الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل الْموصل وَهُوَ أنباري الأَصْل قدم بغذاذ وَابْن الشهرزوري قَاضِي الْقُضَاة ببغذاذ وَكَانَت لَهُ بِهِ معرفَة فضمّه إِلَيْهِ وولاه نِيَابَة الْقَضَاء بحريم دَار الْخلَافَة وَمَا يَليهَا وَأقَام على ذَلِك مُدَّة وَجَرت أَحْكَامه على السداد وَكَانَ نزهاً دينا لَهُ معرفَة حَسَنَة بالفقه وَلما عزل القَاضِي عزل وسافر وَتُوفِّي بالموصل سنة إِحْدَى وسِتمِائَة
3 - (ابْن أبي سَلمَة الْكَاتِب)
أَحْمد بن نصر أَبُو بكر ابْن أبي سَلمَة الْكَاتِب ذكر الصولي أَنه كَانَ ابْن أُخْت أَحْمد بن يُوسُف وَزِير الْمَأْمُون وَكَانَ شَاعِرًا مليح الْأَلْفَاظ دَقِيق الفطنة وَهُوَ الْقَائِل
(معتدل الْقَامَة مثل الْقَضِيب ... يَهْتَز فِي لينٍ وحسنٍ وَطيب)
(يعذلني فِيهِ جَمِيع الورى ... كأنني جِئْت بأمرٍ عَجِيب)
)
(أظنُّ نَفسِي لَو تعشقتها ... بليت فِيهَا بملام الرَّقِيب)
وَله أَيْضا
(دع الصبّ يصلى بالأذى من حَبِيبه ... فكلُّ أَذَى مِمَّن يحبُّ سرُور)
(غُبَار قطيع الشَّاء فِي عين ذيبها ... إِذا مَا تَلا آثارهنَّ ذرور)
وَقَالَ أَيْضا
(آه ويلي على الشَّبَاب وَفِي أيّ ... زمانٍ فقدت شرخ الشَّبَاب)
(حِين مَاتَ الغيور وارتحض المه ... ر وَزَالَ الْحجاب عَن كلّ بَاب)
3 - (أَبُو عبد الله الْمروزِي الْخُزَاعِيّ)
أَحْمد بن نصر بن مَالك أَبُو عبد الله الْخُزَاعِيّ الْمروزِي البغداذي كَانَ جدّه مَالك بن الْهَيْثَم أحد نقباء بني الْعَبَّاس فِي ابْتِدَاء الدولة وَكَانَ أَحْمد شَيخا جَلِيلًا أمّاراً بِالْمَعْرُوفِ من أَوْلَاد الْأُمَرَاء سمع من مَالك وَحَمَّاد بن زيد وَغَيرهمَا
حمله إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمَعَهُ جمَاعَة إِلَى سرِّ من رأى مقيَّدين فَجَلَسَ لَهُم الواثق وَقَالَ لَهُ دع مَا أخذت لَهُ مَا تَقول فِي الْقُرْآن فَقَالَ كَلَام الله قَالَ أفمخلوق هُوَ قَالَ كَلَام الله قَالَ أفترى رَبك فِي الْقِيَامَة قَالَ كَذَا جَاءَت الرِّوَايَة قَالَ وَيحك يرى كَمَا يرى الْمَحْدُود المجسَّم ويحويه مَكَان ويحصره النَّاظر أَنا كفرت بربٍ هَذِه صفته مَا تَقولُونَ فِيهِ قَالَ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَكَانَ(8/137)
قَاضِيا على الْجَانِب الغربي فعزل هُوَ حَلَال الدَّم وَقَالَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء بقوله فأجلسه فِي نطع الدّم وَأمر بالصمصامة وَقَالَ إِذا قُمْت إِلَيْهِ فَلَا يقومن أحد معي فَإِنِّي أحتسب خطاي إِلَى هَذَا الْكَافِر الَّذِي يعبد ربّاً لَا نعبده وَلَا نعرفه بِالصّفةِ الَّتِي وَصفه بهَا وَمَشى إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَيّد فِي النطع فَضرب عُنُقه وَأمر بِحمْل رَأسه فنصب بالجانب الشَّرْقِي أيّاماً وبالغربي أَيَّامًا وتتبع رُؤَسَاء أَصْحَابه فَإِنَّهُم كَانُوا خَرجُوا مَعَه على الدولة
وَقَالَ الْخَطِيب لم يزل الرَّأْس مَنْصُوبًا ببغذاذ والجسد بسامرّا مصلوباً سِتّ سِنِين إِلَى أَن أنزل وَجمع وَدفن فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ قيل إنّه رُؤِيَ فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ غضِبت لَهُ فأباحني النّظر إِلَى وَجهه وَقَالَ السراج سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد يَقُول حدّثنا إِبْرَاهِيم بن الْحسن قَالَ رأى بعض أَصْحَابنَا أَحْمد بن نصر فِي النّوم فَقَالَ مَا فعل بك ربّك قَالَ مَا كَانَت إلاَّ غفوة حَتَّى لقِيت الله تَعَالَى فَضَحِك إِلَيّ وَكَانَ قَتله سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ)
وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو طَالب الْحَافِظ البغذاذي)
أَحْمد بن نصر بن طَالب البغذاذي الْحَافِظ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ أستاذي وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة ثبتاً توفّي سنة ثلاثٍ وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ النصيبي الْمصْرِيّ)
أَحْمد بن نصر بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ النصيبي الْحَافِظ ابْن أبي اللَّيْث قدم نيسابور قَالَ الْحَاكِم هُوَ باقعة فِي الْحِفْظ شبهت مذاكرته بِالسحرِ توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة
3 - (ابْن منقذ)
أَحْمد بن نصر الله بن منقذ الْأَمِير شرف الدّين مولده بنصيبين سنة أَربع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
من شعره
(سل البان عَن سرب الْحمى هَل سرى بِهِ ... وَهل بَان من نعْمَان لمع سرابه)
(وأومض برق الأبرقين عَشِيَّة ... ومرَّت بِهِ وَهنا جنوب جنابه)
وَمِنْه فِي طول اللَّيْل(8/138)
(ولربّ ليلٍ تاه فِيهِ نجمه ... قطّعته سهراً فطال وعسعسا)
(وَسَأَلته عَن صبحه فَأَجَابَنِي ... لَو كَانَ فِي قيد الْحَيَاة تنفسّا)
وَمِنْه
(لما رَأَيْت النَّجْم ساهٍ طرفه ... والقطب قد ألْقى عَلَيْهِ سباتا)
(وَبَنَات نعشٍ باكياتٍ حسّراً ... أيقنت أَن صباحهم قد مَاتَا)
وَمِنْه
(لَيْلَة الْوَصْل بِمن نحبُّه ... مَا علمنَا طولهَا من الْقصر)
(كَانَ مِنْهَا مغرب الشَّمْس إِلَى ... مطلع الْفجْر كلمحٍ بالبصر)
وَمِنْه
(قُم نشربها حَبِيبَة للنَّفس ... صفراء تفرُّ من حموِّ اللّمس)
(لَوْلَا برد الْحباب قد ثبتَّها ... لطفاً صعدت مثل الندى فِي الشَّمْس)
قلت شعر جيّد)
3 - (النَّحْوِيّ الْمُقَوّم)
أَحْمد بن نصر أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بالمقوِّم روى عَنهُ أَبُو عمر الزَّاهِد فِي كتاب الياقوتة فِي غَرِيب اللُّغَة كَانَ حَاضرا فِي مَجْلِسه حِين أملاه
3 - (أَبُو عَليّ ابْن البازيار)
أَحْمد بن نصر بن الْحُسَيْن البازيار أَبُو عَليّ كَانَ نديماً لسيف الدولة ابْن حمدَان كَانَ أَبوهُ من نَافِلَة سامرّا اتَّصل بالمعتضد وخدمه وخفَّ على قلبه وَأَصله من خُرَاسَان وَكَانَ يتعاطى لعب الْجَوَارِح فردَّ إِلَيْهِ المعتضد نوعا من جوارحه مَاتَ أَبُو عَليّ بحلب فِي حَيَاة سيف الدولة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة وَكَانَ تقلد ديوَان الْمشرق وزمام الْمغرب وَله من الْكتب كتاب تَهْذِيب البلاغة
3 - (محيي الدّين ابْن باتكين)
أَحْمد بن نصر الله بن باتكين القاهري محيي الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ مولده الْعَاشِر من جُمَادَى الأولى سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ بحارة الديلم وَسمع حرز الْأَمَانِي على سديد الدّين عِيسَى ابْن أبي الْحرم إِمَام جَامع الْحَاكِم وأنشدني لنَفسِهِ
(أَقْسَمت بِاللَّه وآياته ... يَمِين برٍّ صَادِق لَا يَمِين)
(لَو زِدْت قلبِي فَوق ذَا من أَذَى ... مَا كنت عِنْدِي غير عَيْني الْيَمين)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا(8/139)
(يَا جفن مقلته سكرت فعربد ... كَيفَ اشْتهيت على فُؤَادِي المكمد)
(ورميت عَن قَوس الفتور فَأَصْبَحت ... غَرضا لأسهمك الْقُلُوب فسدّد)
(لم تغضض الجفن الكحيل تغاضياً ... إلاَّ لتقتلنا بسيفٍ مغمد)
(من لم يبت بِعَذَاب حبك قلبه ... متنعماً لَا فَازَ مِنْك بموعد)
(للصبِّ أُسْوَة خَال خدّك إِنَّه ... متنعم فِي جمره المتوقّد)
قلت هَذَا يشبه قَول عفيف الدّين التلمساني بل هُوَ بِعَيْنِه
(قلبِي المنعّم فِي هَوَاك بناره ... إِن كَانَ غَيْرِي فِي الْهوى يتألم)
(للصبِّ أُسْوَة خَال خدِّك إِنَّه ... فِي جمره متوقداً يتنعَّم)
)
رَجَعَ القَوْل إِلَى تَمام أَبْيَات محيي الدّين ابْن باتكين القاهري
(أَهْوى قوام الْغُصْن تعطفه الصبَّا ... فعل الصِّبا بقوامك المتأود)
(طَربا واصبو لغدير مجعّداً ... بيد النسيم حكى صفيحة مبرد)
(إِذا أشبهاك تأرُّجا وتموجاً ... بيد النسيم حكى صفيحة مبرد)
(لاموا على ظمأي إِلَيْك فَلَا دروا ... فِي مَاء خدك مَا حلاوة موردي)
(طوراً أحيّا بالأقاح وَتارَة ... فِي الخدّ بالريحان والورد النّدي)
(وجهٌ كَمَا سفر الصَّباح وَحَوله ... حسنا بقايا جنح ليلٍ أسود)
(وكأنّما خَافَ الْعُيُون فألبست ... وجناته زرداً مَخَافَة مُعْتَد)
(أنّى يخَاف من استجار محبّة ... بِمُحَمد بن عَليّ بن مُحَمَّد)
قلت تخلّص إِلَى مدح الصاحب فَخر الدّين ابْن الصاحب بهاء الدّين ابْن حنّا وَقَول السراج الْوراق أكمل لّما قَالَ يمدح الصاحب تَاج الدّين ولد فَخر الدّين ممدوح ابْن باتكين من أَبْيَات
(فَلهُ الْجمال غَدا بِغَيْر مُنَازع ... ولي الجوي فِيهِ بِغَيْر قسيم)
وَكَذَا العلى بِمُحَمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سليم وَقَالَ الشَّيْخ أثير الدّين كتب أَبُو الْحُسَيْن الجزاز إِلَى محيي الدّين ابْن باتكين
(وَمَا شَيْء لَهُ نقش وَنَفس ... ويؤكل عظمه ويحكّ جلده)
(يودُّ بِهِ الْفَتى إِدْرَاك سؤلٍ ... وَقد يلقى بِهِ مَا لَا يودّه)
(وَيَأْخُذ مِنْهُ أَكْثَره بِحَق ... وَلَكِن عِنْد آخِره يردّه)
فَأَجَابَهُ محيي الدّين الْمَذْكُور
(أمولاي الأديب دُعَاء عبدٍ ... ودودٍ لَا يحول الدَّهْر ودّه)(8/140)
(يرى مَحْض الثَّنَاء عَلَيْك فرضا ... وَلَا يثني عنان الشُّكْر بعده)
(لقد أهديت لي لغزاً بديعاً ... يضلّ عَن اللبيب لَدَيْهِ رشده)
(وَقد أحكمته درّاً نضيداً ... يشنّف مسمعي بالدرَّ عقده)
(فشطر اللغز أَخْمَاس ثَلَاث ... للغزك إِن ترد يَوْمًا أحدّه)
(وَبَاقِيه مَعَ التَّصْحِيف كسب ... إِذا مَا ته حرفا تعدّه)
(هما ضدّان يقتتلان وَهنا ... ويضطجعان فِي فرش تمدّه)
)
(هما جيشان من زنجٍ وروم ... يُقَابل كلّ قرنٍ فِيهِ ضدّه)
(تقوم الْحَرْب فِيهِ كلّ وقتٍ ... وَلَا تدمى من الوقعات جنده)
(ويشتدّ الْقِتَال بِهِ طَويلا ... وَيحكم بالأصاغر فِيهِ عقده)
(وَيقتل ملكه فِي كلّ حِين ... ويبعثه النشاط فيستردّه)
(وَمَا يُنجي الْهمام بِهِ حسام ... وَقد يُنجي من الْإِتْلَاف بنده)
(وَنصر الله فِي الهيجا سجالٌ ... فَمن شَاءَ الْإِلَه بِهِ يمدّه)
(وَهَذَا كلّه حسب اجتهادي ... وَغَايَة فكرة الْإِنْسَان جهده)
ونقلت من خطّ الْحَافِظ اليغموري قَالَ أَنْشدني محيي الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن نصر الله الْكَاتِب الْمصْرِيّ لنَفسِهِ
(ناظرنا فِي الْبيُوت أعمى ... عَن كل خيرٍ وكل برّ)
(أسود كالفحم فَهُوَ مأوى ... كلّ شرارٍ وكلّ شرّ)
(وَنفخ هَذَا الْوَزير فِيهِ ... أحرق كلّ الورى بجمر)
قَالَ وَله
(يكْتب فِي الْكتب اسْمه وَحده ... بِلَا أبٍ كرها لَهُ إِذْ أَبَاهُ)
(لَا تنكروا كَثْرَة إِسْقَاطه ... فإنّه أسقط حَتَّى أَبَاهُ)
3 - (أَحْمد بن نعْمَة)
3 - (كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي)
أَحْمد بن نعْمَة بن أَحْمد بن جَعْفَر بن الْحُسَيْن بن حَمَّاد الإِمَام كَمَال الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَقْدِسِي النابلسي الشَّافِعِي خطيب الْقُدس ولد سنة تسع وَسبعين وَقدم دمشق شَابًّا فاشتغل وَسمع من حَنْبَل وَابْن طبرزذ وَالقَاسِم بن عَسَاكِر وَغَيرهم وروى عَنهُ ولداه الْعَلامَة شرف الدّين والفقيه محيي الدّين إِمَام المشهد والدمياطي والدواداري(8/141)
وَابْن الخباز وحدّث بِدِمَشْق والقاهرة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا منقبض النَّفس عَن أَبنَاء الدُّنْيَا توفّي بِدِمَشْق سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بمقبرة بَاب كيسَان وَتقدم ذكر وَلَده فِي المحمدين
3 - (الْمسند الحجار)
أَحْمد بن نعْمَة بن حسن البقاعي الدّيرمقري الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الحجار الْخياط الرّحلة المعمّر)
شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن الشّحنة ولد سنة نَيف وَعشْرين وخدم حجاراً بقلعة دمشق سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَكَانَ فِيهَا لما حاصرها جند هولاكو وَلم يظْهر للمحدثين إِلَى أثْنَاء سنة سِتّ وَسَبْعمائة فَسَأَلُوهُ فَقَالَ كنّا سمعنَا فَوجدَ سَمَاعه فِي أَجزَاء على ابْن المنجا وَابْن اللتي وَسمع الشَّيْخ شمس الدّين مِنْهُ وَجَمَاعَة جُزْء ابْن مخلد ومسند عمر النجاد ثمَّ ظهر اسْمه فِي كراس أَسمَاء السامعين بِالْجَبَلِ ل صَحِيح البُخَارِيّ على ابْن الزبيدِيّ سنة ثَلَاثِينَ فَحدث بالجامع بضعاً وَسبعين مرّة بِالْبَلَدِ وبالصالحية وبالقاهرة وحماة وبعلبك وَكفر بَطنا وحمص واشتهر اسْمه وبعُد صيته وَألْحق الصغّار بالكبار وَرَأى العزَّ وَالْإِكْرَام وَطَلَبه الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار الناصري وَسمع مِنْهُ القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير ونائب دمشق الْأَمِير سيف الدّين تنكز والقضاة وَالْأَئِمَّة وروى بِإِجَازَة ابْن روزبه وَابْن بهروز وَابْن الْقطيعِي والأنجب الحمامي وياسمين بنت البيطار وجعفر الْهَمدَانِي وَخلق كثير ورحل إِلَيْهِ من الْبِلَاد وَسمع مِنْهُ أُمَم لَا يُحصونَ وتزاحموا عَلَيْهِ من سنة بضع عشرَة وَسَبْعمائة إِلَى أَن توفّي وَنزل النَّاس بِمَوْتِهِ دَرَجَة وَكَانَ صَحِيح التَّرْكِيب أشقر طَويلا دمويّ اللَّوْن لَهُ همة وَفِيه عقل يصغي جيدا قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مَا رَأَيْته نعس فِيمَا أعلم وَثقل سَمعه فِي الآخر وَسَأَلته عَن عمره فَقَالَ أحقّ حِصَار النَّاصِر دَاوُد دمشق وَكَانَ الْحصار فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسمع فِي سنة ثَلَاثِينَ هُوَ وَإِخْوَته الثَّلَاثَة وحصّل الذَّهَب وَالدَّرَاهِم وَالْخلْع وقرّر لَهُ الدوادار مَعْلُوما نَحْو خَمْسَة وَأَرْبَعين درهما وَكَانَ فِيهِ دين وملازمة للصَّلَاة ويحفظ مَا يُصَلِّي بِهِ وربمّا أخّر الصَّلَاة فِي السّفر على مَذْهَب الْعَوام وَصَامَ وَهُوَ ابْن مائَة عَام رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا من شَوَّال وَحدثت أنّه فِي هَذِه السّنّ اغْتسل بِالْمَاءِ الْبَارِد قلت وَلم يتَّفق لي أَن أروي عَنهُ إلاّ بِالْإِجَازَةِ لِأَنِّي لم أسمع مِنْهُ وحرمته لكنّه أجازني وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
3 - (فَخر الدّين ابْن الْمُنْذر نَاظر الْجَيْش)
أَحْمد بن النُّعْمَان بن أَحْمد الْمُنْذر الصَّدْر فَخر الدّين الْحلَبِي نَاظر الْجَيْش بِدِمَشْق رَئِيس نبيل صَاحب مَكَارِم وَهُوَ مَعْرُوف بالتشيع توفّي وَقد ناهز السِّتين سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (السّلمِيّ الأندلسي)
أَحْمد بن نعيم السّلمِيّ الأندلسي ذكره أَبُو سعيد عُثْمَان بن(8/142)
سعيد الْمَعْرُوف بحرقوص فِي كِتَابه وَقَالَ كَانَ شَاعِرًا مفلقاً مطبوعاً مجّوداً ومزاحاً محسناً ومتغزّلاً مرققاً إِلَّا أَن الْخَاصَّة الَّتِي فِيهَا)
برع والمنزلة الَّتِي بهَا فاق وَالْحَالة الَّتِي لَا يشق فِيهَا غباره وَلَا يصطلى فِيهَا ناره الهجاء فإنّه انْفَرد فِيهِ ببدائع لم يسْبق إِلَيْهَا لأنّه كَانَ كَاتبا لبَعض مُلُوك بلدنا خَاصّا بِهِ فاتهمه فِي بعض الْمَوَاضِع الَّتِي كَانَ فِيهَا بِأَنَّهُ كتب لأهل الْبَلَد كتابا بِخَط يَده يرفع بِهِ عَلَيْهِ ويستعفي مِنْهُ فَأمر بتجريده وضربه خَمْسمِائَة سَوط ثمَّ أَمر فجرّ بِرجلِهِ إِلَى بعض الْمَزَابِل وهم يظنّونه مَيتا فأفاق وَسَار إِلَى بعض الْمُلُوك واستجار بِهِ ثمَّ ابْتَدَأَ يهجو ثمَّ إِن ذَلِك الْملك كتب يَطْلُبهُ من مَكَانَهُ وَحمله فلمّا دخل القاصد تِلْكَ الْبَلَد وجده وَالنَّاس منصرفون من جنَازَته وَمن قصائده فِي الهجو الَّتِي هِيَ أم الأهاجي ومنفذة القوافي
(تولّى الندى وَالْفضل والجود أجمع ... وودّع دهر الصَّالِحين وودعوا)
(فَللَّه محزون ترقرق دمعه ... على سلفٍ مَا إِن لَهُ الدَّهْر مرجع)
(ألم تَرَ أَن الْخَيْر فَارق أَهله ... إِلَى معشرٍ يحمى لديهم وَيمْنَع)
مِنْهَا
(أَلا لَيْتَني صفر من الْعلم وافر ... من الْجَهْل والعّي الَّذِي هُوَ أَنْفَع)
(أدل بأيرٍ يحزئل بِرَأْسِهِ ... عسيب كأرزب القصارة أتلع)
(طَوِيل إِذا استذرعته كَانَ طوله ... ذراعك تتلوه أَصَابِع أَربع)
(كَأَنِّي إِذا استلقيت لِلظهْرِ وارتقى ... وشال بِحجر الثَّوْب فلك مقلّع)
(كَأَنِّي خباء حِين قُمْت منصّبٌ ... يمدّ بحبلٍ من أمامٍ وَيرْفَع)
(فيبصر قومٌ أنّه حَاز غَايَة ... فَمَا لمناهم خلفنا متطلع)
(ويقتطعوه إِن أَتَى فَوق قدرهم ... على قدر مَا فِيهِ سداد ومقنع)
(وأبلغ من دنياي جاهاً ورفعةً ... وأخفض فِي الدُّنْيَا أُنَاسًا وَأَرْفَع)
مِنْهَا
(يجول كَمَا جالت على السّقف هرةٌ ... تنادي جهاراً نائكيها وَتجمع)
وسَاق ابْن حرقوص هَذِه القصيدة وَهِي تِسْعَة وَتسْعُونَ بَيْتا اقتصرت مِنْهَا على هَذَا الْقدر
3 - (أَحْمد بن هَارُون)
3 - (ابْن هَارُون الرشيد الْمَعْرُوف بالسبتي)
أَحْمد بن هَارُون الرشيد ابْن الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور العباسي الْمَعْرُوف بالسبتي الزَّاهِد عرف)
بِهَذِهِ النِّسْبَة لأنّه كَانَ لَا يظْهر إِلَّا يَوْم السبت(8/143)
روى محب الدّين ابْن النجار بِسَنَدِهِ إِلَى أبي بكر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا بكر ابْن أبي الطّيب يَقُول بلغتا عَن عبد الله بن الْفرج العابد قَالَ احتجت إِلَى صانع يصنع لي شَيْئا من أَمر الروزجاريين فَأتيت السُّوق فَإِذا فِي آخِرهم شَاب مصفر بَين يَدَيْهِ زنبيل كَبِير ومرو وَعَلِيهِ جُبَّة صوف ومئزر صوف فَقلت لَهُ تعْمل قَالَ نعم قلت بكم قَالَ بدرهم ودانق فَقلت لَهُ قُم حَتَّى تعْمل قَالَ على شريطة إِذا كَانَ وَقت الظّهْر تطهرت وَصليت فِي الْمَسْجِد جمَاعَة ثمَّ أَعُود وَكَذَلِكَ الْعَصْر قلت نعم فَجِئْنَا الْمنزل ووافقته على مَا يَنْقُلهُ فَجعل يعْمل وَلَا يكلمني بِشَيْء حَتَّى أذّن الظّهْر فاستأذنني فَأَذنت لَهُ فصلى وَرجع وَعمل عملا جيدا إِلَى الْعَصْر فَلَمَّا أذن الظّهْر فعل كالظهر وَلم يزل يعْمل إِلَى آخر النَّهَار فأعطيته أجرته وَانْصَرف فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام احتجنا إِلَى عملٍ فَقَالَت زَوْجَتي اطلب ذَلِك الصَّانِع الشَّاب فَإِنَّهُ نصحنا فَجئْت إِلَى السُّوق فَلم أره فَسَأَلت عَنهُ فَقَالُوا لَا نرَاهُ إِلَّا من السبت إِلَى يَوْم السبت فَأتيت يَوْم السبت وصادفته فَقلت تعْمل فَقَالَ قد عرفت الْأُجْرَة وَالشّرط قلت نعم فَقَامَ وَعمل فِي الْيَوْم الأول فَلَمَّا وزنت الْأُجْرَة زِدْته فَأبى يَأْخُذ الزِّيَادَة فألححت عَلَيْهِ فضجر وَتَرَكَنِي وَمضى فغمني ذَلِك وتبعته وداريته حَتَّى أَخذ أجرته فَقَط فَلَمَّا كَانَ بعد مدةٍ احتجنا إِلَيْهِ فمضيت يَوْم السبت فَلم أصادفه فَسَأَلت عَنهُ فَقيل هُوَ عليل فَأَتَيْته وَهُوَ فِي بَيت عَجُوز فاستأذنت وَدخلت عَلَيْهِ فَسلمت وَقلت أَلَك حَاجَة قَالَ نعم إِن قبلت
قلت نعم قَالَ إِذا أَنا متّ فبع هَذَا المر واغسل جبتي هَذِه الصُّوف وَهَذَا المئرز وكفّنّي بهما وافتق جيب الجبّة فَإِن فِيهَا خَاتمًا فَخذه وقف للخليفة الرشيد فِي مَوضِع يراك وأره الْخَاتم وَسلمهُ إِلَيْهِ وَلَا يكون هَذَا إِلَّا بعد دفني فَقلت نعم وَلما مَاتَ فعلت مَا أَمرنِي ورصدت الرشيد فِي يَوْم ركُوبه وَجَلَست على الطَّرِيق لَهُ فَلَمَّا دنا قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَك عِنْدِي وَدِيعَة ولوحت بالخاتم فَأخذت وحملت حَتَّى دخل دَاره ثمَّ دَعَاني خلوةّ وَقَالَ من أَنْت قلت عبد الله قَالَ هَذَا الْخَاتم من أَيْن لَك فَحَدَّثته قصَّة الشَّاب فَجعل يبكي حَتَّى رَحمته فَلَمَّا أنس بِي قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هُوَ لَك قَالَ ابْني ولد قبل أَن أَلِي الْخلَافَة وَنَشَأ نَشأ حسنا وَتعلم الْقُرْآن وَالْعلم ولّما وليت الْخلَافَة تركني وَلم يتل شَيْئا فَدفعت إِلَى أمه هَذَا الْخَاتم وَهُوَ ياقوت لَهُ قيمَة كَبِيرَة وَقلت ادفعي هَذَا إِلَيْهِ وَكَانَ بهَا بارّاً لَعَلَّه يحْتَاج إِلَيْهِ ينْتَفع بِهِ وَتوفيت أمه فَمَا عرفت لَهُ خَبرا إِلَّا مَا أَخْبَرتنِي بِهِ أَنْت ثمَّ قَالَ إِذا كَانَ اللَّيْل اخْرُج معي إِلَى قَبره فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل مشي)
معي وَحده وَجلسَ على قَبره وَبكى بكاء شَدِيدا فَلَمَّا طلع الْفجْر رَجعْنَا ثمَّ قَالَ لي تعاهدني فِي بعض الْأَيَّام حَتَّى أَزورهُ قَبره فَكنت أتعاهده قَالَ محب الدّين ابْن النجار عبد الله ابْن الْفرج العابد رَاوِي هَذِه الْحِكَايَة هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْقَنْطَرِي كَانَ من أَعْيَان الزهاد وَكَانَ بشر بن الْحَارِث يزوره وَلم يسمّ ابْن الرشيد فِي هَذِه الرِّوَايَة(8/144)
قلت وَقد اختصرت بعض ألفاظها وَلم أخلّ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُود مِنْهَا لطولها قَلِيلا وَتُوفِّي أجمد السبتي فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْحَافِظ أَبُو بكر البرذعي)
أجمد بن هَارُون بن روح أَبُو بكر البرديجي البرذعي الْحَافِظ نزيل بغداذ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة جبلٌ توفّي سنة إِحْدَى وثلاثمائة
3 - (أَحْمد بن هبة الله)
3 - (الصَّدْر ابْن الزَّاهِد)
أَحْمد بن هبة الله بن الْعَلَاء بن مَنْصُور المَخْزُومِي أَبُو الْعَبَّاس الأديب النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بالصدر ابْن الزَّاهِد توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة كَانَ لَهُ اخْتِصَاص عَظِيم بِابْن الخشاب لَا يُفَارِقهُ فحصّل علما جمّاً وَصَارَت لَهُ يَد باسطة فِي النَّحْو واللغة وَقَرَأَ قبله على أبي الْفضل ابْن الْأَشْقَر وَكَانَ كيّساً مطبوعاً خَفِيف الرّوح حسن المفاكهة وَسمع من عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَابْن المانذائي وَغَيرهمَا وَمن شعره
(ومهفهفٍ يسبيك خطّ عذاره ... ويريك ضوء الْبَدْر فِي أزراره)
(حسدت شمائله الشُّمُول وهجنت ... لطف النسيم يهبُّ فِي أسحاره)
(وَإِذا أردْت جفاه قَالَ لي الْهوى ... هُوَ فِي الْفُؤَاد فداره فِي دَاره)
(لم أضمر السلوان عَنهُ لَحْظَة ... إِلَّا استعدت وتبت من إضماره)
دقّت مَعَاني خصره فَكَأَنَّهَا الْمَعْنى الخفيّ يجول فِي أفكاره
(وَكَأن وجنته وَحُمرَة خَدّه ... ورد عَلَيْهِ الطلّ فِي أسحاره)
وَكتب إِلَى الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف الْكَبِير
(إِن الأكاسرة الأولى شادوا العلى ... بَين الْأَنَام فمفضل أَو منعم)
(يَشكونَ أنّك قد نسخت فعالهم ... حَتَّى تنوسي مَا تقدّم مِنْهُم)
)
(وسننت فِي شرع الممالك ماعموا ... عَن بعضه وفهمت مَا لم يفهموا)(8/145)
3 - (وَالِد ابْن العديم)
أَحْمد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أَحْمد ابْن أبي جَرَادَة ابْن العديم الْعقيلِيّ الْحلَبِي هُوَ القَاضِي أَبُو الْحسن وَالِد الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم كَانَ يخْطب بقلعة حلب أَيَّام نور الدّين مَحْمُود بن زنكي وَولي الخزانة أَيَّام وَلَده الصَّالح إِسْمَاعِيل إِلَى أَن عرض الْقَضَاء على أَخِيه فَامْتنعَ فقلّد هَذَا الْقَضَاء بحلب وأعمالها سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَلم يزل قَاضِيا أَيَّام الصَّالح وَمن بعده فِي دولة عز الدّين وعماد الدّين ابْني قطب الدّين مودود ابْن زنكي وصدراً من أَيَّام صَلَاح الدّين إِلَى أَن عزل عَن منصبي الْقَضَاء والخطابة وَنقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة ووليه القَاضِي مجد الدّين ابْن الزكي وَسمع أَبَاهُ وَأَبا المظفر سعيد بن سهل الفلكي وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة
3 - (الْخَطِيب المنصوري)
أَحْمد بن هبة الله بن عبد الْقَادِر بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر ابْن الْمَنْصُور بِاللَّه أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْقَاسِم ابْن أبي طَالب العباسي الْخَطِيب كَانَ يتَوَلَّى الخطابة بِجَامِع الْمَنْصُور وَسمع شَيْئا من الحَدِيث من أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الدينَوَرِي وَحدث ياليسير قَالَ محب الدّين ابْن النجار سَمِعت شَيخنَا أَبَا الْيمن زيد بن الْحسن الْكِنْدِيّ بِدِمَشْق يَقُول حضر الشَّيْخ ابْن الْمَنْصُور الْخَطِيب يَوْمًا عِنْد شَيخنَا أبي مَنْصُور ابْن الجواليقي وَكَانَ بعض الطّلبَة يقْرَأ عَلَيْهِ ديوَان أبي الطّيب المتنبي فَبلغ قَوْله
(وَوضع النّدى فِي مَوضِع السَّيْف بالعلى ... مُضر كوضع السَّيْف فِي مَوضِع النّدى)
فَاسْتَحْسَنَهُ الْخَطِيب جدّاً وَقَالَ لقد أَجَاد الْمَعْنى لِأَن السَّيْف إِذا وضع فِي الْموضع النّديّ صدىء فَضَحِك الْجَمَاعَة مِنْهُ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
3 - (موفق الدّين ابْن أبي الْحَدِيد)
أَحْمد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن ابْن أبي الْحَدِيد أَبُو الْمَعَالِي موفق الدّين ويدعى الْقَاسِم أَيْضا ولد سنة تسعين وَخَمْسمِائة بِالْمَدَائِنِ وَكَانَ أديباً فَقِيها فَاضلا شَاعِرًا مشاركاً فِي أَكثر الْعُلُوم توفّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وَأَخُوهُ عز الدّين الْآتِي ذكره فِي أَسمَاء عبد)
الحميد كَانَ معتزلياً وَرَأَيْت الشَّيْخ شمس الدّين قَالَ فِي حقّ هَذَا إنّه أشعري وَالله أعلم كتب الْإِنْشَاء للمستعصم بِاللَّه مُدَّة وروى عَن عبد الله ابْن أبي الْمجد بِالْإِجَازَةِ وروى عَنهُ شرف الدّين الدمياطي وَمن شعره فِي عَارض جَيش خرج من دَار الْوَزير بخلعة فعانقه وَقَالَ
(لما بدا رائق التثنّي ... وَهُوَ بأثوابه يميد)
(قبلته بِاعْتِبَار معنّى ... لِأَنَّهُ عَارض جَدِيد)
وَمِنْه قَوْله(8/146)
(بَيت من الشّعر فِي تَشْبِيه وجنته ... لّما أحَاط بهَا سطر من الشّعر)
(كالظلَّ فِي النُّور أَو كَالشَّمْسِ عارضها ... خطّ من الْغَيْم أَو كالمحو فِي الْقَمَر)
وَمِنْه أَيْضا
(لَو يعلمُونَ كَمَا علمت لما لحوا ... فِي حبّه ولأقصروا إقصارا)
(هلاّ أحدثكُم بسرّ لطيفةٍ ... دقّت إِلَى أَن فَاتَت الأبصلرا)
(حاذت صقال خدوده أصداغه ... فتمثّلت للناظرين عذارا)
وَقَالَ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي أَنْشدني موفق الدّين لنَفسِهِ
(قمر عدمت عواذلي فِي عشقه ... بل مَا عدمت تزاحم العشّاق)
(يَبْدُو فتسبقه الْعُيُون وإنّها ... مأمورة بالغض والإطراق)
(عَيْنَايَ قد شَهدا بعشقك إنّما ... لَك أَن تَقول هما من الْفُسَّاق)
ولّما صنّف أَخُوهُ الْفلك الدائر على الْمثل السائر كتب إِلَى أَخِيه
(الْمثل السائر يَا سَيِّدي ... صنفت فِيهِ الْفلك الدائرا)
(لكنّ هَذَا فلك دائر ... أَصبَحت فبه الْمثل السائرا)
قلت شعر جيد مُتَمَكن فِيهِ غوص
وَتَوَلَّى موفق الدّين قَضَاء الْمَدَائِن أَيَّام الظَّاهِر وصنف كتابا سَمَّاهُ الْحَاكِم فِي اصْطِلَاح الخراسانيين والعراقيين فِي معرفَة الجدل والمناظرة ثمَّ تولّى كِتَابَة الْإِنْشَاء
3 - (أَبُو الْقَاسِم الجبراني)
أَحْمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد أَبُو الْقَاسِم الطَّائِي ابْن الجبرانيبضم الْجِيم وَفتحهَا وَبعد الْبَاء الْمُوَحدَة رَاء وَبعدهَا ألف ونونالحلبي المقرىء النَّحْوِيّ الْحَنَفِيّ كَانَ بَصيرًا باللغة)
والعربية وَله شعر توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة وَمن شعره
3 - (ملك التتار)
أَحْمد بن هولاكو بن تُولى قان بن جنكزخان ملك التتار كَانَ ملكا شهماً خَبِيرا بِأُمُور الرّعايا سالكاً أحسن المسالك لَا يصدر عَنهُ إِلَّا مَا يُوَافق الشَّرِيعَة النَّبَوِيَّة يعْتَمد عَلَيْهَا وينقاد إِلَيْهَا فِي جَمِيع حركاته بطرِيق الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن فإنّه كَانَ قد أقبل عَلَيْهِ وامتثل مَا يَأْمُرهُ بِهِ وَكَانَ يَأْمُرهُ بمصالحة الْمُسلمين وَالدُّخُول فِي طاعتهم وَالْعَمَل على مراضيهم وَأَن يَكُونُوا(8/147)
كلهم شَيْئا وَاحِدًا وَلم يزل عَلَيْهِ إِلَى أَن أجَاب إِلَى مصالحة الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون وَكتب على يَد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن كتبا بديعة دالّة على دُخُوله فِي الْإِسْلَام واتباعه أوَامِر الله تَعَالَى فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَتوجه بهَا الشَّيْخ فَلَمَّا وصل الشَّام بلغَة وَفَاة أَحْمد بن هولاكو فَبَطل مَا كَانَ جَاءَ بِهِ وَوَقع أجرهما على الله تَعَالَى وَبَقِي الشَّيْخ بعده مُدَّة بعده مُدَّة يسيرَة وَتُوفِّي وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين
وَلما مَاتَ أبغا تعصب جمَاعَة لِأَحْمَد وَكَانَ اسْمه بكرار وَاسم أمه قبوخاتون نَصْرَانِيَّة وَمَا هان على بعض الْمغل لأنّه ادّعى أنّه مُسلم وَحضر أَخُوهُ قنغرطاي وَقَالَ لأرغون إِن أبغا شَرط فِي الياسة أَنه إِذا مَاتَ مَا يقْعد عوضه الْأَكْبَر وَمن خَالف يَمُوت وَكَتَبُوا إِلَى الْمُلُوك ليحضروا ويكتبوا خطوطهم بالرضى بِملك أَحْمد فَقَالُوا إِن قدرتهم قد ضغفت ورجالهم قتلوا وَإِن الملمين كلما لَهُم فِي قُوَّة وَأَنه لَا حِيلَة فِي هَذَا الْوَقْت أتمّ من إِظْهَار الْإِسْلَام والتقرب إِلَى السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون وَكَانَ بَين أرغون ابْن أبغا وَبَين السُّلْطَان عَدَاوَة شَدِيدَة فسيّر أَحْمد عسكراً نَحْو أرغون مِقْدَار أحد عشر ألف فَارس وَقدم عَلَيْهِم عَليّ ناق أحد خواصّه فقصدوا أرغون ونزلوا قَرِيبا مِنْهُ فَركب أرغون وكبسهم فَقتل مِنْهُم ألفي فَارس وَبلغ ذَلِك أَحْمد فَركب فِي أَرْبَعِينَ ألفا وَقصد جِهَة خُرَاسَان فَالتقى هُوَ وأرغون وَقتل من عَسْكَر أرغون أَكثر من النّصْف وَضربت البشائر فِي بِلَاد الْعَجم وَأمْسك خَمْسَة من الْأُمَرَاء فِي المصافّ وقررهم فَاعْتَرفُوا أنّ أرغون طلب العبور إِلَى إيلجان فَمَنعه جمَاعَة من أَصْحَاب الْملك أَحْمد فَأمْسك اثْنَي عشر أَمِيرا من كبار الْمغل وقيدهم فَعِنْدَ ذَلِك قَامَ الْمغل عَلَيْهِ وجاهروه فهرب ثمَّ أَخذ وأحضر إِلَى أرغون فَقتله واستبد أرغون بِالْملكِ وَقيل فِي كَيْفيَّة قَتله غير ذَلِك وَكَانَ قَتله سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة)
3 - (ابْن عَطاء الشَّامي)
أَحْمد بن الْهَيْثَم بن فراس بن مُحَمَّد بن عَطاء الشَّامي قَالَ ابْن الْمَرْزُبَان هُوَ أحد الروَاة المكثرين روى عَنهُ الْحسن بن عليل الْعَنزي وَأَبُو بكر وَكِيع وَكَانَ الْهَيْثَم شَاعِرًا مكثراً وجدّه فراس من شيعَة بني الْعَبَّاس وَأدْركَ دولة هِشَام بن عبد الْملك وَله فِي أوّل الدولة أَخْبَار
3 - (أَبُو سعد الْأَنْبَارِي)
أَحْمد بن واثق بن عبيد الله ابْن الْعَنْبَري أَبُو سعد الشَّاعِر من أهل الأنبار
قدم بغداذ سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وروى بهَا شَيْئا من شعره سمع مِنْهُ سعد الْخَيْر ابْن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ ومنوجهر بن مُحَمَّد بن تركانشاه الْكَاتِب وَمن شعره
(شكرتك عني كلّ قافيةٍ ... تختال بَين الْمَدْح والغزل)
(فَلَقَد مَلَأت بكلّ عارفةٍ ... وَجه الرَّجَاء وناظر الأمل)
وَمِنْه قَوْله(8/148)
(أَصبَحت أَقرع أَبْوَاب الرِّجَال على ... رِزْقِي لأفتح مِنْهَا كل مرتتج)
(أروم مشي أموري من بني زمنٍ ... أَمْشَاهُم يشتكي نوعا من العرج)
(أَقُول إِذْ ضَاقَ وسع الْخطب عَن أربي ... تضايقي يَا خطوب الدَّهْر تنفرجي)
3 - (أَبُو ثَعْلَب الْأَمِير)
أَحْمد بن وَرْقَاء الشَّيْبَانِيّ أَبُو ثَعْلَب الْأَمِير كَانَ أديباً شَاعِرًا من بَيت الْإِمَارَة والتقدم وولاة الثغور والعواصم روى عَنهُ أَبُو الْحسن أَحْمد بن عَليّ ابْن حَاجِب بن النُّعْمَان وَأَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَمن شعره
(إِن المحبين لم يرْضوا فعالك بِي ... يَا من يرى حسنا نقص المواثيق)
(وَالله لَا غرّني من بعدكم أحد ... وَلَا أرى فِي الْهوى حظاً لمخلوق)
3 - (ابْن الصَّائِغ الْحَنْبَلِيّ)
أَحْمد ابْن الْوَفَاء بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد أَبُو الْفَتْح الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الصَّائِغ درس الْفِقْه على أبي الحطّاب الكلوذاني وَحصل طرفا صَالحا مِنْهُ وَمن أبي الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بَيَان الرزاز وَغَيرهمَا وَسكن حلب مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى حرّان
وَكَانَ يدرّس بهَا ويفتي وَحدث بهَا وبحلب وَتُوفِّي بحرّان سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة)
3 - (أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن ولاّد أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ البغداذي سكن مصر وَحدث بهَا عَن المبرَّد وروى عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد الْمصْرِيّ الشَّاعِر
3 - (أَحْمد بن الْوَلِيد)
3 - (الْأَنْطَاكِي)
أَحْمد بن الْوَلِيد بن برد الشَّامي الْفَقِيه الْأَنْطَاكِي كَانَ الْفضل بن صَالح ابْن عبد الْملك يهوى جَارِيَة أَخِيه عبيد بن صَالح فسقى الْفضل أَخَاهُ سما فَقتله وَتَزَوجهَا فَقَالَ أَحْمد بن الْوَلِيد وَكَانَ الْفضل قد ظلمه فِي شَيْء
(لَئِن كَانَ فضل بزّني الأَرْض ظَالِما ... فقبلي مَا أودى عبيد بن صَالح)
(سقَاهُ نسوعياً من السمّ ناقعاً ... وَلم يتّئب من مخزيات الفضائح)
(حوى عرسه من بعده وتراثه ... وغادره رهن الثّرى والصفائح)
وَقَالَ فِي رجل أنْشدهُ شعرًا بَارِدًا(8/149)
(قد جَاءَنِي لَك شعر لم يكن حسنا ... وَلَا صَوَابا وَلَا قصدا وَلَا سددا)
(وجدت فِيهِ عيوباً غير وَاحِدَة ... وَلم أزل لعيوب الشّعْر منتقداً)
(كَأَن ذَا خبْرَة بالشعر جُمُعَة ... ثمَّ انتقي لَك مِنْهُ شَرّ مَا وجدا)
(إِنِّي نَصَحْتُك فِيمَا قد أتيت بِهِ ... من الفضائح نصح الْوَالِد الولدا)
(فعدَّ عَن ذَاك وادفنه كَمَا دفنت ... هرّ خروءاً وَلم تعلم بِهِ أحدا)
3 - (أَحْمد بن يحيى)
3 - (ابْن ناقد المسكي)
أَحْمد بن يحيى بن أَحْمد بن زيد بن ناقد المسكي أَبُو الْعَبَّاس من أهل الْكُوفَة سمع أَبَاهُ وَأَبا الْبَقَاء المعمّر بن مُحَمَّد بن عَليّ الحبال وَأَبا الْغَنَائِم مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون النَّرْسِي وَغَيرهم
وَكَانَت لَهُ يَد فِي النَّحْو وَكَانَ يقرىء النَّحْو وَيحدث بِالْكُوفَةِ وَقد صنّف فِي النَّحْو وخرّج أَحَادِيث من مسموعاته فِي فنون وكتبها النَّاس عَنهُ وَدخل بغداذ بعد علّو سنّه وَحدث بهَا وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة صدوقاٌ ومولده سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة ووفاته سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره)
(إِذا مَا انتسبت إِلَى درهمٍ ... فَأَنت المعظّم بَين الورى)
(وإمّا فخرت على معشرٍ ... فبالمال إِن شِئْت أَن تفخرا)
(وَلَا تفخرن بالعظام الرفات ... ودع مَا سَمِعت وَخذ مَا ترى)
(فذو الْعلم عِنْدهم جَاهِل ... إِذا كَانَ بَينهم مُعسرا)
(فإنّ أفاضل هَذَا الزَّمَان ... من كَانَ ذَا جدةٍ أَو ثرا)
3 - (أَبُو الْمَعَالِي البيعّ)
أَحْمد بن يحيى بن أَحْمد بن عبيد الله بن هبة الله البيعّ أَبُو الْمَعَالِي البغداذي طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَبَالغ فِي الطّلب وحصّل الْأُصُول وَأكْثر من الشُّيُوخ وَكتب الْكثير من الْأَجْزَاء والكتب الْكِبَار كمسند أَحْمد بن حَنْبَل والطبقات الْكَبِيرَة لِابْنِ سعد وتاريخ بغداذ للخطيب والصحيحين وَمَغَازِي الْأمَوِي وَمَغَازِي الْوَاقِدِيّ وَكتاب الأغاني الْكَبِير للأصبهاني وَغير ذَلِك وَلم يزل يكْتب إِلَى أَن مَاتَ سنة ثلاثٍ وسِتمِائَة(8/150)
3 - (ابْن الراوندي)
أَحْمد بن يحيى بن إِسْحَاق ابْن الراوندي أَبُو الْحُسَيْن من أهل مرو الرّوذ سكن بغداذ وَكَانَ من متكلمي الْمُعْتَزلَة ثمَّ فارقهم وَصَارَ ملحداً زنديقا قَالَ القَاضِي أَبُو عَليّ التنوخي كَانَ أَبُو الْحُسَيْن ابْن الراوندي يلازم أهل الْإِلْحَاد فَإِذا عوتب فِي ذَلِك قَالَ إِنَّمَا أُرِيد أعرف مذاهبهم ثمَّ إِنَّه كاشف وناظر وَيُقَال إِن أَبَاهُ كَانَ يَهُودِيّا فَأسلم وَكَانَ نقض الْيَهُود يَقُول للْمُسلمين لَا يفسدنّ عَلَيْكُم هَذَا كتابكُمْ كَمَا أفْسدهُ أَبوهُ التَّوْرَاة علينا وَيُقَال إِن أَبَا الْحُسَيْن قَالَ للْيَهُود قُولُوا إِن مُوسَى قَالَ لَا نبيّ بعدِي وَذكر أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن أبي أَحْمد الطَّبَرِيّ أَن ابْن الراوندي كَانَ لَا يسْتَقرّ على مَذْهَب وَلَا يثبت على انتحال حَتَّى ينْتَقل حَالا بعد حالٍ حَتَّى صنف للْيَهُود كتاب البصيرة ردا على الْإِسْلَام لأربعمائة دِرْهَم فِيمَا بَلغنِي أَخذهَا من يهود سامراً فَلَمَّا فبض المَال رام نقضهَا حَتَّى أَعْطوهُ مِائَتي دِرْهَم فَأمْسك عَن النَّقْض وَقَالَ مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق النديم قَالَ الْبَلْخِي فِي كتاب محَاسِن خُرَاسَان أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد ابْن الراوندي من أهل مرو الرّوذ من الْمُتَكَلِّمين وَلم يكن فِي زَمَانه فِي نظرائه أحذق مِنْهُ بالْكلَام وَلَا أعرف بدقيقه وجليله مِنْهُ وَكَانَ فِي أول أمره حسن السِّيرَة جميل الْمَذْهَب كثير الْحيَاء ثمَّ انْسَلَخَ من ذَلِك كلّه لأسباب عرضت لَهُ وَلِأَن علمه كَانَ أَكثر من عقله فَكَانَ مثله كَمَا قَالَ الشَّاعِر)
(وَمن يُطيق مزكّى عِنْد صبوته ... وَمن يقوم لمستورٍ إِذا خلعا)
قَالَ وَقد حُكيَ عَن جمَاعَة أنّه تَابَ عِنْد مَوته مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَأظْهر النَّدَم واعترف بِأَنَّهُ إِنَّمَا صَار إِلَيْهِ حميّة وأنفة من جفَاء أَصْحَابه وتنحيتهم إيّاه من مجَالِسهمْ وَأكْثر كتبه الكفريات ألفها لأبي عِيسَى الْيَهُودِيّ الْأَهْوَازِي وَفِي منزل هَذَا الرجل توفّي(8/151)
وَمِمَّا ألّفه من الْكتب الملعونة كتاب التَّاج يحْتَج فِيهِ لقدم الْعَالم كتاب الزمردة يحتد فِيهِ على الرُّسُل وَإِبْطَال الرسَالَة كتاب نعت الْحِكْمَة يسفّه الله تَعَالَى فِي تَكْلِيف خلقه مَا لَا يُطِيقُونَ من أمره وَنَهْيه كتاب الدامغ يطعن فِيهِ على نظم الْقُرْآن كتاب الْقَضِيب الَّذِي يثبت فِيهِ أَن علم الله تَعَالَى بالأشياء مُحدث وَأَنه كَانَ غير عَالم حَتَّى خلق خلقه وأحدث لنَفسِهِ علما كتاب الفريد فِي الطعْن على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب المرجان كتاب اللؤلؤة فِي تناهي الحركات وَقد نقض ابْن الراوندي أَكثر الْكتب الَّتِي صنفها كالزمردة والمرجان والدامغ وَلم يتم نقضه وَلأبي علّي الجبائي عَلَيْهِ ردود كَثِيرَة فِي نعت الْحِكْمَة وقضيب الذَّهَب والتاج والزمردة والدامغ وإمامة الْمَفْضُول وَقد رد عَلَيْهِ أَيْضا أَبُو الْحُسَيْن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الْخياط فمما قَالَ فِي كتاب الزمردة إِنَّه إنّما سمّاه بالزمردة لِأَن من خَاصَّة الزمرد أَن الحيّات إِذا نظرت إِلَيْهِ ذَابَتْ أعينها فَكَذَلِك هَذَا الْكتاب إِذا طالعه الْخصم ذاب وَهَذَا الْكتاب يشْتَمل على إبِْطَال الشَّرِيعَة والإزراء على النبوّات فمما قَالَ فِيهِ لَعنه الله وأبعده إِنَّا نجد من كَلَام أَكْثَم بن صَيْفِي شَيْئا أحسن من إنّا أعطيناك الْكَوْثَر وَإِن الْأَنْبِيَاء كَانُوا يستعبدون النَّاس بالطلاسم وَقَالَ قَوْله لعمَّار تقتلك الفئة الباغية كل المنجمين يَقُولُونَ مثل هَذَا وَقد كذب لَعنه الله فَإِن المنجم إِن لم يسْأَل الرجل عَن اسْمه وَاسم أمه وَيعرف طالعه لَا يقدر أَن يتَكَلَّم على أَحْوَاله وَلَا يُخبرهُ بِشَيْء من متجدداته
وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخبر بالمغيبات من غير أَن يعرف طالعاً وَيسْأل عَن اسْم أَو نسب فَبَان الْفرق وَقَالَ فِي كتاب الدامغ فِي نقض الْقُرْآن إِن فِيهِ لحناً وَقد استدركه وصنف كتابا فِي قدم الْعَالم وَنفي الصَّانِع وَتَصْحِيح مَذْهَب الدهريه ورد على أهل التَّوْحِيد وَذكر أَبُو هَاشم الجبّائي أَن الراوندي قَالَ فِي كتاب الفريد إِن الْمُسلمين احْتَجُّوا للنبوة بِكِتَابِهِمْ الْقُرْآن الَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ معجز لن يَأْتِي أحد بِمثلِهِ وَلم يقدر أحد أَن يُعَارضهُ
فَقَالَ غلطتم وغلبت العصبية على قُلُوبكُمْ فَإِن مُدعيًا لَو ادّعى أَن إقليدس لَو ادّعى أَن كِتَابه لَا يَأْتِي أحد بِمثلِهِ لَكَانَ صَادِقا وَأَن الْخلق قد عجزوا عَن أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ أفإقليدس كَانَ نَبيا وَكَذَلِكَ)
بطلميوس فِي أَشْيَاء جمعهَا فِي الفلسفة لم يَأْتِ أحد بِمِثْلِهَا يَعْنِي فَأَي فَضِيلَة لِلْقُرْآنِ وَقد أبطل لَعنه الله فِيمَا قَالَه فَإِن كتاب إقليدس وَكتب بطلميوس لَو حاول أحد من الفلاسفة مِمَّن يعرف علومهم ويحلّ رموزهم وأشكالهم أَن يَأْتِي بِمِثْلِهَا لقدر على ذَلِك وَالْقُرْآن االكريم قد حاول السَّحَرَة والكهنة والخطباء والفصحاء والبلغاء على أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ فَلم يقدروا وَلَا على آيَة وَاحِدَة وَقد عارضوه بأَشْيَاء بَان عجزهم فِيهَا وَظهر سفههم قلت وَقد جَاءَ بعد إقليدس من استدرك عَلَيْهِ وسلك أنموذجه وأتى بِمَا لم يأتِ بِهِ كَقَوْلِهِم الْأَعْدَاد المتحابّة فَاتَت إقليدس أَن يذكرهَا وارشميدس لَهُ كتاب مُسْتَقل سمّاه الهندسة الثَّانِيَة ومصادرات إقليدس وَأما بطلميوس فيحكى أَنه بعد وَضعه للاسطرلاب بِمدَّة وجد علبة رصاص فِي حَائِط وَفِيه إسطرلاب وَأَنه ضحك فَرحا بِأَنَّهُ ذهنه ذهن الأقدمين وَلم يبرهن بطلميوس(8/152)
على أَن الزهرة فلكها فَوق فلك الشَّمْس أَو تَحْتَهُ حَتَّى جَاءَ ابْن سينا ورصدها فَوَجَدَهَا قد كسفت الشَّمْس وَصَارَت كَالشَّامَةِ على الوجنة فَتعين أَنَّهَا تَحت الشَّمْس وَأما الْقُرْآن الْكَرِيم لم يتَّفق لَهُ هَذِه الاتفاقات على أَن تِلْكَ عُلُوم عقلية تتساوى الأذهان فِيهَا وَأما الْقُرْآن فَلَيْسَ هُوَ مِمَّا هُوَ مركوز فِي الأذهان فَلذَلِك عزّ نَظِيره إِذْ لَيْسَ هُوَ من كَلَام الْبشر قَالَ الجبائي وَذكر فِي كتاب الدامغ أَن الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ عِنْده من الدَّوَاء إِلَّا الْقَتْل فعل الْعَدو الحنق الغضوب فَمَا حَاجَة إِلَى كتاب وَرَسُول
قَالَ وَيَزْعُم أنّه يعلم الْغَيْب فَيَقُول وَمَا تسْقط من ورقةٍ إلاّ يعلمهَا ثمَّ يَقُول وَمَا جعلنَا الْقبْلَة الَّتِي كنت عَلَيْهَا إلاّ لنعلم وَقَوله إنّ لَك ألاّ تجوع فِيهَا وَلَا تعرى قَالَ وَقد جَاع وعري وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى إنّا جعلنَا على قُلُوبهم أكنةً أَن يفقهوه ثمَّ قَالَ وَرَبك الغفور ذُو الرّحمة فأعظم الخطوب ذكر الرَّحْمَة مضموماً إِلَى إهلاكهم قَالَ وتراه يفتخر بالمكر وَالْخداع فِي قَوْله ومكرنا قَالَ وَمن الْكَذِب قَوْله وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صوّرناكم ثمّ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم وَهَذَا قبل تَصْوِير آدم قلت ثمَّ قَالَ ابْن الراوندي وَمن فَاحش ظلمه قَوْله كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بدّلناهم غَيرهَا فيعذّب جُلُودهمْ وَلم تعصه قلت الْأَلَم للحس لَا للجلد لِأَن الْجلد إِذا كَانَ بَائِنا أَو الْعُضْو فَإِن الْإِنْسَان لَا يألم بِعَذَاب الْبَائِن مِنْهُ قَالَ وَقَوله لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ قَالَ وَإِنَّمَا يكره السُّؤَال رَدِيء السّلْعَة قلت لَا يشك الْعَاقِل وَذُو اللّب أَن الله سكت عَن أَشْيَاء فِي كتمها مصَالح للعباد قَالَ وَفِي وصف الْجنَّة فِيهَا أنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه وَهُوَ الحليب وَلَا يكَاد)
يشتهيه إِلَّا الجائع وَذكر الْعَسَل وَلَا يطْلب صرفا والزنجبيل وَلَيْسَ من لذيذ الْأَشْرِبَة والسندس يفترش وَلَا يلبس وَكَذَلِكَ الاستبرق الغليظ من الدّيباج وَمن تخايل أَنه فِي الْجنَّة يلبس هَذَا الغليظ وَيشْرب الحليب والزنجبيل صَار كعروس الأكراد والنبط قلت أعمى الله بصيرته عَن قَوْله تَعَالَى فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم وَعَن قَوْله تَعَالَى وَلحم طيرٍ مِمَّا يشتهون وَمَعَ ذَلِك فَفِيهَا الّلبن وَالْعَسَل وغليظ الْحَرِير يُرِيد بِهِ الصفيق الملتحم النسج وَهُوَ أَفْخَر مَا يلبس وَقَالَ وَأهْلك ثموداً لأجل نَاقَة وَقَالَ ياعبادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله ثمَّ قَالَ إِن الله لَا يهدي من هُوَ مسرفٌ كذّاب قَالَ الجبائي لَو علم ابْن الراوندي لَعنه الله أَن الْإِسْرَاف الأول فِي الْخَطَايَا دون الشّرك وَأَن الْإِسْرَاف الثَّانِي هُوَ الشّرك لما قَالَ هَذَا ثمَّ قَالَ ووجدناه يفتخر بالفتنة الَّتِي أَلْقَاهَا بَينهم لقَوْله(8/153)
وَكَذَلِكَ فتنّا بَعضهم بِبَعْض وَقَوله تَعَالَى وَلَقَد فتنّا الَّذين من قبلهم ثمَّ أوجب للَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات عَذَاب الْأَبَد قَالَ الجبائي وَلَوْلَا أَن هَذَا الْجَاهِل الزنديق لَا يعرف كَلَام الْعَرَب ومعانيه الْمُخْتَلفَة فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة لما قَالَ هَذَا الْكفْر فَإِن قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فتنا أَي ابتلينا وَقَوله فتنُوا الْمُؤمنِينَ أَي أحرقوهم وَقَالَ فِي قَوْله وَله أسلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض هَذَا خبر محَال لِأَن النَّاس كلّهم لم يسلمُوا وَكَذَلِكَ قَوْله وَإِن من شيءٍ إلاّ يسبّح بِحَمْدِهِ وَقَوله وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّموات وَمَا فِي الأَرْض
وَقد أبان هَذَا الزنديق عَن جهلٍ وسفهٍ فَإِن معنى قَوْله أسلم أَي استسلم إِذْ الْخَلَائق كلّها منقادة لأمر الله مستسلمة لحكمة ذليلة تَحت أوامره وَنَهْيه وَالْعرب تطلق الْكل وتريد الْبَعْض قَالَ الله تَعَالَى تدمّر كلّ شَيْء بِأَمْر ربّها وَلَو ذَهَبْنَا نورد مَا تفوّه بِهِ من الْكفْر والزندقة والإلحاد لطال والاشتغال بِغَيْرِهِ أولى وَالله سُبْحَانَهُ منزه عَمَّا يَقُول الْكَافِرُونَ والملحدون وَكَذَلِكَ كِتَابه وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَقَالَ السَّيِّد أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الآملي سَمِعت وَالِدي يَقُول قلت لأبي الْحُسَيْن ابْن الراوندي المتكلّم أَنْت أحذق النَّاس بالْكلَام غير أَنَّك تلحن فَلَو اخْتلفت مَعنا إِلَى أبي الْعَبَّاس الْمبرد لَكَانَ أحسن فَقَالَ نعم مَا قلت نبهتني لما أحتاج إِلَيْهِ قَالَ فَكَانَ من بعد يخْتَلف إِلَى أبي الْعَبَّاس الْمبرد قَالَ فَسمِعت الْمبرد يَقُول لنا أَبُو الْحُسَيْن ابْن الراوندي يخْتَلف إليّ مُنْذُ شهر وَلَو اخْتلف سنة احتجت أَن أقوم من مجلسي هَذَا وَأَقْعَدَهُ فِيهِ
وَمن شعره)
(مجن الزَّمَان كثيرةٌ مَا تَنْقَضِي ... وسرورها يَأْتِيك كالأعياد)
(ملك الأكارم فاسترق رّقابهم ... وتراه رقّاً فِي يَد الأوغاد)
وَمِنْه وَقيل أنْشدهُ
(أَلَيْسَ عجيباً بِأَن امْرَءًا ... لطيف الْخِصَام دَقِيق الْكَلم)
(يَمُوت وَمَا حصلت نَفسه ... سوى علمه أَنه مَا علم)
اجْتمع ابْن الراوندي وَأَبُو عَليّ الجبائي على جسر بغداذ فَقَالَ لَهُ يَا با عَليّ أما تسمع مني معارضتي لِلْقُرْآنِ وتقضي لَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَليّ أَنا أعرف بمجاري علومك وعلوم أهل دهرك وَلَكِن أحاكمك إِلَى نَفسك فَهَل تَجِد فِي معارضتك لَهُ عذوبةً وهشاشة وتشاكلاً وتلازماً ونظماً كنظمه وحلاوة كحلاوته قَالَ لَا وَالله قَالَ قد كفيتني فَانْصَرف حَيْثُ شِئْت وَذكر أَبُو عَليّ الجبائي أَن السُّلْطَان طلب ابْن الراوندي وَأَبا عِيسَى الْوراق فَأَما أَبُو عِيسَى فحبس حَتَّى مَاتَ وأمّا ابْن الراوندي فهرب إِلَى ابْن لاوي الْهَرَوِيّ وَوضع لَهُ كتاب الدامغ فِي(8/154)
الطعْن على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى الْقُرْآن ثمَّ لم يلبث غلاّ أَيَّامًا يسيرَة حَتَّى مرض وَمَات إِلَى اللّعنة
وعاش أَكثر من ثَمَانِينَ سنة وسرد ابْن الْجَوْزِيّ من زندقته أَكثر من ثَلَاث وَرَقَات قَالَ الجبائي وَكَانَ قد وضع كتابا لِلنَّصَارَى على الْمُسلمين فِي إبِْطَال نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلّم وَنسبه إِلَى الْكَذِب وَشَتمه وَطعن فِي الْقُرْآن الَّذِي جَاءَ بِهِ وَذكر أَبُو الْوَفَاء ابْن عقيل أَن بعض السلاطين طلب ابْن الراوندي وَأَنه هلك وَله سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة مَعَ مَا انْتهى إِلَيْهِ فِي المخازي وَقيل هلك فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو جَعْفَر البَجلِيّ)
أَحْمد بن يحيى بن إِسْحَاق أَبُو جَعْفَر البجليّ الْحلْوانِي البغداذي قَالَ الْخَطِيب ثِقَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن الْجلاء الصُّوفِي)
أَحْمد بن يحيى أَبُو عبد الله ابْن الْجلاء أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة الْكِبَار صحب أَبَاهُ وَذَا النُّون وَجَمَاعَة كبارًا استوفى ابْن عَسَاكِر تَرْجَمته توفّي سنة سِتّ وثلاثمائة
3 - (أَبُو الْحسن البلاذري)
أَحْمد بن يحيى بن جَابر بن دَاوُد البلاذري أَبُو الْحسن وَقيل أَبُو بكر البغداذي ذكره الصولي)
فِي ندماء المتَوَكل مَاتَ فِي أَيَّام الْمُعْتَمد أَو فِي أواخرها وَرُبمَا أدْرك أول أيّام المعتضد كَانَ جدّه جَابر يخْدم الخصيب صَاحب مصر وَذكره ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق فَقَالَ سمع بِدِمَشْق هِشَام بن عمار وَأَبا حَفْص ابْن عمر بن سعيد وبحمص مُحَمَّد بن مصفّى وبأنطاكية مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سهم وَأحمد بن مرد الْأَنْطَاكِي وبالعراق عفّان بن مُسلم وَعبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَعبد الله بن صَالح الْعجلِيّ ومصعباً الزبيرِي وَأَبا عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَعُثْمَان ابْن أبي شيبَة وَذكر جمَاعَة وروى عَنهُ يحيى ابْن النديم وَأحمد بن عبد الله بن عمّار وَأَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن نعيم ووسوس آخر عمره بشربه البلاذر على غير معرفَة(8/155)
وَكَانَ أَحْمد بن يحيى بن جَابر عَالما فَاضلا شَاعِرًا راوية نسّابة متقناً وَكَانَ مَعَ ذَلِك كثير الهجاء بذيء اللِّسَان آخِذا لأعراض النَّاس وَتَنَاول وهب بن سُلَيْمَان ابْن وهب لما ضرط فمزّقه فَمن قَوْله فِيهِ وَكَانَت الضرطة بِحَضْرَة عبيد الله ابْن يحيى بن خاقَان
(أيا ضرطةً حسبت رعدة ... تنوّق فِي سهلها جهده)
(تقدّم وهب بهَا سَابِقًا ... وصلّى أَخُو صاعدٍ بعده)
(لقد هتك الله ستريهما ... كَذَا كلّ من يطعم الفهده)
وَقَالَ فِي عَافِيَة ابْن شبيب
(من رَآهُ فقد رأى ... عَرَبيا مدلّسا)
(لَيْسَ يدْرِي جليسه ... أفسا أم تنفسا)
وَلما أَمر المتوكّل إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الصولي أَن يكْتب فِي أَمر الْخراج كتابا حتّى يَقع أَخذ الْخراج فِي خمسٍ من حزيران فَكتب كتابا مَعْرُوفا وَدخل بِهِ عبيد الله بن يحيى وقرأه وَاسْتَحْسنهُ النَّاس دَاخل البلاذريّ الْحَسَد وَقَالَ فِيهِ خطأ فتدبره إِبْرَاهِيم الصولي وَلم ير فِيهِ شياً فَقَالَ الْخَطَأ لَا يعرى مِنْهُ أحد فيعرفنا الْخَطَأ الَّذِي فِيهِ فَقَالَ لَهُ المتَوَكل قل لنا مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ شَيْء لَا يعرفهُ إِلَّا عَليّ بن يحيى المنجم مُحَمَّد بن مُوسَى وَذَاكَ أَنه أرّخ الشَّهْر الرُّومِي بالليالي وَأَيَّام الرّوم قبل لياليها وإنّما تورّخ الْعَرَب بالليالي لِأَن لياليها قبل أيّامها بِسَبَب الْأَهِلّة فَقَالَ إِبْرَاهِيم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا مَا لَا علم بِهِ وغيّر تَارِيخه قَالَ البلاذري كنت من جلساء المستعين بِاللَّه فقصده الشُّعَرَاء فَقَالَ لست أقبل إلاّ من الَّذِي يَقُول مثل قَول البحتري فِي المتَوَكل)
(فَلَو انّ مشتاقاً تكلّف فَوق مَا ... فِي وَسعه لسعى إِلَيْك الْمِنْبَر)
فَرَجَعت إِلَى دَاري وأتيته فَقلت قلت فِيك أحسن مماّ قَالَ البحتري فِي المتَوَكل فَقَالَ هاته فَأَنْشَدته
(وَلَو أنّ برد الْمُصْطَفى إِذْ لبسته ... يظنّ الْبرد أنّك صَاحبه)
(وَقَالَ وَقد أَعْطيته ولبسته ... نعم هَذِه أعطافه ومناكبه)
فَقَالَ لي ارْجع إِلَى مَنْزِلك وَافْعل مَا آمُرك بِهِ فَرَجَعت فَبعث إليّ سَبْعَة آلَاف دينارٍ وَقَالَ ادّخر هَذِه للحوادث بعدِي وَلَك عليّ الجراية والكفاية مَا دمت حَيا وَقَالَ فِي عبيد الله بن يحيى وَقد صَار إِلَى بَابه فحجبه
(قَالُوا اصطبارك للحجاب مذلّة ... عارٌ عَلَيْك مدى الزَّمَان وَعَابَ)
(فأجبتهم ولكلّ قولٍ صادقٍ ... أَو كاذبٍ عِنْد الْمقَال جَوَاب)
(إِنِّي لأغتفر الْحجاب لماجدٍ ... أمست لَهُ مننٌ عَليّ رغاب)(8/156)
(قد يرفع الْمَرْء الئيم حجابه ... ضعةً وَدون الْعرف مِنْهُ حجاب)
وَله من الْكتب كتاب الْبلدَانِ الصَّغِير كتاب الْبلدَانِ الْكَبِير وَلم يتم كتاب جمل نسب الْأَشْرَاف وَهُوَ كِتَابه الْمَعْرُوف الْمَشْهُور بِهِ كتاب الْفتُوح كتاب عهد أردشير تَرْجمهُ بِشعر وَكَانَ أحد النقلَة من الْفَارِسِي إِلَى الْعَرَبِيّ
3 - (النَّاصِر)
أَحْمد بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ابْن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ هُوَ النَّاصِر ابْن الْهَادِي وَسَيَأْتِي ذكر كل وَاحِد من أَبِيه وأجداده فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى ولي النَّاصِر هَذَا بعد أَخِيه مُحَمَّد المرتضيوقد تقدم ذكره فِي المحمدينلما مَاتَ أَخُوهُ فِي يَوْم عَاشُورَاء سنة عشْرين وثلاثمائة بصعدة فاستقامت بِهِ دولتهم وَكَانَ من فحول الشُّعَرَاء وَله القصيدة الَّتِي خَاطب بهَا أسعد بن يغْفر التبّعي ملك صنعاء وأولها
(أعاشق هندٍ شف قلبِي المهنّد ... بِهِ أَبْصرت عَيْني الْمَعَالِي تشيّد)
وَمِنْهَا
(إِذا جمعت قحطان أَنْسَاب مجدها ... فَيَكْفِي معدّاً فِي الْمَعَالِي مُحَمَّد)
)
(بِهِ استعبدت أقيالها فِي بلادها ... وَأصْبح فِيهَا خَالق الْخلق يعبد)
(وسرنا لَهَا فِي حَال عسرٍ ووحدة ... فصرنا على كرسيّ صعدة نصعد)
(فَإِن رجعُوا للحقّ قُلْنَا بِأَنَّهُم ... لدين الْهدى وَجه وَمِنْهُم لنا يَد)
(وَلَكِن أَبَوا إِلَّا لجاجاً وَقد رَأَوْا ... بأنّا عَلَيْهِم كلّ حِين نسوّد)
(وَلَا منبرإلاّ لنا فِيهِ خطبةٌ ... وَلَا عقد ملكٍ دُوننَا الدَّهْر بِعقد)
وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة وَولي بعده المنتجب الْحُسَيْن ابْن أَحْمد
3 - (ثَعْلَب)
أَحْمد بن يحيى بن سيار أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب الشَّيْبَانِيّ مَوْلَاهُم النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ إِمَام الْكُوفِيّين فِي النَّحْو واللغة والثقة والديانة ولد سنة مِائَتَيْنِ وَمَات سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ رأى أحد عشر خَليفَة أَوَّلهمْ الْمَأْمُون وَآخرهمْ المكتفي وَثقل سَمعه قبل مَوته خلّف أحد وَعشْرين ألف دِرْهَم وَألْفي دِينَار ودكاكين بَاب الشَّام قيمتهَا ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَضاع لَهُ قبل أبي أَحْمد الصَّيْرَفِي ألف دِينَار وردّ مَاله على ابْنَته وَسمع مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي وَمُحَمّد ابْن(8/157)
زِيَاد الْأَعرَابِي وَعلي بن الْمُغيرَة الْأَثْرَم وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الحرّاني وَسَلَمَة ابْن عَاصِم وَعبيد الله بن عمر القواريري وَالزُّبَيْر بن بكار وخلقاً كثيرين وروى عَنهُ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس اليزيدي وَعلي بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة ونفطويه وَأَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو عمر الزَّاهِد وَأحمد بن كَامِل القَاضِي وَكَانَ يَقُول سَمِعت من القواريري مائَة ألف حَدِيث قَالَ العجّوزي صرت إِلَى الْمبرد مَعَ الْقَاسِم وَالْحسن ابْني عبيد الله بن سُلَيْمَان ابْن وهب فَقَالَ لي الْقَاسِم سَله عَن شَيْء من الشّعْر فَقلت مَا تَقول أعزّك الله فِي قَول أوسٍ
(وَغَيرهَا عَن وَصلهَا الشيب إِنَّه ... شَفِيع إِلَى بيض الخدود مدرّب)
فَقَالَ بعد تمكّث وتمهّلٍ وتمطّقٍ يُرِيد أَن النِّسَاء أنسن بِهِ فصرن لَا يستترن مِنْهُ ثمَّ صرنا إِلَى أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى فَلَمَّا غص الْمجْلس سَأَلته عَن الْبَيْت فَقَالَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي إِن الْهَاء فِي إِنَّه للشباب وَإِن لم يجر لَهُ ذكر لأنّه علم والتفتّ إِلَى الْقَاسِم وَالْحسن وَقلت أَيْن صاحبنا من صَاحبكُم وَقَالَ ابْن فَارس كَانَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب لَا يتكلّف الْإِعْرَاب كَانَ يدْخل الْمجْلس فنقوم لَهُ فَيَقُول أقعدوا أقعدوا بِفَتْح الْألف وَقَالَ غَيره كَانَ يقتّر على نَفسه فِي النَّفَقَة وَقَالَ الصولي كنّا عِنْد ثَعْلَب فَقَالَ لَهُ رجل الْمَسْجِد هَذَا)
معروفٌ فَمَا الْمصدر قَالَ مصدره السُّجُود قَالَ فعرّفني مَا لَا يجوز من ذَا فَقَالَ لَا يُقَال مَسْجِد وَضحك وَقَالَ هَذَا يطول إِن وَصفنَا مَا لَا يجوز وإنّما يُوصف الْجَائِز ليدل على أَن غَيره لَا يجوز وَمثل ذَلِك أَن ماسويه وصف لإِنْسَان دَوَاء ثمَّ قَالَ لَهُ كل الفرّوج وشيئاً من الْفَاكِهَة فَقَالَ أُرِيد أَن تُخبرنِي بِالَّذِي لَا آكل فَقَالَ لَا تأكلني وَلَا حماري وَلَا غلامي واجمع كثيرا من الْقَرَاطِيس وبكّر إليّ فَإِن هَذَا يكثر إِن وَصفته لَك وأجرى لَهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر لأجل ابْنه طَاهِر فِي كل يَوْم سبع وظائف من الْخبز الخشكار ووظيفة من الْخبز السميد وَسَبْعَة أَرْطَال لحم وعلوفة رَأس وَألف دِرْهَم كل شهر وَأقَام كَذَلِك ثَلَاث عشرَة سنة وَقَرَأَ القطربّلي على أبي الْعَبَّاس بَيت الْأَعْشَى
(فَلَو كنت فِي حبٍّ ثَمَانِينَ قامة ... ورقّيت أَسبَاب السّماء بسلّم)
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس خرب بَيْتك أَرَأَيْت حبّاً قطّ ثَمَانِينَ قامة إنّما هُوَ جبّ وَكَانَ بَين الْمبرد وثعلب منافرات كَثِيرَة فجَاء رجل إِلَى ثَعْلَب فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْعَبَّاس قد هجاك الْمبرد فَقَالَ بِمَاذَا فأنشده
(أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكى الصبّ إِلَى الصبَّ)
(لَو أَخذ النَّحْو عَن الرّبّ ... مَا زَاده إلاّ عمى الْقلب)
فَقَالَ أَنْشدني من أنْشدهُ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء(8/158)
(يَشْتمنِي عبد بني مسمعٍ ... فصنت عَنهُ النَّفس والعرضا)
(وَلم أجبه لاحتقاري بِهِ ... من ذَا يعضّ الْكَلْب إِن عضّا)
وَقَالَ بعض أَصْحَابه يرثيه
(مَاتَ ابْن يحيى فَمَاتَتْ دولة الْأَدَب ... وَمَات أَحْمد أنحى الْعَجم وَالْعرب)
(فَإِن تولّى أَبُو الْعَبَّاس مفتقداً ... فَلم يمت ذكره فِي النَّاس والكتب)
قَالَ أَبُو بكر ابْن مُجَاهِد المقرىء قَالَ لي ثَعْلَب يَا با بكر اشْتغل أَصْحَاب الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ فازوا واشتغل أَصْحَاب الْفِقْه ففازوا واشتغل أَصْحَاب الحَدِيث بِالْحَدِيثِ ففازوا واشتغلت أَنا بزيد وَعَمْرو فليت شعري مَاذَا يكون حَالي فِي الْآخِرَة فَانْصَرَفت من عِنْده فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ لي أقرىء أَبَا الْعَبَّاس عنّي السَّلَام وَقل لَهُ أَنْت أَصْحَاب الْعلم المستطيل وَقَالَ أَبُو عمر الْمُطَرز كنت فِي مجْلِس أبي الْعَبَّاس ثَعْلَب فَسَأَلَهُ سَائل عَن)
شَيْء فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ لَهُ أَتَقول لَا أَدْرِي وَإِلَيْك تضرب أكباد الْإِبِل وَإِلَيْك الرحلة من كل بلد فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس لَو كَانَ لأمك بِعَدَد لَا أَدْرِي بعرٌ لاستغنت وَله من الْكتب المصون فِي النَّحْو جعله حدوداً اخْتِلَاف النَّحْوِيين مَعَاني الْقُرْآن كتاب فِي النَّحْو سَمَّاهُ الموفقي مَعَاني الشّعْر التصغير مَا ينْصَرف وَمَا لَا ينْصَرف مَا يجْرِي وَمَا لَا يجْرِي الشواذّ الْوَقْف والابتداء الهجاء اسْتِخْرَاج الْأَلْفَاظ من الْأَخْبَار الْأَوْسَط غَرِيب الْقُرْآن لطيف الْمسَائِل حدّ النَّحْو تَفْسِير كَلَامه ابْنه الخسّ الفصيح وَذكر أَن الفصيح تصنيف الْحسن بن دَاوُد الرّقيّ وادعاه ثَعْلَب وَقيل ليعقوب بن السّكيت وَقد تقدّم ذَلِك وَسُئِلَ عَن قَوْلهم لَا أُكَلِّمك أصلا قَالَ مَعْنَاهُ أقطع ذَلِك من أَصله
3 - (أَبُو المظفر الزُّهْرِيّ الشَّافِعِي)
أَحْمد بن يحيى بن عبد الْبَاقِي بن عبد الْوَاحِد الزّهري أَبُو المظفر الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن سَعْدَان كَانَ معيداً بالنّظامية سمع أَبَا الْمَعَالِي ثَابت بن بنْدَار الْبَقَّال وَعلي بن أَحْمد بن بَيَان الرزّاز وحدّث باليسير مولده سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَخُوهُ أَبُو الْفَضَائِل)
أَحْمد بن يحيى بن عبد الْبَاقِي الزُّهْرِيّ أَخُو الْمَذْكُور أَولا أَبُو الْفَضَائِل وهما سبطا الْحُسَيْن بن عَليّ الحبال وبإفادته سمعا وَكَانَ الآخر معيداً بالنظامية وَأَبُو الْفَضَائِل هَذَا كَانَ يعظ فِي بعض الْأَوْقَات ثمَّ انْقَطع برباط بهروز مُدَّة سمع أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي وَحدث باليسير ومولده سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة(8/159)
3 - (أَبُو الْحسن ابْن المنجم)
أَحْمد بن يحيى بن عَليّ ابْن أبي مَنْصُور المنجم أَبُو الْحسن كَانَ أديباً شَاعِرًا فَاضلا أحد رُؤَسَاء زَمَانه فِي علم الْكَلَام وَعلم الدّين والافتنان فِي الْآدَاب مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة مَاتَ عَن نَيف وَسبعين سنة وَله أَخْبَار مَعَ الراضي فِي منادمته إِيَّاه وَكَانَ أَبوهُ يحيى بن عَليّ صنّف كتابا فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء المخضرمين فأتمه ابْنه هَذَا وَله من الْكتب أَخْبَار باهلة ونسبهم وَالْإِجْمَاع فِي الْفِقْه على مَذْهَب ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَكَانَ يرى رَأْيه كتاب الْمدْخل إِلَى مَذْهَب الطَّبَرِيّ ونصرة مذْهبه كتاب الْأَوْقَات
وَأَبوهُ الْحسن هَذَا هُوَ الْقَائِل قيمًا رَوَاهُ المرزباني)
(يَا سيداً قد رَاح فر ... داً مَا لَهُ فِي الْفضل توأم)
(عمّرت أطول مدةٍ ... تزداد تمكيناً وتسلم)
(فِي صفو عَيْش لَا تزا ... ل بِهِ العدى تقذى وترغم)
(مَا زلت فِي كل الأمو ... ر موفّقاً للخير ملهم)
(بك إِن تذوكرت الأيا ... دي يبتدا فِيهَا وَيخْتم)
3 - (ابْن مهَاجر)
أَحْمد بن يحيى بن الْوَزير بن سُلَيْمَان بن مهَاجر كَانَ فَقِيها من جلساء ابْن وهب وَكَانَ عَالما بالشعر وَالْأَدب وَالْأَخْبَار والأنساب وَأَيَّام النَّاس مولده سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة وَمَات فِي حبس ابْن الْمُدبر صَاحب الْخراج بِمصْر لخراج كَانَ عَلَيْهِ وَدفن يَوْم الْأَحَد لاثْنَتَيْنِ وَعشْرين لَيْلَة خلت من شَوَّال سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أهل مصر ذكره ابْن يُونُس فِي تَارِيخ مصر
3 - (أَبُو الْحسن المنبجي)
أَحْمد بن يحيى بن سهل بن السّري الطَّائِي أَبُو الْحسن المنبجي الشَّاهِد المقرىء النَّحْوِيّ الأطروش ذكره ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق وَكَانَ وَكيلا فِي الْجَامِع وَمَات سنة خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة روى عَن أبي عبد الله ابْن مَرْوَان وَأحمد بن فَارس الأديب المنبجي وَأبي الْحسن نظيف بن عبد الله المقرىء وَكَانَ صَدُوق فِي الحَدِيث توفّي سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة(8/160)
3 - (الْأَشْقَر الْمُتَكَلّم)
أَحْمد بن يحيى أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي الْأَشْقَر شيخ أهل الْكَلَام فِي عصره بنيسابور صَدُوق فِي الحَدِيث توفّي سنة تسع وَخمسين وثلاثمائة
3 - (القَاضِي الْجِرْجَانِيّ)
أَحْمد بن يحيى الْجِرْجَانِيّ كَانَ قَاضِيا بجرجان وَكَانَ مولّى لِرَبِيعَة نزل الْكُوفَة ذكره المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَقَالَ يهجو سعيد بن سلم
(وَإِن من غَايَة حرص الْفَتى ... أَن يطْلب الْمَعْرُوف من باهله)
(كَبِيرهمْ وغدٌ ومولودهم ... تلعنه من قبحه القابله)
)
3 - (الْمُغنِي)
أَحْمد بن يحيى الْمَكِّيّ كَانَ من المغنين الْمُحْسِنِينَ والرواة المعروفين مقدما فِي الضَّرْب عَالما بِتَصَرُّف الأوتار حسن الصَّوْت قوي الطَّبْع وَكَانَ أحد إخْوَان الْموصِلِي وخواصه على أهل الْعلم بالصنعة والتقدم فِي الرِّوَايَة قَالَ لَهُ المعتصم يَوْمًا وَهُوَ بقصر الجص والمغنون كلّهم حُضُور غنّي صَوتا لَا يعرفهُ أحد من هَؤُلَاءِ فغناه
(لعن الله من يلوم محباً ... ولحا كلّ من يحبّ فيابى)
(كم أليفين ضمّنا الحبّ دهراً ... فَعَفَا الله عَنْهُمَا ثمَّ تابا)
فَقَالَ أَحْسَنت وَالله وَأمر لَهُ بألفي دِينَار
3 - (ابْن العديم قَاضِي حلب)
أَحْمد بن زُهَيْر أَبُو الْحسن ابْن أبي جَرَادَة هُوَ أول من ولي الْقَضَاء بحلب من هَذَا الْبَيْت سمع الحَدِيث وَرَوَاهُ وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد السّمناني يومئذٍ قَاضِي حلب توفّي بعد سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِيمَا أَظن
(أَنا ابْن مستنبط القضايا ... وموضح المشكلات حلاّ)
(وَابْن المحاريب لم تعطّل ... من الْكتاب الْعَزِيز يُتْلَى)
(وَفَارِس الْمِنْبَر استكانت ... عيدانه من حجاه ثقلا)
3 - (قَاضِي الْقُضَاة ابْن سني الدولة صدر الدّين)
أَحْمد بن يحيى بن هبة الله بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن صَدَقَة ابْن الْخياط قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أبي البركات التغلبي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن سني الدولة ولد سنة تسعين وَخَمْسمِائة وَسمع من جمَاعَة وروى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز وَالْقَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَجَمَاعَة وبرع فِي الْفِقْه وتفقه على أَبِيه وعَلى فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر وَقَرَأَ الْخلاف على الصَّدْر(8/161)
البغداذي وَلم ير أحد نَشأ فِي صِيَانة وديانة مثله نَاب فِي الْقَضَاء عَن أَبِيه وَكَانَ سني الدولة الْحسن بن يحيى من كتاب الْإِنْشَاء لصَاحب دمشق قبل نور الدّين لَهُ ثروة وحشمة وقف على ذُريَّته أوقافاً وَهُوَ ابْن أخي أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخياط الشَّاعِر الْمَشْهُور وَكَانَ صدر الدّين مشكور السِّيرَة فِي الْقَضَاء وَولي وكَالَة بَيت المَال ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء ثمَّ اسْتَقل بِهِ مُدَّة ودرّس بالإقبالية والجاروخية وَلما أَخذ هولاكو الشَّام سَافر ابْن)
سني الدولة ومحيي الدّين ابْن الزكي إِلَى حلب فَكَانَ ابْن الزكي أحذق مِنْهُ وأفره فِي الدُّخُول على التتار فولّوه قَضَاء الْقُضَاة وَرجع ابْن سني الدولة بخفي حنين فَلَمَّا وصل إِلَى حماة مرض وَحمل إِلَى بعلبك فِي محفة وَمَات بعد يَوْمَيْنِ سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة وَكَانَ النَّاصِر يُوسُف صَاحب الشَّام يحبّه ويثني عَلَيْهِ
3 - (عَلَاء الدّين ابْن الزكي)
أَحْمد بن يحيى القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين ابْن الزكي الْقرشِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي رَئِيس فَاضل أديب كتب الْإِنْشَاء مُدَّة ودرّس بالعزيزية والتقوية وَحدث عَن أبي بكر ابْن الخازن ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وناب فِي الْقَضَاء عَن أَبِيه وَسمع ببغداذ من أبي جَعْفَر السيّدي وَابْن المنّي وَغير وَاحِد وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الشَّيْخ أميرك الْكَاتِب)
أَحْمد بن يحيى بن سَلمَة أَبُو عبد الرَّحْمَن الشَّيْخ أميرك الْكَاتِب أَخُو الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن يحيى الْكَاتِب النَّيْسَابُورِي وَكِلَاهُمَا مَذْكُور فِي دمية الْقصر وَلأبي عبد الرَّحْمَن هَذَا ولد اسْمه الْحسن فَاضل أَيْضا وَكَانَ الشَّيْخ أميرك فِي ديوَان رسائل عميد الحضرة مؤيد الْملك وَمن شعر أميرك مَا كتبه إِلَى الباخرزي
(أَبَا قاسمٍ يَا كريم الْخِصَال ... سمىّ الوصيّ عديم الْمِثَال)
(رزقت العلوّ وَفَوق العلوّ ... ونلت الْكَمَال وَفَوق الْكَمَال)
(فَلَا زلت تعلو علوّ السّها ... وَلَا زلت تبقى بَقَاء الْجبَال)
(وأبقاك رَبِّي بَقَاء الزَّمَان ... ووقّى كمالك عين الْكَمَال)
3 - (نَاصِر الدّين خطيب العقيبة)
أَحْمد بن يحيى بن عبد السَّلَام نَاصِر الدّين خطيب العقيبة توفّي رَحمَه الله فِي سنة تسع وَسَبْعمائة
3 - (شهَاب الدّين ابْن جهبل)
أَحْمد بن يحيى بن إِسْمَاعِيل بن طَاهِر بن نصر بن جهبل(8/162)
الْعَلامَة الْمُفْتِي شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس بن الشَّيْخ الإِمَام تَاج الدّين الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي مولده سنة سبعين وسِتمِائَة
سمع من الْفَخر عَليّ وَابْن الزين والفاروثي واشتغل على ابْن الْمَقْدِسِي وَابْن الْوَكِيل وَابْن)
النَّقِيب وَولي تدريس الصلاحية بالقدس مُدَّة وَأفْتى واشتغل ثمَّ تَركهَا وَسكن دمشق وَحج غير مرّة ثمَّ ولي مشيخة الظَّاهِرِيَّة وتدريس الباذرائية بعد الشَّيْخ برهَان الدّين وَله محَاسِن وَمَكَارِم وفضائل وَخير وَعبد وبسطة فِي الْفُرُوع وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
3 - (القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله)
أَحْمد بن يحين بن فضل الله بن المجلي دعجان بن خلف ابْن أبي الْفضل نصر بن مَنْصُور بن عبيد الله بن عدي بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر عبد الله بن عبيد الله ابْن أبي بكر بن عبيد الله الصَّالح ابْن أبي سَلمَة عبد الله بن عبي الله بن عبد الله ابْن عمر بن الْخطاب القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن القَاضِي أبي الْمَعَالِي محيي الدّين الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ هُوَ الإِمَام الْفَاضِل البليغ المفوّه الْحَافِظ حجَّة الْكتاب إِمَام أهل الْآدَاب أحد رجالات الزَّمَان كِتَابَة وترسُّلاً وتوصُّلاً إِلَى غايات الْمَعَالِي وتوسُّلاً وإقداماً عل الْأسود فِي غابها وإرغاماً لأعاديه بِمَنْع رغابها يتوقد ذكاء وفطنة ويتلهب ويحدر سيله ذاكرة وحفظاً ويتصبب ويتدفَّق بحره بالجواهر كلَاما ويتألق إنشاؤه بالبوارق المتسرّعة نظاماً ويقطر كَلَام فصاحة وبلاغة وتندى عِبَارَته انسجاماً وصياغة وَينظر إِلَى غيب الْمعَانِي من ستر رَقِيق ويغوص فِي لجة الْبَيَان فيظفر بكبار الدُّرِّ من الْبَحْر العميق اسْتَوَت بديهته وارتجاله وَتَأَخر عَن فروسيته من هَذَا الْفَنّ رِجَاله يكْتب من رَأس قلمه بديهاً مَا يعجز تروِّي القَاضِي الْفَاضِل أَن يدانيه تَشْبِيها وينظم من الْمَقْطُوع وَالْقَصِيدَة جوهراً مَا يخجل الرَّوْض الَّذِي باكره الحيا مزهراً صرَّف الزَّمَان أمرا ونهياً ودبر الممالك تنفيذاً ورأياً وصل الأرزاق بقلمه وَرويت تواقيعه وَهِي إسجالات حكمه وَحكمه لَا أرى أَن اسْم الْكَاتِب يصدق على غَيره وَلَا يُطلق على سواهُ لَا يعْمل القَوْل المكرر مِنْهُ والرأي المردد ظن يُصِيب بِهِ الغيوب إِذا توخّى أَو تعمَّد مثل الحسام إِذا تألق والشهاب إِذا توقد كالسيف يقطع وَهُوَ مسلول ويرهب حِين يغمد وَلَا أعتقد أَن بَينه وَبَين القَاضِي الْفَاضِل من جَاءَ مثله على أَنه قد جَاءَ مثل تَاج الدّين ابْن الْأَثِير ومحيي الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وشهاب الدّين مَحْمُود وَكَمَال الدّين ابْن العطّار وَغَيرهم)
هَذَا إِلَى مَا فِيهِ من لطف أَخْلَاق وسعة صدر وَبشر محيا رزقه الله أَرْبَعَة أَشْيَاء لم أرها اجْتمعت فِي(8/163)
غَيره وَهِي الحافظة قلَّما طالع شَيْئا إِلَّا وَكَانَ مستحضراً لأكثره والذاكرة الَّتِي إِذا أَرَادَ ذكرى شَيْء من زمن مُتَقَدم كَانَ ذَلِك حَاضرا كَأَنَّهُ إِنَّمَا مرَّ بِهِ بالْأَمْس والذكاء الَّذِي تسلط لَهُ على مَا أَرَادَ وَحسن القريحة فِي النّظم والنثر أمّا نثره فلعلّه فِي ذروةٍ كَانَ أوج الْفَاضِل لَهَا حضيضاً وَلَا أرى أحدا فِيهِ جودة وَسُرْعَة عمل لما يحاوله فِي أَي معنى أَرَادَ وَأي مقَام توخاه وَأما نظمه فلعلّه لَا يلْحقهُ فِيهِ إلاّ الْأَفْرَاد
وأضاف الله تَعَالَى لَهُ إِلَى ذَلِك كُله حسن الذَّوْق الَّذِي هُوَ الْعُمْدَة فِي كل فن وَهُوَ أحد الأدباء الكملة الَّذين رَأَيْتهمْ وأعني بالكملة الَّذين رَأَيْتهمْ وأعني بالكملة الَّذين يقومُونَ بالأدب علما وَعَملا فِي النّظم والنثر وَمَعْرِفَة بتراجم أهل عصرهم وَمن تقدمهم على اخْتِلَاف طَبَقَات لناس وبخطوط الأفاضل وأشياخ الْكِتَابَة ثمَّ إِنَّه يُشَارك من رَأَيْته من الكملة فِي أَشْيَاء وينفرد عَنهُ بأَشْيَاء بلغ فِيهَا الْغَايَة وقصَّر ذَلِك عَن شأوه لِأَنَّهُ جوَّد فنَّ الْإِنْشَاء النثر وَهُوَ فِيهِ آيَة وَالنّظم وساير فنونه والترسل البارع عَن الْمُلُوك وَلم أر من يعرف تواريخ مُلُوك الْمغل من لدن جنكزخان وهلم وجرّاً مَعْرفَته وَكَذَلِكَ مُلُوك الْهِنْد الأتراك وأمّا معرفَة الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم ومواقع الْبلدَانِ وخواصها فَإِنَّهُ فِيهَا إِمَام وقته وَكَذَلِكَ معرفَة الاسطرلاب وَحل التَّقْوِيم وصور الْكَوَاكِب وَقد أذن لَهُ العالمة الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ فِي الْإِفْتَاء على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ أكمل الَّذين رَأَيْتهمْ وَلَقَد استطرد الْكَلَام يَوْمًا إِلَى ذكر الْقُضَاة فسرد الْقُضَاة الْأَرْبَعَة الَّذين عاصرهم شاماً ومصراً وألقابهم وأسماءهم وعلامة كلِّ قَاض مِنْهُم حَتَّى إِنِّي مَا كدت أَقْْضِي الْعجب مِمَّا رَأَيْت مِنْهُ وَاتفقَ يَوْمًا آخر أَنه احتجت إِلَى كِتَابَة صدَاق لبِنْت شمس الدّين ابْن الشِّيرَازِيّ فَذكر على الْفَوْر اسْمهَا وَاسم أَبِيهَا وسرد نسبه فَجئْت إِلَى الْبَيْت وراجعت تعاليقي ومسوَّداتي فَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكر لم يخلّ باسم وَلَا لقب وَلَا كنية ولد بِدِمَشْق ثَالِث شَوَّال سنة سَبْعمِائة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى يَوْم عَرَفَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قَرَأَ الْعَرَبيَّة أَولا على الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن قَاضِي شُهْبَة ثمَّ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن مُسلم وَالْفِقْه على قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين ابْن الْمجد عبد الله وعَلى الشَّيْخ برهَان الدّين قَلِيلا وَقَرَأَ الْأَحْكَام الصُّغْرَى على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَالْعرُوض وَالْأَدب على الشَّيْخ شمس الدّين الصايغ وعلاء الدّين الوداعي وَقَرَأَ جملَة من الْمعَانِي وَالْبَيَان)
على الْعَلامَة شَاب الدّين مَحْمُود وَقَرَأَ عَلَيْهِ جملَة من الدَّوَاوِين وَكتب الْأَدَب
وَقَرَأَ بعض شَيْء من الْعرُوض على الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني وَالْأُصُول على الشَّيْخ شمس الدّين الْأَصْبَهَانِيّ وَأخذ اللُّغَة عَن الشَّيْخ أثير الدّين سمع عَلَيْهِ الفصيح والأشعار السِّتَّة والدريديَّة وَأكْثر ديوَان أبي تَمام وَغير ذَلِك وَسمع بِدِمَشْق من الحجار وست الوزراء وَابْن أبي الْفَتْح والحجاز ومصر والإسكندرية وبلاد الشَّام وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وصنف فواضل السّمر فِي فَضَائِل آل عمر أَربع مجلدات وَكتاب مسالك الْأَبْصَار فِي عشرَة كبار وَهُوَ كتاب حافل مَا أعلم أَن لأحد مثله والدعوة المستجابة مُجَلد وصبابة(8/164)
المشتاق ديوَان كَامِل فِي المدائح النَّبَوِيَّة
وسفرة السفرة ودمعة الباكي ويقظة الساهر وقرأتهما عَلَيْهِ ونفخة الرَّوْض وَغير ذَلِك ونظم كثيرا من القصائد والأراجيز والمقطعات والدوبيت والموشح والبلّيق والزجل وَأَنْشَأَ كثيرا من التقاليد والمناشير والتواقيع ومكاتبات الْمُلُوك وَغير ذَلِك وَسمعت من لَفظه غَالب مَا أنشاه وَكتب قدامي كثيرا من التواقيع الحفلة من رَأس الْقَلَم وترسلّ كثيرا وَأَنا أرَاهُ من رَأس الْقَلَم عَن الدولة وَعَن نَفسه إِلَى إخونه فَيَأْتِي بِمَا يبهر الْعُقُول لم أر لأحد قدرته على ذَلِك كتبت إِلَيْهِ ملغزاً فِي نجمٍ
(يَا سيداً أقلامه لم تزل ... تهدي لآلي النّظم والنثر)
(قل لي مَا اسْم لم يزل قلبه ... معذّباً بالبيض والسّمر)
(وَكله فِي الأَرْض أَو فِي السما ... وَثلثه يسبح فِي الْبَحْر)
فَكتب الْجَواب عَن ذَلِك
(دمت خليلي سَائِر الذّكر ... مثل الَّذِي ألغزت فِي الْقدر)
(بعثتها نجميّةً قد حلت ... لَكِنَّهَا من سكّر الشُّكْر)
(تطلع بِالنَّجْمِ فَأَما الَّذِي ... فِي مطمح الزهر أَو الزّهر)
(عجبت مِنْهُ كَيفَ شقّ الدجى ... وَمَا أَتَى إِلَّا مَعَ الْفجْر)
(من صَنْعَة البرّ ولكنّه ... قد جَاءَنِي رَاحَة الْبَحْر)
(أأقسمت مِنْهُ قسما بَالغا ... بِالْفَجْرِ وَاللَّيْل إِذا يسر)
(لقد أغرت الغيد إِذْ لم تَجِد ... شبيهه فِي الْجيد والثغر)
(بِعقد درٍ مَا لَهُ قيمةٌ ... يَا حسنه للكوكب الدرّي)
)
(مسهّدٌ تذكى لَهُ مقلة ... مَقْلُوبَة كالنظر الشّزر)
(وَهُوَ إِذا حققت تَعْرِيفه ... عرفت مِنْهُ منزل الْبَدْر)
(بِوَاحِد عدّوا لَهُ سَبْعَة ... تقيس ذيل اللَّيْل بالشّبر)
(فاعذر أخي الْيَوْم إِن قصّرت ... بديهتي وَاقْبَلْ لَهَا عُذْري)
(فَلَيْسَ بالألغاز لي عَادَة ... وَلَا غزا فِي جيشها فكري)
وكتبت إِلَيْهِ مَعَ ضحايا
(أيا سيداً أَرْجُو دوَام ظلاله ... علينا وَأَن يُمْسِي بخيرٍ كَمَا يُضحي)
(وحقك مَا هذي ضحايا بعثتها ... ولكنني سقت الأعادي إِلَى الذّبْح)
فَكتب الْجَواب عَن ذَلِك
(أَتَتْنِي ضحاياك الَّتِي قد بعثتها ... لتصبح كالأعداء فِي بكرَة الْأَضْحَى)(8/165)
(وحقّك أعدانا كلاب جَمِيعهم ... وحاشاك لَا تجزي الْكلاب لمن ضحّى)
وَكتب إلّي ملغزاً فِي زبيدة
(أَيهَا الْفَاضِل الَّذِي حَاز فضلا ... مَا عَلَيْهِ لمثله من مزِيد)
(قد تدانى عبد الرَّحِيم إِلَيْهِ ... وتناءى لَدَيْهِ عبد الحميد)
(أيُّ شَيْء سمي بِهِ ذَات خدر ... تائهٍ بالإماء أَو بالعبيد)
(هُوَ وصف لذات سترٍ مصونٍ ... وَهِي لم تخف فِي جَمِيع الْوُجُود)
(مذ مضى حينها بهَا لَيْسَ تَأتي ... وَهِي تَأتي مَعَ الرّبيع الْجَدِيد)
(وَهُوَ مِمَّا يبشر النَّاس طرا ... مِنْهُ مأتى وَكَثْرَة فِي العديد)
(وحليم أَرَادَهُ لَا لذاتٍ ... بل لشيءٍ سواهُ فِي الْمَقْصُود)
(ذَاك شيءٌ من ارتجاه سيفهٌ ... وَهُوَ شيءٌ مخصّصٌ بالرشيد)
فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ
(يَا فريداً أَلْفَاظه كالفريد ... ومجيداً قد فاق عبد الْمجِيد)
(وَإِمَام الْأَنَام فِي كل علمٍ ... وشريكاً فِي الْفضل للتوحيدي)
علم الْعَالمُونَ فضلك بِالْعلمِ وَقَالَ الْجُهَّال بالتقليد
(من تمنى بِأَن يرى لَك شبها ... رام نقضا بِالْجَهْلِ حكم الْوُجُود)
)
(طَال قدري على السماكين لما ... جَاءَنِي مِنْك عقد دُرٍّ نضيد)
(شابه الدّرّ فِي النظام وَلما ... شابه السحر شَاب رَأس الْوَلِيد)
(هُوَ لغزٌ فِي ذَات خدرٍ منيع ... نزلت فِي العلى بقصر مشيد)
(هِيَ أم الْأمين ذَات الْمَعَالِي ... من بني هَاشم ذَوي التأييد)
(أَنْت كنت الْهَادِي لمعناه حَقًا ... حِين لوحت لي بِذكر الرشيد)
(دمت تهدي إِلَيّ كل عجيبٍ ... مَا عَلَيْهِ فِي حسنه من مزِيد)
وَقَالَ يَوْمًا وَنحن بَين يَدَيْهِ جمَاعَة أجيزوا المصراع الثَّانِي من الْبَيْت الأول
(وخدًّ فَوْقه صدغ ... فمحمرٌّ ومخضر)
(ومبيضٌّ ومسودٌّ ... فمحمر ومخضر)
فَقلت أَنا فِي الْحَال وَفرق زانه جعد فأعجبه ذَلِك كثيرا وَكتب إِلَيّ وَقد تَوَاتَرَتْ الأمطار والثلوج والرعود والبروق ودام ذَلِك أَيَّامًا مَا عهد النَّاس مثلهَا كَيفَ أصبح مَوْلَانَا هَذَا الشتَاء الَّذِي أقبل يرعب مقدمه ويرهب(8/166)
تقدمه ويريب اللبيب من برقه المومض تبسمه وَكَيف حَاله مَعَ رعوده الصارخة ورياحه النافخة ووجوه أَيَّامه الكالحة وسرر لياليه الَّتِي لَا تبيت بليلةٍ مِنْهَا صَالِحَة وسحابه وأمواجه وجليده وَالْمَشْي فَوق زجاجه وتراكم مطره الأنيث وتطاول فرع ليله الأثيث ومواقده الممقوتة وذوائب جمره وأهوان بِهِ وَلَو ان كلّ حَمْرَاء ياقوتة وتحدر نوئه المتصبب وتحير نجمه المتصيب وَكَيف هُوَ مَعَ جَيْشه الَّذِي مَا أطل حَتَّى مدّ مضَارب غمامه وظلّل الجو بِمثل أَجْنِحَة الفواخت من أَعْلَامه هَذَا على أَنه عرى الْأَبْنِيَة وحلّل مِمَّا تلف فِي دَمه سالف الأستية فَلَقَد جَاءَ من الْبرد بِمَا رضّ الْعِظَام وأنخرها ودقّ فخّارات الْأَجْسَام وفخّرها وجمد فِي الْفَم الرِّيق وَعقد اللِّسَان إِلَّا أَنه لِسَان المنطيق ويبّس الْأَصَابِع حَتَّى كَادَت أَغْصَانهَا توقد حطبا وَقيد الأرجل فَلَا تمشي إلاّ تتَوَقَّع عطبا وأتى الزَّمْهَرِير بِجُنُود مَا للقوي بهَا قبل وحمّل الْأَجْسَام من ثقل الثِّيَاب مَا لَا يعْصم مِنْهُ من قَالَ سآوي إِلَى جبلٍ ومدّ من السَّيْل مَا استبكى الْعُيُون إِذا جرى واجتحف مَا أَتَى وَأول مَا بَدَأَ الدمع بالكرى فَكيف أَنْت يَا سَيِّدي فِي هَذِه الْأَحْوَال وَكَيف أَنْت فِي مقاساة هَذِه الْأَهْوَال وَكَيف ترأيت مِنْهَا مَا شيّب بثلجه نواصي الْجبَال وَجَاء بالبحر فتلقف ثعبانه مَا ألقته هراوات البروق من عصّيٍ وخيوط السحب من حبال أما نَحن فَبين أمواج من السحب تزدحم وَفِي)
رَأس جبل لَا يعْصم فِيهِ من المَاء إِلَّا من رحم وَكَيف سيدنَا مَعَ مجامر كانون وشرار برقها القادح وهمّ وقدها الفادح وقوس قزحها التلون ردّ الله عَلَيْهِ صوائب سهامه وبدّل مِنْهُ بوشائع حلل الرّبيع ونضارة أَيَّامه وَجعل حظّ مَوْلَانَا من لوافحه مَا يذكيه ذهنه من ضرامه وَمن سوافحه مَا يؤكده فكره من نوامه وعوضنا وإياه بالصيف وَالله يتَقَبَّل وأراحنا من هَذَا الشتَاء ومشي غمامه المتبختر بكمّه المسبل
فَكتبت إِلَيْهِ الْجَواب عَن ذَلِك وَهُوَ وَيُنْهِي وُرُود هَذِه الرقعة الَّتِي هِيَ طراز فِي حلَّة الدَّهْر وحديقة ذكّرت بِزَمن الرّبيع وَمَا تهديه أَيَّامه من الزهر فَوقف مِنْهَا على الرَّوْض الَّذِي تهدلت فروع غصونه بالأثمار وَنظر مِنْهَا إِلَى الْأُفق الَّذِي كواكبه شموس وأقمار فأنشأت لَهُ أطرابه وأعلمته أَن قلم مَوْلَانَا يفعل بالألباب مَا لَا تَفْعَلهُ نَغمَة الشبّابة وأرشفته سلافاً كئوسها الْحُرُوف وكل نقطة حبابة وَشَاهد أَوْصَاف هَذِه الْأَيَّام الْمُبَارَكَة الْقدوم الْمُتَّصِلَة الظلام فَلَا أوحش الله من طلعة الشَّمْس وحاجب الْهلَال وعيون النُّجُوم فَمَا لنا ولهذه السحائب السحّابة والغمائم السكابة والرعود الصخابة والبروق اللهابة والثلوج الَّتِي أَصبَحت بحصبائها حصّابة وَالْبرد الَّذِي أمست إبرة لغصون الْجُلُود قطابة والزميتا الَّتِي لَا تروى عَن أبي ذَر إلاّ ويروى الْغَيْب عَن أبي قلَابَة كلما أَقبلت فَحْمَة ظلام قدحت فِيهَا البوارق جمرتها وَكلما جَاءَت سَحَابَة كحلاء الجفون رجعت مدها لما أسبلت من عبرتها فَمَا هَذَا شهر طوبة إِن هَذَا إِلَّا جبل ثهلان وَمَا هَذَا كانون إِن إِلَّا تنور الطوفان فَإلَى مَتى قطن هَذِه الثلوج يطْرَح على جباب الْجبَال وَإِلَى مَتى تفاض دلاص الْأَنْهَار وترشقها قَوس قزَح بالنبال وَإِلَى مَتى يشق السَّحَاب مَا لَهَا من الْحلَل والحبر وَإِلَى مَتى ترسل خيوط المزن من الجو وَفِي أطرافها على الغدران إبر وَإِلَى مَتى تجمد عُيُون الْغَمَام وتكحلها البروق بالنَّار وَإِلَى مَتى نثار هَذِه الْفضة وَمَا يرى من النُّجُوم دِينَار وَإِلَى مَتى نَحن على(8/167)
النَّار حنوّ المرضعات على الفطيم وَإِلَى مَتى تبْكي المزاريب بكاء الْأَوْلِيَاء بِغَيْر حزن إِذا استولوا على مَال الْيَتِيم وَإِلَى مَتى هَذَا الْبَرْق تتلوى بطُون حَيَاته وتنقلب حماليق الْعُيُون المحمرّة من أسود غاباته وَإِلَى مَتى يزمجر عتب هَذِه الرِّيَاح الْعَاصِفَة وَإِلَى مَتى يُرْسل الزَّمْهَرِير أعواناً تصبح حلاوة الْوُجُوه بهَا تالفة أَتَرَى هَذِه الأمطار تقلب بالأزيار أم هَذِه المواليد تَنْتَهِي فِيهَا الْأَعْمَار كم من جليد يذوب لَهُ قلب الجليد وَيرى زجاجه الشفاف أَصْلَب من الْحَدِيد ووحل لَا تمشي هُرَيْرَة فِيهِ الوحى وبردٍ لَا)
تنتطق فِيهِ نؤوم الضُّحَى اللهّم حوالينا وَلَا علينا لقد أضجرنا تراكم الثِّيَاب ومقاساة مَا لهَذِهِ الرَّحْمَة من الْعَذَاب وانجماع كلٍّ عَن إلفه واغلاق بَاب القباب وتخلّل الصباب زَوَايَا الْبيُوت فالأطفال ضباب الضّباب كل ضبًّ مِنْهُم قد ألف بَاطِن نافقائه وَقدم بَين يَدَيْهِ الْمَوْت بداية بدائه قد حسد على النَّار من أَمْسَى مذنباً وَأصْبح عَاصِيا وَتمنى أَن يرى من فواكه الجنات عناباً وقراصيا فَإِن كَانَت هَذِه الأمطار تكاثر فَضَائِل مَوْلَانَا فيا طول مَا تسفح وَإِن كَانَت العواصف تتشبه ببأسه فيا طول مَا تلفح وَإِن كَانَت البروق تحاكي ذهنه المتسرع فيا طول مَا تتألق وَإِن كَانَت الرعود تحاكي جوانح أعدائه فيا طول مَا تشهق وتفهق وَإِن كَانَت السُّيُول تجْرِي وَرَاء جوده فَإِنَّهَا تجْرِي طول المدى وَمَا تلْحق وَالْأولَى بِهَذَا النوء الباكي أَن لَا يحاكي والأليق بِهَذَا الْفَصْل الْمُبْغض أَن لَا يتَعَرَّض فرحم الله من عرف قدره وَتحقّق أَن مَوْلَانَا فِي الْجُود ندره
فَأَجَابَنِي عَن هَذِه الرسَالَة برسالة أُخْرَى وَهِي ووقف عَلَيْهِ وتيمن بِمُجَرَّد إقباله عَلَيْهِ وقبّله لقرب عَهده بيدَيْهِ وعدّه لجلاء المره وأمرّه على عَيْنَيْهِ وشكره وَإِن لم تزل حقائب الشُّكْر محطوطة لَدَيْهِ لَا برح السهد من جنى رِيقه المعلّل والطرب بكأس رحيقه المحلّل والتيه وحاشاه مِنْهُ فِي سلوك طَرِيقه الْمُذَلل والسحاب لَا يطير إِلَّا بجناح نعمائه المبلّل وَالرَّوْض لَا يبرز إِلَّا فِي ثوب تزخرفه المجلل والبرق لَا يَهْتَز فِي مُسبل رِدَائه المسلل والجهد وَلَو كلّف لَا يَجِيء بِمثل سيره المذلّل والنّصر يقْضِي لمواضيه على حدّ حسامه المفلّل وَالْفَجْر لَوْلَا بَيَانه الوضاح لما أرشد ليله المضلّل وَالْبَحْر لَوْلَا مَا عرف من عباب كرمه الزاخر لما ذمّ على عرر الْمَادَّة نواله المقلل وَالْفَخْر وَإِن شمخ أَنفه لَا ينافس عقده الموشح وَلَا يَتَطَاوَل إِلَى تاجه المكلّل وفهمه فهام واقتبسه فجلا الأوهام وَنظر فِيهِ فَزَاد صقال الأفهام وَقصر عَن إِدْرَاكه فَمَا شكّ أَنه إلهام وانْتهى فِيهِ إِلَى الْجَواب فِي وصف أنواء تِلْكَ اللَّيْلَة الماطرة وَمَا موّهت بِهِ السحب من ذهب برقها وفتلته الأنواء من خيوطٍ ودقها ونفخت فِيهِ الرِّيَاح من جمر كانونها وأظهرته حَقِيقَة الرعود من سرّ مكنونها وَمَا ينبته عَارضه ذَلِك الْعَارِض الممطر الَّذِي هُوَ أقوى من شآبيبها وأوقى مِمَّا أرقّته السَّمَاء من جلابيبها وَأسرى من برقها المومض فِي غرابيبها وأسرع من سرى رياحها وَقد جمعت أطواق السحب وَأخذت بتلابيبها
وسبّح الْمَمْلُوك من عجب لهَذِهِ البلاغة الَّتِي كملت الْفَضَائِل وفصلت عَن الْعلم وَفِي الرعيل)
الأول علم الْأَوَائِل وفضلت مبدعها وَحقّ لَهُ التَّفْضِيل وآتته جملَة الْفضل وَفِي ضمنهَا التَّفْصِيل وأنطقت لِسَان بَيَانه وأخرست كل لِسَان(8/168)
وأجرت قلم كرمه وأحرزت كل إِحْسَان ونشرت علم علمه وأدخلت تَحْتَهُ كل فَاضل وأرهف شبا حدّه وَقطعت بِهِ كل مناظر وكلّ مناضل وَقَالَت للسحاب وَقد طبّق إِلَيْك فَإِن الْبَحْر قد جال وللنوء وَقد أغدق تنحّ فَإِن الطوفان قد حصر أرجال وللرعد وَقد صرخَ اسْكُتْ فقد آن لهَذِهِ الشقائق أَن تسلّت وللبرق وَقد نسخ آيَة اللَّيْل استدرك غلطك لئلاّ تبكّت أما ترى هَذِه الْعُلُوم الجمة وَقد زخر بحرها وَأثر فِي الْأَلْبَاب سحرها وَهَذِه الْفَضَائِل وَكَيف تفننت فنونها عيونها وتهدلت بالثمرات أفنانها وزخرفت بالمحاسن جنانها وَهَذِه الألمعية وَكَيف ذهّبت الأصائل وَهَذِه اللوذعية وَمَا أبقت مقَالا لقَائِل وَهَذِه الْفَاضِل وَقد ذبالها وتقدد بهَا أَدِيم الظّلم وتشقق سربالها وَهَذِه البراعة الَّتِي فاضت فَكل مِنْهَا سَكرَان طافح وَهَذِه الفصائح وَمَا غادرت بَين الجوانح وَهَذِه البلاغة وَقد سَالَتْ بأعناق الْمطِي بهَا الأباطح وَهَذِه الصِّنَاعَة وَقد استعين إِلَّا رابح وَهَذِه الحكم البوالغ وَهَذِه النعم السوابغ وَهَذِه الديم الَّتِي لَا يمْلَأ حَوْضهَا من إِنَاء فارغ وَهَذِه الشيم الَّتِي لَو تنكرت ثمَّ مزجت بالفرات لما سرت لسائغ وَهَذِه الهمم الَّتِي برقتْ بتوجهه فكسفت عناية عارضها وكفت غواية الْبَرْق وَقد ولع وَخط مشيبه بخطّ عارضها حَتَّى جلاها وأضحاها وأغطش لَيْلهَا وَأخرج ضحاها
وَنفخ رماد سحابها المنجلي عَن اللهب وصفّح جوها الفضي وسمرته الشَّمْس بِالذَّهَب وجلا صدأ تِلْكَ اللَّيْلَة عَن صفيحة ذَلِك الْيَوْم المشمس وبدّل بذلك الضَّوْء المطمع من ذَلِك الْغَيْم المؤيس ونقى لازورد السَّمَاء من تِلْكَ الشوائب وَوقى عرض ذَلِك النَّهَار اليقق من المعايب وأترع غَدِير ذَلِك الصَّباح خَالِصا من الرنق وضوّع عنبر ذَلِك الثرى خَالِيا من اللثق وأطلع شمس ذَلِك الْيَوْم يوشّع جَانب مشرقها ويوشّي بذائب اللهب رِدَاء أفقها فَقلت
(كَأَنَّمَا الْيَوْم وَقد موّهت ... مشرقها الشَّمْس وَلَا جَاحد)
(ثوب من الشّرب ولكنّه ... طرّز مِنْهُ كمه الْوَاحِد)
أسْتَغْفر الله بل بشر ذَلِك البشير بل الْملك الْكَرِيم وصفيحة وَجهه المتهلل الوسيم بل صحيفَة عمله وصبيحة عمله وصبيحة أمله وأنموذج إيثاره وصنو يَده الْبَيْضَاء وآثاره وشبيه مَا بفضّة لؤلؤه من نثاره وَغير هَذَا من ندى أياديه الْبيض على لإقلال العدّ أَو أكاره لله تِلْكَ الْيَد)
المقبّلة وَللَّه تِلْكَ الْيَد المؤملة وَللَّه تِلْكَ الْمَوَاهِب المجزلة وَللَّه تِلْكَ الرَّاحَة الَّتِي لَا يُقَاس بهَا الثريا وَلَا تَجِيء الجوزاء أُنْمُلَة وَللَّه ذَلِك الْبَين السَّاحر وَذَلِكَ البنان الساخر وَذَلِكَ اللِّسَان المذرّب وَالْبَحْر الزاخر وَذَلِكَ إِلَّا لِسَان الَّذِي طَال بَاعَ علمه وطار فَأوقد ضرام الْيَوْم المشمس شُعَاع فهمه وطاب جنى ثمره وجناب حلمه وَطَاف الأَرْض صيته ونفق كاسد الْفَضَائِل باسمه وَللَّه لله لسيدٍ جَاءَ بِالْفَضْلِ كلّه وألّى بالمر على جلّه واقتبس من نوره وَأَوَى إِلَى ظله لقد ألبس الْمَمْلُوك رِدَاء الفخار وعرفه العوم وَكَانَ لَا يطْمع أَن يشق بحره الزخار ومحا عَنهُ صبغ دجنّة تِلْكَ اللَّيْلَة وَقصر من ذيلها وقهقر من سيلها وَأخذ بعقيصتها وغرّق فِي تيار النَّهَار لَيْلهَا(8/169)
وَأطلق لِسَانه من الاعتقال وأنطق بَيَانه فَقَالَ ووفقه فِي الْبَيَان وَلَوْلَا توفيقه مَا نطق وَوَقفه وَلَوْلَا إيقافه لغبّر على آثاره فِي وَجه من سبق وَقَامَ وَأقَام الْحجَّة على البلغاء حَيْثُ لَا يجد من يَقُول إِلَّا صدق تمت
فَلَمَّا رَأَيْت مَا هالني وغلّ عَقْلِي وغالني عدلت عَن النثر فِرَارًا ألوذ بالنظم وَقلت جَوَابا
(جَاءَ الْجَواب يزفّ مِنْك فواضلا ... ويرف فِي روض النَّبَات خمائلا)
(أغرقت غرّ السّحب حِين وصفتها ... يَا من غَدا بحراً يموج فضائلا)
(لَو لم تكن يمناك بجراً زاخراً ... مَا أرْسلت تِلْكَ السطور جداولا)
(ضربٌ من السحر الْحَلَال مَتى تشا ... أخرجته فَيَعُود ضربا دَاخِلا)
(مَا إِن جلا رَاوِيه حور بَيَانه ... إِلَّا وزان مشاهداً ومحافلا)
(فَمَتَى يروم بِهِ اللحاق مقصرٌ ... والنجم أقرب من مداه تناولا)
(أبرزته أفقاً فكلّ قرينَة ... برج حوى مَعْنَاهُ بَدْرًا كَامِلا)
(فَكَأَنَّمَا تِلْكَ الْحُرُوف حدائق ... أمست مَعَانِيهَا تصيح بلابلا)
(وَكَأن ذَاك الطّرس خدٌّ رائق ... والسطر فِيهِ غَدا سَائِلًا)
(مهلا أَبَا الْعَبَّاس قد أفحمتني ... وتركتني بعد التحلي عاطلا)
(بِاللَّه قل لي عِنْدَمَا سطّرته ... هَل كنت تزْعم أَن تجيب الفاضلا)
(أَقْسَمت لَو باراك فِي إنشائه ... مَا كَانَ ضمّ على اليراع أناملا)
(حرّكت مِنْك حميّةً عدويّةً ... مَلَأت فضاء الطرس مِنْك جحافلا)
(كم فِيهِ من لامٍ كلأمة فارسٍ ... قد هزّ من ألفات قدّك ذابلا)
)
(هَل شِئْت أَن تنشي الْجَواب سَحَابَة ... تندى فَجَاءَت مِنْك سيلاً سَائِلًا)
(يَا فَارس الْإِنْشَاء رفقا بِالَّذِي ... نازلته يَوْم الترسل رَاجِلا)
(لَو رام أَن يجْرِي وَرَاءَك خطْوَة ... نصبت لَهُ تِلْكَ الْحُرُوف حبائلا)
(فاحبس عنانك قد تجاوزت المدى ... وَتركت سحبان الفصاحة باقلا)
(والفاضل الْمِسْكِين أصبح فنّه ... من بعد مَا قد راج فِينَا خاملا)
(فَاسْلَمْ لتبليغ النُّفُوس مرامها ... فالدهر فِي أَثوَاب فضلك مائلا)
(كم فِيك من أملٍ يروق لأنني ... أَدْرِي بأنك لَا تخّيب آملا)
فَأجَاب
(وافى الكميّ بهَا يهزّ مناصلا ... ويروم صبغاً للشبيبة ناصلا)(8/170)
(سبق الظلام بهَا بزينة ليله ... وَلَو انه فِي الْفَخر حلّى العاطلا)
(حَمْرَاء قانية يذوب شعاعها ... وَيرى حَصى الْيَاقُوت مِنْهَا سَائِلًا)
(حَمْرَاء قانية يحبّ كئوسها ... وَقع الصوارم والوشيج الذابلا)
(ذهبية مَا عرق عانة كرمها ... لكنه كفّ الْكَرِيم شمائلا)
(كفٌّ لمنبجس النوال كَأَنَّمَا ... دفع السُّيُول تمدّ مِنْهُ نائلا)
(كرم خليليّ يمدّ سماطه ... ويشب نَارا للقرى وفواضلا)
(ولهيب فكرٍ لَو تطير شرارة ... مِنْهُ لما بل السَّحَاب الوابلا)
(يذكي بِهِ فِي كل صبحه قرةٍ ... فهما لنيران القرائح آكلا)
(عجبا لَهُ من سَابق مُتَأَخّر ... فَاتَ الْأَوَاخِر ثمَّ فَاتَ أوائلا)
(دانوه فِي شبه وَمَا قيسوا بِهِ ... من ذَا ترَاهُ للغمام مساجلا)
(ماثل بِهِ الْبَحْر الخصمّ فَإِنَّهُ ... لَا يرتضي خلقا سواهُ مماثلا)
(وافت عقيلته وَلَو بذل امْرُؤ ... فِيهَا اسْتَقل من البروج معاقلا)
(جَاءَت شَبيه الخود فِي حللٍ لَهَا ... حمرٍ كنوّار الشَّقِيق مواثلا)
(قد خضّبت بِدَم الحسود أما ترى ... أثر السوَاد بهَا عَلَيْهِ دلائلا)
(حلل على سحبان تسحب ذيلها ... وتجرّ من طرف الذيول الفاضلا)
(حكت الْهلَال يلوح طلع نقابها ... حَتَّى نضت فَرَأَيْت بَدْرًا كَامِلا)
)
(بنت القريحة مَا ونت فِي خدرها ... حسن المليحة أَن تواصل عَاجلا)
(جَاءَت تضوع من العناق أساوراً ... لَا بل تخوض من السُّيُول خلاخلا)
(قبّلتها وأعدت تفبيلي لَهَا ... إِن المتيم لَا يخَاف العاذلا)
(وَأَتَتْ وجيش النوء مرهوب السّطا ... مَلأ الْوُجُود لَهُ فَنًّا وقبائلا)
(والبرق مشبوب الضرام لِأَنَّهُ ... صَاد الغزالة حَيْثُ مدّ حبائلا)
(وافت وَرَأس الطود يشكو لمةً ... قد عمّمت بالثلج شيباً شَامِلًا)
(مَلَأت بِهِ كلّ الفضاء فَلَا يرى ... إلاّ لجيناً جَامِدا أَو سَائِلًا)
(وكأنما نثرت قراضة فضةٍ ... أَيدي البروق وَقد حرقن أناملا)
(والأفق كالكأس المفضض ملؤه ... صهباء قد عقدت حباباً جائلا)
(أثْنَاء يومٍ قد تقهقر ضوءه ... وبدا ذبالاً فِي الأصائل ناحلا)
(والجوّ منخرق الْقَمِيص كَأَنَّهُ ... حنق يقدّ من السَّحَاب غلائلا)
(والسيل منحدر يسلّ مهنداً ... إفرنده ذهب يمدّ سلاسلا)(8/171)
(لله أَنْت أَبَا الصفاء فإنني ... ألْقى خَلِيلًا مِنْك لي ومخاللا)
(أَنْت الَّذِي حلّقت صقراً أجدلا ... وضممت فِي برديك ليثاً باسلا)
(يَا من ينفّق سوق كلّ فضيلةٍ ... أسئر فَمَا أبقيت بعْدك فَاضلا)
وَمن مدائحه النبويّة مَا أنشدنيه من لَفظه ونقلته من خطّه
(جنحت إليّ مَعَ الأَصْل الْمَذْهَب ... والركب ممتدُّ الخطا فِي الْمَذْهَب)
(وَالْيَوْم مبيض الْإِزَار وإنّما ... جنب الْإِزَار مطرّز بالغيهب)
(وَالشَّمْس قد همّت لتذهب رهبةً ... لكنّها بقيت لنا لم تذْهب)
(وعَلى الأصائل رقة فَكَأَنَّمَا ... لبست نحول العاشق المتلهّب)
(والجوّ حَيْثُ شممت ينْفخ عنبراً ... ويذرّ مِنْهُ فَوق فرق الْمغرب)
(ومبشّر النّوّار جَاءَ مخلّقاً ... لَا شكّ قد خطرت نوافح يثرب)
(وافى يبشّر بالحمى وبأهله ... يهنيكم هذي الْمَدِينَة وَالنَّبِيّ)
(هذي الْمَدِينَة أشرقت أعلامها ... يهنيكم فوتم بأشرف مطلب)
(هذي القباب كأنهن غرائس ... مجلوّة سفرت وَلم تتنقّب)
)
(هذي الحائق والنخيل وماؤها ... نم واستظل من الهواجر واشرب)
(هَذَا رَسُول الله جدّوا نَحوه ... تَجدوا النوال الجمّ والخلق الأبي)
(هَذَا رَسُول الله هَذَا أحمدٌ ... هَذَا النقي الجيب هَذَا مطلبي)
هَذَا صباح الْمُهْتَدي هَذَا ربيع المجتبي هَذَا شَفِيع المذنب
(هَذَا النَّبِي الهاشميّ الْمُجْتَبى ... من نسل إِبْرَاهِيم أكْرم من أَب)
(هَذَا المصفّى من سلالة آدم ... الطّيب ابْن الطّيب ابْن الطّيب)
(شرفت بِهِ آباؤه وَأَتَتْ بِهِ ... أبناؤه والكلّ مثل الْكَوْكَب)
(وَاخْتَارَهُ الله الْمُهَيْمِن ربّه ... وحباه بالقربى وعزّ المنصب)
(آتَاهُ فِي الْمِعْرَاج فضلا لم يكن ... لسواه من دون البريّة قد حبي)
(يَا حبّذا فِيهِ مهاجمة الدجى ... وَلَو انّه أَسد يصول بمخلب)
(ودوام إِيرَاد الركاب صوادياً ... وَالْفَجْر مثل المَاء تَحت الطحلب)
(لتنيخ فِي بَاب النبّي محمدٍ ... وتراح من طول الْمسير المتعب)
(يَا معشر العشاق هَذَا أَنْتُم ... وحبيبكم وَاللَّيْل داجي الغيهب)
(قومُوا انْظُرُوا وتمتّعوا بجماله ... وتأملو فجماله لم يحجب)
(وتزوّدوا قبل الرحيل فإنّه ... لم يبْق غير هنيهةٍ لم تذْهب)(8/172)
(قرب الْفِرَاق فليته لم يقترب ... منّا وليت مطيّه لم تقرب)
(أَيَّام عمري مَا أَقمت بطيبةٍ ... اما سواهُ فإنني لم أَحسب)
(لَيْت الزَّمَان يَدُوم لي بوصالها ... أَو لم يجد فبطيفها المتأوّب)
وَمن شعره
(شادنٌ جدّد وجدي بعد مَا ... صرت شَيخا لَيْسَ ترضاني الْعَجُوز)
(قلت جَاوز لي متاعي قَالَ قل ... غير هَذَا ذَاك شيءٌ لَا يجوز)
وَقَالَ
(شربت مَعَ غادةٍ عَجُوز طلاً ... فاستصحبت بعد منعهَا العاده)
(ليّنها السكر لي فحينئذٍ ... سلّمت أنّ الْعَجُوز قوّاده)
وَقَالَ)
(سل شجيّاً عَن فؤادٍ نزحا ... وخليّاً فيهم كَيفَ صَحا)
(ومحبّاً لم يذقْ بعدهمْ ... غير تبريحٍ بهم مَا برحا)
(مزج الدمع بذكراه لَهُم ... مثل خدّي من سقَاهُ القدحا)
(زَارَهُ الطيف وَهَذَا عجب ... شبحٌ كَيفَ يلاقي شبحا)
وَقَالَ
(أأحبابنا والعذر منّا إِلَيْكُم ... إِذا مَا شغلنا بالنوى أَن نودّعا)
(أبثّكم شوقاً أباري بِبَعْضِه ... حمام العابا رنّةً وتوجّعا)
(أَبيت سمير الْبَرْق قلبِي مثله ... أقضّي بِهِ اللَّيْل التَّمام مروّعا)
(وَمَا هُوَ شوق مُدَّة ثمَّ تَنْقَضِي ... وَلَا أَنه يبكي محباً مفجّعا)
(وَلكنه شوق على الْقرب والنوى ... أغصّ المآقي مدمعاً ثمَّ مدمعا)
(وَمن فَارق الأحباب فِي الْعُمر سَاعَة ... كمن فَارق الأحباب فِي الْعُمر أجمعا)
وَقَالَ
(لَا تسل بعد بَينهم مَا جرى لي ... من دموعٍ كأنهن الآلي)
(خففت وَطْأَة الغرام وَلَكِن ... عرفت فِي الجفون طيف الخيال)
وَقَالَ
(يَقُول لي من شعره أسود ... كالليل بل بَينهمَا فرق)
(قلت وَبِي من وَجهه أَبيض ... فَقَالَ لي هَذَا هُوَ الْحق)
وَقَالَ(8/173)
(وحقّ الَّذِي أبلى فُؤَادِي بحبكم ... وصيّر قلبِي فِيكُم هائماً صبّا)
(محبكم المضنى على مَا عهدتم ... وَلم يجن فعلا فِي الْفِرَاق وَلَا ذَنبا)
(ولكنّها الأقدار تجْرِي على الْفَتى ... وَتحمل فِيهَا من أحبّته عتبا)
(أأحبابنا أَنْتُم بقلبي وناظري ... لذَلِك لَا أَشْكُو بعاداً وَلَا قربا)
وَالظَّاهِر أَن مولده سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة أَو سنة سَبْعمِائة ولّما وَقع الطَّاعُون بِدِمَشْق سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قلق وهمع وزمع وتطاير كثيرا وراعى الْقَوَاعِد الطبية وانجمع عَن النَّاس وانعزل وعزم على الْحَج وَاشْترى الْجمال وَبَعض الْآلَات ثمَّ إنّه بَطل ذَلِك وَتوجه بِزَوْجَتِهِ ابْنة)
عَمه إِلَى الْقُدس الشريف وولديه وصاموا هُنَاكَ رَمَضَان فَمَاتَتْ زَوجته هُنَاكَ ودفنها بالقدس فِي شهر رَمَضَان وَحضر إِلَى دمشق وَهُوَ طَائِر الْعقل فَيوم وُصُوله برد وَحصل لَهُ حمّى ربع وأضعفته إِلَى أَن بحرنت بصرع وَتُوفِّي رَحمَه الله وسامحه يَوْم عَرَفَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن عِنْد وَالِده وأخيه بدر الدّين مُحَمَّد بالصالحية
وكتبت أَنا إِلَى أَخِيه القَاضِي عَلَاء الدّين أعزيه فِيهِ بِكِتَاب هَذَا نسخته يقبل الأَرْض وَيُنْهِي مَا عِنْده من الْأَلَم الَّذِي برّح والسقم الَّذِي جرّ ذيول الدمع على الخدود وجرّح لما قدّره الله من وَفَاة القَاضِي شهَاب الدّين سقته بألطف أندائها وأغزرها ساريات الْغَمَام ف إنّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قَول من غَابَ شهابه وآب التهابه وذاب قلبه فَصَارَ للدمع قليبا وشاب فوده لّما شبّ جمر فُؤَاده وَلَا غرو فيومه جعل الْولدَان شيبا فيا أسفا على ذَلِك الْوَجْه المليء بالملاحة وَاللِّسَان الَّذِي طالما سحر الْعُقُول ببيانه فصاحت يَا ملك الفصاحة وَالْيَد الَّتِي كم روّضت الطروس أقلامها وأنشأت أسجاعاً لم تذكر مَعهَا بانات الْحمى وَلَا حمامها فَكَأَن أَبَا الطّيب مَا عَنى سواهُ بقوله
(تعثّرت بك فِي الأفواه ألسنها ... وَالْبرد فِي الطّرق والأقلام فِي الْكتب)
فرخم الله ذَلِك الْوَجْه وبلّغه مَا يرجوه وضوّأه بالمغفرة يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه لقد فقد الْمجد المؤثل مِنْهُ ركنا تتكثر بِهِ الْجبَال فَمَا تقله وَلَا تستقله وعدمت الْآدَاب مِنْهُ بارعاً لَو عاصره الجاحظ مَا كَانَ لَهُ جاحداً وَالْبيع علم أَن مَا فض لَهُ فَضله وَغَابَ عَن الْإِنْشَاء مِنْهُ كَاتب لَيْسَ بَينه وَبَين الْفَاضِل لَوْلَا أَخُوهُ مثله أَتَرَى ابْن المعتز عناه بقوله
(هَذَا أَبُو الْعَبَّاس فِي نعشه ... قومُوا انْظُرُوا كَيفَ تَزُول الْجبَال)
وَمَا يَقُول الْمَمْلُوك فِي هَذَا الْبَيْت الْكَرِيم إِلَّا إِن كَانَ قد غَابَ بدره وأفل شهابه أَو غاض قطره وتقشّع سحابه فَإِن نيّره الْأَعْظَم بَاقٍ فِي أوجه وبحره الزاخر متلاطم فِي موجه وَفِي بَقَاء مَوْلَانَا خلف عَمَّن سلف وَعوض عَمَّا انْهَدم رُكْنه أَو نقض وجبر لمن عدم الْجلد وَالصَّبْر وَالله(8/174)
يمتع الْوُجُود بحياته وَيجمع لَهُ بَين ثَوَابه وثباته لِأَنَّهُ قد عَاشَ الدّر المفديّ بِالذَّهَب وأضاءت شمس الْمَعَالِي إِن كَانَ قد خمد اللهب
(علم الله كَيفَ أَنْت فأعطا ... ك المحلّ الْجَلِيل من سُلْطَانه)
جعل الدّين فِي ضمانك وَالدُّنْيَا فعش سالما لنا فِي ضَمَانه)
وَقد نظم الْمَمْلُوك قصيدةً مختصرة فِي رثاء الْمشَار إِلَيْهِ وَجعل ألفاظها تبكيه وقوافيها تنوح عَلَيْهِ وَهِي
(الله أكبر يَا ابْن فضل الله ... شغلت وفاتك كلّ قلبٍ لاه)
(كلّ يَقُول وَقد عرته كآبة ... واهاً لفقدك إِن صبري واه)
(فقدت بك الْأَمْلَاك بَحر ترسلٍ ... متلاطم الأمواج بالأمواه)
(يَا وَحْشَة الْإِنْشَاء مِنْك لكاتبٍ ... أَلْفَاظه زهر النُّجُوم تباهي)
(وتوجع الْأَشْعَار فِيك لناظمٍ ... من لطفه لشذا النسيم يضاهي)
(كم أَمْسَكت يمناك طرساً أبيضاً ... فأعدته فِي الْحَال طرزاً باهي)
(كم قد أدرت من القريض قوافياً ... هِيَ نشوة الناشي وزهو الزاهي)
(ورسالة أنشأتها فِي حانة النّبا ... ذِ حازت حَضْرَة الفكّاه)
(وَوضعت فِي الْآدَاب كلّ مصنّفٍ ... قَالَت لَهُ البلغاء زاهٍ زاه)
(كم قد خطرت على المجرّة رافلاً ... يَوْم الفخار بمعطفٍ تياه)
(شخصت لعلياك النُّجُوم تَعَجبا ... وَلَك السّهى يرنو بطرفٍ ساه)
(مَا كنت إلاّ وَاحِد الدَّهْر الَّذِي ... يسمو على الأنظار والأشباه)
(من بعْدك الْكتاب قد كتبُوا فَمَا ... يَجدونَ منجاةً لَهُم من جاه)
(أقلامهم قد أملقت وَرمى الردى ... أدواتهم ودواتهم بدواهي)
(وطروسهم لبست حداد مدادها ... أسفا عَلَيْك مؤكداً بسفاه)
(أما الْقُلُوب فإنّها رهن الأسى ... ترد الْقِيَامَة وَهِي فِيك كَمَا هِيَ)
(أبدا يخيّل لي بأنك حَاضر ... تملي الْفُؤَاد لي وَأَنت تجاهي)
(فتعزّ فِيهِ واصطبر لمصابه ... يَا خير مولّى آمرٍ أَو ناهي)
(فدوام ظلّك فِي الْبَريَّة نعْمَة ... ولشكرها حتم على الأفواه)
(لَا زَالَ جدّك فِي المبادىء صاعداً ... رتباً سعادتها بِغَيْر تناهي)
إِن شَاءَ الله تَعَالَى(8/175)
3 - (أَحْمد بن يزِيد)
3 - (أَبُو جَعْفَر المهلبي)
)
أَحْمد بن يزِيد بن مُحَمَّد المهلبي أَبُو جَعْفَر أديب شَاعِر راوية ذكره المرزباني فِي مُعْجَمه وَله قصيدة مدح فِيهَا الْمُوفق يهنئه بِفَتْح الْبَصْرَة مِنْهَا
(قل للأمير هُنَاكَ النَّصْر الظفر ... وَفِيهِمَا للإله الْحَمد وَالشُّكْر)
(مَا فَوق فتحك فتح للفتوح كَمَا ... مَا فَوق فخرك يَوْم الْفَخر مفتخر)
(يَا ابْن الخلائف قد أَو دعتنا نعما ... أُخْرَى اللَّيَالِي فَمَا يعْفُو لَهَا أثر)
(رَاح الظلام وَرَاح الصُّبْح منصدعاً ... للناظرين المسالك والأمصار والكور)
(إِن الْأَمِير إِذا صحّت عزيمته ... أضحت لَهُ نوب الْأَيَّام تأتمر)
وَكتب إِلَى الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْكَرْخِي يهنئه بِزَوَال نكبةٍ نالته من أَبْيَات
(لِيَهنك أَمن بعد سبلٍ مخوفةٍ ... وَمَا خير سبل الْمجد إلاّ مخوفها)
(وَعطفه رَأْي من مليكٍ مسلّط ... وَأفضل آراء الْمُلُوك عطوفها)
(وَإِن صروف الدَّهْر تلعب بالفتى ... أفانين وَالْأَيَّام جدٌ صروفها)
قلت شعر متوسط
3 - (الْحلْوانِي المقرىء)
أَحْمد بن يزِيد الْحلْوانِي المقرىء أحد الْأَئِمَّة قَرَأَ على قالون وعَلى هِشَام ابْن عمار وَخلف بن هِشَام وَمَات فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبي خَالِد وَزِير الْمَأْمُون)
أَحْمد بن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي(8/176)
خَالِد الْأَحول الْكَاتِب مولى عَاصِم بن الْوَلِيد بن عَتبه بن ربيعَة أَصله من الْأُرْدُن كَاتب كتب لأمراء دمشق وترقت حَاله إِلَى أَن وزر لِلْمَأْمُونِ بعد الْحسن بن سهل أخي ذِي الرياستين وَكَانَ يكنى وَالِده وَلَا يُسَمِّيه خوفًا من الْمَأْمُون قَالَ الصولي حَدثنِي الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل سَمِعت إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يَقُول بَعَثَنِي أَحْمد بن أبي خَالِد إِلَى طَلْحَة بن طَاهِر فَقَالَ لي قل لَهُ لَيست لَك ضَيْعَة بِالسَّوَادِ وَهَذِه ألف ألف دِرْهَم بعثت بهَا إِلَيْك لم أبْعث بهَا جاهاً وَلَا مَالا واشتر بهَا ضَيْعَة وَوَاللَّه لَئِن فعلت لتبرّنني وَإِن عصيت لتعصينّني فردّها وَقَالَ أَنا أقدر على مثلهَا وَأخذ واغتنام الْحَال بَيْننَا يرْتَفع عَن أَن يزِيد فِي الوداد أَخذهَا أَو ينقصهُ ردهَا قَالَ إِبْرَاهِيم فَمَا رَأَيْت أكْرم مِنْهُمَا وَكَانَ أَحْمد سيّء اللِّقَاء عَابس الْوَجْه يهرّ فِي وَجه الْخَاص وَالْعَام غير أَن فعله أحسن من لِقَائِه وَكَانَ من عرف)
أخلاقه وصبر على مداراته نَفعه وأكسبه وَركب من دَاره يُرِيد دَار الْمَأْمُون فَلَمَّا رأى كَثْرَة النَّاس حوله قَالَ قد ضيقتم علّي طريقي وشغلتموني عَن خدمَة السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ رجل عمريّ احْمَد الله فقد أَعْطَاك مَا لم يُعْطه نبيه عَلَيْهِ اللَّام قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ لأنّه يَقُول وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضّوا من حولك
وَأَنت فظ غليظ وَنحن نتكاثر عَلَيْك قَالَ فَمَا حَاجَتك قَالَ ترتيبي فِي دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قد فعلت قَالَ وتقضي ديني قَالَ كم هُوَ قَالَ ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم قَالَ قد قَضيته وَكَانَ شَرها وحكاياته فِي ذَلِك مَعْرُوفَة فَأجرى الْمَأْمُون عَلَيْهِ كل يَوْم ألف دِرْهَم لمائدته لِئَلَّا يشره إِلَى طَعَام النَّاس ويمدّ إِلَى هَدِيَّة تَأتيه حَتَّى قَالَ فِيهِ دعبل
(شكرنا الْخَلِيفَة إحرازه ... على ابْن أبي خالدٍ نزله)
(فكفّ أَذَاهُ عَن الْمُسلمين ... وصيّر فِي بَيته أكله)
(وَقد كَانَ يقسم أشغاله ... فصيّر فِي نَفسه شغله)
وَقَالَ قَرَأَ ابْن أبي خَالِد على الممون قصَص النَّاس وجاع فمرت بِهِ قصَّة فِيهَا فلَان ابْن فلَان اليزيدي فقرأه الثريدي فَقَالَ الْخَلِيفَة يَا غُلَام صَحْفَة مَمْلُوءَة ثريداً لأبي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ أصبح جائعاً فَقَالَ مَا أَنا بجائع وَلَكِن صَاحب الْقِصَّة أَحمَق نقط على الْيَاء ثَلَاث نقطٍ فقالٍ مَا أَنْفَع حمقه لَك وأحضرت الصحفة فَخَجِلَ أَحْمد فَقَالَ الْمَأْمُون بحياتي عَلَيْك إلاّ مَا ملت إِلَيْهَا فَأكل حَتَّى اكْتفى وَغسل يَده وعاود الْقِرَاءَة فمرت بِهِ قصَّة وَعَلَيْهَا فلَان ابْن فلَان الْحِمصِي فقرأها الخبيصي فَقَالَ الْمَأْمُون يَا غُلَام جَام مملوّ خبيصاً فَقَالَ يَا سَيِّدي صَاحب الْقِصَّة أَحمَق فتح الْمِيم سنّتين فَقَالَ لَوْلَا حمقه وحمق صَاحبه متّ أَنْت الْيَوْم جوعا فَأتي بالجام الخبيص فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون بحياتي عَلَيْك إلاّ مَا ملت إِلَيْهِ فَأكل وَغسل يَده وعاود الْقِرَاءَة فَمَا صحّف حرفا حَتَّى انْقَضى الْمجْلس(8/177)
وَقَالَ ابْن أبي خَالِد كنت بَين يَدي الْمَأْمُون ُأكَلِّمهُ فحضرتني عطسة فرددتها ففهم الْمَأْمُون ذَلِك فَقَالَ يَا أَحْمد لم فعلت ذَلِك أما علمت أَنه رُبمَا قتل ولسنا نحمل أحدا على هَذِه الخطة فدعوت لَهُ وَقلت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا سَمِعت كلمة لملك أشرف من هَذِه قَالَ بلَى كلمة هِشَام حِين أَرَادَ الأبرش الْكَلْبِيّ أَن سوّي عَلَيْهِ ثَوْبه فَقَالَ لَهُ هِشَام إِنَّا لَا نتَّخذ الإخوان خولاً ولّما توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ صلّى عَلَيْهِ الْمَأْمُون ووقف على قَبره فَلَمَّا دلّي فِيهِ قَالَ رَحِمك الله أَنْت وَالله كَمَا قَالَ الشَّاعِر)
(أَخُو الجدّ إِن جدّ الرِّجَال وشمّروا ... وَذُو باطلٍ إِن كَانَ فِي الْقَوْم بَاطِل)
