تحمل مَعَه وَلها مُؤذن ويقام فِيهَا الصَّلَوَات الْخمس وَكَانَت وَفَاة بركَة رَحمَه الله تَعَالَى سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (أم أَيمن)
بركَة بنت ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن حُصَيْن وَهِي أم أَيمن غلبت عَلَيْهَا كنيتها كنيت بابنها أَيمن بن عبيد وَهِي تعد أم أُسَامَة بن زيد تزَوجهَا زيد بن حَارِثَة بعد عبيد الحبشي فَولدت أُسَامَة
وَهِي مولاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعرف بِأم الظباء هَاجَرت الهجرتين إِلَى الْحَبَشَة وَإِلَى الْمَدِينَة وَكَانَت مولاة عبد الله بن عبد الْمطلب ثمَّ صَارَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيرَاثا وَقيل كَانَت مولاة لأمه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أم أَيمن أُمِّي بعد أُمِّي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزورها وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر يزورانها فِي منزلهَا كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزورها)
3 - (ابْن السابح الْوَكِيل)
بركَة بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن بركَة أَبُو مُحَمَّد الْوَكِيل الْمَعْرُوف بِابْن السابح الْبَغْدَادِيّ كَانَ أحد الوكلاء على أَبْوَاب الْقُضَاة ثمَّ ترقت بِهِ الْحَال حَتَّى صَار يتوكل بَين يَدي وكلاء الْخُلَفَاء
وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بصنعة الْوكَالَة وَكِتَابَة الشُّرُوط وصنف فِي ذَلِك كتابا حسنا أسماه كَامِل الْآلَة فِي صناعَة الْوكَالَة جمع فِيهِ فنون مَا يحْتَاج غليه الْوَكِيل من كِتَابَة كتب الْأَحْكَام وَكَيف يثنيها عِنْد الْقُضَاة والحكام إِلَّا أَنه كَانَ سيء الطَّرِيقَة مَذْمُوم الْأَفْعَال قَلِيل الدّين يرتكب الْمَحْظُورَات من إبِْطَال الْحُقُوق وَإِثْبَات الْبَاطِل مَشْهُورا بذلك يحذرهُ النَّاس ويخافونه إِلَى أَن أهلكه الله تَعَالَى فِي الاعتقال بعد الْعُقُوبَات المؤلمة والتعذيب سنة خمس وست مائَة وَقد جَاوز السِّتين
3 - (زعيم الدولة صَاحب الْموصل)
بركَة بن الْمُقَلّد بن الْمسيب أَبُو كَامِل زعيم(10/74)
الدولة الْعقيلِيّ كَانَ قد غلب على الْموصل وَغَيرهَا وقهر أَخَاهُ قرواشاً وعاث وأفسد وعسف وَانْحَدَرَ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة إِلَى تكريت وَاسْتولى على الْعرَاق وَنهب الْبِلَاد فَانْتقضَ عَلَيْهِ جرح أَصَابَهُ من الغز فَمَاتَ فِي السّنة الْمَذْكُورَة فَاجْتمع جَيْشه على تأمير علم الدّين قُرَيْش بن بدران بن مقلد فَعَاد إِلَى الْموصل وَقتل عَمه قرواشاً فِيمَا قبل وَسَيَأْتِي ذكر قرواش وَذكر أَبِيه الْمُقَلّد فِي مكانيهما وَأقَام بركَة فِي الْإِمَارَة سنتَيْن وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة فَقَامَ مقَامه ابْن أَخِيه أَبُو الْمَعَالِي قُرَيْش بن أبي الْفَضَائِل بدران الَّذِي قتل عَمه قرواشاً
3 - (أَبُو البركات الْأَنْبَارِي)
بركَة بن أبي يعلى بن أبي الغنايم الْأَنْبَارِي أَبُو البركات الضَّرِير يَقُول الشّعْر روى عَنهُ أَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الحفاف فِي مُعْجم شُيُوخه وَقد سمع مِنْهُ عمر بن طبرزد شَيْئا من شعره فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَأورد لَهُ محب الدّين بن النجار
(أغالب وجدي فيهم وَهُوَ غَالب ... وأحبس دمعي وَهُوَ فِي الخد ساكب)
(وَقد عيل صبري واعترتني وساوس ... تمانعني طيب الْكرَى وَهُوَ آيب)
(وَقد حرت لما أصبح الركب راحلاً ... وَقد قوضت نيرانهم وَالْمُضَارب)
(حدا بهم الْحَادِي فأضحيت بالحمى ... كئيباً وَقد ضَاقَتْ عَليّ الْمذَاهب)
)
3 - (الْخَوَارِزْمِيّ)
بركَة خَان الْخَوَارِزْمِيّ من مُلُوك الخوارزمية الْأَرْبَعَة وَكَانَ هُوَ أَجلهم وأميرهم وَكَانَ مائلاً إِلَى الْخَيْر فِي الْجُمْلَة والرفق بِالنَّاسِ وَكَانَ الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب قد صاهره وَأحسن إِلَيْهِ ثمَّ خرج على الصَّالح وأعان أعداءه وَصَارَ من حزب الصَّالح إِسْمَاعِيل فَانْتدبَ لحربهم الْملك الْمَنْصُور صَاحب حمص وشمس الدّين لُؤْلُؤ نَائِب السلطنة بحلب والتركمان والتقى الْجَمْعَانِ على بحيرة حمص فَقتل بركَة خَان فِي المعركة سنة أَربع وَأَرْبَعين وست مائَة وَحمل رَأسه إِلَى حلب وَلم تقم بعْدهَا للخوارزمية قَائِمَة
(بركياروق السُّلْطَان ركن الدّين)
بركياروق أَبُو المظفر ركن الدّين ابْن السُّلْطَان ملكشاه ابْن(10/75)
ألب رسْلَان ابْن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق بن دقاق الملقب شهَاب الدولة مجد الْملك أحد الْمُلُوك السلجوقية ولي المملكة بعد موت أَبِيه وَكَانَ أَبوهُ قد ملك مَا لم يملكهُ غَيره وَدخل سَمَرْقَنْد وبخارى وغزا بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ أَخُوهُ السُّلْطَان سنجر الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين نَائِبه على خُرَاسَان وَفِي محاربته قتل عَمه تَاج الدولة تتش ابْن ألب رسْلَان وَكَانَ مسعوداً عالي الهمة لم يكن فِيهِ عيب سوى ملازمته الشَّرَاب والإدمان عَلَيْهِ أَقَامَ فِي السلطنة اثْنَتَيْ عشرَة سنة واشهراً وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة ببروجرد شَابًّا لِأَنَّهُ أقيم فِي الْملك وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة
(الألقاب)
الْبَرْمَكِي جمَاعَة مِنْهُم يحيى بن خَالِد بن مَالك
وَمِنْهُم الْفضل بن يحيى
وَمِنْهُم جَعْفَر بن يحيى
وَمِنْهُم مُوسَى بن يحيى
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن يحيى
وَمِنْهُم خَالِد بن برمك أَبُو يحيى الْمَشْهُور
وَمِنْهُم جحظة الْبَرْمَكِي
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن الْحسن الْبَرْمَكِي)
برمة الصيدلاني مُحَمَّد بن جَعْفَر
ابْن برنقا أَحْمد بن عَليّ
ابْن برهَان بِفَتْح الْبَاء الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه أَحْمد بن عَليّ تقدم فِي الأحمدين
وَابْن برهَان النَّحْوِيّ اسْمه عبد الْوَاحِد بن عَليّ
ابْن برهون الشَّافِعِي الْحسن بن إِبْرَاهِيم
ابْن برهَان الْمُقْرِئ الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم
البرواناه معِين الدّين سُلَيْمَان بن عَليّ
البروجردي إِسْحَق بن مَحْمُود بن ملكويه
البروي الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَلَاثَة(10/76)
(برة)
3 - (برة بنت عَامر)
3 - (بن الْحَارِث بن السباق القرشية الْعَبْدَرِيَّة)
كَانَت تَحت أبي إِسْرَائِيل من بني الْحَارِث وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِي قصَّة الحَدِيث فِي الْبَدْر فَولدت لَهُ إِسْرَائِيل بن أبي إِسْرَائِيل وَقتل يَوْم الْجمل وَكَانَت برة من الْمُهَاجِرَات
3 - (برة بنت أبي نحراه الْعَبْدَرِيَّة)
من خلفائهم مَكِّيَّة رَوَت عَنْهَا صَفِيَّة أم مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن من حَدِيثهَا فِي أَعْلَام النُّبُوَّة وَفِي الإبعاد عَن حَاجَة الْإِنْسَان
3 - (رَأس البريدية)
بريد بن أبي أنيسَة رَأس البريدية المنسوبين إِلَيْهِ وهم أحد الْفرق الأباضية وَهِي ثَلَاث فرق حفصية وحارثية وبريدية وَسَيَأْتِي ذكر كل فرقة عِنْد اسْم رَأسهَا فَأَما بريد بن أبي أنيسَة الْمَذْكُور فَزعم أَن الله تَعَالَى سيبعث رَسُولا من الْعَجم ينزل عَلَيْهِ كتابا كتب من السَّمَاء ينزله عَلَيْهِ جملَة وَاحِدَة وَيكون على مِلَّة الصابئية الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن وَيتْرك شَرِيعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتوالى بريد هَذَا من شهد لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم يدْخل فِي دينه
قلت وَيلْزمهُ أَن يتوالى العيسوية من الْيَهُود فَإِنَّهُم يشْهدُونَ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنُّبُوَّةِ لكِنهمْ يَقُولُونَ هُوَ مَبْعُوث إِلَى الْعَرَب خَاصَّة)
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
بُرَيْدَة بن الْحصيب أَبُو عبد الله وَيُقَال أَبُو سهل وَيُقَال أَبُو ساسان(10/77)
وَيُقَال أَبُو الحسيب الْأَسْلَمِيّ أسلم حِين اجتاز بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة وَذَلِكَ بالغميم هُوَ وَمن كَانَ مَعَه وَكَانُوا زهاء ثَمَانِينَ بَيْتا وَأقَام فِي مَوْضِعه حَتَّى مَضَت بدر وَأحد
ثمَّ قدم وغزا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مغازيه بعد ذَلِك وَقيل إِنَّه لما أسلم حل عمَامَته ثمَّ شدها بِرُمْح وَقَالَ لَا يدْخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة إِلَّا وَمَعَهُ لِوَاء فَمشى بَين يَدَيْهِ حَتَّى دخل الْمَدِينَة وَشهد خَيْبَر وأبلى يَوْمئِذٍ وَشهد الْفَتْح وحنيناً وَكَانَ مَعَه أحد لِوَائِي أسلم وَاسْتَعْملهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صدقَات قومه وَكَانَ يحمل لِوَاء سامة لما بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَرض البلقاء وَخرج مَعَ عمر إِلَى الشَّام لما رَجَعَ من شرع أَمِيرا على ربع أسلم وَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَا رَسُول الله نعم الرجل بُرَيْدَة لِقَوْمِهِ عَظِيم الْبركَة عَلَيْهِم مَرَرْنَا بِهِ لَيْلَة مَرَرْنَا وَنحن مهاجرون فَأسلم مَعَه من قومه من أسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم الرجل بُرَيْدَة لِقَوْمِهِ وَغير قومه قَالَ ابْن سعد كَانَ من سَاكِني الْمَدِينَة ثمَّ تحول إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ خرج إِلَى خُرَاسَان غازياً فَمَاتَ بمرو فِي خلَافَة يزِيد بن مُعَاوِيَة وَبَقِي وَلَده بهَا قَالَ الْوَاقِدِيّ وَدفن بهَا سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَسِتِّينَ
قَالَ غَيره وَمَات بعده الحكم بن عمر الْغِفَارِيّ وَهُوَ صَحَابِيّ وَدفن إِلَى جنبه وَعَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ عشرَة غَزْوَة أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح وَعنهُ شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح خَيْبَر فَكنت فِيمَن صعد القلعة وَعلي ثوب أَحْمَر فقاتلت يَوْمئِذٍ حَتَّى أبليت فَمَا ارتكبت فِي الْإِسْلَام ذَنبا أعظم من ذَلِك للشهرة وَعنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُسَمِّيه بُرَيْدَة الزاملة وَذَلِكَ أَنه كَانَ إِذا غزا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمل بُرَيْدَة أزواد سِتَّة عشر أَو سَبْعَة عشر رجلا مِنْهُم على ظَهره فِي سَبِيل الله عز وَجل وَقد روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
(ابْن بري)
أَبُو مُحَمَّد النَّحْوِيّ اسْمه عبد الله بن بري
(بَرِيرَة مولاة عَائِشَة)
(بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم)
كَانَت مولاة لبَعض بني هِلَال فكاتبوها ثمَّ باعوها من عَائِشَة وَجَاء الحَدِيث فِي شَأْنهَا بِأَن الْوَلَاء لمن أعتق وعتقت تَحت زَوجهَا فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت سنة
وَاخْتلف فِي زَوجهَا هَل كَانَ عبدا أَو حرا فَمن(10/78)
نقل أهل الْمَدِينَة أَنه كَانَ عبدا يُسمى مغيث وَفِي نقل أهل الْعرَاق أَنه كَانَ حرا روى عبد الْخَالِق بن زيد بن وَاقد قَالَ حَدثنِي أبي أَن عبد الْملك حَدثهمْ قَالَ كنت أجالس بَرِيرَة بِالْمَدِينَةِ قبل أَن أَلِي هَذَا الْأَمر فَكَانَت تَقول لي يَا با عبد الْملك إِنِّي أرى فِيك خِصَالًا وَإنَّك لخليق أَن تلِي هَذَا الْأَمر فَإِن وليته فاحذر الدِّمَاء فإنِّي سمعتُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الرجل ليدفع عَن بَاب الْجنَّة بعد أَن ينظر بملء محجمه من دم يريقه من مُسلم بِغَيْر حق قَالَ ابْن عبد الْبر زيد بن وَاقد هَذَا ثِقَة من ثِقَات الشاميين لَقِي وائلة بن الْأَسْقَع
(الْبَزَّاز الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الله)
(بزان بن مامين)
(الْأَمِير مُجَاهِد الدّين الْكرْدِي)
أحد الموصوفين بالشجاعة والرأي والسماحة وَالصَّدقَات والصلات توفّي سنة خمس وَخمسين وَخمْس مائَة بداره عِنْد بَاب الفراديس وَدفن بمدرسته المجاهدية وَلم يخل من باك عَلَيْهِ ومتأسف
(الْبَزْدَوِيّ الْحَنَفِيّ عَليّ بن مُحَمَّد)
(بزغش بن عبد الله الرُّومِي)
أَبُو يُوسُف وَيُقَال أَبُو مَنْصُور مولى أبي جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمدين الْبَغْدَادِيّ سمع مَعَ أَوْلَاد سَيّده من أبي الْحسن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام الْكَاتِب وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الأُرموي وَأبي الْمَعَالِي الْفضل بن سهل الأسفراييني وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن حمدين وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وست مائَة(10/79)
(الألقاب)
البزكان الْوَاعِظ الْحسن بن أَحْمد)
ابْن الْبزورِي مَحْفُوظ بن معتوق
البزي الْمُقْرِئ اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد
(البزيغية)
طَائِفَة من فرقة الخطابية الَّذين هم من الروافض افْتَرَقت الخطابية أَربع فرق فرقة زعمت أَن الإِمَام بعد جَعْفَر الصَّادِق رجل يُسمى بزيغاً كَانَ يزْعم أَن جعفراً هُوَ الْإِلَه وَأَن كل مُؤمن يُوحى إِلَيْهِ وَزعم أَن فِي أَصْحَابه من هُوَ أفضل من جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَزعم أَن الْإِنْسَان إِذا بلغ الْكَمَال وَمَات لَا يُقَال مَاتَ بل يُقَال رفع إِلَى الملكوت والفرقة الثَّانِيَة تعرف بالمعمرية وَيَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ وَفرْقَة ثَالِثَة تعرف بالعمرية وَيَأْتِي ذكرهم فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ وَتسَمى هَذِه الطَّائِفَة العجلية وَفرْقَة رَابِعَة تسمى بالمفضلية وَيَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ
(بسام بن أَحْمد بن حُبَيْش)
(بن عمر بن عبد الله بن شَاكر أَبُو الرضى الغافقي الجياني)
نزيل مالقة سمع من أَبِيه وَأبي عبد الله بن الفخار وَأبي جَعْفَر بن مضاء ونحبة بن يحيى وَابْن بشكوال وروى عَن أبي زيد السُّهيْلي وَأبي مُحَمَّد بن عبيد الله وَجَمَاعَة وَكَانَ من أهل الْفضل والورع والعناية بِالْحَدِيثِ وَله حَظّ من الْعَرَبيَّة وَالشعر وَولي الْقَضَاء وَحدث توفّي بمالقة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة ومولده فِي شعْبَان سنة سبع وَخمسين وَخمْس مائَة
(الألقاب)
ابْن بسام الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر
البساسيرسي اسْمه أرسلان البستي أَبُو الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد
(بسر)
3 - (الفِهري الصَّحَابِيّ)
بسر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَبعدهَا رَاء(10/80)
ابْن أَرْطَأَة ابْن أبي أَرْطَأَة عُمَيْر
وَقيل عُوَيْمِر الْقرشِي العامري أَبُو عبد الرَّحْمَن يُقَال إِنَّه لم يسمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ قبض وَهُوَ صَغِير هَذَا قَول الْوَاقِدِيّ وَابْن معِين وَأحمد وَغَيرهم وَقَالُوا خرف فِي آخر عمره وَهُوَ أحد الَّذين بَعثهمْ عمر بن الْخطاب مدَدا إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ لفتح مصر على اخْتِلَاف فِيهِ قيل كَانُوا أَرْبَعَة الزبير وَعُمَيْر بن وهب وخارجة بن حذافة وَبسر بن أَرْطَأَة وَالْأَكْثَرُونَ على أَنهم الزبير والمقداد وَعُمَيْر وخارجة ولبسر بن أَرْطَأَة حديثان أَحدهمَا لَا تقطع الْأَيْدِي فِي الْمَغَازِي وَالثَّانِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة وَكَانَ ابْن معِين يَقُول لَا تصح لَهُ صُحْبَة وَكَانَ يَقُول فِيهِ رجل سوء قَالَ ابْن عبد الْبر ذَاك لأمور عِظَام ركبهَا فِي الْإِسْلَام فِيمَا نَقله أهل الْأَخْبَار وَأهل الحَدِيث أَيْضا مِنْهَا ذبحه ابْني عبيد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وهما صغيران بَين يَدي أمهما قلت وسوف يَأْتِي ذَلِك فِي ذكر أمهما عَائِشَة بنت عبد المدان فِي حرف الْعين وَلما وَجهه مُعَاوِيَة لقتل شيعَة عَليّ بن أبي طَالب قَامَ إِلَيْهِ معن أَو عَمْرو بن يزِيد بن الْأَخْنَس السّلمِيّ وَزِيَاد بن الْأَشْهب الْجَعْدِي فَقَالَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نَسْأَلك بِاللَّه وَالرحم أَن لَا تجْعَل لبسر على قيس سُلْطَانا فَيقْتل قيسا بِمَا قتلت بَنو سليم من بني فهر وكنانة يَوْم دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا بسر لَا إمرة لَك على قيس فَسَار حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فَقتل ابْني عبيد الله وفر أهل الْمَدِينَة ودخلوا الْحرَّة حرَّة بني سليم وأغار بسر على هَمدَان وَقتل وسبى نِسَاءَهُمْ فَكُن أول مسلمات سبين فِي الْإِسْلَام وَقتل أَحيَاء من بني سعد حدث أَبُو سَلامَة عَن أبي الربَاب وَصَاحب لَهما انهما سمعا أَبَا ذَر يَدْعُو ويتعوذ فِي صَلَاة صلاهَا أَطَالَ قِيَامهَا وركوعها وسجودها قَالَ فَسَأَلْنَاهُ مِم تعوذت وفيم دَعَوْت قَالَ تعوذت بِاللَّه من يَوْم الْبلَاء وَيَوْم الْعَوْرَة فَقُلْنَا وَمَا ذَلِك قَالَ أما يَوْم الْبلَاء فتلتقي فئتان من الْمُسلمين فَيقْتل بَعضهم بَعْضًا وَأما يَوْم الْعَوْرَة فَإِن نسَاء من المسلمات يسبين فَيكْشف عَن سوقهن فأيتهن كَانَت أعظم ساقاً أسرت على عظم سَاقهَا فدعوت الله أَن لَا يدركني هَذَا الزَّمَان ولعلكما تدركانه قَالَ فَقتل عُثْمَان ثمَّ أرسل مُعَاوِيَة)
بسر بن أَرْطَأَة إِلَى الْيمن فسبى نسَاء(10/81)
مسلمات فأقمن فِي السُّوق وَقَالَ الْمِقْدَاد بن الْأسود وَالله لَا أشهد لأحد أَنه من أهل الْجنَّة حَتَّى أعلم مَا يَمُوت عَلَيْهِ فإنِّي سمعتُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لقلب ابْن آدم أسْرع انقلاباً من الْقدر إِذا استجمعت غلياً وَقيل كَانَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَامل الْمَدِينَة لعَلي بن أبي طَالب ففرّ أَبُو أَيُّوب وَلحق بعلي وَدخل بسر الْمَدِينَة فَصَعدَ منبرها فَقَالَ أَيْن شَيْخي الَّذِي عهدته بالْأَمْس يَعْنِي عُثْمَان ثمَّ قَالَ يَا أهل الْمَدِينَة وَالله لَوْلَا مَا عَهده إِلَيّ مُعَاوِيَة مَا تركت فِيهَا محتلماً إِلَّا قتلته ثمَّ أَمر أهل الْمَدِينَة بالبيعة لمعاوية وَأرْسل إِلَى بني سَلمَة فَقَالَ مَا لكم عِنْدِي وَلَا مبايعة حَتَّى تَأْتُونِي بجابر بن عبد الله فَأخْبر جَابر فَانْطَلق حَتَّى جَاءَ أم مسلمة أم الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهَا مَاذَا تَرين فَإِنِّي خشيت أَن أقتل وَهَذِه بيعَة ضَلَالَة فَقَالَت أرى أَن تبَايع وَقد أمرت ابْني عمر بن أبي سَلمَة أَن يُبَايع فَأتى جَابر بسراً فَبَايعهُ لمعاوية ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى مَكَّة وَبهَا أَبُو مُوسَى فخافه أَبُو مُوسَى على نَفسه فهرب فَقيل ذَلِك لبسر فَقَالَ مَا كنت لأقتله وَقد خلع عليا وَلم يَطْلُبهُ ثمَّ توجه إِلَى الْيمن فَوجدَ عبيد الله بن الْعَبَّاس قد مر إِلَى عَليّ بن أبي طَالب وَولى مَكَانَهُ عبيد الله بن المدان الْحَارِثِيّ فَقتله وَقتل وَلَدي عبيد الله وَكَانَ بسر من الْأَبْطَال الطغاة وَكَانَ مُعَاوِيَة بصفين فَأمره أَن يلقى عليا وَقَالَ لَهُ سَمِعتك تتمنى لقاءه فَلَو ظفرك الله بِهِ حصلت على دنيا وآخرة وَلم يزل يشجعه ويمنيه حَتَّى رَآهُ فقصده فِي الْحَرْب والتقيا فصرعه عَليّ وَعرض لَهُ مَعَه كَمَا عرض لَهُ مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ لِأَن عمرا لما صرعه عَليّ انْكَشَفَ لَهُ فَكف عَليّ عَنهُ أَنَفَة وَفِي ذَلِك يَقُول الْحَارِث بن النَّضر السَّهْمِي وَكَانَ عدوا لعَمْرو ولبسر
(أَفِي كل يَوْم فَارس لَيْسَ بنتهي ... وعورته وسط الْعَجَاجَة باديه)
(يكف لَهَا عَنهُ عَليّ سنانه ... ويضحك مِنْهُ فِي الْخَلَاء مُعَاوِيه)
(بَدَت أمس من عَمْرو فقنع رَأسه ... وعورة بسر مثلهَا حَذْو حاذيه)
(فقولا لعَمْرو ثمَّ بسر أَلا انظرا ... سبيلكما لَا تلقيا اللَّيْث ثَانِيه)
(وَلَا تحمدا إِلَّا الحيا وخصاكما ... هما كَانَتَا وَالله للنَّفس واقيه)
(ولولاهما لم تنجوا من سنانه ... وَتلك بِمَا فِيهَا من الْعود ناهيه)
(مَتى تلقيا الْخَيل المشيحة صبحةً ... وفيهَا عَليّ فاتركا الْخَيل ناحيه)
(فكونا بَعيدا حَيْثُ لَا تبلغ القنا ... نحوركما إِن التجارب كافيه)
)
قَالَ ابْن عبد الْبر إِنَّمَا كَانَ انصراف عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَنْهُمَا وَعَن أمثالهما لِأَنَّهُ كَانَ لَا يرى فِي قتال الباغين عَلَيْهِ من الْمُسلمين أَن يتبع مُدبر وَلَا يُجهز على جريح وَلَا يقتل أَسِير وَتلك كَانَت سيرته فِي حروبه فِي الْإِسْلَام وعَلى مَا رُوِيَ عَن عَليّ فِي ذَلِك مَذَاهِب فُقَهَاء الْأَمْصَار بالحجاز(10/82)
وَالْعراق إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة قَالَ إِن انهزم الْبَاغِي إِلَى فِئَة اتبع وَإِن انهزم إِلَى غير فِئَة لم يتبع يعد بسر بن أَرْطَأَة فِي الشاميين وأتى الْيمن وَله دَار بِالْبَصْرَةِ وَمَات بِالْمَدِينَةِ وَقيل بل مَاتَ بِالشَّام فِي بَقِيَّة من أَيَّام مُعَاوِيَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَكَانَ قد أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ يُقَال لَهُ هَذَا أعَان على عُثْمَان إِلَّا قَتله وَقد ذكره بَعضهم بالشين الْمُعْجَمَة فَقَالَ بشر وَذكره الشَّيْخ شمس الدّين فِي بشر بالشين الْمُعْجَمَة وَابْن عبد الْبر ذكره فِي بسر بِالسِّين الْمُهْملَة
3 - (الصَّحَابِيّ)
بسر بن جحاش بِالْجِيم والحاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف شين مُعْجمَة هَكَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي بَاب بسر قَالَ ابْن عبد الْبر وَقد تقدم فِي بَاب بشر وَهُوَ الْأَكْثَر فِي اسْمه روى عَنهُ جُبَير بن نفير وَقَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ بسر بن جحاش بِالسِّين وَلَا يَصح فِيهِ بشر بالشين
3 - (الْخُزَاعِيّ)
بسر بن سُفْيَان بن عَمْرو بن عُوَيْمِر الْخُزَاعِيّ أسلم سنة سِتّ من الْهِجْرَة وَبَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عينا إِلَى قُرَيْش إِلَى مَكَّة وَشهد الْحُدَيْبِيَة وَهُوَ الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْحُدَيْبِيَة من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن الْمسور ومروان قَوْله حَتَّى إِذا كَانَ بغدير الأشطاط لقِيه عينه الْخُزَاعِيّ وَأخْبرهُ خبر قُرَيْش وجموعهم قَالُوا هُوَ بسر بن سُفْيَان هَذَا
3 - (الْحَضْرَمِيّ الشَّامي)
بسر بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ الشَّامي روى عَن وائلة بن الْأَسْقَع ورويفع بن ثَابت وَغَيرهمَا من الصَّحَابَة وَأبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَهُوَ أحفظ أَصْحَاب أبي إِدْرِيس روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه توفّي بعد الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ(10/83)
3 - (الدئلي)
بسر بن محجن الدئلي روى عَن أَبِيه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ)
3 - (الْأَزْدِيّ)
بسر بن الْمُغيرَة بن أبي صفرَة الْأَزْدِيّ هُوَ الْقَائِل لِعَمِّهِ الْمُهلب بن أبي صفرَة وَقد قدم عَلَيْهِ خُرَاسَان فَلم يحمده
(جفاني الْأَمِير والمغيرة قد جَفا ... وَأمسى يزِيد لي قد ازور جَانِبه)
(فيا عَم مهلا واصطنعني لغيرة ... من الدَّهْر إِن الدَّهْر جم نوائبه)
(أَلا إِن للسيف المصمم نبوة ... ومثلي لَا تنبو عَلَيْك مضاربه)
(جعلتم بنيكم دُوننَا إِذْ ملكتم ... وَأي بني الإخوان تأبى مناسبه)
(فوليتموهم صفوة الْعَيْش دُوننَا ... وندعى إِذا مَا غص بِالْمَاءِ شَاربه)
(وكلكم قد نَالَ شبعا لبطنه ... وشبع الْفَتى لؤم إِذا جَاع صَاحبه)
3 - (الْمَازِني)
بسر السّلمِيّ وَيُقَال الْمَازِني نزل عِنْدهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكل عِنْدهم ودعا لَهُم
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعرف لَهُ غير هَذَا الْخَبَر وَهُوَ وَالِد عبد الله بن بسر لم يرو عَنهُ غير ابْنه عبد الله بن بسر وَلَيْسَ من الصماء فِي شَيْء يعد فِي أهل الشَّام
(بسرة بنت صَفْوَان)
(بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد العُزَّى)
القرشية الأَسدِية أمهَا سَالِمَة بنت أُميَّة بن حَارِثَة ابْن الأوقص السلمِيَّة وَهِي ابْنة أخي ورقة بن نوقل وَأُخْت عقبَة بن أبي معيط لأمه وَكَانَت عِنْد الْمُغيرَة بن أبي الْعَاصِ فَولدت لَهُ مُعَاوِيَة وَعَائِشَة وَكَانَت عَائِشَة تَحت مَرْوَان بن الحكم وَهِي أم عبد الْملك بن مَرْوَان وَقَالَ الزبير وَطَائِفَة إِن بسرة هِيَ أم مُعَاوِيَة بن الْمُغيرَة بن أبي الْعَاصِ وَجدّة عَائِشَة بنت مُعَاوِيَة وَعَائِشَة بنت مُعَاوِيَة هِيَ أم عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَيْسَ قَول من قَالَ إِنَّهَا من كنَانَة بِشَيْء وَالصَّوَاب أَنَّهَا من بني أَسد روى عَنْهَا من الصَّحَابَة أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وروى عَنْهَا مَرْوَان بن الحكم حَدِيث مس الذّكر وَهِي من المبايعات(10/84)
(بشار)
3 - (ابْن برد الْأَعْمَى)
بشار بن برد بن يرجوخ بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وَضم الْجِيم وَبعد الْوَاو الساكنة خاء مُعْجمَة الْعقيلِيّ بِضَم الْعين الْمُهْملَة مَوْلَاهُم الْمَشْهُور الشَّاعِر أَبُو معَاذ المرعث بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْعين الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَبعدهَا ثاء مُثَلّثَة وَهُوَ الَّذِي فِي أُذُنه رعثات وَهِي القرط لِأَنَّهُ كَانَ فِي أُذُنه وَهُوَ صَغِير قرط ذكر صَاحب الأغاني فِي كِتَابه فِي أَسمَاء أجداد بشار سِتَّة وَعشْرين جدا أَسمَاؤُهُم أَعْجَمِيَّة وَذكر من أَحْوَاله وأخباره شَيْئا كثيرا
وَيُقَال إِنَّه ولد على الرّقّ وأعتقته امْرَأَة عقيلية فنسب إِلَيْهَا وَكَانَ أكمه ولد أعمى جاحظ الْعَينَيْنِ قد تغشاهما لحم أَحْمَر وَكَانَ ضخماً عَظِيم الْخلق وَالْوَجْه مجدوراً طَويلا وَهُوَ فِي أول مرتبَة الْمُحدثين من الشُّعَرَاء المجيدين وَمن شعره قَوْله
(هَل تعلمين وَرَاء الْحبّ منزلَة ... تدني إِلَيْك فَإِن الْحبّ أقصاني)
وَقَوله
(أَنا وَالله أشتهي سحر عَيْني ... ك وأخشى مصَارِع العشاق)
وَقَوله
(يَا قوم أُذُنِي لبَعض الْحَيّ عاشقة ... وَالْأُذن تعشق قبل الْعين أَحْيَانًا)
(قَالُوا بِمن لَا ترى تهذي فَقلت لَهُم ... الْأذن كَالْعَيْنِ توفّي الْقلب مَا كَانَا)
)
وَقَالَ
(إِن من بردي جسماً ناحلاً ... لَو توكأت عَلَيْهِ لانهدم)(10/85)
(ختم الْحبّ لَهَا فِي كَبِدِي ... مَوضِع الْخَاتم من أهل الذمم)
(وَإِذا قلت لَهَا جودي لنا ... خرجت بِالصَّمْتِ من لَا وَنعم)
وَلما أنْشد قَول الشَّاعِر
(وَقد جعل الْأَعْدَاء ينتقصونها ... وتطمع فِينَا ألسن وعيون)
(أَلا إِنَّمَا ليلى عَصا خيزرانة ... إِذا غمزوها بالأكف تلين)
فَقَالَ بشار وَالله لَو زعم أَنَّهَا عَصا مخ أَو زبد لَكَانَ قد جعلهَا جافية خشنة إِذْ جعلهَا عَصا أَلا قَالَ كَمَا قلت
(وحوراء المدامع من معد ... كَأَن حَدِيثهَا ثَمَر الْجنان)
(إِذا قَامَت لمشيتها تثنت ... كَأَن عظامها من خيزران)
وَهُوَ الَّذِي قَالَ مَا زلت مُنْذُ سَمِعت قَول امْرِئ الْقَيْس
(كَأَن قُلُوب الطير رطبا ويابساً ... لَدَى وَكرها الْعنَّاب والحشف الْبَالِي)
اجتهدت حَتَّى قلت
(كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه)
ولأرباب البلاغة على هَذَا الْبَيْت كَلَام طَوِيل مَذْكُور فِي كتبهمْ وَقد ضمنت أول هَذَا الْبَيْت فَقلت
(وَلم أنس يَوْمًا حجبت فِيهِ شمسه ... فآذن إِذْ غَابَتْ بِضيق نفوسنا)
(وسد علينا الجو نشر ضبابه ... كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا)
وشعره كثير وأخباره فِي كتاب الأغاني كَثِيرَة وَقيل عَنهُ إِنَّه كَانَ يفضل النَّار على الأَرْض ويصوب رَأْي إِبْلِيس فِي امْتِنَاعه من السُّجُود لآدَم وَقَالَ
(إِبْلِيس خير من أبيكم آدم ... فتنبهوا يَا معشر الْفجار)
(إِبْلِيس من نَار وآدَم طِينَة ... وَالْأَرْض لَا تسمعوا سمو النَّار)
وَقَالَ أَيْضا
(الأَرْض مظْلمَة وَالنَّار مشرقة ... وَالنَّار معبودة مذ كَانَت النَّار)
)
وَكَانَ بشار يرى رَأْي الكاملية وَهُوَ طَائِفَة من الرافضة يَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْكَاف فِي مَكَانَهُ وَفِي ترجمتهم شَيْء من ذكر بشار بن برد الْمَذْكُور ووفد على الْمهْدي وأنشده قصيدة يمدحه بهَا مِنْهَا
(إِلَى ملك من هَاشم فِي نبوة ... وَمن حمير فِي الْملك وَالْعدَد الدثر)
(من المشترين الْحَمد تندى من الندى ... يَدَاهُ ويندى عارضاه من الْعطر)(10/86)
فَلم يحظ مِنْهُ فَقَالَ يهجوه
(خليفةٌ يَزْنِي بعمّاته ... يلْعَب بالدُّبُّوق والصَّولجان)
(أبدلنا الله بِهِ غَيره ... ودسَّ مُوسَى فِي حر الخيزران)
وأنشدهما فِي حَلقَة يُونُس النَّحْوِيّ فسعى بِهِ إِلَى وزيره يَعْقُوب بن دَاوُد وَكَانَ بشار قد هجاه بقوله
(بني أُميَّة هبوا طَال نومكم ... إِن الْخَلِيفَة يَعْقُوب بن دَاوُد)
(ضَاعَت خلافتكم يَا قوم فالتمسوا ... خَليفَة الله بَين الناي وَالْعود)
فَدخل الْوَزير يَعْقُوب على الْمهْدي وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن هَذَا الملحد الزنديق قد هجاك قَالَ بِمَ ذَاك فَقَالَ لَا أُطِيق أقوله فأقسم عَلَيْهِ فكتبهما فَلَمَّا وقف عَلَيْهِمَا كَاد ينشق غيظاً
فانحدر إِلَى الْبَصْرَة فَلَمَّا بلغ البطيحة سمع أذاناً فِي وَقت ضحاء النَّهَار فَقَالَ انْظُرُوا مَا هَذَا فَإِذا بشار سَكرَان فَقَالَ يَا زنديق عجبت أَن يكون هَذَا غَيْرك أتلهو بِالْأَذَانِ فِي غير وَقت صَلَاة وَأَنت سَكرَان وَأمر بضربه فَضرب بالسياط بَين يَدَيْهِ على صدر الحراقة سبعين سَوْطًا تلف مِنْهَا وَكَانَ إِذا أَصَابَهُ السَّوْط قَالَ حسّ وَهِي كلمة تَقُولهَا الْعَرَب للشَّيْء إِذا أوجع فَقَالَ بَعضهم انْظُرُوا إِلَى زندقته وَكَيف يَقُول حسّ وَلَا يَقُول بِسم الله فَقَالَ بشار وَيلك أطعام هُوَ فأسمي الله عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ آخر أَفلا قلت الْحَمد لله فَقَالَ أَو نعْمَة هِيَ فَأَحْمَد الله عَلَيْهَا وَبَان الْمَوْت فِيهِ فألقي فِي سفينة حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقد بلغ نيفاً وَتِسْعين سنة وَقَالَ فِي حَال ضرب الجلاد لَهُ لَيْت عَيْني أبي الشمقمق تراني حَيْثُ يَقُول
(هللينه هللينه ... طعن قثّاة لتينة)
(إِن بشار بن برد ... تَيْس أعمى فِي سفينة)
وَكَانَ بشار يخَاف لِسَان أبي الشمقمق ويصانعه فِي كل سنة بمبلغ من الذَّهَب حَتَّى يكف عَنهُ)
وَوجد فِي أوراقه مَكْتُوب إِنِّي أردْت هجاء آل سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس فَذكرت قرابتهم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمْسَكت عَنْهُم وَالله أعلم بحالهم وَيُقَال إِن الْمهْدي لما بلغه ذَلِك نَدم على قَتله وَكَانَ كثيرا مَا ينشد قَوْله
(سترى حول سَرِيرِي ... حسّراً لطمن لطما)
(يَا قَتِيلا قتلته عَبدة ... الْحَوْرَاء ظلما)
عَبدة اسْم محبوبته وَلما خرجت جنَازَته لم يتبعهَا إِلَّا أمة سندية لَهُ عجماء تَقول واشيداه
واشيداه بالشين المعدمة وَمن شعر بشار بن برد
(يَا ابْن نهيا رَأس عَليّ ثقيل ... وَاحْتِمَال الرأسين خطب جليل)
(ادْع غَيْرِي إِلَى عبَادَة الِاثْنَيْنِ ... فَإِنِّي بِوَاحِد مَشْغُول)(10/87)
(يَا ابْن نهيا بَرِئت مِنْك إِلَى الل ... هـ جهاراً وَذَاكَ مني قَلِيل)
فأشاع حَمَّاد عجرد هَذِه الأبيات عَن بشار وَجعل حَمَّاد مَكَان بِوَاحِد عَن وَاحِد ليصحح عَلَيْهِ الزندقة وَالْكفْر بِاللَّه فَمَا زَالَت الأبيات تَدور أَيدي النَّاس إِلَى أَن انْتَهَت إِلَى بشار فاضطرب مِنْهَا وجزع وَقَالَ أشاط ابْن الزَّانِيَة بدمي وَالله وَغَيرهَا حَتَّى شهر فِي النَّاس مَا يهلكني
وَقَالَ حَمَّاد فِي بشار
(لقد صَار بشار بَصيرًا بدبره ... وناظره بَين الْأَنَام ضَرِير)
(لَهُ مقلة عمياء واست بَصِيرَة ... إِلَى الاير من تَحت الثِّيَاب تُشِير)
(على وده أَن الْحمير تنيكه ... وَإِن جَمِيع الْعَالمين حمير)
وَمن شعره وَهُوَ فِي غَايَة الْحِكْمَة
(إِذا بلغ الرَّأْي المشورة فَاسْتَعِنْ ... بحزم نصيح أَو نصاحة حَازِم)
(وَلَا تحسب الشورى عَلَيْك غَضَاضَة ... فَإِن الخوافي رافد للقوادم)
(وخل الهوينا للضعيف وَلَا تكن ... نؤوما فَإِن الْحر لَيْسَ بنائم)
(وأدن من الْقُرْبَى المقرب نَفسه ... وَلَا تشهد الشورى امْرأ غير كاتم)
(وَمَا خير كف أمسك الغل أُخْتهَا ... وَمَا خير سيف لم يويد بقائم)
(فَإنَّك لَا تستطرد الْهم بالمنى ... وَلَا تبلغ الْعليا بِغَيْر المكارم)
(بِشَارَة الشبلي الحسامي الْكَاتِب)
مولى شبْل الدولة صَاحب الْمدرسَة والخانقاه عِنْد ثورا بِدِمَشْق سمع مَعَ مَوْلَاهُ حنبلاً وَابْن طبرزد وَغَيرهمَا وروى عَنهُ الدمياطي والأبيوردي وَجَمَاعَة وَهُوَ رومي الْجِنْس وَهُوَ أَبُو أَوْلَاد بِشَارَة الْمَشْهُورين بِدِمَشْق كَانَ يكْتب خطا حسنا وَذريته يدعونَ النّظر على الْمدرسَة والخانقاه المنسوبة إِلَى شبْل الدولة الْمَذْكُور وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع وَخمسين وست مائَة
(بشتاك الناصري)
بشتاك الْأَمِير سيف الدّين الناصري كَانَ شكلاً تَاما أهيف الْقَامَة حُلْو الْوَجْه قربه السُّلْطَان وَأَدْنَاهُ وَأَعْلَى مَنْزِلَته وَكَانَ يُسَمِّيه فِي غيبته بعد موت بكتمر بالأمير وَكَانَ زَائِد التيه والصلف لَا يكلم أستاذ الدَّار وَلَا الْكَاتِب إِلَّا بترجمان وَكَانَ إقطاعه سبع عشرَة طبلخاناة أكبر من إقطاع قوصون وَمَا يعلم قوصون بذلك وَلما مَاتَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَرثهُ فِي جَمِيع أَحْوَاله فِي دَاره واسطبله الَّذِي على الْبركَة وَفِي امْرَأَته أم أَمِير أَحْمد وشرى جَارِيَته خوبى بِسِتَّة آلَاف دِينَار وَدخل مَعهَا مَا قِيمَته عشرَة آلَاف دِينَار وَأخذ ابْن بكتمر(10/88)
عِنْده وَكَانَت الشرقية تحمى لَهُ بعد بكتمر الساقي وَزَاد أمره وَعظم مَحَله وَثقل على السُّلْطَان وَأَرَادَ الفتك بِهِ فَمَا تمكن وَتوجه إِلَى الْحجاز وَأنْفق فِي الْأُمَرَاء وَأهل الركب والفقراء المجاورين بِمَكَّة وَالْمَدينَة شَيْئا كثيرا للغاية من آلَاف الدَّنَانِير إِلَى الدِّينَار على مَرَاتِب النَّاس وطبقاتهم وَلما عَاد من الْحجاز لم يدر بِهِ السُّلْطَان إِلَّا وَقد حضر إِلَيْهِ فِي نفر قَلِيل من مماليكه وَقَالَ إِن أردْت إمساكي فها أَنا قد جِئْت إِلَيْك برقبتي فكابره السُّلْطَان وَطيب خاطره وَكَانَ غير عفيف الذيل عَن الْمليح والقبيح وَبَالغ فِي ذَلِك وأفرط حَتَّى فِي نسَاء الفلاحين وَغَيرهم وَرمي بأوابد ودواهي من هَذِه الْمَادَّة وَكَانَ سَبَب قربه أَن السُّلْطَان قَالَ لمجد الدّين السلَامِي أُرِيد تشتري لي من الْبِلَاد مَمْلُوكا يشبه بو سعيد يَعْنِي ملك التتار فَقَالَ لَهُ هَذَا بشتاك يُشبههُ وجرده السُّلْطَان لإمساك الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَحَضَرَ إِلَى دمشق بعد إِمْسَاكه هُوَ وَعشرَة أُمَرَاء وَنزل الْقصر الأبلق وَفِي خدمته الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي وبرسبغا وطاجار الدوادار وَغَيره وَحَال نُزُوله حلف الْأُمَرَاء كلهم للسُّلْطَان وَذريته واستخرج ودائع تنكز وَعرض حواصله ومماليكه وخيله وجواربه وكل مَا يتَعَلَّق بِهِ ووسط)
طغاي وجنغاي مملوكي تنكز فِي سوق الْخَيل وأوزان أَيْضا فِي سوق الْخَيل بِحُضُورِهِ يَوْم الموكب وَأقَام بِدِمَشْق خَمْسَة عشر يَوْمًا أَو مَا حولهَا وَعَاد إِلَى مصر وَبَقِي فِي نَفسه من دمشق وَمَا يَجْسُر يفاتح السُّلْطَان فِي ذَلِك فَلَمَّا مرض السُّلْطَان وأشرف على الْمَوْت ألبس الْأَمِير سيف الدّين قوصون مماليكه فَدخل بشتاك وَعرف السُّلْطَان ذَلِك فَقَالَ لَهُ افْعَل أَنْت مثله ثمَّ إِنَّه جمع بَينهمَا وتصالحا قدامه وَنَصّ السُّلْطَان على أَن يكون الْملك بعده لوَلَده الْمَنْصُور أبي بكر فَلم يُوَافق وَقَالَ مَا أُرِيد إِلَّا سَيِّدي أَحْمد فَلَمَّا مَاتَ السُّلْطَان وسجي قَامَ قوصون إِلَى الشباك وَطلب بشتاك وَقَالَ لَهُ يَا أَمِير تعال أَنا مَا يجي مني سُلْطَان لِأَنِّي كنت أبيع الطمسا والبرغالي والكشاتوين وَأَنت اشْتريت مني وَأهل الْبِلَاد يعْرفُونَ ذَلِك مني وَأَنت مَا يجي مِنْك سُلْطَان لِأَنَّك كنت تبيع البوزا وَأَنا اشْتريت مِنْك وَأهل الْبِلَاد يعْرفُونَ ذَلِك منا فَمَا يكون سُلْطَانا من عرف بِبيع الطمسا والبرغالي وَلَا من عرف بِبيع البوزا وَهَذَا أستاذنا هُوَ الَّذِي أوصى لمن هُوَ أخبر بِهِ من أَوْلَاده وَهَذَا هُوَ فِي ذمَّته وَمَا يسعنا إِلَّا امْتِثَال أمره حَيا وَمَيتًا وَأَنا مَا أخالفك إِن أردْت أَحْمد أَو غَيره أَو لَو أردْت كل يَوْم تعْمل سُلْطَانا مَا خالفتك
فَقَالَ بشتاك كل هَذَا صَحِيح وَالْأَمر أَمرك وأحضرا الْمُصحف وحلفا عَلَيْهِ بَعْضًا لبَعض وتعانقا وتباوسا ثمَّ قاما إِلَى رجْلي السُّلْطَان فقبلاهما ووضعا ابْن السُّلْطَان على الْكُرْسِيّ وباسا الأَرْض لَهُ وحلفا لَهُ وسمياه الْمَنْصُور ثمَّ إِن بشتاك طلب من السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور أبي بكر نِيَابَة دمشق فرسم لَهُ بذلك وَكتب تَقْلِيده وبرز إِلَى ظَاهر الْقَاهِرَة وَبَقِي هُنَاكَ يَوْمَيْنِ ثَلَاثَة ثمَّ إِنَّه طلع إِلَى السُّلْطَان ليودعه فَوَثَبَ عَلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وَأمْسك سَيْفه وتكاثروا عَلَيْهِ فأمسكوه وجهزوه إِلَى الاسكندرية واعتقلوه بهَا ثمَّ إِنَّه قنل فِي الْحَبْس أول سلطنة الْملك الْأَشْرَف كجك فِي شهر ربيع الآخر تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان فِي يَوْم وَاحِد ألف ألف دِرْهَم ليَشْتَرِي بهَا قَرْيَة يبنا من عمل سَاحل الرملة وَأَخْبرنِي طغاي مَمْلُوك أَمِير حُسَيْن ابْن جندر وَكَانَ أَمِير مجْلِس عِنْد بشتاك قَالَ لنا رَأَيْت برسم الفحم للمشوي فِي كل يَوْم يمْضِي عشرُون(10/89)
درهما وَلما توجه بأولاد السُّلْطَان إِلَى دمياط رَأَيْته فِي كل يَوْم يذبح لسماطه خمسين رَأس غنم وفرساً لَا بُد مِنْهُ خَارِجا عَن الدَّجَاج والإوز وبشتاك الْمَذْكُور هُوَ أول من أمسك من أُمَرَاء الدولة بعد الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وفتك بِهِ وَقتل وَفِيه قلت أَنا)
(قَالَ الزَّمَان وَمَا سمعنَا قَوْله ... وَالنَّاس فِيهِ رهائن الأشراك)
(من ينصر الْمَنْصُور من كيدي وَقد ... صَاد الردى بشتاك لي بشباك)
(بشر)
3 - (بشر بن الْبَراء بن معْرور)
الْأنْصَارِيّ الخزرجي من بني سَلمَة وَتقدم ذكر أَبِيه الْبَراء قَالَ ابْن إِسْحَق شهد الْعقبَة وبدراً وأحداً وَالْخَنْدَق وَمَات بِخَيْبَر سنة سبع فِي حِين افتتاحها من أَكلَة أكلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الشَّاة الَّتِي سم فِيهَا قيل إِنَّه لم يبرح من مَكَانَهُ حِين أكل مِنْهَا حَتَّى مَاتَ وَقيل بل لزمَه وَجَعه ذَلِك سنة ثمَّ مَاتَ مِنْهُ وَكَانَ من الرُّمَاة الْمَذْكُورين وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد آخى بَينه وَبَين وَاقد بن عبد الله التَّمِيمِي حَلِيف بني عدي وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سَأَلَ بني سَلمَة من سيدكم فَقَالُوا الْجد بن قيس على بخل فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأي دَاء أدوي من الْبُخْل بل سيد بني سَلمَة الْأَبْيَض الْجَعْد بشر بن الْبَراء
3 - (بشر بن الْحَارِث)
3 - (بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم الْقرشِي السَّهْمِي)
كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة هُوَ وَأَخُوهُ الْحَارِث بن الْحَارِث بن قيس وَمعمر بن الْحَارِث بن قيس
3 - (أيبرق)
بشر بن الْحَارِث وَهُوَ أيبرق بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الظفري شهد أحدا وأخواه مُبشر وَبشير وَبشير هُوَ الشَّاعِر وَكَانَ منافقاً يهجو الصَّحَابَة وَكَانُوا أهل حَاجَة فَسرق بشير من رِفَاعَة بن زيد درعه ثمَّ ارْتَدَّ فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَلم يذكر لِأَخِيهِ بشر نفاق(10/90)
3 - (الحافي)
بشر بن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن بن عَطاء أَبُو نصر الْمروزِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ الزَّاهِد الْكَبِير الْمَعْرُوف ببشر الحافي هُوَ ابْن عَم عَليّ بن خشرم الْمُحدث سمع إِبْرَاهِيم بن سعد وَحَمَّاد بن زيد وَأَبا الْأَحْوَص ومالكاً وشريكاً والفضيل بن عِيَاض وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم وخَالِد بن عبد الله الطَّحَّان وَعبد الله بن الْمُبَارك وَكَانَ عديم النظير زاهداً وورعاً وصلاحاً كثير الحَدِيث إِلَّا أَنه كَانَ يكره الرِّوَايَة وَيخَاف من شَهْوَة النَّفس وَيَقُول أكره التحدث لِأَن نَفسِي)
تُرِيدُ أَن أتحدث قَالَ شاطر سخي أحب إِلَى الله من صوفي بخيل وَقَالَ إِذا أعْجبك الْكَلَام فاصمت وَإِذا أعْجبك الصمت فَتكلم رَآهُ بعض الْفُقَرَاء فِي مَنَامه بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي وَلكُل من تبع جنازتي وَلكُل من أَحبَّنِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة توفّي قبل المعتصم بِسِتَّة أَيَّام سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَله خمس وَسَبْعُونَ سنة وَكَانَ من أَوْلَاد الرؤساء وَالْكتاب وَسبب تَوْبَته أَنه أصَاب فِي الطَّرِيق ورقة مَكْتُوب فِيهَا بِسم الله وَقد وطئتها الْأَقْدَام فَأَخذهَا وَاشْترى بِدَرَاهِم كَانَت مَعَه غَالِيَة وَطيب الورقة وَجعلهَا فِي شقّ حَائِط فَرَأى فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لَهُ يَا بشر طيبت اسْمِي لأطيبن اسْمك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَمَّا انتبه من نَومه تَابَ ويحكى أَنه أَتَى بَاب الْمعَافى بن عمرَان فدق عَلَيْهِ الْحلقَة فَقيل من فَقَالَ بشر الحافي فَقَالَت لَهُ بنت من دَاخل الدَّار لَو اشْتريت نعلا بدانقين لذهب عَنْك اسْم الحافي وَإِنَّمَا لقب الحافي لِأَنَّهُ جَاءَ إِلَى إسكاف يطْلب مِنْهُ شسعاً لأحد نَعْلَيْه فَقَالَ لَهُ الإسكافي مَا أَكثر كلفتكم على النَّاس فَألْقى النَّعْل من يَده وَالْأُخْرَى من رجله وَحلف لَا يلبس نعلا بعْدهَا وَقيل لَهُ بِأَيّ شَيْء تَأْكُل الْخبز فَقَالَ أذكر الْعَافِيَة فأجعلها إدماً وَقَالَ بَعضهم أذكر الْعَافِيَة فأجعلها إدماً وَقَالَ بَعضهم سَمِعت بشرا يَقُول لأَصْحَاب الحَدِيث أَدّوا زَكَاة هَذَا الحَدِيث فَقَالُوا وَمَا زَكَاته فَقَالَ اعْمَلُوا من كل مِائَتي حَدِيث بِخَمْسَة أَحَادِيث وَكَانَ لَهُ ثَلَاث أَخَوَات وَهن مُضْغَة ومخة وزبدة وَكن زاهدات عابدات وأكبرهن مُضْغَة فَمَاتَتْ قبل أَخِيهَا بشر فَحزن عَلَيْهَا حزنا عَظِيما وَبكى بكاء كثيرا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ قَرَأت فِي بعض الْكتب أَن العَبْد إِذا قصر فِي خدمَة ربه سلبه أنيسه وَهَذِه أُخْتِي كَانَت أنيستي فِي الدُّنْيَا وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن(10/91)
حَنْبَل دخلت امْرَأَة على أبي فَقَالَت لَهُ يَا عبد الله إِنِّي امْرَأَة أغزل فِي اللَّيْل على ضوء السراج وَرُبمَا طفئ السراج فأغزل على ضوء الْقَمَر فَهَل عَليّ أَن أبين غزل السراج من غزل الْقَمَر فَقَالَ لَهَا أبي إِن كَانَ عنْدك فرق بَينهمَا فَعَلَيْك أَن تبيني ذَلِك فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا عبد الله أَنِين الْمَرِيض هَل هُوَ شكوى فَقَالَ لَهَا أبي أَرْجُو أَن لَا يكون شكوى وَلَكِن هُوَ اشتكاء إِلَى الله تَعَالَى ثمَّ انصرفت فَقَالَ لي أبي يَا بني مَا سَمِعت إنْسَانا قطّ يسألني عَن مثل مَا سَأَلت هَذِه الْمَرْأَة اتبعها قَالَ عبد الله فتبعتها إِلَى أَن دخلت دَار بشر الحافي فَعلمت أَن الْمَرْأَة أُخْت بشر الحافي وَقَالَ بشر الحافي تعلمت الْوَرع من أُخْتِي فَإِنَّهَا كَانَت تجتهد أَن لَا تَأْكُل مَا لمخلوق فِيهِ صنع وأخرجت جنَازَته بعد صَلَاة الصُّبْح فِي نَهَار صَائِف)
فَمَا اسْتَقر فِي قَبره إِلَى الْعَتَمَة وَكَانَ ابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو نصر التمار يصيحان فِي الْجِنَازَة هَذَا وَالله شرف الدُّنْيَا قبل شرف الْآخِرَة وَرويت لَهُ المنامات الصَّالِحَة وآثاره وأخباره كَثِيرَة فِي رِسَالَة الْقشيرِي وَفِي تَارِيخ ابْن عَسَاكِر وَغَيره
3 - (الْعَبْدي)
بشر بن الحكم الْعَبْدي النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه الزَّاهِد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (العسكري الْفَرَائِضِي)
بشر بن خَالِد العسكري الْفَرَائِضِي نزيل الْبَصْرَة روى عَن غنْدر وَأبي أُسَامَة وشبابه وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو بكر بن أبي دَاوُد وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْخَثْعَمِي)
بشر بن ربيعَة الْخَثْعَمِي صَاحب جبانة بشر بِالْكُوفَةِ شَاعِر مخضرم وَهُوَ أحد الفرسان وَهُوَ الْقَائِل لعمر بن الْخطاب بعد وَاقعَة الْقَادِسِيَّة
(تذكر هداك الله وَقع سُيُوفنَا ... بِبَاب قديس وَالْمَكْر ضَرِير)
(غَدَاة يود الْقَوْم لَو أَن بَعضهم ... أعير جناحي طَائِر فيطير)
(إِذا مَا فَرغْنَا من قراع كَتِيبَة ... دلفنا لأخرى كالجبال نسير)(10/92)
3 - (الْوَاعِظ الأفوه)
بشر بن السّري الْوَاعِظ بِمَكَّة الملقب بالأفوه روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (الْبَصْرِيّ الْمُتَكَلّم)
بشر بن شبيب الْبَصْرِيّ الْمُتَكَلّم قَالَ يرثي الْحداد الجدلي لما سَأَلَهُ سعيد بن الْمُهلب خَليفَة عِيسَى بن جَعْفَر على الْبَصْرَة عَن أَسمَاء الله عز وَجل أقديمة هِيَ أم محدثة فَقَالَ بل محدثة مخلوقة وَاحْتج لذَلِك فَضَربهُ بالسياط حَتَّى مَاتَ فَقَالَ بشر يرثيه
(انع للْمُسلمين دين الرَّسُول ... وابك للحق بالدموع الهمول)
(فل سيف الْهدى وكل لِسَان ال ... حق فِي الناطقين عَن كل قيل)
)
(شرح النَّاس الْيَوْم بالْكفْر صَدرا ... كلهم غير مَا أنَاس قَلِيل)
(عبدُوا مَا يصورون وسووا ... بَين حَال الدَّلِيل والمدلول)
(فليفجع عَليّ أبي عَمْرو اليو ... م قَتِيل التَّوْحِيد خير قَتِيل)
(ولتمسك دون الْيَقِين عَلَيْهِ ... عِنْد تذكاره بحزن طَوِيل)
(أمكن الله ثَائِر الدّين من وَا ... ل ظلوم بجوره مستطيل)
(وَلَئِن ظلّ طالبوه لكم فِي ... نصْرَة الله من دم مطلول)
3 - (أَمِير الْمغرب)
بشر بن صَفْوَان الْكَلْبِيّ أَمِير الْمغرب سَبْعَة أَعْوَام لما احْتضرَ اسْتخْلف على النَّاس بأفريقية فعاس بن قرط الْكَلْبِيّ مَاتَ سنة تسع وَمِائَة
3 - (بشر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ)
بشر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا قَالَ ابْن سعد لم يُوجد لَهُ فِي الْأَنْصَار نسب وَيُقَال فِيهِ بشير
3 - (بشر بن عَبدة)
سكن الْبَصْرَة روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمعه يَقُول إِن أَخَاكُم النَّجَاشِيّ قد مَاتَ فاستغفروا لَهُ لم يرو عَنهُ غير ابْنه عَفَّان(10/93)
3 - (الْجَارُود)
بشر بن عَمْرو بن حَنش بن الْمُعَلَّى وَهُوَ الْجَارُود وَسمي الْجَارُود لقَوْله
(جردناهم بالبيض من كل جَانب ... كَمَا جرد الْجَارُود بكر بن وَائِل)
ويكنى أَبَا الْمُنْذر وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَهُوَ ملك الْبَحْرين وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ رهطه بني جذيمة وَأسلم وَقَالَ
(رَضِينَا بدين الله من كل حَادث ... وَبِاللَّهِ والرحمن نرضى بِهِ رَبًّا)
وَقَالَ
(شهِدت بِأَن الله حق وسامحت ... بَنَات فُؤَادِي بِالشَّهَادَةِ بالخفض)
(فَإِن لَا تكن دَاري بِيَثْرِب فِيكُم ... فَإِنِّي لكم عِنْد الْقِيَامَة والنهض)
(أصالح من صالحت من ذِي عَدَاوَة ... وَأبْغض من أَمْسَى على بغضكم بغضي)
)
3 - (المريسي)
بشر بن غياث بن أبي كَرِيمَة أَبُو عبد الرَّحْمَن مولى زيد بن الْخطاب هُوَ بشر المريسي
كَانَ من أَعْيَان أَصْحَاب الرَّأْي أَخذ عَن أبي يُوسُف وبرع فِي الْفِقْه وَنظر فِي الفلسفة وجرد القَوْل بِخلق الْقُرْآن وناظر عَلَيْهِ ودعا إِلَيْهِ وَكَانَ رَأس الْجَهْمِية أَخذ عَن الجهم بن صَفْوَان
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فِيمَا أرى ثمَّ تبينت أَنه لم يدْرك الجهم قَالَ أَبُو النَّصْر هَاشم كَانَ أَبوهُ يَهُودِيّا قصاراً وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي نَاظر الشَّافِعِي بَين يَدي الرشيد وَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي إيَّايَ تَعْنِي فَقَالَ بشر نعم فَقَالَ مَخْلُوق فَسلم من شَره وَكَانَ بشر مرجئاً وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة المريسية وَكَانَ يَقُول إِن السُّجُود للشمس وَالْقَمَر لَيْسَ بِكفْر وَلكنه عَلامَة للكفر وَكَانَ لَا يعرف النَّحْو ويلحن لحناً فَاحِشا(10/94)
3 - (الْأَسدي)
بشر بن قطنة بن سِنَان بن الْحَارِث الْأَسدي شهد يَوْم الْيَمَامَة مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد وَقَالَ
(أروح وأغدو فِي كَتِيبَة خَالِد ... على شطبة قد ضمهَا الْعَدو خيفق)
(أَقُول لنَفْسي حِين خود وألها ... لَك الويل لما تشفقي حِين مُشفق)
(رويدك لَا تستعجلي عل تنجلي ... غيابة هَذَا الْعَارِض المتألق)
(إِذا قَالَ سيف الله كروا عَلَيْهِم ... كررنا وَلم نحفل وصاة المعوق)
3 - (أَخُو عبد الْملك بن مَرْوَان)
بشر بن مَرْوَان أَمِير الْعرَاق الْأمَوِي كَانَ سَمحا جواداً ممدحاً ولي إمرة الْعرَاق لِأَخِيهِ عبد الْملك وَله دَار بِدِمَشْق عِنْد عقبَة الْكَتَّان وَهُوَ أول أَمِير مَاتَ بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ أول من أحدث الْأَذَان للعيد بِالْكُوفَةِ فأكبر النَّاس ذَلِك وأعظموه ووقف الفرزدق على قَبره ورثاه بِأَبْيَات فَمَا بَقِي أحد إِلَّا بَكَى عَلَيْهِ وعمره نَيف وَأَرْبَعُونَ سنة وَكَانَت وَفَاته سنة خمس وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
كتب إِلَى أَخِيه عبد الْملك
(إِذا مت يَا خير الْبَريَّة لم تَجِد ... أَخا لَك يُغني عَنْك مثل غنائنا)
(يواسيك فِي الضراء واليسر جهده ... إِذا لم تَجِد عِنْد الْحفاظ مواسيا)
(سويحان أولى من سَواد وَحُمرَة ... تبدلته من وَاضح كَانَ صافيا)
)
(فكم من رَسُول قد أَتَانِي بعتبه ... إِلَيّ ورسلي يكتمونك مَا بيا)
فَلَمَّا قَرَأَهَا عبد الْملك قَالَ مَالك بن الريب أشعر مِنْهُ ولمالك الْمَذْكُور قصيدة على وزن هَذِه رثى فِيهَا نَفسه وَقَالَ لما قتل أَخُوهُ عبد الْملك عَمْرو بن سعيد الْأَشْدَق
(لَو أَن أَبَا أُميَّة كَانَ حَيا ... لقد رَأس الْأُمُور وَقد براها)
(غدرتم غدرةً تركت قُريْشًا ... شُعَاع الْأَمر مُخْتَلفا هَواهَا)
(وأفسدتم خلافتكم وخنتم ... أَمينا لَو تحملهَا كفاها)(10/95)
وَكَانَ لبشر من الْوَلَد الحكم أمه أم كُلْثُوم بنت أبي سَلمَة وَعبد الْملك وَأمه هِنْد بنت أَسمَاء بن خَارِجَة وَعبد الْعَزِيز بن بشر وَأمه ابْنة خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط
3 - (الْيَشْكُرِي)
بشر بن مَسْعُود الْيَشْكُرِي الْبَصْرِيّ من شعراء خُرَاسَان هُوَ الْقَائِل يمدح رجلا
(بَحر إِذا حلت الوراد ساحته ... لم يثنهم علل مِنْهُ عَن الْعِلَل)
(يسمو بِهِ شرف ناهيك من شرف ... فِي سادة الْيمن الأنجاب لم يزل)
(لم يدر مَا قبْلَة الْإِسْلَام مُعْتَمر ... لم يدر أَنَّك مهوى قبْلَة الأمل)
وَالْقَائِل أَيْضا
(أَبُو الْأَشْعَث اللَّخْمِيّ نَفسِي فداؤه ... أغر كريم الْوَالِدين يماني)
(دَعَاني إِلَى معروفه فأجبته ... وَقلت لَهُ لبيْك جين دَعَاني)
(وقاني من الْأَيَّام ريش جنَاحه ... فَأَصْبَحْنَ لَا يدرين أَيْن مَكَاني)
(لجأت إِلَيْهِ واعتصمت بحبله ... فأصحت عُيُون الدَّهْر لَيْسَ تراني)
قلت وَمن هُنَا أَخذ أَبُو نواس قَوْله يمدح مُحَمَّد بن الْفضل بن الرّبيع
(أخذت بِحَبل من حبال مُحَمَّد ... أمنت بِهِ من نَائِب الْحدثَان)
(تغطيت من دهري بِظِل جنَاحه ... فعيني ترى دهري وَلَيْسَ يراني)
(فَلَو تسْأَل الْأَيَّام مَا اسْمِي لما درت ... وَأَيْنَ مَكَاني مَا عرفن مَكَاني)
3 - (الْعَقدي)
بشر بن معَاذ الْعَقدي الْبَصْرِيّ الضَّرِير روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة ووثَّقه ابْن حبَان وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين)
3 - (المعتزلي)
بشر بن الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ أَبُو سهل كَانَ أبرص وَكَانَ رِوَايَة شَاعِرًا نسابةً لَهُ الْأَشْعَار فِي الِاحْتِجَاج للدّين وَفِي غير ذَلِك وَذكر الجاحظ أَنه لم ير أحدا أقوى مِنْهُ على المخمس المزدوج وَله قصيدة فِي ثَلَاث مائَة ورقة احْتج فِيهَا لمذهبه وقصيدة فِي الغول وَهُوَ الْقَائِل(10/96)
(إِن كنت تعلم مَا تقو ... ل وَمَا أَقُول فَأَنت عَالم)
(أَو كنت تجْهَل ذَا وَذَا ... ك فَكُن لأهل الْعلم لَازم)
(أهل الرياسة من ينا ... زعهم رياستهم فظالم)
(سهرت عيونهم وَأَن ... ت عَن الَّذِي قاسوه حالم)
(لَا تَطْلُبن رئاسةً ... بِالْجَهْلِ أَنْت لَهَا مخاصم)
(لَوْلَا مقامهم رَأْي ... ت الدّين مُضْطَرب الدعائم)
وَكَانَ من رُؤُوس الْمُعْتَزلَة وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة الْمَعْرُوفَة بالبشرية أفرط فِي التولد وَقَالَ بِهِ حَتَّى قَالَ يجوز أَن تقع الْأَعْرَاض من الطعوم والروائح والادراكات مُتَوَلّدَة فِي الْجِسْم من فعل الْغَيْر وَإِن النّظر يُولد الْعلم بالمنظور فِيهِ وَقَالَ الرب تَعَالَى قَادر على تَعْذِيب الطِّفْل وَلَو فعل كَانَ ظَالِما فِيهِ وَلكنه لَا يستحسن أَن يُقَال فِي حَقه تَعَالَى إِنَّه ظَالِم إِذا عذب الطِّفْل بل لَو عذبه لاستدللنا بتعذيبه لَهُ أَنه بَالغ وَقد عصى مَعْصِيّة اسْتحق عَلَيْهَا الْعقَاب فِي علم الله تَعَالَى وَهَذَا هذيان من الْكَلَام مَعَ بُطْلَانه فَإِنَّهُ إِذا جَازَ تَعْذِيب الطِّفْل من الرب تَعَالَى فَلَا فرق بَين كَونه ابْن يَوْم مثلا أَو ابْن سنة أَو مُمَيّزا فَكيف يجوز القَوْل بِأَنَّهُ إِذا عذبه يسْتَدلّ بتعذيبه لَهُ أَنه بَالغ وَهُوَ ابْن يَوْم مثلا لم يقل بِهَذَا أحد من الْعلمَاء وَالله أعلم وَكَانَ يفضل على أبان اللاحقي فِي النّظم وَتُوفِّي سنة عشر وَمِائَتَيْنِ وَقد علت سنه وَله مصنفات كَثِيرَة
3 - (الْحَافِظ أَبُو إِسْمَاعِيل)
بشر بن الْمفضل بن لَاحق الْحَافِظ أَبُو إِسْمَاعِيل الرقاشِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ روى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم قَالَ ابْن حَنْبَل إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي التثبت بِالْبَصْرَةِ توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (السّلمِيّ العابد)
بشر بن مَنْصُور السّلمِيّ بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام الْبَصْرِيّ الزَّاهِد العابد روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ ثِقَة وَزِيَادَة وَقَالَ ابْن(10/97)
الْمَدِينِيّ مَا رَأَيْت أخوف مِنْهُ)
لله تَعَالَى وَقَالَ ابْن مهْدي مَا رَأَيْت أحدا أقدمه عَلَيْهِ فِي الْوَرع والرقة توفّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الْأَسدي)
بشر بن مُوسَى بن صَالح الْأَسدي الْبَغْدَادِيّ ولد سنة تسعين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من بَيت حشمة قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة أَمينا عَاقِلا ركيناً
3 - (الصَّواف)
بشر بن هِلَال النميري الصَّواف روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين
3 - (ابْن الْوَلِيد)
بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ الْفَقِيه كَانَ وَاسع الْفِقْه عَالما دينا عابداً ولي قَالَ قَضَاء بَغْدَاد فِي الْجَانِبَيْنِ فَنقل عَنهُ إِلَى الواثق أَنه لَا يَقُول بِخلق الْقُرْآن فحبسه فِي منزله ووكل بِبَابِهِ فَلَمَّا اسْتخْلف المتَوَكل أطلقهُ ثمَّ إِنَّه تكلم بِالْوَقْفِ فِي الْقُرْآن فَأمْسك المحدثون عَنهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْوَلِيد)
بشر بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم يَقُول لما قتل الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك
(عجب لَا يتَوَلَّى ... عجب قتل الْوَلِيد)
(بَيْنَمَا الْملك لَهُ زا ... ل فأمسى ليزِيد)
(أسلمته عبد شمس ... والبقايا من ثَمُود)
(قَالَ يَوْم الدَّار لما ... مَسّه حر الْحَدِيد)
(اتَّقوا الله وَكفوا ... أَيْن عقدي وعهودي)(10/98)
(قَتَلُوهُ ثمَّ قَالُوا ... هَالك غير فقيد)
3 - (الحتات)
بشر بن يزِيد بن عَلْقَمَة هُوَ الحتات أَبُو منَازِل الْمُجَاشِعِي الدَّارمِيّ أحد وَفد بني تَمِيم الَّذين وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين مُعَاوِيَة ووفد على مُعَاوِيَة وَمَات عِنْده وَورثه الفرزدق لِأَنَّهُ من بني عَمه وَهُوَ الَّذِي يُقَال إِنَّه أَجَارَ الزبير بن الْعَوام لما انْصَرف من)
الْجمل وَقتل الزبير فِي جواره فجرير يعير مجاشعاً بذلك لِأَن الفرزدق مِنْهُم فَقَالَ
(لَو كنت حرا يَا ابْن قين مجاشع ... شيعت ضيفك فرسخين وميلا)
وَهَذَا الحتات هُوَ الْقَائِل للفرزدق وَأَرَادَ الْخُرُوج إِلَى عمان
(كتبتَ إليّ تستهدي الْجَوَارِي ... لقد أنعَظتَ من بلد بعيد)
(أقِم لَا تأتنا فعمان أَرض ... بهَا سمك وَلَيْسَ بهَا ثريد)
وَفِي وراثة مُعَاوِيَة لَهُ يَقُول الفرزدق
(أَبوك وَعمي يَا معاوي أورثا ... تراثاً فيحتاز التراث أَقَاربه)
(فَمَا بَال مِيرَاث الحتات أَكلته ... وميراث صَخْر جامد لَك ذائبه)
وَقَالَ الحتات
(لعمر أَبِيك فَلَا تكذبن ... لقد ذهب الْخَيْر إِلَّا قَلِيلا)
(لقد فتن النَّاس فِي دينهم ... وخلى ابْن عَفَّان شرا طَويلا)
(وَحَال أَبُو حسن دونهَا ... فَمَا تَسْتَطِيع إِلَيْهَا سَبِيلا)
وللحتات بنُون عبد الله وَعبد الْملك ومنازل ولوا لبني أُميَّة وَقَالَ الْأَصْمَعِي غزا الحتات وَجَارِيَة بن قدامَة والأحنف فَرجع الحتات فَقَالَ لمعاوية فضلت عَليّ محرقا ومخذلا قَالَ اشْتريت مِنْهُمَا دينهما قَالَ فاشتر مني ديني قَالَ يَعْنِي بالمحرق جَارِيَة ابْن قدامَة لِأَنَّهُ كَانَ حرق دَار الْإِمَارَة بِالْبَصْرَةِ والأحنف خذل عَن عَائِشَة وَالزُّبَيْر
3 - (بشر الطَّبَرَانِيّ)
وَيُقَال بشير من قدماء مَشَايِخ الصُّوفِيَّة كَانَ من أهل طبرية قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد السّلمِيّ سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله يَقُول سَمِعت أَحْمد غُلَام أبي الأدنان يَقُول أغارت الرّوم على جواميس لبشر الطَّبَرَانِيّ فَلَمَّا بلغه الْخَبَر وجاءه عبيده الرُّعَاة وَأَخْبرُوهُ بذلك أَيْضا قَالَ وَأَنْتُم أَحْرَار وَكَانَ قيمتهم ألف دِينَار فَقَالَ ابْنه أفقرتنا فَقَالَ(10/99)
لَا يَا بني وَلَكِن الله أَرَادَ أَن يختبرني فَأَحْبَبْت أَن أشكره وأزيده وَلم يذكر السّلمِيّ وَفَاة بشر
(بشرى بن مَسِيس الرُّومِي)
(فَارس فاتن)
بشرى بن مَسِيس بعد الْمِيم سينان مهملتان بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف أَبُو الْحسن الرُّومِي الفاتني مولى الْأَمِير فاتن مولى الْمُطِيع لله أسر من بلد الرّوم وَهُوَ كَبِير أَمْرَد قَالَ فأهداني بعض بني حمدَان لفاتن فأدبني وأسمعني وَورد أبي بَغْدَاد سرا ليتلطف فِي أخذي فَلَمَّا رَآنِي على تِلْكَ الصّفة من الْإِسْلَام والاشتغال بِالْعلمِ يئس مني وَرجع قَالَ الْخَطِيب كتبنَا عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي يَوْم عبد الْفطر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة
(الألقاب)
ابْن بَشرَان اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن سهل تقدم
وَابْن بَشرَان الْوَاعِظ اسْمه عبد الْملك بن مُحَمَّد
ابْن البشيطاري شمس الدّين عُثْمَان بن مُحَمَّد
ابْن بشكوال خلف بن عبد الْملك
البشنوي الْحسن بن دَاوُد
(بشير)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
بشير بن أنس بن أُميَّة بن عَامر بن جشم بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ شهد أحدا رَضِي الله عَنهُ
3 - (العكي)
بشير بن جَابر بن غراب بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَقيل ابْن عراب بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة ابْن عَوْف بن ذؤالة العكي وَقيل الغافقي ذكره ابْن يُونُس فِيمَن شهد فتح مصر وَقَالَ لَهُ صُحْبَة وَلَيْسَت لَهُ رِوَايَة(10/100)
3 - (الصَّحَابِيّ)
بشير بن الْحَارِث روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَنهُ الشّعبِيّ ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم
3 - (السدُوسِي)
بشير بن الخصاصية بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وصادين مهملتين وياء النِّسْبَة الخصاصية أمه وَهُوَ سدوسي وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة زحماً بالزاي والحاء الْمُهْملَة وَالْمِيم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت بشير روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَادِيث صَالِحَة روى عَنهُ بشير بن نهيك
3 - (نجم الدّين أَبُو النُّعْمَان الصُّوفِي)
بشير بن أبي حَامِد بن سُلَيْمَان بن يُوسُف بن سُلَيْمَان بن عبد الله الإِمَام نجم الدّين أَبُو النُّعْمَان الْقرشِي الْهَاشِمِي الطَّالِبِيُّ الْجَعْفَرِي الزَّيْنَبِي التبريزي الصُّوفِي الْفَقِيه ولد بأردبيل سنة سبعين وَخمْس مائَة وَسمع الْكثير وروى وَله تَفْسِير مليح فِي عدَّة مجلدات وَحفظ الْمَذْهَب وَالْأُصُول وَالْخلاف وناظر وَأفْتى وَدخل على ابْن الخوافي بِبَغْدَاد فسرقت مشايته فَكتب إِلَيْهِ
(دخلت إِلَيْك يَا أملي بشيراً ... وَلما أَن خرجت خرجت بشرا)
(أعد يائي الَّتِي سَقَطت من اسْمِي ... فيائي فِي الْحساب تعد عشرا)
فَجهز إِلَيْهِ نصف مِثْقَال قلت وَكَانَ ابْن الخوافي عَارض الْجَيْش بِبَغْدَاد وَدخل نجم الدّين يهنئه بِهِلَال شهر على الْعَادة وَفِي قَوْله يائي تعد عشرا فِي الْحساب أَي فِي حِسَاب الْجمل وَأَرَادَ الثّمن عَن النَّعْلَيْنِ عشرَة)(10/101)
3 - (بشير بن زبد الْأنْصَارِيّ)
اسْتشْهد أَبوهُ أَبُو زيد يَوْم أحد وَشهد زيد هَذَا وَأَخُوهُ ودَاعَة صفّين مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنْهُم
3 - (أَبُو النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ)
بشير بن سعد بن ثَعْلَبَة أَبُو مَسْعُود وَيُقَال أَبُو النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ الخزرجي وَالِد النُّعْمَان بن بشير قَالَ ابْن عَسَاكِر قَالَ ابْن القداح شهد الْعقبَة وبدراً والمشاهد بعْدهَا وَبَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سريتين إِلَى بني مرّة وَهُوَ الَّذِي كسر على سعد بن عبَادَة الْأَمر يَوْم سَقِيفَة بني سَاعِدَة فَبَايع أَبَا بكر هُوَ وَأسيد بن حضير أول النَّاس وَاسْتشْهدَ بِعَين التَّمْر مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد بعد انصرافهم من الْيَمَامَة سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْ عشرَة وَله شعر يدل على أَنه أَتَى أَعمال دمشق مِنْهُ قَوْله
(أَنَاخَ بهَا بطرِيق فَارس عائطا ... لَهُ من ذرى الجولان بقل وزاهر)
هُوَ أول أَنْصَارِي بَايع أَبَا بكر وَهُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كَيْفيَّة الصَّلَاة عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ لعمر بن الْخطاب لما قَالَ لَو ترخصت فِي بعض الْأُمُور مَا كُنْتُم فاعلين فَقَالَ بشير لَو فعلت قومناك تَقْوِيم الْقدح
3 - (ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ)
بشير بن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ لَهُ القصيدة الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا ظعن الخليط فَقطع الأقرانا وفيهَا يَقُول
(فلئن سَأَلت ليخبرنك عَالم ... وَالْعلم ينفع أَهله مَا كَانَا)
(أَنا ننازل بِالسُّيُوفِ عدونا ... فنصد من مهوى الطعان طعانا)(10/102)
(وَإِذا الْجِيَاد رأيننا فِي مجمع ... أعظمننا فرحلن عَن مجرانا)
(وَإِذا دَعَا دَاعِي الصَّباح أَجَابَهُ ... تَحت العماية كهلنا وفتانا)
(تخشى بوادرنا ويؤمن فجعنا ... وتحتّ فِي السّنة الجماد ذرانا)
(نأتي المكارم وَهِي منا شِيمَة ... وبذاك كَانَ كَبِيرنَا أوصانا)
(فَلَو أَن دهراً كَانَ أبقى قبلنَا ... حَيا لطول تكرم أبقانا)
(كذب امْرُؤ أَمْسَى بعد قَبيلَة ... نصرت بأجمعها النَّبِي سوانا)
(فسل الْبَريَّة هَل أجبنا رَبنَا ... ووليه للحق حِين دَعَانَا)
)
3 - (أَبُو سهل السّلمِيّ)
بشير بن عبد الله السّلمِيّ الْمدنِي أَبُو سهل يَقُول للْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن عبد الْملك يمدحه من قصيدة
(لقد علمت حَقًا إِذا هِيَ حملت ... لأحسابها يَوْمًا وَقَامَ لَهَا الْفَخر)
(بأنك يَا عَبَّاس غرَّة مَالك ... إِذا افتخرت يَوْمًا وَقَامَ لَهَا الْفَخر)
(فَتى يَجْعَل الْمَعْرُوف من دون عرضه ... وينجز مَا منى كَمَا تنجز الْقدر)
(فأقسم لَو كَانَ الخلود لوَاحِد ... من النَّاس عَن مجد لأخلدك الدَّهْر)
3 - (أَبُو لبَابَة)
بشير بن عبد الْمُنْذر أَبُو لبَابَة النصاري وَقد اخْتلف فِي اسْمه فَقيل بشير وَقيل رِفَاعَة
وَسَيَأْتِي ذكره مُسْتَوفى إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الرَّاء مَكَانَهُ
3 - (أَبُو الْيَمَان الْجُهَنِيّ)
بشير بن عقربة أَبُو الْيَمَان الْجُهَنِيّ لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة حديثين سكن فلسطين وَقدم دمشق فِي ولَايَة عبد الْملك حِين قتل عَمْرو بن الْأَشْدَق فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا أَبَا الْيَمَان قد احتجت إِلَيْك فَقُمْ فَتكلم فَقَالَ أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من قَامَ بِخطْبَة لَا يلْتَمس بهَا إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة وَقفه الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة موقف رِيَاء وَسُمْعَة(10/103)
وَهُوَ الَّذِي قتل أَبوهُ يَوْم أحد فَجعل يبكي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما ترْضى أَن أكون أَنا أَبَاك وَعَائِشَة أمك قَالَ بلَى وَمسح على رَأسه وَكَانَ أثر يَده من رَأسه أسود وسائره أَبيض
3 - (بشير بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ)
بشير بن عَمْرو بن مُحصن أَبُو عمْرَة الْأنْصَارِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقتل بصفين رَضِي الله عَنهُ
3 - (بشير بن عمروالصحابي)
بشير بن عَمْرو ولد فِي عَام الْهِجْرَة قَالَ رَضِي الله عَنهُ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن عشر سِنِين وَكَانَ عريف قومه زمن الْحجَّاج وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (بشير بن عَنْبَس الْأنْصَارِيّ)
)
بشير بن عَنْبَس بن زيد بن عَامر الْأنْصَارِيّ الظفري شهد أُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقُتِلَ يَوْم جسر أبي عبيد ذكره الطَّبَرِيّ وَيعرف بشير هَذَا بِفَارِس الحواء اسْم فرس لَهُ
3 - (البلوي)
بشير بن كَعْب بن بشير بن كَعْب البلوي كَانَ من رُؤَسَاء الدعاة إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن وَهُوَ الْقَائِل
(دَعَوْت أَبَا عبد الْإِلَه مُحَمَّدًا ... إِلَى نصْرَة وَالله بِالنَّاسِ خابر)
(فَلَو كنت فِينَا يَا ابْن بنت نَبينَا ... حمتك قروم دَفعهَا عَنْك حَاضر)
(حمتك قروم من بلي أعزة ... إِذا كَانَ يَوْم ذُو عرام قماطر)
وَفِيه يَقُول
(إِن يَك أَمْسَى فِي جُهَيْنَة نازلاً ... فَلَا يبعدن الله شخص مُحَمَّد)
(هُوَ الْمَرْء يُرْجَى للخلافة وَالْهدى ... وَيُعْطِي عَطاء غير نزر مصرد)
(وَفِيه عَلَامَات تنير بِوَجْهِهِ ... كضوء الشهَاب الثاقب المتوقد)
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
بشير بن معبد الْأَسْلَمِيّ روى أَحَادِيث مِنْهَا حَدِيثه فِي الثوم من أكله فَلَا يناجينا هُوَ جد مُحَمَّد بن بشير الْأَسْلَمِيّ وروى عَنهُ ابْنه بشر وَهُوَ الْقَائِل إِنَّا نَأْخُذ الْخَيْر بأيماننا(10/104)
3 - (بشير بن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ)
رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَغِيرا وَشهد صفّين رَضِي الله عَنهُ
3 - (قَاضِي مصر)
بشير بن النَّضر قَاضِي مُضر كَانَ رزقه فِي الْعَام ألف دِينَار توفّي سنة سبعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ)
بشير بن نهيك أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ روى عَن بشر بن الخصاصية وَأبي هُرَيْرَة وَله عَنهُ صحيفَة وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الضبعِي)
بشير بن يزِيد الضبعِي أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَله صُحْبَة روى عَنهُ أَشهب الضبعِي قَالَ قَالَ رَسُول)
الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذِي قار الْيَوْم أول يَوْم انتصف فِيهِ الْعَرَب على الْعَجم
3 - (سَارِق الدرعين)
بشير هُوَ أَبُو طعمة الظفري الأوسي بن أُبَيْرِق واسْمه الْحَارِث بن عَمْرو بن حَارِثَة بن الْهَيْثَم بن ظفر وَهُوَ كَعْب بن الْخَزْرَج بن عمر بن مَالك بن الْأَوْس وَهُوَ عَم قَتَادَة بن النُّعْمَان وسرق مِنْهُ درعين وَطَعَامًا وَله فِي ذَلِك حَدِيث مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل الله تَعَالَى فِيهِ آيَات من الْقُرْآن وهرب إِلَى مَكَّة فَنزل على(10/105)
سلافة بنت عَم سعد فَلم يزل عِنْدهَا يهجو أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وينحل ذَلِك غَيره وَمن قَوْله
(أَو كلما قَالَ الرِّجَال قصيدةً ... قَالُوا الأبيرق لَا أَبَا لَك قَالَهَا)
(متعصبين كأنني أخشاهم ... جدع الْإِلَه أنوفهم فأمالها)
وَله يَقُول حسان بن ثَابت
(وَمَا سَارِق الدرعين قد تعلمونه ... بِذِي كرم من الرِّجَال أوادعه)
(وَقد أنزلته بنت سعد فأصبحا ... ينازعها جلد استه وتنازعه)
فَلَمَّا أَتَاهَا الشّعْر نبذت رَحْله وَجعل لَا يقره أحد بِمَكَّة حَتَّى لحق ببني سليم فَمَاتَ فيهم كَافِرًا وَقد تقدم ذكر أَخِيه بشر فِي مَكَانَهُ
3 - (الْغِفَارِيّ)
بشير الْغِفَارِيّ حَدِيثه عَن أبي يزِيد الْمَدِينِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رد الْجمل الشرود فِي البيع إِذا لم يبين وَقيل إِنَّه كَانَ لبشير هَذَا مقْعد من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكَاد يخطئه
3 - (الْحَارِثِيّ)
بشير الْحَارِثِيّ قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مرْحَبًا بك مَا اسْمك قَالَ أكبر قَالَ بل أَنْت بشير روى عَنهُ ابْنه عِصَام بن بشير
3 - (بشير السّلمِيّ الصَّحَابِيّ)
بشير السّلمِيّ حجازي لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ ابْنه رَافع بن بشير ذكره ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه(10/106)
3 - (التَّابِعِيّ)
بشير بن كَعْب بن أبي أَيُّوب التَّابِعِيّ روى عَن أبي ذَر وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي هُرَيْرَة وروى لَهُ)
البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى قبل التسعين لِلْهِجْرَةِ
(ابْن بصاقة)
فَخر الْقُضَاة نصر الله بن هبة الله
(بصرة بن أبي بصرة الْغِفَارِيّ)
لَهُ ولأبيه صُحْبَة وهما معدودان فِيمَن نزل مصر من الصَّحَابَة يُقَال إِن عزة صَاحِبَة كثير لشاعر بنت ابْنه وَالله أعلم وَفِي الْمُوَطَّأ عَن يزِيد بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ فَلَقِيت بصرة بن أبي بصرة الْغِفَارِيّ فَقَالَ من أَيْن أَقبلت فَقلت من الطّور فَقَالَ لَو أَدْرَكتك قبل أَن تخرج إِلَيْهِ مَا خرجت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تعْمل الْمطِي إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد الحَدِيث لَا يُوجد فِي الْمُوَطَّأ إِلَّا لبصرة ابْن أبي بصرة وَإِنَّمَا الحَدِيث لأبي هُرَيْرَة
(الألقاب)
البصروي مُحَمَّد بن عُثْمَان
الْبَصِير أَبُو عَليّ الْفضل بن جَعْفَر
الْبَصِير الْموصِلِي الْعَرُوضِي مُحَمَّد بن سعيد
ابْن بصيلة الْفَرح بن عمر(10/107)
ابْن البصيص الْكَاتِب مُوسَى بن عَليّ
(أَبُو بَصِير الصَّحَابِيّ)
اخْتلف فِي اسْمه فَقيل عبيد بن أسيد بن حَارِثَة وَقيل عتبَة بن أسيد بن حَارِثَة وَقيل عتبَة بن أسيد بن حَارِثَة وَقيل هُوَ من قُرَيْش وَقيل بل هُوَ ثقفي لما رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة إِلَى الْمَدِينَة جَاءَهُ أَبُو بَصِير مُسلما فَأرْسلت قُرَيْش فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَهْد الَّذِي جعلت لنا أَن ترد إِلَيْنَا كل من جَاءَك مُسلما فَدفعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرجلَيْن فَخَرَجَا حَتَّى بلغا بِهِ ذَا الحليفة فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم فَقَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن وَالله لأرى سَيْفك هَذَا جيدا يَا فلَان فاستله الآخر وَقَالَ أجل وَالله إِنَّه لجيد لقد جربت بِهِ ثمَّ جربت فَقَالَ أَبُو بَصِير أَرِنِي أنظر إِلَيْهِ فأمسكه مِنْهُ فَضَربهُ حَتَّى برد وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فَدخل الْمَسْجِد يعدو فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد رأى هَذَا ذعراً فَلَمَّا انْتهى إِلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قتل وَالله صَاحِبي وَإِنِّي لمقتول فجَاء أَبُو بَصِير فَقَالَ يَا رَسُول الله قد وَالله وفت ذِمَّتك وَقد رددتني إِلَيْهِم وَقد نجاني الله مِنْهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويل أمه مسعر حَرْب لَو كَانَ لَهُ أحد فَلَمَّا سمع ذَلِك علم أَنه سيرده إِلَيْهِم فَخرج حَتَّى أَتَى سيف الْبَحْر وانقلب مِنْهُم أَبُو جندل فلحق بِأبي بَصِير وَجعل لَا يخرج من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة فَمَا يسمعُونَ بعير خرجت لقريش إِلَّا اعْترضُوا لَهُم فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا أَمْوَالهم فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناشده الله وَالرحم إِلَّا أرسل إِلَيْهِم فَمن أَتَاك مِنْهُم فَهُوَ آمن وَكَانَ أَبُو بَصِير يُصَلِّي لأَصْحَابه وَكَانَ يكثر أَن يَقُول الله الْعلي الْأَكْبَر من ينصر الله فَسَوف ينصر وَلما قدم عَلَيْهِم أَبُو جندل كَانَ هُوَ يؤمهم وَاجْتمعَ إِلَى أبي جندل نَاس من بني غفار وَأسلم وجهينة وَطَوَائِف من الْعَرَب حَتَّى بلغُوا ثَلَاث مائَة فأقاموا مَعَ أبي جندل وَأبي بَصِير وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِمَا ليقدما عَلَيْهِ وَمن مَعَهُمَا من الْمُسلمين أَن يلْحقُوا ببلادهم وأهلهم فَقدم الْكتاب إِلَى أبي جندل وَأَبُو بَصِير يَمُوت فَمَاتَ رَضِي الله عَنهُ وَكتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ يقرأه فدفنه أَبُو جندل مَكَانَهُ وَصلى عَلَيْهِ وَبنى عَلَيْهِ مَسْجِدا وَهَذَا فِيهِ زيادات وَنقص لأَصْحَاب الْأَخْبَار
(الألقاب)
البطاح اسْمه آقوش)
البطال أَبُو مُحَمَّد اسْمه عبد الله(10/108)
ابْن بطال شَارِح البُخَارِيّ اسْمه عَليّ بن خلف
ابْن بطانة الْوراق أَحْمد بن الْحسن
البطائحي الْمُقْرِئ عَليّ بن عَسَاكِر
البطرني شيخ الْقرَاءَات بتونس أَحْمد بن مُوسَى
البطروخي الْحَافِظ أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن البطريق مُحَمَّد بن مُنِير وَالْآخر عَليّ بن يحيى
البطريق يحيى بن الْحسن
البطليوسي ابْن بطلَان الطَّبِيب الْمُخْتَار
ابْن بطلَان ابْن بطة مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حمدَان وَولده عبيد الله بن مُحَمَّد
ابْن البطي أَحْمد بن عبد الْبَاقِي وَمُحَمّد بن عبد الْبَاقِي الْحَافِظ
بطيطي إِبْرَاهِيم بن خَالِد
البعرة الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن الْفضل
البعيث الشَّاعِر اسْمه خِدَاش بن بشر
(بغا)
3 - (الْكَبِير التركي)
بغا الْكَبِير أَبُو مُوسَى التركي أحد قواد المتَوَكل وأكبرهم لَهُ فتوحات ووقعات وَكَانَ مَمْلُوك الْحسن بن سهل الْوَزير وَكَانَ يحمق ويجهل فِي رَأْيه وَقد بَاشر عدَّة حروب وَمَا جرح قطّ
وَفِيه دين وَإِسْلَام توفّي فِي حُدُود الْخمسين والمائتين وَقيل فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
وَقيل إِنَّه كَانَ يُبَاشر الحروب وَلم يكن يلبس سِلَاحا وَمَا جرح قطّ فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ الْأَجَل جوشن وَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله أدع لي فَقَالَ لَا بَأْس عَلَيْك أَحْسَنت إِلَى رجل من أهل بَيْتِي فَعَلَيْك من الله واقية وَالرجل(10/109)
الَّذِي خلصه كَانَ المعتصم قد أمره أَن يلقيه إِلَى السبَاع فَلم يفعل وَكَانَت وَفَاته فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَكَانَ يَوْمًا مَذْكُورا
3 - (الشرابي)
بغا التركي الصَّغِير الْمَعْرُوف بالشرابي الْأَمِير من كبار قواد المتَوَكل وَهُوَ أحد من دخل عَلَيْهِ وفتك بِهِ وَغلب على المستعين هُوَ ووصيف حَتَّى قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك
(خليفةٌ فِي قفصٍ ... بَين وصيفِ وبُغا)
(يَقُول مَا قَالَا لَهُ ... كَمَا تَقول الببغا)
وَخرج بغا على المعتز وَنهب من الخزائن مِائَتي ألف دِينَار وَسَار إِلَى السن عَازِمًا على الشَّرّ فَاخْتلف عَلَيْهِ أَصْحَابه فَكتب يطْلب أَمَانًا وفارقه عسكره فانحدر فِي زورق فَأَخَذته المغاربة فَقتله الْوَلِيد وَنصب رَأسه بِبَغْدَاد وَأعْطِي قَاتله عشرَة آلَاف دِينَار وَكَانَ ذَلِك فِي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ نقل الروَاة أَن بغا الصَّغِير لما عزم على قتل المتَوَكل بتدبير ابْنه الْمُنْتَصر دَعَا بباغر التركي الْمُقدم ذكره بَعْدَمَا مَلأ عينه بالصلات وَقَالَ لَهُ أَنْت تعلم تقديمي لَك ومكانك عِنْدِي وَأُرِيد أَن أسر إِلَيْك شَيْئا قَالَ قل مَا شِئْت قَالَ إِن ابْني قد فسد عَليّ وَصَحَّ عِنْدِي أَنه يُرِيد سفك دمي وَأُرِيد إِذا دخل عَليّ غَدا وَأَنت حَاضر إِذا وضعت قلنسوتي عَن رَأْسِي إِلَى الأَرْض أَن تقتله قَالَ نعم فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ من الْغَد لم ينْزع القلنسوة فَظن باغر أَنه نسي فغمزه بحاجبه فَلم ير الْعَلامَة وَانْصَرف ابْنه فَقَالَ بغا يَا باغر إِنِّي فَكرت فِي أَنه حدث وَولد وَأُرِيد أَن استصلحه ثمَّ أمسك عَنهُ مديدة وَقَالَ لَهُ إِن أخي قد فسد عَليّ)
وَهُوَ عازم على أَن يقتلني وينفرد بمكاني وَأحب أَن تبادر غَدا إِذا دخل عَليّ وتقتله وَجعل لَهُ عَلامَة فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ لم ير الْعَلامَة ووقف حَتَّى خرج أَخُوهُ فَقَالَ لَهُ يَا باغر هُوَ أخي وَعَسَى أَن استصلحه وَهَا هُنَا أَمر هُوَ أعظم وأكبر من هَذَا كُله قَالَ لَهُ باغر وَمَا هُوَ قَالَ الْمُسْتَنْصر قد صَحَّ عِنْدِي أَنه عزم على الْإِيقَاع بِي وَأُرِيد قَتله فَكيف ترى نَفسك ففكر سَاعَة ونكس رَأسه طَويلا ثمَّ قَالَ هَذَا لَا يَجِيء مِنْهُ شَيْء قَالَ وَلم قَالَ أتقتل الابْن وَالْأَب بَاقٍ إِذا لَا يَسْتَوِي لَك شَيْء ويقتلكم كلكُمْ أَبوهُ قَالَ فَمَا الرَّأْي قَالَ تبدأ بِالْأَبِ وَيكون أَمر الصَّبِي أيسر قَالَ أَو تفعل هَذَا وَيحك قَالَ نعم وَأدْخل أَنا إِلَى قَتله وَأَنت خَلْفي فَإِن قتلته وَإِلَّا فاقتلني أَنْت وَقل أَرَادَ أَن يقتل مَوْلَاهُ فَعلم بغا الصَّغِير أَنه قَاتله فَتمكن لَهُ التَّدْبِير على قتل المتَوَكل وقتلوه
وَحكي أَن سيفويه قَالَ على الْمِنْبَر وَهُوَ يقص فِي سلسلة ذرعها تسعون ذِرَاعا فَقَالَ(10/110)
النَّاس مَا قَالَ الله تَعَالَى إِلَّا سَبْعُونَ ذِرَاعا قَالَ هَذِه أعدت لبغا وباغر ووصيف وأمثالهم وَأما السبعون فلكم أَنْتُم
3 - (الدوادار الناصري)
بغا الداودار الناصري كَانَ دواداراً صَغِيرا وألجاي كَبِيرا فَلَمَّا مَاتَ ألجاي ظن بغا أَن السُّلْطَان مَا يعدل عَنهُ لِأَن بغا كَانَ أقدم مِنْهُ وأكبر فِي بَيت السُّلْطَان فولى صَلَاح الدّين يُوسُف دوادار قبجق الْوَظِيفَة فيئس بغا من ذَلِك فَلَمَّا كَانَ بعد سنة عزل السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَأخرجه إِلَى صفد واستقل بغا بالوظيفة وَكَانَ خيرا عَاقِلا إِلَّا أَنه كَانَ يمِيل إِلَى الشَّبَاب
وَكَانَت بِهِ فرحة يتعلل بهَا وَيَنْقَطِع فِي حجَّة ذَلِك ويخلو بِنَفسِهِ مَعَ أُولَئِكَ الشَّبَاب وَرُبمَا اسْتعْمل شَيْئا من الشَّرَاب على مَا قيل وَاتفقَ أَن قدم قصَّة للسُّلْطَان على لِسَان ابْن الدجيجاتي التَّاجِر لِأَن النشو كَانَ قد رمى عَلَيْهِ شَيْئا من متجر الْخَاص فَلَمَّا علم النشو بذلك عمل عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان هُوَ وَغَيره وَكَانَ ذَلِك اللّعب مِنْهُ على ذهن السُّلْطَان مِنْهُ وَفِي نَفسه مِنْهُ فَعَزله من الْوَظِيفَة وَأخرجه إِلَى صفد فَأَقَامَ بهَا مُدَّة يسيرَة وَمَات فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فِيمَا أَظن وَلم تكن لَهُ طبلخاناه أبدا بل كَانَت لَهُ عشرَة رَحمَه الله تَعَالَى
(بَغْدَاد بنت جوبان)
بَغْدَاد خاتون ابْنة النوين جوبان كَانَ السُّلْطَان بو سعيد يُحِبهَا ويميل إِلَيْهَا ميلًا عَظِيما إِلَى الْغَايَة وَكَانَ أَبوهَا لَا يَدعهَا تقرب من الأردو وَلَكِن تكون غَائِبَة مَعَ زَوجهَا الشَّيْخ حسن هُنَا وَهنا فَلَمَّا قتل بو سعيد أخاها دمشق خواجا وهر بأبوها جوبان ثمَّ قتل وَدخل أَخُوهَا تمرتاش إِلَى مصر تمكن بو سعيد مِنْهَا وَأَخذهَا من زَوجهَا وَصَارَت عِنْده مكينة لَهَا الحكم فِي الممالك وَلها وزيرة وتركب فِي موكب من الخواتين وتشد فِي وَسطهَا السَّيْف وتحكمت وهرب مِنْهَا عَليّ باشا أَخُو أم بو سعيد وخاله وَلم يَأْخُذهُ فِي هَواهَا لومة لائم وَلم تزل كَذَلِك على مَا هِيَ عَلَيْهِ من المكانة عِنْد بو سعيد حَتَّى مَاتَ وتملك أربكوون الْمَذْكُور فِيمَا تقدم فَأَخذهَا وقتلها سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَت كَثِيرَة التنقيب على أَخْبَار أَخِيهَا تمرتاش الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف التَّاء فِي مَوْضِعه أَخْبرنِي الخواجا مجد الدّين إِسْمَاعِيل السلَامِي قَالَ لما كنت بالأردو وعزمت على الْحُضُور إِلَى خدمَة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر رحت إِلَيْهَا أودعها وأخدمها قَالَ فَقَالَت لي يَا خواجا سلم على السُّلْطَان وَقل لَهُ أَنا بنته وجاريته وأشتهي أَن لَا يخباني عَن حَاجَة فَأَنت ترى تصرفي وأمري فِي الأردو والممالك فَلَا يكون يطْلب من غَيْرِي فَقَالَ فَضربت لَهَا جوكا ودعوت فَقَالَت يَا خواجا أريدك تطلب أخي من السُّلْطَان حَتَّى آراه قَالَ فَضربت جوكا وبهت حيرةً لَا أَدْرِي مَا أَقُول
ثمَّ ألهمني الله أَن قلت وَالله يَا خوندكار أَنا مَا أَنا قدر هَذَا الْكَلَام هَذَا مَا يتحدث فِيهِ إِلَّا قان كَبِير مثله فَقَالَت صدقت إِلَّا يَا خواجا قطّ مَا يَجِيء أحد من عنْدكُمْ فأساله عَن أخي فَيَقُول(10/111)
إِنِّي رَأَيْته فَقلت لما رَاح أَخُوك إِلَى الْمُسلمين قَالَ لَهُ السُّلْطَان أَي الْبِلَاد تُرِيدُ حَتَّى أُعْطِيك فخاف أَن يطْلب دمشق أَو حلب أَو غَيرهمَا من هَذِه الْبِلَاد الَّتِي هِيَ قريبَة إِلَى هَذِه الْبِلَاد فيتهمه أَنه يخْتَار الْعود إِلَى بِلَاده فَطلب مِنْهُ إسكندرية وَهِي خلف مصر إِلَى ذَاك الْجَانِب فَالَّذِي يروح من عنْدكُمْ إِلَى مصر مَا يعبر على إسكندرية وَلَا يصل إِلَيْهَا فَلهَذَا مَا يرونه
فهزت رَأسهَا وَقَالَت يكون أَو كَمَا قَالَ
(بغدوين الإفرنجي)
بغدوين ملك الإفرنج الَّذِي أَخذ الْقُدس هلك من خراجة أَصَابَته يَوْم مصَاف طبرية كَانَ شجاعاً مهيباً خبيثاً استفحل شَره وَجمع العساكر وَسَار ليَأْخُذ مصر من بني عبيد إِلَى أَن قَارب تنيس فسبح فِي النّيل فَانْتقضَ الْجرْح عَلَيْهِ وَنزل بِهِ الْمَوْت بالسبخة الْمَعْرُوفَة بِهِ فِي رمل مصر فشقوا بَطْنه ورموا حشاه هُنَاكَ فَهِيَ ترْجم إِلَى الْيَوْم وَحَمَلُوهُ ودفنوه بالقمامة وَكَانَ القمص صَاحب الرهاء قد جَاءَ إِلَى الْقُدس زَائِرًا فوصى لَهُ بغدوين بِالْملكِ بعده وَكَانَ هَلَاكه فِي سنة ثَمَان وَخمْس مائَة
(الألقاب)
ابْن الْبَغْدَادِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
ابْن البغيديدي الْحُسَيْن بن أَحْمد
الْبَغْل النَّحْوِيّ اسْمه مفرج بن مَالك
ابْن أبي الْبَغْل اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
الْبَغَوِيّ أَبُو الْقَاسِم الْحَافِظ اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد
وَالْبَغوِيّ صَاحب التَّفْسِير اسْمه الْحُسَيْن بن مَسْعُود بن مُحَمَّد
ابْن البغويش الطَّبِيب اسْمه سعيد بن مُحَمَّد
(بَقَاء)
3 - (ابْن العليق)
بَقَاء بن أَحْمد بن بَقَاء بن عَليّ أَبُو مُحَمَّد بن أبي شَاكر الْمَعْرُوف بِابْن العليق الْبَغْدَادِيّ كَانَ فِي صباه سيء الطَّرِيقَة مخالطاً لأهل العيث وَالْفساد ثمَّ إِنَّه تَابَ(10/112)
وَحسنت طَرِيقَته وَصَحب الْفُقَرَاء حَتَّى عرف واشتهر بصحبتهم ثمَّ إِنَّه انْقَطع فِي بَيته وَصَارَ النَّاس يغشونه ويطعمهم مَا يكون عِنْده فقصده الْفُقَرَاء وَصَارَ لَهُ أَتبَاع وَأَصْحَاب وقصده الأتراك وخدام دَار الْخلَافَة والجواري وَفتح عَلَيْهِ شَيْء كثير من المَال فَبنى لنَفسِهِ رِبَاطًا بِبَاب شَارِع الدَّقِيق وَأقَام بِهِ مظْهرا للزهد والتقشف وَالْعِبَادَة فَحصل لَهُ بذلك ناموس من الْعَوام وَكَانَ قد جمع شَيْئا كثيرا من أَجزَاء الحَدِيث وَادّعى أَنه سمع الحَدِيث من جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين كَأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خيرون وَأبي بكر أَحْمد بن عبد الْوَاحِد الدَّلال وأمثالهما وروى شَيْئا من ذَلِك وكشط أَسمَاء الْمَشَايِخ القدماء كَأبي بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري وَعبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَأبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَأبي مُحَمَّد يحيى بن عَليّ بن الطراح وأمثالهم وَكتب اسْمه مَوضِع كل اسْم من هَؤُلَاءِ وَألقى الْجُزْء الَّذِي فِيهِ الْإِجَازَة فِي البرز فَتَلَوَّنَ وخفي مَوضِع الكشط ثمَّ حمله إِلَى الشَّيْخ أبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فنقله وَلم يتَحَقَّق الصُّورَة وَكَذَلِكَ نَقله عبد الرَّزَّاق بن عبد الْقَادِر الجيلي واستغفلهما بذلك وَكَانَ النَّاس يرَوْنَ هَذِه الْإِجَازَة لنقل هذَيْن الشَّيْخَيْنِ لَهَا فيعتمدون عَلَيْهِمَا وأخفى تِلْكَ الْأُصُول فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَحْمد بن سلمَان الْحَرْبِيّ شَيْئا كثيرا بِهَذِهِ الْإِجَازَة ثمَّ ظَهرت الْأُصُول بعد ذَلِك وَافْتَضَحَ وَظهر للنَّاس كذبه واختلافه وَرَجَعُوا عَن السماع مِنْهُ وأبطلوه
قَالَ محب الدّين بن النجار ثمَّ إِنَّه كَانَ يحضر عِنْده جمَاعَة مِمَّن يسمع الحَدِيث وَلَا يفهم قَوَاعِده وَيدْفَع إِلَيْهِ الْأُصُول ويملي طبقَة صَحِيحَة بِخَط بعض أَصْحَاب الحَدِيث المعروفين وَيزِيد فِيهَا اسْمه ثمَّ يذكر التَّارِيخ فعل ذَلِك بِأَكْثَرَ من ألف جُزْء وَلما مَاتَ بِيعَتْ كتبه فِي ديوَان الزَّكَاة واشتريتها كلهَا فَلَقَد شاهدت فِيهَا من كذبه واختلاقه وتزويراته وأفعاله القبيحة مَا لم يبلغهُ كَذَّاب قبله وَلم أَجِدهُ فِي كتاب عَن أحد من الْكَذَّابين وَمن أعجب الْأَشْيَاء أنني وجدت جُزْءا فِيهِ رباعيات الشَّافِعِي تَخْرِيج الدَّارَقُطْنِيّ لَهُ وَكَانَ الْجُزْء بِخَط الدَّارَقُطْنِيّ وَعَلِيهِ طبقه سَماع على أبي الْفَتْح بن البطي وَأبي عَليّ بن الرَّحبِي فِيهَا أَسمَاء جمَاعَة مِنْهُم بَقَاء ابْن أبي)
شَاكر بن العليق وَكَاتب الطَّبَقَة بِخَط عبد الله بن مُحَمَّد بن جرير فنقلت من ذَلِك الْجُزْء أَحَادِيث ومضيت إِلَى بَقَاء إِلَى رباطه بشارع الدَّقِيق وقرأتها عَلَيْهِ سنة سِتّ مائَة وَمضى على ذَلِك سنُون فَلَمَّا كَانَ فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة وَقع بيَدي أصل أبي عَليّ بن الرَّحبِي بذلك الْجُزْء وَعَلِيهِ طباق كَثِيرَة وَفِيه تِلْكَ الطَّبَقَة بِعَينهَا فتأملتها فَلم أجد فِيهَا اسْم بَقَاء من دون الْجَمَاعَة كلهم فشككت فِي سَمَاعه وَطلبت الأَصْل الَّذِي بِخَط الدَّارَقُطْنِيّ وتأملت تِلْكَ الطَّبَقَة الَّتِي عَلَيْهِ بِخَط ابْن جرير وأمعنت النّظر فِيهَا فَإِذا هِيَ بِخَط ولد عبد الله بن جرير واسْمه مُحَمَّد وَكَانَ يكْتب شَبِيها بِخَط أَبِيه وَإِذا هُوَ اجْتهد فِي التَّشْبِيه بِخَط أَبِيه فَثَبت عِنْدِي بِمُقْتَضى الْحَال أَنه فعل ذَلِك بِإِشَارَة بَقَاء فَضربت على سَمَاعي مِنْهُ وأبطلته وَلَا أروي عَنهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى شَيْئا فَإِنَّهُ لَا تحل الرِّوَايَة عَن مثله توفّي سنة إِحْدَى وست مائَة فِي الْحجاز(10/113)
3 - (القفصي أَبُو عَليّ)
بَقَاء بن أَحْمد بن مُحَمَّد القفصي أَبُو عَليّ الْمُقْرِئ روى عَنهُ أَبُو بكر بن كَامِل شَيْئا من شعره فِي سلوة الأحزان من جمعه أورد لَهُ ابْن النجار قَوْله
(يَا نفس مَا الدُّنْيَا بدار مقَام ... أبدا وَلَا فِيهَا مَحل دوَام)
(فتأهبي لغد فيومك أيوم ... صَعب إِذا سقّيت كأس حمامي)
(وتيقني أَن الرحيل وَإِن نأى ... مُتَقَارب وَالْيَوْم مثل الْعَام)
3 - (ابْن بكترمش)
بَقَاء بن بكترمش الْبَغْدَادِيّ أورد لَهُ محب الدّين بن النجار قَوْله
(عيس غَدَتْ بأحبتي ... مَا بالها عدمت قواها)
(من غير حاد حثها ... بدرت تسارع فِي خطاها)
(غاضت مواردها سدىً ... حَتَّى يَدُوم بهَا صداها)
(من سَاعَة سرت بهم ... عَيْنَايَ قد عدمت ضياها)
وَقَوله
(عزت مداراة من أهواه إِذْ غَضبا ... لَوْلَا الْهوى كنت آبى الْوَصْل حِين أَبى)
(لَكِن قلبِي أَسِير فِي محبته ... لَا يَسْتَطِيع خلاصاً أَيْنَمَا ذَهَبا)
)
(وَكَيف لي بخلاص من يَدي قمر ... وحبه فِي شغَاف الْقلب قد نشبا)
(إِذا تَأَمَّلت مَعْنَاهُ وَصورته ... يحير عَقْلِي لأفنان أرى عجبا)
قلت شعر نَازل وَلَا يُقَال يحير إِنَّمَا يُقَال يحار
3 - (أَبُو المعمر الدقاق)
بَقَاء بن عمر بن عبد الْبَاقِي بن جند الْبناء أَبُو المعمر الْبَغْدَادِيّ سمع أَبَا الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَأَبا غَالب أَحْمد بن الْبناء وَأَبا الْقَاسِم هبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري وَأَبا الْفضل عبد الْملك بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَغَيرهم قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ شَيخا صَالحا متديناً محباً لأهل الْخَيْر ملازماً لأهل الحَدِيث يسمع مَعنا إِلَى آخر عمره وَكَانَ محباً للرواية طيب الْملقى قَلِيل الضجر توفّي سنة سِتّمائَة وَدفن بمقبرة الْفِيل(10/114)
(الألقاب)
أَبُو الْبَقَاء العكبري اسْمه عبد الله بن الْحُسَيْن
ابْن الْبَقَّال الأصولي هُوَ أَبُو الْعَبَّاس
ابْن الْبَقَّال الشَّاعِر المغربي عبد الْعَزِيز بن أبي سهل
ابْن الْبَقَّال الشَّافِعِي الْحُسَيْن بن أَحْمد
ابْن الْبَقَّال يحيى بن عَليّ
ابْن البقراني مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن البقشلام حَمْزَة بن عَليّ
(بَقِي)
3 - (ابْن مخلد الْقُرْطُبِيّ)
بَقِي بن مخلد بن يزِيد أَبُو عبد الرَّحْمَن الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام وَصَاحب التَّفْسِير والمسند أَخذ عَن يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ وَمُحَمّد بن عِيسَى الْأَعْشَى وارتحل إِلَى الْمشرق وَلَقي الْكِبَار وَسمع بالحجاز مصعباً وَالزهْرِيّ وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الحرامي وطبقتهما وبمصر يحيى بن بكير وَزُهَيْر بن عباد وَأَبا الطَّاهِر ابْن السَّرْح وَطَائِفَة وبدمشق إِبْرَاهِيم بن هِشَام الغساني وَصَفوَان بن صَالح وَهِشَام بن عمار وَجَمَاعَة وببغداد أَحْمد بن حَنْبَل وطبقته وبالكوفة يحيى بن عبد الحميد الجماني وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير وَأَبا بكر بن أبي شيبَة وَطَائِفَة وبالبصرة من أَصْحَاب حَمَّاد بن زيد وعني بالأثر عنايةً عَظِيمَة لَا مزِيد عَلَيْهَا وَعدد شُيُوخه مِائَتَان وَأَرْبَعَة وَثَمَانُونَ رجلا وَكَانَ إِمَامًا صواماً زاهداً صَادِقا كثير التَّهَجُّد مجاب الدعْوَة قَلِيل الْمثل مُجْتَهدا لَا يُقَلّد أحدا بل يُفْتِي بالأثر ولد فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى(10/115)
وَمِائَتَيْنِ وَمَات لليلتين بَقِيَتَا من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ ابْن حزم أقطع أَنه لم يؤلف فِي الْإِسْلَام مثل تَفْسِيره وَلَا تَفْسِير مُحَمَّد بن جرير وَلَا غَيره وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأمَوِي صَاحب الأندلس محباً للعلوم عَارِفًا فَلَمَّا دخل ابْن بَقِي الأندلس بمصنف ابْن أبي شيبَة وَقُرِئَ عَلَيْهِ أنكر جمَاعَة من أهل الرَّأْي مَا فِيهِ من الْخلاف واستبشعوه ونشطوا الْعَامَّة عَلَيْهِ ومنعوه من قِرَاءَته فَاسْتَحْضرهُ الْأَمِير مُحَمَّد وإياهم وتصفح الْكتاب جُزْءا جُزْءا حَتَّى أَتَى على آخِره ثمَّ قَالَ لخازن كتبه هَذَا كتاب لَا تَسْتَغْنِي خزانتنا عَنهُ فَانْظُر فِي نُسْخَة لنا وَقَالَ لبقي انشر علمك وارو مَا عنْدك ونهاهم أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ وَقَالَ ابْن حزم مُسْند بَقِي روى فِيهِ عَن ألف وَثَلَاث مائَة صَاحب ونيف ورتب حَدِيث كل صَاحب على أَبْوَاب الْفِقْه فَهُوَ مُسْند ومصنف وَمَا أعلم بِهَذِهِ الْمرتبَة لأحد قبله من ثقته وَضَبطه وإتقانه واحتفاله فِي الحَدِيث وَله مُصَنف فِي فَتَاوَى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن دونهم الَّذِي أربى فِيهِ على مُصَنف أبي بكر بن أبي شيبَة وعَلى مُصَنف عبد الرَّزَّاق ومصنف سعيد بن مَنْصُور ثمَّ ذكر تَفْسِيره فَقَالَ فَصَارَت تصانيف هَذَا الإِمَام الْفَاضِل قَوَاعِد الْإِسْلَام لَا نَظِير لَهَا وَكَانَ متخيراً لَا يُقَلّد أحدا وَكَانَ ذَا خَاصَّة فِي أَحْمد بن حَنْبَل وجارياً فِي مضمار البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ
(الألقاب)
)
ابْن بَقِي الشَّاعِر الأندلسي اسْمه يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
ابْن بَقِي الطليطلي يحيى بن أَحْمد
ابْن بَقِي قَاضِي الْجَمَاعَة أَحْمد بن يزِيد ابْن البققي فتح الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد
(بَقِيَّة)
3 - (أَبُو يحمد الكلَاعِي)
بَقِيَّة أَبُو يحمد بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم وَبعدهَا دَال مُهْملَة ابْن الْوَلِيد الكلَاعِي الْحِمْيَرِي الْحِمصِي الميتمي أحد(10/116)
العلام فِي الحَدِيث روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ ابْن معِين وَأَبُو زرْعَة إِذا روى عَن ثِقَة فَهُوَ حجَّة
وَقَالَ ابْن الْمُبَارك أعياني بَقِيَّة يُسَمِّي الكنى ويكني الْأَسَامِي وَقَالَ ابْن مسْهر احذر أَحَادِيث بَقِيَّة وَقَالَ النَّسَائِيّ إِذا قَالَ حَدثنَا فَهُوَ ثِقَة وَإِذا قَالَ عَن فلَان فَلَا وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل بَقِيَّة أحب إِلَيّ من إِسْمَاعِيل وَإِذا حدث عَن المجهولين فَلَا تقبلوه وَقَالَ الْعجلِيّ وَيَعْقُوب بن أبي شيبَة بَقِيَّة ثِقَة عَن المعروفين وَكَانَ يَقُول مَا أرحمني ليَوْم الثُّلَاثَاء مَا يَصُومهُ أحد توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة وَقيل سنة ثَمَان
ابْن بَقِيَّة الْوَزير المصلوب اسْمه مُحَمَّد بن بَقِيَّة
(بكا)
3 - (الخضري)
بكا الْأَمِير سيف الدّين الناصري الْمَعْرُوف ببكا الخضري من جملَة الْأُمَرَاء بالديار المصرية
حضر صُحْبَة بشتاك فِي نوبَة إمْسَاك تنكز إِلَى دمشق أمسك بِالْقَاهِرَةِ ووسط فِي سوق الْخَيل هُوَ وَثَلَاثَة من مماليك السُّلْطَان وعلق على بَاب زويلة ثَلَاثَة أَيَّام نسب إِلَى الْخُرُوج مَعَ رَمَضَان بن الْملك النَّاصِر على أَخِيه السُّلْطَان الْملك الصَّالح بن النَّاصِر وَكَانَ ذَلِك فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَالله أعلم
(بكار)
3 - (القَاضِي بكار)
بكار أَبُو بكرَة بن قُتَيْبَة بن أبي برذعة بن عبيد الله بن بشير بن عبيد الله بن أبي بكرَة نفيع بن الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ صَاحب رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب(10/117)
وَتَوَلَّى الْقَضَاء بِمصْر سنة ثَمَان أَو سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل قدمهَا مُتَوَلِّيًا من قبل المتَوَكل يَوْم الْجُمُعَة لثمان خلون من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَظهر من حسن سيرته وجمال طَرِيقَته مَا هُوَ مَشْهُور لَهُ مَعَ أَحْمد بن طولون أَخْبَار ووقائع مَذْكُورَة كَانَ يدْفع لَهُ كل سنة ألف دِينَار خَارِجا عَن الْمُقَرّر لَهُ فيتركها بختمها وَلَا يتَصَرَّف فِيهَا فَلَمَّا دَعَاهُ إِلَى خلع الْمُوفق بن المتَوَكل وَالِد المعتضد من ولَايَة الْعَهْد امْتنع بكار من ذَلِك فاعتقله أَحْمد وطالبه بجملة الْمبلغ فَحَمله إِلَيْهِ بختمه وَكَانَ ثَمَانِيَة عشر كيساً فِي كل كيس ألف دِينَار فاستحيى أَحْمد مِنْهُ وَأمره أَن يسلم الْقَضَاء إِلَى مُحَمَّد بن شَاذان الْجَوْهَرِي فَفعل وَجعله كالخليفة لَهُ وَبَقِي مسجوناً مُدَّة سِنِين وَكَانَ يحدث من السجْن فِي طاق لأَصْحَاب الحَدِيث لأَنهم شكوا إِلَى ابْن طولون انْقِطَاع سَماع الحَدِيث من بكار وسألوه أَن يَأْذَن لَهُ فِي الحَدِيث فَفعل وَكَانَت وِلَادَته بِالْبَصْرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة قَالَ ابْن خلكان وَتُوفِّي وَهُوَ بَاقٍ على الْقَضَاء مسجوناً يَوْم الْخَمِيس لست بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وقبره بِمصْر وَبقيت مصر بعده بِلَا قَاض ثَلَاث سِنِين وقبره بِالْقربِ من قبر الشريف طَبَاطَبَا مَشْهُور هُنَاكَ عِنْد مصلى بني مِسْكين على الطَّرِيق تَحت الْكَرم بَينه وَبَين الطَّرِيق مَعْرُوف باستجابة الدُّعَاء وَكَانَ القَاضِي بكار أحد البكائين التالين لكتاب الله تَعَالَى وَكَانَ إِذا خلا من الحكم تفرد بِنَفسِهِ وَعرض عَلَيْهَا)
قصَص جَمِيع من تقدم إِلَيْهِ وَمَا حكم بِهِ وَبكى وَكَانَ يُخَاطب نَفسه وَيَقُول بكار تقدم رجلَانِ فِي كَذَا وَتقدم إِلَيْك خصمان فِي كَذَا وحكمت بِكَذَا فَمَا يكون جوابك غَدا وَكَانَ يكثر الْوَعْظ للخصوم إِذا أَرَادو الْيَمين وَيَتْلُو عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله ثمنا قَلِيلا إِلَى آخر الْآيَة وَكَانَ يُحَاسب أمناءه فِي كل قوت وَيسْأل عَن الشُّهُود فِي كل وَقت
3 - (أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئ)
بكار بن أَحْمد بن بكار بن بنان أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئ بغدادي مَشْهُور بالإقراء أَقرَأ سِتِّينَ سنة
قَرَأَ على عبد الله بن الصَّقْر السكرِي وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَلَاث مائَة
3 - (الْحَنَفِيّ الْعَنْبَري)
بكار بن الْحسن بن عُثْمَان الْعَنْبَري الْأَصْبَهَانِيّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ امتحن أَيَّام الواثق فَلم يجب القَاضِي فعزم القَاضِي حَيَّان بن بشر على نَفْيه من أَصْبَهَان فجَاء الْبَرِيد بِمَوْت الواثق فطرد الأعوان عَن دَاره فَقَالَ النَّاس ذهب بكار بالدست وخري القَاضِي فِي الطشت وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(10/118)
3 - (الْأَمِير مُتَوَلِّي الْمَدِينَة)
بكار بن عبد الله بن مُصعب بن ثَابت بن عبد الله بن الزبير الْأَمِير أَبُو بكر ولي الْمَدِينَة للرشيد اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَكَانَ جواداً ممدحاً وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ
الْبكاء الشَّيْخ عَليّ
ابْن بكار الْحَافِظ يُوسُف بن الْحُسَيْن بن بدر
ابْن بكار قَاضِي دمشق مُحَمَّد بن بكار
(بكبرس)
3 - (نجم الدّين الحاجي)
بكبرس بن يلنقلج أَبُو شُجَاع التركي مولى الإِمَام النَّاصِر يعرف بِنَجْم الدّين الزَّاهِد وبالحاجي كَانَ فَقِيها عَارِفًا بِمذهب أبي حنيفَة حدث عَن عبد الْعَزِيز بن منينا وروى عَنهُ شرف الدّين الدمياطي والقطب ابْن الْقُسْطَلَانِيّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الكنجي وَكَانَ عَارِفًا بالأصول قَالَ الدمياطي كَانَ مقدما على مماليك المستعظم وَقَالَ ابْن النجار جليل الْقدر وَله مصنفات قَرَأَ الْكثير بِنَفسِهِ على أَصْحَاب أبي الْوَقْت وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة
(بكتاش)
3 - (الْأَمِير بدر الدّين أستادار)
3 - (ملك الْأُمَرَاء حسام الدّين لاجين)
توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة
3 - (أَمِير سلَاح)
بكتاش الْأَمِير بدر الدّين الفخري أَمِير سلَاح كَانَ من مماليك الْأَمِير(10/119)
فَخر الدّين ابْن الشَّيْخ وَعَاد من أكَابِر الْأُمَرَاء الصالحية المترددين فِي الْغَزَوَات الْمَشْهُورين بِالْخَيرِ وَالصَّدقَات لما قتل الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة كَانَ الْأَمِير بدر الدّين الْمَذْكُور مُجَردا فِي حلب يَغْزُو بِلَاد سيس وَلما عَاد وَقرب من مصر أخبر بِمَا جرى من طغجي وكرجي وَمَا يقصدانه فَلَمَّا عزم على الدُّخُول إِلَى الْقَاهِرَة طلب الْأُمَرَاء الَّذين مَعَه وَمَشوا فِي خدمته وَركب طغجي لملتقاه فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ كَانَ لنا عَادَة من السُّلْطَان أنّا إِذا قدمنَا يتلقانا وَمَا أعلم مَا أوجب تَأْخِيره فَقَالَ طغجي مَا علم الْأَمِير بِمَا جرى إِن السُّلْطَان قتل فَقَالَ وَمن قَتله قَالَ كرد الْحَاجِب قَتله طغجي وكرجي فَأنْكر عَلَيْهِمَا وَقَالَ كلما قَامَ للْمُسلمين سُلْطَان تَقْتُلُونَهُ تقدم عني لَا تلتصق بِي وسَاق أَمِير سلَاح وَتَركه فتيقن طغجي أَنه مقتول
فَأَرَادَ الهروب فانقض عَلَيْهِ بعض الْأُمَرَاء وأمسكه بدبوقته وضربه بِالسَّيْفِ وتكاثروا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَمَعَهُ ثَلَاثَة أخر وَركب كرجي فِي جمَاعَة لنصرته فَركب الْجَيْش جَمِيعه فِي خدمَة أَمِير سلَاح وَقتلُوا كرجي والكرموني وَدخل أَمِير سلَاح وَقعد والأمراء مَعَه ورتبوا حُضُور الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من الكرك وإعادته إِلَى السلطنة وَأقَام أَمِير سلَاح إِلَى سنة)
سِتّ وَسبع مائَة وَطلب النُّزُول عَن الإمرة وَلزِمَ دَاره وَتُوفِّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة
(بكتمر)
3 - (صَاحب خلاط)
بكتمر سيف الدّين صَاحب خلاط مَمْلُوك صَاحبهَا أسرف فِي إِظْهَار الشماتة بِمَوْت صَلَاح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَفَرح وَعمل تختاً وَجلسَ عَلَيْهِ ولقب نَفسه بالسلطان الْمُعظم صَلَاح الدّين وسمى نَفسه عبد الْعَزِيز وَظهر مِنْهُ رعونة وتجهز لقصد ميافارقين وَكَانَ مَمْلُوك شاه أرمن قد تزوج بابنة بكتمر وطمع فِي الْملك فَجهز على بكتمر من قَتله سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتملك بعده
3 - (الْأَمِير سيف الدّين الْحَاجِب)
بكتمر الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب كَانَ أَولا أَمِيرا آخور ثمَّ قدم دمشق وَتَوَلَّى بهَا شدّ الدَّوَاوِين أَيَّام الأفرم وَلم يكن لأحد مَعَه كَلَام وَكَانَ عَارِفًا خَبِيرا بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ درباً مثقفاً خيرا يرْعَى أَصْحَابه وَيَقْضِي حوائجهم ثمَّ ولي(10/120)
الحجوبية وَتوجه إِلَى صفد كاشفاً أَيَّام سنقر شاه على الْأَمِير ناهض الدّين عمر بن أبي الْخَيْر مشد صفد وَنزل بالميدان وَكَانَ مَعَه القَاضِي معِين الدّين ابْن حشيش وَنزل بالميدان وحرر الْكَشْف ودققه حَتَّى قَالَ زين الدّين عمر بن حلاوات موقع صفد
(يَا قَاصِدا صفداً فعد عَن بَلْدَة ... من جور بكتمر الْأَمِير خراب)
(لَا شَافِع تغني شَفَاعَته وَلَا ... جَان لَهُ مِمَّا جناه متاب)
(حشر وميزان وَنشر صَحَائِف ... وجرائد معروضة وحساب)
(وَبهَا زَبَانِيَة تبث على الورى ... وسلاسل ومقارع وعقاب)
(مَا فاتهم من كل مَا وعدوا بِهِ ... فِي الْحَشْر إِلَّا رَاحِم وهاب)
قلت وَهَذِه أَبْيَات لسبط التعاويذي مَعْرُوفَة فِي ديوانه أَولهَا
(يَا قَاصِدا بَغْدَاد جز عَن بَلْدَة ... للجور فِيهَا زخرة وعباب)
وَهِي سَبْعَة عشر بَيْتا قَالَهَا فِي الْوَزير ابْن الْبَلَدِي فَأتى ابْن حلاوات بِالْبَيْتِ الأول وَلَيْسَ للفاء فِي قَوْله فعد مَحل ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين توجه مَعَ السُّلْطَان لما جَاءَ من الكرك إِلَى مصر وولاه ثمَّ ولاه الوزارة ثمَّ إِنَّه قبض عَلَيْهِ لما قبض على أيدغوي شقير وَبَقِي فِي الاعتقال)
مُدَّة سنة وَنصف ثمَّ أخرجه وجهزه إِلَى صفد نَائِبا وأنعم عَلَيْهِ بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ قد أَخذ لَهُ مَالا كثيرا إِلَى الْغَايَة فَأَقَامَ بهَا عشرَة أشهر تَقْرِيبًا ثمَّ طلب إِلَى مصر وَكَانَ من جملَة الْأُمَرَاء الَّذين يَجْلِسُونَ وَإِذا تكلم السُّلْطَان فِي المشور لَا يرد عَلَيْهِ أحد غَيره لما عِنْده من الْمعرفَة والخبرة وَكَانَ قد تزوج ابْنة الْأَمِير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك وَعمر لَهُ دَارا ظَاهر بَاب النَّصْر على الْقَاهِرَة وَعمر هُنَاكَ مدرسة إِلَى جَانبهَا وَكَانَ لأَصْحَابه بِهِ نفع كَبِير بجاهه لَا يبخل على أحد مِمَّن يعرفهُ بذلك وإشاراته مَقْبُولَة عِنْد أَرْبَاب الدولة ثمَّ إِنَّه سرق لَهُ من الخزانة مَال كثير ادّعى فِي الظَّاهِر أَنه مبلغ مِائَتي ألف دِرْهَم وَكَانَ فِي الْبَاطِن على مَا قيل سبع مائَة ألف أَو أَكثر فَمَا جسر يَقُول الْكل خوفًا من السُّلْطَان وَكَانَ قدودار وَالِي الْقَاهِرَة فرسم لَهُ السُّلْطَان يتتبع ذَلِك فَيُقَال إِن القَاضِي فَخر الدّين وبكتمر الساقي والجمالي الْوَزير عاملوا فِي الْبَاطِن عَلَيْهِ وَحمل إِلَيْهِم بعض العملة فشرعوا يحجفون عَن المتهمين وَإِذا قَالَ السُّلْطَان للوالي إيش عملت فِي عملة الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب يَقُول القَاضِي فَخر الدّين يَا خوند لعن الله سَاعَة هَذِه العملة كل يَوْم يَمُوت النَّاس تَحت المقارع وَإِلَى مَتى يقتل الْمُتَّهم الَّذِي لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ فِي آخر الْحَال وقف الْأَمِير سيف الدّين بكتمر للسُّلْطَان فِي دَار الْعدْل وشكا وتضور فَخرج السُّلْطَان وأحضر الْوَالِي وسبه وَأظْهر غيظاً عَظِيما فَقَالَ يَا خوند اللُّصُوص الَّذين أمسكتهم وعاقبتهم أقرُّوا بِأَن خزنداره سيف الدّين بخشي اتّفق مَعَهم على أَخذ المَال وَجَمَاعَة من ألزامه الَّذين فِي بَابه فَقَالَ السُّلْطَان للجمالي الْوَزير أحضر هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين وعاقبهم فأحضرهم وعاقبهم وعصر هَذَا بخشي وَكَانَ عَزِيزًا(10/121)
عِنْده قد زوجه بنته وَهُوَ واثق بعقله وَدينه وأمانته فَقَالَ بخشي يَا خوند أَنا وَالله الَّذِي تَحت يَدي لأستاذي مَا يعرفهُ وَلَا يدْرِي كم هُوَ فَمَا أحتاج أخلي غَيْرِي يَأْخُذ معي مَا أردْت أَن أسرقه وَلما بلغ الْأَمِير سيف الدّين عصر بخشي وجماعته علم أَن مَاله قد رَاح فَحصل لَهُ غيظ عَظِيم وغم وغبن فَمَاتَ فَجْأَة من الظّهْر إِلَى الْعَصْر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ لَهُ حرص عَظِيم فِي جمع المَال إِلَى الْغَايَة مفرط لَهُ الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة فِي كل مَدِينَة فِي الشَّام وَفِي الْقَاهِرَة ومصر بِحَيْثُ أَن لَهُ فِي كل مَدِينَة ديواناً فِيهِ مباشرون وَله قدور فول وحمص وَغير لَك من الْأَوَانِي والآلات الَّتِي تكرى وَكَانَ مبخلاً جدا حكى لي الشَّيْخ فتح الدّين قَالَ كنت عِنْده يَوْمًا وَبَين يَدَيْهِ صَغِير من أَوْلَاده وَهُوَ يبكي وَيتَعَلَّق فِي رقته ويبوس صَدره فَلَمَّا)
طَال ذَلِك من الصَّغِير قلت لَهُ يَا خوند مَا بِهِ قَالَ شَيْطَان يُرِيد قصب مص فَقلت يَا خوند اقْضِ شَهْوَته قَالَ فَقَالَ يَا بخشي سير إِلَى السُّوق أَرْبَعَة فلوس هَات لَهُ عوداً فَلَمَّا حضر الْعود وجدوا الصَّغِير مِمَّا تغنى وتعذب قد نَام فَقَالَ الْأَمِير هَذَا قد نَام ردوا الْعود وهاتوا الْفُلُوس وَأخذ السُّلْطَان من مَاله شَيْئا كثيرا إِلَى الْغَايَة
3 - (الْأَمِير سيف الدّين الساقي)
بكتمر الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي كَانَ أَولا من مماليك الْملك المظفر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير ثمَّ انْتقل السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَجعله ساقياً وَكَانَ غَرِيبا فِي بَيت السُّلْطَان لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ خشداشية وَكَانَ هُوَ وَحده وَسَائِر الخاصكية حزباً عَلَيْهِ وعظمت مكانته عِنْد السُّلْطَان وزادت محبته لَهُ وَلما مَاتَ طغاي الْكَبِير كَانَ تنكز نَائِب الشَّام منتمياً إِلَيْهِ فَقَالَ السُّلْطَان لتنكز خل بكتمر يكون أَخَاك عوض طغاي وَكن أكتب إِلَيْهِ بِمَا تُرِيدُ ثمَّ إِنَّه زوج ابْنَته بِابْن بكتمر وَعظم شَأْن بكتمر فِي مملكة السُّلْطَان وَصَارَ هُوَ الدولة فَكَانَ يُقَال إِن السُّلْطَان وبكتمر لَا يفترقان إِمَّا أَن يكون بكتمر عِنْد السُّلْطَان وَإِمَّا أَن يكون السُّلْطَان فِي بَيت بكتمر وَلَا يَأْكُل إِلَّا فِي بَيت بكتمر مِمَّا تطبخه لَهُ أم أَحْمد بن بكتمر فِي قدر فضَّة وينام عِنْدهم وَيقوم حَتَّى كَانَ النَّاس يظنون أَن أَحْمد ابْن السُّلْطَان مِمَّا يُحِبهُ ويبوسه ويحمله وَكَانَ أَحْمد بن بكتمر قد عظم ذكره عِنْد النَّاس وتسامعوا بِهِ فَإِذا أهْدى النَّاس إِلَى السُّلْطَان شَيْئا أَو قدموه كَانَ مثله لبكتمر وَالَّذِي يَجِيء للسُّلْطَان يكون غالبه لبكتمر فعظمت أَمْوَاله وَكَانَ فِي اسطبله مائَة سطل نُحَاسا لمِائَة سائس كل سائس سِتَّة أرؤس غير مَاله فِي الجشارات وَمَعَ ذَلِك فَلم يكن لَهُ حماية وَلَا رِعَايَة وَلَا لِغِلْمَانِهِ ذكر بَاب اسطبله يغلق من الْمغرب وَمَا لأحد بِهِ حس وَعمر تِلْكَ الحارة الَّتِي على بركَة الْفِيل وَكَانَ قد استخدم فِيهَا نور الدّين الفيومي وَكَانَ صَاحِبي فَقلت كم نَفَقَة الْعِمَارَة كل يَوْم قَالَ مبلغ ألف وَخمْس مائَة دِرْهَم مَعَ جاه الْعَمَل لِأَن الْعجل من عِنْد السُّلْطَان والحجارين والفعول من المحابيس فَقلت لَهُ فكم يكون مِقْدَار ذَلِك لَو لم يكن جاه الْعَمَل فَقَالَ لي على الْقَلِيل كل يَوْم ثَلَاثَة آلَاف(10/122)
دِرْهَم وَأَقَامُوا يعمرون فِيهَا مُدَّة عشرَة أشهر وَخرجت أَنا من الْقَاهِرَة وهم يعْملُونَ فِي الجرش وَلم يَكُونُوا وصلوا إِلَى الرخام وَلَا اللازورد وَلَا الذَّهَب وَلَا عرق اللُّؤْلُؤ
وَلما توفّي فِي طَرِيق الْحجاز عَائِدًا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة خلف من الْأَمْوَال والجواهر)
والأصناف والأمتعة والقماش مَا يزِيد عَن الْحَد قَالَ لي الْمُهَذّب كَاتبه أَخذ السُّلْطَان من خيله أَرْبَعِينَ فرسا قَالَ لي هَذِه لي مَا وهبته إِيَّاهَا وأبعنا الْبَاقِي على مَا انتهبه الخاصكية وأخذوه بِالثّمن البخس بِمَا مبلغه ألفا ألف دِرْهَم وَمِائَتَا ألف دِرْهَم وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم خَارِجا عَمَّا فِي الجشارات وأنعم السُّلْطَان بالزردخاناه وَالسِّلَاح خاناه الَّتِي لَهُ على الْأَمِير سيف الدّين قوصون بَعْدَمَا أَخذ مِنْهَا سرجاً وَاحِدًا وسيفاً وَاحِدًا فَقَالَ الْمُهَذّب كَاتبه قيمتهَا سِتّمائَة ألف دِينَار وَأخذ السُّلْطَان لَهُ ثَلَاثَة صناديق جوهراً مثمناً مَا لَا يعلم لَهَا قيمَة وأبيع لَهُ من الْآلَات والصيني والكتب والختم والربعات وَالْبُخَارِيّ نسخ مُخْتَلفَة وَمن الْأَدْوِيَة الفولاذ والمطعم واليصم وَغير ذَلِك وَالْفراء الْوَبر والأطلس وأنواع القماش الاسكندري والبغدادي وَغير ذَلِك شَيْء كثير إِلَى الْغَايَة المفرطة ودام البيع لذَلِك مُدَّة شهر وَكَانَ مَعَ ذَلِك كُله وافر الْعقل والسكون وَالْحُرْمَة والحشمة قَرِيبا من النَّاس يتلطف بهم ويسوسهم أحسن سياسة وَمن دخل فِي أمره قضي شغله على أكمل الْوُجُوه وَكَانَ السُّلْطَان لَا يُخَالِفهُ فِي شَيْء وَإِذا أنعم على أحد بوظيفة أَو غير ذَلِك يَقُول روح إِلَى الْأَمِير بوس يَده وَكَانَ يحجز على السُّلْطَان ويمنعه كثيرا عَن أَشْيَاء من الْمَظَالِم والعسف ظَهرت من السُّلْطَان بعد موت بكتمر رَحمَه الله تَعَالَى وَلما توجه السُّلْطَان إِلَى الْحجاز توجه مَعَه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَظهر بتجمل زَائِد وحشمة وافرة كنت فِي سرياقوس لما خَرجُوا وَرَأَيْت مَا هالني وَخرج ساقة للنَّاس كلهم فَكَانَ ثقله وحاله نَظِير مَا للسُّلْطَان وَلَكِن يزِيد على ذَلِك بالزراكش وآلات الذَّهَب وتنكر السُّلْطَان لَهُ فِي الطَّرِيق واستوحش كل مِنْهُمَا من صَاحبه فاتفق أَنه فِي الْعود مرض وَلَده أَحْمد وَمَات قبل وَالِده بِثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن بكتمر مَاتَ بعد ذَلِك وَكَانَ السُّلْطَان قد عمل أَحْمد فِي تَابُوت وَحمله مَعَه فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ دفن الِاثْنَيْنِ فِي الطَّرِيق عِنْد نخل وحث السّير بعد ذَلِك وَكَانَ السُّلْطَان تِلْكَ السفرة كلهَا لَا يبيت إِلَّا فِي برج خشب وبكتمر عِنْده وقوصون على الْبَاب والأمراء الْمَشَايِخ كلهم حول البرج ينامون بسيوفهم فَلَمَّا مَاتَ بكتمر ترك الْمبيت فِي البرج فَعلم النَّاس أَن ذَلِك كَانَ خوفًا من بكتمر وَوجد فِي خزانَة بكتمر فِي طَرِيق الْحجاز خمس مائَة تشريف مِنْهَا مَا هُوَ أطلس بزركش وحوايص وكلوتات ذهب وَمَا دون ذَلِك من خلع المتعممين وَمن دونهم من الْأُمَرَاء والأجناد ووجدوا على مَا قيل فِيهَا قيوداً وزناجير وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْبَاطِن فِي ذَلِك وَيُقَال إِنَّه لما مرض دخل إِلَيْهِ السُّلْطَان يَوْمًا فَقَالَ لَهُ بكتمر بيني)
وَبَيْنك الله تَعَالَى فَقَالَ السُّلْطَان كل من عمل شَيْئا يلتقيه وَلما مَاتَ صرخت أم أَحْمد امْرَأَته وبكت إِلَى أَن سَمعهَا النَّاس تَتَكَلَّم بِكَلَام قَبِيح فِي حق السُّلْطَان من جملَته أَنْت تقتل مملوكك إيش كَانَ وَلَدي فَقَالَ بس تفشرين هَاتِي مَفَاتِيح صناديقه فَأَنا كل شَيْء أَعْطيته من الْجَوْهَر أعرفهُ وَاحِدًا وَاحِدًا فرمت المفاتيح إِلَيْهِ فَأَخذهَا وَلما حضر السُّلْطَان إِلَى القلعة أظهر النَّدَم عَلَيْهِ والأسف وَأعْطى أَخَاهُ قماري إمرة مائَة وَجعل يَقُول مَا بَقِي يجينا مَمْلُوك مثل بكتمر
ثمَّ(10/123)
إِنَّه أَمر بِحمْل رمته ورمة وَلَده من طَرِيق الْحجاز وأحضرهما إِلَى تربتهما بالقرافة وَكَانَ للزمان بِهِ جمال ولبيت السُّلْطَان بِهِ رونق عَظِيم جَاءَ أَحْمد بن مهنا بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة فَقَالَ بَيت السُّلْطَان الْآن يعوز شَيْئا وَذَلِكَ الشَّيْء هُوَ كَانَ بكتمر الساقي يُقَال إِنَّه لما مَاتَ فِي طَرِيق الْحجاز كَانَ فِي محفة سائراً وَالسُّلْطَان خَلفه بِقدر رمية نشاب يسير فَإِذا وقفُوا بِهِ وقف وَإِذا مَشوا بِهِ مَشى ويجهز إِلَيْهِ بغا الدوادار يكْشف خَبره فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ وَقَالَ يَا خوند مَاتَ سَاق فِي مماليكه الخاصكية وَقَالَ للأمير سيف الْحَاج بهادر المعزي يَا أَمِير قف غسله وادفنه هُوَ وَولده فِي هَذَا الْمَكَان وخلاه وحث السّير فَنزل الْأَمِير سيف الدّين قوصون عَن هجينه بَعْدَمَا عرج عَن الطَّرِيق يظْهر أَنه يريق المَاء واستند إِلَى الهجين وَجعل يبكي والمنديل على عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَمْلُوك الَّذِي مَعَه يَا خوند ليش تبْكي مَا عَدوك فَقَالَ وَا لَك أَنا مَا أبْكِي إِلَّا على نَفسِي هَكَذَا يفعل ببكتمر وَمن فِينَا مثل بكتمر وَمن بَقِي بعد بكتمر مَا بَقِي إِلَّا أَنا وَكَانَ بكتمر من أحسن النَّاس شكلاً حسن الْوَجْه لَهُ لحية مُدَوَّرَة حَمْرَاء بسواد يسير أَبيض سَاطِع الْبيَاض مشرباً حمرَة قده مليح وَعبارَته عذبة وَكَانَ إِذا ركب فِي الْقَاهِرَة ركب فِي مِائَتي نفس ويركب نقيب النُّقَبَاء والنقباء فِي خدمته وقصره فِي سرياقوس بِخِلَاف قُصُور بَقِيَّة الْأُمَرَاء لِأَنَّهُ قبالة قصر السُّلْطَان بِحَيْثُ أَنَّهُمَا يتحادثان من دَاخل القصرين وَعمر لَهُ بالقرافة خانقاه وتربة مليحتين وَكَانَ عوناً لمن انْتَمَى إِلَيْهِ وركناً عَظِيما يرجع إِلَى مُرُوءَة زَائِدَة وَلما تزوج آنوك الْمُقدم ذكره ابْن السُّلْطَان بابنته كنت بِالْقَاهِرَةِ وَرَأَيْت الشوار الَّذِي حمل من دَاره الَّتِي على الْبركَة إِلَى بَاب القلعة وَكَانَ عدَّة الحمالين المساند الزركش عشرَة على أَرْبَعِينَ حمالاً المدورات سِتَّة عشر حمالاً الكراسي اثْنَا عشر حمالاً كراسي لطاف أَرْبَعَة حمالين فضيات تِسْعَة وَعِشْرُونَ حمالاً سلم للدكك أَرْبَعَة حمالين النّحاس الكفت ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ حمالاً الصيني ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ حمالاً الزّجاج الْمَذْهَب)
اثْنَا عشر حمالاً النّحاس الشَّامي اثْنَان وَعِشْرُونَ حمالاً البعلبكي المدهون اثْنَا عشر حمالاً الخونجات والمخافي والزبادي النّحاس تِسْعَة وَعِشْرُونَ حمالاً صناديق الْحَوَائِج خاناه سِتَّة حمالين وَالْبِغَال المحملة الْفرش واللحف والبسط والصناديق الَّتِي فِيهَا المصاغ تِسْعَة وَتسْعُونَ بغلاً وَقَالَ الْمُهَذّب كَاتبه الزركش والمصاغ ثَمَانِينَ قِنْطَارًا بالمصري أَو تسعين الشَّك مني وَكَانَ مِمَّا لَهُ من الْمُرَتّب على السُّلْطَان فِي كل يَوْم طَعَام مخفيتان يَأْخُذ من بَيت المَال كل يَوْم عَنْهُمَا دَرَاهِم ثمنا سبع مائَة دِرْهَم كل مخفية ثَلَاث مائَة وَخَمْسُونَ درهما
3 - (بكتمر الجوكندار الْكَبِير)
بكتمر الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الجوكندار كَانَ السُّلْطَان يَدعُوهُ يَا عمي وَله ولد يعرف بِمُحَمد كَانَ هُوَ وَالسُّلْطَان لَا يتفارقان ويدعوه أخي وَكَانَ بكتمر أحد الْأُمَرَاء الَّذين يشار إِلَيْهِم أَيَّام سلار والجاشنكير ثمَّ إنَّهُمَا عملا عَلَيْهِ وَأَخْرَجَاهُ إِلَى قلعة الصبيبة نَائِبا فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ لما مَاتَ سنقر شاه المنصوري نَائِب صفد(10/124)
حضر إِلَى صفد نَائِبا وَكَانَ لَهُ مائَة مَمْلُوك وَإِذا ركب فيهم كَانُوا قَرِيبا من عَسْكَر صفد فَأَقَامَ بهَا قَرِيبا من سنتَيْن وَلما حضر السُّلْطَان من الكرك لاقاه إِلَى دمشق وَتوجه مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر نَائِب السُّلْطَان بِمصْر وَلما كَانَ فِي بعض الْأَيَّام وهما متوجهان إِلَى الْمطعم خرج السُّلْطَان من السرج وَمَال إِلَيْهِ وَقَالَ يَا عمي مَا بَقِي فِي قلبِي من أحد من هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء أَن أمْسكهُ إِلَّا فلَان وَفُلَان وَذكر لَهُ أميرين فَقَالَ لَهُ يَا خوند مَا تطلع من الْمطعم إِلَّا وتجدني قد أمسكتهما وَكَانَ ذَلِك يَوْم الثُّلَاثَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان لَا يَا عمي أَلا دعهما إِلَى يَوْم الْخَمِيس أَو الْجُمُعَة تمسكهما فِي الصَّلَاة إِذا فرغا مِنْهَا فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة ثمَّ إِنَّه جهز إِلَيْهِ تَشْرِيفًا هائلاً ومركوباً مُعظما وإنعاماً فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس قَالَ لَهُ غَدا نمسكهما فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ لَهُ فِي الصَّلَاة أَيْن هما قَالَ حاضران فَقَالَ بعد الصَّلَاة تقدم بِمَا قلت لَك فَلَمَّا انْقَضتْ الصَّلَاة قَالَ يَا عَم وَالله مَا لي وَجه أراهما وأستحي مِنْهُمَا وَلَكِن امسكهما إِذا دخلت أَنا إِلَى الدّور وَتوجه بهما إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ تَجِد منكلي بغا وقجليس سلمهما إِلَيْهِمَا وروح فَلَمَّا أمسكهما وَتوجه بهما إِلَى الْمَكَان الْمَذْكُور لَهُ وجد الأميرين قجليس ومنكلي بغا هُنَاكَ فقاما إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ عَلَيْك سمعا وَطَاعَة لمولانا السُّلْطَان وأخذا سَيْفه فَقَالَ لَهما يَا خوشداش مَا هُوَ هَكَذَا السَّاعَة كَمَا فارقته وَقَالَ امسك هَؤُلَاءِ فَقَالَا لَهُ مَا الْقَصْد إِلَّا أَنْت فأمسكاه وأطلقا ذَيْنك الأميرين)
وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَكَانَ فِيهِ خير وبر للصلحاء وَحج حجَّة أنْفق فِيهَا شَيْئا كثيرا وَأعْطى المجاورين بالحرمين الذَّهَب والقمصان والقمح وَكَانَ لَا يحب سفك الدِّمَاء فَكَانَ فِي صفد إِذا احضروا الْقَاتِل ضربه ضربا مبرحاً قَرِيبا من السَّبع مائَة عَصا ورماه فِي الْحَبْس وَيَقُول الْحَيّ خير من الْمَيِّت فَكثر الْعَبَث وَالْفساد فِي صفد وبلادها وَكَانَ هُوَ وَولده مُحَمَّد فِي اللّعب بالكرة فارسين وَولده أَفرس مِنْهُ وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد مُحَمَّد هَذَا وخليل وَإِبْرَاهِيم وَأحمد فِيمَا أَظن وَكَانَ يكثر اللّعب بالكرة فِي صفد وَيضْرب لَهُ خاماً على قَرْيَة بيريا ظَاهر صفد وَيُقِيم هُنَاكَ هُوَ وحريمه أَيَّامًا وَيعْمل المواكب هُنَاكَ ودور الْعدْل وَعمر المغارة الَّتِي بصفد وَأَنْشَأَ لَهَا غراساً وَدفن بهَا زَوجته ورتب للمغارة والسهريج على الدِّيوَان السلطاني مُرَتبا وَهُوَ إِلَى الْيَوْم وَلما كَانَ السُّلْطَان فِي الكرك كَانَ يكْتب إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنه نَاصِر الدّين مُحَمَّد كثيرا ويخاطبه يَا أخي قل لِعَمِّي كَذَا وَطول روحك إِلَى أَن يقدر الله لنا الْخَيْر
(بكتوت)
3 - (أستادار النَّاصِر)
بكتوت الْأَمِير سيف الدّين العزيزي استادار الْملك النَّاصِر كَانَ ذَا حُرْمَة وافرة ورتبة عالية ومهابة شَدِيدَة وَيَد مبسوطة وَبِيَدِهِ الإقطاعات الضخمة وَله الْأَمْوَال الجمة وَكَانَ شجاعاً جيد السياسة توفّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة مُجَردا بالنواحي الْقبلية(10/125)
يُقَال إِن ابْن ودَاعَة سمه فِي بطيخة ومنذ توفّي وَقع الْخلَل فِي أَحْوَال النَّاصِر يُوسُف صَاحب الشَّام
3 - (العلائي)
بكتوت العلائي الْأَمِير الْكَبِير كَانَ من أكبر أُمَرَاء دمشق محتشماً انْتقل إِلَى مصر وعلت رتبته فِي دولة الْملك الْأَشْرَف بن الْمَنْصُور وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَأَظنهُ الَّذِي بَاشر نِيَابَة السلطنة بِدِمَشْق أول دولة الْمَنْصُور قلاوون أَيَّامًا إِلَى أَن تولى النِّيَابَة لاجين
3 - (الأقرعي)
بكتوت الْأَمِير بدر الدّين الأقرعي ولي شدّ دمشق فِي أَيَّام الظَّاهِر بيبرس وعزل أَيَّام السعيد ابْنه وَولي شدّ الصُّحْبَة للمنصور وَهُوَ الَّذِي ضيق على قَاضِي الْقُضَاة ابْن الصايغ وَكَانَ ظَالِما جباراً لَا يقبل الرشا وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة وَلما مَاتَ رثاه عَلَاء الدّين)
الْكِنْدِيّ الوداعي وَمن خطه نقلت
(خبا الْبَدْر الَّذِي قد كَانَ يهدي ... إِلَى سبل النزاهة والصيانه)
(فَقل للدهر إِن عزيت فِيهِ ... يُطِيل الله عمرك فِي الْأَمَانَة)
3 - (بدر الدّين المحمدي)
بكتوت بدر الدّين بن عبد الله المحمدي اخبرني الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لقطه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور قد اشْتغل عَليّ بِيَسِير من النَّحْو وأنشدنا لنَفسِهِ بحلق لي حبيب بوصله لَا يجود فقلبه قاسيون ودمع عَيْني يزِيد وأنشدنا لنَفسِهِ
(من لي بِظَبْيٍ غرير ... باللحظ يسبي الممالك)
(إِذا تبدى بلَيْل ... جلا سناه الحوالك)
(من حور رضوَان أبهى ... لكنه نجل مَالك)(10/126)
قلت شعر متوسط
(بكتي الْخَوَارِزْمِيّ)
بكتي الْأَمِير سيف الدّين الْخَوَارِزْمِيّ من قدماء الْأُمَرَاء وداره هِيَ الَّتِي سكنها بلبان التتري
توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة
(بكجور الْأَمِير أَبُو الفوارس)
بكجور الْأَمِير التركي أَبُو الفوارس مولى سيف الدّين بن حمدَان ولي إمرة حمص ثمَّ إمرة دمشق للعزيز صَاحب مصر فَجَاز وظلم وصادر وَخرج عَن طَاعَة الْعَزِيز فَجهز إِلَيْهِ منيراً الْخَادِم فَالْتَقَيَا وتصالحا وَذهب بكجور إِلَى الرقة وَأقَام بهَا دَعْوَة الْعَزِيز ثمَّ قتل فِي حلب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
(بكر)
3 - (النَّاجِي)
بكر بن الْأسود أَبُو عُبَيْدَة النَّاجِي قَالَ ابْن معِين كَذَّاب توفّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة
3 - (الصَّحَابِيّ)
بكر بن أُميَّة الضمرِي أَخُو عَمْرو بن أُميَّة حَدِيثه عِنْد مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن الْحسن بن الْفضل بن عمر بن أُميَّة عَن أَبِيه عَن عَمه بكر بن أُميَّة لَهُ صُحْبَة
3 - (ابْن الجلاح الْكَلْبِيّ)
بكر بن جبلة بن وَائِل بن الجلاح الْكَلْبِيّ وَبكر يعرف بِعَبْد عَمْرو وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسلم وَقَالَ
(أحب رَسُول الله إِذْ جَاءَ بِالْهدى ... فَأَصْبَحت بعد الْحَمد لله أوجرا)
(وودعت لذات القداح وَقد أرى ... بهَا سدكاً عمري وللهو أصورا)
(فآمنت بِاللَّه الْعلي مَكَانَهُ ... وأصبحت للأوثان مَا عِشْت مُنْكرا)(10/127)
3 - (الصَّحَابِيّ)
بكر بن الْحَارِث أَبُو مَنْفَعَة بالنُّون وَالْفَاء وَالْعين الْمُهْملَة الْأَنمَارِي مَذْكُور فِيمَن نزل حمص من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم
3 - (ابْن حبيب السَّهْمِي)
بكر بن حبيب السَّهْمِي وَالِد عبد الله بن بكر الْمُحدث ذكره الزبيدِيّ وَغَيره فِي النَّحْوِيين أَخذ)
عَن أبي إِسْحَق وَقَالَ ابْن أبي إِسْحَق لبكر بن حبيب مَا أَلحن فِي شَيْء قَالَ تفعل فَقَالَ لَهُ فَخذ عَليّ كلمة قَالَ هَذِه وَاحِدَة قل كلمة وَقربت مِنْهُ سنورة فَقَالَ لَهَا اخسي فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت إِنَّمَا هُوَ اخسئي وَتُوفِّي ابْن لبَعض المهالبة فَأَتَاهُ شبيب بن شبيبة الْمنْقري يعزيه وَعِنْده بكر بن حبيب السَّهْمِي فَقَالَ شبيب بلعنا أَن الطِّفْل لَا يزَال محبنطئاً على بَاب الْجنَّة يشفع لِأَبَوَيْهِ فَقَالَ بكر إِنَّمَا هُوَ محبنطياً غير مَهْمُوز فَقَالَ شبيب أَتَقول لي هَذَا وَمَا بَين لابتيها أفْصح مني فَقَالَ بكر وَهَذَا خطأ ثَان مَا لِلْبَصْرَةِ وللوب لَعَلَّك غَرَّك قَوْلهم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة يُرِيدُونَ الْحرَّة وَلَيْسَ لِلْبَصْرَةِ حرَّة وَلَا لابة والمحبنطي بِغَيْر همز المنتصب للشَّيْء المستبطئ لَهُ وبالهمز الْعَظِيم الْبَطن المنتفخ وَقَالَ ابْنه عبد الله كَانَ أبي يَقُول الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَهُوَ الْقَائِل
(سير النواعج فِي بِلَاد مضلة ... يمشي الدَّلِيل بهَا على ملمال)
(خير من الطمع الدني ومجلس ... بِفنَاء لَا طلق وَلَا مفضال)
(فاقصد لحاجتك المليك فَإِنَّهُ ... يُغْنِيك عَن مترفع مختال)
3 - (أَبُو عَليّ الْوراق)
بكر بخارجة الْكُوفِي الْوراق أَبُو عَليّ شَاعِر ماجن مأموني أفسدت الْخمر عقله آخر عمره وَهُوَ الْقَائِل
(هَل لي إِلَيْك إِذا اعتذرت قبُول ... أم لَا فأربح مَا أُرِيد أَقُول)
(اسْمَع فَإِنِّي حَالف بِجلَال من ... فِي ظلّ رَحمته الْعباد نزُول)
(مَا كَانَ مَا زعم الرَّسُول فتدعي ... ذَنبا عَليّ بِمَا يَقُول رَسُول)
وَهُوَ الْقَائِل وَقيل إِنَّهَا لغيره
(وَحقّ الَّذِي فِي الْقلب مِنْك فَإِنَّهُ ... عَظِيم لقد حصنت سرك فِي صَدْرِي)
(ولكنما أفشاه دمعي وَرُبمَا ... أَتَى الْمَرْء مَا يخشاه من حَيْثُ لَا يدْرِي)(10/128)
(فَهَب لي ذنُوب الدمع إِنِّي أَظُنهُ ... بِمَا كَانَ مِنْهُ إِنَّمَا يَبْتَغِي ضري)
(وَلَو لم يرد ضري لخلى ضمائري ... تمد على أسرار مكنونها ستري)
وَمن شعر بكر بن خَارِجَة الْكُوفِي
(يَا لقومي لما جنى السُّلْطَان ... لَا يكن للَّذي أهان الهوان)
)
(سكبوا فِي التُّرَاب من حلب الْكر ... م عقارا كَأَنَّهَا الزَّعْفَرَان)
(صبها فِي مَكَان سوء لقد صا ... دف سعد السُّعُود ذَاك الْمَكَان)
(من كميت يُبْدِي المزاج لَهَا لؤ ... لؤ نظم والفصل فِيهَا جمان)
(فَإِذا مَا اصطحبتها صغرت فِي ال ... قدر عِنْدِي الَّذِي أمه الخيزران)
(كَيفَ صبري عَن بعض نَفسِي وَهل يص ... بر عَن بعض نَفسه الْإِنْسَان)
فأنشدت هَذِه الأبيات للجاحظ فَقَالَ للمنشد من حق الفتوة أَن أكتب هَذِه الأبيات قَائِما إِلَّا أَن تعمدني لنقرس كَانَ بِهِ قلت ذكرت بِهَذِهِ الأبيات مَا قَالَه أَبُو الْحُسَيْن الجزار
(قلت لما سكب السا ... قي على الأَرْض الشرابا)
(غيرَة مني عَلَيْهِ ... لَيْتَني كنت تُرَابا)
3 - (أَبُو ثُمَامَة الجذامي)
بكر بن سوَادَة الْفَقِيه بِمصْر أَبُو ثُمَامَة الجذامي روى عَن عبد الله بن عَمْرو وَسَهل بن سعد وَسَعِيد بن الْمسيب وَأبي سَالم الجيشاني وَعَطَاء بن يسَار وَطَائِفَة وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة
3 - (ابْن صرد الْكَاتِب)
بكر بن صرد مولى بني أُميَّة كَانَ يكْتب لجَعْفَر بن يحيى الْبَرْمَكِي وَهُوَ الَّذِي قَالَ للرشيد يحضه على الْبيعَة لِابْنِهِ الْقَاسِم المؤتمن بعد أَخَوَيْهِ الْأمين والمأمون وَرويت لغيره
(يَا أَيهَا المَلِكُ الَّذِي ... لَو كَانَ نجماً كَانَ سَعْدا)
(جدد لقاسم بيعَة ... واقدْحْ لَهُ فِي الْملك زَنْدا)(10/129)
(اللهُ فَرد واحِدٌ ... فاجعْلْ وُلاة الْأَمر فَردا)
فَوهبت لَهُ من الْقَاسِم خمسين ألف دِرْهَم وَاجْتمعَ بكر مَعَ مغن عِنْد أَسد بن يزِيد بن مزِيد فغنى الْمُغنِي بِشعر الْوَلِيد بن يزِيد
(أآب هَذَا الحم فاكتسعا ... وَأمر النّوم فامتنعا)
(فِي قباب وسط دسكرة ... حولهَا الزَّيْتُون قد ينعا)
فَقَالَ بكر بن زِيَادَة فِي ذَلِك)
(مَعَ جواد من بني مطر ... أتلفت كَفاهُ مَا جمعا)
(كلما عدنا لنائله ... افتررنا جوده جذعا)
فَأمر لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم
3 - (ابْن عبد الله الْمُزنِيّ)
بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ أحد الْأَعْلَام روى عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأنس وَأبي رَافع وَجَمَاعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَكَانَ ثبتاً كثير الحَدِيث حجَّة فَقِيها قَالَ عزمت على أَن لَا أسمع قوما يذكرُونَ الْقدر إِلَّا قُمْت فَصليت توفّي سنة سِتّ وَمِائَة
3 - (الْأَمِير الْعجلِيّ)
بكر الْأَمِير ابْن عبد الْعَزِيز ابْن أبي دلف الْعجلِيّ خرج على المعتضد وَلم يتم لَهُ أَمر
وَمَات بطبرستان فِي حُدُود التسعين والمائتين
3 - (الْعجلِيّ وَالِي همذان)
بكر بن عبد الْعَزِيز بن أبي دلف الْعجلِيّ كَانَ أَمِيرا جَلِيلًا ولي همذان للمعتضد سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ثمَّ خَالفه فقصدته عساكره فَلم يزل يتنقل فِي الْبِلَاد إِلَى أَن مَاتَ بِأَرْض طبرستان كَاتبه عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى صَاحب الْأَلْفَاظ الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
استعرض عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور يَوْمًا جَارِيَة اسْمهَا دستان فسامها صَاحبهَا خمس مائَة دِينَار وَلم يكن عِنْده ثمنهَا فَقَالَ(10/130)
(يَا صَاحِبي صبا قلبِي لدستان ... بغادة وَجههَا والبدر سيان)
(مَا دونهَا قصد تدمى أسستها ... إِلَّا المصاليت من أَبنَاء قحطان)
(من كَانَ يملك ملْء الْكيس من ذهب ... زفت إِلَيْهِ وكيسي غير ملآن)
(أَشْكُو إِلَى الله أَنِّي لَيْسَ يَنْفَعنِي ... علم الْخَلِيل وَلَا نَحْو ابْن سَعْدَان)
(فِي است أم علمي وآدابي وفلسفتي ... وَلَو أحطت بِعلم الْأنس والجان)
فَوَقَعت الأبيات إِلَى بكر الْمَذْكُور فَوَقع تحتهَا
(يَا من شكا وصبا وجدا بدستان ... لَو عف طرفك لم يرجع بأحزان)
(وَلَيْسَ يَجْزِي لعمري النَّحْو ذَا كلف ... وَلَا الْعرُوض وَلَا أشعار حسان)
)
(وَقد أمرنَا بِمَا يَنْفِي الصدود وَمَا ... يدني النجاح بِمَا يهوى الشجيان)
(فصر إِلَى غَانِم حَتَّى يوفرها ... وَابْشَرْ بجائزة أُخْرَى لدستان)
ثمَّ وَقع إِلَى غَانِم الْوَكِيل بِإِخْرَاج خمس مائَة دِينَار إِلَى عبد الرَّحْمَن لثمن دستان وبعشرة أَثوَاب ألوان لَهَا
3 - (الصَّابُونِي القيرواني)
بكر بن عَليّ الصَّابُونِي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج كَانَ شَيخا معمراً شَاعِرًا مطبوعاً حلواً نَوَادِر ومقالعة وهجاء خَبِيث وأقدر النَّاس على مهاترة وبديهة وَهُوَ مَعَ ذَلِك نفي الشيبة وَالثيَاب حسن الصمت وَكَانَ مُولَعا بأذى أبي بكر ابْن الوسطاني وَضرب بَينه وَبَين القَاضِي محمّد بن عبد الله بن هَاشم عَدَاوَة كَانَت سَبَب خُرُوجه من القيروان ناجياً بِرُوحِهِ إِلَى مصر
وَكَانَ قد صنع قبل ذَلِك قصيدة أَولهَا
(أمرض بالوعظ الْقُلُوب الصِّحَاح ... مَا قَالَه الْهَاتِف عِنْد الصَّباح)
(أيقظني من نومتي فِي الدجى ... شخص سَمِعت القَوْل مِنْهُ كفاح)
(يَقُول كم ترقد يَا غافلاً ... والدهر إِن لم يغد بِالْمَوْتِ رَاح)
(تركن للدنيا كَأَن لَا براح ... مِنْهَا وتغدو لاهياً فِي مزاح)
(مَا الدَّهْر وَالْأَيَّام فِي مرها ... إِلَّا كبرق خاطف حِين لَاحَ)
مدح فِيهَا عبد الله بن مُحَمَّد الْكَاتِب بعد مواعظ كَثِيرَة وهجا ابْن الوسطاني أقبح هجاء وَذكر أَنه يسْتَتر بالعزائم والرقي وَيسر الْفسق وَالزِّنَا وَزَاد على الإقذاع وأنشده إِيَّاهَا حذاء بَاب السَّلَام بِحَضْرَة أَشْيَاخ الدولة وَكَانَ الرَّائِي الشَّاعِر حَاضرا وَله عناية بِابْن الوسطاني فَقَالَ أتيت بِشعر غَيْرك تسفه بِهِ على أهل الرتب بَين أَيدي الْمُلُوك أَو الله إِنَّك مُسْتَحقّ للعقوبة
قَالَ أما(10/131)
قَوْلك تسفه فسفه مِنْك وَسُوء أدب لِأَنِّي جِئْت محتسباً فِيمَا يُعلمهُ الله وَالْقَاضِي وَجَمَاعَة الْمُسلمين وَأما قَوْلك أهل الرتب فَتلك الرُّتْبَة الَّتِي اشتكينا بِمَا سَمِعت لِأَنَّهَا رُتْبَة مصحفة وَأما قَوْلك شعر غَيْرك فَإِن أذن لي أَبُو مُحَمَّد عرفتك أَنه شعري فَقَالَ عبد الله للرائي مَا ترى فَقَالَ إيذن لَهُ فَقَالَ شَأْنك فَأَنْشد كَأَنَّمَا يملي شَيْئا يحفظه
(سَأَلتك بالقمر الْأَزْهَر ... وبالعين والحاجب الأنور)
(وبالسيد الْمَاجِد المرتجى ... لدفع الْمَظَالِم وَالْمُنكر)
)
(حسام الْخلَافَة وَابْن الحسام ... وَمَنْصُور يَا جَوْهَر الْجَوْهَر)
(أجرني من النَّاقِص الْأَعْوَر ... فلولاك فِي النَّاس لم يذكر)
(هُوَ النحس حل بِهِ نحسه ... فَلَا خلق أنحس من أَعور)
(إِذا رام خيرا وَمَا رامه ... أبته لَهُ شِيمَة البربر)
قَالَ الرَّائِي قد انتقصت سيدنَا عدَّة الْعَزِيز بِاللَّه لِأَنَّهُ من البربر فَقَالَ بكر كَأَنَّهُ يخاصمه
(لحى الله ناقصه بَيْننَا ... وَإِن كنت ذَاك وَلم تشعر)
(وَفِي أَي شَيْء تنقصته ... وَقد حل فِي الْبَيْت من حمير)
فَكَأَنَّمَا ألقمه حجرا وَدخل إِلَى صَاحب قيان فَوجدَ جمَاعَة من إخوانه يشربون مِنْهُم ابْن أبي حَفْص الْكَاتِب وَرَأى برذونه قَائِما فِي السَّقِيفَة فَقَالَ كَمَا لكم هَهُنَا فَقَالُوا كَذَا كَذَا يَوْمًا
فَشرب نَهَاره أجمع وَلَيْلَته وَأَرَادَ الِانْصِرَاف من الْغَد فافتقد رِدَاءَهُ ودراهم كَانَت مَعَه وَسَأَلَ الْقَوْم فَمَا وَقع عَليّ عين وَلَا أثر فَقَالَ لِابْنِ أبي حَفْص سَأَلتك بِاللَّه إِلَّا مَا نزلت إِلَى هَذَا العَبْد الصَّالح فاستوهبت لنا مِنْهُ دَعْوَة بِأَن يفضح الله سارقنا أَو يجمع علينا مَا رَاح منا فَإِنَّهُ صَائِم النَّهَار قَائِم اللَّيْل قَالَ وَأي عبد يكون هَذَا قَالَ هُوَ برذونك يَا سَيِّدي فَضَحِك الْجَمَاعَة
وَخرج وَهُوَ يَقُول
(ذُو غرفَة نفس أَعْلَاهَا ... للفسق والعصيان أنشاها)
(قد وضع الْمِيزَان فِي وَسطهَا ... وَكنت من أول قتلاها)
(من يعرف الله فَلَا يأتها ... فَمَا بهَا من يعرف الله)
وَمن هجائه
(أذاب وَال بسوسة مخي ... يعرف بَين الْأَنَام بالفرخ)
(يزْعم عبد الْعَزِيز وَالِده ... وأير عبد الْعَزِيز مسترخ)
وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبع مائَة وَقد زاحم الْمِائَة(10/132)
3 - (بكر بن مُبشر بن جبر الْأنْصَارِيّ)
قيل إِنَّه من بني عبيد روى عَنهُ إِسْحَق بن سَالم وأنيسن ابْن أبي يحيى يعد فِي أهل الْمَدِينَة
3 - (الْمَازِني)
بكر بن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَقيل بَقِيَّة وَقيل عدي بن حبيب الْمَازِني الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ كَانَ إِمَام)
عصره فِي النَّحْو والآداب أَخذ الْأَدَب عَن أبي عُبَيْدَة والأصمعي وَأبي زيد الْأنْصَارِيّ وَغَيرهم وَأخذ عَنهُ الْمبرد وَكَانَ الْمبرد يَقُول مَا بعد سِيبَوَيْهٍ أعلم بالنحو من الْمَازِني وَله عَنهُ رِوَايَات كَثِيرَة وَله من التصانيف كتاب مَا تلحن فِيهِ الْعَامَّة وَكتاب الْألف وَاللَّام وَكتاب الْعرُوض وَكتاب القوافي وَكتاب الديباج على خلاف كتاب أبي عُبَيْدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ الْمصْرِيّ سَمِعت القَاضِي بكار بن قُتَيْبَة قَاضِي مصر يَقُول مَا رَأَيْت نحوياً قطّ يشبه الْفُقَهَاء إِلَّا حَيَّان بن هرمة والمازني الْمَذْكُور قلت لم يكن القَاضِي بكار قد عاصر أَبَا الْفَتْح ابْن جني وَلَا أَبَا عَليّ الْفَارِسِي وَلَا ابْن عُصْفُور وَكَانَ الْمَازِني فِي غَايَة الْوَرع قَصده بعض أهل الذِّمَّة ليقْرَأ عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ وبذل لَهُ مائَة دِينَار فِي تدريسه إِيَّاه فَامْتنعَ فَقَالَ لَهُ الْمبرد جعلت فداءك أترد هَذِه الْمَنْفَعَة مَعَ فاقتك وَشدَّة إضاقتك فَقَالَ إِن هَذَا الْكتاب يشْتَمل على ثَلَاث مائَة وَكَذَا وَكَذَا آيَة من كتاب الله عز وَجل وَلست أرى أَن أمكن مِنْهَا ذِمِّيا غيرَة على كتاب الله وحمية لَهُ قَالَ الْمبرد فاتفق أَن غنت جَارِيَة بِحَضْرَة الواثق بقول العرجي
(أظلوم أَن مصابكم رجلا ... يهدى السَّلَام عَلَيْكُم ظلم)(10/133)
قلت كَذَا أوردهُ العرجي وَقَالَ آخَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيح إِنَّه لِلْحَارِثِ ابْن خَالِد المَخْزُومِي من أَبْيَات أَولهَا
(أقوى من آل ظليمة الحزم ... فالعنزتان فأوحش الخطم)
وَبعد الْبَيْت الْمَذْكُور
(أقصيته وَأَرَادَ سلمكم ... فليهنه إِذْ جَاءَك السّلم)
عَاد القَوْل إِلَى كَلَام الْمبرد فَاخْتلف من بالحضرة فِي إِعْرَاب رجل فَمنهمْ من نَصبه وَجعله اسْم أَن وَمِنْهُم من رَفعه على أَنه خَبَرهَا وَالْجَارِيَة مصرة على أَن شيخها أَبَا عُثْمَان الْمَازِني لقنها إِيَّاه بِالنّصب فَأمر الواثق بإشخاصه قَالَ أَبُو عُثْمَان فَلَمَّا مثلت بَين يَدَيْهِ قَالَ من الرجل فَقلت من مَازِن قَالَ أَي الموازن أمازن تَمِيم أم مَازِن قيس أم مَازِن ربيعَة قلت من مَازِن ربيعَة فكلمني بِكَلَام قومِي وَقَالَ با اسبك لأَنهم يقلبون الْمِيم بَاء وَالْبَاء ميماً فَكرِهت أَن أُجِيبهُ على لُغَة قومِي لِئَلَّا أواجهه بالمكر فَقلت بكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَفطن لما قصدته وتعجب مِنْهُ ثمَّ قَالَ مَا تَقول فِي قَول الشَّاعِر أظلوم إِن مصابكم رجلا أترفع رجلا أم تنصبه فَقلت بل الْوَجْه النصب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ وَلم ذَاك قلت إِن مصابكم مصدر)
بِمَعْنى إصابتكم فَأخذ اليزيدي فِي معارضتي قلت هُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك إِن ضربك زيدا ظلم فالرجل مفعول مصابكم وَهُوَ مَنْصُوب بِهِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْكَلَام مُعَلّق إِلَى أَن تَقول ظلم فَيتم فَاسْتَحْسَنَهُ الواثق وَقَالَ هَل لَك من ولد قلت نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بنية قَالَ مَا قَالَت لَك عِنْد مسيرك قلت أنشدت قَول الْأَعْشَى
(أيا أبتا لَا ترم عندنَا ... فَإنَّا بِخَير إِذا لم ترم)
(أرانا إِذا أضمرتك البلا ... د نجفى وَيقطع منا الرَّحِم)
قَالَ فَمَا قلت لَهَا قلت قَول جرير
(ثقي بِاللَّه لَيْسَ لَهُ شريك ... وَمن عِنْد الْخَلِيفَة بالنجاح)
قَالَ عَليّ النجاح إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ أَمر لي بِأَلف دِينَار وردني مكرماً قَالَ الْمبرد فَلَمَّا عَاد إِلَى الْبَصْرَة قَالَ لي كَيفَ رَأَيْت يَا أَبَا الْعَبَّاس رددنا لله مائَة فعوضنا ألفا وروى الْمبرد عَنهُ أَيْضا قَالَ قَرَأَ عَليّ رجل كتاب سِيبَوَيْهٍ فِي مُدَّة طَوِيلَة فَلَمَّا بلغ آخِره قَالَ لي أما أَنْت فجزاك الله خيرا وَأما أَنا فَمَا فهمت مِنْهُ حرفا وَقَالَ الزبيدِيّ قَالَ الْمَازِني كنت بِحَضْرَة الواثق يَوْمًا فَقلت لِابْنِ قادم وَابْن سَعْدَان قد كابرني كَيفَ تَقول نَفَقَتك دِينَارا أصلح من دِرْهَم فَقَالَ دِينَار بِالرَّفْع قلت فَكيف تَقول ضربك زيدا خير لَك فتنصب زيدا وطالبته بِالْفرقِ بَينهمَا فَانْقَطع وَكَانَ ابْن السّكيت حَاضرا فَقَالَ الواثق سَله عَن مَسْأَلَة فَقلت لَهُ مَا وزن نكتل من الْفِعْل فَقَالَ نَفْعل فَقَالَ الواثق غَلطت ثمَّ قَالَ لي فسره فَقلت نكتل تَقْدِيره نفتعل وَأَصله نكتيل فَانْقَلَبت الْيَاء ألفا لفتحة مَا قبلهَا فَصَارَ(10/134)
لَفظهَا نكتال فأسكنت اللَّام للجزم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين فَقَالَ الواثق هَذَا الْجَواب لَا جوابك يَا يَعْقُوب فَلَمَّا خرجنَا قَالَ لي ابْن السّكيت مَا حملك على هَذَا بيني وَبَيْنك الْمَوَدَّة الْخَالِصَة فَقلت وَالله مَا أردْت تخطئتك وَلم أَظن أَنه يغرب عَنْك وَقَالَ الْمبرد سَأَلت الْمَازِني عَن قَول الْأَعْشَى
(هَذَا النَّهَار بدا لَهَا من همها ... مَا بالها بِاللَّيْلِ زَالَ زَوَالهَا)
فَقَالَ نصب النَّهَار على تَقْدِير هَذَا الصدود بدا لَهَا النَّهَار وَالْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْعرب تَقول زَالَ وأزال بِمَعْنى فَيَقُول زَالَ الله زَوَالهَا وَحدث الزبيدِيّ أَيْضا قَالَ وَقَالَ الْمَازِني وَحَضَرت يَوْمًا أَيْضا عِنْد الواثق فَقَالَ يَا مازني هَات مَسْأَلَة وَكَانَ عِنْده نحاة الْكُوفَة فَقلت مَا تَقولُونَ فِي)
قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَت أمك بغياً لمَ لم يقل بغيةً وَهِي صفة لمؤنث فَأَجَابُوا بجوابات غير مرضية فَقَالَ الواثق هَات مَا عنْدك فَقلت لَو كَانَت بغي على تَقْدِير فعيل بِمَعْنى فاعلة لحقتها الْهَاء مثل كَرِيمَة وظريفة وَإِنَّمَا تحذف الْهَاء إِذا كَانَت فِي معنى مفعولة نَحْو الْمَرْأَة قَتِيل والكف خضيب وبغي هَهُنَا لَيْسَ بفعيل إِنَّمَا هُوَ فعول وفعول لَا تلْحقهُ الْهَاء فِي وصف التَّأْنِيث نَحْو امْرَأَة شكور وبئر شطون إِذا كَانَت بعيدَة الرشاء وَتَقْدِير بغي بغوي قلبت الْوَاو يَاء ثمَّ أدغمت فِي الْيَاء فَصَارَت يَاء ثَقيلَة نَحْو سيد وميت فَاسْتحْسن الْجَواب وسَاق ياقوت فِي مُعْجم الأدباء للمازني من هَذَا الضَّرْب كثيرا فِي تَرْجَمته والاقتصار على هَذَا أولى وَقَالَ الْمَازِني مَرَرْت ببني عقيل فَإِذا رجل أسود قصير أَعور أبرص أكشف قَائِم على تل سماد وَهُوَ يمْلَأ جواليق مَعَه من ذَلِك السماد وَهُوَ يُغني بِأَعْلَى صَوته
(فَإِن تصرمي حبلي وتستكرهي وَصلي ... فمثلك مَوْجُود وَلَا تجدي مثلي)
فَقلت صدقت وَالله مَتى تَجِد ويحها مثلك فَقَالَ بَارك الله عَلَيْك وأسمعك خيرا ثمَّ انْدفع ينشد
(يَا ربة الْمطرف والخلخال ... مَا أَنْت من همي وَلَا أشغالي)
(مثلك مَوْجُود ... ومثلي غالي)
وللمازني شعر قَلِيل ذكره المرزباني مِنْهُ
(شَيْئَانِ يعجز ذُو الرياضة عَنْهُمَا ... عقل النِّسَاء وإمرة الصّبيان)
(أما النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عواهر ... وأخو الصِّبَا يجْرِي بِكُل عنان)
وَقَالَ الجماز يهجو الْمَازِني
(كادني الْمَازِني عِنْد أبي العب ... اس وَالْفضل مَا علمت كريم)
(يَا شَبيه النِّسَاء فِي كل فن ... إِن كيد النِّسَاء كيد عَظِيم)(10/135)
(جمع الْمَازِني خمس خِصَال ... لَيْسَ يقوى بحملهن حَلِيم)
(هُوَ بالشعر وَالْعرُوض وبالنح ... ووغمز الأيور طب عليم)
(لَيْسَ ذَنبي إِلَيْك يَا بكر إِلَّا ... أَن ايري عَلَيْك لَيْسَ يقوم)
(وكفاني مَا قَالَ يُوسُف فِي ذَا ... إِن رَبِّي بكيدهن عليم)
وَاخْتلف فِي تَارِيخ وَفَاته فَقيل سنة تسع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ)
وَالله أعلم
3 - (أَبُو أَحْمد صَاحب ابْن حَنْبَل)
بكر بن مُحَمَّد بن الحكم أَبُو أَحْمد الْبَغْدَادِيّ من أَصْحَاب أَحْمد بن حَنْبَل القدماء كَانَ أَحْمد يقدمهُ ويكرمه وَعِنْده مسَائِل كَثِيرَة جدا سَمعهَا من أَحْمد ثمَّ إِنَّه تكلم فِي مَسْأَلَة اللَّفْظ فقلاه أَصْحَاب أَحْمد وَكَانَ قبل ذَلِك مقدما عِنْدهم وَكَانَ صَاحب ورع شَدِيد وَعلم وَعمل
3 - (الدخمسيني)
بكر بن مُحَمَّد بن حمدَان أَبُو أَحْمد الصَّيْرَفِي الْمروزِي الدخمسيني بِضَم الدَّال وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا نون لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول زد خمسين فبنوه من ذَلِك وَقَالَ الْحَاكِم كَانَ مُحدث خُرَاسَان وَمَا أَظُنهُ جلس فِي حَانُوت قطّ فَإِنَّهُ كَانَ ينادم آل سامان لأدبه وفصاحته وتقدمه سمع عبد الْعَزِيز بن حَاتِم وَأَبا الموجه بمرو وَعبد الصَّمد بن الْفضل ببلخ وَأَبا حَاتِم بِالريِّ لَكِن عدم سَمَاعه مِنْهُ وَأَبا قلَابَة وَأحمد بن عبيد الله النَّرْسِي سمع مِنْهُ الْحَاكِم وَغَيره بمرو وروى عَنهُ هُوَ وَعبد الله بن عدي وَابْن مَنْدَه وَمُحَمّد بن أَحْمد الغنجار وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد الماسرجسي وَأَبُو الْفضل مَنْصُور الكاغدي وَخرج إِلَى سَمَرْقَنْد لميراث لَهُ من غُلَامه فَمَاتَ ببخارى سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة كَذَا أرخه الْحَاكِم وَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ وَغَيره بل توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين
3 - (قَاضِي الْعرَاق الْمَالِكِي)
بكر بن مُحَمَّد بن الْعَلَاء أَبُو الْفضل الْقشيرِي الْفَقِيه(10/136)
الْمَالِكِي ولي الْقَضَاء بِنَاحِيَة الْعرَاق وصنف فِي الْمَذْهَب كتبا جليلة كتابا فِي الْأَحْكَام وَالرَّدّ على الْمُزنِيّ والأشربة ورد فِيهِ على الطَّحَاوِيّ وكتاباً فِي الْأُصُول وَالرَّدّ على الْقَدَرِيَّة وَالرَّدّ على الشَّافِعِي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَلَاث مائَة
3 - (شمس الْأَئِمَّة الْحَنَفِيّ)
بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفضل بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الإِمَام الْعَلامَة أَبُو الْفضل الجابري من ولد جَابر بن عبد الله البُخَارِيّ الزرنجري بالزاي الْمَفْتُوحَة وَالرَّاء الْمَفْتُوحَة وَالنُّون الساكنة وَالْجِيم الْمَفْتُوحَة وَالرَّاء وزرنجره من قرى بُخَارى الْكِبَار وَيعرف بشمس الْأَئِمَّة وَكَانَ فَقِيه)
تِلْكَ الديار ومفتي مَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي حفظ مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ شمس الْأَئِمَّة تلميذ أبي مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الْحلْوانِي وَكَانَ يُسمى أَبَا حنيفَة الْأَصْغَر
وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأنساب والتواريخ وَسمع الحَدِيث وَتفرد بالرواية عَن جمَاعَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو عبد الْملك الْمصْرِيّ)
بكر بن مُضر بن مُحَمَّد الإِمَام أَبُو عبد الْملك الْمصْرِيّ مولى شُرَحْبِيل بن حَسَنَة توفّي سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَلم يرو لَهُ ابْن مَاجَه
3 - (ابْن النطاح)
بكر بن النطاح الْحَنَفِيّ أَبُو وَائِل قيل هُوَ عجلي كَانَ شَاعِرًا حسن(10/137)
الشّعْر كثير التَّصَرُّف فِيهِ وَكَانَ صعلوكاً يُصِيب الطَّرِيق ثمَّ أقصر عَن ذَلِك وَكَانَ كثيرا مَا يصف نَفسه بالشجاعة والإقدام وَهُوَ الْقَائِل
(هَنِيئًا لإخواني بِبَغْدَاد عيدهم ... وعيدي بحلوان قراع الْكَتَائِب)
وأنشدها أَبَا دلف فَقَالَ لَهُ إِنَّك لتكثر من وصف نَفسك بالشجاعة وَمَا رَأَيْت عنْدك لذَلِك أثرا قطّ وَلَا فِيك فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير وَأي عناء يكون عِنْد الرجل الحاسر الأعزل فَقَالَ أَعْطوهُ سَيْفا وفرساً وَدِرْعًا ورمحاً فَأَعْطوهُ ذَلِك أجمع فَأَخذه وَركب الْفرس وَخرج على وَجهه فَلَقِيَهُ مَال لأبي دلف يحمل من بعض ضيَاعه فَأَخذه وَخرج جمَاعَة من غلمانه ومانعوه فجرحهم جَمِيعًا وقطعهم فَانْهَزَمُوا وَسَار بِالْمَالِ فَلم ينزل إِلَّا على عشْرين فرسخاً فَلَمَّا اتَّصل خَبره بِأبي دلف قَالَ نَحن جَنِينا على أَنْفُسنَا وَكُنَّا أَغْنِيَاء عَن إهاجته ثمَّ كتب إِلَيْهِ بالإمارة وسوغه المَال وَكتب إِلَيْهِ صر إِلَيْنَا فَلَا ذَنْب لَك عندنَا نَحن هجناك وحركناك فَرجع وَلم يزل مَعَه يمدحه حَتَّى مَاتَ وَكَانَ قد لحق أَبُو دلف إنْسَانا قد أرْدف آخر خَلفه فطعنهما يشكهما بِالرُّمْحِ فَتحدث النَّاس فِي ذَلِك فَلَمَّا عَاد دخل إِلَيْهِ بكر بن النطاح وأنشده
(قَالُوا أينظم فارسين بطعنة ... يَوْم اللِّقَاء وَلَا يرَاهُ جَلِيلًا)
(لَا تعجبوا لَو كَانَ مد قناته ... ميلًا إِذا نظم الفوارس ميلًا)
فَأمر لَهُ أَبُو دلف بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَله فِيهِ أَيْضا)
(لَهُ رَاحَة لَو أَن معشار جودها ... على الْبر كَانَ الْبر أندى من الْبَحْر)
(وَلَو أَن خلق الله فِي جسم فَارس ... وبارزه كَانَ الخلي من الْعُمر)
(أَبَا دلف بوركت فِي كل بَلْدَة ... كَمَا بوركت فِي شهرها لَيْلَة الْقدر)
وَله فِيهِ أَيْضا
(إِذا كَانَ الشتَاء فَأَنت شمس ... وَإِن حضر المصيف فَأَنت ظلّ)
(وَمَا تَدْرِي إِذا أَعْطَيْت مَالا ... أتكثر فِي سماحك أم تقل)
فَأعْطَاهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقصد مَالك بن طوق فمدحه فأثابه قلم يرض ثَوَابه فَخرج من عِنْده وَكتب رقْعَة وَبعث بهَا إِلَيْهِ وفيهَا
(فليت جدا مَالك كُله ... وَمَا يرتجى مِنْهُ من مطلب)
(أُصِيب بأضعاف أضعافه ... وَلم أنتجعه وَلم أَرغب)
(أَسَأْت اخْتِيَاري فَقل الثَّوَاب ... لي الذَّنب جهلا وَلم يُذنب)(10/138)
فَلَمَّا قَرَأَهَا وَجه جمَاعَة فِي طلبه وَقَالَ الويل لكم إِن فاتكم فلحقوه وردوه إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ وتلقاه وَقَالَ يَا أخي عجلت علينا وَمَا كُنَّا نقتصر على ذَلِك وَإِنَّمَا بعثنَا إِلَيْك نَفَقَة وعولنا بك على مَا يتلوها فَاعْتَذر إِلَيْهِ ثمَّ أعطَاهُ حَتَّى أرضاه فَقَالَ بكر بن النطاح يمدحه من ذَلِك
(فَتى جاد بالأموال من كل جَانب ... وأنهبها فِي عوده وبداته)
(فَلَو خذلت أَمْوَاله جود كَفه ... لقاسم من يرجوه شطر حَيَاته)
(فَإِن لم تَجِد فِي الْعُمر قسْمَة باذل ... وَجَاز لَهُ الْإِعْطَاء من حَسَنَاته)
(لجاد بهَا من غير كفر بربه ... وشاركهم فِي صَوْمه وَصلَاته)
قلت فِي قَوْله من غير كفر بربه زِيَادَة مليحة وَهُوَ من بَاب حَشْو اللوزينج وَقَالَ
(كريم إِذا مَا جِئْت طَالب فَضله ... حباك بِمَا تحوي عَلَيْهِ أنامله)
(وَلَو لم يكن فِي كَفه غير نَفسه ... لجاد بهَا فليتق الله سائله)
وَقد وجدت هَذِه الأبيات الأول والثواني فِي قصيدتي أبي تَمام المشهورتين والقطعة الأولى أوردهَا صَاحب الأغاني لِابْنِ النطاح والبيتان الثانيان أوردهما المرزباني فِي مُعْجَمه لِابْنِ النطاح وهما أخبر النَّاس بذلك وَهَذِه مصالتة لَا سَرقَة وَأما أَبُو الطّيب فَإِنَّهُ أَخذه وَقصر عَنهُ حَيْثُ قَالَ)
(وَلَو يممتهم فِي يَوْم حشر ... لأعطوك الَّذِي صلوا وصاموا)
وَمن شعر بكر بن النطاح
(فرعاء تسحب من قيام شعرهَا ... وتغيب فِيهِ وَهُوَ جثل أسحم)
(فَكَأَنَّهَا فِيهِ نَهَار مشرق ... وَكَأَنَّهُ ليل عَلَيْهَا مظلم)
وَمِنْه أَيْضا
(مَلَأت يَدي من الدُّنْيَا مرَارًا ... فَمَا طمع العواذل فِي اقتصاري)
(وَمَا وَجَبت عَليّ زَكَاة مَال ... وَهل تجب الزَّكَاة على جواد)
وَتُوفِّي بكر بن النطاح فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن وَائِل الْكُوفِي)
بكر بن وَائِل بن دَاوُد التَّيْمِيّ الْكُوفِي روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة(10/139)
(الألقاب)
ابْن الْبكْرِيّ إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم
الْبكْرِيّ الزنجاني إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم
الْبكْرِيّ نور الدّين عَليّ بن يَعْقُوب بن جِبْرِيل الْبكْرِيّ النسابة أَبُو ضَمْضَم
الْبكْرِيّ الْكَاتِب عَليّ بن الْمُبَارك
(أَبُو بكر)
3 - (ابْن عبد الدايم)
أَبُو بكر بن أَحْمد بن عبد الدايم بن نعْمَة الْمَقْدِسِي الشَّيْخ الصَّالح المعمر اليقظ مُسْند الْوَقْت الْمَقْدِسِي الصَّالِحِي وَيعرف بالمحتال ولد بِكفْر بَطنا إِذْ وَالِده بهَا خطيب سنة خمس أَو سِتّ وَعشْرين وست مائَة وَسمع سنة ثَلَاثِينَ على الْفَخر الإربلي وَسمع الصَّحِيح كُله على ابْن الزبيدِيّ وَسمع من الناصح ابْن الْحَنْبَلِيّ وَسَالم بن صصرى وجعفر الْهَمدَانِي وَالشَّيْخ الضياء وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ ابْن روزبه وأقرانه من بَغْدَاد وَحج ثَلَاث مَرَّات وأضر قبل مَوته بأعوام وَثقل سَمعه وَلَكِن كَانَ ذَا همة وجلادة وَفهم وَله عبَادَة وأذكار وَقد حدث فِي زمَان وَالِده
