَولا وَفِيهِمْ من سمِّر وَفِيهِمْ من أحرق وَفِيهِمْ من قتل وَلم يجدَّد فِي زَمَانه مظْلمَة وَلَا استجد ضَمَان مكس وَكَانَ يحب الشّام وَأَهله وَحدثت أَنه كَانَ بِدِمَشْق قبل ولَايَة الْأَشْرَف يُؤْخَذ عِنْد بَاب الْجَابِيَة على كل حملٍ يحمل غلَّةً خَمْسَة دَرَاهِم مكساً فَأول ولَايَة الْأَشْرَف وَردت إِلَى دمشق محامحة بِإِسْقَاط ذَلِك المكس وَبَين سطور المرسوم بذلك بِخَطِّهِ بقلم الْعَلامَة ولتسقط عَن رعايانا هَذِه الظُّلامة ويستجلب الدُّعَاء لنا من الخاصّة والعامّة من الْبَسِيط
(وأزرق الصُّبح يَبْدُو قبل أبيضه ... وَأول الْغَيْث قطرٌ ثمَّ ينسكب)
قلت هَكَذَا حدِّثت فَإِن كَانَ هَذَا من عِنْد السُّلْطَان نَفسه فَهَذِهِ غَايَة فِي البراعة وَإِن كَانَ من الكتّاب أَملوهُ عَلَيْهِ وَقت الْعَلامَة فَهِيَ أَيْضا دَالَّة على تيقُّظه كَونه كتب ذَلِك بقلمه لِأَنَّهُ أعجبه ولاق بِقَلْبِه وَمَا الْأَمر بِبَعِيد فَإِن صَلَاح الدّين يُوسُف بن عبيد الله أحد كتاب الْإِنْشَاء بِمصْر(13/251)
أَخْبرنِي أَن الْملك الْأَشْرَف لما تولَّى الْملك منعنَا أَن نكتب إِلَى أحد بدعاءٍ فِي أول الْمُكَاتبَة مثل حرس الله نعْمَة الْمجْلس العالي وَمَا أشبه ذَلِك وَقَالَ من هُوَ الَّذِي افْتتح خطابه بِالدُّعَاءِ لَهُ وَقَالَ كَانَ يتأمَّل مَا يعلم عَلَيْهِ من أَوله إِلَى آخِره فَمَا أرضاه علّم عَلَيْهِ وَمَا لم يرضه خرَّج فِيهِ مَا أَرَادَ وَقَالَ لي كَانَ قد عظم فِي الآخر إِلَى أَن صَار لَا يكْتب اسْمه وَإِنَّمَا يكْتب خَ إِشَارَة إِلَى أوَّل حرف من اسْمه وَقَالَ إِنَّه لما توفّي فتح الدّين بن عبد الظَّاهِر ورتِّب عماد الدّين بن الْأَثِير مَكَانَهُ جَاءَت إِلَيْهِ ورقة بخطّ السّلطان فِيهَا مَكْتُوب يَا عماد اكْتُبْ بَكَيْت وَكَيْت)
ثمَّ بعد مدةٍ جَاءَت ورقة فِيهَا مَكْتُوب يَا عماد الدّين اكْتُبْ بِكَذَا وَكَذَا ثمَّ بعد مدةٍ جَاءَت ورقة مَكْتُوب فِيهَا يَا عماد الدّين كَاتب سرنا اكْتُبْ بِكَذَا وَكَذَا أَو كَمَا قَالَ وَكَانَ الموقّعون أَولا يَكْتُبُونَ فِي الطُّرَّة إِشَارَة إِلَى مَا يعلّمه السُّلْطَان على قدر الْمُكَاتبَة أما أَن يكْتب أَخُوهُ أَو يَقُولُونَ بيبرس أَو قلاون أَو خَلِيل بِحَسب من يكون من الْمُلُوك فَلَمَّا كَانَ فِي أَيَّام الْأَشْرَف أبطل ابْن عبد الظَّاهِر خَلِيل وَكتب الِاسْم الشريف فأعجبه ذَلِك وَأمر لَهُ لكل حرف بِأَلف دِرْهَم وَكَانَ قد منع كتَّاب الْإِنْشَاء أَن يكتبوا لأحدٍ فِي ألقابه الزعيمي وَقَالَ من هُوَ زعيم الجيوش غَيْرِي وَقَالَ لي القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله كَانَ عندنَا فِي أوراق عمي شرف الدّين جملَة كَبِيرَة بِخَط الْملك الْأَشْرَف إِلَيْهِ فِيهَا مَقَاصِد مَا يَكْتُبهُ عَنهُ قَالَ وَهِي عبارَة مسددة ومقاصد مستوفاة للغرض الْمَقْصُود وَفِي بعض تِلْكَ الأوراق بخطّ يَده عجبا لذهنك الوقّاد وفكرك النقَّاد كَيفَ فاتك هَذَا وَكَانَ فِيهَا مَا يكْتب إِلَى أبي نميّ وَمن جملَة ذَلِك فركنت إِلَى الظّاهر وَهُوَ أَخبث الطَّير وَأَنت أحذر الْوَحْش ونقلت من خطّ القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي سيرة الْأَشْرَف قَالَ مَا رَأَيْت وَلَا سَمِعت بأسبق من ذهنه إِلَى فهمٍ وَلَا أدْرك مِنْهُ لما يزِيل الْوَهم وَلَقَد كتبت عَنهُ واستكتبت فَمَا علَّم على مَكْتُوب قطُّ إِلَّا وقرأه جَمِيعه وَفهم أصُول الْمَكْتُوب وفروعه لَا بل واستدرك عليَّ وعَلى الكتَّاب وخرَّج أَشْيَاء كَثِيرَة مَعَه فِيهَا الصَّواب وَذَلِكَ بِحسن تعطّفٍ وتلطفٍ ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَمِمَّا جرى لَهُ أَنه فِي بعض الْأَيَّام جَالس فِي الميدان والقرّاء بَين يَدَيْهِ يقرأون الْقُرْآن فِي خلوته وَكَانَ وَالِده يحاصر طرابلس فَقَالَ نَصره الله تَعَالَى فِي هَذِه السَّاعَة أخذت طرابلس وشاع ذك عَنهُ وذاع وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَذَلِكَ لأمر كشفه الله لذهنه الشريف وأطلعه عَلَيْهِ إِن الْمُلُوك نقيَّة الأذهان وَفِيه يَقُول شمس الدّين مُحَمَّد بن سلمَان بن غانمٍ من المتقارب
(مليكان قد لقِّبا بالصَّلاح ... فَهَذَا خليلٌ وَذَا يُوسُف)
(فيوسف لَا شكَّ فِي فَضله ... وَلَكِن خليلٌ هُوَ الْأَشْرَف)
وَفِيه يَقُول الْحَكِيم شمس الدّين ابْن دانيال من الْبَسِيط
(خليلٌ تكسِّر أصنام الزَّمَان وَكم ... جبرت قوما وَلَكِن بَعضهم هُبل)
(وكلُّ نمروذ قد أودى بهامته ... ذُبَاب سَيْفك حَتَّى غاله الْأَجَل)
)
نقلت من خطّ محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر قَالَ الشَّيْخ الْفَقِيه الْعَالم الْفَاضِل شرف الدّين(13/252)
البوصيري رأى فِي مَنَامه قبل الْحَرَكَة إِلَى عكا فِي شَوَّال سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَقَالَ ذَلِك لجَماعَة شهدُوا بِصِحَّة ذَلِك وَكَأن قَائِلا ينشد من مخلع الْبَسِيط
(قد أَخذ الْمُسلمُونَ عكّا ... وأشبعوا الْكَافرين صكّا)
(وسَاق سلطاننا إِلَيْهِم ... خيلاً تدكُّ الْجبَال دكّا)
(وَأقسم التُّرك مُنْذُ سَارَتْ ... لَا تركُوا للفرنج ملكا)
وَقَالَ فِيهِ ابْن دانيال لما فتح عكا من الْخَفِيف
(مَا رأى النَّاس مثل ملكك ملكا ... مَلأ الْخَافِقين للحرب تركا)