وَله ذكر فِي تَرْجَمَة صَالح بن عَليّ الأضخم تدل على كرم فلتطلب هُنَاكَ وَقيل إِنَّه كَانَ مأبوناً وَكَانَ السَّبَب فِي اتِّصَال أَحْمد ابْن أبي خَالِد بالمأمون أَن الرشيد لما قتل جعفراً وَسخط على البرامكة شخص إِلَى الرقة وَحمل يحيى وَولده الْفضل إِلَى حبس الرقة فاتصل بِأَحْمَد خبرهما فَلم يزل يحتال فِي الْوُصُول إِلَيْهِمَا إِلَى أَن تهيّأ لَهُ ذَلِك فَدخل على يحيى وعرفه قَصده إيَّاهُمَا فَشكر لَهُ يحيى ذَلِك وَقَالَ كنت أحب لَو قصدتني وَقت الْإِمْكَان لنقدر على مكافأتك فَشكر لَهُ أَحْمد ذَلِك وَسَأَلَهُ المنّ عَلَيْهِ بِقبُول شَيْء حمله إِلَيْهِ وتضرّع لَهُ فدافعه يحيى وَقَالَ نَحن فِي كِفَايَة فألح عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَن مِقْدَاره فَقَالَ عشرَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ يحيى قد قبلت ذَلِك وَوَقع موقعه فادفعه إِلَى هَذَا السجان ليصرفه فِي نفقاتنا وَقَالَ لَهُ يحيى إِن حَالنَا لَا تقوم بمكافأتك وَلَكِنِّي أكتب لَك كتابا إِلَى رجل سيقوم بِأَمْر الْخَلِيفَة الَّذِي يملك الْأَمر بخراسان فأوصل كتابي إِلَيْهِ فإنّه يقوم بحقك وَكتب لَهُ على قريطيس أحرفاً يسيرَة وطواه وَوضع عَلَيْهِ خَاتمه وَقَالَ إِذا شِئْت فَامْضِ مصاحباً فِي ستر الله وَانْصَرف أَحْمد ابْن أبي خَالِد فِي شَأْنه فَلَمَّا تقلّد الْفضل بن سهل أَمر الْمَأْمُون وَظهر على الْأمين قصد أَحْمد ابْن أبي خَالِد خُرَاسَان وأوصل الْكتاب إِلَى الْفضل فلمّا قَرَأَهُ استبشر وَظهر السرُور فِي وَجهه وَأمره بالمصير إِلَى منزله فَلَمَّا وصلا وخلا بِهِ اعتنقه وقبّله وَقَالَ لَهُ أَنْت أعظم خلق الله علّي منَّة وأجلهم عِنْدِي يدا وَأمر بإنزاله منزلا يتَّخذ لَهُ ويفرش لَهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وجهّز إِلَيْهِ تخوت ثِيَاب وَخمسين ألف دِرْهَم وَاعْتذر إِلَيْهِ بِضيق الْحَال ثمَّ إنّه وَصفه لِلْمَأْمُونِ وقرّظه وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وأوصله إِلَى الْمَأْمُون ثمَّ إنّه قَلّدهُ خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر
3 - (قَاضِي الْجَمَاعَة البقوي)
أَحْمد بن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن محمّد بن مخلد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أَحْمد ابْن الإِمَام بقّي بن مخلد قَاضِي الْجَمَاعَة الْعَلامَة أَبُو الْقَاسِم ابْن(8/178)
أبي الْوَلِيد الْقُرْطُبِيّ الْأمَوِي البقوي تفرد بالرواية عَن جمَاعَة وَهُوَ آخر من حدّث فِي الدُّنْيَا عَن شُرَيْح وَآخر من روى الْمُوَطَّأ عَن ابْن عبد الْحق وحدّث هُوَ وَجَمِيع آبَائِهِ ولي قُضَاة الْجَمَاعَة بمراكش مُضَافا إِلَى خطتي الْمَظَالِم وَالْكِتَابَة الْعليا فحمدت سيرته وَلم تزِدْه الرّفْعَة إلاّّ تواضعاً ثمَّ صرف عَن ذَلِك كُله وَأقَام إِلَى أَن قلد قَضَاء بَلَده ثمَّ صرف عَنهُ قبل وَفَاته تجَاوز ثمانياً وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي)
سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (أَحْمد بن يَعْقُوب)
3 - (برزويه النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن يَعْقُوب بن يُوسُف أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ غُلَام نفطويه الْمَعْرُوف ببرزويه الْأَصْبَهَانِيّ
توفّي سنة أَربع وَخمسين وثلاثمائة أَخذ عَن أبي خَليفَة الْفضل بن حباب وَمُحَمّد بن الْعَبَّاس اليزيدي وَغَيرهمَا
3 - (القَاضِي أَبُو الْمثنى)
أَحْمد بن يَعْقُوب أَبُو الْمثنى القَاضِي كَانَ مِمَّن سعى فِي بيعَة عبد الله ابْن المعتز فَأَخذه المقتدر وَقَتله صبرا ضرب عُنُقه قَالَ الصولي وَهُوَ أول قَاض قتل صبرا فِي الْإِسْلَام لَا يعرف ذَلِك فِي دولة بني أُميَّة وَلَا فِي دولة بني الْعَبَّاس قبل الَّذِي جرى على أبي الْمثنى قَتله مؤنس الْخَادِم يَوْم الِاثْنَيْنِ لثلاث عشرَة خلت من شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو بكر النَّحْوِيّ)
أَحْمد بن يَعْقُوب بن نَاصح الْأَصْبَهَانِيّ الأديب أَبُو بكر النَّحْوِيّ ذكره الْحَاكِم فَقَالَ هُوَ نزيل نيسابور وَسمع بأصبهان مُحَمَّد بن يحيى بن مَنْدَه الْأَصْبَهَانِيّ وأقرانه مَاتَ بنيسابور قبل الْخمسين وَبعد الْأَرْبَعين والثلاثمائة
وَكتب عَنهُ الْحَاكِم وَأسْندَ إِلَيْهِ فِي كِتَابه حديثين
3 - (جمال الدّين ابْن الصَّابُونِي)
أَحْمد بن يَعْقُوب بن أَحْمد بن يَعْقُوب الإِمَام جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس ابْن شرف الدّين ابْن الصَّابُونِي مولده بدار الحَدِيث النوريّة بِدِمَشْق سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة أجَاز لي وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ من ذُرِّيَّة عبد المحسن بن حمود الأديب وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ جمال الدّين نزيل(8/179)
الْقَاهِرَة وعني بِالْحَدِيثِ وحصّل الْأُصُول أسمعهُ وَالِده من ابْن النجاري وطبقته وَطلب بِنَفسِهِ وتميّز وَمهر وَكَانَ حسن المذاكرة رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (ابْن شكيل الصَّدَفِي)
أَحْمد بن يعِيش بن شكيلبفتح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْكَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف)
وَبعدهَا لامالصدفي أَبُو الْعَبَّاس الشريشي قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم أحد الشُّعَرَاء الفحول مَعَ نزاهة سابغة الذيول وَله ديوَان شعر وقفت عَلَيْهِ وتخيرت مِنْهُ مَا نسبته إِلَيْهِ وَتُوفِّي معتبطاً سنة خمس وسِتمِائَة وَله فِي مقتل أبي قَصَبَة الْخَارِج فِي جزولة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وفيهَا افتتحت جَزِيرَة منورقة بالنُّون
(الله أطفأ مَا أذكى أَبُو قصبه ... من حربه وأزال السّحر بالغلبه)
(أَمر الْخَلِيفَة وافاه على عجلٍ ... يَدعُوهُ للحقّ لما اغتره كذبه)
(فَمن أَرَادَ سؤالاً عَن قَضيته ... فجملة الْأَمر أنّ الْحق قد غَلبه)
(لقد شفى النَّفس أَن وافى بهامته ... صدر الْقَنَاة مَكَان الصَّدْر والرقبه)
(لما استمرّ جماحاً فِي ضلالته ... عَادَتْ عَلَيْهِ لجاماً تلكم القصبه)
(كَانَت عَصَاهُ الَّتِي غرّ الْأَنَام بهَا ... لما يقرّب من نَار الوغى حطبه)
(يَا خجلة الْقَلَم الْمَحْمُود إِذْ ذكرُوا ... أنّ البراعة للأقلام منتسبه)
(أطلّ يعثر فِي أذيال مشيته ... من الْحيَاء ويلحى قومه الخلبه)
(قد أحزنته شماتات السيوف بِهِ ... لّما ولين وأضحى حائن العصبه)
(كم من حسام لَدَى الهيجاء منصلتٍ ... لَا يردع الدّرع حدّيه وَلَا اليلبه)
(ينهل قطر المنايا من مضاربه ... كَأَن مزناً بِأَعْلَى مزنه سكبه)
(كَأَنَّهُ الْجَدْوَل السيّال يجذبه ... كفّ النسيم إِذا مَا ميّلوا شطبه)
وَقَالَ من قصيدة
(ألبستنا العذل أبراداً مفوّفةً ... وَنحن بِالْحَمْد والذكرى نوشّعها)
(ذمّ الزَّمَان فأبداكم لنحمده ... وَتلك حجّة صدقٍ لَيْسَ يَدْفَعهَا)
(وشقّ حجب خفاياه فلحت كَمَا ... ينشقّ عَن جبهة الغراء برقعها)
وَقَالَ فِي حمّام
(تلهي الْعُيُون رقومه فَكَأَنَّهَا ... قد ألبست ساحاته ديباجا)
(مَجْمُوعَة أضداده فترى بهَا ... نَار الغضا والوابل الثجّاجا)
(حرّان منسكب الدُّمُوع كَأَنَّمَا ... يَحْكِي بِذَاكَ العاشق المهتاجا)(8/180)
(دحيت بسيطة أرضه من مرمرٍ ... فَجرى الزّجاج بِهِ وثار عجاجا)
)
(وجلت سماوته السَّمَاء وإنّما ... جعلت مَكَان النّيرات زجاجا)
(قَامَت على عمد جلين عرائساً ... فترى لَهَا السّمك المكلّل تاجا)
وَقَالَ فِي سوسنة أودعت شَقِيقَة
(سوسنةٌ بَيْضَاء قد أودعت ... شَقِيقَة قانية الْبرد)
(أبيضها ينشق عَن أحمرٍ ... كالبرقع انشقّ عَن الخدّ)
وَقَالَ أَيْضا
(مفتتن فِي نَفسه فاتن ... لغيره لَيْسَ لَهُ كنه)
(جال على مرآته لحظه ... فانعكس السحر بِهِ عَنهُ)
(أبرزه الحمّام فِي حليةٍ ... من عرقٍ لؤلؤها مِنْهُ)
(يحيا بِهِ الوجد وَذَاكَ اسْمه ... فَلَا يسلني أحدٌ من هُوَ)
(قد قلت للبدر امتحاناً لَهُ ... كن مثله يَا بدر أَو كنه)
3 - (أَحْمد بن يُوسُف)
3 - (وَزِير الْمَأْمُون)
أَحْمد بن يُوسُف بن الْقَاسِم بن صبيح الْكَاتِب القفطي أَبُو جَعْفَر من أهل الْكُوفَة كَانَ يتَوَلَّى ديوَان الرسائل لِلْمَأْمُونِ وَكَانَ أَخُوهُ الْقَاسِم بن يُوسُف يدعى أنّه من بني عجل وَلم يدّع أَحْمد ذَلِك قَالَ المرزباني كَانَ مولّى لبني عجل ومنازلهم الْكُوفَة وزر أَحْمد لِلْمَأْمُونِ بعد أَحْمد ابْن أبي خَالِد وَمَات فِي قَول الصولي سنة ثَلَاث عشرَة وَقَالَ غَيره سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ أَحْمد وَأَخُوهُ شاعرين أديبين وأولادهما جَمِيعًا أهل الْأَدَب يطْلبُونَ الشّعْر والبلاغة حدّث الصولي عَن أبي الْحَارِث النَّوْفَلِي قَالَ كنت أبْغض الْقَاسِم بن عبيد الله لمكروه نالني مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ الْحسن قلت على لِسَان ابْن بسام
(قل لأبي الْقَاسِم المرجى ... قابلك الدَّهْر بالعجائب)
(مَاتَ لَك ابْن وَكَانَ زيناً ... وعاش ذُو الشّين والمعائب)(8/181)
(حَيَاة هَذَا كموت هَذَا ... فَلَيْسَ تَخْلُو من المصائب)
وإنّما أَخذه من قَول أَحْمد بن يُوسُف الْكَاتِب
(أَنْت تبقى وَنحن طرّاً فداكا ... أحسن الله ذُو الْجلَال عزاكا)
)
(فَلَقَد جلّ خطب دهرٍ أَتَانَا ... بمقادير أتلفت ببغّاكا)
(عجبا للمنون كَيفَ أَتَاهَا ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا)
(كَانَ عبد الحميد أصلح للمو ... ت من الببّغا وَأولى بذاكا)
(شملتنا المصيبتان جَمِيعًا ... فَقدنَا هَذِه ورؤية ذاكا)
انْتهى كَلَام الصولي
قلت وَمثل هَذَا مَا كتبه ابْن المعتز إِلَى عبد الله بن سُلَيْمَان يعزيّه عَن ابْنه أبي مُحَمَّد ويسليه بِبَقَاء أبي الْحُسَيْن أبياتاً مِنْهَا
(وَلَقَد غبنت الدَّهْر إِذْ شاطرته ... بِأبي الْحُسَيْن وَقد ربحت عَلَيْهِ)
(وَأَبُو محمدٍ الْجَلِيل مصابه ... لَكِن يَمِين الْمَرْء خير يَدَيْهِ)
وَقَالَ الصولي أول مَا ارْتَفع بِهِ أَحْمد بن يُوسُف أَن طَاهِرا أَمر الكتّاب لما قتل المخلوع أَن يكتبوا إِلَى الْمَأْمُون فَأَطَالُوا فَقَالَ طَاهِر أُرِيد أخصر من هَذَا فوصف لَهُ أَحْمد بن يُوسُف فَأحْضرهُ لذَلِك فَكتب أمّا بعد فَإِن المخلوع وَإِن كَانَ قسيم أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي النّسَب واللحمة فقد فرّق حكم الْكتاب بَينه وَبَينه فِي الْولَايَة وَالْحُرْمَة لمفارقته عصمَة الدّين وَخُرُوجه عَن إِجْمَاع الْمُسلمين قَالَ الله عزَّ وَجل لنوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي ابْنه يَا نوح إِنَّه لَيْسَ من أهلك إنّه عمل غير صَالح وَلَا صلَة لأحد فِي مَعْصِيّة الله وَلَا قطيعة مَا كَانَت فِي ذَات الله وكتبت إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد قتل الله المخلوع وأحصد لأمير الْمُؤمنِينَ أمره وأنجز لَهُ وعده فالأرض بِأَكْنَافِهَا أوطأ مهادٍ لطاعته وأتبع شَيْء لمشيئته وَقد وجهت إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بالدنيا وَهُوَ رَأس المخلوع وبالآخرة وَهِي الْبردَة والقضيب فَالْحَمْد لله الْآخِذ لأمير الْمُؤمنِينَ بِحقِّهِ والكائد لَهُ من خَان عَهده ونكث عقده حَتَّى ردَّ الألفة وَأقَام بِهِ الشَّرِيعَة وَالسَّلَام على أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَرضِي طَاهِر بذلك ونفذه وَوصل أَحْمد بن يُوسُف وقدّمه وَأهْدى أَحْمد بن يُوسُف هَدِيَّة إِلَى الْمَأْمُون فِي يَوْم نيروز وَكتب مَعهَا
(على العَبْد حقٌّ فَهُوَ لَا شكّ فَاعله ... وَإِن عظم الْمولى وجلّت فضائله)
(ألم ترنا نهدي إِلَى الله مَاله ... وَإِن كَانَ عَنهُ ذَا غنى فَهُوَ قابله)
(وَلَو كَانَ يهدى للكريم بِقَدرِهِ ... لقصّر فضل المَال عَنهُ وسائله)
(ولكنّنا نهدي إِلَى من نعزّه ... وَإِن لم يكن فِي وسعنا مَا يُعَاد لَهُ)
)
وَقَالَ مُوسَى بن عبد الْملك وهب لي أَحْمد بن يُوسُف ألف ألف دِرْهَم فِي مَرَّات وَكَانَ(8/182)
يرْمى بأنّه يعبث بمُوسَى بن عبد الْملك يتعشقه وعاتبه فِيهِ مُحَمَّد ابْن الجهم الْبَرْمَكِي فَكتب إِلَيْهِ أَحْمد بن يُوسُف
(لَا تعذلنَّي يَا أَبَا جَعْفَر ... لوم الأخلاء من اللوُّم)
(إِن استه مشربَة حمرَة ... كأنّها وجنة ملكوم)
فَتقدم مُحَمَّد إِلَى البَجلِيّ وَكَانَ فِي ناحيته فَأَجَابَهُ
(لست بلاحيك على حبِّه ... وَلست فِي ذَاك بمذموم)
(لأنّه فِي استه سخنة ... كأنّها سخنة مَحْمُوم)
حكى عَليّ بن يحيى ابْن أبي مَنْصُور أَن الْمَأْمُون كَانَ إِذا تبخرَّ طرح الْعود والعنبر فَإِذا تبخر أَمر بِإِخْرَاج المجمرة ووضعها تَحت الرّجل من جُلَسَائِهِ إِكْرَاما لَهُ فَحَضَرَ أَحْمد بن يُوسُف يَوْمًا وتبخر الْمَأْمُون على عَادَته ثمَّ أَمر أَن يوضع المجمر تَحت بن يُوسُف فَقَالَ هاتوا إِذا الْمَرْدُود فَقَالَ ألنا يُقَال هَذَا وَنحن نصل رجلا وَاحِدًا بِسِتَّة آلَاف ألف دِينَار إنّما قصدنا إكرامك وَأَن أكون أاوأنت قد اقْتَسَمْنَا بخوراً وَاحِدًا يحضر عنبر فأحضر مِنْهُ شَيْء فِي غَايَة الْجَوْدَة فِي كل قِطْعَة فِي المجمر يبخّر بهَا أَحْمد وَيدخل رَأسه فِي زيقه حَتَّى ينْفد بخورها وَفعل بِهِ ذَلِك وبقطعة ثَانِيَة وثالثة وَهُوَ يَصِيح ويستغيث وَانْصَرف إِلَى منزله وَقد احْتَرَقَ دماغه واعتلَّ وَمَات وَكَانَت لَهُ جَارِيَة يُقَال لَهَا نسيم كَانَ لَهَا من قلبه مَكَان خطير فَقَالَت ترثيه
(وَلَو أنّ مَيتا هابه الْمَوْت قبله ... لما جَاءَهُ الْمِقْدَار وَهُوَ هيوب)
(وَلَو أنّ حيّاً قبله صانه الردى ... إِذا لم يكن للْأَرْض فِيهِ نصيب)
وَقَالَت ترثيه أَيْضا
(نَفسِي فداؤك لَو بِالنَّاسِ كلّهم ... مَا بِي عَلَيْك تمنّوا أَنهم مَاتُوا)
(وللورى موتَة فِي الدَّهْر وَاحِدَة ... فألسننا حَرْب وأبصارنا سلم)
(وَتَحْت استراق اللحظ منا مودّةٌ ... تطلّع سرّاً حَيْثُ لَا يبلغ الْوَهم)
وَمن شعر أَحْمد بن يُوسُف قَوْله
(كم ليلةٍ فِيك لَا صباح لَهَا ... أحييتها قَابِضا على كَبِدِي)
)
(قد غصّت الْعين بالدموع وَقد ... وضعت خدّي على بنان يَدي)
(وَأَنت نَامَتْ عَيْنَاك فِي دعةٍ ... شتّان بَين الرّقاد والسّهد)
(كَأَن قلبِي إِذا ذكرتكم ... فريسةٌ بَين مخلبي أَسد)(8/183)
3 - (ابْن الداية)
أَحْمد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن الداية كَانَ أَبوهُ ابْن داية الْمهْدي وَهُوَ الرَّاوِي أَخْبَار أبي النواس وَكَانَ أَبوهُ يُوسُف من جلة الكتّاب بِمصْر وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وعصبية تَامَّة
وَجَرت لَهُ مَعَ أَحْمد بن طولون واقعةٌ خلص مِنْهَا وسوف تَأتي إِن شَاءَ الله فِي تَرْجَمَة يُوسُف
وَكَانَ أَحْمد بن يُوسُف من فضلاء مصر ومؤرخيهم وَمِمَّنْ لَهُ عُلُوم كَثِيرَة فِي الْأَدَب والطب والنّجامة والحساب وَغير ذَلِك وَكَانَ أَبوهُ يُوسُف كَاتب إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي ورضيعه وَمَات أَحْمد بن يُوسُف سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَله كتاب سيرة أَحْمد ابْن طولون كتاب سيرة ابْنه خمارويه سيرة هَارُون بن خمارويه وأخبار غلْمَان بني طولون كتاب الْمُكَافَأَة وَحسن العقبى أَخْبَار الْأَطِبَّاء مُخْتَصر الْمنطق أَلفه للوزير عَليّ بن عِيسَى تَرْجَمَة كتاب الثَّمَرَة
أَخْبَار المنجمين أَخْبَار إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي الطبيخ وَله شعر
دخل يَوْمًا على أبي الْحسن بن المظفر الْكَرْخِي عَامل خراج مصر مسلّماً عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك يَا أَبَا جَعْفَر فَقَالَ بديهاً
(يَكْفِيك من سوء حَالي إِن سَأَلت بِهِ ... أَنِّي على طبريٍّ فِي الكوانين)
3 - (الْملك الْحسن)
أَحْمد بن يُوسُف بن أَيُّوب بن شاذي أَبُو الْعَبَّاس كَانَ يلقب بِالْملكِ المحسن ابْن السُّلْطَان الْكَبِير صَلَاح الدّين نَشأ نشوءاً صَالحا وَحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ الْأَدَب وَطلب الحَدِيث وأحضر الشُّيُوخ من الْبلدَانِ وَسمع الْكثير بعد الستمائة وَكتب بِخَطِّهِ واستنسخ وَحصل الْكتب الْكَثِيرَة وَالْأُصُول
وجاور بِمَكَّة سنة كَامِلَة أَكثر فِيهَا الْعِبَادَة وَقِرَاءَة الحَدِيث على مَشَايِخ الْحرم ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام وَسكن بحلب عِنْد أَخِيه الظَّاهِر مُنْقَطِعًا فِي بَيته مشتغلاً بِنَفسِهِ يحافظ على صَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْجَامِع وحجّ بعد الْعشْرين والستمائة وَدخل بغداذ وَسمع جمَاعَة وَحدث بهَا قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ بحلب وَكَانَ صَدُوقًا فَاضلا متديّناً كثير الْعِبَادَة مليح الْأَخْلَاق ووقف كتبه كلهَا وَجعلهَا بمدرسة أَخِيه بحلب مولده سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي بحلب سنة)
أَربع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَحمل إِلَى صفّين وَدفن بتربة عمار بن يَاسر وَقَالَ غير ابْن النجار كَانَ مليح الْكِتَابَة جيد النَّقْل وَوجد المحدثون بِهِ رَاحَة عَظِيمَة وجاهاً ووجاهة وَهُوَ الَّذِي كَانَ السَّبَب فِي مَجِيء حَنْبَل وَابْن طبرزذ وَكَانَ كثير التَّحَرِّي فِي الْقِرَاءَة ونبز بميلٍ إِلَى التَّشَيُّع
3 - (القرميسني الصُّوفِي)
أَحْمد بن يُوسُف بن عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن أبي بكر(8/184)
القرميسني التَّاجِر أَبُو الْعَبَّاس الصُّوفِي البغداذي سَافر صَبيا وجال فِيمَا بَين الْعرَاق وَالشَّام وديار مصر وخراسان وَمَا وَرَاء النَّهر وبلاد التّرْك وَدخل بِلَاد الْهِنْد وَأقَام بهَا نَحْو عشْرين سنة وَكَانَ يَحْكِي الْعَجَائِب وَسكن جَزِيرَة سرنديب وَتَوَلَّى بهَا الخطابة ثمَّ عَاد إِلَى بغداذ بعد أَن غَابَ عَنْهَا سفرة وَاحِدَة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ يسكن برباط المأمونية سمع الحَدِيث بإفادة أَخِيه من مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الأرموي وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي ابْن البطي وَغَيرهمَا وَسمع بنيسابور وبمرو وبأصبهان وحدّث باليسير توفّي بالموصل سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
3 - (النَّقِيب ابْن الزَّوَال)
أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن ممد بن يَعْقُوب ابْن الْحسن ابْن الْمَأْمُون ابْن الرشيد ابْن الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور العباسي الْمَعْرُوف بِابْن الزوّال قَلّدهُ المستضيء نقابة العباسيين وعزله الإِمَام النّاصر ثمَّ أَعَادَهُ وَلم يزل عَلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَ توفّي سنة تسعين وَخَمْسمِائة
3 - (المنازي)
أَحْمد بن يُوسُف أَبُو نصر المنازي الْكَاتِب الشَّاعِر الْوَزير وزر لأبي نصر أَحْمد بن مَرْوَان صَاحب ميّافارقين وَتقدم ذكره وترسلّ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة مرراً وَجمع كتبا كَثِيرَة ثمّ وَقفهَا على جَامع آمد وميافارقين وَاجْتمعَ بِأبي الْعَلَاء المعري وشكا أَبُو الْعَلَاء إِلَيْهِ أَنه مُنْقَطع عَن النَّاس وهم يؤذونه فَقَالَ مَا لَك وَلَهُم وَقد تركت لَهُم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فتألم أَبُو الْعَلَاء وأطرق مغضباً
وَله ديوَان شعر وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى منازكرد توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة واجتاز فِي بعض أَسْفَاره بوادي بزاعا فأعجبه حسنه وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فنظم فِيهِ الأبيات الْمَشْهُورَة وَهِي
(وقانا لفحة الرمضاء وادٍ ... وَقَاه مضاعف النبت العميم)
(نزلنَا دوحه فحنا علينا ... حنوّ المرضعات على الفطيم)
)
(يُرَاعِي الشَّمْس أنّى واجهتنا ... فيحجبها وَيَأْذَن للنسيم)
(تروع حصاه حَالية العذارى ... فتلمس جَانب العقد النظيم)
وَأورد لَهُ الخطيري فِي زِينَة الدَّهْر قَوْله(8/185)
(ولي غُلَام طَال فِي دقّةٍ ... كخطّ إقليدس لَا عرض لَهُ)
(وَقد تناهى عقله خفّةً ... فَصَارَ كالنقطة لَا جُزْء لَهُ)
قَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان وَيُوجد لَهُ بأيدي النَّاس مقاطيع وَأما ديوانه فعزيز الْوُجُود وَبَلغنِي أَن القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه الله وصّى بعض الأدباء السفار أَن يحصل لَهُ ديوانه فَسَأَلَ عَنهُ فِي الْبِلَاد الَّتِي انْتهى إِلَيْهَا فَلم يَقع لَهُ على خبر فَكتب إِلَى الْفَاضِل يُخبرهُ بِعَدَمِ قدرته عَلَيْهِ وَفِيه أَبْيَات من جُمْلَتهَا عجز بَيت وَهُوَ وأقفر من شعر المنازي الْمنَازل انْتهى
قلت أما الأبيات الميمية فَإِنَّهَا شاعت وذاعت وضمّنها الشُّعَرَاء أَشْيَاء لائقة يَجِيء كلّ شَيْء فِي تَرْجَمَة قَائِله وأمّا البيتان الأخيران ففيهما عيب وَهُوَ الإيطاء لِأَن لَهُ تَكَرَّرت مَعَه فِي القافيتين وَمن شعره يرثي طفْلا لَهُ توفّي
(أطاقت يَد الْمَوْت انتزاعك من يَدي ... وَلم يطق الْمَوْت انتزاعك من صَدْرِي)
(لَئِن كنت ممحوّ المحاسن فِي الثرى ... فَإنَّك مَحْفُوظ المحاسن فِي فكري)
(فَلَا وصل إِلَّا بَين عينيّ والبكا ... وَلَا هجر إِلَّا بَين قلبِي وَالصَّبْر)
وَمِنْه
(نفى حَتَّى الذُّبَاب الْخضر عَنْهَا ... ذُبَاب من حسامك ذُو اخضرار)
(وشردّ ضاريات الْأسد عَنْهَا ... ثعالب فِي أسنتك الضواري)
وَمِنْه
(لحى الله من يستنصر ابْن عدوّه ... سفاهاً وَلَا يستنصر ابْن أَبِيه)
(كفيلٍ من الشطرنج يحمي ويحتمي ... بقاطبة الشطرنج غير أَخِيه)
وَمن شعر النازي أوردهُ لَهُ أُسَامَة بن منقذ فِي شعراء الْمُحدثين
(لقد عرض الْحمام لنا بسجعٍ ... إِذا أصغى لَهُ ركبٌ تلاحى)
)
(صَحا قلب الخلّي فَقَالَ غنّى ... وبرّح بالشجي فَقَالَ ناحا)
(وَكم للشوق فِي أحشاء صبٍ ... إِذا اندملت أجدّ لَهَا جراحا)
(ضَعِيف الصَّبْر فِيك وَإِن تقاوى ... وسكران الْفُؤَاد وَإِن تصاحى)
(كَذَاك بَنو الْهوى سكرى صحاةٌ ... كأحداق المها مرضى صحاحا)
وَأورد لَهُ أَيْضا(8/186)
(أظاهر بالعتبى إِذا أضمرت عتبا ... وأسأل غفراناً وَلم أعرف الذنبا)
(وأصدق مَا نبئت أنّي بلوتها ... فَمَا سالمت سلما وَلَا حَارَبت حَربًا)
(هِيَ الشَّمْس حَالَتْ دونهَا حجب خدرها ... وَلَو برزت كَانَ الضياء لَهَا حجبا)
(إِذا جهّزت ألحاظها قصد غافلٍ ... أغارت على قلبٍ أَو استهلكت لبّا)
(ألم يَأن فِي حكم الْهوى أَن ترقّ لي ... من المدمع الريان والكبد اللهبى)
(وَمن زفرةٍ حرّى إِذا مَا تقطّعت ... شعاعاً تدمّي الجفن أَو تحرق الهدبا)
(شجتني ذَات الطوق عجماء لم تبن ... وشيمة عجم الطير أَن تشجي العربا)
(دنا إفها واخضرّ أَطْرَاف عيشها ... فهاجت لي الْبلوى وَقد هدلت عجبا)
(هفا بك متن الْغُصْن لَو أَن قدرَة ... سلبتك حلي الطوق والغصن الرّطبا)
(ولكنّ إخْوَانًا أعدّ فراقهم ... خساراً وَلَو سَافَرت أقتنص الشّهبا)
(وخلفت قلبِي بالعراق رهينةً ... لقصد بلادٍ مَا اكْتسبت بهَا قلبا)
(وإنّي ليحييني على بعد دَاره ... نسيم نعاماه وَلَو حملت تربا)
(وَمن شيمتي أَن استهبّ لَهُ الصبّا ... واستتبع النعمى واستمطر السحبا)
(وَأَعْمر من ذكرَاهُ كلّ مفازةٍ ... وألهي بعلياه الركائب والرّكبا)
(واذكره بالطيب إِن جَاءَ طَارِقًا ... وبالطيف إِن أسرى وبالسيف إِن هبّا)
(وبالبدر إِن وافى وبالليث إِن سَطَا ... وبالغيث إِن أروى وبالبحر إِن عبّا)
(وأشتاق أَيَّامًا تقضّت كَأَنَّمَا ... أسرّت عَن الْأَيَّام أَو أدْركْت غصبا)
(تحنّ حنين الْبعد والشمل جَامع ... ويزداد حبّاً كلما لم يزر غبّا)
(إخاء تَعَالَى أَن يكون أخوّةً ... وقربى ودادٍ لَا تقاس إِلَى قربى)
وَمن شعر المنازي)
(غزال قدّه قدّ رطيب ... تلِيق بِهِ المدائح والنسيب)
(جهدت فَمَا أصبت رِضَاهُ يَوْمًا ... وَقَالُوا كلّ مجتهدٍ يُصِيب)
وَمِنْه
(ومبتسم بثغرٍ كالأقاحي ... وَقد لبس الدّجى فَوق الصَّباح)
(لَهُ وَجه يدلّ بِهِ وَعين ... يمرّضها فيكسر كل صَاح)
(وَتثني عطفه خطرات دلًّ ... إِذا لم تثنه نشوات رَاح)
(يمِيل مَعَ الوشاة وأيّ غصنٍ ... رطيبٍ لَا يمِيل مَعَ الرِّيَاح)(8/187)
3 - (شرف الدّين التيفاشي)
أَحْمد بن يُوسُف بن أَحْمد هُوَ الشَّيْخ شرف الدّين التيفاشي بِالتَّاءِ ثَالِثَة الْحُرُوف وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وَفَاء وَبعدهَا ألف وشين مُعْجمَة قبل يَاء النِّسْبَة الْقَيْسِي لَهُ كتاب كَبِير إِلَى الْغَايَة وَهُوَ فِي أَربع وَعشْرين مجلدة جمعه فِي علم الْأَدَب وسمّاه فصل الْخطاب فِي مدارك الْحَواس الْخمس لأولي الْأَلْبَاب ورتبّه وَجمع فِيهِ من كل شَيْء وتعب عَلَيْهِ إِلَى الْغَايَة وَلم أَقف عَلَيْهِ لَكِن رَأَيْت الَّذِي اخْتَصَرَهُ مِنْهُ الْفَاضِل جلال الدّين مُحَمَّد بن المكرّم وَسَماهُ سرُور النَّفس بمدارك الْحَواس الْخمس وَهُوَ كتاب جيد وَجمع جيد يدلّ على فضل جَامعه قَالَ ابْن سعيد فِي الْمشرق فِي أَخْبَار أهل الْمشرق هُوَ مقرّ بأنّه اسْتَعَانَ فِي هَذَا الْكتاب الْمَذْكُور بالخزائن الصاحبية
قلت هُوَ الصاحب محيي الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن ندى الْجَزرِي لأنّه عِنْد وُرُوده من الغرب وَمَا اتّفق عَلَيْهِ فِي الْبَحْر من سلب مَاله وَكتبه أَتَى إِلَى الصاحب فآواه وَأقَام عِنْده مُدَّة
وللتيفاشي مُجَلد جيد فِي معرفَة الْجَوَاهِر وَتُوفِّي شرف الدّين التيفاشي بِالْقَاهِرَةِ سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة
وَمن شعره
(ويومٍ سرقناه من الدَّهْر خلسةً ... بل الدَّهْر أهداه لنا متفضّلا)
(أشبّهه بَين الظلامين غرّةً ... لحسناء لاحت بَين فرعين أرسلا)
وَمِنْه)
(نبّه نديمك إنّ الدّيك قد صخبا ... وَاللَّيْل قوّض من تخييمه الطّنبا)
(وَالْفَجْر فِي كبد اللَّيْل السقيم حكى ... سرّ المتيم عَن إخفائه غلبا)
(كَأَنَّهُ بظلام اللَّيْل ممتزجاً ... سمراء تفتر أبدت مبسماً شنبا)
(كَأَنَّمَا الْفجْر زند قَادِح شرراً ... فِي فَحْمَة اللَّيْل لَاقَى الفحم والتهبا)
(كَأَن أول فجرٍ فَارس حملت ... راياته الْبيض فِي إِثْر الدجى فكبا)
(كَأَن ثَانِي فجرٍ غرّة وضحت ... تسيل فِي وَجه طرفٍ أدهمٍ وثبا)
وَمِنْه فِي الزلزلة
(أما ترى الأَرْض فِي زِلْزَالهَا عجبا ... تَدْعُو إِلَى طَاعَة الرَّحْمَن كلّ تَقِيّ)
(أضحت كوالدةٍ خرقاء مرضعةٍ ... أَوْلَادهَا درّ ثديٍ حافلٍ غدق)
(قد مهّدتهم مهاداً غير مضطربٍ ... وأفرشتهم فراشا غير مَا قلق)(8/188)
(حَتَّى إِذا أَبْصرت بعض الَّذِي كرهت ... ممّا يشقّ من الْأَوْلَاد فِي خلق)
(هزّت بهم مهدها شَيْئا تنهنههم ... ثمَّ استشاطت وَآل الطَّبْع للخرق)
(فصكّت المهد غَضَبي فَهِيَ لافظةٌ ... بَعْضًا على بَعضهم من شدّة النّزق)
وَمِنْه فِي النَّار
(كَأَنَّمَا نارنا وَقد خمدت ... وجمرها بالرماد مَسْتُور)
(دم جرى من فواختٍ ذبحت ... من فَوْقه ريشهنّ منثور)
وَمِنْه فِي الأهرام
(قد كَانَ للماضين من ... أَرْبَاب مصرٍ همم)
(فالفضل عَنْهُم فضلَة ... وَالْعلم فيهم علم)
(إِن انْقَضتْ أعلامهم ... وعلمهم وانصرموا)
(فاليوم مصر عدمٌ ... إِن كَانَ يُرْجَى الْعَدَم)
(وَانْظُر ترَاهَا ظَاهرا ... بادٍ عَلَيْهَا الْهَرم)
قلت شعر متوسط والمقطوع الَّذِي فِي النَّار جيد إِلَى الْغَايَة وَكَانَ سَمعه قد صمّ فاتفق أَن اجْتمع يَوْمًا بِسيف الدّين المشدّ وتوهم أَنه سمع مِنْهُ كلَاما لَا يَلِيق بِهِ فَعَاتَبَهُ فَقَالَ المشدّ أبياتاً يعرّض بِذكر كِتَابيه المسالك وَفصل الْخطاب)
أَيهَا الْعَالم الَّذِي زين الْعَصْر بِمَا حازه من الْآدَاب
(وَالَّذِي أعجز الأفاضل كالجا ... حَظّ فبمَا أَتَى بِهِ والصّابي)
أَنْت تَدْرِي بِأَن سَمعك وَالله الْمعَافي فِي غَايَة الإضطراب
(لست بالسامع الَّذِي يدْرك القو ... ل سرَاعًا فيهتدي للجواب)
وَفَسَاد الْحَواس فِي خلل الْفَهم يَقِينا من أعظم الْأَسْبَاب
(إِن ذَا النَّاظر الْمَعِيب وحاشا ... ك يخال الْعقَاب مثل الذُّبَاب)
وعليل المذاق يشْتَبه الطّعْم عَلَيْهِ فِي شهده بالصّاب وَإِذا صحّ مَا أَقُول فَلَا يبعد أَن قد سَمِعت ضدّ الصَّوَاب
(لم أزل فِيك مسهباً وَلما حز ... ت من الْفضل دَائِم الإطناب)
(رَجَب قد علمت وَهُوَ أصمٌّ ... عظّمته أفاضل الْأَعْرَاب)
(وكذاك الرماح تُوصَف بالص ... مَّ إِذا أَصبَحت صِحَاح الكعاب)
(والحساب الْأَصَم أحسن شَيْء ... عجزت عَنهُ عَامَّة الْحساب)
(والصخور الصمّ المنيعات تسمو ... غَيرهَا من حجارةٍ وهضاب)(8/189)
(والكميت الأصمّ فِي الْخَيل أجْرى ... من ظليمٍ يمرّ مرّ السّحاب)
(إنّما أَنْت قد تجنّيت ظلما ... وتصنعت فِي فنون العتاب)
وَالَّذِي قد أردته أَنا أدريه بِلَا مريةٍ وَلَا إرتياب خفت أَن أملك المسالك أَو أجنح يَوْمًا لنسخ فصل الْخطاب نم هَنِيئًا وقرّ عينا بِمَا نلْت اختلاساً من كاتبٍ وَكتاب
(ثمّ إلاّ مسافةٌ وبقاعٌ ... وَطَعَام شفعته بشراب)
(كلّ هَذَا وَجل ذَاك حَدِيث ... درسته أصاغر الكتّاب)
(إنّما يبخل الْحَكِيم بِعلم ... عجزت عَنهُ عَامَّة الطلاّب)
3 - (ابْن صرما)
أَحْمد بن يُوسُف بن الشَّيْخ أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن صرما أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الْفَتْح البغداذي الْأَزجيّ المُشْتَرِي سمع وروى توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (موفق الدّين الكواشي)
)
أَحْمد بن يُوسُف بن حسن بن رَافع الإِمَام الْعَلامَة الزَّاهِد الْكَبِير موفق الدّين أَبُو الْعَبَّاس الْموصِلِي الكواشي المفسّر نزيل الْموصل ولد بكواشة وَهِي قلعة من عمل الْموصل سنة تسعين أَو إِحْدَى وَتِسْعين قَرَأَ الْقُرْآن على وَالِده واشتغل وبرع فِي الْقرَاءَات وَالتَّفْسِير والعربية والفضائل وَسمع من أبي الْحسن ابْن روزبه وَقدم دمشق وَأخذ عَن السّخاوي وَغَيره وحجّ وزار الْقُدس وَرجع إِلَى بَلَده وَتعبد وَكَانَ عديم النظير زهداً وصلاحاً وتبتلاً وصدقاً وَكَانَ يزوره السُّلْطَان فَمن دونه وَلَا يعبأ بهم وَلَا يقوم لَهُم وَلَا يقبل لَهُم شَيْئا وَله كشف وكرامات وأضرّ قبل مَوته نَحْو عشر سِنِين صنّف التَّفْسِير الْكَبِير وَالصَّغِير وَأرْسل نُسْخَة إِلَى مَكَّة وَإِلَى الْمَدِينَة نُسْخَة وَإِلَى الْقُدس نُسْخَة وَلأَهل الْموصل فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَكَانَ كثير الْإِنْكَار على بدر الدّين صَاحب الْموصل وَإِذا شفع عِنْده لَا يردهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ شَيخنَا المقصّاتي يطنب فِي وَصفه وَقَرَأَ عَلَيْهِ تَفْسِيره فَلَمَّا وصل إِلَى سُورَة الْفجْر مَنعه وَقَالَ أَنا أجيزه لَك وَلَا تَقول كمّلت الْكتاب على المصنّف يَعْنِي أَن للنَّفس فِي ذَلِك حظاّ وَحدث عَنهُ بِالْكتاب سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة وَتُوفِّي الشَّيْخ موفق الدّين(8/190)
سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة قلت جوّد إعرابه وَهُوَ من الْكَشَّاف وحرّر الْوُقُوف وأنواعها من التامّ وَالْكَافِي واحسن والجائز وَغير ذَلِك
3 - (علم الدّين ابْن الصاحب)
أَحْمد بن يُوسُف بن عبد الله بن شكر الشَّيْخ علم الدّين ابْن الصاحب الْمصْرِيّ الْفَقِير الْمُجَرّد
اشْتغل فِي صباه وحصّل ودرسّ وَكَانَ ذكياً فَاضلا إِلَّا أَنه تجرّد وتمفقر وَأطلق طباعه وَكَانَ يجارد الرؤساء وَغَيرهم ويركب فِي قفص حمالٍ ويتضارب الحمّالون على حمله لِأَنَّهُ كَانَ مهما فتح لَهُ من الرؤساء كَانَ للَّذي يحملهُ فيستمر رَاكِبًا فِي القفص والحمال يَدُور بِهِ فِي أَمَاكِن الْفرج والنزه وَكَانَ يتعمم بشرطوط طَوِيل جدا دَقِيق الْعرض ويعاشر الحرافيش وَله أَوْلَاد رُؤَسَاء توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة أَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحسن خطيب صفد قَالَ رَأَيْته أشقر أَزْرَق الْعين عَلَيْهِ قَمِيص أَزْرَق وَبِيَدِهِ عكازة حَدِيد
انْتهى وَأَخْبرنِي من لَفظه الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ كَانَ ابْن الصاحب يعاشر الْفَارِس أقطاي فاتفق أَنهم كَانُوا يَوْمًا على ظهر النّيل فِي شختور وَكَانَ الْملك الظَّاهِر بيبرس مَعَ الْفَارِس وَجرى بَينهم أَمر ثمَّ ضرب الدَّهْر ضربانه وَركب الظَّاهِر يَوْمًا إِلَى الميدان وَلم)
يكن عمّر قنطرة السّباع وَكَانَ التَّوَجُّه إِلَى الميدان على بَاب زويلة على بَاب الْخرق وَكَانَ ابْن الصاحب ذَلِك الْيَوْم نَائِما على قفص صيرفي من تِلْكَ الصيارف برّاً بَاب زويلة وَلم يكن أحد يتَعَرَّض لِابْنِ الصاحب فَلم يشْعر الظَّاهِر إلاّ وَابْن الصاحب يضْرب بمفتاح فِي يَده على خشب الصَّيْرَفِي قَوِيا فَالْتَفت فَرَآهُ فَقَالَ هاه علم الدّين فَقَالَ إيش علم الدّين أَنا جيعان فَقَالَ اعطوه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَ ابْن الصاحب أَشَارَ بِتِلْكَ الدّقة على الْخشب إِلَى دقة مثلهَا يَوْم الْمركب انْتهى
وَيُقَال إِن الصاحب بهاء الدّين ابْن حنّا هُوَ الَّذِي أحوجه إِلَى أَن ظهر بذلك الْمظهر وأخمله وجننه لكَونه من بَيت وزارة وَالله أعلم وَله نكت بديعة فِي الزَّائِد على رَأْي المصريين مِنْهَا أَنه حضر يَوْمًا بعض الدارس والنقيب يَقُول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الله فلَان الدّين القليوبي
بِسم الله فلَان الدّين الدمنهوري بِسم الله فلَان الدّين المنوفي بِسم الله فلَان الدّين البهنسي وَيذكر نسب كل مِنْهُم إِلَى بَلْدَة من الرِّيف فَقَالَ ابْن الصاحب والك أهذه مدرسة وإلاّ منفض كتّان يَعْنِي أَنهم فلاحون وَمِنْهَا أَنه حضر يَوْمًا درس بعض الْمدَارِس وَبَحَثُوا فِي شَيْء خبطوا فِيهِ فَقَامَ من بَينهم وَجلسَ فِي حَلقَة الدَّرْس مشيرأً إِلَى أَنه يَبُول فَقيل لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ لَا بَأْس يالرجل يَبُول بَين غنمه وبقره
وَمِنْهَا أَنه دخل يَوْمًا إِلَى مدرسة فسمعهم من الدهليز وهم يغتابونه فلّما دخل أَخذ يَبُول عَلَيْهِم فَقَالُوا لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ كل مَا أكل لَحْمه فبوله طَاهِر وَمِنْهَا أَن الْأَمِير علم الدّين الشجاعي لما فرغ من المنصورية رَآهُ يَوْمًا بَين القصرين فَقَالَ لَهُ يَا علم الدّين أَيّمَا أحسن هَذِه أَو مدرسة(8/191)
الظَّاهِر فَقَالَ هَذِه مليحة إلاّ أَن الَّذِي يُصَلِّي فِي الظَّاهِرِيَّة يبْقى جُحْره فِي وَجه الَّذِي يُصَلِّي فِي مدرستكم وَمِنْهَا أنّه كَانَ فِي مصر إِنْسَان كثيرا مَا يجرد النَّاس فَسَموهُ زجل فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام وقف ابْن الصاحب على دكان حلاوي يزن دَرَاهِم يَشْتَرِي بهَا حلوى وَإِذا بزحل قد أقبل من بعيد فَقَالَ للحلاوي أَعْطِنِي الدَّرَاهِم مَا بَقِي لي حَاجَة بالحلوى فَقَالَ لَهُ لم ذَا قَالَ أَنا ترى زحل قَارن المُشْتَرِي فِي الْمِيزَان وَمِنْهَا أَنه رأى يَوْمًا بعض العواهر وَقد دخل الْهَوَاء فِي إزَارهَا فَقَالَ وَالله مَا ذِي إلاّ قبَّة فَقَالَت لَهُ كَيفَ لَو رَأَيْت الضريح فَوضع يَده على مَتَاعه وَقَالَ كنت أهدي لَهُ هَذِه الشمعة نذرا وَمِنْهَا أَنه ركب يَوْمًا حمارا للفرجة تسلّمه من المكاري وَتوجه بِهِ إِلَى برّا بَاب اللوق فتسيّب الْحمار على ماجور فِيهِ حشيش فَأَكله وشربه)
فجَاء صَاحبه إِلَيْهِ وَقَالَ يَا سَيِّدي أفقرني حِمَارك هَذَا وَأكل بضاعتي فَقَالَ لَهُ خُذ صريمته فَأَخذهَا فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة انسطل الْحمار ونام وَعجز عَن الْحَرَكَة وَأَرَادَ ابْن الصاحب الدُّخُول إِلَى الْمَدِينَة فعجز الْحمار عَن الْقيام لِأَنَّهُ شرب ماجور حشيش فَحَمله على حمَار آخر وَقَالَ للمكاري خُذ بردعته وَجَاء وَهُوَ خَلفه فَقَامَ إِلَيْهِ المكاري الأول فَقَالَ يَا سَيِّدي أَيْن الْحمار الَّذِي ركبته من عِنْدِي فَقَالَ أمنا مَا رَأَيْت لَك حمارا وَمَا أَعْطَيْتنِي إلاّ حرّيفا على أَنه حرّيف كيّس مَا غرم عَلَيْهِ أحد شَيْئا انسطل بصريمته وَركب ببردعته
وَيُقَال إِنَّه كَانَ إِذا رأى الصاحب بهاء الدّين ينشد
(اشرب وكل وتهنى ... لَا بدّ أَن تتعنّى)
(مُحَمَّد وَعلي ... من أَيْن لَك يَا ابْن حنّا)
3 - (كَمَال الدّين الفاضلي)
أَحْمد بن يُوسُف بن نصر بن شادي كَمَال الدّين الفاضلي سمع من ابْن أبي لقْمَة وَأبي مُحَمَّد ابْن البن وزين الْأُمَنَاء وَجَمَاعَة كتب عَنهُ الْمزي والبرزالي وَجَمَاعَة وَكَانَ يسمع بإفادة القَاضِي الْأَشْرَف ابْن القَاضِي الْفَاضِل توفّي سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الْأُسْتَاذ أَبُو جَعْفَر اللبلي)
أَحْمد بن يُوسُف بن يَعْقُوب الْأُسْتَاذ أَبُو جَعْفَر الفِهري اللّبلي أحد الْمَشَاهِير بالمغرب ولد بلبلة عَام ثَلَاثَة وَعشْرين وَأخذ عَن أبي عَليّ الشلوبين وَابْن الدبّاج وبلبلة عَن يحيى بن عبد الْكَرِيم القندلاوي وببجاية عَن أبي الْحُسَيْن ابْن السراج وبتونس عَن أَحْمد بن عَليّ البلاطي وبالإسكندرية عَن السبط والمرسي وبمصر عَن مُحَمَّد بن خيرة والزكي الْمُنْذِرِيّ وَابْن عبد السَّلَام وبدمشق عَن الشّرف الإربلي وَعَن شمس الدّين الخسروشاهي وَمن تواليفه كتاب شرح الفصيح ومستقبلات الْأَفْعَال وَجمع مشيخته وَله عقيدة صَغِيرَة مَاتَ بتونس سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَدفن بداره
3 - (شهَاب الدّين الصَّفَدِي الطَّبِيب)
أَحْمد بن يُوسُف بن هِلَال ابْن أبي البركات(8/192)
شهَاب الدّين الطَّبِيب الصَّفَدِي مولده بالشّغر بكاس سنة إِحْدَى وسبتين وسِتمِائَة ثمَّ انْتقل إِلَى صفد وَبهَا سمي وانتقل إِلَى مصر وخدم فِي جملَة أطباء السُّلْطَان والبيمارستان المنصوري وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده فِي حرف الْيَاء مَكَانَهُ رَأَيْته غير)
مرّة بِالْقَاهِرَةِ وَاجْتمعت بِهِ وأنشدني أشعاراً كَثِيرَة لنَفسِهِ وَكَانَت لَهُ قدرَة على وضع المشجّرات فِيمَا ينظمه ويبرز أمداح النَّاس فِي أشكال أطيار وعمائر وأشجار وَعقد وأخياط ومآذن وَغير ذَلِك نوفي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن بِالْقَاهِرَةِ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِيمَا يكْتب على السَّيْف
(أَنا أَبيض كم جبت يَوْمًا أسوداً ... فأعدته بالنصر يَوْمًا أبيضا)
(ذكر إِذا مَا استلّ يَوْم كريهةٍ ... جعل الذُّكُور من الأعادي حيّضا)
(أختال مَا بَين المنايا والمنى ... وأجول فِي وسط القضايا والقضا)
وَكتب إليّ وَقد وقف على شَيْء كتبته وذهبّته
(ومزمّكٍ باللاّزورد كِتَابَة ... ذَهَبا فَقلت وَقد أَتَت بوفاق)
(أأخذت أَجزَاء السَّمَاء حللتها ... أم قد أذبت الشَّمْس فِي الأوراق)
(أكتبت بالوجنات حمرتها كَمَا ... مخضرها بمرائر العشاق)
(ورقمتها ببياضها وسوادها ... أنّى أطاعك رونق الأحداق)
وَكتب إلّي أَيْضا
(معانيك والألفاظ قد سحرًا الورى ... لكلّ من الْأَلْبَاب قد أعطيا حظّا)
(فهبك سبكت التبر معنى وصغته ... فَكيف أذبت الدرّ صيّرته لفظا)
وَقَالَ
(حجبت وَقد وافيت أول قادمٍ ... بِأول شهرٍ حلّ أول عَامه)
(وَكَانَ خَلِيل الْقلب فِي نَار شوقه ... وَكنت المنى فِي برده وَسَلَامه)
وَقَالَ
(وَمَا زلت أَنْت المشتهي متولعاً ... بِكَثْرَة تردادٍ إِلَى الرَّوْضَة الصُّغْرَى)
(إِلَى أَن لغت الْقَصْد فِي كلّ مشتهًى ... من الْمُصْطَفى الْمُخْتَار فِي الرَّوْضَة الْكُبْرَى)
3 - (شمس الدّين الطَّيِّبِيّ)
أَحْمد بن يُوسُف بن يَعْقُوب شمس الدّين ابْن أبي المحاسن كَاتب الْإِنْشَاء بطرابلس الْمَعْرُوف بالطيبيبكسر الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة كَاتب مجيد فِي النّظم والنثر مكثر)
من شعره(8/193)
(النَّهر وافى شاهراً سَيْفه ... ولمعه يحتبس الأعينا)
(فماجت الْبركَة من خَوفه ... وارتعدت وادّرعت جوشنا)
وَمِنْه لما ألبس الذمّة العمائم الملونة
(تعجّبوا لِلنَّصَارَى وَالْيَهُود مَعًا ... والسامريين لنا عمّموا الخرقا)
(كَأَنَّمَا بَات بالأصباغ منسهلاً ... نسر السَّمَاء فأضحى فَوْقهم ذرقا)
وَمِنْه
(وأصفرٍ أَزْرَق الْعَينَيْنِ لحيته ... حَمْرَاء قد سَقَطت من كفّ دبّاغ)
(ألوانه اخْتلفت لَا تعجبوا فَعَسَى ... قد كَانَ فِي است امهِ دكان صبّاغ)
وَمِنْه يصف ثَوْبه
(لَو أنّ عَيْني على غَيْرِي تعانيه ... بكيته أحمراً أَو متّ بالضحك)
(وَمن رَآنِي فِيهِ قَالَ وَاعجَبا ... أرى على البّر شيخ الْبَحْر فِي الشبك)
وَمِنْه فِي الْعود
(اشرب على الْعود من صهباء جاريةٍ ... فِي المنتشي جَرَيَان المَاء فِي الْعود)
(ترنّم الْعود مَسْرُورا وَمن عجبٍ ... سروره وَهُوَ فِي ضربٍ وَتَقْيِيد)
(من أَيْن للعود هَذَا الصَّوْت تطربنا ... ألحانه بأطاريف الأناشيد)
(أظنُّ حِين نشا فِي الدّوح علّمه ... سجع الحمائم تَرْجِيع الأغاريد)
وَمِنْه فِي الحمّام الَّتِي عمّرها أسندمر بطرابلس
(زر منزل الأفراح وَاللَّذَّات ... دَار النّعيم ومرتع اللَّذَّات)
(دَار النَّعيم وَفِي الْجَحِيم أساسها ... تجْرِي بهَا الْأَنْهَار فِي الجنات)
(فلكٌ وَمن بيض القباب بروجه ... ونجومه من زَاهِر الجامات)
(مغنًى لَهُ يمازج مَاؤُهُ ... للنار فَهُوَ مؤلف الأشتات)
(كالخلد مُرْتَفع الْبناء فضاؤه ... رحبٌ يُسَافر فِيهِ باللحظات)
(يحْكى بخور الْعود طيب بخارها ... والمسك والكافور ممتزجات)
(وتضيء فِي غسق الدجى أكنافها ... كإضاءة الْمِصْبَاح فِي الْمشكاة)
)
(فرشت بألوان الفصوص ورصّعت ... بجواهرٍ من فاخر الْآلَات)
(بركٌ كأفواه الملاح رضابها ... عذب شهيّ الرشف فِي الحلوات)
(ومنابع قد فجّرت بحدائقٍٍ ... ترخيمها يُغني عَن الزهرات)
(وَجَرت أنابيب الْحِيَاض بفضّةٍ ... محلولةٍ تنصبّ فِي مرْآة)(8/194)
(تلقى الرّبيع من اعْتِدَال هوائها ... ومياهها فِي سَائِر الْأَوْقَات)
(ويشمّ مِنْهَا من يمرّ ببابها ... ريّا نسيم الرّوض فِي الغدوات)
(حمّامنا يشفي السّقام وماؤه ... عين الْحَيَاة تزيل كلّ الأبيات)
(وبرسم مَوْلَانَا الْأَمِير وَأمره ... بنيت على اسْم الله والبركات)
(الْمَالِك المخدوم سيف الدّين وَالِد ... نيا أسندمر الْكَرِيم الذّات)
(قد سَاد بانيها فشاد بناءها ... بأوامرٍ سيفيّة العزمات)
(فِي دولة الْملك الرَّحِيم محمدٍ ... النَّاصِر الْمَنْصُور فِي الْغَزَوَات)
تمت لخمس قد مَضَت من هِجْرَة الْمُخْتَار مَعَ سبعٍ كملن مئات وَمن شعر شمس الدّين الطَّيِّبِيّ
(لست أنسى الأحباب مَا دمت حَيا ... إِذْ نووا للنّوى مَكَانا قصيّاً)
(وتلوا آيَة الدُّمُوع فخرّوا ... خيفة الْبَين سجدا وبكيّا)
(فبذكراهم يسبّح دمعي ... كلّما اشْتقت بكرَة وعيشا)
(وأناجي الْإِلَه من فرط حزني ... كمناجاة عَبده زَكَرِيَّا)
(واختفى نورهم فناديت ربّي ... فِي ظلام الدّجى نِدَاء خفيّّا)
(وَهن الْعظم بالعباد فَهَب لي ... ربّ بِالْقربِ من لَدُنْك وليّا)
(واستجب فِي الْهوى دعائي فإنّي ... لم أكن بِالدُّعَاءِ ربّ شقيا)
(قد فرى قلبِي الْفِرَاق وَحقا ... كَانَ يَوْم الْفِرَاق شَيْئا فريّا)
(لَيْتَني مت قبل هَذَا وأنّي ... كنت نسياً يَوْم النَّوَى منسياً)
(لم يَك الهجر باختياري وَلَكِن ... كَانَ أمرا مقدّراً مقضياً)
(يَا خليليّ خلّياني وعشقي ... أَنا أولى بِنَار وجدي صلياً)
(إِن لي فِي الْفِرَاق دمعاً مُطيعًا ... وفؤاداً صبّاً وصبراً عصيّا)
)
(أَنا فِي هجرهم وصلت سهادي ... فصلاني أَو اهجراني مليّا)
(أَنا فِي عاذلي وحبي وقلبي ... حائر أيّهم أَشد عتيّا)
(أَنا شيخ الغرام من يتّبعني ... أهده فِي الْهوى صراطاً سويّا)
(أَنا ميت الْهوى وَيَوْم أَرَاهُم ... ذَلِك الْيَوْم يَوْم أبْعث حيّا)
(أَنا لَو لم أعيش بِمقدم مولى ... هُوَ مولى الْوُجُود لم أك شيّا)
(الْفَتى الباسط الْجَمِيل جمال الد ... ين من زار من نداه النّديّا)(8/195)
(سيد مرتضى الْخَلَائق أضحى ... رَاضِيا عِنْد ربّه مرضيّا)
(صَادِق الْوَعْد بِالْوَفَاءِ ضمين ... كَالَّذي كَانَ وعده مأتيّا)
أوحد فِي الصّفات لم يَجْعَل الله لَهُ قطّ فِي السمو سميّا
(لَا ترى فِي الصّدور أرحب صَدرا ... مِنْهُ إِذْ يحضر الصُّدُور جثيّا)
(ماجد أولياؤه فِي رشاد ... وعداه فَسَوف يلقون غيّا)
(وفتًى بالسماح صبّ رشيد ... أُوتِيَ الْعلم حِين كَانَ صبيّا)
(بلبان الْكَمَال غذّي طفْلا ... ونشا يافعاً غلاماُ زكيّا)
(لم يزل مُنْذُ كَانَ برا تقياً ... وافياً كَافِيا وَكَانَ نقيّا)
(جعل الله فِي ادخار الْمَعَالِي ... كعلاه لِسَان صدق عليّا)
(كم عديم الثراء أثنى عَلَيْهِ ... وانثنى واجداً أثاثاً وزيّا)
(وأولو الْفضل حِين أمّوا قراه ... أكلُوا رزقه هنيّا مريّا)
تمت
3 - (الْأَحْوَال الْكَاتِب)
أَحْمد الْمُحَرر يعرف بالأحول كَانَ فِي أَيَّام الرشيد والمأمون وَبعد ذَلِك شخص مَعَ مُحَمَّد بن يزْدَاد وَزِير الْمَأْمُون عِنْد شخوص الْمَأْمُون إِلَى دمشق فَشَكا يَوْمًا إِلَى أبي هَارُون خَليفَة مُحَمَّد بن يزْدَاد الْوحدَة والغربة وقلّة ذَات الْيَد وسله أَن يكلم لَهُ مُحَمَّدًا فِي سُؤال الْمَأْمُون ليبرَّه بِشَيْء ففعلا ذَلِك وَرَأى مُحَمَّد ابْن يزْدَاد من الْمَأْمُون بسطة فَكَلمهُ فِيهِ وعطّفه عَلَيْهِ فَقَالَ الْمَأْمُون أَنا أعرف النَّاس بِهِ وَلَا يزَال بِخَير مَا لم يكن مَعَه شَيْء فَإِذا رزق فَوق الْقُوت بذرَّه وَلَكِن أعْطه لموْضِع كلامك أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فعرّفه مَا قَالَه الْمَأْمُون وَنَهَاهُ عَن الْفساد)
وَأَعْطَاهُ المَال فَلَمَّا قَبضه ابْتَاعَ غُلَاما بِمِائَة دِينَار وَاشْترى سَيْفا ومتاعاً وأسرف فِي مَا بَقِي بعد ذَلِك حَتَّى لم يبْق مَعَه شَيْء فَلَمَّا رأى الْغُلَام ذَلِك أَخذ كلَّ مَا فِي بَيته وهرب فَبَقيَ عُريَانا فِي أسوإ حَال وَصَارَ إِلَى أبي هَارُون خَليفَة مُحَمَّد بن يزْدَاد فأخبرهن فَأخذ أَبُو هَارُون نصف طومار ونشره وَرفع فِي آخِره
(فرّ الْغُلَام فطار قلب الْأَحْوَال ... وَأَنا الشَّفِيع وَأَنت خير معوَّل)
ثمَّ خَتمه وَدفعه إِلَيْهِ وَقَالَ امْضِ بِهِ إِلَى مُحَمَّد فَمضى بِهِ فَلَمَّا رَآهُ مُحَمَّد بن يزْدَاد قَالَ لَهُ مَا فِي كتابك قَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ هَذَا من حمقك تحمل كتابا لَا تَدْرِي مَا فِيهِ ثمَّ فضّه فَلم ير شَيْئا فَجعل ينشره وَهُوَ يضْحك حَتَّى أَتَى على آخِره فَوقف على الْبَيْت وَوَقع تَحْتَهُ
(لَوْلَا تعنّت أحمدٍ لغلامه ... كَانَ الْغُلَام ربيطه بالمنزل)
ثمَّ خَتمه وردَّه بِهِ إِلَى خَلِيفَته فَقَالَ لَهُ الله الله فيّ ارْحَمْنِي جعلت فدَاك فرقّ لَهُ ووعده لِأَن(8/196)
يكلم الْمَأْمُون فِي أمره فَلَمَّا وجد خلْوَة شرح لَهُ مَا جرى من أمره أجمع فَأمر الْمَأْمُون بإحضاره فَلَمَّا وقف بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ يَا عدوَّ الله تَأْخُذ مَالِي وتشتري بِهِ غُلَاما حَتَّى يفر مِنْك فارتاع لذَلِك وتلجلج لِسَانه فَقَالَ جعلت فدَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا فعلت قَالَ ضع يدك على رَأْسِي واحلف أنّك لم تفعل فَجعل مُحَمَّد بن يزْدَاد يَأْخُذ بِيَدِهِ لذَلِك والمأمون يضْحك ويشي إِلَيْهِ أَن ينحيها ثمَّ أَمر لَهُ بإجراء رزق وَاسع فِي كل شهر وَوَصله مرّة بعد مرّة حَتَّى أغناه وَكَانَ يُعجبهُ خطّه
3 - (النهرجوري الشَّاعِر)
أَبُو أَحْمد الْعَرُوضِي النهروجوري الشَّاعِر لَهُ فِي الْعرض تصانيف وَهُوَ حاذق فِيهِ يجْرِي مجْرى أبي الْحُسَيْن الْعَرُوضِي والعمراني وَغَيرهمَا وَهُوَ فِي الشّعْر متوسط الطَّبَقَة مَاتَ قبل الثَّلَاث وَأَرْبَعمِائَة لظُهُور قمل فِي جِسْمه فَكَانَ يحكّه إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ شَيخا قَصِيرا شَدِيد الأدمة سخيف اللبسة وسخ الْجُمْلَة سيءّ الْجُمْلَة سيءّ الْمَذْهَب متظاهراً بالإلحاد غير مكاتم لَهُ وَلم يتَزَوَّج قطّ وَلَا أعقب وَكَانَ قوي الطَّبَقَة فِي الفلسفة وعلوم الْأَوَائِل متوسطاً فِي الْعَرَبيَّة
وَكَانَ ثلاّبة للنَّاس هجاء قَلِيل الشُّكْر لمن يحسن إِلَيْهِ من شعره
(من عاذري من رئيسٍ ... يعدُّ كسبي حسبي)
(لما انْقَطَعت إِلَيْهِ ... حصلت مُنْقَطِعًا بِي)
)
فَسمع ذَلِك أَبُو الْعَبَّاس ابْن ماسرجس فَقَالَ هَذَا تَدْلِيس مِنْهُ وَأَنا الْمَقْصُود بالهجو وإنّما قَالَ من عاذري من وزيرٍ فَلَمَّا مَاتَ النهرجوري حملت مسوّداته إِلَيْهِ فَوجدَ الْقطعَة كَمَا قَالَ
وَقَالَ يهجو امْرَأَة
(تَمُوت من شَهْوَة الضراط وَلَا ... يسعدها دبرهَا بتصويت)
(كأنّها إِذْ تناك خابية ... تغسل ملقيةً لتزفيت)
وَقَالَ أَيْضا
(لَو كَانَ يُورث بالمشابه ميت ... لملكت بالأعضاء مَا لَا يملك)
(نغل مخايله تخبِّر أنّه ... فِي النَّاس من نطف الْجَمِيع مشبّك)
ومدح أَبَا الْفرج مَنْصُور بن سهل الْمَجُوسِيّ عَامل الْبَصْرَة فَأعْطَاهُ صلَة حَاضِرَة هنيَّة فالتف بِهِ الْحَاشِيَة فطالبوه فَكتب رقْعَة وَدفعهَا إِلَى بعض الداخلين إِلَيْهِ وَقَالَ سلّم هَذِه إِلَى الْأُسْتَاذ وَكَانَ فِيهَا
(أجازني الْأُسْتَاذ عَن مدحتي ... جَائِزَة كَانَت لأَصْحَابه)
(وَلم يكن حظّي مِنْهُ سوى ... جهبذتي يَوْمًا على بَابه)
فلمّا وصلت الرقعة إِلَيْهِ خرَّج فِي الْحَال من صرف الْحَاشِيَة عَنهُ وَصَارَ مَعَه حَتَّى دخل منزله(8/197)
3 - (القباري الموسّط)
الشَّيْخ أَحْمد القبّاري الاسكندراني زعم أَنه ابْن أُخْت الشَّيْخ الْكَبِير أبي الْقَاسِم القبّاري قدم دمشق وَعمل مشيخة واعتقدوا فِيهِ ثمَّ انْكَشَفَ بهرجه وصادفه الشَّيْخ مُحَمَّد اليعفوري فَقير مَشْهُور فاتفقا على مكر خَبِيث حاق بهما فَوَقع بيد الأفرم نَائِب الشَّام ورقة وفيهَا نصيحة على لِسَان قطز مَمْلُوك قبجق حَيْثُ هُوَ بالشوبك أَن ابْن تَيْمِية وَالْقَاضِي ابْن الحريري يكاتبان أميرنا قبجق فِي نيابته بِدِمَشْق ويعملان عَلَيْك وَأَن ابْن الزملكاني وَابْن الْعَطَّار يطالعان أميرنا بأخبارك وَأَن جمَاعَة من الْأُمَرَاء مَعَهم فتنمّر الأفرم لذَلِك وأسرّ إِلَى بعض خواصه وَبحث عَمَّن اختلق ذَلِك فَوَقع الحدس على الفقيرين فَأمْسك اليعفوري فوجدوا فِي حجزته مسوَّدة النصية فَضرب أقرّ بالقباري فَضرب الآخر فاعترف فَأفْتى زين الدّين الفارقي بِجَوَاز قَتلهمَا فطيف بهما ثمَّ وسِّطا بسوق الْخَيل وَقطعت يَد التَّاج ابْن المناديلي النَّاسِخ لِأَن المسودة كَانَت بِخَطِّهِ فِي سنّ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة)
3 - (صَاحب مراغة)
أَحْمد بك الْأَمِير صَاحب مراغة كَانَ ي خدمته خَمْسَة آلَاف فَارس وإقطاعه أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار وَكَانَ جواداً شجاعاً ولمّا قدم طغتكين بغذاذ كَانَ يحضر ك يَوْم إِلَى دَار السُّلْطَان مَعَ الْأُمَرَاء فِي الْخدمَة فَبينا هُوَ جَالس ذَات يَوْم فِي الدَّار وَإِلَى جَانِبه أَحْمد بك تقدم رجل وَمَعَهُ قصَّة فَسَأَلَ أَحْمد بك إيصالها إِلَى السُّلْطَان فَضَربهُ بسكين فَأَخذه أَحْمد بك فَتَركه تحتهَا وَجَاء آخر وَصَاح شاباش وضربه وَقتلُوا وظنّ الْحَاضِرُونَ أَن المُرَاد طغتكين وَكَانَ أَحْمد بك قد أنكى فِي الباطنية وتفرق وَهَذَا إقدام عَظِيم من الباطنية لم يقدم مثله فِي دَار سُلْطَان وَعَاد طغتكين إِلَى الرملة غربي بغذاذ فَنزل فِي مخيمه وَبكى النَّاس على أَحْمد بك وأحرق غلمانه رَحْله وخيامه وَطلب طغتكين دستوراً إِلَى دمشق وَكَانَ قتلة أَحْمد بك سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة
3 - (نقيب المتعممين)
أَحْمد شهَاب نقيب المتعممين بِدِمَشْق من شعره وَقد أَخذ الْمصْرِيّ إِلَى عِنْده
(قل لِابْنِ محبوبٍ إِلَى كم كَذَا ... تَشْكُو إِلَيْنَا الْفقر كالسائل)
(وتشتكي الإفلاس بَين الورى ... وعندك الْمصْرِيّ فِي الْحَاصِل)
وَله وَقد اجْتمع المصريّ بشخص حنبلي
(سكان مصرٍ كلّهم أَجمعُوا ... على اتِّباع الشَّافِعِي الْجملِي)
(وَأَنت يَا مصريُّ خالفتهم ... تبِعت دون الكلِّ للحنبلي)
وَله أَيْضا(8/198)
(يَقُولُونَ قد ولى زمَان ابْن مهرةٍ ... فبدِّل بِهِ مهْرا فَقلت لشقوتي)
(ركبت جَمِيع الصَّافنات فَلم يطب ... وَلَا لذَّ لي إِلَّا ركُوب ابْن مهرَة)
وَقَالَ وَقد استناب ابْن الْحداد للشرف الرصاص
(كأنَّ ابْن حدادٍ لخفة رَأسه ... أَرَادَ بَيَانا بالرصاص فداصا)
(ثقيلان من بَين الْبَريَّة أصبحا ... بطاناً وَفِي الْعقل الْخَفِيف خماصا)
(أَرَادَ ابْن حداد بِهَذَا سياسة ... فمااسطاع من قبح الصِّفَات خلاصا)
(وَقد كَانَ يكفينا الْحَدِيد وبرده ... فَمَا باله زَاد الْحَدِيد رصاصا)
قلت شعر نَازل)
وَكتب يطْلب مشمشاً وَهُوَ خير من نظمه وَيُنْهِي أنّ الْعُلُوم الْكَرِيمَة قد أحاطت أَن المشمش قد طلعت نجومه السعيدة وَأَتَتْ مصبّغات حلله الجديدة وَجَاءَت نجّابة أطباقه على أيديها من القراصيا مخلّقات تملأ الدُّنْيَا بشائرها وتنثر من الثلوج جواهرها وَالْعَبْد فِي إفلاس لَا يعرف مَا يتعامل بِهِ النَّاس وكرم مَوْلَانَا مَا عَلَيْهِ قِيَاس والمملوك منتظر مَا تنعم بِهِ صدقاته العميمة فِي هَذَا الالتماس
3 - (ابْن مَالك الغرناطي)
أَحْمد بن يُوسُف بن مَالك بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الرّعيني الغرناطي الأوليوري أَبُو جَعْفَر قدم إِلَى الشَّام هُوَ ورفيقه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الهوّاري الضَّرِير وسمعا الحَدِيث من شُيُوخ الْعَصْر وَنزلا بالأشرفية دَار الحَدِيث اجْتمعت بهما أَولا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ سنة ثَمَان أَو تسع وَسَبْعمائة قَرَأَ بالسبع على الْأُسْتَاذ أبي الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بالقيجاطي والنحو على الْأُسْتَاذ أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْخَولَانِيّ البيري وَالْفِقْه على الْمَذْكُور وعَلى الْأُسْتَاذ أبي عبد الله البيّاني وعَلى قَاضِي الْجَمَاعَة أبي عبد الله ابْن بكربتشديد الكافوسمع الصَّحِيح على القَاضِي الْمَذْكُور بفوتٍ وقدما إِلَى الشَّام بعد الحجّ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة كتب إليّ مستجيزاً
(النَّاس فِي الْفضل أكفاء وَأَشْبَاه ... والكلّ يزْعم مَا لم تخو كفّاه)
(واستثن مِنْهُم صَلَاح الدّين فَهُوَ فتّى ... إِذا ادّعى الْفضل لَا ردّ لدعواه)
(إِن تلقه تلق كلّ النَّاس فِي رجل ... قد بَات مُنْفَردا فِي أهل دُنْيَاهُ)
(إِن تبد فِي الطرس للرائين أحرفه ... ردّ ابْن مقلة للدنيا وأحياه)
(وَإِن أجال جِيَاد الشّعْر مستبقاً ... خلّى التنوخي عَن بعدٍ وأعياه)(8/199)
(شخص كأنّ القوافي ملك رَاحَته ... مَتى دَعَاهَا لنظمٍ لَيْسَ تأباه)
(يَا من يصوغ الْمعَانِي من معادنها ... ويجتني من جنى الْآدَاب أحلاه)
(إنّ ابْن مالكٍ الْمَمْلُوك أَحْمد قد ... وافاك ترجو الْتِقَاط الدرَّ كفّاه)
(يَبْغِي الْإِجَازَة فِيمَا عَنْك مصدره ... من الْكَلَام الَّذِي قد رقّ مَعْنَاهُ)
(شعر لَو استنزل الشّعرى أَتَتْهُ وَلَو ... أوما إِلَى الدّر أَن يَأْتِي للبّاه)
(وَحسن نثرٍ كَمثل الدرّ تنثره ... أَيدي الصّبا فيعمُّ الرَّوْض ريّاه)
)
(عَن مثلك الْيَوْم يرْوى الشّعْر عَن رجلٍ ... ألشعر أيسر شيءٍ عِنْد علياه)
(كم من ختام عُلُوم فضّها فغدا ... فضّ الختام لدُنْيَا من مزاياه)
(فَاسْلَمْ لصوغ القوافي من معادنها ... وَدم لصرف الْمعَانِي كَيفَ تهواه)
فَكتبت جَوَابه
(يَا فَاضلا فِي النّهى وَالْعلم منماه ... وللهدى ومحلّ الْفضل مرماه)
(شنّفت سَمْعِي بِأَبْيَات إِذا تليت ... فِي مجْلِس الْفضل راق الطّرف مغناه)
(رقمت بالمسك فِي الكافور أسطرها ... كصبح خدًّ وليل الصدغ غشاه)
(تحكي السطور الَّتِي ضمّت محاسنها ... ثغر الحبيب إِذا افترت ثناياه)
(قد كَانَ للنَّاس سحر يخلبون بِهِ ... عقل الْأَنَام وَهَذَا من بقاياه)
(وَلَيْسَ مثلك من يَبْغِي الْإِجَازَة من ... مثلي فإنّ صَرِيح الْعقل يأباه)
(إِذْ لست أَهلا فَإِن الْعَجز قصّر بِي ... عَن اللحاق بشأوٍ رمت أدناه)
(لَكِن أَطَعْت امتثالاً مَا أمرت بِهِ ... وَقد أجزتك مَا لي فارض لقيَاهُ)
3 - (الرافضي)
أَحْمد الكيّال كَانَ من أهل الْبَيْت وَيُقَال إنّه كَانَ من الْأَئِمَّة المستورين وَكَانَ قد سمع كَلِمَات علميّة خلطها بفاسد وَكَانَت الْأَئِمَّة فِي الِابْتِدَاء تعنيه فَلَمَّا وقفُوا على مَا أبدعه من المقالات الْفَاسِدَة تبرأوا مِنْهُ ولعنوه فَلَمَّا علم الكيّال مِنْهُم ذَلِك دَعَا إِلَى نَفسه فَادّعى أنّه الإِمَام ثمَّ ادّعى أنّه الْقَائِم وصنّف فِي مقالاته كتبا بِالْعَرَبِيَّةِ والعجمية أحدث فِيهَا مقالات سخيفة ومذاهب فَاسِدَة مِنْهَا قَوْله إِن الله تَعَالَى خلق الْإِنْسَان على شكل اسْم احْمَد يَعْنِي اسْمه فقامة الْإِنْسَان مثل الْألف ويداه مثل الْحَاء وبطنه مثل الْمِيم وَرجلَاهُ مثل الدَّال وَقَالَ فِي مَكَان آخر الْألف من أَحْمد تدل على الْإِنْسَان والحاء على الْحَيَوَان وَالْمِيم على الطَّائِر وَالدَّال على الْحُوت فالألف من حَيْثُ استقامته يشبه استقامة الْإِنْسَان والحاء معوجّة منكوسة كالحيوان وَلِأَنَّهَا(8/200)
ابْتِدَاء اسْم حَيَوَان وَالْمِيم تشبه رَأس الطَّائِر وَالدَّال تشبه ذَنْب الْحُوت وَزعم أَن الْجنَّة هُوَ عبارَة عَن الْوُصُول إِلَى مَا يعلّمه لأَصْحَابه من الْعُلُوم وَالنَّار عبارَة عَمَّا يُعلمهُ لأَصْحَابه وَله من هَذَا السخف شَيْء كثير ابتدعه وَأَتْبَاعه يعْرفُونَ بالكيّالية وهم طَائِفَة من فرق الرافضة
3 - (الحرّاني الطَّبِيب)
)
أَحْمد بن يُونُس الْحَرَّانِي الطَّبِيب يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة أَخِيه عمر بن يُونُس فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين
(الألقاب)
الأحمدي الْأَمِير ركن الدّين بيبرس
ابْن الْأَحْمَر ملك الغرب مُحَمَّد بن يُوسُف
الأحمق المطاع حُذَيْفَة
(أحمشاذ)
3 - (أَبُو المكارم الْحَنَفِيّ)
أحمشاذ بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود الغزنوي أَبُو المكارم الْفَقِيه الْحَنَفِيّ
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة كَانَ واعظاً من فحول الْعلمَاء وَقَالَ لَقيته بأصبهان فِي سني ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ عَارِفًا بتفسير كتاب الله تَعَالَى وَتَوَلَّى قَضَاء أراينة وحيرة سِنِين وَقدم بغداذ والتقى بالوزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة وَمن شعره
(أمالك رقّي مَالك الْيَوْم رقة ... على صبوتي والحين من تبعاتها)
(سَأَلت حَياتِي إِذْ سَأَلتك قبْلَة ... لي الرِّبْح فِيهَا خُذ حَياتِي وهاتها)
وَمِنْه أَيْضا
(يَا عاذلي أقصر وَكن عاذري ... فِي حبّ ظبيٍ أكحل النَّاظر)
(فأكحل النَّاظر ذَاك الَّذِي ... قد فصد الأكحل من ناظري)
(حلا مذاقاً وَهُوَ مستملح ... وَالْملح فِي الحلو من النَّادِر)
(أَحْمَر)
3 - (ابْن جزيّ)
أَحْمَر بن جزيّ بِكَسْر الْجِيم وَالزَّاي أَبُو جزيّ السّدوسي لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ الْحسن الْبَصْرِيّ لم يرو عَنهُ غَيره
3 - (ابْن سليم)
أَحْمَر بن سليم لَهُ صُحْبَة حَدِيثه عِنْد أبي الْعَلَاء يزِيد بن عبد الله بن الشّخيّر(8/201)
3 - (ابْن عسيب)
أَحْمَر بن عسيب لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ مُسلم بن عبيد أَبُو نصيرة وروى عَنهُ حَازِم بن الْعَبَّاس أنّه كَانَ يصفّر لحيته
ابْن الْأَحْمَر صَاحب الأندلس اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف
الْأَحْمَر صَاحب الْكسَائي عَليّ بن الْحسن ابْن الْأَحْمَر صَاحب الأندلس نصر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
(الْأَحْنَف)
الْأَحْنَف بن قيس التَّمِيمِي واسْمه الضَّحَّاك يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الضَّاد فِي مَكَانَهُ
(الْأَحْوَص)
3 - (القَاضِي أَبُو أُميَّة)
أحوص بن الْمفضل بن غَسَّان الْغلابِي البغداذي الْبَزَّاز القَاضِي أَبُو أُميَّة
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس قبض عَلَيْهِ وَالِي الْبَصْرَة وسجنه إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَلَاثمِائَة لِلْهِجْرَةِ
الْأَحْوَص الشَّاعِر اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين مَكَانَهُ
الْأَحول المحرّر مُحَمَّد بن الْحسن
(أحيحة)
3 - (الصَّحَابِيّ)
أحيحة بن أُميَّة بن خلف الجُمَحِي أَخُو صنْوَان بن أُميَّة مَذْكُور فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم
(أخثا)
3 - (النّحوي)
أخثا قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء هُوَ لقب وَلَا أعرف اسْمه وَلم أجد لَهُ ذكرا إلاّ مَا ذكره مبرمان فِي كِتَابَة النكت على سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ وَقَالَ لي الملقب بأخثا وَكَانَ أحد من رَأينَا من النَّحْوِيين الَّذين صحت لَهُم الْقِرَاءَة على أبي عُثْمَان الْمَازِني وَكَانَ مَوْصُوفا فِي أول نظره بالبراعة مسلّما لَهُ استغراق الْكتاب على أبي عُثْمَان ثمَّ أَدْرَكته علّة فقصر عَن الْحَال الأولى وَذكر مَا يتَعَلَّق بالكلم وَالْكَلَام(8/202)
(أخرم)
3 - (أخرم الْأَسدي)
كَانَ يُقَال لَهُ فَارس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كَانَ يُقَال لأبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قتل شَهِيدا فِي حِين غَارة عبد الرَّحْمَن ابْن عُيَيْنَة بن حصن على سرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتله يَوْم ذَاك وَيُقَال اسْمه مُحرز بن نَضْلَة وَيُقَال ناضلة
رجل روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعرف نسبه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذِي قار الْيَوْم أول يَوْم انتصفت فِيهِ الْعَرَب من الْعَجم وَبِي نصروا
ابْن الأخرم الْحَافِظ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس
ابْن الأخرم المقرىء مُحَمَّد بن النَّضر
(الْأَخْضَر)
3 - (الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ)
أَخْضَر بن عجلَان الشَّيْبَانِيّ بصريٌّ أَخُو سميط الزَّاهِد توفّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد
ابْن الْأَخْضَر المقرىء أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر
ابْن الْأَخْضَر عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّد
ابْن الْأَخْضَر رزق الله بن مُحَمَّد ابْن الْأَخْضَر الإشبيلي عَليّ بن عبد الرَّحْمَن
ابْن الْأَخْضَر الْأَنْبَارِي يحيى بن عَليّ
(الأخطل)
3 - (النَّصْرَانِي الشَّاعِر)
الأخطل النَّصْرَانِي الشَّاعِر اسْمه غياث بن غوث يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْغَيْن فِي مَكَانَهُ
3 - (الأخطل أَخُو الفرزدق الشَّاعِر)
أَظن اسْمه هشيماً وَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْهَاء فِي مَكَانَهُ
(الْأَخْفَش)
يُطلق على جمَاعَة كلهم نحاة الْأَكْبَر اسْمه عبد الحميد(8/203)
والأوسط اسْمه سعيد
والأصغر عَليّ بن سُلَيْمَان
والأخفش الْأَلْهَانِي اسْمه أَحْمد بن عمرَان
والأخفش المغربي عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الأندلسي
والأخفش الدِّمَشْقِي هَارُون بن مُوسَى
والأخفش عَليّ بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ
والأخفش الدِّمَشْقِي الصَّغِير اسْمه مُحَمَّد بن خَلِيل
(الألقاب)
ابْن الأخرش المغربي اسْمه عبد الله بن أَحْمد
الأخشيذ اسْمه مُحَمَّد بن طغج
الْأَخْنَس اسْمه أبي بن شريق تقدم ذكره فِي مَكَانَهُ
الإخنائي علم الدّين قَاضِي دمشق اسْمه مُحَمَّد بن أبي بكر
الإخنائي تَقِيّ الدّين قَاضِي الْقَاهِرَة مُحَمَّد بن أبي بكر
الأخنف الوَاسِطِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن
الأخسيكتي أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم
ابْن الْأُخوة عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد)
آخر عبد الرَّحِيم بن أَحْمد
أَبُو الأخريط المقرىء اسْمه وهب بن وَاضح القَاضِي
أَخَوَيْنِ مُحَمَّد بن عمر
الأخيطل الْأَهْوَازِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(أدرع)
3 - (أدرع الصَّحَابِيّ)
أدرع أَبُو الْجَعْد الضمرِي الصَّحَابِيّ هُوَ مَشْهُور بكنيته روى عَنهُ عُبَيْدَة ابْن سفين الْحَضْرَمِيّ وَله دَار فِي ضَمرَة بِالْمَدِينَةِ وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل أدرع وَقيل جُنَادَة وَقيل عَمْرو بن بكر(8/204)
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
أدرع الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا وَاحِدًا روى عَنهُ سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري
الأديبي الْكَاتِب اسْمه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
(من اسْمه إِدْرِيس)
3 - (الْعلوِي صَاحب الْمغرب)
إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم ذكره المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء وَأورد لَهُ قَوْله
(لَو مَال صبري بصبر النَّاس كلّهم ... لكلّ فِي لوعتي أَو ضل فِي جزعي)
(وَمَا أريغ إِلَى يأسٍ ليسليني ... إلاّ تحول بِي يأسي إِلَى الطمع)
(وَكَيف يصبر من ضمّت أضالعه ... على وساوس همٍ غير مُنْقَطع)
(إِذا الهموم توافت بعد هدأتها ... عَادَتْ عَلَيْهِ بكأسٍ مرّة الجرع)
(نأى الْأَحِبَّة واستبدلت بعدهمْ ... هما مُقيما وشملاً غير مُجْتَمع)
(كأنّني حِين يجْرِي الْهم ذكرهم ... على ضميري مخبول من الخدع)
(تأوي همومي إِذا حرّكت ذكرهم ... إِلَى جوانح جسمٍ دَائِم الوجع)
وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِدْرِيس وَذكر جمَاعَة من بَيته وَكَانَ أَخُوهُ قد ولي الْإِمَامَة بعد أَبِيه قَالَ أَبُو هَاشم صَاحب شرطة إِدْرِيس بن إِدْرِيس قَالَ لي يَوْمًا اخْرُج بِنَا إِلَى سَاحل البجر لنصلّ)
فخرجنا فَقَامَ يصلّي وَقمت نَاحيَة فَأقبل نفر نحونا فَقَالَ ياداود هَؤُلَاءِ إباضية يَعْنِي خوارج جَاءُوا ليغتالوني
قلت فَأَنا لَهُم قَالَ لَا أَنا فَأخذ السيّف والدرقة وقصدهم فَقتل مِنْهُم سَبْعَة فَأَدْبَرَ الْبَاقُونَ فَرجع إليّ فَأَعْطَانِي السَّيْف وَقَالَ
(أَلَيْسَ أَبونَا هَاشم شدّ أزره ... وَأوصى بنيه بالطعان وبالضرب)
(فلسنا نملّ الْحَرْب حَتَّى تملّنا ... وَلَا نتشكّى مَا نلاقي من النّكب)
وحصلت لإدريس مملكة سنية وخطب لنَفسِهِ بالخلافة وَكَانَ فصيحاً شَاعِرًا وَمن شعره مَا(8/205)
رثى بِهِ أَبَاهُ إِدْرِيس الْآتِي ذكره وَهِي مَذْكُورَة فِي تَرْجَمته هُنَاكَ
3 - (الْأمَوِي)
إِدْرِيس بن سُلَيْمَان بن يحيى ابْن أبي حَفْصَة يزِيد مولى مَرْوَان بن الحكم وَإِدْرِيس يكنى أَبَا سُلَيْمَان وَكَانَ أَعور وَكَانَ الواثق يَقُول مَا مدحني أحد من الشُّعَرَاء بِمثل مَا مدحني بِهِ إِدْرِيس وَكَانَ مغر ى بإنشاد قَوْله فِيهِ
(إِن الْخَلِيفَة هروناً لدولته ... فضل على غَيرهمَا من سَائِر الدول)
(حييت بعد رَسُول الله سنته ... فَأصْبح الحقّ نهجاً وَاضح السبل)
(أصلحت للنَّاس دنياهم وَدينهمْ ... فأدركوا بك عفوا أفضل الأمل)
(لَو لم يقم قبَّة الْإِسْلَام عدلكم ... لأصبح الْميل مِنْهَا غير معتدل)
وَله فِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي
(لما أتتك وَقد كلّت مُنَازعَة ... دانى الرِّضَا بَين أيديها بإقياد)
(لَهَا أمامك نورٌ تستضيء بِهِ ... وَمن رجائك فِي أعقابها حاد)
(لَهَا أَحَادِيث من ذكراك تشغلها ... عَن الرتوع وتلهيها عَن الزَّاد)
3 - (أَبُو سُلَيْمَان)
إِدْرِيس بن أَحْمد الضَّرِير الْكُوفِي أَبُو سُلَيْمَان قَالَ المرزباني مقتدريّ مدح مُحَمَّد بن عَليّ المادرائي عِنْد قدومه بغداذ بقصيدة يَقُول فِيهَا
(إِلَى أبي بكرٍ الميمون ظَاهره ... إِلَى الْجواد الَّذِي أفنى اللهى جودا)
(يولي الْأَقَارِب تَقْرِيبًا إِلَيْهِ وَلَا ... يولي الأباعد إِن زاروه تبعيدا)
)
(علاك ياابن علّي فَوق كل على ... فزادك الله إعلاءً وتأييدا)
وَله أَيْضا
(أَلا يَا ابْن اسحاق حزت المدى ... فَمَا لَك فِي كلّ أفقٍٍ عديل)
(فَأَنت الْجواد وَأَنت الْعِمَاد ... إِذا عضَّ خطب عَظِيم عديل)
(محلّ النجاح عقيد السّما ... مباري الرِّيَاح قؤول فعول)
(نقي الْجُيُوب فقيد الْعُيُوب ... فَمن ذَا يعنّيك غالته غول)
3 - (أَبُو سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ)
إِدْرِيس بن عبد الله بن إِسْحَاق اللَّخْمِيّ الضَّرِير النابلسي الْبَصْرِيّ أَبُو سُلَيْمَان
قَالَ المرزباني حَدثنِي عَنهُ الصولي وَعمر بن الْحسن الْأُشْنَانِي وَتُوفِّي بعد الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ يُكَاتب أَبَا الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن المدبّر بالأشعار عِنْد خُرُوجه إِلَى(8/206)
الشَّام وَله فِي رِوَايَة الصولي وَغَيره يَرْوِيهَا لغيره
(صَاحب الْحَاجة أعمى ... وَهُوَ ذُو مالٍ بَصِير)
(فَمَتَى يبصر فِيهَا ... رشده أعمى فَقير)
وحجبه رجل فَكتب إِلَيْهِ
(سأترككم حَتَّى يلين حجابكم ... على أنّه لَا بدّ أَن سيلين)
(خُذُوا حذركُمْ من نومَة الدَّهْر إنّها ... وَإِن لم تكن حانت فَسَوف تحين)
وَكتب إِلَى آخر أَيْضا
(لما تفكرت ف حجابك ... عاتبت نَفسِي على عتابك)
(فَلم أَجدهَا تميل طَوْعًا ... إلاّ إِلَى الْيَأْس من ثوابك)
(قد وَقع الْيَأْس فاستوينا ... فَكُن كَمَا شِئْت فِي اجتنابك)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْوَاعِظ)
إِدْرِيس بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحُسَيْن الْوَاعِظ البغداذي صنف كتابا سمّاه أنس الجليس ومسرة الأنيس روى فِيهِ عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم وَأبي الْحَارِث أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمَارَة بن أبي الْخطاب وَمُحَمّد بن صبح وخيثمة بن سُلَيْمَان وخراسان بن عبد الله الطرابلسيين وَغَيرهم قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَلم يذكرهُ الْخَطِيب فِي تَارِيخ بغداذ)
3 - (أَبُو الْحسن الحدّاد المقرىء)
إِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم أَبُو الْحسن الْحداد المقرىء ولد سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين سمع الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل وغبره وروى عَنهُ ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ هُوَ ثِقَة وَفَوق الثِّقَة بدرجات
3 - (سُلْطَان الْمغرب)
إِدْرِيس بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ هُوَ وَالِد إِدْرِيس الْمَذْكُور آنِفا كَانَ قد خرج مَعَ الْحُسَيْن صَاحب فخّ فلمّا قتل الْحُسَيْن هرب إِلَى مصر وَكَانَ على بريدها وَاضح مولى صَالح بن الْمَنْصُور وَكَانَ يمِيل إِلَى آل أبي(8/207)
طَالب فَحَمله على الْبَرِيد إِلَى الْمغرب فوصل إِلَى أَرض طنجة فَنزل بِمَدِينَة يُقَال لَهَا لبلة فَاسْتَجَاب لَهُ من بهَا وبنواحيها من البربر وَبلغ الْهَادِي فَقتل وَاضحا وصلبه وَيُقَال أَن هَارُون هُوَ الَّذِي قتل ودس مُوسَى أَو هَارُون إِلَى إِدْرِيس الشماخ الْيَمَانِيّ مولى الْمهْدي فَدخل الغرب وَأظْهر أنّه طَبِيب فَأحْضرهُ إِدْرِيس وَأقَام عِنْده وَأنس بِهِ فَشَكا إِلَيْهِ مَرضا فِي أَسْنَانه فَأعْطَاهُ سنوناً مسموماً وَقَالَ لَهُ إِذا طلع الْفجْر فاستنّ بِهِ وهرب الشماخ من وقته فلمّا طلع افجر اسْتنَّ بِهِ وَجعل يردّده فِي فِيهِ فَسقط فوه وَمَات وَطلب الشماخ فَلم يقدر عَلَيْهِ وَخرج إِلَى إفريقية وَبهَا إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب عَامل الْهَادِي فَأَقَامَ عِنْده وَكتب إِلَى هَارُون يُخبرهُ بِمَوْت إِدْرِيس فَبعث لَهُ صلَة سنية وولاه بريد مصر فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء وَيُقَال إنّه الْهَادِي أَو الرشيد
(أتظن يَا إِدْرِيس أَنَّك مفلت ... كيد الْخلَافَة أَو يقيك فرار)
(إِن السيوف إِذا انتضاها سخطه ... طَالَتْ وقصّر دونهَا الْأَعْمَار)
(ملك كَأَن الْمَوْت يتبع أمره ... حَتَّى تخال تُطِيعهُ الأقدار)
وَلما هلك إِدْرِيس ولي مَكَانَهُ ابْنه إِدْرِيس بن إِدْرِيس الْمَذْكُور وَأقَام أَوْلَادهم بالمغرب مُدَّة وَكَانَت وَفَاة إِدْرِيس سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقد تقدم ذكر أَخِيه مُحَمَّد وَذكر أَخِيه إِبْرَاهِيم فِي مكانيهما فليكشف كلّ من مَكَانَهُ وَكَانَ قد قوي أَمر إِدْرِيس حَتَّى ملك جَمِيع الغرب الْأَقْصَى وَكَانَ مقَاما شجاعاً ذَا رَأْي كَرِيمًا وأعقب أَوْلَادًا خطب لَهُم بالخلافة فِي أَكثر الْمغرب وَمن شعره
(غرّبت كي أغرب فِي ثورة ... أشفي بهَا كلّ فَتى ثَائِر)
)
(لَا خير فِي الْعَيْش لمن يغتدي ... فِي الأَرْض جاراً لامرىء جَائِر)
(وَالْأَرْض مَا وسعّها ربّها ... إلاّ لتبدو همّة السائر)
(لَا بلّغت لي مهجة سؤلها ... إِن لم أوفَّ الْكَيْل للغادر)
وَقَالَ ابْنه إِدْرِيس بن إِدْرِيس يرثيه
(روحي الْفِدَاء لما جَاءَت منيته ... يَرْمِي بهَا بلد ناءٍ إِلَى بلد)
(فاختلست نَفسه مِنْهُ مخاتلةً ... حَتَّى تخلّى من الْأَمْوَال وَالْولد)
(أهْدى إِلَيْهِ المنايا ذُو قرَابَته ... بِغَيْر جرمٍ سوى البغضاءِ والحسد)
(لَئِن ظفرتم بيومٍ قتلنَا غلبا ... إِنَّا لنَرْجُو من الرَّحْمَن فوز غَد)
(حَتَّى يزِيل أقلّ الْحق أَكْثَره ... وَيشْرب الكاس ساقينا يدا بيد)
3 - (زين الدّين الْمصْرِيّ)
إِدْرِيس بن صَالح بن وهيب الْفَقِيه زين الدّين الْمصْرِيّ القليوبي قَرَأَ الْفِقْه والمقامات الحريرية على قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان بالسيفية مدرسة الْإِسْلَام طغتكين صَاحب الْيمن بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ إِمَام الْمدرسَة ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة الْأَمِير عز الدّين أيدمر الْحلِيّ فسعى لَهُ إِلَى أَن رتّبه خطيب الْجَامِع الْأَزْهَر بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ أول من خطب(8/208)
فِيهِ وَكَانَ ظنّاً فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَمن شعره قصيدة مدح بهَا قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَحْمد بن خلكان
(تراءت لَهُ بالرقمتين مخايل ... فنمّت عَلَيْهِ بالغرام بلابل)
(فَأجرى دموع الْعين أَو مَلأ الملا ... ونمّق فِي أكناف سلعٍ خمائل)
وَهِي قصيدة نظمها منحطّ عَن الْجَوْدَة
3 - (الْمَأْمُون المغربي)
إِدْرِيس بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ صَاحب الْمغرب الْمَأْمُون أَبُو الْعَلَاء بُويِعَ بعده ابْنه عبد الْوَاحِد ولقّب الرشيد مَعَ خلاف ابْن عمّه يحيى وَكَانَ أَبُو الْعَلَاء قد عصى عَلَيْهِ أهل سبتة مَعَ أبي الْعَبَّاس البلّشي وَأخذُوا مِنْهُ طنجة وَقصر عبد الْكَرِيم فجَاء بجيشه ونازل سبتة وَبَالغ فِي حصرها فَخرج عَلَيْهِ أهل سبتة فبيتوا الْجَيْش فهزموهم وَركب بعض الأوباش مركبا فِي الْبَحْر وَسَارُوا إِلَى أَن حاذوا الْملك فصاحوا بِهِ فَوقف فَقَالُوا يَا أَمِير)
الْمُؤمنِينَ أصبح أهل سبتة فرْقَتَيْن فَلَمَّا سمع هَذَا الْكَلَام أنصت لَهُم فَقَالَ مَا تَقولُونَ قَالُوا يَقُولُونَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَقرع وَقوم يَقُولُونَ أصلع فبالله أعلمنَا حَتَّى نخبرهم فَغَضب من هَذَا وتبرّم وَمَات سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة وَكَانَ قد أَزَال ذكر ابْن تومرت من الْخطْبَة وَملك بعده ابْنه عبد الْوَاحِد الرشيد عشرَة أَعْوَام وَكَانَ الْمَأْمُون اجْتمع فِيهِ أَوْصَاف الطَّرفَيْنِ أَخذ من أَبِيه محبّة الْعُلُوم وَالْعُلَمَاء وانفاق فِي صَالح وَأخذ من جده لأمه الشهامة والشجاعة والإقدام على الْأُمُور الْعِظَام وَلَيْسَ فِي بني عبد الْمُؤمن أعجب حَدِيثا مِنْهُ فإنّه كَانَ بالأندلس والياً على قرطبة ويومئذ مَنْسُوب إِلَى الضعْف والمهانة فَلَمَّا استولى أَخُوهُ الْعَادِل وثار عَلَيْهِ بالأندلس الظافر البيّاسي من بني عبد الْمُؤمن وَأخذ بمخنق الْعَادِل فَأسلم الْعَادِل الأندلس وَمضى إِلَى مراكش وَترك أَخَاهُ إِدْرِيس بإشبيلية بِغَيْر مَال وَلَا رحال وأيس النَّاس من سَلَامَته وَصَارَ مُعظم الأندلس للبياسي ثمَّ أنّه نزل على إشبيلية وحاصر إِدْرِيس فَأخْرج إِدْرِيس من قصره حَتَّى حلّي نِسَائِهِ وَقسم ثمن ذَلِك على الْجند وهبّت لَهُ ريح السَّعَادَة والتوفيق وأفسد أجناد البيّاسي فِي السرّ بالمكاتبات والبذل والمواعيد ففهم ذَلِك البياسي ورحل هَارِبا فَدخل قرطبة وَكَانَ إِدْرِيس قد بعث بعثاً إِلَى قرطبة وأفسدهم على البّياسي وخوّفهم من أَن يمكّن النَّصَارَى مِنْهُم فأثّر ذَلِك عِنْدهم فَلَمَّا دَخلهَا صاحوا صَيْحَة وَاحِدَة وزحفوا على قصره فَخرج خَائفًا يرْكض فرسه فَخرجت الْخَيل خَلفه فَلحقه فَارس مِنْهُم فَقَالَ لَهُ إِلَى أَيْن أَنْت تزْعم أَنَّك تكسر الجيوش بِاسْمِك وَحدك ارْجع إليّ فها أَنا وحدي فَقَالَ إِنَّمَا كنت أكسره باسم السَّعَادَة فَهَل لَك فِي أَن تصطنعني فَمَا أجدني أقدر على الدفاع فَحمل عَلَيْهِ وَأخذ سَيْفه من يَده وَضرب عُنُقه بِهِ وَحمل رَأسه إِلَى إِدْرِيس فَأعْطَاهُ ألف دِينَار وصيّره من خواصه ثمَّ إنّه طاوله وَضرب عُنُقه وَقَالَ مَا استطيع أَن أبْصر من قتل ملكا(8/209)
ولّما استقامت الأندلس لإدريس وبلغه ضعف أَخِيه الْعَادِل بمراكش خلع طَاعَته فِي سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة وَجلسَ لأخذ الْبيعَة فَقَامَ ابْن عَمه السَّيِّد أَبُو عمرَان وَقَرَأَ قل اللهمَّ مَالك الملكِ الْآيَة وَقَالَ يسْأَل عَن الرجل أهل بَيته وَقد سابقناه فَأبى إِلَّا تبريزا وخبرناه فَلم نجده إِلَّا ذَهَبا إبريزا فبادروا إِلَى بيعَته فنور السَّعَادَة من وَجهه لائح وقارضوه بإسلاف الطَّاعَة فإنّ المتجر عِنْده رابح فانثال النَّاس على بيعَته وَقد امْتَلَأت قُلُوبهم بمحبته فَلم تمرّ إلاّ أَيَّام يسيرَة حَتَّى بلغه أَن أَخَاهُ قَتله أهل مراكش وَبَايَعُوا بالخلافة ابْن أَخِيه يحيى ابْن النَّاصِر وَكَانَ صَبيا وشاع ذَلِك بالأندلس فهجم ابْن هود على حصن من حصون)
مرسية وخطب فِيهِ لبني الْعَبَّاس وخطب فِي السرّ قَاضِي مرسية فبنوا الْحِيلَة على أَن يَأْتِي طَائِعا إِلَى صَاحب مرسية ابْن عَم إِدْرِيس فَأَتَاهُ وَدخل مَعَ جنده ليقبل يَده فَلَمَّا مَال على تَقْبِيل يَده أكبّوا على صَاحب مرسية وقبضوه وأخرجوه من الْبَلَد وملكوا مرسية لِابْنِ هود فَلم يقدم شَيْئا إِلَى قتل القَاضِي الَّذِي دبّر مَعَه هَذِه الْحِيلَة وطالت الدولة فَرَحل إِدْرِيس وَنزل بعساكره على مرسية فامتنعت عَلَيْهِ وجدّ أَهلهَا فِي الْقِتَال فاغتاظ إِدْرِيس على جمَاعَة من قواد الأندلس الَّذين كَانُوا مَعَه وقتلهم بأنواع الْقَتْل وعظمت الشناعة عَلَيْهِ وانبتر سلك ملك الأندلس من يَده فِي جُمُعَة وَملك ابْن هود الأندلس وَلم يبْق فِي يَد إِدْرِيس غير إشبيلية ترك بهَا ابْنه عليّاً ورحل إِلَى مراكش قبضوا أهل إشبيلية على عَليّ بن إِدْرِيس وسجنوه ودخلوا فِي طَاعَة ابْن هود وَوصل إِدْرِيس مراكش وَكَانَت لَهُ وَاقعَة عَظِيمَة على صَاحب مراكش كَسره فِيهَا وَاسْتولى إِدْرِيس على مراكش وَقعد فِي محفل من الْمُوَحِّدين وَأهل مراكش وَجعل يقرّعهم بِذُنُوبِهِمْ فِي خلع الْخُلَفَاء فَقَالَ لَهُ شيخهم ابْن أبي عمرَان إنّما يُعَاتب الرَّأْس وَالرَّأْس والأذناب لَا عتب عَلَيْهَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أعوان دولته فسجنوا من أهل مراكش من أَعْيَان الدولة نيفاً وَأَرْبَعين فَضرب أَعْنَاق الْجَمِيع فأيس النَّاس من خَيره أنّه سحب ذيل الْعقُوبَة على الْجَانِي والبريء وَكَانَ فِي الْمَذْكُورين إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد أَخُوهُ صَاحب إفريقية وَكَانَ صَبيا فائق الْحسن فَعظم ذَلِك على أَخِيه وَالْتزم أنّه لَا يظفر بِأحد من بني عبد الْمُؤمن إِلَّا قَتله فَلم يَجْسُر أحد مِنْهُم على دُخُول بِلَاده وَأمر أَن يتْرك ذكر بني عبد الْمُؤمن على المنابر وَكتب الْكتب بلعنة الْمهْدي إِلَى الْبِلَاد وَقَالَ فِي فُصُول الْكتاب وَكَيف يدّعي الْعِصْمَة من لَا يعرف بِأَيّ يَد يَأْخُذ كِتَابه فَرَمَاهُ النَّاس عَن وَاحِدَة وتمكنت بغضته فِي الْقُلُوب فاستنصر بالنصارى وَبنى لَهُم كَنِيسَة عَظِيمَة بمراكش فثار عَلَيْهِ أَخُوهُ عمرَان ابْن الْمَنْصُور فَتوجه لمحاربته فخالفه يحيى ابْن النَّاصِر إِلَى مراكش فسبى حريمه وَنهب قصوره وأحدق الْمُسلمُونَ بالكنيسة وفتكوا بالنصارى وخربوا الْكَنِيسَة فَبَلغهُ ذَلِك وَهُوَ على سبتة فَرَحل قبل أَن ينَال مِنْهَا غَرضا وَرجع إِلَى مراكش فَمَاتَ فِي طَرِيقه كآبةً كَمَا ذكرت فِي أول هَذِه التَّرْجَمَة فِي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَقيل سنة تسع وَعشْرين وَكَانَ بليغاً فِي النّظم والنثر متفنّناً فِي الْعُلُوم وَمن توقيعاته أَن امْرَأَة رفعت إِلَيْهِ أَن جندياً نزل بدارها فرغبت إِلَيْهِ(8/210)
أَن تسكن فِي علّية تِلْكَ الدَّار فَتَركهَا تسكن ثمَّ طالبها بِالْأُجْرَةِ وَكَانَت فقيرة فوقّع على قصَّتهَا يخرج هَذَا النازلُ النازلُ وَلَا يعوّض بِشَيْء من النَّازِل وَكتب)
إِلَيْهِ كاتباه ابْن عَبَّاس وَابْن عشرَة يطلبان مِنْهُ أَن يزورا بلدهما فَلم يردّ عَلَيْهِمَا جَوَابا وكرّرا الطّلب ثَلَاث مَرَّات فَوَقع على قصتهما الثَّالِثَة لَا لَا لَا وَلَيْسَ لحَاجَة فيكما وَمن شعره وَقد قتل جنده ابْن اخته
(مَا ابْن أُخْتِي مِمَّن يعزّ على رو ... حَيّ وَإِن كَانَ قومه أعدائي)
(لَا تشلّ الْيَد الَّتِي جرعته ... حتفه فَهُوَ زَائِد فِي الدَّاء وَقَالَ لما بلغه قَول النَّاس عَنهُ هَذَا حجّاج)
الْمغرب لِكَثْرَة قَتله
(أَنا الْحجَّاج لني صبور ... مقرّ بِالْحِسَابِ وبالعقاب)
(وَأعلم أنّ لي بِفنَاء قوم ... عموا عَن رشدهم ذخر الثَّوَاب)
3 - (المتأيّد)
إِدْرِيس بن عَليّ حمود بن مَيْمُون بن أَحْمد بن عَليّ بن عبيد الله بن عمر بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب الملقب بالمتأيّد كَانَ نَائِب المعتلي يحيى بن عَليّ بن حمود وَهُوَ أَخُوهُ فِي سبتة فعندنا سقط عَلَيْهِ الْخَبَر بِأَمْر أَخِيه يحيى على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته بَادر فِي الْبَحْر إِلَى مالقة وَاسْتولى على قصبتها وخطب لَهُ بالخلافة وتلقب بالمتأيد
وتحزبت مَعَه صنهاجة أَصْحَاب غرناطة وزناتة أَصْحَاب قرمونة ووصلوا إِلَى إشبيلية واستولوا على حصن الْقصر وَكَانَت لَهُ خطوب كَثِيرَة وتفاتن بَنو حمود فِيمَا بَينهم حَتَّى كَانَ مِنْهُم ثَلَاثَة يدعى كل وَاحِد مِنْهُم بأمير الْمُؤمنِينَ فِي نَحْو مَسَافَة خَمْسَة أَيَّام فِي شريش وَفِي الجزيرة الخضراء وَفِي مالقة
3 - (العالي)
إِدْرِيس بن يحيى بن عَليّ بن حمود وَقد تقدم بَقِيَّة النّسَب فِي تَرْجَمَة المتأيد
بُويِعَ فِي مالقة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ولقب العالي وَقَامَ خَطِيبًا أَبُو مُحَمَّد غَانِم بن الْوَلِيد المَخْزُومِي أحد عُلَمَاء مالقة وَقَالَ
(اسْتقْبل الْملك إِمَام الْهدى ... بأربعٍ بعد ثلاثينا)
(خلَافَة العالي سمت نَحوه ... وَهُوَ ابْن خمسٍ بعد عشرينا)
(إنّي لأرجو يَا إِمَام الْهدى ... أَن تملك االناس ثمانينا)
)
(لَا رحم الله امْرَءًا لم يقل ... عِنْد دعائي لَك آمينا)
وَلم يكن فِي بني حمود مثل العالي أبدا ونبلاً وكرماً وللشعراء فِيهِ أمداح كَثِيرَة وَقد اشتهرت قصيدة ابْن مقانا الأشبوني فِيهِ وَقيل إنّه أنشدها لَهُ والعالي خلف حجاب على الْعَادة فِي ذَلِك فَلَمَّا وصل إِلَى قَوْله(8/211)
(وَكَأن الشَّمْس لّما أشرقت ... فانثنت عَنْهَا عُيُون الناظرين)
(وَجه إِدْرِيس بن يحيى بن عَليّ ... بن حمّودٍ أَمِير الْمُؤمنِينَ)
فَقَالَ العالي للحاجب صَاحب السّتْر قل لَهُ مليح مليح فَقَالَ لَهُ ذَلِك ثمَّ مرّ فِيهَا إِلَى أَن قَالَ
(كتب الْجُود على أبوابه ... أدخلوها بسلامٍ آمِنين)
(وَإِذا مَا نشرت رايته ... خَفَقت بَين جناحي جبرئين)
فَقَالَ العالي للحاجب قل لَهُ أَحْسَنت أَحْسَنت ثمَّ لما قَالَ
(يَا بني بنت النبّي الْمُصْطَفى ... حبّكم فِي أرضه دنيا وَدين)
(أنظرونا نقتبس من نوركم ... إنّه من نور ربّ الْعَالمين)
أَمر بِرَفْع الْحجاب وَأتم بَقِيَّة القصيدة وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ ثمَّ أَفَاضَ أَنْوَاع الْإِحْسَان عَلَيْهِ
وَكَانَ العالي يشْعر فِي مجَالِس منادماته لكنّه لَا يرضاه وَلَا يَجْسُر أحد أَن يرويهِ وَمن شعره
(انْظُر إِلَى الْبركَة وَالشَّمْس قد ... أَلْقَت عَلَيْهَا مطرفاً مذهبا)
(وَالطير قد دارت بِأَكْنَافِهَا ... والأنس قد نَادَى بهَا مرْحَبًا)
(فَاشْرَبْ عَلَيْهَا مثلهَا رقةً ... وبهجةً واحلل لَدَيْهَا الحبى)
وبلي العالي بأقاربه فنغّصوا ملكه حَتَّى انزوى إِلَى بعض الْجبَال وَكَانَت لَهُ مَعَهم خطوب طوال آل أمرهَا إِلَى أَن انقرضت دولتهم وتغلب باديس ابْن حيوس الصنهاجي صَاحب غرناطة على مالقة وتفرق بَنو حمود فِي الأقطار فَدخل مِنْهُم إِلَى جَزِيرَة صقلية مُحَمَّد بن عبد الله ابْن العالي إِدْرِيس الْمَذْكُور وَأشيع عَنهُ أنّه الْمهْدي الَّذِي يُوَافق اسْم النبّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسم أَبِيه
وَأَرَادَ ابْن الثمنة الثائر هُنَاكَ قَتله فَشَغلهُ الله عَنهُ وَاسْتولى رجّار الإفرنجي على صقلية فَذكر لَهُ أنّه من بَيت النُّبُوَّة فَأكْرمه وَنَشَأ ابْنه مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن عبد الله رجّار وَكَانَ أديباً ظريفاً شَاعِرًا مغرىً بِعلم جغرافيا فصنّف لرجّار الْكتاب الْمَشْهُور فِي أَيدي النَّاس الْمَنْسُوب إِلَى)
رجّار
3 - (الواثق المغربي)
إِدْرِيس بن عبد الله ابْن أبي حَفْص ابْن عبد الْمُؤمن الْملك أَبُو الْعَلَاء الواثق بِاللَّه أَبُو دبّوس صَاحب الغرب الْقَيْسِي آخر مُلُوك بني عبد الْمُؤمن وثب على ابْن عَمه عمر وَقَتله سنة خمس سِتِّينَ وَكَانَ شهماً شجاعاً مقداماً خرج عَلَيْهِ أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن عبد الْحق سيد آل مرين وَصَاحب تلمسان فجرت بَينهم حروب إِلَى أَن قتل أَبُو دبوس فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة بِظَاهِر مراكش فِي المصاف وَاسْتولى المرينيّ على مملكة الغرب وَانْقَضَت دولة آل عبد الْمُؤمن(8/212)
3 - (تَقِيّ الدبن ابْن مزيز)
إِدْرِيس مُحَمَّد ابْن أبي الْفرج بن الْحُسَيْن بن مزيزبزايين الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث تَقِيّ الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحَمَوِيّ سمع من أبي الْقَاسِم بن رَوَاحَة وأخيه النفيس وَصفِيَّة القرشية والموفق يعِيش النَّحْوِيّ ومدرك بن حُبَيْش وَالْقَاضِي أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْمُنعم وَهَذِه الطبة وَكتب الْأَجْزَاء وعني بِالْحَدِيثِ وتميز فِيهِ روى عَنهُ الدمياطي والمزي والبرزالي
ذكره ابْن الصَّابُونِي جمال الدّين فِي كتاب تَكْمِلَة إِكْمَال الْإِكْمَال فِي مزيز ومرير وصنف الْأَحْكَام كَبِيرا
3 - (الأندلسي الشَّاعِر)
إِدْرِيس بن الْيَمَان بن سامٍ أَبُو عَليّ الْعَبدَرِي الْمَعْرُوف بالشبيني الأندلسي الشَّاعِر روى عَن أبي الْعَلَاء صاعد اللّغَوِيّ وَتُوفِّي سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره
(وموسّدين على الأكفّ رؤوسهم ... قد غالهم فِي السكر مَا قد غالني)
(مَا زلت أسقيهم وأشرب فَضلهمْ ... حَتَّى انثنيت ونالهم مَا نالني)
(وَالْخمر تعرف كَيفَ تَأْخُذ حقّها ... إنّي أملت إناءها فأمالني)
وَمِنْه
(وفتيان صدقٍ عرّسوا تَحت دوحةٍ ... وَلَيْسَ لَهُم إِلَّا النَّبَات فرَاش)
(كأنّهم والنّور يسْقط فَوْقهم ... مصابيح تهوي نحوهنّ فرَاش)
وَمِنْه)
(وَأَنت إِذا استنزلت من جَانب الرضى ... نزلت نزُول الْغَيْث فِي الْبَلَد الْمحل)
(وَإِن عجم الْأَعْدَاء مِنْك حفيظةً ... وَقعت وُقُوع النَّار فِي الْحَطب الجزل)
وينسب إِلَيْهِ
(ثقلت زجاجات أتتنا فرّغاً ... حَتَّى إِذا ملئت بِصَرْف الرّاح)
(خفّت فَكَادَتْ أَن تطير بِمَا حوت ... إِن الجسوم تخف بالأرواح)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الْعَطَّار)
إِدْرِيس بن جَعْفَر بن يزِيد أَبُو مُحَمَّد الْعَطَّار سمع وحدّث عَنهُ الْكِبَار قَالَ الدراقطني مَتْرُوك توفّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ(8/213)
3 - (الحمزي)
إِدْرِيس بن عَليّ عبد الله الْأَمِير عماد الدّين الحسني الحمزي قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْبَاقِي اليمني أحد أُمَرَاء الطبلخانات بالدولة المؤيدية نَشأ بِصَنْعَاء وبلادها كَانَ إِمَامًا لَا يجارى وعالماً لَا يُبَارى أتقن الْعُلُوم وَسبق إِلَى الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم لَهُ الْأَدَب الْمَذْهَب وَكَانَ زيدي الْمَذْهَب رشحه أهل مذْهبه للْإِمَامَة وهمّوا بِأَن يقلدوه الزعامة فَنزع عَن الشان وَمَال إِلَى السُّلْطَان فأسكنه أقْصَى مَرَاتِب الْعليا وَكَانَت يَده الْيَد الْعليا جمع بَين الْكَرم والشجاعة وتقدّم فِي أَرْبَاب البراعة توفّي عَام ثَلَاثَة عشر وَسَبْعمائة فَمن ذَلِك قصيدة يمدح بهَا السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد
(عوجا على الرّبع من سلمى بِذِي قار ... واستوقفا العيس لي فِي ساحة الدَّار)
(وسائلاها عَسى تنبئكما خَبرا ... يشفي فُؤَادِي وَيَقْضِي بعض أوطاري)
وَمِنْهَا
(يَا رَاكِبًا بلّغن بني حسن ... وخصّ حَمْزَة قومِي عصمَة الْجَار)
(أنّ المؤيّد أسماني وقّربني ... واختارني وَهُوَ حَقًا خير مُخْتَار)
(أعطي وأمطى وأسدى كلّ عارفة ... يقصّر الشُّكْر عَنْهَا أَي إقْصَار)
(واختصّني بولاءٍ فزت مِنْهُ بِهِ ... فَأصْبح الزنّد منّي أيّما واري)
(فلست أخْشَى لريب الدَّهْر من حدث ... وَلَا أُبَالِي بأهوالٍ وأخطار)
(وَكَيف خوفي لدهري بَعْدَمَا علقت ... كفي بملكٍ شَدِيد الْبَطْش جبّار)
)
(الأروع الْأَغْلَب الغلاّب والأسد ال ... لَيْث الهصور الهزبر الضيغم الضاري)
(بِمن إِذا خَفَقت راياته خضعت ... لَهَا الْمُلُوك وخافت حكمه الْجَارِي)
(وقابلته بِمَا يهواه باذلةً ... مَا يرتضي من أقاليم وأمصار)
وَله وَقد جَاءَت الرُّسُل من مصر فِي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة
(لم يأتك الرُّسُل من مصرٍ وساكنها ... إلاّ مؤدية حَقًا لكم يجب)
(وَحين لاحت قُصُور الْحصن لَاحَ لَهُم ... من نور وَجهك مَا لَا تستر الْحجب)
(واستقبلوا الْعَسْكَر الْمَنْصُور فانصدعت ... قُلُوبهم فَهِيَ فِي أَجْوَافهم تجب)
(كتائباً مثل ضوء الشَّمْس قسطلها ... كالليل لَكِن بهَا مِنْك القنا شهب)
(حفّت بهم فَرَأَوْا أسداً ضراغمة ... عاداتهم فِي الوغى إِن غولبوا غلبوا)
(وَكَيف لَا والأمين الرّوح يقدمهم ... فِي كلّ روعٍ وحيزوم بِهِ يثب)
(وعاينوا مِنْك وَجها طالما خضعت ... لَهُ الْوُجُوه وَقَامَت باسمه الْحَطب)(8/214)
وللشريف الْمَذْكُور وَقد أحَاط بِهِ الأعادي وهمّوا بقتْله وَأَبَان عَن شجاعةٍ عَظِيمَة وكبا فرسه واحتمى عَلَيْهِ بَنو عمّه وَكَانَ منقذاً لِأَخِيهِ من الأعادي أنْشد فِي ذَلِك الْمقَام وَهُوَ فِي شَدِيد من الآلام بل قد عاين الْحمام والأعداء فِي الْإِقْدَام وَهُوَ فِي الإحجام
(وَلَو لم يخنّي عِنْد صنوي كبوة ... من الْأَحْمَر الجيّاش مَا فَاتَ مطلب)
(ولكنّ خرصان الرماح تشاجرت ... هُنَالك حَتَّى كَاد يودي ويعطب)
(الألقاب)
أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ اسْمه عَائِذ الله بن عبد الله
الإدريسي الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد
الأدفوي كَمَال الدّين جَعْفَر بن تغلب
الأدفوي الْمُفَسّر مُحَمَّد بن عَليّ
الأدلم المري دَاوُد بن سلم
(أدهم)
3 - (الْأَمِير الْحِمصِي)
أدهم بن مُحرز الْبَاهِلِيّ الْحِمصِي الْأَمِير أول من ولد بحمص شهد صفّين مَعَ مُعَاوِيَة وَتُوفِّي سنة تسعين لِلْهِجْرَةِ تَقْرِيبًا
(أَدِيم)
3 - (أَدِيم التغلبي)
ذكره شريك عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن أبي وَائِل فِي حَدِيث الصبّي بن معبد
(أذينه)
3 - (أذينة الْكِنَانِي)
أذينة بن معدّ أَخُو بني لَيْث من كنَانَة لما غلب ابْن الزبير على مكّة كتب يزِيد بن مُعَاوِيَة إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ يَأْمُرهُ بِحَبْس عبد الله بن مُطِيع وَخَافَ وثوبه فحسبه فَذهب فتيَان بني عدي فأخرجوه من السجْن عنْوَة فَقَالَ أذينة فِي ذَلِك
(عزّت عديّ بن كعبٍ فِي الْبِلَاد وَمن ... كَانَت عديّ لَهُ أصلا وأنصارا)(8/215)
(نجّت عدي أخاها بَعْدَمَا خفضت ... لَهُ الْمنية أنياباً وأظفارا)
(تأبى الْإِمَارَة إلاّ ضيم سادتها ... وَالله يَأْبَى لَهَا بالضيم إِقْرَارا)
(فكم ترى فيهم يَوْمًا إِذا حَضَرُوا ... ذَوي بصائر فِي الْخيرَات أحرارا)
(وعدة فضلوا مجداً ومكرمة ... ساسوا مَعَ الْحلم أحساباً وأخطارا)
(يعمّ بذلهم الْأَحْيَاء قاطبةً ... كالنيل يركب بلداناً وأمصارا)
(بهم ينَال أخوهم بعد همّته ... وتقتضي بهم الأوتار أوتارا)
3 - (الصَّحَابِيّ)
أذينة الْعَبْدي وَالِد عبد الرَّحْمَن بن أذينة اخْتلف فِيهِ فَقيل أذينة بن مُسلم الْعَبْدي من عبد الْقَيْس فِي ربيعَة وَقيل أذينة بن الْحَارِث بن معمر بن العوف وَقد قَالَ فِيهِ بَعضهم الشنيبالشين الْمُعْجَمَة وَالنُّون الْمُشَدّدَة وَلَا يصلح روى عَنهُ ابْنه الرَّحْمَن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كفّارة الْيَمين
(الْأَذْرَعِيّ)
الْأَذْرَعِيّ قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين عبد الله بن مُحَمَّد
الْأَذْرَعِيّ جمال الدّين قَاضِي الْقُضَاة سُلَيْمَان بن عمر
(أراق)
3 - (نَائِب صفد)
أراق الفتّاح الْأَمِير سيف الدّين كَانَ يتَوَلَّى فتح السجْن الَّذِي يعتقل فِيهِ الْأُمَرَاء أخرجه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد نَائِبا بقلعة صفد فِي ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَلم يزل بالقلعة الْمَذْكُورَة نَائِبا إِلَى أَن طلب الْإِقَالَة مِنْهَا واستعفى فأعفاه السُّلْطَان الْملك الصَّالح فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَحضر إِلَى دمشق وَأقَام بهَا أَمِيرا ثمَّ جهّز إِلَى غَزَّة نَائِبا فَأَقَامَ بهَا وَأمْسك الْأَمِير سيف الدّين الْملك لنا توجه من صفد فرسم لَهُ بنيابة السلطنة بصفد عوضا عَنهُ فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن برز نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي إِلَى الجسور أَيَّام الْكَامِل وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين أراق مِمَّن حضر إِلَيْهِ من نواب الشَّام ثمَّ إنّه عَاد إِلَى صفد على نيابتها إِلَى أَن حضر إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه نَائِبا فِي أَوَائِل شَوَّال سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَتوجه أراق إِلَى حلب أَمِيرا فَأَقَامَ هُنَاكَ شَهْرَيْن ثمَّ رسم لَهُ بِالْعودِ إِلَى صفد أَمِيرا فوصل إِلَى دمشق ثمَّ ورد بإقامته بِدِمَشْق أَمِيرا فَأَقَامَ بهَا
(أَرْبَد)
3 - (أَرْبَد أَخُو لبيد)
أَرْبَد بن قيس أَخُو لبيد قَالَ صَاحب الأغاني وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلّم وَفد بني عَامر بن صعصعة وَفِيهِمْ عَامر بن الطِّفْل وأربد ابْن قيس وجبار بن سلمي وَكَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة رُؤُوس الْقَوْم وشياطينهم فَقَالَ عَامر لأربد إِذا أَقبلنَا على الرجل فَإِنِّي شاغل(8/216)
عَنْك وَجهه فَإِذا فعلت أَنا ذَلِك فَاعله بِالسَّيْفِ فَقَالَ عَامر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خالّني فَقَالَ لَا وَالله حَتَّى تؤمن بِاللَّه وَحده لَا شريك لَهُ فَلَمَّا أَبى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أما وَالله لأملأنّها خيلاً حمراً ورجالاً سمراً فَلَمَّا ولّي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامر بن الطُّفَيْل فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْده قَالَ عَامر لأربد وَيلك يَا أَرْبَد أَيْن مَا كنت وصّيتك بِهِ وَالله مَا كَانَ على وَجه الأَرْض رجل هُوَ الأَرْض رجل هُوَ أخوف على نَفسِي مِنْك وأيم الله لَا أخافك بعد الْيَوْم أبدا قَالَ لَا تعجل علّي لَا أَبَاك لَك وَالله ماهممت بِالَّذِي أَمرتنِي بِهِ من مرّة إِلَّا دخلت بيني وَبَينه حَتَّى مَا أرى غَيْرك أفأضربك بِالسَّيْفِ فَقَالَ عَامر
(بعث الرَّسُول بِمَا يرى قكأنما ... عمدا أسدّ على المقانب عارا)
(وَلَقَد وردن بِنَا الْمَدِينَة شزبّا ... وَلَقَد قتلن بجوّها الأنصارا)
وَخَرجُوا رَاجِعين إِلَى بِلَادهمْ حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق بعث الله على عَامر الطَّاعُون وسوف نذْكر فِي تَرْجَمَة عامرٍ كَيْفيَّة مَوته وأمّا أَرْبَد فإنّه وصل إِلَى قومه فَقَالُوا لَهُ ماوراءك يَا أَرْبَد فَقَالَ لقد دَعَانَا إِلَى عبَادَة شَيْء لوددته عِنْدِي الْآن فأرميه بنبلي هَذِه فَأَقْتُلهُ فَخرج بعد مقَالَته هَذِه بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ مَعَه جمل يتبعهُ فَأرْسل الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى جمله صَاعِقَة فأحرقتهما وَكَانَ أَرْبَد بن قيس أَخا لبيد لأمّه فَقَالَ لبيد يرثيه
(مَا أَن تعدّى الْمنون من أحد ... لَا وَالِد مشفقٍ وَلَا ولد)
(أخْشَى على أَرْبَد الحتوف وَلَا ... أرهب نوء السماك والأسد)
(فجّعني الرَّعْد وَالصَّوَاعِق بالفا ... رس يَوْم الكريهة النجد)
(يَا عين هلاّ بَكَيْت أَرْبَد إِذْ ... قمنا وَقَامَ الْخُصُوم فِي كبد)
(وَعين هلا بَكَيْت أَرْبَد إِذْ ... ألوت ريَاح الشتَاء بالنّضد)
(حُلْو كريم وَفِي حلاوته ... مرّ لطيف الأحشاء والكبد)
)
3 - (الصَّحَابِيّ)
أَرْبَد بن حميربالحاء الْمُهْملَة تَصْغِير حمارذكره إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق فِي من هَاجر إِلَى الْمَدِينَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم(8/217)
(أربكوون)
3 - (سُلْطَان الْعرَاق)
أربكوون بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْكَاف وَضم الْوَاو الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة وَفِي آخِره نون صَاحب الْعرَاق وأذربيجان وَالروم من ذُرِّيَّة جنكزخان نَشأ فِي غمار النَّاس جندياً وَكَانَ أَبوهُ قد قتل فَلَمَّا توفّي السُّلْطَان بوسعيد شاور الْوَزير غياث الدّين مُحَمَّد مقدمي التتار وَقَالَ هَذَا الرجل من الْعظم فَبَايعُوهُ وَبَايَعَهُ الْأُمَرَاء وَجلسَ على التخت وَقتل الخاتون بغداذ بنت جوبان زَوْجَة بو يُعِيد وَكَانَ عَليّ باشا بالجزيرة فَلم يدْخل فِي الطَّاعَة فَسَار وَأخذ بغداذ وجبى الْأَمْوَال وتصرّف وَجَرت أُمُور يطول شرحها وَقتل عَليّ باشا أربكوون هَذَا وَقتل الْوَزير فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فَكَانَت مُدَّة ملكه شهيرات وَقيل إنّه كَانَ نَصْرَانِيّ الدّين ألبس التتار السراقوجات وَقَالَ أَنْتُم هادنتم الْمُسلمين وَكَانَ قد قصد الدُّخُول إِلَى الشَّام فَكفى الله شرَّه عَاجلا
(الإربلي)
الإربلي صَلَاح الدّين اسْمه أَحْمد بن عبد السَّيِّد الإربلي مجد الدّين ابْن الظهير مُحَمَّد بن أَحْمد الإربلي الْعِزّ الضَّرِير الْحسن بن مُحَمَّد الإربلي شرف الدّين الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الإربلي العزّ الطَّبِيب اسْمه حسن بن أَحْمد الإربلي جمال الدّين يُوسُف بن يَعْقُوب
(أرتاش)
3 - (صَاحب دمشق)
أرتاش وَيُقَال ألتاش ابْن السُّلْطَان تتش بن ألب رسْلَان أَخُو صَاحب دمشق دقاق سجنه أَخُوهُ ببعلبك فَلَمَّا مَاتَ دقاق أطلقهُ الْأَمِير طغتكين وأقدمه دمشق وأقامه فِي السلطنة فَأَقَامَ فِيهَا ثَلَاثَة أشهر ثمَّ خرج سرا لأمر خافه وتوهمه من طغتكين وَقدم على بغدوين ملك الفرنج فَلم ير مِنْهُ إقبالاً فتوّجه على الرحبة إِلَى الشرق فَهَلَك هُنَاكَ سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
(أرتق)
3 - (جد الْمُلُوك الأرتقية)
أرتق بن أكسب جد الْمُلُوك الأرتقية هُوَ رجل من التركمان تغلّب على حلوان والجبل ثمَّ سَار إِلَى الشَّام مفارقاً لفخر الدولة أبي نصر مُحَمَّد بن جهير خَائفًا من السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه سنة ثَمَان أَو تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَملك الْقُدس من جِهَة(8/218)
تَاج الدولة تتش السلجوقي الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله وَكَانَ رجلا شهماً ذَا عَزمَة وسعادة وجد واجتهاد وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتَوَلَّى وَلَده سكمان الْقُدس بعده وذرته إِلَى الْآن مُلُوك ماردين وَسَيَأْتِي ذكر سكمان وأخيه نجم الدّين إيلغازي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الْمَنْصُور صَاحب ماردين)
أرتق بن الْملك أرسلان بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي الأرتقي التركماني صَاحب ماردين الْملك الْمَنْصُور نَاصِر الدّين وَليهَا بعد أَخِيه حسام الدّين إيلغازي وَهُوَ دون الْبلُوغ وَكَانَ أتابكه مَمْلُوك أَخِيه وَزوج أمه فَلَمَّا تمكن قَتلهمَا سنة سِتّمائَة واستقام أمره وَكَانَ عادلاً حسن السِّيرَة يَصُوم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس وَيتْرك الْخمر فِي الثَّلَاثَة أشهر وَقَتله مماليكه بمواطأةٍ من ولد وَلَده ألبي غَازِي ابْن أرتق وَكَانَ شَدِيد الْمحبَّة لهَذَا إلاَّ أنّه كَانَ قد أبعد وَالِده بِحَيْثُ أنّه حلق رَأسه وتمفقر فَغَضب أَبوهُ عَلَيْهِ وحبسه فَلَمَّا قتل أخرجه ابْنه وَحلف لَهُ وَقَامَ بِأَمْر سلطنته وَكَانَت قتلته أَعنِي الْمَنْصُور سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (ابْن جِلْدك شحنة بغذاذ)
أرتق بن جِلْدك بن عبد الله المقتفوي كَانَ شحنة بغداذ ثمَّ تلاك الجنديّة وسلك طَرِيق الْفقر وسمى نَفسه مُحَمَّدًا وَصَارَ يتَكَلَّم على طَريقَة أهل الْحَقِيقَة على النَّاس فِي جَامع الْقصر ويحضر عِنْده جمَاعَة من الْعَوام وَصَارَ يتَكَلَّم فِي الْأُصُول وَيذْهب إِلَى مَذَاهِب غَرِيبَة وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْجَهْل فِيهَا فَمنع من الْكَلَام فِي جَامع الْقصر فَكتب شَيْئا من كَلَامه وعقيدته وَعرضه على الْفُقَهَاء فَكَتَبُوا خطّهم بِصِحَّتِهِ فَسكت النَّاس عَنهُ ثمَّ عاود الْكَلَام بِجَامِع الْقصر وَحضر عِنْده جمع قَلِيل وَتُوفِّي سنة سِتّ وسِتمِائَة
(أرتنا)
3 - (حَاكم الرّوم)
أرتنابفتح الْهمزَة وَبعد الرَّاء الْمَفْتُوحَة تَاء ثَالِثَة الْحُرُوف سَاكِنة ثمَّ نون وألفالحاكم بِبِلَاد الرّوم من جِهَة بوسعيد كَاتب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بعد وَفَاة بوسعيد وَقَالَ أُرِيد أكون نائبك فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَبعث إِلَيْهِ الْخلْع السّنيَّة ثمَّ كتب إِلَيْهِ نَائِب السلطنة الشَّرِيفَة بالبلاد الرومية وَلم تزل رسله تترد إِلَيْهِ إِلَى آخر وَقت وَوَقع بَينه وَبَين أَوْلَاد تمرتاش فَجمعُوا لَهُ العساكر وَجَاءُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُمْ القان سُلَيْمَان فكسرهم بصحراء أكرنبوكبكافين بَينهمَا رَاء وَنون وباء ثَانِيَة الْحُرُوف وواو وَقبل الْكَاف الأولى همزَة وَأسر جمَاعَة من أمرائهم وغنم من أَمْوَالهم شَيْئا كثيرا وَهَزَمَهُمْ أقبح هزيمَة وَمِنْهَا خمل سُلَيْمَان القان وَعظم أرتنا فِي النُّفُوس وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي إِحْدَى الجمادين وَقلت وَقد جَاءَ الْخَبَر بوفاته فِي أَوَائِل الْمحرم سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة
(بمملكة الرّوم حلّ الردى ... لأجل النّوين الَّذِي قد فَقدنَا)(8/219)
(فتباً لصرف اللّيالي الَّتِي ... أرتنا أرتنا كَمَا لَا أردنَا)
(أرجواش)
3 - (نَائِب قلعة دمشق)
أرجواش الْأَمِير علم الدّين سنجر المنصوري نَائِب قلعة دمشق من أَيَّام أستاذه الْمَنْصُور كَانَ شهماً شجاعاً مهيباً لم يخرج مدّة ولَايَته من القلعة وَلَا سيّر وقيّده الْأَشْرَف وَألبسهُ عباءة ليَقْتُلهُ ثمَّ عَفا عَنهُ ثمَّ إنّه خلع عَلَيْهِ فِي رَمَضَان سنة تسعين وسِتمِائَة وَأَعَادَهُ إِلَى نِيَابَة قلعة دمشق
وَكَانَ فعل بِهِ ذَلِك بعد عوده من عكا وَكَانَ أَعور وَلَقَد حفظ القلعة بل قلاع الشَّام نوبَة غازان وحوصر ونهض وَقَامَ أكمل قيام وساس الرّعية وَعظم فِي النُّفُوس وَثَبت ثباتاً كلياً وتسلق التتار من دَار السَّعَادَة وطلعوا سطحها وتسلّطوا على القلعة ورموها بالنشاب فَرمى عَلَيْهِم قَوَارِير النفط فاحترقت الأخشاب وَسَقَطت السقوف بهم وَفعل ذَلِك بدار الحَدِيث الأشرفية والعادلية وكلّ مَا تسلّط على القلعة وعَلى الحملة فلولا مَا اعْتَمدهُ من الهمّة والثبات ملك التتار الشَّام جَمِيعه وَكَانَت عِنْده سَلامَة بَاطِن إِلَى الْغَايَة حكى لي عَنهُ عبد تغني الْفَقِير الْمَعْرُوف قَالَ لما مَاتَ الْملك الْمَنْصُور قَالَ لي أحضر لي مقرئين يقرأون ختمةً للسُّلْطَان فأحضرت إِلَيْهِ جمَاعَة فَجعلُوا يقرأون على الْعَادة فأحضر دبّوساً وَقَالَ كَيفَ يكون للسُّلْطَان هَذِه الْقِرَاءَة يقرأون عَالِيا فضجّوا بِالْقِرَاءَةِ جهدهمْ وطاقتهم فلمّا فرغوا مِنْهَا قلت يَا خوند فرغت الختمة فَقَالَ يقرأون أُخْرَى فقرأوها وقفّزوا مَا أَرَادوا فَلَمَّا فرغوها أعلمته قَالَ والك السما ثَلَاثَة وَالْأَرْض ثَلَاثَة وَالْأَيَّام ثَلَاثَة والمعادن ثَلَاثَة وكل مَا فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَة ثَلَاثَة يقرأون أُخْرَى فَقلت اقرأوها واحمدوا الله على أنّه ماعلم أَن هَذِه الْأَشْيَاء سَبْعَة سَبْعَة فَلَمَّا فرغوا الثَّالِثَة وَقد هَلَكُوا من صراخهم قَالَ دعهم عنْدك فِي الترسيم إِلَى بكرَة ورح اكْتُبْ عَلَيْهِم حجّةً بالقسامة الشَّرِيفَة بِاللَّه تَعَالَى وبنعمة السُّلْطَان أَن ثَوَاب هَذِه الختمات لمولانا السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور
فَفعلت ذَلِك وَجئْت إِلَيْهِ بِالْحجَّةِ فَقَالَ هَذَا جيد أصحّ الله أبدانكم وَصرف لَهُم أجرتهم وَله عَنهُ حكايات كَثِيرَة كَانَ يحكيها عَنهُ تدل على تغفل كثير توفّي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة
3 - (الألقاب)
الأرّجاني الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
ابْن الأردخل الشَّاعِر اسْمه أَحْمد أبي الْحسن بن يُمن
ابْن الأرجواني اسْمه غشم وَيُقَال غشمشم)
ابْن أرزاق يحيى بن همّام
الأرزني يحيى بن مُحَمَّد
الأرموي تَاج الدّين مُحَمَّد بن حسن(8/220)
(أرجوان)
3 - (وَالِدَة الْمُقْتَدِي)
أرجوان الأرمنية اسْمهَا قرّة الْعين يَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْقَاف فِي مَكَانَهُ
(أرسلان)
3 - (البساسيري)
أرسلان بن عبد الله أَبُو الْحَارِث البساسيريبفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة وَبعد الْألف سين أُخْرَى مَكْسُورَة وياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَبعدهَا راءهذه نِسْبَة إِلَى بلد بسا وَهِي يالعربية فسا وَأهل فَارس ينسبون إِلَيْهَا هَكَذَا هُوَ مقدم الأتراك ببغداذ وَيُقَال إنّه كَانَ مَمْلُوك بهاء الدولة ابْن عضد الدولة ابْن بوية وَهُوَ الَّذِي خرج على الإِمَام الْقَائِم وَكَانَ قد قدمّه على جَمِيع الأتراك وقلده الْأُمُور بأسرها وخطب لَهُ على مَنَابِر الْعرَاق وخوزستان فَعظم أمره وهابته الْمُلُوك ثمَّ خرج على الْقَائِم وخطب للمستنصر العبيدي صَاحب مصر فراح الْقَائِم إِلَى أَمِير الْعَرَب محيي الدّين أبي الْحَارِث مهارش بن المجلي الْعقيلِيّ صَاحب الحديثة وعانه فآواه وَقَامَ بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مدّة سنة كَامِلَة حَتَّى جَاءَ طغرلبك السلجوقي وَقَاتل البساسيري وَقَتله وَعَاد الْقَائِم بعد ذَاك إِلَى بغداذ وَكَانَ دُخُوله إِلَيْهَا فِي مثل الْيَوْم الَّذِي خرج مِنْهَا وَبَينهمَا سنة كَامِلَة وَكَانَت قتلة البساسيري يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وطيف بِرَأْسِهِ فِي بغداذ وصلب قبالة بَاب النوبي
3 - (الْعَادِل نور الدّين صَاحب الْموصل)
أرسلان شاه أَبُو الْحَارِث ابْن عز الدّين مَسْعُود بن قطب الدّين مودود ابْن عماد الدّين زنكي بن آقسنقر صَاحب الْموصل الْمَعْرُوف بأتابك الْملك الْعَادِل نور الدّين كَانَ صَاحب الْموصل وَابْن صَاحبهَا ملك الْموصل ثَمَانِيَة عشر سنة وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَحَد تَاسِع عشْرين رَجَب سنة سبع وسِتمِائَة يالشط من الشبارة ظَاهر الْموصل وَدفن فِي تربته وَكَانَ ملكا شهماً عَارِفًا بالأمور انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلم يكن فِي بَيته شَافِعِيّ سواهُ وَبنى مدرسة للشَّافِعِيَّة)
بالموصل قلّ أَن يُوجد مدرسة فِي حسنها وخلّف وَلدين وهما الْملك القاهر عز الدّين مَسْعُود وَالْملك الْمَنْصُور عماد الدّين زنكي وَسَيَأْتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ الْعَادِل بَخِيلًا جباراً متكبّراً سفاكاً للدماء حبس أَخَاهُ عَلَاء الدّين إِلَى أَن مَاتَ فِي حَبسه(8/221)
3 - (صَاحب غزنة)
أرسلان شاه ابْن السُّلْطَان عَلَاء الدّين الدولة مَسْعُود بن إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود ابْن السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين ولي مملكة غزنة بعد أَبِيه سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة وخنق فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة
3 - (صَاحب خوارزم)
أرسلان بن خوارزم شاه اتسز بن مُحَمَّد بن أنوشتكين رَجَعَ من قتال أمّة الخطا مَرِيضا فَمَاتَ فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ حَاكما على خوارزم وأعمالها وتملك بعده ابْنه سُلْطَان شاه مَحْمُود وأمّا ابْنه الآخر عَلَاء الدّين تكش وَهُوَ الْأَكْبَر كَانَ مُقيما بالجند فَلَمَّا بلغه تملك أَخِيه الصَّغِير غضب وَقصد ملك الخطا واستمده فَبعث مَعَه جَيْشًا فَلَمَّا قاربوا خوارزم خرج سُلْطَان شاه ووالدته إِلَى الْمُؤَيد صَاحب نيسابور وتملك عَلَاء الدّين خوارزم وبلادها بِغَيْر قتال وأمّا الْمُؤَيد فَسَار مَعَ مَحْمُود فَلَمَّا قَارب خوارزم والتقوا انْهَزَمت الخراسانية لما حميت الْحَرْب وَأسر الْمُؤَيد وَقتل بَين يَدي عَلَاء الدّين صبرا وهرب مَحْمُود وأمّه إِلَى دهستان فَحَاصَرَهُمْ تكش وَفتح الْبَلَد وهرب مَحْمُود وَأَمْسَكت أمه فَقَتلهَا تكش وَقَامَ بعد الْمُؤَيد ابْنه طغان شاه أَبُو بكر وَسَار عَلَاء الدّين إِلَى ملك الْغَوْر فَأكْرمه
3 - (الْحَافِظ صَاحب جعبر)
أرسلان شاه ابْن أبي بكر بن أَيُّوب السُّلْطَان الْملك الْحَافِظ نور الدّين ابْن الْعَادِل صَاحب جعبر
تملك قلعة جعبر دهراً طَويلا وَكَانَ بهَا خزانَة عَظِيمَة لوالده فَلَمَّا توفّي أَبوهُ أَخذهَا هُوَ فلمّا كَانَ فِي أَوَاخِر أمره وَخَافَ من الخوارزمية أرسل إِلَى أَخِيه صَاحب حلب ليسلّم إِلَيْهِ قلعة جعبر وبالس ويعوضه بِمَدِينَة عزاز فتم ذَلِك وتسلّم الحلبيون قلعة جعبر وَقدم الْحَافِظ إِلَى حلب وَاجْتمعَ بأَخيه وتسلم نوابه بلد عزاز وقلعتها فطمع الخوارزمية وأغاروا على جعبر وبالس ثمَّ إنّه سكن عزاز وَتُوفِّي بهَا سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَحمل تابوته إِلَى حلب وَدفن بالفردوس)(8/222)
3 - (صَاحب شهرزور)
أرسلان شاه هُوَ السُّلْطَان نور الدّين صَاحب شهرزور ابْن عماد الدّين زنكي ابْن نور الدّين رسْلَان ابْن السُّلْطَان عز الدّين مَسْعُود ابْن السُّلْطَان قطب الدّين مودود ابْن أتابك زنكي ابْن قسيم الدولة آقسنقر بن عبد الله التركي الأَصْل كَانَ محبوباً إِلَى وَالِده فَلَمَّا احْتضرَ أَخذ لَهُ الْعَهْد وَملك بعدة شهرزور وَكَانَ شجاعاً لَاقَى التتار غير مرّة وَقدم بغداذ بعساكره لنصرة الْإِسْلَام فبهر الْأَنَام بجماله وَتُوفِّي بقلعته فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (أَسد الدّين ابْن الزَّاهِر)