وروى عَنهُ ابْن النجار وَابْن نَفِيس والقدماء وَحدث بِالصَّحِيحِ غير مرّة وَسمع مِنْهُ الْخلق وانْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد كوالده فِي زَمَانه وعاش كأبيه ثَلَاثًا وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع عشْرين شهر رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة
3 - (إِمَام مَسْجِد حارة الْخَاطِب)
أَبُو بكر بن أَحْمد بن عمر الْبَغْدَادِيّ الزَّاهِد إِمَام مَسْجِد حارة الْخَاطِب بِدِمَشْق كَانَ صَاحب عبَادَة ومجاهدة سمع بِمصْر من مَحْمُود بن مُحَمَّد الصَّابُونِي وبدمشق من إِسْمَاعِيل الجنزوري والكندي وَكَانَ يعرف بالمراوحي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وروى لنا عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو الْمَعَالِي بن البالسي قَالَ عمر بن الْحَاجِب سَأَلت شَيخنَا الضياء عَنهُ فَقَالَ بَلغنِي أَنه جاور بِمَكَّة سنة قَرَأَ فِيهَا ألف ختمة وروى عَنهُ أَبُو حَامِد بن الصَّابُونِي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة(10/140)
3 - (ابْن دشينة)
أَبُو بكر بن أَحْمد بن عمر البعلبكي الْمَعْرُوف بِابْن الحبال وَيعرف بِابْن دشينة بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَبعدهَا نون مَفْتُوحَة وهاء خلف لما مَاتَ تَرِكَة عَظِيمَة قيل إِنَّهَا تقَارب مائَة ألف دِينَار وَلم يرْزق ولد وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ زَوْجَة وَبَنُو عَم فاحتاط الظَّاهِر على تركته وَأخذ مِنْهَا قريب أَربع مائَة ألف دِرْهَم وَأَفْرج لوَرثَته عَن الوثائق والأملاك فتمحق أَكثر ذَلِك وَكَانَ وقف فِي حَال حَيَاته وَقفا على وُجُوه الْبر يتَحَصَّل مِنْهُ فِي السّنة قريب خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَقفه على نَفسه مُدَّة حَيَاته وَالْبَاقِي بعده يصرف فِي)
وُجُوه الْبر وَكَانَ سَبَب هَذَا الْوَقْف لِأَن الحوطة لما حصلت فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وست مائَة ورسم أَن لَا يفرج لأحد إِلَّا بعد ثُبُوت كِتَابه بِدِمَشْق فِي وَجه وَكيل بَيت المَال فَنظر الْمَذْكُور فَوجدَ عِنْده قريب مائَة كتاب وَرَأى أَنه يغرم على كل كتاب تسجيل وشهود طَرِيق قَرِيبا من خَمْسَة عشر درهما فَأوقف ذَلِك وَكَانَ زَائِد الشُّح على نَفسه إِلَى الْغَايَة وَلكنه كَانَ فِيهِ رفق بِمن يعامله قل أَن يحبس لَهُ غريماً توفّي ببعلبك سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست مائَة وَدفن يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة ظَاهر بَاب نحلة
3 - (ابْن اسباسلار وَالِي مصر)
أَبُو بكر بن اسباسلار الْأَمِير سيف الدّين مُتَوَلِّي مصر كَانَ السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر بيبرس يعرفهُ ويحترمه وَكَذَلِكَ بَقِيَّة الْأُمَرَاء الصالحية يعظمونه وَكَانَ الله تَعَالَى قد سلطه على الصاحب بهاء الدّين بن حنا وأغراه بأذاه يَأْتِي إِلَى بَابه من أَذَان الصُّبْح وَقد لبس قبَاء نصافياً مصقولاً فينام على الْبَاب وَقد رشوا المَاء على ذَلِك التُّرَاب فَمَا ينتبه إِلَّا والقباء قد تسود من الطين فَإِذا خرج الصاحب ركب قدامه فَإِذا صَارُوا بَين الكيمان انْفَرد بِهِ وَجَاء إِلَيْهِ وشبخه وقوده وسبه ولعنه وَيَقُول لَهُ كل قَبِيح فَإِذا تَلقاهُ النَّاس وَصَارَ فِي موكبه طرد النَّاس أَمَامه وَقَالَ بِسم الله مَوْلَانَا الصاحب بركَة الدول بِسم الله ويطلع إِلَى القلعة فيراه الْأُمَرَاء الْكِبَار وَيَقُولُونَ مَا هَذِه الْحَال هَذَا القباء فَيَقُول من نصف اللَّيْل نَائِم على بَاب الصاحب حَتَّى يخرج وَأَنا مَعَه فِي الذل الْعَظِيم فيمسكون الصاحب وَمِنْهُم من يعتبه وَمن الْأُمَرَاء من يسبه وَكَانَ إِذا بلغه أَن الصاحب قد عمل طَعَاما يطلع بِهِ إِلَى السُّلْطَان يسْأَل عَن ذَلِك الطَّعَام وَيعْمل مثله ويجتهد فِي التبكير بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَيدخل يقدمهُ وَيَقُول يَا خوند كل مِنْهُ وَأَخْبرنِي أَنْت والأمراء ومماليكك فَيَأْكُلُونَ إِلَى أَن يشبعوا ثمَّ يَأْتِي طَعَام ابْن حنا فَلَا يُصَادف موقعاً وَيدخل بعد ذَلِك يَقُول يَا خوند بِاللَّه لَا ترد عَلَيْهِ الْآنِية فَإِن هَذَا الصيني وَالله كُله من مَال الكارم الْمَسَاكِين رعيتك وَيكون ذَلِك الطَّعَام فِي مِائَتي قِطْعَة صيني مفتخرة وَكَانَ الصاحب بهاء الدّين يَوْمًا فِي موكبه وَهُوَ فِي مصر دَاخل فوقفت لَهُ عَجُوز فَقَالَت يَا سَيِّدي رحم الله سَيِّدي حنا أَيْن عينه تراك وَأَنت فِي موكب الوزارة عَيْني بِهِ وَهُوَ بقميص أَزْرَق يحمل قلال الزَّيْت الْحَار وينادي عَلَيْهِ فِي هَذِه الْأَزِقَّة كَأَن هَذَا الحَدِيث أمس فَقَالَ الصاحب بهاء الدّين يَا بو بكر ذَا(10/141)
شغلك قبحك الله والك ارْجع واستحي توفّي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشْرين ربيع الآخر سنة)
تسع وَسبعين وست مائَة وَهُوَ وَالِي مصر وَاسْتقر عوضه اينبك الفخري وَكَانَ ضخم الْبدن عَظِيم السّمن خَبِيرا بِأَمْر الْولَايَة طَالَتْ فِيهَا مدَّته عشر سِنِين
وللسراج الْوراق فِيهِ أمداح كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله قصيدة أَولهَا
(لي فِي أظعانكم قلب مشوق ... أسأَل الرِّفْق بِهِ فَهُوَ رَفِيق)
(لَا تضيعوا حَقه حاشاكم ... إِنَّه جَار وللجار حُقُوق)
مِنْهَا
(أَتَرَى كل محب واجداً ... ذَاك أم بَين المحبين فروق)
(كأناس هم لانوا لَهُم ... تَحت رق وَأَبُو بكر عَتيق)
(وَاجِد بِالْمَالِ مَا أَن علقت ... نَفسه والمرء بِالْمَالِ علوق)
(كلما قيل لَهُ حق لَهُ ... حفظ كفيه تقاضته الْحُقُوق)
وَقَالَ وَقد وقف على قَبره
(ناديت يَا سيف فَمَا ... أجابني إِلَّا الصدى)
(ندب سَيْفا مغمداً ... فِي لحده مُجَردا)
3 - (الزنكلوني الشَّافِعِي)
أَبُو بكر بن إِسْمَاعِيل بن عبد الْعَزِيز الْمصْرِيّ الإِمَام البارع الْمُفْتِي مجد الدّين الزنكلوني الشَّافِعِي سنكلوم من أَعمال بليس وَهِي بِالسِّين الْمُهْملَة وَالنُّون وَالْكَاف وَاللَّام وَالْمِيم هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَإِنَّمَا النَّاس غيروا ذَلِك وَقَالُوا الزنكلوني ولد سنة بضع وَسبعين وست مائَة وتفقه على جمَاعَة وَسمع من الأبرقوهي وَمُحَمّد بن عبد الْمُنعم بن شهَاب وَعلي بن الصَّواف وَيحيى بن أَحْمد الصَّواف وعدة ولازم الْحَافِظ سعد الدّين وَسمع مِنْهُ فِي الْمسند وبرع فِي الْمَذْهَب وشارك فِي الْأُصُول والعربية وَأفْتى ودرس وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب وصنف التصانيف مَعَ التَّقْوَى وَالْعِبَادَة وَالْوَقار والتصون درس بِجَامِع الْحَاكِم وبالبيبرسية وَأعَاد بأماكن فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء قوص فَامْتنعَ ألف شرحاً للتّنْبِيه فِي خَمْسَة أسفار وشرحاً للتعجيز فِي ثَمَانِيَة وشرحاً للمنهاج لم يطوله وَاخْتصرَ الْكِفَايَة لِابْنِ الرّفْعَة وَخرج لَهُ تَقِيّ الدّين بن رَافع مشيخة وَحدث بهَا أَخذ عَنهُ شمس الدّين السرُوجِي وَابْن القطب وَأَبُو الْخَيْر الدهلي وَآخَرُونَ وَتُوفِّي فِي سَابِع شهر ربيع الأول سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة وَدفن)
بالقرافة وَكثر التأسف عَلَيْهِ(10/142)
3 - (الْحَرَّانِي الزَّاهِد)
أَبُو بكر بن إِسْمَاعِيل الْحَرَّانِي الزَّاهِد ذكره الْحَافِظ عبد الْقَادِر فَقَالَ كَانَ من مفاريد الزَّمَان اجْتمعت فِيهِ من خلال الْخَيْر أَشْيَاء لَو سطرت كَانَت سيرة كَانَ زاهداً ورعاً مُجَاهدًا مُجْتَهدا متواضعاً ذَا عزائم خَالِصَة بَصيرًا بآفات أَعمال الْآخِرَة وعيوب الدُّنْيَا ذَا تجارب ساح وخالط وَكَانَ لَا يَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم منقاداً للحق محباً للخمول عَارِيا من زِيّ أهل الدُّنْيَا وَتارَة يكون معمماً وَتارَة بِغَيْر عِمَامَة وَتارَة محلوقاً وَتارَة بِشعر إِذا وقف بَين جمَاعَة لَا يعرفونه وَلم يكن لَهُ فِي الْمَسْجِد مَوضِع يعرف بِهِ وَكَانَ إِذا قَالَ لَهُ أحد أُرِيد أَن أَتُوب على يدك يَقُول إيش تعْمل بيَدي تب إِلَى الله وَهُوَ الَّذِي جرّأ الْمُسلمين على محاصرة الرها سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة واشتهر بَين النَّاس أَنه يَوْم وقْعَة الثلمة الَّتِي بالرها دخل مِنْهَا الْمُسلمُونَ رَأَوْا رجلا قد صعد فِيهَا فَهزمَ من كَانَ بهَا من الفرنج وَصعد النَّاس بعده طوّل الشَّيْخ شمس الدّين تَرْجَمته وَذكر لَهُ كرامات وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَخمْس وَمِائَة
3 - (الرشيد المكيني الْمُقْرِئ)
أَبُو بكر بن أبي الدّرّ الرشيد المكيني الْمُقْرِئ قَرَأَ الْقرَاءَات على السخاوي بِدِمَشْق والزين الْكرْدِي وبالاسكندرية على أبي عِيسَى وجعفر الْهَمدَانِي وبمصر على أبي الْمَنْصُور عبد الله بن جَامع وعَلى جمَاعَة وَكَانَ بَصيرًا بالتجويد وَالْأَدَاء وَكَانَ يقرئ فِي أَيَّام السخاوي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة
3 - (القَاضِي السبري)
أَبُو بكر بن أبي سُبْرَة الْقرشِي السبري الْمدنِي الْفَقِيه قَاضِي الْعرَاق ضعفه البُخَارِيّ وَغَيره
وَقَالَ أَحْمد كَانَ يضع الحَدِيث وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَكَانَ قد ولي قَضَاء مُوسَى الْهَادِي وَهُوَ ولي عهد وَولي قَضَاء مَكَّة مَاتَ بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة وَهُوَ فِي جملَة من يضع الحَدِيث وروى لَهُ ابْن مَاجَه(10/143)
3 - (الزَّاهِد)
أَبُو بكر بن أبي سَعْدَان الزَّاهِد توفّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَالثَّلَاث مائَة
3 - (نجم الدّين بن مشرف الْكَاتِب)
)
أَبُو بكر بن أبي الْعِزّ بن مشرف بن بَيَان الشَّيْخ الْفَاضِل نجم الدّين الدِّمَشْقِي الْأنْصَارِيّ الْكَاتِب كَانَت لَهُ إجازات من جمَاعَة قَالَ قطب الدّين اليونيني مَا أَظُنهُ روى شَيْئا وَكَانَ من الْفُضَلَاء يكْتب خطا مَنْسُوبا طَريقَة ابْن البواب وَعِنْده فَضِيلَة تَامَّة وَله نظم حسن فَمن ذَلِك قصيدة مدح بهَا الْأَمِير علم الدّين الدواداري
(إِن الْمحل إِذا علا ... وقف المفوه فِي الملا)
(وأجاد فِي وصف القري ... ض مُجملا ومفصلا)
(وأراك قساً فِي عكا ... ظ إِذا محاسنكم تَلا)
(وأتى يطرز فِي الْبَدِيِّ ... ع طرازه قد كملا)
(وَأرى امْرأ الْقَيْس ... البلاغة كَيفَ كَانَت أَولا)
(وعَلى الْحَقِيقَة مجدكم ... يُعْطي البليغ المقولا)
(يُعْطي النضار مَعَ البيا ... ن البديع على الولا)
قلت نظم سَاقِط وَكَانَ مُولَعا بِكِتَابَة التَّعْجِيز فِي الْفِقْه وفرائض الْوَسِيط فَإِنِّي رَأَيْت ذَلِك بِخَطِّهِ كثيرا وملكت من ذَلِك نسخا وَهِي كِتَابَة صَحِيحَة إِلَى الْغَايَة نقشة متقنة وَوضع الرموز فِي أماكنها بالأحمر تَنْبِيها على الْخلاف بَين الْأَئِمَّة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة وَدفن بجبل قاسيون رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يتقعر فِي كَلَامه ويتفيهق فِي حَدِيثه قَرَأَ كتب الْأَدَب على الشّرف الأربلي وَأَجَازَ لَهُ ابْن اللتي وَغَيره وَلم يرو شَيْئا وَأَظنهُ أَخا شهَاب الدّين مُحَمَّد الْمسند وَقد مر ذكره فِي المحمدين
3 - (حسام الدّين بن منقذ)
أَبُو بكر بن أبي الفوارس ابْن الْأَمِير عضد الدولة مرهف ابْن الْأَمِير مؤيد الدولة أُسَامَة ابْن منقذ الْكِنَانِي الْكَلْبِيّ حسام الدّين من بَيت إمرة وفضيلة ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة وَسَيَأْتِي ذكر جده عضد الدولة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي بَابه
3 - (الغساني الْحِمصِي)
أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم الغساني الْمُحدث الْحِمصِي العابد شيخ(10/144)
أهل حمص ضعفه أَحْمد وَغَيره لِكَثْرَة غلطه وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة)
أَبُو بكر بن حَفْص بن عمر بن سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ اسْمه عبد الله يَأْتِي فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين
3 - (القَاضِي الْقُرْطُبِيّ)
أَبُو بكر بن خلف الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ القَاضِي أَبُو يحيى سمع من أبي إِسْحَق بن قرقول وَغَيره قَالَ ابْن الْأَبَّار كَانَ فَقِيها إِمَامًا تَامّ النّظر عني بِالْحَدِيثِ والعلل وَالرِّجَال وَلم يعن بالرواية سمع مِنْهُ أَبُو الْحسن بن الْقطَّان واتصل بِصَاحِب مراكش وَحصل أَمْوَالًا وَولي قَضَاء مَدِينَة فاس وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (الْملك الْعَادِل)
أَبُو بكر بن دَاوُد بن عِيسَى بن أبي بكر مُحَمَّد بن أَيُّوب بن شاذي سيف الدّين الملقب بِالْملكِ الْعَادِل كَانَ قد جمع بَين حسن الوصاف وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَحسن الصُّورَة وسعة الصَّدْر وَحسن الْعشْرَة وَكَثْرَة الأفضال وَاحْتِمَال الْأَذَى وبذل الْمَعْرُوف مَا لَا يضاهيه فِي ذَلِك أحد من أَبنَاء جنسه وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَالْأَدب وَعِنْده ذكاء مفرط وحدة ذهن وَعبارَته حلوة وآدابه ملوكية لم ير فِي زَمَانه أوفر عقلا مِنْهُ وَلَا أَكثر وقاراً وحشمةً وَكَانَ لَهُ ميل إِلَى أَرْبَاب الْقُلُوب وَأَصْحَاب الإشارات يلازمهم ويقتدي بهم ويسلك مَا يأمرونه بِهِ ويزور الصلحاء حَيْثُ سمع بهم وروى عَن ابْن اللتي وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَصلي عله يَوْم الْجُمُعَة بالجامع الْأمَوِي وَحمل إِلَى تربة جده الْمُعظم بسفح قاسيون وَهُوَ فِي عشر الْأَرْبَعين لم يبلغهَا
3 - (مجد الدّين بن الداية)
أَبُو بكر بن الداية مجد الدّين من أكبر الْأُمَرَاء النورية وَهُوَ أَخُو السُّلْطَان نور الدّين الشَّهِيد من الرضَاعَة ونائبه على حلب وَصَاحب أمره وَبَيت سره وَكَانَ بطلاً شجاعاً دينا عَاقِلا لَهُ خانكاه مَعْرُوفَة بحلب وَاتفقَ مَوته وَمَوْت الْعِمَادِيّ بِدِمَشْق فَحزن عَلَيْهِمَا نور الدّين وَقَالَ قصّ جناحاي وَأعْطى أَوْلَاد الْعِمَادِيّ بعلبك وَقدم على عساكره بعد ابْن الداية أَخَاهُ سَابق الدّين عُثْمَان وَكَانَت وَفَاة مجد الدّين ابْن الداية سنة خمس وَسِتِّينَ(10/145)
وَخمْس مائَة وللعمادي الْمَذْكُور بقاسيون تربة مَشْهُورَة شمَالي تربة سركس وَهِي أول تربة بنيت بِالْجَبَلِ واسْمه مَكْتُوب على بَابهَا وتقلت من خطّ الْحَافِظ اليغموري قَالَ أَوْلَاد الداية أَصْحَاب شيزر مجد الدّين أَبُو بكر)
مَسْعُود بن مُحَمَّد بن عَليّ بن نوشتكين الهمذاني النوري وَقيل اسْمه مُحَمَّد وَأمه فَاطِمَة بنت سودكين الداية وقفت رِبَاط النِّسَاء بحلب تَحت القلعة كَانَت داية نور الدّين الشَّهِيد وَتمكن مجد الدّين من نور الدّين واستنابه بحلب وَإِخْوَته من أمه يُقَال لَهُم أَوْلَاد الداية وَبنى مجد الدّين بحلب خَان السَّبِيل خَارج بَاب الْأَرْبَعين وأباح مَا حوله من الْأَرَاضِي لمن يعمر فِيهَا ووقف عَلَيْهِ وَقفا ووقف الْأَرَاضِي الَّتِي حول مقَام إِبْرَاهِيم بحلب خَارج بَاب الْعرَاق على الصُّوفِيَّة والخانقاه الَّتِي فِيهَا تربته فِي مقَام إِبْرَاهِيم وأوقافاً على فكاك أسرى الْمُسلمين وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من الشُّيُوخ وَلما مَاتَ نور الدّين وَملك ابْنه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَدخل حلب قبض على أَوْلَاد الداية فَلَمَّا تولى الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين حلب وَصَالح الصَّالح شَرط عَلَيْهِ أَن يُطلق أَوْلَاد الداية فَأَطْلَقَهُمْ فَجَاءُوا إِلَى صَلَاح الدّين فأكرمهم وأنعم عَلَيْهِم وسوف يَأْتِي ذكر بهاء الدّين عمر بن مُحَمَّد بن الداية فِي حرف الْعين مَوْضِعه
3 - (ابْن سكن المغربي)
أَبُو بكر بن سكن من أهل شلب قَالَ ابْن الْأَبَّار لم أَقف على اسْمه وَأورد لَهُ فِي تحفة القادم من قصيدة
(وكسفت الشَّمْس بنيرة من ... شهب ظبى بذرى الأسل)
(أحرقت عداك إِذا مَرَدُوا ... من لمع شفارك بالشعل)
(سجدت فِي الأَرْض رؤوسهم ... بظبى الأسياف على عجل)
(كحلت بمراود سمركم ... حلق المازية كالمقل)
(وجنت راحات بنودكم ... بحفيظتكم ثَمَر القلل)
(أرْسلت حساماً ذَا لطع ... فسبى لعس الثغر الرتل)
(وَبعثت حساماً ذَا زرق ... فَأتى بقضيب ذِي كحل)
(شمس الْخُلَفَاء طلعت لنا بَدْرًا ... فأرحت جنى الْعِلَل)
(عز الدُّنْيَا زين الْمحيا ... شرف الْعليا فَخر الدول)
وَأورد لَهُ فِي حب الْمُلُوك
(ودوح تهدل أغصانه ... وعى الْقلب من حسنه مَا اشْتهى)
(فَمَا احمر مِنْهُ فصوص العقيق ... وَمَا اسود مِنْهُ عُيُون المهى)
)
وَقَالَ ابْن الْأَبَّار وَقد قَالَ أَبُو عمر أَحْمد بن عبد الله بن حربون وأهداه
(خُذُوا باكورة الثَّمر الْغَرِيب ... تحدثكم عَن الْأَلَم الشنيب)(10/146)
(وَمَا حب الْمُلُوك بعثت لَكِن ... بعثت إِلَيْكُم حب الْقُلُوب)
حكى بعض الأدباء أَن ابْن سكن هَذَا كَانَ بِمَجْلِس أُنس على نهر شلب بالجسر بِحَيْثُ ينصبّ النَّهر السلسال فِي الْبَحْر العجاج وينساب العذب الزلَال فِي الْملح الأجاج وَقد تعرضت هُنَاكَ إِحْدَى الْجَوَارِي لجَوَاز الجسر وذكرته عُيُون المهى بَين الرصافة والجسر فَلَمَّا بصرت بِهِ رجعت عَن وَجههَا وسترت مَا ظهر من محَاسِن وَجههَا فَقَالَ
(وعقيلة لاحت بشاطئ نهرها ... كَالشَّمْسِ طالعة لَدَى آفاقها)
(فَكَأَنَّهَا بلقيس وافت صرحها ... لَو أَنَّهَا كشفت لنا عَن سَاقهَا)
ثمَّ لَقِي أَبَا بكر بن المنخّل فأنشده الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ فِي ذَلِك
(مَا ضرها وَهِي الْجمال بأسره ... لَو أَنَّهَا زفت إِلَى عشاقها)
3 - (الْفَقِيه الْمدنِي)
أَبُو بكر بن سُلَيْمَان ابْن أبي خَيْثَمَة القُرَشي العَدَوي المَدَني الْفَقِيه روى عَن أَبِيه وجدته الشفّاء وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عمر وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (حسام الدّين الْوَاعِظ)
أَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن سَالم حسام الدّين الْحَمَوِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْوَاعِظ فِي الأعزية الْحَنَفِيّ ولد سنة بضع وَخمسين وَخمْس مائَة وَسمع من الْأَمِير أُسَامَة بن منقذ والخشوعي وَالقَاسِم ابْن عَسَاكِر وحنبل وَابْن طبرزد وَأخذ الْوَعْظ عَن وَالِده وَوعظ بِمَسْجِد أبي الْيمن أَكثر من خمسين سنة روى عَنهُ الدمياطي وَأَبُو عَليّ ابْن الْخلال وَأَبُو مُحَمَّد الفارقي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد الكنجي وَأَبُو الْمَعَالِي ابْن البالسي وَجَمَاعَة وَكَانَ خيرا معدلاً وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وست مائَة
3 - (ابْن سمحون الْمُقْرِئ)
أَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن سمحون الْأنْصَارِيّ الأندلسي الْقُرْطُبِيّ الْمُقْرِئ ولقب تلميذ ابْن الطراوة وَكَانَ يَقُول مَا يجوز على الصِّرَاط أنحا من ابْن الطراوة توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ)(10/147)
وَخمْس مائَة
3 - (المعتضد بِاللَّه)
أَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن أبي المسترشد مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْفَتْح المعتضد بِاللَّه ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الرّبيع المستكفي بِاللَّه بُويِعَ لَهُ بالخلافة بِالْقَاهِرَةِ المحروسة بعد وَفَاة أَخِيه الْحَاكِم بِأَمْر الله أَحْمد بن المستكفي
3 - (تَقِيّ الدّين الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ)
أَبُو بكر بن شرف بن محسن بن معن الشَّيْخ الإِمَام تَقِيّ الدّين الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ أَخْبرنِي الشَّيْخ شمس الدّين ابْن قيم الجوزية قَالَ هُوَ رَفِيق الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية فِي الِاشْتِغَال
وَله تصانيف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بعد الْعشْرين وَسبع مائَة أَو قبلهَا تَقْرِيبًا
3 - (الْأَبْهَرِيّ)
أَبُو بكر بن طَاهِر الْأَبْهَرِيّ كَانَ يتَكَلَّم على علم الظَّاهِر والحقيقة وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَالثَّلَاث مائَة
3 - (أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة)
أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم الْقرشِي أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ وكنيته اسْمه وَعَادَة المؤرخين أَن يذكرُوا من كنيته اسْمه فِي الْحَرْف الْمُوَافق لأوّل الْمُضَاف إِلَيْهِ وَمِنْهُم من يفرد للكنى بَابا(10/148)
بِرَأْسِهِ وَكَانَ أَبُو بكر من سَادَات التَّابِعين وَكَانَ يُسمى رَاهِب قُرَيْش وجده الْحَارِث أَخُو أبي جهل بن هِشَام من جلة الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ومولده فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَهَذِه السّنة كَانَت تسمى سنة الْفُقَهَاء لِأَنَّهُ مَاتَ فِيهَا مِنْهُم جمَاعَة وَهَؤُلَاء الْفُقَهَاء السَّبْعَة كَانُوا بِالْمَدِينَةِ فِي عصر وَاحِد وعنهم انْتَشَر الْعلم والفتيا فِي الدُّنْيَا وَقد جمعهم بعض الْعلمَاء فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ
(أَلا كل من لَا يَقْتَدِي بأئمة ... فقسمته ضيزى عَن الْحق خَارجه)
(فخذهم عبيد الله عُرْوَة قَاسم ... سعيد سُلَيْمَان أَبُو بكر خَارجه)
وَسَيَأْتِي ذكر كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِنَّمَا قيل لَهُم الْفُقَهَاء السَّبْعَة لِأَن الْفَتْوَى بعد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم صَارَت إِلَيْهِم وشهروا بهَا وَكَانَ فِي عصرهم جمَاعَة)
من الْعلمَاء مثل سَالم بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُم وَأَمْثَاله وَلَكِن الْفَتْوَى لم تكن إِلَّا لهَؤُلَاء السَّبْعَة وَكَانَ لأبي بكر عدَّة إخْوَة وَهُوَ أَجلهم وروى عَن أَبِيه وَعَن عمار بن يَاسر وَأبي مَسْعُود البدري وَعَائِشَة وَعبد الرَّحْمَن بن مُطِيع وَأبي هُرَيْرَة وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس وَجَمَاعَة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان يُكرمهُ وَيَقُول إِنِّي لأهم بالسوء أَفعلهُ بِأَهْل الْمَدِينَة لسوء أَثَرهم عندنَا فأذكر أَبَا بكر فأستحيي مِنْهُ
3 - (أَمِين الدّين ابْن الرقاقي)
أَبُو بكر بن عبد الْعَظِيم القَاضِي أَمِين الدّين ابْن وجيه الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الرقاقي الْمصْرِيّ الْكَاتِب لَهُ مباشرات عديدة بالديار المصرية من نظر بَيت المَال وَنظر الْبيُوت وَنظر الدَّوَاوِين بِمصْر وَالشَّام وَكَانَ مشكوراً فِي مباشراته وباشر نظر الدَّوَاوِين بِدِمَشْق مُدَّة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِالْقَاهِرَةِ سنة عشر وَسبع مائَة
3 - (جمال الدّين اليزدي)
أَبُو بكر بن عبد الله بن مَسْعُود جمال الدّين اليزدي الْبَغْدَادِيّ التَّاجِر الْمُقِيم بِدِمَشْق تعرف بالأمير جمال الدّين آقوش النجيبي رَحمَه الله تَعَالَى لما كَانَ نَائِب السلطنة بِالشَّام فولاه نظر الْجَامِع الْأمَوِي والبيمارستان النوري والخوانق وَجعله شيخ الشُّيُوخ وَرفع من قدره فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة وأذهب رُؤُوس الْعمد من الْجَامِع ورخم الْحَائِط الشمالي وأعجله الْعَزْل فَلم يتمه وَأصْلح كثيرا من الْمَوَاضِع المشعثة وَكَذَلِكَ فعل فِي غَيره وَكَانَ عِنْده نهضة ثمَّ إِنَّه صرف بعد عزل النجيبي وسفره إِلَى مصر فغرم مبلغا وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن توفّي سنة سبع وَسبعين وست مائَة بِدِمَشْق وَدفن بسفح قاسيون وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الصاحب ضِيَاء الدّين النشائي)
أَبُو بكر بن عبد الله بن أَحْمد بن مَنْصُور بن أَحْمد(10/149)
بن شهَاب الصاحب ضِيَاء الدّين النشائي بالنُّون والشين الْمُعْجَمَة توفّي سنة سِتّ عشرَة وَسبع مائَة قيل إِنَّه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سلخ شهر رَمَضَان
وزر أَيَّام الْملك المظفر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير وَكَانَ ابْن سعيد الدولة مَعَه مُشِيرا وَكَانَ الْأَمر كُله لِابْنِ سعيد الدولة وَالِاسْم لضياء الدّين وَولي نظر النظار بالديار المصرية ثمَّ تولى)
نظر الخزانة وَكَانَ فَقِيها فرضياً مُحدثا من أَصْحَاب الشَّيْخ سيف الدّين الدمياطي وَفِيه يَقُول
(إِن بَكَى النَّاس بالمدامع حمراً ... فَهُوَ شَيْء يُقَال من حنّاء)
(فاختم الدست بالنشائي فَإِنِّي ... لَا أرى الْخَتْم دَائِما بالنشاء)
3 - (نجم الدّين بن فتيَان الْقبَّة)
أَبُو بكر بن عَليّ بن مَكَارِم بن فتيَان الشَّيْخ نجم الدّين ابْن الإِمَام الْخَطِيب أبي الْحسن الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمصْرِيّ ولد سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة وَسمع من البوصيري والأرتاحي وَفَاطِمَة بنت سعد الْخَيْر وَزوجهَا ابْن نجا الْوَاعِظ وَسمع بِدِمَشْق من دَاوُد بن ملاعب وَغَيره وروى عَنهُ الدمياطي والشريف عز الدّين وَعلم الدّين الدواداري وَالشَّيْخ شعْبَان والمصريون وَكَانَ يلقب بالقبة وَمَات سنة سِتِّينَ وست مائَة
3 - (الوهراني خطيب داريا)
أَبُو بكر بن عَليّ بن عبد الله بن الْمُبَارك الْمُفَسّر خطيب داريا الوهراني فَاضل صنف تَفْسِيرا وَشرح أَبْيَات الْجمل وَله نظم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة أَربع عشرَة وست مائَة وَمن شعره
3 - (الكلوتاتي)
أَبُو بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد الكلوتاتي سمع من ابْن النّحاس والنجيب أجَاز لي بخطّه سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة بِمصْر
3 - (شهَاب الدّين الْفَارِسِي)
أَبُو بكر بن عمر بن حسن بن خواجا إِمَام شهَاب الدّين الْفَارِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي أَخُو ضِيَاء الدّين سمع من عمر بن طبرزد وَغَيره وَمن الطّلبَة من سَمَّاهُ شَاكر الله قَالَ أَبُو شامة كَانَ صَالحا سليم الصَّدْر بِهِ نوع اختلال وَكَانَ أحد فُقَهَاء الشامية وروى عَنهُ ابْن الخباز وآحاد الطّلبَة
وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن السلار)
أَبُو بكر بن عمر بن السلار بتَشْديد اللَّام بعد السِّين الْمُهْملَة وَبعد(10/150)
الْألف رَاء نَاصِر الدّين توفّي سنة سِتّ عشرَة وَسبع مائَة فِي شهر الله الْمحرم وَكَانَ من بَيت إمرة وحشمة روى عَنهُ عَن ابْن عبد الله الدايم قَالَ الشَّيْخ علم الدّين البرزالي وكتبنا عَنهُ وَكَانَ واصلاً لَهُ عبَادَة)
حَسَنَة وَنظر فِي الْفَضَائِل وذهن جيد وَشعر كثير وَكَانَ عسير النَّفس انْتهى قلت أَخْبرنِي شَيخنَا الْخَطِيب نجم الدّين حسن بن الصَّفَدِي قَالَ جرت بيني وَبَينه مبَاحث كَثِيرَة فِي أصُول الدّين وَمن شعره
(إِن عتبنا فعذرنا قد تحقق ... حِين فارقتم الرفاق وجلق)
(كُنْتُم روحهم فصاروا جسوماً ... مزقت بالغرام كل ممزق)
(وَكَذَا الرّوح إِذْ تفارق جسماً ... بعد وصل أوصاله تتمزق)
وَمِنْه دوبيت
(يَا حسن ذؤابة بَدَت للنَّاس ... فِي أسمر رمح قده المياس)
(مَا وَاصل إِلَّا خلت أَنِّي ملك ... أولوه لِوَاء من بني الْعَبَّاس)
وَمِنْه
(وشاد زارني لَيْلًا فَقلت لَهُ ... فِي حسن وَجهك مَا يُغني عَن الْقَمَر)
(فخلنا بك نخلو لَا سمير لنا ... فَفِي حَدِيثك مَا يُغني عَن السمر)
3 - (رَضِي الدّين القسنطيني النَّحْوِيّ)
أَبُو بكر بن عمر بن عَليّ بن سَالم الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين القسنطيني الشَّافِعِي النَّحْوِيّ ولد سنة سبع وسِتمِائَة وَسمع بِبَيْت الْمُقَدّس وَبِه نَشأ من أبي عَليّ الأوقي وبمصر من يُوسُف بن المخيلي وَابْن المقبر وَابْن عَوْف الزُّهْرِيّ وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن زين الدّين ابْن معطي وجمال الدّين ابْن الْحَاجِب وَسمع من ابْن معط ألفيّته وصاهره وَتزَوج بابنته وَكَانَ من كبار أَئِمَّة الْعَرَبيَّة بِالْقَاهِرَةِ بحث رَضِي الدّين التاذفي عَلَيْهِ مُدَّة فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وَسمع مِنْهُ جمَاعَة كَثِيرَة وَكَانَ صَالحا خيّراً سَاكِنا متواضعاً ناسكاً لَهُ معرفَة تَامَّة بالفقه ومشاركة فِي الحَدِيث وأضر بِأخرَة وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الشقراوي)
أَبُو بكر بن عمر بن أبي بكر الشقراوي بالشين الْمُعْجَمَة وَالْقَاف وَالرَّاء نِسْبَة إِلَى وَادي الشقراء سمع من ابْن عبد الدايم وَغَيره وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (ابْن عَيَّاش العابد)
)
أَبُو بكر بن عَيَّاش بن سَالم الْكُوفِي الْأَسدي الحنّاط مولى(10/151)
وَاصل بن حَيَّان الْأَسدي الأحدب
فِي اسْمه عدَّة أَقْوَال قيل اسْمه كنيته وَقيل شُعْبَة وَهُوَ أشهرها وَقيل عبد الله وَقيل مُحَمَّد وَقيل مطرف وَقيل سَالم وَقيل عنترة وَقيل أَحْمد وَقيل عَتيق وَقيل رؤبة وَقيل حَمَّاد وَقيل حُسَيْن وَقيل قَاسم وَقيل لَا يعرف لَهُ اسْم مولده سنة سبع وَتِسْعين فِي أَيَّام سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة فِي السّنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا هَارُون الرشيد قبله بِشَهْر وَهُوَ أنبل أَصْحَاب عَاصِم وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل ثِقَة رُبمَا غلط وروى لَهُ الْجَمَاعَة كلهم خلا مُسلم وَكَانَ يَقُول أَنا نصف الْإِسْلَام وَقَالَ الْحُسَيْن بن فهم وَقد ذكر جمَاعَة لَا تعرف أَسمَاؤُهُم مِنْهُم أَبُو بكر ابْن أبي مَرْيَم وَأَبُو بكر بن أبي سُبْرَة وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وَأَبُو بكر بن عَيَّاش وَأَبُو بكر ابْن أبي العرامس
وَقَالَ أَبُو الْحسن الْأَهْوَازِي إِنَّمَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي اسْم أبي بكر ابْن عَيَّاش لِأَنَّهُ كَانَ رجلا هيوباً فَكَانُوا يهابون سُؤَاله فروى كل وَاحِد مَا وَقع لَهُ وَكَانَ مُعظما عِنْد الْعلمَاء وَلَقي الفرزدق وَذَا الرمة وروى عَنْهُمَا شَيْئا من شعرهما حدث المرزباني بِإِسْنَادِهِ إِلَى زَكَرِيَّاء بن يحيى الطَّائِي قَالَ سَمِعت أَبَا بكر بن عَيَّاش يَقُول إِنِّي أُرِيد أَن أَتكَلّم الْيَوْم بِكَلَام لَا يخالفني فِيهِ أحد إِلَّا هجرته ثَلَاثًا قَالُوا قل يَا أَبَا بكر قَالَ مَا ولد لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام مَوْلُود بعد النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ أفضل من أبي بكر الصّديق قَالُوا صدقت يَا أَبَا بكر وَلَا يُوشَع بن نون وَصِيّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَلَا يُوشَع بن نون إِلَّا أَن يكون نَبيا ثمَّ فسره فَقَالَ قَالَ الله تَعَالَى كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير هَذِه الْأمة أَبُو بكر
وَقَالَ زَكَرِيَّاء بن يحيى سَمِعت ابْن عَيَّاش يَقُول لَو أَتَانِي أَبُو بكر وَعمر وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فِي حَاجَة لبدأت بحاجة عَليّ قبل حَاجَة أبي بكر وَعمر لِقَرَابَتِهِ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلِأَن أخر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض أحب إِلَيّ من أَن أقدمه عَلَيْهِمَا وَكَانَ يقدم عليا على عُثْمَان وَلَا يغلو وَلَا يَقُول إِلَّا خيرا وَذكر النَّبِيذ عِنْد الْعَبَّاس بن مُوسَى فَقَالَ إِن ابْن(10/152)
إِدْرِيس يحرمه فَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش إِن كَانَ النَّبِيذ حَرَامًا فَالنَّاس كلهم أهل ردة
وَقَالَ كنت أَنا وسُفْيَان الثَّوْريّ وَشريك نتماشى بَين الْحيرَة والكوفة فَرَأَيْنَا شَيخا أَبيض الرَّأْس واللحية حسن السمت والهيئة فظننا أَن عِنْده شَيْئا من الحَدِيث وَأَنه قد أدْرك النَّاس وَكَانَ سُفْيَان أطلبنا للْحَدِيث فَتقدم إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا هَذَا هَل عنْدك شَيْء من الحَدِيث فَقَالَ أما حَدِيث)
فَلَا وَلَكِن عِنْدِي عَتيق سنتَيْن فَنَظَرْنَا فَإِذا هُوَ خمّار وَحدث الْمَدَائِنِي كَانَ أَبُو بكر بن عَيَّاش أبرص وَكَانَ رجل من قُرَيْش يرْمى بِشرب الْخمر فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر بن عَيَّاش يداعبه زَعَمُوا أَن نَبيا قد بعث يحل الْخمر فَقَالَ الْقرشِي إِذا لَا أومن بِهِ حَتَّى يُبرئ الأكمه والأبرص وَقيل كُنَّا عِنْد أبي بكر بن عَيَّاش يقْرَأ علينا كتاب مُغيرَة فغمض عَيْنَيْهِ فحركه جُمْهُور وَقَالَ لَهُ تنام يَا أَبَا بكر فَقَالَ لَا وَلَكِن مر ثقيل فغمضت عَيْني وَحضر عِنْد هَارُون الرشيد فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بكر قَالَ لبيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِنَّك أدْركْت أَمر بني أُميَّة وأمرنا فأسألك بِاللَّه أَيهمَا كَانَ أقرب إِلَى الْحق فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما بَنو أُميَّة فَكَانُوا أَنْفَع للنَّاس مِنْكُم وَأَنْتُم أقوم بِالصَّلَاةِ مِنْهُم فَجعل هَارُون يُشِير بِيَدِهِ وَيَقُول إِن فِي الصَّلَاة إِن فِي الصَّلَاة ثمَّ خرج فَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ ألفا فقبضها وَقَالَ مُحَمَّد بن كناسَة يذكر أَصْحَاب أبي بكر بن عَيَّاش
(لله مشيخة فجعت بهم ... كَانَت تريغ إِلَى أبي بكر)
(سرج لقوم يَهْتَدُونَ بهم ... وفضائل تنمي وَلَا تحري)
وينسب إِلَى أبي بكر بن عَيَّاش
(إِن الْكَرِيم الَّذِي تبقى مودته ... ويكتم السِّرّ إِن صافى وَإِن صرما)
(لَيْسَ الْكَرِيم الَّذِي إِن زل صَاحبه ... أفشا وَقَالَ عَلَيْهِ كل مَا علما)
3 - (الخابوري قَاضِي بعلبك)
أَبُو بكر بن عَيَّاش هُوَ القَاضِي جمال الدّين الخابوري قَاضِي بعلبك توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (الْقطَّان ابْن الرضي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الجبّار الْمَقْدِسِي الْقطَّان ابْن الرضي أجَاز لَهُ سبط السلَفِي وَأَجَازَ لي بِدِمَشْق بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة
3 - (ابْن قوام الصَّالح)
أَبُو بكر بن قوام بن عَليّ بن قوام بن مَنْصُور بن مُعلى البالسي أحد مَشَايِخ الشَّام وجد أبي عبد الله بن قوام كَانَ شَيخا زاهداً عابداً قَانِتًا لله عديم النظير كثير(10/153)
المحاسن وافر النَّصِيب من الْعلم وَالْعَمَل صَاحب أَحْوَال وكرامات وَجمع حفيده أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر مناقبه فِي جُزْء ضخم وَصَحبه وَحفظ عَنهُ وَذكر أَنه ولد بمشهد صفّين سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَنَشَأ)
ببالس وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق لطيف الصِّفَات وافر الْأَدَب وَالْعقل دَائِم الْبشر كثير التَّوَاضُع شَدِيد الْحيَاء متمسكاً بالآداب الشَّرْعِيَّة تخرج بِصُحْبَتِهِ غير وَاحِد من الْعلمَاء والمشايخ وتتلمذ لَهُ خلق كثير وَقصد بالزيارة قَالَ كنت فِي بدايتي تطرقني الْأَحْوَال كثيرا فَأخْبر شَيْخي فنهاني عَن الْكَلَام فِيهَا وَيَقُول مَتى تَكَلَّمت فِي هَذَا ضربتك بِهَذَا السَّوْط وَيَقُول لَا تلْتَفت إِلَى شَيْء من هَذِه الْأَحْوَال إِلَى أَن قَالَ لي سيحدث لَك فِي هَذِه اللَّيْلَة أَمر عَجِيب فَلَا تجزع فَذَهَبت إِلَى أُمِّي وَكَانَت ضريرةً فَسمِعت صَوتا من فَوقِي فَرفعت رَأْسِي فَإِذا نور كَأَنَّهُ سلسلة متداخل بعضه فِي بعض فالتف على ظَهْري حَتَّى أحسست بِبرْدِهِ فِي ظَهْري فَرَجَعت إِلَى الشَّيْخ فَأَخْبَرته فَحَمدَ الله وقبلني بَين عينيّ وَقَالَ الْآن تمت عَلَيْك النِّعْمَة يَا بني أتعلم مَا هَذِه السلسلة فَقلت لَا قَالَ هَذِه سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأذن لي فِي الْكَلَام حِينَئِذٍ
قَالَ حفيده وحَدثني الشَّيْخ الإِمَام شمس الدّين الخابوري قَالَ سَأَلت الشَّيْخ عَن قَوْله إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم فقد عبد عِيسَى وعزير فَقَالَ تَفْسِيرهَا إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون فَقلت يَا سَيِّدي أَنْت لَا تعرف تكْتب وَلَا تقْرَأ فَمن أَيْن لَك هَذَا فَقَالَ يَا أَحْمد وعزه الْمَعْهُود لقد سَمِعت الْجَواب فِيهَا كَمَا سَمِعت سؤالك قلت هَذَا جَوَاب حسن لَائِق بِهَذَا الشَّيْخ فَأَما من يعرف الْعَرَبيَّة لَا يشكل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ وَمَا تَعْبدُونَ وَلم يقل من تَعْبدُونَ فقد قرر أهل الْعلم أَن مَا لما لَا يعقل وَمن لمن يعقل فَيدْخل فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا تَعْبدُونَ الْأَصْنَام وَالْكَوَاكِب وَمَا لَا يعقل وَالله أعلم وَبعث إِلَيْهِ الْملك الْكَامِل على يَد فَخر الدّين عُثْمَان خَمْسَة عشر ألف دِرْهَم فَلم يقبلهَا وَقَالَ لَا حَاجَة لنا بهَا أنفقها فِي جند الْمُسلمين وجاءته امْرَأَة يَوْمًا فَقَالَت عِنْدِي دَابَّة قد مَاتَت وَمَا لي من يجرها عني فَقَالَ امْضِي وحصلي حبلاً حَتَّى أبْعث من يجرها فمضت وَفعلت فجَاء بِنَفسِهِ وجر الدَّابَّة فَحَضَرَ النَّاس وجروها عَنهُ وَكَانَ لَا يدع أحدا يقبل يَده وَيَقُول من مكن أحدا من تَقْبِيل يَده نقص من حَاله شَيْء وَتُوفِّي فِي سلخ شهر رَجَب بقرية علم وَدفن بهَا وَأوصى أَن يدْفن فِي تَابُوت وَقَالَ لِابْنِهِ يَا بني لَا بُد أَن أنقل إِلَى الأَرْض المقدسة فَنقل بعد اثْنَتَيْ عشرَة سنة إِلَى دمشق سنة سبعين وست مائَة وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (البالسي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن قوام بن عَليّ بن قوام بن مَنْصُور بن مُعلى(10/154)
البالسي)
الشَّافِعِي ولد فِي الْيَوْم السَّابِع ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست مائَة وَتُوفِّي لَيْلَة الْخَمِيس سادس شهر رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَدفن من الْغَد بتربة جده بسفح قاسيون
وَهُوَ الشَّيْخ الإِمَام الزَّاهِد العابد الناسك نجم الدّين بن قوام صَاحب رِوَايَة وَحَال وكرم ونوال يتلَقَّى الواردين بإحسانه ويوليهم الميسور من يَده وَلسَانه اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَأخذت من فَوَائده وأكلت على موائده وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بعلة الاسْتِسْقَاء وَصلى نَائِب الشَّام على جنَازَته وَكَانَت حافلة
3 - (الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْمَدِينَة)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ الْمدنِي قَاضِي الْمَدِينَة وأميرها كَانَ أعلم أهل زَمَانه بِالْقضَاءِ فِيمَا قيل روى عَن عباد بن تَمِيم وسلمان الْأَغَر وَعبد الله بن قيس بن مخرمَة وَعَمْرو بن سليم الزرقي وَأبي حَبَّة البدري وخالته عمْرَة وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتهجد
قَالَ أَبُو الْغُصْن الْمدنِي رَأَيْت فِي يَده خَاتم ذهب فصه ياقوتة حَمْرَاء وَقيل مَا اضْطجع على فرَاشه بِاللَّيْلِ أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ لَهُ فِي الشَّهْر ثَلَاث مائَة دِينَار روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة عشْرين وَمِائَة
3 - (الْعَادِل الصَّغِير)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أيُّوب السُّلْطَان الْملك الْعَادِل الصَّغِير سيف الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك الْكَامِل ابْن السُّلْطَان الْملك الْعَادِل الْكَبِير تملك الديار المصرية سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة بعد موت وَالِده وَهُوَ شَاب طري لَهُ عشرُون سنة وَكَانَ نَائِبه على دمشق الْملك الْجواد يُونُس بن مَمْدُود فهمّ بمسك الْجواد فكاتب الْجواد الْملك الصَّالح وأقدمه دمشق وَسلمهَا إِلَيْهِ وعوضه عَنْهَا ثمَّ إِن أُمَرَاء الدولة اخْتلفُوا على الْعَادِل وَقد برز إِلَى بلبيس قَاصد الشَّام وقبضوا عَلَيْهِ وَأَرْسلُوا إِلَى الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب يعرّفونه ذَلِك ويحثونه على الْوُصُول إِلَيْهِم فَسَار إِلَيْهِم وَمَعَهُ النَّاصِر دَاوُد وَابْن موسك فِي جمَاعَة أُمَرَاء فقدموا بلبيس وَنزل الصَّالح فِي مخيم أَخِيه وَأَخُوهُ الْعَادِل معتقل فِي خركاة من المخيم وَكَانَ محيي الدّين(10/155)
يُوسُف بن الْجَوْزِيّ بِمصْر وَقد خلع على الْعَادِل وعَلى الْوَزير الْفلك المسيري من جِهَة الْخَلِيفَة ثمَّ إِن النَّاصِر شرب لَيْلَة وهم فِي بلبيس وشطح فِي خركاة الْعَادِل فَخرج من الخركاة وَقبل الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَيفَ رَأَيْت مَا أَشرت عَلَيْك بِهِ وَلم تقبل مني فَقَالَ يَا خوند التَّوْبَة فَقَالَ لَهُ طيب)
قَلْبك السَّاعَة أطلقك ثمَّ جَاءَ إِلَى الصَّالح ووقف فَقَالَ لَهُ بِسم الله اجْلِسْ فَقَالَ مَا أَجْلِس حَتَّى تطلق الْعَادِل فَقَالَ نعم وَجعل يطاوله إِلَى أَن نَام من سكره فَمَا صدق الصَّالح بنوم النَّاصِر وَقَامَ فِي اللَّيْل فَأخذ الْعَادِل فِي محفة وَدخل بِهِ الْقَاهِرَة وَبعث إِلَى النَّاصِر بِعشْرين ألف دِينَار فَردهَا وَبَقِي الْعَادِل فِي الْحَبْس عشر سِنِين قَالَ أَبُو شامة أنبأني سعد الدّين مَسْعُود بن شيخ الشُّيُوخ قَالَ فِي خَامِس شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين جهز الْملك الصَّالح أَخَاهُ الْعَادِل مَعَ نِسَائِهِ إِلَى الشوبك فَبعث إِلَيْهِ الْخَادِم محسن إِلَى الْحَبْس وَقَالَ يَقُول لَك السُّلْطَان لَا بُد من رواحك إِلَى الشوبك فَقَالَ إِن أردتم قَتْلِي فَهُنَا أولى وَلَا أروح أبدا فلامه وعذله فَرَمَاهُ الْعَادِل بِدَوَاةٍ فَخرج وَعرف الصَّالح فَقَالَ دبر أمره فَأخذ ثَلَاثَة مماليك ودخلوا عَلَيْهِ لَيْلَة ثَانِي عشر شَوَّال فخنقوه بِوتْر وَقيل بشاش وعلقوه بِهِ وأظهروا أَنه شنق روحه وأخرجوا جنَازَته مثل الغرباء وَتُوفِّي وعمره إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة مِنْهَا عشرَة أَعْوَام فِي سجن أَخِيه الصَّالح وَكَانَ ملكه بضعَة عشر شهرا وَلم يَعش الصَّالح بعد أَخِيه الْعَادِل إِلَّا شهرا
3 - (غرس الدّين الأربلي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم غرس الدّين الأربلي كَانَ دينا خيرا صَالحا كثير الذّكر والتلاوة عِنْده فَضِيلَة وَمَعْرِفَة بالنحو وَحل المترجم قَادر على النّظم وَعمل الألغاز وحلها
وَمن نظمه الألفية فِي الألغاز المخفية وَهِي ألف لغز فِي ألف اسْم توفّي بِدِمَشْق ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وست مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة رَحمَه الله تَعَالَى وَمن شعره
(وَبِي رشأ أحوى حوى الْحسن كُله ... بمشرف صدغيه وعامل قده)
(تبدى فخلنا الْبَدْر تَحت لثامه ... وماس فخلنا الْغُصْن فِي طي برده)
(وقفت لَهُ أَشْكُو إِلَيْهِ توجعي ... وَمَا نَالَ قلبِي من مرَارَة صده)
(وسعرت الأنفاس نَار صبابتي ... فَمن حرهَا أثر الْحَرِيق بخده)
(وَلَوْلَا ارتشافي من برود رضابه ... لأحرقت نبت الآس من حول خَدّه)
وَمِنْه
(دنا نافراً عَنَّا كخشف غزال ... وماس فخلنا الْغُصْن تَحت هِلَال)
(وأسبل لَيْلًا من غدائر شعره ... وَأبْدى بِذَاكَ الشّعْر نور كَمَال)
(نَبِي بهاء حَاز فِي الْحسن خَدّه ... وَرب جمال فاق كل جمال)
)
(يُرِيك سَواد الْعين فِي صحن خَدّه ... فتحسبه خالاً وَلَيْسَ بخال)(10/156)
(وأعجب من ذَا أَن من رقة بِهِ ... يُؤثر فِيهِ وهم طيف خيال)
قلت شعر متوسط مَا فِيهِ غوص
3 - (الْملك الْمَنْصُور)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن قلاوون السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور أوصى لَهُ أَبوهُ بِالْملكِ بعده دون أَخِيه الْملك النَّاصِر أَحْمد وَأحمد هُوَ أكبر سنا مِنْهُ وَقد جرى ذكر طرف من هَذَا فِي تَرْجَمَة بشتاك فَجَلَسَ يَوْم الْخَمِيس عشْرين ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ثَانِي يَوْم وَفَاة أَبِيه وَكَانَ الَّذِي قَامَ فِي أمره الْأَمِير سيف الدّين قوصون وَخَالف بشتاك واشتمل على طاجار الدوادار فَحسن لَهُ الْقَبْض على قوصون وَقَالَ لَهُ مَا يتم لَك أَمر وقوصون هَكَذَا فتحدثوا فِي إِمْسَاكه وَعِنْده جمَاعَة من خاصكية وَالِده فَاجْتمعُوا بقوصون وعرفوه أَنه قد عزم على الْقَبْض عَلَيْهِ وعَلى غَيره فاتفق قوصون مَعَ الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش أَمِير آخور وَغَيره وخلعوه من الْملك وخذله أيدغمش فَإِنَّهُ أَرَادَ الرّكُوب فَمَنعه وَلَو قدر اله تَعَالَى لَهُ بالركوب لنجا وَلم يمض لقوصون أَمر لِأَن النَّاس كَانُوا يقصدون السُّلْطَان وكل من لَا عِنْده علم إِذا ركب مَا يَقُول إِلَّا السُّلْطَان
وأجلسوا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف عَلَاء الدّين كجك وَهُوَ صَغِير تَقْدِير عمره سِتّ سِنِين وَمَا حولهَا وَجلسَ قوصون فِي النِّيَابَة وجهزوا الْملك الْمَنْصُور إِلَى قوص وَمَعَهُ الْأَمِير سيف الدّين بهادر بن جركتمر مثل الترسيم عَلَيْهِ وأخويه يُوسُف ورمضان وَعرفُوا طاجار الدوادار وَقتلُوا بشتاك فِي السجْن واعتقلوا جمَاعَة من الْأُمَرَاء الَّذين كَانُوا حوله ثمَّ دس قوصون عَلَيْهِ عبد الْمُؤمن مُتَوَلِّي قوص فَقتله وَحمل رَأسه إِلَى قوصون سرا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وكتموا ذَلِك فَلَمَّا أمسك قوصون تحقق النَّاس ذَلِك وَجَاء من حاقق بهادر وطلبوا عبد الْمُؤمن واعترف بذلك وسمره أَخُوهُ الْملك النَّاصِر أَحْمد بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ الْمَنْصُور أَبُو بكر سُلْطَانا معطاءً حمل إِلَيْهِ مَال بشتاك وَمَال الْأَمِير سيف الدّين آقبغا عبد الْوَاحِد وَمَال الْأَمِير سيف الدّين برسبغا مَا يُقَارب الْأَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَأكْثر فَوَهَبَهَا جَمِيعًا لخاصكية وَالِده مثل الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي والأمير عَلَاء الدّين الطنبغا المارداني والأمير سيف الدّين يلبغا اليحيوي وطاجار الدوادار وَلما جلس الْمَنْصُور وَاسْتقر أمره ألبس)
الْأَمِير سيف الدّين طقزدمر وَهُوَ حموه وَأَجْلسهُ فِي دست النِّيَابَة وَلم يكن لمصر نَائِب بعد الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار وألبس الْأَمِير نجم الدّين ابْن شروين وَأَجْلسهُ فِي دست الوزارة وَلم يكن بعد الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي الجمالي وَزِير بالديار المصرية ومشت الْأَحْوَال وانتظمت الْأُمُور على أحسن مَا يكون وَلم يجر بَين النَّاس خلاف وَلَا(10/157)
وَقع سيف وَلَو ترك القطا لَيْلًا لنام ورموه بأوابد ودواهي وَادعوا أَنه ركب فِي اللَّيْل فِي المراكب فِي بَحر النّيل وَقَالُوا أَشْيَاء الله اعْلَم بهَا وَكَانَت مُدَّة ملكه شَهْرَيْن وأياماً رَحمَه الله تَعَالَى وسامحه
وَكَانَ شَابًّا حُلْو الصُّورَة فِيهِ سَمُرَة وهيف قوام تَقْدِير عمره مَا هُوَ حول الْعشْرين سنة وَكَانَ أفحل الْإِخْوَة وأشجعهم زوجه وَالِده بنت الْأَمِير سيف الدّين طقز دمر وَلما جَاءَ أَخُوهُ النَّاصِر أَحْمد عمل النَّاس عزاءه وَدَار جواريه فِي اللَّيْل بالداردك فِي شوارع الْقَاهِرَة وأبكين النَّاس ورحمه النَّاس وتأسفوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خذل وَعمل عَلَيْهِ وَأخذ بَغْتَة وَقتل غضاً طرياً وَلَو اسْتمرّ لَكَانَ جَاءَ مِنْهُ ملك عَظِيم كَانَ فِي عزمه أَن لَا يُغير قَاعِدَة من فواعد جده الْمَنْصُور وَيبْطل مَا كَانَ أَبوهُ أحدثه من إقطاعات العربان وإنعاماتهم وَغير ذَلِك
3 - (ابْن الرضي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن الرضي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْمَقْدِسِي الجماعيلي ثمَّ الصَّالِحِي الْقطَّان الشَّيْخ الصَّالح الْمُقْرِئ مُسْند وقته ولد سنة تسع وَأَرْبَعين أَو خمسين وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة أجَاز لَهُ عِيسَى الْخياط وسبط السلَفِي وسبط الْجَوْزِيّ ومجد الدّين ابْن تَيْمِية وَخلق وَحضر خطيب مردا والعماد عبد الحميد بن عبد الْهَادِي ثمَّ سمع مِنْهُ فِي سنة سبع وَسبع مائَة وَمن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل وَعبد الله ابْن الخشوعي وَمن ابْن عبد الدايم والرضي ابْن الْبُرْهَان صَحِيح مُسلم سوى فَوت مَجْهُول يسير وَحضر أَيْضا مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي وَتفرد بأجزاء وعوالي وروى الْكثير أَكثر عَنهُ الْمُحب وَأَوْلَاده وَأَخُوهُ السرُوجِي والذهلي وابنا السفاقسي وَخلق وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا خيرا كثير التِّلَاوَة حسن الصُّحْبَة حميد الطَّرِيقَة وَحدث بأماكن
3 - (بهاء الدّين ابْن غَانِم)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن غَانِم ذكر تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة أَخِيه أَحْمد بن مُحَمَّد هُوَ أحد الْإِخْوَة كَانَ كَاتب إنْشَاء بطرابلس ثمَّ حضر إِلَى دمشق وَكتب الدرج قُدَّام الصاحب شمس الدّين ثمَّ)
لما عزل زين الدّين عمر بن حلاوات من توقيع صفد توجه بهاء الدّين إِلَيْهَا وَأقَام بهَا تَقْدِير تسع سِنِين فَلَمَّا توفّي زين الدّين ابْن حلاوات بطرابلس سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة جهز بهاء الدّين إِلَى طرابلس كَاتب سر عوضه وَلم يزل بهَا إِلَى سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فَتوفي فِي هَذِه السّنة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ حسن الشكل لطيف الْعشْرَة عَلَيْهِ أنس فِي السماع وَله حَرَكَة فِي الرقص وَكَانَ قد حصل لَهُ ميل إِلَى طقصبا وَهُوَ صبي يُغني وَكَانَ يعْمل بِهِ السماعات ويرقص على غنائه وَيحصل لَهُ وجد عَظِيم
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(لَا ترجى مَوَدَّة من مغن ... فمعنّى الْفُؤَاد من يرتجيها)(10/158)
(أبدا لَا تنَال مِنْهُ وداداً ... وَلَك السَّاعَة الَّتِي أَنْت فِيهَا)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(كدت أبلى ببليه ... من جفون بابليه)
(فتكت فِي الْقلب لَكِن ... كَانَت التَّقْوَى تقيه)
وأنشدني لنَفسِهِ
(يَا من غَدا مشتغلاً ... عَمَّن بِهِ يشْتَغل)
(بَيْتك قلبِي وَهُوَ من ... هجرك لي يشتعل)
وأنشدني لنَفسِهِ فِي بدر الدّين ابْن الخشاب وَشرف الدّين ابْن كسيرات وَكَانَ لَهُ عذبة
(يَا ماعراً صفداً مذ حل منصبها ... وَحل بالشد عقدا من مآثرها)
(دقَّتْ بدرة نحس لَا خلاق لَهُ ... أما ترَاهَا علت أكتاف ناظرها)
وأنشدني لنَفسِهِ
(يَا سيداً حسنت مَنَاقِب فَضله ... فعلت بِمَا فعلت على الْآفَاق)
(حاشاك تكسر قلب عبد لم يزل ... توليه حسن صنائع الإشفاق)
(هَب أَنه أخطا وأذنب مرّة ... مولَايَ أَيْن مَكَارِم الْأَخْلَاق)
وجهز إِلَيّ من طرابلس وَأَنا بِدِمَشْق وَقد تَأَخَّرت مكاتباتي عَنهُ ثَلَاثَة أوصال وَرقا أَبيض وَكتب فِي ذيلها وَلم يكْتب غير ذَلِك
(سُبْحَانَ من غير أَخْلَاق من ... أحسن فِي حسن الوفا مذهبا)
)
(كَانَ خَلِيلًا فغدا بعد ذَا ... لما انْقَضى مَا بَيْننَا طقصبا)
أَشَارَ إِلَى أَمر طقصبا الْمَذْكُور وَكَانَ لَهُ عَم أسود زوج أمه فَكَانَ ينغص علينا الِاجْتِمَاع بِحُضُورِهِ وَلما كتب هَذِه الأبيات كَانَ طقصبا الْمَذْكُور قد توفّي بصفد من مُدَّة لحسن إبراز هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي هَذِه الصُّورَة فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ
(يَا باعث العتب غلي عَبده ... وَمَا كَفاهُ العتب أَو ندبا)
(ومذكري عهدا لبسنا بِهِ ... ثوب سرُور بالبها مذهبا)
(مر فَلم يحل لنا بعده ... عَيْش وَلم نلق الْهوى طيبا)
(مَا كل ذِي ود خَلِيل وَلَا ... كل مليح فِي الورى طقصبا)(10/159)
(فحبذا تِلْكَ اللَّيَالِي الَّتِي ... كم يسر الله بهَا مطلبا)
(مَا أحد فِي مثلهَا طامع ... هَيْهَات فَاتَت فِي المنى أشعبا)
وَيُنْهِي بعد دُعَاء يرفعهُ فِي كل بكرَة وأصيل وَوَلَاء حصل مِنْهُ على النَّعيم الْمُقِيم وَلَا يَقُول وَقع فِي العريض الطَّوِيل وثناء إِذا مر فِي الرياض النافحة صَحَّ أَن نسيم السحر عليل وحفاظ ود يتَمَنَّى كل من جالسه لَو أَن لَهُ مثل الْمَمْلُوك خَلِيل وَورد الْمِثَال الْكَرِيم فقابل مِنْهُ الْيَد الْبَيْضَاء بل الديمة الوطفاء بل الكاعب الْحَسْنَاء وتلقى مِنْهُ طرة صبح لَيْسَ للدجى عَلَيْهَا أذيال وغرة نجح مَا كدر صفاءها خيبة الآمال فَلَو كَانَ كل وَارِد مثله لفضل المشيب على الشَّبَاب وَنزع المتصابي عَن التستر بِالْخِطَابِ ورفض السوَاد وَلَو كَانَ خالاً على الوجنة وعد الْمسك إِذا ذَر على الكافور هجنة وَأَيْنَ سَواد الدجى إِذا سجى من بَيَاض النَّهَار إِذا انهار وَأَيْنَ وجنات الكواعب النقية من الأصداغ المسودة بِدُخَان العذار وَأَيْنَ نور الْحق من ظلمَة الْبَاطِل وَأَيْنَ العقد الَّذِي كُله در من العقد الَّذِي فِيهِ السبج فواصل يَا لَهُ من وَارِد تنزه عَن وَطْء الأقلام المسودة وَعلا قدره عَن السطور الَّتِي لَا تزَال وجوهها بالمداد مربدة حَتَّى جَاءَ يتلألأ بَيَاضًا ويتقد وأتى يتهادى فِي النُّور الَّذِي تعتقد فِيهِ الْمَجُوسِيَّة مَا تعتقد وَلَكِن توهم الْمَمْلُوك أَن تكون صحف الود أمست مثله عفاء وَظن بِأَبْيَات العهود السالفة أَن تكون كهذه المراسلة من الرقوم خلاء
(لَو أَنَّهَا يَوْم الْمعَاد صحيفتي ... مَا سر قلبِي كَونهَا بَيْضَاء)
فَلَقَد سودت حَال الْمَمْلُوك ببياضها وَعدم من عدم الْفَوَائِد البهائية مَا كَانَ يغازله من صحيحات)
الجفون ومراضها وَمَا أَحَق تِلْكَ الأوصال الوافدة بِلَا فَائِدَة الجائدة بزيارتها الَّتِي خلت من الْجُود بِالسَّلَامِ وَإِن لم تخل زورتها من الإجادة أَن ينشدها الْمَمْلُوك قَول البحتري أبي عبَادَة
(أخجلتني بندى يَديك فسودت ... مَا بَيْننَا تِلْكَ الْيَد الْبَيْضَاء)
(وقطعتني بالوصل حَتَّى أنني ... متخوف أَلا يكون لِقَاء)
يَا عجبا كَيفَ اتخذ مَوْلَانَا هَذَا الصَّامِت رَسُولا بعد هَذِه الفترة وَكَيف ركن إِلَيْهِ فِي إبلاغ مَا فِي ضَمِيره وَلم يحملهُ من در الْكَلَام ذرة وَكَيف أهْدى عروس تحيته وَلم يقلدها من كَلَامه بشذرة مَا نطق هَذَا الْوَارِد إِلَّا بالعتاب مَعَ مَا نذر وَندب وَلَا أبدى غير مَا قرر من الإهمال وَقرب
(على كل حَال أم عَمْرو جميلَة ... وَإِن لبست خلقانها وجديدها)
وَبِالْجُمْلَةِ فقد مر ذكر الْمَمْلُوك بالخاطر الْكَرِيم وَطَاف من حنوه طائف على الْمَوَدَّة الَّتِي أَصبَحت كالصريم وَإِذا كَانَ الشَّاعِر قد قَالَ(10/160)
(وَيدل هجركم على ... أَنِّي خطرت ببالكم)
فَكيف بِمن دخل ذكره الضَّمِير وَخرج وَذكر على مَا فِيهِ من عوج وَمَا استخف بِي من أَمرنِي وَمن ذَكرنِي فَمَا حقرني وَالله تَعَالَى يديم حَيَاته الَّتِي هِيَ الْأمان والأماني ويمتع أَلْفَاظه الفريدة الَّتِي هِيَ أطرب من المثالث والمثاني
فَكتب إِلَيّ الْجَواب عَن ذَلِك
(يَا هاجراً من لم يزل قلبه ... إِلَيْهِ من دون الورى قد صبا)
(أرْسلت من بعد الجفا أسطراً ... أرقص مِنْهَا السّمع مَا أطربا)
(شفت فؤاداً شفه وجده ... من بعد مَا قد كَاد أَن يذهبا)
(قَالَ لَهَا العَبْد وَقد أَقبلت ... أَهلا وسهلاً بك يَا مرْحَبًا)
(أحلهَا قلباً صَحِيح الولا ... مَا كَانَ فِي صحبته قلّبا)
(وَلَا نسي عهد خَلِيل لَهُ ... قديم عهد كَانَ مَعَ طقصبا)
وَقبل مواقع تِلْكَ الأنامل الَّتِي يحِق لَهَا التَّقْبِيل وقابل بالإقبال تِلْكَ الْفَضَائِل الْمَخْصُوصَة بالتفضيل وقابلها بالثناء الَّذِي إِذا مر بالمندل الرطب جر عَلَيْهِ من كمائم كمه فضل المنديل وتأملها بِطرف مَا خلا من تصور محَاسِن صديق وَلَا أخل بِمَا يجب من التلفت إِلَى مَوَدَّة)
خَلِيل وَشَاهد مِنْهَا الرَّوْضَة الْغناء بل الدوحة الفيحاء بل الطلعة الغراء فَوَجَدَهَا قد تسربلت من الْمعَانِي البديعة بِأَحْسَن سربال وتحلت من الْمعَانِي البديهة بِمَا هُوَ أحلى فِي عين الْمُحب المهجور وَقَلبه من طيف الخيال لَكِن مَوْلَانَا غَابَ عَن محبه غيبَة مَا كَانَت فِي الْحساب وهجره وَهُوَ من خاطره بِالْمحل الَّذِي يَظُنّهُ أَنه إِذا ناداه بالأشواق أجَاب وَاتخذ بِدعَة الْإِعْرَاض عَن الْقَائِم بِفَرْض الْوَلَاء سنة واشتغل عَمَّن لَهُ عين رضى عَن نِسْيَان مَا مضى كليلة دمنة فخشي الْمَمْلُوك من تطاول الْمدَّة وخامر قلبه تقلبات الْأَيَّام فخاف أَن تبقى أَسبَاب المقاطعة ممتدة ووثق بنما يتَيَقَّن من حسن الموافاة ويعتقد فَاقْتضى حكم التذْكَار لطف الِاخْتِصَار توصلاً إِلَى تفقد التودد وَمن عادات السادات أَن تفتقد تذكر أَيَّام حلت مَسَرَّة وهناء وليال أحلى من سَواد الشَّبَاب أولت بوصال الأحباب الْيَد الْبَيْضَاء
(لَو أَن ليلات الْوِصَال يعدن لي ... كَانَت لَهَا روح الْمُحب فدَاء)
فيا لَهَا من مليحة أَقبلت بعد إعراضها ولطيفة رمقت بإيماء جفن مواصلتها وإيماضها وبديعة استخرج غواص مَعَانِيهَا من بحار معاليها كل ذرة وصنيعة أبدى نظام لآليها من غرر أياديها أجمل غرَّة ورفيعة جددت السرُور وشرحت الصُّدُور فعلت بِمَا فعلت إكليل المجرة ومتطولة رغبت المقصر فِيمَا يختصر وحببت ومتفضلة قَضَت بِحَق تفضيلها على مَا سبق وأوجبت
(مودتها فِي مهجتي لَا يزيلها ... بعاد وَلَا يبلي الزَّمَان جديدها)(10/161)
وَالله تَعَالَى يشْكر مَا حواه من فضل هَذِه الْمَعَالِي والمعاني ويمتع بفضائله الَّتِي تغني أغانيها عَن المثالث والمثاني
وَكَانَت بيني وَبَينه محاورات ومناقضات ومعارضات ومناقشات ومنافسات ومجاراة ونظم ونثر وبدآت ومراجعات وَهَذِه النبذة أنموذج تِلْكَ الْجُمْلَة
3 - (شرف الدّين بن شمس الدّين مَحْمُود)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد القَاضِي شرف الدّين ابْن القَاضِي شمس الدّين وَقد مرّ ذكره فِي المحمدين ابْن القَاضِي شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَاتب السِّرّ ابْن كَاتب السِّرّ ابْن كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق حسن الشكل تَامّ الْخلق حسن الصُّورَة والدقن ولد سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة لم أر وَلَا علمت أَن أحدا كتب المطالعة وأتقنها أحسن مِنْهُ وَلَا قَرِيبا مِنْهُ قد أحكمها ودربها ودرب مَا تطوى عَلَيْهِ وَمَا يقدم فِيهَا)
بالأهم من الْفُصُول الَّتِي يطالع بهَا وأتقن الرّقاع ومزجه بالنسخ وَكتب الثُّلُث جيدا والرقاع غَايَة لم أر أكتب مِنْهُ مَعَ السرعة وتوفية الْمَقَاصِد والنظافة فِي الْكِتَابَة تولى كِتَابَة السِّرّ بعد القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله فَإِن القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير لما أبطل بالفالج طلب السُّلْطَان القَاضِي محيي الدّين وَولده القَاضِي شهَاب الدّين وَالْقَاضِي شرف الدّين وولاه كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق وَأَجْلسهُ قدامه بدار الْعدْل فِي مصر وَوَقع قدامه فِي الدست ورسم لَهُ أَن يحضر دَار الْعدْل ويوقع قُدَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَلم يكن كتّاب السِّرّ قبل ذَلِك يَجْلِسُونَ فِي دَار الْعدْل بِدِمَشْق فباشر ذَلِك وَكَانَ إِذا توجه مَعَ نَائِب الشَّام إِلَى مصر يحضرهُ السُّلْطَان قدامه ويخلع عَلَيْهِ وينعم عَلَيْهِ وَقَالَ يَوْمًا لطاجار الدوادار يَا طاجار هَذَا شرف الدّين كَأَنَّهُ ولد موقعاً وَكَانَ يُعجبهُ سمته ولباسه فَلَمَّا توجه مَعَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى مصر سنة توجه السُّلْطَان إِلَى الْحجاز وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة ولاه السُّلْطَان كِتَابَة السِّرّ بالديار المصرية وجهز القَاضِي محيي الدّين وَأَوْلَاده إِلَى دمشق على وظائفهم وَتوجه القَاضِي شرف الدّين مَعَ السُّلْطَان إِلَى الْحجاز وَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف الدوادار وَطَالَ النزاع بَينهمَا وَكَثُرت الْمُخَاصمَة وَدخل الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي رَحمَه الله تَعَالَى بَينهمَا وَغَيره فَمَا أَفَادَ فقلق وَطلب الْعود إِلَى دمشق وَلم يقر لَهُ قَرَار فَأَعَادَهُ السُّلْطَان إِلَى دمشق على وظيفته وَكَانَت ولَايَته لكتابة السِّرّ بِمصْر تَقْدِير ثَمَانِيَة أشهر وَلما عَاد إِلَى دمشق فَرح بِهِ الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَقَامَ لَهُ وعانقه وَقَالَ لَهُ مرْحَبًا بِمن نحبه ويحبنا
وَأقَام تَقْدِير سنة وَنصف وَوَقع بَينه وَبَين حَمْزَة فَأوحى إِلَى نَائِب الشَّام مَا أوحاه من الْمَكْر والافتراء عَلَيْهِ فَكتب إِلَى السُّلْطَان فَعَزله بِالْقَاضِي جمال الدّين عبد الله ابْن كَمَال الدّين ابْن الْأَثِير وَبَقِي فِي بَيته بطّالاً مُدَّة فَكتب السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير سيف الدّين تنكز يَقُول لَهُ إِمَّا أَن تَدعه يُوقع قدامك وَإِمَّا أَن تجهزه إِلَيْنَا وَإِمَّا أَن ترَتّب لَهُ مَا يَكْفِيهِ فرتب لَهُ ثَلَاث مائَة دِرْهَم وَثَلَاث غَرَائِر وَلما أمسك تنكز رسم السُّلْطَان أَن يكون موقعاً بالدست وَأَن يستخدم وَلَده شهَاب الدّين أَحْمد فِي جملَة الموقعين(10/162)
فاستمر على ذَلِك إِلَى أَن تولى السُّلْطَان الْملك الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل فولاه وكَالَة بَيت المَال بِالشَّام مُضَافا إِلَى مَا بِيَدِهِ وَعِنْده تجمل زَائِد وكرم نفس وَفِيه تصميم وبسطة إِذا خلا بِمن يَثِق إِلَيْهِ وَله نظم ونثر وَأقَام فِي الْوكَالَة سنة أَو قَرِيبا ثمَّ إِنَّه توجه للوقوف على قَرْيَة يَشْتَرِيهَا الْأَمِير سيف الدّين الْملك ليوقفها على جَامعه)
بِالْقَاهِرَةِ فَتوفي بالقدس الشريف فَجْأَة فِي شهر ربيع الأوّل سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وسامحه أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(على خَدّه الوردي خَال منمق ... عَلَيْهِ بِهِ لِلْحسنِ معنى ورونق)
(وَفِي ثغره الدّرّ النظيم منضد ... يجول بِهِ مَاء الْحَيَاة المروق)
(وَمَا كنت أَدْرِي قبل حبه مَا الْهوى ... إِلَى أَن تبدى مِنْهُ خصر ممنطق)
(عَلَيْهِ من الْحسن البديع دَلَائِل ... تعلم ساليه الغرام فيعشق)
وأنشدني أيضاَ من لَفظه لنَفسِهِ
(رَأَتْ مقلتي من وَجهه منْظرًا أَسْنَى ... يفوق على الْبَدْر الْمُنِير بِهِ حسنا)
(غزال من الأتراك أصل بليتي ... معاطفه النشوى وألحاظه الوسنى)
(رنا نحونا عجبا وماس تدللاً ... فَمَا أرخص الْجَرْحى وَمَا أَكثر الطعنى)
(لَهُ مبسم كالدر والشهد رِيقه ... وَلَيْسَ بِهِ لكنه قَارب الْمَعْنى)
وَكتب إِلَيّ ملغزاً فِي القرط
(مَا اسْم ثلاثي ترى ... حلته مفوّفه)
(اعمد إِلَى تركيبه ... فِيهِ وصحف أحرفه)
(تَجِد جنى يبطئ فِي ال ... عود بِهِ من قطفه)
(واعكسه إِن تركته ... من بعد أَن تحرّفه)
(ترى بِهِ ذَا طرق ... بَين الورى مُخْتَلفه)
(أبنه يَا من فَضله ... يعجز من قد وَصفه)
فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك
(يَا سيداً قد زانه ... رب العلى وشرفه)
(وَقدر الصَّوَاب فِي ... أقلامه المحرّفه)
(وأوضح الْفضل لمن ... يَطْلُبهُ وعرفه)
(أبدعت لغزاً حسنا ... صِفَاته مستطرفه)(10/163)
(مثلث الْحُرُوف كم ... ربع رب معرفه)
(خضرته يانعة ... بهيئة مشرفه)
)
(كم زَان رضَا أقفرت ... ووجنةً مزخرفه)
(فَالثُّلُث مِنْهُ سُورَة ... آياتها مشرّفه)
(بل جبل أحَاط با ... لأرض وَذَاكَ معرفه)
(وَانْظُر لثلثيه تَجِد ... كليهمَا فِي طرفه)
(بقيت مَا جر النسي ... م فِي الرياض مطرفه)
(فِي ظلّ سعد ترتقي ... من النَّعيم غرفه)
وَكتب إِلَيّ ملغزاً فِي حلفا
(يَا ماجداً نجهد فِي وَصفه ... وفضله من بعد ذَا أوفى)
(مَا اسْم إِذا مَا رمت إيضاحه ... عز وَعَن فكرك لَا يخفى)
(وَهُوَ رباعي وَفِي لَفظه ... ترَاهُ حَقًا ناقضاً حرفا)
(صحفه واحذف ربعه تلفه ... مَدِينَة كم قد حوت لطفا)
(وَهَذِه الْبَلدة تصحيفها ... خلق يفوق الْحَد والوصفا)
(وَإِن تصحف بَعْضهَا فَهِيَ مَا ... زَالَت ترى فِي أذن شنفا)
(وَذَلِكَ الِاسْم على حَاله ... حرفه يرجع للصَّبِيّ حلفا)
(لم ير ذَا حَرْب وَكم شب من ... نَار لغير الروع مَا تطفا)
(وَإِن تشأ صحفه وَانْظُر تَجِد ... خلقا سوياً قطّ مَا أغفى)
(أبنه يَا من لم يزل فكره ... يرفع عَن بكر النهى سجفا)
(لَا زلت تبدي للورى كل مَا ... يستوقف الأسماع والطرفا)
فَكتبت الْجَواب عَن ذَلِك
(يَا سيداً ألسن أقلامه ... كم صرفت عَن عَبده صرفا)
(ومحسناً مَا زَالَ طيب الثنا ... عَلَيْهِ حَتَّى زين الصحفا)
(ألغزت شَيْئا لم يلن مَسّه ... فراح إِذْ صحفته حلفا)
(ومفرد إِن ألف عوضت ... أولاه يردع بعد ذَا ألفا)
(وَنصفه حل وَإِن تحذف ال ... أول من أحرفه لفا)
(وَلَيْسَ بالبدر على أَنه ... بِاللَّيْلِ كم قد نزل الطرفا)(10/164)
)
(أمامنا فِي بر مصر وَإِن ... صحفت يصبح بعد ذَا خلفا)
(إِن زاحم الشَّاعِر يذكر بِهِ ... كشحا جماً فِي الْحَال والرفا)
(لَا زلت ترقى فِي الْعلَا صاعداً ... مَا نظم الشَّاعِر أَو قفى)
(فِي ظلّ عَيْش قد صفا ورده ... وَرَاح بالإقبال قد حفا)
وَكتب إِلَيّ ملغزاً فِي الْهَوَاء
(أيا ماجداً مَا وَهِي فَضله ... وَنجم مكارمه مَا هوى)
(أبن أَيّمَا اسْم خفى منْظرًا ... وخف ويلفى شَدِيد القوى)
(وَلَا وزن فِيهِ وَفِي وَزنه ... إِذا أَنْت حققت عمدا سوى)
فَكتبت الْجَواب عَن ذَلِك
(أيا من تقصر أوصافنا ... وأمداحنا فِيهِ عَمَّا حوى)
(كَأَنَّك ألغزت لي فِي الَّذِي ... غَدا وَله النشر فِيمَا انطوى)
(إِذا مر فِي الرَّوْض خرت لَهُ ... غصون الْأَرَاك وَبَان اللوى)
(يمد وَيقصر فِي لَفظه ... فللجو هَذَا وَذَا للجوى)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ أَيْضا بالديار المصرية
(وَالله قد حرت فِي حَالي وَفِي عَمَلي ... وضاق عَمَّا أرجي مِنْكُم أملي)
(أَبيت والشوق يذكي فِي الْفُؤَاد لظى ... نَار تؤجج فِي الأحشاء ذِي شعل)
(وَيُصْبِح الْقلب لَا يلهو بغيركم ... وَأَنْتُم عَنهُ فِي لَهو وَفِي شغل)
(الله فِي مهجة قد حثها أجل ... إِن لم يكن صدكم عني إِلَى أجل)
3 - (قطب الدّين ابْن المكرم)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن مكرم بن عَليّ بن أَحْمد القَاضِي الْكَبِير الزَّاهِد الأوحد قطب الدّين ابْن المكرم أحد كتاب الْإِنْشَاء السلطاني بِالْقَاهِرَةِ اجْتمعت بِهِ غير مرّة بديوان الْإِنْشَاء بقلعة الْجَبَل ورافقته مُدَّة وَكَانَ يسْرد الصَّوْم وَيكثر الْمُجَاورَة بالحرمين الشريفين وبالقدس الشريف وتنجز من السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد توقيعاً بِأَن يُقيم حَيْثُ شَاءَ من الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَيكون معلومه راتباً عَلَيْهِ وَمن بعده لأولاده ولأولاد أَوْلَاده أبدا وَلم أره يكْتب شَيْئا لِأَن صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء يجله لتخليه ومولده فِي أحد الربيعين سنة سبعين وست مائَة)(10/165)
وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة بالقدس الشريف عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة وَأشهر رَحمَه الله تَعَالَى وَعَفا عَنهُ وسامحه
3 - (السّلمِيّ)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عنتر السّلمِيّ أجَازه سبط السلَفِي وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِدِمَشْق
3 - (نجم الدّين)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد نجم الدّين توفّي يَوْم عيد الْفطر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَأَجَازَ لي بِخَطِّهِ فِي شهر رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة بِالْقَاهِرَةِ
3 - (ابْن الْملك الْأَشْرَف)
أَبُو بكر بن الْملك الْأَشْرَف أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْكَبِير ولد بِمصْر سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَنَشَأ بحلب وَسمع من حَنْبَل وَابْن طبرزد وَدخل بَغْدَاد وَكَانَ لَهُ حُرْمَة وافرة وَهُوَ أَمِير جليل مَاتَ بحلب سنة سبع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن هِشَام الْأَزْدِيّ المغربي)
أَبُو بكر بن هِشَام الْأَزْدِيّ الْكَاتِب من أهل قرطبة كَانَ من الْكتاب البلغاء وَهُوَ أَخُو أبي الْقَاسِم عَامر بن هِشَام وأبوهما أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الله بن هِشَام أحد حكام قرطبه وَهُوَ الَّذِي صلى على أبي الْقَاسِم ابْن بشكوال عِنْد وَفَاته وَتُوفِّي أَبُو بكر هَذَا بالجزيرة الخضراء سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم اسْمه كنيته وَالنَّاس يكنونه أَبَا يحيى وَأورد لَهُ فِي لَيْلَة أنس
(وَلما دنا الإصباح قَامَ مودعي ... وخلفني فِي قَبْضَة الوجد هَالكا)
(وَكَانَ سَواد اللَّيْل أَبيض ناصعاً ... فَعَاد بَيَاض الْفجْر أسود حالكاً)
وَأورد لَهُ
(يَا واحدي وَهُوَ لَا جمع يقاومه ... فِي حَالَة النَّفْع أَو فِي حَالَة الضَّرَر)
(هَل من سَبِيل لذات الظل وَالشَّجر ... ومذنب من معِين المَاء منفجر)
(وَذي حنين كَأُمّ الخشف فاقدة ... لَهُ وَقد ضل بَين الضال والسمر)
(حَتَّى أكون بِحَيْثُ الْجِسْم فِي دعة ... وَفِي قَرَار وطرف الْعين فِي سفر)(10/166)
)
(تهدي إِلَيْنَا الصِّبَا فِيهَا بِلَا عوض ... مسكاً إِذا سحبت ذيلاً على الزهر)
(فَإِن تجب دَاعيا مني فَلَا عجب ... وَإِن تجبني على شعري فَأَنت حري)
وَقَالَ يُرَاجع مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن السماد
(لله من نفحات الْعود عاطرة ... هبت علينا تحييّنا وتحيينا)
(ظمئت شوقاً فأجرت لي لوافحها ... معِين مَاء يسقّينا ويروينا)
(هَذَا السَّلَام وَهَذَا الود نعرفه ... يَا لَيْت شعري مَتى يقْضى تلاقينا)
(يَا دَاعيا بِلِسَان الصدْق إِنَّك قد ... أسمعت قلب فَتى يهواكم دينا)
(دَعوتنَا للتصابي إِذْ دَعَوْت لنا ... فأصغ منا إِلَى لبيْك آمينا)
قلت شعر متوسط
3 - (عماد الدّين الْحَنَفِيّ)
أَبُو بكر بن هِلَال بن عباد عماد الدّين الْحَنَفِيّ معيد الْمدرسَة الشبلية كَانَ عَالما صَالحا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلاً بِنَفسِهِ ونفع من يقْرَأ عَلَيْهِ مولده سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وست مائَة وَسمع وَهُوَ كَبِير من الْقَاسِم بن صصري وَمن ابْن الزبيدِيّ وَلَو سمع صَغِيرا لَكَانَ أسْند أهل الأَرْض وَكَانَ يعرف بالعماد الجيلي وَسمع البرزالي وَابْن الخباز
3 - (الشاغوري النَّحْوِيّ)
أَبُو بكر بن يَعْقُوب الطَّبِيب النَّحْوِيّ الشاغوري شهَاب الدّين توفّي بِالْيمن كهلاً سنة ثَلَاث وَسبع مائَة وَأَظنهُ كَانَ من تلامذة الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك وَكَانَ قد جود الْعَرَبيَّة ويظن أَنه يَلِي مَكَان الشَّيْخ جمال الدّين إِذا توفّي فَلَمَّا أخرجت الْوَظِيفَة عَنهُ تألم من ذَلِك وَكَانَ شرح التسهيل عِنْده كَامِلا لمصنفه فَأَخذه مَعَه وَتوجه إِلَى الْيمن حرجاً وغضباً على أهل دمشق
وَبَقِي الشَّرْح مخروماً بَين ظهر النَّاس فِي هَذِه الْبِلَاد حَتَّى جَاءَ الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين فَوضع لَهُ الشُّرُوح المستوفاة وَحكى لي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين عَن هَذَا الشاغوري أَنه كَانَ يدع النَّاس بالجامع الْأمَوِي يصلونَ الْمغرب فِي الْحَائِط الشمالي ويتمشى هُوَ على الْعَادة من الْحَائِط الشَّرْقِي إِلَى الغربي ويري النَّاس أَنه غير مكترث بِالصَّلَاةِ فجَاء إِلَيْهِ إِنْسَان وَقَالَ لَهُ لَو أظهرت من الزندقة مَا عَسى أَن تظهر مَا دعوناك نحوياً أَو كَمَا قَالَ)
3 - (أَسد الدّين ابْن الأوحد)
أَبُو بكر بن يُوسُف بن شادي يَأْتِي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة وَالِده الْأَمِير أَسد الدّين بن الْأَمِير صَلَاح الدّين بن الأوحد أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِدِمَشْق كَانَ حسن الشكل مليح الْقَامَة متجسماً خيرا رصيناً حج بالركب فِي سنة خمس وَخمسين وَسبع مائَة وَكنت مَعَه فَمَا رأى النَّاس فِي تِلْكَ الْمرة أحسن حجَّة مِنْهُ لنيته الْمُبَارَكَة لم يزل بِدِمَشْق أَمِيرا إِلَى(10/167)
أَن ورد مرسوم للسُّلْطَان بِأَن يتَوَجَّه كل من لَهُ إقطاع بصفد إِلَى صفد وَيُقِيم هُنَاكَ فَتوجه إِلَيْهَا فَضَاقَ عطنه بهَا لِأَنَّهُ فَارق من دمشق بأوراق من سنا الَّذِي لَيْسَ بِدِمَشْق مثل عِمَارَته فَحصل لَهُ ضعف وَورد إِلَى دمشق ليتداوى بهَا فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سَابِع عشر شهر رَمَضَان سنة سبع وَخمسين وَسبع مائَة
3 - (الْحَكِيم تَقِيّ الدّين)
أَبُو بكر بن يُوسُف بن مُحَمَّد الْحَكِيم تَقِيّ الدّين نزيل الرّوم كَانَ من الرؤساء الْفُضَلَاء
استوطن الرّوم وَتقدم عِنْد سُلْطَانه وَكَانَ يتَرَدَّد فِي الرسائل من الرّوم إِلَى الشَّام ومصر فتمول وأثرى وأدركه أَجله بِدِمَشْق فأوصى بِثلث مَاله يصرف فِي الصَّدَقَة وفكاك الأسرى
وَأسْندَ الْوَصِيَّة إِلَى الْأَمِير جمال الدّين مُوسَى بن يغمور وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَخمسين وست مائَة
3 - (ابْن الزراد)
أَبُو بكر نَاصح الدّين ابْن يُوسُف بن أبي بكر بن أبي الْفرج بن يُوسُف ابْن هِلَال الْمُحدث الْمُقْرِئ الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الزراد ولد بحران سنة أَربع عشرَة وست مائَة وَقَرَأَ الْقرَاءَات وتفقه وَسمع بِدِمَشْق وحلب وروى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه وَكَانَ رَفِيقه فِي الطّلب وَكتب الْكثير وخطه مَعْرُوف وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وست مائَة فِي جُمَادَى الأولى بحلب
3 - (زين الدّين الحريري الْمزي)
أَبُو بكر بن يُوسُف بن أبي بكر بن مَحْمُود بن عُثْمَان بن عَبدة الإِمَام الْمُقْرِئ الْمدرس بَقِيَّة الْمَشَايِخ زين الدّين الْمزي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي يعرف بالحريري لِأَن أمه تزوجت بالشمس الحريري نقيب ابْن خلكان فرباه ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وست مائَة تَقْرِيبًا وَتُوفِّي سنة سِتّ)
وَعشْرين وَسبع مائَة تَلا بالسبع على الزواوي وَغَيره وَسمع من الصَّدْر الْبكْرِيّ وخطيب مردا وَجَمَاعَة ودرس التَّنْبِيه وَغَيره ودرس بالقليجية الصُّغْرَى وَغَيرهَا وَولي مشيخة الْقرَاءَات والنحو بالعادلية مُدَّة وَسمع ابْنه وَابْن ابْنه شرف الدّين وَكَانَ فِيهِ ود وَخير وَسمع مِنْهُ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين ابْن جمَاعَة وَابْنه والطلبة
3 - (الزَّاهِد الشعيبي)
أَبُو بكر الشّعبِيّ الزَّاهِد الْوَلِيّ والشعيبية من قرى ميافارقين قَالَ سعد الدّين الْجُوَيْنِيّ كَانَ من صلحاء الأبدال صَاحب علم وَعمل ورياضات ومجاهدات سَأَلَني السُّلْطَان الْملك المظفر أَن أَقُول لَهُ أَن يَأْذَن لَهُ فِي زيارته فَلم يجب وَقَالَ أَنا أَدْعُو لَهُ أَن يصلحه الله لنَفسِهِ ولرعيته فيجتهد أَن لَا يظلم قَالَ وَكَانَ أَكثر أوقاته يتَكَلَّم على الخاطر وَكَانَ كثيرا مَا يَقُول عقب كَلَامه اللَّهُمَّ ارحمنا فَسَأَلته عَن التتار قبل أَن يطرقوا الْبِلَاد فزفر زفرَة ثمَّ أنْشد من الطَّوِيل(10/168)
(وَمَا كل أسرار النُّفُوس مذاعة ... وَلَا كل مَا حل الْفُؤَاد يُقَال)
خرج إِلَى قريته الشعيبية وَقَالَ لأولاده احفروا لي قبراً فَأَنا أَمُوت بعد يَوْمَيْنِ فَحَفَرُوا لَهُ ثمَّ مَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي عينه سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (المعتزلي)
أَبُو بكر الْأَصَم المعتزلي صَاحب هِشَام بن عَمْرو الفوطي وسوف يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْهَاء فِي مَكَانَهُ ذهب أَبُو بكر إِلَى أَن الْإِمَامَة لَا تَنْعَقِد إِلَّا بِإِجْمَاع الْأمة عَن بكرَة أَبِيهِم وَقصد بذلك الطعْن على إِمَامَة عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهَا كَانَت فِي أَيَّام الْفِتْنَة وَلم يتَّفق عَلَيْهَا أهل الْعَصْر وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ الْقُرْآن جسم مَخْلُوق وَأنكر الْأَعْرَاض أصلا وَكَانَ يَقُول كَقَوْل أستاذه هِشَام الْجنَّة وَالنَّار لم يخلقا إِلَى الْآن
3 - (صَلَاح الدّين الدينَوَرِي)
أَبُو بكر الدينَوَرِي الرجل الصَّالح صَلَاح الدّين صَاحب الشَّيْخ عَزِيز الدّين عمر الدينَوَرِي وَهُوَ الَّذِي بنى لَهُ الزاوية بالصالحية وَصَارَ هُوَ وجماعته يذكرُونَ فِيهَا عقيب الصُّبْح بِأَصْوَات طيبَة فَلَمَّا مَاتَ الشَّيْخ رَحمَه الله بَقِي الصّلاح يقوم بِهَذِهِ الْوَظِيفَة وَمَات فِي ذِي قعدة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة)
3 - (الْعَنْبَري)
أَبُو بكر الْعَنْبَري السجْزِي أورد لَهُ الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة قَوْله يُخَاطب من زوج ابْنَته
(أنكحت حرتك الكري ... مة عَامِدًا إجلالها)
(من لم يكن كُفؤًا سوا ... هـ الْيَوْم فِي الدُّنْيَا لَهَا)
(مَا كنت إِلَّا منكحاً ... شمس السَّمَاء هلالها)
(فضممت مَحْمُود الفعا ... ل إِلَى الْيَمين شمالها)
(ستقر عَيْنك عَن قري ... ب إِذْ ترى أشبالها)
الصحاب أَبُو بكر الثَّقَفِيّ اسْمه نفيع بن الْحَارِث يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف النُّون فِي مَكَانَهُ(10/169)
(بكران الْمَلْطِي الصُّوفِي)
بكران الْمَلْطِي الصُّوفِي قَالَ السّلمِيّ كَانَ من بطارقة الثغر لَهُ آيَات وكرامات ينتمي إِلَى سهل بن علية وَهُوَ مِمَّن يَنْقَلِب لَهُ الْأَعْيَان وَلم يذكر وَفَاته
ابْن بكروس الْحَنْبَلِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُبَارك
(بكير)
3 - (ابْن الْأَشَج)
بكير بن عبد الله بن الْأَشَج الْمدنِي الْفَقِيه مولى الْمسور بن مخرمَة نزل مصر وَهُوَ أَخُو يَعْقُوب وَعمر روى عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف وَسَعِيد بن الْمسيب وَأبي صَالح السمان وَبشر بن سعيد وحمران مولى عُثْمَان وكريب وَسليمَان بن يسَار وَطَائِفَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة مجمع على ثقته وجلالته قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الصَّحِيح أَنه توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة
3 - (ابْن مِسْمَار الْمدنِي)
بكير بن مِسْمَار الْمدنِي مولى سعد بن أبي وَقاص روى لَهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَأَشَارَ ابْن حبَان إِلَى ضعفه فَوَهم وَإِنَّمَا ذَاك بكير بن مَعْرُوف الدَّامغَانِي مَعَ أَن الدَّامغَانِي صَدُوق توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة(10/170)
3 - (أَبُو معَاذ الدَّامغَانِي)
بكير بن مَعْرُوف أَبُو معَاذ الْمُفَسّر قَاضِي نيسابور سكن دمشق مُدَّة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل مَا أرى بِهِ بَأْسا وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان وَقَالَ ابْن عدي أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ مَا حَدِيثه بالمنكر جدا
ويروى عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ ذَاهِب الحَدِيث توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (ابْن وشاح التَّمِيمِي)
بكير بن وشاح التَّمِيمِي أحد بني عَوْف بن سعد من شعراء خُرَاسَان أورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجَمه قَوْله
(ترك التقية من أَتَاك مشمراً ... بِالسَّيْفِ يخْطر كالهزبر الضغيم)
(إِن الْقَرَابَة طيعتها وَائِل ... فَاضْرب بسيفك هَامة المستلئم)
وَلما خلع عبد الله بن خازم بخراسان قَالَ
(أبلغ بني خازم إِنِّي مفارقهم ... وَقَائِل لجياد غدْوَة بيني)
(غَنِي امْرُؤ غَرَض من كل منزلَة ... لَا شدتي ترتجى فِيهَا وَلَا ليني)
بكير بن ماهان أَبُو هَاشم الْحَارِثِيّ أحد دعاة بني الْعَبَّاس قدم على مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس إِلَى البلقاء وَأقَام عِنْده وَأخذ عَنهُ وَبَعثه إِلَى خُرَاسَان دَاعيا وَقدم عل إِبْرَاهِيم بن)
مُحَمَّد الإِمَام بعد ذَلِك فَبعث بِهِ إِلَى خُرَاسَان وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الْحَافِظ الدِّمَشْقِي أَنه قَالَ يَلِي من ولد الْعَبَّاس أَكثر من ثَلَاثِينَ رجلا مِنْهُم سِتَّة يسمون باسم وَاحِد يفتح أحد الثَّلَاثَة الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَكَانَ بكير يبث الدعاة بخراسان فَبعث عمار بن يزِيد إِلَى خُرَاسَان فِي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة فَغير اسْمه بخداش قَالَ سبط الْجَوْزِيّ فِي مرْآة الزَّمَان قد ولي من بني الْعَبَّاس من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وست مائَة سِتَّة وَثَلَاثُونَ خَليفَة أَوَّلهمْ السفاح وَآخرهمْ المستعصم فَمنهمْ سَبْعَة اسْم كل وَاحِد مِنْهُم عبد الله وهم السفاح والمنصور والمأمون والمستكفي والقائم والمقتدي والمستعصم وَمِنْهُم ثَمَانِيَة اسْم كل وَاحِد مِنْهُم مُحَمَّد وهم الْمهْدي والمعتصم والأمين والمعتز والمهتدي والقاهر(10/171)
والراضي وَالظَّاهِر وَمِنْهُم سِتَّة اسْم كل وَاحِد مِنْهُم أَحْمد وهم المستعين وَالْمُعْتَمد والمعتضد والقادر والمستظهر والناصر وَمِنْهُم اثْنَان اسْم كل وَاحِد مِنْهُمَا جَعْفَر وهما المتَوَكل والمقتدر وَوَاحِد اسْمه عَليّ وَهُوَ المكتفي وَوَاحِد اسْمه مُوسَى وَهُوَ الْهَادِي وَوَاحِد اسْمه إِبْرَاهِيم وَهُوَ المتقي وَاثْنَانِ اسْم كل مِنْهُمَا هَارُون وهما الرشيد والواثق وَوَاحِد اسْمه عبد الْكَرِيم وَهُوَ الطائع وَوَاحِد اسْمه الْحسن وَهُوَ المستضيء وَوَاحِد اسْمه يُوسُف وَهُوَ المستنجد فَهَؤُلَاءِ سِتَّة وَثَلَاثُونَ قد اتّفقت مِنْهُم سِتَّة أَسمَاء كَمَا ذكر بكير وَلم يتَّفق مِنْهُم ثَلَاثَة أَسمَاء وَنَرْجُو أَن يتَّفق ذَلِك وَيكون فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة على يَد الثَّالِث فَإِن الْخلَافَة بَاقِيَة فِي بني الْعَبَّاس إِلَى يَوْم الدّين بِالْحَدِيثِ الثَّابِت
انْتهى قلت وَقد اتّفق فِي اسْم أَحْمد اثْنَان آخرَانِ فَيكون للاتفاق ثَمَانِيَة وهما الْحَاكِم الَّذِي بُويِعَ بالخلافة بالديار المصرية أَيَّام الظَّاهِر وَهُوَ وَالِد المستكفي سُلَيْمَان وَالْحَاكِم أَحْمد بن المستكفي وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي هَذَا الْعَصْر أدام الله أَيَّامه
3 - (الْجِرْجَانِيّ الصُّوفِي)
بكير الْجِرْجَانِيّ قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد السّلمِيّ هُوَ من الْمُتَأَخِّرين يَعْنِي فِي الصُّوفِيَّة من أَقْرَان المرتعش والخالدي سَمِعت جَعْفَر ابْن أَحْمد يَقُول لما حضرت بكير الْوَفَاة قَالَ لأَصْحَابه اجْتَمعُوا عِنْدِي ختمة فَإِنَّهُ قرب أَمْرِي فَلَمَّا اجْتَمعُوا وقرأوا الختمة وفرغوا مِنْهَا مَاتَ فِي سَاعَته
3 - (الشرَاك الصُّوفِي)
بكير الشرَاك كَانَ من صوفية بَغْدَاد وَكَانَ ينزل بالشونيزية قَالَ السّلمِيّ سَمِعت الْحُسَيْن بن)
أَحْمد يَقُول لم أر فِي مَشَايِخ الصُّوفِيَّة أحسن لُزُوما للْفَقِير مِنْهُ مَاتَ سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة(10/172)
(الألقاب)
البلاذري أَحْمد بن يحيى
البلاشاغوني مُحَمَّد بن مُوسَى
(بِلَال)
3 - (بِلَال بن مَالك الْمُزنِيّ)
بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني كنَانَة فأشعروا بِهِ فَلم يصب مِنْهُم إِلَّا فرسا وَاحِدًا وَذَلِكَ فِي سنة خمس من الْهِجْرَة
بِلَال رجل من الْأَنْصَار مَعْدُود فِي الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ولاه عمر بن الْخطاب عمان ثمَّ عَزله وَضمّهَا إِلَى عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أَقف على نسبه وَخَبره هَذَا مَشْهُور
3 - (مُؤذن النَّبِي)
3 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
بِلَال بن رَبَاح الحبشي مولى أبي بكر وَأمه حمامة أَبُو عبد الْكَرِيم مؤذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من السَّابِقين الْأَوَّلين شهد بَدْرًا وَغَيرهَا وعذب فِي الله روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة عشْرين لِلْهِجْرَةِ بِدِمَشْق أذن لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طول حَيَاته حضرا وسفراً إِلَّا يَوْم أذن أَخُو صداء وَأذن يَوْم الْفَتْح على ظهر الْكَعْبَة وَقيل أذن لأبي بكر مُدَّة خِلَافَته وَأذن لعمر الْجَابِيَة مرّة وَأول من أظهر الْإِسْلَام سَبْعَة رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم وَأَبُو بكر وعمار وَأمه سميَّة وصهيب وبلال والمقداد وَقيل خباب مَكَان الْمِقْدَاد وَسَماهُ عُرْوَة بن الزبير بِلَال الْخَيْر وَهُوَ أحد الَّذين نزل فيهم وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم وَمن النَّاس من يشري نَفسه وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السباق أَرْبَعَة أَنا سَابق الْعَرَب وصهيب سَابق(10/173)
الرّوم وسلمان سَابق الْفرس وبلال سَابق الْحَبَش وَعنهُ اشتاقت الْجنَّة إِلَى ثَلَاثَة عَليّ وعمار وبلال وَعنهُ يحْشر بِلَال على نَاقَة من نُوق الْجنَّة فينادي بِالْأَذَانِ مَحْضا فَإِذا بلغ اشْهَدْ أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله شهد بهَا)
جَمِيع الْخَلَائق من الْمُؤمنِينَ الْأَوَّلين والآخرين فَقبلت مِمَّن قبلت مِنْهُ وَيُؤْتى بحلتين من حلل الْجنَّة فيكساهما وَجَاء فِي حَقه من هَذَا كثير وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَبُو بكر سيدنَا وَأعْتق سيدنَا يَعْنِي بِلَالًا وَلما حَضرته الْوَفَاة كَانَ يَقُول غَدا نلقى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه وافرحتاه
وَقد اخْتلف فِي مَكَان وَفَاته وزمانها فَقيل بِدِمَشْق وَقيل بحلب وَقيل مَاتَ سنة سبع عشرَة وَقيل ثَمَان عشرَة وَعشْرين وَإِحْدَى وَعشْرين فِي طاعون عمواس وَله بضع وَسِتُّونَ سنة
3 - (أَبُو عَمْرو الدِّمَشْقِي)
بِلَال بن سعد بن تَمِيم أَبُو عَمْرو الدِّمَشْقِي الْمُذكر واعظ الشَّام وعالمها روى عَن أَبِيه وَله صُحْبَة وَعَن مُعَاوِيَة وَجَابِر بن عبد الله وَغَيرهم وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَوَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ألف رَكْعَة توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة وَذكر أَبُو مسْهر أَن بِلَال بن سعد كَانَ بِالشَّام مثل الْحسن الْبَصْرِيّ بالعراق وَكَانَ قَارِئ الشَّام وَكَانَ جهير الصَّوْت قَالَ الْأَصْمَعِي كَانَ يُصَلِّي اللَّيْل أجمع فَكَانَ إِذا غَلبه النّوم فِي الشتَاء وَكَانَ فِي دَاره بركَة مَاء فَيَجِيء فيطرح نَفسه مَعَ ثِيَابه فِي المَاء حَتَّى ينفر النّوم عَنهُ فعوتب فِي ذَلِك فَقَالَ مَاء الْبركَة فِي الدُّنْيَا خير من صديد جَهَنَّم وَالله أعلم
3 - (الْمُزنِيّ الصَّحَابِيّ)
بِلَال بن الْحَارِث أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُزنِيّ الصَّحَابِيّ من أهل بادية الْمَدِينَة شهد الْفَتْح حَامِلا أحد ألوية مزينة وَكَانَ فِيمَن غزا دومة الجندل مَعَ خَالِد وَكَانَ(10/174)
يسكن جبلي مزينة الْأَشْعر والأجرد وَيَأْتِي الْمَدِينَة كثيرا وَيُقَال كَانَ أول من قدم من مزينة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رجال مِنْهُم فِي رَجَب سنة خمس من الْهِجْرَة وَقدم مصر لغزو أفريقية وَحمل لِوَاء مزينة وأقطعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معادن الْقبلية والعقيق وَكَانَ مُسْتَعْملا على الْحمى أَيَّام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتِّينَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَله ثَمَانُون سنة وَله دَار بِالْبَصْرَةِ وروى لَهُ الْأَرْبَعَة
3 - (ابْن أبي بردة الْأَشْعَرِيّ)
بِلَال بن أبي بردة عَامر بِي أبي مُوسَى عبد الله بن قيس أَبُو عَمْرو وَيُقَال أَبُو عبد الله الْأَشْعَرِيّ الْبَصْرِيّ ولي أَمر الْبَصْرَة وَحدث عَن أَبِيه وَعَمه أبي بكر وَأنس بن مَالك وروى عَنهُ قَتَادَة وثابت وَغَيرهمَا وَفد على عمر بِي عبد الْعَزِيز لما ولي الْخلَافَة بخناصرة فهنأه)
فَقَالَ من كَانَت الْخلَافَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ شرفته فقد شرفتها وَمن كَانَت زانته فقد زينتها وَأَنت وَالله كَمَا قَالَ مَالك بن أَسمَاء
(وتزيدين أطيب الطّيب طيبا ... أَن تمسيه أَيْن مثلك أَيّنَا)
(وَإِذا الدّرّ زَان حسن وُجُوه ... كَانَ للدر حسن وَجهك زينا)
فجزاه عمر خيرا وَلزِمَ بِلَال الْمَسْجِد يُصَلِّي وَيقْرَأ ليله ونهاره فهم عمر أَن يوليه الْعرَاق ثمَّ قَالَ هَذَا رجل لَهُ فضل فَدس إِلَيْهِ ثِقَة لَهُ فَقَالَ لَهُ إِن عملت لَك فِي ولَايَة الْعرَاق مَا تُعْطِينِي فضمن لَهُ مَالا جَلِيلًا فَأخْبر بذلك عمر فنفاه وَأخرجه وَقَالَ يَا أهل الْعرَاق إِن صَاحبكُم أعطي مقولاً وَلم يُعْط معقولاً وزادت بلاغته ونقصت زهادته وَكَانَت ولَايَته لِلْبَصْرَةِ من جِهَة خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي تولى بهَا الشرطة وَالصَّلَاة وَالْقَضَاء فَبَقيت ولَايَته عشر سِنِين فَلَمَّا ولي الْعرَاق يُوسُف بن عمر الثَّقَفِيّ حَبسه وَكَانَ من عَادَته أم من مَاتَ فِي السجْن سلمه إِلَى أَهله فَأعْطى بِلَال للسجان مائَة ألف دِرْهَم على أَن يعلم يُوسُف بن عمر أَنه مَاتَ رَجَاء أَن يُسلمهُ إِلَى أَهله فَقَالَ يُوسُف أرنيه مَيتا فجَاء السجان فغمه إِلَى أَن مَاتَ وَأرَاهُ إِيَّاه وَقيل لذِي الرمة لم خصصت بِلَال بن أبي بردة بمدحك قَالَ لِأَنَّهُ أوطأ مضجعي وَأكْرم مجلسي فَحق لي إِذْ وضع معروفه عِنْدِي أَن يستولي على شكري وَكَانَ بِلَال ذَا رَأْي ودهاء وَكَانَ من الْأكلَة ذكر الْمَدَائِنِي أَنه أرسل إِلَى قصاب سحرًا قَالَ فَدخلت عَلَيْهِ فَوَجَدته وَبَين يَدَيْهِ كانون وَعِنْده تَيْس ضخم فَقَالَ اذبحه واسلخه وكبب لَحْمه وَجعل يشوي شَيْئا بعد شَيْء فَأَكله اجْمَعْ وَجَاءَت(10/175)
جَارِيَة بِقدر فِيهَا دجاجتان وفرخان وَصفَة مغطاة فَقَالَ وَيحك مَا فِي بَطْني مَوضِع فضعيها على رَأْسِي فضحكنا مِنْهُ ودعا بشراب فَشرب مِنْهُ خَمْسَة أقداح
وَكَانَ خَالِد بن صَفْوَان التَّمِيمِي الْمَشْهُور بالبلاغة يدْخل على بِلَال بن أبي بردة فيحدثه طَويلا ويلحن فِي كَلَامه فَلَمَّا كثر ذَلِك على بِلَال قَالَ لَهُ يَا خَالِد تُحَدِّثنِي أَحَادِيث الْخُلَفَاء وتلحن لحن السقّاءات فَصَارَ خَالِد بعد ذَلِك يَأْتِي الْمَسْجِد ويتعلم الْإِعْرَاب وكف بَصَره وَكَانَ إِذا مر بِهِ موكب بِلَال يَقُول من هَذَا فَيُقَال الْأَمِير فَيَقُول خَالِد سَحَابَة صيف عَن قَلِيل تقشع فَقيل ذَلِك لِبلَال فَقَالَ لَا تقشع وَالله حَتَّى تصيبك مِنْهَا بشؤبوب وَأمر بِهِ فَضرب مِائَتي سَوط
3 - (قَاضِي دمشق)
بِلَال بن أبي الدَّرْدَاء أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ القَاضِي بِدِمَشْق روى عَن أَبِيه وَأم الدَّرْدَاء امْرَأَة)
أَبِيه وَكَانَ أسن مِنْهَا وَقيل كَانَ أَمِيرا على دمشق وَلما اسْتخْلف عبد الْملك عزل بِلَالًا وَولى أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنِي خَالِد بن يزِيد عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت بِلَال بن أبي الدَّرْدَاء على الْقَضَاء فِي زمن عبد الْملك فرأيته لَا يضْرب شَاهد الزُّور بِالسَّوْطِ وَلَكِن يوقفه بَين عمد الدرج وَيَقُول هَذَا شَاهد زور فَاعْرِفُوهُ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين أَو سنة اثْنَتَيْنِ
3 - (الطواشي حسام الدّين المغيثي)
بِلَال الطواشي الْأَمِير حسام الدّين المغيثي أَبُو المناقب الحبشي الجمدار الصَّالِحِي كَانَ لالا الْملك الصَّالح عَليّ بن عبد الْملك الْمَنْصُور قلاوون ثمَّ جعله الْعَادِل كتبغا يتحدث فِي أَمر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وَهُوَ كَبِير الخدام المقيمين بِالْحرم النَّبَوِيّ وَله أَمْوَال عَظِيمَة وغلمان وَحُرْمَة فِي الدول حدث بِمصْر ودمشق وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين عدَّة أَجزَاء يَرْوِيهَا عَن ابْن رواج وَكَانَ فِيهِ دين وبر وصدقات حضر المصاف ورد فأدركه أَجله بالسوادة سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة فَحمل إِلَى قطبا وَدفن بهَا وَكَانَ ضخماً مهيباً تَامّ الشكل حالك السوَاد(10/176)
3 - (الصُّوفِي)
بِلَال الْخَواص الصُّوفِي قَالَ السّلمِيّ فِي تَارِيخ الصُّوفِيَّة كَانَ من متأخري مَشَايِخ الصُّوفِيَّة بِبَيْت الْمُقَدّس يُقَال إِنَّه كَانَ يرى الْخضر ويسأله عَن مسَائِل
(بلبان)
3 - (الزيني)
بلبان الْأَمِير الْكَبِير سيف الدّين الزيني الصَّالِحِي كَانَ مقدم البحرية فِي أول دولة التّرْك حَبسه السُّلْطَان مُدَّة ثمَّ أطلقهُ وَأَعْطَاهُ إمرةً بِدِمَشْق وَكَانَ ذَا نهضة وشهامة وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وست مائَة
3 - (بلبان بن عبد الله الزردكاش)
الْأَمِير سيف الدّين كَانَ من أَعْيَان الْأُمَرَاء بِالشَّام وَكَانَ الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبرس الْوَزير نَائِب السلطنة بِالشَّام إِذا غَابَ عَن دمشق فِي بعض الْمُهِمَّات استنابه عَنهُ فِي دَار الْعدْل ونيابة السلطنة وَكَانَ دينا خيرا يحب الْعدْل وَالصَّلَاح توفّي سنة سِتِّينَ وست مائَة
3 - (النَّوْفَلِي العزيزي)
بلبان الْأَمِير نَاصِر الدّين النَّوْفَلِي العزيزي أحد أُمَرَاء دمشق كَانَ من أَعْيَان العزيزية فِيهِ دين وَخير وَكَانَ فِي جملَة الْجَيْش بسيس وَمَات فِي المعترك وَهُوَ من مماليك الْعَزِيز صَاحب حلب توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وست مائَة
3 - (الساقي)
بلبان الْأَمِير علم الدّين الساقي كَانَ فِي الْجَيْش بسيس أَيْضا وَتُوفِّي وَهُوَ رَاجع سنة ثَمَان وَسبعين وست مائَة
3 - (الدوادار)
بلبان الْأَمِير سيف الدّين الرُّومِي الدوادار من أَعْيَان الْأُمَرَاء ونجبائهم كَانَ الْملك الظَّاهِر يعْتَمد عَلَيْهِ ويحمله أسراره إِلَى القصاد وَلم يؤمره إِلَّا الْملك السعيد وَاسْتشْهدَ بمصاف حمص سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَلم يكن مَعَه صَاحب ديوَان فاتفق أَنه جَاءَ يَوْمًا وَقَالَ لمحيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر اكْتُبْ لفُلَان مرسوماً بِأَن يُطلق لَهُ من الخزانة الْعَالِيَة بِدِمَشْق عشرَة آلَاف دِرْهَم نصفهَا عشرُون ألف دِرْهَم فَكتب المرسوم كَمَا قَالَ لَهُ وجهز إِلَى دمشق فأنكروه وأعادوه إِلَى السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر وَقَالُوا مَا نعلم هَل هَذَا المرسوم بِعشْرين نصفهَا عشرَة أَو هُوَ بِعشْرَة نصفهَا خَمْسَة فَطلب السُّلْطَان محيي الدّين وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ يَا خوند هَكَذَا قَالَ لي الْأَمِير سيف الدّين بلبان الدوادار فَقَالَ السُّلْطَان يَنْبَغِي أَن يكون للْملك كَاتب سر)(10/177)
يتلَقَّى المراسيم مِنْهُ شفاهاً وَكَانَ السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور حَاضرا يسمع هَذَا الْكَلَام وَخرج الظَّاهِر عقيب ذَلِك إِلَى نوبَة البلستين فَلَمَّا توفّي الظَّاهِر وتملك الْمَنْصُور اتخذ كَاتب سر
3 - (الطباخي نَائِب حلب)
بلبان الْأَمِير سيف الدّين ملك الْأُمَرَاء الطباخي مَمْلُوك الْمَنْصُور أَمِير جليل مَوْصُوف بالشجاعة والحشمة وَكَثْرَة المماليك وَالْعدَد وَالْخَيْل وجودة السياسة عمل نِيَابَة حلب مُدَّة ونيابة حصن الأكراد ونيابة طرابلس وَغير ذَلِك وَتُوفِّي بالسَّاحل سنة سِتّ وَسبع مائَة وأبلى فِي نوبَة قازان بلَاء حسنا وروع التتار وغالب مماليكه تأمروا أَيَّام الْملك النَّاصِر وَكَانُوا كبار الدولة مِنْهُم الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش أَمِير آخور نَائِب الشَّام والأمير سيف الدّين طرغاي الجاشنكير نَائِب حلب وَغَيرهمَا
3 - (الجوكندار)
بلبان الْأَمِير سيف الدّين الجوكندار كَانَ نَائِب القلعة بصفد فِي نوبَة قازان فَلَمَّا كسر الْمُسلمُونَ وهرب الْأُمَرَاء جَاءَ الْملك المظفر ركن الدّين بيبرس الجاشنكير والأمير سيف الدّين سلار على وَادي التيم ثمَّ حَضَرُوا إِلَى صفد وطلبوا مِنْهُ مركوباً ليحملهم فَلم يعطهم شَيْئا فَلَمَّا وصلوا إِلَى مصر عزل وجهز إِلَى دمشق فَأكْرمه الأفرم وأنزله عِنْده ثمَّ إِنَّه ولاه شدّ الدَّوَاوِين بِدِمَشْق وَسلم الْأَمر إِلَيْهِ فَعمل الشد نَائِبا يولي ويعزم وَيحكم بِمَا أَرَادَ قيل إِنَّه فعل ذَلِك بِهِ لميله إِلَى وَلَده الْأَمِير عَلَاء الدّين قطليجا وَكَانَ وَلَده هَذَا طبجياً ملحياً ثمَّ إِنَّه عزل وجهز إِلَى نِيَابَة حمص فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَهُوَ نائبها فِي سنة سِتّ وَسبع مائَة
3 - (بلبان طرنا)
بلبان الْأَمِير سيف الدّين طرنا كَانَ أَمِير جاندار بالديار المصرية ثمَّ إِنَّه جهزه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى صفد نَائِبا فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام فَعَزله السُّلْطَان ورسم بتوجهه إِلَى دمشق بِطَلَبِهِ فَلَمَّا وصل إِلَيْهَا وَدخل إِلَيْهِ ليبوس يَده وَيسلم عَلَيْهِ أمْسكهُ وَبَقِي فِي الاعتقال عشر سِنِين فَمَا حولهَا ثمَّ إِنَّه شفع فِيهِ فَأخْرج من الاعتقال وَجعل أَمِير مائَة مقدم ألف ثمَّ إِنَّه أقبل عَلَيْهِ واختص بِهِ وَكَانَ يشرب مَعَه الْقَمَر وَلم يزل إِلَى أَن توفّي بعد الْأَرْبَع وَالثَّلَاثِينَ وَسبع مائَة وَدفن فِي تربته جواد دَاره عِنْد مئذنة فَيْرُوز)
3 - (السناني)
بلبان الْأَمِير سيف الدّين السناني أحد أُمَرَاء الدولة الناصرية لَهُ دَار فِي رَأس الصليبة بِالْقَاهِرَةِ عِنْد جَامع الْأَمِير سيف الدّين شيخو أخرجه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل إِلَى نِيَابَة تغر البيرة فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَتوجه إِلَيْهَا وَلم يزل بهَا إِلَى أَن أمسك الْملك النَّاصِر حسن الْوَزير منجك فِي رَابِع عشْرين شَوَّال فسير طلب الْأَمِير سيف الدّين بلبان إِلَى الْقَاهِرَة وَحضر فِي طلبه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن سرتقطاي وَتوجه إِلَيْهَا وَجعل أستاذدار(10/178)
(بلبل الصفار)
قَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه متوكلي عمر دهراً طَويلا وَهُوَ الْقَائِل
(إِذا مَا أَتَت للمرء سَبْعُونَ والتقت ... عَلَيْهِ مَعَ السّبْعين عشر كوامل)
(فَلم يبْق إِلَّا أَن يودع مَا مضى ... ويعتد لِلْأَمْرِ الَّذِي هُوَ نَازل)
(وَمَا صَاحب السّبْعين وَالْعشر بعْدهَا ... بأقرب مِمَّن حنكته القوابل)
(وَلَكِن آمالاً يؤملها الْفَتى ... وفيهن للراجين حق وباطل)
وَالْقَائِل أَيْضا
(وَلما رَآهَا العاذلات عذرنني ... فصدقنني فِيمَا شَكَوْت من الوجد)
(وقمن يفصلن الحَدِيث بذكرها ... وَمَا مسني فِيهَا من الصد والجهد)
(وماذا عَسى مثلي يَقُول وَمَا لَهُ ... شَفِيع إِلَيْهَا من شباب وَمن نقد)
ابْن بلبل النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عُثْمَان
ابْن بلبل الزَّعْفَرَانِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(بلجك الْأَمِير سيف الدّين الناصري)
ابْن أُخْت الْأَمِير سيف الدّين قوصون كَانَ أَمِيرا أَيَّام خَاله وَرَأى من السَّعَادَة فِي الْأَيَّام الناصرية بِوَاسِطَة خَاله شَيْئا كثيرا وَتزَوج بابنة الْأَمِير سيف الدّين تنكز أُخْت زَوْجَة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أخرج بعد قتل خَاله إِلَى الشَّام وَلم يزل بحلب أَمِيرا إِلَى أَن أمسك الْأَمِير فَخر الدّين أياز نَائِب حلب فَحَضَرَ مَعَه مُتَوَجها بِهِ إِلَى بَاب السُّلْطَان فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فرسم لَهُ بِالْإِقَامَةِ هُنَاكَ وَفِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين أعْطى تقدمة ألف وَلم تخرج زَوجته الْمَذْكُورَة مَعَه إِلَى الشَّام لما خرج ثمَّ إِنَّه لما عزل الْأَمِير أَحْمد من نِيَابَة غَزَّة رسم للأمير سيف الدّين بلجك بنيابة غَزَّة فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي الْمحرم سنة خمسين وَسبع مائَة وَإِنَّمَا خرج من الْقَاهِرَة لنيابة البيرة فَلَمَّا وصل إِلَى دمشق عوقه الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه فِي دمشق وَكتب فِي الْوَقْت إِلَى السُّلْطَان يَقُول لَهُ إِن هَذَا مَا يصلح لنيابة البيرة وَكَانَت غَزَّة قد خلت من نائبها لِأَنَّهُ طلب إِلَى الْقَاهِرَة فرسم للأمير سيف الدّين بلجك بنيابة غَزَّة فَتوجه من دمشق إِلَيْهَا نَائِبا وَأقَام بهَا ثمَّ لما قتل أرغون شاه رسم لَهُ أَن يكون فِي غَزَّة نَائِبا على قَاعِدَة الْأَمِير علم الدّين الجاولي فِي الْمرة الأولى لِأَنَّهُ كَانَ يكْتب إِلَيْهِ نَائِب السلطنة الشَّرِيفَة بغزة المحروسة ثمَّ إِنَّه لما أمسك الجاولي رسم لنواب غَزَّة أَن يكْتب إِلَيْهِم مقدم الْعَسْكَر المنصورة بغزة المحروسة ثمَّ إِنَّه الْأَمِير سيف الدّين بلجك جرت بَينه وَبَين العربان وَاقعَة وَأسر وَبَقِي عِنْدهم مُقيما يَوْمَيْنِ ثمَّ أطلق فغص ذَلِك مِنْهُ ورسم بعزله من غَزَّة(10/179)
بالأمير سيف الدّين دلنجي وَأَن يحضر بلجك إِلَى دمشق أَمِيرا وَذَلِكَ فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَجَب الْفَرد سنة خمسين وَسبع مائَة فَأَقَامَ بِدِمَشْق أَمِيرا ثمَّ أعطي إمرة مائَة وتقدمة ألف فِي شهر ربيع الأول سنة اثْنَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة
(الألقاب)
الْبَلْخِي الْوَاعِظ مُحَمَّد بن الْفضل
الْبَلْخِي أَبُو زيد اسْمه أَحْمد بن سهل
ابْن الْبَلَدِي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
ابْن الْبَلَدِي الْوَزير أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد
الْبَلَدِي الخباز أَحْمد بن مسرور)
ابْن الْبَلَدِي أسعد بن أَحْمد
الْبَلَدِي النَّحْوِيّ عبيد الله بن أَحْمد
(بلرغي)
الْأَمِير سيف الدّين الأشرفي توفّي رَحمَه الله تَعَالَى جوعا فِي سجن قلعة الْجَبَل بِمصْر سنة عشر وَسبع مائَة كَانَ أَمِيرا كَبِيرا ذَا وجاهة وَلما توجه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر من دمشق إِلَى الْقَاهِرَة أخرجه المظفر بيبرس يزكاً فِي وَجه النَّاصِر فخامر على المظفر من الرمل وسَاق إِلَى النَّاصِر وَدخل مَعَه مصر فأمسكه فِي جملَة من أمْسكهُ من أُمَرَاء مصر
(الألقاب)
البلطي عُثْمَان بن عِيسَى
ابْن الْحَاج البلفيقي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
ابْن البلفياني القَاضِي زين الدّين عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْحَاكِم
البلعمي الْوَزير اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
الْبُلْقَاوِيُّ الْوَلِيد بن مُحَمَّد
(بلقيس بنت سُلَيْمَان)
(بن أَحْمد بن الْوَزير نظام الْملك الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَق الطوسي)
المدعوة خاتون ولدت بأصبهان سنة سبع عشرَة وَخمْس مائَة ونشأت بهال وَسمعت من(10/180)
فَاطِمَة الجوذرانية وَسَعِيد بن أبي الرَّجَاء وَالْحُسَيْن بن عبد الْملك الْخلال سمع مِنْهَا جمَاعَة وَحدث عَنْهَا يُوسُف بن خَلِيل وَغَيره توفيت ثامن شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة
(بلك الجمدار نَائِب صفد)
بلك الْأَمِير سيف الدّين الجمدار الناصري حضر مَعَ الْأَمِير سيف الدّين بشتاك لما ورد للحوطة على مَوْجُود الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى بِالشَّام فِي جملَة أُمَرَاء الطبلخانات الَّذين حَضَرُوا مَعَه ثمَّ توجه مَعَه إِلَى مصر وَأقَام بهَا إِلَى أَن رسم للأمير سيف الدّين طقتمر الأحمدي بنيابة حماة وَكَانَ بصفد نَائِبا فَحِينَئِذٍ رسم فِي الْأَيَّام الصالحية إِسْمَاعِيل للأمير سيف الدّين بلك هَذَا بنيابة صفد فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا بَقِيَّة الْأَيَّام الصالحية وَلما توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى وَتَوَلَّى الْكَامِل شعْبَان أخرج الْأَمِير سيف الدّين الْملك نَائِب مصر إِلَى صفد نَائِبا عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين بلك فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَعَاد الْأَمِير سيف الدّين بلك إِلَى الديار المصرية وَأقَام بهَا أَمِيرا مقدم ألف وَذَلِكَ فِي شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَلم يزل بهَا مُقيما إِلَى أَن ورد الْخَبَر بِمَوْتِهِ فِي الْقَاهِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَذَلِكَ بعد عيد شهر رَمَضَان فِي الطَّاعُون الْكَائِن فِي السّنة الْمَذْكُورَة
(بلكّين صَاحب أفريقية)
بلكّين بن زيري بن مُنَاد الْحِمْيَرِي الصنهاجي وَهُوَ جد باديس الْمُقدم ذكره واسْمه يُوسُف أَيْضا وَلَكِن بلكّين بِضَم الْبَاء وَاللَّام وَتَشْديد الْكَاف الْمَكْسُورَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا نون وَهُوَ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ الْمعز ابْن الْمَنْصُور العبيدي على أفريقية عِنْد توجهه إِلَى الديار المصرية وَأمر النَّاس بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة لَهُ وَسلم إِلَيْهِ الْبِلَاد وَخرجت الْعمَّال وجباة الْأَمْوَال باسمه وأوصاه الْمعز بِأُمُور كَثِيرَة وأكد عَلَيْهِ فِي فعلهَا ثمَّ قَالَ إِن نسيت مَا أوصيتك بِهِ فَلَا تنس ثَلَاثَة أَشْيَاء إياك أَن ترفع الجباية عَن أهل الْبِلَاد من الْبَادِيَة وَالسيف عَن البربر وَلَا تول أحدا من إخْوَتك وَبني عمك فَإِنَّهُم يرَوْنَ أَنهم أَحَق بِهَذَا الْأَمر مِنْك وَافْعل مَعَ أهل الْحَاضِرَة خيرا وفارقه على ذَلِك وَعَاد من وداعه وَتصرف فِي الْولَايَة وَلم يزل حسن السِّيرَة تَامّ النّظر فِي مصَالح دولته ورعيته إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَلَاث مائَة بِموضع يُقَال لَهُ واركلان مجاوراً لأفريقية وَكَانَت علته القولنج وَقيل خرجت فِي يَده بثرة فَمَاتَ مِنْهَا وَكَانَ لَهُ أَربع مائَة حظية وَيُقَال إِن البشائر وفدت عَلَيْهِ فِي يَوْم وَاحِد بِوِلَادَة سَبْعَة عشر ولدا(10/181)
(الألقاب)
ابْن البلكايش سُلَيْمَان بن أَيُّوب
ابْن بلوع الْمُغنِي اسْمه حنين
البلوطي القَاضِي اسْمه مُنْذر بن سعد
البلوطي النَّحْوِيّ يُوسُف بن مُحَمَّد
ابْن بليمة الْحسن بن خلف
(بنان)
3 - (الْحمال الزَّاهِد)
بنان بن مُحَمَّد بن حمدَان بن سعيد الوَاسِطِيّ أَبُو الْحسن الزَّاهِد الْكَبِير وَيعرف بالحمال نزيل مصر كَانَ ذَا منزلَة عِنْد الْخَاص وَالْعَام يضْربُونَ بِعِبَادَتِهِ الْمثل وَلَا يقبل من السلاطين شَيْئا من كَلَامه مَتى يفلح من يشره مَا يضرّهُ أَمر ابْن طولون بِالْمَعْرُوفِ فَأمر أَن يلقى بَين يَدي السَّبع فَجعل يشمه وَلَا يضرّهُ فَلَمَّا أخرج من بَين يَدَيْهِ قيل لَهُ مَا الَّذِي كَانَ فِي قَلْبك حِين شمك فَقَالَ كنت أتفكر اخْتِلَاف النَّاس فِي سُؤْر السبَاع ولعابها ثمَّ ضرب سبع دُرَر فَقَالَ لَهُ حَبسك الله بِكُل درة سنة فحبس ابْن طولون سبع سِنِين وَتُوفِّي بنان الْحمال سنة سِتّ عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (جَارِيَة المتَوَكل)
بنان جَارِيَة المتَوَكل كَانَت شاعرة ذكرهَا أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ قَالَت خرج المتَوَكل يَوْمًا يمشي فِي صحن الْقصر وَهُوَ متكئ على يَدي وَيَد فضل الشاعرة فَمشى شَيْئا ثمَّ أنْشد
(تعلمت أَسبَاب الرضى خوف هجرها ... وَعلمهَا حبي لَهَا كَيفَ تغْضب)
ثمَّ قَالَ أجيزي هَذَا الْبَيْت(10/182)
(تصد وأدنو بالمودة جاهداً ... وتبعد عني بالوصال وَأقرب)
فَقلت
(وَعِنْدِي لَهَا العتبى على كل حَالَة ... فَمَا مِنْهُ لي بُد وَلَا عَنهُ مَذْهَب)
ابْن البنّاء الْحسن بن أَحْمد
(بنْدَار)
3 - (ابْن لره الْحَافِظ)
بنْدَار بن عبد الحميد الكرجي الْأَصْبَهَانِيّ يعرف بِابْن لرة أَخذ عَن أبي الْقَاسِم بن سَلام وَأخذ عَنهُ ابْن كيسَان قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي عَن أَبِيه الْقَاسِم كَانَ بنْدَار يحفظ سبع مائَة قصيدة أول كل قصيدة بَانَتْ سعاد وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء بَلغنِي عَن الشَّيْخ الإِمَام أبي مُحَمَّد بن الخشاب أَنه قَالَ أمعنت التفتيش والتنقير فَلم أقع على أَكثر من سِتِّينَ قصيدة أَولهَا بَانَتْ سعاد وَكَانَ بنْدَار مُتَقَدما فِي علم اللُّغَة وَرِوَايَة الشّعْر وَكَانَ استوطن الكرج ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى الْعرَاق فَظهر هُنَاكَ فَضله حدث مُحَمَّد بن أبي الْأَزْهَر قَالَ كنت يَوْمًا فِي مجْلِس بنْدَار وَعِنْده جمَاعَة من أَصْحَابه إِذْ هجم علينا برذعة الموسوس وَمَعَهُ مخلاة فِيهَا دفاتر وجزازات وَقد تبعه الصّبيان عني فَقَالَ لَهُم أطردوهم عَنهُ فَوَثَبت أَنا من بَين أهل الْمجْلس وَصحت عَلَيْهِم فَجَلَسَ سَاعَة ثمَّ وثب فَنظر هَل يرى مِنْهُم أحدا فَلَمَّا لم يرهم رَجَعَ وَجلسَ ثمَّ قَالَ اكتبوا حَدثنِي مُحَمَّد بن عَسْكَر عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ سُئِلَ الشّعبِيّ مَا اسْم امْرَأَة إِبْلِيس فَقَالَ هَذَا عرس لم أشهد إملاكه ثمَّ أقبل على بنْدَار وَقَالَ يَا شيخ مَا معنى قَول الشَّاعِر
(وَكنت إِذا مَا جِئْت ليلى تبرقعت ... فقد رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاة سفورها)
فَقَالَ لنا بنْدَار أَجِيبُوهُ فَقَالَ يَا مَجْنُون أَسأَلك ويجيب غَيْرك علم أَنَّهَا قد حذرته من بحضرتها ليحجم عَن كَلَامهَا فَضَحِك وَمسح بِيَدِهِ على رَأس بنْدَار وَقَالَ أَحْسَنت يَا كيس وَكَانَ بنْدَار قد قَارب ذَلِك الْوَقْت تسعين سنة
3 - (الزَّاهِد الصُّوفِي)
بنْدَار بن الْحُسَيْن الشِّيرَازِيّ أَبُو الْحسن الزَّاهِد نزيل أرّجان لَهُ(10/183)
لِسَان مَشْهُور فِي عُلُوم الْحَقَائِق وَكَانَ الشبليّ يعظمه توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ عَالما بالأصول وَله رد على مُحَمَّد بن خَفِيف فِي مَسْأَلَة الْإِعَانَة وَغَيرهَا لِأَن ابْن خَفِيف رد على أقاويل الْمَشَايِخ فصوب بنْدَار أقاويل الْمَشَايِخ ورد عَلَيْهِ مَا رد عَلَيْهِم قَالَ بنْدَار أول مَا دخلت على الشبلي كَانَ معي جهاز نَحْو أَرْبَعِينَ ألف دِينَار فَنظر الشبلي فِي الْمرْآة فَقَالَ يَا بَاب الصَّغِير الْحُسَيْن إِن الْمرْآة تَقول إِن ثمَّ سَببا فَقلت صدق الْمرْآة فَحملت إِلَيْهِ سِتّ بدر ثمَّ)
بعد ذَلِك نظر فِي الْمرْآة وَقَالَ الْمرْآة تَقول إِن ثمَّ سَببا فَقلت صدق الْمرْآة وَكلما اجْتمع عِنْدِي من جهاز شَيْء كَانَ ينظر فِي الْمرْآة وَيَقُول الْمرْآة تَقول إِن ثمَّ سَببا حَتَّى حملت جَمِيع مَالِي إِلَيْهِ فَنظر فِي الْمرْآة وَقَالَ الْمرْآة تَقول لَيْسَ ثمَّ سَبَب قلت صدق الْمرْآة وَلما توفّي بنْدَار رَحمَه الله تَعَالَى غسله أَبُو زرْعَة الطَّبَرِيّ
(الألقاب)
ابْن اللَّبن اسْمه الْحُسَيْن بن الْحسن بن مُحَمَّد وَالْآخر نَفِيس الدّين الْحسن بن عَليّ بن الْحُسَيْن
البنداري قوام الدّين الْفَتْح بن عَليّ بن مُحَمَّد
البندار البسري عَليّ بن أَحْمد
بنْدَار الْحَافِظ مُحَمَّد بن بشار
ابْن بنْدَار يُوسُف بن عبيد الله
البندقدار الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدكين
الْبَنْدَنِيجِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي أَبُو نصر اسْمه مُحَمَّد بن هبة الله والمسند عَليّ بن مُحَمَّد بن مَمْدُود والفقيه الْحسن بن عبيد الله
(بنفشا جَارِيَة المستضيء)
بنفشا فتاة المستضيء كَانَت أحب سراريه إِلَيْهِ وقفت مدرسة(10/184)
بِبَاب الأزج وعمرت عدَّة مَسَاجِد وَكَانَت كَثِيرَة الرَّغْبَة فِي أَفعَال الْبر وَهِي الَّتِي أشارت على الْخَلِيفَة أَن يَجْعَل ولي عَهده ابْنه النَّاصِر لدين الله أَحْمد وَتوفيت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخمْس مائَة
(بنّة الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ)
وَيُقَال بنية روى عَنهُ جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعاطوا السَّيْف مسلولاً كَذَا قَالَ فِيهِ قوم عَن ابْن لَهِيعَة عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن بنة الْجُهَنِيّ أخبرهُ الحَدِيث
(بنيمان)
3 - (أَبُو الْفَتْح الْأَصْبَهَانِيّ)
بنيمان بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن أَبُو الْفَتْح الْأَصْبَهَانِيّ سكن بَغْدَاد وَسمع بهَا أَبَا الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش وَأَبا عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن البرداني وَأَبا الْحُسَيْن الْمُبَارك بن عبد الجبّار بن أخبرنَا الصَّيْرَفِي وَأَبا الْعِزّ مُحَمَّد بن الْمُخْتَار بن الْمُؤَيد وَغَيرهم وَحدث باليسير
3 - (الشَّاعِر)
ابْن بنيمان الشَّاعِر اسْمه شرف الدّين سُلَيْمَان بن بنيمان يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين
(بهادر)
3 - (وَالِي الْعرَاق)
بهادر الْخَوَارِزْمِيّ الْأَمِير أول من ولي الْعرَاق لهولاكو وَكَانَ على ظلمه لَهُ ميل إِلَى الْإِسْلَام وَعلم أَوْلَاده الْقُرْآن وَكَانَ رُبمَا صلى بالعربي وَفِيه دهاء ومكر قَتله التتار لأمور نقموها عَلَيْهِ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (صَاحب سميساط)
بهادر الْأَمِير شمس الدّين صَاحب سميساط وَابْن صَاحبهَا قدم إِلَى دمشق مُهَاجرا قبل مَوته بِثَلَاث سِنِين فَأعْطَاهُ الْملك الظَّاهِر بيبرس إمرةً وأكرمه فَمَاتَ كهلاً سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة(10/185)
3 - (ابْن بيجار)
بهادر الْأَمِير الْكَبِير بهاء الدّين ابْن الْأَمِير حسام الدّين بيجار توفّي بغزة سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَهُوَ فِي عشر السّبْعين كَانَ مَوْصُوفا بالشجاعة والنجدة وَهُوَ كَانَ السَّبَب فِي قدوم أَبِيه إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام توفّي صُحْبَة الْجَيْش وَأَبوهُ حَيّ إِذْ ذَاك بِمصْر وَقد كف بَصَره وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الْحَاج بهادر)
بهادر الْحَاج المنصوري الْأَمِير سيف الدّين نَائِب طرابلس كَانَ بالديار المصرية أَمِيرا مُتَعَيّنا فِيهَا مَعْرُوفا بالجرأة وَحب الْفِتَن وَإِقَامَة الشرور فَأخْرج إِلَى حلب على إمرة ثمَّ نقل إِلَى دمشق ثمَّ أعطي بهَا تقدمة الْألف وَأقَام بهَا مُدَّة وداخل الأفرم وَصَارَ من أخصائه أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ كَانَ يَخْلُو بالأفرم فِي مجَالِس أنسه ويداخله فِي أُمُور لهوه وإطرابه إِلَى أَن تسلطن الجاشنكير وَفَرح بِهِ الأفرم الْفَرح المفرط فَتغير الْحَاج بهادر عَلَيْهِ وَأخذ فِي تعيير الْأُمَرَاء عَلَيْهِ وَيَقُول لكل من يَخْلُو بِهِ هَؤُلَاءِ الجراكسة مَتى تمكنوا منا أهلكونا وراحت أَرْوَاحنَا مَعَهم فَقومُوا بِنَا نعمل شَيْئا قبل أَن يعملوا بِنَا وتحالف هُوَ وقطلو بك الْكَبِير على الفتك بالأفرم إِن قدرُوا عَلَيْهِ وَبلغ الأفرم هَذَا فاحترز مِنْهُمَا ثمَّ إِن الأفرم لم يزل بالحاج الْمَذْكُور إِلَى أَن استصلحه على ظَنّه وَقَالَ الأفرم بعد أَن سلمت من لسع هَذِه الْحَيَّة مَا بقيت أُبَالِي بذلك الْعَقْرَب يَعْنِي بالحية الْحَاج بهادر وبالعقرب قطلو بك ثمَّ إِن الْملك)
النَّاصِر لما تحرّك فِي الكرك أرسل الأفرم قطلو بك الْكَبِير لَهُ والحاج بهادر يزكا قدامه فَنزلَا على الفوار وأظهرا النصح للأفرم وأبطنا الْغدر لَهُ قَالَ حكى لي كشلي البريدي وَكَانَ دوادار الْحَاج بهادر قَالَ طلبني الْحَاج بهادر وقطلو بك وأرسلاني إِلَى السُّلْطَان بالكرك وَمَعِي نسخ أَيْمَان حلفا عَلَيْهِمَا فَلَمَّا أَتَيْته أكرمني وأعادني وَمَعِي رجلَانِ مَا أَعْرفهُمَا أظنهما من مماليكه وأتيناهما بالأجوبة وجددا الْأَيْمَان ثمَّ إنَّهُمَا سارا إِلَى لِقَائِه ودخلا مَعَه إِلَى دمشق
ثمَّ إِن السُّلْطَان ولاه نِيَابَة طرابلس فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ قَالَ وَكَانَ متظاهراً بِشرب الْخمر متهتكاً فِيهِ قَالَ وَحكى لي أَنه كَانَ يشرب وَهُوَ رَاكب وَرُبمَا مر بَين القصرين وَهُوَ يتَنَاوَل الْخمر ويشربه لَا يُبَالِي وَفعل هَذَا بِدِمَشْق غير مرّة يدْخل من الصَّيْد ويشق السُّوق والساقي يناوله الْخمر وَهُوَ يشرب قَالَ وَحكى لي وَالِدي أَنه كَانَ أشبه النَّاس بِالْملكِ الظَّاهِر بيبرس
3 - (الْأَمِير سيف الدّين)
بهادر آص الْأَمِير الْكَبِير سيف الدّين أكبر أُمَرَاء دمشق كَانَ من المنصورية وَكَانَ هُوَ الْقَائِم بِأَمْر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر لما كَانَ فِي الكرك تَجِيء رسله إِلَيْهِ فِي(10/186)
الْبَاطِن وتنزل عِنْده وَهُوَ الَّذِي يفرق الْكتب وَيَأْخُذ أجوبتها ويحلّف النَّاس فِي الْبَاطِن إِلَى أَن استتب لَهُ الْأَمر وَكَانَ آخر من يبوس الأَرْض وَيَد السُّلْطَان فِي الشَّام وَكَانَ ذَا رخت عَظِيم وعدة كَامِلَة وَسلَاح هائل
وَتوجه إِلَى صفد نَائِبا وَأقَام بهَا مُدَّة تقَارب سنة وَنصفا ثمَّ عَاد إِلَى دمشق على حَاله وَحضر إِلَى صفد بعد الْأَمِير سيف الدّين قطلو بك الْكَبِير ثمَّ عزل بالأمير سيف الدّين بلبان طرنا الْمُقدم ذكره وَلما كَانَ مَعَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز على ملطية أَشَارَ بِشَيْء فِيهِ خِلَافه فَقَالَ بهادر آص كَمَا نَحن فِي الصبينة فحقدها عَلَيْهِ وَكتب إِلَى السُّلْطَان فَقبض عَلَيْهِ وَأقَام فِي الاعتقال مُدَّة سنة وَنصف أَو أَكثر ثمَّ أفرج عَنهُ وأعيد إِلَى مكانته وإقطاعه وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فِيمَا أَظن وَدفن فِي تربته برّا بَاب الْجَابِيَة وَخلف خَمْسَة أَوْلَاد ذُكُور الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد والأمير عَلَاء الدّين عَليّ وأمير عمر وأمير أَبَا بكر وأمير أَحْمد فَلحقه أَمِير عمر وَكَانَ أحْسنهم صُورَة ثمَّ أَمِير أَحْمد وَهُوَ أَصْغَرهم ثمَّ أَمِير عَليّ وَكَانَ أَمِير عشرَة ووقفت على ورقة فِيهَا أَسمَاء أَمَاكِن إقطاع الْأَمِير سيف الدّين بهادر آص الْمَذْكُور قبل الروك وَهِي من دمشق نهر قلوط بِكَمَالِهِ من حمص النَّهر بِكَمَالِهِ وَأَرْض المزارات من الجولان قَرْيَة سملين وقرية حلين بكمالهما من الْبِقَاع ثلث كفر رند)
ثلث عين دير الغزال بكمالها ربع الرَّمَادَة مخمسة بكمالها ربع الدلهمية قرقما بكمالها تعناييل بكمالها حقل حَمْزَة بكمالها ربع علين مزرعة الساروقية بكمالها سدس عين حليا القناطر بكمالها علاف بكمالها ربع قناة ربع بونين من بيروت سبعل بكمالها من أَذْرُعَات سدس كفرتا نصف بَيت الراس وَربع حديجه ربع شطنا ربع مهرنا ربع كفر عصم نصف عونا من بصرى نصف صرخد المحروسة ربع نجيح قيسما بكمالها نصف السعف ربع قارا من زرع من جبل عَوْف العربة بكمالها صوفة بكمالها حنيك بكمالها نصف دلاعا
من البلقاء نصف ماجد بيرين بكمالها ثَلَاث مزارع بكمالها من الدِّمَشْقِي خرنوبة بكمالها خلدا بكمالها أخصاص العوجا بكمالها البيرة بكمالها من عكا عشرَة أرماح بكمالها من صفد الْمنية بكمالها المناوات بكمالها المعثوقة بكمالها كفر كُنَّا وَعوض عَن ذَلِك بعد الروك الناصري نمرين من غور زغر بكمالها الكفرين بكمالها من نابلس مردا بكمالها ثلثا رويسون دير بجالا بكمالها
3 - (المعزي)
بهادر الْأَمِير سيف الدّين المعزي كَانَ أَمِيرا كَبِيرا قبض عَلَيْهِ السُّلْطَان وَبَقِي فِي الاعتقال مُدَّة زمانيةً ثمَّ أخرجه فِي سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فِيمَا أَظن وَأَقْبل عَلَيْهِ إقبالاً زَائِدا وَكَانَ يُسَمِّيه الْحَاج وَجعله أَمِير مائَة مقدم ألف وَكَانَ يجلس فِي دَار الْعدْل مَعَ الْأُمَرَاء(10/187)
الْمَشَايِخ
وَكَانَ يمِيل إِلَى مماليكه وَيَشْتَرِي الملاح مِنْهُم وينعم عَلَيْهِم كثيرا وَلَمْ يزل عَلَى حَاله إِلَى أَن توفّي أَوَاخِر سنة تسع وَثَلَاثِينَ أَو أَوَائِل سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة فِيمَا أَظن
3 - (بهادر التُّمُرْتَاشِيّ)
بهادر الْأَمِير سيف الدّين التُّمُرْتَاشِيّ كَانَ قد ورد إِلَى الْبِلَاد صُحْبَة تمرتاش فَرَآهُ السُّلْطَان فَأَحبهُ وَلما قتل تمرتاش أَخذه السُّلْطَان وقربه وَبَالغ فِي تَقْدِيمه فلامه الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَقَالَ يَا خوند كل وَاحِد من مماليك يقْعد فِي خدمتك مَا شَاءَ الله حَتَّى تقدمه لإمرة عشرَة ثمَّ تنقله لإمرة أَرْبَعِينَ وَبعد مُدَّة حَتَّى يكون أَمِير مائَة فخالفه وَأَعْطَاهُ إمرة مائَة فَارس وَقدمه على ألف وزوجه إِحْدَى بَنَاته وَصَارَ أحد الْأَرْبَعَة المقدمين الَّذين يبيتُونَ لَيْلَة بعد لَيْلَة عِنْد السُّلْطَان وهم قوصون وبشتاك وطغاي تمر وبهادر هَذَا وَسَماهُ النَّاس بهادر الناصري وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن تمرّض وطالت بِهِ علته وابتلي برمد مزمن وقرحة ولازمه)
إِنْسَان مغربي غَرِيب من الْبِلَاد وعالجه بأَشْيَاء لم يُوَافقهُ الْأَطِبَّاء عَلَيْهَا فَلَزِمَ بَيته وَامْتنع من الطُّلُوع إِلَى القلعة إِلَّا فِي الأحيان وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن تولى السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فاستحوذ على الْأَمر لكَونه زوج أُخْته وَسكن فِي الأشرفية دَار قوصون وَصَارَ الْأَمر والمنتهى لَهُ وَأخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا المارداني إِلَى نِيَابَة حماة وَلما نقل الْأَمِير سيف الدّين طقز تمر من نِيَابَة حلب إِلَى نِيَابَة دمشق نقل الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا إِلَى نِيَابَة حلب وَأخرج الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي إِلَى نِيَابَة حماة وَلم يزل على حَاله فِي نَفاذ الْكَلِمَة وتدبير الْملك إِلَى أَن جَاءَ الْخَبَر بِدِمَشْق بوفاته فِي أَوَائِل شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
ابْن الكركري بهادر الْأَمِير سيف الدّين ابْن الكركري عهدي بِهِ وَهُوَ مشد الدَّوَاوِين بحمص فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز ثمَّ نقل إِلَى شدّ الدَّوَاوِين بصفد وَولَايَة الْوُلَاة بهَا بطبلخاناه فَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر لما كَانَ نَائِب صفد وقاسى مِنْهُ غبوناً كَثِيرَة وَلم يقدر على أَن يَنَالهُ بمكروه لأجل الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَلَمَّا قبض على تنكز وَمن كَانَ لَهُ بِهِ أدنى علاقَة وَتقدم الْأَمِير سيف الدّين طشتمر عِنْد السُّلْطَان بإمساك تنكز لم يُعْط النَّاس بهادر بن الكركري حَيَاة فَمَا كَانَ إِلَّا أَن سَخَّرَهُ الله لَهُ وَطَلَبه من السُّلْطَان وَأَخذه مَعَه إِلَى حلب مشد الدَّوَاوِين بهَا لِأَنَّهُ كَانَ يتَحَقَّق مِنْهُ الْعِفَّة وَالْأَمَانَة وَلم يزل بحلب إِلَى أَن هرب طشتمر على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته فَمَا وفى لَهُ الْأَمِير سيف الدّين بهادر وَمَال عَلَيْهِ فَلَمَّا عَاد طشتمر من الْبِلَاد الرومية اعتقله بحلب وَتوجه إِلَى مصر وَقتل طشتمر بالكرك على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته ثمَّ خلص ابْن الكركري من الاعتقال وَبَقِي بطالاً فحضرا إِلَى دمشق فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر ورتب لَهُ راتب على الدِّيوَان ثمَّ إِنَّه رتب فِي شدّ الدَّوَاوِين بِدِمَشْق وَهُوَ بطال من الإمرة فَأَقَامَ قَلِيلا ثمَّ جهز إِلَى حمص مشداً ثمَّ إِلَى صفد ثمَّ إِلَى حمص ثمَّ(10/188)
إِلَى صفد مرَارًا كَثِيرَة ثمَّ حضر إِلَى دمشق فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه فَجعله شاداً على الْخَاص بداريا ودومة ثمَّ طلبه الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد نَائِب صفد لشد الدِّيوَان بصفد فَجهز إِلَيْهَا فَأَقَامَ قَلِيلا وَكَانَ ذَلِك أَيَّام الطَّاعُون بهَا فَحسب النَّاس أَنه يَمُوت بهَا فَطَلَبه الْأَمِير بدر الدّين مَسْعُود بن خطير من السُّلْطَان أَن يكون مشداً بطرابلس على عشرَة قد انْحَلَّت بهَا)
فرسم لَهُ بالتوجه إِلَيْهَا وَأقَام قَرِيبا من شهر ثمَّ توفيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (الدواداري)
بهادر الدواداري سيف الدّين بهادر أستاذدار السلطنة بِدِمَشْق كَانَ من مماليك الدواداري وَأول مَا أعرف من أمره أَنه كَانَ قد ولاه الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى فِي صيدا فَأَقَامَ فِيهَا مُدَّة يخْدم النَّاس وَفِي كل شهر يتَوَجَّه إِلَى صيدا مقدم بجماعته من عَسْكَر صفد وَهُوَ يخْدم الْجَمِيع وَلَا يروح أحد إِلَّا وَهُوَ مغمور بإحسانه سَمِعت ذَلِك من غير وَاحِد الْعَسْكَر
وَكَانَ يخْدم لكل من يصل إِلَى صيدا كَائِنا من كَانَ وَلما مَاتَ تنكز رَحمَه الله تَعَالَى عزل من صيدا وَتَوَلَّى بنابلس ثمَّ تولى كرك نوح والبقاعين وَهُوَ على ذَلِك الطَّرِيقَة ثمَّ إِنَّه تولى الْأُسْتَاذ دارية بِدِمَشْق وَنزل عَن إقطاعه لِوَلَدَيْهِ وَبَقِي بطالاً مُدَّة ثمَّ أعطي إمرة عشرَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا أَو فِي أَيَّام أرغون شاه وَلم يزل عَلَيْهَا إِلَّا أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم عَرَفَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة وَكَانَ شَيخا طَويلا نقي الشيبة مهيباً أَحْمَر الْوَجْه
3 - (حلاوة الأوشاقي)
بهادر الْأَمِير سيف الدّين الأوشاقي الناصري الْمَعْرُوف بحلاوة لِأَنَّهُ كَانَ إِذا جَاءَ إِلَى مَرْكَز الْبَرِيد قَالَ للسواق أَو لأحد من غلْمَان الْبَرِيد تَأْكُل حلاوة فَإِذا قَالَ لَهُ نعم ضربه بالمقرعة فَسُمي بذلك كَانَ أشقر أَحْمَر أَبيض عبل الْبدن وَكَانَ يَسُوق فِي الْبَرِيد وَهُوَ أوشاقي بالكوفية الْبَيْضَاء وَكَانَ فِيهِ همة وقدرة على السُّوق فَقضى أشغالاً كَثِيرَة فقدمه السُّلْطَان وَلبس الكلوتة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز يُحِبهُ ويدعوه ابْني تَارَة بالعربي وَتارَة بالتركي وَكلما حضر فِي الْبَرِيد أعطَاهُ قبَاء فروقرظ مغشى بكمخا هَذَا على الدَّوَام وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن حضر طاجار الدوادار إِلَى تنكز وَجرى مَا ذكر فِي تَرْجَمته عِنْد الْقَبْض عَلَيْهِ وَتوجه وأغرى السُّلْطَان بإمساكه فَبعث السُّلْطَان بهادر هَذَا حلاوة إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر الساقي إِلَى صفد وَأمره بإمساكه فَحَضَرَ مَعَه إِلَى دمشق وَلما خرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز مَعَهم إِلَى نَاحيَة ميدان الْحَصَا بَقِي يمشي متمهلاً وَلم يَجْسُر أحد على كَلَامه فَقَالَ بهادر هَذَا بالتركي يَا أُمَرَاء عجلوا بِالْمَشْيِ فَقَالَ لَهُ تنكز أَنْت الآخر يَا روسبي وضربه بالمقرعة على أكتافه فَلَمَّا قبض عَلَيْهِ وَقيد أَخذ سَيْفه وَتوجه بِهِ إِلَى السُّلْطَان فوعده بإمرة طبلخاناه وَلما حضر)
الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا إِلَى نِيَابَة دمشق تَأمر بهادر هَذَا طبلخاناه ورسم لَهُ السُّلْطَان بِأَن يكون مقدم(10/189)
البريدية بِالشَّام فَأَقَامَ على ذَلِك مُدَّة ثمَّ إِن الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا ولاه بر دمشق فَأَقَامَ بِهِ مُدَّة وخدم الْأَمِير سيف الدّين قطلو بغا الفخري أتم خدمَة لما أَقَامَ على خَان لاجين وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توجه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى مصر فَقطع خبزه ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ وَلما ورد الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش إِلَى نِيَابَة دمشق خرج إقطاع للبهادر أَيْضا لأحد أَوْلَاده ثمَّ أُعِيد لَهُ إقطاع آخر بالإمرة وَأقَام مُتَوَلِّي الْبر إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر إِلَى نِيَابَة دمشق فورد مرسوم السُّلْطَان الْملك الصَّالح بنقلته إِلَى أُمَرَاء حلب فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا من جملَة الْأُمَرَاء مُدَّة تقَارب الْأَرْبَعَة أشهر أَو مَا يزِيد عَلَيْهَا وَتُوفِّي فِي ثَالِث عشر صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ لَهُ همة وَفِيه مُرُوءَة
(بهْرَام شاه)
3 - (الْملك الأمجد)
بهْرَام شاه بن فرخشاه بن شاهنشاه بن أَيُّوب السُّلْطَان الْملك الأمجد مجد الدّين أَبُو المظفر صَاحب بعلبك ولي بعلبك خمسين سنة بعد أَبِيه وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا جواداً ممدحاً لَهُ ديوَان شعر مَوْجُود أخذت مِنْهُ بعلبك سنة سبع وَعشْرين وست مائَة وملكها الْأَشْرَف مُوسَى وَسلمهَا إِلَى أَخِيه الصَّالح فَقدم الأمجد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا قَلِيلا وَقَتله مَمْلُوك لَهُ مليح وَدفن بتربة وَالِده على الشّرف الشمالي فِي شهر شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وست مائَة وحصره الْأَشْرَف مُوسَى وأعانه صَاحب حمص أَسد الدّين شيركوه فَلَمَّا قدم دمشق اتّفق أَنه كَانَ لَهُ غُلَام مَحْبُوس فِي خزانَة فِي الدَّار فَجَلَسَ لَيْلَة يلهو بالنرد فولع الْغُلَام بَرزَة الْبَاب ففكها وهجم على الأمجد فَقتله ثَانِي وَعشْرين شَوَّال وهرب الْغُلَام وَرمى بِنَفسِهِ من السَّطْح فَمَاتَ وَقيل لحقه المماليك عِنْد وقعته فقطعوه وَيُقَال إِنَّه رَآهُ بعض أَصْحَابه فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ
(كنت من ذَنبي على وَجل ... زَالَ عني ذَلِك الوجل)
(أمنت نَفسِي بوائقها ... عِشْت لما مت يَا رجل)
وَمن شعر الْملك الأمجد قَوْله وَالصَّحِيح إِنَّهَا لغيره(10/190)
(طلبت بِمَاء فِي إِنَاء فَجَاءَنِي ... غُلَام بهَا صرفا فأوسعته زجرا)
)
(فَقَالَ هِيَ المَاء القراح وَإِنَّمَا ... تجلى لَهَا خدي فأوهمك الخمرا)
وَكتب إِلَيْهِ الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ
(لَا تضجرنكم كتبي وَإِن كثرت ... فَإِن شوقي أَضْعَاف الَّذِي فِيهَا)
(وَالله لَو ملكت كفي مسالمة ... من اللَّيَالِي الَّتِي حظي يحاكيها)
(لما تصرم لي فِي غير داركم ... عمر وَلَا مت إِلَّا فِي نَوَاحِيهَا)
فَكتب إِلَيْهِ الْملك الأمجد الْجَواب
(إِنَّا لتتحفنا بالأنس كتبكم ... وَإِن بعدتم فَإِن الشوق يدنيها)
(وَكَيف نضجر مِنْهَا وَهِي مذهبَة ... من وَحْشَة الْبَين لوعات نعانيها)
(فَإِن وصفتم لنا فِيهَا اشتياقكم ... فعندنا مِنْكُم أَضْعَاف مَا فِيهَا)
(سلوا نسيم الصِّبَا يهدي تحيتنا ... إِلَيْكُم فَهُوَ يدْرِي كَيفَ يهديها)
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(طُوبَى لقيمنا أحنى على قمر ... يجلو براحته عَن وَجهه الكلفا)
(أَو درة كمنت فِي خدرها فغدا ... يفض باللطف عَن أنوارها الصدفا)
ونقلت مِنْهُ قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(أما هَوَاك وَإِن تقادم عَهده ... فشفيع وَجهك مَا زيال يجده)
(لَا تحسبن على التقاطع والنوى ... ينساك مشتاق تفاقم وجده)
(يهواك مَا هَب النسيم وحبذا ... نفح النسيم الحاجري وبرده)
(مَا كَانَ يُكَلف بالرياح صبَابَة ... لَوْلَا تجنيه وَلَوْلَا بعده)
(تسري إِلَيْهِ بصوعة من عقده ... إِن المنى فِيمَا تضمن عقده)
(مَاذَا الملام مَعَ الغرام وَفِي الحشا ... مِنْهُ لهيب هوى تضرم وقده)
(عَنهُ إِلَيْك بِهِ فَإِن ضلاله ... فِي الوجد لَو حاققت نَفسك رشده)
(أيروم عاذله المضلل رده ... عَن رَأْيه هَيْهَات خيب قَصده)
(مَاذَا عَلَيْهِ إِذا تضَاعف مَا بِهِ ... حَتَّى يعود وَقد تناهى حَده)
(إِن الْهوى طمع يُولد داءه ... أمل يقويه الجوى ويمده)
(فلكم تملك رق حر عنْوَة ... أَمْسَى وَأصْبح وَهُوَ فِيهِ عَبده)
)
(وبأيمن الْوَادي غزال أراكة ... أصبو إِلَيْهِ وَإِن تزايد صده)
(يختال والأغصان تعطفها الصِّبَا ... فتغار مِنْهُ إِذا تمايل قده)(10/191)
(والأقحوان إِذا تَبَسم ثغره ... والورد مطلول الجوانب خَدّه)
(قد كَانَ سوفني الْوِصَال وليته ... من بعد مطل أَن ينجز وعده)
ونقلت مِنْهُ قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(قُولُوا لجيران العقيق لَا النقا ... حتام تهدون إِلَيْنَا القلقا)
(يَا سَاكِني قلبِي عَسى مُبشر ... يُخْبِرنِي مَتى يكون الْمُلْتَقى)
(مَا لبقائي لفراقي لكم ... معنى فَإِن لقيتكم طَابَ البقا)
(أشقاني الدَّهْر فَإِن أسعدني ... بِجمع شَمل بكم زَالَ الشقا)
(أهواكم وأتقي وَقل من ... يجمع مَا بَين الغرام والتقى)
(حبكم سفينة ركبتها ... مَأْمُونَة فَكيف أخْشَى الغرقا)
(حاشى لمن أصبح يَرْجُو الْوَصْل أَن ... يُمْسِي بِنَار هجركم محترقا)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(يَمِينا لقد بالغت يَا خل فِي العذل ... وَمَا هَكَذَا فعل الأخلاء بالخل)
(إِذا أَنْت لم تسعد خَلِيلك فِي الْهوى ... فذره لقد أَمْسَى عَن العذل فِي شغل)
(وَلَا تحسبن اللوم يهب وجده ... فلومك بالمحبوب يغرب وَلَا يسلي)
(وَمَا كنت مِمَّن يذهب الوجد حزمه ... لعمرك لَوْلَا أسْهم الْأَعْين النجل)
قلت شعر متوسط
3 - (صَاحب بعلبك)
بهْرَام شاه بن شاهنشاه بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب صَاحب بعلبك مَاتَ بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة وَقد وخطه المشيب وناهز الْخمسين وَلبس غلمانه المسوح
3 - (ضِيَاء الدّين الكفرتوثي)
بهْرَام بن الْخضر الْوَزير ضِيَاء الدّين الكفرتوثي وَزِير الأتابك زنكي وزر لَهُ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى على وزارته سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتَوَلَّى الوزارة بعده أَبُو الرضى ابْن صَدَقَة)
3 - (بهروز شحنة بَغْدَاد)
بهروز بن عبد الله أَبُو الْحسن الْخَادِم الْأَبْيَض الملقب مُجَاهِد الدّين مولى السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه السلجوقي ولي وزارة الْعرَاق نيفاً وَثَلَاثِينَ سنة وَبنى بِبَغْدَاد رِبَاطًا للصوفية على دجلة ورباطاً آخر للخدم بِأَعْلَى الْبَلَد وَعمر النهروان وأجرى المَاء فِيهِ بعد أَن(10/192)
كَانَ قد خرب وَولي الشحنكية بِبَغْدَاد قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَ حسن السِّيرَة متديناً توفّي فِي رَجَب سنة أَرْبَعِينَ وَخمْس مائَة وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَكَانَ ظلوماً قلت وَفِي تَرْجَمَة أَيُّوب وَالِد السُّلْطَان صَلَاح الدّين لَهُ ذكر فيطلب هُنَاكَ
(بهز)
3 - (الْقشيرِي الْبَصْرِيّ)
بهز بن حَكِيم بن مُعَاوِيَة الْقشيرِي الْبَصْرِيّ روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَحَادِيثه صِحَاح وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يحْتَج بِهِ توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة
3 - (النجيرمي)
بهزاد بن أبي يَعْقُوب يُوسُف بن يَعْقُوب بن خّرزاذ النجيرمي راوية نحوي فِي طبقَة أَبِيه مَاتَ قبل أَبِيه بِمَا يُقَارب الثَّلَاث شهور بِمصْر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وَقَالَ السَّمْعَانِيّ نجيرم محلّة بِالْبَصْرَةِ
البهشمية الْمُعْتَزلَة منسوبون إِلَى أبي هَاشم ابْن مُحَمَّد
3 - (بهلوان صَاحب أذربيجان)
بهلوان شمس الدّين صَاحب أذربيجان ابْن الأتابك الدكز ملك أذربيجان وعراق الْعَجم وَكَانَ أَبوهُ الأتابك كَبِير الْقدر وَقد تقدم ذكره وَتُوفِّي شمس الدّين بهلوان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة(10/193)
(بهْلُول)
3 - (الزَّاهِد المغربي)
بهْلُول بن رَاشد الزَّاهِد المغربي القيرواني الْفَقِيه قيل كَانَ ثِقَة صَادِقا مُجْتَهدا مجاب الدعْوَة خيرا وَاسع الْعلم ضربه أَمِير إفريقية بالسياط ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (الْمَجْنُون)
بهْلُول بن عَمْرو أَبُو وهيب الصَّيْرَفِي الْمَجْنُون من أهل الْكُوفَة حدث عَن أَيمن بن نابل وَعَمْرو بن دِينَار وَعَاصِم بن أبي النجُود وَكَانَ من عقلاء المجانين وسوس لَهُ كَلَام مليح ونوادر وأشعار استقدمه الرشيد أَو غَيره من الْخُلَفَاء ليسمع كَلَامه توفّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَمَا تعرضوا لَهُ بِجرح وَلَا تَعْدِيل قَالَ الْأَصْمَعِي رَأَيْت بهلولاً قَائِما وَمَعَهُ خبيص فَقلت لَهُ إيش مَعَك قَالَ خبيص قلت أَطْعمنِي قَالَ لَيْسَ هُوَ لي قلت لمن هُوَ قَالَ لحمدونة بنت الرشيد أَعْطِنِي آكله لَهَا وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك رَأَيْت بهلولاً فِي بعض الْمَقَابِر وَقد دلى رجلَيْهِ فِي قبر وَهُوَ يلْعَب بِالتُّرَابِ فَقلت لَهُ مَا تصنع هَاهُنَا فَقَالَ أجالس أَقْوَامًا لَا يؤذونني وَإِن غبت لَا يغتابونني فَقلت قد غلا السّعر بِمرَّة فَهَل تَدْعُو الله فَيكْشف عَن النَّاس فَقَالَ وَالله مَا أُبَالِي وَلَو حَبَّة بِدِينَار إِن الله علينا أَن نعبده كَمَا أمرنَا وَإِن عَلَيْهِ أَن يرزقنا كَمَا وعدنا ثمَّ صفق يَده وَأَنْشَأَ يَقُول
(يَا من تمتّع بالدنيا وَزينتهَا ... وَلَا تنام عَن اللَّذَّات عَيناهُ)
(شغلت نَفسك فِيمَا لست تُدْرِكهُ ... تَقول لله مَاذَا حِين تَلقاهُ)
وَقَالَ الْحسن بن سهل بن مَنْصُور رَأَيْت الصّبيان يرْمونَ بهلولاً بالحصى فأدمته حَصَاة فَقَالَ
(حسبي الله توكلت عَلَيْهِ ... من نواصي الْخلق طراً بيدَيْهِ)
(لَيْسَ للهارب فِي مهربه ... أبدا من رَاحَة إِلَّا إِلَيْهِ)(10/194)
(رب رام لي بأحجار الْأَذَى ... لم أجد بدا من الْعَطف عَلَيْهِ)
فَقلت لَهُ تعطف عَلَيْهِم وهم يرمونك فَقَالَ اسْكُتْ لَعَلَّ الله يطلع على غمي ووجعي وَشدَّة فَرح هَؤُلَاءِ فيهب بَعْضنَا من بعض وَقَالَ عبد الله بن عبد الْكَرِيم كَانَ لبهلول صديق قبل أَن يجن فَلَمَّا أُصِيب بعقله فَارقه صديقه فَبينا بهْلُول يمشي فِي بعض طرقات الْبَصْرَة إِذا)
بصديقه فَلَمَّا رَآهُ صديقه عدل عَنهُ فَقَالَ بهْلُول
(ادن مني وَلَا تخافن غدري ... لَيْسَ يخْشَى الْخَلِيل غدر الْخَلِيل)
(إِن أدنى الَّذِي ينالك مني ... ستر مَا يتقى وَبث الْجَمِيل)
قَالَ الْفضل بن سُلَيْمَان كَانَ بهْلُول يَأْتِي سُلَيْمَان بن عَليّ فيضحك مِنْهُ سَاعَة ثمَّ ينْصَرف فَجَاءَهُ يَوْمًا فَضَحِك مِنْهُ سَاعَة ثمَّ قَالَ لَهُ عنْدك شَيْء نَأْكُل فَقَالَ لغلامه هَات لبهلول خبْزًا وجبناً فَأكل ثمَّ انْصَرف ثمَّ أَتَاهُ يَوْمًا آخر فَضَحِك مِنْهُ سَاعَة ثمَّ قَالَ هَل عنْدك شَيْء نَأْكُل فَقَالَ يَا غُلَام هَات لبهلول خبْزًا وَزَيْتُونًا فَأكل ثمَّ قَامَ لينصرف فَقَالَ لِسُلَيْمَان بن عَليّ يَا صَاحب إِن جِئْنَا إِلَى بَيتكُمْ يَوْم الْعِيد يكون عنْدكُمْ لحم قَالَ فَخَجِلَ وَجَاء إِلَى بعض أَشْرَاف الْكُوفَة فَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَن آكل عسلاً بسرقين قَالَ نعم قَالَ فَادع بهما فَدَعَا يهما فأمعن فِي أكل الْعَسَل وَحده فَقَالَ لَهُ الرجل قد نقضت الشَّرْط مَا لَك لَا تَأْكُل السرقين قَالَ هُوَ وَحده أطيب وعبث بِهِ الصّبيان يَوْمًا ففر مِنْهُم والتجأ إِلَى دَار بَابهَا مَفْتُوح فَدَخلَهَا وَصَاحب الدَّار قَائِم لَهُ ضفيرتان فصاح بِهِ مَا أدْخلك دَاري فَقَالَ يَا ذَا القرنين إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مفسدون فِي الأَرْض وَسَأَلَهُ يَوْمًا عَليّ بن عبد الصَّمد الْبَغْدَادِيّ هَل أحدثت فِي رقة الْبشرَة شَيْئا فَقَالَ اكْتُبْ
(أضمر أَن أضمر حبِّي لَهُ ... فيشتكي إِضْمَار إضماري)
(رق فَلَو مرت بِهِ ذرة ... لخضبته بِدَم جاري)
فَقلت لَهُ أُرِيد أرق من هَذَا فَقَالَ
(أضمر أَن يَأْخُذ المراة لكَي ... ينظر تمثاله فأدناها)
(فَجَاز وهم الضَّمِير مِنْهُ ... إِلَى وجنته فِي الْهوى فأدماها)
فَقلت أُرِيد أرق من هَذَا أَيهَا الْأُسْتَاذ قَالَ نعم وَمَا أَظُنهُ اكْتُبْ
(شبهته قمراً إِذا مر مُبْتَسِمًا ... فكاد يجرحه التَّشْبِيه أَو كلما)
(وَمر فِي خاطري تَقْبِيل وجنته ... فسيلت فكرتي من عارضيه دَمًا)
فَقلت أُرِيد أرق من هَذَا فَقَالَ يَا ابْن الفاعلة أرق من هَذَا كَيفَ يكون رويدك لأنظر فَعَسَى طبخ فِي الْمنزل حريرة أرق من هَذَا وروى بَعضهم هَذِه الْوَاقِعَة لخَالِد الْكَاتِب وسوف تَأتي تَرْجَمَة خَالِد وَهِي أبسط من هَذَا)(10/195)
(بهيز بن الْهَيْثَم)
(بن عَامر بن نابي الْحَارِثِيّ الْأنْصَارِيّ)
شهد الْعقبَة وأحداً مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكره الطَّبَرِيّ
(بهيس بن سلمى التَّمِيمِي)
قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحل لمُسلم من مَال أَخِيه إِلَّا مَا أعطَاهُ عَن طيب نفس مِنْهُ
(الألقاب)
ابْن بهليقا يحيى بن عمر
ابْن البهلول أَحْمد بن إِسْحَق
(بهية)
3 - (الصماء)
بهية أُخْت عبد الله بن بشر تعرف بالصماء رَوَت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن صِيَام يَوْم السبت إِلَّا فِي فَرِيضَة روى عَنْهَا أَخُوهَا عبد الله بن بشر قَالَ أَبُو زرْعَة قَالَ لي دُحَيْم أهل بَيت أَرْبَعَة صحبوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشر وابناه عبد الله وعطية وَابْنَته أختهما الصماء
3 - (بهية بنت عبد الله البكرية)
من بكر بن وَائِل وفدت مَعَ أَبِيهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فَبَايع الرِّجَال وصافحهم وَبَايع النِّسَاء وَلم يُصَافِحهُنَّ وَنظر إِلَيّ فدعاني وَمسح رَأْسِي ودعا لي ولولدي فولد لَهَا سِتُّونَ ولدا أَرْبَعُونَ رجلا وَعِشْرُونَ امْرَأَة(10/196)
(بولش الفرنسيس الفرنجي)
بولش هُوَ الْملك ريد افرنس الْمَعْرُوف بالفرنسيس أجل مُلُوك الفرنج وأعظمهم قدرا وَأَكْثَرهم عَسَاكِر وأموالاً وبلاداً قصد الديار المصرية وَاسْتولى على طرف مِنْهَا وَملك دمياط سنة سلبع وَأَرْبَعين وست مائَة وَاتفقَ موت الْملك الصَّالح نجم الدّين وتملك الْمُعظم توران شاه الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه وَقتل فَقدر الله تَعَالَى بأسره فَبَقيَ فِي أَيدي الْمُسلمين مُدَّة ثمَّ أطلق بعد تَسْلِيم دمياط إِلَى الْمُسلمين وَتوجه إِلَى بِلَاده وَفِي قلبه مِمَّا جرى عَلَيْهِ من ذهَاب أَمْوَاله وَأسر رِجَاله فَبَقيت نَفسه تحدثه بِالْعودِ إِلَى مصر لأخذ ثَأْره فاهتم بذلك اهتماماً كثيرا فِي مُدَّة سِنِين إِلَى سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة وَقصد مصر فَقيل لَهُ إِن قصدت مصر رُبمَا يجْرِي لَك مثل الْمرة الأولى وَالْأولَى أَن تقصد تونس وَكَانَ ملكهَا يَوْمئِذٍ مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الْوَاحِد الملقب الْمُسْتَنْصر بِاللَّه فَإنَّك إِن ظَهرت عَلَيْهِ تمكنت من قصد مصر فِي الْبر وَالْبَحْر فقصد تونس وَكَاد يستولي عَلَيْهَا وَمَعَهُ جمَاعَة من الْمُلُوك فأوقع الله فِي عسكره وباءً عَظِيما فَهَلَك ريد افرنس سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَرجع من بَقِي من عسكره إِلَى بِلَادهمْ بالخيبة ووصلت الْبُشْرَى بذلك إِلَى الْملك الظَّاهِر بيبرس
وَلما أسر ريد افرنس نوبَة دمياط بعد قتل أَصْحَابه تسلمه الطواشي جمال الدّين محيسن هُوَ وَجَمَاعَة كَانُوا مَعَه على تل بالأمان وَضرب فِي رجلَيْهِ قيد واعتقل فِي الدَّار الَّتِي كَانَ بهَا فَخر الدّين بن لُقْمَان كَاتب الْإِنْشَاء نازلاً وَذَلِكَ بالمنصورة ووكل الطواشي جمال الدّين صبيح المعظمي فَلذَلِك قَالَ الصاحب جمال الدّين بن مطروح لما بلغ الْمُسلمين عود ريد افرنس إِلَى الديار المصرية
(قل للفرنسيس إِذا جِئْته ... مقَال صدق من قؤول نصيح)
(آجرك الله على مَا جرى ... من قتل عباد يشوع الْمَسِيح)
(أتيت مصرا تبتغي ملكهَا ... تحسب أَن الزمر يَا طبل ريح)
(فساقك الْحِين إِلَى أدهم ... ضَاقَتْ بِهِ عَن ناطريك الفسيح)
(وكل أَصْحَابك أوردتهم ... بِسوء أفعالك بطن الضريح)
(خَمْسُونَ ألفا لَا ترى مِنْهُم ... إِلَّا قَتِيلا أَو أَسِيرًا جريح)
(وفقك الله لأمثالها ... لَعَلَّ عِيسَى مِنْكُم يستريح)
)
(إِن كَانَ باباكم بذا رَاضِيا ... فَرب غش قد أَتَى من نصيح)
(وَقل لَهُم إِن أضمروا عودة ... لأخذ ثار أَو لقصد صَحِيح)
(دَار ابْن لُقْمَان على حَالهَا ... والقيد بَاقٍ والطواشي صبيح)(10/197)
واشتهرت هَذِه الأبيات وسارت بهَا الركْبَان خُصُوصا الْبَيْت الْأَخير مِنْهَا فَلهَذَا قَالَ بعض المغاربة لما قصد ريد افرنس تونس
(يَا فرنسيس هَذِه أُخْت مصر ... فتيقن لما إِلَيْهِ تصير)
(لَك فِيهَا دَار ابْن لُقْمَان قبر ... وطواشيك مُنكر وَنَكِير)
وَقَالَ آخر فِي الْمَعْنى الأول
(قل للفرنسيس أَن كلا ... لَهُ من الْمُسلمين بشاكر)
(لِأَنَّهُ محسن إِلَيْنَا ... بقوده نحونا العساكر)
(سَاق إِلَى مصر مَا اقتناه ... أمة عِيسَى من الذَّخَائِر)
(وَأورد الْجمع بَحر حَرْب ... مصدره بالمنون زاخر)
(أركبهم أدهماً خضماً ... ورابح الشَّرّ فَهُوَ خاسر)
(ورام باباهم أموراً ... فأخلفت ظَنّه المقادر)
(وأذهل الْقَوْم هول حَرْب ... تشخص من خَوفه النواظر)
(لم تعم أَبْصَارهم وَلَكِن ... قد عميت مِنْهُم البصائر)
(وَلم يغد وفْق فيلسوف ... طلسمه كَاهِن وساحر)
(فَإِن يعد طَالبا لثأر ... من أَرض دمياط فليبادر)
(فَذَلِك الْبَحْر تعرفوه ... وَالسيف مَاض والجيش حَاضر)
(أَعَادَهُ الله عَن قريب ... لمثلهَا إِنَّه لقادر)
(بِحَيْثُ لم يبْق لِلنَّصَارَى ... من بعد كسر الصَّلِيب جَابر)
(ويستريح الْمَسِيح مِنْهُم ... من كل علج وكل كَافِر)
(الألقاب)
البورقي مُحَمَّد بن سعيد
البوزجاني الحاسب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى)
البوصيري الْمسند أَمِين الدّين اسْمه هبة الله وَيُسمى سيد الْأَهْل بن عَليّ بن مَسْعُود
والبوصيري صَاحب الْبردَة مُحَمَّد بن سعيد
ابْن بوش الْمسند الْبَغْدَادِيّ اسْمه يحيى بن أسعد
الْبونِي اسْمه عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ الْمَالِكِي
الْبونِي مَرْوَان بن عَليّ(10/198)
ابْن البويز المعري اسْمه عَليّ بن جَعْفَر بن الْحسن
ابْن بوقه الْمُفَسّر الْأَصْبَهَانِيّ اسْمه الْوَلِيد بن أبان
ابْن البوقي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن هبة الله
وَمِنْهُم الْحسن بن هبة الله
وَمِنْهُم هبة الله بن يحيى
(بوران)
3 - (ملكة الْفرس)
بوران بنت كسْرَى ملكة الْفرس توفيت سنة عشْرين من الْهِجْرَة وملكوا بعْدهَا أُخْتهَا أزرمي قَالَه أَبُو عُبَيْدَة
3 - (بنت الْحسن بن سهل)
بوران بنت الْحسن بن سهل وَسَيَأْتِي ذكر أَبِيهَا فِي حرف الْحَاء مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيُقَال إِن اسْمهَا خَدِيجَة وَالْأول أشهر كَانَ الْمَأْمُون قد تزَوجهَا لمَكَان ابْنهَا مِنْهُ وَرَأَيْت ابْن بدرون قد ذكر فِي شرح قصيدة ابْن عبدون لاتصالها بالمأمون خَبرا ظريفاً وَلَكِن فِيهِ طول فليوقف عَلَيْهِ هُنَاكَ واحتفل أَبوهَا بأمرها وَعمل من الولائم والأفراح مَا لم يعْهَد مثله وَهُوَ مَذْكُور فِي التواريخ وَكَانَ ذَلِك بِفَم الصُّلْح وانْتهى أمره إِلَى أَن نثر على الهاشميين والقواد ووجوه النَّاس وَالْكتاب بَنَادِق مسك فِيهَا رقاع بأسماء ضيَاع وَأَسْمَاء جوَار وصفات دَوَاب وَغير ذَلِك فَكَانَت البندقة إِذا وَقعت فِي يَد الرجل فتحهَا وَقَرَأَ مَا فِيهَا وَإِذا علم بِمَا فِيهَا مضى إِلَى الْوَكِيل المرصد لذَلِك فيدفعها إِلَيْهِ ويتسلم مِنْهُ مَا فِيهَا سواءاً كَانَ ذَلِك ضَيْعَة أم ملكا آخر أَو فرسا أَو جَارِيَة أَو مَمْلُوكا ثمَّ نثر بعد ذَلِك على سَائِر النَّاس الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ونوافج الْمسك وبيض العنبر وَأنْفق على الْمَأْمُون وقواده وَجَمِيع أَصْحَابه وَسَائِر من كَانَ مَعَه من)
أجناده وَأَتْبَاعه وَكَانُوا خلقا لَا يُحْصى حَتَّى على الجمالين والمكارية والملاحين وكل من ضمه عسكره فَلم يكن فيهم من يَشْتَرِي شَيْئا لنَفسِهِ وَلَا لدوابه وَأقَام الْمَأْمُون تِسْعَة عشر يَوْمًا وَكَانَ مبلغ النَّفَقَة كل يَوْمَيْنِ خمسين ألف ألف دِرْهَم وَأمر لَهُ الْمَأْمُون عِنْد مُنْصَرفه بِعشْرَة آلَاف ألف دِرْهَم وأقطعه فَم الصُّلْح وَقَالَ بعض المؤرخين وفرش لِلْمَأْمُونِ حَصِير منسوج بِالذَّهَب فَلَمَّا(10/199)
وقف عَلَيْهِ نثرت على قَدَمَيْهِ لآلئ كَثِيرَة فَلَمَّا رأى تساقط اللآلئ الْمُخْتَلفَة على الْحَصِير قَالَ قَاتل الله أَبَا نواس كَأَنَّهُ شَاهد هَذِه الْحَالة حِين قَالَ فِي صفة الْخمر والحباب الَّذِي يعلوها عِنْد المزاج
(كَأَن صغرى وكبرى من فواقعها ... حَصْبَاء در على أَرض من الذَّهَب)
وَأطلق لَهُ الْمَأْمُون خراج فَارس وكور الأهواز مُدَّة سنة وَقَالَت الشُّعَرَاء والخطباء فِي ذَلِك وأطنبوا وَمن أظرف مَا قيل قَول مُحَمَّد بن حَازِم الْبَاهِلِيّ
(بَارك الله لِلْحسنِ ... ولبوران فِي الختن)
(يَا إِمَام الْهدى ظف ... رت وَلَكِن ببنت من)
فَلَمَّا نمي هَذَا الشّعْر إِلَى الْمَأْمُون قَالَ وَالله مَا نَدْرِي أخيراً أَرَادَ أم شرا وَقَالَ الطَّبَرِيّ دخل الْمَأْمُون على بوران اللَّيْلَة الثَّالِثَة من وُصُوله إِلَى فَم الصُّلْح فَلَمَّا جلس مَعهَا نثرت عَلَيْهِ جدَّتهَا ألف درة كَانَت فِي صينية ذهب فَأمر الْمَأْمُون أَن تجمع وسألها عَن عدد الدّرّ كم هُوَ فَقَالَت ألف حَبَّة فوضعها فِي حجرها وَقَالَ هَذَا نحلتك وسلي حوائجك فَقَالَت لَهَا جدَّتهَا كلمي سيدك فقد أَمرك فَسَأَلته الرضى عَن إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَقَالَ قد فعلت وأوقد تِلْكَ اللَّيْلَة شمعة من عنبر وَزنهَا أَرْبَعُونَ منا فِي تور من ذهب فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِم وَقَالَ هَذَا سرف ويحكى أَنه لما قَامَ إِلَى بَيت الْخَلَاء وجد ستارة الْبَيْت من جنس الْحلَّة الَّتِي عَلَيْهِ فَغَضب وأحرقها بالشمعة الَّتِي مَعَه فَلَمَّا عَاد فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة وجد آخر مثله فأحرقه فَلَمَّا عَاد فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة وجد آخر مثله فهم بإحراقه فَقَالَت الْجَارِيَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تتعب فمعنا من هَذَا أَرْبَعُونَ حلَّة وَقيل إِن الْمَأْمُون لما هم بِالدُّخُولِ بهَا دافعوه لعذر بهَا فَلم يقبل فَلَمَّا دخل بهَا وجدهَا حَائِضًا فَقَالَت أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه فَتَركهَا فَلَمَّا قعد للنَّاس دخل أَحْمد بن يُوسُف الْكَاتِب عَلَيْهِ وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَنَّأَك الله بِمَا أخذت من الْيمن وَالْبركَة وَشدَّة الظفر بالمعركة فَأَنْشد الْمَأْمُون)
(فَارس مَاض بحربته ... عَارِف بالطعن فِي الظُّلم)
(رام أَن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بِدَم)
فَعرض بحيضها وَهَذَا من أحسن الْكِنَايَات وَكَانَ هَذَا الْعرس فِي شهر رَمَضَان سنة عشر وَمِائَتَيْنِ وَعقد عَلَيْهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي الْمَأْمُون وَهِي فِي عصمته وَبقيت بعده إِلَى أَن توفيت سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وعمرها ثَمَانُون سنة ودفنت فِي قبَّة مُقَابلَة مَقْصُورَة جَامع السُّلْطَان وَتُوفِّي الْمَأْمُون سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت قيمَة بِعلم النُّجُوم يُؤَيّد ذَلِك مَا ذكره الجهشياري فِي كتاب الوزراء فِي تَرْجَمَة أَخِيهَا الْفضل بن الْحسن وَسَيَأْتِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى(10/200)
(بوري)
3 - (تَاج الْمُلُوك ابْن أَيُّوب)
بوري بن أَيُّوب بن شادي بن مَرْوَان مجد الدّين تَاج الْمُلُوك أَبُو سعيد كَانَ أَصْغَر أَوْلَاد أَبِيه وَهُوَ أَخُو السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَكَانَ أديباً فَاضلا لَهُ ديوَان شعر نوفي على حلب سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة وعاش ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وشهوراً من طعنة أَصَابَت ركبته يَوْم نزل أَخُوهُ عَلَيْهَا فَمَرض مِنْهَا وَكَانَ السُّلْطَان قد أعد للصالح إِسْمَاعِيل صَاحب حلب ضِيَافَة فِي المخيم بعد الصُّلْح فَجَاءَهُ الْحَاجِب وَهُوَ على السماط فَأسر إِلَيْهِ موت بوري أَخِيه فَلم يتَغَيَّر وَأمر بتجهيزه وَدَفنه سرا وَأعْطى الضِّيَافَة حَقّهَا وَكَانَ يَقُول مَا أَخذنَا حلب رخيصة
وبوري بالعربي ذِئْب وَمن شعره فِي أحد مماليكه وَقد أقبل من جِهَة الْمغرب رَاكِبًا على فرس أَشهب
(أقبل من أعشقه رَاكِبًا ... من جَانب الغرب على أَشهب)
(فَقلت سُبْحَانَكَ يَا ذَا الْعلَا ... أشرقت الشَّمْس من الْمغرب)
وَمِنْه
(يَا غزالاً يُمِيت طوراً ويحيي ... وَهُوَ برْء السقام سقم الصَّحِيح)
(هَذِه المعجزات لَيست لظبي ... إِنَّمَا هَذِه فعال الْمَسِيح)
وَمِنْه قَوْله
(أيا حَامِل الرمْح الشبيه بقده ... وَيَا شاهراً سَيْفا حكى لحظه عضبا)
)
(ضع الرمْح واغمد مَا سللت فَرُبمَا ... قتلت وَمَا حاولت طَعنا وَلَا ضربا)
وَمِنْه أَيْضا
(شربت من الْفُرَات ونيل مصر ... أحب إِلَيّ من شط الْفُرَات)
(ولي فِي مصر من أصبو إِلَيْهِ ... وَمن فِي قربه أبدا حَياتِي)
(فَقلت وَقد ذكرت زمَان وصل ... تَمَادى بعده روح الْحَيَاة)
(أرى مَا أشتهيه يفر مني ... وَمن لَا أشتهيه إِلَيّ باتي)(10/201)
وَمِنْه قَوْله
(يَا حَياتِي حينى يرضى ... ومماتي حِين يسْخط)
(آه من ورد على خد ... يَك بالمسك منقط)
(بَين أجفانك سلطا ... ن على ضعْفي مسلط)
(قد تصبرت وَإِن بر ... ح بِي الشوق وأفرط)
(فَلَعَلَّ الدَّهْر يَوْمًا ... بالتلاقي مِنْك يغلط)
وَمِنْه
(رَمَضَان بل مرضان إِلَّا أَنهم ... غلطوا إِذا فِي قَوْلهم وأساءوا)
(مرضان فِيهِ تخالفا فنهاره ... سل وَأما ليله استسقاء)
3 - (تَاج الْمُلُوك)