وجيوشاً لَو صادمت جبل الشّرك لدكَّته بالسَّنابك دكا مِنْهَا قد رَأينَا وَأَنت أَنْت صَلَاح الدّين مَا كَانَ عَن سميِّك يحْكى صدت صيدا قنصا وصور وعثليث وبيروت بعد فتح عكّا وَله فِيهِ أمداح كَثِيرَة من ذَلِك من قصيدةٍ مدحه بهَا لما عمر الإيوان الَّذِي بالقلعة وَقد زخرفه وعلَّى قبَّته من الْبَسِيط
(وقبَّة هِيَ للأفلاك عاشرةٌ ... ودونها فِي علوّ الشان كيوان)
(كَأَنَّهَا الْعَالم العلويُّ تحرسها ... الْأَمْلَاك لم يدن مِنْهَا ثمَّ شَيْطَان)
(علت فأفلاكها الأفلاك فِي شرفٍ ... وتبرها الشُّهب والأركان أَرْكَان)
(وَأَنت يَا أشرف الْأَمْلَاك شمس علا ... سما بهَا وعَلى ظَنِّي سُلَيْمَان)
(وَتَحْت دهليزك الزاهي بزركشه ... من كلما تتمنَّى النَّفس ألوان)
(والجيش بالقبق الْمَنْصُور قد ولعوا ... بكلِّ طايشةٍ والقوس مرنان)
(كَأَنَّمَا الْعرض يَوْم الْعرض إِذْ عرضوا ... عَلَيْهِ صفّاً وللإعطاء ميزَان)
وَكَانَ مغرىً بالهدم لِأَنَّهُ هدم أَمَاكِن وَفِيه يَقُول عَلَاء الدّين الوداعيّ لما أَمر بهدم الْأَمَاكِن الَّتِي تجاور الميدان بِدِمَشْق ووزع عِمَارَته على الْأُمَرَاء وَمن خطه نقلت من السَّرِيع
(إِن أَمر السُّلْطَان فِي جلَّقٍ ... بهدم مَا ضايق ميدانه)
(فَإِنَّهُ قد غَار لمّا رأى ... غير بيُوت الله جِيرَانه)
)
وَقَالَ أَيْضا من الوافر
(أرى الْأُمَرَاء قد جدُّوا وجادوا ... وشدُّوا فِي بنائهم وشادوا)
(وهم متسابقون وَلَا عجيبٌ ... فَفِي الميدان تستبق الْجِيَاد)(13/253)
وَقَالَ أَيْضا من الوافر
(جزيتم أَيهَا الْأُمَرَاء خيرا ... على إتقانكم هذي البنيّه)
(فَلَا تخشوا على الميدان شَيْئا ... سوى سيل العطايا الأشرفيه)
فاتفق أَن السُّلْطَان حضر بعد ذَلِك وَأنْفق فِي العساكر فِي الميدان فَقَالَ بَيْتَيْنِ أذكرهما فِي تَرْجَمَة الْأَمِير علم الدّين سنجر الشُّجاعي وَقَالَ أَيْضا فِي عمَارَة الميدان من الْكَامِل
(لَئِن ادَّعى ميداننا شرفاً إِلَى ... شرفيه لم ينْسب إِلَى الْإِسْرَاف)
(أَو مَا ترى الْأُمَرَاء فِي تعميره ... أضحوا فعول مجارفٍ وقفاف)
وَلما فتح الْملك الْأَشْرَف عكا امتدحه القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدته البائية الْمَشْهُورَة وَهِي من الْبَسِيط
(الْحَمد لله زَالَت دولة الصُّلب ... وعزَّ بالتُّرك دين الْمُصْطَفى الْعَرَبِيّ)
(هَذَا الَّذِي كَانَت الآمال لَو طلبت ... رُؤْيَاهُ فِي النّوم لاستحيت من الطّلب)
(مَا بعد عكا وَقد هدَّت قواعدها ... فِي الْبَحْر للشِّرك عِنْد البِّر من أرب)
(عقيلةٌ ذهبت أَيدي الخطوب بهَا ... دهراً وشدَّت عَلَيْهَا كفُّ مغتصب)
(لم يبْق من بعْدهَا للكفر مذ خربَتْ ... فِي البِّر وَالْبَحْر مَا يُنجي سوى الْهَرَب)
(كَانَت تخيّلنا آمالنا فنرى ... أنّ التفكُّر فِيهَا غَايَة الْعجب)
(أمُّ الحروب فكم قد أنشأت فتنا ... شَاب الْوَلِيد بهَا هولاً وَلم تشب)
(سوران برّاً وبحراً حول ساحتها ... دَارا وأدناهما أنأى من القطب)
(خرقاء أمنع سوريها وأحصنها ... غلب الرِّجَال وأقواها على النُّوب)
(مصفَّحٌ بصفاحٍ حولهَا أكمٌ ... من الرّماح وأبراجٌ من اليلب)
(مثل الغمائم تهدي من صواعقها ... بالنَّبل أَضْعَاف مَا تهدي من السُّحب)
(كَأَنَّمَا كلُّ برجٍ حوله فلكٌ ... من المجانيق يَرْمِي الأَرْض بالشُّهب)
(ففاجأتها جنود الله يقدمهَا ... غَضْبَان لله لَا للْملك والنِّشب)
)
(لَيْث أَبى أَن يردَّ الْوَجْه عَن أممٍ ... يدعونَ ربَّ العلى سُبْحَانَهُ بأب)
(كم رامها ورماها قبله ملكٌ ... جمُّ الجيوش فَلم يظفر وَلم تجب)
(لم يلهه ملكه بل فِي أَوَائِله ... نَالَ الَّذِي لم ينله النَّاس فِي الحقب)
(لم ترض همَّته إِلَّا الَّذِي قعدت ... للعجز عَنهُ مُلُوك الْعَجم وَالْعرب)
(فَأَصْبَحت وَهِي فِي بحرين ماثلةً ... مَا بَين مضطرمٍ نَارا ومضطرب)(13/254)
(جيشٌ من التُّرك ترك الْحَرْب عِنْدهم ... عارٌ وراحتهم ضربٌ من الضَّرب)
خَاضُوا إِلَيْهَا الرَّدى وَالْبَحْر فَاشْتَبَهَ الْأَمْرَانِ وَاخْتلفَا فِي الْحَال والسَّبب
(تسنَّموها فَلم يتْرك تسنُّمهم ... فِي ذَلِك الْأُفق برجاً غير مُنْقَلب)
(تسلَّموها فَلم تخل الرّقاب بهَا ... من فتك منتقمٍ أَو كفِّ منتهب)
(أَتَوا حماها فَلم يمْنَع وَقد وَثبُوا ... عَنْهَا مجانيقهم شَيْئا وَلم تثب)
(يَا يَوْم عكا لقد أنسيت مَا سبقت ... بِهِ الْفتُوح وَمَا قد خطَّ فِي الْكتب)
(لم يبلغ النُّطق حدَّ الشُّكْر مِنْك فَمَا ... عَسى يقوم بِهِ ذُو الشّعْر والخطب)
(كَانَت تمنِّي بك الْأَيَّام مبعدةً ... فَالْحَمْد لله نلنا ذَاك عَن كثب)
(أغضبت عبّاد عِيسَى إِذْ أبدتهم ... لله أيُّ رضى فِي ذَلِك الْغَضَب)
(وأطلع الله جَيش النَّصْر فابتدرت ... طلائع الْفَتْح بَين السُّمر والقضب)
(وأشرف الْمُصْطَفى الْهَادِي البشير على ... مَا أسلف الْأَشْرَف السُّلْطَان من قرب)
(فقرَّ عينا بِهَذَا الْفَتْح وابتهجت ... بفتحه الْكَعْبَة الغرّاء فِي الْحجب)
(وَسَار فِي الأَرْض سير الرّيح سمعته ... فالبُّر فِي طربٍ وَالْبَحْر فِي حَرْب)
(وخاضت الْبيض فِي بَحر الدِّمَاء وَمَا ... أبدت من الْبيض إلاَّ سَاق مختضب)
(وغاص زرق القنا فِي زرق أَعينهم ... كنها شطنٌ تهوي إِلَى قلب)
(توقَّدت وَهِي غرقى فِي دِمَائِهِمْ ... فزادها الطَّفح مِنْهَا شدَّة اللهب)
(أجرت إِلَى الْبَحْر بحراً من دِمَائِهِمْ ... فراح كالراح إِذْ غرقاه كالحبب)
(وذاب من حرِّها عَنْهُم حديدهم ... فقيَّدتهم بِهِ ذعراً يَد الرَّهب)