أرسلان شاه الْأَمِير أَسد الدّين ابْن الْملك الزَّاهِر مجير الدّين دَاوُد ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب كَانَ شجاعاً شهماً حسن الشكل كَرِيمًا وَكَانَ أَبوهُ شَبِيها بِهِ وَهُوَ شَقِيق الظَّاهِر غَازِي وسلطان البيرة فَتوفي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وتملك البيرة بعده الْعَزِيز صَاحب حلب وَأقَام نساؤه وَأَوْلَاده عِنْده بحلب عِنْد ابْن عمهم وَقتل أَسد الدّين هَذَا ببواشر حلب أول دُخُول التتار إِلَيْهَا سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الْملك الْمُعظم)
أرسلان بن دَاوُد بن يُوسُف الْملك الْمُعظم ركن الدّين ابْن الزَّاهِر ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين
ولد بقلعة البيرة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة حدّث بِإِجَازَة عَامَّة من الصيدلاني وَأَجَازَ للبرزالي وَجَمَاعَة وَحدث بِدِمَشْق والقاهرة وَسمع مِنْهُ الْمزي بِقِرَاءَة ابْن جعوان قلت هَكَذَا رَأَيْت الشَّيْخ شمس الدّين ذكر هذَيْن الاسمين فِي هَاتين السنتين فأثبتّ هَذَا الثَّانِي لّما خَالف الأول فِي اللقب وتاريخ الْوَفَاة فَهُوَ إمّا الْمَذْكُور أَولا أَو كَانَ لَهُ أَخ سَمَّاهُ أَبوهُ باسم أَخِيه لِأَنَّهُمَا كِلَاهُمَا إبنا الْملك الزَّاهِر مجير الدّين دَاوُد ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف وَالله أعلم
3 - (السلجوقي)
أرسلان بن طغرل بن مُحَمَّد بن ملشكاه السلجوقي السُّلْطَان كَانَ الْقَائِم بدولته زوج أمه شمس الدّين ألدكز وَابْنه البهلوان وَكَانَ أرسلان سُلْطَانا مستضعفاً لَهُ السِّكَّة وَالْخطْبَة ولّما مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة خطب بعده لوَلَده طغرل الَّذِي قَتله خوارزم شاه
3 - (ابْن سيف الْمُجَاهدين)
)
أرسلان تكين بن الطنطاش بن عبد الله التركي أَبُو الْحَارِث الْمَعْرُوف بتبن سيف الْمُجَاهدين
سمع الْحسن بن أَحْمد بن شَاذان وَأَبا الْقَاسِم عبد الْملك ابْن بَشرَان وَأَبا مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن السواق وحدّث باليسير وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَتُوفِّي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة(8/223)
3 - (أَبُو مُحَمَّد الأرمني)
أرسلان بن عبد الله الأرمني أَبُو مُحَمَّد مولى السيدة بنت الإِمَام المقتفي
سمع أَبَا الْمَعَالِي أَحْمد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد الباجرائي قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ شئياً وَكَانَ شَيخا متديناً حسن الطَّرِيقَة مليح الْوَجْه طيب الْأَخْلَاق توفّي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَدفن بالوردية
3 - (أَبُو ظافر الْفراش)
أرسلان بن ينَال بن عبد الله العفيفي أَبُو ظافر ابْن أبي مَنْصُور الْفراش سمع الشريف أَبَا الغنايم عبد الصَّمد بن عَليّ بن الْمَأْمُون وحدّث باليسير سمع مِنْهُ أَبُو الْحسن عبي بن أَحْمد اليزدي وَأَبُو الْفَضَائِل عبد الله ين مُحَمَّد بن أَحْمد الحاضنة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة
3 - (الشَّيْخ رسْلَان رَضِي الله عَنهُ)
أرسلان بن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الجعبري الأَصْل الدِّمَشْقِي الدَّار الشَّيْخ النشار الزَّاهِد الْقدْوَة رَضِي الله عَنهُ صحب شَيْخه أَبَا عَامر الْمُؤَدب وَهُوَ مقبور أَعنِي الشَّيْخ أرسلان فِي بَاب توما فِي التربة الْمَعْرُوفَة بِهِ فِي الْقَبْر الْأَوْسَط وَصَحب شَيْخه أَبَا عَامر ياسين وَهُوَ صحب الشَّيْخ عَليّ بن علُيم وَهُوَ صحب الشَّيْخ أَبَا سعيد أَحْمد بن عِيسَى الخراز وَهُوَ صحب السّري السَّقطِي وَتُوفِّي الشَّيْخ رسْلَان سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا قَالَ شمي الدّين الْجَزرِي قَالَ الشَّيْخ دَاوُد كَانَ الشَّيْخ أَحْمد بن الرِّفَاعِي قد دَار النخيل الَّذِي لَهُ وعيّن وَاحِدَة وَقَالَ لأَصْحَابه إِذا اسْتَوَت هَذِه أهديناها إِلَى السيخ رسْلَان فَمر بهَا بعد مُدَّة فَوجدَ أَكثر مَا عَلَيْهَا قد رَاح فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لم يطلع إِلَيْهَا أحد لَكِن فِي كل يَوْم يَجِيء إِلَيْهَا بازي أَشهب يَأْكُل مِنْهَا وَلَا يقرب غَيرهَا ثمَّ يطير فَقَالَ لَهُم الْبَازِي الَّذِي يَجِيء إِلَيْهَا هُوَ الشَّيْخ رسْلَان فَلذَلِك يُقَال لَهُ الباز الْأَشْهب ولّما احْتضرَ أَبُو عَامر الْمُؤَدب سَأَلُوهُ أَن يُوصي إِلَى وَلَده عَامر)
فَقَالَ عَامر خراب ورسلان فَلَمَّا توفّي الشَّيْخ أَبُو عَامر قَامَ الشَّيْخ رسْلَان مقَامه وَلم تجىء وَلم من عَامر حَالَة
3 - (بهاء الدّين الدوادار)
أرسلان الْأَمِير بهاء الدّين الدوادار كَانَ أَولا عِنْد الْأَمِير سيف الدّين سلار خصيصاً بِهِ فَلَمَّا كَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد جَاءَ من الكرك فِي الْمرة الْأَخِيرَة بعساكر الشَّام وتلقاه الْعَسْكَر الْمصْرِيّ وَنزل بالرّيّدانية ظَاهر الْقَاهِرَة اطّلع بهاء الدّين أرسلان على أَنهم اتَّفقُوا على أَن يهجموا عَلَيْهِ الدهليز ويقتلوه يَوْم الْعِيد أول شَوَّال فجَاء إِلَيْهِ وعرّفه الْحَال وَقَالَ لَهُ اخْرُج السَّاعَة واطلع إِلَى القلعة واملكها ففتحوا لَهُ شرج الخام وَخرج من غير الْبَاب وسَاق من وقته وطلع إِلَى قلعة الْجَبَل وملكها وَكَانَ سَببا فِي نجاته فرعى لَهُ ذَلِك وَلما خرج أيدمر الدوادار من الْقَاهِرَة إِلَى الشَّام رتب بهاء الدّين أرسلان فِي الْوَظِيفَة وَكَانَ شكلاً حسنا قد خرّجه وهذّبه وثقفه القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن عبد الظَّاهِر وَصَارَ لَهُ إِلَيْهِ ميل عَظِيم وتصادقا وتصافيا(8/224)
وَيُقَال إنّ الرسَالَة الَّتِي لعلاء الدّين ابْن عبد الظَّاهِر الموسومة ب مراتع الغزلان أَنْشَأَهَا فِيهِ وَكَانَ يكْتب مليحاً وَيعرف الدوادارية جيدا وتواقيعه مسدّدة وَعبارَته وافيه بالمقاصد خَبِير بِمَا يَكْتُبهُ وَاسْتولى على الشلطان وَتمكن وَترسل عَنهُ إِلَى مهنّا وَلما كَانَ دواداراً لم يكن لأحدٍ مَعَه ذكر لَا لكريم الدّين وَلَا لفخر الدّين وَلَا لغَيْرِهِمَا وَإِذا تَامّ فِي الْمَدِينَة انقلبت لأَجله وَحضر أكَابِر الدولة عِنْده وَبَاتُوا فِي خدمته وَعمر خانقاه فِي منشأة المهراني وعَلى الْجُمْلَة فإنّه قضى عمرا حميدا فِي مُبَاشَرَته ونفع النَّاس عِنْد السُّلْطَان يُقَال إنّه لّما توفّي وجد ممّا فِي خزانته ألف ثوب أطلس وتواقيع كَثِيرَة وتقاليد معلم عَلَيْهَا بوظائف أنكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمرض هُوَ وَالْقَاضِي عَلَاء الدّين ابْن عبد الظَّاهِر مَعًا وَتُوفِّي أَحدهمَا بعد الآخر بِيَوْم وَإِذا سَأَلَ أَحدهمَا عَن الآخر يُقَال لَهُ إنّه طيب سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة
(أَرْطَأَة)
3 - (الْأَلْهَانِي السكونِي)
أَرْطَأَة بن الْمُنْذر بن الْأسود أَبُو عَليّ السكونِي الْحِمصِي هُوَ من صغَار التَّابِعين أدْرك أَبَا أُمَامَة قَالَ فِيهِ ابْن حبَان ثِقَة حَافظ قَالَ أتيت عمر بن عبد الْعَزِيز فَفرض لي فِي خيله وَقَالَ يَا أَرْطَأَة أَلا أحدّثك بحديثٍ هُوَ عندنَا من الْعلم المخزون قلت بلَى قَالَ إِذا تَوَضَّأت عِنْد السّحر فَالْتَفت إِلَيْهِ وَقل يَا وَاسع الْمَغْفِرَة اغْفِر لي فإنّه لَا يرتدّ إِلَيْك طرفك حَتَّى يغْفر لَك ذنوبك أسْند أَرْطَأَة عَن خَالِد بن معدان وَغَيره وروى عَنهُ نفير بن الْوَلِيد وَغَيره وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (ابْن سهيّة الشَّاعِر)
أَرْطَأَة بن زفر بن عبد الله من غطفان وكنيته أَبُو الْوَلِيد عَاشَ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة دخل على عبد الْملك فَقَالَ لَهُ مَا بَقِي من شعرك فَأَنْشد
(رَأَيْت الْمَرْء تَأْكُله اللَّيَالِي ... كَأَكْل الأَرْض سَاقِطَة الْحَدِيد)
(وَمَا تبغي المنيّة حِين تَأتي ... على نفس ابْن آدم من مزِيد)(8/225)
(وَأعلم أنّها ستكرّ حَتَّى ... توفّي نذرها بِأبي الْوَلِيد)
فارتاع عبد الْملك لأنّه كَانَ يكنى أَبَا الْوَلِيد فَقَالَ أَرْطَأَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّما عنيت نَفسِي فَقَالَ عبد الْملك وَأَنا وَالله سيمربي مَا مرّ بك وَتُوفِّي أَرْطَأَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ كَذَا قَالَه سبط ابْن الْجَوْزِيّ
وَقَالَ صَاحب الأغاني أَرْطَأَة بن عبد الله بن مَالك الذبياني شَاعِر فصيح إسلامي جواد كَانَ يُقَال لَهُ ابْن سهيّة دخل على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك فَقَالَ ضعفت أوصالي وَضاع مَالِي وَقل مني مَا كنت أحب كثرته مَا كنت أحب قلته قَالَ فَكيف أَنْت فِي شعرك قَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أطرب وَلَا أغضب وَلَا أَرغب وَلَا أرهب وَمَا يكون الشّعْر إلاّ من هَذِه النتائج الْأَرْبَع على أَنِّي الْقَائِل رَأَيْت الْمَرْء تَأْكُله اللَّيَالِي
وَقَالَ دخل أَرْطَأَة على مَرْوَان بن الحكم لما اجْتمع لَهُ أَمر الْخلَافَة وَفرغ من الحروب فهنّأه وَكَانَ خَاصّا بِهِ ثمَّ أنْشدهُ
(تشكّى قلوصي إليّ الوجى ... تجرّ السريح وتبلي الخداما)
)
(تزور كَرِيمًا لَهُ عِنْدهَا ... يَد لَا تعدّ وتهدي السّلاما)
(وقلّ ثَوابًا لَهُ أَنَّهَا ... تجيد القوافي عَاما فعاما)
(سادت معداً على رغمها ... قُرَيْش وسدت قُريْشًا غُلَاما)
(نزعت على مهلٍ سَابِقًا ... فَمَا زادك النزع إِلَّا تَمامًا)
(تشقّ القوانس حَتَّى تنَال ... مَا تحتهَا ثمَّ تبري العظاما)
(فَزَاد لَك الله سُلْطَانه ... وَزَاد لَك الْخَيْر مِنْهُ فداما)
فَكَسَاهُ مَرْوَان وَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ نَاقَة وأوقرها برّاً وزبيباً وشعيراً
وَكَانَ أَرْطَأَة يتهاجى هُوَ وشبيب بن البرصاء فَقَالَ
(أَلا مبلغ فتيَان قومِي أنّني ... هجاني ابْن برصاءٍ الْيَدَيْنِ شبيب)
(وَفِي آل عوفٍ من يهود قَبيلَة ... تشابه مِنْهَا ناشؤون وشيب)
مِنْهَا
(فَمَا ذنبنا أَن امّ حَمْزَة جَاوَرت ... بِيَثْرِب أتياساً لَهُنَّ نبيب)
(وأنّ رجَالًا بَين سلعٍ وواقم ... لأير أَبِيهِم فِي أَبِيك نصيب)
(فَلَو كنت عوفياً عميت وأسهلت ... كداك وَكن الْمُرِيب مريب)
وَلما قَالَ هَذَا الشّعْر كن كل شيخ من بني عَوْف يتَمَنَّى أَن يعمى وَكَانَ الْعَمى شَائِعا فِي بني(8/226)
عَوْف كلما أسنّ مِنْهُم رجل عمي ثمَّ إِن شبيباً عمي بعد موت أَرْطَأَة فَكَانَ يَقُول لَيْت ابْن سهية عَاشَ حتّى يراني أعمى فَيعلم أنّي عوفي
وَقَالَ أَرْطَأَة يَوْمًا للربيع بن قعنب كالعابث بِهِ
(لقد رَأَيْتُك عُريَانا ومؤتزراً ... فَمَا دَريت أأنثى أَنْت أم ذكر)
فَقَالَ الرّبيع مجيباً لَهُ
(لَكِن سهيّة إِذْ تَدْرِي إِذْ أتيتكم ... على عريجاء لمّا احتلّت الأزر)
(أرغون)
3 - (ابْن أبغا ملك التتار)
أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولي بن جنكزخان ملك التتار وَصَاحب الْعرَاق وخراسان وَغير ذَلِك جلس على تخت الْملك بعد قتل عمّه الْملك أَحْمد وَقد تقدم ذكره وَكَانَ شهماً شجاعاً مقداماً كَافِر النَّفس سفّاك الدِّمَاء ذَا هَيْبَة وجبروت وَكَانَ مليح الصُّورَة وَهُوَ أَبُو غازان وخربندا الْملكَيْنِ حكى عز الدّين حسن الطَّبِيب أَنه سمع الْعِمَاد بن الخوام الحاسب ببغداذ يَقُول شاهدت أرغون بن أبغا وَقد صفّوا لَهُ ثَلَاثَة أَفْرَاس فَوقف رَاجِلا عِنْد أَولهَا وطفر فِي الْهَوَاء ركب الثَّالِث مِنْهَا وَلم يتشبّث بِشَيْء من الفرسين وَكَانَ وزيره سعد الدولة قد استولى على عقله يصرّفه كَيفَ أَرَادَ وَيحكم فِي دولته تحكماً زَائِدا وَهلك أرغون فِي سنة تسعين وسِتمِائَة فِي سَابِع ربيع الأول فَيُقَال إِنَّه سقِِي السم وَلم يصحّ فاتهم الْمغل الْيَهُود بقتْله ونصّوا على سعد الدولة ومالوا على الْيَهُود قتلا ونهباً وَورد الْخَبَر بِمَوْت أرغون وَالْملك الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل ابْن الْملك الْمَنْصُور قلاوون على عكّا فَكَانَ عَام الدّمار على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَاخْتلف الْمغل بعد مَوته فمالت طَائِفَة إِلَى بيدرا وَلم يوافقوا على كيختو فَرَحل كيختو إِلَى الرّوم وَكَانَ جُلُوسه على التخت ثَلَاثَة أَيَّام
3 - (الحافظية)
أرغون الحافظية عتيقة الْملك الْعَادِل وَهِي الَّتِي ربّت الْملك الْحَافِظ صَاحب قلعة جعبر وَكَانَت بِدِمَشْق وَكَانَت تبْعَث إِلَى القلعة بالأطعمة وَالثيَاب إِلَى الْملك المغيث عمر ابْن الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَهُوَ مَحْبُوس فحقد عَلَيْهَا الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وصادرها وَأخذ مِنْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَة بنت لَهَا تربةً مليحة فَوق عين الكرش بِدِمَشْق ووقفت دارها بِدِمَشْق على خدّامها وَعَاشَتْ زَمَانا وَتوفيت سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة(8/227)
3 - (سيف الدّين الجمدار العادلي)
أرغون العادلي الْأَمِير سيف الدّين الجمدار من أُمَرَاء دمشق بَقِي فِي الأميرية يسيرأ وَمَات بدار ابْن أتابك سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (أرغون شاه الْأَمِير)
3 - (سيف الدّين الناصري)
)
كَانَ قد جلبه الْكَمَال الخطائي إِلَى السُّلْطَان بوسعيد من بِلَاد الصين هُوَ وَسَبْعَة ارؤس من المماليك وَثَمَانمِائَة ثوب وبر خطائي من أَمْلَاك بوسعيد الموروثة لَهُ عَن أَبِيه وحدّه من جدّهم جنكزخان بِتِلْكَ الْبِلَاد فنمَّ على الْكَمَال الخطائي إِلَى بوسعيد فصادره وَأخذ مِنْهُ مائَة ألف دِينَار ثمَّ إِن بوسعيد كرهه لمّا نم على الْكَمَال الخطائي فَأَخذه دمشق خواجا ابْن جوبان النّوين من بوسعيد وَكَأن ذَلِك لم يهن عَلَيْهِ ونمَّ إِلَى بوسعيد بِأَمْر دمشق خواجا مَعَ الخاتون طقطاي وَجرى لَهما مَا جرى من حزّ رأسيهما وارتجع بوسعيد الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه
ثمَّ إِنَّه بَعثه إِلَى الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون هُوَ والأمير سيف الدّين ملكتمر البوسعيدي فحظي الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه عِنْد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد وَتزَوج بابنة الْأَمِير سيف الدّين أقبغا الناصري وَلم يزل إِلَى أَن توجه قطلوبغا لفخري لحصار النَّاصِر بالكرك فَكَانَ ممّن جرّد مَعَه من جملَة الْأَلفَيْنِ وَحضر مَعَه إِلَى دمشق وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا على حَاله إِلَى أَن توفّي الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَقَامَ بعده بِالْأَمر الْملك الْكَامِل شعْبَان فَجعله استاذ دَار السُّلْطَان فَلَمَّا خلع الْكَامِل كَانَ هُوَ الَّذِي ضرب الْأَمِير سيف الدّين أرغون العلائي فِي وَجهه وَقيل إنَّ الضَّارِب غَيره وَعظم أمره أول دولة المظفر فَمَا كَانَ بعد ثَلَاثَة أشهر حَتَّى دخل هُوَ والنائب الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج أرقطاي واجتمعا بالسلطان وخرجا فجَاء إِلَيْهِ تشريف فَقَالَ مَا هَذَا قيل إِن مَوْلَانَا السُّلْطَان رسم لَك بنيابة صفد فَقَالَ أُرِيد اجْتمع بالسلطان فَمَا مكّن وَقيل لَهُ مَا بَقِي لَك أَن تَجْتَمِع بِهِ فَقَالَ أُرِيد أَن أَقُول لَهُ شَيْئا فَقيل لَهُ اكْتُبْ إِلَيْهِ بِمَا تُرِيدُ من صفد فِي الْبَرِيد وَأخرج فِي خَمْسَة سروج فوصل إِلَيْهَا على الْبَرِيد فِي أَوَائِل شَوَّال سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فدبرها جيدا وَأقَام بهَا المهابة وَالْحُرْمَة وأمّن بهَا السبل وَأقَام بهَا نَائِبا إِلَى الْعشْر الْأَوَاخِر من صفر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَطلب إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا ورسم لَهُ بنيابة حلب عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين بيدمر البدري وَدخل إِلَى دمشق فِي سادس عشر شهر ربيع الأول دُخُولا عَظِيما جَاءَ على الْبَرِيد وَأقَام على قصر معِين الدّين إِلَى أَن جَاءَ إِلَيْهِ طلبه من صفد وَدخل دمشق مطلباً برختٍ عَظِيم وأبهة زَائِدَة والجميع برنكه بسروج ذهب مرصعة وكنابيش زركش وقلائد مرصعة وسرفسارات غربية مذهبَة ثمَّ إِنَّه لما أمسك الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب الشَّام بحماة وَجرى لَهُ مَا جرى على مَا يَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى رسم لَهُ بنيابة الشَّام فَحَضَرَ إِلَيْهِ الْأَمِير(8/228)
شمس الدّين)
آقسنقر أَمِير جاندار وَتوجه إِلَيْهِ إِلَى حلب ووصلا إِلَى دمشق فِي بكرَة الثُّلَاثَاء سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَلما عَاد شمس الدّين آقسنقر أعطَاهُ خَمْسَة عشر فرسا مِنْهَا خَمْسَة عربيات بسروجها ولجمها وكنابيشها وَأحد عشر إكديشاً وَجَارِيَة بِخَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَقيل جاريتان وَأَرْبَعين ألف دِرْهَم وَمِائَة قِطْعَة قماش والتشريف الَّذِي لبسه لنيابة الشَّام بالكلوتة والطرز والحياصة وَالسيف المحلّي وَألف اردب من مصر وَكَانَ قد أعطَاهُ فِي حلب ألف وَخَمْسمِائة دِينَار وَغير ذَلِك وَكَانَ قد شَرط لَهُ كلّ شفاعةٍ يشفعها يمضيها لَهُ من حلب وَفِي الطَّرِيق وَإِلَى أَن توجه من دمشق وَأقَام فِي دمشق قَرِيبا من ثَلَاثَة أشهر وَلم يسْأَله فِي شَيْء من ولَايَة وعزل إلاّ أَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وقدّم إِلَيْهِ وَهُوَ فِي سوق الْخَيل نَصْرَانِيّ من الزبداني رمى مُسلما بِسَهْم نشّابٍ قَتله فَأمره بتفصيله فَقطعت يَدَاهُ من كَتفيهِ وَرجلَاهُ من فَخذيهِ وحزّ رَأسه وحملت أعضاؤه على أَعْوَاد وطيف بهَا فارتعب النَّاس لذَلِك فَقلت
(لله أرغون شاهٍ ... كم للمهابة حصّل)
(وَكم بِسيف سطاه ... من ذِي ضلالٍ تنصّل)
(ومجمل الرعب خلّى ... بعض النَّصَارَى مفصّل)
وَلم ينل أحد من السَّعَادَة فِي نِيَابَة دمشق مَا ناله وَلَا حصّل مَا حصله من المماليك والجواري وَالْخَيْل والجواهر والأمتعة والقماش وَلَا تمكن أحد من النّواب تمكنه كَانَ يكْتب إِلَى مصر بكلّ مَا يُرِيد فِي حلب وطرابلس وحماة وصفد وَسَائِر ممالك الشَّام من نقل وإضافةٍ وإمساك وَنقل إقطاعات وَغَيرهَا فَلَا يردّ فِي شَيْء ممّا يَكْتُبهُ وَلَا يُخَالف فِي جليل وَلَا حقير إِلَى أَن زَاد الْأَمر وأفرط هُوَ فِي مُعَارضَة الْقُضَاة الْأَرْبَع وعاكسهم وثقلت وطأته على النَّاس إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين ألجيبغا نَائِب طرابلس فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشْرين شهر ربيع الأول سنة خمسين وَسَبْعمائة فاتفق فِي اللَّيْل هُوَ والأمير فَخر الدّين أياز السِّلَاح دَار وَجَاءُوا إِلَيْهِ إِلَى بَاب الْقصر الأبلق وَهُوَ بِهِ مُقيم فدقّا الْبَاب الثُّلُث الْأَخير وازعجاه وَكَانَ كلما خرج طواشٍ أمسكاه وَسمع هُوَ الْغَلَبَة فَأنْكر ذَلِك فَخرج وَبِيَدِهِ سيف بتخفيفةٍ وسرموزة فَلَمَّا رآهما سالّم نَفسه وَقَالَ يَا أُمَرَاء انْقَضى شغلكم فأمسكاه وَأَرَادَ يدْخل ليلبس قبَاء فألبسه الْأَمِير فَخر الدّين قباءه وتوجها بِهِ إِلَى دَار الْأَمِير فَخر الدّين أياز وقيّداه بقيدٍ ثقيل إِلَى الْغَايَة وَنقل إِلَى زَاوِيَة المنيبع ورسّم عَلَيْهِ الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبغا القاسمي فَأَقَامَ هُنَاكَ يَوْم)
الْخَمِيس إِلَى الْعشَاء الْآخِرَة فَدخل مَمْلُوكه الَّذِي يَخْدمه فَوَجَدَهُ مذبوحاً وَفِي يَده السكين فَوقف عَلَيْهِ بنائب الحكم والعدول وَكتب بذلك مَكْتُوب شَرْعِي وجهزّ صُحْبَة سَيْفه على يَد الْأَمِير سيف الدّين تِلْكَ أَمِير علم إِلَى الديار المصرية وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة وَقلت أَنا فِيهِ تعجبت من أرغون شاه وطيشه الَّذِي كَانَ مِنْهُ لَا يفِيق وَلَا يعي
(وَمَا زَالَ فِي سكر النِّيَابَة طافحاً ... إِلَى حِين غاضت نَفسه فِي المنيبع)(8/229)
3 - (راس نوبه)
أرغون العلائي الْأَمِير سيف الدّين الناصري رَأس نوبَة الجمدارية من أَيَّام استاذه أخرجه الْأَمِير سيف الدّين قوصون الناصري فِي الْأَيَّام الأشرفية كجك إِلَى صفد فورد إِلَيْهَا جندياً فِيمَا أضن وَكَانَ أَمِيرا بطبلخاناه فِي حَيَاة أستاذه فَأَقَامَ بصفد قَلِيلا ولمّا حضر الفخري إِلَى دمشق فِي أَيَّام كجك حضر إِلَيْهِ وَكَانَ مَعَه وَتوجه إِلَى مصر وَهُوَ زوج وَالِدَة الصَّالح إِسْمَاعِيل والكامل شعْبَان وَلَدي الْملك النَّاصِر الْآتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مكانيهما ولّما تولى السلطنة الصَّالح إِسْمَاعِيل كَانَ هُوَ مُدبر دولته لأنّه زوج أمّه فدبّرها جيدا وساعفته الأقدار وَلم يزل على النَّاصِر أَحْمد بالكرك إِلَى أَن فتحت الكرك وَقتل أَحْمد كَمَا مرّ فِي تَرْجَمته وَكَثُرت إقطاعاته وأملاكه وامواله وضماناته وَلم يزل كَذَلِك أكبر من النواب بالديار المصرية وَهُوَ باقٍ على وظيفته رَأس نوبَة الجمدارية إِلَى آخر وَقت وَاسْتمرّ على ذَلِك أَيَّام الْكَامِل شعْبَان إِلَى أَن خرج أُمَرَاء مصر عَلَيْهِ وخلعوه وَضرب الْأَمِير سيف الدّين أرغون هَذَا فِي وَجهه بِسيف وَقيل بطبرٍ ضَرْبَة مهولة وَكَانَت جِرَاحَة نجلاء وَأمْسك واعتقل وَذَلِكَ فِي أول دولة المظفر حاجي قيل إنّ الَّذِي ضربه الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه وَقيل غَيره وشاع أَنه طُلب من الْإسْكَنْدَريَّة بعد قَتله الْحِجَازِي وآقسنقر فَخرج إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين منجك إِلَى الطَّرِيق وَقَتله سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
3 - (الشمسي)
أرغون الْأَمِير سيف الدّين الشمسي أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِدِمَشْق توفّي رَحمَه الله فِي الْعشْر الأول من شعْبَان سنة خمسين وَسَبْعمائة
3 - (نَائِب حلب)
أرغون الْأَمِير سيف الدّين الكاملي أنشأه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل رَحمَه الله تَعَالَى وزوّجه أُخْته)
من الْأَمِير سيف الدّين أرغون العلائي وَأمره وَهُوَ حسن الصُّورَة بارع الْحَلَاوَة تَامّ الْقَامَة أهيف ظريف الشكل وَكَانَ يعرف بأرغون الصَّغِير ثمَّ لما مَاتَ الصَّالح وَتَوَلَّى أَخُوهُ الْكَامِل شعْبَان أعطَاهُ إمرة مائَة وَقدمه على ألف وَنهى أَن يدعى بأرغون الصَّغِير وَأَن يُقَال أرغون الكاملي وَلما مَاتَ الْأَمِير سيف الدّين قطليجا الْحَمَوِيّ فِي نِيَابَة حلب رسم الْملك النَّاصِر حسن لَهُ بنيابة حلب فَدخل إِلَيْهَا نَهَار الثُّلَاثَاء خَامِس عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة خمسين وَسَبْعمائة وَعمل النِّيَابَة بهَا على أحسن مَا يكون من الْحُرْمَة والمهابة وخافه التركمان وَالْعرب ومشت الْأَحْوَال بهَا وَلم يزل إِلَى أَن جَاءَهُ الْأَمِير سيف الدّين كجك الدوادار الناصري بِأَن يخرج ويربط الطرقات على الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد نَائِب صفد فبّرز إِلَى قرنبيا فَأَرْجَفَ بإمساكه فهرب مِنْهُ الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى الْحَاجِب بحلب وَغَيره ثمَّ إِن جمَاعَة من الْأُمَرَاء لَحِقُوا بالحاجب وأوقدوا النيرَان يقلعة حلب ودقوا الكوسات وَنَادَوْا بِالنَّاسِ لينهبوا طلبه وَمَا مَعَه فَتوجه إِلَى المعرة وَكتب إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طان يرق نَائِب حماه يدْخل عَلَيْهِ فَلم يجد عِنْده فرجا(8/230)
فردّ طلبه وَثقله إِلَى حلب وَتوجه على البريّه إِلَى حمص فِي عشرَة مماليك ثمَّ ركب مِنْهَا هُوَ ونائبها الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن بهادر أص فِي ثَلَاثَة مماليك وَدخل إِلَى دمشق يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة سَابِع عشْرين الجحّة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة فَجهز نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين ايتمش إِلَيْهِ الْحَاجِب وَابْن أُخْته الْأَمِير سيف الدّين قرا بغا بقباء أَبيض فوقاني بطرز زركش ومركوب وَدخل إِلَيْهِ وَأقَام عِنْده بدار السَّعَادَة إِلَى بكرَة السبت ثَانِي يَوْم وجهزه إِلَى بَاب السُّلْطَان صُحْبَة قرابغا الْمَذْكُور والأمير سيف الدّين ألدمر السُّلَيْمَانِي الْحَاجِب وَكتب على يدهما مطالعة بالشفاعة فِيهِ ولّما وصل إِلَى لدّ تَلقاهُ الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار الناصري وَمَعَهُ لَهُ أَمَان شرِيف وَمِثَال شرِيف مضمونه أنّه مَا كتبنَا فِي حَقك لأحد وَلَا لنا نيّة فِي أذاك وَإِن اشْتهيت تستمر فِي حلب نَائِبا وَإِن اشْتهيت غَيرهَا وَإِن أردْت أَن تحضر إِلَيْنَا كَيْفَمَا أردْت فعلنَا مَعَك فَعَاد مَعَه الدوادار وَوصل بِهِ يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث الْمحرم وَالسُّلْطَان فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَأقبل السّلطان عَلَيْهِ وشكا من الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أزدمر النوري أحد أُمَرَاء حلب فرسم السُّلْطَان بِأخذ سيف ابْن ازدمر وتقييده وتجهيزه فِي الْبَرِيد محترزاً عَلَيْهِ صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ البشيري الْمصْرِيّ وَتوجه البريديّ الْمَذْكُور بِهِ مُقَيّدا فَلَمَّا وصل إِلَى قطيا وجد بريدياً قد وصل وَمَعَهُ مشافهة من الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار)
يَقُول البريديّ يعود بِابْن أزدمر إِلَى دمشق فردّ بِهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَحَد خَامِس صفر وصل إِلَى دمشق الْأَمِير سيف الدّين أرغون الكاملي وصحبته الْأَمِير سيف الدّين طشبغا الدوادار وَأصْبح يَوْم الأثنين جلس فِي الْخدمَة إِلَى جَانب قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين الشَّافِعِي فَكَانَ بَين النائبين القَاضِي الشَّافِعِي وَظهر نَائِب حلب إِلَى القَاضِي الْحَنَفِيّ وَقَامَ من الْخدمَة وَتوجه إِلَى الْجَامِع الْأمَوِي والمهندار وَسيف الدّين قرابغا ودوادار السُّلْطَان فِي خدمته وصلّى بالجامع وَاجْتمعَ بالقضاة وَدخل إِلَى خانقاه السميساطي ولّما كَانَ عصر الْخدمَة حضر أَيْضا وودّع نَائِب الشَّام وخلع عَلَيْهِ قبَاء بطراز زركش وَأَعْطَاهُ فرسا بسرجه ولجامه وكنفوش ذهب وَتوجه بكرَة الثُّلَاثَاء إِلَى حب وصحبته ابْن أزدمر مُقَيّدا وَلما وصل إِلَى حلب تلقّاه النَّاس بالشمع إِلَى قنسرين وَإِلَى أَكثر مِنْهَا وَدخل دُخُولا عَظِيما ووقف فِي سوق الْخَيل وعرّى زكري البريديّ وَأَرَادَ توسيطه ونادى عَلَيْهِ هَذَا جَزَاء من يدْخل بَين الْمُلُوك فِيمَا لَا يعنيه فَنزل طشبغا الدوادار وشفع فِيهِ فَأَطْلقهُ وأحضر ابْن أزدمر وَقَالَ لَهُ رسم لي أَن اسمّرك وأقطع لسَانك وَكن مَا أؤاخذك وأطلعه إِلَى قلعة حلب وَأقَام على ذَلِك إِلَى أَن عزل الْأَمِير سيف الدّين أيتمش من نِيَابَة الشَّام فِي أول دولة الْملك الصَّالح صَلَاح الدّين صَالح فرسم لَهُ بنيابته الشَّام فَدخل إِلَى دمشق بِطَلَبِهِ فِي نَهَار الِاثْنَيْنِ حادي عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين سَبْعمِائة بكرَة النَّهَار وَكَانَ قد حضر من مصر لإحضاره الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر المحمدي
3 - (النَّائِب)
أرغون الْأَمِير سيف الدّين الناصري نَائِب الممالك الإسلامية اشْتَرَاهُ(8/231)
الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون لوَلَده الْملك النَّاصِر فربي مَعَه وَألف بِهِ وولاه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر النِّيَابَة بِمصْر وَكَانَ رَئِيسا كَبِيرا فِي بَيت أستاذه يخضع لَهُ الْكِبَار وَيَقُولُونَ بمقالته وَكَانَ حزبه مِنْهُم كثيرين مثل قجليس والجمالي ومنكلي بغا وطشتمر وقطلوبغا وطرجي وَتَوَلَّى النِّيَابَة بعد الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الدوادار وَكَانَ بيبرس قد تولاها بعد الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الجوكندار الْكَبِير لّما قبض عَلَيْهِ وَكَانَ تركياً فصيحاً مليح الشكل أنبل الناصرية وأميزهم تفقه لأبي حنيفَة أذنوا لَهُ بالإفتاء قَالَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس كَانَ يعرف مَذْهَب أبي حنيفَة ودقائقه وَيقصر فهمه فِي الْحساب إِلَى الْغَايَة وَسمع البُخَارِيّ من ابْن الشّحْنَة بِقِرَاءَة فتح)
الدّين وَكتبه بخطّه فِي مجلدة وَاحِدَة فِي اللَّيْل على ضوء الْقنْدِيل واقتنى الْكتب الْكَثِيرَة وغوي بهَا وحصّل مِنْهَا جملَة كَبِيرَة إِلَى الْغَايَة حُكيَ لي أنّه لما كَانَ فِي حلب وَسمع بِمَوْت قجليس الناصري جهّز إِلَى مصر فِي الْبَرِيد مبلغ ألفي دِينَار لمشترى كتبٍ من تركته وجهزّ إِلَى بغداذ استنسخ فَتَاوَى ابْن قَاضِي خَان وَعلم النَّاس رغبته فِيهَا فجبيت إِلَيْهِ ثمراتها من كل فج وَلما حضر إِلَى دمشق مُتَوَجها إِلَى حلب صلى خلف الشَّيْخ نجم الدّين القحفيزي إِمَام جَامع الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله وَهُوَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب أنكر عَلَيْهِ تقدمه فِي الْمِحْرَاب وَخُرُوجه عَن الصَّفّ لأنّه خلاف الْمَذْهَب وَحكي أنّه بحث مَعَه يَوْمًا لمّا كَانَ السُّلْطَان بِدِمَشْق وَلم يكن إِذْ ذَاك نَائِبا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ نجم الدّين أَنْت مَا تبحث إِلَّا بالصّر حَتَّى يَجِيء صدر الدّين وأبحث مَعَك لِأَن أرغون كَانَ يحب صدر الدّين ابْن الْوَكِيل ويؤثره وَكَانَ لَهُ حنوّ زَائِد على الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وعَلى الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وخلّص لَهُم الْمدَارِس وَكَانَ فهما يقظاً نَاب فِي المملكة بِمصْر زَمَانا فِي سنة إِحْدَى عشرَة تَقْرِيبًا إِلَى سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَتوجه إِلَى الْحجاز سنة سِتّ وَعشْرين فَلَمَّا غَابَ عمل عَلَيْهِ القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش لأنّه كَانَ يكرههُ فَمَا حضر إِلَّا وَقد تغير عَلَيْهِ السُّلْطَان ولّما أَرَادَ الدُّخُول إِلَيْهِ خرج بكتمر الساقي وَتَركه عِنْده فِي الْبَيْت ثَلَاثَة أَيَّام وَقد أَخذ سَيْفه ثمَّ إنّه أخرجه مَعَ الْأَمِير سيف الدّين أيتمش إِلَى حلب وأحضر نائبها الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا فَاجْتمعُوا كلهم بِدِمَشْق عِنْد الْأَمِير سيف الدّين تنكز وصلّوا بهَا الْجُمُعَة وَقيل إِن السُّلْطَان أمره بإمساك شخص من بِلَاد التتار كَانَ قد عزم تِلْكَ السّنة على الْحَج يُقَال إِنَّه بعث إِلَيْهِ بعض مماليكه الَّذين أطلعهم على بَاطِن الْأَمر فَجهز إِلَى الْغَرِيم وَقَالَ لَهُ لَا تحج هَذِه السّنة فشقّ ذَلِك على السُّلْطَان فَأَقَامَ بحلب نَائِبا مُدَّة إنّه أحضرهُ السُّلْطَان إِلَى مصر فَأَقَامَ عِنْده أَيَّامًا ولّما رَآهُ بكيا طَويلا ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى مَحل نيابته وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ بحلب فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِي ربيع الأول وَمُدَّة نيابته بهَا لم يسفك بهَا دَمًا وَلَا قطع(8/232)
سَارِقا لأنّه كَانَ رحِيما رَقِيق الْقلب لَا يُعَاقب على زلَّة ولّما كَانَ بِمصْر كَانَ يصدّ السُّلْطَان ويمنعه عَن أَشْيَاء يرومها وَلما عزم على إِيصَال نهر الساجور إِلَى حلب قيل لَهُ إِن أحدأً مَا تحرّك فِيهِ سودي مَاتَ وَمَا دخل الْبَلَد فَقَالَ أَنا أكون فدَاء الْمُسلمين وَأقَام شخصا من جِهَته اسْمه أرغون فَلَمَّا وصل النَّهر أَصَابَهُ ألم عَظِيم طوّل بِهِ وجهز إِلَيْهِ السُّلْطَان طبيبة صَلَاح الدّين ابْن الْبُرْهَان فَلم يصل إِلَى دمشق حَتَّى مَاتَ)
رَحمَه الله تَعَالَى وَدفن بتربةٍ اشْتريت لَهُ بحلب وَكَانَ لَهُ من الْعُمر بضع وَأَرْبَعُونَ سنة
3 - (الشمسي)
أرغون الْأَمِير سيف الدّين الشمسي حضر أَمِيرا إِلَى دمشق من الْقَاهِرَة فِي أَوَائِل رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
الأرغياني الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه سهل بن أَحْمد
وَأَبُو نصر الأرغياني اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(أرقطاي)
3 - (نَائِب مصر وحلب)
أرقطاي الْأَمِير الْكَبِير سيف الدّين الْمَعْرُوف بالحاج أرقطاي هُوَ من مماليك الْأَشْرَف وَفِي أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر جعل جمداراً وَكَانَ هُوَ والأمير سيف الدّين أوتامش نَائِب الكرك بَينهمَا أخوّة وهما فِي لِسَان التّرْك وَاللِّسَان القبجاقي فصيحان وَكَانَا يرجع إِلَيْهِمَا فِي الياسة الَّتِي هِيَ بَين الأتراك ولّما خرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى نِيَابَة الشَّام خرج مَعَه وثالثهما الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي البجمقدار فَحَضَرُوا إِلَى دمشق على الْبَرِيد ولّما كَانَ بعد قَلِيل بلغ تنكز أَن الْأُمَرَاء بِدِمَشْق يتوجهون إِلَى دَار الْحَاج أرقطاي ويأكلون على سماطه فَمَا حمل ذَلِك تنكز وَكتب إِلَى السُّلْطَان فرسم لَهُ بنيابة حمص وَكَانَ قد أعْطى خبر بيبرس العلائي ومماليكه وحاشيته فَأَخذهُم عِنْده وَأقَام بحمص مُدَّة ثمَّ رسم لَهُ بنيابة صفد فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن فَأَقَامَ بهَا وَعمر بهَا دوراً وأملاكا وَتوفيت زَوجته ابْنة الْأَمِير شمس الدّين سنقرشاه المنصوري فَعمل لَهَا تربة شمَالي الْجَامِع الظَّاهِرِيّ بصفد وَهِي تربة حَسَنَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى عماير صفد وَصَارَ بهَا للجامع رونق لم يكن لَهُ أوّلا وَأعْطِي وَلَده أَمِير عَليّ طبلخاناة وَولده أَمِير إِبْرَهِيمُ عشرَة بَعْدَمَا طلبهما السُّلْطَان وَذَلِكَ بسفارة الْأَمِير سيف الدّين تنكز وأمّرهما بِدِمَشْق عِنْده وَأَقَامَا مديدةً ثمَّ جهزهما إِلَى صفد وَكَانَ قد حنا عَلَيْهِ تنكز حنّوا كَبِيرا ولّما كَانَ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة طلب الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي إِلَى مصر وجهّز الْأَمِير سيف الدّين أوتامش أَخُوهُ مَكَانَهُ إِلَى نِيَابَة صفد وَأقَام الْحَاج أرقطاي بِالْقَاهِرَةِ يعْمل نِيَابَة(8/233)
الْغَيْبَة إِذا غَابَ السُّلْطَان فِي الصَّيْد فَلَمَّا كَانَت وَاقعَة تنكز وإمساكه حضر مَعَ من حضر من الْأُمَرَاء صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين بشتاك ثمَّ رسم لَهُ بنيابة طرابلس عوضا عَن)
الْأَمِير سيف الدّين طينال فَتوجه إِلَيْهَا وَلم يزل بهَا إِلَى نوبَة الْأَمِير سيف الدّين طشتمر فِي أَيَّام الْأَشْرَف كجك فَتوجه صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا نَائِب الشَّام إِلَى حلب وَجرى مَا جرى على مَا يذكر فِي تَرْجَمَة الطنبغا ومخامرة الْعَسْكَر عَلَيْهِمَا مَعَ الفخري فَتوجه الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي هُوَ والطنبغا إِلَى الْقَاهِرَة فَأمْسك مَعَه واعتقلا بالإسكندرية ثمَّ أفرج عَنهُ فِي أول دوله الصَّالح إِسْمَاعِيل بِوَاسِطَة الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي وَجعل كَمَا كَانَ أَولا بِالْقَاهِرَةِ من جملَة الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ المقدمين فَأَقَامَ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى وَتَوَلَّى الْكَامِل شعْبَان فرسم لَهُ بنيابة حلب عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي
فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ قَلِيلا تَقْدِير خَمْسَة أشهر ثمَّ طُلب إِلَى مصر وجهز عوضه الْأَمِير سيف الدّين طقتمر نَائِب حماة فَتوجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا قَلِيلا وَلم يزل إِلَى أَن خلع الْكَامِل وَتَوَلَّى المظفر حاجي فرسم لَهُ بنيابة مصر وَلم يزل بهَا نَائِبا إِلَى أَن خلع المظفر وَتَوَلَّى الْملك النَّاصِر حسن فَطلب الإعفاء من نِيَابَة مصر وَسَأَلَ أَن يُعَاد إِلَى نِيَابَة حلب فرسم لَهُ بذلك وَفِي رَابِع عشر شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة حضر إِلَى دمشق مُتَوَجها إِلَى نِيَابَة حلب وَلم يزل بهَا مُقيما إِلَى أَن قتل أرغون شاه نَائِب الشَّام على مَا تقدم فِي تَرْجَمته فرسم لَهُ بنيابة الشَّام ففرح النَّاس بِهِ وتوجهوا إِلَى حلب فاستعدّ لذَلِك وَخرج فِي طلبه وحاشيته وَكَانَ قبل ذَلِك قد حصل لَهُ حمى ثمَّ حصل لَهُ إسهال فوصل إِلَى منزلَة عين الْمُبَارَكَة ظَاهر حلب مرّة يركب الْفرس وَإِذا أثقل فِي الْمَرَض ركب فِي المحفة
وَتُوفِّي رَحمَه الله الْعَصْر من نَهَار الْأَرْبَعَاء خَامِس جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَسَبْعمائة بِعَين الْمُبَارَكَة فَعَاد النَّاس خائبين وعاجوا بالترح بعد الْفَرح آيبين
وكنّا قد وصلنا نَحن إِلَيْهِ إِلَى حماه فجَاء خَبره وَلم يقدر لنا أَن نحل حماه فأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْغَزِّي بحماة يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع جُمَادَى الأولى
(قَالُوا أرقطاي مَاتَ قلت وَهل ... فِي الْمَوْت بعد الْحَيَاة من عجب)
(مَا مَاتَ من فرحةٍ بنقلته ... بل مَاتَ من حزنه على حلب)
(الأرقم)
3 - (الصّحابي رَضِي الله عَنهُ)
الأرقم بن أبي بن أَسد بن عبد الله بن عمر بن(8/234)
مَخْزُوم وَاسم أبي الأرقم عبد منَاف والأرقم من الطَّبَقَة الأولى من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين من كبار الصَّحَابَة أسلم بعد سبعةٍ الْإِسْلَام وَقيل بعد عشرَة
واستخفى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دَاره من قُرَيْش وداره بمكّة على الصّفا وَكَانَ قد أسلم فِيهَا جمَاعَة لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو إِلَى الله فِيهَا والأرقم صَاحب حلف الفضول وَهَاجَر إِلَى الْمَدِينَة وَشهد بَدْرًا وأحداً والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسلم فِي دَاره حَمْزَة وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وأعيان الصَّحَابَة وَتصدق الأرقم بِهَذِهِ الدَّار على وَلَده وَلم تزل فِي أَيدي وَلَده إِلَى زمن أبي جَعْفَر وَكَانَ إِذا حج ينظر إِلَيْهَا فِي طَوَافه وسعيه فَلَمَّا نزل مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن حسن بِالْمَدِينَةِ كَانَ عمّار بن عبيد الله بن الأرقم فِي من بَايعه فكبّله بالحديد وحبسه حَتَّى بَاعه نصِيبه مِنْهَا بِمِائَة ألف دِرْهَم ثمَّ تتبع إخْوَته حَتَّى اشْترى الْجَمِيع ووهبها لِابْنِهِ الْمهْدي ووهبها الْمهْدي للخيزران أم مُوسَى وَهَارُون فَعرفت بهَا وَقيل دَار الخيزران فبنت بهَا مَسْجِدا وانتقلت إِلَى جَعْفَر بن مُوسَى الْهَادِي ثمَّ اشْتَرَاهَا غسّان بن عباد من ولد جَعْفَر بن مُوسَى وَتُوفِّي الأرقم سنة خمس وَخمسين من الْهِجْرَة وَقيل سنة ثَلَاث وَله بضع وَثَمَانُونَ سنة وَله من الْوَلَد عبد الله لأم ولد وعمار لأم ولد وكنيته أَبُو عَمْرو وَقيل أمهما حميدة بنت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف
3 - (أَرقم بن ثماثة بن الْقَعْقَاع)
من عبد الْقَيْس هُوَ الْقَائِل ليزِيد بن الْمُهلب
(أَبَا خَالِد كَانَ المهلّب حازماً ... شجاعاً جواداً غير كزّ الْأَصَابِع)
(إِذا نابه أَمر ضليع سما لَهُ ... بأرعن مقل الهضب هضب متالع)
(لَهُ عَادَة فِي الْحَرْب عضب بالقنا ... بأحمر قانٍ من دم الْخَوْف ناصع)
(وَأَنت جَزَاك الله خيرا سليله ... وعندك ردّ للأمور الفظايع)
وَالْقَائِل أَيْضا
(وَقد علمت قيس ين عيلان أننا ... كرام نمانا وَاسع الشّرب أروع)
)
(أَبونَا الَّذِي لم يُعْط يَوْمًا دنيّةً ... وَمَات وريب الدَّهْر بِالنَّاسِ يخنع)
(الألقاب)
الأرموي تَاج الدّين الشَّافِعِي مُحَمَّد بن حسن
الأرموي الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن عبد الله
الأرمنتي قَاضِي البهنسا مُحَمَّد بن عبد المحسن
الأرمنتي جمال الدّين مُحَمَّد بن عِيسَى(8/235)
الأرمنتي سراج الدّين يُونُس بن عبد الْمجِيد
الأرْمَنْتي شرف الدّين يُونُس بن عِيسَى
(أروى)
3 - (أروى بنت عبد الْمطلب)
3 - (بن هَاشم بن عبد منَاف)
عمّة النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرهَا أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ فِي الصَّحَابَة وَذكر عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب وأبى ذَلِك غَيره وَقد اخْتلف فِي إِسْلَام أروى فَقَالَ ابْن إِسْحَاق وَمن تَابعه إنّه لم يسلم من عمات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير صفيّة وَقَالَ غَيره أروى وَصفِيَّة أسلمتا جَمِيعًا
قيل لّما أسلم طليب ابْن عُمَيْر دخل على أمّه أروى فَقَالَ قد أسلمت وتبعت مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لَهَا مَا يمنعك أَن تسلمي وتتبعيه فقد أسلم أَخُوك حَمْزَة فَقَالَت أنظر مَا يصنع أخواتي ثمَّ أكون إِحْدَاهُنَّ قَالَ فَإِنِّي أَسأَلك بِاللَّه إِلَّا أتيتيه وسلّمت بِهِ وصدقتيه وَشهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَت فَإِنِّي أشهد أنْ لَا إِلَه إلاّ الله وأنّ مُحَمَّدًا رَسُول الله ثمَّ كَانَت بعد ذَلِك تعضد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلسانها وتحضّ ابْنهَا على نصرته وَالْقِيَام بأَمْره وَهِي شَقِيقَة عبد الله وَأبي طَالب وَالزُّبَيْر بن عبد الْمطلب وَقيل بل هَذِه الشَّقِيقَة للمذكورين إِنَّمَا هِيَ أم حَكِيم الَّتِي يُقَال لَهَا الْبَيْضَاء وَقيل إِنَّهَا توأمة عبد الله وَالصَّحِيح هَذَا
3 - (أروى بنت أنيس)
ذكرهَا ابْن السكن فِي الصحابيات وَقَالَ يرْوى عَنْهَا حَدِيث وَاحِد لم يبت وأسنده عَن هِشَام بن زِيَاد أبي الْمِقْدَام عَن هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أروى بنت أنيس قَالَت قَالَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم من مسّ ذكره فيتوضّأ)
(أروم)
3 - (أَمِير جاندار)
آروم بغا الْأَمِير سيف الدّين الناصري لما توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ووفّر الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي من وَظِيفَة أَمِير جاندار أقيم هَذَا الْأَمِير سيف الدّين آروم بغا مَكَانَهُ أَمِير جاندار وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن ملك الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فرسم لَهُ بنيابة طرابلس فَحَضَرَ إِلَيْهَا عوضا عَن الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي وَأقَام بهَا قَلِيلا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَكَانَت نيابته بطرابلس تَقْدِير أَرْبَعَة(8/236)
أشهر وَحضر بعده إِلَى طرابلس الْأَمِير سيف الدّين طرغاي الجاشنكير نَائِبا وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الطَّاء الْمُهْملَة
(أزبك)
3 - (الْأَمِير صارم الدّين الْحلَبِي)
أزبك الْأَمِير صارم الدّين الْحلَبِي كَانَ من أَعْيَان أُمَرَاء دمشق وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي الْكَبِير كَانَ قد جرّد أزبك هَذَا إِلَى بعلبك فَمَرض بهَا وَحمل فِي محفة إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا وَتُوفِّي سنة تسع وَسبعين وَدفن بسفح قاسيون وَقد نَيف على الْخمسين
3 - (القان أزبك)
أزبك القان بن طقطاي صَاحب بِلَاد أزبك أسلم وَحسن لإسلامه وَأسلم بعض رَعيته وَلم يلبس السراجوق وَكَانَ يلبس حياصة هِيَ من فولاذ وَيَقُول لبس الذَّهَب حرَام على الرِّجَال وَكَانَ يحب الْفُقَرَاء ويميل إِلَيْهِم ويتردّد إِلَى بعض الصُّوفِيَّة وَيَقُول لَهُ أشتهي لَو قتلت فَقَالَ لَهُ ذَلِك الصُّوفِي لأي شَيْء قَالَ لأنّكم تَقولُونَ إِن هَذَا ملكي جَمِيع من فِيهِ مُتَعَلق أَذَاهُ بعنقي
خطب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْنَته وَقيل اخته وَحَضَرت إِلَى الديار المصرية فِي الْبَحْر وتوجّه الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب فِيمَا أَظن لملتقاها أَو القَاضِي كريم الدينوهو الأظهرإلى الاسكندرية وَحَضَرت إِلَى الميدان تَحت الْقصر الأبلق بِالْقَاهِرَةِ وعملت لَهَا الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام وَبعد ذَلِك طلعت إِلَى القلعة وَجرى فِي أمرهَا مَا جرى وتوهم السُّلْطَان فِيهَا أَنَّهَا لَيست من بَنَات أزبك فأخرجها وَزوجهَا بالأمير سيف الدّين منكلي بغا السِّلَاح دَار فَتوفي عَنْهَا فزوّجها)
بالأمير صوصون أخي قوصون فَمَاتَ عَنْهَا فزوّجها بِابْن الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب وَتُوفِّي أزبك القان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَت سلطنته سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة
وَكَانَ شجاعاً مليح الصُّورَة أباد طَائِفَة من الْأُمَرَاء والسحرة ومملكته شمالينا بشرق وَهِي من بَحر قسطنطينية إِلَى نهر أربس مَسَافَة ثَمَانمِائَة فَرسَخ لَكِن أَكثر ذَلِك مرَاعِي وقرى وَلها فِي أَيْديهم مائَة سنة وَأكْثر وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده طقطاي فِي حرف الطَّاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(أزدشير)
3 - (ملك الْفرس)
أزدشير بن شيرويه ملك الْفرس وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة من الْهِجْرَة وَاخْتلف أهل مَمْلَكَته بعده يولّون ويعزلون ويخلعون ويملّكون وَكَانَ ذَلِك من سَعَادَة(8/237)
الْإِسْلَام وَكَانَ شيرويه قد أفنى أَوْلَاد الْمُلُوك وَمن كَانَ يُنَاسِبه إِلَى كسْرَى ابْن قباذ فَلم يبْق للْفرس من يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ فتحيّروا فِي أَمرهم وَلم يبْق لَهُم إِلَّا الدّفع عَن الْمَدَائِن فولّوا ابْنه أزدشير واسْمه قباذ وَكَانَ عمره سبع سِنِين فَأَقَامَ خَمْسَة أشهر وَكَانَ شهريار بن أبرويز مُقيما بأنطاكية وَكَانَ أَخُوهُ شيرويه قتل أَبَاهُ أبرويز فَلَمَّا وصل شهريار إِلَى للمدائن ملكهَا وَقتل قباذ بن أزدشير وظلم وبغى وهتك الْحَرِيم فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ
3 - (الْأَمِير الْعَبَّادِيّ)
أزدشير بن الْحُسَيْن بن أزدشير الْعَبَّادِيّ أَبُو الْحُسَيْن مَنْصُور الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بالأمير العبّادي وَالِد أبي مَنْصُور الْوَاعِظ الْمَشْهُور وَسَيَأْتِي ذكره قدم أَبُو الْحُسَيْن هَذَا بغداذ سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة فحجّ وَعَاد وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بالنظامية وبرباط أبي سعد الصُّوفِي وأحبّه النَّاس وَلم يزل التّعصب لَهُ يزْدَاد والعلو فِي محبته يتصاعد حَتَّى منع من الْجُلُوس وَكَانَ مليح الْكَلَام بديع الْأَلْفَاظ غَرِيب النكت حُلْو الْإِيرَاد سمع ببغداذ من أبي الْفضل أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَغَيره وحدّث بمرو وبتستر وَقَالَ إِسْمَاعِيل ابْن أبي سعد الصُّوفِي كَانَ فِي رباطنا بركَة كَبِيرَة يتَوَضَّأ فِيهَا الْأَمِير العبّادي وَكَانَ النَّاس ينقلون مِنْهَا المَاء بِالْقَوَارِيرِ والكيزان تبركاً بِهِ حَتَّى كَانَ يظْهر فِيهَا نُقْصَان المَاء وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار أَخْبرنِي شهَاب الْحَاتِمِي بهراة قَالَ سَمِعت ابْن السَّمْعَانِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا مَنْصُور عَليّ بن عَليّ الامين يَقُول اتّفق أَن وَاحِدًا بِهِ عِلّة جَاءَ إِلَى الْعَبَّادِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئا فشفاه الله فمضيت مَعَه)
إِلَى زِيَارَة قبر أَحْمد فَدَخَلْنَا مشهداً وَخَرجْنَا مَعَه فَإِذا جمَاعَة من العميان والزّمنى والمجذّمين قد اجْتَمعُوا على الْبَاب وَقَالُوا للأمير نَسْأَلك أَن تقْرَأ علينا فَقَالَ لست بِعِيسَى ابْن مَرْيَم وَذَلِكَ قَول وَافق الْقدر وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الْهَمدَانِي أخبر صَاحب لأبي نصر ابْن حردة أنّه أنفذ إِلَى الْعَبَّادِيّ على يَد صاحبٍ لَهُ دَنَانِير فردّها فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام أنفذ إِلَيْهِ غَيرهَا على يَد غَيره فقبلها فَوَقع التَّعَجُّب من ذَلِك فَقَالَ أَبُو نصر وَالله إِن الأولى اقترضتها برباً وَالثَّانيَِة المقبولة أَخَذتهَا من مستغل لي قَالَ وَحكى بعض الموكلين بِهِ حِين نهي عَن الْجُلُوس خوف الْفِتْنَة أنّه دخل إِلَيْهِ وَهُوَ جنب فَقَالَ قُم واغتسل وعد وَقَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ حضر أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ مَجْلِسه وَكَانَ يحضرهُ ويذاكره فَامْتَلَأَ صحن الْمدرسَة وأروقتها وغرفها فَخرج إِلَى فراح طفر فَجَلَسَ بِهِ وَكَانَ يحضر مَجْلِسه من الرِّجَال وَالنِّسَاء ثَلَاثُونَ ألفا وان صمته أَكثر من نطقه وَإِذا تكلم هام النَّاس على وُجُوههم وَترك النَّاس المعاش وَحلق أَكثر الصّبيان رُءُوسهم ولزموا الْمَسَاجِد وَالْجَمَاعَات وبدّدوا الْخُمُور وكسروا الملاهي وسَاق لَهُ كرامات وَلما قدم بغداذ كَانَ الْبُرْهَان الغرنوي يعظ بهَا فانكسر سوقه فَقَالَ الدهان(8/238)
(لله قطب الدّين من عالمٍ ... منفردٍ بِالْعلمِ والباس)
(قد ظَهرت حجّته للورى ... قَامَ بهَا الْبُرْهَان للنّاس)
وتكلّم الْعَبَّادِيّ فِي الرِّبَا وَبيع القراضة بِالصَّحِيحِ وَأنكر ذَلِك فَمنع من الْجُلُوس وَأمر بِالْخرُوجِ من الْبَلَد إِلَى مرو وَمَات بهَا سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة سبع وَالله أعلم قلت وَولده اسْمه المظفر وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ ونبذة من كَلَامه البديع هُنَاكَ
(أزدمر)
3 - (الْأَمِير عز الدّين العلائي)
أزدمر الْأَمِير عز الدّين العلائي أَخُو الْحَاج عَلَاء الدّين طيبرس كَانَ شَيخا مهيباً شجاعاً شرس الْأَخْلَاق قَلِيل الْفَهم حضر جنَازَته ملك الْأُمَرَاء لما توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَدفن بتربته إِلَى جَانب دَاره عِنْد مئذنة فَيْرُوز دَاخل دمشق
3 - (الْحَاج أزدمر الجمدار)
أزدمر الْحَاج الْأَمِير عز الدّين الجمدار من أَعْيَان الْأُمَرَاء وأماثلهم كَانَ عِنْده فَضِيلَة وَمَعْرِفَة وَحسن تَدْبِير وَفِيه مَكَارِم كَثِيرَة ومراعاة لمعارفه وتفقد لأحوالهم وَلم يزل مُحْتَرما فِي الدول
ولّما ملك الْمَنْصُور زَاد إقطاعه وَلما قدم سنقر الْأَشْقَر إِلَى دمشق لَازمه واختص بِهِ وَكَانَ لَا يصدر إلاّ عَن رَأْيه فَلَمَّا تسلطن بِدِمَشْق جعله نَائِبا عَنهُ ولّما ضرب مَعَ المصريين وحصلت الكسرة قصد الْأَمِير عز الدّين الْجَبَل وَأقَام بِهِ مُدَّة ثمَّ اتَّصل بسنقر الْأَشْقَر وَبَقِي عِنْده وَفِي خدمته وَحضر مصافّ التتار وَقَاتل فِيهِ قتالاً عَظِيما وأبلى بلَاء حسنا وَقتل مُقبلا غير مُدبر شَهِيدا سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن فِي مشْهد خَالِد بحمص وعمره نَحْو سِتِّينَ سنة وَكَانَت نَفسه تحدثه بِأُمُور قصّر عَنْهَا أَجله وَكَانَ يزْعم أنّه شرِيف النّسَب وَكَانَ هُوَ الَّذِي طعن طاغية العدوّ
(الْأَزْرَق)
الْأَزْرَق الوَاسِطِيّ إِسْحَاق بن يُوسُف
الْأَزْرَق الْحَافِظ حمّاد بن زيد
ابْن الْأَزْرَق الْحَافِظ أَحْمد بن عَليّ
3 - (أَزْهَر)
3 - (أَزْهَر بن عبد عَوْف الزُّهْرِيّ الْقرشِي)
هُوَ عَم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف ووالد عبد(8/239)
الرَّحْمَن بن الْأَزْهَر الَّذِي يروي عَنهُ ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ روى عَن أَزْهَر هَذَا أَبُو الطُّفَيْل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى السِّقَايَة الْعَبَّاس يَوْم الْفَتْح وَأَن الْعَبَّاس كَانَ يَليهَا فِي الْجَاهِلِيَّة دون أبي طَالب وَهُوَ أحد الْأَرْبَعَة الَّذين نصبوا الْأَعْلَام للحرم لما ولي الْخلَافَة عمر بن الْخطاب
3 - (أَزْهَر بن قيس)
روى عَنهُ جرير بن عُثْمَان قَالَ ابْن عبد الْبر لم يرو عَنهُ غَيره فِيمَا علمت حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ ويلم أنّه كَانَ يتعّوذ فِي صلَاته من فتْنَة الْمغرب
3 - (أَزْهَر بن حميضة)
روى عَن أبي بكر الصّديق قَالَ ابْن عبد الْبر فِي صحبته نظر
3 - (أَزْهَر السمان)
أَزْهَر بن سعد السمان الْبَاهِلِيّ بِالْوَلَاءِ البصريّ روى عَن حميد الطَّوِيل وروى عَنهُ أهل الْعرَاق كَانَ يصحب الْمَنْصُور قبل أَن يَلِي الْخلَافَة فَلَمَّا وَليهَا جَاءَهُ أَزْهَر مهنئاً بالخلافة فحجبه الْمَنْصُور فترصدّ لَهُ يَوْم جُلُوسه الْعَام وسلّم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مَا جَاءَ بك قَالَ جِئْت مهنئاً بِالْأَمر فَقَالَ الْمَنْصُور أَعْطوهُ ألف دِينَار وَقُولُوا لَهُ قد قضيت وَظِيفَة الهناء فَلَا تعد
فَمضى وَعَاد فِي قَابل فحجبه فَدخل عَلَيْهِ فِي مثل ذَلِك الْمجْلس وسلّم عَلَيْهِ فَقَالَ مَا جَاءَ بك قَالَ سَمِعت أَنَّك مَرضت فَجئْت عَائِدًا فَقَالَ اعطوه ألف دِينَار وَقد قضيت وَظِيفَة(8/240)
العيادة فَلَا تعد إِلَيّ فإنّي قَلِيل الْأَمْرَاض فَمضى وَعَاد فِي قَابل فَقَالَ لَهُ فِي مثل ذَلِك الْمجْلس مَا جَاءَ بك قَالَ سَمِعت مِنْك دُعَاء فَجئْت لأتعلمه مِنْك فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا إنّه غير مستجاب إنّي دَعَوْت بِهِ فِي كل سنة أَن لَا تَأتِينِي وَأَنت تَأتي لَهُ وقائع وحكايات مأثورة توفّي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ)
وَقيل سنة سبع وَكَانَ ثِقَة نبيلاً عمّر أَرْبعا وَتِسْعين سنة وروى البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
3 - (أَبُو جَعْفَر البغداذي)
أَزْهَر بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن حَمْزَة البغداذي قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَهُوَ وَالِد شُيُوخنَا عبد الْعَزِيز وَأحمد وَعبد الْوَهَّاب صحب الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَتخرج بِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير واشتغل بِسَمَاع الحَدِيث وكتابته وَقَرَأَ بالروايات على أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الْقطَّان وَغَيره وَسمع عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر وَهبة الله بن مُحَمَّد بن الْحصين وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
(الألقاب)
الأدفوي أَحْمد بن عَليّ
الأدفوي كَمَال الدّين جَعْفَر بن تغلب
ابْن الْأَزْهَر الأخباري جَعْفَر بن مُحَمَّد
الْأَزْهَرِي اللّغَوِيّ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْأَزْهَر
الْأَزْهَرِي الْحَافِظ مُحَمَّد بن عقيل
ابْن أبي الْأَزْهَر النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن مزِيد
(أُسَامَة)
3 - (حِبّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل الْكَلْبِيّ أَبُو زيد وَقيل(8/241)
أَبُو مُحَمَّد حِبّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن حبّه ومولاه قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسلّم يأخذني وَالْحسن وَيَقُول اللَّهُمَّ إنّي أحبهما فأحبّهما وَأمه أَيمن مولاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحاضنته وَكَانَ أسود كالليل وَكَانَ أَبوهُ أَبيض أشقر قَالَ إِبْرَاهِيم بن سعد قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا دخل مجزز المدلجي الْقَائِف على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى أُسَامَة وزيداً وَعَلَيْهِمَا قطيفة قد غطّيا رءوسهما وبدت أقدامهما فَقَالَ إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض فسرّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْجَبهُ ذَلِك وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ على الصَّحِيح روى عَنهُ الْجَمَاعَة كلهم وَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسَامَة فِي جَيش فيهم أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فطعن النَّاس فِيهِ لأنّه كَانَ ابْن مولى وَلم يبلغ عشْرين سنة وَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَرضه وَصعد الْمِنْبَر الحَدِيث وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح الومص من عَيْنَيْهِ وَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عثر أُسَامَة على عتبَة الْبَاب أَو أُسْكُفَّة الْبَاب فشجّ وَجهه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة أميطي عَنهُ الدَّم قَالَت فتقذرته فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمص شجّته ويمجّه وَيَقُول لَو كَانَ أُسَامَة جَارِيَة لكسوته وحليته حَتَّى أنفّقه سكن بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَادي ثمَّ رَجَعَ إِلَى(8/242)
الْمَدِينَة فَمَاتَ بالجرف فِي آخر خلَافَة مُعَاوِيَة سنة ثمانٍ أَو سنة تسع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ حدّث حمّاد بن سَلمَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخر الْإِفَاضَة من عَرَفَة من أجل أُسَامَة بن زيد ينتظره فجَاء غُلَام أسود أفطس فَقَالَ أهل الْيمن إنّما حبسنا من أجل هَذَا قَالَ فَلذَلِك كفر أهل الْيمن من أجل هَذَا قَالَ يزِيد بن هَارُون يَعْنِي ردّتهم أَيَّام أبي بكر وَفرض عمر ابْن الْخطاب لأسامة بن زيد خَمْسَة آلَاف وَلَا بن عمر أَلفَيْنِ فَقَالَ ابْن عمر فضّلت علّي أُسَامَة وَقد شهِدت مَا لم يشْهد فَقَالَ إِن أُسَامَة كَانَ أحبّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْك وَأَبوهُ كَانَ أحبّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَبِيك وَعَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أحبّ النَّاس إليّ أُسَامَة مَا حاشا فَاطِمَة وَلَا غَيرهَا وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه وَأَنا أَرْجُو أَن يكون من صالحيكم فَاسْتَوْصُوا بِهِ خيرا)
قَالَ عَليّ بن خشرم قلت لوكيع من سلم من الْفِتْنَة قَالَ أما المعروفون من أَصْحَاب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأَرْبَعَة سعد بن مَالك وَعبد الله بن عمر وَمُحَمّد بن مسلمة وَأُسَامَة بن زيد وَاخْتَلَطَ سَائِرهمْ
3 - (ابْن شريك الصَّحَابِيّ)
أُسَامَة بن شريك الذبياني لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الصَّحَابِيّ)
أُسَامَة بن عُمَيْر الْهُذلِيّ بصر لَهُ وَرِوَايَة وَهُوَ وَالِد أبي الْمليح الْهُذلِيّ من أنفس هُذَيْل وَاسم أبي الْمليح عَامر بن أُسَامَة لم يرو عَن أُسَامَة هَذَا غير ابْنه(8/243)
أبي الْمليح وَكَانَ نازلاً بِالْبَصْرَةِ وَمن حَدِيثه مَا رَوَاهُ خَالِد الحذّاء عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ عَن أَبِيه قَالَ كنّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ يَوْم حنين فأصابنا مطر لم يبلّ أسافل نعالنا فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن صلوا فِي رحالكُمْ
3 - (الصَّحَابِيّ)
أُسَامَة بن أخدريبفتح الْهمزَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَبعدهَا رَاء وياء آخر الْحُرُوف والأخدري الْحمار الوحشي وَأُسَامَة هَذَا يعرف بالشقريبفتح الشين الْمُعْجَمَة وَالْقَاف والراءوهو عَم بشير بن مَيْمُون نزل الْبَصْرَة وروى عَنهُ البشير بن مَيْمُون
3 - (أُسَامَة بن خُزَيْمٌ)
روى عَن مرّة الْبَهْزِي روى عَنهُ عبد الله بن شَقِيق وَلَا تصلح لَهُ صُحْبَة
3 - (المرتضى النَّقِيب)
أُسَامَة بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عمر أَبُو الْفَتْح ابْن أبي عبد الله ابْن أبي الْحسن ابْن أبي طَالب الْعلوِي النَّقِيب ابْن النَّقِيب تولى النقابة بعد أَبِيه ببغداذ ولقب بالمرتضى فَأَقَامَ فِي النقابة أَربع سِنِين تَقْرِيبًا واستعفى وَسَأَلَ أَن يكون عوضه زوج أُخْته أَبُو الغنايم المعمّر فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وَعَاد إِلَى الْكُوفَة ولأقام بمشهد على ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَى أَن أدْركهُ أَجله سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وعمره خمس وَأَرْبَعُونَ سنة
3 - (ابْن عَلَيْك)
)
أُسَامَة بن عَليّ بن سعيد بن بشير بن مهْرَان الرَّازِيّ أَبُو رَافع ابْن أبي الْحسن كَانَ وَالِده من حفاظ الحَدِيث يعرف بعلّيك ولد بسرّ من رأى وَحَمَلته أمه إِلَى وَالِده بِمصْر وَسمع هُنَاكَ وحدّث وَكَانَ حسن الحَدِيث كثير الْكِتَابَة ثِقَة كتبت عَنهُ أَحَادِيث حسان وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَعشْرين وثلاثمائة
3 - (السجْزِي النَّحْوِيّ)
أُسَامَة بن سُفْيَان السجْزِي النَّحْوِيّ من نحاة سجستان وشعرائها قَالَ ياقوت ذكره أَبُو الْحسن الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الوشاح وَأنْشد لَهُ
(أَبى النأي إلاّ أَن يجدّد لي ذكرى ... لمن ودعتني وَهِي لَا تملك العبرا)
(وَقَالَت رعاك الله مَا خلت أنني ... أَرَاك تسلّى أَو تطِيق لنا هجرا)
(وَكَانَت ترى فرط العلاقة سَاعَة ... تغّيبها عَنَّا وَإِن قصرت شهرا)
(وتجزع من وَشك الْفِرَاق فَمَا لنا ... على فرقة الأحباب أَن نظهر الصبرا)(8/244)
مِنْهَا فِي المديح
(وَزِير يرى الْمَعْرُوف يجمل ذكره ... فَأرْسل بَين النَّاس معروفه غمرا)
(فَمَا أقلعت يَوْمًا غمامة جوده ... وَلَا قطرت رشاً وَلَا أَخْطَأت قطرا)
(وَمَا اخْتصَّ يَوْمًا حَاضرا دون غَائِب ... برفدٍ وَلَا ذَا فاقةٍ دون من أثرى)
(وَقد أمه الراجون من كلّ وجهةٍ ... فأربى مرجّاهم بواحدةٍ عشرا)
قلت شعر منحط لكنه منسجم
3 - (مؤيد الدولة ابْن منقذ)
أُسَامَة بن مُرشد بن عَليّ بن مُقلَّد بن نصر بن مُنقذ بن مُحَمَّد بن منقذ بن نصر بن هَاشم بن سرار بن زِيَاد بن رغيب بن مَكْحُول بن عمر بن الْحَارِث ابْن عَامر بن مَالك ابْن أبي مَالك ابْن عَوْف بن كنَانَة يَنْتَهِي إِلَى قحطان مجد الدّين مؤيد الدولة أَبُو المظفر ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة أثنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بِدِمَشْق بجبل قاسيون وَفِي بَيته بنى منقذ جمَاعَة فضلاء يَأْتِي ذكر كل مِنْهُم إِن شَاءَ الله فِي مَوْضِعه لم يزل بَنو منقذ مالكين حصن شيزر معتصمين بحصانتها حَتَّى جَاءَت الزلزلة سنة نَيف وَخمسين فخرب حصنها وَذهب حسنها وتملكها نور الدّين الشَّهِيد)
عَلَيْهِم وَأعَاد بناءها فتشعبوا شعبًا وتفرّقوا أَيدي سبا وَكَانَ هَذَا الْأَمِير مجد الدّين من أكَابِر بني منقذ وشجعانهم وعلمائهم لَهُ تصانيف عديدة فِي فنون الْأَدَب وَسكن دمشق مُدَّة ثمَّ نبت بِهِ كَمَا تنبو الديار بالكريم فانتقل إِلَى مصر فَبَقيَ بهَا مؤمّراً مشاراً إِلَيْهِ بالتعظيم وَكَانَ قدومه أَيَّام الظافر ابْن الْحَافِظ والوزير يَوْم ذَاك ابْن السلاّر الْعَادِل فَأحْسن إِلَيْهِ وَلم يزل إِلَى أَيَّام الصَّالح ابْن رزّيك ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وسكنها ثمَّ رَمَاه الزَّمَان إِلَى حصن كيفا فَأَقَامَ بِهِ حَتَّى ملك السُّلْطَان صَلَاح الدّين دمشق فاستدعاه وَهُوَ شيخ قد جَاوز الثَّمَانِينَ وروى عَنهُ ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَأَبُو الْمَوَاهِب ابْن صصرى والحافظ عبد الْغَنِيّ وَولده الْأَمِير أَبُو الفوارس مرهف وملكت نسختين بديوانه وهما بِخَط يَده نقلت من أَحدهمَا فِي ضرس قلعة وَهُوَ مَشْهُور
(وَصَاحب لَا أملّ الدّهر صحبته ... يشقى لنفعي وَيسْعَى سعي مُجْتَهد)
(لم ألقه مذ تصاحبنا فمذ وَقعت ... عَيْني عَلَيْهِ افترقنا فرقة الْأَبَد)(8/245)
ونقلت مِنْهُ قَوْله يَا دهر مَا لَك لَا يصدك من مساءتي العتاب أمرضت من أَهْوى ويأبى أَن أمرّضه الْحجاب لَو كنت تنصف كَانَت الْأَمْرَاض لي وَله الثَّوَاب وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الآخر
(يَا لَيْت علّته بِي غير أَن لَهُ ... أجر العليل وأنّي غير مأجور)
ونقلت مِنْهُ قَوْله
(شكا ألم الْفِرَاق النَّاس قبلي ... وروع بالنّوى حيٌّ وميت)
(وأمّا مثل مَا ضمّت ضلوعي ... فإنّي لَا سَمِعت وَلَا رَأَيْت)
ونقلت مِنْهُ قَوْله
(وَمَا أَشْكُو تلوّن أهل ودّي ... وَلَو أَجدت شكيتهم شكيت)
(مللت عتابهم ويئست مِنْهُم ... فَمَا أرجوهم فِيمَن رَجَوْت)
(إِذا أدمت قوارصهم فُؤَادِي ... صبرت على الأذية وانطويت)
(وَجئْت إِلَيْهِم طلق المحيّا ... كأنّي لَا سَمِعت وَلَا رَأَيْت)
)
(تجنَّوا لي ذنوباً مَا جنتها ... يداي وَلَا أمرت وَلَا نهيت)
(وَلَا وَالله مَا أضمرت غدراً ... كَمَا قد أظهروه وَلَا نَوَيْت)
(وَيَوْم الْحَشْر موعدنا وتبدو ... صحيفَة مَا جنوه وَمَا جنيت)
ونقلت مِنْهُ قَوْله
(لَا تستعر جلدا على هجرانهم ... فقواك تضعف عَن صدود دَائِم)
(وَاعْلَم بأنك إِن رجعت إِلَيْهِم ... طَوْعًا وإلاّ عدت عودة راغم)
قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب تناشدنا بَيْتا للوزير المغربي فِي وصف خفقان الْقلب وَهُوَ
(كَأَن قلبِي إِذا عنّ ادّكاركم ... ظلُّ اللِّوَاء عَلَيْهِ الرّيح تخترق)
فَقَالَ لي الْأَمِير أُسَامَة قد شبهت الْقلب الخافق وبالغت فِي تشبيهه وأربيت عَلَيْهِ فِي قولي من أَبْيَات وَهِي
(أحبابنا كَيفَ اللِّقَاء ودونكم ... عرض المهامه والفيافي الفيح)
(أبكيتم دمعي دَمًا لفراقكم ... فكأنّما إنسانها مَجْرُوح)
(وكأنّ قلبِي حِين يخْطر ذكركُمْ ... لَهب الضّرام تعاورته الرّيح)(8/246)
فَقلت لَهُ صدقت فَإِن المغربيّ قصد تشبيهه خفقان الْقلب وَأَنت شبهت الْقلب الْوَاجِد باللهب وخفقانه باضطرابه عِنْد اضطرامه لتعاور الرّيح فقد أربيت عَلَيْهِ قَالَ وأنشدني لَهُ فِي غرضٍ لَهُ فِي نور الدّين الشَّهِيد
(سلطاننا زاهد وَالنَّاس قد زهدوا ... لَهُ فكلٌّ على الْخيرَات منكمش)
(أَيَّامه مثل شهر الصَّوْم خَالِيَة ... من الْمعاصِي وفيهَا الْجُوع والعطش)
وأنشدني لَهُ
(وأعجب مَا لقِيت من اللَّيَالِي ... وأيٌّ فعالها بِي بِمَ يَسُؤْنِي)
(تقلّب قلب من مثواه قلبِي ... وجفوة من ضممت عَلَيْهِ جفني)
وأنشدني لَهُ
(انْظُر إِلَى لاعب الشطرنج يجمعها ... مغالياً ثمَّ بعد الْجمع يرميها)
(كالمرء يكدح فِي الدُّنْيَا ويجمعها ... حَتَّى إِذا مَاتَ خلاّها وَمَا فِيهَا)
وَله فِي الْهزْل)
(خلع الخليع عذارة فِي فسقه ... حَتَّى تهتك فِي بغاً ولواط)
(يَأْتِي ويوتى لَيْسَ يُنكر ذَا وَلَا ... هَذَا كَذَلِك إبرة الْخياط)
وَله القصيدة الميمية الَّتِي كتبهَا من مصر إِلَى دمشق فِي أَيَّام نَبِي الصُّوفِي وضمنها كثيرا من قصيدة المتنبي وَهِي
(ولُّوا فلمّا رجونا عدلهم ظلمُوا ... فليتهم حكمُوا فِينَا بِمَا علمُوا)
(مَا مرّ يَوْمًا بفكري مَا يريبهم ... وَلَا سعت بِي إِلَى مَا ساءهم قدم)
وَهِي قصيدة مليحة فِي العتاب وَله أَيْضا
(إِلَى الله أَشْكُو فرقة دميت لَهَا ... جفوني وأذكت بالهموم ضميري)
(تمادت إِلَى أَن لاذت النَّفس بالمنى ... وطارت بهَا الأشواق كلَّ مطير)
(فَلَمَّا قضى الله اللِّقَاء تعرَّضت ... مساءة دهري فِي طَرِيق سروري)
وَله أَيْضا
(قَالُوا نهته الْأَرْبَعُونَ عَن الصبّا ... وأخو المشيب يجور ثمّت يَهْتَدِي)
(كم حَار فِي ليل الشَّبَاب فدلّه ... صبح المشيب على الطَّرِيق الأقصد)
(وَإِذا عددت سنيَّ ثمَّ نقصتها ... زمن الهموم فَتلك سَاعَة مولدِي)
وَله من التصانيف كتاب الْقَضَاء كتاب الشيب والشباب ألّفه لِابْنِهِ كتاب ذيل الْيَتِيمَة للثعالبي
كتاب تَارِيخ أَيَّامه كتاب فِي أَخْبَار أَهله(8/247)
3 - (اللَّيْثِيّ الْمدنِي)
أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ مَوْلَاهُم الْمدنِي من كبار الْعلمَاء قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ بَأْس وَاخْتلف قَول الْقطَّان فِيهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ روى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة
3 - (علم الدّين الْكَاتِب)
أُسَامَة بن مُحَمَّد بن عبد الْوَارِث علم الدّين الْأَسدي أَسد قُرَيْش الْأَبْهَرِيّ الأَصْل الْمصْرِيّ يكنى أَبَا الأشبال أَخْبرنِي الإِمَام الْعَلامَة أثير الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور كَاتبا ناظماً ناثراً ممتعاً بِالْحَدِيثِ حسن المفاكهة رَأَيْته بدمياط والقاهرة أَنْشدني يَوْم الْأَحَد الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر رَجَب سنة تسعين وسِتمِائَة بثغر دمياط يصف حمَّاماً)
(حمّامنا لمن دخل ... خَالِيَة من الْخلَل)
(قد وضعت بحكمةٍ ... على مزاج معتدل)
(يرى بهَا والجها ... وَجه الزَّمَان مقتبل)
(فطرف من يدخلهَا ... يسرح مِنْهَا فِي حلل)
(جمَالهَا إِن فصِّلت ... أجزاؤه كَانَ جمل)
(لَا خطر فِي وصف مَا ... قد جمعت وَلَا خطل)
(إِن بلَّ من مياهها ... جسم من الْبلوى أبلّ)
(وَهُوَ رواء من غلل ... وَهُوَ شِفَاء من علل)
(يحكم فِي إِطْلَاقه ... كَمَا يُرِيد من دخل)
فماؤها الْحَار من الْحَار الغريزي أجلّ
(وماؤها الْبَارِد من ... رُطُوبَة الأَصْل بدل)
(مَا إِن يمِيل نَاظر ... عَن حسنها وَلَا يمل)
قد قَارن الزهرة فِيهَا المُشْتَرِي بِلَا زحل
(مَالِكهَا ربيعنا ... فدهرنا الشَّمْس حمل)
أَبُو أُسَامَة الْحَافِظ حَمَّاد بن أُسَامَة(8/248)
(أَسْبَاط)
3 - (الهمذاني الْكُوفِي)
أَسْبَاط بن نصر الهمذاني الْكُوفِي صَاحب السُّدي ليّنه أَبُو نعيم وَقَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بالقويّ وروى عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة
3 - (أَسْبَاط بن مُحَمَّد الْكُوفِي)
وَالِد عبيد بن أَسْبَاط وثّقه ابْن معِين وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة توفّي سنة مِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ
(الألقاب)
ابْن أَسْبَاط هُوَ عبد الله بن عَليّ المغربي
ابْن أسباسلار أَبُو بكر مُتَوَلِّي مصر
(أسباهمير)
3 - (الْحَنْبَلِيّ)
أسباهمير بن مُحَمَّد بن نعْمَان ابْن الجيلي أَبُو عبد الله الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ قدم بغذاذ وَصَحب الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَنزل فِي مدرسته وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ الْفِقْه وَلم يزل على قدم الِاشْتِغَال بِالْمَدْرَسَةِ إِلَى آخِره عمره قَالَ محب الدّين ابْن النجار وجدت لَهُ سَمَاعا فِي جُزْء من أبي مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم المادح وقصدته للسماع مَعَ شَيخنَا الْحَافِظ أَحْمد بن الْبَنْدَنِيجِيّ فَلم يفهم ذَلِك وَكَانَ بِهِ صمم شَدِيد وَقد علت سنّه كثيرا وتشوّش ذهنه فعدت وَلم أسمع مِنْهُ شَيْئا وَبَلغنِي أَن بعض الطّلبَة سمع مِنْهُ بعدِي فَالله أعلم بِصِحَّة ذَلِك السماع وَكَانَ شَيخا صَالحا أَظُنهُ ناطح الْمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وسِتمِائَة
(أسبهدوت)
3 - (الشَّاعِر)
أسبهدوت بن مُحَمَّد بن الْحسن بن أسفار بن شيرويه الديلمي أَبُو(8/249)
مَنْصُور الشَّاعِر حدّث عَن أبي أَحْمد عبد السَّلَام بن الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ اللّغَوِيّ وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد بن حجّاج وَأبي نصر عبد الْعَزِيز بن نباتة السَّعْدِيّ روى عَنهُ ديوانه وَكَانَ رُبمَا سلك فِي شعره طَرِيق ابْن حجاج روى عَنهُ أَبُو الْفضل أَحْمد بن الْحسن بن خيرون وَأَبُو نصر عبد الله بن عبد الْعَزِيز الرَّسولي وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ يهجو الصَّحَابَة وَالنَّاس ثمَّ تَابَ وَحسنت تَوْبَته وَمن شعره فِي الحمّى
(وزائرة تزور بِلَا رقيبٍ ... وتنزل بالفتى من غير حبِّه)
(وَمَا أحد يحبُّ الْقرب مِنْهَا ... وَلَا تحلو زيارتها بِقَلْبِه)
(تبيت بباطن الأحشاء مِنْهُ ... فيطلب بعْدهَا من عظم كربه)
(وتمنعه لذيذ الْعَيْش حَتَّى ... تنغّصه بمأكله وشربه)
(أَنْت لزيارتي من غير وعد ... وَكم من زائرٍ لَا مرْحَبًا بِهِ)
وَقَالَ فِي أبي الْوَاعِظ وَلم يكن فِي زَمَانه أحسن صُورَة مِنْهُ وَلَا أعذب لفظا
(وواعظ تيَّمنا وعظه ... فَعرفهُ شيب بإنكار)
(ينْهَى عَن الذَّنب وألحاظه ... تَأمر فِي الذّنب بإصرار)
(وَمَا رَأينَا قبله واعظاً ... مكسب آثامٍ وأوزار)
(لِسَانه يَدْعُو إِلَى جنةٍ ... وَقَلبه يَدْعُو إِلَى نَار)
وَمن شعره
(يَا طَالب التَّزْوِيج إِنَّك بِالَّذِي ... تبغيه مِنْهُ جَاهِل مَعْذُور)
(هَل أَبْصرت عَيْنَاك صَاحب زَوْجَة ... إلاّ حَزينًا مَا لَدَيْهِ سرُور)
(لَا تَبْغِ فِي الدُّنْيَا نِكَاحا لَازِما ... وَافْعل بهَا مَا يفعل الزنبور)
(أَو مَا ترَاهُ حِين يدْرك فرْصَة ... يدنو ويلسع لسعة ويطير)
(الألقاب)
ابْن الْأُسْتَاذ القَاضِي الْحلَبِي)
هما اثْنَان القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
وَالْآخر محيي الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
وَالْآخر الْحُسَيْن بن عَليّ(8/250)
وَالْآخر عمر بن مُحَمَّد
الأستراباذي النَّحْوِيّ الْحسن بن أَحْمد
(إِسْحَاق)
3 - (الحتلي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سِنِين الحتّلي أَبُو الْقَاسِم نزيل بغذاذ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن رَاهَوَيْه)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد بن إِبْرَاهِيم يَنْتَهِي إِلَى زيد مَنَاة بن تَمِيم هُوَ الإِمَام إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أجمع المحدثون على أَن هَذَا رَاهَوَيْه يَقُولُونَهُ بِفَتْح الْهَاء وَالْوَاو وَسُكُون الْيَاء وَفِيمَا عداهُ مِمَّا ركّب من أَسمَاء الْأَصْوَات أَن يَقُولُوا فِيهِ رَاهَوَيْه بِضَم الْهَاء وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْيَاء ولد رَاهَوَيْه فِي طَرِيق مَكَّة فَقَالَت المراوزة رَاهَوَيْه بأنّه ولد فِي الطَّرِيق أحد الْأَعْلَام المتبوعين أَبُو يَعْقُوب التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي الْمروزِي نزيل نيسابور وعالمها ولد سنة سِتّ أَو إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ سمع من عبد الله بن الْمُبَارك سنة بضع وَسبعين وَترك الرِّوَايَة عَنهُ لكَونه لم يتقن الْأَخْذ عَنهُ كَمَا يجب وارتحل فِي طلب الْعلم سنة أَربع وَثَمَانِينَ قَالَ عَليّ بن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه ولد أبي من بطن أمّه مثقوب الْأُذُنَيْنِ فَمضى جدي رَاهَوَيْه إِلَى الْفضل بن مُوسَى فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ يمون ابْنك رَأْسا إمّا فِي الْخَيْر وإمّا فِي الشَّرّ وَسمع قبل الرحلة من الْفضل السينَانِي وَأبي تُمَيْلة(8/251)
وَعمر بن هَارُون وَالنضْر بن شُمَيْل وَفِي الرحلة من جرير بن عبد الرَّحْمَن وسُفْيَان بن عُيَيْنَة والدراوردي وفضيل ين عِيَاض ومعتمر بن سُلَيْمَان وَعِيسَى بن يُونُس وَعبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد العمّيّ وَابْن عُلية وأسباط بن مُحَمَّد وَبَقِيَّة ابْن الْوَلِيد وحاتم بن إِسْمَاعِيل وَحَفْص بت غياث وَأبي خَالِد الْأَحْمَر وَشُعَيْب ابْن إِسْحَاق وَعبد الله بن إِدْرِيس وَعبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى وَعبد للرحمن بن مهْدي)
وَعبد الرّزاق وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وعتاب بن بشير الْجَزرِي وَأبي مُعَاوِيَة وغندر وَابْن فُضَيْل والوليد بن مُسلم وَأبي بكر ابْن عَيَّاش وَخلق سواهُم وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد ابْن حَنْبَل وَيحيى بن معِين قريناه وَيحيى بن آدم شَيْخه والذهلي والكوسج وَخلق كثير قَالَ الدّرامي سَاد إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ أهل الْمشرق وَالْمغْرب بصدقه
وَقَالَ النَّسَائِيّ أحد الْأَئِمَّة ثِقَة مَأْمُون وَقَالَ أَبُو دَاوُد تغير إِسْحَاق قبل مَوته بِخَمْسَة أشهر وَسمعت مِنْهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّام فرميت بِهِ وَقَالَ أَبُو عمر الْمُسْتَمْلِي أَخْبرنِي عليّ بن سَلمَة الْكَرَابِيسِي وَهُوَ من الصَّالِحين قَالَ رَأَيْت لَيْلَة مَاتَ إِسْحَاق كَأَن قمراً ارْتَفع إِلَى السَّمَاء من الأَرْض من سكَّة إِسْحَاق ثمَّ نزل فَسقط فِي الْموضع الَّذِي دفن فِيهِ إِسْحَاق قَالَ وَلم أشعر بِمَوْتِهِ فَلَمَّا غَدَوْت إِذا بحفّار يحْفر قَبره فِي الْموضع الَّذِي رَأَيْت الْقَمَر وَقع فِيهِ وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة نصف شعْبَان فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَله سبع وَسَبْعُونَ سنة وعدّه الْبَيْهَقِيّ فِي أَصْحَاب الشَّافِعِي وَكَانَ قد نَاظر الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة جَوَاز بيع دور مَكَّة وَقد استوفى الإِمَام فَخر الدّين ذَلِك الْمجْلس فِي كِتَابه مَنَاقِب الشَّافِعِي وَله مُسْند مَشْهُور وَقَالَ أحفظ سبعين ألف حَدِيث وأذاكر بِمِائَة ألف حَدِيث وَمَا سَمِعت شَيْئا قطّ إلاّ حفظته وَلَا حفظت شَيْئا فَنسيته
3 - (إِسْحَاق النديم)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الْموصِلِي النديم الْمَشْهُور صَاحب(8/252)
الْغناء كنيته أَبُو مُحَمَّد وَكَانَ الرشيد إِذا أَرَادَ أَن يولع بِهِ كنّاه أَبَا صَفْوَان كَانَ لَهُ فِي علومه وَأما الْغناء فَلم يكن لَهُ فِيهِ نَظِير سبق الْأَوَّلين وَقصر عَنهُ الْمُتَأَخّرُونَ وَكَانَ أكره النَّاس للغناء بِهِ وَيَقُول وددت أَن أضْرب كلّما أَرَادَ مني يندبني أَن أغنّي وَكلما قَالَ قَائِل إِسْحَاق الْموصِلِي الْمُغنِي عشر مقارع لَا أُطِيق أَكثر من هَذَا وأعفى من الْغناء وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ وَكَانَ الْمَأْمُون يَقُول لَوْلَا مَا سبق لإسحاق على أَلْسِنَة النَّاس وَشهر بِهِ من الْغناء عِنْدهم لوليته الْقَضَاء بحضرتي فإنّه أولى بِهِ وأحق وأعف وأصدق تديناً وَأَمَانَة من هَؤُلَاءِ الْقُضَاة وحدّث المرزباني عَن مُحَمَّد بن عَطِيَّة الشَّاعِر قَالَ كنت عِنْد يحيى بن أَكْثَم فِي مجْلِس لَهُ يجْتَمع إِلَيْهِ فِيهِ أهل الْعلم وحضره إِسْحَاق فَجعل يناظر أهل الْكَلَام حَتَّى انتصف مِنْهُم ثمَّ تكلم فِي الْفِقْه فَأحْسن وَاحْتج ثمَّ تكلم فِي الشّعْر واللغة ففاق من حضر فَأقبل على يحيى بن أَكْثَم وَقَالَ أعز الله القَاضِي أَفِي شَيْء ممّا ناظرت فِيهِ تَقْصِير قَالَ لَا وَالله قَالَ فَمَا بالي أقوم بِسَائِر الْعُلُوم قيام أَهلهَا وأنسب إِلَى فنّ واحدٍ قد)
اقْتصر النَّاس عَلَيْهِ قَالَ العطوي فَالْتَفت إليّ يحيى بن أَكْثَم وَقَالَ جَوَابه فِي هَذَا عَلَيْك وَكَانَ العطوي من أهل الجدل وَالْكَلَام فَالْتَفت إِلَى إِسْحَاق وَقلت أَخْبرنِي يَا با مُحَمَّد إِذا قيل من اعْلَم النَّاس بالشعر واللغة أيقولون إِسْحَاق أَن الْأَصْمَعِي وَأَبُو عُبَيْدَة قَالَ بل الْأَصْمَعِي وَأَبُو عُبَيْدَة
قَالَ فَإِن قيل من أعلم النَّاس بالنحو أيقولون إِسْحَاق أم الْخَلِيل وسيبويه قَالَ بل الْخَلِيل وسيبويه قَالَ فَإِن قيل من أعلم النَّاس بالأنساب أيقولون إِسْحَاق أم ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ بل ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ فَإِن قيل من أعلم النَّاس بالْكلَام أيقولون إِسْحَاق أم أَبُو الْهُذيْل والنظام قَالَ بل أَبُو الْهُذيْل والنظام قَالَ فَإِن قيل من أعلم النَّاس بلفقه أيقولون إِسْحَاق أم أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف قَالَ بل أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف قَالَ فَإِن قيل من أعلم النَّاس بِالْحَدِيثِ أيقولون إِسْحَاق أم عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين قَالَ بل عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين قَالَ فَإِذا قيل من أعلم النَّاس بِالْغنَاءِ أَيجوزُ أَن يَقُول قَائِل فلَان أعلم من إِسْحَاق قَالَ لَا قلت فَمن هَهُنَا نسبت إِلَى مَا نسبت إِلَيْهِ لأنّه لَا نَظِير لَك فِيهِ وَأَنت فِي غَيره لَك نظراء فَضَحِك وَقَامَ وَانْصَرف فَقَالَ يحيى بن أَكْثَم لقد وفيت الْحجَّة وفيهَا ظلم قَلِيل لإسحاق لأنّه رُبمَا ماثل أَو زَاد على من فضلته عَلَيْهِ وَإنَّهُ ليقل فِي الزَّمَان نَظِيره وَسَأَلَ إِسْحَاق الْموصِلِي الْمَأْمُون أَن يكون دُخُوله إِلَيْهِ مَعَ أهل الْعلم وَالْأَدب لَا مَعَ المغنين وَإِذا أَرَادَ الْغناء غنّاه فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك ثمَّ سَأَلَهُ بعد ذَلِك أَن يكون دُخُوله مَعَ الْفُقَهَاء فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فَكَانَ يدْخل وَيَده فِي يَد الْقُضَاة حَتَّى يجلس بَين يَدي الْمَأْمُون ثمَّ مَضَت على ذَلِك مدّة فَسَأَلَهُ لبس السوَاد يَوْم الْجُمُعَة وَالصَّلَاة مَعَه فِي الْمَقْصُورَة فَضَحِك الْمَأْمُون وَقَالَ وَلَا كل هَذَا يَا إِسْحَاق وَقد اشْتريت مِنْك هَذِه الْمَسْأَلَة بِمِائَة ألف دِرْهَم وَأمر لَهُ بهَا وَقَالَ الْأَصْمَعِي خرجت مَعَ الرشيد إِلَى الرّقة فَلَقِيت إِسْحَاق فَقلت لَهُ هَل حملت شَيْئا من كتبك فَقَالَ حملت مَا خف(8/253)
فَقلت كم مِقْدَاره قَالَ ثَمَانِيَة عشر صندوقاً فعجبت وَقلت إِذا كَانَ هَذَا مَا خفّ فَكيف يكون مَا ثقل فَقَالَ أَضْعَاف ذَلِك وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ كَانَ ثِقَة عَالما وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ حُلْو النادرة حسن الْمعرفَة جيد الشّعْر مَذْكُورا بالسخاء لَهُ كتاب الأغاني الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ ابْنه حَمَّاد سمع من مَالك وهشيم وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَبَقِيَّة وَأبي مُعَاوِيَة والأصمعي وَجَمَاعَة وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يصف إِسْحَاق بِالْعلمِ والصدق وَالْحِفْظ وَقَالَ إِسْحَاق رَأَيْت كَأَن جَرِيرًا ناولني كبّة شعر فأدخلتها فِي فمي فَقَالَ العابر هَذَا رجل يَقُول من الشّعر مَا شَاءَ ونادم إِسْحَاق جمَاعَة من الْخُلَفَاء وَكَانَ لَهُ غُلَام)
يَسْتَقِي المَاء لأهل بَيته فَقَالَ لَهُ يَوْمًا لَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْت أَشْقَى مِنْك ومني أَنْت تطعمهم الْخبز وَأَنا أسقيهم المَاء فَضَحِك وَأعْتقهُ حدّثت شهوات جَارِيَة إِسْحَاق الَّتِي كَانَ أهداها إِلَى الواثق أَن مُحَمَّد الْأمين لّما غنّاه إِسْحَاق لحنه فِي شعره
(يَا أَيهَا الْقَائِم الْأمين فدت ... نَفسك نَفسِي بالأهل وَالْولد)
(بسطت للنَّاس إِذْ وليتهم ... يدا من الْجُود فَوق كلّ يَد)
فَأمر لَهُ بِأَلف ألف دِرْهَم فأريتها وَقد أدخلت إِلَى دَارنَا يحملهَا مائَة فرَاش وحدّث إِسْحَاق قَالَ ذكر المعتصم يَوْمًا وَأَنا بِحَضْرَتِهِ بعض أَصْحَابه وَقد غَابَ عَنهُ فَقَالُوا تَعَالَوْا حَتَّى نقُول مَا يصنع فِي هَذَا الْوَقْت فَقَالُوا كَذَا وَقَالُوا كَذَا فبلغن النّوبَة إليّ فَقَالَ قل يَا إِسْحَاق قلت إِذا أَقُول فأصيب قَالَ أتعلم الْغَيْب قلت لَا وَلَكِنِّي أفهم مَا يصنع وأقدر على مَعْرفَته قَالَ فَإِن لم تصب قلت فَإِن أصبت قَالَ لَك حكمك وَإِن لم تصب قلت لَك دمي قَالَ وَجب قلت وَجب قَالَ فَقل قلت يتنفس قَالَ فَإِن كَانَ مَيتا قلت تحفظ السَّاعَة الَّتِي تَكَلَّمت فِيهَا فَإِن مَاتَ قبلهَا فقد قمرتني قَالَ أنصفت قلت فَالْحكم قَالَ احتكم مَا شِئْت قلت مَا أحتكم إلاّ رضاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَإِن رضاي لَك وَقد أمرت لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم أَتَرَى مزيداً قلت مَا أولاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بِذَاكَ قَالَ فإنّها مِائَتَا ألف أَتَرَى مزيداً قلت مَا أحوجني لذاك قَالَ ثَلَاثمِائَة ألف أَتَرَى مزيداً قلت مَا أولاك بِذَاكَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ يَا صفيق أحد من الْخُلَفَاء بِمثل مَا وصلني بِهِ الواثق وَلَا كَانَ أحد يكرمني إكرامه وَلَقَد غنّيته
(لغلك إِن طَالَتْ حياتك أَن ترى ... بلاداً لَهَا مبدىً لليلى ومحضر)
فاستعاده مني جُمُعَة لَا يشرب على غَيره ثمَّ وصلني بثلاثمائة ألف دِرْهَم
وَمَا وصل إِلَى أحد من الْخُلَفَاء والبرامكة وَغَيرهم مَا وصل إِلَى إِسْحَاق وأخباره فِي الأغاني لأبي الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ مُطَوَّلَة جدا وَله أشعار رائقة مِنْهَا قَوْله
(إِذا كَانَت الْأَحْرَار أُصَلِّي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وَابْن خازم)(8/254)
(عطست بأنفٍ شامخٍ وتناولت ... يداي الثريا قاعداَ غير قَائِم)
وَقَوله
(حننت إِلَى أصيبيةٍ صغَار ... وشاقك مِنْهُم قرب المزار)
(وأبرح مَا يكون الشوق يَوْمًا ... إِذا دنت الديار من الديار)
)
وَقَوله
(هَل إِلَى نظرةٍ إِلَيْك سَبِيل ... يرو مِنْهَا الصّدى ويشفى الغليل)
(إِن مَا قلّ مِنْك يكثر عِنْدِي ... وَكثير مِمَّن يحبّ الْقَلِيل)
وَمِنْه
(أصبح نديمك أقداحاً يسلسها ... من الشّمول وأتبعها بأقداح)
(من كفّ ريمٍ مليح الدلّ ريقته ... بعد الهجوع كمسك أَو كتفاح)
(لاأشرب الراح إِلَّا من يَدي رشاء ... تَقْبِيل رَاحَته أشهى من الراح)
وأشعار كَثِيرَة مَذْكُورَة فِي الأغاني ومولده سنة خمسين وَمِائَة أَو بعْدهَا وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَله من التصانيف كتاب أغانيه الَّتِي غنّى أَخْبَار عزة الميلاء أغاني معبد
أَخْبَار عجرد أَخْبَار حنين الْحِيرِي أَخْبَار ذِي الرمة أَخْبَار طويس أَخْبَار المغنين المكيين
أَخْبَار سعد بن مسجح أَخْبَار الدَّلال أَخْبَار مُحَمَّد ابْن عَائِشَة أَخْبَار الأجرد أَخْبَار ابْن صَاحب الْوضُوء الِاخْتِيَار من الأغاني للواثق اللحظ والإشارات الشَّرَاب جَوَاهِر الْكَلَام
الرقص والزّفن النغم والإيقاع أَخْبَار الهذليين الرسَالَة إِلَى عَليّ بن هِشَام قيان الْحجاز القيان
النَّوَادِر المتخيرة الْأَخْبَار والنوادر أَخْبَار حسان أَخْبَار الْأَحْوَص أَخْبَار جميل أَخْبَار كثيّر
أَخْبَار نصيب أَخْبَار عقيل ابْن علّفة أَخْبَار ابْن هرمة وَأَوْلَاده حميد وَحَمَّاد وحامد وَإِبْرَاهِيم وَفضل
وَكَانَ إِسْحَاق قد سَأَلَ الله تَعَالَى أَن لَا يميته بعلة القولنج لما رأى مَا لَاقَى مِنْهُ أَبوهُ إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ مَاتَ بِهِ فَرَأى فِي مَنَامه قد أجيبت دعوتك وَلست تَمُوت بالقولنج بل بِغَيْرِهِ بل بضدّه فَأخذ لما مَاتَ الذّرب وَكَانَ يتَصَدَّق عَن كل يَوْم يعجز فِيهِ عَن الصَّلَاة بِمِائَة دِرْهَم وَلما مَاتَ رثاه مُصعب الزبيرِي فَقَالَ
(تجهز إِسْحَاق إِلَى الله غادياً ... فَللَّه مَا ضمّت عَلَيْهِ اللفائف)
(وَمَا حمل النّعش المسجّى عَشِيَّة ... إِلَى الْقَبْر إِلَّا دامع الْعين لاهف)
(جزيت جَزَاء الْمُحْسِنِينَ مضاعفاً ... كَمَا أنّ جدواك النّدى المتضاعف)
وَفِيه يَقُول ابْن سيابة
(توفّي الْموصِلِي فقد تولت ... سياسات المعازف والقيان)(8/255)
)
(ستبكيه المعازف والملاهي ... وتسعدهن أغطية الدنان)
(وتبكيه الغواني كلّ يَوْم ... وَلَا تبكيه تالية الْقرَان)
3 - (الْبَرْبَرِي الْمُحَرر)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْبَرْبَرِي الْمُحَرر قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الصَّباح بن بشر بن سُوَيْد بن الْأسود التَّمِيمِي ثمَّ السَّعْدِيّ كَانَ أَبوهُ إِبْرَاهِيم أَحول وَكَانَ محرراً أَيْضا وَكَانَ إِسْحَاق يعلّم المقتدر وَأَوْلَاده وَهُوَ أستاذ ابْن مقلة وَلأبي عَليّ إِلَيْهِ رِسَالَة وَلم ير فِي زَمَانه أحسن خطّاً مِنْهُ وَلَا أعرف بِالْكِتَابَةِ ولإسحاق كتاب الْقَلَم كتاب تحفة الوامق رِسَالَة فِي الْخط وَالْكِتَابَة وَأَخُوهُ أَبُو الْحسن نَظِيره ويسلك طَرِيقه وَابْنه أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاق وَسَيَأْتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمن وَلَده أَيْضا أَبُو الْعَبَّاس عبد الله ابْن أبي إِسْحَاق وَهَؤُلَاء الْقَوْم فِي نِهَايَة حسن الْخط والمعرفة بِالْكِتَابَةِ وَولي إِسْحَاق الْحِسْبَة ببغداذ أيّام المقتدر
3 - (الْحَافِظ القرّاب)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْحَافِظ أَبُو يَعْقُوب السَّرخسِيّ ثمَّ الْهَرَوِيّ القرّاب بِالْقَافِ وَالرَّاء الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة الإِمَام الْجَلِيل محدّث هراة لَهُ مصنفات كَثِيرَة
طلب الحَدِيث وَأكْثر وشيوخه تزيد على ألف ومائتي شيخ وَله تَارِيخ السنين الَّذِي صنفه فِي وفيات أهل الْعلم ونسيم المهج والأنس والسلوة وشمائل العبّاد وَاحْتج بِهِ شيخ الْإِسْلَام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (شَاذان الْفَارِسِي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله النَّهْشَلِي الْفَارِسِي شَاذان سبط سعد بن الصّلت يَقع حَدِيثه عَالِيا فِي الثقفيات توفّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو يَعْقُوب الدبرِي الْيَمَانِيّ)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبادٍ أَبُو يَعْقُوب الدّبري(8/256)
الْيَمَانِيّ الصَّنْعَانِيّ سمع مصنفات عبد الرَّزَّاق سنة عشر مِنْهُ باعتناء وَالِده وَكَانَ صَحِيح السماع
روى عَنهُ أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه وخيثمة الطرابلسي وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (البغداذي الْجبلي)
)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْقَاسِم البغداذي الجبلّي كَانَ يُفْتِي النَّاس بِالْحَدِيثِ وَكَانَ بِوَجْهِهِ وبدنه وضح توفّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الفارابي صَاحب ديوَان الْأَدَب)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَبُو إِبْرَاهِيم الفارابي خَال إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح فِي اللُّغَة وَأَبُو إِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ صَاحب كتاب ديوَان الْأَدَب الْمَشْهُور قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء كتب إِلَيْنَا القَاضِي الْأَشْرَف يُوسُف ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ القفطي من بِلَاد الْيمن وَكَانَ قد سَافر إِلَى هُنَاكَ وَأقَام قَالَ مِمَّا أخْبركُم بِهِ أَن أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الفارابي مُصَنف كتاب ديوَان الْأَدَب كَانَ مِمَّن ترامى بِهِ الاغتراب وطوح بِهِ الزَّمَان المنتاب إِلَى أَرض الْيمن وَسكن زبيد وَبهَا صنف كِتَابه ديوَان الْأَدَب وَمَات قبل أَن يروي عَنهُ وَكَانَ أهل زبيد قد عزموا على قِرَاءَته عَلَيْهِ فحالت الْمنية دون ذَلِك قَالَ وَكَانَت وَفَاته فِيمَا يُقَارب سنة خمسين وثلاثمائة وَالله أعلم وَوضع كِتَابه على سِتَّة كتب الأول السَّالِم الثَّانِي المضاعف
الثَّالِث الْمِثَال وَهُوَ مَا كَانَ فِي أَوله وَاو أَو يَاء وَالرَّابِع كتاب ذَوَات الثَّلَاثَة وَهُوَ مَا كَانَ فِي وَسطه حرف من حُرُوف الْعلَّة
وَالْخَامِس كتاب ذَوَات الْأَرْبَعَة وَهُوَ مَا كَانَ فِي آخِره حرف علّة وَالسَّادِس كتاب الْهمزَة وكل كتاب من هَذِه السِّتَّة أَسمَاء وأفعال يُورد الْأَسْمَاء أَولا ثمَّ الْأَفْعَال بعده وَله كتاب بَيَان الْإِعْرَاب وَكتاب شرح أدب الْكَاتِب ثمَّ إِن ياقوت ذكر مَا يدل على أنّ ديوَان الْأَدَب لم يصنف بزبيد وَأَنه لم يسمع على مُصَنفه وَقيل إِنَّه توفّي فِي حُدُود السّبْعين والثلاثمائة(8/257)
3 - (أَبُو مَنْصُور ابْن المتقي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هَارُون ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو مَنْصُور ابْن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور زوّجه وَالِده بعلويّة بنت نَاصِر الدولة أبي مُحَمَّد الْحسن بن عبد الله ابْن حمدَان أخي سيف الدولة وَعقد عَلَيْهَا بِحَضْرَة وَالِده المتّقي على مائَة ألف دِينَار وَخَمْسمِائة ألف دِرْهَم وَلم يحضر أَبوهَا
وَكَانَ مِمَّن ترشح للخلافة توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (وَالِي بغداذ)
)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مُصعب بن زُرَيْق بن أسعد بن زَاذَان الْخُزَاعِيّ ابْن عَم طَاهِر بن الْحُسَيْن ولي الشرطة ببغداذ من أَيَّام الْمَأْمُون إِلَى أَيَّام المتَوَكل وَكَانَ جواداً ممدّحاً وَكَانَ يعرف بِصَاحِب الجسر وعَلى يَده امتحن الْعلمَاء بِأَمْر الْمَأْمُون وأكرهوا وَكَانَ صَارِمًا خَبِيرا سائساً حازماً وافر الْعقل جواداً لَهُ مُشَاركَة فِي الْعلم توفّي سنة حمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَولي بعده ابْنه مُحَمَّد وَقَالَ الطَّبَرِيّ مَاتَ هُوَ وَالْحسن بن سهل فِي يَوْم واحدٍ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن البغداذي توفّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ(8/258)
3 - (المرزوي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَبُو يَعْقُوب هُوَ الْمروزِي نزيل بغداذ الْحَافِظ روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وَهَارُون الحمّال وَالْبُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب قَالَ جزرة صَدُوق إلاّ أَنه كَانَ يَقُول الْقُرْآن كَلَام الله ثمَّ يقف وَقَالَ لم قل على الشَّك إلاّ كَمَا سكت السّلف قبل توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ قَالَ حَفْص بن عمر المهرواني رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي النّوم وَاقِفًا على بَاب إِسْحَاق وَهُوَ يَقُول عنّيتني إِلَيْك من ألف وَخمسين فرسخاً أَنْت الَّذِي تقف فِي الْقُرْآن
3 - (صفي الدّين الشقراوي الْحَنْبَلِيّ)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن يحيى صفي الدّين الشقراوي الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الْمُحدث مولده بشقراء من ضواحي دمشق توفّي بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَكَانَ عَالما فَاضلا دمث الْأَخْلَاق عِنْده كرم وسعة نفسٍ وَقُوَّة نفس سمع الْكثير وحدّث وَكَانَ ثِقَة
3 - (النَّهْدِيّ الْأَذْرَعِيّ)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم أَبُو يَعْقُوب النَّهْدِيّ الْأَذْرَعِيّ ثِقَة محدّث عَابِد عَارِف توفّي يَوْم الْأَضْحَى سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الغرناطي الطوسي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عَامر الشَّيْخ أَبُو إِبْرَاهِيم الغرناطي الطوسيبفتح الطَّاء الْمُهْملَة قَرَأَ بمراكش وتأدب وَأخذ الْقرَاءَات عَن عَليّ بن هِشَام الجذامي وَسمع وروى وَكَانَ أديباً شَاعِرًا عَالما وَكَانَ يَتْلُو فِي كل يَوْم ختمة وَهُوَ آخر من حدّث عَن ابْن(8/259)
خَلِيل توفّي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة وَمن شعره)
3 - (المغربي الرافضي)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ذكره ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وفال كَانَ رافضياَ سباباً عَلَيْهِ لَعنه الله وَقَتله سيدنَا أَطَالَ الله بقاه سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة احتساباً وَكَانَ اعْتِمَاده فِي الشّعْر على أبي الْقَاسِم ابْن هانىء المغربي وَله كَانَ يتعصّب وَإِن جَانب طَرِيقَته فَلم يسلكها جمعني وإياه مجْلِس طيب وَكَانَ ممقوتاً فعزمت على خلَافَة مضايقةً لَهُ وإهواناً إِلَى مَا يَأْتِي بِهِ وَالْجَمَاعَة قد فطنوا لي فاستدرجوه وَذكر بَعضهم أَبَا الطّيب وَأثْنى عَلَيْهِ إِسْحَاق وَقَالَ بِهِ وبأبي الْقَاسِم ختم الشّعْر فَقلت لَيْسَ إِلَيْهِ وَلَا مِنْهُ فِي شَيْء ذَاك صَاحب معانٍ وَهَذَا طَالب لفظٍ على تفَاوت مَا بَين الْكُوفَة والأندلس قَالَ من تكون وَيحك أما سَمِعت قَوْله
(مَا كَانَ يحسن من أياديها الَّتِي ... توليك إلاّ أنّها حسناء)
قلت أَنا من لَا يضرّهُ جهلك وَلَكِن قَول البحتري
(مَا الْحسن عنْدك يَا سعاد بمحسن ... فِيمَا أتيت وَلَا الْجمال بمجمل)
أفضل من هَذَا ألف ضعفٍ وَمِنْه أَخذه لَا محَالة وأراك تتعصب لِابْنِ هانىء وَلَا تعرف شعره حقّ الْمعرفَة فتورد مِنْهُ مَا تخْتَار كَهَذا الَّذِي أنْشدك وأنشدته من قصيدة لي حَاضِرَة نسختها فِي مَجْلِسنَا ذَلِك
(أَقُول كالمأسور فِي لَيْلَة ... أرخت على الْآفَاق كلكالها)
(يَا لَيْلَة الهجر الَّتِي ليتها ... قطّع سيف الْوَصْل أوصالها)
(مَا أَحْسَنت جملٌ وَلَا أجملت ... هَذَا وَلَيْسَ الْحسن إلاّ لَهَا)
فَاسْتحْسن مَا سمع وَقَالَ مَا رَأَيْت لَهُ هَذِه القصيدة قطّ قلت الشّعْر لمنشدك إِيَّاه فتلجلج واستحيى وَلَا أعرف من شعر إِسْحَاق إِلَّا قَوْله أول مُكَاتبَة إِلَى بعض إخوانه
(ثناؤك كالروض فِي نشره ... وجودك كالغيث فِي قطره)
يَقُول فِيهَا
(وَمَا أَنا من يَبْتَغِي نائلاً ... بمدحك إِذْ جَاءَ فِي شعره)
(وَلَكِن لساني إِذا مَا أردْت ... مديحاً خطرت على ذكره)
(فخانت عدوّك أَيَّامه ... ولاقى الْحَوَادِث من دهره)
(وَلَا عَاشَ يَوْمًا بِهِ آمنا ... وَلَا بلغ السؤل فِي أمره)
)
قلت شعر منسجم عذب(8/260)
3 - (ابْن كيغلغ)
إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن كيغلغ قد تقدم ذكر وَالِده فِي الأرباره وَهَذَا إِسْحَاق كَانَ بطرابلس فعاق بهَا أَبَا الطّيب المتنبي لّما قدمهَا من الرملة يُرِيد أنطاكية ليمدحه فَلم يفعل وهجاه ونظم فِيهِ تِلْكَ القصيدة الميمية الَّتِي أَولهَا
(لهوى الْقُلُوب سَرِيَّة لَا تعلم ... عرضا نظرت وخلت أَنِّي أسلم)
يَقُول فِيهَا
(يحمي ابْن كيغلغ الطَّرِيق وعرسه ... مَا بَين فخذيها الطَّرِيق الْأَعْظَم)
(يمشي بأربعةٍ على أعقابه ... تَحت العلوج وَمن وراءٍ يلجم)
(وَإِذا أَشَارَ مُحدثا فكأنّه ... قرد يقهقه أَو عَجُوز تلطم)
مِنْهَا
(أرْسلت تَسْأَلنِي المديح سفاهةً ... صفراء أضيق مِنْك مَاذَا تزْعم)
ثمَّ إِن المتنبي رَاح من عِنْده وبلغه وَفَاته بجبلة فَقَالَ
(قَالُوا لنا مَاتَ إِسْحَاق فَقلت لَهُم ... هَذَا الدَّوَاء الَّذِي يشفي من الْحمق)
وَكَانَ إِسْحَاق هَذَا قد ولاّه المقتدر سَاحل الشَّام وَكَانَ جواداً ممدّحاً شَاعِرًا محسناً توفّي فِي حُدُود الْعشْرين وثلاثمائة وَمن شعره إِسْحَاق بن كيغلغ الْمَذْكُور
(لسكر الْهوى أروى لعظمي ومفصلي ... إِذا سكر الندمان من مُسكر الْخمر)
(وَأحسن من رَجَعَ المثاني وصوتها ... تراجع صَوت الثغر يقرع بالثغر)
قَالَ الباخرزي فِي الدمية وللشيخ وَالِدي مَعْنَاهُ
(وَذَات فَم ضيقا كشقّة فستقٍ ... يزقّ فمي لثماً كشقك فستقا)
قَالَ ولي فِي غزلياتي مَا أحسبني لم أسبق إِلَيْهِ
(واللثم أنشأ بالتقاء شفاهنا ... صَوتا كَمَا دحرجت فِي المَاء الْحَصَا)
قلت وَقد أورد الْبَيْتَيْنِ الرائين ابْن المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء لإسماعيل بن دَاوُد وَالِد حمدون النديم وَهُوَ أعرف بِهَذَا الشَّأْن من الباخرزي
3 - (أَبُو نصر البُخَارِيّ الصفار)
)
إِسْحَاق بن أَحْمد بن شيت بن نصر بن شيت بن الحكم الصفار أَبُو نصر الأديب البُخَارِيّ كَانَ من أَفْرَاد الزَّمَان فِي علم الْعَرَبيَّة والمعرفة بدقائقها الْخفية وَكَانَ فَقِيها ورد إِلَى بغداذ وروى بهَا وَمَات بعد سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة ذكره أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ فِي تَارِيخ مرو وَالْحَاكِم ابْن البيع فِي تَارِيخ نيسابور والخطيب فِي تَارِيخ بغداذ وَله(8/261)
تصانيف فِي اللُّغَة وَهُوَ جدّ الزَّاهِد الصفار إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق وَسكن الطَّائِف وَبهَا توفّي وَمن شعره
(الْعين من زهر الخضراء فِي شغل ... وَالْقلب من هَيْبَة الرَّحْمَن فِي وَجل)
(لَو لم تكن هَيْبَة الرَّحْمَن تردعني ... شَرقَتْ من قبلي فِي صحن خدّ ولي)
(يَا دميةً خلقت كَالشَّمْسِ فِي الْمثل ... حوريّ جسمٍ وَلَكِن صُورَة الرجل)
(لَو كَانَ صيد الدمى والمرد من عَمَلي ... لَكُنْت من طربٍ كالشارب الثمل)
(لكنني من وثاق الْعقل فِي عقل ... وَلَيْسَ لي عَن وثاق الْعقل من حول)
(الله يرقبني وَالْعقل يحجبني ... فَمَا لمثلي إِذا فِي اللَّهْو والغزل)
قلت شعر غثّ وَبرد رثّ قَالَ ياقوت رَأَيْت لَهُ كتابا فِي النَّحْو عجيباً أسماه الْمدْخل إِلَى سِيبَوَيْهٍ ذكر فِيهِ المبنيات فَقَط يكون نَحوا من خَمْسمِائَة ورقة وَكتاب الْمدْخل الصَّغِير وَالرَّدّ على حَمْزَة فِي حُدُوث التَّصْحِيف
3 - (ابْن الْمُعْتَمد النديم)
لإسحاق بن أَحْمد الْمُعْتَمد على الله ابْن جَعْفَر المتَوَكل بن مُحَمَّد المعتصم ابْن هَارُون الرشيد
كَانَ ينادم الْخُلَفَاء روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس الْفضل بن قيس بن عَبَّاس بن أَحْمد بن طولون حِكَايَة
توفّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (الرَّازِيّ الْمَالِكِي)
إِسْحَاق بن أَحْمد أَبُو يَعْقُوب الرَّازِيّ الْفَقِيه الْمَالِكِي ذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَق الشِّيرَازِيّ فِي الطَّبَقَات وَقَالَ تفقّه على إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد القَاضِي وَكَانَ فَقِيها عَالما زاهداً وَسكن بغداذ وَقَتله الديلم أول دُخُولهمْ بغداذ فِي الْأَمر الْمَعْرُوف
3 - (الْمَكِّيّ الْخُزَاعِيّ المقرىء)
إِسْحَاق بن أَحْمد بن نَافِع الْخُزَاعِيّ الْمَكِّيّ المقرىء قَرَأَ على البزي وَتُوفِّي سنة ثَمَان وثلاثمائة)
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الكاذي)
إِسْحَاق بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْحُسَيْن الكاذي قَالَ الْخَطِيب كَانَ زاهداً ثِقَة توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وثلاثمائة
3 - (كَمَال الدّين المقرىء الشَّافِعِي)
إِسْحَاق بن أَحْمد الشَّيْخ الْمُفْتِي الْفَقِيه الإِمَام كَمَال الدّين المقرىء الشَّافِعِي أحد الْفُقَهَاء الْكِبَار الْمَشْهُورين بِالْعلمِ وَالْعَمَل توفّي سنة خمسين وسِتمِائَة(8/262)
3 - (السرماري)
إِسْحَاق بن أَحْمد السرماري قَالَ البُخَارِيّ ثِقَة صَدُوق توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (الْأمَوِي)
إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل مولى بني أُميَّة خرج بتفليس فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ حِين وثب أهل أرمينية بعاملهم يُوسُف بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَكَانَ من جِهَة المتَوَكل فندب المتَوَكل لِحَرْب إِسْحَاق هَذَا بغا الْكَبِير فظفر بِهِ وَقَتله وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى المتَوَكل فَدخل إِلَيْهِ الرَّسُول وَبَين يَدَيْهِ عَليّ بن الجهم فَقَامَ يخْطر بَين يَدي الرَّسُول ويرتجز
(أَهلا وسهلاً بك من رَسُول ... جِئْت بِمَا يشفي من الغليل)
بِرَأْس إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل فَقَالَ المتَوَكل قومُوا التقطوا هَذَا الْجَوْهَر لِئَلَّا يضيع
3 - (الطَّالقَانِي)
إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل الطَّالقَانِي أَبُو يَعْقُوب روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَقَالَ ابْن معِين صَدُوق توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْحُسَيْن الْخُزَاعِيّ)
إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بن مُصعب الْخُزَاعِيّ أَبُو الْحُسَيْن من بَيت الْإِمَارَة سكن دمشق مُدَّة وحدَّث بهَا وَكَانَ مولده بسامرَّا وَخرج عَن دمشق وَكَانَ يخضب بالسّواد كتب عَنهُ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبيد الله الرَّازِيّ وَالِد تَمام الْحَافِظ توفّي
3 - (أَبُو يَعْقُوب الْكَاتِب)
إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن نوبخت أَبُو يَعْقُوب ابْن أبي سهل الْكَاتِب من بَيت مَشْهُور)
بِالْفَضْلِ وَالْكِتَابَة والتقدم قَتله القاهر بِاللَّه سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثلاثمائة ومولده سنة سبع وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن ألمى)
إِسْحَاق بن ألمى التركي الْمصْرِيّ الشَّاعِر قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين طلب قَلِيلا وارتحل إِلَى الغرّافي وَإِلَى سنقر الزيني وَإِلَى الموازيني والأبرقوهي وَأخذت عَنهُ وَهُوَ من أقراني دخل إِلَى الْعرَاق وَإِلَى الْعَجم وأضمرته الْبِلَاد بعد الْعشْرين وَسَبْعمائة(8/263)
3 - (أَبُو حُذَيْفَة الْقرشِي)
إِسْحَاق بن بشر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سَالم أَبُو حُذَيْفَة البُخَارِيّ مولى بني هَاشم ولد ببلخ واستوطن بُخَارى فنسب إِلَيْهَا وَهُوَ صَاحب كتاب الْمُبْتَدَأ وَغَيره مَاتَ ببخارى سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ حدَّث عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَعبد الْملك ابْن جريج وَسَعِيد ابْن أبي عرُوبَة وجوبير بن سعيد وَمُقَاتِل ابْن سُلَيْمَان وَمَالك بن أنس وسُفْيَان الثَّوْريّ وَإِدْرِيس بن سِنَان وَخلق من الْأَئِمَّة أَحَادِيث بَاطِلَة روى عَنهُ جمَاعَة من الخراسانيين وَلم يرو عَنهُ من البغذاذيين سوى إِسْمَاعِيل بن عِيسَى الْعَطَّار فَإِنَّهُ سمع مِنْهُ مصنّفاته وَرَوَاهَا عَنهُ وَقَالَ أَحْمد بن سيّار بن أَيُّوب كَانَ ببخارى شيخ يُقَال لَهُ أَبُو إِسْحَاق بن بشر الْقرشِي صنف فِي بَدْء الْخلق كتابا فِيهِ أَحَادِيث لَيست لَهَا أصُول وَكَانَ يتَعَرَّض فيروي عَن قوم لَيْسُوا مِمَّن أدركهم مثله فَإِذا سَأَلُوهُ عَن آخَرين دونهم يَقُول من أَيْن أدْركْت هَؤُلَاءِ وَهُوَ يروي عَمَّن هُوَ فَوْقهم وَكَانَت فِيهِ غلفة مَعَ أنّه كَانَ يزنّ بِحِفْظ وَقد رمي بِالْكَذِبِ وَهُوَ سَاقِط الحَدِيث لَهُ من المصنّفات كتاب الْمُبْتَدَأ كتاب الْفتُوح
كتاب الردّة كتاب الْجمل كتاب الألوية كتاب صفّين كتاب حفر زَمْزَم
3 - (الْكَاهِلِي الْكُوفِي)
إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي الْكُوفِي قَالَ ابْن عدي كَانَ يضع الحَدِيث وَقَالَ مُوسَى بن هَارُون مَاتَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ كَذَّاب توفّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ قلت كَذَا وجدته وَأَظنهُ الْمَذْكُور آنِفا وَإِن كَانَ غَيره فإنّ ذَلِك اتِّفَاق غَرِيب فِي اسْمه وَاسم أَبِيه والدّاء الَّذِي رمي بِهِ(8/264)
3 - (الْمصْرِيّ)
إِسْحَاق بن بكر بن مُضر بن مُحَمَّد بن حَكِيم أَبُو يَعْقُوب الْمصْرِيّ كَانَ فَقِيها مفتياً توفّي سنة عشر وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ مُسلم النَّسَائِيّ)
3 - (كَمَال الدّين النحاسي الْحلَبِي)
إِسْحَاق ابْن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن طَارق الشَّيْخ الْفَقِيه الْفَاضِل الْمسند المكثر كَمَال الدّين أَبُو الْفضل الْأَسدي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ النحّاس ولد فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة عشرٍ وَسَبْعمائة وَسمع الْكثير من الْمُوفق يعِيش والعز ابْن رَوَاحَة والمؤتمن بن قميرة وَابْن خَلِيل وأخيه الضياء صقر الْكَلْبِيّ وَابْن أَخِيه شمس الدّين الخضري قَاضِي الْبَاب وَأبي الْفَتْح الباوردي وهدية بنت خَمِيس وَمُحَمّد ابْن إِبْرَاهِيم أبي الْقَاسِم الْقزْوِينِي والكمال ابْن طَلْحَة والنظام مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْبَلْخِي وعدّة خرَّج لَهُ عَنْهُم جُزْءا المحدّث أَمِين الدّين الواني وَعِنْده عَن ابْن خَلِيل نَحْو من سِتّمائَة جُزْء وَنسخ بِخَطِّهِ الْأَجْزَاء وتنبه وشارك وروى الْكثير مَعَ تعاسر فِيهِ على الطّلبَة وَكَانَ لَهُ حَانُوت ثمَّ بَطل وَله مدارس يحضرها أَكثر عَنهُ المرسي والبرازالي والسبكي والمحبّ والواني وشمس الدّين ومدحه بِأَبْيَات
3 - (الْحَافِظ الْأَنْبَارِي)
إِسْحَاق بن بهْلُول الْحَافِظ التنوخي الْأَنْبَارِي كَانَ من كبار الْأَئِمَّة صنف كتابا فِي الْقرَاءَات وصنف الْمسند وَكَانَ ثِقَة وَله مَذَاهِب اخْتَارَهَا وحدَّث ببغذاذ من حفظه بِخَمْسِينَ ألف حَدِيث وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (وَالِد الْقَادِر بِاللَّه)
إِسْحَاق بن جَعْفَر المقتدر بِاللَّه ابْن أَحْمد المعتضد بِاللَّه ابْن مُحَمَّد الْمُوفق بِاللَّه ابْن جَعْفَر المتَوَكل أَبُو مُحَمَّد وَالِد الإِمَام أَحْمد الْقَادِر توفّي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة وغسّله أَبُو بكر ابْن أبي مُوسَى الْهَاشِمِي وصلّى عَلَيْهِ ابْنه الإِمَام الْقَادِر وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَمِير دفن فِي تربة شغب وَالِدَة المقتدر
3 - ((8/265)
إِسْحَاق بن جِبْرِيل)
3 - (الْحَكِيم المنجم كرز الدّين الديلمي البويهي)
قَالَ ابْن الفوطي عَارِف بالمواليد وعملها والتقاويم دَائِم الِاشْتِغَال بِهَذَا الْفَنّ أَكثر مواليد أهل بغذاذ بِخَطِّهِ لَهُ كتاب فِي التواريخ السماويات والأرضيات ومولده سنة تسع وسِتمِائَة ووفاته سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (أَبُو يَعْقُوب الخريمي)
)
إِسْحَاق بن حسان أَبُو يَعْقُوب الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالخريمي من خُرَاسَان من أَبنَاء السغد اتَّصل بخريم بن عَامر المري فنسب إِلَيْهِ وَقيل لاتصاله بعثمان ابْن خريم الناعم كَانَ من الشُّعَرَاء الفصحاء توفّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَمن شعره قَوْله
(باحت ببلواه جفونه ... وَجَرت بأدمعه شؤونه)
لما رأى شيبا علاهُ وَلم يحن فِي الْوَقْت حِينه فعلا على فقد الشَّبَاب وفقد من يهوى أنينه
(مَا كَانَ أَنْج سَعْيه ... وشبابه فِيهِ معينه)
(وَاللَّهْو يحسن بالفتى ... مَا لم يكن شيب يشينه)
3 - (الْحَرْبِيّ)
إِسْحَاق بن الْحسن الْحَرْبِيّ سمع هَوْذَة بن خَليفَة وروى عَنهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ أَحْمد بن عبد الله ثِقَة توفّي فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْجِرْجَانِيّ الزَّاهِد)
إِسْحَاق بن حنيفَة الْجِرْجَانِيّ الزَّاهِد العابد توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (الطَّبِيب الْعَبَّادِيّ)