بوري تَاج الْمُلُوك ابْن ظهير الدّين طغتكين صَاحب دمشق ملكهَا بعد وَالِده سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس مائَة ووثب عَلَيْهِ الباطنية فجرحوه وَمَات سنة سِتّ وَعشْرين وَخمْس مائَة
(بو سعيد القان ملك التتار)
بو سعيد ملك التتار صَاحب الْعرَاق وخراسان وأذربيجان وَالروم والجزيرة القان بن القان خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المغلي أَكثر النَّاس يَقُولُونَ أَبُو سعيد على أَنه كنيته وَالصَّحِيح على أَنه علم بِلَا ألف هَكَذَا رَأَيْت كتبه الَّتِي كَانَت ترد مِنْهُ على السُّلْطَان الْملك النَّاصِر يكْتب على ألقابه الذهبية بو سعيد باللازورد الْفَائِق ويزمّك بِالذَّهَب لما هادن الْملك النَّاصِر أَرَادَ النَّاصِر أَن يبتدئه بالمكاتبة فَبَقيَ كَاتب السِّرّ القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير يُطَالِبهُ السُّلْطَان بالمكاتبة وَهُوَ يَقُول لَهُ يَا خوند إِن كتبنَا لَهُ الْمَمْلُوك قد لَا يكْتب لنا الْمَمْلُوك وَإِن كتبنَا وَالِده أَو أَخُوهُ قَبِيح ثمَّ إِنَّه قَالَ لَهُ يَوْمًا يَا خوند رَأَيْت أَن نكتب مَوضِع الِاسْم ألقاب مَوْلَانَا السُّلْطَان بالطومار ذَهَبا ونكتب على الْكل مُحَمَّد نِسْبَة طغره المناشير فَقَالَ هَذَا جيد فَلَمَّا كتبُوا ذَلِك وَعَاد الْجَواب من بو سعيد جَاءَ كَذَلِك خلا بو سعيد فَإِنَّهَا باللازورد الْمليح المعدني فَقَالَ السُّلْطَان وَنحن نكتب كَذَلِك فَقَالَ لَهُ ابْن الْأَثِير لَا يَا خوند لأَنا نَكُون قد قلدناهم فاستمرت الْمُكَاتبَة بَينهمَا على حَالهَا
وَرَأَيْت بعض النَّاس يَقُول إِنَّمَا هُوَ بو صيد بالصَّاد الْمُهْملَة وَإِنَّمَا النَّاس عربوه توفّي بو سعيد بالأردو بِأَذربِيجَان فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَله نَيف وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَت دولته عشْرين سنة وَكَانَ قد أنشأ لَهُ تربة بالسلطانية فَنقل إِلَيْهَا وَكَانَ مُسلما قَلِيل الشَّرّ وداعاً(10/202)
يكره الظُّلم ويؤثر الْعدْل وينقاد للشَّرْع وَيكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا ويجيد ضرب الْعود وصنف مَذَاهِب فِي النغم نقلت عَنهُ أبطل بوساطة وزيره مُحَمَّد بن الرشيد مكوساً كَثِيرَة وفواحش وخموراً وَهدم كنائس بَغْدَاد وخلع على من أسلم من الذِّمَّة وَأسْقط مكوس الْفَاكِهَة من سَائِر ممالكه وَورث ذَوي الْأَرْحَام وَكَانَ قبل مَوته بِسنة قد حج ركب الْعرَاق وَكَانَ الْمُقدم عَلَيْهِ بطلاً شجاعاً فَلم يُمكن أحدا من الْعَرَب يَأْخُذ من الركب شَيْئا فَلَمَّا كَانَت السّنة الثَّانِيَة خرج الْعَرَب على الركب ونهبوه وَأخذُوا مِنْهُم شَيْئا كثيرا فَلَمَّا عَادوا شكوا إِلَيْهِ
فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْعَرَب فِي مملكتنا أَو فِي مملكة النَّاصِر وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ فِي الْبَريَّة لَا يحكم عَلَيْهِم أحد يعيشون بقائم سيفهم مِمَّن يمر عَلَيْهِم وَقَالَ هَؤُلَاءِ فُقَرَاء كم مِقْدَار مَا يَأْخُذُونَ من الركب نَحن نَكُون نحمله إِلَيْهِم من عندنَا كل سنة وَلَا ندعهم يَأْخُذُونَ من الرعايا شَيْئا فَقَالُوا لَهُ يَأْخُذُونَ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار ليراها كَثِيرَة فيطلبها فَقَالَ هَذَا الْقدر مَا يَكفهمْ وَلَا يكفيهم)
اجْعَلُوهَا كل سنة سِتِّينَ ألف دِينَار وَتَكون تحمل من بَيت المَال كل سنة إِلَيْهِم صُحْبَة متسفر من عندنَا فَمَاتَ تِلْكَ السّنة رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يسفر شَيْء وهادن سُلْطَان الْإِسْلَام وهاداه وانقرض بَيت هولاكو بِمَوْتِهِ وَجَرت بعده أُمُور يطول الشَّرْح فِيهَا وَقيل إِنَّه كَانَ عنيناً
(بوزبا مَمْلُوك صَاحب حماة)
بوزبا الْأَمِير أَبُو سعيد التقوي مَمْلُوك تَقِيّ الدّين عمر صَاحب حماة كَانَ من جملَة الْعَسْكَر الَّذين دخلُوا الْمغرب وخدم من السُّلْطَان عبد الْمُؤمن جَاءَ الْخَبَر سنة إِحْدَى وسِتمِائَة أَنه مَاتَ غريقاً وعَلى بركَة الْفِيل دَار تعرف بدار بوزبا وَهِي قُدَّام بَاب جَامع قوصون على بَابهَا عامود وَمَا أَدْرِي هَل هِيَ كَانَت لبوزبا هَذَا أَو لغيره وَالله أعلم
ابْن البوقا الْوَزير إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
(بولص الحبيس الراهب)
بولص الراهب الْمَعْرُوف بالحبيس قيل اسْمه ميخائيل كَانَ كَاتبا أَولا ثمَّ ترهب وَانْقطع فِي جبل حلوان بالديار المصرية يُقَال إِنَّه ظفر بِمَال دَفِين فِي مغارة فواسى بِهِ الْفُقَرَاء من كل مِلَّة وَقَامَ عَن المصادرين بجمل وافرة وَكَانَ أول ظُهُور أمره أَنه وَقعت نَار بحارة الباطلية سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فأحرقت ثَلَاثًا وَسِتِّينَ دَارا جَامِعَة ثمَّ كثر الْحَرِيق بعد ذَلِك حَتَّى احْتَرَقَ ربع فَرح وَكَانَ وَقفا على أَشْرَاف الْمَدِينَة وَالْوَجْه المطل على النّيل من ربع الْعَادِل واتهم بذلك النَّصَارَى فعزم الظَّاهِر على استئصال النَّصَارَى وَالْيَهُود وَأمر بِوَضْع الحلفا والأحطاب فِي حفيرة كَانَت فِي القلعة وَأَن تضرم النَّار فِيهَا ويلقى فِيهَا الْيَهُود وَالنَّصَارَى
فَجمعُوا حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا من هرب وكتفوا ليرموا فِيهَا فشفع فيهم الْأُمَرَاء وَأمر أَن يشتروا أنفسهم(10/203)
فقرر عَلَيْهِم فِي كل سنة خمس مائَة ألف دِينَار وضمنهم الحبيس الْمَذْكُور فَحَضَرَ مَوضِع الجباية مِنْهُم فَكَانَ أَي من عجز عَمَّا قرر عَلَيْهِ وزن الحبيس عَنهُ سَوَاء كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَكَانَ يدْخل الحبوس وَمن كَانَ عَلَيْهِ دين وَزنه عَنهُ وسافر إِلَى الصَّعِيد وَإِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَوزن عَن النَّصَارَى مَا قرر عَلَيْهِم وَكَانَ النَّاس قد عرفوه فَكَانَ بعض النَّاس يتخيل عَلَيْهِ فَإِذا رَآهُ قد دخل الْمَدِينَة أَخذ مَعَه اثْنَيْنِ بعصى صُورَة أَنَّهُمَا من رسل القَاضِي أَو الْمُتَوَلِي وأخذا يَضْرِبَانِهِ ويجذبانه فيستغيث بِهِ يَا أَبونَا يَا أَبونَا فَيَقُول مَا باله فَيَقُولَانِ عَلَيْهِ دين أَو اشتكت عَلَيْهِ زَوجته فَيَقُول على كم فَيُقَال لَهُ على أَلفَيْنِ أَو أقل أَو)
أَكثر فَيكْتب لَهُ على شقفة أَو غَيرهَا إِلَى بعض الصيارف بذلك الْمبلغ فيقبضه مِنْهُ وَقيل إِن مبلغ مَا وصل إِلَى السُّلْطَان وَمَا واسى بِهِ النَّاس فِي مُدَّة سنتَيْن سِتّمائَة ألف دِينَار مضبوطة بقلم الصيارف الَّذين كَانَ يَجْعَل عِنْدهم المَال وَذَلِكَ خَارِجا عَمَّا كَانَ يُعْطي من يَده وَكَانَ لَا يَأْكُل من هَذَا المَال وَلَا يشرب بل النَّصَارَى يتصدقون عَلَيْهِ بِمَا يمونه فَلَمَّا كَانَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة أحضرهُ الْملك الظَّاهِر بيبرس وَطلب مِنْهُ المَال انم يحضرهُ أَو يعرفهُ من أَيْن وصل إِلَيْهِ فَجعل يغالطه ويدافعه وَلَا يفصح لَهُ بِشَيْء وَهُوَ عِنْده دَاخل الدّور فَعَذَّبَهُ حَتَّى مَاتَ وَلم يقر بِشَيْء فَأخْرج من قلعة الْجَبَل وَرمي ظَاهرهَا على بَاب القرافة وَكَانَت قد وصلت إِلَى الظَّاهِر فَتَاوَى فُقَهَاء إسكندرية بقتْله وعللوا ذَلِك بخوف الْفِتْنَة من ضعفاء نفوس الْمُسلمين
الْبُوَيْطِيّ صَاحب الشَّافِعِي اسْمه يُوسُف بن يحيى
البويز الشَّاعِر اسْمه عَليّ بن جَعْفَر
(بويه مؤيد الدولة)
بويه مؤيد الدولة أَبُو مَنْصُور ابْن ركن الدولة كَانَ وزيره الصاحب ابْن عباد فضبط مَمْلَكَته وَأحسن التَّدْبِير وَكَانَ قد تزوج بنت عَمه زبيدة بنت معز الدولة أنْفق فِي عرسه عَلَيْهَا سبع مائَة ألف دِينَار توفّي فِي جرجان بالخوانيق فِي ثَالِث عشر شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَلَاث مائَة وَله ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سنة(10/204)
(الألقاب)
بَنو بويه جمَاعَة مُلُوك مِنْهُم عماد الدولة عَليّ بن بويه
وَمِنْهُم معز الدولة أَحْمد بن بويه وَمِنْهُم ركن الدولة الْحسن بن بويه وَمِنْهُم عز الدولة بختيار بن أَحْمد وَمِنْهُم عضد الدولة فناخسرو وَمِنْهُم مؤيد الدولة أَبُو مَنْصُور بويه الْمَذْكُور وَمِنْهُم شرف الدولة شيرويه بن فناخسرو وَمِنْهُم فَخر الدولة عَليّ بن الْحسن)
وَمِنْهُم بهاء الدولة أَحْمد بن فناخسرو وَمِنْهُم سُلْطَان أَبُو شُجَاع ابْن أَحْمد
وَمِنْهُم شرف الدولة أَبُو عَليّ ابْن بويه
وَمِنْهُم جلال الدولة أَبُو طَاهِر فَيْرُوز وَمِنْهُم صمصام الدولة الْمَرْزُبَان بن فناخسرو
وعضد الدولة
وَمِنْهُم بهاء الدولة ابْن عضد الدولة فَيْرُوز بن فناخسرو
(بَيَان)
3 - (رَئِيس البيانية)
بَيَان بن سمْعَان التَّمِيمِي النَّهْدِيّ كَانَ من الغلاة فِي عَليّ وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة البيانية وغلا فِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ حَتَّى قَالَ هُوَ إِلَه وَحل فِيهِ جُزْء إلهي اتَّحد بناسوته بِهِ كَانَ يعلم الْغَيْب ويظفر بالكفار وَبِه اقتلع بَاب خَيْبَر وَأَن روح الْإِلَه تَعَالَى حلت فِي عَليّ ثمَّ من بعده فِي ابْنه مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة ثمَّ من بعده فِي ابْنه أبي هَاشم ثمَّ من بعده فِي بَيَان نَفسه
وَذهب لَعنه الله إِلَى أَن معبوده على صُورَة إِنْسَان عضوا فعضواً وَأَنه يهْلك إِلَّا وَجهه لقَوْله تَعَالَى كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه تَعَالَى الله عز وَجل عَن قَوْله وافترائه علوا كَبِيرا
وَكتب بَيَان إِلَى مُحَمَّد الباقر رَضِي الله عَنهُ كتابا دَعَاهُ فِيهِ إِلَى نَفسه وَكَانَ من(10/205)
جملَته أسلم تسلم وترقى فِي سلم فَإنَّك لَا تَدْرِي حَيْثُ يَجْعَل الله النُّبُوَّة فَأمر الباقر رَضِي الله عَنهُ رَسُول بَيَان أَن يَأْكُل كِتَابه فَأَكله فَمَاتَ من سَاعَته وَلَا خَفَاء بِكُفْرِهِ وَكفر تابعيه وَلما ظهر عَن بَيَان هَذَا مَا ظهر قَتله خَالِد ابْن عبد الله الْقَسرِي
3 - (الْعَنْبَري)
بَيَان الْعَنْبَري من شعراء خُرَاسَان يَقُول فِي قتل قُتَيْبَة بن مُسلم
(فَقل للباهلي أَلَيْسَ جهلا ... بكاؤك من قضا دين الْغَرِيم)
(أتجزع إِن أسابك مَا لَقينَا ... من الْأَحْدَاث والدهر الغشوم)
(أَرَادوا قسْمَة ضيزى وأنّا ... لنا فِي قسْمَة الْحق الظلوم)
(قددنا بالمثال أَدِيم قيس ... وَقد سبقوا إِلَى قد الْأَدِيم)
)
(جزيناهم بِمَا اصطنعوا إِلَيْنَا ... وكل غير ذِي بقيا رَحِيم)
3 - (ابْن عَمْرو البُخَارِيّ)
بَيَان بن عَمْرو البُخَارِيّ أحد الْعلمَاء الْعباد روى عَنهُ البُخَارِيّ كَانَ يقْرَأ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة الْقُرْآن ثَلَاث مَرَّات وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمائتين
(الألقاب)
ابْن البيار يحيى بن إِبْرَاهِيم
البياسي الْمَالِكِي اسْمه عبد الله بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن البياسي الأديب يُوسُف بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
البياضي الشريف مَسْعُود بن المحسن
البيابانكي عَلَاء الدولة أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
بَيَان الْحق الغزنوي اسْمه مَحْمُود بن الْحسن
أَبُو الْبَيَان مُحَمَّد بن الحوراني(10/206)
(بيبرس)
3 - (الْملك الظَّاهِر بيبرس)
بيبرس بن عبد الله السُّلْطَان الْأَعْظَم الْملك الظَّاهِر ركن الدّين أَبُو الْفَتْح الصَّالِحِي قَالَ عز الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن شَدَّاد أَخْبرنِي الْأَمِير بدر الدّين بيسري أَن مولد الْملك الظَّاهِر بِأَرْض القبجاق سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَلما أزمع التتار على قصد بِلَادهمْ كاتبوا أنص قان ملك الأولاق أَن يعبروا بَحر سوداق إِلَيْهِ ليجيرهم من التتار فأجابهم إِلَى ذَلِك وأنزلهم وَاديا بَين جبلين لَهُ فوهة إِلَى الْبَحْر وَالْأُخْرَى إِلَى الْبر وَكَانَ عبورهم إِلَيْهِ سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة فَلَمَّا اطمأنوا غدر بهم وَشن الْغَارة عَلَيْهِم فَقتل وسبى وَكنت أَنا وَالْملك الظَّاهِر فِيمَن أسر فَبيع فِيمَن بيع وَحمل إِلَى سيواس فاجتمعت بِهِ فِي سيواس ثمَّ افترقنا وَاجْتمعت بِهِ فِي حلب بخان ابْن قليج ثمَّ افترقنا فَحمل إِلَى الْقَاهِرَة وشراه الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدكين البندقداري وَبَقِي عِنْده فَلَمَّا قبض عَلَيْهِ الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب أَخذ الْملك الظَّاهِر فِي جملَة مَا استرجعه وَقدمه على طَائِفَة من الجمدارية فَلَمَّا مَاتَ الصَّالح وَملك بعده الْمُعظم وَقتل وولوا عز الدّين أيبك التركماني الأتابكية ثمَّ اسْتَقل وَقتل الْفَارِس أقطاي)
الجمدار ركب الظَّاهِر والبحرية وقصدوا القلعة فَلم ينالوا مَقْصُودا فَخَرجُوا من الْقَاهِرَة مجاهرين بالعداوة للتركماني مُهَاجِرين إِلَى النَّاصِر صَاحب الشَّام وَكَانَ الظَّاهِر وبلبان الرَّشِيدِيّ وأزدمر السيفي وسنقر الرُّومِي وسنقر الْأَشْقَر وبيسري الشمسي وقلاوون الألفي وبلبان المستعرب وَغَيرهم فأكرمهم النَّاصِر وَأطلق للظَّاهِر ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَثَلَاثَة قطر بغالاً وَثَلَاثَة قطر جمالاً وخيلاً وملبوساً وَفرق فِي الْبَقِيَّة الْأَمْوَال وَالْخلْع وَكتب إِلَيْهِ الْمعز أيبك يحذرهُ مِنْهُم فَلم يصغ إِلَيْهِ وَعين للظَّاهِر إقطاعاً بحلب فَسَأَلَهُ الْعِوَض عَن ذَلِك بزرعين وحنين فَأَجَابَهُ فَتوجه إِلَيْهِمَا ثمَّ خَافَ النَّاصِر فَتوجه بِمن مَعَه من خوشداشيته إِلَى الكرك فَجهز صَاحبهَا مَعَه عسكراً إِلَى مصر فَخرج إِلَيْهِ عَسْكَر من مصر فكسروهم وَنَجَا الظَّاهِر وبيليك الخزندار فَعَاد الظَّاهِر إِلَى الكرك وتواترت عَلَيْهِ كتب المصريين يحرضونه على قصد مصر وجاءه جمَاعَة من عَسْكَر النَّاصِر(10/207)
وَخرج عَسْكَر مصر مَعَ الْأَمِير سيف الدّين قطز وَفَارِس الدّين أقطاي المستعرب فَلَمَّا وصل المغيث وَالظَّاهِر إِلَى غَزَّة انْعَزل إِلَيْهِمَا من عَسْكَر مصر أيبك الرُّومِي وبلبان الكافوري وسنقرشاه العزيزي وأيبك الجواشي وَبدر الدّين ابْن خَان بغدي وأيبك الْحَمَوِيّ وَهَارُون القيمري واجتمعوا بهما فَقَوِيت شوكتهما وتوجها إِلَى الصالحية والتقيا بعسكر مصر سنة سِتّ وَخمسين واستظهرا عَلَيْهِم ثمَّ انكسرا وهرب المغيث وَالظَّاهِر وَأسر جمَاعَة وَضربت رقابهم صبرا مِمَّن ذكرته أَولا ثمَّ حصل بَين الظَّاهِر والمغيث وَحْشَة ففارقه وَعَاد إِلَى النَّاصِر على أَن يقطعهُ مائَة فَارس من جُمْلَتهَا قَصَبَة نابلس وجينين وزرعين فَأَجَابَهُ إِلَى نابلس لَا غير وَمَعَهُ جمَاعَة حلف لَهُم النَّاصِر وهم بيسري الشمسي وأوتامش السَّعْدِيّ وطيبرس الوزيري وآقوش الرُّومِي الدوادار وكشتغدي الشمسي ولاجين الدرفيل وأيدغمش الْحلَبِي وكشتغدي المشرقي وأيبك الشيخي وخاص ترك الصَّغِير وبلبان المهراني وسنجر الإسعردي وسنجر الهمامي والبلان الناصري ويكنى الْخَوَارِزْمِيّ وطمان وأيبك العلائي ولاحين الشقيري وبلبان الإقسيسي وسلطان الإلدكزي ووفى لَهُم فَلَمَّا قبض الْملك المظفر قطز على ابْن أستاذه حرض الْملك الظَّاهِر للْملك النَّاصِر على قصد مصر ليملكها فَلم يجبهُ فَسَأَلَهُ أَن يقدمهُ على أَرْبَعَة آلَاف فَارس أَو يقدم غَيره ليتوجه إِلَى شط الْفُرَات لمنع التتار من العبور إِلَى الشَّام فَلم يُمكنهُ الصَّالح لباطن كَانَ لَهُ مَعَ التتار ثمَّ إِن الظَّاهِر فَارق النَّاصِر وَتوجه إِلَى الشهرزورية وَتزَوج مِنْهُم ثمَّ جهز إِلَى المظفر من اسْتَخْلَفَهُ لَهُ وَعَاد)
إِلَى الْقَاهِرَة ودخلها سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة مخرج المظفر للقائه وأنزله فِي دَار الوزارة وأقطعه قصبه قليوب لخاصه فَلَمَّا خرج المظفر للقاء التتار جهز الظَّاهِر فِي عَسْكَر لكشف أخبارهم فَأول مَا وَقعت عينه عَلَيْهِم ناوشهم الْقِتَال وَلما انْقَضتْ الْوَقْعَة بِعَين جالوت تَبِعَهُمْ الظَّاهِر يقْتَصّ آثَارهم إِلَى حمص وَعَاد فَوَافى المظفر بِدِمَشْق وَلما توجه المظفر إِلَى مصر اتّفق الظَّاهِر مَعَ الرَّشِيدِيّ وبهادر المعزي وبكتوت الجوكنداري وبيدغان الركني وبلبان الهاروني وأنص الْأَصْبَهَانِيّ على قتل المظفر فَقَتَلُوهُ على الصُّورَة الَّتِي تذكر فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَسَارُوا إِلَى الدهليز فَبَايع الْأَمِير فَارس الدّين الأتابك للْملك الظَّاهِر وَحلف لَهُ ثمَّ الرَّشِيدِيّ ثمَّ الْأُمَرَاء وَركب وَمَعَهُ الأتابك وبيسري وقلاوون والخزندار وَجَمَاعَة من خواصه وَدخل قلعة الْجَبَل سَابِع عشر ذِي الْقعدَة وَجلسَ فِي إيوَان القلعة وَكتب إِلَى الْأَشْرَف صَاحب حمص وَإِلَى الْمَنْصُور صَاحب حماة وَإِلَى مظفر الدّين صَاحب صهيون وَإِلَى الإسماعيلية وَإِلَى عَلَاء الدّين ابْن صَاحب الْموصل نَائِب حلب وَالِي من فِي الشَّام يعرفهُمْ مَا جرى وَأَفْرج عَمَّن فِي الحبوس من أَصْحَاب الجرائم وَأقر الصاحب زين الدّين بن الزبير على الوزارة وَكَانَ قد تلقب بِالْملكِ(10/208)
القاهر فَقَالَ لَهُ الصاحب زين الدّين ابْن الزبير مَا لقب أحد بِالْملكِ القاهر فأفلح لقب بِهِ القاهر بن المعتضد فَلم تطل أَيَّامه وخلع ثمَّ سمل وتلقب بِهِ القاهر ابْن صَاحب الْموصل فسم وَلم تزد أَيَّامه فِي المملكة على سبع سِنِين فَأبْطل الْملك القاهر وتلقب بِالظَّاهِرِ وَزَاد إقطاعات من رأى اسْتِحْقَاقه من الْأُمَرَاء وخلع عَلَيْهِم وسير آفوش المحمدي بتواقيع الْأَمِير علم الدّين الْحلَبِي فَوَجَدَهُ قد تسلطن بِدِمَشْق فشرع الظَّاهِر فِي استفساد من عِنْده فَخَرجُوا عَلَيْهِ ونزعوه من السلطنة وَتوجه إِلَى بعلبك فأحضروه مِنْهَا وتوجهوا بِهِ إِلَى مصر وَصفا الْملك بِالشَّام للْملك الظَّاهِر وَضبط الْأُمُور وساس الْملك أتم سياسة وَفتح الفتوحات وباشر الحروب بِنَفسِهِ
وَكَانَ جباراً فِي الْأَسْفَار والحصارات والحروب وخافه الأعادي من التتار والفرنج وَغَيرهم لِأَنَّهُ روعهم بالغارات والكبسات وخاض الْفُرَات بِنَفسِهِ فَأَلْقَت العساكر بأنفسها خَلفه وَوَقع التتار فَقتل مِنْهُم مقتلة عَظِيمَة وَأسر تَقْدِير مِائَتي نفس وَفِي ذَلِك قَالَ محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر
(تجمع جَيش الشّرك من كل فرقة ... وظنوا بِأَنا لَا نطيق لَهُم غلبا)
)
(وَجَاءُوا إِلَى شاطي الْفُرَات وَمَا دروا ... بِأَن جِيَاد الْخَيل تقطعها وثبا)
(وَجَاءَت جنود الله فِي الْعدَد الَّتِي ... تميس بهَا الْأَبْطَال يَوْم الوغى عجبا)
(فعمنا بسد من حَدِيد سباحةً ... إِلَيْهِم فَمَا اسطاع الْعَدو لَهُ نقبا)
وَقَالَ بدر الدّين يُوسُف بن المهمندار
(لَو عَايَنت عَيْنَاك يَوْم نزالنا ... وَالْخَيْل تطفح فِي العجاج الأكدر)
(وَقد اطلخم الْأَمر واحتدم الوغى ... ووهى الجبان وساء ظن المجتري)
(لرأيت سداً من حَدِيد مائراً ... فَوق الْفُرَات وفوقه نَارا تري)
(طفرت وَقد منع الفوارس مدها ... يجْرِي وَلَوْلَا خَيْلنَا لم تطفر)
(وَرَأَيْت سيل الْخَيل قد بلغ الزبى ... وَمن الفوارس أبحراً فِي أبحر)
(لما سبقنَا أسهماً طاشت لنا ... مِنْهُم إِلَيْنَا بالخيول الضمر)
(لم يفتحوا للرمي مِنْهُم أعيناً ... حَتَّى كحلن بِكُل لدن أسمر)
(فتسابقوا هرباً وَلَكِن ردهم ... دون الْهَزِيمَة رمح كل غضنفر)
(مَا كَانَ أجْرى خَيْلنَا فِي أَثَرهم ... لَو أَنَّهَا برؤوسهم لم تعثر)
(كم قد فلقنا صَخْرَة من صرخة ... وَلكم ملأنا محجراً من محجر)(10/209)
(وَجَرت دِمَاؤُهُمْ على وَجه الثرى ... حَتَّى جرت مِنْهَا مجاري الْأَنْهُر)
(وَالظَّاهِر السُّلْطَان فِي آثَارهم ... يذري الرؤوس بِكُل عضب أَبتر)
(ذهب الْغُبَار مَعَ النجيع بصقله ... فَكَأَنَّهُ فِي غمده لم يشهر)
وَقَالَ نَاصِر الدّين حسن بن النَّقِيب
(وَلما ترامينا الْفُرَات بخيلنا ... سكرناه منا بالقوى والقوائم)
(فأوقفت التيار عَن جَرَيَانه ... إِلَى حَيْثُ عدنا بالغنى والغنائم)
وَقَالَ يُوسُف بن لُؤْلُؤ الذَّهَبِيّ
(دَعَوْت هلاوون اللعين بعزمة ... فأغنتك عَن سُلَيْمَان السيوف الصوارم)
(وَقد كَانَ شَيْطَانا على كل بَلْدَة ... فأقلع لما جِئْته بالعزائم)
وَقَالَ أَيْضا
(منعُوا جَانب الفرا ... ت بِحَدّ الصفائح)
)
(كَيفَ تحمونه وَقد ... جَاءَهُم كل سابح)
وَقَالَ الْحَكِيم موفق الدّين عبد الله بن عمر الْأنْصَارِيّ
(الْملك الظَّاهِر سلطاننا ... نفديه بِالْمَالِ وبالأهل)
(اقتحم المَاء ليطفي بِهِ ... حرارة الْقلب من الْمغل)
وَقَالَ شهَاب الدّين مَحْمُود من أَبْيَات
(لما تراقصت الرؤوس وحركت ... من مطربات قسيك الأوتار)
(خضت الْفُرَات بسابح أقْصَى منى ... هوج الصِّبَا من فعله الْآثَار)
(حَملتك أمواج الْفُرَات وَمن رأى ... بحراً سواك تقله الْأَنْهَار)
(وتقطعت فرقا وَلم يَك طودها ... إِذْ ذَاك إِلَّا جيشك الجرار)
(رَشَّتْ دِمَاؤُهُمْ الصَّعِيد فَلم يطر ... مِنْهُم عَليّ الْجَيْش السعيد غُبَار)
(شكرت مساعيك المعاقل والورى ... والترب والآساد والأطيار)
(هذي منعت وَهَؤُلَاء حميتهم ... وسقيت تِلْكَ وَعم ذِي الإيثار)
وَعمر الجسور الْبَاقِيَة إِلَى الْيَوْم بالسَّاحل والأغوار وَأمن النَّاس فِي أَيَّامه وطالت إِلَى أَن(10/210)
عَاد من وقْعَة البلستين وَأقَام بِالْقصرِ الأبلق فِي دمشق فأحس فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر الْمحرم يشرب القمز وَبَات على هَذِه الْحَال فأحس يَوْم الْجُمُعَة فِي نَفسه توعكاً فَشَكا ذَلِك إِلَى الْأَمِير شمس الدّين سنقر السلحدار فَأَشَارَ عَلَيْهِ بالقيء فاستدعاه فاستعصى عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ بعد الصَّلَاة ركب من الْقصر إِلَى الميدان على عَادَته والألم يقوى عَلَيْهِ فَلَمَّا أصبح اشْتَكَى حرارة فِي بَطْنه فصنعوا لَهُ دَوَاء فشربه وَلم ينجع فَلَمَّا حضر الْأَطِبَّاء أَنْكَرُوا اسْتِعْمَاله الدَّوَاء وَأَجْمعُوا على أَن يسقوه مسهلاً فسقوه فَلم ينجع فحركوه بدواء آخر فأفرط الإسهال بِهِ وَدفع دَمًا محتقناً فتضاعفت حماه وضعفت قواه فتخيل خواصه أَن كبده تتقطع وَأَن ذَلِك من سم شربه فعولج بالجوهر وَذَلِكَ يَوْم عاشره ثمَّ أجهده الْمَرَض إِلَى أَن توفّي يَوْم الْخَمِيس بعد الظّهْر الثَّامِن وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة فأخفوا مَوته وَحمل إِلَى القلعة لَيْلًا وغسلوه وحنطوه وصبروه وكفنه مهتاره الشجاع عنبر والفقيه كَمَال الدّين الاسكندري الْمَعْرُوف بِابْن المبنجي والأمير عز الدّين الأفرم وَجعل فِي تَابُوت وعلق فِي بَيت من بيُوت البحرة بقلعة دمشق وَقد ذكر فِي تَرْجَمَة الْملك القاهر عبد الْملك بن الْمُعظم عِيسَى)
فصل لَهُ تعلق بِسَبَب وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى فليؤخذ من هُنَاكَ وَكتب بدر الدّين بيليك الخزندار مطالعة بِيَدِهِ إِلَى وَلَده الْملك السعيد وَركب الْأُمَرَاء يَوْم السبت وَلم يظهروا الْحزن وَكَانَ الظَّاهِر أوصى أَن يدْفن على السابلة قَرِيبا من داريا وَأَن يبْنى عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَأى الْملك السعيد أَن يدفنه دَاخل السُّور فَابْتَاعَ دَار العقيقي بِثمَانِيَة وَأَرْبَعين ألف دِرْهَم وَأمر أَن تبنى مدرسة للشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة وَدَار حَدِيث وقبة للمدفن وَلما نجزت حضر الْأَمِير علم الدّين سنجر الْحَمَوِيّ الْمَعْرُوف بِأبي خرص والطواشي صفي الدّين جَوْهَر الْهِنْدِيّ إِلَى دمشق لدفن الْملك الظَّاهِر وَكَانَ النَّائِب عز الدّين أيدمر فعرفاه مَا رسم بِهِ الْملك السعيد فَحمل تابوته لَيْلًا وَدفن خَامِس شهر رَجَب الْفَرد من السّنة فَقَالَ محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وَمن خطه نقلت
(صَاح هَذَا ضريحه بَين جفني ... فزوروا من كل فج عميق)
(كَيفَ لَا وَهُوَ من عقيق جفوني ... دفنوه مِنْهَا بدار العقيق)
وَقَالَ عَلَاء الدّين الوداعي
(قل للملوك الميتين بجلق ... يهنيكم هَذَا المليك الْجَار)
(قومُوا إِلَيْهِ تلتقوا تابوته ... فِي جانبيه سكينَة ووقار)
وَفِي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة عملت أعزية الْملك الظَّاهِر بالديار المصرية وتقرر أَن يكون أحد عشر يَوْمًا فِي مَوَاضِع مفرقة ونصبت الْخيام الْعَظِيمَة وصنعت الْأَطْعِمَة الفاخرة وَاجْتمعَ الْخَاص وَالْعَام وحملت الْأَطْعِمَة إِلَى الرَّبْط والزوايا وَحضر الْقُرَّاء والوعاظ إِلَى صَلَاة الْفجْر وخلع على جمَاعَة من الْقُرَّاء والوعاظ وأجيز بَعضهم بالجوائز السّنيَّة
ذكر أَوْلَاده رَحمَه الله تَعَالَى الْملك السعيد نَاصِر الدّين مُحَمَّد بركَة وَأمه بنت حسام الدّين بركَة خَان الْخَوَارِزْمِيّ وَالْملك نجم الدّين خضر أمه أم ولد وَالْملك بدر الدّين سلامش وَله من(10/211)
الْبَنَات سبع من بنت سيف الدّين دماجي التتري
ذكر زَوْجَاته رَحمَه الله تَعَالَى بنت بركَة خَان وَبنت سيف الدّين نوكاي التتري وَبنت الْأَمِير سيف الدّين كراي التتري)
وَبنت الْأَمِير سيف الدّين دماجي التتري وشهرزورية تزَوجهَا لما توجه إِلَيْهِ وَلما ملك طَلقهَا
3 - (ذكر وزرائه)
الصاحب زين الدّين ابْن الزبير ثمَّ استوزر الصاحب بهاء الدّين ابْن حنا ووزر فِي الصُّحْبَة وَلَده فَخر الدّين مُحَمَّد بن الصاحب بهاء الدّين إِلَى أَن توفّي ثمَّ رتب مَكَانَهُ وَلَده الصاحب تَاج الدّين ووزر لَهُ فِي الصُّحْبَة أَيْضا أَخُوهُ الصاحب زين الدّين أَحْمد ووزر لَهُ لصَاحب عز الدّين مُحَمَّد بن الصاحب محيي الدّين أَحْمد بن الصاحب بهاء الدّين نِيَابَة عَن جده وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَة آلَاف مَمْلُوك
3 - (فتوحاته)
رَحمَه الله تَعَالَى قيسارية أرسوف صفد طبرية يافا الشقيف أنطاكية بغراس الْقصير حصن الأكراد حصن عكار القرين صافيتا مرقية حَلبًا وناصف الفرنج على المرقب وبلنياس وبلاد أنطرطوس وعَلى سَائِر مَا بَقِي فِي أَيْديهم من الْبِلَاد والحصون وَولى فِي نصِيبه لولاة والعمال واستعاد من صَاحب سيس درب ساك ودركوش وبليش وَكفر دنين ورعبان والمزربان وَملك من الْمُسلمين دمشق وبعلبك وعجلون وَبصرى وصرخد والصلت وحمص وتدمر والرحبة وزليبا وتل بَاشر وصهيون وبلاطنس وبرزيه وحصون الاسماعيلية والشوبك والكرك وشيزر والبيرة وَفتح الله عَلَيْهِ بِلَاد النّوبَة ودنقلة وَغَيرهَا
3 - (عمائره)
رَحمَه الله تَعَالَى عمر بقلعة الْجَبَل دَار الذَّهَب وبرحبة الحبارج قبَّة عَظِيمَة مَحْمُولَة على اثْنَي عشر عموداً من الرخام الملون وطبقتين مطلتين على رحبة الْجَامِع وعشاً لبرج الزاوية المجاور لباب السِّرّ وَأخرج مِنْهُ رواشن وَبنى عَلَيْهِ قبَّة وزخرفها وَأَنْشَأَ جواره طباقاً للمماليك وَأَنْشَأَ برحبة بَاب القلعة دَارا كَبِيرَة لوَلَده الْملك السعيد وَأَنْشَأَ دوراً كَثِيرَة لِلْأُمَرَاءِ ظَاهر الْقَاهِرَة مِمَّا يَلِي القلعة وإسطبلات جمَاعَة وَأَنْشَأَ حَماما بسوق الْخَيل لوَلَده والجسر الْأَعْظَم والقنطرة الَّتِي على الخليج والميدان بالبورجي وَعمر بِهِ المناظر والقاعات وَنقل إِلَيْهِ النخيل وَكَانَ أُجْرَة النَّقْل سِتَّة عشر ألف دِينَار وجدد الْجَامِع الْأَقْمَر وَالْجَامِع الْأَزْهَر وَبنى جَامع الْعَافِيَة بالحسينية)
وَأنْفق عَلَيْهِ فَوق الْألف ألف دِرْهَم وزاوية للشَّيْخ خضر وحماماً وطاحوناً وفرناً وقبةً على المقياس مزخرفة وعدة جَوَامِع فِي الْأَعْمَال المصرية وجدد قلعة الجزيرة وقلعة العمودين ببرقة وقلعة السويس وَعمر جِسْرًا بالقليوبية وجدد الجسر الْأَعْظَم على بركَة الْفِيل وَأَنْشَأَ قنطرته الْمَعْرُوفَة بقنطرة السبَاع الَّتِي هدمها الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وقنطرة على بَحر ابْن منجا لَهَا سَبْعَة(10/212)
أَبْوَاب وقنطرة بمنية السيرج وقنطرتين عِنْد الْقصير بسبعة أَبْوَاب تعبرها المراكب وست عشرَة قنطرة يسْلك مِنْهَا إِلَى دمياط وقنطرة على خليج الْقَاهِرَة للمرور عَلَيْهَا إِلَى الميدان وقنطرة عَظِيمَة على خليج الْإسْكَنْدَريَّة وحفر خليج الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ ارتدم وحفر بَحر أشموم وَكَانَ قد عمي وحفر ترعة الصّلاح وخور سرخسا وحفر المجايري والكافوري وترعة كنساد وَزَاد فِيهَا مائَة قَصَبَة وحفر بَحر الصمصام بالقليوبية وحفر السردوس وحفر فِي ترعة أبي الْفضل ألف قَصَبَة وتمم عمَارَة حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمل منبره وأحاط بالضريح درابزيناً وَذهب سقوفه وجددها وبيض جدرانه وجدد البيمارستان بِالْمَدِينَةِ وَنقل إِلَيْهِ سَائِر المعاجين والاكحال والأشربة وَبعث إِلَيْهِ طَبِيبا من الديار المصرية وجدد قبر الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ورم شعثه وَأصْلح أبوابه وميضاته وبيضه وَزَاد فِي راتبه المجرى عَلَيْهِ وعَلى قوامه ومؤذنيه وإمامه ورتب لَهُ من مَال الْبَلَد مَا يجْرِي على الواردين عَلَيْهِ والمقيمين بِهِ وجدد بالقدس الشريف مَا كَانَ تداعى من قبَّة الصَّخْرَة وجدد قبَّة السلسلة وزخرفها وَأَنْشَأَ خَانا للسبيل نقل بَابه من دهليز كَانَ للخلفاء المصريين بِالْقَاهِرَةِ وَبنى بِهِ مَسْجِدا وطاحوناً وفرناً وبستاناً وَبنى على قبر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قبَّة ومسجداً وَهُوَ عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر قبلي أرِيحَا ووقف عَلَيْهِ وَقفا وَبنى على قبر أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ مشهداً بعمتا من الْغَوْر ووقف عَلَيْهِ وَقفا وجدد بالكرك برجين كَانَا صغيرين فهدمهما وكبرهما وعلاهما ووسع مشْهد جَعْفَر الطيار ووقف عَلَيْهِ وَقفا زِيَادَة على وَقفه وَعمر جسر دامية بالغور ووقف عَلَيْهِ وَقفا برسم مَا عساه يتهدم من عِمَارَته وَأَنْشَأَ جسوراً كَثِيرَة بالسَّاحل والغور وَعمر قلعة قاقون وَبنى بهَا جامعاُ ووقف عَلَيْهِ وَقفا وَبنى حَوْض السَّبِيل وجدد جَامع الرملة وَأصْلح مصانعها وَأصْلح جَامع زرعين وَمَا عداهُ من جَمِيع الْبِلَاد الساحلية وجدد باشورة لقلعة صفد أَنْشَأَهَا بِالْحجرِ الهرقلي وَعمر كَذَلِك أبراجاً وبدنات وبغلات مسفحة وَبنى بالقلعة برجاً زَائِد الِارْتفَاع يصعد الْجمل إِلَى أَعْلَاهُ بِحمْلِهِ طوله)
ثَمَانُون ذِرَاعا وَلم يكمل إِلَّا فِي الْأَيَّام المنصورية وَبنى بالربض الَّذِي بصفد جَامعا حسنا وَكَانَت الشقيف قطعتين متجاورتين فَجمع بَينهمَا وَبنى بهَا جَامعا وحماماً وَدَار نِيَابَة وجدد عمَارَة قلعة الصبيبة بَعْدَمَا خربها التتار وَكَانَ التتار هدموا شراريف قلعة دمشق ورؤوس أبراجها فجدد ذَلِك وَبنى الطارمة الَّتِي على سوق الْخَيل وَبنى حَماما خَارج بَاب النَّصْر
وجدد ثَلَاث اسطبلات على الشّرف الْأَعْلَى وَبنى الْقصر الأبلق بالميدان وَلم يكن مثله وجدد مشْهد زين العابدين بِجَامِع دمشق وَأمر بِغسْل الأساطين ودهان رؤوسها ورخم الْحَائِط الشمالي وجدد بَاب الْبَرِيد وفرشه بالبلاط ورم شعث قبَّة الدَّم وَبنى دور الضِّيَافَة للرسل والمترددين مجاورة للحمام وجدد مَا تهدم من قلعة صرخد وجامعها ومساجدها وَكَذَلِكَ فعل(10/213)
ببصرى وعجلون والصلت وجدد نما تهدم من قلعة بعلبك وجدد قبر نوح عَلَيْهِ السَّلَام وجدد أسوار حصن الأكراد وقلعتها عمرها وعقدها حنايا وَحَال بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة بخندق وَبنى عَلَيْهَا أبرجة بطلاقات وجدد من حصن عكار مَا كَانَ استهدم وَزَاد الأبرجة وَبنى الْجَامِع وجدد خَان المحدثة وَعمل بِهِ الخفراء وَبنى من الْقصير إِلَى المناخ إِلَى قارا إِلَى حمص عدَّة أبرجة فِيهَا الْحمام والخفراء وَكَذَلِكَ من دمشق إِلَى تدمر والرحبة إِلَى الْفُرَات وجدد سفح قلعة حمص والدور السُّلْطَانِيَّة بهَا وَأَنْشَأَ قلعة شميمس بجملتها وَأصْلح قلعة شيزر وقلعتي الشغر وبكاس وقلعة بلاطنس وَبنى قلاع الإسماعيلية الثمان وَبنى مَا تهدم من قلعة عين تَابَ والراوندان وَبنى بأنطاكية جَامعا مَكَان الْكَنِيسَة وَكَذَلِكَ ببغراس وَأَنْشَأَ قلعة البيرة وَبنى بهَا الأبرجة ووسع خندقها وجدد جَامعهَا وَأَنْشَأَ بالميدان الْأَخْضَر شمَالي حلب مصطبة كَبِيرَة مرخمة وَأَنْشَأَ دَار الْخَيْر للقلعة وَبنى فِي أَيَّامه مَا لم يبن فِي أَيَّام غَيره وَكَانَت العساكر بالديار المصرية فِي الْأَيَّام الكاملية والصالحية عشرَة آلَاف فَارس فضاعفها أَرْبَعَة أَضْعَاف وَكَانَ أُولَئِكَ مقتصدين فِي النَّفَقَات وَالْعدَد وَعَسْكَره بالضد من ذَلِك وَكَانَت كلف المطبخ الصَّالِحِي النجمي ألف رَطْل لحم بالمصري كل يَوْم فضاعف ذَلِك فَكَانَت فِي أَيَّام الظَّاهِر عشرَة آلَاف رَطْل كل يَوْم عَنْهَا وَعَن توابلها عشرُون ألف دِرْهَم وَيصرف فِي خزانَة الْكسْوَة كل يَوْم عشرُون ألف دِرْهَم وَيصرف فِي الكلف الطارئة الْمُتَعَلّقَة بالرسل والوفود كل يَوْم عشرُون ألف دِرْهَم وَيصرف فِي ثمن القرط لدوابه ودواب من يلوذ بِهِ كل سنة ثَمَان مائَة ألف دِرْهَم وَيقوم بكلف الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير خَمْسَة عشر ألف عليقة عَنْهَا سِتّمائَة إِرْدَب)
وَيصرف للمخابز الجرايات خلا مَا يصرف لأرباب الرَّوَاتِب بِمصْر خَاصَّة كل شهر عشرُون ألف إِرْدَب قَالَ بعض الشُّعَرَاء ملغزا فِي اسْمه
(مَا اسْم إِذا صحفت مكتوبه ... فالطرد فِي التَّصْحِيف كالعكس)
(لَا يختفي لما غَدا ظَاهرا ... حَتَّى على الدِّينَار والفلس)
وَكَانَ الظَّاهِر رَحمَه الله تَعَالَى قد منع الْخمر والحشيش وَجعل الْحَد على ذنك السَّيْف فَأمْسك ابْن الكازروني وَهُوَ سَكرَان فصلب وَفِي حلقه جرة خمر فَقَالَ الْحَكِيم شمس الدّين ابْن دانيال
(لقد كَانَ حد السكر من قبل صلبه ... خَفِيف الْأَذَى إِذْ كَانَ فِي شرعنا جلدا)
(فَلَمَّا بدا المصلوب قلت لصاحبي ... أَلا تب فَإِن الْحَد قد جَاوز الحدا)
وَقَالَ القَاضِي نَاصِر الدّين ابْن الْمُنِير
(لَيْسَ لإبليس عندنَا طمع ... غير بِلَاد الْأَمِير مَأْوَاه)
(منعته الْخمر والحشيش مَعًا ... أحرمته مَاءَهُ ومرعاه)(10/214)
وَقَالَ نَاصِر الدّين حسن بن النَّقِيب
(منع الظَّاهِر الْحَشِيش مَعَ الخم ... ر فولى إِبْلِيس من مصر يسْعَى)
(قَالَ مَا لي وللمقام بِأَرْض ... لم أمتع فِيهَا بِمَاء ومرعى)
وَقَالَ ابْن دانيال
(لقد منع الإِمَام الْخمر فِينَا ... وصير حَدهَا حد الْيَمَانِيّ)
(فَمَا جسرت مُلُوك الْجِنّ خوفًا ... لأجل الْخمر تدخل فِي القناني)
وَقَالَ أَيْضا قصيدة سينية أَولهَا
(مَاتَ يَا قوم فَجْأَة إِبْلِيس ... وخلا مِنْهُ ربعه المأنوس)
وَقَالَ آخر
(الْخمر يَا إِبْلِيس إِن لم تقم ... وَتوسع الْحِيلَة فِي ردهَا)
(لَا نفقت سوق الْمعاصِي وَلَا ... أفلحت يَا إِبْلِيس من بعْدهَا)
وَفِيه يَقُول السراج الْوراق
(يَا حبذا الْملك الَّذِي ملكه ... إِلَى أقاصي الْهِنْد والصين)
(مَا سمي الظَّاهِر إِلَّا وَقد ... أظهره الله على الدّين)
)
وَقَالَ القَاضِي محيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر لما دخل الْملك الظَّاهِر بِلَاد الأرمن
(يَا وَيْح سيس أَصبَحت نهبةً ... كم عوق الْجَارِي بهَا الجاريه)
(وَكم بهَا قد ضَاقَ من مَسْلَك ... يستوقف الْمَاشِي بهَا الماشيه)
وَقَالَ أَيْضا
(يَا مَالك الأَرْض الَّذِي عزمه ... كم عَامر للكفر مِنْهُ خرب)
(قلبت سيساً فَوْقهَا تحتهَا ... وَالنَّاس قَالُوا سيس لَا تنْقَلب)
وَقَالَ أَيْضا
(مَا هادن الأرمن سلطاننا ... إِلَّا لأمر فِيهِ إذلالهم)
(حَتَّى لَهُ تكْثر أَمْوَالهم ... وللظبى تكْثر أطفالهم)
وَلما أَرَادَ الْملك الظَّاهِر أَن يُقرر القطيعة على الْبَسَاتِين واحتاط عَلَيْهَا وعَلى الْأَمْلَاك والقرى وَهُوَ نَازل على الشقيف قَالَ لَهُ القَاضِي شمس الدّين عبد الله بن عَطاء الْحَنَفِيّ هَذَا مَا يحل(10/215)
وَلَا يجوز لأحد أَن يتحدث فِيهِ وَقَامَ مغضباً وَتوقف الْحَال وصقعت الْبَسَاتِين وعدمت الثِّمَار جملَة كَافِيَة فَقَالَ فِي ذَلِك مجد الدّين ابْن سَحْنُون خطيب النيرب
(واهاً لأعطاف الغصون وَمَا الَّذِي ... صَنعته أَيدي الْبرد فِي أثوابها)
(صبغت خمائلها الصِّبَا فَكَأَنَّهَا ... قد ألبست أسفا على أَرْبَابهَا)
وَقَالَ نور الدّين أَحْمد بن مُصعب
(لهفي على حلل الغصون تبدلت ... من بعد خضرَة لَوْنهَا بسواد)
(وأظنها حزنت لفرقة أَهلهَا ... فلذاك قد لبست ثِيَاب حداد)
وَظن النَّاس أَن السُّلْطَان يرحمهم لذَلِك فَلَمَّا أَرَادَ التَّوَجُّه إِلَى مصر أحضر الْعلمَاء وَأخرج فتاوي الْحَنَفِيَّة باستحقاقها بِحكم أَن دمشق فتحهَا عمر بن الْخطاب عنْوَة ثمَّ قَالَ من كَانَ مَعَه كتاب عَتيق أجريناه وَإِلَّا فَنحْن فتحنا هَذِه الْبِلَاد بسيوفنا ثمَّ قرر عَلَيْهِم ألف ألف دِرْهَم فَسَأَلُوهُ تقسيطها فَأبى وَتَمَادَى الْحَال ثمَّ إِنَّهُم عجلوا لَهُ مِنْهَا أَربع مائَة ألف دِرْهَم بوساطة فَخر الدّين الأتابك وَزِير الصُّحْبَة ثمَّ أسقط الْبَاقِي عَنْهُم بتوقيع قرئَ على الْمِنْبَر
وَفِي وَاقعَة الأبلستين يَقُول القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود أَنْشدني ذَلِك إجَازَة
(كَذَا فلتكن فِي الله هذي العزائم ... وَإِلَّا فَلَا تجفو الجفون الصوارم)
)
(عزائم جارتها الرِّيَاح فَأَصْبَحت ... مخلفةً تبْكي عَلَيْهَا الغمائم)
(سرت من حمى مصر إِلَى الرّوم فاحتوت ... عَلَيْهِ وسوراه الظبا واللهاذم)
(بِجَيْش تظل الأَرْض مِنْهُ كَأَنَّهَا ... على سَعَة الأرجاء فِي الضّيق خَاتم)
(كتائب كالبحر الخضم جيادها ... إِذا مَا تهادت موجه المتلاطم)
(تحيط بمنصور اللِّوَاء مطفر ... لَهُ النَّصْر والتأييد عبد وخادم)
(مليك يلوذ الدّين من عزماته ... بِرُكْن لَهُ الْفَتْح الْمُبين دعائم)
(مليك لأبكار الأقاليم نَحوه ... حنين كَذَا تهوى الْكِرَام الكرائم)
(فكم وطِئت طَوْعًا وَكرها جياده ... معاقل قرطاها السها والنعائم)
(مليك بِهِ للدّين فِي كل سَاعَة ... بشائر للْكفَّار فِيهَا مآتم)
(جلاحين أقذى أعين الْكفْر للهدى ... ثغوراً بَكَى الشَّيْطَان وَهِي بواسم)
(إِذا رام شَيْئا لم يعقه لبعدها ... وشقتها عَنهُ الإكام الطواسم)
(فَلَو نَازع النسرين أمرا لَنَالَهُ ... وَذَا وَاقع عَجزا وَذَا بعد حائم)(10/216)
(وَلما رمى الرّوم المنيع بخيله ... وَمن دونه سد من الصخر عَاصِم)
(يروم عِقَاب الجو قطع عِقَابه ... إِلَيْهِ فَلَا تقوى عَلَيْهِ القوادم)
(غَدا وَهُوَ من وَقع السنابك ذَا ثرى ... تطأه فتستوطي ثراه المناسم)
(وَلما امتطت أَعْلَاهُ أَعْلَام جَيْشه ... وَفد لَاحَ فِيهَا للفلاح علائم)
(تراءت عُيُون الْكَافرين خلالها ... بروق سيوف صوبهن الجماحم)
(فَلم يثن عَنْهَا الطّرف خوفًا وحيرةً ... ومالت على كره إِلَيْهَا الغلاصم)
(وأبرزت الأَرْض الكمين وَقد علت ... عَلَيْهَا طيور للحمام حوائم)
(فَأَهوى إِلَيْهِم كل أجرد ضامر ... تطير بِهِ نَحْو الْهياج القوائم)
(يَخُوض الوغى لم تثنه اللجم راقصاً ... دلالاً وَيَغْدُو وَهُوَ فِي الدَّم عائم)
(وسالت عَلَيْهِم أَرضهم بمواكب ... لَهَا النَّصْر طوع وَالزَّمَان مسالم)
(أدارت بهم سوراً منيعاً مشرفا ... بسمر العوالي مَاله الدَّهْر هَادِم)
(من التّرْك أما فِي الْمعَانِي فَإِنَّهُم ... شموس وَأما فِي الوغى فضراغم)
(غَدا ظَاهرا بِالظَّاهِرِ النَّصْر فيهم ... يبيد اللَّيَالِي والعدى وَهُوَ دَائِم)
)
(فأهووا إِلَى لثم الأسنة فِي الوغى ... كَأَنَّهُمْ العشاق وَهِي المباسم)
(وصافحت الْبيض الصفاح رقابهم ... وعانقت السمر القدود النواعم)
(فكم حَاكم فيهم على ألف دارع ... غَدا حاسر وَالرمْح فِي فِيهِ حَاكم)
(وَكم ملك مِنْهُم رأى وَهُوَ موثق ... خَزَائِن مَا يحويه وَهِي غَنَائِم)
(توسوست السمر الدقاق فَأَصْبَحت ... لَهَا من رُؤُوس الدارعين تمائم)
(فيا ملك الْإِسْلَام يَا من بنصره ... على الْكفْر أَيَّام الزَّمَان قواسم)
(تهن بِفَتْح سَار فِي الأَرْض ذكره ... سرى الْغَيْث تحدوه الصِّبَا والنعائم)
(بذلت لَهُ فِي الله نفسا نفيسةً ... فوافاك لَا يثنيه عَنْك اللوائم)
(وَلما هزمت الْقَوْم أَلْقَت زمامها ... إِلَيْك الْحُصُون العاصيات العواصم)
(ممالك حاطتها الرماح فكم سرت ... على وَجل فِيهَا الرِّيَاح النواسم)
(تبيت مُلُوك الأَرْض وَهِي مُنَاهُمْ ... وَلَيْسَ بهَا مِنْهُم مَعَ الشوق حالم)
(ولولاك مَا أَوْمَأ إِلَى الْبَرْق ثغرها ... لغرة مثواه من الشَّام شائم)
(أَقمت لَهَا بِالْخَيْلِ سوراً كَأَنَّهُ ... أساور أضحت وَهِي فِيهَا معاصم)
(فَلَا زلت مَنْصُور اللِّوَاء مؤيداً ... على الْكفْر مَا ناحت وَأَنت حمائم)(10/217)
3 - (الجالق)
بيبرس الْأَمِير ركن الدّين الجالق الصَّالِحِي كَانَ من أكبر الْأُمَرَاء توفّي سنة سبع وَسبع مائَة
3 - (الْملك المظفر)
بيبرس الْملك المظفر ركن الدّين الْبُرْجِي الجاشنكير المنصوري وَكَانَ يعرف بالعثماني كَانَ أَبيض أشقر مستدير اللِّحْيَة فِيهِ عقل وَدين وَله أَمْوَال لَا تحصى وَله إقطاع كَبِير فِيهِ عدَّة إقطاعات لأمراء كَانَ أستاذ دَار الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وسلار نَائِبا فحكما فِي الْبِلَاد وتصرفا فِي الْعباد وللسلطان الِاسْم لَا غير وَكَانَ نواب الشَّام خوشداشية الجاشنكير وَحزبه من البرجيه قوي فَلَمَّا توجه الْملك النَّاصِر إِلَى الْحجاز ورد من الطَّرِيق إِلَى الكرك وَأقَام بهَا لعب الْأَمِير سيف الدّين سلاّر بالجاشنكير وسلطنه وَسمي الْملك المظفر وفوض الْخَلِيفَة إِلَيْهِ ذَلِك وَأفْتى جمَاعَة من الْفُقَهَاء لَهُ بذلك وَكتب تَقْلِيده وَركب بخلعة الْخلَافَة)
السَّوْدَاء والعمامة المدورة والتقليد على رَأس الْوَزير وناب لَهُ سلاّر واستوسق لَهُ الْأَمر فأطاعه أهل الشَّام ومصر وحلفوا لَهُ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَإِلَى وسط سنة تسع فَغَضب مِنْهُ الْأَمِير سيف الدّين نغاي وَجَمَاعَة من الخاصكية نَحْو الْمِائَة وخامروا عَلَيْهِ إِلَى الكرك فَخرج النَّاصِر من الكرك وَحضر إِلَى دمشق وَسَار فِي عَسْكَر الشَّام إِلَى غَزَّة فَجهز المظفر يزكاً قدم عَلَيْهِم الْأَمِير سيف الدّين برلغي فخامر إِلَى النَّاصِر فذل المظفر وهرب فِي مماليكه نَحْو الغرب ثمَّ إِنَّه رَجَعَ بَعْدَمَا اسْتَقر الْملك النَّاصِر فِي قلعة الْجَبَل وَكتب إِلَيْهِ الَّذِي أعرفك بِهِ أنني قد رجعت إِلَيْك لأقلدك بغيك فَإِن حبستني عددت ذَلِك خلْوَة وَإِن هججتني عددت ذَلِك سياحة وَإِن قتلتني كَانَ ذَلِك عَليّ شَهَادَة فعين لَهُ صهيون فَسَار إِلَيْهَا مرحلَتَيْنِ ثمَّ إِن النَّاصِر رده وأحضره قدامه وسبه وعنفه وَعدد عَلَيْهِ ذئوباً ثمَّ خنقه قدامه بِوتْر إِلَى أَن كَاد يتْلف ثمَّ سبه حَتَّى أَفَاق وعنفه وَزَاد فِي شَتمه ثمَّ خنقه فَمَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسبع مائَة وَقيل سقِِي كأس سم أهلكته فِي الْحَال وَالله أعلم وَكَانَ كثير الْخَيْر وَالْبر عمر الْجَامِع الحاكمي بعد الزلزلة وأوقف عَلَيْهِ الْكتب النفيسة الْكَثِيرَة وَكتب خَتمه بِالذَّهَب فِي سَبْعَة أَجزَاء قطع الْبَغْدَادِيّ كتبهَا لَهُ شرف الدّين مُحَمَّد بن الوحيد بقلم الْأَشْعَار ذَهَبا أَخذ لَهَا ليقة ألف وست مائَة دِينَار وزمكها وذهبها صندل الْمَشْهُور وَغرم عَلَيْهَا جملَة من الْأجر وَلم يعد يتهيأ لأحد إنْشَاء مثلهَا وَلَا من تسمو همته إِلَى أَن يغرم عَلَيْهَا مثل ذَلِك وَعمر الخانقاه الركنية مجاورة الخانقاه سعيد السُّعَدَاء ورتب لَهَا فِيمَا قيل أَربع مائَة صوفي وصنع داخلها للْفُقَرَاء بيمارستاناً وَلما حضر السُّلْطَان من الكرك لم يسْتَمر لَهَا إِلَّا بِمِائَة صوفي لَا غير وَكَانَ فِي كل قَلِيل يُؤْخَذ من حاصلها السبعون ألفا وَالْخَمْسُونَ والأقل وَالْأَكْثَر(10/218)
3 - (عَلَاء الدّين العديمي الْمسند)
بيبرس الشَّيْخ الْمسند الْكَبِير الْجَلِيل عَلَاء الدّين أَبُو سعيد ابْن عبد الله التركي العديمي مولى الصاحب مجد الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن العديم مولده فِي حُدُود الْعشْرين وست مائَة ارتحل مَعَ أستاذه وَسمع بِبَغْدَاد جُزْء البانياسي من الكاشغري وجزء العيسوي من ابْن الخازن وَأَسْبَاب النُّزُول من ابْن أبي السهل وَتفرد بأَشْيَاء وَسمع من ابْن أبي قميرة وَحدث بِدِمَشْق وحلب وَسمع مِنْهُ علم الدّين البرزالي وَابْن حبيب وَأَوْلَاده والواني وَابْن خلف وَابْن خَلِيل الْمَكِّيّ وعدة وَكَانَ مليح الشكل أُمِّيا فِيهِ عجمةً توفّي بحلب سنة ثَلَاث عشرَة وَسبع مائَة)
3 - (الْأَمِير ركن الدّين الْحَاجِب)
بيبرس الْحَاجِب كَانَ أَولا أَمِير آخور فَلَمَّا حضر السُّلْطَان من الكرك عَزله بالأمير عَلَاء الدّين أيدغمش الْمَذْكُور فِي حرف الْهمزَة ثمَّ ولى الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الحجوبية فَكَانَ حاجباً إِلَى أَن جرد إِلَى الْيمن هُوَ وَجَمَاعَة من الْعَسْكَر الْمصْرِيّ فَغَاب مُدَّة بِالْيمن وَلما حضر نقم السُّلْطَان عَلَيْهِ أموراً نقلت إِلَيْهِ فاعتقله وَكَانَ قبل تجريده إِلَى الْيمن قد حضر إِلَى دمشق نَائِبا لما توجه الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى الْحجاز فَأَقَامَ بهَا نَائِبا مُدَّة غيبَة الْحجاز ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَلما فرج عَنهُ جهز إِلَى حلب أَمِيرا فَبَقيَ هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ لما توجه الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى مصر سنة تسع وَثَلَاثِينَ طلبه من السُّلْطَان أَن يكون عِنْده فِي دمشق فرسم لَهُ بذلك فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَنزل بدار أيدغدي شقير وَلم يزل إِلَى أَن توجه قطلو بغا الفخري من دمشق هُوَ وطشتمر إِلَى مصر فِي نوبَة الْملك النَّاصِر أَحْمد فأقره على نِيَابَة الْغَيْبَة بِدِمَشْق هُوَ والأمير سيف الدّين أللمش الْحَاجِب وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد يكْتب إِلَيْهِ وَكَانَ قد أسن فَحصل لَهُ مَا شراه فِي وَجهه أَقَامَ مَعهَا تَقْدِير جُمُعَة ثمَّ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَله دَار دَاخل الْقَاهِرَة جواً بَاب الزهومة مَشْهُورَة
الْأَمِير ركن الدّين الدوادار بيبرس الْأَمِير ركن الدّين الدوادار المنصوري الخطاي رَأس الميسرة وكبير الدولة عمل نِيَابَة السلطنة بِمصْر ثمَّ سجن مُدَّة وَأطلق وأعيد إِلَى رتبته وصنف تَارِيخا كَبِيرا بإعانة كَاتبه ابْن كبر النَّصْرَانِي وَغَيره وَكَانَ عَاقِلا وافر الهيبة ذَا منزلَة وَكَانَ السُّلْطَان يقرم لَهُ وَيَأْذَن لَهُ بِالْجُلُوسِ مَاتَ وَهُوَ من أَبنَاء الثَّمَانِينَ بِمصْر سنة خمس وَعشْرين وَسبع مائَة(10/219)
حَاجِب صفد بيبرس الْأَمِير ركن الدّين حَاجِب صفد كَانَ مَنْسُوبا إِلَى سلاّر فَأخْرجهُ السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون إِلَى صفد بعد سبع وَعشْرين وَسبع مائَة فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن توفّي الْأَمِير عَلَاء الدّين أقطوان الكمالي الْحَاجِب فرسم لَهُ بحجوبية صفد وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا مَأْمُونا خيّراً عديم الشَّرّ فَلَمَّا رسم السُّلْطَان للأمير بهاء الدّين أصلم بنيابة صفد رسم لَهُ أَن يكون من جملَة أُمَرَاء دمشق حَتَّى لَا يجتمعا لِأَن الْأَمِير بهاء الدّين كَانَ سلاّرياً ثمَّ إِنَّه بعد موت السُّلْطَان طلب العودة إِلَى صفد فَعَاد إِلَيْهَا حاجباً وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي أول شهر رَجَب الْفَرد)
سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسبع مائَة
3 - (الأحمدي)
بيبرس الْأَمِير ركن الدّين الأحمدي أَمِير جاندار من كبار الدولة كَانَ أَيَّام النَّاصِر مُحَمَّد أَمِير جاندار وَهُوَ مقدم ألف فِيهِ بر وكرم نفس وإيثار للْفُقَرَاء وَكَانَ أحد من يشار إِلَيْهِ بعد الْملك النَّاصِر فِي التَّوْلِيَة والعزل وَهُوَ الَّذِي قوّى عزم قوصون على تَوْلِيَة الْملك الْمَنْصُور أبي بكر وَخَالف بشتاك وَقَالَ لَهُ هَذَا السُّلْطَان أستاذكم قد ولى وَلَده وَمَا اخْتَار الَّذِي تختاره أَنْت وأبوهما أخبر بهما وَلما نسب إِلَى السُّلْطَان أبي بكر مَا نسب من اللَّهْو واللعب وَاسْتِعْمَال الشَّرَاب حضر إِلَى بَاب الْقصر وَبِيَدِهِ دمرداش وَقَالَ إيش هَذَا اللّعب فانفلّ الْجَمَاعَة الَّذين كَانُوا عِنْد السُّلْطَان أبي بكر وَلما توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فرغ عَن الْوَظِيفَة وَولى مَكَانَهُ أروم بغا ثمَّ إِن النَّاصِر أَحْمد لما ولي الْملك ولاه نِيَابَة صفد فَخرج إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مديدة وَلما انهزم الفخري من رمل مصر وصل إِلَى جينين قَاصِدا الأحمدي هَذَا وَأَشَارَ عَلَيْهِ مماليكه بذلك وَنزل هُوَ من صفد وَلَو اجْتمعَا مَا نَالَ أحد مِنْهُمَا غَرضا ثمَّ إِن الفخري قَالَ لَا هَذَا أيدغمش على عين جالوت هُنَا وَهُوَ أقرب فجَاء إِلَيْهِ فأمسكه على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمَة قطلوبغا الفخري ثمَّ إِن النَّاصِر حقد عَلَيْهِ ذَلِك وهم بإمساكه فأحس بذلك فَخرج من صفد هُوَ ومماليكه ملبسين عدَّة السِّلَاح واتبعهم عَسْكَر صفد فَخرج من عَسْكَر صفد وَاحِد وَقتل البتخاصي الْحَاجِب الصَّغِير ثمَّ إِنَّه قصد دمشق وَجَاء إِلَيْهَا وَلَيْسَ بهَا نَائِب يَوْمئِذٍ فَخرج الْأُمَرَاء إِلَيْهِ لإمساكه فَقَالَ أَنا قد جِئْت إِلَيْكُم غير محَارب فَإِن جَاءَ أَمر السُّلْطَان بإمساكي أمسكوني وَأَنا ضيف عنْدكُمْ فأخرجوا لَهُ الْإِقَامَة وَبَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَأصْبح والأمراء مَعَه وَجَاء الْبَرِيد من الكرك بإمساكه فَكتب الْأُمَرَاء إِلَى السُّلْطَان أَحْمد يسألونه فِيهِ وَأَن هَذَا مملوكك ومملوك والدك وَهُوَ ركن من أَرْكَان الدولة وَمَا لَهُ ذَنْب وَالْيَوْم يعِيش وَغدا يَمُوت ونسأل صدقَات السُّلْطَان الْعَفو(10/220)
عَنهُ وَأَن يكون أَمِيرا بِدِمَشْق فَرد الْجَواب بإمساكه فَردُّوا الْجَواب بالسؤال فِيهِ فَأبى ذَلِك وَقَالَ أمسكوه وانهبوه وخذوا أَمْوَاله لكم وابعثوا إِلَيّ بِرَأْسِهِ فَأَبَوا ذَلِك وخلعوا طَاعَته وشقوا الْعَصَا عَلَيْهِ وَبعد أَيَّام قَليلَة ورد الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي من مصر مخبرا بِأَن المصريين خلعوا أَحْمد وولوا السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَبَقِي الأحمدي هَذَا مُقيما بقصر الْأَمِير سيف الدّين تنكز بالمزة إِلَى أَن ورد مرسوم)
الْملك الصَّالح لَهُ بنيابة طرابلس فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا قَرِيبا من شَهْرَيْن ثمَّ طلب إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا وَحضر بدله إِلَى طرابلس الْأَمِير سيف الدّين أروم بغا نَائِبا ثمَّ إِن الأحمدي جهز إِلَى الكرك يحاصر السُّلْطَان أَحْمد فحصره مُدَّة وَبَالغ فَلم ينل مِنْهُ مَقْصُودا وَتوجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ شكلاً تَاما ذَا شيبَة منورة وَوَجهه أَحْمَر وَمَات فِي عشر الثَّمَانِينَ وَلما جَاءَ حَرِيم طشتمر من الكرك بعد نهبهن بالكرك وسلبهن كَانَ الأحمدي بِدِمَشْق فَدفع إلَيْهِنَّ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم
(بيبغا)
3 - (الأشرفي)
بيبغا الأشرفي الْأَمِير سيف الدّين كَانَ فِي وَقت نَائِب الكرك فِيمَا بعد الْعشْرين وَسبع مائَة فِيمَا أَظن ثمَّ إِنَّه عزل مِنْهَا وَحضر إِلَى دمشق وجهز إِلَى صرخد فِيمَا أَظن وَكَانَ قد أضرّ بِأخرَة وَالله أعلم وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (المؤيدي)
بيبغا الْأَمِير سيف الدّين مَمْلُوك الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماة كَانَ من جملَة أُمَرَاء الطبلخاناه بحماة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة بحماة
3 - (نَائِب مصر)
بيبغا آروس الْأَمِير سيف الدّين نَائِب السلطنة بالديار المصرية أول مَا ظهر وشاع ذكره فِي الْأَيَّام الصالحية ثمَّ لما كَانَ فِي قتلة المظفر حاجي ظهر واشتهر وباشر النِّيَابَة بِمصْر على أحسن مَا يكون وأجمل مَا بَاشرهُ غَيره لِأَنَّهُ أحسن إِلَى النَّاس وَلم يظلم أحدا وَكَانَ إِذا مَاتَ أحد أعْطى إقطاعه لوَلَده فَأَحبهُ النَّاس محبَّة كَثِيرَة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين منجك أَخُوهُ فولاه الوزارة فَاخْتلف النَّاس من الْأُمَرَاء الخاصكية لأجل أَخِيه فأرضاهم بعزله يويمات ثمَّ إِنَّه أخرج الْأَمِير شهَاب الدّين أَمِير شكار إِلَى نِيَابَة صفد ثمَّ أخرج بعده الْأَمِير سيف الدّين الجيبغا إِلَى دمشق على مَا تقدم فِي تَرْجَمته ثمَّ الْأَمِير حسام الدّين لاجين العلائي زوج أم المظفر إِلَى حماة وَلم يزل على حَاله فِي النِّيَابَة لَا يفعل إِلَّا خيرا وَلَا يسمع عَنهُ سوء وَهُوَ محسن إِلَى(10/221)
النَّاس وَلما كَانَ فِي زمن الوباء أعْطى أَوْلَاد من يَمُوت إقطاع أَبِيهِم وَحَضَرت إِلَيْهِ امْرَأَة مَعهَا بنتان وَقَالَت هَؤُلَاءِ مَاتَ أبوهن وَلم يتْرك لي وَلَهُم شَيْئا غير إقطاعه فَقَالَ لناظر)
الْجَيْش اكشف عِبْرَة هَذَا الإقطاع فكشفه فَقَالَ يعْمل خَمْسَة عشر ألفا فَقَالَ من يُعْطي فِي هَذَا عشْرين ألف دِرْهَم وَيَأْخُذهُ فَقَالَ وَاحِد أَنا أعطي فِيهِ اثْنَي عشر ألفا فَقَالَ هَاتِهَا فوزنها فَقَالَ للْمَرْأَة خذي هَذِه الدَّرَاهِم وجهزي بنتيك بهَا وَكَانَ فِيهِ خير كثير إِلَى أَن عزم على الْحَج وَلما تعين رَوَاحه حضر إِلَيْهِ أَخُوهُ منجك الْوَزير وَقَالَ لَهُ بِاللَّه لَا تروح يتم لنا مَا جرى للفخري ولطشتمر فَلم يسمع مِنْهُ وَتوجه إِلَى الْحجاز هُوَ وَأَخُوهُ فَاضل ومامور والأمير سيف الدّين طاز والأمير سيف الدّين بزلار وَغَيرهم من الْأُمَرَاء فَأمْسك بعده الْأَمِير سيف الدّين منجك الْوَزير بأيام قَلَائِل على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة منجك وَأمْسك هُوَ على الينبع فِي سادس عشْرين الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع مائَة فَقَالَ لطاز أَنا ميت لَا محَالة فبالله دَعْنِي أحج فقيده وَأَخذه إِلَى الْحَج وَحج وَطَاف وَهُوَ مُقَيّد وسعى على كديش وَلم يسمع بِمثل ذَلِك فِي وَقت وَلما عَاد من الْحجاز تَلقاهُ الْأَمِير سيف الدّين طينال الجاشنكير وَأَخذه وَحضر بِهِ إِلَى الكرك وَسلمهُ إِلَى النَّائِب بهَا وتوجهوا بأَخيه فَاضل إِلَى الْقَاهِرَة مُقَيّدا وَكَانَ دُخُوله إِلَى الكرك فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة وَقلت أَنا فِيهِ
(تعجب لصرف الدَّهْر فِي أَمر بيبغا ... وَلَا عجب فالشمس فِي الْأُفق تكسف)
(لقد سَاس أَمر الْملك خير سياسة ... وَلم يَك فِي بذل الندى يتَوَقَّف)
(وَأمْسك فِي درب الْحجاز فَلم يكن ... لَهُ فِي رضى السُّلْطَان عَن ذَاك مصرف)
(وَسلم للأقدار طَوْعًا وَمَا عَنَّا ... وَلَو شَاءَ خلى السَّيْف بِالدَّمِ يرعف)
(وَسَار إِلَى الْبَيْت الْحَرَام مُقَيّدا ... وريح الصِّبَا تعتل وَالْوَرق تهتف)
(فيا عجبا مَا كَانَ فِي الدَّهْر مثله ... يطوف وَيسْعَى وَهُوَ فِي الْقَيْد يرسف)
(وعاجوا بِهِ من بعد للكرك الَّتِي ... على ملكهَا نفس الْمُلُوك تأسف)
(وأودع فِي حصن بهَا شامخ الذرى ... ترَاهُ بأقرط النُّجُوم يشنف)
(سيؤيه من آوى الْمَسِيح بن مَرْيَم ... وينجو كَمَا نجى من الْجب يُوسُف)
وَلم يزل فِي الاعتقال بالكرك إِلَى أَن خلع الْملك النَّاصِر حسن وَتَوَلَّى الْملك السُّلْطَان الصَّالح صَلَاح الدّين فرسم بالإفراج عَنهُ وَعَن الْأَمِير سيف الدّين شيخو وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء المعتقلين بالإسكندرية وَوصل إِلَى الْقَاهِرَة فوصله وخلع عَلَيْهِ ورسم لَهُ بنيابة حلب عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين أرغون الكاملي لما رسم لَهُ بنيابة الشَّام فَحَضَرَ إِلَى دمشق نَهَار السبت ثَالِث)
عشْرين شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة وَمَعَهُ الْأَمِير عز الدّين طقطاي ليقره فِي نِيَابَة حلب وَيعود وَلما(10/222)
وصل إِلَى غَزَّة عمل لَهُ الْأَمِير سيف الدّين بيبغا تتر نَائِب غَزَّة سماطاً فَأَكله وَلما فرغ مِنْهُ أمْسكهُ وجهزه إِلَى الكرك مُقَيّدا ليعتقل بِهِ على مَا بَلغنِي فِي ذَلِك
3 - (بيبغا)
الْأَمِير سيف الدّين بيبغا تتر الْمَعْرُوف بحارس الطير تولى نِيَابَة غَزَّة بعد وَفَاة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون قُم إِنَّه عزل وَأقَام بِمصْر إِلَى أَن أمسك الْوَزير منجك على مَا سَيَأْتِي شَرحه فِي تَرْجَمته وَأمْسك أَخُوهُ الْأَمِير سيف الدّين بيبغا آروس النَّائِب فِي الْحجاز فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسبع وَمِائَة فولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن كَفَالَة الْملك بالديار المصرية عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين بيبغا آروس الْمَذْكُور فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن خلع النَّاصِر وَتَوَلَّى الْملك الصَّالح وَلما خرج مغلطاي أَمِير آخور ومنكلي بغا الفخري على الْملك الصَّالح وَأخذ مغلطاي هرب منكلي بغا الفخري وَدخل على الْأَمِير سيف الدّين بيبغا تتر فِي دَاره مستجيراً بِهِ فأجاره وَأخذ سَيْفه وَسلمهُ إِلَيْهِم وعزله السُّلْطَان بعد ذَلِك من كَفَالَة الْملك وولاها الْأَمِير سيف الدّين قبلاي فَتوجه إِلَى غَزَّة فَأَقَامَ بهَا نَائِبا شهرا أَو أَكثر بِقَلِيل وَلما ورد إِلَى غَزَّة الْأَمِير سيف الدّين بيفا آروس مُتَوَجها إِلَى نِيَابَة حلب عمل بهنائب غَزَّة سماطاً فَأَكله وأمسكه وَقَيده وجهزه إِلَى الكرك ليعتقل بِهِ وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة
(بيبى راوية الْجُزْء الْمَشْهُور)
بيبى بنت عبد الصَّمد بن عَليّ بن مُحَمَّد من الْفضل وَأم عزي الهرثمية الهروية راوية الْجُزْء الْمَنْسُوب إِلَيْهَا عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي شُرَيْح صَاحب الْبَغَوِيّ وَابْن صاعد توفيت سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة
(بيجار الرُّومِي)
بيجار الْأَمِير حسام الدّين اللاوي الرُّومِي ابْن بختيار كَانَ لَهُ بِبِلَاد الرّوم قلاع وأموال وحشمة فنزح إِلَى الْمُسلمين مُهَاجرا فِي أَوَاخِر الدولة الظَّاهِرِيَّة وَحج وَأنْفق أَمْوَالًا كَثِيرَة ثمَّ رَجَعَ وَلزِمَ بَيته وَترك الإمرة قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين جَاوز الْمِائَة بسنين كَذَا وكف بَصَره
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَقد تقدم ذكر وَلَده الْأَمِير سيف الدّين بهادر مَكَانَهُ
(ابْن أبي البير)
مُحَمَّد بن نزار(10/223)
(بيدرا نَائِب الْأَشْرَف)
بيدرا الْأَمِير بدر الدّين بيدرا نَائِب الدولة الأشرفية كَانَ أعز النَّاس عِنْد أستاذه الْملك الْمَنْصُور قلاوون من كبار المقدمين فِي دولته فَلَمَّا ملك الْأَشْرَف جعله أتابكاً وَكَانَ يرجع إِلَى دين وَعدل وعقل وَيُحب الْكتب فِي أَنْوَاع الْعُلُوم واقتنى مِنْهَا جملَة واستنسخ مِنْهَا أَيْضا جملَة وملكت من كتبه الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير فِي اثْنَتَيْ عشرَة مجلدة كتبهَا لَهُ الوطواط جمال الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْوراق الْمَذْكُور فِي المحمدين وَكَانَ يحب الْفُضَلَاء ويقدمهم ويكرمهم لكنه خرج على مخدومه وسَاق إِلَيْهِ وَقَتله هُوَ وحسام الدّين على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الْملك الْأَشْرَف وَرجع تَحت عصائب السلطنة وحلفوا لَهُ ووعدوه بِالْملكِ فَلم يتم لَهُ أَمر وقتلوه من الْغَد فِي ثَالِث عشر الْمحرم وَلم يتكهل سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَله فِي تَرْجَمَة الْملك الْأَشْرَف ذكر وَكَانَ حسن الْوَجْه وَلما عَاد الْأَشْرَف من فتح قلعة الرّوم إِلَى دمشق توجه بيدرا بالعساكر المصرية إِلَى بعلبك وقصدوا جبل الجردتين والكسروانتين ثمَّ حصل الفتور فِي أَمرهم لِأَن بعض الْعَسْكَر طلع الْجَبَل فأمسكوهم وَعَاد الْبَاقُونَ مكسورين وَآخر الْأَمر اتّفق الْأَمر على إِخْرَاج جمَاعَة من الفلاحين من الحبوس وانصلحت قضيتهم وَعَاد بيدرا إِلَى دمشق فَلَقِيَهُ الْأَشْرَف وَأَقْبل عَلَيْهِ وترجل لَهُ للسلام عَلَيْهِ وَنبهَ الْوَزير ابْن)
السلعوس للسُّلْطَان على أَن بيدرا ارتشى من أهل الْجَبَل فَعَاتَبَهُ السُّلْطَان على ذَلِك فانزعج لذَلِك وَمرض مَرضا شَدِيدا وشنع أَنه سقِِي السم ثمَّ عوفي من مَرضه وَعمل ختمة عَظِيمَة فِي الْجَامِع الْأمَوِي وحضرها الْأُمَرَاء والقضاة وَالْعُلَمَاء وأشعلوا الْجَامِع مثل لَيْلَة النّصْف وَتصدق السُّلْطَان عَنهُ بِصَدقَة كَثِيرَة قبل ذَلِك وسامح بالبواقي الَّتِي على الضَّمَان وَأطلق أهل السجون وَتصدق بيدرا من مَاله بِشَيْء كثير وَنزل عَن كثير مِمَّا كَانَ قد اغتصبه من الضمانات وَمَا يجْرِي مجْراهَا وجرح مرّة بِالرُّمْحِ فِي وَجهه فَقَالَ السراج الْوراق وَمن خطه نقلت
(عجبا لرمح فِي يَمِينك طرفه ... من جرْأَة فِيهِ لطرفك طامح)
(وَلَو أَنه فِي غير كفك مَا ارْتقى ... يَوْمًا وَلَو كَانَ السماك الرامح)
ونقلت من خطّ عَلَاء الدّين الوداعي
(عمرت بعدلكم الْبِلَاد وَأَقْبَلت ... فنرى ربوعاً أَو ربيعاً أخضرا)
(وَالنَّاس كلهم لِسَان وَاحِد ... دَاع أدام الله دولة بيدرا)
(بيرح الطَّاحِي)
بيرح بِالْبَاء الْمُوَحدَة مَفْتُوحَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَالرَّاء مَفْتُوحَة(10/224)
والحاء الْمُهْملَة ابْن أَسد الطَّاحِي بِالطَّاءِ الْمُهْملَة والحاء الْمُهْملَة قدم الْمَدِينَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأيام وَقد كَانَ رَآهُ جرى ذكره فِي حَدِيث عمر بن الْخطاب فِي قصَّة أَرض عمان
(الْحَاج بيدمر)
بيدمر الْأَمِير سيف الدّين الْمَعْرُوف بالحاج بيدمر من الْأُمَرَاء الناصرية أخرجه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى صفد فَأَقَامَ بهَا وَكَانَ نائبها الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي يعظمه وينادمه وَهُوَ بِلَا إمرة ثمَّ نقل إِلَى دمشق وَأعْطِي إمرة عشرَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين إِلَى الْبِلَاد الرومية لإحضار الْأَمِير سيف الدّين طشتمر نَائِب حلب ثمَّ إِن النَّاصِر أَحْمد أعطَاهُ إمرة طبلخاناه وَلم يزل بِدِمَشْق إِلَى أَن توفّي فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة
(البدري نَائِب حلب)
بيدمر الْأَمِير سيف الدّين البدري كَانَ بِالْقَاهِرَةِ وَخرج إِلَى دمشق وَله تربة حَسَنَة بِالْقَاهِرَةِ عمرها وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة إِلَى أَن طلبه السُّلْطَان الْملك الْكَامِل شعْبَان إِلَى الْقَاهِرَة فولاه نِيَابَة طرابلس فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة قَليلَة بَعْدَمَا طلب مِنْهَا الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر الناصري فَلَمَّا برز الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي نَائِب الشَّام إِلَى ظَاهر دمشق فِي الْأَيَّام الكاملية كَانَ الْأَمِير سيف الدّين بيدمر مِمَّن حضر إِلَيْهِ من النواب فَلَمَّا انتصروا طلب البدري هَذَا إِلَى مصر وولاه السُّلْطَان الْملك المظفر نِيَابَة حلب فَحَضَرَ إِلَى دمشق وَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن طلبه السُّلْطَان الْملك المظفر فَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَتَوَلَّى مَكَانَهُ فِي نِيَابَة حلب الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه وَكَانَ قد تولى البدري النِّيَابَة بحلب عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الأحمدي وَأقَام البدري بِالْقَاهِرَةِ قَرِيبا من شَهْرَيْن ثمَّ إِنَّه أخرج هُوَ والأمير نجم الدّين مَحْمُود بن شروين الْوَزير والأمير سيف الدّين طغاي تمر الدوادار إِلَى الشَّام على الهجن فَلَمَّا وصلوا إِلَى غَزَّة لحقهم الْأَمِير سيف الدّين منجك وَقضى الله أمره فيهم فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ يكْتب الربعات بِخَطِّهِ ويعتني بالختم رَحمَه الله تَعَالَى وَذكر لي زين الدّين ابْن الفرفور كَاتبه أَنه كَانَ لَهُ فِي كل شهر مبلغ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم للصدقة وَكَانَ لَهُ ورد من الصَّلَاة فِي اللَّيْل
(بيسري الْأَمِير بدر الدّين الشمسي)
بيسري الْأَمِير الْكَبِير بدر الدّين الشمسي الصَّالِحِي(10/225)
كَانَ من أَعْيَان الدولة الموصوفين بالشجاعة وَقد مر لَهُ ذكر فِي تَرْجَمَة الظَّاهِر وَكَانَ أحد من ذكر للسلطنة جرت لَهُ فُصُول وتنقلات وَقبض عَلَيْهِ الْملك الْمَنْصُور وَبَقِي فِي السجْن تسع سِنِين وَأخرجه الْملك الْأَشْرَف وَأَعْطَاهُ خبْزًا وَأعَاد رتبته ثمَّ قبض عَلَيْهِ الْمَنْصُور لاجين ثمَّ لما قَامَ فِي الْملك ثَانِيَة الْملك لم يُخرجهُ وَتُوفِّي بقلعة الْجَبَل فَمَاتَ فِي الْجب سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة وَعمل لَهُ عزاء تَحت قبَّة النسْر بِدِمَشْق وحضره ملك الْأُمَرَاء والقضاة والدولة وَله دَار كَبِيرَة بَين القصرين وَكَانَ محتشماً كثير المَال والتجمل
(بيغرا)
الْأَمِير سيف الدّين بيغرا الناصري كَانَ أخيراً بعد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من أكَابِر الْأُمَرَاء المقدمين وَحضر إِلَى دمشق لما تولى الْملك الْأَشْرَف كجك لتحليف الْأُمَرَاء لَهُ فِي غَالب ظَنِّي أَو فِي نوبَة الْكَامِل وَالله أعلم وَعمل أَمِير حَاجِب أَو أَمِير جاندار وَلم يزل مُعظما إِلَى أَن تولى الْملك الصَّالح فَأخْرجهُ إِلَى حلب أَمِيرا فَدَخلَهَا فِي شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة
(الألقاب)
البيروني أَبُو الريحان أَحْمد بن مُحَمَّد
الْبَيْضَاوِيّ الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله وَأَبُو عبد الله سبط أبي الطّيب طَاهِر
الْبَيْضَاوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَلَاثَة
ابْن البيطار العشاب عبد الله بن أَحْمد
ابْن البيطار عبد الْحق بن عبد الْملك
البيطار الْأمَوِي زِيَاد بن عبد الله
ابْن البيع الْمُؤَدب عبد الله بن عبيد الله
البيع الفاسر عَليّ بن سعيد
البيكندي الْحَافِظ مُحَمَّد بن سَلام
البيكندي مُحَمَّد بن عَليّ)
(بيليك)
3 - (الخزندار)
بيليك بن عبد الله الْأَمِير بدر الدّين الخزندار الظَّاهِرِيّ نَائِب السلطنة(10/226)
بالممالك ومقدم الجبوش كَانَ أَمِيرا جليل الْمِقْدَار عالي الهمة وَاسع الصَّدْر كثير الْبر وَالْمَعْرُوف وَالصَّدَََقَة لين الْكَلِمَة حسن الْمُعَامَلَة وَالظَّن بالفقراء يتفقد أَرْبَاب الْبيُوت ويسد خلتهم وَعِنْده ديانَة وَفهم وَإِدْرَاك وذكاء ويقظة سمع الحَدِيث وطالع التواريخ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَله وقف بالجامع الْأَزْهَر على زَاوِيَة لمن يشْتَغل بِمذهب الشَّافِعِي وَبهَا درس وَله أوقاف أخر على جِهَات الْبر ويحكى أَنه لما أحضرهُ التَّاجِر من الْبِلَاد قَالَ للظَّاهِر يَا خوند وَهُوَ يكْتب مليحاً
فَأمره السُّلْطَان أَن يكْتب فَأخذ الْقَلَم وَكتب
(لَوْلَا الضرورات مَا فارقتكم أبدا ... وَلَا ترحلت من نَاس إِلَى نَاس)
فأعجب السُّلْطَان كَونه كتب هَذَا الْبَيْت دون غَيره وَزَاد رَغْبَة فِي مشتراه وَقيل إِن التَّاجِر الْمَذْكُور افْتقر فِي آخر أمره فجَاء إِلَيْهِ وَقد عظم وَصَارَ نَائِبا وَكتب إِلَيْهِ
(كُنَّا جميعين فِي بؤس نكابده ... وَالْعين وَالْقلب منا فِي قذىً وأذى)
(والآن أَقبلت الدُّنْيَا عَلَيْك بِمَا ... تهوى فَلَا تنسني إِن الْكِرَام إِذا)
فوصله بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَت لَهُ الإقطاعات الْعَظِيمَة بالديار المصرية وبالشام وَله قلعة الصبيبة وبانياس وأعمالها وَبَيت جن وَالشعرَاء وَغير ذَلِك وَلما مَاتَ الْملك الظَّاهِر سَاس الْأُمُور أحسن سياسة وَلم يظْهر مَوته وَكتب إِلَى الْملك السعيد مطالعة بِخَطِّهِ وَسَار بالجيوش إِلَى مصر على أحسن نظام بِحَيْثُ أَنه لم يظْهر لمَوْت الظَّاهِر أثر وَلما وصل إِلَى الْقَاهِرَة مرض عقب وُصُوله وَلم يطلّ مَرضه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى لَيْلَة الْأَحَد سادس شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة بقلعة الْجَبَل وَدفن يَوْم الْأَحَد بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بالقرافة الصُّغْرَى وَوجد النَّاس عَلَيْهِ وجدا عَظِيما وحزنوا لفقده وَشَمل مصابه الْخَاص وَالْعَام
وَكَانَت لَهُ جَنَازَة مَشْهُودَة وأقيم النوح عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ والقلعة ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَات والخواتين وَنسَاء الْأُمَرَاء يدرن فِي شوارع الْقَاهِرَة لَيْلًا بالشمع والنوائح والطارات وصدع مَوته الْقُلُوب
وَقيل إِنَّه مَاتَ مسموماً ومنذ مَاتَ اضْطَرَبَتْ أَحْوَال الْملك السعيد وَظَهَرت أَمَارَات الإدبار عَلَيْهِ وعَلى الدولة الظَّاهِرِيَّة وَكَانَ عمره تَقْديرا خمْسا وَأَرْبَعين سنة وَخلف تَرِكَة عَظِيمَة)
تفوت الْحصْر وَخلف ابْنَيْنِ وَكتب إِلَيْهِ شهَاب الدّين ابْن يغمور وَقد أهْدى إِلَيْهِ شاهيناً بَدْرِيًّا
(يَا سيد الْأُمَرَاء يَا من قد غَدا ... وَجه الزَّمَان بِهِ منيراً ضَاحِكا)
(وافى لَك الشاهين قبل أَوَانه ... ليفوز قبل الحائمات ببابكا)
(حَتَّى الْجَوَارِح قد غَدَتْ بدرية ... لما رَأَتْ كل الْوُجُود كذالكا)
3 - (أَمِير سلَاح)
بيليك الْأَمِير الْكَبِير بدر الدّين أَمِير سلَاح الصَّالِحِي وَقيل بكتاش(10/227)
وَقد تقدم ذكره أحد الشجعان الْمَذْكُورين لَهُ غزوات ومواقف مَشْهُودَة وَفِيه تجمل وسياسة شاخ وأسن وَلم يزل مُعظما والدول تنْقَلب عَلَيْهِ سُئِلَ كَيفَ سلمت دون غَيْرك مَعَ هَذِه الْأَهْوَال الَّتِي مرت فَقَالَ لِأَنِّي لم أعارض سعيداً فَإِذا رَأَيْت أحدا أقبل سعده لم أعارضه فِي شَيْء توفّي سنة سِتّ وَسبع مائَة وَهُوَ من أَبنَاء الثَّمَانِينَ
3 - (المَسْعُودِيّ)
بيليك الْأَمِير بدر الدّين المَسْعُودِيّ أحد الْأُمَرَاء بِمصْر اسْتشْهد على عكا سنة تسعين وست مائَة
3 - (أَبُو شامة)
بيليك الْأَمِير بدر الدّين أَبُو أَحْمد المحسني الصَّالِحِي الْحَاجِب أَبُو شامة عمل الحجوبية للمنصور مُدَّة وَأعْطى بِدِمَشْق خبْزًا يعد التسعين ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَاهِرَة وَكَانَ عَاقِلا خيرا لَهُ ميل إِلَى الْخَيْر وَالدّين روى عَن ابْن المقير وَابْن رواج وَابْن الجميزي وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة
البيلقاني الْمُتَكَلّم زكي بن الْحسن بن عمر
البيلقاني الشَّافِعِي هبة الله ابْن أبي الْقَاسِم
3 - (بيمند صَاحب طرابلس الفرنجي)
بيمند بن بيمند متملك طرابلس كَانَ حسن الشكل مليح الصُّورَة قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين اليونيني رَأَيْته وَقد حضر إِلَى بعلبك إِلَى خدمَة كتبغا نوين وَصعد إِلَى قلعة بعلبك ودارها وحدثته نَفسه أَن يطْلبهَا من هولاكو ويبذل لَهُ مَا يرضيه وشاع ذَلِك ببعلبك فشق على أَهلهَا وَعظم لديهم فَحصل بِحَمْد الله ومنته كسرة التتار فِي آخر شهر مَا آمنهم من ذَلِك وَلما ملك)
الْملك الْمَنْصُور قلاوون طرابلس فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وست مائَة نبش النَّاس عِظَام بيمند الْمَذْكُور من الْكَنِيسَة وألقوها فِي الطرقات وَكَانَت وَفَاة بيمند الْمَذْكُور بطرابلس سنة ثَلَاث وَسبعين وست مائَة وملكها من بعده ابْنه بَعْدَمَا دفن فِي الْكَنِيسَة
(بيهس)
3 - (أَبُو الْمِقْدَام الْجرْمِي)
بيهس بن صُهَيْب بن عَامر بن عبد الله بن قضاعة أَبُو الْمِقْدَام فَارس شُجَاع شَاعِر من شعراء الدولة الأموية كَانَ مَعَ الْمُهلب بن أبي صفرَة فِي حروبه(10/228)
للأزارقة وَكَانَت لَهُ مَوَاقِف مَشْهُورَة وبلاء حسن اخْتلف فِي أَمر صفراء الَّتِي يذكرهَا فِي شعره قيل إِنَّهَا كَانَت زَوجته وَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ طَلقهَا فَتزوّجت رجلا من بني أَسد وَمَاتَتْ عِنْده فَقَالَ يرثيها
(هَل بالديار الَّتِي بالقاع من أحد ... بَاقٍ فَيسمع صَوت المدلج الساري)
(تِلْكَ الْمنَازل من صفراء لَيْسَ بهَا ... نَار تضيء وَلَا أصوات سمار)
(عفت معارفها هوجاء مغبرة ... تسفي عَلَيْهَا تُرَاب الأبطح الهار)
(حَتَّى تنكر مِنْهَا كل معرفَة ... إِلَّا الرماد نحيلاً بَين أَحْجَار)
(طَال الْوُقُوف بهَا وَالْعين تسبقني ... فَوت الرِّدَاء بوادي دمعها الْجَارِي)
(إِن أصبح الْيَوْم لَا أهل ذَوُو لطف ... ألهو لديهم وَلَا صفراء فِي الدَّار)
(أرعى بعيني نُجُوم اللَّيْل مرتفقاً ... يَا طول ذَلِك من ليل وأسهار)
(كَذَلِك الدَّهْر إِن الدَّهْر ذُو غير ... على الْأَنَام وَذُو نقض وإمرار)
(قد كَانَ يعتادني من ذكرهَا جزع ... لَوْلَا الْحيَاء وَإِلَّا رهبة الدَّار)
(سقى الْإِلَه قبوراً فِي بني أَسد ... حول الربيعة غيثاً صوب مدرار)
(من الَّذِي بعدكم أرْضى بِهِ بَدَلا ... أم من أحدث حاجاتي وأسراري)
الْبَيْهَقِيّ الْكَبِير أَحْمد بن الْحُسَيْن
الْبَيْهَقِيّ عَليّ بن زيد
الْبَيْهَقِيّ الأديب مُحَمَّد بن مَنْصُور(10/229)
(حرف التَّاء)
(تَاج)
3 - (الْعلوِي الرَّمْلِيّ)
تَاج العلى الْأَشْرَف بن الْأَعَز بن هَاشم الْعلوِي الحسني الرَّمْلِيّ الرافضي كَانَ بآمد وَتُوفِّي بحلب سنة عشر وست مائَة وَاجْتمعَ هُوَ وَابْن دحْيَة فَقَالَ لَهُ إِن دحْيَة لم يعقب فَتكلم فِيهِ ابْن دحْيَة ورماه بِالْكَذِبِ فِي مسَائِله الموصلية وَذكره يحيى بن أبي طي فِي تَارِيخه فَقَالَ شَيخنَا الْعَلامَة الْحَافِظ النسابة الْوَاعِظ الشَّاعِر قَرَأت عَلَيْهِ نهج البلاغة وَكَثِيرًا من شعره أَخْبرنِي أَنه ولد بالرملة غرَّة الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وعاش مائَة وثمانياً وَعشْرين سنة
وَقَالَ إِنَّه لَقِي ابْن الفحام وَقَرَأَ عَلَيْهِ بالسبع فِي كِتَابه الَّذِي صنفه قَالَ وَكنت بِالْبَصْرَةِ وَسمعت من الحريري خطْبَة المقامات ثمَّ أَخْبرنِي أَنه دخل الغرب وَسمع من الكروجي كتاب التِّرْمِذِيّ وَدخل دمشق والجزيرة وحلب وَأَخذه ابْن شيخ السلامية وَزِير صَاحب آمد وَبنى فِي وَجهه حَائِطا ثمَّ خلص بشفاعة الطَّاهِر لِأَنَّهُ هجا ابْن شيخ السلامية وَجعل لَهُ الطَّاهِر كل يَوْم دِينَارا صورياً وَعشرَة مكاكي حِنْطَة وَلَحْمًا وَله كتاب نكت الْأَبْنَاء فِي مجلدين وجنة النَّاظر وجنة المناظر خمس مجلدات فِي تَفْسِير مائَة آيَة وَمِائَة حَدِيث وَكتاب فِي تَحْقِيق غيبَة المنتظر وَمَا جَاءَ فِيهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن الْأَئِمَّة وَوُجُوب الْإِيمَان بهَا وَشرح القصيدة البائية الَّتِي للسَّيِّد الْحِمْيَرِي وقدح عَيْنَيْهِ ثَلَاث مَرَّات وَكَانَت الْعَامَّة تطعن عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان وَلَا يزِيدهُ إِلَّا محبَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَا كَانَ هَذَا إِلَّا وقحاً جَريا على الْكَذِب انْظُر كَيفَ ادّعى هَذِه السن وَكَيف كذب فِي لِقَاء ابْن الفحام والحريري
3 - (أم أَيمن الواعظة)
تَاج النِّسَاء بنت رستم بن أبي الرَّجَاء الْأَصْبَهَانِيّ أم أَيمن الواعظة سَمِعت صَحِيح(10/230)
البُخَارِيّ من أبي الْوَقْت وَسمعت من أبي طَالب ابْن خضير وَلها إجَازَة من أبي مَنْصُور الْقَزاز وَأبي الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَجَمَاعَة من هَذِه الطَّبَقَة وجاورت بِمَكَّة إِلَى أَن توفيت رَحمهَا الله تَعَالَى سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة بِمَكَّة وَهِي من بَغْدَاد وَكَانَت شيخة الْحرم نبيلةً فاضلةً زاهدةً عابدة عمرت طَويلا وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى بكرا قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَدخلت عَلَيْهَا بِمَكَّة وقرأت عَلَيْهَا شَيْئا يَسِيرا بِجهْد وتعسر)
(الألقاب)
التابوت المظفر بن يُوسُف
تَاج الرؤساء عبيد الله بن هبة الله
تَاج الدّين الذَّهَبِيّ مظفر بن محَاسِن
تَاج الدّين اليمني عبد الْبَاقِي
تَاج الدّين بن حنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ
تَاج الدّين الْكِنْدِيّ زيد بن الْحسن
التاذفي مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أَحْمد
التاذفي مُحَمَّد بن أَيُّوب
التاريخي الرعيني عبد الله بن الْحُسَيْن
تازي كره الْفضل بن حُسَيْن
التائب أَحْمد بن التكين
ابْن أبي التائب عبد الله بن الْحُسَيْن
(تاشفين بن عَليّ)
(بن يُوسُف بن تاشفين اللمتوني وتاشفين بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف(10/231)
وَألف بعْدهَا شين مُعْجمَة وياء)
آخر الْحُرُوف وَنون سَوف يَأْتِي ذكر وَالِده عَليّ فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين وَذكر جده يُوسُف بن تاشفين فِي مَكَانَهُ أَيْضا من حرف الْيَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى أما تاشفين هَذَا فَإِنَّهُ لما خرج عبد الْمُؤمن بن عَليّ الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين وَقصد الْبِلَاد الغربية ليأخذها من عَليّ بن يُوسُف وَالِد هَذَا الْمَذْكُور كَانَ مسير عبد الْمُؤمن على طَرِيق الْجبَال فسير عَليّ بن يُوسُف صَاحب مراكش وَلَده تاشفين هَذَا ليَكُون قبالة عبد الْمُؤمن وَمَعَهُ جَيش
فَسَارُوا فِي السهل وَأَقَامُوا على هَذَا مُدَّة فَتوفي عَليّ بن يُوسُف فَقدم أَصْحَابه وَلَده إِسْحَق بن عَليّ وجعلوه نَائِب أَخِيه تاشفين الْمَذْكُور فَلَمَّا ظهر أَمر عبد الْمُؤمن ودانت لَهُ الْبِلَاد وَهِي الْجبَال الَّتِي فِيهَا غمارة وتالدة والمصامدة وهم أُمَم لَا تحصى فخاف تاشفين بن عَليّ مِنْهُ واستشعر الْقَهْر وتيقن زَوَال دولتهم فَأتى مَدِينَة وهران وَهِي على الْبَحْر وَقصد أَن يَجْعَلهَا مقره فَإِن غلب ركب فِي الْبَحْر وَسَار إِلَى الأندلس كَمَا أَقَامَ بَنو أُميَّة وَفِي ظَاهر وهران ربوة على الْبَحْر تسمى صلب الْكَلْب وبأعلاها رِبَاط يأوي إِلَيْهِ المتعبدون فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة صعد تاشفين إِلَى ذَلِك الرِّبَاط ليحضر الْخَتْم فِي جمَاعَة يسيرَة من خواصه وَكَانَ عبد الْمُؤمن قد أرسل منسراً إِلَى وهران فوصلوها فِي سادس عشْرين شهر رَمَضَان ومقدمهم الشَّيْخ أَبُو حَفْص عمر بن يحيى صَاحب الْمهْدي فكمنوا عَشِيَّة وأعلموا بانفراد تاشفين فِي ذَلِك الرِّبَاط فقصدوه وَأَحَاطُوا بِهِ فأيقن الَّذين فِيهِ بِالْهَلَاكِ فَخرج تاشفين رَاكِبًا فرسه وَشد الركض عَلَيْهِ ليثب الْفرس النَّار وينجو فترامى الْفرس هَارِبا لروعته وَلم يُمكنهُ اللجام حَتَّى تردى من جرف هُنَالك إِلَى جِهَة الْبَحْر على حِجَارَة فِي وعر فتكسر تاشفين وَهلك فِي الْوَقْت وَقتل الْخَواص الَّذين كَانُوا مَعَه وَكَانَ عسكره فِي نَاحيَة أُخْرَى لَا علم لَهُم بِمَا جرى فِي اللَّيْل وَجَاء الْخَبَر بذلك إِلَى عبد الْمُؤمن فوصل إِلَى وهران وسمى الْموضع الَّذِي فِيهِ الرِّبَاط صلب الْفَتْح وَمن ذَلِك الْوَقْت نزل عبد الْمُؤمن من السهل وَتوجه إِلَى تلمسان
(الألقاب)
التَّارِيخ الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل)
ابْن تامتيت أَحْمد بن خزعل
التاريخي الأندلسي مُحَمَّد بن يُوسُف
ابْن أبي التائب عبد الله بن حُسَيْن(10/232)
ابْن التبَّان دلف
التبريزي تَاج الدّين عَليّ بن عبد الله
التبريزي الْخَطِيب يحيى بن عَليّ
ابْن التبلي أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مَنْصُور
التَّبُوذَكِي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل
(تبر بن مودود صَاحب تكريت)
تبر وَيُقَال طبر بِالطَّاءِ كَانَ غُلَاما لأبي مظفر الدّين كوكبوري وَأَصله من حمص فولاه قلعة الْعمادِيَّة ثمَّ نَقله إِلَى قلعة تكريت فَلَمَّا كسر زين الدّين وَالِد مظفر الدّين وعزم على الِانْتِقَال إِلَى إربل سلم الْبِلَاد الَّتِي لَهُ إِلَى قطب الدّين فعصى تبر هَذَا فِي تكريت وسير إِلَى قطب الدّين مودود يَقُول لَهُ أَنْت مَا تقيم بتكريت وَلَا بُد لَك فِيهَا من نَائِب وَأَنا ذَلِك النَّائِب فَلم يقدر على مشاققته خوفًا مِنْهُ أَن يُسَلِّمهَا إِلَى الْخَلِيفَة فَسكت عَنهُ وَأقرهُ على حَاله وَلما امْتنع تبر من التَّسْلِيم كَانَ زين الدّين يَقُول سود الله وَجهك يَا تبر كَمَا سودت وَجْهي مَعَ قطب الدّين وَلم يزل تبر بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَلم يكن لَهُ سوى بنت فَتَزَوجهَا ابْن أَخِيه فَخر الدّين عِيسَى بن مودود الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ وَملك تكريت
(تَبُوك بن الْحسن)
(أَبُو بكر الدِّمَشْقِي الْكلابِي)
تَبُوك بن الْحسن بن الْوَلِيد بن مُوسَى أَبُو بكر الْكلابِي الدِّمَشْقِي الْعدْل أَخُو عبد الْوَهَّاب روى عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز الْحلَبِي وَأحمد بن جوصا وَمُحَمّد بن يُوسُف الْهَرَوِيّ وروى عَنهُ أَخُوهُ عبد الْوَهَّاب وَتَمام وَعلي بن السمسار وَجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة
(تتش تَاج الدولة)
تتش تَاج الدولة أَبُو سعيد ابْن ألب رسْلَان بن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق بن دقاق السلجوقي كَانَ صَاحب الْبِلَاد الشرقية فَلَمَّا حاصر أَمِير الجيوش بدر الجمالي دمشق من جِهَة صَاحب مصر وَكَانَ صَاحب دمشق يَوْمئِذٍ أتسز بن أوق الْخَوَارِزْمِيّ سير أتسز(10/233)
إِلَى تتش يستنجد بِهِ فَسَار إِلَيْهِ بِنَفسِهِ وَخرج أتسز إِلَى تلقيه فَقبض عَلَيْهِ تتش وَقَتله وَاسْتولى على مَمْلَكَته وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبع مائَة لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من شهر ربيع الآخر ثمَّ تملك حلب بعد ذَلِك سنة ثَمَان وَأَرْبع مائَة ثمَّ جرى بَينه وَبَين أَخِيه بركيا روق منافرات ومشاجرات أدَّت إِلَى الْمُحَاربَة فَتوجه إِلَيْهِ وتصافا بِالْقربِ من مَدِينَة الرّيّ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وانكسر تتش الْمَذْكُور وانكسر فِي المعركة ومولده سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبع مائَة وَخلف وَلدين أَحدهمَا فَخر الْملك رضوَان وَالْآخر شمس الْمُلُوك أَبُو نصر دقاق
فاستقل رضوَان بِملك حلب ودقاق بمملكة دمشق وَكَانَ قد خطب لنَفسِهِ بالسلطنة وراسل الْخَلِيفَة بِأَن يخْطب لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة فَكتب إِلَيْهِ الْجَواب إِنَّمَا تصلح الْخطْبَة إِذا حصلت الدُّنْيَا بحكمك والخزائن الَّتِي بأصبهان وَتَكون صَاحب الْمشرق وخراسان وَلم يبْق من أَوْلَاد أَخِيك من يخالفك أما فِي هَذِه الْحَال فَلَا سَبِيل إِلَى مَا التمست فَلَا تعد حد العبيد وَليكن خطابك ضراعةً لَا تحكماً وسؤالاً لَا تخيراً وَإِن أَبيت قابلناك ورديناك وأتاك من الله مَا لَا قبل لَك بِهِ وَلما قتل تتش حمل رَأسه إِلَى بَغْدَاد وطيف بِهِ ثمَّ وضع رَأسه فِي خزانَة الرؤوس
(تجنّي الْوَهْبَانِيَّة المعمرة)
تجنّي أم عتب الْوَهْبَانِيَّة عتيقة أبي المكارم ابْن وهبان شيخة مُسندَة معمرة وَهِي آخر من سمع فِي الدُّنْيَا من طراد الزَّيْنَبِي وَابْن طَلْحَة النعالي روى عَنْهَا أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَالشَّيْخ الْمُوفق والبهاء عبد الرَّحْمَن والناصح بن نجم الْحَنْبَلِيّ وَعبد الرَّحِيم بن عمر بن عَليّ الْقرشِي وَعمر بن عبد الْعَزِيز بن النَّاقِد وَعبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن بن سكينَة وَأَبُو الْفتُوح نصر بن الحصري وَهبة الله بن الْحسن الدوامي وسيدة بنت عبد الرَّحِيم بن السهروردي وَمُحَمّد بن عبد الْكَرِيم السيدي وزهرة بنت حَاضر وفخر النِّسَاء بنت الْوَزير مُحَمَّد بن عبد الله بن رَئِيس الرؤساء ويوسف بن يحيى الْبَزَّاز وَأَبُو الْوَلِيد مَنْصُور بن عبد الله بن عفيجة وَإِبْرَاهِيم بن الْخَيْر وَيحيى بن القميرة وَآخَرُونَ وَقَالَ ابْن الدبيثي أجازت لنا وَتوفيت فِي شَوَّال سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة
(أَبُو تحيا الْكُوفِي)
اسْمه حَكِيم بن سعد(10/234)
(أَبُو تُرَاب)
3 - (أَبُو تُرَاب الصُّوفِي الرَّمْلِيّ)
كَانَ من كبار مشايخها قَالَ السّلمِيّ صَاحب تَارِيخ الصُّوفِيَّة سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد الرَّازِيّ يَقُول خرج أَبُو تُرَاب الرَّمْلِيّ سنة من السنين من مَكَّة فَقَالَ لأَصْحَابه خُذُوا أَنْتُم طَرِيق الجادة حَتَّى آخذ طَرِيق تَبُوك فَقَالُوا لَهُ الْحر شَدِيد قَالَ لَا بُد وَلَكِن إِذا دَخَلْتُم الرملة فانزلوا عِنْد فلَان صديق لي قَالَ فَدَخَلُوا الرملة فنزلوا عَلَيْهِ فشوى لَهُم أَربع قطع لحم فَلَمَّا وضع بَين أَيْديهم جَاءَت الحدأة فَأخذت قِطْعَة مِنْهَا فَقَالُوا لم يكن رزقنا وأكلوا الْبَاقِي فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ خرج أَبُو تُرَاب من الْمَفَازَة فَقَالُوا لَهُ هَل وجدت فِي الطَّرِيق شَيْئا قَالَ لَا إِلَّا يَوْم كَذَا رمت لي حدأة بِقِطْعَة شواء حَار فَقَالُوا لَهُ قد تغدينا جَمِيعًا فَإِنَّهُ من عندنَا أَخَذتهَا فَقَالَ
(الألقاب)
أَبُو تُرَاب كَذَا يكون الصدْق
أَبُو تُرَاب كنية عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
وَأَبُو تُرَاب الزَّاهِد اسْمه عَسْكَر بن الْحصين)
أَبُو تُرَاب الشعراني اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن الْفرج
أَبُو تُرَاب الْبَغْدَادِيّ يحيى بن إِبْرَاهِيم
(ترْكَان)
3 - (ترْكَان خاتون)
ترْكَان خاتون الْجِهَة الأتابكية بنت السُّلْطَان عز الدّين مَسْعُود بن قطب الدّين مودود بن زنكي بن آقسنقر زوج الْملك الْأَشْرَف مظفر الدّين مُوسَى توفيت فِي شهر ربيع الأول سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة ودفنت بتربتها والمدرسة الَّتِي لَهَا بقاسيون
3 - (صَاحِبَة أَصْبَهَان)
ترْكَان بنت طغراج الْملك من نسل أفراسياب ملك الْفرس كَانَت شهمة حازمة قادت الجيوش وَكَانَ فِي خدمتها عشرَة آلَاف فَارس إِلَى أَن توفيت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة دبرت الْأُمُور بعد موت ملكشاه وحفظت أَمْوَال التُّجَّار فَلم يذهب لَهُم عقال وَكَانَت صَاحِبَة أَصْبَهَان تباشر الحروب قيل إِنَّهَا سمت فِي الطَّرِيق
3 - (الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ)
ترْكَان شاه بن مُحَمَّد بن تركانشاه أَبُو المظفر الْكَاتِب(10/235)
الْبَغْدَادِيّ سمع أَبَاهُ وَأَبا عبد الله هبة الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْموصِلِي وَعبد الْوَاحِد بن عَليّ بن فَهد العلاف وَعلي بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وَأحمد بن عَليّ بن بدران الْحلْوانِي وَغَيرهم بِبَغْدَاد وَسمع بِالريِّ عبد الوحد بن إِسْمَاعِيل الرَّوْيَانِيّ وَكَانَ يكْتب خطا مليحاً قَالَ ابْن النجار روى لنا عَنهُ ابْن الْأَخْضَر وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس مائَة
(ترك بن مُحَمَّد)
(أَبُو بكر الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ)
ترك بن مُحَمَّد بن بركَة بن عمر بن الْعَطَّار أَبُو بكر الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ سمع فِي صباه أَبَا الْفَتْح مُفْلِح بن أَحْمد الدومي الْوراق وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الْكَرْخِي وَأحمد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدَّلال وَغَيرهم ثمَّ طلب بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل وَكَانَ متأدباً متيقظاً عَارِفًا بمسموعاته حَافِظًا لأسماء مشايخه ذَاكِرًا لأحوالهم حفظَة للحكايات والأشعار مليح النَّوَادِر دمث الْأَخْلَاق محباً للرواية قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا حسن الطَّرِيقَة مولده سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَقَالَ أنشدنا لنَفسِهِ
(إِذا بلغت مِنْك المكاره غَايَة ... يقصر عَنْهَا الصَّبْر من أَن ينالها)
(فَقُمْ شاكراً لله جلّ جَلَاله ... وَلَا ترتقب من بعد إِلَّا زَوَالهَا)
ابْن التركماني تَاج الدّين أَحْمد بن عُثْمَان أَخُوهُ عَلَاء الدّين عَليّ بن عُثْمَان
التِّرْمِذِيّ جمَاعَة مِنْهُم الْمُحدث صَاحب الصَّحِيح اسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى
والفقيه الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر
(ترمشين سُلْطَان بَلخ المغلي)
ترمشين بن دوا المغلي صَاحب بَلخ وسمرقند وبخارى ومرو وَكَانَت دولته سِتّ سِنِين وَاسْتشْهدَ إِلَى رضوَان الله كَانَ ذَا إِسْلَام وتقوى وَعدل وَخير أبطل مكوس مَمْلَكَته وَعمر الْبِلَاد وألزم جنده بالكف عَن الْأَذَى وَأَن يزرعوا الْأَرَاضِي ويتبلغ التتار من الزِّرَاعَة وَأكْرم الْأُمَرَاء الْمُسلمين وقربهم وجفا الْكَفَرَة مِنْهُم وأبعدهم ولازم الصَّلَوَات الْخمس فِي الْجَمَاعَة وَأمر بِالشَّرْعِ وَترك السياسات وَاسْتعْمل أَخَاهُ على مَدِينَة فَقتل رجلا ظَالِما فَسَار أَهله إِلَى ترمشين وَشَكوا إِلَيْهِ فبذل لَهُم أَمْوَالًا ليعفوا فَقَالُوا نطلب حكم الله فسلمه إِلَيْهِم فَقَتَلُوهُ ودعا النَّاس لَهُ ثمَّ قوي بِهِ الدّين والتأله وعزم على ترك الْملك والتبتل بِرَأْس جبل وسافر معرضًا عَن السلطنة فظفر بِهِ أَمِير كَانَ يبغضه فَأسرهُ ثمَّ كَاتب بزان الَّذِي(10/236)
ملك بعده فَبعث إِلَيْهِ فَقتله صبرا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ من أَبنَاء الْأَرْبَعين أَو نَحْوهَا وَلم تطل مُدَّة الْقَائِم بعده
(تريك الْخياط الصُّوفِي)
قَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكره عبد الْوَاحِد ابْن الشاه الشِّيرَازِيّ فِي كتاب تَارِيخ الصُّوفِيَّة فِي جملَة مَشَايِخ بَغْدَاد وَكَانَ عَالما من كبار الْمَشَايِخ لَهُ أَحْوَال عجز عَنْهَا غَيره وَذكر أَن الْجُنَيْد قَصده ليسمع كَلَامه
(الألقاب)
التطيلي الشَّاعِر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
تعاسيف قَيْصر بن أبي الْقسم بن عبد الْغَنِيّ تعاشير هُوَ أَبُو الْحُسَيْن يحيى الجزار
ابْن التعاويذي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
(أَبُو تغلب الفاروثي)
أَبُو تغلب بن أَحْمد بن أبي تغلب ابْن أبي الْغَيْث وَالشَّيْخ نجم الدّين الفاروثي بِالْفَاءِ وَالرَّاء وَالْوَاو والثاء ثَالِثَة الْحُرُوف ولد سنة خمس وست مائَة بِبَغْدَاد وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَتِسْعين وست مائَة وَلَو سمع فِي صغره لروى عَن الْحَافِظ ابْن الْأَخْضَر وطبقته وَقد سمع بِنَفسِهِ وروى صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن الزبيدِيّ وَسمع من ابْن ماسويه ويوسف الساوي وَكَانَ شَيخا حسنا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت عَلَيْهِ أَحَادِيث من البُخَارِيّ
التفكري يُوسُف بن الْحسن
(تقية أم عَليّ الشاعرة)
تقية أم عَليّ بنت أبي الْفرج غيث بن عَليّ بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن جَعْفَر السّلمِيّ الأرمنازي الصُّورِي وَهِي أم تَاج الدّين أبي الْحسن عَليّ بن فَاضل يَنْتَهِي إِلَى مُحَمَّد بن صمدون الصُّورِي كَانَت فاضلة وَلها شعر قصائد ومقاطيع وصحبت الْحَافِظ السلَفِي زَمَانا بالإسكندرية وَذكرهَا فِي بعض تعاليقه وَأثْنى عَلَيْهَا وَقَالَ عثرت فِي منزل سكناي(10/237)
فانجرح أخمصي فشقت وليدة فِي الدَّار خرقَة من خمارها وعصبته فأنشدت تقية الْمَذْكُورَة فِي الْحَال لنَفسهَا
(لَو وجدت السَّبِيل جدت بخدي ... عوضا من خمار تِلْكَ الوليده)
(كَيفَ لي أَن أقبل الْيَوْم رجلا ... سلكت دهرها الطَّرِيق الحميده)
قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى نظرت فِي هَذَا الْمَعْنى إِلَى قَول هَارُون بن يحيى المنجم
(كَيفَ نَالَ العثار من لم يزل من ... ع مُقيما فِي كل خطب جسيم)
(أَو ترقى الْأَذَى إِلَى قدمٍ لم ... تَخْطُ إلاَّ إِلَى مقامٍ كريم)
وَمن شعر تقية
(نأيت وَمَا قلبِي على النأي بالراضي ... فَلَا تغترر مني بصدى وإعراضي)
(وَإِنِّي لمشتاق إِلَيْهِم متيم ... وَقد طعنوا قلبِي بأسمر عراض)
(إِذا مَا تذكرت الشآم وَأَهله ... بَكَيْت دَمًا حزنا على الزَّمن الْمَاضِي)
(ومذ غبت عَن وَادي دمشق كأنني ... يقْرض قلبِي كل يَوْم بمقراض)
)
(أَبيت أراعي النَّجْم والنجم راكد ... وَقد حجبوا عَن مقلتي طيب إغماضي)
(فَهَل طَارق مِنْهُم يلم بناظري ... فَإِن لِقَاء الطيف أكبر أغراضي)
(لَعَلَّ اللَّيَالِي أَن تجرد صَارِمًا ... على الْبَين أَو يقْضِي لنا حكمه قَاض)
وَلها غير ذَلِك أَشْيَاء حَسَنَة وَحكى لي الْحَافِظ زكي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ أَن تقية الْمَذْكُورَة نظمت قصيدة تمدح بهَا الْملك المظفر تَقِيّ الدّين عمر ابْن أخي السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَكَانَت القصيدة خمرية ووصفت آلَة الْمجْلس وَمَا يتَعَلَّق بِالْخمرِ فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ الشيخة تعرف هَذِه الْأَحْوَال من صباها فبلغها ذَلِك فنظمت قصيدة أُخْرَى حربية ووصفت الْحَرْب وَمَا يتَعَلَّق بهَا أحسن وصف ثمَّ سيرت إِلَيْهِ تَقول علمي بِهَذَا كعلمي بِهَذَا وَكَانَ قَصدهَا بَرَاءَة ساحتها مِمَّا نسبت إِلَيْهِ ومولدها سنة خمس وَخمْس مائَة بِدِمَشْق وَتوفيت سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة رَحمهَا الله تَعَالَى
(تكش خوارزم شاه)
السُّلْطَان عَلَاء الدّين خوارزم شاه يَأْتِي ذكره فِي خوارزم شاه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
التكريتي الشَّافِعِي يحيى بن الْقَاسِم(10/238)
(تكين مُتَوَلِّي مصر ودمشق)
تكين بن عبد الله أَبُو مَنْصُور الخزري مولى المعتضد أَمِير الْمُؤمنِينَ يعرف بتكين الْخَاصَّة
ولاه الإِمَام المقتدر مصر بعد وَفَاة عِيسَى النوشري سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فَأَقَامَ بهَا إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة ثمَّ عزل عَنْهَا وَولي الْإِمَارَة بِدِمَشْق فَقَدمهَا فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاث مائَة ثمَّ عزل عَنْهَا سنة سبع وَثَلَاث مائَة وَولي مصر ثَانِيًا سنة تسع وَثَلَاث مائَة ثمَّ عزل عَنْهَا سنة إِحْدَى عشرَة ثمَّ ولي مصر وَلم يزل عَلَيْهَا إِلَى أَن قتل المقتدر سنة عشْرين وَثَلَاث مائَة فأقره القاهر عَلَيْهَا إِلَى أَن توفّي تكين بِمصْر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
وَقد روى عَن يُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي وروى عَنهُ عَليّ بن أَحْمد بن رستم المادرائي
(التلب)
بِفَتْح التَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَكسر اللَّام وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة وَيُقَال التلب بِكَسْر التَّاء وَسُكُون اللَّام ابْن ثَعْلَبَة بن ربيعَة الْعَنْبَري التَّمِيمِي يكنى أَبَا الملقام روى عَنهُ ابْنه ملقام بن التلب أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَقلت اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للتلب وارحمه
وَكَانَ شُعْبَة يَقُول الثلب بالثاء رَابِعَة الْحُرُوف لِأَنَّهُ كَانَ ألثغ لَا يبين التَّاء من الثَّاء
(تِلْكَ)
3 - (الأرغوني)
تِلْكَ الْأَمِير سيف الدّين الحسني الأرغوني أَصله من مماليك الْأَمِير جمال الدّين آقوش الأفرم رَحمَه الله تَعَالَى والأرغوني نِسْبَة إِلَى الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِب مصر وحلب
حضر إِلَى دمشق من الْقَاهِرَة أَمِير طبلخاناه فِي تَاسِع عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ورسم لَهُ بالحجوبية الصَّغِيرَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين أيتمش نَائِب الشَّام فِي سنة خمسين وَسبع مائَة فباشرها إِلَى أَن ورد المرسوم فِي خَامِس عشْرين شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة يَطْلُبهُ إِلَى الْقَاهِرَة على خيله لِأَنَّهُ كَانَ يتحدث فِي ديوَان الْأَمِير سيف الدّين شيخو ويرتمي(10/239)
إِلَيْهِ فَأَقَامَ بِمصْر حاجباً صَغِيرا إِلَى أَن أخرج الْأَمِير سيف الدّين قردم إِلَى الشَّام فَجعل الْأَمِير سيف الدّين تِلْكَ الْمَذْكُور أَمِير آخور مَكَانَهُ على إقطاع الإمرة وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَسبع مائَة
3 - (الْأَمِير سيف الدّين الحسني)
تِلْكَ الْأَمِير سيف الدّين الحسني الأرغوني أَصله من مماليك الْأَمِير جمال الدّين آقوش الأفرم رَحمَه الله تَعَالَى والأرغوني نِسْبَة إِلَى الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِب مصر وحلب
حضر إِلَى دمشق من الْقَاهِرَة أَمِير طبلخاناه فِي تَاسِع عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ورسم لَهُ بالحجوبية الصَّغِيرَة فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين أيتمش نَائِب الشَّام فِي سنة خمسين وَسبع مائَة فباشرها إِلَى أَن ورد المرسوم فِي خَامِس عشْرين شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسبع مائَة بِطَلَبِهِ إِلَى الْقَاهِرَة على خيله لِأَنَّهُ كَانَ يتحدث فِي ديوَان الْأَمِير سيف الدّين شيخو ويرتمي إِلَيْهِ فَأَقَامَ بِمصْر حاجباً صَغِيرا إِلَى أَن أخرج الْأَمِير سيف الدّين قردم إِلَى الشَّام فَجعل الْأَمِير سيف الدّين تِلْكَ الْمَذْكُور أَمِير آخور مَكَانَهُ على إقطاع الإمرة وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَسبع مائَة
3 - (الشّحْنَة)
تِلْكَ الْأَمِير سيف الدّين الْمَعْرُوف بالشحنة أحد مقدمي الألوف بِالشَّام حضر إِلَى دمشق على إقطاع الْأَمِير بدر الدّين أَمِير مَسْعُود ابْن الخطير فِي سنة خمسين وَسبع مائَة وَكَانَ بِدِمَشْق أكبر مقدمي الألوف يحضر إِلَيْهِ قبَاء الشتَاء من الْبَاب الشريف وَتوجه إِلَى سنجار وَلم يزل)
بهَا مُقيما أَعنِي فِي دمشق إِلَى أَن ورد المرسوم يَطْلُبهُ إِلَى الْبَاب الشريف صُحْبَة سيف الدّين منكلي بغا السلحدار وَحضر الْأَمِير سيف الدّين قردم أَمِير آخور على إقطاعه فِي سادس عشْرين شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَسبع مائَة
(الألقاب)
الشَّاعِر التلعفري الأديب الشَّاعِر الْمُتَأَخر اسْمه مُحَمَّد بن يُوسُف تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
التلعفري الْمُقْرِئ اسْمه مُحَمَّد بن جَوْهَر ابْن التلميذ مُعْتَمد الْملك يحيى بن صاعد
ابْن التلميذ هبة الله بن صاعد أَمِين الدولة
التمار أَبُو نصر الزَّاهِد اسْمه عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز
(تماضر بنت عَمْرو الخنساء)
تماضر بنت عَمْرو بن الْحَارِث السلمِيَّة ولقبها الخنساء قدمتُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يستنشدها شعرهَا وتعجبه وَيَقُول هيه يَا خناس ويومئ بِيَدِهِ وأخواها صَخْر وَمُعَاوِيَة وفيهَا يَقُول دُرَيْد بن الصمَّة وَكَانَ قد خطبهَا فَردته وَكَانَ قد رَآهَا تهنأ بَعِيرًا لَهَا
(حيوا تماضر واربعوا صحبي ... وقفُوا فَإِن وقوفكم حسبي)
(أخناس قد هام الْفُؤَاد بكم ... وأصابه تبل من الْحبّ)
(مَا إِن رَأَيْت وَلَا سَمِعت بِهِ ... كَالْيَوْمِ طالي أينق جرب)
(متبذلاً تبدو محاسنه ... يضع الهناء مَوَاضِع النقب)(10/240)
وَلما خطبهَا دُرَيْد بعثت خادمة لَهَا وَقَالَت لَهَا انظري إِلَيْهِ إِذا بَال فَإِن كَانَ بَوْله يخرق الأَرْض ويخد فِيهَا فَفِيهِ بَقِيَّة وَإِن كَانَ بَوْله يسيح على وَجههَا فَلَا بَقِيَّة فِيهِ فَوَجَدته وبوله يسيح على وَجه الأَرْض فَأَخْبَرتهَا فَأرْسلت إِلَيْهِ مَا كنت لأدع بني عمي وهم وهم مثل عوالي الرماح وأتزوج شَيخا فَقَالَ
(وَقَالَت إِنَّنِي شيخ كَبِير ... وَمَا أنبأتها أَنِّي ابْن أمس)
(فَلَا تلدي وَلَا ينكحك مثلي ... إِذا مَا لَيْلَة طرقت بنحس)
(تُرِيدُ شرنبث الْكَفَّيْنِ شثناً ... يُبَاشر بالعشية كل كرس)
)
فَقَالَت الخنساء
(معَاذ الله ينكحني حبركى ... يُقَال أَبوهُ من جشم بن بكر)
(وَلَو أَصبَحت فِي جشم هَديا ... إِذا أَصبَحت فِي دنس وفقر)
وَأما أَخُوهَا صَخْر فَإِنَّهُ اكتسح أَمْوَال بني أَسد وسبى نِسَاءَهُمْ فتبعوه واقتتلوا قتالاً شَدِيدا فطعن ربيعَة بن ثَوْر الْأَسدي صخراً فِي جنبه وَفَاتَ الْقَوْم فَلم يقعص وجوى مِنْهَا فَمَرض حولا حَتَّى مله أَهله فَسمع امْرَأَة وَهِي تسْأَل امْرَأَته سلمى كَيفَ بعلك فَقَالَت لَا حَيّ فيرجى وَلَا ميت فينعى لَقينَا مِنْهُ الْأَمريْنِ فَقَالَ صَخْر لما سمع ذَلِك مِنْهَا
(أرى أم صَخْر لَا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني)
(وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون جَنَازَة ... عَلَيْك وَمن يغتر بالحدثان)
(أهم بِأَمْر الحزم لَو أستطيعه ... وَقد حيل بَين العير والنزوان)
(لعمري لقد نبهت من كَانَ نَائِما ... وأسمعت من كَانَت لَهُ أذنان)
(وللموت خير من حَيَاة كَأَنَّهَا ... محلّة يعسوب بِرَأْس سِنَان)
(وَإِن امْرَءًا سَاوَى بِأم حَلِيلَة ... فَلَا عَاشَ إِلَّا فِي شقاً وهوان)
فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ الْبلَاء وَقد نتأت قِطْعَة مثل الْيَد من جنبه من الطعنة قَالُوا لَهُ لَو قطعتها لرجونا أَن تَبرأ فَقَالَ شانكم فأحموا لَهُ شفرة ثمَّ قطعوها فَمَاتَ فَقَالَت الخنساء ترثيه
(أَلا مَا لعينك أم مَالهَا ... لقد أخضل الدمع سربالها)
(أبعد ابْن عَمْرو من آل الشري ... د حلت بِهِ الأَرْض أثقالها)
(فَإِن تَكُ مرّة أودت بِهِ ... فقد كَانَ يكثر تقتالها)(10/241)
(سأحمل نَفسِي على خطة ... فإمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا)
مِنْهَا
(نهين النُّفُوس وهون النفو ... س يَوْم الكريهة أبقى لَهَا)
(وقافية مثل حد السنا ... ن تبقى وَيذْهب من قَالَهَا)
(نطقت ابْن عَمْرو فسهلتها ... وَلم ينْطق النَّاس أَمْثَالهَا)
(فزان الْكَوَاكِب من فَقده ... وجللت الشَّمْس إجلالها)
وَهِي طَوِيلَة سَاقهَا صَاحب الأغاني)
وَقَالَت ترثيه أَيْضا
(قذى بِعَيْنَيْك أم بِالْعينِ عوار ... أم أقفرت إِذْ خلت من أَهلهَا الدَّار)
(تبْكي لصخر هِيَ العبرى وَقد ثكلت ... ودونه من جَدِيد الترب أَسْتَار)
(لَا بُد من ميتَة فِي صرفهَا غير ... والدهر فِي صرفه حول وأطوار)
مِنْهَا
(يَوْمًا بأوجد مني يَوْم فارقني ... صَخْر وللدهر إحلاء وإمرار)
(فَإِن صخراً لوالينا وَسَيِّدنَا ... وَإِن صخراً إِذا نشتو لنحار)
(وَإِن صخرا لتأتم الهداة بِهِ ... كَأَنَّهُ علم فِي رَأسه نَار)
(مثل الرديني لم تنفذ شبيبته ... كَأَنَّهُ تَحت طي الْبرد أسوار)
وَهِي طَوِيلَة مَذْكُورَة فِي الأغاني وَلها فِيهِ مراث كَثِيرَة وَأما أَخُوهَا مُعَاوِيَة فغزا بني مرّة بن سعد بن ذبيان وَبني فَزَارَة وَمَعَهُ خفاف بن ندبة فاعتوره هَاشم ودريد ابْنا حَرْمَلَة المريان فاستطرد لَهُ أَحدهمَا ثمَّ وقف وَشد الآخر عَلَيْهِ فَقتله فَلَمَّا تنادوا قتل مُعَاوِيَة فَقَالَ خفاف قتلني الله إِن دمت حَتَّى أثأر بِهِ فَشد على مَالك بن حمَار الشمخي وَكَانَ سيد بني شمخ فَقتله وَقَالَ خفاف فِي ذَلِك
(فَإِن تَكُ خيلي قد أُصِيب صميمها ... فعمداً على عَيْني تيممت مَالِكًا)
(أَقُول لَهُ وَالرمْح يأطر مَتنه ... تَأمل خفافاً إِنَّنِي أَنا ذلكا)
مِنْهَا
(تيممت كَبْش الْقَوْم لما عَرفته ... وجانبت شُبَّان الرِّجَال الصعالكا)
(فجادت لَهُ مني يَمِيني بطعنة ... كست مَتنه من أسود اللَّوْن حالكا)
فَقَالَت الخنساء ترثي مُعَاوِيَة
(أَلا لَا أرى فِي النَّاس مثل مُعَاوِيَة ... إِذا طرقت إِحْدَى اللَّيَالِي بداهيه)(10/242)
(بداهية يضغي الْكلاب حَسِيسهَا ... وَيخرج من سر النحي علانيه)
(أَلا لَا أرى كالفارس الْورْد فَارِسًا ... إِذا مَا دَعَتْهُ جرْأَة وَعَلَانِيَة)
(وَكَانَ لزاز الْحَرْب عِنْد شبوبها ... إِذا شمرت عَن سَاقهَا وَهِي ذاكيه)
(وقواد خيل نَحْو أُخْرَى كَأَنَّهَا ... سعال وعقبان عَلَيْهَا زبانيه)
)
(فأقسمت لَا يَنْفَكّ دمعي وعولتي ... عَلَيْك بحزن مَا دَعَا الله دَاعِيَة)
(بلينا وَمَا يبْلى تعار وَمَا يرى ... على حدث الْأَيَّام إِلَّا كَمَا هيه)
وَقيل لَهَا يَوْمًا مَا مدحت أَبَاك حَتَّى هجوت أَخَاك فَقَالَت
(جارى أَبَاهُ فَأَقْبَلَا وهما ... يتعاوران ملاءة الْحَضَر)
(حَتَّى إِذا جد الجراء وَقد ... ساوت هُنَاكَ الْعذر بالعذر)
(وَعلا هتاف النَّاس أَيهمَا ... قَالَ الْمُجيب هُنَاكَ لَا أَدْرِي)
(برقتْ صفيحة وَجه وَالِده ... وَمضى على غلوائه يجْرِي)
(أولى فَأولى أَن يُسَاوِيه ... لَوْلَا جلال السن وَالْكبر)
(وهما كَأَنَّهُمَا وَقد برزا ... صقران قد حطا إِلَى وكر)
قيل لأبي عُبَيْدَة لَيْسَ هَذَا فِي مَجْمُوع شعر الخنساء فَقَالَ الْعَامَّة أسقط من أَن يجاد عَلَيْهَا بِمثل هَذَا وَقيل إِن الخنساء لم تزل تبْكي على أخويها صَخْر وَمُعَاوِيَة حَتَّى أدْركْت الْإِسْلَام فَأقبل بهَا بَنو عَمها إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهِي عَجُوز كَبِيرَة فَقَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه الخنساء قد قرحت مآقيها من الْبكاء فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام فَلَو نهيتها لرجونا أَن تَنْتَهِي فَقَالَ لَهَا عمر اتقِي الله وأبقني بِالْمَوْتِ فَقَالَت أَنا أبْكِي أبي وخيري مُضر صخراً وَمُعَاوِيَة وَإِنِّي لموقنة بِالْمَوْتِ فَقَالَ عمر أتبكين عَلَيْهِم وَقد صَارُوا جَمْرَة فِي النَّار فَقَالَت ذَاك أَشد لبكائي عَلَيْهِم فَكَأَن عمر رق لَهَا فَقَالَ خلوا عجوزكم لَا أَبَا لكم فَكل امْرِئ يبكي شجوه ونام الخلي عَن بكاء الشجي وَذكر الزبير بن بكار عَن مُحَمَّد بن الْحسن المَخْزُومِي عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن أَبِيه عي أبي وجرة عَن أَبِيه قَالَ حضرت الخنساء بنت عَمْرو بن الشريد حَرْب الْقَادِسِيَّة وَمَعَهَا بنوها أَرْبَعَة رجال فَقَالَت لَهُم من أول اللَّيْل إِنَّكُم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين وَوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيره أَنكُمْ لبنو رجل وَاحِد كَمَا أَنكُمْ بَنو امْرَأَة وَاحِدَة مَا خُنْت أَبَاكُم وَلَا فضحت خالكم وَلَا هجنت حسبكم وَلَا غيرت نسبكم وَقد تعلمُونَ مَا أعد الله للْمُسلمين من الثَّوَاب الجزيل فِي حَرْب الْكَافرين وَاعْلَمُوا أَن الدَّار الْبَاقِيَة خير من الدُّنْيَا الفانية يَقُول الله يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون فَإِذا أَصْبَحْتُم غَدا إِن شَاءَ الله سَالِمين(10/243)
فاغدوا إِلَى قتال عَدوكُمْ مستبصرين وَبِاللَّهِ على أعدائه مستنصرين فَإِذا رَأَيْتُمْ الْحَرْب قد شمرت عَن سَاقهَا واضطرمت لظى على)
سباقها وجللت نَارا على أوراقها فَتَيَمَّمُوا وطيسها وجالدوا رئيسها عِنْد احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة فِي دَار الْخلد والمقامة فَخرج بنوها قابلين لنصحها عازمين على قَوْلهَا فَلَمَّا أَضَاء لَهُم الصُّبْح باكروا مراكزهم وَأَنْشَأَ أَوَّلهمْ يَقُول
(يَا إخوتي إِن الْعَجُوز الناصحه ... قد نصحتنا إِذْ دعتنا البارحه)
(مقَالَة ذَات بَيَان واضحه ... فباكروا الْحَرْب الضروس الكالحه)
(وَإِنَّمَا تلقونَ عِنْد الصائحه ... من آل ساسان كلايا نابحه)
(قد أيقنوا مِنْكُم بِوَقع الجائحه ... وَأَنْتُم بَين حَيَاة صَالحه)
أَو ميتَة تورث غنما رابحه وَتقدم فقاتل حَتَّى قتل رَحمَه الله ثمَّ حمل الثَّانِي وَهُوَ يَقُول
(إِن الْعَجُوز ذَات حزم وَجلد ... وَالنَّظَر الأوفق والرأي السدد)
(قد أمرتنا بالسداد والرشد ... نصيحة مِنْهَا وَبرا بِالْوَلَدِ)
(فباكروا الْحَرْب حماة فِي الْعدَد ... إِمَّا لفوز بَارِد عان الكبد)
(أَو ميتَة تورثكم غنم الْأَبَد ... فِي جنَّة الفردوس والعيش الرغد)
فقاتل إِلَى أَن اسْتشْهد رَحمَه الله ثمَّ حمل الثَّالِث وَهُوَ يَقُول
(وَالله لَا نعصي الْعَجُوز حرفا ... قد أمرتنا حَربًا وعطفا)
(نصحاً وَبرا صَادِقا ولطفاً ... فباكروا الْحَرْب الضروس زحفا)
(حَتَّى تلفوا آل ساسان لفا ... أَو تكشفوهم عَن حماكم كشفا)
(إِنَّا نرى التَّقْصِير عَنْهُم ضعفا ... وَالْقَتْل فِيكُم نجدة وَعرفا)
فقاتل حَتَّى اسْتشْهد رَحمَه الله ثمَّ حمل الرَّابِع وَهُوَ يَقُول
(لست لخنساء وَلَا للأحزم ... وَلَا لعَمْرو ذِي السناء الأقدم)
(إِن لم أرد فِي الْجَيْش جَيش الْأَعْجَم ... مَاض على الهول خضم خضرم)
(إِمَّا لفوز عَاجل ومغنم ... أَو لوفاة فِي السَّبِيل الأكرم)
فقاتل حَتَّى قتل رَحمَه الله فبلغها الْخَبَر فَقَالَت الْحَمد لله الَّذِي شرفني بِقَتْلِهِم وَأَرْجُو من رَبِّي أَن يجمعني بهم فِي مُسْتَقر رَحمته وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يُعْطي الخنساء أرزاق أَوْلَادهَا الْأَرْبَعَة لكل وَاحِد مِائَتي دِرْهَم حَتَّى قبض)(10/244)
(تَمام)
3 - (تَمام بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب)
أمه أم ولد رُومِية تسمى سبا وشقيقه كثير ابْن الْعَبَّاس روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا تدْخلُوا عَليّ قلحاً استاكوا من حَدِيث مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن أبي عَليّ الصيقل عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب عي أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَكَانَ تَمام والياً لعَلي بن أبي طَالب على الْمَدِينَة وَكَانَ من أَشد النَّاس بطشاً وَكَانَ الْعَبَّاس يحملهُ وَيَقُول
(تَمُّوا بِتمَام فصاروا عشره ... يَا رب فاجعلهم كراماً برره)
وَاجعَل لَهُم ذكرا وأنم الثَّمَرَة فَكَانَ أَوْلَاد الْعَبَّاس عشرَة وَتَمام أَصْغَرهم
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم البَجلِيّ)
تَمام بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن عبد الله بن الْجُنَيْد الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بن الْحَافِظ أبي الْحُسَيْن البَجلِيّ الرَّازِيّ الدِّمَشْقِي الْمُحدث كَانَ عَالما بِالْحَدِيثِ وَمَعْرِفَة الرِّجَال وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة
3 - (أَبُو غَالب الْمعَافِرِي)
تَمام بن عبد الله بن تَمام أَبُو غَالب الْمعَافِرِي الطليطلي حج وَسمع من ابْن الْأَعرَابِي وَمن أبي الْحسن ابْن أبي عَيَّاش حَدثهُ بغزة عَن الطهراني عَن عبد الرازق كتب عَنهُ جمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن أبي تَمام الشَّاعِر)
تَمام بن حبيب بن أَوْس الطَّائِي ولد أبي تَمام الشَّاعِر(10/245)
الْمَشْهُور كَانَ شَاعِرًا ومدح مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر الْأَمِير دخل عَلَيْهِ فَسلم ثمَّ قَالَ أَيهَا الْأَمِير
(هُنَاكَ رب النَّاس هناكا ... مَا لجمال الْملك أعطاكا)
(بَغْدَاد من أَجلك قد أشرقت ... وأورق الْعود لجدواكا)
(مُحَمَّد يَا ذَا الحجى والندى ... قرت بِمَا وليت عيناكا)
فَقَالَ من هَذَا قَالُوا لَهُ تَمام بن أبي تَمام الطَّائِي فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد ابْن عبد الله وَأَنت عافاك الله)
وبياك
(حياك رب النَّاس حياكا ... إِن الَّذِي أملت أخطاكا)
(وافيت شخصا قد خلا كيسه ... وَلَو حوى شَيْئا لواساكا)
فَقَالَ تَمام أَيهَا الْأَمِير إِن الشّعْر بالشعر رباء فَاجْعَلْ بَينهمَا رضخا من دَرَاهِم حَتَّى يطيب لي ذَلِك قَالَ يَا غُلَام أعْطه ألف دِرْهَم هَذَا لكلامك لَا لشعرك
3 - (ابْن التيان اللّغَوِيّ)
تَمام بن غَالب بن عَمْرو أَبُو غَالب الأندلسي المرسي الْمَعْرُوف بِابْن التيان بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَالْيَاء آخر الْحُرُوف مُشَدّدَة وَبعد الْألف نون قَالَ سعد الْخَيْر مرسية بَلْدَة حَسَنَة من بِلَاد الأندلس كَثِيرَة التِّين يجلب مِنْهَا إِلَى سَائِر الْبلدَانِ فَلَعَلَّهُ نسب إِلَى بيع التِّين وَذكره الْحميدِي كَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَة وثقة فِي إيرادها مَذْكُورا بالورع والديانة مَاتَ بالمرية سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة وَله كتاب تلقيح الْعين فِي اللُّغَة لم يؤلف مثله اختصاراً وإكثاراً وَله فِيهِ قصَّة تدل على فَضله وَذَلِكَ أَن الْأَمِير أَبَا الْجَيْش مُجَاهِد بن عبد الله العامري وَهُوَ أحد المتغلبين على تِلْكَ النواحي وَجه إِلَى أبي غَالب هَذَا أَيَّام غلبته على مرسية وَأَبُو غَالب بهَا سَاكن ألف دِينَار أندلسية على أَن يزِيد فِي تَرْجَمَة هَذَا الْكتاب مِمَّا أَلفه تَمام بن غَالب لأبي الْجَيْش مُجَاهِد فَرد لَهُ الدَّنَانِير وَلم يفعل وَقَالَ وَالله لَو بذل لي ملك الدُّنْيَا مَا فعلت وَلَا استجزت الْكَذِب فَإِنِّي لم أجمعه لَهُ خَاصَّة لَكِن لكل طَالب علم عَامَّة قَالَ الْحميدِي فاعجب لهمة هَذَا الرئيس وعلوها واعجب لنَفس هَذَا الْعَالم ونزاهتها(10/246)
3 - (أَبُو الْخطاب الطَّائِي)
تَمام أَبُو الْخطاب ابْن أبي الْخطاب الطَّائِي بَصرِي من نَافِلَة خُرَاسَان قَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء صَار إِلَى سر من رأى وَله مَعَ سُلَيْمَان بن وهيب خبر وَهُوَ الْقَائِل فِيهِ بعد مَوته
(أيا آل وهب مضى شيخكم ... مروع الْفُؤَاد مطار الحشا)
(فدار الْخِيَانَة قد أقفرت ... وَربع القيادة قد أوحشا)
(فَمن كَانَ يعرف أكرومة ... فَمَا يعرف الشَّيْخ غير الرشا)
(أَظن أَبَا قَاسم بعده ... سيتبع مَا كَانَ فِيهِ نشا)
)
3 - (شهَاب الدّين بن الشيرجي)
تَمام بن أَحْمد عبد الرَّحْمَن بن عَليّ شهَاب الدّين أَبُو المكارم الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الشيرجي من بَيت عَدَالَة وَكِتَابَة وَتقدم سمع الخشوعي وَعبد اللَّطِيف الصُّوفِي وحنبل بن عبد الله روى عَنهُ الشَّيْخ زين الدّين الفارقي وَأَبُو عَليّ بن الْخلال وَمُحَمّد الأرموي وَالْمجد عبد الرَّحْمَن بن الأسفراييني وَمَات فِي شعْبَان سنة خمس وَأَرْبَعين وست مائَة وَأَجَازَ لأبي نصر بن الشِّيرَازِيّ
التمتام الْبَصْرِيّ اسْمه مُحَمَّد بن غَالب بَنو تَمام جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد أَحْمد بن تَمام
وَمِنْهُم تَقِيّ الدّين عبد الله بن أَحْمد
(تمريغا)
تمريغا الْأَمِير سيف الدّين الْعقيلِيّ أحد مماليك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون كَانَ خيرا عَاقِلا أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد ابْن فضل الله قَالَ أَخْبرنِي بعض مماليكه قَالَ قَالَ لي أَن أستاذي هَذَا عمره مَا نكح وَعِنْده الزَّوْجَة المليحة والجواري الملاح قلت لَعَلَّه كَانَ عنيناً وَالله أعلم بِحَالهِ وَكَانَ آخر أمره بالكرك نَائِبا فَتوفي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فِي طاعون الكرك رَحمَه الله تَعَالَى
(تمرتاش)
3 - (المضافري)
تمرتاش بن بختكين بن عبد الله التركي المضافري أَبُو عبد الله المجلد(10/247)
الْبَغْدَادِيّ سمع مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمسلمَة وَحدث باليسير وروى عَنهُ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن حَمْزَة الساوي وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْمَدِينِيّ وَالْحِفْظ السلَفِي توفّي سنة خمس وَخمْس مائَة
3 - (ابْن جوبان)
تمرتاش بن جوبان النوين كَانَ حَاكم الْبِلَاد الرومية فتتح بلاداً وَكسر جيوشاً وَكَانَ إِذا كَانَ وَقت اللِّقَاء نزل قعد على الأَرْض وَأمر أَصْحَابه بِالْقِتَالِ وَاسْتعْمل الْخمر فَإِذا انتشى ركب جَوَاده وَحمل فَلَا يثبت لَهُ أحد وَيَقُول لأَصْحَابه أَي من مَاتَ فإقطاعه لوالده أَو لِقَرَابَتِهِ لَا يخرج عَنهُ شَيْء وَأي من هرب فَأَنا خَلفه أَيْنَمَا توجه أحضرهُ وَمَا أبقيه فَالْأولى بِهِ أَن لَا يهرب وَكَانَ قد خطر لَهُ أَنه الْمهْدي وَتسَمى بذلك فَبلغ أَبَاهُ جوبان الْخَيْر فَأَتَاهُ واستتوبه من ذَلِك وأحضره مَعَه إِلَى خدمَة بو سعيد فَلَمَّا حضر مَعَه إِلَى الأردو رأى النَّاس ينزلون قَرِيبا من خام الْملك فَقطع بِالسَّيْفِ أطناب الخيم ووقف على بَاب خام السُّلْطَان وَرمى بالطومار وَقَالَ أَيْنَمَا وَقع ينزل النَّاس على دائرته فاعجب ذَلِك بو سعيد فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ دمشق خواجا وهرب أَبوهُ اجْتمع هُوَ بالأمير سيف الدّين أيتمش وَطلب الْحُضُور إِلَى مصر وَحلف لَهُ فَحَضَرَ فِي جمع كَبِير وَخرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز وتلقاه وَتوجه إِلَى الديار المصرية وَلم يخرج لَهُ السُّلْطَان وَأمر برد من حضر مَعَه الا الْقَلِيل واعطى لكل وَاحِد خمس مائَة دِرْهَم وخلعة فَعَاد الْجَمِيع إِلَّا نفر يسير فَأَرَادَ السُّلْطَان أَن نقطعه شَيْئا من أخباز الْأُمَرَاء فَقَالَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب يَا خوند إبش يُقَال عَنْك أَنَّك وَفد عَلَيْك وَاحِد مَا كَانَ فِي بلادك مَا تقطعه حَتَّى أخذت لَهُ من أخباز الْأُمَرَاء فرسم لَهُ بقطياً ثمَّ أَمر لَهُ كل يَوْم بِأَلف دِرْهَم إِلَى أَن ينْحل لَهُ إقطاع يُنَاسِبه وَكَانَ يَأْخُذ من بَيت المَال كل يَوْم ألف دِرْهَم ورسم لَهُ السُّلْطَان على لِسَان الْأَمِير سيف الدّين قجليس أَن يُطلق من الخزانة وَمن الاسطبل مَا يُريدهُ وَيَأْخُذ مِنْهُمَا مَا يخْتَار فَمَا فعل من ذَلِك شَيْئا وَنزل إِلَى الْحمام الَّتِي عِنْد حَوْض ابْن هنّس فَأعْطى الحمامي خمس مائَة دِرْهَم وللحارس ثَلَاث مائَة دِرْهَم وَكَانَ النَّاس كل يَوْم موكب)
يقدون الشمع بَين القصرين وَيجْلس النِّسَاء وَالرِّجَال على الطّرق يَقُولُونَ نَنْتَظِر أَنهم يؤمرون تمرتاش وعبرت عينه على النَّاس من مماليك السُّلْطَان الخاصكية الْأُمَرَاء وَكَانَ يَقُول هَذَا كَانَ كَذَا وَهَذَا كَانَ كَذَا وَهَذَا ألماس كَانَ جمالاً فَمَا حمل السُّلْطَان مِنْهُ ذَلِك وألبس يَوْمًا قبَاء من أقبية الشتَاء ألبسهُ إِيَّاه حَاجِب صَغِير فَرَمَاهُ عَن كتفه وَقَالَ مَا ألبسهُ إِلَّا من يَد ألماس الْحَاجِب الْكَبِير وَلم يزل فِي الْقَاهِرَة إِلَى أَن قتل أَبوهُ جوبان فِي تِلْكَ الْبِلَاد فأمسكه السُّلْطَان واعتقله فَوجدَ لذَلِك ألماً عَظِيما وَقعد أَيَّامًا لَا يَأْكُل شَيْئا إِنَّمَا يشرب مَاء وَيَأْكُل الْبِطِّيخ لما يجد فِي بَاطِنه من النَّار وَكَانَ قجليس يدْخل إِلَيْهِ وَيخرج ويطيب خاطره وَيَقُول لَهُ إِنَّمَا فعل السُّلْطَان هَذَا لِأَن رسل السُّلْطَان بو سعيد على وُصُول وَمَا يهون على بو سعيد أَن يبلغهُ أَن السُّلْطَان أكرمك وَقد حلف كل مِنْهُمَا(10/248)
للْآخر فَقَالَ لَهُ يَوْمًا أَنا ضَامِن عنْدكُمْ انْكَسَرَ عَليّ مَال إِن كَانَ شَيْء فالسيف وَإِلَّا فَمَا فَائِدَة الْحَبْس وَالله مَا جزائي إِلَّا أَن أسمر على جمل وَيُطَاف بِي فِي بِلَادكُمْ وَيُقَال هَذَا جَزَاء وَأَقل جَزَاء من يَأْمَن إِلَى الْمُلُوك أَو يسمع من أَيْمَانهم ثمَّ إِن الرُّسُل حَضَرُوا يطْلبُونَ من السُّلْطَان تجهيز تمرتاش إِلَى بو سعيد فَقَالَ مَا أسيره وَلَكِن خُذُوا رَأسه فَقَالُوا مَا مَعنا أَمر أَن نَأْخُذهُ إِلَّا حَيا وَأما غير ذَلِك فَلَا فَأمروا أَن يقفوا على قَتله وَأخرج من سجنه وَمَعَهُ أيتمش وقجليس وَغَيرهمَا وخنق جوّا بَاب القرافة فَكَانَ يستغيث وَيَقُول أَيْن أيتمش يَعْنِي الَّذِي حلف لي وأيتمش يختبئ حَيَاء مِنْهُ وَقَالَ مَا عنْدكُمْ سيف تضربونني بِهِ ثمَّ حز رَأسه وجهز إِلَى بو سعيد من جِهَة السُّلْطَان وَلم يتسلمه الرُّسُل وَكتب السُّلْطَان إِلَى بو سعيد يَقُول فقد جهزت إِلَيْك غريمك فَجهز إِلَيّ غريمي قراسنقر فَمَا وصل الرَّأْس حَتَّى مَاتَ قراسنقر حتف أَنفه فَقيل لبو سعيد أَلا تجهز رَأس قراسنقر إِلَيْهِ فَقَالَ لَا إِن الله أَمَاتَهُ بأجله وَلم أَقتلهُ أَنا
وَكَانَت قتلته فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع مائَة ودفنت جثته برا بَاب القرافة وَلما وصل إِلَى مصر أَقَامُوا الْأَمِير شرف الدّين حُسَيْن بن جندر من الميمنة إِلَى الميسرة وأجلسوه فِي دَار الْعدْل وشاور السُّلْطَان الْأَمِير سيف الدّين تنكز فِي إِمْسَاكه فَلم يشر بذلك ثمَّ إِنَّه شاوره فِي قَتله فَقَالَ الْمصلحَة استبقاؤه فَلم يرجع إِلَى رَأْيه ثمَّ إِن الدَّهْر ضرب ضرباته وحالت الْأَيَّام والليالي فَظهر فِي بِلَاد التتار إِنْسَان بعد موت بو سعيد وَادّعى أَنه تمرتاش وَقَالَ أَنا كنت عِنْد بكتمر الساقي وبكتمر الساقي جهزني خُفْيَة إِلَى بِلَاد الْبَحْر وَقتل غَيْرِي)
وَاحِد يشبهني وجهز رَأسه إِلَى بو سعيد وَصدق على ذَلِك وَأَقْبل عَلَيْهِ أَوْلَاده ونساءه والتف عَلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرَة وحشد عَظِيم وعزم على الدُّخُول إِلَى الشَّام إِلَى أَن كفى الله شَره وَلم يزل أمره يقوى حَتَّى إِن السُّلْطَان كَابر نَفسه وحسه وَقَالَ رُبمَا إِن الْأَمر صَحِيح وَقد يكون مماليكي خانوا فِي أمره ونبش قَبره وأخرجت عِظَامه وأحضر المنجمين وَغَيرهم مِمَّن يضْرب المندل وأحضر سيف تمرتاش وَقَالَ صَاحب هَذَا يعِيش أَو مَاتَ فَقَالُوا لَهُ مَاتَ
وَلم يزل شكه إِلَى أَن مَاتَ هَذَا الدعي وَخلف تمرتاش من الْأَوْلَاد الشَّيْخ حسن ومصر ملك وجمدغان وبير حسن وتودان وشيدون
3 - (صَاحب ميافارقين)
تمرتاش بن أيلغازي بن أرتق الْأَمِير حسام الدّين التركماني الأرتقي صَاحب ميافارقين ولي الْملك بعد وَالِده وَكَانَت مدَّته نيفاً وَثَلَاثِينَ سنة وَولي بعده نجم الدّين ألبي وَالْملك فِي عقبه إِلَى الْآن وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ حسام الدّين تمرتاش الْمَذْكُور صَاحب ماردين وديار بكر وَكَانَ شجاعاً عادلاً جواداً يحب الْعلمَاء(10/249)
والفضلاء ويبحث مَعَهم فِي فنون الْعلم وَلَا يرى الْقَتْل وَلَا الْحَبْس وَكَانَ لَهُ من الذِّمَّة وَحفظ الْجوَار مَا لم يكن للْعَرَب العرباء وَكَانَ ملْجأ للقاصدين
(تمرجين قان ملك التتار)
تمرجين قان ملك التتار الَّذِي ملك بعد أَبِيه جنكز خَان لَهُ ذكر فِي تَرْجَمَة أَبِيه فِي حرف الْجِيم فليطلب هُنَاكَ
(تمنّي بنت الْمُبَارك)
(بن هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد الله بن عبد الْغفار السمسمي)
أتم الرَّجَاء الواعظة امْرَأَة صَالِحَة متدينة تعظ النِّسَاء بِبَغْدَاد وَمَاتَتْ وَهِي بكر وَلم تتَزَوَّج وَكَانَت تعرف بابنة الدباس وَلها رِبَاط بالريحانيين سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وخالها الْمُبَارك بن فاخر بن يَعْقُوب بن الدباس النَّحْوِيّ وروى عَنْهَا عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَعَاشَتْ ثَمَانِينَ سنة وَتوفيت رَحمهَا الله سنة ثَمَان وَخمسين وَخمْس مائَة
(تملك الشيبية الْعَبْدَرِيَّة الصحابية)
من بني شيبَة بن عُثْمَان حَدِيثهَا فِي وجوب السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة رَوَت عَنْهَا صَفِيَّة بنت شيبَة حَدِيث الْعسيلَة من رِوَايَة مَالك فِي الْمُوَطَّأ
(تمو صلت الْأسود)
وَيُقَال طرملت الْأَمِير أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الرافضي ولي دمشق للْحَاكِم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة عزّر رجلا مغربياً على حمَار هَذَا جَزَاء من يحب أَبَا بكر وَعمر وَمَات فِي صفر سنة أَربع وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة
(تَمِيم)
3 - (تَمِيم بن يعار)
بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَالْعين الْمُهْملَة مفتوحتين ابْن قيس بن عدي بن أُميَّة الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وأحداً(10/250)
3 - (تَمِيم بن نسر)
بالنُّون وَالسِّين الْمُهْملَة ابْن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الخزرجي شهد أحدا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (تَمِيم بن الْحَارِث)
3 - (بن قيس بن عديّ القرشيّ السهميّ)
كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة وَقتل يَوْم أجنادين وأخواه سعيد بن الْحَارِث وَأَبُو قيس بن الْحَارِث كَانَا أَيْضا من مهاجرة الْحَبَشَة وأخوهم الرَّابِع عبد الله بن الْحَارِث قتل يَوْم الطَّائِف شَهِيدا وأخوهم الْخَامِس السَّائِب بن الْحَارِث جرح يَوْم الطَّائِف وَقتل يَوْم فَحل وَلَهُم أَخ سادس يُسمى الْحجَّاج بن الْحَارِث أسر يَوْم بدر وَكَانَ أبوهم الْحَارِث أحد الْمُسْتَهْزِئِينَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ ابْن الغيطلة بالغين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف والطاء الْمُهْملَة وَاللَّام
3 - (تَمِيم الْأنْصَارِيّ)
مولى بني غنم شهد بَدْرًا وأحداً
3 - (تَمِيم مولى خرَاش بن الصمَّة)
شهد مَعَ مَوْلَاهُ خرَاش بَدْرًا وَهُوَ مَعْدُود فيهم وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين خباب مولى عتبَة بن غَزوَان وَشهد تَمِيم أحدا بعد بدر
3 - (تَمِيم بن أَسد)
وَيُقَال أسيد أَبُو رِفَاعَة قَالَ أَحْمد بن زُهَيْر سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين يَقُولَانِ أَبُو رِفَاعَة الْعَدوي تَمِيم بن أسيد وَقطع الدَّارَقُطْنِيّ بِأَنَّهُ ابْن أسيد
3 - (تَمِيم الْمَازِني الْأنْصَارِيّ)
وَالِد عباد بن تَمِيم أَخُو عبد الله وحبِيب ابْني زيد بن عَاصِم ويعرفون بني أم عمَارَة وكناية)
تَمِيم أَبُو الْحسن روى عَنهُ ابْن عباد فِي الْوضُوء(10/251)
3 - (تَمِيم بن حجر)
أَبُو أَوْس الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ كَانَ ينزل الجدوات بِنَاحِيَة العرج
3 - (الدَّارِيّ)
تَمِيم الدَّارِيّ بن خَارِجَة اللَّخْمِيّ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي سنة أَرْبَعِينَ من الْهِجْرَة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وكنيته أَبُو رقية وَهُوَ من بني عدي بن الدَّار بن هَانِئ كَانَ نَصْرَانِيّا وَأسلم سنة تسع وَكَانَ فِي جملَة وَفد الداريين بعد منصرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي رَكْعَة وَرُبمَا ردد الْآيَة الْوَاحِدَة اللَّيْل كُله إِلَى الصَّباح وَهُوَ أول من أَسْرج السراج فِي الْمَسْجِد روى عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصَّة الدَّجَّال ولجساسة فِي خطْبَة خطبهَا فَقَالَ حَدثنِي تَمِيم الدَّارِيّ وَذكر الْقِصَّة وروى عَنهُ عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ وَعبد الله بن موهب وسليم بن عَامر وشرحبيل بن مُسلم وَقبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ ابْن عبد الْبر وَلم يُولد لَهُ غَيرهَا يَعْنِي ابْنَته رقية وَسكن الْمَدِينَة ثمَّ انْتقل إِلَى الشَّام بعد قتلة عُثْمَان وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَقيل نزل بفلسطين وَلما كَانَ فِي ثَالِث الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وقفت بديوان الْإِنْشَاء بِدِمَشْق على النُّسْخَة الَّتِي بيد الداريين الَّتِي كتبهَا لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سنة تسع من الْهِجْرَة بعد مُنْصَرفه من غَزْوَة تَبُوك فِي قِطْعَة أَدَم من خف أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهِي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أنطأ مُحَمَّد رَسُول الله لتميم الدَّارِيّ وأخويه جرون والمرطوم وَبَيت عينون وَبَيت إِبْرَاهِيم وَمَا فِيهِنَّ نطية بت بِذِمَّتِهِمْ ونفدت وسلمت ذَلِك لَهُم ولأعقابهم فَمن آذاهم آذاه الله فَمن آذاهم لَعنه الله شهد عَتيق ابْن أبي قُحَافَة وَعمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَكتب عَليّ بن أبي طَالب وَشهد
كَذَا رَأَيْته فِي النُّسْخَة بِإِثْبَات الْألف فِي أَبُو قُحَافَة وبإسقاطها فِي بو طَالب وَأما الْأدم فرأيته وَقد احمر وأخلق وَلم أر من الْكِتَابَة فِيهِ إِلَّا لَهُم وَأَعْقَابهمْ لَا غير
3 - (تَمِيم بن أسيد)
تَمِيم بن أسيد هُوَ أَبُو رِفَاعَة وَقيل ابْن أَسد وَقيل اسْمه عبد الله(10/252)
بن الْحَارِث بن أَسد بن عدي
كَانَ من فضلاء الصَّحَابَة نزل الْبَصْرَة روى عَنهُ حميد بن هِلَال وصلَة بن أَشْيَم قتل بكابل)
سنة أَربع وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْمسلي التَّابِعِيّ)
تَمِيم بن طرفَة الطَّائِي وَيُقَال الْمسلي بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَكسر اللَّام تَابِعِيّ
سمع عدي بن حَاتِم وَجَابِر بن سَمُرَة وروى عَنهُ سماك بن حَرْب وَعبد الْعَزِيز بن رفيع مَاتَ فِي سنة الْفُقَهَاء وَهِي سنة أَربع وَتِسْعين وَهُوَ صَالح الحَدِيث وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو قَتَادَة التَّابِعِيّ)
تَمِيم بن نَذِير بِضَم النُّون وَفتح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء الْعَدوي الْبَصْرِيّ من بني عدي بن منَاف تَابِعِيّ سمع عمر بن الْخطاب وَعمْرَان بن حُصَيْن وروى عَنهُ مُحَمَّد بن سِيرِين وَحميد بن هِلَال ومورق الْعجلِيّ وكنيته أَبُو قَتَادَة
3 - (تَمِيم بن الْمُنْتَصر)
3 - (بن تَمِيم بن الصَّلْت)
روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين بعد الْمِائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْبَنْدَنِيجِيّ)
تَمِيم بن أَحْمد بن أَحْمد بن كرم بن غَالب الْبَنْدَنِيجِيّ الْبَزَّاز أَبُو الْقَاسِم بن أبي بكر مُفِيد بَغْدَاد
قَالَ محب الدّين بن النجار أَخُو شَيخنَا الْحَافِظ أَحْمد سمع فِي صباه من أبي بكر ابْن الزَّاغُونِيّ وَأبي الْوَقْت الصُّوفِي وَأبي مُحَمَّد ابْن المادح وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وَطلب بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير من أَصْحَاب أبي الْخطاب ابْن البطر وَأبي عبد الله بن طَلْحَة وَأبي الْحُسَيْن ابْن الطيوري وَأبي الْحسن بن العلاف وَأبي مُحَمَّد ابْن السراج وَأبي الْقَاسِم ابْن بَيَان وَأبي عَليّ ابْن نَبهَان وَأبي الغنايم ابْن النَّرْسِي وَأبي طَالب بن يُوسُف وأمثالهم وَلم يزل يسمع من أَصْحَاب ابْن الْحصين وَابْن كادش وَأبي غَالب ابْن الْبناء وَأبي بكر الْأنْصَارِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن(10/253)
السَّمرقَنْدِي وَمِمَّنْ دونهم إِلَى حِين وَفَاته وَكتب بِخَطِّهِ للنَّاس ولنفسه كثيرا وَكَانَ يُفِيد الطّلبَة وَيسْعَى مَعَهم إِلَى الشُّيُوخ وَكَانَ يحفظ أَسمَاء الْكتب والأجزاء المروية فِي ذَلِك الْوَقْت وَيدل عَلَيْهَا الغرباء ويعيرهم الْأُصُول وَكَانَ يعرف أَحْوَال الشُّيُوخ الَّذين أدركهم ويحفظ مواليدهم ووفياتهم وَله فِي ذَلِك همة وافرة مَعَ قلَّة معرفَة بِالْعلمِ سَمِعت مَعَه وبإفادته كثيرا وَسمعت مِنْهُ جُزْءا وَاحِدًا)
اتِّفَاقًا وَكَانَ متساهلاً فِي الرِّوَايَة ينْقل السماعات من حفظه على الْفُرُوع من غير مُقَابلَة بالأصول رَأَيْت مِنْهُ ذَلِك مرَارًا وأذكر مرّة وَأَنا وَاقِف مَعَه وَقد أَتَاهُ بعض الطّلبَة بِجُزْء فَأرَاهُ إِيَّاه وَسَأَلَهُ هَل هُوَ مسموع فِي ذَلِك الْوَقْت أم ل فَقَالَ لَهُ هُوَ سَماع فلَان ابْن فلَان وَتقدم إِلَى دكان خباز وَأخذ مِنْهُ دَوَاة وقلماً وَنقل لَهُ على ذَلِك الْجُزْء وَكَانَ صحيفَة سَماع ذَلِك الشَّيْخ من حفظه وَدفعه إِلَيْهِ وَقَالَ اذْهَبْ فاسمعه فَأَخذه ذَلِك الطَّالِب وَمضى واشتهر ذَلِك مِنْهُ فَامْتنعَ جمَاعَة من حفاظ الحَدِيث من السماع بنقله توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
3 - (وَزِير الْمهْدي)
تَمِيم الْوَزير صَاحب ديوَان الْمهْدي حدث عَن الْمهْدي مُحَمَّد بن عبد الله الْمَنْصُور روى عَنهُ مسلمة بن الصَّلْت قَالَ حَدثنِي الْمهْدي أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن أَبِيه ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آخر أربعاء فِي الشَّهْر يَوْم نحس مُسْتَمر قلت هَذَا حَدِيث مَوْضُوع
3 - (النَّهْشَلِي)
تَمِيم بن خُزَيْمَة بن خازم النَّهْشَلِي صَاحب الدعْوَة بغدادي هُوَ الْقَائِل
(قَالُوا عشقت صَغِيرَة فأجبتهم ... أشهى الْمطِي إِلَيّ مَا لم يركب)
(كم بَين حَبَّة لؤلؤٍ مثقوبة ... نظمت وحبة لُؤْلُؤ لم تثقب)
فأجابته عنان جَارِيَة النطاف
(إِن المطية لَا يلذ ركُوبهَا ... مَا لم تذلل بالزمام وتركب)
(والدر لَيْسَ بنافعٍ أربابه ... مَا لم يؤلف بالنظام ويثقب)
3 - (تَمِيم بن الْمعز صَاحب الْقَاهِرَة)
تَمِيم بن الْمعز بن الْمَنْصُور بن الْقَائِم بن الْمهْدي هُوَ أَبُو عَليّ ابْن الْمعز صَاحب الْقَاهِرَة كَانَ تَمِيم الْمَذْكُور فَاضلا شَاعِرًا ماهراً لطيفاً ظريفاً وَلم يل الْملك لِأَن ولَايَة الْعَهْد كَانَت لِأَخِيهِ الْعَزِيز فوليها بعد أَبِيه وللعزيز أَيْضا أشعار وَتُوفِّي أَبُو عَليّ تَمِيم الْمَذْكُور سنة أَربع وَسبعين وَثَلَاث مائَة بِمصْر وَحضر أَخُوهُ الْعَزِيز الصَّلَاة عَلَيْهِ فِي بستانه وغسله القَاضِي مُحَمَّد بن النُّعْمَان وكفنه فِي سِتِّينَ ثوبا وَأخرجه مَعَ الْمغرب من الْبُسْتَان وَصلى(10/254)
عَلَيْهِ بالقرافة وَحمله إِلَى الْقصر وَدَفنه فِي الْحُجْرَة الَّتِي فِيهَا قبر أَبِيه الْمعز وَقيل توفّي سنة خمس وَسبعين ومولده سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَمن شعره يصف بركَة)
(فِي قبَّة سمكها فِي الجو مشرقة ... على اطراد مياه تكسير)
(كَأَنَّمَا مَاؤُهَا وَالرِّيح تدرجه ... على نقا يقق من غير تكدير)
(نقش المبارد صيغت بَعْدَمَا جليت ... بَعْضًا لبَعض بِتَقْدِير وتدبير)
وَمِنْه قَوْله من أَبْيَات
(صدعن فؤاداً كَاد ينهل أدمعاً ... وَقَلْبًا غَدَاة الْبَين كَاد يطير)
(أوانس فِي أثوابهن وَفِي الملا ... غصون وَفِي تنقيبهن بدور)
(إِذا مَا دجا جنح الظلام أناره ... لَهُنَّ تراق وضّح ونحور)
(كَأَن نقا خبت لَهُنَّ روادف ... تأزرنها والأقحوان ثغور)
وَمِنْه أَيْضا
(سرى الْبَرْق فارتاع الْفُؤَاد المعذب ... وَجَاز الْكرَى فِي الْعين فَهُوَ مذبذب)
(أرقت لهَذَا الْبَرْق حَتَّى كَأَنَّمَا ... بدا فبدت مِنْهُ لعَيْنِي زَيْنَب)
(يلوح ويخبو فِي السَّمَاء كَأَنَّهُ ... سيوف بأرجاء السَّحَاب تقلب)
(يؤم رعيل الْغَيْم وَإِنَّمَا ... يؤم خيال من سليمى محبب)
(وَإِلَّا فَلم وافى كَأَن نسيمه ... وَمَا فِيهِ طيب بالعبير مُطيب)
(وَلم جَاءَ والطيف المعاود مضجعي ... مَعًا وَمضى لما مضى المتأوب)
(فواصلني تَحت الْكرَى وَهُوَ عَاتب ... وَلَوْلَا الْكرَى مَا زارني وَهُوَ يعتب)
(وَبَات ضجيعي مِنْهُ أهيف ناعم ... وأدعج نشوان وألعس أشنب)
(كَأَن الدجى فِي لون صدغيه طالع ... وشمس الضُّحَى فِي لون خديه تغرب)
(فَلَمَّا أجَاب اللَّيْل دَاعِي صبحه ... وَكَاد توالي نجمه يتصوب)
(ثنى عطفه لما بدا الصُّبْح ذَاهِبًا ... وَمَا كَاد لَوْلَا طالع الصُّبْح يذهب)
(إِلَى الله أَشْكُو سر شوق كتمته ... فنم بِهِ واش من الدمع مُعرب)
وَمِنْه
(سقاني مثل خديه مداماً ... بأصفى من مروقة الظنون)(10/255)
(كَأَن الراح وردة جلنار ... تبدت فِي غلالة ياسمين)
وَمِنْه)
(اشرب على ودّ نَهَار بدا ... وَاللَّيْل تال قد بدا بالسعود)
(كَأَنَّمَا الْأُفق بِهِ لابس ... نور الثنايا واحمرار الخدود)
وَمِنْه
(اشرب على بدر بدا كَامِلا ... فِي أنجم مَشْهُورَة كالشرر)
(كَأَنَّهُ فِي ليله غرَّة ... تمّ سناها بسواد الطّور)
وَمِنْه
(أعذب الْأَشْيَاء عِنْدِي ... قبْلَة فِي صحن خد)
(وثنايا عطرات ... خلقت من مَاء شهد)
(وحبِيب لَيْسَ يرضى ... لمحبيه بصد)
وَمِنْه
(إِذا خلوت بمحبوب تجشمه ... فاملأ محَاسِن خديه من الْقبل)
(وأضحك الْوَصْل بالهجران مِنْهُ ومل ... على التحكم فِي اللَّذَّات والغزل)
(لَا شَيْء أحسن من كف تغمزها ... كف وَمن مقل ترنو إِلَى مقل)
(وَمن فَم فِي فَم عذب مقبله ... كَأَن ريقته ضرب من الْعَسَل)
(حَتَّى إِذا مَا نلْت مَا تهوى بِلَا كذب ... فَاجْعَلْ مَنَامك بَين الْمَتْن والكفل)
(وَقل لمن لَام فِي لَهو تسر بِهِ ... عني إِلَيْك فَإِنِّي عَنْك فِي شغل)
(إِن الثقيل هُوَ المحروم لذته ... لَا بَارك الله فِيمَن رَاح ذَا ثقل)
وَله عدَّة مدائح فِي أَبِيه الْمعز وأخيه الْعَزِيز
3 - (صَاحب أفريقية)
تَمِيم بن الْمعز بن باديس بن الْمَنْصُور ابْن بلكين بن زيري بن مُنَاد الْحِمْيَرِي الصنهاجي ملك أفريقية وَمَا والاها بعد أَبِيه الْمعز كَانَ حسن الْآثَار مَحْمُود(10/256)
السِّيرَة محباً للْعُلَمَاء مُعظما للأدباء وأرباب الْفَضَائِل قَصده الشُّعَرَاء من الْآفَاق على بعد الدَّار كَابْن السراج الصُّورِي وأنظاره وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْحسن بن رَشِيق
(أصح وَأَعْلَى مَا روينَاهُ فِي الندى ... من الْخَبَر الْمَأْثُور مُنْذُ قديم)
(أَحَادِيث ترْوِيهَا السُّيُول عَن الحيا ... عَن الْبَحْر عَن كف الْأَمِير تَمِيم)
)
وَكَانَ يُجِيز الجوائز السّنيَّة وَيُعْطِي الْعَطاء الجزيل ومولده بالمنصورية الَّتِي تسمى صبرَة من أفريقية سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبع مائَة وفوض إِلَيْهِ أَبوهُ ولَايَة الْعَهْد بالمهدية سنة خمس وَأَرْبَعين وَلم يزل بهَا إِلَى أَن توفّي وَالِده فاستبد بِالْملكِ وَلم يزل إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة وَدفن فِي قصره ثمَّ نقل إِلَى قصر السيدة بالمنستير وَخلف من الْبَنِينَ أَكثر من مائَة وَمن الْبَنَات سِتِّينَ على مَا ذكر حفيده أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن شَدَّاد بن تَمِيم فِي كتاب أَخْبَار القيروان وَفِي أَيَّام ولَايَته اجتاز الْمهْدي مُحَمَّد بن تومرت بأفريقية عِنْد عوده من بِلَاد الشرق وَأظْهر بهَا الْإِنْكَار على من رَآهُ خَارِجا عَن سنَن الشَّرِيعَة وَمن هُنَاكَ توجه إِلَى مراكش وَكَانَ من أمره مَا ذكرته فِي تَرْجَمته فِي المحمدين وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده يحيى بن تَمِيم فِي حرف الْيَاء فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله هُنَاكَ ذكر أَيْضا وللأمير تَمِيم شعر وفضائل فَمن شعره
(إِن نظرت مقلتي لمقلتها ... تعلم مِمَّا أُرِيد نَجوَاهُ)
(كَأَنَّهَا فِي الْفُؤَاد ناظرة ... تكشف أسراره وفحواه)
وَمِنْه أَيْضا
(سل الْمَطَر الْعَام الَّذِي عَم أَرْضكُم ... أجاء بِمِقْدَار الَّذِي فاض من دمعي)
(إِذا كنت مطبوعاً على الصد والجفا ... فَمن أَيْن لي صَبر فأجعله طبعي)
وَمِنْه أَيْضا
(فَكرت فِي نَار الْجَحِيم وحرها ... وَا ويلتاه ولات حِين مناص)
(فدعوت رَبِّي أَن خير وسيلتي ... يَوْم الْمعَاد شَهَادَة الْإِخْلَاص)
3 - (الْفَحْل مُتَوَلِّي دمشق)
تَمِيم بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالفحل قدم دمشق مُتَوَلِّيًا عَلَيْهَا من قبل الْحَاكِم صَاحب مصر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة ثمَّ وَليهَا سنة تسعين وَثَلَاث مائَة وَمَات فِيهَا وَولي بعده عَليّ بن جَعْفَر بن فلاح(10/257)
3 - (أَبُو كَعْب)
تَمِيم بن أبي مقبل بن عَوْف بن حنيف بن قُتَيْبَة بن العجلان يكنى أَبَا كَعْب وَكَانَ أَعور جَافيا فِي الدّين أدْرك الْإِسْلَام وَأسلم وَكَانَ يبكي أهل الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ الْقَائِل)
(مَا أنعم الْعَيْش لَو كَانَ الْفَتى حجرا ... تنبو الْحَوَادِث عَنهُ وَهُوَ ملموم)
(لَا يحرز الْمَرْء إدحاء الْبِلَاد وَلَا ... تبنى لَهُ فِي السَّمَوَات السلاليم)
3 - (الراجز)
تَمِيم بن مقبل بن مَيْمُون بن الذَّيَّال بن مقبل العيسي أحد رجاز خُرَاسَان يَقُول فِي قصَّة الْكرْمَانِي بخراسان أَيَّام نصر بن سيار ويفخر من أرجوزة طَوِيلَة
(الدَّهْر قد أبدل عرفا مُنْكرا ... وَلَا ألوم الدَّهْر إِن تغيرا)
(والأزد قد أمست تناوي مضرا ... سفاهةً من رأيها وبطرا)
(نَحن وجدنَا فِي الْحفاظ أصبرا ... نَحن ادرعنا الْحلق المسمرا)
(ثمَّ لبسنا فَوْقه السنورا ... ثمَّ ركبنَا الْخَيل قباً ضمرا)
(ثمَّ تنادينا يَقِينا البشرا ... على الْهدى نضرب من تحيرا)
(فَمَا تركنَا من سوانا معشرا ... إِلَّا منعناه الجناب الأخضرا)
(والعذب حَتَّى يشرب المكدرا ... فَالْحَمْد لله الَّذِي تكبرا)
(وَجعل الْفضل لمن تنزرا ... ثمت أخزى مذحجاً وحميرا)
(فَمَا تركنَا ليمان مفخرا ... وَلَا تَرَكْنَاهُ يطول المنبرا)
(أَمْسَى الْحَصَى والترب قد تضمرا ... فَإِن عست أكرومة أَن تذكرا)
كَانَت لنا كَالشَّمْسِ لَا بل أشهرا
3 - (الْكُوفِي)
تَمِيم بن سَلمَة الْكُوفِي يروي عَن شُرَيْح القَاضِي وَعبد الرَّحْمَن بن هِلَال الْعَبْسِي وَعُرْوَة بن الزبير قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَا نعلم لَهُ رِوَايَة عَن الصَّحَابَة روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة مائَة لِلْهِجْرَةِ(10/258)
3 - (أَبُو كَامِل الطَّائِي)
تَمِيم بن المفرج أَبُو كَامِل الطَّائِي قصد غزنة وَرُبمَا أَنه توفّي هُنَاكَ قَالَ يمدح الْوَزير أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن عبد الله الْجُوَيْنِيّ
(ودعينا إِن كنت أزمعت جَاره ... قبل أَن يمْنَع الْفِرَاق الزياره)
(زودي وامقاً أجد ارتحالاً ... مَا قضى فِي مقَامه أوطاره)
)
(مغرماً مَا عَلَيْهِ يَا أم عَمْرو ... أَيْن صَار الْهوى بِهِ يَوْم صاره)
(لم يزل يحذر التَّفَرُّق حَتَّى ... حققوا يَوْم رامتين حذاره)
(كَانَ يَكْفِيهِ والمحب قنوع ... وَقْفَة أَو تَحِيَّة أَو إشاره)
(ذَات ثغر كَأَنَّهُ حِين يَبْدُو ... عقد در أَو أقحوان قراره)
(منظر مَا رَأَيْته قطّ إِلَّا ... قلت بدر لتمه وسط دَاره)
(كاعب فِي الحجال يمْنَعهَا الزو ... ر حَيَاء يصونها وغراره)
مِنْهَا فِي المديح
(كَانَ لله فِي الْبَريَّة لطف ... يَوْم أفْضى إِلَيْهِ أَمر الوزاره)
(إِن فِيهِ لكل وَهِي سداداً ... ولديه لكل وَهن جباره)
وَمن شعر أبي كَامِل الْمَذْكُور
(قل للغزالة وَهِي غير غزالة ... والجؤذر النعسان غير الجؤذر)
(بمذكر الخطوات غير مؤنث ... ومؤنث الخلوات غير مُذَكّر)
(قومِي إِلَى الشَّيْء الَّذِي متْنا بِهِ ... بالْأَمْس فاتشري بِذَاكَ الْجَوْهَر)
(فتنبهت هيفاء غير بطية ... عَمَّا التمست وَلَا سحوب المئزر)
(تفتر عَن برد وتنظم مثلهَا ... عقدا وَتنظر عَن جفون فتر)
(وتيممت دنين فِي مطمورة ... كَانَا مَعًا فِيمَا أَظن لقيصر)
وَمن شعر أبي كَامِل الطَّائِي
(قُم إِلَى الراح مَعَ الصب ... ح إِذا قَامَ الْمُؤَذّن)
(وَإِذا أعلن لل ... هـ فَقل للعود أعلن)
(إِن تسئ يَا أَيهَا العب ... د فَإِن الله محسن)
قلت لَوْلَا هَذَا الْبَيْت الثَّالِث لما أثبت الَّذِي قبله وَهُوَ الثَّانِي لِأَن فِيهِ تجرياً لَا تحرياً وَلَو أَن لي فِي الثَّالِث حكما لَقلت فَإِن الرب محسن ليَكُون فِيهِ مُقَابلَة اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ لِأَن الْإِسَاءَة يقابلها الْإِحْسَان وَالْعَبْد يُقَابله الرب وَلقَائِل أَن يَقُول وَالله هُوَ الرب وَلَكِن الرب هُنَا أصرح وأليق
وَمن شعر أبي كَامِل(10/259)
(سلا عَن بانة الطلل اليبابا ... بِحَيْثُ يُقَابل الْبَرْق الهضابا)
)
(وعيش غضارة لَو دَامَ لَكِن ... تكدر ذَاك حِين صفا وطابا)
(ليَالِي فِي الْخُدُور محجبات ... يدعن الْقلب مختبلاً مصابا)
(كعين سويقة حدقاً وَلَكِن ... رَأينَا هَاهُنَا شنباً عذَابا)
(وأعطافاً إِذا رمن انعطافاً ... أَبَت أردافها إِلَّا جذابا)
(وأطرافاً يحار الْحلِيّ فِيهَا ... فَلَيْسَ يكَاد يضطرب اضطرابا)
(يطفن بملء عين الصب حسنا ... وَإِن كَانَت لمهجته عذَابا)
قلت شعر جيد فِي الرُّتْبَة الْعليا
(الألقاب)
ابْن تَمِيم مجير الدّين الْحَمَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن يَعْقُوب
وَابْن تَمِيم المغربي اسْمه مُحَمَّد بن تَمِيم
وَابْن تَمِيم كَاتب الدرج بِالْيمن اسْمه مُحَمَّد بن تَمِيم
التَّمِيمِي الطَّبِيب مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد ابْن التنبي نجم الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد
ابْن التنبي فَخر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عقيل
(تنكز)
الْأَمِير الْكَبِير المهيب سيف الدّين أَبُو سعيد نَائِب السلطنة بِالشَّام جلب إِلَى مصر وَهُوَ حدث فَنَشَأَ بهَا وَكَانَ أَبيض إِلَى السمرَة رَشِيق الْقد مليح الشّعْر خَفِيف اللِّحْيَة قَلِيل الشيب حسن الشكل طريفه جلبه الخواجا عَلَاء الدّين السيواسي فَاشْتَرَاهُ الْأَمِير حسام الدّين لاجين فَلَمَّا قتل لاجين فِي سلطنته صَار من خاصكية السُّلْطَان وَشهد مَعَه وَاقعَة وَادي الخزندار ثمَّ وقْعَة شقحب أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن القيسراني قَالَ قَالَ لي يَوْمًا أَنا والأمير سيف الدّين طينال من مماليك الْملك الْأَشْرَف سمع صَحِيح البُخَارِيّ غير مرّة من ابْن الشّحْنَة وَسمع كتاب الْآثَار للطحاوي وصحيح مُسلم وَسمع من عِيسَى الْمطعم وَأبي بكر ابْن عبد الدايم وَحدث قَرَأَ عَلَيْهِ المقريزي هُوَ الشَّيْخ محيي الدّين عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن تَمِيم المقريزي الْحَنْبَلِيّ جد وَالِد أبي عَليّ بن عبد الْقَادِر(10/260)
ثلاثيات البُخَارِيّ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة أمره السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إمرة عشرَة قبل توجهه إِلَى الكرك وَكَانَ قد سلم إقطاعه إِلَى الْأَمِير صارم الدّين صاروجا المظفري وَكَانَ على مصطلح التّرْك آغا لَهُ وَلما توجه إِلَى الكرك كَانَ فِي خدم السُّلْطَان وجهزه مرّة إِلَى دمشق رَسُولا إِلَى الأفرم فاتهمه أَن مَعَه كتبا إِلَى أُمَرَاء الشَّام فَحصل لَهُ مِنْهُ مَخَافَة شَدِيدَة وفتش وَعرض عَلَيْهِ الْعقُوبَة فَلَمَّا عَاد إِلَى السُّلْطَان عرفه بذلك فَقَالَ لَهُ إِن عدت إِلَى الْملك فَأَنت نَائِب دمشق فَلَمَّا حضر من الكرك جعل الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِب السلطنة بِمصْر بعد إمْسَاك الجوكندار الْكَبِير وَقَالَ لتنكز ولسودي احضرا كل يَوْم عِنْد أرغون وتعلما مِنْهُ النِّيَابَة وَالْأَحْكَام فبقيا كَذَلِك سنة يلازمانه فَلَمَّا مهْرا جهز سيف الدّين سودي إِلَى حلب نَائِبا وَسيف الدّين تنكز إِلَى دمشق نَائِبا فَحَضَرَ إِلَيْهَا على الْبَرِيد هُوَ والحاج سيف الدّين أرقطاي والأمير حسام الدّين طرنطاي البشمقدار فَكَانَ وصولهم إِلَيْهَا فِي شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع مائَة وَتمكن فِي النِّيَابَة
وَسَار بالعساكر إِلَى ملطية فافتتحها وَعظم شَأْنه وهابه الْأُمَرَاء بِدِمَشْق ونواب الشَّام وَأمن الرعايا بِهِ وَلم يكن أحد من الْأُمَرَاء وَلَا من أَرْبَاب الجاه يقدر يظلم أحدا ذِمِّيا أَو غَيره خوفًا مِنْهُ لبطشه وَشدَّة إِيقَاعه وَلم يزل فِي ارتقاء وعلو دَرَجَة يتضاعف إقطاعه وإنعامه وعوائده من الْخَيل والقماش والطيور الْجَوَارِح حَتَّى كتب لَهُ اعز الله أنصار الْمقر الْكَرِيم العالي الأميري وَفِي الألقاب الأتابكي الزَّاهدِيّ العابدي وَفِي النعوت معز الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد)
الْأُمَرَاء فِي الْعَالمين وَهَذَا لم تعهده يكْتب عَن سُلْطَان لنائب وَلَا غير نَائِب على اخْتِلَاف الْوَظَائِف والمناصب وَكَانَ السُّلْطَان لَا يفعل شَيْئا فِي الْغَالِب حَتَّى يسير إِلَيْهِ ويستشيره فِيهِ وقلما كتب إِلَى السُّلْطَان فِي شَيْء فَرده وَمهما قَرَّرَهُ من إمرة ونيابة ووظيفة وَقَضَاء وإقطاع وَغير ذَلِك ترد التواقيع السُّلْطَانِيَّة بإمضائها وَلم اسْمَع أَنا وَلَا غَيْرِي أَنه أعْطى لأحد إقطاعاً وَلَا إمرة وَلَا وَظِيفَة كَبِيرَة كَانَت أَو صَغِيرَة فَأخذ عَلَيْهَا رشا بل كَانَ عفيف الْيَد والفرج
وَقَالَ لي شرف الدّين النشو إِن إنعامه الَّذِي خصّه من السُّلْطَان فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة بلغ ألف ألف دِرْهَم وَخمسين ألف دِرْهَم خَارِجا عَن إنعامه من الْخَيل والسروج وَمَا لَهُ على الشَّام من الْعين وَالْغلَّة وَالْغنم ثمَّ رَأَيْت أوراقاً بِيَدِهِ فِيهَا كلفته وَهِي ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ قَائِمَة بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي أمره من جملَة ذَلِك طبلاً باز ذَهَبا صرفا زنتهما ألف مِثْقَال والقباء العفير الَّذِي يلْبسهُ آخرا قَالَ لي النشو إِنَّه يتقوم على السُّلْطَان بألفي دِينَار مصرية فِيهِ ألف وَخمْس مائَة دِينَار ثمَّ توجه بعد ذَلِك أَربع مَرَّات فِيمَا أَظن وَفِي كل مرّة يتضاعف لَهُ الإنعام وَزَاد تمكنه وهيبته إِلَى أَن كَانَ أُمَرَاء مصر من الخاصكية يخافونه وَلَقَد حَدثنِي الْأَمِير سيف الدّين قرمشى الْحَاجِب إِن السُّلْطَان قَالَ لَهُ يَا قرمشي لي ثَلَاثِينَ سنة وَأَنا أحاول من النَّاس أَن يفهموا عني مَا أرومه فِي حق الْأَمِير وَلم يفهم النَّاس عني ذَلِك وناموس الْملك يمْنَع من قولي ذَلِك بلساني وَهُوَ أَنِّي لَا أَقْْضِي حَاجَة لأحد إِلَّا على لِسَانه أَو بِشَفَاعَتِهِ ودعا لَهُ بطول الْعُمر فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ بل أَمُوت فِي حَيَاة مَوْلَانَا السُّلْطَان فَلَمَّا أنهى ذَلِك الْأَمِير سيف الدّين قرمشي إِلَى السُّلْطَان قَالَ لَهُ قل لَهُ لَا أَنْت إِذا عِشْت بعدِي نفعتني فِي أَوْلَادِي وحريمي وَأَهلي وَإِذا مت قبلي إيش أعمل مَعَ أولادك أَكثر مَا يكونُونَ أُمَرَاء وَهَا هم(10/261)
الْآن أُمَرَاء فِي حياتك أَو كَمَا قَالَ وَاعْتمد شَيْئا مَا سمعناه عَن غَيره وَهُوَ أَنه كَانَ لَهُ كَاتب لَيْسَ لَهُ شغل وَلَا عمل غير عمل حِسَاب مَا يدْخل خزانته من الْأَمْوَال وَمَا يسْتَقرّ لَهُ فَإِذا حَال الْحول عمل أوراقاً بِمَا يجب عَلَيْهِ صرفه من الزَّكَاة فيأمر بِإِخْرَاجِهِ وَصَرفه إِلَى ذَوي الِاسْتِحْقَاق
وزادت أَمْوَاله وأملاكه عمر الْجَامِع الْمَعْرُوف بِهِ بحكر السماق بِدِمَشْق وَأَنْشَأَ إِلَى جَانِبه تربة وحماماً وَعمر تربة إِلَى جَانب الخواصين لزوجته وَعمر دَارا لِلْقُرْآنِ إِلَى جَانب دَاره دَار الذَّهَب وَأَنْشَأَ بالقدس رِبَاطًا وَعمر الْقُدس وسَاق إِلَيْهِ المَاء وَأدْخلهُ إِلَى الْحرم على بَاب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَعمر بِهِ حمامين وقيسارية مليحة إِلَى الْغَايَة وَعمر بصفد البيمارستان)
الْمَعْرُوف بِهِ وجدد القنوات بِدِمَشْق وَكَانَت مياهها قد تَغَيَّرت وجدد عمائر الْمَسَاجِد
والمدارس ووسع الطرقات بهَا واعتنى بأمرها وَله فِي سَائِر الشَّام آثَار وعمائر وأملاك
وَلم يكن عِنْده دهاء وَلَا لَهُ بَاطِن وَلَا يحْتَمل شَيْئا وَلَا يصبر على أَذَى وَلم يكن عِنْده مداراة لِلْأُمَرَاءِ وَلَا يرفع بهم رَأْسا وَكَانَ النَّاس فِي أَيَّامه آمِنين على أَمْوَالهم ووظائفهم وَكَانَ فِي كل سنة يتَوَجَّه إِلَى الصَّيْد بالعسكر إِلَى نواحي الْفُرَات وعدي بعض فِي السفرات الْفُرَات وَأقَام فِي ذَلِك الْبر خَمْسَة أَيَّام يتصيد وَكَانَ النَّاس ينجفلون قدامه إِلَى بِلَاد توريز وسلطانية وَكَذَلِكَ بِلَاد ماردين وبلاد سيس وَكَانَ مَا لَهُ غَرَض غير الْحق وَالْعَمَل بِهِ ونصرة الشَّرْع خلا أَنه كَانَ بِهِ سَوْدَاء يتخيل بهَا الْأَمر فَاسِدا ويبنى عَلَيْهِ فَهَلَك بذلك أنَاس وَلَا يقدر أحد من مهابته يُوضح لَهُ الصَّوَاب وَلَا يَقُول لَهُ الْحق فِيمَا يَفْعَله وَكَانَ إِذا غضب لَا سَبِيل لَهُ إِلَى الرضى وَلَا الْعَفو وَإِذا بَطش بَطش بَطش الجبارين وَيكون الذَّنب يَسِيرا نزراً فَلَا يزَال يكبره ويزيده ويوسعه إِلَى أَن يخرج فِيهِ عَن الْحَد وَرَأَيْت من سعادته أَشْيَاء مِنْهَا إِذا غضب على أحد فِي الْغَالِب لَا يزَال فِي خمول وتعاسة إِلَى أَن يَمُوت قَالَ القَاضِي شرف الدّين أَبُو بكر ابْن الشهَاب مَحْمُود وَالله مازلت فِي هم وَخَوف وتوقع لمثل هَذَا حَتَّى أمسك وَمَات وَمَا غضب على أحد ثمَّ رَضِي عَلَيْهِ حكى لي قوام الدّين أَحْمد بن أبي الفوارس الْبَغْدَادِيّ قَالَ قلت لَهُ يَوْمًا وَالله يَا خوند أَنا رَأَيْت أكبر مِنْك أكبر وَأكْثر أَمْوَالًا مِنْك فَلَمَّا سمع هَذَا الْكَلَام تنمر وَقَالَ لي بغيظ من رَأَيْت أكبر مني وَأكْثر مَالا فَقلت لَهُ خربندا وجوبان وبو سعيد فَلَمَّا سمع ذَلِك سكن غيظه ثمَّ قلت لَهُ إِلَّا أَنهم لم تكن الرعايا تحبهم هَكَذَا وَلَا يدعونَ لَهُم مِثْلَمَا يَدْعُو رعاياك لَك وَلَا كَانَت رعاياهم فِي هَذَا الْأَمْن وَهَذَا الْعدْل فَقَالَ لي يَا فلَان أَي لَذَّة للْحَاكِم إِذا لم يكن رعاياه آمِنين مُطْمَئِنين
وَمن إيثاره للعدل أَنه كَانَ يَوْمًا يَأْكُل مَعَه بعض خواصه أنسيت اسْمه فَنظر إِلَى أسبعه مربوطة فَسَأَلَهُ عَن السَّبَب فَأنكرهُ فَم يزل بِهِ حَتَّى قَالَ يَا خوند وَاحِد قواس عمل قوساً ثَلَاث مَرَّات فأغاظني فلكمته فَلَمَّا سمع كَلَامه الْتفت عَن الطَّعَام وَقَالَ أقيموه ورماه وضربه على مَا قيل أَربع مائَة عَصا وَقطع إقطاعه وَبَقِي غَضْبَان عَلَيْهِ سِنِين حَتَّى شفع فِيهِ فَرضِي عَلَيْهِ وَقَالَ لي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن كوندك دواداره بعد موت تنكز بسنين وَالله مَا رَأَيْته مُدَّة مَا كنت فِي خدمته غافلاً عَن نَفسه فِي وَقت من الْأَوْقَات وَلَا أرَاهُ إِلَّا كَأَنَّهُ وَاقِف بَين يَدي)
الله تَعَالَى وَمَا كَانَ يَخْلُو ليله من قيام إِلَّا بِوضُوء جَدِيد أَو كَمَا قَالَ وَكَانَ الشَّيْخ حسن بن دمرتاش قد أهمه(10/262)