(تحكَّمت وسطت فيهم قواضبها ... قتلا وعفَّت لحاويها عَن السَّلب)
(كم أبرزت بطلاً كالطَّود قد بطلت ... حواسُّه فغدا كالمنزل الخرب)
)
(كَأَنَّهُ وَسنَان الرمْح يَطْلُبهُ ... برجٌ هوى ووراه كَوْكَب الذَّنب)
(بِشِرَاك يَا ملك الدُّنْيَا لقد شرفت ... بك الممالك واستعلت على الرُّتب)
(مَا بعد عكّا وَقد لانت عريكتها ... لديك شيءٌ تلاقيه على تَعب)
(فانهض إِلَى الأَرْض فالدّنيا بأجمعها ... مدَّت إِلَيْك فواصلها بِلَا نصب)(13/255)
(كم قد دعت وَهِي فِي أسر العدى زَمنا ... صيد الْمُلُوك فَلم تسمع وَلم تجب)
(أتيتها يَا صَلَاح الدّين مُعْتَقدًا ... بأنَّ دَاعِي صَلَاح الدّين لن يخب)
(أسلت فِيهَا كَمَا سَالَتْ دِمَاؤُهُمْ ... من قبل إحرازها بحراً من الذَّهَب)
(أدْركْت ثأر صَلَاح الدّين إِذْ غصبت ... مِنْهُ لسرٍّ طواه الله فِي اللَّقب)
(وجئتها بجيوشٍ كالسيول على ... أَمْثَالهَا بَين آجامٍ من القضب)
(وحطتها بالمجانيق الَّتِي وقفت ... إزاء جدرانها فِي جحفلٍ لجب)
(مَرْفُوعَة نصبوا أضعافها فغدا ... للكسر والحطم مِنْهَا كلُّ منتصب)
(ورضتها بنقوبٍ ذلَّلت شمماً ... مِنْهَا وأبدت محيّاها بِلَا تَعب)
(وغنَّت الْبيض فِي الْأَعْنَاق فارتقصت ... أبراجها لعباً مِنْهُنَّ باللُّعب)
(وخلَّقت بِالدَّمِ الأسوار فانفغمت ... طيبا وَلَوْلَا دِمَاء الْخبث لم تطب)
(وأبرزت كلَّ خودٍ كاعبٍ نثرت ... رؤوسهم حِين زفوها بِلَا طربٍ)
(باتت وَقد جاورتنا ناشزاً وغدت ... طوع الْهوى فِي يَدي جِيرَانهَا الْجنب)
(بل أحرزتهم وَلَكِن للسيوف لكَي ... لَا يلتجي أحدٌ مِنْهُم إِلَى الْهَرَب)
(وجالت النَّار فِي أرجائها وعلت ... فأطفأت مَا بصدر الدّين من كرب)
(أضحت أَبَا لهبٍ تِلْكَ البروج وَقد ... كَانَت بتعليقها حمَّالة الْحَطب)
(وأفلت الْبَحْر مِنْهُم من يخبِّر من ... يلقاه من قومه بِالْوَيْلِ وَالْحَرب)
(وتمَّت النِّعْمَة الْعُظْمَى وَقد كملت ... بِفَتْح صور بِلَا حصرٍ وَلَا نصب)
(أختَان فِي أنّ كلا مِنْهُمَا جمعت ... صليبة الْكفْر لَا أختَان فِي النّسَب)
(لما رَأَتْ أُخْتهَا بالْأَمْس قد خربَتْ ... كَانَ الخراب لَهَا أعدى من الجرب)
(الله أَعْطَاك ملك الْبَحْر إِذْ جمعت ... لَك السَّعَادَة ملك الْبر وَالْعرب)
(من كَانَ مبدأه عكا وصور مَعًا ... فالصين أدنى إِلَى كفِّيه من حلب)
)
(علا بك الْملك حَتَّى أَن قبَّته ... على البرايا غَدَتْ ممدودة الطنب)
(فَلَا بَرحت قرير الْعين مبتهجاً ... بكلِّ فتحٍ مُبين الْمنح مرتقب)
3 - (الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي الشّافعي)
خَلِيل بن كيكلدي الشَّيْخ الإِمَام العلاّمة(13/256)
الْحَافِظ المحدّث الْفَقِيه الأصولي الأديب صَلَاح الدّين بن العلائي الدِّمَشْقِي الشّافعي ولد فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَتِسْعين وستّ مائَة أول سَمَاعه صَحِيح مُسلم سنة ثلاثٍ وَسبع مائةٍ على الشَّيْخ شرف الدّين الْفَزارِيّ خطيب دمشق عَن الْمَشَايِخ الْأَرْبَعَة عشر وفيهَا كمَّل عَلَيْهِ ختم الْقُرْآن الْعَظِيم ثمَّ إِنَّه سمع البخاريّ على ابْن مشرّف سنة أَربع وَسبع مائَة وفيهَا ابْتَدَأَ بِقِرَاءَة الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا على الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي وَالْفِقْه والفرائض على الشَّيْخ زكيّ الدّين زكري ثمَّ إِنَّه جدَّ فِي طلب الحَدِيث سنة عشر وَسبع مائَة وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على القَاضِي تقيّ الدّين سُلَيْمَان الْحَنْبَلِيّ الْكثير وعَلى أبي بكر بن عبد الدَّائِم وَعِيسَى المطعِّم وَإِسْمَاعِيل بن مَكْتُوم وَعبد الْأَحَد بن تيميَّة وَالقَاسِم بن عَسَاكِر وَابْن عَمه إِسْمَاعِيل وَهَذِه الطَّبَقَة وَمن بعْدهَا وشيوخه بالسّماع نَحْو سبع مائَة شيخ وَمن مسموعاته الْكتب السِّتَّة وغالب دواوين الحَدِيث وَقد علَّق ذَلِك فِي مُجَلد سَمَّاهُ إثارة الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْإِشَارَة إِلَى الفرائد المسموعة وَمن تصانيفه أَيْضا كتاب النّفحات القدسية فِي مُجَلد كَبِير يشْتَمل على تَفْسِير آيَات وَشرح أَحَادِيث ذكره مواعيد حفظا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكتاب الْأَرْبَعين فِي أَعمال الْمُتَّقِينَ فِي سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا وَكتاب تحفة الرائض بعلوم آيَات الْفَرَائِض وبرهان التّيسير فِي عنوان التَّفْسِير وإحكام العنوان لأحكام الْقُرْآن ونزهة السَّفرة فِي تَفْسِير خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة والمباحث المختارة فِي تَفْسِير آيَة الدِّية والكفَّارة ونظم الفرائد لما تضمَّنه حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ من الْفَوَائِد وَتَحْقِيق المُرَاد فِي أنّ النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد وتفصيل الْإِجْمَال فِي تعَارض الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي نيَّة الصِّيام وشفاء المسترشدين فِي حكم اخْتِلَاف الْمُجْتَهدين وَرفع الِاشْتِبَاه عَن أَحْكَام الْإِكْرَاه وَغير ذَلِك
وَمن تصانيفه ممَّا لم يتمّ إِلَى يومئذٍ كتاب نِهَايَة الإحكام لدراية الْأَحْكَام وَكتاب الْأَرْبَعين الْكُبْرَى يَقع كل حَدِيث مِنْهَا بِطرقِهِ وَالْكَلَام عَلَيْهِ فِي مُجَلد وَله التعليقات الْأَرْبَع الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَالصُّغْرَى والمصرية فِي اثْنَي عشر مجلداً وَمن الْأَجْزَاء الحديثية مَا يطول ذكره