إِسْحَاق بن حنين بن إِسْحَاق الْعَبَّادِيّ الطَّبِيب الْمَشْهُور كَانَ أوحد عصره فِي الطِّبّ وَكَانَ يلْحق بِأَبِيهِ فِي النَّقْل وَفِي مَعْرفَته باللغات وفصاحته فِيهَا وَكَانَ يعرب كتب الْحِكْمَة الَّتِي بلغَة اليونان إِلَى اللُّغَة الْعَرَبيَّة كَمَا كَانَ يفعل أَبوهُ وَأكْثر مَا يُوجد تعريبه لكتب(8/266)
الطِّبّ وَكَانَ قد خدم الْخُلَفَاء والرؤساء الَّذين خدمهم أَبوهُ ثمَّ انْقَطع إِلَى الْقَاسِم بن عبيد الله وَزِير المعتضد واختص بِهِ حَتَّى كَانَ يطلعه على أسراره ويفضي إِلَيْهِ بِمَا يَكْتُمهُ عَن غَيره وَذكر ابْن بطلَان فِي كتاب دَعْوَة الْأَطِبَّاء أَن الْوَزير لما بلغه أَن إِسْحَاق اسْتعْمل دَوَاء مسهلاً فأحبّ مداعبته وَكتب إِلَيْهِ
(أبن لي كَيفَ أمسيت ... وَمَا كَانَ من الْحَال)
(وَكم سَارَتْ بك النّاق ... ة نَحْو الْمنزل الْخَالِي)
فَكتب إِلَيْهِ الْجَواب
(بخيرٍ بتّ مَسْرُورا ... رخيّ الْحَال والبال)
فأمّا السّير والناقة والمرتبع الْخَالِي)
فإجلالك أنسانيه يَا غَايَة آمالي وَقيل إِنَّه كتب الْجَواب
(كتبت إِلَيْك والنعلان مَا إِن ... أقلّمها من الْمَشْي العنيف)
(فَإِن رمت الْجَواب إليّ فَاكْتُبْ ... على العنوان يُوصل للكنيف)
3 - (عَم الإِمَام أَحْمد)
إِسْحَاق بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد الشَّيْبَانِيّ عَم الإِمَام أَحْمد ولد سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ سمع يزِيد بن هَارُون وطبقته عَنهُ ابْنه حَنْبَل بن إِسْحَاق وَغَيره وَكَانَ ثِقَة وَبَينه وَبَين الإِمَام أَحْمد ثَلَاث سِنِين وَسمع عَامَّة مَشَايِخ الإِمَام أَحْمد وروى عَنهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد
3 - (ابْن الطَّبِيب)
إِسْحَاق بن خلف الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن الطَّبِيب من شعراء المعتصم كَانَ رجلا شَأْنه الفتوة ومعاشر الشطّار والتصيّد بالكلاب وإيثار أَصْحَاب الطنابير وَكَانَ من أحسن النَّاس إنشاداً كَأَنَّهُ يتغنّى فِي إنشاده وَكَانَ إِذا راجعك الْكَلَام لم تكد تسأم مُرَاجعَته لحسن أَلْفَاظه حبس مرّة لجناية جناها فَقَالَ الشّعْر فِي السجْن وَشهر بِهِ ثمَّ ترقى فِي ذَلِك حَتَّى مدح الْمُلُوك واختشاه الْأَشْرَاف وَدون شعره وَكَانَ أحد من اختير للمعتصم والإفشين وَانْصَرف بالجائزة وَلم يزل على رسم الفتوة وَضرب الطنبور إِلَى أَن فَارق الدُّنْيَا وَكَانَ عَمه طَبِيبا وَكَانَ لإسحاق مَذْهَب فِي التشبع وَمن شعره
(النَّحْو يبسط من لِسَان الألكن ... والمرء تعظمه إِذا لم يلحن)
(وَإِذا طلبت من الْعُلُوم أجلّها ... فأجلّها عِنْدِي مُقيم الألسن)(8/267)
وَقَوله
(ألْقى بِجَانِب خصره ... أمضى من الْأَجَل المتاح)
(وكأنما ذّر الهبا ... ء عَلَيْهِ أنفاس الرّياح)
قَالَ المبرّد قَالَت الشُّعَرَاء فِي رونق السَّيْف ضروباً من الْأَقَاوِيل مَا سَمِعت فِيهَا بِأَحْسَن من هَذَا وَقَالَ فِي ابْنة أُخْت كَانَ ربّاها
(لَوْلَا أُمَيْمَة لم أجزع من الْعَدَم ... وَلم أجب فِي اللَّيَالِي حندس الظّلم)
)
(وَزَادَنِي رَغْبَة فِي الْعَيْش معرفتي ... ذلّ الْيَتِيمَة يجفوها ذَوُو الرَّحِم)
(أخْشَى فظاظة عمّ أَو جفَاء أخٍ ... وَكنت أُبْقِي عَلَيْهَا من أَذَى الْكَلم)
(تهوى بَقَاء وأهوى مَوتهَا شفقاً ... وَالْمَوْت أكْرم نزّالٍ على الْحرم)
(إِذا تذكرت بِنْتي حِين تندبني ... فاضت لعبرة بِنْتي عبرتي بِدَم)
3 - (عفيف الدّين الْخَطِيب الْحَمَوِيّ)
إِسْحَاق بن خَلِيل بن غَازِي الشَّيْخ عفيف الدّين الْحَمَوِيّ كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والقراءات والنحو درّس بحماة وحطب بقلعتها وَكَانَت لَهُ حَلقَة أشغال وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَمن شعره
(لَوْلَا مواعيد آمال أعيش بهَا ... لمت يَا أهل هَذَا الْحَيّ من زمن)
(وَإِنَّمَا طرف آمالي بِهِ مرح ... يجْرِي بوعد الْأَمَانِي مُطلق الرسن)
وَأَظنهُ كتب الْإِنْشَاء للناصر دَاوُد
3 - (الْأنْصَارِيّ الْخُرَاسَانِي)
إِسْحَاق بن رَاشد الْأنْصَارِيّ الْخُرَاسَانِي نزيل مصر توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْأمَوِي الْمدنِي الْكُوفِي)
إِسْحَاق بن سعيد بن عَمْرو الْأمَوِي الْمدنِي ثمَّ الْكُوفِي وثّقة النّسائي وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سبعين وَمِائَة
3 - (القيني الأندلسي)(8/268)
إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ أَبُو يحيى الْكُوفِي نزيل الرّي يُقَال إِنَّه كَانَ من الأبدال روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (الإسرائيلي الْمصْرِيّ)
إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الطَّبِيب الْمَعْرُوف بالإسرائيلي أستاذ مُصَنف مَشْهُور بالحذق والبراعة مصري سكن القيروان وخدم الْمهْدي صَاحب إفريقية لَهُ كتاب الحميات وَلم يتَزَوَّج قطّ قيل لَهُ أَيَسُرُّك أنّ لَك ولدا فَقَالَ أمّا إِذْ صَار لي كتاب الحميات فَلَا وَتُوفِّي فِي حُدُود الْعشْرين والثلاثمائة وعمّر أَكثر من مائَة قَالَ لمّا قدمت من مصر على ابْن الْأَغْلَب رَأَيْت الْغَالِب عَلَيْهِ اللَّهْو وابتدأني حُبَيْش اليوناني فَقَالَ يَقُول إِن الملوحة تحلو والملوحة هِيَ الْحَلَاوَة فَقلت إِن)
الْحَلَاوَة تملح بعنفٍ والملوحة تحلو بعنف فَلَمَّا تَمَادى على المكابرة قلت أَنْت حيّ قَالَ نعم قلت وَالْكَلب حَيّ قَالَ نعم قلت فَأَنت الْكَلْب وَالْكَلب أَنْت فَضَحِك زِيَادَة كثيرا فَعلمت أَن رغبته فِي الْهزْل لَا فِي الجدّ
3 - (التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ)
إِسْحَاق بن سُوَيْد بن هُبَيْرَة التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ روى عَن ابْن عمر وَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكرَة ومعاذة العدوية وَأبي قَتَادَة تَمِيم بن زيد الْعَدوي وثقة أَحْمد وَيحيى وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْعَدوي)
إِسْحَاق بن سُوَيْد الْعَدوي الْبَصْرِيّ اجْتمع هُوَ وَذُو الرمة فِي مجْلِس فَأتوا بنبيذ فَشرب ذُو الرمة وَلم يشرب إِسْحَاق فَقَالَ ذُو الرمة(8/269)
(أمّا النَّبِيذ فَشرب فَلَا يحزنك شَاربه ... واحفظ ثِيَابك مِمَّن يشرب المَاء)
فَقَالَ إِسْحَاق
(أما النَّبِيذ فقد يزري بشاربه ... وَلَا ترى أحدا أزرى بِهِ المَاء)
(المَاء فِيهِ حَيَاة النَّاس كلّهم ... وَفِي النَّبِيذ إِذا عاقرته الدَّاء)
(وَمن يسوّي نبيذياً معاقرةً ... بقارىء وَخيَار النَّاس قرّاء)
3 - (الأشعثي وَالِي الْكُوفَة)
إِسْحَاق بن الصَّباح الأشعثي ولي الْكُوفَة مرَّتَيْنِ للمهدي وللرشيد وَهُوَ الْقَائِل يرثي أَبَاهُ الصبّاح
(تذكرت صباحاً فَفَاضَتْ بدرةٍ ... حرارة حزنٍ فِي الجوانح كالجمر)
(فتّى أوحش الْأَحْيَاء فِي الْمصر فَقده ... وآنس أَمْوَاتًا بموحشةٍ قفر)
(وإنّي وَإِن أظهرت يأساً لكالذي ... عَفا كَلمه من بعد يأسٍ على عقر)
(يرى ظَاهر مِنْهُ صَحِيحا ودونه ... من الْقرح جرح عظم صَاحبه يبري)
وَله ويروى لغيره
(كلّ عروسٍ حسنٍ وَجههَا ... زهت فبالخمر أباهيها)
(الْحلِيّ مِنْهَا مستعار لَهَا ... وخمر كفري حليها فِيهَا)
)
3 - (الْكَاتِب)
إِسْحَاق بن طليق النَّهْشَلِي الْكَاتِب هُوَ أول من نقل الْكِتَابَة والحساب إِلَى الْعَرَبِيّ بخراسان
وَكَانَ الْمَجُوس والدهاقين يعْملُونَ الْحساب بِالْفَارِسِيَّةِ فَكتب يُوسُف بن عمر إِلَى نصر بن سيار وه يخلفه على خُرَاسَان أَن لَا يَسْتَعِين بِأَهْل الشّرك فِي شَيْء من أَعماله فَاسْتعْمل إِسْحَاق بن طليق وَولد إِسْحَاق ولد فَسَماهُ نصرا وَقَالَ
(سميت نصرا بنصرٍ ثمَّ قلت لَهُ ... اخدم سميّك يَا نصر بن سيار)
3 - (الْأنْصَارِيّ النجاري)
إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ النجاري أحد عُلَمَاء التَّابِعين بِالْبَصْرَةِ سمع من عَمه لأمه أنس بن مَالك وَأبي مرّة مولى عقيل والطفيل بن أبي بن كَعْب وَأبي الْحباب سعيد بن يسَار وَكَانَ مَالك لَا يقدّم عَلَيْهِ أحدا وَهُوَ مجمع على الِاحْتِجَاج بِهِ
روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة(8/270)
3 - (ابْن أبي فَرْوَة الْمدنِي)
إِسْحَاق بن عبد الله ابْن أبي فَرْوَة الْمدنِي مولى عُثْمَان بن عَفَّان وَله إخْوَة مِنْهُم صَالح وَيحيى وَإِبْرَاهِيم وَيُونُس وَعبد الْعَزِيز وَعلي وَعبد الحكم وَعبد الْملك وَعمر وَدَاوُد وَعِيسَى وعمار وعدتهم ثَلَاثَة عشر أَخا وَهُوَ مجمع على ضعفه وَمن مَنَاكِيره عَن ابْن عمر مَرْفُوعا لَا يعجبكم لإسلامكم امرىء حَتَّى تعلمُوا مَا عقدَة عقله روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الصَّابُونِي الْوَاعِظ)
إِسْحَاق بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل أَبُو يعلى النَّيْسَابُورِي الْوَاعِظ الْمَعْرُوف بالصابوني صَاحب الْأَجْزَاء الفرائد الْعشْرَة وَهُوَ أَخُو الْأُسْتَاذ أبي عُثْمَان توفّي سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (ابْن عَوْف)
إِسْحَاق بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهري من الطَّبَقَة الْخَامِسَة من أهل الْمَدِينَة كَانَ مغرماً بِعبَادة جَارِيَة المهلبية وَكَانَت مُنْقَطِعَة إِلَى الخيزران وَعلم)
بِهِ فَقَالَ أَنا أشتريها لَك وَدفع فِيهَا خمسين ألف دِرْهَم فَلم ترض بِبَيْعِهَا لَهُ فَخرج إِلَى إِسْحَاق وَدفع إِلَيْهِ المَال فَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة
(حبك لِلْمَالِ لَا لحب عبا ... دة يَا فاضح المحبينا)
(لَو كنت أخلصتها الْوَفَاء كَمَا ... قلت لما بعتها بخمسينا)
وَكَانَ جواداً ممدحاً صحب الْمهْدي والرشيد وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (ابْن عَزِيز)
إِسْحَاق بن عَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن حميد بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف الزُّهْرِيّ
كَانَ عَزِيز جواداً ممدحاً وَأَوْلَاده إِسْحَاق وَيَعْقُوب وَمُحَمّد أجواد وَفِيهِمْ يَقُول الصهيبيّ
(نفى الْجُوع من بغداذ إِسْحَاق ذُو الندى ... كَمَا قد جوع الْحجاز أَخُوهُ)
(وَمَا يَك من خيرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا ... فعال عزيزٍ قبلهم ورثوه)
(فأقسم لَو صاب العزيزيّ بَغْتَة ... جَمِيع بني حَوَّاء مَا حفلوه)(8/271)
(هُوَ الْبَحْر بل لَو حلّ فِي الْبَحْر وَحده ... وَمن يجتديه سَاعَة نزفوه)
3 - (صَاحب مراكش)
إِسْحَاق بن عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين ولي نِيَابَة مراكش لِأَخِيهِ تاشفين وَهُوَ صبيّ فَلَمَّا قتل أَخُوهُ انضمت العساكر إِلَيْهِ وملكوه فقصد عبد الْمُؤمن وحاصر مراكش أحد عشر شهرا ثمَّ أَخذهَا عنْوَة وَأخرج إِسْحَاق إِلَى بَين يَدَيْهِ وَأَرَادَ الْعَفو عَنهُ لِأَنَّهُ دون الْبلُوغ فَلم يُوَافق خواصّه فَقَتَلُوهُ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه تاشفين فِي حرف التَّاء وَيَأْتِي ذكر أَبِيه عَليّ ابْن يُوسُف فِي حرف الْعين وَيَأْتِي ذكر جده يُوسُف بن تاشفين فِي حرف الْيَاء
وبإسحاق بن عَليّ هَذَا انقرضت دولة بني تاشفين وَلما قتل إِسْحَاق كَانَ دون الْبلُوغ
3 - (ابْن الْجَصَّاص الراوية)
إِسْحَاق بن عمار أَبُو يَعْقُوب الْمَعْرُوف بِابْن الجصّاص من موَالِي الْيمن كَانَ صَاحب عِيسَى بن مُوسَى فِي أول الدولة وَلم يزل مَعَه وَكَانَ النَّاس يقرءُون عَلَيْهِ الشّعْر فِي دَار عِيسَى
وَمَات فِي آخر أَيَّام الْمَنْصُور وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ ابْن الْجَصَّاص الراوية مولى لبشر بن عبد الْملك بن بشر بن مَرْوَان وَقَالَ غَيره غير ذَلِك فَاخْتلف فِي ولائه
3 - (الطَّبِيب)
)
إِسْحَاق بن عمرَان طَبِيب مَشْهُور يعرف بسمّ سَاعَة بغداذي الأَصْل دخل إفريقية فِي دولة زِيَادَة بن الْأَغْلَب وَبِه ظهر الطبّ فِي الْمغرب وَعرفت بِهِ الفلسفة
3 - (الإِسْفِرَايِينِيّ الشَّافِعِي)
إِسْحَاق ابْن أبي عمرَان الإِسْفِرَايِينِيّ تفقّه على الْمُزنِيّ وَكَانَ من كبار الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَهُوَ وَالِد الْحَافِظ أبي عوَانَة توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَمِير أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي)
إِسْحَاق بن عِيسَى بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي كَانَ من وُجُوه بني هَاشم وأعيانهم ولي إمرة الْمَدِينَة للمهدي وولاه الرشيد الْبَصْرَة ثمَّ ولاّه دمشق بعد عزل عبد الْملك بن صَالح سنة تسع وَسبعين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ
3 - (الطباع)
إِسْحَاق بن عِيسَى الطباع أَبُو يَعْقُوب بغداذي ثِقَة روى عَنهُ أَحْمد ابْن(8/272)
حَنْبَل وَغَيره وَمَات فِي شهر ربيع الأول سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ مُسلم والتِّرمذي وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
إِسْحَاق بن الْفرج أَبُو تُرَاب اللّغَوِيّ تقدم ذكره فِي مُحَمَّد بن الْفرج
3 - (الْهَاشِمِي)
إِسْحَاق بن الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن الْعَبَّاس بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب هُوَ وَأَبوهُ وجدّه شعراء وابناه مُحَمَّد وَعبد الله ابْنا إِسْحَاق شاعران وَكَانَ الْمَنْصُور يكرم إِسْحَاق لمحلّه فِي نَفسه وموضعه من الْعلم ثمَّ اتهمه بِسَبَب إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حسن فحبسه وَإِخْوَته إِحْدَى عشرَة سنة فَقَالَ فِي حَبسه
(لعمر أبي الْمَنْصُور مَا جِئْت زلّةً ... إِلَيْهِ وَلَا فَارَقت حدّاً وأحسنا)
(أَقُول مقَال القيل إِذْ شفّه الضنى ... وظنّ الَّذِي حقّت عَلَيْهِ وأوجسا)
(فَلَو أنّها نفس تومت سويّةً ... وَلكنهَا نفس تساقط أنفسا)
وَقَالَ يرثي أَخَاهُ
(ايّها الموجع الحزين المروع ... مَا لريب الزَّمَان عَنْك نزوع)
(كلنا وَارِد حمام المنايا ... وعَلى حَوْضهَا يكون الشّروع)
3 - (ابْن الْفُرَات قَاضِي مصر)
)
إِسْحَاق بن الْفُرَات الْمصْرِيّ الْفَقِيه قَاضِي مصر كَانَ من جلّة أَصْحَاب مَالك قَالَ الشَّافِعِي مَا رَأَيْت أحدا بِمصْر أعلم باخْتلَاف الْعلمَاء من إِسْحَاق ابْن الْفُرَات توفّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَله سَبْعُونَ سنة وروى عَنهُ ابْن ماجة
3 - (صَاحب كرمان)
إِسْحَاق بن فاوردبل هُوَ السُّلْطَان شاه بن فاوردبل بن دَاوُد بن(8/273)
سلجوق ابْن دقاق بن سلجوق وسوف يَأْتِي خبر وَالِده فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله وَكَيف خنق وَالِده وَكَيف كحل سُلْطَان شاه هَذَا وَإِخْوَته وَلما سمل الْمَذْكُور اعتقل فِي همذان سنة خمس وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فَلَمَّا كَانَ فِي صفر سنة أَرْبَعمِائَة دبّر سُلْطَان شاه الْحِيلَة مَعَ بعض الموكلين وبعثوا إِلَى كرمان يَسْتَدْعِي لَهُ خيلاً فَلَمَّا جَاءَتْهُ فتح الموكلون السّقف واستاقوه وَمَعَهُ أَخُوهُ وَنزلا وركبا الْخَيل وَلم يتبعهما أحد ومضيا إِلَى كرمان وحصلا فِي قلعة لأبيهما وسرّ النَّاس بهما وَقَامَ سُلْطَان شاه مقَام أَبِيه وَاجْتمعت الْكَلِمَة عَلَيْهِ وَورد الْخَبَر إِلَى ملكشاه عَنهُ فِي جُمَادَى الأولى فشغب الْجند على الْوَزير نظام الدّين وطالبوه بالأموال حَتَّى فرغت الخزائن وَاسْتمرّ سُلْطَان شاه على حَاله ملكا مُطَاعًا بِتِلْكَ النَّاحِيَة وجهز أَمْوَالًا عَظِيمَة جدا إِلَى مَكَّة شكرا لله تَعَالَى على نجاته وَلَمْ يزل عَلَى حَاله إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَجَاءَت أمه بِهَدَايَا إِلَى السُّلْطَان وألطاف وأموال فأكرمها وأقرّ أَخَاهُ مَكَانَهُ
3 - (الْفَروِي)
إِسْحَاق بن مُحَمَّد الفرويبسكون الراءهو من ولد أبي فَرْوَة الْمُقدم ذكره سمع مَالِكًا روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه بِوَاسِطَة وَأَبُو بكر الْأَثْرَم وَخلق قَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق وربّما لقن لأنّه ذهب بَصَره وَكتبه صَحِيحَة ووهاه أَبُو دَاوُد ونقم عَلَيْهِ حَدِيث الْإِفْك لروايته عَن مَالك وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن أبان النَّخعِيّ)
إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن أبان النَّخعِيّ الْكُوفِي كَانَ من غلاة الرافضة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هُوَ الَّذِي تنتسب إِلَيْهِ الرافضة الإسحاقية الَّذين يَقُولُونَ عَليّ هُوَ الله تَعَالَى وَقد روى عَنهُ الْكِبَار
توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين قلت قَالَ الْعلمَاء إِن النصيرية والإسحاقية فرقتان اعتقادهما مُتَقَارب مَعَ اخْتِلَاف يسير بَينهمَا زعم بَعضهم أَن فِي علّي جُزْءا إلهيّاً وَكَذَلِكَ فِي أَوْلَاده)
وَمِنْهُم من قَالَ كَانَ عَليّ شَرِيكا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غي النبوّة غير أَن النصيرية أميل إِلَى تَقْرِير الْجُزْء الإلهي والإسحاقية أميلُ إِلَى القَوْل بالاشتراك فِي النُّبُوَّة وَذهب الْفَرِيقَانِ إِلَى القَوْل بالتناسخ على مَا حُكيَ عَنْهُم وَلَهُم مخاطبات عَجِيبَة واعتقادات غَرِيبَة تخَالف الدّين وتفارق إِجْمَاع الْمُسلمين وتوجب التَّكْفِير لإخفائها ومذهبهم يُقَارب مَذْهَب النَّصَارَى واعتقادهم فِي الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام(8/274)
وَكَانَ يعرف بالأحمر لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ برص وَكَانَ يُغير لون جلده وروى عَن الْمَازِني وَكَانَ صَاحب حكايات وأشعار
3 - (النهرجوري الصُّوفِي)
إِسْحَاق بن مُحَمَّد أَبُو يَعْقُوب النهرجوري من كبار مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وعلمائهم جاور بِمَكَّة سِنِين كَثِيرَة وَمَات بهَا سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة من كَلَامه مفاوز الدُّنْيَا تقطع بالأقدام ومفاوز الْآخِرَة تقطع بالقلوب وَقَالَ العابد يعبد الله تَعَالَى تخويفاً والعارف يعبد تَشْرِيفًا وَقَالَ احترزوا من النَّاس بِسوء الظَّن بِأَنْفُسِكُمْ لَا بِالنَّاسِ وَقَالَ من كَانَ شبعه بِالطَّعَامِ لم يزل جائعاً وَمن كَانَ غناهُ بِالْمَالِ لم يزل فَقِيرا وَمن قصد بحاجته الْخلق لم يزل محروماً وَمن اسْتَعَانَ على أمره بِغَيْر الله لم يزل محذولاً وَقَالَ الدُّنْيَا بحرٌ وَالْآخِرَة سَاحل وَالتَّقوى هِيَ الْمركب وَالنَّاس سفرٌ وَقَالَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى وشروه بثمنٍ بخسٍ لَو جعلُوا ثمنه الكونين لَكَانَ بخساً فِي جنب مشاهدته ولّما كَانَ فِي النزع قيل لَهُ قَالَ لَا إِلَه إلاّ الله فَقَالَ إيّاي تَعْنِي وَعزة من لَا يَذُوق الْمَوْت مَا بَقِي بيني وَبَينه إِلَّا حجاب العزّة ثمَّ طفىء من وقته وَكَانَ النهرجوري قد صحب سهلاً التسترِي والجنيد رَحِمهم الله تَعَالَى
3 - (القَاضِي رفيع الدّين)
إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل القَاضِي الْمُحدث رفيع الدّين الهمذاني الأَصْل الْمصْرِيّ الوبري الشَّافِعِي ولي قَضَاء أبرقوه مُدَّة ورحل وَسن بِالْقَاهِرَةِ سمع وروى وَكَانَ مَعْرُوفا بالإقراء توفّي سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (الصُّوفِي البروجردي)
إِسْحَاق بن مَحْمُود بن ملكويه ابْن أبي الْفَيَّاض الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو إِبْرَاهِيم البروجردي الصُّوفِي المشرف من أكَابِر مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وقدمائهم ولد سنة سبع وَسبعين ببروجرد وَسمع)
من أبي طَاهِر لَاحق ابْن قدرَة ببغداذ وَابْن طبرزذ وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر وَأبي تُرَاب الْكَرْخِي وَغَيرهم وَسمع بِالْقَاهِرَةِ من جمَاعَة وَكَانَ خطّاً جيدا وَنسخ الْكثير وَصَحب الشُّيُوخ خرج لَهُ أَبُو بكر ابْن الْمُنْذِرِيّ مشيخة روى عَنهُ الدمياطي والدواداري والمصريون وَهُوَ ثِقَة نبيل لَدَيْهِ فضل ولي لإشراف الخانقاه مُدَّة وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ)
إِسْحَاق بن مرار أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ الْكُوفِي قَالَ الْأَزْهَرِي كَانَ يعرف بِابْن عَمْرو الْأَحْمَر ومراربكسر الْمِيم وراءين مهملتين مخففتينكان يُؤَدب أَوْلَاد(8/275)
أنَاس من شَيبَان فنسب إِلَيْهِم كَمَا نسب اليزيدي إِلَى يزِيد بن مَنْصُور حِين أدّب وَلَده وَكَانَ أَبُو عَمْرو من الدهاقين وَكَانَ يُؤَدب أَوْلَاد الرشيد الَّذين كَانُوا فِي حجر يزِيد بن مزِيد الشَّيْبَانِيّ وَكَانَ راوية أهل بغداذ وَاسع الْعلم باللغة وَالشعر ثِقَة فِي الحَدِيث كثير السماع وَله كتب كَثِيرَة فِي اللُّغَة جِيَاد لَهُ كتاب الْجِيم كتاب النَّوَادِر كتاب أشعار الْقَبَائِل خَتمه بِابْن هرمة كتاب الْخَيل كتاب غَرِيب المُصَنّف كتاب اللُّغَات كتاب غَرِيب الحَدِيث كتاب النَّوَادِر الْكَبِير على ثَلَاث نسخ قَالَ أَبُو الطّيب اللّغَوِيّ وَأما كتاب الْجِيم فَلَا رِوَايَة لَهُ لِأَن أَبَا عَمْرو بخل بِهِ على النَّاس فَلم يقرئه أحدا وَقَالَ ثَعْلَب كَانَ مَعَ أبي عَمْرو من الْعلم وَالسَّمَاع عشر أَضْعَاف مَا كَانَ مَعَ أبي عُبَيْدَة وَلم يكن فِي أهل الْبَصْرَة مثل أبي عُبَيْدَة فِي السماع وَالْعلم وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ أَبُو عَمْرو نبيلاً فَاضلا عَالما بِكَلَام الْعَرَب حَافِظًا للغاتها عمل كتاب الشُّعَرَاء مُضر وَرَبِيعَة واليمن إِلَى ابْن هرمة وَسمع من الحَدِيث سَمَاعا وَاسِعًا وعمّر طَويلا حَتَّى أناف على التسعين وَهُوَ عِنْد الْخَاصَّة من أهل الْعلم أَنه كَانَ مَشْهُورا بالنبيذ وَالشرب لَهُ قلت وَرمي بالْقَوْل بِخلق الْقُرْآن
قَالَ لَهُ بَعضهم بَلغنِي أَنَّك تَقول إِن الْقُرْآن مَخْلُوق قَالَ نعم قَالَ مَتى خلقه قبل أَن تكلم بِهِ أَو بعد ذَلِك فَرفع رَأسه وَقَالَ أَنْت شيخ جدل أَخذ عَنهُ جمَاعَة كبار مِنْهُم الإِمَام أَحْمد وَأَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَيَعْقُوب ابْن السّكيت وَقَالَ فِي حَقه عَاشَ مائَة وَثَمَانِينَ عشرَة سنة وَكَانَ يكْتب بِيَدِهِ إِلَى أَن مَاتَ وَقَالَ ابْن كَامِل مَاتَ ابْن مرار فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَبُو الْعَتَاهِيَة وَإِبْرَاهِيم النديم الْموصِلِي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ ببغداذ وَقَالَ غَيره توفّي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وعمره مائَة وَعشر سِنِين
3 - (أَبُو عبد الرَّحْمَن السَّلُولي)
)
إِسْحَاق بن مَنْصُور أَبُو عبد الرَّحْمَن السَّلُولي مَوْلَاهُم الْكُوفِي كَانَ أحد الثِّقَات الْأَعْلَام قَالَ البُخَارِيّ مَاتَ سنة أَربع وَقيل سنة خمس وَمِائَة وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة(8/276)
3 - (أَبُو يَعْقُوب الكوسج)
إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الْحَافِظ أَبُو يَعْقُوب الكوسج نزيل نيسابور روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ والمسائي وَابْن مَاجَه قَالَ مُسلم ثِقَة وَقَالَ النَّسَائِيّ ثَبت ثِقَة توفّي فِي تَاسِع جُمَادَى سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُوسَى الْمدنِي)
إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ الخطمي أَبُو مُوسَى الْفَقِيه الْمدنِي نزيل سرّ من رأى كَانَ قَاضِي نيسابور وَكَانَ فَاضلا صَاحب سنة وَذكره أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ روى عَنهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وبقّي ابْن مخلد وَابْن خُزَيْمَة وَالْفِرْيَابِي وَتُوفِّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (اليحمدي الْفَقِيه)
إِسْحَاق بن مُوسَى أَبُو يَعْقُوب اليحمدي الْفَقِيه أول من حمل كتب الشَّافِعِي إِلَى استراباذ وَكَانَ صَدُوقًا صَالحا مُحدثا توفّي فِي حُدُود الثلاثمائة
3 - (ابْن الجواليقي)
إِسْحَاق بن موهوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخضر الجواليقي(8/277)
يكنى أَبَا طَاهِر وَهُوَ أَخُو إِسْمَاعِيل مَاتَ سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة هُوَ وَأَخُوهُ الْمَذْكُور فِي عَام واحدٍ بَينهم شَهْرَان وَدفن بِبَاب حَرْب عِنْد أَبِيه وأخيه سمع أَبَا الْقَاسِم ابْن الْحصين وأباه وَغَيرهمَا وَحدث بِالْقَلِيلِ
سمع مِنْهُ القَاضِي الْقرشِي
3 - (الْكَاتِب البغداذي)
إِسْحَاق بن نصير الْكَاتِب البغداذي كتب الرسائل بديوان مصر بعد مُحَمَّد بن عبد الله بن عبدكان قَالَ ابْن زولاق مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ كَانَ رزقه أَرْبَعِينَ دِينَارا فَجَعلهَا خمارويه ابْن طولون أَرْبَعمِائَة دِينَار وَقَالَ لَهُ لَا تفارق حضرتي فَبلغ إِسْحَاق بن نصير إِلَى أَن صَار رزقه ألف دِينَار فِي كل شهر وَكَانَ يجود بذلك ويفضل على الماس وَأرْسل مرّة)
إِلَى الْمبرد ألف دِينَار وَإِلَى تعلب ألف دِينَار وَإِلَى وراق كَانَ يجلس إِلَيْهِ ألف دِينَار وهم فِي بغداذ
3 - (الْكَاتِب النَّصْرَانِي)
إِسْحَاق بن يحيى بن سُرَيج الْكَاتِب أَبُو الْحُسَيْن النَّصْرَانِي ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم وَقَالَ كَانَ جيد الْمعرفَة بِأَمْر الدَّوَاوِين وَالْخَرَاج ومناظرة العنمال وَمَعْرِفَة تَامَّة بالنجوم ومولده فِي شعْبَان سنة ثَلَاثمِائَة قَالَ وَهُوَ يحيا قَالَ ياقوت وَكَانَ قَوْله هَذَا فِي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة وَله من الْكتب كتاب الْخراج الَّذِي فِي أَيدي الماس مِائَتَا ورقة كتاب الْخراج صَغِير نَحْو مائَة ورقة كتاب عمل المؤامرات بالحضرة كتاب تَحْويل سني المواليد كتاب جمل التَّارِيخ
3 - (التَّيْمِيّ الْمدنِي)
إِسْحَاق بن يحيى بن طَلْحَة بن عبيد الله الْقرشِي التَّيْمِيّ الْمدنِي روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وضعّفه غير وَاحِد قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ أَحْمد مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ يحيى بن سعيد ذَاك يشبه لَا شَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ يكْتب حَدِيثه يَتَكَلَّمُونَ فِي حفظه وَقَالَ ابْن معِين لَا يكْتب
توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة
3 - (ابْن اليزيدي)
إِسْحَاق بن يحيى بن الْمُبَارك الْعَدوي الْمَعْرُوف وَالِده باليزيدي وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَعبد الله الَّذين ذكرهم الْخَطِيب فِي تَارِيخه وَذكره أَيْضا مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست وَذكر أَنه كَانَ زاهدأ عَالما بِالْحَدِيثِ(8/278)
3 - (الْخُتلِي)
إِسْحَاق بن يحيى بن معَاذ بن مُسلم الْخُتلِي من ختلان بلد عِنْد سَمَرْقَنْد
ولي دمشق أَيَّام المعتصم ووليها مرّة أُخْرَى قبل أَيَّام الْمَأْمُون ثمَّ وَليهَا فِي أَيَّام الواثق وَولي مصر من قبل الْمُنْتَصر أَيَّام المتَوَكل وَمَات بهَا سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فَقَالَ فِيهِ بعض شعراء مصر
(سقى الله مَا بَين المقطم والصفا ... صفا النّيل صوب المزن حَيْثُ يصوب)
(وَمَا بِي أَن تسقى الْبِلَاد وإنّما ... مرادي أَن يسقى هُنَاكَ حبيب)
)
وَقيل مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ
3 - (الْحَنَفِيّ)
إِسْحَاق بن يحيى بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل الْمسند المعمر عفيف الدّين أَبُو مُحَمَّد الْآمِدِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ شيخ دَار الحَدِيث الظَّاهِرِيَّة بِدِمَشْق ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَسمع من عِيسَى بن سَلامَة وَالشَّيْخ ابْن تَيْمِية بحرّان وَمن الْحَافِظ ابْن خَلِيل بحلب فَأكْثر وَمن الضيّاء صقر وَجَمَاعَة بحلب وَسمع بالمعرة وبدمشق وَحصل أصولاً وأجزاء وَحضر الْمدَارِس وحجّ غير مرّة وَشهد على الْقُضَاة وَكَانَ طيب الْأَخْلَاق منطبعاً خرّج لَهُ ابْن المهندس عوالي سَمعهَا الْجَمَاعَة وَالشَّيْخ شمس الدّين مَعَهم سنة ثَمَان وَتِسْعين قَرَأَهُ عَلَيْهِ شمس الدّين وسَمعه مِنْهُ ابْنه وَأخذ عَنهُ القَاضِي عز الدّين ابْن الزبير وَابْنه وعدّة بأَشْيَاء عالية وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة
3 - (ابْن موفق الدّين يعِيش)
إِسْحَاق بن يعِيش بن عَليّ بن يعِيش أَبُو إِبْرَاهِيم الْحلَبِي ابْن الْعَلامَة موفق الدّين كَانَ إِسْحَاق كَاتبا توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة ولد سنة إِحْدَى وسِتمِائَة
3 - (الْأَزْرَق الوَاسِطِيّ)
إِسْحَاق بن يُوسُف بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْأَزْرَق الوَاسِطِيّ(8/279)
كَانَ من الثِّقَات العابدين مكث عشْرين سنة لم يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء حَيَاء من الله روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وروى الْأَعْمَش وَالثَّوْري وَخلق كثير وروى عَنهُ أَيْضا الإِمَام أَحْمد وَابْن معِين فِي آخَرين قَالَت لَهُ أمه يَا بني قد عزمت على الْحَج وَقد بَلغنِي أَن بِالْكُوفَةِ رجلا يستخف بأصحاب الحَدِيث فأسألك بحقي عَلَيْك أَن لَا تسمع مِنْهُ شَيْئا قَالَ إِسْحَاق فَدخلت الْكُوفَة فَإِذا الْأَعْمَش قَاعد وَحده فوقفت على بَاب الْمَسْجِد وَقلت أُمِّي وَالْأَعْمَش وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم فَدخلت الْمَسْجِد وسلمت عَلَيْهِ فَقلت يَا با مُحَمَّد حدّثني فإنّي رجل غَرِيب فَقَالَ من أَيْن أَنْت قلت أَنا من وَاسِط قَالَ وَمَا اسْمك قلت إِسْحَاق بن يُوسُف الْأَزْرَق قَالَ فَلَا حييت وَلَا حييت أمك أَلَيْسَ حرّمت عَلَيْك أَن لَا تسمع مني شَيْئا قلت يَا با مُحَمَّد لَيْسَ كلّ مَا بلغك يكون حَقًا قَالَ لأحدثنك بِحَدِيث مَا حدثت بِهِ أحدا فبلك فَحَدثني عَن أبي أوفى قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عبيه وَسلم يَقُول)
الْخَوَارِج كلاب النَّار وَتُوفِّي إِسْحَاق سنة حمس وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (المغز ابْن صَلَاح الدّين)
إِسْحَاق بن يُوسُف بن أَيُّوب هُوَ الْملك الْمعز فتح الدّين ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَلابْن الساعاتي فِيهِ أمداح جَيِّدَة مِنْهَا قصيدة ميمية مِنْهَا قَوْله كم وقفنا فِيهَا مَعَ الْغَيْث مثلين جفوناً وكافةً وغماما
(فسقى عَهده الْمعَاهد سَحا ... وسقينا عهودهن سجاما)
(فَكَأَن الْغَمَام نقع وَقد جرّ ... د فِيهِ الْملك المعزّ حساما)
(الْجواد الوهّاب والمخبت الأوّا ... ب دنيا واللوذعّي الهماما)
مقْعد للعدى مُقيم وَأهْدى الْخَوْف مَا أقعد العدى وَأَقَامَا وَمِنْهَا قصيدة حائية مدحه بهَا فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة عِنْدَمَا قدم إِلَى مصر من الشَّام وانتظم الصُّلْح بَين إخْوَته الْمُلُوك مِنْهَا
(وَكَيف يدلّ من حثّ المطايا ... إِلَى الْملك المعزّ المستماح)
(ورى قدح الْأَمَانِي فِي ذراه ... فأيدي النَّاس فائزة القداح)
(وَمَا انتخب عُيُون المَال حَتَّى ... تبلّج ضَاحِكا وَجه النّجاح)
(يهز الْمَدْح عطف الْمجد مِنْهُ ... وَذَلِكَ هزّ شوقٍ وارتياح)
(فَمَا ينفكّ ذَا عرضٍ مصونٍ ... وَذَا عرضٍ لقاصده مُبَاح)
وَرَأَيْت أمداحه فِيهِ فِي سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة(8/280)
3 - (جَارِيَة المتَوَكل)
إِسْحَاق الأندلسية جَارِيَة المتَوَكل أمّ الْمُؤَيد إِبْرَاهِيم والموفق أَبَا أَحْمد توفيت سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ ودفنت بالرصافة وَكتب يحيى بن عَليّ المنجم إِلَى الموفّق يعزيه بِأُمِّهِ إِسْحَاق
(عزاءً فَإِن الدَّهْر يُعْطي ويسلب ... وصبراً فللدنيا صروف تقلّب)
(وَمَا جازعٌ إلاّ كآخر صابرٍ ... إِذا لم يكن عَمَّا قضى الله مَذْهَب)
على أنّه لَا يملك الْقلب لوعة الْفِرَاق كَمَا لَا تملك الْعين تسكب
(لقد جدّت الدُّنْيَا بنعي بَقَائِهَا ... إِلَيْنَا ولكنّا نغرّ وَنَلْعَب)
مِنْهَا)
(وَمَا مَاتَ من أبقى الْأَمِير وَمن لَهُ ... من الْفضل مَا يعزى إِلَيْهَا وينسب)
تقدمها إياك بعد بُلُوغهَا المنى فِيك مَا كنت من الله تطلب
(الألقاب)
الإسحاقي الدهان الْحَافِظ اسْمه صاعد بن سيار
الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ إِبْرَاهِيم بن عَليّ
آخر الْجُزْء الثَّامِن من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَسد بن إِبْرَاهِيم بن كُلَيْب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وسلّم
(الْجُزْء التَّاسِع)(8/281)
(من اسْمه أَسد)
3 - (أَبُو الْحسن القَاضِي)
أَسد بن إِبْرَاهِيم بن كُلَيْب بن إِبْرَاهِيم السّلمِيّ أَبُو الْحسن القَاضِي من أهل حران قدم عكبرا وَحدث بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع مائَة عَن أبي الهيذام المرجى بن عَليّ بن أَحْمد الرهاوي سمع مِنْهُ بحران
3 - (العليمي الصَّحَابِيّ)
أَسد بن حَارِثَة العليمي قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَأَخُوهُ قطن فِي نفرٍ من قَومهمْ فَسَأَلُوهُ الدُّعَاء لقومهم فِي غيث السَّمَاء وَكَانَ متكلمهم وخطيبهم قطن بن حَارِثَة فَذكر حَدِيثا فصيحاً كثير الْغَرِيب من رِوَايَة ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير
3 - (أَخُو خَالِد الْقَسرِي)
أَسد بن عبد الله الْقَسرِي مُتَوَلِّي خُرَاسَان وأخو خالدٍ أَمِير العراقين كَانَ شجاعاً مقداماً سائساً جواداً ممدحاً لَهُ دَار بِدِمَشْق عِنْد الزقاقين توفّي سنة عشْرين وَمِائَة(9/5)
3 - (أَبُو الْمُنْذر البَجلِيّ الْكُوفِي)
أَسد بن عَمْرو أَبُو الْمُنْذر البَجلِيّ الْكُوفِي صَاحب أبي حنيفَة من كبار أهل الرّيّ قَالَ البُخَارِيّ ضَعِيف وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَيْسَ بِهِ بَأْس توفّي سنة تسعين وَمِائَة
3 - (الْفَقِيه المغربي الْمَالِكِي)
أَسد بن الْفُرَات الْفَقِيه المغربي أحد الْكِبَار من أَصْحَاب مَالك روى الْمُوَطَّأ والمسائل الأَسدِية نِسْبَة إِلَيْهِ وَكَانَ زِيَادَة الله ابْن الْأَغْلَب قد أرسل أَسد بن الْفُرَات فِي جيشٍ إِلَى جَزِيرَة صقلية ونزلوا على مَدِينَة سرقوسة وَلم يزَالُوا محاصرين لَهَا إِلَى أَن مَاتَ أَسد الْمَذْكُور فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَدفن فِي مَدِينَة بلرم من الجزيرة أَيْضا
3 - (الْقَسرِي الصَّحَابِيّ)
أَسد بن كرز بن عَامر الْقَسرِي جد خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي حَدِيثه عِنْد يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أَوسط البَجلِيّ عَن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي سمع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْمَرِيض لتحات خطاياه كَمَا يتحات ورق الشّجر ولابنه يزِيد بن أَسد صُحْبَة وَرِوَايَة وروى عَن أَسد ضَمرَة بن حبيب وَالْمُهَاجِر بن حبيب
3 - (الْمُؤَيد النَّاسِخ)
أَسد بن المحسن بن أبان الجهياني أَبُو الْوَحْش وَيعرف بالمؤيد(9/6)
النَّاسِخ من أهل مصر كَانَ خصيصاً بالأفضل ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَأحد ندمائه وَكَانَ يورق لَهُ الْكتب وللقاضي الْفَاضِل فَلَمَّا أخذت من الْأَفْضَل دمشق وَسكن سميساط استأذنه الْمُؤَيد فِي الْخُرُوج إِلَى مَكَّة فَإِذن لَهُ فحج وجاور بهَا عدَّة سِنِين يورق للنَّاس وَيَأْكُل من كد يَده ثمَّ قدم بَغْدَاد وورق للنَّاس بِالْأُجْرَةِ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وينقل نقلا حسنا صَحِيحا وَكَانَ شَيخا ظريفاً كيساً مطبوعاً مزاحا جَامعا لفنون المنادمة كثير الْمَحْفُوظ للحكايات والأشعار توفّي وَولد بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الطَّوِيل
(ترى عِنْد مَن أجبتُه لَا عدِمْتُه ... من الشوقِ وَمَا أَنا صانعُ)
(جميعي إِذا حدَّثْتُ عَن ذَاك ألسنٌ ... وكلّي إِذا حُدّثتُ عَنهُ مَسامِعُ)
3 - (أَسد السّنة)
أَسد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان الْحَافِظ الْأمَوِي المرواني الْمصْرِيّ ولد بِمصْر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وروى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة لَو لم يصنف كَانَ خيرا لَهُ وَقَالَ البُخَارِيّ مَشْهُور الحَدِيث وَقَالَ ابْن يُونُس ثِقَة توفّي بِمصْر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأَسدي الصَّحَابِيّ)
أَسد بن أخي خَدِيجَة الْقرشِي الْأَسدي الصَّحَابِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ)
لَا تبع مَا لَيْسَ عنْدك ذكره الْعقيلِيّ وَقَالَ فِي إِسْنَاده مقَال
3 - (أسيدة الْيَهُودِيّ)
أَسد الْحَكِيم الْيَهُودِيّ يعرف بأسيدة كَانَ ذكياً إِلَى الْغَايَة وَخير مَا يعرفهُ الإلهي والطبيعي وحرفته الَّتِي يتكسب بهَا الْجراح مَعَ مشاركةٍ فِي الطِّبّ والكحل وَغير ذَلِك وَلم ير أقدم مِنْهُ على عمل الْجراحَة فِي جبر مَا يكسر ويهاض من الْعظم بَاشر الْجِرَاحَات العظمية للأمراد مثل الْأَمِير بدر الدّين بيدرا نَائِب الْأَشْرَف على عكا وَمثل الْأَمِير علم الدّين سنجر الدواداري وإياه عني عَلَاء الدّين الوداعي لما عالج سنجر الداوداري فَقَالَ من الْبَسِيط(9/7)
(يَا قومُ إنَّ الدَّواداريَّ متّبعٌ ... فِي فَضله أبيناءً الله مجتهدُ)
(كأنّه دانتالٌ فِي كرامته ... ذلّت لَهُ الأسْدُ حَتَّى طَبّه أسدُ)
وَكَانَ الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماة يُحِبهُ ويقربه وَسمعت أَنه أوصى لَهُ بِشَيْء من كتبه لما مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَأدِّي عَلَيْهِ الشَّهَادَة فِي صفد بِأَنَّهُ أسلم ثمَّ تهود وتشطرت الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَبَقِي الْأَمر معزوفاً بِشَهَادَة آخر وتعصب عَلَيْهِ أَمِير فِي صفد وَحضر عِنْد الْحَاكِم وَكَانَ الشَّيْخ نجم الدّين الصَّفَدِي الْخَطِيب يُحِبهُ وَإِذا جَاءَ إِلَى صفد يُقيم عِنْده فَقَالَ لَهُ يَا حَكِيم الْمصلحَة أَن تتقدم بِحِفْظ الصِّحَّة يَعْنِي أَنه يسلم فنفر فِيهِ بغيظ وَقَالَ اعْمَلْ أَنْت خطابتك ودع عَنْك هَذَا وَقَامَ الْأَمِير عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِن كنت مَا تدخل الْجنَّة إِلَّا بأنك تستسلمني فَهَذَا بعيد مِنْك وَوضع فِي حبس القلعة وَأقَام مُدَّة وَلم ينكسر وَلَا خضع لأحدٍ قطّ ثمَّ إِنِّي رَأَيْته بحلب ودمشق وحماة والقاهرة ذكره صَاحب حماة للأمير عز الدّين فأحضر إِلَيْهِ على الْبَرِيد من حماة ليعالج مَا بِهِ من الفالج وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ آخر عهدي بِهِ وَلم أر من يعرف الفراسة مثله بعد الشَّيْخ شمس الدّين ابْن أبي طَالب الْمَذْكُور فِي المحمدين بل رُبمَا كَانَ هُوَ أدق نظرا وأذكى فِيهَا كَانَ يَوْمًا هُوَ والخطيب نجم الدّين على بَاب الْجَامِع وَحضر إِلَيْهِ شخص فَقَالَ لَهُ الْخَطِيب قبل وُصُول ذَلِك الشَّخْص يَا حَكِيم أيش فراشتك فِي هَذَا فَأخذ يتأمله وَقَالَ لَهُ أَنْت راجل قُدَّام الْوَالِي قَالَ لَا قَالَ وَلَا قُدَّام القَاضِي قَالَ لَا قَالَ وَلَا قُدَّام الْمُحْتَسب قَالَ لَا قَالَ وَلَا تعاني شَيْئا من الصَّيْد قَالَ لَا وَلَكِنِّي أرمي البندق فَقَالَ بس يَد سَيِّدي الشَّيْخ فَقُلْنَا لَهُ كَيفَ قلت هَذَا فَقَالَ تفرست فِيهِ أَن يكون شريراً فَسَأَلته عَمَّا سَأَلته فأنكرني فَقلت لَا بُد هَذَا الَّذِي عِنْده من الشَّرّ أَن يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء فَذكرت الصَّيْد فَقَالَ)
أرمي البندق فعلت صِحَة الفراسة
وَكَانَ مرّة بصفد قد عالج نَائِب القلعة الْأَمِير سيف الدّين بلبان الجوكندار فَسَقَاهُ مرقداً ليتَمَكَّن من الْجراح فَلَمَّا رأى مماليكه عمل الْحَدِيد فِي الْأَمِير وَهُوَ لَا يشْعر جذبوا السيوف وجاءوه فعض هُوَ على أنف الْأَمِير عضة إِلَى أَن انتبه من مرقده وَأنكر عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْل فَقَالَ أَنْفك أعَالجهُ بالمرهم وَيبرأ لَا يضْرب عنقِي مماليكك
وَلم يكن يَهُودِيّا إِلَّا يتستر بذلك وَإِنَّمَا كَانَ يرى رَأْي الفلاسفة وَكَانَ يصحب الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية ويبحث مَعَهُمَا وَله مَعَهُمَا مناظرات لَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكرهَا وَكَانَ يعْتَرض علينا وَنحن نشتغل نَحوا وأصول فقه لحدة ذهنه وذكائه وَلم أر فِي الْمُسلمين أقوى نفسا مِنْهُ لَا فرق عِنْده بَين الْكَبِير وَالصَّغِير وَلَا الْملك والوزير وَإِذا بحث مَعَ أحد سخر بِهِ وهزأ بِهِ فِيمَا يُورِدهُ عَلَيْهِ من الإيرادات وَمَا أَشك أَنه كَانَ إِذا انْفَرد بِأحد فِي الطَّرِيق فِي أَسْفَاره أَن يقْتله من أَي دين كَانَ أسْتَغْفر الله وَقَالَ لي جبرت رجلا وداويتها بقدوم ومنشار ومثقب وَتُوفِّي بعد الثَّلَاثِينَ وَسَبْعمائة(9/8)
(الألقاب)
الْأَسدي أَبُو الْحسن اسْمه أَحْمد بن سُلَيْمَان
الْأَسدي الْقَارئ يحيى بن وثاب
الْأَسدي اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن الْمُعَلَّى
الْأسد خطيب الرصافة أَحْمد بن الْحُسَيْن
ابْن الْأسد الفارقي الْحسن بن أَسد
أَسد الشَّام اليوننيي عبد الله بن عُثْمَان
(من اسْمه إِسْرَائِيل)
3 - (الْحَافِظ السبعي)
إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله الْهَمدَانِي السبعي الْكُوفِي الْحَافِظ ولد سنة مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة وَسمع من جده روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَهُوَ أثبت من شَيبَان فِي أبي إِسْحَاق
وَكَذَا وَثَّقَهُ غير وَاحِد
3 - (الطيفوري الطَّبِيب)
إِسْرَائِيل بن زَكَرِيَّاء الطيفوري كَانَ طَبِيب الْفَتْح بن خاقَان جليل الْقدر عِنْد الْخُلَفَاء والملوك وَكَانَ المتَوَكل يرى لَهُ كثيرا ويعتمد عَلَيْهِ قَالَ إِسْحَاق ابْن عَليّ الرهاوي فِي كتاب أدب الطَّبِيب لما احْتجم المتَوَكل بِغَيْر إِذن إِسْرَائِيل وجد عَلَيْهِ فَاشْترى غَضَبه بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار وضيعةٍ تغل لَهُ فِي السّنة خمسين ألف دِرْهَم وَهبهَا لَهُ وسجل لَهُ عَلَيْهَا وَكَانَ مَتى ركب إِلَى دَار المتَوَكل يكون موكبه مثل موكب الْأُمَرَاء وأجلاء القواد وَبَين يَدَيْهِ أَصْحَاب المقارع
وأقطعه المتَوَكل بسر من رأى وَأمر صقْلَابٍ وَابْن الجيري بِأَن يركبا مَعَه ويدور جَمِيع سر من رأى حَتَّى يخْتَار الْمَكَان الَّذِي يُريدهُ فركبا بَين يَدَيْهِ وَاخْتَارَ من الحيز خمسين ألف ذِرَاع وَضَربا الْمنَار عَلَيْهِ وَدفع إِلَيْهِ ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم للنَّفَقَة عَلَيْهِ(9/9)
3 - (الطَّبِيب)
إِسْرَائِيل بن سهل كَانَ مُتَقَدما فِي صناعَة الطِّبّ حسن العلاج خَبِيرا بتركيب الْأَدْوِيَة وَله كتاب مَشْهُور فِي الترياق وَقد أَجَاد فِي علمه وَبَالغ
ابْن إِسْرَائِيل الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن سوار
ابْن إِسْرَائِيل الْوَزير اسْمه أَحْمد
ابْن إِسْرَائِيل الأسعردي النُّور الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد
(أسعد)
3 - (أسعد بن زُرَارَة بن عدس)
على وزن قثم بن عبيد بن ثَعْلَبَة بن غنم بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ الخزرجي أَبُو أُمَامَة غلبت عَلَيْهِ كنيته كَانَ عقبياً نَقِيبًا شهد الْعقبَة الأولى وَالثَّانيَِة وبايغع فيهمَا وَهُوَ أول من بَايع لَيْلَة الْعقبَة كَذَلِك يَقُول بَنو النجار وَتُوفِّي قبل بدر أَخَذته الذبْحَة وَالْمَسْجِد يبْنى فكواه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات فِي تِلْكَ الْأَيَّام سنة إِحْدَى لِلْهِجْرَةِ وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ أول مدفون بِهِ كَذَلِك يَقُول الْأَنْصَار والمهاجرون يَقُولُونَ أول مدفون بِهِ عُثْمَان بن مَظْعُون
وَكَانَ أَبُو أُمَامَة خرج هُوَ وذكوان بن عبد قيس إِلَى مَكَّة يتنافران إِلَى عتبَة بن ربيعَة فسمعا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتيَاهُ فَعرض عَلَيْهِمَا الْإِسْلَام وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْقُرْآن فَأَسْلمَا وَلم يقربا عتبَة ورجعا إِلَى الْمَدِينَة فَكَانَا أول من قدم بِالْإِسْلَامِ وَقَالَ ابْن إِسْحَاق إِنَّمَا أسلم أسعد ابْن زُرَارَة مَعَ النَّفر السِّتَّة الَّذين سبقوا قَومهمْ إِلَى الْإِسْلَام بِالْعقبَةِ الأولى وَجَاءَت بَنو النجار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا قد مَاتَ نقيبنا فَنقبَ لنا فَقَالَ أَنا نقيبكم وَقيل إِنَّه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نئس الْمَيِّت هَذَا الْيَهُود يَقُولُونَ أَلا دفع عَنهُ وَلَا أملك لَهُ وَلَا لنَفْسي شَيْئا وَقد ذكر هَذَا الْخَبَر بوجوهه ابْن عبد الْبر فِي كتاب التَّمْهِيد
3 - (أسعد بن يزِيد بن الْفَاكِه)
الْأنْصَارِيّ الزرقي ذكره مُوسَى بن عقبَة فِي من مشْهد بَدْرًا وَلَيْسَ هُوَ فِي كتاب ابْن إِسْحَاق
3 - (أسعد بن يَرْبُوع)
الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ الخزرجي قتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (ابْن الْبَلَدِي)
أسعد بن أَحْمد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن نصر الله بن مُحَمَّد بن همام الشَّيْبَانِيّ الحطابي بِالْحَاء الْمُهْملَة أَبُو البركات الْمَعْرُوف بِابْن الْبَلَدِي تفقه فِي صباه على مَذْهَب أَحْمد على القَاضِي أبي يعلى ابْن الْفراء ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي ودرس الْفِقْه على يُوسُف الدِّمَشْقِي ثمَّ ترك ذَلِك واشتغل بِالتَّصَرُّفِ فِي الْأَعْمَال الديوانية سمع البُخَارِيّ من(9/10)
أبي الْوَقْت وَسمع بِدِمَشْق من أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الشَّافِعِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبنَا عَنهُ وَكَانَ شَيخنَا فَاضلا أديباً بليغاً متديناً حسن الطَّرِيقَة لَهُ النّظم والنثر توفّي سنة إِحْدَى وسِتمِائَة وَمن)
شعره من الطَّوِيل
(وَلَو كَانَت الأقدار طوعَ مشيئتي ... ودارُ الْأَمَانِي منزلي ومقَيلي)
(لما نظرَتْ عَيْني سواكم بنظرة ... وَغير طلوعي دراكم وأفولي)
(وَلكنهَا تبُدي ممرّها ... خفايا وَمن ذاكَ الممرّ ذهولي)
(عَلَيْكُم سلامُ الله مَا هبّت الصَّبا ... وَمَا غرَّدت قُمْرِيّةٌ بهديلٍ)
(وَمَا لاحَ نجمٌ فِي السَّمَاء وأينعَتْ ... غرُوسُ الندى فِيكُم وعزّ قبيلي)
قلت شعر منحط
3 - (خطيب نيسابور الْحَنَفِيّ)
أسعد بن صاعد بن مَنْصُور بن إِسْمَاعِيل بن صاعد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن الْحَنَفِيّ أَبُو الْمَعَالِي ابْن أبي الْعَلَاء خطيب نيسابور فِي الْمَسْجِد الْجَامِع الْقَدِيم
قَالَ محب الدّين ابْن النجار والخطباء الْيَوْم من أَوْلَاده كَانَ مِمَّن نَشأ فِي الْخَيْر وَالصَّلَاح وَطلب الْعلم من صباه إِلَى أَوَان الكهولة وبيته مَشْهُور بِالْعلمِ وَالْقَضَاء والخطابة والتدريس والتذكير سمع أَبَاهُ وجده وَأَبا المظفر مُوسَى بن عمرَان الصُّوفِي وَأحمد بن عَليّ بن خلف الشِّيرَازِيّ وَغَيرهم وَتُوفِّي بعد الْعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو الْفَخر جرده)
أسعد بن عبد الْوَاحِد ابْن أبي الْفَتْح التَّاجِر أَبُو الْفَخر الْمَعْرُوف بجرده الْأَصْفَهَانِي سمع الْكثير من أَصْحَاب الْحَافِظ أبي نعيم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَقدم بَغْدَاد وَسمع بهَا من عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ العلاف وَهبة الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْموصِلِي وَعَاد إِلَى بَلَده ثمَّ قدم بَغْدَاد وَحدث بهَا بعد علو سنة واستوطنها إِلَى أَن مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو الْفضل الطوسي)
أسعد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن بن عَليّ بن إِسْحَاق الطوسي أَبُو الْفضل ابْن أبي طَاهِر ابْن أبي الْحسن ابْن الْوَزير أبي نصر ابْن الْوَزير نظام الْملك أبي عَليّ من بَيت الوزارة والرئاسة كَانَ شَيخا مليح الصُّورَة حَتَّى الْأَخْلَاق متودداً سمع أَبَا الْوَقْت قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبت عَنهُ توفّي فجاءةً سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة
3 - (أَبُو مَنْصُور النَّحْوِيّ)
)
أسعد بن نصر بن الأسعد أَبُو مَنْصُور ابْن أبي(9/11)
الْفضل العبرتي النَّحْوِيّ من أهل بَاب الأزج كَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالأدب قَرَأَ النَّحْو على أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب وَأبي البركات ابْن الْأَنْبَارِي واللغة على أبي الْحسن عَليّ ابْن العصار وتصدر للإقراء وَجلسَ فِي حَلقَة ابْن العصار بِجَامِع الْقصر بعد وَفَاته وَكَانَ خَال الْوَزير أبي المظفر ابْن يُونُس توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الْبَسِيط
(خَوْدٌ أذابت بالهجر جسمي ... فَصَارَ من دقّة خِلالا)
(شكوتُ من صدّها وَمَا بِي ... من الْهوى فانْثَنَتْ دَلالا)
(تَثْني على وَجههَا لثاماً ... صيّر بدرَ الدُّجى هلالا)
وَمِنْه أَيْضا
(تَفْتّر عَن ثَغرها فيبدو ... مَنابتُ الدُّرّ فِي العقَيقِ)
(يُرْشَف من فَوْقه رُضابٌ ... ألَذُّ طعماً من الرَّحِيق)
(تستّرَتْ بالنّقاب كَيْلا ... تقتُلَ مَن مرًّ فِي الطَّرِيق)
(وَكَيف يخفي النقاب مِنْهَا ... شمساً تبدَّت لَدَى الشروق)
وَمن أَيْضا من الرمل
(قُل لمَن يشكو زَمَانا ... حاد عمّا يَرْتجيهِ)
(لَا تضيقنَّ إِذا جا ... ء بِمَا لَا تشتهيه)
(وَمَتى نابك دهرٌ ... حالتِ الأحوالُ فِيهِ)
(فوِّض الأمرَ إِلَى اللّ ... هـ تجدْ مَا تبتغيه)
(وَإِذا علّقتَ آما ... لَك فِيهِ ببنيه)
(حرتَ فِي قصدكَ حَتَّى ... قيل مَاذَا بِنَبِيِّهِ)
قلت شعر جيد
3 - (الميهني الشَّافِعِي)
أسعد بن أبي نصر ابْن أبي الْفضل الْعمريّ أَبُو الْفَتْح وَقيل أَبُو سعيد الميهني الْفَقِيه الشَّافِعِي كَانَ من الْأَئِمَّة الْكِبَار فضلا ونبلاً وَله التعليقة الْمَشْهُورَة سكن بَغْدَاد مُدَّة ودرس بالنظامية بعد وَفَاة أبي بكر الشَّاشِي وعزل عَن التدريس ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ تفقه بمرو ثمَّ رَحل إِلَى غزلة)
واشتهر بِتِلْكَ الديار وشاع فَضله ومدحه الْغَزِّي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بقصيدته الَّتِي أَولهَا من الْكَامِل(9/12)
(وعْدُ الجداية غير مأمول الجدي ... وأضلّ مَا كَانَ المُحبُّ إِذا اهْتَدَى)
(كرّرتَ لحظك فِي ظباءٍ سربُها ... بالنظرة الأولى تصيد الأصْيَدا)
(قلّدتهنَّ دَمًا وقلّدكَ الْهوى ... إِثْمًا فَكنت مقلِّدا ومقلَّدا)
مِنْهَا فِي المديح من الْكَامِل
(لاقت بمحيي الدّين كلّ فَضِيلَة ... أَمْسَى بِجمع شتاتها متفَرّدا)
(يَا مَن قلوبُ مخالفيه وَإِن نكا ... فِيهَا تمنّى أَن تكون لَهُ الفدا)
(عوّلْ على اسْمك فَهُوَ فالٌ صادقٌ ... واقطعْ بعزمك مَا نبت عَنهُ المُدى)
اشْتغل النَّاس عَلَيْهِ وانتفعوا بطريقته الخلافية قَالَ أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ قدم علينا من جِهَة السُّلْطَان مَحْمُود السلجوقي رَسُولا إِلَى مرو ثمَّ توجه رَسُولا إِلَى بَغْدَاد وَتُوفِّي بهمذان سنة سبع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَكَانَ يَخْدمه فَقِيه من أهل قزوين قَالَ كُنَّا مَعَه فِي بَيت لما أَن قرب أَجله فَقَالَ لنا اخْرُجُوا من هُنَا فخرجنا فوقفت على الْبَاب فَسَمعته يلطم وَجهه وَيَقُول يَا حسرتاً على مَا فرطت فِي جنب الله وَجعل يبكي ويلطم وَجهه ويرددها إِلَى أَن مَاتَ
3 - (أَبُو المظفر الْمُؤَدب)
أسعد بن هبه الله بن إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله الربعِي أَبُو المظفر الأديب النَّحْوِيّ الْفَقِيه الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الخيزراني الْبَغْدَادِيّ كَانَ يُؤَدب الصّبيان قَرَأَ الْأَدَب على موهوبٍ ابْن الجواليقي وَسمع من أبي الْقَاسِم ابْن الحُصين وَأبي غالبٍ أَحْمد بن الْحسن بن الْبناء وَأبي الْقَاسِم هبة الله بن أَحْمد بن عمر الحريري وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة تسعين وَخَمْسمِائة
3 - (منتجب الدّين الْوَاعِظ)
أسعد ابْن أبي الْفَضَائِل مَحْمُود بن خلف بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْعجلِيّ الإصبهاني منتجب الدّين الْفَقِيه الشَّافِعِي الْوَاعِظ كَانَ من الْفُقَهَاء الْفُضَلَاء الموصوفين بِالْعلمِ والزهد مَشْهُورا بِالْعبَادَة والنسك والقناعة لَا يَأْكُل إِلَّا من كسب يَده وَكَانَ يورق وَيبِيع مَا يتقوت بِهِ وَسمع بِبَلَدِهِ من فَاطِمَة الجوزذانية والحافظ أبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل وَأبي الْوَفَاء غَانِم بن أَحْمد ابْن حسن الجلودي وَأبي الْفضل عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد)
وَسمع من أبي الْفَتْح ابْن البطي وَغَيره وَعَاد إِلَى بَلَده وتبحر وَمهر واشتهر وصنف عدَّة تصانيف مشكلات الْوَسِيط وَالْوَجِيز للغزالي وتتمة التَّتِمَّة للمتولي وَكتاب آفَات الوعاظ وَعَلِيهِ كَانَت عُمْدَة الْفَتْوَى بإصبهان وَتُوفِّي سنة سِتّمائَة رَحمَه الله تَعَالَى(9/13)
3 - (ابْن ممّاتي)
أسعد أَبُو المكارم ابْن الخطير أبي سعيد مهذب بن مثنا بن زَكَرِيَّاء ابْن أبي قدامَة ابْن أبي مليح مماتي بِفَتْح الميمين وَتَشْديد الثَّانِيَة الْكَاتِب الشَّاعِر كَانَ نَاظر الدَّوَاوِين بالديار المصرية وَفِيه فَضَائِل وَله مصنفات عديدة تشبه تصانيف الثعالبي مِنْهَا تلقين الْيَقِين فِي الْفِقْه كتاب سر الشّعْر وَكتاب علم النثر كتاب الشَّيْء بالشَّيْء يذكر وَعرضه على القَاضِي فَسَماهُ سلاسل الذَّهَب لأخذ بعضه بشعب بعض تَهْذِيب الْأَفْعَال لِابْنِ طريف قرقرة الدَّجَاج فِي شعر ابْن حجاج الفاشوش فِي أَحْكَام قراقوش لطائف الذَّخِيرَة لِابْنِ بسام ملاذ الأفكار وملاذ الِاعْتِبَار سيرة السُّلْطَان صَلَاح الدّين وأخاير الذَّخَائِر كرم النجار فِي حفظ الْجَار عمله للظَّاهِر غَازِي لما قدم عَلَيْهِ حلب ترجمان الجمان مَذَاهِب الْمَوَاهِب باعث الْجلد عِنْد حَادث الْوَلَد الحض على الرضى بالحظ جَوَاهِر الصدف وزواهر السدف قرص العتاب درة التَّاج ميسور النَّقْد المنحل أَعْلَام النَّصْر خَصَائِص الْمعرفَة فِي المعميات روائع الوقائع
كَانَ أحد رُؤَسَاء الْأَعْيَان وَأَصله من نَصَارَى أسيوط قدمُوا مصر وخدموا بهَا وتقدموا وولوا الولايات
قَالَ الْوَزير جمال الدّين القفطي بَلغنِي أَن بعض تجار الْهِنْد قدم إِلَى مصر وَمَعَهُ سَمَكَة مصنوعة من عنبر قد تأنق فِيهَا وطيبت ورصعت بالجواهر فعرضها على بدر الجمالي فسامها من صَاحبهَا فَقَالَ لَا أنقصها من ألف دِينَار شَيْئا فأعيدت إِلَى تاجرها فَقَالَ لَهُ أَبُو الْمليح أَرِنِي هَذِه السَّمَكَة فرآها فَطلب بيعهَا فَقَالَ لَا أنقصها من ألف دِينَار شَيْئا فوزن لَهُ فِيهَا الْألف دِينَار وَتركهَا عِنْده فاتفق أَن شرب يَوْمًا فَقَالَ لندمائه قد اشْتهيت سمكًا هاتم المقلي وَالنَّار حَتَّى نقليه بحضرتنا فجاءوه بمقلى حَدِيد وفحم وَجَاء بِتِلْكَ السَّمَكَة العنبر فوضعها فِي المقلى فَجعلت تتقلى وتفوح روائحها حَتَّى لم يبْق بِمصْر دَار إِلَّا دَخلهَا تِلْكَ الرَّائِحَة وَكَانَ بدر الجمالي جَالِسا وتزايدت الروائح فاستدعى خزانه وَأمرهمْ بِفَتْح خزائنه وتفتيشها خوفًا من حريق يكون قد وَقع فِيهَا فوجدوها سَالِمَة فَقَالَ وَيحكم انْظُرُوا مَا هَذَا)
فتتبعوا ذَلِك حَتَّى وقفُوا على حَقِيقَة الْخَبَر فأعلموه بذلك فَقَالَ هَذَا النَّصْرَانِي الْفَاعِل الصَّانِع أكل أَمْوَالِي واستبد بالدنيا دوني فَلَمَّا كَانَ من الْغَد دخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَيلك أستعظم وَأَنا ملك شرى سَمَكَة بِأَلف دِينَار وأتركها وتشتريها أَنْت وَلم يكفك ذَلِك حَتَّى تقليها وتذهبها ضيَاعًا فِي سَاعَة وَاحِدَة وَهِي بِأَلف دِينَار مصرية مَا فعلت هَذَا إِلَّا وَقد نقلت بَيت مَالِي إِلَيْك فَقَالَ وَالله مَا(9/14)
فعلت هَذَا إِلَّا محبَّة لَك وغيرةً عَلَيْك فَإنَّك الْيَوْم سُلْطَان نصف الدُّنْيَا وَهَذِه السَّمَكَة لَا يَشْتَرِيهَا إِلَّا ملك فَخفت أَن يذهب بهَا إِلَى بعض الْمُلُوك ويخبره أَنَّك استعظمتها وَلم تشترها فَأَرَدْت عكس الْأَمر عَلَيْهِ وأعلمته أَنَّك لم تتركها إِلَّا احتقاراً لَهَا وَلم يكن لَهَا عنْدك مِقْدَار وَأَن كَاتبا نَصْرَانِيّا من كتابك اشْتَرَاهَا وأحرقها فيشيع ذكرك ويعظم عِنْد الْمُلُوك قدرك فَاسْتحْسن بدر ذَلِك مِنْهُ وَأمر لَهُ بضعفي ثمنهَا وَزَاد فِي رزقه
وَأما الْمُهَذّب وَالِده الخطير وَكَانَ كَاتب الْجَيْش بِمصْر أَوَاخِر دولة الفاطميين فقصده الْكتاب وَجعلُوا لَهُ حَدِيثا عِنْد صَلَاح الدّين أَو عَمه أَسد الدّين فخاف الْمُهَذّب فَجمع أَوْلَاده وَدخل على السُّلْطَان وَأَسْلمُوا على يَده فقبلهم وَأحسن إِلَيْهِم وَزَاد فِي ولاياتهم وَجب الْإِسْلَام مَا قبله فَقَالَ ابْن الذروي من الْكَامِل
(لم يُسْلم الشَّيْخ الخطي ... ر لرغبةٍ فِي دين أحمدْ)
(بل ظنَّ أنّ مِحالَه ... يُبقي لَهُ الدِّيوَان سرمدْ)
(والآن قد صرفوه عَن ... هـ فدينه بالعَوْد أحمدْ)
قَالَ ياقوت وَوجد بِخَط ابْن مماتي من الْكَامِل
(صحَّ التمثّل فِي قدي ... م الدَّهْر أَن الْعود أحمدْ)
وَكَانَ الخطير يَوْمًا جَالِسا فِي ديوانه فِي حجرَة موسومة بديوان الْجَيْش من قصر السُّلْطَان بِمصْر وَكَانَ بهَا رُخَام وتنميق فَجَاءَهُ قوم وأقاموه فَقَالَ مَا الْخَبَر فَقَالُوا قد تقدم الْملك الْعَادِل بِأخذ رُخَام هَذِه الْحُجْرَة فَخرج منكسفاً وَقَالَ استجيبت فِينَا دَعْوَة وَمَا أظنني أَجْلِس فِي ديوَان بعْدهَا أما سَمِعْتُمْ إِذا بالغوا فِي الدُّعَاء علينا قَالُوا خرب الله ديوانه وَمَا بعد الخراب إِلَّا اليباب ثمَّ دخل منزله وحم فَلم يخرج مِنْهُ إِلَّا مَيتا فَلَمَّا مَاتَ خَلفه ابْنه الأسعد صَاحب التَّرْجَمَة
وللخطير شعر مِنْهُ مَا قَالَه فِي أبي سعيد ابْن أبي الْيمن النحال بِالْحَاء الْمُهْملَة وَزِير الْعَادِل)
وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ ابْن النحال حسن الصُّورَة من السَّرِيع
(وشادنٍ لّما أَتَى مُقْبلاً ... سبّحتُ رَبّ الْعَرْش باريه)
(ومذ رأيتُ النَّمْل فِي خدّه ... أيقنتُ أنَّ الشّهد فِي فِيهِ)
وَكَانَ ابْن النحال يسكن فِي أول دربٍ آخِره صبي مليح يُسمى ابْن زنبور فَقَالَ الخطير من الطَّوِيل
(حوى دربُ كوز الزير كلَّ شمّرْدل ... مشدَّدة أوساطُهم بالزنانير)
(فأوّلُه للشهد والنحل منزل ... وأخره يَا سادتي للزنابير)
وَأما أسعد الْمَذْكُور فَإِنَّهُ خلف أَبَاهُ الخطير على ديوَان الْجَيْش وتصدر فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة واختص بِصُحْبَة القَاضِي الْفَاضِل ونفق عَلَيْهِ وحظي عِنْده فَقَامَ بأَمْره وَنبهَ على قدره وصنف لَهُ عدَّة(9/15)
تصانيف باسمه وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن ملك الْعَادِل بن أَيُّوب مصر وَكَانَ فِي نفس الصاحب صفي الدّين بن شكر من أسعد لِأَنَّهُ وَقعت مِنْهُ إهانة فِي حَقه فحقدها عَلَيْهِ وَلما ورد ابْن شكر إِلَى الْقَاهِرَة أقبل تعلى ابْن مماتي الْمَذْكُور إقبالاً عَظِيما وَأقرهُ على وظائفه وَتَركه على ذَلِك سنة ثمَّ عمل لَهُ المؤامرات وَوضع لَهُ المحالات وَأكْثر فِيهِ التأويلات وَلم يلْتَفت إِلَى أعذاره ونكبه نكبةً قبيحةً وأحال عَلَيْهِ الأجناد فقصدوه وطالبوه واشتكوه إِلَى أَن شكر فحكمهم فِيهِ قَالَ أسعد بن مماتي فآل أَمْرِي إِلَى أَن علقت على بَاب دَاري فِي يومٍ واحدٍ عشرَة مرّة فَلَمَّا رَأَوْا أَن لَا وَجه لي قَالُوا تحيل وَنجم هَذَا المَال فَقلت أما المَال فَلم يبْق عِنْدِي مَال وَلَكِن إِن أطلقت استجديت مِمَّن يخافني ويرجوني فنجموا عَليّ المَال وأطلقت فاستترت وقصدت القرافة وأخفيت نَفسِي فِي مَقْبرَة الماذرائيين وأقمت بهَا سنة وضاق الْأَمر عَليّ فهربت إِلَى الشَّام على اجتهادٍ من السّتْر والخفاء فلحقني فِي الطَّرِيق فَارس مجد فَسلم عَليّ وَدفع إِلَيّ كتابا ففضضته وَإِذا هُوَ من ابْن شكر يَقُول فِيهِ لَا تحسب أَن استتارك خَفِي عَليّ فَكَانَت أخبارك تَأتِينِي كل يَوْم بيومه وَقد كنت فِي قُبُور الماذرائيين بالقرافة مُنْذُ يَوْم كَذَا واجتزت ورأيتك وَلما هربت الْآن علمت خبرك وَلم أرد ردك وَلَو شِئْت رددتك وَلَو علمت أَنه بَقِي لَك مَال أَو حَال مَا تركتك وَلم يكن ذَنْبك عِنْدِي مَا أبلغ فِي مُقَابلَته عدم روحك وَإِنَّمَا كَانَ مقصودي أَن تعيش خَائفًا فَقِيرا غَرِيبا مهججاً فِي الْبِلَاد فَلَا تظن أَنَّك هربت مني بمكيدة خفيت عَليّ فَاذْهَبْ إِلَى غير دعة الله قَالَ وَتَرَكَنِي القاصد وَعَاد فوقفت مبهوتاً إِلَى أَن)
وصلت إِلَى حلب
وَلما وصل إِلَى حلب تَلقاهُ الظَّاهِر غَازِي بالإكرام وأجرى عَلَيْهِ فِي كل شهر عشرَة دَنَانِير غير برٍ وألطاف وَأقَام عِنْده على قدم العطلة من سنة أَربع وسِتمِائَة إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وسِتمِائَة بحلب وَدفن بِالْقربِ من تربة أبي بكر الْهَرَوِيّ
وَكَانَ علم الدّين ابْن الْحجَّاج شَرِيكه فِي الْجَيْش فهجاه بعدة أشعارٍ مِنْهَا من الوافر
(حكى نهرَين مَا فِي الأر ... ض مَن يحكيهما أبَدا)
(فَفي أَفعاله ثورا ... وَفِي أَلْفَاظه بَردَى)
وَكَانَت لَهُ نَوَادِر حِدة لما أحدث الْملك الظَّاهِر قناة المَاء بحلب وأجراها فِي دورها وشوارعها جعل السديد بن الْمُنْذر ينظر فِي مصالحها ورزقه فِي الشَّهْر على ذَلِك ثلثمِائة دِرْهَم فَسَأَلَ عَنهُ يَوْمًا الْأَمِير فَارس الدّين مَيْمُون القصري فَقَالَ ابْن مماتي مسرعاً هُوَ الْيَوْم مستخدم على الْقَنَاة
وَقيل لَهُ يَوْمًا أَي شَيْء يشبه ابْن الْمُنْذر فَقَالَ يشبه الزب وَكَانَ ابْن الْمُنْذر أَعور فاستبردوا ذَلِك وظنوه أَرَادَ عوره فَقَالَ مَا لكم لَا تَسْأَلُونِي كَيفَ بشبهه قَالُوا كَيفَ هُوَ قَالَ هُوَ أَقرع أصلع أَعور يسمع بِلَا أذن يدْخل المداخل الردية بحدة واجتهاد وَيرجع منكسراً
وَقَالَ دخلت يَوْمًا على القَاضِي الْفَاضِل رَحمَه اللع تَعَالَى فَوجدت بَين يَدَيْهِ أترجة كَبِيرَة مفرطة الضخامة من الأترج الشمعي فَلَمَّا جَلَست حدقت إِلَيْهَا وَاتفقَ لي فكر وَذُهُول فَأخذ(9/16)
رَحمَه الله يتنادر على نَفسه وَقَالَ يَا مولَايَ الأسعد مَا هَذِه الفكرة مَا أَنْت مفكر إِلَّا فِي خلق هَذِه الأترجة وَمَا فِيهَا من التكتيل والتعويج وتعجب من الْمُنَاسبَة وَكَيف اتّفق الْجمع بَيْننَا فدهشت وانخلع قلبِي مِنْهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ خاطري فَقلت لَا وَالله بل أفكر فِي معنى وَقع لي فِيهَا وَيسر الله أَن نظمت بديهاً من السَّرِيع
(لله بل للحُسْنِ أترجّةٌ ... تذكِّر النَّاس بِأَمْر النَّعيم)
(كأنّها قد جمعت نَفسهَا ... من هَيْبَة الْفَاضِل عبد الرَّحِيم)
فأعجباه واستحسنهما وَانْقطع الحَدِيث
وَمن شعره أَيْضا من الوافر
(تُعاتِبني وتَنْهَى عَن أمورٍ ... سبيلُ النَّاس أَن يَنْهَوك عَنْهَا)
)
(أتقدر أَن تكون كَمثل عَيْني ... وحقِّك مَا عليَّ أضرُّ مِنْهَا)
وَله من قصيدة من الطَّوِيل
(لنيرانه فِي اللَّيْل أيُّ تخرُّقٍ ... على الضَّيْف إِن أَبْطَا وأيُّ تلهُّب)
(وَمَا ضَرَّ مَن يَعشو إِلَى ضوءِ ناره ... إِذا هُوَ لم ينزل بآل المُهلَّب)
وَلما وَقع الثَّلج فِي حلب سنة خمس وسِتمِائَة قَالَ عدَّة مقاطع فِي ذَلِك مِنْهَا من الْبَسِيط
(قد قُلتُ لمّا رأيتُ الثلجَ مُنبسطاً ... على الطَّرِيق إِلَى أَن ضلَّ سالكهُا)
(مَا بيَّض الله وَجه الأَرْض فِي حلبٍ ... إلاّ لأنّ غيِاثَ الدّين مالكُها)
وَمِنْهَا من الرجز
(لمّا رأيتُ الثَّلج قد ... غَطّى الوِهادَ والقنُنْ)
(سألتُ أهل حلبٍ ... هَل تُمطِرُ السمّا لَبَنْ)
وَمن شعره من السَّرِيع
(وأهْيفٍ أحدثَ لي نَحوه ... تَعَجبُّاً يُعرب عَن ظرفهِ)
(علامةُ التَّأْنِيث فِي لَفظه ... وأحرف العلةّ فِي طرفه)
وَمن شعره من الْكَامِل
(وحياة ذَاك الوَجه بل وحياته ... قَسَمٌ يُريك الحُسْنَ قَسماته)
(لأُرابِطنَّ على الغَرامِ بثغره ... لأفوز بالمرجُوِّ من حسَنَاته)
(وأُجاهِدَنَّ عوَاذِلي فِي حبُهِّ ... بالمرْهَفات عليَّ من لحظَاته)
(قد صيغَ من ذهبٍ وقُلِّد جوهراً ... فلذاك لَيْسَ يجوز أخذُ زَكَاته)
وَمِنْه دوبيت من الرمل(9/17)
(يَا غُصْنُ أَرَاك حَامِلا عُودَ أراكْ ... حاشاك إِلَى السِّواك يحْتَاج سِواكْ)
(قُلْ لي أنَهاك عَن محِبيّك نُهاك ... لَو تمَّ وفاك بُستُ خدَّيك وفاك)
وَقَالَ مهذب الدّين ابْن الخيمي يهجو أسعد بن مماتي من الْخيف
(وحديثِ الْإِسْلَام واهي الحَدِيث ... باسِمِ الثغرِ عَن ضميرٍ خبيثِ)
(لَو رأى بعضَ شِعْره سيبَويَه ... زَاده فِي عَلامَة التَّأْنِيث)
وَإِنَّمَا قيل لجده أبي الْمليح مماتي لِأَنَّهُ وَقع فِي مصر غلاءٌ عَظِيم وَكَانَ كثير الصَّدَقَة وَالْإِطْعَام)
خُصُوصا لصغار الْمُسلمين وَكَانُوا إِذا رَأَوْهُ نَادَى كل وَاحِد مِنْهُم مماتي فاشتهر بِهِ
3 - (أَبُو أُمَامَة الْأنْصَارِيّ)
أسعد بن سهل بن حنيف بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره فَاء الْأنْصَارِيّ الأوسي الْمدنِي أَبُو أُمَامَة ولد فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَآهُ وَحدث عَن أَبِيه وَعمر وَعُثْمَان وَزيد بن ثَابت وَمُعَاوِيَة وَابْن عَبَّاس وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَكَانَ من عُلَمَاء الْمَدِينَة وَمن أَبنَاء الَّذين شهدُوا بَدْرًا وأسعد من المبايعات أم حَبِيبَة بنت أبي أُمَامَة أسعد بن زُرَارَة أحد النُّقَبَاء وأسعد صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة هُوَ الَّذِي صلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة لما حصروا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ابْن عبد الْبر مَشْهُور بكنيته ولد قبل وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا لَهُ وَسَماهُ باسم جده وكناه بكنيته وَهُوَ أحد الجلة وروى عَنهُ ابناه مُحَمَّد وَسَهل وَيحيى الْأنْصَارِيّ وَالزهْرِيّ فِي آخَرين وَقدم بِكِتَاب عمر بن الْخطاب على أبي عُبَيْدَة بِالشَّام وغزا مَعَه وَتُوفِّي سنة مائَة وَقيل سنة إِحْدَى وَمِائَة
3 - (البارع الزوزني)
أسعد بن عَليّ بن أَحْمد الزوزني الْمَعْرُوف بالبارع أَبُو الْقَاسِم الأديب الشَّاعِر الْفَاضِل الْكَاتِب المترسل توفّي يَوْم الْأَضْحَى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة سكن نيسابور وَورد الْعرَاق فَأكْرم فضلاؤه مورده وَكَانَ شَاعِر عصره بخراسان شاع ذكره فِي الْآفَاق وَسمع الحَدِيث على كبر سنه وَكتبه إِلَى أَن مَاتَ سمع أَبَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الدَّاودِيّ وَأَبا جَعْفَر مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق البحاثي وروى عَنهُ أَبُو بكر الفراوي وَأَبُو مَنْصُور الشحامي وَغَيرهمَا
من شعره من الْبَسِيط(9/18)
(كأنّ لونَ الْهَوَاء ماءٌ ... أَو سُنْدُسٌ رَقّ أَو غمامَهْ)
(كأنّ شكلَ الْهلَال قُرْطٌر ... أَو عطَفْة النُّون أَو قُلامهْ)
وَمِنْه أَيْضا من الْكَامِل
(قمرٌ سبا قلبِي بعَقْرَبِ صُدْغه ... لمّا تجلّى عَنهُ قلْبُ الْعَقْرَب)
(فأجبتُه ألَديْكَ قلبِي قَالَ لَا ... لكنّ قلبَك عِنْد قلب الْعَقْرَب)
3 - (وَمِنْه من الوافر)
)
(أَلا فاشْكُرْ لربّك كلَّ وَقت ... على الآلاء والنِّعَم الجسيمهْ)
(إِذا كَانَ الزمانُ زمانَ سوءٍ ... فيَومٌ صالحٌ مِنْهُ غنيمهْ)
وَمِنْه وَهُوَ معنى بديع من الرمل
(وعجوزٍ تتفتَّى ... طَمَعا أَن تتعشّقْ)
(تتغدَّى فِي غدَاءٍ ... وعشاءٍ ألف جَرْذَق)
(إنّ جسماً كجرير ... لَا يقوّيه الفرزدق)
وَقَالَ بعض النَّاس الملقبون بالبارع فِي خُرَاسَان ثَلَاثَة البارع الْهَرَوِيّ وَهُوَ صَاحب كتاب طرائف الطّرف وَهُوَ أدونهم فِي الْفضل وَالثَّانِي البارع البوشنجي وَهُوَ أوسطهم وَالثَّالِث البارع الزوزني وَهُوَ أفضلهم وَكَانَ تلميذ القَاضِي أبي جَعْفَر البحاثي وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ البحاثي من الطَّوِيل
(عجفتُ على اليَبْس البُوَيرع مرّةً ... فَقَالَ لقد أوجعتَ سُرْمي فبُلَّهْ)
(فقلتُ بُزاقي لَا يَفِي بِجَمِيعِهِ ... وَمن أَيْن لي أَن أبزُق الدَّرْبَ كلَّهْ)
قَالَ ياقوت يَنْبَغِي أَن يكون قد اسْتَعْملهُ بمنارة إسكندرية إِذا عجفه فِي شيءٍ كالدرب فأوجعه
وَقَالَ البحاثي فِيهِ أَيْضا من الرجز
(للبارع ابْن العاهره ... زَوْجَة سوء فاجرهْ)
(مُؤاجِرٌ قد زوّجُو ... هـ كُفؤَه مُؤاجرهْ)
3 - (أَبُو الْبَيْدَاء الريَاحي)
أسعد بن عصمَة أَبُو الْبَيْدَاء الريَاحي أَعْرَابِي نزل الْبَصْرَة وَكَانَ يعلم الصّبيان بِالْبَصْرَةِ أَقَامَ بهَا أَيَّام عمره يُؤْخَذ عَنهُ الْعلم وَكَانَ شَاعِرًا وَمن شعره من الْخيف(9/19)
(قَالَ فِيهَا البليغُ مَا قَالَ ذُو العِ ... يّ وكلّ بوَصْفها مِنطيقُ)
(وكذاك العدوُّ لم يعْدُ أنْ قا ... ل جميلاً كَمَا يَقُول الصّديق)
3 - (أَبُو إِبْرَاهِيم الْعُتْبِي)
أسعد بن مَسْعُود بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحسن الْعُتْبِي أَبُو إِبْرَاهِيم وَمن ولد عتبَة بن غَزوَان وَهُوَ حفيد أبي النَّصْر الْعُتْبِي وَأَبُو النَّصْر هُوَ مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار قَالَ ياقوت كَذَا ذكره السَّمْعَانِيّ فِي المذيل وَلَيْسَ فِي نسب هَذَا عبد الْجَبَّار كَمَا ترى وَلَا أَدْرِي مَا صَوَابه إِلَّا أَن)
يكون ابْن بنته توفّي أسعد سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَله كتاب درة التَّاج وتاج الرسائل
وَكَانَ كَاتبا فِي الدَّوَاوِين المحمودية والسلجوقية وعاش إِلَى آخر أَيَّام نظام الْملك
وَقَالَ فِي الإِمَام عَليّ الفنجكردي من الْكَامِل
(يَا أوْحَدَ البُلغاء والأدباء ... يَا سيّد الفُضَلاء وَالْعُلَمَاء)
(يَا من كأنّ عُطارِداُ فِي قلبه ... يُمْلي عَلَيْهِ حقائق الْأَشْيَاء)
وَارْتَفَعت بِهِ الْأَيَّام وانخفضت حَتَّى تَأَخّر عَن الْعَمَل وَتَابَ وَلزِمَ الْبَيْت وقنع بالكفاف من الْعَيْش وَعقد لَهُ مجْلِس الْإِمْلَاء فِي الْجَامِع المنيعي فأملى مُدَّة وَكَانَ يخصره المحدثون وَالْأَئِمَّة وَدخل بغدادوسمع بهَا من أبي مَنْصُور عبد الله بن سعيد بن مهْدي الْكَاتِب الخوافي وَسمع بنيسابور ومرو وَغَيرهمَا وَسمع جده أَبَا النَّصْر الْعُتْبِي وَمن شعره من الْكَامِل
(قَالُوا تَغَيَّر شِعْرُه عَن حَاله ... والهمُّ يَشْغلني عَن الْأَشْعَار)
(أمّا الهِجاء فَعَنْهُ شيبي زاجر ... والمدحُ قلّ لِقلّة الْأَحْرَار)
قلت أحسن من هَذَا قَول أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الْغَزِّي وَقد تقدم فِي تَرْجَمته من الْكَامِل
(قد كنتُ فِيمَا مرّ من أزماني ... متوانياً لتقاصُر الْإِحْسَان)
(ورأيتُ خِلاّني وَأهل مودّني ... متوفّرين مَعًا على الإخوان)
(فتغيروا لما رأوني نَائِيا ... وَعَن التَّصَرُّف قد صرفت عِناني)
(دعْهم وعادتَهم فلَم أرَ مثلهم ... إلاّ مجرَّدَ صُورَة الْإِنْسَان)
(واغسلْ يَديك من الزَّمَان وَأَهله ... بالطين والصابون والأُشنان)
قلت شعر منحط(9/20)
3 - (بهاء الدّين السنجاري الشَّافِعِي)
أسعد بن يحيى بن مُوسَى بن مَنْصُور بن عبد الْعَزِيز بن وهب بن وهبان بن سوار بن عبد الله ابْن رفيع بن ربيعَة بن هبان السّلمِيّ السنجاري الْفَقِيه الشَّافِعِي بهاء الدّين كَانَ فَقِيها تكلم فِي الْخلاف إِلَّا أَنه غلب عَلَيْهِ الشّعْر واشتهر بِهِ وخدم بِهِ الْمُلُوك وَأخذ جوائزهم وَطَاف بالبلاد ومدح الأكابر وَمن شعره قصيدة مدح بهَا القَاضِي كَمَال الدّين الشهرزوري أَولهَا من الْكَامِل
(وهواكَ مَا خطَرَ السلوُّ بِبَالِهِ ... ولأنْت أعلمُ فِي الغَرام بِحَالهِ)
)
(وَمَتى وشى واشٍ إِلَيْك بأنّه ... سالٍ هَوَاك فَذَاك من عُذاّله)
(أوَ لَيْسَ للكَلِفِ المُعنَىَّ شاهِد ... من حَاله يُغْنيك عَن تَسأْله)
(جد دّت ثوبَ سقامه وهتكت سِتْ ... رَ غَرامه وصرمْتَ حَبل وصاله)
مِنْهَا من الْكَامِل
(كتب العِذارُ على صحيفَة خدّه ... نوناً وأعْجمَهَا بِنُقْطَة خَاله)
(فسواد طُرّته كلَيْل صُدوده ... وبياضُ غُرتّه كَيَوْم وصاله)
(فكفاه عين كَمَاله فِي نَفسه ... وَكفى كَمَال الدّين عينُ كَمَاله)
وَمن شعره أَيْضا من الْكَامِل
(ومُهَفْهَفٍ حُلْوِ الشَّمَائِل فاترِ الْ ... ألحاظ فِيهِ طاعةٌ وعقُوقُ)
(وقف الرحيقُ على مَراشفِ ثغره ... فَجرى بِهِ من خدّه راووق)
(سَدَّت محاسنُه على عُشّاقه ... سُبُلَ السلوّ فَمَا إِلَيْهِ طَرِيق)
وَمِنْه أَيْضا من السَّرِيع
(هَبّت نُسيَمات الصَّبا سحرةً ... ففاح مِنْهَا العنبر الأشهبُ)
(فَقلت إِذْ مرّت بوادي الغَضا ... من أَيْن هَذَا النَّفسُ الطيّب)
قَالَ جمال الدّين عبد الرَّحْمَن بن السنينيرة الوَاسِطِيّ الشَّاعِر وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى رافقني الْبَهَاء السنجاري فِي بعض الْأَسْفَار من سنجار إِلَى رَأس عين فنزلنا فِي الطَّرِيق فِي مَكَان وَكَانَ لَهُ غُلَام اسْمه إِبْرَاهِيم وَكَانَ يأنس بِهِ فأبعد عَنَّا الْغُلَام فَقَامَ يَطْلُبهُ وناداه يَا إِبْرَاهِيم يَا إِبْرَاهِيم مرَارًا فَلم يسمع نداءه لبعده عَنَّا وَكَانَ ذَلِك الْموضع لَهُ صداً فَلَمَّا قَالَ يَا إِبْرَاهِيم(9/21)
أَجَابَهُ الصدا يَا إِبْرَاهِيم فَقعدَ سَاعَة ثمَّ أَنْشدني من الطَّوِيل
(بنفسي حبيبٌ جارَ وَهُوَ مُجاورٌ ... بعيدٌ عَن الْأَبْصَار وَهُوَ قريبُ)
(يُجيب صَدا الْوَادي إِذا مَا دعوتُه ... على أنّه صخرٌ وَلَيْسَ يُجيب)
وَكَانَ بَينه وَبَين صَاحب لَهُ مَوَدَّة أكيدة ثمَّ جرى بَينهمَا عتاب وَانْقطع ذَلِك الصاحب عَنهُ فسير إِلَيْهِ يعتبه لانقطاعه فَكتب إِلَيْهِ بَيْتِي الحريري وهما فِي المقامات من الْخَفِيف
(لَا تَزُرْ من تحبّ فِي كلّ شهر ... غيرَ يومٍ وَلَا تَزِدْه عليهِ)
(فاجتْلاءُ الْهلَال فِي الشَّهْر يومٌ ... ثمَّ لَا تنظر العيونُ إليهِ)
)
فَكتب إِلَيْهِ بهاء الدّين من نظمه من الوافر
(إِذا حقّقْتَ من خِلّ وداداً ... فَزُرْه وَلَا تَخَفْ مِنْهُ مَلالا)
(وكُنْ كَالشَّمْسِ تطلع كلَّ يومٍ ... وَلَا تَكُ فِي زيارته هلالا)
وَمن شعره أَيْضا من السَّرِيع
(لله أيّامي على رامةٍ ... وطيبُ أوقاتي على حاجر)
(تكَاد للسرعة فِي مَرّها ... أوّلُها يعثر بِالْآخرِ)
قلت أَخذه من قَول الأول من الْبَسِيط
(يَا لَيْلَة كَاد من تَقاصُرها ... يعثر فِيهَا الْعشَاء بالسَّحَر)
وَمن شعره من مجزوء الْكَامِل
(وَمن الْعَجَائِب أنّني ... فِي لُجِّ بَحر الْجُود راكبْ)
(وأموت من ظَمَإ ول ... كنْ عادةُ الْبَحْر الْعَجَائِب)
قلت يشبه قَول النَّاصِر دَاوُد فِي قصيدته الَّتِي مدح بهَا الإِمَام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَكَانَ قد حجبه لأجل عَمه الْكَامِل من الطَّوِيل
(وَبِي ظَمَأٌ رُؤْيَاك مَنْهَلُ ريّه ... وَلَا غَرْوَ أَن تصفو لديَّ مشاربُهْ)
(وَمن عجبٍ أَنِّي لَدَى الْبَحْر واقفٌ ... وأشكو الظَما وَالْبَحْر جمٌّ عجائبه)
ولبهاء الدّين السنجاري أَبْيَات خمرية مِنْهَا قَوْله من الْبَسِيط
(كَادَت تطير وَقد طِرْنا بهَا طَربا ... لَوْلَا الشِّباك الَّتِي صيغَتْ من الحَبب)
وَكَانَت وِلَادَته سنه ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمِنْهُم من قَالَ فِيهِ شهَاب الدّين أَبُو السعادات وَقَالَ ولي قَضَاء دنيسر وخدم تَقِيّ الدّين عمر صَاحب حماة(9/22)
3 - (مجد الدّين النشابي)
أسعد بن إِبْرَاهِيم بن حسن الْأَجَل مجد الدّين النشابي الْكَاتِب الإربلي ولد بإربل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَكَانَ فِي صباه نشابياً وتنقل فِي الجزيرة وَالشَّام ثمَّ ولي كِتَابَة الْإِنْشَاء لصَاحب إربل ونفذه رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة ثمَّ كَانَ فِي صحبته لما وَفد إِلَى الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر فَأَنْشد مجد الدّين فِي الْحَال من المتقارب)
(جلالةُ هَيبةِ هَذَا المقامْ ... تُحيِّرُ عالمَ عِلم الكلامْ)
(كأنّ المناجي بِهِ قَائِما ... يُنَاجِي النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام)
ثمَّ إِن مخدومه غضب عَلَيْهِ وحبسه ثمَّ إِنَّه بعد موت صَاحب إربل خدم بِبَغْدَاد واختفى أَيَّام التتار فَسلم وَمَات فِي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وَله فِي شرف الدّين أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم ابْن عَليّ بن حَرْب عرف بِابْن الموَالِي لما ولي وزارة إربل نظم فِيهِ مجد الدّين من المتقارب
(فرِحْنا وَقُلْنَا تولّى الْوَزير ... وأفلح ديوانُنا بالوزارهْ)
(فَمَا زادنا غير جاريتيه ... وَفِي كتبْنا كتبتْ بالإشارهْ)
وَلما وَقع بَين الْأَخَوَيْنِ الْكَامِل والأشرف والكامل صَاحب مصر والأشرف صَاحب خلاط وَمَال مُلُوك الشَّام والشرق إِلَى الْكَامِل وَتَحَامَلُوا على الْأَشْرَف قَالَ مجد الدّين من المنسرح
(صاحبُ مصر ثنى الملوكَ عَن ال ... أشرف من كلّ مُسعدٍ عونِ)
(واحتجّ كلٌّ بِهِ فَقلت وَهل ... يُؤخذ مُوسَى بذنب فِرْعَوْن)
وَله فِي شرف الدّين الْمُبَارك مُسْتَوْفِي إربل من المجتث
(إِن الْمُبَارك فِيهِ ... توقفٌ ولجاجهْ)
(صديقه أَنْت مَا لم ... تعرِضْ إِلَيْهِ بحاجهْ)
وَله فِي صدر الدّين ابْن بنهان وَكَانَ صديق عَارض الْجَيْش فعزل ثمَّ صَار صدر الدّين صُورَة وَزِير للأمير شُجَاع الدّين الْعزي فَتوفي فاتصل صدر الدّين بِالْملكِ فتح الدّين فَخرج من بَغْدَاد مغاضباً فَقَالَ من المواليا
(رِجل ابنِ بنهان الأعرجْ شؤمُها معلومْ ... مَا دَار قَطُّ باحدْ إلاّ لَقي المحتومْ)
(قَلْع مَلِكْ وعَزَلْ عارضْ بِهَذَا الشُّومْ ... وعادَ جزور غيمه مبعَرُ أُخْت البومْ)
وَقَالَ لما حبس يَعْقُوب النَّصْرَانِي مشارف ديوَان إربل وَتَوَلَّى الْمُخْتَص النَّصْرَانِي مَكَانَهُ من الطَّوِيل
(فرِحنْا بيعقوبَ اللعين وحبَسْه ... وقلنْا أَتَانَا مَا يَطيب بِهِ القلبُ)
(فلمّا ولي المختصُّ فالشرُّ واحدٌ ... إِذا مَا مضى كلبٌ أَتَى بعده كلب)(9/23)
وَمن شعره من الْكَامِل المرفل
(والأفق روضٌ زهرهُ ... أَمْسَى يفتح لي كِمامَهْ)
)
(قبضَتْ بِهِ كفُّ الثُّر ... يّا فالهلال لَهَا قلامَهْ)
(والقلبُ من طعْنِ السما ... كِ برمحه فِيهِ علامَهْ)
(وأغنَّ يشهَد أنّ ري ... قته الطِّلا عُودُ البَشامهْ)
(يُصمي القلوبَ إِذا رمى ... باللحظ يَا ربِّ السلامهْ)
وَمِنْه قَوْله من الْكَامِل
(قَالُوا عَلامَ هجرت كُسّاً نَاعِمًا ... مَا بينَ فخذَيْ كاعبٍ مدسوسا)
(فأجبتُ لَا أَهْوى مَكَانا كنت فِي ... ظَلماه تسعةَ أشهرٍ مَحْبُوسًا)
وَمِنْه قَوْله من الطَّوِيل
(تقلَّدَ أمرَ الحُسْنِ فاستعبد الورَى ... وراحت بِهِ الأفكار تَنْظم ديوانا)
(وعامِلُه وَلّى على الْقلب نَاظرا ... فَأصْبح لمّا حلَّ بِالْقَلْبِ سُلْطَانا)
(غَدا باحْمرار الخدّ للحُسْن مَالِكًا ... ومنِ فِيهِ أبْدَي للتبسّم رضوانا)
(فأبدي لنا مِنْ ثغره ورُضابه ... وعارضه رَاحا ورَوْحاً ورَيحْانا)
(رأى خدَّه ميدانَ حُسْنٍ وخالَه ... بِهِ كرة فاستعطف الصُدْغ جوكانا)
(أجِلْ نظرا فِي خدّه يَا معنِّفي ... تجدْ فِيهِ من إِنْسَان عَيْنك إنْسَانا)
وَمِنْه أَيْضا من الْكَامِل
(والبرق يَخْفِق فِي خلال سحابِه ... خفْقَ الْفُؤَاد لموعدٍ من زائر)
وَمِنْه أَيْضا من الْخَفِيف
(يَا لَقومي قد جِئتُكُمْ مستجيراً ... لأرى منكمُ وليّاً نَصِيرًا)
(أَنا مَا بَين عاذلِ ورقيبٍ ... مِنْهُمَا خِلْتُ مُنْكرا ونكيرا)
(بِأبي شادِنٌ تبدّي فأبدي ... من محيّاه بهجةً وسرورا)
(وعِذارٌ فِي ذَلِك الخدّ أبدي ... بِبَها الحُسْن جَنّةً وَحَرِيرًا)
(وثنايا كأنّها من لُجينٍ ... قَدَّ روُها فِي ثغره تَقْديرا)
(لَا رعى الله يومَ زَمّوا المطايا ... إنّه كَانَ شرُّه مُسْتَطِيرا)
(أودعُوا حينَ ودّعوا الصبَّ وجْداً ... وتناءوا وَالْقلب يَصْلى سَعيرا)
(وأسالوا الدموعَ من نرجسٍ غَ ... ضٍّ على الخدّ لؤلؤاً منثورا)
)
(فغدا الصبُّ يرتضي الحبَّ دينا ... وَيرى نَاظر السلو حسيرا)(9/24)
(وَهدى قلبَه السبيلَ فإمّا ... صَابِرًا شاكراً وإمّا كفورا)
(صَمَّ سَمْعِي عَن الْكَلَام كَمَا صر ... تُ بمدحي زنكي سميعاً بَصيرًا)
(وأرانا نوالَه وسَطاه ... فرأيْنا منهُ بشيراً نذيرا)
(كل ساعٍ داعٍ لَهُ بدوام ال ... ملك مَا زَالَ سعيْهُ مشكورا)
(كم سقى سيفُه شرابًا حميماً ... وَسَقَى سَيْبُهُ شرابًا طهُورا)
(سَرِّحِ الطرْفَ فِي ذُراه تَرى ثَ ... مَّ نعيماً بِهِ ومُلْكاً كَبِيرا)
(لم يَر النازلونِ فِي ظلّه المع ... مور شمسْاً يَوْمًا وَلَا زَمْهريرا)
(ويُبيح الطعامَ وَالْمَال كم ع ... مَّ يَتِيما بزاده وأسيرا)
3 - (مؤيد الدّين ابْن القلانسي)
أسعد مؤيد الدّين بن المظفر بن أسعد بن حَمْزَة بن أسعد بن عَليّ الصاحب الرئيس أَبُو الْمَعَالِي التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي ابْن القلانسي وَالِد الصاحب عز الدّين حَمْزَة ولد سنة ثمانٍ وَتِسْعين ظنا وَسمع حضوراً من حَنْبَل المكبر وَسمع من ابْن طبرزذ والكندي وَحدث بِدِمَشْق ومصر وروى عَنهُ ابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار وَجَمَاعَة وَكَانَ صَدرا جَلِيلًا مُعظما وافر الْحُرْمَة كثير الْأَمْلَاك تَامّ الْخِبْرَة ذَا عقل ورأي وحزم وَكَانَ أَهلا للوزارة وَلكنه لم يدْخل فِي هَذِه الْأَشْيَاء عقلا وَلما توفّي ابْن سُوَيْد ألزم بِمُبَاشَرَة وَلكنه لم يدْخل فِي هَذِه الْأَشْيَاء عقلا وَلما توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَأورد لَهُ قطب الدّين ابْن اليونيني فِي الذيل على الْمرْآة من الْبَسِيط
(يَا ربِّ جُد لي إِذا مَا ضمنّي جَدَثي ... برحمةٍ مِنْك تُنجيني من النارِ)
(أحسِنْ جواري إِذا أصبحتُ جَارك فِي ... لحدي فَإنَّك قد أوصيت بالجار)
3 - (مؤيد الدّين ابْن القلانسي المؤرخ)
أسعد بن العميد أبي يعلى حَمْزَة بن أسعد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الصَّدْر الرئيس مؤيد الدّين أَبُو الْمَعَالِي التَّمِيمِي الدِّمَشْقِي الْكَاتِب الْوَزير المؤرخ ابْن القلانسي سمع وروى توفّي سنة ثمانٍ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَهُوَ جد الْمَذْكُور قبل
3 - (أَبُو الْفضل قَاضِي طرابلس)
أسعد بن أَحْمد بن أبي روح القَاضِي الْعَالم أَبُو الْفضل الطرابلسي رَأس الشِّيعَة بِالشَّام تلميذ)
القَاضِي ابْن البراج جلس بعد ابْن البراج لتدريس(9/25)
الرَّفْض وصنف التصانيف وولاه ابْن عمار قَضَاء طرابلس وَله كتاب عُيُون الْأَدِلَّة فِي معرفَة الله وَكتاب التَّبْصِرَة فِي خلاف الشَّافِعِي للإمامية وَالْبَيَان فِي حَقِيقَة الْإِنْسَان وَكتاب المقتبس فِي الْخلاف بَيْننَا وَبَين مَالك بن أنس وَكتاب التِّبْيَان بَيْننَا وَبَين النُّعْمَان وَمَسْأَلَة الفقاع كتاب الْفَرَائِض كتاب الْمَنَاسِك كتاب الْبَرَاهِين وَأَشْيَاء غير هَذِه وَكَانَ عَظِيم الصَّلَاة والتهجد لَا ينَام إِلَّا بعض اللَّيْل جمع ابْن عمار بَينه وَبَين مالكي فناظره فِي تَحْرِيم الفقاع فانزعج وَقَالَ الْمَالِكِي كلني فَقَالَ لَهُ مَا أَنا على مذهبك يَعْنِي أَنهم يجوزون أكل الْكَلْب توفّي فِي حُدُود الْعشْرين والخمسمائة
3 - (الْمُوفق الطَّبِيب)
أسعد بن إلْيَاس بن جرجس بن المطران موفق الدّين طَبِيب السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَأَوْلَاده وَشَيخ الْأَطِبَّاء بِالشَّام وَفقه الله لِلْإِسْلَامِ وَكَانَ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ كثير الِاشْتِغَال لَهُ التصانيف وَكَانَ مليح الصُّورَة نبيلاً يركب فِي مماليك تركٍ حَتَّى كَأَنَّهُ وَزِير اشْتغل على الْمُهَذّب النقاش وَعمل أنابيب بركَة دَاره ذَهَبا وزوجه السُّلْطَان أحد خطاياه وَهِي حوزة وَخلف من الْكتب عشرَة آلَاف مجلدة وَأجل تلامذته الْمُهَذّب عبد الرَّحِيم بن عَليّ الدخوار وَكَانَ غزير الْمُرُوءَة حسن الْأَخْلَاق كريم الْعشْرَة جواداً متعصباً للنَّاس عِنْد السُّلْطَان يقْضِي حوائجهم صَحبه صبي حسن الصُّورَة اسْمه عمر فَأحْسن إِلَيْهِ وَكَانَ الْمُوفق يحب أهل الْبَيْت وَيبغض ابْن عنين لخبث لِسَانه ويحرض السُّلْطَان على نَفْيه وَقَالَ أَلَيْسَ هُوَ الْقَائِل من المنسرح
(سلطانُنا أعرجٌ وكاتبهْ ... أعيمشٌ والوزير مُنحدب)
فَقَالَ ابْن عنين من الْبَسِيط
(قَالُوا الموفّق شيعيٌّ فَقلت لَهُم ... هَذَا خلاف الَّذِي للنَّاس مِنْهُ ظهَرْ)
(وَكَيف يَجْعَل دينَ الرَّفْض مذْهبه ... وَمَا دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَام غير عُمَرْ)
وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَدفن بقاسيون على قَارِعَة الطَّرِيق عِنْد دَار زَوجته حوزة وَلما مَاتَ اشترت دَارا وَبنت إِلَى جَانبهَا مَسْجِدا وعمرت لَهُ تربة وَهِي تعرف بدار حوزة وَكَانَت صَالِحَة زاهدةً عابدة
قَالَ ابْن أبي أصبيعة حَدثنِي الْحَكِيم عمرَان الإسرائيلي أَنه حضر بيع كتب ابْن المطران فَوَجَدَهُمْ قد أخرجُوا من الْأَجْزَاء الصغار ألوفاً كَثِيرَة أَكْثَرهَا بِخَط ابْن الجمالة وَأَن القَاضِي)
الْفَاضِل بعث يستعرضها فبعثوا إِلَيْهِ بملء خزانةٍ صَغِيرَة فرآها ثمَّ ردهَا فبلغت فِي المناداة ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَاشْترى الْحَكِيم عمرَان أَكْثَرهَا وَقَالَ لي إِنَّه حصل الِاتِّفَاق مَعَ الْوَرَثَة فِي بيعهَا أَنهم أطْلقُوا بيع كل جُزْء بدرهم انْتهى قلت وَقد اشْتريت أَنا من تَرِكَة جمال الدّين إِبْرَاهِيم بن شرف الدّين الْعَطَّار الطَّبِيب رَحمَه(9/26)
الله تَعَالَى لما توفّي وَلَده كتاب الْحَاوِي الْكَبِير فِي الطِّبّ فِي سِتَّة عشر مجلداً بِخَط هَذَا موفق الدّين ابْن المطران وَهِي أَجزَاء صغَار مستطيلة وَقد عدم مِنْهَا الْبَعْض فكمله جمال الدّين رَحمَه الله تَعَالَى بِخَطِّهِ الْمليح وَكتب ابْن المطران كِتَابَة جَيِّدَة مليحةً إِلَى الْغَايَة ومدحه البديع عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد العامري وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه من حرف الْعين بقصيدة هائية أَولهَا من الْكَامِل
(يُنهي إِلَيْك وَلَيْسَ عَنْك بمنتهي ... قلبٌ على صاب الصبابة مُكْرِهي)
(شوقاً أدلَّ على الْفُؤَاد فَلم يُفد ... بمُدَلَّهٍ إلاّ غرامَ مُدلِّه)
(تَدْنُو فيغدو فِيك حلف تفكّرٍ ... ولَكَم بعدتَ فَبَاتَ إلفَ تفكُّه)
(يهوى الَّذِي تهوى ويعشقُ قلبهُ ... مَا تشْتَهي فيُصَدٌّ عمّا تشْتَهي)
(تجني وَيعلم مَا جنيتَ فيجتني ... عُذراً يوجهِّهُ بِوَجْه أبله)
(لعجبتُ من مُغض على نَار الغضا ... مَا زَالَ مُسْتَندا إِلَى صبرٍ بَهي)
(فطنٌ دهاه فِي حُشاشته الْهوى ... غرراً وَلنْ يُدهى سوى الفطِن الدَّهي)
(وَلَقَد نَهاهُ نُهاه عَنْك فَلم يزل ... يزْدَاد غيّاً فِي هَوَاك إِذا نُهي)
(لَو ساعد التَّوْفِيق لم يَك لائذاُ ... بسوى الموفّق ذِي المحلّ الأنبهِ)
(من لَا يرى الْإِحْسَان فِي الْأَقْوَال مَا ... لم يتلُها بفعالِ غير مموَّه)
(رُؤْيَاهُ للأدواء حاسمةٌ فكم ... مُشفٍ شفَاه بذلك الْوَجْه البَهي)
(ضاهى ابنَ مريمَ حِكْمَة وسعادة ... فعنا الأعزّ لَهُ عنوّ مُوَلّه)
(نصر العُفاة على الزَّمَان ندى أبي ... نصر أخي الجاه الْوَجِيه الْأَوْجه)
(الألمعيّ الأريحيّ المُرْتَجى ... اللوذعي الفيلسوف المدرَه)
(وَإِذا الْخَلَائق أشبْهتْ أَمْثَالهَا ... فِي الأكرمين فَمَا لَهُ من مُشبه)
(وَإِذا الخواطرُ أَصبَحت مشدُوهةً ... فضل الأنامَ بخاطر لم يُشْده)
(فلكٌ من الْإِحْسَان حِين وصلتُه ... أغْنى بِأَعْلَى أوْجُهٍ عَن أوجه)
)
وَهَذَا الْقدر مِنْهَا كافٍ وَكَانَ ابْن الجمالة كَاتبه ينْسَخ لَهُ أبدا وَمن تصانيف ابْن المطران كتاب آدَاب طب الْمُلُوك واختصار كتاب الأدوار للكسدانيين إِخْرَاج ابْن وحشية كتاب على نمط دَعْوَة الْأَطِبَّاء الْمقَالة الناصرية فِي حفظ الْأُمُور الصحية عمله للْملك النَّاصِر رتبه أحسن تَرْتِيب كتاب بُسْتَان الْأَطِبَّاء وروضة الألباء وَلم يكمل وَكَانَ عِنْده بِخَطِّهِ الْمليح عدَّة مسودات أَخذهَا أخواته وفرقنها وضاعت جَمِيعهَا
3 - (صدر الدّين بن المنجا)
أسعد بن عُثْمَان بن أسعد بن المنجا بن بَرَكَات بن(9/27)
الْمُؤَيد أَبُو الْفَتْح صدر الدّين التنوخي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ كَانَ من الْعُدُول الصُّدُور الرؤساء الْأَعْيَان المتمولين بِدِمَشْق بني بهَا مدرسةً عِنْد دَار الذَّهَب الْمَعْرُوفَة قَدِيما بدار الْفُلُوس قُدَّام القليجية الْحَنَفِيَّة سمع ابْن طبرزذ وحنبلاً وَغَيرهمَا وَحدث ومولده بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة ووفاته سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (القَاضِي وجيه الدّين ابْن المنجا)
أسعد بن المنجا بن بَرَكَات بن المؤمل أَبُو الْمَعَالِي وجيه الدّين ابْن أبي المنجا التنوخي المعري الأَصْل الدِّمَشْقِي المولد الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ رَحل إِلَى بَغْدَاد وتفقه بهَا وبرع فِي الْمَذْهَب وَولي قَضَاء حران فِي أَوَاخِر دولة نور الدّين وَمن أَجله بني الشَّيْخ المسمار المسمارية ووقفها عَلَيْهِم صنف النِّهَايَة فِي شرح الْهِدَايَة فِي بضعَة عشر مجلداً وصنف الْخُلَاصَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وسِتمِائَة وَأَظنهُ جد صدر الدّين الْمَذْكُور قبل وَله شعر
3 - (ابْن المنفاخ الطَّبِيب)
أسعد بن حلوان الْحَكِيم أَبُو الْفضل ابْن المنفاخ أَصله من المعرة واشتغل بالطب وَمهر فِيهِ وتميز فِي عمله وخدم الْأَشْرَف مُوسَى بن الْعَادِل فِي بِلَاد الشرق وَبَقِي فِي خدمته سِنِين وانفصل عَنهُ وَتُوفِّي بحماة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
3 - (وجيه الدّين)
أسعد بن عبد الرَّحْمَن بن حُبَيْش التنوخي المعري الأَصْل الدِّمَشْقِي المولد وجيه الدّين أَبُو الْمَعَالِي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني رَحمَه الله بِدِمَشْق فِي شهور سنة أَربع وسِتمِائَة لنَفسِهِ من الوافر)
(إِذا مَا دارت الأفلاكُ يَوْمًا ... بسعدك فهْي تأبى أَن تُكادا)
(فمهما اسطَعْت من خيرٍ فعجِّل ... بِهِ مَا دُمت تأمَنُ أَن تُعادا)
(فكم من جمرةٍ أمْسَتْ سعيراً ... فلمّا أَصبَحت أضحت رَمَادا)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي الباذنجان الْأَبْيَض من السَّرِيع
(قُلْ لي مَا شيءٌ إِذا رمْتَه ... رأَيْتَه من غير إزعاج)
(كأنّما خُضْرةُ تيجانه ... زمرّدٌ رُصِّعَ فِي عاج)(9/28)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِي الباذنجان الْأسود من الطَّوِيل
(وزنجيّةٍ مصقولة الْوَجْه دَائِما ... على رَأسهَا تاجٌ حكى خضرَة الآسى)
(تُعذَّبُ بالنيران من غير زلّةٍ ... وترتاحها الْأَرْوَاح من أَكثر النَّاس)
قلت شعر متوسط توفّي بعد الثَّلَاثِينَ والستمائة
3 - (المستوفي بِمصْر)
أسعد بن السديد الماعز القبطي أسلم فِي الدولة الأشرفية وَكَانَ مُسْتَوْفِي الديار المصرية وَله خبْرَة تَامَّة ومكانة كأبيه توفّي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة حكى لي القَاضِي شهَاب الدّين مَحْمُود رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لما مرض الْمَذْكُور توجهنا إِلَيْهِ نعوده فوجدناه ضعفياً إِلَى الْغَايَة وَقد وضعُوا عِنْده أنواعاً من الْحلِيّ والمصاغ المجوهر والعقود وفيهَا العنبر الْفَائِق وأنواعاً من الطّيب ثمَّ إِنَّه قَالَ ارْفَعُوا هَذَا عنيّ وأسرَّ إِلَى خادمٍ كلَاما فَمضى وأتى بِحَق ففتحه وَأَقْبل يشمه وقمنا من عِنْده ثمَّ إِنَّه مَاتَ فسألنا ذَلِك الْخَادِم فِيمَا بعد مَا كَانَ فِي ذَلِك الْحق فَقَالَ شَعْرَة من است الراهب الْفُلَانِيّ الَّذِي كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا سنة مَا لمس المَاء وَلَا قاربه قَالَ فأنشدت من الْبَسِيط
(مَا يقبض الموتُ نفسا من نفوسهمُ ... إلاّ وَفِي يَده من نتَنْها عودُ)
(الألقاب)
الأسعردي تَقِيّ الدّين الْحَافِظ عبيد بن مُحَمَّد النُّور الأسعردي الإسفرائيني الْمُتَكَلّم أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
والإسفرائيني الْفَقِيه الشَّافِعِي أَبُو حَامِد أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
والإسفرائيني الْمُتَكَلّم آخر اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار)
الإسفرائيني الشَّافِعِي إِسْحَاق بن أبي عمرَان
(اسفنديار)
3 - (الْوَاعِظ الشَّافِعِي)
اسفنديار بن الْمُوفق ابْن أبي عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن ططمش أَبُو الْفضل الْكَاتِب الْوَاعِظ الصُّوفِي أَصله من بوشنج ذكر أَنه ولد بِبَغْدَاد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي سلخ شعْبَان وَقيل فِي ربيع الأول سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَالْأَدب حَتَّى برع فِيهِ صحب الشَّيْخ صَدَقَة ابْن وَزِير الْوَاعِظ الوَاسِطِيّ وَسمع مَعَه الحَدِيث من أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سلمَان وَأبي(9/29)
الْمَعَالِي عمر بن بينمان الْمُسْتَعْمل وقاضي الْقُضَاة أبي طَالب روح بن أَحْمد الحديثي وَغَيرهم وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِالْمَدْرَسَةِ التاجية بِبَاب أبرز مُدَّة ثمَّ إِنَّه ترك ذَلِك واشتغل بِالْكِتَابَةِ والإنشاء ورتب بديوان الْإِنْشَاء للْإِمَام النَّاصِر فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وعزل فِي شهر رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَأقَام فِي منزله مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ رتب شَيخا برباط درب راحي فَأَقَامَ فِيهِ مُدَّة ثمَّ عزل
وَكَانَ غزير الْفضل وَاسع الْعلم فصيح اللِّسَان حسن الْبَيَان مليح الْإِيرَاد لطيف الْأَخْلَاق متودد ذُو صُورَة مَقْبُولَة وَبشر وَتَبَسم كثير الْعِبَادَة والتهجد بالأسحار كثير التِّلَاوَة وَمن شعره من الْبَسِيط
(كلٌّ لَهُ غرضٌ يسْعَى ليدركَهُ ... والحرّ يجعلُ إدراكَ العُلى غَرضَهْ)
(يُهينُ أموالَه صَوْناً لِسُؤدده ... وَلم يصُن عِرْضَه من لم يُهن عَرَضَه)
قَالَ جمال الدّين أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي درة الإكليل عزل اسفنديار الْوَاعِظ وَكَانَ قد جعل كَاتب إنْشَاء حكى عَنهُ بعض عدُول بَغْدَاد أَنه حضر مَجْلِسه بِالْكُوفَةِ فَقَالَ لما قَالَ البني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كنت مَوْلَاهُ فعليٌّ مَوْلَاهُ تغير وَجه أبي بكر وَعمر فَنزل قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا رَأَوْهُ زلفةً سيئت وُجُوه الَّذين كفرُوا وَلما ولي هَذَا الرجل لبس الْحَرِير وَالذَّهَب وَكَانَ يدْخل من درب إِلَى درب يطول الطَّرِيق ليصاح بَين يَدَيْهِ بِسم الله فبلغني عَن بعض الظراف أَنه رَآهُ يخرج من درب وَيدخل درباً قَالَ هَذَا رماء التُّرَاب
(الألقاب)
ابْن اسفنديار الْوَاعِظ نجم الدّين عَليّ بن اسفنديار وَقيل نصر)
ابْن الإسفنجي إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
الإسكافي الْكَاتِب أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد
الإسكاف الْمُتَكَلّم عبد الْجَبَّار بن عَليّ
ابْن الإسكاف الطَّبِيب مُحَمَّد بن عَسْكَر
الإسكافي المعتزلي أَبُو الْقَاسِم جَعْفَر بن مُحَمَّد
الإسكافي وَزِير المعتز جَعْفَر بن مَحْمُود(9/30)
(أسلع)
3 - (أسلع بن شريك الأعوجي التَّمِيمِي)
خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَاحب رَاحِلَته نزل الْبَصْرَة وروى عَنهُ زُرَيْق الْمَالِكِي
3 - (أسلع بن الْأَسْقَع الْأَعرَابِي)
لَهُ صُحْبَة روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعلم لَهُ غير هَذَا الحَدِيث وَلم يرو لَهُ غير الرّبيع بن بدر الْمَعْرُوف بعليلة بن بدر عَن أَخِيه فِي مَا علمت قَالَ وَفِيه وَفِي الَّذِي قبله نظر
(أسلم)
3 - (أسلم الحبشي الْأسود)
كَانَ مَمْلُوكا لعامر الْيَهُودِيّ يرْعَى الْغنم لَهُ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحاصر بعض حصون خَيْبَر وَمَعَهُ غنم لَهُ وَكَانَ فِيهَا أَجِيرا لِلْيَهُودِيِّ فَقَالَ يَا رَسُول الله اعْرِض عَليّ الْإِسْلَام فعرضه عَلَيْهِ فَأسلم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحقر أحدا يَدعُوهُ إِلَى الإسلا ويعرضه عَلَيْهِ فَلَمَّا أسلم قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أَجِيرا لصَاحب هَذِه الْغنم وَهِي أَمَانَة عِنْدِي فَكيف أصنع بهَا فَقَالَ اضْرِب فِي وجوهها فسترجع إِلَى رَبهَا فَقَامَ الْأسود فَأخذ حفْنَة من حَصى فَرمى بهَا فِي وجوهها وَقَالَ ارجعي إِلَى صَاحبك فو الله لَا أصحبك أبدا فَخرجت مجتمعةً كَأَن سائقاً يَسُوقهَا حَتَّى دخلت الْحصن ثمَّ تقدم إِلَى ذَلِك الْحصن يُقَاتل مَعَ الْمُسلمين فَأَصَابَهُ حجر فَقتله وَمَا صلى لله صَلَاة قطّ فَأتي بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ نفر من أَصْحَابه ثمَّ أعرض عَنهُ فَقَالُوا يَا رَسُول الله لم أَعرَضت عَنهُ قَالَ إِن مَعَه زَوجته من الْحور الْعين قَالَ ابْن عبد الْبر إِنَّمَا رد الْغنم وَالله أعلم إِلَى حصنٍ مصالحٍ أَو قبل أَن تحل الْغَنَائِم قلت كَيفَ يكون الْحصن مصالحاً وَهُوَ يحاصره
3 - (أسلم بن عميرَة)
بِفَتْح الْعين وَكسر الْمِيم بن أُميَّة بن عَامر بن جشم بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ شهد بَدْرًا(9/31)
3 - (أسلم بن بجرة)
بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْجِيم وَفتح الرَّاء وَبعدهَا هَاء الْأنْصَارِيّ حَدِيثه فِي بني قُرَيْظَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب عنق من أنبت الشّعْر مِنْهُم وَمن لم ينْبت جعله فِي غَنَائِم الْمُسلمين قَالَ ابْن عبد الْبر إِسْنَاد حَدِيثَة ضَعِيف لِأَنَّهُ يَدُور على إِسْحَاق ابْن أبي فَرْوَة وَلم يَصح عِنْدِي نسب ابْن بجرة هَذَا وَفِي صحبته نظر
3 - (أَبُو رَافع مولى النَّبِي)
3 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أسلم أَبُو رَافع مولى رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَمْلُوكا للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فوهبه لرَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بشر رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَام الْعَبَّاس أعْتقهُ
وَهَاجَر بعد بدر إِلَى الْمَدِينَة وَشهد أحدا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم وزوجه)
رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم مولاته سلمى وَولدت لَهُ على مَا قيل عبيد الله أسْند عَن رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم قيل بضعَة عشر حَدِيثا وَقيل ثَمَان وَسِتُّونَ وَأخرج لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَرْبَعَة أَحَادِيث انْفَرد البُخَارِيّ بحديثٍ واحدٍ وَمُسلم بِثَلَاثَة وَأخرج لَهُ أَحْمد سَبْعَة عشر حَدِيثا مِنْهَا حَدِيث عَائِشَة الَّذِي فِيهِ ارددها إِلَى مأمنها وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل إِبْرَاهِيم وَقيل هُرْمُز وَالله أعلم توفّي قيل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (مولى عمر بن الْخطاب)
3 - (رَضِي الله عَنهُ)
أسلم مولى عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ كنيته أَبُو زيد وَقيل أَبُو خَالِد من الطَّبَقَة الأولى من التَّابِعين وَهُوَ حبشِي من بجاوة(9/32)
وَقيل من سبي عين التَّمْر سباه خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ فَاشْتَرَاهُ عمر رَضِي الله عَنهُ سنة إِحْدَى عشرَة لما بَعثه أَبُو بكر على الْحَج كَانَ عبد الله بن عمر يعظمه وَيعرف حرمته شهد أسلم خطْبَة عمر بالجابية وَهُوَ الَّذِي روى أَنه رأى أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ آخذاُ بِطرف لِسَانه وَهُوَ يَقُول الَّذِي يَقُول هَذَا الَّذِي أوردني الْمَوَارِد
روى عَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ توفّي سنة ثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْحَافِظ بحشل)
أسلم بن سهل بن أسلم بن زِيَاد بن حبيب الرزاز أَبُو الْحسن الْحَافِظ بحشل بِالْبَاء الْمُوَحدَة والحاء الْمُهْملَة الساكنة والشين الْمُعْجَمَة وَاللَّام الوَاسِطِيّ صَاحب تَارِيخ وَاسِط مَنْسُوب إِلَى محلّة الزازين بواسط السفلي ومسجده هُنَاكَ وداره وَهُوَ ثِقَة إِمَام ثَبت وَكَانَ فِي وقته لَا مزِيد عَلَيْهِ فِي الْحِفْظ والإتقان حدث عَنهُ بتأريخه أَبُو بكر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سمْعَان الْمعدل وَكَانَ يضاهيه فِي الْحِفْظ والإتقان وشركه فِي أَكثر شُيُوخه توفّي بحشل سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو الْجَعْد الْمَالِكِي)
أسلم بن عبد الْعَزِيز بن هَاشم بن خَالِد الْأمَوِي من ولد أبان مولى عُثْمَان بن عَفَّان أَبُو الْجَعْد الأندلسي الْفَقِيه الْمَالِكِي كَانَ عَظِيم الْقدر كَبِير الشَّأْن بعيد الصيت وافر الْجَلالَة إِمَامًا فَقِيها مُحدثا رَئِيسا نبيلاً صحب بَقِي بن مخلد زَمَانا وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وثلاثمائة
(أَسمَاء)
3 - (أَسمَاء بنت عُمَيْس)
أَسمَاء بنت عُمَيْس بن معد بن تيم تيم بن الْحَارِث بن كَعْب بن مَالك بن قُحَافَة تَنْتَهِي إِلَى خثعم الخثعمية وَأمّهَا هِنْد وَهِي خَوْلَة بنت عَوْف بن زُهَيْر بن(9/33)
الْحَارِث أسلمت قبل دُخُول رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم دَار الأرقم بِمَكَّة وبايعت وَهَاجَرت إِلَى الْحَبَشَة مَعَ زَوجهَا جَعْفَر بن أبي طَالب فَولدت لَهُ هُنَاكَ عبد الله وعوناً ومحمداً فَلَمَّا اسْتشْهد بمؤتة تزَوجهَا أَبُو بكر الصّديق رضى الله عَنْهُمَا فَولدت لَهُ مُحَمَّدًا ثمَّ توفّي عَنْهَا فَتَزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب فَولدت لَهُ يحيى وعوناً وَفِي رِوَايَة ومحمداً فَهِيَ تدعى أم المحمدين وَكَانَت تخْدم فَاطِمَة إِلَى أَن توفيت وَهِي أُخْت مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ أسْند عَنْهَا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتوفيت سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل بعد السِّتين وَلما قدمت من الْحَبَشَة قَالَ لَهَا عمر يَا جيشية سبقناكم بِالْهِجْرَةِ فَقَالَت إِي لعمري لقد صدقت كُنْتُم مَعَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم يطعم جائعكم وَيعلم جاهلكم وَكُنَّا الْبعدَاء الطرداء أما وَالله لَآتِيَن رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم فلأذكرن لَهُ ذَلِك فَأَتَت رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ للنَّاس هِجْرَة وَلكم هجرتان
قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ وَلَيْسَ فِي الصحابيات من اسْمهَا أَسمَاء بَيت عُمَيْس غَيرهَا فَأَما أَسمَاء غير بَيت عُمَيْس فاثنتا عشرَة أَسمَاء بنت أبي بكر وَأَسْمَاء بنت يزِيد بن السكن أَسمَاء بنت مخرمَة بن جندل أَسمَاء بنت سَلامَة أَسمَاء بنت مرشدة أَسمَاء بنت قرظ بن خنساء أَسمَاء بنت النُّعْمَان الجوينية تزَوجهَا رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ طَلقهَا أَسمَاء بنت زيد بن الْخطاب أَسمَاء بنت سَلامَة دارمية أَسمَاء بنت عَمْرو بن عدي سليمَة تكنى أم منبع أَسمَاء بنت مُحرز بن عَامر أنصارية أَسمَاء بنت مرشد بن حبر أُخْت بني حَارِثَة أَسمَاء بنت يزِيد تكنى أم سَلمَة
3 - (بنت يزِيد الْأَنْصَارِيَّة)
أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن أم سَلمَة الْأَنْصَارِيَّة الأشهلية بَايَعت رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم وروت جملَة حَدِيث روى لَهَا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قتلت بعمود خيامها يَوْم اليرموك تِسْعَة من الرّوم وَتوفيت فِي حُدُود السّبْعين من الْهِجْرَة)
3 - (الصحابية)
أَسمَاء بنت شكل ذكر مُسلم أَنَّهَا دخلت على رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول اله كَيفَ تَغْتَسِل إحدانا إِذا طهرت من الْحيض وسَاق الحَدِيث وَشك فِيهِ ابْن عبد الْبر(9/34)
3 - (زوج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -)
أَسمَاء بنت النُّعْمَان بن الجون بن شرَاحِيل وَقيل بنت النُّعْمَان بن الْأسود ابْن الْحَارِث بن شرَاحِيل الكندية قَالَ ابْن عبد الْبر أَجمعُوا على أَن النَّبِي الله صلى عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَاخْتلفُوا فِي قصَّة فِرَاقه لَهَا فَقَالَ قوم لما دخل بهَا دَعَاهَا فَقَالَت تعال أَنْت وأبت أَن تَجِيء هَذَا قَول قَتَادَة وَأبي عُبَيْدَة وَقَالَ بَعضهم قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بمعاذٍ وَقد أَعَاذَك الله مني فَطلقهَا قَالَ قَتَادَة وَهَذَا بَاطِل إِنَّمَا قَالَ هَذَا لامرأةٍ جميلَة تزَوجهَا من بني سليم فَخفف نساؤه أَن تغلبهن فَقُلْنَ لَهَا إِنَّه يُعجبهُ أَن تقولي لَهُ أعوذ بِاللَّه مِنْك وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة كلتاهما عاذتا بِاللَّه وَقيل إِنَّه خلف عَلَيْهَا المُهَاجر ابْن أبي أُميَّة المَخْزُومِي ثمَّ خلف عَلَيْهَا قيس بن المكشوح الْمرَادِي وَكَانَت تسمي نَفسهَا الشقية وَقيل بل كَانَ بهَا وضح كوضح العامرية وَمِنْهُم من يَقُول أُمَيْمَة بنت النُّعْمَان وَمِنْهُم من يَقُول أُمَامَة بنت النُّعْمَان
3 - (زوج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -)
أَسمَاء بنت الصَّلْت السلمِيَّة اخْتلف فِيهَا وَفِي اسْمهَا فَقيل إِنَّهَا من أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل تزَوجهَا ثمَّ طَلقهَا وَقيل مَاتَت قبل أَن تصل إِلَيْهِ وَقيل اسْمهَا وسناء
3 - (أَسمَاء بنت سَلمَة)
وَيُقَال سَلامَة بنت مخرمَة الدارمية التميمية هَاجَرت مَعَ زَوجهَا عَيَّاش إِلَى الْحَبَشَة وَولدت لَهُ بهَا عبد الله بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة ثمَّ هَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة روى عَنْهَا عبد الله بن عَيَّاش
وَأما أم عَيَّاش بن أبي ربيعَة فَهِيَ أم أبي جهل والْحَارث ابْني هِشَام ابْن الْمُغيرَة وَهِي أَيْضا أم عبد الله بن أبي ربيعَة أخي عَيَّاش بن أبي ربيعَة وَهِي عمَّة أَسمَاء بنت سَلمَة
3 - (أَسمَاء بنت عدي بن عَمْرو)
أم منيع الْأَنْصَارِيَّة كَانَت من المبايعات بيعَة الْعقبَة
3 - (أَسمَاء بنت مرشدة الحارثية)
روى عَنْهَا حَدِيثهَا فِي الِاسْتِحَاضَة جَابر بن عبد الله من حَدِيث حرَام بن عُثْمَان الْمَدِينِيّ جَابر)
مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن عَن أَبِيهِمَا جَابر بن عبد الله وَلَا يَصح لِأَنَّهُ انْفَرد بِهِ حرَام بن عُثْمَان وَهُوَ مَتْرُوك عِنْد جَمِيعهم قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الحَدِيث عَن حرَام بن عُثْمَان حرَام(9/35)
3 - (بنت أبي بكر الصّديق)
أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا أم عبد الله بن الزبير ذَات النطاقين آخر الْمُهَاجِرين والمهاجرات موتا وَأمّهَا قتيلة بنت عبد الْعزي العامرية أسلمت قَدِيما بِمَكَّة بعد سَبْعَة عشر نفسا وبايعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَزَوجهَا الزبير رَضِي الله عَنهُ وَهَاجَر بهَا إِلَى الْمَدِينَة وَهِي حَامِل فَولدت عبد الله بقباء وَشهِدت اليرموك مَعَ الزبير فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا عبد الله إِن كَانَ الرجل من الْعَدو ليمر سَرِيعا فتصيب قدمه عدوة أطناب خبائي قيسقط على وَجهه مَيتا مَا أَصَابَهُ سلَاح ثمَّ طَلقهَا الزبير فأقامت مَعَ ابْنهَا بِمَكَّة حَتَّى قتل بِملَّة كَانَت تَقول اللَّهُمَّ لَا تمتني حَتَّى تقر عَيْني بجثة عبد الله فَلَمَّا أنزل من خشبته غسلته وكفنته ودفنته وَمَاتَتْ بعده بأيام يسيرَة سنة ثَلَاث وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وَهِي وأبوها وَابْنهَا وَزوجهَا صحابيون قيل إِنَّهَا عاشت مائَة سنة وَلم يسْقط لَهَا سنّ
لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَان وَعِشْرُونَ حَدِيثا وروى عَنْهَا أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَإِنَّمَا قيل لَهَا ذَات النطاقين لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَّا تجهز مُهَاجرا وَمَعَهُ أَبُو بكر أتاهما عبد الله بن أبي بكر وهما فِي الْغَار مَعَه أَسمَاء بنت أبي بكر وَلَيْسَت للسفرة شناق فشقت لَهَا أَسمَاء من نطاقها فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبدلك الله بنطاقك هَذَا نطاقين فِي الْجنَّة وَكَانَ أهل الشَّام لما حاصروا عبد الله بن الزبير بِمَكَّة مَعَ الْحجَّاج بن يُوسُف نَادَى وَاحِد مِنْهُم يَا ابْن ذَات النطاقين إبرز فيظن أَن يعيره بذلك فَلَمَّا سمع ذَلِك عبد الله قَالَ من الطَّوِيل
(وعَيَّرها الواشون أَنِّي أحبُّها ... وَتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عَنْك عارُها)
3 - (بنت صصرى)
أَسمَاء بنت عماد الدّين مُحَمَّد بن سَالم بن الْحَافِظ أبي الْمَوَاهِب ابْن صصرى أم مُحَمَّد التغليبة الدمشقية زَوْجَة ابْن عَمَّتهَا الصاحب جمال الدّين وَأُخْت قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ولدت سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسمعت خَمْسَة أَجزَاء من مكي بن عَلان وتفردت(9/36)
وَحدثت أَكثر من خمسين سنة وحجت مَرَّات وَلها بر ومعروف وَكَانَت تقْرَأ فِي الْمُصحف وَرُبمَا كتبت فِي)
الإجازات توفيت سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وأجازت لي فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَكتب عَنْهَا بِإِذْنِهَا عبد الله بن الْمُحب وَكَانَ مولدها سنة ثَمَان أَو تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (ابْن حَارِثَة الصَّحَابِيّ)
أَسمَاء بن حَارِثَة بن سعيد بن عبد الله بن غياث من بني أفصى من الطَّبَقَة الثَّالِثَة من الْمُهَاجِرين وكنيته أَبُو هِنْد كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ هِنْد ملازمين لخدمة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الصّفة لِأَنَّهُمَا كَانَا فقيرين وَذكر بعض النَّاس أَنهم كَانُوا ثَمَانِيَة إخْوَة صحبوا النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أَسمَاء وَهِنْد وخداش وذؤيب وحمران وفضالة وَسَلَمَة وَمَالك وَاخْتلف فِي وَفَاة أَسمَاء فَقَالَ ابْن سعد مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة وَمن ولد أَسمَاء بن حَارِثَة غيلَان بن عبد الله بن أَسمَاء بن حَارِثَة وَكَانَ من قواد الْمَنْصُور وَكَانَ لَهُ ذكر فِي دَعْوَة بني الْعَبَّاس قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة من اسْمه أَسمَاء سوى هَذَا وَأَسْمَاء بن وثاب لَهُ رِوَايَة قَالَ ابْن سعد وَأما هِنْد أَخُو أَسمَاء فَمَاتَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ وَأما أَسمَاء صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة فَلهُ صُحْبَة وَرِوَايَة أخرج لَهُ ابْن سعد حَدِيثا