أمره وخافه فَيُقَال إِنَّه تمم عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان وَقَالَ لَهُ إِنَّه قصد الْحُضُور إِلَى عِنْدِي والخامرة عَلَيْك فتنكر السُّلْطَان وَكَانَ ذَلِك وهم فِي عزم حُضُور الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَسيف الدّين يلبغا اليحيوي وَعشْرين أَمِيرا من الخاصكية ببنتي السُّلْطَان من مصر إِلَى دمشق ليزوجوهما بولدي الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَبعث يَقُول يَا خوند إيش الْفَائِدَة فِي حُضُور هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء الْكِبَار إِلَى دمشق والبلاد الساحلية فِي هَذِه السّنة ممحلة وَيحْتَاج الْعَسْكَر إِلَى كلفة عَظِيمَة أَنا أحضر بولدي إِلَى الْبَاب وَيكون الدُّخُول هُنَاكَ فَجهز إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طاجار الدوادار وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يسلم عَلَيْك وَيَقُول لَك إِنَّه مَا بَقِي يطلبك إِلَى مصر وَلَا يُجهز إِلَيْك أَمِيرا كَبِيرا حَتَّى لَا تتوهم فَقَالَ أَنا أتوجه مَعَك بأولادي إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لَو وصلت إِلَى بلبيس ردك وَأَنا أكفيك هَذَا المهم وَبعد ثَمَانِيَة أَيَّام أكون عنْدك بتقليد جَدِيد وإنعام جَدِيد فلبثه بِهَذَا الْكَلَام وَلَو كَانَ توجه إِلَى السُّلْطَان كَانَ كَانَ خيرا لَهُ وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَكَانَ أهل دمشق فِي تِلْكَ الْمدَّة قد أرجفوا بِأَنَّهُ قد عزم على التَّوَجُّه إِلَى بِلَاد التتار فَوَقع ذَلِك الْكَلَام فِي سمع طاجار الدوادار وَكَانَ قد عَامله تنكز فِي هَذِه الْمدَّة مُعَاملَة لَا تلِيق بِهِ فَتوجه من عِنْده مغضباً وَكَأَنَّهُ حرف الْكَلَام وَالله أعلم فَتغير السُّلْطَان تغيراً عَظِيما وجرد خَمْسَة آلَاف فَارس أَو عشرَة مقدمهم بشتاك وَحلف عَسْكَر مصر أجمع وَخَافَ وجهز على الْبَرِيد إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر نَائِب صفد يَأْمُرهُ بالتوجه إِلَى دمشق لقبض تنكز وَكتب إِلَى الْحَاجِب وَإِلَى الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وَإِلَى الْأُمَرَاء بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَقَالَ إِن قدرتم على تعويقه عَن التَّوَجُّه فَهُوَ المُرَاد والعساكر تصل إِلَيْكُم من مصر فوصل الْأَمِير سيف الدّين طشتمر الظّهْر إِلَى المزة وجهز إِلَى الْأَمِير سيف الدّين الفخري وَكَانَ دواداره قد وصل بكرَة النَّهَار وَاجْتمعَ بالأمراء فاتفقوا وَتوجه الْأَمِير سيف الدّين اللمش الْحَاجِب إِلَى القابون ووعر الطَّرِيق وَرمى الأخشاب فِيهَا وَالْجمال وأحمال التِّبْن وَقَالَ للنَّاس إِن غَرِيم السُّلْطَان يعبر السَّاعَة عَلَيْكُم فَلَا تمكنوه وَركب الْأُمَرَاء واجتمعوا على بَاب النَّصْر هَذَا كُله وَهُوَ فِي غَفلَة عَمَّا يُرَاد بِهِ ينْتَظر وُرُود طاجار الدوادار وَكَانَ قد خرج ذَلِك النَّهَار إِلَى الْقصر الَّذِي بناه فِي القطائع عِنْد حريمه فَتوجه إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين قرمشي وعرفه بوصول الْأَمِير طشتمر فبهت لذَلِك وَسقط فِي يَده فَقَالَ لَهُ مَا)
الْعَمَل قَالَ ندخل إِلَى دَار السَّعَادَة فَحَضَرَ وَدخل إِلَى دَار السَّعَادَة وغلقت أَبْوَاب الْمَدِينَة
وَأَرَادَ اللّبْس والمحاربة ثمَّ إِنَّه علم أَن النَّاس ينهبون ويلعب السَّيْف فِي دمشق فآثر إخماد الْفِتْنَة وَأَن لَا يجرد سِلَاحا وأشاروا عَلَيْهِ بِالْخرُوجِ فَجهز إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر
وَقَالَ لَهُ فِي أَي شَيْء جِئْت ادخل إِلَيّ فَقَالَ أَنا جئْتُك رَسُولا من عِنْد أستاذك فَإِن خرجت إِلَيّ قلت لَك مَا قَالَ لي وَإِن رحت إِلَى مطلع الشَّمْس تبعتك وَلَا أرجع إِلَّا إِن مَاتَ أَحَدنَا وَالْمَدينَة مَا أَدخل إِلَيْهَا فَخرج إِلَيْهِم وعاين الْهَلَاك فاستسلم وَأخذ سَيْفه وَقيد خلف مَسْجِد الْقدَم وجهز إِلَى السُّلْطَان وجهز مَعَه الْأَمِير ركن الدّين بيبرس السِّلَاح دَار الْعَصْر ثَالِث عشْرين ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة وتأسف أهل دمشق عَلَيْهِ وَيَا طول أسفهم فسبحان مزيل النعم الَّذِي لَا يَزُول ملكه وَلَا يتَغَيَّر عزه وَلَا تطرأ عَلَيْهِ الْحَوَادِث وَلَقَد رَأَيْته بعيني فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة(10/263)
وَقد خرج لَهُ السُّلْطَان فِي أمرائه وَأَوْلَاده إِلَى بِئْر الْبَيْضَاء يتلقاه فَلَمَّا قاربه ترجل لَهُ وَقبل رَأسه وضمه إِلَيْهِ وَبَالغ فِي إكرامه بَعْدَمَا كَانَ يَجِيء إِلَيْهِ أَمِير بعد أَمِير وَيسلم عَلَيْهِ ويبوس يَده وركبته رَاجِلا والأمير سيف الدّين قوصون جَاءَ إِلَى تلقيه إِلَى منزلَة الصالحية وَأما الإنعامات الَّتِي كَانَ يفيضها عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السّنة من الرمل فِي كل يَوْم وَإِلَى أَن خرج فِي مُدَّة تقَارب الْخمسين يَوْمًا فشيء خَارج عَن الْحَد وَلَقَد رَأَيْته وَهُوَ فِي الصَّيْد تِلْكَ السّنة بالصعيد وَقد جَاءَ إِلَيْهِ السُّلْطَان وقدامه المراء ملك تمر الْحِجَازِي ويلبغا اليحيوي والطنبغا المارداني وآقسنقر وَآخر أنسيته الْآن وعَلى يَد كل وَاحِد مِنْهُم طير من الْجَوَارِح فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير أَنا أَمِير شكارك وَهَؤُلَاء بازداريتك وَهَذِه طيورك فَأَرَادَ النُّزُول ليبوس الأَرْض فَمَنعه ثمَّ رَأَيْته بعيني يَوْم أمسك وَقيد والحداد يقيمه ويقعده أَربع مَرَّات والعالم واقفون أَمَامه فَكَانَ ذَلِك عِنْدِي عِبْرَة عَظِيمَة واحتيط على حواصله وأودع طغاي وجنغاي مملوكاه فِي القلعة وَبعد مُدَّة يسيرَة حضر الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وطاجار الدوادار والحاج أرقطاي وتتمة عشرَة أُمَرَاء ونزلوا الْقصر الأبلق وَحَال وصولهم حلفوا الْأُمَرَاء وشرعوا فِي عرض حواصله وأخرجوا ذخائره وودائعه وَتوجه بشتاك إِلَى مصر وَمَعَهُ من مَاله ثَلَاث مائَة ألف وَسِتَّة وَثَلَاثُونَ ألف دِينَار مصرية وَألف ألف وَخمْس مائَة ألف دِرْهَم وجواهر بلخش أَحْجَار مثمنة وَقطع غَرِيبَة ولؤلؤ غَرِيب الْحبّ وطرز زركش وكلوتات زركش وحوايص ذهب بجامات مرصعة وأطلس وَغَيره من القماش مَا كَانَ جملَته ثَمَان مائَة حمل)
وَأقَام بعده برسبغا وَتوجه بَعْدَمَا استخلص من النَّاس وَمن بقايا أَمْوَال تنكز وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ ألف دِينَار وَألف ألف وَمِائَة ألف دِرْهَم وَأخذ مماليكه وجواريه وخيله المثمنة إِلَى مصر وَأما هُوَ فَإِنَّهُ جهز إِلَى إسكندرية وَحبس بهَا مُدَّة دون الشَّهْر ثمَّ قضى الله تَعَالَى فِيهِ أمره يُقَال إِن الْمُقدم إِبْرَاهِيم ابْن صابر توجه إِلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ وَمَات وَصلى عَلَيْهِ أهل الْإسْكَنْدَريَّة وقبره الْآن يزار ويدعى عِنْده رَحمَه الله تَعَالَى
(فَكَأَنَّهُ برق تألق بالحمى ... ثمَّ انطوى فَكَأَنَّهُ لم يلمع)
ثمَّ ورد مرسوم السُّلْطَان بتقويم أملاكه فَعمل ذَلِك بالعدول وأرباب الْخِبْرَة وشهود الْقيمَة وَحَضَرت بذلك محَاضِر إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء لتجهز إِلَى السُّلْطَان فنقلت مِنْهُ مَا صورته دَار الذَّهَب بمجموعها واسطبلاتها سِتّ مائَة ألف دِرْهَم دَار الزمرد مِائَتَا ألف وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم دَار الزردكاش وَمَا مَعهَا مِائَتَا ألف وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم الدَّار الَّتِي بجوار جَامعه بِدِمَشْق مائَة ألف دِرْهَم الْحمام الَّتِي بجوار الْجَامِع مائَة ألف دِرْهَم خَان الْعَرَصَة مائَة ألف وَخَمْسُونَ ألف دِرْهَم اسطبل حكر السماق عشرُون ألف دِرْهَم الطَّبَقَة الَّتِي بجوار حمام ابْن يمن أَرْبَعَة آلَاف وَخمْس مائَة دِرْهَم قيسارية المرحليين مِائَتَا ألف وَخَمْسُونَ ألف دِرْهَم الفرن والحوش بالقنوات من غير أَرض عشرَة آلَاف دِرْهَم حوانيت التَّعْدِيل ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم الأهراء من اسطبل بهادر آص عشرُون ألف دِرْهَم خَان الْبيض وحوانيته مائَة ألف وَعشرَة آلَاف دِرْهَم حوانيت بَاب الْفرج خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم حمام القابون عشرُون ألف دِرْهَم حمام الْقصير الْعمريّ سِتَّة آلَاف دِرْهَم الدهشة وَالْحمام مِائَتَا ألف وَخَمْسُونَ ألف دِرْهَم بُسْتَان الْعَادِل مائَة ألف وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم(10/264)
بُسْتَان النجيبي وَالْحمام والفرن مائَة ألف وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم بُسْتَان الْحلِيّ بحرستا أَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم الحدائق بهَا مائَة ألف وَخَمْسَة وَسِتُّونَ ألف دِرْهَم بُسْتَان القوصي بهَا سِتُّونَ ألف دِرْهَم بُسْتَان الدردور بزبدين خَمْسُونَ ألف دِرْهَم الجنينة الْمَعْرُوفَة بالحمام بهَا سَبْعَة آلَاف دِرْهَم بُسْتَان الرزاز خَمْسَة وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم الجنينة وبستان غيث بهَا ثَمَانُون ألف دِرْهَم المزرعة الْمَعْرُوفَة بتهامة بهَا سِتُّونَ ألف دِرْهَم مزرعة الرُّكْن البوقي والعنبري مائَة ألف دِرْهَم الْحصَّة بِالدُّفُوفِ الْقبلية بِكفْر بَطنا ثلثاها ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم بُسْتَان السقلاطوني بالمنيحة خَمْسَة وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم حقل البيطارة بهَا خَمْسَة عشر ألف دِرْهَم الفاتكيات والرشيدي والكروم من زملكا مائَة ألف وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم)
مزرعة المرفع بالقابون مائَة ألف وَعشرَة آلَاف دِرْهَم الْحصَّة من غراس غيضة الأعجام عشرُون ألف دِرْهَم نصف الغيضة الْمَعْرُوفَة بزربنة خَمْسَة آلَاف دِرْهَم غراس قَائِم فِي جوَار دَار الجالق ألفا دِرْهَم النّصْف من غراس الهامة ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم الحوانيت الَّتِي قبالة الْجَامِع مائَة ألف دِرْهَم الاسطبلات الَّتِي عِنْد الْجَامِع ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم بيدر زبدين ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم أَرض خَارج بَاب الْفَرح سِتَّة عشر ألف دِرْهَم الْقصر وَمَا مَعَه خمس مائَة ألف وَخَمْسُونَ ألف دِرْهَم ربع القصرين ضَيْعَة مائَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم نصف البيطارية مائَة وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم حِصَّة من البويضا مائَة ألف وَسَبْعَة وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم نصف بوابة مائَة ألف وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم العلائية بعيون الفاسريا ثَمَانُون ألف دِرْهَم حِصَّة دير ابْن عصرون خَمْسَة وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم حِصَّة دوير اللَّبن ألف وَخمْس مائَة دِرْهَم الدَّيْر الْأَبْيَض خَمْسُونَ ألف دِرْهَم التنورية اثْنَان وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم العديل مائَة ألف وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم حوانيت دَاخل بَاب الْفَرح أَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم
الْأَمْلَاك الَّتِي بِمَدِينَة حمص الْحمام بحمص خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم الحوانيت سَبْعَة آلَاف دِرْهَم الرّبع سِتُّونَ ألف دِرْهَم الطاحون الراكبة على العَاصِي ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم زور قبجق خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم الخان مائَة ألف دِرْهَم الْحمام الملاصقة للخان سِتُّونَ ألف دِرْهَم الحوش الملاصق لَهُ ألف وَخَمْسمِائة دِرْهَم المناخ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم الحوش المجاور للخندق ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم حوانيت العريضة ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم الراضي المحتكرة سَبْعَة آلَاف دِرْهَم
بيروت الخان مائَة ألف وَخَمْسَة وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم الحوانيت والفرن مائَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم المصبنة بآلاتها عشرَة آلَاف دِرْهَم الْحمام عشرُون ألف دِرْهَم المسلخ عشرَة آلَاف دِرْهَم الطاحون خَمْسَة آلَاف دِرْهَم قَرْيَة زلايا خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم
الْقرى الَّتِي بالبقاع مرج الصفاء سبع مائَة ألف دِرْهَم التل الْخضر مائَة ألف وَثَمَانُونَ ألف دِرْهَم الْمُبَارَكَة خَمْسَة وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم المسعودية مائَة ألف وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم الضّيَاع الثَّلَاثَة الْمَعْرُوفَة بالجوهري أَربع مائَة ألف وَسَبْعُونَ ألف دِرْهَم السَّعَادَة أَربع مائَة ألف دِرْهَم أبروطيا سِتُّونَ ألف دِرْهَم نصف يبرود والصالحية والحوانيت أَربع مائَة ألف دِرْهَم الْمُبَارَكَة(10/265)
والناصرية مائَة ألف دِرْهَم رَأس المآبيم الروس سَبْعَة وَخَمْسُونَ ألف وَخمْس مائَة دِرْهَم حِصَّة من خربة روق اثْنَان وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم رَأس المَاء والدلي بمزارعها)
خمس مائَة ألف دِرْهَم حمام صرخد خَمْسُونَ ألف دِرْهَم طاحون الفوار ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم السالمية سَبْعَة آلَاف وَخمْس مائَة دِرْهَم طاحون المغار عشرَة آلَاف دِرْهَم قيسارية أَذْرُعَات اثْنَا عشر ألف دِرْهَم قيسارية عجلون مائَة ألف وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم
الْأَمْلَاك بقارا الْحمام خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم الهري سِتّ مائَة ألف دِرْهَم الصالحية والطاحون والأراضي مِائَتَا ألف وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم راسليثا ومزارعها مائَة ألف وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ ألف دِرْهَم القصيبة أَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم القريتين الْمَعْرُوفَة إِحْدَاهمَا بالمزرعة وَالْأُخْرَى بالبينسية تسعون ألف دِرْهَم
هَذَا جَمِيعه خَارج عَمَّا لَهُ من الْأَمْلَاك ووجوه الْبر بصفد وعجلون والقدس الشريف ونابلس والرملة وجلجولية والديار المصرية عمر بصفد بيمارستاناً مليحاً وَله بهَا بعض أوقافه وَعمر بالقدس رِبَاطًا وحمامين وقياسرة وَله بجلجولية خَان مليح إِلَى الْغَايَة أَظُنهُ سَبِيلا وَله بالرملة وَله بِالْقَاهِرَةِ فِي الكافوري دَار عَظِيمَة وحمام وَغير ذَلِك من حوانيت وَلما كَانَ فِي أَوَائِل شهر رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة حضر تابوته من الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى دمشق وَدفن فِي تربته جوَار جَامعه الْمَعْرُوف بإنشائه رَحمَه الله فَقلت فِي ذَلِك
(إِلَى دمشق نقلوا تنكزاً ... فيا لَهَا من آيَة ظَاهره)
(فِي جنَّة الدُّنْيَا لَهُ جثة ... وَنَفسه فِي جنَّة الْآخِرَة)
وَقلت أَيْضا
(فِي نقل تنكز سر ... أَرَادَهُ الله ربه)
(أَتَى بِهِ نَحْو أَرض ... يُحِبهَا وتحبه)
وَقلت كأنني أخاطبه
(أعَاد الله شخصك بعد دهر ... إِلَى بلد وليت فَلم تخنها)
(أَقمت بهَا تدبرها زَمَانا ... وتأمر فِي رعاياها وتنهى)
(فَلَا هَذَا الدُّخُول دخلت فِيهَا ... وَلَا ذَاك الْخُرُوج خرجت مِنْهَا)
وَكنت قلت فِيهِ بَعْدَمَا قبض عَلَيْهِ أرثيه رَحمَه الله تَعَالَى
(كَذَا تسري الخطوب إِلَى الْكِرَام ... وتسعى تَحت أذيال الظلام)
(وتغتال الْحَوَادِث كل لَيْث ... هزبر عَن فريسته محام)
)
(وتبذل بعد عز وَامْتِنَاع ... وُجُوه لم تعرض للطام)
(فكم ملك غَدا فِي الْأَمْن دهراً ... وَآل إِلَى انْتِقَال وانتقام)(10/266)
(إِذا مَا أبرم الْمِقْدَار امراً ... رَأَيْت الصَّقْر من صيد الْحمام)
(وَهل يُرْجَى من الدُّنْيَا وَفَاء ... وَلم تطبع على رعي الذمام)
(إِذا ضَاقَتْ جوانحنا بهم ... توسعه بأنواع السقام)
(أقَال الله عثرتنا فَإنَّا ... رمانا الدَّهْر فِي شَرّ المرامي)
(ورد الله عقبانا لخير ... فقد أَمْسَى الزَّمَان بِلَا زِمَام)
(تنكر يَوْم تنكز كل عرف ... وسام الذل فِينَا كل سَام)
(وَمَال إِلَى الْمنية كل مولى ... وَحَام على الرزية كل حام)
(وأذهل يَوْمه الْأَلْبَاب حَتَّى ... كأنا فِيهِ صرعى بالمدام)
(بَكَيْت دمشق لما غَابَ عَنْهَا ... وأوحش أفقها بدر التَّمام)
(فيا تمزيق شَمل الْعدْل فِينَا ... وَيَا تَفْرِيق ذَاك الإنتظام)
(وَيَا لمصيبة بِدِمَشْق حلت ... شدائدها بأحداث عِظَام)
(فَم من مقلة للحزن تجْرِي ... مدامعها بأَرْبعَة سجام)
(رعاه الله من رَاع أَمِين ... أَنَام بعدله عين الْأَنَام)
(وكف حوادث الْأَيَّام عَنْهُم ... فَلم تطرق حماهم بانتقام)
(وَكَيف ينوبهم خطب ملم ... وناب الدَّهْر نَاب غير تَامّ)
(حنو زَاد فَقَالَ إفراط بر ... يسكن برده لَهب الضرام)
(وتدبير خلا عَن حَظّ نفس ... وناب الرعب فِيهِ عَن الحسام)
(ودست حكمه فِي دَار عدل ... تأيد بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَام)
(وَكم جَبَّار قوم ذِي عتو ... تهيب أَن يرَاهُ فِي الْمَنَام)
(يُسَاوِي عِنْده فِي الْعدْل بَين ال ... كرام الغر والسود اللئام)
(وهيبته سرت شرقاً وغرباً ... وشاعت عَنهُ فِي مصر وشام)
(يراع الْمغل فِي توريز مِنْهُ ... ويطرق أَرضهم فِي كل عَام)
(وَكم قطع الْفُرَات وصاد حَتَّى ... توغل فِي فضا تِلْكَ الموامي)
)
(إِذا مَا قيل هَذَا اللَّيْث وافى ... مضوا هربا كأمثال النعام)
(فرائسه فرائصها ترَاهَا ... دوامي لَا تزَال على الدَّوَام)
(وَلم نر قبله ليثاً أَتَتْهُ ... أفاعي الْقَيْد تنذر بالحمام)
(وَقد رقت لَهُ فتئن حزنا ... عَلَيْهِ فِي الْقعُود وَفِي الْقيام)
(أَلا فَاذْهَبْ سقيت أَبَا سعيد ... فقد روى زَمَانك كل ظام)(10/267)
(فَأَنت وَدِيعَة الرَّحْمَن منا ... تحوطك فِي الرحيل وَفِي الْمقَام)
(وليت فَلم تخن لله عهدا ... وَلم تجذبك فِيهِ عرى الملام)
(حاشا أَن يراك الله يَوْمًا ... تعديت الْحَلَال إِلَى الْحَرَام)
(ونلت من السَّعَادَة والمعالي ... منالاً حَاز غايات المرام)
(وَكنت تحب نور الدّين طبعا ... لأنكما سَوَاء فِي الْتِزَام)
(رعيت كَمَا رعى وحميت مَا قد ... حمى نفديك من رَاع وَحَام)
(وَكنت إِذا دجا ليل القضايا ... وَكَانَت من مهمات جسام)
(تفرجها بقول مِنْك فصل ... لِأَن القَوْل مَا قَالَت حذام)
تنكز بغا الْأَمِير سيف الدّين مشد الشرابخاناه اشْتهر وَذكر فِي أَيَّام النَّاصِر حسن وَلما أمسك الْوَزير منجك وَجرى مَا جرى أعطي إمرة مائَة وتقدمة ألف واختص بالسلطان الْملك النَّاصِر وَصَارَت لَهُ الْمنزلَة الْعَالِيَة فَخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي وطاز على السُّلْطَان وركبا إِلَى قبَّة النَّصْر وجهر إِلَيْهِ أَن جهز إِلَيْنَا النمجا وتنكز بغا فَجهز مَا طلبوه وخلعوه وَجرى مَا جرى ثمَّ إِن الصَّالح أفرج عَنهُ وَحضر مَعَه إِلَى الشَّام فِي نوبَة بيبغا وَتوجه مَعَه عَائِدًا وَلما وصل إِلَى مصر رسم لَهُ بإمرة طبلخاناه مائَة فَارس وتقدمة ألف وَعظم شَأْنه وارتفع قدره فِي الْأَيَّام الناصرية حسن فِي الْمرة الثَّانِيَة وَعين لنيابة الشَّام فِي إخماد ذَلِك ثمَّ إِنَّه تعلل وَمرض وطالت علته فَصَارَ يقوم تَارَة وَيَقَع وَيصِح تَارَة ويسقم إِلَى أَن ورد الْخَبَر بوفاته رَحمَه الله تَعَالَى فِي شَوَّال سنة تسع وَخمسين وَسبع مائَة
(الألقاب)
التنوخي أَبُو عَليّ المحسن بن عَليّ القَاضِي الأديب
القَاضِي التنوخي عَليّ بن المحسن)
التنوخي الْحَنَفِيّ عَليّ بن مُحَمَّد
التهامي الشَّاعِر اسْمه عَليّ بن مُحَمَّد بن فَهد
(توبل الشهرزوري)
توبل ابْن الْأَمِير بهاء الدّين الشهرزوري من أُمَرَاء دمشق كَانَ من(10/268)
الْأَبْطَال الشجعان والفرسان الْمَعْدُودين اسْتشْهد يَوْم المصاف يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر شهر رَجَب سنة ثَمَانِينَ وست مائَة ظَاهر حمص بعد أَن قَاتل قتالا كثيراُ وأنكى فِي الْعَدو نكايات كَثِيرَة وَقتل مِنْهُم عدَّة وافرة بِيَدِهِ وَكَانَ قد نَيف على السِّتين رَحمَه الله تَعَالَى
(تَوْبَة)
3 - (تَوْبَة بن الْحمير)
تَوْبَة بن الْحمير الخفاجي أحد المتيمين صَاحب ليلى الأخيلية وسوف يَأْتِي ذكرهَا فِي حرف اللَّام فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ يهوى ليلى فَخَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَأبى أَن يُزَوجهُ وَزوجهَا فِي بني الأولغ فَكَانَ يكثر زيارتها فشكوه إِلَى قومه فَلم يقْلع فشكوه إِلَى السُّلْطَان فأهدر دَمه إِن أَتَاهُم فَعلمت بذلك ليلى ثمَّ إِن قَومهَا كمنوا لَهُ فِي الْموضع الَّذِي يلقاها فِيهِ فَلَمَّا جَاءَ خرجت إِلَيْهِ سافرة حَتَّى جَلَست فِي طَرِيقه فَلَمَّا رَآهَا سافرة فطن لما أَرَادَت وركض فرسه وَنَجَا وَقَالَ قصيدته الَّتِي أَولهَا
(نأتك بليلى دارها لَا تزورها ... وشطت نَوَاهَا وَاسْتمرّ مريرها)
مِنْهَا
(وَكنت إِذا مَا جِئْت ليلى تبرقعت ... فقد رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاة سفورها)
ثمَّ إِن تَوْبَة قتلته بَنو عَوْف بن عقيل فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ فَقَالَت ليلى ترثيه
(نظرت ودوني من عِمَامَة منْكب ... وبطن الرِّدَاء أَي نظرة نَاظر)
(وتوبة أحيى من فتاة حيية ... وأجرأ من لَيْث بخفان خادر)
(وَنعم فَتى الدُّنْيَا وَإِن كَانَ فَاجِرًا ... وَنعم الْفَتى إِن كَانَ لَيْسَ بفاجر)
وَهِي قصيدة طَوِيلَة أوردهَا صَاحب الأغاني كَامِلَة وَلها فِيهِ مراث أخر ثمَّ إِن ليلى أَقبلت من سفر فمرت بِقَبْر تَوْبَة وَمَعَهَا زَوجهَا وَهِي فِي هودج فَقَالَت وَالله لَا أَبْرَح حَتَّى أسلم على تَوْبَة فَجعل الزَّوْج يمْنَعهَا وَهِي تأبى إِلَّا أَن تلم بِهِ فَتَركهَا فَصَعدت أكمة عَلَيْهَا قبر تَوْبَة)
فَقَالَت السَّلَام عَلَيْك يَا تَوْبَة ثمَّ حولت وَجههَا إِلَى الْقَوْم فَقَالَت مَا عرفت لَهُ كذبة قطّ قبل هَذِه فَقَالُوا وَكَيف قَالَت أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل
(وَلَو أَن ليلى الأخيلية سلمت ... عَليّ ودوني جندل وصفائح)(10/269)
(لسلمت تَسْلِيم البشاشة أوزقا ... إِلَيْهَا صدى من جَانب الْقَبْر صائح)
(وأغبط من ليلى بِمَا لَا أناله ... أَلا كل مَا قرت بِهِ الْعين صَالح)
فَمَا باله لم يسلم عَليّ كَمَا قَالَ وَكَانَت إِلَى جَانب الْقَبْر بومة كامنة فَلَمَّا رَأَتْ الهودج واضطرابه فزعت وطارت فِي وَجه الْجمل فنفر فَرمى بليلى على رَأسهَا فَمَاتَتْ من وَقتهَا فدفنت إِلَى جَانِبه قلت مَا كذب بعد مَوته لِأَنَّهُ قَالَ أَو زقا إِلَيْهَا صدى من جَانب الْقَبْر
والصدى هُوَ ذكر البوم وَهَذَا من عجائب الاتفاقات ولتوبة بن الْحمير قصَّة مَعَ مَالك بن الريب الْمَازِني اللص الشَّاعِر سَوف يَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة مَالك وَأما ليلى الأخيلية فَيَأْتِي لَهَا تَرْجَمَة مُفْردَة فِي حرف اللَّام
3 - (الصاحب تَقِيّ الدّين)
تَوْبَة بن عَليّ بن مهَاجر بن شُجَاع بن تَوْبَة الصاحب تَقِيّ الدّين أَبُو الْبَقَاء الربعِي التكريتي الْمَعْرُوف بِالْبيعِ ولد يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَة سنة عشْرين وست مائَة وتعانى التِّجَارَة وَالسّفر وَعرف السُّلْطَان حَال إمرته وعامله وخدمه فَلَمَّا تسلطن مخدومه الْملك الْمَنْصُور ولاه وزارة الشَّام ثمَّ عَزله ثمَّ ولي وصودر غير مرّة ثمَّ يُسلمهُ الله تَعَالَى وَكَانَ مَعَ ظلمه فِيهِ مُرُوءَة وَحسن إِسْلَام وتقرب إِلَى أهل الْخَيْر وَعدم خبث وَله همة عالية وَفِيه سماحة وَحسن خلق ومزاح واقتنى الْخَيل المسومة وَبنى الدّور الْحَسَنَة وَاشْترى المماليك الملاح وَعمر لنَفسِهِ تربة كَبِيرَة تصلح للْملك وَبهَا دفن لما مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة وَحضر جنَازَته ملك الْأُمَرَاء والقضاة يُقَال عَنهُ أَنه كَانَ عِنْده مَمْلُوك مليح اسْمه أقطوان فَخرج لَيْلَة يسير وأقطوان خَلفه إِلَى وَادي الربوة فَمر على مسطول وَهُوَ نَائِم فَلَمَّا أحس بركض الْخَيل فتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ يَا الله تَوْبَة فَقَالَ والك يَا أبلم إيش تعْمل بتوبة وَاحِد شيخ نحس أطلب مِنْهُ أقطوان أحب إِلَيْك ولشمس الدّين بن مَنْصُور موقع غَزَّة فِيهِ وَقد أُعِيد إِلَى الوزارة وَقد مر ذَلِك بِسَنَدِهِ فِي تَرْجَمته فِي المحمدين
(عتبت على الزَّمَان وَقلت مهلا ... أَقمت على الْخَنَا ولبست ثَوْبه)
)
(ففاق من التجاهل والتعامي ... وَعَاد إِلَى التقى وأتى بتوبه)
ونقلت من خطّ عَلَاء الدّين عَليّ بن مظفر الوداعي مَا كتبه إِلَى الصاحب تَقِيّ الدّين وَقد سقط من على حصان
(فَدَيْنَاك لَا تخش من وقْعَة ... فَإِن وقوعك للْأَرْض فَخر)
(سُقُوط الْغَمَام بفصل الرّبيع ... فَفِي الْبر بر وَفِي الْبَحْر در)(10/270)
وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا وَمن خطه نقلت
(لَا تخف يَا أَيهَا الصا ... حب من وَقع الحصان)
(أَنْت غيث وَوُقُوع الغي ... ث من خصب الزَّمَان)
وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا ونقلته من خطه
(إِنِّي حَلَفت يَمِينا ... لم آتٍ فِيهَا بحوبه)
(مذ أقعدتني اللَّيَالِي ... لَا قُمْت إِلَّا بتوبه)
3 - (التكريتي الزَّاهِد)
تَوْبَة بن أبي البركات التكريتي صَاحب الشَّيْخ عبد الله اليونيني فَقير صَالح كَبِير الْقدر حدث عَن ابْن طبرزد قَالَ السَّيْف ابْن الْمجد كَانَ تَوْبَة أحد من يشار إِلَيْهِ بالزهد صحب الشَّيْخ عبد الله ولازمه وَكَانَ يُكرمهُ ويأنس بِهِ وَينزل إِذا قدم فِي مغارته على جبل الصوان بقاسيون
وَقَالَ ابْن الْعِزّ عمر الْخَطِيب حَدَّثتنِي فَاطِمَة بنت أَحْمد بن يحيى ابْن أبي الْحُسَيْن الزَّاهِد قَالَت حَدَّثتنِي أُمِّي ربيعَة بنت الشَّيْخ تَوْبَة أَنَّهَا كَانَت تقعد فِي اللَّيْل فتجد والدها قَاعد وَهُوَ يَقُول يَا سَيِّدي اغْفِر لعبيدك قَالَت وَكَانَت أُمِّي ربيعَة ترجف وَقَالَت كنت أحكي للنَّاس كرامات الشَّيْخ فرأيته فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول كم تهتكيني وسل عَليّ سَيْفا فَبَقيت أرجف وَمَا عدت أجسر أَن أحكي عَنهُ شَيْئا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مائَة
3 - (تَوْبَة بن كيسَان)
أَبُو الْمُوَرِّع الْعَنْبَري روى عَن أنس بن مَالك وَأبي بردة بن مُوسَى وَعَطَاء بن يسَار وَنَافِع وَالشعْبِيّ وَغَيرهم كَانَ صَاحب بدادة توفّي بالطاعون فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة بالضبع وَهُوَ مَكَان عَن الْبَصْرَة يَوْمَيْنِ وَكَانَ ثِقَة روى عَنهُ الثَّوْريّ وَشعْبَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَغَيرهم
(توران شاه)
3 - (الْمُعظم صَاحب الْيمن)
توران شاه الْملك الْمُعظم شمس الدولة بن أَيُّوب أَخُو(10/271)
السُّلْطَان صَلَاح الدّين سيف الدّين وَكَانَ يلقب فَخر الدّين كَانَ أسن من صَلَاح الدّين وَكَانَ يرجحه على نَفسه وسيره سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة إِلَى بِلَاد النّوبَة ليفتحها فَلَمَّا قدمهَا وجدهَا لَا تَسَاوِي التَّعَب فَرجع بغنائم كَثِيرَة ورقيق ثمَّ أرْسلهُ إِلَى الْيمن وَبهَا عبد النَّبِي بن مهْدي قد استولى على أَكثر الْيمن فَقَدمهَا وظفر بِعَبْد النَّبِي وَقَتله وَملك مُعظم الْيمن وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين مَكَانَهُ وَكَانَ سَمحا جواداً ثمَّ إِنَّه قدم دمشق سنة إِحْدَى وَسبعين وَخمْس مائَة فِي آخرهَا وَقد تمهدت لَهُ مملكة الْيمن لكنه كره الْمقَام بهَا وحن إِلَى الشَّام وثماره وَكَانَ قد جَاءَهُ رَسُول من أَخِيه صَلَاح الدّين يرغبه فِي الْمقَام بِالْيمن فَلَمَّا أدّى الرسَالَة طلب ألف دِينَار وَقَالَ لغلام امْضِ إِلَى السُّوق واشتر لي بهَا قِطْعَة ثلج فَقَالَ من أَيْن هُنَا ثلج فَقَالَ لَهُ فاشتر بهَا طبق مشمش فَقَالَ من أَيْن يُوجد ذَلِك فَأخذ يذكر لَهُ أَنْوَاع الْفَوَاكِه والغلام يَقُول مَا يُوجد فَقَالَ الْمُعظم للرسول لَيْت شعري مَا أصنع بالأموال إِذا لم أنتفع بهَا فِي شهواتي وَرجع الرَّسُول فَأذن لَهُ صَلَاح الدّين فِي الْقدوم وَكتب إِلَيْهِ صَلَاح الدّين من إنْشَاء القَاضِي الْفَاضِل
(لَا تضجرن مِمَّا أبث فَإِنَّهُ ... صدر لأسرار الصبابة ينفث)
(أما فراقك واللقاء فَإِن ذَا ... مِنْهُ أَمُوت وَذَاكَ مِنْهُ أبْعث)
(حلف الزَّمَان على تفرق شملنا ... فَمَتَى يرق لنا الزَّمَان وَيحنث)
(حول الْمضَاجِع كتبكم فكأنني ... ملسوعكم وَهِي الرقاة النفث)
(كم يلبث الْجِسْم الَّذِي مَا نَفسه ... فِيهِ وَلَا أنفاسه كم يلبث)
فَلَمَّا قدم دمشق استنابه بهَا صَلَاح الدّين لما رَجَعَ إِلَى مصر ثمَّ انْتقل توران شاه إِلَى مصر سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة وَكَانَت وَفَاته بالإسكندرية فِي صفر سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة فنقلته شقيقته سِتّ الشَّام ودفنته فِي مدرستها الْمَعْرُوفَة بهَا فِي دمشق
قَالَ ابْن الْأَثِير وَلما قدم من الْيمن وَعمل بنيابة دمشق ملك بعلبك ثمَّ عوضه أَخُوهُ عَنْهَا بالإسكندرية إقطاعاً فَذهب إِلَيْهَا وَكَانَ لَهُ أَكثر بِلَاد الْيمن ونوابه هُنَالك يحملون إِلَيْهِ الْأَمْوَال من زبيد وعدن وَمَا بَينهمَا)
وَكَانَ أَجود النَّاس وأسخاهم كفا يخرج كل مَا يحمل إِلَيْهِ من الْبِلَاد وَمَعَ هَذَا مَاتَ وَعَلِيهِ نَحْو مِائَتي ألف دِينَار فوفاها أَخُوهُ صَلَاح الدّين عَنهُ وَكَانَ منهمكاً على اللَّهْو واللعب وَفِيه شَرّ وظلم(10/272)
وَقَالَ الْمُهَذّب مُحَمَّد بن عَليّ الخيمي رَأَيْت فِي النّوم شمس الدولة توران شاه بعد مَوته فمدحته بِأَبْيَات وَهُوَ فِي الْقَبْر فلف كَفنه وَرمى بِهِ إِلَيّ وَقَالَ
(لَا تستقلن مَعْرُوفا سمحت بِهِ ... مَيتا فَأَصْبَحت مِنْهُ عاري الْبدن)
(وَلَا تَظنن جودي شانه بخل ... من بعد بذلي ملك الشَّام واليمن)
(إِنِّي خرجت من الدُّنْيَا وَلَيْسَ معي ... من كل ملكت كفي سوى كفني)
وَلما جهز السُّلْطَان صَلَاح الدّين أَخَاهُ شمس الدولة توران شاه إِلَى غَزْو بِلَاد النّوبَة وَنزل على قلعة أبريم وافتتحها بعد ثَلَاثَة أَيَّام وغنم جَمِيع مَا كَانَ فِيهَا وَكتب بذلك إِلَى السُّلْطَان أنْشد أَبُو الْحسن ابْن الذروي قصيدة مِنْهَا
(فَقدم الْعَزْم فَذا مبتداً ... يقصر ملك الأَرْض عَن منتهاه)
(واسحب ذيول الْجَيْش حَتَّى أرى ... أنجمه طالعةً عَن دجاه)
(سواك من ألْقى عَصَاهُ بهَا ... قناعةً لما اسْتَقَرَّتْ نَوَاه)
(عَلَيْك بالروم ودع صَاحب ال ... تَاج إِذا شِئْت وتوران شاه)
(فقد غَدَتْ أبريم فِي ملكه ... تبرم أمرا فِيهِ كبت العداه)
(لَا بُد للنوبة من نوبَة ... ترضي بسخط الْكفْر دين الْإِلَه)
(تظل من سوبة منسوبةً ... لعزمه كامنةً فِي أناه)
(يكسو الْغُزَاة القاطني أرْضهَا ... مَا نسجت للحرب أَيدي الغزاه)
(سود وتحمر الظبى حولهَا ... كأعين الرمد بَدَت للأساه)
(أَولا فسمر تحتميها القنا ... مثل دنان بزلتها السقاه)
(لله جَيش مِنْك لَا ينثني ... إِلَّا بنصر دميت شفرتاه)
(مَا بَين عقبان وَلكنهَا ... خيل وفرسان كَمثل البزاه)
(آساد حَرْب فَوق أَيْديهم ... أساود الطعْن فهم كالحواه)
(تقلدوا الْأَنْهَار واستلأموا ال ... غُدْرَان فالنيران تجْرِي مياه)
)
3 - (ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْكَبِير)
توران شاه هُوَ الْملك الْمُعظم أَبُو المفاخر آخر من بَقِي من إخْوَته ولد سنة سبع وَسبعين وَخمْس مائَة وَسمع بِدِمَشْق من يحيى الثَّقَفِيّ وَابْن صَدَقَة الْحَرَّانِي وَأَجَازَ لَهُ عبد الله بن بري النَّحْوِيّ وَغَيره وانتقى لَهُ الدمياطي جُزْءا وَحدث بحلب ودمشق وروى عَنهُ الدمياطي وسنقر القضاي وَغَيرهمَا وَكَانَ كَبِير الْبَيْت الأيوبي وَكَانَ النَّاصِر الصَّغِير يحترمه ويجله ويثق بِهِ ويتأدب مَعَه وَكَانَ يتَصَرَّف فِي الخزائن وَالْأَمْوَال والغلمان وَلما(10/273)
استولى التتار على حلب وبذلوا السَّيْف فِيهَا اعْتصمَ بقلعتها وحماها ثمَّ سلمهَا بالأمان وأدركه الْأَجَل على أثر ذَلِك وَلم يكن عدلا وَرُبمَا تعاطى الْمحرم فَإِن الدمياطي يَقُول أخبرنَا فِي حَال الاسْتقَامَة
توفّي فِي سَابِع عشْرين شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَدفن بدهليز دَاره وَله ثَلَاثُونَ سنة
3 - (ابْن الْأَمِير عَبَّاس الْحلَبِي)
الْمَعْرُوف بالشيخ شمس الدّين الزَّاهِد كَانَ من أحسن النَّاس صُورَة فتزهد فِي صباه وَصَحب الشَّيْخ عبد الله اليونيني وَلزِمَ الْعِبَادَة فَبنى لَهُ أَبوهُ الزاوية الْمَعْرُوفَة بِهِ بِظَاهِر حلب وَكَانَ صَاحب أَحْوَال ورياضات وجد وَكَانَ يُسمى عروس الشَّام قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِنَّه عمل خلْوَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا بوقية تمر وَخرج مَعَه ثَلَاث تمرات وَقَالَ الشَّيْخ سُلَيْمَان الجعبري مَا رَأَيْت شَيخا أَصْبِر على حمل الْأَذَى من الشَّيْخ شمس الدّين ابْن عَبَّاس وَقَالَ الشَّيْخ خضر بن الأكحل مَا رَأَيْت شَيخا أكْرم أَخْلَاقًا من الشَّيْخ شمس الدّين ابْن عَبَّاس كَانَ يطعم الْفُقَرَاء ويخضع لَهُم ويباسطهم وَكَانَ صَاحب حلب يَجِيء إِلَى عِنْده فَمَا يلْتَفت عَلَيْهِ وَمَا يصدق مَتى يُفَارِقهُ وَكَانَ يمد للْفُقَرَاء الْأَطْعِمَة والحلاوات وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (الْمُعظم بن الصَّالح)
توران شاه بن أَيُّوب بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السُّلْطَان الْملك الْمُعظم غياث الدّين بن الصَّالح نجم الدّين بن الْكَامِل ابْن الْعَادِل لما توفّي الْملك الصَّالح وَالِده جمع فَخر الدّين بن الشَّيْخ الْأُمَرَاء وحلفوا لَهُ وَكَانَ بحصن كيفا وسيروا إِلَيْهِ الْفَارِس أقطايا فساق على الْبَريَّة وَعَاد بِهِ على الْبَريَّة لَا يعْتَرض عَلَيْهِ أحد من مُلُوك الشَّام فكاد يهْلك عطشاً وَدخل دمشق بأبهة السلطنة فِي أَوَاخِر رَمَضَان وَنزل القلعة وَأنْفق الْأَمْوَال وأحبه النَّاس ثمَّ سَار إِلَى مصر بعد عيد)
الْأَضْحَى فاتفق كسرة الفرنج خذلهم الله عِنْد قدومه ففرح النَّاس وتيمنوا بِوَجْهِهِ لَكِن بَدَت مِنْهُ أُمُور نفرت النَّاس عَنهُ مِنْهَا أَنه كَانَ فِيهِ خفَّة وطيش وَكَانَ وَالِده الصَّالح يَقُول وَلَدي مَا يصلح للْملك وألح عَلَيْهِ يَوْمًا الْأَمِير حسام الدّين بن أبي عَليّ وَطلب إِحْضَاره من حصن كيفا فَقَالَ أُجِيبهُ إِلَيْهِم يقتلونه فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ أَبوهُ وَقَالَ سعد الدّين ابْن حمويه لما قدم الْمُعظم طَال لِسَان كل من كَانَ خاملاً أَيَّام أَبِيه ووجدوه مختل الْعقل سيء التَّدْبِير دفع خبز فَخر الدّين بن الشَّيْخ بحواصله لجوهر الْخَادِم لالاته وانتظر الْأُمَرَاء أَن يعطيهم كَمَا أعْطى أُمَرَاء دمشق فَلم يرَوا لذَلِك أثرا وَكَانَ لَا يزَال يُحَرك كتفه الْأَيْمن مَعَ نصف وَجهه وَكَثِيرًا مَا يولع بلحيته وَمَتى سكر ضرب الشمع بِالسَّيْفِ وَقَالَ هَكَذَا أفعل بمماليك أبي ويتهدد الْأُمَرَاء بِالْقَتْلِ فشوش قُلُوب الْجَمِيع ومقتوه وصادف بخله(10/274)
قَالَ أَبُو المظفر ابْن الْجَوْزِيّ بَلغنِي أَنه كَانَ يكون على السماط بِدِمَشْق فَإِذا سمع فَقِيها يَقُول مَسْأَلَة قَالَ لَا نسلم يَصِيح بهَا وَمِنْهَا أَنه احتجب عَن أُمُور النَّاس وانهمك على الْفساد مَعَ الغلمان على مَا قيل وَمَا كَانَ أَبوهُ كَذَلِك وَيُقَال إِنَّه تعرض لحظايا أَبِيه وَمِنْهَا أَنه قدم الأراذل وَأخر خَواص أَبِيه وَكَانَ قد وعد الْفَارِس أقطايا لما جَاءَ إِلَيْهِ إِلَى حصن كيفا أَن يؤمره فَمَا وفى لَهُ فَغَضب وَكَانَت شجر الدّرّ زَوْجَة أَبِيه قد ذهبت من المنصورة إِلَى الْقَاهِرَة فجَاء هُوَ إِلَى المنصورة وَأرْسل إِلَيْهَا يتهددها ويطالبها بالأموال فعاملت عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم السَّابِع من الْمحرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وست مائَة ضربه بعض البحرية وَهُوَ على السماط فَتلقى الضَّرْبَة بِيَدِهِ فَذَهَبت بعض أَصَابِعه فَقَامَ وَدخل البرج الْخشب الَّذِي هُنَاكَ وَصَاح من جرحني فَقَالُوا بعض الحشيشية فَقَالَ لَا وَالله إِلَّا البحرية وَالله لأفنينهم وخاط المزين يَده وَهُوَ يتهددهم فَقَالُوا فِيمَا بَينهم تمموه وَإِلَّا أبادنا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فهرب إِلَى أَعلَى البرج فرموا النَّار فِي البرج ورموه بالنشاب فَرمى بِنَفسِهِ وهرب إِلَى النّيل وَهُوَ يَصِيح مَا أُرِيد ملكا دَعونِي أرجع إِلَى حصن كيفا يَا مُسلمين مَا فِيكُم من يصطنعني فَمَا أَجَابَهُ أحد
وَتعلق بذيل الْفَارِس أقطايا فَمَا أجاره وَنزل فِي الْبَحْر إِلَى حلقه ثمَّ قَتَلُوهُ وَبَقِي ملقىً على جَانب النّيل ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى شفع فِيهِ رَسُول الْخَلِيفَة فَوَارَوْهُ وَقيل إِن المَاء كشفه بعد أَيَّام فَركب وَاحِد فِي مركب وَألقى فِي جثته صنارة وجره فِي المَاء مثل السَّمَكَة إِلَى الْجَانِب الآخر من الْبَحْر وَدَفنه وَكَانَ الَّذِي بَاشر قَتله أَرْبَعَة فَلَمَّا قتل خطب على مَنَابِر الشَّام ومصر لأم)
خَلِيل شجر الدّرّ ثمَّ تسلطن الْمعز أيبك التركماني كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته وَلكنه كَانَ قوي الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم حسن الْبَحْث ذكياً قَالَ ابْن وَاصل لما دخل الْمُعظم دمشق قَامَت الشُّعَرَاء فابتدأ شَاعِر فَأَنْشد قصيدة أَولهَا
(قل لنا كَيفَ جِئْت من حصن كيفا ... حِين أرغمت للأعادي أنوفا)
فَقَالَ الْمُعظم فِي الْوَقْت
(الطَّرِيق الطَّرِيق يَا ألف نحس ... مرّة آمنا وطوراً مخوفا)
وَفِيه يَقُول الصاحب جمال الدّين بن مطروح
(يَا بعيد اللَّيْل من سحره ... دايما يبكي على قمره)
(خل ذَا واندب معي ملكا ... ولت الدُّنْيَا على أَثَره)
(كَانَت الدُّنْيَا تطيب لنا ... بَين نَادِيه ومحتضره)
(سلبته الْملك أسرته ... واستووا غدراً على سرره)
(حسدوه حِين فاتهم ... فِي الثَّبَات الغض من عمره)
وَفِيه يَقُول نور الدّين عَليّ بن سعيد(10/275)
(لَيْت الْمُعظم لم يسر من حصنه ... يَوْمًا وَلَا وافى إِلَى أملاكه)
(إِن الطبائع إِذْ رَأَتْهُ مكملاً ... حَسَدْته فاجتمعت على إهلاكه)
قلت كَذَا وجدته وَأَظنهُ العناصر بدل الطبائع وَفِيه يَقُول وَقد خرج من دمشق فَوَقع مطر عَظِيم
(إِن الْمُعظم خير أَمْلَاك الورى ... سرت بِهِ الدُّنْيَا وَتعذر فِيهِ)
(أَو مَا رَأَيْت دمشق يَوْم قدومه ... ضحِكت وَيَوْم وداعه تبكيه)
وَكَانَ ابْن قزل المشد قد كتب إِلَيْهِ وَهُوَ بِدِمَشْق لما جَاءَ من حصن كيفا مُتَوَجها إِلَى الديار المصرية
(يَا أَيهَا الْملك الْمُعظم شانه ... بك أصبح الْإِسْلَام أَي عَظِيم)
(ضاءت بطلعتك الْبِقَاع وأشرقت ... سبل الْهدى وأنار كل بهيم)
(فَالْحَمْد لله الَّذِي رحم الورى ... بأغر وضاح الجبين كريم)
3 - (توزون التركي)
)
كَانَ من خَواص بجكم غدر بالمتقي وَسلمهُ وَكَانَ تعتريه عِلّة الصرع وَلم يحل عَلَيْهِ الْحول بَعْدَمَا فعل ذَلِك بالمتقي وَكَانَ جباراً ظَالِما فَاسِقًا فاتكاً قتل خلقا كثيرا وَأخذ الْأَمْوَال وَهلك فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة وَكَانَت وَفَاته بهيت
3 - (توفيق النَّحْوِيّ)
توفيق بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن زُرَيْق أَبُو مُحَمَّد الأطرابلسي كَانَ جده الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق يتَوَلَّى الثغور من قبل الطائع لله وانتقل ابْنه عبيد الله إِلَى الشَّام وَولد توفيق بطرابلس وَسكن دمشق وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا قَالَ ياقوت وَكَانَ يتهم بقلة الدّين والميل إِلَى مَذْهَب الْأَوَائِل وَتُوفِّي فِي صفر سنة سِتّ عشرَة وَخمْس مائَة وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس وَكَانَ نحوياً أَقرَأ الْعَرَبيَّة وَله معرفَة بِالْحِسَابِ والهندسة وَمن شعره(10/276)
(وجلنار كأعراف الديوك على ... خصر يميس كأذناب الطواويس)
(مثل الْعَرُوس تجلت يَوْم زينتها ... حمر الْحلِيّ على خضر الملابيس)
(فِي مجْلِس بعثت أَيدي السرُور بِهِ ... لَدَى عَرِيش يحاكي عرش بلقيس)
(سقى الحيا أَرْبعا تحيا النُّفُوس بهَا ... مَا بَين مقرى إِلَى بَاب الفراديس)
(الألقاب)
التوزي عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عُثْمَان
توزون الطَّبَرِيّ إِبْرَاهِيم بن أَحْمد
ابْن تومرت المصمودي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن تومرت
التّونسِيّ مجد الدّين اسْمه مُحَمَّد بن قَاسم
ابْن توَلّوا عُثْمَان بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن
(تياذوق الْحَكِيم طَبِيب الْحجَّاج)
تياذوق الْحَكِيم كَانَ طَبِيبا فَاضلا صحب الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ وخدمه بالطب وجد الْحجَّاج فِي رَأسه صداعاً فَقَالَ تياذوق اغسل رجليك بِمَاء حَار وادهنهما فَقَالَ خصي على رَأسه وَالله مَا رَأَيْت طَبِيبا أقل معرفَة مِنْك شكا الْأَمِير صداعاً فِي رَأسه فوصفت لَهُ دَوَاء فِي رجلَيْهِ فَقَالَ أَنْت أكبر دَلِيل على قولي نزعت خصيتاك فَذهب شعر لحيتك فَضَحِك الْحجَّاج وَمن حضر مِنْهُ وشكا الْحجَّاج ضعفا فِي معدته وقصوراً فِي الهضم فَقَالَ يكون الْأَمِير يحضر بَين يَدَيْهِ فستقاً أَحْمَر القشر ويتنقل بِهِ فَبعث إِلَى حظاياه فَبعثت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ طبقًا مملوءاً فستقاً فَأكْثر من أكله فحصلت لَهُ هيضة فَشَكا ذَلِك إِلَى تياذوق فَقَالَ مَا وصفت لَك الفستق بقشره إِلَّا حَتَّى تكسر الْوَاحِدَة وتلوك قشرها الْأَحْمَر البراني لِأَن فِيهِ عطرية وقيضاً فَيكون ذَلِك تَقْوِيَة لمعدتك
وصنف كناشاً وَله كتاب الْأَدْوِيَة وَغير ذَلِك وَتُوفِّي بواسط وَله قريب تسعين سنة فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّة
(الألقاب)
أَبُو التياح اسْمه يزِيد بن حميد ابْن التيان اللّغَوِيّ اسْمه تَمام بن غَالب
ابْن التيتي إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عَليّ
والصاحب شرف الدّين اسْمه أَحْمد بن عَليّ(10/277)
وشمس الدّين نَائِب دَار الْعدْل بِمصْر اسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل
ابْن تيموه الْحَنْبَلِيّ أَيُّوب بن أَحْمد
ابْن تَيْمِية مجد الدّين عبد السَّلَام بن عبد الله
وَشرف الدّين عبد الله بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام
وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام وعلاء الدّين عَليّ بن عبد الْغَنِيّ خطيب حران
وَسيف الدّين عبد الْغَنِيّ
وفخر الدّين عبد القاهر بن عبد الْغَنِيّ)
ومجد الدّين عبد اللَّطِيف بن عبد الْعَزِيز وشهاب الدّين عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام
وَعلي بن عبد الْغَنِيّ
وفخر الدّين مُحَمَّد بن الْخضر
التيفاشي شرف الدّين أَحْمد بن يُوسُف
التيناتي الأقطع اسْمه أَبُو الْخَيْر(10/278)
(حرف الثَّاء)
(ثَابت)
3 - (الصَّحَابِيّ)
ثَابت بن أقرم بن ثَعْلَبَة من بني العجلان شهد بَدْرًا والمشاهد وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأنْصَارِيّ رَدِيف النَّبِي)
3 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
ثَابت بن الضَّحَّاك بن أُميَّة بن ثَعْلَبَة بن جشم بن مَالك بن سَالم بن عَمْرو بن عَوْف بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق وَدَلِيله إِلَى حَمْرَاء الْأسد وَكَانَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة بيعَة الرضْوَان وَهُوَ صَغِير مَاتَ فِي فتْنَة ابْن الزبير روى عَنهُ أَبُو قلَابَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (الْأنْصَارِيّ)
ثَابت بن الدحداح هُوَ أَبُو الدحداح الْأنْصَارِيّ شهد أحدا وَقتل بهَا شَهِيدا طعنه خَالِد بن الْوَلِيد بِرُمْح فأنفذه وَقيل إِنَّه مَاتَ على فرَاشه مرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة وَلما توفّي رَضِي الله عَنهُ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاصِم بن عدي فَقَالَ هَل كَانَ لَهُ فِيكُم نسب قَالَ لَا فَأعْطى مِيرَاثه ابْن أُخْته أَبَا لبَابَة بن الْمُنْذر
3 - (خطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
ثَابت بن قيس بن شماس بن مَالك بن امْرِئ الْقَيْس الْأنْصَارِيّ(10/279)
الخزرجي أَبُو مُحَمَّد شهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وَكَانَ من أكَابِر الصَّحَابَة وأعلام الْأَنْصَار شهد لَهُ النَّبِي صلى الله)
عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وَكَانَ خطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وخطيب الْأَنْصَار وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة روى عَنهُ أنس بن مَالك وَمُحَمّد وَإِسْمَاعِيل وَقيس بنوه وَلما جَاءَ وَفد بني تَمِيم وَفِيهِمْ الْأَقْرَع بن حَابِس والزبرقان بن بدر وَعُطَارِد بن حَاجِب وَقيس بن عَاصِم وَعَمْرو بن الْأَهْتَم وطلبوا الْمُفَاخَرَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقفُوا عِنْد الحجرات وَنَادَوْا بِصَوْت جَاف يَا مُحَمَّد اخْرُج فقد جئْنَاك نفاخرك وَجِئْنَاك بخطيبنا وشاعرنا فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ فَقَامَ الْأَقْرَع فَقَالَ وَالله إِن مدحي لزين وَإِن ذمِّي لشين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الله عز وَجل فَقَالُوا إِنَّا لأكرم الْعَرَب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرم مِنْكُم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام فَقَالُوا إيذن لخطيبنا وشاعرنا فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ وَجلسَ مَعَه النَّاس فَقَامَ عُطَارِد فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لَهُ الْفضل علينا وَهُوَ أَهله الَّذِي جعلنَا ملوكاً وَجَعَلنَا أعز أهل الْمشرق أَتَانَا أَمْوَالًا عظاماً نَفْعل فِيهَا الْمَعْرُوف وَلَيْسَ فِي النَّاس مثلنَا نروس النَّاس وَذَوي فَضلهمْ فَمن فاخرنا فليعدد مثل مَا عددنا وَلَو نشَاء لأكثرنا وَلَكنَّا نستحيي من الْإِكْثَار فِيمَا خولنا الله وأعطانا أَقُول هَذَا فَأتوا بقول أفضل من قَوْلنَا وَأمر أبين من أمرنَا ثمَّ جلس فَقَامَ ثَابت بن قيس بن شماس فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي السَّمَوَات وَالْأَرْض خلقه فَقضى فِيهِنَّ أمره ووسع كرسيه علمه وَلم يقْض شَيْئا إِلَّا من فَضله وَقدرته وَكَانَ من قدرته أَن اصْطفى من خلقه رَسُولا كَرِيمًا أكْرمهم حسباً وأصدقهم حَدِيثا وَأَحْسَنهمْ رَأيا فَأنْزل عَلَيْهِ كِتَابه وائتمنه على خلقه وَكَانَ خيرة الله من الْعَالمين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْإِيمَان فَأَجَابَهُ من قومه وَذَوي رَحمَه الْمُهَاجِرُونَ أكْرم النَّاس أنساباً وَأصْبح النَّاس وُجُوهًا وَأفضل النَّاس أفعالاً ثمَّ كَانَ أول من اتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعَرَب واستجاب لَهُ نَحن معاشر الْأَنْصَار فَنحْن أنصار الله ووزراء رَسُوله نُقَاتِل النَّاس حَتَّى يُؤمنُوا ويقولوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَمن آمن بِاللَّه وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منح منا مَاله وَدَمه وَمن كفر بِاللَّه وَرَسُوله جاهدناه فِي الله وَكَانَ جهاده علينا يَسِيرا أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات فَقَامَ الزبْرِقَان وَتَمام الْخَبَر يَأْتِي فِي تَرْجَمَة حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ إِن شَاءَ الله تَعَالَى(10/280)
3 - (أَبُو حَيَّة الْأنْصَارِيّ)
)
ثَابت بن النُّعْمَان بن أُميَّة بن امْرِئ الْقَيْس بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ البدري وَفِي اسْمه وكنيته اخْتِلَاف كَبِير ذكره ابْن إِسْحَاق فِيمَن شهد بَدْرًا وَقَالَ أَبُو حَبَّة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وَقيل هُوَ بالنُّون وَقيل بِالْيَاءِ من تحتهَا نقطتان وَالْأول أَكثر قتل يَوْم أحد شَهِيدا
3 - (ثَابت بن وَدِيعَة)
وَقيل ثَابت بن يزِيد بن وَدِيعَة الْأنْصَارِيّ نزل الْكُوفَة وَحَدِيثه فيهم روى عَنهُ الْبَراء بن عَازِب وَزيد بن وهب وعامر بن سعد البَجلِيّ
3 - (ثَابت بن الْجذع)
وَاسم الْجذع ثَعْلَبَة بن زيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ شهد الْعقبَة وبدراً والمشاهد كلهَا وَقتل يَوْم الطَّائِف شَهِيدا
3 - (ثَابت بن هزال)
بتَشْديد الزَّاي بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ قتل يَوْم الْيَمَامَة بَعْدَمَا شهد الْمشَاهد كلهَا
3 - (ثَابت بن عَمْرو)
3 - (بن زيد بن عدي)
شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا وَلم يذكرهُ ابْن إِسْحَق فِي الْبَدْرِيِّينَ
3 - (ثَابت بن خَالِد بن عَمْرو)
3 - (بن النُّعْمَان النجاري)
قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا وَقيل بل قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة شَهِيدا بَعْدَمَا شهد بَدْرًا وأحداً
3 - (ثَابت بن خنسا)
3 - (بن عَمْرو بن مَالك الْأنْصَارِيّ)
شهد بَدْرًا فِي قَول الْوَاقِدِيّ دون غَيره
3 - (ثَابت بن صُهَيْب)
3 - (بن كرز بن عبد مَنَاة الْأنْصَارِيّ)
شهد أحدا ذكره الطَّبَرِيّ(10/281)
3 - (ثَابت بن زيد بن مَالك)
)
3 - (الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي)
هُوَ أَخُو سعد بن زيد الَّذِي شهد بَدْرًا يُقَال إِن ثَابتا هُوَ الَّذِي جمع الْقُرْآن على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَنهُ عَامر بن سعد
3 - (ثَابت بن وقش)
بِفَتْح الْوَاو وَالْقَاف وَبعدهَا شين مُعْجمَة ابْن زغبة الأشْهَلِي قتل يَوْم أحد شَهِيدا
3 - (ثَابت بن الضَّحَّاك بن خَليفَة)
ولد سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة سكن الشَّام وانتقل إِلَى الْبَصْرَة وَمَات سنة خمس وَأَرْبَعين روى عَنهُ أَبُو قلَابَة وَعبد الله بن معقل
3 - (ثَابت بن الصَّامِت الأشْهَلِي)
حَدِيثه عِنْد عبد الرَّحْمَن ابْنه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى فِي كسَاء ملتفاً بِهِ يضع يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيه برد الْحَصَا وَقيل إِن ثَابت بن الصَّامِت توفّي فِي الْجَاهِلِيَّة
3 - (ثَابت بن رفيع)
وَقيل ابْن رويفع الْأنْصَارِيّ سكن الْبَصْرَة ثمَّ سكن مصر حدث عَنهُ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأهل الشَّام
3 - (ثَابت بن قيس بن الخطيم)
3 - (بن عَمْرو بن سوَادَة بن ظفر بن الْأنْصَارِيّ)
مذكورٌ فِي الصَّحَابَة قَالَ ابْن عبد البرّ مَاتَ فِيمَا أَحسب فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَأَبوهُ قيس بن الخطيم أحد الشُّعَرَاء مَاتَ على كفره قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَشهد ثَابت ابْنه صفّين مَعَ عَليّ والجمل والنهروان ولثابت ثَلَاث بَنِينَ عمر وَمُحَمّد وَيزِيد قتلوا يَوْم الْحرَّة(10/282)
3 - (ثَابت بن مَسْعُود)
قَالَه صَفْوَان بن مُحرز قَالَ كَانَ جاري رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحْسبهُ ثَابت بن مَسْعُود فَمَا رَأَيْت أحسن جواراً مِنْهُ وَذكر الْخَبَر
3 - (ثَابت بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ)
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن قتل رجل شهد بَدْرًا وروى عَنهُ الْحَارِث)
بن يزِيد الْمصْرِيّ
3 - (ثَابت قطنة)
ثَابت بن كَعْب أَخُو بني أَسد بن الْحَارِث بن العتيك قيل مَوْلَاهُم أَبُو الْعَلَاء وَيعرف بِثَابِت قطنة لِأَنَّهُ أَصَابَهُ سهم فِي إِحْدَى عَيْنَيْهِ فِي بعض حروب التّرْك فَذَهَبت فَجعل موضعهَا قطنة وَهُوَ شَاعِر شُجَاع وَكَانَ فِي صحابة يزِيد بن الْمُهلب ولي عملا فِي خُرَاسَان فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة رام الْكَلَام فَتعذر عَلَيْهِ وَحصر فَقَالَ سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا وَبعد عي بَيَانا وَأَنْتُم إِلَى أَمِير فعال أحْوج مِنْكُن إِلَى أَمِير قَوَّال هَذَا الْكَلَام ينْسب إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَالله أعلم ثمَّ أنْشد
(وَألا أكن فِيكُم خَطِيبًا فإنني ... بسيفي إِذا جدَّ الوغى لخطيب)
وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء يهجوه بذلك
(أَبَا الْعَلَاء لقد لقِيت معضلةً ... يَوْم الْعرُوبَة من كرب وتحنيق)
(أما الْقرَان فَلم تخلق لمحكمه ... وَلم تسدد من الدُّنْيَا بِتَوْفِيق)
(لما رمتك عُيُون النَّاس هبتهم ... وكدت تشرق لما قُمْت بالريق)
(تلوي اللِّسَان وَقد رمت الْكَلَام بِهِ ... كَمَا هوى زلق من شَاهِق النيق)
وَلما ولي سعيد بن عبد الْعَزِيز خُرَاسَان جلس يعرض النَّاس فَرَأى ثَابتا وَكَانَ تَامّ السِّلَاح جميل الْهَيْئَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل هَذَا ثَابت قطنة وَهُوَ فَارس شُجَاع فأمضاه وَأَجَازَ على اسْمه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لَهُ رجل هَذَا الَّذِي يَقُول
(إِنَّا لضرابون فِي خمس الوغى ... رَأس الْخَلِيفَة إِن أَرَادَ صدودا)
فَقَالَ سعيد عَليّ بِهِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ أَنْت الْقَائِل إِنَّا لضرابون قَالَ نعم أَنا الْقَائِل
(إِنَّا لضرابون فِي خمس الوغى ... رَأس المتوج إِن أَرَادَ صدودا)
(عَن طَاعَة الرَّحْمَن أَو خلفائه ... أَو رام إفساداً ولج عنودا)(10/283)
فَقَالَ لَهُ سعيد أولى لَك لَوْلَا أَنَّك خرجت مِنْهَا لضَرَبْت عُنُقك وأخباره مستوفاة فِي كتاب الأغاني
3 - (الْبنانِيّ التَّابِعِيّ)
ثَابت بن أسلم هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْبنانِيّ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعدهَا نون وَبعد الْألف نون أُخْرَى)
أحد أَئِمَّة التَّابِعين بِالْبَصْرَةِ روى عَن ابْن عمر وَعبد الله ابْن مُغفل وَابْن الزبير وَأنس بن مَالك وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَعمر بن أبي سَلمَة المَخْزُومِي وَأبي الْعَالِيَة وَأبي عُثْمَان النَّهْدِيّ وَطَائِفَة وَكَانَ رَأْسا فِي الْعلم وَالْعَمَل ثِقَة ثبتاً رفيعاً وَلم يحسن ابْن عدي فِي كَامِله بإيراده وَلكنه اعتذر وَقَالَ مَا وَقع فِي حَدِيثه من النكرَة فَإِنَّمَا هُوَ من جِهَة الرَّاوِي عَنهُ لِأَنَّهُ روى عَنهُ جمَاعَة ضعفاء قَالَ بكر بن عبد الله من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى أعبد أهل زَمَانه فَلْينْظر إِلَى ثَابت الْبنانِيّ وَكَانَ يقْرَأ الْقُرْآن فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ويصوم الدَّهْر وَقَالَ كابدت الصَّلَاة عشْرين سنة وتنعمت بهَا عشْرين ومناقبه كَثِيرَة توفّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو حَمْزَة الثمالِي)
ثَابت بن أبي صَفِيَّة دِينَار الثمالِي وثمالة من الأزد وكنية ثَابت أَبُو حَمْزَة وَيُقَال إِنَّه مولى الْمُهلب بن أبي صفرَة وَهُوَ كُوفِي سمع من مُحَمَّد بن عَليّ الباقر وروى عَنهُ وَكِيع وَابْن عُيَيْنَة قَالُوا كَانَ ضَعِيفا كثير الْوَهم فِي الْأَخْبَار وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ)
ثَابت بن عمَارَة الْحَنَفِيّ من أهل الْبَصْرَة سمع غنيم بن قيس(10/284)
وروى عَنهُ وَكِيع وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قَالَ النَّسَائِيّ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ غَيره حسن الحَدِيث توفّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْأَحْنَف)
ثَابت بن عِيَاض الْأَحْنَف وَيُقَال لَهُ الْأَعْرَج مولى عمر بن عبد الرَّحْمَن ابْن زيد بن الْخطاب من أهل الْمَدِينَة حَدِيثه فِي الْحِجَازِيِّينَ
3 - (الزَّاهِد)
ثَابت بن مُوسَى الزَّاهِد لَهُ ذكر فِي طَبَقَات الْمَجْرُوحين روى عَن شريك ابْن عبد الله القَاضِي وَهُوَ مَشْهُور بالصلاح وَالْعِبَادَة إِلَّا أَنه لم يتفرغ لحفظ الحَدِيث وَضَبطه قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلَيْسَ هُوَ بِثَابِت بن مُحَمَّد الْكُوفِي ذَاك أقدم وأوثق وَهَذَا صَاحب حَدِيث من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْغُصْن التَّابِعِيّ)
)
ثَابت بن قيس الْغِفَارِيّ مَوْلَاهُم الْمدنِي من صغَار التَّابِعين وكنيته أَبُو الْغُصْن قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أَخطَأ من جعله حجَّة عَاشَ مائَة وَخمْس سِنِين وتوفيّ سنة ثَمَان وستّين وَمِائَة
وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ(10/285)
3 - (أَمِير الثغور)
ثَابت بن نصر بن مَالك بن الْهَيْثَم الْخُزَاعِيّ الْأَمِير ولي إمرة الثغور سبع عشرَة سنة وَتُوفِّي بِالْمصِّيصَةِ فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة وَيذكر عَنهُ فضل وَصَلَاح
3 - (الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي)
ثَابت بن يزِيد وَقيل نَذِير الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي مُصَنف كتاب الْجِهَاد كَانَ مائلاً إِلَى الحَدِيث وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وثلاثمائة
3 - (الطَّبِيب)
ثَابت بن سِنَان بن ثَابت بن قُرَّة بن مَرْوَان الصابي أَبُو الْحسن الطَّبِيب المؤرخ توفّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة وَقيل سنة خمس وَوصل فِي تَارِيخه إِلَى سنة سِتِّينَ وَوَصله هِلَال بن المحسن من أول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ ولثابت كتاب التَّارِيخ الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ من أول أَيَّام المقتدر وَله كتاب مُفْرد فِي أَخْبَار الشَّام ومصر مُجَلد وَاحِد وَكَانَ طَبِيبا حاذقاً وأديباً بارعاً وَكَانَ موفقاً فِي العلاج مطلعاً على أسرار الطِّبّ ضنيناً بِمَا يحسن قَالَ ابْن بطلَان أسكت الْوَزير ابْن بَقِيَّة وَقد حضر الْأَمِير عز الدولة بختيار والأطباء مجمعون على مَوته فَقَالَ أَبُو الْحسن أَيهَا الْأَمِير إِذا كَانَ قد مَاتَ مَا يضر فصده ففصده فرشح مِنْهُ دم يسير ثمَّ لم يزل يقوى إِلَى أَن صَار يجْرِي فأفاق الْوَزير فَلَمَّا أَن خلوت بِهِ سَأَلته فَقَالَ عَادَة الْوَزير أَن يستفرغ الدَّم كل ربيع من عروق الْقعدَة وَفِي هَذَا الْفَصْل انْقَطع جَرَيَانه فَلَمَّا فصدته ثَابت الْقُوَّة من خناقها وَلما دخل عضد الدولة بَغْدَاد دخل عَلَيْهِ أَبُو الْحسن وَغَيره من الْأَطِبَّاء قَالَ نَحن قي عَافِيَة وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَيْهِم فَقَالَ سِنَان مَوضِع صناعتنا حفظ الصِّحَّة لَا مداواة الْمَرَض وَالْملك أحْوج النَّاس إِلَى ذَلِك فَقَالَ عضد الدولة صدقت فصارا ينوبان مَعَ أطبائه فَلَمَّا خرجا قَالَ سِنَان نَحن شَيخا بَغْدَاد ونترك هَذَا الْأسد يفترسنا وَكَانَ إِنْسَان يقلي الكبود إِذا اجتازا عَلَيْهِ دَعَا لَهما وَقَامَ قَائِما فَلَمَّا اجتازا عَلَيْهِ لم يجداه فسألا عَنهُ فَقيل مَاتَ فمضيا إِلَيْهِ وأحضرا لَهُ فاصداً فصده فصدة وَاسِعَة فَخرج مِنْهُ دم غليظ وَكلما خرج الدَّم خف عَنهُ حَتَّى)
تكلم وَرجع إِلَى حانوته فِي الْيَوْم الثَّالِث وسئلا عَن ذَلِك فَقَالَا كَانَ يَأْكُل من الكبود الَّتِي يقليها وبدنه يمتلئ من الدَّم الغليظ حَتَّى إِذا فاض من الْعُرُوق إِلَى الأوعية غمر الْحَرَارَة الغريزية(10/286)
وخنقها كَمَا يخنق الزَّيْت الْكثير الفتيلة فَلَمَّا نقص الدَّم خف عَن الْقُوَّة الْحمل الثقيل وانتشرت الْحَرَارَة وَالصَّحِيح أَن الَّذِي جرى لَهُ ذَلِك وحكاية الْوَزير أَيْضا إِنَّمَا هُوَ أَبُو الْحسن ثَابت بن قُرَّة وَلما مَاتَ أَبُو الْحسن ثَابت بن سِنَان قَالَ أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم ابْن هِلَال الصابي يرثيه وَهُوَ أَخُو ثَابت
(أسامع أَنْت يَا من ضمه الجدف ... نشيج باك حَزِين دمعه يكف)
(وزفرة من صمم الْقلب مبعثها ... يكَاد مِنْهَا حجاب الصَّدْر ينْكَشف)
(أثابت بن سِنَان دَعْوَة شهِدت ... لِرَبِّهَا أَنه ذُو عِلّة أَسف)
(مَا بَال طبك لَا يشفي وَكنت بِهِ ... تشفي العليل إِذا مَا شفه الدنف)
(غالتك غول المنايا فاستكنت لَهَا ... وَكنت ذَا يَدهَا وَالروح تختطف)
(فارقتني كفراق الْكَفّ صَاحبهَا ... أظنها ضَارب من زندها نقف)
(ثوى بمغناك فِي لحد سكنت بِهِ ... الدّين الْعقل العلياء والشرف)
وَكَانَ أَبُو الْحسن قد خدم الراضي وَمن قبله من الْخُلَفَاء بالطب
3 - (الطَّبِيب)
ثَابت بن إِبْرَاهِيم بن زهرون أَبُو الْحسن الْحَرَّانِي الطَّبِيب كَانَ من كبار الْأَطِبَّاء بِبَغْدَاد وَهُوَ نَظِير ثَابت بن سِنَان وَله إصابات عَجِيبَة فِي العلاج وَقد مر ذَلِك فِي تَرْجَمَة ثَابت بن سِنَان وَالصَّحِيح أَن تِلْكَ الاتفافات إِنَّمَا وَقعت لهَذَا وَكَانَت وَفَاته سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (النَّاقِل الطَّبِيب)
ثَابت النَّاقِل كَانَ متوسطاً فِي النَّقْل إِلَّا أَنه يفضل إِبْرَاهِيم بن الصَّلْت وَكَانَ مقلاً من النَّقْل وَمن نَقله كتاب الكيموس لِجَالِينُوسَ
3 - (الرقي النَّصْرَانِي)
ثَابت بن هَارُون الرقي النَّصْرَانِي استدركه الباخرزي فِي الدمية على الثعالبي فِي الْيَتِيمَة لِأَن ثَابت هَذَا قَرَأَ ديوَان أبي الطّيب المتنبي عَلَيْهِ وَكتب المتنبي لَهُ خطه بذلك وَلما قتل المتنبي رثاه ثَابت واستثار لَهُ عضد الدولة على فاتك وَبني أَسد بقوله)
(الدَّهْر أغدر والليالي أنكد ... من أَن تعيش لأَهْلهَا يَا أَحْمد)
(قصدتك لما أَن رأتك نفيسها ... بخلا بمثلك والنفائس تقصد)
(ذقت الكريهة بَغْتَة وفقدتها ... وكريه فقدك فِي الورى لَا يفقد)
(مَا كَانَ تاركك الزَّمَان لأَهله ... إِن الزَّمَان على الغريبة يحْسد)(10/287)
(قل لي إِن اسطعت الْخطاب فإنني ... صب الْفُؤَاد إِلَى خطابك مكمد)
(أتركت بعْدك شَاعِرًا وَالله لَا ... لم يبْق بعْدك فِي الزَّمَان مقصد)
(أما الْعُلُوم فَإِنَّهَا يَا رَبهَا ... تبْكي عَلَيْك بأدمع مَا تجمد)
(غدر الزَّمَان بِهِ فخان وَلم تزل ... أَيدي الزَّمَان ببأسه تستنجد)
(لَقِي الخطوب فبذها حَتَّى جرى ... غلط الْقَضَاء عَلَيْهِ وَهُوَ تعمد)
(صه يَا بني أَسد فلست بنجدة ... أثرت فِيهِ بل الْقَضَاء يُقيد)
(يَا أَيهَا الْملك الْمُؤَيد دَعْوَة ... مِمَّن حشاه بالأسى يتوقد)
(هذي بَنو أَسد بضيفك أوقعت ... وحوت عطاءك إِذْ حواه الفدفد)
(وَله عَلَيْك بِقَصْدِهِ يَا ذَا العلى ... حق التَّحَرُّم والذمام الأوكد)
(فارع الذمام وَكن بضيفك طَالبا ... إِن الذمام على الْكَرِيم مؤبد)
(ارع الْحُقُوق لقصده وقصيده ... عضد الْمُلُوك فَلَيْسَ غَيْرك يقْصد)
3 - (الطَّبِيب)
ثَابت بن قُرَّة الْحَرَّانِي الطَّبِيب كَانَ مُقيما بحران وَهُوَ جد ثَابت سِنَان الْمَذْكُور أَولا
استصحبه مَعَه مُحَمَّد بن مُوسَى لما انْصَرف من الرقة لِأَنَّهُ رَآهُ فصيحاً وَأدْخلهُ على المعتضد فِي جملَة المنجمين وَلم يكن لَهُ نَظِير فِي وقته فِي الطِّبّ وَله أرصاد حسان للشمس بِبَغْدَاد ولد سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ورثاه يحيى بن عَليّ المنجم لما مَاتَ وَكَانَ بَينهمَا مَوَدَّة أكيدة فَقَالَ
(أَلا كل شَيْء مَا خلا الله مائت ... وَمن يغترب يُرْجَى وَمن مَاتَ فَائت)
(نعينا الْعُلُوم الفلسفيات كلهَا ... خبا نورها إِذْ قيل قد مَاتَ ثَابت)
(وَلما أَتَاهُ الْمَوْت لم يغن طبه ... وَلَا نَاطِق مِمَّا حواه وصامت)
(تهذبت حَتَّى لم يكن لَك مبغض ... وَلَا بك لما اغتالك الْمَوْت شامت)
)
(وبرزت حَتَّى لم يكن لَك دَافع ... عَن الْفضل إِلَّا كَاذِب القَوْل باهت)
وَقيل إِن حَدِيث القصاب وعلاجه جرى لِثَابِت هَذَا وَكَانَ فيلسوفا وَله يَد طَوِيلَة فِي(10/288)
الْحساب وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي عُلُوم الْأَوَائِل وَهُوَ الَّذِي أصلح كتاب إقليدس تعريب حنين بن إِسْحَاق وَله تصانيف كَثِيرَة وَكَانَ بارعاً فِي الهندسة والهيئة وَكَانَ ابْنه إِبْرَاهِيم رَأْسا فِي الطِّبّ ونال ثَابت رُتْبَة عالية عِنْد المعتضد وأقطعه ضيَاعًا وَكَانَ يجلس عِنْده والوزير قَائِم
3 - (أَبُو طَالب التَّمِيمِي)
ثَابت بن الْحُسَيْن بن شراعة أَبُو طَالب التَّمِيمِي الأديب ذكره شيرويه فَقَالَ روى عَن ابْنه سَلمَة وَابْن عِيسَى وَأبي الْفضل مُحَمَّد بن عبد الله الرَّشِيدِيّ وَمَنْصُور بن رامش وَغَيرهم سَمِعت مِنْهُ وَكَانَ صَدُوقًا توفّي فِي صفر سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة
3 - (اللّغَوِيّ الْكُوفِي)
ثَابت بن أبي ثَابت عَليّ بن عبد الله قَالَ الزبيدِيّ كَانَ من أمثل أَصْحَاب أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَكَانَ لغوياً لَقِي فصحاء الْأَعْرَاب وَأخذ عَنْهُم وَهُوَ من كبار الْكُوفِيّين وَله كتاب خلق الْإِنْسَان كتاب الْفرق كتاب الزّجر وَالدُّعَاء كتاب خلق الْفرس كتاب الوحوش كتاب مُخْتَصر الْعَرَبيَّة كتاب الْعرُوض قلت هَكَذَا أثْبته ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَذكر بعده ثَابت بن أبي ثَابت عبد الْعَزِيز اللّغَوِيّ وَقَالَ الَّذِي لَهُ كتاب خلق الْإِنْسَان من عُلَمَاء اللُّغَة يرْوى عَن أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَأبي الْحسن عَليّ بن الْمُغيرَة الْأَثْرَم واللحياني وَأبي نصر أَحْمد بن حَاتِم وَسَلَمَة بن عَاصِم التَّمِيمِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن زِيَاد وَآخَرين روى عَنهُ أَبُو الفوارس دَاوُد بن مُحَمَّد ابْن صَالح الْمروزِي النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِصَاحِب ابْن السّكيت وَابْنه عبد الْعَزِيز ابْن ثَابت وَاسم أبي ثَابت أَبِيه عبد الْعَزِيز من أهل الْعرَاق جليل الْقدر موثوق بِهِ مَقْبُول القَوْل فِي اللُّغَة يعرف بوراق أبي عبيد قلت وَلم يذكر لَهما وَفَاة وَالَّذِي أَظُنهُ أَن الترجمتين لوَاحِد وَهُوَ الأول وَالله أعلم
3 - (أَبُو الْفتُوح الْجِرْجَانِيّ)
ثَابت بن مُحَمَّد الْجِرْجَانِيّ أَبُو الْفتُوح ذكره الْحميدِي فِي الأندلسيين قَالَ دخل الأندلس وجال فِي أقطارها وَبلغ ثغورها وَلَقي مُلُوكهَا وَكَانَ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة مُتَمَكنًا فِي الْأَدَب قَالَ ابْن بشكوال قتل فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة قَتله باديس أَمِير صنهاجة لتهمة)
لحقته عِنْده فِي الْقيام عَلَيْهِ مَعَ ابْن عَمه ومولده سنة خمسين وَثَلَاث مائَة وَكَانَ مَعَ تمكنه فِي الْأَدَب قيمًا بِعلم الْمنطق وأملى بالأندلس شرحاً للجمل وروى بِبَغْدَاد عَن ابْن جني وَعلي ابْن عِيسَى الربعِي وَعبد السَّلَام بن الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ وروى كثيرا من علم الْأَدَب(10/289)
3 - (قَاضِي سرقسطة)
ثَابت بن عبد الله بن ثَابت بن سعيد بن ثَابت أَبُو الْقَاسِم السَّرقسْطِي قَاضِي سرقسطة من بَيت فضل وجلالة توفّي سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الزهر البلنسي)
ثَابت بن مفرج بن يُوسُف أَبُو الزهر الْخَثْعَمِي البلنسي الشَّاعِر نزيل مصر تفقه بهَا على مَذْهَب الشَّافِعِي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وشعره جيد من شعره قَوْله
3 - (ثَابت بن تاوان)
بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَبعد الْألف وَاو وَألف وَنون ابْن أَحْمد الإِمَام نجم الدّين أَبُو الْبَقَاء التفليسي الصُّوفِي لَهُ معرفَة بالفقه وَالْأُصُول والعربية وَالْأَخْبَار والأشعار والسلوك وَله رياضات ومجاهدات وَهُوَ من كبار أَصْحَاب الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي وَأذن لَهُ أَن يصلح مَا رَآهُ فِي تصانيفه من الْخلَل قدم مصر رَسُولا من الدِّيوَان وَهُوَ مليح الْكِتَابَة والإنشاء وَكتب الْأَجْزَاء وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي المعجم أَنْشدني نجم الدّين أَبُو الْبَقَاء لنَفسِهِ
(شَرّ مَال حُزْته ذَاك الَّذِي ... حزت حد الْعلم فِي اسْتِحْقَاقه)
(اكْتسبت الْإِثْم فِي تَحْصِيله ... وَحرمت الْأجر فِي إِنْفَاقه)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(إِن شام قلبِي عَنْك بارق سلوة ... طفق الغرام إِلَى هَوَاك يحثه)
(أَو كَاد يُبْدِي ضره قَالَ الْهوى ... لَا كَانَ من يشكو الْهوى ويبثه)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا
(اشتبهت فِي وقتنا الطعمه ... لَا نَعْرِف الْحل من الحرمه)
(لَكِن يَد أقصر من غَيرهَا ... ولقمة أَصْغَر من لقمه)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ)
(اغتنم يَوْمك هَذَا ... إِنَّمَا يَوْمك ضيف)(10/290)
(واتنهز فرْصَة عمر ... حَاضر فالوقت سيف)
(لَا تضيع هَذِه الأن ... فاس فالتضييع حيف)
(عد عَن سَوف أَو السا ... عة أَو أبن وَكَيف)
3 - (أَبُو الْحسن الْحلَبِي)
ثَابت بن أسلم بن عبد الْوَهَّاب أَبُو الْحسن الْحلَبِي أحد عُلَمَاء الشِّيعَة كَانَ من كبار النُّحَاة صنف كتابا فِي تَعْلِيل قِرَاءَة عَاصِم وَأَنَّهَا قِرَاءَة قُرَيْش تولى خزانَة الْكتب بحلب فَقَالَ الإسماعيلية هَذَا يفْسد الدعْوَة لِأَنَّهُ صنف كتابا فِي كشف عوارهم وَابْتِدَاء دعوتهم وَكَيف بنيت على المخاريق فَحمل إِلَى مصر فصلب وأحرقت خزانَة الْكتب بحلب وَكَانَت لسيف الدولة وفيهَا عشرَة آلَاف مجلدة وَكَانَ صلبه فِي حُدُود السِّتين والأربع مائَة
3 - (أَبُو رزين الكلَاعِي)
ثَابت بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن خِيَار أَبُو الْحسن الكلَاعِي الأندلسي اللبلي الملقب بِأبي رزين نزيل غرناطة أحد الْقرَاءَات عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن نوار وَحمل عَنهُ تصانيف أبي عَمْرو الداني وَسمع بقرطبة من ابْن بشكوال وَأبي خَالِد بن رِفَاعَة وَأبي بكر القشالشني وَجَمَاعَة وَقَرَأَ كتاب سِيبَوَيْهٍ على أبي عبد الله بن مَالك المرشاني وَحمل جَامع التِّرْمِذِيّ عَن أبي الْحسن ابْن كوثر وَأخذ بوادي آش عَن أبي تَمام الْعَوْفِيّ وَأَجَازَ لَهُ السلَفِي وَغَيره وأقرأ الْقُرْآن والنحو بجيان وغرناطة قَالَ ابْن الْأَبَّار روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس النباتي وَغَيره توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (عَلَاء الدّين الخجندي)
ثَابت بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَحْمد بن مُحَمَّد الخجندي ثمَّ الْأَصْبَهَانِيّ الصَّدْر الإِمَام عَلَاء الدّين أَبُو سعد ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَسمع صَحِيح البُخَارِيّ حضوراً من أبي الْوَقْت سنة إِحْدَى وَخمسين وَسمع من أبي الْفضل مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشحام وَهُوَ آخر من حضر مجْلِس أبي الْوَقْت وَكَانَ بأصبهان إِلَى أَن دَخلهَا التتار بِالسَّيْفِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة فَسلم وَذهب إِلَى شيراز فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ القَاضِي تَقِيّ الدّين الْحَنْبَلِيّ وَجَمَاعَة)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الدينَوَرِي الْمُقْرِئ)
ثَابت بن بنْدَار بن إِبْرَاهِيم بن بنْدَار بن الْحسن بن(10/291)
بنْدَار الدينَوَرِي أَبُو الْمَعَالِي بن أبي الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ كَانَ من أَعْيَان الْقُرَّاء وثقات الْمُحدثين سمع الْكثير بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وروى أَكثر مسموعاته قَرَأَ الْقُرْآن عَلَى القَاضِي أبي الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وَأَمْثَاله وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله الْحرفِي وَأبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَأبي بكرٍ أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب البرقاني وَخلق كثير غَيرهم وَلم يزل يقرئ وَيحدث إِلَى أَن مَاتَ قَالَ أَبُو بكر ابْن الخاضبة ثَابت ثَابت وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو الْعِزّ الكيلي)
ثَابت بن مَنْصُور بن الْمُبَارك أَبُو الْعِزّ الكيلي وَكيل قَرْيَة أَسْفَل بَغْدَاد سمع الْكثير من أبي مُحَمَّد رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَأبي الْحُسَيْن عَاصِم بن الْحسن وَأبي الغنايم مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي عُثْمَان وَأبي عبد الله مَالك بن أَحْمد بن عَليّ البانياسي وَأبي الفوارس طراد بن الزَّيْنَبِي وَأبي الْخطاب ابْن البطر وَمُحَمّد بن الباقرجي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن الجبان وَالْحُسَيْن بن أَحْمد بن طلحه النعالي وَجَمَاعَة غَيرهم وَحدث بِقِطْعَة من مسموعاته وَكَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (وَزِير الْمَأْمُون)
ثَابت بن يحيى بن يسَار أَبُو عباد الرَّازِيّ كَاتب الْمَأْمُون كَانَ من الكفاة وَلم يزل بِالريِّ ذَا قدرَة ووجاهة ورياسة مذ كَانَ حَدثا وَفِيه يَقُول أَبُو الهداهد
(إِذا مَا زمَان السوء مَال بركنه ... علينا عدلناه بِإِحْسَان ثَابت)
(كريم يفوق النَّاس سرواً وكتبةً ... وَلَيْسَ الَّذِي ترجوه مِنْهُ بفائت)
لما أَن مان أَحْمد بن أبي خَالِد كَاتب الْمَأْمُون أحضر أَبَا عباد ليجعله مَكَانَهُ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي صَاحب حِسَاب وَضبط للأعمال وَهَذَا الْأَمر يحْتَاج إِلَى لسن وأدب وفصاحة وبلاغة وَهَذَا مُجْتَمع لَك فِي أَحْمد بن يُوسُف وَكَأن الْمَأْمُون كره قَوْله فَقَالَ لَهُ إِن عقد أَمِير الْمُؤمنِينَ الْأَمر لِأَحْمَد للعرض عَلَيْهِ وَالْكتاب بَين يَدَيْهِ ضبطت لَهُ مَا سوى ذَلِك فَأَجَابَهُ الْمَأْمُون إِلَى قَوْله واستوزر أَحْمد بن يُوسُف فَلَمَّا مَاتَ أَحْمد أجبر الْمَأْمُون أَبَا عباد على)
الْعرض عَلَيْهِ فَعرض على الْمَأْمُون شهوراً ورتب النَّاس فِي الْمُكَاتبَة كَمَا رتبهم أَحْمد بن أبي خَالِد لِأَن أَحْمد بن يُوسُف نقص النَّاس فِي الْمُكَاتبَة فَشكر النَّاس أَبَا عباد وَلم يزل عَلَيْهِ مديدة إِلَى أَن زَاد عَلَيْهِ(10/292)
أَمر النقرس وَكَانَ يعتاده كثيرا إِلَّا أَنه زَاد عَلَيْهِ حَتَّى أبْطلهُ فاستخلف على الْعرض أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن يزْدَاد وَكَانَ الْمَأْمُون رُبمَا احْتَاجَ إِلَى مشافهة أبي عباد فِي الْأُمُور فَيحمل فِي محفة حَتَّى يخاطبه بِمَا يُرِيد ثمَّ ينْصَرف كتب أَحْمد بن أبي خَالِد وَقد سَأَلَهُ فكاك أسرى قد فككنا أسراك قَالَ لَا فك الله من أياديك رِقَاب الْأَحْرَار وَقَالَ أَبُو عباد مَا جلس أحد بَين يَدي إِلَّا تمثل لي أنني جَالس بيد يَدَيْهِ علما مني بتنقل الْأُمُور وَتصرف الدهور وَفِيه يَقُول دعبل الْخُزَاعِيّ
(مَا للخليفة عيب ... إِلَّا أَبُو عباد)
(قرد بنوه قرود ... تأوي إِلَى قرّاد)
وَفِيه يَقُول أَيْضا
(أولى الْأُمُور بضيعة وَفَسَاد ... أَمر يدبره أَبُو عباد)
(خرق على جُلَسَائِهِ بذواته ... فمزمل ومخضب بمداد)
(وَكَأَنَّهُ من دير هِرقل مفلت ... حرد يجر سلاسل الأقياد)
(فاشدد أَمِير الْمُؤمنِينَ وثَاقه ... فأصح مِنْهُ بغية الْحداد)
وَقيل لِلْمَأْمُونِ إِن دعبلاً هجاك فَقَالَ من جسر أَن يهجو أَبَا عباد مَعَ عجلته وانتقامه جسر أَن يهجوني مَعَ تأني وعفوي وَتُوفِّي أَبُو عباد سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ ومولده سنة خمس وَخمسين وَمِائَة
الثابتي الحزقي الشَّافِعِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
الثابتي الشَّافِعِي أَبُو نصر أَحْمد بن عبد الله
آخر الْجُزْء الْعَاشِر من كتاب الوافي بالوفيات ويتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثامر بن مزروع الزعبي البدوي الْحَمد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم(10/293)
(الْجُزْء الْحَادِي عشر)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
(ثامر)
3 - (ثامر بن مزروع الزعبي)
ثامر بن مزروع الزعبي البدوي من قَبيلَة زعب من قيس عيلان بِالْعينِ الْمُهْملَة
قدم بَغْدَاد سنة ثَلَاث أَو أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة وَلم يكن رَأْي الْحَضَر قبل ذَلِك وَكَانَ قدومه مَعَ شرف الدّين أبي الْبَدْر ظفر ابْن الْوَزير أبي المظفر ابْن هُبَيْرَة لما قدم من الْحَج
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(أَلا يَا ذرى أَعْلَام فردة أيقظي ... لعَيْنِي نَارا لَا ينَام وقودها)
(تشق سَواد اللَّيْل وَهِي مُقِيمَة ... خلال الأثافي لَا تشد قتودها)
(كَأَن بجسمي رعدةً خيبريةً ... إِذا قيل خيم الْحَيّ مَال عمودها)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الْبَسِيط
(لله ضَيْعَة أيمانٍ مجددةٍ ... دب البلى من زمانٍ فِي نَوَاحِيهَا)
(صرفتم النَّفس عَنْكُم فانثنت أنفًا ... مِنْكُم وكنتم من الدُّنْيَا أمانيها)
(كُنْتُم نَصِيبا لآمالي أشح بِهِ ... وحاجة فِي ضمير النَّفس أخفيها)
(كُنْتُم حنيني إِذا أَبْصرت بارقةً ... ودمع عَيْني إِذا مَا سَالَ واديها)
(وَمَا ذكرتكم والعيس حائرة ... إِلَّا اهتدي فِي ظلام اللَّيْل حاديها)
(فَلم يزل سوء مَا تأتون من عمل ... حَتَّى تداعت من الذكرى دواعيها)
(قرت نوافر عَيْني بَعْدَمَا قرحت ... جفونها وأطاعتني عواصيها)(11/5)
(فَلَا سقى الله أَيَّامًا مضين لنا ... وَلَا أعَاد خيالاً من لياليها)
3 - (الخفاجي)
ثامر بن دراج من عرب خفاجة
أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور من لَفظه لنَفسِهِ بقلعة الْجَبَل سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة من الْخَفِيف
(رَأَتْ الْبَرْق لامعاً فاستطارت ... وبكت بالدموع سَحا رذاذا)
(قلت مَاذَا فَقَالَت الْبَرْق قُلْنَا ... ألبرقٍ على الْحمى كل هَذَا)
(ثبيتة)
3 - (ثبيتة مولاة سَالم)
ثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد الْأَنْصَارِيَّة كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول وَمن فضلاء نسَاء الصَّحَابَة
وَهِي زوج أبي حُذَيْفَة بن عتبَة الْأمَوِي وَهِي مولاة سَالم بن معقل
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر أختلف فِي اسْم مولاة سَالم الَّذِي يُقَال لَهُ سَالم مولى حُذَيْفَة فَقَالَ مُصعب ثبيتة وَقَالَ أَبُو طوالة عمْرَة بنت يعارٍ الْأَنْصَارِيَّة ابْن إِسْحَاق فِي رِوَايَة الْأمَوِي عَنهُ سلمى
3 - (بنت الضَّحَّاك)
ثبيتة بنت الضَّحَّاك بن خَليفَة ولدت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي أُخْت أبي جبيرَة ابْن الضَّحَّاك
قَالَ ابْن عبد الْبر هَكَذَا هِيَ عِنْد أَكْثَرهم بالثاء
وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ إِنَّمَا هِيَ نبيتة بالنُّون
وَلم يقلهُ غَيره فِيمَا أعلم
وَهِي الَّتِي كَانَ مُحَمَّد بن مسلمة يطردها حِين أَرَادَ نِكَاحهَا قَالَ سهل بن أبي حثْمَة كنت جَالِسا عِنْد مُحَمَّد بن مسلمة وَهُوَ على إجَازَة لَهُ يطارد ثبيتة بنت الضَّحَّاك فَجعل ينظر إِلَيْهَا فَقلت سُبْحَانَ الله تفعل هَذَا وَأَنت صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا ألْقى الله فِي قلب إمرىءٍ خطْبَة امرأةٍ فَلَا بَأْس أَن ينظر إِلَيْهَا(11/6)
(ابْن الثردة)
(عَليّ بن إِبْرَاهِيم العكلي)
أَبُو ثروان العكلي أحد بني عكل وعكل اسْم امرأةٍ حضنت ولد عَوْف بن وَائِل بن قيس بن عَوْف بن عبد مَنَاة وَهِي أمة لَهُم وأمهم بنت ذِي اللِّحْيَة من حمير
كَانَ أَبُو ثروان ثطا فَسُمي بضد صفته وَكَانَ أَعْرَابِيًا بدوياً تعلم فِي الْبَادِيَة وَكَانَ فصيحاً وَله من الْكتب كتاب مَعَاني الشّعْر
كتاب خلق الْفرس
(الثريا ابْنة عَليّ الصحابية)
الثريا ابْنة عَليّ بن عبد الله بن الْحَارِث بن أُميَّة الْأَصْغَر بن عبد شمس ابْن عبد منَاف الأموية قَالَ
السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف هِيَ الثريا ابْنة عبد الله وَلم يذكر عليا ثمَّ قَالَ وَقتيلَة بنت النَّضر جدَّتهَا لِأَنَّهَا كَانَت تَحت الْحَارِث ابْن أُميَّة وَعبد الله والدها هُوَ وَالِد الثريا
وَكَانَت الثريا مَوْصُوفَة بالجمال وَعمر بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي بهَا يتغزل فِي شعره
وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ قد تزَوجهَا سُهَيْل بن عبد الرَّحْمَن ن عوفٍ الزُّهْرِيّ ونقلها إِلَى مصر فَقَالَ عمر بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي من الْخَفِيف
(أَيهَا المنكح الثريا سهيلاً ... عمرك الله كَيفَ يَلْتَقِيَانِ)
(هِيَ شامية إِذا مَا اسْتَقَلت ... وَسُهيْل إِذا اسْتَقل يمَان)
وَهَذِه الثريا وَأُخْتهَا عَائِشَة أعتقتا الْغَرِيض الْمُغنِي الْمَشْهُور صَاحب معبدٍ
(ثَعْلَبَة)
3 - (ابْن زَهْدَم)
ثَعْلَبَة بن زَهْدَم بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْهَاء وَفتح الدَّال الْمُهْملَة التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي قَالَ الثَّوْريّ لَهُ صُحْبَة
وَقَالَ البُخَارِيّ لَا تصح صحبته
وروى عَنهُ نفر من الصَّحَابَة
روى عَنهُ الْأسود بن هِلَال(11/7)
3 - (أَبُو مَالك الْقرظِيّ)
ثَعْلَبَة بن أبي مَالك وَاسم مَالك عبد الله بن سَام الْقرظِيّ الْمدنِي هُوَ أَبُو مَالك وَقيل أَبُو يحيى وَيُقَال إِنَّه من كِنْدَة
قدم أَبوهُ أَبُو مَالك من الْيمن على دين الْيَهُود فَتزَوج امْرَأَة من بني قُرَيْظَة وَهُوَ إِمَام مَسْجِد بني قُرَيْظَة يُقَال أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرو عَنهُ شَيْئا وَقد روى عَن نفرٍ من الصَّحَابَة
روى عَنهُ الزُّهْرِيّ
3 - (ابْن ضبيعة)
ثَعْلَبَة بن ضبيعة روى عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان
وَهُوَ تَابِعِيّ عَزِيز الحَدِيث روى عَنهُ أَبُو بردة
وَقد يخْتَلف فِي اسْمه
3 - (ابْن عنمة الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن عنمة بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالنُّون وَالْمِيم متحركات بن عدي بن نابي الْأنْصَارِيّ
شهد الْعقبَة فِي البيعتين وبدراً وأحداً وَهُوَ أحد الَّذين كسروا آلِهَة بني سَلمَة
قتل يَوْم الخَنْدَق شَهِيدا قَتله هُبَيْرَة بن أبي وهبٍ المَخْزُومِي وَقيل قتل يَوْم خَيْبَر
3 - (ابْن سعدٍ الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن سعد بن مَالك بن خَالِد بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ قتل يَوْم أحدٍ شَهِيدا وَهُوَ عَم أبي حميدٍ السَّاعِدِيّ وَعم سهل بن سعدٍ)
3 - (ابْن عَمْرو الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عبيد بن مُحصن الْأنْصَارِيّ النجاري شهِد بَدْرًا وأُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاخْتلف فِي وَفَاته فَقيل فِي خلَافَة عُثْمَان بِالْمَدِينَةِ
وَقيل لم يدْرك عُثْمَان وَلكنه قتل يَوْم جسر أبي عبيد
روى عَنهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن حَدِيثه عِنْد يزِيد بن أبي حبيب أَن رجلا سرق جملا لبني فلانٍ فَقطع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده(11/8)
قَالَ ثَعْلَبَة فَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ حِين قطعت يَده
وَمن حَدِيثه أَيْضا للفارس ثَلَاثَة أسْهم وللفارس سَهْمَان
3 - (ابْن حَاطِب الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن حَاطِب بن عَمْرو بن عبيد بن أُميَّة بن زيد بن مَالك بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين معتب بن عَوْف بن الصَّحرَاء
شهد بَدْرًا وأحداً وَهُوَ مَانع الصداقة فِيمَا قَالَه قَتَادَة وَسَعِيد بن جُبَير وَفِيه نزلت وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين الْآيَات إِلَى آخر الْقِصَّة
توفّي فِي خلَافَة عمر وَقيل فِي خلَافَة عُثْمَان
قَالَ يَا رَسُول الله أدع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلِيل تُؤدِّي شكره يَا ثَعْلَبَة خير من كثير لَا تُطِيقهُ فِي حَدِيث طَوِيل
3 - (ابْن سَلام الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن سَلام مخفف اللَّام أَخُو عبد الله بن سَلام
فِيهِ وَفِي أَخِيه عبد الله وَفِي سعنة بالنُّون ومبشر وأسدٍ بني كَعْب نزلت من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل الْآيَة
ذكره ابْن جريجٍ
3 - (ابْن سعية الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن سعية بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف هُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين أَسْلمُوا يَوْم قُرَيْظَة فمنعوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ لَهُم خبر فِي السّير يخرج فِي أَعْلَام نبوة مُحَمَّد ص قَالَ البُخَارِيّ توفّي ثَعْلَبَة بن سعية وَأسيد بن سعية فِي حَيَاة النَّبِي ص)(11/9)
3 - (ابْن سُهَيْل الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن سُهَيْل أَبُو أُمَامَة الْحَارِثِيّ مَشْهُور بكنيته
وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل إِيَاس بن ثَعْلَبَة وَقيل الأول وَقيل إِيَاس أصح لَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَحَادِيث أَحدهَا من اقتطع مَال امْرِئ مُسلم بِيَمِينِهِ وَالثَّانِي البذاذة من الْإِيمَان وَالثَّالِث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى على أمه بعد أَن دفنت وَهُوَ ابْن أُخْت أبي بردة بن نيارٍ لم يشْهد بَدْرًا وَكَانَ قد أجمع على الْخُرُوج إِلَيْهَا مَعَ النَّبِي ص
وَكَانَت أمه مَرِيضَة فَأمره بالْمقَام على أمه فَرجع من بدرٍ وَقد توفيت فصلى عَلَيْهَا
3 - (ابْن الحكم الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن الحكم اللَّيْثِيّ الصَّحَابِيّ نزل الْبَصْرَة ثمَّ تحول إِلَى الْكُوفَة روى عَنهُ سماك بن حربٍ قَالَ كنت غُلَاما على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَصَابُوا غنما فانتهبوها فَبعث رَسُول الله ص اكفئوا الْقُدُور فَإِن النهبة لَا تصلح
3 - (ابْن صعير الصَّحَابِيّ)
ثَعْلَبَة بن صعير بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَرَاء وَيُقَال ابْن صعير بن عَمْرو بن زيد بن سِنَان
روى عَنهُ عبد(11/10)
الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك وَابْنه عبد الله بن ثَعْلَبَة
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَهما صُحْبَة يَعْنِي ثَعْلَبَة وَابْنَة
3 - (الْحَنَفِيّ)
ثَعْلَبَة بن عُمَيْر الْحَنَفِيّ من بني عدي بن حنيفَة إسلامي من أهل الْيَمَامَة وَكَانَ يدان كثيرا فخافت امْرَأَته أَن يذهب مَاله فِي الدّين فَقَالَت أَلا تقسم مَالك بَين بنيك فَقَالَ من الوافر
(وعاذلةٍ تلوم فَلم أطعها ... قَدِيما مَا عصيت العاذلينا)
(أَلا مَالِي وَمَا أهلكت مِنْهُ ... لمن أُبْقِي لأي الْوَارِثين)
(أللمحتال حِين أَمُوت بعدِي ... بِجمع المَال أم للمنشدينا)
(أرى المضعوف والمحتال كلا ... يعِيش برزق رب العالمينا)
فاستعدى عَلَيْهِ غرماؤه للمهاجرين عبد الله وَالِي الْيَمَامَة وحبسوه فَقَالَ
(إِذا مَا قضيت الدّين بِالدّينِ لم يكن ... قَضَاء وَلَكِن كَانَ غرماً على غرم)
)
3 - (رَأس الثعالبة من الْخَوَارِج)
ثَعْلَبَة بن عَامر رَأس الثعالبة من فرق الْخَوَارِج كَانَ مَعَ عبد الْكَرِيم ابْن عجردٍ يدا وَاحِدَة إِلَى أَن اخْتلفَا فِي أَمر الاطفال فَقَالَ ثَعْلَبَة إِنَّا على ولائهم صغَارًا وكباراً إِلَى أَن نرى مِنْهُم إِنْكَار الْحق والرضى بالجور فتبرأ عبد الْكَرِيم مِنْهُ وَأَصْحَابه وَتَفَرَّقَتْ الثعالبة سبع فرق الأخنسية والرشيدية والمكرمية والمعبدية والشيبانية والمعلومية والمجهولية
فالأخنسية أَتبَاع أخنس بن قيس والرشيدية أَتبَاع رشيد الطوسي وَيُقَال لَهُم العشرية والمكرمية أَصْحَاب ابْن الْمُعَلَّى والمعبدية أَصْحَاب معبد بن عبد الرَّحْمَن والشيبانية أَصْحَاب شَيبَان بن سَلمَة الْخَارِج فِي أَيَّام أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي والمعلومية والمجهولية سمو بذلك أما المعلومية فلقولهم من لم يعرف الله تَعَالَى بِجَمِيعِ صِفَاته وأسمائه فَهُوَ جَاهِل وَمن عرفه بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاته فَهُوَ عَالم مُؤمن بِهِ وَأما المجهولية فلقولهم من عرف بعض أَسْمَائِهِ وَصِفَاته فقد عرف الله تَعَالَى
وَهَؤُلَاء كلهم متقاربون فِي الْبدع والضلالات مُخْتَلفُونَ فِي بعض فروعها قَالَ أخنس بن قيس أتوقف فِي جَمِيع من كَانَ فِي دَار التقية من أهل الْقبْلَة إِلَّا من عرف مِنْهُ إمان فأتوالاه أَو كفر فأتبرأ مِنْهُ وَكَانَ شَيبَان يَقُول بالجبر وَنفي الْقُدْرَة الْحَادِثَة وَقَالَ مكرم من ترك الصَّلَاة فَهُوَ كَافِر وَهَكَذَا كل من ارْتكب كَبِيرَة كفر وَلكنه لَا يكفر بِفِعْلِهِ الْكَبِيرَة لَكِن بجهله بِاللَّه سُبْحَانَهُ إستدلالاً بقوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن الحَدِيث قَالَ هَذَا إِشَارَة إِلَى متعاطي الْمعْصِيَة لَا يُبَالِي بهَا(11/11)
(ثَعْلَب)
3 - (صَاحب الفصيح)
ثَعْلَب الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الفصيح إسمه أَحْمد بن يحيى وَقد مر ذكره فِي الأحمدين فِي مَوْضِعه
3 - (الخباز الْبَغْدَادِيّ)
ثَعْلَب بن أبي بكر بن بنْدَار الخباز وَيعرف بِحَمْزَة الشواء وَهُوَ أَخُو غزال القصاب
سمع أَبَا الْعِزّ ثَابت بن مَنْصُور الكيلي
وَحدث بِيَسِير سمع مِنْهُ عبد الرَّزَّاق بن عبد الْقَادِر الجيلي توفّي قبل أَخِيه غزال بِزَمَان طَوِيل وَحدث سنة سِتّ وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (السراج الْبَغْدَادِيّ)
ثَعْلَب بن جَعْفَر بن أَحْمد بن الْحُسَيْن السراج أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي مُحَمَّد من أَوْلَاد الْمُحدثين
أسمعهُ وَالِده بِدِمَشْق من أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الحنائي وَأبي الْحسن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن أبي الْحَدِيد السّلمِيّ وَأبي مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الكتاني وَعبد الدَّائِم بن الْحسن الْهِلَالِي وَأبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب وروى عَنهُ أَبُو بكر الْمُبَارك ابْن كَامِل الْخفاف وَأَخُوهُ ذَاكر
وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن المحاية)
ثَعْلَب بن عَليّ بن نصر بن عَليّ أَبُو نصر الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المحاية وسمى نَفسه نصرا
كَانَ أحد الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة تولى الْإِعَادَة بمدرسة ابْن الْمطلب وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأدب وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة
قَالَ محبُّ الدّين بن النجَّار وَمَا أظنُّه روى شَيْئا
وَبَلغنِي أَن مولده كَانَ سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (الأكاف)
ثَعْلَب بن مَذْكُور بن أرنب الأكاف الْبَغْدَادِيّ أَبُو الْحصين
كَانَ عريف الحراس فِي سرادق الإِمَام المستنجد وَكَانَ ممتعاً بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ يخضب بِالْحِنَّاءِ)
سَمعه وَالِده من أبي الْقَاسِم بن الْحصين وَأبي غَالب بن الْبناء وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَكَانَ سيء الطَّرِيقَة غير مرضِي السِّيرَة ترك السماع جمَاعَة مِنْهُ وأسقطوه وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (القاهري الْعَطَّار)
ثَعْلَب بن أبي الْحُسَيْن بن ثَعْلَب شرف الدّين القاهري الْعَطَّار
أَنْشدني الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الطَّوِيل(11/12)
(تمتعت بالتوفيق والعز والبقا ... وحوشيت من كشف ألم وَمن كسف)
(وَلَا زلت فِي عز ولين ورفعة ... مُقيما بصدر الْآي من سُورَة الْكَهْف)
(ثقف بن عَمْرو)
(أَبُو مَالك الْأَسْلَمِيّ)
ثقف بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ وَيُقَال الْأَسدي أَبُو مَالك حَلِيف بني عبد شمس
وَيُقَال ثقاف بألفٍ شهد هُوَ وأخواه مدلاح بن عَمْرو وَمَالك بن عَمْرو بَدْرًا وَقتل يَوْم أحدٍ شَهِيدا وَقيل يَوْم حنين قَتله أسيد الْيَهُودِيّ
(ثقب بن عَم أبي أسيد السَّاعِدِيّ)
ثقب بِالْبَاء الْمُوَحدَة ابْن فَرْوَة بن الْبدن الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ وَقيل ثقيب مُصَغرًا وَقيل ثقف بِالْفَاءِ وَالصَّحِيح الأول وَهُوَ ابْن عَم أبي أسيد السَّاعِدِيّ قتل يَوْم أحد شَهِيدا
(الألقاب)
الثَّقَفِيّ الْحَافِظ عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ الشيعي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن الثِّقَة عَطاء الله بن عَليّ ابْن الثلاج عبد الله بن مُحَمَّد
(ثمال)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي الْوَاعِظ)
ثمال بن مُحَمَّد بن منيع الغنوي أَبُو الْمَعَالِي الْوَاعِظ
حدث بالأنبار بالأربعين حَدِيثا لأبي نصر مُحَمَّد بن عَليّ بن ودعان الْموصِلِي عَن أبي الْفَتْح عبد الْجَبَّار بن الْحُسَيْن الْمَقْدِسِي الْوَاعِظ عَنهُ وَرَوَاهَا أَبُو مَنْصُور عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْأَنْبَارِي وَذكر أَنه سَمعهَا فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (معز الدولة صاحل حلب)
ثمال بن صَالح ابْن الزّوقلّية بالزاي وَبعد الْوَاو قَاف وَلَام وياء آخر الْحُرُوف مُشَدّدَة الْأَمِير معز الدولة أَبُو علوان الْكلابِي رَئِيس بني كلاب تملك(11/13)
حلب وَغَيرهَا وَكَانَ بطلاً شجاعاً حَلِيمًا كَرِيمًا أغْنى أهل حلب بِمَالِه وَأحسن إِلَى الْعَرَب وعزله الْمُسْتَنْصر صَاحب مصر وردّه وَكَانَ الْفُضَلَاء يقصدونه وَيَأْخُذُونَ جوائزه
وَتُوفِّي فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ الظَّاهِر صَاحب مصر قد أرسل جَيْشًا إِلَى أبي علوان فَهَزَمَهُ على حماة فَقَالَ ابْن أبي حَصِينَة قصيدة يمدحه بهَا أَولهَا من الْبَسِيط
(مَا قدم الْبَغي إِلَّا أخر الرشد ... وَالنَّاس يلقون عُقبى كل مَا اعتقدوا)
مِنْهَا
(ثمَّ اسْتَقَلت إِلَى السَّعْدِيّ ظعنهم ... فمنذ صَارُوا إِلَى السَّعْدِيّ مَا سعدوا)
)
(ولوا وَمن خَلفهم جَيش فوارسه ... قد أنجدتنا بِهِ الجوزاء والأسد)
وَكَانَ قد جَاءَ عَلَيْهِم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مطر عَظِيم أذهب مَالهم وخيمهم وَجَمِيع ثقلهم
(لم يعلمُوا حِين بَات السَّيْل يدهمهم ... أَن المدود لنا من خَلفهم مدد)
(ترى الْخيام على التيار طافيةً ... كَأَنَّمَا هِيَ فِي حافاتها زبد)
(والسيل قد جر مَا ضمت غنائمهم ... حَتَّى تشابهت الأمواج والزرد)
(بلغ تحيتنا طياً وَقل لَهُم ... مَا ضرنا ذَلِك الحشد الَّذِي حشدوا)
(عققتمونا وَقد قمنا ببركم ... كَمَا يقوم ببر الْوَالِد الْوَلَد)
(فَمَا رعت حَقنا كلب وَلَا حفظت ... لنا الصنيعة قحطان وَلَا أدد)
(هجمتم الشَّام إِذْ غَابَتْ فوارسه ... وَالذِّئْب يعرض حَتَّى يحضر الْأسد)
(وأطمعتكم حماة فِي ممالكنا ... والمطمع السوء مقرون بِهِ النكد)
(وَمَا حماة وَإِن بَانَتْ بضائرةٍ ... وَالظفر إِن قصّ لم يألم لَهُ الْجَسَد)
(ويستعاد وميض الْهِنْد ثَانِيَة ... إِذا نزلنَا وَمن قبلينا صدد)
(الألقاب)
الثمانيني النَّحْوِيّ اسْمه عمر بن ثَابت ابْن الثمانيني النَّحْوِيّ إِبْرَاهِيم بن نصر
(ثُمَامَة)
3 - (ثُمَامَة ابْن بجاد الصَّحَابِيّ)
ثُمَامَة بن بجاد بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم رجل من عبد قيس لَهُ صُحْبَة كُوفِي روى عَنهُ الْعيزَار بن حُرَيْث وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي ذكره ابْن أبي حَاتِم(11/14)
3 - (ابْن حزن الْقشيرِي)
ثُمَامَة بن حزن الْقشيرِي يعد فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة من التَّابِعين
حَدِيثه عِنْد الْبَصرِيين روى عَن ابْن عمر وَأبي الدَّرْدَاء وَسمع عَائِشَة روى عَنهُ الْأسود بن شَيبَان الْبَصْرِيّ والجريري وَأَبوهُ حزن بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي
3 - (ابْن شفي)
ثُمَامَة بن شفي بِضَم الشين وَفتح الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْهَمدَانِي الأصبحي أَبُو عَليّ تَابِعِيّ عداده فِي أهل مصر سمع فضَالة بن عبيد وروى عَنهُ عَمْرو بن الْحَارِث وَمُحَمّد بن إِسْحَاق
3 - (قَاضِي الْبَصْرَة)
ثُمَامَة بن عبد بِاللَّه بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ روى عَن جده وَعَن الْبَراء بن عَازِب وَولي قَضَاء الْبَصْرَة وَكَانَ يَقُول صَحِبت جدي
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد والترميذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين وَالْمِائَة
3 - (ابْن أَثَال الصَّحَابِيّ)
ثُمَامَة بن النُّعْمَان بن مسلمة بن عبيد بن يَرْبُوع بن الدؤل بن حنيفَة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل
لما اغْتسل وَجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ يَا(11/15)
مُحَمَّد مَا كَانَ على الأَرْض وَجه أبْغض إليّ من وَجهك وَمَا على الأَرْض وَجه أحبّ إليّ من وَجهك وَالله لَا يحمل إِلَى مَكَّة حَبَّة من طَعَام يسلمُوا فَقدم الْيَمَامَة فحبس عَنْهُم فشقّ ذَلِك عَلَيْهِم فَكَتَبُوا إِلَى النبيّ ص إِنَّك تَأمر بصلَة الرَّحِم وَإِن ثُمَامَة حبس عَنَّا الْحمل فَكتب إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحمل إِلَيْهِم وَكَانَ ثُمَامَة مِمَّن ثَبت حِين الرِّدَّة على الْإِسْلَام وَله مقَام مَحْمُود فِي الرَّد على مُسَيْلمَة وَلما)
أغْلظ لمُسَيْلمَة وَبرئ مِنْهُ قَالَ مَا قضيت حق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد
فَجمع بني حنيفَة فخطبهم فَقَالَ يَا بني حنيفَة إِنِّي أرى فِيكُم بغياً ولجاجة وَالْبَغي هَلَاك واللجاج نكد فِي كَلَام قَالَ فِيهِ وَإِنَّكُمْ وَالله لَو قاتلتم أمثالكم لما خفت أَن يغلبوكم وَلَكِنَّكُمْ تقاتلون النُّبُوَّة بالكهانة وَالْقُرْآن بالشعر وَالْأَنْصَار بالكفار والمهاجرين بالأعراب فَلَو كَانَ لنَادِم إِقَالَة أَو لشاك بَقَاء لم نكره أَن تذوقوا عواقب مَا أَنْتُم فِيهِ وَلكنه هَلَاك الْأَبَد
فأعظمه الْقَوْم أَن يُجِيبُوهُ وثبتوا على أَمرهم فَرجع مغضباً وَقَالَ من الطَّوِيل
(أهم بترك القَوْل ثمَّ يردني ... إِلَى القَوْل إنعام النبيّ مُحَمَّد)
(شكرت لَهُ فكي من الغل بَعْدَمَا ... رَأَيْت خيالاً فِي حسام مهند)
وَقَالَ من الطَّوِيل أَيْضا
(دَعَانَا إِلَى ترك الدّيانَة وَالْهدى ... مُسَيْلمَة الْكذَّاب إِذْ جَاءَ يسجع)
(فيا عجبا من معشرٍ قد تتابعوا ... لَهُ فِي سَبِيل الغي والغي أشنع)
مِنْهَا
(وَفِي الْبعد عَن دَار وَقد ضل أَهلهَا ... هدى واجتماع كل ذَلِك مهيع)
3 - (رَأس الثمامية من الْمُعْتَزلَة)
ثُمَامَة بن أَشْرَس النميري
كَانَ جَامعا بَين سخافة الدّين والخلاعة مَعَ اعْتِقَاده بِأَن الْفَاسِق يخلد بالنَّار إِذا مَاتَ على فسقه من غير تَوْبَة وَهُوَ فِي حَال حَيَاته فِي منزله بَين منزلتين
وَانْفَرَدَ عَن أَصْحَابه الْمُعْتَزلَة بمسائل مِنْهَا قَوْله إِن الْأَفْعَال المتولدة لَا فَاعل لَهَا إِذْ يُمكن إضافتها إِلَى فَاعل أَسبَابهَا حَتَّى يلْزم أَن يضيف الْفِعْل إِلَى ميت مِثْلَمَا إِذا فعل السَّبَب وَمَات وَوجد الْمُتَوَلد بعده وَلم يُمكن إضافتها إِلَى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى فعل الْقَبِيح وَذَلِكَ محَال فتحير فِيهِ وَقَالَ المتولدات أَفعَال لَا فَاعل لَهَا وَمِنْهَا قَوْله فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين(11/16)
والمجموس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى والزنادقة والدهرية إِنَّهُم يصيرون فِي الْقِيَامَة تُرَابا وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الْبَهَائِم والطيور وَأَطْفَال الْمُؤمنِينَ
وَمِنْهَا قَوْله الِاسْتِطَاعَة هِيَ السَّلامَة وَصِحَّة الْجَوَارِح وخلوها من الْآفَات وَهِي قبل الْفِعْل
وَمِنْهَا قَوْله إِن الْمعرفَة مُتَوَلّدَة من النّظر وَهُوَ لَا فَاعل لَهُ كَسَائِر المتولدات وَمِنْهَا قَوْله فِي)
تَحْسِين الْعقل وتقبيحه وَإِيجَاب الْمعرفَة قبل وُرُود السّمع مثل أَصْحَابه غير أَنه زَاد عَلَيْهِم فَقَالَ من الْكفَّار من لَا يعلم خالقه وَهُوَ مَعْذُور
وَقَالَ إِن المعارف كلهَا ضَرُورِيَّة وَإِن من لم يضْطَر إِلَى معرفَة الله تَعَالَى فَهُوَ مسخر للعباد كالحيوان
وَمِنْهَا قَوْله لَا فعل للْإنْسَان إِلَّا الْإِرَادَة وَمَا عَداهَا فَهُوَ حدث لَا مُحدث لَهُ
وَحكى ابْن الريوندي عَنهُ أَنه قَالَ الْعَالم فعل الله بطباعه قَالَ الشهرستاني وَلَعَلَّه أَرَادَ بذلك مَا تريده الفلاسفة من الْإِيجَاب بِالذَّاتِ دون الإيجاد على مُقْتَضى الْإِرَادَة وَلَكِن يلْزمه على اعْتِقَاده ذَلِك مَا يلْزم الفلاسفة من القَوْل بقدم الْعَالم إِذْ الْمُوجب لَا يَنْفَكّ عَن الْمُوجب
وَكَانَ ثُمَامَة فِي زمن الْمَأْمُون وَكَانَ عِنْده بمَكَان
(ثَوْبَان)
3 - (ثَوْبَان مولى النَّبِي)
ثَوْبَان بن بجدد هُوَ أَبُو عبد الله وَيُقَال أَبُو عبد الرَّحْمَن وَقيل فِي أَبِيه جحدر
وثوبان مولى رَسُول الله ص سبي من نواحي الْحجاز وَقيل إِنَّه من حمير وَقيل إِنَّه حكمي من حكم بِهِ سعد الْعَشِيرَة اشْتَرَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْتقهُ وَلم يزل مَعَه سفرا وحضراً إِلَى أَن توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَى الشَّام وَنزل الرملة ثمَّ انْتقل إِلَى حمص وَتُوفِّي بهَا سنة أَربع وَخمسين
وروى عَنهُ شَدَّاد ابْن أَوْس وَجبير بن نفير وَأَبُو الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ ومعدان بن طَلْحَة وَأَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْفَيْض ذُو النُّون الْمصْرِيّ)
ثَوْبَان بن إِبْرَاهِيم وَقيل الْفَيْض بن إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف(11/17)
بِذِي النُّون الْمصْرِيّ الصَّالح الْمَشْهُور أحد رجال الطَّرِيقَة كَانَ أوحد وقته علما وورعاً وَحَالا وأدباً وَهُوَ مَعْدُود فِي جملَة من روى الْمُوَطَّأ عَن الإِمَام مَالك
كَانَ أَبوهُ نوبياً وَقيل من أهل إخميم مولى لقريش
وَسُئِلَ عَن سَبَب تَوْبَته فَقَالَ خرجت من مصر لبَعض الْقرى فَنمت فِي الطَّرِيق فِي بعض الصحارى ففتحت عَيْني فَإِذا أَنا بقنبرة عمياء سَقَطت من وَكرها على الأَرْض فانشقت الأَرْض)
فَخرج مِنْهَا سكرجتان إِحْدَاهمَا ذهب وَالْأُخْرَى فضَّة وَفِي إِحْدَاهمَا سمسم وَفِي الْأُخْرَى مَاء فَجعلت تَأْكُل من هَذِه وتشرب من هَذِه فَقلت حسبي قد تبت ولزمت الْبَاب إِلَى أَن قبلني
وَكَانَ قد سعوا بِهِ إِلَى المتَوَكل فَاسْتَحْضرهُ من مصر فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وعظه فَبكى المتَوَكل ورده مكرماً وَكَانَ المتَوَكل إِذا ذكر أهل الْوَرع بَين يَدَيْهِ يبكي وَيَقُول إِذا ذكر أهل الْوَرع فحي هلا بِذِي النُّون وَكَانَ رجلا نحيفاً تعلوه حمرَة لَيْسَ بأبيض اللِّحْيَة
وَشَيْخه فِي الطَّرِيقَة شقران العابد
وَمن كَلَامه إِذا صحت الْمُنَاجَاة بالقلوب استراحت الْجَوَارِح
وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم السَّرخسِيّ بِمَكَّة سَمِعت ذَا النُّون يَقُول وَفِي يَده الغل وَفِي رجلَيْهِ الْقَيْد وَهُوَ يساق إِلَى المطبق وَالنَّاس يَبْكُونَ حوله وَهُوَ يَقُول هَذَا من مواهب الله وَمن عطاياه وكل فعاله عذب حسن طيب وَأنْشد من الْخَفِيف
(لَك من قلبِي الْمَكَان المصون ... كل لومٍ عَليّ فِيك يهون)
(لَك عزم بِأَن أكون قَتِيلا ... فِيك وَالصَّبْر عَنْك مَا لَا يكون)
قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وقفت فِي بعض المجاميع على شئ من أَخْبَار ذِي النُّون الْمصْرِيّ رَحمَه الله فَقَالَ إِن بعض الْفُقَرَاء من تلامذته فَارقه من مصر وَقدم بَغْدَاد فَحَضَرَ بهَا سَمَاعا فَلَمَّا طَابَ الْقَوْم وتواجدوا أنْشد الْمُغنِي أَبْيَات ابْن التعاويذي من الْبَسِيط سقاك سارٍ من الوسمي هتان إِلَى أَن قَالَ مِنْهَا
(بَين السيوف وَعَيْنَيْهِ مشاركةٌ ... من أجلهَا قيل للأغماد أجفان)(11/18)
قَامَ ذَلِك الْفَقِير وَدَار واستمع وصرخ وَوَقع فحركوه فوجدوه مَيتا فوصل خَبره إِلَى شَيْخه ذِي النُّون فَقَالَ لأَصْحَابه تجهزوا حَتَّى نمشي إِلَى بَغْدَاد فَلَمَّا فرغوا من أشغالهم خَرجُوا إِلَيْهَا فقدموا عَلَيْهَا وَسَاعَة قدومهم الْبَلَد قَالَ ائْتُونِي بذلك الْمُغنِي فأحضروه إِلَيْهِ فأله عَن قصَّته مَعَ ذَلِك الْفَقِير فَقص عَلَيْهِ قصَّته فَقَالَ لَهُ أنْشد ذَلِك الشّعْر وَشرع هُوَ وجماعته فِي الْغناء بذلك الشّعْر فَلَمَّا ذكر الْبَيْت فَعِنْدَ ابْتِدَائه صرخَ الشَّيْخ على ذَلِك الْمُغنِي فَوَقع مَيتا فَقَالَ الشَّيْخ قَتِيل بقتيل أَخذنَا ثأر صاحبنا ثمَّ أَخذ فِي التجهز وَالرُّجُوع إِلَى الديار المصرية وَلم يلبث بِبَغْدَاد وَعَاد)
من فوره
وَتُوفِّي ذُو النُّون فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَقيل سنة سِتّ وَقيل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله وَدفن فِي القرافة الصُّغْرَى وعَلى قَبره مشْهد وَفِي المشهد قُبُور جمَاعَة من الصلحاء
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ روى أَحَادِيث عَن مَالك فِيهَا نظر
وَكَانَ واعظاً فصيحاً وَكَانَ أهل ناحيته يسمونه الزنديق فَلَمَّا مَاتَ أظلت الطير جنَازَته
فاحترموا بعد ذَلِك قَبره وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ دمشق
3 - (العثماني)
ثَوْبَان القَاضِي العثماني اليمني لَهُ أمداح فِي عَليّ بن مُحَمَّد الصليحي
أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب من الرمل
(إِن من يعرف أَيَّام الصِّبَا ... صد إِذْ أبْصر شيبي وصبا)
(وَالَّتِي تعرف مهري أدهماً ... أنكرته إِذْ رَأَتْهُ أشهبا)
(اخوتي هبوا فقد هبت لنا ... نَغمَة الطير وأنفاس الصِّبَا)
(فاصرفوا الْهم إِذا مَا ضامكم ... وخذوا من عيشنا مَا ذَهَبا)
(ضم شَمل الود منا مجْلِس ... ترقص الْأَركان فِيهِ طَربا)
(كل سمح الْكَفّ لَو تسأله ... كل مَا يملك جوداً وهبا)
مِنْهَا
(رب شَمْطَاء نزلناها وَقد ... ركب اللَّيْل وأرخى الطنبا)
(قَالَت الطراق من قلت أَنا ... وأصيحابي فَقَالَت مرْحَبًا)
(ثمَّ أومت نَحْو مِصْبَاح لَهَا ... كَاد يخبو سحرًا أَو قد كبا)
(دفعت فِي الصحن دنٍ خلت فِي ... جنبات الْبَيْت مِنْهُ لهبا)
(فسقوني مِنْهُ حَتَّى صرت من ... سكرتي أَحسب مهري أرنبا)(11/19)
(الألقاب)
ابْن ثوابة الْكَاتِب أَحْمد بن مُحَمَّد وَابْن أَخِيه أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَيْضا)
وَابْن ثوابة الْكَاتِب مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن ثَوْبَان اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
(ثَوْر)
3 - (ثَوْر الدئلي)
ثَوْر بن زيد الدئلي الْمدنِي
سمع عِكْرِمَة وَأَبا المغيث
روى عَن ابْن عَبَّاس مُرْسلا روى عَنهُ مَالك بن أنس وَسليمَان بن بِلَال عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد
مَاتَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الكلَاعِي الْحِمصِي)
ثَوْر بن يزِيد الكلَاعِي الشَّامي الْحِمصِي سمع خَالِد بن معدان وروى عَنهُ الثَّوْريّ وَيحيى بن سعيد
مَاتَ سنة خمس وَخمسين وَمِائَة
روى لَهُ البُخَارِيّ وَالْأَرْبَعَة
وَكَانَ ثَوْر الكلَاعِي من كبار الْعلمَاء
قَالَ ابْن معِين وَغَيره ثِقَة
وَقَالَ سُفْيَان اتَّقوا ثوراً لَا ينطحكم بقرنه كَأَنَّهُمْ رَمَوْهُ بِالْقدرِ وَرُبمَا رَجَعَ عَنهُ مَاتَ بالقدس وَالله أعلم
3 - (ابْن أبي فَاخِتَة)
ثَوْر بن أبي فَاخِتَة سعيد بن علاقَة مولى أم هَانِئ بنت أبي طَالب
وَقيل مولى جعدة بن هُبَيْرَة المَخْزُومِي
روى عَن أَبِيه وروى عَن الثَّوْريّ وَإِسْرَائِيل مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة(11/20)
3 - (ثَوْر بن معن)
ثَوْر بن معن بن يزِيد بن الْأَخْنَس لِأَبِيهِ صُحْبَة
توفّي ثَوْر سنة سبعين لِلْهِجْرَةِ
(الألقاب)
)
أَبُو ثَوْر صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُمَا إِبْرَاهِيم بن خَالِد بن أبي الثِّيَاب عبد الرَّزَّاق بن الْحسن(11/21)
(حرف الْجِيم)
(أَبُو جري الهُجَيْمِي الصَّحَابِيّ)
جَابر بن سليم هُوَ أَبُو جري بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء وَيُقَال سليم بن جَابر وَالْأول أَكثر
قَالَ البُخَارِيّ أصح شيءٍ عِنْدَمَا فِي أبي جري الهُجَيْمِي جَابر بن سليم
وَهُوَ تميمي نزل الْبَصْرَة وَحَدِيثه عِنْدهم وَهُوَ من المقلين
روى عَنهُ مُحَمَّد بن سِيرِين وَأَبُو تَمِيم الهُجَيْمِي
(جَابر)
3 - (ابْن سَمُرَة الصَّحَابِيّ)
جَابر بن سَمُرَة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَضم الْمِيم ابْن جُنَادَة بِضَم الْجِيم وَبعدهَا نون وَبعد الْألف دَال مُهْملَة السوَائِي بِضَم السِّين الْمُهْملَة لَهُم ولأبيه سَمُرَة صُحْبَة
قيل فِي نسبه غير هَذَا
وَهُوَ ابْن أُخْت سعد بن أبي وَقاص وَأمه خالدة بنت أبي وَقاص نزل الْكُوفَة وَمَات بهَا سنة أَربع وَسبعين وَقيل سنة سِتّ وَسِتِّينَ
روى عَنهُ سماك بن حربٍ وعامر الشّعبِيّ وحصين بن عبد الرَّحْمَن وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (ابْن عبد الله الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
جَابر بن عبد الله بن عَمْرو بن سَواد بن سَلمَة(11/22)
الْأنْصَارِيّ من مشاهير الصَّحَابَة وَأحد المكثرين من الرِّوَايَة شهد هُوَ وَأَبوهُ الْعقبَة الثَّانِيَة وَلم يشْهد الأولى وَشهد بَدْرًا وَقيل لم يشهدها وَشهد بعْدهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر غزوات وَقدم مصر وَالشَّام وَأَبوهُ أحد أَلا ثني عشر نَقِيبًا
وكف بصر جَابر بآخرةٍ
روى عَنهُ أَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن عَليّ الباقر وَعَطَاء بن أبي ريَاح وَأَبُو الزبير)
فَأكْثر وَمُحَمّد بن المتكدر وَخلق سواهُم وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَلما توفّي وقف الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم بَين عمودي سَرِيره فَأخْرجهُ الْحجَّاج ووقف مَكَانَهُ وَصلى عَلَيْهِ وَأخرجه أَيْضا من حفرته واقتحمها الْحجَّاج حَتَّى فرغ مِنْهُ وَقيل أَن هَذَا لم يثبت لِأَنَّهُ مَاتَ وَالْحجاج على إمرة الْعرَاق وعاش أَرْبعا وَتِسْعين سنة وَمَات سنة أَربع وَسبعين وَقيل سبع وَسبعين وَقيل ثَمَان وَسبعين
وَهُوَ آخر من مَاتَ بِالْمَدِينَةِ من الصَّحَابَة فِي قَول
وَلما أَرَادَ شُهُود بدر خَلفه أَبوهُ على إخْوَته وَكن تسعا وَقَالَ أخرجني خَالِي لَيْلَة الْعقبَة وَأَنا لَا أَسْتَطِيع أَن أرمي بِحجر
3 - (ابْن عتِيك الْأنْصَارِيّ)
جَابر بن عتيكٍ بن قيس بن الْأسود الْأنْصَارِيّ من بني النجار قَالَ ابْن عبد الْبر هُوَ جَابر بن عتيكٍ الْأنْصَارِيّ المعاوي من بني عَمْرو بن عَوْف بن مَالك بن الْأَوْس وَيُقَال جبر بن عتِيك كَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق جبر مدنِي شهد بَدْرًا وَجَمِيع الْمشَاهد بعْدهَا
روى عَنهُ ابناه عبد الله وَأَبُو سُفْيَان
مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَله إِحْدَى وَتسْعُونَ سنة
3 - (ابْن رِئَاب الْأنْصَارِيّ)
جَابر بن عبد الله بن رِئَاب الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ شهد بَدْرًا(11/23)
وأحداً وَالْخَنْدَق وَسَائِر الْمشَاهد وَهُوَ أول من أسلم من الْأَنْصَار قبل الْعقبَة الأولى بعام
لَهُ حَدِيث عِنْد ابْن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى يمحو الله مَا يَشَاء قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعلم لَهُ غَيره
3 - (الصَّدَفِي)
جَابر الصَّدَفِي روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنَّه يكون بعدِي خلفاء وَبعد الْخُلَفَاء أُمَرَاء وَبعد الْأُمَرَاء مُلُوك وَبعد الْمُلُوك جبابرة يخرج من أهل بَيْتِي رجلُ يمْلَأ الأَرْض عدلا
3 - (جَابر الزرقي)
)
جَابر بن سُفْيَان الْأنْصَارِيّ الزرقي قدم سُفْيَان وابناه جَابر وجنادة من أَرض الْحَبَشَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السفينتين اللَّتَيْنِ قدمتا الْمَدِينَة من أَرض الْحَبَشَة
وأخوهما لِأُمِّهِمَا شُرَحْبِيل بن حَسَنَة
3 - (جَابر البلوي)
جَابر بن النُّعْمَان بن عُمَيْر البلوي السوادي وَسَوَاد فَخذ من بلي
لَهُ صُحْبَة وعداده فِي الْأَنْصَار
ذكره ابْن الْكَلْبِيّ وَهُوَ من رَهْط كَعْب بن عجْرَة
3 - (ابْن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ)
جَابر بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ مديني
روى عَنهُ عَطاء بن أبي رَبَاح جمعه مَعَ جَابر بن عبد الله فِي حَدِيث
3 - (ابْن أبي صعصة الْمَازِني)
جَابر بن أبي صعصة أَخُو قيس بن أبي صعصة وهم أَرْبَعَة قيس والْحَارث وَجَابِر وَأَبُو كلاب من بني مَازِن بن النجار
وَقتل جَابر وَأَبُو كلاب يَوْم مُؤْتَة سنة ثمانٍ لِلْهِجْرَةِ
3 - (جَابر الطَّائِي)
جَابر بن ظَالِم بن حَارِثَة بن عتاب الطَّائِي البحتري
ذكره الطَّبَرِيّ(11/24)
فِي من وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طي قَالَ وَكتب لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتابا فَهُوَ عِنْدهم
3 - (ابْن حَابِس)
جَابر بن حَابِس حَدِيثه عِنْد حُصَيْن بن نمير عَن أَبِيه عَن جده
3 - (جَابر الْعَبْدي)
جَابر بن عبيد الْعَبْدي أحد وَفد عبد الْقَيْس
حَدِيثه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَشْرِبَة
لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْنه عبد الله بن جَابر
3 - (جَابر الأحمسي)
)
جَابر بن عَوْف وَيُقَال ابْن طَارق وَيُقَال ابْن أبي طَارق الأحمسي كُوفِي روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه دخل وَعِنْده قرع فَقَالَ نكثر بِهِ طعامنا روى عَنهُ ابْنه حَكِيم بن جَابر
3 - (الرَّحبِي الصُّوفِي)
جَابر بن عبد الله الرَّحبِي الصُّوفِي
كَانَ من أستاذين الْجُنَيْد
وَهُوَ قدماء الصُّوفِيَّة تكلم فِي بلدته فِي كرامات الْأَوْلِيَاء فأنكروا عَلَيْهِ فَخرج وَركب السَّبع وَدخل الرحبة فَعجب النَّاس مِنْهُ
3 - (الْجعْفِيّ الرافضي)
جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ أخذُوا عَنهُ الْعلم على ضعفه ورفضه(11/25)
روى عَن أبي الطُّفَيْل وَالشعْبِيّ وَمُجاهد وَأبي الضُّحَى وَعِكْرِمَة وَطَائِفَة
وَقَالَ شُعْبَة هُوَ صَدُوق
وَقَالَ أبن معِين لَا تكْتبُوا حَدِيث جَابر الْجعْفِيّ وَلَا كَرَامَة
وَقَالَ زايدة كَانَ جَابر الْجعْفِيّ وَالله كذابا يُؤمن بالرجعة وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا رَأَيْت اكذب من جَابر مَا أَتَيْته بِشَيْء من رَأْي إِلَّا أَتَانِي فِيهِ بأثر وَزعم أَن عِنْده ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث
وَعَامة مَا قَذَفُوهُ أَنه آمن برجعة عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الدُّنْيَا
توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة
وروى لَهُ أَبُو دَاوُد التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (أحد الْأَئِمَّة السِّتَّة)
جَابر بن زيد الْأَزْدِيّ أحد الْأَئِمَّة السِّتَّة من أَصْحَاب عبد الله بن عَبَّاس سمع ابْن عَبَّاس وَابْن عمر
روى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار وَقَتَادَة
توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين
وَيُقَال لَهُ الجوفي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وبالفاء وكنية جَابر أَبُو الشعْثَاء
وَرُوِيَ لَهُ الْجَمَاعَة)
3 - (ابْن عباد الْبَصْرِيّ)
جَابر بن عباد الْبَصْرِيّ مؤدب ولد عبد الله بن طَاهِر خرج يُرِيد الْحَج فَعرض لَهُ الأكراد فِي طَرِيق الْجَبَل فحماه أَبُو دلفٍ الْعجلِيّ فَلَمَّا رَجَعَ كتب إِلَى أبي دلف من أبياتٍ من الوافر
(جرت بدموعها الْعين الذروف ... وظل من الْبكاء لَهَا أليف)
(بِلَاد تنوفةٍ وَمحل قفر ... وَبعد أحبة وَنوى قذوف)
(أَبَا دلفٍ وَأَنت زعيم بكر ... وَأَنت الْعِزّ والشرف المنيف)(11/26)
(تلق عِصَابَة هَلَكت فَمَا إِن ... بهَا إِن لم تؤيدها حقوف)
(كفعلك فِي الْبَدِيِّ وَقد تداعت ... من الأكراد مقبلة زحوف)
(فَلَمَّا أَن رأوك بهَا خفيراً ... وخيلك حولهَا عصب عكوف)
(طَوَوْا كشحاً وَقد سخنت عُيُون ... بِمَا لاقوا وَقد رغمت أنوف)
فَأَجَابَهُ أَبُو دلفً من الوافر
(وَدون يَد المحاول مَا حذرتم ... سيوف فِي عواقبها سيوف)
(رجال لَا تروعهم المنايا ... وَلَا يشجيهم الْأَمر الْمخوف)
(فطعن بالقنا الخطي حَتَّى ... تحل بِمن أخافكم الحتوف)
(وَنصر الله عصمتنا جَمِيعًا ... وبالرحمن ينتصر اللهيف)
3 - (أَبُو أَيُّوب الإشبيلي)
جَابر بن مُحَمَّد بن بَاقِي أَبُو أَيُّوب الْحَضْرَمِيّ الإشبيلي النَّحْوِيّ أَخذ الْعَرَبيَّة عَن أبي الْقَاسِم بن الرمال وَكَانَ يعرف كتاب سِيبَوَيْهٍ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْوَادي آشي الْمُقْرِئ)
جَابر بن مُحَمَّد بن قَاسم بن حسان الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الأندلسي الْوَادي آشي نزيل تونس وَالِد أبي عبد الله مولده سنة عشر
حج وَدخل الشَّام وَالْعراق وَقَرَأَ لأبي عَمْرو وعَلى السخاوي وَسمع مِنْهُ الشاطبية وَسمع من ابْن القبيطي وَعز الدّين عبد الرَّزَّاق وَرجع إِلَى الأندلس واستوطن تونس سمع مِنْهُ ابْنه وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (تلميذ جَعْفَر الصَّادِق)
)
جَابر بن حَيَّان أَبُو مُوسَى الطرسوسي قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان ألف كتابا يشْتَمل على ألف ورقة يتَضَمَّن رسائل جَعْفَر الصَّادِق وَهِي خَمْسمِائَة رِسَالَة فِي الكيمياء
قلت وَأَنا أنزة الإِمَام جعفراً الصَّادِق رَضِي الله عَنهُ عَن الْكَلَام فِي الكيمياء وَإِنَّمَا هَذَا الشَّيْطَان أَرَادَ الإغواء بِكَوْنِهِ عزا ذَلِك إِلَى أَن يَقُوله مثل جَعْفَر الصَّادِق لتتلقاه النُّفُوس بِالْقبُولِ ورأيته إِذا ذكر الْحجر يَقُول بَعْدَمَا يرمزه وَقد أوضحته فِي الْكتاب الْفُلَانِيّ فيتعب الطَّالِب حَتَّى يظفر بذلك المُصَنّف المشؤوم فيجده قد قَالَ وَقد بَينته فِي الْكتاب الْفُلَانِيّ
فَلَا يزَال(11/27)
يحِيل على شَيْء بعد شَيْء
وَوجدت بعض الْفُضَلَاء قد كتب على بعض تصانيفه إِمَّا الفردوسي أَو غَيره من مجزوء الْكَامِل
(هَذَا الَّذِي بمقاله ... غر الْأَوَائِل والأواخر)
(مَا أَنْت إِلَّا كاسر ... كذب الَّذِي سماك جَابر)
وتصانيفه فِي هَذَا الْفَنّ كَثِيرَة وَلَيْسَ تحتهَا طائل واستطرد الْكَلَام معي فِي أول شرح لامية الْعَجم إِلَى الْكَلَام على الكيمياء وحقيقتها وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه
(الألقاب)
ابْن الجابي عَليّ بن الْحسن الجاجرمي الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْفضل الجاحظ الْمُتَكَلّم الأديب اسْمه عَمْرو بن بَحر
(الْجَارُود)
3 - (الْجَارُود التَّابِعِيّ)
الْجَارُود الْهُذلِيّ أحد الْأَشْرَاف بِالْبَصْرَةِ
توفّي سنة عشْرين وَمِائَة
وَهُوَ ابْن أبي سُبْرَة التَّابِعِيّ
روى عَن أنس بن مَالك وَهُوَ صَالح بِالْحَدِيثِ
روى عَنهُ قَتَادَة وَعَمْرو بن أبي حجاج
3 - (ابْن الْمُعَلَّى الصَّحَابِيّ)
الْجَارُود بن الْمُعَلَّى بن الْعَلَاء وَقيل ابْن عَمْرو بن الْعَلَاء(11/28)
أَبُو غياث وَقيل أَبُو عتاب
كَانَ الْجَارُود نَصْرَانِيّا قدم مَعَ وَفد عبد الْقَيْس فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْإِسْلَام فَأسلم وَحسن إِسْلَامه
وَمن قَوْله لما حسن إِسْلَامه من الطَّوِيل
(شهِدت بِأَن الله حق وسامحت ... بَنَات فُؤَادِي بِالشَّهَادَةِ والنهض)
(فأبلغ رَسُول الله عني رِسَالَة ... بِأَنِّي حنيف حَيْثُ كنت من الأَرْض)
(وَأَنت أَمِين الله فِي كل وحيه ... على الْوَحْي من بَين القضيضة والقض)
فِي أَبْيَات
وَقيل أَن عُثْمَان بن بِأبي الْعَاصِ بعث الْجَارُود فِي بعث نَحْو سَاحل فَارس فَقتل فِي مَوضِع يُقَال لَهُ عقبَة الْجَارُود وَكَانَ قبل ذَلِك يعرف بعقبة الطين وَذَلِكَ سنة إِحْدَى وَعشْرين
وَيُقَال إِنَّه بشر بن عَمْرو وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْجَارُود لِأَنَّهُ أغار فِي الْجَاهِلِيَّة على بكر بن وَائِل فَأَصَابَهُمْ فجردهم
وَهُوَ الْجَارُود الْعَبْدي وَلِهَذَا قَالَ الْمفضل الْعَبْدي من الطَّوِيل
(ودسناهم بِالْخَيْلِ من كل جَانب ... كَمَا جرد الْجَارُود بكر بن وَائِل)
وروى عَن الْجَارُود مطرف بن عبد الله بن الشخير وَابْن سِيرِين وَأَبُو مُسلم الجذمي وَزيد بن عَليّ أَبُو القموص
وروى عَنهُ من الصَّحَابَة عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ)
وروى عَنهُ جمَاعَة من كبار التَّابِعين
(جاريك تمر)
(الْأَمِير سيف الدّين المارداني)
كَانَ من مماليك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد أَخذه من السُّلْطَان فِي بعض السفرات الَّتِي كَانَ يتَوَجَّه فِيهَا إِلَى مصر وَأقَام عِنْده فِي دَار السَّعَادَة وَلما كَانَ فِي آخر سفرةٍ توجهها إِلَى مصر أَخذ لَهُ إمرةً فِيمَا أَظن وَلما أمسك توجه إِلَى مصر ورسم لَهُ بِالْإِقَامَةِ بهَا وَخرج مَعَ الفخري لما خرج إِلَى الكرك وَوصل مَعَه إِلَى دمشق
وَفِي آخر الْأَمر كَانَ حاجباً صَغِيرا ثمَّ إِنَّه جهز إِلَى الكرك نَائِبا عوضا عَن الْأَمِير وَلم يزل بهَا نَائِبا إِلَى أَن أمسك الْوَزير منجك فِي أَيَّام النَّاصِر حسن فرسم لَهُ بالتوجه إِلَى البيرة نَائِبا بهَا وَحضر إِلَى الكرك بدله الْأَمِير سيف الدّين أر آي فَأَقَامَ بالبيرة إِلَى أَن خلع النَّاصِر حسن وَولي الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين صَالح فرسم لَهُ بالتوجه إِلَى الْقَاهِرَة
(جَارِيَة)
3 - (جَارِيَة السَّعْدِيّ الصَّحَابِيّ)
جَارِيَة بن قدامَة التَّمِيمِي السَّعْدِيّ
وَقَالَ بَعضهم جَارِيَة بن(11/29)
قدامَة ابْن مَالك بن زُهَيْر وَيُقَال جَارِيَة بن مَالك بن زُهَيْر بن حصن
وَهُوَ ابْن عَم الْأَحْنَف بن قيس
وَكَانَ صَاحب عَليّ بن أبي طَالب فِي حروبه روى عَن الْأَحْنَف بن قس قَالَ ابْن عبد الْبر وَمن قَالَ إِنَّه عَم الْأَحْنَف فَلَعَلَّهُ عَمه لأمه وَإِلَّا فَلَا يَجْتَمِعَانِ إِلَّا فِي سعد بن زيد مَنَاة
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وَله صُحْبَة
3 - (ابْن هرم التَّابِعِيّ)
جَارِيَة بن هرم التَّمِيمِي وَيُقَال لَهُ جَارِيَة بن بلج من التَّابِعين روى عَن أبي بن لبا وسمراء بنت نهيك
3 - (الصَّحَابِيّ)
جَارِيَة بن جميل الْأَشْجَعِيّ أسلم وَصَحب النَّبِي ص
مِمَّن ذكره الطَّبَرِيّ)
3 - (الصَّحَابِيّ)
جَارِيَة بن ظفر اليمامي وَالِد نمران بن جَارِيَة سكن الْكُوفَة وروى عَنهُ ابْن نمران ومولاه عقيل أَن دَارا كَانَت بَين أَخَوَيْنِ فحظرا فِي وَسطهَا حظاراً ثمَّ هلكا وَترك كل وَاحِد مِنْهُمَا عقباً وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن الحظار لَهُ من دون صَاحبه فاختصم عقباهما إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل حُذَيْفَة بن الْيَمَان فَقضى بَينهمَا لمن وحد معاقد القمط تليه ثمَّ رَجَعَ فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أصبت أَو أَحْسَنت
3 - (الصَّحَابِيّ)
جَارِيَة بن زيد الصَّحَابِيّ ذكره ابْن الْكَلْبِيّ فِي من شهد صفّين من الصَّحَابَة(11/30)
(الألقاب)
ابْن جَارِيَة الْقصار اسْمه مُحَمَّد بن الْمُبَارك
(جاغان المنصوري الحسامي)
الْأَمِير سيف الدّين كَانَ فِيهِ عقل وَدين توفّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
كَانَ مَمْلُوك السُّلْطَان حسام الدّين لاجين الملقب بالمنصور
عمل شدّ الدَّوَاوِين بِدِمَشْق لما كَانَ الْأَمِير سيف الدّين قبجق بهَا نَائِبا وَكَانَ قد وَقع بَينهمَا الْوَاقِع إِلَى أَن قفز قبجق وَتوجه إِلَى بِلَاد التتار
(جاكير الْكرْدِي)
جاكير الشَّيْخ الزَّاهِد أحد شُيُوخ الْعرَاق كَانَ كَبِير الْقدر صَاحب أَحْوَال وكرامات وَأَتْبَاع وَعبادَة وَله أَصْحَاب مَشْهُورُونَ وَفِيهِمْ دين وَتعبد
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بَلغنِي أَنه صحب الشَّيْخ عَليّ بن الهيتي
وَتُوفِّي سنة تسعين وَخَمْسمِائة أَو بعد ذَلِك بعام
وَذكر لي الشَّيْخ شُعَيْب التركماني أحد من اخْتصَّ وخدم بَيت الشَّيْخ فِي صباه أَن اسْم الشَّيْخ جاكير مُحَمَّد بن دشم الْكرْدِي الْحَنْبَلِيّ وَأَنه لم يتَزَوَّج
ثمَّ ذكر لي عَنهُ كرامات وَأَن زاويته وضريحه بقرية راذان وَهِي على بريد من سر من رأى وَأَن أَخَاهُ الشَّيْخ أَحْمد قعد فِي المشيخة بعده ثمَّ بعده ابْنه الْغَرْس ثمَّ وَليهَا بعد الْغَرْس وَلَده مُحَمَّد ثمَّ وَلَده الآخر أَحْمد ثمَّ جلس فِي المشيخة بعد أَحْمد ابْنه عَليّ بن أَحْمد وَهُوَ حَيّ وَفِيه مُخَالطَة للتتار مخلط على نَفسه كثير الخباط وَقد أَبيض رَأسه ولحيته وَهُوَ فِي الكهولة
(الألقاب)
الجالق الْأَمِير اسْمه بيبرس
(جَامع)
3 - (الْمحَاربي)
جَامع بن شَدَّاد الْمحَاربي الْكُوفِي أَبُو صَخْرَة أحد الْعلمَاء
روى(11/31)
عَن حمْرَان بن أبان وَأبي بردة وَصَفوَان بن مُحرز
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره
وَتُوفِّي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (بلبل)
جَامع بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْقسم الْمُقْرِئ الملقب ببلبل من أهل أَصْبَهَان قدم بَغْدَاد وَهُوَ طيب الصَّوْت يقْرَأ بالألحان ويغني وَكَانَ مَوْصُوفا
كتب عَنهُ الْحَافِظ السلَفِي وَحدث بِبَغْدَاد عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ السمسار
وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة بأصبهان
3 - (أَبُو الْخَيْر الصُّوفِي)
جَامع بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن أبي نصر أَبُو الْخَيْر النَّيْسَابُورِي الصُّوفِي الرَّامِي
كَانَ يعلم الشبَّان بِالرَّمْي وَكَانَ صَالحا مَسْتُورا
سمع أَبَا سعيد مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الصفار وَأَبا بكر بن خلف وَأَبا بكرٍ مُحَمَّد بن يحي الْمُزَكي
رُوِيَ عَنهُ الْمُؤَيد الطوسي وَعبد الرَّحِيم بن السَّمْعَانِيّ وَغَيرهمَا
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة توفّي سنة سبع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
قَالَ عبد الرَّحِيم سَمِعت مِنْهُ كتاب الْأَمْثَال والاستشهادات للسلمي عَن الصفار عَن السّلمِيّ وطبقات الصُّوفِيَّة عَن الصفار عَن السّلمِيّ المُصَنّف وَكتاب محن الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة عَن مُحَمَّد بن يحي الْمُزَكي عَن مُصَنفه السّلمِيّ
(الألقاب)
الجاواني الحلوي اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله
الجاولي إسمه سنجر)
ابْن جانجان اسْمه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
جالينوس الصيدلاني اسْمه أَحْمد بن إِسْحَاق
الْجَامِع الباقولي النَّحْوِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن
(جاهمة بن الْعَبَّاس الصَّحَابِيّ)
جاهمة بن الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ الصَّحَابِيّ حجازي روى عَنهُ(11/32)
ابْنه مُعَاوِيَة قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْتَشِيرهُ فِي الْجِهَاد فَقَالَ آلك وَالِدَة قلت نعم قَالَ اذْهَبْ فأكرمها فَإِن الْجنَّة تَحت رِجْلَيْهَا
(جاولي الْأَمِير صَاحب أذربيجان)
جاولي الْأَمِير صَاحب أذربيجان كَانَ شهماً شجاعاً يخافه مَسْعُود وَغَيره
وَهُوَ الَّذِي جمع على مَسْعُود فَلم يثبت لَهُ ثمَّ اتفقَا
وَلما حبس مَسْعُود أَخَاهُ سُلَيْمَان شاه رَجَعَ عَنهُ جاولي وَأقَام ببلاده وَلم يلْتَفت على مَسْعُود
افتصد جاولي وَركب فَعَن لَهُ أرنب فَرَمَاهُ بِسَهْم فانفجر عَلَيْهِ فصاده وَلم يقدر الطَّبِيب على حبس الدَّم فَمَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
(جَبَّار)
3 - (جَبَّار الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ)
جَبَّار بن صَخْر بن أُميَّة بن خنساء الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ وَجعله ابْن إِسْحَاق من ولد خنساء وَقيل خناس وخنيس وخنساء وَاحِد وَقيل خناس وخنساء أَخَوان
شهد الْعقبَة وبدراً وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وَكَانَ أحد السّبْعين لَيْلَة الْعقبَة
وآخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين الْمِقْدَاد بن الْأسود
روى عَنهُ شُرَحْبِيل بن سعد وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
قَالَ ابْن إِسْحَاق كَانَ جَبَّار بن صَخْر خارصاً بعد عبد الله بن رَوَاحَة
3 - (الْكلابِي الصَّحَابِيّ)
جَبَّار بن سلمى بن مَالك بن جَعْفَر بن كلابٍ الْكلابِي هُوَ الَّذِي قتل عَامر بن فهَيْرَة يَوْم بِئْر مَعُونَة ثمَّ أسلم بعد ذَلِك
ذكره إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق وَكَانَ مِمَّن حضر بِئْر مَعُونَة وَكَانَ يَقُول مِمَّا دَعَاني إِلَى الْإِسْلَام أَنِّي طعنت رجلا مِنْهُم فسمعنه(11/33)
يَقُول فزت وَالله فَقلت فِي نَفسِي مَا فَازَ أَلَيْسَ قد قتلته حَتَّى سَأَلت بعد ذَلِك عَنهُ فَقَالُوا الشَّهَادَة
فَقلت فَإِذا حمد الله
(جبارَة بن الْمُغلس الْحمانِي)
جبارَة بن الْمُغلس أَبُو مُحَمَّد الْحمانِي قَالَ البُخَارِيّ مُضْطَرب الحَدِيث وَعَن ابْن معِين أَنه كَذَّاب
وَقيل كَانَ يوضع لَهُ الحَدِيث فيتحدث بِهِ
توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
(الألقاب)
ابْن جبارَة مِنْهُم عبد الله بن عبد الْوَلِيّ بن جبارَة
وَمِنْهُم أَحْمد بن مُحَمَّد بن جبارَة
وَمِنْهُم شرف الدّين عَليّ بن إِسْمَاعِيل
الْجبَاب الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن خَالِد
ابْن الْجبَاب هُوَ القَاضِي الجليس عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن
ابْن الْجبَاب فَخر الْقُضَاة أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن الجباس أَحْمد بن مَنْصُور
الجبائي شيخ الاعتزال اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب
الجبابيني أَحْمد بن أبي غَالب
ابْن الجيان اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن الجبان عبد الْوَهَّاب بن عبد الله
الجبان أَبُو يَعْقُوب
(جبر)
3 - (جبر بن عتِيك)
يُقَال هُوَ جَابر بن عتِيك وَقد تقدم ذكره فِي جَابر(11/34)
3 - (جبر القبطي)
جبر بن عبد الله القبطي مولى أبي بصرة الْغِفَارِيّ هُوَ الَّذِي أَتَى بمارية من عِنْد الْمُقَوْقس مَعَ حَاطِب
3 - (أَبُو البركات الزهيري)
جبر بن عَليّ بن عِيسَى بن الْفرج بن صَالح أَبُو البركات الربعِي الزهيري ووالده أَبُو الْحسن عَليّ بن عِيسَى هُوَ النَّحْوِيّ الْمَشْهُور صَاحب أبي عَليّ الْفَارِسِي
وَكَانَ أَبُو البركات هَذَا هُوَ أحد الأدباء البلغاء الفصحاء
قَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الهمذاني كَانَ يَنُوب عَن الوزراء بِبَغْدَاد وَله الْيَد الطُّولى فِي الْكِتَابَة وجن فِي شبيبته فَكَانَ يتعمم بِحَبل الْبِئْر وأدعى النُّبُوَّة فِي ذَلِك الْوَقْت وعولج حَتَّى برِئ
وللبصروي وَغَيره فِيهِ مدائح وَمَات فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
جبر بن خَالِد بن عقبَة بن سَلمَة بن عَمْرو بن الْأَكْوَع الْأَسْلَمِيّ يكنى أَبَا المشيع مدنِي شَاعِر راوية للأشعار وَالْأَخْبَار
روى عَنهُ اسحق الْموصِلِي وَهُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أمنزلتي جملٍ سَلام عَلَيْكُمَا ... وَإِن هجتما شوقاً وَلم تنفعا صبا)
(أَلا طالما غَّيضتُما برح الْهوى ... بقلب سليم لم يطق للهوى شعبًا)
(الألقاب)
ابْن الجبراني النَّحْوِيّ ابْن الجبراني النَّحْوِيّ الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن هبة الله بن سعد الله
(جِبْرِيل)
3 - (جِبْرِيل أَمِين الدّين الْمُحدث)
جبرئيل بن أبي الْحسن بن جبرئيل بن إِسْمَاعِيل الْمُحدث الْمسند أَمِين الدّين أَبُو الْأَمَانَة الْعَسْقَلَانِي ثمَّ الْمصْرِيّ
ولد سنة عشرٍ وَطلب بِنَفسِهِ وَسمع من ابْن المقير وَالْعلم ابْن الصَّابُونِي وَابْن الجميزي وطبقتهم ورحل إِلَى دمشق وَأدْركَ أَصْحَاب ابْن عَسَاكِر وَكَانَ مُحدثا نبيها عَارِفًا جيد الْمُشَاركَة فِي الْعلم وَقد أعَاد بالظاهرية عِنْد الدمياطي وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين باستدعائه وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الزَّاهِد)
جِبْرِيل بن عبد الله الزَّاهِد مُرِيد الشَّيْخ عبيد الله الأخميمي الزَّاهِد من(11/35)
شُيُوخ الصَّعِيد لَهُ أَحْوَال ومقامات وانتفع بِصُحْبَة جماعةٍ من الصَّالِحين توفّي بمنية بني حضيب سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (الحريري الْمصْرِيّ)
جِبْرِيل بن مَحْمُود بن مُوسَى أَبُو الْأَمَانَة الْمصْرِيّ الحريري
سمع من الْعَلامَة ابْن بري وَسَعِيد المأموني وروى عَنهُ الحافظان المندزي والدمياطي وَجَمَاعَة وبالإجازة أَبُو الْفضل بن البرزالي وَأَبُو الْمَعَالِي بن البالسي
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الهمذاني)
جِبْرِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن سيدوك
أَبُو الْقَاسِم الهمذاني الْحرفِي الْعدْل
روى عَن عَبدُوس بن أَحْمد السراج وَعلي بن الْحسن بن سعيد الْبَزَّاز وَأبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْأَشْقَر وَمُحَمّد بن عبد بن عَامر السَّمرقَنْدِي وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن زيادٍ الطَّيَالِسِيّ وَأبي بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْفَقِيه وجماعةٍ وَكَانَ أسْند من فِي زَمَانه وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (اللواتي الْمصْرِيّ)
)
جِبْرِيل بن جميل بن مَحْبُوب بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه أَبُو الْأَمَانَة الْقَيْسِي اللواتي الْمصْرِيّ بالحنفي
سمع من عُثْمَان بن فَرح الْعَبدَرِي وَعلي بن هبة الله الكاملي وخلقٍ بِمصْر وَسمع الْحَافِظ السلَفِي وَطَائِفَة بالثغر وَسمع الْكثير وَتُوفِّي بطرِيق مَكَّة سنة سِتّمائَة
3 - (الصعبي)
جِبْرِيل بن صارم بن أَحْمد بن عَليّ بن سَلامَة أَبُو الْأَمَانَة الصعبي من أهل مصر
قدم بَغْدَاد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَهُوَ خامل سيء الْحَال فتفقه على مَذْهَب ابْن حَنْبَل وَقَرَأَ الْخلاف وَصَارَ يتَكَلَّم فِي الْمسَائِل مَعَ الْفُقَهَاء وجالس النُّحَاة وَحصل طرفا صَالحا من الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر ومدح الإِمَام النَّاصِر وأثرى ونبل قدره واشتهر ذكره فنفذ من الدِّيوَان الْعَزِيز رَسُولا إِلَى خوارزم شاه
وَسمع الحَدِيث من مَشَايِخ خُرَاسَان وَحصل نسخا بِمَا سمع وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَصَارَ لَهُ الغلمان التّرْك والمراكب وَلم يزل يترسل إِلَى خوارزم شاه مُحَمَّد بن تكش إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ لسَبَب ظهر مِنْهُ فسجن بدار الْخلَافَة وَانْقطع خَبره عَن النَّاس
قَالَ محب الدّين بن النجار اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَكَانَ كيساً حسن الْأَخْلَاق وَلم يتَّفق لي أَن أكتب شَيْئا من شعره وَأورد لَهُ من الْبَسِيط(11/36)
(لَا غَزْو إِن أضحت الأبام توسعني ... فقرا وغيري بالإثراء مَوْسُوم)
(فالحرف فِي كل حَال غير منتقص ... وَيدخل الِاسْم تَصْغِير وترخيم)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المتقارب
(أَتَانَا الْمليح بتفاحةٍ ... كحمرة توريد وجناته)
(فَقلت لَهُ طعمها سَيِّدي ... كريقك فِي طيب لذاته)
وَأورد لَهُ أَيْضا من السَّرِيع
(يَا مخجل الْغُصْن وَبدر التَّمام ... بطلعة الشَّمْس ولين القوام)
(أدرت كأس اللحظ لي مترعاً ... فلست أصحو من خمار المدام)
(يَا لائمي قد ذبت فِي حبه ... فلست أصغي أبدا للملام)
(أَبيت ليلِي ساهراً قَائِلا ... مَا أطول اللَّيْل على المستهام)
(لَوْلَا محياه وأصداغه ... مَا أجتمع الصُّبْح وجنح الظلام)
)
قلت شعر مَقْبُول
3 - (ابْن زطينا)
جِبْرِيل بن الْحسن بن غَالب بن مُوسَى بن زطينا أَبُو الْفضل الْكَاتِب
كَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم وَحسن إِسْلَامه وَكَانَ لَهُ كَلَام مليح على طَريقَة أَرْبَاب الْحَقَائِق ونظم وَجمع من ذَلِك شَيْئا كثيرا
قَالَ محب الدّين ين النجار وَكَانَ يتَوَلَّى كِتَابَة ديوَان الْمجْلس وَقد رَأَيْته كثيرا وَأورد شَيْئا من كَلَامه مِنْهُ قَوْله إِذا نطق اللِّسَان عَن الْقلب وهجس الْقلب عَن إلهام الرب ظهر الإعجاز فِي ضمن الإيجاز ووضح الْبُرْهَان وَصَحَّ الإيقان
وَأورد لَهُ جملَة من هَذَا النَّوْع وَقَالَ توفّي سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة وَمن شعره من الْخَفِيف
(لَا تَكِلنِي إِلَى سواك فَإِنِّي ... أكره الذل يَا دَلِيل الْعُقُول)
(وتفضل بِلَا وسيط فَإِنِّي ... اكرهالفضل من يَد الْمَفْضُول)
3 - (النظام الْمعلم الْمصْرِيّ)
جِبْرِيل بن نَاصِر بن الْمثنى النظام السّلمِيّ الْمصْرِيّ كَانَ كتاب يعلم فِيهِ الْأَوْلَاد على بَاب جيرون بِدِمَشْق ثمَّ إِنَّه عَاد إِلَى مصر لما كَانَت الدولة الناصرية الصلاحية ثمَّ إِنَّه قصد الْيمن لما فتحهَا الْمُعظم توران شاه وَكَانَ قد وعده بِأَلف دِينَار فقبضها مِنْهُ وَلم يزل بِمصْر مُسْتَقِيم الْحَال إِلَى أَن نسب إِلَيْهِ وَالِي قوص أَنه واطأ الْخَارِجِي بالصعيد فأمسكه وصلبه وَأخذ سلبه بقوص
وَمن شعره فِي مليح لبس كراً يمنياً من الْخَفِيف
(كرّ فِي الْكر مِنْهُ فَارس حسن ... لحظه سَيْفه وعطفاه رمحه)(11/37)
وَمِنْه من الرمل
(إِن فِي الْحبّ فنوناً خفيت ... لم تلح إِلَّا لأرباب الفطن)
(تشحذ الأفهام بالشوق كَمَا ... يشحذ المدية وَالسيف المسن)
(وَبِه يَغْدُو جبان بطلاً ... وَبِه يكْسب ذُو العي اللسن)
مِنْهَا فِي المديح)
(يبتدي بالجود من يَقْصِدهُ ... فَإِذا مَا جَاءَهُ قَالَ تمن)
(نائل أحلى من الْمَنّ وَمَا ... أعذب الْمَنّ الَّذِي مَا فِيهِ منّ)
وَقَالَ فِي غُلَام نحوي من مجزوء الرمل
(زَاد بِي شوقي فنحت ... وَجرى دمعي فبحت)
(أَيهَا العذل هَل يث ... ني لِسَان العذل صمت)
(إِن نعت الشَّمْس والبد ... ر لمن أهواه نعت)
(قمر فِي خلقَة النح ... وَله مرعىً ونبتُ)
(كلما أقبل يختا ... ل إِلَى الْحلقَة قلت)
(ليتنا ظرفا مكانٍ ... أَنا فَوق وَهُوَ تَحت)
قلت شعر متوسط
3 - (الْأَعْرَج الصُّوفِي)
جِبْرِيل بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أبي نصرٍ أَبُو الْأَمَانَة الأوحد الصُّوفِي الْمَعْرُوف بالأعرج الإربلي
كَانَ رجلا فَاضلا قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات السَّبع واتصل بِخِدْمَة الْملك الْكَامِل وَولد بالموصل منتصف جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي لَيْلَة الْجُمُعَة بخامس عشر صفر سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ بالمشهد الْحُسَيْنِي وَدفن بِخَط بالمشاهد بَين الْقَاهِرَة ومصر
وَمن نظمه مَا أوردهُ لَهُ الْأَمَام نَاصِر الدّين شَافِع فِي كِتَابه قلائد الفرائد من
(إِن جِئْت يَمِين الأجرع الْفَرد فحي ... ظَبْيًا خنيث الدَّلال من أكْرم حَيّ)
(إِن عرض لي فَقل على عَهْدك حَيّ ... مهما هتف الدَّاعِي إِلَى الله بحي)
3 - (ابْن بختيشوع الطَّبِيب)
جِبْرِيل بن بختيشوع كَانَ مَشْهُورا بِالتَّصَرُّفِ فِي المداواة(11/38)
حظيا عِنْد الْخُلَفَاء
وَأول اتِّصَاله كَانَ بِجَعْفَر
وَاتفقَ أَن تمطأت حظية للرشيد وَرفعت يَدهَا فَبَقيت منبسطة لَا يُمكنهَا ردهَا فعالجها الْأَطِبَّاء بالتمريخ والأدهان وَلم يفدها شَيْئا)
فَشَكا الرشيد ذَلِك إِلَى جَعْفَر وَقَالَ قد بقيت هَذِه الصبية رَحْمَة
فأحضر جَعْفَر لجبريل فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ أَي شَيْء تعرف فَقَالَ أبرد الْحَار وأسخن الْبَارِد وأرطب الْيَابِس وأيبس الرطب
فَضَحِك الرشيد وَقَالَ هَذِه عَامَّة صناعَة الطِّبّ وَشرح لَهُ حَال الصبية فَقَالَ لَهُ إِن لم يسْخط على أَمِير الْمُؤمنِينَ فلي حِيلَة
فَأمر بإحضارها فَلَمَّا حضرت نكس رَأسه وَعدا إِلَيْهَا وَأمْسك ذيلها وأوهمها أَنه يُرِيد كشفها فانزعجت وَمن شدَّة الْحيَاء استرسلت أعضاؤها وانبسطت يَدهَا فأعجب الرشيد ذَلِك وَأمر لَهُ بِخَمْسِمِائَة ألف دِرْهَم وَقَالَ الرشيد وَهُوَ حَاج بِمَكَّة لجبريل أعلمت أمنزلتك عِنْدِي غَايَة قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ لَا أعلم قَالَ وَالله دَعَوْت لَك فِي الْموقف دُعَاء كثيرا
ثمَّ الْتفت إِلَى من حَضَره وَقَالَ أنكرتم قولي قَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذمِّي هُوَ قَالَ نعم وَلَكِن صَلَاح بدني بِهِ وَصَلَاح الْمُسلمين بِي فصلاحهم بصلاحه
فَقَالُوا صدق أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَجِبْرِيل هَذَا هُوَ الَّذِي عناه أَبُو نواس بقوله من المجزوء الوافر
(سَأَلت أخي أَبَا عِيسَى ... وَجِبْرِيل لَهُ فضل)
(فَقلت الراح يُعجبنِي ... فَقَالَ كثيرها قتل)
(فَقلت لَهُ فَقدر لي ... فَقَالَ وَقَوله فصل)
(وجدت طبائع الإنسا ... ن أَرْبَعَة هِيَ الأَصْل)
(فَأَرْبَعَة لأربعةٍ ... لكل طبيعة رَطْل)
3 - (ابْن عبد الله الطَّبِيب)
جِبْرِيل بن عبد الله بن بختيشوع
كَانَ فَاضلا مُتَقَدما وَله تصانيف جليلة
طلب الصاحب بن عباد من عضد الدولة طَبِيبا لأمر صَعب حدث لَهُ فِي معدته فَأمر عضد الدولة بِجمع الْأَطِبَّاء وَأَن يختاروا لَهُ طَبِيبا فَأَجْمعُوا عَلَيْهِ طلبا لبعده فَأطلق لَهُ مَالا وجهزه فَلَمَّا وصل تَلقاهُ الصاحب وأكرمه وأنزله فِي دَار بفراشٍ وطباخ وخازنٍ وبواب
ثمَّ أَنه استدعاه وَعِنْده جمَاعَة من أهل الْعلم ورتب لَهُ من يناظره)
فَسَأَلَهُ عَن أَشْيَاء من أَمر النبض فَأَجَابَهُ وَأورد شكوكاً قَوِيَّة وحلها فَخلع عَلَيْهِ الصاحب ووهبه مَالا جزيلاً وَطلب مِنْهُ الصاحب كناشاً فَعمل لَهُ الكناش الصَّغِير فَبعث إِلَيْهِ ألف دِينَار وَعَاد من عِنْده بأثاث وبحمل كثيرٍ
وَتقدم بذلك عِنْد عضد الدولة وَأَرَادَ الْأَمِير ممهد الدولة أَن يسْقِيه دَوَاء مسهلاً فَقَالَ لَهُ يجب أَن تَأْخُذهُ من سحر فَأَخذه الْأَمِير من أول اللَّيْل فَلَمَّا أصبح أَتَى إِلَيْهِ وَأخذ نبضه وَسَأَلَهُ عَن فعل الدَّوَاء فَقَالَ مَا فعل معي شَيْئا امتحاناً لَهُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل النبض يدل على نَفاذ الدَّوَاء وَهُوَ أصدق فَضَحِك الْأَمِير ثمَّ قَالَ لَهُ كم ظَنك بالدواء قَالَ يعْمل مَعَ الْأَمِير خَمْسَة وَعشْرين مَجْلِسا فَقَالَ الْأَمِير عمل إِلَى الْآن ثَلَاثَة وَعشْرين مَجْلِسا فَقَالَ وَهُوَ يكمل مَا قلت وَخرج من عِنْده مغضباً وَأمر غلمانه بتجهيز أَسبَاب السّفر فَأحْضرهُ الْأَمِير وَقَالَ لَهُ مَا مُوجب ذَلِك فَقَالَ مثلي أشهر من أَن(11/39)
يحْتَاج إِلَى تجربةٍ فأرضاه وَحمل إِلَيْهِ مَالا ومراكب
وَله الكناش الْكَبِير وَالصَّغِير الْمُسَمّى بالكافي ومقالة لم جعل القربان من الْخمر وَأَصله محرم
(الألقاب)
الجبلاني يُونُس بن ميسرَة
(جبلة)
3 - (جبلة ابْن عَمْرو الْأنْصَارِيّ)
جبلة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ وَيُقَال هُوَ أَبُو مسعودٍ الْأنْصَارِيّ فِي أهل الْمَدِينَة عداده روى عَنهُ سُلَيْمَان بن يسَار وثابت بن عبيد
قَالَ سُلَيْمَان بن يسَار كَانَ جبلة فَاضلا من فضلاء الصَّحَابَة وَشهد صفّين مَعَ عَليّ وَسكن مصر
3 - (ابْن الْأَزْرَق الْكِنْدِيّ)
جبلة بن الْأَزْرَق الْكِنْدِيّ الصَّحَابِيّ روى عَنهُ راشدين سعد وعداده فِي أهل الشَّام
3 - (ابْن الْأَشْعر الْخُزَاعِيّ)
جبلة بن الْأَشْعر الْخُزَاعِيّ الْكَلْبِيّ الصَّحَابِيّ أختلف فِي اسْم أَبِيه
قَالَ الْوَاقِدِيّ قتل مَعَ كرز بن جَابر بطرِيق مَكَّة عَام الْفَتْح
3 - (ابْن مَالك الدَّارِيّ)
جبلة بن مَالك الدَّارِيّ الصَّحَابِيّ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْصَرفه من تَبُوك فِي رهطٍ من قومه
3 - (ابْن الْأَيْهَم الغساني)
جبلة بن الْأَيْهَم الغساني ملك آل جَفْنَة
كتب إِلَى عمر رَضِي(11/40)
الله عَنهُ يُعلمهُ بِإِسْلَامِهِ ويستأذنه فِي الْوُفُود عَلَيْهِ فسر بذلك هُوَ والمسلمون فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن أقدم فلك مَا لنا وَعَلَيْك مَا علينا فَقدم فِي خَمْسمِائَة فَارس من عدد جَفْنَة فَلَمَّا دنا من الْمَدِينَة ألبسهم الوشي المنسوج بِالذَّهَب وَالْحَرِير الْأَصْفَر وجلل الْخَيل بِجلَال الديباج وطوقها بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَلبس جبلة تاجه وَفِيه قرطا مَارِيَة فَلم يبْق بِالْمَدِينَةِ أحد إِلَّا خرج للقائه وَفَرح الْمُسلمُونَ بقدومه وإسلامه
ثمَّ حضر الْمَوْسِم من عَامه ذَلِك فَبينا هُوَ يطوف بِالْبَيْتِ إِذْ وطئ على إزَاره رجل من فَزَارَة فَحله فَالْتَفت إِلَيْهِ جبلة مغضباً ولطمه فهشم أَنفه فاستعدى عَلَيْهِ إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَبعث إِلَيْهِ جبلة يَقُول مَا دعَاك إِلَى أَن لطمت أَخَاك فهشمت أَنفه قَالَ إِنَّه وطئ أزاري فَحله فلولا حُرْمَة الْبَيْت لأخذت الَّذِي فِيهِ عَيناهُ فَقَالَ لَهُ عمر أما أَنْت فقد أَقرَرت فإمَّا أَن ترضيه وَإِلَّا)
أقدته مِنْك
قَالَ أتقيده مني وَأَنا ملك وَهُوَ سوقة قَالَ عمر يَا جبلة إِنَّه قد جمعك وإياه الْإِسْلَام فَمَا تفضله إِلَّا بالعافية
قَالَ وَالله لقد رَجَوْت أَن أكون فِي الْإِسْلَام أعز مني فِي الْجَاهِلِيَّة
قَالَ عمر هُوَ ذَاك قَالَ إِذا أتنصر
قَالَ إِن تنصرت ضربت عُنُقك فَقَالَ جبلة أخرني إِلَى غدٍ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ ذَلِك لَك فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل خرج هُوَ وَأَصْحَابه فَلم يلبث أَن دخل قسطنطينية على هِرقل فَتَنَصَّرَ فأعظم قدومه وسر بِهِ وأقطعه الْأَمْوَال وَالْأَرضين والرباع
فَلَمَّا بعث عمر رَسُولا إِلَى هِرقل يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام أَجَابَهُ إِلَى الْمُصَالحَة على غير الْإِسْلَام فَلَمَّا أَرَادَ الْعود قَالَ لَهُ هِرقل ألقيت ابْن عمك هَذَا الَّذِي ببلدنا يَعْنِي جبلة قَالَ مَا لَقيته قَالَ ألقه ثمَّ ائْتِنِي أعطك جوابك
فَذهب الرَّسُول إِلَى بَاب جبلة فَإِذا عَلَيْهِ من القهارمة والحجاب والبهجة وَكَثْرَة الْجمع مثل مَا على بَاب هِرقل
قَالَ الرَّسُول
فَدخلت عَلَيْهِ فَرَأَيْت رجلا أصهب اللِّحْيَة ذَا سبال وَكَانَ عهدي بِهِ أسود اللِّحْيَة وَالرَّأْس فَنَظَرت إِلَيْهِ فأنكرته فَإِذا هُوَ قد دَعَا بسحالة الذَّهَب فذرها فِي لحيته حَتَّى عد أصهب وَهُوَ قَاعد على سَرِير قوائمه أَرْبَعَة أسودٍ من ذهب فَلَمَّا عرفني رفعني مَعَه على السرير وَجعل يسألني عَن الْمُسلمين فَذكرت لَهُ خيرا وَقلت لَهُ قد تضاعفوا أضعافاً على مَا تعرف فَقَالَ وَكَيف تركت عمر بن الْخطاب قلت لَهُ بِخَير فأغمه ذَلِك وانحدرت عَن السرير فَقَالَ لم تأبى الْكَرَامَة الَّتِي أكرمناك بهَا قلت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن هَذَا قَالَ نعم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن نق قَلْبك من الدنس وَلَا تبال على مَا قعدت فَلَمَّا صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طمعت بِهِ فَقلت وَيحك يَا جبلة أَلا تسلم وَقد عرفت الْإِسْلَام وفضله فَقَالَ أبعد مَا كَانَ مني قلت نعم فعل ذَلِك رجل من بني فَزَارَة أَكثر مِمَّا(11/41)
فعلت أرتد عَن الْإِسْلَام وَضرب وُجُوه الْإِسْلَام بِالسَّيْفِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام فَقبل ذَلِك مِنْهُ وخلفته بِالْمَدِينَةِ مُسلما
قَالَ ذَرْنِي من هَذَا إِن كنت تضمن لي أَن يزوجني عمر أبنته ويوليني الْأَمر بعده رجعت إِلَى)
الْإِسْلَام فضمنت لَهُ التَّزْوِيج وَلم أضمن الْأَمر
فَأَوْمأ إِلَى خَادِم بَين يَدَيْهِ فَذهب مسرعاً فَإِذا خدم قد جاؤوا يحملون الصناديق فِيهَا الطَّعَام فَوضعت ونصبت مَوَائِد الذَّهَب وصحاف الْفضة وَقَالَ لي كل فقبضت يَدي وَقلت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْأكل فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة فال نعم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن نق قَلْبك وكل فِيمَا أَحْبَبْت
فَأكل فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وأكلت فِي الخلبخ فَلَمَّا رفع بِالطَّعَامِ جئ بطساس الْفضة وأباريق الذَّهَب فَقَالَ إغسل يدك فأبيت وَغسل فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وغسلت فِي الصفر
ثمَّ أَوْمَأ إِلَى خَادِم بَين يَدَيْهِ فَمر مسرعاً فَسمِعت حسا فَالْتَفت فَإِذا خدم مَعَهم كراسٍ مرصعة بالجوهر فَوضعت عشرَة عَن يَمِينه وَعشرَة عَن يسَاره ثمَّ سَمِعت حسا فَالْتَفت فَإِذا عشر جوارٍ قد أقبلن مضمومات الشُّعُور متكسرات فِي الْحلِيّ عَلَيْهِنَّ ثِيَاب الديباج وَلم أر قطّ وُجُوهًا أحسن مِنْهُنَّ فأقعدهن على الكراسي ثمَّ سَمِعت حسا فَالْتَفت فَإِذا جَارِيَة كَأَنَّهَا الشَّمْس حسنا على رَأسهَا تَاج على ذَلِك التَّاج طَائِر لم أر أحسن مِنْهُ وَفِي يَدهَا الْيُمْنَى جَام فِيهِ مسك وَعَنْبَر فتيت وَفِي يَدهَا الْيُسْرَى جَام فِيهِ مَاء وردٍ فأومأت إِلَى الطَّائِر أَو قَالَ صفرت بالطائر فَوَقع فِي جَام الماورد فاضطرب فِيهِ ثمَّ أَوْمَأت إِلَيْهِ فَوَقع فِي جَام الْمسك والعنبر فتمرغ فِيهِ ثمَّ أَوْمَأت إِلَيْهِ أَو قَالَ صفرت بِهِ فطار حَتَّى نزل على صَلِيب فِي تَاج جبلة فَلم يزل يرفرف حَتَّى نفض مَا فِي ريشه عَلَيْهِ فَضَحِك جبلة من شدَّة السرُور حَتَّى بَدَت أنيابه ثمَّ الْتفت إِلَى الْجَوَارِي اللواتي عَن يَمِينه فَقَالَ لَهُنَّ بِاللَّه أضحكننا فاندفعن يغنين بخفق عيدانهن وَيَقُلْنَ من الْكَامِل
(لله در عِصَابَة نادمتهم ... يَوْمًا بجلق فِي الزَّمَان الأول)
(يسقون من ورد البريص عَلَيْهِم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل)
(أَوْلَاد جَفْنَة حول قبر أَبِيهِم ... قبر ابْن مَارِيَة الْجواد الْمفضل)
(يغشون حَتَّى مَا تهر كلابهم ... لايسألون عَن السوَاد الْمقبل)
(بيض الْوُجُوه كَرِيمَة أحسابهم ... شم الأنوف من الطّراز الأول)
قَالَ فَضَحِك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ أَتَدْرِي من قَائِل هَذَا قلت لَا قَالَ قَائِله حسان بن ثَابت شَاعِر رَسُول الله ص
ثمَّ الْتفت إِلَى الْجَوَارِي اللواتي عَن يسَاره فَقَالَ لَهُنَّ أبكيننا فاندفعن يغنين بخفق عيدانهن)
وَيَقُلْنَ من الْخَفِيف
(لمن الدَّار أقفرت بمعان ... بَين أَعلَى اليرموك فالجمان)(11/42)
(ذَاك مغنى لآل جَفْنَة فِي الده ... ر محلا لحادثات الزَّمَان)
(قد أَرَانِي هُنَاكَ دهراً مكيناً ... عِنْد ذِي التَّاج مقعدي ومكاني)
(ودنا الفصح والولائد ينظم ... ن سرَاعًا أَكلَة المرجان)
قَالَ فَبكى حَتَّى جعلت الدُّمُوع تسيل على لحيته ثمَّ قَالَ أَتَدْرِي من قَائِل هَذِه الأبيات قلت لَا قَالَ حسان بن ثَابت
ثمَّ أنشأ يَقُول من الطَّوِيل
(تنصرت الْأَشْرَاف من أجل لطمةٍ ... وَمَا كَانَ فِيهَا لَو صبرت لَهَا ضَرَر)
(تكنفني مِنْهَا لجاجٌ ونخوةٌ ... وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور)
(فيا لَيْت أُمِّي لم تلدني وليتني ... رجعت إِلَى القَوْل الَّذِي قَالَه عمر)
(وَيَا لَيْتَني أرعى الْمَخَاض بقفرةٍ ... وَكنت أَسِيرًا فِي ربيعَة أَو مُضر)
ثمَّ سَأَلَني عَن حسان بن ثَابت أَحَي هُوَ قلت نعم فَأمر لي بِمَال وَكِسْوَة ونوق موقرة برا
ثمَّ قَالَ لي إِن وجدته مَيتا فأدفعها إِلَى أَهله وانحر الْجمال على قَبره
فَلَمَّا قدمت على عمر أخْبرته خبر جبلة وَمَا دَعوته إِلَيْهِ من الْإِسْلَام وَالشّرط الَّذِي اشْتَرَطَهُ وَأَنِّي لم أضمن لَهُ الْأَمر فَقَالَ لي هلا ضمنت لَهُ الْأَمر فَإِذا أَفَاء الله بِهِ إِلَى الْإِسْلَام قضى علينا بِحكمِهِ عز وَجل
ثمَّ ذكرت لَهُ الْهَدِيَّة الَّتِي أهداها إِلَيّ حَيَّان بن ثَابت فَبعث إِلَيْهِ فَأتى وَقد كف بَصَره وقائد يَقُودهُ فَلَمَّا دخل قَالَ إِنِّي أجد ريح آل جَفْنَة عنْدك
قَالَ نعم هَذَا رجل أقبل من عِنْده
قَالَ هَات يَا بن أخي مَا بعث إِلَيّ مَعَك قلت وَمَا علمك قَالَ يَا بن أخي إِنَّه كريم من عصبَة كرام مدحته فِي الْجَاهِلِيَّة فَحلف أَن لَا يلقى أحدا يعرفنِي إِلَّا أهْدى إِلَيّ مَعَه شَيْئا
قَالَ فَدفعت إِلَيْهِ المَال وَالثيَاب وأخبرته بِمَا كَانَ أَمر بِهِ فِي الْإِبِل إِن وجدته مَيتا قَالَ وددت لَو كنت مَيتا فنحرت على قَبْرِي
قَالَ ثمَّ جهزني عمر إِلَى قَيْصر وَأَمرَنِي أَن أضمن لجبلة مَا اشْتَرَطَهُ)
فَلَمَّا قدمت الْقُسْطَنْطِينِيَّة وجدت النَّاس رَاجِعين من جنَازَته فَعلمت أَن الشَّقَاء عَلَيْهِ مَكْتُوب فِي أم الْكتاب
قلت قَوْله وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور يُرِيد بالعوراء فَوضع الْمصدر مَوضِع الصّفة وَقد يكون أَرَادَ بِذَات العور فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْمُضَاف إِلَيْهِ
3 - (ابْن سحيم)
جبلة بن سحيم بِالسِّين الْمُهْملَة المضمومة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة(11/43)
وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا مِيم التَّيْمِيّ وَقيل الشَّيْبَانِيّ الْكُوفِي
روى عَن مُعَاوِيَة وَابْن عمر وحَنْظَلَة أحد الصَّحَابَة وَابْن الزبير وثقة يحيى الْقطَّان وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَتُوفِّي سنة خمي وَعشْرين وَمِائَة
3 - (الْكَلْبِيّ أَخُو زيد)
جبلة بن حَارِثَة الْكَلْبِيّ أَخُو زيد بن حَارِثَة مولى النَّبِي ص وَهُوَ أكبر من زيد
روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَأَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ
(الألقاب)
الجبيبي اسْمه حسان بن مُحَمَّد
(جُبَير)
3 - (جُبَير بن إِيَاس الْأنْصَارِيّ)
جُبَير بن إِيَاس بن خَالِد بن مخلد الْأنْصَارِيّ الزرقي
شهد بَدْرًا وأحداً كَذَا قَالَ ابْن إِسْحَاق ومُوسَى بن عقبَة والواقدي وَأَبُو معشرٍ
وَقَالَ غَيرهم هُوَ جبر مكبراً غير مصغر
3 - (ابْن بُحَيْنَة)
جُبَير بن بُحَيْنَة هُوَ ابْن مَالك بن القشب وَهُوَ أَخُو عبد الله بن بُحَيْنَة أمهما بُحَيْنَة ابْنة الْحَارِث بن عبد الْمطلب
قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (ابْن مطعم الصَّحَابِيّ)