وخرّج للْقَاضِي تَقِيّ الدّين وَجَمَاعَة من الشُّيُوخ وَكَانَ أَولا يعاني الجندية ثمَّ إِنَّه فِي سنّ خمس)
عشرَة وَسبع ماية عاود الِاشْتِغَال بالفقه والأصولين وَغير ذَلِك فحفظ التَّنْبِيه ومختصر ابْن الْحَاجِب ومقدمتيه فِي النَّحْو والتصريف ولباب الْأَرْبَعين فِي أصُول الدّين لسراج الدّين(13/257)
الأرموي وَكتاب الْإِلْمَام فِي الْأَحْكَام وعلَّق عَلَيْهِ حَوَاشِي ثمَّ إِنَّه رَحل صُحْبَة الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزّملكاني إِلَى زِيَارَة الْقُدس سنة سبع عشرَة وَسبع مائَة وَسمع من زَيْنَب ابْنة سكن وَغَيرهَا ولازم الشَّيْخ كَمَال الدّين الْمَذْكُور سفرا وحضراً وعلق عَنهُ كثيرا وَحج مَعَه سنة عشْرين وَسبع مائَة وَسمع بِمَكَّة من الشَّيْخ رَضِي الدّين الطَّبري ولازم الْقِرَاءَة على الشَّيْخ برهَان الدّين الْفَزارِيّ فِي الْفِقْه وَالْأُصُول مُدَّة سِنِين وخرّج لَهُ مشيخةً وَغَيرهَا وَولي تدريس الحَدِيث بالناصرية سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة ثمَّ إِنَّه درَّس بالأسدية سنة ثلاثٍ وَعشْرين وَسبع مائَة وَأفْتى بِإِذن الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني وقاضي الْقُضَاة سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة ثمَّ درّس بِحَلقَة صَاحب حمص سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة ثمَّ انْتقل إِلَى تدريس الْمدرسَة الصلاحية بالقدس سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَأقَام بِهِ إِلَى يومئذٍ وتولّى مشيخة دَار الحَدِيث السيفية بالقدس اجْتمعت بِهِ غير مرةٍ بِدِمَشْق والقدس والقاهرة وَأخذت من فَوَائده فِي كل علمٍ وَقل أَن رَأَيْت مثله فِي تَحْقِيق مَا يَقُوله وتدقيقه ونقلت من خطله خطْبَة أَنْشَأَهَا لدرس دَار الحَدِيث بِحَلقَة صَاحب حمص وَهِي الْحَمد لله الَّذِي رفع متن الْعلمَاء وَجعل لَهُم من لَدنه سنداً وَأبقى حَدِيثهمْ الْحسن على الْإِمْلَاء أبدا وأمدَّهم بمتابعات كرمه الْمَشْهُور فوصل مَا كَانَ مَقْطُوعًا وأعزّ مَا كَانَ مُفردا وَحمى ضَعِيف قُلُوبهم من الِاضْطِرَاب حَتَّى غَدَتْ ثَابِتَة الأفكار وعدَّل مَوَازِين نظرهم حِين رجحت بفضلهم البيِّن بشواهد الِاعْتِبَار وأنجز لَهُم من صَادِق وعده علوّ قدرهم الْمَرْفُوع وأطاب بألسنة الأقلام وأفواه المحابر مشافهة ثنائهم المسموع وَجعل شرفهم مَوْقُوفا عَلَيْهِم وَشرف من عاداهم من جملَة الْمَوْضُوع أَحْمَده على حَدِيث نعمه الْحسن المتّصل المتسلسل وتواتر مننه الَّتِي يدْفع بهَا تَدْلِيس كل أَمر معضل ومزيد كرمه الَّذِي عَم الْمُخْتَلف والمؤتلف فَلَا يَنْقَطِع وَلَا يُوقف على أَن يعلَّل وَأشْهد أَن لَا إِلَيْهِ إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة أتخذها لمنتقى الْخَيْر منهجاً وآنس بهَا يَوْم أمسي فِي جَانب اللَّحد غَرِيبا وَفِي طيِّ الأكفان مدرجاً
وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أفْصح من جَاءَ عَن ربه مُرْسلا وأنصح من خَاطب بوحيه حَتَّى أَمْسَى جَانب الشّرك متروكاً مهملاً الَّذِي رمى قُلُوب الْأَعْدَاء وجسومهم بالتجريح)
وطاعن بالعوالي حَتَّى استقام وَقَوي متن الدّين الصَّحِيح صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين أبادوا الْمُنكر وأربى على الْمُتَّفق والمفترق سنا مجدهم الْأَكْبَر صَلَاة مُعْتَبرَة الْإِيرَاد دَالَّة على أَنهم فِي فضل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة نعم السّادة الْأَفْرَاد
وَكتب إليّ من الْقُدس الشريف فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الطَّوِيل
(أَتَانِي كتابٌ مَا ظَفرت بندّه ... لِأَن نسيم الرَّوض طَابَ بندّه)
(وحلَّ فحلَّ ناظريَّ ومسمعي ... بلفظٍ يفوق الدرَّ فِي نظم عقده)
(وَأهْدى إِلَى قلبِي هدوّاً فقدته ... وأطفأ من جمر الحشا حرَّ وقده)
(وَمَا كنت أَرْجُو والحشا تلفت ظماً ... على نجل دهري أَن أفوز بورده)
(فقبَّلت من شوقي شفَاه سطوره ... شفاهاً فروَّى غلَّتي طيب برده)(13/258)
(وبتُّ أُنَاجِي فِيهِ إخلاص باطني ... وأتلو لما قد ضمَّ سُورَة حَمده)
(فَإِن قلت روضٌ كَانَ فِي ذَا محاسنٌ ... سوى مَا لروض الْحزن من نفح ورده)
(وَإِن قلت أفقٌ زَاد هَذَا بِأَنَّهُ ... بِهِ كلُّ نجمٍ حلَّ فِي أوج سعده)
(بعثت بِهِ جبرا لكسرٍ أصابني ... وَمَا كلُّ مولى يَشْتَهِي جبر عَبده)
(وحقَّقت أَن الودَّ مِنْك مؤكَّدٌ ... جزى الله مَوْلَانَا على حسن قَصده)
(أَقمت على عهد الصَّفاء وَلم تخن ... وَمثلك من يرْعَى مواثيق عَهده)
(جفاني أخلاّئي الَّذين ألفتهم ... وَأَنت خَلِيل سرَّتي حفظ ودِّه)
(إِلَيْك صَلَاح الدّين أهدي على النَّوى ... تَحِيَّة صبٍّ ضَاقَ صَدرا لبعده)
(فَإِن كَانَ يلقاك النسيم معنبراً ... فإنّ سلامي فِيهِ فاسمح بردّه)
وكتبت إِلَيْهِ وَقد ورد من الْقُدس الشريف إِلَى دمشق فِي سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة من الوافر
(أتيت إِلَى دمشق وَقد تشكَّت ... إِلَيْك لطول بعدٍ وانتزاح)
(وَكَانَت بعد بعْدك فِي فسادٍ ... وَجئْت لَهَا ففازت بالصلاح)
وَقد أجَاز لي كل مَا يجوز لَهُ تسميعه وَيكْتب فِي الاستدعاء بَيْتا مُفردا حسنا وَهُوَ من الطَّوِيل