3 - (ابْن خَارِجَة الْفَزارِيّ)
أَسمَاء بن خَارِجَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ أحد الأجواد من الطَّبَقَة الأولى من التَّابِعين من الْكُوفَة كنيته أَبُو حسان كَانَ قد سَاد النَّاس بمكارم الْأَخْلَاق حكى ابْن عَسَاكِر قَالَ أَتَى الأخطل الشَّاعِر إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان فِي حمالات تحملهَا عَن قومه فَأبى أَن يُعْطِيهِ شَيْئا فَسَأَلَهَا بشر بن مَرْوَان أَخا عبد الْملك فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ عبد الْملك فَأتى أَسمَاء بن خَارِجَة فَتحمل عَنهُ الْكل فَقَالَ من الوافر
(إِذا مَا مَاتَ خارجةُ بن حصنٍ ... فَلَا مطرَتْ على الأَرْض السماءُ)
(وَلَا رجعَ البشيرُ بغُنْم جيشٍِ ... وَلَا حَمَلتْ على الطُّهر النِّسَاء)
(فيومٌ مِنْك خيرٌ من رجالٍ ... كثيرٌ حَولهمْ نَعَمٌ وَشاء)
(فبورِكَ فِي بنيك وَفِي بَينهم ... وَإِن كَثُرُوا وَنحن لَك الْفِدَاء)(9/37)
وَبلغ الشّعْر عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ عرض بِنَا الْخَبيث فِي شعره قلت كَذَا رَوَاهُ الروَاة)
فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَسمَاء بن خَارِجَة مَاذَا عَلَيْهِ لَو كَانَ قَالَ إِذا مَا مَاتَ أَسمَاء بن حصن فَإِن نسبته إِلَى جده أَهْون من حذف اسْمه وَإِقَامَة اسْم أَبِيه مقَامه
فَإِن الْإِضَافَة إِلَى الأجداد أَمر مَشْهُور على أَنه كَانَ يَأْتِي بِنَوْع من البديع وَهُوَ الجناس بَين أَسمَاء وَالسَّمَاء فِي قافية الْبَيْت
وَحكى أَبُو الْيَقظَان قَالَ دخل أَسمَاء بن خَارِجَة على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ بِمَ سدت النَّاس فَقَالَ هُوَ من غَيْرِي أحسن فَقَالَ لَهُ بَلغنِي عَنْك خِصَال شريفة وَأَنا أعزم عَلَيْك إِلَّا ذكرت بَعْضهَا فَقَالَ أما إِذْ عزمت عَليّ فَنعم فَقَالَ عبد الْملك هَذِه أَولهَا فَقَالَ أَسمَاء مَا سَأَلَني أحد حَاجَة إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْفضل عَليّ وَلَا دَعَوْت أحدا إِلَى طَعَام إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْمِنَّة عَليّ وَلَا جلس إِلَيّ رجل إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْفضل عَليّ وَلَا تقدّمت جَلِيسا بركبة قطّ وَلَا قصدني قَاصد فِي حَاجَة إِلَّا وبالغت فِي قَضَائهَا وَلَا شتمت أحدا قطّ لِأَنَّهُ يَشْتمنِي أحد رجلَيْنِ إِمَّا كريم فَكَانَت مِنْهُ هفوة فَأَنا أَحَق بغفرها وَإِمَّا لئيم فأصون عرضي عَنهُ فَقَالَ لَهُ عبد الْملك حق لَك أَن تكون سيداً
وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ خرج أَسمَاء فِي أَيَّام الرّبيع إِلَى ظَاهر الْكُوفَة فَنزل فِي رياض معشبة وَهُنَاكَ رجل من بني عبس نَازل فَلَمَّا رأى قباب أَسمَاء وأبنيته قوض أبنيته ليرحل فَقَالَ لَهُ أَسمَاء مَا شَأْنك فَقَالَ لي كلب هُوَ أحب إِلَيّ من وَلَدي وأخاف أَن يؤذيكم فيقتله بعض غِلْمَانكُمْ فَقَالَ لَهُ أقِم وَأَنا ضَامِن لكلبك ثمَّ قَالَ لِغِلْمَانِهِ إِذا رَأَيْتُمْ كَلْبه قد ولغَ فِي قدوري وقصاعي فَلَا تهيجوه وَأقَام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ ارتحل أَسمَاء وَنزل الروحية رجل من بني أَسد وَجَاء الْكَلْب على عَادَته فَضَربهُ الْأَسدي فَقتله فجَاء الْعَبْسِي إِلَى أَسمَاء فَقَالَ لَهُ أَنْت قتلت كَلْبِي قَالَ وَكَيف قَالَ عودته عَادَة ذهب يرومها من غَيْرك فَقتل فَأمر لَهُ بِمِائَة ناقةٍ دِيَة الْكَلْب
وَلما أَرَادَ أَسمَاء أَن يهدي ابْنَته إِلَى زَوجهَا قَالَ لَهَا يَا بنية كوني لزوجك أمة يكن لَك عبدا وَلَا تدني مِنْهُ فَيملك وَلَا تتباعدي عَنهُ فيتغير عَلَيْك وكوني لَهُ كَمَا قلت لأمك من الطَّوِيل
(خذُي العفْو مِنّي تستديمي مودتي ... وَلَا تنطقي فِي سَوْرتي حِين أغضب)
(فإنّي رَأَيْت الحُبّ فِي الصَّدْر والأذى ... إِذا اجْتمعَا لم يلبث الحبُّ يَذهبُ)
وَقَالَ الرياشي قَالَ أَسمَاء بن خَارِجَة لامْرَأَته اخضبي لحيتي فَقَالَت إِلَى كم ترقع مِنْك مَا)
خلق فَقَالَ من الْبَسِيط
(عيّرتِني خَلَقاً أبديتُ جدّتَه ... وَهل رأيتِ جَدِيدا لم يعُدْ خَلَقا)
(كَمَا لبستِ جديدي فالبسي خَلَقي ... فَلَا جديدَ لمن لم يلبس الخَلَقا)
وَأسْندَ أَسمَاء عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود وروى عَنهُ ابْنه مَالك وَعلي بن ربيعَة الْأَسدي وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة وَفِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ(9/38)
3 - (الدِّمَشْقِي)
أَبُو أَسمَاء الرَّحبِي الدِّمَشْقِي روى عَن أبي ذَر وَعَن ثَوْبَان وَابْن شَدَّاد ابْن أَوْس وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم وَأسْندَ عَنهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الضبعِي)
أَسمَاء بن عبيد وَالِد جوَيْرِية بن أَسمَاء الضبعِي الْبَصْرِيّ روى لَهُ مُسلم وَوَثَّقَهُ ابْن معِين
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (الْجرْمِي)
أَسمَاء بن رِئَاب الْجرْمِي هُوَ الَّذِي خَاصم بني عقيل إِلَى البني الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي العقيق فَقضى بِهِ لجرم وَهُوَ عقيق فِي أَرض بني عَامر بن صعصعة وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ
فَقَالَ أَسمَاء من الطَّوِيل
(وإنّي أَخُو جَرْمٍ كَمَا قد علمتمُ ... إِذا اجتمعَتْ عِنْد النبيّ المجامعُ)
(فإنْ أنتمُ لم تقنعوا بِقَضَائِهِ ... فإنّي بِمَا قَالَ النبيُّ لقانع)
(أسمر)
3 - (أسمر بن مُضرس الطَّائِي)
قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايَعته فَقَالَ من سبق إِلَى مَا لم يسْبق إِلَيْهِ مُسلم فَهُوَ لَهُ
يُقَال هُوَ أَخُو عُرْوَة بن مُضرس رَوَت عَنهُ ابْنَته عقيلة وأسمر هَذَا أَعْرَابِي وَابْنَته أعرابية
(من اسْمه إِسْمَاعِيل)
3 - (ابْن عقبَة الْمدنِي)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة الْمدنِي أسْند عَنهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وثقة ابْن معِين وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِهِ بَأْس وَتُوفِّي فِي حُدُود السّبْعين وَالْمِائَة(9/39)
3 - (أَبُو مُحَمَّد القراب الْمُقْرِئ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السَّرخسِيّ الْهَرَوِيّ أَبُو مُحَمَّد بن أبي إِسْحَاق القراب القرئ العابد أَخُو الْحَافِظ إِسْحَاق كَانَ إِمَامًا فِي عدَّة عُلُوم صنف التصانيف وَكَانَ قدرَة فِي الزّهْد وَله مُصَنف فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ودرجات التائبين وَالْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة
3 - (القَاضِي ابْن أبي الْجِنّ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن الْحسن أَبُو الْفضل الحسني ابْن أبي الْجِنّ ولي الْقَضَاء بِدِمَشْق وَكَانَ فَاضلا صَدُوقًا وَسَيَأْتِي ذكر جماعةٍ من بَيته توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة
3 - (تَاج الدّين ابْن قُرَيْش)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن قُرَيْش الإِمَام الْمُحدث تَاج الدّين أَبُو الطَّاهِر الْقرشِي المَخْزُومِي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي من جلة الشُّيُوخ وفضلائهم نَيف على الثَّمَانِينَ وَكَانَ فِيهِ عبَادَة وزهد سمع من ابْن المقير والهمداني وَابْن رواج وَحدث عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الْبكْرِيّ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن سونج الصَّالِحِي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَكِيم وَكَانَ يعرف بالبكري لِأَنَّهُ كَانَ يَتُوب وَيَأْخُذ الْعَهْد لأبي بكر الصّديق وَكَانَ لَهُ أَصْحَاب وَطَرِيق مَشْهُورَة وسوق نافعة وَله أبهة المشيخة وَيعْمل السماعات ويحفظ كثيرا من الحَدِيث وَالرَّقَائِق ملحوناً توفّي)
سنة سَبْعمِائة
3 - (ابْن الخباز)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن سَالم بن ركاب الْأنْصَارِيّ الشَّيْخ الْفَاضِل الْحَدث الْمُفِيد نجم الدّين أَبُو القداء الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَدب عرف بِابْن الخباز ولد سنة تسع وَعشْرين وَسمع سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَبعدهَا من الْحق بن خلف والضياء وَعبد الله بن أبي عمر وَسمع من المرسي والبكري وَإِبْرَاهِيم بن خَلِيل وَابْن الْجِنّ وَابْن عبد الدَّائِم وَأَصْحَاب الخشوعي وَأَصْحَاب الْكِنْدِيّ وَابْن ملاعب وَابْن الزبيدِيّ وَابْن اللتي ثمَّ أَصْحَاب كَرِيمَة والسخاوي وَكتب عَن من دب ودرج وَألف وَخرج وَحصل الْأَجْزَاء وتعب وَمَعَ عمله الْكثير(9/40)
لم ينجب وَلَا أتقن شَيْئا وَلَا كَانَ يدْرِي نَحوا وَلَا يكْتب جيدا بل لَهُ دربة فِي الْجُمْلَة وَله خطأ كثير وَكَانَ شَيخا حسنا متواضعاً وَسمع من الْمزي والبرزالي وعلاء الدّين الْخَرَّاط وَالْقَاضِي شمس الدّين ابْن النَّقِيب والمقاتلي وَابْن المظفر وَابْن الْمُحب وَابْن حبيب وَكَانَ يُؤَدب بمكتب ابْن عبدٍ دَاخل بَاب توما وَقد خرج لِابْنِ عبد الدَّائِم ولجماعة وَعمل سيرةً طَوِيلَة للشَّيْخ شمس الدّين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة
3 - (الْفراء الْحَنْبَلِيّ المَخْزُومِي)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْمَعْرُوف بالفراء الْحَنْبَلِيّ كَانَ شَيخا صَالحا زاهداً ناسكاً يعرف اسْم الله الْأَعْظَم وَغَيره من الْأَسْمَاء الَّتِي انْتفع بمعرفتها ونفع بهَا وَله كرامات ومعاملات باطنة وأحوال توفّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَدفن بسفح قاسيون
3 - (ابْن فلوس المارديني)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن غَازِي بن عَليّ بن مُحَمَّد النميري المارديني الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن فلوس هُوَ شمس الدّين فَاضل مبرز فِي فنون الْحِكْمَة وعلوم الْأَوَائِل درس بِدِمَشْق وبالقاهرة وَكَانَ ظريف المحاضرة لطيف الشَّمَائِل مولده بماردين سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه فِي تَرْجمهُ الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْخَفِيف
(بِأبي الأهيف الَّذِي لحظُ عينيَ ... هـ فَذا راشقٌ وَهَذَا رشيقُ)
(راحَ فِي حُسنْه غَرِيبا وَإِن كَا ... ن شقيقاً لوجنتيه الشقيقُ)
)
وأنشدني لنَفسِهِ من الْكَامِل
(قَالَ العذول بدا العذار بخدّه ... فتسلَّ عَنهُ فالعِذار يَشينُ)
(فأجبْتُهُ مهلا رُويدكَ إنّما ... أغراك عَنهُ بالملام جنونُ)
(مَا ذَاك شَعْر عذاره لكنّما ... أجفان عَيْنك فِي الصِّقال تبينُ)
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من الوافر
(أمُشْبِهةَ القنا قداً وَلِيِنْاً ... فتنتِ بِحسن صُورَتك البرايا)(9/41)
(طعنتِ بِرُمْح قدّك وهْو لَدْنٌ ... فصيّرتِ القلوبَ لَهَا درايا)
(وأهْيفَ إِن جنى أَو إِن تجنّى ... حَشا بلهيب خدّيه حشايا)
(نبيّ مَلاحةٍ تُتلى علينا ... بدائعُ حُسنة سُوَراً وآيا)
(إِذا قابلتَه أَبْصرت شخصا ... كأنّ صقالَ خدّيِه مَرايا)
3 - (مجد الدّين الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ الْأنْصَارِيّ مجد الدّين نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة الْمَذْكُور كَانَ الْمَذْكُور من أَرْبَاب البيوتات وَذَوي الحرمات وَقعد بِهِ زَمَانه وَلم يجهل لفضل بَيته مَكَانَهُ وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الطَّوِيل
(سل الرّبع عَن ليلَى عَسى الربُع يخبُر ... وَحَتَّى مَتى أبدي وِصالي وتهجرُ)
(فتاةٌ تَخال الغُصْنَ حَشْو دروعها ... على أنّها من ناضر الرَّوْض أنضرُ)
(إِذا حسرتْ عَن وَجههَا فتنتْ بِهِ ... وَمَا أنْثني إلاّ وقلبي مُحسَّرُ)
قلت شعر نَازل وسرد القوصي القصيدة بكمالها فَأثْبت أَنا أنموذجاً مِنْهَا
3 - (ابْن الخازن المغربي)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أَبُو الطَّاهِر ابْن الخازن ذكره ابْن رَشِيق فِي الأنموذج وَقَالَ لَهُ شعر جيد وطيء الأكناف سهل المخارج تقدم فِي علم الْغَرِيب وَطَلَبه وعلو سَماع لَقِي شُيُوخًا جلة من الْعلمَاء ببلدنا وَغَيره من نَاحيَة الْمشرق أَيَّام حجه وَبحث عَن الشذوذ بحثا شَدِيدا وَإِلَى أُمَّهَات كتبه يرجع بِجَمِيعِ النّسخ وَبهَا يُقَابل وَعَلَيْهَا يصلح وَطَرِيقه فِي الشّعْر طَرِيق الْعلمَاء يسْتَعْمل مَا عَلَيْهِ النَّاس وَأورد لَهُ قَوْله من السَّرِيع
(يَا رحمتا للكَبد الحَرَّى ... والمقلة الساهرة العَبْرَي)
)
(لمّا استقلتْ سَحَراً ظُعْنُهمْ ... فغادروا فِي كَبِدِي جَمْرا)
(كأنّها فِي الْآل مُزْوَرَّة ... سفائنٌ وسَّطت البحْرا)
(يَا حاديَ العيِس رويْداً بهم ... محتسباً فِي دَنِفٍ أجْرا)
(كأنّني إِذْ جدَّ حاديهمُ ... من حيرتي مُغتبثق خمرًا)
(سُلافةً صهباءَ سلسالةً ... قد عتِّقَتْ فِي دنّها دهرا)(9/42)
(مِمَّا اجتبى قَيْصر فِيمَا مضى ... لنَفسِهِ أَو مَا اقتنى كِسرى)
(كأنّها فِي الكأس ياقوتةٌ ... قد طُوِّقَتْ من حببٍ درّا)
(كفأرةِ الْمسك إِذا صُفِّقت ... قد فغمت ناشِقَها عِطرا)
(أَو طيبِ أيّامِ المُعزّ الَّذِي ... قد سَاد أَمْلَاك الورى طُرّا)
وَقَالَ
(وَله ذؤابة حمير وسناؤها ... وسنام يعرب الرفيع العالي)
(ويَحلّ من قحطان أَعلَى ذرْوَة ... تُعْيي محاوِلَها وَلَيْسَ بآلِ)
(مَا زَالَ يبْتَاع العُلى متغالياً ... إنّ العُلا وَأَبِيك عِلق غالِ)
(أضْحت بِهِ الدُّنْيَا عروساً تُجتلى ... وتبلَّجت عَن زهرَة الآمال)
(بذَّ الملوكَ جلالةً ومهابةً ... وَعلا عَن النظرء والأشكال)
(وَإِذا ترَاءى للعيون بدا لَهَا ... سعدُ السُّعُود وطالعُ الإقبال)
وَأورد لَهُ قَوْله وَهُوَ مَا نظمه فِي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة من المتقارب
(رفيعُ الْعِمَاد وَرِيُّ الزنادْ ... عَظِيم الرَّماد هنّي القرَا)
(وأنْدَى بناناً من الزاخرات ... ففيضُ البحور لَدَيْهَا حَسا)
(وأوزنُ حلماً من الراسيات ... إِذا مَا ذَوُو الْحلم حلّوا الحبُى)
(وأنْوَرُ وَجها من النَيّرَيْن ... إِذا الخطْبُ فِي مضمحلٍّ دجا)
(وأرحبُ صَدرا من الخافقينَ ... إِذا ضَاقَ باللوذعّي الفَضا)
(أَقُول لمطّلبٍ شأوَهُ ... وَيلك أعيى عَلَيْك المدى)
وَقَالَ يرثي من الطَّوِيل
(سقى الله ذَاك الرمْسَ جوداً كجوده ... وسحّ على ظَمْأى مَعاهِده العهدُ)
)
(تبوّأ خوفَ الْمَوْت أحْصنَ قلعةٍ ... ممنّعةٍ كالسدّ أَو دونهَا السدُّ)
(مكلّلة حلقاء عطّاء تُزْدَرَى ... إِذا اسُتشًرِفَتْ تيماءُ والأبلقُ الفردُ)
(تناغي السحابَ المُكْفهرّ ودونها ... زحاليقُ لَا يسطيعها الرجل النجدُ)
(تظلّ عتاقُ الطَّير مصطافةً بهَا ... وتعيي الوعولَ الصمَّ أرجاؤها المُلْدُ)
(وحصّنها بالمشرفيّة والقنا ... ومِن دونهَا الجمعُ العَرمْرَمُ والحشدُ)
(وأشّبَها خيلاً ورَجلاَ وشِكَّة ... فَلم تحْمِه تِلْكَ المقانب والجُنْد)
3 - (ابْن علية)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مقسم أَبُو بشر الْأَسدي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ الإِمَام ابْن علية وَهِي أمه وَأَصله كُوفِي قَالَ أَبُو دَاوُد مَا أحد من الْمُحدثين إِلَّا وَقد أَخطَأ(9/43)
إِلَّا ابْن علية وَبشر بن الْمفضل وَقَالَ ابْن معِين كَانَ ثِقَة ورعاً تقياً وَكَانَ يَقُول من قَالَ ابْن علية فقد اغتابني
روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دواد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
توفّي فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ
3 - (القَاضِي شرف الدّين الْحَنَفِيّ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد القَاضِي شرف الدّين أَبُو الْفضل ابْن الْموصِلِي الشَّيْبَانِيّ الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الْحَنَفِيّ كَانَ شَيخا دينا خيرا لطيفاً مَعَ أَعْيَان الْحَنَفِيَّة درس بالطرخانية وَولي نِيَابَة الْقَضَاء بِدِمَشْق لزم بَيته مَعَ حَاجته لِأَن الْمُعظم بعث إِلَيْهِ يَأْمُرهُ بِإِظْهَار إِبَاحَة الأنبذة فَقَالَ لَا أفتح على أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ هَذَا الْبَاب وَأَنا على مَذْهَب مُحَمَّد فِي تَحْرِيمهَا وَقد صَحَّ عَنهُ أَنه لم يشْربهَا قطّ وَحَدِيث ابْن مَسْعُود لَا يَصح وَمَا رُوِيَ فِيهِ عَن عمر لَا يثبت وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (تَقِيّ الدّين مُسْند الشأم)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْيُسْر شَاكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أبي الْمجد مُسْند الشَّام تَقِيّ الدّين شرف الْفُضَلَاء أَبُو مُحَمَّد التنوخي المعري الأَصْل الدِّمَشْقِي ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة أَكثر عَن الخشوعي وَعبد اللَّطِيف بن شيخ الشُّيُوخ وَالقَاسِم بن عَسَاكِر وَابْن ياسين الدولعي الْخَطِيب وحنبل وَابْن طبرزد والكندي وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وروى الْكثير واشتهر ذكره تفرد بأَشْيَاء كَثِيرَة وَكَانَ متميزاً فِي كِتَابَة الْإِنْشَاء جيد)
النّظم حسن القَوْل دينا متصوناً صَحِيح السماع من بَيت كِتَابَة وجلالة وَكَانَ جده كَاتب الْإِنْشَاء لنُور الدّين وَكتب هُوَ للناصر دَاوُد وَولي بِدِمَشْق نظر البيمارستان وَسمع بِبَغْدَاد من الداهري وَأبي عَليّ ابْن الزبيدِيّ وَولي مشيخة تربة أم الصَّالح ومشيخة الرِّوَايَة بدار الحَدِيث الأشرفية وروى عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين ابْن صصرى وَابْن الْعَطَّار وَابْن تَيْمِية وأخواه وَابْن أبي الْفَتْح وَأَجَازَ لوالد الشَّيْخ شمس الدّين
سَأَلَهُ الْأَمِير أَبُو حَفْص ابْن أبي الْمَعَالِي أَن يحل أَبْيَات ابْن الرُّومِي الزائية الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا وحديثها السحر الْحَلَال الأبيات فَقَالَ وحديثها الحَدِيث لَا كالحديث عذب فَهُوَ كَالْمَاءِ الزلَال وأسكر فَأشبه الْعَتِيق من الجريال واستملي من غير ملل وَلَا إملال وشغل عَن غرر من وَاجِب الأشغال وجنى من قتل الْمُسلم المتحرز مَا لَيْسَ بحلال صادت بشركة النُّفُوس ومالت إِلَى وَجهه الْأَعْنَاق والرؤوس فَهُوَ نزهة الْعُيُون وعقال الْعُقُول والموجز الَّذِي ود الْمُحدث أَن يطول من الطَّوِيل
(حديثٌ حَدِيث الْعَهْد فتحّ نَوْرَه ... فَمن نوره قد زَاد فِي السّمع وَالْبَصَر)(9/44)
(يخرّون للأذقان عِنْد سَمَاعه ... كأنّهمُ من شيعَة وَهُوَ منتظَرْ)
(يلذّ بِهِ طول الحَدِيث لسامرٍ ... وَلَا يَعْتَرِيه من إطالته ضجرْ)
(بِهِ طُرَفٌ للطَرْف تجنى وعُقلَة ... لعاقِل ركبٍ قد سبقن إِلَى سفرْ)
(هِيَ البدرُ فاسمع مَا تَقول فإنّه ... غريبٌ وحدّثْ بالرواية عَن قمرْ)
وَكتب على لِسَان سيف الدّين مقلد بن الْكَامِل بن شاور إِلَى الْملك الْأَشْرَف وَكَانَ أَبْطَأَ عَلَيْهِ عطاؤه رقْعَة مضمونها يقبل الأَرْض بَين يَدي الْملك الْأَشْرَف أعز الله نَصره وَشرح بِبَقَائِهِ نفس الدَّهْر وصدره وَيُنْهِي أَنه وصل إِلَى بَاب مَوْلَانَا كَمَا قَالَ المتنبي من الْبَسِيط
(حَتَّى وصلتُ بنفسٍ مَاتَ أكثرُها ... وليتني عشتُ مِنْهَا بِالَّذِي فضلا)
ويرجو مَا قَالَه فِي الْبَيْت الْأَخير
(أَرْجُو نداك وَلَا أخْشَى المِطالَ بِهِ ... يَا مَنْ إِذا وهب الدُّنْيَا فقد بَخِلا)
فَأعْطَاهُ صلَة سنيةً وَقرر لَهُ جامكيةً وَأحسن قراه ورتب لَهُ كَفاهُ وَكتب إِلَى القَاضِي بدر الدّين السنجاري فِي صدر مُكَاتبَة من الْبَسِيط
(لَوْلَا مواعيدُ آمالٍ أعيش بهَا ... لمت يَا أهل هَذَا الْحَيّ من زمن)
)
(وَإِنَّمَا طرف آمالي بِهِ مرح ... يجْرِي بوعد الْأَمَانِي مُطْلَقَ الرسن)
وَمن شعره من الْكَامِل
(ليلِي كشَعْر مُعَذِِّبي مَا أطْوَلَهْ ... أخفْى الصباحَ بفرْعِه إِذْ أسبلَهْ)
(وأنار ضوء جَبينه فِي شعره ... كالصبح سلًّ عَن الدياجي مُنصُلهْ)
(قَصصي بنملِ عذاره مكتوبةٌ ... يَا حُسْن مَا خطَّ الجمالُ وأجملهْ)
(وَالله لَا أهملتُ لامَ عذاره ... يَا عاذلي مَا كلُّ لامٍ مُهْملَهْ)
(اقْرَأ على قلبِي سبا فِي حُبّه ... والذاريات لمدمَعٍ قد أهملهْ)
(آيَات تَحْرِيم الْوِصَال أظنها ... ب طَلَاق أَسبَاب الْحَيَاة مرتلهْ)
(مَا هامت الشُّعَرَاء فِي أَوْصَافه ... إِلَّا وفاطِر حُسنه قد كملهْ)
(ثَبت الغرامُ بحاكمٍ من حُسنه ... وَشَهَادَة الْأَلْفَاظ وَهِي معدَّلهْ)
(كم صادَ من صادٍ بعينٍ دونهَا ... أسيافُ لحظٍ فِي الجفون مُسلَّلهْ)
(إِن أبعَدتَه يدُ النَّوَى عَن ناظري ... فَلهُ بقلبي إِن ترحَّل منزِلَهْ)
(بالعاديات قد اعْتدى عَنَّا ضحى ... وبدا لَهُ فِي كل قلب زلزله)
(شمس النُّفُوس لبيتنه قد كُورِّت ... وَالنَّار فِي الأحشاء مِنْهُ مُشْعَلهْ)
وَقَالَ رَحمَه الله ركبني دين فَوق عشرَة آلَاف دِرْهَم وَبقيت مِنْهُ فِي قلق فَرَأَيْت فِي النّوم(9/45)
وَالِدي وشكوت إِلَيْهِ ثقل الدّين فَقَالَ امدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أعجز عَن مدحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أمدحه يوف الله عَنْك دينك فَقلت وَأَنا نَائِم من الْكَامِل
(أجِد المقالَ وجدّ فِي طول المدى ... فعساك تظفر أَو تنَال المقصدا)
(هِيَ حَلبْة للمدح لَيْسَ يجوزها ... بِالسَّبقِ إلاّ من أُعينَ وأسْعدا)
وانتبهت وَأَتْمَمْت القصيدة فوفى الله عني ديني تِلْكَ السّنة
وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَرَاك إِذا مَا امتدّ طرفيَ حَاضرا ... بكلّ مَكَان عِنْد كلّ عيانِ)
(وَلست أرى شَيْئا سواك حَقِيقَة ... لأنّك لَا تفني وغيرُك فَإِنِّي)
3 - (وَمِنْه من الدوبيت)
(يَا أحمدُ إنّ فَتْرَة الأجفان ... نُبِّثْتَ بهَا فِي آخر الأزمانِ)
)
(والمُعْجِز مِنْك واضحُ الْبُرْهَان ... تحيي بالوصل ميّتَ الهجران)
3 - (مجد الدّين ابْن كسيرات)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْقَاسِم ابْن أبي طَالب ابْن كسيرات الصَّدْر مجد الدّين أَبُو الْفِدَاء الْموصِلِي ولي المناصب الْكِبَار بالموصل وَقدم الشَّام وَولي نظر حمص مُدَّة وَولي نظر الدَّوَاوِين بِدِمَشْق وَلما تسلطن سنقر الْأَشْقَر وزره وباشر الْأُمُور أَيَّامه مكْرها وَحصل لَهُ من صَاحب مصر مصادرة ونكد ثمَّ لزم بَيته وَحج وَأقَام بطالاً بجبل قاسيون وَمَات وَقد جَاوز السّبْعين سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (أَبُو معمر الْهُذلِيّ الْهَرَوِيّ)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أَبُو معمر الْهُذلِيّ الْقطيعِي الْهَرَوِيّ نزيل بَغْدَاد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَبَقِي بن مخلد وَكَانَ من تشدده يَقُول لَو نطقت بغلتي لقالت أَنا سنية وَأخذ فِي المحنة فَأجَاب وَقَالَ كفرنا وَخَرجْنَا وَقَالَ آخر كَلَام الْجَهْمِية أَنه لَيْسَ فِي السَّمَاء إِلَه توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ(9/46)
3 - (إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن بسام أَبُو إِبْرَاهِيم الترجماني كَانَ عَالما فَاضلا شهد جنَازَته خلق)
كثير كتب الإِمَام أَحْمد عَنهُ أَحَادِيث وَقَالَ مَا أحسن هَذِه أسْند عَن هشيم بن بشير وَغَيره
ووفاته فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو عَليّ الحمدوني)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن حَمْدَوَيْه أَبُو عَليّ الحمدوني وجده حَمْدَوَيْه صَاحب الزَّنَادِقَة على عهد الرشيد قَالَ المرزباني بَصرِي مليح الشّعْر حسن التَّضْمِين اشْتهر بقوله فِي طيلسان أَحْمد بن حَرْب ابْن أخي يزِيد المهلبي وشَاة سعيد وفقر الحرزي وإبط قرب جَارِيَة البرامكة وقبح أبي حَازِم وَكَانَ يَقُول أَنا ابْن قولي من الْخيف
(يَا ابْن حربٍ كسَوْتني طيلساناً ... ملَّ من صُحْبَة الزَّمَان وصدّا)
(طَال تردادُه إِلَى الرّفْوِ حتّى ... لَو بعثْناه وحدْهَ لتهدّى)
وَله وَيُقَال إِنَّه أول شَيْء قَالَه فِيهِ وَقد قَالَ فِيهِ خمسين مَقْطُوعًا من الطَّوِيل
(كساني ابنُ حربٍ طيلساناً كأنّه ... فَتى ناحلٌ بالٍ من الوجد كالشنِّ)
(تغنّى لإِبْرَاهِيم لما لبسته ... ذهبتُ من الدُّنْيَا وَقد ذهبتْ مني)
)
يُرِيد إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي وَقد تقدم ذكره وَهَذَا الشّعْر تتمته مَذْكُورَة فِي تَرْجَمته وَقَالَ الحمدوني فِي شَاة سعيد من الْخَفِيف
(مَا أرى إِن ذبحتُ شَاة سعيد ... حَاصِلا فِي يديّ غير الإهابِ)
(لَيْسَ إلاّ عظامُها لَو ترَاهَا ... قلت هذي أزائفُ فِي جرابِ)
(من خساس الشَّاء اللواتي إِذا مَا ... أبصروهن قيل شَاءَ التهاب)
ستراهن كَيفَ ينفضن فِي وجهذا المصخي بِهن يَوْم الْحساب وَقَالَ فِيهَا أَيْضا من الْبَسِيط
(أيا سعيدُ لنا فِي شَاتك العِبَرُ ... جاءتْ وَمَا إنْ لَهَا بَولٌ وَلَا بَعَرُ)
(وَكَيف تبعرُ شاةٌ عنْدكُمْ مكثتْ ... طعامُها الأبيْضان المَاء والقمَرُ)
(لَو أنّها أبصرتْ فِي نومها عَلَفاً ... غنّت لَهُ ودموع الْعين تنحدر)(9/47)
(يَا مانعي لذَّةَ الدُّنْيَا بأجمعها ... إنّي لَيُقنعني من وَجهك النظرُ)
وَقَالَ فِيهَا من الْكَامِل
(أسعيدُ قد أَعْطَيْتنِي أضحيَّةً ... مكثَتْ زَمَانا عنْدكُمْ مَا تُطْعَمُ)
(نضواً تغامزَتِ الكلابُ بهَا وَقد ... شدّوا عَلَيْهَا كي تَمُوت فيولموا)
(فَإِذا المَلا ضحكوا بهَا قَالَت لَهُم ... لَا تهزأوا بِي وارحموني تُرْحَموا)
(مرّت على علَفٍ فَقَامَتْ لم تَرِمْ ... عَنهُ وغنّت والمدامعُ تسجم)
(وَقف الْهوى بِي حَيْثُ أَنْت فَلَيْسَ لي ... مُتأخَّرٌ عَنهُ وَلَا مُتقدَّمُ)
وَقَالَ فِيهَا أَيْضا من المنسرح
(شاةُ سعيدٍ فِي أمرهَا عِبرُ ... لما أتتْنا قد مسّها الضررُ)
(وهْي تُغَنّي من سوء حالتها ... حَسْبي بِمَا قد لقيتُ يَا عُمَرُ)
(مرّت بقَطْفٍ خضرٍ يُنَشِّرُها ... قومٌ فظنّت بأنّها خُضَرُ)
(فأقبلتْ نَحْوهَا لتأكلها ... حَتَّى إِذا مَا تبيَّن الخبرُ)
(وأبدلتها الظنون من طَمَعٍ ... يأساً تغَنَّت والدمعُ ينحدرُ)
(كَانُوا بَعيدا فَكنت آمُلُهم ... حَتَّى إِذا مَا تقربّوا هجروا)
وَقَالَ أَيْضا من الْخيف)
(لسعيدٍ شُوَيْهةٌ ... سَلَّها الضُّرُّ والعجَفْ)
(قد تغنّت وأبصرت ... رجلا حَامِلا عَلَفْ)
(بِأبي مَنْ بكفّه ... بُرْءُ دائي منَ الدنف)
(فَأَتَاهَا مطمِّعاً ... فأتّتْه لتعتلَفْ)
(فتولّى فَأَقْبَلت ... تتغنّى من الأسفْ)
(ليته لم يكن وقفْ ... عذب القلبَ وَانْصَرف)
وَمِمَّا قَالَ فِي الطيلسان الَّذِي وهبه إِيَّاه ابْن حَرْب من الْبَسِيط
(يَا طيلسانَ ابْن حربٍ قد هممتَ بِأَن ... تودي بجسمي كَمَا أودى بك الزمنُ)
(مَا فِيك من مَلْبَسٍ يُغْني وَلَا ثمن ... قد أوهنتْ حيلتي أركانُك الوُهُنُ)
(فَلَو تراني لَدَى الرفّاء مرتبطاً ... كأنّني فِي يَدَيْهِ الدهرَ مُرْتهنُ)
(أَقُول حِين رَآنِي النَّاس ألزَمُهُ ... كأنّما لي فِي حانوته وطنُ)
(مَن كَانَ يسْأَل عنّا أَيْن منزلُنا ... فالأقحوانةُ منا منزلٌ قَمِنُ)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْكَامِل المرفل(9/48)
(قل لِابْنِ حربٍ طليسا ... نُك قومُ نوحٍ مِنْهُ أحدثْ)
(أفنى الْقُرُون وَلم يزل ... عمّن مضى من قبلُ يورَثْ)
(فَإِذا الْعُيُون لحظْنَه ... فكأنّه باللحظ يُحْرَثْ)
(يودي إِذا لم أرفُهُ ... فَإِذا رفوتُ فَلَيْسَ يَلبثْ)
(كَالْكَلْبِ إِن تحملْ عَليّ ... هـ الدهرَ أَو تتركه يلهثْ)
وَقَالَ فِيهِ من الْخَفِيف
(يَا ابنَ حربٍ كسوتَني طيلساناً ... أنحلّتْه الأزمانُ فَهُوَ سقيمُ)
(فَإِذا مَا رفوتُه قَالَ سبحا ... نك مُحيي العظامِ وهْي رَميمُ)
(قُلْ لِابْنِ حربٍ طيلسانُك قد ... أودى قُوايَ بِكَثْرَة الغُرَمِ)
(متبيّنٌ فِيهِ لمُبْصره ... آثارُ رَفوِ أوائلِ الأُممِ)
(وكأنّه الخمرُ الَّتِي وُصِفَتْ ... فِي يَا شَقِيق النَّفس من حَكَمِ)
(فَإِذا رممنْاه فَقيل لنا ... قد صحّ قَالَ لَهُ البلى انْهدمِ)
)
(مثل السقيم برا فراجعَه ... نُكسٌ فأسلمه إِلَى سَقَمِ)
(أنشدتُ حِين طَغى فأعجزني ... وَمن العناء رياضةُ الهَرِم)
وَقَالَ أَيْضا من الْخَفِيف
(طيلسانٌ لَو كَانَ لفظا إِذا مَا ... شكَّ خلقٌ فِي أنّه بُهتانُ)
(فهْو كالطور إِذْ تجلّى لَهُ الل ... هـ فدُكَّت قواه والأركانُ)
(كم رفوناهُ إِذْ تمزَّق حَتَّى ... بَقِي الرفُو وانقضى الطيلسانُ)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(يَا ابنَ حربٍ إنّي أرى فِي زَوَايَا ... بيتنا مثل مَن كسوتَ جماعَهْ)
(طيلسان رفوتُه ورفوتُ ال ... رفْوَ مِنْهُ وَقد رقعتُ رقاعهْ)
(فأطاع البلى فَصَارَ خليعاً ... لَيْسَ يُعطي الرفاءً فِي الرفو طاعهْ)
(فَإِذا سائلٌ رآنيَ فِيهِ ... ظنّ أنّي فَتى من أهل الصناعهْ)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الرمل
(طيلسانٌ لِابْنِ حربٍ جَاءَنِي ... خلعةً فِي يَوْم نحسٍ مستمرْ)
(وَإِذا مَا صِحْت فِيهِ صَيْحَة ... تركتْه كهشيم المحتضَرْ)
(وَإِذا مَا الرّيح هبّت نَحوه ... طيّرته كالجراد الْمُنْتَشِر)(9/49)
(مُهطِعُ الدَّاعِي إِلَى الرافي إِذا ... مَا رَآهُ قَالَ ذَا شَيْء نُكُرْ)
(فَإِذا رفّاؤه حاول أَن ... يتلافاه تعاطى فَعَقَرْ)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(يَا ابْن حَرْب كسوتني طيلساناً ... يُزْرَعُ الرفُو فِيهِ وَهُوَ سباخُ)
(مَاتَ رفّاؤه وَمَات بنوه ... وبدا الشيبُ فِي بنيهم وشاخوا)
وَقَالَ فِيهِ من المتقارب
(أيا طيلسانيَ أعييتَ طبِّي ... أسِلٌّ بجسمك أم داءُ حُبِّ)
(وَيَا ريحُ صيّرتِني أتّقيكِ ... وَقد كنتُ لَا أتّقي أَن تَهُبّي)
(ومُسْتَخبرٍ خَبَر الطيلسان ... فقلتُ لَهُ الروحُ من أَمر ربّي)
وَقَالَ فِيهِ من الرمل)
(طيلسانٌ لِابْنِ حربٍ جَاءَنِي ... قد قضى التمزيق مِنْهُ وطرَهْ)
(أَنا من خوفي عَلَيْهِ أبدا ... سامِريٌّ لَيْسَ يألو حَذرهْ)
(يَا ابْن حربٍ خذُه أَو فَابْعَثْ بِمَا ... نشتري عِجْلاً بصَفْرٍ عشَرهَ)
(فلعلّ اللهَ يحيْيه لنا ... إِن ضَرَبْنَاهُ بِبَعْض البقرهْ)
(فهْو قد أدْرك نوحًا فَعَسَى ... قد حوى من علم نوحٍ خبرهْ)
(أبدا يقْرَأ مَن أبصره ... أإذ كنّا عِظاماً نَخِرَهْ)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(يَا ابْن حربٍ أطلت فقريَ بَرفْوي ... طيلساناً قد كنت عَنهُ غنيّا)
(فهْو فِي الرفو آلُ فِرْعَوْن فِي العَرْ ... ض على الناؤ غُدوةً وعشيّا)
(زُرتُ فِيهِ معاشراً فازدروَني ... فتغنيتُ إِذْ رأَوْني زريّا)
(جِئْت فِي زيِّ سائلٍ كي أَرَاكُم ... وعَلى الْبَاب قد وقفت مَلِيًّا)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الوافر
(وهبتَ لنا ابنَ حربٍ طيلساناً ... يزِيد المرءَ ذَا الضعَة اتِّضاعا)
(يسلِّم صَاحِبي فَيُفِيد شتمْي ... لأنّ الروحَ تُكْسبه انصداعا)
(أُجيلُ الطَّرفَ فِي طَرَفَيْه طولا ... وعرضاً مَا أرى إلاّ رِقَاعًا)
(فلستُ أشكّ أنْ قد كَانَ قِدمْاً ... لنوحٍ فِي سفينته شراعا)
(فقد غنّيتُ إِذْ أبصرتُ مِنْهُ ... جوانبه على بدني تَداعى)
(قِفي قبل التفرّق يَا ضباعا ... وَلَا يكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا)(9/50)
وَيُقَال فِيهِ إِنَّه عمل فِي هَذَا الطيلسان مِائَتي مَقْطُوع فِي كل مَقْطُوع معنى بديع وَقيل إِن الحمدوني وقف على أَبْيَات عَملهَا أَبُو حمْرَان السّلمِيّ فِي طيلسانه وَكَانَ قد بلي وَهِي من الْبَسِيط
(يَا طيلسانَ أبي حمْرَان قد برِمَتْ ... بك الحياةُ فَمَا تلتذّ بالعُمُرِ)
(فِي كلّ يومَين رفّاءٌ يجدّده ... هَيهاتَ ينفع تجديدٌ مَعَ الكِبَرِ)
(إِذا ارتداه لعيدٍ أَو لجُمعته ... تنكّب الناسَ أَن يبْلى مِن النظرِ)
وَذكرت هُنَا مَا كتبه نَاصِر الدّين حسن بن النَّقِيب إِلَى السراج عمر الْوراق من الْبَسِيط)
(لَو فَرَّ بغلي منَ اصْطبلي لَقلتُ لمن ... يجْرِي وَرَاه تمهَّلْ أيّها الساري)
(فَفِي زُقاق سراج الدّين موقفُه ... أَو ذَلِك الخطِّ أَو فِي حَوْمة الدارِ)
(وطيلسان ابْن حَرْب قد سمعتَ بِهِ ... من طولِ بعثٍ وتردادٍ وتكرار)
فَأجَاب السراج ونقلتهما من خطه من الْبَسِيط
(أفْدي خُطاك وَلَو كَانَت على بَصرِي ... لَكَانَ فِي ذَاك تشريف لمقداري)
(وإنّ دَارك صان الله مالِكَها ... أعزُّ عنديَ من أَهلِي وَمن دَاري)
(وطيلسان ابْن حَرْب فِي ترددُّه ... قلبِي إِلَيْك من الأشواق فِي نَار)
(إِذا تمزّق ألفاكَ السرِيُّ لَهُ ... فِي رَفو بالٍ وَفِي حوكِ لأشعار)
3 - (الشَّيْخ علم الدّين المنفلوطي الْمَالِكِي)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر الشَّيْخ علم الدّين المنفلوطي ثمَّ القنائي كَانَ من الْفُقَهَاء الصَّالِحين المعروفين بالمكاشفات والكرامات من أَصْحَاب الشَّيْخ أبي الْحسن ابْن الصّباغ مالكي الْمَذْهَب كَانَ يغيب أوقاتاً كَثِيرَة وَرُبمَا استمرت غيبته الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة وتنحل عمَامَته وتنسحب خَلفه وَهُوَ ينشد من الْكَامِل
(لَا تُجْرِ ذكري فِي الْهوى مَعَ ذكرهم ... لَيْسَ الصَّحِيح إِذا مَشى كالمُقعَدِ)
قَالَ كَمَال الدّين الأدفوي فِي تَارِيخ الصَّعِيد قَالَ يَوْمًا وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا الله أَنا القطب غوث الْوُجُود كَذَا ذكره الشَّيْخ عبد الْغفار ابْن نوح فِي كِتَابه وَذكره غَيره وصنف كتابا وَذكر فِيهِ من كَلَام شَيْخه أبي الْحسن وَمن كَلَام شيخ شَيْخه عبد الرَّحِيم وَمن أَحْوَالهم نبذة وَغير ذَلِك وَفِيه أَحَادِيث واستدلالات دلّت على فهمٍ وَعلم وَفِيه مسَائِل فقهية ومقالات صوفية
وَتُوفِّي بقنا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الشارعي)
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم مجد الدّين الشارعي الْمصْرِيّ الْمُحدث كَانَ شارباً فَاضلا سَمِعت بقرَاءَته وَسمع بِقِرَاءَتِي كثيرا بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى شَابًّا سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة(9/51)
3 - (أَبُو عبد الرَّحْمَن الضَّرِير)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عبد الله الْحِيرِي أَبُو عبد الرَّحْمَن الضَّرِير الْمُفَسّر الْمُقْرِئ الْوَاعِظ الْفَقِيه الْمُحدث أحد أثمة الْمُسلمين والحيرة محلّة بنيسابور قَالَ ياقوت هِيَ الْآن خراب مَاتَ فِيمَا)
ذكره الْحَافِظ عبد الغافر بعد الثَّلَاثِينَ والأربعمائة ومولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَله التصانيف الْمَشْهُورَة فِي عُلُوم الْقُرْآن والقراءات والْحَدِيث والوعظ والتذكير سمع صَحِيح البُخَارِيّ من أبي الْهَيْثَم سمع مِنْهُ بِبَغْدَاد وَقد روى عَن زاهرٍ السَّرخسِيّ
3 - (وَالِد الإِمَام الْبَيْهَقِيّ)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُوسَى أَبُو عَليّ الْبَيْهَقِيّ وَولده الإِمَام الْأَكْبَر أَبُو بكر أَحْمد صَاحب التصانيف ولد إِسْمَاعِيل سنة ثمانٍ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وسافر كثيرا وَلَقي الشُّيُوخ وَسكن خوارزم قَرِيبا من عشْرين سنة ودرس بهَا ثمَّ مضى إِلَى بَلخ فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَورد إِلَى بَغْدَاد وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا حسن الطَّرِيقَة توفّي سنة سبع وَخَمْسمِائة
3 - (الْحَافِظ الثَّقَفِيّ)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن أسيد الثَّقَفِيّ الْأَصْبَهَانِيّ الْحَافِظ لَهُ مُسْند وَتَفْسِير توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (شيخ الشُّيُوخ الصُّوفِي)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو البركات الصُّوفِي الْمَعْرُوف بشيخ الشُّيُوخ ولد بِبَغْدَاد وسافر إِلَى الشَّام وَنزل بالسميساطية وَحدث بهَا وَعَاد إِلَى(9/52)
بَغْدَاد وَكَانَ صَالحا ثِقَة وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة قلت الَّذِي يغلب على ظَنِّي أَن هَذَا إِسْمَاعِيل بن أَحْمد هُوَ المنعوت بصدر الدّين لِأَن الْعِمَاد الْكَاتِب قَالَ فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ شمس الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن المنجم وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ من حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحَضَرت عزاء شيخ الشُّيُوخ إِسْمَاعِيل الصُّوفِي بِبَغْدَاد وَهُوَ قَائِم يُورد فصلا ويملأ الْجمع فضلا وَمِمَّا أنْشدهُ على البديهة وأنشأه من المديد
(يَا أخلاّئي بحقّكمُ ... مَا بَقِي من بعدكم فَرَحُ)
(أيّ صدر فِي الزَّمَان لنا ... بعد صدر الدّين ينشرحُ)
3 - (جلال الدّين القوصي الْحَنَفِيّ)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن برتق بن بزغش بن هَارُون بن شُجَاع جلال الدّين أَبُو الطَّاهِر القوصي أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ الْمَذْكُور رفيقنا فِي الْمدرسَة الكاملية اشْتغل بالفقه على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة وأقرأ النَّحْو والقراءات بِجَامِع ابْن)
طولون وَله أدب أنشدنا لنَفسِهِ من الوافر
(أَقُول لَهُ ودمعي لَيْسَ يرقا ... ولي من عَبرتي إِحْدَى الوسائلْ)
(حُرمتُ الطيفَ مِنْك بفيض دمعي ... فطرفي فِيك محرومٌ وسائلْ)
وأنشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الوافر
(أَقُول ومدمعي قد حَال بيني ... وَبَين أحبتَّي يومَ العتابِ)
(رددتم سَائل الأجفان نَهرا ... تعثَّر وَهُوَ يجْرِي فِي الثيابِ)
وأنشدني الْمَذْكُور لنَفسِهِ من الوافر
(تخطَّرَ فِي البقاءِ مَعَ القبائلْ ... فَقَامَ بدلِّه عِنْدِي دلائلْ)
(غزالٌ كم غزا قلبِي بعضبٍ ... يجرّده وَلَيْسَ لَهُ حمائلْ)
(وأبلى جِدَّتي والبدرُ يُبلي ... وَمَال مَعَ الْهوى والغُصْنُ مائلْ)
(وَحَال وَلم أحلُ عَنهُ ولوني ... بِمَا ألْقى من الزفرات حائلْ)
(أمثِّل شخصه بخفيِّ وهمٍ ... وَمَاء الْحسن فِي الوجنات جائلْ)
(فيرتع ناظري برياض حُسنٍ ... وأسكر بالشمول من الشمائلْ)
(وكَمْ سمح الخيالُ لَهُ بلَيْل ... ألَمَّ بِهِ فأضحى كالأصائلْ)(9/53)
(وَضاع تمسُّكي بالنسك فِيهِ ... وَضاع الْمسك من تِلْكَ الغلائلْ)
قلت شعر جيد صنع وَكَانَ متصدراً بِجَامِع ابْن طولون لإقراء الْقرَاءَات وَله حَظّ فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَجمع كراسةً فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة
3 - (الْإِسْمَاعِيلِيّ الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس الْعَلامَة أَبُو سعد بن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي شيخ الشَّافِعِيَّة بجرجان كَانَ مقدما فِي الْفِقْه كثير التصانيف سمع وروى وَوَثَّقَهُ الْخَطِيب توفّي لَيْلَة الْجُمُعَة نصف شهر ربيع الآخر وَمِمَّا أكْرمه الله بِهِ أَن مَاتَ وَهُوَ فِي صَلَاة الْمغرب يقْرَأ إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتَعين فَفَاضَتْ نَفسه سنة سِتّ وَتِسْعين وثلاثمائة من الشَّهْر الْمَذْكُور صنف فِي أصُول الْفِقْه كتابا كَبِيرا
3 - (شرف الدّين ابْن التيتي)
)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عَليّ الصاحب الْعَالم شرف الدّين أَبُو الْفِدَاء ابْن أبي سعد الشَّيْبَانِيّ الْآمِدِيّ الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن التيتي بتاءين ثَالِث الْحُرُوف وَبَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة صدر فَاضل صَاحب أدب وفنون وَمَعْرِفَة بِالْحَدِيثِ والتاريخ وَالْأَيَّام وَالشعر مَعَ الدّين وَالْعقل والرياسة والحشمة جمع تَارِيخا لآمد وَترسل عَن صَاحب ماردين إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز وَسمع بِالْقَاهِرَةِ مَعَ وَلَده شمس الدّين من ابْن المقير وَابْن الجميزي وَسمع بِالشَّام وماردين وروى عَنهُ الدمياطي وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (الْحَافِظ ابْن أبي الْأَشْعَث)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عمر بن أبي الْأَشْعَث الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم السَّمرقَنْدِي ولد بِدِمَشْق سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَسمع من جمَاعَة وَطَالَ عمره وروى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم السَّمْعَانِيّ وَابْن عَسَاكِر والأعز بن عَليّ الظهير وَعمر بن طبرزد والكندي وَكَانَ محظوظاً فِي بيع الْكتب وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة(9/54)
3 - (الساماني)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن أَسد بن سامان أحد الْمُلُوك السامانية وهم أَرْبَاب الولايات بالشاش وسمرقند وفرغانة وَمَا وَرَاء النَّهر وَلما بعث بِعَمْرو بن اللَّيْث الصفار إِلَى المعتضد كتب لَهُ بِولَايَة خُرَاسَان وَسَيَأْتِي ذكره أَيْضا فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن اللَّيْث الصفار إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ جواداً شجاعاً صَالحا بني الرَّبْط فِي المفاوز وأوقف عَلَيْهَا الْأَوْقَاف وكل رباطٍ يسع ألف فَارس وَأقَام الإقامات للمسافرين وَكسر التّرْك وَكَانُوا سَبْعمِائة قبَّة وَبعث إِلَيْهِم قواده وهم غَارونَ فَقَتَلُوهُمْ وَكَانَ طَاهِر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن اللَّيْث قد استولى على فَارس بعد مَا أسر جده عَمْرو فأنفذ المعتضد بَدْرًا لقتاله فَبعث طَاهِر إِلَى إِسْمَاعِيل يسْأَله أَن يتوسط لَهُ عِنْد المعتضد وَقيل عِنْد المكتفي ليقره على فَارس وَيقطع عَلَيْهِ مَالا وَأهْدى طَاهِر إِلَى إِسْمَاعِيل هَدَايَا من جُمْلَتهَا ثَلَاث عشرَة جَوْهَرَة وزن كل وَاحِدَة مَا بَين السَّبع مَثَاقِيل إِلَى الْعشْرَة وَبَعضهَا أَحْمَر وَالْبَعْض أَزْرَق فقومت بِمِائَة ألف دِينَار فَكتب لَهُ إِلَى الْخَلِيفَة يشفع فِيهِ ويخبره بِحَال الْهَدِيَّة ويستأذنه فِي قبُولهَا فَكتب إِلَيْهِ لَو أهْدى إِلَيْك كل عَامل لأمير الْمُؤمنِينَ أَمْثَال ذَلِك كَانَ ذَلِك يسره وشفعه فِي طَاهِر وَلما توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ تمثل المكتفي فِيهِ بقول الشَّاعِر من المنسرح)
(لن يُخلف الدهرُ مثلهَ أبدا ... هَيْهَات هَيْهَات شَأْنه عجبُ)
3 - (أَبُو سعد الْمُؤَذّن الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عبد الْملك بن عَليّ بن عبد الصَّمد أَبُو سعد ابْن أبي صَالح الْمُؤَذّن النَّيْسَابُورِي أحد الْأَئِمَّة الشَّافِعِيَّة سكن كرمان إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالسلاطين وَقدم بَغْدَاد رَسُولا من السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه وَحدث بهَا بِكِتَاب مُعْجم شُيُوخه الَّذِي جمعه لَهُ وَالِده تقفه على الْأُسْتَاذ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ إِمَامًا فِي الْأُصُول وَالْفِقْه حسن النّظر مقدما فِي التَّذْكِير وَسمع الْكثير بإفادة وَالِده وَكَانَ الْأَئِمَّة يراعونه لعقله وَظهر لَهُ الْعِزّ والجاه وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة(9/55)
3 - (عماد الدّين ابْن الْأَثِير)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن سعيد بن الْأَثِير الْحلَبِي الْكَاتِب ولي الْكِتَابَة الدرج بعد وَالِده تَاج الدّين الْمُقدم ذكره بالديار المصرية مُدَّة ثمَّ تَركهَا تديناً وتورعاً وَله خطب مدونة وَهُوَ الَّذِي علق شرح الْعُمْدَة عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَشرح قصيدة ابْن عبدون الرائية الَّتِي رثى بهَا بني الْأَفْطَس عدم فِي الْوَقْعَة سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكَانَ ينعَت بعماد الدّين كتب إِلَيْهِ السراج الْوراق يمدحه من الطَّوِيل
(مَخيلةُ إِسْمَاعِيل صادقةُ الوعدِ ... وفَتْ بِشُرُوط الْمجد مُذ كَانَ فِي المهْدِ)
(وَكَانَ لأملاك الزَّمَان ذخيرةً ... كَمَا ادّخِرَ السيفُ المهنَّدُ فِي الغِمْدِ)
(فعزَّ بزند الأشْرف المَلِكِ الَّذِي ... يُرى سيفهُ يومَ الوغى واريَ الزنْدِ)
(فَهَذَا صلاحُ الدّين كاتبُ دَسْته ال ... شريفُ عماد الدّين وقفْاً على سعدِ)
(فَلَا زَالَ يوليه الخليلُ مُحِبُّه ... وَلَا زَالَ إِسْمَاعِيل يُفْدى وَلَا يَفدْي)
3 - (أَبُو الطَّاهِر تَقِيّ الدّين)
إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل تَقِيّ الدّين أَبُو الطَّاهِر ابْن الشَّيْخ جمال الدّين أبي الْعَبَّاس مولده ببلبيس سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة أجَاز لي فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة
3 - (قَاضِي بَغْدَاد الْمَالِكِي)
إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن زيد بن دِرْهَم أَبُو إِسْحَاق الْأَزْدِيّ مولى آل جرير بن حَازِم من أهل الْبَصْرَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ فَجْأَة ومولده سنة مِائَتَيْنِ)
لبس سوَاده ليخرج إِلَى الْجَامِع فَيحكم وَلبس أحد خفيه وَأَرَادَ أَن يلبس الآخر فَمَاتَ وَهُوَ قاضٍ على جَانِبي بَغْدَاد جَمِيعًا سمع مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ ومسدد بن مسرهد وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَغَيرهم وروى عَنهُ مُوسَى بن هَارُون الْحَافِظ وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن صاعد وكثيرون وَكَانَ فَاضلا عَالما متفنناً فَقِيها على مَذْهَب مَالك شرح مذْهبه ولخصه وَاحْتج لَهُ وصنف الْمسند وكتباً عديدةً فِي عُلُوم الْقُرْآن وَجمع حَدِيث أَيُّوب وَحَدِيث مَالك وصنف موطأه وكتاباً فِي الرَّد على مُحَمَّد بن الْحسن نَحْو مِائَتي جُزْء لم يتم(9/56)
وَأَحْكَام الْقُرْآن لم يسْبق إِلَيْهِ ومعاني الْقُرْآن وَكَانَ وافر الْحُرْمَة ظَاهر الحشمة وتفقه على أَحْمد بن المعذل وَكَانَ أَبُو بكر بن مُجَاهِد يصف كِتَابيه أَحْكَام الْقُرْآن والقراءات وَقَالَ مَرَّات القَاضِي إِسْمَاعِيل أعلم مني بالتصريف وَبلغ من الْعُمر مَا صَار بِهِ وَاحِدًا فِي عصره فِي علو الْإِسْنَاد وَكَانَ النَّاس يصيرون إِلَيْهِ فيقتبس كل فريقٍ علما لَا يُشَارِكهُ فِيهِ الآخر
وَتَوَلَّى فِي خلَافَة المتَوَكل لما مَاتَ سوار بن عبد الله وَلم يعز لَهُ أحد من الْخُلَفَاء غير الْمُهْتَدي فَإِنَّهُ نقم على أَخِيه حَمَّاد بن إِسْحَاق شَيْئا فَضَربهُ بالسياط وعزل إِسْمَاعِيل إِلَى أَن قتل الْمُهْتَدي وَولي الْمُعْتَمد فَأَعَادَهُ إِلَى الْقَضَاء وَلم يزل على قَضَاء جَانِبي بَغْدَاد إِلَى أَن مَاتَ وَلم يُقَلّد قَضَاء الْقُضَاة لِأَن الْحسن ابْن أبي الشَّوَارِب كَانَ قَاضِي الْقُضَاة وإقامته بسر من رأى
وَلما مَاتَ إِسْمَاعِيل بقيت بَغْدَاد ثَلَاث أشهر بِغَيْر قاضٍ حَتَّى ضج النَّاس وَرفع الْأَمر إِلَى المعتضد فَاخْتَارَ عبيد الله بن سُلَيْمَان ثَلَاثَة قُضَاة أَبَا حَازِم وَعلي بن أبي الشَّوَارِب ويوسف وَهُوَ ابْن عَم إِسْمَاعِيل فولي أَبُو حَازِم الكرخ وَابْن أبي الشَّوَارِب مَدِينَة الْمَنْصُور ويوسف الْجَانِب الشَّرْقِي
وَدخل عَلَيْهِ عبدون بن صاعد الْوَزير وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَقَامَ لَهُ القَاضِي ورحب بِهِ فَرَأى إِنْكَار الشُّهُود وَمن حَضَره فَلَمَّا خرج من عِنْده قَالَ لَهُم قَالَ الله تَعَالَى لَا يَنْهاكُم اللهُ عَن الَّذين لم يُقاتلُوكُمْ فِي الدّين وَلم يُخْرِجُوكمْ من ديِارِكُمْ وَهَذَا الرجل يقْضِي حوائج الْمُسلمين وَهُوَ سفير بَيْننَا وَبَين خليفتنا وَهَذَا من الْبر فَسكت الْجَمَاعَة
قَالَ الْمبرد لما توفيت وَالِدَة القَاضِي رَأَيْت من ولهه مَا لم يقدر على ستره وَكَانَ كل يعزيه لَا يسلو فَسلمت عَلَيْهِ وأنشدته من المتقارب
(لعمري لَئِنْ غل رَيْبُ الزَّمَان ... فساءَ لقد غال نفسا حبيبَهْ)
)
(ولكنّ علمي بِمَا فِي الثوا ... ب عِنْد الْمُصِيبَة يُنْسي المصيبَهْ)
فتفهم كَلَامي وَاسْتَحْسنهُ وكتبهما وزالت عَنهُ تِلْكَ الكآبة وانبسط
قَالَ ياقوت قَرَأت بِخَط أبي سعد بِإِسْنَاد رَفعه إِلَى أبي الْعَبَّاس ابْن الْهَادِي قَالَ كنت عِنْد إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي فِي منزله فَخرج يُرِيد صَلَاة الْعَصْر ويدي فِي يَده فَمر ابْن البزي وَكَانَ غُلَاما جميلاً فَنظر إِلَيْهِ وَقَالَ وَهُوَ يمشي فِي الْمَسْجِد من الْكَامِل
(لَوْلَا الحياءُ وأنّني مشهورُ ... والعيبُ يَعْلق بالكبير كبيرُ)
(لحللتُ منزلَها الَّذِي تحتلُه ... ولكان منزلنا هُوَ المهجورُ)
وانْتهى إِلَى منزلٍ على بَاب دَاره فَقَالَ الله أكبر الله أكبر ثمَّ مر فِي أَذَانه وَالشعر لإِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي وَحكى أَبُو حَيَّان هَذِه الْحِكَايَة كَمَا مرت وَزَاد فِيهَا فَقيل لَهُ افتتحت أذانك بقول الشّعْر فَقَالَ دَعونِي فو الله لَو نظر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى مَا نظرت إِلَيْهِ لشغله عَن تَدْبِير ملكه
قيل لَهُ فَهَل قلت شَيْئا آخر فِيهِ قَالَ نعم أَبْيَات عبثت بِي وَأَنا فِي الْمِحْرَاب فَمَا استتممت قِرَاءَة الْحَمد حَتَّى فرغت مِنْهَا وَهِي من المنسرح(9/57)
(ألحاظُه ترجمان مَنْطِقه ... وَوَجهه نزهةٌ لِعاشقهِ)
(هَذْ بِهِ الظرْفُ والكمال فَمَا ... يُمِرُّ عَيْبا على طرائِقِهِ)
(قد كثرتْ قالةُ الْعباد فَمَا ... تسمعُ إلاّ سُبحانَ خالِقِه)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمُحَرر)
إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو الْقَاسِم الْمُحَرر ابْن الْمَذْكُور فِي فصل إِسْحَاق الْمَعْرُوف بالبربري صَاحب الْخط الْمليح
3 - (أَبُو بكر السراج النَّيْسَابُورِي)
إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مهْرَان أَبُو بكر السراج النَّيْسَابُورِي مولى ثَقِيف سمع الإِمَام أَحْمد وَكَانَ صَاحبه وَغَيره وَأقَام بِبَغْدَاد خمسين سنة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأمَوِي)
إِسْمَاعِيل بن أُميَّة بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي الْمَكِّيّ روى عَن أَبِيه وبجير بن أبي بجير وَسَعِيد بن الْمسيب وَعِكْرِمَة وَسَعِيد المَقْبُري وَأبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن وَعبد الله بن عُرْوَة وَمَكْحُول وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ ابْن)
حَنْبَل هُوَ أثبت من أَيُّوب بن مُوسَى توفّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقيل سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (اللاحقي)
إِسْمَاعِيل بن بشر بن الْمفضل بن لَاحق الْبَصْرِيّ وَهُوَ ابْن عَم أبان اللاحقي الشَّاعِر وَقد تقدم ذكره فِي مَوْضِعه وَكَانَ بشر بن الْمفضل مُحدثا جَلِيلًا روى عَن ابْن شبْرمَة وَغَيره من الْعلمَاء وَإِسْمَاعِيل ابْنه أحد المقلين من الشّعْر وَهُوَ الْقَائِل من الهزج
(دَوَاء الهمِّ يَا ذَا الهَ ... مّ قرْعُ السِنّ بالكاسِ)
(على وجهِ الَّذِي تهوا ... هُـ بالكوب وبالطاسِ)
(ووردٍ مثل خدَّيه ... مَعَ النسرين والآسٍ)
(إِذا لم تضْمر الكُفْر ... فَمَا بِالْخمرِ من باسِ)
3 - (إِسْمَاعِيل بن بلبل الشَّيْبَانِيّ)
3 - (أَبُو الصَّقْر الْكَاتِب)
كَانَ بليغاً كَاتبا شَاعِرًا أديباً كَرِيمًا(9/58)
جواداً ممدحاً ولي الوزارة للمعتمد سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بعد وزارة الْحسن بن مخلد الثَّانِيَة فَبَقيَ مُدَّة يسيرَة ثمَّ عزل ثمَّ وَليهَا ثَانِيَة سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِي شَوَّال ثمَّ عزل فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَنفي إِلَى بَغْدَاد ثمَّ أُعِيد إِلَى الوزارة نوبَة ثَالِثَة حِين قبض على صاعد بن الْوَزير ولقب بالشكور وَذَلِكَ فِي ثَالِث عشر شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ بواسط وَكَانَ وَاسع النَّفس وظيفته فِي كل يَوْم سَبْعُونَ جدياً وَمِائَة حمل وَمِائَة رَطْل من سَائِر الْحَلْوَى وَلم يزل على وزارته إِلَى أَن توفّي الْمُوفق أَخُو الْمُعْتَمد وَبعد مَوته بيومين لخمس ليالٍ بَقينَ من صفر سنة ثمانٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قبض أَحْمد بن الْمُوفق الملقب بالمعتضد وَعَمه الْمُعْتَمد هُوَ الْخَلِيفَة على أبي الصَّقْر الْوَزير وكبله بالحديد وَألبسهُ جُبَّة صوف مغموسة بدبس وَمَاء الأكارع وَتَركه فِي الشَّمْس وعذبه بأنواع الْعَذَاب إِلَى أَن هلك وَكَانَت وزارته الثَّالِثَة خمس سِنِين وَسَبْعَة أشهر واثنتين وَعشْرين يَوْمًا وَلما مَاتَ رَآهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ أَو غَيره من الْعلمَاء الصلحاء فِي مَنَامه فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك يَا أَبَا الصَّقْر قَالَ غفر لي بِمَا لقِيت وَلم يكن الله عز وَجل ليجمع عَليّ عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)
وَلما قصد صاعد الْوَزير إِسْمَاعِيل بن بلبل لزم دَاره وَكَانَ لَهُ حمل قد قرب وَضعه فَطلب منجماً يَأْخُذ مولده فَأتي بِهِ فَقَالَ بعض من حضر هَا هُنَا أَعْرَابِي عائف لَيْسَ فِي الدُّنْيَا أحذق مِنْهُ فَأحْضرهُ فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل تَدْرِي لماذا طلبناك فَقَالَ نعم فأدار عينه فِي الدَّار فَقَالَ لتسألني عَن حمل فَقَالَ أَي شَيْء هُوَ أذكر أَو أُنْثَى فأدار عينه فَقَالَ ذكر فَقَالَ للمنجم مَا تَقول فِي هَذَا قَالَ هَذَا جهل فَبينا هم كَذَلِك إِذْ طَار زنبور على رَأس إِسْمَاعِيل وَغُلَام يذب عَنهُ فَقتله فَقَامَ الْأَعرَابِي فَقَالَ قتلت وَالله المتزنر وَوليت مَكَانَهُ ولي حق الْبشَارَة وَجعل يرقص وَإِسْمَاعِيل يسكنهُ فَبينا هم كَذَلِك إِذْ وَقعت الصَّيْحَة بِخَبَر الْولادَة وَقَالُوا مَوْلُود ذكر فسر إِسْمَاعِيل بذلك لإصابة العائف ووهبه شَيْئا وَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا دون الشَّهْر حَتَّى استدعى الْمُوفق إِسْمَاعِيل وقلده الوزارة وَسلم إِلَيْهِ صاعداً فَكَانَ يعذبه إِلَى أَن قَتله وَلما سلم إِلَيْهِ صاعد ذكر كَلَام العائف فَأحْضرهُ وَقَالَ أَخْبرنِي من أَيْن علمت مَا قَتله لي ذَلِك الْيَوْم وَلَيْسَ لَك علم بِالْغَيْبِ فَقَالَ نَحن نتفاءل ونزجر وَأَنت سَأَلتنِي أَولا فنلمحت الدَّار فَوَقَعت عَيْني على برادة عَلَيْهَا كيزان معلقَة فِي أَعْلَاهَا فَقلت حمل ثمَّ قلت لي أذكر أم أُنْثَى فتلمحت فَرَأَيْت فَوق البرادة عصفوراً ذكرا فَقلت ذكر ثمَّ طَار الزنبور عَلَيْك وَهُوَ محْضر وَالنَّصَارَى يتحضرون بالزنانير والزنبور عَدو يُرِيد أَن يلسعك وصاعد نَصْرَانِيّ الأَصْل وَهُوَ عَدوك فزجرت أَن الْغُلَام لما قَتله أَنَّك ستقتله فَاسْتحْسن ذَلِك ووهبه شَيْئا صَالحا وَصَرفه
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْفُرَات كنت حَاضر مجْلِس إِسْمَاعِيل بن بلبل فِي وزارته وَقد جلس(9/59)
مَجْلِسا عَاما فَدخل إِلَيْهِ المتظلمون وَالنَّاس على طبقاتهم فَنظر فِي أُمُورهم فَمَا انْصَرف أحد مِنْهُم إِلَّا بِولَايَة أَو صلةٍ أَو قَضَاء حاجةٍ أَو بر أَو إنصاف من مظْلمَة أَو توقيعٍ فِي مصلحَة ضيعةٍ أَو نظرٍ فِي خراج أَو حالٍ يسره وَبَقِي رجل فَقَامَ إِلَيْهِ من آخر الْمجْلس وَسَأَلَهُ تسبيب إِجَارَة ضَيْعَة فَقَالَ إِن الْأَمِير يغي الْمُوفق أَمرنِي أَن لَا أسبب شَيْئا إِلَّا عَن أمره وَأَنا أكتب إِلَيْهِ فِي ذَلِك فَقَالَ الرجل مَتى تركني الْوَزير أَو أخر حَاجَتي فسد حَالي فَقَالَ لأبي مَرْوَان عبد الْملك بن مُحَمَّد اكْتُبْ حَاجته فِي التَّذْكِرَة الَّتِي تحضرني لتَكون فِيمَا أكاتب بِهِ الْأَمِير فولى الرجل غير بعيد ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ أيأذن لي الْوَزير فِي الْكَلَام فَقَالَ قل فَأَنْشَأَ يَقُول من الْخَفِيف)
(لَيْسَ فِي كلّ دولةٍ وَأَوَان ... تتهيّا صنائعُ الإحسانِ)
(وَإِذا أمكنَتْك يَوْمًا من الده ... ر فبادِرْ بهَا صروف الزَّمَان)
(وتشاغلْ بهَا ولاتَلْهُ عَنْهَا ... حَذَراً من تعذُّر الْإِمْكَان)
قَالَ فَقَالَ لي يَا أَبَا الْعَبَّاس اكْتُبْ لي بتسبيب إِجَارَة ضيعته السَّاعَة وَأمر هَارُون بن عمرَان الجهبذ أَن يدْفع إِلَيْهِ من يَوْمه من مَاله خَمْسمِائَة دِينَار قَالَ فَخرجت فَكتبت لَهُ ذَلِك وَقبض المَال من وقته وأخباره فِي المكارم كَثِيرَة وَمن شعره من السَّرِيع
(مَا آن للمعشوق أَن يَرحما ... قد أنحل الْجِسْم وأبكي الدِّما)
(ووكَّل العينَ بتِسْهادها ... تَفْديه نَفسِي ظَالِما حَكَما)
(وسُنّة المعشوق أَن لَا يرى ... فِي قتْل مَن يعشقه مأثما)
(لَو راقب الله شفى غُلّتي ... والعدلُ أَن يُبرِئ من أسقما)
3 - (وَمِنْه من السَّرِيع)
(يَا ذَا الَّذِي تكْتب عَيناهُ ... باللحظ مَا لَا يتهجّاهُ)
(إِن كنتَ ذَا جهل بحبّي فقد ... جهلت مَا يُعلمهُ اللهُ)
وَقَالَ فِيهِ ابْن أبي فنن الشَّاعِر من السَّرِيع
(قفْ يَا أَبَا الصَّقْر فكم طائرٍ ... خرّ صَرِيعًا بعد تحليقِ)
(زُوِّجتَ نُعمى لم تكًنْ كُفْأها ... قَضى لَهَا اللهُ بتطليقِ)
(وكلّ نُعمْى غيرُ مشكورة ... رهنُ زوالٍ بعد تمحيق)
(لَا قُدِّسَتْ نُعْمى تسربلتَها ... كم حجّةٍ فِيهَا لزِنديقِ)
وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم بن عِيسَى الدمن الْمَدَائِنِي مَا هجا بِهِ الْمَذْكُور إِسْمَاعِيل بن بلبل(9/60)
3 - (شمس الْمُلُوك صَاحب دمشق)
إِسْمَاعِيل بن بوري بن طغتكين شمس الْمُلُوك صَاحب دمشق ساءت سيرته وصادر النَّاس وَأخذ أَمْوَالهم وَولى عَلَيْهِم رجلا كردياً يُقَال لَهُ بدران عاقبهم وعذبهم أَنْوَاع الْعَذَاب وَظهر من شمس الْمُلُوك شح زَائِد وَقتل غلْمَان أَبِيه وجده وَأخذ أَمْوَالهم فَكتب أهل دمشق إِلَى زنكي يسألونه الْحُضُور إِلَيْهِم وَشرع فِي التأهب فَكتب لَا تجمع وَلَا تحشد تعال بِسُرْعَة وَأَنا أسلم إِلَيْك الْبَلَد بعد أَن تمكنني مِمَّن فِي نَفسِي مِنْهُم من أَهلِي ووالى الْمُكَاتبَة إِلَيْهِ بِخَطِّهِ لَئِن لم تقدم)
وَإِلَّا سلمت الْبَلَد للفرنج وَشرع فِي نقل أَمْوَاله وذخائره إِلَى قلعة صرخد وَقبض على جمَاعَة من الْأَعْيَان فاتفقوا على قَتله وَأَرْسلُوا إِلَى أمه زمرذ خاتون وَقَالُوا قد عزم على قتلنَا وقتلك وَغدا يَجِيء زنكي وَيحكم علينا وَعَلَيْك فَدخلت عَلَيْهِ ولامته وَقَالَت أَنْت تكون سَبَب خراب هَذَا الْبَيْت فَارْجِع إِلَى سيرة أبائك فأسمعها كلَاما قبيحاً وتهددها فَأرْسلت إِلَيْهِم وَقَالَت دونكم وإياه فرتبوا لَهُ جمَاعَة من الغلمان بِاتِّفَاق أمه وقتلوه فِي دهليز قلعة دمشق فِي رَابِع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة وأجلست أمه أَخَاهُ شهَاب الدّين مَحْمُود مَكَانَهُ وَجَاء قسيم الدولة زنكي إِلَى حمص وبلغه الْخَبَر فَبعث رَسُولا إِلَى دمشق بتسليمها فَرده شهَاب الدّين وَأمه ردا جميلاً فَلم يلْتَفت وَجَاء بعساكره فخيم بَين الْقصير وعذراء وَكَانَ يزحف كل يَوْم على أهل الْبَلَد ويتقاتلون وَأقَام مُدَّة وَلم يظفر بطائل وَاتفقَ وُصُول رَسُول الإِمَام المسترشد يَأْمُرهُ بالرحيل إِلَى بَغْدَاد فَرَحل وأقامت زمرذ خاتون تدبر الْملك مُدَّة ثمَّ تزَوجهَا بعد ذَلِك زنكي ونقلها إِلَى حلب فَصَارَ معِين الدّين أنر أحد مماليك طغتكين يدبر دمشق وَكَانَ شمس الْمُلُوك الْمَذْكُور شهماً شجاعاً مقداماً مهيباً وَسيرَته أول ولَايَته أحسن السّير أشغر بِلَاد الفرنج بالغارات وَإِنَّمَا تَغَيَّرت سيرته آخرا وارتكب القبائح وَبَالغ فِي الشُّح وَأخذ الحقير بالعدوان وَالظُّلم وَمَات بدران الْكرْدِي الْمَذْكُور قبله بِثمَانِيَة أَيَّام بأمراضٍ خرجت فِي نَحره وَربا لِسَانه وَخرج على صَدره
3 - (ابْن جَامع الْمُغنِي)
إِسْمَاعِيل بن جَامع بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة أَبُو الْقَاسِم الْمَكِّيّ كَانَ قد قَرَأَ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث ثمَّ ترك ذَلِك واشتغل بِالْغنَاءِ قَالَ لحقتني ضائقة شَدِيدَة بِمَكَّة فانتقلت إِلَى الْمَدِينَة فَخرجت ذَات يومٍ وَمَا أملك إِلَّا ثَلَاثَة دَرَاهِم وَإِذا بجاريةٍ على رقبَتهَا جرة تُرِيدُ الركي وَهِي تَقول من الطَّوِيل
(شَكَوْنَا إِلَى أحبابنا طولَ ليلنا ... فَقَالُوا لنا مَا أقصر الليلَ عندنَا)
(وَذَاكَ لِأَن النّوم يَغشْى عيونهم ... سِراعاً وَلَا يغشى لنا النّوم أعينا)
(إِذا مَا دنا اللَّيْل المضِرُّ بِذِي الْهوى ... جزِعنْا وهم يستبشرون إِذا دنا)
(فَلَو أنّهم كَانُوا يلاقون مثلمَا ... نلاقي لكانوا فِي الْمضَاجِع مثلنَا)(9/61)
قَالَ فَأخذ غنَاؤُهَا بقلبي وَلم يدر لي مِنْهُ حرف فَقلت يَا جَارِيَة مَا أَدْرِي أوجهك أحسن أم)
غناؤك فَلَو شِئْت أعدت قَالَت حبا وكرامةً ثمَّ أسندت ظهرهَا إِلَى جِدَار وانبعثت تغنيه فَمَا دَار لي مِنْهُ حرف فَقلت لَو تفضلت مرّة أُخْرَى فقطبت وكلحت وَقَالَت مَا أعجب أَمركُم يَجِيء الْوَاحِد مِنْكُم إِلَى الْجَارِيَة عَلَيْهَا الضربية فيشغلها عَن ضريبتها فرميت إِلَيْهَا بِالثَّلَاثَةِ دَرَاهِم فأخذتها وَقَالَت أحسبك تَأْخُذ بِهَذَا الصَّوْت ألف دِينَار وَألف دِينَار وَألف دِينَار ثمَّ أعادته ففهمته ثمَّ سَافَرت إِلَى بَغْدَاد وَآل الْأَمر إِلَى أَن غنيت الرشيد بالأبيات فَأَعْطَانِي ثَلَاثَة أكياس فِي كل كيس ألف دِينَار فتبسمت فَقَالَ مَا لَك فَأَخْبَرته خبر الْجَارِيَة
وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى مُوسَى الْهَادِي هُوَ والحراني فضربهما الْمهْدي وطردهما فَلَمَّا مَاتَ الْمهْدي أَمر الْهَادِي الْفضل بن الرّبيع فَبعث إِلَى ابْن جَامع وأقدمه من مَكَّة وأنزله قَرِيبا من قصره وَاشْترى لَهُ جَارِيَة وَأحسن إِلَيْهِ فَذكره مُوسَى ذَات لَيْلَة فَقَالَ لجلسائه أما كَانَ فِيكُم أحد يعرف موقع ابْن ماجة من نَفسِي فَيُرْسل إِلَيْهِ فَإِذا ذكرته دَعَوْت بِهِ فَقَالَ الْفضل هُوَ وَالله عِنْدِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأمر بإحضاره وَوصل الْفضل بِعشْرَة آلَاف دِينَار وولاه حجابته
وَقَالَ صَاحب الأغاني كَانَ ابْن جَامع أحسن المغنين فِي أَيَّامه صَوتا وَأَقْوَاهُمْ طبعا وأصحهم صَنْعَة وَكَانَ إِذا صَاح قطع أَصْحَاب النايات وغناؤه نَحْو من خَمْسمِائَة صَوت وَلم يُؤَخِّرهُ عَن طبقَة القدماء إِلَّا جَهله بالوتر وَهُوَ من الْمَعْدُودين فِي صِحَة التَّأْلِيف وسلوك أساليب الحذاق المطبوعين وَمن الروَاة الْمَذْكُورين
3 - (الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ الإسماعيلية)
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الصَّادِق رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ ابْنه الْأَكْبَر وَإِلَيْهِ تنْسب الْفرْقَة الإسماعيلية
قَالَت الإسماعيلية هُوَ الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي بَدْء الْأَمر وَلم يتَزَوَّج الصَّادِق على أمه بِوَاحِدَة من النِّسَاء وَلَا اشْترى جَارِيَة كَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حق خَدِيجَة وكسنة عَليّ فِي فَاطِمَة وَاخْتلف فِي مَوته فَقَالُوا إِنَّه مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه وَقَالُوا إِنَّمَا فَائِدَة النَّص عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قد مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه لانتقال الْإِمَامَة مِنْهُ إِلَى الْأَوْلَاد خَاصَّة كَمَا نَص مُوسَى على هَارُون ثمَّ مَاتَ هَارُون قبل مُوسَى لانتقال الْإِمَامَة مِنْهُ إِلَى الْأَوْلَاد فَإِن النَّص لَا يرجع الْقَهْقَرِي وَالْقَوْل بالبداء محَال وَلَا ينص الإِمَام على وَاحِد من وَلَده إِلَّا بعد السماع من آبَائِهِ وَالتَّعْيِين لَا يجوز على الْإِبْهَام والجهالة وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه لم يمت لكنه أظهر مَوته تقيةً عَلَيْهِ حَتَّى لَا يقْصد بِالْقَتْلِ وَلِهَذَا القَوْل دلالات مِنْهَا أَن مُحَمَّدًا كَانَ صَغِيرا وَهُوَ أَخُوهُ لأمه مضى)
على السرير الَّذِي كَانَ إِسْمَاعِيل نَائِما وَرفع الملاءة فَأَبْصَرَهُ وَقد فتح عينه عدا إِلَى أَبِيه وَقَالَ عَاشَ أخي عَاشَ أخي قَالَ وَالِده إِن أَوْلَاد الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام كَذَا يكون حَالهم فِي الْآخِرَة
قَالُوا وَمَا السَّبَب فِي الْإِشْهَاد(9/62)
على مَوته وَكتب الْمحْضر عَلَيْهِ وَلم يعْهَد ميت سجل على مَوته وَعَن هَذَا لما رفع إِلَى الْمَنْصُور أَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر رُؤِيَ بِالْبَصْرَةِ مر على مقْعد فَدَعَا لَهُ فَمشى بِإِذن الله تَعَالَى بعث الْمَنْصُور إِلَى الصَّادِق إِن إِسْمَاعِيل فِي الْأَحْيَاء وَإنَّهُ رُؤِيَ الْبَصْرَة فأنفذ السّجل إِلَيْهِ وَعَلِيهِ شَهَادَة عَامله بِالْمَدِينَةِ قَالُوا وَبعد إِسْمَاعِيل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل السَّابِع التَّام وَإِنَّمَا تمّ دور السَّبْعَة بِهِ ثمَّ ابتدئ مِنْهُ بالأئمة المستورين الَّذين كَانُوا يسترون فِي الْبِلَاد سترا ويظهرون الدعاة جَهرا قَالُوا وَلنْ تَخْلُو الأَرْض قطّ عَن إِمَام حَيّ قَائِم إِمَّا ظَاهر مَكْشُوف وَإِمَّا بَاطِن مَسْتُور وَإِذا كَانَ الإِمَام ظَاهرا يجب أَن تكون حجَّته مستورة وَإِذا كَانَ الإِمَام مَسْتُورا يجب أَن تكون حجَّته ودعاته ظَاهِرين وَقَالُوا إِنَّمَا الْأَئِمَّة تَدور أحكامهم على سبعةٍ سبعةٍ كأيام الْأُسْبُوع وَالسَّمَوَات وَالْكَوَاكِب والنقباء تَدور أحكامهم على اثْنَي عشر قَالُوا وَعَن هَذَا وَقعت الشُّبْهَة للإمامية القطعية حَيْثُ قرروا عدد النُّقَبَاء للأئمة ثمَّ بعد الْأَئِمَّة المستورين كَانَ ظُهُور الْمهْدي الْقَائِم بِأَمْر الله وَأَوْلَادهمْ نصاُ بعد نَص على إِمَام بعد إِمَام ومذهبهم أَن من مَاتَ وَلم يعرف إِمَام زَمَانه مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَكَذَلِكَ من مَاتَ وَلم يكن فِي عُنُقه بيعَة إمامٍ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَكَانَت لَهُم دَعْوَة فِي كل زمَان ومقالة جَدِيدَة بِكُل لِسَان والذاهبون مِنْهُم إِلَى إِمَامَة مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يسمون المباركية وَنقل عَن بَعضهم أَنهم ذَهَبُوا إِلَى أَنه نَبِي وَأَنَّهَا تستمر فِي نَسْله وعقبه فَإِن صَحَّ ذَلِك عَنْهُم فَهَؤُلَاءِ كفار حَقًا
وَهَؤُلَاء الإسماعيلية متقدمون ومتأخرون ومتوسطون فالمتقدمون تقدم ذكرهم وَأما المتوسطون الْمُتَقَدِّمين ظهر جمَاعَة وانتسبوا إِلَى هَذِه الْفرْقَة تستراً بالانتماء إِلَى الشِّيعَة وتقيةً من السَّيْف ويلقبون بالباطنية والقرامطة والبابكية والسبعية والخرمية والمحمرة وَسَيَأْتِي ذكر كل فرقة من هَؤُلَاءِ فِي تَرْجَمَة من انتسبوا إِلَيْهِ وَأما الإسماعيلية الْمُتَأَخّرُونَ فهم الطَّائِفَة الْمُتَأَخّرُونَ فهم الَّذين يَعْتَقِدُونَ إِمَامَة إِسْمَاعِيل صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة وَأَن الْإِمَامَة لَا تخرج عَنْهُم وَلَا يجوز أَن يكون للنَّاس إِمَام سواهُم وَأَنَّهُمْ(9/63)
معرضون عَن الرذائل والذنُوب مطهرون من الدنايا والنقائص حجج الله تَعَالَى على عباده وَقَاعِدَة مَذْهَبهم القَوْل بِوُجُوب الإِمَام)
الْمَعْصُوم وَأَنه حجَّة الله على خلقه وَأَن عصمته وَاجِبَة وتقليده مُتَعَيّن وَأَن الرَّأْي فِي الدّين وَالْقِيَاس بَاطِل فَلَا يصدرون إِلَّا عَن رَأْي إمَامهمْ الْمَعْصُوم وَلَا يدينون إِلَّا بِمَا يَأْمُرهُم بِهِ لاعتقادهم وجوب عصمته وَأَنه لَا يجوز خلو عصرٍ من الْأَعْصَار عَن الإِمَام الْمَعْصُوم فَمن أطاعه سلم وَمن عَصَاهُ هلك وَأَنه يكون ظَاهرا إِذا أَمن على نَفسه من أعدائه وَأَن دعاته مأمورون بِدُعَاء النَّاس إِلَى طَاعَته إِلَى أَن يتهيأ لَهُ النَّصْر على أعدائه هَذَا عين مَذْهَبهم على مَا ذكره ابْن أبي الدَّم القَاضِي حماة الْمَذْكُور فِي الإبارة فِي الْفرق الإسلامية قَالَ وَلم ينْقل عَنْهُم أَمر آخر فِي الِاعْتِقَاد مُخَالف قَوَاعِد الدّين كَمَا نقل عَن الباطنية وَغَيرهم وَكَانَ الْحسن ابْن مُحَمَّد الصَّباح النزاري صعد قلعة ألموت فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة بعد أَن كَانَ هَاجر إِلَى بِلَاد إِمَامه وتلقى مِنْهُ كَيْفيَّة الدعْوَة وسأذكر فصلا يتَعَلَّق بذلك فِي تَرْجَمَة الْحسن بن مُحَمَّد الصَّباح إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الْهَاشِمِي)
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن عَبَّاس أَبُو الْحسن كَانَ من رجالات قُرَيْش فِي بني هَاشم وأفاضلهم وَكَانَ طوَالًا مهيباً جواداً مُحْتَرما بَين أَهله ذَا مُرُوءَة ظَاهِرَة عَاقِلا لم يل ولَايَة وَلَا دخل فِي أَمر من أُمُور الدُّنْيَا توفّي بِبَغْدَاد سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ والمأمون فِي بِلَاد الرّوم فصلى عَلَيْهِ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَدفن بمقابر قُرَيْش وروى عَن أَبِيه وَجدّة
3 - (ابْن المتَوَكل على الله)
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر المتَوَكل بن مُحَمَّد المعتصم بن هَارُون الرشيد أَبُو الْفضل أَخُو المعتز لِأَبَوَيْهِ أمهما قبيحة عقد لَهُ أَخُوهُ المعتز بِاللَّه على الْحجاز ومصر وإفريقية وبرقة وَطَرِيق مَكَّة والكوفة والإسكندرية وَجعل فِي رُتْبَة الْمُؤَيد وَتُوفِّي بواسط سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَحمل إِلَى سر من رأى وَدفن بهَا
3 - (الْمدنِي الْأنْصَارِيّ)
إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الْمدنِي الْأنْصَارِيّ من كبار عُلَمَاء الْمَدِينَة(9/64)
فِي الْقُرْآن والْحَدِيث سكن بَغْدَاد يُؤَدب عليا ولد الْمهْدي وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكسَائي وَقَالَ ابْن معِين ثِقَة مَأْمُون توفّي سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة
3 - (شهَاب الدّين القوصي)
)
إِسْمَاعِيل بن حَامِد بن عبد الرَّحْمَن بن المُرَجَّى بن المؤمَّل بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يعِيش الْفَقِيه شهَاب الدّين أَبُو المحامد وَأَبُو الطَّاهِر وَأَبُو الْعَرَب الْأنْصَارِيّ الخزرجي القوصي الشَّافِعِي وَكيل بَيت المَال بِالشَّام ولد سنة أَربع وَسبعين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة قدم الْقَاهِرَة وَقدم الشَّام وَسمع من جمَاعَة وَخرج لنَفسِهِ معجماً هائلاً فِي أَربع مجلدات ضخمة وَفِيه غلط كثير وأوهام وعجائب صنفه وَهُوَ فِي سجن بعلبك فِي القلعة لِأَن الصَّالح إِسْمَاعِيل غضب عَلَيْهِ وسجنه وصنف بغية الراجي ومنية الآمل فِي محَاسِن دولة السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وَله أَيْضا الدّرّ الثمين فِي شرح كلمة آمين صنفه للكامل وَله قلائد العقائل فِي ذكر مَا ورد فِي الزلازل وَكَانَ فَاضلا أديباً مدرساً أخبارياً حفظَة للأشعار فصيحاً مفوهاً اتَّصل بالصاحب صفي الدّين ابْن شكر وسيره رَسُولا عَن الْعَادِل وَولي وكَالَة بَيت المَال وَتقدم عِنْد الْمُلُوك وَكَانَ يلازم الطيلسان المحنك ومدحه جمَاعَة وَأخذُوا جوائزه وَكَانَت فِيهِ دعابة وَله تندير كثير من ذَلِك مَا حدث بِهِ الشَّيْخ رشيد الدّين الرقي قَالَ كنت يَوْمًا عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين القوصي على بَاب دَاره بدرب ابْن صصري وَشرف الدّين وَابْن صصرى يحدث شَابًّا مليحاً اسْمه سُلَيْمَان فَجعل ابْن صصرى يمازحه ويطيل حَدِيثه فَقَالَ لَهُ القوصي يَا شرف الدّين أَنْت تروم الْملك فَقَالَ معَاذ الله قَالَ فَمَا لي أَرَاك تحوم حول خَاتم سُلَيْمَان فَخَجِلَ
وَقَالَ لَهُ يَوْمًا الصاحب جمال الدّين ابْن مطروح يَا شيخ شهَاب الدّين أَنْت عندنَا مثل الْوَالِد
فَقَالَ لَا جرم أَنِّي مطروح وَقَالَ لَهُ بعض الرؤساء يَوْمًا أَنْت عندنَا مثل الْأَب وشدد الْبَاء فَقَالَ لَا جرم أَنكُمْ تأكلونني وَفِي مُعْجَمه قَالَ بعض شعراء عصره من البسيطٍ
(كم مُعجم طالعَتْهُ مُقلتي فَبَدَا ... للحظِها مِنْهُ فضلٌ غيرُ منقوصِ)
(فَمَا سمعتُ وَلَا عاينتُ فِي زمني ... أتمَّ فِي فَضله من مُعْجم القوصي)(9/65)
3 - (ابْن برطله)
إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن عَليّ بن أبي مُحَمَّد الْحُسَيْن بن عَليّ ويلقب برطله ابْن الْحسن بن عَليّ يَنْتَهِي نسبه إِلَى الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي الإصبهاني من أَعْيَان السَّادة العلوية فِيهِ فضل وتنسك وَعبادَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات بِمَكَّة على أبي عَليّ الكازروني وبإصبهان على أبي عبد الله المليحي وَسمع بإصبهان أَبَا نعيم الْحَافِظ وَغَيره
وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة)
3 - (شمس الْأَئِمَّة الْبَيْهَقِيّ)
إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن عَليّ الْغَازِي الْبَيْهَقِيّ أَبُو الْقَاسِم شمس الْأَئِمَّة ذكر الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الوشاح كَانَ جَامعا لفنون الْآدَاب خَازِنًا لمفاتح الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب أَقَامَ وتوطن بمرو وَطَرِيقَة فِي الْفِقْه مُسْتَقِيم وَأكْثر مصنفاته عَن المناقض سليم وَمن شعره من الْبَسِيط
(كُتّاب حضرتنا دامتْ سلامتُهم ... يهيِّئون من الألقاب أسبابا)
(وينصبون من الأطماع ألْوِيَةً ... ويفتحون من الألقاب أبوابا)
(ويَبخلون بِمَا جاد الْكِرَام بِهِ ... ويُنفقون على الأقوام ألقابا)
(تجشّأوا فِي نواديهم بِلَا شِبَعٍ ... كأنّهم أكلُوا الحِلْتيِت والرابا)
أَخذه من قَول الْخَوَارِزْمِيّ من الْبَسِيط
(قلّ الدراهمُ فِي كيسَيْ خليفتنا ... فَصَارَ يُنفق فِي الأقوام ألقابا)
وَمن تصانيفه نقض الاصطلام سمط الثريا فِي مَعَاني غرائب الحَدِيث كتاب فِي اللُّغَة كتاب فِي الْخلاف ظريف
3 - (الْعلوِي الطَّبِيب)
إِسْمَاعِيل بن حسن بن مُحَمَّد الْعلوِي الْحُسَيْنِي الطَّبِيب هُوَ جرجاني سكن خوارزم ثمَّ تحول إِلَى مرو وَكَانَ أوحد عصره فِي الطِّبّ وَله فِيهِ تصانيف سائرة بِالْعَرَبِيَّةِ والعجمية توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (النسابة عَزِيز الدّين)
إِسْمَاعِيل بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد يَنْتَهِي إِلَى الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا كنيته أَبُو طَالب عَزِيز الدّين الْمروزِي الْعلوِي النسابة مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَورد بَغْدَاد سنة سبع وَتِسْعين(9/66)
وَخَمْسمِائة صُحْبَة الْحَاج وَلم يحجّ وَقَرَأَ الْأَدَب على الإِمَام منتجب الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد الديباجي وَالْإِمَام برهَان الدّين أبي الْفَتْح نَاصِر المطرزي الْخَوَارِزْمِيّ وأخيه الإِمَام مجد الدّين أبي الرضى طَاهِر وَقَرَأَ الْفِقْه على الإِمَام فَخر الدّين محمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الطيان الماهروي الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة منتجب الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الفقيهي وَقَرَأَ الحَدِيث على الإِمَام فَخر الدّين إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد ابْن يُوسُف القاشاني وَأبي بكر مُحَمَّد بن عمر الصائغي السنجي وَشرف الدّين مُحَمَّد بن)
مَسْعُود المَسْعُودِيّ وفخر الدّين أبي المظفر عبد الرَّحِيم السَّمْعَانِيّ وَغَيرهم وَسمع بنيسابور وبالري وببغداد وبشيراز وهراة وتستر ويزد وَله من التصانيف حَظِيرَة الْقُدس نَحْو سِتِّينَ مجلداً وبستان الشّرف فِي عشْرين مجلداً غنية الطَّالِب فِي نسب آل أبي طَالب مُجَلد الموجز فِي النّسَب مُجَلد الفخري صنفه للْإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ زبدة الطالبية خُلَاصَة العترة النَّبَوِيَّة فِي أَنْسَاب الموسوية المثلث فِي النّسَب كتاب أبي الْغَنَائِم الدِّمَشْقِي مشجر المعارف للسَّيِّد أبي طَالب الزنجاني الموسوي الطَّبَقَات للفقيه زَكَرِيَّاء بن أَحْمد الْبَزَّاز النَّيْسَابُورِي نسب الشَّافِعِي وفْق الْأَعْدَاد فِي النّسَب قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء وَهَذَا السَّيِّد اجْتمعت بِهِ فِي مرو سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة فَوَجَدته كَمَا قيل من الْبَسِيط
(قد زُرنُه فوجدتُ النَّاس فِي رجلٍ ... والدهَر فِي ساعةٍ والفضلَ فِي دَار)
وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا وَوَصفه بعلوم كَثِيرَة وَقَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من السَّرِيع
(قُولُوا لَمن لُبِّي فِي حُبّه ... قد صَار مَغْلُوبًا ومسلوبا)
(وَفِي صميم الْقلب منّي أرى ... هَوَاهُ وَالْإِيمَان مَكْتُوبًا)
(وصحتي فِي عشقه صيَّرتْ ... جسْمِيَ معلولاً ومغلوبا)
(ومَدْمعَي منُهمرِاً هامياً ... منهمِلاً فِي الخدّ مسكوبا)
وَقَالَ حَدثنِي رَحمَه الله قَالَ ورد الْفَخر الرَّازِيّ إِلَى مرو وَكَانَ من جلالة الْقدر وَعظم الذّكر وضخامة الهيبة بِحَيْثُ لَا يُرَاجع فِي كَلَامه وَلَا يتنفس أحد بَين يَدَيْهِ فترددت للْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَقَالَ لي يَوْمًا أحب أَن تصنف لي كتابا لطيفاً فِي أَنْسَاب الطالبيين لأنظر فِيهِ فَقلت أتريده مشجراً أم منثوراً فَقَالَ المشجر لَا يَنْضَبِط بِالْحِفْظِ وَأَنا أُرِيد شَيْئا أحفظه فصنفت لَهُ المُصَنّف الفخري فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ نزل عَن طراحته وَجلسَ على الْحَصِير وَقَالَ اجْلِسْ على هَذِه الطراحة فأعظمت ذَلِك وخدمته فَانْتَهرنِي نهرةً عَظِيمَة مزعجةً وزعق عَليّ وَقَالَ اجْلِسْ بِحَيْثُ أَقُول لَك فتداخلني علم الله من هيبته مَا لم أتمالك إِلَّا أَن جَلَست حَيْثُ أَمرنِي ثمَّ أَخذ يقْرَأ عَليّ ذَلِك الْكتاب وَهُوَ جَالس بَين يَدي ويستفهمني عَمَّا يستغلق عَلَيْهِ إِلَى أَن أنهاه قِرَاءَة فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ اجْلِسْ الْآن حَيْثُ شِئْت فَإِن هَذَا علم أَنْت أستاذي فِيهِ وَأَنا أستفيد مِنْك وأتلمذ لَك وَلَيْسَ من الْأَدَب إِلَّا أَن يجلس التلميذ بَين يَدي الْأُسْتَاذ(9/67)
3 - (نقيب الطالبيين بِدِمَشْق)
)
إِسْمَاعِيل بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَبُو مُحَمَّد ولي النقابة بِدِمَشْق من قبل المقتدر بِاللَّه وَكَانَ زاهداً عفيفاً عَالما توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ الْأَمِير فاتك وَلم يتَخَلَّف أحد عَن جنَازَته
3 - (القَاضِي ابْن ابْن أبي حنيفَة)
إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد ابْن أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو عبد الله وَقيل أَبُو حسان كَانَ عَالما زاهداً ورعاً وَكَانَ الْمَأْمُون يثني عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ مَا ولي الْقَضَاء من لدن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْيَوْم مثل إِسْمَاعِيل فَقيل لَهُ وَلَا الْحسن وَكَانَ ولي الْقُضَاة بالجانب الشَّرْقِي من بَغْدَاد سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة بعد مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ صرف وَولي قَضَاء الْبَصْرَة لما عزل يحيى بن أَكْثَم عَنْهَا ثمَّ عزل عَنْهَا بعد سنة بِعِيسَى بن أبان فشيعه أَهلهَا ودعوا لَهُ وَقَالُوا عففت عَن أَمْوَالنَا ودمائنا فَقَالَ وَعَن أَبْنَائِكُم يعرض بِيَحْيَى ابْن أَكْثَم وَفِي رِوَايَة أَن يحيى لما عزل عَن الْبَصْرَة وَخرج عَنْهَا التقى إِسْمَاعِيل وَهُوَ دَاخل ووقف ابْن أَكْثَم يثني عَلَيْهِ وَيَقُول يَا أهل الْبَصْرَة وَالله مَا ولي عَلَيْكُم مثل إِسْمَاعِيل الْعَفِيف عَن أَمْوَالكُم ودمائكم فَقَالَ إِسْمَاعِيل وَعَن أَوْلَادهم فَوَجَمَ يحيى وَلما ولي دس عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ رجلا يسْأَله عَن مَسْأَلَة فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي رجلٍ قَالَ لامْرَأَته فَقطع إِسْمَاعِيل الْكَلَام عَلَيْهِ وَقَالَ قل للَّذي بَعثك إِن القَاضِي لَا يُفْتِي
أسْند إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد عَن أَبِيه وَغَيره وروى عَنهُ غَسَّان بن الْمفضل وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا وَلم يغمزه سوى الْخَطِيب فَإِنَّهُ روى عَن سعيد بن سَلام الْبَاهِلِيّ أَنه قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل فِي دَار الْمَأْمُون يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوق وَهُوَ ديني وَدين أبي وجدي قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ لَو صَحَّ أَنه قَالَ ذَلِك فَإِنَّمَا قَالَه تقيةً لِأَن الْمَأْمُون مَا أبقى فِي الْإِكْرَاه على هَذَا القَوْل بَقِيَّة لنا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ(9/68)
3 - (الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح)
إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد أَبُو نصر الفارابي الْجَوْهَرِي صَاحب كتاب الصِّحَاح فِي اللُّغَة الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي حفظ اللُّغَة وَحسن الْكِتَابَة يذكر خطه مَعَ خطّ ابْن مقلة ومهلهل واليزيدي وَهُوَ ابْن أُخْت إِبْرَاهِيم الفارابي صَاحب ديوَان الْأَدَب الْمَذْكُور فِي الإبارة وَكَانَ يُؤثر الغربة على)
الوطن دخل بِلَاد ربيعَة وَمُضر فِي طلب الْأَدَب وَلما قضى وطره من قطع الْآفَاق وَالْأَخْذ عَن عُلَمَاء الشَّام وَالْعراق عَاد إِلَى الخراسان فأنزله أَبُو الْحُسَيْن الْكَاتِب عِنْده فسكن نيسابور يصنف اللُّغَة وَيعلم الْكِتَابَة وينسخ الْخَتْم وَمن الْعجب أَن المصريين يروون الصِّحَاح عَن ابْن القطاع وَلَا يرويهِ أحد بخراسان وَقد قيل إِن ابْن القطاع ركب لَهُ إِسْنَادًا بالصحاح لما رأى رَغْبَة المصريين فِيهِ وَفِي الصِّحَاح أَشْيَاء لَا ريب أَنه نقلهَا من صحف فصحف فِيهَا فَانْتدبَ لَهَا عُلَمَاء مصر وَأَصْلحُوا أوهاماً فِيهَا وَقيل إِنَّه اخْتَلَط بِأخرَة قَالَ ابْن القفطي مَاتَ متردياً من سطح دَاره بنيسابور وَقيل إِنَّه تسودن وَعمل لَهُ دَفِين وشدهما كالجناحين وَقَالَ أُرِيد أَن أطير وقفز فَهَلَك
أَخذ الْعَرَبيَّة عَن السيرافي والفارسي واللغة عَن خَاله إِبْرَاهِيم وَقيل إِن الصِّحَاح كَانَ قد بَقِي قِطْعَة مسودة فبيضها تِلْمِيذه إِبْرَاهِيم بن صَالح الْوراق فغلط فِي أَمَاكِن حَتَّى إِنَّه قَالَ فِي سقر إِنَّه بِالْألف وَاللَّام وَهَذَا يدل على أَنه لم يقْرَأ الْقُرْآن وَقَالَ الجراضل الْحَبل فصيرهما كلمة وَاحِدَة بضاد مُعْجمَة وَالْحَبل بِالْحَاء الْمُهْملَة وَإِنَّمَا هُوَ الْجَرّ أصل الْجَبَل وَقَالَ ياقوت قَالَ مَحْمُود ابْن أبي الْمَعَالِي الْحوَاري فِي كتاب ضَالَّة الأديب من الصِّحَاح والتهذيب إِن هَذَا الْكتاب أَعنِي الصِّحَاح قرئَ على مُصَنفه إِلَى بَاب الضَّاد فَحسب وَبَقِي أَكثر الْكتاب على سوَاده وَلم يقدر لَهُ تنقيحه وَلَا تهذيبه فَلهَذَا يَقُول فِي بَاب السِّين قيس أَبُو قبيلةٍ من مُضر واسْمه إلْيَاس بنقطتين تحتهَا ثمَّ يَقُول فِي فصل النُّون من هَذَا الْبَاب النَّاس بالنُّون اسْم قيس عيلان فَالْأول سَهْو وَالثَّانِي صَحِيح وَمن زعم أَنه سمع من الْجَوْهَرِي زِيَادَة على أول الْكتاب إِلَى بَاب الضَّاد فَهُوَ مَكْذُوب عَلَيْهِ وصنف الْجَوْهَرِي كِتَابه لعبد الرَّحِيم بن نجم البيشكي الْأُسْتَاذ الإِمَام أبي مَنْصُور ابْن أبي الْقَاسِم الأديب الْوَاعِظ الأصولي من أَرْكَان أَصْحَاب أبي عبد الله الْحَاكِم لَهُ مدرسة وأوقاف ونظم ونثر وَتُوفِّي صَاحب الصِّحَاح سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة وَمن تصانيفه كتاب فِي الْعرُوض جيد سَمَّاهُ عرُوض الورقة وَكتاب فِي النَّحْو وَهَذَا الْكتاب الْمَشْهُور الَّذِي رزق من السَّعَادَة مَا لَا رزقة غَيره لقرب تنَاوله(9/69)
وَمن شعر صَاحب الصِّحَاح من السَّرِيع
(لَو كَانَ لي بُدٌّ من الناسِ ... قطعت حبْلَ النَّاس بالياسِ)
(العزُّ فِي الْعُزْلَة لكنّه ... لَا بدَّ للنَّاس من النَّاس)
)
وَمن الوافر
(وَهَا أَنا يونُسٌ فِي بطن حوتٍ ... بنيسابور فِي ظُلَل الغَمام)
(فَبَيْتي والفؤاد وَيَوْم دَجْنٍ ... ظلامٌ فِي ظلامٍ فِي ظلامِ)
3 - (وَمِنْه من الْكَامِل)
(زعم المُدامةَ شارِبوها أنّها ... تنفْي الهمومَ وتطرد الغمّا)
(صدقُوا هَفتْ بعقولهم وبدينهم ... وتوهّموا أنّ السرُور لَهُم تمّا)
(سلبتْهمُ أديانَهم وعقولَهم ... أرأيتَ عادمَ ذَيْنِ مُغتمّا)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(يَا ضائعَ العُمر بالأماني ... أما ترى رَوْنق الزَّمَان)
(فقُم بِنَا يَا أَخا الملاهي ... نخْرج إِلَى نهر بُشْتَقانِ)
(كأنّنا والقصور فِيهَا ... بحافتْي كَوْثَرِ الجنانِ)
(والطيرُ فَوق الغصون تحكي ... بِحسن أصواتها الأغاني)
(وراسلَ الوُرْقَ عندليبٌ ... كالزِّير والبَمِّ والمثاني)
(فُرْصَتُك الْيَوْم فاغْتنِمْها ... فكلّ وقتٍ سواهُ فانِ)
وَقَالَ يصف الصِّحَاح أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَبدُوس النَّيْسَابُورِي من المنسرح
(هَذَا كتاب الصِّحَاح أحسن مَا ... صُنِّف قبل الصِّحَاح فِي الأدبِ)
(تشْملُ أبوابُه وَتجمع مَا ... فرِّق فِي غَيره من الكُتُبِ)
3 - (الطبال)
إِسْمَاعِيل بن حَمْزَة بن عُثْمَان بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو البركات الطبال من أهل بَغْدَاد كَانَ مقدما على الطبالين بدار الْخلَافَة ثمَّ كبر وأضر وَانْقطع بمنزله وَكَانَ ينظم الْمسَائِل شعرًا وَيسْأل عَنْهَا ابْن الصقال الْفَقِيه وَجَمعهَا فِي كتاب وَسمع من ابْن البطي وَأبي الْفَتْح ابْن شاتيل وَابْن خَمِيس وَغَيرهم توفّي سنة سبع وسِتمِائَة وَمن شعره من الرجز(9/70)
(قَلْقلني الشوقُ فَمَا لي راحةٌ ... إلاّ إِذا مرّ بعينيَّ الوَسَنْ)
(تُخَيِّلُ الأحلامُ لي شبيبتي ... أَو اجتماعي قد شطنْ)
(فيوصِلُ النومُ إليّ رَاحَة ... حَتَّى إِذا استيقظتُ عَاد لي الحزنْ)
)
3 - (البَجلِيّ الْمُحدث)
إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي أحد أَئِمَّة الحَدِيث كَانَ طحاناً وَهُوَ ثِقَة ثَبت روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَة
3 - (أَبُو طَاهِر الصّقليّ الْمُقْرِئ)
إِسْمَاعِيل بن خلف أَبُو طَاهِر الصّقليّ الْمُقْرِئ صَاحب عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن سعيد الحوفي من حوف مصر وصنف كتاب إِعْرَاب الْقُرْآن فِي تِسْعَة مجلدات كبار وصنف فِي الْقرَاءَات كتاب الِاكْتِفَاء وَكتاب الْعُيُون قَالَ ياقوت أرى أَنه كَانَ بعد سِتَّة عشر وَخَمْسمِائة
قلت ذكر ابْن خلكان فِي بَاب إِسْمَاعِيل ابْن خلف وَقَالَ بعد خلف ابْن سعيد بن عمرَان الْأنْصَارِيّ الْمُقْرِئ النَّحْوِيّ الأندلسي السَّرقسْطِي كَانَ إِمَامًا فِي عُلُوم الْآدَاب متقناً لفن الْقرَاءَات وصنف العنوان فِي الْقرَاءَات وعمدة النَّاس فِي الِاشْتِغَال بِهَذَا الْفَنّ عَلَيْهِ وَاخْتصرَ كتاب الْحجَّة لأبي عَليّ الْفَارِسِي وَذكره أَبُو الْقَاسِم ابْن بشكوال فِي كتاب الصِّلَة وَأثْنى عَلَيْهِ وَعدد فضائله وَلم يزل على اشْتِغَاله وانتفاع النَّاس بِهِ إِلَى أَن توفّي يَوْم الْأَحَد مستهل الْمحرم سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة انْتهى كَلَام ابْن خلكان وَقد غلب على ظَنِّي أَنه هَذَا وَوهم فِي ذكر وَفَاته ياقوت
3 - (العبرتاني وَالِد حمدون النديم)
إِسْمَاعِيل بن دَاوُد الْكَاتِب العبرتاني وَالِد حمدون النديم الْمُقدم ذكره وَكَانَ ينادم آدم بن عبد الْعَزِيز الْأمَوِي أَيَّام الْمهْدي وَله مَعَه أَخْبَار ونادم ابْنه حمدون بن إِسْمَاعِيل المعتصم وَمن بعده من الْخُلَفَاء إِلَى أَيَّام المعتز وَأورد لَهُ ابْن الْمَرْزُبَان فِي مُعْجَمه قَوْله من الطَّوِيل
(سقيا لدهرٍ قد مضى لسبيله ... ورعْياً لعيش قد مضى غير عَائِد)
(لهَوْنا بِهِ عصراً وَمَا كَانَ مَرُّه ... على طوله إلاّ كحُلْمة رَاقِد)(9/71)
وَقَوله من الطَّوِيل
(لسكُر الْهوى أرْوى لعظمي ومَفْصلي ... إِذا سكر الندمانُ من دائر الخمْرِ)
(وأحْسَنُ مِن رجْع المثاني ونغْمها ... تَرجُّعُ صَوت الثغر يُقْرع بالثغر)
قلت وَقد أورد الباخرزي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لإسحاق بن إِبْرَاهِيم بن كيغلغ وَابْن الْمَرْزُبَان أعرف)
بِهَذَا الشَّأْن من الباخرزي
3 - (الخلقاني)
إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء الخلقاني بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْقَاف وَبعد الْألف نون روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَاخْتلف فِيهِ قَول ابْن معِين وَقَالَ ابْن حَنْبَل مقارب الحَدِيث توفّي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة وَقيل سنة أَربع وَسبعين
3 - (الْأَمِير شرف الدولة)
3 - (ابْن أبي العساكر)
إِسْمَاعِيل بن سُلْطَان بن عَليّ بن مُقلَّد بن نصر بن مُنقذ شرف الدولة أَبُو الْفضل ابْن أبي العساكر الْكِنَانِي الشيرزي الْأَمِير كَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا كَانَ أَبوهُ صَاحب شيزر وَابْن صَاحبهَا فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ وَليهَا أَخُوهُ تَاج الدولة وَأقَام هُوَ تَحت كنف أَخِيه إِلَى أَن خربتها الزلزلة وَمَات أَخُوهُ وَطَائِفَة تَحت الرَّدْم وَتوجه نور الدّين فتسلمها وَكَانَ إِسْمَاعِيل غَائِبا عَنْهَا فانتقل إِلَى دمشق وَكَانَ الزلزلة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخَمْسمِائة وَأَبوهُ عَم مؤيد الدولة أُسَامَة الْمُقدم ذكره وَتُوفِّي إِسْمَاعِيل بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الْكَامِل
(ومُهَفْهَفٍ كتب الجمالُ بخدّه ... سطراً يحيِّر ناظِر المتأمِّلِ)
(بالغتُ فِي استخراجه فوجدتُه ... لَا رَأْي إلاّ رَأْي أهل الْموصل)(9/72)
وَمِنْه لغز من الْكَامِل
(ومُغرِّدَيْن ترنَّما فِي مجْلِس ... فنفاهما لأذاهما الأقوامُ)
(هَذَا يجود بِمَا يجود بعكسه ... هَذَا فيُحْمد ذَا وَذَاكَ يذام)
قلت يُرِيد بهما نحلةً وزنبوراً وَالْعَسَل للنحلة وَعَكسه اللسع للزنبور
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(سُقيتُ كأس الْهوى علاًّ على نهَلِ ... فَلَا تَزِدْنَي كأس اللوم والعَذَلِ)
(نأى الحبيبُ فَبِي من نأيِه حُرَقٌ ... لَو لابسَتْ جبلا هدَّت قُوَى الجبلِ)
(وَلَو تطلّبتُ سُلواناً لزدتُ هوى ... وَقد يزِيد رُسوباً نهضةُ الوَحَلِ)
)
(عفَتْ رسومي فَعُجْ نحوي لتندنبي ... فالحبُ غِبَّ زِيال الحبِّ كالطَّللِ)
(صحوت من قهوةِ تُنفى الهمومُ بهَا ... لكنّني ثِملٌ من طَرفْه الثَّمِلِ)
(أُصَبِّر النفسَ عَنهُ وَهِي قائلة ... مَالِي بعادية الأشواق من قِبَلِ)
(كم ميتةٍ وحياةٍ ذقتُ طعمهما ... مذ ذقتُ طعمَ النَّوَى لليأس والأملِ)
(وَالنَّفس إِن خاطرتْ فِي غمرةٍ وألت ... مِنْهَا وَإِن خاطرت فِي الوجد لم تئلِ)
(لَهَا دروعٌ تَقيها من سهامِ يدٍ ... فَهَل دروعٌ تقيها أسْهُمَ المُقَلِ)
(فانْظُرْ إِلَيْهِ تَرَ الأقمارَ فِي قمرٍ ... وانْظُر إليّ تَرَ العشّاق فِي رَجلِ)
(بأيّ أمرٍ سأنجو من هوى رَشَإٍٍ ... فِي جفْنه سحرُ هارُوتٍ وسيفُ عَليّ)
(إِذا رمى لحظُه بِالسحرِ قَالَ لَهُ ... قلبِي أعِدْ لَا رماك الله بالشَّلَلِ)
(أَمن نَبِي الرّوم ذَا الرَّامِي الَّذِي فتكتْ ... سهامُه بالَورى أم من بني ثعل)
(إِن خفت روعة هجران الحبيب فقد ... أمنت فِي حبه من روعة العذل)
قلت شعر متوسط منسجم وَقَوله لَو تطلبت سلواناً يشبه قَول الْخياط من الْبَسِيط
(كخائض الوَحْل إِن طَال العناءُ بِهِ ... فكلّما قَلْقَلَتْهُ نهضةٌ رَسَبا)
3 - (الصَّالح ابْن الْملك الْمُجَاهِد)
إِسْمَاعِيل بن شيركوه بن مُحَمَّد بن شيركوه بن شادي الْملك الصَّالح نور الدّين ابْن الْملك الْمُجَاهِد أَسد الدّين صَاحب حمص كَانَ لَهُ اخْتِصَاص كَبِير بِالْملكِ النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف صَاحب الشَّام نَشأ بحمص وانتقل عَنْهَا وخدم(9/73)
مَعَ النَّاصِر وَكَانَ عَاقِلا حازماً سائساً وَكَانَ رَأْيه مداراة التتار وَعدم مشاققتهم وَكَانَ يعضد الزين الحافظي عِنْد الْملك النَّاصِر ويثني عَلَيْهِ ويشكره وَكَانَ يُقَال إِن الزين الحافظي أحضر لَهُ فرماناً من هولاكو وَإِن الْملك النَّاصِر بَاطِن مَعَ التتر وَلم يدْخل الديار المصرية مَعَ العساكر لذَلِك لَا مُحَافظَة للناصر وتوهم أَنه إِذا وصل إِلَى التتار أبقى هولاكو عَلَيْهِ ووفى لَهُ بِمَا فِي الفرمان فَعَاد مَعَ النَّاصِر من قطيا وَحسن لَهُ قصد هولاكو فَتوجه صحبته إِلَيْهِ فَلَمَّا قدمُوا على هولاكو أحسن إِلَيْهِم وَأكْرمهمْ فَلَمَّا بلغ هولاكو كسر التتار على عين جالوت غضب وقتلهم فِي أَوَائِل سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة وَقتل الصَّالح فِي أَطْرَاف بِلَاد الْعَجم وَقيل قَتله فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين وَحكي أَنه قَالَ يَوْمًا للأمير عماد الدّين إِبْرَاهِيم بن المجير وهما فِي مجْلِس النَّاصِر نُرِيد نعمل مشوراً وَكَانَ)
عماد الدّين رَأْيه قتال التتار وَعدم مداراتهم فَقَالَ كم هَذَا الفشر فَقَالَ لَهُ الصَّالح أَنْت كَمَا قيل طَوِيل ولحيتك طَوِيلَة فَقَالَ لَهُ عماد الدّين إِلَّا أَنِّي مَا ربيت فِي حمص
3 - (أَبُو الطَّاهِر الْكِنَانِي)
إِسْمَاعِيل بن صارم بن عَليّ بن عز بن تَمِيم أَبُو الطَّاهِر الْكِنَانِي ثمَّ الْمصْرِيّ الْخياط كَانَ عالي الْإِسْنَاد وروى عَنهُ جمَاعَة المصريين وروى عَنهُ الشَّيْخ شرف الدّين الدمياطي وروى عَن البوصيري وَإِسْمَاعِيل بن ياسين وَفَاطِمَة بنت سعد الْخَيْر قيل إِنَّه شنق نَفسه سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (القفطي)
إِسْمَاعِيل بن صَالح ابْن أبي ذُؤَيْب أَبُو طَاهِر القفطي عرف بِابْن الْبناء كَانَ أديباً فَاضلا انْتقل إِلَى الْمحلة وَتُوفِّي بإسنا سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة من شعره من الْكَامِل
(أهديتَه حمَلاً يُساق فخلتْهُ ... جِمَلاً لأنّ الله بَارك فيهِ)
(لَا تنْحرنَّ فقد نحرتَ من العِدَى ... مَن قد يهاب الموتُ أَن يَأْتِيهِ)
وَمِنْه فِي مرثية للشريف قَاسم بن مهنا أَمِير الْمَدِينَة من الْكَامِل
(لّما اشْترى من ربّه بثوابه ... جنّاتِ عدْنٍ رَاح يَأْخُذ مَا اشْترى)
3 - (الْهَاشِمِي أَمِير مصر)
إِسْمَاعِيل بن صَالح بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم كَانَ سرياً أديباً حسن الْغناء مقدما فِي ضرب الْعود غنى الرشيد فقلده مصر وَهُوَ الْقَائِل للرشيد لما عقد للأمين والمأمون بيعَته على إِلْحَاق الْقَاسِم المؤتمن بهما وَقد رويت لِأَخِيهِ عبد الْملك من الْكَامِل المرفل
(يَا أَيهَا المَلِكُ الَّذِي ... لَو كَانَ نجماً كَانَ سَعْدا)
(اعِقدْ لقاسم بيعَة ... واقدْحْ لَهُ فِي الْملك زَنْدا)(9/74)
(اللهُ فَرد واحِدٌ ... فاجعْلْ وُلاة الْأَمر فَردا)
وَكَانَ يألف قينةً فاشتراها الرشيد فَقَالَ إِسْمَاعِيل فِي ذَلِك من السَّرِيع
(يَا مَن رماني الدهُر من فَقده ... بفرقةٍ قد شتّتتْ شَمْلي)
(ذكرتُ أيامَ اجْتِمَاع الْهوى ... وقرّةً الْأَعْين بالوصلِ)
)
(وَنحن فِي غرّة دهرٍ لنا ... نطالب الْأَزْمَان بالذَّحْل)
(فكدت أَقْْضِي من قَضَاء النَّوَى ... عليّ بعد العزِّ بالذلّ)
(وَلَيْسَ ذكري لَك عَن خاطر ... بل هُوَ مَوْصُول بِلَا فصل)
3 - (الْكَاتِب)
إِسْمَاعِيل بن صبيح الْكَاتِب على ديوَان الرسائل والتوقيع والسر وضياع الْخَاصَّة والعوافي لهارون الرشيد كَانَ كَاتبا حَافِظًا بليغاً دخل أَعْرَابِي على الرشيد وَإِسْمَاعِيل بن صبيح يكْتب بَين يَدَيْهِ وَكَانَ أحسن النَّاس خطا وأسرعهم يدا فَقَالَ أرجوزةً فَقَالَ لَهُ الرشيد صف هَذَا فَقَالَ مَا رَأَيْت أطيش من قلمه وَلَا أثبت من حلمه ثمَّ قَالَ
(رقيقُ حَوَاشِي الحلْم حِين تثوره ... يُرِيك الهُوَينا والأمور تطيرُ)
(لَهُ قَلما بؤسَى ونُعْمى كِلَاهُمَا ... سَحابتُه فِي الحالتَين دَرُورُ)
(يناجيك عمّا فِي ضميرك لحظُه ... وَيفتح بابَ النُّجْح وَهُوَ عسيرُ)
فَقَالَ الرشيد وَجب لَك يَا أَعْرَابِي حق عَلَيْهِ وَهُوَ يقضيك إِيَّاه وَحقّ علينا فِيهِ وَنحن نقوم بِهِ إِلَيْهِ ادفعوا إِلَيْهِ دِيَة الْحر فَقَالَ إِسْمَاعِيل وَله عَليّ دِيَة العَبْد وَقَالَ إِسْمَاعِيل كنت يَوْمًا بَين يَدي يحيى بن خَالِد فَإِذا جَعْفَر بن يحيى قد دخل فَلَمَّا رَآهُ من بُعدٍ أشاح بِوَجْهِهِ وَأعْرض فَقلت لَهُ بعد أَن نَهَضَ جعلني الله فدَاك تفعل هَذَا بابنك وحاله عِنْد الرشيد حَاله وموضعه مَوْضِعه مَا يقدم عَلَيْهِ ولدا وَلَا وليا قَالَ إِلَيْك عني أَيهَا الرجل فو الله لَا يكون هَلَاك هَذَا الْبَيْت إِلَّا بِسَبَبِهِ فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بِشَهْر أَو نَحوه دخل أَيْضا عَلَيْهِ مثل ذَلِك الدُّخُول فَفعل مثل ذَلِك الْفِعْل فَأَعَدْت عَلَيْهِ مثل ذَلِك القَوْل فَقَالَ أدن مني الدواة فأدنيتها فَأخذ رقْعَة وَكتب فِيهَا كلماتٍ يسيرَة ثمَّ خَتمهَا وَقَالَ لتكن عنْدك هَذِه فَإِذا دخلت سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وَمضى شهر الْمحرم وَدخل من صفر يَوْمَانِ فَانْظُر فِيهَا فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْوَقْت أوقع الرشيد بهم فَنَظَرت فَإِذا هُوَ الْيَوْم الَّذِي ذكره قَالَ إِسْمَاعِيل فَكَانَ يحيى من أَحسب النَّاس وأعلمهم بالنجوم قَالَ مَيْمُون بن هَارُون قَالَ لي عبيد الله بن سُلَيْمَان حَدثنِي الْفضل بن مَرْوَان إِن أول من كذب من رُؤَسَاء النَّاس الْكتاب ووعدوهم الولايات والأعمال ومطلوهم بهَا وَلم يفوا بِشَيْء مِنْهَا إِسْمَاعِيل بن صبيح وَمَا كَانَ النَّاس قبل ذَلِك يعْرفُونَ المواعيد الكاذبة(9/75)
3 - (الْمعز صَاحب الْيمن)
)
إِسْمَاعِيل بن طغتكين بن أَيُّوب بن شادي الْملك الْمعز ابْن سيف الْإِسْلَام صَاحب الْيمن ورد بَغْدَاد فَأكْرم وتلقوه وَكَانَ منهمكاً على اللَّهْو وَالشرب قَلِيل الْخَيْر وَكتب مَعَه منشور إِلَى أَبِيه بِالرِّضَا عَنهُ وَلما توفّي أَبوهُ ولي بعده ثمَّ ادّعى النُّبُوَّة وَقبل ذَلِك ادّعى أَنه أموي ورام الْخلَافَة وَأظْهر الْعِصْيَان فزثب عَلَيْهِ أَخَوان من امرائه فقتلاه وَولي الْيمن بعده أَخُوهُ أَيُّوب ولقب النَّاصِر وَكَانَ صَغِيرا وَكَانَت قتلته سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ لما ادّعى تلقب بِالْإِمَامِ الْهَادِي بِنور الله الْمعز لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ ومدحه الشُّعَرَاء وَمن شعره فِي هَذَا الْمَعْنى من الطَّوِيل
(وإنّي أَنا الْهَادِي الْخَلِيفَة وَالَّذِي ... أدوس رِقَاب الغُلب بالضُّمَّر الجُرْدِ)
(وَلَا بدّ من بَغْدَاد أطوي ربوعَها ... وأنْشرها نشر السماسر للبُرْدِ)
(وأنصب أعلامي على شُرفاتها ... وأُحيي بهَا مَا كَانَ أسّسه جدّي)
(ويُخْطَبُ لي فِيهَا على كل منبرٍ ... وأظْهرِ دين الله فِي الغَور والنجدِ)
3 - (الْكَاتِب)
إِسْمَاعِيل بن عباد بن مُحَمَّد بن وزيران أَبُو الْقَاسِم الْكَاتِب الْأَصْبَهَانِيّ ذكره السلَفِي وَقَالَ هُوَ من بَيت الرياسة وَالْكِتَابَة فَاضل فِي الْأَدَب والنحو بارع فِي الترسل وخطه فِي غَايَة الْجَوْدَة وَكَانَ سمع مَعنا الحَدِيث على شُيُوخنَا
3 - (الصاحب ابْن عباد)
إِسْمَاعِيل بن عباد بن الْعَبَّاس بن عباد الْوَزير الملقب بالصاحب كَافِي الكفاة أَبُو الْقَاسِم من الطالقان وَهِي ولَايَة بَين قزوين وأبهر وَهِي عدَّة قرى يَقع عَلَيْهَا هَذَا الِاسْم وبخراسان بَلْدَة غير هَذِه يَقع عَلَيْهَا هَذَا الِاسْم خرج مِنْهَا جمَاعَة من الْعلمَاء قَالَ فِيهِ الرستمي شاعره من الْكَامِل
(يَهْني ابنَ عبّاد بن عبّاس بن عب ... د الله نُعمى بالكرامة تُرْدف)
ومدحه أَبُو المرجى الْأَهْوَازِي بقصيدة لما ورد الأهواز مِنْهَا من السَّرِيع
(إِلَى ابْن عبّادٍ أبي القاسمِ ال ... صاحبِ إِسْمَاعِيل كَافِي الكفاه)(9/76)
فَاسْتحْسن جمعه بَين اسْمه ولقبه وكنيته وَاسم أَبِيه فِي بَيت وَاحِد وَذكر وُصُوله إِلَى بَغْدَاد وَملكه إِيَّاهَا فَقَالَ)
وَيشْرب الجُند هَنِيئًا بهَا فَقَالَ لَهُ أمسك فَأمْسك فَقَالَ تُرِيدُ أَن تَقول من بعد مَاء الريّ مَاء الفُراه فَقَالَ كَذَا وَالله فَضَحِك وَقَالَ السلَامِي يهجوه من الرمل
(يَا ابنَ عبّاد ابْن عبا ... س بن عبد الله حِرْها)
(تُنْكِرَ الجبْرَ وأُخرج ... تَ إِلَى دنياك كَرْها)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا يمدحه من الْكَامِل
(ورِث الوزارة كَابِرًا عَن كابرٍ ... موصولةَ الإسنادِ بالإسنادِ)
(يَروي عَن العبّاس عبّادٌ وزا ... رَتَه وإسماعيلُ عَن عبّادِ)
كَانَ أَبُو الْقَاسِم وَزِير مؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه وأخيه فَخر الدولة وَكَانَت وزارته ثَمَانِي عشرَة سنة وشهراً وَاحِدًا وَهُوَ أول من سمي الصاحب من الوزراء لِأَنَّهُ صحب مؤيد الدولة من الصَّبِي وَسَماهُ الصاحب فغلب عَلَيْهِ هَذَا اللقب وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ صَاحب ابْن العميد
وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَفِي سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة مَاتَ وَالِده عباد وَهِي السّنة الَّتِي ولد فِيهَا الصاحب أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل وَكَانَ من أهل الْعلم سمع أَبوهُ أَبَا خَليفَة الْفضل بن الْحباب وَغَيره من البغداديين والرازيين والأصبهانيين وصنف كتابا فِي أَحْكَام الْقُرْآن نصر فِيهِ مَذْهَب الاعتزال وَلما مَاتَ الصاحب أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل أغلقت لَهُ مَدِينَة الرّيّ وَاجْتمعَ النَّاس على بَاب قصره ينتظرون خُرُوج جنَازَته وَحضر مخدومه فَخر الدولة وَسَائِر القواد وَقد غيروا لباسهم فَلَمَّا خرج نعشه صَاح النَّاس بأجمعهم صَيْحَة وَاحِدَة وقبلوا الأَرْض وَمَشى فَخر الدولة أَمَام الْجِنَازَة وَقعد للجنازة أَيَّامًا ورثاه أَبُو سعيد الرستمي فَقَالَ من الطَّوِيل
(أبعْدَ ابْن عبّادٍ يَهشُّ إِلَى السُّرى ... أَخُو أملٍ أَو يُستماح جوادُ)
(أَبى الله إلاّ أَن يموتا بِمَوْتِهِ ... فَمَا لَهُم حَتَّى الْمعَاد معادُ)
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الْعَلَاء الشَّاعِر الْأَصْبَهَانِيّ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن قَائِلا يَقُول لي لِمَ لمْ تَرث الصاحب مَعَ فضلك وشعرك فَقلت ألجمتني كَثْرَة محاسنه فَلم أدر بِمَا أبدأ مِنْهَا وَخفت أَن أقصر وَقد ظن بِي الاسيتفاء لَهَا فَقَالَ أجز مَا أقوله فَقلت قل فَقَالَ من الطَّوِيل)(9/77)
فَقَالَ هما اصْطَحَبا حَيَّيْنِ ثّم تعانقا
فَقلت ضَجيعَين فِي لحدٍ ببابِ ذَرِيِه
فَقَالَ إِذا ارتحل الثاوونَ عَن مستقرّهم
فَقلت أَقَامَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فِيهِ
وَكَانَ الصاحب نادرة عصره وأعجوبة دهره فِي الْفَضَائِل والمكارم أَخذ الْأَدَب عَن ابْن العميد وَابْن فَارس وَسمع من أَبِيه وَمن غير وَاحِد وَحدث وأملي وَاتخذ لنَفسِهِ بَيْتا سَمَّاهُ بَيت التَّوْبَة وَجلسَ فِيهِ أسبوعاً وَأخذ خطوط الْفُقَهَاء بِصِحَّة تَوْبَته وَخرج متحنكاً متطلساً بزِي أهل الْعلم وَقَالَ للنَّاس قد علمْتُم قدمي فِي الْعلم فَكل أقرّ لَهُ بذلك وقالك قد علمْتُم أَنِّي متبلس بِهَذَا الْأَمر الَّذِي أَنا فِيهِ وَجَمِيع مَا أنفقته من صغري إِلَى وقتي هَذَا من مَال أبي وجدي ثمَّ مَعَ هَذَا كُله لَا أَخْلو من تبعات أشهد الله وأشهدكم أَنِّي تائب إِلَى الله عز وَجل من كل ذَنْب أذنبته ولبث فِي ذَلِك الْبَيْت أسبوعاً ثمَّ خرج فَقعدَ للإملاء وَحضر النَّاس الْكثير إِلَى الْغَايَة كَانَ الْمُسْتَمْلِي الْوَاحِد لَا يقوم بالإملاء حَتَّى انضاف إِلَيْهِ سِتَّة كل يبلغ صَاحبه وَكَانَ الأول ابْن الزَّعْفَرَانِي الْحَنَفِيّ وَكَانَ إِذْ ذَاك رئيسهم فَمَا بَقِي فِي الْمجْلس أحد من أهل الْعلم إِلَّا وَقد كتبه حَتَّى القَاضِي عبد الْجَبَّار وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاة بِالريِّ
وَقَالَ الصاحب حضرت مجْلِس ابْن العميد عَشِيَّة من عشايا رَمَضَان وَقد حَضَره الْفُقَهَاء والمتكلمون للمناظرة وَأَنا إِذْ ذَاك فِي ريعان شَبَابِي فَمَا تفوض الْمجْلس وَانْصَرف الْقَوْم إِلَّا وَقد حل الْإِفْطَار فأنكرت ذَلِك فِي نَفسِي واستقبحت إغفاله أَمر إفطار الْحَاضِرين مَعَ وفور رياسته واتساع حَاله واعتقدت أَن لَا أخل بِمَا أخل بِهِ إِذا قُمْت مقَامه فَكَانَ الصاحب لَا يدْخل)
عَلَيْهِ أحد فِي رَمَضَان بعد الْعَصْر كَائِنا من كَانَ فَيخرج من دَاره إِلَّا بعد الْإِفْطَار عِنْده وَكَانَت دَاره لَا تَخْلُو كل لَيْلَة من ليَالِي رَمَضَان من ألف نفس مفطرة وَكَانَت صدقاته وقرباته تبلغ فِي شهر رَمَضَان مبلغ مَا يُطلقهُ فِي السّنة كلهَا وَكَانَ فِي الصغر إِذا أَرَادَ الْمُضِيّ إِلَى الْمَسْجِد ليقْرَأ تعطيه والدته دِينَارا فِي كل يَوْم ودرهماً وَتقول لَهُ تصدق بِهَذَا على أول فَقير تَلقاهُ فَجعل هَذَا دأبه فِي شبابه إِلَى أَن كبر وَمَاتَتْ والدته وَهُوَ على هَذَا يَقُول للْفراش فِي كل لَيْلَة اطرَح تَحت المطرح دِينَارا ودرهماً لئلاّ ينساه فَبَقيَ على هَذَا مُدَّة ثمَّ إِن الْفراش نسي لَيْلَة من اللَّيَالِي أَن يطْرَح لَهُ الدِّرْهَم وَالدِّينَار فانتبه وَصلى وقلب المطرح ليَأْخُذ الدِّرْهَم وَالدِّينَار فَمَا رآهما فتطير من ذَلِك وَظن أَنه لقرب أَجله فَقَالَ للفراشين شيلوا كل مَا هُنَا من الْفرش وأخرجوه وَأَعْطوهُ لأوّل فَقير تلقونه حَتَّى يكون كَفَّارَة لتأخير هَذَا فَلَقوا أعمى هاشمياً يتكئ على يَد امْرَأَة فَقَالُوا تقبل هَذَا فَقَالَ مَا هُوَ فَقَالُوا(9/78)
مطرح ديباج ومخاد ديباج فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فأعلموا الصاحب بأَمْره فَأحْضرهُ وسقاه شرابًا بَعْدَمَا رش عَلَيْهِ المَاء فَلَمَّا أَفَاق سَأَلَهُ فَقَالَ اسألوا هَذِه الْمَرْأَة إِن لم تصدقوني فَقَالَ لَهُ اشرح فَقَالَ أَنا رجل شرِيف ولي ابْنة من هَذِه الْمَرْأَة خطبهَا رجل فزوجناه ولي سنتَيْن آخذ الْقدر الَّذِي يفضل عَن قوتنا أَشْتَرِي لَهَا بِهِ قِطْعَة صفراء وطفرية وَمَا أشبه ذَلِك فَلَمَّا كَانَ البارحة قَالَت أمهَا اشْتهيت لَهَا مطرح ديباج ومخاد ديباج فَقلت من أَيْن لي ذَلِك وَجرى بيني وَبَينهَا خُصُومَة إِلَى أَن سَأَلتهَا أَن تَأْخُذ بيَدي وتخرجني حَتَّى أمضي على وَجْهي فَلَمَّا قَالَ لي هَؤُلَاءِ هَذَا الْكَلَام حق لي أَن يغشى عَليّ
فَقَالَ لَا يكون الديباج إِلَّا مَعَ مَا يَلِيق بِهِ هاتم الأنماطيين فجيء بهم فَاشْترى مِنْهُم الجهاز الَّذِي يَلِيق بذلك المطرح وأحضر زوج الصبية وَدفع إِلَيْهِ بضَاعَة سنية
واستدعى فِي بعض الْأَيَّام شرابًا فأحضروا قدحاً فَلَمَّا أَرَادَ أَن يشربه قَالَ لَهُ أحد خواصه لَا تشربه فَإِنَّهُ مَسْمُوم وَكَانَ الْغُلَام الَّذِي نَاوَلَهُ وَاقِفًا فَقَالَ للمحذر لَهُ مَا الشَّاهِد على صِحَة قَوْلك قَالَ تجربه فِي الَّذِي ناولك إِيَّاه فَقَالَ لَا أستجيز ذَلِك وَلَا أستحله قَالَ فجربه فِي دجَاجَة قَالَ التَّمْثِيل بِالْحَيَوَانِ لَا يجوز ورد الْقدح وَأمر بِقَلْبِه وَقَالَ للغلام انْصَرف عني وَلَا تدخل دَاري وَأمر بِإِقْرَار جاريه وجرايته عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يدْفع الْيَقِين بِالشَّكِّ والعقوبة بِقطع الرزق نذالة
وَقَالَ الصاحب أنفذ إِلَيّ أَبُو الْعَبَّاس تاش الْحَاجِب رقْعَة فِي السِّرّ بِخَط صَاحبه نوح بن)
مَنْصُور ملك خُرَاسَان يُرِيدنِي فِيهَا على الانحياز بِحَضْرَتِهِ ليلقي إِلَيّ مقاليد ملكه ويعتمدني لوزارته ويحكمني فِي ثَمَرَات بِلَاده قَالَ فَكَانَ فِيمَا اعتذرت إِلَيْهِ من تركي امْتِثَال أمره طول ذيلي وَكَثْرَة حاشيتي وصبيتي وحاجتي لنقل كتبي خَاصَّة إِلَى أَرْبَعمِائَة جمل فَمَا الظَّن بِمَا يَلِيق بهَا من تجمل مثلي وَكَانَ يَقُول لجلسائه نَحن بِالنَّهَارِ سُلْطَان وبالليل إخْوَان وَكَانَ مكي المنشد قديم الصُّحْبَة للصاحب والخدمة فأساء إِلَيْهِ غير مرّة فَلَمَّا كثر ذَلِك مِنْهُ أَمر بحبسه فِي دَار الضَّرْب وَكَانَت فِي جواره فاتفق أَن الصاحب صعد سطح دَاره وأشرف على دَار الضَّرْب فناداه مكي فاطَّلَعَ فَرَآه فِي سواءِ الْجَحِيم فَضَحِك الصاحب وَقَالَ اخْسَأوا فِيهَا وَلَا تكلِّمون ثمَّ أَمر بِإِطْلَاقِهِ وَدخل إِلَى الصاحب رجل لَا يعرفهُ فَقَالَ أَبُو من فَأَنْشد الرجل من الطَّوِيل
(وتتّفق الأسماءُ فِي اللَّفْظ والكُنى ... كثيرا ولكنْ لَا تلاقى الخلائقُ)
فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ يَا أَبَا الْقَاسِم وَقَالَ الصاحب مَا قطعني إِلَّا شَاب ورد علينا إِلَى أَصْبَهَان بغدادي فقصدني فَأَذنت لَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ مرقعة وَفِي رجلَيْهِ نعل طاق فَنَظَرت إِلَى حاجبي فَقَالَ لَهُ وَهُوَ يصعد إِلَيّ اخلع نعلك فَقَالَ وَلم لعَلي أحتاج إِلَيْهَا بعد سَاعَة فغلبني الضحك وَقلت أتراه يُرِيد أَن يصفعني وَقَالَ مُحَمَّد بن الْمَرْزُبَان كُنَّا بَين يَدَيْهِ لَيْلَة فنعس وَأخذ إِنْسَان يقْرَأ سُورَة الصافات فاتفق أَن بعض هَؤُلَاءِ الأجلاف من أهل مَا وَرَاء النَّهر نعس أَيْضا وضرط ضرطةً مُنكرَة فانتبه وَقَالَ يَا(9/79)
أَصْحَابنَا نمنا على وَالصَّافَّات وانتبهنا على والمرسلات
وَقَالَ أَيْضا انفلتت لَيْلَة ضرطةٌ من بعض الْحَاضِرين وَهُوَ فِي الجدل فَقَالَ على حِدته كَانَت بيعَة أبي بكر خُذُوا فِيمَا أَنْتُم فِيهِ يَعْنِي أَنه قيل فِي بيعَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا كَانَت فلتة وَقَالَ قوم من إصبهان للصاحب لَو كَانَ الْقُرْآن مخلوقاً لجَاز أَن يَمُوت وَلَو مَاتَ الْقُرْآن فِي آخر شعْبَان بِمَاذَا كُنَّا نصلي التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان فَقَالَ الصاحب لَو مَاتَ الْقُرْآن لَكَانَ يَمُوت رَمَضَان وَيَقُول لَا حَيَاة لي بعْدك وَلَا نصلي التَّرَاوِيح ونستريح وَيُقَال إِن ابْن أبي الحظيري أَتَى إِلَيْهِ يَوْمًا فَقَامَ لَهُ فَمر مسرعاً لأَجله فضرط فَقَالَ يَا مَوْلَانَا الصاحب هَذَا صرير التخت فَقَالَ بل صفير التحت فَذهب وَقد استحيى وَانْقطع فَكتب إِلَيْهِ من الْبَسِيط
(قٌل للحظيريّ لَا تذهبْ على خَجَلٍ ... من ضرطةٍ أشبهتْ ناياً على عودِ)