جُبَير بن مطعم بن عديّ بن نَوْفَل بن عبد منَاف الْقرشِي(11/44)
كنيته أَبُو أُميَّة وَقيل أَبُو عدي أسلم قبل الْفَتْح وَنزل الْمَدِينَة وَمَات بهَا سنة أَربع وَخمسين وَقيل سبع وَقيل تسع
روى عَنهُ ابناه نَافِع وَمُحَمّد وَسليمَان بن صرد وَغَيرهم وَكَانَ من أنسب قُرَيْش لقريش وَمن عُلَمَائهمْ وَأَبوهُ الَّذِي قَامَ فِي نقض الصَّحِيفَة وأجار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى طَاف بِالْبَيْتِ
وَمَات مُشْركًا أَعنِي أَبَا جُبَير
وَكَانَ جُبَير يَقُول إِنَّمَا أخذت النّسَب من أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ جُبَير قدم الْمَدِينَة مُشْركًا فِي فدَاء أُسَارَى بدرٍ ثمَّ أسلم وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (ابْن حَيَّة التَّابِعِيّ)
جُبَير بن حَيَّة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف بن مَسْعُود بن معتب الثَّقَفِيّ تَابِعِيّ مَشْهُور ثِقَة مَاتَ زمن عبد الْملك بن مَرْوَان سمع النُّعْمَان بن مقرن روى عَنهُ زِيَاد بن جُبَير
3 - (ابْن أبي سلمَان التَّابِعِيّ)
جُبَير بن أبي سلمَان بن جُبَير بن مطعم بن عدي الْقرشِي تَابِعِيّ)
روى عَن ابْن عمر وَغَيره وروى عَنهُ عبَادَة بن مُسلم
وَجبير هَذَا حفيد الصَّحَابِيّ الْمَذْكُور أَولا
3 - (ابْن نفير التَّابِعِيّ)
جُبَير بن نفير بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر(11/45)
الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء
ابْن مَالك بن عَامر الْحَضْرَمِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن تَابِعِيّ مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَهُوَ من ثِقَات الشاميين وَحَدِيثه فيهم
توفّي سنة ثَمَانِينَ بِالشَّام
روى عَن أبي بكر وَعمر وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر روى عَنهُ سليم بن عَامر وَأَبُو الزَّاهِرِيَّة وَابْنه عبد الرَّحْمَن وَأدْركَ زمَان النَّبِي ص
وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
(الألقاب)
الجبيري إسمه مُحَمَّد بن عبد السَّلَام
(جثجاث أَبُو عقيل صَاحب الصَّاع)
جثجاث أَخُو بني أنيف حَلِيف بني عَمْرو بن عَوْف اشْتهر بكنيته وَهِي أَبُو عقيل
أَتَى بِصَاع تمر فأفرغه فِي الغرفة فتضاحك بِهِ المُنَافِقُونَ وَقَالُوا إِن الله لَغَنِيّ عَن صَاع أبي عقيل فَنزل فيهم الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حض على الصَّدَقَة يَوْمًا فَأتى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِنصْف مَاله أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَأَرْبع مائَة دِينَار وأتى عَاصِم بن عدي بِمِائَة وسق تمر فلمزهما المُنَافِقُونَ وَقَالُوا هَذَا رِيَاء فَنزلت الْآيَة وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ هُوَ أَبُو عقيل أَتَى بصاعه وَقَالَ مَالِي غير صَاعَيْنِ نقلت فيهمَا المَاء على ظَهْري حبست أَحدهمَا لِعِيَالِي وَجئْت بِالْآخرِ
(الجحاف بن حَكِيم الْقَيْسِي)
الجحاف بن حَكِيم بن عَاصِم بن قيس بن سِبَاع بن خزاعى بن محَارب ابْن مرّة بن فالج بن ذكْوَان بن ثَعْلَبَة بن بهتة بن سليم بن مَنْصُور
لما كَانَت سنة ثلاثٍ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وَقتل عبد الله بن الزبير وهدأت الْفِتْنَة وَاجْتمعَ النَّاس على عبد الْملك وتكافت قيس وتغلب عَن الْمَغَازِي بِالشَّام والجزيرة وَظن كل واحدٍ من الْفَرِيقَيْنِ أَن عِنْده فضلا لصَاحبه وَتكلم عبد الْملك فِي ذَلِك وَلم يحكم الصُّلْح فِيهِ فبيناهم على تِلْكَ الْحَال إِذْ أنْشد الأخطل عبد الْملك وَعِنْده وُجُوه قيس من الطَّوِيل
(أَلا سَائل الجحاف هَل هُوَ ثَائِر ... بقتلي أُصِيبَت من سليم وعامر)
(أجحاف إِن نهبط عَلَيْك فتلتقي ... عَلَيْك بحور طاميات الزاواخر)(11/46)
(تكن مثل أقذاء الْحباب الَّذِي جرى ... بِهِ الْبَحْر تسقيه ريَاح الصراصر)
فَوَثَبَ الجحاف يجر مطرفه وَمَا يعلم من الْغَضَب فَقَالَ عبد الْملك للأخطل مَا أحسبك إِلَّا قد اكسبت قَوْمك شرا
فافتعل عهدا من عبد الْملك على صدقَات بكر وتغلب فصحبه من قومه نَحْو من ألف فَارس فَسَار بهم حَتَّى بلغ الرصافة ثمَّ كشف لَهُم أمره وأنشدهم مَا قَالَه الأخطل وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ النَّار أَو الْعَار فَمن صَبر فليقدم وَمن كره فَليرْجع فَقَالُوا نَحن مَعَك
فصاروا إِلَى الْبشر وَهُوَ وَاد لبني تغلب فَأَغَارُوا عَلَيْهِم لَيْلًا وقتلوهم وبقروا من النِّسَاء من كَانَت حَامِلا وَمن كَانَت غير حاملٍ قتلوها وَقتل ابْن للأخطل يُقَال لَهُ غياث
ثمَّ إِن الجحاف هرب من بعد ذَلِك وَفرق عَنهُ أَصْحَابه وَلحق بالروم
فَلحقه عُبَيْدَة بن تَمام التغلبي دون الدَّرْب فكر عَلَيْهِ الجحاف فَهَزَمَهُ وَهزمَ أَصْحَابه وَمكث زميناً فِي الرّوم وَقَالَ فِي ذَلِك من الطَّوِيل
(فَإِن تطردوني تطردوني وَقد جرى ... بِي الْورْد يَوْمًا فِي دِمَاء الأراقم)
(لدن ذَر قرن الشَّمْس حَتَّى تلبست ... ظلاماً بركض المقربات الصلادم)
وَأقَام هُنَاكَ حَتَّى سكن غضب عبد الْملك وكلمته القيسية فِي أَن يُؤمنهُ فلَان لَهُم فَقيل لَهُ إِنَّا وَالله لَا نَأْمَنهُ على الْمُسلمين أَن يَأْتِي بالروم
فَأَمنهُ فَأقبل فَلَمَّا قدم على عبد الْملك لقِيه الأخطل فَقَالَ لَهُ الجحاف من الطَّوِيل)
(أَبَا مالكٍ هَل لمتني إِذْ حضضتني ... على الْقَتْل أم هَل لامني فِيك لائمي)
(أَبَا مالكٍ إِنِّي أطعتك فِي الَّتِي ... حضضت عَلَيْهَا فعل حران حَازِم)
(فَإِن تدعني أُخْرَى أجبك بِمِثْلِهَا ... وَأَنِّي لطّب بالوغى جد عَالم)
فَرَأى عبد الْملك أَنه إِن تَركهم على حَالهم كَأَنَّهُ لم يحكم الْأَمر فَأمر الْوَلِيد بن عِنْد الْملك فَحمل الدِّمَاء الَّتِي كَانَت قبل ذَلِك بَين قيس وتغلب وَضمن الجحاف قَتْلَى الْبشر وألزمه إِيَّاهَا عُقُوبَة لَهُ فَأدى الْوَلِيد الحمالات وَلم يكن عِنْد الجحاف مَا يُؤَدِّي فلحق بالحجاج يسْأَله لِأَنَّهُ من هوَازن فَسَأَلَهُ الْإِذْن فَمَنعه فلقي أَسمَاء بن خَارِجَة فعصب حَاجته بِهِ فَقَالَ إِنِّي لَا أقدر لَك على مَنْفَعَة قد علم الْأَمِير بمكانك
وأبى أَن يَأْذَن لَك
فَقَالَ لَا وَالله لَا ألزمها غَيْرك ثمَّ إِن الْحجَّاج أعطَاهُ مِائَتي ألفٍ وَخمسين ألفا ثمَّ إِن الجحاف تأله بعد ذَلِك وَحج وَمَعَهُ مشيخة قد حزموا أنفسهم ولبسوا الصُّوف وَمَشوا إِلَى مَكَّة وَخرج النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِم وَسمع عبد الله بن عمر الجحاف وَقد تعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَمَا أَرَاك تفعل
فَقَالَ لَهُ ابْن عمر يَا هَذَا لَو كنت الجحاف مَا زِدْت على هَذَا القَوْل قَالَ فَأَنا الجحاف فَسكت
وسَمعه مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ يَقُول ذَلِك فَقَالَ لَهُ يَا عبد الله قنوطك من عَفْو الله أعظم من ذَنْبك
(الألقاب)
جحى أَبُو الْغُصْن دجين بن ثَابت يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الدَّال فِي مَكَانَهُ(11/47)
جحى أَبُو الْغُصْن صَاحب النَّوَادِر ذكر الجاحظ أَن اسْمه نوح
يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف النُّون فِي مَوْضِعه
جحظة الْبَرْمَكِي اسْمه أَحْمد بن جَعْفَر بن مُوسَى
(جحوش بن فضَالة الخفاجي)
جحوش بن فضَالة الكليبي الخفاجي من عرب الْبَادِيَة
مدح سيف الدولة صَدَقَة بن مزِيد صَاحب الْحلَّة وَقدم بَغْدَاد ومدح الْوَزير عميد الدولة مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جهير وَأورد لَهُ محب الدّين بن النجار من الطَّوِيل
(ألم تلْتَفت للربع لما تنكرا ... وَقد كنت تلقى مِنْهُ خيماً وسمرا)
مِنْهَا
(قطوف الخطا لَو يدرج الذَّر فَوْقهَا ... لأدمى جديل الْمَتْن مِنْهَا وأثرا)
(وَتَبَسم عَن در عذابٍ كَأَنَّهَا ... ذرى أقحوان حَيْثُ بهى ونورا)
(إِذا استل من بَين الثنايا رضابها ... محب براه الشوق حَتَّى تغبرا)
(سقى دارها بِالْعينِ من وابل الحيا ... ثقيل التوالي كلما رَاح زمجرا)
(أجش جمادي كَأَن ربابه ... بَخَاتِي كرمانٍ إِذا مَا تحدرا)
مِنْهَا
(لَو أَن ابْن مَنْصُور يعد جميله ... وقطر السما كَانَت أياديه اكثرا)
(أَلا إِن ذيلاً يَا ابْن مَنْصُور التقى ... عَلَيْك بسرٍ كَانَ ذيلاً مطهرا)
(مَتى تجهز الدُّنْيَا بمثلك مثلنَا ... جزيل العطا سبط البنانين أزهرا)
(فَإِن ترض عَنَّا فالعراق محلنا ... وَإِلَّا نزلنَا منزلا عَنهُ أزورا)
(الألقاب)
أَبُو صحيفَة السوَائِي اسْمه وهب بن عبد الله جخجخ النَّحْوِيّ اسْمه عبيد الله بن أَحْمد
(الْجد بن قيس)
الْجد بن قيس بن صَخْر بن خنساء بن سنانٍ الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ هُوَ خَال جَابر بن عبد الله
كَانَ منافقاً ثمَّ حسنت تَوْبَته
روى عَنهُ جَابر وَأَبُو هُرَيْرَة وَيُقَال أَنه مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي الْجد بن قيس نزلت ائْذَنْ لي وَلَا تفتني(11/48)
وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم فِي غَزْوَة تَبُوك اغزوا الرّوم تنالوا بَنَات الْأَصْفَر
فَقَالَ الْجد قد علمت الْأَنْصَار أَنِّي إِذا رَأَيْت النِّسَاء لم أَصْبِر حَتَّى افْتتن وَلَكِن أعينك بِمَالي فَنزلت وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَقد كَانَ سَاد فِي الْجَاهِلِيَّة جَمِيع بني سَلمَة فَانْتزع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سؤدده وسود فيهم عَمْرو بن الجموح
وَقَالَ جَابر بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن لَا نفر كلنا إِلَّا الْجد بن قيس اخْتَبَأَ تَحت بطن نَاقَته وَقد قيل إِنَّه تَابَ وَحسنت تَوْبَته
(الألقاب)
ابْن الْجد المغربي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله ابْن جدعَان اسْمه عَليّ بن زيد جَوَاب الدولة أَحْمد بن مُحَمَّد جَرَادَة الْوَاعِظ اسْمه مَنْصُور بن الْمُبَارك جربان ضِيَاء الدّين عَليّ بن أَحْمد الجربي مُحَمَّد بن جَعْفَر
(الْجراح)
3 - (ابْن عبد الله الْحكمِي)
الْجراح بن عبد الله الْحكمِي الْأَمِير أَبُو عقبَة ولي الْبَصْرَة
وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ ابْن عَسَاكِر
وَكَانَ من صلحاء الْأُمَرَاء ومجاهديهم توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وَمِائَة
3 - (الْأَشْجَعِيّ)
الْجراح الْأَشْجَعِيّ الصَّحَابِيّ مَذْكُور فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي قصَّة بروع بنت واشق عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صدَاق امْرَأَة من نسائها وَلها الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا الْعدة فِي الَّذِي مَاتَ عَنْهَا قبل أَن يدْخل بهَا
وَلم يكن فرض لَهَا(11/49)
3 - (ابْن مليح)
الْجراح بن مليح الرُّؤَاسِي الْكُوفِي وَالِد وَكِيع وناظر بَيت المَال بِبَغْدَاد للرشيد
وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ ابْن سعد كَانَ ضَعِيف الحَدِيث توفّي سنة ستّ وَسبعين وَمِائَة
وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
(الألقاب)
ابْن الْجراح عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى ابْن الْجراح عَليّ بن عِيسَى ابْن الْجراح عِيسَى بن دَاوُد ابْن الْجراح عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى بن دَاوُد ابْن الْجراح الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الْجراح يحيى بن مَنْصُور ابْن الجرادي الْكَاتِب أجمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الجراوي صَاحب الحماسة أَحْمد بن عبد السَّلَام الجراوي المالقي أَحْمد بن الْحسن)
الجراوي عبد الله بن مُحَمَّد الجرايدي أَيُّوب بن بدر الجرايدي الشَّاعِر الْمُقْرِئ يَعْقُوب بن بدران ابْن عماد الدّين مُحَمَّد بن يَعْقُوب(11/50)
(جرثوم أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي)
جرثوم أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة
ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه يَوْم خَيْبَر وأرسله إِلَى قومه فأسلموا
توفّي سنة خمس وَسبعين روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
(جرجي الدوادار)
جرجي الْأَمِير سيف الدّين الدوادار
كَانَ دواداراً صَغِيرا فِي الْأَيَّام الصالحية
وَلما قتل الْأَمِير سيف الدّين طغيتمر النجمي الدوادار الْكَبِير فِي أَوَاخِر أَيَّام المظفر حاجى جَاءَ الْأَمِير سيف الدّين جرجي الْمَذْكُور إِلَى الشَّام مُتَوَجها إِلَى حماه فِي وَاقعَة يلبغا اليحيوي وَلما عَاد إِلَى مصر جعله المظفر دواداراً كَبِيرا وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
فَلَمَّا قتل المظفر فِي شهر رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة أخرج الْأَمِير سيف الدّين جرجي إِلَى دمشق أَمِير عشرَة وَجعل الْأَمِير سيف الدّين طشبغا دواداراً عوضه
ثمَّ أَنه طلب إِلَى مصر وَأعْطِي إمرة طبلخاناه بالديار المصرية
(الألقاب)
الْجِرْجَانِيّ القضي الشَّافِعِي أَبُو الْحسن عليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ الأديب عبد القاهر بن عبد الرَّحْمَن الْجِرْجَانِيّ الْوراق الشَّاعِر مُحَمَّد بن أَحْمد الجرجرائي الْكَاتِب مُحَمَّد بن الْفضل الجرجرائي الْوَزير أَحْمد بن الخصيب الجرجرائي رَجَاء بن أبي الضَّحَّاك)(11/51)
الجرجرائي عَليّ بن أَحْمد
(جرجس بن يوحنا اليبرودي)
جرجس بن يوحنا بن سُهَيْل بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْفرج اليبرودي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وباء ثَانِيَة الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء
ويبرود قَرْيَة إِلَى جَانب صيدنايا من عمل دمشق
كَانَ من النَّصَارَى اليعاقبة وَكَانَ بقريته من جملَة فلاحيها يجمع الشيح من بر دمشق وَيدخل يَبِيعهُ فِي دمشق فاتفق يَوْمًا أَن دخل فِي بَاب توما فَوجدَ طَبِيبا يفصد إنْسَانا قد عرض لَهُ رُعَاف شَدِيد من الْجِهَة الَّتِي وَقع الفصد فِيهَا فَوقف ينظر إِلَيْهِ وَقَالَ لم تفعل هَذَا قَالَ لقطع الدَّم
فَقَالَ إِن كَانَ الْأَمر هَكَذَا فإننا فِي موضعنا قد اعتدنا أَنه مَتى كَانَ نهر جارٍ وأردنا قطع المَاء عَنهُ فإننا نجْعَل لَهُ مسيلاً إِلَى نَاحيَة أُخْرَى غير مسامتةٍ لَهُ فافعل أَنْت كَذَلِك
فَفعل فَانْقَطع الدَّم
فَقَالَ الطَّبِيب لليبرودي لَو أَنَّك مشتغل بالطب جَاءَ مِنْك طَبِيب جيد
فمالت نَفسه إِلَى الطِّبّ واشتغل بِهِ وَلما تبصر فِي الطِّبّ قصد أَبَا الْفرج بن الطّيب كَاتب الجاثليق بِبَغْدَاد وَقَرَأَ عَلَيْهِ الطِّبّ وَالْحكمَة إِلَى أَن مهر وَعَاد إِلَى دمشق وَأقَام بهَا
وَقَالَ اِسْعَدْ بن الياس بن المطران كَانَ بِدِمَشْق فاصد يُقَال لَهُ أَبُو الْخَيْر فصد فِي بعض الْأَيَّام شَابًّا فَوَقَعت الريشة فِي شريانٍ فَجرى الدَّم وسال وحار وتبلد الفاصد فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ وَجَاء اليبرودي وَهُوَ صبي يَسُوق دَابَّة تحمل الشيح فَرَآهُ فَقَالَ يَا عماه افصده فِي الْيَد الْأُخْرَى ففصده فَقَالَ شدّ الفصاد الأول فشده وَوضع عَلَيْهِ لازوقاً كَانَ عِنْده فَوقف الدَّم فَقَالَ من أَيْن لَك مَا أَمرتنِي بِهِ فَقَالَ أَنا أرى لما يسقى الْكَرم إِذا انْفَتح شقّ من النَّهر وَخرج المَاء مِنْهُ فتح فتحا آخر ينقص بِهِ المَاء الأول الْوَاصِل إِلَى ذَلِك الشق ثمَّ يسده بعد ذَلِك قَالَ فَمَنعه الجرايحي من بيع الشيح وشغله بالطب فَكَانَ مِنْهُ اليبرودي
وَقَالَ الطرطوشي فِي كتاب سراج الْمُلُوك حَدثنِي بعض الشاميين أَن رجلا خبازاً بَينا هُوَ يخبز فِي تنوره بِمَدِينَة دمشق إِذْ عبر عَلَيْهِ رجل يَبِيع المشمش فَاشْترى مِنْهُ وَجعل يَأْكُلهُ بالخبز الْحَار فَلَمَّا فرغ سقط مغشياً عَلَيْهِ فنظروا فَإِذا هُوَ ميت فقضوا بِمَوْتِهِ وَغسل وكفن وَصلي عَلَيْهِ)
وَخَرجُوا بِهِ إِلَى الْجَبانَة فَبينا هم فِي الطَّرِيق على بَاب الْبَلَد اسْتَقْبَلَهُمْ طَبِيب يُقَال لَهُ اليبرودي فَسمع النَّاس يلهجون بأَمْره فَسَأَلَهُمْ عَن الْقِصَّة فأخبروه بهَا فَقَالَ حطوه حَتَّى أرَاهُ فوضعوه فَنظر فِي أَمَارَات الْحَيَاة مِنْهُ فَسَقَاهُ شَيْئا أَو قَالَ حقنه فَانْدفع مَا هُنَالك فَإِذا الرجل قد فتح عَيْنَيْهِ وَقَامَ إِلَى حانوته
وَتُوفِّي اليبرودي بِدِمَشْق سنة وَأَرْبَعمِائَة وَدفن بكنيسة اليعاقبة عِنْد بَاب توما وَوجد فِي تركته ثَلَاثمِائَة دِرْهَم
مقطع رومي وَخَمْسمِائة فضَّة ألطفها ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وَكَانَت لَهُ مراسلات إِلَى ابْن رضوَان بِمصْر وَغَيره من الْأَطِبَّاء المصريين وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الطِّبّ وَلَا سِيمَا من كتب جالينوس وشروحها وجوامعها
(جرديك النوري الأتابكي)
كَانَ من كبار أُمَرَاء الدولة وَهُوَ(11/52)
الَّذِي تولى قتلة شاور بِمصْر وَقَتله ابْن الخشاب بحلب
وَكَانَ بطلاً شجاعاً وَولي إمرة الْقُدس وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة أَربع وَتِسْعين وخمسائة وَولي الْقُدس فِي الْأَيَّام الصلاحية
(الألقاب)
الجرذ القَاضِي أَحْمد بن إِسْحَاق الجرذ الْكَاتِب هبة الله بن الْحُسَيْن ابْن جرموز قَاتل الزبير اسْمه عُمَيْر بن جرموز الْجرْمِي النَّحْوِيّ اسْمه صَالح بن إِسْحَاق
(جرهد بن خويلد)
جرهد بن خويلد بن بحرة بن عبد ياليل الْأَسْلَمِيّ الْمدنِي
كَانَ من أهل الصّفة توفّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ
وروى عَنهُ بنوه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَسليمَان وَمُسلم
وجرهد هَذَا هُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول الله ص غط فخذك وحفيده زرْعَة
وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
(جرهم بن ناشب)
جرهم بن ناشب الْخُشَنِي أَبُو ثَعْلَبَة
وَقيل هُوَ الجرثوم بن ناشب وَقيل ناشم وَهُوَ مَشْهُور بكنيته
بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيعَة الرضْوَان وَضرب لَهُ السهْم يَوْم خَيْبَر وأرسله إِلَى قومه فأسلموا
نزل الشَّام وَبهَا مَاتَ سنة خمس وَسبعين وَقيل مَاتَ فِي زمن مُعَاوِيَة
روى عَنهُ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَجبير بن نفير وَمَكْحُول(11/53)
(جَرْوَل الحطيئة)
جَرْوَل هُوَ الحطيئة الشَّاعِر الْمَشْهُور أَبُو مليكَة ابْن أَوْس بن مَالك من بني عبس لقب بالحطيئة لقُرْبه من الأَرْض فَإِنَّهُ كَانَ قَصِيرا
وَقيل ضرط ضرطة بَين قومه فَقيل مَا هَذَا فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ حطأة
وَهُوَ من فحول الشُّعَرَاء وفصحائهم وَكَانَ ذَا شَرّ وسفه وَنسبه متدافع بَين الْقَبَائِل كَانَ ينتمي إِلَى كل وَاحِدَة مِنْهَا إِذا غضب على الْأُخْرَى
وَهُوَ مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام فَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَقَالَ فِي ذَلِك من الطَّوِيل
(أَطعْنَا رَسُول الله إِذْ كَانَ بَيْننَا ... فيا لعباد الله مَا لأبي بكر)
(أيورثها بكرا إِذا مَاتَ بعده ... وَتلك لعمر الله قاصمة الظّهْر)
وَقَالَ يهجو أمه من الوافر
(تنحي فاجلسي عني قَلِيلا ... أراح الله مِنْك العالمينا)
(أغربالاً إِذا اسْتوْدعت سرا ... وكانوناً على المتحدثينا)
وَالْتمس يَوْمًا إنْسَانا يهجوه فَلم يجد فَضَاقَ عَلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ من الطَّوِيل
(أَبَت شفتاي الْيَوْم إِلَّا تكلماً ... بشرٍ فَمَا أَدْرِي لمن أَنا قَائِله)
وَجعل يدهور هَذَا الْبَيْت فِي حلقه وَلَا يرى إنْسَانا فَاطلع فِي ركي أَو حَوْض فَرَأى وَجهه فَقَالَ
(أرى لي وَجها قبح الله خلقه ... فقبح من وَجه وقبح حامله)
وَقدم الْمَدِينَة فِي سنة مُجْدِبَة فَجمع أَشْرَافهَا لَهُ من بَينهم شَيْئا إِلَى أَن تكمل لَهُ أَرْبَعمِائَة دِينَار وَأَعْطوهُ إِيَّاهَا فَإِذا بِهِ يَوْم الْجُمُعَة وَقد اسْتقْبل الإِمَام يُنَادي من يحملني على نَعْلَيْنِ كَفاهُ الله كبة(11/54)
جَهَنَّم
قَالَ الْأَصْمَعِي كَانَ الحطيئة جشعاً سؤولاً محلفاً دني النَّفس كثير الشَّرّ قَلِيل الْخَيْر بَخِيلًا قَبِيح المنظر رث الْهَيْئَة مغموز النّسَب فَاسد الدّين
وهجا الزبْرِقَان بن بدر بالأبيات السينية الَّتِي مِنْهَا من الْبَسِيط
(دع المكارم لَا ترحل لبغيتها ... واقعد فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي)
فاستدعى عَلَيْهِ الزرقان إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فرفعه عمر إِلَيْهِ واستنشده فَقَالَ عمر لحسان أتراه هجاه فَقَالَ نعم وسلح عَلَيْهِ فحبسه عمر وَقيل جعله فِي بئرٍ ثمَّ ألقِي عَلَيْهِ شَيْء فَقَالَ)
من الْبَسِيط
(مَاذَا تَقول لأفراخ بِذِي مرخ ... زغب الحواصل لَا مَاء وَلَا شجر)
(ألقيت كاسبهم فِي قَعْر مظلمةٍ ... فَاغْفِر عَلَيْك سَلام الله يَا عمر)
(أَنْت الإِمَام الَّذِي من بعده صَاحبه ... أَلْقَت إِلَيْك مقاليد النهى الْبشر)
(لم يؤثروك بِهِ إِذْ قدموك لَهَا ... لَكِن لأَنْفُسِهِمْ كَانَت بك الْأَثر)
فَأخْرجهُ وَقَالَ إياك وهجاء النَّاس
فَقَالَ إِذا تَمُوت عيالي جوعا هَذَا مكسبي وَمِنْه معاشي
قَالَ فإياك والمقذع من القَوْل
قَالَ وَمَا المقذع قَالَ أَن تخاير بَين النَّاس فَتَقول فلَان خير من فلَان وَآل فلَان خير من آل فلَان قَالَ فَأَنت وَالله أهجا مني
ثمَّ قَالَ لَوْلَا أَن تكون سبة لَقطعت لِسَانه وَلَكِن اذْهَبْ فَأَنت لَهُ يَا زبرقان
فَألْقى الزبْرِقَان فِي رقبته عِمَامَة فاقتاده بهَا فعارضته غطفان فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا شذرة إخْوَتك وَبَنُو عمك فهبه لنا فوهبه لَهُم
وَقيل إِن عمر رَضِي الله لما أطلقهُ اشْترى مِنْهُ أَعْرَاض الْمُسلمين بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم ليؤكد
قلت لم يخف عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن ذَلِك هجو وَلكنه أَرَادَ درا الْحَد بِالشُّبْهَةِ
وَقَالَ العسكري فِي كتاب الْأَوَائِل بَعْدَمَا أورد الأبيات الرائية للحطيئة فَأخْرجهُ عمر وَجلسَ على كرْسِي وَأخذ شفرةً وأوهمه أَنه يُرِيد قطع لِسَانه فَضَجَّ وَقَالَ أَنا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد هجوت أبي وَأمي وهجوت نَفسِي وامرأتي فبتسم عمر وَقَالَ مَا الَّذِي قلت قَالَ قلت لأبي وَأمي من الْكَامِل
(وَلَقَد رَأَيْتُك فِي النِّسَاء فسؤتني ... وَأبي ينيك فساءني فِي الْمجْلس)
وَقلت فِي امْرَأَتي من الوافر
(تنحي واقعدي مني بَعيدا ... أراح الله مِنْك العالمينا)
(ألم أظهر لَك الْبغضَاء مني ... وَلَكِن لَا أخالك تعقلينا)
(أغربالاً إِذا اسْتوْدعت سرا ... وكانوناً على المتحدثينا)
وَقلت فِي نَفسِي من الطَّوِيل)
(أَبَت شفتاي الْيَوْم إِلَّا تكلماً ... بِسوء فَلَا أَدْرِي لمن أَنا قَائِله)(11/55)
(أرى لي وَجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجهٍ وقبح حامله)
فَأخذ عمر عَلَيْهِ أَن لَا يهجو أحدا وَجعل لَهُ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم اشْترى بهَا أَعْرَاض الْمُسلمين
فَقَالَ الحطيئة من الْكَامِل
(أخذت أَطْرَاف الْكَلَام فَلم تدع ... شتماً يضر وَلَا مديحاً ينفع)
(ومنعتني عرض الْبَخِيل فَلم يخف ... شتمي وَأصْبح آمنا لَا يجزع)
وَلما حضرت الحطيئة الْوَفَاة اجْتمع إِلَيْهِ قومه فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا مليكَة أوص فَقَالَ ويل للشعر من رِوَايَة السوء
فَقَالُوا أوص يَرْحَمك الله يَا حطي فَقَالَ من الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(إِذا أنبض الرامون عَنْهَا ترنمت ... ترنم ثَكْلَى أوجعتها الْجَنَائِز)
قَالُوا الشماخ
قَالَ أبلغوا غطفان أَنه اشعر الْعَرَب
فَقَالُوا لَهُ وَيحك أوص بِمَا ينفعك فَقَالَ أبلغوا أهل ضابىء أَنه شَاعِر حَيْثُ يَقُول من الطَّوِيل
(لكل جديدٍ لَذَّة غير أنني ... وجدت جَدِيد الْمَوْت غير لذيذ)
فَقَالُوا أوص وَيحك بِمَا ينفعك قَالَ أبلغوا امْرأ الْقَيْس أَنه أشعر الْعَرَب حَيْثُ يَقُول من الطَّوِيل
(فيا لَك من ليلٍ كَأَن نجومه ... بِكُل مغار الفتل شدت بيذبل)
فَقَالُوا إتق الله ودع عَنْك
قَالَ أبلغوا الْأَنْصَار أَن شَاعِرهمْ اشعر الْعَرَب حَيْثُ يَقُول من الْكَامِل
(يغشون حَتَّى مَا تهر كلابهم ... لَا يسْأَلُون عَن السوَاد الْمقبل)
فَقَالُوا إِن هَذَا لايغني عَنْك شَيْئا فَقل غير مَا أَنْت فِيهِ فَقَالَ من الرجز
(الشّعْر صَعب وطويل سلمه ... إِذا ارْتقى فِيهِ الَّذِي لايعلمه)
(زلت بِهِ إِلَى الحضيض قدمه ... يُرِيد أَن يعربه فيعجمه)
قَالُوا هَذَا مثل الَّذِي كنت فِيهِ فَقَالَ من الرجز
(قد كنت أَحْيَانًا شَدِيد الْمُعْتَمد ... وَكنت ذَا غربٍ على الْخصم أَلد)
)
فوردت نَفسِي وَمَا كَادَت ترد
قَالُوا يَا أَبَا مليكَة أَلَك حَاجَة قَالَ لَا وَالله وَلَكِن أجزع على المديح الْجيد يمدح بِهِ من لَيْسَ لَهُ أَهلا
قَالُوا فَمن اشعر النَّاس فَأَوْمأ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ وَقَالَ هَذَا الجحير إِذا طمع فِي خير واستعبر باكياً
فَقَالُوا لَهُ قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ من الرجز
((11/56)
قَالَت وفيهَا حيرة وذعر ... عوذ بربي مِنْكُم وَحجر)
قَالُوا لَهُ مَا تَقول فِي عبيدك وإمائك فَقَالَ هم عبيد قن مَا عاقب اللَّيْل النَّهَار
قَالُوا فأوص للْفُقَرَاء بِشَيْء قَالَ الإلحاح فِي الْمَسْأَلَة فَإِنَّهَا تِجَارَة لَا تبور وآست المسؤول أضيق
قَالُوا فَمَا تَقول فِي مَالك قَالَ للْأُنْثَى من وَلَدي مثل حَظّ الذّكر
قَالُوا لَيْسَ هَكَذَا قضى الله عز وَجل
قَالَ لكني هَكَذَا قضيت
قَالُوا فَمَا توصي لِلْيَتَامَى قَالَ كلوا أَمْوَالهم ونيكو أمهاتهم قَالُوا فَهَل شَيْء تعهد فِيهِ غير هَذَا قَالَ نعم تحملوني على أتان وتتركوني راكبها حَتَّى أَمُوت فَإِن الْكَرِيم لَا يَمُوت على فرَاشه والأتان مركب لم يمت عَلَيْهِ كريم فَحَمَلُوهُ على أتان وَجعلُوا يذهبون بِهِ ويجيئون حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَقُول من الرجز
(لَا أحد ألأم من حطيه ... هجا بنيه وهجا المريه)
من لؤمه مَاتَ على قريه الْقرْيَة الأتان
وَقَالَ أَبُو حَاتِم بخلاء الْعَرَب أَرْبَعَة الحطيئة وَحميد الأرقط وَأَبُو الْأسود الثَّلَاثَة لِلْهِجْرَةِ
(جَرْوَل بن الحمارس الْيَشْكُرِي)
هُوَ الْقَائِل يهجو الفرزدق فِي رِوَايَة عمر بن شبة من الطَّوِيل
(لقد بشرت أم الفرزدق أَهلهَا ... بألأم مَوْلُود وأخبث مَوضِع)
(خصاك جرير يَا بن قين فَإِن تعد ... لشتم كريم بعد خصيك تجدع)
(بَكَى الْقَيْن لما رأى الْحَرْب شمرت ... جزعت ابْن قين اللؤم لَا حِين مجزع)
(وَإنَّك يَا بن الْقَيْن لست بمدرك ... مآثر بكرٍ فأت جهدك أَو دع)
(الألقاب)
ابْن جرو عبيد الله بن مُحَمَّد ابْن جريح اسْمه عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز
(جرير البَجلِيّ الصَّحَابِيّ)
جرير بن عبد الله البَجلِيّ بِفَتْح الْبَاء ثَانِي الْحُرُوف(11/57)
الأحمسي اليمني
وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم فِي رَمَضَان وَكَانَ بديع الْجمال مليح الصُّورَة إِلَى الْغَايَة طَويلا يصل إِلَى سَنَام الْبَعِير وَكَانَ نَعله ذِرَاعا
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجهه مسحة ملك وَقَالَ عمر جرير يُوسُف هَذِه الْأمة
وَقَالَ جرير أسلمت قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا
روى عَنهُ أنس بن مَالك وَقيس بن أبي حَازِم وَالشعْبِيّ وَبَنوهُ عبيد الله وَالْمُنْذر وَإِبْرَاهِيم وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
نزل الْكُوفَة وسكنها زَمَانا ثمَّ انْتقل إِلَى قرقيسيا وَمَات بهَا سنة إِحْدَى وَخمسين وَقيل سنة أَربع وَخمسين أورد المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء لجرير البَجلِيّ قَوْله حِين نافر الفرافصة بن الأحوض الْكَلْبِيّ إِلَى الْأَقْرَع بن حَابِس من الرجز
(يَا أَقرع بن حَابِس يَا أَقرع ... إِن يصرع الْيَوْم أَخُوك تصرع)
وَقَوله أَيْضا من الرجز
(يَا ابْن نزار انصرا أخاكما ... إِن أبي وجدته أَبَاكُمَا)
لن يخذل الْيَوْم أَخ والاكما)
فنفره الْأَقْرَع على الفرافصة انْتهى
قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق قدم رَسُولا من عَليّ إِلَى مُعَاوِيَة يطْلب مِنْهُ الْبيعَة لَهُ
ووفد على مُعَاوِيَة مرّة أُخْرَى فِي خِلَافَته وَلم يزل مُعْتَزِلا لعَلي(11/58)
وَمُعَاوِيَة بنواحي الجزيرة انْتقل من الْكُوفَة إِلَى قرقيسيا وَقَالَ لَا أقيم فِي بَلْدَة يشْتم فِيهَا عُثْمَان
وَكَانَ سيداً فِي قومه وَبسط لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثوبا ليجلس عَلَيْهِ وَقت مبايعته لَهُ وَقَالَ لأَصْحَابه إِذا جَاءَكُم كريم قومٍ فأكرموه
وَوَجهه إِلَى ذِي الخلصة طاغية دوس فَهَدمهَا ودعا لَهُ حِين بَعثه إِلَيْهَا
وَشهد مَعَ الْمُسلمين يَوْم الْمَدَائِن وَله فِيهِ أَخْبَار مأثورة وَشهد غَيره من فتوحات الْعرَاق والعجم وَكَانَ على الميمنة يَوْم الْقَادِسِيَّة وَكَانَ أَعور ذهبت عينه بهمذان حِين وَليهَا فِي زمَان عُثْمَان ودعا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ ثبته واجعله هادياً مهدياً وَقَالَ اللَّهُمَّ اشرح قلبه للايمان وَلَا تَجْعَلهُ من أهل الرِّدَّة وَلَا تكْثر لَهُ فيطغى وَلَا تملي عَلَيْهِ فينسى وَقَالَ جرير مَا حجبني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسلمت وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسم
وَقَالَ ص جرير منا أهل الْبَيْت
وَكَانَت وُفُود الْعَرَب تَأتي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيبعث إِلَى جرير فيلبس حلته ثمَّ يَجِيء فيباهي الْوُفُود بِهِ وَقَالَ لَهُ إِنَّك امْرُؤ قد حسن الله خلقك فَأحْسن خلقك
وَفِي جرير قَالَ الشَّاعِر من الرجز
(لَوْلَا جرير هَلَكت بجيلة ... نعم الْفَتى وبئست الْقَبِيلَة)
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَا مدح من هجي قومه
(جرير)
3 - (ابْن حَارِثَة الطَّائِي)
جرير بن أَوْس بن حَارِثَة بن لأمٍ الطَّائيّ الصَّحَابِيّ وَيُقَال فِيهِ خريم ابْن أَوْس قَالَ ابْن عبد الْبر أَظن أَخَاهُ هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فورد عَلَيْهِ مُنْصَرفه من تَبُوك فَأسلم وَهُوَ ابْن عَم عُرْوَة بن مُضرس الطَّائِي وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة من سيدكم الْيَوْم فَقَالَ من أعْطى سائلنا وأغضى عَن جاهلنا واغتفر زلتنا
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة أَحْسَنت يَا جرير
وروى جرير شعر الْعَبَّاس الَّذِي مدح بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(11/59)
3 - (ابْن حَازِم الْبَصْرِيّ)
جرير بن حَازِم بن زيد الْأَزْدِيّ الْعَتكِي الْبَصْرِيّ مولى حَمَّاد بن زيد
ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ
يُقَال أَنه سمع أَبَا الطُّفَيْل وَبعده خلقا من التَّابِعين مِنْهُم أَبُو رَجَاء وَمُحَمّد بن سِيرِين روى عَنهُ الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَمَات سنة سبعين وَمِائَة روى لَهُ الْجَمَاعَة وَثَّقَهُ النَّاس وَلكنه تغير قَلِيلا قبل مَوته فحجبه ابْنه وهب فَمَا سمع مِنْهُ أحد فِي اخْتِلَاطه
وَله أَحَادِيث ينْفَرد بهَا فِيهَا نَكَارَة وغرابة وَلِهَذَا يَقُول البُخَارِيّ رُبمَا يهم
وَقَالَ ابْن معِين هُوَ فِي قَتَادَة ضَعِيف
3 - (أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ الرَّازِيّ)
جرير بن عبد الحميد الْحَافِظ أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ
الْكُوفِي ثمَّ الرَّازِيّ أحد الْأَئِمَّة
مولده سنة عشر وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة(11/60)
3 - (الجفشيش)
جرير بن معدان الْكِنْدِيّ وَيُقَال الْحَضْرَمِيّ وَيعرف بالجفشيش بِالْجِيم وَالْفَاء وشينين معجميتين بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف وَقيل بِالْحَاء مُهْملَة وَقيل بِالْخَاءِ مُعْجمَة يكنى أَبَا الْخَيْر)
قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد كِنْدَة وَخَاصم إِلَيْهِ رجلا فِي أرضٍ فَجعل الْيَمين على أَحدهمَا فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن حلف دفعت إِلَيْهِ أرضي فَقَالَ يَا رَسُول الله دَعه فَإِنَّهُ إِن حلف بِاللَّه كَاذِبًا لم يغْفر لَهُ
3 - (ابْن حَازِم الْجَهْضَمِي)
جرير بن حَازِم الْجَهْضَمِي الْبَصْرِيّ قَالَ المرزباني توفّي فِي صدر الدولة الهاشمية وَكَانَ يرْمى فِي دينه ومدح عباد بن عبادٍ المهلبي بعدة مائح مِنْهَا قَوْله لمّا بنى دَاره من الطَّوِيل
(حبا الله عباداً بِأَفْضَل منزلٍ ... وأجزله للعابد الدَّائِم الْفِكر)
(فيا بن قروم الأزد كن شاكراً لمن ... حباك بِهِ وَالله زَائِد من شكر)
(عمرت فأحسنت الْعِمَارَة فاغتنم ... عمَارَة دَار الْحق فِي عَابِر الْعُمر)
3 - (الْأمَوِي)
جرير بن عبد الله بن عَنْبَسَة بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس يَقُول للمهدي فِي راوية مُصعب الزبيرِي من الرمل
(يَا أَمِين الله قد قلت لكم ... قَول ذِي رَأْي وَدين وَحسب)
(من يقل غير مقالي فَلَقَد ... قَالَ زوراً وتعدى وَكذب)
(عبد شمس كَانَ يلتو هاشماً ... وهما بعد لأم ولأب)
(ثمَّ مَا فرق حَتَّى آدم ... بَيْننَا الرَّحْمَن فِي جذم النّسَب)
(لكم الْفضل علينا وَلنَا ... بكم الْفضل على الْعَرَب)
(فابد بالأقرب منا إننا ... عصب نَأْتِيك من دون عصب)
(القرايات شَدِيد ودها ... عقدهَا أوثق من عقد الكرب)
(فصلوا الْأَرْحَام منا واحفظوا ... عبد شمس عَم عبد الْمطلب)(11/61)
3 - (ابْن يزِيد البَجلِيّ)
جرير بن يزِيد بن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي البَجلِيّ قَالَ المرزباني رَشِيدِيّ يَقُول من الطَّوِيل
(أيا رب قد نزهتني مذ خلقتني ... عَن اللؤم والأدناس فِي الْعسر واليسر)
(وأوليتني الْحسنى قَدِيما وحطتني ... وبصرتني رشدي وعرفتني قدري)
)
(فيا رب لَا تجْعَل عَليّ لساقط ... وَلَا للئيم نعْمَة آخر الدَّهْر)
(فَإِنِّي أرى مر اللَّيَالِي على امرئٍ ... كريم لَهُ من أقبح الخدع والعفر)
(حياتهم موت ونفعهم عَنى ... ونيل الْغنى مِنْهُم أَشد من الْفقر)
3 - (ابْن الخطفي التَّمِيمِي)
جرير بن عَطِيَّة بن الخطفي بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَالْفَاء أَبُو حزرة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي قبل الرَّاء التَّمِيمِي الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ من فحول الشُّعَرَاء فِي الْإِسْلَام وَكَانَ بَينه وَبَين الفرزدق مهاجاة ونقائض وَهُوَ أشعر من الفرزدق عِنْد أَكثر أهل الْعلم
قيل إِن بيُوت الشّعْر أَرْبَعَة فَخر ومديح وهجاء ونسيب وَفِي الْأَرْبَعَة فاق جرير غَيره فالفخر قَوْله من الوافر
(إِذا غضِبت عَلَيْك بَنو تَمِيم ... حسبت النَّاس كلهم غضابا)
والمديح قَوْله من الوافر
(ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى الْعَالمين بطُون رَاح)
والهجاء قَوْله من الوافر
(فغض الطّرف إِنَّك من نميرٍ ... فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا)
والنسيب قَوْله من الْبَسِيط
(إِن الْعُيُون الَّتِي فِي طرفها حور ... قتلننا ثمَّ لم يحيين قَتْلَانَا)
(يصرعن ذَا اللب حَتَّى لَا حراك بِهِ ... وَهن أَضْعَف خلق الله أركانا)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة رَأَتْ أم جرير فِي نومها وَهِي حَامِل بِهِ كَأَنَّهَا ولدت حبلاً من شعر أسود فَلَمَّا وَقع جعل ينزو فَيَقَع فِي عنق هَذَا فيخنقه حَتَّى فعل ذَلِك بِرِجَال كثير فانتبهت(11/62)
مَذْعُورَة فأولت الرُّؤْيَا فَقيل لَهَا تلدين غُلَاما شَاعِرًا ذَا شَرّ وَشدَّة وشكيمة وبلاء على النَّاس
فَلَمَّا وَلدته سمته جَرِيرًا باسم الْحَبل الَّذِي رَأَتْ أَنه خرج مِنْهَا
والجرير الْحَبل
وَقَالَ رجل لجرير من أشعر النَّاس فَقَالَ لَهُ قُم حَتَّى أعرفك الْجَواب
فَأخذ بِيَدِهِ وَجَاء بِهِ إِلَى أَبِيه عَطِيَّة وَقد أَخذ عَنْزًا فاعتقلها وَجعل يمص ضرْعهَا فصاح بِهِ أخرج يَا أبه فَخرج شيخ ذميم رث الْهَيْئَة وَقد سَالَ لبن العنز على لحيته)
فَقَالَ لَهُ أَتَرَى هَذَا قَالَ نعم
قَالَ أَو تعرفه قَالَ لَا
قَالَ هَذَا أبي أفتدري لم كَانَ يشرب من ضرع العنز قَالَ لَا
قَالَ مَخَافَة أَن يسمع صَوت الْحَلب فيطلب مِنْهُ اللَّبن ثمَّ قَالَ أشعر النَّاس من فاخر بِمثل هَذَا الْأَب ثَمَانِينَ شَاعِرًا وقارعهم ففلهم جَمِيعًا
وَدخل على عبد الْملك بن مَرْوَان فأنشده من الوافر
(أتصحو أم فؤاداك غير صَاح ... عَشِيَّة هم صحبك بالرواح)
(تَقول العاذلات علاك شيب ... أَهَذا الشيب يَمْنعنِي مراحي)
(تعزت أم حزرة ثمَّ قَالَت ... رَأَيْت الموردين ذَوي لقاح)
(ثقي بِاللَّه لَيْسَ لَهُ شريك ... وَمن عِنْد الْخَلِيفَة بالنجاح)
(ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى الْعَالمين بطُون رَاح)
(سأشكر إِن رددت عَليّ ريشي ... وَأنْبت القوادم فِي جناحي)
قَالَ جرير فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى هَذَا الْبَيْت كَانَ عبد الْملك مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا وَقَالَ من مَدْحنَا مِنْكُم فليمدحنا بِمثل هَذَا أَو فليسكت
ثمَّ الْتفت إِلَيّ وَقَالَ يَا جرير أَتَرَى أم حزرة ترْوِيهَا مائَة نَاقَة من نعم بني كُلَيْب فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن لم تَرَوْهَا فَلَا أرواها الله فَأمر لي بهَا كلهَا سود الحدق
قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نَحن مَشَايِخ وَلَيْسَ بأحدنا فضل رَاحِلَته وَالْإِبِل أبان فَلَو أرت لي بالرعاء فَأمر لي بِثمَانِيَة وَكَانَ بَين يَدَيْهِ صحاف من الذَّهَب وَبِيَدِهِ قضيب فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ والمحلب وأشرت إِلَى إِحْدَى الصحاف فنبذها إِلَيّ بالقضيب وَقَالَ خُذْهَا لَا نفعتك
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ جرير فِي قَوْله من الْبَسِيط
(أعْطوا هنيدة تتلوها ثَمَانِيَة ... مَا فِي عطاياهم من وَلَا سرف)
وَلما مَاتَ الفرزدق وَبلغ خَبره جَرِيرًا بَكَى وَقَالَ أما وَالله إِنِّي لأعْلم أَنِّي قَلِيل الْبَقَاء بعده لقد كَانَ نجمنا وَاحِدًا وَكَانَ كل واحدٍ منا مَشْغُولًا بِصَاحِبِهِ وقلما مَاتَ ضد أَو صديق إِلَّا تبعه صَاحبه فَكَانَ كَذَلِك
وَتُوفِّي جرير سنة عشر وَمِائَة وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَة بِالْيَمَامَةِ وَعمر نفيا وَثَمَانِينَ سنة)
وَقَالَ عُثْمَان التَّمِيمِي رَأَيْت جَرِيرًا وَمَا يضم شَفَتَيْه من التَّسْبِيح فَقلت لَهُ وَمَا ينفعك هَذَا وَأَنت تقذف الْمُحْصنَات فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد الله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات وعد من الله حق
وَقيل إِنَّه مَاتَ بعد الفرزدق بِشَهْر وَاحِد(11/63)
(الألقاب)
الطَّبَرِيّ الإِمَام ابْن جرير الطَّبَرِيّ اسْمه مُحَمَّد بن جرير تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
ابْن جرير الْوَزير اسْمه عَليّ بن جرير الْجريرِي اسْمه الْمعَافى بن زَكَرِيَّاء الْجريرِي سعيد بن اياس الْجُزُولِيّ النَّحْوِيّ اسْمه عِيسَى بن عبد الْعَزِيز يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين فِي مَكَانَهُ ابْن جزلة الطَّبِيب اسْمه يحيى بن عِيسَى بن جزلة ابْن جزنا اسْمه مُحَمَّد بن هبة الله الجزار أَبُو الْحُسَيْن يحيى بن عبد الْعَظِيم ابْن الجزار الطَّبِيب اسْمه احْمَد بن إِبْرَاهِيم الْجَزرِي المؤرخ شمس الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجَزرِي الصاحب شمس الدّين عبد الحميد بن مُحَمَّد الْجَزرِي عَليّ بن مُحَمَّد الْجَزرِي النَّحْوِيّ الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن يُوسُف الجزيري الأصولي نجم الدّين اسْمه الْفَتْح بن مُحَمَّد الْجَصَّاص جمَاعَة مِنْهُم طَاهِر بن الْحسن الزَّاهِد وَابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي التَّاجِر اسْمه الْحُسَيْن بن عبد الله يَأْتِي ذكره فِي حرف الْحَاء فِي مَكَانَهُ الجصاني اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الجعابي الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد)
(جُزْء)
3 - (جُزْء أَخُو الشماخ)
جُزْء بن ضرار أَخُو الشماخ الْغَطَفَانِي شَاعِر مَشْهُور مخضرم وَهُوَ الْقَائِل يمدح قومه من الطَّوِيل
((11/64)
فقيرهم يُبْدِي الْغنى وغنيهم ... لَهُ ورق للسائلين رطيب)
(ذلولهم صَعب القيادة وصعبهم ... ذَلُول لحق الراغبين ركُوب)
(إِذا رنقت أَخْلَاق قوم مُصِيبَة ... تصفى بهَا أَخْلَاقهم فتطيب)
وَهُوَ الْقَائِل يرثي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ من الطَّوِيل
(جزى الله خيرا من أَمِير وباركتْ ... يدُ الله فِي ذَاك الأديمِ المُمَزَّقِ)
وَرُوِيَ هَذَا لِأَخِيهِ الشماخ وَرويت لِأَخِيهِ مزرد وَرويت للجن وَالصَّحِيح أَنَّهَا لجزءٍ الْمَذْكُور
3 - (الفقعسي)
جُزْء بن كُلَيْب الفقعسي إسلامي خطب إِلَيْهِ رجل فَقَالَ من الطَّوِيل
(وَإِنَّا على عض الزَّمَان الَّذِي ترى ... نعالج من كره المخازي الدواهيا)
(فَلَا تطلبنها يَا بن كَون فَإِنَّهُ ... عدا النَّاس مذ قَامَ النَّبِي الجواريا)
(فَإِن الَّذِي حدثتها فِي أنوفنا ... وأعناقنا من الْآبَاء كَمَا هيا)
3 - (التَّابِعِيّ)
جُزْء بن مُعَاوِيَة بن حُصَيْن بن عبَادَة بن سعدٍ التَّمِيمِي عَم الْأَحْنَف بن قيس روى عَنهُ بجالة بن عَبدة
ذكر فِي أَخذ الدِّيَة من الْمَجُوس وَهُوَ من التَّابِعين
3 - (ابْن جحجنا)
جُزْء بن مَالك بن عَامر بن جحجنا ذكره مُوسَى بن عقبَة فِي من اسْتشْهد يَوْم الْيَمَامَة من الْأَنْصَار
وَذكره الطَّبَرِيّ فِي من شهد أحدا
قَالَ ابْن عبد الْبر وَفِيهِمَا نظر وَرُبمَا كَانَا وَاحِدًا وَالله أعلم
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق جُزْء بِضَم الْجِيم ابْن للْعَبَّاس)
(جزي)
3 - (جزي أَبُو جري)
جزي وَيُقَال جري بالزاي وَالرَّاء
حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي(11/65)
الضَّب والسبع والثعلب وخشاش الأَرْض قَالَ ابْن عبد الْبر لَيْسَ إِسْنَاده بقائم لِأَنَّهُ يَدُور على عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة
3 - (وَالِد حنان بن جزي)
جزي السّلمِيّ وَيُقَال الْأَسْلَمِيّ وَالِد حنان بن جزي أسلم وكساه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بردين فِي حديثٍ فِيهِ طول قَالَ ابْن عبد الْبر إِسْنَاده أَيْضا قَائِما
(صَاحب جعبر)
جعبر بن سَابق الْقشيرِي الْأَمِير سَابق الدّين الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ قلعة جعبر
كَانَ قد أسن وَعمي وَكَانَ لَهُ ولدان يقْطَعَانِ الطَّرِيق ويخيفان السَّبِيل وَلم يزل على ذَلِك والقلعة بِيَدِهِ حَتَّى أَخذهَا مِنْهُ السُّلْطَان ملكشاه بن ألب ارسلان السلجوقي
ثمَّ قتل بعد ذَلِك سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة تسع وَسبعين
(الألقاب)
ابْن الجسور أَحْمد بن مُحَمَّد الجعبري جمَاعَة مِنْهُم تَاج الدّين صَالح بن ثامر بن حَامِد وَالشَّيْخ برهَان الدّين اسْمه إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم
(جعدة)
3 - (ابْن هُبَيْرَة المَخْزُومِي الصَّحَابِيّ)
جعدة بن هُبَيْرَة بن أبي وهب الْقرشِي المَخْزُومِي
أمه أم هانىء بنت أبي طَالب
ولاه خَاله عَليّ بن أبي طَالب على خُرَاسَان قَالُوا كَانَ فَقِيها وَهُوَ من الصَّحَابَة وَهُوَ الَّذِي يَقُول من الطَّوِيل
(أبي من بني مَخْزُوم إِن كنت سَائِلًا ... وَمن هَاشم أُمِّي لخير قبيل)
(فَمن ذَا الَّذِي يَأْتِي عَليّ بخاله ... كخالي عَليّ ذِي الندى وَعقيل)
روى عَنهُ مُجَاهِد بن حبر
وَيُقَال إِن أمه ولدت من هُبَيْرَة ثَلَاثَة بَنِينَ وَقيل أَرْبَعَة جعدة هَذَا وعمراً وهانئاً ويوسف(11/66)
3 - (ابْن هُبَيْرَة الْأَشْجَعِيّ الصَّحَابِيّ)
جعدة بن هُبَيْرَة الْأَشْجَعِيّ الصَّحَابِيّ
كُوفِي روى عَنهُ يزِيد الأودي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ خير النَّاس قَرْني
حَدِيثه عِنْد إِدْرِيس وَدَاوُد ابْني يزِيد الأودي عَن أَبِيهِمَا عَنهُ
3 - (ابْن خَالِد الصَّحَابِيّ)
جعدة بن خَالِد بن الصمَّة حَدِيثه عِنْد إِدْرِيس وَدَاوُد ابْني يزِيد الأودي عَن أَبِيهِمَا عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرجل سمين يومىء بِيَدِهِ إِلَى بَطْنه لَو كَانَ هَذَا فِي غير هَذَا كَانَ خيرا لَك
3 - (بنت عبيد الصحابية)
جعدة بنت عبيد الْأَنْصَارِيَّة أُخْت عفراء وَأم حَارِثَة بن النُّعْمَان والْحَارث بن الْحباب بن الأرقم
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي إِلَى منزلهَا وَكَانَ يَأْكُل عِنْدهَا
قَالَه الْعَدوي وَابْن القداح ذكر ذَلِك ابْن عبد الْبر
(الْجَعْد)
3 - (الْجَعْد بن دِرْهَم)
الْجَعْد بن دِرْهَم مؤدب مَرْوَان الْحمار وَلِهَذَا يُقَال لَهُ مَرْوَان الْجَعْدِي
كَانَ الْجَعْد أول من تفوه أَن الله لَا يتَكَلَّم وَقد هرب من الشَّام
يُقَال إِن الجهم بن صَفْوَان أَخذ عَنهُ مقَالَة خلق الْقُرْآن
وَأَصله من حران
يرْوى أَن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي خطب النَّاس يَوْم الْأَضْحَى بِوَاسِطَة وَقَالَ أَيهَا النَّاس ضحوا تقبل الله مِنْكُم ضَحَايَاكُمْ فَإِنِّي مضح بالجعد بن دِرْهَم إِنَّه زعم أَن الله لم يتَّخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَلم يكلم مُوسَى تكليماً ثمَّ نزل وذبحه وَهِي قصَّة مَشْهُورَة رَوَاهَا قُتَيْبَة بن سعيد وَالْحسن بن الصَّباح وَذَلِكَ فِي حُدُود سنة عشْرين وَمِائَة
وَأخذ(11/67)
جعد عَن أبان بن سمْعَان وَأخذ أبان من طالوت ابْن أُخْت لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ الَّذِي سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ طالوت من لبيد وَكَانَ لبيد يَقُول بِخلق التَّوْرَاة
وَأول من صنف فِي ذَلِك طالوت وَكَانَ زنديقاً وَأفْشى الزندقة وَقَالَ عَليّ بن الْقَاسِم الخوافي من الوافر
(أبينوا أَيْن جعد أَيْن جهم ... وَمن والأهم لَهُم الثبور)
(كَأَن لم ينظم النظام قولا ... وَلم تسطر لجاحظهم سطور)
(وَأَيْنَ الملحد ابْن أبي دؤاد ... لقد ضلوا وغرهم الْغرُور)
3 - (شعر الزنج)
أَبُو الْجَعْد الْمَعْرُوف بِشعر الزنج كَانَ وقاداً بِبَغْدَاد قصَّته طَوِيلَة وَأمره عَجِيب اقْتَضَت بِهِ الْحَال فِي تَصَرُّفَاته إِلَى أَن صَار وقاداً فِي أتون حمام
عشق علاماً فَأخذ فِي قَول الشّعْر فِيهِ فجوده وَاشْتَدَّ حبه فِي الْغُلَام وَكَانَ الْغُلَام ظريفاً مغرماً بالتفاح لَا يُفَارِقهُ فِي أَوَانه فجَاء يَوْمًا شعر الزنج فَقعدَ بِإِزَاءِ الْغُلَام وبيد الْغُلَام تفاحة أهديت لَهُ فَجعل يقبلهَا تَارَة ويشمها أُخْرَى ويدنيها من خَدّه تَارَة وَمن فِيهِ تَارَة فَقَالَ شعر الزنج من السَّرِيع
(تفاحة أكرمها رَبهَا ... يَا لَيْتَني لَو كنت تفاحة)
)
(تقبل الْحبّ وَلَا تَسْتَحي ... من مسكه بالكف نفّاحه)
(تجْرِي على خديه جوالة ... نَفسِي إِلَى شمك مرتاحه)
فَلَمَّا سمع الْغُلَام ذَلِك رمى بهَا فِي الطَّرِيق فَأَخذهَا شعر الزنج وَاشْتَدَّ كلفه بالغلام وَاشْتَدَّ إِعْرَاض الْغُلَام عَنهُ فَعمد شعر الزنج إِلَى تفاحة حَمْرَاء عَجِيبَة فَكتب عَلَيْهَا بِالذَّهَب من الْبَسِيط
(إِنِّي لأعذركم فِي طول صدكم ... من راقب الله أبدى بعض مَا كتما)
(لَكِن صدودكم يودي بِمن علقت ... بِهِ الصبابة حَتَّى ترجعوا الكلما)
وَرمى بالتفاحة إِلَى الْغُلَام فَقَرَأَ مَا فِيهَا وَقَامَ فَأَبْطَأَ وَعَاد بهَا فَرمى بهَا فِي حجر شعر الزنج فَأَخذهَا وَهُوَ يظنّ أَنه قد رق لَهُ فَإِذا بهَا هُوَ قد كتب بالأسود تَحت كل سطر من الْبَسِيط
(نصد عَنْكُم صدودالمبغضين لكم ... فَلَا تردوا إِلَيْنَا بعْدهَا كلما)
(وَمَا بِنَا النَّاس لَو أَنا نريدكم ... فاصبر فُؤَادك أَو مت هَكَذَا ألما)
فاشتعلت نيران شعر الزنج وتضاعف وجده ثمَّ ظن أَن الْغُلَام يستوضع حرفته بالوقادة فَتَركهَا وَصَارَ ناطوراً يحفظ الْبَسَاتِين بِبَاب الْحَدِيد وَقصد بساتين التفاح الَّتِي لَا يُوجد فِي بَغْدَاد أكبر مِنْهَا تفاحاً فَأتى إِلَى صَاحب لَهُ وَمَعَهُ تفاح كثير وَقَالَ أحب أَن تهدي بعض هَذَا التفاح إِلَى الْغُلَام وتعمد(11/68)
الْمَكْتُوب مِنْهُ فَنظر ذَلِك وَإِذا بِهِ قد كتب على تفاحة حَمْرَاء ببياض من نفس التفاحة لما كَانَت على شجرتها من مجزوء الرجز
(جودوا لمن هيمه ... حبكم فهاما)
(وَصَارَ ضوء يَوْمه ... من حزنه ظلاما)
وَكتب على أُخْرَى من الْمَنْسُوخ
(مهجة نفس أتتك مرتاحه ... تَشْكُو هَواهَا بِلَفْظ تفاحة)
فأهدى ذَلِك التفاح إِلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَ مَا عَلَيْهِ قَامَ وَقد خجل
وَصَارَ شعر الزنج يخْتَار التفاح وَيكْتب عَلَيْهِ الشّعْر ويحتال بصنوف الْحِيَل فِي إيصاله إِلَى الْغُلَام قَالَ الحاكي لهَذِهِ الْحَال فَإِنِّي يَوْمًا لجالسن أَنا والغلام إِذْ اجتاز بِنَا بَائِع فَاكِهَة جلّ مَا مَعَه التفاح فأجلسه الْغُلَام وابتاع مِنْهُ التفاح بِمَا أَرَادَ دون مماكسة وسر الْغُلَام برخص مَا ابتاعه وَجعل يقلب التفاح ويعجب من حسنه فَإِذا هُوَ فِي التفاح بتفاحة صفراء مَكْتُوب فِيهَا)
بالأحمر من السَّرِيع
(تفاحة تخبر عَن مهجة ... أذابها الهجر وأضناها)
(يَا بؤسها مَاذَا بهَا وَيْلَهَا ... أبعدها الْحبّ وأقصاها)
فَفطن حِينَئِذٍ وغالطني وَقَالَ مَا ترى مَا يكتبونه النَّاس على التفاح طلبا للمعاش فتغافلت عَنهُ وَإِذا بِشعر الزنج قد دفع ذَلِك التفاح إِلَى البَائِع وَقَالَ لَهُ تلطف فِي أَن يرَاهُ الْغُلَام وبعه إِيَّاه بِمَا قَالَ
ثمَّ إِن شعر الزنج أهْدى إِلَيّ يَوْمًا تفاحاً كثيرا أَحْمَر كالشقائق وأبيض كالفضة وأصفر كالذهب مِنْهُ مَا كتب عَلَيْهِ ببياض فِي حمرَة وبحمرة فِي بَيَاض وعَلى إِحْدَاهَا من السَّرِيع
(نبت فِي الأغصان مخلوقةً ... من قلب ذِي شوق وأحزان)
(صفرني سقم الَّذِي سقمه ... يخبر عَن حَالي وأحزاني)
وعَلى أُخْرَى بأحمر من السَّرِيع
(تفاحة صيغت كَذَا بِدعَة ... صفراء فِي لون المحبينا)
(زينها ذُو كمد مدنف ... بدمعه إِذْ ظلّ مَحْزُونا)
(فَامْنُنْ فقد جِئْت لَهُ شافعاً ... وقيت من بلواه أَمينا)
وعَلى أُخْرَى من السَّرِيع
(كتبت لما سفكت مهجتي ... بِالدَّمِ كي ترحم بلوائي)
رفعت هذي قصتي اشْتَكَى الهجر فَوَقع لي بإعفائي قَالَ فرحمته وأدركتني رقة لَهُ فخطفت التفاح جَمِيعه وعملت دَعْوَة ودعوت الْغُلَام وأخواته واجتمعنا على مجْلِس أنس وأحضرت التفاح فِيمَا أحضرته فَرَأَوْا مِنْهُ شَيْئا لم يرَوا مثله ثمَّ تَعَمّدت وضع التفاح الْمَكْتُوب بَين يَدي الْغُلَام فتعجب مِنْهُ وَقَرَأَ مَا عَلَيْهِ وَقَالَ لي خُفْيَة ترى من كتب هَذَا(11/69)
التفاح قلت الَّذِي كتب على ذَلِك التفاح الَّذِي ابتعته ذَلِك الْيَوْم
فَقَالَ وَمن كتبه قلت شعر الزنج فَخَجِلَ واستهدانيه
فَقلت لَا تستهده فَإِنَّهُ لَك عمل وَمن أَجلك حضر
ثمَّ أخذت فِي رياضته على الْحُضُور مَعَ شعر الزنج للْحَدِيث والفكاهة فَوَجَدته شَدِيد النفور عَنهُ والبغض لَهُ فتركته وَعدلت إِلَى أَبِيه وَقلت لَهُ هَل أَنا عنْدك بمتهم فِي ولدك فَقَالَ حاش لله وَلَا)
فِي أَهلِي فحكيت لَهُ خبر شعر الزنج مَعَ وَلَده من أَوله إِلَى آخِره وَقلت لَهُ إِن هَذَا الْأَمر إِن تَمَادى ظهر حَاله واشتهر ولدك وَصَارَ أحدوثة للخاص وَالْعَام وَأَنا أرى أَن اجتماعه بِهِ فِي منزلي بِمحضر من أَهله سواك مِمَّا يكف لِسَانه وَيسْتر أمره فَقَالَ افْعَل مَا ترَاهُ مصلحَة فَأَنت مِمَّن لَا يتهم
قَالَ فَعرفت شعر الزنج مَا جرى وَقلت لَهُ إِذا كَانَ لَيْلَة كَذَا فَاحْضُرْ وادخل بِغَيْر اسْتِئْذَان كأنّا لم نشعر بك واجلس إِلَى أَن نومئ إِلَيْك بِالْقيامِ
ثمَّ دَعَوْت الْغُلَام وأخواته فِي اللَّيْلَة المحدودة واجتمعنا فِي مجْلِس إنس وَشرب الْغُلَام وأخواته فَلم نشعر إِلَّا وَشعر الزنج دَاخل علينا فَلَمَّا رَآهُ الْغُلَام خجل واستوحش وهم بِالْخرُوجِ فمنعناه وَكَانَ بحضرتنا تفاح كثير أَحْمَر والفتى يكثر شمه والعبث بِهِ والتنقل مِنْهُ فِي أثْنَاء شربه فَجعل شعر الزنج يتَأَمَّل الْغُلَام ثمَّ قَالَ من السَّرِيع
(يَا قمراً فِي سعد أبراجه ... وَبَيت أحزاني وأتراحي)
(وَيَا قضيتاً مائلاً مائلاً ... أَكثر فِي حبي لَهُ اللاحي)
(أبصرته مجْلِس سَاعَة ... وَاللَّيْل فِي حلَّة إمساح)
(فِي فتية كلهم سيد ... صالت عَلَيْهِم سطوة الراح)
(يعَض تفاحاً بتفاحة ... وَيشْرب الراح على الراح)
فَخَجِلَ الْغُلَام واحمر فَقَالَ شعر الزنج عدَّة مقاطيع والغلام يزْدَاد خجلاً وتوريداً فَقُلْنَا لشعر الزنج يَكْفِيك قد أخجلت الْفَتى
فأومأنا إِلَيْهِ بِالْقيامِ على الوفق الَّذِي كَانَ بَيْننَا فَوَثَبَ قَائِما يبكي وينشد أشعاراً وَانْصَرف وَقد انهار اللَّيْل فَلم نزل فِي ذكره بَقِيَّة ليلتنا إِلَى أَن أَصْبَحْنَا وتفرقنا
(الألقاب)
الْجَعْد النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عُثْمَان
(جَعْفَر)
3 - (جَعْفَر بن أبي طَالب)
3 - (أَخُو عَليّ بن أبي طَالب)
جَعْفَر بن أبي طَالب عبد منَاف بن عبد الْمطلب بن(11/70)
هَاشم أَبُو عبد الله الْهَاشِمِي الطيار ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذُو الجناحين اسْلَمْ وَهَاجَر الهجرتين وَاسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غَزْوَة مُؤْتَة بعد زيد بن حَارِثَة فاستشهد بهَا
ومؤتة بِأَرْض البلقاء
وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَقيل سنة سبع وَكَانَ هَاجر إِلَى الْحَبَشَة فَأسلم النَّجَاشِيّ على يَده وجهزه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوافقه وَقد فتح خَيْبَر فَتَلقاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واعتنقه وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ مَا ادري أَنا بِفَتْح خَيْبَر أفرح أم بقدوم جَعْفَر وَكَانَت امْرَأَته أَسمَاء بنت عُمَيْس الَّتِي تزَوجهَا بعده أَبُو بكر الصّديق مَعَه فِي هِجْرَة الْحَبَشَة فَولدت لَهُ هُنَاكَ عبد الله وعوفاً ومحمداً وَكَانَ أَمِير الْمُهَاجِرين إِلَى الْحَبَشَة
وَكَانَ أَوْلَاد أبي طَالب الذُّكُور أَرْبَعَة طَالب وَعقيل وجعفر وَعلي بَين كل وَاحِد وَالَّذِي بعده فِي السن عشر سِنِين وَكلهمْ أسلم إِلَّا طَالبا
وأمهم فَاطِمَة بنت أَسد بنت هَاشم أسلمت قَالَ ابْن إِسْحَاق أسلم بعد جَعْفَر بعد أحد وَثَلَاثِينَ إنْسَانا
أسلم هُوَ وَامْرَأَته أَسمَاء وَقيل كَانَ الثَّالِث فِي الْإِسْلَام بعد عَليّ وَزيد بن حَارِثَة وَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشبهت خلقي وَخلقِي وَأَنت من الشَّجَرَة الَّتِي أَنا مِنْهَا
وَهُوَ أحد النجباء الرفقاء وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكنيه أَبَا الْمَسَاكِين
وَلما كَانَ يَوْم مُؤْتَة وَقتل زيد بن حَارِثَة أَخذ جَعْفَر اللِّوَاء وَنزل عَن فرس لَهُ شقراء فعقرها وَهُوَ أول من عقر فِي الْإِسْلَام ثمَّ تقدم فقاتل حَتَّى قتل وَكَانَ يَقُول من الرجز
(يَا حبذا الْجنَّة واقترابها ... طيبَة وبارد شرابها)
(الرّوم روم قد دنا عَذَابهَا ... عَليّ إِن لاقيتها ضرابها)
وَأخذ اللِّوَاء بِيَمِينِهِ فَقطعت فَأَخذه بِشمَالِهِ فَقطعت فَاحْتَضَنَهُ بعضديه حَتَّى قتل وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة قَتَلُوهُ بِالرِّمَاحِ وَوجد فِي مقدم جسده بضعَة وَأَرْبَعُونَ ضَرْبَة وَوجد النَّبِي صلى الله)
عَلَيْهِ وَسلم وجدا شَدِيدا وَجعل يخبر النَّاس بالواقعة وَهُوَ يبكي وَيَقُول إِن الْمَرْء كثير بأَخيه وَابْن عَمه وَأخْبر عَن جَعْفَر أَنه دخل الْجنَّة وَهُوَ يطير فِيهَا بجناحين من ياقوت حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا(11/71)
3 - (الْحَافِظ الحصيري)
جَعْفَر بن أَحْمد بن نصر أَبُو مُحَمَّد الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي الْمَعْرُوف بالحصيري أحد أَرْكَان الحَدِيث ثِقَة عَابِد
سمع إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبا كريب وَأَبا مَرْوَان العثماني وَأَبا مُصعب وَجَمَاعَة وروى عَنهُ أَبُو حَامِد بن الشَّرْقِي وَأحمد بن الْخضر الشَّافِعِي وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم الْهَاشِمِي وَأَبُو عَمْرو بن حمدَان وَغَيرهم
قَالَ الْحَاكِم قَالَ لي مُحَمَّد بن أَحْمد السكرِي سبط جَعْفَر كَانَ جدي قد جزأ اللَّيْل ثَلَاثَة أَجزَاء يُصَلِّي ثلثا وينام ثلثا ويصنف ثلثا وَمرض ثَلَاثَة أَيَّام لَا يفتر فِيهَا عَن قِرَاءَة الْقُرْآن
وَقَالَ أَحْمد بن الْخضر الشَّافِعِي
لما قدم أَبُو عَليّ عبد الله بن مُحَمَّد الْبَلْخِي نيسابور عجز النَّاس عَن مذاكرته فذاكر جَعْفَر بن أَحْمد بِأَحَادِيث الْحَج فَكَانَ يسْرد فَقَالَ لَهُ جَعْفَر سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبّى بِحجَّة وعمرةٍ مَعًا فبهت وَجعل يَقُول التَّيْمِيّ عَن أنس فَقَالَ جَعْفَر ثَنَا يحيى بن حبيب ثَنَا مُعْتَمر عَن أَبِيه فَذكر الحَدِيث
وَتُوفِّي الحصيري سنة ثَلَاث وثلاثمائة
3 - (أَبُو مُحَمَّد السراج)
جَعْفَر بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ السراج الْقَارئ سمع أَبَا عَليّ ابْن شَاذان والخلال وَابْن شاهين وَابْن شيطا وَجَمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة السلَفِي وَابْن الْخلّ وشهدة الكاتبة قَالَ ابْن عَسَاكِر وَكَانَ ذَا طَريقَة جميلَة ومحبة للْعلم وَالْأَدب وَله شعر لَا بَأْس بِهِ وَخرج لَهُ شَيخنَا الْخَطِيب فَوَائِد وَتكلم عَلَيْهَا فِي خَمْسَة أَجزَاء وَكَانَ يُسَافر إِلَى مصر وَغَيرهَا وَتردد إِلَى صور عدَّة دفعات ثمَّ قطن بهَا زَمَانا وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام بهَا(11/72)
إِلَى أَن توفّي بهَا سنة خَمْسمِائَة وَله تصانيف مِنْهَا مصَارِع العشاق وَجعله أَجزَاء وَكتب على كل جُزْء أبياتاً من نظمه كتب على الأول من الْكَامِل)
(هَذَا كتاب مصَارِع العشاق ... صرعتهم أَيدي نوى وفراق)
(تصنيف من لدغ الْفِرَاق فُؤَاده ... وتطلب الراقي فعز الراقي)
وَمن تصانيفه حكم الصّبيان ومناقب السودَان ونظم أشعاراً كَثِيرَة فِي الزّهْد وَالْفِقْه وَغير ذَلِك
3 - (أَبُو الْفضل الْوراق الاسكندري)
جَعْفَر بن أَحْمد بن جَعْفَر أَبُو الْفضل اللَّخْمِيّ الاسكندري النَّحْوِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالوراق
كتب عَنهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ
توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة وَمن شعره بَيَاض فِي الأَصْل
3 - (أَبُو الْفضل الغافقي)
جَعْفَر بن أَحْمد بن عَليّ بن بَيَان أَبُو الْفضل الغافقي الْمصْرِيّ
رَافِضِي كَذَّاب زعم أَنه سمع من عبد الله بن يُوسُف التنيسِي وَيحيى بن بكير روى عَنهُ أَبُو أَحْمد عبد الله بن عدي وَالْحسن بن رَشِيق
حدث سنة أَربع وثلاثمائة وعاش بعْدهَا قَلِيلا أَو مَاتَ فِيهَا
3 - (المقتدر بِاللَّه)
جَعْفَر بن أَحْمد أَبُو الْفضل المقتدر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ ابْن المعتضد أبي الْعَبَّاس ابْن أبي أَحْمد طَلْحَة بن المتَوَكل
بُويِعَ بعد أَخِيه المكتفي بِاللَّه عَليّ فِي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَسنة ثَلَاث عشرَة سنة
وَلم يل أَمر الْأمة قبله أَصْغَر مِنْهُ وَلِهَذَا انخرم النظام فِي أَيَّامه وَجَرت تِلْكَ العظائم وخلع أَوَائِل خِلَافَته وبويع عبد الله بن المعتز فَلم يتم الْأَمر وَقتل(11/73)
ابْن المعتز وأعيد المقتدر إِلَى الْخلَافَة ثمَّ خلع فِي سنة سبع عشرَة وَكتب خطه لَهُم بخلع نَفسه وَبَايَعُوا أَخَاهُ القاهر بِاللَّه مُحَمَّدًا ثمَّ أُعِيد بعد ثَلَاثَة أَيَّام وجددت لَهُ الْبيعَة وَكَانَ ربعَة جميل الْوَجْه أَبيض مشرباً حمرَة قد عالجه الشيب بعارضيه وَكَانَ لَهُ يَوْم قتل ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة قَالَ المحسن التنوخي كَانَ جيد الْعقل صَحِيح الرَّأْي ولنه كَانَ مؤثراً للشهوات
لقد سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن عِيسَى يَقُول مَا هُوَ إِلَّا أَن يتْرك هَذَا الرجل يَعْنِي المقتدر النَّبِيذ خَمْسَة أَيَّام وَكَانَ رُبمَا يكون فِي أَصَالَة الرَّأْي كالمأمون والمعتضد)
رَمَاه بربري بحربةٍ فَقتله فِي شَوَّال سنة عشْرين وثلاثمائة
وَكَانَت قتلته فِي الموكب رَمَاه الْبَرْبَرِي غُلَام بليق وَولي الْخلَافَة من أَوْلَاده ثَلَاثَة الراصي والمقتفي والمطيع وَكَذَلِكَ اتّفق للمتوكل قتل وَولي من وَأَوْلَاده ثَلَاثَة الْمُنْتَصر والمعتز وَالْمُعْتَمد والرشيد ولي من أَوْلَاده ثَلَاثَة الْأمين والمأمون والمعتصم وَأما عبد الْملك بن مَرْوَان فولي من أَوْلَاده أَرْبَعَة وَلَا نَظِير لذَلِك إِلَّا فِي الْمُلُوك لِأَن الْعَادِل ولي من أَوْلَاده أَرْبَعَة الْمُعظم والأشرف والكامل والصالح اسماعيل وَالْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون ولي من أَوْلَاده أَبُو بكر الْمَنْصُور والأشرف كجك والناصر والصالح اسماعيل والكامل شعْبَان والمظفر حاجي والناصر حسن والصالح صَالح
وَكَانَت أم المقتدر أم ولد يُقَال لَهَا شغب صقلبية كَانَت لأم الْقَاسِم بنت مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر فاشتراها المعتضد وَكَانَ الْأَمر لَهَا فِي خلَافَة ابْنهَا وَهُوَ يتدبر بتدبيرها وَمَاتَتْ بعد قَتله فِي الْعَذَاب والمطالبة فِي يَد القاهر بِاللَّه
وَكتب لَهُ عدَّة من الوزراء أَوَّلهمْ الْعَبَّاس بن الْحسن بن أَيُّوب ثمَّ قتل وَكتب لَهُ بعده عَليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْفُرَات ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَكتب لَهُ مُحَمَّد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقَان وَصَرفه يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وثلاثمائة ثمَّ كتب لَهُ عَليّ بن عِيسَى بن دَاوُد بن الْجراح وَصَرفه يَوْم التَّرويَة سنة أَربع وثلاثمائة ثمَّ استكتب ابْن الْفُرَات ثمَّ صرفه واستكتب أَبَا مُحَمَّد حَامِد بن الْعَبَّاس سنة سِتّ وثلاثمائة وَصَرفه فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمائة واستكتب ابْن الْفُرَات ثَالِثَة ثمَّ صرفه واستكتب عَليّ بن عِيسَى ثَانِيَة ثمَّ صرفه واستكتب أَبَا عَليّ مُحَمَّد بن عَليّ بن مقلة ثمَّ صرفه واستكتب أَبَا الْقَاسِم سُلَيْمَان بن الْحسن بن مخلد بن الجرّاح ثمَّ استكتب أَبَا الْقَاسِم عبيد الله بن مُحَمَّد الكلوذاني ثمَّ استكتب أَبَا عَليّ الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب ولقبه عميد الدولة ثمَّ استكتب أَبَا الْفَتْح الْفضل بن جَعْفَر بن الْفُرَات الْمَعْرُوف بِابْن حنزا بِهِ سِتَّة أشهر فَقتل
وَكَانَ حَاجِبه سوسن ثمَّ نصر القشوري ثمَّ ياقوت مولى أبي طَلْحَة ثمَّ مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم ابْنا رائق
وَنقش خَاتمه لله المقتدر بِاللَّه وَقيل الْملك لله
وَقَالَ ابْنه الراضي بِاللَّه يرثيه من الطَّوِيل)
(كفى حزنا أَن بت مستشعر البلى ... وَبت بِمَا خولتني متمنعا)
(وَلَو أنني ناصفتك الود لم أعش ... خِلافك حَتَّى ننطوي فِي الثرى مَعًا)(11/74)
3 - (القايني الشَّافِعِي قَاضِي غورج)
جَعْفَر بن أَحْمد أبي طَالب ابْن مُحَمَّد بن عوَانَة أَبُو الْفَخر القايني الشَّافِعِي قَاضِي غورج وَهِي قَرْيَة كَبِيرَة على بَاب هراة سمع جُزْءا من حَدِيث عَليّ بن الْجَعْد من أبي صاعد من أبي صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي وَسمع من شيخ الْإِسْلَام أبي إِسْمَاعِيل روى عَنهُ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَابْنه عبد الرَّحِيم وَقَالَ كَانَ مولده فِي صفر سنة تسع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي بغورج سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
3 - (الْمُفَوض بن الْمُعْتَمد)
جَعْفَر بن أَحْمد الْمُعْتَمد على الله بن جَعْفَر المتَوَكل على الله بن المعتصم بِاللَّه بن الرشيد
عقد لَهُ أَبوهُ بِولَايَة الْعَهْد من بعده ولقبه بالمفوض إِلَى الله ثمَّ عهد بالخلافة بعده لِأَخِيهِ أبي أَحْمد الْمُوفق مُحَمَّد بن المتَوَكل فَمَاتَ الْمُوفق فِي حَيَاة الْمُعْتَمد فَخَطب الْمُعْتَمد بِولَايَة الْعَهْد لولد الْمُوفق أَحْمد ولقبه المعتضد بعد وَلَده الْمُفَوض ثمَّ بعد مُدَّة خلع وَلَده الْمُفَوض هَذَا من ولَايَة الْعَهْد وخطب للمعتضد وَحده فَلَمَّا مَاتَ الْمُعْتَمد ولي الْخلَافَة بعده المعقضد وَبَقِي الْمُفَوض بعد أَبِيه زماناَ إِلَى أَن قَتله المعتضد سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ فِي دَار المعتضد ليلاَ وَنَهَارًا لَا يخرج مِنْهَا وَرُبمَا نادمه
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الْمروزِي)
جَعْفَر بن أَحْمد الْمروزِي أَبُو الْعَبَّاس قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم هُوَ أحد جمّاعي الْكتب ومؤلفيها فِي أَنْوَاع الْعُلُوم وَكتبه كَثِيرَة جدا وَهُوَ أول من ألف كتابا فِي المسالك والممالك وَلم يتم
مَاتَ بالأهواز وحملت كتبه إِلَى بَغْدَاد وبيعت سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَله كتاب الْآدَاب الْكَبِير الْآدَاب الصَّغِير تَارِيخ الْقُرْآن لتأييد كتب السُّلْطَان وَله كتاب البلاغة والخطابة
3 - (الْعلوِي الْمصْرِيّ)
جَعْفَر بن أَحْمد الْعلوِي الأديب الْمصْرِيّ
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي قَالَ أَنْشدني الشريف الْمَذْكُور لنَفسِهِ فِي مهندس جميل)
الصُّورَة من الطَّوِيل
(وَذي هَيْئَة يزهى بِحسن وصنعة ... أَمُوت بِهِ فِي كل يومٍ وأبعث)
(محيطٌ بأشكال الملاحة وَجهه ... كَأَن بِهِ اقليدساً يتحدث)(11/75)
(فعارضه خطّ استواءٍ وخاله ... بِهِ نقطةٌ والصدغ بشكل مثلث)
قَالَ وادعاها النفيس أَبُو الْعَبَّاس القطرسي لنَفسِهِ وَذكرهَا هَذَا الشريف جَعْفَر فِي ديوانه وَقَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي تَشْبِيه طارٍ بيد مغن من السَّرِيع
(غنى بطارٍ طَار قلبِي لَهُ ... بأنملٍ كالأنجم الْخمس)
(كَأَنَّهُ والطار فِي كَفه ... بدر الدجى يلْعَب بالشمس)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(وافيت نحوكم لأرفع مبتدا ... شعري وأنصب خَفق عيشٍ أغبرا)
(حاشاكم أَن تقطعوا صلَة الَّذِي ... أَو تصرفوا من غير شَيْء جعفرا)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي طفاءة الْقَنَادِيل مجزؤء الرجز
(طفاءة تنفث فِي ... وسط الْقَنَادِيل الهبا)
(كَأَنَّهَا نعَامَة ... تلقط مِنْهَا لهبا)
3 - (وَزِير الْمُهْتَدي)
جَعْفَر بن أَحْمد بن عمار أَبُو صَالح الْكَاتِب
ولي أَبُو صَالح هَذَا الوزارة للمهتدي بِاللَّه مُحَمَّد بن هَارُون الواثق خلع عَلَيْهِ فَبَقيَ مديدة وَلم يمش لَهُ أَمر لضَعْفه وخوفه وَقلة استقلاله بِالْأَمر فَلَمَّا تبين الْمُهْتَدي ذَلِك مِنْهُ عَزله
3 - (ابْن الغاسلة)
جَعْفَر بن أَحْمد بن عبد الْملك بن مَرْوَان اللّغَوِيّ أَبُو مَرْوَان الإشبيلي
يعرف بِابْن الغاسلة
روى عَن القَاضِي أبي بكر بن رزب وَأبي عون ابْنه والمعيطي والربيدي وَكَانَ بارعاً فِي الْأَدَب واللغة ومعاني الشّعْر وَالْخَبَر ذَا حَظّ من الحَدِيث
توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ومولده سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْخياط)
)
جَعْفَر بن الأسعد بن أبي الْقَاسِم بن سعد أَبُو الْقَاسِم الْخياط الْبَغْدَادِيّ
طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَسمع الْكثير بعد علو سنه من أبي الْفَتْح بن شاتيل وَابْن كُلَيْب وَنصر الله بن عبد الرَّحْمَن الْقَزاز وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن يحيى البرداني وَأبي الْخَيْر أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْقزْوِينِي وَأبي الْفضل مَسْعُود بن عَليّ بن النَّادِر وذاكر بن كَامِل وَابْن بوسن وَابْن المعطوش وَجَمَاعَة وَلم يزل يسمع من الشُّيُوخ طبقَة طبقَة حَتَّى سمع من أقرانه ورفقائه وَحصل الْأُصُول وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا مَعَ ضعف يَده ورداءة خطه وأوقف كتبه بِمَسْجِد الشريف الرندي بدار(11/76)
دِينَار وَكَانَ صَدُوقًا حسن الْأَخْلَاق دينا قَالَ نحب الدّين بن النجار كتبت عَنهُ وَأثْنى عَلَيْهِ
ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (ابْن أبي عَليّ القالي)
جَعْفَر بن إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم القالي هُوَ ولد أبي عَليّ القالي الْمُقدم ذكره
كَانَ جَعْفَر هَذَا أَيْضا أديباً فَاضلا أريباً وَهُوَ الْقَائِل فِي الْمَنْصُور بن أبي عَامر مُحَمَّد بن أبي عَامر أَمِير الأندلس من الْكَامِل
(وكتيبةٍ للشيب جَاءَت تبتغي ... قتل الشَّبَاب ففر كالمذعور)
(فَكَأَن هَذَا جَيش كل مثلثٍ ... وَكَأن تِلْكَ كَتِيبَة الْمَنْصُور)
3 - (أَبُو بشر الْيَشْكُرِي)
جَعْفَر بن إِيَاس أَبُو بشر الْيَشْكُرِي الْبَصْرِيّ ثمَّ الوَاسِطِيّ أحد الْأَئِمَّة الْكِبَار
حدث عَن سعيد بن جُبَير وَالشعْبِيّ وَحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي وَطَاوُس وَمُجاهد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة وَنَافِع وَمَيْمُون بن مهْرَان وَطَائِفَة وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَغَيره وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل أَبُو بشر أحب إِلَيْنَا من الْمنْهَال بن عُمَيْر وأوثق
مَاتَ سَاجِدا خلف الْمقَام سنة خمسٍ وَعشْرين وَمِائَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (الْكلابِي الْجَزرِي)
جَعْفَر بن برْقَان الْكلابِي الْجَزرِي الرقي
ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزُّهْرِيّ خَاصَّة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن)
مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَمِائَة
3 - (كَمَال الدّين الأدفوي)
جَعْفَر بن تغلب كَمَال الدّين أَبُو الْفضل الأدفوي الْفَقِيه الأديب الْفَاضِل الشَّافِعِي
مولده سنة بضع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة رَأَيْته بسوق الْكتب بِالْقَاهِرَةِ مَرَّات(11/77)
وَسمعت كَلَامه وأنشدني شَيْئا من شعره وَهُوَ ضحوك السن لَهُ نظم ونثر وَعِنْده خبْرَة بالموسيقى
لَازم شَيخنَا الْعَلامَة أثير الدّين كثيرا وَله معرفَة تَامَّة بالتواريخ وَالْأَخْبَار وَكَثِيرًا مَا يُقيم بِبَلَدِهِ أدفو ببستان لَهُ فِيهَا أَيَّام بطالة الدُّرُوس ثمَّ يعود إِلَى الْقَاهِرَة
صنف كتابا سَمَّاهُ الإمتاع فِي أحام السماع وجوده
وصنف الطالع السعيد فِي تَارِيخ الصَّعِيد وجوده
وَقد نقلت مِنْهُ عدَّة تراجم فِي هَذَا التَّارِيخ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى على مَا جَاءَ الْخَبَر بوفاته إِلَى دمشق فِي أَوَائِل سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (سراج الدّين الأسنائي)
جَعْفَر بن حسان بن عَليّ بن حسان سراج الدّين أَبُو الْفضل الأسنائي كَانَ رَئِيسا كَرِيمًا ممدحاً فَاضلا شَاعِرًا وَكَانَ يهدي إِلَى الْملك الْكَامِل ويكاتبه
فاتفق أَن الْملك الْعَادِل حضر يَوْمًا هُوَ وَجَمَاعَة من مُلُوك الشَّام وتذاكروا الرؤساء فَذكره الْكَامِل وَقَالَ فِي مثل هَذَا الْيَوْم من كل سنة تصل إِلَيّ هديته فوصل الْبَرِيد فِي ذَلِك الْوَقْت بهدية ابْن حسان
وَله عمل ابْن شمس الْخلَافَة سيرة وَجمع فِيهَا مدائحه وَأَسْمَاء من مدحه من شعراء بَلَده وَغَيرهم فِي مُجَلد ضخم وَسَماهُ الأرج الشائق إِلَى كرم الْخَلَائق ومدحه فِي صدر الْكتاب الْمَذْكُور بِأَبْيَات من الطَّوِيل
(تفوح ريَاح الْمسك من نفحاتها ... كَأَن سراج الدّين أهْدى لَهَا عرفا)
(أَبُو الْفضل من أضحى لَهُ الْفضل شِيمَة ... كَأَنَّهُمَا خلان قد عقدا حلفا)
(عَظِيم إِذا استنجدته لملمة ... كَفاك وَكَانَ الْقلب وَالسيف والكفا)
(فأقسم لَو أَن الْبحار تمدنا ... لما إِن كتبنَا من مناقبه النصفا)
توفّي بِبَلَدِهِ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة)
3 - (جَعْفَر بن الْحسن الدارزيجاني)
جَعْفَر بن الْحسن الدارزيجاني الزَّاهِد الْمُقْرِئ الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ
صحب القَاضِي أَبَا يعلي مُحَمَّد بن الْحسن بن الْفراء وتفقه عَلَيْهِ وَصَحب من بعده الشريف أَبَا جَعْفَر بن أبي مُوسَى وتفقه عَلَيْهِ وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده حَتَّى مهر فِي تِلَاوَته
وَسمع(11/78)
الحَدِيث من الْحسن بن أَحْمد بن الْبناء
وَقَالَ محب الدّين بن النجار وَكَانَ من عباد الله الصَّالِحين أماراً بِالْمَعْرُوفِ قوالاً بِالْحَقِّ ناهياً عَن الْمُنكر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لوم لائم وَكَانَ مهيباً وقوراً لَهُ حُرْمَة عِنْد الْمُلُوك والسلاطين
توفّي فِي الصَّلَاة سَاجِدا فِي شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَخَمْسمِائة وَدفن بداره بدارزيجان
3 - (ابْن سِنَان الدولة)
جَعْفَر بن حسن بن عَليّ بن حُسَيْن بن دواس أَبُو الْفضل الكتامي الْمصْرِيّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن سِنَان الدولة
ولد سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة بِمصْر وَسمع البوصيري وَغَيره
روى عَنهُ الدمياطي وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (تَاج الدّين الدَّمِيرِيّ الْحَنَفِيّ)
جَعْفَر بن الْحسن بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه تَاج الدّين أَبُو الْفضل الدَّمِيرِيّ الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الْعدْل
قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الجيوش عَسَاكِر بن عَليّ وتفقه على الْجمال عبد الله بن مُحَمَّد بن سعد الله والبدر عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف وَسمع من عبد الله بن بري وَأبي الْفضل الغزنوي وَجَمَاعَة ودرس بمدرسة السيوفيين مُدَّة وَنسخ بِخَطِّهِ الْمليح كثيرا وَكَانَ حسن السمت منجمعاً عَن النَّاس
ولد فِي حُدُود سنة خمس وَخمسين
روى عَنهُ الْمُنْذِرِيّ وَقَالَ توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (أَبُو الْفضل الكثيري)
جَعْفَر بن الْحسن بن مَنْصُور أَبُو الْفضل الكثيري القومسي البيادري العابر وَكَانَ كثير جده لأمه
ذكره ابْن السَّمْعَانِيّ فَقَالَ أديب فَاضل شَاعِر عَابِر سمع عبد الْوَاحِد بن الْقشيرِي وطبقته)
وَتُوفِّي ببخاري عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة روى عَنهُ هُوَ ووالده عبد الرَّحِيم وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره من المتقارب
(توالت غمومي فَلم لَا تولت ... وحلت همومي فَلم لَا تجلت)
(ووعد الْإِلَه وَقَول النَّبِي ... إِذا مَا الهموم توالت تولت)
وَمِنْه من الْكَامِل
(محن الزَّمَان لَهَا عواقب تنقصي ... لَا بُد فاصبر لانقضاء أوانها)
(إِن المحالة فِي إِزَالَة شَرها ... قبل الأوان تكون من أعوانها)(11/79)
3 - (جَعْفَر بن الْحُسَيْن أَبُو الْفضل الشيبي)
جَعْفَر بن الْحُسَيْن أَبُو الْفضل الشيبي الْمَكِّيّ
أورد لَهُ الباخرزي فِي الدمية من قِطْعَة مدح بهَا وزيراً من الطَّوِيل
(وَمَا قدر ملكٍ فَاتَهُ مِنْك حَظه ... إِذا مَا عدمت السَّيْف لم ينفع الغمد)
(فأبشر بتصريف الْأُمُور ودولةٍ ... نظمت معاليها كَمَا نظم الغقد)
(كَأَنِّي بك استوليت من كل وجهةٍ ... عَلَيْهَا كَمَا استولى على الْجَسَد الْجلد)
(فدونكها من رتبةٍ عضديةٍ ... بهَا تمّ أَمر الْملك واستحكم العقد)
(تجلك سَادَات الْبَريَّة كلهَا ... وَيَأْتِي إِلَيْك الْوَفْد يتبعهُ الْوَفْد)
(وتبلغ أقْصَى مَا تُرِيدُ ميسرًا ... وَمَالك عَن شَيْء تحاوله رد)
(وعش وأبق فِي عز وَفِي ظلّ نعْمَة ... وَقدر رفيع مَا يُحِيط بِهِ حد)
(وجرر ذيولاً فِي برود أحوكها ... من الشّعْر مَا يَحْكِي محاسنها برد)
(يروح بهَا مثن عَلَيْك وَيَغْتَدِي ... ويرتاح من يشدو إِلَيْهَا وَمن يَحْدُو)
وَقَالَ فِي الشَّيْخ العميد أبي الْفضل الخشاب من الوافر
(تولى الصَّبْر تتبعه الدُّمُوع ... لترجعه وَقد عز الرُّجُوع)
(وطار بمهجتي للبين حاد ... يقصر دونه الْوَهم السَّرِيع)
(وأوحشني الخيال وَكَانَ أنسي ... لَو أَن الْعين كَانَ لَهَا هجوع)
(أرى أَدَم الظباء لَهَا امْتنَاع ... وَأطيب مَا يفاز بِهِ المنوع)
)
(وَفِي العشاق مفتون بِمَعْنى ... وَمَوْضِع فتنتي مِنْك الْجَمِيع)
(وَمِنْهُم من يُشِير وَلَا يُسمى ... وَمِنْهُم فِي الْمحبَّة من يذيع)
(بنفسي من يخون الصَّبْر فِيهِ ... وَلَا تغني المذلة والخضوع)
(حبيب لَا أَزَال وَبِي نزاع ... إِلَيْهِ وَلَيْسَ لي عَنهُ نزوع)
(يطير الْقلب من شوق إِلَيْهِ ... فتمسكه لشقوتي الضلوع)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو الْفضل الْمُقْرِئ)
جَعْفَر بن حمدَان بن سُلَيْمَان أَبُو الْفضل بن أبي دَاوُد النَّيْسَابُورِي(11/80)
الْمُقْرِئ الْمُؤَدب نزيل دمشق قَرَأَ على هَارُون الْأَخْفَش وَكَانَ من جلة أَصْحَابه قَرَأَ عَلَيْهِ عبد الله بن عَطِيَّة وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الجبني وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
3 - (العبرتاني)
جَعْفَر بن حمدون بن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد النديم العبرتاني من بَيت مَشْهُور بِالْفَضْلِ وَالْأَدب ومنادمة الْخُلَفَاء
وَتقدم ذكر جده إِسْمَاعِيل
قَالَ جَعْفَر حَدثنِي أبي أَن أَبَا شيبَة وَالِد أبي بكر وَعُثْمَان كَانَ على قَضَاء وَاسِط فَجَاءَتْهُ ظريفة فَقَالَت عَليّ كَفَّارَة يَمِين فَبِأَي شئ أكفر فَقَالَ بخبزاً بدقيقٍٍ بسويقٍٍ بتمراً فَقَالَت ترك الْكَفَّارَة وَالله أَهْون من اسْتِمَاع هَذَا اللّحن
3 - (أَبُو الْفضل الحبي)
جَعْفَر بن حمود بن المحسن بن عَليّ أَبُو الْفضل التنوخي الْحلَبِي
اسْتشْهد فِي أَخذ حلب وَهُوَ أَخُو الْأمين عبد المحسن
يروي عَن الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وستمئة
3 - (الْفَارِسِي)
جَعْفَر بن درسْتوَيْه الْفَارِسِي من شعراء الدمية أورد لَهُ الباخرزي قَوْله من الرمل
(لي خمس وَثَمَانُونَ سنة ... فَإِذا قدرتها كَانَت سنة)
(إِن عمر الْمَرْء مَا قد سره ... لَيْسَ عمر الْمَرْء عد الأزمنه)
)
3 - (جَعْفَر بن ربيعَة الْكِنْدِيّ الْمصْرِيّ)
جَعْفَر بن ربيعَة بن شُرَحْبِيل بن حَسَنَة الْكِنْدِيّ الْمصْرِيّ ولأبيه ربيعَة رُؤْيَة ورأي هُوَ ابْن جُزْء الزبيدِيّ الصَّحَابِيّ
روى عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله وَأبي سَلمَة وعراك بن مَالك والأعرج وَجَمَاعَة
وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ومئة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (جَعْفَر بن زيد أَبُو زيد الْحَمَوِيّ)
جَعْفَر بن زيد بن جَامع أَبُو زيد الْحَمَوِيّ
قدم بَغْدَاد
وَسمع(11/81)
أَبَا سعد أَحْمد بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَأَبا طَالب بن يُوسُف وَأَبا الْقَاسِم بن الْحصين وَأَبا الْعِزّ بن كادس وَغَيرهم وروى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ وَأَبُو عبد الله بن اللزبيدي وَعِنْده عَنهُ رِسَالَة الْبُرْهَان من تصنيفه ينتصر فِيهَا لقدم الْقُرْآن وَيرد على الْمُخَالفين وَتُوفِّي سنة أَربع وخميس وَخَمْسمِائة
3 - (أَخُو عبد الله بن الزبير)
جَعْفَر بن الزبير بن الْعَوام بن خُويلِد بن اسد بن عبد العُزَّى بن قُصَيّ بن كلاب بن مرَّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب
وَأمه زَيْنَب بنت بشر بن عبد عمرٍ وَمن بني قيس بن ثَعْلَبَة
شهد جَعْفَر بن الزبير مَعَ أَخِيه عبد الله حربه وَاسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة وَقَاتل يَوْم قتل عبد الله بن الزبير حَتَّى جمد الدَّم على يَدَيْهِ وَفِي ذَلِك يَقُول من الطَّوِيل
(لعمرك إِنِّي يَوْم أجلت ركائبي ... لطيب نفسٍ بالجلاد لَدَى الرُّكْن)
(ضنين بِمن خَلْفي شحيح بطاعتي ... طراد رجال لَا مطاردة الْحصن)
وَكَانَت بَين جَعْفَر وَبَين أَخِيه عُرْوَة معاتبة فَقَالَ فِي ذَلِك من الطَّوِيل
(لَا تلحيني يَا ابْن أُمِّي فإنني ... عَدو لمن عاديت يَا عرو جَاهد)
(وَفَارَقت إخْوَانِي الَّذين تتابعوا ... وَفَارَقت عبد الله وَالْمَوْت عَائِد)
(وَلَوْلَا يَمِين لَا أَزَال أبرها ... لقد جمعتنَا بِالْغنَاءِ المقاعد)
)
3 - (جَعْفَر بن سُلَيْمَان مُتَوَلِّي الْحجاز وَالْبَصْرَة)
جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس الْأَمِير(11/82)
ولي إمرة الْحجاز وَالْبَصْرَة وَكَانَت لَهُ مآثر وَهُوَ أول من وقف على المنقطعين وَأَعْقَابهمْ وَأول من نقلهم عَن أوطانهم وأمصارهم
وَكَانَ قد علم علما حسنا
وَمَات سنة أَربع أَو خمس وَسبعين ومئة
3 - (الْحَرَشِي)
جَعْفَر بن سُلَيْمَان أَبُو سُلَيْمَان الْحَرَشِي وَيُقَال لَهُ الضبعِي لِأَنَّهُ كَانَ نازلاً فِي بني ضبيعة بِالْبَصْرَةِ
سمع ثَابتا الْبنانِيّ وَمَالك بن دِينَار وروى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعبد الله بن الْمُبَارك مَاتَ سنة ثَمَان وَسبعين ومئة
3 - (جَعْفَر بن أبي سُفْيَان)
جَعْفَر بن أبي سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب شهد حنيناً وَهُوَ وَأَبوهُ من مسلمة الْفَتْح
مَاتَ فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ
3 - (جَعْفَر بن صَدَقَة أَبُو المكارم الْكَاتِب)
جَعْفَر بن صَدَقَة بن عَليّ بن صَدَقَة أَبُو المكارم بن أبي الْمَنْصُور الْكَاتِب أَخُو أبي الْقَاسِم عَليّ بن صَدَقَة وَزِير الإِمَام المقتفي
كَانَ أديباً فَاضلا يكْتب(11/83)
خطا مليحاً على طَريقَة ابْن البواب تولى النّظر بواسط وأعمالها أَيَّام المستضيء ثمَّ عزل فَلَزِمَ بَيته إِلَى أَن توفّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو طَالب الْكَاتِب)
جَعْفَر بن ظفر بن يحيى بن مُحَمَّد بن هُبَيْرَة أَبُو طَالب كَانَ جده وَزِير المقتفي وَولي أَبُو طَالب هَذَا النّظر بواسط وأعمالها وَكَانَ أديباً فَاضلا وَتُوفِّي وَهُوَ نَاظر وَاسِط سنة عشر وسِتمِائَة وَمن شعره من مجزوء الْكَامِل
(من للْفَقِير توده ... والحادثات تمده)
(وَإِذا تواضع للغن ... ي يَقُول مَاذَا قَصده)
)
(ويظن جهلا أَنه ... قد جَاءَ يسْأَل رفده)
(فاترك مصافاة امْرِئ ... فِي فِيهِ يسكن وده)
قلت فِي الثَّالِث لحن فِي القافية
3 - (جَعْفَر بن عبد الله جَعْفَر الْأَصْغَر بن الْمَنْصُور)
جَعْفَر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَهُوَ جَعْفَر الْأَصْغَر بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأمه أم ولد كردية
حج بِالنَّاسِ سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ ومئة وَله من الْوَلَد مُحَمَّد ومُوسَى وَصَالح وَإِبْرَاهِيم وَأم عبد الله ولبابة يُقَال إِنَّه كَانَ يَقُول بالاعتزال وَيقرب أَصْحَاب الْكَلَام ويشتهيه
وَهُوَ الَّذِي جرى لَهُ مَعَ حَمَّاد الراوية مَا جرى لما أنْشدهُ قَول الشَّاعِر من الْكَامِل
(وَتقول بوزع قد دببت على الْعَصَا ... هلا هزئت بغيرنا يَا بوزع)
3 - (ابْن الْمُقْتَدِي)
جَعْفَر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْفضل بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُقْتَدِي بن الْقَائِم بن الْقَادِر بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور وَأمه الخاتون بنت السُّلْطَان ملكشاه بن ألب رسْلَان السلجوقي
ولد سنة ثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو مَنْصُور بن الدَّامغَانِي)
جَعْفَر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الدَّامغَانِي أَبُو مَنْصُور بن أبي جَعْفَر ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الْبَغْدَادِيّ من بَيت قَضَاء وعدالة(11/84)
وَعلم وَرِوَايَة
تولى الْأَشْرَاف على ديوَان الْأَبْنِيَة نِيَابَة عَن كَمَال الدّين ابْن رَئِيس الرؤساء
وَكَانَ شَيخا نبيلاً سمع الْكثير من جماعةٍ وَحدث بالكثير وَكَانَ صَدُوقًا
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (مهذب الدّين شلعلع)
جَعْفَر بن عبد الله أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بشلعلع بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة واللامين وَبَينهمَا عين)
مُهْملَة سَاكِنة وَبعد اللَّام الْأَخِيرَة عين أُخْرَى مُعْجمَة الْمصْرِيّ مهذب الدّين نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ غزلاً من الطَّوِيل
(عضضت لَهُ دِينَار خد مضرج ... فلَان ليدرى أَنه غير بهرج)
(وَكَانَ صقيلاً أملساً فنقشته ... فَأقبل يمحوه بصدغٍ معوج)
(وَمَا زَاد إِلَّا بالمحك إبانةً ... بِأَن نضار الصدغ غير مضرج)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ يهجو عُمَّال الزَّكَاة من المسرح
(عُمَّال مَال الزَّكَاة إِن جهلوا ... وعيرونا بِأَكْلِهِ صدقه)
(فَقل لَهُم يَا معيرين بِهِ ... مَا بالكم تأكلونه سَرقه)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ يهجو تلميذاً للشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن بري بِكَثْرَة الصنان من السَّرِيع
(لنا صديق ذُو صنان ترى ... أديمه مِنْهُ بحشً حشي)
(رد ابْن بري بِهِ أعمشاً ... ليدعي النَّحْو عَن الْأَخْفَش)
قَالَ وأنشدنا لنَفسِهِ من المتقارب
(تصاممت فِيك عَن العذل ... وسليت عَنْك فَلم أقبل)
(وحملني فِيك عبء الْهوى ... وَلَوْلَا جمالك لم يحمل)
(اذات اللمى لم حميت الظما ... سَبِيلا إِلَى ريقك السلسل)
(بِمَا بَين برديك من صعدةٍ ... وَمَا بَين جفنيك من منصل)
(صلي من بحبك يُصَلِّي جوىً ... مَتى تحم أدمعه تشعل)
(وجودي لمن جاد فِي ... بخيل وصالٍ وَلم يبخل)
(ومني عَلَيْهِ بِبَعْض المنى ... وَمَا نلْت من ودة نولي)
(ورقي لرقة قلبٍ لَهُ ... حصلت عَلَيْهِ وَلم يحصل)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الطَّوِيل
((11/85)
شدت مطربات الْوَرق فِي عذب البان ... فَهد بهَا من صبره مَا بنى الْبَانِي)
(شج شاجراً العذال فِي الْحبّ بُرْهَة ... يُقيم على صدق الْهوى كل برهَان)
(إِلَى أَن هفت هيف القدود بلبه ... وأفناه نور يَسْتَنِير بأفنان)
(معنى بعناب البنان تدير مَا ... سقى من قداح الراح تفاح لبنان)
)
(نشتك يَا شادي الأراكة مطرباً ... أعد شجوك الحاني عَليّ بألحان)
(تذكرني عهدا قَدِيما برامةٍ ... وآرامها وأندب زمانة أزماني)
(مَضَت ببروق أَوْمَضْت ثمَّ أرْسلت ... سوابح دمع من سوافح أجفان)
قلت شعر متوسط مَقْبُول
3 - (ابْن الْمَأْمُون)
جَعْفَر بن عبد الله بن هَارُون بن مُحَمَّد هُوَ ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون ابْن الرشيد
روى عَن وَالِده
وَأمه أم ولدٍ اسْمهَا ترنجة
توفّي سنة خمسٍ وَسبعين ومئتين
3 - (ابْن سيد بونه)
جَعْفَر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سيد بونه أَبُو أَحْمد الْخُزَاعِيّ الأندلسي الزَّاهِد من أهل قسطنطانية عمل دانية ذكره الابار فَقَالَ أَخذ الْقرَاءَات عَن أبي الْحسن بن النِّعْمَة ببلنسية وَحج فِي حَيَاة السلَفِي وَرجع مائلاً إِلَى الزَّاهِد والتخلي وَكَانَ شيخ الصُّوفِيَّة فِي زَمَانه
علا ذكره وَبعد صيته فِي الْعِبَادَة إِلَّا أَنه كَانَت فِيهِ غَفلَة
وَقد رَأَيْته
توفّي سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة وَمَات علو سنّ نَحْو الْمِائَة وشيعه بشر كثير وانتاب النَّاس زِيَادَة قَبره قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد سمع الْيَسِير من ابْن هُذَيْل بِقِرَاءَة خَاله الْحسن بن أَحْمد بن سيد بونه الْخُزَاعِيّ
3 - (الفناكي)
جَعْفَر بن عبد الله بن يَعْقُوب الفناكي بِفَتْح الْفَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف كَاف الرَّازِيّ روى عَنهُ هبة الله اللالكائي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وثلاثمائة(11/86)
3 - (أَبُو البركات قَاضِي الْقُضَاة)
جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ الْكُوفِي الأَصْل قَاضِي الْقُضَاة أَبُو البركات ابْن قَاضِي الْقُضَاة أبي جَعْفَر
ولي أَبوهُ قَضَاء الْعرَاق سنة خمس وَخمسين فاستناب وَلَده هَذَا ثمَّ توفّي بعد اشهر فولي مَكَان)
وَالِده فِي صفر سنة سِتّ فَلَمَّا مَاتَ الْوَزير عون الدّين سنة سِتِّينَ نَاب أَبُو البركات فِي الوزارة مُضَافا إِلَى قَضَاء الْقُضَاة
فَلَمَّا قدم أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن الْبَلَدِي من وَاسِط فِي صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ قلد الوزارة
سمع أَبُو البركات من أبي الْقَاسِم بن الْحصين وَهبة بن البطر وجماعةٍ سمع مِنْهُ أَبُو المحاسن القريشي وَغَيره
وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَله سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة ذكره ابْن الدبيثي وَغَيره وَقَالَ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ سَبَب مَوته أَنه طُولِبَ بِمَال أخرجه عَلَيْهِ رجل من أهل الْكُوفَة فَضَاقَ صَدره وأشرف على بيع عقاره وَكَلمه الْوَزير ابْن الْبَلَدِي بِكَلِمَات خشنة فغار دَمه وَمَات بقيان الدَّم
3 - (قَاضِي الْقُضَاة)
جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد عَزله المستعين عَن الْقَضَاء ونفاه إِلَى الْبَصْرَة
توفّي سنة ثَمَان وَخمسين ومئتين
3 - (جَعْفَر بن عبيد الله أَبُو الْفضل الدِّمَشْقِي)
جَعْفَر بن عبيد الله أَبُو الْفضل الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي
كتب عَنهُ بِبَغْدَاد أَبُو البركات هبة الله بن الْمُبَارك السَّقطِي وَأَبُو الْوَفَاء أَحْمد بن الْحُسَيْن سمع مِنْهُ سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة ومولده سنة أَربع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعر من الطَّوِيل
(شربت على زهر البنفسج قهوةً ... بجنح الدياجي وَهِي الكاس مقباس)(11/87)
(توهمها فِي الكاس وهمي فخلتها ... لرقتها نورا يلوح بِهِ الكاس)
(وقبلتها أحسو لذيذ شرابها ... فَقلت فمي الْمشكاة والراح نبراس)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(الله يَوْم سرُور قد نعمت بِهِ ... فِيهِ على الراح وَالريحَان معتكف)
(والكأس كالبدر فِي ليل الْكُسُوف إِذا ... قد انجلى بعضه وَالْبَعْض منكسف)
قلت شعر فِيهِ غوص)
3 - (الْحَارِثِيّ)
جَعْفَر بن علية بن ربيعَة الْحَارِثِيّ يكنى أَبَا عَارِم وَهُوَ مخضرم الدولتين الأموية والعباسية وَكَانَ أَبُو شَاعِرًا وَهُوَ شَاعِر مقل غزل فَارس
حُكيَ عَنهُ أَنه شرب حَتَّى سكر فَأَخذه السُّلْطَان فحبسه فَقَالَ من الطَّوِيل
(لقد زَعَمُوا أَنِّي سكرت وَرُبمَا ... يكون الْفَتى سَكرَان وَهُوَ حَلِيم)
(لعمرك مَا بالسكر عَار على الْفَتى ... وَلَكِن عاراً أَن يُقَال لئيم)
(وَإِن فَتى دَامَت مواثيق عَهده ... على مثل لَا قيته لكريم)
ثمَّ حبس مَعَه رجل من قومه يُقَال لَهُ دودان فَقَالَ جَعْفَر من الطَّوِيل
(إِذا بَات دودان ترنم فِي الدجى ... وَشد بأغلالٍ علينا وأقفال)
(وَأَقْبل ليل قَامَ علج بجلجل ... بِلَا رُؤْيَة حَتَّى الصَّباح بأعمال)
(وحراس سوءٍ مَا ينامون حوله ... فَكيف لمظلومٍ بحيلة محتال)
(ويصبر فِيهِ ذُو الشجَاعَة والندى ... على الذل والمأمور والعلج والوالي)
وَخرج فِي غَارة أغارها على عقيل وَمَعَهُ عَليّ بن جعد الْحَارِثِيّ وَالنضْر بن مضَارب فَأَغَارُوا عَلَيْهِم فَخرج فِي طَلَبهمْ بَنو عقيل وافترقوا عَلَيْهِم فِي الطَّرِيق وَوَضَعُوا عَلَيْهِم الأرصاد على المضايق وَكَانُوا كلما أفلتوا من عصبَة لقيتهم أُخْرَى حَتَّى أَتَوا بِلَاد نهد فَرجع عَنْهُم بَنو عقيل بَعْدَمَا فتكوا فيهم فَقَالَ جَعْفَر قصيدته الَّتِي أَولهَا من الطَّوِيل
(أَلا لَا أبلي بعد يومي بسحبلٍ ... إِذا لم أعذب أَن يَجِيء حماميا)
وَهِي مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني(11/88)
3 - (جَعْفَر بن عَليّ ابْن المكتفي)
جَعْفَر بن عَليّ المكتفي بِاللَّه بن أَحْمد المعتضد بن الْمُوفق مُحَمَّد بن المتَوَكل جَعْفَر بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون أَبُو الْفضل
كَانَ فَاضلا لَهُ معرفَة بالعلوم الْقَدِيمَة وَيَد باسطة فِي علم النُّجُوم
روى عَنهُ القَاضِي أَبُو عَليّ المحسن بن عَليّ التنوخي حكايات وأناشيد فِي كتاب الْفرج وَكتاب النشوار سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة
3 - (ابْن دواس)
)
جَعْفَر بن عَليّ بن دواس أَبُو طَاهِر الكتامي الْمَعْرُوف بقمر الدولة
من أهل مصر نَشأ بطرابلس الشَّام وَكَانَ شَاعِرًا رَشِيق الْأَلْفَاظ عذب الْإِيرَاد لطيف الْمعَانِي وَله فِي الْغناء وَضرب الْعود طَريقَة حَسَنَة بديعة
قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا فِي خدمَة قسيم الدولة البرسقي وَكَانَ نديماً لَهُ وَمن شعره) من مخلع الْبَسِيط (
(إِن صَار مولَايَ ذَا يسَار ... فإنني ذَلِك الْمقل)
(كَالشَّمْسِ إِن زيدت ارتفاعاً ... يقصر فَيْء لَهَا وظل)
وَمِنْه من المنسرح لما رَأَيْت المشيب فِي الشّعْر الْأسود قد لَاحَ صحت واحزني
(هَذَا وَحقّ الْإِلَه أَحْسبهُ ... أول خيط سدي من الْكَفَن)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(أَنا مِمَّن إِذا أَتَى ... صَاحب الدَّار للكبرى)
(تَتَجَافَى جنُوبهم ... كل وَقت عَن الْكرَى)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(لَا يظنّ الْعَدو أَن انحنائي ... كبر عِنْدَمَا عدمت شَبَابِي)
(ضَاعَ مني أعز مَا كَانَ مني ... فَأَنا نَاظر لَهُ فِي التُّرَاب)(11/89)
قلت أرشق مِنْهُ قَول الْقَائِل من الوافر
(وعهدي بالصبا زمناوقدي ... حكى ألف ابْن مقلة فِي الْكتاب)
(وَقد أَصبَحت منحنياً كَأَنِّي ... أفتش فِي التُّرَاب على شَبَابِي)
وَمن شعر ابْن دواس من الْبَسِيط
(تعجبت در من شيبي فَقلت لَهَا ... لاتعجبي فطلوع الْبَدْر فِي السدف)
(وزادها عجبا أَن رحت فِي سمل ... وَمَا درت در أَن الدّرّ فِي الصدف)
ومنهمن مجزوء الرمل
(أجملي يَا جمل إِنِّي ... رجل مَا فِيهِ قلبه)
(أَو يكن ذَاك فَإِنِّي ... قمر مَا فِيهِ قلبه)
)
قلت قلبه الثَّانِي يُرِيد رقماً لِأَن ذَلِك قلب قمر وَهُوَ وَاضح
وَمِنْه من السَّرِيع
(قلت لمن نادمني لَيْلَة ... عِنْد التداني نح قمصانك)
(فامتثل المرسوم من وقته ... فَقلت عِنْد الصُّبْح قُم صانك)
قلت شعر جيد منسجم فِيهِ غوص
3 - (صَاحب المسيلة)
جَعْفَر بن عَليّ بن أَحْمد بن حمدَان الأندلسي أَبُو عَليّ صَاحب المسيلة بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا لَام بالزاي وَبعد الْألف بَاء ثَانِيَة الْحُرُوف من أَعمال إفريقية كَانَ شَيخا كبيرأ كثير الْعَطاء مؤثراً لأهل الْعلم وَلأبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن هَانِئ فِيهِ المدائح الفائقة وَمن أمداحه من الْكَامِل
(المدنفان من الْبَريَّة كلهَا ... جسمي وطرف بابلي أحور)
(والمشرقات النيرات ثَلَاثَة ... الشَّمْس وَالْقَمَر الْمُنِير وجعفر)
وَكَانَ أَبُو عَليّ جَعْفَر هَذَا قد بنى المسيلة وَهِي مَعْرُوفَة بهم وَكَانَ بَينه وَبَين زيري جد الْمعز بن باديس إحن ومشاجرات أفضت إِلَى الْقِتَال فتواقعا وَجَرت بَينهم معركة عظمية فَقتل زيريى فِيهَا ثمَّ قَامَ وَلَده بلكين وَاسْتظْهر على جَعْفَر فَعلم أَنه لَيْسَ بِهِ طَاقَة فَترك بِلَاده وهرب إِلَى الأندلس فَقتل بهَا سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الضير الْمُقْرِئ)
جَعْفَر بن عَليّ بن مُوسَى أَبُو مُحَمَّد الضَّرِير الْمُقْرِئ(11/90)
الْبَغْدَادِيّ
كَانَ أحد الْفُقَهَاء الْمَشْهُورين وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِمَامًا فِي جَامع الْمَنْصُور يَوْم الْجُمُعَة صَلَاة الْعَصْر
قَرَأَ على وَالِده وعَلى حَمْزَة بن عمَارَة بن الْحسن الْمُقْرِئ وَأبي بكر أَحْمد بن الْعَبَّاس بن مُجَاهِد وَأبي بكر أَحْمد بن أبي قَتَادَة وَإِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد
وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن جَعْفَر الْخُزَاعِيّ وَالْقَاضِي أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الوَاسِطِيّ وروى عَنهُ وَحدث باليسير عَن ابْن مُجَاهِد وَأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبيد الله الزُّهْرِيّ)
توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة
3 - (ابْن هَارُون الرشيد)
جَعْفَر بن عَليّ بن هَارُون الرشيد صَاحب أَخْبَار وأدب روى عَنهُ عون بن مُحَمَّد بن الْكِنْدِيّ وَأحمد بن إِسْمَاعِيل نطاحه
3 - (أَبُو الْفضل الإسكندري الْمَالِكِي)
جَعْفَر بن عَليّ بن أبي البركات هبة الله بن جَعْفَر بن يحيى بن أبي الْحسن بن مُنِير بن أبي الْفَتْح أَبُو الْفضل الهمذاني الإسْكَنْدراني الْمُقْرِئ المجود الْمُحدث الْفَقِيه الْمَالِكِي
ولد عَاشر صفر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَحدث بِبَلَدِهِ وبمصر ودمشق وَكتب الْكثير وَرَوَاهُ
وَتُوفِّي بِدِمَشْق سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ قد قدم إِلَى دمشق صُحْبَة النَّاصِر دَاوُد بن الْمُعظم عِيسَى
3 - (الْمَعْرُوف بالْحسنِ الْبَصْرِيّ)
جَعْفَر بن عَليّ بن جَعْفَر بن الرشيد الشَّيْخ المعمر شرف الدّين الْموصِلِي الْمُقْرِئ
ولد بالموصل سنة أَربع وسِتمِائَة وَكَانَ شَيخا فَاضلا حفظَة للْأَخْبَار وَالشعر وَالْأَدب
قَالَ علم الدّين الرزالي ذكر أَنه سمع عَن السهروردي كتاب العوارف بالموصل وبدمشق من ابْن الزبيدِيّ وبمصر من ابْن الجميزي وبالثغر من ابْن رواح
وروى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه شعرًا وَقَالَ فِيهِ الْمَعْرُوف بالْحسنِ الْبَصْرِيّ توفّي بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (جَعْفَر بن عَمْرو الضمرِي التَّابِعِيّ)
جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي تَابِعِيّ يعد فِي أهل الْمَدِينَة(11/91)
وَهُوَ أَخُو عبد الْملك بن مَرْوَان من الرضَاعَة
مَاتَ فِي زمن الْوَلِيد بن عبد الْملك
كثير الحَدِيث ثِقَة سمع أَبَاهُ وَسمع مِنْهُ الزُّهْرِيّ
3 - (أَبُو عون الْعمريّ)
جَعْفَر بن عون بن جَعْفَر أَبُو عون الْعمريّ الْكُوفِي أحد الْأَثْبَات)
روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سبع وَمِائَتَيْنِ فِي أوائلها وَقَالَ البُخَارِيّ سنة سِتّ
3 - (زين الدّين البعلبكي)
جَعْفَر بن أبي الْغَيْث هُوَ زين الدّين البعلبكي شيخ الشِّيعَة
توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
3 - (جَعْفَر بن الْفضل الْوَزير ابْن حنزابه)
جَعْفَر بن الْفضل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْحسن بن الْفُرَات الْوَزير الْمُحدث أَبُو الْفضل ابْن الْوَزير أبي الْفَتْح ابْن حنزابة
بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة(11/92)
وَسُكُون النُّون وَبعدهَا زَاي وَبعد الْألف بَاء ثَانِيَة الْحُرُوف وَهِي الْمَرْأَة القصيرة الغليظة الْبَغْدَادِيّ نزيل مصر وزر أَبوهُ للمقتدر فِي السّنة الَّتِي قتل فِيهَا المقتدر وتقلد أَبُو الْفضل وزارة كافور الأخشيدي بِمصْر
وَحدث عَن مُحَمَّد بن هَارُون الْحَضْرَمِيّ وَالْحسن بن مُحَمَّد الداركي الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن زُهَيْر الأبلي وَمُحَمّد بن حَمْزَة بن عمَارَة وَأبي بكر مُحَمَّد بن جَعْفَر الخرائطي وَمُحَمّد بن سعيد الْحِمصِي وَجَمَاعَة
قَالَ الْخَطِيب كَانَ يذكر أَنه سمع من أبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ مَجْلِسا وَلم يكن عِنْده وَكَانَ يَقُول من جَاءَنِي بِهِ أغنيته وَكَانَ يملي الحَدِيث بِمصْر
وبسببه خرج الدَّارَقُطْنِيّ إِلَى هُنَاكَ فَإِن ابْن ضزابة كَانَ يُرِيد أَن يصنف مُسْندًا فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة وَحصل لَهُ مِنْهُ مَال كثير وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَحَادِيث
وَولد ابْن حنزابة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة وَمن شعره من الْبَسِيط
(من أخمل النَّفس أَحْيَاهَا وروحها ... وَلم يبت طاوياً مِنْهَا على ضجر)
(إِن الرِّيَاح إِذا اشتدت عواصفها ... فَلَيْسَ ترمي سوى العالي من الثَّمر)
قلت مَأْخُوذ من قَول أبي تَمام الطَّائِي من الْبَسِيط
(إِن الرِّيَاح إِذا مَا أعصفت قصفت ... عيدَان نجد وَلم يعبأن بالرتم)
وَرَأى جَعْفَر سِيبَوَيْهٍ الموسوس الْوَزير أَبَا الْفضل بن حنزابة بعد موت كافور وَقد ركب فِي)
موكب عَظِيم فَقَالَ مَا بَال أبي الْفضل قد جمع كِتَابه ولفق أَصْحَابه وحشد بَين يَدَيْهِ حجابه وشمر أَنفه وسَاق العساكر خَلفه أبلغه أَن الْإِسْلَام طرق أَو أَن ركن الْكَعْبَة سرق فَقَالَ لَهُ رجل هُوَ الْيَوْم صَاحب الْأَمر ومدبر الدولة
فَقَالَ يَا عجبا أَلَيْسَ بالْأَمْس نهب الأتراك دَاره ودكدكوا آثاره وأظهروا عواره
وهم الْيَوْم يَدعُونَهُ وزيرا ثمَّ قد صيروه أَمِيرا مَا عجبي مِنْهُم كَيفَ نصبوه بل عجبي كَيفَ تولى أَمر عدوهم ورضوه
قَالَ السلَفِي كَانَ ابْن حنزابة من الْحفاظ الثِّقَات المتبجحين بِصُحْبَة أَصْحَاب الحَدِيث مَعَ جلالة ورئاسة يروي ويملي بِمصْر فِي حَال الوزارة وَلَا يخْتَار على الْعلم وصحبة أَهله شَيْئا وَعِنْدِي من أَمَالِيهِ فَوَائِد وَمن كَلَامه على الحَدِيث وتصرفه الدَّال على حِدة فهمه ووفور علمه
وَقد روى عَنهُ حَمْزَة الْكِنَانِي الْحَافِظ مَعَ تقدمه
وَقَالَ غَيره إِن ابْن حنزابة بعد موت كافور وزر لأبي الفوارس أَحْمد بن عَليّ الأخشيذ فَقبض على جمَاعَة من أَرْبَاب الدولة وصادر يَعْقُوب بن كلس وَأخذ مِنْهُ أَرْبَعَة آلَاف دِينَار فهرب إِلَى الْمغرب وَآل أمره إِلَى أَن وزر لبني عبيد
ثمَّ إِن ابْن حنزابة لم يقدر على رضى الأخشيدية فاختفى مرَّتَيْنِ ونهبت دَاره ثمَّ قدم أَمِير الرملة أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عبيد الله بن طغج وَغلب على الْأُمُور فصادر الْوَزير ابْن حنزابة وعذبه فنزح إِلَى الشَّام سنة ثَمَان وَخمسين ثمَّ أَنه بعد ذَلِك رَجَعَ إِلَى(11/93)
مصر
وَمِمَّنْ روى عَنهُ الْحَافِظ وَعبد الْغَنِيّ بن سعيد قَالَ الْحسن بن أَحْمد بن صَالح السبيعِي قدم علينا الْوَزير أَبُو الْفضل جَعْفَر إِلَى حلب فَتَلقاهُ النَّاس فَكنت فيهم فَعرف أَنِّي مُحدث فَقَالَ لي تعرف اسناداً فِيهِ أَرْبَعَة من الصَّحَابَة كل وَاحِد يروي عَن صَاحبه قلت نعم وَذكرت لَهُ حَدِيث السَّائِب بن يزِيد عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ عَن عمر رَضِي الله عَنْهُم فِي العمالة
فَعرف لي ذَلِك وَصَارَ بِهِ لي عِنْده منزلَة
وَقَالَ بَعضهم خرج الدَّارَقُطْنِيّ لَهُ الْمسند
وَقد رَأَيْت عِنْد أبي إِسْحَاق الحبال من الْأَجْزَاء الَّتِي خرجت لَهُ جملَة كَثِيرَة جدا وَفِي بَعْضهَا الموفي ألفا من مُسْند كَذَا والموفي خَمْسمِائَة من مُسْند كَذَا)
وَكَانَ الْوَزير يَعْقُوب بِهِ كلس قد زوج أَبَا الْعَبَّاس ابْن الْوَزير أبي الْفضل بن حنزابة بابنته فَدخل إِلَيْهِ يَوْمًا فَأكْرمه وأجله وَقَالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس يَا سَيِّدي مَا أَنا بِأَجل من أَبِيك وَلَا بِأَفْضَل أَتَدْرِي مَا أقعد أَبَاك خلف النَّاس شيل أَنفه بِأَبِيهِ يَا أَبَا الْعَبَّاس لَا تشل أَنْفك بأبيك أَتَدْرِي مَا الأقبال نشاط وتواضع وَتَدْرِي مَا الإدبار كسل وترافع
وَكَانَ ابْن حنزابة يفْطر وينام نومَة ثمَّ ينْهض فِي اللَّيْل فيتوضأ وَيدخل بَيت مُصَلَّاهُ ويصف قَدَمَيْهِ إِلَى الْغَدَاة وَقَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَمِعت أَبَا إِسْحَاق الحبال يَقُول لما قصد هَؤُلَاءِ مصر ونزلوا قَرِيبا مِنْهَا لم يبْق أحد من الدولة العباسية إِلَّا خرج لتلقيهم إِلَّا الْوَزير ابْن حنزابة فَدخل إِلَيْهِ مَشَايِخ الْبَلَد وعاتبوه فِي فعله وَقَالُوا لَهُ إِنَّك تغري بدماء أهل السّنة ويجعلون تأخرك عَنْهُم سَببا للانتقام
فَقَالَ الْآن أخرج فَخرج للسلام فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ أكْرمه وأجله وَأَجْلسهُ وَفِي قلبه شَيْء
وَكَانَ إِلَى جنبه ابْنه وَولي عَهده فَغَفَلَ الْوَزير عَن السَّلَام عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَن يمتحنه بسببٍ يكون إِلَى الوقيعة بِهِ فَقَالَ لَهُ حج الشَّيْخ فَقَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وزرت الشَّيْخَيْنِ فَقَالَ شغلت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا كَمَا شغلت بأمير الْمُؤمنِينَ عَن ولي عَهده
السَّلَام عَلَيْك يَا ولي عهد الْمُسلمين وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فأعجب من فطانته وتداركه فأغفل عَنهُ
وَعرض عَلَيْهِ الوزارة فَامْتنعَ فَقَالَ إِذا لم تل لنا شغلاً فَنحب أَلا تخرج عَن بِلَادنَا فَإنَّا لَا نستغني عَن أَن يكون فِي دولتنا مثلك
فَأَقَامَ بهَا
وَكَانَ الْوَزير فِي أَيَّامه ينْفق على أهل الْحَرَمَيْنِ من الْأَشْرَاف وَغَيرهم(11/94)
إِلَى أَن تمّ لَهُ أَن اشْترى دَارا إِلَى جَانب الْمَسْجِد من أقرب الدّور إِلَى الْقَبْر لَيْسَ بَينه وَبَين الْقَبْر إِلَّا حَائِط وَطَرِيق وَأوصى أَن يدْفن فِيهَا وَقرر عِنْد الْأَشْرَاف ذَلِك فَأَجَابُوهُ
فَلَمَّا مَاتَ حمل تابوته من مصر إِلَى الْحَرَمَيْنِ وَخرج الْأَشْرَاف من مَكَّة لتلقيه والنيابة فِي حمله إِلَى أَن حجُّوا بِهِ وطافوا بِهِ ووقفوا بِهِ بِعَرَفَة ثمَّ ردُّوهُ إِلَى الْمَدِينَة ودفنوه فِي الدَّار الَّتِي اشْتَرَاهَا
وَحضر جنَازَته القَاضِي الْحُسَيْن بن عَليّ بن النُّعْمَان وقائد القواد وَسَائِر الأكابر وَدفن فِي)
مجْلِس بداره الْمَعْرُوفَة بدار الْعَامَّة
وَقَالَ المسجي أَنه لما غسل جعل فِي فِيهِ ثَلَاث شَعرَات من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ابتاعها بمالٍ عَظِيم وَكَانَت عِنْده فِي درج ذهب مختومة الْأَطْرَاف بالمسك وَأوصى بِأَن تجْعَل فِي فِيهِ إِن هُوَ مَاتَ فَفعل بِهِ ذَلِك
وَقَالَ الشريف مُحَمَّد بن أسعد بن عَليّ الجواني الْمَعْرُوف بِابْن النَّحْوِيّ كَانَ الْوَزير يهوى النّظر إِلَى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وَأم أَرْبَعَة وَأَرْبَعين وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى وَكَانَ فِي دَاره الَّتِي تقَابل دَار الشنكاتي قبل قاعة لَطِيفَة مرخمة فِيهَا سلل الْحَيَّات وَلها قيم وفراش وحاوٍ من الحواة مستخدمون برسم الْحَيَّات وَنقل سلل الْحَيَّات وحطها وَكَانَ كل حاوٍ فِي مصر وأعمالها يصيد لَهُ مَا يقدر عَلَيْهِ من الْحَيَّات ويتباهون فِي ذَوَات الْعجب من أجناسها وَفِي الْكِبَار وَفِي الغريبة مِنْهَا وَكَانَ يثيبهم على ذَلِك أجلّ ثَوَاب ويبذل لَهُم الجزيل حَتَّى يجتهدوا فِي تَحْصِيلهَا وَكَانَ لَهُ وَقت يجلس فِيهِ على دكة مُرْتَفعَة وَيدخل المستخدمون والحواة فَيخْرجُونَ مَا فِي السلل ويطرحونه على ذَلِك الرخام ويحرشون بَين الْهَوَام وَهُوَ يتعجب من ذَلِك ويستحسنه فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أنفذ إِلَى ابْن الْمُدبر الْكَاتِب
وَكَانَ من كتاب أَيَّامه ودولته وَهُوَ عَزِيز عِنْده ويسكن فِي جواره يَقُول لَهُ فِي رقْعَة بإنه لما كَانَ البارحة وَعرض الحواة الحشرات الْجَارِي بهَا الْعَادَات انساب إِلَى دَاره مِنْهَا الْحَيَّة وَذَات القرنين الْكُبْرَى والعقربان الْكَبِير وَأَبُو صوفة وَمَا حصلوا لنا بعد عناء ومشقة وَجُمْلَة بذلناها للحواة نَحن نأمر الشَّيْخ وَفقه الله بالتوقيع إِلَى حَاشِيَته وصبيته بصون مَا وجد مِنْهَا إِلَى أَن ننفذ الحواة لأخذها وردهَا إِلَى سللها
فَلَمَّا وقف ابْن الْمُدبر عَلَيْهَا قلب بالرقعة وَكتب أَتَانِي أَمر سيدنَا الْوَزير أدام الله نعْمَته وحرس مدَّته بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ من أَمر الحشرات وَالَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ فِي ذَلِك أَن الطَّلَاق يلْزمه ثَلَاثَة إِن بَات هُوَ أَو أحد من أَوْلَاده فِي الدَّار السَّلَام
3 - (الْأَمِير ابْن فلاح)
جَعْفَر بن فلاح الْأَمِير
وَالِي دمشق من قبل الْمعز صَاحب مصر
وَهُوَ أول أميرٍ وَليهَا لبني عبيد وَكَانَ قد خرج الْمَذْكُور مَعَ الْقَائِد جَوْهَر وَفتح مَعَه مصر ثمَّ)(11/95)
سَار فغلب على الرملة سنة ثَمَان وَخمسين وَبعد أَيَّام غلب على دمشق بعد أَن قَاتل أَهلهَا أَيَّامًا وَكَانَ بهَا مَرِيضا على نهر يزِيد فَسَار لحربه الْحسن بن أَحْمد القرمطي وَقَتله سنة سِتِّينَ وثلاثمائة وَقتل من خَواص الْأَمِير جَعْفَر جمَاعَة وَكَانَ رَئِيسا جليل الْقدر ممدحاً وَفِيه يَقُول أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن هَانِئ الأندلسي من الْبَسِيط
(كَانَت مسائلة الركْبَان تُخبرنِي ... عَن جَعْفَر بن فلاح أطيب الْخَيْر)
(حَتَّى الْتَقَيْنَا فَلَا وَالله مَا سمعَت ... أُذني بأحسنَ مِمَّا قد رأى بَصرِي)
3 - (جَعْفَر بن الْقَاسِم الْهَاشِمِي أَمِير الْبَصْرَة)
جَعْفَر بن الْقَاسِم بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عَليّ الْهَاشِمِي
ولي إِمَارَة الْبَصْرَة للواثق وَكَانَ فصيحاً خَطِيبًا وَهُوَ قَلِيل الشّعْر وهجا الواثق بِأَبْيَات وَهِي من الْكَامِل
(جدي عَليّ وَالنَّبِيّ وفاطم ... لَا من مهجنةٍ وَلَا من خَادِم)
(فَمَتَى تنَال خلَافَة بِوِلَادَة ... وَأَنا أَحَق من الإِمَام الْقَائِم)
(لَو قيل للمهدي من لخلافه ... من بعد فقدك يَا بن خير الْعَالم)
(لحكى حِكَايَة عالمٍ بمقاله ... إِن الْخَلِيفَة جَعْفَر بن الْقَاسِم)
فاغتاظ الواثق عَلَيْهِ وعزله وأجابه يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي فَقَالَ من الْكَامِل
(أَنْت الوضيع بِنَفسِهِ لَا بَيته ... مَا أَنْت من أَعلَى الْعُيُوب بسالم)
(وَلكُل بَيت دمة وقمامة ... تلقى وَأَنت قمامة من هَاشم)
3 - (رَضِي الدّين بن دبوقا)
جَعْفَر بن الْقَاسِم بن جَعْفَر بن عَليّ بن حُبَيْش الشَّيْخ رَضِي الدّين أَبُو الْفضل الربعِي الْحَرَّانِي ثمَّ الدِّمَشْقِي المجود الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن دبوقا
ولد فِي حُدُود الْعشْرين وَقَرَأَ على السخاوي وتعانى الخدم وَالْكِتَابَة وأضر فِي آخر عمره وَانْقطع إِلَى الإقراء والإمامة بِمَسْجِد رَأس الخواصين ويقرئ عِنْد قبر هود
وَكَانَ فصيح التِّلَاوَة لَهُ عبَادَة وَمَعْرِفَة متوسطة بالقراءات وَله مُشَاركَة فِي الْأَدَب
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَكِن حَدثنِي شمس الدّين الرقي أَنه كَانَ يدْخل روحه فِي السيمياء وَالسحر)
قَرَأَ عَلَيْهِ الْبُرْهَان بن الكحال وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِبَعْض الرِّوَايَات الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن بضحان وروى الحَدِيث عَن السخاوي وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة(11/96)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب)
جَعْفَر بن قدامَة بن زِيَاد الْكَاتِب أَبُو الْقَاسِم ذكره الْخَطِيب فَقَالَ هُوَ أحد مَشَايِخ الْكتاب وعلمائهم وَكَانَ وافر الْأَدَب حسن الْمعرفَة وَله صِفَات فِي الْكِتَابَة وَغَيرهَا حدث عَن أبي العيناء وَحَمَّاد بن إِسْحَاق الْموصِلِي والمبرد وَمُحَمّد بن عبد الله بن مَالك الْخُزَاعِيّ وَنَحْوهم وروى عَنهُ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ ياقوت قَرَأت فِي كتاب المحاضرات لأبي حَيَّان قَالَ وَقلت للعروضي أَرَاك منخرطاً فِي سلك ابْن قدامه ومنصباً إِلَيْهِ ومتوفراً عَلَيْهِ وَكَيف يتَّفق بَيْنكُمَا وَكَيف تأتلفان وَلَا تختلفان فَقَالَ اعْلَم أَن الزَّمَان وَقت الِاعْتِدَال وَالرجل كَمَا تعرفه فِي غَايَة الْبرد والغثاثة وجباسة الطَّبْع وَأَنا كُنَّا تعرفنِي تثبتني فاعتدلنا إِلَى أَن يتَغَيَّر الزَّمَان ثمَّ نفترق ونختلف وَلَا نتفق وَأَنْشَأَ يَقُول من السَّرِيع
(وصاحبٍ أصبح من برده ... كَالْمَاءِ فِي كانون أَو فِي شباط)
(ندمانه من ضيق أخلاقه ... كَأَنَّهُ فِي مثل سم الْخياط)
(نادمته يَوْمًا فَأَلْفَيْته ... مُتَّصِل الصمت قَلِيل النشاط)
(حَتَّى لقد أوهمني أَنه ... بعض التماثيل الَّتِي فِي الْبسَاط)
وَمن شعره ابْن قدامه من الوافر
(تسمع مت قبلك بعض قولي ... وَلَا تتسللن مني لِوَاذًا)
(نعم أسقمت بالهجران جسمي ... ومت بغصتي فَيكون مَاذَا)
وَكَانَت وَفَاة ابْن قدامَة فِي سنة تسع أَو ثَمَان وثلاثمائة
3 - (المشتهي الدِّمَشْقِي)
جَعْفَر بن المحسن أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بالمشتهي الدِّمَشْقِي
أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة من المنسرح
(كَأَنَّمَا الفستق المملح إِذْ ... جَاءَ بِهِ سقاك صهباء)
(مثل المناقير حِين تفتحها ... زرق حمام لتشرب المَاء)
وَله أَيْضا من الْبَسِيط)
(أنظر إِلَى الفستق المملوح حِين بدا ... مثقفاً فِي لطيفات الطيافير)
(وَالْقلب مَا بَين قشريه يلوح لنا ... كألسن الطير مَا بَين المناقير)(11/97)
وَله أَيْضا من الطَّوِيل
(وروضة ابذنج تَأَمَّلت نبتها ... لَهَا منظر يزهى بِغَيْر نَظِير)
(وَقد لَاحَ فِي أعماقه فَكَأَنَّهُ ... قُلُوب ظباء فِي اكف صقور)
وَله من الطَّوِيل
(وَقد كنت أَرْجُو أَن أرى مِنْك صبوة ... تصون صابات الْهوى عَن نفا تها)
(وَلَكِن قَضَت نفس الْمَوَدَّة نحبها ... لديك وَمَا أعلمتني بوفاتها)
وَله من الطَّوِيل
(وَمَا قلت شعرًا رَغْبَة فِي لِقَاء امْرِئ ... يعوضني جاهاً ويكسبني برا)
(وَلَا طَربا مني إِلَى شرب قهوة ... وَلَا لحبيب إِن نأى لم أطق صبرا)
(ولكنني أيقنت أَنِّي ميت ... فَقلت عساه أَن يخلد لي ذكرا)
وَقَالَ فِي الجرب من الوافر
(رَآنِي الْفضل فِي سَمَاء ... فَأطلع ذِي الْكَوَاكِب فِي حبا)
(وكف بهَا يَدي عَن كل وغد ... يقبل ظهرهَا وكساه رعْبًا)
(وأوقع بَين أظفاري وبيني ... لتأْخذ ثأرهن لدي غصبا)
(لِأَنِّي كنت أنهبهن قصاً ... فصيرني لهنا لدهر نهبا)
3 - (جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم
هُوَ الْمَعْرُوف بالصادق الإِمَام الْعلم الْمدنِي وَهُوَ سبط الْقَاسِم بن مُحَمَّد فَإِن أمه فَرْوَة ابْنة الْقَاسِم وَأمّهَا أَسمَاء بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَلِهَذَا كَانَ يَقُول جَعْفَر الصَّادِق ولدني الصّديق مرَّتَيْنِ
مولده سنة ثَمَانِينَ وَالظَّاهِر أَنه رأى سهل بن سعد وَغَيره من الصَّحَابَة روى عَن(11/98)
جده الْقَاسِم من الصَّحَابَة روى عَن جده الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَلم أرَ لَهُ عَن جده زين العابدين شَيْئا وَقد أدْركهُ وَهُوَ مراهق وروى عَن أَبِيه بن وَعُرْوَة بن الزبير وعطاءٍ وَنَافِع)
وَالزهْرِيّ وَابْن الْمُنْكَدر وَله أَيْضا عَن عبيد بن أبي رَافع
وَحدث عَنهُ أَبُو حنيفَة وَابْن جريج وَشعْبَة والسيانان وَمَالك ووهيب وحاتم بن اسماعيل وَيحيى الْقطَّان وَخلق عيرهم كَثِيرُونَ أخرهم وَفَاة أَبُو عَاصِم النَّبِيل وثقة يحيى بن معِين وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة
وَقَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة لَا يسْأَل عَن مثله
قَالَ أَبُو حنيفَة مَا رَأَيْت أفقه من جَعْفَر بن مُحَمَّد وَكَانَ يَقُول سلوني قبل تفقدوني فَإِنَّهُ لَا يُحَدثكُمْ بعدِي بِمثل حَدِيثي
وروى عَليّ بن الْجَعْد عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ قَالَ أبي لجَعْفَر بن مُحَمَّد إِن لي جاراً يزْعم أَنَّك تَبرأ من أبي بكر وَعمر فَقَالَ برِئ الله من جَارك وَالله إِنِّي لأرجو أَن يَنْفَعنِي الله بِقَرَابَتِي من أبي بكر وَلَقَد اشتكيت شكاية فأوصيت إِلَى خَالِي عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم
وَله مَنَاقِب كَثِيرَة وَكَانَ أَهلا للخلافة لسؤدده وشرفه وَقد كذبت عَلَيْهِ الرافضة أَشْيَاء لم يسمع بهَا كَمثل كتاب الجفر وَكتاب اخْتِلَاج الْأَعْضَاء وَنسخ مَوْضُوعَة
ومحاسنه جمة تغمده الله برحمة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد والترميزي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين ومئة وَدفن بِالبَقِيعِ فِي قبر فِيهِ أَبُو مُحَمَّد الباقر وجده عَليّ زين العابدين وَعم جده الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم
فَللَّه دره من قبر مَا أكْرمه وأشرفه
ولقب بالصادق لصدقه فِي مقاله
وَحكى كشاجم فِي كتاب المصايد والمطارد أَب جعفراً الصَّادِق سَأَلَ أَبَا حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ مَا تَقول فِي محرم كسر ربَاعِية ظَبْي فَقَالَ يَا بن رَسُول الله مَا أعلم فِيهِ شَيْئا فَقَالَ لَهُ أَنْت تداهي أَولا تعلم أَن الظبي لَا تكون لَهُ تكون ربَاعِية وَهُوَ ثني أبدا
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور لعَمْرو بن عبيد يَا أَبَا عُثْمَان مَا عنْدك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اتِّخَاذ الْكَلْب فَقَالَ عَمْرو روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من اتخذ كَلْبا لغير حراسة زرع أَو مَاشِيَة نقص من أجره كل يَوْم قيراطان
قَالَ وَلم ذَلِك قَالَ لَا أَدْرِي هَكَذَا جَاءَ الحَدِيث
فَأقبل أَبُو جَعْفَر على أبي عبد الله جَعْفَر الصَّادِق فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله مَا عنْدك فِي هَذَا فَقَالَ)
أَبُو عبد الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خُذ الْعلم بِحقِّهِ من معدنه إِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّهُ ينبح على الضَّيْف وَيرد السَّائِل فَقَالَ جَعْفَر أشهد أنْ لَا إِلَه إلاّ الله وأنّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله رَأَيْت البارحة فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي دخلت مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجل جَالس فِي نَاحيَة الْمَسْجِد عَلَيْهِ السكينَة وَالْوَقار وَالنَّاس قد حفوا بِهِ يسألونه وَهُوَ يُجِيبهُمْ فَسَأَلته عَن هَذَا السُّؤَال فَأَجَابَنِي بِهَذَا الْجَواب
فَقلت من هَذَا قَالُوا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ
وَاسْتَأْذَنَ أهل مَكَّة وَالْمَدينَة على الْمَنْصُور وَعِنْده أَبُو عبد الله فَأذن لأهل مَكَّة قبل أهل الْمَدِينَة
فَقَالَ أَبُو عبد الله أتأذن لأهل مَكَّة قبل أهل الْمَدِينَة فَقَالَ الْمَنْصُور يَا أَبَا عبد الله إِن مَكَّة العش
قَالَ صدقت وَالله وفقهت وَأمر برد أهل مَكَّة وَأَن يقدم أهل الْمَدِينَة وَقضى حوائجهم(11/99)
وأسنى جوائزهم
ثمَّ أذن لأهل مَكَّة
وَقيل أَن الذُّبَاب وَقع على الْمَنْصُور فذبه عَنهُ فَعَاد فذبه حَتَّى أضجره فَدخل جَعْفَر بن مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور يَا أَبَا عبد الله لم خلق الله الذُّبَاب فَقَالَ ليذل بِهِ الْجَبَابِرَة
وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق لَا تكون الصداقة إِلَّا بحدودها فَمن كَانَ فِيهِ شَيْء من هَذِه الْخِصَال أَو بَعْضهَا فانسبه إِلَى الصداقة ثمَّ حَدهَا فَقَالَ أول حُدُودهَا أَن تكون سَرِيرَته وعلانيته لَك سَوَاء
وَالثَّانيَِة أَن يرى شينك شينه وزينك زينه وَالثَّالِثَة لَا يُغَيِّرهُ مَال وَلَا ولَايَة
الرَّابِعَة لَا يمنعك شَيْئا تناله يَده
وَالْخَامِسَة وَهِي تجمع هَذِه الْخِصَال وَهِي أَن لَا يسلمك عِنْد النكبات
وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق كَانَ جدي عَليّ بن حُسَيْن رَحْمَة الله عَلَيْهِ يَقُول من خَافَ من سُلْطَان ظلامة أَو تغطرساً فَلْيقل أللهم آحرسني بِعَيْنِك الَّتِي لَا تنام واكنفني بكنفك الَّذِي لَا يرام وأغفر لي بقدرتك عَليّ وَلَا أهلكن وَأَنت رجائي فكم من نعْمَة قد أَنْعَمت بهَا عَليّ قل لَك عِنْدهَا شكري وَكم بلية آبتليتني بهَا قل لَك عِنْدهَا صبري فيا من قل عِنْد نعْمَته شكري فَلم يحرمني وَيَا من قل عِنْد بليته صبري فَلم يخذلني وَيَا من رَآنِي على الْخَطَايَا فَلم يفضحني)
وَيَا ذَا النعماء الَّتِي لَا تحصى وَيَا ذَا الأيادي الَّتِي لَا تَنْقَضِي بك أستدفع مَكْرُوه مَا أَنا فِيهِ وَأَعُوذ بك من شَره يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ
3 - (أَبُو الْقَاسِم الإسكافي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم بن جَعْفَر الإسكافي
أحد فضلاء الْمُعْتَزلَة بِبَغْدَاد كَانَ كَاتبا بليغاً رد إِلَيْهِ المعتصم أحد دواوينه وَله مُصَنف فِي الْإِمَامَة وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان الْمُعْتَزلَة مقدما عِنْد المعتصم يبجله ويعظمه ويصغي إِلَى كَلَامه وَأَصله من سمر قند
3 - (المتَوَكل على الله)
جَعْفَر بن مُحَمَّد أَبُو الْفضل المتَوَكل على الله ابْن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور
بُويِعَ لَهُ بالخلافة بعد موت أَخِيه هَارُون الواثق بمشاورة فِي ذَلِك فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ومئتين
وَولد سنة سبع ومئتين وَقتل سنة سبع وَأَرْبَعين ومئتين(11/100)
وَكَانَ أسمر مليح الْعين نحيف الْجِسْم خَفِيف العارضين إِلَى الْقصر أقرب
وَأمه أم ولد اسْمهَا شُجَاع
وَلما اسْتخْلف أظهر السّنة وَتكلم بهَا فِي مَجْلِسه وَكتب إِلَى الْآفَاق بِرَفْع المحنة وَإِظْهَار السّنة وَبسط أَهلهَا ونصرهم
وَأقَام الْحَج للنَّاس سنة سبع وَعشْرين قبل الْخلَافَة
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ قَاضِي الْبَصْرَة الْخُلَفَاء ثَلَاثَة أَبُو بكر الصّديق قَاتل أهل الرِّدَّة حَتَّى اسْتَجَابُوا وَعمر بن عبد الْعَزِيز رد مظالم بني أُميَّة والمتوكل محا الْبدع وَأظْهر السّنة
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي الشَّوَارِب إِنِّي جعلت دعائي فِي الْمشَاهد كلهَا للمتوكل وَذَلِكَ أَن صاحبنا عمر بن عبد الْعَزِيز جَاءَ الله بِهِ يرد الْمَظَالِم وَجَاء الله بالمتوكل يرد الدّين
وَقَالَ يزِيد المهلبي قَالَ لي المتَوَكل يَوْمًا يَا مهلبي إِن الْخُلَفَاء كَانَت تتعصب على الرّعية لتطيعها وَأَنا أَلين لَهُم ليحبوني ويطيعوني
يُقَال أَنه سلم عَلَيْهِ بالخلافة ثَمَانِيَة كل مِنْهُم ابْن خَليفَة مَنْصُور بن الْمهْدي وَالْعَبَّاس بن الْهَادِي)
وَأَبُو أَحْمد بن الرشيد وَعبد الله بن الْأمين ومُوسَى بن الْمَأْمُون وَأحمد بن المعتصم وَمُحَمّد بن الواثق وَابْنه الْمُنْتَصر بن المتَوَكل
وَكَانَ جواداً ممدحاً يُقَال مَا أعْطى خَليفَة مَا أعْطى المتَوَكل
وَبَايع بِولَايَة الْعَهْد لوَلَده الْمُنْتَصر ثمَّ أَرَادَ عَزله وتولية أَخِيه المعتز لمحبته لأمه وَكَانَ يحضر مجَالِس الْعَامَّة ومحط مَنْزِلَته
ويتهدده ويشتمه لِأَنَّهُ سَأَلَهُ النُّزُول فَأبى
وَاتفقَ أَن التّرْك انحرفوا عَن المتَوَكل لِأَنَّهُ صادر وصيفاً وبغا فاتفقوا مَعَ الْمُنْتَصر على قتل أَبِيه فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فِي مجْلِس لهوه فِي اللَّيْل وقتلوه
رَآهُ بَعضهم فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر لي بِقَلِيل من السّنة أحييتها
ورؤي أَيْضا كَأَنَّهُ بَين يَدي الله تَعَالَى فَقيل لَهُ مَا تصنع هَهُنَا قَالَ أنْتَظر مُحَمَّدًا ابْني أخاصمه إِلَى الله الْحَلِيم الْكَرِيم الْعَظِيم
وَلم يَصح عَنهُ النصب
وَقيل أَنه كَانَ لَهُ أَرْبَعَة آلَاف سَرِيَّة وطئ الْجَمِيع وَلم يعلم أحد مُتَقَدم فِي هزل أَو جد إِلَّا حظي فِي دولته
وَدخل دمشق وعزم على الْمقَام بهَا لِأَنَّهَا أَعْجَبته وَنقل دواوين الْملك إِلَيْهَا وَأمر بِالْبِنَاءِ بهَا ثمَّ استوبل الْبَلَد لِأَن الْهَوَاء بهَا بَارِد ندي وَالْمَاء ثقيل وَالرِّيح يهب فِيهَا مَعَ الْعَصْر فَلَا يزَال يشْتَد حَتَّى تمْضِي عَامَّة اللَّيْل وَهِي كَثِيرَة البراغيث
وغلت عَلَيْهِ الأسعار وَحَال الثَّلج بَين السابلة والميرة فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن وأياماً ثمَّ رَجَعَ إِلَى سر من رأى وَكَانَ قد بنى بِأَرْض داريا قصراً عَظِيما وَوَقعت من قلبه بالموافقة
وَقَالَ يزِيد بن الْمُهلب يمدحه لما عزم على الْمقَام بِدِمَشْق بِأَبْيَات مِنْهَا من الوافر
(أَظن الشَّام تشمت بالعراق ... إِذا عزم الإِمَام على انطلاق)
(فَإِن تدع الْعرَاق وساكنيها ... فقد تمنى المليحة بِالطَّلَاق)
وَصَارَت لَيْلَة المتَوَكل مثلا يضْرب لكل لَيْلَة سرُور يصاب فِيهَا صَاحبهَا
قَالَ الشَّاعِر من الْكَامِل
((11/101)
كم آمنٍ متحصنٍ فِي جوسقٍ ... قد بَات مِنْهُ بليلة المتَوَكل)
)
وَكَانَ المتَوَكل قد أَمر فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ بهدم قبر الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَهدم مَا حوله من الدّور وَأَن بِعَمَل مزارع وَمنع النَّاس من زيارته وحرث وَبَقِي صحراء وَكَانَ مَعْرُوفا بِالنّصب فتألم الْمُسلمُونَ لذَلِك وَكتب أهل بَغْدَاد شَتمه على الْحِيطَان وهجاه الشُّعَرَاء دعبل وَغَيره
وَفِي ذَلِك يَقُول يَعْقُوب بن السّكيت وَقيل هِيَ للبسامي عَليّ بن أَحْمد وَقد بَقِي إِلَى بعد الثَّلَاث مائَة من الْكَامِل
(بِاللَّه إِن كَانَت أُميَّة قد أَتَت ... قتل ابْن بنت نبيها مَظْلُوما)
(فَلَقَد أَتَاهُ بَنو أَبِيه بِمثلِهِ ... هَذَا لعمرك قَبره مهدوما)
(أسفوا على أَن لَا يَكُونُوا شاركوا ... فِي قَتله فتتبعوه رميما)
وَمن شعر المتَوَكل من الطَّوِيل
(صبرت على ذل الْهوى لمغاضب ... فَزَاد لذلي عزة وتجنبا)
(أقلب طرفِي فِي الْجَمِيع فَلَا أرى ... نظيراً لمن أَهْوى وَإِن كَانَ مذنبا)
وَأَقْبل مرّة على وَلَده الْمُنْتَصر فَلم يقم لَهُ إِلَى أَن قرب مِنْهُ وَكَانَ قد ولاه الْعَهْد فَقَالَ من الطَّوِيل
(هم سمنوا كَلْبا ليَأْكُل بَعضهم ... وَلَو أخذُوا بالحزم مَا سمنوا الكلبا)
وَشعر المتَوَكل كثير وَهُوَ غير مرضِي كَقَوْلِه يرثي والدته من المجتث إِنِّي وجدت الْيَوْم حَقًا فَوق وجد العالمينا
(رحم الله عجوزاً ... تركت شخصا حَزينًا)
وَله فِيهَا مرثية وَمِنْهَا بَيت مُخْتَار وَهُوَ من الطَّوِيل
(تصبرت لما فرق الدَّهْر بَيْننَا ... وعزيت نَفسِي بِالنَّبِيِّ مُحَمَّد)
3 - (أبوالفضل الطَّيَالِسِيّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أبي عُثْمَان أَبُو الْفضل الطَّيالسيّ سمع عَفَّان بن مُسلم وَسليمَان بن حَرْب وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم ومسدّداً وَابْن معِين وَغَيرهم وروى عَنهُ(11/102)
يحيى بن صاعد وَإِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفّار وَأَبُو بكر الشَّافِعِي وَكَانَ ثِقَة ثبتاً حسن الْحِفْظ مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ومئتين
3 - (أَبُو معشر المنجّم)
)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عمر الْبَلْخِي أَبُو معشر المنجم الْمَشْهُور كَانَ إِمَام وقته فِي فنّه وَله التصانيف المفيدة فِي علم النِّجامة مِنْهَا كتاب الْمدْخل وَكتاب الرّيح والألوف والمواليد
وَغير ذَلِك وَكَانَت لَهُ إصابات عجيبةٌ قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت فِي بعض المجاميع أَنه كَانَ مُتَّصِلا بِخِدْمَة بعض الْمُلُوك وَأَن ذَلِك الْملك طلب رجلا من أَتْبَاعه وأكابر دولته ليعاقبه بِسَبَب جريمة صدرت مِنْهُ وَعلم أَن أَبَا معشر يدل عَلَيْهِ بالطرائق الَّتِي يسْتَخْرج بهَا الخفايا والأشياء الكامنة فَأَرَادَ أَن يعْمل شَيْئا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ وَيبعد عَنهُ حدسه فَأخذ طستاً وَجعل فِيهِ دَمًا وَجعل فِي الدَّم هاوناً وَقعد على الهاون أَيَّامًا وتطلبَّب الْملك ذَلِك الرجل وَبَالغ فِي الطّلب فَلَمَّا عجز عَنهُ أحضر أَبَا معشر وَقَالَ تعرّفني مَوْضِعه بِمَا جرت بِهِ عادتك فَعمل الْمَسْأَلَة الَّتِي يسْتَخْرج بهَا الخبايا وَسكت زَمَانا حائراً فَقَالَ لَهُ الْملك مَا سَبَب سكوتك وحيرتك قَالَ أرى شَيْئا عجيباً فَقَالَ وَمَا هُوَ قَالَ أرى الرجل الْمَطْلُوب على جبل نُحَاس والجبل فِي بَحر دم وَلَا أعلم فِي الْعَالم موضعا بِهَذِهِ الصّفة فَقَالَ لَهُ أعد نظرك وغيِّر الْمَسْأَلَة وجدِّد أَخذ الطالع فَفعل ثمَّ قَالَ مَا أرَاهُ إِلَّا كَمَا ذكرت وَهَذَا شَيْء مَا وَقع لي مثله فَلَمَّا يئس الْملك من الْقُدْرَة عَلَيْهِ بِهَذَا الطَّرِيق نَادَى فِي الْبِلَاد بالأمان للرجل وَلمن أخفاه وَأظْهر من ذَلِك مَا وثق بِهِ فَلَمَّا اطْمَأَن الرجل خرج وَحضر بَين يَدي الْملك فَسَأَلَهُ عَن الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ فَأخْبرهُ بِمَا اعْتَمدهُ فأعجبه حسن احتياله فِي إخفاء نَفسه ولطافة أبي معشر فِي استخراجه وَله غير ذَلِك فِي الإصابات
وَذكر مُحَمَّد بن اسحاق النديم أَن أَبَا معشر كَانَ من أَوْلَاد الْمُحدثين وَكَانَ يضاغن الْكِنْدِيّ ويغري بِهِ الْعَامَّة ويشنع عَلَيْهِ بعلوم الفلاسفة فدسّ عَلَيْهِ الْكِنْدِيّ من حسن لَهُ النّظر فِي علم الْحساب والهندسة فَدخل فِي ذَلِك لَهُ فَعدل لمّا كمل لَهُ ذَلِك إِلَى علم أَحْكَام النُّجُوم وَانْقطع شرُّه عَن الْكِنْدِيّ وَيُقَال إِنَّه تعلم النُّجُوم بعد سبع وَأَرْبَعين سنة من عمره
وَقَالَ أَبُو أَحْمد عبد الله بن عمر بن الْحَارِث الْحَارِثِيّ قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ كنت أحد من(11/103)
يعْمل فِي خَزَائِن السِّلَاح للمهتدي فَكنت يَوْمًا قَائِما بِحَضْرَة الْمُوفق فِي عسكره لقِتَال صَاحب الزّنج وبحضرته أَبُو معشر ومنجم آخر سمّاه أبي وأنسيته أَنا فَقَالَ لَهما خذا الطالع فِي شَيْء قد أضمرته مُنْذُ البارحة أسألكما عَنهُ وأمتحنكما بِهِ فأخرجا ضميري فأخذا الطالع وَعَملا زايرجه وَقَالا جَمِيعًا تسألنا عَن حملٍ لَيْسَ لإنسي فَقَالَ هُوَ كَذَلِك فَمَا هُوَ ففكرا جَمِيعًا)
طَويلا وَقَالا عَن حمل بقرةٍ قَالَ هُوَ كَذَلِك فَمَا تَلد قَالَا جَمِيعًا نور قَالَ فَمَا شينه قَالَ أَبُو معشر أسود فِي جَبهته بَيَاض وَقَالَ الآخر بل رَأس ذَنبه أَبيض وَله غرّة فَقَالَ الْمُوفق ترَوْنَ مَا أجسر هَؤُلَاءِ أحضروا الْبَقَرَة فأحضرت وَهِي مقرب فَقَالَ اذبحوها فذبحت وشقّ بَطنهَا فَأخْرج مِنْهَا ثورٌ صغيرٌ أسود أَبيض طرف الذَّنب وَقد التف ذَنبه فَصَارَ على وَجهه فَعجب الْمُوفق وَمن حَضَره من ذَلِك عجبا شَدِيدا وأسنى جائزتهما
وَقَالَ أَيْضا حَدثنِي أبي قَالَ كنت أَيْضا بِحَضْرَة الْمُوفق فأحضر أَبَا معشر المنجم وَهَذَا المنجم الآخر وَقَالَ لَهما معي خبر فَمَا هُوَ فَقَالَ أَحدهمَا بعد أَن أَخذ الطالع وَعمل الزايرجه وفكّر طَويلا هُوَ فِي شَيْء من الْفَاكِهَة وقالأبو معشر هُوَ فِي شَيْء من الْحَيَوَان فَقَالَ الْمُوفق للأخير أَحْسَنت وَقَالَ لأبي معشر أَخْطَأت وَرمى من يَده تفاحة وَأَبُو معشر قَائِم فتحيّر وعاود النّظر فِي الزايرجه سَاعَة ثمَّ غَدا يسْعَى نَحْو التفاحة حَتَّى أَخذهَا وَكسرهَا ثمَّ قَالَ الله أكبر وقدَّمها إِلَى الْمُوفق فَإِذا هِيَ تنفش بالدود فهال الْمُوفق مَا رَآهُ من إِصَابَته وَأمر لَهُ بجائزة عَظِيمَة توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين ومئتين وَقد جَاوز المئة
3 - (اليزيدي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد يحيى بن الْمُبَارك اليزيدي من الْبَيْت الْمَشْهُور بِالْفَضْلِ وَالْأَدب وَنقل الْقرَاءَات واللغة وَالْأَخْبَار قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة نَيف وَثَلَاثِينَ ومئتين
3 - (العضل الإسكاف)
جَعْفَر بن مُحَمَّد الإسكاف أَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي الْبَغْدَادِيّ كَانَ يلقب بالعضل بِالْعينِ الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وَبعدهَا لَام كَانَ مختلطاً بالشعراء وَأهل الْأَدَب وَكَانَ يمدح عضد الدولة وَيَأْخُذ الْجَائِزَة وَله مَعَ هَذِه الْحَالة معيشة فِي سوق الأساكفة وصناعةٌ فِيهَا بِيَدِهِ وبصناعته فِي الشّعْر بِحَيْثُ تسلم من الْكسر واللحن وَكَانَ أَكثر زَمَانه مُنْقَطِعًا إِلَى أبي الْخطاب بن عون ومهيار الديلمي والجهرمي والمطرِّز وَمن جرى مجراهم ويكثرون ممازحته وَطَرحه فِيمَا يعسر عَلَيْهِ من البديهة وَله مَعَهم حكايات كَثِيرَة وَكَانَ يخْطب فِي الاملاكات ويؤذّن فِي مسجدٍ بالكرخ وقارب الثَّمَانِينَ واستوفاها وَمن شعره من المديد
(لَو ثوت فِي المزن رَاحَته ... سَالَ من أرجائه الذَّهَب)(11/104)
)
وَمِنْه أَيْضا
(أَهلا وسهلاً بغرَّة الْعِيد ... ومرحباً بالمدام والعيد)
(فَاشْرَبْ على حسنه وبهجته ... مَعَ فاتنٍ باللحظ والجيد)
3 - (أَبُو يحيى الرَّازِيّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن أَبُو يحيى الرَّازِيّ الزَّعْفَرَانِي قَالَ ابْن أبي حَاتِم سَمِعت مِنْهُ وَهُوَ صَدُوق توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِية والمئتين
3 - (التِّهامي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن نَاصِر بن يحيى بن حسن بن الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم التِّهامي الْمَكِّيّ أَبُو مُحَمَّد الشَّاعِر دخل بَغْدَاد ومدح بهَا وروى عَنهُ ابْن السَّمْعَانِيّ وَقَالَ كَانَ شَاعِرًا يمدح الأكابر إلاّ أَنه كَانَ فِي رَأسه دعاوى عريضة خَارِجَة عَن الحدّ فَجرى يَوْمًا حَدِيث ثَعْلَب النَّحْوِيّ وبتحُّره فِي اللُّغَة فَقَالَ وَمن ثَعْلَب أَنا أفضل مِنْهُ وأنشدني لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(مَا لي بِمن جرّ طرفه قبل ... كَانَت غراماً لقلبي نظرة قبل)
(مَا دلّ ناسك شوقي دلُّ غانيةٍ ... وَلَا أقادت فُؤَادِي الْأَعْين النجل)
(وَلَا دَعَاني إِلَى لمياء كتم لمىً ... وَلَا أَطَالَ وُقُوفِي باكياً طلل)
(وَإِنَّمَا الْحِين أَعْرَاض إِذا عرضت ... لعاقل عاقه من لبِّه خبل)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الوافر
(أما لظلام ليلِي من صباح ... أما للنجم فِيهِ من براح)
(كأنّ الْأُفق سدَّ فَلَيْسَ يُرْجَى ... لَهُ نهجٌ إِلَى كل النواحي)
(كأنّ الشَّمْس قد مسخت نجوماً ... تسير مسير أذوادٍ كلاح)
(كأنّ اللَّيْل منفيٌّ طريدٌ ... كأنّ اللَّيْل بَات صريع رَاح)
(كأنّ بَنَات نعشٍ متن حزنا ... كأنّ النِّسر مكسور الْجنَاح)
(خلوت ببثِّ بثّي فِيهِ أَشْكُو ... إِلَى من لَا يبلِّغني اقتراحي)
(وَكَيف أكفّ عَن نزوات دهري ... وَقد هبَّت ريَاح الارتياح)
(وإنَّ بعيد مَا أَرْجُو قريبٌ ... سَيَأْتِي فِي غدوّي أَو رواحي)
)
قلت رَأَيْت بعض الأفاضل قد كتب على هَامِش النُّسْخَة أنّ هَذِه الأبيات لأبي نصر بن أبي(11/105)
الخرجين الْحلَبِي وَالظَّاهِر أَن ذَلِك صَحِيح لِأَن هَذَا النَّفس غير النَّفس الَّذِي فِي الأبيات الأولى فَإِن هَذِه أَربع وَتلك أحطُّ وأرك
3 - (الإسكافيّ الْكَاتِب)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن ثوابة بن خَالِد بن يونسٍ أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب الإسكافي صَاحب ديوَان الرسائل كَانَ فَاضلا بليغاً وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ ومئتين بالرِّي وَدفن بهَا وَمن شعره من مجزوء الرمل
(قل لمملوكٍ حقيق ... أَن يسمّى بمليك)
كم قَتِيل لَك مَا بَين عبيد وملوك وَطَرِيق لي إِلَى وصلك مَمْنُوع السلوك يَا نهيك الْخضر مَا ترثي لذِي جسم نهيك
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْموصِلِي الشَّافِعِي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن حمدَان أَبُو الْقَاسِم الْفَقِيه الشَّافِعِي الْموصِلِي كَانَ مضطلعاً بعلوم كَثِيرَة من الْفِقْه وَالْأُصُول وَالْحكمَة والهندسة وَالْأَدب وَالشعر وَله مصنفات كَثِيرَة فِي جَمِيع ذَلِك دخل بَغْدَاد ومدح المعتضد والوزير الْقَاسِم بن عبيد الله وَكَانَ صديقا لكل وزراء عصره مدّاحاً لَهُم آنساً بهم وبالمبرد وثعلب وأمثالهما من عُلَمَاء الْوَقْت وَكَانَت لَهُ فِي بَلَده دَار علم قد جعل فِيهَا خزانَة فِيهَا من جَمِيع الْعُلُوم وَقفا على كل طَالب علم لَا يمْنَع أحد من دُخُولهَا إِذا جاءها أَو إِن كَانَ مُعسرا قد أعطَاهُ وَرقا يفتحها كل يَوْم وَيجْلس فِيهَا إِذا عَاد من ركُوبه ويجتمع إِلَيْهِ النَّاس فيملي عَلَيْهِم من شعره وَشعر غَيره ومصنفاته مثل الباهر وَغَيره من المصنفات الحسان ثمَّ يملي من حفظه من الحكايات المستطابة وشيئاً من النّوادر الْمُؤَلّفَة وطرفاً من الْفِقْه وَمَا يتَعَلَّق بِهِ
ولد سنة أَرْبَعِينَ ومئتين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمئة
وَكَانَ جمَاعَة من أهل الْموصل حسدوه على مَحَله وجاهه عِنْد الْخُلَفَاء والوزراء وَالْعُلَمَاء
وَكَانَ قد جحد بعض أَوْلَاده وَزعم أَنه لَيْسَ مِنْهُ فعاندوه بِسَبَبِهِ وجهدوا أَن يلحقوه بِهِ فَمَا بتم لَهُم فَاجْتمعُوا وَكَتَبُوا فِيهِ محضراً وشهدوا فِيهِ عَلَيْهِ بِكُل قبيحة وعظيمة ونفوه من الْموصل فانحدر)
هَارِبا إِلَى بَغْدَاد ومدح المعتضد بقصيدة يشكو فِيهَا مَا ناله ويصف مَا يحسن من الْعُلُوم وَيسْتَشْهد بثعلب والمبرد وَغَيرهمَا أوَّلها من الطَّوِيل
(أجدَّك مَا ينفكُّ طيفك ساريا ... مَعَ اللَّيْل مجتاباً إِلَيْنَا الفيافيا)(11/106)
(يذكرنَا عهد الْحمى وماننا ... بنعمان وَالْأَيَّام تُعْطِي الأمانيا)
(لياليّ مغنى آل ليلى على الْحمى ... ونعمان عادٍ بالأوانس غانيا)
(وعهد الصِّبَا منهنّ فينان مُورق ... ظَلِيل الضُّحَى من حَائِط اللَّهْو دانيا)
(قريب المدى نائي الجوى داني الْهوى ... على مَا يَشَاء المستهام مؤاتيا)
(حَلَفت بأخياف المخيّم من منى ... وَمن حلَّ جمعا والرّعان المتاليا)
مِنْهَا
(أَأدْخل تَحت الضيم والبيد والسُّرى ... وأيدي المطايا الناجيات عناديا)
(سأخرج من جِلْبَاب كل ملمةٍ ... خُرُوج الْمُعَلَّى والسَّنيح ورائيا)
(إِذا أَنا قابلت الإِمَام مناجياً ... لَهُ بِالَّذِي من ريب دهري عنانيا)
(رميت بآمالي إِلَى الْملك الَّذِي ... أذلّت مساعيه الْأسود الضواريا)
(وَمَا هِيَ إلاّ رَوْحَة وادِّلاجةٌ ... تنيل الْأَمَانِي أَو تقيم البواكيا)
(وليفي أَمِير الْمُؤمنِينَ مدائحٌ ... مَلَأت بهَا الْآفَاق حسن ثنائيا)
(وأمَّت بِي الآمال لَا طَالبا جدىً ... وَلَا شاكياً إنقاص من حَالي وماليا)
(ولكنني أَشْكُو عدوّاً مسلّطاً ... عليَّ عداني بغيه عَن بلاديا)
(أيا بن الْوُلَاة الْوَارِثين مُحَمَّدًا ... خِلَافَته دون الموَالِي مواليا)
(إِذا مَا اعتزمت الْأَمر أبرمت قلبه ... وَلم تَكُ عَن إمضائك الحزم وانيا)
(فَلَو تَكُ للمظلوم ناداك فِي الدُّجى ... لغربته وَالدَّفْع للظلم نَاسِيا)
(وعش سَالم الْأَيَّام للْملك رَاعيا ... وَدم عالي الْأَحْوَال تعلي المعاليا)
وَهِي مئة وَخَمْسُونَ بَيْتا فِيهَا بعد الْمَدْح مَا يُحسنهُ من الْعُلُوم الدِّينِيَّة والأدبية وتبجّح بمعرفته إقليدس وأشكاله وزيادات زَادهَا فِي أَعماله
وَقَالَ من الْخَفِيف رب ليلٍ كالبحر هولاً وكالدهر امتداداً وكالمداد سوادا)
خضته والنجوم يوقدن حَتَّى أطفأ الْفجْر ذَلِك الإيقادا وَقَالَ من الطَّوِيل
(على الْخيف من أكناف برقة أطلال ... دوارس عضَّتها ببرقة أَحْوَال)
(ومبنى خيامٍ من فريق تفرّقوا ... أيادي سبا والبين للشَّمل مغتال)
(وهنَّ نجومٌ للنجوم ضرائر ... وَهن لأقمار الحنادس أَمْثَال)
(أَلا إنّ آجال الظباء سوانحاً ... لمن عالج الوجد المبرّح آجال)(11/107)
وَقَالَ من مجزوء الرمل أيّها القرم الَّذِي أعوزنا فِيهِ النَّديد وأعانته على الْمجد مساعٍ وجدود عجِّل النُّجح فإنَّ المطل بالوغد وَعِيد قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء هَذَا معنى عنَّ لي قبل أَن أَقف على هَذِه الأبيات وَكنت أعجب كَيفَ فَاتَ الْأَوَائِل اشتماله على مُطَابقَة التَّجْنِيس حسن الْمَعْنى حَتَّى وقفت على مَا هَهُنَا فَعلمت أنّ أَكثر مَا ينْسب إِلَى السرقات للشعراء إِنَّمَا هُوَ تواردٌ وَوُقُوع حافرٍ على حافر وَأما أبياتي فَهِيَ من الْبَسِيط
(يَا سيداً بذَّ من يمشي على قدمٍ ... علما وحلماً وآباءً وأجدادا)
(مَاذَا دعَاك إِلَى وعدٍ تصيِّره ... بالخلف والمطل والتسويف إيعادا)
(لَا تعجلنَّ بوعد ثمَّ تخلفه ... فيثمر الود بعد المطل احقادا)
(فالوعد بذر ولطف القَوْل منبته ... وَلَيْسَ يجدي إِذا لم يلق حصّادا)
قلت قَول الأول أحسن من قَول ياقوت فَإِن الْوَعْد والوعيد أقرب إِلَى الجناس من الْوَعْد والايعاد مَعَ رشاقة نظم الْموصِلِي
3 - (ابْن الْفُرَات الْكَاتِب)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن الْحسن بن الْفُرَات أَبُو عبد الله أَخُو أبي الْحسن عَليّ وَزِير المقتدر ولاّه أَخُوهُ ديوَان الْخراج والضياع الْعَامَّة بنواحي الْمشرق وَالْمغْرب وَلم يجمعا لأحد قبله قَالَ الصولي كَانَ من جلّة الْعلمَاء والمتصرفين وأفضلهم وأزهدهم أَقَامَ بِمَكَّة مجاوراً يقْرَأ الْقُرْآن ويواصل الصَّوْم إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين ومئتين فِي وزارة أَخِيه أبي)
الْحسن
3 - (ابْن المعتصم بِاللَّه)
جَعْفَر بن المعتصم بِاللَّه بن هَارُون الرشيد قَالَ الصولي حجَّ بِالنَّاسِ فِي سنة سبع وَعشْرين ومئتين فِي خلَافَة الواثق فِيهِ
3 - (ابْن حدار وَزِير الْعَبَّاس بن طولون)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حدار الْكَاتِب أَبُو الْقَاسِم ذكره الصولي فِي كتاب أَخْبَار شعراء مر وَقَالَ لم يكن بِمصْر فِي وقته مثله كثير الشّعْر حسن البلاغة عَالم لَهُ ديوَان شعر ومكاتبات كَثِيرَة حَسَنَة وَكَانَ الْعَبَّاس بن أَحْمد بن طولون قد خرج على أَبِيه بنواحي برقة عِنْد غيبَة أَبِيه بِالشَّام وَتَابعه أَكثر النَّاس ثمَّ غدر بِهِ قومه وَخرج عَلَيْهِ آخَرُونَ من نواحي القيروان فظفر بِهِ أَبوهُ وَكَانَ بن حدار وَزِير الْعَبَّاس وَصَاحب أمره(11/108)
فَقبض عَلَيْهِ بنواحي الْإسْكَنْدَريَّة وَأدْخل إِلَى الْفسْطَاط على بغل على قتب مقيّداً سنة سبع وَسِتِّينَ ومئتين وَنصب لكتابه وَخرج بهم إِلَى مَا خرج إِلَيْهِ على دكة عَظِيمَة رفيعة وَجلسَ ابْن طولون فِي علوّ يوازيها وَشرع من ذَلِك الْعُلُوّ إِلَيْهَا طَرِيقا وَكَانَ الْعَبَّاس قَائِما بَين يَدي أَبِيه فِي حفتان ملحم وعمامة وخفّ وَبِيَدِهِ سيف مَشْهُور فَضرب ابْن حدار ثلاثمئة سَوط وَتقدم غليه الْعَبَّاس فلقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ من خلافٍ وَأُلْقِي من الدكة إِلَى الأَرْض وَفعل مثل ذَلِك بالمنتوف وبأبي معشر وَاقْتصر بغيرهم على ضرب السِّيَاط فَلم تمض أَيَّام حَتَّى مَاتُوا وَقيل إِن أَحْمد بن طولون تولّى قطع يَدي ابْن حدار وَرجلَيْهِ بِيَدِهِ وَمن شعره من المديد
(زارني زورٌ ثكلتهم ... وأصبوا حَيْثُ مَا سلكوا)
(أكلُوا حَتَّى إِذا شَبِعُوا ... حملُوا الْفضل الَّذِي تركُوا)
3 - (ابْن الْأَزْهَر الأخباري)
جَعْفَر بن محد بن الْأَزْهَر بن عِيسَى الإخباري أحد أَصْحَاب السِّير وَمن عني بِجمع الْأَخْبَار والتواريخ ولد سنة مِائَتَيْنِ وَتُوفِّي فِي سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَسمع من ابْن الْأَعرَابِي وطبقته وَله من الْكتب التَّارِيخ على السنين وَهُوَ من جيد الْكتب
3 - (الصُّوفي الْخُلْدِيِّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نصير بن قَاسم أَبُو وَمُحَمّد الْبَغْدَادِيّ الْخُلْدِيِّ الخوّاص شيخ الصُّوفِيَّة)
وَكَبِيرهمْ ومحدّثهم صحب الْجُنَيْد وَغَيره وَكَانَ الْمرجع إِلَيْهِ فِي علم الْقَوْم وتصانيفهم وحكاياتهم وثّقه الْخَطِيب قَالَ إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الطَّبَرِيّ سَمِعت الْخُلْدِيِّ يَقُول مضيت إِلَى عبّاس الدُّوري وَأَنا حدثٌ فَكتبت عَنهُ مَجْلِسا وَخرجت فلقيني بعض الصُّوفِيَّة فَقَالَ إيش هَذَا فأريته فَقَالَ وَيحك تدع علم الحرق وَتَأْخُذ علم الْوَرق ثمَّ خرّق الأوراق فَدخل كَلَامه فِي قلبِي فَلم أعد إِلَى عَبَّاس توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين(11/109)
وثلاثمئة وَكَانَ قد حجَّ سِتِّينَ حجَّة
3 - (شرف الدّين الْعَبَّاس)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الشريف الْأَفْضَل أَبُو مُحَمَّد العباسي الْمَكِّيّ الْبَغْدَادِيّ المحدِّث كَانَ عالي الهمة فِي تَحْصِيل هَذَا الشَّأْن جيد الْفَهم ذكياً نبيلاً لقبه شرف الدّين سمع من ابْن شاتيل وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وخمسمئة رَاجعا من حماه إِلَى بَغْدَاد وَله سبع وَعشْرين سنة
3 - (ابْن شمس الْخلَافَة)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُخْتَار وَهُوَ الْأَمِير مجد الْملك أَبُو الْفضل ابْن شمس الْخلَافَة أبي عبد الله الْأَفْضَل الْمصْرِيّ القوصيّ الشَّاعِر الأديب ولد فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وخمسمئة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وستمئة وَلَقي الأدباء وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وخطه مَعْرُوف وَكَانَ من الأذكياء وَله مجاميع تدل على فَضله وحدَّث بديوانه وامتدح جمَاعَة من الْأَعْيَان وَله الأرج الشائق إِلَى كرم الْخَلَائق جمع فِيهِ الشُّعَرَاء الَّذين مدحوا سراج الدّين جَعْفَر بن حسّان الأسنائي وروى عَنهُ الزكيّ الْمُنْذِرِيّ والشَّهاب القوصي وَذكره ابْن الشعار فِي تَارِيخه فَقَالَ هُوَ جَعْفَر بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ من كبراء بَلَده قدم مَعَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين أَمِيرا وَمَعَ ابْنه الْعَزِيز ثمَّ قدم حلب وخدم مَعَ صَاحبهَا غَازِي ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر وَكَانَ شَاعِرًا فَاضلا ذكياً لَهُ هجو مقذع فِي الْملك الْعَادِل وَفِي القَاضِي الْفَاضِل توفّي بِمصْر سنة عشر قَالَ الشَّيْخ شمي الدّين غلط فِي وَفَاته وَفِي اسْمه قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي الوفيات توفّي فِي ثَانِي عشر الْمحرم فِي السّنة الْمَذْكُورَة وَمن شعره من المديد
(دع جَاهِلا غرَّه تمكُّنه ... وضنَّ بالجود وَهُوَ مقتدر)
(فكم غنيّ للنَّاس عَنهُ عَنى ... وَكم فقيرٍ إِلَيْهِ يفْتَقر)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(هِيَ شدّة يَأْتِي الرّخاء عقيبها ... وأسىً يبشر بالسرور العاجل)(11/110)
(وَإِذا نظرت فَإِن بؤساً زائلاً ... للمرء خير من نعيم زائل)
وَقَالَ فِي صفي بن شكر وَقيل فِي الْفَاضِل من الْكَامِل
(مدحتك أَلْسِنَة الْأَنَام مَخَافَة ... وتشاهدت لَك بالثناء الْأَحْسَن)
(أَتَرَى الزَّمَان مُؤَخرا فِي مدتي ... حَتَّى أعيش إِلَى انطلاق الألسن)
نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي فَتى يستجدي بالرقاع من الْبَسِيط
(رقاع كديته فِي بَيت كلّ فَتى ... على اتِّفَاق معانٍ وَاخْتِلَاف رُوِيَ)
(قد طبَّق الأَرْض من عجم وَمن عرب ... كَأَنَّهُ خطه ذَاك السائح الْهَرَوِيّ)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي الشريف إِسْمَاعِيل بن ثَعْلَب من الْكَامِل
(إنّ الشريف بل الوضيع عدمته ... وعدمت من يخشاه أَو يرجوه)
(يعطيك من طرف اللِّسَان حلاوة ... ويروغ عَنْك كَمَا يروغ أَبوهُ)
قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي سراج الدّين بن حسان من السَّرِيع
(جود ابْن حسان وإنعامه ... لَا يُمكن الْعَاقِل أَن يُنكره)
(إنعامه هطل وَلَكِن على ... فوّاد أَو بغاء أَو مسخره)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي صديقين لَهُ مُسلم وَنَصْرَانِي من مخلع الْبَسِيط
(محَاسِن ابْن الغليظ أضحى ... للأسعد البقطريّ جارا)
(هَذَا على الْمُسلمين عارٌ ... وَذَاكَ عارٌ على النَّصَارَى)
قَالَ وأنشدني فِي الْعِمَاد جِبْرِيل أخي الْعلم صَاحب الدِّيوَان وَقد وَقع من السّلم وانكسرت يَده من الْبَسِيط
(إِن الْعِمَاد بن جِبْرِيل أخي علم ... لَهُ يدٌ قد غَدَتْ مذمومة الْأَثر)
(تَأَخّر الْقطع عَنْهَا وَهِي سارقة ... فَجَاءَهَا الْكسر يستقصي عَن الْخَبَر)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من المنسرح
(اطلب من الدَّهْر كل ممتنعٍ ... تَجدهُ إلاّ مواهب ابْن هبه)
)
(فَإِنَّهَا فِي النُّجُوم كامنةٌ ... وَإِنَّهَا بالنجوم محتجبه)
قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(صَحا وَكَأَنِّي بالصبابة منتشي ... حبيب غَدا طوع البغيض المحرِّش)
(يروّح قلبِي ذكره وَهُوَ متعبي ... وَيُؤْنس طرفِي شخصه وَهُوَ موحشي)
(وأعجب مَا فِي الْأَمر أَنِّي طالبٌ ... شفَاه غليلي من عوارف معطشي)(11/111)
(تقنع قبلي بالمعمَّم معشرٌ ... وَلم أَرض إِلَّا بالحبيب المشربش)
(إِذا الْخَوْف مِنْهُ قَالَ عِنْد لِقَائِه ... تجنَّبه قَالَ الوجد خاطر وجمّش)
(يَجِيش ولي فِي كل وَقت عساكراً ... من الْحسن لَوْلَا محنتي لم يحيِّش)
(نسيمٌ لمن قد شمَّ بالمسك قد وشى ... طرازٌ لمن قد شام بالْحسنِ قد وشي)
(وبدرٌ منيرٌ من محيّاه قد بدا ... بليلٍ من الصُّدع المبلبل أغطش)
(فتيَّم بالصِّدَّين نورٍ وظلمة ... وَقَاتل بالجيشين روم وأحبش)
(عجبت لقلبي كَيفَ يَبْغِي مساءتي ... ودمعي الَّذِي قد دلّ كلَّ مفتش)
(فيا قلب حَتَّى أَنْت من جملَة العدى ... وَيَا دمع حتَّى أَنْت مِمَّن بِنَا تشي)
(أرى الدَّهْر يَأْبَى غير ضرّي كَأَنَّمَا ... نوائبه ترشى عليّ فترتشي)
(إِذا سرني مِنْهُ وَذَلِكَ نادرٌ ... صباحٌ أَتَانِي بِالَّذِي أكره الْعشي)
(وَلَو كنت ذَا مالٍ سموت إِلَى العلى ... وَهل ينْهض الْبَازِي ولمّا يريِّش)
(وموقع قدر الْفضل من قلب ناقصٍ ... كموقع ضوء الشَّمْس من عين أعمش)
(سأطَّرح النَّاس اطّراح مجرّب ... حشاه بيأسٍ من نوالهم حشي)
وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(قلبِي وطرفي فِي هَوَاك على خطر ... أفناهما الشوق المبرِّح والسَّهر)
يَا طلعة الْقَمَر الْمُنِير وقامة الْغُصْن النَّضِير إِذا تبدَّى أَو خطر
(أخجلت مني وامقاً بك واثقاً ... يَا مخجل الشَّمْس المنيرة وَالْقَمَر)
(وَلكم حبيب راعني بصدوده ... فعذرته وحملت ذَاك على الْقدر)
(لم يدن مني وَصله حَتَّى نأى ... عنّي وَلَا ورد الرِّضا حَتَّى صدر)
(مَا حدّثني النَّفس عَنْك بسلوةٍ ... سيَّان فِيك سلا محبٌّ أَو غدر)
)
قلت شعر متوسط مَقْبُول
3 - (الْحَافِظ الفريابيّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن بن المستفاض أَبُو بكر الْفرْيَابِيّ(11/112)
الْحَافِظ المصنّف قَاضِي الدّينور وَأحد أدعية الْعلم والفهم طوَّف الدائرة الاسلامية ورحل من التّرْك إِلَى مصر وَلما ورد بَغْدَاد اسْتقْبل بالطَّيارات والزبازب وحزر من حضر لسماعه بِثَلَاثِينَ ألفا وَكَانَ المستملون ثلاثمئة وَسِتَّة عشر ولد سنة سبع ومئتين وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وثلاثمئة وَكَانَ ثِقَة حجَّة قَالَ أَبُو عَليّ ابْن الصوَّاف سمعته يَقُول كلُّ من لَقيته لم أسمع مِنْهُ إلاّ من لَفظه إلاّ مَا كَانَ من شيخين أبي مُصعب الزُّهري فَإِنَّهُ ثقل لِسَانه والمعلَّى بن مهْدي بالموصل فَكتبت عَنهُ
3 - (الْحَافِظ جعفرك)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى النَّيْسَابُورِي أَبُو مُحَمَّد الْحَافِظ وَيعرف بجعفرك الْمُفِيد رَحل وَسمع وروى عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وَالْحسن بن عَرَفَة وَهَذِه الطَّبَقَة وروى عَنهُ الحافظات أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي وَأَبُو إِسْحَاق بن حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ وجماعةٌ وَتُوفِّي بحلب غَرِيبا سنة سبع وثلاثمئة
3 - (أَبُو الْقَاسِم الجروليّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عبد الْعَزِيز بن وَزِير أَبُو الْقَاسِم الجروليّ الْمصْرِيّ الْبَغْدَادِيّ
روى عَن أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَغَيرهمَا بِبَغْدَاد وبمصر
وروى عَنهُ مُحَمَّد بن الْحسن الْفَارِسِي شيخ اللالكائي وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن عبد الله بن حميد بن زُرَيْق المَخْزُومِي وَغَيرهمَا وَتُوفِّي بتنيس فِي شعْبَان سنة تسع وَعشْرين وثلاثمئة
3 - (قَاضِي شنتمرية)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن يُوسُف أَبُو الْفضل الشَّنتمري ولي قَضَاء شنتمرية روى عَن أَبِيه عَن جدّه أبي الْحجَّاج يُوسُف الأعلم جَمِيع رواياته وتصانيفه وروى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن عبيد الله وَابْن خير وَكَانَ فَقِيها مشاوراً مفتياً كَاتبا شَاعِرًا اسْتشْهد بشنتمرية سنة سِتّ وَأَرْبَعين وخمسمئة وَمن شعره(11/113)
3 - (ابْن وَرْقَاء)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن وَرْقَاء بن مُحَمَّد بن وَرْقَاء أَبُو مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ أَخُو أَحْمد بن وَرْقَاء كَانَ)
من بَيت إمرة وَتقدم وأدب ولد بسرَّ من رأى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ومئتين وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمئة وَكَانَ قد تقلد المعاون بِالْكُوفَةِ سنة سِتّ عشرَة وثلاثمئة وَكَانَ المقتدر يجريه مجْرى بني حمدَان وتقلَّد عدَّة ولايات وَكَانَ شَاعِرًا كَاتبا جيد البديهة والرويّة كَانَ يَأْخُذ الْقَلَم وَيكْتب مَا أَرَادَ من نثر ونظم كَأَنَّهُ عَن حفظ وَكَانَت بَينه وَبَين سيف الدولة مكاتبات بالشعر والنثر مَشْهُورَة وَمن شعره من المتقارب
(وَلما عبثن بعيدانهنَّ ... قبيل التبلُّج أيقطنني)
(جسس البموم وأتبعها ... بنقر المثانيفهيجنني)
(عمدن لإِصْلَاح أوتارهن ... فأصلحنهنَّ وأفسدنني)
وَمِنْه من السَّرِيع
(الْحَمد لله على مَا قضى ... فِي المَال لمّا حفظ المهجة)
(وَلم تكن من ضيقةٍ هَكَذَا ... إِلَّا وَكَانَت بعْدهَا فرجه)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(هززتك لَا أَنِّي علمتك نَاسِيا ... لحقي وَلَا أَنِّي أردْت التقاضيا)
(وَلَكِن رَأَيْت السَّيْف من بعد سلّه ... إِلَى الهزِّ مُحْتَاجا وَإِن كَانَ مَاضِيا)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قَالُوا تعزَّ فقد أسرفت فِي جزع ... فالموت كاسٌ عميمٌ مر مشربه)