(أجازهم المسؤول فِيهِ بِشَرْطِهِ ... خَلِيل بن كيكلدي العلائي كَاتبه)
وَهُوَ مثل مَا أكتب أَنا أَيْضا من المنسرح)
(أجَاز للسّائلين مَا سَأَلُوا ... فِيهِ خَلِيل بن أيبك الصّفدي)
وَكتب هُوَ إليّ لغزاً فِي قفل نظماً ونثراً مطوّلاً وأجبته عَنهُ بِمثلِهِ وَقد سقت الأَصْل وَالْجَوَاب فِي كتابي ألحان السَّواجع بَين البادي والراجع وكتبت لَهُ عدَّة تواقيع بتدريس الْمدرسَة الصلاحية بالقدس الشريف مِنْهَا مَا كتبته لَهُ عَن السّلطان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل ابْن الْملك النَّاصِر فِي سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة لما كنت بِالْقَاهِرَةِ وَلم تحضرني نسخته عِنْد تَعْلِيق هَذِه التَّرْجَمَة وَمِنْهَا أول توقيع كتبته لَهُ بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَت أوامره المطاعة تهدي إِلَى الْأَمَاكِن الشَّرِيفَة صلاحاً وترفع قدر من إِذا خطا فِي طلب الْعلم الشريف تضع لَهُ الْمَلَائِكَة جنَاحا أَن يرتب الْمجْلس السَّامِي الْفُلَانِيّ مدرساً بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية بالقدس الشريف أثاب الله واقفها لما اتّصف بِهِ من الْعُلُوم الَّتِي أتقنها حفظا وطرَّز بإيرادها المحافل فراقت فِي الْقُلُوب معنى وَفِي الأسماع لفظا فَهُوَ الحبر الَّذِي يفوق الْبَحْر بغزارة موادّه والعالم الَّذِي أصبح دم الشُّهَدَاء بأزاء مداده إِن نقل حكما فَمَا الْمُزنِيّ إِلَّا قَطْرَة فِي هتانه أَو رجَّح قولا فَمَا ابْن سريجٍ إِذا جاراه من خيل ميدانه أَو نَاظر خصما فَمَا ابْن الْخَطِيب مِمَّن يعد فِي أقرانه أَو استدلّ محتجَاً فَمَا يقطع السَّيْف إِلَّا بدليله وبرهانه فالماوردي حاوي مناقبه وَذكره وَأَبُو إِسْحَق صَاحب التَّنْبِيه على رفْعَة قدره وَمحله قد أضحت بِهِ وُجُوه(13/259)
الْأَصْحَاب سافرةً عَن الْحسن البارع والمنظر الْجَمِيل وأمست طرق الْمَذْهَب بدروسه وَاضِحَة الْإِمَارَة راجحة الدَّلِيل وَلذَلِك ندب لنشر الْعلم الشريف بذلك الْقطر الْجَلِيل وَاسْتحق لفضله الْأَقْصَى أَن تكون حَضْرَة الْقُدس مقَام الْخَلِيل فليورد من فَضله الباهر هُنَاكَ مَا يحيي مَذْهَب ابْن إِدْرِيس بدرسه وينشر ميت الْعلم حَتَّى يكون روحاً فِي قدسه وليتعهد الطّلبَة بِالْحِفْظِ والبحث فَإِنَّهُمَا للْعلم كالجناحين وليقف عِنْد مَا شَرطه الْوَاقِف أثابه الله الْجنَّة فَمَا يفْسد أَمر وَقع بَين صلاحين وتقوى الله عز وَجل زِينَة الْعلم فليجعلها طراز لبسه وجمال الْعلم فليدخرها فِي الْخَيْر على أمسه وَالله تَعَالَى يزِيدهُ فضلا إِلَى فَضله وينشر بِهِ أَعْلَام الْعلم الَّتِي تخفق على رُؤُوس أَهله بمنِّه وَكَرمه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(أَبُو الْجَيْش بن طولون)
خمارويه بن أَحْمد أَبُو الْجَيْش الْأَمِير ابْن الْأَمِير الطولوني ولي إمرة دمشق ومصر والثغور بعد أَبِيه وَكَانَ جواداً ممدَّحاً ولد سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ مُسْرِفًا فِي الْإِنْفَاق غنَّى لَهُ مغنٍّ بمرج عذراء قَول الشَّاعِر من الرجز
(قد قلت لما هاج قلبِي الذكرى ... واعترضت وسط السَّما الشِّعرى)
مَا أطيب الْعَيْش بسرَّ مرَّى فغيَّره المغنيِّ وَقَالَ مَا أطيب الْعَيْش بمرج عذرا فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِينَار وَلما ولي المعتضد بعث إِلَيْهِ خمارويه بتحفٍ كثيرةٍ وَسَأَلَهُ أَن يزوِّج ابْنَته قطر النّدى لوده المستكفي بِاللَّه فَقَالَ بل أَنا أتزوَّج بهَا فتزوَّج بهَا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَدخل بهَا فِي آخر الْعَام وَأصْدقهَا(13/260)
ألف ألف درهمٍ وَأدْخل أَبوهَا مَعهَا ألف هاون ذهب وَالله أعلم بِصِحَّة ذَلِك وَالْتزم أَن يحمل للمعتضد فِي كل سنةٍ مِائَتي ألف دينارٍ بعد الْقيام بمصالح بِلَاده وَكَانَ كثير اللّواط بالخدم فَدخل الحمّام وَأَرَادَ الْفَاحِشَة من أمردٍ فتمنَّع فَأمر أَن يدْخل فِي دبره يَد كرنيب غليظ مدوَّر فَفعل بِهِ فصاح واضطرب فِي الحمّام إِلَى أَن مَاتَ فَأَبْغضُوهُ الخدم واستفتوا الْعلمَاء فِي حدّ اللواطيّ فَقَالُوا حدُّه الْقَتْل فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة فِي قصره بدير مرّان ظَاهر دمشق وهربوا فظفر بهم طغج بن جفّ الْأَمِير فأدخلهم مشهورين وَضرب أَعْنَاقهم وَنقل إِلَى مصر وَدفن عِنْد أَبِيه وَقيل أَنه دفن بحوران قَرِيبا من قبر أبي عبيدٍ البسريّ وَأَنه رُؤِيَ فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي ورحمني عَادَتْ عليّ مجاورة أبي عبيدٍ البسريّ
وَكَانَ كثير التنزّه بمرج عذراء وَكَانَ مرّةً على نهر ثورا فانحدر أعرابيّ من الْجَبَل فأنشده من الْبَسِيط
(إِن السِّنان وحدَّ السِّيف لَو نطقا ... لحدَّثا عَنْك بَين النّاس بالعجب)
(أفنيت مَالك تعطيه وتنهبه ... يَا آفَة الفضّة الْبَيْضَاء والذّهب)
وَفِي سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ تحرّك الأفشين مُحَمَّد بن أبي السّاج ذيوذاد ابْن يُوسُف من أرمينية وَالْجِبَال فِي جيشٍ عظيمٍ وَقصد مصر فَلَقِيَهُ خمارويه فِي بعض أَعمال دمشق وَانْهَزَمَ الأفشين وَاسْتَأْمَنَ أَكثر عسكره وَسَار خمارويه حَتَّى بلغ الْفُرَات وَدخل أَصْحَابه الرقّة ثمَّ عَاد وَقد ملك من الْفُرَات إِلَى بِلَاد النُّوبة وَكَانَ خمارويه يكْتب خطا حسنا ووزيره)