(فإنّها الريحُ لَا تَسطيعُ تُمْسِكها ... إِذْ لستَ أنتَ سليمانَ بن داودِ)
)
وَكَانَ الصاحب قد ولى عبد الْجَبَّار الأسداباذي قَضَاء الْقُضَاة بهمذان وَالْجِبَال فَاسْتَقْبلهُ يَوْمًا وَلم يترجل لَهُ وَقَالَ أَيهَا الصاحب أُرِيد أَن أترجل للْخدمَة وَلَكِن الْعلم يَأْبَى ذَلِك وَكَانَ يكْتب فِي عنوان كِتَابه إِلَى الصاحب داعيه عبد الْجَبَّار بن أَحْمد ثمَّ كتب وليه عبد الْجَبَّار بن أَحْمد ثمَّ كتب عبد الْجَبَّار بن أَحْمد فَقَالَ الصاحب لندمائه أطنه يؤول أمره إِلَى أَن يكْتب الْجَبَّار وَقَالَ ابْن بابك سَمِعت الصاحب يَقُول مدحت وَالْعلم عِنْد الله بِمِائَة ألف قصيدة شعرًا عربيةٍ وفارسية وَقد أنفقت أَمْوَالِي على الشُّعَرَاء والأدباء وَالزُّوَّارِ والقصاد مَا سررت بِشعر وَلَا سرني شَاعِر كَمَا سرني أَبُو سعيد الرستمي الْأَصْبَهَانِيّ بقوله ورث الوزارة كَابِرًا عَن كابرٍ الْبَيْتَيْنِ
كتب عَامل إِلَيْهِ رقْعَة إِن رأى مَوْلَانَا أَن يَأْمر بإشغالي بِبَعْض أشغاله فعل فَوَقع الصاحب تحتهَا من كتب إشغالي لَا يصلح لأشغالي وَوَقع إِلَى أبي الْحسن الشقيقي الْبَلْخِي من نظر لدينِهِ نَظرنَا لدنياه فَإِن آثرت الْعدْل والتوحيد بسطنا لَك الْفضل والتمهيد وَإِن أَقمت على الْجَبْر فَمَا لكسرك جبر وَلما كَانَ بِبَغْدَاد قصد القَاضِي أَبَا السَّائِب عتبَة بن عبيد لقَضَاء حَقه فتثاقل فِي الْقيام لَهُ وتحفز تحفزاً أرَاهُ بِهِ ضعفا عَن حركته وقصور نهضته فَأخذ الصاحب بضبعه وأقامه وَقَالَ نعين القَاضِي على قَضَاء حُقُوق إخوانه فَخَجِلَ القَاضِي أَبُو السَّائِب وَاعْتذر إِلَيْهِ وَوجد يَوْمًا بعض ندمائه متغير السحنة فَقَالَ مَا الَّذِي بك قَالَ حَما فَقَالَ لَهُ الصاحب قَه فَقَالَ لَهُ النديم وه فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ وخلع عَلَيْهِ قلت إِنَّمَا قَالَ لَهُ الصاحب قه لِأَنَّهُ لَا يُقَال إِلَّا حميا فأضاف إِلَيْهَا الْقَاف وَالْهَاء لتصير حماقه فلطف النديم وظرف فِي زِيَادَة الْوَاو وَالْهَاء ليصير ذَلِك قهوة ضرب الصاحب معلمه يَوْمًا فَأَنْشد يَقُول من الْبَسِيط
(أودعتني العلمَ فَلَا تجهلِ ... كم مِقْولٍ يجني على المقتلِ)
(أَنْت وَإِن علَّمتَني سوقةٌ ... وَالسيف لَا يُبقي على الصّيقْلِ)(9/80)
وَسَأَلَ أَبَا الْحسن عَليّ بن عِيسَى الربعِي عَن مَسْأَلَة فَأجَاب جَوَابا أَخطَأ فِيهِ فَقَالَ لَهُ أصبت فَقبل الأَرْض شكرا فَلَمَّا رفع رَأسه قَالَ لَهُ عين الْخَطَأ وعزل الصاحب عَاملا بقم فَكتب إِلَيْهِ أَيهَا الْعَامِل بقم قد عزلناك فَقُمْ وَمَا عظم وزيراً مخدومه وَمَا عظم فَخر الدولة الصاحب ابْن عباد قَالَ الصاحب مَا اسْتَأْذَنت على فَخر الدولة قطّ وَهُوَ فِي مجْلِس أنسه إِلَّا انتقلا إِلَى مجْلِس الحشمة وَأذن لي فِيهِ وَمَا أذكر أَنه تبذل بَين يَدي أَو مازحني قطّ إِلَّا مرّة وَاحِدَة فَإِنَّهُ)
قَالَ لي بَلغنِي أَنَّك تَقول إِن الْمَذْهَب مَذْهَب الاعتزال والنيك نيك الرِّجَال فأظهرت الْكَرَاهَة لانبساطه وَقلت بِنَا من الْجد مَا لَا نفرغ مَعَه للهزل ونهضت وَقَالَ الصاحب يَوْمًا كَانَ أَبُو الْفضل يَعْنِي ابْن العميد سيداً وَلَكِن لم يشق غبارنا وَلَا أدْرك شوارنا وَلَا فسخ عذارنا وَلَا عرف غرارنا وَلَا فِي علم الدّين وَلَا فِيمَا يرجع إِلَى نفع الْمُسلمين فَأَما ابْنه فقد عَرَفْتُمْ قدره فِي هَذَا وَفِي غَيره طياش قلاش لَيْسَ عِنْده إِلَّا قاش وقماش مثل ابْن عَيَّاش والهروي الْحَوَاشِي وَولدت والشعري فِي طالعي وَلَوْلَا دقيقة لأدركت النُّبُوَّة وَقد أدْركْت النُّبُوَّة إِذْ قُمْت بالذب عَنْهَا والنصرة لَهَا فَمن ذَا يجارينا أَو يمارينا أَو يبارينا أَو يغارينا ويسارينا ويشارينا وَلم يكن الصاحب يقوم لأحد من النَّاس وَلَا يُشِير إِلَى الْقيام وَلَا يطْمع أحد فِي ذَلِك مِنْهُ من أَرْبَاب السيوف أَو الأقلام أَمِيرا كَانَ أَو مَأْمُورا وَنزل بالصيمرة عِنْد عودة من الأهواز فَدخل عَلَيْهِ شيخ من الْمُعْتَزلَة زاهد يعرف بِعَبْد الله بن إِسْحَاق فَقَامَ لَهُ فَلَمَّا خرج قَالَ مَا قُمْت لأحد مثل هَذَا الْقيام مُنْذُ عشْرين سنة وَإِنَّمَا فعل ذَلِك لزهده لِأَنَّهُ كَانَ أحد أبدال دهره
وَلم يجْتَمع بِبَاب أحد من الْمُلُوك وَالْخُلَفَاء والوزراء مثل مَا اجْتمع بِبَاب الرشيد كَأبي نواس وَأبي الْعَتَاهِيَة والعتابي والنمري وَمُسلم بن الْوَلِيد وَأبي الشيص وَابْن أبي حَفْصَة وَمُحَمّد بن مناذر وجمعت حَضْرَة الصاحب بأصبهان والري وجرجان مثل أبي الْحُسَيْن السلَامِي والرستمي وَأبي الْقَاسِم الزَّعْفَرَانِي وَأبي الْعَبَّاس الضَّبِّيّ وَالْقَاضِي الْجِرْجَانِيّ وَأبي الْقَاسِم ابْن أبي الْعَلَاء وَأبي مُحَمَّد الخازن وَأبي هَاشم الْعلوِي وَأبي الْحسن الْجَوْهَرِي وَبني المنجم وَابْن بابك وَابْن القاشاني والبديع الهمذاني وَإِسْمَاعِيل الشَّاشِي وَأبي الْعَلَاء الْأَسدي وَأبي الْحسن الغويري وَأبي دلف الخزرجي وَأبي حَفْص الشهرزوري وَأبي معمر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي الْفَيَّاض الطَّبَرِيّ وَأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ ومدحه مُكَاتبَة الرضي الموسوي وَأَبُو إِسْحَاق الصابي وَابْن الْحجَّاج وَابْن سكرة وَابْن نباتة وَغَيرهم وَأما المتنبي فَإِنَّهُ قَالَ بَلغنِي أَن أَصْبَهَان غليماً معطاء وَلم يدْخل إصبهان وَلَا مدحه وَكَانَ الصاحب لما بلغه وُصُوله تِلْكَ الْبِلَاد أباع دَارا لَهُ بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وأرصدها للمتنبي إِن جَاءَ إِلَيْهِ ومدحه فَلَمَّا بلغه مَا قَالَه المتنبي أعرض عَنهُ وتتبع شعره وأملي رِسَالَة على ذمّ شعره وَأما أَبُو حَيَّان التوحيدي فَإِنَّهُ أملي فِي ذمه وذم ابْن العميد مجلدةً سَمَّاهَا ثلب الوزيرين أَتَى فِيهَا بقبائح فَمن ذَلِك مَا ذكره فِي حق الصاحب أَنه نَاظر بِالريِّ يَهُودِيّا هُوَ رَأس الجالوت فِي إعجاز الْقُرْآن فَرَاجعه الْيَهُودِيّ فِيهِ طَويلا وماتنه)
قَلِيلا وتنكد عَلَيْهِ حَتَّى احتد وَكَانَ ينْقد وتستشيط وتلتهب وتختلط كَيفَ يكون الْقُرْآن عِنْدِي آيَة وَدلَالَة ومعجزةً من جِهَة نظمه وتأليفه فَإِن كَانَ النّظم(9/81)
والتأليف بديعين وَكَانَ البلغاء فِيمَا يدعى عَنهُ عاجزين وَله مذعنين وَهَا أَنا أصدق عَن نَفسِي وَأَقُول مَا عِنْدِي أَن رسائلك وكلامك وفقرك وَمَا تؤلفه وتباده بِهِ نظماً ونثراً هُوَ فَوق ذَلِك أَو مثل ذَلِك وَقَرِيب مِنْهُ وعَلى حالٍ لَيْسَ يظْهر لي أَنه دونه وَأَن ذَلِك سيستعلى عَلَيْهِ بِوَجْه من وُجُوه الْكَلَام أَو بمرتبة من مَرَاتِب البلاغة فَلَمَّا سمع ابْن عباد هَذَا فتر وخمد وَسكن عَن حركته وانحمص ورمه بِهِ وَقَالَ وَلَا هَكَذَا يَا شيخ كلامنا حسن وبليغ وَقد أَخذ من الجزالة خطا وافراً وَمن الْبَيَان نَصِيبا ظَاهرا وَلَكِن الْقُرْآن لَهُ المزية الَّتِي لَا تجْهَل والشرف الَّذِي لَا يخمل وَأَيْنَ مَا خلقه الله على أتم حسنٍ وبهاء مِمَّا يخلقه العَبْد بطلبٍ وتكلف هَذَا كُله يَقُوله وَقد خبا حميه وتراجع مزاجه وَصَارَت ناره رَمَادا مَعَ إعجاب شديدٍ قد شاع فِي أعطافه وَفَرح غالبٍ قد دب فِي أسارير وَجهه لِأَنَّهُ رأى كَلَامه شُبْهَة للْيَهُود وَأهل الْملَل وَقَالَ كَانَ ينشد شعره وَهُوَ يلوي رقبته ويجحظ حدقته وينزي أَطْرَاف مَنْكِبَيْه ويتشايل ويتمايل كَأَنَّهُ الَّذِي يتخبَّطه الشيّطان من المسِّ
وَقَالَ دخل يَوْمًا دَار الْإِمَارَة الفيرزان الْمَجُوسِيّ فِي شَيْء خاطبه بِهِ فَقَالَ إِنَّمَا أَنْت مجش محش مخش لَا تهش وَلَا تبش وَلَا تمتش قَالَ الفيرزان أَيهَا الصاحب بَرِئت من النَّار إِن كنت أَدْرِي مَا تَقول إِن كَانَ رَأْيك أَن تَشْتمنِي فَقل مَا شِئْت بعد أَن أعلم فَإِن الْعرض لَك وَالنَّفس لَك فدَاء لست من الزنج وَلَا من البربر كلمنا على الْعَادة الَّتِي عَلَيْهَا الْعَمَل وَالله مَا هَذَا من لُغَة آبَائِك الْفرس وَلَا من أهل دينك من أهل السوَاد وَقد خالطنا النَّاس فَمَا سمعنَا مِنْهُم هَذَا النمط فَقَامَ الصاحب مغضباً قَالَ وَكَانَ كلفه بالسجع فِي الْكَلَام والقلم عِنْد الْجد والهزل يزِيد على كلف كل من رَأَيْنَاهُ قلت لِابْنِ الْمسيب أَيْن يبلغ ابْن عباد فِي عشقه للسجع قَالَ يبلغ بِهِ ذَلِك لَو أَنه رأى سجعةً ينْحل بموقعها عُرْوَة الْملك ويضطرب بهَا حَبل الدولة وَيحْتَاج من أجلهَا إِلَى غرم ثقيل وكلفة صعبة وتجشم أمورٍ وركوب أهوال لَكَانَ لَا يخف عَلَيْهِ أَن يفرج عَنْهَا ويخليها بل يَأْتِي بهَا ويستعملها وَلَا يعبأ بِجَمِيعِ مَا وصفت من عَاقبَتهَا وَقَالَ فِيهِ بعض الشُّعَرَاء من الْكَامِل
(متلقّب كَافِي الكفاة وإنّما ... هُوَ فِي الْحَقِيقَة كَافِر الكفارِ)
)
(السجع سجعُ مهوَّسٍ والخطّ خَ ... طُّ منَقْرَسٍ وَالْعقل عقل حمارِ)
قلت وعَلى الْجُمْلَة من رجالات الْوُجُود وَأَيْنَ آخر مثله وَلَكِن أَبُو حَيَّان زَاد فِي التمالئ عَلَيْهِ لنَقص حَظّ ناله مِنْهُ فتمحل لَهُ مثالب وَادّعى لَهُ معايب من الْخَفِيف
(لَو أَرَادَ الأديب أَن يهجُوَ البد ... ر رَمَاه بالخطّة الشنعاءِ)
وَمن تصانيف الصاحب الْمُحِيط باللغة عشر مجلدات رسائله الْكَافِي رسائل كتاب الزيدية الأعياد وفضائل النوروز الْإِمَامَة فِي تَفْضِيل عَليّ بن أبي طَالب وَتَصْحِيح إِمَامَة من تقدمه الوزراء لطيف عنوان المعارف فِي التَّارِيخ الْكَشْف عَن مساوئ المتنبي مُخْتَصر أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته الْعرُوض الْكَافِي جَوْهَرَة الجمهرة نهج(9/82)
السَّبِيل فِي الْأُصُول أَخْبَار أبي العيناء نقض الْعرُوض تَارِيخ الْملَل وَاخْتِلَاف الدول الزيدين ديوَان شعره وَمن شعره من الْكَامِل
(ومُهَفْهَفٍ حُلْو الشَّمَائِل أهيَفٍ ... يُردي النُّفُوس بفَتْرَتي عَيْنَيْهِ)
(مَا زَالَ يُبْعِدني ويؤثر هجرتي ... فجذبتُ قلبِي من إسار يدَيهِ)
(قَالُوا تُراجِعه فَقلت بديهةً ... قولا أقيمَ مَعَ الرَّويّ عَلَيْهِ)
(وَالله لَا راجعتُه وَلَو آنّه ... كالبدر أَو كَالشَّمْسِ أَو كبُوَيِه)
هُوَ مَأْخُوذ من شعر ابْن المعتز من الْكَامِل
(واللهِ لَا كلّمْتُها وَلَو أنّها ... كالبدر أَو كَالشَّمْسِ أَو كالمُكْتَفي)
وَمن شعره الصاحب من الرجز
(وشادنٍ جمالُه ... تقصر عَنهُ صِفَتي)
(أَهْوى لتقبيلِ يَدي ... فَقلت لَا بل شفتي)
3 - (وَمِنْه من الرمل)
(قَالَ لي إنّ رقيبي ... سيءِّ الخُلق فدارِهْ)
(قلتُ دَعْنِي وَجهك ال ... جنّةُ حُفّت بالمكارِهْ)
3 - (وَمِنْه من الوافر)
(أَقُول وَقد رأيتُ لَهُ سحاباً ... من الهجران مُقبِلةً إِلَيْنَا)
(وَقد هطلت عَزاليها بسحٍّ ... حوالينا الصدودُ وَلَا علينا)
)
وَكتب إِلَى أبي الْحسن الطَّبِيب من الرجز
(إنّا دعوناك على انبساط ... والجوعُ قد أثَّر فِي الأخلاط)
(فإنْ عَسى مِلْتَ إِلَى التباطي ... صفعتَ بالنعْل قفا بقراط)
وَقَالَ لما حَضرته الْوَفَاة من الطَّوِيل
(وَكم شامتٍ بِي عِنْد موتِي جَهَالَة ... بظُلْم يسُلُّ السيفَ بعد وفاتي)
(وَلَو علم المسكينُ مَاذَا يَنَالهُ ... من الذُّلِّ بعدِي مَاتَ قبل مماتي)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(دبَّ العذارُ على ميدان وجنتهِ ... حَتَّى إِذا كَاد أَن يسْعَى بِهِ وَقَفا)
(كأنّه كاتبٌ عزّ المِدادُ بِهِ ... أَرَادَ يكْتب لاماً فابتدا ألفاِ)
3 - (وَمِنْه من الطَّوِيل)
(تُشكِّكُنا فِي الكَرْم أنَّ انتماءه ... إِلَى الخمْر أَن هاتا إِلَى الكْرم ينتمي)(9/83)
(تمتَّع ندْمان بهَا وأحبّةٌ ... وحَظِّيَ مِنْهَا أَن أَقُول أَلا انْعمي)
(لكِ الوصفُ دونَ القصْف مني فخيِّمي ... بِغَيْر يَدي وارضَيْ بِمَا قَالَه فمي)
3 - (وَمِنْه من الْخَفِيف)
(كنتُ دهراً أَقُول بالاستطاعه ... وَأرى الْجَبْر ضِلّةً وشناعه)
(ففقدْتُ استطاعتي فِي هوى ظب ... يٍ فسمعاً للمُجْبرين وطاعه)
3 - (وَمِنْه من الطَّوِيل)
(ولمّا تناءت بالأحبّة دارُهُمْ ... وصرنا جَمِيعًا من عيان إِلَى وهمِ)
(تمكنّ مني الشوقُ غير مسامحٍ ... كمعتزليٍّ قد تمكّنَ من جهْمي)
3 - (وَمِنْه من المتقارب)
(وقائلةٍ لِمْ عرتْك الهمومُ ... وأمرك ممتثَلٌ فِي الأمَمْ)
(فَقلت ذَرِينِي على غُصّتي ... فإنَّ الهموم بقدرْ الهِمَمْ)
وَقَالَ يهجو من السَّرِيع
(شرطُ الشَّروطيّ فَتى أيِّرٌ ... وَمَا سواهُ غيرُ مشروطِ)
(أبْغَى من الإبرة لكنّه ... يُوهم قوما أنّه لوطي)
)
وَقَالَ أَيْضا من الرمل
(سِبطُ مَتُّويٍ رقيعٌ سَفِلَهْ ... أبدا يبْذل فِينَا أسْفَلَهْ)
(اعتزلنْا نَيْكه فِي دُبْرِهْ ... فَلهَذَا يَلْعنَ المعتزلهْ)
وَكَانَ شَاعِرًا أديباً من الرمل
(أَحْمد الله لبُشْرَى ... أقبلَتْ عِنْد العَشِيِّ)
(إِذْ حباني الله سِبطاً ... هُوَ سبطٌ للنبيِّ)
(مرْحَبًا ثُمَّتَ أَهلا ... بغلامٍ هاشميِّ)
(نبويٍّ علويٍّ ... حسنّيٍ صاحبيِّ)
ثمَّ قَالَ من الْبَسِيط
(الْحَمد الله حمداً دَائِما أبدا ... قد صَار سبطُ رَسُول الله لي ولدا)
وَقد ذكرت ذَلِك الشُّعَرَاء فِي أشعارها فَمن ذَلِك قَول أبي الْحسن الْجَوْهَرِي من الْبَسِيط
(وَكَانَ بعد رَسُول الله كافِلَهُ ... فَصَارَ جَدَّ بنيه بعد كافلهِ)
(هلُمَّ للخَبَر الْمَأْثُور نسنده ... فِي الطالَقانِ فقرّت عينُ ناقلهِ)(9/84)
(فَذَلِك الكنزُ عبّادٌ وَقد وضحتْ ... عَنهُ الإمامةُ فِي أولى مَخايلهِ)
لما رَوَت الشِّيعَة أَن بالطالقان كنزاً من ولد فَاطِمَة يمْلَأ الله بِهِ الأَرْض عدلا كَمَا ملئت جوراً
3 - (علم الدّين نَاظر الْجَيْش)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْجَبَّار بن يُوسُف بن عبد الْجَبَّار بن شبْل القَاضِي أَبُو الطَّاهِر علم الدّين ابْن القَاضِي الأكرام أبي الْحجَّاج الجذامي الصويتي الْمَقْدِسِي الأَصْل الْمصْرِيّ قَرَأَ الْأَدَب على ابْن بري وَصَحب شيخ الدِّيوَان السديد أَبَا الْقَاسِم كَاتب نَاصِر الدولة وانتفع بِصُحْبَتِهِ وَسمع من السلَفِي وَولي ديوَان الْجَيْش للسُّلْطَان صَلَاح الدّين ثمَّ للعزيز وَلَده وللأفضل ثمَّ للعادل إِلَى أَن صرف مِنْهُ وَكَانَ شَاعِرًا مترسلاً وعاش هُوَ ووالده عمرا وَاحِدًا كل واحدٍ مِنْهُمَا إِحْدَى وَسِتِّينَ سنة وَمَاتَا فِي ذِي الْقعدَة وَولي كل مِنْهُمَا ديوَان الْجَيْش عشْرين سنة وَهَذَا اتِّفَاق غَرِيب وَكَانَت وَفَاته فِي سنة عشر وسِتمِائَة وَمن شعره
3 - (السّديّ الْمُفَسّر)
إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ذُؤَيْب السّديّ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد السّديّ الْكَبِير الْحِجَازِي ثمَّ)
الْكُوفِي الْأَعْوَر الْمُفَسّر رَاوِي قُرَيْش روى عَن أنس بن مَالك وَابْن عَبَّاس وَعبد خيرٍ الْهَمدَانِي وَمصْعَب بن سعد وَأبي صَالح باذام وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَمرَّة الطّيب وَخلق وَرَأى أَبَا هُرَيْرَة وَالْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وروى لَهُ مُسلم وأو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ النَّسَائِيّ صَالح الحَدِيث وَقَالَ الْقطَّان لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَحْمد مقارب الحَدِيث
وَقَالَ مرّة ثِقَة وَقَالَ ابْن معِين ضَعِيف وَقَالَ أَبُو زرْعَة لين وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَقَالَ ابْن عدي هُوَ عِنْدِي صَدُوق قيل إِنَّه كَانَ عَظِيم اللِّحْيَة جدا قَالَ إِسْمَاعِيل ابْن أبي خَالِد السّديّ كَانَ أعلم بِالْقُرْآنِ من الشّعبِيّ وَأما السّديّ الصَّغِير فَهُوَ مُحَمَّد بن مَرْوَان أحد المتروكين قَالَ الفلكي إِنَّمَا لقب السّديّ لِأَنَّهُ كَانَ يجلس بِالْمَدِينَةِ فِي مكانٍ يُقَال(9/85)
لَهُ السد وَقيل إِنَّه كَانَ يَبِيع الْخمر والمقانع بسدة الْجَامِع يَعْنِي بَاب الْجَامِع وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة
3 - (الصَّابُونِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عَامر بن عَابِد أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي قَالَ الْحَافِظ عبد الغافر هُوَ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام الْخَطِيب الْمُفَسّر الْوَاعِظ أوحد وقته فِي طَرِيقَته وَكَانَ أَكثر أهل الْعَصْر من الْمَشَايِخ سَمَاعا وحفظاً ونشراً لمسموعاته وتصنيفاته وجمعاً وتحريضاُ على السماع وَإِقَامَة مجَالِس الحَدِيث سمع بنيسابور من أبي الْعَبَّاس التابوتي وَأبي سعيد السمسار وبهراة من أبي بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْفُرَات وَغَيره وَسمع بِالشَّام والحجاز وَلَقي أَبَا الْعَلَاء المعري بمعرة النُّعْمَان وَحدث بنيسابور وخراسان وَوعظ النَّاس سبعين سنة ومولده ببوشنج سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره من الْبَسِيط
(مَا لي أرى الدهَر لَا يسخو بِذِي كرمٍ ... وَلَا يجود بِمعْوانٍ ومِفْضالِ)
(وَلَا أرى أحدا فِي النَّاس مُشْتَريا ... حُسْنَ الثَّنَاء بإنعامٍ وإفضالِ)
(صَارُوا سواسيةً فِي لُؤْمهم شَرَعاً ... كأنّما نُسجوا فِيهِ بمنْوالِ)
3 - (مجد الدّين المارديني القَاضِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن مكي أَبُو الْفِدَاء مجد الدّين المارديني الْفَقِيه الشَّافِعِي توفّي بجبل الصالحية سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع العقيبة وَدفن فِي تربة الْبُرْهَان)
الْموصِلِي قريب مَسْجِد الْقدَم وَقد نَيف على السِّتين قَالَ قطب الدّين اليونيني ذكر لي أَنه كَانَ فِي أول أمره حنبلي الْمَذْهَب ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وَولي تدريس الأتابكية بجبل الصالحية وَولي الْقَضَاء بحلب وأعمالها وَكَانَ سَافر إِلَى الرّوم وَذكر أَنه قَرَأَ التَّحْصِيل على سراج الأرموي
3 - (الزين بن غزون الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْقوي بن غزون بالغين الْمُعْجَمَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة وَبعد الْوَاو نون
ابْن دَاوُد بن غزون بن اللَّيْث الزين أَبُو طَاهِر ابْن أبي مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْغَزِّي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي ولد قبل التسعين والخمسمائة وَسمع الْكثير من(9/86)
البوصيري وَابْن ياسين والعماد الْكَاتِب والحافظ عبد الْغَنِيّ وَجَمَاعَة وروى الْكثير وروى عَنهُ الدمياطي والدواداري وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة والطواشي عنبر العزيزي وَتُوفِّي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (فَخر الدّين الأسنائي الإِمَام)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْقوي بن الْحسن بن حيدرة الْحِمْيَرِي فَخر الدّين الأسنائي الْمَعْرُوف بِالْإِمَامِ اشْتغل بالفقه على الشَّيْخ النجيب بن مُفْلِح ثمَّ الشَّيْخ بهاء الدّين القفطي كَانَ إِمَام الْمدرسَة العزية بأسنا وناب فِي الحكم بمنشية إخميم وطوخ والمراغة وَاتفقَ لَهُ بالمراغة أَن بعض أَوْلَاد الشَّيْخ أبي الْقَاسِم المراغي وَقع بَينه وَبَين بعض أَوْلَاد الْفُقَرَاء وَكَانَ شَدِيد الْبَأْس فَطَلَبه الْفَقِير إِلَى القَاضِي فَأعْطَاهُ القَاضِي الجمجم وَقَالَ للْفَقِير حرر دعواك من ثَلَاثَة بِهَذَا مَا تعرف كم ضربت فبتسم الْفَقِير وغريمه واصطلحا وانفصلا على خير وَنزل مرّة فِي مركبٍ صُحْبَة الشَّيْخ بهاء الدّين وَالشَّيْخ النجيب فزمر زامر بهَا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ بهاء الدّين اسْكُتْ فَقَالَ لَهُ الإِمَام سرا الشَّيْخ إِمَام فِي هَذَا وَأَنت اسْتقْبلت خَارِجا فَرجع وزمر ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ بهاء الدّين اسْكُتْ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الإِمَام الْكَلَام فَأخذ الزامر المزمارة وقدمها للشَّيْخ وَقَالَ مَا يحسن الْمُلُوك غير هَذَا فَعرف الشَّيْخ أَنَّهَا من جِهَة الإِمَام وَله حكايات ظريفة وَعمل بَنو السديد عَلَيْهِ فانتقل إِلَى قوص وَأقَام بهَا سِنِين وكف بَصَره وَتُوفِّي بهَا فِي حُدُود عشْرين وَسَبْعمائة
3 - (شيخ الإقراء بِمَكَّة)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن قسطنطين شيخ الإقراء بِمَكَّة توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَالْمِائَة وَقيل)
سنة تسعين وَمِائَة
3 - (النّحاس الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن عمر أَبُو الْحسن الْمصْرِيّ النّحاس الْمُقْرِئ صَاحب الْأَزْرَق قَرَأَ على أبي يَعْقُوب الْأَزْرَق عَن ورش توفّي فِي حُدُود التسعين والمائتين(9/87)
3 - (ابْن الْأنمَاطِي الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله بن حسن الْأنْصَارِيّ أَبُو طَاهِر ابْن أبي مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الْأنمَاطِي الْمصْرِيّ اشْتغل بِالْعلمِ فِي صباه وتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَسمع الْكثير من شُيُوخ مصر من القَاضِي أبي الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْملك الرَّمْلِيّ وَأبي الْقَاسِم البوصيري وَإِسْمَاعِيل بن ياسين وَأبي عبد الله مُحَمَّد الأرتاحي وَجَمَاعَة دونهم وَسمع بالإسكندرية من القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْحَضْرَمِيّ وَغَيره وَسكن دمشق وَسمع الْكثير من أبي طَاهِر الخشوعي وَعبد الصَّمد بن الحرستاني والكندي وخلقٍ كثير بِدِمَشْق وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ يكْتب سَرِيعا وينقل صَحِيحا وَيقْرَأ صَحِيحا مهذباً مفوهاً سَرِيعا وَحج وَقدم من مَكَّة إِلَى بَغْدَاد وَسمع بهَا وبواسط قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَكَانَت مُدَّة فِي مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ لَهُ همة وافرة وحرص شَدِيد على الْفَوَائِد وجد واجتهاد فِي طلب الحَدِيث مَعَ معرفَة بِالْحَدِيثِ كَامِلَة وَحفظ وإتقان وَصدق وثقة وغزارة علم وَحسن طَريقَة وَجَمِيل سيرة وفصاحة وَحسن عبارَة وَسُرْعَة قلم وجودة خطّ واقتدار على النّظم والنثر ولعمري لقد كَانَ بعيد الشبيه مَعْدُوم النظير فِي وقته وَكَانَ ظريفاً دمثاً طيب الْأَخْلَاق متواضعاً متجباً إِلَى النَّاس متودداً سخي النَّفس باذلاً لكتبه وأجزائه للقراء لَا يبخل بفائدة مسارعاً إِلَى قَضَاء حوائج النَّاس وَكَانَ من الحكايات والنوادر والأناشيد شَيْئا كثيرا كتبت عَنهُ بِبَغْدَاد وَكتب عني سَأَلته عَن مولده فَقَالَ بِمصْر يَوْم الثُّلَاثَاء مستهل ذِي الْقعدَة سنة سبعين وَخَمْسمِائة وَأول سَمَاعي الحَدِيث بنفسي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي بِدِمَشْق فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الثَّالِث عشر من شهر رَجَب سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة وَدفن من الْغَد بمقابر الصُّوفِيَّة وزرت قَبره رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ أشعرياً لَهُ كَلَام يحط فِيهِ على إِمَام الْأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَة مَاتَ فِي الكهولة وَلم يرو إِلَّا الْقَلِيل
3 - (أَبُو الْعَبَّاس الميكالي)
)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مُحَمَّد بن ميكال يَنْتَهِي إِلَى يزدجرد بن بهْرَام جور أَبُو الْعَبَّاس الميكالي كَانَ شيخ خُرَاسَان ووجهها فِي عصره سمع أَبَا(9/88)
بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن إِسْحَاق السراج وَأحمد بن مُحَمَّد الماسرجسي وعبدان بن أَحْمد بن مُوسَى الجواليقي الْحَافِظ وَغَيرهم وَسمع مِنْهُ الْحفاظ مثل أبي عَليّ النَّيْسَابُورِي وَأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْحَجَّاجِي والحافظ أبي عبد الله ابْن البيع وَلما قلد المقتدر أَبَاهُ عبد الله بن مُحَمَّد الْأَعْمَال بكور الأهواز استدعى أَبوهُ أَبَا بكر ابْن دُرَيْد لتأديبه وَفِي عبد الله بن مُحَمَّد بن ميكال وَابْنه أبي الْعَبَّاس قَالَ ابْن دُرَيْد مقصورته الْمَشْهُورَة قَالَ أَبُو الْعَبَّاس لما أنشدنيها لم تصل يَدي فِي ذَلِك الْوَقْت إِلَّا إِلَى ثَلَاثمِائَة دِينَار صببتها فِي طبق كاغدٍ ووضعتها فِي يَدَيْهِ وَحدث أَبُو الْعَبَّاس بضعَة عشر سنة إملاءً وَقِرَاءَة وَلما توفّي أَبوهُ عبد الله قَلّدهُ الْخَلِيفَة الْأَعْمَال الَّتِي كَانَ أَبوهُ يتقلدها وَأمر لَهُ باللواء والخلعة وَخرج لَهُ بذلك خَادِم من خَواص الخدم فَبكى واستعفى
وَتوجه إِلَى هراة وكامن وَالِي خُرَاسَان أَحْمد بن إِسْمَاعِيل فلعب مَعَه بالصولجان وَأَعْجَبهُ ذَلِك وَعرض عَلَيْهِ أعمالاً جليلةً فَامْتنعَ فزوده بجهازٍ وخلع ثمَّ تقلد بالكره مِنْهُ ديوَان الرسائل وَجلسَ فِي مجْلِس السُّلْطَان مَعَ الْوَزير أبي جَعْفَر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْعُتْبِي وَأمر أَن يُغير زيه من التَّعْمِيم تَحت الحنك والرداء وَغير ذَلِك فَلم يفعل وَكَانَ يجلس فِي الدِّيوَان متطلساً متعمماً تَحت الحنك وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلاثمائة بنيسابور وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين سنة
3 - (أَبُو النَّصْر الْعجلِيّ)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مَيْمُون بن عبد الحميد ابْن أبي الرِّجَال أَبُو النَّصْر الْعجلِيّ سمع خلقا كثيرا وروى عَنهُ ابْن الْمُنَادِي وَغَيره وَكَانَ ثِقَة شَاعِرًا توفّي بِبَغْدَاد فِي شعْبَان سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَقد بلغ أَرْبعا وَثَمَانِينَ سنة وَمن شعره من الطَّوِيل
(تخبّرني الآمالُ أنّي معمَّر ... وأنّ الَّذِي أخشاه عنّي يؤخَّرُ)
(فَكيف ومَرُّ الْأَرْبَعين قَضِيَّة ... عليَّ بحكمٍ قاطعٍ لَا يغيَّرُ)
(إِذا الْمَرْء جَازَ الْأَرْبَعين فإنّه ... أسيرٌ لأسباب المنايا ومَعْبرُ)
3 - (ابْن أبي أويس)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله ابْن أبي أويس أَبُو عبد الله أحد فُقَهَاء الْحجاز لَهُ شعر قَلِيل نَدم بَعضهم على طَلَاق زَوجته فَقَالَ بَيْتَيْنِ وَسَأَلَ أَن يجيزهما إِسْمَاعِيل فَقَالَ من الوافر)
(لقد سَاق الفؤادَ إليكِ حِبٌّ ... بأعنف مَا يكون من اشتياقِ)
(أفاطِمَ اطلقي غُلّي وَإِلَّا ... فبعض الشدّ أرْخى من خناقِ)
(فذِكرْكُمُ ضجيعي حِين آوي ... وذِكْركمُ صَبوحي واغتباقي)
(وَإِن يكن الزمانُ عدا علينا ... وفرّق شعبْنا بعد اتّفاقِ)
(فكلّ هوى يؤول إِلَى انقضاءٍ ... كَمَا أنّ الهلالَ إِلَى المحاق)(9/89)
3 - (ابْن قَاضِي الْيمن)
إِسْمَاعِيل بن عبد الله شرف الدّين ابْن قَاضِي الْيمن مولده بِدِمَشْق سنة تسعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة من شعره من الْبَسِيط
(كُنْتُم على البُعد لي فِي قُربكُمْ أملٌ ... حَتَّى إِذا مَا دنتْ من داركمْ دَاري)
(نأيْتمُ فبعادي عنكُمُ أبدا ... أَرْجَى وأروَحُ فِي قلبِي وإضماري)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(كَانُوا بَعيدا ولي فِي وصْلهم طَمَعٌ ... حَتَّى دنَوْا فنأَوْا فِي القْرب وانقطعوا)
(فالبُعد أروَحُ لي مِن قربهم فَعَسَى ... بُعدٌ ليِشغل قلبِي ذَلِك الطَمَعُ)
وَمِنْه فِي الْملك النَّاصِر صَاحب الشَّام من الدوبيت
(هَذَا الملِكُ النَّاصِر مولَايَ إِذا ... وإفاك كَفاك كلَّ همٍّ وأذى)
(للعين وللقلب وللُروح غذا ... مَا الغيثُ وَلَا الليثُ وَلَا الْبَحْر كَذَا)
وَمِنْه فِي أسود يشرب خمرًا من الْكَامِل
(عاينتُ أسْوَدَ يحتسي ... خمرًا يسير بهَا المَثَلْ)
(فتأمَّلوا وتعجّبوا ... للشمس يكرعُها زُحلْ)
3 - (ابْن شيخ الشُّيُوخ أبي البركات الصُّوفِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد اللَّطِيف بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ شَابًّا سرياً أديباً فَاضلا لَهُ النّظم والنثر قَرَأَ الْعَرَبيَّة على ابْن الخشاب واللغة على أبي الْحسن ابْن العصار وَسمع الحَدِيث من أبي المظفر هبة الله بن أَحْمد ابْن الْبَرْمَكِي وَأبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي بكر ابْن المقرب وَغَيرهم واخترمته الْمنية فِي شبابه وَلم يرو شَيْئا وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتقدم ذكر جده)
3 - (الظافر صَاحب مصر)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْمجِيد هُوَ أَبُو الْمَنْصُور الظافر ابْن الْحَافِظ بن مُحَمَّد بن الْمُسْتَنْصر بن الطَّاهِر ابْن الْحَاكِم بن الْعَزِيز بن الْمعز بن الْمَنْصُور بن الْقَائِم بن الْمهْدي بُويِعَ يَوْم مَاتَ وَالِده بِوَصِيَّة أَبِيه وَكَانَ أَصْغَر أَوْلَاده سنا وَكَانَ كثير اللَّهْو واللعب والتفرد بالجواري واستماع الأغاني وَكَانَ يأنس إِلَى نصر بن عَبَّاس وَكَانَ عَبَّاس وزيره فاستدعاه إِلَى دَار أَبِيه لَيْلًا بِحَيْثُ لم يعلم بِهِ أحد وَتلك الدَّار هِيَ الْمدرسَة الْحَنَفِيَّة الْمَعْرُوفَة بالسيوفية فَقتله بهَا وأخفى قَتله وَذَلِكَ فِي منتصف الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَلما قَتله حضر إِلَى أَبِيه عَبَّاس وأعلمه بذلك وَكَانَ أَبوهُ عَبَّاس أمره بذلك لِأَن نصرا كَانَ فِي غَايَة الْجمال وَكَانَ(9/90)
النَّاس يَتَّهِمُونَهُ بِهِ فَقَالَ أَبوهُ إِنَّك أتلفت عرضك بصحبتك الظافر وتحدث النَّاس فِي أمركما فاقتله حَتَّى تسلم من هَذِه التُّهْمَة فَلَمَّا أصبح حضر عَبَّاس إِلَى بَاب الْقصر وَطلب الْحُضُور عِنْد الظافر فِي مُهِمّ على الْعَادة فَطَلَبه الخدم فِي الْمَوَاضِع الَّتِي عَادَته أَن يكون بهَا فَلم يجدوه فَقَالُوا لَهُ مَا نعلم أَيْن هُوَ فَنزل عَن مركوبه وَدخل الْقصر بِمن مَعَه مِمَّن يَثِق إِلَيْهِم وَقَالَ للخدم اخْرُجُوا لي أخوي مَوْلَانَا فأخرجوا لَهُ جِبْرِيل ويوسف ابْني الْحَافِظ فَسَأَلَهُمَا عَنهُ فَقَالَا لَهُ سل ولدك عَنهُ فَإِنَّهُ أعلم بِهِ منا فَقَالَ هَذَانِ قتلا مَوْلَانَا فَضرب رقابهما ثمَّ استدعى وَلَده الفائز عِيسَى وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وعمره خمس سِنِين وَقيل سنتَانِ وَحمله على كتفه ووقف فِي صحن الدَّار وَأدْخل الْأُمَرَاء وَقَالَ هَذَا ولد مولاكم وَقد قتل عماه أَبَاهُ وَقد قتلتهما كَمَا ترَوْنَ فأخلصوا لَهُ الطَّاعَة فَقَالُوا بأجمعهم سمعنَا وأطعنا وَانْفَرَدَ عَبَّاس بِالْأَمر وَلم يبْق على يَده يدٌ وَأما أهل الْقصر فَاطَّلَعُوا على بَاطِن الْأَمر فكاتبوا الصَّالح ابْن رزيك وَكَانَ وَالِي منية ابْن خصيب وَقَطعُوا شُعُورهمْ وسيروها طي مكاتبتهم فاستمال جمعا من الْعَرَب وَقصد الْقَاهِرَة فهرب عَبَّاس من وقته وَمَعَهُ شَيْء من مَاله وَمَعَهُ ابْنه نصر وَأُسَامَة بن منقذ الْمَذْكُور يُقَال إِنَّه الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمَا بقتل الظافر وَالله أعلم وقصدوا طَرِيق الشَّام على أَيْلَة فَدخل الصَّالح ابْن رزيك بِغَيْر قتال إِلَى الْقَاهِرَة وَمَا قدم شَيْئا على الدُّخُول إِلَى دَار عَبَّاس واستحضر الْخَادِم الصَّغِير الَّذِي كَانَ مَعَ الظافر وَسَأَلَهُ عَن الْمَكَان الَّذِي قتل فِيهِ فَعرفهُ بِهِ وَقلع البلاطة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ واستخرج الظافر وَمن قتل مَعَه فانتشر الصياح والبكاء وَمَشى الصَّالح أَمَام الْجِنَازَة ودفنوا الظافر فِي تربتهم الْمَعْرُوفَة بهم فِي الْقصر وتكفل الصَّالح بالصغير ودبر)
أمره وكاتبت أُخْت الظافر الفرنج بعسقلان وشرطت لَهُم مَالا جزيلاً على إمْسَاك عَبَّاس فَخَرجُوا عَلَيْهِ وصادفوه وأمسكوه وَقتلُوا عباساً واخذوا مَاله وَولده وَانْهَزَمَ أَصْحَابه وَفِيهِمْ أُسَامَة ابْن منقذ وسيرت الفرنج نصرا فِي قفص حَدِيد إِلَى الْقَاهِرَة فتسلموه عَنْهُم وتسلموا مَا شرطُوا لَهُم وَكَانَ دُخُوله سَابِع عشْرين ربيع الأول سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَأخرج من الْقصر يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شهر ربيع الآخر من السِّتَّة وَقد قطعت يَده الْيُمْنَى وجرُّض جِسْمه بِالْمَقَارِيضِ وضربوه بالسياط وصلبوه بعد ذَلِك على بَاب زويلة وأنزلوه يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ مُدَّة الظافر فِي الْخلَافَة خمس سِنِين وزر لَهُ سليم بن مصال الْأَفْضَل إِلَى أَن خرج عَلَيْهِ الْعَادِل ابْن السلار وَتمكن من المملكة إِلَى أَن قَتله ابْن امْرَأَته كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة الْعَادِل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأَقَامَ فِي الوزارة أَبَا نصر عباساً فَكَانَ آخر أمره مَعَهُمَا مَا كَانَ مِمَّا ذكرته
وَالْجَامِع الظافري الَّذِي جوا بَاب زويلة هُوَ الَّذِي عمره ووقف عَلَيْهِ شَيْئا كثيرا
3 - (عماد الدّين ابْن درباس)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك بن عِيسَى بن درباس ابْن قَاضِي(9/91)
الْقُضَاة القَاضِي عماد الدّين الماراني الشَّافِعِي نَاب عَن وَالِده فِي الْقَضَاء ودرس بالسيفية بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة
3 - (شمس الدّين ابْن الخيمي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف شمس الدّين أَبُو الظَّاهِر ابْن الخيمي الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ ولد سنة ثَلَاث عشرَة وروى عَن ابْن باقا ومرتضى بن الْعَفِيف وَكَانَ خَطِيبًا بالقرافة الصُّغْرَى وصوفياً بالخانقاه وَهُوَ أَخُو شهَاب الدّين الشَّاعِر توفّي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الحاكمي الطوسي الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك بن عَليّ أَبُو الْقَاسِم الطوسي الحاكمي تلميذ إِمَام الْحَرَمَيْنِ كَانَ ورعاً خيرا خَبِيرا بِالْمذهبِ توفّي سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة
3 - (أَبُو سعيد البوشنجي الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد أَبُو سعيد البوشنجي الشَّافِعِي نزيل هراة برع)
فِي الْمَذْهَب ودرس وَأفْتى وصنف التصانيف وَكَانَ وَاسع الْعبارَة توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الإِمَام أَبُو عبد الحميد)
إِسْمَاعِيل بن عبيد الله ابْن أبي المُهَاجر الإِمَام أَبُو عبد الحميد المَخْزُومِي مَوْلَاهُم الدِّمَشْقِي مؤدب آل عبد الْملك بن مَرْوَان من ثِقَات الشاميين وعلمائهم الْكِبَار روى عَن أنس والسائب بن يزِيد وَأم الدَّرْدَاء وَعبد الرَّحْمَن بن غنم روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وثقة الْعجلِيّ وَغَيره ولاه عمر بن عبد الْعَزِيز إمرة الْمغرب فَأَقَامَ بهَا سنة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (مؤيد الدّين الْكَاتِب الدِّمَشْقِي)
إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان بن المظفر بن هبة الله بن عبد الله بن الْحُسَيْن الشَّافِعِي مؤيد الدّين أَبُو طَاهِر الدِّمَشْقِي الْكَاتِب كتب لوالي قوص الْأُمِّي بدر الدّين إِبْرَاهِيم بن شروة الْكرْدِي ووزر لَهُ نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي من مُعْجَمه فِي تَرْجمهُ الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ من الْخَفِيف(9/92)
(مَن بمصرٍ يشتاق مَن هُوَ بالشا ... م وَأَيْنَ الشآمُ من أَرض مصرِ)
(قد نذرتُ النذور يومَ لِقاكم ... فلعلّ الزمانَ يُوفي بنذْري)
(لَا تظنّوا تَلَفُّتي لسواكم ... أنتمُ الساكنون فِي صدر صَدْرِي)
(إِن جنَيتم بالهجر أَو ببعادٍ ... مَا عَلَيْكُم فأنتمُ أهل بدْرِ)
قلت شعر نَازل
3 - (ابْن الْمعلم الْحَنَفِيّ)
إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْقرشِي الْحَنَفِيّ التيماني الإِمَام الْعَلامَة رشيد الدّين أَبُو الْفضل ابْن الْمعلم ولد سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسمع من ابْن الزبيدِيّ ثلاثيات البُخَارِيّ وَقَرَأَ بالروايات على السخاوي وَسمع مِنْهُ وَمن الْعِزّ النسابة وَابْن الصّلاح وَابْن أبي جَعْفَر وَكَانَ بَصيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ رَأْسا فِي الْمَذْهَب حدث بِدِمَشْق وبمصر وانجفل من التتار واستوطن الْقَاهِرَة وَكَانَ دينا زاهداً مقتصداً فِي لِبَاسه سمع مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين جزأين وساء خلقه قبل مَوته وَانْهَزَمَ ترك تدريس البلخية لِابْنِهِ تَقِيّ الدّين وَمَات وَلَده قبله بيسيرٍ سنة أَربع عشرَة)
وَسَبْعمائة وَعرض على الرشيد قَضَاء دمشق فَامْتنعَ
3 - (أَمِير الْبَصْرَة عَم الْمَنْصُور)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس الْهَاشِمِي عَم الْمَنْصُور كَانَ كَبِير الْقدر ولي إمرة الْبَصْرَة وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَولد بالسراة سنة ثَلَاث وَمِائَة وَخرج مَعَ ابْني أَخِيه إِلَى الْعرَاق وَولي إمرة الْمَوْسِم سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْخُزَاعِيّ أَبُو الْقَاسِم)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن رزين أَبُو الْقَاسِم الْخُزَاعِيّ ابْن أخي دعبل الشَّاعِر حَدِيثه فِي الثقفيات
قَالَ الْخَطِيب كَانَ غير ثقةٍ توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وثلاثمائة
3 - (الْحَافِظ ابْن السمان الْحَنَفِيّ)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن زيجويه أَبُو سعد ابْن السمان الرَّازِيّ الْحَافِظ كَانَ إِمَامًا فِي الْقرَاءَات والْحَدِيث وَالرِّجَال والفرائض والشروط عَالما(9/93)
بِفقه أبي حنيفَة وبالخلاف بَين الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة وَفقه الزيدية وَكَانَ يذهب مَذْهَب الشَّيْخ أبي هَاشم توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَطَاف الدُّنْيَا وَلَقي الشُّيُوخ وَكَانَ زاهداً مَا رأى مثل نَفسه فِي كل فن وَلم يكن لأحد عَلَيْهِ منَّة وَلم يضع يَده فِي قَصْعَة أحد طول عمره ووقف كتبه الَّتِي لم يُوجد مثلهَا على الْمُسلمين وَكَانَ يُقَال لَهُ شيخ العدلية وَمَات بِالريِّ وَدفن إِلَى جَانب مُحَمَّد بن الْحسن بجبل طبرك وَقَرَأَ على ألف وثلائمائة شيخ وَقَرَأَ عَلَيْهِ ثَلَاثَة آلَاف وصنف كتبا كَثِيرَة وَلم يتَزَوَّج وَتُوفِّي وَله أَربع وَتسْعُونَ سنة لم يفته فِيهَا فَرِيضَة مُنْذُ عقل وَقَالَ ابْن عَسَاكِر سمع نَحوا من أَرْبَعَة آلَاف شيخ كَذَا نقل عَنهُ سبط ابْن الْجَوْزِيّ
3 - (الحمامي الصُّوفِي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن أبي نصر أَبُو الْقَاسِم النَّيْسَابُورِي الْأَصْبَهَانِيّ الصُّوفِي الْمَعْرُوف بالحمامي مشدد الميمن شيخ معمر عالي الرِّوَايَة ولد فِي حُدُود سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة وَبكر بِهِ أَبوهُ للسماع عَاشَ بَعْدَمَا سمع نيفاً وَتِسْعين سنة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
3 - (فَخر الدّين غُلَام ابْن الْمَنِيّ)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن فَخر الدّين الْأَزجيّ الرفاء المأموني الْفَقِيه الْمُتَكَلّم الْحَنْبَلِيّ)
الْمَعْرُوف بِغُلَام ابْن الْمَنِيّ كَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر للمناظرة صنف تعليقةً فِي الْخلاف
قَالَ الْحَافِظ الضياء كَانَ الْمثل يضْرب بِغُلَام ابْن الْمَنِيّ فِي المناظرة وَأخذ عَنهُ أَئِمَّة مِنْهُم الْعَلامَة مجد الدّين ابْن تَيْمِية وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَت الطوائف مجمعة على فَضله وَعلمه وَكَانَ يدرس فِي منزله ويحضر عِنْده الْفُقَهَاء ورتب نَاظرا فِي ديوَان المطبق مديدةً فَلم تحمد سيرته فعزل واعتقل مُدَّة بالديوان ثمَّ أطلق وَلزِمَ بَيته خاملاً منكسراً متحسراً على الْمَرَاتِب والدول إِلَى أَن توالت عَلَيْهِ الْأَمْرَاض فأهلكته وَلم يكن فِي دينه بِذَاكَ ذكر لي وَلَده أَبُو طَالب عبد الله فِي معرض الْمَدْح أَنه قَرَأَ الْمنطق والفلسفة على ابْن مرقش الطَّبِيب النَّصْرَانِي وَلم يكن فِي زَمَانه أعلم مِنْهُ بِتِلْكَ الْعُلُوم وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَيْهِ إِلَى بيعَة النَّصَارَى بالأكافين وَسمعت مِمَّن أَثِق بِهِ من الْعلمَاء أَنه صنف كتابا سَمَّاهُ نواميس الْأَنْبِيَاء يذكر فِيهِ أَنهم كَانُوا حكماء كهرمس وأرسطاطاليس وأمثالهما وَسَأَلت بعض تلامذته الخصيصين بِهِ عَن ذَلِك فَمَا أثْبته وَلَا نَفَاهُ وَقَالَ كَانَ متسمحاً فِي دينه متلاعباً بِهِ وَلم يزدْ على ذَلِك وَلما ظَهرت(9/94)
الْإِجَازَة للْإِمَام النَّاصِر كتب ضراعةً يسْأَل فِيهَا أَن يجاز لَهُ فَوَقع النَّاصِر على ضراعته لَا يصلح لرِوَايَة الحَدِيث النَّبَوِيّ فطالما كَانَت السعايات بِالنَّاسِ تصدر مِنْهُ إِلَيْنَا وَبعد ذَلِك شفع فِيهِ فأجيز لَهُ وَكَانَ دَائِما يَقع فِي الحَدِيث وَفِي رُوَاته وَيَقُول هم جهال لَا يعْرفُونَ الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَلَا مَعَاني الْأَحَادِيث الْحَقِيقِيَّة بل هم مَعَ اللَّفْظ الظَّاهِر ويذمهم ويطعن عَلَيْهِم وَوجد سَمَاعه فِي مشيخة الكاتبة شهدة فَسَمعَهَا مِنْهُ جمَاعَة من الغرباء وَغَيرهم وَلم أسمع مِنْهُ شَيْئا وَلم ُأكَلِّمهُ قطّ وَأورد لَهُ من الْبَسِيط
(عددتُ ستّين عَاما لَو أكون على ... تيقُّنٍ أنّها الثُّلثان من عُمري)
(لساءني أنّ بَاقِي العُمر أيسره ... وَآخر الكأس لَا يَخْلُو من الكدرِ)
(لَو لم يكن غير أنّ الْمَوْت ينقلنا ... عَن طيب دارٍ ألفناها إِلَى الحُفَرِ)
(حُقّ الْبلَاء لنا قبل الْبلَاء وَأَن ... نُجري المدامع من خوفٍ وَمن حذرِ)
(فليتنا لم تزل أرواحُنا عدماً ... وَلم يكن خلقُنا فِي عَالم الصُّوَرِ)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الطَّوِيل
(دليلُ على حرصِ ابْن آدمَ أنّه ... ترى كفَّه مَضْمُومَة عِنْد وضْعِهِ)
(ويبسطها عِنْد الْمَمَات إِشَارَة ... إِلَى صَفْرها ممّا حَوى بعد جمعهِ)
)
قلت شعر فِي أَعلَى دَرَجَة التَّوَسُّط وَمَعْنَاهُ الأول مَأْخُوذ من قَول الآخر من السَّرِيع
(لهْفي على خمسين عَاما مَضَت ... كَانَت أَمَامِي ثمّ خلّفْتُها)
(لَو أنّ عمري مائةٌ هدّني ... تذكُّري أنّيَ نَصَّفْتْهُا)
وَمَعْنَاهُ الثَّانِي من قَول
وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قطع الْخَلِيفَة لِسَانه وألقاه فِي مطمورة إِلَى أَن مَاتَ سنة عشر وسِتمِائَة
3 - (أَبُو الْفضل الجيروني)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْقَاسِم ابْن الجيروني الدِّمَشْقِي قَرَأَ الْفِقْه فِي مَذْهَب الشَّافِعِي على ابْن الْمُسلم السّلمِيّ وعَلى أبي الْفَتْح نصر الله بن مُحَمَّد المصِّيصِي وَسمع الحَدِيث من هبة الله بن أَحْمد الْأَكْفَانِيِّ وَعلي بن سعيد الْعَطَّار وطاهر بن سهل الإسفرائيني وَغَيرهم ورحل إِلَى بَغْدَاد وَسمع الْحسن الباقرحي وَهبة الله بن(9/95)
مُحَمَّد البُخَارِيّ وَعبد الله بن أَحْمد بن عمر السَّمرقَنْدِي وَغَيرهم وَعَاد إِلَى دمشق وَشهد عِنْد الْقُضَاة وَولي كِتَابَة الحكم ثمَّ قدم بَغْدَاد وَقد علت سنه وَحدث بهَا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (الجاجرمي الْوَاعِظ)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْحُسَيْن الجاجرمي أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي كَانَ واعظاً زاهداً مشتغلاً بِنَفسِهِ حَافِظًا لوقته مضى عمره على سداد واستقامة قَالَ كَانَ وَالِدي دَعَا بِمَكَّة اللَّهُمَّ ارزقني ولدا لَا يكون وَصِيّا وَلَا صَاحب وقفٍ وَلَا قَاضِيا وَلَا خَطِيبًا فَقَالَ ابْنه لَهُ يَا أبه وَمَا بَال الْخَطِيب فَقَالَ أَلَيْسَ يَدْعُو للظلمة وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو مُحَمَّد الخطبي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن يحيى بن بنان الخطبي أَبُو مُحَمَّد سمع الْحَارِث ابْن أبي أُسَامَة والكديمي وَعبد الله بن أَحْمد وَغَيرهم وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن شاهين ورزقويه وَكَانَ ثِقَة فَاضلا نبيلاً فهما عَارِفًا بأيام النَّاس وأخبار الْخُلَفَاء وصنف تأريخاً كَبِيرا على السنين وَكَانَ أديباً يتحَرَّى الصدْق وَجه إِلَيْهِ الراضي لَيْلَة عيد الْفطر فَحمل رَاكِبًا وَقَالَ لَهُ قد عزمت غَدا على الْخطْبَة بنفسي فِي الْمصلى فَمَاذَا أَقُول إِذا دَعَوْت لنَفْسي فَأَطْرَقَ ثمَّ قَالَ قل رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه)
وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين فَدفع إِلَيْهِ أَرْبَعمِائَة دِينَار وَتُوفِّي سنة خمسين وثلاثمائة فِي خلَافَة الْمُطِيع وَكَانَ يرتجل الْخطب فَلهَذَا قَالُوا الخطبي
3 - (العبديلي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ الْأُسْتَاذ الْمُهَذّب أَبُو الْفضل العبديلي الشهرزوري قَالَ الباخرزي انتظمت بيني وَبَينه صُحْبَة فِي أَيَّام الصاحب أبي عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن(9/96)
ميكال الغزنوي وَأَنا يَوْمئِذٍ أكتب فِي ديوَان الرسائل وَهُوَ فِي وزارة الْأَمِير قتلمش بن معز الدولة وَأورد لَهُ قَوْله من الْبَسِيط
(أما الحُسامُ مَهيباً فِي القِرابِ كَذَا ... وَفِي الرّقاب غراري مُختلي القَصَرِ)
(لابدّ أَن أنتَضَى والدهر ذُو غيَرٍ ... يُحتاج فِيهِ إِلَى الصمصامة الذكرِ)
قَالَ الباخرزي وَكتب إِلَيْهِ من المنسرح
(حوى أَبُو الْفضل مَا كنوه بِهِ ... فالفضل فِي الانتساب عَبْد يِلي)
(أرى لَهُ من لُزُوم طَاعَته ... عليّ مَا لَا يرَاهُ عَبدِي لي)
3 - (أَبُو الطَّاهِر الْمُطَرز)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ الربعِي أَبُو الطَّاهِر الْمُطَرز قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر مَذْكُور جيد الْمعرفَة بالعروض وَأورد لَهُ من الوافر
(لقد أبدي وصالاً بعد صَدِّه ... وجاد بِقُرْبِهِ ووفى بعهدِهْ)
(لصبٍّ بَات حَشْو حشاه جمرٌ ... تضرَّم من صبابته ووجْدِهْ)
(رَشاً قَامَت عذاراه بعذري ... على من لامني فِي لامِ خَدِّه)
(كأنَّ يدا تخطُّ على صباح ... كَمثل وصاله لَيْلًا بصدِّه)
(سباني طرفه فطرفت شوقاً ... إِلَيْهِ وقَدَّ قلبِي حُسْنُ قدِّه)
وَأورد لَهُ أَيْضا من المجتث
(صددتَ من غير ذنْب ... عَن مُدنفٍ حِلْفِ كْربِ)
(أبقيتَه للتصابي ... نشوانَ من غيرِ شربِ)
(يَا مَن يُمِيت ويُحيي ... مَا بَين بُعدٍ وقُرْبِ)
(لم تَنْأَ عنّي ولكنْ ... جسمي نأَى عَنهُ قلبِي)
)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الوافر
(رَأَيْت مَنِ استهام بِهِ فُؤَادِي ... فحيّاني وأَحْيى بالسَّلامِ)
(فكاد يرى مكانَ هَوَاهُ منّي ... وَمَا أُخفيه من فرط السقامِ)
قلت شعر متوسط وَقَوله فرط السقام مُتَعَلق ب يرى وَلَيْسَ هُوَ مُتَعَلقا ب أخفيه يُرِيد كَاد من فرط سقامي يرى مَكَان هَوَاهُ مني وَمَا أخفيه وَهَذِه مُبَالغَة فِي وصف السقام
3 - (كَاتب كَرَامَة)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو الطَّاهِر الْمَعْرُوف بكاتب كَرَامَة من أهل قفصة قَالَ(9/97)
ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر لطيف حُلْو الْكَلَام كتب لكرامة ابْن عده الْعَزِيز بِاللَّه ثمَّ فَارقه وَتوجه إِلَى نَاحيَة الشرق سنة ثَلَاث عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَلم يظْهر لَهُ خبر وَلَا حفظ لَهُ إِلَّا قَوْله من الْكَامِل
(وَلَقَد قطعتُ اللَّيْل فِي دَعةٍ ... من غير تأثيم وَلَا ذنْبِ)
(بأعزّ من بَصرِي على بَصرِي ... وأحبّ من قلبِي إِلَى قلبِي)
وَكَانَ مستعفّاً مَشْهُورا بذلك وَلَا أَدْرِي هَل أُتِي عَلَيْهِ أَو لَا
3 - (أَبُو مُحَمَّد الحظيري)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ الحظيري من أَعمال دجيل من نهر تَابَ قدِم بَغْدَاد فِي صباه وَقَرَأَ الْأَدَب على ابْن الخشاب وَعبد الرَّحْمَن بن الْأَنْبَارِي وَحبشِي الوَاسِطِيّ واللغة على ابْن الجواليقي وَابْن العصار وبرع فِي ذَلِك وَصَارَ فَاضلا وَأَنْشَأَ الْخطب والرسائل وصنف كتابا سَمَّاهُ تَحْرِير الْجَواب وَتَقْرِير الصَّوَاب وَكَانَ زاهداً حسن الطَّرِيقَة متورعاً سكن الْموصل وَمَات بهَا سنة ثَلَاث وسِتمِائَة وَله كتاب جيد فِي الْقرَاءَات وَمن شعره من السَّرِيع
(لَا عالِمٌ يبْقى وَلَا جاهلُ ... وَلَا نبيهٌ لَا وَلَا خاملُ)
(على سبيلٍ مَهْيَعٍ لاحِبٍ ... يودي أَخُو الْيَقَظَة والغافلُ)
3 - (وَمِنْه من الطَّوِيل)
(أحِبتَّنَا من أهل بَغْدَاد إِنَّنِي ... إِلَيْكُم مشوق لستُ بالشوق أفصحُ)
(ومنَ يكتم الشكوى فإنّ زفيره ... ينمّ بهَا والدمعُ للسرّ يَفْضَحُ)
(وَكَيف يلذّا الْعَيْش أَو يطعم الْكرَى ... جفونٌ لمن أحبابه عَنهُ نُزَّحُ)
(لَهُ بعدهمْ همّ يُذيب فؤادَه ... وفكرٌ إِذا لجَّ الغَرامُ المبرِّحُ)
)
(عَسى الدَّار أَن تَدْنُو ويُبْدل نأيُنا ... بقربٍ وإلاّ فالمنيّة أروَحُ)
3 - (وَمِنْه من الْكَامِل)
(غِبْتُم فَمَا لي فِي التصبّر مَطمعٌ ... عَظُم الجوى واشتدّت الأشواقُ)
(لَا الدارُ بعدكمُ كَمَا كَانَت وَلَا ... ذَاك البهاءُ بهَا وَلَا الإشرافُ)
(أشتاقُكم وَكَذَا المحِبّ إِذا نأى ... عَنهُ أحبّةُ قلبه يشتاقُ)
3 - (وَمِنْه من الرمل)
(مغرماً يدعوكِ شوقاً فأَجيبي ... وأثيبي بالهوى أَو لَا تثيبي)(9/98)
(كم أنادي معُرِضاً عَن سقمي ... ومعُنًّى مَن دَعَا غير مُجيبِ)
(يَا اُصيحابي وَمن حُسن الوفا ... أَن تجيبوا من دَعَا عِنْد الخطوبِ)
3 - (الْجَوْهَرِي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن باتكين أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي شيخ صَالح بغدادي مُسْند سمع وروى وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
3 - (ابْن الطبال)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ الشَّيْخ الْعَالم الْمسند عماد الدّين أَبُو الْفضل الْأَزجيّ الْحَنْبَلِيّ شيخ الحَدِيث بالمستنصرية يعرف بِابْن الطبال تقدم ذكر جده إِسْمَاعِيل الطبال ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسمع حضوراً من أبي مَنْصُور ابْن عفيجة سنة أَربع وَسمع جَامع التِّرْمِذِيّ من عمر بن كرم بإجازته من الكروخي وَسمع من أبي الْحسن ابْن الْقطيعِي وَابْن روزيه وَجَمَاعَة أَخذ عَنهُ الفرضي وَابْن الفوطي وَابْن سامة وسراج الدّين الْقزْوِينِي وَابْن خلف وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين وَسمع صَحِيح البُخَارِيّ من ابْن الْقطيعِي وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسَبْعمائة
3 - (فَخر الدّين ابْن عز الْقُضَاة)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد ابْن أبي الْيمن أَبُو الطَّاهِر فَخر الدّين الْمَعْرُوف بِابْن عز الْقُضَاة كَانَ فِي مبدإ أمره كَاتبا أديباً خدم فِي جِهَات كبار وَله دُخُول على الْملك النَّاصِر صَاحب دمشق مَعَ الشُّعَرَاء وَأهل حَضرته فَلَمَّا انجفل النَّاس من الشَّام إِلَى مصر أَيَّام التتار توجه إِلَى مصر وَعَاد بِصُورَة عَظِيمَة من الزّهْد والإعراض عَن الدُّنْيَا ولازم كتب الشَّيْخ)
محيي الدّين ابْن الْعَرَبِيّ نسخ مِنْهَا جملَة وواظب زِيَارَة قَبره واشتهر بِالْخَيرِ واعتقد النَّاس فِيهِ وَلم يخلف شَيْئا لما مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وفرغت نَفَقَته لَيْلَة مَاتَ وَتُوفِّي بعقرباء وَحمل إِلَى جَامع دمشق وَكَانَت لَهُ جَنَازَة عَظِيمَة وَدفن فِي تربة أَوْلَاد الزكي وَقَرَأَ النَّاس حوله الْقُرْآن وتلوا ختماتٍ كَثِيرَة على قَبره وتفجع النَّاس على فَقده ورؤيت لَهُ المنامات الصَّالِحَة
وَمن شعره مَا كتبه إِلَى الشَّيْخ شرف الدّين الرقي وَهُوَ مجاور بِمَكَّة بعد نشر من الْخَادِم إِلَى سَيّده أَخِيه فِي الله إِن ارْتَضَاهُ أما بعد السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَإِنِّي كنت أَرْجُو بركَة دُعَائِهِ لما أَظُنهُ من عَظِيم عناية الله بِهِ فَكيف الْآن وَهُوَ جَار الله فانضاف إِلَى عناية الله بسيدي(9/99)
عناية الوطن وَكَانَ الْخَادِم عِنْد توجه الْحَاج نظم أبياتاً حَسَنَة مشوقةً إِلَى تَقْبِيل الْحجر المكرم وَهِي هَذِه الأبيات من الوافر
(أوَفْدَ اللهِ أَعْطَاكُم قبولاً ... وَكَانَ لكم حفيظاً أجمعينا)
(إِن الرَّحْمَن أذْكركم بأَمْري ... هُنَاكَ فقبِّلوا عنّي اليمينا)
(فإنّي أرتجي مِنْهُ حناناً ... لأنّ إِلَيْهِ فِي قلبِي حنينا)
(وَأَرْجُو لَثْم أيدٍ بايَعتْهُ ... إِذا عُدتم بخيرٍ آمنينا)
فَأجَاب الشَّيْخ شرف الدّين بقوله من الوافر
(نعم أسعى على بَصرِي ورأسي ... وألثمُ عنكمُ الرُكْن اليمينا)
(نعم وكرامةً وأطوف أَيْضا ... بِبَيْت الله ربِّ العالمينا)
(وَأَنت أخي وخلِّي ثمّ عِنْدِي ... كريمٌ فِي إخائك مَا بَقينَا)
(وَأَرْجُو أَن نَكُون غَدا جَمِيعًا ... إِلَى وَجه المُهيمن ناظرينا)
وَمن شعره ابْن عز الْقُضَاة من الْكَامِل
(كم أَنْت فِي حقّ الصّديق تُفرِّطُ ... ترْضى بِلَا سَبَب عَلَيْهِ وتسخطُ)
(يَا مَن تلوّن فِي الوداد أما ترى ... ورقَ الغصونِ إِذا تغيّر يسقطُ)
3 - (وَمِنْه من المنسرح)
(النَّهر قد جُنَّ بالغصون هوى ... فراح فِي قَلبه يُمَثَّلهُا)
(فغار مِنْهُ النسيمُ عاشٍقُها ... فجَاء عَن وَصله يُميّلها)
)
وَمِنْه يصف شموعاً من الطَّوِيل
(وزُهرِ شموعٍ إِن مددن بنانها ... لمحْو سطور اللَّيْل نابت عَن البدْرِ)
(وفيهنّ كافوريّة خلتُ أنّها ... عَمُود صباحٍ فَوْقه كَوْكَب الفجرِ)
(وصفراءُ تحكي شاحباً شَاب رَأسه ... فأدْمعُهُ تجْرِي على ضَيْعَة العُمرِ)
(وخضراء يَبْدُو وقْدها فَوق قدِّها ... كنْرجسة تُزهى على الغُصنُ النضرِ)
(وَلَا غَرْوَ أَن تحكي الأزاهرُ حسنها ... أَلَيْسَ جناها النحلُ قِدْماً من الزهرِ)
وَمِنْه فِي طَريقَة الشَّيْخ محيي الدّين ابْن عَرَبِيّ من الطَّوِيل
(يَقُولُونَ دعْ ليلى لبَثْنة كَيفَ لي ... وَقد ملكتْ قلبِي بحُسْنِ اعتدالها)
(وَلَكِن إِن اسطَعْتم تردُّون ناظري ... إِلَى غَيرهَا فالعين نصبُ جمَالهَا)
(وأقْسمُ مَا عاينتُ فِي الْكَوْن صُورَة ... لَهَا الْحسن إلاّ قلتُ طيفُ خيالها)
(ومَن لي بليلى العامريّة إنّها ... عَظِيم الْغِنَا مَن نَالَ وَهْمَ وِصالها)(9/100)
(فَمَا الشَّمْس أدنى من يديْ لامسٍ لَهَا ... وَلَيْسَ السُّها فِي بُعد نقطة خالها)
(وأبدتْ لنا مرآتُها غَيْبَ حضرةٍ ... غَدَتْ هِيَ مَجلاها وسرّ كمالها)
(فواجبها حُبّي ومُمْكِنُ جودها ... وِصالي وعْدُّوا سَلْوتي من محالها)
(وحَسْبيَ فخراً أَن نُسِبْتُ لحبّها ... وحسبيَ قرباً أَن خطرتُ ببالها)
قلت شعر جيد وَله فِي هَذِه الطَّرِيقَة شعر كَبِير رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْعين زَرْبِي الشَّاعِر)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو مُحَمَّد الْعين زَرْبِي الشَّاعِر سكن دمشق وَمَات بهَا سنة ثمانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره من الطَّوِيل
(وحَقِّكُمُ لَا زُرْتكم فِي دُجُنَّةٍ ... من اللَّيْل تُخفيني كأنّيَ سارقُ)
(وَلَا زرتُ إلاّ والسيوفُ شواهر ... عليّ وأطرافُ الرماح لواحقُ)
وَمِنْه أَيْضا من الطَّوِيل
(أَلا يَا حمامَ الأيك عُشُّك آهِلٌ ... وغصنُك ميّادٌ وإلفُك حاضِرٌ)
(أَتَبْكِي وَمَا امتدّت إِلَيْك يدُ النَّوَى ... ببينٍ وَلم يذعَر جنابك ذاعِرُ)
وَمن شعره الْعين زَرْبِي من الطَّوِيل)
(أعينَيَّ لَا تستبْقيا فيضَ عَبرةٍ ... فإنّ النَّوَى كَانَت لذَلِك موعِدا)
(فَلَا تَعجبا أَن تُمطرِ العينُ بعدهمْ ... فقد أبرق البينُ المُشِتّ وأرعدا)
(ويومٍ كَسَاه الغيمُ ثوبا مُصَندلاً ... فصاغت طرازَيه يدُ الْبَرْق عَسجدا)
(كأنَّ السما والرعد فِيهِ تذكَّرا ... هوى لَهما فاستعبرا وتنهَّدا)
(ذكرتُ بِهِ فيّاض كفِّك فِي الورى ... وَإِن كَانَتَا أهمى وَأبقى وأجْوَدا)
3 - (وَمِنْه من المتقارب)
(أحِنُّ إِلَى ساكنات الْحجاز ... وَقد حجزتْني أمورٌ ثِقالُ)
(بكيتُ فَفَاضَتْ بحارُ الدُّمُوع ... وَكَانَ لَهَا من جفوني انثيالُ)
(وظنَّ العواذلُ أنّي سلوتُ ... لفقد الْبكاء وجاروا وَقَالُوا)
(حقيقٌ حقيقٌ وجدتَ السلوَّ ... فقلتُ محالٌ محالٌ محالُ)
قلت وَمن هَذِه الْمَادَّة قَول ابْن سناء الْملك من المتقارب
(أرى ألف ألفِ مليح فَمَا ... كأنّي رَأَيْت مليحا سواهُ)(9/101)
(أرَاهُ وَمَا لي وصولٌ إِلَيْهِ ... فراحة قلبيّ أَن لَا أراهُ)
(وَقَالُوا هَوَاك مُقيمٌ مُقيم ... عَلَيْهِ فقلتُ كَمَا هُو كَمَا هُوَ)
3 - (أَبُو عَليّ الْخَطِيب)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ أَبُو عَليّ الْخَطِيب أورد لَهُ صَاحب دمية الْقصر من المتقارب
(قضاءٌ من الْقَادِر الصَّانِع ... مُقامي بذا الْبَلَد الشاسعِ)
(أروحُ وأغدو بِلَا حاجةٍ ... وآوي إِلَى الْمَسْجِد الجامعِ)
قلت أحسن من هَذَا قَول الآخر من السَّرِيع
(من كَانَ مثلي مُفْلساً مقتراً ... فالجامع الْجَامِع ميعادُهُ)
(ينْصَرف النَّاس لأشغالهم ... وَنحن بالحرفة أَو تادهُ)
3 - (أَبُو الطَّاهِر الْحِمْيَرِي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن يُوسُف أَبُو الطَّاهِر الْحِمْيَرِي من الْمغرب من المهدية سكن مصر وَقَرَأَ بهَا الْأَدَب وَحصل طرفا صَالحا وَقدم بَغْدَاد قَالَ محب الدّين ابْن النجار وَسمع من شُيُوخنَا وَكَانَ شَابًّا وَذكر أَنه من أَوْلَاد الْمعز بن باديس أَمِير الْمغرب علقنا عَنهُ فِي المذاكرة شَيْئا)
من شعره وَشعر غَيره وَكَانَ فَاضلا حسن الْأَخْلَاق وَاجْتمعت بِهِ بِمصْر أَيْضا وَأورد لَهُ فِي جَارِيَة صور على وَجههَا صُورَة حيةٍ بغالية من الطَّوِيل ط
(تبدّت لنا من جَانب السجف غادةٌ ... لَهَا الشَّمْس وجهٌ وَالْكَوَاكِب خالُ)
(فَقلت وَقد لاحَ الهلالُ بوجهها ... مَتى طلعتْ شمسُ الضُّحَى وهلال)
الْهلَال الأول من أَسمَاء الْحَيَّة وَالثَّانِي أحد النيرين قلت وَلَعَلَّ هَذِه الْجَارِيَة هِيَ الَّتِي نظم فِيهَا الشُّعَرَاء بِمصْر وَمِنْهُم الأسعد بن مماني فَإِنَّهُ قَالَ من الْخَفِيف
(نقشتْ حيَّةً على ... روض خدٍّ مزخْرفِ)
(فبدَتْ آيةُ الْكُلِّي ... م على وَجه يوسفِ)
وَقَالَ ابْن مماتي أَيْضا من الطَّوِيل
(قتيلُكِ مَا أذكى الْهوى جُلَّ نارهِ ... إِلَى أَن تجلّى الخدُّ فِي جُلّنارهِ)
(رأى حيّةً فِي وجنتيكِ وعقرباً ... نعم جنّةٌ محفوفةٌ بالمكارهِ)
وللأسعد بن مماتي فِي هَذَا الْمَعْنى عدَّة مقاطيع وَتُوفِّي أَبُو الطَّاهِر الْحِمْيَرِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَدفن بالقرافة(9/102)
3 - (أَبُو سهل النوبختي)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن نوبخت أَبُو سهل النوبختي الْكَاتِب كَانَ من متكلمي الشِّيعَة الإمامية وَكَانَ فَاضلا لَهُ مجْلِس يحضرهُ المتكلمون وَله مصنفات كَثِيرَة فِي علم الْكَلَام وردود على ابْن الراوندي وَغَيره وَكَانَ كَاتبا شَاعِرًا بليغاً راويةً للْأَخْبَار روى عَنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن يحيى الصولي وَأَبُو عَليّ الكوكبي وَابْنه أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمائة ومولده سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمن شعره من الهزج
(رَأَيْت الدَّهْر مقسوماً ... على آنَاء أوقاتِ)
(فماضٍ قد تقضىّ عَن ... ك أَو آتٍ لميقاتِ)
(فَمَا شاهدتَه عيشَ ... ك لَا الْمَاضِي وَلَا الْآتِي)
وَمِنْه أَيْضا من الْبَسِيط
(ودّعتُها فاشتكت من بَيْنِها كَبِدِي ... وشبّكتْ يَدهَا من لوعةٍ بيَدي)
(وعانقتني فَلَا أنسى شمائلها ... وريقهُا فِي فمي أحْلَى من الشهَدِ)
)
(وحاذرتْ أعينَ الواشين فانصرفتْ ... تَعَضُّ من وجدهَا العُنّاب بالَبَردِ)
(فَكَانَ أوّل عهد الْعين يومَ نأتْ ... بالدمع آخر عَهد الْقلب بالجَلَدِ)
كتب إِلَيْهِ ابْن الرُّومِي من الْخَفِيف
(أعلمُ النَّاس بالنجوم بَنو ني ... بختَ علما لم يَأْتهمْ بالحسابِ)
(بل لما شاهدوا السَّمَاء سُموّاً ... بترقًّ فِي المكرُمات الصّعابِ)
(باشروها بكلّ علياء حتّى ... بلغوها مَفْتُوحَة الأبوابِ)
(مَبْلغٌ لم يكن ليبلغه الطا ... لبُ إلاّ بتلكمُ الأسبابِ)
فَأَجَابَهُ أَبُو سهل من الْخَفِيف
(هَكَذَا يُجْتنى الودادُ من الإخ ... وان أهلِ الأذهان والآدابِ)
(نظمُ شعرٍ بِهِ ينظَّم شملُ ال ... مجد كالعقد فَوق صدر الكعابِ)
(قد سمعنَا مديحك الحَسَن الغ ... ضَّ وَلَكِن لم نضطلع بالجوابِ)(9/103)
3 - (إِسْمَاعِيل بن عَليّ)
3 - (بن حسن بن عَامر بن عمر)
مولده سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة أجَاز لي
3 - (الْمُؤَيد صَاحب حماة)
إِسْمَاعِيل بن عَليّ الإِمَام الْفَاضِل السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد عماد الدّين أَبُو الْفِدَاء ابْن الْأَفْضَل بن الْملك المظفر ابْن الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب بن شادي مَاتَ فِي الكهولة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وتملك بعده وَلَده الْملك الْأَفْضَل مُحَمَّد وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين كَانَ أَمِيرا بِدِمَشْق وخدم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ابْن الْمَنْصُور لما كَانَ فِي الكرك وَبَالغ فِي ذَلِك فوعده بحماة ووفى لَهُ بذلك وَأَعْطَاهُ حماة لما أَمر لأسندمر بحلب بعد موت نائبها قبجق وَجعله صَاحبهَا سُلْطَانا يفعل فِيهَا مَا يخْتَار من إقطاع وَغَيره لَيْسَ لأحدٍ من الدولة بِمصْر من نَائِب ووزير مَعَه فِيهَا حكم اللَّهُمَّ إِلَّا إِن جرد عَسْكَر من مصر وَالشَّام جرد مِنْهَا وأركبه فِي الْقَاهِرَة بشعار الْملك وأبهة السلطنة وَمَشى الْأُمَرَاء وَالنَّاس فِي خدمته حَتَّى الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب وَقَامَ لَهُ القَاضِي كريم الدّين بِكُل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي ذَلِك المهم من التشاريف والإنعامات على وُجُوه الدولة وَغَيرهم ولقبه الْملك الصَّالح ثمَّ)
بعد قَلِيل لقبه الْملك الْمُؤَيد وَكَانَ فِي كل سنةٍ يتَوَجَّه إِلَى مصر بأنواع من الْخَيل وَالرَّقِيق والجواهر وَسَائِر الْأَصْنَاف الغريبة هَذَا إِلَى مَا هُوَ مُسْتَمر فِي طول السّنة مِمَّا يهديه من التحف والطرف وَتقدم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر إِلَى نوابه بِأَن يكتبوا إِلَيْهِ يقبل الأَرْض وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى يكْتب إِلَيْهِ يقبل الأَرْض بالْمقَام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المؤيدي الْعِمَادِيّ وَفِي العنوان صَاحب حماة وَيكْتب السُّلْطَان إِلَيْهِ أَخُوهُ مُحَمَّد بن قلاوون أعز الله أنصار الْمقَام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي الْعِمَادِيّ بِلَا مولوي وَكَانَ الْملك الْمُؤَيد فِيهِ مَكَارِم وفضيلة تَامَّة من فقه وطب وَحِكْمَة وَغير ذَلِك وأجود مَا كَانَ يعرفهُ الْهَيْئَة لِأَنَّهُ أتقنه وَإِن كَانَ قد شَارك فِي سَائِر الْعُلُوم مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَانَ محباً لأهل الْعلم مقرباً لَهُم أَوَى إِلَيْهِ أَمِين الدّين الْأَبْهَرِيّ وَأقَام عِنْده ورتب لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَكَانَ قد رتب لحمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة كل سنة عَلَيْهِ سِتّمائَة دِرْهَم وَهُوَ مُقيم بِدِمَشْق عير مَا يتحفه بِهِ ونظم الْحَاوِي فِي الْفِقْه وَلَو لم يعرفهُ معرفَة جَيِّدَة مَا نظمه وَله تَارِيخ مليح وَكتاب الكناش مجلدات كَثِيرَة وَكتاب تَقْوِيم الْبلدَانِ هذبه وجدوله وأجاد مَا شَاءَ وَله كتاب الموازين جوده وَهُوَ صَغِير وَمَات وَهُوَ فِي السِّتين وَله شعر ومحاسنه كَثِيرَة وَلما مَاتَ رثاه جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة بقصيدةٍ أَولهَا من الْبَسِيط
(مَا للندى لَا يُلبّي صوتَ داعيه ... أظنّ أنّ ابْن شادٍ قَامَ ناعيه)(9/104)
(مَا للرجاء قد استدَّت مذاهبهُ ... مَا للزمان قد اسودّت نواحيه)
(نعى المؤيَّدَ ناعيه فيا أسَفا ... للغيث كَيفَ غَدَتْ عنّا غواديه)
مِنْهَا
(هَل لَا بغيرِ عمادِ البيتِ حادثةٌ ... ألْقتْ ذُراه وأوهت من مبانيه)
(هلاّ ثنى الدهرُ غرباً عَن محاسنه ... فَكَانَ كوكبَ شرقٍ فِي لياليه)
مِنْهَا
(كَانَ المديحً لَهُ عرس بدولته ... فَأحْسن الله للشعر العَزا فِيهِ)
(يَا آلَ أَيُّوب صبرا إنّ إرئكمُ ... من اسْم أيوبَ صبرٌ كَانَ ينحيه)
(هِيَ المنايا على الأقوام دائرةٌ ... كلٌّ سيأتيه مِنْهَا دَوْرُ سَاقيه)
وَمِنْه يُخَاطب ابْنه)
(ومِن أَبِيك تعلّمت الثَّنَاء فَمَا ... تحْتَاج تُذْكَرُ أمرا أَنْت تدريه)
(لَا يخْشَ بيتُك أَن يُلوي الزَّمَان بِهِ ... فإنّ للبيت ربّاً سَوف يحميه)
وَتوجه فِي بعض السنين إِلَى مصر وَمَعَهُ وَلَده الْملك الْأَفْضَل مُحَمَّد فَمَرض فَجهز السُّلْطَان إِلَيْهِ جمال الدّين إِبْرَاهِيم ابْن المغربي رَئِيس الْأَطِبَّاء وفكان يَجِيء إِلَيْهِ بكرَة وعشياً فيراه ويبحث مَعَه فِي مَرضه ويقرر الدَّوَاء ويطبخ الشَّرَاب بِيَدِهِ فِي دست فضَّة فَقَالَ يَا خوند أَنْت وَالله مَا تحْتَاج إِلَيّ وَمَا أجيء إِلَّا امتثالاً لأمر السُّلْطَان وَلما عوفي أعطَاهُ بغلة بسرج ولجام وكنبوش زركش وتعبئة قماش وأظن فِيمَا قيل لي عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ يَا مَوْلَانَا اعذرني فَإِنِّي لما خرجت من حماة مَا حسبت مرض هَذَا الابْن فأمهلني حَتَّى أتوجه إِلَى حماة ومدحه شعراء زَمَانه وَأَجَازَهُمْ وَلما مَاتَ فرق كتبه على أَصْحَابه ووقف مِنْهَا جملَة وَمن شعر الْملك الْمُؤَيد من الْكَامِل المرفل
(إقرأ على طيب الحيا ... ة سلامَ صَبٍّ ذابَ حزُنا)
(واعِلمْ بِذاك أحبّةً ... بخلَ الزمانُ بهم وضنّا)
(لَو كَانَ يُشرَى قربهم ... بِالْمَالِ والأرواح جدُنْا)
(متجرِّعٌ كأسَ الفرا ... ق يبيت للأشجان رَهْنا)
(صبٌّ قضى وَجْداً وَلم ... يُقضى لَهُ مَا قد تمنّى)
3 - (وَمِنْه من المنسرح)
(كم من دمٍ حلّلتْ وَمَا ندِمتْ ... تفعل مَا تشْتَهي فَلَا عُدِمت)
(لَو أمكن الشمسَ عِنْد رؤيتها ... لَئْمُ مواطي أَقْدَامهَا لثمتْ)
وَمِنْه أَيْضا من الوافر(9/105)
(سرى مَسرى الصَبا فعجبتُ مِنْهُ ... من الهجْران كَيفَ صبا إليّا)
(وَكَيف ألمّ بِي من غير وعدٍ ... وفارقني وَلم يعْطف عليّا)
وأنشدني جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة شاعره قَالَ أَنْشدني معز الدّين مَحْمُود بن حَمَّاد الْحَمَوِيّ كَاتب السِّرّ بحماة لمخدومه السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد وَنحن بَين يَدَيْهِ وَهُوَ أحسن مَا سَمِعت فِي مَعْنَاهُ من الْكَامِل
(أحسِنْ بِهِ طِرفاً أفوتُ بِهِ القضا ... إنْ رُمْتهُ فِي مَطلب أَو مَهْربِ)
)
(مثلَ الغزالة مَا بدتْ فِي مشرقٍ ... إلاّ بَدَت أنوارُها فِي المغربِ)
قَالَ وأنشدني لَهُ هَذَا الموشح أَيْضا
(أوقعني العُمْرُ فِي لَعَلَّ وهلْ ... يَا وَيْح من قد مضى بهَل ولعَل)
(والشيبُ وافٍ وَعِنْده نزلا ... وفّر مِنْهُ الشَّبَاب وارتحلا)
(مَا أوقح الشيبَ الْآتِي ... إِذْ حلّ لَا عَن مرضاتي)
(قد أضعفتْني السِّتون لازمني ... وخانني نقصُ قوّة الزَّمن)
(لكنْ هوى الْقلب لَيْسَ ينتقصُ ... وَفِيه مَعَ ذَا من حرصه غُصصُ)
(يهوى جَمِيع اللّذاتِ ... كَمَا لَهُ من عاداتِ)
(يَا عاذلي لَا تُطِلْ ملامك لي ... فإنّ سَمْعِي ناءٍ عَن العذلِ)
(وَلَيْسَ يُجدي الملام والفَنَدُ ... فِي مَن صبابات عشقه عَدَدُ)
(دعْني أَنا فِي صبواتي ... أَنْت البرِي من زلاّتي)
(كم سرّني الدَّهْر غير مقتصرِ ... بالكأس والغانيات والوترِ)
(يمرح فِي طيب عيشنا الرَّغدِ ... طرفِي وروحي وَسَائِر الْجَسَد)
(وَمن صفَتْ لي خطراتي ... وطاوعتْني أوقاتي)
(مضى رَسُولي إِلَى معذِّبتي ... وَعَاد فِي بهجةٍ مجدَّدَةِ)
(وَقَالَ قَالَت تعال فِي عجلِ ... لمنزلي قبل أَن يجي رجُلي)
(واصعدْ وجُزْ من طاقاتي ... وَلَا تخفْ من جاراتي)
قَالَ وَمن الْغَرِيب أَن السُّلْطَان كَانَ يَقُول مَا أَظن أَنِّي أستكمل من الْعُمر سِتِّينَ سنة فَمَا فِي أَهلِي يَعْنِي بَيت تَقِيّ الدّين من استكملها وَفِي أَوَائِل السِّتين من عمره قَالَ هَذَا الموشح وَمَات فِي بَقِيَّة السّنة رَحمَه الله تَعَالَى قلت وَهَذِه الموشحة جَيِّدَة فِي بَابهَا منيعة على طلابها وَقد عَارض بوزنها موشحة لِابْنِ سناء الْملك رَحْمَة الله تَعَالَى أَولهَا
(عَسى وَيَا قلّما تفِيد عَسى ... أرى لنَفْسي من الْهوى نَفَسا)(9/106)
(مُذبان عنّي مَن قد كلِفتُ بِهِ ... قلبيَ قد لجّ فِي تقلّبهِ)
(وَبِي أَذَى شوقٍ عاتي ... ومدمعي يومٌ شاتِ)
(وَلَا أتركُ اللهْوَ والهوى أبدا ... وَإِن أطلتَ الغرام والفَنَدا)
)
(إِن شئتَ فاعذلْ فلستُ أستمع ... أَنا الَّذِي فِي الغرام أتَّبَعُ)
(وتحتذى صباباتي ... وبِدَعي وعاداتي)
(وَبِي مَلَكٌ فِي الْجمال لَا بَشرُ ... يُظْلَم إِن قيل إنّه قمرُ)
(يحسُن فِيهِ الولوع والولهُ ... وعِزُّ قلبِي فِي أَن أَذِلَّ لهُ)
(خدّي حِذا لمن ياتي ... ويرتعي حُشاشاتي)
(لست أذمُّ الزَّمَان معتديا ... كم قد قطعتُ الزَّمَان ملتهيا)
(وظَلْتُ فِي نعمةٍ وَفِي نعم ... يلتذّ سَمْعِي وناظري وفمي)
(وَلَا قَذَى فِي كاساتي ... ومَرتعي فِي الجنّاتِ)
(وغادةٍ دينُها مخالفتي ... وَلَا ترى فِي الْهوى مُحالفتي)
(وتستبيني ولستُ أمنعها ... فقلتُ قولا عساه يخدعها)
(مَا هُوَ كَذَا يَا مولاتي ... أجْرى معي فِي ماواتي)
وموشحة السُّلْطَان رَحمَه الله نقصت عَن موشحة ابْن سناء الْملك مَا الْتَزمهُ من القافيتين فِي الخرجة وَهِي الذَّال فِي كَذَا وَالْعين فِي معي وخرجة ابْن سناء الْملك أحر من خرجَة السُّلْطَان
3 - (الْأَسدي)
إِسْمَاعِيل بن عمار الْأَسدي مخضرم من شعراء الدولتين من سَاكِني الْكُوفَة قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ فِي جواره رجل ينهاه عَن السكر وهجاء النَّاس وَكَانَ إِسْمَاعِيل يبغضه فَبنى ذَلِك الرجل مَسْجِدا يلاصق دَار إِسْمَاعِيل وَكَانَ يجلس فِيهِ وَقَومه وذوو السّتْر مِنْهُم عَامَّة نهارهم فَلَا يقدر إِسْمَاعِيل أَن يشرب وَلَا يدْخل إِلَيْهِ أحد مِمَّن كَانَ يألفه من مغنٍ أَو مغنية أَو غَيرهمَا فَقَالَ إِسْمَاعِيل يهجوه وَكَانَ الرجل يتَوَلَّى شَيْئا من الْوُقُوف لقَاضِي الْكُوفَة من الطَّوِيل
(بنى مَسْجِدا بُنْيانُه من خيانةٍ ... لَعمري لِقدْماً كنتَ غير موفَّقِ)
(كصاحبة الرمّان لمّا تصدّقت ... جرَتْ مثلا للخائن المتصدٍّق)
(يَقُول لَهَا أهل الصّلاح نصيحةً ... لَك الويلُ لَا تَزني وَلَا تتصدّقي)
فتزايد مَا بَينهمَا حَتَّى سعى الرجل بِإِسْمَاعِيل إِلَى السُّلْطَان وَقَالَ إِنَّه يرى رَأْي الشراة فَأخذ إِسْمَاعِيل وَحبس فَقَالَ من الْبَسِيط
(من كَانَ يحسدني جاري ويغبطني ... من الْأَنَام بعثمانَ بنِ درباس)(9/107)
)
(فقرّب الله مِنْهُ مثلَه أبدا ... جاراً وأبْعدَ مِنْهُ صالحَ الناسِ)
(جارٌ لَهُ بابُ ساجٍ مُغْلَقٌ أبدا ... عَلَيْهِ مِن داخلٍ حًرّاسُ حُرَاسِ)
(عبدٌ وعبدٌ وبنْتاه وخادمه ... يدعونَ مثلهُمُ مَن لَيْسَ من ناسِ)
(صُفرُ الْوُجُوه كأنَّ السلَّ خامرَهم ... وَمَا بهم غيرُ جُهد الْجُوع من باسِ)
(لَهُ بنُون كأطبْاءٍ معلًّقةٍ ... فِي بطن خنزيرةٍ فِي دَار كَنَاسِ)
(إنِْ يفتحِ الدارَ عَنْهُم بعد عاشرةٍ ... تظنّهم خَرجُوا من قَعْر ديماسِ)
(فلَيْتَ دَار ابْن درباسٍ معلَّقةٌ ... بالنجْم بعد سلاليم وأمراسِ)
(وَكَانَ آخر عَهدي منهمُ أبدا ... وابتعْتُ دَارا بغلماني وأفراسي)
3 - (إِسْمَاعِيل بن عمر)
3 - (الشوّاش المغربي)
إِسْمَاعِيل بن عمر أَبُو الْوَلِيد الْأُسْتَاذ الْمَعْرُوف بالشواش بشينين معجمتين وَالْوَاو مُشَدّدَة بعْدهَا ألف من أهل شلب قَالَ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم كَانَ أَبُو الْوَلِيد من القادمين من أهل بَلَده على سلا مهنئين بالبيعة المنعقدة لَيْلَة الْعَاشِر من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَأورد لَهُ من الطَّوِيل
(أهاب بِهِ دَاعِي الْحَيَاة مثوِّبا ... فبادره واستنجد الرّيح مركبا)
(وأزمع يقتادُ الْهوى فِي مُرَاده ... وينحو سحابَ الْخَيْر حَيْثُ تسحّبا)
(بحيثُ غمامُ السعد ينشأ حافلاً ... فيَهْمُل دفّاقاً وينهلّ صيٍّبا)
مِنْهَا
(وتنبعث الأنوارُ من مَطلع الرضى ... فتوضِحُ للحيران نهجاً ومذهبا)
(أَقُول لِوفْد الْخَيْر إِذْ جدّ جدُّهم ... وَقد جشّموا الْأَهْوَاء شأواً مغرِّبا)
(وشرّفهم قصدُ الإِمَام فجرّروا ... على عاتق الجوزاء ذيلاً مسحَّبا)
(هُدىَ لمطاياكم فإنّ سَبِيلهَا ... أبرُّ سبيلٍ مقصداً وتطلبُّا)
(سيبدو لكم عَن سيركمْ علم الْهدى ... ويوري لكم زند السَّعَادَة مثقبا)
مِنْهَا)
(أرى جبلا من رَحْمَة الله خَاشِعًا ... يخفّ لَهُ رَضْوىَ إِذا عَقد الحُبا)
(تصوَّرَ شخصا رُكّب البأسُ والندى ... صريحين فِيهِ للعلا فتركّبا)(9/108)
3 - (مخلص الدّين ابْن قرناص)
إِسْمَاعِيل بن عمر بن قرناص مخلص الدّين الْحَمَوِيّ من بَيت مَشْهُور ولد سنة اثْنَتَيْنِ وسِتمِائَة وَكَانَ فَقِيها نحوياً كثير الْفَضَائِل درس وأقرأ بِجَامِع حماة وَتُوفِّي سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة وَمن شعره من الْكَامِل
(فَقدُ الأحبّة مؤلمٌ وبنا إِذا ... مَا غَابَ شخصُك فَوق ذَاك المؤلمِ)
(إِذْ أَنْت من بَين الأحبّة منعمٌ ... وأحقُّهم بالشوق وجهُ المنعمِ)
وَنسب إِلَيْهِ من الوافر
(أما واللهِ لَو شُقَّت قلوبٌ ... لِيعُلم مَا بهَا مِن فَرْطِ حُبِّ)
(لأرضاك الَّذِي لَك فِي ضميري ... وأرضاني رِضاك بشقِّ قلبِي)
3 - (شُجَاع الدّين الطوري)
إِسْمَاعِيل بن عمر الْأَمِير شُجَاع الدّين الطوري ابْن المبارز مُتَوَلِّي قلعة دمشق كَانَ دينا عَاقِلا وافر الْحُرْمَة عِنْد السُّلْطَان لَهُ آثَار حَسَنَة فِي عمَارَة أبرجة القلعة توفّي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن الْأَشْدَق)
إِسْمَاعِيل بن عَمْرو ة بن سعيد بن الْعَاصِ يعرف أَبوهُ بالأشدق روى لَهُ ابْن ماجة توفّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة
3 - (البَجلِيّ الْكُوفِي)
إِسْمَاعِيل بن عَمْرو البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي نزيل أَصْبَهَان وشيخها ومسندها ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَضَعفه الدَّارَقُطْنِيّ وَتُوفِّي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو مُحَمَّد الرَّحْمَن الْبُحَيْرِي)
إِسْمَاعِيل بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو سعيد ابْن(9/109)
أبي عبد الرَّحْمَن الْبُحَيْرِي بِالْحَاء الْمُهْملَة بعد الْبَاء الْمُوَحدَة وياء آخر الْحُرُوف بعْدهَا رَاء النَّيْسَابُورِي ثِقَة صَالح مُحدث من بَيت الحَدِيث وَكَانَ صَحِيح الْقِرَاءَة سمع فإفادته خلق وتفقه على نَاصِر الْعمريّ وكف بَصَره)
بأخرةٍ سمع من أبي بكر أَحْمد بن عَليّ بن منجويه وَأبي حسان الْمُزَكي وَأبي الْعَلَاء صاعد بن مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن بن حمدَان النضروي وروى عَنهُ إِسْمَاعِيل بن جَامع بمرو وَأحمد بن مُحَمَّد الْعَالم بسمنان وَأَبُو شُجَاع البسطامي ببخارا وَأَبُو الْقَاسِم الطلحي بأصبهان اشْتغل بِالتِّجَارَة وبورك لَهُ فِيهَا قَالَ قَرَأت صَحِيح مُسلم على عبد الغافر أَكثر من عشْرين مرّة ولد سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي آخر سنة إِحْدَى وَخَمْسمِائة بنيسابور
3 - (الْعَنسِي الْحِمصِي)
إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش بن سليم الْعَنسِي بالنُّون الْحِمصِي الإِمَام الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام ولد بعد الْمِائَة كَانَ صَدرا مُعظما نبيلاً وَكَانَ أَحول قَالَ الدولابي قَالَ البُخَارِيّ مَا روى عَن الشاميين فَهُوَ أصح وَقَالَ الْعقيلِيّ إِذا حدث عَن غير الشاميين اضْطربَ وَأَخْطَأ قدم بَغْدَاد إِذْ ولاه الْمَنْصُور خزانَة الْكسْوَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَقيل سنة إِحْدَى روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
3 - (الْغَالِب بِاللَّه ملك الأندلس)
إِسْمَاعِيل بن الْفرج بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن نصر الأرجوني السُّلْطَان أَبُو الْوَلِيد الْغَالِب بِاللَّه صَاحب الأندلس مولده سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة استولى على الأندلس ثَلَاث عشرَة سنة فأبعد الْملك أَبَا الجيوش خَاله وَقرر لَهُ وَادي آش وَكَانَ أَبوهُ الْفرج مُتَوَلِّيًا لمالقة مُدَّة فشب إِسْمَاعِيل وعزم على الْخُرُوج فلامه الْأَب فَقبض على أَبِيه مكرماً وعاش الْأَب فِي سلطنة وَلَده عَزِيزًا إِلَى ربيع الأول سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَقد شاخ وَكَانَ الَّذِي نَهَضَ بِتَمْلِيك إِسْمَاعِيل أَبُو سعيد ابْن أبي الْعَلَاء المريني وَابْن أَخِيه أَبُو يحيى وَكَانَ سُلْطَانا(9/110)
مهيباً شجاعاً حازماً ناهضاً بأعباء الْملك عديم النظير عَظِيم السطوة هزم الله جيوش الْكفْر على يَده سنة تسع عشرَة وأباد مُلُوك دين الصَّلِيب ثمَّ وثب عَلَيْهِ ابْن عَمه فَقتله فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ قتل قَاتله وأعوانه فِي يومهم وَذَلِكَ سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة وتملك مُحَمَّد وَلَده أعواماً
3 - (مهذب الدّين الْحَمَوِيّ الطَّبِيب)
إِسْمَاعِيل بن الْفضل ابْن أبي الْفضل بن خلف بن عبد الله بن يَعْقُوب الْحَكِيم أَبُو الْفضل مهذب الدّين التنوخي الْحَمَوِيّ الطَّبِيب من كبار الْأَطِبَّاء بِالْقَاهِرَةِ ولد سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة)
3 - (أَبُو الْعَتَاهِيَة)
إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم بن سُوَيْد بن كيسَان مولى عنزة الْمَعْرُوف بِأبي الْعَتَاهِيَة مولده بِعَين التَّمْر وَنَشَأ بِالْكُوفَةِ وَسكن بَغْدَاد وَكَانَ يَبِيع الجرار واشتهر بمحبة عتبَة جَارِيَة الْمهْدي وَأكْثر تشبيبه وتشبيهه فِيهَا فَمن ذَلِك قَوْله من الْكَامِل
(أعلَمتُ عُتْبةَ أنّني ... مِنْهَا على شَرَفٍ مُطِلُّ)
(وشكوتُ مَا ألْقى إِلَيّ ... هَا والمدامعُ تستهلُّ)
(حَتَّى إِذا برِمَتْ بِمَا ... أَشْكُو كَمَا يشكو الأقَلُّ)
(قَالَت فأيُّ النَّاس يع ... لم مَا تَقول فَقلت كلُّ)
وَاسْتَأْذَنَ أَن يهدي إِلَى الْمهْدي فِي النيروز والمهرجان فَأذن لَهُ فأهدى فِي أَحدهمَا برنية ضخمة فِيهَا ثوب ناعم مُطيب وَكتب فِي حَوَاشِيه من السَّرِيع
(نَفسِي بشيءٍ من الدُّنْيَا معلَّقة ... اللهُ والقائمُ المهديُّ يكفيها)
(إنّي لأيْأَسُ مِنْهَا ثمّ يُطمِعني ... فِيهَا احتقارُك بالدنيا وَمَا فِيهَا)
فهم بِدفع عتبَة إِلَيْهِ فَجَزِعت وَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرمتي وخدمتي أفتدفعني إِلَى رجلٍ قَبِيح المنظر بَائِع جرار متكسب بالشعر فأعفاها وَقَالَ املأوا لَهُ البرنية مَالا فَقَالَ للْكتاب أَمر لي بِدَنَانِير فَقَالُوا مَا ندفع ذَلِك إِلَيْك وَلَكِن إِن شِئْت أعطيناك دَرَاهِم إِلَّا أَن يفصح بِمَا(9/111)
أَرَادَ فَاخْتلف فِي ذَلِك حولا فَقَالَت عتبَة لَو كَانَ عَاشِقًا كَمَا يزْعم لم يكن يخْتَلف مُنْذُ حول فِي التَّمْيِيز بَين الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَقد أعرض عَن ذكري صفحاً وَقَالَ فِي عمر بن الْعَلَاء من الْكَامِل
(إنّي أمنِتُ من الزَّمَان وَصَرفه ... لمّا علقتُ من الأميرِ حِبالا)
(لَو يَسْتَطِيع النَّاس من إجلاله ... تَخِذوا لَهُ حرَّ الخدود نِعالا)
(إنّ المطايا تشتكيك لأنّها ... قطعتْ إِلَيْك سباسباً ورِمالا)
(فَإِذا وَرَدْت بِنَا وَرَدْنَ خفائفاً ... وَإِذا صَدَرْنَ بِنَا صَدَرْنَ ثقالا)
فَأَبْطَأَ بره عَنهُ قَلِيلا فَكتب إِلَيْهِ من الطَّوِيل
(أَصَابَت علينا جودَك العينُ يَا عمرْ ... فَنحْن لَهَا نبغي التمائمَ والنُّشَرْ)
(سنرقيك بالأشعار حَتَّى تملّها ... وَإِن لم تُفِقْ مِنْهَا رقيناك بالسُّوَرْ)
)
فَأعْطَاهُ سبعين ألف دِرْهَم وخلع عَلَيْهِ حَتَّى عجز عَن الْقيام فغار الشُّعَرَاء لذَلِك فَجَمعهُمْ ثمَّ قَالَ يَا معشر الشُّعَرَاء عجبا لكم مَا أَشد حسدكم بَعْضًا لبَعض إِن أحدكُم يأتينا يمدحنا بقصيدة يشبب فِيهَا بصديقته خمسين بَيْتا فَمَا يبلغنَا حَتَّى تذْهب لذاذة مدحه ورونق شعره وَقد أَتَانَا أَبُو الْعَتَاهِيَة فشبب بِأَبْيَات يسيرَة ثمَّ قَالَ وَأنْشد الأبيات وَقَالَ أَشْجَع السّلمِيّ أذن الْخَلِيفَة الْمهْدي للنَّاس فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدَخَلْنَا وأمرنا بِالْجُلُوسِ فاتفق أَن جلس إِلَى جَانِبي بشار بن برد وَسكت الْمهْدي وَسمع بشار حسا فَقَالَ لي من هَذَا فَقلت أَبُو الْعَتَاهِيَة فَقَالَ أتراه ينشد فِي هَذَا المحفل فَقلت أَحْسبهُ سيفعل قَالَ فَأمره الْمهْدي أَن ينشد فَأَنْشد من المتقارب
(أَلا مَا لسيّدتي مَا لَهَا ... تُدِلّ وأَحمِلُ إدلالها)
(وإلاّ فَفِيمَ تجنَّتْ وَلَا ... جنيتُ سقى الله أطلالها)
(أَلا إنّ جَارِيَة للإما ... م قد أسكن الحسنُ سربالَها)
(مشت بَين حورٍ قصار الخطا ... تُجاذبِ فِي الْمَشْي أكفالها)
(وَقد أتْعب الله نَفسِي بهَا ... وأتعبَ باللوم عُدّالها)
فَقَالَ بشار وَيحك يَا أَخا سليم مَا أَدْرِي من أَي أمريه أعجب أَمن ضعف شعره أم تشبيبه بِجَارِيَة الْخَلِيفَة ويسمعه ذَلِك بِإِذْنِهِ حَتَّى أَتَى على قَوْله من المتقارب
(أَتَتْهُ الْخلَافَة منقادة ... إِلَيْهِ تُجرِّر أذيالها)
(فَلم تَكُ تصلح إلاّ لَهُ ... وَلم يَك يصلح إلاّ لَهَا)
(وَلَو رامها أحدٌ غيرهُ ... لزُلزِلت الأَرْض زلزالَها)
(وَلَو لم تُطِعْه بناتُ الْقُلُوب ... لما قَبِل الله أَعمالهَا)(9/112)
(وَإِن الخليفةَ من بُغضِ لَا ... إِلَيْهِ لَيُبْغِضُ مَن قَالَهَا)
فَقَالَ بشار وَيحك يَا أَشْجَع هَل طَار الْخَلِيفَة عَن فرشه قَالَ أَشْجَع فو الله مَا انْصَرف أحد عَن ذَلِك الْمجْلس بجائزة غير أبي الْعَتَاهِيَة ونسك آخر عمره وَقَالَ فِي الزّهْد أشعاراً كَثِيرَة
وَقد عجز الروَاة أَن يضبطوا شعر بشار بن برد وَالسَّيِّد الْحِمْيَرِي وَأبي الْعَتَاهِيَة لِكَثْرَة أشعارهم ولقب أَبَا الْعَتَاهِيَة لاضطراب كَانَ فِيهِ وَقيل بل كَانَ يحب الخلاعة والمجون فلقب بذلك لعتوه وَكَانَ أَبُو نواس يعظمه ويخضع لَهُ وَيَقُول وَالله مَا رَأَيْته إِلَّا أَنِّي أرضي وَأَنه سماوي وَحكي أَن أَبَاهُ كَانَ حجاماً وَلذَلِك قَالَ من الطَّوِيل)
(أَلا إنّما التَّقْوَى هِيَ الْعَزْم والكرَمْ ... وحبّك للدنيا هُوَ الْفقر والعدّمْ)
(وَلَيْسَت على عبدٍ تقيّ نقيصةٌ ... إِذا صحّح التَّقْوَى وَإِن حاك أَو حجمْ)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(إِذا الْمَرْء لم يعْتق من المَال نَفسه ... تملّكه المالُ الَّذِي هُوَ مالكُهُ)
(أَلا إنّما مَالِي الَّذِي أَنا منفقٌ ... وَلَيْسَ ليَ المَال الَّذِي أَنا تاركُهُ)
(إِذا كنتَ ذَا مالٍ فبادِرْ بِهِ الَّذِي ... يحقُّ وإلاّ استهلكَتْه مَهالكُهُ)
فَقيل لَهُ لما أنْشد هَذِه الأبيات كَيفَ تَقول هَذَا وتحبس عنْدك سبعا وَعشْرين بدرة فِي دَارك لَا تَأْكُل مِنْهَا وَلَا تشرب وَلَا تزكي فَقَالَ لَهو الْحق وَلَكِنِّي أَخَاف الْفقر وَالْحَاجة وَلَقَد أَشْتَرِي من عيد إِلَى عيد وَلَقَد اشْتريت فِي يَوْم عَاشُورَاء لَحْمًا وتوابله بِخَمْسَة دَرَاهِم وَكَانَ لَهُ جَار ضَعِيف الْحَال جدا متجمل يلتقط النَّوَى وَكَانَ يمر بِأبي الْعَتَاهِيَة فَيَقُول اللَّهُمَّ أعنه على مَا هُوَ بسبيله وَيَدْعُو لَهُ إِلَى أَن مَاتَ الشَّيْخ نَحوا من عشْرين سنة وَلم يزده على الدُّعَاء شَيْئا فَقيل لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاق نرَاك تكْثر الدُّعَاء لذَلِك الشَّيْخ وتزعم أَنه فَقير معيل فَلم لَا تَتَصَدَّق عَلَيْهِ بِشَيْء فَقَالَ أخْشَى أَن يعْتَاد الصَّدَقَة وَالصَّدَََقَة آخر مكاسب العَبْد وَإِن فِي الدُّعَاء لخيراً كثيرا
وَقَالَ مُحَمَّد بن عِيسَى الحرقي وَكَانَ جاراً لأبي الْعَتَاهِيَة قَالَ كَانَ سَائل من العيارين الظرفاء وقف على أبي الْعَتَاهِيَة وَجَمَاعَة جِيرَانه حوله فَسَأَلَهُ فَقَالَ صنع الله لَك فَأَعَادَ السُّؤَال ورد مثل ذَلِك فَأَعَادَ الثَّالِثَة فَرد مثل ذَلِك فَغَضب وَقَالَ أَلَسْت الَّذِي يَقُول من المديد
(كلّ حيٍ عِنْد ميتَته ... حظُّه من مَاله الكفنُ)
قَالَ نعم قَالَ فبالله أَتُرِيدُ أَن تعد مَالك كُله لثمن كفنك قَالَ لَا قَالَ بِاللَّه كم قدرت لكفنك قَالَ خَمْسَة دَنَانِير قَالَ هِيَ حظك إِذا من مَالك قَالَ نعم قَالَ فَتصدق عَليّ من غير حظك بدرهم وَاحِد قَالَ لَو تَصَدَّقت عَلَيْك لَكَانَ حظي قَالَ فاعمل على أَن دِينَارا من الْخَمْسَة وضيعته قِيرَاط وادفع إِلَيّ قيراطاً وَاحِدًا وَإِلَّا فَوَاحِدَة أُخْرَى قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ الْقُبُور تحفر بِثَلَاثَة دَرَاهِم فَأعْطِنِي درهما وأقيم لَك كَفِيلا بِأَنِّي أحفر لَك قبرك مَتى مت وتربح دِرْهَمَيْنِ لم يَكُونَا فِي حِسَابك فَإِن لم أحفر لَك رَددته على وَرثتك أَو رده كفيلي عَلَيْهِم فَخَجِلَ أَبُو الْعَتَاهِيَة وَقَالَ(9/113)
اغرب قبحك الله وَغَضب عَلَيْك وَضحك جَمِيع من حضر وَمر السَّائِل يضْحك فَالْتَفت إِلَيْنَا أَبُو الْعَتَاهِيَة وَقد اغتاظ فَقَالَ من أجل هَذَا وَأَمْثَاله حرمت الصَّدَقَة فَقُلْنَا لَهُ من حرمهَا)
وَمَتى حرمت فَمَا رَأينَا أحدا ادّعى أَن الصَّدَقَة حرمت قبله وَلَا بعده
وَلما حَضرته الْوَفَاة قَالَ أشتهي أَن يَجِيء مُخَارق ويغني عِنْد رَأْسِي من الطَّوِيل
(إِذا مَا انقضتْ عنّي من الدَّهْر مدّتي ... فإنّ عزاء الباكيات قليلُ)
(سيُعرَض عَن ذكري وتُنْسى مودّتي ... وَيحدث بعدِي للخليل خليلُ)
والبيتان لَهُ من جملَة أَبْيَات وَأوصى أَن يكْتب على قَبره من الْخَفِيف
(إنّ عَيْشًا يكون آخرهُ المو ... ت لَعيشٌ معجَّلُ التنغيص)
وَكَانَت وِلَادَته سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة ووفاته سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ وأخباره مستقصاة فِي كتاب الأغاني
3 - (أَبُو عَليّ القالي)
إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم بن عيذون بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة والذال الْمُعْجَمَة وَالْوَاو الساكنة وَبعدهَا نون بن هَارُون بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بالقالي أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ مولى عبد الْملك بن مَرْوَان ولد بمنازكرد من ديار بكر وَدخل بَغْدَاد سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَأقَام بهَا إِلَى سنة ثمانٍ وَعشْرين وثلاثمائة ثمَّ انْتقل إِلَى الغرب وَتُوفِّي بقرطبة سنة سِتّ وَخمسين وثلاثمائة ومولده سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ سمع من أبي الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ وَأبي يعلى الْموصِلِي وَغَيرهمَا وَأخذ اللُّغَة والعربية عَن ابْن دُرَيْد وَأبي بكر ابْن الْأَنْبَارِي وَابْن درسْتوَيْه وَلما دخل الغرب قصد صَاحب الأندلس النَّاصِر لدين الله عبد الرَّحْمَن فَأكْرمه وصنف لَهُ ولولده الحكم تصانيف وَبث علومه هُنَاكَ وَكَانَ قد بحث على ابْن درسْتوَيْه كتاب سِيبَوَيْهٍ ودقق النّظر وانتصر للبصريين وأملى أَشْيَاء من حفظه ك كتاب النَّوَادِر والأمالي والمقصور والممدود وَالْإِبِل وَالْخَيْل والبارع فِي اللُّغَة نَحْو خَمْسَة آلَاف ورقة لم يصنف مثله فِي الْإِحَاطَة وَالْجمع وَلم يتم ورتب كتاب الْمَقْصُور والممدود على التفعيل ومخارج الْحُرُوف من الْحلق مستقصى فِي بَابه لَا يشذ مِنْهُ شَيْء وَكتاب فعلت وأفعلت وَكتاب مقَاتل الفرسان وَتَفْسِير السَّبع الطوَال(9/114)
قَالَ الْحميدِي وَمِمَّنْ روى عَن القالي أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن الزبيدِيّ النَّحْوِيّ صَاحب كتاب مُخْتَصر الْعين وأخبار النُّحَاة وَكَانَ حِينَئِذٍ إِمَامًا فِي الْأَدَب وَلَكِن عرف فضل أبي عَليّ فَمَال إِلَيْهِ واختص بِهِ واستفاد مِنْهُ وَأقر لَهُ وَكَانَ الحكم الْمُسْتَنْصر قبل ولَايَته الْأَمر وَبعد ينشط أَبَا عَليّ ويبعثه على التَّأْلِيف بواسع الْعَطاء ويشرح)
صَدره بالإفراط فِي الْإِكْرَام وَكَانُوا يسمونه الْبَغْدَادِيّ لوصوله إِلَيْهِم من بَغْدَاد وَيُقَال إِن النَّاصِر هُوَ الَّذِي استدعاه من بَغْدَاد لولائه فيهم قَالَ الزبيدِيّ سَأَلته لم قيل لَك القالي فَقَالَ لما انحدرنا إِلَى بَغْدَاد كُنَّا فِي رفْقَة فِيهَا أهل قالي قلا وَهِي قَرْيَة من قرى منازكرد وَكَانُوا يكرمون لِمَكَانِهِمْ من الثغر فَلَمَّا دخلت بَغْدَاد نسبت إِلَيْهِم لكوني كنت مَعَهم قَالَ أَبُو الحكم مُنْذر بن سعيد البلوطي كتبت إِلَى أبي عَليّ الْبَغْدَادِيّ أستعير مِنْهُ كتابا من الْغَرِيب وَقلت من الجتث
(بحثّ ريمٍ مُهَفْهَفْ ... وصُدغِه المتعطّفْ)
(ابعثْ إليّ بجزءٍ ... من الْغَرِيب المصنَّف)
فَقضى حَاجَتي وَأجَاب بقوله من المجتث
(وحقِّ درٍّ تألّفْ ... بفيك أيَّ تألُّفْ)
(لأبعثنّ بِمَا قد ... حوى الْغَرِيب المصنَّفْ)
(وَلَو بعثتُ بنفسي ... إِلَيْك مَا كنت أُسرفْ)
ومدحه يُوسُف بن هَارُون الرَّمَادِي الْآتِي ذكره فِي بَابه من الْحَرْف بقصيدةٍ أَولهَا من الْكَامِل
(مَنْ حاكمٌ بيني وَبَين عَذولي ... الشجُو شجوي والعويل عويلي)
(فِي أَي جارحةٍ أصون معذِّبي ... سلمتْ من التنغيص والتنكيل)
(إِن قلتُ فِي بَصرِي فثمَّ مدامعي ... أَو قلتُ فِي كَبِدِي فثمَّ غليلي)
ثمَّ خرج من ذَلِك إِلَى مدح أبي عَليّ فَقَالَ
(روضٌ تعاهده السحابُ كأنّه ... متعاهَد من عهد إسماعيلِ)
(قِسْهُ إِلَى الْأَعْرَاب تعلمْ أنّه ... أولى من الْأَعْرَاب بالتفضيلِ)
(حازت قبائلُهم لغاتٍ فُرّقت ... فيهم وَحَازَ لغاتِ كلّ قبيلِ)
(فالشرق خالٍ بعده وكأنّما ... نزل الخَراب بربعه المأهول)
(فكأنّه شمس بدَتْ فِي غربنا ... وتغيّبتْ عَن شرقهم بأفول)
(يَا سيّدي هَذَا ثناي لم أقل ... زوراً وَلَا عرّضتُ بالتنويل)
(من كَانَ يأمُل نائلاً فَأَنا امْرُؤ ... لم أرْجُ غيرَ القُرب فِي تأميلي)(9/115)
3 - (الزَّاهِد النَّيْسَابُورِي)
)
إِسْمَاعِيل بن قُتَيْبَة السّلمِيّ النَّيْسَابُورِي الزَّاهِد توفّي فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة
3 - (الصَّالح صَاحب الْموصل)
إِسْمَاعِيل بن لُؤْلُؤ بن عبد الله الْملك الصَّالح ركن الدّين بِابْن الْملك الرَّحِيم بدر الدّين صَاحب الْموصل قدم مصر سنة تسعٍ وَخمسين وسِتمِائَة على الْملك الظَّاهِر بيبرس الصَّالِحِي وَطلب مِنْهُ النجدة على التتار فَأعْطَاهُ عسكراً وَتوجه مَعَ الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر الْمصْرِيّ العباسي الْمَذْكُور فِي الأحمدين وَدخل الْموصل والتقى التتار عِنْد نَصِيبين وَلما كَانَ أَوَائِل سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة قصد التتار الْموصل ومقدمهم صندغون وَمَعَهُمْ المظفر صَاحب ماردين بعسكره وَنصب التتار على الْموصل أَرْبَعَة وَعشْرين منجنيقاً وضايقوها أَشد مضايقة وَلم يكن بهَا سلَاح وَلَا قوت وغلا بهَا الْقُوت إِلَى أَن بلغ المكوك أَرْبَعَة وَعشْرين دِينَارا فاستصرخ الصَّالح بالبرلي فَخرج من حلب وَسَار إِلَى سنجار فَلَمَّا وصل إِلَى التتار عزموا على الهروب فاتفق وُصُول الحافظي إِلَيْهِم من عِنْد هولاكو يعرفهُمْ أَن الْجَمَاعَة الَّذين مَعَ البرلي قَليلَة والمصلحة ملاقاتهم فقوي عزمهم على الْقِتَال فَسَار صندغون بطَائفَة مِمَّن كَانَت مَعَه على حِصَار الْموصل عدتهمْ عشرَة آلَاف فَارس وَقصد سنجار وَبهَا البرلي وَمَعَهُ تِسْعمائَة فَارس وَأَرْبَعمِائَة من التركمان وَمِائَة من الْعَرَب فَكسر البرلي وَانْهَزَمَ جريحاً فِي رجله وَقتل مِمَّن كَانَ مَعَه من الْأُمَرَاء جمَاعَة من أَعْيَان الْأُمَرَاء وشجعانهم بعد أَن أبلوا بلَاء حسنا وَنَجَا البرلي وَمَعَهُ جميعة من الْأُمَرَاء ودخلوا مصر بعد أَن فارقوا البرلي من البيرة ثمَّ دخل البرلي مصر وَعَاد صندغون إِلَى الْموصل بِمن مَعَه من الأسرى فأدخلهم فِي النقوب إِلَى الصَّالح ليعرفوه بِكَسْر البرلي وانهزامه ويشيروا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ فِي الطَّاعَة وَاسْتمرّ الْحصار إِلَى مستهل شعْبَان فطلبوا عَلَاء الْملك ابْن الْملك الصَّالح وأوهموه أَنه وصل إِلَيْهِم كتاب من هولاكو مضمونه إِن عَلَاء الْملك مَا لَهُ عندنَا ذَنْب وَقد وهنباه ذَنْب أَبِيه فيسيره إِلَيْنَا لنصلح أمره مَعَه وَكَانَ الصَّالح قد ضعف وغلبت عَلَيْهِ مماليكه فَأخْرج إِلَيْهِم وَلَده عَلَاء الْملك فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم بَقِي عِنْدهم اثْنَا عشر يَوْمًا ووالده الصَّالح يظنّ أَنهم سيروه إِلَى هولاكو ثمَّ كاتبوه بعد أَيَّام يأمرونه بِتَسْلِيم الْبَلَد وَإِن لم يفعل تسلموها بِالسَّيْفِ فَجمع الصَّالح أهل الْبَلَد وشاورهم فأشاروا عَلَيْهِ بِالْخرُوجِ فَقَالَ تقتلون لَا محَالة وأقتل بعدكم فصمموا على خُرُوجه إِلَيْهِم)
فَقَالَ يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشر شعْبَان وَلبس الْبيَاض فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم احتاطوا بِهِ ووكلوا بِهِ وبمن مَعَه جمَاعَة وَحَمَلُوهُ إِلَى(9/116)
الْجَوْسَقِ وَدخل شمس الدّين بن يُونُس الباعشيقي الْبَلَد وَمَعَهُ الفرمان ونادى بالأمان فَظهر النَّاس بعد اختفائهم وَشرع التتار فِي خراب الأسوار فَلَمَّا اطمأنّ النَّاس وَبَاعُوا واشتروا دخل التتار الْبَلَد بِالسَّيْفِ وأجالوه على من فِيهِ تِسْعَة أَيَّام ووسطوا عَلَاء الْملك ابْن الْملك الصَّالح وعلقوه على بَاب الجسر ثمَّ إِنَّهُم رحلوا فِي سلخ شَوَّال وَقتلُوا الْملك الصَّالح فِي طريقهم وهم متوجهون إِلَى بيُوت هولاكو وَذَلِكَ سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله ملكا عادلاً لين الْجَانِب
3 - (الْأَمِير جمال الدّين ابْن سيف الدولة)
إِسْمَاعِيل بن مبارك بن كَامِل بن مقلد بن عَليّ بن منقذ الْأَمِير جمال الدّين أَبُو الطَّاهِر ابْن سيف الدولة الْكِنَانِي الْمصْرِيّ المولد قَالَ القوصي فِي مُعْجَمه كَانَ أَمِيرا كَامِلا وكبيراً فَاضلا سيره الْملك الْكَامِل إِلَى الغرب رَسُولا فأبان عَن نهضة وكفاية وَحسن سفارة لما كَانَ جَامعا من حسن صُورَة وسيرة وعذوبة لفظ وسداد عبارَة وولاه مَدِينَة حران وَبهَا توفّي فِي شهور سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة ومولده بِمصْر سنة تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَهُ فَضَائِل وَشعر
3 - (إِسْمَاعِيل بن مجمع)
إِسْمَاعِيل بن مجمع الأخباري ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فَقَالَ وَهُوَ أحد أَصْحَاب السّير وَالْأَخْبَار ومعروف بِصُحْبَة الْوَاقِدِيّ الْمُخْتَص بِهِ مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَله كتاب أَخْبَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومغازيه وسراياه
3 - (الزُّهْرِيّ الْمدنِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ الْمدنِي روى عَن أَبِيه وعميه عَامر وَمصْعَب وَأنس بن مَالك وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ ابْن معِين ثِقَة حجَّة توفّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (السَّيِّد الْحِمْيَرِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن يزِيد بن ربيعَة وجده هَذَا هُوَ يزِيد بن(9/117)
مفرغ الْحِمْيَرِي أَبُو هَاشم الْمَعْرُوف بالسيد الْحِمْيَرِي كَانَ شَاعِرًا محسناً كثير القَوْل إِلَّا أَنه رَافِضِي جلد زائغ عَن)
الْقَصْد لَهُ مدائح جمة فِي أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام وَكَانَ مُقيما بِالْبَصْرَةِ قَالَ لَهُ بشار بن برد لَوْلَا أَن الله تَعَالَى شغلك بمديح أهل الْبَيْت لافتقرنا وَكَانَ أَبَوَاهُ يبغضان عليا سمعهما يسبانه بعد صَلَاة الْفجْر فَقَالَ من الْخَفِيف
(لعن اللهُ والدّيَّ جَمِيعًا ... ثمّ أصلاهما عذابَ الجحيمِ)
(حَكما غُدوةً كَمَا صليّا الْفَج ... ر بلعن الْوَصِيّ بابِ العلومِ)
وَكَانَ يرى رَأْي الكيسانية وَهُوَ مَذْكُور فِي تَرْجَمَة كيسَان إِن شَاءَ الله تَعَالَى لِأَنَّهُ يرى رَجْعَة مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة إِلَى الدُّنْيَا وَكَانَ كثير الشَّاعِر يرى هَذَا الرَّأْي وَكَانَ السَّيِّد يعْتَقد أَنه لم يمت وَأَنه فِي جبل رضوى بَين أَسد ونمر يحفظانه وَعِنْده عينان نضاختان يجريان بِمَاء وَعسل وَيعود بعد الْغَيْبَة فَيمْلَأ الأَرْض عدلا كَمَا مُلئت جوراً وَيُقَال إِن السَّيِّد اجْتمع بِجَعْفَر الصَّادِق فَعرفهُ خطأه وَأَنه على ضَلَالَة فَرجع وأناب وَقَالَ المرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء يكنى أَبَا السَّيِّد وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن وداع الْحِمْيَرِي وَأمه من الحدان تزوج بهَا أَبوهُ لِأَنَّهُ كَانَ نازلاً فيهم وَقيل إِن أم هَذِه الْمَرْأَة أَو جدَّتهَا بنت ليزِيد بن ربيعَة بن مفرغ الْحِمْيَرِي وَلَيْسَ لِابْنِ نفرغ عقب من ولد ذكر وَلذَلِك يَقُول السَّيِّد من الْبَسِيط
(إنّي امرؤٌ حميريٌّ حِين تنسبني ... جَدّي وُعَيْنٌ وأخوالي ذَو ويَزنِ)
(ثمّ الولاءُ الَّذِي أَرْجُو النجاةَ بِهِ ... يومَ الْقِيَامَة للهادي أبي حسنِ)
وَكَانَ السَّيِّد أسمر تَامّ الْقَامَة أَبيض الجمة حسن الْأَلْفَاظ جميل الْخطاب وَكَانَ مقدما عِنْد الْمَنْصُور وَالْمهْدِي وَقيل إِنَّه مَاتَ أول أَيَّام الرشيد سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة وَقيل سنة ثَمَان وَقيل غير ذَلِك وَولد فِي أَيَّام بني أُميَّة سنة خمس وَمِائَة وَكَانَ أحد الشُّعَرَاء الثَّلَاثَة الَّذين لم يضْبط الروَاة مَا لَهُم من الشّعْر هُوَ وبشار وَأَبُو الْعَتَاهِيَة وَإِنَّمَا مَاتَ ذكره وهجر النَّاس شعره لإفراطه فِي سبّ الصَّحَابَة وبغض أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وإفحاشه فِي شتمهم وقذفهم والطعن عَلَيْهِم(9/118)
فتحامى الروَاة شعره قَالَ أَبُو عُثْمَان الْمَازِني سَمِعت أَبَا عُبَيْدَة يَقُول مَا هجا بني أُميَّة أحد كَمَا هجاهم الدعيان يزِيد بن مفرغ أول دولتهم وَمَا عمهم وَالسَّيِّد ابْن مُحَمَّد فِي آخرهَا وعمهم
وَقَالَ السَّيِّد جَاءَ بِي أبي وَأَنا صبي إِلَى مُحَمَّد بن سِيرِين قبل أَن يَمُوت بِمدَّة فَقَالَ يَا بني اقصص رُؤْيَاك فَقلت رَأَيْت كأنّي فِي أرضٍ سبخَة وَإِلَى جَانبهَا أَرض حَسَنَة وفيهَا النَّبِي)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِفًا وَلَيْسَ فِيهَا نبت وَفِي الأَرْض السبخة نخل وَشَوْك فَقَالَ لي يَا إِسْمَاعِيل أَتَدْرِي لمن هَذَا النّخل قلت لَا قَالَ هَذَا للمعروف بامرئ الْقَيْس بن حجر الْكِنْدِيّ فانقله إِلَى هَذِه الأَرْض الطّيبَة الَّتِي أَنا فِيهَا فَجعلت أنقله إِلَى أَن نقلت جَمِيع النّخل وحولت شَيْئا من الشوك فَقَالَ ابْن سِيرِين لأبي أما ابْنك هَذَا فسيقول الشّعْر فِي مدح طهرةٍ أبرار فَمَا مَضَت إِلَّا مديدة حَتَّى قلت الشّعْر وَقَالَ ابْن سَلام وَكَانُوا يرَوْنَ أَن النّخل مدحه أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ ابْن أبي طَالب وَفَاطِمَة وَأَوْلَادهَا وَأَن الشوك حوله وَمَا أَمر بتحويله هُوَ مَا خلط بِهِ شعره من ثلب السّلف وَقَالَ الصولي حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل بن الْأسود حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان قَالَ كَانَ السَّيِّد كيسانياً ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ قصيدته الَّتِي أَولهَا من الطَّوِيل
(تجعفرتُ باسم الله واللهُ أكبرُ ... وأيقنتُ أنّ الله يقْضِي ويقدرُ)
وَقَالَ الصولي كَانَ السَّيِّد يزْعم أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام سمى مُحَمَّدًا ابْنه الْمهْدي وَأَنه الَّذِي بشر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يخرج فِي آخر الزَّمَان وَأَنه حَيّ بجبال رضوى على مَا تقدم
وَقَالَ الصولي حَدثنَا أَبُو العيناء قَالَ السَّيِّد مذبذب يَقُول بالرجعة وَقد قَالَ لَهُ رجل من ثَقِيف بَلغنِي يَا أَبَا هَاشم أَنَّك تَقول بالرجعة قَالَ هُوَ مَا بلغك قَالَ فَأعْطِنِي دِينَارا بِمِائَة دِينَار إِلَى الرّجْعَة فَقَالَ لَهُ السَّيِّد على أَن توثق لي بِمن يضمن السَّيِّد إِذا سُئِلَ عَن مذْهبه أنْشد من قصيدته من الوافر
(سَمِيُّ نبينِّا لم يبْقَ مِنْهُم ... سواهُ فَعنده حَصَلَ الرجاءُ)
(فغُيِّبَ غيبَة من غير موتٍ ... وَلَا قتلٍ وَصَارَ بِهِ القضاءُ)
(إِلَى رَضْوى فحلّ بهَا بشعبٍ ... تُجاوره الخوامعُ والظباءٌ)
(وَحين الْوَحْش ترعى فِي رياضٍ ... من الْآفَات مَرْتُعها خلاء)
(فحلَّ فَمَا بهَا بَشَرٌ سواهُ ... بعُقْوَته لَهُ عسلٌ وَمَاء)
(إِلَى وقتٍ ومدّة كلِّ نَذْلٍ ... يُطيف بِهِ وَأَنت لَهُ فدَاء)
(كأنّا بِابْن خَوْلةَ عَن قليلٍ ... وربُّ الْعَرْش يفعل مَا يَشَاء)(9/119)
(يهزّ دُوين عينِ الشَّمْس سَيْفا ... كَلمعِ الْبَرْق أخلْصه الْجلاء)
(يشبّه وجهُه قمراً منيراً ... تضيء لَهُ إِذا طلع السَّمَاء)
(فَلَا يخفى على أحدٍ بصيرٌ ... وَهل بالشمس ضاحيةً خَفَاء)
)
(هُنَالك تعلم الأحزابُ أنّا ... ليوثٌ لَا يُنَهْنهِنا الكِفاء)
(فنُدرك بالذحول بني أمَيٍّ ... وَفِي ذَاك الذحول لَهُم فنَاء)
قَالَ الصولي حَدثنَا العلالي حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي حَدثنِي أبي قَالَ سَمِعت أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن عَطاء يَقُول لما مَاتَ عمي مُحَمَّد بن الْخفية كنت حَاضرا فتوليته وغسلته وَصليت عَلَيْهِ وواريته فِي حفرته قَالَ عبد الله بن عَطاء فَسَأَلَنِي السَّيِّد الْحِمْيَرِي عَن هَذَا الحَدِيث فَحَدَّثته بِهِ فَقَالَ لي قد رجعت عَن قولي ثمَّ بَلغنِي أَنه قَالَ بعد ذَلِك من السَّرِيع
(يَا عجبا لِابْنِ عطاءٍ روى ... وربّما صرّح بالمُنْكَرٍ)
(عَن سيدّ النَّاس أبي جَعْفَر ... فَلم يقل صدقا وَلم يبرُرِ)
(دفنتُ عمِّي ثمَّ غادرتُه ... حليفَ لِبْنٍ وترابٍ ثَري)
(مَا قَالَ ذَا قطّ وَلَو قَالَه ... قُلْنَا انْتِفَاء من أبي جَعْفَر)
وَقيل إِن اثْنَيْنِ تلاحيا فِي أَي الْخلق أفضل بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَحدهمَا أَبُو بكر وَقَالَ الآخر عَليّ فتراضيا بالحكم إِلَى أول من يطلع عَلَيْهِمَا فطلع عَلَيْهِمَا السَّيِّد الْحِمْيَرِي فَقَالَ الْقَائِل بِفضل عَليّ قد تنافرت أَنا وَهَذَا إِلَيْك فِي أفضل الْخلق بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت أَنا عَليّ فَقَالَ السَّيِّد وَمَا قَالَ هَذَا ابْن الزَّانِيَة فَقَالَ ذَاك لم أقل شَيْئا وَقَالَ الصولي حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله التَّمِيمِي حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه قَالَ قلت للفضل بن الرّبيع أَرَأَيْت السَّيِّد الْحِمْيَرِي قَالَ نعم ولعهدي بِهِ بَين يَدي الرشيد وَقد ولي الْخلَافَة وَقد رفع إِلَيْهِ أَنه رَافِضِي وَهُوَ يَقُول إِن كَانَ الرَّفْض حبكم يَا بني هَاشم وتقديمكم على سَائِر الْخلق فَمَا أعْتَذر وَلَا أزول عَنهُ وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَمَا أَقُول بِهِ ثمَّ أنْشدهُ من الهزج
(شجاك الحيُّ إِذْ بانوا ... فدمْعُ العينِ تهتانُ)
(كأنّي يومَ ردُّوا العِي ... س للرحلة نشوانُ)
(وَفَوق العيس إذْ ولّوا ... مَهىً حورٌ وغَزلانُ)
(إِذا مَا قُمنَ فالأعْجا ... ز فِي التَّشْبِيه كُثْبانُ)
(وَمَا جَازَ إِلَى الْأَعْلَى ... فأقمارٌ وأغصانُ)
وَمِنْهَا)
(عليٌّ وَأَبُو ذَرٍّ ... ومقدادٌ وسَلْمانُ)(9/120)
(وعبّاسٌ وعمّارٌ ... وَعبد الله إخوانُ)
(دعوا فاستودعوا علما ... فأدَّوْهُ وَمَا خانوا)
(أدينُ اللهَ بالدّين ال ... ذِي كَانُوا بِهِ دانوا)
مِنْهَا
(فحُبّي لَك إيمانٌ ... ومَيلي عَنْك كُفرانُ)
(فعدَّ القومُ ذَا رفضاً ... فَلَا عَدُّوا وَلَا كَانُوا)
قَالَ فلعهدي بالرشيد وَقد ألطف لَهُ وَوَصله وبره جمَاعَة من الهاشميين وأتانا بعد هَذَا بقليلٍ مَوته لما استقام الْأَمر لأبي الْعَبَّاس السفاح خطب يَوْمًا فَأحْسن الْخطْبَة فَلَمَّا نزل عَن الْمِنْبَر قَامَ إِلَيْهِ السَّيِّد فأنشده من السَّرِيع
(دونكموها يَا بني هاشمٍ ... فجدِّدوا من آيها الطامِسا)
(دونكموها فالبَسوا تاجها ... لَا تَعْدموا منكمْ لَهَا لابِسا)
(دونكموها لَا علا كَعْبُ من ... أَمْسَى عَلَيْكُم مُلكها نافسا)
(خلَافَة الله وسلطانه ... وعنصر كَانَ لكم دارسا)
(قد ساسها قبلكُمُ ساسةٌ ... لم يتْركُوا رَطْباً وَلَا يَابسا)
(لَو خُيّر المنبرُ فرسانَه ... مَا اخْتَار إلاّ منكُمُ فَارِسًا)
(فلستُ من أَن تمْلِكوها إِلَى ... هبوط عِيسَى منكمُ آيسا)
فَقَالَ السفاح سل حَاجَتك فَقَالَ ترْضى عَن سُلَيْمَان بن حبيب بن الْمُهلب وتوليه الأهواز
فَأمر بذلك وَأَن يكْتب عَهده وَيدْفَع إِلَى السَّيِّد فَأَخذه وَقدم بِهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا وَقعت عينه عَلَيْهِ أنْشدهُ من المتقارب
(أَتَيْنَاك يَا قَرْمَ أهل الْعرَاق ... بِخَير كتابٍ من القائمِ)
(أَتَيْنَاك من عِنْد خير الأنا ... م ذَاك ابْن عمّ أبي القاسمِ)
(يولِّيك فِيهِ جسامَ الْأُمُور ... فَأَنت صَنِيع بني هاشمِ)
(أَتَيْنَا بعهدك من عِنْده ... على من يليك من العالَمِ)
فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان شرِيف وشافع وشاعر ووافد ونسيب سل حَاجَتك فَقَالَ جَارِيَة فارهة جميلَة)
وَمن يخدمها وبدرة دَرَاهِم وحاملها وَفرس رائع وسائسه وتخت من صنوف الثِّيَاب وحامله
قَالَ قد أمرت لَك بِجَمِيعِ مَا سَأَلت وَهُوَ لَك عِنْدِي فِي كل سنة قَالَ أَبُو رَيْحَانَة وَكَانَ السَّيِّد قَالَ لما حَضرته الْوَفَاة جَاءَنَا وليه فَقَالَ هَذَا وَإِن كَانَ مخلطاً فَهُوَ من أهل التَّوْحِيد وَهُوَ جاركم فادخلوا إِلَيْهِ فلقنوه الشَّهَادَة قَالَ فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ قَالَ فَقُلْنَا لَهُ قل لَا إِلَه(9/121)
إِلَّا الله قَالَ فاسود وَجهه وَفتح عَيْني قَالَ ثمَّ قَالَ لنا وَحيِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتهون قَالَ وَخَرجْنَا فَمَاتَ من سَاعَته
3 - (الْمَنْصُور العبيدي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبيد الله أَبُو الطَّاهِر الْمَنْصُور ابْن الْقَائِم ابْن الْمهْدي صَاحب إفريقية أحد الْخُلَفَاء الباطنية بَايعُوهُ يَوْم توفّي أَبوهُ الْقَائِم ولقب الْمَنْصُور وَكَانَ أَبوهُ قد ولاه محاربة أبي يزِيد مخلد الْخَارِجِي الإباضي وَكَانَ أَبُو يزِيد مَعَ كَونه سيء الِاعْتِقَاد زاهداً قَامَ غَضبا لله تَعَالَى لما انتهك هَؤُلَاءِ الحرمات وَكَانَ يركب حمارا ويلبس الصُّوف وَقَامَ مَعَه خلق كثير فحاربه الْقَائِم مراتٍ وَاسْتولى على جَمِيع مدن القيروان وَلم يبْق للقائم المهدية فنازلها أَبُو يزِيد فَهَلَك الْقَائِم فِي الْحصار وَقَامَ الْمَنْصُور هَذَا وأخفى مَوته ونهض لنَفسِهِ وصابر أَبَا يزِيد حَتَّى رَحل عَن المهدية وَنزل سوسة يحاصرها فَخرج إِلَيْهِ الْمَنْصُور والتقيا على سوسة فَهَزَمَهُ ووالى وثلاثمائة فَمَاتَ بعد أسره بأَرْبعَة أَيَّام من جراح كَانَت بِهِ فَأمر بسلخه وحشا جلده قطناً وصلبه وَبني مدينته مَوضِع الْوَقْعَة وسماها المنصورية واستوطنها وَكَانَ الْمَنْصُور رابط الجأش وثلاثمائة من المنصورية إِلَى جَلُولَاء ليتنزه بهَا وَمَعَهُ حظيته قضيب وَكَانَ مغرماً بهَا فَأمْطر الله عَلَيْهِم بردا كثيرا وسلط عَلَيْهِم ريحًا عَظِيمَة فَخرج مِنْهَا إِلَى المنصورية فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبرد فأوهن جِسْمه وَمَات أَكثر من مَعَه وَوصل إِلَى المنصورية فاعتل بهَا وَمَات يَوْم الْجُمُعَة آخر شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَكَانَ سَبَب علته أَنه لما وصل المنصورية أَرَادَ دُخُول الْحمام فَنَهَاهُ طبيبه إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الإسرائيلي فَلم يقبل مِنْهُ وَدخل الْحمام ففنيت الْحَرَارَة الغريزية ولازمه السهر فَأقبل إِسْحَاق يعالجه والسهر باقٍ على حَاله فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْمَنْصُور فَقَالَ لبَعض خدمه أما بالقيروان طَبِيب يخلصني من هَذَا فَقَالَ هَا هُنَا شَاب قد نَشأ يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم فَأمر بإحضاره فَحَضَرَ فَعرفهُ حَاله وشكا إِلَيْهِ مَا بِهِ فَجمع لَهُ شَيْئا ينومه وَجعله فِي قنينة على النَّار وكلفه شمها فَلَمَّا أدمن شمها نَام فَخرج إِبْرَاهِيم مَسْرُورا بِمَا فعل)
وَجَاء إِسْحَاق إِلَيْهِ فَقَالُوا إِنَّه نَائِم فَقَالَ إِن كَانَ صنع لَهُ شَيْء ينَام بِهِ فقد مَاتَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَيتا فأرادوا قتل إِبْرَاهِيم فَقَالَ إِسْحَاق مَا لَهُ ذَنْب فَإِنَّمَا داواه بِمَا ذكره الْأَطِبَّاء غير أَنه جهل أصل الْمَرَض وَمَا عرفتموه ذَلِك(9/122)
أَنِّي كنت أعَالجهُ وَأنْظر فِي تقويه الْحَرَارَة الغريزية وَبهَا يكون النّوم فَلَمَّا عولج بِمَا يطفئها علمت أَنه قد مَاتَ وَدفن الْمَنْصُور بالمهدية
3 - (الصفار صَاحب الْمبرد)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن صَالح بن عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ أَبُو عَليّ الصفار صَاحب الْمبرد صُحْبَة اشْتهر بهَا روى عَنهُ وَسمع الْكثير وَكَانَ أخبارياً نحوياً ثِقَة وَكَانَ متعصباً لمَذْهَب السّلف عَاشَ دهراً وَصَارَ مُسْند الْعرَاق صَامَ أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ رَمَضَان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَهُوَ صَاحب الْملح وَمن شعره من الطَّوِيل
(إِذا زرتكم لُقيِّتُ أَهلا ومرحباً ... وَإِن غبتُ حولا لَا أرى منكمُ رسُلا)
(وَإِن جِئْت لم أعدَمْ أَلا قد جفوتنا ... وَقد كنتَ زَوّاراً فَمَا بالنُا نُقْلى)
(أَفِي الْحق أَن أرْضى بذلك منكُمُ ... بل الضيمُ أَن أرْضى بذا مِنْكُم فِعلا)
(ولكنّني أُعطي صفاء مودّتي ... لمن لَا يرى يَوْمًا عليّ لَهُ الفضْلا)
(وأستعمل الْإِنْصَاف فِي النَّاس كلّهم ... فَلَا أصِلُ الجافي وَلَا أقطع الحبلا)
(وأخضع لله الَّذِي هُوَ خالقي ... وَلنْ أعطيّ الْمَخْلُوق من نَفسِي الذلاّ)
3 - (رَاوِي الصَّحِيح عَن الْفربرِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَاجِب أَبُو عَليّ الكشاني روى الصَّحِيح عَن الْفربرِي وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة
3 - (الوثابي الشَّاعِر)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو طَاهِر الْأَصْبَهَانِيّ الوثابي(9/123)
الشَّاعِر بتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة أضرّ آخر عمره وافتقر وَقيل إِنَّه كَانَ يخل بالصلوات وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة قَالَ السَّمْعَانِيّ مَا رَأَيْت أسْرع بديهةً مِنْهُ فِي النثر وَالنّظم دخلت عَلَيْهِ دَاره بأصبهان واقترحت عَلَيْهِ رِسَالَة فَقَالَ لي خُذ الْقَلَم واكتب وأملي عَليّ فِي الْحَال بِلَا ترو وَلَا تفكر كأحسن مَا يكون وَسَيَأْتِي ذكر وَلَده الأكرم مَحْمُود بن إِسْمَاعِيل فِي مَكَانَهُ من حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى ومنت شعره من الطَّوِيل)