(فَقلت إنّ عزائي والفقيد مَعًا ... بانا فَمَا أَنا مَشْغُول بمطلبه)(11/114)
(قَالُوا فعينيك أجممها فقد رمدت ... من فيض دمع ملثّ الْقطر منسكبه)
(فَقلت مَالِي فِيهَا بعده أربٌ ... هَل يحفظ الْمَرْء شَيْئا لَيْسَ من أربه)
(مَا كنت أذخرها إِلَّا لرُؤْيَته ... وللبكاء عَلَيْهِ إِن فجعت بِهِ)
3 - (ابْن ابْن شرف القيرواني)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أبي سعيد بن شرف أَبُو الْفضل الجذاميّ القيروانيّ نزيل الأندلس شَاعِر ابْن شَاعِر وَقد مر ذكر أَبِيه فِي المحمدين كَانَ من جملَة الأدباء وكبار الشُّعَرَاء طَال عمره وَأخذ النَّاس عَنهُ وَله تصانيف حسان فِي الْأَمْثَال والآداب وَالشعر وَكَانَ من جلساء صَاحب المريَّة ابْن صمادح وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وخمسمئة وَمن شعره)
بَيَاض فِي الأَصْل
3 - (أَبُو عبد الله الْقُرْطُبِيّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مكي بن مُحَمَّد بن مُخْتَار أَبُو عبد الله الْقَيْسِي اللّغَوِيّ الْقُرْطُبِيّ لَهُ الْيَد الطُّولى الباسطة فِي علم اللِّسَان توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وخمسمئة
3 - (الْحَافِظ المستغفري)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن المعتز مُحَمَّد بن المستغفر بن الْفَتْح بن(11/115)
إِدْرِيس الْحَافِظ المستغفري النَّسَفِيّ مؤلف تَارِيخ نسف وكشن وَمَعْرِفَة الصحاية والدَّعوان وَكتاب المنامات وفضائل الْقُرْآن وَالشَّمَائِل وَغير ذَلِك توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وأربعمئة
3 - (تَاج الدّين بن معبَّة)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد الأديب الْعَلامَة المترسل تَاج الدّين العلويُّ الحسنيُّ الْمَعْرُوف بِابْن معبَّة بِفَتْح الْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة وَالْبَاء ثَانِيَة الْحُرُوف الْمُشَدّدَة وَبعدهَا هَاء توفّي بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وستمئة وَقد كفَّ بَصَره
3 - (بدر الدّين بن الْآمِدِيّ)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ الصاحب بدر الدّين أَبُو الْفضل الْآمِدِيّ أَخُو موفق الدّين عَليّ ولد سنة سبع وَتِسْعين بحصن كيفاء وَكَانَ من بَيت حشمة وَكِتَابَة قدم هُوَ وَأَخُوهُ الشَّام فِي دولة الْكَامِل فعرفا بالبراعة فِي الْكِتَابَة الديوانية وَالْأَمَانَة فِي التَّصَرُّف وَولي بدر الدّين نظر الشَّام وَكَانَ حسن الْبشر ليّن الْكَلِمَة يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْأَمَانَة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وستمئة
3 - (ضِيَاء الدّين الصعيدي الشَّافِعِي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن حجون بن مُحَمَّد بن حَمْزَة الإِمَام الْمُفْتِي ضِيَاء الدّين أَبُو الْفضل الصعيدي الشَّافِعِي الْحُسَيْنِي أفتى بضعاً وَأَرْبَعين سنة ودرّس بمشهد الْحُسَيْن وبمدرسة زين التُّجَّار وبرع فِي الْمَذْهَب وناظر ولد سنة ثَمَان عشرَة وَسمع وَهُوَ شَاب من ابْن الجمَّيزي وَأبي الْقَاسِم السِّبط وَتُوفِّي سنة سِتَّة وَتِسْعين وستمئة
3 - (ابْن قولويه)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُوسَى ابْن قولويه أَبُو الْقَاسِم الشيعي السَّهْمِي كَانَ هَذَا من كبار أَئِمَّة الشِّيعَة وَمن عُلَمَائهمْ الْمَشْهُورين بَينهم وَكَانَ من أَصْحَاب سعد بن عبد الله وَهُوَ شيخ)
الشَّيْخ الْمُفِيد وَقَالَ فِيهِ الْمُفِيد كل مَا يُوصف النَّاس بِهِ من فقه وَدين وثقة(11/116)
فَهُوَ فَوق ذَلِك وَله كتبٌ حسانٌ مِنْهَا كتاب الصَّلَاة وَكتاب الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة كتاب قيام اللَّيْل كتاب الصّداق كتاب قسْمَة الزَّكَاة كتاب الشُّهُور والحوادث وَله غير ذَلِك من كتب الْفِقْه حمل عَنهُ الشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النُّعْمَان الْمُفِيد وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن يَعْقُوب وَأَبُو الْحُسَيْن يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الله الْحُسَيْنِي وَأحمد بن عبدون وَالْحُسَيْن بن عبيد الله الغضايري وحيدرة بن نعيم السّمرقندي وَمُحَمّد بن سليم الصَّابُونِي سمع عَلَيْهِ الصَّابُونِي بِمصْر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَأَحْسبهُ من أهل مصر ذكر ابْن أبي طيّ وَفَاته سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وثلاثمئة
3 - (التنوخي المقرىء)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْحَاق بن اللهلول أَبُو مُحَمَّد التنوخي الْأَنْبَارِي الْبَغْدَادِيّ المقرىء ولد سنة ثَلَاث وثلاثمئة وَكَانَ يقرىء بِحرف عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَسمع هُوَ وَأَخُوهُ عَليّ من الْبَغَوِيّ وَأبي بكر بن أبي دَاوُد وَغَيرهمَا وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء بَغْدَاد فأباه تورعاً توفّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمئة
3 - (ابْن المتأبد بن يحيى المعتلي)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْقَاسِم بن عمر بن سُلَيْمَان بن إِدْرِيس المتأبد بن يحيى المعتلي وصل الشَّيْخ أثير الدّين نسبه إِلَى الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وأنشدني من لَفظه قَالَ أَنْشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الرمل
(لَا تلمنا إِن رقصنا طَربا ... لنسيمٍ هبَّ من ذَاك الخبا)
(طبًّق الأَرْض بنشيرٍ عاطر ... فِيهِ للعشاق سرٌّ ونبا)
(يَا أهيل الحيّ من كاظمةٍ ... قد لَقينَا من هواكم نصبا)
(قُلْتُمْ جز لترانا بالحمى ... وملأتم حيكم بالرُّقبا)
(لَيْسَ أخْشَى الْمَوْت فِي حبكم ... لَيْسَ قَتْلِي فِي هواكم عجبا)
(إِنَّمَا أخْشَى على عرضكم ... أَن يَقُول النَّاس قولا كذبا)
(استحلوا دَمه فِي حبِّهم ... فاجعلوا وَصلي لقتلي سَببا)
قلت شعر عذب متوسط
3 - ((11/117)
أَمِين الدّين شرف)
)
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عدنان أَمِين الدّين بن مُحي الدّين الْحُسَيْنِي وَقد تقدم ذكر وَالِده كَانَ أَمِين الدّين نقيب الْأَشْرَاف بِدِمَشْق وناظر الدَّوَاوِين وَهُوَ عَم السَّيِّد عَلَاء الدّين بن زين الدّين نقيب الْأَشْرَاف بِدِمَشْق يَوْمئِذٍ توفّي سنة أَربع عشرَة وسبعمئة فِي حَيَاة وَالِده وَلما توفّي أَخُوهُ الشريف زين الدّين الْحُسَيْن بن مُحَمَّد تولّى أَمِين الدّين نظر الدَّوَاوِين ونقابة الْأَشْرَاف
3 - (وَزِير المعتز)
جَعْفَر بن مَحْمُود أَبُو الْفضل الإسكافي ولي الوزارة للمعتز حِين خرج المستعين إِلَى بَغْدَاد وَبَايع الأتراك المعتز بسرّ من رأى فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين ومئتين وَلم يكن للوزير أدب وَكَانَ ثقيلاً على قلب المعتز وَكَانَ يصبر عَلَيْهِ لميل الأتراك إِلَيْهِ وَكَانَ وزيره أَيَّام الْفِتْنَة وَبعد أَن صحَّت لَهُ الْخلَافَة أشهراً وَكَانَ المغاربة يبغضونه لحب الأتراك إِيَّاه حَتَّى وَقعت بَينهم حروب وَشَكَوْهُ إِلَى المعتز فَقَالَ جَعْفَر يضرّب بَيْنكُم فَعَزله فِي شهر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ومئتين ونفاه إِلَى تكريت وَكَانَ جَعْفَر من كبار الشِّيعَة ثمَّ أَنه ولي الوزارة للمهتدي حِين ولي الْخلَافَة وَأخذ لَهُ الْبيعَة على النَّاس فوزر لَهُ مديدة ثمَّ إِن الهاشميين دخلُوا على الْمُهْتَدي وَقَالُوا لَهُ إِنَّه رَافِضِي وَأَن أَصْحَابه يكاتبون العلوية بخراسان بأخبار المملكة فنفاه إِلَى بَغْدَاد وحبسه وَفِي جَعْفَر يَقُول بعض الْكتاب من الْكَامِل
(لسنا نؤمِّل جعفراً لسداد ... بل جَعْفَر أصلٌ لكل فَسَاد)
(مترفضٌ بِالنَّقْصِ لَا ببصيرة ... لَا يَهْتَدِي جهلا لأمر رشاد)
(يزري على لبس السوَاد فوجهه ... من أجل ذَاك مربَّدٌ بسواد)
(قل للخليفة يَا بن عمّ محمدٍ ... كن من خيانته على أرصاد)
(لَا تركننَّ إِلَى لعينٍ مبغض ... يختصّ غَيْركُمْ بصفو وداد)
(شرّد بِهِ يَابْنَ الخلائف وآنفه ... لأشطِّ قطرٍ نازعٍ وبلاد)(11/118)
(وتوقّ آراءً لَهُ معكوسةً ... تمْضِي بأخبث نيةٍ وعناد)
وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يولّي أحدا نَاحيَة قَالَ فِي مَجْلِسه أُرِيد من أولّيه نَاحيَة كَذَا ثمَّ يتقدَّم إِلَى أَصْحَاب الْأَخْبَار أَن يكاتبوه بقول النَّاس وَمن الَّذِي يرجفون لَهُ بهَا فَإِن أرجفوا لواحدٍ ولاّه وَأَن أرجفوا لجماعةٍ اخْتَار مِنْهُم وَاحِدًا وَكَانَ يَقُول من مُرُوءَة الْكَاتِب كَمَال آلَة دواته وَتُوفِّي فِي المحرَّم سنة ثَمَان وَسِتِّينَ ومئتين)
3 - (ابْن مكي الْحَاجِب الشَّافِعِي)
جَعْفَر بن مكي بن عَليّ بن سعيد أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ حفظ الْقُرْآن فِي صباه وَقَرَأَ على جمَاعَة من الشُّيُوخ بالروايات ثمَّ قَرَأَ الْفِقْه للشَّافِعِيّ وَالْخلاف والأصولين وشذا طرفا صَالحا من الْمنطق والعلوم الْقَدِيمَة واشتغل بالأدب اشتغالاً تَاما وسافر إِلَى الْموصل وَأقَام بهَا عِنْد أبي حَامِد بن يُونُس الْفَقِيه يقْرَأ عَلَيْهِ ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد وَأقَام بالنظامية وَأثبت فِي شعراء الدِّيوَان
وَكَانَ ينشد فِي مجَالِس الوزراء وخدم فِي المخزن فِي عدَّة أشغال ورتب على الْبَرِيد ونادم الإِمَام النَّاصِر وَكَانَ حسن المفاكهة مليح النشوار ثمَّ عزل عَن الْبَرِيد ورتب حاجباً بالديوان ثمَّ ارْتَفع ورتب حاجباً بِبَاب الْمَرَاتِب ومولده سنة ثَلَاث وَسبعين وخمسمئة ووفاته سنة تسع وَثَلَاثِينَ وستمئة وَمن شعره من الطَّوِيل
(إلهي يَا مولى الموَالِي وَخير من ... تمدّ إِلَيْهِ الراح عِنْد سُؤال)
(قطعت رجائي عَن سواك لأنني ... رجوتك إِذْ كنت الْعَلِيم بحالي)
(وَمن يَك فِي كل الْأُمُور مفوِّضاً ... إِلَيْك فقد حَاز المنى بِكَمَال)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَا أوحش الله ممّن لَا أرى أحدا ... من الْأَنَام إِذا مَا غَابَ يخلفه)
(اشبهت يَعْقُوب فِي حزني لفرقته ... وَشدَّة الشوق لما بَان يوسفه)
(عَلَيْك مني سَلام الله مَا عبثت ... يَد النسيم بِغُصْن البان تعطفه)
وَله أمداح فِي الإِمَام النَّاصِر قصائد مُطَوَّلَة شعر متوسط
3 - (ابْن الْهَادِي)
جَعْفَر بن مُوسَى الْهَادِي بن محد الْمهْدي بن عبد الله الْمَنْصُور ذكر أَحْمد بن أبي طَاهِر أَن مُوسَى الْهَادِي خلع الرشيد من ولَايَة الْعَهْد وَبَايع لِابْنِهِ جَعْفَر وَكَانَ عبد الله بن مَالك على الشرطة فَلَمَّا توفّي الْهَادِي هجم خُزَيْمَة بن خازم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخذ جعفراً من فرَاشه فَقَالَ وَالله لأضربنَّ عُنُقك أَو تخلعها فَلَمَّا كَانَ من الْغَد ركب النَّاس إِلَى دَار جَعْفَر فَأتى بِهِ(11/119)
خُزَيْمَة وأقامه على بَاب الدَّار فِي العلوّ والأبواب مغلقة فَجعل جَعْفَر يُنَادي يَا معشر النَّاس من كَانَت لي فِي عُنُقه بيعةٌ فقد أحللته مِنْهَا والخلافة لِعَمِّي هَارُون لَا حقَّ لي فِيهَا وزوّج الرشيد جعفراً ابْنَته حمدونة فِي خِلَافَته)
3 - (ابْن الحدّاد النَّحْوِيّ)
جَعْفَر بن مُوسَى يعرف بِابْن الْحداد النَّحْوِيّ كتب النَّاس عَنهُ شَيْئا من اللُّغَة وغريب الحَدِيث وَمَا كَانَ من كتب أبي عبيدٍ مِمَّا سَمعه من أَحْمد بن يُوسُف التغلبي وَغير ذَلِك وَكَانَ من ثِقَات الْمُسلمين وخيارهم توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ ومئتين
3 - (ابْن مَيْمُون الْأنمَاطِي)
جَعْفَر بن مَيْمُون الْأنمَاطِي روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين والمئة
3 - (المعتزلي رَأس الجعفرية)
جَعْفَر بن ميسَّر المعتزلي رَأس الجعفرية وَهن طَائِفَة ينسبون إِلَيْهِ قَالُوا إِن الله لَا يقدر على ظلم الْعُقَلَاء وَيقدر على ظلم الْأَطْفَال والمجانين وَقَالَ جَعْفَر هَذَا فسّاق هَذِه الْأمة شرٌّ من الزَّنَادِقَة وَالْمَجُوس وسارق الحبَّة منخلعٌ من الْإِيمَان وَأثبت الخلود فِي النَّار بِالْعقلِ قبل وُرُود الشَّرْع وَإِن الله تَعَالَى خلق الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَلَا يجوز أَن ينْتَقل وَمَا نقرأه نَحن فَهُوَ حِكَايَة عَن الْمَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَالْقِرَاءَة فعلنَا وخلقنا
3 - (الْبَرْمَكِي وَزِير هَارُون)
جَعْفَر بن يحيى بن خَالِد بن برمك بن جاماس بن يستاسف(11/120)
الْبَرْمَكِي وَزِير هَارُون الرشيد
كَانَ من علّو الْقدر ونفاذ الْأَمر وَبعد الهمة وَعظم الْمحل وجلالة الْمنزلَة عِنْد هَارُون الرشيد بحالةٍ انْفَرد بهَا وَلم يُشَارك فِيهَا وَكَانَ سمح الْأَخْلَاق طلق الْوَجْه ظَاهر الْبشر وأمّا جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فَكَانَ أشهر من أَن يذكر وَكَانَ من ذَوي الفصاحة الْمَشْهُورين باللسن والبلاغة يُقَال إِنَّه وَقع لَيْلَة بِحَضْرَة هَارُون الرشيد زِيَادَة على ألف توقيع وَلم يخرج فِي شَيْء مِنْهَا عَن مُوجب الْفِقْه وَكَانَ أَبوهُ قد ضمه إِلَى القَاضِي أبي يُوسُف الْحَنَفِيّ حَتَّى علّمه وفقهه
إعتذر إِلَيْهِ رجلٌ فَقَالَ لَهُ جَعْفَر قد أَغْنَاك الله بالعذر منّا عَن الاعتدار إِلَيْنَا وأغنانا بالمودة لَك عَن سوء الظَّن بك
ووقَّع إِلَى بعض عَمَّا لَهُ كثر شاكوك وقلَّ شاكروك فإمّا اعتدلت وإمّا اعتزلت
وبلغه أَن الرشيد مغموم لأنَّ منجماً من الْيَهُود دخل إِلَيْهِ وَزعم أَنه يَمُوت فِي تِلْكَ السّنة فَركب جَعْفَر وأتى إِلَى الرشيد فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ أَن تتزعم أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ يَمُوت إِلَى كَذَا وَكَذَا يَوْمًا)
قَالَ نعم قَالَ وَأَنت كم عمرك قَالَ كَذَا وَكَذَا أمداً طَويلا فَقَالَ للرشيد حَتَّى تعلم أهـ كَاذِب فِي أمدك كَمَا كذب فِي أمده فَقتله وَذهب مَا كن بالرشيد وصلب الْيَهُودِيّ فَقَالَ أَشْجَع السّلمِيّ من الطَّوِيل
(سل الرَّاكِب الموفي على الْجزع هَل ... رأى لراكبه نجماً بدا غير أَعور)
(وَلَو كَانَ نجمٌ مخبرا عَن منيّةٍ ... لأخبره عَن رَأسه المتحيّر)
(يعرفنا موت الإِمَام كَأَنَّهُ ... يعرّفه أنباء كسْرَى وَقَيْصَر)
(أتخبر عَن نحسٍ لغيرك شؤمه ... ونجمك بَادِي الشَّرّ يَا شرَّ مخبر)
وَمضى دم المنجم هدرا بحمقه وَحكى ابْن الصابىء فِي كتاب الأماثل والأعيان عَن(11/121)
إِسْحَاق النديم الْموصِلِي عَن إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي قلا خلا جَعْفَر بن يحيى يَوْمًا فِي دَاره وأحضر ندماءه وَكنت فيهم فَلبس الْحَرِير وتضمَّخ بالخلوق وَفعل بِنَا مثله وَتقدم بِأَن يحجب عَنهُ كلُّ أحد إلاّ عبد الْملك بن بحران قهرمانه فَسمع الْحَاجِب عبد الْملك دون ابْن بحران وَعرف عبد الْملك بن صَالح الْهَاشِمِي مقَام جَعْفَر بن يحيى فِي دَاره فَركب إِلَيْهِ فَأرْسل الْحَاجِب أَن قد حضر عبد الْملك فَقَالَ أدخلهُ فَمَا رَاعنا إِلَّا دُخُول عبد الْملك بن صَالح فِي سوَاده ورصافيته فأربدَّ وَجه جَعْفَر وَكَانَ ابْن صَالح لَا يشرب النَّبِيذ وَكَانَ الرشيد دَعَاهُ إِلَيْهِ فَامْتنعَ فَلَمَّا رأى عبد الْملك حَالَة جَعْفَر دَعَا غُلَامه فَنَاوَلَهُ سوَاده وقلنسوته فِي بَاب الْمجْلس الَّذِي كنّا فِيهِ وسلّم وَقَالَ أشركونا فِي أَمركُم وافعلوا بِنَا فعلكم بِأَنْفُسِكُمْ فَجَاءَهُ خَادِم فألبسه حريرة واستدعى بِطَعَام فَأكل وبنبيذٍ فَأتى برطل فَشرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ لجَعْفَر وَالله مَا شربته قبل الْيَوْم ليخفَّف عني
فَأمر أَن يَجْعَل بَين يَدَيْهِ باطيةٌ يشرب مِنْهَا مَا يَشَاء وتضمَّخ بالخلوق ونادمنا أحسن منادمة وَكَانَ كلما فعل من هَذَا شَيْئا سرّي عَن جَعْفَر فَلَمَّا أَرَادَ الانصارف قَالَ لَهُ جَعْفَر اذكر حوائجك فإنني مَا أَسْتَطِيع مُقَابلَة مَا كَانَ مِنْك قَالَ إِن فِي قلب أَمِير الْمُؤمنِينَ عليَّ موجدةً فتخرجها من قلبه وتعيده إِلَى جميل رَأْيه فيّ قَالَ قد رَضِي عَنْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَزَالَ مَا عِنْده عَنْك فَقَالَ وعليّ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم دينا قَالَ تقضى عَنْك وَإِنَّهَا لحاضرةٌ وَلَكِن كَونهَا من مَال أَمِير الْمُؤمنِينَ أشرف لَك وأدلُّ على حسن مَا عِنْده لَك قَالَ وَإِبْرَاهِيم ابْني أُرِيد أرفع قدره بصهر من ولد الْخلَافَة قَالَ زوّجه أَمِير الْمُؤمنِينَ إبنته الْعَالِيَة قَالَ وأوثر التَّنْبِيه على مَوْضِعه بِرَفْع لواءٍ على رَأسه قَالَ قد ولاّه أَمِير الْمُؤمنِينَ مصر وَخرج عبد الْملك وَنحن)
متعجبون من قَول جَعْفَر وإقدامه من غير اسْتِئْذَان فِيهِ وركبنا من الْغَد إِلَى بَاب الرشيد وَدخل جَعْفَر وقفنا فَمَا كَانَ بأسرع من أَن دعِي بِأبي يُوسُف القَاضِي وَمُحَمّد بن الْحسن وَإِبْرَاهِيم بن عبد الْملك وَلم يكن بأسرع من خُرُوج إِبْرَاهِيم وَالْخلْع عيه واللواء بَين يَدَيْهِ وَقد عقد لَهُ على الْعَالِيَة بنت الرشيد وحملت إِلَيْهِ وَمَعَهَا المَال إِلَى منزل عبد الْملك بن صَالح وَخرج جَعْفَر فتقدَّم إِلَيْنَا باتّباعه إِلَى منزله وصرنا مَعَه فَقَالَ أَظن قُلُوبكُمْ تعلّقت بأوّل أَمر عبد الْملك بأحببتنم علم آخِره قُلْنَا هُوَ كَذَلِك فَقَالَ وقفت بَين يَدي أَمِير الْمُؤمنِينَ وعرَّفته مَا كَانَ من أَمر عبد الْملك من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه وَهُوَ يَقُول أحسن أحسن فَمَا صنعت مَعَه فعرَّفته مَا كَانَ من قولي فاستصوبه وأمضاه وَكَانَ مَا رَأَيْتُمْ فَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَيهمْ أعجب فعلا عبد الْملك فِي شربه النَّبِيذ ولباسه مَا لَيْسَ من لبسه وَكَانَ رجل جدٍّ وتعفف ووقار وناموس أَو إقدام جَعْفَر على الرشيد بِمَا أقدم أَو إِمْضَاء الرشيد مَا حكم بِهِ جَعْفَر وَحكى القادسيّ فِي أخبارالوزير أَن جعفراً اشْترى جَارِيَة بِأَرْبَعِينَ ألف دِينَار فَقَالَت لبائعها اذكر مَا عاهدتني عَلَيْهِ أَنَّك لَا تَأْكُل لي ثمنا فَبكى مَوْلَاهَا وَقَالَ اشْهَدُوا أَنَّهَا حرَّة وَقد تَزَوَّجتهَا فوهب لَهُ جَعْفَر المَال وَلم يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وَبلغ من علو الْمنزلَة عِنْده مَا لم يبلغهُ سواهُ حَتَّى أَن الرشيد اتخذ ثوبا لَهُ زيقان فَكَانَ يلْبسهُ هُوَ وجعفر جملَة وَلم يكن للرشيد عَنهُ صَبر وَكَانَ الرشيد أَيْضا شَدِيد الْمحبَّة لأخته العبَّاسة ابْنة الْمهْدي وَهِي من أعزّ النِّسَاء عيه وَلَا يقدر على مفارقتها وَكَانَ مَتى مَا غَابَ أَحدهمَا لَا يتمّ لَهُ سرُور فَقَالَ يَا جَعْفَر إِنَّه لَا يتمُّ لي سرُور إلاّ بك وبالعباسة(11/122)
وَإِنِّي سأزوجك مِنْهَا ليحلَّ لكل مِنْكُمَا أَن تجتمعا وَلَكِن إياكما أَن تجتمعا وَأَنا دونكما فتزوّجها على هَذَا الشَّرْط فاتفق أَن العبّاسة أحبت جعفراً وراودته فَأبى وَخَافَ فَلَمَّا أعيتها الْحِيلَة بعثت إِلَى عتابة أم جَعْفَر أَن أرسليني إِلَى جَعْفَر كأنيجارية من جواريك الَّتِي ترسلين إِلَيْهِ وَكَانَت أمه ترسل إِلَيْهِ كل جُمُعَة جَارِيَة بكرا عذراء وَكَانَ لَا يطَأ الْجَارِيَة حَتَّى يَأْخُذ شَيْئا من النَّبِيذ فَبت عَلَيْهَا أم جَعْفَر فَقَالَت لَئِن لم تفعلي لأذكرن لأخي أَنَّك خاطبتيني بَكَيْت وَكَيْت وَلَئِن اشْتَمَلت من ابْنك على ولدٍ ليكوننَّ لكم الشّرف وَمَا عَسى أخي أَن يفعل إِذا علم أمرنَا فأجابتها أم جَعْفَر وَجعلت تعد ابْنهَا أَنَّهَا تهدي إِلَيْهِ جَارِيَة حسناء عِنْدهَا من هيئتها وَمن صفتهَا وَهُوَ يطالبها بالعدة حَتَّى علمت أَنه قد اشتاق إِلَيْهَا فَأرْسلت إِلَى العباسة أَن تهيِّىء اللَّيْلَة فأدخلتها على جَعْفَر وَكَانَ لم يثبت صورتهَا لِأَنَّهُ لم يكن)
رأها إِلَّا عِنْد الرشيد وَكَانَ لَا يرجع طرفه إِلَيْهَا مَخَافَة فَلَمَّا قضى وطره مِنْهَا قَالَت لَهُ كَيفَ رَأَيْت خديعة بَنَات الْمُلُوك فَقَالَ وَأي بنت ملك أَنْت قَالَت أَنا مولاتك العبّاسة فطار السكر من رَأسه وَذهب إِلَى أمّه وَقَالَ يَا أمّاه بعتيني رخيصاً واشتملت العباسة مِنْهُ على ولد وَلما وَلدته وكلت بِهِ غُلَاما يسمَّى رياشاً وحاضنة يُقَال لَهَا برَّة وَلما خَافت ظُهُور الْأَمر بعثتهم إِلَى مَكَّة
وَكَانَ يحيى أَبُو جَعْفَر ينظر على قصر الرشيد وَحرمه ويغلق أَبْوَاب الْقصر وينصرف بالمفاتيح حَتَّى ضيٌّ على حرم الرشيد فشكته زبيدة إِلَى الرشيد فَقَالَ لَهُ يَا أبه مالزبيدة تشكوك قَالَ أمتَّهمٌ أَنا فِي حَرمك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَا قَالَ فَلَا تقبل قَوْلهَا فيّ وَزَاد يحيى عَلَيْهَا غلظة وتشديداً فشكته إِلَى الرشيد فَقَالَ يحيى عِنْدِي غير متّهم فِي حرمي قَالَت فَلم لَا يحفظ ابْنه مِمَّا ارْتَكَبهُ قَالَ وَمَا هُوَ فخبَّرته بِخَبَر العبّاسة فَقَالَ وَهل على ذَلِك دَلِيل قَالَت وَأي دَلِيل أدلّ من الْوَلَد قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَت بعثته إِلَى مَكَّة قَالَ أوعلم بذلك سواك قَالَت لم يبْق بِالْقصرِ جَارِيَة إلاّ وَعرفت بِهِ فَسكت عَنْهَا وَأظْهر الْحَج فَخرج وَمَعَهُ جَعْفَر فَكتبت العبّاسة إِلَى الْخَادِم والداية بِالْخرُوجِ بِالصَّبِيِّ إِلَى الْيمن وَوصل الرشيد إِلَى مَكَّة فبحث عَن أَمر الصَّبِي فَوَجَدَهُ صَحِيحا فأضمر السوء للبرامكة
وَقيل بل سلّم الرشيد إِلَى جَعْفَر يحيى بن عبد الله بن الْحُسَيْن الْخَارِجِي عَلَيْهِ وحبسه عِنْده فَدَعَا بِهِ يحيى إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا جَعْفَر اتَّقِ الله فِي أَمْرِي وَلَا تتعرضنَّ أَن يكون خصمك جدِّي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوَاللَّه مَا أحدثت حَدثا فرقّ لَهُ جَعْفَر وَقَالَ اذْهَبْ حَيْثُ شِئْت من الْبِلَاد
قَالَ أَخَاف أَن أوخذ فأردّ فَبعث مَعَه من أوصله إِلَى مأمنه وَبلغ الْخَبَر الرشيد فَدَعَا بِهِ وطاوله الحَدِيث فَقَالَ يَا جَعْفَر مَا فعل يحيى قَالَ بِحَالهِ قَالَ بحيات فَوَجَمَ وأحجم وَقَالَ لَا وحياتك أطلقته حَيْثُ علمت أَن لَا سوء عِنْد فَقَالَ نعم الْفِعْل وَمَا عددت مَا فِي نَفسِي فلمّا نَهَضَ جَعْفَر أتبعه بَصَره وقلا قتلني الله إِن لم أَقْتلك
وَقد اخْتلف النَّاس اخْتِلَافا كثيرا فِي سَبَب إِيقَاع الرشيد بالبرامكة وَسُئِلَ سعيد بن سَالم عَن ذَلِك فَقَالَ وَالله مَا كَانَ مِنْهُم مَا وَيجب بعض عمل الرشيد بهم وَلَكِن طَالَتْ أيامهم وكل طَوِيل(11/123)
مملول وَالله لقد استطال النَّاس الَّذين هم خِيَار النَّاس أَيَّام عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَمَا رَأَوْا مثلهَا عدلا وَأمنا وسعة أَمْوَال وفتوح وَأَيَّام عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ حَتَّى قتلوهما
وَرَأى الرشيد مَعَ ذَلِك أنس النِّعْمَة بهم وَكَثْرَة حمد النَّاس لَهُم ورميهم بِأَمْوَالِهِمْ دونه والملوك)
تنافس بِأَقَلّ من هَذَا فتعنَّت عَلَيْهِم وتجنَّى وَطلب مساوئهم وَوَقع مِنْهُم بعض الإدلال خَاصَّة جَعْفَر وَالْفضل دون يحيى فَإِنَّهُ كَانَ أحكم خبْرَة وَأكْثر ممارسةً للأمور ولاذ من أعدائهم بالرشيد كالفضل بَين الرّبيع فستروا المحاسن وأظهروا القبائح حَتَّى كَانَ مَا كَانَ
وَقَالَ والواقدي نزل الرشيد الْعُمر بِنَاحِيَة الأنبار سنة سبع وَثَمَانِينَ ومئة منرفاً من مَكَّة وَغَضب على البرامكة وَقتل جعفراً فِي أول يَوْم من صفر وصلبه على الجسر بِبَغْدَاد وَجعل رَأسه على الجسر وَفِي الْجَانِب الآخر جسده انْتهى وَقَالَ غَيره دَعَا الرشيد ياسراً غُلَامه وَقَالَ قد انتخبتك لأمر لم أر لَهُ مُحَمَّدًا أَلا وَلَا عبد الله وَلَا الْقَاسِم فحقّق ظَنِّي وَاحْذَرْ أَن تخَالف فتهلك فَقَالَ لَو أَمرتنِي بقتل نَفسِي لفَعَلت فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى جَعْفَر بن يحيى وجئني بِرَأْسِهِ السَّاعَة فَوَجَمَ لَا يحير جَوَابا فَقَالَ مَالك وَيلك فَقَالَ الْأَمر عَظِيم وددت أنني متُّ قبل وقتي هَذَا فَقَالَ لَهُ أمض لأمري فمضي حَتَّى دخل على جَعْفَر وَأَبُو زكّار بغنيه من الوافر
(فَلَا تبعد فَكل فَتى سَيَأْتِي ... عَلَيْهِ الْمَوْت يطْرق أَو يغادي)
(وكل ذخيرةٍ لَا بُد يَوْمًا ... وَإِن بقيت تصير إِلَى نفاد)
(وَلَو فوديت من حدث اللَّيَالِي ... فديتك بالطرَّيف وبالتلاد)
فَقَالَ لَهُ يَا يَاسر سررتني بإقبالك وسؤتني بدخولك من غير إِذن قَالَ الْأَمر أكبر من ذَلِك قد أَمرنِي أَمِير الْمُؤمنِينَ بِكَذَا كَذَا فَأقبل جَعْفَر يقبل قدمي يَاسر وَقَالَ دَعْنِي أَدخل أوصِي قَالَ لَا سَبِيل إِلَيْهِ أوص بِمَا شيئت قَالَ لي عَلَيْك حق وَلَا تقدر على مكافأتي إلاّ فِي هَذِه السَّاعَة فَقَالَ تجدني سَرِيعا إلاّ فِيمَا يُخَالف أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَارْجِع فَأعلمهُ بقتلي فَإِن نَدم كَانَت حَياتِي على يدك وإلاّ أنفذت أمره فيَّ قَالَ لَا أقدر قَالَ فأسير مَعَك إِلَى مضربه وأسمع كَلَامه ومراجعتك فَإِن أصرَّ فعلت قَالَ أمّا هَذَا فَنعم وسارا إِلَى مضرب الرشيد فَلَمَّا سمع حسِّه قَالَ لَهُ مَا وَرَاءَك فَذكر لَهُ قَول جَعْفَر قَالَ يَا ماصّ بظر أمّه وَالله لَئِن راجعتني لأقدّمنك قبله فَرجع وَقَتله وجاءه بِرَأْسِهِ فَلَمَّا وَضعه بَين يَدَيْهِ أقبل عَلَيْهِ مليّاً وَقَالَ يَا يَاسر جئني بفلان وَفُلَان فَلَمَّا أَتَاهُ بهما قَالَ لَهما اضربا عنق يَاسر فَلَا أقدر أرى قَاتل جَعْفَر ذكر ذَلِك ابْن بدرون فِي شرح قصيدة ابْن عبدون وَأكْثر الشُّعَرَاء فِي مراثيهم الْأَقْوَال فَمن ذَلِك قَول الرِّقاشي من الوافر(11/124)
)
(هَذَا الخالون من شجوي فَنَامُوا ... وعيني لَا يلائمها مَنَام)
(وَمَا سهرت لِأَنِّي مستهامٌ ... إِذا أرق المحبُّ المستهام)
(ولكنّ الوادث أرّقتني ... فلي سهرٌ إِذا هجد النيِّام)
(أصبت بسادةٍ كَانُوا نجوماً ... بهم نسقى إِذا انْقَطع الْغَمَام)
مِنْهَا
(على الْمَعْرُوف وَالدُّنْيَا جَمِيعًا ... لدولة آل برمكٍ السَّلام)
(فَلم أر قبل قَتلك يَا بن يحيى ... حساماً فلَّه السَّيْف الحسام)
(أما وَالله لَوْلَا خوف واشٍ ... وعينٌ للخليفة لَا تنام)
(لطفنا حول جذعك واستلمنا ... كَمَا للنَّاس بِالْحجرِ استلام)
وَقَالَ يرثيه وأخاه الْفضل من الطَّوِيل
(أَلا إِن سَيْفا برمكياً مهنداً ... أُصِيب بسيفٍ هاشميّ مهند)
(فَقل للمطايا بعد فضلٍ تعطّلي ... وَقل للرّزايا كل يَوْم تجدَّدي)
قَالَ دعبل الخزاعيّ من الطَّوِيل
(وَلما رَأَيْت السَّيْف جلّل جعفراً ... ونادى منادٍ للخليفة فِي يحيى)
(بَكَيْت على الدُّنْيَا وأيقنت أَنه ... قصارى الْفَتى مِنْهَا مُفَارقَة الدُّنْيَا)
وَقَالَ صَالح بن طَرِيق من الرمل
(يَا بني برمك واهاً لكم ... ولأيامكم المقتبله)
(كَانَت الدُّنْيَا عروساً بكم ... وَهِي الْيَوْم ثكولٌ أرمله)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وجَّه إليّ الرشيد بعد قَتله جعفرٍ فَجئْت فَقَالَ أَبْيَات أردْت أَن تسمعها فَقلت إِذا شَاءَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فأنشدين من الْكَامِل
(لَو أنّ جَعْفَر خَافَ أَسبَاب الردى ... لنجابه مِنْهَا طمرٌ ملجم)
(ولكان من حذر الْمنية حَيْثُ لَا ... يَرْجُو اللَّحاق بِهِ الْعقَاب القشعم)
(لكنه لما أَتَاهُ يَوْمه ... لم يدْفع الْحدثَان عَنهُ منجِّم)
فَعلمت أَنَّهَا لَهُ فَقلت إِنَّهَا أحسن أَبْيَات فِي مَعْنَاهَا فَقَالَ إلحق الْآن بأهلك يَابْنَ قريب إِن شِئْت وَبعث الرشيد بعد قتلة جَعْفَر إِلَى يحيى وَالْفضل أبي جَعْفَر وأخيه وحبسهما فِي حبس)
الزَّنَادِقَة وَقتل مِنْهُم فِي يَوْم وَاحِد على مَا قيل ألفٌ وَخَمْسمِائة برمكي وَكَانَ الرشيد بعد ذَلِك إِذا ذكرُوا عِنْده بِسوء أنْشد من الطَّوِيل(11/125)
(أقلّوا عَلَيْهِم لَا أَبَا لأبيكم ... من اللّوم أَو سدُّوا الْمَكَان الَّذِي سدّوا)
وَحكى ابْن بدرون أَن عليَّة بنت الْمهْدي قَالَت للرشيد بعد إِيقَاعه بالبرامكة يَا سَيِّدي مَا رَأَيْت لَك يَوْم سرُور تَامّ مُنْذُ قتلت جَعْفَر فلأيّ شَيْء قَتله قَالَ لَهَا يَا حَياتِي لَو علمت أنّ قَمِيصِي يعلم السَّبَب فِي ذَلِك لمزقته وَقيل إِنَّه رفعت إِلَى الرشيد قصةٌ لم يعرف رافعها وفيهَا من السَّرِيع
(قل لأمين الله فِي أرضه ... وَمن إِلَيْهِ الحلُّ وَالْعقد)
(هَذَا ابْن يحيى قد غدامالكا ... مثلك مَا بَيْنكُمَا حدُّ)
(أَمرك مَرْدُود إِلَى أمره ... وَأمره لَيْسَ لَهُ رد)
وَقد بنى الدَّار الَّتِي مَا بنى الْفرس لَهَا مثيلاً وَلَا الْهِنْد
(الدّرّ الْيَاقُوت حصباؤها ... وتربها العنبر والندُّ)
(وَنحن نخشى أَنه وَارِث ... ملك ان غيبك اللَّحْد)
(وَلنْ يباهي العَبْد أربابه ... إِلَّا إِذا مَا بطر العَبْد)
فَوقف الرشيد عَلَيْهَا وأضمر لَهُ السوء وَلأبي نواس من الهزج أَلا قل لأمين الله وَابْن القادة السَّاسه إِذا مَا ناكث سرك أَن تثكله رَأسه
(فَلَا تقتله بِالسَّيْفِ ... وزوَّجه بعبّاسه)
وَهَذَا يدل على أَن السَّبَب هُوَ مَا تقدم من ذكر اخته عبّاسة وَقَالَ مُحَمَّد بن غسّان بن عبد الرَّحْمَن صَاحب صَلَاة الْكُوفَة دخلت عَليّ والدتي يَوْم نحر فَوجدت عِنْدهَا امْرَأَة بَرزَة فِي ثِيَاب رثَّة فَقَالَت والدتي أتعرف هَذِه قلت لَا قَالَت هَذِه عتابة أم جَعْفَر الْبَرْمَكِي فَأَقْبَلت عَلَيْهَا بوجهي وأكرمتها وتحادثنا سَاعَة ثمَّ قلت يَا أمّاه مَا أعجب مَا رَأَيْت قَالَت لقد أَتَى عليَّ عمد مثل هَذَا وعَلى رَأْسِي أربعمئة وصيفة وَإِنِّي لأعدُّ ابْني عاقاً لي وَلَقَد أَتَى عليّ هَذَا الْعِيد وَمَا مناي إلاّ جلد شَاتين أفترش أَحدهمَا وألتحف الآخر قَالَ فَدفعت لَهَا خمسمئة دِرْهَم فَكَادَتْ تَمُوت فَرحا وَلم تزل تخْتَلف إِلَيْنَا حَتَّى فرّق الدَّهر بَيْننَا قَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء)
كتب الرشيد إِلَيْهِ لثلاث بَقينَ من شعْبَان فِي رِوَايَة الْغلابِي من الْخَفِيف
(سل عَن الصَّوْم يَا بن يحيى تَجدهُ ... راحلاً نحونا من النهروان)
لنصون المدام شهرا ونلقى الهجر من الْأَصْوَات والعيدان
(فأتنا نصطبح ونله كِلَانَا ... فِي ثلاثٍ بَقينَ فِي شعْبَان)
فَصَارَ إِلَيْهِ وَقَالَ(11/126)
إنّ يَوْمًا كتبت فِيهِ إِلَى عَبدك يومٌ يسود كلَّ الزَّمَان يَوْم لَهو كَأَنَّهُ طلعة الكاس إِذا قابلت خدود الغواني فاصطبح واغتبق فقد صانني الله مَا دمت لي من الْحدثَان فَلَمَّا نكبهم قَالَ مَا دمت وَلَا صانه الله من الْحدثَان بل كمنت لَهُ كمون الأفعوان فِي الريحان فَلَمَّا قابلني بالشَّم تلقيته السَّم
وَلما بلغ سُفْيَان بن عُيَيْنَة خبر جَعْفَر وَقَتله وَمَا نزل بالبرامكة حوّل وَجهه إِلَى الْقبْلَة وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّه قد كفاني مؤونة الدُّنْيَا فاكفه مؤونة الْآخِرَة قَالَ الجهشياري وَلم يدْفع الرشيد خَاتمه بعد نكبة البرامكة إِلَى أحد وَكَانَت تختم بِحَضْرَتِهِ فَإِذا شغل عَن ذَلِك أَمر أَبَا صَالح يحيى بن عبد الرَّحِيم متولّي الْخَتْم وَرُبمَا أَمر حَمْزَة بن بزيع بذلك وَلما استقرَّ الْمَأْمُون بالعراق أحسن إِلَى أَوْلَاد جَعْفَر وَإِلَى عِيَاله وَإِلَى جمَاعَة من عرف حُقُوقه من البرامكة ومواليهم وردَّ ضياعهم عَلَيْهِم ووصلهم وَكَانَ يتذاكر أيامهم ويصفهم وَيذكر نضارة أيامهم وحسنها ويشكر جَعْفَر بن يحيى ويعتدّ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أمره واجتهد فِي اصطناع ابْنه الْفضل فَلم يكن فِيهِ فضل وقلد مُوسَى بن يحيى السِّند وَأحسن إِلَيْهِ وَلما قصد الْفضل بن الرّبيع فعد قتلة جَعْفَر وولايته الوزارة حفظ خدمَة الرشيد فِي حَضرته وإضاعة مَا وَرَاء بَابه فسد الْحَال وَضاع الْأَمر وعادت أُمُور الْبَرِيد فِي الْأَخْبَار فِي أَيَّام الرشيد مُهْملَة وَكَانَ مسرور الْخَادِم يتقلد الْبَرِيد والخرائط ويخلفه ثَابت الْخَادِم عَلَيْهَا قَالَ الْفضل بن مَرْوَان حَدثنِي ثَابت الْخَادِم أَن الرشيد توفّي وَعِنْده أَرْبَعَة آلَاف خريطة لم تفض
3 - (ابْن عتال الداني)
جَعْفَر بن يحيى أَبُو الحكم الْمَعْرُوف بِابْن عتالٍ من أهل دانية ولسلفه بهَا نباهة وَهُوَ الْقَائِل من مخلع الْبَسِيط)
(حبك لذّ بِكُل معنى ... إِلَى كرى ملت أَو سهاد)
(إِن كَانَ لَا بدَّ من مَنَام ... فأضلعي هاك عَن وساد)
(ونم على خفقها هدوّاً ... كالطفل فِي نهنه المهاد)
قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم أَبُو بكر يحيى بن بقيّ كَانَ أظرف معنى وألطف ذهناً حَيْثُ يَقُول من الْكَامِل(11/127)
(باعدته عَن أضلع تشتاق ... كي لَا ينَام على وساد خافق)
على أَن بعض الأدباء نسبه إِلَى الْجفَاء لما قَالَ باعدته عَن أضلع تشتاقه وَلم يقل باعدت عَنهُ أضلعاً تشتاقه وهذاتنبيه حسن انْتهى
قلت وَقد نظمت هَذَا الْإِيرَاد على ابْن بَقِي وَقلت معارضه فِي وَزنه وروّيه من الْكَامِل
(باعدته من بعد مَا زحزحته ... مَا أَنْت عِنْد ذَوي الغرام بعاشق)
(هَذَا يدل النَّاس مِنْك على الجفا ... إِذْ لَيْسَ هَذَا فعل صبٍّ وامق)
(إِن شِئْت قل أبعدت عَنهُ أضالعي ... ليَكُون فعل المستهام الصّادق)
(أَو قل فَبَاتَ على اضْطِرَاب جوانحي ... كالطفل مُضْطَجعا بمهد خافق)
رَجَعَ الْكَلَام إِلَى ابْن الأبّار قَالَ وَله فِي غُلَام وسيم لسعته نحلةٌ فِي شفته من السَّرِيع
(إِن لسعت لسعاءه نحلة ... وَلم تسعها رخصةٌ فِي اللَّحم)
(عذرتها إِذْ أخذت شَهِدَهَا ... من شفةٍ تشهد فِيهِ لفم)
(لَا غرو فِي النَّحْل ويوحى لَهَا ... أَن تلثم الزهر إِذا مَا ابتسم)
قَالَ وَدخل هُوَ وَأَبُو بكر بن مغاور وصاحبٌ لَهما من الأدباء حمّام بيار من جِهَة شاطبة فصادف هَوَاء بَارِدًا فَقَالَ ابْن مغاور من الْكَامِل
(شرفت بحمام النوار بيار ... فدخانه تعشى بِهِ الْأَبْصَار)
وَقَالَ الآخر من الْكَامِل
(بَيْنَمَا تروم تنعماً فِي دفئه ... يغشاك قرٌ مَا عَلَيْهِ قَرَار)
وَقَالَ أَبُو الحكم بن عتال من الْكَامِل
(لَو أَن لي فِيهَا عَصا مُوسَى على ... آياتها مَا فرّ مني الفار)
فَقَالَ ابْن مغاور على أَنَّك ابْن الهزال مصفِّراً بِاللِّسَانِ العجمي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين ابْن)
غثّال رَأَيْته قد ضَبطهَا بِالْغبنِ الْمُعْجَمَة والثاء ثَالِثَة الْحُرُوف الْمُشَدّدَة كَانَ أديباً كَاتبا منشئاً لَهُ خطبٌ ارْض بهَا ابْن نَبَاته وأقرأ الْعَرَبيَّة وَمَات فِي سجن الدولة وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وخمسمئة
3 - (ابْن الحكّاك)
جَعْفَر بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله التَّمِيمِي أَبُو الْفضل الْمَعْرُوف بِابْن الحكّاك من أهل مَكَّة سمع بهَا أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ بن صَخْر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ وَأَبا نصر عبيد الله بن سعيد بن حَاتِم الوائلي وَالْقَاضِي أَبَا عبد الله(11/128)
مُحَمَّد بن سَلامَة بن جَعْفَر الْقُضَاعِي وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد وخرَّج لأبي الْحُسَيْن ابْن النَّقور فَوَائِد فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وَتكلم عَلَيْهَا وَسمع مِنْهُ وَمن أَمْثَاله وَكَانَ مَوْصُوفا بالمعرفة والإتقان وَالْحِفْظ والثقة والصدق وَكَانَ يترسّل من ابْن أبي هَاشم أَمِير مَكَّة إِلَى الْخُلَفَاء والملوك ويتولى قبض الْأَمْوَال مِنْهُم وَيحمل كسْوَة الْكَعْبَة ولد سنة سِتّ عشرَة وأربعمئة وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَ الباخرزي أَنْشدني أَبُو الْفضل لنَفسِهِ من الوافر
(توقَّر من جماحك فِي الزَّمام ... وأسفر عَن قناعك واللِّثام)
(وزع من غرب لفظك فِي مقالٍ ... تعرَّف عيَّه عِنْد الْمقَام)
(وَلَا تبذخ بهود فهود منّا ... تحدَّرنا جَمِيعًا من غمام)
(وَلَا تَفْخَر بقومٍ أَنْت مِنْهُم ... مَكَان المنسمين من السِّنام)
(وَلَا تحسب جوابي ذَا وَلَكِن ... جوابي صدر رُمْحِي أَو حسامي)
3 - (رَأس الإسكافية)
أَبُو جَعْفَر الإسكافي رَئِيس الْفرْقَة الإسكافية من فرق الْمُعْتَزلَة زعم أَن الله تَعَالَى لَا يقدر على ظلم الْعُقَلَاء وَيقدر على ظلم الْأَطْفَال والمجانين
(الألقاب)
ابْن الجعفرية مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بو جعفرك اللّغَوِيّ حمد بن عَليّ الْجعل الْحَنَفِيّ الْحُسَيْن بن عَليّ ابْن جعوان أَحْمد بن عَبَّاس بن جعوان والحافظ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد)
(جعيفران بن عَليّ الموسوس)
جعيفران بن عَليّ بن أصفر بن السَّري بن عبد الرَّحْمَن الْأَنْبَارِي من سَاكِني سرَّ من رأى ومنشأه بَغْدَاد وَكَانَ أَبوهُ من أَبنَاء الْجند الخراسانية وَظهر لِأَبِيهِ أَنه يخْتَلف إِلَى بعض سرائره فطرده أَبوهُ عَن دَاره وَحج فَشَكا ذَلِك إِلَى مُوسَى بن جَعْفَر الكاظم فَقَالَ لَهُ مُوسَى إِن كنت صَادِقا عَلَيْهِ فَلَيْسَ يَمُوت حَتَّى يفقد عقله وَإِن كنت قد تحققت ذَلِك عَلَيْهِ فَلَا تساكنه فِي مَنْزِلك وَلَا تطعمه شَيْئا من مَالك فِي حياتك وَأخرجه عَن ميراثك وَسَأَلَ الْفُقَهَاء عَن(11/129)
حِيلَة حَتَّى تخرجه من مِيرَاث مَاله فدلّوه على الطَّرِيق إِلَى ذَلِك فاشهد بِهِ وَأوصى إِلَى رجل فَلَمَّا مَاتَ حَاز الرجل مِيرَاثه وَمنع مِنْهُ جعيفران فاستعدى عَلَيْهِ أَبَا يُوسُف القَاضِي فأحضر الوصيَّ وَسَأَلَ جعيفران البيِّنة على نسبه وتركة أَبِيه وَأقَام بَيِّنَة عُدُولًا وأحضر الْوَصِيّ بَيِّنَة عُدُولًا على الْوَصِيَّة يشْهدُونَ على أَبِيه بِمَا كَانَ احتال على مَنعه مِيرَاثه فَلم ير أَبُو يُوسُف ذَلِك شَيْئا وعزم على أَن يورّثه فَقَالَ الْوَصِيّ أَنا أدفَع هَذَا عَن هَذَا الْمِيرَاث بِحجَّة وَاحِدَة فَأبى أَبُو يُوسُف أَن يسمع مِنْهُ وجعيفران يَقُول قد ثَبت عنْدك أَمْرِي فَلَا تدفعني وَقَالَ الوصيّ إسمع مني حجتي مُنْفَردا فَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا اسْمَع مِنْك إِلَّا بِحَضْرَتِهِ فَقَالَ أجِّلني إِلَى غَد فأجّله فجَاء إِلَى منزله وَكتب رقْعَة فِيهَا خَبره وَمَا قَالَه مُوسَى بن جَعْفَر وَدفعهَا لصديق إِلَى أبي يُوسُف فَلَمَّا قَرَأَهَا دَعَا بالوصي فاستحلفه على ذَلِك فَحلف بِالْيَمِينِ الْغمُوس وَقَالَ اغْدُ غَدا عليّ مَعَ صَاحبك فَحَضَرَ إِلَيْهِ فَحكم أَبُو يُوسُف للوصيّ فَلَمَّا أمضى الحكم عَلَيْهِ وسوس جعيران وَاخْتَلَطَ مُنْذُ يومءذ وَكَانَ إِذا ثاب إِلَيْهِ عقله قَالَ الشّعْر الجيّد وَعَن عبد الله بن عُثْمَان الْكَاتِب عَن أَبِيه قَالَ كنت لَيْلَة أشرف من سطحٍ على دَار جعيفران وَهُوَ فِيهَا وَحده وَقد تحرّكت عَلَيْهِ السّوداء وَهُوَ يَدُور فِي الدَّار طول ليلته وَيَقُول من الرجز
(طَاف بِهِ طيف من الوسواس ... نفّر عَنهُ لَذَّة النُّعاس)
(فَمَا يرى يأنس بالأناس ... ولايلذّ عشرَة الجلاَّس)
فَهُوَ غَرِيب بَين هَذَا النَّاس وَلم يزل يُرَدِّدهَا حَتَّى أصبح ثمَّ سقط كَأَنَّهُ بقلة ذابلة
وَعنهُ قَالَ غَابَ عنّا أَيَّامًا وجاءنا عُرْيَان وَالصبيان خَلفه وهم يصيحون بِهِ يَا جعيفران يَا خرَّا فِي الدَّار فَلَمَّا بلغ إليّ وقف عِنْدِي وتقرّقوا عَنهُ فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله وَمن الهزج)
(رَأَيْت النَّاس يدعوني ... بمجنونٍ على حَال)
(وَلَكِن قَوْلهم هَذَا ... لإفلاسي وإقلالي)
(وَلَو كنت أَخا وفرٍ ... رخيّ ناعم البال)
(رأوني حسن الْعقل ... أحلّ الْمنزل العالي)
(وَمَا ذَاك على خبرٍ ... وَلَكِن هَيْبَة المَال)
قَالَ فأدخلته منزل يفأكل وسقيته أقداحاً ثمَّ قلت لَهُ تقدر على أَن تغير تِلْكَ القافية فَقَالَ نعم ثمَّ قَالَ بديهة من غير فكر وَلَا توقف من الهزج
(رَأَيْت النَّاس يرموني ... أَحْيَانًا بوسواس)(11/130)
(وَمن يضْبط يَا صَاح ... مقَال النَّاس فِي النَّاس)
(فدع مَا قَالَه النَّاس ... وَنَازع صفوة الكاس)
(فَتى حرا صَحِيح الودّ ... ذَا برٍّ وإيناس)
(وَإِن الْخلق مغرورٌ ... بأمثالي وأجناسي)
(وَلَو كنت أَخا مالٍ ... أَتَوْنِي بَين جلاّسي)
(يحيُّوني ويحيون ... على الْعَينَيْنِ والرَّاس)
ويدعوني عَزِيزًا غير أنّ الذل إفلاسي ثمَّ قَالَ ليبول فَقَالَ بعض من حضر أَي شَيْء معنى عشرتنا هَذَا الْمَجْنُون الْعُرْيَان وَالله مَا أَنا مِنْهُ وَهُوَ صَاح فَكيف إِذا سكر وفطن جعيفران للمعنى فَخرج إِلَيْنَا وَقَالَ من مجزوء الرمل
(وندامى أكلوني ... إِذْ تغيبت قَلِيلا)
زَعَمُوا أَنِّي مَجْنُون أرى العري جميلا كَيفَ لَا أعرى وَمَا أبْصر فِي النَّاس منيلا إِن يكن قد ساءكم قربي فخلّوا لي السبيلا
(وأتمّوا يومكم سرَّكم ... الله طَويلا)
قَالَ فلفقنا بِهِ واعتذرنا إِلَيْهِ وَقُلْنَا لَهُ وَالله مَا نلتذ إلاّ بقربك وأتيناه بِثَوْب لبسه وأتممنا يَوْمنَا ذَلِك مَعَه
(جعيل)
3 - (ابْن سراقَة الضّمري)
جعيل بن سراقَة الْأنْصَارِيّ وَقيل الضَّمي أثنى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووكله إِلَى إيمَانه وَذَلِكَ أَنه أعْطى أَبَا سُفْيَان مئة من الْإِبِل وَأعْطى الْأَقْرَع بن حَابِس مئة من الْإِبِل وَأعْطى عُيَيْنَة بن حصن مئة وَأعْطى سُهَيْل بن مرو مئة فَقَالُوا يَا رَسُول الله تُعْطِي هَؤُلَاءِ وَتَدَع جعيلاً وَكَانَ من بني غفار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعيل خيرٌ من طلاع الأَرْض مثل هَؤُلَاءِ وَلَكِن هَؤُلَاءِ أتألَّفهم وَأكل جعيلاً إِلَى مَا جعل الله عِنْده من(11/131)
الْإِيمَان
3 - (الْأَشْجَعِيّ)
جعيل الْأَشْجَعِيّ كوفيّ روى عَنهُ عبد الله بن أبي الْجَعْد حَدِيثا حسنا فِي أَعْلَام النُّبُوَّة قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض غَزَوَاته على قرس لي ضَعِيفَة عجفاء فِي أخريات النَّاس فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سر فَقلت إِنَّهَا عجفاء ضَعِيفَة فضربها بمخفقةٍ كَانَت مَعَه وَقَالَ بَارك الله لَك فِيهَا فَلَقَد رَأَيْتنِي أول النَّاس مَا أملك رَأسهَا وبعت من بَطنهَا بِاثْنَيْ عشر ألفا
(جغربيك صَاحب خُرَاسَان)
جغربيك الْأَمِير دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق أَخُو السُّلْطَان طغرلبك ووالد السُّلْطَان ألب رسْلَان توفّي بسرخس فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وأربعمئة وَنقل إِلَى مرووعاش سبعين سنة وَكَانَ صَاحب خُرَاسَان وَهُوَ فِي مُقَابلَة آل سبكتكين وَكَانَ فِيهِ عدلٌ وخيرٌ وَكَانَ يُنكر على أَخِيه ظلمه
(الألقاب)
الجفشيش الصَّحَابِيّ تقدّم اسْمه جرير بن معدان يُقَال فِيهِ بِالْجِيم والحاء وَالْخَاء
(جفينة النَّهدي)
كتب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرقع بكتابه الدَّلو ثمَّ أَتَى بعد مُسلما حَدِيثه عِنْد أبي بكر الدَّاهري عَن الثَّوْريّ لم يرو عَنهُ غَيره قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا يحتجُّ بِهِ لضعف الدَّاهري
(جقر بن يَعْقُوب نَائِب الْموصل)
جقر بن يَعْقُوب أَبُو سعيد الهمذاني نصير الدّين كَانَ نَائِب(11/132)
عماد الدّين زنكي صَاحب الْموصل والجزيرة استنابه بالموصل وَكَانَ جباراً عسوفاً سفاكاً للدِّماء مستحلاً للأموال قيل إِنَّه لما أحكم عمَارَة سور الْموصل أعجبه إحكامه فناداه مَجْنُون نِدَاء عَاقل هَل تقدر أَن تعْمل سوراً يسدُّ الْقَضَاء النَّازِل وَفِي ولَايَته قصد المسترشد الْموصل وحاصرها فقاتل الْخَلِيفَة وَرجع عَنْهَا وَلم ينل مِنْهَا مَقْصُودا وَكَانَ بالموصل فرُّوخ شاه إِبْنِ السُّلْطَان مَحْمُود السلجوقي الْمَعْرُوف بالخفاجي وَذكر ابْن الْأَثِير فِي تَارِيخ دولة ابْن أتابك أنّ الخفاجي صَاحب هَذِه الْوَاقِعَة هُوَ ألب رسْلَان بن مَحْمُود لتربية عماد الدّين زنكي وَلذَلِك سمي أتابك فَإِنَّهُ الَّذِي يُربي أَوْلَاد الْمُلُوك وَكَانَ جقر يُعَارضهُ ويعانده فِي مقاصده فلمّا توجه عماد الدّين زنكي لمحاصرة قلعة البيرة قرر الخفاجي مَعَ جمَاعَة من أَتْبَاعه أَن يقتلُوا جقر فَحَضَرَ يَوْمًا إِلَى بَاب الدَّار للسلام فنهضوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وخمسمئة وولّي عماد الدّين مَكَان جقر زين الدّين عَليّ بن بكتكين وَالِد مظفر الدّين صَاحب إربل وَكَانَ جقر قد ولى بالموصل رجلا ظَالِما يُقَال لَهُ الْقزْوِينِي فَسَار سيرة قبيحة وشكا النَّاس مِنْهُ فَعَزله وَجعل مَكَانَهُ عمر بن شكْلَة فأساء السِّيرَة أَيْضا فَقَالَ الْحُسَيْن بن أَحْمد بن شقَاق الْموصِلِي من المديد)
(يَا نصير الدّين يَا جقر ... ألف قزويني وَلَا عمر)
(لَو رَمَاه الله فِي سقرٍ ... لَا شتكت من ظلمه سقر)
(الألقاب)
ابْن الجكر اسْمه عبد السيّد الجكّار عبد الْعَزِيز بن يُوسُف ابْن الجلاّب الْمَالِكِي اسْمه عبيد الله بن الْحُسَيْن أَوْلَاد جكينا جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد وَمِنْهُم البرغوث الْحسن بن أَحْمد الجلاّبي الشَّافِعِي الْحسن بن أَحْمد ابْن الْجلَال الْحسن بن عَليّ ابْن الجلاجلي يحيى بن مُحَمَّد جلالة الدولة القَاضِي أَحْمد بن عَليّ(11/133)
ابْن جلجل الطَّبِيب اسْمَعْهُ سُلَيْمَان بن حسان ابْن الجلخت هبة الله بن مُحَمَّد
(الْجلد بن أَيُّوب الْبَصْرِيّ)
صَاحب الْقَصَص والمواعظ يروي عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة وَعَمْرو بن شُعَيْب ضعَّفه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَقَالَ الدّارقطني مَتْرُوك وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ ومئة
(جِلْدك)
3 - (شُجَاع الدّين وَالِي دمياط)
جِلْدك بن عبد الله المظفَّري التَّقويّ شُجَاع الدّين وَالِي دمياط نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني شُجَاع الدّين جِلْدك لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(خُذُوا حذركُمْ من سَاحر الطَّرف أغيد ... فكم قتل العشاق عمدا وَلَا يَدي)
(وَلَا تردوا مَاء بمدين حبِّه ... فَلَيْسَ بهَا مَا ينفع الهائم الصَّدي)
(وَلما نزلنَا وَادي الودِّ لم أزل ... أبلّ ثراه لاثماً بتودَّد)
(ونادى كليم الشوق مَوْلَاهُ رُؤْيَة ... فَلَمَّا تجلى دكَّ طور تجلُّدي)
(وخرَّ فُؤَادِي صاعقاً لم أفق لما ... بدا من سنا ذَاك الْجمال المحمدي)
(سألتكما يَا أهل نجدٍ وحاجرٍ ... على جمرات الوجد من هُوَ منجدي)
(وَكم لَيْلَة أفنيت بالرّشف ثغره ... وَجَرت على ذَاك الشَّتيت المنضَّد)
(وَبَات كَمَا شَاءَ اخْتِيَاري على المنى ... وبتُّ وإياه كحرفٍ مشدّد)
إنتهى كَلَام القوصي
قلت أَخذ هَذَا الْمَعْنى من ابْن سناء الْملك فَإِنَّهُ قَالَ من الطَّوِيل(11/134)
(وَلَيْلَة بتنا بعد سكري وسكره ... نبذت وِسَادِي ثمَّ وسَّدته يَدي)
(وبتنا كجسم وَاحِد من عناقنا ... وإلاّ كحرف فِي الْكَلَام مشدّد)
وَسمع جِلْدك كثيرا من الحَدِيث النَّبَوِيّ على الْحَافِظ السِّلفي وروى عَنهُ وَعَن مَوْلَاهُ الْملك تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بِشَيْء من شعره
وَولي نِيَابَة الاسكندرية ودمياط وشدّ الديار المصرية ذكر أَنه نسخ بِيَدِهِ أَرْبعا وَعشْرين ختمة وَكَانَ سَمحا جواداً محبّاً للْعُلَمَاء مكرماً لَهُم يساعدهم بِمَالِه وجاهه وَله غزوات مَشْهُودَة ومواقف بالسَّاحل ومدح بالشعر
وروى عَنهُ القوصي والزكيّ الْمُنْذِرِيّ والرشيد الْعَطَّار وَالْجمال ابْن الصَّابوني واستفكّ مئة)
وَثَلَاثِينَ أَسِيرًا من المغاربة عِنْد مَوته وَبنى بحماة مدرسة وَقَالَ النفيس أَحْمد القطرسي قصيدة مِنْهَا من مجزوء الْكَامِل أحرقت يَا ثغر الحبيب حشاي لمّا ذقت بردك أتظن غُصْن البان يُعجبنِي وَقد عَايَنت قدَّك أَو خلت آس عذارك الممشوق يحمي مِنْك وردك يَا قلب من لانت معاطفه علينا مَا أشدّك
(أتظنني جلد القوى ... أَو أنّ لي عَزمَات جِلْدك)
وَتُوفِّي فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَعشْرين وستمئة
3 - (جِلْدك الفائزي)
جِلْدك الرُّومِي الفائزي الْأَمِير ولي عدَّة ولايات وَكَانَ فَاضلا وَله شعر وسيرة مشكورة توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ وستمئة وَقيل سنة خمس وَمن شعره فِي مليح زَارَهُ وَفِي يَده كأس خمر من الوافر
(ومعشوق يَقُول لعاشقيه ... إِذا جنَّ الدجى قرب المزار)
(تمنَّينا الدُّجى شوقاً إِلَيْهِ ... فوافانا وَفِي يَده النَّهَار)
(أَبُو جلدَة بن عبيد الوائلي)
أَبُو جلدَة بن عبيد بن منقذ بن حجر بن عبد الله بن مسلمة بن حبيب الوائلي شَاعِر إسلامي من شعراء الدولة الأموية من سَاكِني الْكُوفَة كَانَ مِمَّن خرج مَعَ ابْن الْأَشْعَث فَقتله الْحجَّاج وَلما أُتِي بِرَأْسِهِ وَوضع بَين يَدَيْهِ قَالَ كم من سرٍّ أودعته فِي هَذَا الرَّأْس فَلم يخرج حَتَّى أتيت بِهِ مَقْطُوعًا
وَقَالَ الْحجَّاج يَوْمًا لجلسائه مَا حرَّض عليَّ أحدٌ كَمَا حرَّض أَبُو جلدَة فَإِنَّهُ نزل عَن سَرْجه(11/135)
فِي وسط عَسْكَر ابْن الْأَشْعَث ثمَّ نزع سراويله فَوَضعه وسلح فَوْقه وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ وَيلك مَالك أجننت مَا هَذَا الْفِعْل فَقَالَ كلكُمْ قد فعل مثل هَذَا إلاّ أَنكُمْ سترتموه وأظهرته فَشَتَمُوهُ وحملوا عليَّ فَمَا أنساه وَهُوَ يقدمهم ويرتجز
(نَحن جلبنا الْخَيل من زرنجا ... مَالك يَا حجاج منا منجى)
(لتبعجنَّ بِالسُّيُوفِ بعجا ... أَو لتقرَّنَّ فَذَاك أحجى)
فوَاللَّه لقد كَاد أهل الشَّام يَوْمئِذٍ يتضعضعون لَوْلَا أَن الله تَعَالَى أيّد بنصره وَكَانَ أَبُو جلدَة يَوْم الزاوية خرج بَين الصَّفين ثمَّ أقبل على أهل الْكُوفَة فأنشدهم قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا من الطَّوِيل
(فَقل للحواريّات يبْكين غَيرنَا ... وَلَا يبكنا إلاّ الْكلاب النوابح)
(بكين إِلَيْنَا خشيَة أَن تبيحها ... رماح النَّصَارَى وَالسُّيُوف الْجَوَارِح)
(بكين لكيما تمعوهنّ مِنْهُم ... وتأبى قلوبٌ أضمرتها الجوانح)
(وناديننا أَيْن الْفِرَار وكنتم ... تغارون أَن تبدو البرى والوشائح)
(أأسلمتمونا للعدوّ وطرتم ... شلالاً وَقد طاحت بهنَّ الطوائح)
(وَلَا صَبر للحرب الْعوَان على القنا ... إِذا انتزعت مِنْهَا الْقُرُون النواطح)
(فَمَا غَار مِنْكُم عائرٌ لحليلة ... وَلَا عزبٌ عزّت عَلَيْهِ لمناكح)
فَلَمَّا أنشدهم هَذِه الأبيات أنفوا وثاروا وشدّوا تضعضع لَهَا عَسْكَر الْحجَّاج وَثَبت لَهُم الْحجَّاج وَصَاح يَا أهل الشَّام فتراجعوا وثبتوا فَكَانَت الدائرة لَهُ فَجعل يقتّل ويأسر بَقِيَّة يَوْمه وَكَانَ الْقَعْقَاع بن سُوَيْد لما تولى سجستان قد اسْتعْمل أَبَا جلدَة على بست والرُّخج وَكَانَ يَوْمًا فِي قَرْيَة من قرى بست يُقَال لَهَا الجنزوان وَمَعَهُ عَمْرو بن صوحان أَخُو صعصعة فِي جمَاعَة)
يتحدثون وَيَشْرَبُونَ فقان أَبُو جلدَة ليبول فضرط وَكَانَ عَظِيم الْبَطن فتضاحك الْقَوْم مِنْهُ فسلَّ سَيْفه وَقَالَ لأضربنَّ كل من لم يضرط فِي مجلسي أمنّي تضحكون لَا أرْضى لكم بذلك فَمَا زَالَ حَتَّى ضرطوا جَمِيعًا غير عَمْرو بن صوحان فَقَالَ لَهُ قد علمت أَن عبد الْقَيْس لَا تضرط وَلَك بدلهَا عشر فسوات قَالَ لَا وَالله أَو تفضح بهَا فَجعل يَجِيء وينحني وَلَا يقدر عَلَيْهَا فَتَركه وَقَالَ أَبُو جلدَة فِي ذَلِك من الطَّوِيل
(أَمن ضرطة بالجنزوان ضرطتها ... تشدّد مني تَارَة وتلين)(11/136)
(فَمَا هُوَ إلاّ السَّيْف أَو ضرطة لَهَا ... يثور دُخان ساطعُ وطنين)
(الجلا أَبُو كثير الرُّومِي)
الجلا بِضَم الْجِيم وَفِي آخِره حاء أَبُو كثير الرُّومِي مولى عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان كَانَ لَهُ فضل ومعرفةٌ جعله عمر بن عبد الْعَزِيز قاص الاسكندرية روى عَن حَنش الصَّنعاني وَأبي عبد الرَّحْمَن الْجبلي وَتُوفِّي سنة عشْرين ومئة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
(الْجلاس بن سُوَيْد الْأنْصَارِيّ)
الْجلاس بن سُوَيْد بن صَامت الْأنْصَارِيّ كَانَ مُتَّهمًا بالنفاق وَهُوَ ربيب عُمَيْر بن سعد زوج أمّه وقصته مَعَه مَشْهُورَة فِي التفاسير عِنْد قَوْله تَعَالَى يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر فَقَالَ تَعَالَى وَإِن يتوبوا يَك خيرا لَهُم فَتَابَ الجلاّس وَحسنت تَوْبَته فراجع الحقَّ وَكَانَ قد آلى أَن لَا يحسن إِلَى عُمَيْر وَكَانَ من تَوْبَته أَنه لم ينْزع من خير كَانَ يصنعه إِلَى عُمَيْر قَالَ ابْن سِيرِين لم ير بعد ذَلِك من الجلاّس شَيْء يكره وَكَانَ ممّن تخلف من الْمُنَافِقين فِي غَزْوَة تَبُوك وَكَانَ يثبّط النَّاس عَن الْخُرُوج فَقَالَ وَالله إِن كَانَ مُحَمَّدًا صَادِقا فَنحْن شرٌّ من الْحمير وَكَانَت أمّ عُمَيْر بن سعيد تحثّه وَكَانَ عُمَيْر يَتِيما فِي حجره لَا مَال لَهُ فَكَانَ يكلفه وَيحسن إِلَيْهِ فَسَمعهُ عُمَيْر يَقُول هَذِه الْكَلِمَة فَقَالَ عُمَيْر يَا جلاس وَالله لقد كنت أحبَّ النَّاس إليّ وَأَحْسَنهمْ عِنْدِي يدا وأعزهم على أَن يدْخل عَلَيْهِ شَيْء يكرههُ وَلَقَد قلت مقَالَة لَئِن ذكرتها لافضحنك وَلَئِن كتمتها لأهلكنّ ولإحداهما أَهْون عليّ من الْأُخْرَى فَذكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَة الْجلاس فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْجلاس فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَ عُمَيْر فَحلف بِاللَّه مَا تكلم بِهِ قطّ وَأَن عُمَيْرًا لَكَاذِب فَقَامَ عُمَيْر من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ أنزل على رَسُولك بَيَانا لما تَكَلَّمت بِهِ فَأنْزل الله يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا الْآيَة فَتَابَ بعد ذَلِك الْجلاس)
وَحسنت تَوْبَته وَلم ينْزع عَن خير كَانَ يصنعه إِلَى عُمَيْر
(جليبي الصّحابي)
جليبي روى حَدِيثه أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ فِي إنكاح رَسُول الله إِيَّاه إِلَى رجل من الْأَنْصَار وَكَانَت فِيهِ دمامة وَقصر فكأنَّ الْأنْصَارِيّ وَامْرَأَته كرها ذَلِك فَسمِعت ابنتهما بِمَا(11/137)
أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فتلت وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مؤمنةٍ إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن تكون لَهُم الْخيرَة قَالَت رضيت وسلمت لما يرضى لي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اصبب عَلَيْهَا الْخَيْر صبّا وَلَا تجْعَل عيشها كدّا
ثمَّ قتل عَنْهَا جليبيب فَلم يكن فِي الْأَنْصَار أيمٌ أنْفق مِنْهَا وَذَلِكَ أَنه غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض غَزَوَاته فَفَقدهُ وَأمر بِهِ يطْلب فَوجدَ قد قتل سَبْعَة من الْمُشْركين ثمَّ قتل وهم حوله مصرّعين فَدَعَا لَهُ وَقَالَ هَذَا منّي وَأَنا مِنْهُ وَدَفنه وَلم يصلّ عَلَيْهِ
(الألقاب)
أَبُو جلنك الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن أبي بكر ابْن الْجلاء أَحْمد بن عبد الْبَاقِي جلال الدولة بن بويه اسْمه فَيْرُوز ابْن أبي الجليد عبيد بن مسْعدَة الجلودي رَاوِي صَحِيح مُسلم اسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى القَاضِي الجليس ابْن الحبَّاب اسْمه عبد الْعَزِيز بن الْحُسَيْن
(جمال النِّسَاء أم الْخَيْر البغدادية)
جمال النِّسَاء بنت أبي بكر أَحْمد بن أبي سعيد بن الغراف أمّ الْخَيْر البغدادية سمَّعها أَبوهَا من ابْن البطي وَأبي المظفر أَحْمد بن مُحَمَّد الكاغدي وشجاع بن خَليفَة الْحَرْبِيّ وَغَيرهم وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة حجّت غير مرّة وروت وَكَانَ أَبوهَا يروي عَن هبة الله بن الْحصين أجازت للفخر إِسْمَاعِيل بن عَسَاكِر وَفَاطِمَة بنت سُلَيْمَان والقاضيين ابْن الخوبيّ وتقي الدّين سُلَيْمَان وَأبي بكر بن عبد الدَّائِم وَابْن سعدٍ وَابْن الشّحْنَة وجماعةٍ وَتوفيت سنة أَرْبَعِينَ وستمئة
(جمانة بنت أبي طَالب)
جمانة بنت أبي طَالب ذكر ابْن إِسْحَاق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَاهَا من خَيْبَر ثَلَاثِينَ وسْقا وَلم يكن ليعطيها(11/138)
إلاّ وَهِي مسلمة وَذكرهَا ابْن عبد البرِّ فِي بَاب أم هانىء فِي أَوْلَاد فَاطِمَة بنت أَسد أم عَليّ وأخوته
(جَمْرَة)
3 - (العذري)
جَمْرَة بن النُّعْمَان العذري قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد بني عذرة قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعرفهُ بِغَيْر هَذَا
3 - (الكندية الصحابية)
جَمْرَة بنت قُحَافَة الكنديَّة الصّحابيّة روى عَنْهَا شبيب بن غرقدة وروت عَنْهَا ابْنَتهَا أم كُلْثُوم
(الألقاب)
أَبُو الْجمَاهِر الدِّمَشْقِي مُحَمَّد بن عُثْمَان ابْن أبي جَمْرَة المغربي أَبُو مُحَمَّد بن أبي جَمْرَة ابْن جملَة القَاضِي جمال الدّين يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن جملَة ابْن جمَاعَة القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله وَلَده القَاضِي عز الدّين عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْجمل الْمصْرِيّ الْحُسَيْن بن عبد السَّلَام الْجمال الْكَاتِب مُحَمَّد بن عمر الجمّاز الشَّاعِر الماجن اسْمه مُحَمَّد بن عَمْرو)
ابْن جَمِيع الطَّبِيب اسْمه هبة الله بن زين بن حُسَيْن ابْن الجميزي عليُّ بن هبة الله بن سَلامَة ابْن جَمِيع الصَّيداوي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
(جميل)
3 - (ابْن عَامر الصَّحَابِيّ)
جميل بن عَامر بن خديم بن سلامان أَخُو سعيد بن عامرٍ(11/139)
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعلم لَهُ رِوَايَة وَهُوَ جدّ نَافِع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجُمَحِي المحدّث الْمَكِّيّ
3 - (جميل بن معمر ذُو القلبين)
جميل بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة الْقرشِي الجُمَحِي وَهُوَ أَخُو سُفْيَان بن معمر وَعم حَاطِب وحطّابابني الْحَارِث بن معمر وَكَانَا من مهاجرة الْحَبَشَة ولجميل خير فِي إِسْلَام عمر وإخباره قُريْشًا بذلك مَعْرُوف فِي الْمَغَازِي وَكَانَ يسمّى ذَا القلبين وَفِيه نزلت مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه أسلم عَام الْفَتْح وَكَانَ مسناً وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنيناً فَقتل زُهَيْر بن الأغرِّ الْهُذلِيّ مأسوراً فَلذَلِك قَالَ أَبُو خراشٍ الْهُذلِيّ يُخَاطب جميل بن معمر من الطَّوِيل
(فأقسم لَو لاقيته غير موثق ... لآبك بالجزع الضبّاع النَّواهل)
(وَكنت جميل أَسْوَأ النَّاس صرعةً ... ولكنَّ أَقْرَان الظهورمقاتل)
(فَلَيْسَ كَعبد الدّار يَا أمَّ مَالك ... وَلَكِن أحاطت بالرِّقاب السلَاسِل)
وَفِي جميل هَذَا يَقُول الْقَائِل من الطَّوِيل
(وَكَيف ثوائي بِالْمَدِينَةِ بعد مَا ... قضيى وطراً مِنْهَا جميل بن معمر)
3 - (أَبُو بصرة)
جميل بن بصرة بن وقّاص بن حبيب بن غفار هُوَ أَبُو بصرة الْغِفَارِيّ مَشْهُور بكنيته لَهُ ولابنه ولجدّه صحبةٌ وَقد تقدم ذكر ابْنه فِي حرف الْبَاء سكن الْحجاز ثمَّ تحوَّل إِلَى مصر من حَدِيثه الْعَصْر والمحافظة عَلَيْهَا وأنّه لَا صَلَاة بعْدهَا حَتَّى يطلع الشَّاهِد وَالشَّاهِد النَّجْم(11/140)
3 - (العذريّ المتيم)
جميل بن عبد الله بن معمر بن صباح بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة ظبْيَان العذري الشَّاعِر الْمَشْهُور)
صَاحب بثينة أحد متيمي الْعَرَب أحبّها وَهُوَ صَغِير فَلَمَّا كبر خطبهَا فردّ عَنْهَا فَقَالَ الشّعْر فِيهَا وَكَانَ يَأْتِيهَا سرّاً ومنزلهما وَادي الْقرى
قيل لَهُ لَو قَرَأت الْقُرْآن لَكَانَ أَعُود عَلَيْك من الشّعْر فَقَالَ هَذَا أنس بن مَالك أَخْبرنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن من الشّعْر حِكْمَة
وَذكر صَاحب الأغاني أنّ كثير عزَّة كَانَ رِوَايَة جميل وَجَمِيل رِوَايَة هدبة بن خشرم وهدبة راوية الحطيئة والحطيئة رِوَايَة زُهَيْر بن أبي سلمى وَابْنه كَعْب
قَالَ كثير عزَّة لَقِيَنِي مرّة جميل فَقَالَ من أَيْن أَقبلت قلت من عِنْد أبي الخبيثة يَعْنِي بثينة فَقَالَ وَإِلَى أَيْن تمضيقلت إِلَى الخبيثة يَعْنِي عزّة فَقَالَ لَا بدّ أَن ترجع عودك على بدئك فتتخذ لي موعداً من بثينة فَقلت عهدي بك السّاعة وَأَنا أستحيي أَن أرجع فَقَالَ لَا بدّ من ذَلِك فَقلت مَتى عَهْدك ببثينة فَقَالَ من أول الصَّيف وَقعت سَحَابَة بِأَسْفَل وَادي الدَّوم فَخرجت مَعهَا جَارِيَة لَهَا(11/141)
تغسل ثيابًا فَلَمَّا رأتني أنكرتني فَضربت يَدهَا إِلَى ثوب فِي المَاء فالتحفت بِهِ وعرفتني الْجَارِيَة فأعادت الثَّوْب إِلَى المَاء وتحدَّثنا سَاعَة حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فسألتها الْموعد فَقَالَ أَهلِي سائرون وَمَا لقيتها بعد ذَلِك وَلَا وجدت أحدا آمنهُ فَأرْسلهُ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ كثير فَهَل لَك أَن آتِي الحيَّ فأتعرّض بِأَبْيَات من الشّعْر أذكر فِيهَا هَذِه الْعَلامَة إِن لم أقدر على الْخلْوَة بهَا قَالَ وَذَلِكَ الصّواب فَخرج كثير حَتَّى أَنَاخَ بهم فَقَالَ لَهُ أَبوهَا ردَّك يَا بن أخي قَالَ قلت أبياتاً فَأَحْبَبْت أَن أعرضها عَلَيْك قَالَ هَاتِهَا فأنشده وبثينة تسمع من الطَّوِيل
(فَقلت لَهَا عزّ أرسل صَاحِبي ... إِلَيْك رَسُولا وَالرَّسُول مُوكل)
(بِأَن تجعلي بيني وَبَيْنك موعداً ... وَأَن تَأْمُرِينِي بِالَّذِي فِيهِ أفعل)
(وَآخر عهدي مِنْك يَوْم لقيتني ... بِأَسْفَل وَادي الدَّوم وَالثَّوْب يغسل)
فَضربت بثينة جَانب خدرها وَقَالَت إخسأ إخسأ فَقَالَ لَهَا أَبوهَا مَهيم يَا بثينة قَالَت كلب يأتينا إِذا نوم النَّاس من وَرَاء الرّابية ثمَّ قَالَت لِلْجَارِيَةِ ابغينا من الدَّومات حطباً لنذبح لكثيِّر شَاة ونشويها لَهُ فَقَالَ كثير أَنا أعجل من ذَلِك وَرَاح إِلَى جميل فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ جميل الْموعد الدَّومات وَخرجت بثينة وصواحبها إِلَى الدَّومات وَجَاء جميل وَكثير إِلَيْهَا فَمَا برحوا حَتَّى برق الصُّبْح فَكَانَ كثير يَقُول مَا رَأَيْت مَجْلِسا قطّ أحسن من ذَلِك الْمجْلس وَلَا مثل علم)
أَحدهمَا بضمير صَاحبه مَا أَدْرِي أَيهمَا كَانَ أفهم
وَقدم جميل بن معمر مصر على عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان ممتدحاً فَأذن لَهُ وَسمع مديحه وأسن جائزته وَسَأَلَهُ عَن حبّ بثينة فَذكر وجدا كثيرا فوعده فِي أمرهَا وَأمره بالْمقَام وَأمر لَهُ بمنزل وَمَا يصلحه فَمَا أَقَامَ إلاّ قَلِيلا حَتَّى مَاتَ هُنَاكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
وَقَالَ عَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ بَينا أَنا بِالشَّام إِذْ لَقِيَنِي رجل من أَصْحَابِي فَقَالَ لي هَل لَك فِي جميل فَإِنَّهُ ثقيل نعوده فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَنظر إليّ ثمَّ قَالَ يَا بن سهل مَا تَقول فِي رجل لم يشرب الْخمر قطُّ وَلم يزن قطّ وَلم يقتل النَّفس وَلم يسرق يشْهد أَن لَا إِلَه إلاّ الله قلت أَظُنهُ قد نجا وَأَرْجُو لَهُ الْجنَّة فَمن هَذَا الرجل قَالَ أَنا قلت وَالله مَا أحسبك سلمت وَأَنت تشبّب عشْرين سنة ببثينة فَقَالَ لَا نالتني شَفَاعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنِّي لفي يَوْم من آخر أَيَّام الدُّنْيَا إِن كنت وضعت يَدي عَلَيْهَا لريبة فَمَا برحنا حَتَّى مَاتَ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي حَدثنِي رجلٌ شهد جميلاً لما حَضرته الْوَفَاة بِمصْر أنّه دَعَا بِهِ فَقَالَ لَهُ هَل لَك أَن أُعْطِيك كلَّ مَا أخلّفه على أَن تفعل شَيْئا أعهده إِلَيْك قَالَ فَقلت اللَّهُمَّ نعم قَالَ إِذا أَنا متّ فَخذ حلّتي هَذِه واعزلها جانباً وكلّ شَيْء سواهَا هُوَ لَك وارحل إِلَى رَهْط بثينة فَإِذا صرت(11/142)
إِلَيْهِم فارتحل نَاقَتي هَذِه واركبها ثمَّ البس حلَّتي هَذِه واشققها ثمَّ اعْل على شرفٍ وَصَحَّ بِهَذِهِ الأبيات وخلاك ذمٌّ من الْكَامِل
(بكر النَّعُّي وَمَا كنى بجميل ... وثوى بِمصْر ثواء غير قفول)
(وَلَقَد أجرُّ الْبرد فِي وَادي الْقرى ... نشوان بَين مزارع ونخيل)
(قومِي بثينة فاندبي بعويل ... وابكي خَلِيلك دون كلٍّ خَلِيل)
قَالَ فَفعلت مَا أَمرنِي بِهِ فَمَا استتممت الأبيات حَتَّى خرجت بثينة كَأَنَّهَا بدر فِي دجنةٍ وَهِي تتثنى فِي مرْطهَا حَتَّى أَتَتْنِي فَقَالَت وَالله يَا هَذَا إِن كنت كَاذِبًا لقد فضحتني وَإِن كنت صَادِقا لقد قتلتني قلت وَالله مَا أَنا إلاّ صَادِق وأخرجت حلته فَلَمَّا رأتها صَاحب بِأَعْلَى صَوتهَا وصكّت وَجههَا وَاجْتمعَ نسَاء الْحَيّ يبْكين مَعهَا ويندبنه حَتَّى صعِقَتْ فَمَكثت مغشياً عَلَيْهَا سَاعَة ثمَّ قَامَت وَهِي تَقول من الطَّوِيل
(وإنّ سلوِّي عَن جميلٍ لساعةٌ ... من الدَّهر مَا حانت وَلَا حَان حينها)
(سواءٌ علينا يَا جميل بن معمر ... إِذا متَّ بأساء الْحَيَاة ولينها)
)
وَمن شعر جميل رَحمَه الله تَعَالَى من الطَّوِيل
(وَإِنِّي لراضٍ مِنْك يَا بثن بِالَّذِي ... لَو أيقنه الواشي لقرَّت بلابله)
(بِلَا وَبِأَن لَا أَسْتَطِيع وبالمنى ... وبالوعد حَتَّى يسأم الْوَعْد ماطاله)
(وبالنظرة العجلى وبالحول نَلْتَقِي ... أواخره لَا نَلْتَقِي وأوائله)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(إِذا قلت مَا بِي يَا بثينة قاتلي ... من الوجد قَالَت ثابتٌ وَيزِيد)
(وَإِن قلت ردّي بعض عَقْلِي أعش بِهِ ... بثينة قَالَت ذَاك مِنْك بعيد)
وأخبار جميل وشعره مُسْتَوفى فِي الأغاني وتاريخ ابْن عَسَاكِر
3 - (الْبَغْدَادِيّ)
جميل بن مُحَمَّد بن جميل الْبَغْدَادِيّ من الرؤساء الظرفاء كَانَ إِذا أَرَادَ الرّكُوب فِي كل يَوْم يَقُول اللَّهُمَّ أعوذ بك من السَّبع فَقيل لَهُ تركب فِي الكرخ وأيّ سبع فِي الكرخ فَقَالَ لَو أردْت ذَلِك لَقلت السَّبع وَلَكِنِّي استعيذ من سبع خِصَال فَأَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من السَّبع وأضمرها وَهِي اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من السّعي الخائب وَالرِّبْح العائب والحائط المائل والميزاب السَّائِل ومشحّمات الروايا والمطايا الَّتِي تحمل البلايا والتهور فِي البلاليع(11/143)
والركايا قلت سبقه أَبُو العيناء إِلَى شَيْء من ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول إِذا خرج من بَيته اللَّهُمَّ أعوذ بك من الركاب والركب والآجرِّ والحطب والروايا والقرب
(جميله)
3 - (الصحابية)
جميلَة امْرَأَة أَوْس بن الصَّامت وَيُقَال اسْمهَا خَوْلَة وَيُقَال خُوَيْلَة صحابيّة
3 - (امْرَأَة عمر بن الْخطاب)
جميلَة هَذِه هِيَ الَّتِي غيّر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْمهَا وَهِي صحابية وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَنَّهَا ابْنة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ابْن عبد الْبر وَابْن مَاكُولَا أَنَّهَا زَوْجَة عمر بن الْخطاب قَالَ ابْن عبد الْبر هِيَ جميلَة بنت ثَابت بن أبي الأقلح الْأَنْصَارِيَّة اخت عَاصِم بن ثَابت تكنى أمّ عَاصِم بابنها عَاصِم بن عمر وَكَانَ اسْمهَا عاصية فغيَّره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطلّقها عمر فتزوجّت زيد بن حَارِثَة
3 - (إبنة أبي بن سلول الصحابية)
جميلَة بنت أبيّ بن سلول أُخْت عبد الله كَانَت تحث ثَابت بن قيس ابْن شماس فنشزت وخالعته روى عَنْهَا ابْن عَبَّاس وَعبد الله بن رَبَاح وَلما نشزت أرسل إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا جميلَة مَا كرهت من ثَابت فَقَالَت وَالله مَا كرهت مِنْهُ شَيْئا إلاّ دمامته فَقَالَ لَهَا أتردّين الحديقة قَالَت نعم وفرّق بَينهمَا
3 - (المغنّية)
جميلَة مولاة بني سليم كَانَ لَهَا زوج من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج(11/144)
وَكَانَت تنزل فيهم فغلب عَلَيْهَا وَلَاء زَوجهَا فَقيل إِنَّهَا مولاة الْأَنْصَار وَقيل إِنَّهَا كَانَت لرجل من الْأَنْصَار ينزل بالسنح وَهُوَ الْموضع الَّذِي كَانَ ينزل بِهِ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ كَانَت جميلَة أصلا من أصُول الْغناء وعنها أَخذ معبد وَابْن عَائِشَة وحبَّابة وسلامة وعقيلة العقيقيّة والشَّماسيَّتان خليدة وربيحة وفيهَا يَقُول عبد الرَّحْمَن بن أَرْطَأَة من المتقارب
(إنّ الدَّلال وَحسن الْغِنَا ... ء وسط بيُوت بني الخرزج)
(وتلكم جميلَة زين النّساء ... إِذا هِيَ تزدان للمخرج)
(إِذا جِئْتهَا بذلك ودَّها ... بوجهٍ منيرٍ لَهَا أَبْلَج)
كَانَ معبد يَقُول أصل الْغناء جميلَة وفرعه نَحن وَلَوْلَا جميلَة لم تكن نَحن مغنين
وسئلت جميلَة أنّي لَك قَالَت وَالله مَا هُوَ إلهام وَلَا تَعْلِيم ولكنّ أَبَا جَعْفَر سائب خائر كَانَ لنا)
جاراً وَكنت أسمعهُ يُغني وَيضْرب بِالْعودِ فَلَا أفهمهُ فَأخذت تِلْكَ النغمات فبنيت علها غنائي فَجَاءَت أَجود
وَكَانَت جميلَة ذَات فضل وأدب وأخبار وَكَانَت آلت على نَفسهَا أَن لَا تغني أحدا إلاّ فِي دارها وَكَانَ يَجِيء إِلَيْهَا أَشْرَاف النَّاس وسراتهم فيقيمون عِنْدهَا فتطعمهم الْأَطْعِمَة الفاخرة والأشربة المنوَّعة وَلها جوارٍ كثيرات وأخبارها فِي كتاب الأغاني كَثِيرَة
(جناب الْكَلْبِيّ)
جناب الْكَلْبِيّ أسلم يَوْم الْفَتْح روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَمعه يَقُول لرجل إنّ جِبْرِيل عَن يَمِيني وَمِيكَائِيل عَن يساري وَالْمَلَائِكَة قد أظلت عسكري فَخذ فِي بعض هنائك
فَأَطْرَقَ الرجل شَيْئا ثمَّ طفق يَقُول من الْكَامِل
(يَا ركن معتمدٍ وعصمة لائذٍ ... وملاذ منتجعٍ وجار مجاور)
(يَا من تخيَّره الْإِلَه لخلقه ... فحباه بالخلق الزكيّ الطَّاهِر)
(أَنْت النبيُّ وَخير عصبَة آدمٍ ... يَا من يجود كفيض بحرٍ زاخر)
(ميكال مَعَك وجبرئيل كِلَاهُمَا ... مددٌ لنصرك من عزيزٍ قاهر)
قَالَ فَقلت من هَذَا الشَّاعِر فَقيل حسان بن ثَابت فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو لَهُ وَيَقُول لَهُ خيرا(11/145)
(الألقاب)
ابْن أبي الْجِنّ القَاضِي اسماعيل بن إِبْرَاهِيم وَمِنْهُم أَمِين الدّين جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عدنان وَمِنْهُم القَاضِي الْحسن بن عَبَّاس وَمِنْهُم فَخر الدولة حَمْزَة بن الْحسن وَمِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد وَمِنْهُم أَبُو تُرَاب المحسِّن بن مُحَمَّد وَمِنْهُم نَاصِر الدّين يُونُس بن أَحْمد الجنابذي الْحَافِظ اسْمه عبد الْعَزِيز بن مَحْمُود الجنّابي القرمطي أَبُو مُحَمَّد اسْمه الْحسن بن أَحْمد بن سعيد)
الجنّابي أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان بن الْحسن الجنابي الْحسن بن بهْرَام جنَاح الدولة صَاحب حمص اسْمه الْحُسَيْن بن ملاعب رَأس الجناحيَّة عبد الله بن مُعَاوِيَة
(جنَّاد)
3 - (الْكُوفِي الرِّوَايَة)
جنَّاد بن واصلٍ الكوفيّ أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال أَبُو وَاصل مولى بني غاضرة من رُوَاة الْأَخْبَار والأشعار لَا علم لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَانَ يصحِّف وَيكسر الشّعْر وَلَا يميّز بَين الأعاريض الْمُخْتَلفَة فيخلط بَعْضهَا بِبَعْض وَهُوَ من عُلَمَاء الْكُوفِيّين القدماء وَكَانَ كثير الْحِفْظ فِي رُتْبَة حَمَّاد الراوية وَقَالَ المرزباني قَالَ عبد الله بن جَعْفَر أخبرنَا أَبُو عَمْرو أَحْمد بن عَليّ الطوسي قَالَ مَا كَانُوا يشكّون بِالْكُوفَةِ فِي شعر وَلَا يغرب عَنْهُم اسْم شَاعِر إلاّ سَأَلُوا عَنهُ جنّاداً فوجدوه لذَلِك حَافِظًا وَبِه عَارِفًا على لحن كَانَ فِيهِ وَكَانَ كثير اللّحن جدا فَوق لحن حَمَّاد وَرُبمَا قَالَ من الشّعْر الْبَيْت والبيتين وَقَالَ الثَّوْريّ اتّكل أهل الْكُوفَة على حَمَّاد وجنّاد ففسدت رواياتهم من رجلَيْنِ كَانَا يرويان وَلَا يدريان كثرت رواياتهما وقلَّ علمهما وحدّث عبد الله بن جَعْفَر عَن جبلة بن مُحَمَّد الْكُوفِي عَن أَبِيه قَالَ مَرَرْت بجنَّاد مولى الغاضرين وَهُوَ ينشد من الْكَامِل(11/146)
(علم بِأَن الحقّ مركبه ... إلاّ على أهل التقى مستصعب)
(فاقدر بذرعك فِي الْأُمُور فَإِنَّمَا ... رزق السَّلامة من لَهَا يتسبَّب)
فَقلت لَهُ أبرقت يَا جنّاد قَالَ وأنّى ذَلِك قلت فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قَالَ فَلم يستبن ذَلِك فتركته وانصرفت قَالَ عبد الله وَإِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ أَن الْبَيْت الأول ينقص من عروضه وتد وَالثَّانِي تَامّ فَكَسرهُ وَلم يعلم وَالْعرب لَا تغلط بِمثل هَذَا وَإِنَّمَا يغلطون بِأَن يدخلُوا عروضين فِي ضرب وَاحِد من الشّعْر لتشابههما فَأَما هَذَا فَالصَّوَاب فِيهِ أَن يَقُول من الْكَامِل
(اعْلَم بِأَن الْحق مركب ظَهره ... إلاّ على أهل التقى مستصعب)
وَمعنى قَوْله أبرقيت أَي خلطت بَيْتا مكسوراً بِبَيْت صَحِيح فَصَارَ كالجبل الأبرق على لونين والبرقاء من الأَرْض وَالْحِجَارَة ذَات اللونين بَين سَواد وَبَيَاض
(جُنَادَة)
3 - (الْأنْصَارِيّ الجُمَحِي)
جُنَادَة بن سُفْيَان الْأنْصَارِيّ وَيُقَال الجمحيّ قدم جُنَادَة وَأَخُوهُ جَابر وأبوهما سُفْيَان من أَرض الْحَبَشَة وهلكوا ثَلَاثَتهمْ فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب
3 - (الْأَزْدِيّ)
جُنَادَة بن مَالك الْأَزْدِيّ كُوفِي حَدِيثه عِنْد الْقَاسِم بن الْوَلِيد عَن مُصعب بن عبد الله بن جُنَادَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَمر الْجَاهِلِيَّة النِّيَاحَة على الْمَيِّت
3 - (الصَّحَابِيّ)
جُنَادَة بن عبد الله بن عَلْقَمَة بن الْمطلب بن عبد منَاف الصَّحَابِيّ قتل رَضِي الله عَنهُ يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (ابْن جَراد العيلاني)
جُنَادَة بن جرادٍ العيلاني الْأَسدي سكن الْبَصْرَة وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن سمة الابل فِي وجوهها وأنّ فِي تسعين حقَّتين مُخْتَصرا قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإبلٍ قد وسمتها فِي أنفها فَقَالَ لي يَا جُنَادَة أما وجدت فِيهَا عظما تسمه إلاّ فِي الْوَجْه(11/147)
أما إنّ أمامك الْقصاص قَالَ أمرهَا إِلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ ائْتِنِي مِنْهَا بِشَيْء لَيْسَ عَلَيْهِ وسمٌ فَأَتَيْته بِابْن لبونٍ وحقةٍ فَوضعت الميسم حِيَال الْعُنُق فَقَالَ أخِّر أخِّر حَتَّى بلغ الْفَخْذ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بركَة الله فوسمتها فِي أفخاذها وَكَانَت صدقتها حقتين
3 - (ابْن مَالك الْأَزْدِيّ الصَّحَابِيّ)
جُنَادَة بن أبي أُميَّة مالكٍ الأزديّ ثمَّ الزُّهري كَانَ من صغَار الصَّحَابَة وَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَنهُ وَعَن الصَّحَابَة شهد فتح مصر وَولي الْبَحْر لمعاوية على غَزْو الرّوم
توفّي سنة ثَمَانِينَ وروى جُنَادَة عَن معاذٍ وَأبي الدَّرْدَاء وَعبادَة بن الصَّامت وَعمر بن الْخطاب وروى لَهُ الْجَمَاعَة
3 - (اللُّغوي الْأَزْدِيّ)
جُنَادَة بن مُحَمَّد أَبُو أُسَامَة الْأَزْدِيّ الهرويّ اللّغَوِيّ كَانَ علاّمة لغوياً أديباً وَكَانَ بَينه وَبَين الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ الْأَزْدِيّ الْمصْرِيّ وَأبي الْحسن عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَنْطَاكِي المقرى ؤ النَّحْوِيّ)
اتِّحَاد ومذاكرةٌ وصحبة بِمصْر فَقتله الْحَاكِم صبرا وَقتل الْأَنْطَاكِي سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمئة واختفى عبد الْغَنِيّ وَلم يكن فِي زمَان جُنَادَة مثله فِي اللُّغَة
(الألقاب)
ابْن الجنّان الشاطبي قديم اسْمه عبد الْحق بن خلف الشَّاعِر ابْن الجنّان متأخِّر اسْمه مُحَمَّد بن سعيد بن مُحَمَّد ابْن الجنّان مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ(11/148)
(جُنْدُب)
3 - (أَبُو ذّر الْغِفَارِيّ)
جُنْدُب بن جُنَادَة وَيُقَال جُنْدُب بن السَّكن بن كَعْب بن سُفْيَان بن عبيد بن حرَام أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ وَفِي نسبه اسْمه خلاف كثير وَهُوَ من أَعْلَام الصَّحَابَة وزهّادهم الْمُهَاجِرين وَهُوَ أول من حيَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتحيّة الْإِسْلَام وَأسلم قَدِيما يُقَال كَانَ خَامِسًا فِي الْإِسْلَام ثمَّ انْصَرف إِلَى قومه فَأَقَامَ عِنْدهم إِلَى أَن قدم الْمَدِينَة بعد الخَنْدَق ثمَّ سكن الرَّبذة إِلَى أَن مَاتَ بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي خلَافَة عُثْمَان وَصلى عَلَيْهِ ابْن سمعود وَيُقَال إنّ ابْن مَسْعُود عَبَّاس وَأنس بن مَالك وَعبادَة بن الصَّامِت وَزيد بن وهب وَأَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَقيس بن أبي حَازِم وخلقٌ سواهُم وَكَانَ آدم جسيماً كثَّ اللِّحْيَة يوازي ابْن مَسْعُود فِي الْعلم قَالَ أَبُو دَاوُد لم يشْهد أَبُو ذّر بَدْرًا وَإِنَّمَا ألحقهُ عمر مَعَ الْقُرَّاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أقلَّت الغبراء وَلَا أظلَّت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذَر حسَّنه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو
3 - (البَجلِيّ)
جُنْدُب بن عبد الله بن سُفْيَان البَجلِيّ العلقي الأحمسي وَيُقَال لَهُ جُنْدُب(11/149)
بن سُفْيَان فينسب إِلَى جدّه وَيُقَال لَهُ جُنْدُب البَجلِيّ وجندب العلقي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَاللَّام وَبعدهَا قَاف وجندب الأحمسي وجندب الْخَيل وَابْن أم جُنْدُب وَكَانَ بِالْكُوفَةِ ثمَّ انْتقل إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ خرج مِنْهَا وَمَات فِي فتْنَة ابْن الزبير بعد أَربع سِنِين مِنْهَا وروى عَنهُ سَلمَة بن كهيل وَالْأسود بن قيس وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ
3 - (الْجُهَنِيّ)
)
جُنْدُب بن مكيث بن عبد الله الْجُهَنِيّ أَخُو رَافع بن مكيث يعدُّ فِي أهل الْمَدِينَة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولاّه على صدقَات جُهَيْنَة روى عَنهُ مُسلم بن عبد الله وَأَبُو سُبْرَة الْجُهَنِيّ
3 - (الغامدي)
جُنْدُب بن زُهَيْر بن الْحَارِث الغامدي الْأَزْدِيّ يُقَال لَهُ صُحْبَة توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الجندعي)
جُنْدُب بن صَخْرَة الجندعي لما نزلت ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا قَالَ اللَّهُمَّ قد أبلغت فِي المعذرة وَالْحجّة وَلَا معذرة لي وَلَا حجَّة ثمَّ خرج وَهُوَ شيخ كَبِير فَمَاتَ فِي بعض الطَّرِيق فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ قبل أَن يُهَاجر فَمَا يدْرِي أَعلَى ولائه هُوَ أم لَا فَنزلت من يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت الْآيَة
3 - (قَاتل السَّاحر)
جُنْدُب بن كَعْب الْعَبْدي وَقيل الْأَزْدِيّ وَقيل الغامدي وَهُوَ عِنْد(11/150)
أَكْثَرهم قَاتل السَّاحر بَين يَدي الْوَلِيد بن عقبَة وَقَالَ جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حدُّ السَّاحر ضربةٌ بِالسَّيْفِ وَقيل قَاتل السَّاحر جُنْدُب بن زُهَيْر وَقد تقدَّم ذكره وَعَن أبي عُثْمَان قَالَ رَأَيْت الَّذِي يلْعَب بَين يَدي الْوَلِيد بن عقبَة فيري أَنه يقطع رَأس رجلٍ ثمَّ يُعِيدهُ فَقَامَ إِلَيْهِ جُنْدُب بن كَعْب فَضرب وَسطه بالسّيف وَقَالَ قُولُوا لَهُ فليحيي نَفسه الْآن قَالَ فحبس جندباً وَكتب إِلَى عُثْمَان فَكتب عُثْمَان أَن خلِّ سَبيله فَتَركه وَلما حبس جُنْدُب انقضَّ ابْن أَخِيه وَكَانَ فَارس الْعَرَب وَقتل صَاحب السجْن وَأخرج جندباً وَقَالَ من الطَّوِيل
(أَفِي مضرب السّحّار يسجن جندبٌ ... وَيقتل أَصْحَاب النَّبِي الْأَوَائِل)
(فَإِن يَك ظنّي بِابْن سلمى ورهطه ... هُوَ الْحق يُطلق جُنْدُب أَو يُقَاتل)
وَقَالَ فِي عُثْمَان من هَذِه القصيدة ثمَّ انْطلق إِلَى الرّوم فَلم يزل بهَا يُقَاتل أهل الرّوم حَتَّى مَاتَ لعشر سنوات مضين من خلَافَة مُعَاوِيَة
(الألقاب)
ابْن جُنْدُب المقرىء عبد الله بن مُسلم
(جندل)
3 - (أَبُو عَليّ الْكُوفِي)
جندل بن والق بن هجرسٍ أَبُو عَليّ التغلبي الْكُوفِي روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين ومئتين
3 - (الصَّالح الزَّاهِد)
جندل بن مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الصَّالح كَانَ زاهداً عابداً صَاحب كرامات وأحوال لَهُ جدّ واجتهاد وَمَعْرِفَة بطرِيق الْقَوْم وَكَانَ الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الرَّحْمَن الفزاريّ يتودّد إِلَيْهِ وَله بِهِ اخْتِصَاص كثير قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين اجْتمعت بِهِ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وستمئة(11/151)
فَأَخْبرنِي أنّه بلغ من الْعُمر خمْسا وَتِسْعين وَتُوفِّي بقرية منين فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وستمئة
(ضِيَاء الدّين الْحَمَوِيّ)
جندي بن عبد الله ضِيَاء الدّين الْحَمَوِيّ توفّي بحماه سنة إِحْدَى وَخمسين وستمئة أَو سنة خمسين لَهُ شعر مِنْهُ قَوْله من السَّرِيع
(ومشرفٍ ناظره عاملٌ ... يعْمل فِينَا عمل المشرفي)
(أسرف إِذْ أشرف فِي حكمه ... واكلفي بالمشرف المسرف)
(مَمْلُوك تنكز)
جنغاي مَمْلُوك الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى لم نسْمع وَلم نعلم أنّ أستاذه أحب أحدا وقرّبه مثله كَانَ لَا يَدعه يقف قدّامه فِي الْخلْوَة
أَخْبرنِي القَاضِي علم الدّين بن قطب الدّين مُسْتَوْفِي ديوَان تنكز قَالَ كَانَ الْأَمِير قد رسم بِأَن يُطلق من الخزانة الْعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَمَا دونهَا لمن أَرَادَ قَالَ وَلم نعلم أنّه مضى يَوْم من الْأَيَّام وَلم ينعم عَلَيْهِ بِشَيْء إلاّ فَمَا ندر انْتهى وَكُنَّا نرَاهُ فِي الصَّيْد إِذا خرج يركب اسناذه نَاحيَة ويركب هُوَ نَاحيَة فِي طلب آخر بازداريّة وكلابزيّه وأناسٍ فِي خدمته وَيكون مَعَه فِي الصَّيْد مئتا عليقه وَيكون على السِّيبا لَهُ خمس سِتّ حوايص ذَهَبا وعَلى الْجُمْلَة فَمَا نعلم أَن أحدا رزق حظوته عِنْده وَكَانَ أهيف رَقِيقا مصفر الْوَجْه بِهِ قرحةٌ لَا يزَال ينفث الدَّم والقيح وَكَانَ لأجل ذَلِك قد أذن لَهُ فِي اسْتِعْمَال الشَّرَاب وَكَانَ يُقَال أَنه قرَابَته وَالله أعلم ثمَّ أَنه فِي الآخر أرجف بِأَنَّهُ هُوَ وطفاي أَمِير آخور قد حسَّنا لأستاذهما التَّوَجُّه إِلَى بِلَاد التار فطلبهما السُّلْطَان مِنْهُ فَلم يجهِّزهما وَلما أمسك تنكز رَحمَه الله تَعَالَى قبض عَلَيْهِمَا وأودعا معتقلين فِي قلَّة دمشق فَلَمَّا حضر بشتاك إِلَى دمشق على مَا تقدم أحضرهما وسلَّمهما إِلَى برسبغا فَقَتَلَهُمَا بالمقارع قتلا عَظِيما إِلَى الْغَايَة فِي اللَّيْل وَالنَّهَار واستخرج ودائعهما وقرّرهما على مَال استاذهما ثمَّ بعد جُمُعَة وسطوهما فِي سوق الْخَيل يَوْم موكب بِحُضُور بشتاك والأمراء فسبحان من لَا يَزُول عزه وَلَا ملكه
(ملك التتار)
جنكز خَان طاغية التتار ولمكهم الأول الَّذِي ضرب الْبِلَاد وَقتل الْعباد وَلم يكن للتتار قبله ذكرٌ إِنَّمَا كَانُوا ببادية الصين فملّكوه عَلَيْهِم وأطاعوه طَاعَة أَصْحَاب نبيٍّ(11/152)
لنبيهم بل طَاعَة الْعباد المخلصين لرب الْعَالمين وَكَانَ مبدأ ملكه سنة تسع وَتِسْعين وخمسمئة وَاسْتولى على بُخَارى وسمرقند سنة سِتّ عشرَة وَاسْتولى على مدن خُرَاسَان سنة ثَمَان عشرَة وَآخر سنة سبع عشرَة وَلما رَجَعَ من حَرْب السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه على نهر السَّنَد وصل إِلَى مَدِينَة تنكت من بِلَاد الخطا فَمَرض بهَا وَمَات فِي رَابِع شهر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وستمئة فَكَانَت أَيَّامه خمْسا وَعشْرين سنة وَكَانَ اسْمه قبل أَن يَلِي الْملك تمرجين وَمَات على دينهم وكفرهم وخلّف من الْأَوْلَاد الَّذين يصلحون للسلطنة سِتَّة وفوّض الْأَمر إِلَى أوكتاي أحدهم بَعْدَمَا اسْتَشَارَ الْخَمْسَة البَاقِينَ فِي ذَلِك فَلَمَّا هلك امْتنع أوكتاي من الْملك وَقَالَ فِي إخوتي وأعمامي من هم أكبر مني فَلم يزَالُوا بِهِ نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى تملك على الْمُلُوك ولقبوه الْقَائِد الْأَعْظَم وَمَعْنَاهُ اللخيفة فِيمَا قبل وَبث جيوشه وَفتح الفتوحات وطالبت أَيَّامه وَولي بعده الْأَمر مونكوكا وَهُوَ الْقَائِد الَّذِي كَانَ هولاكو من جملَة مقدَّميه ونوابه على خُرَاسَان وَولي بعد مونكوكا أَخُوهُ قبلاي وطالت أَيَّام قبلاي وَبَقِي فِي الْأَمر نيفاً وَأَرْبَعين سنة كأخيه وعاش إِلَى سنة أَربع وسبعمئة وَمَات بِمَدِينَة خَان بالق
يُقَال إِنَّه لما كَانَ السُّلْطَان خوارزم شاه يصدّ هَؤُلَاءِ التتار ويغزوهم ويقتّلهم وَيَسْبِي دراريهم وَأَوْلَادهمْ ويمنعهم من الْخُرُوج عَن حُدُود بِلَادهمْ اجْتمع التتار وَشَكوا حَالهم وَمَا هم فِيهِ من الضّيق وَالْبَلَاء مَعَ خوارزم شاه فَقَالَ لَهُم جنكز خَان إِن ملكتموني عَلَيْكُم والتزمتم لي بِالطَّاعَةِ وَاتِّبَاع اليسق الَّذِي أصنعه لكم شرعةً ومنهاجاً تتبعونه وتلتزمون بِالْعَمَلِ بِهِ أَبَد الدَّهْر رددت خوارزم شاه عَنْكُم فالتزموا لَهُ بذلك
فَكَانَ مِمَّا وَضعه لَهُم أَن قَالَ كل من أحبّ امْرَأَة بِنْتا كَانَت أَو غَيرهَا لَا يمْنَع من التَّزَوُّج وَلَو كَانَ زبّالاً وَالْمَرْأَة بنت ملك وَكَانَ غَرَضه بذلك أَن يتناكحوا بِشَهْوَة شَدِيدَة ليتضاعف التناسل بَينهم ويتضاعف عَددهمْ فَلَمَّا تقرر ذَلِك دخلُوا على خوارزم شاه وعقدوا مهادنته عشْرين سنة فَمَا جَاءَت الْعشْرُونَ سنة إلاّ وهم أُمَم لَا يُحصونَ وَلَا يحصرون
وَكَانَ مِمَّا قَرَّرَهُ أنّه من رعف وَهُوَ يَأْكُل قتل كَائِنا من كَانَ وقرّر لَهُم أنّ كل من لم يمض)
حكم اليسق وَلم يعْمل بِهِ قتل أَيْضا فَأَرَادَ أَن يذهب الْكِبَار الَّذين فيهم لعلمه أَنهم يداخلهم الْحَسَد لَهُ ويستصغرونه فتركهم يَوْمًا وهم على سماطه ورعّف نَفسه فَلم يَجْسُر أحد أَن يمْضِي فِيهِ حكم اليسق لمهابته وجبروته فَتَرَكُوهُ وَلم يطالبوه بِمَا قَرَّرَهُ وهابوه فِي ذَلِك فتركهم أَيَّامًا وَجمع مقدميهم وأمراءهم وَقَالَ لأي شَيْء مَا أمضيتم حكم اليسق فيَّ وَقد رعفت وَأَنا آكل بَيْنكُم قَالُوا لم نجسر على ذَلِك فَقَالَ لم تعملوا باليسق وَلَا أمضيتم أمره وَقد وَجب قتلكم فَقَتلهُمْ أَجْمَعِينَ واستراح من أُولَئِكَ الأكابر(11/153)
وَالتّرْك يَزْعمُونَ أَنه ولد الشَّمْس لأنّ لَهُم فِي صحاريهم أَمَاكِن فِيهَا غابٌ فَمن أَرَادَ من نِسَائِهِم إِعْتَاق فرجهَا تروح إِلَى ذَلِك الغاب وتعذّب فِيهِ وَذَلِكَ الغاب لَا يقربهُ أحد من ذكرانهم وَأَن أمه أعتقت فرجهَا وراحت إِلَى ذَلِك الغاب وَغَابَتْ فِيهِ مُدَّة وأتتهم بِهِ وَقَالَت هَذَا من الشَّمْس لِأَن الشَّمْس دخلت فِي فَرجي فِي بعض الْأَيَّام وَأَنا أَغْتَسِل فحبلت بِهَذَا وَيُقَال إِنَّه كَانَ حداداً
(ابْن البابا)
جنكلي بن البابا الْأَمِير الْكَبِير بدر الدّين كَبِير الدولة الناصريّة وَرَأس الميمنة بعد الْأَمِير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك خطبه الْملك الْأَشْرَف بن قلاوون وَهُوَ فِي تِلْكَ الْبِلَاد ورغبه وَبَالغ فِي حُضُوره إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام وَكتب منشوره بالإقطاع الَّذِي عينّه وجهزه غليه فَلم يتَّفق حُضُوره ثمَّ إِنَّه وَفد على السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بن قلاوون فَأكْرمه وأمَّره وَذَلِكَ سنة أَربع وسبعمئة وَلم يزل عِنْده مُعظما مكرماً مبجلاً وَكَانَ يُجهز إِلَيْهِ الذَّهَب مَعَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَمَعَ غَيره وَيَقُول لَهُ عَن السُّلْطَان لَا تبوس الأَرْض على هَذَا وَلَا تنزله فِي ديوانك كَأَنَّهُ يُرِيد إخفاء ذَلِك وَكَانَ يجلس أَولا ثَانِي نَائِب الكرك فَلَمَّا أخرج إِلَى طرابلس جلس الْأَمِير بدر الدّين رَأس الميمنة وَهُوَ من الحشمة وَالْعقل والسُّكون والدّين الوافر وعفة الْفرج فِي الْمحل الْأَقْصَى
قَالَ لي وَلَده الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِن وَالِدي يعرف ربع الْعِبَادَات من الْفِقْه من أحسن مَا يكون فِي معرفَة خلاف الْفُقَهَاء وَالْأَئِمَّة
وَله ولدان أميران أَحدهمَا الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَقد مرَّ ذكره فِي المحمدين وَالْآخر الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد وَكَانَ السُّلْطَان قد زوّج ابْنه إِبْرَاهِيم بابنة الْأَمِير بدر الدّين كَمَا مرّ فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم)
وَلم يزل معظَّماً من حِين ورد إِلَى هَذِه الْبِلَاد إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ الْعَصْر سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسبعمئة بِالْقَاهِرَةِ
وَكَانَ رَحمَه الله ركنا من أَرْكَان الْمُسلمين ينفع الْعلمَاء والصلحاء والفقراء وَأهل الْخَيْر وَغَيرهم بِحَالهِ وجاهه وَكَانَ عفيف الْفرج صيّناً وَلم تزل رتبته عِنْد الْمُلُوك تعلو وتزداد إِلَى آخر وَقت وَيُقَال إِنَّه يتَّصل نسبه بإبراهيم بن أدهم رَضِي الله عَنهُ وَقلت وَلم أكتب بِهِ إِلَيْهِ من المتقارب
(محيّا حَبِيبِي إِذا مَا بدا ... يَقُول لَهُ الْبَدْر يَا مخجلي)
(بلغت الْكَمَال ولي مُدَّة ... أدور عَلَيْهِ وَمَا تمّ لي)
(فبالله قل لي وَلَا تخفني ... سرقت المحاسن من جنكلي)
وَقلت أَيْضا وَلم أكتب بِهِ إِلَيْهِ من السَّرِيع(11/154)
(لَا تنس لي يَا قاتلي فِي الْهوى ... حشاشةً من حرقي تنسلي)
(لَا ترس لي ألْقى بِهِ فِي الْهوى ... سِهَام عَيْنَيْك منى ترسل)
(لَا تخت لي يشرف قدري بِهِ ... إلاّ إِذا مَا كنت بِي تختلي)
(لَا جنك لي تطرب أوتاره ... إلاّ ثَنَا يملى على جنكلي)
وَحكى لي من لَفظه الَّذِي لَحِقَنِي من الكلفة بِسَبَب السُّلْطَان أَحْمد النَّاصِر بن النَّاصِر مُحَمَّد فِي توجهنا إِلَيْهِ إِلَى الكرك وإحضاره مِنْهَا للجلوس على كرْسِي الْملك بقلعة الْجَبَل والتقدمة لَهُ بعد ذَلِك وَفِي حَالَة التَّوَجُّه إِلَيْهِ لمحاصرته بالكرك مبلغ ألف ألفٍ وأربعمئة ألفٍ وَتُوفِّي الْأَمِير بدر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسبعمئة
(الْجُنَيْد)
3 - (الصُّوفِي رَضِي الله عَنهُ)
الْجُنَيْد أَبُو الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد النهاونديّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ القواريري الخزاز قيل أَن أَبَاهُ كَانَ قواريرياً يَعْنِي زجّاجاً وَكَانَ هُوَ خزازاً وَكَانَ شيخ العارفين وقدوة السالكين وَعلم الْأَوْلِيَاء فِي زَمَانه
ولد بِبَغْدَاد بعد الْعشْرين ومئتين وتفقه على أبيثور وَسمع من الْحسن بن عَرَفَة وَغَيره واختصَّ بِصُحْبَة السَّري السّقطي والْحَارث المحاسبي وَأبي حَمْزَة الْبَغْدَادِيّ وأتقن الْعلم ثمَّ أقبل على شانه ورزق من الذكاء وصواب الْأَجْوِبَة مَا لم يرْزق مثله فِي زَمَانه وَكَانَ ورده فِي كل يَوْم ثلاثمئة رَكْعَة وَكَذَا كَذَا ألف تَسْبِيحَة
وَقَالَ غير مرَّة علمنَا مضبوط بِالْكتاب وَالسّنة كَانَ المترسَّلون الكتّاب يحضرونه لألفاظه والمتكلمون لزمام علمه والفلاسفة لدقة مَعَانِيه
وَقَالَ كنت العببين يَدي السَّري السَّقطِي وَأَنا ابْن سبع سِنِين وَبَين يَدَيْهِ جمَاعَة يَتَكَلَّمُونَ فِي الشُّكْر فَقَالَ لي يَا غُلَام مَا الشُّكْر فَقلت أَن لَا تَعْصِي الله بِنِعْمَة فَقَالَ أخْشَى أَن يكون حظك من الله لسَانك قَالَ فَلَا أَزَال أبْكِي على هَذِه(11/155)
الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا لي
قَالَ أَبُو بكر العطوي كنت عِنْد الْجُنَيْد حِين احْتضرَ فختم الْقُرْآن ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَرَأَ من الْبَقَرَة سبعين آيَة ثمَّ مَاتَ
وَقَالَ أَبُو نعيم أخبرنَا الخالديّ كِتَابَة قَالَ رَأَيْت الْجُنَيْد فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ طاحت تِلْكَ الإشارات وَغَابَتْ تِلْكَ الْعبارَات وفيت تِلْكَ الْعُلُوم ونفدت تِلْكَ الرسوم وَمَا نفعنا إلاّ رَكْعَات كنّا نركعها فِي الأسحار
وَقَالَ الْجُنَيْد قاللي خَالِي سريّ السَّقطي تكلَّم على النَّاس وَكَانَ فِي قلبِي حشمة عَن النَّاس فإنّي كنت أتهم نَفسِي فِي اسْتِحْقَاق ذَلِك فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَكَانَت لَيْلَة جُمُعَة فَقَالَ لي تكلَّم على النَّاس فانتبهت وأتيت بَاب السِّري قبل أَن يصبح فدققت الْبَاب فَقَالَ لي لم تصدّقنا حَتَّى قيل لَك فَقَعَدت فِي غدٍ للنَّاس بالجامع وانتشر فِي النَّاس أَن الْجُنَيْد قعد يتَكَلَّم فَوقف عليَّ غُلَام نَصْرَانِيّ متنكراً وَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ مَا معنى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله فأطرقت ثمَّ رفعت رَأْسِي فَقلت اسْلَمْ فقد)
حَان إسلامك فَأسلم وَقَالَ مَا نتفعت بِشَيْء انتفاعي بِأَبْيَات سَمعتهَا قيل لَهُ وَمَا هِيَ قَالَ مَرَرْت بدرب الْقَرَاطِيس فَسمِعت جَارِيَة تغني من دَار فأنصت فسمعتها تَقول من الطَّوِيل
(إِذا قلت أهْدى الهجر لي حلل الضنى ... تَقُولِينَ لَوْلَا الهجر لم يطب الْحبّ)
(وَإِن قلت هَذَا الْقلب أحرقه الْهوى ... تَقول بنيران الْهوى شرف الْقلب)
(وَإِن قلت مَا أذنبت قلت مجيبةً ... حياتك ذنبٌ لَا يُقَاس بِهِ ذَنْب)
فصعقت وَصحت فَبينا أَنا كَذَلِك إِذا بِصَاحِب الدَّار قد خرج فَقَالَ مَا هَذَا يَا سيّدي فَقلت لَهُ ممّا سَمِعت قَالَ أشهدك أَنَّهَا هبة مني لَك فَقلت قد قبلتها وَهِي حرةٌ لوجه الله تَعَالَى ثمَّ دفعتها لبَعض أَصْحَابنَا بالرباط فَولدت لَهُ ولدا نبيلاً وَنَشَأ أحسن نشوء
وحجّ الْجُنَيْد على قَدَمَيْهِ ثَلَاثِينَ حجَّة على الْوحدَة وَصَحبه أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج الْفَقِيه الشَّافِعِي فَكَانَ إِذا تكلم فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع أعجب الْحَاضِرين فَيَقُول أَتَدْرُونَ من أَيْن لي هَذَا هَذَا من بركَة مجالستي أَبَا الْقَاسِم الْجُنَيْد وَسُئِلَ عَن الْعَارِف فَقَالَ من نطق عَن سرّك وَأَنت سَاكِت(11/156)
ورثي وَفِي يَده سبْحَة فَقيل لَهُ أَنْت مَعَ شرفك تَأْخُذ بِيَدِك سبْحَة فَقَالَ طَرِيق وصلت بِهِ إِلَى ربّي لَا أفارقه
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين ومئتين وَدفن عِنْد قبر خَاله سريّ السَّقطِي وحزر الْجمع الَّذِي صلى عَلَيْهِ فَكَانَ سِتِّينَ ألفا وَكَانَ الْجُنَيْد يُفْتِي وَله عشرُون سنة وَقيل كَانَ على مَذْهَب سُفْيَان الثَّوري وَقيل على مَذْهَب أبي ثَوْر صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
3 - (القايني الصُّوفِي)
الْجُنَيْد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم بن أبي مَنْصُور الصُّوفِي منأهل قاين نزل هراة واستوطنها إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مُحدثا صَدُوقًا مَوْصُوفا بالزهد وَالْعِبَادَة وتفقّه على أبي المظفر السَّمْعَانِيّ ثمَّ على أسعد المهيني وعلق الْخلاف عَنْهُمَا وَسمع الْكثير ورحل فِي طلب الحَدِيث وحصّل الْأُصُول والنسخ وحدَّث بِجَمِيعِ مَا سمع وَصَحب الصُّوفِيَّة أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة وَقدم بَغْدَاد فَسمع مِنْهُ الْحَافِظ بن نَاصِر وَأَبُو المعمر الْمُبَارك بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ وَأَبُو بكر الْمُبَارك بن كَامِل الْخفاف وَسَعِيد بن الْمُوفق النِّيسابوري والحافظ أَبُو الْقَاسِم عليّ بن الْحسن بن هبة الله وَتُوفِّي بهراة سنة سبع وَأَرْبَعين وخمسمئة)
3 - (باذنجانة الْكَاتِب)
الْجُنَيْد بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ الْكَاتِب الملقب باذنجانة كَانَ من شعراء الْعَسْكَر بسرّ من رأى ذكره المرزباني فِي كتاب الألقاب وَمن شعره فِي إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصّولي وَكَانَ يَلِي ديوَان الضّيَاع ومُوسَى بن عبد الْملك وَكَانَ يَلِي ديوَان الْخراج أَيَّام المتَوَكل من الوافر
(إِذا ولي ابْن عَبَّاس ومُوسَى ... فَأمر النَّاس لَيْسَ بِمُسْتَقِيم)
(فديوان الضّيَاع بِفَتْح ضادٍ ... وديوان الْخراج بِغَيْر جِيم)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْحَنْبَلِيّ)
الْجُنَيْد بن يَعْقُوب بن الْحسن بن الْحجَّاج بن يُوسُف الجيلي أَبُو الْقَاسِم بن أبي يُوسُف بن أبي عَليّ الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ نزل بَغْدَاد وَأقَام بهَا وَقَرَأَ الْفِقْه على القَاضِي يَعْقُوب البرزيني وَالْأَدب على أبي مَنْصُور الجواليقي وَكتب بخطّه الْكثير من الْفِقْه وَالْأُصُول وَالْخلاف والْحَدِيث وَالْأَدب وَكَانَ خطّه رديئاً وَسمع رزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وعَلى بن(11/157)
أَحْمد بن يُوسُف الهكّاري وعليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ العلاّف وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وخمسمئة
3 - (أَمِير خُرَاسَان)
الْجُنَيْد بن عبد الرَّحْمَن المرّي أَمِير خُرَاسَان والسِّند من جِهَة هِشَام بن عبد الْملك وَكَانَ من الأجواد وَلكنه لم يحمد فِي الحروب توفّي سنة خمس عشرَة ومئة
3 - (أَبُو جُمُعَة الصَّحَابِيّ)
جُنَيْد بن سِبَاع الْأنْصَارِيّ وَقيل الْكِنَانِي وَقيل الْقَارِي وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل حبيب وَقيل جبيب يعدّ فِي الشاميين من حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله هَل أحد خيرٌ منا قَالَ نعم قوم يجيئون بعدكم يَجدونَ كتابا بَين لوحين يُؤمنُونَ بِهِ ويصدِّقون
وَهُوَ مَشْهُور بكنيته وكنيته أَبُو جُمُعَة
(الألقاب)
ابْن جنيدب الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن الْحسن ابْن الْجُنَيْد الْأَصْبَهَانِيّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد ابْن جنّي النَّحْوِيّ أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جني
(الْأَمِير فَخر الدّين الناصري)
جهاركس بن عبد الله الناصري الْأَمِير فَخر الدّين كَانَ من أكَابِر الْأُمَرَاء الصّلاحية وَكَانَ كَرِيمًا نبيل الْقدر عالي الهمة بنى بِالْقَاهِرَةِ القيسارية الْكُبْرَى المنسوبة إِلَيْهِ
قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت جمَاعَة من التُّجَّار الَّذين طافوا الْبِلَاد يَقُولُونَ لم نر فِي شَيْء من الْبِلَاد مثلهَا فِي حسنها وعظمها وإحكام بنائها وَبنى بِأَعْلَاهَا مَسْجِدا كَبِيرا وربعاً مُعَلّقا(11/158)
وَتُوفِّي سنة ثَمَان وستمئة بِدِمَشْق وَدفن بجبل الصالحية وتربته مَشْهُورَة هُنَاكَ
وَكَانَ الْعَادِل أعطَاهُ بانياس وتبنين والشَّقيف فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَلما مَاتَ أقرّ الْعَادِل وَلَده على مَا كَانَ لَهُ وَكَانَ أكبر من بَقِي من الْأُمَرَاء الصَّلاحية
وَقيل فِي اسْمه ايازجاركش يَعْنِي أَنه اشْترِي بأربعمئة دِينَار
(الألقاب)
ابْن جهيل عبد الْملك بن نصر الله وشهاب الدّين أَحْمد بن يحيى ومحيي الدّين إِسْمَاعِيل بن يحيى ومجد الدّين طَاهِر بن نصر الله
الجهشياري صَاحب كتاب الوزراء اسْمه مُحَمَّد بن عَبدُوس مرّ ذكره فِي المحمدين
أَبُو جهل يَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمَة معَاذ بن عَمْرو بن الجموح فِي حرف الْمِيم
(الجهجاه الصَّحَابِيّ)
الجهجاه بن مَسْعُود وَقيل ابْن سعيد بن سعد بن حرَام بن غفار الغفاريّ يُقَال إِنَّه شهد بيعَة الرضْوَان تَحت السَّمرة وَكَانَ قد شهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة الْمُريْسِيع وَكَانَ يَوْمئِذٍ أَجِيرا لعمر بن الْخطاب وَوَقع بَينه وَبَين سِنَان بن وبرة الجهنيّ فِي تِلْكَ الْغُزَاة شَيْء فَنَادَى الجهجاه يَا للمهاجرين ونادى سِنَان يَا للْأَنْصَار وَكَانَ حليفاً لبني عَوْف بن الْخَزْرَج وَكَانَ ذَلِك سَبَب قَول عبد الله بن أبي بن سلول فِي تِلْكَ الْغُزَاة لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجنَّ الأعزُّ مِنْهَا الْأَذَل وَمَات الجهجاه رَضِي الله عَنهُ بعد عُثْمَان بِيَسِير
روى عَنهُ عَطاء بن يسارٍ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤمن يَأْكُل فِي معاء وَاحِد وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة(11/159)
أمعاء لِأَن الجهجاه شرب حلاب سبع شِيَاه قبل أَن يسلم ثمَّ إِنَّه اسْلَمْ فَلم يستتم يَوْمًا آخر حلاب شاةٍ وَاحِدَة فَعَلَيهِ خَاصَّة كَانَ مخرج هَذَا الحَدِيث
والجهجاه هُوَ الَّذِي تنَاول الْعَصَا من يَد عُثْمَان وَهُوَ يخْطب فَكَسرهَا ثمَّ أَخَذته فِي ركبته الآكلة وَكَانَ عَصا رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم
روى عَنهُ عَطاء وَسليمَان بن يسَار وَنَافِع مولى ابْن عمر
(جهم)
3 - (رَأس الْجَهْمِية)
جهم بن صَفْوَان رَأس الْجَهْمِية الَّذِي ينسبون إِلَيْهِ من المجبّرة ظَهرت بدعته بترمذ وَقَتله سَالم بن أحوز الْمَازِني فِي آخر ملك بني أُميَّة ذهب إِلَى أَن الْإِنْسَان لَا يُوصف بالاستطاعة على الْفِعْل بل هُوَ مجبور بِمَا يخلقه الله تَعَالَى من الْأَفْعَال على حسب مَا يخلقه فِي سَائِر الجمادات وَأَن نِسْبَة الْفِعْل إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بطرِيق الْمجَاز كَمَا يُقَال جرى المَاء وطلعت الشَّمْس وتغيَّمت السَّمَاء إِلَى غير ذَلِك
وَوَافَقَ الْمُعْتَزلَة فِي نفي صِفَات الله الأزليّة وَزَاد عَلَيْهِم بأَشْيَاء مِنْهَا أَنه نفى كَونه حيّاً عَالما وَأثبت كَونه عَالما قَادِرًا وَمِنْهَا أَنه أثبت للباري تَعَالَى علوماً حَادِثَة لَا فِي محلّ
وَمِنْهَا أَنه قَالَ لَا يجوز أَن يعلم الله تَعَالَى الشَّيْء قبل خلقه قَالَ لِأَنَّهُ لَو علم بِهِ قبل خلقه لم يخل إمّا أَن يكون علمه بِأَنَّهُ سيوجده يبْقى بعد أَن يوجده أم لَا لَا جَائِز أَن يبْقى لِأَنَّهُ بعد أَن أوجده لَا يبْقى الْعلم بِأَنَّهُ سيوجده لأنّ الْعلم بأنّه أوجده غير الْعلم بِأَنَّهُ سيوجده ضَرُورَة وإلاّ لانقلب الْعلم جهلا وَهُوَ على الله سُبْحَانَهُ محَال وَإِن لم يبْق علمه بِأَنَّهُ سيوجده بعد أَن أوجده فقد تغير والتغيّر على الله محَال وَإِذا ثَبت هَذَا تعيّن أَن يكون علمه حَادِثا بحدوث الإيجاد لِأَن ذَلِك(11/160)
يُؤَدِّي إِلَى أنّ ذَاته مَحل للحوادث وَهُوَ محَال وإمّا أَن يحدث فِي مَحل وَهُوَ أَيْضا محَال لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَن يكون الْمحل مَوْصُوفا بِعلم الْبَارِي تَعَالَى وَهُوَ محَال بتعيّن أَن يكون علمه حَادِثا لَا فِي مَحل وَمِنْهَا أَنه قَالَ الثَّوَاب وَالْعِقَاب والتكليف جبرٌ كَمَا أَن أَفعَال الْعباد جبرٌ
وَمِنْهَا أَنه قَالَ إِن حركات أهل الْجنَّة وَالنَّار تَنْقَطِع وَمِنْه أَخذ أَبُو الْهُذيْل وَأَتْبَاعه من الْمُعْتَزلَة
وَمِنْهَا أَن النَّار والجنّة يفنيان بعد دُخُول أهلهما إِلَيْهِمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر حركات لَا تتناهى أَولا فَكَذَلِك لَا يتصوَّر حركاتٌ لَا تتناهى آخرا وَحمل قَوْله تَعَالَى خَالِدين فِيهَا أبدا على الْمُبَالغَة واستدلّ على الِانْقِطَاع بقوله تَعَالَى إِلَّا مَا شَاءَ رَبك وَلَو كَانَ مُؤَبَّدًا بِلَا انْقِطَاع لما اسْتثْنى وَوَافَقَ الْمُعْتَزلَة فِي نفي الرُّؤْيَة وَإِثْبَات خلق الْكَلَام وَإِيجَاب المعارف بِالْعقلِ
وَكَانَ السّلف الصَّالح رَضِي الله عَنْهُم من أَشد النَّاس ردّاً على جهم لبدعه القبيحة وَكَانَت قتلته فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمئة وَكَانَ ذَا أدب وَنظر وذكاءٍ وفكر وجدال ومراء وَكَانَ كَاتب الْأَمِير الْحَارِث بن شُرَيْح التَّمِيمِي الَّذِي وثب على نصر بن سيّار وَكَانَ جهم هُوَ وَمُقَابل بن سُلَيْمَان)
بخراسان طرفِي نقيض هَذَا يُبَالغ فِي النَّفْي والتعطيل وَهَذَا يسرف فِي الْإِثْبَات والتجسيم فَيَقُول إِن الله جسم وَلحم وَدم على صُورَة الْإِنْسَان تَعَالَى الله عَن ذَلِك ترك الصَّلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأنْكر عَلَيْهِ الْوَالِي فَقَالَ إِذا ثَبت عِنْدِي من أعبده صليت لَهُ فَضرب عُنُقه
3 - (ابْن خلف الْمَازِني)
جهم بن خلف الْمَازِني الْأَعرَابِي من مَازِن تَمِيم لَهُ اتِّصَال فِي النّسَب بِأبي عَمْرو بن الْعَلَاء الْمَازِني المقرىء وَكَانَ جهم راوية علاّمة بالغريب وَالشعر وَكَانَ فِي عصر خلف الْأَحْمَر والأصمعي وَكَانَ الثَّلَاثَة متقاربين فِي معرفَة الشّعْر ولجهمٍ شعر مَشْهُور فِي الحشرات والجوارح من الطير وَمن شعره فِي الْحَمَامَة من مجزوء الوافر(11/161)
مطوقة كساها الله طوقاً لم يكن ذَهَبا
(جمود الْعين مبكاها ... يزِيد أَخا الْهوى نصبا)
(مفجّعة بَكت شجواً ... فبتُّ لشجوها وصبا)
(على غُصْن تميل بِهِ ... جنوب مرّة وصبا)
ترن عَلَيْهِ إِمَّا مَال من شوقٍ أَو انتصبا
(وَمَا فغرت فَمَا وبكت ... بِلَا دمع لَهَا انسكبا)
وَقَالَ ابْن مناذر يمدح جهماً من الْكَامِل
(سمِّيتم آل الْعَلَاء لأنكم ... أهل الْعَلَاء ومعدن الْعلم)
(وَلَقَد بنى آل الْعَلَاء لمازنٍ ... بَيْتا أحلّوه مَعَ النَّجْم)
3 - (ابْن قيسٍ الصَّحَابِيّ)
جهم بن قيس بن عبد شُرَحْبِيل بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار ابْن خُزَيْمَة هَاجر إِلَى الْحَبَشَة مَعَ امْرَأَته أم حَرْمَلَة بنت عبد الْأسود الْخُزَاعِيَّة وَتوفيت بِأَرْض الْحَبَشَة وَهَاجَر مَعَه ابناه عَمْرو وَخُزَيْمَة ابْنا جهم وَيُقَال فِيهِ جهيم
3 - (البلوي الصَّحَابِيّ)
جهم البلويّ الصَّحَابِيّ روى عَنهُ ابْنه عليّ بن الجهم أَنه وافى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية
(الألقاب)
)
أَبُو الجهم بن حُذَيْفَة اسْمه عَامر بن حُذَيْفَة يَأْتِي ذكره فِي حرف الْعين مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الرَّقيّ الصّوفي)
جهم الرَّقيّ الصُّوفِي قَالَ السّلمِيّ فِي تَارِيخ الصُّوفِيَّة إِنَّه من تأخّري الفتيان والمشايخ وَكَانَ من الْفُقَرَاء الصَّادِقين وَكَانَ مشتهراً بِالسَّمَاعِ والهاً فِيهِ سَمِعت أَبَا سعيد السِّجزيّ يَقُول سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن الرقي يَقُول كُنَّا مَعَ جهم على تلٍ عَظِيم فَقَالَ قوّالٌ شَيْئا فَرمى جهم بِنَفسِهِ من أَعلَى التل إِلَى أَسْفَل وَقَامَ فِي تواجده وَلم يصبهُ شَيْء وَتُوفِّي بَين السَّجدتين(11/162)
(جهور)
3 - (صَاحب قرطبة)
جهور بن مُحَمَّد بن جهور بن عبد الله أَبُو الحزم رَئِيس قرطبة وأميرها وصاحبها جعل نَفسه ممسكاً لِلْأَمْرِ إِلَى أَن يتهيأ من يصلح للخلافة وَانْفَرَدَ برئاسة الْمصر إِلَى أَن توفّي فِي الْمحرم سنة خمس وَثَلَاثِينَ وأربعمئة وَدفن بداره وصلّى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو الْوَلِيد ابْن جهور الْقَائِم بعده بِالْأَمر
3 - (المغربي)
جهور أوردهُ أَبُو سعيد عُثْمَان بن سعيد الْمَعْرُوف بحرقوص فِي كِتَابه وَقَالَ شاعرمطبوع ومحسن مجوّد ومشهور من شعراء بلدنا وَهُوَ شرِيف الْبَيْت رفيع النّسَب وَأورد لَهُ من الْبَسِيط
(أسرّ من سرَّه مَا كَانَ يكتتم ... مغرورقٌ من مآقيه ومنسجم)
(لَا يبعد الله أَيَّامًا غنيت بهَا ... فِي خفض عَيْش وَشَمل الحيّ ملتئم)
(بانوا فَبين الحشا من بَينهم حرقٌ ... تكَاد من حرّها الأحشاء تضطرم)
(بِكُل ناعمة الْأَطْرَاف بهكنة ... تنجاب فِي اللَّيْل من إشراقها الظُّلم)
(كَأَنَّهَا دمبةٌ بل كَوْكَب شرقٌ ... بل رَوْضَة أنفٌ زهراء بل صنم)
(حوراء دنت لَهَا دون الْأَنَام كَمَا ... أنّ النّدى لأبي مَرْوَان وَالْكَرم)
قلت شعر متوسط لَكِن المخلص جويّد
(أَبُو الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ)
جهير بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن جهير الثَّعلبي أَبُو الْقَاسِم بن أبي نصر الْبَغْدَادِيّ من بَيت الوزارة والتقدم قعدبه الزَّمَان فَكَانَ ينْسَخ الْكتب ويبيعها ويتقوّت مِنْهَا هُوَ وَعِيَاله سمع من مُحَمَّد بن عبيد الله بن سَلامَة الْكَرْخِي والشريف أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز العباسي الْمَكِّيّ وَسَعِيد بن أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء وَغَيرهم توفّي سنة(11/163)
ستمئة
(الألقاب)
ابْن جهير الْوَزير فَخر الدولة اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جهير
وَولده الْوَزير عميد الدولة اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَلَاثَة
وَمِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
وَمِنْهُم المظفر بن عَليّ
(جهيم)
3 - (ابْن الصَّلت الصَّحَابِيّ)
جهيم بن الصّلت بن مخرمَة الْقرشِي المطَّلبي أسلم عَام خَيْبَر وَأَعْطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر ثَلَاثِينَ وسْقا وَهُوَ الَّذِي رأى الرُّؤْيَا بِالْجُحْفَةِ حِين نفرت قريس لتمنع عَن عيرها ونزلوا بِالْجُحْفَةِ ليزوّدوا من المَاء لَيْلًا فَغلبَتْ جهيماً عينه فَرَأى فَارِسًا وقف عَلَيْهِ فنعى إِلَيْهِ أشرافاً من قُرَيْش
3 - (الألقاب)
جهيم بن قيس يُقَال فِيهِ جهم بن قيس وَقد تقَّدم
(عز الدّين ابْن أَمِير الغرب)
جواد بن سُلَيْمَان بن غَالب بن معِين بن مغيث بن أبي المكارم بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم وَيَنْتَهِي نسبه إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر هُوَ عز الدّين جواد بن أَمِير الغرب رجل من أتقن النَّاس للصنائع برع فِي جَمِيع مَا يعمله بِيَدِهِ من الْكِتَابَة المنوّعة المنسوبة الَّتِي هِيَ غايةٌ إِلَى الصياغة إِلَى عمل النشاب بالكزلك والنجارة الدق والتطعيم والخياطة والتطريز والزّركش والخردفوشية والبيطرة والحدادة وَنقش الفولاذ ومدَّ قوساً بَين يَدي الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى زنته مئة وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ رطلا بالدمشقي وَكتب مُصحفا مضبوطاً مشكولاً يقْرَأ فِي اللَّيْل وزن ورقه سَبْعَة دَرَاهِم وَربع وَجلده خَمْسَة دَرَاهِم وَكتب آيَة الْكُرْسِيّ على أرزَّة وَعمل زرّ قبع لِابْنِ تنكز رَحمَه الله تَعَالَى اثْنَتَيْ عشرَة قِطْعَة وَزنه ثَلَاثَة دَرَاهِم يفك ويركب بِغَيْر مِفْتَاح وَكتب عَلَيْهِ حفراً مجْرى بسواد سُورَة الْإِخْلَاص والمعوّذتين والفاتحة وَآيَة الْكُرْسِيّ وَغير ذَلِك يقْرَأ عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ مركب وَمن دَاخله أَسمَاء الله الْحسنى لَا يبين مِنْهَا حرف وَاحِد إِلَى حِين يفكك وَجعل لمن يفكه ويركبه مئة دِرْهَم فَلم يجد من يفكه ويركبه وَأَرَادَ تنكز رَحمَه الله تَعَالَى(11/164)
أَن يَجعله زردكاشاً فِي وقتٍ وَأَعْطَاهُ إقطاعاً فِي الْخلقَة وقرّبه وَأَدْنَاهُ وَكتب لَهُ قصَّة قصّاً فِي قصّ فِي قصّ وَأما عمل الْخَوَاتِم وإتقان عَملهَا وَمَا فِي تحريرها وإجراء الميناء عَلَيْهَا وطلاها فأمرٌ باهر معجز لَا يلْحقهُ فِيهِ أحد وَلَا ريت مثل أَعماله وإتقاتها وَحفظ الْقُرْآن الْكَرِيم وشدا طرفا من الْفِقْه والعربية وَلعب بِالرُّمْحِ وَرمي النشاب وجَّوده وعَلى الْجُمْلَة فَلم أر من أتقن الْكِتَابَة المنسوبة فِي السَّبْعَة أَقْلَام وَلَا من أتقن الصَّنَائِع الَّتِي يعملها بِيَدِهِ لِأَنَّهَا غَايَة فِي التَّحْرِير وَنِهَايَة فِي الإتقان ومولده فِي خَامِس المحرّم سنة خمس وسبعمئة وَفِيه مَعَ هَذَا كُله كرمٌ وسيادة وَرَأَيْت لامية الْعَجم قد كتبهَا قصّاً فِي غَايَة الْحسن وَأهْدى إليّ شَيْئا من طرائف الْجَبَل وهدايا بيروت فَكتبت إِلَيْهِ من السَّرِيع
(يَا سيداً جَاءَت هداياه لي ... على المنى مني ووفق المُرَاد)
(أَنْت جواد سَابق بالندى ... من ذَا الَّذِي يُنكر سبق الْجواد)
وَكتب هُوَ إليّ جَوَابا من الْبَسِيط
(وافى مثالك مطويّاً على نزهٍ ... يحار مسمعه فِيهَا وناظره)
(فالعين ترتع فِيمَا خطّ كَاتبه ... والسمع ينعم فِيمَا قَالَ شاعره)
)
(وَإِن وقفت أَمَام الحيّ أنْشدهُ ... ودّ الخرائد لَو تقنى جواهره)
(الألقاب)
الْجواد صَاحب دمشق يُونُس بن مَمْدُود الْجواد الْوَزير مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي مَنْصُور الْجواد مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر الجوّاز مُحَمَّد بن مَنْصُور ابْن الجواليقي جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد بن إِسْحَاق بن موهوب وَمِنْهُم أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخضر وَمِنْهُم إِسْحَاق بن موهوب وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن موهوب وَمِنْهُم الْحسن بن إِسْحَاق وَمِنْهُم موهوب بن أَحْمد الجواليقي عَبْدَانِ بن أَحْمد والجواليقي مهْدي بن أَحْمد ابْن جوالق اسْمه مُسلم بن ثَابت(11/165)
الجوَّاني الشريف مُحَمَّد بن أسعد الجاواني شَارِح المقامات اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله أَبُو الجوائز الوَاسِطِيّ الْحسن بن عَليّ
(ابْن قُطْبَة العذري)
جوّاس بنقطبة الغذري أحد بني الأحبّ رَهْط بثينة وجوَّاسٌ وَأَخُوهُ عبد الله الَّذِي كَانَ يهاجي جميلاً ابْنا عَمها دنية
وَكَانَ جوَّاس شريفاً فِي قومه شَاعِرًا لما هاجاه جميل تنافرا إِلَى يهود تيماء فَقَالُوا لجميل يَا جميل قل فِي نَفسك مَا شِئْت وَلَا تذكرنّ يَا جميل أَبَاك بفخر فَإِنَّهُ كَانَ يسوف مَعنا الْغم بتيماء وَعَلِيهِ شملةٌ لَا تواري استه ونفّروا عَلَيْهِ جواساً ونشب الشرُّ بَين جميل وجوَّاس وَكَانَت تَحْتَهُ أمُّ الجسير أُخْت بثينة وَهُوَ الْقَائِل فِيهَا من الْخَفِيف
(يَا خليليَّ إنَّ أمَّ جسيرٍ ... حِين يدنو الضجيع من علله)
(روضةٌ ذَات حنوةٍ وخزامى ... جاد فِيهَا الرّبيع من سبله)
وَغَضب لجميل نفر من قومه يُقَال لَهُم بَنو سُفْيَان فجاؤوا إِلَى جوّاس لَيْلًا وَهُوَ فِي بَيته فضربوه وعرَّوا أم الجسير فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَقَالَ جميل من الطَّوِيل
(مَا عزَّ جوَّاس استها إِذْ يسبُّهم ... بصقري بني سُفْيَان قيس وَعَاصِم)
(همّا جرّدا أمَّ الجسير وأوقعا ... أمرّ وأدهى من وقيعة سَالم)
فَقَالَ جوَّاس من الطَّوِيل
(مَا ضرب الجوّاس إِلَّا فجاءةً ... على غفلةٍ من عينه وَهُوَ نَائِم)
(فإلاّ تعجّلني الْمنية نصطبح ... بكأسك حصناكم حصينٌ وَعَاصِم)
(ويعط بَنو سُفْيَان مَا شِئْت عنْوَة ... كَمَا كنت تُعْطِينِي وأنفك راغم)
(جوبان)
3 - (أَمِين الدّين القواس)
جوبان بن مَسْعُود بن سعد الله أَمِين الدُّنيسري القواس التوزي الشَّاعِر كَانَ من أذكياء بني آدم وَله النّظم الْجيد كتب عبد الرَّحْمَن السّبتي وَغَيره
وَقَالَ شمس الدّين الْجَزرِي اسْمه رَمَضَان والجوبان وَقَالَ لم لم يكن يعرف الْخط وَلَا النَّحْو
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله قَالَ شَيخنَا شهَاب الدّين مَحْمُود ابْن جوبان(11/166)
كَانَ يدّعي الأميّة وَكَانَ بِخِلَاف ذَلِك قَرَأَ وَكتب وَحفظ المفصّل وَكَانَت كِتَابَته من هة التَّتوير فِي غَايَة الْقُوَّة بِحَيْثُ أَنه اسْتعَار من القَاضِي عماد الدّين مُحَمَّد بن الشِّيرَازِيّ درجاً بِخَط ابْن البوّاب وَنقل مَا فِيهِ إِلَى درج بورق التُّوز وألزق التُّوز على خشبٍ وأوقف عَلَيْهِ ابْن الشِّيرَازِيّ فعجبه وَشهد لَهُ أنّ فِي بعض ذَلِك شَيْئا أقوى من خطّ ابْن البوّاب واشتهر ذَلِك بِدِمَشْق وَبَقِي النَّاس يقصدونه يتفرّجون عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ ذهن خارق وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وستمئة وَمن شعره من الطَّوِيل
(إِذا افترّ جنح اللَّيْل عَن مبسم الْفجْر ... ولاح بِهِ ثغرٌ من الأنجم الزُّهر)
(وفاحت لَهُ من عابق الرَّوْض نفحةٌ ... رشفنا بِهِ برد الرضاب من الْخمر)
(وعهدي بِوَجْه الأَرْض مُبْتَسِمًا فَلم ... تغرغر فِيهَا الدمع فِي مقل الْعذر)
(إِذا رجف المَاء النسيم لوقته ... كَسَاه شُعَاع الشَّمْس درعاً من التبر)
(وبحر الرياض الْخضر بالزهد مزبدٌ ... كأنّا فِي فلك مَجْلِسنَا نسري)
(وَمن شهب الكاسات بِالنَّجْمِ نهتدي ... إِذا تاه ساري الْعقل فِي لجّة السكر)
(نصون الحميَّا فِي القناني وَإِنَّمَا ... نصون القناني بالحميَّا وَلَا نَدْرِي)
(وَلما حكى الرَّاووق فِي الْعين شكله ... وَقد علِّق العنقود فِي سالف الدَّهْر)
(تذكّر عهدا بالكروم فكله ... عُيُون على أَيَّام عصر الصِّبا تجْرِي)
(عجبت لَهُ والرّاح تبْكي بِهِ فَلم ... غَدَتْ بحباب الكأس باسمة الثغر)
(إِذا مَا أَتَانِي كأسها غير مترعٍ ... تحققت عين الشَّمْس فِي هَالة الْبَدْر)
(يناولنيها فاتر اللحظ أغيدٌ ... فَللَّه ذَاك الأغيد المخطف الخصر)
(ينادمنا نظماً ونثراً وَلَفظه ... ومبسمه يُغني عَن النّظم والنثر)
)
(فَلم يسقني كأس المدامة دون أَن ... سقاني بِعَيْنيهِ كوؤساً من السحر)
(وَقَالَ وفرط السُّكر يثني لِسَانه ... إِلَى غير مَا يُرْضِي التقى وَهُوَ لَا يدْرِي)
(ردوا من رضابي مَا يَنُوب عَن الطِّلا ... إِذا كَانَ وَجْهي فِيهِ مغنٍ عَن الزهر)
(وَمن كَانَ لَا تحوي ذراعاه مئزري ... فدون الَّذِي تحوي أنامله خصري)
قلت قَوْله ولمّا حكى الرّاووق الْبَيْتَيْنِ يشبه قَول الآخر فِي النَّار من الطَّوِيل
(كَأَن نضيد الفحم خوف شراره ... إِذا النَّار مسّت جلده فتلوّنا)
(تذكِّر أَيَّام السَّحَاب الَّذِي جرى ... بمنبته لما تأوّد أغصنا)(11/167)
(فأنبت مِنْهُ الآبنوس بنفسجاً ... وأثمر عنّابا وأورق سوسنا)
وَقَوله وَقد علق العنقود بعض النَّاس يظنّه مفعول مَا لم يسم فَاعله فيرفع العنقود وَصَوَابه النصب على أَنه مفعول حكى وعَلى هَذَا شكله بدلٌ من الرّاووق
وَمن شعر أَمِين الدّين الجوبان من الدوبيت
(جَاءَت سحرًا تشقَّ بَحر الْغَلَس ... كالطِّيف تَوَارَتْ فِي ظلال الخلس)
(مَا أطيب مَا سَمِعت من منطقها ... لاتسأل مَا لاقيته من حرسي)
وَمِنْه من الدوبيت
(يمشي مرحاً بتيهه وَالْعجب ... كالرّيم إِذا رام لحاق السّرب)
(مَا يسْرع فِي المشية إلاّ حذرا ... أَن ترسم عَيْني شخصه فِي قلبِي)
وَمِنْه من الدوبيت
(زارت سحرًا تراقب السُّمّارا ... رعياً وتراعى بِالْبُيُوتِ النّارا)
(بالمهجة أفدي خاطراً عنّ لَهَا ... حَتَّى ركبت من أَجلي الأخطارا)
وَمِنْه من الدوبيت
(لَا أستمع الحَدِيث من غَيْركُمْ ... من لذّه فكري واشتغالي بكم)
(ألوي نَظَرِي كأنني أفهمهُ ... من قَائِله وخاطري عنْدكُمْ)
وَمِنْه من الدوبيت
(فِي وجنته من مهج العشاق ... مَا قَامَ دَلِيله على الإهراق)
(والسّالف قد دبَّ على جمرتها ... قالورد يرى من خلل الأوراق)
)
وَمِنْه فِي كشتوان من الْخَفِيف
(أَنا عونٌ على بُلُوغ المرام ... ولي اسْم بالعون والنفع سَام)
أَنا بِي يتَّقى الْحَرِير من اللّبْس ولبسي فِي غَايَة الابهام وَمِنْه من السَّرِيع
(يعبث عجبا بقلوب الورى ... فِي الشُّح بالوصل وبذل السَّماح)
(يؤيس بالنرجس من يجتني ... فَإِن لوى أطْعمهُ بالإقاح)
وَأورد لَهُ الشَّيْخ شمس الدّين فِي تَرْجَمَة عبد الْحق بن إِبْرَاهِيم بن سبعين من مخلع الْبَسِيط
(مظَاهر الْحق لَا تعدُّ ... وَالْحق فِيهَا فَلَا يحدُّ)
(فباطنٌ لَا يكَاد يخفى ... وَظَاهر لَا يكَاد يَبْدُو)
(إِن بطن العَبْد فَهُوَ ربٌّ ... أَو ظهر الربّ فَهُوَ عبد)(11/168)
(فعين كل عين زل وجودا ... قبضٌ وبسطٌ أخذٌ ورد)
وَمن شعر جوبان أَيْضا قَوْله من الْمُحدث
(سَار مَذْمُوم ركبهمْ ... وَهُوَ عنّي مجنَّب)
(فَأَنا الْيَوْم بعدهمْ ... بالمغاني أسبِّب)
وَكتب على قَوس من الْخَفِيف
(أَنا عون على هَلَاك عداكا ... زادك الله نصْرَة وحماكا)
(فادعني فِي الوغى تجدني صبوراً ... نَافِذ السّهم فِي العدى فتاكا)
بِي فِي الْحَرْب نلْت مطلبك الْأَقْصَى وَمَا بِي من قدرَة لولاكا وَمن شعره من مجزوء الوافر
(قطعت الْعُمر منعكفاً ... على نضييع أوقاتي)
(فَمن أسفٍ على الْمَاضِي ... وَمن حرصٍ على الْآتِي)
وَمِنْه من السَّرِيع
(لما بدا الشَّعر على سالفيه ... سعى بِهِ من كَانَ يسْعَى إِلَيْهِ)
(مَا عَايَنت من قبله مقلتي ... بَدْرًا عراه النّقص من جانبيه)
وَقيل إِنَّه كَانَ يهوى غُلَاما حسنا عِنْد معلّم فَكَانَ إِذا توجَّه إِلَى حانوته أَشَارَ إِلَيْهِ الْغُلَام بِأَن لَا)
يقف خوفًا من معلّمه فَقَالَ من المنسرح
(أقصد حانوته فيغمرني ... أَن لَا تقف عندنَا لتهتكنا)
(فإنّ هَذَا معلّمي رجلٌ ... قد لَاطَ قسطاً من عمره وزنى)
(لَا جمّل الله من معلّمه ... بالسِّتر عرقاً إِن عَاشَ أَو دفنا)
(علَّمه صَنْعَة يعِيش بهَا ... مَعَه وَأُخْرَى بهَا أَمُوت أَنا)
قلت سكّن الْفَاء من يقف وَهِي مَفْتُوحَة وَلِهَذَا لحنٌ وسكَّن الْعين من مَعَه واللغة الفصحى تحريكها
3 - (النوين)
جوبان النوين الْكَبِير نَائِب المملكة المغليَّة كَانَ بطلاً شجاعاً مهيباً شَدِيد الْوَطْأَة كَبِير الشَّأْن كير الْأَمْوَال عالي الهمة صَحِيح الْإِسْلَام ذَا حَظّ من صلاةٍ وبرٍّ بذل الذَّهَب الْكثير حَتَّى أوصل المَاء إِلَى مَكَّة وَجرى بهَا وَلم يبْق للْمَاء ثمن يُبَاع بِهِ وَإِنَّمَا الثّمن لأجرة نقلة لَا غير
وَأَنْشَأَ مدرسة مليحة بِالْمَدِينَةِ النبويّة وتربةً ليدفن بهَا وَكَانَ لَهُ ميل كثير إِلَى الْإِسْلَام وَهُوَ أحد الْأَسْبَاب الْكِبَار فِي تَقْرِير الصُّلْح بَين السُّلْطَان بو سعيد مخدومه وَالسُّلْطَان الْملك النَّاصِر(11/169)
أَخْبرنِي جمَاعَة من أهل رحبة مَالك بن طوق أَنه لما نزل خربندا عَلَيْهَا وَنصب المجانيق فِي منجنيق قراسنقر حجرا تعتع القلعة وشقّ مِنْهَا برجاً وَلَو رمى غَيره هدمها وَكَانَ الجوبان يطوف على العساكر وَشَاهد المحاصرين فَلَمَّا رأى ذَلِك أحضر المنجنيقي وَقَالَ لَهُ تُرِيدُ أَن أقطع يدك السَّاعَة وسبّه وذمّه بانزعاج وحنق وَقَالَ والك فِي شهر رَمَضَان نحاصر الْمُسلمين ونرميهم بحجارة المناجنيقلو أَرَادَ الْقَائِد أَن يَقُول لهَؤُلَاء الْمغل الَّذين مَعَه ارموا على هَذِه القلعة مخلاة تُرَاب كلّ واحدٍ كَانُوا طمّوها وَإِنَّمَا هُوَ يُرِيد أَن يَأْخُذهَا بالأمان من غير سفك دمٍ وَالله مَتى عدت رميت حجرا آخر سمَّرتك على سهم المنجنيق
وَحكى لي مِنْهُم عَنهُ غير وَاحِد أنّه كَانَ ينْزع النَّصل من النشاب وَيكْتب عَلَيْهِ إيّاكم تذعنوا أَو تسلِّموا وطوِّلوا روحكم فَهَؤُلَاءِ مَا لَهُم مَا يَأْكُلُونَهُ وَكَانَ يحذرنا هَكَذَا بعدة سهامٍ كَانَ يرميها إِلَى القلعة وَاجْتمعَ بالوزير وَقَالَ لَهُ هَذَا القان مَا يُبَالِي وَلَا يَقع عَلَيْهِ عتبٌ وَفِي غَد وَبعده ذَا تحدّث النَّاس أيش يَقُولُونَ نزل خربندا على الرَّحبة وَقَاتل أَهلهَا وَسَفك دِمَاءَهُمْ وهدمها فِي شهر رَمَضَان فَيَقُول النَّاس فَمَا كَانَ لَهُ نَائِب مُسلم وَلَا وَزِير مُسلم وقرّر مَعَه أَن يحدّثا القان)
خربندا فِي ذَلِك ويحسّنا لَهُ الرحيل عَن الرحبة فدخلا إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ الْمصلحَة أَن تطلب كبار هَؤُلَاءِ وقاضيهم ويطلبوا مِنْك الْأمان ونخلع عَلَيْهِم ونرحل بحرمتنا فَإِن الطابق وَقع فِي خَيْلنَا وَمَا للمغل مَا تَأْكُل خيلهم وَإِنَّمَا هم يَأْخُذُونَ قشور الشّجر ينحتونها ويطعمونها خيلهم وَهَؤُلَاء مُسلمُونَ وَهَذَا شهر رَمَضَان وَأَنت مُسلم وَتسمع قراءتهم الْقُرْآن وضجيج الْأَطْفَال وَالنِّسَاء فِي اللَّيْل فوافقهم على ذَلِك وطلبوا القَاضِي وَأَرْبَعَة أنفس من كبار البحرية وحضروا قُدَّام خربندا وخلعوا عَلَيْهِم وأعادوهم وَبَاتُوا فَمَا أصبح للمغل أثر وَتركُوا المناجنيق وأثقالها رصاصاً وَالطَّعَام والعجين وَغَيره لم يصبح لَهُ أثر هَذِه الْحَرَكَة تكفيه عِنْد الله تَعَالَى حقن دِمَاء الْمُسلمين وَرفع الْأَذَى عَنْهُم لكنه أباد عددا كثيرا من الْمغل وَجرى لَهُ مَا تقدم فِي تَرْجَمَة ايرنجي وَأخذ من الرشيد الْوَزير ألف ألف دِينَار وَقد مرَّ ذكر ابْنه تمرتاش وَابْنَته بغداذ وَكَانَ ابْنه دمشق قَائِد عشرَة آلَاف فَزَالَتْ سعادتهم وتنمّر لَهُم بوسعيد وَقتل دمشق خواجا وَلَده وهرب أَبوهُ إِلَى وَالِي هراة لائذاً بِهِ فآواه وأطلعه إِلَى القلعة ثمَّ قَتله وَنقل تَابُوت جوبان إِلَى الْمَدِينَة النبويّة لِأَن ابْنَته بغداذ جهَّزته مَعَ الركب ليدفن فِي تربته فَمَا تمّ لَهُ ذَلِك وَبلغ الْخَبَر السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فجَّهز الهجن إِلَى الْمَدِينَة وَأمرهمْ أَن لَا يمكّن من الدّفن فِي تربته فَدفن تابوته فِي البقيع وَكَانَت قتلته فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وسبعمئة وَكَانَ من أَبنَاء السِّتين لِأَنَّهُ لما قدم دمشق مَعَ قازان كَانَ من أكبر قواده رَحمَه الله تَعَالَى وَخلف من الْأَوْلَاد تمرتاش وَتقدم ذكره ودمشق ملك وصرغان شيرا وبغبصطي وسلجوكشاه وَالْملك الْأَشْرَف وَالْملك الأشتر
(الألقاب)
أَبُو الْجُود المقرىء اسْمه غياث بن فَارس(11/170)
الْحَافِظ جرجي إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
(جورجيس)
3 - (الطَّبِيب السّرياني)
جورجيس بن جِبْرِيل الطَّبِيب السّرياني
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فارسيٌ وَلَيْسَ بِهِ كَانَت لَهُ خبْرَة بالعلاج وخدم الْمَنْصُور وَكَانَ سَبَب اتِّصَاله أَن الْمَنْصُور فَسدتْ معدته فَتقدم إِلَى الرّبيع أَن يجمع الْأَطِبَّاء ويسألهم عَن رجل فَاضل حَيْثُ كَانَ فَقَالُوا لَيْسَ فِي وقتنا مثل جورجيس رَئِيس جندى سَابُور فَطَلَبه فَلَمَّا وصل قَالَ لَهُ مَا بِهِ فخفّف غذاءه ولطّف تَدْبيره فَعَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَطلب إِحْضَار ابْنه مِنْهُ فَقَالَ إِنَّه سدَّ مَكَاني لَكِن لي تلاميذ فأحضر عِيسَى بن سهلا فَسَأَلَهُ الْمَنْصُور عَن أَشْيَاء فَأجَاب فَقَالَ لجورجيس مَا أحسن مَا وصفت هَذَا التلميذ ثمَّ إِن الْمَنْصُور سيّر إِلَى جورجيس جواري يتسرّى بهنّ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ النَّصَارَى لَا يَتَزَوَّجُونَ أَكثر من وَاحِدَة وَإِذا كَانَت فِي الْحَيَاة لَا يتخذون غَيرهَا فَحسن موقعه من الْمَنْصُور وَأدْخلهُ على نِسَائِهِ وَحرمه فَلَمَّا كَبرت سنّه طلب دستوراً فَأعْطَاهُ وتمكّن ابْن سهلا وَوضع يَده على الأساقفة وَأخذ أَمْوَالهم وَكتب إِلَى مطران نَصِيبين يَسْتَدْعِي مِنْهُ أَشْيَاء من آلَات الْبيعَة ويتهدّده وَيَقُول لَهُ أَلَسْت تعلم أَن أَمر الْملك بيَدي إِن شِئْت أمرضته وَإِن شِئْت عافيته فاحتال المطران فِي إِيصَال الْكتاب إِلَى الرّبيع فَأوقف الْمَنْصُور عَلَيْهِ فَأمر بنفيه وَطلب بختيشوع بن جورجيس فَلم يزل عِنْد الْخُلَفَاء إِلَى أَيَّام هَارُون الرشيد وَقد تقدم ذكره وَلما عَاد جورجيس إِلَى بِلَاده أعطَاهُ الْمَنْصُور عشرَة آلَاف دِينَار وَكَانَت وَفَاته فِي حُدُود السِّتين والمئة
3 - (اليبرودي الطَّبِيب)
جورجيس بن يوحنا بن سهل بن إِبْرَاهِيم الْحَكِيم أَبُو الْفرج اليبروديّ النَّصراني اليعقوبي كَانَ فِي أول أمره يحمل الشِّيخ على دابّة ويبيعه فمرّ يَوْمًا على شيخ يفصد لإِنْسَان بِهِ رعافٌ فَقَالَ لَهُ لم تفصد هَذَا ألم يكفه الرعاف فَقَالَ لِأَن هَذَا يجذبه إِلَى مسامتة الْجِهَة الْأُخْرَى فَقَالَ لَهُ إِذا كَانَ الْأَمر على مَا تَقوله فَنحْن اعتدنا أَنه مَتى كَانَ نهر جَار وأردنا أَن نقطع المَاء عَنهُ جعلنَا لَهُ مسيلاً إِلَى جِهَة أُخْرَى فَيَنْقَطِع وَأَنت فَلم لَا تفعل ذَلِك من النَّاحِيَة الْأُخْرَى فَفعل ذَلِك فَانْقَطع الرُّعاف فَقَالَ لَهُ لَو اشتغلت بصناعة الطِّبّ لجاء مِنْك فَمَا اليبرودي إِلَى قَوْله وتردّد إِلَى الشَّيْخ وَترك أَهله وَأقَام بِدِمَشْق وَسَأَلَ عَمَّن يشْتَغل عَلَيْهِ فَدلَّ على بَغْدَاد فَأخذ سوار أمه)
فَبَاعَهُ وتوصّل بِهِ إِلَى بَغْدَاد واشتغل بالطب والمنطق وَالْحكمَة ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَاعْتَرضهُ قيّم حمام وَقَالَ لَهُ حلقت رَأْسِي وَأَجد الْآن فِي وَجْهي كُله انتفاخاً وحرارة عَظِيمَة وَأمره بتلطيف التَّدْبِير وَاسْتِعْمَال نقوع حامض فَامْتنعَ أَن تحدث لَهُ مَا شرا وَمن جملَة مَا خلّف اليبرودي ثلاثمئة مقطع وَخَمْسمِائة قطة فضية وزن الْقطعَة من الطفارية ثلاثمئة دِرْهَم(11/171)
(الألقاب)
ابْن الْجَوْزِيّ الْحَافِظ الْكَبِير جمال الدّين أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن مُحَمَّد ومحي الدّين يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن بن يُوسُف وسبط أبي الْفرج صَاحب الْمرْآة فِي التَّارِيخ يُوسُف بن قزغلي
الجوزذانيّة اسْمهَا فَاطِمَة بنت عبد الله
ابْن جوصا الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن عُمَيْر بن يُوسُف
ابْن أبي الْجُوع الْوراق عبد الله بن مُحَمَّد
جونقا الْكَاتِب عليُّ بن الْهَيْثَم
الجون مُوسَى بن عبد الله
(جَوْهَر)
3 - (الْقَائِد باني الْقَاهِرَة)
جَوْهَر أَبُو الْحسن الْقَائِد الرُّومِي الْمَعْرُوف بالكاتب مولى الْمعز أبي تَمِيم قدم من الْمغرب جهّزه المعزّ إِلَى ديار مصر فِي الجيوش والأهبة الوافرة فِي سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمئة فاستولى على إقليم مصر وَبنى الْقَاهِرَة وَكَانَ عالي الْأَمر نَافِذ الْكَلِمَة وَكَانَ بعد موت كافور قد انخرم النظام وأقيم فِي الْملك أَحْمد بن عَليّ بن الأخشيد وَهُوَ صَغِير وَكَانَ يَنُوب عَنهُ ابْن عَم وَالِده الْحسن بن عبيد الله بن طغج والوزير جَعْفَر بن حنزابة فقلّت الْأَمْوَال على الْجند فَكتب جمَاعَة إِلَى المعزّ يطْلبُونَ مِنْهُ عسكراً ليسلموا إِلَيْهِ مصر فنفَّذ جوهراً فِي نَحْو مئة ألف فَارس وَأكْثر فَنزل بتروجة فراسله أهل مصر فِي طلب الْأمان وَتَقْرِير أملاكهم لَهُم فأجابهم إِلَى ذَلِك وَكتب الْعَهْد فَعلم الأخشيدية بذلك فتأهّبوا لِلْقِتَالِ فجاءتهم الْكتب والعهود(11/172)
فاختلفت كلمتهم ثمَّ أمّروا عَلَيْهِم ابْن الشُّويزاني وتوجّهوا لِلْقِتَالِ نَحْو الجزيرة وحفظوا الجسور فوصل جَوْهَر إِلَى الجزيرة وَوَقع بَينهم الْقِتَال فِي حادي عشر شعْبَان ثمَّ سَار جَوْهَر إِلَى منية الصيادين وَأخذ مخاضة شلقان وَوصل إِلَى جوهرطائفة من الْعَسْكَر فِي مراكب وَحفظ أهل مصر الْبَلَد فَقَالَ جَوْهَر للأمير جَعْفَر بن فلاح لهَذَا الْيَوْم خبّأك الْمعز فَعبر عُريَانا بسراويل وَهُوَ فِي مركب وَمَعَهُ الرِّجَال خوضاً فوصلوا إِلَيْهِم وَوَقع الْقِتَال بَينهم فَقتل خلقٌ كثير من الأخشيدية وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ ثمَّ أرْسلُوا يطْلبُونَ الْأمان فأمَّنهم جَوْهَر وَحضر رَسُوله وَمَعَهُ بند أَبيض وَطَاف بالأمان وَمنع من النّهب وَفتحت الْأَسْوَاق وَدخل جَوْهَر من الْغَد فِي طبوله وبنوده وَعَلِيهِ ثوب ديباجٍ مَذْهَب
وَنزل مَوضِع الْقَاهِرَة الْيَوْم واختطها وحفر أساس الْقصر لليلته وَأرْسل إِلَى مَوْلَاهُ المعزّ يبشره بِالْفَتْح وَبعث إِلَيْهِ برؤوس الْقَتْلَى وَقطع خطْبَة بني الْعَبَّاس وَلبس السّواد وألبس الخطباء الْبيَاض وَأمرهمْ أَن يَقُولُوا فِي الْخطْبَة اللَّهُمَّ صلى على مُحَمَّد الْمُصْطَفى وعَلى عَليّ المرتضى وعَلى فَاطِمَة البتول وعَلى الْحسن وَالْحُسَيْن سبطي الرَّسُول وَصلى الله على الْأَئِمَّة آبَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمعز بِاللَّه ثمَّ فِي ربيع الآخر سنة تسع وَخمسين أذَّنوا فِي مصر بحيّ على خير الْعَمَل واشتهر ذَلِك وَكتب إِلَى الْمعز يبشّره بذلك وَفرغ من بِنَاء جَامع الْقَاهِرَة فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَالظَّاهِر أَنه الْجَامِع الْأَزْهَر)
وَكَانَ جَوْهَر حسن السِّيرَة فِي الرّعية وَلما مَاتَ رثاه جمَاعَة من الشُّعَرَاء وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمئة وَكَانَ عبيديّ العقيدة
وَلما خرج الْمعز لوداعه من الغرب وقف جَوْهَر بَين يَدي الْمعز مُتكئا على قوسه يحدثه زَمَانا طَويلا ثمَّ قَالَ لأولاده انزلوا لوداعه فنزلوا عَن خيولهم وَنزل أهل الدولة ثمَّ قبَّل جَوْهَر يَد الْمعز وحافر فرسه فَقَالَ لَهُ اركب وَسَار بالعساكر وَلما رَجَعَ الْمعز إِلَى قصره أنفذ لجوهر ملبوسه وكلَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ وفرسه سوى خَاتمه وسراويله وَكتب المعزّ إِلَى عَبده أَفْلح صَاحب برقة أَن يترجل للقائه وَيقبل يَده لِقَائِه فبذل أَفْلح مئة ألف دِينَار على أَن يُعْفَى من ذَلِك فَلم يعفه وَفعل مَا أَمر بِهِ
3 - (بنت الدَّوامي)
جَوْهَرَة بنت هبة الله بن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن الدَّوامي البغدادية كَانَت من أَوْلَاد الرؤساء وصحبت الشَّيْخ أَبَا النجيب وَسمعت مَعَه الحَدِيث واشتغلت بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَتَزَوَّجت بِابْنِهِ عبد الرَّحِيم وَهِي أم ابْنَته سيّدة وَسمعت أَبَا الْوَقْت قَالَ محب الدّين بن النجار كتبت عَنْهَا وَكَانَت صَالِحَة صَادِقَة وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى سنة أَربع وستمئة بعد أَن تَوَضَّأت وصلت عشَاء الْآخِرَة وَكَانَت واعظة وَهِي أُخْت الشَّيْخ أبي عَليّ الْحسن بن الدّوامي(11/173)
(الألقاب)
الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح فِي اللُّغَة أَبُو نصر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد
الْجَوْهَرِي مُسْند بَغْدَاد عَليّ بن الْجَعْد
الْجَوْهَرِي الصاحب بدر الدّين مُحَمَّد بن مَنْصُور
الْجَوْهَرِي الْحَافِظ إِبْرَاهِيم بن سعيد
الْجَوْهَرِي الشَّاعِر اسْمه يُوسُف
(جوَيْرِية)
3 - (أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا)
جوَيْرِية أم الْمُؤمنِينَ بنت الْحَارِث المصطلقيَّة سباها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْمُريْسِيع سنة خمس كَانَ اسْمهَا برّة فغيَّره قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَت امْرَأَة حلوة ملاّحة لَا يَرَاهَا أحد إلاّ أخذت بِنَفسِهِ وَكَانَت قد وَقعت فِي سهم ثَابت بن قيس بن شماس فكاتبها فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتَابَتهَا وتزوّجها سنة سِتّ وَتوفيت سنة سِتّ وَخمسين وَقيل سنة خمسين وروى لَهَا البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن قدامَة التَّمِيمِي)
جوَيْرِية بن قدامَة التَّمِيمِي قَالَ أَبُو حَاتِم وَلَيْسَ بعمّ الْأَحْنَف بن قيس ذَاك جَارِيَة بن قدامَة(11/174)
روى عَن عمر بن الْخطاب روى عَنهُ أَبُو حَمْزَة الضّبعي
3 - (أَبُو مُخَارق الْبَصْرِيّ)
جوَيْرِية بن إِسْمَاعِيل بن عبد بن مِخْرَاق الضُّبعي الْبَصْرِيّ سمع نَافِعًا روى عَنهُ ابْن ابْنه عبد الله بن مُحَمَّد وَكَانَ أحد الثِّقَات قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ بَأْس وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين ومئة
الْجُوَيْنِيّ الْكَاتِب الشَّاعِر اسْمه الْحسن بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم
الْجُوَيْنِيّ الصّوفي مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن عبد الله
الْجُوَيْنِيّ عَلَاء الدّين صَاحب الدِّيوَان عطا ملك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
(جيّاش)
3 - (صَاحب زبيد)
جيّاش بن نجاح الحبشي ملك زبيد لَهُ حكايات مَشْهُورَة فِي إِخْرَاجه عَن ملكه وتغرّبه فِي بِلَاد الْهِنْد وَرُجُوع الْملك لَهُ وَهُوَ مَذْكُور فِي الخريدة وَقيل إِن ديوانه فِي عدَّة مجلدات نظماً ونثراً
وَهُوَ الَّذِي صنّف كتاب الْمُفِيد فِي أَخْبَار زبيد
وَمن شعره من الطَّوِيل
(ويحسدني قومِي فأكرمهم فَهَل ... سواي حوى الْإِكْرَام مِنْهُ حسوده)
(وَلَو متُّ قَالُوا أظلم الجوُّ بعده ... وغاض الحيا الهطّال مذ غاض جوده)
وَمِنْه من الْخَفِيف مَا انْتِظَار الدجّال إِذْ أَنا ألْقى الْيَوْم كم من مداهن دجال(11/175)
(لَيْسَ فيهم من سائلٍ عَن صلاحٍ ... لي وَلَا من مقصِّر فِي سُؤَالِي)
وَمِمَّا أَجَاد فِيهِ الْملك أَبُو الطّامي جياش قَوْله من الطَّوِيل
(كثيب نقاً من فَوْقه خوط بانةٍ ... بأعلاه بدر فَوْقه ليل ساهر)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(إِذا كَانَ لمالمرء عون عدوّه ... عَلَيْهِ فإنَّ الْجَهْل أبقى وأروح)
(وَفِي الصفح ضعفٌ والعقوبة قوةٌ ... إِذا كنت تَعْفُو عَن كفورٍ وتصفح)
وَمِنْه من الوافر
(تذوب من الحيا خجلاً بلحظي ... كَمَا قد ذبت من نَظَرِي إليكا)
(أهابك ملْء صَدْرِي إِذْ فُؤَادِي ... بجملته أسيرٌ فِي يديكا)
وَكتب إِلَيْهِ ابْن القمّ الشَّاعِر من الْكَامِل
(يَا أَيهَا الْملك الَّذِي خضعت لَهُ ... غلب الْمُلُوك نواكسي الأذقان)
(أَتَرَى الَّذِي وسع الْخَلَائق كلَّها ... يَا بن النَّصير يضيق عَن إِنْسَان)
فَأَجَابَهُ جياش من الْكَامِل
(لَا وَالَّذِي أرسى الْجبَال قواعداً ... ذِي العزّة الْبَاقِي وكلٌّ فان)
(مَا إِن يضيق برحبنا لَك منزلٌ ... وَلَو أَنه فِي بَاطِن الأجفان)
)
قلت شعر جيد
(الألقاب)
ابْن جيّان الْكَاتِب المغربي اسْمه مُحَمَّد بن عَطِيَّة
الجيّاني الأندلسي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد
الجيروني أَبُو الْفضل إِسْمَاعِيل بن عَليّ
الجيزي صَاحب الشَّافِعِي الرّبيع بن سُلَيْمَان
(جَيش)
3 - (ابْن طولون)
جَيش بن خمارويه بن طولون تملك بعد قتل أَبِيه بِدِمَشْق ثمَّ صَار(11/176)
إِلَى مصر فَوَثَبَ عَلَيْهِ أَخُوهُ هَارُون فَقتله لكَونه قتل عميّه وَكَانَت قتلته فِي حُدُود التسعين والمئتين
3 - (الْقَائِد أَمِير دمشق)
جَيش بن مُحَمَّد بن صمصامة أَمِير دمشق الْقَائِد أَبُو الْفَتْح وَليهَا من قبل خَاله أبي مَحْمُود الكتامي سنة ثَلَاث وسين وثلاثمئة ثمَّ إِنَّه وَليهَا سنة سبعين بعد موت خَاله ثمَّ وَليهَا وسع وَثَمَانِينَ إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ جبّاراً ظَالِما سفّاك الدِّمَاء أخّاذاً للأموال كثر دُعَاء أهل دمشق عَلَيْهِ وابتهالهم إِلَى الله تَعَالَى فِيهِ فَهَلَك فالجذام سنة تسعين وثلاثمئة
(العمانى)
جَيْفَر بن الجلندي الْعمانِي والصحابي كَانَ رَئِيس عمان هُوَ وَأَخُوهُ عبد بن الجلندي أسلما على يَد عَمْرو بن الْعَاصِ حَيْثُ بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عمان وَلم يقدما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرياه وَكَانَ إسلامهما بعد خَيْبَر
(الألقاب)
الجيلي قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين نصر بن عبد الرَّزَّاق
الجيلي الشَّافِعِي اسْمه شَافِع بن عبد الرشيد
وعماد الدّين أَبُو بكر بن هِلَال بن عيّاد
وَعبد الْعَزِيز بن عبد الْكَرِيم شَارِح التَّنْبِيه
ابْن جياء الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْزَة(11/177)
الجيهاني مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر
(حرف الْحَاء)
(حَابِس)
(أَبُو حيّة التَّمِيمِي)
حَابِس أَبُو حيَّة بن ربيعَة التَّمِيمِي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة فِيمَا يُقَال يعدّ فِي الْبَصرِيين روى عَنهُ ابْنه حيّة وَفِي حَدِيثه اخْتِلَاف على يحيى بن أبي كثير يُقَال إِنَّمَا رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(الطَّائِي قَاضِي حمص)
حَابِس بن سعد الطَّائِي ولي قَضَاء حمص زمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَقتل يَوْم صفّين سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ مَعَ مُعَاوِيَة وَهُوَ صَحَابِيّ دَعَاهُ(11/178)
عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُرِيد أوليَّك قَضَاء حمص فَكيف أَنْت صانع فَقَالَ أجتهد رَأْيِي وأشاور جلسائي فَقَالَ انْطلق فَلم يمض إلاّ يَسِيرا حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي رَأَيْت رُؤْيا أَحْبَبْت أَن أقصّها عَلَيْك قَالَ هَاتِهَا قَالَ رَأَيْت كَأَن الشَّمْس أَقبلت من الْمشرق وَمَعَهَا جمع عَظِيم وكأنّ الْقَمَر أقبل من الْمغرب وَمَعَهُ جمع عَظِيم فَقَالَ لَهُ عمر مَعَ أَيهمَا كنت قَالَ مَعَ الْقَمَر فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ كنت مَعَ الْآيَة الممحوة لَا وَالله لاتلي لي عملا أبدا وردّه فَشهد صفي مَعَ)
مُعَاوِيَة وَكَانَت مَعَ راية طيءٍ فَقتل وَهُوَ ختن عديّ بن حَاتِم الطَّائِي وخال ابْنه زيد بن عدي وَقتل زيدٌ قَاتله غدراً فأقسم أَبوهُ عديٌّ ليدفعنه إِلَى أوليائه فهرب إِلَى مُعَاوِيَة
(حَاتِم)
3 - (الْأَصَم الزَّاهِد)
حَاتِم الْأَصَم الزَّاهِد توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ لَهُ كَلَام عَجِيب فِي الزّهْد والوعظ وَالْحكم وَكَانَ يُقَال لَهُ لُقْمَان هَذِه الْأمة حكى عَنهُ سعيد بن الْعَبَّاس الصّيرفي وَالْحسن بن سعد السقاء وَغَيرهمَا وَكَانَ قد صحب شقيقاً الْبَلْخِي وتأدب بآدابه
قَالَ السلفيّ هُوَ حَاتِم بن عنوان وَيُقَال ابْن يُوسُف روى عَن شَقِيق الْبَلْخِي وَسَعِيد بن عبد الله الماهياني قَالَ وروى عَنهُ عبد الله بن سهل الرَّازي وَأحمد بن خضرويه البلخيّ الزَّاهِد وَمُحَمّد بن فَارس الْبَلْخِي وَقَالَ حَاتِم مَرَرْت براهب فِي صومعة فَسَأَلته عَن مَسْأَلَة فَقَالَ مَكَانك ثمَّ أدحل رَأسه فِي صومعته فَلَمَّا كَانَ بعد أُسْبُوع أخرج رَأسه وَقَالَ أَنْت هَا هُنَا فَقلت نعم للموعد فَمَا الَّذِي حَبسك عني فَقَالَ كنت على غير طهرٍ فَعرض لقلبي شَيْء فَلم أزل أكفر فِيهِ إِلَى الْيَوْم ثمَّ قَالَ لي من أَيْن كنت قلت من بلخٍ قَالَ إِلَى من كنت تجْلِس قلت إِلَى(11/179)
شَقِيق الْبَلْخِي قَالَ فايش سمعته يَقُول قلت سمعته يَقُول لَو كَانَت السَّمَاء من نُحَاس وَالْأَرْض من حَدِيد فَلَا السَّمَاء تمطر وَلَا الأَرْض تنْبت وَكَانَ عيالي مَا بَين الْخَافِقين لم أبال فَقَالَ الراهب لَا تجْلِس إِلَيْهِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ يفكر فِيمَا لم يكن كَيفَ لم يكن وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يفكر فِيمَا كَانَ كَيفَ كَانَ لَا تجالسه فَإِنَّهُ فَاسد الْفِكر
3 - (السلميّ)
حَاتِم بن أبي سحيم السُّلمي كَانَ مَعَ عبد الله بن حَازِم بخراسان وَهُوَ الْقَائِل يفخر بوقائع ابْن حَازِم من الطَّوِيل
(أَلا هَل أَتَى أهل الْعرَاق مناخنا ... نقسّم بَين النَّاس بؤسى وأنعما)
(بأبيض معقودٍ بِهِ التَّاج ماجدٍ ... وفتيان صدقٍ لَا يهابون مقدما)
(ونضرب صنديد الكتيبة فِي الوغى ... ونركب أَطْرَاف العوالي تكرما)
(فَتلك الَّتِي لَا خير فِي الْعَيْش بعْدهَا ... إِذا أَسْلمُوا فِيهَا الرئيس المعمَّما)
3 - (ابْن مدرك السُّلمي)
)
حَاتِم بن مدرك السّلمِيّ مدنِي مُحدث كَانَ فِي عصر الرشيد يَقُول لِابْنِ أبي صبح الْمُزنِيّ وَقد اصطلحا بعد نبوة كَانَت بَينهمَا من الطَّوِيل
(دَعَاني أَبُو عَمْرو إِلَى الله دَعْوَة ... أصَاب بهَا مَا فِي فُؤَادِي وَلَا يدْرِي)
(إِلَى خلق من خير من وطىء الْحَصَا ... وَفِي يَوْمه من فِي الأساطين والقبر)
(فتبنا وأشهدنا الْإِلَه وَإِن نعد ... بنقضٍ فَمَا من توبةٍ آخر الدّهر)
3 - (الْحَافِظ أَبُو اسماعيل)
حَاتِم بن إِسْمَاعِيل الْحَافِظ أَبُو اسماعيل الْمدنِي مولى بن عبد المدان أَصله كوفيّ قَالَ ابْن حَنْبَل هُوَ أحبّ إليّ من الدَّراوردي وَقَالَ غير واحدٍ ثقةٌ قبل مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ ومئة وَهُوَ الصَّحِيح وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد(11/180)
وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (الألقاب)
أَبُو حَاتِم السجسْتانِي اسْمه سهل بن مُحَمَّد يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين
الْحَاتِمِي اسْمه مُحَمَّد بن الْحسن وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين فليطلب هُنَاكَ
أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ اسْمه مُحَمَّد بن إِدْرِيس
ابْن حَاتِم البعلبكي إِبْرَاهِيم بن أَحْمد
(حَاجِب)
3 - (المنبجي)
حَاجِب بن سُلَيْمَان المنبجي روى عَن عَطاء بن يزِيد قَالَ النَّسَائِيّ هُوَ ثِقَة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر لَا بَأْس بِهِ
3 - (الأشْهَلِي الصّحابي)
حَاجِب بن يزِيد الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي قُتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا وَهُوَ فِي عداد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم
3 - (ابْن زيد الصّحابي)
حَاجِب بن زيد بن تيم بن خفاف بن بياضة شهد أحدا ذكره الطَّبَرِيّ فِي الصّحابة رَضِي الله عَنْهُم
3 - (أَبُو أَحْمد الشاميء)
حَاجِب بن الْوَلِيد الْأَعْوَر أَبُو أَحْمد الشَّامي الْمُؤَدب نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ مُسلم وَأحمد بن سعيد الدّارمي والذهلي وَابْن(11/181)
أبي الدُّنْيَا وَثَّقَهُ بن حبَّان وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين ومئتين
3 - (أَبُو مُحَمَّد الطوسي)
حَاجِب بن أَحْمد بن يرحم بن سُفْيَان أَبُو مُحَمَّد الطوسي كَانَ يزْعم أَنه ابْن مئة وثمان سِنِين
توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلاثمئة
3 - (الثقفيّ أَخُو عِيسَى)
حَاجِب بن عمر الثَّقَفِيّ أَخُو عِيسَى بن عمر وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَخمسين ومئة
(الألقاب)
ابْن الْحَاج الْقُرْطُبِيّ القنائي الْمَالِكِي اسْمه شِيث بن إِبْرَاهِيم الحاجي مُحَمَّد بن سهل بن الْحَاج إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَآخر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
ابْن الْحَاجِب مُحَمَّد بن أَحْمد
ابْن الْحَاجِب الشَّاعِر تقدّم ذكره فِي المحمدين
ابْن الْحَاجِب الْحَافِظ اسْمه عمر بن مُحَمَّد بن مَنْصُور)
ابْن الْحَاجِب جمال الدّين النَّحْوِيّ عُثْمَان بن عمر بن أبي بكر
ابْن حَاجِب النُّعْمَان جماعةٌ مِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز
وَمِنْهُم عليّ بن عبد الْعَزِيز الحاجري
حسام الدّين عِيسَى بن سنجر
(حاجيّ)
3 - (المظفر بن النَّاصِر)
حاجيّ بن مُحَمَّد بن قلاوون السُّلْطَان الْملك المظفر سيف الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور ولد أَبوهُ فِي الْحجاز سنة اثْنَتَيْنِ(11/182)
وَثَلَاثِينَ وسبعمئة كَانَ أَخُوهُ الْملك الْكَامِل شعْبَان قد حَبسه وَأَرَادَ إهلاكه وَقيل أَنه أَمر أَن يبْنى عَلَيْهِ حائطٌ وَكَانَ الْأُمَرَاء قد كتبُوا إِلَى نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا بِأَن يبرِّز إِلَى ظَاهر دمشق فيرَّز كَمَا يَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمته فِي حرف الْيَاء فَاحْتَاجَ الْكَامِل إِلَى أَن يجرّد إِلَى الشَّام عسكراً فَخَرجُوا إِلَى السّعيدية أَو الخطَّارة وَرَجَعُوا إِلَيْهِ فَركب وَنزل إِلَيْهِم فنصرهم الله عَلَيْهِ وجرحوا الْأَمِير سيف الدّين أرغون العلائي فِي وَجهه وخلعوا الْكَامِل وصعدوا إِلَى القلعة وأخرجوا حاجيّ من سجنه وأجلسوه على كرْسِي الْملك وحلفوا لَهُ وَكَانَ الْقَائِم بذلك الْأُمَرَاء سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي وشمس الدّين آقسنقر والأمير سيف الدّين أرغون شاه وَالَّذِي جرح العلائي الْأَمِير شُجَاع الدّين اغرلو وَكَانَ جُلُوس الْملك المظفر على تخت الْملك فِي مستهلّ جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَأَرْبَعين وسبعمئة وخلع فِي ثَانِي عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسبعمئة فَكَانَ ملكه سنة وَثَلَاثَة أشهر واثني عشر يَوْمًا
وَورد الْأَمِير سيف الدّين بيغرا إِلَى الشَّام وَحلف عَسْكَر الشَّام للْملك المظفر عقيب جُلُوسه على التخت وانتظمت لَهُ الْأَحْوَال وسكنت الدولة وصفت الْأُمُور إِلَى أَن أمسك الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي والأمير شمس الدّين آقسنقر وَسيف الدّين قرابغا وَسيف الدّين يتمش وَسيف الدّين صمغار وَسيف الدّين بزلار وَسيف الدّين طقبغا وَأمْسك جمَاعَة من أَوْلَاد الْأُمَرَاء بِالْقَاهِرَةِ فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ وتوحّش الْأَمِير سيف الدّين يلبغا وَجرى مِنْهُ مَا جرى على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته وَكَانَ الَّذِي فعل لَهُ ذَلِك وَقَامَ بإمساك الْمَذْكُورين الْأَمِير شُجَاع الدّين أغرلو فأمسكه وفتك بِهِ بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَنسب النَّاس ذَلِك إِلَى مواطأته مَعَ الْأَمِير سيف الدّين الجيبغا)
الخاصكي ثمَّ إِنَّه همَّ بالجيبغا وَغَيره وفرّق أَكثر مماليك السُّلْطَان وأخرجهم إِلَى الشَّام وَإِلَى الْوَجْه البحري والقبلي بَعْدَمَا قتل الْأَمِير سيف الدّين بيدمر البدري والأمير سيف الدّين طغيتمر الدّوادار والأمير نجم الدّين مَحْمُود بن شيروين الْوَزير قبل الفتك بأغرلو وَهَؤُلَاء الْأُمَرَاء وَالَّذين قبلهم هم كَانُوا بَقِيَّة الدولة الناصرية وكبارها وَله الْمَعْرُوف وَالْخَيْر والصَّدقات فَزَاد توحش النَّاس مِنْهُ وَركب الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي النَّائِب بِمصْر وغالب الْأُمَرَاء والخاصكيّة إِلَى قبَّة النَّصْر فَجَاءَهُ الْخَبَر فَركب فِي من بَقِي عِنْده بالقلعة وهم مَعَه فِي الظَّاهِر دون الْبَاطِن فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ سَاق بِنَفسِهِ إِلَيْهِم فجَاء إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين بيبغا أروس أَمِير مجْلِس وطعنه وَقَلبه إِلَى الأَرْض وضربه الْأَمِير سيف الدّين طان يرق بالطّبر من خَلفه فجرح وَجهه وأصابعه وكتفوه وأحضروه إِلَى بَين يَدي الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي ليَقْتُلهُ فَلَمَّا رَآهُ نزل وترجّل وَرمى عَلَيْهِ قباءه وَقَالَ أعوذ بِاللَّه هَذَا سُلْطَان ابْن سُلْطَان مَا أَقتلهُ فأخذون ودخلوا بِهِ إِلَى تربة هُنَاكَ وَقضى الله أمره فِيهِ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور ثمَّ إِن الْأُمَرَاء بِالْقَاهِرَةِ اجْتَمعُوا وَكَتَبُوا إِلَى نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه يعرِّفونه الْقَضِيَّة وَيطْلبُونَ مِنْهُ وَمن الْأُمَرَاء بِالشَّام من يصلح للسلطنة وجهّزوا الْكتاب على يَد الْأَمِير سيف الدّين اسنبغا(11/183)
المحمودي السِّلَاح دَار وَكَانَ ذَلِك فِي بكرَة الْأَحَد ثَانِي عشر شهر رَمَضَان فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشر الشَّهْر الْمَذْكُور عقدوا أَمرهم على أَن يولُّوا الْملك أَخَاهُ الْملك النَّاصِر نَاصِر الدّين حسن بن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فَأَجْلَسُوهُ على الْكُرْسِيّ وحلفوا وَكَتَبُوا إِلَى الشَّام بذلك وَحلف عَسْكَر الشَّام للناصر حسن فسبحان من لَا يَزُول ملكه وَقلت فِي ذَلِك وَفِيه لُزُوم مَا لَا يلْزم من الْفَاء المشدّدة من المجتث
(خَان الرَّدى للمطفّر ... وَفِي التُّرَاب تعفّر)
(كَمَا قد أباد أَمِيرا ... على الْمَعَالِي توفَّر)
(وَقَاتل النَّفس ظلما ... ذنُوبه مَا تكفَّر)
وَقيل إِنَّه مِمَّا كَانَ السَّبب فِي خلعه وَقَتله أَن الْأَمِير سيف الدّين ألجيبغا الخاصكي أَتَى إِلَيْهِ يَوْمًا فَوَجَدَهُ فَوق سطح يلْعَب بالحمام فلمّا أحس بِهِ نزل فَقَالَ من هَذَا قبل لَهُ ألجيبغا فَطَلَبه فَصَعدَ إِلَيْهِ وَكَانَت الوحشة قد ثارت فَقَالَ لَهُ مَا يَقُول النَّاس فَقَالَ خيرٌ فألحّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ خوند أَنْت تدبّر الْملك بِرَأْي الخدّام وَالنِّسَاء وتلعب بِهَذِهِ الْحمام فاعتاظ مِنْهُ وَقَالَ مَا بقيت)
أَلعَب بهَا ثمَّ أَخذ مِنْهَا طائرين وذبحهما وَلما رآهما مذبوحين طَار عقله وَقَالَ وَالله لَا بدَّ مَا أحزّ رَأسك هَكَذَا فَتَركه وَمضى فَنزل المظفر وَقَالَ لخواصّه يَا صبيان مَتى دخل هَذَا إِلَى بضّعوه بِالسُّيُوفِ فَسمع ذَلِك بعض الجمداريّة فَخرج إِلَى الْأَمِير سيف الدّين ألجيبغا وَقَالَ لَهُ لَا تعد تدخل إِلَيْهِ وعرّفه الصُّورَة فَخرج وَعمل على مُقْتَضى ذَلِك وَضاع ملكه وروحه مِنْهُ لأجل الْحمام فَقلت من الْخَفِيف
(أَيهَا الْعَاقِل اللبيب تفكر ... فِي المليك المظفر الضرغام)
(كم تَمَادى فِي الْبَغي والغيِّ حَتَّى ... كَانَ لعب الْحمام جدّ الْحمام)
(الْحَارِث)
3 - (الْأنْصَارِيّ الصّحابي)
الْحَارِث بن أَوْس بن معَاذ بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ وَهُوَ ابْن أخي سعد بن معَاذ شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحدٍ شَهِيدا وَله يَوْمئِذٍ ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة وَلَا تعرف لَهُ رِوَايَة
3 - (ابْن البرصاء)
الْحَارِث بن مَالك بن قيس بن عوذ اللَّيثي من لَيْث بن بكر(11/184)
الْمَعْرُوف بِالْحَارِثِ بن البرصاء وَهِي أمّه وَيُقَال أم أَبِيه وَهِي البرصاء بنت ربيعَة وَقيل بنت عبد الله بن ربيعَة وَهُوَ حجازي أَقَامَ بِمَكَّة ثمَّ نزل الْكُوفَة روى عَنهُ عبيد بن جريج وَالشعْبِيّ
3 - (الْجعْفِيّ العابد)
الْحَارِث بن قيس الْجعْفِيّ الْكُوفِي العابد صحب عليا وَابْن مَسْعُود وَلَا يكَاد يُوجد لَهُ حَدِيث مُسْند توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأَشْعَرِيّ)
الْحَارِث بن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ يعدُّ من الشامّيين روى عَنهُ أَبُو سلاّم الحبشيّ وَعبد الرَّحْمَن بن غنم
3 - (الغامدي)
الْحَارِث بن الْحَارِث الغامدي روى الفردوس سرَّة الْجنَّة قَالَ وَهُوَ كَقَوْلِك بطن الْوَادي وَهُوَ أسرّ مَا هُنَاكَ وَأحسنه
وَمن حَدِيثه أنّه سمع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لابنته زَيْنَب حمِّري عَلَيْك نحرك وَكَانَ)
قد بدا نحرها وَهِي تبْكي لمّا نزل برَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم من قُرَيْش مَا نزل فَقَالَ لَهَا لَا تخافي على أَبِيك غيلَة وَلَا ذلاً رَوَاهُ عَنهُ الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي
3 - (فَارس النَّبِي أَبُو قَتَادَة)
الْحَارِث بن ربعيّ الْأنْصَارِيّ أَبُو قَتَادَة وَاخْتلف فِي اسْمه قيل هُوَ النُّعْمَان بن ربعي وَقيل النُّعْمَان بن عَمْرو بن تلمدة وَقيل عَمْرو بن ربعي الْأنْصَارِيّ هُوَ أَبُو قَتَادَة فَارس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتلف فِي شُهُوده بَدْرًا وَشهد أحدا وَمَا بعْدهَا(11/185)
من الْمشَاهد روى عَنهُ ابْنه عبد الله وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَخمسين
وَقيل مَاتَ فِي خلَافَة عليّ بن أبي طَالب بِالْكُوفَةِ وَكَانَ شهد مَعَه مشاهده كلهَا وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَصلى عَلَيْهِ عليّ فكبّر عَلَيْهِ سبعا وَهُوَ مِمَّن غلبت عَلَيْهِ كنيته
ذكر الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه أبي قَتَادَة قَالَ أدركني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذِي قرد فَنظر إليّ وَقَالَ اللَّهُمَّ بَارك فِي شعره وبشره وَقَالَ أَفْلح وَجهك قلت ووجهك يَا رَسُول الله قَالَ فَمَا الَّذِي بِوَجْهِك قلت سهم رميت بِهِ يَا رَسُول الله قَالَ فادن شَيْئا فدنوت مِنْهُ فبصق عليّ فَمَا ضرب عليَّ قطّ وَلَا قاح وَقيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي قَتَادَة من اتخذ شعرًا فليحسن إِلَيْهِ أَو ليحلقه وَقَالَ لَهُ أكْرم جمَّتك وَأحسن إِلَيْهَا فَكَانَ يرجّلها غبّاً
3 - (وَالِي مَكَّة)
الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن هَاشم صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولد لَهُ على عَهده عبد الله بن الْحَارِث الَّذِي يُقَال لَهُ ببَّه اصْطلحَ عَلَيْهِ أهل الْبَصْرَة حِين مَاتَ مُعَاوِيَة كَذَا قَالَه مُصعب الزُّبيري
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ كَانَ الْحَارِث على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا وَأسلم عِنْد إِسْلَام أَبِيه نَوْفَل وَكَانَت تَحْتَهُ درّة بنت أبي لَهب بن عبد الْمطلب
قَالَ غَيرهمَا ولّى أَبُو بكر الْحَارِث مَكَّة ثمَّ انْتقل إِلَى الْبَصْرَة من الْمَدِينَة واختط بِالْبَصْرَةِ دَارا فِي ولَايَة عبد الله بن عَامر وَمَات بهَا فِي آخر خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
3 - (ابْن خَالِد التَّيميّ)
الْحَارِث بن خَالِد بن صَخْر بن عَامر الْقرشِي التَّيْمِيّ كَانَ قديم الْإِسْلَام بِمَكَّة وَهَاجَر إِلَى)
الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة مَعَ امْرَأَته ريطة بنت الْحَارِث فَولدت لَهُ مُوسَى وَزَيْنَب وَإِبْرَاهِيم وَعَائِشَة وهلكوا بِالْحَبَشَةِ وَقيل خَرجُوا مَعَ أَبِيهِم فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق(11/186)
شربوا من مَاء فهلكوا جَمِيعًا إلاّ الْحَارِث وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزوّجه بنت يزِيد بن هَاشم بن الْمطلب وَمن وَلَده مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث المحدِّث الْمدنِي
3 - (ابْن قيس السَّهْمِي)
الْحَارِث بن قيس الْقرشِي السَّهمي كَانَ أحد أَشْرَاف قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَإِلَيْهِ كَانَت الْحُكُومَة وَالْأَمْوَال الَّتِي كَانَت يسمّونها لآلهتهم ثمَّ اسْلَمْ وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة مَعَ بنيه الْحَارِث وَبشر وَمعمر
3 - (ابْنه)
الْحَارِث بن الْحَارِث بن قيس ابْن الَّذِي تقدّم اسْلَمْ وَهَاجَر مَعَ أَبِيه وأخوته إِلَى الْحَبَشَة كَمَا تقدّم
3 - (أَبُو خزمة الصَّحَابِيّ)
الْحَارِث بن خزمة بِسُكُون الزَّاي أَبُو خزمة وَقيل الْحَارِث بن خُزَيْمَة شهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد وَمَات بِالْمَدِينَةِ رَضِي الله عَنهُ سنة أَرْبَعِينَ
وَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِنَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ضلّت فِي غَزْوَة تَبُوك حِين قَالَ المُنَافِقُونَ هُوَ لَا يعلم خبر مَوضِع نَاقَته فَكيف يعلم خبر السَّمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ بلغه قَوْلهم إِنِّي لَا أعلم إلاّ مَا علّمني الله وَقد أعلمني مَكَانهَا وَهِي فِي الْوَادي فِي شعبكذا حبستها شَجَرَة فَانْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا بهَا فَانْطَلقُوا فجاؤا بهَا وَكَانَ الَّذِي جَاءَ بهَا من الشّعب الْحَارِث بن خُزَيْمَة وجد زمامها قد تعلق بشجرة
3 - (الثَّقَفِيّ)
الْحَارِث بن عبد الله بن أَوْس بن ربيعَة الثَّقَفِيّ وربّما قيل لَهُ الْحَارِث بن أَوْس يعدّ فِي الحجازّيين سكن الطَّائِف يروي حَدِيث طواف الْحَائِض بِالْبَيْتِ طواف الْوَدَاع روى عَنهُ الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن وَعَمْرو بن عبد الله بن أَوْس(11/187)
3 - (السّهمي الْبَاهِلِيّ)
الْحَارِث بن عَمْرو بن الْحَارِث بن سهم بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة السَّهمي الْبَاهِلِيّ حَدِيثه عِنْد)
البصريّين وعدادهم فيهم شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع وروى عَنهُ ابْن ابْنه زُرَارَة بن كريم
3 - (أَبُو وَاقد اللَّيقيّ)
الْحَارِث بن عَوْف اللَّيثي اخْتلف فِي اسْمه وَنسبه فَقيل الْحَارِث بن مَالك وَقيل عَوْف بن الْحَارِث هُوَ أَبُو وَاقد قديم الْإِسْلَام قيل إِنَّه شهد بَدْرًا وَكَانَ مَعَه لِوَاء بني لَيْث وضمرة وَسعد بني بكر يَوْم الْفَتْح وَقيل إِنَّه من مسلمة الْفَتْح وَالْأول أصحُّ عداده فِي أهل الْمَدِينَة وجاور بِمَكَّة سنة وَمَات بهَا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَقيل سنة خمس وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن خمس وَسبعين سنة وَقيل ابْن خمس وثماين سنة روى عَنهُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَأَبُو مرّة مولى عقيل بن أبي طَالب وَدفن بفخّ
3 - (ابْن عميرَة الْأَسدي)
الْحَارِث بن قيس بن عميرَة الْأَسدي وَيُقَال قيس بن الْحَارِث كُوفِي وَهُوَ جدّ قيس بن الرّبيع وَهُوَ الَّذِي أسلم وَعِنْده نسوةٌ(11/188)
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اختر منهنّ أَرْبعا
3 - (الطَّبِيب)
الْحَارِث بن كلدة بِفَتْح الْكَاف واللاّم وَالدَّال الْمُهْملَة الثَّقَفِيّ الطَّبِيب مولى أبي بكرَة وَقيل هُوَ وَالِده فناه فَقَالُوا مَوْلَاهُ لَهُ ذكر فِي كتب الطِّبّ وَقد أوردهُ ابْن مندة وَغَيره فِي أَسمَاء الصَّحَابَة وَقَالَ ابْن عبد الْبر عِنْد ذكر أَبِيه الْحَارِث بن حَارِث بن كلدة الصَّحَابِيّ وَأما أَبوهُ الْحَارِث بن كلدة فَمَاتَ فِي أول الْإِسْلَام وَلم يصحّ إِسْلَامه وَذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أمّر سعد بن أبي وَقاص أَن يَأْتِي الْحَارِث بن كلدة فيستوصفه كَانَ الْحَارِث كَافِرًا وَإِن ذَلِك دَلِيل على جَوَاز الْأَخْذ بِصفة أهل الْكفْر إِذا كَانُوا من أهل الطِّبّ وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين لِلْهِجْرَةِ
قَالَ ابْن أبي أصيبعة فِي تأريخ الْأَطِبَّاء كَانَ من الطَّائِف وسافر الْبِلَاد وتعلّم الطِّبّ وَبَقِي أَيَّام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَيَّام أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي بن أبي طَالب وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُم وَلما عَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد بن أبي وَقاص قَالَ ادعوا لَهُ الْحَارِث فَإِنَّهُ رجل يطبُّ فَلَمَّا عَاده الْحَارِث قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ باس اتَّخذُوا لَهُ فريقة بِشَيْء من تمر عَجْوَة يطحنان فتحسّاها فَحصل لَهُ الْبُرْء
وَلما وَفد على كسْرَى قَالَ مَا صناعتك قَالَ الطِّبّ قَالَ فَمَا صنع الْعَرَب بالطبيب مَعَ جهلها)
وَسُوء أغذيتها فَقَالَ أَيهَا الْملك إِذا كَانَت هَذِه صفتهَا كَانَت أحْوج إِلَى من يصلح جهلها ويسوس أبدانها فَإِن الْعَاقِل يعرف ذَلِك من نَفسه ويحترز من الأدواء بِحسن سياسته قَالَ فَمَا تحمد من أَخْلَاق الْعَرَب قَالَ أنفسّ سخية وَقُلُوب جريّة ولغة فصيحة وأنساب صَحِيحَة
فأمرء بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ وَقَالَ مَا الدَّاء قَالَ ادخال طَعَام على طَعَام قَالَ مَا تَقول فِي الشَّرَاب قَالَ أطيبه أهنأه وأرقّه أمرؤه لَا تشربه صرفا فيورثك صداعاً ويثير عَلَيْك من الأدواء أنواعاً قَالَ فَمَا تَقول فِي الْفَوَاكِه قَالَ كلهَا فِي إقبالها واتركها إِذا أَدْبَرت قَالَ فَفِي أَي الْأَوْقَات الْإِتْيَان افضل قَالَ عِنْد إدبار اللَّيْل قَالَ وَلم قَالَ يكون الْجوف أخلى وَالنَّفس أهدا وَالْقلب أشهى والحرّ أدفا فَقَالَ لَهُ كسْرَى لله درّك من أعرابيّ لقد أَعْطَيْت علما وأحسنت وَصفا وفهما وَأمر بتدوين مَا نطق بِهِ
3 - (العكلي الْفَقِيه الْكُوفِي)
الْحَارِث بن الْجَارُود العكلي أحد الْفُقَهَاء الْأَعْلَام ولي قَضَاء الْموصل للمنصور وَهُوَ من أَئِمَّة الْكُوفَة لَهُ مذهبٌ توفّي فِي(11/189)
حُدُود السِّتين والمئة
3 - (أَبُو عبد الله الأشْهَلِي)
الْحَارِث بن حَاطِب الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي أَبُو عبد الله رده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توجّه إِلَى بدر من الرَّوحاء فِي شَيْء أمره بِهِ إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف وَضرب لَهُ بسهمه وأجره وَكَانَ كمن شَهِدَهَا وَقَالَ الْوَاقِدِيّ شهد أحدا وَالْخَنْدَق والحُديبية وقُتل يَوْم خَيْبَر رَمَاه رجل من فَوق الْحصن فدمغه
3 - (الجُمَحِي)
الْحَارِث بن حَاطِب بن الْحَارِث بن معمر الْقرشِي الجُمَحِي ولد بِأَرْض الْحَبَشَة هُوَ وَأَخُوهُ مُحَمَّد بن حَاطِب والْحَارث أسن وَاسْتعْمل ابْن الزبير الْحَارِث على مَكَّة سنة سِتّ وَسِتِّينَ
وَقيل أَنه كَانَ يَلِي المساعي أَيَّام مَرْوَان
3 - (الْعَدوي)
الْحَارِث بن عَمْرو بن مؤمِّل الْقرشِي الْعَدوي هَاجر فِي الرَّكب الَّذِي هجروا من بني عدّي بن كَعْب عَام خَيْبَر وهم سَبْعُونَ رجلا وَذَلِكَ حِين أوعبت بَنو عدي بِالْهِجْرَةِ وَلم يبْق مِنْهُم بِمَكَّة رجل)
3 - (ابْن عزية الْمُزنِيّ)
الْحَارِث بن عمر بن عزيَّة المزنيّ توفّي سنة سبعين وَهُوَ فِي عداد الْأَنْصَار قَالَ ابْن عبد الْبر وَأَظنهُ الْحَارِث بن عزيّة الَّذِي روى مُتْعَة النِّسَاء حرَام
3 - (خَال الْبَراء بن عَازِب أَو عَمه)
الْحَارِث بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ خَال الْبَراء بن عازبٍ وَقيل عَمه قَالَ الْبَراء مرَّ عمي وَمَعَهُ رايةٌ فَقلت أَيْن تُرِيدُ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل نكح امْرَأَة أَبِيه أَمرنِي أَن أضْرب عُنُقه وآخذ مَاله(11/190)
3 - (ابْن قَابُوس)
الْحَارِث بن عقبَة بن قَابُوس قدم مَعَ عمّه وهب بن قَابُوس من جبل مزينة بغنمٍ لَهما إِلَى الْمَدِينَة لوجداها خلوا فسألا أَيْن النَّاس فَقيل لَهما بأحدٍ يُقَاتلُون الْمُشْركين فَأَسْلمَا وخرجا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقاتلا وقتلا
3 - (الْأنْصَارِيّ الزرقي ابْن المعلَّى أَبُو سعيد)
الْحَارِث وَقيل أَوْس بن المعلَّى
قَالَ ابْن عبد الْبر وأصحّ مَا قيل فِيهِ الْحَارِث بن نفيع المعلَّى الْأنْصَارِيّ الزرقي كنيته أَبُو سعيد روى عَنهُ حَفْص بن عَاصِم وَعبيد بن حُسَيْن مَاتَ سنة أَربع وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن أَربع وَسِتِّينَ سنة
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يعرف فِي الصَّحَابَة إلاّ بحديثين أَحدهمَا عِنْد شُعْبَة قَالَ كنت أُصَلِّي فناداني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آته حَتَّى قضيت صَلَاتي ثمَّ أَتَيْته قَالَ مَا مَنعك أَن تُجِيبنِي قَالَ كنت أُصَلِّي قَالَ ألم يقل الله اسْتجِيبُوا لله وللرَّسول إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ ثمَّ قَالَ أَلا أعلمك سُورَة الحَدِيث نَحْو حَدِيث أبي بن كَعْب وَالثَّانِي عِنْد اللَّيْث بن سعد قَالَ كنّا نغدو إِلَى السُّوق على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنمرّ على الْمَسْجِد نصلي فِيهِ فمررنا يَوْمًا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد على الْمِنْبَر فَقلت لقد حدث أَمر فَجَلَست فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة قد نرى تقلُّب وَجهك فِي السَّماء حَتَّى فرغ من الْآيَة فَقلت لصاحبي تعال نركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن ينزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنكون أوَّل من صلى فصلّينا هما ثمَّ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلّى للنَّاس الظّهْر يَوْمئِذٍ(11/191)
)
3 - (ابْن هِشَام المَخْزُومِي)
الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي يكنى أَبَا الْمُغيرَة وَقيل أَبَا عبد الرَّحْمَن وَهُوَ وَأَخُوهُ أَبُو جهل بن هِشَام
عداده فِي أهل الْحجاز كَانَ شريفاً مَذْكُورا أسلم يَوْم الْفَتْح استأمنت لَهُ أمّ هانىء بنت أبي طَالب فَأَمنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج إِلَى الشَّام فَقتل باليرموك سنة خمس عشرَة وَقيل مَاتَ بِالشَّام فِي طاعون عمواس الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَكَانَ مِنْهُم ثمَّ إِنَّه حسن إِسْلَامه وَخرج إِلَى الشَّام زمن عمر بن الْخطاب رَاغِبًا فِي الْجِهَاد فَخرج أهل مَكَّة يَبْكُونَ لفراقه فَقَالَ إِنَّهَا النقلَة إِلَى الله وَمَا كنت لأوثر عَلَيْكُم أحدا فَلم يزل بِالشَّام إِلَى أَن مَاتَ وَفِيه يَقُول الشَّاعِر من الْكَامِل
(أحسبت أنَّ أَبَاك يَوْم تسبني ... فِي الْمجد كَانَ الْحَارِث بن هِشَام)
(أولى قريشٍ بالمكارم كلهَا ... فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ وَالْإِسْلَام)
وَشهد بَدْرًا كَافِرًا مَعَ أَخِيه أبي جهل وفرَّ حِينَئِذٍ وَقتل أَخُوهُ وعيِّر الْحَارِث بفراره ذَلِك وَفِيه قَالَ حسّان بن ثَابت من الْكَامِل
(إِن كنت كَاذِبَة الَّذِي حدَّثنني ... فنجوت منجا الْحَارِث بن هِشَام)
(ترك الأحبّة أَن يُقَاتل دونهم ... وَنَجَا بِرَأْس طمرَّةٍ ولجام)
وَاعْتذر الْحَارِث من فراره ذَلِك فَقَالَ من الْكَامِل
(الله يعلم مَا تركت قِتَالهمْ ... حَتَّى رموا فرسي بأشقر مُزْبِد)(11/192)
(وَوجدت ريح الْمَوْت من تلقائهم ... فِي مأزقٍ وَالْخَيْل لم تتبدّد)
(وَعلمت أَنِّي إِن أقَاتل وَاحِدًا ... أقتل وَلَا يضرر عدوّي مشهدي)
(فصدفت عَنْهُم والأحبّة دونهم ... طَمَعا لَهُم بعقاب يَوْم مُفسد)
وَلما أسلم قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد الله الَّذِي هداك مَا كَانَ مثلك يجهل الْإِسْلَام وَلما خرج إِلَى الشَّام غازياً وَخرج أهل مَكَّة يشيعونه ويبكون لإحسانه إِلَيْهِم قَالَ يَا أَيهَا النَّاس وَالله مَا رغبت بنفسي عَنْكُم وَلَا اخْتَرْت بَلَدا غير بلدكم وَلَكِن كَانَ هَذَا الْأَمر فَخرجت فِيهِ رجال من قُرَيْش وَالله مَا كَانُوا من ذَوي أسنانها وَلَا فِي بيوتاتها فأصبحنا وَالله لَو أَن جبال مَكَّة ذهب فأنفقناها فِي سَبِيل الله عز وَجل مَا أدركنا يَوْمًا من أيامهم وأيم الله لَئِن)
فاتونا فِي الدُّنْيَا لنلتمسنَّ من أهل بَيته فَلم يرجع مِنْهُم إلاّ أَرْبَعَة عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث وَعبد الله بن أبي عَمْرو بن حَفْص بن الْمُغيرَة وريطة بنت سعيد بن سهم وَالْمُهَاجِر بن خَالِد بن الْوَلِيد
3 - (أَبُو سعد النجاري)
الْحَارِث بن الصِّمَّة بن عَمْرو بن عتِيك أَبُو سعد النّجاري كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد آخى بَينه وَبَين صُهَيْب بن سِنَان وَكَانَ فِيمَن خرج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر فَكسر بالرَّوحاء فردّه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَضرب لَهُ بسهمه وَشهد مَعَه أحدا فَثَبت مَعَه يَوْمئِذٍ حِين انْكَشَفَ النَّاس وَبَايَعَهُ على الْمَوْت وَقتل عُثْمَان بت عبد الله بن الْمُغيرَة يَوْمئِذٍ وَأخذ سلبه فسلبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسلب يَوْمئِذٍ غَيره وَشهد بِئْر مَعُونَة قتل يَوْمئِذٍ شَهِيدا وَكَانَ هُوَ وَعَمْرو بن أميّة فِي السّرح فأريا الطير تعكف على منزلهم فَأتوا فَإِذا أَصْحَابهم مقتولون فَقَالَ لعَمْرو مَا ترى فَقَالَ أرى أَن ألحق برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْحَارِث مَا كنت لأتأخَّر عَن موطن قتل فِيهِ الْمُنْذر فَأقبل حَتَّى لحق الْقَوْم
فقاتل حَتَّى قتل قَالَ عبد الله بن أبي بكر مَا قَتَلُوهُ حَتَّى أشرعوا لَهُ الرماح فنظموه بهَا حَتَّى مَاتَ وَأسر عَمْرو بن أُميَّة وَفِي قَالَ الشَّاعِر من الرجز
(يَا ربّ إنّ الْحَارِث بن الصمَّة ... أهل وفاءٍ صادقٍ وذمَّه)
(أقبل فِي مهامهٍ ملمَّه ... فِي ليلةٍ ظلماء مدلهمه)
(يَسُوق بالنبيّ خادي الأمَّه ... فيلتمس الجنّة فَمَا ثمَّه)
3 - (المرّي)
الْحَارِث بن عَوْف المرّي قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَبعث مَعَه رجلا(11/193)
من الْأَنْصَار إِلَى قومه فَقتل الْأنْصَارِيّ وَلم يسْتَطع الْحَارِث على الْمَنْع مِنْهُ وَفِيه يَقُول حسّان من الْكَامِل
(يَا حَار من يغدر بذمّة جَاره ... مِنْكُم فَإِن مُحَمَّدًا لم يغدر)
(وَأَمَانَة المرّيِّ مَا استودعته ... مثل الزجاجة صَدعهَا لم يجْبر)
فَجعل الْحَارِث يعْتَذر وَبعث الْقَاتِل إبِلا فِي دِيَة الْأنْصَارِيّ فقبلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدفعهَا لوَرثَته)
3 - (الذهلي)
الْحَارِث بن يزِيد الذُّهلي وَيُقَال الْحَارِث بن حسّان بن كلدة من بني الْحَارِث بن ذهل يعدُّ فِي الكوفيّين قَلِيل الحَدِيث روى عَنهُ أَبوهُ وَائِل شَقِيق بن سَلمَة قَالَ قدمت الْمَدِينَة فَأتيت الْمَسْجِد فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر وبلال قَائِم متقلدٌ سَيْفا وَإِذا رايات سودٌ فَقلت من هَذَا قَالُوا هَذَا عَمْرو بن الْعَاصِ قدم من غزَاة
قَالَ أَبُو حَاتِم والْحَارث بن حسان هَذَا هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حَدِيث عادٍ قوم هودٍ وَكَيف هَلَكُوا بِالرِّيحِ الْعَقِيم فَقَالَ يَا رَسُول الله على الْخَبِير بهَا سَقَطت فارسلها مثلا وَكَانَ قد قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقطعهُ أَرضًا من بِلَادهمْ فَإِذا بعجوزٍ من تَمِيم تسأله ذَلِك فَقَالَ الْحَارِث يَا رَسُول الله أعوذ بِاللَّه أَن أكون كقيل بن عثر وَافد عادٍ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعالمٌ أَنْت بِحَدِيثِهِمْ قَالَ نعم نَحن ننتجع بِلَادهمْ وَكَانَ آبَاؤُنَا يحدِّثونا عَنْهُم يروي ذَلِك الْأَصْغَر عَن الْأَكْبَر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ايه يستطعمه الحَدِيث فَذكر الْخَبَر ذكره أهل الْأَخْبَار وَأهل النفسير سنيد وَغَيره
3 - (المصطقلي)
الْحَارِث بن أبي ضرار المصطلقي الخزاعيّ وَالِد جوَيْرِية بنت الْحَارِث قَالَ ابْن إِسْحَاق تزوّج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جوبرية بنت الْحَارِث بن سَبَايَا بن المصطلق من خُزَاعَة فَوَقَعت فِي السّهم لِثَابِت بن قيس بن شماسٍ قَالَ فَأقبل أَبوهَا الْحَارِث بِفِدَاء ابْنَته فَلَمَّا كَانَ(11/194)
بالعقيق نظر إِلَى الْإِبِل الَّتِي جَاءَ بهَا للْفِدَاء فَرغب فِي بَعِيرَيْنِ فغيّبهما فِي شعب من شعاب العقيق ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّد أصبْتُم ابْنَتي وَهَذَا فداؤها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَيْنَ البعيران اللَّذَان غيّبت بالعقيق فِي شعب كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الْحَارِث أشهد أنّ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَأَنَّك رَسُول الله فوَاللَّه مَا أطلع على ذَلِك إلاّ الله وَأسلم الْحَارِث وَأسلم مَعَه ابْنَانِ وناس من قومه
3 - (الْهَمدَانِي الْكُوفِي)
الْحَارِث بن عبد الله الْهَمدَانِي الْأَعْوَر الْكُوفِي صَاحب عَليّ بن أبي طَالب كَانَ فَقِيها فَاضلا من عُلَمَاء الْكُوفَة لكنّه ليّن الحَدِيث توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ)
وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن سُوَيْد الْكُوفِي)
الْحَارِث بن سُوَيْد التَّميمي الْكُوفِي روى عَن عَمْرو عَليّ وَعبد الله ابْن مَسْعُود وَكَانَ كَبِير الْقدر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (المتنبي الْكذَّاب)
الْحَارِث بن سعيد الكذّاب الَّذِي ادّعى النُّبُوَّة بِالشَّام مولى أبي(11/195)
الْجلاس كَانَ زاهداً متعبداً لَو لبس جبَّة ذهب رُؤِيَ عَلَيْهِ زهاده أَتَى الْقُدس مختفياً ثمَّ أُتِي بِهِ عبد الْملك بن مَرْوَان فَأمر لَهُ بخشبةٍ فَنصبت وصلبه وَأمر رجلا بحربةٍ فطعنه فَأصَاب ضلعاً من أضلاعه فكفّت الحربة فصاح النَّاس الْأَنْبِيَاء لَا يجوز فيهم السّلاح فَلَمَّا رأى ذَلِك رجلٌ من الْمُسلمين تنَاول الحربة وطعنه بهَا فأنفذها قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ أحد الدجالين الَّذين يخرجُون بَين يَدي السّاعة
وَكَانَت قتلته فِي حُدُود الثَّمَانِينَ من الْهِجْرَة
3 - (أَمِير الْبَصْرَة)
الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي الْمَعْرُوف بالقباع ولي إمرة الْبَصْرَة روى عَن عمر وَعَائِشَة وأمِّ سَلمَة سمّي بالقباع لِأَنَّهُ وضع مكيالاً سمّاه القباع أَي الضخم قيل أمه حبشيّة توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو وابصة المَخْزُومِي)
الْحَارِث بن خَالِد بن الْعَاصِ بن هِشَام بن الْمُغيرَة بن عبد الله أَبُو وابصة الْقرشِي المَخْزُومِي الشَّاعِر روى عَن عَائِشَة قيل إِنَّه ولي مَكَّة لمعاوية وَلَا يصحّ وَولي أَبوهُ خَالِد مَكَّة لعُثْمَان فَقتل عُثْمَان وَهُوَ واليها فَعَزله عليّ وولاّه يزِيد بن مُعَاوِيَة مكّة أَيَّام ابْن الزبير فَلم تتمّ الْولَايَة
قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان كَانَ شَاعِرًا غزلاً مكثراً شريفاً وأخباره فِي الأغاني مسطورة وَأمه بنت أبي سعيد بن الْحَارِث بن هِشَام وَقدم على عبد الْملك بن مَرْوَان فَلم ير عِنْده مَا أحبّ فَقَالَ من الطَّوِيل
(صحبتك إِذْ عَيْني عَلَيْهَا غشاوةٌ ... فَلَمَّا انجلت قطعت نَفسِي ألومها)
وَهُوَ الْقَائِل من الْكَامِل)(11/196)
(أظلوم أَن مصابكم رجلا ... يهدى السَّلَام عَلَيْكُم ظلم)
قلت قد مرَّ الْكَلَام على إِعْرَاب هَذَا الْبَيْت فِي تَرْجَمَة بكر الْمَازِني النَّحْوِيّ فِي حرف الْبَاء
وَمن شعر الْحَارِث بن خَالِد من الطَّوِيل
(سأبكي وَمَالِي غَيره من معوَّلٍ ... عَلَيْك وَمَالِي غير حبّك من جرم)
(لعلَّ انسكاب الدَّمع أَن يذهب الأسى ... ويشفي ممّا فِي الضّمير من السُّقم)
وَأَخذه ذُو الرَّمة فَقَالَ من الطَّوِيل
(لعلَّ انحدار الدَّمع يعقب راحةٍ ... من الوجد أَو يشفي نجيَّ البلابل)
وَكَانَ الْحَارِث بن خَالِد قد تزوّج حميدة بنت النُّعْمَان بن بشير بِدِمَشْق لما قدم على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَت فِيهِ من المتقارب
(نكحت المدينيَّ إِذْ جَاءَنِي ... فيا لَك من نكحةٍ غاليه)
(كهول دمشق وشبانها ... أحبُّ إِلَيْنَا من الجاليه)
(صنانٌ لَهُم كصنان التُّيوس ... أعيى على الْمسك والغاليه)
فَقَالَ الْحَارِث يجيبها من الْخَفِيف أسنا ضوء نَار صَخْرَة بالقفرة أَبْصرت أم سنا ضوء برق قاطنات الْحجُون أشهى إِلَى الْقلب من السّاكنا دور دمشق يتضوَّعن لَو تضمَّخن بالمسك صناناً كأنّه ريح مرق وطلَّقها الْحَارِث فخلف عَلَيْهَا روح بن زنباع وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة روح بن زنباع مَا جرى لَهما مَعَه أَيْضا وَلما بلغ عبد الْملك بن مَرْوَان قَول حميدة قَالَ لَوْلَا أَنَّهَا قدَّمت الكهول على الشبَّان لعاقبتها
3 - (قَاضِي مصر)
الْحَارِث بن مِسْكين بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمصْرِيّ رأى اللَّيْث بن(11/197)
سعدٍ وَسَأَلَهُ وَسمع سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الله بن وهب وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم روى عَنهُ خلق من المصريّين وَالنَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل وَكَانَ فَقِيها على مَذْهَب مَالك بن أنس وَكَانَ ثِقَة فِي الحَدِيث ثبتاً حمله الْمَأْمُون إِلَى بَغْدَاد ليقول بِخلق الْقُرْآن فَلم يجب وَولي قَضَاء مصر ولد سنة أَربع وَخمسين وَمَات سنة خمسين ومئتين قَالَ ابْن معِين لَا بَأْس بِهِ وَأقَام فِي سجن المحنة بِبَغْدَاد)
وَلما ولي المتَوَكل أطلقهُ فَرجع إِلَى مصر وَكَانَ رجل مسرفٌ على نَفسه فَمَاتَ فرؤى فِي النّوم فَقَالَ إِن الله غفر لي بِحُضُور الْحَارِث بن مِسْكين جنازتي وَإنَّهُ استشفع لي فشفَّع فيّ
3 - (المحاسبي الصُّوفِي)
الْحَارِث بن أَسد المحاسبي الْبَغْدَادِيّ الصُّوفِي الزَّاهِد الْعَارِف صَاحب المصنّفات فِي أَحْوَال الْقَوْم كَانَ أَبوهُ واقفياً أَي يقف فِي الْقُرْآن فَلَا يَقُول هُوَ مَخْلُوق وَلَا غير مَخْلُوق وَمَات وخلّف مَالا كثيرا فَلم يتَنَاوَل الْحَارِث مِنْهُ شَيْئا وَقَالَ أهل مّتين لَا يتوارثون وَكَانَ كَبِير الْقدر غالي الْمثل توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئتين ويحكى عَن المحاسبي أَنه كَانَ إِذْ مدّ يَده(11/198)
إِلَى طَعَام فِيهِ شُبْهَة تحرّك على أُصْبُعه عرق فَكَانَ يمْتَنع مِنْهُ
3 - (الدَّوسي)
الْحَارِث بن الطُّفَيْل بن عَمْرو بن عبد الله بن مَالك شَاعِر فَارس من مخضرمي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَأَبوهُ الطُّفَيْل شَاعِر وَهُوَ أول من وَفد من دوس على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَسَيَأْتِي ذكر الطُّفَيْل فِي حرف الطَّاء مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمن شعر الْحَارِث من السَّرِيع
(يَا دَار من ماويّ بالسَّهب ... بنيت على خطب من الْخطب)
(إِذْ لَا ترى إلاّ مقاتلةً ... وعجانساً يرقلن بالرَّكب)
(ومدجَّجاً يسْعَى بشكَّته ... محمرَّةً عَيناهُ كَالْكَلْبِ)
(ومعاشراً صدأ الْحَدِيد بهم ... عبق الهناء مخاطم الجرب)
(لما سَمِعت نزال قد دعيت ... أيقنت أَنهم بَنو كَعْب)
كَعْب بن عَمْرو لَا ككعب بني العنقاء والتّبيان فِي النّسَب
(فرميت كَبْش الْقَوْم مُعْتَمدًا ... فَمضى وراشوه بِذِي لغب)
(شكُّوا بخصويه القداح كَمَا ... ناط المعرّض أقدح القضب)
(فَكَأَن مهري ظلَّ مقتسماً ... بشبا الأسنة مغرة الجدب)
بل رب مَرْفُوع وضعت وموضوع رفعت بمنزل اللّصب
(وخليل غانية هتكت قَرَارهَا ... تَحت الوغى بشديدة العضب)
(كَانَت على حبِّ الْحَيَاة فقد ... جللتها فِي منزل غرب)
(جانيك من يجني عَلَيْك وَقد ... تعدِي الصِّحَاح مبارك الجرب)
)
3 - (الْحَضْرَمِيّ)
الْحَارِث بن يزِيد الخصومي نزيل برقة كَانَ يُصَلِّي كلَّ يَوْم سِتّمائَة رَكْعَة(11/199)
روى عَن جُبَير بن نضير وَعبد الرَّحْمَن بن حجيرة وثّقه أَبُو حَاتِم وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ ومئة
وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن يَعْقُوب العابد)
الْحَارِث بن يَعْقُوب مصريّ نبيل الْقدر روى عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار وَعبد الرَّحْمَن بن شماسَة كَانَ العبّاد إِذا انْصَرف من الْعشَاء الْآخِرَة دخل بَيته فيصلّي رَكْعَتَيْنِ ويجاء بعشائه فَيَقُول أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَا يزَال يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يصبح فَيكون عشاؤه سحوره
وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ ومئة وروى لَهُ مُسلم والترمذيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (الجرشيّ الدِّمَشْقِي)
الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن بن الْغَاز بن ربيعَة الجرشيّ من وُجُوه أهل دمشق وفصحائهم وَكَانَ قد سوِّد بالغوطة قبل وُصُول مَرْوَان إِلَى مصر وَكَتَبُوا إِلَيْهِ بِولَايَة دمشق وَكَانَ بداريّا يَأْتِيهِ الْأَشْرَاف يسلمُونَ عَلَيْهِ إِلَى أَن أقبل عبد الله بن عَليّ فَنزل دمشق وَقدم الْحَارِث وافداً على الْمَنْصُور مستعطفاً لأهل الشَّام فَقَامَ وَقَالَ أصلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّا لسنا وَفد مباهاة وَلَكنَّا وَفد تَوْبَة وَقد ابتلينا بفتنة استفزّت كريمنا واستخفت حليمنا فَنحْن بِمَا قدّمنا معترفون وَمِمَّا سلف منّا معتذرون فَإِن تعاقبنا فِيمَا أجرمنا وَإِن تعف عنّا بِفَضْلِك علينا فاصفح عنّا إِذا ملكت وآمنن إِذا قدرت وَأحسن فطالما أَحْسَنت فَقَالَ الْمَنْصُور قد فعلت
3 - (أَبُو الْقَاسِم الورّاق)
الْحَارِث بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم الورّاق الْبَغْدَادِيّ كَانَ من رُؤَسَاء الْمُعْتَزلَة فِي زَمَانه وَله مصنفاتٌ جَيِّدَة وردودٌ على ابْن الرِّيوندي وَله مَعَ أبي عَليّ الجبّائي مناظراتٌ وَكن ورّاقاً يَبِيع الْكتب ويورِّق للنَّاس وَقد روى عَنهُ أَبُو عَليّ الكوكبيّ الأخباري وَذكره الْبَلْخِي فِي كتاب المحاسن فَقَالَ كَانَ من أهل الدّين والورع والتقى قَلِيل النظير فِي زَمَانه
3 - (الْحَافِظ ابْن أبي أُسَامَة)
الْحَارِث بن مُحَمَّد بن أبي أُسَامَة داهر المحدّث أَبُو مُحَمَّد(11/200)
التَّمِيمِي الْبَغْدَادِيّ مُسْند بَغْدَاد فِي وقته ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ومئة وَسمع عبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَيزِيد بن هَارُون وخلقاً كثيرا)
وروى عَنهُ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ وَغَيره قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ صَدُوق وَذكره ابْن حبّان فِي الثِّقَات
وَله مُسْند كَبِير توفّي يَوْم عَرَفَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ومئتين
3 - (الإباضي)
الْحَارِث الإباضيّ افْتَرَقت الإباضيّة وهم منسوبون إِلَى عبد الرَّحْمَن بن إباضٍ الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين إِلَى ثَلَاث فرق حفصية وحارثية وبريديّة فأمّا الحفصية فَيَأْتِي ذكرهم وَأما البريدية فقد مرّ ذكرهم وَأما الحارثية المسوبون إِلَى هَذَا فَإِنَّهُم خالفوا الإباضيّة فِي قَوْلهم بِالْقدرِ على مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فِي إِثْبَات طاعةٍ لَا يُرَاد بهَا وَجه الله تَعَالَى
3 - (أَبُو فراس بن حمدَان)
الْحَارِث بن أبي الْعَلَاء سعيد بن حمدَان بن حمدون الحمداني الْأَمِير أَبُو فراس ابْن عَم نَاصِر الدولة وَسيف الدولة قَالَ الثعالبي كَانَ فَرد دهره وشمس عصره أدباً وفضلاً وكرماً ومجداً وبلاغة وبراعةً وفروسية وشجاعة وشعره مَشْهُور سيّار بَين الْحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة وَمَعَهُ رواء الطّبع وسمة الظّرف وعزّة الْملك وَلم تَجْتَمِع هَذِه الْخلال قبله إلاّ فِي شعر عبد الله بن المعتز وَأَبُو فراس يعدّ أشعر مِنْهُ عِنْد أهل الصَّنْعَة بِنَقْد الْكَلَام وَكَانَ الصاحب ابْن عباد يَقُول بدىء الشّعْر بِملك وَختم بِملك يَعْنِي أمرأ الْقَيْس وَأَبا فراس
وَكَانَ المتنبي يشْهد لَهُ بالتقدم والتبريز ويتحامى جَانِبه فَلَا ينبري لمباراته وَلَا يجترىء على مجاراته وَإِنَّمَا لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدَان تهيباً لَهُ وإجلالاً لَهُ لَا إغفالاً وَلَا إخلالاً
وَكَانَ أَبُو فراس يعجب جدا بمحاسن أبي فراس ويميزّه بالإكرام على سَائِر قومه ويستصحبه فِي غَزَوَاته ويستخلفه فِي أَعماله
وَكَانَت الرّوم قد أسرته فِي بعض وقائعها وَهُوَ جريح قد أَصَابَهُ نصلٌ فِي فَخذه ونقلته إِلَى(11/201)
خرشنة ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمئة وقداه سيف الدولة سنة خمس وخسمين
قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى هَكَذَا قَالَ أَبُو الْحسن عَليّ بن الزّراد الدَّيلمي وَقد نسبوه فِي ذَلِك إِلَى الْغَلَط وَقَالُوا أسر أَبُو فراس مرّتين فالمرة الأولى)
بمغارة الْكحل سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَمَا تعدَّوا بِهِ خرشنة يُقَال إِنَّه ركب فرسه وركضه بِرجلِهِ فَأَهوى بِهِ من أَعلَى الْحصن إِلَى الْفُرَات والمرة الثَّانِيَة أسرته الرّوم على منبج فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَخمسين وَحَمَلُوهُ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَأقَام فِي الْأسر أَربع سِنِين وَله فِي أسره أشعار كَثِيرَة مثبتةٌ فِي ديوانه وَكَانَت منبج إقطاعه
وَقَالَ ثَابت بن سِنَان الصّابي فِي تَارِيخه قَالَ فِي يَوْم السبت لليلتين خلتا من جُمَادَى الأولى سنة سبع وَخمسين وثلاثمئة جرت حَرْب بَين أبي فراس وَكَانَ مُقيما بحمص وَبَين أبي الْمَعَالِي بن سيف الدولة وَاسْتظْهر عَلَيْهِ أَبُو الْمَعَالِي فَقتله فِي الْحَرْب وَأخذ رَأسه وَبقيت جثته مطروحة فِي البريّة إِلَى أَن جَاءَ بعض الْأَعْرَاب وكفّنه وَدَفنه
وَقَالَ غَيره كَانَ أَبُو فراس خَال أبي الْمَعَالِي فَلَمَّا بلغت وَفَاته أم أبي الْمَعَالِي لطمت وَجههَا وقلعت عينهَا وَكَانَ مولده سنة عشْرين وثلاثمئة فَعَاشَ سبعا وَثَلَاثِينَ سنة وَقَالَ ابْن خلكان رَأَيْت فِي ديوانه أنّه لما حَضرته الْوَفَاة كَانَ ينشد ابْنَته مُخَاطبا لَهَا من مجزوء الْكَامِل
(نوحي عليَّ بحسرةٍ ... من خلف سترك والحجاب)
(قولي إِذا كلَّمتني ... فعييت عَن ردِّ الْجَواب)
زين الشّباب أَبُو فراس لم يمتَّع بالشباب وَهَذَا يدل على أَنه لم يقتل أَو يكون قد جرح وَتَأَخر مَوته ثمَّ مَاتَ من الْجراحَة
وَمن شعره من الْكَامِل
(الْمَرْء نصب مصائب لَا تَنْقَضِي ... حَتَّى يوارى جِسْمه فِي رمسه)
(فمؤجَّلٌ يلقى الرَّدى فِي غَيره ... ومعجَّل يلقى الردى فِي نَفسه)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(مرام الْهوى صعبٌ وَسَهل الْهوى وعر ... وأوعر مَا حاولته الحبُّ والصَّبر)
(أواعدتي بالوصل وَالْمَوْت دونه ... إِذا متّ ظمآناً فَلَا نزل الْقطر)
(بدوت وَأَهلي حاضرون لأنّني ... أرى أنّ دَارا لست من أَهلهَا قفر)(11/202)
(وَمَا حَاجَتي فِي المَال أبغي وفوره ... إِذا لم يفر عرضٌ فَلَا وفر الوفر)
(هُوَ الْمَوْت فاختر مَا علا لَك ذكره ... فَلم يمت الْإِنْسَان مَا حييّ الذّكر)
(وَقَالَ أصيحابي الْفِرَار أَو الرّدى ... فَقلت هما أَمْرَانِ أحلاهما مرُّ)
)
(سيذكرني قومِي إِذا جدَّ جدّهم ... وَفِي اللَّيْلَة الظلماء يفتقد الْبَدْر)
(وَلَو سدّ غَيْرِي مَا سددت اكتفوا بِهِ ... وَمَا كَانَ يغلو التبر لَو نفق الصُّفر)
(وَنحن أناسٌ لَا توسُّط عندنَا ... لنا الصَّدْر دون الْعَالمين أَو الْقَبْر)
(تهون علينا فِي الْمَعَالِي نفوسنا ... وَمن طلب الْحَسْنَاء لم يغلها مهر)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَسَاءَ فزادته الْإِسَاءَة حظوةً ... حبيبُ على مَا كَانَ من حبيب)
(يعدّ عليّ الواشيان ذنُوبه ... وَمن أَيْن للْوَجْه الْمليح ذنُوب)
وَمِنْه من الْكَامِل
(وَقد كنت عدَّتي الَّتِي أسطو بهَا ... ويدي إِذا اشتدّ الزَّمَان وساعدي)
(فرميت مِنْك بِغَيْر مَا أمَّلته ... والمرء يشرق بالزلال الْبَارِد)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(سكرت من لحظه لَا من مدامته ... وَمَال بالنَّوم عَن عَيْني تمايله)
(فَمَا السُّلاف دهتني بل سوالفه ... وَلَا الشَّمول ازدهتني بل شمائله)
(ألوت بعزمي أصداغٌ لوين لَهُ ... وغال قلبِي بِمَا تحوي غلائله)
وَمِنْه فِي مَمْلُوكه من الْخَفِيف
(يَا غلامي بل سيّدي مَا أملّك ... هَب لمولاك لَا عدمتك فضلك)
(خوف أَن يصطفيك بعدِي غَيْرِي ... لَا أرى أَن أَقُول قدِّمت قبلك)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل لَا تطلبنَّ دنوَّ دَار من خَلِيل أَو معاشر أبقى لأسباب الموددة أَن تزار وَلَا تجاور وَمِنْه من الطَّوِيل
(أيا عاتباً لَا أحمل الدَّهر عَتبه ... عليّ وَلَا عِنْدِي لأنعمه جحد)
(سأسكت إجلالاً لعلمك إِنَّنِي ... إِذا لم تكن خصمي لي الْحجَج اللُّدُّ)
وَمِنْه من الوافر
(أما من أعجب الْأَشْيَاء علجٌ ... يعرّفني الْحَلَال من الْحَرَام)
)(11/203)
(بَنو الدُّنْيَا إِذا مَاتُوا سواءٌ ... وَلَو عمر المعمِّر ألف عَام)
3 - (مجد الدّين البهنسي الْوَزير)
الْحَارِث القَاضِي الْجَلِيل مجد الدّين أَبُو الأشبال ابْن الرئيس الْعَالم النَّحْوِيّ مهذّب الدّين أبي الْحسن الْمُهلب بن حسن بن بَرَكَات بن عليبن غياث المهلّبي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي البهنسي اتَّصل بِابْن شكر وسافر مَعَه إِلَى الشَّام وَغَيرهَا وترسّل إِلَى الدِّيوَان وَإِلَى مُلُوك النواحي ووقف وَقفا بِمصْر على الزاوية الَّتِي كَانَ وَالِده يقرىء بهَا بالجامع الْعَتِيق وَكَانَ مجد الدّين لَهُ الْيَد الطُّولى فِي اللُّغَة وَله شعر ووزر للاشرف بحرّان ثمَّ إِنَّه نكبه وصادره وحبسه مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وَمَات بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَعشْرين وستمئة نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ فِي رجل يثلب أَعْرَاض النَّاس من المتقارب
(طَغى ابْن فلَان على ربِّه ... وَمَا مِنْهُ فِي الْخلق من سَالم)
(وَذَاكَ قليلٌ وَإِن ضوعفوا ... دَعوه يسبُّ إِلَى آدم)
(كنوز المعايب فِي عرضه ... يفرّق مِنْهَا على الْعَالم)
(حَارِثَة)
3 - (ابْن النُّعْمَان الصَّحَابِيّ)
حَارِثَة بن النُّعْمَان بن نفيع بن زيد بن عبيد بن ثَعْلَبَة بن غنم بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ أَبُو عبد الله شهِد بَدْرًا وأُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة
قَالَ مَرَرْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ جِبْرِيل جَالِسا بالمقاعد فسلّمت عَلَيْهِ وجزت فَلَمَّا رجعت وَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي هَل رَأَيْت الَّذِي كَانَ معي قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ جِبْرِيل وَقد ردّ عَلَيْك السَّلَام وَقد رُوِيَ هَذَا بِغَيْر هَذَا الْمَعْنى
وَقَالَت عَائِشَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نمت فرأيتني فِي الْجنَّة فَسمِعت قَارِئًا فَقلت من هَذَا قَالُوا(11/204)
حَارِثَة بن النُّعْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله وَسلم كَذَلِك البرُّ وَكَانَ أبرّ النَّاس بأمّه
توفّي رَضِي الله عَنهُ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَقيل إِنَّه ذهب بَصَره فَاتخذ خيطاً فِي الْموضع من مصلاّه إِلَى بَاب حجرته وَوضع عِنْده مكتلاً فيتمر فَكَانَ إِذا جَاءَ الْمِسْكِين يسْأَل أَخذ من ذَلِك)
المكتل ثمَّ أَخذ بِطرف الْخَيط حَتَّى يناوله وَكَانَ أَهله يَقُولُونَ نَحن نكفيك فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مناولة الْمِسْكِين تفي ميتَة السُّوء
3 - (ابْن بدر التَّمِيمِي)
حَارِثَة بن بدر بن حصن بن قطن كَانَ مَعَ بني تَمِيم ووجوهها وساداتها وشعرائها وَلَيْسَ من الْمُتَقَدِّمين فِي الشّعْر المتصرفّين فِي فنونه وَكَانَ من معاقري الْخمر فعابه الْأَحْنَف بن قيس على ذَلِك وأوجعه عتاباً وَقَالَ فضحت نَفسك وأسقطت قدرك فَقَالَ لَهُ إِنِّي سأعتبك فَانْصَرف الْأَحْنَف طامعاً فِي صَلَاحه فَلَمَّا أَمْسَى جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إسمع أَبَا بحرٍ مَا قلت قَالَ هَات فأنشده من الطَّوِيل
(يذم أَبُو بَحر أموراً أريدها ... ويكرهها للأريحيّ المسوَّد)
(فَإِن كنت عرّاباً فَقل مَا أريده ... ودع عَنْك توبيخي فلست بأوحد)
(سأشربها صهباء كالمسك رِيحهَا ... أسرُّ بهَا فِي كل نادٍ ومشهد)
فِي أَبْيَات طَوِيلَة مَذْكُورَة فِي الأغاني فَقَالَ الْأَحْنَف حَسبك فإنّي لَا أَرَاك مقلعاً عَن غيّك وَلنْ أعاتبك بعْدهَا أبدا
وَقَالَ أَيْضا لما عاتبه أنس بن زنيم وَقَالَ وأنشده أبياتاً يَقُول فِيهَا من الطَّوِيل
(فحتى مَتى أَنْت ابْن بدر مخيمٌ ... وصحبك تُحِسُّونَ الحليب من الْكَرم)
(فَإِن كَانَ شرّاً فآله عَنهُ وخلّه ... لغيرك من أهل التَّخبّط وَالظُّلم)
(وَإِن كَانَ خيرا يَا بن بدرٍ فقد أرى ... سئمت من الْإِكْثَار فِي ذَلِك الْغنم)
(وَإِن كنت ذَا علمٍ بِمَا فِي احتسائها ... فمالك إِذْ تَأتي المآثم عَن علم)
(تق الله وَاقْبَلْ يَا بن بدرٍ نصيحتي ... ودعها لمن أَمْسَى بَعيدا من الجرم)
(فَلَو أنّها كَانَت شرابًا محلَّلاً ... وَقلت لَك اتركها لأوضعت فِي الحكم)
(وأيقنت أنّ الْحلم مَا قلت فَانْتَفع ... بِقَوْلِي وَلَا تجْعَل كَلَامي من الجرم)
(فربَّ نصيح الجيب ردَّ مقاله ... عَلَيْهِ بِلَا ذنبٍ وعونجل بالشَّتم)(11/205)
وَكَانَ جَوَاب حَارِثَة أَنه قَالَ من الطَّوِيل
(يعيب عليَّ الراح من لَو يذوقها ... لجنَّ بهَا حَتَّى يغيَّب فِي الْقَبْر)
(فعبها أَو أمدحها فإنّا نحبُّها ... صراحاً كَمَا أغراك ربُّك بالهجر)
)
(علام تذم الراح والراح كاسمها ... تريح الْفَتى من همَّه آخر الدِّهر)
(ولمني فأنّ اللوم مِمَّا يزيدني ... غراماً بهَا إِن الْمَلَامَة قد تغري)
فِي أَبْيَات طَوِيلَة مثبتة فِي الأغاني ولمّا ندب حَارِثَة بن بدر لقِتَال الْأزَارِقَة بدولاب لَقِيَهُمْ فَلَمَّا حميت الْحَرْب بَينهم قَالَ لأَصْحَابه كرنبوا ودولبوا وَحَيْثُ شِئْتُم فاذهبوا ثمَّ انهزم فَقَالَ غوث بن الْحباب يهجوه من الطَّوِيل
(أحاربن بدرٍ دُونك الكأس إِنَّهَا ... بمثلك أولى من قراع الْكَتَائِب)
(عَلَيْك بهَا صهباء كالمسك رِيحهَا ... يظلُّ أَخُوهَا للعدى غير هائب)
(ودع عَنْك أَقْوَامًا وليت قِتَالهمْ ... فلست صبوراً عِنْد وَقع النوائب)
(وخذها كعين الدّيك تشفي من الجوى ... وتترك ذَا التهمام جم الْمذَاهب)
3 - (ابْن سراقَة)
حَارِثَة بن الرُّبيّع والرُّبيّع تَصْغِير بيع وَهِي أمه وَأَبوهُ سراقَة بن الْحَارِث بن عدي بن مَالك بن عدي بن عَامر بن بني النجار الْأنْصَارِيّ والرُّبيّع أمه عمّة أنس بن مَالك شهد بَدْرًا وَقتل يَوْمئِذٍ شَهِيدا قَتله حيّان بن العرقة بِسَهْم وَهُوَ يشرب من الْحَوْض وَكَانَ خرج نظاراً يَوْم بدر رَمَاه بِسَهْم أصَاب حجزته وَهُوَ أول قَتِيل قتل ببدرٍ من الْأَنْصَار فَجَاءَت أمه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله قد علمت منزل حَارِثَة مني فَإِن يَك فِي الْجنَّة أَصْبِر وأحتسب وَإِن تَكُ الْأُخْرَى ترى مَا أصنع فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحك أَو جنَّة وَاحِدَة هيإنما هِيَ جنَّات كَثِيرَة وإنّه فِي جنَّة الفردوس
3 - (ابْن وهب الْخُزَاعِيّ)
حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ أَخُو عبيد الله بن عمر بن الْخطاب(11/206)
لأمّه وعداده فِي الكوفّيين روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السَّبيعي ومعبد بن خَالِد الْجُهَنِيّ وَكَانَت أمّه تَحت عمر بن الْخطاب فَولدت لَهُ عبيد الله بن عمر قَالَ صلّيت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى وَالنَّاس أَكثر مَا كَانُوا فصلّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي حجَّة الْوَدَاع
3 - (ابْنا قطن)
حَارِثَة وحصن إبنا قطن بن زابر بن كَعْب بن حصن بن عليم الْكَلْبِيّ من قضاعة ذكرهمَا ابْن الْكَلْبِيّ فِيمَن وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قضاعة وَكتب لَهما كتاب من مُحَمَّد)
رَسُول الله لحارثة وحصن إبني قطن لأهل الْعرَاق مني بن جناب من المَاء الْجَارِي الْعشْر وَمن العثري نصف الْعشْر فِي السّنة فِي عمائر كلب
3 - (الزرقي)
حَارِثَة بن مَالك بن عضب بن جشم الْأنْصَارِيّ الزرقي ذكره الْوَاقِدِيّ فِيمَن شهد بَدْرًا
3 - (الْأَشْجَعِيّ)
حَارِثَة بن حميِّر الْأَشْجَعِيّ حَلِيف بنى سَلمَة من الْأَنْصَار وَقيل لِلْخُرُوجِ ذكره مُوسَى بن عقبَة فِيمَن شهد بَدْرًا هُوَ وَأَخُوهُ عبد الله بن حميِّر وَقَالَ غَيره ابْن خمير بِالْخَاءِ منقوطة(11/207)
(الألقاب)
الْحَارِثِيّ عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود بن أَحْمد سعد الدّين
الْحَارِثِيّ مَسْعُود بن أَحْمد
(حَازِم)
3 - (الْغِفَارِيّ)
حَازِم بن حَرْمَلَة بن مَسْعُود الْغِفَارِيّ وَيُقَال الاسليم لَهُ حَدِيث وَاحِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ يَا حَازِم أَكثر من قَول لَا حول وَلَا قوَّة إلاَّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم فَإِنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة يعدُّ من أهل الْمَدِينَة روى عَن مَوْلَاهُ أَبُو زَيْنَب
3 - (الْخُزَاعِيّ)
حَازِم بن حزَام الْخُزَاعِيّ ذكره الْعقيلِيّ فِي الصَّحَابَة مخرج حَدِيثه عَن وَلَده مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عقبَة بن شبيب بن حَازِم بن حزَام
3 - (أَبُو قيس الأحمسي)
حَازِم بن أبي حَازِم الأحمسيّ أَبُو قيس وَاسم أبي حَازِم عبد عَوْف ابْن الْحَارِث كَانَ حَازِم وقيسٌ أَخُوهُ مُسلمين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرياه وَقتل حازمٌ بصفين مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ تَحت راية أحمس وبجبيلة يَوْمئِذٍ
3 - (هني الدّين أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ المغربي)
حَازِم بن القَاضِي مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن خلف شيخ البلاغة وَالْأَدب أَبُو الْحسن الْأنْصَارِيّ المغربي توفّي وَله سِتّ وَسَبْعُونَ سنة فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وستمئة من أهل)(11/208)
قرطاجنّة بالأندلس وَكَانَ يلقب بهني الدّين
(الألقاب)
الْحَازِمِي الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن مُوسَى بن عُثْمَان مرَّ ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
أَبُو حَازِم الْأَعْرَج اسْمه سَلمَة بن دِينَار
الحاضري مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُوسَى
(حَاطِب)
3 - (أَخُو سُهَيْل بن عَمْرو)
حَاطِب بن عَمْرو بن عبد شمس بن عبدودّ أَخُو سُهَيْل بن عَمْرو
أسلم قبل دُخُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم وَهَاجَر إِلَى أَرض الْحَبَشَة الهجرتين جَمِيعًا وَقيل أول من قدم أَرض الْحَبَشَة حَاطِب بن عَمْرو فِي الْهِجْرَة الأولى
3 - (الجُمَحِي)
حَاطِب بن الْحَارِث بن معمر الْقرشِي الجُمَحِي مَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة مُهَاجرا وَكَانَ خرج إِلَيْهَا مَعَ امْرَأَته فَاطِمَة بنت المجلَّل بن عبد الله بن أبي قيس القرشية وَولدت لَهُ هُنَاكَ إبنيه مُحَمَّد بن حَاطِب والْحَارث بن حَاطِب وأتى بهما من هُنَاكَ غلامين
3 - (ابْن عتِيك)
حَاطِب بن عَمْرو بن عتِيك بن أميّة شهد بَدْرًا قَالَ ابْن عبد الْبر وَلم يذكرهُ ابْن إِسْحَاق فِي البدريّين
3 - (ابْن أبي بلتعة)
حَاطِب بن أبي بلتعة واسْمه عَمْرو وَقيل رَاشد بن معَاذ(11/209)
اللّخمي من ولد لخم بن عدي وَهُوَ حَلِيف للزبير بن العوّام وَقيل بل كَانَ عبدا لِعبيد الله بن حميد بن زُهَيْر بن الْحَارِث وكاتبه فأدّى كِتَابَته يَوْم الْفَتْح وَهُوَ من أهل الْيمن وَالْأَكْثَر أَنه حَلِيف لبني أَسد بن عبد الْعُزَّى شهد بَدْرًا وَمَا بعد ذَلِك من الْمشَاهد وَمَات سنة ثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ سنة روى عَنهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن وَجَابِر بن عبد الله وَابْن عمر وَكَانَ حَاطِب كتب إِلَى أهل مَكَّة عَام الْفَتْح يُخْبِرهُمْ بِبَعْض مَا عزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْغَزْو إِلَيْهِم وَبعث كِتَابه مَعَ امْرَأَة)
فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا والمقداد وَقيل الزبير فأدركا الْمَرْأَة بروضة خَاخ فَأخذ الْكتاب وَأَتيا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعتب حَاطِبًا فَاعْتَذر وَقَالَ مَا فعلته رَغْبَة عَن ديني فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله دَعْنِي أضْرب عُنُقه فَقَالَ وَمَا يدْريك لعلّ الله اطلع إِطْلَاعَة على أهل بدر فَقَالَ إعملوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم
(الألقاب)
الْحَافِظ خَليفَة مصر اسْمه عبد الْمجِيد بن مُحَمَّد
الْحَافِظ صَاحب جعبر أرسلان شاه بن أبي بكر
ابْن الْحَافِظ القَاضِي الْحَنْبَلِيّ عبد الله بن حسن
ابْن الْحَافِظ مُحَمَّد بن دَاوُد الحافظي الطَّبِيب سُلَيْمَان بن الْمُؤَيد بن عَامر
حافي رَأسه النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز
الْحَاكِم يُطلق على جمَاعَة مِنْهُم الْحَاكِم الْكَبِير الْحَافِظ أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق
وَالْحَاكِم ابْن البيِّع أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله وَالْحَاكِم العبيدي خَليفَة مصر اسْمه مَنْصُور
وَالْحَاكِم العبَّاسي الْمصْرِيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَحْمد بن الْحسن بن أبي بكر
الحاكمي الْخَوَارِزْمِيّ مُحَمَّد بن عَليّ
(حَامِد)
3 - (أَبُو المطهَّر الْأَصْبَهَانِيّ)
حَامِد بن رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء بن عمر أَبُو المطهَّر ابْن أبي الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ من بَيت مَشْهُور بِالْعلمِ والرِّواية حدَّث(11/210)
هُوَ وَأَبوهُ وجدّه سمع الْحسن بن أَحْمد الحدّاد وحدَّث باليسير ومولده سنة أَربع وخمسمئة
3 - (وَزِير المقتدر)
حَامِد بن الْعَبَّاس بن الْفضل أَبُو مُحَمَّد وَزِير المقتدر لم يزل يتقلّد الْأَعْمَال الجليلة من طساسيج السَّواد ويتصرف مَعَ الْعمَّال وَضمن الْخراج والضياع بِالْبَصْرَةِ وكور دجلة مَعَ الإشراف بكسكر ودستميسان والجامدة وَلم يزل على ذَلِك سِنِين فِي وزارة ابْن الْفُرَات الثَّانِيَة وَيحسن إِلَى أهل هَذِه النواحي وَيرْفَع الْمُؤَن عَنْهُم وَصَارَ لَهُم كَالْأَبِ وَلَا يحجب عَنهُ أكّاراً وَلَا غَيره وَربح أَمْوَالًا جليلة إِلَى الْغَايَة حَتَّى أَمر أَن يعْمل لَهُ حجرَة وَجعل مستراحاً بهَا وَكَانَ يتَقَدَّم إِلَى وَكيله أَن يبْتَاع لَهُ الدَّنَانِير وَيَجِيء إِلَيْهِ بهَا فَكلما حصّل كيساً أَخذه تَحت ثِيَابه وَقَامَ كَأَنَّهُ يَبُول فَيدْخل إِلَى المستراح فيلقي فِيهِ الْكيس وَيخرج من غير أَن يصب فِيهِ مَاء وَلَا يَبُول ويوهم الفرّاش من أَنه قد فعل ذَلِك فَإِذا خرج أقفل المستراح وَلم يدْخلهُ غَيره على رسم مستراحات السَّراة الَّتِي هم يختصُّون بهَا فَإِذا أَرَادَ الدُّخُول فَتحه الْخَادِم المرسوم بِالْوضُوءِ وَذَلِكَ الْخَادِم أَيْضا لَا يعلم السرَّ فِي ذَلِك فَلَمَّا تَكَامل فِيهِ أربعمئة ألف دِينَار قَالَ هَذَا المستراح ضيق قَبِيح الْبناء سدّوه فسدّ وعطِّل المستراح
وَكَانَ حَامِد يُجِيز من يمدحه ويثيب من يَقْصِدهُ وَكَثُرت صدقاته وَصلَاته ورواتبه على النَّاس حَتَّى أَنه اجتاز بواسط رجل من أهل الكرح وَأمر غُلَامه أَن يَشْتَرِي لَهُ خبْزًا بِدِينَار ويتصدّق بِهِ فَأَبْطَأَ الْغُلَام عَلَيْهِ إِلَى أَن تَعَالَى النَّهَار ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ مَا حَسبك قَالَ بتعت الْخبز وَجَلَست عِنْد الخباز أراعي من يجتاز من أهل المسكنة لأفرقه عَلَيْهِم فَلم أر أحدا فَلَمَّا أطلت قَالَ لي الخباز مَا بالك قلت أُرِيد أَن أفرق هَذَا الْخبز على الْمَسَاكِين فَقَالَ الخباز إِنَّك لَا تَجِد أحدا يَأْخُذهُ مِنْك لأنّ جَمِيع من فِي الْبَلَد من الضُّعَفَاء فِي جراية حَامِد بن الْعَبَّاس وَلكُل وَاحِد مِنْهُم فِي الْيَوْم رطلا خبز حوَّاري ودانق فضَّة وَقد مَنعهم من قبُول صَدَقَة غَيره فهم لَا يدعونَ راتبهم الحوَّاري وَيَأْخُذُونَ رطلي خشكار بحبتين وَكَانَ حَامِد بن الْعَبَّاس يقدّم على موائده فِي)
كل يَوْم بِعَدَد من يحضر الموائد جدياً لكل وَاحِد يوضع بَين يَدَيْهِ وَلَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره فَحَضَرَ يَوْمًا رجلٌ فَلَمَّا رأى ذَلِك هاله وَقَالَ أَيهَا الْوَزير أَنْت أحدثت فِي الطَّعَام من الْكَرم كل شَيْء حسن وَأحسنه أَمر هَذَا الجدي وَهُوَ أمرٌ لم تسبق إِلَيْهِ فَكيف وَقع لَك ذَلِك فَقَالَ كنت مرّة فِي دعوةٍ قبل علوّ حَالي(11/211)
فقدِّم على الْمَائِدَة جديٌ وَكَانَ فِي فمي لقْمَة أَنا مَشْغُول بهَا فلمحت موضعا من الجدي استطيبته وعملت على أَن أمدَّ يَدي إِلَيْهِ فَأَخذه من كَانَ إِلَى جَانِبي وَأكله فنغّص عليَّ طَعَامي فاعتقدت فِي الْحَال إِن الله وسَّع عليّ ومكنني أَن أجعَل على مائدتي لكل من حضرها جدياً يخصُّ كل واحدٍ لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره ليَأْكُل مَا أحبَّ من الجدي
وَلما قبض المقتدر على أبي الْحسن ابْن الْفُرَات فِي وزارته الثَّانِيَة فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وثلاثمئة طلب المقتدر حَامِد بن الْعَبَّاس وَخرج النَّاس لتلقّيه فَدخل بَغْدَاد وخلع عَلَيْهِ للوزارة وتوّجه إِلَى دَار ابْن الْفُرَات بالمخرّم ونزلها وَأمر وَنهى فتوجَّهت أم مُوسَى القهرمانة وَنصر الْحَاجِب وشفيع المقتدريّ وَابْن الحوارى إِلَى أبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى بن الجرّاح وَقَالُوا لَهُ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ ولّى حَامِد بن الْعَبَّاس الوزارة وَإنَّهُ ضَعِيف عَن أمرهَا فَاخْرُج أَنْت فتقلَّدها قَالَ لَا أفعل قَالُوا فعاونه ودع الإسم يكن لَهُ وَالْأَمر كلّه لَك فَأبى فعرّفوا الصُّورة المقتدر فَأمر بإجباره على ذَلِك فجَاء عليُّ بن عِيسَى فَجَلَسَ بَين يَدي حَامِد فرفعه وجذبه حَتَّى الْتَصق مَعَه فسارّه فِي مُطَالبَة ابْن الْفُرَات بالأموال فَقَالَ لَهُ عليُّ بن عِيسَى أما الْأَعْمَال كلهَا فاعملها للوزير واكفيه أمرهَا وأمّا مُطَالبَة هَؤُلَاءِ فالوزير أولى بهَا وأقدر عَلَيْهَا فَكتب لَهُ حَامِد كتابا قَلّدهُ فِيهِ دواوين الْخراج والضياع العامّة والخاصة والمحدثة والمقبوضة مَعَ حَامِد لما وصل بَغْدَاد أربعمئة غُلَام يحملون السِّلاح وتصرَّف عَليّ بن عِيسَى تصرّف الوزراء واشتغل حَامِد بن الْعَبَّاس بمطالبة ابْن الْفُرَات وَوَقعت بَينه وَبَين عَليّ بن عِيسَى المشاجرات والمناظرات فِي الْأَمْوَال فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء من مخلع الْبَسِيط
(أعجب من كلّ مَا ترَاهُ ... أنّ وزيرين فِي بِلَاد)
(هَذَا سوادٌ بِلَا وَزِير ... وَذَا وزيرٌ بِلَا سَواد)
(فَمَا رَأينَا كذين مثلا ... وَلَا ترَاهُ إِلَى التناد)
واستخرج حَامِد بن الْعَبَّاس من ابْن الْفُرَات ألف ألف دِينَار وعذبه بأنواع الْعَذَاب وَلما فرغ من المصادرة بَقِي بِلَا عمل إلاّ إسم الوزارة وَالرُّكُوب يومي الموكب بسواد وَسَقَطت حرمته)
عِنْد المقتدر وَبَان عَجزه فأفرد عَليّ بن عِيسَى بالأمور كلهَا وَبَطل حَامِد بن الْعَبَّاس لَا يَأْمر فِي شَيْء وَلَا ينْهَى فَاسْتَأْذن حَامِد المقتدر فِي ضَمَان السّواد وأصبهان وَبَعض نواحي الْمغرب بمالٍ عقده على نَفسه ونجَّمه فأمضاه المقتدر وتوّجه حَامِد إِلَى نواحي ضَمَانه وَأقَام بواسط فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء من الرجز
(أنظر إِلَى الدَّهْر فَفِي عجائبه ... معتبرٌ ينسيك عَن نوائبه)(11/212)
(ويوئس الْعَاقِل من رغائبه ... حَتَّى ترَاهُ حذرا من جَانِبه)
(مستوحشاً من إلفه وَصَاحبه ... صَار الْوَزير عَاملا لكَاتبه)
(يأمل أَن يرفق فِي مكاسبه ... لسيتدرَّ النَّفْع من مطالبه)
وَلم يزل الْحَال كَذَلِك أَربع سِنِين وَعشرَة أشهر وَأَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا إِلَى أَن تولّى ابْن الْفُرَات الوزارة الثَّالِثَة وأحضر حَامِد بن الْعَبَّاس إِلَى بَغْدَاد وتسلمه وَقبض عَلَيْهِ فَأخذ مِنْهُ أَمْوَالًا عَظِيمَة إِلَى الْغَايَة ثمَّ سلمه إِلَى ابْنه المحسّن فعذَّبه وَأنزل بِهِ المكاره إِلَى أَن لم يبْق لَهُ غير ضَيْعَة بواسط فنفذه إِلَى هُنَاكَ فاشتهى فِي الطَّرِيق بيض نيمرشت فَوضع لَهُ فِيهَا سمّ فَلَمَّا حساه مَاتَ فِي ثَلَاث عشرَة لَيْلَة خلت من شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمئة بالإسهال
ولمّا سلّم إِلَى المحسِّن بن الْفُرَات كَانَ يُخرجهُ إِذا شرب فيلبسه جلد قردٍ لَهُ ذنبٌ وَيُقِيم من يرقصه ويصفعه وَهُوَ يشرب على ذَلِك وَفعل بِهِ مَعَ الْعَذَاب كل قَبِيح وَلما مَاتَ جعل النَّاس يصلونَ على قَبره بواسط أَيَّامًا مُتَوَالِيَة ثمَّ إِنَّه استخرج من قَبره بعد ابْن الْفُرَات وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَدفن فِي مَقْبرَة تعرف بِهِ بالجانب الغربي وَكَانَ رَحمَه الله لما اشتدت بِهِ الْمُطَالبَة وَالْعَذَاب قد دلّهم على المستراح المقدّم ذكره فَأَخذه مِنْهُ أربعمئة ألف دِينَار وحامد بن العبّاس هُوَ الَّذِي تولّى مناظرة الحلاّج فِي أَيَّامه وخاطب المقتدر فِي قَتله وَصله كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الحلاّج
3 - (أَبُو غَانِم الدُّهلي)
حَامِد بن فَارس بن الْحُسَيْن أَبُو غَانِم الدُّهلي كَانَ متأدباً يَقُول الشّعْر أورد لَهُ محب الدّين بن النجار من الطَّوِيل
(سقى الله أَعْلَام اللوى حِين تبرق ... وجاد أعاليها السّحاب المروَّق)
(وَلَا بَرحت غرُّ السَّحَاب تصونه ... وريح الصَّبا فِي حافتيه تصفِّق)
)
(عهِدت بِهِ والدهر يجمع شملنا ... غزالاً إِلَيْهِ للقلوب تشوّق)
(ويابانة الْوَادي ببطحاء مكةٍ ... عَلَيْك سلامي كلما لَاحَ رونق)
(فقلبي إِلَى تِلْكَ الديار وَأَهْلهَا ... يروح وَيَغْدُو هائماً يتملّق)
قلت شعر نَازل وتواف غير متمكنة
وَالِده فَارس إِذا قيل لَهُ أيّ ولديك أحبُّ إِلَيْك حَامِد أَو شُجَاع يَقُول لَو ضَاعَ شُجَاع وَجَاء وَاحِد بشّرني بِهِ أَعْطيته حامداً وَتُوفِّي حَامِد سنة خمس وَثَمَانِينَ وأربعمئة بِبَغْدَاد
3 - (الصفّار الْحَنْبَلِيّ)
حَامِد بن مُحَمَّد بن حَامِد الصفار أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا حنبلياً وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب سمع أَبَاهُ وَأَبا طَاهِر مُحَمَّد بن أبي نصر التَّاجِر الْمَعْرُوف بهاجر وَأَبا الْخَيْر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الباغيان وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد حاجّاً وَسمع بهَا سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وخمسمئة
3 - (أَخُو الْعِمَاد الْكَاتِب)
حَامِد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَله أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ أَخُو(11/213)
الْعِمَاد الْكَاتِب قدم بَغْدَاد واستوطنها وَسمع بهَا من أبي زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي وَأبي الْمَعَالِي عبد الْملك بن عَليّ الهرّاسي وَغَيرهمَا وَكَانَ لَهُ إجَازَة من أبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وحدّث باليسير وَكَانَ متديناً حسن الطَّرِيقَة من ذَوي الأقدار والرفعة توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وخمسمئة بِبَغْدَاد ووفد رَسُولا على صَلَاح الدّين من بَغْدَاد ووقف مكتئباً للأيتام بِبَغْدَاد
3 - (عَم الْعِمَاد الْكَاتِب)
حَامِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مَحْمُود بن هبة الله الْمَعْرُوف بأله بِفَتْح الْهمزَة وضمّ اللَّام وَبعدهَا هَاء وَهُوَ الْعقَاب نَفِيس الدّين أَبُو الرَّجَاء جدّ الْعِمَاد الْكَاتِب توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة نَيف وَتِسْعين وأربعمئة كَانَ يحفظ شعر البحتري وَكَثِيرًا من شعر الْعَرَب أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب قَوْله من الْكَامِل
(فكأنَّ وجنته وخطّ عذارد ... أمنٌ أحيط من الردى بمكاره)
(قلت امح هَذَا الْخط عَنهُ فَقَالَ لي ... هَذَا دخانٌ ساطعٌ من ناره)
(فَكَأَنَّمَا قتل الظلام بخدّه ... وَاللَّيْل يرْكض فِي تطلّب ثاره)
)
وَقَوله من والوافر
(وَلما أَن ترَاخى الْوَصْل مِنْكُم ... وَطَالَ الْعَهْد بَيْنكُم وبيني)
(وجدت الْيَأْس من لقياك حظي ... وَكَانَ الْيَأْس إِحْدَى الراحتين)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو أَحْمد التفليسي الأديب)
حَامِد بن يُوسُف بن الْحُسَيْن أَبُو أَحْمد التَّفليسي الأديب سَافر وَلَقي أَبَا الْعَلَاء المعري وَغَيره
وَكَانَ من أَصْحَاب تَاج الْملك وَزِير ملكشاه سلك طَرِيق الزّهْد وَكَانَ غزير الْفضل سمع بالقدس أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْبَيْهَقِيّ وَأَبا بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن أبي جيدٍ البشنوي وبمكة أَبَا الْحسن عليّ بن إِبْرَاهِيم العاقولي وببغداد أَبَا حَكِيم عبد الله بن إِبْرَاهِيم الخيريّ وحدّث عَنْهُم وَعَن أبي الْفضل مُحَمَّد بن عبد الله الأبيوردي وَغَيره وروى عَنهُ شُجَاع بن فَارس الذُّهليُّ والحافظ بن نَاصِر وَكَانَ زيّه لما تزهّد زيّ الرهبان مدرعة صوف وعمَّة صوف
3 - (ابْن سمجون الطَّبِيب)
حَامِد بن سمجون هُوَ أَبُو بكر الطَّبِيب الْفَاضِل المتميّز فِي قوى الْأَدْوِيَة المفردة قَالَ ابْن أبي أصيبعة وَكتابه فِيهَا جيد ألّفه فِي أَيَّام الْمَنْصُور الْحَاجِب بن أبي عَامر وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمئة وَله من الْكتب الْأَدْوِيَة المفردة(11/214)
وانقراباذين
3 - (شمس الدّين الْقزْوِينِي الشَّافِعِي)
حَامِد بن أبي العميد بن أَمِيري بن ورشي بن عمر أَبُو الرضاء الْقزْوِينِي الْمُفْتِي الْفَقِيه الشَّافِعِي شمس الدّين ويكنى أَبَا المظفر أَيْضا قَرَأَ شَيْئا من الْخلاف على القطب النَّيْسَابُورِي وَكَانَ فَقِيها بارعاً رَئِيسا سمع من شهدة بنت الأبري وخطيب الْموصل وَيحيى الثقفيّ روى عَنهُ مجد الدّين بن العديم وَأَبوهُ شهَاب الدّين عبد الْحَلِيم بن تيميّة وبالإجازة القَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَأَبُو نصر مُحَمَّد بن الْمزي وَغَيرهمَا ولد بقزوين سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَقيل سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمَات بحلب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وستمئة وَولي قَضَاء حمص ودرّس بحلب وَكَانَ ابْنه عماد الدّين مُحَمَّد مدرّساً
(الألقاب)
)
حَامِل كَفنه اسْمه مُحَمَّد بن يحيى
الحامض أَبُو مُوسَى النَّحْوِيّ اسْمه سُلَيْمَان بن مُحَمَّد
حامض رَأسه عبد الله بن مُحَمَّد
حامض راسه مُحَمَّد بن إِسْحَاق
أَبُو حَامِد الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه أَحْمد بن عَامر
أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ الشَّافِعِي أَحْمد بن مُحَمَّد
أَبُو حَامِد المرورُّوذي الشَّافِعِي أَحْمد بن بشر
ابْن الحايك اللّغَوِيّ الإخباري اسْمه الْحسن بن أَحْمد بن يَعْقُوب
ابْن الحايك النَّحْوِيّ هرون
(المغنيّية حبَّابة)
جاريةٌ مولّدة من مولّدات الْمَدِينَة لرجل يعرف برمَّانة وَقيل إِن ميناء هُوَ الَّذِي أدَّبها وخرَّجها
وَقيل بل كَانَت لآل لَاحق المكيّين كَانَت حلوةً جميلَة الْوَجْه ظريفة حَسَنَة الْغناء طيّبة الصَّوْت ضاربةً بِالْعودِ أخذت عَن ابْن سُرَيج وَابْن مخرز ومالكٍ ومعبدٍ وجميلة وعزّة الميلاء وَكَانَت تسمّى الْعَالِيَة فَلَمَّا اشْتَرَاهَا يزِيد سمّاها حبّابة
وَقَالَ يزِيد بن عبد الْملك مَا تقرّ عَيْني بِمَا أُوتيت من الْخلَافَة حَتَّى أَشْتَرِي سلاّمة جَارِيَة(11/215)
مُصعب بن سهيلٍ الزُّهري وحبَّابة جَارِيَة اللاحقي المكيّة فَلَمَّا اشتراهما واجتمعتا عِنْده قَالَ أَنا الْآن كَمَا قَالَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(فَأَلْقَت عصاها واستقرت بهَا النَّوَى ... كَمَا قرَّ عينا بالإياب الْمُسَافِر)
وسوف يَأْتِي خبر مَوتهَا فِي تَرْجَمَة يزِيد بن عبد الْملك وفيهَا يَقُول يزِيد من الْبَسِيط
(أبلغ حبابة أسْقى ربعهَا الْمَطَر ... مَا للفؤاد سوى ذكراكم وطر)
(إِن سَار صحبي لم أملك تذكُّركم ... أَو عرَّسوا فهموم النَّفس والسَّهر)
وأخبارها مَعَ يزِيد بن عبد الْملك كَثِيرَة وَهِي مَذْكُورَة فِي ترجمتها فِي كتاب الأغاني لأبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ
(الألقاب)
ابْن حبَّان الْحَافِظ مُحَمَّد بن حبَان)
ابْن الحبال أَبُو بكر بن أَحْمد بن عمر
الحبَّال الْحَافِظ إِبْرَاهِيم بن سعيد
(الْحباب)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
الْحباب بن الْمُنْذر بن الجموح الْأنْصَارِيّ ذُو الرَّأْي الَّذِي قَالَ يَوْم سَقِيفَة بني سَاعِدَة أَنا جذيلها المحكَّك وعذيقها المرجّب توفّي فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَشهد بَدْرًا وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة كَذَا قَالَ الواقديّ وَكلهمْ ذكره فِي البدريّين إلاّ ابْن إِسْحَاق فِي رِوَايَة سَلمَة عَنهُ كَانَ يُقَال إِنَّه ذُو الرَّأْي وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينزل على مَاء بدر للقاء الْقَوْم قَالَ ابْن عَبَّاس فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ(11/216)
الرَّأْي مَا أَشَارَ بِهِ الْحباب وَشهد أُحُداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الَّذِي قَالَ منّا أَمِير ومنكم أَمِير وروى عَنهُ أَبُو الطُّفيل عَامر بن وائلة
3 - (البياضي)
الْحباب بن زيد بن تيم بن أميّة الْأنْصَارِيّ البياضي شهد أحدا مَعَ أَخِيه حَاجِب بن زيدٍ
3 - (ابْن ظفر)
الْحباب بن جُزْء بن عَمْرو بن عبد رزاح بن ظفرٍ ذكره الطبريّ فِيمَن شهد أحدا
3 - (حَلِيف بني أميّة)
الْحباب بن جُبَير حَلِيف بني أميّة وَابْنه عرفطة بن الْحباب اسْتشْهد يَوْم الطَّائِف مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(حبَّان)
3 - (ابْن عَليّ الْكُوفِي)
حبَّان بن عَليّ الْكُوفِي أَخُو منْدَل بن عَليّ كَانَ أحد فُقَهَاء الْعلمَاء أشخصهما الْمهْدي من الْكُوفَة فَقَالَ أيكما منْدَل فَقَالَ هَذَا حبَّان يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ بالقويّ عِنْدهم وَقَالَ النَّسائي ضعيفٌ وروى لَهُ ابْن ماجة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين ومئة
3 - (الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ)
حبّان بن هِلَال الْبَاهِلِيّ وَيُقَال الْكِنَانِي الْبَصْرِيّ قَالَ ابْن حَنْبَل إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الثبت بِالْبَصْرَةِ روى لَهُ الْجَمَاعَة وَتُوفِّي فِي(11/217)
حُدُود الْعشْرين ومئتين
3 - (ابْن مُوسَى الْمروزِي)
حبّان بن مُوسَى المروزيُّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وبواسطة الترمذيُّ والنسَّائي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ ومئتين قَالَ ابْن معِين لَا بَأْس بِهِ
(حبش)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الشهرستاني)
حبش بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشهرستاني أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الْحَنَفِيّ طلب الحَدِيث وَقَرَأَ وَسمع كثيرا وَكتب بِخَطِّهِ من أنوشتكين الرّضواني وَنصر بن نصر العكبري وَأبي بكر بن الزَّاغُونِيّ وَأبي الْكَرم بن الشهرزوري وأمثالهم وحدَّث باليسير
3 - (أَبُو الْجنُوب السّلولي)
حبشيُّ بن جُنَادَة بن نصر بن أُسَامَة بن الْحَارِث من بني بكر من هوَازن السّلولي أَبُو الْجنُوب رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وعداده فِي الْكُوفِيّين روى عَنهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن وَأَبُو إِسْحَاق السَّبيعي وعامر الشّعبِيّ توفّي(11/218)
فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (وَزِير زنكي)
حبشيُّ بن مُحَمَّد بن حبشيّ أَبُو الْغَنَائِم ابْن أبي طَالب من أهل الحلَّة السَّيفيّة ولي النّظر بواسط وَكَانَ أديباً فَاضلا كَاتبا شَاعِرًا سَافر إِلَى ماردين وَولي الوزارة لصَاحِبهَا تمرتاش ثمَّ وزر بِالشَّام لزنكي إِلَى أَن قَتله الْمَلَاحِدَة وَمن شعره من الطَّوِيل)
(هجرتكم إِن كنت أضمرت هجركم ... وسافرت عَنْكُم إِن رجعت إِلَى السَّفر)
(وَإِن خطرت بِالنَّفسِ صُحْبَة غَيْركُمْ ... فَلَا بَرحت مَحْمُولَة بِي على الْخطر)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَطَعْت العلى فِي هجر ليلى وإنني ... لأضمر مِنْهَا مِثْلَمَا يضمر الزُّبد)
(قريبَة عهد لم يكن من رجالها ... سواي من العشاق قبلٌ وَلَا بعد)
(رَأَيْت فِرَاق النَّفس أَهْون لوعةً ... عليَّ من الْعقل الَّذِي يكره الْمجد)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل مَا لي على صرف الزَّمَان وريبه يَا صَاح أَمر
(لَو كَانَ ذَلِك لم يبت ... خلف الثرى والترب خصر)
واغتاله مَعَ ذَلِك القدِّ الرشيق الغضّ عمر
(لكنَّ ليل صبابتي ... مذ بَان لَا يتلوه فجر)
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة وَأثْنى على فَضله
3 - (أَبُو الْغَنَائِم الوَاسِطِيّ)
حبشيُّ بن مُحَمَّد بن شُعَيْب الشَّيباني أَبُو الْغَنَائِم الضَّرِير النَّحْوِيّ الوَاسِطِيّ قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بِشَيْء من الْأَدَب ثمَّ إِنَّه قدم بَغْدَاد واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وحمسمئة وَقَرَأَ على الشريف الشجري ولازمه حَتَّى برع فِي(11/219)
النَّحْو وَبلغ الْغَايَة وَسمع شَيْئا من الحَدِيث وَكتب الْأَدَب ودواوين شعر الْعَرَب من الْحَافِظ مُحَمَّد بن نَاصِر وحد ث باليسير وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة من أهل بَغْدَاد كمصدِّق بن شبيب قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَكَانَ مَعَ هَذَا الْعلم إِذا خرج إِلَى الطَّرِيق بِغَيْر قَائِد لَا يَهْتَدِي كَمَا يَهْتَدِي العميان حَتَّى سوق الْكتب الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ كل لَيْلَة عشْرين سنة وَلم يكن بَعيدا عَن منزله
(الألقاب)
الحبطي الضَّرِير أَحْمد بن شبيب
ابْن الحبوبيّ يحيى بن مُحَمَّد
ابْن حبوس الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عبد الله
ابْن حبُّون اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبُّون الشَّاعِر)
ابْن حبيباتٍ يزِيد بن خَالِد
(حُبَيْش)
3 - (ابْن خَالِد الْأَشْعر)
حُبَيْش بن خَالِد بن منقذ بن ربيعَة وَقع فِي جدَّه خلافٌ الصَّحَابِيّ أَبُو معبد وَقيل أَبُو صَخْر
وَيُقَال لِأَبِيهِ خَالِد الْأَشْعر وَقيل فِي حُبَيْش خُنَيْس بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَضْمُونَة وَنون مَفْتُوحَة وَبعد الْيَاء آخر الْحُرُوف سينُ مهملةٌ وَالْأول أصحُّ وَهُوَ صَاحب حَدِيث أم معبدٍ الخزاعيَّة
قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا أعلم لَهُ حَدِيثا غَيره وَيُقَال لَهُ ولأبيه قَتِيل الْبَطْحَاء
3 - (أَبُو قلَابَة الراوية)
حُبَيْش بن عبد الرَّحْمَن أَبُو قلَابَة الْجرْمِي كَانَ أحد الروَاة(11/220)
الفهمة وَكَانَت بَينه وَبَين الْأَصْمَعِي مماظَّة لِأَن حبيشاً كَانَ شِيعِيًّا رَافِضِيًّا وَلما بلغته وَفَاة الْأَصْمَعِي شمت بِهِ وَقَالَ من السَّرِيع
(أَقُول لمّا جَاءَنِي نعيه ... بعدا وَسُحْقًا لَك من هَالك)
(يَا شرّ ميتٍ خرجت نَفسه ... وشرَّ مَدْفُوع إِلَى مَالك)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(لعن الله أعظماً حملوها ... نَحْو دَار البلى على خشبات)
أعظماً تبغض النبيَّ وَأهل الْبَيْت والطيبين والطيبات وَكَانَ أَبُو قلَابَة صديقا لعبد الصَّمد بن المعذَّل وَبَينهمَا مجالسةٌ وممازحةٌ وَله مَعَه أخبارٌ قَالَ المرزبانيُّ قَالَ عبد الصّمد أنشدت أَبَا قلَابَة قولي فِيهِ من الرجز
(يَا ربّ إِن كَانَ أَبُو قلابه ... يشْتم فِي خلوته الصحابه)
(فَابْعَثْ عَلَيْهِ عقرباً دبَّابه ... تلسعه فِي طرف السّبابه)
(واقرن إِلَيْهِ حَيَّة منسابه ... وَابعث على جوخانه سحابه)
قَالَ وَأَبُو قلابةٌ ساكتٌ فَلَمَّا قلت وَابعث على جوخانه سحابه قَالَ الله الله لَيْسَ مَعَ ذهَاب الْخَيْر عملٌ
3 - (صَاحب الأغاني)
حُبَيْش بن مُوسَى الصِّيني صَاحب كتاب الأغاني الَّذِي ألَّفه للمتوكل ذكر فِي هَذَا الْكتاب أَشْيَاء لم يذكرهَا إِسْحَاق وَلَا عَمْرو بن بانه وَذكر من أَسمَاء المغنّين والمغنيات فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام)
كل ظريفٍ عريبٍ وَله كتاب الأغاني على حُرُوف المعجم كتاب مجردات الْمُغَنِّيَات
(حَبَّة)
3 - (ابْن الجوين العرني)
حبَّة بن الجوين العرني الكوفيّ أَبُو قدامَة روى عَن عَليّ وَابْن مسعودٍ وَحُذَيْفَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين لِلْهِجْرَةِ(11/221)
3 - (أَبُو السَّنابل)
حبَّة بن بعكك بن الْحجَّاج بن الْحَارِث أَبُو السَّنابل الْقرشِي الْعَبدَرِي أمُّه عمْرَة ابْنة أوسٍ من بني عذرة من مسلمة الْفَتْح كَانَ شَاعِرًا وَمَات بِمَكَّة روى عَنهُ الْأسود بن يزِيد قصَّته مَعَ سبيعة الاسلميَّة وَذكره ابْن إِسْحَاق فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم
3 - (السُّوائي الصّحابي)
حبَّة بن خَالِد السُّواني وَقيل الْخُزَاعِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَأَخُوهُ سَوَاء بن خَالِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهما لَا تيأسا من الرزق مَا تهزَّزت رؤوسكما فَإِن الْإِنْسَان تلده أمه لَيْسَ عَلَيْهِ قشرٌ ثمَّ يُعْطِيهِ الله وَيَرْزقهُ يعدُّ فِي الْكُوفِيّين
(حبيب)
3 - (حبيب الرّوم)
حبيب بن مسلمة بن مَالك بن وهب بن ثَعْلَبَة القرشيُّ الفهريُّ كَانَ يُقَال لَهُ حبيب الرّوم لِكَثْرَة مجاهدته لَهُم ولاَّه عمر بن الْخطاب أَعمال الجزيرة إِذْ عزل عَنْهَا عِيَاض بن غنمٍ وضمّ إِلَى حبيبٍ أرمينية وأذربيجان وَكَانَ فَاضلا مجاب الدّعوة مَاتَ بِالشَّام وَقيل بأرمينية سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وكنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن وَفِيه يَقُول حسان بن ثَابت من الْبَسِيط
((11/222)
إلاّ تبوؤا بحقِّ الله تعترفوا ... بغارةٍ عصبٍ من فَوْقهَا عصب)
(فيهم حبيب شهَاب الْمَوْت يقدمهم ... مشّمراً قد بدا فِي وَجهه الْغَضَب)
3 - (ابْن أبي ثَابت الْكُوفِي)
حبيب بن أبي ثَابت قيس بن دِينَار وَقيل قيس بن هِنْد مولى بني أَسد بن خُزَيْمَة كَانَ أَعور
روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي وَائِل وَسَعِيد بن جُبَير وخلقاً وَكَانَ كوفياً أحد الْأَعْلَام وَهُوَ وَحَمَّاد بن سَلمَة فَقِيها الْكُوفَة وَقَالَ عليُّ بن الْمَدِينِيّ سمع من عَائِشَة وَقَالَ البُخَارِيّ لم يسمع وَقَالَ غير وَاحِد حبيبٌ ثقةٌ وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة ومئة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن الزبير)
حبيب بن الزبير الْأَصْبَهَانِيّ مولى لبني هِلَال سكن الْبَصْرَة وَهُوَ من ثِقَات الْأَئِمَّة وَمن مَشَايِخ شُعْبَة صَدُوق صَالح الحَدِيث(11/223)
3 - (مولى النُّعْمَان بن بشير)
حبيب بن سَالم مولى النُّعْمَان بن بشير وكاتبه روى عَنهُ وروى عَن حبيب بشير بن ثَابت وَمُحَمّد بن الْمُنْتَشِر وَإِبْرَاهِيم بن مهاجرٍ
3 - (ابْن الشَّهِيد الْبَصْرِيّ)
حبيب بن الشَّهِيد البصريّ كَانَ يكنى أَبَا مُحَمَّد وَقيل أَبَا مَرْزُوق وَأَبا شَهِيد فَترك هَذِه الكنية الْأَخِيرَة سمع الْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن سِيرِين وَعِكْرِمَة وَسمع مِنْهُ قُرَيْش بن أنسٍ وَغَيره توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين ومئة
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة)
3 - (ابْن أبي فضَالة الْمَالِكِي)
حبيب بن أبي فضَالة وَيُقَال ابْن فضَالة الْمَالِكِي تَابِعِيّ حسن الحَدِيث سمع عمرَان بن حُصَيْن وَأنس بن مَالك وروى عَنهُ زِيَاد بن أبي مُسلم وسلاّم مشدّد اللَّام ابْن مِسْكين وصرد الْبَصْرِيّ
3 - (كَاتب مَالك)
حبيب بن أبي حبيب مَرْزُوق أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي كَاتب مَالك كَانَ(11/224)
يقْرَأ الْمُوَطَّأ للنَّاس على مَالك فِي بعض الْأَوْقَات وبقراءته سمع يحيى بن بكير مرّة قَالَ ابْن معِين أشرُّ السَّماع عرض حبيب على مَالك كَانَ يقْرَأ فَإِذا انْتهى صفح أوراقاً وَكتب بلغ وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم روى أَحَادِيث شَبيهَة بالموضوعة وعامّة سَماع المصريّين عرض حبيب قَالَ ابْن معِين سَأَلُونِي عَنهُ بِمصْر فَقلت لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَقَالَ ابْن عدي كَانَ يضع الحَدِيث توفّي سنة ثَمَان عشرَة ومئتين
3 - (أَبُو تَمام الطَّائِي)
حبيب بن أَوْس بن الْحَارِث بن قيس بن الْأَشَج بن يحيى بن مردان يَنْتَهِي إِلَى طَيء أَبُو تَمام الشَّاعِر الْمَشْهُور وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْحسن بن بشر الْآمِدِيّ(11/225)
وَالَّذِي عِنْد أَكثر النَّاس فِي نسب أبي تَمام أَن أَبَاهُ كَانَ نَصْرَانِيّا من أهل جاسم قَرْيَة من قرى دمشق يُقَال لَهُ تذوس الْعَطَّار فجعلوه أَوْسًا وَكَانَ أوحد عصره فِي ديباجة لَفظه وصناعة شعره وَحسن أسلوبه وَكَانَ لَهُ من المحفوظات مَا لَا يلْحقهُ فِيهِ غَيره قبل إِنَّه كَانَ يحفظ أَرْبَعَة عشر ألف أرجوزة للْعَرَب غير المقاطيع والقصائد وَله كتاب الحماسة وَهُوَ كتاب يدل على حسن اخْتِيَاره
قلت هِيَ أَرْبَعَة آلَاف بَيت وَمِائَتَا بَيت وَثَمَانِية أَبْيَات يكون الْجيد فِيهَا ألف بَيت وَقد اخْتَرْت جيدها فَكَانَ ألف بَيت وَمِائَة بَيت وَثَلَاثَة وَعشْرين بَيْتا وسمَّيت ذَلِك نفائس الحماسة بَعْدَمَا رتبت كل بَاب مِنْهَا على حُرُوف المعجم
وَمِمَّنْ شرح الحماسة أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد الاستراباذي وحماسة البحتري أحسن مِنْهَا وأكبر وَأكْثر أنواعاً وَإِنَّمَا سميت الحماسة لِأَن أول بَاب فِيهَا هُوَ بَاب الحماسة وَهَذَا من بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء باسم جزئه كَالصَّلَاةِ وَالصَّلَاة الدُّعَاء وَالدُّعَاء بعض أَجزَاء الصَّلَاة وَهَذَا نوع من الْمجَاز وَأَبُو تَمام لَهُ الحماسة الْكُبْرَى والحماسة الصُّغْرَى)
وَقد عمل النَّاس حماسات كَثِيرَة مِنْهَا حماسة البحتري والحماسة البصرية وحماسة الأعلم الشنتمري وحماسة الشجري وحماسة ابْن أَفْلح وحماسة البيّاسي وحماسة شميم الحلّي
وحماسة الجراوي والحاسة المحدثة لِابْنِ عمارس وحماسة الجصَّاني وحماسة ابْن الْمَرْزُبَان مُحَمَّد بن خلف
وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أمره وَأمر المتنبي أَيهمَا أشعر والأذكياء على أَن المتنبي أشعر وَالشَّيْخ أثير الدّين مذْهبه أَن أَبَا تَمام أشعر وفاوضناه يَوْمًا فِي ذَلِك فَقَالَ بعد مَا ذكرنَا محَاسِن المتنبي ومعايب أبي تَمام أَنا مَا أسمع عذلاً فِي حبيب فأعجبنا مِنْهُ ذَلِك وسكتنا وَهَذَا كَانَ مَذْهَب شَيْخه بهاء الدّين بن النّحاس وَالَّذِي أقوله أَنا إِنَّنِي اخْتَرْت شعر الْإِثْنَيْنِ فجَاء مُخْتَار المتنبي ألفا وستمئة بَيت من جملَة سِتَّة آلَاف بيتٍ وَجَاء مُخْتَار أبي تَمام قَرِيبا من ثمانمئة بَيت من جملَة ثَمَانِيَة آلَاف بَيت أَو مَا حولهَا وَلَا شكَّ أنّ من لَهُ ألف وستمئة من سِتَّة آلَاف أشعر مِمَّن لَهُ ثمانمئة من ثَمَانِيَة آلَاف والإنصاف يقْضِي بذلك لَكِن أَبُو تَمام مُتَقَدم وَهُوَ الَّذِي فتح بَاب البديع وغاص على الْمَعْنى الدَّقِيق وَمَات وَله من الْعُمر ثَلَاثُونَ سنة وكسورٌ فَلَو عمِّر عمر المتنبي وَتَأَخر زَمَانه حَتَّى يرى أَقْوَال من تقدّمه كَانَ أشعر من المتنبي لِأَن المتنبي تقدّمه فحول من الشُّعَرَاء مثل أبي تَمام والبحتري وَابْن الرُّومِي وَابْن المعتز وأمثالهم فَأخذ محاسنهم وَرَأى أنموذج جيدهم فنسج على ذَلِك المنوال
وَفِي أبي تَمام قَالَ مخلد بن بكارٍ الْموصِلِي من السَّرِيع
(أنظر إِلَيْهِ وَإِلَى ظرفه ... كَيفَ تطايا وَهُوَ منثور)(11/226)
(وَيحك من أَلْقَاك فِي نسبةٍ ... قَلْبك مِنْهَا الدَّهر مذعور)
ومدح أَبُو تَمام الْخُلَفَاء وَأخذ جوائزهم وجاب الْبِلَاد وَقصد الْبَصْرَة وَبهَا عبد الصَّمد بن المعذَّل الشَّاعِر وَكَانَ فِي جمَاعَة من غلمانه وَأَتْبَاعه فخاف عبد الصَّمد أَن يمِيل النَّاس إِلَيْهِ ويعرضوا عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ دُخُوله قبل دُخُوله من الْخَفِيف أَنْت بَين اثْنَتَيْنِ تبرز للنَّاس وكلتاهما بوجهٍ مذال
(لست تنفكّ راجياً لوصالٍ ... من حبيبٍ أَو طَالبا لنوال)
(أيّ ماءٍ يبْقى لوجهك هَذَا ... بَين ذلِّ الْهوى وذل السُّؤَال)
فَلَمَّا وقف أَبُو تَمام على الأبيات أضْرب عَن قَصده وَرجع وَقَالَ قد شغل هَذَا مَا يَلِيهِ فَلَا حَاجَة)
لنا فِيهِ وَقيل إِنَّه لما وقف على الأبيات قَلبهَا وَكتب فِي ظهرهَا جَوَابا من الْبَسِيط
(أفيَّ ينظم قَول الزُّور والفند ... وَأَنت أنقص من لَا شَيْء فِي الْعدَد)
(أشرجت قَلْبك من غيظٍ على حنقٍ ... كَأَنَّهَا حركات الرّوح فِي الْجَسَد)
(أقدمت وَيلك من هجوي على خطرٍ ... كالعير يقدم من خوف على الْأسد)
فَلَمَّا وقف عبد الصَّمد على الأول قَالَ مَا أحسن علمه بالجدل أوجب زِيَادَة ونقصاً على مَعْدُوم وَلما وقف على الثَّانِي قَالَ الإشراج من عمل الفراشين وَلَا مدْخل لَهُ هَهُنَا وَلما وقف على الثَّالِث عضَّ على شفته وَقَالَ قتل
وَقد تنوّع الإخباريون فِي إِيرَاد هَذِه الأبيات اللاّمية فَتَارَة يوردونها لِابْنِ المعذَّل وَتارَة يوردونها لبَعض الغلمان المردان وَأَنه طلع تلقَّى أَبَا تَمام وتعرَّض لَهُ وأطعمه فِي نَفسه فَلَمَّا عرَّض لَهُ أَبُو تَمام بِطَلَب الْوِصَال أنْشدهُ هَذِه الأبيات فاستحيى أَبُو تَمام وكرَّ رَاجعا من حَيْثُ أتلى وَلم يدْخل الْبَلَد وَتارَة يوردونها على غير هَذِه الصُّورَة واشتهرت هَذِه الأبيات بَين أهل الْأَدَب حَتَّى قَالَ مجير الدّين مُحَمَّد بن تَمِيم من الْخَفِيف أَنْت بَين اثْنَتَيْنِ يَا نجل يَعْقُوب وكلتاهما مقرُّ السياده
(لست تنفك رَاكِبًا أير عبدٍ ... مسبطرّاً أَو حَامِلا خفَّ غاده)
(أَي مَاء لحرّ وَجهك يبْقى ... بَين ذل البغا وذل القياده)
وَكَانَ أَبُو تَمام أسمر طَويلا حُلْو الْكَلَام فِيهِ تمتمةٌ يسيرَة قيل إِن الْحسن ابْن وهب عني بِهِ فولاّه بريد الْموصل فَأَقَامَ بِهِ أقلّ من سنتَيْن وَتُوفِّي
وَلما قصد أَبُو تَمام عبد الله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بخراسان وامتدحه بالقصيدة الَّتِي أوّلها هنَّ عوادي يوسفٍ وصواحبه أنكر عَلَيْهِ أَبُو سعيد الضَّرِير وَأَبُو العميثل هَذَا الِابْتِدَاء وَقَالا لَهُ لم لَا تَقول مَا يفهم فَقَالَ لَهُم لم لَا تفهمان مَا يُقَال فَاسْتحْسن مِنْهُ هَذَا الْجَواب على الْفَوْر(11/227)
وَأنْشد أَبُو تَمام لأبي دلفٍ قصيدته الَّتِي يمدحه بهَا وَهِي من الطَّوِيل
(على مثلهَا من أربعٍ وملاعبٍ ... أذيلت مصونات الدُّمُوع السَّواكب)
فاستحسنها وَأَعْطَاهُ خمسين ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ لَهُ وَالله إِنَّهَا لدوّنَ شعرك ثمَّ قَالَ لَهُ وَالله مَا مثل هَذَا القَوْل فِي الْحسن إلاّ مَا رثيت بِهِ مُحَمَّد بن حميد الطوسي فَقَالَ وَأي ذَلِك أَرَادَ)
الْأَمِير قَالَ قصيدتك الرائية الَّتِي أوّلها من الطَّوِيل
(كَذَا فليجل الْخطب وليفدح الْأَمر ... فَلَيْسَ لعين لم يفض مَاؤُهَا عذر)
وددت وَالله أَنَّهَا لَك فيّ فَقَالَ أفدي الْأَمِير بنفسي وَأَهلي وأكون المقدَّم قبله فَقَالَ أَبُو دلف أَنه لم يمت من رثي بِهَذَا الشّعْر
وَيُقَال أَنه مدح بعض الْخُلَفَاء بقصيدته الَّتِي أوّلها من الْكَامِل
(مَا فِي وقوفك سَاعَة من باس ... نقضي حُقُوق الْأَرْبَع الأدراس)
فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله
(إقدام عَمْرو فِي سماحة حَاتِم ... فِي حلم أحنف فِي ذكاء إِيَاس)
فَقَالَ لَهُ الْوَزير تشبّه أَمِير الْمُؤمنِينَ بأجلاف الْعَرَب فَأَطْرَقَ سَاعَة ثمَّ رفع رَأسه وَأنْشد من الْكَامِل
(لَا تنكروا ضربي لَهُ من دونه ... مثلا شرودا فِي الندى والباس)
(فَالله قد ضرب الأقلَّ لنوره ... مثلا من الْمشكاة والنِّبراس)
وَلما أخذت القصيدة مِنْهُ لم يُوجد هَذَانِ البيتان فِيهَا فعجبوا من سرعَة فطنته وَقَالَ الْوَزير للخليفة أيّ شَيْء طلب أعْطه إِيَّاه فَإِنَّهُ لَا يعِيش أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا لِأَنَّهُ قد ظهر فِي عَيْنَيْهِ الدَّم من شدَّة الفكرة فَقَالَ لَهُ الْخَلِيفَة مَا تشْتَهي فَقَالَ أُرِيد الْموصل فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا فتوجّه إِلَيْهَا وَلم يصل إِلَيْهَا بل مَاتَ فِي الطَّرِيق وَلَا صِحَة لهَذَا لكنَّ هَذِه الْحِكَايَة استطارت وَالَّذِي ذكره الصولي أَنه لما أنْشد هَذِه القصيدة لِأَحْمَد بن المعتصم وَجرى مَا جرى كَانَ أَبُو يُوسُف الْكِنْدِيّ حَاضرا قَالَ هَذَا الْفَتى يَمُوت قَرِيبا قيل إِنَّه سمع ختيشوع بن جِبْرِيل الطَّبِيب أَبَا تَمام ينشد الْحسن بن سهل أبياتاً لَهُ من قصيدة وَهِي(11/228)
من الوافر
(فَتى كشفت لَهُ حدق الْمعَانِي ... محاجرها بأجفان الْقُلُوب)
(فأعرق فِي دَقِيق الْفِكر حَتَّى ... كأنَّ ضَمِيره بعض الغيوب)
(سليل أبوَّة وجدوا العطايا ... غيوثاً عِنْد عربدة الجدوب)
(صفت أفهامهم حَتَّى كأنيّ ... مقيمٌ فِي أنَاس من قُلُوب)
(كَلَام كالخدود من العذارى ... إِذا أرسى بسمع من أديب)
(جرى فِي جدوليه لِسَان فكرٍ ... بِأَلْفَاظ مشققة الْجُيُوب)
)
(أرقَّ من المدامع فِي التَّصابي ... وَأحلى من مشافهة الذُّنُوب)
فَقَالَ هَذَا كَلَام رجلٍ قد أحرق الْفِكر دَمه وَمَا أقلَّ بَقَاءَهُ فاستكثروا مِنْهُ فَلم تطل مُدَّة أبي تَمام بعد هَذَا حَتَّى اخترم وَقَالَ شمس الدّين ابْن خلكان قد تتبعت هَذِه الْولَايَة للموصل وحققتها فَلم أجد سوى أَن الْحسن بن وهب ولاّه بريد الْموصل فَأَقَامَ أقلّ من سنتَيْن ثمَّ مَاتَ بهَا سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ومئتين وَقيل سنة ثَمَان وَعشْرين ومئتين وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ومولده سنة تسعين ومئة وَقيل سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَقيل سنة اثْنَيْنِ وَسبعين وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين ومئة
وَبنى عَلَيْهِ أَبُو نهشل بن حميدٍ الطوسي قبَّة خَارج بَاب الميدان على حافة الخَنْدَق وَحكى عفيف الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن عَدْلَانِ الموصليُّ النَّحْوِيّ المترجم قَالَ سَأَلت شرف الدّين بن عنين عَن معنى قَوْله من الطَّوِيل
(سقى الله روح الغوطتين وَلَا ارتوت ... من الْموصل الحدباء إلاّ قبورها)
وَلم حرمهَا وخصَّ الْقُبُور فَقَالَ لأجل أبي تَمام وَلما مَاتَ رثاه الْحسن بن وهب بقوله من الْكَامِل
(فجع الريض بِخَاتم الشُّعَرَاء ... وغدير روضته حبيب الطَّائِي)
(مَاتَا مَعًا فتجاورا فِي حفرةٍ ... وكذاك كَانَا قبل فِي الْأَحْيَاء)
وَقَالَ الْحسن أَيْضا من الوافر
(سقى بالموصل الْقَبْر الغريبا ... سحائب تنتحبن لَهُ نحيبا)
(إِذا أظللنه أظللن فِيهِ ... شُعَيْب المزن تتبعه شعيبا)
(ولطّمن البروق بِهِ خدوداً ... وشقَّقن الرعود بِهِ جيوبا)(11/229)
(فإنّ تُرَاب ذَاك الْقَبْر يحوي ... حبيباً كَانَ يدعى لي حبيبا)
وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات وَقيل أَبُو الزِّبرقان عبد الله بن الزبْرِقَان الْكَاتِب مولى بني أُميَّة من الْكَامِل
(نبأٌ أَتَى من أعظم الأنباء ... لما ألمّ مقلقل الأحشاء)
(قَالُوا حبيبُ قد ثوى فأحبتهم ... ناشدتكم لَا تجعلوه الطَّائِي)
وَقَالَ الْعلمَاء خرج من طَيء ثلاثةٌ من كل واحدٍ مِنْهُم مجيدٌ فِي بَابه حَاتِم الطَّائِي فِي جوده وَدَاوُد بن نصير الطَّائِي فِي زهده وَأَبُو تَمام فِي شعره)
قَرَأت بعض ديوَان أبي تَمام الطَّائِي بصفد سنة سِتّ وَعشْرين وسبعمئة فِي شهر رَمَضَان على الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الأديب الْفَقِيه أبي الْحسن عَليّ بن عَتيق بن عبد الرَّحْمَن بن الصيَّاد الْمَالِكِي الفاسي بَعْدَمَا رَوَاهُ لي اجْمَعْ عَن الشَّيْخ أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر اللَّخْمِيّ الأشبيلي عَن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد الأندرشي بالنُّون والشين الْمُعْجَمَة عَن القَاضِي أبي الْحجَّاج ابْن يسعون بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف والسّين وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبعد الْوَاو نونٌ عَن ابْن عون الْمصْرِيّ عَن أبي مَالك وَأبي عون الْكِنْدِيّ وَابْن مهْدي جَمِيعًا عَن أبي تَمام الطَّائِي
3 - (ابْن صَالح الطَّائِي الْحِمصِي)
حبيب بن صَالح الطَّائِي الْحِمصِي كَانَ من ثِقَات الشاميّين توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين ومئة
وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو مُحَمَّد العجمي الزَّاهِد)
حبيبُ العجميُّ البصريُّ أَبُو محمدٍ الزَّاهِد أحد الْأَعْلَام توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والمئة حكى عَن الْحسن وَابْن سِيرِين وَغَيرهمَا
وَقدم الشَّام وَلَقي الفرزدق فَقَالَ لَهُ الفرزدق قَالَ لي أَبُو هُرَيْرَة أَنه سيأتيك قومٌ يؤيسونك من رَحْمَة الله فَلَا تايس وَكَانَ الْحسن هُوَ الَّذِي وعظه حَتَّى زهَّده فَلم ير إلاّ صَائِما أَو قَائِما أَو ذَاكِرًا وَكَانَ مجاب الدعْوَة
وَعَن الْمُعْتَمد بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ مَا رَأَيْت أحدا قطُّ أعبد من الْحسن وَمَا رَأَيْت أحدا قطّ أورع من ابْن سِيرِين وَلَا رَأَيْت أحدا قطّ أزهد من مَالك بن دِينَار وَلَا رَأَيْت أحدا قطّ أخشع الله من مُحَمَّد بن وَاسع وَلَا رَأَيْت أحدا قطّ أصدق(11/230)
يَقِينا من حبيب أبي مُحَمَّد
وَقَالَ المعلَّى الْوراق كُنَّا إِذا دَخَلنَا على حبيب قَالَ افْتَحْ جونة الْمسك وهات الترياق المجرّب
قَالَ جونة الْمسك الْقُرْآن والترياق المجرّب الدُّعَاء
وجزع عِنْد الْمَوْت وَقَالَ أُرِيد أَن أسافر سفرا مَا سافرته قطّ أُرِيد أَن أسلك طَرِيقا مَا سلكته قطّ أُرِيد أَن أَزور سيداً وَمولى مَا رَأَيْته قطّ أُرِيد أَن أشرف على أهوالٍ مَا رَأَيْت مثلهَا قطّ أُرِيد أَن أَدخل تَحت التُّرَاب فأبقى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ أَقف بَين يَدي الله عزّ وَجل فَأَخَاف أَن يَقُول لي يَا حبيب هَات تَسْبِيحَة وَاحِدَة سبّحتني من سِتِّينَ سنة لم يظفر بك الشَّيْطَان فِيهَا بِشَيْء فَمَاذَا أَقُول وَلَيْسَ لي حِيلَة أَقُول يَا رب هُوَ ذَا أَتَيْتُك مَقْبُوض الْيَدَيْنِ إِلَى عنقِي)
(حَبِيبَة)
3 - (بنت جحش)
حَبِيبَة بنت جحس بن رِئَاب الأسديَّة أُخْت زينت بنت جحش وَأُخْت حمْنَة كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَت تستحاض هِيَ وَأُخْتهَا حمْنَة وَقيل أم حَبِيبَة وَقبل أم حبيب وَمن جعل اسْمهَا حَبِيبَة قَلِيل وَهِي حَبِيبَة بنت عبيد الله بن جحش هَاجَرت مَعَ أَبِيهَا إِلَى الْحَبَشَة فتنصَّر أَبوهَا هُنَاكَ وَمَات نَصْرَانِيّا وقدمت الْمَدِينَة مَعَ أمهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (بنت خَارِجَة)
حَبِيبَة بنت خَارِجَة بن زيد بن أبي زُهَيْر بن مَالك وَقيل هِيَ بنت زيد بن خَارِجَة وَيُقَال اسْمهَا مليكَة والصوات الأول وَهِي زَوْجَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ تَعَالَى الَّتِي قَالَ أَبُو بكر فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ مَعَه لعَائِشَة إِنَّمَا هِيَ أَخَوَاك(11/231)
وَأُخْتَاك فَقَالَت عَائِشَة إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فَمن الْأُخْرَى قَالَ ذُو بطن بنت خَارِجَة فَولدت بعد مَوته بِنْتا فسمتها عَائِشَة أمَّ كُلْثُوم تزوَّجها طَلْحَة بن عبيد الله فَولدت لَهُ زَكَرِيَّاء وَعَائِشَة ابْني حَبِيبَة فحبيبة هَذِه أم عَائِشَة بنت طَلْحَة الْآتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين
3 - (زوج النبيّ)
3 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أمّ حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي ذكرهَا فِي حرف الرَّاء فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (بنت أبي أُمَامَة وَأم أبي أُمَامَة)
حَبِيبَة ابْنة أسعد بن زُرَارَة تزوَّجها سهل بن حنيف فَولدت لَهُ أَبَا أُمَامَة فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسعد وكنّاه أَبَا أُمَامَة وَأُخْتهَا الفارعة امْرَأَة نبيط بن جابرٍ من بني مَالك بن النجار قَالَت زَيْنَب بنت نبيط امْرَأَة أنس بن مَالك أوصى أَبُو أُمَامَة بأمي وخالتي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقدم عَلَيْهِ حليٌ من ذهب ولؤلؤ يُقَال الرَّعاث فحلاهنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الرعاث قَالَت زَيْنَب فأدركت بعض ذَلِك الحليّ عِنْد أَهلِي
3 - (الْأَنْصَارِيَّة)
)
حَبِيبَة بنت سهلٍ الْأَنْصَارِيَّة الصّحابية الَّتِي اخْتلعت من ثَابت بن قيس فِيمَا روى أهل الْمَدِينَة وَقد رَوَت عَنْهَا عمْرَة وَجَائِز أَن تكون حَبِيبَة هَذِه وجميلة بنت أبيّ بن سلول اختلعتا من ثَابت بن قيس بن شماس وَلما اخْتلعت حَبِيبَة أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَتَزَوَّجهَا
3 - (العبدريّة)
حَبِيبَة بنت أبي تجراة الشيبيَّة العبدريَّة الصّحابيّة مكيَّة حَدِيثهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعي مثل حَدِيث تملك الشيبيَّة رَوَت عَنْهَا صَفِيَّة الشيبيّة وَقد روى الشَّافِعِي وَغَيره هَذَا الحَدِيث
3 - (بنت أم حَبِيبَة)
حَبِيبَة قَالَ ابْن عبد الْبر أظنها حَبِيبَة بنت أم حَبِيبَة ابْنة أبي سُفْيَان روى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة عَن حَبِيبَة بنت أمِّ حَبِيبَة عَن أمهَا أم حَبِيبَة عَن زَيْنَب بنت جحش قَالَت إستيقظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نومٍ محمّراً وَجهه وَهُوَ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله ويل(11/232)
للْعَرَب من شرٍّ قد اقْترب الحَدِيث قَالَ سُفْيَان لَا أحفظ من الزُّهْرِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث أَربع نسْوَة صحابيّات كلهنَّ قد رأين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْنِ من أَزوَاجه أم حَبِيبَة وَزَيْنَب بنت جحش وثنتين ربيبتاه أم سَلمَة وحبيبة بنت أم حَبِيبَة
3 - (بنت الْعَبَّاس)
أم حَبِيبَة وَيُقَال أم حبيب كَذَلِك يَقُول أَكثر أهل النّسَب بنت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو بلغت أم حَبِيبَة بنت الْعَبَّاس وَأَنا حيُّ لتزوجتها وَتَزَوجهَا الْأسود بن سُفْيَان بن عبد الْأسد المَخْزُومِي
3 - (أم عبد الرَّحْمَن)
حَبِيبَة بنت عبد الرَّحْمَن الشيخة الصَّالِحَة المسندة أم عبد الرَّحْمَن بنت زين الدّين ابْن الإِمَام جمال الدّين أبي بكرٍ بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن مَنْصُور الْمَقْدِسِي حضرت على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن أبي الْفَهم اليلداني وخطيب مردا وَسمعت من إِبْرَاهِيم بن خَلِيل وَأَجَازَ لَهَا سبط السّلفي وَمن بَغْدَاد إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الرعبي وَفضل الله بن عبد الرَّزَّاق وَغَيرهمَا وأجازت لي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وسبعمئة فَكتب عَنْهَا فإذنها عبد الله بن أَحْمد بن المحبِّ الْمَقْدِسِي وَتوفيت رَحمهَا الله تَعَالَى فِي خَامِس شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ)
وسبعمئة ودفنت بمقبرة الشَّيْخ موفق الدّين ابْن قدامَة
3 - (بنت الشَّيْخ أبي عمر)
حَبِيبَة بنت الشَّيْخ أبي عمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن قدامَة الْمَقْدِسِي أم أَحْمد زَوْجَة الإِمَام تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود المراتبي وَأم أَوْلَاده رَوَت عَن حَنْبَل وَابْن طبرزد وَأَجَازَ لَهَا سكينَة وَعَائِشَة بنت معمرٍ وجماعةٌ وَكَانَت صَالِحَة قَوَّامَة تاليةً لكتاب الله تلقن نسَاء الدَّير وَكَانَت تنكر على أَخِيهَا الشَّيْخ شمس الدّين دُخُوله فِي الْقَضَاء وَفِي التوسُّع من الدُّنْيَا وَكَثْرَة الْأَوَانِي والقماش روى عَنْهَا الدِّمياطيُّ وَابْن الخبّاز وَابْن الزَّراد وَابْن الْعَطَّار وَغير واحدٍ(11/233)
وَتوفيت سنة أَربع وَسبعين وستمئة
(الألقاب)
ابْن حبيب الْحلَبِي الْحسن بن عمر
ابْن حبيب التنوخي مُحَمَّد بن حبيب
ابْن حبيب الأخباري مُحَمَّد بن حبيب
ابْن الحبير الزَّاهِد يحيى بن المظفر
الحبيس النَّصْرَانِي اسْمه بولص وَقيل ميخائيل
ابْن الحبير مُحَمَّد بن يحيى
ابْن الحبوبي إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد
ابْن حُبَيْش عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
ابْن حُبَيْش مُحَمَّد بن الْحسن
(ابْن خَالِد الْأَشْعر)
حُبَيْش بن خَالِد بن منقذ الْخُزَاعِيّ الكعبي أَبُو صخرٍ هُوَ صَاحب حَدِيث أم معبد الخزاعيّة وَهُوَ أَخُو أم معبد وَكَانَ ابْن سعد يَقُول فِيهِ خُنَيْس بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالْأَكْثَر على أَنه حُبَيْش بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الموحَّدة يُقَال لَهُ ولأبيه قَتِيل الْبَطْحَاء
الحتات بن يزِيد بن عَلْقَمَة بتاءين ثَالِثَة الْحُرُوف الْمُجَاشِعِي التَّمِيمِي واسْمه بسر بن يزِيد تقدم ذكره فِي حرف الْبَاء
(حجّاج)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
حجّاج بن عَمْرو بن غزيَّه بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ حَدِيثه عِنْد الحجازيّين يعدُّ فِي أهل الْمَدِينَة
روى عَنهُ كثير بن الْعَبَّاس وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس وَعبد الله بن رَافع وَهُوَ الَّذِي ضرب مَرْوَان يَوْم الدَّار فأسقطه وَحمله مَوْلَاهُ أَبُو حَفْصَة وَهُوَ لَا يعقل(11/234)
3 - (البصريّ الْأَحول)
حجاج بن حجاج الْبَاهِلِيّ البصريُّ الْأَحول توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والمئة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْبَصْرِيّ العابد)
حجّاج بن فرافصة الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ العابد توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين والمئة
3 - (ابْن ارطأه الْكُوفِي)
حجاج بن أرطاه بن ثَوْر بن هُبَيْرَة أَبُو أَرْطَاة النَّخعِيّ الْكُوفِي أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام على لين حَدِيثه سمع جمَاعَة لَهُ عَن الشّعبِيّ حَدِيث وَاحِد وَعَن الحكم وَعَطَاء وَعَمْرو بن شُعَيْب وَزيد بن جُبَير الطَّائِي ورباح بن عُبَيْدَة وَعِكْرِمَة وَمَكْحُول وَخلق سواهُم وَقد ولي قَضَاء الْبَصْرَة وَأفْتى وَله سِتّ عشرَة سنة وَكَانَ فِيهِ بأوٌ وتيهٌ ومحبّةٌ للسؤدد والتجمل وَكَانَ يَقُول أهلكني حب الشّرف قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق يُدَلس عَن الضُّعَفَاء
وَقَالَ ابْن معِين صَدُوق لَيْسَ بالقويّ يُدَلس عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْعَزْرَمِي عَن عَمْرو بن شُعَيْب يعْنى فَيسْقط مُحَمَّدًا
وَقَالَ أَبُو حَاتِم إِذا قَالَ حَدثنَا فَهُوَ صَالح لَا يرتاب فِي صدقه)
وَقَالَ أَبُو زرْعَة صَدُوق مدلّسٌ لَهُ ستمئة حَدِيث أَو نَحْو ذَلِك قَالَ ابْن حَنْبَل لَيْسَ يكَاد لحجاج حَدِيث إلاّ وَفِيه زيادةٌ قَالَ ابْن إِدْرِيس سَمِعت حجاج بن أرطاه يَقُول لَا تتمّ مُرُوءَة(11/235)
الرجل حَتَّى يدع الصَّلَاة فِي جمَاعَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هَذِه كلمة مقيتة بل لَا تتمّ مُرُوءَة الرجل وَدينه حَتَّى يلْزم الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة وَهَذَا قَالَه حجاج لما فِي طباعه فِي البذخ والرئاسة لِأَنَّهُ يرى مزاحمة النَّاس فِي الصَّلَاة يُنَافِي ماهو فِي من الصّلف والتيه فَالله يسامحه
وَهُوَ من طبقَة أبي حنيفَة فِي الْعلم وَلَكِن رفع الله أَبَا حنيفَة بالورع وَالْعِبَادَة
قَالَ بَعضهم لحجاج بن أرطاه مَا رَأَيْت أحسن أَصَابِع مِنْك قَالَ إِنَّهَا مدارج للكرم وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين ومئة وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا وروى لَهُ الْأَرْبَعَة الْبَاقُونَ
3 - (السَّهمي)
حجاج بن الْحَارِث بن قيس بن عدي السَّهمي هَاجر إِلَى الْحَبَشَة وَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة بعد أحد وَهُوَ أَخُو السَّائِب وَعبد الله وَأبي قيس بن الْحَارِث بن قيس بن عديّ لأبيهم وأمهم
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
الْحجَّاج بن مَالك بن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ كَانَ ينزل العرج لَهُ حديثٌ وَاحِد رَوَاهُ عَنهُ عُرْوَة بن الزبير لم يسمعهُ مِنْهُ عُرْوَة لِأَنَّهُ أَدخل بَينه وَبَينه فِيهِ ابْنه الْحجَّاج بن الْحجَّاج أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يذهب عني مذمة الرَّضَاع قَالَ الغرَّة عبد أَو أمةٌ
3 - (ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ)
الحجّاج بن يُوسُف بن الحكم الثَّقَفِيّ أَمِير الْعرَاق ولد سنة(11/236)
أَرْبَعِينَ أَو إِحْدَى وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين روى عَن ابْن عَبَّاس وَسمرَة بن جُنْدُب وَأَسْمَاء بنت الصّديق وَابْن عمر
قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَلَا مأمونٍ وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء مَا رَأَيْت أحدا أفْصح من الْحجَّاج وَالْحسن وَالْحسن أفصحهما وَقَالَ عون كنت إِذا سَمِعت الْحجَّاج يقْرَأ عرفت أَنه طالما درس الْقُرْآن وَقيل إِنَّه كَانَ يَقْرَؤُهُ كل لَيْلَة وَقَالَ عتبَة بن عَمْرو مَا رَأَيْت عقول النَّاس إلاّ قَرِيبا بَعْضهَا من بعض إلاّ الْحجَّاج وَإيَاس ابْن مُعَاوِيَة فَإِن عقولهما كَانَت ترجح على عقول النَّاس أحصي مَا قتل صبرا فَبلغ ذَلِك مئة وَعشْرين ألفا وَعرضت بعد مَوته السجون فَوجدَ فِيهَا ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ألفا لم يجب على أحدهم قطعٌ وَلَا صلب وَقَالَ الْهَيْثَم بن عدي مَاتَ الحجّاج وَفِي سجنه ثَمَانُون ألفا مِنْهُم ثَلَاثُونَ ألف امْرَأَة وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لَو)
تخابثت الْأُمَم وَجِئْنَا بالحجاج لغلبناهم مَا كَانَ يصلح لدينا وَلَا آخِرَة وَلما توفّي لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَمَضَان وَله خمسٌ وَخَمْسُونَ سنة توفّي بواسط وعفّي قَبره وَأجْرِي عَلَيْهِ المَاء وَكَانَ يَقُول وَهُوَ فِي السِّيَاق اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِن النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّك لَا تغْفر لي وَكَانَ ينشد قَول عبيد بن سُفْيَان العكليّ من الْبَسِيط
(يَا ربّ قد حلف الْأَعْدَاء واجتهدوا ... أَيْمَانهم أنني من سَاكِني النَّار)(11/237)
(أيحلفون على عمياء ويحهم ... مَا علمهمْ بعظيم الْعَفو غفار)
وَكتب إِلَى الْوَلِيد بن عبد الْملك كتابا يُخبرهُ فِيهِ بمرضه وَكتب فِي آخِره من الطَّوِيل
(إِذا مَا لقِيت الله عنّي رَاضِيا ... فَإِن سرُور النَّفس فِيمَا هُنَالك)
(فحسبي حَيَاة الله من كل ميتٍ ... وحسبي بَقَاء الله من كل هَالك)
(لقد ذاق هَذَا الْمَوْت من كَانَ قبلنَا ... وَنحن نذوق الْمَوْت من بعد ذَلِك)
وَكَانَ مَرضه بالآكلة وَقعت فِي بَاطِنه فَدَعَا بالطبيب لينْظر إِلَيْهَا فَأخذ لَحْمًا وعلّقه فِي خيط وسرَّحه فِي حلقه وَتَركه سَاعَة ثمَّ أخرجه وَقد لصق بِهِ دود كثير وسلط الله عَلَيْهِ الزَّمْهَرِير فَكَانَت الكوانين تجْعَل حوله مَمْلُوءَة نَارا وتجدنى مِنْهُ حَتَّى تحرق جلده وَهُوَ لَا يحسّ بهَا
وشكا مَا يجده إِلَى الْحسن الْبَصْرِيّ فَقَالَ لَهُ قد نهيتك أَن تتعرّض إِلَى الصَّالِحين فلججت فَقَالَ لَهُ يَا حسن لَا أَسأَلك أَن تسْأَل الله أَن يفرّج عني وَلَكِنِّي أَسأَلك أَن تسأله أَن يعجل قبض روحي وَلَا يُطِيل عَذَابي فَبكى الْحسن بكاء عَظِيما وَأقَام الْحجَّاج على هَذِه الْحَالة خَمْسَة عشر يَوْمًا وَلما بلغت الْحسن وَفَاته قَالَ اللَّهُمَّ قد أمتَّه فأمت عنّا سنَّته قَالَ ذَلِك بعد مَا سجد شكراَ لله تَعَالَى وَلما حَضرته الْوَفَاة أحضر منجماً وَقَالَ لَهُ هَل ترى فِي علمك ملكا يَمُوت فَقَالَ نعم وَلست هُوَ فَقَالَ كَيفَ ذَلِك قَالَ المنجم إِن الَّذِي يَمُوت اسْمه كُلَيْب فَقَالَ الْحجَّاج أَنا هُوَ وَالله بذلك سمَّتني أُمِّي وَأوصى عِنْد ذَلِك وَقَالَ المَسْعُودِيّ فِي مروج الذَّهَب إِن الفارعة أم الْحجَّاج بنت همام بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ كَانَت تَحت الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ حَكِيم الْعَرَب فَدخل مرّة عَلَيْهَا سحرًا فَوَجَدَهَا تتخلَّل فَبعث إِلَيْهَا بِطَلَاقِهَا فَقَالَت لم بعثت إليّ بطلاقي هَل لشَيْء رَابَك مني قَالَ نعم دخلت عَلَيْك فِي السَّحر وَأَنت تتخللين فَإِن كنت بادرت الغدا فَأَنت شرهة وَإِن كنت بتِّ والطّعام بَين أسنانك فَأَنت قذرة فَقَالَت كل ذَلِك لم يكن لكنني تخللت من شظايا السِّوَاك فتزوّجها بعده يُوسُف عقيل الثَّقَفِيّ فَولدت لَهُ الْحجَّاج مشوّهاً لَا دبر لَهُ)
فَنقبَ عَن دبره وأبى أَن يقبل ثدي أمه أَو غَيرهَا وأعياهم أمره فَيُقَال إِن الشَّيْطَان تصور لَهُم فِي صُورَة الْحَارِث بن كلدة وَقَالَ لَهُم اذبحوا جدياً أسود وأولفوه دَمه فَإِذا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي فافعلوا بِهِ كَذَلِك وَإِذا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث فاذبحوا لَهُ تَيْسًا أسود وأولفوه دَمه ثمَّ اذبحوا لَهُ أسود سالخاً فأولفوه دَمه وأطلوا بِهِ وَجهه فإنّه يقبل الثدي فِي الْيَوْم الرَّابِع فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِك فَكَانَ لَا يصبر عَن سفك الدِّمَاء وَكَانَ يَقُول أنّ أكبر لذاته سفك الدِّمَاء وارتكاب الْأُمُور الَّتِي لَا يقدم عَلَيْهَا غَيره
وَقَالَ ابْن عبد ربّه إِن الفارعة الْمَذْكُورَة كَانَت امْرَأَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَإنَّهُ هُوَ الَّذِي طَلقهَا لأجل الْحِكَايَة الْمَذْكُورَة وَذكر أَيْضا أَن الْحجَّاج وأباه كَانَا يعلمَانِ الصّبيان بِالطَّائِف ثمَّ أَن الْحجَّاج لحق بِروح بن زنباع وَزِير عبد الْملك وَكَانَ فِي عداد شرطته إِلَى أَن رأى عبد الْملك انحلال عسكره وَأَن النَّاس لَا يرحلون برحيله وَلَا ينزلون بنزوله فَشَكا ذَلِك إِلَى روح بن زنباع فَقَالَ إِن فِي شرطتي رجلا لَو قلّده أَمِير الْمُؤمنِينَ عسكره لأرحل النَّاس برحيله وأنزلهم بنزوله يُقَال لَهُ الْحجَّاج بن يُوسُف قَالَ فإنّا قد قلّدناه ذَلِك فَكَانَ لَا يقدر أحدٌ أَن يتَخَلَّف عَن الرحيل وَالنُّزُول(11/238)
إلاّ أعوان روح بن زنباع فَوقف عَلَيْهِم وَقد رَحل النَّاس وهم على طَعَام يَأْكُلُون فَقَالَ لَهُم مَا منعكم أَن ترحلوا لرحيل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالُوا لَهُ إنزل يَا بن اللحناء وكل مَعنا فَقَالَ لَهُم هَيْهَات ذهب ذَلِك ثمَّ أَمر بهم فجلدوا بالسياط وطوَّفهم فِي الْعَسْكَر وَأمر بفسطاط روح فَأحرق بالنَّار فَدخل روحٌ على عبد الْملك باكياً وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ الْحجَّاج الَّذِي كَانَ فِي شرطتي ضرب غلماني وأحرق فساطيطي قَالَ عليّ بِهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ مَا حملك عَلَى مَا فعلت قَالَ أَنا مَا فعلت قَالَ وَمن فعل ذَلِك قَالَ أَنْت إِنَّمَا يَدي يدك وسوطي سَوْطك وَمَا على أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يخلف لروحٍ مَا ذهب لَهُ عوض الْفسْطَاط فسطاطين وَعوض الْغُلَام غلامين وَلَا يكسرني فِيمَا قدّمني لَهُ فأخلف لروحٍ مَا ذهب لَهُ وتقدّم الْحجَّاج فِي مَنْزِلَته وَكَانَ ذَلِك أوّل مَا عرف من كفاتيه وَكَانَ للحجاج فِي الفتك والسَّفك والعقوبات غرائب لم يسمع بِمِثْلِهَا وَهِي مَشْهُورَة عَنهُ مدوّنة وَيُقَال إِن زِيَاد بن أَبِيه أَرَادَ أَن يتشبه بعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي ضبط الْأُمُور والحزم والصّرامة وَإِقَامَة السياسات فأسرف وَتجَاوز الحدَّ وَأَرَادَ الْحجَّاج أَن يتشبّه بِزِيَاد فَأهْلك ودمّر وخطب يَوْمًا فَقَالَ فِي أثْنَاء كَلَامه أَيهَا النَّاس إِن الصَّبْر عَن محارم الله أَهْون من الصَّبْر على عَذَاب الله فَقَامَ إِلَيْهِ رجل)
فَقَالَ لَهُ وَيحك يَا حجاج مَا أصفق وَجهك وأقلّ حياءك فَأمر بِهِ فحبس فَلَمَّا نزل عَن الْمِنْبَر دَعَا بِهِ وَقَالَ لقد اجترأت عليّ فَقَالَ أتجترىء على الله وَلَا تنكره وتجترىء عَلَيْك فتنكره
فخلّى سَبيله وَذكر أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي تلقيح فهوم أهل الْأَثر أَن الفارعة أم الْحجَّاج هِيَ المتمنيّة وَلما تمنّت كَانَت تَحت الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة نصر بن حجاج فِي حرف النُّون فِي بَابه وَقيل إِن عُرْوَة بن الزبير كنى أَخَاهُ عِنْد عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أتكني أَخَاك الْمُنَافِق عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أمّ لَك فَقَالَ عُرْوَة أَلِي تَقول هَذَا يَا ابْن المتمنيّة وَأَنا ابْن عَجَائِز الْجنَّة صفيّة وَخَدِيجَة وَعَائِشَة وَحكى أَبُو أَحْمد العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف أَن النَّاس غبروا يقرأون الْقُرْآن فِي مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ نيفاً وَأَرْبَعين سنة إِلَى أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان ثمَّ كثر التَّصْحِيف وانتشر بالعراق فَفَزعَ الْحجَّاج إِلَى كتَّابه وسألهم أَن يضعوا لهَذِهِ الْحُرُوف المشتبهات عَلَامَات فَيُقَال إِن نصر بن عاصمٍ قَامَ بذلك فَوضع النُّقط أفراداً وأزواجاً وَخَالف بَين أماكنها فغبر النَّاس بذلك زَمَانا لَا يَكْتُبُونَ إلاّ منقوطاً وَكَانَ مَعَ اسْتِعْمَال النقط يَقع التَّصْحِيف فأحدثوا الإعجام فَكَانُوا يتَّبعون النقط والإعجام فَإِذا أغفل الِاسْتِقْصَاء عَن الْكَلِمَة لم توفّ(11/239)
حُقُوقهَا إعترى التَّصْحِيف فالتمسوا حِيلَة فَلم يقدروا فِيهَا إلاّ على الْأَخْذ من أَفْوَاه الرِّجَال بالتلقين
وَالْحجاج هُوَ الَّذِي بنى وَاسِط وَكَانَ شُرُوعه فِيهَا فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَفرغ مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَفتح عَلَيْهِ جملةٌ من الْبِلَاد مِنْهَا بُخَارى وبلخ والصُّغد وَقتل من الصَّحَابَة عبد الله بن الزبير وَرمى الْكَعْبَة بالمنجنيق وَختم جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي أَعْنَاقهم وأيديهم مِنْهُم جَابر وَأنس بن مَالك وَقَالَ لَو أدْركْت عبد هُذَيْل لضَرَبْت عُنُقه يَعْنِي ابْن مَسْعُود وَقَالَ كذبت أمّ أَيمن وَقَالَ إِن كَانَ سُلَيْمَان لحسود يَعْنِي ابْن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقتل من سَادَات التَّابِعين سعيد بن جُبَير وَغَيره وَأَرَادَ قتل الْحسن الْبَصْرِيّ مرَارًا فعصمه الله عَنهُ قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَهُوَ الْخَبَر الَّذِي أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بخرج فِي ثَقِيف وَكَانَ عمر وعليُّ يدعوان على أهل الْعرَاق بتعجيل الْغُلَام الثَّقَفِيّ وَهُوَ الْحجَّاج وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ سَمِعت الْحجَّاج يَقُول يزْعم أهل الْعرَاق أَنِّي بَقِيَّة ثَمُود وَنعم وَالله البقيّة بَقِيَّة ثَمُود مَا نجا مَعَ صَالح أحد إلاّ الْمُؤمنِينَ وَكَانَ شيد النصح لدولة بني مَرْوَان مُجْتَهدا فِيهَا يرى إِبَاحَة قتل من كَانَ يخالفهم أَو يطعن عَلَيْهِم وَبِهَذَا التَّأْوِيل قتل من قتل وَقَالَ فِي بعض خطبه اسمعوا)
وَأَطيعُوا لخليفة الله وصفيّه عبد الْملك وَالله لَو أمرت النَّاس أَن يخرجُوا من الْمَسْجِد فَخَرجُوا من بَاب آخر لحلَّت لي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَالله لَو أخذت ربيعَة بمضر لَكَانَ ذَلِك لي من الله حَلَالا وَقَالَ فِي وَصيته عِنْد الْمَوْت هَذَا مَا أوصى بِهِ الْحجَّاج بن يُوسُف وفيهَا وَلَا يعرف إلاّ طَاعَة الْوَلِيد بن عبد الْملك عَلَيْهَا يحيى وَعَلَيْهَا يَمُوت وَعَلَيْهَا يبْعَث وَأوصى بتسعمئة درع جَدِيد ستمئة مِنْهَا لمنافقي أهل الْعرَاق يغرون بهَا وثلاثمئة للترك وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَنْبَسَة بن سعيد بن الْعَاصِ قيل للحجاج بن يُوسُف حِين أجلى النبط من الْأَمْصَار إِلَى أصولهم مَاذَا دعَاك إِلَى إجلائهم فَقَالَ حَدثنِي ثَلَاثَة عشر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا ازدادت النبط فِي الْإِسْلَام عزّاً إلاّ ازْدَادَ الْإِسْلَام ذلاً فَذَلِك الَّذِي دَعَاني إِلَى إجلائهم وَعَن ثَابت عَن أنسٍ قَالَ حدثت الْحجَّاج بِحَدِيث العرنيّين فَلَمَّا كَانَت الْجُمُعَة قَامَ يخْطب فَقَالَ أتزعمون أَنِّي شَدِيد الْعقُوبَة هَذَا أنس حَدثنِي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قطع أَيدي رجال وأرجلهم وسمل أَعينهم قَالَ أنسٌ فوددت أَنِّي مت قبل أَن أحدثه وَقَالَ عمر بن(11/240)
عبد الْعَزِيز وَذكر الْحجَّاج لقد ولي الْعرَاق وَهُوَ أوفر مَا يكون من الْعِمَارَة فأخسَّ بِهِ إِلَى أَرْبَعِينَ ألف ألف وَلَقَد أدِّي بِهِ إليّ فِي عَامي هَذَا ثَمَانُون ألف ألف وَإِن بقيت إِلَى قَابل رَجَوْت أَن يؤدَّى إليّ مَا أدّي إِلَى عمر بن الْخطاب مئة ألف ألف وَعشرَة آلَاف الف
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يبغض الحجّاج فَنَفْس عَلَيْهِ بكلمةٍ قَالَهَا عِنْد الْمَوْت اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنَّك لَا تفعل
وَقيل لِلْحسنِ كنت تَقول الآخر شرٌّ وَهَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز بعد الْحجَّاج فَقَالَ الْحسن لَا بدَّ للنَّاس من متنفسات وأرجف النَّاس بِمَوْتِهِ فَخَطب وَقَالَ إِن طَائِفَة من أهل الْعرَاق وَأهل الشقاق والنفاق نَزغ الشَّيْطَان بَينهم فَقَالُوا مَاتَ الْحجَّاج وَمَات الْحجَّاج فَمه وَهل يَرْجُو الْحجَّاج الْخَيْر إلاّ بعد الْمَوْت وَالله مَا يسرُّني أَن لَا أَمُوت وأنّ لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَا رَأَيْت الله رَضِي التخليد إلاّ لأهون خلقه عَلَيْهِ إِبْلِيس حَيْثُ قَالَ إِنَّك من المنظرين فأنظره إِلَى يَوْم الدّين وَلَقَد دَعَا الله العَبْد الصَّالح فَقَالَ هَب ي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي فأعطاهالله الْبَقَاء فَمَا عَسى أَن يكون أَيهَا الرجل وكلكم ذَلِك الرجل كَأَنِّي وَالله بِكُل حيٍّ مني ومنكم مَيتا وَبِكُل رطب يَابسا ثمَّ نقل فِي ثِيَاب أَكْفَانه إِلَى ثَلَاثَة أَذْرع طولا فِي ذِرَاع عرضا فَأكلت الأَرْض لَحْمه ومصَّت صديده وَانْصَرف الحبيب من وَلَده فقسم الحبيب من مَاله إِن الَّذين يعْقلُونَ)
يعْقلُونَ مَا أَقُول ثمَّ نزل
قَالَ الزبْرِقَان كنت عِنْد أبي وَائِل فَجعلت أسبُّ الْحجَّاج وأذكر مساوئه فَقَالَ لَا تسبّه وَمَا يدْريك لَعَلَّه قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لي فغفر لَهُ وَقَالَ رجل لِسُفْيَان أشهد على الْحجَّاج وعَلى أبي مُسلم أَنَّهُمَا فِي النَّار فَقَالَ لَا إِذا أقرّا بِالتَّوْحِيدِ وَسمع ابْن سِيرِين رجلا يسبُّ الْحجَّاج فَقَالَ مَه أَيهَا الرجل إِنَّك لَو وافيت يَوْم الْقِيَامَة كَانَ أَصْغَر ذَنْب عملته قطّ أعظم عَلَيْك من أعظم ذَنْب عمله الْحجَّاج وَاعْلَم أَن الله حكمٌ عدلٌ إِن أَخذ من الْحجَّاج لمن ظلمه شَيْئا فسيأخذ للحجّاج مِمَّن ظلمه فَلَا تشغلنَّ نَفسك بسبّ أحد ورؤي فِي الْمَنَام هُوَ وَعبد الْملك يسحبان أمعاءهما فِي النَّار وَفِي مَنَام آخر قَالَ قتلني بِكُل قتلة قتلت بهَا إنْسَانا ثمَّ عزلت مَعَ الْمُوَحِّدين
وَلم يخلِّف الْحجَّاج لما مَاتَ غير ثلاثمئة دِرْهَم ومصحفاً وسيفاً وسرجاً ورحلاً وَكَانَ يَقُول عِنْد احتضاره مَا لي وَلَك يَا سعيد بن جُبَير وَلما مَاتَ لم يعلم بِمَوْتِهِ أحد حَتَّى أشرفت جاريةٌ فَقَالَت أَلا إِن مطعم الطَّعام ومفلَّق الْهَام وَسيد أهل الشَّام قد مَاتَ من الْبَسِيط
(الْيَوْم يَرْحَمنَا من كَانَ يغبطنا ... وَالْيَوْم يأمننا من كَانَ يخشانا)
وَبَقِي الْحجَّاج والياً للحجاز ثَلَاث سِنِين وللعراق عشْرين سنة لعبد الْملك وتسعاً للوليد وَمَات الْوَلِيد بعد الْحجَّاج بِتِسْعَة أشهر
وَالْحجاج أول من أطْعم على ألف خوان كل خوان عَلَيْهِ عشرَة رجال وَعَلِيهِ جنب شواء وثريدة وسمكة ورنيّة فِيهَا عسل وَأُخْرَى فِيهَا لبن وَكَانَ يَقُول لمن يحضر غداءه رَسُولي إِلَيْكُم الشَّمْس إِذا(11/241)
طلعت فاغدوا على عدائكم وَإِذا غربت فروحوا إِلَى عشائكم وَكَانَ يحمل الْحجَّاج فِي محفةٍ ويدار بِهِ على الموائد يتفقّدها وَيَقُول إكسروا الأرغفة لِئَلَّا تُعَاد عَلَيْكُم وَرَأى يَوْمًا أوزّة وَلَيْسَ عَلَيْهَا سكّر فَأمر بِضَرْب الطبّاخ مئتي سَوط وَكَانَ الغلمان لَا يَمْشُونَ إلاّ وخرائط السكر على أوساطهم وَكَانَ طَعَامه لأهل الشَّام خاصّة دون أهل الْعرَاق فَلَمَّا ولي يُوسُف بن عمر لهشام كَانَ طَعَامه للنَّاس عامَّة
3 - (ابْن الشَّاعِر)
حجّاج بن يُوسُف حجاج أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّاعِر الثَّقَفِيّ الْبَغْدَادِيّ كَانَ أَبوهُ يلقب لقُوَّة بِكَسْر اللَّام وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْوَاو وَبعدهَا هَاء نَشأ بِالْكُوفَةِ وَقَالَ الشّعْر وَصَحب أَبَا نواس وَنَشَأ)
ابْنه حجاج بِبَغْدَاد وَطلب الحَدِيث وروى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد قَالَ ابْن أبي حَاتِم ثِقَة حَافظ
وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين ومئتين
3 - (أَبُو مُحَمَّد المؤدّب)
حجاج بن يُوسُف بن قُتَيْبَة أَبُو مُحَمَّد الْهَمدَانِي الْأَزْرَق الْمُؤَدب عَاشَ مئة وَعشْرين سنة وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ ومئتين
3 - (الْأَمِير أَبُو جَعْفَر)
حجاج بن هُرْمُز الْأَمِير أَبُو جَعْفَر استنابه السُّلْطَان بهاء الدولة بالعراق وندبه لِحَرْب الأكراد
توفّي سنة أربعمئة وَكَانَ مقدما فِي دولة عضد الدولة وبنيه عَارِفًا بالحروب شجاعاً مهيباً ذَا رَأْي وجلالة وأبهة وسطوة خرج عَن بَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فكثرت بهَا العملات وَوَقعت الْفِتَن وأسنَّ وعمِّر
3 - (الفساطيطي)
حجاج بن بَصِير أَبُو مُحَمَّد الفساطيطي قَالَ أَبُو حَاتِم ضَعِيف(11/242)
تركُوا حَدِيثه توفّي سنة ثَلَاث عشرَة ومئتين
3 - (ابْن عبد الْملك)
حجاج بن عبد الْملك بن مَرْوَان سَمَّاهُ أَبوهُ عبد الْملك باسم عَامله الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ وَقَالَ من الرجز
(سميته الْحجَّاج بالحجاج ... بالناصح المعاون الدمَّاج)
نصحاً لعمري غير ذِي مداجي فوهب لَهُ الْحجَّاج دَاره بِدِمَشْق وبالحجاج بن عبد الْملك هَذَا سمي قصر حجاج ظَاهر بَاب الْجَابِيَة قلت وَهَذِه الدَّار هِيَ الَّتِي كَانَت لأيدغدي شقير ثمَّ إِنَّهَا اتَّصَلت لبكتمر الْحَاجِب ثمَّ لبليان طرفا ثمَّ لبيبرس الْحَاجِب ثمَّ لِابْنِ الْأَفْضَل وَهِي عِنْد مأذنة فيزوز بِجَانِب حمام كرجي وَيُقَال إِن أمّ حجاج الْمَذْكُور هِيَ بنت مُحَمَّد بن يُوسُف أخي الْحجَّاج
3 - (الصّوّاف)
حجاج بن أبي عُثْمَان الصوّاف الْبَصْرِيّ وَصفه التِّرْمِذِيّ بِالْحِفْظِ ووثّقه جمَاعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئة)
3 - (الْأَعْوَر)
حجاج الْأَعْوَر بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد المصِّيصِي مولى سُلَيْمَان بن مجالدٍ ترمذي الأَصْل سكن بَغْدَاد قَالَ الإِمَام أَحْمد مَا كَانَ أضبطه وَأَصَح أَحَادِيثه وَأَشد تعاهده للحروف وَرفع أمره جدّاً مَاتَ بِبَغْدَاد سنة سِتّ ومئتين وَقد تغيرعقله وروى لَهُ(11/243)
البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن منهال)
حجاج بن مهال الْأنمَاطِي الْبَصْرِيّ أَبُو مُحَمَّد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالْبَاقُونَ بِوَاسِطَة قَالَ أَبُو حَاتِم ثِقَة فَاضل وَقَالَ العجليُّ ثِقَة رجل صَالح وَكَانَ صَاحب سنَّةٍ يظهرها توفّي بِالْبَصْرَةِ سنة سِتّ عشرَة ومئتين
3 - (ابْن حسّان الْحَنَفِيّ)
حجاج بن حسان الْحَنَفِيّ وَيُقَال العائشي والعيشي والتيمي من تيم الله بن ثَعْلَبَة تَابِعِيّ يعدُّ فِي الْبَصرِيين سمع أنس بن مَالك وَعبد الله بن بُرَيْدَة وَعِكْرِمَة وَسمع مِنْهُ يحيى بن سعيد وَيزِيد بن هَارُون
3 - (أَبُو مُحَمَّد السّلمي)
حجاج بن علاط بن خَالِد أَبُو كلاب وَيُقَال أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو عبد الله السّلمي ثمَّ الْبَهْزِي أسلم عَام خَيْبَر وَهُوَ الَّذِي قدم مَكَّة بِفَتْح خَيْبَر وَأخْبر بِهِ الْعَبَّاس سرا وَأخْبر قُريْشًا بضدّه عَلَانيَة حَتَّى جمع مَاله بهَا وَخرج عَنْهَا وَسكن الْمَدِينَة وَبنى(11/244)
بهَا دَارا ومسجداً يعرف بِهِ ثمَّ تحوّل إِلَى دمشق وَكَانَ لَهُ بهَا دَار عرفت بعده بدار الخالديين وَصَارَت بعده إِلَى ابْن هـ خَالِد بن الْحجَّاج
وَكَانَ خَالِد ابْنه أَمِير دمشق من قبل بعض بني أُميَّة وَقيل إِن الْحجَّاج نزل حمص وعقبه بهَا وَله دَار تعرف بدار الخالديّين وَاسْتعْمل مُعَاوِيَة ابنيه عبيد الله وَنصر بن حجاج وَهُوَ أول من بعث بِصَدَقَتِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَعْدن بني سليم وَكَانَت مَعَه يَوْم حنين إِحْدَى الرَّايَات الثَّلَاث لنَبِيّ سليم وَقيل إِنَّه مدفون بقالي قلا بِأَرْض الرّوم وَهُوَ أَبُو نصر بن حجاج الْمَشْهُور وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ وَخرج حجاج هَذَا قبل إِسْلَامه فِي ركبٍ من قومه إِلَى مَكَّة فلمّا جنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل كَانَ فِي وَاد وَحش مخوف فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه يَا أَبَا كلاب قُم فاتّخذ لنَفسك وَأَصْحَابك أَمَانًا فَقَامَ الْحجَّاج يطوف حَولهمْ ويكلؤهم)
وَيَقُول من الرجز
(أعيذ نَفسِي وأعيذ صحبي ... من كل جنّي بِهَذَا النقب)
حَتَّى أؤوب سالما وركبي فَسمع قَائِلا يَقُول يَا معشر الجنِّ وَالْإِنْس إِن اسْتَطَعْتُم أَن تنفذوا من أقطار السَّمَوَات وَالْأَرْض فانفذوا لَا تنفذون إلاّ بسُلْطَان فَلَمَّا قدم مَكَّة خبَّر بذلك فِي نَادِي قومه فَقَالُوا لَهُ صَبَأت يَا أَبَا كلاب إِن هَذَا فِيمَا يزْعم محمدٌ أَنه أنزل عَلَيْهِ قَالَ وَالله لقد سمعته وسَمعه هَؤُلَاءِ ثمَّ أسلم وَحسن إِسْلَامه ورخّص لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول فِيهِ بِمَا شَاءَ عِنْد أهل مَكَّة عَام خَيْبَر من أجل مَاله وَولده حَتَّى جمع مَاله بهَا من أهل وَولد
(الألقاب)
الْحَجَّاجِي الْحَافِظ اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب
ابْن الْحجَّاج شَاعِر اسْمه أَحْمد بن الْحجَّاج
ابْن حجاج الشَّاعِر محتسب بَغْدَاد اسْمه الْحُسَيْن بن أَحْمد
أَبُو الْحجَّاج الأقصريّ يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الْحجَّاج عبد الله بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد(11/245)
الْحَجَّاجِي الشَّافِعِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد
ابْن الْحجَّاج عبد الْحق بن عبد الله
الحجَّة الصّوفي اسْمه عبد المحسن
أَبُو الْحجَّاج الأقصري يُوسُف بن عبد الرَّحِيم
الحجار الْمسند أَحْمد بن نعْمَة
(الديرقطاني)
حجازيُّ بن أَحْمد بن حجاز صفي الدّين الديرقطاني قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي فِي تارخ الصَّعيد كَانَ كَرِيمًا كَاتبا أديباً ناظماً لطيفاً توفّي بِبَلَدِهِ سنة إِحْدَى وسبعمئة وَأورد لَهُ من السَّرِيع
(قل للمطايا قد بلغت النَّقا ... فهنّها يَا صَاح بالملتقى)
(وخلّها ترعى عرار الْحمى ... إنّ عرار الْحَيّ يجلو الشَّقا)
(وَقد تملى باللقا عاشق ... كَانَ لطيف الْمُلْتَقى شيّقا)
(وَقد محا الْوَصْل حَدِيث الخفا ... حَتَّى كأنَّ الهجر لن يخلقا)
قَالَ وَكَانَ يُعجبهُ غناء البصيصة المغنّية وَكَانَت تغني من شعره فَحَضَرت يَوْمًا فَقَالَ من الْخَفِيف
(أدخلي تدخلي علينا سُرُورًا ... أَنْت وَالله نزهة العشاق)
(لَا تميلي إِلَى الْخُرُوج سَرِيعا ... تخرجي عَن مَكَارِم الْأَخْلَاق)
(الألقاب)
الْحِجَازِي هُوَ الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر
(حجر)
3 - (ابْن حجر التَّابِعِيّ)
حجر بن حجرٍ حَدِيثه فِي الشاميّين فِي الطَّبَقَة الأولى من تابعيهم يروي عَن العرباص بن سَارِيَة روى عَنهُ خَالِد بن معدان
3 - (حجر الشرّ)
حجر بن يزِيد الْكِنْدِيّ الْمَعْرُوف بِحجر الشرّ لِأَنَّهُ كَانَ شريراً لَهُ وفادة وَشهد الْحكمَيْنِ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ(11/246)
3 - (أَبُو العنبس)
حجر بن عَنْبَس الْحَضْرَمِيّ أَبُو العنبس مخضرم كَبِير صحب عليا وروى عَن عَليّ وَعَن وَائِل بن حجر وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (حجر الْخَيْر)
حجر بن عدي الأدبر وَإِنَّمَا سمي الأدبر لِأَنَّهُ طعن مولِّياً هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ الْكُوفِي وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمع عليّاً وَعمَّارًا وشراحيل ابْن مرّة وَيُقَال شُرَحْبِيل وغزا الشَّام فِي الْجَيْش الَّذين افتتحوا عذراء الَّتِي قتل بهَا وَهِي من قرى دمشق وقبره بهَا مَعْرُوف وَشهد مَعَ عليٍّ الْجمل وصفّين أَمِيرا وَكَانَ برّاً بِوَالِديهِ عابداً وَكَانَ فِي أَلفَيْنِ وخمسمئة من الْعَطاء وَشهد فتح الْقَادِسِيَّة وَقَتله مُعَاوِيَة وَقتل أَصْحَابه بمرج عذراء وَقتل إبناه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن قَتلهمَا مُصعب بن الزبير صبرا وَكَانَا يتشيّعان وَكَانَ حجر ثِقَة مَعْرُوفا
قَالَ أَبُو معشر كَانَ حجر بن عدي رجلا من كِنْدَة وَكَانَ عابداً قَالَ وَلم يحدّث قطّ إِلَّا تَوَضَّأ وَلم يهرق مَاء إِلَّا توضّأ وَمَا تَوَضَّأ إلاّ صلى وَقَالَ ابْن سعد حجر فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة من تَابِعِيّ الْكُوفَة وَهَذَا حجر يعرف بِحجر الْخَيْر فصلا بَينه وَبَين حجر الشَّرّ وَهُوَ حجر بن يزِيد
وَقد تقدم ذكره وَكَانَ سَبَب قَتله أَنه كَانَ من أَصْحَاب عليّ فَكَانَت تصدر مِنْهُ حركات لَا تعجب وُلَاة الْكُوفَة فَقَالَ لَهُ زِيَاد بن أَبِيه إِنِّي أحذِّرك أَن تركب أعجاز أمورٍ قد هلك من ركب صدورها فَلم ينْتَه فنفذ زِيَاد إِلَى مُعَاوِيَة إِن كَانَ لَك بالعراق حاجةٌ فَاكْفِنِي حجرا وَأَصْحَابه
فَأمر بهم مُعَاوِيَة فَقتلُوا نصفهم بعذراء سنة إِحْدَى وَخمسين وَكَانُوا أَرْبَعَة عشر وَقيل ثَلَاثَة عشر وَكَانَ حجر مِمَّن قتل وَقيل قتل سنةٌ أَو سَبْعَة وَجَاء رَسُول مُعَاوِيَة بِالْعَفو عَنْهُم وَقدم)
عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام برسالة عَائِشَة تسأله أَن يخلي سبيلهم فَقدم وَقد قتلوا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَيْن عزب عَنْك حلم أبي سُفْيَان فَقَالَ غيبَة مثلك عني من قومِي وحجَّ مُعَاوِيَة فَاسْتَأْذن على(11/247)
عَائِشَة فَحَجَبَتْهُ ثمَّ أَذِنت لَهُ فَقَالَت لَهُ مَا حملك على قتل أهل عذراء حجر وَأَصْحَابه قَالَ يَا أم الْمُؤمنِينَ إِنِّي رَأَيْت قَتلهمْ صلاحاً للأمَّة وَإِن بقاءهم فَسَاد للْأمة فَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سيقتل بعذراء أناسٌ يغْضب الله لَهُم وَأهل السَّمَاء أما خشيت أَن أخبىء لَك رجلا فيقتلك فَقَالَ لَا إِنِّي فِي بَيت أَمَان وَكَانَ يَقُول عِنْد مَوته إنّ يومي من ابْن الأدبر لطويل وانتحب ابْن عمر لما بلغه قَتله وَنَدم مُعَاوِيَة على قَتله وَعرف مِنْهُ النَّدَم وَالْخَوْف عِنْد الْمَوْت وَقَالَ مَا قتلت أحدا إلاّ وَأَنا أعرف فيمَ قتلته وَمَا أردْت بِهِ مَا خلا حجرا وَكَانَ يُقَال أول ذلٍّ دخل على أهل الْكُوفَة قتل حجر بن عدي وَقَالَت هِنْد ابْنة زيد بن مخرمَة الْأَنْصَارِيَّة حِين سَار حجر إِلَى مُعَاوِيَة من الوافر
(ترفّع أَيهَا الْقَمَر الْمُنِير ... تبصَّر هَل ترى حجرا يسير)
(يسير إِلَى مُعَاوِيَة بن حَرْب ... ليَقْتُلهُ كَمَا زعم الخيبر)
(تجبّرت الجبابر بعد حجرٍ ... فطاب لَهَا الخورنق والسَّدير)
(وأصبحت الْبِلَاد لَهُ محولاً ... كَأَن لم يحيها زمنٌ مطر)
(أَلا يَا حجر حجر بن عديٍ ... تلقّتك السَّلامَة وَالسُّرُور)
(أَخَاف عَلَيْك مَا أردى عليّاً ... وشيخاً فِي دمشق لَهُ زئير)
(فَإِن تهْلك فكلُّ عميد قومٍ ... إِلَى هلكٍ من الدُّنْيَا بَصِير)
وَأنْشد حجرٌ عِنْد قَتله من الطَّوِيل
(كفى بشفاه الْقَبْر بعدا لهالك ... وبالموت قطّاعاً لحبل الْقَرَائِن)
وَقَالَ لأَصْحَابه بِالْكُوفَةِ عِنْد وداعهم من الطَّوِيل
(فَمن لكم مثلي لَدَى كل غارةٍ ... وَمن لكم مثلي ذَا الباس أصحرا)
(وَمن لكم مثلي إِذا الْحَرْب قلَّصت ... وأوضع فِيهَا المستميت وشمّرا)
فأجابته امْرَأَة أنصاريّة من الطَّوِيل
(فَمن صادعٌ بِالْحَقِّ بعْدك نَاطِق ... يتقوى وَمن إِن قيل بالجور عيرًا)
(فَنعم أَخُو الْإِسْلَام أَنْت وإنني ... لأطمع أَن تجنى الخلود وتحبرا)
)
وَقد رُوِيَ الشعران لغَيْرِهِمَا
3 - (ذُو اللسانين)
حجر بن عقبَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ كَانَ يلقّب ذَات اللسانين لِكَثْرَة شعره وهوالقائل من الطَّوِيل
(ألم يَأْتِ قيسا كلهَا أنّ عزّها ... غَدَاة غدٍ من دارة الدّور ظاعن)(11/248)
هُنَالك حارت بالدموع مَوَانِع الْعُيُون وسالت بالفراق الظعائن
3 - (وَالِد وَائِل بن حجر)
حجر بن ربيعَة بن وَائِل وَالِد وَائِل بن حجر رُوِيَ عَنهُ حَدِيث وَاحِد أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد على جَبهته وَأَنْفه ولولده وَائِل صُحْبَة
(الألقاب)
الحجراوي سلم ين يحيى
الحجري المغربي عبد الله بن مُحَمَّد
الْحجَّة المنتظر مُحَمَّد بن الْحسن
(بنت نصيب الْأَصْغَر)
الحجناء بنت نصيب الْأَصْغَر الحبشي مولى الْمهْدي وَسَيَأْتِي ذكر والدها إِن شَاءَ الله فِي حرف النُّون مَكَانَهُ لَهَا مدائح فِي الْمهْدي فَمن ذَلِك قَوْلهَا من الوافر
(أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا تَرَانَا ... خنافس بَيْننَا جعلٌ كَبِير)
(أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا تَرَانَا ... كأنّا من سَواد اللَّيْل قير)
(أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا تَرَانَا ... فقيراتٍ ووالدنا فَقير)
(أضرَّ بِنَا شقاء الجدّ مِنْهُ ... فَلَيْسَ يميرنا فِي من يمير)
(وأحواض الْخلَافَة مترعات ... لَهَا عرفٌ ومعروف كَبِير)
(أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنت غيث ... يعمّ النَّاس وابله غزير)
(يعاش بِفضل جودك بعد موت ... إِذا عالوا وينجبر الكسير)
(حُجَيْر)
3 - (التَّمِيمِي)
حُجَيْر بن إهَاب التميميّ حَلِيف بني نَوْفَل لَهُ صُحْبَة رَوَت عَنهُ مَارِيَة مولاته خبر زيد بن عَمْرو بن نوفلٍ
3 - (أَبُو مخشي بن حُجَيْر)
حُجَيْر الهلاليُّ يُقَال إِنَّه حنفيٌ وَقيل إِنَّه من ربيعَة بن(11/249)
نزار وَهُوَ أَبُو مخشي بن حُجَيْر حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض
3 - (ابْن بَيَان)
حُجَيْر بن بَيَان يعدّ فِي أهل الْعرَاق روى عَنهُ أَبُو قزعة حَدِيثا مَرْفُوعا فِي التَّشْدِيد فِي منع الصَّدقة عَن ذِي الرَّحم
(أَبُو عمر اليمامي)
حجين بن المثنَّى أَبُو عمر اليماميّ نزيل بَغْدَاد كَانَ ثِقَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين والمئتين
(أَبُو خرَاش الصَّحَابِيّ)
حَدْرَد أَبُو خرَاش الْأَسْلَمِيّ وَيُقَال السلميُّ روى عَنهُ ابْن أبي أنس عمرَان أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من هجر أَخَاهُ سنة كَانَ سفك دَمه حَدِيثه عِنْد أهل مصر
(الألقاب)
ابْن حدار جَعْفَر بن مُحَمَّد
ابْن الْحداد الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد والشاعر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان وشارح الشاطبية عبد الرَّحْمَن بن اسماعيل وَبدر الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان بن يُوسُف(11/250)
والقيرواني الشَّاعِر اسْمه سعيد بن مُحَمَّد والنحوي جَعْفَر بن مُوسَى
والحداد الرافضي مبارك بن حَامِد
ابْن أبي الْحَدِيد جمَاعَة مِنْهُم الْمُحدث مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان وموفق الدّين أَحْمد بن هبة الله بن مُحَمَّد وَأَخُوهُ عز الدّين عبد الحميد بن هبة الله بن مُحَمَّد والدمشقي اسْمه أَحْمد بن عُثْمَان
ابْن حَدِيد اسْمه عبد المحسن
ابْن حَدِيدَة الْوَزير اسْمه سعيد بن عَليّ بن أَحْمد بن حَدِيدَة أَحْمد بن الْقَاسِم
الحديدي سعيد بن أَحْمد
ابْن حدير المغربي الشَّاعِر عبد الله بن مُوسَى
(أُخْت الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
حذافة بنت الْحَارِث السَّعدية أُخْت الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة أمهَا حليمة السعدية قَالَ ابْن إِسْحَاق يُقَال لَهَا الشيماء وَكَانَت تحضن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أمهَا إِذْ كَانَ عِنْدهم
(الألقاب)
الحذّاء اسْمه خَالِد
الْحذاء النَّحْوِيّ عُبَيْدَة بن حميد
(حُذَيْفَة)
3 - (أَبُو سريحَة)
حُذَيْفَة بن اسيد بن خَالِد الْغِفَارِيّ كَانَ ممّن بَايع تَحت الشَّجَرَة بيعَة الرِّضوان وعداده فِي الكوفيّين روى عَنهُ أَبُو الطُّفَيْل وَالشعْبِيّ وكنية حُذَيْفَة أَبُو سريحَة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة
3 - (ابْن الْيَمَان)
حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَبُو عبد الله الْعَبْسِي حَلِيف بني عبد الْأَشْهَل صَاحب سر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَأَبوهُ من سَادَات الصَّحَابَة الْمُهَاجِرين شهد اليرموك وَأمه امْرَأَة من الْأَنْصَار من الْأَوْس(11/251)
وأرسله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سريَّةً وَحده فِي لَيْلَة بَارِدَة فِي حَرْب الخَنْدَق يستعلم خبر الْقَوْم فَرجع وَهُوَ يمشي فِي مثل الْحمام ودعا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رامياً
وَاسْتَعْملهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بعض الصَّدَقَة وَاسْتَعْملهُ عمر على الْمَدَائِن وَفتح كثيرا من بِلَاد الْعَجم وَقتل أَبوهُ يَوْم أحد وجاءه نعي عُثْمَان وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ وَمَات بهَا بعد عُثْمَان بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ قتل فِي أَولهَا وَقيل مَاتَ بِالْكُوفَةِ وَلم يشْهد بَدْرًا لِأَنَّهُ وأباه هاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام بدر منعهما الْمُشْركُونَ وَقتل الْمُسلمُونَ أَبَاهُ يَوْم أحد غَلطا فتصدّق حُذَيْفَة بديته على الْمُسلمين فزاده ذَلِك عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيرا
وَقَالَ حُذَيْفَة خيّرني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْهِجْرَة والنصرة فاخترت النُّصْرَة)
وَقَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل شَيْء وَقَالَ لقد حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يكون حَتَّى تقوم السَّاعَة وَكَانَ النَّاس يسألونه عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ مَخَافَة أَن أقع فِيهِ وأعلمه بأسماء الْمُنَافِقين الإثني عشر الَّذِي بخسوا بِهِ لَيْلَة الْعقبَة مردعه من تَبُوك وَلم يكن فيهم قرشيٌّ والكلُّ من الْأَنْصَار(11/252)
وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لِحُذَيْفَة ولأمه
وَهُوَ أحد النجباء الوزراء الرفقاء الْأَرْبَعَة عشر الَّذين قَالَ فيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يكن نبيّ قبلي إلاّ أعطي سَبْعَة رُفَقَاء نجباء وزراء وَإِنِّي أَعْطَيْت أَرْبَعَة عشر فَذكر حَمْزَة وجعفراً وعلياً وحسناً وَحسَيْنا وَأَبا بكر وَعمر والمقداد وَحُذَيْفَة وسلمان وعمّاراً وبلالاً وَابْن مَسْعُود وَأَبا ذَر وَكَانَ عمر بن الْخطاب إِذا بعث عَاملا كتب فِي عَهده أَن اسمعوا لَهُ وأطيعوه مَا عدل فِيكُم فَلَمَّا اسْتعْمل حُذَيْفَة على الْمَدَائِن كتب فِي عَهده أَن اسمعوا لَهُ وَأَطيعُوا وَأَعْطوهُ مَا سألكم وروى لِحُذَيْفَة البخاريُّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد والترمذيُّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (الأحمق المطاع)
حُذَيْفَة هُوَ عُيَيْنَة بن حصن بن بدر الْفَزارِيّ قَالَ المزرباني قَالَ الْحَافِظ اسْم عُيَيْنَة حُذَيْفَة ويكنى أَبَا مَالك وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ محمَّقاً وَكَانَ سيّد قومه وَله يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأحمق المطاع لما وصّى أَبوهُ وَأمر بنيه أَن يطيعوه من الوافر
(أَطَعْت أباعيينة فِي هَوَاهُ ... وَلم تخلج صريمتي الظنون)
(وَلم أنكر عَلَيْهِ وكلُّ أَمر ... إِذا هوَّنته يَوْمًا يهون)
(فَإِن يَك بَدْء هَذَا الْأَمر غثّاً ... فآخره بني بدر سمين)
وَله أَيْضا من السَّرِيع
(يَا أَيهَا السَّائِل عَن قَومنَا ... نَحن لَك الْخَيْر كرام الْبشر)
(أكْرم يذبيان إِذا حصّلوا ... يَوْمًا وَأكْرم بهم من نفر)
3 - (العسكري)
حُذَيْفَة بن غياث أَبُو الْيَمَان العسكري نزيل أَصْبَهَان توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ ومئتين
(حذيم)
3 - (السَّعْدِيّ)
حذيم بن عَمْرو السّعدي التَّمِيمِي يعدُّ فِي الْكُوفِيّين شهد حجَّة الْوَدَاع وروى حَدِيثا وَاحِدًا
روى عَنهُ ابْنه زِيَاد بن حذيم
3 - (ابْن حذيم)
حذيم بن حنيفَة بن حذيم روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَنهُ ابْنه حَنْظَلَة بن حذيم ذكره أَبُو حَاتِم وَقَالَ أَنه(11/253)
كَانَ أَعْرَابِيًا من بادية الْبَصْرَة
(حرَام)
3 - (الْأنْصَارِيّ الْمدنِي)
حرَام بن سعد بن محيَّصة بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة وَبعدهَا صَاد مُهْملَة الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ الْمدنِي روى عَن أَبِيه والبراء بن عَازِب وروى عَنهُ الزُّهريُّ فَقَط وَهُوَ ثِقَة توفّي سنة ثَلَاث عشرَة ومئة وَهُوَ ابْن سبعين سنة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن ملْحَان الْأنْصَارِيّ)
حرَام بن ملْحَان بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون اللاّم والحاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف نون وَاسم ملْحَان مَالك الْأنْصَارِيّ النَّجّاريّ خَال أنس بن مَالك
قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة مَعَ الْمُنْذر بن عَمْرو وعامر بن فهَيْرَة قَتله عَامر بن الطُّفَيْل وَشهد بَدْرًا وأحداً وَهُوَ الَّذِي قَالَ يَوْم قتل طَعنا فزت وربِّ الْكَعْبَة وَكَانَ يَوْم بِئْر مَعُونَة سنة أَربع من الْهِجْرَة وَقَالَ حرَام بن ملْحَان يَوْم طعن فِي رَأسه فزت وربِّ الْكَعْبَة وتلقّى دَمه بكفه ثمَّ أَنه نضحه على رَأسه وَوَجهه
وَقيل إِنَّه ارتثّ يَوْم بِئْر مَعُونَة فَقَالَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي وَكَانَ مُسلما يكتم إِسْلَامه لامرأةٍ من قومه هَل لَك فِي رجل إِن صحَّ كَانَ نعم الرّاعي فضمته إِلَيْهَا فعالجته فَسَمعته يَقُول من الطَّوِيل
(أَتَت عامرٌ ترجو الهوادة بَيْننَا ... فَهَل عامرٌ إلاّ عدوٌّ مداجن)
(إِذا مَا رَجعْنَا ثمَّ لم تَكُ وقعةٌ ... بأسيافنا فِي عامرٍ أَو نطاعن)
)
(فَلَا ترجونَّا أَن تقَاتل بَعدنَا ... عشائرنا والمقربات الصَّوافن)(11/254)
فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ
3 - (ابْن أبي كَعْب السّلمي)
حرَام بن أبي كَعْب الأنصاريُّ السلميُّ وَيُقَال حزم بن أبي كَعْب هُوَ الَّذِي صلى خلف معاذٍ فَلَمَّا طوَّل معاذٌ فِي الصَّلَاة خرج من إِمَامَته وَأتم لنَفسِهِ فَشكى بَعضهم بَعْضًا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفتّانٌ أَنْت يَا معَاذ الحَدِيث
(الألقاب)
ابْن حرّار اسْمه الْحُسَيْن بن أبي مَنْصُور
الْحَرَّانِي عَليّ بن أَحْمد بن الْحُسَيْن
ابْن الحرّاني وَالِي دمشق اسْمه مُحَمَّد بن اياز تقدم ذكره فِي المحمدين فِي مَكَانَهُ
ابْن الْحَرَّانِي الصاحب عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد
(حَرْب)
3 - (الثَّقَفِيّ)
حَرْب بن عبيد الله بن عُمَيْر الثَّقَفِيّ مُخْتَلف فِي اسْمه وَحَدِيثه روى حَدِيثه فِي الْجِهَاد عَطاء بن السَّائب وَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عطاءٍ عَن حَرْب عَن جدَّه أبي أمه عَن أَبِيه وَقَالَ جرير عَن عَطاء عَن حَرْب بن هِلَال الثَّقَفِيّ عَن أبي أمّه
3 - (الْعَبْدي الْبَصْرِيّ)
حَرْب بن الحكم بن الْمُنْذر بن الْجَارُود الْعَبْدي الْبَصْرِيّ أورد لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي مُعْجم الشُّعراء قَوْله من الطَّوِيل
(وقبلي أبكى كلَّ من كَانَ ذَا هوى ... هتوف البواكي والديار البلافع)
(وهنَّ على طول التلهف بالضحى ... نوائح لن تخضلّ مِنْهَا المدامع)
(وَمن قطع الْيَاقُوت صيغت عيونها ... مخطّمة بالدرّ خضرًا روائع)
(لهنَّ خدودٌ كالزُّمرُّد ناصعاً ... خواضب بالحنّاء مِنْهَا الْأَصَابِع)
(لَهَا طررٌ فَوق الخوافي كَأَنَّهَا ... حَوَاشِي برود أحكمتها الوشائع)
3 - (ابْن ريطة)
)
حَرْب بن ريطة بن عَمْرو بن مَازِن بن وهب بن الرّبيع السّلمِيّ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ جمَاعَة من أَهله فَلَقوهُ بَين جحفة وَالْمَدينَة فَمَاتَ بَعضهم واشتكى بَعضهم فتطيّروا وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ فَقَالَ حسان بن ثَابت(11/255)
يهجوهم من الْكَامِل
(ضلاً بحارثة بن سامة أَنهم ... تركُوا لحينهم الطَّرِيق الواضحا)
وَهِي أَبْيَات كَثِيرَة آخرهَا
(لاه ابْن ريطة لَو أطاعوا أمره ... تبعوا الرَّسُول وَكَانَ حَقًا لائحاً)
فَقَالَ حَرْب بن ريطة من الطَّوِيل
(أَلا أبلغا عنّي الرَّسُول مُحَمَّدًا ... رِسَالَة من أَمْسَى بِصُحْبَتِهِ صبّا)
(حَلَفت بربّ الراقصات عشيّةً ... حوارج من بطحاء تحسبها سربا)
(لقد بعث الله النبيَّ مُحَمَّدًا ... بحقٍّ وبرهان الْهدى يكْشف الكربا)
(لَهُ دعوةٌ مَيْمُونَة رِيحهَا الصّبا ... بهَا ينْبت الله الحصيدة والأبّا)
(أومل أَن ألْقى النبيَّ مُهَاجرا ... على بيعَة الرَّحْمَن أَو أعتنق كَعْبًا)
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْخطاب)
حَرْب بن شدّاد أَبُو الْخطاب اليشكريٌ الْبَصْرِيّ الْحَافِظ كَانَ يحيى ابْن سعيد لَا يحدّث عَنهُ
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد علم تعنّت يحيى بن سعيد فِي الرِّجَال وَبعد هَذَا فيروي عَن مجَالد يقوِّيه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ ومئة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
(ابْن قيس الْفَزارِيّ)
الحرُّ بن قيس بن حُصَيْن بن بدر بن حُذَيْفَة الْفَزارِيّ وَهُوَ ابْن أخي عُيَيْنَة بن حصن كَانَ أحد الْوَفْد الَّذين قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرجعه من تَبُوك
(الألقاب)(11/256)
أَبُو بكر الْحَرْبِيّ الْحَنْبَلِيّ اسْمه أَحْمد بن غَالب
الْحَرْبِيّ الْحَنْبَلِيّ عَليّ بن رشيد
الْحَرْبِيّ الْفَقِيه أَبُو إِسْحَاق اسْمه إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق
ابْن الحرستاني عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن أبي الْفضل وزين الدّين مُحَمَّد بن عبد الْغنى
والخطيب محيى الدّين اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم وجمال الدّين اسْمه عبد الصَّمد بن عبد الْكَرِيم وقاضي الْقُضَاة جمال الدّين اسْمه عبد الصَّمد وعماد الدّين الْخَطِيب اسْمه عبد الْكَرِيم بن عبد الصَّمد وَكَمَال الدّين عبد الْجَبَّار بن عبد الْغَنِيّ
ابْن حرِّكها الْحَنَفِيّ المظفر بن الْمُبَارك
(اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ)
الحرمازي اسْمه الْحسن بن عَليّ يَأْتِي اسْمه فِي هَذَا الْحَرْف فِي مَكَانَهُ
(حَرْمَلَة)
3 - (صَاحب الشَّافِعِي)
حَرْمَلَة أَبُو حَفْص بن يحيى بن عبد الله بن حَرْمَلَة التجِيبِي صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْحَافِظ الْمصْرِيّ روى عَنهُ مُسلم وَابْن ماجة وروى النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن الْهَيْثَم عَنهُ ورورى عَنهُ بقيّ بن مخلد قَالَ أَبُو حَاتِم لَا يحتجُّ بِهِ ولد(11/257)
سنة ستٍّ وَسِتِّينَ ومئة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئتين وَله الْمَبْسُوط والمختصر
3 - (مولى أُسَامَة بن زيد)
حَرْمَلَة مولى أُسَامَة بن زيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَابِعِيّ قَلِيل الحَدِيث يروي عَن أُسَامَة حَدِيثه عِنْد الحجازيِّين
3 - (أَبُو زبيد الطَّائِي)
حَرْمَلَة بن الْمُنْذر بن معد يكرب بن حَنْظَلَة بن النُّعمان بن حيَّة بن سعنة هُوَ أَبُو زبيد الطَّائِي
كَانَ نَصْرَانِيّا وَهُوَ أحد المعمَّرين يُقَال إِنَّه عَاشَ مئة وَخمسين سنة وَأدْركَ الْإِسْلَام وَلم يسلم وَاسْتَعْملهُ عمر بن الْخطاب على صدقه قومه وَلم يسْتَعْمل عمر نَصْرَانِيّا غَيره وَبَقِي إِلَى أَيَّام مُعَاوِيَة ورثى عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ ينادم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط بِالْكُوفَةِ فلمّا خرج الْوَلِيد عَنْهَا وَشهد عَلَيْهِ بِشرب الْخمر قَالَ أَبُو زبيد من الْخَفِيف فلعمر الْإِلَه لَو كَانَ للسيف مصالٌ وللسِّنان مجَال
(مَا تناسيتك الصفاء وَلَا الودَّ ... وَلَا حَال دُونك الأشغال)
(ولحمَّيت لحمك المتغضي ... ضلَّةً من ضلالهم مَا اغتالوا)
(غير مَا طَالِبين ذحلاً وَلَكِن ... مَال دهرٌ على أنَاس فمالوا)
وَكَانَ أَبُو زبيد من زوّار الْمُلُوك خاصّة مُلُوك الْعَجم وَكَانَ عَالما بسيرتهم فَكَانَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عونه يقرِّبه ويدني مَجْلِسه فيتذاكران مآثر الْعَرَب وَأَشْعَارهَا فَالْتَفت إِلَيْهِ عُثْمَان وَقَالَ لَهُ يَا أَخا تبَّع الْمَسِيح أسمعنا بعض قَوْلك فقد أنبئت أنّك تجيد الشّعْر فأنشده قَوْله يصف الْأسد من الْبَسِيط
(من مبلغٌ قومِي النائين إِذْ شحطوا ... أَن الْفُؤَاد إِلَيْهِم شيقٌ ولع)
(وَالدَّار إِن تنئهم عني فإنّ لَهُم ... ودّي ونصري إِذا أعداؤهم نصعوا)
)(11/258)
مِنْهَا فِي ذكر الْأسد
(كَأَنَّمَا يتفادى أهل أَمرهم ... من ذِي زَوَائِد فِي أرساغه فدع)
(ضرغامة أهرت الشدقين ذِي لبد ... كَأَن برنساً فِي القاع مدّرع)
(بالثّني أَسْفَل من جمّاء لَيْسَ لَهُ ... إلاّ بنيه وإلاّ عرسه شيع)
(ابنَّ عرنسةً عنّابها أشبٌ ... وَدون غايتها مستوردٌ شرع)
(شَاس الهبوطرنا الحاميين مَتى ... ينشع بوادره يحدث لَهَا فزع)
(أَبُو شتيمين من حصّاء قد أفلت ... كَأَن أطباءها فِي رَفعهَا رقع)
(أعطتهما جهدها حَتَّى إِذا وحمت ... وصدّا فَلَا غيل وَلَا جذع)
(ثمَّ استفاها وَلم يقطع فطاءهما ... عَن التصبب لَا شعب وَلَا قذع)
(وردين قد أخذا أَخْلَاق شيخهما ... ففيهما جرْأَة الظلماء والجشع)
(غذاهما بدماء الْقَوْم مذ شديا ... فَمَا يزَال بوصلي رَاكب يضع)
(على جناجنه من ثَوْبه هببٌ ... فيهنَّ من صائك مستكره دفع)
(أفرَّ عَنهُ بَنو الخالات جرأته ... لَا الصَّيد يمْنَع مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنع)
(فِيمَا اكتسبن رئيسٌ غير منتقص ... وَلَيْسَ فِيمَا يرى من كَسبه طمع)
(مستصرع مَا دنا منهنّ مكتنت ... بالعرق محتلماً مَا فَوْقه قنع)
(على حطامٍ من القصباء عِنْدهمَا ... من شكَّة الْقَوْم مجزوع ومنصدع)
(سهمٌ وقوسٌ وعكّازٌ وَذُو شطب ... لم يتَّرك لومةً فِي رقّه الصَّنع)
(مفراً وَآخر مُرْتَد بداميةٍ ... ومحنق بَعْدَمَا التجنيق مطلع)
(ألفاه غيَّر بعد الْقَوْم رحلته ... فَلم يعرِّج عَلَيْهِ الْقَوْم واندفعوا)
(فأبصرته وَرَاء الْقَوْم كالئة ... عينٌ وَلَو أرقت مَا إِن بهَا قمع)
(فأجمرت حرجاً خوصاً وَقد ذبلت ... وأيقنت أَنه قد كلل الشِّبَع)
(وَقد دَعَا دَعْوَة والسّاق شاخصةٌ ... فَوق الْعِرَاقِيّ فَلم يلووا وَقد سمعُوا)
(وثار إعصار هيج بَينهم وخلت ... بالكور لأياً وبالأنساع تمتصع)
(شَجرا وغدراً وعيناً غير غافلة ... عَن الْغُبَار وظناً أَن ستتَّبع)(11/259)
(وخرَّ مُسْتَلْقِيا مِنْهَا لهامته ... وشنّه حبلها فِي خربه قطع)
)
فَقَالَ لَهُ عُثْمَان تالله تفتأ تذكر الْأسد مَا حييت إِنِّي لأحسبك جَبَانًا هيداناً فَقَالَ كلاّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَكِنِّي شهِدت مشهداً وَرَأَيْت مرأى لَا يزَال ذكره بقلبي فَقَالَ لَهُ عُثْمَان وأنى كَانَ ذَلِك قَالَ خرجت فِي صيابةٍ أشرافٍ من أفناء قبائل الْعَرَب ذَوي هَيْئَة وشارةٍ حسنةٍ ترتمي بِنَا المهارى بأكساء القروانات وعبداننا على فتوِّ الْخَيل وَالْبِغَال وَنحن نُرِيد الْحَارِث بن الشمر الغسّاني ملك الشَّام فاخروطّ بِنَا السّير فِي حمارَّة القيظ فأصابنا عَطش شَدِيد حَتَّى إِذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت الْمِيَاه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصَّيد وصرّض الجندب وضاف العصفور الضبَّ فِي وجاره قَالَ قَائِل أَيهَا الركب غوّروا بِنَا فِي ضوج الْوَادي لنقيل وَإِذا وادٍ قد بدا لنا كثير الدَّغل دَائِم الغلل شجراؤه مغنَّة وأطياره مرنَّة فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات ونبعات متهدلات فأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها بِالْمَاءِ الْبَارِد وَإِنَّا لنصف حرَّ يَوْمنَا ومماطلته إِذْ صرَّ أقْصَى الْخَيل أدنيه وفحص الأَرْض بيدَيْهِ فوَاللَّه مَا لبث أَن جال وحمحم وبال ثمَّ فعل فعله الْفرس الَّذِي يَلِيهِ وَاحِدًا وَاحِدًا فتضعضعت الْخَيل وتكعكعت الْإِبِل وتقهقرت البغال فَمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فَعلمنَا أَن قد أَتَيْنَا وَأَنه السَّبع لَا محَالة فِينَا فَفَزعَ كل امرىء منا إِلَى سَيْفه فاستلّه من(11/260)
جربانه ووقفنا زعفاً أَرْسَالًا رزدقاً وَأَقْبل أَبُو الْحَارِث من أجمته يتظالع فِي مشيته كَأَنَّهُ مجنوب أَو فِي هجار معصوب لصدره نحيط ولبلاعمه غطيط ولطرفه وميض ولأرساغه نقيض كَأَنَّمَا يخبط هشيماً أَو يطَأ صريماً وَإِذا هامةٌ كالمجنّ وخدّ كالمسنّ وعينان سجراوان كَأَنَّهُمَا سراجان يقدان وقصرةٌ ربلة ولهزمةٌ رهلةٌ وكتد مغبط وزورٌ مغرط وعضدٌ مفتول وساعدٌ مجدول وكفَّ شثنة البراثن إِلَى مخالب كالمحاجن فَضرب بِيَدِهِ فأرهج وكشر فأفرج عَن أَنْيَاب كالمعاول مصقولةٍ غير مغلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثمَّ تمطّى فأشربيديه ثمَّ حفز وركه برجليه حَتَّى صَار طوله مثلَيْهِ ثمَّ أقعى فاقشعرَّ ثمَّ مثل فاكفهرَّ ثمَّ تجهّم فازبأرَّ فَلَا وَذُو بَيته فِي السَّمَاء مَا اتَّقيناه إلاّ بِأول أخٍ لنا من فَزَارَة ضخم الجزارة فوقصه ثمَّ أقعصه ثمَّ نفضه(11/261)
نفضةً فقصقص مَتنه وبقر بَطْنه وَجعل يلغ فِي ذمه فذمَّرت أَصْحَابِي فَبعد لأيٍ مَا استقدموا فهجهجنا بِهِ فكرَّ مقشعراً بزبرةٍ كأنّ بهَا شيهماً حوليّاً فاختلج من دُوننَا رجلا أعجز ذَا حوايا فنفضه نفضةً تزايلت لَهَا مفاصله ثمَّ نهم فقرقر ثمَّ زفر فبربر ثز زأر فجرجر ثمَّ لحظ فزمجر فوَاللَّه لخلت الْبَرْق يتطاير من تَحت جفونه عَن شِمَاله وَيَمِينه فأرعشت الْأَيْدِي)
واصطكَّت الأرجل وأطَّت الأضلاع وارتجت الأسماع وَلَحِقت الْمُتُون بالبطون وشخصت الْعُيُون وَسَاءَتْ الظنون واحزألَّت الْمُتُون ثمَّ تبهنس وحلَّق ثمَّ حدّق وحملق فَإِذا لَهُ عينان سجراوان مثل وهج الشرر كَأَنَّمَا نقر بالمناقير عَن عرض حجر لَونه ورد وزئيره رعدٌ وجبهته عَظِيمَة وهامته شتيمة إِن استقبلته قلت أدرع وَإِن استدبرته قلت أقدع وَإِذا اللَّيْل اعرنكس تبغَّى وتحسَّ هوله شَدِيد وشرّه عنيد وخيره بعيد من قَاسم ظلم وَمن بارز حطم وَمن مَال غشم من الطَّوِيل
(عبوسٌ شموخ مطرخمٌّ مكابر ... جريء على الْأَعْدَاء للقرن قاهر)
(براثنه شثنٌ وَعَيناهُ فِي الدُّجى ... كجمر غضاً فِي وَجهه الشَّرُّ طَائِر)
(بدلُّ بأنياب حدادٍ كَأَنَّهَا ... إِذا قلّص الأشداق عَنْهَا حناجر)
فحبق أحد الْحَاضِرين فَقَالَ لَهُ عُثْمَان مَه رضَّ الله فَاك فَلَقَد رعَّبت الْمُسلمين هلاّ قلت كَمَا قَالَ بشر بن أبي عوَانَة الْأَسدي من الوافر
(أفاطم لَو شهِدت بِبَطن خبثٍ ... وَقد لَاقَى الهزبر أَخَاك بشرا)(11/262)
الأبيات
3 - (أَبُو حَفْص التجِيبِي)
حَرْمَلَة بن عمرَان بن قرادٍ أَبُو حَفْص التجِيبِي الْمصْرِيّ جد الْفَقِيه حَرْمَلَة بن يحيى روى عَن أبي عشانة وَأبي قبيلٍ المعافريّين وَأبي يُونُس سليم بن جُبَير وجماعةٍ وروى عَنهُ جرير بن حازمٍ وَهُوَ من أقرانه وَابْن الْمُبَارك وَابْن وهب وَأَبُو عبد الرَّحْمَن المقرىء وَعبد الله بن صَالح وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ ومئة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن هَوْذَة العامري)
حَرْمَلَة بن هَوْذَة العامري قدم هُوَ وَأَخُوهُ خَالِد بن هَوْذَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسرَّ بهما وهما معدودان فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم
3 - (الْعَنْبَري)
حَرْمَلَة بن عبد الله بن الياس الْعَنْبَري تميمي يعدُّ فِي هَل الْبَصْرَة حَدِيثه عِنْد ابْنَتي ابْنه صفيّة ودحيبة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إيت الْمَعْرُوف واجتنب الْمُنكر)
3 - (المدلجي)
حَرْمَلَة المدلجيّ أَبُو عبد الله كَانَ ينزل بينبع لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة حَدِيثه قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّا نحبُّ الْهِجْرَة وَأَرْضنَا أرْفق فِي الْمَعيشَة قَالَ إِن الله لَا يلتك من عَمَلك شَيْئا حَيْثُ مَا كنت(11/263)
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
حَرْمَلَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ وَالِد عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْمدنِي حجازي نزيل يَنْبع لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة حَدِيثه عِنْد ابْنه عبد الرَّحْمَن قَالَ حججْت حجَّة الْوَدَاع مردفي عمّي سِنَان فَلَمَّا وقفنا بِعَرَفَات رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضِعا إِحْدَى أصبعيه على الْأُخْرَى فَقلت لِعَمِّي مَاذَا يَقُول قَالَ يقو إرموا الحجار بِمثل حَصى الْخذف