أَبُو بكرٍ مُحَمَّد بن عليّ بن حمد المادرائي وَتقدم ذكره فِي مَكَانَهُ
(خمارتاش)
3 - (ابْن عبد الله الرّوميّ)
خمارتاش بن عبد الله أَبُو صَالح الرُّومِي مولى الْعدْل أبي الْحسن الْمُبَارك بن سعيد بن الخشّاب الْبَغْدَادِيّ سمع أَبَا غَالب مُحَمَّد بن الْحسن بن أَحْمد البقّال وَأَبا الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الجبّار بن أَحْمد الصّيرفي وَأَبا محمدٍ جَعْفَر بن أَحْمد بن الْحُسَيْن السراج وَأَبا الْحسن عليّ بن مُحَمَّد بن العلاف وَأَبا مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ الحريري صَاحب المقامات وَغَيرهم
وروى عَنهُ أَبُو سعدٍ السّمعاني وَأَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن حَمْزَة بن الموازيني الدِّمَشْقِي فِي مُعْجَمه وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَخمسين وَخمْس مائَة(13/261)
3 - (الرؤسائيّ)
خمارتاش بن عبد الله أَبُو عبد الله الرؤسائيّ مولى أبي الْفرج هبة الله بن المظفر بن رَئِيس الرؤساء سمع مَعَ مَوْلَاهُ من أبي الْحسن عليّ بن مُحَمَّد بن العلاّف وَأبي غالبٍ شُجَاع بن فارسٍ الذُّهليّ وَسمع مِنْهُ القَاضِي أَبُو المحاسن عمر بن عليّ الْقرشِي وروى عَنهُ جمَاعَة
توفّي سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عُثْمَان التركيّ)
خمارتاش أَبُو عُثْمَان بن عبد الله التركيّ الهيتيّ صادره إِلَى هيت فهرب إِلَى بَغْدَاد واستجار بوالدة الإِمَام النّاصر وَأثبت فِي مدرستها فَقِيها وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً وصنّف كتاب الْخمر وصفاتها قَالَ ابْن أَنْجَب آخر عهدي بِهِ سنة خمس عشرَة وستّ مائَة وَبَلغنِي أَنه توفّي سنة عشْرين وست مائَة وَتوجه إِلَى دمشق ومدح الْأَشْرَف مُوسَى بقصيدةٍ غزلها فِي الْخمر فَلَمَّا أنْشدهُ إِيَّاهَا قَالَ لَهُ يَا فَقِيه تَقول بهَا فَقَالَ ونعمة السّلطان مَا قلت بأنثى فنفق عَلَيْهِ ونادمه وَمن شعره من المتقارب
(أَخُو الحزم يكتم مهما اسْتَطَاعَ ... مأربه حذر العائب)
(وعشق الْغُلَام إِذا مَا التحى ... بعيدٌ عَن الظنِّ فِي الْغَالِب)
وَمِنْه من السَّرِيع
(شَيْئَانِ لم يبلغهما واصفٌ ... فِيمَا مضى بالنَّظم والنَّثر)
)
(مدح ابْنة العنقود فِي كأسها ... وذمُّ أَفعَال بني الدَّهر)
وَمِنْه من الوافر
(ولي قلبٌ لشقوته ألوفٌ ... ينغِّص عيشتي أُخْرَى اللَّيالي)
(فَلَو أَنِّي ألفت الهجر يَوْمًا ... بَكَيْت عَلَيْهِ فِي زمن الْوِصَال)
قلت الأَصْل فِي هَذَا قَول أبي الطّيب من الطَّوِيل
(خلقت ألوفاً لَو رجعت إِلَى الصِّبى ... لفارقت شيبي موجع الْقلب باكيا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(إِنِّي لأعجب من ضراعة سائلٍ ... وجمود مقتدرٍ على الْإِحْسَان)
(كَيفَ استمالهما خداع رذيلة ... وَكِلَاهُمَا عمّا قَلِيل فَانِي)
وَمِنْه من الْخَفِيف كَانَ رَأْيِي أَن لَا يكون الَّذِي كَانَ فيا لَيْتَني تركت ورايي لايزال الْإِنْسَان يَخْدمه السعد إِلَى أَن يَقُول بَيت أحمايي وَمِنْه من الْكَامِل(13/262)
(المَال أفضل مَا ادخرت فَلَا تكن ... فِي مريةٍ مَا عِشْت فِي تفضيله)
(مَا صنَّف النَّاس الْعُلُوم بأسرها ... إِلَّا لحيلتهم على تَحْصِيله)
(الألقاب)
ابْن خمارتاش الْوَاعِظ اسْمه مُحَمَّد بن مَحْمُود
(الْحَافِظ أَبُو الْكَرم الحوزيّ)
خَمِيس بن عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن الْحَافِظ أَبُو الْكَرم الوَاسِطِيّ الحوزيّ توفّي سنة عشر وَخمْس مائَة جمع بَين حفظ الْقُرْآن وَعلمه والْحَدِيث وَحفظه وَمَعْرِفَة رِجَاله وانتهت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي وقته بواسط وَأورد لَهُ ياقوت من الطَّوِيل
(وَحُرْمَة مَا حملِّلت من ثقل حبِّكم ... وأشرف محلوفٍ بِهِ حُرْمَة الحبِّ)
(لَأَنْتُم وَإِن ضنَّ الزَّمان بقربكم ... ألذُّ إِلَى قلبِي من الْبَارِد العذب)
(فَلَا تحسبوا أَن المحبَّ إِذا نأى ... وَغَابَ عَن الْعَينَيْنِ غَابَ عَن الْقلب)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الطَّوِيل
(تركت مقالات الْكَلَام جَمِيعهَا ... لمبتدعٍ يَدْعُو بهنَّ إِلَى الرَّدى)
(ولازمت أَصْحَاب الحَدِيث لأَنهم ... دعاةٌ إِلَى سبل المكارم وَالْهدى)
(وَهل ترك الْإِنْسَان فِي الدّين غَايَة ... إِذا قَالَ قلَّدت النبيَّ محمَّدا)
(ذَات الْخَال)
خنث هِيَ ذَات الْخَال لِأَنَّهَا كَانَت ذَات خالٍ على شفتها الْعليا ولإبراهيم الْموصِلِي وَغَيره فِيهَا أشعار كَثِيرَة وَكَانَت جَارِيَة لقرين الْمَكِّيّ مولى العبّاسة بنت الْمهْدي وَكَانَت من أجمل النِّسَاء وأكملهن بلغ خَبَرهَا الرشيد فاشتراها بسبعين ألف درهمٍ فَقَالَ(13/263)
لَهَا يَوْمًا إِنِّي صائر إِلَيْك غَدا
فَلَمَّا اراد التَّوَجُّه إِلَيْهَا اعترضته حظيَّة أُخْرَى فَدخل عَلَيْهَا وَأقَام عِنْدهَا فشقَّ ذَلِك على ذَات الْخَال وَقَالَت وَالله لأغيظنّه فدعَتْ بمقراضٍ وقصّت خالها وَقيل أَن الْخَال كَانَ على خدّها فشق ذَلِك عَلَيْهِ ودعا بالعبّاس بن الْأَحْنَف وَحكى لَهُ الْوَاقِعَة وَقَالَ إصنع فِي ذَلِك شَيْئا فَقَالَ من الطَّوِيل
(تخلَّصت ممّن لم يكن ذَا حفيظةٍ ... وملت إِلَى من لَا يغيِّره حَال)
(فَإِن كَانَ قطع الْخَال لما تطلَّعت ... إِلَى غَيرهَا نَفسِي فقد ظلم الْخَال)