(أشاعوا فَقَالُوا وقفةٌ ووداعُ ... وزُمَّت مطايا للرحيل سِراعُ)
(فقلتُ وداعٌ لَا أُطِيق عيانَه ... كفاني من الْبَين المُشِتِّ سماعُ)
(وَلم يملك الكتمانَ قلبٌ ملكتَه ... وَعند النَّوَى سرُّ الكتوم مُذاعُ)
وَمِنْه فِي المقص من الْكَامِل
(مَا طائرٌ يَحْكِي لمبصره ... مَهْما غَدا لجناحه نَشْرُ)
(ميمَين أوصلتا بلام ألفٍ ... ويُعدّ نونات بهَا عَشْرُ)
وَكَانَ يظنّ بِهِ نوع من الخبل فَقَالَ من الطَّوِيل
(ولمّا رأيتُ الْعقل كَاد يُميتني ... جعلتُ جنوني جُنّةً فحييتُ)
3 - (الدهان النَّيْسَابُورِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَبدُوس الدهان أَبُو مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي أنْفق مَاله على الْأَدَب وَتقدم فِيهِ وبرع فِي علم اللُّغَة والنحو وَالْعرُوض وَأخذ عَن صَاحب الصِّحَاح إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد واستكثر مِنْهُ وَكتب الصِّحَاح بِخَطِّهِ واختص بالأمير أبي الْفضل الميكالي ومدحه بِشعر كثير ثمَّ أَتَى الزّهْد والإعراض عَن أَعْرَاض الدُّنْيَا وَقَالَ لما أزمع الْحَج من الوافر
(أتيتُكَ رَاجِلا ووددت أنّي ... ملكتُ سَواد عَيْني أمتطيه)
(وَمَا لي لَا أَسِير على المآقي ... إِلَى قبرٍ رسولُ الله فِيهِ)
وَقَالَ أيضاُ من الْبَسِيط
(عبدٌ عصى ربَّه ولكنْ ... لَيْسَ سوى واحدٍ يقولُ)
(إِن لم يكن فعله جميلاً ... فإنّما ظنُّه جميلُ)
وَقَالَ أَيْضا من الوافر
(نصحتُك يَا أَبَا إسحاقَ فاقبلْ ... فإنّي ناصحٌ لَك ذُو صداقَةْ)
(تعلَّمْ مَا بدا لَك من علومٍ ... فَمَا الإدبار إلاّ فِي الوِراقَه)
3 - (القمي النَّحْوِيّ)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد القمي النَّحْوِيّ ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَاق النديم فِي كتاب الفهرست وَقَالَ لَهُ من التصانيف كتاب الْهمزَة كتاب الْعِلَل(9/124)
3 - (عِصَابَة الجرجرائي)
)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن حَاتِم الباذامي أَبُو إِسْحَاق الشَّاعِر الملقب عِصَابَة من أهل جرجرايا
وَقَالَ الصولي اسْمه إِبْرَاهِيم بن باذام وَهُوَ كثير الشّعْر متسف الْأَلْفَاظ وَكَانَ يتشيع ويهجو العباسيين ومدح جمَاعَة من الْأُمَرَاء وَأخذ ثوابهم هجا بعض عُمَّال بَغْدَاد فَلم تطل الْمدَّة حَتَّى ولي هَذَا الْعَامِل جرجرايا فَلَمَّا دَخلهَا أصَاب صبرَة ضخمةً من الشّعير لعصابة الجرجرائي ارْتَفَعت إِلَى حق الدِّيوَان وَقَالَ هجانا عِصَابَة بالشعر فهجوناه بِالشَّعِيرِ وَمن شعره يمدح إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي من الْكَامِل
(ألمتَ بالخَبْتين أوْ لَمْ تُلممِ ... فدموعُ عَينِك رُجَّعٌ لم تسجمِ)
يَقُول فِيهَا
(إسحاقُ إنّ الدَّهْر هِرْتٌ شَدْقه ... وعَدا ليأكلني بنابَيْ ضَيْغَمِ)
(فاعْتَذْتُ باسْمك مِنْهُ فاستقللتهُ ... فانْصاع مُنْهَزِماً وَمَا من مَهزمِ)
(وَمضى إِلَى حَدثَانه متظلِّماً ... لَا زلتَ تَظْلِمُه وَإِن لم تَظلِمِ)
(وَأَنا الجديدُ من الصَّنَائِع فافتضضْ ... بِكْراً شكرا بشيبٍ مهرمِ)
قلت كل شعره من هَذَا النمط الْمَرْدُود والخاطر المكدود لَا بَارك الله فِيهِ
3 - (الْحَافِظ الجوجي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل بن عَليّ بن أَحْمد بن طَاهِر أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي جَعْفَر الْحَافِظ الْمَعْرُوف بجوجي وَهُوَ العصفور بِلِسَان أهل أَصْبَهَان كَانَ إِمَامًا كَبِيرا فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأَدب وَله المصنفات الْحَسَنَة فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَله الْقدَم الثَّابِت فِي الْحِفْظ والإتقان والورع والزهد سمع الْكثير بأصبهان من أبي عمروٍ عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مَنْدَه وَأبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أَحْمد بن رزا وَأبي مَسْعُود سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْحَافِظ وَأبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن زِيَاد وخلقٍ كثير وَسمع بِبَغْدَاد الشريف أَبَا نصرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الزينيبي وأخاه طراداً وَأَبا الْحُسَيْن عَاصِم بن الْحسن بن عَاصِم وَجَمَاعَة دونهم وَسمع بنيسابور أَبَا بكر أَحْمد بن عَليّ بن خلف الشِّيرَازِيّ وَأَبا المظفر مُوسَى بن عمرَان الصُّوفِي وَجَمَاعَة ثمَّ قدم بَغْدَاد ثَانِيًا وَحدث بهَا وَحج وجاور بِمَكَّة سنة وَعَاد إِلَى بَلَده مُقيما إِلَى حِين وَفَاته مشتغلاً بِالْحَدِيثِ والإملاء والتصنيف وَالْعِبَادَة وَقَالَ أَحْمد الأسواري الَّذِي تولى غسله وَكَانَ ثِقَة إِنَّه أَرَادَ أَن ينحي عَن سوءته الْخِرْقَة فجذبها الشَّيْخ إِسْمَاعِيل من يَده وغطى بهَا)
فرجه فَقَالَ الْغَاسِل أحياةٌ بعد موت توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة(9/125)
3 - (أَبُو الْوَلِيد الْكَاتِب الإشبيلي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَامر بن حبيب أَبُو الْوَلِيد الْكَاتِب بإشبيلية لَهُ ولأبيه قدم فِي الْآدَاب والرياسة لَهُ كتاب فِي فضل الرّبيع مَاتَ أَبُو الْوَلِيد إِسْمَاعِيل قَرِيبا من سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره فِي الرّبيع من الْكَامِل
(أبشِرْ فقد سفر الثَّرى عَن بِشْرِهِ ... وأتاك يَنْشُر مَا طوى من نَشْرِهِ)
(متحصِّناً من حُسنه فِي مَعقْلٍ ... عَقَل العيونَ على رِعَايَة زَهرِهِ)
(فضّ الربيعُ خِتامَه فَبَدَا لنا ... مَا كَانَ من سَرّائه فِي سرِّهِ)
(من بعد مَا سحب السحابُ ذيولَه ... فِيهِ ودَرَّ عَلَيْهِ أنْفَسَ درِّهِ)
(فصلٌ كأنّ الحاجبَ ابْن محمدٍ ... ألْقى عَلَيْهِ مَسْحةُ من بِشْرهِ)
3 - (ابْن الاسفنجي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ أَبُو إِبْرَاهِيم غلبت عَلَيْهِ كنيته وَيعرف بِابْن الإسفنجي كَانَ من كتاب الْخراج بالغرب قَالَ ابْن رَشِيق ناقد فِي علم الدِّيوَان مَشْهُور بِعَمَل الشّعْر متوسط الطَّبَقَة وَمِمَّا أورد لَهُ قَوْله من الْكَامِل
(وَلَقَد وقفتُ بهَا أسائل رسمها ... تَسْآلَ مقروحٍ الجوانح مُثْكَلِ)
(فرأيتُها مثل الْهلَال فَلَنْ تُرى ... فِي الشكّ إِلَّا بعد طول تأمُّلِ)
(لله أيّام مضَتْ فِيهَا لنا ... لَو أنّها دَامَت وَلم تتحوّل)
(أيّام كنت أروق كلّ خريدة ... تسبي الْعُقُول بغنج طرفٍ أكحلِ)
(من كلّ آنسةٍ كأنّ حَدِيثهَا ... دُرٌّ جرى فِي سلكه لم يُوصَلِ)
مِنْهَا فِي المديح
(قاضٍ إِذا أمضى بديهةَ قَوْله ... فَهِيَ السِّراج لكلِّ أمرٍ مُشْكلِ)
(راضتْ تجارِبُه الزَّمَان وراضها ... فاقتاد أصعَبهَ برأيٍ فيَصلِ)
(جَعَل السماح شعاره ودِثاره ... فيمينه وشِماله كالشَمْالِ)
(يلقى العُفاةَ ببشْره ونواله ... وبياضِ غُرّة وَجهه المتهلّل)
3 - (ابْن البوقا الْوَزير اليمني)
)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الشَّيْخ اليمني الْمَعْرُوف بِابْن البوقا وزر لجياش بن نجاح أحد مُلُوك الْيمن ثمَّ لأولاده الفاتك والمنصور وَعبد الْوَاحِد وَمَا مِنْهُم إِلَّا من قدمه وعظمه وأكرمه وَكَانَ فِي نَفسه سيداً جليل الْقدر سَمحا بِمَالِه وجاهه حكى عمَارَة اليمني أَنه لَقِي أَوْلَاده سَعْدا وسعيداً وَعبد الْمفضل وَعبد المحسن بزبيد وَلَهُم النباهة والوجاهة وَبعد الصيت وَشعر الشَّيْخ إِسْمَاعِيل كثير مَوْجُود بِالْيمن
3 - (وَمِنْه من الْخَفِيف)(9/126)
(عِنْد روض الرّبيع لي أوتارُ ... تقتضيها الصهباءُ والأوتارُ)
3 - (وَمِنْه من الْكَامِل)
(يَا طاوِيَ الفلوات طَيّ المَدرجِ ... عُجْ نَحْو منُعرج الْكَثِيب وعَرِّجِ)
3 - (قوام السّنة الْجَوْزِيّ)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل بن عَليّ بن أَحْمد بن طَاهِر الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو الْقَاسِم التَّيْمِيّ الطلحي الْمَعْرُوف بالجوزي بِضَم الجين وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا زَاي الملقب بقوام السّنة ولد سنة سبع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة سمع كثيرا بعدة بِلَاد وجاور بِمَكَّة وصنف التصانيف وأملي وَتكلم فجرح وَعدل روى عَنهُ السَّمْعَانِيّ وَابْن عَسَاكِر وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ وَجَمَاعَة وَهُوَ إِمَام فِي التَّفْسِير والْحَدِيث واللغة وَالْأَدب عَارِف بالمتون والأسانيد طول الشَّيْخ شمس الدّين تَرْجَمته وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (برهَان الدّين الأبذي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن يُوسُف برهَان الدّين أَبُو إِبْرَاهِيم الأندلسي الأبذي بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا وَبعدهَا ذال الْمُعْجَمَة سمع بِدِمَشْق من ابْن طبرزذ وبمكة وَأم بالصخرة وَكَانَ فَاضلا صَالحا شَاعِرًا توفّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة أخبر عَن بعض الْأَوْلِيَاء المجاورين بِبَيْت الْمُقَدّس أَنه سمع هاتفاً يَقُول لما خرب الْقُدس من الْخَفِيف
(إِن يكن بِالشَّام قَلَّ نصيري ... ثمّ خُرِّبْتُ واستمرَّ هلوكي)
(فَلَقَد أثبْتَ الغداةَ خرابي ... سَمَر العارِ فِي حَيَاة الْمُلُوك)
3 - (الكوراني الزَّاهِد)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر بن خسرو أَبُو مُحَمَّد الكوراني الزَّاهِد الْقدْوَة كَانَ أحد الْمَشَايِخ)
الْمَشْهُورين بالزهد والورع صَاحب معاملةٍ وخشية يطْلب مِنْهُ الدُّعَاء توفّي بغزة سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَهُوَ قافل من مصر إِلَى الْقُدس وَكَانَ كثير التَّحَرِّي يسْأَل الْعلمَاء عَمَّا يشكل عَلَيْهِ فِي دينه رَحمَه الله
3 - (نَفِيس الدّين الْحَرَّانِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن صَدَقَة الْعدْل الرئيس نَفِيس الدّين الْحَرَّانِي ثمَّ الدِّمَشْقِي نَاظر الْأَيْتَام ولد سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسمع الْمُوَطَّأ من مكرم وَحدث وَسمع بِنَفسِهِ من ابْن مسلمة وَغَيره وَله دَار مليحة برصيف دمشق وَقفهَا دَار حديثٍ وَولى مشيختها تَاج الدّين الجعبري وَقَرَأَ بهَا الشَّيْخ علم الدّين البرزالي وَنزل بهَا الشَّيْخ أَبُو الْحسن الختني وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة(9/127)
3 - (مجد الدّين الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الشَّيْخ الصَّالح شيخ الْحَنَابِلَة مجد الدّين الْحَرَّانِي قدم دمشق شَابًّا واشتغل وبرع فِي الْمَذْهَب وَأخذ عَن ابْن أبي عمر وَابْن عبد الْوَهَّاب وَالْفَخْر البعلي وَابْن المنجا وَسمع من ابْن الصَّيْرَفِي وعدة وَكَانَ بَقِيَّة السّلف ذَا إخلاص وورع وهضم لنَفسِهِ تخرج بِهِ أَئِمَّة وَكَانَ رَأْسا فِي الْفِقْه يُعِيد فِي مدارس تلامذته عَاشَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سنة وشيعه خلق وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة
3 - (ابْن مكنسة الاسكندري)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد أَبُو الطَّاهِر الْمَعْرُوف بِابْن مكنسة الاسكندري أورد لَهُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي الحديقة من الطَّوِيل
(أعاذِلُ مَا هَبًّت رياحُ ملامةٍ ... بِنَار هوى إلاّ وزادت تضرُّما)
(فكِلْني إِلَى عينٍ إِذا جفَّ مَاؤُهَا ... رَأَتْ من حُقُوق الحبّ أَن تذرف الدما)
(فكم عبرةٍ أعطتْ غرامي زِمامها ... عشَّيةَ أعملنَ المطيَّ المزمَّما)
(وَللَّه قَلبٌ قارعتُه همومُه ... فَلم يبْق حَدٌّ مِنْهُ إلاّ تثلَّما)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الْكَامِل
(رَقَّت مَعاقِدُ خَصْرِه فكأنّها ... مشتقّةٌ من عقده وتجلّدي)
(وتجمدّتْ أصداغه فكأنّها ... مسروقةٌ من خَلْقه المتجعْد)
)
(مَا بالهُ يجفو وَقد زعم الورى ... أنَّ الندى يختصّ بِالْوَجْهِ الندي)
(لَا تخدعنّكَ وجنةٌ محمرّةٌ ... رقّت فَفِي الْيَاقُوت طبع الجَلْمدِ)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الطَّوِيل
(فَتى عاقدٌ بِحسن فَعاله ... فَمَا عِنْده لي يَقْتَضِي مَا لَهُ عِنْدِي)
(تغيرّ أخلاقُ الزَّمَان وأهِله ... وتلقاه أرْسَى من ثَبيرٍ على العهدِ)
وَأورد لَهُ أَيْضا من الْكَامِل
(صيرَّ تمونا يَا بني ... بكْجور عُشّاقاً بِشِدَّهْ)
(لكم الْولَايَة فِي الْهوى ... أمرٌ أَرَادَ الله عَقْدَهْ)
(مَا قَامَ مِنْكُم قائمٌ ... إِلَّا وَكَانَ الحُسن جنُدهْ)
(مَا يلتحي حَتَّى ين ... صَّ على وليّ الْعَهْد بعدَهْ)
وَأورد أَيْضا من الْكَامِل
(يُعطيك مبتدياً لَدَى سرَائه ... ويضاعف الْإِعْطَاء فِي ضرّائهِ)(9/128)
(بِتْ جارَه فالعيش تَحت ظلاله ... واستسْقهِ فالبحر من أنوائهِ)
(يَلقْى الخطوبَ بِمِثْلِهَا من صبره ... والباتراتِ بِمِثْلِهَا من رائهِ)
(فالطودُ حاسدُ حلمِهِ وأناتِه ... وَالسيف حاسدُ بأسه ومضائه)
وَمن شعره من الْبَسِيط
(هذي القوافي لَهَا صروف ... وجودُك النَّاقِد البصيرُ)
(مَعْرُوفك الشَّمْس لَيْسَ تخفى ... وإنّما حظّيَ الضريرُ)
3 - (وَمِنْه من الرمل)
(لستُ بالداعي لخِلٍّ أبدا ... أَن يزيدَ الله فِي مقدرتِهْ)
(حذرا أَن يطمح الدهرّ بِهِ ... فأذُمَّ الدهرَ فِي معرفتِهْ)
3 - (الصَّالح أَبُو الخيش)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الْملك الصَّالح عماد الدّين أَبُو الخيش ابْن الْملك الْعَادِل هُوَ صَاحب بعلبك وبصري وَملك دمشق بعد موت أَخِيه الْأَشْرَف وخلع على الْأُمَرَاء وَبَقِي أَيَّامًا فَلم يلبث أَن نَازل الْكَامِل أَخُوهُ دمشق فَأَخذهَا مِنْهُ فَعَاد هُوَ إِلَى بعلبك ثمَّ هجم هُوَ والمجاهد)
صَاحب حمص على دمشق وملكها سنة سبع وَثَلَاثِينَ وبدت مِنْهُ هَنَات واستعان بالفرنج على حَرْب أَخِيه وَأَعْطَاهُمْ حصن الشقيف ثمَّ أخذت مِنْهُ دمشق سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَعَاد إِلَى بعلبك فَلم يقر لَهُ قَرَار والتفت عَلَيْهِ الخوارزمية وتمت لَهُ خطوب فالتجأ إِلَى حلب وراحت مِنْهُ بصرى وبعلبك وَبَقِي فِي خدمَة ابْن أَخِيه النَّاصِر فَلَمَّا سَار النَّاصِر لأخذ مصر مَعَ الصَّالح أسر الصَّالح فِي من أسر وَحبس بِالْقَاهِرَةِ ومروا بِهِ أَسِيرًا على تربة ابْن أَخِيه الصَّالح نجم الدّين فصاحت البحرية وهم غلْمَان نجم الدّين يَا خوند أَيْن عَيْنك تبصر عَدوك ثمَّ أَخْرجُوهُ من القلعة لَيْلًا ومضوا بِهِ إِلَى الْجَبَل فَقَتَلُوهُ هُنَاكَ وعفي أَثَره وَكَذَلِكَ فعل هُوَ بالجواد وَكَانَ أَبوهُ الْعَادِل كثير الْمحبَّة لأمه وَهِي من أحظى حظاياه وَلها مدرسة وتربة بِدِمَشْق وَفِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ عزل الصَّالح عز الدّين ابْن عبد السَّلَام عَن خطابة دمشق وحبسه وَحبس أَبَا عَمْرو ابْن الْحَاجِب لِأَنَّهُمَا أنكرا عَلَيْهِ فعله وإعطاءه الشقيف لصَاحب صيدا ثمَّ أطلقهما بعد مُدَّة وألزمهما بيوتهما وَولى الْعِمَاد ابْن خطيب بَيت الْآبَار وَكَانَت قتلته بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَفِيه يَقُول أَحْمد بن الْمعلم من السَّرِيع(9/129)
(ضيَّع إِسْمَاعِيل أَمْوَالنَا ... وخرّب المَعْنى بِلَا مَعْنى)
(وَرَاح من جِلِّق هَذَا جزا ... منَ أفقر النَّاس وَمَا اسْتغنى)
3 - (عماد الدّين ابْن القيسراني)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبد الله القَاضِي عماد الدّين أَبُو الْفِدَاء ابْن القَاضِي شرف الدّين ابْن الصاحب فتح الدّين ابْن القيسراني قد مضى ذكر أَبِيه وجده كَانَ حسن المحاضرة يمِيل إِلَى الصلحاء وَيَقْضِي حوائجهم ويتلطف لَهُم وينتمي إِلَيْهِم ويروي من كراماتهم شَيْئا كثيرا لَو أَرَادَ أَن يتحدث فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها لفعل وَكَانَ خيرا دينا مقصداً عصبياً لمن يَقْصِدهُ فِي حَاجَة أَو ينزلها بِهِ كَانَ موقع الدست أَولا بِبَاب السُّلْطَان ثمَّ تولى كِتَابَة السِّرّ بحلب فَتوجه إِلَيْهَا وعملها على القالب الجائر فَضَاقَ عطن النَّائِب ألطنبغا مِنْهُ وَعمل عَلَيْهِ وأوهم أعداؤه عَلَاء الدّين ابْن الْأَثِير مِنْهُ فاتفق مَعَهم على عَزله فَنقل هُوَ أَوْلَاده إِلَى دمشق هُوَ موقع الدست وولداه فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى فِي آخر الْأَمر يعظمه كثيرا وَيَقُول فِي الْمجْلس مَا هُنَا مصري إِلَّا أَنا وَأَنت روى عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَغَيره وَحدث بِدِمَشْق وَكَانَ بِمصْر قد تزوج ببنت الصاحب تَاج الدّين)
ابْن حنا فاتفق أَن وَقع بَينهمَا فَجَاءَت إِلَيْهِ دايتها وَقَالَت لَهُ يَا قَاضِي مَا تعرف من قدامك ذِي إِلَّا بنت الْمُقَوْقس فَقَالَ لَهَا وَأَنا الآخر ابْن خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ محظوظاً من النِّسَاء وَعَلِيهِ أنس وَله حَرَكَة فِي السماع هَذَا لما كَانَ بِمصْر ثمَّ توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى وَلما توفّي بِدِمَشْق كنت بِمصْر فَكتبت إِلَى وَلَده القَاضِي شهَاب الدّين أعزيه بِكِتَاب مِنْهُ من الْخَفِيف
(أيًّ خطبٍ بِهِ تلظّى فُؤَادِي ... وأسال الدموعَ مثلَ الغوادي)
(وَأعَاد الْحمام ينْدب شجواُ ... فَوق فرع الأراكة الميّادِ)
(وكسا الأنجمَ الزواهر طُرّاً ... فِي ظلام الدجي ثِيَاب الحِدادِ)
مِنْهَا
(فِيهِ نظمي يَخُوض فِي كلّ بَحر ... وفؤادي يهيم فِي كلّ وادِ)
(آه كَيفَ الْقَرار فَوق فراشٍ ... ملأته الأحزانُ خرط القّتاد)
(كَيفَ تلتذّ بالمنام جفونٌ ... قد محاها البكى وَطول السهاد)
(كَيفَ لَا تلتظي دمشقُ وَلَوْلَا ... هـ لما سُمِّيتْ بِذَات الْعِمَاد)
مِنْهَا
(حملوه على الرّقاب وَلَكِن ... بَعْدَمَا أثقل الوَرَى بالأيادي)
(من كرامٍ راقتْ مَعَاني عُلاهم ... وتغَنَّى بمدحهم كلُّ شاد)(9/130)
(نَسَبٌ باهِرُ السنا خالديٌّ ... قد تَسَاوَت غاياتهُ والمبادي)
مِنْهَا
(يتَرَاءَى فِي الدست بَين جلالٍ ... وجمالٍ وسؤدد وسداد)
(فتواقيعهُ ترَاهَا طرازاً ... رُمي الروضُ عِنْدهَا بالكساد)
(وبأقلامه يُسرّ المُوالي ... إِن يَرَاهَا كَمَا يُساء المعُادي)
3 - (الصَّالح ابْن النَّاصِر)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن قلاون الْملك الصَّالح ابْن الْملك النَّاصِر ابْن الْملك الْمَنْصُور عماد الدّين أَبُو الْفِدَاء كَانَ خير الْإِخْوَة لما اخْتلف النَّاس أَيَّام النَّاصِر أَحْمد عِنْدَمَا توجه من الْقَاهِرَة وَأقَام بالكرك قَالَ الْأَمِير بدر الدّين جنكلي ابْن البابا وَقد اجْتمع الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ والأمراء الخاصكية)
طلبا لإِقَامَة سلطانٍ يَا أُمَرَاء يَعْنِي الخاصكية أَنْتُم أُمَرَاء وكبار وأصهار السُّلْطَان وَأَزْوَاج بَنَاته وَأَنْتُم أخبر بأولاد أستاذكم أبصروا من كَانَ فيهم دينا عَاقِلا ولوه عَلَيْكُم فَقَالُوا هَذَا سَيِّدي إِسْمَاعِيل فأقامه الْأَمِير بدر الدّين وَأَجْلسهُ على الْكُرْسِيّ وَحلف لَهُ وَحلف الْأُمَرَاء والعسكر جَمِيعه وجهز الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الصلاحي إِلَى دمشق ليحلف الْأُمَرَاء وَاسْتقر أَمر النَّاس على خيرٍ وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشري الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي رَابِع ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ شكلاً حسنا حُلْو الْوَجْه أَبيض بصفرة وعَلى خَدّه شامة فِيهِ خير وتلاوة وَلكنه لما تولى الْملك استولى النِّسَاء عَلَيْهِ وَمَال إلَيْهِنَّ وَتزَوج ابْنة شهَاب أَحْمد بن بكتمر الساقي الَّتِي من بنت نَائِب الشَّام تنكز ثمَّ تزوج بابنة الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر الناصري نَائِب الشَّام وَكَانَ يمِيل إِلَى السودَان من النِّسَاء وَكَانَ يؤثرهن وَكَانَ الْمُدبر لدولته الْأَمِير سيف الدّين أرغوني العلائي الْمُقدم ذكره فِي مَكَانَهُ وَلما تولى الْملك أقرّ الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاري نَائِب النَّاصِر أَحْمد أَخِيه على نِيَابَة مصر ثمَّ أمْسكهُ وَولى النِّيَابَة للأمير سيف الدّين الْملك الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ وادعاً سَاكِنا قَلِيل الشَّرّ رَحمَه الله تَعَالَى وَلما توفّي تولى الْملك أَخُوهُ وشقيقه الْكَامِل شعْبَان الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الشين الْمُعْجَمَة وَذَلِكَ بِوَصِيَّة مِنْهُ وَقلت أَنا مضمناً من الطَّوِيل
(مضى الصالحُ المرجوّ للبأس والندى ... ومَن لم يزل يلقى المُنى بالمنائحِ)
(فيا مُلكَ مصرٍ كَيفَ حالك بعده ... إِذا نَحن أثنينا عَلَيْك بصالحِ)
3 - (مجد الدّين السلَامِي)
إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن ياقوت هُوَ الخواجا مجد الدّين السلَامِي كَانَ رجلا عَظِيما داهيةً ذَا عقل وافر وَحسن تلطفٍ ومداخلة للملوك وَهُوَ كَانَ السَّبَب فِي الصُّلْح بَين الْمُسلمين والتتار أَيَّام القان بو سعيد وَكَانَت لَهُ وجاهة زَائِدَة عِنْد السُّلْطَان الْملك(9/131)
النَّاصِر وَعند الْمغل لحسن تَأتيه وَمَا رَأَيْت مثله فِي النُّطْق السعيد الْمُنَاسب وَكَانَ إِذا سَافر إِلَى بِلَاد تبريز يُقيم بالأردو وَيكون مكابتات السُّلْطَان إِلَيْهِ والقماش والأصناف يُجهز من مصر إِلَيْهِ ليتصرف على مَا يرَاهُ من إهداء ذَلِك إِلَى أَعْيَان الأردو ثِقَة بمعرفته ودربته وَكَانَ لَهُ مماليك أقطعوا فِي الْحلقَة بِمصْر وَله راتب كَبِير على السُّلْطَان من اللَّحْم وَالْخبْز والكماج وَالشعِير وَالسكر والحلوى)
والشمع وَغير ذَلِك لَعَلَّ ذَلِك يُقَارب الْمِائَة وَالْخمسين درهما فِي كل يَوْم وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان قَرْيَة أراق من بعلبك تغل فِي السّنة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَت لَهُ فِي الدولة وجاهةٌ وَكَانَ النشو يعظمه وَلَا يكَاد يُفَارِقهُ وَلما مَاتَ السُّلْطَان تغير عَلَيْهِ قوصون وتنكر لَهُ وَأخذ مِنْهُ مبلغ يسير
وَمن أملاكه بِبِلَاد الشرق السلامية والماحوزة وزالمراوزة والمناصف ومولده سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن فِي تربته برّا بَاب النَّصْر بِالْقَاهِرَةِ
3 - (الصَّالح ابْن نور الدّين)
إِسْمَاعِيل بن مَحْمُود بن زنكي الْملك الصَّالح نور الدّين ابْن الشَّهِيد الْعَادِل نور الدّين سر بِهِ أَبوهُ وَخَتنه سنة تسع وَسِتِّينَ وزينوا دمشق يَوْم عيد الْفطر وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَتُوفِّي وَالِده نور الدّين بعد الْخِتَان بأيام وَحلف أُمَرَاء دمشق للصالح ابْنه هَذَا وَحضر السُّلْطَان صَلَاح الدّين من مصر ليَكُون مُدبر دولة هَذَا الصَّبِي فَوَقَعت الْفِتْنَة فِي حلب بَين السّنة والرافضة وَتوجه الصَّالح إِلَى حلب وَوصل صَلَاح الدّين إِلَى دمشق وَملك حمص ونازل حلب فَجَاءَت النجدة للصالح من ابْن عَمه صَاحب الْموصل فَرد صَلَاح الدّين إِلَى حماة والتقى صَلَاح الدّين بعز الدّين مَسْعُود فانكسر مَسْعُود فَرد صَلَاح الدّين إِلَى حلب وَأَعْطَاهُ المعرة وَكفر طَابَ وبارين وَأخذ صَلَاح الدّين منبج وعزاز ثمَّ نَازل حلب فبالغوا فِي جهاده فَلَمَّا مل صَالحهمْ وَخرجت لَهُ أُخْت الصَّالح وَهِي طفلة فَأطلق لَهَا عزاز لما طلبتها مِنْهُ وَكَانَ مُدبر حلب وَالِدَة الصَّالح وشاذ بخت وموفق الدّين خَالِد ابْن القيسراني فَمَرض الصَّالح بالقولنج جمعتين وَلما اشْتَدَّ بِهِ الْأَلَم وصف لَهُ الْأَطِبَّاء قَلِيل خمر فَقَالَ لَا أفعل حَتَّى أسأَل الْفُقَهَاء فَسَأَلَهُمْ فأنتوه وَسَأَلَ الْعَلَاء الكاشاني فأفتاه أَيْضا فَلم يقبل وَقَالَ إِن كَانَ الله قد قرب أَجلي أيؤخره شرب(9/132)
الْخمر قَالَ لَا قَالَ فو الله لَا لقِيت الله وَقد فعلت مَا حرم عَليّ فَمَاتَ وَلم يشربه فِي رَجَب سنة سبع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَلما اشْتَدَّ الْأَمر بِهِ أحضر الْأُمَرَاء وحلفهم لعز الدّين مَسْعُود صَاحب الْموصل فَقيل لَهُ لَو أوصيت إِلَى ابْن عمك عماد الدّين صَاحب سنجار فَإِنَّهُ صعلوك لَيْسَ لَهُ غير سنجار وَهُوَ تربية أَبِيك وَزوج أختك وَهُوَ شُجَاع كريم وَعز الدّين لَهُ من الْفُرَات إِلَى همذان فَقَالَ لَهُم لم يخف عني هَذَا وَلَكِن علمْتُم اسْتِيلَاء صَلَاح الدّين على الشَّام ومصر واليمن وعماد الدّين لَا يثبت لَهُ وَعز الدّين لَهُ العساكر وَالْأَمْوَال فَهُوَ أقدر على)
حفظ حلب وَأثبت من عماد الدّين وَمَتى ذهبت حلب ذهب الْجَمِيع فاستحسنوا قَوْله
وَكَانَت أَيَّامه ثَمَانِي سِنِين وشهوراً وَأقَام الحلبيون النوح عَلَيْهِ والمأتم وفرشوا الرماد فِي الْأَسْوَاق وَأَقَامُوا على ذَلِك مُدَّة لِأَنَّهُ كَمَا سمي صَالح عَادل منصف حسن السِّيرَة سلك أسلوب أَبِيه وَكَانَ شاذبخت الْخَادِم وَالِي القلعة فَكتب إِلَى عز الدّين مَسْعُود يُخبرهُ وَكَانَ تَقِيّ الدّين عمر بمنبج فَسَار عز الدّين عجلاً وَقطع الْفُرَات فَانْهَزَمَ تَقِيّ الدّين إِلَى حماة فأغلق أَهلهَا فِي وَجهه الْأَبْوَاب من جوره وصاحوا عز الدّين أتابك يَا مَنْصُور فلاطفهم وَأما عز الدّين فَصَعدَ إِلَى قلعة حلب وَاسْتولى على أموالها وذخائرها وَأحسن إِلَى الْأُمَرَاء فَقَالُوا لَهُ سر بِنَا إِلَى دمشق وَغَيرهمَا لنأخذها وَكَانَ صَلَاح الدّين قد عَاد إِلَى مصر فَقَالَ بَيْننَا عهود ومواثيق لَا يجوز الْعُدُول عَنْهَا وَأقَام بحلب مُدَّة وَعلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ على حفظ الْموصل والجزيرة وحلب وَأَن شَوْكَة صَلَاح الدّين قَوِيَّة فَسَار إِلَى الرقة وراسل أَخَاهُ عماد الدّين فِي تَسْلِيم سنجار وتعويضه عَنْهَا بحلب لقرب سنجار من الْموصل وَقيل إِن عماد الدّين سَأَلَهُ ذَلِك وَقَالَ إِن لم تفعل أَعْطَيْت سنجار لصلاح الدّين فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَسَار عماد الدّين إِلَى حلب ودخلها فِي ثَالِث عشر الْمحرم سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة وَكَانَ صَلَاح الدّين أَولا قد يئس من حلب لما بلغه أَن عز الدّين أَخذهَا فَلَمَّا بلغه خبر عماد الدّين كتب إِلَى الْخَلِيفَة يَسْتَأْذِنهُ فِي الِاسْتِيلَاء على حلب وَيَقُول إِن الْجَمَاعَة الأتابكية يسعون فِي تَفْرِيق الْكَلِمَة ويستنهضون الفرنج لقتل الْمُسلمين ويستعينون بالإسماعيلية فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فجَاء وملكها
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْإِسْمَاعِيلِيّ)
إِسْمَاعِيل بن مسْعدَة بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس ابْن مرداس وَلَيْسَ بالسلمي أَبُو الْقَاسِم ابْن أبي الْفضل الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجِرْجَانِيّ حفيد الإِمَام أبي بكر صَاحب الصَّحِيح كَانَ من الْأَئِمَّة الْكِبَار فِي الْفِقْه والْحَدِيث والوعظ والتقدم عِنْد الْمُلُوك مَعَ حسن الْأَخْلَاق وَكَمَال الْمُرُوءَة والصدق والثقة وَجَمِيل الطَّرِيقَة وَكَانَ يعظ ويُملي سمع أَبَاهُ وَعَمه أَبَا المعمر الْمفضل بن إِسْمَاعِيل وَأَبا الْقَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف(9/133)
السَّهْمِي وَأَبا بكر مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْفضل الْخَطِيب وَغَيرهم خلقا كثيرا وَحدث بالكثير بجرجان ونيسابور والري وإصبهان وهمذان وَمَكَّة وبغداد حدث بِبَغْدَاد بِكِتَاب الْكَامِل لِابْنِ عدي وتاريخ جرجان ومعجم شُيُوخ أبي أَحْمد ابْن عدي وَغير ذَلِك من الْأَجْزَاء روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن السَّمرقَنْدِي وَأَبُو)
الْحسن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام الْكَاتِب وَأَبُو البركات إِسْمَاعِيل بن أبي سعد الصُّوفِي وَعبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَآخَرُونَ ولد سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي بجرجان سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ لَهُ يَد فِي النّظم والنثر
3 - (أَبُو الطَّاهِر الْخُشَنِي)
إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود الْخُشَنِي ابْن أبي ركب بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْكَاف أَبُو الطَّاهِر من أهل جيان أورد لَهُ ابْن الْأَبَّار فِي تحفة القادم من الوافر
(يَقُول النَّاس فِي مَثَلٍ ... تذكَّرْ غائِباً تَرَهُ)
(فَمَا لي لَا أرى وطني ... وَلَا أنسى تذكُّرَهُ)
وَأَبُو الطَّاهِر هَذَا أَخُو الْأُسْتَاذ أبي بكر النَّحْوِيّ وَقَالَ كَانَ أَبُو الطَّاهِر فِي جماعةٍ من الطّلبَة فَمر بهم رجل مَعَه محبرة آبنوس تأنق فِي حليتها واحتفل فِي عَملهَا فأرانا إِيَّاهَا وَقَالَ أُرِيد أقصد بهَا بعض الأكابر وأرغب أَن تتمموا احتفالي بِأَن تصنعوا لي بَيْنكُم أَبْيَات شعر أقدمها مَعهَا فَأَطْرَقَ الْجَمَاعَة وَقَالَ أَبُو الطَّاهِر من الْكَامِل
(وافَتْكَ من عُدد العُلى زنجيّةٌ ... فِي حُلَّةٍ من حليةٍ تتبختَرُ)
(سوداءُ صفراءُ الحُليّ كأنّها ... ليلٌ تُطرٍّزه نجومٌ تُزهِرُ)
فَلم يغب الرجل عَنْهُم إِلَّا يَسِيرا وَإِذا بِهِ قد عَاد إِلَيْهِم وَفِي يَده قلم نُحَاس مَذْهَب فَقَالَ لَهُم وَهَذَا مِمَّا أعددته للدَّفْع مَعَ هَذِه المحبرة فتفضلوا بإكمال الصَّنْعَة عِنْدِي بِذكرِهِ فبدر أَبُو الطَّاهِر وَقَالَ من الْكَامِل
(حملتْ بأصفرَ مِن نِجارِ حُليِّها ... تُخفيه أَحْيَانًا وحيناً تُظهِرُ)
(خَرسان إلاّ حينَ يرضع ثديها ... فتراه ينْطق مَا يَشَاء وَيذكر)
وَحضر يَوْمًا فِي جماعةٍ من أَصْحَابه وَفِيهِمْ أَبُو عبد الله ابْن زرقون فِي شعْبَان فِي مَكَان فَلَمَّا تملوا من الطَّعَام قَالَ أَبُو الطَّاهِر لِابْنِ زرقون أجزنا يَا أَبَا عبد الله وَأنْشد من الطَّوِيل
(حَمِدْتُ لشعبانَ الْمُبَارك شبعةً ... تُسهِّل عِنْدِي الجوعَ فِي رمضانِ)
(كَمَا حمد الصبُّ المتيَّم زَورةً ... تحمَّل فِيهَا الهجر طول زمانِ)
فَقَالَ من الطَّوِيل
(دعَوْها بشعبانيّة وَلَو أنّهم ... دعَوْها بشعبانية لكفاني)(9/134)
)
3 - (إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْعَبْدي)
قَاضِي جَزِيرَة قيس الَّتِي يُقَال لَهَا كيش روى لَهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو حَاتِم ثِقَة وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة
3 - (إِسْمَاعِيل بن معمر الْمَكِّيّ القراطيسي)
قَالَ صَاحب الأغاني كَانَ مولى الأشاعثة وَكَانَ مألفاً للشعراء وَكَانَ أَبُو نواس وطبقته يقصدون منزله ويجتمعون عِنْده ويقضون مأربهم ويقصفون وَيَدْعُو لَهُم القيان وَغَيرهم من الغلمان ويساعدهم وَهُوَ الْقَائِل من السَّرِيع
(وَيْلي على سَاكن شَطّ الصَراه ... مرَّر حُبِّيه عليّ الحياه)
(مَا تَنْقَضِي من عجبٍ فكرتي ... فِي خَصلة فرّط فِيهَا الوُلاه)
(ترْك المحبّين بِلَا حَاكم ... لم يُقعِدوا للعاشقَين القضاه)
مِنْهَا
(وَقد أَتَانِي خبر سَاءَنِي ... مقالها فِي السِّرّ واسوأتاه)
(أمِثلُ هَذَا يَبْتَغِي وَصلْنا ... أما رأى ذَا وجههَ فِي المِراه)
وَلَقي الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف فَقَالَ لَهُ هَل قلت فِي معنى قولي شَيْئا وَأنْشد الأبيات فَقَالَ نعم قولي من السَّرِيع
(جَارِيَة أعجبها حُسْنهُا ... ومِثلُها فِي النَّاس لم يُخْلَقِ)
(خبًّرْتُها أنّي محبٌّ لَهَا ... فأقبلتْ تضحك من منطقي)
(والتفتَتْ نَحْو فتاةٍ لَهَا ... كالرشإ الْوَسْنَان فِي قُرْطَقِ)
(قَالَت لَهَا قولي لهَذَا الْفَتى ... انظُرْ إِلَى وَجهك ثمّ اعشَقِ)
3 - (أَخُو القعْنبِي)
إِسْمَاعِيل بن مسلمة أَخُو القعْنبِي الْمدنِي سكن مصر وثقة ابْن معِين وَكَانَ من خِيَار النَّاس
قَالَ الْحَاكِم زاهد ثِقَة توفّي سنة سبع عشرةَ وَمِائَتَيْنِ وروى لَهُ ابْن ماجة(9/135)
3 - (ابْن معيشة الْمُتَكَلّم)
إِسْمَاعِيل بن مفروح بِالْفَاءِ وَبعد الرَّاء وَاو وحاء مُهْملَة بن عبد الْملك أَبُو الْعَرَب الْكِنَانِي السبتي المغربي وَيعرف بِابْن معيشة شَاب فَاضل فِي علم الْكَلَام وَالْأَدب وَله شعر قدم)
الْعرَاق وناظر وَدخل حلب ومدح الظَّاهِر غَازِي ابْن صَلَاح الدّين فَخلع عَلَيْهِ وَكَانَ مَعْرُوفا بِالْكَرمِ وَدخل مصر فَالتقى الْحَكِيم أَبَا مُوسَى الْيَهُودِيّ الَّذِي أهْدر دَمه بالمغرب وهرب فاصطنعه أَبُو الْعَرَب فنمي الْخَبَر إِلَى صَاحب الغرب فهرب فبذل لرجلٍ ذهب حَتَّى يقْتله فَأَتَاهُ على النّيل فَضَربهُ بخشبةٍ فَسقط فِي النّيل وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (إِسْمَاعِيل بن مكي)
3 - (بن إِسْمَاعِيل بن عِيسَى بن عَوْف الْقرشِي الإسكندري الْفِقْه الْمَالِكِي)
برع فِي الْمَذْهَب وأقرأ النَّاس ورحل إِلَيْهِ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف وَسمع مِنْهُ الْمُوَطَّأ
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
3 - (ابْن الْهَادِي)
إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْهَادِي ابْن الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور زوجه الرشيد بابنته فَاطِمَة بعد وَفَاة أَبِيه الْهَادِي ذكر ذَلِك ابْن جرير الطَّبَرِيّ قَالَ إِسْمَاعِيل كنت يَوْمًا عِنْد المعتصم وَعِنْده مُخَارق وعلويه وَمُحَمّد بن الْحَارِث بن بسخنر فتغنى أحدهم من المديد
(نَام عُذّالي وَلم أنَمِ ... واشتفى الواشون من سقمي)
(وَإِذا مَا قلت بِي ألمٌ ... شكَّ مَن أهواه فِي ألمي)
فطرب المعتصم وَقَالَ لمن هَذَا الشّعْر والغناء فأمسكوا وألح فَقلت لعلية بنت الْمهْدي
فَأَعْرض عني وَعرفت غلطي وَأَن الْقَوْم أَمْسكُوا عمدا فَتبين مَا بِي فَقَالَ لَا ترع فَإِن نصيبنا فِيهَا مثل نصيبك
3 - (أَبُو غَالب الضَّرِير النَّحْوِيّ)
إِسْمَاعِيل بن المؤمل بن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الإسكافي أَبُو غَالب الضَّرِير النَّحْوِيّ كَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن ناقيا الشَّاعِر وَعبد المحسن بن عَليّ التَّاجِر وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَمن شعره من الطَّوِيل(9/136)
(سَرَتْ ومطايا بَيْنِها لم تُرَحَّلِ ... وزارت وحادي رَكْبها لم يحمَّلِ)
(وجادت بوصلٍ كَانَ للطّيف شكرُهُ ... وسرّتْ بوعدٍ فِي الْكرَى لم يحصَّلِ)
(وعهدي بهَا فِي الحيّ سَكْرَى من الصَبٍي ... وصاحيةً من زفرتي وتَملْمُلي)
(تهزّ الصَّبا مِنْهَا شمائلَ قامةٍ ... ويجلو الْكرَى مِنْهَا لواحظَ مُغزِلِ)
)
(منعَّمة تفترّ إمّا تبسّمتْ ... عَن الدرّ أَو نَور الأقاحي المُطلَّلِ)
(نعمْنا بهَا دهراً فمِن لثْمِ أحمرٍ ... وَمن رشفِ مُسكٍّي وتقبيل أكحلِ)
(كأنَّ العبير الغَضّ علَّ سخينةً ... بمشمولةٍ من خمر بابِلَ سَلْسَلِ)
(يعلُّ بهَا وَهنا مُجاجة رِيقهَا ... وَقد لحَقتْ أُخرى النُّجُوم بأوَل)
قلت شعر جيد قَالَ الْوَزير ابْن الْمسلمَة لَا أرى فِي النَّحْو مَفْتُوح الْعين إِلَّا هَذَا المغمض الْعين
3 - (ابْن الجواليقي)
إِسْمَاعِيل بن موهوب بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْخضر بن الجواليقي أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي مَنْصُور اللّغَوِيّ الإِمَام ابْن الإِمَام كَانَ من أَعْيَان الْعلمَاء بالأدب صَحِيح النَّقْل كثير الْمَحْفُوظ حجَّة ثِقَة نبيلاً مليح الْخط ملكت شرح اللمع للثمانيني بِخَط هَذَا إِسْمَاعِيل وَهُوَ فِي مجلدة وَاحِدَة فِي غَايَة الْحسن وَصِحَّة الضَّبْط قل أَن رَأَيْت مثلهَا قَرَأَ الْأَدَب على أَبِيه حَتَّى برع وَكَانَت لَهُ حَلقَة بِجَامِع الْقصر يقرئ فِيهَا الْأَدَب فِي كل جُمُعَة وَكَانَ يكْتب أَوْلَاد الْخُلَفَاء ويقرئهم الْأَدَب كأبيه مَعَ النزاهة والديانة والرزانة قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ مَا رَأينَا ولدا أشبه بِأَبِيهِ مثل إِسْمَاعِيل ابْن الجواليقي وَقَالَ ابْن النجار سمع من أبي الْقَاسِم هبة الله بن الْحصين وَأبي الْعِزّ أَحْمد بن عبيد الله بن كاذش وَأبي غَالب أَحْمد بن الْحسن ابْن الْبناء وَغَيرهم وَأكْثر عَن وَالِده وَأبي الْفضل ابْن نَاصِر وَأبي الْحسن سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وأمثالهم وَحدث باليسير ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة فِي شَوَّال بعد أَخِيه إِسْحَاق بشهرين
وَقد تقدم ذكر أَخِيه
3 - (أَبُو عَمْرو السّلمِيّ النَّيْسَابُورِي الصُّوفِي)
إِسْمَاعِيل بن نجيد بِضَم النُّون وَفتح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا دَال مُهْملَة ابْن أَحْمد بن يُوسُف بن خَالِد أَبُو عَمْرو(9/137)
السّلمِيّ النَّيْسَابُورِي الصُّوفِي الزَّاهِد شيخ زَمَانه فِي التصوف ومسند مصره ورث من آبَائِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَة فأنفق سائرها على الزهاد وَالْعُلَمَاء وَصَحب أَبَا عُثْمَان الْحِيرِي وَسمع إِبْرَاهِيم بن أبي طَالب وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجي وَجَمَاعَة وَحدث عَنهُ جمَاعَة توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وثلاثمائة
3 - (الشَّاعِر الْأَصْبَهَانِيّ)
)
إِسْمَاعِيل بن أبي نصر بن عبديل الشَّاعِر الْأَصْبَهَانِيّ دخل بَغْدَاد ومدح بهَا أَبَا الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن الغزنوي قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب كَانَ أشعر شعراء أَصْبَهَان وأفرههم وَلم يعْهَد بهَا بعد أبي إِسْمَاعِيل الطغرائي من يجْرِي مجْرَاه وشعره مسبوك فِي بوتقة الأبيوردي يجْرِي مجْرَاه ويحوك على منواله ومدح الْبُرْهَان الغزنوي واستلبته يَد الْمنون فِي شبابه سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بِفَارِس وَمن شعره من الْكَامِل
(لله مسكيُّ الأباطح والذرى ... خلع الغمامُ عَلَيْهِ رَيْطاً أخضرا)
(نفضتْ ذوائبَ رَنْده كفُّ الصِّبَا ... والصبحُ قد حدرَ النقابَ الأسفرا)
(والبدر مَعْقُود النِّطاق على السنَّا ... والنجم نشوانُ اللحاظ من الْكرَى)
(نادمْتُه والريحُ تقبض بسطتي ... حَتَّى تنسَّمتُ الكثيبَ الأعفرا)
(والحيُّ قد جعلُوا على تَلَعاته ... رُقباء بيضهم الوشيجَ الأسمرا)
(شاموا وميضَ المشرفيّة بَعْدَمَا ... أكدى الربابُ وعزّ أَن يُستمطرا)
(حَتَّى إِذا هَبَطُوا مساقطَ مُزنْة ... لم يُبْصرِوا إلاّ النجيعَ الأحمرا)
(وعجاجةٍ طمسَ النهارَ زهاؤها ... فغدا بِهِ طرفُ الغزالة أعورا)
(العاقرون الكُومَ حول قبابهم ... والمُوقِدون على التلاع العنبرا)
(لم تعْرَ من وشْيِ الْحَرِير جيادُهم ... إلاّ تَدَرَّعْنَ العجاجَ الأكدرا)
(وَإِذا امتطى العشّاق غارِبَ أَرضهم ... تركُوا لُجين المشرفيّ معصفرا)
(مَاذَا على الواشين لَو سكتوا وَقد ... عهدوا بُكَائِي عَن ضميري مُخْبِرا)
(لله درُّ عزائمٍ عَلَويّة ... برّحن بالعُوذ النوافح فِي البُرَى)
(يَا نفسُ طيبي واطوي أردية الفلا ... فَإلَى الندى واصلت بالسير السُّرى)
(برهانُ دين الله لَوْلَا جوُدُه ... لم تَرْجُ من صُبح الندى أَن يُسْفِرا)(9/138)
(وَلَقَد يئستُ من الكِرام وفضلهم ... حَتَّى عقدتُ على عُلاه الخِنْصِرا)
(كَادَت مواعظُه تُناط نفاسةً ... بمفارق الشُّهُب الطوالع مَفْخرا)
(لم يبتسم للنَّاس بارقُ ثغره ... إلاّ أراق حيَا الْعَطاء على الورى)
(بَشَر تحلّ حبُا الهمومِ عداتُه ... حدّ اللَّيَالِي ضاحِكاً مُسْتَبْشِرًا)
(أمّا الْعُلُوم فقد ملكتَ زمامها ... فغدوتَ فِي أَنْوَاعهَا متبجٍّرا)
)
من قَاس مثلك بالأئمّة لم يكن إلاّ كمن قَاس الثريّا بالثرَّى
(شيم كديباج الرياض نواضراً ... أضحى بهَا نَادِي الندى متعطرّا)
(عطْفاً عليّ وكُن بضبعي جاذباً ... واذخرْ لَك الْحَمد الأخصّ الأشهرا)
(فَلَقَد لقيتُ من الزَّمَان وريبه ... نُوباً نقضن قُوى المعاش كَمَا ترى)
(والصارم المغمود يُجهل قدره ... فَإِذا انتضيت عرفت مِنْهُ الجوهرا)
قلت شعر جيد
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْوَاعِظ)
إِسْمَاعِيل بن نصر بن عَليّ بن يُونُس أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم الْوَاعِظ الْبَغْدَادِيّ كَانَ فَقِيها شافعياً حسن الْوَعْظ مليح الْإِيرَاد حُلْو الْعبارَة سمع أَبَا طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف وَأَبا سعد أَحْمد بن عبد الجبّار بن أَحْمد الصّيرفي وَأَبا الْقَاسِم هبة الله بن مُحَمَّد بن الحُصين وَغَيرهم وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره من الْكَامِل المجزوء المرفل
(إِن كنتَ تُنكر مَا أُلَاقِي ... من طول وجدي واشتياقي)
(فاسألْ دموعيَ إِن نطقْ ... نَ بفيضهنّ من المآقي)
(واستخبرِ الزَّفراتِ إِذْ ... حاولن للبعد احتراقي)
(أتراكَ ترثي لي من ال ... بَلْوَى فتْرحم مَا أُلاقي)
(وتمنَّ لي بتواصُلٍ ... يَوْمًا وتُنْعِمُ بالتلاقي)
3 - (وَمِنْه من الرجز)
(حنَّ إِلَى عهد الشَّبَاب والصِّبي ... صبٌّ كئيبٌ مستهامٌ فصبا)
(وَلم تزلْ أشواقه تقلِقهُ ... حَتَّى بكي من الجَوى منتحبا)
(يذكر أيّاماً لَهُ تقادمَتْ ... وصفو عَيْش لم يزل مُنتهَبَا)
(من قبل أَن تغرب شمس وَصله ... وَلم يكن بدرُ الوفا محتجبا)
(أيّامَ لَا يخْشَى عدوّاً كاشحاً ... وَلم يخَفْ فِي الحبّ عينَ الرُّقَبا)(9/139)
(وصاحَ من عُظم الجوى واأسفا ... وَقَالَ من غرامه واحربّا)
3 - (عماد الدّين ابْن باطيش الشَّافِعِي)
)
إِسْمَاعِيل بن هبة الله بن سعيد بن هبة الله بن مُحَمَّد الإِمَام عماد الدّين أَبُو الْمجد ابْن أبي البركات ابْن أبي الرِّضَا ابْن باطيش الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي ولد سنة خمس وَسبعين وَسمع بِبَغْدَاد من جمال الدّين أبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَابْن سكينَة وَابْن المقرون وَابْن جوالق وَعبد الْوَاحِد بن سُلْطَان وَيحيى بن الْحسن الْأَوَانِي وَجَمَاعَة وبحلب من حَنْبَل وبدمشق من الْكِنْدِيّ وَابْن الحرستاني وَابْن الزنف وَالْخضر بن كَامِل وبحران من عبد الْقَادِر الْحَافِظ ودرس وَأفْتى وصنف وَكَانَ من أَعْيَان الْأَئِمَّة وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ ومجاميع فِي أَسمَاء الرِّجَال وَغير ذَلِك
وَله كتاب طَبَقَات أَصْحَاب الشَّافِعِي ومشتبه النِّسْبَة وَالْمُغني فِي شرح غَرِيب الْمُهَذّب ولغته وَأَسْمَاء رِجَاله وَكَانَ عَارِفًا بالأصول حسن الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم روى عَنهُ الدمياطي وَابْن التوزي والتاج صَالح الْحَاكِم وَابْن الظَّاهِرِيّ وَجَمَاعَة وَكَانَ واصلاً عِنْد الْأَمِير شمس الدّين لُؤْلُؤ نَائِب المملكة وَبَينهمَا صُحْبَة من الْموصل درس بالنورية بحلب وَتخرج بِهِ جمَاعَة وانتقى لنَفسِهِ جُزْءا عَن شُيُوخه توفّي سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة وَقد جَاوز الثَّمَانِينَ وَأورد لَهُ ابْن النجار من الطَّوِيل
(بأيّ لسانٍ بَعد بُعدِك أنطقُ ... لأبدي جناياتٍ جناها التفرّقُ)
(سُهاد بجفْن الْعين منّي موكَّل ... وقلب لتَذْكار الأحبّة يخفقُ)
(وشوق إِلَى الزَوْراء يزْدَاد كلّما ... ترنّم قُمْريٌّ وناحَ مُطَوَّقُ)
(وَمَا شاقني جسر وَلَا رقَّة وَلَا ... صراة بهَا ماءُ الْفُرَات مُرَقْرَقُ)
(وَلَا نهرَ عِيسَى والحريم ودجلة ... وَلَا سُفْنها أمْست تخبُّ وتُعْنِقُ)
(وَلَكِن لليلاتٍ تقضَّت بسادةٍ ... برؤيتهم شملُ الهموم يُفرَّق)
(فَلَا غرْوَ أَن يذري الدموعَ لبعدهم ... وَمِنْهُم حليفُ المَكْرُمات الموفَّق)
3 - (المليجي الْمُقْرِئ)
إِسْمَاعِيل بن هبة الله بن عَليّ بن هبة الله فَخر الدّين أَبُو الطَّاهِر ابْن أبي الْقَاسِم ابْن المليجي الْمصْرِيّ الْمُقْرِئ الْمعدل مُسْند الْقُرَّاء فِي زَمَانه ولد سنة تسع وَثَمَانِينَ أَو قبلهَا بِيَسِير وَقَرَأَ بالسبع على أبي الْجُود وَهُوَ آخر من قَرَأَ عَلَيْهِ وَفَاة وازدحم عَلَيْهِ آخر عمره الطّلبَة لعلوه ولإتقانه وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان وقطب الدّين عبد الْكَرِيم(9/140)
والتقي أَبُو بكر الجعبري وتساوى الْقُرَّاء بعده فِي إِسْنَاد أبي الْجُود وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة)
3 - (القوصي أَبُو الطَّاهِر)
إِسْمَاعِيل بن هبة الله بن عبد الله القَاضِي أَبُو الطَّاهِر القوصي أديب شَاعِر روى عَنهُ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد والفقيه عبد الْملك بن أَحْمد الأرمنتي وأثير الدّين أَبُو حَيَّان أَنْشدني أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدنا لنَفسِهِ من الْخَفِيف
(يَا شَبَابِي أفسدتَ صَالح ديني ... يامشّيبي نغَصتَ لذةّ عيشي)
(فعَدْوّان أَنْتُمَا لَا صديقا ... ن تلاعبَتُما بحلْمي وطَيْشي)
3 - (عز الدّين الإسنائي)
إِسْمَاعِيل بن هبة الله بن عَليّ بن الصنيعة القَاضِي عز الدّين الإسنائي أَخُو نور الدّين وَهُوَ الْأَكْبَر سمع الحَدِيث من قطب الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَكَانَ من الْفُقَهَاء الكرماء اشْتغل بِبَلَدِهِ على الشَّيْخ بهاء الدّين القفطي ثمَّ جرى بَينه وَبَين شمس الدّين أَحْمد بن السديد مَا اقْتضى أَن ترك إسنا وَدخل الْقَاهِرَة وَقَرَأَ الْأُصُول وَالْخلاف والمنطق والجدل على شمس الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود الْأَصْبَهَانِيّ ولازمه سِنِين وَكَانَ كَرِيمًا جواداً محسناً إِلَى أهل بِلَاده وَولي الحكم من ابْن بنت الْأَعَز ثمَّ ولي من جِهَة ابْن دَقِيق الْعِيد وَعمل عَلَيْهِ وَحصل مِنْهُ كَلَام وجره ذَلِك إِلَى أَن انْتقل إِلَى حلب نَاظر الْأَوْقَاف ودرس بهَا وَظن الشِّيعَة بحلب لكَونه من إسنا أَن يكون شِيعِيًّا فصنف كتابا فِي فضل أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَأقَام بحلب شهرا يسْتَدلّ على إِمَامَة أبي بكر وَنجم الدّين ابْن ملي إِلَى جَانِبه معيد وصنف كتابا ضخماً فِي شرح تَهْذِيب النكت وَكَانَ فِي ذهنه وَقْفَة إِلَّا أَنه كَانَ كثير الِاشْتِغَال وَكَانَ بحلب إِلَى أَن وصل قازان إِلَى الْبِلَاد فَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَتُوفِّي بهَا سنة سَبْعمِائة وَأَظنهُ جَاءَ إِلَى صفد قَاضِيا أَيَّام نائبها الْأَمِير سيف الدّين كرآي المنصوري فَمَا مكنه من الْإِقَامَة بهَا
3 - (ابْن خيطية)
إِسْمَاعِيل بن هَارُون نَفِيس الدّين الدشناوي الْعَبْسِي الصُّوفِي الْمَعْرُوف بِابْن خيطية كَانَت لَهُ معرفَة بالقراآت ومشاركة فِي النَّحْو وَالْأَدب كَانَ صوفياً بالجامع الناصري بِمصْر توفّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَمن شعره من الرجز
(قُلْ لظباء الكُثُبِ ... رفقا على المُكْتَئِبِ)
(رفقا بِمن بُلي بكمْ ... شَيخا وكهلاً وصَبي)
)
(دموعُه جَارِيَة ... كالوابلِ المنسكبِ)
(على زمانٍ مرّ فِي ... لذّة عيشٍ خصِبِ)
(لذّة أيّام الصِّبي ... ياليتَها لم تَغِبِ)(9/141)
(قَضَّيْتُ فِيهَا وَطَراً ... ونِلْتُ فِيهَا أربي)
(بَين حِسانٍ خُرّّدٍ ... مُنعّمات عُرُبِ)
(وشادنٍ مُبتسمٍ ... عَن دُرّ ثّغْرٍ شَنَبِ)
(ألفاظُه تفعل مَا ... تفعلُ بنتُ العِنَبِ)
3 - (مجد الدّين ابْن الكتبي)
إِسْمَاعِيل بن إلْيَاس الصاحب الْمُعظم مجد الدّين ابْن الكتبي قَالَ ابْن الفوطي كَانَ من أفاضل الْأَعْيَان مليح الْخط قَرَأَ الطِّبّ والهندسة وَالْأَدب وَولي الْأَعْمَال الجليلة كتبت عَنهُ وَكَانَ جميل الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل قتل بدار الشاطبا وَكَانَ يَوْمئِذٍ صَائِما فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الْمُزنِيّ الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن يحيى أَبُو إِبْرَاهِيم الْفَقِيه الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بالمزني صَاحب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ كَانَ زاهداً عَالما مُجْتَهدا مناظراً محجاجاً غواصاً على الْمعَانِي الدقيقة صنف كتبا كَثِيرَة الْجَامِع الْكَبِير وَالْجَامِع الصَّغِير ومختصر الْمُخْتَصر والمنثور والسائل الْمُعْتَبرَة وَالتَّرْغِيب فِي الْعلم والوثائق قَالَ الشَّافِعِي الْمُزنِيّ نَاصِر مذهبي وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَكَانَ يغسل الْمَوْتَى تعبداً وديانةً وَقَالَ تعانيت ذَلِك ليرق قلبِي فَصَارَ عَادَة وَهُوَ الَّذِي غسل الشَّافِعِي وَكَانَ رَأْسا فِي الْفِقْه وَلم تكن لَهُ معرفَة بِالْحَدِيثِ كَمَا يَنْبَغِي وَثَّقَهُ أَبُو سعيد ابْن يُونُس وَتُوفِّي لست بَقينَ من رَمَضَان سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ إِذا فرغ من مسئلةٍ أَو دعها ابْن سُرَيج يخرج مُخْتَصر الْمُزنِيّ من الدُّنْيَا عذراء لم تفتض وَهُوَ أصل الْكتب المصنفة فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وعَلى مِثَاله رتبوا ولكلامه فسروا وشرحوا وَلما ولي القَاضِي بكار بن قُتَيْبَة الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى مصر وَكَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب توقع الِاجْتِمَاع بالمزني فَلم يتَّفق فاجتمعا فِي صَلَاة جَنَازَة فَقَالَ بكار لأحد أَصْحَابه سل الْمُزنِيّ شَيْئا حَتَّى أسمع كَلَامه فَقَالَ لَهُ ذَلِك الشَّخْص يَا أَبَا إِبْرَاهِيم قد جَاءَ فِي الْأَحَادِيث تَحْرِيم النَّبِيذ وَجَاء تَحْلِيله)
أَيْضا فَلم قد متم التَّحْرِيم على التَّحْلِيل فَقَالَ الْمُزنِيّ لم يذهب أحد من الْعلمَاء إِلَى أَن النَّبِيذ كَانَ حَرَامًا فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ حلل وَوَقع الِاتِّفَاق على أَنه كَانَ حَلَالا ثمَّ حرم فَهَذَا يعضد صِحَة الْأَحَادِيث بِالتَّحْرِيمِ فَاسْتحْسن مِنْهُ ذَلِك(9/142)
وَكَانَ الْمُزنِيّ فِي غَايَة الْوَرع وَبلغ من احتياطه أَنه كَانَ بِشرب فِي جَمِيع فُصُول السّنة فِي كوز نُحَاس فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ بَلغنِي أَنهم يستعملون السرجين فِي الكيزان وَالنَّار لَا تطهرها وَكَانَ إِذا فَاتَتْهُ صَلَاة جماعةٍ صلاهَا مُنْفَردا خمْسا وَعشْرين صَلَاة استدراكاً لفضيلة الْجَمَاعَة
3 - (اليزيدي)
إِسْمَاعِيل بن يحيى بن الْمُبَارك اليزيدي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمُقدم ذكره كَانَ إِسْمَاعِيل أحد الأدباء والرواة الْفُضَلَاء وَكَانَ شَاعِرًا مصنفاً صنف كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء توفّي قبل السّبْعين والمائتين وَمن شعره من الْخَفِيف
(كلّما رَابَنِي من الدَّهْر ريب ... فاتَّكالي عَلَيْك يَا ربِّ فيهِ)
(إنّ مَن كَانَ لَيْسَ يدْرِي أَفِي المح ... بوب صُنْع لَهُ أَو المكروهِ)
(لحَرِيٌّ بأنْ يفوّض مَا يع ... جز عَنهُ إِلَى الَّذِي يَكْفِيهِ)
(الْإِلَه البرُّ الَّذِي هُوَ فِي الرأ ... فة أحْنى من أمّه وَأَبِيهِ)
(قعدَتْ بِي الذنوبُ أستغفْرِ الل ... هَـ لَهَا مُخْلِصاً وأستعفيه)
(كم يوالي لنا الْكَرَامَة والنع ... مةَ من فَضله وَكم نعصيه)
3 - (محيي الدّين ابْن جهبل)
إِسْمَاعِيل بن يحيى بن إِسْمَاعِيل بن جهبل القَاضِي محيي الدّين الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي مولده سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وربي هُوَ وَأَخُوهُ الإِمَام الشهَاب الدّين يتيمين فقيرين فتفقها وتميزا سمع من القَاضِي شمس الدّين ابْن عَطاء وجمال الدّين ابْن الصَّيْرَفِي وَجَمَاعَة خرج لَهُ عَنْهُم علم الدّين البرزالي وتفقه بِابْن الْمُقَدّس وبابن الْوَكِيل ودرس وَأفْتى وَحصل دنيا واقتنى أملاكاً وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق وَولي تدريس الأتابكية وَندب لقَضَاء طرابلس فباشر وَلم يحمد سمع مِنْهُ البرزالي وَابْن سعد والذهلي وَالشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ مليح الشكل وَالْبزَّة نقي الشيبة جيد الْمعرفَة بِالْأَحْكَامِ والمكاتيب توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة
3 - (الْقطَّان الْمُحدث)
)
إِسْمَاعِيل بن يزِيد الْأَصْبَهَانِيّ الْقطَّان مُحدث رحال عالي الْإِسْنَاد صنف كتاب اللبَاس وَغَيره
وَتُوفِّي بعد السِّتين والمائتين تَقْرِيبًا
3 - (أَبُو فائد الشَّاعِر)
إِسْمَاعِيل بن يسَار النِّسَاء إِنَّمَا سمي أَبوهُ يسَار النِّسَاء لِأَنَّهُ كَانَ(9/143)
يصنع طَعَام الْعرس ويبيعه فيشتر بِهِ من أَرَادَ التَّعْرِيس وَكَانَ من موَالِي بني تيم تيم قُرَيْش وَكَانَ إِسْمَاعِيل مُنْقَطِعًا إِلَى الزبير من شعراء الدولة الأموية وَكَانَ طيبا مليح الشّعْر قيل إِنَّه عَادل مرّة عُرْوَة بن الزبير فِي محمل فَقَالَ عُرْوَة لبَعض غلمانه انْظُر كَيفَ ترى الْمحمل مَال واعتدل فَقَالَ إِسْمَاعِيل الله أكبر مَا اعتدل الْحق وَالْبَاطِل قطّ قبل اللَّيْلَة فَضَحِك عُرْوَة وَكَانَ يستطيبه وَقَالَ إِسْمَاعِيل يفخر بالعجم على الْعَرَب من الْخَفِيف
(رُبَّ خالٍ مُتَّوجٍ لي وعَمّ ... ماجدِ المجتدى كريمِ النصابِ)
(إنّما سُمّيَ الفوارسُ بالفُر ... س مضاهاةَ رفْعَة الأنسابِ)
(فاترُكي الْفَخر يَا أُمامَ علينا ... واتركي الْجور وانْصفي بالصوابِ)
(إِذْ نُربّي بناتنا وتدُسّو ... ن سِفاهاً بناتِكم فِي الترابِ)
فَلَمَّا سَمعه أشعب قَالَ يَا أَبَا فائد أَرَادَ الْقَوْم بناتهم لغير مَا أردتموهن لَهُ قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ دفن الْقَوْم بناتهم خوفًا من الْعَار وربيتموهن لتنكحوهن فَخَجِلَ إِسْمَاعِيل وَضحك من كَانَ حَاضرا قَالَ إِسْحَاق الْموصِلِي غَنِي الْوَلِيد بن يزِيد فِي شعرٍ لإسماعيل بن يسَار وَهُوَ من السَّرِيع
(حَتَّى إِذا الصُّبح بدا ضوءُه ... وقاربَ الجوزاءُ والمِرْزَمُ)
(أقبلتُ والوطءُ خَفِيف كَمَا ... ينساب فِي مكمنه الأرقمُ)
فَقَالَ من يَقُول هَذَا قَالُوا رجل فِي الْحجاز يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل بن يسَار فَكتب فِي إشخاصه إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل استنشده القصيدة فأنشده
(كَلْثَمُ أنتِ الهمُّ يَا كلثَمُ ... وأنتمُ الدَّاء الَّذِي أكْتُمُ)
(أُكاتِمُ الناسَ هوى شفّني ... وبعضُ كتمان الْهوى أحزمُ)
(أُبدي الَّذِي تخفينه ظَاهرا ... أرتدّ عَنهُ فيكِ أَو أُقْدِمُ)
(إمّا بيأسٍ مِنْك أَو مَطْمعٍ ... يُسدى بِحسن الوُدّ أَو يُلْحَمُ)
)
(لَا تتركيني هَكَذَا ميّتاً ... لَا أُمنَحُ الودّ وَلَا أُصرَمُ)
(أيةَ مَا جئتُ على رِقْبَةٍ ... بعد الكَرى والحيُّ قد نوّموا)
(وَدون مَا حاولتُ إِذْ زرتُكم ... أخوكِ والخالُ والحيُّ قد نوّموا)
(أُخافِتُ المَشْيَ حِذار الرَّدى ... والليلُ داجٍ حَلَكٌ مظِلمُ)
(وَلَيْسَ إلاّ اللهُ لي صاحبٌ ... إليكمُ والصارمُ اللَّهْذَمُ)
(حَتَّى دخلتُ البيتَ فاستذرفَتْ ... من شَفَقٍ عَيْنَاك لي تَسْجمُ)
(ثّم انجلى الحزنُ وروعاتُه ... وغيِّب الْكَاشِح والمُبْرِمُ)
(فبِتُّ فِيمَا شئتُ فِي نِعمة ... يُمْنَحُنيها ثغرُها والفمُ)
(حَتَّى إِذا الصُّبْح بدا ضوءُه ...(9/144)
الْبَيْتَيْنِ)
قَالَ فطرب الْوَلِيد حَتَّى نزل عَن فرشه وسريره وَأمر المغنين فغنوا الصَّوْت وَشرب عَلَيْهِ أقداحاً وَأمر لإسماعيل بجائزة سنية وَكِسْوَة وسرحه إِلَى الْحجاز وَدخل على هِشَام بن عبد الْملك وَهُوَ بالرصافة فِي خِلَافَته جَالس على بركةٍ لَهُ فِي قصره فاستنشده وَهُوَ يرى أَنه ينشده مديحاً لَهُ فأنشده قَوْله يفخر بالعجم من الْبَسِيط
(يَا رَبْعَ رامةً بالعَلْياء مِن رِيم ... هَل ترجعنَّ إِذا حيَّيتُ تسليمي)
مِنْهَا
(أصْلي كريم ومجدي مَا يُقاس بِهِ ... ولي لِسَان كحدّ السَّيْف مسمومِ)
(أحْمي بِهِ مجدَ أقوامٍ ذَوي حسبٍ ... من كلّ قَرْمٍ بتاج الْملك معمومِ)
(جحاجحٍ سادةٍ بُلْخ مَرازبة ... جردٍ عتاقٍ مساميح مَطاعيمِ)
(من مثل كسْرَى وسابور الْجنُود مَعًا ... والهُرْمُزان لفخرٍ أَو لتعظيمِ)
(أُسدْ الْكَتَائِب يومَ الروع إِن زحفوا ... وهم أذلّوا ملوكَ التّرْك والرومِ)
فَغَضب هِشَام وَقَالَ يَا عاض بظر أمه أعلي تَفْخَر وإياي تنشد مدح نَفسك وأعلاج قَوْمك غطوه فِي المَاء فغط حَتَّى كَادَت تخرج نَفسه وَنفي إِلَى الْحجاز وَكَانَ مبتلىً بالعصبية للعجم وَكَانَ لَا يزَال محروماً
3 - (الْمروزِي المحبوبي)
إِسْمَاعِيل بن ينَال أَبُو إِبْرَاهِيم الْمروزِي المحبوبي سمع من المحبوبي جَامع التِّرْمِذِيّ وَكَانَ)
ثِقَة عَالما وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (أَبُو عَليّ الْقِتَال)
إِسْمَاعِيل بن يُوسُف أَبُو عَليّ الْقِتَال من أهل الْبَصْرَة سكن بَغْدَاد وَكَانَ كثير الشّعْر قَالَ المرزباني كَانَ يهاجي ابْن الخبازة المغبر وَهُوَ الْقَائِل من الرمل المجزوء
(يَا شبَابًا سلبَتْبي ... هـ اللَّيَالِي والخطوبُ)
(طلعتْ فِي الرَّأْس شمس ... مَا لَهَا عَنهُ غروبُ)
وَمن شعره من الْكَامِل
(لَو أنّ خَطرة كُنهِ وَهْمٍ صافَحتْ ... وَجَناتِها لَرأيتَهنّ دَوامي)(9/145)
3 - (وَمِنْه من الْخَفِيف)
(طلعتْ أنجمُ الْمَشْي ... ب وَكَانَت غوائبا)
(فِي بروج من المفَا ... رقِ رُعْنَ الكواعبِا)
(كُنّ سُوداً فصِرْنَ فِي ... كلّ صُدْغٍ كواكبا)
3 - (الديلمي الزَّاهِد)
إِسْمَاعِيل بن يُوسُف أَبُو عَليّ الديلمي الزَّاهِد العابد جَالس الإِمَام أَحْمد وَكَانَ من خِيَار النَّاس وأشهرهم بالزهد والورع والصيانة يحفظ أَرْبَعِينَ ألف حَدِيث وَكَانَ يسكن بالأرحاء على شاطئ نهر عِيسَى قَالَ اشْتهيت حلوى فَخرجت فِي اللَّيْل من الْمَسْجِد فَإِذا بجانبي الطَّرِيق أخاوين حلوى فتوديت يَا إِسْمَاعِيل هَذَا الَّذِي اشْتهيت وَتَركه خير لَك فتركته اتَّفقُوا على صدقه وورعه وَحفظه ومعرفته بِالْحَدِيثِ قيل إِنَّه كَانَ يذاكر بسبعين ألف حَدِيث ويحفظ أَرْبَعِينَ ألف حَدِيث حدث عَن مُجَاهِد بن مُوسَى وَغَيره وروى عَنهُ الْعَبَّاس بن يُوسُف الشكلي توفّي سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
3 - (صدر الدّين ابْن مَكْتُوم الشَّافِعِي)
إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن نجم بن مَكْتُوم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سليم الْقَيْسِي الشَّيْخ الْمُقْرِئ الْفَقِيه الْمسند المعمر بَقِيَّة الْمَشَايِخ صدر الدّين أَبُو الْفِدَاء السويدي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ولد سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسمع من ابْن اللتي كثيرا وَمن مكرم وَأبي نصر ابْن الشِّيرَازِيّ وَإِسْمَاعِيل بن ظفر والسخاوي وعدة وَتفرد وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبَة وتلا على الشَّيْخ علم الدّين السخاوي بِحرف أبي)
عَمْرو وَابْن كثير وَعَاصِم وَنزل فِي الْمدَارِس وَهُوَ آخر من قَرَأَ على السخاوي وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق سهل القياد لَهُ عقار كثير يقوم بِهِ حج سنة إِحْدَى عشرَة وَحدث بِالْحرم الشريف سمع مِنْهُ ابْنا شمس الدّين وَصَلَاح الدّين العلائي وتقي الدّين السُّبْكِيّ والواني وَابْن الْفَخر وَخلق كثير وَتُوفِّي سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة
3 - (الحسني الْخَارِج بالحجاز)
إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب الحسني هُوَ من بيتٍ خرج مِنْهُم جمَاعَة على الْخُلَفَاء بالحجاز وَالْعراق وَالْمغْرب وَخرج هَذَا بالحجاز وَهُوَ شَاب لَهُ عشرُون سنة وَتَبعهُ خلق وعاث فِي الْحَرَمَيْنِ وَقتل من الْحَاج أَكثر من ألف رجل ثمَّ هلك هُوَ وَأَصْحَابه بالطاعون وَكَانَ خُرُوجه سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ فِي زمن المستعين بِاللَّه وَهلك فِي السّنة الثَّانِيَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ(9/146)
3 - (الشريف الطَّبِيب)
إِسْمَاعِيل الشريف شرف الدّين كَانَ طَبِيبا عالي الْقدر وافر الْعلم وجيهاً فِي الدولة وَكَانَ فِي خدمَة السُّلْطَان عَلَاء الدّين مُحَمَّد خوارزمشاه وَله مِنْهُ الإنعام الوافر والمرتبة المكينة وَقرر لَهُ فِي كل شهر ألف دِينَار وَله معالجات بديعة وآثار حَسَنَة فِي الطِّبّ وَعمر وَتُوفِّي فِي أَيَّام خوارزمشاه وَله من الْكتب الذَّخِيرَة الخوارزمشاهية فِي الطِّبّ بالفارسي اثْنَا عشر مجلداً كتاب الْخَفي العلائي فِي الطِّبّ بالفارسي مجلدان صغيران كتاب الْأَغْرَاض فِي الطِّبّ بالفارسي مجلدان صغيران كتاب الْأَغْرَاض فِي الطِّبّ بالفارسي مجلدان كتاب يَا ذكار فِي الطِّبّ بالفارسي مُجَلد
(الألقاب)
الْإِسْمَاعِيلِيّ الشَّافِعِي هُوَ إِسْمَاعِيل ابْن أبي بكر أَحْمد الْإِسْمَاعِيلِيّ الْجِرْجَانِيّ الشَّافِعِي اسْمه أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ إِسْمَاعِيل بن مسْعدَة
الإسنائي جمَاعَة مِنْهُم القَاضِي عز الدّين إِسْمَاعِيل بن هبة الله وَكَمَال الدّين ابْن شِيث هُوَ إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحِيم وَنور الدّين إِبْرَاهِيم بن هبة الله وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ الإسنائي وَمِنْهُم كَمَال الدّين الإسنائي يُوسُف بن جَعْفَر)
(أسندمر)
3 - (نَائِب طرابلس)
أسندمر الْأَمِير سيف الدّين نَائِب طرابلس كَانَ يحب الْفضل وَله ذوق وَيسْأل عَن الغوامض حضرت من عِنْده مرّة فتيا تَتَضَمَّن أَيّمَا أفضل الْوَلِيّ أَو الشَّهِيد وَالْملك أَو النَّبِي فصنف لَهُ الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل فِي ذَلِك مصنفاً وَالشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني مصنفين وَالشَّيْخ برهَان الدّين ابْن تَاج الدّين فِيمَا أَظن وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَلما كَانَ بحلب طلب الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَسَأَلَهُ عَن تَفْسِير قَوْله تَعَالَى والنَجْمِ إِذا هوَى فَقَالَ الْوَقْت يضيق عَن الْكَلَام على ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ قبل صَلَاة الْجُمُعَة ووهبه أَسد الغاب لِابْنِ الْأَثِير وَقَالَ لَهُ لازمني وَكَانَ أكولاً منهوماً فِي ذَلِك يُقَال إِنَّه بعد الْعشَاء يعْمل لَهُ خروف رَضِيع مطجن ويأكله ويشد هُوَ وَسطه ويعقد لَهُ صحن حلاوة سكب ومهد بِلَاد طرابلس وَسَفك الدِّمَاء بأنواع الْقَتْل وَلما جَاءَ السُّلْطَان من الكرك وَتوجه إِلَى مصر كَانَ هُوَ نَائِب طرابلس فرسم لَهُ بنيابة حماة وَلما مَاتَ قبجق وَهُوَ نَائِب حلب رسم لَهُ بنيابة حلب فَتوجه إِلَيْهَا فَجهز السُّلْطَان إِلَيْهِ سيف الدّين كرآي المنصوري فِي عَسَاكِر الشَّام وَأقَام على حمص مُدَّة(9/147)
فَلَمَّا كَانَ عصر نَهَار آخر رَمَضَان سنة إِحْدَى ووعروا بَاب النِّيَابَة بالأخشاب وَغَيرهَا وَأَحَاطُوا بهَا وَجَاء يخرج لصَلَاة الْعِيد فَمَا مكن وأمسكه الْأَمِير سيف الدّين كرآي وجهزه على الْبَرِيد إِلَى السُّلْطَان وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (الْعمريّ)
أسندمر الْعمريّ الْأَمِير سيف الدّين نَائِب السلطنة بحماة وطرابلس كَانَ من مماليك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَكَانَ قد تزوج بابنة الْأَمِير سيف الدّين بهادر المعزي وَهُوَ حسن الشكل مليح الْوَجْه لما توجه الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الأحمدي إِلَى نِيَابَة حلب خلت عَنهُ حماة فَحَضَرَ إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين أسندمر الْعمريّ فَكَانَ بهَا نَائِبا إِلَى أَن برز الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب الشَّام إِلَى الجسورة فِي آخر دولة الْكَامِل فَحَضَرَ الْأَمِير سيف الدّين أسندمر الْعمريّ إِلَيْهِ وَأقَام عِنْده فَلَمَّا تملك الْملك المظفر حاجي نقل أسندمر من نِيَابَة حماة إِلَى نِيَابَة طرابلس فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن حضر سيف الدّين منكلي بغا الفخري أَمِير جاندار الْآتِي ذكره فِي حرف الْمِيم وَطلب أسندمر إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا فِي أَوَاخِر الْمحرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين)
وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا إِلَى أَن ذبح أرغون شاه ورسم بنيابة دمشق للأمير سيف الدّين أرقطاي ورسم للأمير سيف الدّين قطليجا الْحَمَوِيّ نَائِب حماة بنيابة حلب فرسم للأمير سيف الدّين أسندمر بِالْعودِ إِلَى حماة نَائِبا فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط من جُمَادَى الآخرى سنة خمسين وَسَبْعمائة وَتوجه بالعساكر الإسلامية إِلَى سنجار فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ هُوَ الْمُقدم عَلَيْهَا وَعَاد إِلَى حماة على نيابتها وَأقَام بهَا على حَاله إِلَى أَن عزل عَنْهَا بالأمير سيف الدّين طان برق فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَعَاد الْأَمِير سيف الدّين أسندمر إِلَى الديار المصرية على عَادَته مُقيما بهَا
(الألقاب)
ابْن آسه الفرضي عَليّ بن عبد الْقَادِر رَئِيس الأسوارية الأسواري هُوَ رَئِيس الأسوارية وهم فرقة من طوائف الْمُعْتَزلَة كَانَ صَاحب النظام مذْهبه كمذهبه وَزَاد عَلَيْهِ بأمرين أَحدهمَا أَنه قَالَ الرب تَعَالَى لَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على مَا علم أَنه لَا يَفْعَله وَلَا على مَا أخبر أَنه لَا يَفْعَله وَالْعَبْد قَادر على ذَلِك الثَّانِي أَن خطاب الْإِيمَان لَا يَنْقَطِع عَن أبي لهبٍ وَإِن كَانَ الله تَعَالَى أخبر أَنه سَيصْلَى نَارا ذاتَ لَهَبٍ
الأسواري الْمُحدث اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
الأسواني صَالح بن يحيى آخر إِبْرَاهِيم بن أَحْمد(9/148)
(الْأسود)
3 - (الزُّهْرِيّ)
الْأسود بن خلف بن عبد يَغُوث الْقرشِي الزُّهْرِيّ وَيُقَال الجُمَحِي كَانَ من مسلمة الْفَتْح روى حَدِيث الْوَلَد مَبْخَلَة مجهلَة مَجْبَنَة وروى أَيْضا فِي الْبيعَة وروى عَنهُ ابْن مُحَمَّد
3 - (أَبُو مُحَمَّد الزَّاهِد الْبَغْدَادِيّ)
أسود بن سَالم أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الزَّاهِد الْوَرع كَانَ بَينه وَبَين مَعْرُوف الْكَرْخِي مَوَدَّة ومحبة ومصافاة قَالَ عَليّ بن مُحَمَّد الصفار أنشدت للأسود لَيْلَة من الوافر
(أَمَامِي موقِف قدّام ربّي ... يسائلني وَإِن كُشِفَ الغطاءُ)
(وحسبي أَن أمُرَّ على صراطٍ ... كحدّ السَّيْف أسفلُه لظاءُ)
فَصَرَخَ أسود وخر مغشياً عَلَيْهِ فَمَا أَفَاق حَتَّى طلع الْفجْر قلت لَو قَالَ الشَّاعِر أَسْفَله الْبلَاء لاستراح من مد الْقُصُور لِأَنَّهُ عيب فَاحش
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد رَكْعَتَانِ أصليهما أحب إِلَيّ من الْجنَّة فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ دَعونَا من كلامكم فَإِن الرَّكْعَتَيْنِ رضَا رَبِّي وَالْجنَّة رضَا نَفسِي ورضا رَبِّي أحب إِلَيّ من رضَا نَفسِي
وَكَانَ يسرف فِي الْوضُوء ثمَّ ترك فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أرقت لَيْلَة فَهَتَفَ بِي هَاتِف يَا أسود مَا تصنع حَدثنَا يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ إِذا جَاوز الْوضُوء ثَلَاثًا لم يرفع إِلَى السَّمَاء فَقلت أجني أم إنسي فَقَالَ هُوَ مَا تسمع قَالَ فَقلت أَنا تائب فَأَنا الْيَوْم يَكْفِينِي كف من المَاء أسْند عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَغَيره وروى عَنهُ حَاتِم بن اللَّيْث وَغَيره وَكَانَ صَدُوقًا توفّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ
3 - (الْأسود بن سريع)
3 - (بن خمير السَّعْدِيّ التَّمِيمِي أَبُو عبد الله)
غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قَاصا شَاعِرًا وَهُوَ أول من قصّ فِي مَسْجِد الْبَصْرَة
3 - (مولى أنس بن مَالك)
الْأسود بن شَيبَان مولى أنس بن مَالك هُوَ بَصرِي صَدُوق روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَة)(9/149)
3 - (الْأسود بن العَاصِي)
3 - (أبي البخْترِي بن هِشَام بن الْحَارِث)
أسلم يَوْم الْفَتْح وَصَحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ من رجال قُرَيْش وَقتل أَبوهُ يَوْم بدر مُشْركًا قَتله المجذر بن زِيَاد البلوي قيل إِن مُعَاوِيَة لما بعث بسر بن أَرْطَأَة إِلَى الْمَدِينَة أمره أَن يستشير رجلا من بني أَسد اسْمه الْأسود بن فلَان فَلَمَّا دخل الْمَسْجِد سد الْأَبْوَاب وَأَرَادَ قَتلهمْ حَتَّى نَهَاهُ ذَلِك الرجل وَهُوَ الْأسود ابْن أبي البخْترِي هَذَا وَكَانَ النَّاس اصْطَلحُوا عَلَيْهِ أَيَّام عَليّ وَمُعَاوِيَة
3 - (ابْن شَاذان)
الْأسود بن عَامر شَاذان أَبُو عبد الرحمان شَامي ثِقَة وَثَّقَهُ ابْن الْمَدِينِيّ وَغَيره وَنزل بَغْدَاد وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ
3 - (النَّوْفَلِي)
الْأسود بن عمَارَة بن عدي يَأْتِي تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة أَبِيه فِي حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ ابْن الْأسود كَانَ أبي يتعشق جَارِيَة مولدة مغنية لامْرَأَة من أهل الْمَدِينَة وَكَانَ اسْم الْجَارِيَة مَرْيَم فَغَاب غيبَة إِلَى الشَّام ثمَّ قدم فَنزل فِي طرف الْمَدِينَة وَحمل مَتَاعه على الحمالين وَأَقْبل يُرِيد منزله وَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من لِقَاء مَرْيَم فَبينا هُوَ يمشي إِذا هُوَ بمولاة مَرْيَم قابضةً على ذراعها وأعينها تدمعان فَسَأَلَهَا فَقَالَت هَذِه مَرْيَم قد أبعتها من رجل من أهل الْعرَاق وَهُوَ على الْخُرُوج بهَا وَإِنَّمَا ذهبت بهَا حَتَّى ودعت أَهلهَا وَهِي تبْكي لذَلِك قَالَ السَّاعَة تخرج قَالَت نعم فَبَقيَ متلدداً حائراً ثمَّ بَكَى وودع مَرْيَم وَانْصَرف وَقَالَ قصيدته من الطَّوِيل
(خليلَيَّ مِن سعدٍ ألِمَّا فسلِّما ... على مريمٍ لَا يُبْعِد اللهُ مريما)
(وقُولا لَهَا هَذَا الْفِرَاق عرفْتِهِ ... فَهَل من نوالٍ قبل ذَاك فنعلما)
وَكَانَ الْأسود الْمَذْكُور فِي زمن أَمِير الْمُؤمنِينَ مُوسَى الْهَادِي فَهُوَ من مخضرمي الدولتين
3 - (ابْن عَوْف الزُّهْرِيّ)
الْأسود بن عَوْف الزُّهْرِيّ لَهُ صُحْبَة وهجرة وَهُوَ أَخُو عبد الرحمان(9/150)
3 - (الثَّقَفِيّ)
أسود بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ هُوَ الَّذِي جاوب ظبْيَان بن كداد عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي)
الحَدِيث الطَّوِيل الْمَذْكُور وفوده فِيهِ وَأنْشد لَهُ عمر ابْن شبة من الْبَسِيط
(أمسيتُ اعبد ربّي لَا شريكَ لَهُ ... ربّ الْعباد إِذا مَا حُصِّل البشرُ)
(أهلُ المَحامد فِي الدُّنْيَا وخالقُها ... والمُجتدَى حِين لَا ماءٌ وَلَا شجرُ)
(وَلَا أَبْتَغِي بَدَلا بِاللَّه أعبده ... مَا دَامَ بالجَزْع من أَرْكَانه حَجَرُ)
(إنّ الرَّسُول الَّذِي تُرْجى نوافلُه ... عِنْد القحوط إِذا مَا أقحط المطرُ)
3 - (الْأسود بن نَوْفَل)
3 - (بن خُويلِد بن اسد بن عبد العُزَّى بن قصي الْقرشِي الْأَسدي)
كَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة وَهُوَ جد أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن نَوْفَل يَتِيم عُرْوَة ابْن الزبير شيخ مَالك
3 - (أَبُو سَلام الْمحَاربي)
الْأسود بن هِلَال الْمحَاربي أَبُو سَلام الْكُوفِي من المحضرمين روى عَن معَاذ وَابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأسود بن وهب الصَّحَابِيّ)
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرِّبَا سَبْعُونَ حوباً
3 - (النَّخعِيّ)
أسود بن يزِيد بن قيس بن عبد الله بن مَالك أَبُو عَمْرو من الطَّبَقَة الأولى من التَّابِعين من أهل الْكُوفَة كَانَ يَصُوم الدَّهْر ويصوم فِي الْحر حَتَّى يسود لِسَانه وَكَانَ يَصُوم فِي(9/151)
السّفر فَقيل لَهُ لم تعذب هَذَا الْجَسَد فَقَالَ إِنَّمَا أَرْبَد الرَّاحَة وَذَهَبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ من الصَّوْم فِي الْحر وَطَاف بِالْبَيْتِ ثَمَانِينَ حجَّة وَعمرَة وَكَانَ يهل من الْكُوفَة وَحج سبعا وَسبعين حجَّة وَكَانَ لَا يُصَلِّي على من مَرَّات وَهُوَ مُوسر وَلم يحجّ وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي شهر رَمَضَان فِي كل لَيْلَتَيْنِ
وَكَانَت عَائِشَة رضى الله عَنْهَا تَقول مَا بالعراق رجل أكْرم عَليّ من الْأسود وَكَانَ يصفر رَأسه ولحيته وَكَانَ يُقَال لَهُ رَأس مَال أهل الْكُوفَة وانْتهى الزّهْد إِلَى ثَمَانِيَة من التَّابِعين الْأسود أحدهم سمع معَاذًا بِالْيمن لم بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَن أبي بكر وَعمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وسلمان وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم وَكَانَ ثِقَة وروى لَهُ)
البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة توفّي فِيمَا يُقَال على خلافٍ مَا بَين الثَّمَانِينَ وَالتسْعين لِلْهِجْرَةِ وكنيته أَبُو عَمْرو أهوَ عبد الرَّحْمَن وَابْن أخي عَلْقَمَة بن قيس وخال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
3 - (الْأسود وَالِد عَامر بن الْأسود)
شهد حجَّة الْوَدَاع قَالَ وَصليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر فِي مَسْجِد الْخيف فَلَمَّا قضى صلَاته إِذا هُوَ برجلَيْن فِي أخريات النَّاس لم يصليا فَأتى بهما ترْعد فرائصهما فَقَالَ مَا منعكما أَن تصليا مَعنا الحَدِيث
3 - (أَبُو الْأسود الدؤَلِي)
الْأسود اللّغَوِيّ الْحسن بن أَحْمد أَبُو الْأسود الدؤَلِي اسْمه ظَالِم يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الظَّاء فِي مَكَانَهُ
(أسيد)
3 - (ابْن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ)
أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين ابْن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَشهد صفّين مَعَ عَليّ بن أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ
3 - (ابْن امْرِئ الْقَيْس)
أسيد بن حضير بن سماك بن عتِيك بن رَافع ابْن امْرِئ الْقَيْس الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي(9/152)
هُوَ بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين أَبُو عِيسَى وَأَبُو يحيى وَأَبُو عتِيك وَأَبُو الْحضير وَأَبُو الْحصين بالصَّاد وَالنُّون وَأَبُو عَتيق سِتَّة أَقْوَال فِي كنيته أشهرها أَبُو يحيى وَهُوَ قَول ابْن إِسْحَاق وَغَيره أسلم قبل سعد بن معَاذ على يَدي مُصعب بن عُمَيْر وَكَانَ مِمَّن شهد الْعقبَة الثَّانِيَة وَهُوَ من النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة وَلم يشْهد بَدْرًا فِي قَول ابْن إِسْحَاق وَغَيره قَالَ شهد بَدْرًا وأحداً وَمَا بعدهمَا من الْمشَاهد وجرح يَوْم أحد سبع جراحات وَثَبت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين انْكَشَفَ النَّاس وَكَانَ أحد الْعُقَلَاء الكملة أهل الرَّأْي آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين زيد بن حَارِثَة وَكَانَ أحسن النَّاس صَوتا بِالْقُرْآنِ وَحَدِيثه فِي اسْتِمَاع الْمَلَائِكَة قِرَاءَته حِين نفرت فرسه حَدِيث صَحِيح وَتُوفِّي سنة عشْرين وَقيل سنة إِحْدَى وَعشْرين لِلْهِجْرَةِ وَحمله عمر بن الْخطاب بَين العمودين حَتَّى وَضعه بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهِ وَأوصى إِلَى)
عمر بن الْخطاب فَنظر عمر فِي وَصيته فَوجدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَة آلَاف دِينَار فَبَاعَ نخله أَربع سِنِين بأَرْبعَة آلَاف وَقضى دينه
3 - (البراد الْمدنِي)
أسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة ابْن أبي أسيد البراد بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الرَّاء الْمدنِي كَانَ صَدُوقًا روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه توفّي قبل الْأَرْبَعين وَالْمِائَة
3 - (أسيد بن جَارِيَة)
3 - (بِفَتْح الْهمزَة وَفِي أَبِيه بِالْجِيم)
أسلم يَوْم الْفَتْح وَشهد حنيناً وَهُوَ جد عَمْرو ابْن سُفْيَان بن أسيد روى عَنهُ الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث الذَّبِيح إِسْحَاق
3 - (العباسي الْكُوفِي)
أسيد بن زيد بن نجيح العباسي الْكُوفِي الْجمال بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين روى عَنهُ البُخَارِيّ حَدِيثا وَاحِدًا توفّي قبل الْعشْرين والمائتين(9/153)
3 - (أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين ابْن سَاعِدَة)
3 - (بن عَامر بن عدي بن جشم الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ)
شهد بَدْرًا هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو حثْمَة وَهُوَ عَم سهل بن أبي حثْمَة
3 - (أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين ابْن سعية)
وَيُقَال أسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين ابْن سعية ابْن عريض مصغر الْقرظِيّ وَقيل فِي أَبِيه سعنة بالنُّون وَالْيَاء وبالياء أَكثر نزل هُوَ وَأَخُوهُ ثَعْلَبَة فِي اللَّيْلَة الَّتِي فِي صبيحتها نزل بَنو قُرَيْظَة على حكم سعد بن معَاذ وَنزل مَعَهُمَا أَسد بن عبيد الْقرظِيّ فأسلموا وأحرزوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ لما أسلم عبد الله بن سَلام وثعلبة بن سعية وَأسيد أَخُوهُ وَأسد بن عبيد وَمن أسلم من يهود قَالَت أَحْبَار يهود مَا أَتَى مُحَمَّدًا إِلَّا شرارنا فَأنْزل الله تَعَالَى لَيْسُوا سَوَاء مِن أهلِ الْكتاب أُمّةٌ قائمةٌ الْآيَة إِلَى من الصَّالِحين وَقَالَ فِيهِ يُونُس بن بكير عَن ابْن إِسْحَاق أسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين وَكَذَلِكَ قَالَ الْوَاقِدِيّ وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن إِسْحَاق أسيد بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَقد ذكره ابْن عبد الْبر فِي الْبَابَيْنِ وَتُوفِّي أسيد الْمَذْكُور فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
3 - (أسيد بن صَفْوَان)
3 - (بِفَتْح الْهمزَة أدْرك النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وروى عَن عَليّ حَدِيثا حسنا فِي ثنائه على أبي بكر يَوْم مَاتَ رَوَاهُ عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَالِد عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أسيد بن صَفْوَان قَالَ لما قبض أَبُو بكر وسجي بثوبٍ ارتجت الْمَدِينَة بالبكاء ودهش الْقَوْم كَيَوْم قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل عَليّ بن أبي طَالب مسرعاً باكياً مسترجعاً ووقف على بَاب الْبَيْت فَقَالَ رَحِمك الله أَبَا بكر وَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ
3 - (ابْن ظهير)
أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين الْمُهْملَة ابْن ظهير بِضَم الظَّاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْهَاء وظهير تَصْغِير ظهر الْأنْصَارِيّ ابْن عَم رَافع بن خديج وَقيل ابْن أَخِيه وأخو عباد بن بشر لأمه شهد الخَنْدَق وَغَيره توفّي سنة خمس وَسِتِّينَ وروى عَنهُ أَبُو الْأَبْرَد مولى بني خطمة(9/154)
3 - (الْأَصْبَهَانِيّ)
أسيد بن عَاصِم الثَّقَفِيّ مَوْلَاهُم الْأَصْبَهَانِيّ أَخُو مُحَمَّد بن عَاصِم سمع الْكثير وصنف الْمسند ورحل وَهُوَ ثِقَة رضى توفّي سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن يَرْبُوع)
أسيد بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين ابْن يَرْبُوع بن الْبَدِيِّ بن عَامر الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ شهد أحدا وَقتل يَوْم الْيَمَامَة
3 - (أَبُو أسيد السَّاعِدِيّ)
اسْمه مَالك بن ربيعَة
(أَسِير)
3 - (أَسِير بن جَابر الْأنْصَارِيّ)
قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ أهل الْمَدِينَة يسمونه يسير بن عَمْرو بن جَابر بياء أولى بدل الْهمزَة وسوف يَأْتِي ذكره فِي حرف الْيَاء مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (الظفري الْأنْصَارِيّ)
أَسِير بن عُرْوَة بن سَواد بن الْهَيْثَم بن ظفر الْأنْصَارِيّ الظفري من بني أُبَيْرِق تَصْغِير أبرق كَانَ رجلا منطيقاً ظريفاً بليغاً حلواً فَسمع بِمَا قَالَه قَتَادَة بن النُّعْمَان فِي بني أُبَيْرِق للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اتهمهم بنقب علية عَمه وَأخذ طَعَامه والدرعين فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة جمعهم من قومه فَقَالَ إِن قَتَادَة وَعَمه عمدا إِلَى أهل بيتٍ منا أهل حسب وَنسب وَصَلَاح يأبنونهم بالقبيح وَيَقُولُونَ لَهُم مَالا يَنْبَغِي بِغَيْر ثبتٍ وَلَا بَيِّنَة فَرفع بهم عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ ثمَّ انْصَرف فَأقبل قَتَادَة بعد ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليكلمه فجبهه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبهاً شَدِيدا مُنْكرا وَقَالَ بئس مَا صنعت وَبئسَ مَا مشيت فِيهِ فَقَامَ قَتَادَة وَهُوَ يَقُول لَوَدِدْت أَنِّي خرجت من أَهلِي وَمَالِي وَلم أكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شيءٍ من أَمرهم وَمَا أَنا بعائد فِي شَيْء من ذَلِك
فَأنْزل الله تَعَالَى فِي شَأْنهمْ إنّا أنزَلْنا إليكَ الْكتاب بالحقّ لتحكُمَ بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تَكُن للخائِنينَ خصيماً إِلَى قَوْله تَعَالَى مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيمًا يَعْنِي أَسِير بن عُرْوَة وَأَصْحَابه فاتهم من ذَلِك الْوَقْت بالنفاق قَالَ ابْن إِسْحَاق نزلت فِيهِ لهمَّتْ طائفةٌ أَن يُضِلّوك وَمَا يُضِلُّون إلاّ أنفسهم الْآيَة
3 - (أَسِير الْهوى)
هُوَ قَتِيل الريم اسْمه زاكي
3 - (أَسِير بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ)
بِضَم الْهمزَة وَفتح السِّين وَسُكُون الْيَاء آخر الْمَعْرُوف(9/155)
وَبعدهَا رَاء وهاء أَبُو سليط غلبت عَلَيْهِ كنيته ذكره مُوسَى بن عقبَة وَابْن إِسْحَاق فِي من شهد بَدْرًا وأحداً وَقيل فِي اسْمه يسيرَة وَقيل أسيرة وَأمه آمِنَة بنت عجْرَة أُخْت كَعْب بن عجْرَة البلوي وروى عَنهُ ابْنه عبد الله ابْن أبي سليط عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّهْي عَن أكل لُحُوم الْحمر الإنسية يعد فِي أهل)
الْمَدِينَة
(آسِيَة)
3 - (آسِيَة البغدادية)
ذكرهَا أَبُو الْقَاسِم ابْن حبيب فِي كتاب عقلاء المجانين من جمعه ذكرت آسِيَة هَذِه لعبد الله بن طَاهِر فَدَعَا بهَا فأخلت عَلَيْهِ ولزمت الصمت خَمْسَة أَيَّام فَقَالَ لَهَا عبد الله أخرساء أنتِ مَا لكِ لَا تنطقين قَالَت لَا وَلَكِنِّي أَقُول من الْبَسِيط
(قَالُوا نراكَ تُطيل الصمتَ قلتُ لَهُم ... مَا طولُ صمْتي من عِيٍّ وَلَا خَرَسِ)
(الصمتُ أحمدُ فِي الحالينِ عَاقِبَة ... عِنْدِي وأحسنُ بِي من منطقٍ شكِسِ)
(قَالُوا فأنتَ مُصيبٌ لستَ ذَا خطإٍ ... فَقلت هاتوا أروني وَجه مقتَبِسِ)
(أأنْشُرُ البَزَّ فِي مَن لَيْسَ يعرفهُ ... أم أنثر الدُرَّ بَين العُمْي فِي الغَلَسِ)
(الأشتر النَّخعِيّ)
اسْمه مَالك يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ
الأشتري الْمُتَكَلّم اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرحمان
الأشتيخني مُحَمَّد بن عمر
(أشج عبد الْقَيْس)
وَيُقَال أشج بني عصر بِفَتْح الْعين وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ العصري الْعَبْدي هُوَ من ولد لكيز بِالْكَاف الْمَفْتُوحَة وبالياء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ابْن أفصى بن عبد الْقَيْس كَانَ سيد قومه وَفد فِي وَفد عبد الْقَيْس فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أشج فِيك خصلتان يحبهما الله وَرَسُوله قَالَ وَمَا هما قَالَ الْحلم والأناة وَقيل الْحلم وَالْحيَاء فَقَالَ يَا رَسُول الله أشيءٌ من قبل نَفسِي أم شَيْء جبلني الله عَلَيْهِ قَالَ بلَى شَيْء جبلك الله عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جبلني على خلقين يرضاهما الله وَرَسُوله وَقيل إِن اسْم الْأَشَج الْمُنْذر بن عَائِد(9/156)
(أَشْجَع)
3 - (السّلمِيّ الشَّاعِر)
أَشْجَع بن عَمْرو السّلمِيّ من ولد الشريد بن مطرود رَبِّي وَنَشَأ بِالْبَصْرَةِ ثمَّ خرج إِلَى الرقة والرشيد بهَا فمدح البرامكة وَانْقطع إِلَى جَعْفَر خَاصَّة وأصفاء مدحه وَوَصله الرشيد وَأَعْجَبهُ وأثرت حَاله فِي أَيَّامه وَتقدم عِنْده وَهُوَ الْقَائِل يصف الْخمر من الْكَامِل
(وَلَقَد طعنتُ الليلَ فِي أعجازه ... والكأسُ بَين غَطارفٍ كالأنجمِ)
(يتعمايلون على النَّعيم كأنّه ... قُضُبٌ من الهنديّ لم تتثَلَّمِ)
(والليلُ ملتحِفٌ بِفضل رِدَائه ... قد كَاد يحسر عَن أغرٍّ أرثمِ)
(فَإِذا أدارَتْها الأكفُّ رأيتَها ... تَثْني الفصيح إِلَى لِسَان أعجمِ)
(وعَلى بنانِ مُديرها عِقيانةٌ ... من كسبها وعَلى فضول المِعْصمِ)
(تغلي إِذا مَا الشِّعْرَيان تلظّتا ... صيْفاً وتسكن فِي طُلُوع المِرزَمِ)
(وَلها سكونٌ فِي الْإِنَاء وَتارَة ... شُغَبٌ تُطِّوحُ بالكميِّ المُعلمِ)
(تُعطي على الظُّلم الْفَتى بقيادها ... قَسْراً وتَظلمه إِذا لم يَظلِمِ)
قَالَ عبد الله بن الْعَبَّاس الربيعي إِن أول من أَدخل أَشْجَع على الرشيد أَنه خدم الْفضل بن الرّبيع وَأَنه وَصفه للرشيد وَقَالَ هُوَ أشعر أهل هَذَا الزَّمَان وَقد اقتطعه عَنْك البرامكة فَأمر بإحضاره وإيصاله مَعَ الشُّعَرَاء فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أنْشدهُ وَذكر الْقصر الَّذِي بناه من الْكَامِل
(قصرٌ عَلَيْهِ تحيّةٌ وسلامُ ... نثرَتْ عَلَيْهِ جمَالهَا الأيّامُ)
(فِيهِ اجتلى الدُّنْيَا الخليفةُ والتقتْ ... للمُلْك فِيهِ سلامةٌ وسلامُ)
)
(قصرٌ سقوفُ المُزْن دون سقوفه ... فِيهِ لإعلام الْهدى أعلامُ)
(نشرت عَلَيْهِ الأرضُ كِسوتها الَّتِي ... نسج الرّبيع وزخرف الأرهامُ)
(أدْنَتْك من ظلِّ النبيِّ وصيةٌ ... وقرابةٌ وُشجَتْ بهَا الأرحامُ)
(برقَتْ سماؤك فِي العدوّ فأمطرت ... هاماً لَهَا ظلُّ السيوف غمامُ)
(وَإِذا سيوفك صافحت هامَ العِدَى ... طارتْ لهنَّ عَن الرؤوس الهامُ)
(تَثْني على أيّامك الأيّامُ ... الشَّاهِدَانِ الحلُّ وَالْإِحْرَام)
(وعَلى عدوّك يَا ابْن عمّ مُحَمَّد ... رَصَدان ضوءُ الصُّبْح والإظلام)
(فَإِذا تنبّه رُعْتَه وَإِذا غفا ... سلّت عَلَيْهِ سيوفَك الأحلامُ)(9/157)
فاستحسنها الرشيد وَأمر لَهُ بِعشْرين ألف دِرْهَم وَكَانَ جَعْفَر بن يحيى الْبَرْمَكِي يجْرِي عَلَيْهِ فِي كل جُمُعَة مائَة دِينَار وَتُوفِّي أَشْجَع تَقْرِيبًا فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ وشعره وأخباره فِي كتاب الأغاني كَثِيرَة
(ابْن الْأَشَج)
اسْمه بكير بن عبد الله
(الْأَشْدَق)
أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان
(الْأَشْدَق لطيم الشَّيْطَان)
عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ
(السَّوْدَاء العروضية)
إشراق السَّوْدَاء العروضية مولاة أبي الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن غلبون الكابت سكنت بلنسية وَكَانَت قد أخذت عَن مَوْلَاهَا النَّحْو واللغة لَكِنَّهَا فاقته فِي ذَلِك وبرعت فِي الْعرُوض وَكَانَت تحفظ الْكَامِل للمبرد والنوادر للقالي وتشرحهما قَالَ أَبُو دَاوُد سلمَان بن نجاح قَرَأت عَلَيْهَا الْكِتَابَيْنِ وَأخذت عَنْهَا الْعرُوض توفيت بدانية بعد سَيِّدهَا فِي حُدُود الْخمسين والأربعمائة
(النسابة الْحلَبِي)
الْأَشْرَف بن الْأَغَر بن هَاشم ابْن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي الرَّجَاء سعد الله بن أبي طَالب أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن عبيد الله أَبُو هَاشم الْعلوِي الحسني النسابة الْحلَبِي سمع بِمَكَّة جَامع التِّرْمِذِيّ من أبي الْفَتْح الكروخي قَالَ ابْن النجار وَأخرج لنا فرعا لَا يعْتَمد عَلَيْهِ فَلم أَقرَأ مِنْهُ شَيْئا وَكَانَ أديباً فَاضلا حفظَة للْأَخْبَار والْآثَار وَلم يكن موثوقاً بِهِ فِيمَا يَقُوله وَيَرْوِيه عَفا الله عَنهُ وَأورد لَهُ من الْبَسِيط
(تَعزَّ عَن كلّ شَيْء بِالْحَيَاةِ فقد ... يهون عِنْد بَقَاء الْجَوْهَر العرَضُ)
(سيُخْلِف الله مَالا أَنْت مُتلِفُه ... وَمَا عَن النَّفس إِن أتلفتَها عِوَضُ)
وَأورد لَهُ من الْكَامِل المرفل
(وَإِذا العدوُّ علا عَليّ ... ك بِفضل ثروته ودارهْ)
(فامزُجْ لَهُ كأس السكو ... ت ولِنْ لفورته ودارهْ)(9/158)
(الألقاب)
الْأَشْرَف جمَاعَة من الْمُلُوك مِنْهُم الْأَشْرَف مُوسَى ابْن الْعَادِل أبي بكر مُحَمَّد بن أَيُّوب وَمِنْهُم الْملك الْأَشْرَف صَاحب حمص مُوسَى بن إِبْرَاهِيم ابْن شيركوه وَمِنْهُم الْأَشْرَف مُوسَى بن يُوسُف صَاحب مصر وَمِنْهُم الْملك الْأَشْرَف خَلِيل بن الْمَنْصُور قلاوون وَمِنْهُم الْملك الْأَشْرَف كجك بن الْملك النَّاصِر)
الْأَشْرَف ابْن الْفَاضِل أَحْمد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ
الْأَشْرَف الْكَاتِب حَمْزَة بن عَليّ
(أشعب)
3 - (الْحدانِي)
أشعب بن عبد الله بن عَامر الْحدانِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي فِي حُدُود الْخمسين وَالْمِائَة
3 - (الطمع)
أشعب بن جُبَير يعرف بِابْن حميدة الْمدنِي الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي الطمع روى عَن عِكْرِمَة وَأَبَان بن عُثْمَان وَسَالم بن عبد الله وروى عَنهُ معدي بن سُلَيْمَان وَأَبُو عَاصِم النَّبِيل وَغَيرهمَا وَله النَّوَادِر الْمَشْهُورَة قَالَ حَدثنَا عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لله على العَبْد نعمتان ثمَّ سكت فَقيل لَهُ اذكرهما قَالَ الْوَاحِدَة نَسِيَهَا عِكْرِمَة وَالْأُخْرَى نسيتهَا أَنا وَهُوَ خَال الْأَصْمَعِي
قَالَ يَوْمًا ابغوني امْرَأَة أتجشأ فِي وَجههَا فتشبع وتأكل فَخذ جَرَادَة فتنتخم وأسلمته أمه فِي البزازين فَقَالَ لَهَا يَوْمًا تعلمت نصف الشّغل قَالَت وَمَا هُوَ قَالَ تعلمت النشر وَبَقِي الطي
وَقيل لَهُ مَا بلغ بك من الطمع قَالَ مَا زفت امْرَأَة بِالْمَدِينَةِ إِلَّا كنست بَيْتِي رَجَاء أَن تهدي إِلَيّ وَمر بِرَجُل يعْمل طبقًا فَقَالَ وَسعه فَرُبمَا يهْدُونَ لنا فِيهِ شَيْئا وَقيل من عجائب أمره أَنه لم يمت شرِيف قطّ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا استعدى على وَصيته أَو على وَارثه وَقَالَ احْلِف أَنه لم يوص لي بشيءٍ قبل مَوته وَكَانَ زِيَاد بن عبد الله الْحَارِثِيّ على شرطة الْمَدِينَة وَكَانَ مبخلاً على(9/159)
الطَّعَام فَدَعَا أشعب فِي شهر رَمَضَان ليفطر عِنْده فَقدمت إِلَيْهِ أول لَيْلَة مصلية معقودة وَكَانَت تعجبه فأمعن فِيهَا أشعب وَزِيَاد يلمحه فَلَمَّا فرغوا من الْأكل قَالَ زِيَاد مَا أَظن لأهل السجْن إِمَامًا يُصَلِّي بهم فِي هَذَا الشَّهْر فَليصل بهم أشعب فَقَالَ أشعب أَو غير ذَلِك أصلحك الله
قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ أَن لَا أَذُوق مصلية أبدا فَخَجِلَ زِيَاد وتغافل عَنهُ
وَقَالَ أشعب جَاءَتْنِي جَارِيَة بِدِينَار وَقَالَت هَذَا وَدِيعَة عنْدك فَجَعَلته بَين ثني الْفراش فَجَاءَت بعد أَيَّام وَقَالَت الدِّينَار فَقلت ارفعي الْفراش وخذي وَلَده وَكنت تركت إِلَى جَانِبه درهما فَتركت الدِّينَار وَأخذت الدِّرْهَم وعادت بعد أَيَّام فَوجدت مَعَه درهما آخر فَأَخَذته وعادت فِي)
الثَّالِثَة كَذَلِك فَلَمَّا رَأَيْتهَا فِي الرَّابِعَة تَبَاكَيْت فَقَالَت مَا يبكيك فَقلت مَاتَ دينارك فِي النّفاس
فَقَالَت وَكَيف يكون للدينار نِفَاس فَقلت يَا فاسقة تصدقين بِالْولادَةِ وَلَا تصدقين بالنفاس وَسَأَلَ سَالم بن عبد الله بن عمر أشعب عَن طعمه فَقَالَ قلت لصبيان مرّة اذْهَبُوا هَذَا سَالم قد فتح بَيت صَدَقَة عمر حَتَّى يطعمكم تَمرا فَلَمَّا مضوا ظَنَنْت أَن الْأَمر كَانَ كَمَا قلت لَهُم فعدوت فِي أَثَرهم وَقيل لَهُ مَا بلغ طمعك قَالَ أرى دُخان جاري فأثرد وَقيل لَهُ أَيْضا ذَلِك فَقَالَ مَا رَأَيْت اثْنَيْنِ يتساران إِلَّا ظَنَنْت أَنَّهُمَا يأمران لي بِشَيْء وَجلسَ يَوْمًا فِي الشتَاء إِلَى رجل من ولد عقبَة ابْن أبي معيط فَمر بِهِ حسن بن حسن فَقَالَ لَهُ مَا يقعدك إِلَى جَانب هَذَا قَالَ أصطلي بناره وَلما مَاتَ ابْن عَائِشَة الْمُغنِي جعل أشعب يبكي وَيَقُول قلت لكم زوجوا ابْن عَائِشَة الْمُغنِي من الشماسية حَتَّى يخرج بَينهمَا مَزَامِير دَاوُد فَلم تَفعلُوا وَلَكِن لَا يُغني حذر من قدر
وَلما أخرجت جَنَازَة الصريمية الْمُغنيَة كَانَ أشعب جَالِسا مَعَ نفر من قُرَيْش فَبكى عَلَيْهَا وَقَالَ الْيَوْم ذهب الْغناء كُله وترحم عَلَيْهَا ثمَّ مسح عَيْنَيْهِ والتفت إِلَيْهِم وَقَالَ وعَلى ذَلِك فقد ذَلِك الزَّانِيَة شَرّ خلق الله فضحكوا وَقَالُوا يَا أشعب لَيْسَ بَين بكائك عَلَيْهَا وَبَين لعنك لَهَا فرق قَالَ نعم كُنَّا نجيئها الْفَاجِرَة بكبش إِذا أردنَا أَن نزورها فتطبخ لنا فِي دارها ثمَّ لَا تعشينا إِلَّا بسلق وَجَاز بِهِ يَوْمًا سبط لِابْنِ سُرَيج فَوَثَبَ إِلَيْهِ وَحمله على كتفه وَجعل يرقصه وَيَقُول فديت من وُلد عَلَى عودٍ واستهلّ بغناء وحنك بمِلوىً وَقطعت سرته بزير وختن بمضراب
وَتبع امْرَأَة يَوْمًا فَقَالَت لَهُ مَا تصنع بِي ولي زوج قَالَ تسري بِي فديتك وَقيل لَهُ أَرَأَيْت أطمع مِنْك قَالَ نعم كلب أم حومل تَبِعنِي فرسخين وَأَنا أمضغ كندراً وَلَقَد حَسَدْته على ذَلِك وخفف الصَّلَاة مرّة فَقَالَ لَهُ بعض أهل الْمَسْجِد خففت الصَّلَاة جدا فَقَالَ إِنَّهَا صَلَاة لم يخالطها رِيَاء وَقَالَ لَهُ رجل كَانَ صديق أَبِيه كَانَ أَبوك عَظِيم اللِّحْيَة فَمن أشبهت أَنْت قَالَ أشبهت أُمِّي وَقيل لَهُ هَل رَأَيْت أطمع مِنْك قَالَ نعم خرجت إِلَى الشَّام مَعَ رَفِيق لي فنزلنا بعض الديارات فتلاحينا فَقلت أير هَذَا الراهب فِي حر أم الْكَاذِب فَلم نشعر إِلَّا بِالرَّاهِبِ قد اطلع علينا وَقد أنعظ وَقَالَ أيكما الْكَاذِب(9/160)
وَقَالَ لَهُ رجل يَوْمًا ضَاعَ معروفي عنْدك قَالَ لِأَنَّهُ جَاءَ من غير محتسب ثمَّ وَقع عِنْد غير شَاكر وَكَانَ أشعب لَا يغيب عَن طَعَام سَالم بن عبد الله بن عمر فاشتهى سَالم يَوْمًا أَن يَأْكُل)
مَعَ نَبَاته فَخرج إِلَى بُسْتَان فخبر أشعب بالقصة فاكترى جملا بدرهم فَلَمَّا حَاذَى حَائِط الْبُسْتَان وثب عَلَيْهِ فَصَارَ عَلَيْهِ فَغطّى سَالم بَنَاته بِثَوْبِهِ وَقَالَ بَنَاتِي فَقَالَ أشعب إِنَّك لتعلم مَا لنَا فِي بناتِك من حقّ وإنّك لتعلم مَا نُرِيد وَيُقَال إِن أم أشعب بَغت فَضربت وحلقت وحملت على عير يُطَاف بهَا وَهِي تَقول من رَآنِي فَلَا يَزْنِين فَأَشْرَفت عَلَيْهَا ظريفة من أهل الْمَدِينَة فَقَالَت لَهَا إِنَّك إِذا لمطاعة نَهَانَا الله عَنهُ فَمَا قبلنَا ندعه لِقَوْلِك وَقَالَ يَوْمًا رجل لأشعب مَا بلغ من طعمك فَقَالَ مَا سَأَلتنِي عَن هَذَا إِلَّا وَقد خبأت لي شَيْئا تُعْطِينِي إِيَّاه
وَقيل هُوَ من موَالِي عُثْمَان وَقيل وَلَاؤُه لسَعِيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي وَقيل هُوَ مولى فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن وَقيل مولى ابْن الزبير وَتُوفِّي سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة وَولد سنة تسع من الْهِجْرَة فعمر دهراً طَويلا وَامْرَأَته بنت وردان الَّذِي بني قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين هدم الْوَلِيد بن عبد الْملك الْمَسْجِد على يَد عمر بن عبد الْعَزِيز وَكَانَ أشعب قد تعبد وَقَرَأَ الْقُرْآن وتنسك وَكَانَ حسن الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ وَكَانَ رُبمَا صلى بهم فِي الْمَسْجِد وَهُوَ خَال الْوَاقِدِيّ وَقد أسْند عَن أبان وَغَيره وَقد روى عَنهُ غياث بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي ومعدي بن سُلَيْمَان وَأَبُو لبَابَة وَعُثْمَان بن فائد
وَقَالَ سُلَيْمَان الشَّاذكُونِي كَانَ لي ابْن فِي الْمكتب وأشعب جَالس عِنْد الْمعلم فَقَرَأَ إنّ أبي يَدْعُوك فَقَامَ أشعب وَلبس نَعْلَيْه وَقَالَ امش بَين يَدي فَقَالَ إِنَّمَا أَقرَأ حزبي فَقَالَ قد علمت أَنَّك لَا تفلح لَا أَنْت وَلَا أَبوك
قَالَ الْمَدَائِنِي قَالَ أشعب تعلّقت بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَقلت اللَّهُمَّ أذهب الْحِرْص عني فمررت بالقرشيين وَغَيرهم فَلم يُعْطِنِي أحد شَيْئا فَجئْت إِلَى أُمِّي فَقلت ذَاك لَهَا فَقَالَت وَالله لَا تدخل بَيْتِي أَو ترجع فتستقبل الله تَعَالَى فَرَجَعت فَقلت يَا رب قد سَأَلتك أَن تخرج الْحِرْص من قلبِي فأقلني ثمَّ رجعت فَلم أَمر بِمَجْلِس فِيهِ قُرَيْش وَلَا غَيرهم إِلَّا سَأَلتهمْ وأعطوني ووهب لي غُلَام فَجئْت إِلَى أُمِّي بِحِمَار موقر فَقَالَت مَا هَذَا فَخفت إِن أعلمتها أَن تَمُوت فَقلت وهبوا لي غين قَالَت وَيلك وَمَا غين قلت لَام قَالَت وَمَا لَام قلت ألف قَالَت وَأي شَيْء ألف قلت مِيم قَالَت وَأي شَيْء مِيم قلت غُلَام وَسَقَطت مغشياً عَلَيْهَا وَلَو سميته أول سؤالها لماتت وَرَأى على عبد الله بن عمر كسَاء فَقَالَ سَأَلتك بِوَجْه الله إِلَّا أَعْطَيْتنِي هَذَا الكساء فَرمى بِهِ إِلَيْهِ وَكَانَ يَقُول حَدثنِي عبد الله بن عمر وَكَانَ يبغضني وَكَانَ أشعب)
مجيداً فِي الْغناء وَذكره إِبْرَاهِيم الرَّقِيق فِي كتاب الأغاني لَهُ وَذكر جملَة من أخباره وغنائه(9/161)
(الْأَشْعَث)
3 - (ابْن قيس)
الْأَشْعَث بن قيس لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَقد ارْتَدَّ أَيَّام الرِّدَّة فحوصر وَأخذ بالأمان ثمَّ أسلم وزوجه أَبُو بكر بأخته أم فَرْوَة بنت أبي قُحَافَة وَكَانَ على ميمنة عَليّ بصفين وَاسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة على أذربيجان وَهُوَ أول من مَشى الرِّجَال فِي خدمته وَهُوَ رَاكب توفّي بعد عَليّ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة وَصلى عَلَيْهِ الْحسن سنة أَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَةِ وَذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة مِمَّن أسلم وَقيل كَانَ اسْمه معد يكرب وَإِنَّمَا كَانَ أبدا أَشْعَث الرَّأْس وَكَانَت وفادته على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّنة الْعَاشِرَة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ أَقَامَ الْأَشْعَث بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَيَّام عمر وَشهد اليرموك على كرْدُوس أَمِيرا وَأُصِيبَتْ عينه يومئذٍ ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة وَخرج إِلَى الْعرَاق مَعَ سعد بن أبي وَقاص فَشهد الْقَادِسِيَّة والمدائن وجلولا ونهاوند واختط بِالْكُوفَةِ وَبني بهَا دَارا فِي كِنْدَة وولاه عُثْمَان أرمينية وَقيل أذربيجان وَشهد صفّين مَعَ عَليّ وَكَانَ أحد شُهُود الْكتاب الَّذِي كتب بَين يَدَيْهِ والحكومة مَعَ مُعَاوِيَة وَلما أَرَادَ عَليّ أَن يحكم ابْن عَبَّاس أَتَى الْأَشْعَث وَقَالَ وَالله لَا يحكم مضربان أبدا حَتَّى يكون فِيهِ يماني فحكموا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَكَانَ الْأَشْعَث داهية وَقَالَ كفرت عَن يمينٍ بسبعين ألف دِرْهَم وبسببه نزل قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا
3 - (ابْن أبي الشعْثَاء)
الْأَشْعَث ابْن أبي الشعْثَاء سليم الْمحَاربي الْكُوفِي روى عَن أَبِيه وَالْأسود ابْن يزِيد وأسود بن هِلَال وَمُعَاوِيَة بن سُوَيْد بن مقرن لَهُ عدَّة أَحَادِيث روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَقد وثقوه توفّي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة
3 - (أَبُو هَانِئ الحمراني)
أَشْعَث بن عبد الْملك الحمراني أَبُو هَانِئ الْبَصْرِيّ مولى حمْرَان مولى عُثْمَان روى عَن الْحسن وَابْن سِيرِين وَبكر بن عبد الله وَعَاصِم الْأَحول وَطَائِفَة وَهُوَ من كبار أَصْحَاب الْحسن وأفقههم وَكَانَ عَالما بمسائل الْحسن الدقاق روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة)(9/162)
3 - (ابْن سوار الْكِنْدِيّ)
أَشْعَث بن سوار الْكِنْدِيّ الْكُوفِي الأفرق التوابيتي النجار روى عَن عِكْرِمَة وَالشعْبِيّ وَابْن سِيرِين روى لَهُ مُسلم تبعا وروى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة ضعفه النَّسَائِيّ وَقواهُ غَيره وَقَالَ ابْن عدي لم أجد لَهُ حَدِيثا مُنْكرا وَقَالَ ابْن خرَاش هُوَ أَضْعَف الأشاعثة وَقَالَ الدراقطني يعْتَبر بِهِ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (أَبُو الْهِنْدِيّ)
أَشْعَث هُوَ أَبُو الْهِنْدِيّ الريَاحي اخْتلف فِي اسْمه فَقيل عبد الْمُؤمن بن عبد القدوس بن شِيث وَقَالَ الْمَدَائِنِي اسْمه عبد السَّلَام وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ اسْمه أَزْهَر بن عبد الْعَزِيز وَقَالَ غَيره اسْمه غَالب بن عبد القدوس وَقيل غَالب بن عبد الله وَكَانَ خليعاً مَاجِنًا مَشْهُورا بمعاقرة الشَّرَاب والإكباب عَلَيْهِ وأنفد شعره فِيهِ وَهُوَ من شعراء خُرَاسَان وَالْجِبَال صحب نصر بن سيار وَهُوَ الْقَائِل فِي آل الْمُهلب من الطَّوِيل
(نزلتُ على آل المهلّب شاتياً ... لَدَى سنةٍ غبراء فِي زمنٍ مَحْلِ)
(فَمَا زَالَ بِي إكرامهم واكتفاؤهم ... وإحسانهم حَتَّى ظننتُهم أَهلِي)
وَالْقَائِل أَيْضا من السَّرِيع
(صُبَّ على كبدك من بَرْدها ... إنّي أرى النَّاس يموتونا)
(ودعْ أُناساً كَرهُوا شُربها ... لَيْسُوا بِمَا فِي ذَاك يدرونا)
(لَو شَرِبُوهَا وانتشوا سَاعَة ... لأصبحوا بِالْخمرِ يَهْذُونا)
(الألقاب)
ابْن أبي الْأَشْعَث إِسْمَاعِيل بن أَحْمد
ابْن الْأَشْعَث أَحْمد بن عَمْرو بن الْأَشْعَث
الْأَشْعَرِيّ الشَّيْخ أَبُو الْحسن اسْمه عَليّ بن إِسْمَاعِيل وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس
ابْن الْأَشْقَر النَّحْوِيّ اسْمه أَحْمد بن عبد السَّيِّد
الْأَشْقَر الْمُقْرِئ هبة الله بن الْحسن
الْأَشْقَر الْفَقِيه عمر بن أبي سعد
الْأَشْقَر الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن سعيد)(9/163)
3 - (الْمُغنِي)
الأشك كَانَ رجلا من أهل حران وَكَانَ الرشيد قد أمره على المغنين وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْفضل ابْن الرّبيع فأقعده مَعَ مطارحي الْجَوَارِي فِي الْغناء فغمز بَعضهم جَارِيَة فَنظر إِلَيْهِ الأشك فَقَالَ مَا تنظر إِنَّمَا غمزتها بِصَوْت فَقَالَ الأشك واحرباه أَنا أَمِير المغنين لَا أعرف غمز الْغناء من غمز الزناء ثمَّ أَمر بِهِ فَضرب مائَة مقرعة وَبلغ ذَلِك الْفضل فوصله وَأحسن إِلَيْهِ
أشكابه النَّحْوِيّ أَحْمد بن مُحَمَّد
أشناس الْأَمِير كَانَ أحد الشجعان الْمَذْكُورين توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
الأشنهي أَحْمد بن سهل
الأشنهي الشَّافِعِي أَحْمد بن مُوسَى
أَشهب
3 - (الْمَالِكِي)
أَشهب بن عبد الْعَزِيز بن دَاوُد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عَمْرو الْقَيْسِي العامري(9/164)
الْمصْرِيّ الْفَقِيه قيل اسْمه مِسْكين ولقبه أَشهب سمع اللَّيْث ومالكاً وَيحيى بن أَيُّوب وَسليمَان بن بلاب وَبكر بن مُضر وَدَاوُد الْعَطَّار قَالَ ابْن عبد الرَّأْي وَلم يدْرك الشَّافِعِي لما قدم مصر أحدا من أَصْحَاب مَالك إِلَّا أَشهب وَابْن عبد الحكم وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم سَمِعت أَشهب فِي سُجُوده يَدْعُو على الشَّافِعِي بِالْمَوْتِ فَذكرت ذَلِك الشَّافِعِي فَأَنْشد متمثلا من الطَّوِيل
(تمنى رجالٌ أَن أَمُوت وَإِن أمُتْ ... فَتلك سبيلٌ لستُ فِيهَا بأوْحدِ)
(فقُلْ للَّذي يَبْغِي خلافَ الَّذِي مضى ... تزوَّدْ لأخرى غَيرهَا فكأنْ قدِ)
قَالَ فَمَاتَ الشَّافِعِي فَاشْترى أَشهب من تركته عبدا ثمَّ مَاتَ أَشهب فاشتريت أَنا ذَلِك العَبْد من تَرِكَة أَشهب وَكَانَت وَفَاة أَشهب فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ بعد الشَّافِعِي بِثمَانِيَة عشر يَوْمًا وَقيل بِشَهْر وَاحِد وروى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
الْأَشْهب بن رميلة مَذْكُور فِي تَرْجَمَة أَخِيه ربَاب ابْن رميلة فِي حرف الرَّاء
الأشيري عبد الله بن مُحَمَّد
(أصبغ)
3 - (أصبغ بن خَلِيل الْقُرْطُبِيّ الْفَقِيه)
برع فِي الْمَذْهَب وأقرأ وَأفْتى دهراً وَكَانَ بارعاً فِي عقد الوثائق إِلَّا أَنه جَاهِل بالأثر ضَعِيف يُقَال إِنَّه وضع أَحَادِيث نصرا لرأيه فِي عدم رفع الْيَدَيْنِ وَغَيره وَكَانَ يَقُول أحب أَن يكون فِي تابوتي خِنْزِير وَلَا يكون فِيهِ مُصَنف ابْن أبي شبية توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والمائتين
3 - (أَبُو عبد الله الْوراق)
أصبغ بن زيد الْجُهَنِيّ مَوْلَاهُم الوَاسِطِيّ وَهُوَ النَّاسِخ(9/165)
كَاتب الْمَصَاحِف أَبُو عبد الله الْوراق
قَالَ النَّسَائِيّ وَأحمد بن حَنْبَل لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَة وَقَالَ ابْن حبَان لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ توفّي سنة تسع وَخمسين وَمِائَة روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (الْمدنِي الْخُزَاعِيّ)
الْأَصْبَغ بن عبد الْعَزِيز مولى خُزَاعَة هُوَ الْقَائِل يمدح جَعْفَر بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي من الطَّوِيل
(حلفتُ بِمَا حَجَّتْ قريشٌ لبيته ... وَمَا وضعتْ بالأخْشَبَيَن رِحَالهَا)
(لقد أهَّلتْ أرضٌ بهَا حلَّ جعفرٌ ... وَمَا عدمت معروفَها وجمالها)
وَقَالَ يمدح عبد الْعَزِيز بن الْمطلب المَخْزُومِي من الطَّوِيل
(إِذا قيل مَن للعدل والحقّ والنهُى ... أشارت إِلَى عبد الْعَزِيز الأصابعُ)
(أشارت إِلَى حُرِّ المحامد لم يكن ... ليدفعه عَن غايةِ الْمجد دافعُ)
3 - (الْمَالِكِي)
أصبغ بن الْفرج بن سعيد بن نَافِع الْفَقِيه الْمَالِكِي الْمصْرِيّ أَبُو عبد الله تفقه بِابْن الْقَاسِم وَابْن وهب وَأَشْهَب وَقَالَ عبد الْملك بن الْمَاجشون مَا أخرجت مصر مثل أصبغ قيل لَهُ وَلَا ابْن الْقَاسِم قَالَ وَلَا ابْن الْقَاسِم وَكَانَ كَاتب ابْن وهب وجده نَافِع عَتيق عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان ابْن الحكم الْأمَوِي توفّي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سِتّ وَعشْرين وروى عَنهُ البُخَارِيّ وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِوَاسِطَة ذكره ابْن معِين فَقَالَ كَانَ من أعظم خلق الله بِمذهب مَالك وَقَالَ الْعجلِيّ ثِقَة صَاحب سنة قيل هُوَ من ولد عبيد الْمَسْجِد كَانَ بَنو أُميَّة يَسِيرُونَ لِلْمَسْجِدِ عبيدا فهم من ولدهم
3 - (أصبغ بن الْفرج)
)
3 - (بن فَارس أَبُو الْقَاسِم الطَّائِي الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي)
من كبار الْمُفْتِينَ بِالْمَدِينَةِ من أهل الْيَقَظَة والنباهة توفّي سنة سبع وَتِسْعين وثلاثمائة(9/166)
3 - (أصبغ بن مَالك)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمَالِكِي الزَّاهِد نزيل قرطبة)
كَانَ إِمَامًا فِي قِرَاءَة نَافِع توفّي سنة أَربع وثلاثمائة
3 - (أصبغ بن مُحَمَّد بن أصبغ)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمهرِي الْقُرْطُبِيّ صَاحب الهندسة)
كَانَ من أهل البراعة فِي الهندسة وَالْعدَد والنجامة والطب لَهُ فِي ذَلِك تصانيف سكن غرناطة وَتقدم عِنْد صَاحبهَا وَتُوفِّي سنة عشْرين وَأَرْبَعمِائَة
3 - (العليمي الشَّاعِر)
الْأَصْبَغ العليمي قَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه من كلب يَقُول لِلْأَعْوَرِ الْكَلْبِيّ لما هاجى الْكُمَيْت ابْن زيد الْأَسدي وهجا بني أَسد بكلب من الطَّوِيل
(إِذا جئتما أرضَ الْعرَاق فبَلِّغا ... بهَا الْأَعْوَر الكلبيّ عنّي القوافيا)
(أترضَى لكلبٍ رقّةً غير عَدْلها ... بدودانَ لَا شِمْتَ السحابَ الغواديا)
(لَحى الله كلبياً يكون بسبّكم ... بني أَسد مَا عَاشَ فِي الأَرْض رَاضِيا)
(الألقاب)
ابْن أبي الْأَصْبَغ الأديب عبد الْعَظِيم بن عبد الْوَاحِد
ابْن الْأَصْبَغ الْقُرْطُبِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عبيد الله
الْأَصْبَهَانِيّ نجم الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد
الْأَصْبَهَانِيّ شمس الدّين الأصولي اسْمه مُحَمَّد بن مَحْمُود
الْأَصْبَهَانِيّ شمس الدّين مَحْمُود
(أَصْرَم)
3 - (الطوسي الشَّاعِر)
أَصْرَم بن حميد الطوسي الطَّائِي ذكره ابْن الْجراح فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء وَأورد لَهُ قَوْله من المتقارب
(أصَمُّ عَن الْكَلم المُحفْظات ... وأحلم والحلم بِي أشبهُ)
(وإنّي لأترك جُلَّ الْكَلَام ... لكَيْلا أُجاب بِمَا أكرهُ)
(فكم من فَتى يُعجب الناظرين ... لَهُ ألسُنٌ وَله أوجُهُ)
(ينَام إِذا ذُكر المكُرمات ... وَعند الدناءة يستنبه)(9/167)
وَله مَه الْمَأْمُون أَخْبَار ورثاه بعد مَوته قَالَ المرزباني وَهُوَ شَاعِر ظريف وَأورد لَهُ قَوْله من الْكَامِل المرفل
(أسرفْتَ فِي سوء الصنيعِِ ... وفتكتَ بِي فتْكَ الخليعِ)
(فقطعتُ ليلِي ساهراً ... وخلا الخَليُّ مَعَ الهجوعِ)
(صَيّرتُ حبَّكَ شَافِعِيّ ... فأَتيتُ من قِبَل الشفيعِ)
قَالَ وَلأبي حشيشة الطنبوري فِيهِ صَنْعَة وَكَانَ المعتصم يختاره من غنائه وَقَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد القصري عَن أبي العيناء عَن مُحَمَّد بن عَمْرو الرُّومِي قَالَ دخل أَصْرَم بن حميد على الْمَأْمُون وَعِنْده المعتصم فَقَالَ يَا أَصْرَم قد أكبرت ظَنِّي فِي وصف شعرك وبديهتك فصفني وَأَبا إِسْحَاق وَلَا تفضل أحدا منا على صاحبهّ قَالَ فَتنحّى قَلِيلا ثمَّ عَاد فأنشده من الوافر
(رأيتُ سفينةُ تَجْري ببحرٍ ... إِلَى بحرَين دونهمَا البحورُ)
(إِلَى مَلِكَين ضوءُهما جَمِيعًا ... سواءٌ حَار دونهمَا الْبَصِير)
(كلا المَلِكَين يُشبه ذاكَ هَذَا ... وَذَا هَذَا وَذَاكَ وَذَا أميرُ)
(فإنْ يَكُ ذَا كَذَاك وَذَا كَهَذا ... فلي فِي ذَا وَذَاكَ مَعًا سرورُ)
(رواق الْمجد ممدودٌ على ذَا ... وَهَذَا وجههُ بدرٌ مُنيرُ)
فَقَالَ أَحْسَنت وَالله مَعَ كلف المحنة وَقصر الْمدَّة وَأمر أَن يخلع عَلَيْهِ وَوَصله
3 - (أَصْرَم الشقري)
)
3 - (بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْقَاف)
كَانَ فِي النَّفر الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني شقرة فَقَالَ لَهُ مَا اسْمك قَالَ أَصْرَم فَقَالَ لَهُ أَنْت زرْعَة روى حَدِيثَة أُسَامَة بن أخدري
(الألقاب)
الْإِصْطَخْرِي الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه الْحسن بن أَحْمد
الأصفوني الْوَزير حَمْزَة بن مُحَمَّد
الأصفوني أَمِين الدّين مُحَمَّد بن حَمْزَة
(أصلم الْأَمِير بهاء الدّين)
(السِّلَاح دَار)