(حرمّى)
3 - (أَبُو عَليّ الْعَتكِي)
حرميّ بن حَفْص أَبُو عَليّ الْعَتكِي الْقَسْمَلِي روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمئتين
3 - (أَبُو روح الْعَتكِي)
حرميُّ بن عمَارَة بن أبي حَفْصَة أَبُو روح الْعَتكِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ قَالَ ابْن معِين صَدُوق(11/264)
وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى ومئتين
3 - (مجد الدّين حرميّ)
حرمي بن قَاسم بن يُوسُف الفاقوسي القَاضِي مجد الدّين الْمصْرِيّ وَكيل بَيت المَال ونائب القَاضِي بدر الدّين ابْن جمَاعَة ونائب القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي بِالْقَاهِرَةِ مولده تَقْرِيبًا سنة تسع وَأَرْبَعين وستمئة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وسبعمئة كَانَ سَاكِنا خيّراً قلَّ أَن يَمُوت أحدٌ من الْأُمَرَاء الْكِبَار إلاّ وَأسْندَ وصيَّته إِلَيْهِ فَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ هُوَ آدم أَبُو الْبشر وَكَانَ شَيخا طوَالًا رَقِيقا صَغِير الذقن أَخْبرنِي الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن السُّبْكِيّ الشَّافِعِي من لَفظه قَالَ قَرَأَ القَاضِي مجد الدّين حرمي على الشَّيْخ عَلَاء الدّين الْبَاجِيّ الأصولي وَقَرَأَ على السَّيْف الْبَغْدَادِيّ فِي الموجز والإرشاد وَسمع من قَاضِي الْقُضَاة عبد الرَّحْمَن ابْن بنت الأعزَّ قصيدة من نظمه وحدَّث بهَا وَكَانَ يدرس بقبة الشَّافِعِي رَحمَه الله)
قَالَ وَحفظ الْحَاوِي الصَّغِير على كبر وَحكى لي عَن مروءته فِي السَّعْي مَعَ النَّاس لقَضَاء أشغالهم أمرا عجيباً وَعَن الشفاعات وَكَانَ وَكيل بَيت الظَّاهِر بيبرس ومملوكه ايبك الخزندار وبكتمر الجوكندار الْكَبِير
(أم مُحَمَّد السّلميّة)
حرمية بنت تَمام بن اسماعيل بن تمامٍ أم مُحَمَّد السَّلميَّة الدمشقيّة امْرَأَة صَالِحَة عابدة ولدت فِي حُدُود الستمئة وعمِّرت وروت بِالْإِجَازَةِ عَن عين الشَّمْس الثقفية وجماعةٍ وَسمع مِنْهَا البرزالي وَابْن سيّد النَّاس وَالشَّيْخ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الزملكاني وَجَمَاعَة وَتوفيت سنة إِحْدَى وَتِسْعين وستمئة
(الألقاب)
ابْن الحرَّوس الشَّافِعِي الْمعَافى بن اسماعيل
ابْن الحرون الأديب اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن تقدم ذكره فِي المحمدين
والحرون أَحْمد بن صَالح
والحرون الْعلوِي الَّذِي ظهر بِالْكُوفَةِ اسْمه الْحسن بن مُحَمَّد
ابْن حريبة الْقَائِد أَبُو الْمجد المغربي اسْمه مُحَمَّد بن سعيد
(حُرَيْث)
3 - (ابْن قبيصَة)(11/265)
حُرَيْث بن قبيصَة روى عَن أبي هُرَيْرَة وروى عَنهُ الْحسن الْبَصْرِيّ
3 - (الطَّائِي)
حُرَيْث بن عتّاب بن مطر بن سلسلة بن كَعْب بن عَوْف الطَّائِي شَاعِر أموي لَيْسَ بمذكور وَلَا مَشْهُور فِي الشُّعَرَاء بدويّ مقل كَانَ يهوى امْرَأَة من بني عتود يُقَال بهَا حبَّى بنت الْأسود فَخَطَبَهَا وَلم ترضه وَتَزَوَّجت غَيره من بني ثعلٍ فَطَفِقَ يهجو بني ثعل وَمن ذَلِك من الطَّوِيل
(بني ثعل أهل الْخَنَا مَا حديثكم ... لكم منطقٌ غاوٍ وَلِلنَّاسِ منطق)
(كأنكم معزىً فواصع جرّةٍ ... من العيِّ أَو طيرٌ بخفّان ينعق)
(ديافيّة قلفٌ كَأَن خطيبهم ... سَوَاء الضُّحى فِي سلحه يتمطَّق)
وَفِي حبَّى الْمَذْكُورَة يَقُول من الْبَسِيط
(هَل قَلْبك الْيَوْم عَن شنباء منصرف ... أم أَنْت مَا عِشْت محزون بهَا كلف)
(ماتذكر الدَّهر إلاّ صدَّعت كبداً ... حرّى عَلَيْهَا وأذرت أدمعاً تكف)
(يَدُوم ودّي لمن دَامَت مودّته ... فأصرف النَّفس أَحْيَانًا فتنصرف)
(يَا وَيْح كلَّ محبِّ كَيفَ أرحمه ... لأنني عارفٌ صدق الَّذِي يصف)
(لَا تأمنن بعد حبّى صلَة أبدا ... على الْخِيَانَة إِن الخائن الظّرْف)
(كأننا ريشةٌ فِي عرض بلقعةٍ ... من حَيْثُمَا واجهتها الرّيح تَنْصَرِف)
(ينسي الخليلين طول النأي بَينهمَا ... وتلتقي طرقٌ شتّى فتأتلف)
3 - (الْمَازِني)
حُرَيْث بن محفِّض الْمَازِني من بني مَازِن بن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم مخضرم لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة أشعار وَأدْركَ زمَان الْحجَّاج وسَمعه على الْمِنْبَر ينشد بعد قتال ابْن لأشعث من الطَّوِيل
(بَنو الْمجد لَا تقعد بهم أمهاتهم ... وآباؤهم آبَاء صدقٍ فأنجبوا)
فَقَامَ ليه حريثٌ وَهُوَ شيخٌ كَبِير فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير من يَقُول هَذَا فَقَالَ الحريث بن محفَّض الْمَازِني فَلَمَّا نزل دَعَاهُ وَقَالَ مَا حملك على أَن قطعت عليَّ الْخطْبَة قَالَ أَنا الحريث بن)
محفِّض فَلَمَّا أنشدت شعري أخذتني لذَلِك أريحيةٌ فخلاّه وَقبل هَذَا الْبَيْت(11/266)
(ألم تَرَ قومِي إِن دعاهم أخوهم ... أجابوا وَإِن يغْضب إِلَى السَّيْف يغضبوا)
(إِذا مَا انتموا زادوا على كل منتمٍ ... وَإِن قَدَحُوا يَوْم التناصح أثقبوا)
3 - (ابْن زيد الْخَيل)
حُرَيْث بن زيد الْخَيل الطَّائِي مخضرم صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشهد الردّة وَهُوَ الْقَائِل من الطَّوِيل
(أَلا بكرَّ النّاعي بأوس بن خالدٍ ... أخي الشَّتوة الغبراء والزَّمن الْمحل)
(فَلَا تجزعي يَا أمَّ أوسٍ فَإِنَّهُ ... تصيب المنايا كلَّ حافٍ وَذي نعل)
(وَلَوْلَا الأسى مَا عِشْت فِي النَّاس سَاعَة ... وَلَكِن إِذا مَا شِئْت أسعدني مثلى)
3 - (الألقاب)
حُرَيْث بن حسّان الشَّيْبَانِيّ الْبكْرِيّ وَهُوَ الْحَارِث بن يزِيد وَقد تقدَّم ذكره
ابْن حُرَيْث مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَالِكِي
ابْن حريق البلنسي الشَّاعِر اسْمه عَليّ بن مُحَمَّد
ابْن أَحْمد الحريري صَاحب المقامات اسْمه الْقَاسِم بن عَليّ
الحريري الشَّيْخ عَليّ بن أبي الْحسن بن مَنْصُور وَابْنه مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الحريري قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ هُوَ شمس الدّين مُحَمَّد بن عُثْمَان
الحريري الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم
(حريز)
3 - (أَبُو عون الْحَافِظ)
حريز بن عُثْمَان بن جبر الرَّحبي المشرقي الْحِمصِي الْحَافِظ(11/267)
يكنى أَبَا عون وَأَبا عُثْمَان من صغَار التَّابِعين كَانَ فِيهِ نصبٌ قَالَ أَبُو حَاتِم لَا يصحّ عِنْدِي مَا يُقَال فِي رَأْيه وَلَا أعلم بِالشَّام أثبت مِنْهُ وَقَالَ ابْن حَنْبَل ثِقَة ثِقَة قيل إِنَّه كَانَ يَقُول لَا أحبُّ من قتل لي جدَّين قَالَ جرير كَانَ حريزٌ يشْتم عليّاً على الْمِنْبَر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين صحَّ أَنه ترك ذَلِك وَجَاء عَن غير وَاحِد عَن يزِيد بن هَارُون أَنه رُؤِيَ فِي النّوم فَقَالَ غفر لي رَبِّي وعاتبني فِي روايتي عَن حريز وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ ومئة وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي جَامع الْأُصُول أخرج عَنهُ البُخَارِيّ حديثين
(أَبُو مَرْوَان البلنسي)
حزب الله بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو مَرْوَان الْأَزْدِيّ البلنسيّ أَخذ الْقرَاءَات عَن أبي عبد الله بن أبي إِسْحَاق وَكَانَ يحفظ الْكَامِل للمبرد والنوادر لأبي عَليّ القالي وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وخمسمئة
(الألقاب)
ابْن الحزقة الْحُسَيْن بن يحيى
ابْن حزم الشَّاعِر المغربي اسْمه مُحَمَّد بن يحيى
آخر هُوَ الْوَزير أَبُو الحكم عَمْرو بن مذْحج بن حزم
ابْن حزم الظَّاهِرِيّ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن سعيد
الحزين الشَّاعِر عَمْرو بن عبيد
(حزن)
3 - (المَخْزُومِي الصَّحَابِيّ)
حزن بن أبي وهب المَخْزُومِي سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(11/268)
سهلاً تكلم خَالِد بن الْوَلِيد بعقب خطبةٍ خطبهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ حزن من أَبْيَات من الطَّوِيل
(وَقَامَت رجالٌ من قريشٍ كثيرةٌ ... فَلم يَك فِي الْقَوْم الْقيام كخالد)
(ترقَّى فَلم تزلق بِهِ صدر نَعله ... وكفّ فَلم يعرض لتِلْك الولائد)
(فجَاء بهَا غرّاء كالبدر سهلة ... فسمّيتها فِي الْحسن أمَّ القلائد)
(أخالد لَا يعْدم لؤيُّ بن غالبٍ ... قيامك فِيهَا عِنْد حذف الجلامد)
(وَكنت لمخزوم بن نقطة جنَّةً ... كلا اسميك فِيهَا ماجد وَابْن ماجد)
(الألقاب)
الحزنبل الأخباري اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
ابْن الحذّاء الْقُرْطُبِيّ اسْمه مُحَمَّد بن يحيى
(حسام)
3 - (المكين)
حسام بن عزّ بن ضرغام بن مَحْمُود بن درع الْقرشِي الْمصْرِيّ المنعوت بالمكين أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ غزوليّاً جيّد الْأَدَب أَنْشدني لنَفسِهِ من قصيدة من الْكَامِل
(حَاز الْكَمَال بصورةٍ قمرية ... تجلو عَلَيْك مَشَارِق الْأَنْوَار)
(وحوى الْكَمَال بسيرة عمريّةٍ ... تتلو عَلَيْك مَنَاقِب الْأَبْرَار)
وأنشدني لنَفسِهِ يهنىء بالقدوم من الْحجاز من الْبَسِيط
(مسافرٌ سافرٌ عَن بدر واحبه ... تضيء من وَجهه الظلماء والأفق)
(قريب عهدٍ من الْبَيْت الْحَرَام غَدَتْ ... تطوى بأيدي المطايا تَحْتَهُ الطّرق)
(لماء زَمْزَم رشحٌ من معاطفه ... وَطيب طيبَة من أردانه عبق)
3 - (المحلّي)
حسام بن عزِّ بن يُونُس الْفَقِيه عماد الدّين أَبُو المناقب الْمصْرِيّ(11/269)
المحلّي الشَّافِعِي الأديب تفقّه)
على الإِمَام شهَاب الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود الطوسي وَسمع من البوصيري وَغَيره وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة وَتُوفِّي بهَا سنة تسع وَعشْرين وستمئة وَكَانَ كثير الْمَحْفُوظ حسن المحاضرة وترسَّل عَن الْعَادِل الْكَبِير إِلَى شرف الدّين مَحْمُود إِلَى بِلَاد الكرج وَمن شعره من الْخَفِيف قيل لي من تحبُّه عَبث الشّعْر بخدّيه قلت مَا ذَاك عاره جمر خديه أحرقت عنبر الْخَال فَمن ذَلِك الدُّخان عذاره نقلت من خطاب شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني الإِمَام عماد الدّين لنَفسِهِ فِي الشَّيب من الْخَفِيف لعب الشيب فِي عِذَارَيْ بالشطرنج لعباً مَا تشتهيه النُّفُوس
(ثمَّ مَا زَالَ قَائِم الدست حتّى ... غلب العاج فأنثنى الآبنوس)
(الألقبا)
حسام الْأَدَب اسْمه أَحْمد بن الْفَتْح
حسام الدّين قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ الْحسن بن أَحْمد
حسام الدّين القرمي الْحسن بن رَمَضَان
ابْن الحسام إِبْرَاهِيم بن أبي الْغَيْث
(حسَّان)
3 - (ابْن ثَابت الْأنْصَارِيّ)
حسّان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرامٍ أَبُو الْوَلِيد وَيُقَال أَبُو(11/270)
عبد الرَّحْمَن وَيُقَال أَبُو الحسام الْأنْصَارِيّ النّجَّاريّ شَاعِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد على عَمْرو بن الْحَارِث بن أبي شمرٍ وعَلى جبلة بن الْأَيْهَم وعَلى مُعَاوِيَة حِين بُويِعَ سنة أَرْبَعِينَ
قَالَ ابْن سعد بن عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة
قَالَ ابْن سعد عَاشَ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ سنة وَفِي الْإِسْلَام مثلهَا وَكَانَ قديم الْإِسْلَام وَلم يشْهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مشهداً وَكَانَ يجبَّن
قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر نعم كَانَ جهاده بِشعرِهِ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينصب لَهُ منبراً فِي الْمَسْجِد يقوم عَلَيْهِ ينافح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ذَلِك على قُرَيْش أَشد من رشق النبل وَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجب عَن رَسُول الله اللَّهمَّ أيِّده بِروح الْقُدس وَفِي رِوَايَة أهجم وهاجم جِبْرِيل مَعَك وَفِي رِوَايَة إِن روح الْقُدس مَعَك مَا هاجيتهم وَفِي رِوَايَة وَجِبْرِيل يعينك وَفِي رِوَايَة أَن الله يُؤَدِّي حسان بِروح الْقُدس مَا نافح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى كَلَام ابْن عَسَاكِر وَقَالَ صَاحب الأغاني فِيمَا يرويهِ عَن مُحَمَّد بن جرير قَالَ كَانَ حسان بن ثَابت يَوْم الخَنْدَق فِي حصن بِالْمَدِينَةِ مَعَ النِّسَاء وَالصبيان لجبنه قَالَ فمرّ رجل من الْيَهُود فَجعل يطِيف بالحصن فَقَالَت صفيّة بنت عبد الْمطلب رَحمهَا الله تَعَالَى يَا حسّان إِن هَذَا الْيَهُودِيّ كَمَا ترى(11/271)
يطِيف بالحصن وإنّي وَالله مَا آمنهُ أَن يدلَّ على عورتنا من وَرَاءَنَا من الْيَهُود وَقد شغل عَنَّا رَسُول الله وَأَصْحَابه فَانْزِل إِلَيْهِ فاقتله فَقَالَ يغْفر الله لَك يَا بنت عبد الْمطلب لقد عرفت مَا أَنا بِصَاحِب هَذَا قَالَت فَلَمَّا قَالَ لي ذَلِك وَلم تَرَ عِنْده شَيْئا اعتجرت ثمَّ أخذت عموداً ثمَّ نزلت من الْحصن فضربته بالعمود حَتَّى قتلته فَلَمَّا فرغت مِنْهُ رجعت إِلَى الْحصن وَقَالَت يَا حسان انْزِلْ إِلَيْهِ فاسلبه فَإِنَّهُ لم يَمْنعنِي من سلبه إلاّ أَنه رجل فَقَالَ مَا لي بسلبه حَاجَة يَا بنت عبد الْمطلب قَالَ ويحكى أَنه كَانَ قد ضرب وتداً فِي ذَلِك الْيَوْم فِي جَانب الأطم فَكَانَ إِذا حمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه على الْمُشْركين حمل على الوتد وضربه بِالسَّيْفِ وَإِذا حمل الْمُشْركُونَ انحاز عَن الوتد كَأَنَّهُ يُقَاتل قرنا انْتهى)
قلت وَقد رَأَيْت بَعضهم يُنكر جبنه وَاعْتذر لَهُ بِأَن قَالَ أنّه كَانَ يهاجي قُريْشًا وَيذكر مساؤئهم وَلم يبلغنَا أَن حدا عيّره بالجبن والفرار من الحروب وَقد هجا الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي بالبيتين اللَّذين تقدّما فِي تَرْجَمته وَمَا أَجَابَهُ بِمَا ينْقض عَلَيْهِ بل اعتذر عَن فراره أَو كَمَا قَالَ وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ أَن حسَّان كَانَ لسناً شجاعاً فأصابته علّة أحدثت لَهُ الْجُبْن فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يقدر بِنَظَر إِلَى قتال وَلَا يشهده قَالَ ابْن عَسَاكِر قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح دخل حسّان على عَائِشَة بَعْدَمَا عمي فَوضعت لَهُ وسَادَة فَدخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فَقَالَ أجلسته على وسَادَة وَقد قَالَ مَا قَالَ فَقَالَ أَنه تعنَّى كَانَ يُجيب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويشفي صَدره من أعدائه وَقد عمي وإنّي لأرجو أَن لَا يعذَّب فِي الْآخِرَة انْتهى
قلت أَرَادَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر مَا قَالَه حسّان فِي قصَّة الْإِفْك لِأَن الَّذين تحدثُوا فِي شَأْن عَائِشَة كَانُوا جمَاعَة عبد الله بن أبي بن سلون ومسطح بن أَثَاثَة وحسّان بن ثَابت وَحمْنَة بنت جحش وَقَوله تَعَالَى وَالَّذِي تولَّى كبره مِنْهُم لَهُ عذابٌ عَظِيم قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هُوَ حسان بن ثَابت أَو عبد الله بن أبيّ بن سلول وَتَابَ الله على الْجَمَاعَة إلاّ عبد الله السّلوليّ فَإِنَّهُ مَاتَ منافقاً وَقيل لعَائِشَة لم تأذنين لحسّان عَلَيْك وَالله يَقُول والَّذي تولَّى كبره مِنْهُم لَهُ عذابٌ عظيمٌ فَقَالَت وأيُّ عَذَاب أشدّ من الْعَمى وَلما أنْشد حسّان عَائِشَة شعره الَّذِي مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل
(حصان رزانٌ مَا تزنُّ بريبة ... وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل)
قَالَت لَهُ لكنك لست كَذَلِك وَقعد صَفْوَان بن المعطّل لحسان بِسَبَب قصَّة الْإِفْك وضربه بِالسَّيْفِ وَهَذِه الْقِصَّة مَذْكُورَة فِي مواطنها من كتب التَّفْسِير والْحَدِيث مستوفاة هُنَاكَ وَلَيْسَ هَذَا مَكَان استقصائها وَقَالَ حسان للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما طلبه بهجو قُرَيْش لأسلَّنك مِنْهُم سلّ الشعرة من الْعَجِين ولي مقول مَا أحب أنّ لي بِهِ مقول أحدٍ من الْعَرَب وإنّه ليفري مَا لَا تفريه الحربة ثمَّ أخرج لِسَانه فَضرب بِهِ أَنفه كَأَنَّهُ لِسَان شُجَاع بطرفه شامة سَوْدَاء ثمَّ ضرب بِهِ ذقنه وَقَالَ لأفرينَّهم فري(11/272)
الْأَدِيم فصبَّ على قُرَيْش مِنْهُ شابيب شرّ فَقَالَ اهجهم كَأَنَّك تنضحهم بِالنَّبلِ فهجاهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد شفيت يَا حسان وأشفيت
وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَاك حاجز بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين لَا يُحِبهُ إلاّ مُؤمن وَلَا يبغضه إلاّ مُنَافِق)
وَعَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ كَانَ يهجو النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جماعةٌ من قُرَيْش عبد الله بن الزِّبعري وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَعَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ حسّان يَا رَسُول الله ايذي لي فِي الرَّدِّ عَلَيْهِم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف وَهُوَ منّي يَعْنِي أَبَا سُفْيَان فَقَالَ وَالله لأسلنَّه مِنْك كَمَا تسلُّ الشَّعرة من الْعَجِين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا حسان فَائت أَبَا بكرٍ فَإِنَّهُ أعلم بأنساب الْقَوْم مِنْك فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ كفَّ عَن فُلَانَة وَاذْكُر فُلَانَة فَقَالَ حسّان من الوافر
(هجوت مُحَمَّدًا فأجبت عَنهُ ... وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء)
(فإنّ أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمّدٍ مِنْكُم وقاء)
(أتهجوه وَلست لَهُ بكفءٍ ... فشرُّكما لخيركما الْفِدَاء)
قلت قَالَ عُلَمَاء الْأَدَب هَذَا أنصف بَيت قالته الْعَرَب وَلما ورد وَفد تَمِيم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمفاخرة على مَا ذكر فِي تَرْجَمَة ثَابت بن قيس بن شماس وَقَامَ خطيبهم وَقَالَ مَا قَالَ وَقَامَ ثَابت بن قيس وَقَالَ مَا قَالَ قَامَ الزبْرِقَان من الْوَفْد الْمَذْكُور وَقَالَ من الْبَسِيط
(نَحن الْمُلُوك فَلَا حيٌّ يقاربنا ... منا الْمُلُوك وَفينَا يُوجد الرّبع)
(كم قد قسرنا من الْأَحْيَاء كلِّهم ... عِنْد النِّهاب وَفضل العزِّ يتَّبع)
(وننحر الكوم عبطاً فِي مَنَازلنَا ... للنازلين إِذا مَا استطعموا شَبِعُوا)
(وَنحن نطعم عِنْد الْقَحْط مَا أكلُوا ... من العبيط إِذا لم يظْهر القزع)
(ونبصر النَّاس تَأْتِينَا سراتهم ... من كل أوبٍ فنمضي ثمَّ نتَّبع)
فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حسان فجَاء فَأمره أَن يجِيبه فَقَالَ من الْبَسِيط
(إِن الذوائب من فهرٍ وإخوتهم ... قد بيَّنوا سنَّةً للنَّاس تتَّبع)
(يرضى بهم كلُّ من دَانَتْ سَرِيرَته ... تقوى الْإِلَه وبالأمر الَّذِي شرعوا)
(قومٌ إِذا حَاربُوا ضرّوا عدوَّهم ... أَو حاولوا النَّفع فِي أشياعهم نفعوا)
(إِن كَانَ فِي النّاس سبّاقون بعدهمْ ... فكلُّ سبقٍ لأدنى سبقهمْ تبع)
(سجيَّة تِلْكَ مِنْهُم غير محدثةٍ ... إِن الْخَلَائق يَوْمًا شرُّها الْبدع)(11/273)
(لَا يرقع النَّاس مَا أوهت ألفَّهم ... عِنْد الدِّفاع وَلَا يوهون مَا رتعوا)
(أعفَّةٌ ذكرت فِي الْوَحْي عفَّتهم ... لَا يطمعون وَلَا يزرى لَهُم طمع)
)
(وَلَا يضنّون عَن جارٍ بفضلهم ... وَلَا يمسُّهم من مطمع طبع)
(يسمون للحرب تبدو وَهِي كالحةٌ ... إِذا الزَّعانف فِي أظفارها خشعوا)
(لَا يفرحون إِذا نالوا عدوَّهم ... وَإِن أصيبوا فَلَا خورٌ وَلَا جزع)
(كَأَنَّهُمْ فِي الوغى وَالْمَوْت مكتنعٌ ... أسود بيشة فِي أرساغها قدع)
(خُذ مِنْهُم مَا أَتَوا عفوا وَإِن غضبوا ... فَلَا يكن همُّك الأمرالذي منعُوا)
(فإنّ فِي حربهم فاترك عداوتهم ... سمّاً يخاض عَلَيْهِ الصّاب والسَّلع)
(أكْرم بقومٍ رَسُول الله قائدهم ... إِذا تفرّقت الْأَهْوَاء والشِّيع)
(أهْدى لَهُم مدحي قلبٌ يؤازره ... فِيمَا أَرَادَ لسانٌ حائكٌ صنع)
(إِنَّهُم أفضل الْأَحْيَاء كلِّهم ... إِن جدَّ بالبأس جدّ القَوْل أَو سمعُوا)
(أَتَيْنَاك كَيْمَا يعلم النسا فضلنَا ... إِذا اجْتَمعُوا وَقت احتضار المواسم)
(بأنّا فروع النَّاس فِي كلِّ موطنٍ ... وَأَن لَيْسَ فِي ارْض الْحجاز كدارم)
فَقَامَ حسّان فَقَالَ من الطَّوِيل
(منعنَا رَسُول الله من غضب لَهُ ... على أنف راضٍ من معدٍّ وراغم)
(هَل الْمجد إلاّ السؤدد الْفَرد والندى ... وجار الْمُلُوك وَاحْتِمَال العظائم)
فَقَالَ الْأَقْرَع بن حَابِس وَالله إِن هَذَا الرجل لمؤتَّى لَهُ وَالله لشاعره أشعر من شَاعِرنَا ولخطيبه أمهر من خَطِيبنَا وأصواتهم أرفع من أصواتنا أَعْطِنِي يَا مُحَمَّد فَأعْطَاهُ فَقَالَ زِدْنِي فزاده فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّه سيّد الْعَرَب فَنزلت فيهم إنَّ الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات ثمَّ إِن الْقَوْم أَسْلمُوا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فضل حسان الشُّعَرَاء بِثَلَاث كَانَ شَاعِر الْأَنْصَار فِي الْجَاهِلِيَّة وشاعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْإِسْلَام وشاعر الْيمن كلهَا وَكَانَ أشعر أهل المدن وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام سنة أَربع وَخمسين وَتُوفِّي حَكِيم بن حزامٍ وَحُوَيْطِب بن عبد العزَّى وَسَعِيد بن يَرْبُوع المَخْزُومِي وحسَّان بن ثابتٍ قَالَ وَيُقَال إِن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة مَاتُوا وَقد بلغ كل وَاحِد مِنْهُم عشْرين وَمِائَة سنة وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بلغنَا أَن حسّاناً وأباه وجدّه وجدّ أَبِيه عَاشَ كل مِنْهُم مئة وَعشْرين سنة(11/274)
وَمن شعر حسّان رَضِي الله عَنهُ من الْكَامِل
(أسألت رسم الدَّار أم لم تسْأَل ... بَين الجوابي فالبضيع فحومل)
)
(فالمرج مرج الصفَّرين فجاسمٍ ... فديار لسمى درَّساً لم تحلل)
(أقرى فعطَّل مِنْهُم فَكَأَنَّهُ ... بعد البلى أَي الْكتاب الْمنزل)
(دمنٌ تعفَّتها الرِّيَاح دوارسٌ ... والمدجنات من السِّماك الأعزل)
(فالعين عانيةٌ تفيض دموعها ... لمنازلٍ درست وَإِن لم تؤهل)
(دارٌ لقومٍ قد أَرَاهُم مرّة ... فَوق الأعزّة عزُّهم لم ينْقل)
(لله در عِصَابَة نادمتهم ... يَوْمًا بجلق فِي الزَّمَان الأول)
(أَوْلَاد جَفْنَة حول قبر أَبِيهِم ... قبر ابْن مَارِيَة الْكَرِيم الْمفضل)
(يسقون منورد البريض عَلَيْهِم ... بردى يصفَّق بالرَّحيق السَّلسل)
(يسقون درياق المدام وَلم تكن ... تدعى ولائدهم لنقف الحنظل)
(يغشون حَتَّى مَا تهرّ قلابهم ... لَا يسْأَلُون عَن السوَاد الْمقبل)
(بيض الْوُجُوه كريمةٌ أحسابهم ... شمُّ الأنوف من الطّراز الأول)
(يَمْشُونَ لي الْحلق المضاعف نسجه ... مشي الْجمال إِلَى الْجمال البزَّل)
(والخالطون فقيرهم بغنيَّهم ... والمنعمون على الضَّعِيف المرمل)
(فَلَبثت أزماناً طوَالًا فيهم ... ثمَّ ادَّكرت كأنني لم أفعل)
(إِمَّا تري رَأْسِي تغيَّر لَونه ... شُمْطًا فاصبح كالثَّنام المخمل)
(فَلَقَد يراني الموعدي وكأنّني ... فِي قصر دومة أَو سَواد الهيكل)
(وَلَقَد شربت الْخمر فِي حانوتها ... صهباء صَافِيَة كطعم الفلفل)
(باكرت لذَّتها وَمَا ماطلتها ... بزجاجةٍ من خمر كرمٍ أهدل)
(يسْعَى عليَّ بكأسها متمنطقٌ ... فيعلُّني مِنْهَا وَإِن لم أنهل)
(إِن الَّتِي ناولتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل)
(كلتاهما حلب الْعصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل)
(بزجاجة رقصت بِمَا فِي دنِّها ... رقص القلوص براكبٍ مستعجل)
(نسي أصيلٌ فِي الْكِرَام ومذودي ... يكوي مناسمه جنوب المصطلي)
(وفتى يحب الْحَمد يَجْعَل مَاله ... من دون وَالِده وَإِن لم يسْأَل)
(وَلَقَد تقلّدني الْعَشِيرَة أمرهَا ... فأطيق حمل المعضلات واعتلي)
)
(ويسود سيدنَا جحاجح سادةً ... ويصيب قائلنا سَوَاء الْمفصل)(11/275)
(وتزور أَبْوَاب الْمُلُوك رِكَابنَا ... وَمَتى نحكَّم فِي الْبَريَّة نعدل)
قَول حسّان أَن الَّتِي ناولتني فرددتها الْبَيْتَيْنِ حدّث أَبُو ظبْيَان الحمّاني قَالَ اجْتمع قوم على شراب لَهُم فغنّاهم مغنٍ بقول حسّان إِن الَّتِي ناولتني فرددتها الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ بَعضهم امْرَأَتي طَالِق إِن لم أسَال اللَّيْلَة عبيد الله بن الْحسن القَاضِي عَن عِلّة هَذَا الشّعْر لم قَالَ إِن الَّتِي فوحّد ثمَّ قَالَ كلتاهما مثنّى فأشفقوا على صَاحبهمْ وَتركُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ ومضوا يتخطَّون الْقَبَائِل حَتَّى انْتَهوا إِلَى بني شَعْرَة وَعبيد الله بن الْحسن يُصَلِّي فَلَمَّا فرغ من صلَاته قَالُوا قد جئْنَاك فِي أَمر دعت إِلَيْهِ ضَرُورَة وشرحوا لَهُ أَمرهم وسألوه عَن الْجَواب فَقَالَ إِن الَّتِي ناولتني عني بهَا الْخمر الممزوجة بِالْمَاءِ ثمَّ قَالَ من بعد كلتاهما حلب الْعصير يُرِيد الْخمر المتحلبة من الْعِنَب وَالْمَاء المتحلّب من السّحاب كنى عَنهُ بالمعصرات فِي قَوْله تَعَالَى وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجاً قَالَ الحريري صَاحب المقامات وَقد بَقِي فِي الشعرما يحْتَاج إِلَى كشف سرّه أمّا قَوْله إِن الَّتِي ناولتني فرددتها قتلت فَإِنَّهُ خَاطب بهَا السّاقي الَّذِي كَانَ نَاوَلَهُ كأساً ممزوجة لِأَنَّهُ يُقَال قتلت الْخمر إِذا مزجتها فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يُعلمهُ أَنه فطن لذَلِك ثمَّ مَا قنع حَتَّى دَعَا بِالْقَتْلِ فِي مُقَابلَة المزج وَقد أحسن كل الْإِحْسَان فِي تجنيس اللَّفْظ ثمَّ إِنَّه عقّب الدُّعَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ استعطى مَا لم يقتل يَعْنِي الصِّرف الَّتِي لم تمزج وَقَوله أرخاهما للمفصل يَعْنِي بِهِ اللِّسَان وسمّي مفصلا بِكَسْر الْمِيم لِأَنَّهُ يفصل بَين الْحق وَالْبَاطِل وَقَالَ النَّقِيب ابْن الشجري وَهَذَا التَّأْوِيل يمْنَع مِنْهُ ثَلَاثَة وُجُوه أَحدهَا أَنه قَالَ كلتاهما حلب الْعصير وكلتا مَوْضُوعَة لمؤنثين وَالْمَاء مُذَكّر والتذكير أبدا يغلب على التَّأْنِيث كتغليب الْقَمَر على الشَّمْس فِي قَول الفرزدق لنا قمراها والنجوم الطّوالع وَلَيْسَ للْمَاء اسْم آخر مؤنَّث فَيحمل على الْمَعْنى كَمَا قَالُوا أَتَتْهُ كتابي فاحتقرها لِأَن الْكتاب فِي معنى الصَّحِيفَة وكما قَالَ الشَّاعِر من السَّرِيع
(قَامَت تبكِّيه على قَبره ... من لي من بعْدك يَا عَامر)
(تَرَكتنِي فِي الدَّار ذَا غربةٍ ... قد ذلَّ من لَيْسَ لَهُ نَاصِر)
وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول ذَات غربَة وَإِنَّمَا ذكّر لِأَن الْمَرْأَة إِنْسَان فَحمل على الْمَعْنى
وَالثَّانِي أَنه قَالَ أرخاهما للمفصل وأفعل هَذَا مَوْضُوع للمشتركين فِي معنى وَأَحَدهمَا يزِيد)
على الآخر فِي الْوَصْف بِهِ كَقَوْلِك زيدٌ أفضل الرجلَيْن فزيد وَالرجل المضموم إِلَيْهِ مشتركان فِي الْفضل إلاّ أَن فضل زيد يزِيد على فضل المقرون بِهِ وَالْمَاء لَا يُشَارك الْخمر فِي إرخاء الْمفصل
وَالثَّالِث قَوْله فالخمر عصير الْعِنَب وَقَول حسَّان حلب الْعصير يمْنَع من هَذَا لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْعصير الْخمر والحلب هُوَ الْخمر فقد أضيفت الْخمْرَة إِلَى نَفسهَا وَالشَّيْء لَا يُضَاف إِلَى نَفسه والصّواب أَنه أَرَادَ كلتا الخمرتين الصِّرف والممزوجة(11/276)
حلب الْعِنَب فناولني اشدّهما إرخاءً للمفصل
3 - (السّلمِيّ)
حسّان بن جَابر وَيُقَال ابْن أبي جَابر السّلمي شهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّائِف وَرُوِيَ عَنهُ حديثٌ واحدٌ باسناد مَجْهُول من وَرَايَة بَقِيَّة بن الْوَلِيد
3 - (الْبكْرِيّ الذهلي)
حسان بن حوطٍ الْبكْرِيّ ثمَّ الذهلي كَانَ شريفاً فِي قومه وَكَانَ وَافد بكر بن وَائِل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله بنُون جمَاعَة مِنْهُم الْحَارِث وبشرز شهد الْجمل مَعَ عليّ رَضِي الله عَنهُ وَبشر هُوَ الْقَائِل يَوْمئِذٍ من الرجز
(أَنا ابْن حسان بن حوطٍ وَأبي ... رَسُول بكر كلهَا إِلَى النبيّ)
3 - (النَّابِغَة الْجَعْدِي)
حسان بن قيس بن عبد الله وَقيل حيّان وَقيل قيس وَقيل غير ذَلِك هُوَ النَّابِغَة الْجَعْدِي الصَّحَابِيّ الشَّاعِر يَأْتِي ذكره مُسْتَوفى إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ أوّل حرف النُّون
3 - (ابْن مَالك)
حسّان بن مَالك بن بَحْدَل هُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْر الْبيعَة لمروان توفّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَمِير الْمغرب)(11/277)
حسّان بن النُّعْمَان أَمِير الْمغرب كَانَ شجاعاً بطلاً غزّاءً توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن بِلَال المزنّي)
حسّان بن بِلَال الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ روى عَن عمار بن يَاسر وَحَكِيم بن حزَام وَغَيرهمَا وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود المئة لِلْهِجْرَةِ)
3 - (أَبُو الْوَلِيد الشَّافِعِي)
حسان بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هَارُون بن حسّان بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَنْبَسَة بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس أَبُو الْوَلِيد الْفَقِيه الشَّافِعِي قَالَ فِيهِ الْحَاكِم إِمَام أهل الحَدِيث بخراسان وأزهد من رَأَيْت من الْعلمَاء وأعبدهم درس على ابْن سُرَيج وَسمع خلقا وَهُوَ صَاحب وجهٍ وَمن غَرَائِبه أَن الْمُصَلِّي إِذا كرّر الْفَاتِحَة مرَّتَيْنِ بطلت صلَاته وَهُوَ خلاف نَص
الشَّافِعِي حَكَاهُ أَبُو حامدٍ الأسفراييني فِي تعليقته عَن الْقَدِيم وَمِنْهَا الْحجامَة تفطر الحاجم والمحجوم وادّعى أَنه الْمَذْهَب لصِحَّة الحَدِيث وَذَلِكَ غلط لِأَن الشَّافِعِي قَالَ الحَدِيث مَنْسُوخ
وصنّف المخرَّج على الْمَذْهَب للشَّافِعِيّ والمخرّج على صَحِيح مُسلم وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمئة
3 - (أَبُو عَليّ الاستجيّ)
حسان بن عبد الله بن حسّان أَبُو عَليّ الأندلسي من أهل أستجَّة كَانَ نبيلاً فِي الْفِقْه معتنياً بِالْحَدِيثِ متصرّفاً فِي اللُّغَة والآداب وَلم يكن بأستجَّة مثله روى عَن عبيد الله بن يحيى والأعناقي وَعبد الله بن الْوَلِيد وجماعةٍ وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وثلاثمئة
3 - (الْوَزير أَبُو عَبدة)
حسان بن مَالك بن أبي عُبَيْدَة أَبُو عَبدة الْقُرْطُبِيّ الْوَزير كَانَ من(11/278)
أَئِمَّة اللُّغَة وَالْأَدب وَمن بَيت جلالةٍ ووزارة وَمَات عَن سنٍّ عالية سنة سِتّ عشرَة وأربعمئة دخل يَوْمًا على الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَبَين يَدَيْهِ كتاب أبي السَّري سهل بن أبي غَالب الَّذِي ألّف فِي أَيَّام الرشيد وَسَماهُ كتاب ربيعَة وَعقيل وَهُوَ من أحسن مَا ألّف فِي هَذَا الْمَعْنى وَفِيه من أشعاره ثلاثمئة بَيت فَوجدَ الْمَنْصُور مُتَعَجِّبا بِالْكتاب فَخرج من عِنْده وَعمل مثله كتابا وَفرغ مِنْهُ تأليفاً ونسخاً وَجَاء بِهِ فِي مثل ذَلِك الْيَوْم من الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَأرَاهُ إِيَّاه فسرَّ بِهِ وَوَصله بجملة وَكتب إِلَى المستظهر عبد الرَّحْمَن بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر أَيَّام الْفِتْنَة وَكَانَ وزيره من الطَّوِيل
(إِذا غبت لم أحضر وَإِن جِئْت لم أسل ... فسيّان مني مشهدٌ ومغيب)
(فَأَصْبَحت تيميّاً وَمَا كنت قبلهَا ... لتيمٍ ولكنّ الشبية نسيب)
أَشَارَ فِي ذَلِك إِلَى قَول الشَّاعِر من الوافر)
(وَيقْضى الْأَمر حَيْثُ تغيب تيمٌ ... وَلَا يستأذنون وهم شُهُود)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(سقى بَلْدَة أَهلِي بهَا وأقاربي ... غوادٍ بأثقال الحيا وروائح)
(وهبّت عَلَيْهِم بالعشيّ وبالضحى ... نواسم بردٍ والظلال فوائح)
(ذكرتهم والنأي قد حَال بَينهم ... وَلم أنس لَكِن أوقد الْقلب لافح)
أَبُو عَليّ المنيعيّ حسان بن سعيد أَبُو عليّ المنيعي المرُّوذي قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين بلغنَا أَنه من ذُرِّيَّة خَالِد بن الْوَلِيد سمع وحدَّث وَبنى الْمَسَاجِد والرُّبط وجامع مرو الرُّوذ وَكَانَ فِيهِ خيرٌ كثيرٌ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وأربعمئة
3 - (أَبُو عَليّ الْجُهَنِيّ الطَّبِيب)
حسّان بن أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن حسان بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْفَقِيه أَبُو عَليّ الْجُهَنِيّ الْمَهْدَوِيّ المغربي ثمَّ الاسكندراني الْمَالِكِي الطَّبِيب حدّث عَن السِّلفي وَقَرَأَ الْأُصُول والطبّ وبرع فِي ذَلِك وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ(11/279)
وستمئة
3 - (ابْن عطيه الدِّمَشْقِي)
حسان بن عطيه الدِّمَشْقِي أحد أَئِمَّة الشاميين روى عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ وَسَعِيد بن المسيِّب وَأبي كَبْشَة السَّلولي وَأبي الاشعث الصَّنعاني وَمُحَمّد بن أبي عَائِشَة وَكَانَ من أهل بيروت
وثَّقه ابْن معِين وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والمئة
3 - (قَاضِي كرمان)
حسان بن إِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي الْفَقِيه أَبُو هِشَام قَاضِي كرمان روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ الوَاسِطِيّ)
حسان بن عبد الله الوَاسِطِيّ أَبُو عَليّ الْكِنْدِيّ نزيل مصر روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى النَّسائي وَابْن ماجة عَنهُ بِوَاسِطَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين ومئتين
3 - (الْأَمِير عماد الدولة)
)
حسان بن رَابِع بن مقبل بن بدران بن مقلدٍ أَبُو سُلْطَان الْأَمِير عماد الدولة بن يَمِين الدولة بن تَاج الدولة هُوَ من جملَة أُمَرَاء عرب الْبَادِيَة المتصلين بِولَايَة الْعرَاق كتب عَنهُ أَبُو الْفضل أَحْمد بن الخازن أورد لَهُ ابْن الخازن من المتقارب(11/280)
(وغيدٍ أوانس مثل البدور ... فِي وَحْشَة اللَّيْل آنسنني)
(فَلَمَّا تبلّج ضوء الصَّباح ... سكنَّ الْفُؤَاد وفارقنني)
3 - (اليمني الْكِنْدِيّ)
حسان بن عبد الله بن عَليّ اليمني الْكِنْدِيّ الشَّاعِر من أهل الْبَادِيَة سكن بَغْدَاد وروى بهَا شَيْئا من شعره وَذكره السِّلفيّ فِي مُعْجم شُيُوخه وَقَالَ شيخ صَالح وَأورد لَهُ من الْبَسِيط
(عينٌ لهنَّ عيونٌ طالما فتكت ... بِنَا وقين من الْآفَات والرَّمد)
(من كلِّ من وقفت للشمس فانكسفت ... فِيمَا تقَابلهَا كسفاً من الْحَسَد)
(يغنين مَا عشن عَن شمسٍ وَعَن قمرٍ ... ويبتسمن كَمَا يضحكن عَن برد)
3 - (عرقلة الدِّمَشْقِي)
حسان بن نمير بن عجلٍ أَبُو النَّدى الْكَلْبِيّ الدِّمَشْقِي الشَّاعِر النديم الخليع المطبوع الْمَعْرُوف بعرقلة كَانَ وعده السُّلْطَان صَلَاح الدّين إِن أَخذ الديار المصرية أَن يُعْطِيهِ ألف دِينَار فَلَمَّا أَخذهَا قَالَ من الْبَسِيط
(قل للصلاح معيني عِنْد إقتاري ... يَا الفل مولَايَ أَيْن الْألف دِينَار)
(أخْشَى من الْأسر إِن حاولت أَرْضكُم ... وَمَا تفي جنَّة الفردوس بالنَّار)
(فجد بهَا عاضديَّات موفرةً ... من بعد مَا خلَّف الطاغي أَخُو الْعَار)
(حمراً كأسيافكم غرَّاً كخيلكم ... عتقا ثقالاً كأعدائي وأطماري)
فَأعْطَاهُ ألفا وَأخذ لَهُ من إخْوَته مثلهَا فَجَاءَهُ الْمَوْت فَجْأَة وَلم ينْتَفع بفجعة الْغِنَا وَكَانَت وَفَاته سنة سبعٍ وَسِتِّينَ وخمسمئة وَكَانَ أَعور وَمن شعره من الْبَسِيط
(أمّا دمشق فجناتٌ مزخرفةٌ ... للطالبين بهَا الْولدَان والحور)
(مَا صَاح فِيهَا على أوتاره قمرٌ ... إلاّ وغنَّاه قمريٌّ وشحرور)
(يَا حبّذا ودروع المَاء ينسجها ... أنامل الرّيح إلاّ أَنَّهَا زور)
وَمِنْه من الطَّوِيل)
(ترى عِنْد من أحببته لَا عدمته ... من السُّوق مَا عِنْدِي وَمَا أَنا صانعُ)
(جميعي إِذا حدَّثْتُ عَن ذَاك أعينٌ ... وكلّي إِذا نوجيت عَنهُ مسامح)
وَمِنْه وَقد تولّى صَلَاح الدّين شحنكيَّة دمشق لنُور الدّين الشَّهِيد من المتقارب
(رويدكم يَا لصوص الشَّام ... فَإِنِّي لكم ناصحٌ فِي الْمقَال)(11/281)
أَتَاكُم سميُّ النَّبِي الْكَرِيم يُوسُف رب الحجى وَالْجمال
(فَذَاك يقطّع أَيدي النسا ... وَهَذَا يقطّع أَيدي الرِّجَال)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(عِنْدِي إِلَيْكُم من الأشواق والبرحا ... مَا صيَّر الْجِسْم من بعد الضنى شبحا)
(أحبابنا لَا تظنّوا بِي سلوَّكم ... الْحَال مَا حَال والتبريح مَا برحا)
(لَو كَانَ يسبح صبُّ فِي مدامعه ... لَكُنْت ول من فِي دمعه سبحا)
(أَو كنت أعلم أَن الْبَين يقتلني ... مَا بنت عَنْكُم وَلَكِن فَاتَ مَا ذبحا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(يَا ليل طرَّته وصبح جَبينه ... أنصرتماه وأنتما أضداد)
(بل يَا سنا برق الْجمال بثغره ... كَيفَ انخدعت فأحدقت بك صَاد)
أمبلبلي بفتون فَتْرَة طرفه النبال حسبي خدَّك الزرَّاد وَكَانَ العرقلة أَعور وَكَانَ يجلس على حَانُوت خياط بِدِمَشْق يعرف بِأبي الْحُسَيْن الْأَعْرَج وَكَانَ لَهُ طبعٌ فِي قَول الشّعْر فَقَالَ لَهُ العرقلة يَوْمًا يداعبه من الوافر
(أَلا قل للربيع أبي الْحُسَيْن ... أَرَانِي الله عَيْنك مثل عَيْني)
فَقَالَ الْأَعْرَج مجاوباً لَهُ من الوافر
(أَلا قل لِابْنِ كلب لَا ابْن عجل ... أَرَانِي الله رجلك مثل رجْلي)
فَخَجِلَ العرقلة وَانْصَرف عَنهُ وَقَالَ يُشِير إِلَى عوره من الْبَسِيط
(أَقُول وَالْقلب فِي همٍّ وتعذيب ... يَا كل يُوسُف أرْحم نصف يَعْقُوب)
وَقَالَ فِي مَحْبُوب لَهُ أَحول من المنسرح
(يَا لائمي هَل رَأَيْت أعجب من ... ذِي عورٍ هائم بِذِي حول)
(أقلُّ فِي عينه وَيكثر فِي ... عَيْني بضدِّ الْقيَاس والمثل)
)
(مَا آفتي غير ورد وجنته ... والورد لَا شكّ آفَة الْجعل)
(مهفهفٌ كالقضيب معتدل ... وَحكمه فيَّ غير معتدل)
قد ذقت مِنْهُ هجراً أمرَّ من الصّبر ووصلاً أحلى من الْعَسَل وَكَانَ قد سَافر إِلَى حلب فاتفق لَهُ أَن ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ بهَا فَقَالَ من الطَّوِيل
(جفاني صديقي حِين أَصبَحت معدما ... وأخَّرني دهري وَكنت مقدّما)
(وسافرت جهلا فانعورت وَإِن أعد ... إِلَى سفرةٍ أُخْرَى قدمت على الْعَمى)
(وَكم من طيب قَالَ تبرا أَجَبْته ... كذبت وَلَو كنت الْمَسِيح بن مريما)(11/282)
وَقَالَ وَقد جهَّز إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين عشْرين دِينَارا من السَّرِيع
(يَا ملكا مَا بَرحت كفُّه ... تجود بِالْمَالِ على كفّي)
(أَفْلح بالعشرين من لم يزل ... فِي رَأس عشْرين من الْكَهْف)
(يَا ألف مولَايَ وَلكنهَا ... محسوبةٌ من جملَة الْألف)
وَمن شعر عرقلة من الْكَامِل
(كتم الْهوى فوشت عَلَيْهِ دُمُوعه ... من حرِّ جمرٍ تحتويه ضلوعه)
(صبٌ تشغل بِالربيعِ وزهره ... قومٌ وَفِي وَجه الحبيب رَبِيعه)
(يَا لائمي فِي من تمنَّع وَصله ... عَن بغيتي حلى الْهوى ممنوعه)
(كَيفَ التخلُّص أَن تجنّى أَو جنى ... وَالْحسن شيءٌ مَا يردُّ شفيعه)
(شمسٌ وَلَكِن فِي فُؤَادِي حرُّها ... بدرٌ وَلَكِن فِي القباء طلوعه)
(قَالَ العوازل مَا الَّذِي استحسنته ... فِيهِ وَمَا يسبيك قلت جَمِيعه)
وَمِنْه فِي الخريف من الْكَامِل
(خرف الخريف وَأَنت فِي شغلٍ ... عَن بهجة الْأَيَّام والحقب)
(وراقه صفرٌ وقهوتنا ... صفراء مثل الشَّمْس فِي لَهب)
(يَأْتِي بهَا غَيْرِي وأشربها ... ذَهَبا على ذهبٍ بِلَا ذهب)
وَقَالَ فِي أبي الْوَحْش ابْن غيلَان من مخلع الْبَسِيط
(يَا من إِذا جِئْته سؤولاً ... وَلست بالسَّائل اللَّجوج)
(حرَّك لي موعداً بمطلٍ ... حادي عشرٍ من البروج)
)
وَقَالَ يهجو من المتقارب
(صِفَات القويضي فَتى مشرقٌ ... يحار لَهَا الْعَالم الرَّاسخ)
(ذكيٌّ ولكنَّه لاذنٌ ... أصيلٌ وَلكنه كامخ)
وَقَالَ من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ قد أرخصت شعرك فِي الورى ... فَقلت لَهُم إِذْ مَاتَ أهل المكارم)
(أجازى الشّعْر الشّعير وانه ... كثيرٌ إِذا خلَّصته من بهائم)
وَقَالَ فِي نَاصِر الدّين وَفتح الدّين ابْني شيركوه من السَّرِيع
(لله شبلا أسدٍ خادرٍ ... مَا فيهمَا جبنٌ وَلَا شحُّ)(11/283)
(مَا أَقبلَا إلاّ وَقَالَ الورى ... قد جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح)
3 - (الجبيبيُّ)
حسّان بن مُحَمَّد الجبيبي بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الأولى الموحَّدة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْبَاء الثَّانِيَة الإشبيلي أَبُو جَعْفَر أَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حيّان قَالَ رَأَيْته بغرناطة وَله معرفَة باللغة وَالْأَدب فِي كنف السُّلْطَان الْغَالِب بِاللَّه أبي عبد الله بن الْأَحْمَر ملك الأندلس وقفت لَهُ على قصيدته بِخَطِّهِ وَكَانَ حسن الْخط مِنْهَا من الوافر
(هم الْأَنْصَار مَا حلّوا حزاما ... بنصرته وَلَا تنزعوا لجاما)
(هُوَ النبع الصَّرِيح بِغَيْر ريبٍ ... إِذا مَا كَانَ غَيرهم الثُّماما)
مِنْهَا
(لقد أبكيت عين الْكفْر لما ... رَأَيْت بثغر ملَّتك ابتساما)
(وزهرة ملكهَا أَصبَحت حَقًا ... وَلَيْسَ سوى عزائمك الكماما)
(وَمَا اتَّكلت علاك على قديم ... وَإِن كَانُوا من الْمجد القدامى)
(وَلَكِن قُمْت معتصماً بنفسٍ ... علت حَتَّى غَدَوْت بهَا عصاما)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(وَذي خطلٍ فِي نصحه لَا أجيزه ... يعاتبني فِي أَن أطلت مقَامي)
(يقيّدني فِي أَرض أندلس الَّتِي ... قصرت عَلَيْهَا صبوتي وغرامي)
(فَقلت لَهُ إِن الْبِلَاد بربّها ... لَهَا عِنْد أهل الرَّعْي خير دمام)
)
(إِلَيْك فصرفي دون أيسر بعضه ... إِزَالَة ركني يذبل وشمام)
قلت شعرٌ مقبولٌ خالٍ من الغوص
(حسانة المزنية)
حسّانة المزنيَّة كَانَ اسْمهَا جثامة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل أَنْت حسَّانة وَكَانَت صديقَة خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت عَائِشَة جَاءَت عجوزٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا من أَنْت قَالَت أَنا جثامة المزنيّة فَقَالَ بل أَنْت حسّانة كَيفَ حالكم كَيفَ أَنْتُم بَعدنَا قَالَت بِخَير بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله فَلَمَّا خرجت قلت من هَذِه الْعَجُوز تقبل عَلَيْهَا هَذَا الإقبال قَالَ إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا أَيَّام خَدِيجَة وإنَّ حسن الْعَهْد من الْإِيمَان وَقد رُوِيَ هَذَا فِي حق(11/284)
حولاء بنت تويت وَالأَصَح أَنه فِي حق حسّانة هَذِه وَسَيَأْتِي ذكرهَا فِي مَكَانَهُ
(الصَّحَابِيّ)
حسل بن خَارِجَة الْأَشْجَعِيّ وَيُقَال حسيل مصغَّراً وَقيل حَنْبَل بالنُّون وَالْيَاء والموحّدة اسْلَمْ يَوْم خَيْبَر وَشهد فتحهَا وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعْطى الْفَارِس يَوْمئِذٍ ثَلَاثَة أسهمٍ سَهْمَان لفرسه وسهمٌ لَهُ وأسهم للرّاجل سَهْما وَاحِدًا
(الْحسن)
3 - (ابْن زولاق)
الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن زولاق أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ اللّيثي من أَعْيَان عُلَمَاء أهل مصر ووجوهها وَله عدَّة تصانيف فِي تواريخ مصر توفّي يَوْم الْأَرْبَعَاء لخمسٍ بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وثلاثمئة فِي أَيَّام الْعَزِيز وَقيل مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ فِي أَيَّام الْحَاكِم وَمن تصانيفه سيرة مُحَمَّد بن طغج الأخشيذ كتاب سرة جَوْهَر كتاب سيرة المادرانين التَّارِيخ الْكَبِير على السّنين كتاب فَضَائِل مصر كتاب سيرة كافور كتاب سيرة الْمعز كتاب سيرة الْعَزِيز وَغَيره وَكَانَ قد سمع الحَدِيث وَرَوَاهُ فَسمع مِنْهُ عبد الله بن وهبان بن أَيُّوب بن صَدَقَة وَغَيره وَلم يؤرّخه ابْن عَسَاكِر وَقد رَحل إِلَى دمشق بعد الثَّلَاثِينَ ومولده سنة سِتّ وثلاثمئة
3 - (القَاضِي أَبُو عَليّ بن برهون الشَّافِعِي)
الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن برهون أَبُو عَليّ الفارقي الْفَقِيه الشَّافِعِي العلاّمة تفقه بميَّا فارقين على أبي عبد الله مُحَمَّد بن بيانٍ الكازروني تلميذ الْمحَامِلِي ثمَّ إِنَّه رَحل إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَحفظ الْمُهَذّب وتفقَّه على ابْن الصّباغ وَحفظ الشَّامِل وَهُوَ زاهد ورع وتولّى الْقَضَاء بواسط بعد أبي تغلب فَظهر من عدله وَحسن سيرته مَا زَاد على الظّن بِهِ وَسمع من الْخَطِيب أبي بكر وَمن طبقته وَله كتاب الْفَوَائِد على المهذّب وَعنهُ(11/285)
أَخذ القَاضِي أَبُو سعد عبد الله بن أبي عصرون وَكَانَ يلازم الدَّرْس من الشَّامِل إِلَى أَن توفّي بواسط سنة ثَمَان وَعشْرين وخمسمئة ومولده بميَّا فارقين سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وأربعمئة
3 - (فَخر الكتَّاب الْكَاتِب)
الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ فَخر الْكتاب الجوينيّ المجوِّد كَانَ أوحد زَمَانه فِي براعة الْخط كتب عَلَيْهِ خلق بِبَغْدَاد وخطه يتغالى فِيهِ بِالثّمن الوافر مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وخمسمئة
3 - (أَبُو عَليّ المالقي)
الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مفرَّج بن الْغَيْث بن تَقِيّ أَبُو عَليّ الجذامي من أهل مالقة
خرج من بِلَاده وَسمع بالاسكندرية من أبي الْحسن عَليّ الْأنمَاطِي وَغَيره وسافر إِلَى مَكَّة وَأقَام بهَا وَسمع الحَدِيث ثمَّ قدم بَغْدَاد وَسمع من شيوخها وروى بهَا شَيْئا من شعره وَخرج إِلَى الْعرَاق وَسمع بأصبهان وَدخل خُرَاسَان ونيسابور وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي سنة خمس وَعشْرين)
وخمسمئة وَكَانَ حَافِظًا للْحَدِيث قيّماً باللغة والنحو محققاً لما يَقُوله ضابطاً صَدُوقًا ورعاً ديّناً وقوراً سَاكِنا على قانون السَّلف وَمن شعره من الْبَسِيط
(الغرب يعرف أَنِّي كنت سيّده ... شيخ الشُّيُوخ لعمري كنت محتلما)
(لكنما شرف الْإِنْسَان بلدته ... لَا يعرف الْأَمر إلاّ من مَشى قدما)
(لَا تبخلنَّ فَمَا الدُّنْيَا بباقية ... ركن الْبَخِيل إِذا مَا مَاتَ قد هدما)
(وَصَاحب الْجُود لَا تفنى محامده ... تبلى العطايا وَلَا يبلي الندى الكرما)
قلت شعر نَازل
3 - (أَبُو مُحَمَّد التنوخي الْحلَبِي)
الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن أَبُو مُحَمَّد التنوخي الحلبيُّ الشَّاعِر روى عَنهُ أهل بَغْدَاد وَكَانَ أَقَامَ بهَا بعد الْخَمْسمِائَةِ وَمن شعره من المجتث
(يَا من كساني سقاماً ... وجسمه مِنْهُ عَار)
(رضيت لَو كنت ترْضى ... فِيهِ بذلّي وعاري)
وَمِنْه من الطَّوِيل(11/286)
(إِذا طيف بالثور السّمين وفوقه ... ثيابٌ وأجراصٌ وقطنٌ مزعفر)
(فَلَا شكّ أَن الثور من بعد ساعةٍ ... سيسلب مَا قد خوَّلوه وينحر)
قلت هُوَ من قَول الآخر من مجزوء الْكَامِل خلعوا عَلَيْهِ وزينوه وأهلوه لكل رَفعه وكذاك يفعل بالجمال لنحرها فِي كلّ جمعه
3 - (الأصطخري الشَّافِعِي)
الْحسن بن أَحْمد بن يزِيد أَبُو سعد الأصطخري شيخ الشَّافِعِيَّة ولي قَضَاء قمّ وحسبة بَغْدَاد فَأحرق مَكَان الملاهي وَكَانَ ورعاً زاهداً متقللاً من الدُّنْيَا وَله تصانيف مفيدةٌ مِنْهَا كتاب أدب القَاضِي لَيْسَ لأحد مثله وَله وجهٌ فِي الْمَذْهَب وَقيل إِن قَمِيصه وعمامته وطيلسانه وسراويله كَانَ من شقَّةً واحدةٍ واستقضاه المقتدر على سجستان واستفتاه فِي الصابئين فأفتاه بِقَتْلِهِم لأَنهم يعْبدُونَ الْكَوَاكِب فعزم الْخَلِيفَة على ذَلِك فَجمعُوا لَهُ مَالا كثيرا وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمئة)
3 - (الجنّابي القرمطي)
الْحسن بن أَحْمد بن أبي سعيد الجنَّابي بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد النُّون وَبعد الْألف يَاء مُوَحدَة نِسْبَة إِلَى جنَّابة وَهِي بلدةٌ صَغِيرَة من سواحل فَارس بن جنّابة وسيراف أربعةٌ وَخَمْسُونَ فرسخاً القرمطي الْمَعْرُوف بالأعصم بهمزةٍ وَعين مُهْملَة وصاد مُهْملَة بعْدهَا مِيم مولده بالاحساء وَتُوفِّي بالرَّملة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمئة غلب على الشَّام وَكَانَ كَبِير القرامطة واستناب على دمشق وشاح بن عبد الله وَقدم إِلَى دمشق نَائِبا وَكسر جَيش المصريين(11/287)
وَقتل مِنْهُم جَعْفَر بن فلاح ثمَّ أنّه توجَّه إِلَى مصر وحاصرها شهوراً واستخلف على دمشق ظَالِم بن مرهوب الْعقيلِيّ وَكَانَ يظْهر طَاعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ الطائع وَلما قصد القرمطي أَبُو عَليّ أَحْمد مصر جرت بَينه وَبَين جَوْهَر الْقَائِد حربٌ بِعَين شمسٍ وَانْهَزَمَ القرمطي وَرجع إِلَى الأحساء من أَرض الْبَحْرين ثمَّ أنّه تجهَّز وَعَاد إِلَى الشَّام وَجَرت لَهُ بهَا خطوبٌ وحروبٌ وَاجْتمعَ مَعَ الفتكين الشرابي التركي غُلَام معز الدَّولة لما انهزم من بَغْدَاد من عضد الدولة على حَرْب الْعَزِيز صَاحب مصر وواقعهما الْعَزِيز على بَاب دمشق وَجَرت بَينهم حربٌ شديدةٌ معروفةٌ فِي التواريخ أسر فِيهَا الفتكين وَانْهَزَمَ أَبُو عَليّ القرمطي إِلَى الأحساء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّام وتردَّدت الرُّسُل بَينه وَبَين صَاحب مصر حَتَّى استقرّت الْحَال على المهادنة وقرَّروا لَهُ مَالا يحمل إِلَيْهِ فِي كل عامٍ حَتَّى كفَّ عَن أَعْمَالهم وَضمن حراسة الحجيج فِي صدرهم عَن مصر وَالشَّام وعودهم وَمن شعره يصف الحجل من الطَّوِيل
(ولابسةٍ ثوبا من الخزِّ أدكنا ... وَمن أَحْمَر الديباج راناً ومعجرا)
(مطوَّقة فِي النَّحْر سبْحَة عنبرٍ ... على أَنَّهَا لم تلتمس أَن يعطرا)
(لَهَا مقلنا جزع يمانٍ تحملت ... مآقيهما فِي مَوضِع الْكحل عصفرا)
(مطرَّزة الكمين طرزاً تخالها ... إِذا لحظتها الْعين ثوبا محيِّرا)
(ترَاهَا تعاني الضحك عجبا بِنَفسِهَا ... إِذا أمنت من أَن تخَاف وتذعرا)
(كَمثل الْفَتى الغضّ الشبيبة مظْهرا ... لفرط التصابي والنشاط تبخترا)
(فتظهر عِنْد الْأَمْن مِنْهَا تبرُّجا ... وَتظهر عِنْد الْخَوْف مِنْهَا تستُّرا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(مَا ضرَّ من لبس الملاحة مغفراً ... والبدر سَيْفا والغزالة جوشنا)
)
(لَو كَانَ أنعم أَو أَقَامَ على الوفا ... أَو كَانَ أجمل أودنا أَو أحسنا)
(يَا قلبه القاسي ورقة خدّه ... ألاّ نقلت إِلَى هُنَا من هَهُنَا)
وَكَانَ أَبُو عَليّ القرمطي يعشق أَبَا الذوَّاد المفرّج بن دَغْفَل بن الجرَّاح فَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا وَفِي وَجهه أثرٌ فَسَأَلَهُ عَنهُ فَقَالَ(11/288)
قبلتني الحمَّى فَقَالَ من الْخَفِيف
(قبلته الحمَّى ولي أتمنَّى ... قبْلَة مِنْهُ من زمانٍ طَوِيل)
(حَاجَة طالما تردَّدت فِيهَا ... قضيت للغريب قبل الْخَلِيل)
وَفِيه يَقُول من المجتث هَل لنا فرجةٌ إِلَيْك أبن يَا مفرَّج لامني فِيك معشرٌ هم إِلَى اللوم أحْوج كَيفَ لم يسبهم عذارك هَذَا المدرَّج وَكَانَ أَبُو عَليّ القرمطي قد وقَّع فِي آخر يومٍ من أَيَّام حَيَاته توقيعاً بِخَطِّهِ لم يفهم من ضعف يَده فاستثبت فِيهِ فبيَّنه ثمَّ قَالَ وَمَات من يَوْمه من الوافر
(رَأَوْا خطّي نحيلاً فاستدلّوا ... بِهِ منّي على جسمٍ نحيل)
(وَقد قوَّيت أسطره بجهدي ... وَلَكِن مَا اسْتَحَالَ من الذبول)
وَكَانَ أَبُو عَليّ قَصِيرا وَلَا يركب من الْخَيل إلاّ كلَّ جبَّارٍ فَكَانَ لَهُ كرسيٌ من خشبٍ لطيف يصعد عَلَيْهِ حَتَّى ينَال الْفرس فيركبه قَالَ صَاحب كتاب الْإِشْعَار بِمَا للملوك من النَّوَادِر والأشعار أنّ أَبَا عليٍّ الْحسن بن أَحْمد القرمطي قَالَ فِي بعض اللَّيَالِي لكَاتبه أبي نصر بن كشاجمٍ مَا يحضرك فِي هَذِه الشموع فَقَالَ إِنَّمَا نحضر مجْلِس السيّد لنسمع من كَلَامه ونستفيد من أدبه فَقَالَ القرمطي بديهاً من المتقارب
(ومجدولةٍ مثل صدر الْقَنَاة ... تعرَّت وباطنها مكتس)
(لَهَا فعلةٌ هِيَ روحٌ لَهَا ... وتاجٌ على هَيْئَة الْبُرْنُس)
(إِذا غازلتها الصَّبا حرَّكت ... لِسَانا من الذَّهَب الأملس)
(وَإِن رنقت لنعاسٍ عرا ... وقطَّت من الرَّأْس لم تنعس)
(وتنتج فِي وَقت تلقيحها ... ضِيَاء يجلي دجى الحندس)
(فَنحْن من النُّور فِي أسعدٍ ... وَتلك من النَّار فِي أنحس)
)
فَقَامَ أَبُو نصرٍ وقبَّل الأَرْض وَقَالَ من المتقارب
(وليلتنا هَذِه ليلةٌ ... تشاكل أشكال إقليدس)
(فيا ربَّة الْعود حثّي الْغِنَا ... وَيَا حَامِل الْعود لَا تجْلِس)
وَمن شعر القرمطي أَيْضا من الْبَسِيط
(إِنِّي وقومي فِي أَحْسَاب قَومهمْ ... كمسجد الْخيف فِي بحبوحة الْخيف)
(مَا علِّق السِّيف منّا بِابْن عاشرةٍ ... إِلَّا وهمَّته أمضى من السَّيف)
وَمِنْه من الْكَامِل(11/289)
(زعمت رجال الْعَرَب أَنِّي رهبتها ... فدمي إِذا مَا بَينهَا مطلول)
(يَا مصر إِن لم أسق أَرْضك من دمٍ ... يروي ثراك فَلَا سقاني النّيل)
وَمِنْه يردّ على من عيَّره بِالْقصرِ من الْخَفِيف
(زَعَمُوا أنني قصيرٌ لعمري ... مَا تكال الرِّجَال بالقفزان)
إِنَّمَا الْمَرْء بِاللِّسَانِ وبالقلبب وَهَذَا قلبِي وَهَذَا لساني وكنيته أَبُو محمدٍ وَقيل أَبُو عَليّ وَكَانَ يعرف أَيْضا بالقصير الثِّيَاب وَسَيَأْتِي ذكر جدِّه أبي سعيدٍ الْحسن بن بهرامٍ القرمطي أصل القرامطة وَذكر سُلَيْمَان بن الْحسن فِي حرف السّين فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (أَبُو عَليّ الْفَارِس)
الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْغفار بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبان الْفَارِسِي النَّحْوِيّ أَبُو عَليّ ولد بِمَدِينَة فسا واشتغل بِبَغْدَاد وَدخل إِلَيْهَا سنة سبع وثلاثمئة وَكَانَ إِمَام وقته فِي النَّحْو وَدَار الْبِلَاد وَأقَام بحلب عِنْد سيف الدولة بن حمدَان مُدَّة وَكَانَ قدومه عَلَيْهِ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلاثمئة وَجَرت بَينه وَبَين المتنبي مجَالِس ثمَّ أَنه انْتقل إِلَى بِلَاد فَارس وَصَحب عضد الدولة بن بويه وتقدَّم عِنْده وعلت مَنْزِلَته حَتَّى قَالَ عضد الدولة أَنا غُلَام أبي عَليّ الفسويّ فِي النَّحْو وصنف لَهُ الْإِيضَاح والتكملة ويحكى أَنه كَانَ يَوْمًا فِي ميدان شيراز يُسَايِر عضد الدولة فَقَالَ لَهُ أم انتصب الْمُسْتَثْنى فِي قَوْلنَا قَامَ الْقَوْم إلاّ زيدا فَقَالَ الشَّيْخ بفعلٍ مقدّر تَقْدِيره اسْتثْنى زيدا فَقَالَ لَهُ عضد الدولة هلاَّ رفعته وقدَّرت الْفِعْل امْتنع زيدٌ فَانْقَطع الشَّيْخ وَقَالَ لَهُ هَذَا الْجَواب ميدانيٌ ثمَّ أَنه رَجَعَ إِلَى منزله وَوضع لَهُ فِي ذَلِك كلَاما وَحمله إِلَيْهِ)
فَاسْتَحْسَنَهُ وَذكر فِي الْإِيضَاح أَنه انتصب بِالْفِعْلِ المتقدِّم بتقوية إلاّ وَحكى أَبُو الْقَاسِم بن أَحْمد الأندلسي قَالَ جرى ذكر الشّعْر بِحَضْرَة أبي عَليّ وَأَنا حَاضر فَقَالَ إِنِّي لأغبطكم على قَول الشّعْر فَإِن خاطري لَا يوافقني على قَوْله مَعَ تحقيقي الْعُلُوم الَّتِي هِيَ موادّه فَقَالَ لَهُ رجل فَمَا قلت قطُّ شَيْئا مِنْهُ قَالَ مَا أعلم أنَّ لي شعرًا إلاّ ثَلَاثَة أَبْيَات فِي الشيب(11/290)
وَهِي قولي من الوافر
(خضبت الشيب لمّا كَانَ عَيْبا ... وخضب الشيب أولى أَن يعابا)
(وَلم أخضب مَخَافَة هجر خلٍ ... وَلَا عَيْبا خشيت وَلَا عتابا)
(ولكنّي خشيت يُرَاد منّي ... عقول ذَوي المشيب فَلَنْ يصابا)
قَالَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى وَكنت مرّة رَأَيْت فِي الْمَنَام سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وستمئة وَأَنا يومئذٍ بِالْقَاهِرَةِ كأنني قد خرجت إِلَى قليوب وَدخلت إِلَى مشهدٍ بهَا فَوَجَدته شعثاً وَهُوَ مارةٌ قديمةٌ وَرَأَيْت بِهِ ثَلَاثَة أشخاص مقيمين مجاورين فسألتهم عَن المشهد وَأَنا متعجبٌ لاتقان بُنْيَانه وتشييده ترى هَذِه عمَارَة من فَقَالُوا لَا نعلم ثمَّ قَالَ أحدهم إِن الشَّيْخ أَبَا عَليّ الْفَارِسِي جاور فِي هَذَا المشهد سِنِين عديدةً وتفاوضنا حَدِيثه فَقَالَ وَله مَعَ فضائله شعرٌ حسنٌ فَقلت مَا وقفت لَهُ على شعرٍ فَقَالَ أَنا أنْشد لَهُ من شعره ثمَّ أنْشد بصوتٍ رقيقٍ ثَلَاثَة أَبْيَات فَاسْتَيْقَظت فِي أثر الإنشاد ولذَّة صَوته فِي أُذُنِي وعلق على خاطري مِنْهَا هَذَا الْبَيْت الْأَخير وَهُوَ من الْبَسِيط
(النَّاس فِي الْخَيْر لَا يرضون عَن أحدٍ ... فَكيف ظَنك سيموا الشرَّ أَو ساموا)
وَأَبُو عليّ أَخذ النَّحْو عَن جماعةٍ من أَعْيَان هَذَا الشَّأْن كَأبي إِسْحَاق الزّجاج وَأبي بكر السرّاج وَأبي بكر مبرمان وَأبي بكر الْخياط وبرع لَهُ غلْمَان حذّاقٌ قرأوا عَلَيْهِ مثل عُثْمَان بن جنّي وعليّ بن عِيسَى الرَّبعي وَقَالَ أَبُو الْحسن طَاهِر بن أَحْمد بن بابشاذ النحويّ فِي كتاب شرح الْجمل للزجاجي فِي بَاب التصريف مِنْهُ يحْكى عَن أبي عَليّ الْفَارِسِي أَنه حضر يَوْمًا مجْلِس أبي بكر الْخياط فَأقبل أَصْحَابه على أبي بكرٍ يكثرون عَلَيْهِ الْمسَائِل وَهُوَ يُجِيبهُمْ وَيُقِيم الدَّلَائِل فَلَمَّا أنفذوا اقبل على أكبرهم سنا وَأَكْثَرهم عقلا وأوسعهم علما عِنْد نَفسه فَقَالَ لَهُ كَيفَ تبني من سفرجل مثل عنكبوت فَأَجَابَهُ مسرعاً سفرروت فحين سَمعهَا قَامَ من مَجْلِسه وصفق بيدَيْهِ وَخرج وَهُوَ يَقُول سفرروت سفرروت سفرروت فَأقبل أَبُو بكرٍ على أَصْحَابه وَقَالَ لَا بَارك)
الله فِيكُم وَلَا أحسن جزاكم خجلاً مِمَّا جرى واستحيى من أبي عَليّ وَمِمَّا يشْهد بصفاء ذهن أبي عليٍ أَنه سُئِلَ قبل أَن ينظر فِي الْعرُوض خرم متفاعلن متفكّر وانتزع الْجَواب فِيهِ من النَّحْو فَقَالَ لَا يجوز لأنَّ متفاعلن ينْقل إِلَى مستفعلن إِذا خبن فَلَو خرم لتعرَّض للابتداء بالسَّاكن وكما لَا يجوز الِابْتِدَاء بالسّاكن لَا يجوز التعرُّض لَهُ هُنَا والخرم حذف الْحَرْف الأول من الْبَيْت والخبن تسكين ثَانِيَة وَقيل إنّ أَبَا عَليّ لما صنَّف الْإِيضَاح وَحمله إِلَى عضد الدولة قَالَ لَهُ مَا زِدْت على مَا أعرف شَيْئا وَإِنَّمَا يصلح هَذَا للصبيان فَمضى أَبُو عَليّ وصنَّف التكملة وَحملهَا إِلَيْهِ فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا عضد الدولة قَالَ غضب الشَّيْخ وَجَاء بِمَا لَا نفهمه نَحن وَلَا هُوَ وَكَانَ يرْمى بالاعتزال وَحكى ابْن جني عَن أبي عَليّ أَنه كَانَ يَقُول أخطىء فِي مائَة مَسْأَلَة لغوية وَلَا أخطىء فِي وَاحِدَة قياسيّةٍ وَكَانَ أَبُو طَالب الْعَبْدي يَقُول لَيْسَ بَين سِيبَوَيْهٍ وَأبي عَليّ أبْصر بالنحو من أبي عَليّ وَكَانَ بعض تلامذته يفضّله على المبرّد
وتوفّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمئة فِي شهر بيع الأول وَمن تصانيفه كتاب الحجَّة كتاب التَّذْكِرَة الْإِيضَاح الشعري الْإِيضَاح النَّحْوِيّ أَبْيَات الْإِعْرَاب مُخْتَصر(11/291)
عوامل الْإِعْرَاب الْمسَائِل الحلبية الْمسَائِل البغدادية الْمسَائِل الشيرازية الْمسَائِل القصريّة الأغفال وَهُوَ مسَائِل أصلحها على الزّجاج الْمَقْصُور والممدود نقض الهاذور التَّرْجَمَة الْمسَائِل المنشورة الْمسَائِل الدمشقية أَبْيَات الْمعَانِي التتبُّع لكَلَام أبي عَليّ الجبَّائي فِي التَّفْسِير تَفْسِير قَوْله تَعَالَى إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة الْمسَائِل البصرية الْمسَائِل العسكرية الْمسَائِل الْمصلحَة من كتاب ابْن السراج الْمسَائِل المشكلة الْمسَائِل الكرمانيَّة الْمسَائِل العسكرية الْمسَائِل الذَّهبيَّة
3 - (الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد السَّبيعي)
الْحسن بن أَحْمد بن صَالح أَبُو مُحَمَّد الْهَمدَانِي السَّبيعي الْحلَبِي من أَوْلَاد أبي إِسْحَاق السبيعِي وَإِلَيْهِ ينْسب بحلب درب السِّبيعي وَكَانَ حَافِظًا متقناً سمع وروى عَنهُ الدَّراقطني وَالْبرْقَانِي وثّقه ابْن أبي الفوارس وَكَانَ وجيهاً عِنْد سيف الدولة وَكَانَ يزوره فِي دَاره
وصنّف لَهُ كتاب التَّبْصِرَة فِي فَضِيلَة العترة المطهَّرة وَكَانَ لَهُ فِي الْعَامَّة سوقٌ وَهُوَ الَّذِي وقف حمام السَّبيعي على العلويّين وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمئة وَكَانَ الْحَافِظ أَبُو محد هَذَا قد طَاف الدُّنْيَا وَهُوَ عسر الرِّوَايَة وَكَانَ الدَّارَقُطْنِيّ يجلس بَين يَدَيْهِ كجلوس الصبيِّ بَين يَدي معلّمه هَيْبَة لَهُ وَقَالَ قدم علينا حلب الْوَزير جَعْفَر بن الْفضل فَتَلقاهُ النَّاس وَكنت فيهم)
فَعرف أَنِّي من أَصْحَاب الحَدِيث فَقَالَ أتعرف حَدِيثا فِيهِ إِسْنَاد أَرْبَعَة من الصَّحَابَة كل واحدٍ عَن صَاحبه فَقلت نعم حَدِيث السّايب بن يزِيد عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى عَن عبد الله بن السَّعدي عَن عمر بن الْخطاب فِي العمالة فَعرف صِحَة قولي فأكرمني قَالَ عبد الْغَنِيّ بن سعيدٍ وَثمّ حديثان أَحدهمَا يرويهِ أربعةٌ من الرِّجَال وَالثَّانِي أربعةٌ من النِّسَاء الأول حَدِيث نعيم بن هماز عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن عَوْف بن مَالك فِي الْأَمر بِالطَّاعَةِ والوصيَّة بِكِتَاب الله وَالثَّانِي فَرَوَاهُ الزُّهري عَن عُرْوَة بن الزبير عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن حَبِيبَة بنت أم حَبِيبَة عَن أمهَا أمّ حَبِيبَة عَن زَيْنَب بنت جحشٍ فِي فتح ردم سدّ باجوج وماجوج
3 - (الْأسود اللّغَوِيّ)
الْحسن بن أَحْمد أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الْمَعْرُوف بالأسود(11/292)
الغندجاني اللّغَوِيّ النسّابة قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وغندجان بلد قَلِيل المَاء لَا يخرج مِنْهُ إلاّ أديب أَو حَامِل سلَاح وَكَانَ الْأسود صَاحب دنيا وثروة وَكَانَ مُسْتَنده فِيمَا يرويهِ عَن مُحَمَّد بن أَحْمد أبي النّدى وَهُوَ رجلٌ مجهولٌ وَكَانَ ابْن الهبَّاريَّة أَبُو يعلى الشَّاعِر يعيَّره بذلك وَيَقُول لَيْت شعري من هَذَا الْأسود الَّذِي قد وضَّف نَفسه على الردّ على الْعلمَاء وتصدّى للأخذ على الْأَئِمَّة القدماء بِمَاذَا يصحِّح قَوْله وَيبْطل قَول الْأَوَائِل وَلَا تعويل لَهُ فِيمَا يرويهِ إلاّ على أبي النَّدى وَمن أَبُو النَّدى فِي الْعَالم لَا شيخٌ مشهورٌ وَلَا ذُو علمٍ مَذْكُور وَكَانَ الْأسود لَا يقنعه أَن يردَّ على أَئِمَّة الْعلم ردّاً جميلاً حَتَّى يَجعله من بَاب السخريَّة والتهكم والظَّنِّ بهم وَيُقَال أَنه كَانَ يتعاطى تسويد لَونه ويدَّهن بالقطران وَيقْعد فِي الشَّمْس ليحقق لنَفسِهِ التلقيب بالأعرابي وَكَانَ قد رزق فِي أَيَّامه سَعَادَة لِأَنَّهُ كَانَ فِي كنف الْوَزير أبي مَنْصُور بهرامٍ وَزِير الْملك أبي كاليجار فَكَانَ إِذا صنَّف كتابا جعله باسمه وَكَانَ يفضل عَلَيْهِ إفضالاً جمَّاً قَالَ ياقوت صنّف فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وأربعمئة وقرىء عَلَيْهِ فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وأربعمئة وَله كتاب السَّلِّ والسَّرقة كتاب فرحة الأديب فِي الردّ على يُوسُف بن أبي سعيدٍ السِّيرافي فِي شرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ كتاب ضالَّة الأديب فِي الردّ على ابْن الْأَعرَابِي فِي النَّوَادِر الَّتِي رَوَاهَا ثَعْلَب قيد الأوابد فِي الردّ على السِّيرافي فِي شرح أَبْيَات إصْلَاح الْمنطق الردّ على النَّمري فِي شرح مُشكل أَبْيَات الحماسة كتاب نزهة الأديب فِي الردِّ على أبي عليّ فِي التَّذْكِرَة كتاب الْخَيل مرتَّب على حُرُوف)
المعجم كتاب أَسمَاء الْأَمَاكِن
3 - (الْفَقِيه ابْن البنّاء)
الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله بن الْبناء الْفَقِيه أَبُو عَليّ المقرىء المحدّث الحنبليُّ ولد سنة سِتّ وَتِسْعين وثلاثمئة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وأربعمئة قَرَأَ الْقُرْآن على أبي الْحسن الحمامي وَغَيره وَسمع من ابْن بَشرَان وَغَيره وتفقه على القَاضِي أبي يعلى وصنَّف(11/293)
فِي كل فنٍّ وَبَلغت تصانيفه مائَة وَخمسين كتابا مِنْهَا شرح الْإِيضَاح لأبي عَليّ قَالَ السَّمْعَانِيّ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم ابْن السَّمرقندي يَقُول كَانَ واحدٌ من أَصْحَاب الحَدِيث اسْمه الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله النَّيْسَابُورِي وَكَانَ قد سمع الْكثير وَكَانَ ابْن الْبناء يكشط من التسميع بوري ويمدّ السِّين وَقد صَار الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله إِبْنِ البنَّاء قَالَ كَذَا قيل أَنه كَانَ يفعل قَالَ أَبُو الْفرج وَهَذَا القَوْل بعيدٌ من الصِّحَّة فَإِنَّهُ قَالَ كَذَا قيل وَلم يحك عَن علمه بذلك وَلَا يثبت هَذَا وَالثَّانِي أَن الرجل مكثرٌ وَلَا يحْتَاج إِلَى الاستزادة لما يسمع ومتدينٌ وَلَا يحسن أَن يظنَّ بالمتديّن الْكَذِب وَالثَّالِث أَنه قد اشتهرت كَثْرَة رِوَايَة أبي عَليّ ابْن الْبناء فَأَيْنَ هَذَا الرجل الَّذِي يُقَال لَهُ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله النَّيْسَابُورِي وَمن ذكره وَمن يعرفهُ وَمَعْلُوم أَن اشتهار سَمَاعه لَا يخفى
انْتهى قلت قد رَأَيْت محبّ الدّين بن النجار ذكر فِي ذيل تَارِيخ بَغْدَاد الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله النَّيْسَابُورِي الصّوفي وَقَالَ سمع الْكثير من أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عمر الحمامي المقرىء وَأَمْثَاله وروى الْخَطِيب عَنهُ كثيرا فِي التَّارِيخ وفياتٍ وَغَيرهَا ثمَّ ذكر بعده تَرْجَمَة ابْن الْبناء وَقَالَ أخبرنَا جَعْفَر بن عَليّ المقرىء بالاسكندرية قَالَ أخبرنَا أَبُو طَاهِر السِّلفي قَالَ سَأَلت أَبَا غَالب شُجَاع بن فارسٍ الذهليَّ عَن أبي عَليّ الْحسن بن الْبناء فَقَالَ كَانَ أحد الْقُرَّاء المجوّدين والشيوخ الْمَذْكُورين سمعنَا مِنْهُ قِطْعَة صَالِحَة من حَدِيثه وتصانيفه وَلَا أذكر عَنهُ أَكثر من هَذَا قَالَ السِّلفي كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى ضعفه ثمَّ ذكر ابْن النجار شَيْئا آخر يُؤَيّد قَول ابْن السَّمعاني وَكتب إِلَيْهِ بعض أَصْحَابه قَول الْخَلِيل بن أَحْمد من الْبَسِيط
(إِن كنت لست معي فالذكر مِنْك معي ... يراك قلبِي وَإِن غيِّبت عَن نَظَرِي)
(الْعين تبصر مَا تهوى وتفقده ... وباطن الْقلب لَا يَخْلُو من النّظر)
فَكتب أَبُو عَليّ ابْن الْبناء لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(إِذا غيِّبت أشباحنا كَانَ بَيْننَا ... رسائل صدقٍ فِي الضَّمِير تراسل)
)
(وأرواحنا فِي كلِّ شرقٍ ومغربٍ ... تلاقي بإخلاص الوداد تواصل)
(وثمّ أمورٌ لَو تحققت بَعْضهَا ... لَكُنْت لنا بالعذر فِيهَا تقَابل)
(وَكم غَائِب فِي الصَّدر مِنْهُ مسلِّم ... وَكم زائرٍ فِي الْقلب مِنْهُ بلابل)
(فَلَا تجزعن يَوْمًا إِذا غَابَ صاحبٌ ... أمينٌ فَمَا غَابَ الصَّديق المجامل)
وَقَالَ ابْن الْبناء أذكرني أَبُو بكر الْخَطِيب فِي تَارِيخه بالصِّدق أَو بِالْكَذِبِ فَقَالُوا مَا ذكرك فِي التَّارِيخ أصلا فَقَالَ ليته(11/294)
ذَكرنِي فِي الكذَّابين
3 - (الاستراباذي النَّحْوِيّ)
الْحسن بن أَحْمد الاستراباذي أَبُو عليٍّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الأديب الْفَاضِل قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء حَسَنَة طبرستان وأوحد لَك الزَّمَان لَهُ من التصانيف شرح الفصيح وَشرح الحماسة
3 - (الطرائفي الشَّافِعِي)
الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن أَحْمد بن الطَّرائفي أَبُو مُحَمَّد الْفَقِيه الشَّافِعِي الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا تفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَسمع الحَدِيث من مُحَمَّد بن عَليّ بن الْمُهْتَدي وَعبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وَاحْمَدْ بن مُحَمَّد بن النَّقور وَغَيرهم وحدَّث باليسير وَكَانَ صَدُوقًا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وأربعمئة فِي الطَّاعون
3 - (ابْن فنجلة المقرىء)
الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن عبد الْوَاحِد النسَّاج أَبُو عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن فنجلة بِضَم الْفَاء وَسُكُون النُّون وَضم الْجِيم وَفتح اللَّام قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي بكر مُحَمَّد بن عَليّ الْخياط وَغَيره وَسمع مِنْهُ وَمن أبي مُحَمَّد عبد الله بن محمدٍ الصَّريفيني وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد بن محمدٍ بن طَلْحَة وَأبي الْخطاب نصر بن حمد بن عبد الله بن البطر وَغَيرهم وحدَّث باليسير وَتُوفِّي سنة وَعشْرين وخمسمئة بِبَغْدَاد
3 - (ابْن مَحْبُوب الْقَزاز)
الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن سعد بن عَليّ بن مَحْبُوب الْقَزاز الْبَغْدَادِيّ سمع الْكثير من النَّقِيب طرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَأبي الْخطاب ابْن البطر وَالْحُسَيْن بن أَحْمد النعالي وثابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَغَيرهم وَكتب الْكثير وخرَّج التَّارِيخ وحدَّث بالكثير وَكَانَ صَدُوقًا متديَّناً وَتُوفِّي سنة خمس وخمسمئة)
3 - (الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء الْعَطَّار)
الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو(11/295)
الْعَلَاء الْحَافِظ الْعَطَّار كَانَ إِمَام همذان فِي عُلُوم الْقرَاءَات والْحَدِيث وَالْأَدب والزهد وَحسن الطَّرِيقَة والتمسُّك بالسنن قَرَأَ الْقُرْآن بأصبهان على أبي عَليّ الحدَّاد وَغَيره وبواسط على أبي الْعِزّ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن القلانسي وببغداد على البارع الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الديَّاس وعَلى جماعةٍ آخَرين وصنَّف فِي الْقرَاءَات كتبا حَسَنَة وَفِي عُلُوم الْقُرْآن والْحَدِيث وَسمع بِبَلَدِهِ من جمَاعَة وبأصبهان وببغداد وبخراسان وحصَّل الْأُصُول الْكَثِيرَة والكتب الْكِبَار الحسان بالخطوط الْمُعْتَبرَة وحدّث بِأَكْثَرَ مسموعاته وَسمع مِنْهُ الْكِبَار والحفاظ وَرووا عَنهُ وتردَّد إِلَى بَغْدَاد مرّات ثمَّ عَاد إِلَى همذان وَعمل دَارا للكتب وخزانةً وأوقف جَمِيع كتبه فِيهَا وَانْقطع لإقراء الْقُرْآن وَرِوَايَة الحَدِيث إِلَى آخر عمره ومولده سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وأربعمئة وَتُوفِّي سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وخمسمئة قَالَ حفظت كتاب الْجمل للجرجاني فِي النَّحْو فِي يومٍ واحدٍ من الْغَدَاة إِلَى الْعَصْر وَقَالَ حفظت يَوْمًا ثَلَاثِينَ ورقة من الْقِرَاءَة وَكَانَ يَقُول لَو أنَّ أحدا يَأْتِي إليّ بحديثٍ واحدٍ من أَحَادِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يبلغنِي لملأت فَمه ذَهَبا وَحفظ كتاب الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد وَكتاب الْمُجْمل لِابْنِ فَارس وَكتاب النّسَب للزبير بن بكار وصنَّف الْعشْرَة والمفردات فِي الْقرَاءَات وَالْوَقْف والابتداء والتجويد والمئات وَالْعدَد وَمَعْرِفَة الْقُرَّاء وَهُوَ نَحْو الْعشْرين مجلّداً وَله زَاد الْمُسَافِر نَحْو خمسين مجلداً وَجمع بَعضهم كتابا فِي أخباره وأحواله وكراماته وَمَا مدح بِهِ من الشّعْر وَمَا كَانَ عَلَيْهِ وَأورد من ذَلِك ياقوت فِي مُعْجم الأدباء قِطْعَة جَيِّدَة وَكَانَ إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة
3 - (أَبُو الْغَنَائِم المقرىء)
الْحسن بن أَحْمد بن طاهرٍ أَبُو الْغَنَائِم الْبَغْدَادِيّ أحد الْقُرَّاء الْمَشْهُورين قَرَأَ بالرِّوايات على الْمَشَايِخ وَسمع الحَدِيث من أبي يعلى أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن جعفرٍ الحريري وطبقته وَكَانَ رجلا صَالحا وَتُوفِّي سنة خمسين وأربعمئة
النحويُّ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله النَّحْوِيّ ذكره عبد الْوَاحِد بن عَليّ بن برهَان الْأَسدي فَقَالَ كَانَ يحسن الْكتاب وَلم يقْرَأ إلاّ الْقَلِيل على الْمُتَأَخِّرين وَكَانَ فِي التصريف نَاقِصا وَفِي فهم الْكتاب صحفياً لِأَنَّهُ لم يقرأه وتتلمذ لَهُ جماعةٌ لَا نباهة لَهُم وَلم يتخرَّجوا حقَّ التَّخْرِيج وروى الحَدِيث)
وَكَانَ ثِقَة ثبتاً عدلا رضى لم يقل فِيهِ إلاّ الْخَيْر وَله كتاب الترجمان فِي النَّحْو غثّ التصريف يحْتَاج إِلَى ترجمان وَقَالَ لي ابْن عُمَيْر الْكِنَانِي النَّحْوِيّ لَهُ كتابٌ لطيفٌ فِي الْألف واللاَّم
النَّيْسَابُورِي الْكَاتِب الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله الْكَاتِب النَّيْسَابُورِي كَانَ كَاتبا(11/296)
فَاضلا حسن الخطِّ مليح الشّعْر ورد بَغْدَاد مَعَ السُّلْطَان ملكشاه وولاّه العمادة بِبَغْدَاد مدَّةً ثمَّ عَزله أورد لَهُ ابْن النجار فِي ذيله من المديد
(عررٌ لكِنهمْ عررٌ ... إِن قرنت الْخَبَر بالْخبر)
(بقرٌ لكنّنا لَهُم ... فِي امْتِثَال الْأَمر كالبقر)
(يشربون الصَّفو من زمنٍ ... مَا نهنَّى فِيهِ بالكدر)
أَبُو طَاهِر الْحَنَفِيّ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن عسكرٍ أَبُو طَاهِر الْبَنْدَنِيجِيّ الحنفيُّ البغداديُّ من أَوْلَاد الْقُضَاة والعدول سمع الحَدِيث من أبي الْقَاسِم سعيد بن الْبناء وَغَيره وَكَانَ أديباً فَاضلا لَهُ النّظم والنثر توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وخمسمئة
أَبُو مُحَمَّد الدمغاني الْحسن بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الدّامغاني أَبُو مُحَمَّد أَخُو قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد تولَّى الْقَضَاء بِربع الكرخ ولي الْقَضَاء بواسط أَقَامَ بهَا حَاكما إِلَى أَن عزل أَخُوهُ عَن قَضَاء الْقُضَاة وَعَاد إِلَى بَغْدَاد وَلزِمَ منزله ثمَّ أَعَادَهُ أَبُو طَالب روح بن أَحْمد الحديثي لما ولي الْقَضَاء إِلَى قَضَاء وَاسِط فَأَقَامَ بهَا مدَّةً ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد سمع الحَدِيث وَرَوَاهُ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وخمسمئة
الجلاّبي الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد الجلاَّبي أَبُو الْحُسَيْن الْفَقِيه الشافعيُّ الطَّبَرِيّ قدم بَغْدَاد وَكَانَ يحضر مجْلِس الْفَقِيه أبي الْقَاسِم عبد الْعَزِيز الدَّاركي ثمَّ درَّس فِي حَيَاته وَكَانَت لَهُ معرفةٌ بِالْحَدِيثِ وَحفظ وحدَّث بِبَغْدَاد عَن أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد الْفَقِيه وَغَيره وَمَات قبل الدَّاركي بسبعة عشر يَوْمًا فِي شهر رَمَضَان سنة خمسٍ وَسبعين وثلاثمئة والجلاَّبي بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد اللَّام وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة)
أَبُو مُحَمَّد ابْن جكينا البرغوث الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جكِّينا أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي عبد الله الشَّاعِر الْبَغْدَادِيّ كَانَ من ظرّاف الشُّعَرَاء الخلعاء وَأكْثر شعره مقطعات ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب وَقَالَ أجمع أهل بَغْدَاد على أَنه لم يرْزق أحدٌ من الشُّعَرَاء لطافة طبعه توفّي سنة ثمانٍ وَعشْرين وخمسمئة وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله فِي تَرْجَمَة أَمِين الدولة ابْن التلميذ واسْمه هبة(11/297)
الله بن صاعدٍ وَكَانَ البرغوث محدوداً لم ينل بالشعر دنيا وَمن شعره وَكَانَ يلقب بالبرغوث من المديد
(لَا فتضاحي فِي عوارضه ... سببٌ وَالنَّاس لوَّام)
(كَيفَ يخفى مَا أكابده ... وَالَّذِي أهواه نمَّام)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل
(إِن الَّتِي لفتورها ... فِي قتل عاشقها نشاط)
(عينٌ مخيَّطةٌ لَهَا ... فِي الْقلب جرحٌ مَا يخاط)
وَمن شعر ابْن جكِّينا من السَّرِيع
(يَا ابْن الْحدانِي بِمَا بَيْننَا ... من حُرْمَة الصُّحبة والأنس)
(أُرِيد أَن تنظر فِي طالعي ... وَتظهر السَّعد من النَّحس)
(فَقَامَ فِي الشَّمْس بآلاته ... يَأْخُذ بالتخمين والحدس)
(وَلَيْسَ يدْرِي وَهِي فِي كفّه ... أَمن حديدٍ هِيَ أم مسِّ)
(فَقلت أَيْن الشَّمْس قَالَ الْفَتى ... فِي الثور قلت الثور فِي الشَّمْس)
وَمِنْه من الْكَامِل
(مَا ضرّك الجدراء عي ... باً حِين عَابَ العائب)
(أيضرُّ وَجهك أَنه ... بدرٌ عَلَيْهِ كواكب)
وَمِنْه من الْخَفِيف لَيْسَ فِي منزلي وَقد هدم الدَّهْر عناداً عراصه والرُّبوعا هُوَ خالٍ من السرُور وَقد حاط من الْفقر بالفتون جَمِيعًا فتراني فِيهِ إِذا قسم الْغَيْث على النَّاس برَّه متُّ جوعا وَإِذا مَا غسلت أَجْلِس من تَحت ثِيَابِي حَتَّى تجفَّ جَمِيعًا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(سلَّمت وَقت غدائه ... يَوْمًا فَمَا ردَّ السَّلاما)
(من لَيْسَ يشبعني كلَاما ... كَيفَ يشبعني طَعَاما)
وَمِنْه من المنسرح
(قَالُوا نرَاهَا من بعد مَا ألفت ... وصلت لحَّ الواشي فبدَّلها)(11/298)
(فَقلت لَا تنكروا تنقلها ... فالشمس تجْرِي لَا مستقرّ لَهَا)
وَمِنْه من ابْن العكبري الْوَاعِظ من المنسرح
(أَصبَحت من كلِّ من أعاشره ... إلاّ الدَّواتيّ نَاقص الحظِّ)
(لأجل هَذَا أعي بمدحهم ... كالعكبري الْمِسْكِين فِي الْوَعْظ)
(يُعِيد مَا قَالَ أمس فِي غده ... بِلَا اخْتِلَاف الْمَعْنى وَلَا اللَّفظ)
(حضرت بعض الْأَيَّام مَجْلِسه ... فَكل مَا قَالَه على حفظي)
وَمِنْه من المنسرح
(الدَّهر مَا تَنْقَضِي عجائبه ... مَا بَين فرحاته وترحاته)
(فِي كل يَوْم لنا ابْن زانيةٍ ... يظْهر لَا بدَّ من مداراته)
وَمِنْه من مجزوء الرجز
(وَصَاحب أكلت فِي ... منزله خمس لقم)
(فَانْقَطَعت جائزتي ... هَذَا على الكرِّ بكم)
قلت قد مرّ هَذَا بِعَيْنِه فِي تَرْجَمَة شهَاب الدّين أَحْمد بن غانمٍ وَمِنْه من الْخَفِيف
(وكأنَّ الوهاد بالدَّم كاسات ... عقارٍ فِيهَا الرؤوس حباب)
(كلما ذمَّت العدى مَا أَتَاهُم ... من عِقَاب أثنت عَلَيْك الْعقَاب)
وَمِنْه من مجزوء الْخَفِيف
(للنُّميري نكهةٌ ... طَال فِيهَا تحيُّري)
(قلت لما شممتها ... من خري وسط منخري)
هِيَ أفس إِذا تنفَّس من ألف مبعر وَمِنْه من السَّرِيع)
(مَا بَال أشعاريوقد ضمِّنت ... مدحكم ترجع بالدلق)
(مَا فِيكُم بخلٌ وَلَا بِي غنى ... عَن نائلٍ وَالْخَيْر فِي الصِّدق)
(وَلست استبطي ولكنني ... يَنْقَطِع الْغَيْث فأستسقي)
وَمِنْه من الْكَامِل
(قد بَان لي عذر الْكِرَام فصُّدهم ... عَن أَكثر الشُّعَرَاء لَيْسَ بِعَارٍ)
(لم يسأموا بذل النوال وَإِنَّمَا ... جمد النَّدى لبرودة الْأَشْعَار)
وَمِنْه من المنسرح
(تزيد القَوْل فِيهِ أَن لَهُ ... وردا جنيّاً فِي صفحة الخدِّ)(11/299)
(فنكرشت عارضاه تشعر أنّ ... الشّوك لَا بدَّ مِنْهُ للورد)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(قيل لي مَا تَقول فِي شعراتٍ ... رحَّلت حسن ذَلِك الخدِّ عَنهُ)
(ولحوني على تزايد وجدي ... قلت غطّى شَيْئا بِأَحْسَن مِنْهُ)
(فتلافيت قلبه حِين حانت ... عارضاه بأنَّني لم أخنه)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل لما بدا خطّ العذار يزين خدَّيه بمشق وظننت أنَّ سوَاده فَوق الْبيَاض كتاب عتقي فَإِذا بِهِ من سوء حظي عهدةٌ كتبت برقي وَمِنْه من مخلع الْبَسِيط
(ولائمٍ فِي اكتحالي ... يَوْم استباحوا دم الْحُسَيْن)
(فَقلت دَعْنِي أحقُّ عضوٍ ... ألبس فِيهِ السَّواد عَيْني)
قلت أحسن مِنْهُ قَول أبي الْحُسَيْن الجزار من السَّرِيع
(وَيعود عَاشُورَاء يذكرنِي ... رزء الْحُسَيْن فليت لم يعد)
(فليت عينا فِيهِ قد كحلت ... بمسرَّةٍ لم تخل من رمد)
(ويداً بِهِ لمشاتةٍ خضبت ... مَقْطُوعَة من زندها بيَدي)
(يومٌ سبيلي حِين أذكرهُ ... أَن لَا يَدُور الصَّبر فِي خلدي)
)
(أمَّا وَقد قتل الْحُسَيْن بِهِ ... فَأَبُو الْحُسَيْن أحقُّ بالكمد)
قلت مَا أحسن قَوْله مَقْطُوعَة من زندها بيَدي وَهُوَ جزارٌ لقد ظرَّف إِلَى الْغَايَة وَمن شعر ابْن جكّينا من الْبَسِيط
(يَا من تواضعه للنَّاس عَن ضعةٍ ... مِنْهُ فَمن أجلهَا بِالْكبرِ يتَّهم)
(قعدت عَن صلَة الرّاجي وَقمت لَهُ ... وَهَذَا وثوبٌ على الطلاَّب لَا لَهُم)
وَمِنْه من المنسرح
(ومظهرٍ ودَّه لسائله ... يكفُّ عَنهُ الأطماع بالياس)
(يقوم للنَّاس مكرماً فَإِذا ... راموا نداه يقوم للنَّاس)(11/300)
وَمِنْه أَيْضا من السَّرِيع
(قصدت فتعالى بِهِ قدري ... فدتك النَّفس من قَاصد)
(وَمَا رأى الْعَالم من قبلهَا ... بحراً سعى قطُّ إِلَى وَارِد)
3 - (النبَّال مقرىء مَكَّة)
الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد النبَّال القوَّاس مقرىء مَكَّة توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين ومئتين
3 - (البزكان الْوَاعِظ)
الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن الْأنْصَارِيّ أَبُو عَليّ الْوَاعِظ الصُّوفِي الملقب بالبزكان بِضَم الْيَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الزَّاي وَبعدهَا كَاف وَبعد الْألف نون الْبَغْدَادِيّ كَانَ لَهُ كلامٌ على لِسَان أهل الطَّرِيقَة سمع جمَاعَة مِنْهُم الْحُسَيْن بن أَحْمد النِّعالي ورزق الله بن عبد الْوَهَّاب التَّمِيمِي وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُف الأسفراييني وَغَيرهم وسافر إِلَى الشَّام ومصر وَالْجِبَال وَصَحب المشاريخ الْكِبَار وخدمهم وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وخمسمئة وَمن شعره من الطَّوِيل
(سأصبر جهدي مَا اسْتَطَعْت وَلَا أبدي ... فَمَا قصدهم قصدي وَلَا وجدهم وجدي)
(وأكتم حبا قد تقادم عَهده ... لعلّي أنال الْقرب من دونهم وحدي)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(إِن النُّجُوم لترثي لي وترحمني ... مِمَّا أَبيت أقاسيه من السَّهر)
(أَبيت فِي وَصله من هجره وجلاً ... أذري الدُّموع على خدَّيَّ كالمطر)
قلت شعر مَقْبُول)
3 - (ابْن الحويزي)
الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان العباسي الْمَعْرُوف بِابْن الحويزي نَشأ بِبَغْدَاد وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن بالروايات على أبي الْكِرَام الْمُبَارك بن الشهرزوري وَسمع مِنْهُ وَمن أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن السَّمرقندي والحافظ بن نَاصِر وَغَيرهم قَرَأَ الْأَدَب على أبي مُحَمَّد بن الخشاب وَسكن واسطاً إِلَى أَن مَاتَ بهَا سنة ثَلَاث وَسبعين وخمسمئة وَكَانَ يقرىء الْقُرْآن بهَا وَالْأَدب ويعلّم الصّبيان الْغناء بالألحان وَكَانَ يعرف الموسيقى وَكَانَ مشتهراً بِالسَّمَاعِ وَحُضُور أَمَاكِن الْغناء وَكَانَ أديباً فَاضلا حسن الْمعرفَة بالنحو وَيَقُول الشّعْر وَكَانَ متصوّفاً ظريفاً لطيفاً جميل الْهَيْئَة كثير الْعِبَادَة متنسِّكاً(11/301)
صَالحا أورد لَهُ محب الدّين بن النجار من الوافر
(غرامٌ كل يومٍ مستجدُّ ... وشوقٌ مَاله أمدٌ وحدُّ)
(وجبٌّ كلما يزْدَاد قلبِي ... بِهِ شغفاً تزايد مِنْهُ صدُّ)
(فيا أملي إِذا أمّلت شَيْئا ... وَيَا ذخري وَيَا كنزي المعدُّ)
(أرى موتِي إِذا أَعرَضت عني ... وَإِن واصلتني روحي تردُّ)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الرجز
(الصَّبْر على الغرام أجمل ... والعاشق للبلاء أحمل)
(يَا عاذل كفَّ عَن ملامي ... كم اسمح والحبيب يبخل)
(كم اجرك فِي خلاص قلبِي ... من زلقته وَقد توحَّل)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو طَاهِر كَاتب المرتضى)
الْحسن بن أَحْمد بن نصير أَبُو طَاهِر المتكلَّم كَاتب الشريف المرتضى أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن الزَّينبي حدَّث بيسيرٍ وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وأربعمئة
3 - (أَبُو مُحَمَّد إِبْنِ المنجم)
الْحسن بن أَحْمد بن يحيى بن عَليّ بن المنجم أَبُو مُحَمَّد أديبٌ فاضلٌ شاعرٌ من بيتٍ مشهورٍ بمنادمة الْخُلَفَاء وسافر من بَغْدَاد إِلَى الصاحب ابْن عباد وَكَانَ خصيصاً بِهِ مَاتَ وَمن شعره من السَّرِيع)
(يَا ليل يَا ليل إِلَى أَيْن ... أحبس على ذين الضجيعين)
(ناشدتك الله اتئد سَاعَة ... فالصبح منا موعد الْبَين)
وَمِنْه
(يَقُولُونَ صبحٌ فاضحٌ فتفرّقا ... فأطبقت جفني خوف أَن أتحقَّقا)
(فيا لَيْلَة الهجر الَّتِي مَالهَا فَنًّا ... صلي لَيْلَة الهجر الَّتِي مَالهَا بقا)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْكُوفِي)
الْحسن بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم الكوفيُّ الْكَاتِب سكن بَغْدَاد وَكَانَ أديباً مُرْسلا شَاعِرًا حسن المذاكرة بأخبار الْخُلَفَاء والوزراء عَالما بأيام الْفرس وأخبارها أحد الأجواد الظرفاء كتب إِلَيْهِ عبد الله بن المعتز من الوافر
(بدأتك بِالْكتاب وَأَنت لاهٍ ... وحزت عَلَيْك فضل الِابْتِدَاء)
(فصرت الْآن أفضل مِنْك ودَّاً ... وَكُنَّا قبل ذَاك على السَّواد)(11/302)
فَأجَاب من الطَّوِيل
(بدأت بفضلٍ لم تزل ربّ مثله ... فيا مُؤثر الْحسنى على الْقرب والنأي)
(وَمَا أَنا فِي حبّيك إلاّ مبرَّدٌ ... وعقدي فِيهِ بالدّيانة والرَّأي)
3 - (أَبُو مُحَمَّد المخلدي)
الْحسن بن أَحْمد بن محمّد بن الْحسن بن عليّ بن مخلد بن شَيبَان أَبُو مُحَمَّد المخلدي النَّيْسَابُورِي الْعدْل شيخ الْعَدَالَة وبقيَّة أهل الْبيُوت سمع وروى وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وثلاثمئة
3 - (ابْن شَاذان)
الْحسن بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن مُحَمَّد بن شَاذان أَبُو عَليّ ابْن أبي بكر الْبَغْدَادِيّ الزاز ولد فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وأربعمئة
سَمعه أَبوهُ من أبي عمر وَابْن السماك وجماعةٍ قَالَ الْخَطِيب كتبنَا عَنهُ وَكَانَ صَدُوقًا صَحِيح السماع يفهم الْكَلَام على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ وَيشْرب النَّبِيذ على مَذْهَب الْكُوفِيّين ثمَّ تَركه بِآخِرهِ حدَّث مُحَمَّد بن يحيى الْكرْمَانِي قَالَ كنت يَوْمًا بِحَضْرَة أبي عَليّ ابْن شَاذان فَدخل شابٌ فسلَّم)
ثمَّ قَالَ أَيّكُم أَبُو عَليّ ابْن شَاذان فأشرنا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَيهَا الشَّيْخ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقَالَ سل عَن أبي عَليّ ابْن شَاذان فَإِذا لَقيته فأقره مني السَّلَام قَالَ ثمَّ انْصَرف الشابُّ فَبكى أَبُو عليّ وَقَالَ مَا أعرف لي عملا استحقُّ بِهِ هَذَا اللَّهم إلاّ أَن يكون صبري على قِرَاءَة الحَدِيث وتكرير الصَّلَاة على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما جَاءَ ذكره
قَالَ الْكرْمَانِي وَلم يلبث بعد ذَلِك إلاّ شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة حَتَّى مَاتَ
3 - (ابْن أبي سَلمَة الْكَاتِب)
الْحسن بن أَحْمد بن يحيى أَبُو أَحْمد ابْن أبي سَلمَة الْكَاتِب النَّيْسَابُورِي أحد المعروفين بِالْفَضْلِ وَالشعر سمع من الْأَمِير أبي الْفضل الميكالي وَأبي الْحُسَيْن عبد الغافر وَتُوفِّي سنة عشرٍ وخمسمئة تقدّم ذكر وَالِده أَحْمد بن يحيى بن سَلمَة فِي الأحمدين وَكَانَ يعرف بالشيخ أميرك(11/303)
وَعَمه أَبُو الْحسن عليُّ بن يحيى وَمن شعر الْحسن هَذَا من الطَّوِيل
(وَلما رَأَيْت الدَّهْر أشرق وَجهه ... وانجز وَعدا لم ير الْخلف واعده)
(صرفت عنان الْقَصْد عَن كل وجهةٍ ... إِلَى من قُلُوب الآملين قواصده)
(أقرَّ لَهُ أهل الزَّمَان بأنّه ... بِلَا مريةٍ فَرد الزّمان وواحده)
(هزبر هياج مَا تكلّ نيوبه ... وبحر نوالٍ مَا تجفُّ موارده)
قلت هُوَ أشعر من أَبِيه وَمن عَمه عَليّ بن يحيى الْمَذْكُور وسوف يَأْتِي ذكر عَمه فِي حرف الْعين
3 - (ابْن العنصري الْمَالِكِي)
الْحسن بن أَحْمد بن عبد الله بن مُوسَى بن غلُّورا وجدته مضبوطاً بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وضمِّ اللَّام المسدَّدة وَسُكُون الوار وَبعد الرَّاء ألفٌ أَبُو عل الغافقي الْمَعْرُوف بِابْن العنصري من أهل ميورقة كَانَ فَقِيها مالكيّاً سمع بِبَلَدِهِ عبد الرَّحْمَن بن سعيدٍ الْفَقِيه وَابْن عَمه الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن غلوز وبالقدس مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن مُحَمَّد الطُّرطوشي وَحمد ابْن عَليّ الرهاوي وبدمشق مُضر بن إِبْرَاهِيم النابلسيّ وَأَبا محمدٍ ابْن فُضَيْل وَأَبا الْفضل ابْن الْفُرَات وبمكة الْحُسَيْن بن عَليّ الطبريّ وَمُحَمّد بن ثَابت الْبَنْدَنِيجِيّ وببغداد من النَّقِيب طرادٍ الزينبيَّ وَأبي الْخطاب ابْن البطر وَغَيرهمَا وَكتب عَنهُ أَبُو عامرٍ الْعَبدَرِي وَتوجه إِلَى بِلَاده من دمشق سنة إِحْدَى وَتِسْعين وأربعمئة)
3 - (ابْن الحكّاك)
الْحسن بن أَحْمد بن محمودٍ الخجندي السِّنجاري الْمَعْرُوف بِابْن الحكَّاك الرئيس صفيُّ الدّين كَانَ من فضلاء سنجار توفّي سنة أَربع وستمئة ورد إِلَى الشَّام ومدح السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْكَبِير وَولده الظَّاهِر وَمن شعره فِي كلب من الْبَسِيط
(أوصيك يَا بني بحامي الشَّاء وَالْإِبِل ... وجالب الضَّيْف من سهلٍ وَمن جبل)
(يسرُّ بالضيف قبلي ثمَّ يسْبقهُ ... نحوي ويرقص لي من شدّة الجذل)
ونقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني بسنجار حِين مقدمي إِلَيْهَا رَسُولا عَن الْملك الْعَادِل لنَفسِهِ فِي الْغَزل من الْخَفِيف
(أَيهَا المستحل قَتْلِي بلحظٍ ... هُوَ أمضى من الحسام الصَّقيل)
(مَا سمعنَا من قبل أَن المنايا ... كامناتٌ فِي كل طرفٍ كحيل)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي مدح البومة من الْبَسِيط(11/304)
(يَا بومة القبَّة الخضراء قد أنست ... روحي بروحك إِذْ يستبشع البوم)
(وَيَا أنيسَة أحزاني برنَّتها ... حوشيت مَا فِيك مكروهٌ وَلَا شوم)
زهدت فِي عَامر الدُّنْيَا فاسكنك الزّهْد الخراب فَمن يشناك مَذْمُوم
3 - (قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين الْحَنَفِيّ)
الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن أنوشروان قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين أَبُو الْفَضَائِل ابْن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أبي المفاخر الرّازي ثمَّ الرُّومي الْحَنَفِيّ ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ باقصرا وَولي قَضَاء ملطيّة أَكثر من عشْرين سنة ثمَّ نزح إِلَى الشَّام سنة خمسٍ وَسبعين وستمئة خوفًا من التتار وَأقَام بِدِمَشْق وَولي قضاءها سنة سبعٍ وَسبعين بعد القَاضِي صدر الدّين سُلَيْمَان
وامتدت أَيَّامه إِلَى أَن تسلطن حسام الدّين لاجين فَسَار إِلَيْهِ سنة ستٍ وَتِسْعين فَأقبل عَلَيْهِ وولاّه الْقَضَاء بالديار المصرية وَولي ابْنه جلال الدّين مَكَانَهُ بِدِمَشْق وَبَقِي معظّماً وافر الْحُرْمَة إِلَى أَن قتل السُّلْطَان حسام الدّين وَهُوَ عِنْده فَلَمَّا زَالَت دولة حسام الدّين قدم دمشق على مناصبه وقضائه بِدِمَشْق وعزل وَلَده وَكَانَ مَجْمُوع الْفَضَائِل كثير المكارم متودِّداً إِلَى النَّاس لَهُ أدبٌ وشعرٌ وَفِيه خيرٌ ومروءة وحشمةٌ خرج إِلَى المصافِّ وَشهد الْغُزَاة وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ فِي سنة تسع وَتِسْعين وسمتئة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين والأضح أَنه لم يقتل بالغزاة وصحَّ)
مروره مَعَ المنهزمين بِنَاحِيَة جبل الجرديّين وَأَنه أسر وَبيع للفرنج وَأدْخل إِلَى قبرس هُوَ وجمال الدّين المطروحي وَقيل أَنه تعاطى الطبَّ والعلاج وَأَنه جلس يطبّب بقبرس وَهُوَ فِي الْأسر وَلَكِن لم يثبت ذَلِك وَالله أعلم انْتهى قلت وَلما كنت بِدِمَشْق سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وسبعمئة جَاءَ الْخَبَر إِلَى وَلَده القَاضِي جلال الدّين على مَا شاع بِدِمَشْق أَن وَالِده القَاضِي حسام الدّين حيٌّ يرْزق بقبرس وَأَنه يُرِيد الْحُضُور إِلَى الشَّام وَيطْلب مَا يفكّ بِهِ من الْأسر ثمَّ إِن القضيّة سكنت
3 - (الْمُوفق بن الديباجي)
الْحسن بن أَحْمد هُوَ القَاضِي موفق الدّين بن أبي المكارم بن أبي الْحُسَيْن ابْن الدِّيباجي المصريُّ الْكَاتِب بديوان الْإِنْشَاء للْملك الْكَامِل توجّه رَسُولا وَعَاد فَأدْرك أَجله بِدِمَشْق فِي شهر رَجَب سنة سبع عشرَة وستمئة وَمن شعره
3 - (أَبُو هلالٍ القيرواني)
الْحسن بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن أبي هلالٍ التجِيبِي من أَبنَاء القيروان أَبُو هلالٍ غلبت عَلَيْهِ كنيته قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج أوطن سوسة(11/305)
وَهُوَ شاعرٌ مَعْرُوف حسن الطَّرِيقَة متصرف بَين التَّصنيع والاسترسال أَحْيَانًا صَاحب مكاتبات ومتضمرات ومعمّى ومطيَّرات وملح وفكاهات ومدحه قليلٌ وَأورد لَهُ من الْخَفِيف
(والحاظك الَّتِي تَرَكتنِي ... عرضا للسِّهام مَا دمت حيّاً)
وَالَّذِي أجتنيه من ورد خديك ليَالِي الْوِصَال غضّاً طريّاً وتثنيك ذَا الَّذِي أذهل الْعقل وَأبقى بَين الجوانح كيّاً مَا تحاكيك أرام وجرة فِي الْحسن وَلَا الْبَدْر فِي سناه المضيّا
(أَنْت أَسْنَى من بدر تمٍّ وَأحلى ... من ظبا القفر مبسماً ومحيّاً)
قلت كَذَا وجدت الْبَيْت الرَّابِع وَأَظنهُ
(مَا تحاكي آرام وجرة ذَا الْحسن ... وَلَا الْبَدْر السناء المضيّا)
ويخلص من الزحاف واللحن وعَلى كلّ حالٍ فَهُوَ مَأْخُوذ من قَول البحتري من الْخَفِيف أَترَانِي مستبدلاً بك مَا عِشْت خَلِيلًا أَو واجداً مِنْك بدّا حاش الله أَنْت أفتن ألحاظا وَأحلى شكلاً وأرشق قدّاً)
3 - (العزّ الإربلي الطَّبِيب)
الْحسن بن أَحْمد بن زفر الْحَكِيم عزُّ الدّين الإربلي سمع ابْن الخلاَّل والموازيني وخلقاً قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ مظلماً فِي دينه ونحلته متفلسفاً صَادِقا فِي نَقله حصّل اثبات سماعاته وألَّف كتبا وتواريخ مِنْهَا السّيرة فِي مجلّدين وَسمع مَعنا كثيرا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وسبعمئة قلت ومجاميعه بِخَطِّهِ مَعْرُوفَة وغالبها تراجم شعراء وتواريخ ووفيات وَيعرف بالعزّ الإربلي الطَّبِيب
3 - (الشَّيْخ حسن)
حسن بن ارتنا هُوَ الْأَمِير الشَّيْخ حسن وَقد تقدّم ذكر وَالِده كَانَ هَذَا الشَّيْخ حسن الْمَذْكُور من أحسن الأشكال وأتمها سمع بن مرّة الْأَمِير سيف الدّين طشتمر نَائِب حلب وَأَنه وصل إِلَى بهسنا لِأَنَّهُ كَانَ قد توجَّه رَسُولا إِلَى الشَّيْخ حسن الْكَبِير فِي بَغْدَاد فَكتب إِلَى نَائِب بهسنا بِطَلَبِهِ فَحَضَرَ إِلَيْهِ وَأَعْجَبهُ شكله وسمته وخلع عَلَيْهِ خلعةً سنيّةً وَأَعَادَهُ إِلَى وَالِده وَكَانَ وَالِده قد خطب لَهُ ابْنة صَاحب ماردين الْملك الصَّالح شمس الدّين فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وجهَّزها إِلَيْهِ وَمَا أَظُنهُ دخل بهَا بل مرض فِي سيواس وَكَانَ وَالِده فِي قيصريَّة فَحَضَرَ إِلَيْهِ وَتُوفِّي(11/306)
رَحمَه الله فِي شوّال سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وسبعمئة وَكتب أَبوهُ إِلَى صَاحب ماردين يَقُول لَهُ إِن لي ابْنا آخر يصلح لزواجها وَأَعْطَاهَا مَدِينَة خرتبرت
3 - (أَبُو عَليّ الْعَطَّار)
الْحسن بن إِسْحَاق بن عَليّ أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ العطّار وثّقه الْخَطِيب توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (ابْن أبي عبَادَة اليمني)
الْحسن بن إِسْحَاق بن أبي عبَادَة اليمني النَّحْوِيّ من وُجُوه الْيمن كَانَ يصحب الْفَقِيه يحيى بن أبي الْخَيْر وعمّه إِبْرَاهِيم بن أبي عبادٍ نحويٌّ أَيْضا وصنَّف الْحسن هَذَا مُخْتَصرا فِي النَّحْو يقرأه المبتدئون قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَهُوَ قريب الْعَهْد تقَارب وَفَاته سنة تسعين وخمسمئة وَهُوَ الْقَائِل من المتقارب
(لعمرك مَا اللّحن من شيمتي ... وَلَا أَنا من خطأ أَلحن)
(ولكنَّني قد عرفت الْأَنَام ... أخاطب كلا بِمَا يحسن)
)
3 - (أَبُو عَليّ بن الجواليقي)
الْحسن بن إِسْحَاق بن موهوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الجواليقي أَبُو عَليّ بن أبي طاهرٍ العلاَّمة أَبُو منصورٍ من أهل الْعلم وَالدّين سَمَاعه صحيحٌ وَسمع الكثيرّ فِي صِباه من أبي بكر مُحَمَّد بن عبيد الله بن نصر الزَّاغوني وَأبي الْقَاسِم نصر بن نصر بن العكبري وَأبي الرقت عبد الأول السجْزِي وَأبي زرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طاهرٍ الْمَقْدِسِي وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ وَكَانَ شَيخا حسنا مرضيّ الطَّرِيقَة متديناً صَدُوقًا سَاكِنا حسن السَّمت ولد سنة أَربع(11/307)
وَأَرْبَعين وخمسمئة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وستمئة
3 - (ابْن أَسد الفارقي)
الْحسن بن أَسد بن الْحسن الفارقي أَبُو نصرٍ شاعرٌ رَقِيق حَوَاشِي النّظم كثير التَّجْنِيس كَانَ فِي أَيَّام نظام الْملك وَالسُّلْطَان ملكشاه شَمله مِنْهُمَا الجاه بعد أَن قبض عَلَيْهِ وأساء إِلَيْهِ فَإِنَّهُ قد تولَّى آمد وأعمالها واستبدَّ بِاسْتِيفَاء مَالهَا فخلَّصه الْكَامِل الطَّبِيب وَكَانَ نحوياً رَأْسا وإماماً فِي اللُّغَة يقْتَدى بِهِ وصنَّف فِي الْآدَاب تصانيف وَله شرح اللُّمع كبيرٌ كتاب الإفصاح فِي العويص شرح فِيهِ أبياتاً مشكلةً وأجاد فِيهِ كتبته بخطي جَمِيعه وَكتاب الألغاز اتّفق أَنه كَانَ شاعرٌ من الْعَجم يعرف بالغسَّاني وَفد على أَحْمد بن مَرْوَان وَكَانَت عَادَته إِذا وَفد عَلَيْهِ الشَّاعِر يُكرمهُ وينزله وَلَا يستحضره إلاّ بعد ثَلَاثَة أيامٍ وَاتفقَ أنّ الغساَّني لم يكن أعدَّ شعرًا يمدحه بِهِ ثِقَة بِنَفسِهِ فَأَقَامَ ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يفتح عَلَيْهِ بِشَيْء فَأخذ قصيدةً من شعر ابْن أسدٍ وَلم يغيّر فِيهَا غير الِاسْم فَغَضب الْأَمِير وَقَالَ هَذَا العجميُّ يسخر منَّا فَأمر أَن يكْتب ذَلِك إِلَى ابْن أسدٍ فَأعْلم الغسانيُّ بعض الْحَاضِرين بذلك فجهَّز الغسَّانيُّ غُلَاما لَهُ جلدا إِلَى ابْن أسدٍ يدْخل عَلَيْهِ ويعرِّفه الْعذر فوصل الْغُلَام إِلَى ابْن أسدٍ قبل وُصُول قَاصد ابْن مَرْوَان فَلَمَّا علم ذَلِك كتب الْجَواب إِلَى ابْن مَرْوَان أَنه لم يقف على هَذِه القصيدة أبدا وَلم يرهَا إلاّ فِي كِتَابه فَلَمَّا وقف ابْن مَرْوَان على الْجَواب أَسَاءَ إِلَى السّاعي وسبَّه وَقَالَ إِنَّمَا تُرِيدُونَ فَضِيحَتِي بَين الْمُلُوك ويحملكم الْحَسَد ثمَّ أَنه أحسن إِلَى الغسَّانس وأكرمه غَايَة الاكرام وَعَاد إِلَى بِلَاده فَلم يمض على ذَلِك إلاّ مُدَّة حَتَّى اجْتمع أهل ميّا فارقين ودعوا ابْن أسدٍ إِلَى أَن يؤمِّروه عَلَيْهِم وَإِقَامَة الْخطْبَة للسُّلْطَان ملكشاه وَإِسْقَاط اسْم ابْن مَرْوَان فأجابهم إِلَى ذَلِك فحشد ابْن مَرْوَان وَنزل على ميَّافارقين فأعجزه أمرهَا فأنفذ إِلَى نظام الْملك)
وَالسُّلْطَان يستمدهما فأنفذا إِلَيْهِ جَيْشًا ومدداً مَعَ الغسَّاني الشَّاعِر الْمَذْكُور وَكَانَ قد تقدَّم عِنْد السُّلْطَان فصدقوا الحملة على ميّافارقين فملكوها وأخذوها عنْوَة وَقبض على ابْن أسدٍ وَجِيء بِهِ إِلَى ابْن مَرْوَان فَأمر بقتْله فَقَامَ الغسَّاني وجرَّد الْعِنَايَة فِي الشَّفَاعَة حَتَّى خلصه وكفله بعد عناءٍ شديدٍ فاستحيى مِنْهُ وَأطْلقهُ فَاجْتمع بِهِ وَقَالَ أتعرفني قَالَ لَا وَالله وَلَكِنِّي أعرف أَنَّك ملكٌ من السَّمَاء منَّ الله بك عليَّ لبَقَاء مهجتي فَقَالَ أَنا الَّذِي أدَّعيت قصيدتك وسترت عليَّ وَمَا جَزَاء الاحسان إلاّ(11/308)
الاحسان فَقَالَ ابْن أسدٍ مَا سَمِعت بقصيدةٍ جحدت فنفعت صَاحبهَا مثل هَذِه فجزاك الله خيرا وَانْصَرف الغسَّانيُّ من حَيْثُ جَاءَ وَأقَام ابْن أسدٍ مُدَّة ونزحت حَاله وجفاه اخوانه وعاداه أعوانه وَلم يقدم أحدٌ على مرافدته حَتَّى أضرَّ بِهِ الْعَيْش ونظم قصيدةً مدح بهَا ابْن مَرْوَان فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا غضب وَقَالَ مَا يَكْفِيهِ أَن يخلص منا رَأْسا برأسٍ حَتَّى يُرِيد منا الرِّفد لقد أذكرني بِنَفسِهِ اصلبوه فصلب سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وأربعمئة وَمن شعره من الوافر
(أريقاً من رضابك أم رحيقا ... رشفت فلست من سكري مفيقا)
(وللصهباء أسماءٌولكن ... جهلت بأنَّ فِي الْأَسْمَاء ريقا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ولربَّ دانٍ مِنْك يكره قربه ... وتراه وَهُوَ غشاء عَيْنك والقذى)
(فاعرف وخلّ مجرّباً هَذَا الورى ... واترك لقاءك ذَا كفافاً والق ذَا)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(يَا من جلا ثغره الدرَّ النظيم وَمن ... تخال أصداغه السود العناقيدا)
(اعطف على مستهامٍ صيم من أسفٍ ... على هَوَاك وَفِي حَبل العناقيدا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بَعدت فأمَّا الطَّرف مني فشاهدٌ ... لشوقي وأمَّا الطّرف مِنْك فراقد)
(فسل عَن سهادي انجم اللَّيْل إِنَّهَا ... ستشهد لي يَوْمًا بذلك الفراقد)
(قطعتك إِذا أَنْت الْقَرِيب لشقوتي ... وواصلني قومٌ إليَّ اباعد)
(فيا أهل ودِّي إِن أَبى وعد قربنا ... زمانٌ فَأنْتم لي بِهِ إِن أَبى عدوا)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَا يصرف الهمَّ إلاّ شدو محسنةٍ ... أَو منظرٌ حسنٌ تهواه أَو قدح)
)
(والراح لهمّ أنقاها فَخذ طرفا ... مِنْهَا ودع أمَّةً فِي شربهَا قَدَحُوا)
(بكرٌ تخال إِذا مَا المزج خالطها ... سقاتها أَنَّهَا زنداً بهَا قَدَحُوا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(تراك يَا متْلف جسمي وَيَا ... مكثر إعلالي وإمراضي)
(من بعد مَا أضنيتني ساخطٌ ... عليَّ فِي حبِّك أم رَاض)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قد كَانَ قلبِي صَحِيحا كالحمى زَمنا ... فمذ أبحت الْهوى مِنْهُ الْحمى مَرضا)(11/309)
(فَلم سخطت على من كَانَ شيمته ... وَقد أتحت لَهُ فِيك الْحمام رضى)
(يَا من إِذا فوًّقت سَهْما لواحظه ... أضحى لَهَا كل قلبٍ قلبٍ غَرضا)
(أَنا الَّذِي إِن يمت حبّاً يمت أسفا ... وَمَا قضى فِيك من أغراضه غَرضا)
(ألبست ثوب سقامٍ فِيك صَار لَهُ ... جسمي لدقَّته من سقمه عرضا)
(وصرت وَقفا على همٍ بجاذبني ... أَيدي الصَّبابة فِيهِ كلما عرضا)
(مَا إِن قضى الله شَيْئا فِي خليقته ... أشدَّ من زفرات الحبِّ حِين قضى)
(فَلَا قضى كلفٌ نحبي فأوجعني ... إِن قيل إنّ المحبَّ المستهام قضى)
3 - (نظام الدّين ابْن القلانسي)
الْحسن بن أسعد الصّدر نظام الدّين أَخُو الصَّاحب عز الدّين بن القلانسي توفّي سنة خمس عشرَة وسبعمئة
3 - (نَاصِر الدّين بن درباس)
الْحسن بن اسماعيل بن عبد الْملك بن درباس الشَّيْخ نَاصِر الدّين ابْن القَاضِي صدر الدّين مدرِّس مدرسة سيف الْإِسْلَام الَّتِي بالبندفانيّين بِالْقَاهِرَةِ توفّي سنة سِتّ وَسبعين وستمئة وَكَانَ أديباً شَاعِرًا وَمن شعره
3 - (أَبُو مُحَمَّد الضرّاب الْمصْرِيّ)
الْحسن بن إِسْمَاعِيل بن محمدٍ الضرَّاب الْمصْرِيّ أَبُو مُحَمَّد مصنّف الْمُرُوءَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمئة وَسمع أَحْمد بن مَرْوَان الدينَوَرِي وَأَبا الْحسن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْحَدِيد الْمصْرِيّ وَأحمد بن مَسْعُود الْمَقْدِسِي وَعُثْمَان بن مُحَمَّد الذَّهَبِيّ وَغَيرهم وَسمع بعسقلان وروى)
عَنهُ ابْنه عبد الْعَزِيز وَأحمد بن عَليّ بن هاشمٍ المقرىء ورشأ بن نظيفٍ الدِّمَشْقِي وجماعةٌ
3 - (الشَّيْخ حسن الْكَبِير)
حسن بن أقبغا بن ايلكان النوين الْكَبِير الشَّيْخ حسن صَاحب بَغْدَاد كَانَ أَولا زوج بَغْدَاد خاتون ابْنة جوبان وَقد تقدَّم ذكرهَا فأحبَّها القان بو سعيدٍ وَأَخذهَا مِنْهُ بعد مَا أَتَت مِنْهُ بِابْنِهِ الْأَمِير أيلكان وَأبْعد الشَّيْخ حسن الْكَبِير وَلم يزل إِلَى أَن ملك(11/310)
بَغْدَاد وَنزل بهَا وَجَرت لَهُ حروبٌ وخطوبٌ وكروبٌ بعد موت بو سعيدٍ مَعَ طغاي بن سوتاي وَإِبْرَاهِيم شاه بن سوتاي وَأَوْلَاد تمرتاش وَغَيرهم وَنَصره الله عَلَيْهِم ثمَّ أَنه تزوّج بعد موت بو سعيدٍ بالخاتون دلشاذ ابْنة دمشق خواجا فَهِيَ ابْنة أخي بَغْدَاد وَمَال إِلَى مُلُوك مصر وهادنهم وانتظمت كلمة الْوِفَاق بَينه وَبَين مُلُوك مصر وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بكتب إِلَيْهِ وَترد الرُّسُل بَينهمَا والهدايا وَمَال إِلَى الْمُسلمين ميلًا كثيرا وَجرى فِي أَيَّامه فِي بَغْدَاد الغلاء الْعَظِيم حَتَّى أبيع الْخَبَر على مَا قيل بشح الدَّراهم ونزح النَّاس عَن بَغْدَاد وَعدم مِنْهَا حَتَّى الْوَرق ثمَّ أَنه أظهر الْعدْل والأمن فتراجع النَّاس غليها فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسبعمئة وَفِي أول سنة تسع وَأَرْبَعين توجَّه إِلَى ششتر ليَأْخُذ من أَهلهَا قطيعةً كَانَ قرَّرها عَلَيْهِم فَلَمَّا أَخذهَا وَعَاد وجد نوَّبه قد وجدوا فِي رواق الْعَزِيز بِبَغْدَاد ثَلَاثَة أجباب نُحَاس مثل أجباب الهريسة طول كل جبٍّ مَا يُقَارب الذراعين وَالنّصف وَهِي مَمْلُوءَة ذَهَبا مصريّاً وصوريّاً ويوسفيّاً وَفِي بعضه سكَّة الإِمَام النَّاصِر وَكَانَ وزن ذَلِك أَرْبَعَة آلَاف رطلٍ بالبغدادي يكون ذَلِك مَثَاقِيل خمسمسة ألف مِثْقَال
3 - (الغياثي الْبَصْرِيّ)
الْحسن بن زدغان بضمِّ الْبَاء الموحّدة وَسُكُون الزَّاي وضمِّ الدّال الْمُهْملَة وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف نون ابْن ايلدكز الغياثي الْبَصْرِيّ توفّي بِبَغْدَاد فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من صفر سو تسع وَأَرْبَعين وستمئة أَنْشدني من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدنا للمذكور الْحَافِظ شرف الدّين الدِّمياطي من الْبَسِيط
(يَا حبَّذا ليلةٌ بَات الحبيب بهَا ... يجلو عليَّ كؤوس الرَّاح فِي الغسق)
فاعجب لبدر دجى يسْعَى بشمس ضحى وفرعه كالدُّجا وَالْفرق كالفلق
(جلَّت مَعَانِيه عَن وصف يُحِيط بهَا ... فَلَا شَبيه لَهَا فِي الْخلق والخلق)
(نادمته وَسَوَاد الْفَرْع يسترنا ... لَوْلَا بَيَاض ثنايا ثغره اليقق)
)
(يصغي حَيَاء إِذا عاتبته خجلاً ... حَتَّى تبلَّلّ صدغاه من الْعرق)
(وتغرب الشَّمْس شمس الراح فِي فَمه ... فينجلي فَوق خدَّيه سنا الشَّفق)
قلت شعر متوسط وَهَذَا الْمَعْنى متداولٌ وَأحسن مَا فِيهِ قَول الْقَائِل من الْبَسِيط
(يَا صاحبيَّ امزجا كأس المدام لنا ... كَيْمَا يضيء لنا من نورها الغسق)
(خمرًا إِذا مَا نديمي همَّ يشْربهَا ... أخْشَى عَلَيْهِ من اللألاء يَحْتَرِق)
(لَو رام يحلف أَن الشَّمْس مَا غربت ... فِي فِيهِ كذَّبه فِي خدِّه الشَّفق)
3 - (ابْن بشر الْآمِدِيّ)
الْحسن بن بشر بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الآمديُّ النَّحْوِيّ الْكَاتِب(11/311)
سمع من إِبْرَاهِيم بن عَرَفَة نفطويه النَّحْوِيّ وَغَيره وَأخذ الْعلم عَن الْأَخْفَش والزجَّاج وَابْن دُرَيْد وَغَيرهم وَولي الْقَضَاء بِالْبَصْرَةِ سنة نَيف وَخمسين وثلاثمئة رجلٌ لم يكن عِنْدهم بِمَنْزِلَة من صرف بِهِ لِأَنَّهُ ولي صارفاً لأبي الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي فَقَالَ فِيهِ أَبُو الْقَاسِم الْحسن بن بشر الْآمِدِيّ من المتقارب رَأَيْت قلنسية يستغيث من فَوق راسٍ تنادي خذوني وَقد قلقت وَهِي طورا تميل من عَن يسارٍ وَمن عَن يَمِين
(فطوراً ترَاهَا فويق الْقَفَا ... وطوراً ترَاهَا فويق الجبين)
(فَقلت لَهَا أَي شيءٍ دهاك ... فردَّت بقول كئيبٍ حَزِين)
(دهاني أَن لست فِي قالبي ... وأخشى من النَّاس أَن يبصروني)
(وَأَن يعبثوا بمزاحٍ معي ... وَإِن فعلوا ذَاك بِي قطَّعوني)
(فَقلت لَهَا مرَّ من تعرفين ... من المنكرين لهذي الشؤون)
(وَمن كَانَ يصفع فِي الدِّين لَا ... يملّ ويشتد فِي غير لين)
ويسلخ ملاك كيل التَّمام إمّا على صحّةٍ أَو جُنُون
(ففارقها ذَلِك الانزعاج ... وعادت إِلَى حَالهَا والسُّكون)
وَقَالَ فِي أبي محمدٍ المافرُّوخي وَكَانَ عَالما فَاضلا لَا يجارى لكنه كَانَ تمتاماً وَهُوَ معنى مليحٌ من الْكَامِل
(لَا تنظرنَّ إِلَى تعتقه إِذا ... رام الْكَلَام وَلَفظه المعتاص)
)
(وَانْظُر إِلَى الحكم الَّتِي يَأْتِي بهَا ... تشفيك عِنْد تطلّق وخلاص)
(فالدرُّ لَيْسَ يَنَالهُ غوَّاسه ... حَتَّى يقطع أنفس الغوَّاص)
وَولد أَبُو الْقَاسِم بِالْبَصْرَةِ وَقدم إِلَى بَغْدَاد وَكتب بهَا لأبي جعفرٍ هَارُون بن وَمُحَمّد الضّبي خَليفَة أَحْمد بن هِلَال صَاحب عمان بِحَضْرَة المقتدر ووزارته وَلغيره من بعده وَكتب بِالْبَصْرَةِ لأبي الْحسن أَحْمد وَطَلْحَة ابْني الْحسن بن المثنَّى وبعدهما لقَاضِي الْبَلَد أبي جَعْفَر ابْن عبد الْوَاحِد الْهَاشِمِي على الْوُقُوف الَّتِي تَلِيهَا الْقُضَاة وبحضرته فِي مجْلِس حكمه ثمَّ لِأَخِيهِ أبي الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد لما ولي قَضَاء الْبَصْرَة ثمَّ أَنه لزم بَيته إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة سبعين وثلاثمئة وَقيل قبل السَّبعين وَقيل سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمئة وَمن تصانيفه كتاب المؤتلف والمختلف فِي(11/312)
أَسمَاء الشُّعَرَاء كتاب نثر المنظوم كتاب الموازنة بَين أبي تَمام والبحتري وَهُوَ كتاب جيدٌ وَنسب فِيهِ إِلَى الْميل مَعَ البحتري والتعصُّب على أبي تمامٍ وَكتاب فِي أَن الشاعرين لَا تتفق خواطرهما كتاب مَا فِي عيار الشّعْر لِابْنِ طَبَاطَبَا من الْخَطَأ كتاب فرق مَا بَين الخاصّ والمشترك من مَعَاني الشّعْر كتاب تَفْضِيل شعر امرء الْقَيْس على شعر الْجَاهِلِيَّة كتاب فِي شدَّة حَاجَة الْإِنْسَان إِلَى أَن يعرف نَفسه كتاب تَبْيِين غلط قدامَة بن جَعْفَر فِي نقد الشّعْر كتاب مَعَاني شعر البحتري كتاب الرّد على ابْن عمارٍ فِيمَا خطَّأ فِيهِ أَبَا تمامٍ كتاب فعلت وافعلت لم يصنًّف مثله كتاب الْحُرُوف من الْأُصُول فِي الأضداد وَله غير ذَلِك وَله ديوَان شعره وَهُوَ صغيرٌ
3 - (أَبُو عَليّ الْهَمدَانِي الْكُوفِي)
الْحسن بن بشر بن سلمٍ أَبُو عليٍّ الْهَمدَانِي البجليُّ الْكُوفِي قَالَ أَبُو حَاتِم صدوقٌ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ ابْن عدي لَيْسَ هُوَ بمنكر الحَدِيث وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين ومئتين
3 - (ابْن سُفْيَان الصّوفي المغربي)
الْحسن بن أبي بكر بن سُفْيَان الصَّيرفي ذكره ابْن رَشِيق فِي الانموذج وَقَالَ من أهل الْعلم بِهَذِهِ الصِّنَاعَة وَالذكر والتقدّم فِيهَا وَله فِي النُّجُوم نظرٌ جيدٌ وَعَمه الْفَقِيه أَبُو عمر ابْن سُفْيَان أحد فُقَهَاء بلدنا وعبَّاده وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا من الْعلمَاء بِالشَّرْعِ وَأورد لَهُ من السَّرِيع
(يَا لَيْلَة بتُّ بهَا معجباً ... مَا كَانَ أحلى طعمها فِي فمي)
)
(بتُّ وَبَات الْبَدْر لي صاحباً ... فِي مجلسٍ قد حفَّ بالأنعم)
(يسْقِي من الراح سلافاتها ... فِي أكؤسٍ صيغت من الأنجم)
(مَا زَالَ يلهيني وألهو بِهِ ... حَتَّى انثنى الظَّبي على معصمي)
(وَكلما حاول أَن يَهْتَدِي ... نكَّس بالرَّاس كَفعل الحم)
(رقَّ لَهُ قلبِي فقلَّبته ... نقدي للدِّينار والدِّرهم)(11/313)
(وَلم أزلأدنيه من مهجتي ... حَتَّى لقد اسكنته أعظمي)
(جعلته من مقلتي ناظري ... وَمن فُؤَادِي فِي مَكَان الدَّم)
(أسْتَغْفر الله فكم من لذةٍ ... قد نلتها مِنْهُ بِلَا محرم)
قلت شعرٌ منسجمٌ بِلَا غوص
3 - (الجنّابيُّ)
الْحسن بن بهرامٍ أَبُو سعيدٍ الجنَّابي بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد النُّون وَبعد الْألف باءٌ مُوَحدَة كَبِير القرامطة ظهر سنة ستٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَحْرَيْنِ وَاجْتمعَ إِلَيْهِ جماعةٌ من الْأَعْرَاب والقرامطة وَقَوي أمره فَقتل من حوله من الْقرى وَكَانَ أَبُو سعيدٍ أَولا يَبِيع للنَّاس الطَّعَام ويحسب لَهُم بيعهم ثمَّ أَن أَمرهم عظم وقربوا من نواحي الْبَصْرَة فجهّز إِلَيْهِم المعتضد جَيْشًا مقدمه العبَّاس بن عَمْرو الغنوي فتواقعوا وقْعَة شَدِيدَة وَانْهَزَمَ العبَّاسيون وَأسر العبَّاس وَذَلِكَ فِي شعْبَان سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وَقتل أَبُو سعيد الأسرى وحرقهم بالنَّار واستبقى الْعَبَّاس ثمَّ أطلقهُ بعد أيامٍ وَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى صَاحبك وعرِّفه مَا رَأَيْت فَدخل إِلَى المعتضد وخلع عَلَيْهِ
ثمَّ إِن القرامطة دخلُوا بِلَاد الشَّام سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَجَرت بَين الطَّائِفَتَيْنِ وقعاتٌ وَكَانَ أَبُو سعيد قد استولى على هجر والقطيف والطائف وَسَائِر بِلَاد الْبَحْرين فلمّا كَانَ سنة إِحْدَى وثلاثمئة كَانَ لأبي سعيدٍ غلامٌ صقلبي أَرَادَهُ على الْفَاحِشَة فِي الْحمام فَقتله وَخرج فَدَعَا رجلا من رُؤَسَاء اصحابه وَقَالَ لَهُ السَّيِّد يستدعيك فَلَمَّا دخل قَتله وَمَا زَالَ يفعل ذَلِك بِوَاحِد بعد وَاحِد حَتَّى قتل أَرْبَعَة من الْأَعْيَان ثمَّ دَعَا الْخَامِس فَلَمَّا رأى الْقَتْلَى صَاح فصاح النِّسَاء واجتمعوا على الْغُلَام فَقَتَلُوهُ وَكَانَ المعتضد قد وادع الجنَّابي وكفَّ عَن قِتَاله وَبَقِي بناحيةٍ من هجر فِي البريّة إِلَى أَن قتل وَكَانَ عَليّ بن عِيسَى الْوَزير قد كَاتبه وأعذر إِلَيْهِ وحضَّه على الطَّاعَة ووبَّخه على مَا يحْكى عَنهُ وَعَن أَصْحَابه من ترك الصَّلَوَات وَالزَّكَاة واستباحة)
المحرَّمات ثمَّ توعَّده وهدَّده فَبلغ الرُّسُل مَقْتَله وهم بِالْبَصْرَةِ فهمُّوا بِالْعودِ فَكتب إِلَيْهِم أَن يتوجَّهوا إِلَى من قَامَ بعده وأوصلوا الْكتاب إِلَى أَوْلَاده فَكَتَبُوا جَوَابه وَقَالُوا نَحن لم ننفرد عَن الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة بل أفردنا عَنْهَا وأخرجنا من دِيَارنَا واستحلَّت دماؤنا وكنَّا قبل مستورين مُقْبِلين على تِجَارَتِنَا ومعايشنا ننزِّه أَنْفُسنَا عَن الْمعاصِي ونحافظ على الْفَرَائِض فنقم علينا سُفَهَاء النَّاس وتظاهروا وشهدوا علينا بالزور وَأَن نِسَاءَنَا بَيْننَا بالسَّوية وأنّا لَا نحرِّم حَرَامًا وَلَا نحلُّ حَلَالا فخرجنا هاربين وَجعلُوا السَّلاسل فِي رِقَاب من بَقِي منّا وأجلونا إِلَى هَذِه الجزيرة وحاربونا فحاكمناهم إِلَى الله تَعَالَى وأمّا مَا ادُّعي علينا من الْكفْر وَترك الصَّلَاة فَنحْن تائبون مُؤمنُونَ بِاللَّه فَكتب الْوَزير بعدهمْ الاحسان وَقَامَ بعد أبي سعيدٍ وَلَده أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين وَقد حرَّر ذكر القرامطة وَسَاقه جيدا ابْن الْأَثِير فِي تَارِيخه الْكَامِل(11/314)
3 - (ركن الدولة صَاحب أَصْبَهَان)
الْحسن بن بويه أَمِير أَصْبَهَان تقدَّم نسبه عِنْد ذكر أَخِيه أَحْمد وَهُوَ ركن الدَّولة أَخُو معزّ الدولة الدَّيلمي كَانَ ركن الدَّولة صَاحب أَصْبَهَان والريّ وهمذان وَجَمِيع عراق الْعَجم وَهُوَ وَالِد عضد الدولة فناخسرو ومؤيد الدولة أبي مَنْصُور بويه وفخر الدولة أبي الْحسن عَليّ وَكَانَ ركن الدولة ملكا جليل الْقدر عالي الهمَّة وَكَانَ ابْن العميد أَبُو الْفضل وزيره وَلما توفّي ابْن العميد استوزره وَلَده أَبَا الْفَتْح عليّاً وَكَانَ الصاحب ابْن عبادٍ وَزِير وَلَده مؤيد الدولة وَلما توفّي وزر لفخر الدولة وَكَانَ مسعوداً فِي ملكه ورزق السَّعَادَة فِي أَوْلَاده الثَّلَاثَة وَقسم عَلَيْهِم الممالك فَقَامُوا بهَا أحسن قيام وَكَانَ ركن الدولة الْمَذْكُور أَوسط الْإِخْوَة الثَّلَاثَة وهم عماد الدولة أَبُو الْحسن عَليّ وركن الدولة الْحسن الْمَذْكُور ومعز الدولة أَحْمد أَصْغَرهم وَملك أَرْبعا وَأَرْبَعين سنة وشهراً وَتِسْعَة أَيَّام وَمَات بالريّ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة ومولده تَقْديرا سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (النوين الشَّيْخ حسن)
الْحسن بن تمرتاش بن جوبان الْمَعْرُوف بالشيخ حسن تقدَّم ذكر وَالِده وجدّه وَكَانَ هَذَا الشَّيْخ حسن داهيةً مَاكِرًا ذَا رويةٍ وفكرةٍ وحيل قَالَ يَوْمًا مَا يَمْنعنِي من العبور إِلَى الشَّام ودوسه وَملكه إلاّ هَذَا تنكز وَقد حصَّلت لَهُ إِحْدَى عشرَة حِيلَة إِن لم يرح بِهَذِهِ رَاح بِهَذِهِ فَمَا كَانَ إلاّ)
أَن جَاءَ رَسُوله إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَكَانَ مِمَّا قَالَه لَهُ عَنهُ إِن تنكز كتب إليَّ فِي الْبَاطِن يُرِيد الْحُضُور إِلَى عِنْدِي فاستوحش السُّلْطَان من الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى وَتغَير وَكَانَ السَّبَب فِي إِمْسَاكه وَجرى مَا جرى على مَا تقدَّم فِي تَرْجَمَة تنكز فَلَمَّا أمسك قَالَ الشَّيْخ حسن وَالله أَنا كنت أعتقد أنّ قلع تنكز صعبٌ وَقد رَاح بِأَهْوَن حِيلَة وَكَانَ الشَّيْخ حسن على مَا يحْكى عَنهُ وَيدخل إِلَى الْحمام ويخلو بِنَفسِهِ فِيهَا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَهُوَ يفكر فِي مَا يعمله من الْحِيَل وَقيل عَنهُ أَنه مرَّةً شرب دَمًا وقاءه ليرتب على ذَلِك حيلاً يعملها وَكَانَ قد زَاد بطشه وَقتل جمَاعَة من كبار الْمغل وَقيل إِنَّه تهدّد زَوجته مرّة فخبأت عِنْدهَا لَهُ خَمْسَة من الْمغل وَأصْبح مخنوقاً وَوضع فِي تابوتٍ وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بتوريز وَرَاح كَمَا رَاح أمس لم ينتطح فِي أمره عنزان وَجَاء الْخَبَر بوفاته فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين وسبعمئة وَحصل للْمُسلمين وللمغل بِمَوْتِهِ فرحٌ عَظِيم وَكفى الله الْمُسلمين مِنْهُ شرّاً كَبِيرا(11/315)
3 - (أَبُو عَليّ الْبَنْدَنِيجِيّ)
الْحسن بن جَعْفَر بن الْحسن بن جَعْفَر بن أَحْمد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الهمذاني أَبُو عليٍ الْبَنْدَنِيجِيّ قدم بَغْدَاد ومدح الْوَزير نظام الْملك وَغَيره من الأكابر وحدَّث بهَا عَن أبي الْحسن عَليّ بن المظفر بن بدرٍ الشَّافِعِي الْبَنْدَنِيجِيّ بحديثٍ كتبه عَنهُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصرٍ الْحميدِي وَسمع شعره بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وأربعمئة وَمن شعره من المتقارب
(بشرقيّ بَغْدَاد لي حاجةٌ ... سأقضي وَمَا خلتها تَنْقَضِي)
(ديونٌ على ظالمٍ ماطل ... ووجدٌ بمستكبر معرض)
(برغمي واتيت مَا لَا أَزَال ... أرَاهُ عنيفاً على الْمُقْتَضى)
(أحنُّ إِلَيْهِ حنين الْمُحب ... ويهجرني هِجْرَة الْمُبْغض)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَلا بِأبي من صدَّ عنّي وإنّه ... على صدّه شخصٌ إليّ حبيب)
تجًّنبني خوف الوشاة وَفِي الحشارسيس جوىً مَا يَنْقَضِي ووجيب
(ولي كبد حرَّى عَلَيْهِ قريحةٌ ... وقلبٌ معنًّى فِي هَوَاهُ يذوب)
(هم نسبوا حبي إِلَى غير عفَّةٍ ... وظنُّوا بِنَا سوءا وَذَلِكَ حوب)
(وَوَاللَّه مَا حدثت نَفسِي بريبةٍ ... وحاشا لمثلي أَن يُقَال مريب)
)
قلت شعر منسجم عذبٌ
3 - (أَبُو عَليّ الْهَاشِمِي المقرىء)
الْحسن بن جَعْفَر بن عبد الصّمد ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل أَبُو عَليّ الْهَاشِمِي المقرىء سمع الْكثير من أبي غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الْبَقَّال وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاَّف وخلقٍ كثير غَيرهمَا وَجمع لنَفسِهِ مشيخةً وروى عَن جماعةٍ من الشُّعَرَاء والأدباء وصنَّف كتابا سَمَّاهُ سرعَة الْجَواب ومداعبة الأحباب وَكَانَ ينظم الشّعْر توفّي سنة أَربع وَخمسين وخمسمئة وَمن شعره من الْكَامِل(11/316)
(الدَّهر يعقب مَا يضرُّ وينفع ... والصَّبر أَحْمد مَا إِلَيْهِ يرجع)
(والمرء فِيمَا مِنْهُ كَانَ مصيره ... حينا وَلَيْسَ عَن المنيَّة مدفع)
(فاحذر مفاجأة الْمنون فَإِنَّهُ ... لَا يلتجى مِنْهَا وَلَا يستشفع)
(أَيْن الَّذين تجمَّعوا وتحصَّنوا ... وتوثقوا وتجيَّشوا وتمنَّعوا)
(وتعظَّموا وتحشَّموا وتجبَّروا ... وتكبَّروا وتموَّلوا وترفَّعوا)
(صاحت بهم نوب الزَّمَان فَأَسْرعُوا ... وحدا بهم حادي البلى فتقطعوا)
(ألاّ احتموا مِنْهُ بعضبٍ باترٍ ... أَو صانعوه بِالَّذِي قد جمَّعوا)
قلت شعر منحطٌّ
3 - (الحفريُّ)
الْحسن بن أبي جعفرن الْحَفرِي الْبَصْرِيّ قَالَ الفلاس صدقو مُنكر الحَدِيث وَقَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سبعٍ وَسِتِّينَ ومئة
3 - (ابْن حامدٍ الْحَنْبَلِيّ)
الْحسن بن حَامِد بن عَليّ بن مَرْوَان أَبُو عبد الله الورَّاق الْبَغْدَادِيّ شيخ الْحَنَابِلَة لَهُ المنصفات الْعَظِيمَة مِنْهَا كتاب الْجَامِع أَرْبَعمِائَة جُزْء يشْتَمل على اخْتِلَاف الْعلمَاء وَله مصنّفاتٌ فِي الْأُصُول على رَأْيهمْ وأصول الْفِقْه وَكَانَ مُعظما فِي النُّفُوس سمع وحدَّث وَكَانَ وجيهاً عِنْد السُّلْطَان والعوامِّ وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وأربعمئة
3 - (الحصائري الشَّافِعِي)
)
الْحسن بن حبيب بن عبد الْملك الدِّمَشْقِي أَبُو عَليّ الشَّافِعِي(11/317)
الحصائري حدَّث بِكِتَاب الأمِّ للشَّافِعِيّ عَن أَصْحَابه وَتُوفِّي سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وثلاثمئة وَسمع الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمُؤَذّن وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم وَأَبا أميّة الطرطوسي وَقَرَأَ على هَارُون بن مُوسَى الْأَخْفَش وروى عَنهُ عبد الْمُنعم بن غلبون وَابْن جَمِيع وَتَمام الرَّازي وَغَيره وَقَالَ عبد الْعَزِيز الْكِنَانِي هُوَ ثقةٌ نبيلٌ حافظٌ لمَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ ابْن عَسَاكِر كَانَ إِمَام مَسْجِد بَاب الْجَابِيَة
3 - (البصريّ)
الْحسن بن حبيب بن ندبة الْبَصْرِيّ توفّي سنة سبع وَتِسْعين ومئة
3 - (الْكُوفِي النخعيُّ)
الْحسن بن الحرِّ بن الحكم ابو محمدٍ وَيُقَال أَبُو الحكم النخفيُّ وَقيل الْجعْفِيّ الْكُوفِي قدم دمشق للتِّجَارَة وحدَّث بهَا وَهُوَ ابْن أُخْت عَبدة ابْن أبي لبَابَة وخال حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ روى عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة وَالشعْبِيّ وخاله عَبدة وَالقَاسِم بن مخيمرة وَالْحكم وَنَافِع وَهِشَام وَغَيرهم روى عَنهُ ابْن أُخْته حُسَيْن بن عَليّ الْمَذْكُور وَغَيره قَالَ الأوزاعيُّ مَا قدم علينا من الْعرَاق أحدٌ أفضل من الْحسن بن الحرّ وَعَبدَة بن أبي لبَابَة وَكَانَا شَرِيكَيْنِ قَالَ ابْن سعدٍ مَاتَ بِمَكَّة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَكَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث وَكَانَ يُؤثر النَّاس بِفضل مَاله وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم ثقةٌ مأمونٌ وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو مُحَمَّد الهاشميُّ)
الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد(11/318)
الْهَاشِمِي الْمدنِي روى عَن ابيه وَعَن زَوجته فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن وَعَن عبد الله بن جعفرٍ روى عَنهُ ابْنه عبد الله وَابْن عَمه الْحسن بن مُحَمَّد بن الحنفيّة وَإِبْرَاهِيم ابْن الْحسن وَغَيرهم كَانَ وصيّ أَبِيه الْحسن ووليّ صَدَقَة عَليّ بن أبي طَالب فاراد الْحجَّاج أَن يدْخل مَعَه عَمه عمر بن عَليّ فَلم يرضى ووفد على عبد الْملك بِدِمَشْق يشكو الْحجَّاج فَقَالَ عبد الْملك لَيْسَ لَهُ ذَلِك اكتبوا لَهُ كتابا لَا يتجاوزه فَلَمَّا مَاتَ عبد الْملك طلب عمر بن عَليّ من الْوَلِيد أَن يدْخلهُ مَعَه فَقَالَ الْوَلِيد لَا أَدخل على أَوْلَاد فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيرهم وَكَانَ الْحسن هَذَا يشتدُّ على الرافضة قَالَ لرجلٍ مِنْهُم إنَّ قَتلك لقربةٌ إِلَى الله لَئِن أمكن الله مِنْكُم لنقطعنَّ أَيْدِيكُم وأرجلكم من خلافٍ وَلَا تقبل لكم تَوْبَة فَقَالَ لَهُ الرجل إِنَّك لمزحٌ فَقَالَ مَا هَذَا بمزاحٍ وَلَكِن من الجدّ وَقَالَ وَيحكم أحبُّونا لله فَإِن)
أَطعْنَا الله فأحبوّنا وَإِن عصينا الله فأبغضونا فَلَو كَانَ الله نَافِعًا أحدا بقرابته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر طاعةٍ لنفع بذلك أَبَاهُ وأمَّه قُولُوا فِينَا الْحق فَإِنَّهُ أبلغ تُرِيدُونَ وَنحن نرضى بِهِ مِنْكُم وَشهد قتل الْحُسَيْن بكربلاء فِي ذَلِك الْيَوْم استصغر فنجا وَضرب أَيَّام عبد الْملك بِالْمَدِينَةِ فِي ولَايَة هِشَام بن إِسْمَاعِيل لِأَن عبد الْملك طلب من هشامٍ أَن يُقيم آل عليٍ فيشتموا عليا وَيُقِيم آل الزبير فيشتموا الزبير فَأَبَوا ذَلِك وَكَتَبُوا وصاياهم فاشير على هِشَام أَن يَأْمر آل عليٍ فيشتموا آل الزبير وَآل الزبير ليشتموا آل عَليّ فأقيم الْحسن بن الْحسن فَلم يفعل فَضرب حَتَّى سَالَ دَمه وَلم يحضر عَليّ بن الْحُسَيْن وَلَا عَامر بن عبد الله بن الزبير وَلما مَاتَ الْحسن بن الْحسن أوصى إِلَى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَهُوَ أَخُوهُ لأمّه وَكَذَلِكَ دَاوُد وأمُّ الْقَاسِم إبنا مُحَمَّد بن طَلْحَة وَأما صَدَقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ وَهِي مَا خَلفه من الفىء الَّذِي كَانَ لَهُ فَكَانَت بيد أبي بكرٍ ثمَّ بيد عمر ثمَّ سلمهَا إِلَى الْعَبَّاس وَعلي ثمَّ غَلبه عَليّ عَلَيْهَا وَكَانَت بِيَدِهِ ثمَّ بيد حسن بن عَليّ ثمَّ بيد حُسَيْن بن عَليّ ثمَّ بيد عَليّ بن حُسَيْن وَحسن بن حسن كِلَاهُمَا كَانَا يتداولانها ثمَّ بيد زيد بن الْحسن هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَفِي رِوَايَة مسلمٍ فَكنت بيد عَليّ ثمَّ بيد حسن ثمَّ بيد حُسَيْن ثمَّ بيد عَليّ بن حُسَيْن ثمَّ بيد حسن بن حسن ثمَّ بيد زيد بن حسن قَالَ معمرٌ كَانَت بيد عبد الله بن حسن حَتَّى ولي بَنو الْعَبَّاس فقبضوها وَنظرت فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن إِلَى جَنَازَة زَوجهَا الْحسن بن الْحسن ثمَّ غطَّت وَجههَا وَقَالَت من الطَّوِيل
(وَكَانُوا رَجَاء ثمَّ أَمْسوا رزيةً ... أَلا عظمت تِلْكَ الرزايا وجلتِ)(11/319)
واعتكفت على قَبره سنة وَفَاته أَيَّام خلَافَة الْوَلِيد وقيلَ سنة سبعٍ وَتِسْعين وروى لَهُ النَّسَائِيّ
3 - (حفيد الْحسن بن عَليّ)
الْحسن بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَخُو عبد الله وَإِبْرَاهِيم مَاتَ فِي سجن الْمَنْصُور سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَمِائَة كَانَ من أجلِّ بني الْحسن المثنَّى حمله الْمَنْصُور مَعَ أَخِيه عبد الله وحبسه بالهاشمية وَمَات عَن ثمانٍ وَتِسْعين سنة وَمَات قبل أَخِيه بقليلٍ وَهُوَ القائلُ للسفاح لما أعطاهما لعطاء الْعَظِيم الْمَشْهُور إِنَّمَا سمِّيت السفاح لسفحك المَال لَا الدمَ فقد صدقت وصفك وأحسنت عطفك ووصلت رَحِمك وَرفعت فِي الثَّنَاء علمك وَكَانَ السفاح قد طَالب عبد الله بن الْحسن باحضار ابنيه مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فَقَالَ وَالله مَا أعلم علمهما وَأعلم مني)
بأمرهما عَمهمَا حسن فَوجه إِلَيْهِ أَن أَخَاك زعم أَن علمي ابنيه عنْدك وَمَا أريدهما إلاّ لما هُوَ خيرٌ لَهما فوجَّه إِلَيْهِ حسن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم تنغِّض مَعْرُوفك عِنْد هَذَا الشَّيْخ وَقد علمت أَنه إِن كَانَ فِي قدر الله أَن يَلِي ابناه أَو أَحدهمَا شَيْئا من الْأَمر لم ينفعك ظهورهما وَإِن كَانَ لم يقدّر ذَلِك لم يَضرك استتارهما فَقَالَ السفاحُ صدق وَالله حسن لَا ذكرتهما بعد هَذَا وَكَانَ خَالِد المرِّي على الْمَدِينَة والياً من قبل الْوَلِيد فأساء لعبد الله وَالْحسن إساءةً عَظِيمَة فَلَمَّا عزل أَتَيَاهُ فَقَالَا لَا تنظر إِلَى مَا كَانَ بَيْننَا فإنَّ الْعَزْل قد محاه وكلِّفنا أَمرك كُله فلجأ إِلَيْهِمَا فبلغاه كلَّ مَا أَرَادَ فَجعل يَقُول الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسالاته واعقب من ولد الْحسن المثلث وَلَده عَليّ بن الْحسن وَكَانَ يعرف بالعابد وَكَانَ يلام على كَونه لَا يُوَافق أَقَاربه على طلب الْخلَافَة فَيَقُول من يشْتَغل بِاللَّه لَا يتفرَّغ للشغل بِغَيْرِهِ وَله ولدٌ آخر يسمَّى مُحَمَّدًا وَآخر يسمَّى الْحُسَيْن
3 - (أَبُو عَليّ المقرىء)
الْحسن بن أبي الْحسن الدُّرزبيني أَبُو عليٍّ الضَّرِير المقرىء الْبَغْدَادِيّ حفظ الْقُرْآن وجوَّده على أبي الْحسن عَليّ بن عَسَاكِر البَطائحي وَغَيره بالروايات وَسمع الحَدِيث الْكثير من أبي الْفَتْح بن البطّي وَغَيره قَالَ محبُّ الدّين بن النجَّار وَمَا أظنُّه روى شَيْئا وَلم أسمع قَارِئًا أطيب مِنْهُ صَوتا وَلَا أحسن تِلَاوَة وتجويداً وَكَانَ من أَعْيَان الْقُرَّاء ووجوه الأضرَّاء يدْخل دَار الْخلَافَة ويقرىء الْجِهَات والجواري والخواصّ وَكَانَ متجملاً ذَا نعمةٍ وَكَانَ حنبلياً توفّي سنة سبعٍ وَتِسْعين وخمسمئة(11/320)
3 - (أَبُو محمدٍ التغلبي مُتَوَلِّي دمشق)
الْحسن بن الْحسن بن حمدَان ابْن الْأَمِير نَاصِر الدولة أَبُو محمدٍ التغلبي ولي إمرة دمشق بعد أَمِير الجيوش سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وأربعمئة إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ سنة أَرْبَعِينَ وسيِّر إِلَى مصر وَولي بعده طَارق الصَّقلي وَهَذَا هُوَ وَالِد الْأَمِير نَاصِر الدولة الْحُسَيْن بن الْحسن الحمداني الَّذِي أذلَّ الْمُسْتَنْصر العبيدي وَحكم عَلَيْهِ وَتُوفِّي أَبُو محمدٍ الْمَذْكُور سنة أَرْبَعِينَ وأربعمئة
3 - (قطب الدّين الأقساسي)
الْحسن بن الْحسن بن عَليّ الرئيس الأديب النديم النَّقِيب قطب الدّين أَبُو عبد الله الْعلوِي الأقساسي الْبَغْدَادِيّ كَانَ من ظرفاء وقته بَدَت مِنْهُ كلمةٌ وَهِي نُرِيد حليقة حَدِيد يَعْنِي خَليفَة جَدِيد فبلغت النَّاصِر فَقَالَ لَا يَكْفِيهِ حليقةٌ بل حليقتان وَقَيده وَحمله إِلَى الْكُوفَة فَلَمَّا تولَّى ابْنه)
الظَّاهِر أطلقهُ وَكَانَ نديماً للمستنثر بِاللَّه وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وستمئة
3 - (أَبُو عَليّ ابْن الْهَيْثَم)
الْحسن بن الْحسن بن الْهَيْثَم أَبُو عَليّ هَكَذَا رَأَيْته فِي فهرست كتاب المناظر لَهُ وَهِي نسخةٌ قديمةٌ وَقَالَ ابْن أبي أصيبعة مُحَمَّد بن الْحسن وَالله أعلم أَصله من الْبَصْرَة ثمَّ انْتقل إِلَى الديار المصرية وَأقَام بهَا إِلَى آخر عمره وَكَانَ فَاضل النَّفس قويَّ الذكاء متفنناً فِي الْعُلُوم لم يماثله أحدٌ من أهل زَمَانه فِي الْعلم الرياضي وَلَا يُقَارِبه وَكَانَ دَائِم الِاشْتِغَال كثير التصنيف وافر التزهُّد محبّاً للخير وَقد لخَّص كثيرا من كتب أرسطو وَشَرحهَا وَكَذَلِكَ كتب جالينوس وَكَانَ خَبِيرا بأصول الطبِّ وقوانينه وَلما أَتَى مصر باستدعاء الْحَاكِم لَهُ لما بلغه عَنهُ من الْفَضَائِل كَانَ مقَامه بالجامع الْأَزْهَر وسيَّر إِلَيْهِ جملَة من المَال وَخرج الْحَاكِم للقائه والتقيا(11/321)
بالخندق على بَاب الْقَاهِرَة وأكرمه غَايَة الاكرام وَلما استراح طلبه لما كَانَ بلغه عَنهُ منأمر النّيل وَأَنه يتوجَّه إِلَى الجنادل ويسلِّط النّيل فَأخذ الصنَّاع وَجَمِيع مَا يحْتَاج غليه فَلَمَّا توجَّه وَرَأى طول الأقليم والْآثَار الَّتِي فِيهِ من الأهرام والبرابي وَغير ذَلِك من جودة الهندسة انْكَسَرت همته وَقَالَ هَؤُلَاءِ علمُوا أَكثر مِمَّا علمت وعجزوا عَمَّا أردْت وَلَو أمكنهم فَعَلُوهُ وَعَاد إِلَى الْحَاكِم خجلاً وَاعْتذر إِلَيْهِ بِمَا قبله الْحَاكِم فِي الظَّاهِر وولاَّه بعض الدّواوين فتولاَّها رهبةً لَا رَغْبَة وَتحقّق الْغَلَط فِي الْولَايَة لِأَن الْحَاكِم كَانَ كثير الاستحالة مريقاً للدماء بِغَيْر سَبَب فأظهر الْجُنُون والخيال وَاخْتَلَطَ فاحتيط على موجوده وَجعل برسمه من يَخْدمه وَقيد وَترك فِي منزله وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن تحقق وَفَاة الْحَاكِم فأظهر الْعقل وَعَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَخرج من دَاره وأعيد إِلَيْهِ مَاله من تَحت يَد الْحَاكِم واشتغل بالتنصيف والنسخ والإفادة وَكَانَ لَهُ خطّ قاعدٌ فِي غَايَة الصِّحَّة كتب بِهِ كثيرا من الْعلم الرياضي قَالَ ابْن أبي أصيبعة ذكر لي يُوسُف الفاسي الإسرائيلي الْحَكِيم بحلب أَن ابْن الْهَيْثَم كَانَ ينْسَخ فِي مدَّة سنةٍ ثَلَاثَة كتبٍ فِي ضمن اشْتِغَاله وَهِي اقليدس والمتوسطات والمجسطى ويشكّلها فَإِذا شرع فِي نسخهَا جَاءَهُ من يُعْطِيهِ فِيهَا مائَة وَخمسين دِينَارا أَو صَار ذَلِك كالرَّسم الَّذِي لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى مواكسةٍ وَلَا معاودةٍ وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاثِينَ وأربعمئة وَكَانَ على اعْتِقَاد الْأَوَائِل صرَّح بذلك فهرست تصانيفه مقَالَة فِي هَيْئَة الْعَالم مقَالَة فِي شرح مصادرات كتاب إقليدس كتاب فِي المناظر سبع مقالات)
رَأَيْته بِمصْر فِي سبع مجلّدات مقَالَة فِي كَيْفيَّة الأرصاد مقَالَة فِي الْكَوَاكِب الْحَادِثَة فِي الجوّ
مقالةٌ فِي ضوء الْقَمَر مقالةٌ فِي سمت الْقبْلَة بِالْحِسَابِ مقَالَة فِي قَوس قزَح والهالة مقالةٌ فِيمَا يعرض من الاختلافات فِي ارتفاعات الْكَوَاكِب مقالةٌ فِي حِسَاب المعالمات مقَالَة فِي مساحة الكرة مقَالَة فِي مساحة الْجِسْم المكافيء مقَالَة فِي المرآى المحرقة بالدَّوائر مقَالَة فِي المرآى المحرقة بالقطوع مقَالَة مختصرةٌ فِي بركارالدوائر الْعِظَام مقَالَة مشروحةٌ فِي بركار الدَّوَائِر الْعِظَام مقالةٌ فِي السَّمت مقالةٌ فِي التَّنْبِيه على مَوَاضِع الْغَلَط فِي كيفيَّة الرَّصد مقالةٌ فِي أَن الكرة أوسع الأشكال المجسَّمة مقَالَة فِي المناظر على رَأْي بطليموس مقالتان فِي تَصْحِيح الْأَعْمَال النجوميَّة مقَالَة فِي اسْتِخْرَاج أَربع خطوط بَين خطّين مقَالَة فِي تربيع الدائرة مقَالَة فِي استخارج خطّ نصف النَّهَار مقَالَة فِي خواصِّ الْقطع المكافىء مقالةٌ فِي خواصّ الْقطع الزَّائِد مقَالَة فِي نسب القسيِّ الزمانيَّة إِلَى ارتفاعها مقَالَة فِي كَيْفيَّة الاظلال مقَالَة فِي أنَّ مَا يرى من السَّمَاء هُوَ أَكثر من نصفهَا مقَالَة فِي حلِّ شكوك الْمقَالة الأولى من المجسطى مقَالَة فِي حلِّ شكٍّ فِي مجسمات كتاب اقليدس قولٌ فِي قسْمَة المقدارين الْمُخْتَلِفين الْمَذْكُورين فِي الشكل الأول من الْمقَالة الْعَاشِرَة من كتاب إقليدس مَسْأَلَة اخْتِلَاف المنظر قولٌ فِي اسْتِخْرَاج مقدَّمة ضلع المسبَّع قولٌ فِي قسْمَة الْخط الَّذِي اسْتَعْملهُ ارشميدس فِي كتاب الكرة والاسطوانة
قَول فِي استخارج خطِّ نصف النَّهَار بطلٍّ وَاحِد مقالةٌ فِي عمل مخمَّسٍ فِي مربَّعٍ مقالةٌ فِي(11/322)
المجرَّة قالة فِي اسْتِخْرَاج ضلع المكعَّب مقَالَة فِي أضواء الْكَوَاكِب مقالةٌ فِي الْأَثر الَّذِي فِي ضوء الْقَمَر قولٌ فِي مسألةٍ عدديةٍ مقالةٌ فِي اعداد الوفق مقالةٌ فِي الكرة المتحركة على السَّطْح مقالةٌ فِي التَّحْلِيل والتركيب مقَالَة فِي المعلومات قولٌ فِي حلِّ شكِّ من الْمقَالة الثَّانِيَة وَالْعِشْرين من كتاب اقليدس مقالةٌ فِي حل الشكوك الَّتِي فِي الْمقَالة الأولى من كتاب اقليدس
مقَالَة فِي حِسَاب الخطأين قَول فِي جَوَاب مَسْأَلَة المساحة مقالةٌ مختصرة فِي سمت الْقبْلَة
مقَالَة فِي الضَّوْء مقَالَة فِي حَرَكَة الالتفاف مقالةٌ فِي الردّش على خَالفه فِي مَاهِيَّة المجرّة
مقالةٌ فِي الشكوك على بطليموس مقَالَة فِي الْجُزْء الَّذِي لَا يتَجَزَّأ مقَالَة فِي خطوط السَّاعات مقَالَة فِي القرسطون مقَالَة فِي الْمَكَان مقَالَة فِي استخارج أعمدة الْجبَال مقَالَة فِي عمل الْحساب الْهِنْدِيّ مقَالَة فِي أعمدة المثلثات مثالة فِي خواصّ الدَّوَائِر مقَالَة فِي شكل بني مُوسَى مقالةٌ فِي عمل المسبَّع فِي الدائرة مقالةٌ فِي اسْتِخْرَاج ارْتِفَاع القطب مقَالَة فِي عمل)
البنكام مقَالَة فِي الكرة المحرقة قولٌ فِي مسلة عددية مجسَّمة قَول فِي مسألةٍ هندسيَّةٍ مقالةٌ فِي صُورَة الْكُسُوف مقَالَة فِي أعظم الخطوط الَّتِي تقع فِي قطع الدائرة مقَالَة فِي حَرَكَة الْقَمَر مقَالَة فِي مسَائِل التلاقي مقَالَة فِي شرح المرمونيقي مقَالَة فِي الْأَخْلَاق قولٌ فِي قسْمَة المنحرف الكلّي مقَالَة فِي أدب الْكتاب كتاب فِي السياسات خمس مقالاتٍ تعليقٌ علقه إِسْحَاق بن يُونُس الطَّبِيب بِمصْر عَن ابْن الْهَيْثَم فِي كتاب أَبُو فنطس فِي مسَائِل الْجَبْر قولٌ فِي اسْتِخْرَاج مَسْأَلَة عدديةٍ
3 - (أَبُو عَليّ السامرّي)
الْحسن بن الْحسن بن المحسِّن أَبُو عَليّ السّامرّي سكن تكريت وَكَانَ بهَا عدلا وحدَّث عَن أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان ذكره عبد الله ابْن عَليّ بن سويدة فِي تَارِيخ تكريت
3 - (ابْن طَبَاطَبَا النسابة)
الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن طَبَاطَبَا العلويّ الحسنيُّ النسَّابة حدث عَن أبي عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن العبَّاس الْجَوْهَرِي عَن الصُّولي وروى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن يُوسُف الجرجانيُّ بِالْإِجَازَةِ ذكر الْخَطِيب أَبَاهُ فِي تَارِيخه
3 - (ابْن أبي هُرَيْرَة الشَّافِعِي)
الْحسن بن الْحُسَيْن أَبُو عَليّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن(11/323)
أبي هُرَيْرَة قَرَأَ الْفِقْه على ابْن سُرَيج وَأبي غسحاق الْمروزِي وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ وعلق عَنهُ الشَّرْح أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ ودرّس بِبَغْدَاد وَتخرج بِهِ جماعةٌ وانتهت إِلَيْهِ إِقَامَة العراقين وَكَانَ معظَّماً عِنْد السَّلاطين والرعايا وَله وجهٌ فِي الْمَذْهَب وَتُوفِّي سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وثلاثمئة
3 - (السكرِي النَّحْوِيّ)
الْحسن بن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء بن أبي صفرَة الْمَعْرُوف بالسكري أَبُو سعيدٍ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الراوية الثِّقَة المكثر مولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ ووفاته سنة خمس وَسبعين ومئتين سمع يحيى بن معِين وَأَبا حاتمٍ السجسْتانِي وَالْعَبَّاس بن الْفرج الرياشي وَمُحَمّد بن حبيبٍ والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَأحمد بن الْحَارِث الخزاز وخلقاً غَيرهم وَأخذ عَنهُ مُحَمَّد بن عبد الْملك التاريخي قَالَ الْخَطِيب وَكَانَ ثِقَة صَادِقا دينا يقريء الْقُرْآن وانتشر عَنهُ من كتب الْأَدَب مَا لم ينتشر عَن أحدٍ من نظرائه كَانَ إِذا جمع جمعا كَانَ الْغَايَة فِي الِاسْتِيعَاب)
وَالْكَثْرَة قَالَ أَبُو الْكَرم خَمِيس بن عَليّ الْحَوْزِيِّ الْحَافِظ النَّحْوِيّ الوَاسِطِيّ فِي أَمَالِيهِ قَالَ قدم العسكري أَبُو سعيد بَغْدَاد وَحضر مجْلِس الْفراء أبي زَكَرِيَّاء وَهُوَ يومئذٍ شيخ النَّاس فأملى الْفراء بَابا فِي التصغير قَالَ فِيهِ الْعَرَب تَقول هُوَ الهن وتصغيره الهنيّ وتثنيته فِي الرّفْع الهنيّان وَفِي النصب والجر الهنتين وَأنْشد قَول الْقِتَال الْكلابِي من الْبَسِيط
(يَا قَاتل الله صلعاناً تَجِيء بهم ... أم الهنيِّن من زند لَهَا وار)
فَأمْسك أَبُو سعيد حَتَّى انفضَّ الْمجْلس وتقدَّم إِلَيْهِ وَأعَاد عَلَيْهِ مَا قَالَه ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ هَكَذَا أنشدناه أشياخنا قَالَ الْفراء وَمن أشياخك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو زيد والأصمعيُّ فَقَالَ الْفراء وَكَيف أنشدوه قَالَ زَعَمُوا أَن الهنبر على وزن الْخِنْصر ولد الضبع وَأَن الْقِتَال قَالَ من الْبَسِيط
(يَا قَاتل الله صلعاناً تَجِيء بهم ... أمُّ الهنيبر من زند لَهَا وار)
على التصغير ففكّر الْفراء سَاعَة ثمَّ قَالَ أحسن الله عَن الإفادة وَحسن الْأَدَب جَزَاك قَالَ(11/324)
ياقوت فِي مُعْجم الْأَدَب هَكَذَا وجدت هَذَا الْخَبَر فِي أمالي الْجَوْزِيّ وَهُوَ مَا علمت من الْحفاظ إلاّ أَنه غلط فِيهِ من وجوهٍ لِأَن السكرِي لم يلق الْأَصْمَعِي وَلَا أَبَا عُبَيْدَة وَلَا أَبَا زيد وَإِنَّمَا روى عَمَّن روى عَنْهُم كَابْن حبيب وَغَيره ثمَّ إِن ياقوت ذكر وَفَاة السكرِي ووفاة أبي عُبَيْدَة وَأبي زيد والأصمعي ثمَّ قَالَ وَالْفراء فِي طبقَة هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَاتَ سنة سبع ومئتين ولعلّ هَذِه الْحِكَايَة عَن غير السكرِي وللسكري من الْكتب كتاب أشعار هُذَيْل كتاب النقائض كتاب النَّبَات كتاب الوحوش وجوَّده كتاب المناهل والقرى كتاب الأبيات السائرة وَعمل أشعار جماعةٍ مِنْهُم شعر امرىء الْقَيْس النَّابِغَة الذبياني النَّابِغَة الْجَعْدِي زُهَيْر لبيد تَمِيم بن أبي مقبل دُرَيْد بن الصِّمَّة الْأَعْشَى مهلهل متمم بن نُوَيْرَة أعشى باهلة الزبْرِقَان بن بدرٍ بشر بن أبي خازم المتلمِّس الرَّاعِي الشمَّاخ الْكُمَيْت ذُو الرمة الفرزدق قيس بن الخطيم هدبة بن خشرم
مُزَاحم الْعقيلِيّ والأخطل وَلم يعْمل شعر جرير وَعمل شعر أبي نواس وَتكلم على مَعَانِيه وغريبه فِي نَحْو الف ورقة وأمّا أشعار الْقَبَائِل فَعمل مِنْهُ اشعار بني هُذَيْل أشعار بني شَيبَان
أشعار بني يَرْبُوع أشعار بني طيءٍ أشعار بني يشْكر أشعار بني حنيفَة أشعار بني محَارب أشعار الأزد أشعار بني نهشل أشعار بني عديٍّ أشعار بني أَشْجَع أشعار بني نمير أشعار بني عبد ودّ أشعار بني مَخْزُوم أشعار بني سعد أشعار بني الْحَارِث أشعار الضبَّاب أشعار فهم وعدوان أشعار مزينة أشعار اللُّصُوص)
3 - (ابْن حمكان الشَّافِعِي)
الْحسن بن الْحُسَيْن بن حمكان أَبُو عَليّ الهمذاني الشَّافِعِي الْفَقِيه نزيل بَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب سَمِعت الأزهريَّ يصعّفه توفّي سنة خمس وأربعمئة
3 - (ابْن رامين الاستراباذي)
الْحسن بن الالحسين بن رامين القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الاستراباذي قَالَ الْخَطِيب كَانَ صَدُوقًا فَاضلا صَالحا وَكَانَ متكلماً أشعريّاً توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وأربعمئة(11/325)
3 - (ابْن الذَّهَبِيّ القيسراني)
الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن المفرّج سديد الدّين أَبُو محمدٍ القيسراني ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الذَّهَبِيّ كَانَ فَاضلا شَاعِرًا مليح الْخط وَجمع لنَفسِهِ مجموعاً هائلاً ذكر أَنه يكون فِي خمسين مجلداً روى عَنهُ من شعره الزكيُّ الْمُنْذِرِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وستمئة وَله ثَمَانُون سنة وَمن شعره
3 - (النوبختي الْكَاتِب)
الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي سهل أَبُو مُحَمَّد النوبختي الْكَاتِب قَالَ الأزهريُّ كَانَ رَافِضِيًّا وَقَالَ البرقاني كَانَ معتزلياً وَقَالَ تبيَّن أَنه صَدُوق توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وأربعمئة
3 - (سجَّادة الْحَضْرَمِيّ)
الْحسن بن حَمَّاد سجادة الْبَغْدَادِيّ الْحَضْرَمِيّ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بواسطةٍ كَانَ من جلَّةٍ الْعلمَاء بِبَغْدَاد قَالَ ابْن حَنْبَل صَاحب سنَّةٍ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين ومئتين
3 - (ابْن أبي الريان الْأَصْبَهَانِيّ)
الْحسن بن حمد بن مُحَمَّد أَبُو عَليّ بن أبي الريَّان الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ وَالِده وزيراً لعضد الدولة وَسَيَأْتِي ذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه وَكَانَ أَبُو(11/326)
عَليّ هَذَا فَاضلا أديباً روى عَنهُ أَبُو عَليّ بن وشاحٍ وَأَبُو مَنْصُور بن العكبري توفّي سنة تسع وَعشْرين وأربعمئة
3 - (ظهير الدّين النعماني)
الْحسن بن الخطير ابْن أبي الْحُسَيْن النُّعماني أبوعلي الفارسيُّ الْمَعْرُوف بالظهير كَانَ يذكر أَنه من أَوْلَاد النُّعْمَان بن مليكٍ توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَتِسْعين وخمسمئة روى ياقوت فِي)
مُعْجم الأدباء عَن تِلْمِيذه الشريف مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الأدريسي الصّعيدي أَنه قَالَ أَنا نعمانيُّ لِأَنِّي من ولد النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَولدت بقريةٍ تعرف بالنعمانية وَمِنْهَا ارتحلت إِلَى شيراز فتفقَّهت بهَا وأنتحل مَذْهَب النُّعمان أبي حنيفَة وأنتصر لَهُ فِيمَا وَافق اجتهادي وَكَانَ عَالما بفنون من الْعلم كَانَ قَارِئًا بالعشر والشواذِّ عَالما بالتفسير والناسخ والمنسوخ وَالْفِقْه وَالْخلاف وَالْكَلَام والمنطق والحساب والهيئة والطبِّ مبرّزاً فِي النَّحْو واللغة وَالْعرُوض والقافية وَرِوَايَة أشعار الْعَرَب وأيامها وأخبار الْمُلُوك من الْعَرَب والعجم وَكَانَ يحفظ كتاب لباب التَّفْسِير لتاج الْقُرَّاء وَالْوَجِيز للغزَّالي وَالْجَامِع الصَّغِير لمُحَمد بن الْحسن ونظم النَّسَفِيّ وَنِهَايَة الأقدار للشهرستاني والجمهرة لِابْنِ دُرَيْد يسردها كَمَا يسْرد الْفَاتِحَة قَالَ كتبتها ألواحاً وحفظتها فِي مُدَّة أَربع عشر سنة والايضاح لأبي عَليّ وعروض الصاحب بن عبادٍ وأرجوزة ابْن سيناء فِي الْمنطق وَكَانَ قيمًا بِمَعْرِِفَة القانون فِي الطبِّ وَكَانَ عَارِفًا باللغة العبرانيَّة ويناظر بهَا أَهلهَا
وَكَانَ عُثْمَان بن عِيسَى النَّحْوِيّ البلطي شيخ الديار المصريَّة يسْأَله سُؤال مستفيد عَن حُرُوف من حَوَاشِي اللُّغَة سَأَلَهُ يَوْمًا عَمَّا وَقع فِي كَلَام الْعَرَب على مِثَال شقحطب فَقَالَ هَذَا يسمَّى فِي كَلَام الْعَرَب المنحوت مَعْنَاهُ أَن الْكَلِمَة منحوتة من كَلِمَتَيْنِ كَمَا ينحت النجار الخشبتين ويجعلهما خَشَبَة وَاحِدَة فشقحطب منحوت من شقّ حطب فَسَأَلَهُ البلطيُّ أَن يثبت لَهُ مَا وَقع فِي هَذَا الْمِثَال فأملاها عَلَيْهِ فِي نَحْو عشْرين ورقة من حفظه وسمَّاها كتاب تَنْبِيه البارعين على المنحوت من كَلَام الْعَرَب وَكَانَ السعيد ابْن سناء الْملك يسْأَله على وَجه الامتحان عَن كلماتٍ من غَرِيب كَلَام الْعَرَب وَهُوَ يجب عَنْهَا بشواهدها وَكَانَ يدرِّس بِالْقَاهِرَةِ الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ الظهير قد أَقَامَ بالقدس مُدَّة فاجتاز بِهِ الْملك الْعَزِيز عُثْمَان بن صَلَاح الدّين فرغبه فِي الْمصير مَعَه إِلَى مصر ليقمع بِهِ شهَاب الدّين أَبَا الْفَتْح الطوسيّ لشيءٍ كَانَ نقمه عَلَيْهِ فورد مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وأجرى عَلَيْهِ فِي كل شهرٍ سِتِّينَ دِينَارا وَمِائَة رَطْل خبْزًا وخروفاً وشمعة كل يَوْم وَمَال إِلَيْهِ النَّاس من الْجند وَالْعُلَمَاء وَصَارَت لَهُ سوق وقرَّر الْعَزِيز المناظرة بَينهمَا فِي غَد عيدٍ فَركب السُّلْطَان وَركب مَعَه الظهير والطوسيُّ فَقَالَ الظهير للعزيز فِي أثْنَاء الْكَلَام أَنْت يَا مَوْلَانَا من أهل الْجنَّة فَوجدَ(11/327)
الطوسيُّ السَّبِيل إِلَى مَقْتَله فَقَالَ لَهُ وَمَا يدْريك أَنه من اهل الْجنَّة وَكَيف تزكّي على الله فَقَالَ الظهير قد زكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصحابَه فَقَالَ أَبُو بكر فِي الْجنَّة وَعمر فِي الْجنَّة فَقَالَ الطوسي أَبيت يَا مِسْكين إلاّ جهلا مَا تفرق بَين)
التَّزْكِيَة عَن الله وَبَين التَّزْكِيَة على الله وَأَنت من أخْبرك أَن هَذَا من أهل الْجنَّة مَا أَنْت إِلَّا كَمَا زَعَمُوا أَن فَأْرَة وَقعت فِي دنّ خمرٍ فَشَرِبت فسكرت فَقَالَت أَيْن القطاط فلاح لَهَا هرٌ فَقلت لَا يُؤَاخذ الله السُّكارى بِمَا يَقُولُونَ وَأَنت شربت من دنِّ خمر هَذَا الْملك فسكرت فصرت تَقول خَالِيا أَيْن الْعلمَاء فَأبْلسَ الظهير وَلم يحر جَوَابا وَانْصَرف مكسور الْحُرْمَة عِنْد الْعَزِيز
وشاعت هَذِه الْحِكَايَة بَين العوامّ وَصَارَت تحكى فِي الْأَسْوَاق وَكَانَ مآل أمره أَن انضوى إِلَى الْمدرسَة الَّتِي أَنْشَأَهَا الْأَمِير تركون الْأَسدي يدرّس بهَا الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ قد أمْلى تَفْسِيرا وصل فِيهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى تِلْكَ الرُّسل فضَّلنا بَعضهم على بعضٍ فِي نَحْو مئتين ورقة وَمَات وَلم يخْتم سُورَة الْبَقَرَة وَشرح الصَّحِيحَيْنِ على تَرْتِيب سَمَّاهُ كتاب الْحجَّة اخْتَصَرَهُ من كتاب الإفصاح فِي تَفْسِير الصِّحَاح للوزير ابْن هُبَيْرَة وَزَاد عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكتاب فِي اخْتِلَاف الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وفقهاء الْأَمْصَار وَلم يتم وَله خطبٌ وعظيَّةٌ وفصولوعظيَّةٌ مشحونةٌ بغريب اللُّغَة وحوشيها
3 - (ابْن بلّيمة المقرىء)
الْحسن بن خلف بن عبد الله بن بلّيمة بِفَتْح الْبَاء الموحّدة وَكسر اللَّام المشدّدة وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا مِيم مفتوحةٌ وهاء أَبُو عليٍّ الْقَرَوِي المقرىء الاستاذ نزيل الاسكندريَّة مصنِّف تَلْخِيص الْعبارَات بلطيف الإشارات فِي الْقرَاءَات وَكَانَ هُوَ وَابْن الفحام أسْند من بَقِي بالديار المصرية وَمَاتَا بالاسكندرية وَتُوفِّي ابْن بلّيمه سنة أَربع عشرَة وخمسمئة سَمِعت هَذَا المصنِّف تَلْخِيص الْعبارَات من لفظ شَيخنَا الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان فِي شهر رَجَب الْفَرد سنة ثمانٍ وَعشْرين وسبعمئة قَالَ قرأته وتلوته بمضمَّنه على الشَّيْخ الصَّالح المقرىء رشيد الدّين أبي محمدٍ عبد النصير بن عَليّ بن يحيى الْهَمدَانِي المريوطي بثغر اسكندريَّة قَالَ قرأته وتلوته بمضمَّنه على الْإِمَامَيْنِ أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمجِيد الصفراوي وَأبي الْفضل جَعْفَر بن عَليّ بن هبة الله الْهَمدَانِي قَالَا قرأناه وتلونا بِهِ على أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن خلف الله بن مُحَمَّد قَالَ قرأته وتلوت بمضمَّنه على مؤلّفه
3 - (الْحَكِيم المقرىء)
الْحسن بن خلف بن يَعْقُوب بن أَحْمد أَبُو عَليّ المقرىء(11/328)
الْمَعْرُوف بالحكيم أبي الْقَاسِم أَيْضا
سكن مصر وحدَّث بهَا عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب بن ماسي وَعلي بن مُحَمَّد)
بن أَحْمد بن لُؤْلُؤ الورَّاق وَعلي بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن كيسَان وَغَيرهم وروى عَنهُ جمَاعَة
وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وأربعمئة
آخر الْجُزْء الْحَادِي عشر من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْحسن بن دَاوُد أَبُو عَليّ الْكُوفِي(11/329)
النَّحْوِيّ وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا(11/330)
(الْجُزْء الثَّانِي عشر)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
3 - (النقاد الْكُوفِي)
الْحسن بن دَاوُد أَبُو عَليّ الْكُوفِي النَّحْوِيّ الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بالنقاد بالنُّون الْمَفْتُوحَة وَالْقَاف الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف دَال مُهْملَة توفّي فِي حُدُود الْخمسين والثلاثمائة وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة وَله كتاب مخارج الْحُرُوف
3 - (أَبُو عَليّ الرقي)
الْحسن بن دَاوُد أَبُو عَليّ الرقي قَالَ أَبُو أَحْمد بن مُوسَى البردي سَمِعت من الْحسن بن دَاوُد الرقي بسر من رأى كِتَابه الَّذِي يُسَمِّيه كتاب الْحلِيّ وَكَانَ وَقت كتبنَا عَنهُ قد جَاوز الثَّمَانِينَ وَأخرج إِلَيّ أَبُو أَحْمد الْكتاب فَإِذا هُوَ الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ أَحْمد بن يحيى فصيح الْكَلَام وَكَانَ الْحسن بن دَاوُد مؤدب عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب وَزِير المعتضد
3 - (الْجَعْفَرِي)
الْحسن بن دَاوُد الْجَعْفَرِي أورد لَهُ المرزباني فِي مُعْجَمه قَوْله من الطَّوِيل
(حرامٌ على عينٍ أَصَابَت مقاتلي ... بأسهمها من مقلتي مَا استحلت)
(دعت قلبِي المنقاد للحب فانثنى ... إِلَيْهَا فَلَمَّا أَن أجَاب تولت)
3 - (الْملك الأمجد بن النَّاصِر دَاوُد)
الْحسن بن دَاوُد بن عِيسَى بن مُحَمَّد هُوَ الْملك الأمجد بن الْملك النَّاصِر بن الْملك الْمُعظم بن الْعَادِل ولد سنة نيفٍ وَعشْرين وسِتمِائَة توفّي(12/5)
سنة سبعين وسِتمِائَة واشتغل بالفقه وَالْأَدب وشارك فِي الْعُلُوم وأتقن الْأَدَب وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَصَحب الْمَشَايِخ
وَكَانَ كثير الْمَعْرُوف عالي الهمة عِنْده شجاعةٌ وإقدامٌ وصبرٌ وثباتٌ وَكَانَ إخْوَته يتأدبون مَعَه ويقدمونه وَكَذَلِكَ أُمَرَاء الدولة وَله نظمٌ ويدٌ فِي الترسل وخطه مَنْسُوب وَأنْفق أَكثر أَمْوَاله فِي الطَّاعَة وَكَانَ مقتصداً فِي ملبسه ومركبه
وَتزَوج ابْنة الْملك الْعَزِيز عُثْمَان بن الْعَادِل ثمَّ تزوج أُخْت النَّاصِر الْحلَبِي فَجَاءَهُ صَلَاح الدّين
وَكَانَ عِنْده من الْكتب النفيسة شيءٌ كثير فوهب معظمها وَكَانَ ذَا مُرُوءَة يقوم بِنَفسِهِ وَمَاله مَعَ من يَقْصِدهُ وَأمه هِيَ بنت الْملك الأمجد حسن ابْن الْعَادِل
وَلما مَاتَ رثاه شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدة أَولهَا من الطَّوِيل
(هُوَ الرّبع مَا أقوى وأضحت ملاعبه ... مشرعةٌ إِلَّا وَقد لَان جَانِبه)
(عهِدت بِهِ من آل أَيُّوب ماجداً ... كريم الْمحيا زاكياتٍ مناسبه)
(يزِيد على وزن الْجبَال وقاره ... وتكبر ذرات الرمال مناقبه)
وروى الأمجد عَن ابْن اللتي وَغَيره
وَمن شعر الأمجد رَحمَه الله أوردهُ لَهُ قطب الدّين من الْكَامِل
(مَنْ حاكمٌ بيني وَبَين عَذولي ... الشجو شجوي والغليل غليلي)
(عجبا لقومٍ لم تكن أكبادهم ... لجوىً وَلَا أَجْسَادهم لنحول)
(دقَّتْ مَعَاني الْحبّ عَن أفهامهم ... فتأولوها أقبح التَّأْوِيل)
(فِي أَي جارحةٍ أصون معذِّبي ... سلمتْ من التعذيب والتنكيل)
(إِن قلت فِي عَيْني فثم مدامعي ... أَو قلت فِي قلبِي فثم غليلي)
(لَكِن رَأَيْت مسامعي مثوىً لَهُ ... وحجبتها عَن عذل كل عذول)
3 - (البشنوي)
الْحسن بن دَاوُد البشنوي الْكرْدِي ابْن عَم صَاحب فنك توفّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَله ديوَان شعر كبيرٌ من شعره من الْخَفِيف
(أدمنة الدَّار من ربَاب ... قد خصك الله بالرباب)(12/6)