فَنَهَضَ إِلَيْهَا مسترضياً وَأمر للعبّاس بألفي دينارٍ وغنّاه إِبْرَاهِيم الموصليّ وَقَالَ لَهَا الرشيد يَوْمًا أَسأَلك عَن شيءٍ فَإِن صدقتني وَإِلَّا صدقني غَيْرك قَالَت أَنا أصدقك قَالَ هَل كَانَ بَيْنك وَبَين إِبْرَاهِيم الْموصِلِي شَيْء قطّ وَأَنا أحلفه فيصدقني فتلكأت سَاعَة ثمَّ قَالَت نعم مرّة وَاحِدَة فأبغضها)
وَقَالَ يَوْمًا فِي مَجْلِسه أَيّكُم لَا يُبَالِي أَن يكون كشخان حَتَّى أهب لَهُ ذَات الْخَال فبادر حمَّويه الوصيف فَقَالَ أَنا فَوَهَبَهَا لَهُ ثمَّ إِنَّه اشتاقه يَوْمًا بعد ذَاك فَقَالَ يَا حمَّويه وَيحك أوهبنا لَك الْجَارِيَة على أَن تسمع غناءها وَحدك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مر فِيهَا بِأَمْرك قَالَ نَحن غَدا عنْدك فَمضى واستعدّ لذَلِك واستعار لَهَا من الجوهرييِّن بَدَنَة وعقوداً ثمنهَا اثْنَا عشر ألف دينارٍ وأخرجها للرشيد وَهُوَ عَلَيْهَا فَأنكرهُ وَقَالَ وَيلك يَا حمَّويه من أَيْن لَك هَذَا وَمَا ولَّيتك عملا تكسب فِيهِ مثله وَلَا وصل إِلَيْك منى هَذَا الْقدر فَصدقهُ عَن أمره فَبعث الرشيد إِلَى أَصْحَاب الْجَوْهَر فأحضرهم وَاشْترى الْجَوْهَر مِنْهُم ووهبه لَهَا ثمَّ حلف أَن لَا تسأله فِي يَوْمه حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا فَسَأَلته أَو يولِّي حمَّويه الْحَرْب وَالْخَرَاج بِفَارِس سبع سِنِين فَفعل ذَلِك وَكتب لَهُ عَهده وَشرط على وليِّ الْعَهْد بعده أَن يتممها لَهُ إِن لم تتمَّ فِي حَيَاته وَمن شعر إِبْرَاهِيم الموصليّ فِيهَا من الْبَسِيط
(مَا بَال شمس أبي الخطّاب قد حجبت ... يَا صاحبيّ أظنُّ السَّاعَة اقْتَرَبت)
(أَولا فَمَا بَال ريحٍ كنت أنسمها ... عَادَتْ عليّ بصدٍّ بعد مَا جنبت)
(إِلَيْك أَشْكُو أَبَا الْخطاب جَارِيَة ... غريرةً بفؤادي الْيَوْم قد لعبت)
(وَأَنت قيِّمها الأحفى وسيِّدها ... يَا ليتها قربت منى وَمَا عزبت)
أَبُو الْخطاب هُوَ قرين النخّاس مَوْلَاهَا وَمِنْه أَيْضا فِيهَا من الطَّوِيل
(أتحسب ذَات الْخَال راجيةً ربّا ... وَقد سلبت قلباً يهيم بهَا حبّا)
(وَمَا عذرها نَفسِي فداها وَلم تدع ... على أعظمي لَحْمًا وَلم تبْق لي لبّا)(13/264)
وَكَانَت خنث إِحْدَى الثَّلَاث اللواتي يهواهنّ الرشيد ويتغزل فِيهِنَّ وفيهن قَالَ من الرمل
(إنّ سحرًا وضياءً وخنث ... هنَّ سحرٌ وضياءٌ وخنث)
(أخذت سحرٌ وَلَا ذَنْب لَهَا ... ثُلثي قلبِي وترابها الثُّلُث)
وفيهن يَقُول أَيْضا من الْكَامِل
(مَلَك الثلاثُ الآنِساتُ عِناني ... وحَلَلنَ من قلبِي بكلِّ مَكَان)
الأبيات وَسَتَأْتِي فِي تَرْجَمَة هرون الرشيد ولإبراهيم الْموصِلِي فِيهَا أصوات كَثِيرَة تزيد على الْعشْرين صَوتا وَهِي مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني لأبي الْفرج
(خنساء)
3 - (خنساء بنت خدام)
خنساء بنت خدام بن وَدِيعَة الْأَنْصَارِيَّة من الْأَوْس أنْكحهَا والدها وَهِي مُكْرَهَة فَرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِكَاحهَا وَاخْتلفت الْأَحَادِيث فِي حَالهَا فَقيل كَانَت ثَيِّبًا فِي نقل مَالك عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَقيل كَانَت بكرا فِي نقل ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق كَانَت أَيّمَا من رجلٍ فزوّجها أَبوهَا رجلا من عَوْف فَرفع شَأْنهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر أَبَاهَا أَن يلْحقهَا يهواها فَتزوّجت أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر
(الألقاب)
الخنساء الشّاعرة أُخْت صَخْر اسْمهَا تماضر تقدم ذكرهَا فِي حرف التَّاء مَكَانَهُ
(خُنَيْس)
3 - (خُنَيْس القرشيّ الصّحابيّ)
خُنَيْس بن حذاقة بن قيس بن عديّ القرشيّ السهميّ(13/265)
كَانَ على حَفْصَة زوج النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبله وَكَانَ من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين شهد بَدْرًا بعد هجرته إِلَى أَرض الْحَبَشَة ثمَّ شهد أحدا ونالته جِرَاحَة مَاتَ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ أَخُو عبد الله بن حذافة
3 - (الْأَشْعر بن ربيعَة الصّحابي)
خُنَيْس بن خالدٍ وَهُوَ الْأَشْعر بن ربيعَة بن أَصْرَم أَبُو صخرٍ الْخُزَاعِيّ وَقيل فِيهِ حُبَيْش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف
(الألقاب)
الخندف المقرىء هبة الله بن بدر
(ابْن جُبَير الأنصاريّ)
خوّات بن جُبَير الْأنْصَارِيّ صَاحب ذَات النِّحيين وَأما حَدِيث ذَات النّحيين فَكَانَت امْرَأَة من تيم الله حضرت سوق عكاظ وَمَعَهَا نحيا سمنٍ فاستخلى بهَا خوّات هَذَا ليبتاعهما مِنْهَا فَفتح أَحدهمَا وذاقه وَدفعه إِلَيْهَا فَأَخَذته بِإِحْدَى يَديهَا ثمَّ فتح الآخر وذاقه وَدفعه إِلَيْهَا فأمسكته بِيَدِهَا الْأُخْرَى ثمَّ غشيها وَهِي لَا تقدر على الدّفع عَن نَفسهَا لحفظها فَم النِّحيين وشحِّها على السّمن
فَلَمَّا فرغ قَامَ عَنْهَا فَقَالَت لَا هَنَّأَك فَضرب بهَا الْمثل فِيمَن شغل فَقيل أشغل من ذَات النِّحيين
وَذكر صَاحب الأغاني قَالَ خرجت عَاتِكَة بنت الملاءة إِلَى بعض بوادي الْبَصْرَة فَلَقِيت(13/266)
بدوياً وَمَعَهُ أنحاء سمن فَقَالَت لَهُ يَا بدوي أتبيع هَذَا السّمن قَالَ نعم قَالَت أرناه فَفتح لَهَا نحياً فَنَظَرت إِلَى مافيه ثمَّ ناولته إِيَّاه وَقَالَت افْتَحْ آخر فَفتح فَنَظَرت إِلَيْهِ ثمَّ ناولته إيّاه فَلَمَّا شغلت يَدَيْهِ أمرت جواريها فَجعلْنَ يركلن برجلهن فِي استه وَجعلت تنادي يَا لثارات ذَات النِّحيين وسوف يَأْتِي ذكر عَاتِكَة هَذِه فِي حرف الْعين إِن شَاءَ الله فِي مَكَانَهُ
وَكَانَ خولي بكنى أَبَا صالحٍ وَهُوَ أحد فرسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهد بَدْرًا هُوَ وَأَخُوهُ عبد الله فِي قَول بَعضهم خرج خوّات مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدرٍ فَلَمَّا بلغ الصَّفْرَاء أصَاب سَاقه حجر فَرجع فَضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه
وَتُوفِّي خوّات بِالْمَدِينَةِ سنة أَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَةِ وَهُوَ ابْن أربعٍ وَتِسْعين سنة وَكَانَ يخضّب بالحنّاء والكتم وروى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَحْرِيم الْمُسكر مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام وروى فِي صَلَاة الْخَوْف وَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قصّته مَعَ ذَات النِّحيين وتبسّم فَقَالَ يَا رَسُول الله قد رزق الله خيرا وَأَعُوذ بِاللَّه من الْحور بعد الكور وَقَالَ خوّات خرجنَا حجّاجاً مَعَ عمر بن الْخطاب فسرنا فِي ركبٍ فيهم أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ الْقَوْم غنِّنا من شعر ضرار فَقَالَ عمر ادعوا الله فليغنّ من بنيات فُؤَاده يَعْنِي من شعره قَالَ فَمَا زلت أغنيهم حَتَّى كَانَ السَّحر فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ ارْفَعْ لسَانك يَا خوّات فقد أسحرنا وَقَالَ خوَّات فِي الْجَاهِلِيَّة عِنْد وَاقعَة ذَات النِّحيين
(وَأم عيالٍ واثقين بعقلها ... خلجت لَهَا جارأستها خلجات)
(فَأَخْرَجته ريّان ينطف رَأسه ... من الرامك المذوم بالمقرات)
)
(شغلت يَديهَا إِذْ أَرَادَت خلاصها ... بنحيين من سمنٍ ذَوي عجرات)
(فَكَانَت لَهَا الويلات من ترك سمنها ... وَإِن رجعت صفراً بِغَيْر بتات)
(فشدَّت على النِّحيين كفّاً شحيحةً ... على سمنها والفتك من فعلاتي)
(وَكنت إِذا مَا الْقَوْم همُّوا بغدرةٍ ... تنادوا على اسْمِي أيا أَخا الغدرات)(13/267)
يُقَال أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ بَعْدَمَا أسلم مَا فعل الْجمل من شراده فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بالحقّ مَا أرابني مُنْذُ أسلمت
(الألقاب)
الخواجا نصير الدّين الطّوسي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن
الخوافي الشَّافِعِي أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن الخوّام عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق
الخوّاس جمَاعَة مِنْهُم سلم بن مَيْمُون الرّازي الزّاهد وَسليمَان الخوَّاس زاهد أهل الشَّام والخوَّاس الْخُلْدِيِّ كَبِير الصّوفيّة اسْمه جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نصير
(خوارزم شاه)
خوارزم شاه هُوَ السُّلْطَان عَلَاء الدّين تكش ابْن الْملك أرسلان شاه بن أطسز قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَذَا نسبه أَبُو شامة وَقَالَ هُوَ من ولد طَاهِر بن الْحُسَيْن ملك الدُّنْيَا من السّند والهند وَمَا وَرَاء النَّهر إِلَى خُرَاسَان إِلَى بَغْدَاد فَإِنَّهُ كَانَ نوَّابه فِي حلوان وَكَانَ فِي ديوانه مائَة ألف مقَاتل وَهُوَ الَّذِي كسر مَمْلُوكه ميانجق عَسْكَر الْخَلِيفَة وأزال دولة بني سلجوق وَكَانَ حاذقاً فِي الموسيقى وَلم يكن أحد أَلعَب مِنْهُ بِالْعودِ وَكَانَ يحْتَرز على(13/268)
نَفسه فَقعدَ لَيْلَة يلْعَب بِالْعودِ فغنّى بَيْتا بالعجميّ مَعْنَاهُ أبصرتك وَكَانَ الباطنية قد زرَّقوا عَلَيْهِ من يقْتله فَلَمَّا سَمعه الباطني خَافَ وارتعد فهرب فَأَخَذُوهُ فقرَّروه فاعترف فقلته
وَكَانَ يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ وَذَهَبت عينه فِي الْقِتَال وَكَانَ قد عزم على قصد بَغْدَاد وحشد فوصل إِلَى دهستان وَمَات سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائةٍ وَدفن فِي خوارزم عِنْد أَهله وَقَامَ بعده وَلَده مُحَمَّد الْمُقدم ذكره ولقّب عَلَاء الدّين لقب وَالِده وَقَالَ ابْن الْبزورِي كَانَ السُّلْطَان عَلَاء الدّين تكش لَهُ أدب وفضائل وَمَعْرِفَة بِمذهب أبي حنيفَة وَبنى بخوارزم مدرسة للحنفية
وَله مقامات مَشْهُورَة فِي رضى الدِّيوَان مِنْهَا محاربة السُّلْطَان طغرليل وَقَتله وَوَقع بَينه وَبَين)
الْوَزير مؤيِّد ثمَّ ثاب إِلَيْهِ عقله فندم وَاعْتذر وَطلب تَشْرِيفًا فنفذ لَهُ فلبسه وَلم يزل نَافِذ الْأَمر إِلَى أَن توفّي
قَالَ ابْن الْأَثِير حصل لَهُ خوانيق فأشير عَلَيْهِ بترك الْحَرَكَة فَامْتنعَ وَسَار فَاشْتَدَّ مَرضه وَمَات
(الألقاب)
الْخَوَارِزْمِيّ الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن العبَّاس تقدَّم ذكره فِي المحمدين
(شيخ الحنفيّة القديدي)
خواهرزاذ شيخ الحنفيَّة اسْمه مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد أَبُو بكرٍ البخاريّ القديدي توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة
(خَوْلَة)
3 - (زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
خَوْلَة بنت الْهُذيْل التغلبية بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف والغين الْمُعْجَمَة تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَا ذكر الجرجانيّ النسّابة فَهَلَكت فِي الطَّرِيق قبل وصولها إِلَيْهِ(13/269)