كَانَ أَمِير مائَة مقدم ألف فِي الدولة الناصرية نقل عَنْهُمَا على السُّلْطَان كَلَام فاعتقلهما وَطلب أَمِير حُسَيْن بن جندر من دمشق إِلَى مصر على إقطاع أصلم وَبَقِي فِي الْحَبْس مُدَّة تقَارب خمس سِنِين ثمَّ أخرجه وَأَعَادَهُ إِلَى مَنْزِلَته ثمَّ فِي آخر أَيَّام النَّاصِر جهزه نَائِبا إِلَى صفد فَتوفي السُّلْطَان وَهُوَ بهَا(9/168)
ثمَّ إِن قوصون جرده مَعَ الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا نَائِب الشَّام إِلَى حلب لإمساك طشتمر حمص أَخْضَر فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاء الطَّرِيق بَين صفد ودمشق حضر إِلَيْهَا قطلوبغات الفخري فَرده من قارا فَعَاد وَلم يلْحق هُوَ وعسكر صفد بألطنبغا وَأقَام مَعَ الفخري إِلَى أَن توجه مَعَه إِلَى مصر فرسم لَهُ النَّاصِر أَحْمد ابْن النَّاصِر بِالْإِقَامَةِ فِي مصر على عَادَته أَمِير مائَة مقدم ألف يجلس فِي المشور وَعمر فِي البرقية عِنْد اسطبله مدرسةً مليحةً إِلَى الْغَايَة وتربةً وربعاً وحوض سَبِيل وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
(الألقاب)
الْأَصْمَعِي اللّغَوِيّ اسْمه عبد الْملك بن قريب
الْأَصَم الْمُحدث اسْمه مُحَمَّد بن يَعْقُوب
الْأَصَم المعتزلي اسْمه أَبُو بكر
ابْن أبي أصيبعة الطَّبِيب اسْمه أَحْمد بن ابْن الْقَاسِم
ابْن أبي أصيبعة الرشيد عَليّ بن خَليفَة
الْأصيلِيّ الْمَالِكِي اسْمه عبد الله بن إِبْرَاهِيم)
(أصيد بن سَلمَة)
(بن قرظ الصَّحَابِيّ)
أسلم على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَحبه وَبَعثه فِي جَيش مَعَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان إِلَى قومه فَلَمَّا صافوهم دَعَا أصيد أَبَاهُ إِلَى الْإِسْلَام فَأبى فَحمل عَلَيْهِ وعرقب فرسه فَسقط سَلمَة مِنْهُ فِي المَاء فتوكأ على رمحه وَأمْسك عَنهُ أصيد تأدباً حَتَّى لحقه الْمُسلمُونَ فَقَتَلُوهُ دونه فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَذكره أَبُو مُوسَى فَقَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فأسروه فَعرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْلَام عَلَيْهِ فَأسلم فَكتب إِلَيْهِ أَبوهُ شعرًا يُنكر عَلَيْهِ ذَلِك فَأَجَابَهُ بشعرٍ على رويه وَهُوَ من الْكَامِل
(إنّ الَّذِي سمك السَّمَاء بقدرةٍ ... حَتَّى علا فِي مُلكه فتوحّدا)
(بعث الَّذِي لَا مثله فِيمَا مضى ... يَدْعُو لِرَحْمَتِهِ النبيَّ مُحَمَّدًا)
(ضخمُ الدسيعةٍ كالغزالة وجههُ ... قرنا تأزّر بالمكارم وارتدى)
(فَدَعَا العبادَ لدينِهِ فتتابعوا ... طَوْعًا وَكرها مُقْبلين على الْهدى)
فِي أَبْيَات فَأسلم أَبوهُ بكتابه ووفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسلما
(أصيل الصَّحَابِيّ)
أصيل بِضَم الْهمزَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا لَام الْهُذلِيّ وَقيل الْغِفَارِيّ حَدِيثه عِنْد أهل حران فِي مَكَّة وغضارتها والتشوق إِلَيْهَا(9/169)
وروى حَدِيثه أهل الْمَدِينَة إِنَّه قدم على البني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة فَقَالَت عَائِشَة يَا أصيل كَيفَ تركت مَكَّة قَالَ تركتهَا حِين أبيضت أباطحها وأرغل ثمامها وانتشر سلمهَا وأعذق إِذْ خرها فَقَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله اسْمَع مَا يَقُول أصيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشوقنا أَو كلمة نَحْوهَا يَا أصيل
(الأضبط بن قريع الشَّاعِر)
كَانَ مفركاً لَا يتَزَوَّج امْرَأَة إِلَّا طلقته فَاجْتمع نساؤه ذَات لَيْلَة يسهرن فتعاهدن أَن يصدقن الْخَبَر عَن فرك الأضبط فأجمعن على أَنه بَارِد الكمرة فَقَالَت لإحداهن خَالَتهَا أتعجز إحداكن إِذا كَانَت ليلته مِنْهَا أَن تسخن كمرته بِشَيْء من دهن فَلَمَّا سمع قَوْلهَا صَاح يَا لعوفٍ يَا لعوفٍ فثار أناسٌ وظنوا أَنه قد أُتِي فَقَالُوا لَهُ مَا لَك فَقَالَ أوصيكم بِأَن تسخنوا الكمر فَإِنَّهُ لَا حظوة لبارد الكمرة فانصرفوا يَضْحَكُونَ وَقَالُوا تَبًّا لَك أَلِهَذَا دَعوتنَا وَمن شعره من المنسرح
(لكلّ همٍّ من الهموم سَعَهْ ... والمَسْيُ وَالصُّبْح لَا فلاح معهْ)
(لَا تحقرنَّ علَّك أَن ... تركع يَوْمًا والدهرُ قد رفعهْ)
(وصِلْ حبال الْبعيد إِن وَصَل ... الحبلَ وأقَص الْقَرِيب إِن قطعهْ)
(قد يجمع المالَ غيرُ آكلهِ ... وَيَأْكُل المالَ غيرُ من جمعهْ)
(مَا بالُ من غيُّه مُصيبُك لَا ... يملك شَيْئا من أمره وَزِعَهْ)
(حَتَّى إِذا مَا انجلتْ عمايتُه ... أقبل يلحى وغيُّه فجعهْ)
(أذود عَن حَوْضه ويدفعني ... يَا قومُ مَن عاذري من الخُدَعَهْ)
(فاقْبَلْ من الدَّهْر مَا أَتَاك بِهِ ... مَن قرّ عيَنْاً بعيشه نَفَعَهْ)
(الأطروش)
3 - (الأطروش النَّاسِخ)
اسْمه أَحْمد بن عبد الْملك
3 - (الأطروش الْعلوِي)
الْخَارِج بطبرستان اسْمه الْحسن بن عَليّ
(الأطهر سيد بَغْدَاد)
الأطهر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد الحسني أَبُو الرِّضَا السَّيِّد الْأَجَل الْحَافِظ الْمَعْرُوف بِسَيِّد بَغْدَاد نزيل سَمَرْقَنْد قَالَ عبد الغافر سيد السادات الْفَائِق حشمته ودولته وَمَاله وجاهه مطرد الْعَادَات لَهُ السماع العالي والتصانيف الحسان فِي الحَدِيث وَالشعر وَكَانَ يضْبط الْولَايَة ويجبي الْأَمْوَال وَيجمع وَيفرق ثمَّ إِنَّه قد نِصْفَيْنِ وعلق فِي السُّوق وَأخذت أَمْوَاله وَحرمه وخدمه سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَقد تقدم ذكر وَالِده الشريف المرتضى مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن زيد فِي المحمدين وَرفع نسبه هُنَاكَ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ(9/170)
(الألقاب)
ابْن أعثم الشيعي الأخباري اسْمه أَحْمد بن أعثم
ابْن الْأَعرَابِي اللّغَوِيّ اسْمه مُحَمَّد ابْن زِيَاد تقدم ذكره
ابْن الْأَعرَابِي عبد الْجَبَّار بن يحيى
الْأَعرَابِي الباخرزي الْكَاتِب أَحْمد بن إِبْرَاهِيم
(الْأَعَز بن العليق)
الْأَعَز بن فَضَائِل ابْن أبي نصر بن غباسوه ابْن العليق أَبُو نصر الْبَغْدَادِيّ البابصري وَيعرف أَيْضا بِابْن بندقة كَانَ شَيخا صَالحا متيقظاً حسن الطَّرِيقَة كثير التِّلَاوَة عالي الرِّوَايَة تفرد ب موطأ القعْنبِي عَن شهدة وب القناعة لِابْنِ أبي الدُّنْيَا وب كرامات الْأَوْلِيَاء للخلال روى عَنهُ مجد الدّين ابْن العديم والدمياطي وَابْن الحلوانية وَجَمَاعَة وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
(الألقاب)
ابْن بنت الْأَعَز عَلَاء الدّين أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب وَمِنْهُم تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَهَّاب وَمِنْهُم تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن خلف وَمِنْهُم صدر الدّين ابْن عبد الْوَهَّاب
الأعلم الشنتمري يُوسُف بن سُلَيْمَان
الأعمشي الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن حمدون
ابْن الْأَعْمَى كَمَال الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الْمُبَارك
الْأَعْشَى الْهَمدَانِي اسْمه عبد الرَّحْمَن أَبُو المصبح يَأْتِي ذكره فِي حرف الْعين فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
أعشى ثَعْلَبَة اسْمه النُّعْمَان بن مُعَاوِيَة يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف النُّون فِي مَوْضِعه(9/171)
الْأَعْشَى الشَّيْبَانِيّ هُوَ عبد الله بن خَارِجَة يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين فِي مَوْضِعه
الصَّحَابِيّ أعشى بني مَازِن اسْمه عبد الله بن الْأَعْوَر وَقيل غير ذَلِك لَهُ صُحْبَة وَهُوَ الَّذِي أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ من الرجز
(يَا مالكَ النَّاس وديّانَ العربْ ... إِلَيْك جابي الْيَوْم شأنٌ وأربْ)
(إنّي لقِيت ذِرْبةً من الذِّرَبْ ... غدوتُ أبغيها الطَّعَام فِي رجَبْ)
(أكمه لَا أبْصر عُقدة الحقبْ ... لَا أبْصر الصاحب إلاّ مَا اقتربْ)
(فخلَّفتني بنزاعٍ وكربْ ... وهُنَّ شرُّ غالبٍ لمن غلبْ)
فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هن شَرّ غَالب لمن غلب يتمثلهن
الْأَعْمَش الإِمَام اسْمه سُلَيْمَان بن مهْرَان يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف السِّين فِي)
مَكَانَهُ
الْأَعْمَش الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن حمدون
الْأَعْمَى الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغدي
(أعين)
3 - (الطَّبِيب)
أعين بن أعين كَانَ طَبِيبا متميزاً فِي الديار المصرية وَله ذكر جميل وَحسن معرفَة ومعالجة وَكَانَ فِي أَيَّام الْعَزِيز بِاللَّه وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَله من الْكتب كتاب كناش كتاب فِي أمراض الْعين ومدارواتها
3 - (الْمُجَاشِعِي الصَّحَابِيّ)
أعين بن ضبيعة بن عقال بن مُحَمَّد بن سُفْيَان بن مجاشع التَّمِيمِي هُوَ الَّذِي عقر الْجمل الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَبَعثه عَليّ إِلَى الْبَصْرَة بعد ذَلِك فَقَتَلُوهُ وَهُوَ ابْن عَم الْأَقْرَع ابْن حَابِس وَابْن عَم صعصعة بن نَاجِية وَهُوَ فِي عداد الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم(9/172)
3 - (أعين بن لَيْث)
جد ابْن عبد الحكم توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
(الألقاب)
الأعيمي التطيلي اسْمه أَحْمد بن عبد الله
الْأَعْين اسْمه مُحَمَّد بن الْحسن
(الْأَغَر)
3 - (ابْن حَنْظَلَة)
الْأَغَر بن سليك بكاف فِي آخِره وَيُقَال ابْن حَنْظَلَة كُوفِي روى عَن عَليّ بن أبي طَالب وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا روى لَهُ النَّسَائِيّ توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأَغَر الْمُزنِيّ)
وَيُقَال الْجُهَنِيّ وَهُوَ وَاحِد لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ أهل الْبَصْرَة أَبُو بردة ابْن أبي مُوسَى وَغَيره وَيُقَال إِنَّه روى عَنهُ ابْن عمر وَقيل إِن سُلَيْمَان بن يسَار روى عَنهُ قَالَ ابْن عبد الْبر وَلم يَصح
3 - (أغر الْغِفَارِيّ)
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَمعه يقْرَأ فِي الْفجْر بالروم وَلم يرو عَنهُ إِلَّا شبيب أَبُو روح وَحده
3 - (الْأَغَر النَّحْوِيّ)
اسْمه يحيى
(أغرلو)
3 - (العادلي)
أغرلو ملك الْأُمَرَاء الْغَازِي الْمُجَاهِد شُجَاع الدّين العادلي نَائِب دمشق لأستاذه السُّلْطَان الْملك الْعَادِل كتبغا فَلَمَّا خلع بَقِي أغرلو بِدِمَشْق أَمِيرا كَبِيرا مُدَّة طَوِيلَة لشجاعته وعقله وَكَانَ أَبيض أشقر وَلما توفّي سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة دفن فِي تربته المليحة شمَالي(9/173)
الْجَامِع المظفري بالصالحية رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ وَالِد الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
3 - (مشد الدَّوَاوِين)
أغرلو الْأَمِير شُجَاع الدّين هُوَ مَمْلُوك الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج بهادر المعزي وَلما حبس أستاذه أَخذه الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي فَجعله أَمِير أخور وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن توفّي بكتمر ثمَّ انْتقل إِلَى عِنْد الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَكَانَ أَمِير أخور عِنْده أَيْضا ثمَّ إِنَّه بعد ذَلِك تولى نَاحيَة أشموم وَسَفك بهَا ثمَّ جهز نَائِبا إِلَى قلعة الشوبك ثمَّ إِنَّه عمل ولَايَة الْقَاهِرَة مُدَّة فِي أَيَّام الصَّالح ثمَّ تولى شدّ الدَّوَاوِين فِي أَيَّام الصَّالح إِسْمَاعِيل وتظاهر بعفاف كثير وَأَمَانَة ثمَّ إِنَّه لما توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ لَهُ فِي ولَايَة شعْبَان الْعِنَايَة التَّامَّة فقدمه وحظي عِنْده فَفتح لَهُ بَاب الْأَخْذ على الإقطاعات والوظائف وَعمل لذَلِك ديوَان قَائِم الذَّات سمي ديوَان الْبَذْل فَلَمَّا تولى الصاحب تَقِيّ الدّين ابْن مراجل شاححه فِي الْجُلُوس والعلامة فترجح الصاحب تَقِيّ الدّين وعزل الْأَمِير شُجَاع الدّين من شدّ الدَّوَاوِين فَلَمَّا كَانَ فِي نوبَة السُّلْطَان الْملك المظفر كَانَ شُجَاع الدّين مِمَّن قَامَ على الْكَامِل وَضرب الْأَمِير سيف الدّين أرغون العلائي فِي وَجهه وَسكن أمره إِلَى أَن حضر فِي أَيَّام الْملك المظفر صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين منكلي بغا الفخري ليوصله إِلَى طرابلس نَائِبا وَعَاد إِلَى مصر وَأمره سَاكن إِلَى أَن قَامَ فِي وَاقعَة الْأُمَرَاء سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي وشمس الدّين آقسنقر وَسيف الدّين قرابغا وَسيف الدّين بزلار وَسيف الدّين صمغار وَسيف الدّين إتمش وَكَانَ هُوَ الَّذِي تولى كبره وَأمْسك أَوْلَاد الْأُمَرَاء فَعظم شَأْنه وفخم أمره وخافه أُمَرَاء مصر وَالشَّام وَأقَام كَذَلِك مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَقْرِيبًا ثمَّ إِنَّه أمسك وَقتل وَجَاء الْخَبَر بقتْله إِلَى الشَّام فِي مستهل شهر رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقيل إِن الحرافيش بِالْقَاهِرَةِ ومصر أَخْرجُوهُ من قَبره ومثلوا)
بِهِ وأقاموه فِي زيه أَيَّام حَيَاته ومشاورته وإمساكه الْأُمَرَاء وقتلهم ثمَّ إِنَّهُم نوعوا ثكاله والمثلة بِهِ فَغَضب السُّلْطَان لذَلِك وَأمر فِي الحرافيش فنال الأوشاقية مِنْهُم منالاً عَظِيما من الْقَتْل وَالْقطع وَغَيره وَكَانَ مشؤوماً فِي حَيَاته ومماته وَيُقَال إِن السَّبَب فِي قَتله كَانَ لما حَضَرُوا بِرَأْس الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي نَائِب الشَّام وَبِالْجُمْلَةِ فَحسب الَّذين قَتلهمْ فِي مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَكَانُوا أحدا وَثَلَاثِينَ أَمِيرا وَكَانَ يخرج من الْقصر وَيقْعد على بَاب خزانَة الْخَاص ويتحدث فِي الدولة وَفِي الخزانة وَالْإِطْلَاق والإنعام وَيجْلس الموقعون عِنْده ويكتبون عَنهُ إِلَى الْوُلَاة وَلكنه مَاتَ هَذِه الْميتَة الموصوفة واشتهر مَا فعل بِهِ فَقلت مستطرداً من المجتث
(وعاذلٍ قَالَ عُمْري ... أسعى لعلّك تَسْلو)
(أَمُوت مِنْك بغَبْني ... فقلتُ مَوْتَ أغُرْلو)(9/174)
(الألقاب)
الأغلبي عبد الله بن إِبْرَاهِيم
وَآخر عبد الله بن إِبْرَاهِيم
وَآخر إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد
وَآخر إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب وَهُوَ السمى بالرشيد صَاحب إفريقية
وَآخر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
ابْن الأغيس الشَّافِعِي أَحْمد بن بشر
(الطَّبِيب الْيَهُودِيّ)
إفراييم بن الزفان بالزاي وَتَشْديد الْفَاء وَبعد الْألف نون أَبُو كثير الْيَهُودِيّ الطَّبِيب خدم الْخُلَفَاء المصريين بِمصْر ونال دينا عريضةً واقتنى من الْكتب شَيْئا كثيرا وَهُوَ أمهر تلامذة عَليّ بن رضوَان خلف من الْكتب مَا يزِيد على عشْرين ألف مُجَلد وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ والأربعمائة
(الألقاب)
الأفرم نَائِب دمشق الْأَمِير جمال الدّين آقوش
الأفرم الْكَبِير الْأَمِير عز الدّين أيبك
(أفريدون)
3 - (أفريدون التركي)
لَهُ تَرْجَمَة مَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة سَالم بن أَحْمد فِي حرف السِّين فليطلب هُنَاكَ
3 - (أفريدون بن مُحَمَّد)
3 - (بن مُحَمَّد بن عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ)
التَّاجِر الَّذِي عمر الْمدرسَة المليحة الظريفة برا بَاب الْجَابِيَة بِدِمَشْق أنْفق على عمارتها وَحدهَا خَارِجا عَن الْوَقْف فَوق مائَة ألف دِرْهَم وَشرع فِيهَا سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي أوَّل شهر رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
(الْأَفْضَل)
سمي بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الْأَفْضَل وَالِد صَلَاح الدّين اسْمه أَيُّوب بن شادي وَمِنْهُم الْأَفْضَل صَاحب حماة اسْمه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَمِنْه الْأَمِير عَليّ بن مَحْمُود
أفضل الدولة الطَّبِيب مُحَمَّد بن عبد الله(9/175)
(أفطس)
رجل من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم روى عَنهُ إِبْرَاهِيم ابْن أبي عبلة قَالَ رَأَيْت رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ أفطس يلبس الْخَزّ
(أَفْلح)
3 - (الْمدنِي)
أَفْلح بن حميد الْمدنِي أحد الْأَثْبَات المسندين وَلَيْسَ فِي مُسلم أَعلَى من رِوَايَته روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي على الصَّحِيح سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة
3 - (القبائي الْأنْصَارِيّ)
أَفْلح بن سعيد القبائي الْأنْصَارِيّ كَانَ صَدُوقًا احْتج بِهِ مُسلم وَقد أقذع ابْن حبَان فِي الْحَط عَلَيْهِ فَقَالَ شيخ من أهل قبا يروي عَن الثِّقَات الموضوعات وَعَن الْأَثْبَات الْمُنْكَرَات لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنهُ بِحَال وروى لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة
3 - (الصَّحَابِيّ)
أَفْلح بن أبي القعيس وَيُقَال أَخُو أبي القعيس قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أعلم لَهُ خَبرا وَلَا ذكرا أَكثر مِمَّا جرى من ذكره فِي حَدِيث عَائِشَة فِي الرَّضَاع وَقد اخْتلف فِيهِ وأصحها أَنه أَفْلح أَخُو أبي القعيس
3 - (أَبُو عَطاء السندي)
أَفْلح بن يسَار هُوَ أَبُو عَطاء السندي وَمولى بني أَسد منشؤه الْكُوفَة وَهُوَ من مخضرمي الدولتين وَكَانَ أَبوهُ سندياً أعجمياً لَا يفصح وَكَانَ فِي لِسَان أبي عَطاء عجمة ولثغةٌ وَكَانَ إِذا تكلم لَا يفهم كَلَامه وَلذَلِك قَالَ لِسُلَيْمَان بن سليم الْكَلْبِيّ من الْخَفِيف)
(أعْوَزتْني الرُّواة يَا ابْن سُليم ... وأبى أنْ يُقيم شعري لساني)
(وغلا بِالَّذِي أُحَمْجِمُ صَدْرِي ... وجفاني لعُجْمتي سلطاني)
(وازْدَرَتني العيونُ إِذْ كَانَ لوني ... حالكاً مجتوىً من الألوانِ)
(فضربتُ الأمورَ ظهرا لبطنٍ ... كَيفَ أحتال حِيلَة لبياني)
(وتمنّيتُ أنّني كنت بالشع ... ر فصيحاً وبانَ بعضُ بناني)(9/176)
(ثمّ أصبحتُ قد أبحتً رِدَائي ... عِنْد رحْب الفِناء والأعطانِ)
(فاعطِني مَا يَضيقُ عَنهُ رُواتي ... بفصيحٍ من صَالح الغلمانِ)
(يُفهِم الناسَ مَا أَقُول من الشع ... ر فإنّ الْبَيَان قد أعيْاني)
(واعتمدْني بالشكر يَا ابنَ سَليم ... فِي بلادي وَسَائِر البلدانِ)
(ستوافيهم قصائد غُرٌّ ... فِيك سبّاقةٌ لكل لسانِ)
فَأمر لَهُ بوصيف بربري فَسَماهُ عَطاء وتبنى بِهِ وَرَوَاهُ شعره فَكَانَ إِذا أَرَادَ إنشاد مديح لمن يجتديه أَو مذاكرة شعر أمره فَأَنْشد قبل إِنَّه قَالَ لَهُ يَوْمًا ولأ مُنْذُ دأوتأ وألت لي لبيأ مَا أنتَ تصنأ يَعْنِي وَلَك مُنْذُ دعوتك وَقلت لي لبيْك مَا كنت تصنع وَشهد أَبُو عَطاء حَرْب بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس وأبلى مَعَ بني أُميَّة وَقتل غُلَامه عَطاء مَعَ ابْن هُبَيْرَة وَانْهَزَمَ هُوَ وَحكى الْمَدَائِنِي أَن أَبَا عَطاء كَانَ يُقَاتل المسودة وقدامه رجل من بني مرّة يكنى أَبَا يزِيد قد عقر فرسه فَقَالَ لأبي عَطاء أَعْطِنِي فرسك أقَاتل عَنْك وعني وَقد كَانَا أيقنا بِالْهَلَاكِ فَأعْطَاهُ أَبُو عَطاء فرسه فَرَكبهُ المري وَمضى على وَجهه ناجياً فَقَالَ من الوافر
(لَعَمْرُك إنّني وَأَبا يزِيد ... لكالساعي إِلَى لمع السَّرابِ)
(رأيتُ مَخيلةً فطمعتُ فِيهَا ... وَفِي الطَّمَع المذلَّةُ للرقابِ)
(فَمَا أَغْنَاك من طلبٍ ورزقٍ ... كَمَا أعياك من سرق الدوابِ)
(وأشهَدُ أنّ مرّةَ حيُّ صدقٍ ... وَلَكِن لست مِنْهُم فِي النصابِ)
وَعَن الْمَدَائِنِي أَن يحيى بن زِيَاد الْحَارِثِيّ وحماداً الراوية كَانَ بَينهمَا وَبَين معلم بن هُبَيْرَة مَا يكون مثله بَين الشُّعَرَاء والرواة من النفاسة وَكَانَ معلم بن هُبَيْرَة يحب أَن يطْرَح حماداً فِي لِسَان من يهجوه قَالَ حَمَّاد الراوية فَقَالَ لي يَوْمًا بِحَضْرَة يحيى بن زِيَاد أَتَقول لأبي عَطاء السندي أَن يَقُول زجٌّ وجرادة وَمَسْجِد بني شَيْطَان قلت نعم فَمَا تجْعَل لي على ذَلِك قَالَ)
بغلتي بسرجها ولجامها فَأخذت عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ موثقًا وَجَاء أَبُو عَطاء السندي فَجَلَسَ إِلَيْنَا فَقَالَ مُرْهِبًا بكم هياكم الله فرحبت بِهِ وَعرضت عَلَيْهِ الْعشَاء فَأبى وَقَالَ هَل عنْدكُمْ نَبِيذ فأتيناه بنبيذ كَانَ عندنَا فَشرب حَتَّى احْمَرَّتْ عَيناهُ فَقلت يَا أَبَا عَطاء إِن إنْسَانا طرح علينا أبياتاً فِيهَا لغز فلست أقدر على إجَابَته الْبَتَّةَ فَفرج عني فَقَالَ هَات قلت من الوافر
(أبِنْ ليّ إنْ سُئلتَ أَبَا عَطاء ... يَقِينا كَيفَ عِلْمك بالمعاني)
فَقَالَ
(خبيرٌ عالمٌ فاسألْ تجدْني ... بهَا طَبّاً وآياتِ المثاني)
فَقلت
(فَمَا اسمُ حَدِيدَة فِي رَأس رُمحٍ ... دُوَيْن الكعب لَيست بِالسِّنَانِ)(9/177)
فَقَالَ
(هُوَ الزُزُّ الَّذِي لم بَات ضيفاً ... لِصدرك لم تزل لَك لوعتانِ)
فَقلت
(فَمَا صَفراء تُدعى أمَّ عوفٍ ... كأنّ رُجَيْلتَيها مِنجلانِ)
فَقَالَ
(أردتَ زَرادةً وَأَقُول حّقاً ... بأنّك مَا عدوتَ سوى لساني)
فَقلت
(أتعرف مَسْجِدا لبني تَمِيم ... فُوَيق الْميل دون بني أبانِ)
فَقَالَ
(بَنو سيطان دون بني أبان ... كقُرب أَبِيك من عبد المدانِ)
قَالَ حَمَّاد فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ قد ازدادت حمرَة وَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه وتخوفته فَقلت يَا أَبَا عَطاء هَذَا مقَام المستجير بك وَلَك نصف مَا أَخَذته قَالَ فاصدقني فَأَخْبَرته فَقَالَ أولى لَك قد سلمت وَسلم لَك جعلك خُذْهُ بورك لَك فِيهِ فَلَا حَاجَة لي إِلَيْهِ وانقلب يهجو معلم بن هُبَيْرَة
ووفد أَبُو عَطاء على نصر بن سيار فأنشده من الْبَسِيط
(قَالَت بُرَيْكةُ بِنْتي وَهِي عاتبةٌ ... إنّ المُقام على الإفلاس تعذيبُ)
(مَا بالُ همٍّ دخيلٍ بَات محتضرا ... رأسَ الْفُؤَاد فنوم الْعين ترحيبُ)
)
(إنّي دَعَاني إِلَيْك الْخَيْر من بلدي ... وَالْخَيْر عِنْد ذَوي الأحساب مطلوبُ)
فَأمر لَهُ بِأَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم
3 - (ابْن أَفْلح الشَّاعِر)
اسْمه عَليّ بن أَفْلح
(الألقاب)
الإفليلي الْقُرْطُبِيّ الأديب اسْمه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء
(أقباش مَمْلُوك النَّاصِر الْخَلِيفَة)
أقباش بن عبد الله الخليفتي مَمْلُوك الإِمَام النَّاصِر حج بالركب الْعِرَاقِيّ وَمَعَهُ تَقْلِيد لحسن بن قَتَادَة بعد موت أَبِيه فَجَاءَهُ رَاجِح أَخُو حسن وَقَالَ أَنا أكبر ولد قَتَادَة فولني فَلم يجبهُ فجرت بَينهمَا حَرْب وَقتل أقباش سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة وَنصب رَأسه على رمح بالمسعى وَكَانَ أقباش قد اشْتَرَاهُ الْخَلِيفَة وَهُوَ أَمْرَد بِخَمْسَة آلَاف دِينَار وَلم يكن بالعراق أحسن مِنْهُ وَكَانَ عَاقِلا متواضعاً وَلم يخرج الموكب لتلقي الركب حزنا عَلَيْهِ وَأدْخل الكوس وَالْعلم فِي اللَّيْل(9/178)
(إقبال جمال الدولة الْخَادِم)
إقبال جمال الدولة خَادِم السُّلْطَان صَلَاح الدّين وقف داريه الإقباليتين على الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق وَتُوفِّي بالقدس فِي سنة ثَلَاث وسِتمِائَة ووقف الدَّار الْكُبْرَى للشَّافِعِيَّة وَالصُّغْرَى للحنفية وَثلثا مَا وَقفه للشَّافِعِيَّة وَالثلث للحنفية
(أقبغا)
3 - (المنصوري)
أقبغا المنصوري الْأَمِير سيف الدّين كَانَ شَابًّا مليحاً من أُمَرَاء دمشق قتل بالبرج الَّذِي تَأَخّر فَتحه بعكا سنة تسعين وستعائة
3 - (الناصري)
أقبغا الْأَمِير سيف الدّين الناصري هُوَ أَخُو الخوندة طغاي امْرَأَة أستاذه الْملك النَّاصِر تنقلت بِهِ الْأَحْوَال فِي الجمدارية إِلَى أَن صَار أَمِير مائَة مقدم ألف وتأمر ولداه نَاصِر الدّين مُحَمَّد وشهاب الدّين أَحْمد وَصَارَ أستاذدار السُّلْطَان ومقدم المماليك وشاد العمائر وَلما توفّي السُّلْطَان وَولي الْملك ابْنه الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر صادره وَأخذ كل مَا يملكهُ وَأمر برد كل مَا أَخذه للنَّاس وَلم يبْق لَهُ فِي مَاله تصرف إِلَى أَن أعطَاهُ الْأَمِير عَلَاء الدّين طيبغا المجدي الْحَاجِب مائَة دِرْهَم من عِنْده لِأَنَّهُ كَانَ فِي ترسيمه ثمَّ أخرجه قوصون لما تولى السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف عَلَاء الدّين كجك إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا وَتوجه مَعَ الفخري إِلَى الديار المصرية فرسم لَهُ الْملك النَّاصِر شهَاب الدّين أَحْمد بنيابة حمص فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فرسم بإحضاره إِلَى دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا من جملَة الْأُمَرَاء المقدمين فَلَمَّا كَانَ فِي شَوَّال فِي السّنة الْمَذْكُورَة حضر مرسوم السُّلْطَان الْملك الصَّالح بإمساكه فَأمْسك هُوَ والأمراء الَّذين اتهموا بالميل مَعَ النَّاصِر أَحْمد وأودع القلعة معتقلاً ثمَّ بعد قليلٍ طلب إِلَى مصر فَتوجه بِهِ الْأَمِير بدر الدّين بكتاش المنكورسي وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ
(أقجبا الْحَمَوِيّ)
أقجبا الْأَمِير فَخر الدّين الحوي نقل من حماة إِلَى الْقَاهِرَة وَأعْطِي شدّ الشرابخاناه فِي أَيَّام الصَّالح إِسْمَاعِيل رَحمَه الله تَعَالَى وزادت رتبته عِنْده وتأثلت مكانته وَلم يكن عِنْده فِي الدولة مثله وَمثله الْأَمِير نجم الدّين الْوَزير مَحْمُود بن شروين أَعنِي فِي الْأُمَرَاء الْأَجَانِب بِحَيْثُ أَن هَذَا الْأَمِير فَخر الدّين كَانَ يكون عِنْده غَالب اللَّيْل يسامره وينادمه فَلَمَّا توفّي(9/179)
الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى وَتَوَلَّى الْكَامِل شعْبَان أخرجه إِلَى حماة وَقيل إِن الَّذِي أخرجه إِنَّمَا هُوَ المظفر
وَبَقِي فِيهَا مُقيما إِلَى أَن أمسك الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي على مَا سَيَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمته فِي حرف الْيَاء فَجهز الْأَمِير فَخر الدّين مَعَ يلبغا وَأَبِيهِ طابطا إِلَى الْقَاهِرَة وَكَانَ يلاطف يلبغا غَايَة الملاطفة ويخدمه ويكرمه ويمنيه ويسليه إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين منجك وتلقاهم إِلَى قاقون وَقضى الله أمره فِي يلبغا فاستمر الْأَمِير فَخر الدّين مُتَوَجها إِلَى الْقَاهِرَة فرسم لَهُ المظفر حاجي بالْمقَام فِي الْقَاهِرَة وسير أحضر أَهله وَطَلَبه من حماة وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَهَذَا الْأَمِير فَخر الدّين شَدِيد التعصب كثير الود جم النَّفْع لمن يعرفهُ أَو يَصْحَبهُ وَلم يزل بِمصْر مُقيما إِلَى أَن ولي المُلك المَلِك الصالحُ صَالح فَأخْرجهُ إِلَى حماة ليقيم بهَا فِي أَوَائِل دولته فوصل إِلَى دمشق فِي حادي عشْرين شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة
(أَقرع)
3 - (ابْن بشر)
أَقرع بن بشر أحد بني سعيد بن قرط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب قَالَ المرزباني إسلامي يَقُول من قصيدة من الْكَامِل
(إنّ الموَالِي مولَيانِ فرافعٌ ... بيتَ الْبناء وهادمٌ لَا يرفعُ)
(أهِنِ اللَّئِيم إِذا استطعتَ هوانه ... إنّ الْكَرَامَة عِنْده لَا تَنْفَع)
3 - (ابْن حَابِس الصَّحَابِيّ)
الْأَقْرَع بن حَابِس بن عقال التَّمِيمِي الْمُجَاشِعِي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة حديثٍ كَانَ من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَكَانَ سيد قومه واسْمه فراس وَإِنَّمَا لقب الْأَقْرَع لقرع كَانَ بِرَأْسِهِ وَقدم دومة الجندل من أَطْرَاف أَعمال دمشق فِي خلَافَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ فِي وَفد تَمِيم الَّذين قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونادوه من وَرَاء الحجرات وَأَعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر مائَة من الْإِبِل وَهُوَ الَّذِي عناه الْعَبَّاس بن مرداس بقوله من المتقارب
(أَتجْعَلُ نَهْبي ونهبَ العُبَي ... د بَين عُيينةَ والأقرعِ)
(وَمَا كَانَ حصنٌ وَلَا حابسٌ ... يفرقان مرداسَ فِي مجمعِ)
وَشهد الْفَتْح وحنيناً والطائف وَسكن الْمَدِينَة وَقيل شهد مَعَ خَالِد الْمشَاهد حَتَّى الْيَمَامَة ثمَّ مضى مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة إِلَى دومة قلت هُوَ فراس بن حَابِس بن عقال بن مُحَمَّد بن سُفْيَان بن مجاشع بن دارم التَّمِيمِي وَقيل لَهُ الْأَقْرَع لقرع كَانَ فِي رَأسه قَالَ المرزباني فِي معجمعه وَهُوَ أحد حكام الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ يحكم فِي كل موسم وَهُوَ أول من حرم الْقمَار وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ وَفد بني تَمِيم وَقَالَ من الطَّوِيل
(أَتَيْنَاك كَيْمَا يعرف الناسُ فضْلنَا ... إِذا خالفتَنْا عِنْد ذكر المكارم)(9/180)
(وأنّأ رُؤُوس النَّاس فِي كلّ معشر ... وَأَن لَيْسَ فِي أَرض الْحجاز كدارمِ)
(وأنّ لنا المرباعَ فِي كلّ غَارة ... تكون بنجدٍ أَو بِأَرْض التهائمِ)
3 - (الْأَقْرَع بن شفي)
بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْفَاء وَبعدهَا يَاء آخر الْحُرُوف العكي عَاده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه لم يرو عَنهُ إِلَّا لفاف بن كرز وَحده)
3 - (الْأَقْرَع بن عبد الله الْحِمْيَرِي)
بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذِي مران وَطَائِفَة من الْيمن
3 - (أَقرع بن نعيم بن الْحَارِث السَّعْدِيّ)
من بني تَمِيم قَالَ المرزباني إسلامي هُوَ الْقَائِل يفخر بوقعةٍ كَانَت لجده الْحَارِث على بكر بن وَائِل فِي الْجَاهِلِيَّة يَوْم المجزل
(إنّي غداةَ حُفْرة المجزّل ... سَار بحرّان كثيفِ القَسْطَلِ)
يقْرعُ أولاها بهابٍ أوهَلٍ
(الألقاب)
الأقرعي الْأَمِير بدر الدّين بكتوت
الأقساسي جمَاعَة مِنْهُم قطب الدّين الْحسن بن الْحسن وَمِنْهُم النَّقِيب أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عَليّ وَمِنْهُم يحيى بن مُحَمَّد وَمِنْهُم الْحُسَيْن بن الْحسن
(آقسنقر)
3 - (أَبُو الْفَتْح صَاحب حلب)
3 - (وَالِد نور الدّين)
آقسنقر قسيم الدولة أَبُو الْفَتْح مَمْلُوك السُّلْطَان ملكشاه الْحَاجِب قيل هُوَ لصيق تزوج داية السُّلْطَان إِدْرِيس بِمَ طغانشاه وحظي عِنْد(9/181)
السُّلْطَان ملكشاه وَملك أنطاكية وَقرر نِيَابَة حلب لقسيم الدولة فَأحْسن فِيهَا السياسة وَأقَام الهيبة وَعمر مَنَارَة حلب واسْمه منقوش عَلَيْهَا وَبني مشْهد قرنبيا ومشهد الدكة تحارب هُوَ وتتش صَاحب دمشق فَأسر فِي طَائِفَة من أَصْحَابه وَحمل إِلَى تتش فَأمر بِضَرْب عُنُقه وعنق جمَاعَة من أَصْحَابه وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَهُوَ وَالِد نور الدّين الشَّهِيد
3 - (البرسقي)
آقسنقر سيف الدّين قسيم الدولة أَبُو سعيد البرسقي مولى الْأَمِير برسق غُلَام السُّلْطَان طغرلبك ترقت بِهِ الْحَال إِلَى أَن ولاه السُّلْطَان مَحْمُود إمرة الْموصل والرحبة ثمَّ ولاه شحنمكية بَغْدَاد وَقَالَ لقاضيه اتخذ مسماراً على بَاب دَارك نقشه أجب دَاعِي الله وَمن كَانَ لَهُ خصم يحضر إِلَى بابك وَيخْتم عَلَيْهِ بالشمع ويمضي إِلَى خَصمه كَائِنا من كَانَ وَلَا يقدم أحد على التَّخَلُّف)
وَأمر زَوجته أَن يَدعِي لَهَا وَكيل من جِهَته عَلَيْهِ عِنْد القَاضِي بِالصَّدَاقِ فَتوجه وَأمر القَاضِي أَن لَا يقوم لَهُ وَسمع الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ مساوٍ لغريمه توفّي سنة عشْرين وَخَمْسمِائة لما انْفَتَلَ من الصَّلَاة فِي جَامع الْموصل أثخنه الباطنية جراحاً فِي ذِي الْقعدَة لِأَنَّهُ كَانَ قد تصدى لاستئصال شأفتهم وَقتل مِنْهُم عصبَة
3 - (الفارقاني)
آقسنقر الْأَمِير شمس الدّين الفارقاني قبض عَلَيْهِ الْملك السعيد سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة وأخفى قَبره فَقيل إِنَّه خفته عقيب اعتقاله وَكَانَ أستاذدار الْملك الظَّاهِر بيبرس ويقدمه على الجيوش ثمَّ إِن السعيد جعله نَائِب السلطنة فَلم ترض بذلك حَاشِيَة السعيد ووثبوا عَلَيْهِ واعتقلوه وَلم يسع السعيد إِلَّا موافقتهم وَكَانَ وسيماً جسيماً شجاعاً مقداماً كثير الْبر وَالصَّدَََقَة خَبِيرا بِالتَّصَرُّفِ وَالتَّقْدِير وَالتَّدْبِير وَله مدرسة عِنْد دَاره جوا بَاب سَعَادَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ قَدِيما مَمْلُوك الْأَمِير نجم الدّين أَمِير حَاجِب الْملك النَّاصِر ثمَّ انْتقل إِلَى الظَّاهِر وَكَانَ يَنُوب للظَّاهِر فِي غيبته وَجعله السعيد نَائِبا بعد موتبيليك الخزندار وَلما جَاءَ الْخَبَر بوفاته إِلَى دمشق عمل عزاؤه تَحت إِلَيْهِ القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر جَوَابا وَهُوَ من بديع إنشائه جَاءَ من جملَته وَقرن النَّصْر بعزم الْمجْلس الأنهض وَأهْلك الْعَدو الْأسود بميمون طَائِر النَّصْر وَكَيف لَا وآقسنقر هُوَ الطَّائِر الْأَبْيَض وَأقر لأهل الصَّعِيد كل عين وَجمع شملهم فَلَا يرَوْنَ من بعْدهَا من عدوهم غراب بَين وَنصر ذَوي السيوف على ذَوي الحراب وَسَهل صيد ملكهم على يَد الْمجْلس وَكَيف يعسر على السنقر الْأَبْيَض صيد غراب(9/182)
3 - (الناصري)
آقسنقر الناصري الْأَمِير شمس الدّين كَانَ فِي حَيَاة أستاذه أَمِير شكار وزوجه ابْنَته وَجعله أَمِير مائَة مقدم ألف فَلَمَّا جَاءَ الْملك النَّاصِر أَحْمد بن النَّاصِر من الكرك إِلَى مصر جعله أَمِير آخور فَلم يرض فَأخْرجهُ إِلَى غَزَّة نَائِبا وَأقَام بهَا إِلَى أَن أمسك الفخري وتسلطن الْملك الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل ابْن النَّاصِر فَطلب الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر من غَزَّة إِلَى الْقَاهِرَة وَأقرهُ أَمِير آخور وعظمت مكانته عِنْده وجهز مقدم الْعَسْكَر الْمصْرِيّ والشامي إِلَى الكرك لمحاصرة النَّاصِر أَحْمد ثمَّ أبطل ذَلِك وَأخرج عوضه فِي التقدمة الْأَمِير سيف الدّين بيغرا ثمَّ إِنَّه جهز إِلَى الكرك فأبلى فِي الْحصار بلَاء حسنا وأنكى فِي ذَلِك وجرح جِرَاحَة)
مؤلمةً وَعَاد إِلَى مصر وَأَرَادَ التَّوَجُّه إِلَى الْحجاز بأَهْله فَمنع من ذَلِك لِأَن وَالِدَة الْملك الْأَشْرَف كجك عِنْده زَوْجَة فخيف فَأخْرج إِلَى الشَّام نَائِب طرابلس فوردها على الْبَرِيد وعمال النِّيَابَة بهَا جيدا وَظَهَرت عَنهُ مهابة وبطش وقمع المفسدين وَأَمَانَة وعفة عَن أَمْوَال النَّاس وَأقَام بهَا نَائِبا من أَوَائِل شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة إِلَى بعض شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي أول سلطنة الْملك الْكَامِل شعْبَان فَطَلَبه إِلَى مصر وَتوجه إِلَيْهَا وَعظم أمره وَأمر الْحِجَازِي إِلَى الْغَايَة فَقيل إنَّهُمَا أحسا من السُّلْطَان الْملك الْكَامِل بالغدر فجهزا فِي السِّرّ إِلَى الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي وَقَالا لَهُ برز إِلَى ظَاهر دمشق فإننا قد عزمنا على أَمر فبرز على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الْيَاء وراحت الْأَخْبَار إِلَى الْكَامِل بِخُرُوج الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب الشَّام وَجمع نواب الشَّام عَلَيْهِ فَلم ير السُّلْطَان الْملك الْكَامِل بدا من تجهيز عَسْكَر إِلَيْهِ فَجرد جملَة من الْعَسْكَر إِلَى الشَّام وَقدم عَلَيْهَا أحد الأميرين إِمَّا آقسنقر أَو الْحِجَازِي فَخَرَجَا من الْقَاهِرَة وعادا من بعض الطَّرِيق وَاجْتمعَ النَّاس عَلَيْهِم فِي قبَّة النَّصْر وَخرج الْملك الْكَامِل فجرح الْأَمِير سيف الدّين أرغون العلائي وَانْهَزَمَ السُّلْطَان وَدخل إِلَى القلعة وطلع الأميران المذكورن إِلَى القلعة وأخذا أَمِير حَاج ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأجلساه على كرْسِي الْملك وحلفا لَهُ وحلفوا لَهُ العساكر ولقب الْملك المظفر وزادت عَظمَة الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر والحجازي فِي أَيَّام المظفر فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة جَاءَ إِلَى السُّلْطَان الْملك المظفر من كَانَ مَعَهم فِي الْبَاطِن وَقَالَ لَهُ إِنَّهُم قد أَجمعُوا على الرّكُوب غَدا إِلَى قبَّة النَّصْر وعزمهم أَن يَفْعَلُوا مثل الْفِعْل الأول بأخيك فأحضرهم الْعَصْر إِلَى الْقصر وأمسكهم وهم الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر والأمير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي والأمير سيف الدّين قرابغا الساقي صهر الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي والأمير سيف الدّين إتمش والأميرسيف الدّين صمغار والأمير سيف الدّين بزلار فَأَما آقسنقر والحجازي فَإِنَّهُمَا قتلا فِي الْوَقْت والبقية جهزوا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة
وَقيل إِن السُّلْطَان ضرب قرابغا على كتفه بالنمجا ثمَّ إِنَّه أمسك الْأَمِير سيف الدّين قطبغا(9/183)
الْعمريّ وَأَوْلَاد الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش وَابْن الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب وَقيل إِن الَّذِي قَامَ بتدبير ذَلِك وَفعله ومباشرته الْأَمِير شُجَاع الدّين أغرلو)
3 - (النَّائِب بِمصْر)
آقسنقر السلاري الْأَمِير شمس الدّين سيره الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون نَائِبا إِلَى صفد فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَرَأى أَهلهَا مِنْهُ من الْعِفَّة وَالْعدْل مَا لَا رَأَوْهُ من غَيره ثمَّ نَقله إِلَى نِيَابَة غَزَّة فَتوجه وَمَات السُّلْطَان وَتَوَلَّى الْمَنْصُور أَبُو بكر وخلع وَتَوَلَّى الْأَشْرَف كجك وَجَاء الفخري لمحاصرة النَّاصِر أَحْمد فِي الكرك فَقَامَ الْأَمِير شمس الدّين بنصرة أَحْمد فِي الْبَاطِن كثيرا
وَتوجه الفخري إِلَى دمشق لما توجه ألطنبغا إِلَى حلب لأجل طشتمر فاجتمعا وقوى عزمه وَقَالَ توجه أَنْت وَأَنا أحفظ لَك غَزَّة وَقَامَ قيَاما عَظِيما وَأمْسك الدَّرْب فَمَا جَاءَ أحد من دمشق وَلَا مصر بريدياً كَانَ أَو غَيره إِلَّا وَحمله إِلَى الكرك وَحلف النَّاس لَهُ وَقَامَ ببيعته بَاطِنا وظاهراً ثمَّ جَاءَ إِلَى الفخري وَهُوَ مُقيم على خَان لاجين وقوى عزمه وعضده وَلم يزل إِلَى أَن جَاءَ ألطنبغا والتقوا وهرب ألطنبغا فَتَبِعَهُ الْأَمِير شمس الدّين إِلَى غَزَّة وَأقَام بهَا وَدخل مَعَ الْعَسْكَر الشَّامي إِلَى مصر وَلما أمسك النَّاصِر أَحْمد طشتمر وَكَانَ نَائِبا بِمصْر أعْطى النِّيَابَة للأمير شمس الدّين آقسنقر وَتوجه النَّاصِر إِلَى الكرك وَلم يزل هُوَ نَائِبا بِمصْر إِلَى أَن تملك السُّلْطَان الْملك الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل فأقره فِي النِّيَابَة فعملها وَسَار سيرةً مشكروةً حميدةً لَا يمْنَع أحدا شَيْئا يَطْلُبهُ كَائِنا من كَانَ ثمَّ إِن السُّلْطَان الْملك الصَّالح رسم بإمساكه وإمساك الْأَمِير سيف الدّين بيغرا أَمِير جاندار والأمير سيف الدّين ألاجا والأمير زين الدّين قراجا الحاجبين لأَنهم نسبوا إِلَى الممالأة والمداجاة مَعَ النَّاصِر أَحْمد فأمسكوا فِي أول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بالأمير شمس الدّين آقسنقر النَّائِب الْمَذْكُور ثمَّ إِنَّه أفرج فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين عَن بيغرا وألاجا وقراجا وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بآقسنقر الْمَذْكُور رَحمَه الله تَعَالَى
3 - (أَمِير جاندار)
آقسنقر أَمِير جاندار كَانَ من الْأُمَرَاء بالديار المصرية وَهُوَ الَّذِي حضر إِلَى الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي نَائِب دمشق على الْبَرِيد بِكِتَاب الْملك المظفر حاجي يُخبرهُ فِيهِ إمْسَاك الْأُمَرَاء السِّتَّة الْحِجَازِي وآقسنقر وقرابغا وصمغار وبزلار ويتمش فَلَمَّا جرى ليلبغا مَا جرى وَأمْسك حضر إِلَى حلب فِي الْبَرِيد ليحضر الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه فِي نِيَابَة دمشق ويحتاط على مَوْجُود يلبغا اليحيوي والأمراء الَّذين هربوا مَعَه وفوض ذَلِك على آقسنقر وَإِلَى)
الْأَمِير عز الدّين أيدمر الزراق فَأَقَامَ بِدِمَشْق ثَلَاثَة أشهر وَأكْثر وَأخذ المَال الَّذِي تحصل من مَوْجُود الْمَذْكُورين وَتوجه إِلَى مصر فَلَمَّا جرى للْملك المظفر حاجي مَا جرى أَخذ مَوْجُود الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر واخرج إِلَى دمشق فوصل إِلَيْهَا بعيد رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة ثمَّ(9/184)
ورد المرسوم بِأَن يتَوَجَّه إِلَى طرابلس على إقطاع نَاصِر الدّين مُحَمَّد ابْن أغرلو فَتوجه فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
(أقسيس المسعود صَاحب الْيمن)
أقسيس السُّلْطَان الْملك المسعود ابْن السُّلْطَان الْملك الْكَامِل ابْن الْعَادِل صَاحب الْيمن وَمَكَّة ملكهمَا تسع عشرَة سنة وَكَانَ أَبوهُ وجده قد جهزوا مَعَه جَيْشًا فَدخل الْيمن وملكها وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً مهيباً ذَا سطوة وزعارة وعسف وظلم لكنه قمع الْخَوَارِج بِالْيمن وطرد الزيدية عَن مَكَّة وَأمن الْحَاج وَلما بلغه موت عَمه الْمُعظم تجهز ليَأْخُذ الشَّام وَكَانَ ثقله فِي خَمْسمِائَة مركب وَمَعَهُ ألف خَادِم وَمِائَة قِنْطَار عنبر وعود وَمِائَة ألف ثوب وَمِائَة صندوق أَمْوَال وجواهر وَسَار من الْيمن إِلَى مَكَّة فَدَخلَهَا وَقد أَصَابَهُ فالج ويبست يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَلما احْتضرَ قَالَ وَالله مَا أرْضى من مَالِي كفناً وَبعث إِلَى فقيرٍ مغربي فَقَالَ تصدق عَليّ بكفن وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة سِتّ وَعشْرين وسِتمِائَة قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ بَلغنِي أَن وَالِده سر بِمَوْتِهِ وَلما جَاءَ مَوته مَعَ خزنداره مَا سَأَلَهُ كَيفَ مَاتَ بل قَالَ لَهُ كم مَعَك من المَال وَكَانَ المسعود سيء السِّيرَة يرتكب الْمعاصِي وَلَا يهاب مَكَّة بل يشرب وَيَرْمِي البندق وَرُبمَا علا بندقه الْبَيْت الْمحرم
وَلما أَرَادَ الْحُضُور إِلَى الشَّام نَادَى فِي بِلَاد التُّجَّار من أَرَادَ التَّوَجُّه إِلَى الشَّام أَو إِلَى الشَّام أَو إِلَى مصر صُحْبَة السُّلْطَان فليتجهز فجَاء التُّجَّار من الْهِنْد بالأموال والأقمشة والجواهر فَلَمَّا تكاملت المراكب بزبيد قَالَ اكتبوا لي بضائعكم وَمَا مَعكُمْ من الْأَمْوَال لأحميها من الزَّكَاة والمؤن فكتبوها لَهُ فَصَارَ يكْتب لكل تَاجر بِرَأْس مَاله إِلَى بعض بِلَاد الْيمن ويستولي هُوَ على مَاله فَفعل بِالْجَمِيعِ كَذَلِك فَاجْتمعُوا واستغاثوا وَقَالُوا نَحن قد جِئْنَا من بلدانٍ شَتَّى وَفينَا من أَهله بإسكندرية والقاهرة وَالشَّام وَالروم وَلنَا عدَّة سِنِين عَن أهلنا وَقد اشتقنا إِلَيْهِم فَخذ أَمْوَالنَا وأطلقنا نروح إِلَى أهلنا فَلم يلْتَفت إِلَيْهِم وَأخذ الْجَمِيع
(أقطاي)
3 - (الْفَارِس أقطاي)
أقطاي بن عبد الله الْأَمِير فَارس الدّين الجمدار الصَّالِحِي النجمي التركي أكبر مماليك الْملك الصَّالح كَانَ شجاعاً جواداً كَرِيمًا نهاباً وهاباً ذكر شمس الدّين الْجَزرِي فِي تَارِيخه أَنه كَانَ مَمْلُوك الزكي إِبْرَاهِيم الْجَزرِي الْمَعْرُوف بالحبيلي اشْتَرَاهُ بِدِمَشْق(9/185)
ورباه وَبَاعه بِأَلف دِينَار فَلَمَّا صَار أَمِيرا وأقطعوه الْإسْكَنْدَريَّة طلب من الْملك النَّاصِر إِطْلَاق أستاذه الْمَذْكُور وَكَانَ مَحْبُوسًا بحمص فَأَطْلقهُ وأرسله إِلَيْهِ فَبَالغ فِي إكرامه وخلع عَلَيْهِ وَبَعثه إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَأَعْطَاهُ ألقِي دِينَار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كَانَ طائشاً عَاملا على السلطنة وانضاف إِلَيْهِ البحرية كالرشيدي وبيبرس البندقداري قبل أَن يتسلطن وَسَار مرَّتَيْنِ إِلَى الصَّعِيد وعسف وَقتل وتجبر وَكَانَ يركب فِي دستٍ يضاهي دست السلطنة وَلَا يلْتَفت على الْملك الْمعز بل يدْخل الخزائن يَأْخُذ مَا يخْتَار ثمَّ إِنَّه تزوج بابنة صَاحب حماة وَبعثت الْعَرُوس فِي تجمل زَائِد فَطلب من الْمعز القلعة ليسكن فِيهَا وصمم عَلَيْهِ فَقَالَ شَجَرَة الدّرّ لزَوجهَا الْمعز هَذَا نحس وتعاملا على قَتله قَالَ شمس الدّين الْجَزرِي حَدثنِي عز الدّين أَبِيك أحد مماليك الْفَارِس قَالَ طلع أستاذنا إِلَى القلعة على عَادَته ليَأْخُذ أَمْوَالًا للبحرية فَقَالَ لَهُ الْمعز مَا بَقِي فِي الخزائن شَيْء فَامْضِ بِنَا إِلَيْهَا لنعرضها وَكَانَ قد رتب لَهُ فِي طَرِيق الخزانة مَمْلُوكه قطز الَّذِي تسلطن وَمَعَهُ عشرَة مماليك فِي مضيق فَخرج عَلَيْهِ وقتلوه وأغلقت القلعة فركبت البحرية ومماليكه وَكَانُوا نَحْو سَبْعمِائة فَارس وقصدوا القلعة فَرمي رَأسه إِلَيْهِم فَهَرَبُوا وَذهب طَائِفَة مِنْهُم إِلَى الشَّام وَكَانَ قَتله فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الأتابك فَارس الدّين المستعرب)
أقطاي بن عبد الله الْأَمِير الأتابك فَارس الدّين المستعرب الصَّالِحِي النجمي كَانَ مَمْلُوكا لنجم الدّين مُحَمَّد بن يمن ثمَّ انْتقل إِلَى الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَأمره ثمَّ ترقى بعد وَفَاته إِلَى أَن عد فِي الْأَعْيَان وَرفع المظفر رتبته وَجعله أتابك الْجَيْش وَكَانَ لَا يضاهيه أحد فِي الدولة وَلَا يُعَارضهُ فِيمَا يفعل ثمَّ لما قتل الْملك المظفر تشوق إِلَى السلطنة أكَابِر الْأُمَرَاء فَقدم الْأَمِير فَارس الدّين ركن الدّين بيبرس وسلطنة وَحلف لَهُ فِي الْوَقْت فَلم يسع بَقِيَّة الْأُمَرَاء إِلَّا مُوَافَقَته)
فتم أمره وَرَأى لَهُ ذَلِك وَاسْتمرّ على حَاله على علو الْمنزلَة ونفاذ الْأَمر وَكَثْرَة الإقطاع والرواتب وَبَقِي على ذَلِك مُدَّة سِنِين لَكِن الْملك الظَّاهِر بَقِي يخْتَار الرَّاحَة مِنْهُ فِي الْبَاطِن وَلَا يَسعهُ ذَلِك لعدم وجود من يقوم مقَامه فَإِنَّهُ كَانَ من رجالات الدَّهْر حزماً وعزماً ورأياً وتدبيراً وخبرةً وَمَعْرِفَة ورياسةً ومهابةً فلمات أنشأ الْملك الظَّاهِر الْأَمِير بدر الدّين بيليك الخزندار أمره بملازمته والاقتباس مِنْهُ والتخلق بأخلاقه فلازمه مُدَّة فَلَمَّا علم الظَّاهِر مِنْهُ الِاسْتِقْلَال بذلك جعله مشاركاً فِي أَمر الْجَيْش وَقطع الرَّوَاتِب الَّتِي كَانَت لأقطاي ونقصه من إقطاعه فانجمع وَتبع رَأْي السُّلْطَان وَادّعى أَن بِهِ طرف جذام وَطلب الِانْقِطَاع ليتداوى وَلم يكن بِهِ شَيْء وَحصل لَهُ من الْغبن مَا لَا أبقى عَلَيْهِ دون السّنة حَتَّى مَاتَ غبناً سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَقد نَيف على السّبْعين وعاده قبل مَوته الْملك الظَّاهِر فَبكى بَين يَدَيْهِ حَتَّى بَكَى لبكائه لما مت بخدمه وتلطف فِي عتابه(9/186)
وَكَانَ قد توجه إِلَى الْملك الظَّاهِر وَهُوَ على بعض الْحُصُون فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ قدر الله بِفَتْح ذَلِك الْحصن فَكتب إِلَيْهِ السراج الْوراق ونقلت ذَلِك من خطه من المجتث
(لله يُمْنُك أنَّي ... وجّهتَ وجهَ ركابِكْ)
(مَا ماطل النصرُ إلاّ ... ترقّباً لإيابِكْ)
(فمذ حللتَ هُنَاكَ ال ... هُدى انْتمى لجنابكْ)
(وَقَالَ لي إِذْ عَرَتْه ... مهابةٌ من خطابكْ)
(قُلْ للأتابك عنّي ... سبحانَ ربٍّ أَتَى بكْ)
(أقطوان)
3 - (الْأَمِير عَلَاء الدّين المهمندار)
أقطوان الْأَمِير عَلَاء الدّين المهمندار الظَّاهِرِيّ أحد أُمَرَاء الشَّام أَمِير عَاقل دين شُجَاع توفّي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة وَقد نَيف على الْأَرْبَعين وَأوصى بِأَن يصرف ثلث مَاله فِي وُجُوه الْبر حَيْثُمَا يرَاهُ الْوَصِيّ وَكَانَ من غلْمَان الْأَمِير نجم الدّين أَمِير حَاجِب الْملك النَّاصِر
3 - (حَاجِب صفد)
أقطوان الكمالي الْأَمِير عَلَاء الدّين الْحَاجِب بصفد حضر من الكرك إِلَى صفد مشد الدَّوَاوِين ووالى الْوُلَاة لما كَانَ الجوكندار الْكَبِير بهَا نَائِبا ثمَّ أعطي طبلخاناه وَأقَام كَذَلِك مُدَّة ثمَّ أعطي الحجوبية وَبَقِي بهَا مُدَّة ثمَّ أعطي نِيَابَة القلعة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ أُعِيد إِلَى الحجوبية وَكَانَ أَمِيرا كَبِيرا لَهُ برك وعدة كَثِيرَة وَسلَاح وَغَيره من آلَات الإمرة وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي بصفد فِي أَوَائِل سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ قد عرف النَّاس وأحبوه وَكَانَ عديم الشَّرّ سَاكِنا وَكَانَ شكلاً طوَالًا مهيباً أَبيض مشرباً حمرَة وَهُوَ وَالِد الْأَمِير سيف الدّين قرمشي
وَلما توفّي كتبت إِلَى وَلَده الْأَمِير سيف الدّين قرمشي أعزيه من السَّرِيع
(تَعَزّ يَا مولايَ فِي الذاهبِ ... وارضَ بِأَمْر الطَّالِب الغالبِ)
(واصبْر تَنَلْ أجرك فِي فَقده ... فَلَيْسَ من يصبر بالخائبِ)
(قد رَكب الْأَعْنَاق لمّا مضى ... لربّه أفديه من راكبِ)
(وَبَات مَنْدُوبًا لأنّ العُلى ... أمستْ بقلبٍ بَعْدَه واجبِ)
(وفاز لمّا حَاز طيب الثنا ... والذِكر فِي الْحَاضِر والغائبِ)
(بكاه حَتَّى مستهلّ الحيا ... بدمعه المنحدر الساكبِ)
(لم تُرْمَ دون النَّاس من فَقده ... فِيهِ بسهمٍ للرَّدى صائبِ)(9/187)
(بلِ الورى عمّهم رُزْؤه ... وَكم فؤادٍ بعده ذائبِ)
(وَمَا ترى فِي النَّاس غير امرئٍ ... وعينُه تبْكي على الحاجبِ)
وَسَيَأْتِي ذكره وَلَده الْأَمِير سيف الدّين قرمشي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَكَانَهُ من حرف الْقَاف
(الألقاب)
أقعس بن مسلمة الصَّحَابِيّ حَدِيثه عِنْد عبيد الله بن صبرَة بن هَوْذَة عَن الأقعس أَنه جَاءَهُ)
بِالْإِدَاوَةِ الَّتِي بعث بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينضح بهَا مَسْجِد قرَان
أقلب خف عَليّ بن أَحْمد
(آقوش)
3 - (الصَّالِحِي المتنبي)
آقوش القبجاقي الصَّالِحِي النجمي أخرج من خزانَة البنود وَسمر هُوَ وَجَمَاعَة وَكَانَ قد ادّعى النُّبُوَّة فِي رَمَضَان فَلم رَجَعَ السُّلْطَان من الشان استحضره وَسمع كَلَامه وسمره وَسمر مَعَه جمَاعَة مِنْهُم الناصح ضَامِن واحات وَذَلِكَ سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (مبارز الدّين الْحَمَوِيّ)
آقوش الْأَمِير مبازر الدّين المنصوري الْحَمَوِيّ التركي استاذدار صَاحب حماة كَانَ أجل أُمَرَاء حماة وَكَانَ متحكماً فِي دولة أستاذه إِلَى الْغَايَة وَكَانَ مَوْصُوفا بالشجاعة وَالْكَرم ولين الْجَانِب وَلما توفّي أقرّ الْمَنْصُور صَاحب حماة خبزه على أَوْلَاده وَكَانُوا صغَارًا وَكَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (جمال الدّين المحمدي)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين الصَّالِحِي النجمي الْمَعْرُوف بالمحمدي الَّذِي قدم دمشق بشيراً بكسرة التتار على عين جالوت سجنه الظَّاهِر مُدَّة ثمَّ أخرجه وَأَعْطَاهُ خبْزًا توفّي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (النجيبي نَائِب دمشق)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين النجيبي الصَّالِحِي النجمي نَائِب(9/188)
السلطنة بِدِمَشْق أمره مَوْلَاهُ الصَّالح وَجعله أستاذداره وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ ولد فِي حُدُود الْعشْرين وسِتمِائَة وَجعله الظَّاهِر أستاذدار أول دولته ثمَّ نَاب لَهُ بِدِمَشْق تسع سِنِين وَصرف بعز الدّين أيدمر فانتقل إِلَى الْقَاهِرَة وَأقَام بداره بطالاً عالي المكانة وافر الْحُرْمَة وَلما مرض عَاده الْملك السعيد وَكَانَ قد لحقه فالج قبل مَوته بِأَرْبَع سِنِين وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب كثير التحامل على الشِّيعَة لَا يملك نَفسه فِي ذَلِك كثير الصَّدَقَة حسن الِاعْتِقَاد ضخم الشكل جَهورِي الصَّوْت كثير الْأكل لَهُ أوقاف على الْحَرَمَيْنِ توفّي سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة ومدرسته بِدِمَشْق إِلَى جَانب مدرسة نور الدّين الشَّهِيد وَبنى لَهُ بهَا تربةً وَفتح بهَا شباكين إِلَى الطَّرِيق وَلم يقدر دَفنه بهَا ووقف خانكاه ظَاهر)
دمشق بالشرف القبلي وَجعل النّظر لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان
3 - (السِّلَاح دَار)
آقوش الشهابي السِّلَاح دَار أحد أُمَرَاء دمشق أدْركهُ أَجله بحماة سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (البطاح)
آقوش الركني الْأَمِير جمال الدّين الْمَعْرُوف بالبطاح أحد أُمَرَاء دمشق وَهُوَ مَمْلُوك الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الَّذِي كسر الفرنج بِأَرْض غَزَّة وَله عدَّة مماليك مِنْهُم سم الْمَوْت إيغان وعلاء الدّين الْأَعْمَى نزيل الْقُدس توفّي سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي بحلب وَنقل إِلَى حمص فَدفن عِنْد تربة خَالِد
3 - (الشريفي)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين الشريفي وَالِي الْبِلَاد الْقبلية بِالشَّام كَانَ صَارِمًا مهيباً ذَا سطوة وعسف حَتَّى هذب النَّاحِيَة وَمَات سنة سَبْعمِائة
3 - (الشمسي)
آقوش الشمسي الْأَمِير جمال الدّين أحد الْأَبْطَال الْمُسلمين وَهُوَ الَّذِي قتل كتبغا مقدم التتار على عين جالوت وَهُوَ الَّذِي قبض عز الدّين أيدمر الظَّاهِرِيّ نَائِب دمشق وَهُوَ خوشداش الْأَمِير بدر الدّين البيسري وَغَيره من الشمسية مماليك الْأَمِير شمس الدّين سنقر الْأَشْقَر ولي جمال الدّين نِيَابَة حلب فِي سنة ثمانٍ وَسبعين وَتُوفِّي بهَا فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين وسِتمِائَة كهلاً
3 - (الافتخاري)
آقوش الْأَجَل حسام الدّين أَبُو الْحَمد الافتخاري الشبلي رجل جندي متميز مشكور حسن الْخط لَهُ اعتناء بالخطوط المنسوبة وتحصيلها وَحدث قَدِيما مَعَ أستاذه شبْل الدولة كافور الصفوي خزندار قلعة دمشق سمع بِالْقَاهِرَةِ من ابْن رواج والساوي وَجَمَاعَة وَسمع بدمياط النَّاسِخ والمنسوخ للحازمي من الْجلَال الدمياطي وَسمع بِدِمَشْق من ابْن قميرة وَابْن مسلمة وَسمع من الطّلبَة وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة(9/189)
3 - (المطروحي الْحَاجِب)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين المطروحي الْحَاجِب شيخ مليح الشكل مديد الْقَامَة ظَاهر الهيبة كَانَ حاجباً جَلِيلًا عَاقِلا ناهضاً أعطي الطبلخاناه آخر عمره بعد الْوَقْعَة قيل إِن الكسروانيين أباعوه)
للفرنج وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الأفرم)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين الأقرم نَائِب دمشق كَانَ من البرجية تمتّع بِدِمَشْق وَسكن الْقصر الأبلق وَقضى بِهِ الْعَيْش الرغد وَكَانَ خيرا لَا يحب الظُّلم وَلَا يسفك الدَّم وأحبه أهل دمشق وَكَانَ ينادم الشَّيْخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَبدر الدّين ابْن الْعَطَّار وَالْملك الْكَامِل وَغَيرهم من المطابيع المحتشمين وَلم يزل فِي أرغد عيشٍ وأهناه إِلَى أَن تحرّك الْملك النَّاصِر فِي الكرك وخامر أُمَرَاء دمشق وراحوا إِلَى الكرك وَاحِدًا بعد وَاحِد وَبَقِي هُوَ وَحده بِدِمَشْق فَلَمَّا قَارب السُّلْطَان دمشق هرب هُوَ والأمير عَلَاء الدّين ابْن صبح إِلَى الْجَبَل فَلَمَّا قدم السُّلْطَان إِلَى دمشق بعث لَهُ الْأمان فَحَضَرَ إِلَيْهِ وَتوجه مَعَه إِلَى مصر وَخرج مملكاً بصرخذ على عَادَة كتبغا ثمَّ جعل نَائِبا لطرابلس فَلَمَّا هرب قراسنقر لاقاه إِلَى أثْنَاء الطَّرِيق وَدخل مَعَ قراسنقر إِلَى بِلَاد التتار وَأَقْبل عَلَيْهِمَا خربندا
أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ الأفرم من مماليك الْمَنْصُور الْقدَم جركسي الأَصْل وَكَانَ من السلاحدارية وَهُوَ من أكَابِر البرجية وَكَانَ مغرى بالنشاب والعلاج والصراع واللكام والثقاف وتأمر وَهُوَ على هَذَا وَكَانَ محباً للصَّيْد لَا يكَاد يصبر عَنهُ وَكَانَ وَاسع السماط قَلِيل الْعَطاء لَيْسَ لبخلٍ بِهِ وَلَكِن لضيق ذَات يَده كَانَ فَقِيرا لَا يكَاد يملك شَيْئا أَكثر مَا ملك سَبْعَة آلَاف دِينَار وَلما كَانَ بِمصْر أَيَّام الْمَنْصُور كَانَ يتَمَنَّى الْخُرُوج إِلَى الشَّام وتحدث مَعَ بعض الخاصكية فِي هَذَا فعرضوا بِهِ للمنصور فَقَالَ آقوش الأفرم يُرِيد يروح إِلَى الشَّام لَا بُد لَهُ من نِيَابَة الشَّام إِلَّا مَا هُوَ فِي أيامي وَقَالَ حَدثنِي جلال الدّين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بِابْن البيع الْموقع عَن الشهَاب الرُّومِي أَن الأفرم حَدثهُ أَنه قَالَ كَانَ يتَرَدَّد إِلَيّ وَأَنا بِمصْر فَقير مغربي كَانَ فِي القرافة الْكُبْرَى فَقَالَ لَهُ يَوْمًا يَا آقوش إِذا صرت نَائِب الشَّام أيش تُعْطِينِي فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي مَا أَنا قدر هَذَا فَقَالَ لَهُ لابد لَك من هَذَا أيش تُعْطِينِي فَقَالَ يَا سَيِّدي الَّذِي تَقول فَقَالَ تَتَصَدَّق بألفي دِرْهَم ألف عِنْد السيدة نفيسة وَألف عِنْد الشَّافِعِي فَقَالَ يَا سَيِّدي بِسم الله فَضَحِك المغربي وَقَالَ مَا أَظُنك إِلَّا تنساها وَمَا تعود تذكرها إِلَّا إِذا جِئْت هَارِبا إِلَى مصر قَالَ فو الله لقد جعلت كَلَام الْفَقِير ممثلاً بَين عَيْني حَتَّى وليت النِّيَابَة فأنسانيه الله ثمَّ مَا ذكرته حَتَّى دخلت نوبَة غازان إِلَى مصر هَارِبا فَبينا أَنا أَسِير فِي القرافة إِذْ)
مَرَرْت بمَكَان الْفَقِير فَذكرت قَوْله فأحضرت من فوري الدَّرَاهِم وتصدفت بهَا
وَنقل الأفرم من مصر إِلَى الشَّام أَمِيرا قبل النِّيَابَة وَأقَام بهَا مُدَّة طَوِيلَة فِي مجَالِس أنس وَلَهو وطرب يغشى النَّاس ويغشونه فَلَمَّا كَانَت أَيَّام الْعَادِل كتبغا وَتقدم حسام الدّين لاجين وَصَارَ نَائِب(9/190)
مصر اشْتَدَّ عضد الأفرم بِهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا ابْني خالةٍ فَلَمَّا تسلطن لاجين كَانَ الأفرم بِدِمَشْق يكاتبه ثمَّ طلبه إِلَى مصر وَصَارَ حاجباً بِمصْر تِلْكَ الْمدَّة كلهَا يبيت عِنْده وَيُصْبِح بالقلعة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي قتل لاجين فِي عشيته نزل الأفرم تِلْكَ اللَّيْلَة وَبَات بِالْمَدِينَةِ فِي دَاره وَهِي دَار الشريف ابْن ثَعْلَب وَبَات بهَا هُوَ والأمير شرف الدّين حُسَيْن بن حيدر أَخْبرنِي الْأَمِير شرف الدّين قَالَ بَينا نَحن تِلْكَ اللَّيْلَة وَإِذا بِالْبَابِ يطْرق وَقَائِل يَقُول خلوا الْأَمِير يكلم السُّلْطَان وَآخر فِي آخر فِي الْحَث فِي طلبه فهم الأفرم بِفَتْح الْبَاب فَقلت لَهُ تأن على نَفسك فخاطري قد حَدثنِي بِأَمْر وأخشى على السُّلْطَان من أمرٍ حدث فانتبه لنَفسِهِ وَقَالَ مَا الْعَمَل قلت تحيل على من يخرج إِلَى السُّوق ويكشف الْخَبَر فدلينا مَمْلُوكا من السَّطْح فَمَا لبث أَن عَاد إِلَيْنَا بالْخبر فخرجنا على حمية وركبنا وطلعنا إِلَى خيل الأفرم وَكَانَت خَارج الْبَلَد فأخذنا الْخَيل وانعزلنا فِي القليوبية وَاجْتمعَ عَلَيْهِ مملوليكه وَأَصْحَابه واللاجينية وَنشر أَعْلَامه ودق طبلخاناته وَبَقِي ينْتَقل حول بركَة الْحجَّاج إِلَى المرج إِلَى عكرشة إِلَى مَا دون بلبيس وَهُوَ على غَايَة الحذر إِلَى أَن ترددت الرُّسُل بَينه وَبَين أُمَرَاء القلعة وتأكدت الْأَيْمَان بَينهم وهم بالطلوع إِلَى القلعة ثمَّ إِنَّه رد من الثغرة وفل أَكثر من كَانَ مَعَه وَكَاد يُؤْخَذ فَأتى الله بالأمير بدر الدّين بكتاش أَمِير سلَاح والأمراء المجردين بحلب فانضم إِلَيْهِ الأفرم فَكَانَ مَعَه إِلَى أَن قتل كرجي وطغجي وتقدر الْأَمر على طلب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر من الكرك بِإِجْمَاع رَأْي سَبْعَة من الْأُمَرَاء كَانَ الأفرم سادسهم وَكَانَت الْكتب تصدر بخطوط السَّبْعَة وَخط الأفرم السَّادِس فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ الدولة الناصرية جهز الأفرم إِلَى دمشق كالحافظ لَهَا فوصل إِلَيْهَا على الْبَرِيد وَحكم فِيهَا بِغَيْر تقليدٍ مُدَّة انْتهى أَو كَمَا قَالَ
ثمَّ إِن الأفرم سعى لَهَا سعيها فَجَاءَهُ التَّقْلِيد بنيابة دمشق والتشريف وَاسْتمرّ تِلْكَ الْمدَّة إِلَى أَن حضر النَّاصِر من الكرك فِي الْمرة الثَّانِيَة قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَكَانَ هُوَ والجاشنكير متظاهرين لما يجمعهما من البرجية قَالَ حَدثنِي وَالِدي قَالَ دخلت يَوْمًا على الأفرم وَهُوَ فِي بَقِيَّة حديثٍ يتشكى فِيهِ افتيات سلار وبيبرس وَمَا هما فِيهِ والتفت إِلَيّ وَقَالَ يَا فلَان وَالله هَذَا)
بيبرس لما كُنَّا فِي البرج كَانَ يخدمني وَكَانَ يحك رجْلي فِي الْحمام وَيصب عَليّ المَاء وَإِذا رَآنِي وَالله مَا يعْقد إِلَّا إِذا قلت لَهُ اقعد وَأما سلار فَمَا هُوَ منا وَلَا لَهُ قدر أيش أعمل فِي دمشق وَالله لَوْلَا هَذَا الْقصر الأبلق والميدان الْأَخْضَر وَهَذَا النَّهر الْمليح مَا خليتهم يفرحون بِملك بِمصْر ثمَّ قَالَ لي وَالِدي إِنَّه لما تسلطن الجاشنكير عز ذَلِك على الأفرم وَوجد فِي نَفسه لتقدمه عَلَيْهِ ثمَّ رأى أَنه خوشداشه وَأَنه أحب إِلَيْهِ من سلار ثمَّ كَانَ يَقُول وَالله عمِلُوا نحساً كَانَ ابْن أستاذنا وَهُوَ حوله أصلح وَلم يزل على هَذَا حَتَّى تحتم الْأَمر فخاف الْقَتْل فَانْصَرف بكليته إِلَى الجاشنكير
وَكَانَت أَيَّام نيابته ممزقةً فِي الصيود وَرمي النشاب وَالْخلْوَة بِنَفسِهِ وَمَعَ هَذَا لَا يخل بِالْجُلُوسِ للْأَحْكَام والتصدي لمصَالح الْإِسْلَام وَقَضَاء حوائج النَّاس وتحصين الْحُصُون وَتَحْصِيل(9/191)
الحواصل وسد الثغور وملئها بالذخائر والحواصل وعمارتها بالزردخانات والآلات لَا يزَال يتقاضى هَذَا بِنَفسِهِ ويتوكل بِهِ حَتَّى يكون إِلَّا أَنه كَانَ رجلا يسمع كَلَام كل قَائِل وَيبقى أَثَره فِي قلبه إِلَّا أَنه لَا يرتب عَلَيْهِ شرا وَلَا أذيةً وأبلى فِي نوبَة غازان الأولى بلَاء حسنا وَقَاتل قتالاً عَظِيما وَلما وَقعت الْهَزِيمَة على الْمُسلمين وعاث فيهم أهل كسروان أثر ذَلِك فِي قلبه فَلَمَّا عَاد إِلَى دمشق توجه إِلَيْهِم ونازلهم فَلم يحصل مِنْهُم على طائل واشتغل بأراجيف التتار إِلَى أَن فرغوا من نوبَة مرج الصفر فَجعل كسروان دأبه وَكتب إِلَى أسندمر نَائِب طرابلس وَطلب نَائِب صفد وجمعوا الرِّجَال وَأَحَاطُوا بِالْجَبَلِ من كل جِهَة وَتردد الشَّيْخ الْعَلامَة الإِمَام تَقِيّ الدّين بَينهم وَبينهمْ فَلم يفد فيهم فأظهره الله عَلَيْهِم وظفره بهم وكتبت كتب البشائر بذلك وَأحسن مَا وَقع فِيهَا كتاب كتبه الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني افتتحه بقوله تَعَالَى ويسألون عَن الْجبَال فقُلْ يَنْسِفهُا ربّي نَسْفاً ومدح الأفرم فِيهَا بعدة مدائح جمعهَا شمس الدّين الطَّيِّبِيّ هِيَ وَكَثِيرًا مِمَّا كتب فِي هَذِه الْوَاقِعَة وسماها وَاقعَة كسروان
وَلم يزل الأفرم على نيابته فِي أرغد عَيْش وَأعظم تمكن وَتصرف حَتَّى بلغ من أمره أَنه كَانَ يكْتب تواقيه بوظائف كَبِيرَة ويبعثها إِلَى مصر ليعلم السُّلْطَان عَلَيْهَا وكتبت فِي دمشق عَن السُّلْطَان بِالْإِشَارَةِ الْعَالِيَة الأميرية الكافلية الجمالية كافل الشَّام أعزها الله تَعَالَى وشكا إِلَيْهِ ضوء بن صباح أحد قصاد الْخدمَة أَن جامكيته نقصت فَقَالَ من فعل ذَلِك فَقَالَ لَهُ ابْن سعيد الدولة وَكَانَ ابْن سعيد الدولة إِذْ ذَاك مشير الدولة وجليس السُّلْطَان وَمَكَان ثقته وَلَا يعلم)
السُّلْطَان المظفر على شَيْء حَتَّى يكْتب عَلَيْهِ ابْن سعيد الدولة يحْتَاج إِلَى الْخط الشريف فَكتب الأفرم إِلَى ابْن سعيد الدولة هَكَذَا ابْتِدَاء والك يَا ابْن سعيد الدولة مَا أَنْت إِلَّا ابْن تعيس الدولة والك وصلت إِلَى أَنَّك تقطع جوامك القصاد الَّذين هم عين الْإِسْلَام وَمن هَذَا وأشباهه وَالله إِن عدت تعرضت لأحد فِي الشَّام بعثت من يقطع رَأسك وَيَجِيء بِهِ فِي مخلاة وجهز بِهِ مَمْلُوكا من مماليكه على الْبَرِيد قصدا وَأمره أَن يُعْطِيهِ الْكتاب فِي وسط المحفل وَيَقُول لَهُ من نِسْبَة مَا فِي الْكتاب فَفعل ذَلِك فَدخل إِلَى السُّلْطَان وَأرَاهُ الْكتاب فقرأه ثمَّ أطرق زَمَانا وَقَالَ لَهُ أَرض الأفرم وَإِلَّا أَنا وَالله بالبرا مِنْك وَالله إِن عمل مَعَك شَيْئا مَا نقدر ننفعك وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن حضر السُّلْطَان من الكرك وقفز الْأُمَرَاء إِلَى السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وَبَقِي الأفرم وَحده فهرب الأفرم هُوَ وَابْن صبح الْأَمِير عَلَاء الدّين إِلَى شقيف أرنون ثمَّ إِنَّه أَمن فَحَضَرَ إِلَى دمشق فَأكْرمه السُّلْطَان وَأقرهُ على نِيَابَة دمشق فِي الرّكُوب وَالنُّزُول وَالْوُقُوف وَقِرَاءَة الْقَصَص وسافر مَعَه إِلَى مصر على تِلْكَ الْحَال فَلَمَّا اسْتَقر السُّلْطَان على تخت الْملك أعْطى الأفرم صرخذ على عَادَة كتبغا الْعَادِل لما أَخذهَا بعد الْملك وَأخرج سلار إِلَى الشوبك فَجَاءَت الْأَخْبَار إِلَى السُّلْطَان أَن الأفرم وسلار يتراسلان فولى الأفرم نِيَابَة طرابلس وَقَالَ لَهُ لَا تدخل دمشق خشيَة أَن تنشب أَظْفَاره فِيهَا وَيقوم أَهلهَا مَعَه لمحبتهم لَهُ فَتوجه إِلَى طرابلس على مشاريق مرج دمشق وَأقَام بطرابلس وَهُوَ على وَجل فَكَانَ يخرج بعد الْعشَاء مختفياً هُوَ من يَثِق إِلَيْهِ من دَار السلطنة كل لَيْلَة إِلَى مَكَان ينامون فِيهِ بالنوبة وخيلهم مَعَهم وَرُبمَا هوموا على ظُهُور(9/192)
الْخَيل ثمَّ أَتَاهُ مَمْلُوك كَانَ لَهُ بِمصْر وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان رسم لَك بنيابة حلب ورسم أَنَّك تروح إِلَى مصر لتلبس تشريفك وَتَأْخُذ تقليدم وتعود فطار خوفًا وَكَانَ فِي مرج حِين فَأَتَاهُ فِي الْحَال مَمْلُوك صهره أيدمر الزرد كاش يعرفهُ بِأَنَّهُ مَأْخُوذ ويحرضه على الْخُرُوج فَخرج
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين وَحكى لي عماد الدّين إِبْرَاهِيم بن الشهَاب الرُّومِي إِن الأفرم مَا خرج إِلَى مرج حِين إِلَّا بنية الهروب وَقَالَ كنت عِنْده قبل خُرُوجه إِلَى مرج حِين يَوْمًا فَبينا نَحن قعُود نَأْكُل إِذْ جَاءَ إِلَيْهِ مَمْلُوك من مماليك قراسنقر فَسلم عَلَيْهِ ثمَّ قعد فَأكل حَتَّى فَرغْنَا وَخرجت المماليك وَلم يبْق عِنْده إِلَّا الجمدارية للنوبة وَأَنا لَا غير فَتقدم إِلَيْهِ الْمُلُوك وَقَالَ لَهُ أَخُوك يسلم عَلَيْك وَقد بعث لَك معي هَدِيَّة فَقَالَ وَأَيْنَ الْكتاب قَالَ مَا معي كتاب قَالَ فالمشافهة قَالَ مَا معي مشافهة قَالَ إِلَّا أيش قَالَ هَدِيَّة لَا غير قَالَ هَاتِهَا فَخرج خرقَة)
فَحلهَا ثمَّ نَاوَلَهُ تفاحةً ثمَّ نَاوَلَهُ بعْدهَا مئزراً أسود ثمَّ نَاوَلَهُ بعده نصفيةً هَكَذَا على التَّرْتِيب ثمَّ خرج فَقَالَ لَهُ اقعد قَالَ مَا معي دستور بأنني أقعد بعد إِيصَال الْهَدِيَّة فَوَجَمَ الأفرم وساره فِي أُذُنه ثمَّ أعطَاهُ نَفَقَة وسفره لوقته فَلَمَّا خرج قَالَ لي أتعرف أيش هِيَ هَذِه الْهَدِيَّة فَقلت لَا وَالله يَا خوند لَا يكثر الله لَهُ خيرا فَقَالَ أسكت والك بعث يَقُول إِن كنت تُرِيدُ أَنَّك تشم هَوَاء الدُّنْيَا مِثْلَمَا تشم هَذِه التفاحة فأته فِي اللَّيْل الَّذِي هُوَ مثل هَذَا المئزر وَإِلَّا فَهَذِهِ النصفية كفنك قَالَ فعجبت لسرعة فطنة الأفرم لقصده وَمَا رمز عَلَيْهِ وَخرج الأفرم ولاقاه الزردكاش وسارا مَعًا وَعبر الأفرم على مرج الأسل وَبِه الْعَسْكَر الْمصْرِيّ مُجَردا لمَنعه من اللحاق بقرًا سنقر فَلَمَّا أشرف على المرج وَرَأى الْعَسْكَر قَالَ شدوا لي حَماما وَكَانَ حصاناً لَهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فَرَكبهُ وَعَلِيهِ كبر أطلس أَحْمَر وكوفية وَرمحه فِي يَده ثمَّ قَالَ للثقل يكاسرون ويعبرون فَلَمَّا عبروا لم يتَعَرَّض إِلَيْهِم أحد ثمَّ أَمر الطّلب أَن يعبر مفرقاً وَقَالَ لِأَن هَؤُلَاءِ وَمَا أَنا فيهم ظنُّوا أنني فِي الصَّيْد وَمَا الْقَصْد إِلَّا أَنا فَمَا يعارضونهم لِئَلَّا أجفل أَنا فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ لأَنهم عبروا عَلَيْهِم مفرقين وَلم يتَعَرَّضُوا وَلما تعدوهم أقبل هُوَ وَحده وشق العساكر وَلم يفْطن لَهُ أحد وَلَا عرف أَنه الأفرم وَلما خَرجُوا من الْمضيق اجْتَمعُوا وَرفع الْعِصَابَة فَوق رَأسه وَسَار وَلم يتبعهُ أحد وَلما قرب من قراسنقر مَا اجْتمعَا إِلَّا بعد مراسلات عديدة وأيمان ومواثيق لِأَن الأفرم تخيل فِي نَفسه أَن قراسنقر فعل ذَلِك مكيدةً للقبض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ حازماً لَهُ فكرة فِي العواقب وَلما اجْتمعَا سارا فِي الْبَريَّة قَاصِدين مهنا بن عِيسَى وَكَانَ قراسنقر قد ترامى إِلَى مهنا وترامى الأفرم إِلَى أَخِيه مُحَمَّد
قَالَ القَاضِي شهَاب الدّين حكى لي سنجر الْبَيْرُوتِي وَكَانَ أكبر مماليك الأفرم قَالَ لما فارقا أَطْرَاف الْبِلَاد الْتفت الأفرم إِلَى جِهَة الشَّام وَأنْشد من الطَّوِيل
(سيذكرني قومِي إِذا جد جدهم ... وَفِي اللَّيْلَة الظلماء يفتقد البدرُ)
وَبكى فَقَالَ لَهُ قراسنقر روج بِلَا فشار نبكي عَلَيْهِم وَلَا يَبْكُونَ علينا فَقَالَ مَا بِي إِلَّا فِرَاق ابْني مُوسَى فَقَالَ أَي بغاية بصقت فِي رَحمهَا جَاءَ مِنْهَا مُوسَى وَعلي وخليل وَذكر(9/193)
أَسمَاء
قَالَ وَلم ندخل ميافارقين إِلَّا وَقد أملق ونفد مَا كَانَ مَعَه وَمَا كَانَ يقوم بِهِ إِلَّا قراسنقر وألجأتنا الضَّرُورَة إِلَى أنني كنت أحطب والأفرم ينفح النَّار والمماليك ينَام هُنَا وَهنا مَا فيهم من يرحمه وَلَا من ينْفخ النَّار عَنهُ وَيَقُول لي والك ياسنجر تبصر فَأَقُول لَهُ أَبْصرت فيتنهد)
وتترغرغ عَيناهُ بالدموع فَلَمَّا وصلنا إِلَى بيُوت سوتاي أضافنا ضِيَافَة عَظِيمَة وَنصب لنا خيمةً كَبِيرَة كَانَ كسبها من الْمُسلمين وَعَلَيْهَا ألقاب السُّلْطَان الْملك النَّاصِر فَلَمَّا قَامَ الأفرم ليتوضأ قَالَ لي والك يَا سنجر كَيفَ نعاند الْقُدْرَة وَنحن فِي الْمَكَان وَقد خرجنَا من بِلَاده وَهُوَ فَوق رؤوسنا وَإِذا كَانَ الله رَفعه كَيفَ نقدر نَحن نضعه قَالَ سنجر وَمن حِين وصلنا إِلَى بيُوت سوتاي عَاد إِلَيْنَا ناموس الإمرة ومشت المماليك مَعَه على الْعَادة وَأجْرِي علينا من الرَّوَاتِب مَا لم تحتج مَعَه إِلَى شَيْء آخر وَلم نزل كَذَلِك حَتَّى وصلنا الأردو فازداد إكرامنا وتوالى الإنعام علينا وَركب خربندا يَوْمًا وَدَار حَتَّى انْتهى إِلَيْنَا فَوقف وَخرج لَهُ الأفرم وَضرب لَهُ جوكاً وَقدم لَهُ خيلاً بسروجها ولجمها وَأَشْيَاء أخر فقبلها واستدعى بشرابٍ فَشرب مِنْهُ وَأمْسك أياقاً للأفرم فَضرب لَهُ جوكاً وشربه فَأمر لَهُ بِخَمْسِينَ توماناً فقبضناها من خواجا عَليّ شاه ثمَّ أعطَاهُ همذان وقصدته الفداوية مَرَّات وَلم يظفروا بِهِ وقفز عَلَيْهِ مرّة وَاحِد مِنْهُم والأفرم قَاعد وقدامه بيطار ينعل لَهُ فرسا فأمسكه بِيَدِهِ وضمه إِلَى إبطه وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى أخذناه وَقَررهُ ثمَّ قَتله قَالَ وأحضر الْأَطِبَّاء فملأوا فمي زيتاً وأعطوني محاجم وَبقيت أمتص الْجرْح ثمَّ إِنَّهُم عالجوه وَبرئ ثمَّ إِن الأفرم مَاتَ حتف أَنفه بِقَضَاء الله وَقدره بهمذان بعد الْعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بهَا
وَلما كَانَ بصرخذ كتب إِلَيْهِ الشَّيْخ صدر الدّين من دمشق قرين فَاكِهَة وحلوى من الطَّوِيل
(أيا جيرةً بِالْقصرِ كَانَ لَهُم مَغْنى ... رحلتم فَعَاد الْقصر لفظا بِلَا معنى)
(وأظْلمَ لمّا غَابَ نور جماله ... وَقد كَانَ من شمس الضُّحَى نوره أَسْنَى)
(فَلَا تحسبوا أنّ الديار وطيبها ... زمانكمُ لَا وَالَّذِي أذهب الحُسْنا)
(لقد كَانَت الدُّنْيَا بكم فِي اغضارةٍ ... ونُعمْى فَأعمى الله عينا أصابتنا)
(وَلَا رقْت الآصالُ إلاّ صبَابَة ... وَلَا حَرّكتْ ريحْ الصِّبَا طَربا غُصْنا)
(يَعِزُّ عَلَيْهِم بُعدُ داريَ عنهمُ ... وَقد كنتُ مِنْهُم قابَ قوسين أَو أدنى)
(وأنّي أُلَاقِي مَا لقيتُ من الَّذِي ... لقلبيَ قد أصمْى وجسميَ قد أضنى)
(لقد كنتمُ يَا جيرةَ الحيّ رَحْمَة ... أيادكمُ تمحو الْإِسَاءَة بِالْحُسْنَى)
فَجَاءَتْهُ الْهَدِيَّة والأبيات صُحْبَة قاصده وَكَانَ الأفرم قد خرج للصَّيْد فَقَالَ للخازندار كم مَعَك فَقَالَ ألف دِينَار فَقَالَ مَا تَكْفِي الشَّيْخ صدر الدّين يَا صبيان أقرضوني حوائصكم فَأَخذهَا)
وَهِي عشرُون حياصةً وجهزها قرين الدَّرَاهِم إِلَيْهِ وَقَالَ لقاصده سلم على الشَّيْخ وَقل لَهُ من الوافر(9/194)
(على قدر الكِسا مدَّيتُ رِجلي ... وَإِن طَال الكِسا مَدَّيتُ زادهُ)
وَكَانَ رنكه غَايَة فِي الظّرْف وَهُوَ دَائِرَة بَيْضَاء يشقها شطبي أَخْضَر عَلَيْهِ سيف أَحْمَر يمر من الْبيَاض الفوقاني إِلَى الْبيَاض التحتاني على الشطب الْأَخْضَر وَقَالَ الشُّعَرَاء فِيهِ وَمن أحْسنه قَول نجم الدّين هَاشم الشَّافِعِي من الطَّوِيل
(سيوفٌ سَقَاهَا من دِمَاء عُدَاته ... وَأقسم عَن ورد الرَّدى لَا يَرُدُّها)
(وأبرزها فِي أبيضٍ مثل كفِّه ... على أخضرٍ مثل المِسَنِّ يحدُّها)
وَقيل إِن النِّسَاء الخواطئ وغيرهن كن ينقشنه على معاضمهن وفروجهن وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ أهل دمشق يبالغون فِي محبته
3 - (قتال السَّبع)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين المنصوري الْمَعْرُوف بِقِتَال السَّبع توفّي رَحمَه الله فِي سنة عشرٍ وَسَبْعمائة
3 - (جمال الدّين نَائِب الكرك)
آقوش الْأَمِير جمال الدّين الأشرفي نَائِب الكرك كَانَ نَائِب الكرك ثمَّ ولاه السُّلْطَان نِيَابَة دمشق بعد إمْسَاك الْأَمِير سيف الدّين كراي فَأَقَامَ قَلِيلا وعزله بالأمير سيف الدّين تنكز وَتوجه إِلَى مصر وَكَانَ مُعظما إِلَى الْغَايَة يجلس رَأس الميمنة وَيقوم لَهُ السُّلْطَان إِذا دخل ميزةً لَهُ عَن غَيره
وَكَانَ لَا يلبس المفرك وَلَا المصقول وَيتَوَجَّهُ إِلَى الْحمام فِي السحر وَهُوَ حَامِل الطاسة والمئزر ويقلب عَلَيْهِ المَاء وَيخرج وَحده من غير بَابا وَلَا مَمْلُوك فاتفق أَن رَآهُ بعض من يعرفهُ فَأخذ الْحجر وحك رجلَيْهِ وغسله بالسدر وَلم يكلمهُ كلمة وَاحِدَة فَلَمَّا خرج طلبة ورماه وَقَتله وَقَالَ أَنا مَا لي مَمْلُوك مَا عِنْدِي بابية وَمَا لي غلْمَان حَتَّى تتجرى عَليّ
وَعمر جَامعا ظَاهر الحسينية وَكَانَ إِذا توجه إِلَيْهِ عرف النَّاس خلقه فَلَا يدْخل مَعَه أحد من مماليكه وَيخرج قوام الْجَامِع وَلم يبْق مَعَه أحد ويدور هُوَ الْجَامِع وَحده يتفقده ويبصر إِن كَانَ تَحت الْحصْر تُرَاب أَو فِي الْقَنَادِيل تُرَاب فَأَي خلل رَآهُ أحضر الْقيم وضربه فَلَمَّا كَانَ بعض)
الْأَيَّام وَهُوَ بمفرده فِي الْجَامِع الْمَذْكُور لم يشْعر إِلَّا وجندي من أكراد الحسينية قد بسط سفرةً وقصعة لين ورقاق فِي وَسطهَا وَقَالَ بِسم الله فَالْتَفت إِلَيْهِ وَقَالَ من أعلمك بِي أَو دلك عَليّ قَالَ وَالله وَلَا أحد فَطلب مماليكه وَأكل وَأمر لَهُ بستمائة دِرْهَم فاتفق أَن أَتَاهُ كردِي آخر فِي الْجَامِع بعد ذَلِك بِمثل ذَلِك فَرَمَاهُ وضربه سِتّمائَة عَصا وَكَانَ قد اتخذ لَهُ صُورَة معيد فِي الْجَبَل الْأَحْمَر يتَوَجَّه إِلَيْهِ ينْفَرد فِيهِ وَحده يَوْمَيْنِ وَأكْثر وَأَقل وَرُبمَا وَاعد الْغُلَام أَن يَأْتِي إِلَيْهِ بالمركوب فِي وقتٍ ثمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَأْخُذ ذيله على كتفه وَيدخل إِلَى دَاره دَاخل الْقَاهِرَة مَاشِيا
وَيُقَال إِنَّه كَانَ هُنَاكَ يحضر طلبا للمطالب رَأَيْت بِدِمَشْق(9/195)
فَقِيرا يعرف بجفال أخبرنَا بذلك قَالَ أَقمت عِنْده فِي ذَلِك الْمَكَان أحضر كل يَوْم بدرهم وَنصف عشرَة أَعْوَام أَو أَكثر
وَأما جوده فَكَانَ غَايَة كل من يَمُوت لَهُ فرس من أجناده أَو مماليكه يحضر كفله إِلَى المطبخ وَيصرف لَهُ من الدِّيوَان سِتّمائَة دِرْهَم وَإِذا جرد إِلَى مَكَان لَا يزَال طلبه جَمِيعًا يَأْكُلُون على سماطه ويعلقون على خيلهم من عِنْده من يَوْم خُرُوجهمْ من الْقَاهِرَة إِلَى يَوْم دُخُولهَا وَكَانَ السماط الَّذِي يمده فِي الْعِيد نَظِير سماط السُّلْطَان وولاه نظر البيمارستان المنصوري بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يدْخل فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى المجانين ويدخلهم الْحمام ويكسوهم قماشاً جَدِيدا وأحضر لَهُم يَوْمًا جمَاعَة الجوالقية فغنوا لَهُم بالكف ورقص المجانين وَكَانَ يبر المباشرين الَّذين بِهِ بِالذَّهَب من عِنْده ويطلع فِي اللَّيْل قبل التَّسْبِيح المأذنة وَكَانَ للمارستان بِهِ صُورَة عَظِيمَة أملاكه مُحْتَرمَة معظمة لَا يرْمى على سكانها شَيْء وَلَا يتَعَرَّض إِلَيْهِم أحد بأذية
أخرجه السُّلْطَان أول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة إِلَى نِيَابَة طرابلس فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة وَبَالغ فِي طلب الْإِقَالَة وَأَن يكون مُقيما بالقدس فرسم لَهُ بالحضور إِلَى دمشق وَخرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز وتلقاه وَعمل لَهُ سماطاً فِي دَار السَّعَادَة وَحضر الْأُمَرَاء فأمسكوه على السماط وأودع الاعتقال فِي قلعة دمشق فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ جهز إِلَى قلعة صفد وَحبس بهَا فِي برج فَدخل إِلَيْهِ بعض أَهلهَا فَقَالَ يَا خوند مَا تلبث هُنَا إِلَّا يَسِيرا وَتخرج مِنْهُ لِأَنَّك دخلت فِي برج مُنْقَلب فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام أَخْرجُوهُ مِنْهُ إِلَى غَيره فَقَالَ لأي شَيْء قَالُوا لَهُ يَا خوند البرج قد انْشَقَّ وَتخَاف أَن يَقع عَلَيْك فَقَالَ صدق ذَلِك الْقَائِل كَانَ البرج يَنْقَلِب عَليّ
وَكَانَ لَهُ أَشْيَاء غَرِيبَة فِيمَا يُوقع بقلمه على الْقَصَص كتب إِلَيْهِ إِنْسَان وَهُوَ بِدِمَشْق نَائِب الْمَمْلُوك يسْأَل الْحُضُور بَين يَدي مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء فَوَقع على جَانبهَا الِاجْتِمَاع مُقَدّر)
وَكتب إِلَيْهِ بعض من كَانَ بهَا مليحاً يطْلب إقطاعاً فَوَقع لَهُ من كَانَ يَوْمه بِخَمْسِينَ وَلَيْلَته بِمِائَة مَا لَهُ حَاجَة بالجندية وَكتب إِلَيْهِ إِنْسَان وَهُوَ بالكرك إِن هَؤُلَاءِ الصّبيان قد كثرت أذيتهم للمملوك وَهُوَ يسْأَل كفهم عَنهُ فَوَقع لَهُ إِن لم تصبر على أَذَى أَوْلَادهم وَإِلَّا فَاخْرُج من بِلَادهمْ وَوَقع لآخر كَانَت قد جرت لَهُ فِي اللَّيْل كائنة قد أحصيناك وَإِن عدت إِلَى مثلهَا أخصيناك وَقَالَ للأمير سيف الدّين تنكز لما أمْسكهُ أما أَنا فقد أَمْسَكت وَلَكِن خُذ أَنْت حذرك مِنْهُ وأقان فِي اعتقال قلعة صفد يَسِيرا ثمَّ رسم بتجهيزه إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَأَقَامَ بهَا قَلِيلا وَكَانَ فِي رَأسه سلْعَة فَطلب قطعهَا وشاوروا السُّلْطَان على قطعهَا فرسم لَهُ بذلك فقطعوها فَمَاتَ فِي الاعتقال بالإسكندرية فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن
وَكَانَ يضْرب الْألف عَصا وَأكْثر وَمَات تَحت ضربه جمَاعَة مِنْهُم بازدار من بازدارية السُّلْطَان رَآهُ وَهُوَ يسير برا بَاب اللوق وَقد شتم سقاء كَانَ عِنْده وَشتم أستاذه فأمسكه وأحضره إِلَى الْبَيْت الَّذِي لَهُ وضربه أَكثر من ألف وَقَالَ والك أَنْت وإياه تخاصمتما أَنا أيش كنت(9/196)
فَمَاتَ بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَكَانَت إِحْدَى الذُّنُوب الَّتِي عَداهَا عَلَيْهِ السُّلْطَان وَمِنْهَا أَنه قتل جَارِيَة السُّلْطَان امْرَأَة بكتمر الْحَاجِب بِسَبَب الْمِيرَاث لِأَن ابْنَته كَانَت زَوْجَة بكتمر أَيْضا فضربها سِتّمائَة عَصا وَأَشْيَاء غير ذَلِك وَلما رسم السُّلْطَان للأمير سيف الدّين تنكز بنيابة دمشق جَاءَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ رسم بِكَذَا فَقَالَ لَهُ إِن أردْت أَن تقيم بهَا نَائِبا سنة فَأَنت تفعل مَا أَقُول لَك لِأَنَّك يتلقاك أهل غَزَّة إِلَى قطيا بالفاكهة والحلوى والخيول والتقادم فَإِذا وصلت إِلَى غَزَّة جَاءَك أهل دمشق بالتقادم إِلَيْهَا فَإِذا دخلت إِلَى دمشق جَاءُوا إِلَيْك وَقَالُوا لَك هَذَا الصاحب عز الدّين ابْن القلانسي محتشم كَبِير وَرَئِيس دمشق وَالسُّلْطَان وَغَيره يقبل تقادمه وهداياه وَقد عمل ضِيَافَة وجهزها إِلَيْك فتأخذها فَيَجِيء إِلَيْك غَيره وَيَقُول يَا خوند ينكسر خاطري لكونك مَا جبرتاني مثل فلَان فَتقبل مِنْهُ فَيقدم لَك الْخُيُول وَغَيرهَا وتنحل الإقطاعات والإمرة والوظائف فَيَأْتُونَ إِلَيْك بِالذَّهَب فتأخذ فَيبلغ الْخَبَر أستاذك فَأكْثر مَا يصبر عَلَيْك سنة ويعزلك وَإِن أردْت أَن تكون نَائِبا طول عمر أستاذك فَأَنت مَا تَأْخُذ من أحدٍ شَيْئا أبدا وَجَمِيع مَا تَأْخُذهُ فِي السّنة مَا يكون خمسين ألف دِينَار وأستاذك ينعم عَلَيْك فِي السّنة بِأَكْثَرَ من مائَة ألف دِينَار ويبلغ أستاذك خبرك فتطول مدتك فَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول مَا خلاني نَائِبا هَذِه الْمدَّة كلهَا إِلَّا الْأَمِير جمال الدّين)
3 - (جمال الدّين البيسري)
آقوش البيسري جمال الدّين أحد الأجناد بطرابلس قَارب الْمِائَة سنة وَله شعر وملح ونوادر
قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام من أَنْشدني من الْبَسِيط
(لمّا بدا كقضيب البان منعطفاً ... وَكَانَ يُشتمُّ ريحُ الْمسك من فيهِ)
(فقلتُ يَا لائماتي انظرْن وَاحِدَة ... فذلّكنّ الَّذِي لُمتْنُني فِيهِ)
قَالَ فحفظتهما ونظمت من الْبَسِيط
(لامتْ نساءُ زَرودٍ فِي هوى قمرٍ ... كلّ الملاحة جزءٌ من مَعَانِيه)
(وقلنَ لمّا تبدّا لَيْسَ ذَا بَشراً ... فَقلت هَذَا الَّذِي لُمتْنُني فِيهِ)
3 - (الشبلي)
آقوش بن عبد الله جمال الدّين الشبلي الشَّافِعِي سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَأَجَازَ لي فِي سنة تسعٍ وَعشْرين وَسَبْعمائة بِخَطِّهِ بِدِمَشْق وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
(الألقاب)
الأقيشر اسْمه الْمُغيرَة بن عبد الله يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْمِيم فِي مَكَانَهُ(9/197)
الأكار الزَّاهِد أَحْمد بن جَعْفَر
الإكاف اسْمه ثَعْلَب بن مَذْكُور
الأكال مُحَمَّد بن خَلِيل
(أكثل الصَّحَابِيّ)
أَكْتَل بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْكَاف وَفتح التَّاء ثَالِثَة الْحُرُوف وَبعدهَا لَام ابْن شماخ يَنْتَهِي إِلَى أذ ابْن طابخة شهد الجسر مَعَ أبي عبيد وَأسر مردان شاه وَضرب عُنُقه وَشهد الْقَادِسِيَّة وَله فِيهَا آثَار محمودة وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ كَانَ عَليّ بن أبي طَالب إِذا نظر إِلَيْهِ قَالَ من أحب أَن ينظر إِلَى الصبيح الفصيح فَلْينْظر إِلَى أَكْتَل بن شماخ وَهُوَ مَعْدُود فِي الصَّحَابَة رضى الله عَنهُ
وَكَانَت وقْعَة أبي عبيد ابْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ مَعَ الْفرس فِي أول ولَايَة عمر بن الْخطاب سنة ثَلَاث عشرَة وَهُوَ أول بعثٍ بَعثه عمر وَذَلِكَ فِي مملكة بوران
(أَكْثَم)
3 - (أَكْثَم بن الجون)
أَو ابْن أبي الجون الْخُزَاعِيّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأكثم بن الجون يَا أَكْثَم رَأَيْت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه فِي النَّار وَمَا رَأَيْت من رجلٍ أشبه برجلٍ مِنْك بِهِ وَلَا بِهِ مِنْك قَالَ أَكْثَم أيضرني شبهه يَا رَسُول الله قَالَ لَا إِنَّك مُؤمن وَهُوَ كَافِر وَإنَّهُ كَانَ أول من غير دين إِسْمَاعِيل فنصب الْأَوْثَان وسيب السائبة وبحر الْبحيرَة وَوصل الوصيلة وَحمى الحامي وَرُوِيَ عَن أَكْثَم قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم يَا أَكْثَم بن الجون اغز مَعَ قَوْمك يحسن خلقك وتكرم على رفقائك وَقد رُوِيَ اغز مَعَ غير قَوْمك
3 - (الْأَسدي)
أَكْثَم بن أَحْمد بن حَيَّان بن بشر بن الْمخَارِق الْأَسدي كَانَ أحد الشُّهُود المعدلين بِبَغْدَاد وَولي وَلَده عمر بن أَكْثَم الْقَضَاء بِبَغْدَاد وَكَذَلِكَ حَيَّان بن بشر وَكَانَ من أهل أَصْبَهَان وَولي قضاءها لِلْمَأْمُونِ ثمَّ قدم بَغْدَاد واستوطنها وَولي قضاءها للمتوكل وَكَانَ من أَصْحَاب أبي حنيفَة
وَتُوفِّي أَكْثَم سنة تسع وثلاثمائة(9/198)
3 - (ابْن صَيْفِي)
أَكْثَم بن صَيْفِي بن ريَاح بن الْحَارِث يَنْتَهِي إِلَى عَمْرو بن تيم عمر دهراً طَويلا أدْرك الْإِسْلَام ذكره ابْن أبي طَاهِر فِي شعراء تَمِيم وروى لَهُ الْغلابِي عَن ابْن عَائِشَة عَن أَبِيه من الطَّوِيل)
(إنّ امْرَءًا قد عَاشَ تسعين حجَّة ... إِلَى مائةٍ لم يسأم العيشَ جاهلُ)
(أَتَت مِائَتَان غير عشرٍ وفاؤها ... وَذَلِكَ من مرّ اللَّيَالِي قلائلُ)
ويروى أَن أَكْثَم قصد النُّعْمَان بن الْمُنْذر مَعَ جمَاعَة من قومه فِي إِطْلَاق أُسَارَى بني تَمِيم فحجبهم مُدَّة فَقَالَ أَكْثَم من الوافر
(لَبِيثٌ بالقطانة نصفَ حول ... وبالغادين حولا مَا تريمُ)
(وآسانا على مَا كَانَ أوسٌ ... وبعضُ الحيّ مَلْحِيٌّ ذميمُ)
يَعْنِي أَوْس بن حجر لِأَنَّهُ أَقَامَ مَعَه وَانْصَرف غَيره فَلَمَّا صَار إِلَى بَاب النُّعْمَان وَكَانَ حَاجِبه رجل من الْعَرَب يُقَال لَهُ حمل بن مَالك بن أهبان فَأخذ أَكْثَم الْحلقَة ثمَّ ناداه من الرجز
(يَا حَمَلَ بن مَالك بن أُهبانْ ... هَل تُبلِغنّ مَا أقولُ النعمانْ)
(أهلكتنا بِالْحَبْسِ بعد الحِرمْانْ ... من بَين عانٍ جائعٍ وعطشان)
وَذَاكَ من شرّ حبِاء الضِّيفانْ فأوصله النُّعْمَان وَقضى حَاجته
قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يَصح إِسْلَام أَكْثَم بن صَيْفِي وَقد ذكره أَبُو عَليّ ابْن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة فَلم يصنع شَيْئا والْحَدِيث الَّذِي ذكره فِي ذَلِك هُوَ أَن قَالَ لما بلغ أَكْثَم بن صَيْفِي مخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يَأْتِيهِ فَأبى قومه أَن يَدعُوهُ قَالُوا أَنْت كَبِيرنَا لم تكن لتخف إِلَيْهِ قَالَ فليأت من يبلغهُ عني ويبلغني عَنهُ قَالَ فَانْتدبَ رجلَانِ فَأتيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا نَحن رسل أَكْثَم بن صَيْفِي وَهُوَ يَسْأَلك من أَنْت وَمَا أَنْت وَبِمَ جِئْت فَقَالَ أَنا مُحَمَّد بن عبد الله وَأَنا عبد الله وَرَسُوله ثمَّ تَلا عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة إنّ اللهَ يأمُرُ بالعَدْلِ والإحْسانِ الْآيَة فَأتيَا أَكْثَم فَقَالَا أَبى أَن يرفع نسبه فسألنا عَن نسبه فوجدناه زاكي النّسَب واسطاً فِي مُضر وَقد رمى إِلَيْنَا كَلِمَات وَقد حفظناهن فَلَمَّا سمععهن أَكْثَم قَالَ أَي قوم أرَاهُ يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وَينْهى عَن ملامها فكونوا فِي هَذَا الْأَمر رُؤَسَاء وَلَا تَكُونُوا فِيهِ أذناباً وَكُونُوا فِيهِ أَولا وَلَا تَكُونُوا فِيهِ آخرا فَلم يلبث أَن حَضرته الْوَفَاة فَقَالَ أوصيكم بتقوى الله وصلَة الرَّحِم فَإِنَّهُمَا لَا يبْلى عَلَيْهِمَا أصل وَذكر الحَدِيث إِلَى آخِره قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَر شَيْء يدل على إِسْلَامه بل فِيهِ بَيَان وَاضح أَنه إِذْ أَتَاهُ الرّجلَانِ وأخبراه بِمَا قَالَ فَلم يلبث أَن مَاتَ وَمثل هَذَا لَا يجوز إِدْخَاله فِي الصَّحَابَة)(9/199)
(الأكرم)
3 - (الأكرم بن عبد الْوَاحِد بن هُبَيْرَة)
أَبُو الْعَبَّاس ابْن أبي الرِّضَا ابْن أخي الْوَزير أبي المظفر كَانَ لَهُ معرفَة بالأدب وَيَقُول الشّعْر
ذكره الْعِمَاد الْكَاتِب فِي الخريدة قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب إِلَيّ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الغزنوي نزيل مصر ونقلته من خطه قَالَ حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس الأكرم قَالَ اجْتمعت أَنا وَشرف الدّين أَبُو الْبَدْر ظفر ابْن الْوَزير أبي المظفر بن هُبَيْرَة والأستاذ مُفْلِح فِي ليلةٍ وَالْقَمَر يغطيه السَّحَاب تَارَة وينكشف عَنهُ أُخْرَى فَقَالَ شرف الدّين ليقل كل واحدٍ مِنْكُم فِي تغطيته وانكشافه شعرًا فَقَالَ الْأُسْتَاذ مُفْلِح من الْبَسِيط
(كأنّما الْبَدْر حِين يَبْدُو ... لنا ويستحجب السحابا)
(خريدةٌ من بني هلالٍ ... لاثتْ على وَجههَا نقابا)
وَقَالَ شرف الدّين من الْبَسِيط
(إِذا تطلّع بدر التمِّ من فُرَجٍ ... بَين السَّحَاب وَغَارَتْ حوله الشُّهُبُ)
(تَخالُه مِن رثيثٍ فِي مُلاءته ... خرقاء تسِفر أَحْيَانًا وتنتقب)
وَقلت من الْكَامِل
(وكأنّ هَذَا الْبَدْر حِين تُظلّه ... سحبٌ فيخفى تَارَة ويؤوبُ)
(حسناءُ تبدو من خلال سجوفها ... طوراً فَنظر نَحْوهَا فتغيبُ)
3 - (كريم الدّين الصَّغِير)
أكْرم الصَّغِير هُوَ القَاضِي كريم الدّين الصَّغِير نَاظر الدولة بالديار المصرية كَانَ فِي الْجَيْش أَولا وَلما جَاءَ الْملك النَّاصِر من الكرك وَولي خَاله القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير نظر الْخَاص تولى هُوَ نظر الدولة وَكَانَ متصرفاً نَافِذا وكاتباً ضابطاً ذَا مهابة وبطش وسطوة على الْكتاب وَغَيرهم شَدِيد الانتقام لَا يحابي أحدا وَلَا يحاشيه وَلَا يدع أحدا من الْكتاب وَلَا من غَيرهم يلْتَمس شَيْئا قل وَلَا جلّ يحب الْكَاتِب الْأمين وَيزِيد معلومه وينقله من شغلٍ إِلَى أكبر مِنْهُ
وَكَانَ إِذا حضر مجْلِس خَاله كريم الدّين الْكَبِير يكون وَاقِفًا على قَدَمَيْهِ يرفع قدماً وَيَضَع آخر وكل من لَا يُمكنهُ الْجُلُوس فِي دسته يكون فِي مجْلِس خَاله قَاعِدا وَهُوَ قَائِم فَإِذا كَانَ فِي دسته ومجلسه وقف النَّاس وهابوه وعظموه وَحكى لي غير وَاحِد أَن أُمَرَاء العشرات وَمن فَوْقهم)
من أُمَرَاء الطبلخانات يزدحمون فِي الْمَشْي قدامه ويقعون زحاماً وَيُقَال إِن الْملك النَّاصِر لما كَانَ بالكرك قَالَ أَنا أَعُود إِلَى مَكَان يكون فِيهِ أكْرم الصَّغِير يضْرب الْجند بالدبابيس وأشفع فيهم مَا يقبل شَفَاعَتِي وَكَانَ يضْرب النَّاس وقوفاً على أَلْوَاح أكتافهم فَإِذا مَال إِلَى قُدَّام ضَربهمْ على صدرهم وسمى هَذَا المقترح وَلَكِن عفته عَن مَال السُّلْطَان(9/200)
مفرطة إِلَى الْغَايَة وتشدده على من يخون خَارج عَن الْحَد حُكيَ لي أَنه جَاءَ إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب وَهُوَ مَا هُوَ فِي الوجاهة وَالْعَظَمَة عِنْد السُّلْطَان فَقَامَ لتلقيه وَجلسَ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ ارسم يَا خوند فَقَالَ هَذَا الْكَاتِب تشفعني فِيهِ وتستخدمه فِي الْجِهَة الْفُلَانِيَّة فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة كم فِي هَذِه الْوَظِيفَة مَعْلُوم فَقَالَ الْكَاتِب مائَة وَخَمْسُونَ درهما وَثَلَاثَة أرادب قمحاً فَقَالَ للصيرفي اصرف إِلَى هَذَا فِي كل شهر هَذَا الْمبلغ وَيَجِيء إِلَى الشونة فِي كل شهر يَأْخُذ هَذِه الأرادب
فَقَالَ الْكَاتِب مَا أُرِيد إِلَّا هَذِه الْوَظِيفَة فَقَالَ كريم الدّين للأمير حَتَّى تعرف يَا خوند أَنه لص وَمَا يُرِيد الْمَعْلُوم مَا يُرِيد إِلَّا أَن يسرق فاستحيى الْأَمِير وَمضى
وَلما أمسك كريم الدّين الْكَبِير أمسك وَكَاد الْعَوام وَالنَّاس يقتلونه وَأثبت الْقُضَاة فِيهِ محَاضِر مِنْهَا مَا هُوَ بالْكفْر وَمِنْهَا مَا هُوَ بقتل النُّفُوس فَرَأى السُّلْطَان أَنه مقتول لَا محَالة فَقَالَ إِذا قتلتم هَذَا من أَيْن آخذ أَنا مَالِي اصْبِرُوا إِلَى أَن نَأْخُذ المَال مِنْهُ ثمَّ سلمه إِلَى الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي وَبَقِي عِنْده مديدة ثمَّ أخرج إِلَى صفد نَاظرا فجَاء إِلَيْهَا وضبطها وَحصل أموالها ثمَّ إِنَّه ورد المرسوم من مصر باعتقاله فاحتيط على موجوده ثمَّ طلب إِلَى مصر فَأَقَامَ مديدةً وَأخرج إِلَى دمشق عوضاُ من الصاحب شمس الدّين فكرهه الْأَمِير سيف الدّين تنكز أول حُضُوره لما كَانَ يبلغهُ عَنهُ فَلَمَّا بَاشر وَرَأى عفته وَحسن مُبَاشَرَته وتنفيذه أحبه وَمَال إِلَيْهِ وَمَال إِلَيْهِ ميلًا كلياً ثمَّ طلب إِلَى مصر فخاف أعداؤه وَعمِلُوا عَلَيْهِ وبطلوا مَا كَانَ تقرر فِي أمره ورموه بِكُل داهية فَأَقَامَ فِي بَيته بطالاً وَخرج عَلَيْهِ لَيْلَة وَهُوَ خَارج من الْحمام رَاكب فرسه جماعةٌ بسيوف ليقتلوه فَضرب بدبوسه جماعةُ مِنْهُم وصدمهم بفرسه وخلص مِنْهُم بكتفه ثمَّ عمل عَلَيْهِ ورسم بتجهيزه إِلَى أسوان وجهز فِي الْبَحْر وغرق فِي النّيل سرا
وَكَانَ غزير الْمُرُوءَة إِذا قَامَ مَعَ أحد تعصباً مَا يرجع عَنهُ وَلَا ينثني وَأَطْعَمته فاخرة وَنَفسه على الطَّعَام وَاسِعَة وَكَانَ فَقده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة أواخرها تَقْرِيبًا
(الألقاب)
)
ابْن الْأَكْفَانِيِّ الْحَكِيم شمس الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن ساعد
ابْن الْأَكْفَانِيِّ هبة الله بن أَحْمد
ابْن الْأَكْفَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد عبد الله بن مُحَمَّد
الْأَكْفَانِيِّ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
الْأَكْمَل وَزِير الْحَافِظ اسْمه أَحْمد بن شاهنشاه(9/201)
(الأكوز الْأَمِير سيف الدّين الناصري)
كَانَ جمداراً وَأمره أستاذه وَكَانَ يتَحَقَّق أَمَانَته فَجعله مشد الدَّوَاوِين فَعمل الشد أعظم من الوزارة وتنوع فِي عَذَاب المصادرين من الْكتاب وَغَيرهم وَقتل بالمقارع وأحمى الطاسات وألبسها النَّاس وأحمى الدسوت وأجلسهم عَلَيْهَا وَضرب الْأَوْتَاد فِي الآذان ودق الْقصب تَحت الأظافير وَبلغ شدد وَجَاء لولو غُلَام فندش فأقامه السُّلْطَان مَعَه فاتفقا على عِقَاب النَّاس وَزَاد الْبلَاء فِي أيامهما على الْكتاب وعَلى النَّاس وسكنت رَوْعَته ومهابته فِي الْقُلُوب وَكَانَ الْكَاتِب يدْخل إِلَيْهِ وَهُوَ ميت وقاسي النَّاس مِنْهُ الْبلَاء الْعَظِيم وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن غضب يَوْمًا على لولو الْمَذْكُور فَأخذ الْعَصَا وضربه إِلَى أَن هرب من قدامه وَهُوَ خَلفه إِلَى بَاب القلعة البراني وَخرب شاشه فِي رقبته فَدخل لولو على النشو وعَلى قوصون وبذل المَال فاتفق أَن كَانَ الغلاء سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يَا الأكوز لَا تدع أحدا يَبِيع الإردب بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ درهما وَانْزِلْ إِلَى شون الْأُمَرَاء وألزمهم بذلك فَأول مَا نزل إِلَى شونة قوصون وَأمْسك السمسار الَّذِي لَهُ وضربه بالمقارع وأخرق بالأستاذدار فطلع إِلَى قوصون وشكا حَاله إِلَيْهِ فَطَلَبه وَأنكر عَلَيْهِ فأساء عَلَيْهِ الرَّد فَدخل إِلَى السُّلْطَان فأخرق السُّلْطَان بقوصون فأكمنها لَهُ وَعمل عَلَيْهِ هُوَ والنشو وَلم يَزَالَا عَلَيْهِ إِلَى أَن غضب عَلَيْهِ السُّلْطَان ورماه قد امهِ وضربه بِالْعِصِيِّ ورسم عَلَيْهِ أَيَّامًا ثمَّ أخرجه إِلَى دمشق أَمِيرا فوصل إِلَيْهَا وَأقَام بهَا قَلِيلا وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا
حكى لي القَاضِي ضِيَاء الدّين ابْن خطيب بَيت الْآبَار قبل إمْسَاك الأكوز بأَرْبعَة أشهر أَو مَا يقاربها أَن بعض الْمَشَايِخ حَدثهُ أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَهُوَ جَالس فِي صدر الإيوان وَالسُّلْطَان أَمَامه وَاقِفًا على رَأس الدرج وَهُوَ يُنكر عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُ مَا هَؤُلَاءِ الظلمَة الَّذين أقمتهم فَقَالَ يَا رَسُول الله من هم ثمَّ توجه وَغَابَ قَلِيلا وأتى بالأكوز فَقَالَ)
اذبحه فاتكاه وَأخذ يذبحه فَقَالَ لَهُ خله الْآن فَمَا كَانَ بعد أَرْبَعَة أشهر حَتَّى غضب عَلَيْهِ وَجرى مَا جرى
(أكيدر صَاحب دومة الجندل)
أكيدر بن عبد الْملك الْكِنْدِيّ صَاحب دومة الجندل أُتِي بِهِ إِلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام تَبُوك فَأسلم وَقيل بَقِي على نصرانيته وَصَالَحَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويحنه بن رؤبة على دومة وتبوك وأيلة وَقيل أسلم ثمَّ ارْتَدَّ إِلَى النَّصْرَانِيَّة لما قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج من دومة الجندل فلحق بِالْحيرَةِ وابتنى بهَا بِنَاء سَمَّاهُ دومة بدومة الجندل فَكتب أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد وَهُوَ بِعَين التَّمْر يَأْمُرهُ أَن يسير إِلَى أكيدر فَسَار إِلَيْهِ فَقتله وَفتح دومة ثمَّ مضى إِلَى الشَّام ذكر ذَلِك ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق(9/202)
(ألب أرسلان صَاحب حلب)
ألب رسْلَان ابْن السُّلْطَان رضوَان ابْن السُّلْطَان تتش ابْن ألب رسْلَان التركي ولي إمرة حلب بعد أَبِيه وَله سِتّ عشرَة سنة وَولي تَدْبِير ملكه البابا لُؤْلُؤ فَقتل أَخَوَيْهِ ملكشاه ومباركاً وَجَمَاعَة من الباطنية والقرامطة وَقدم دمشق فَتَلقاهُ طغتكين والأعيان وأنزلوه القلعة وَعَاد إِلَى حلب وطغتكين فِي خدمته فَلم ير مَا يحب ففارقه ثمَّ إِنَّه ساءت سيرته بحلب وانهمك على الْمعاصِي واغتصاب الْحرم وخافه البابا لُؤْلُؤ فَقتله وَنصب أَخا لَهُ طفْلا عمره سِتّ سِنِين ثمَّ قتل لُؤْلُؤ ببالس وَكَانَت قتلة ألب رسْلَان سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة
(ألبقش السلاحي)
كَانَ أَمِيرا كَبِيرا نَاب عَن السُّلْطَان فِي المملكة ثمَّ توهم مِنْهُ فَقبض عَلَيْهِ وحبسه بقلعة تكريت ثمَّ أَمر بقتْله فَعرف نَفسه فَأخْرج من المَاء وحز رَأسه وَحمل إِلَيْهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
(ألبكي)
3 - (الْأَمِير فَارس الدّين)
ألبكي الْأَمِير فَارس الدّين التركي الظَّاهِرِيّ من كبار الْأُمَرَاء وشجعانهم كَانَ فِي السجْن ويطلبه الْملك الْمَنْصُور ثمَّ يُعِيدهُ ثمَّ أخرجه وولاه نِيَابَة صفد فَأَقَامَ بهَا عشرَة أَعْوَام وَكَانَ كلما ركب وَنزل حل جمداره شاشه وَجعله فِي الكلوتة فَإِذا أَرَادَ الرّكُوب لفه بِيَدِهِ مرّة وَاحِدَة
وَكَانَ مليح الشكل لَيْسَ فِي خَدّه نَبَات كثير الْآدَاب يَحْكِي عَنهُ الشَّيْخ نجم الدّين ابْن الْكَمَال الصَّفَدِي رياسةً كَثِيرَة وَكَانَ ينادمه إِلَى نصف اللَّيْل قَالَ وَلم أره بِلَا خف قطّ وَلم يبد رجله وَلَا يكشفها وَلما غضب الْأَشْرَف على حسام الدّين لاجين جهزة إِلَى صفد من عكا فَأخذ المقرعة وضربه على كتفه وَقَالَ لَهُ مَا تمشي إِلَّا خواتيني وَأخذ جوخةً كَانَت مَعَه وطرطوراً ضمن بقجة وَضرب الدَّهْر ضربانه فَلَمَّا تسلطن حسام الدّين جهز إِلَيْهِ يَقُول لَهُ احتفظ بالبقجة والجوخة والطرطور ففر من حمص هُوَ والأمير سيف الدّين قبجق وبكتمر السِّلَاح دَار وتوجهوا إِلَى قازان لما علمُوا بِإِسْلَامِهِ فَبَالغ فِي إكرامهم وَزوج الْأَمِير فَارس الدّين ألبكي بأخته فَكَانَ يَحْكِي عَنْهَا وَيَقُول هِيَ مثل هَذِه الشَّمْس ثمَّ جَاءُوا مَعَ قازان إِلَى الشَّام وَلما عَاد قازان تَأَخَّرُوا فَأعْطِي الْأَمِير فَارس الدّين نِيَابَة حمص وَتُوفِّي بهَا فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة
3 - (نَائِب غَزَّة)
ألبكي الْأَمِير فَارس الدّين ابْن أخي الْأَمِير سيف الدّين الْملك النَّائِب لما توفّي الْأَمِير سيف الدّين دلنجي نَائِب غَزَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة عين مَكَانَهُ الْأَمِير فَارس الدّين الْمَذْكُور فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا نَائِبا إِلَى أَن حضر مَكَانَهُ الْأَمِير سيف الدّين أرغون الْإِسْمَاعِيلِيّ وَتوجه فَارس الدّين الْمَذْكُور إِلَى الْقَاهِرَة(9/203)
(ألترنجان زَوْجَة السُّلْطَان طغرلبك)
(أم أنوشروان)
كَانَت أم ولد وفيهَا دين وافر ومعروف ظَاهر وَتَتَصَدَّق كثيرا وَتفعل الْبر كثيرا وَلها رَأْي وحزم وعزم وَكَانَ السُّلْطَان سَامِعًا لَهَا مُطيعًا والأمور مَرْدُودَة إِلَى عقلهَا ودينها وَتوفيت سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة بعلة الاسْتِسْقَاء فِي جرجان وحزن السُّلْطَان عَلَيْهَا حزنا عَظِيما وَحمل تابوتها مَعَه إِلَى الرّيّ فدفنها بِالريِّ وَلما احتضرت قَالَت للسُّلْطَان اجْتهد فِي الوصلة بابنة الْخَلِيفَة لتنال شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وأوصت بِجَمِيعِ مَا لَهَا لِابْنِهِ الْقَائِم
(إلتطمش أم الْملك السعيد)
إلتطمش بنت مقدم الخوارزمية بركَة خَان وَالِدَة الْملك السعيد ابْن الظَّاهِر بيبرس توفيت بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
(ألتمر الأبوبكري)
ألتمر الْأَمِير سيف الدّين الأبوبكري أحد أُمَرَاء الطبلخانات بِدِمَشْق كَانَ شكلاً تَاما تركي الأَصْل سَاكِنا وادعاً توفّي فِي شهر ربيع الآخر سنة أَربع وأربعينم وَسَبْعمائة هُوَ وَولده شهَاب الدّين أَحْمد بعده بأيام يسيرَة رحمهمَا الله تَعَالَى
(ألجاي الدوادار الناصري)
ألجاي الْأَمِير سيف الدّين الدوادار الناصري كَانَ دواداراً صَغِيرا مَعَ أرسلان الدوادار فَلَمَّا توفّي أرسلان اسْتَقل ألجاي بالدوادارية وَجَاء مِنْهُ دواداراً جيدا خَبِيرا عفيفاً نزهاً خيرا طَوِيل الرّوح لَا يغْضب على أحد فيجاهره بِسوء بل يكون غيظه كامناً فِي نَفسه وَأقَام مُدَّة أَمِير عشرَة وَلم يُعْط الطبلخانات إِلَّا فِيمَا بعد قبل مَوته بِسنتَيْنِ أَو ثَلَاث وَأما اسْمه فَمَا كتبه أحد أحسن مِنْهُ وَكَانَ يحب الْفُضَلَاء ويميل إِلَيْهِم وَيَقْضِي حوائجهم وينامون عِنْده ويبحثون عِنْده وَيسمع كَلَامهم وَيتَعَاطَى معرفَة عُلُوم كَثِيرَة وَكَانَ فِي خطه لَا بُد أَن يؤنث الْمُذكر وَكَانَ قد اخْتصَّ بِهِ قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ كثيرا وينام عِنْده فِي القلعة أَكثر اللَّيَالِي واقتنى كتبا نفيسة كَثِيرَة وَكَانَ يعظم وظيفته ويتبجح بهَا وَلم يشْتَهر عَنهُ من صغره إِلَى أَن مَاتَ إِلَّا الْخَيْر وَحسن الطَّرِيقَة وَعمر لَهُ دَارا بالشارع غرم على بوابتها مبلغ مائَة ألف دِرْهَم وَلما نجزت بغض نجازٍ عمل فِيهَا ختمةً واحتفل بهَا وَحضر عِنْده أهل الْعلم وَلم يمتع بهَا فَإِنَّهُ مرض بعْدهَا بِيَسِير وَلما مرض بالقلعة طلب النُّزُول إِلَى دَاره فَقبل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَنا أدرى بِخلق أستاذي قد يكون فِي خاطره أَن يولي الْوَظِيفَة لأحد غَيْرِي فأنزلوه إِلَى دَاره الْمَذْكُورَة بالشارع فتمرض بهَا مُدَّة وَمَات رَحمَه الله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِي أَوَائِل رَجَب فِيمَا أَظن وَكَانَت جنَازَته حافلةً بالأمراء وَغَيرهم وَتَوَلَّى الدوادارية صَلَاح الدّين يُوسُف الدوادار وَوَقع الِاخْتِلَاف بعد مَوته بِمدَّة يسيرَة فِي تَارِيخ وَفَاته بَين القَاضِي شرف الدّين ابْن الشهَاب مَحْمُود وَبَين صَلَاح الدّين الدوادار وَأَنا حَاضر فَقلت تقرى نصيبة قَبره
فَقَالَ القَاضِي شرف الدّين وَالله هَذَا نقش فِي حجر فنظمت هَذَا الْمَعْنى وَقلت من الطَّوِيل(9/204)
(أُخالِف قوما جادلوني بباطلٍ ... مَتى مَاتَ ألجاي الدوادار أَو غبرْ)
(وصَدَّتني فِيهِ نصيبةُ قَبره ... فَكَانَ الَّذِي قد قلتهالنقش فِي الْحجر)
(ألجيبغا الْأَمِير سيف الدّين المظفري)
تقدم أَيَّام المظفر حاجي إِلَى الْغَايَة وَلم يكن عِنْده أحد فِي رتبته وَلم يزل اثيلاً إِلَى أَن جرى للمظفر حاجي مَا جرى على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته وَتَوَلَّى النَّاصِر حسن أَخُو المظفر فاستمر مُعظما وَكَانَ أحد أُمَرَاء المشور الَّذين تصدر الْأَوَامِر عَنْهُم وَلم يزل إِلَى أَن وَقع الِاخْتِلَاف بَين هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء فَأخْرج إِلَى دمشق على إقطاع الْأَمِير حسام الدّين لاجين أَمِير آخور
وَطلب الْأَمِير حسام الدّين الْمَذْكُور إِلَى مصر فِي تَاسِع شهر ربيع الآخر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قيل إِنَّهُم اخْتلفُوا بعد إِخْرَاج الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد أَمِير شكار إِلَى صفد فعملوا يَوْمًا مشوراً وَهُوَ فِي الْجُمْلَة فَقَالَ أيش تُرِيدُونَ قَالُوا لَهُ تروح أَنْت إِلَى طرابلس نَائِبا فَقَالَ إِذا كَانَ لَا بُد من إخراجي فَأَكُون فِي حماة نَائِبا فَقَالُوا لَهُ نعم وطلبوا لَهُ تَشْرِيفًا لبسه وأخرجوه إِلَى حماة فَلَمَّا كَانَ فِي أثْنَاء الطَّرِيق ألحقوه بِمن قَالَ لَهُ تروح إِلَى دمشق أَمِيرا فَحَضَرَ إِلَى دمشق على مَا تقدم وَلم يزل بهَا مُقيما على إمرته إِلَى أَن حضر الْأَمِير سيف الدّين قجا السلاحدار الناصري فِي أثْنَاء شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى طرابلس نَائِب سلطنة بهَا عوضا عَن الْأَمِير بدر الدّين ابْن الخطير فَأَقَامَ بهَا نَائِبا إِلَى أَوَائِل شهر ربيع الأول سنة خمسين وَسَبْعمائة
وَورد كِتَابه على أرغون شاه نَائِب الشَّام يَقُول لَهُ فِيهِ إِنَّنِي أشتهي أَن أتوجه إِلَى الناعم لأتصيد بِهِ وَمَا يمكنني ذَلِك إِلَّا بمرسومك فَقَالَ بِسم الله الْمَكَان مَكَانك وَأذن لَهُ فَحَضَرَ إِلَى الناعم وَأقَام على بحرة حمص أَيَّامًا يتظاهر بالصيد ثمَّ إِنَّه ركب فِي لَيْلَة بِمن مَعَه من الْعَسْكَر الطرابلسي وسَاق إِلَى خَان لاجين وَنزل بِهِ وَأقَام من الثَّانِيَة فِي النَّهَار إِلَى أَن اصْفَرَّتْ الشَّمْس وَركب بِمن مَعَه وَجَاء إِلَى الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه نَائِب دمشق وَهُوَ مُقيم فِي الْقصر الأبلق فأمسكه من فرَاشه وَأخرجه وجهزه إِلَى زَاوِيَة المنيبع وَقَيده وَذَلِكَ بمعونة الْأَمِير فَخر الدّين أياز السلحدار وَيُقَال إِنَّه مَا وصل إِلَى سوق الْخَيل بِدِمَشْق حَتَّى إِن الْأَمِير فَخر الدّين أياز دق بَاب الْقصر الأبلق وَأخرج أرغون شاه وأمسكه ثمَّ لما انفجر الصُّبْح نزل بالميدان الْأَخْضَر وَطلب أُمَرَاء الشَّام والمقدمين وَأخرج لَهُم كتاب السُّلْطَان وَقَالَ هَذَا مرسوم السُّلْطَان بإمساك أرغون شاه فَمَا شكّ أحد فِي ذَلِك ثمَّ إِنَّه احتاط على أَمْوَال أرغون شاه وَأَخذهَا وَأخذ جواهره وَكَانَ ذَلِك بكرَة الْخَمِيس ثَالِث(9/205)
عشْرين شهر ربيع الأول وَلما)
أَصبَحت الْجُمُعَة ظهر الْخَبَر بِأَن أرغون شاه ذبح نَفسه وأحضروا نَائِب الحكم والعدول وأروهم أرغون شاه مذبوحاً وَبِيَدِهِ سكين وَلما أَخذ الْأَمْوَال حصلها عِنْده فِي الْقصر الأبلق بعد مَا جهز بريداً إِلَى بَاب السُّلْطَان وطالع بإمساك أرغون شاه وَأَنه ذبح نَفسه وجهز ذَلِك على يَد الْأَمِير عز الدّين أيدمر الشمسي وَأقَام والأمراء فِي خدمته إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء فَتحدث الْأُمَرَاء فِيمَا بَينهم لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن ينْفق فيهم ويحلفهم فأنكروا ذَلِك ولبسوا آله الْحَرْب ووقفوا بسوق الْخَيل وَلَيْسَ هُوَ وَجَمَاعَة من الجراكسة والأمير فَخر الدّين أياز ومماليكه وَخَرجُوا إِلَى الْعَسْكَر وَكَانَت النُّصْرَة لألجيبغا وَقتل جمَاعَة من عَسْكَر الشَّام ورموا الْأَمِير بدر الدّين ابْن الخطير والأمير سيف الدّين طيدمر الْحَاجِب عَن الْفرس وَقطعت يَد الْأَمِير سيف الدّين ألجيبغا العادلي أحد مقدمي الألوف بِدِمَشْق وَأخذ أَمْوَال أرغون شاه وجواهره وَتوجه بهَا الْعَصْر وَخرج على المزة وَتوجه على الْبِقَاع إِلَى طرابلس وَأقَام بهَا فَمَا كَانَ بعد أيامٍ إِلَّا وَقد جَاءَت الملطفات إِلَى أُمَرَاء الشَّام بإنكار هَذِه الْقَضِيَّة وَأَن هَذَا أَمر لم نرسم بِهِ وَلَا علمنَا بِهِ فتجتهدوا على إمْسَاك ألجيبغا وأستاذداره تمربغا وتجهيزهما وَالْكتاب الَّذِي ادّعى أَنه بمرسومنا إِلَى الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة وَكتب بذلك إِلَى سَائِر نواب الشَّام فتجردت العساكر إِلَيْهِ وربطوا عَلَيْهِ الدروب وسدوا عَلَيْهِ المنافس فبلغته الْأَخْبَار فَخرج من طرابلس وَخرج خَلفه الْعَسْكَر الطرابلسي إِلَى أَن جَاءَ إِلَى نهر الْكَلْب عِنْد بيروت فَوَجَدَهُ موعراً وأمراء الغرب وتركمان وجبلية وَأهل بيروت واقفين فِي وَجهه فَوقف من الثَّانِيَة فِي النَّهَار إِلَى الْعَصْر فكر رَاجعا فَوجدَ الْعَسْكَر الطرابلسي خَلفه فواقفوه وَلم يزَالُوا بِهِ إِلَى أَن كل ومل فَسلم نَفسه فَجَاءُوا بِهِ إِلَى عَسْكَر الشَّام وَكَانَ أياز قد تَركه وَانْفَرَدَ عَنهُ وهرب فِي ثَلَاثَة أنفارٍ من مماليكه فأمسكه نَاصِر الدّين ابْن معِين فِي قَرْيَة العاقورة وأحضره إِلَى قلعة بعلبك فقيد بهَا وَقدم الْعَسْكَر الشَّامي بأياز وبألجيبغا مقيدين إِلَى قلعة دمشق واعتقلا بهَا ثمَّ إِنَّهُم جهزوا ألجيبغا إِلَى بَاب السُّلْطَان صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين باينجار الْحَاجِب فوصل من مصر يَوْم الْأَرْبَعَاء الْأَمِير سيف الدّين قجا السلاحدار وعَلى يَده كتاب السُّلْطَان بِأَن يوسط ألجيبغا وأياز فِي سوق الْخَيل بِحُضُور العساكر الشامية ويعلقا على الْخشب إِلَى أَن يقعا من نتنهما فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس ركب الْعَسْكَر الشَّامي جَمِيعه والأمير شهَاب الدّين أَحْمد نَائِب صفد وأنزلوا ألجيبغا وأياز من القلعة ووسطوهما وعلقت أشلاؤهما على الْخشب بالحبال فِي الْبكر على وَادي بردا بسوق)
الْخَيل وَذَلِكَ فِي حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة خمسين وَسَبْعمائة وتألم بعض النَّاس على ألجيبغا ورحم شبابه لِأَنَّهُ كَانَ ابْن تسع عشرَة سنة كَمَا بقل عذاره وطر شَاربه وَكَانَ شَابًّا ظريفاً ممشوقاً تَامّ الشكل حُلْو الْوَجْه ظريف الحركات وَقيل إِن أياز هُوَ الَّذِي غره وَحسن لَهُ هَذَا الْفِعْل وَالله يعلم حَقِيقَة الْحَال
وَقلت فِيهِ من السَّرِيع
(لمّا بغى ألجيبُغا واعتلى ... إِلَى السهى فِي ذبح أرغون شاهْ)(9/206)
(قبل انسلاخ الشَّهْر فِي جلّقٍ ... عُلِّق من عُرقوبه مثل شاهْ)
(إلدكز صَاحب أذربيجان)
إلدكز الأتابك شمس الدّين صَاحب أذربيجان وهمذان كَانَ مَمْلُوك السميرمي الْكَمَال وَزِير السُّلْطَان مَحْمُود السلجوقي فَلَمَّا قتل صَار إلدكز إِلَى السُّلْطَان وَصَارَ أَمِيرا وولاه السُّلْطَان أرانية فغلب على أَكثر أذربيجان وهمذان وأصبهان والري وخطب بالسلطنة لِابْنِ امْرَأَته أرسلان بن طغرل وَكَانَ عسكره خمسين ألفا وأرسلان من تَحت أمره وَكَانَ فِيهِ عقل وَحسن سيرة وَنظر فِي مصَالح الرّعية وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَتَوَلَّى بعده ابْنه مُحَمَّد البهلوان
(الطبرس)
الْملك عَلَاء الدّين الظَّاهِرِيّ ألطبرس الدوادار الْكَبِير هُوَ الْملك عَلَاء الدّين الظَّاهِرِيّ مولى الْخَلِيفَة الظَّاهِر بن النَّاصِر كَانَ حظياً لَدَيْهِ عالي الرُّتْبَة عِنْد الْمُسْتَنْصر زوجه بابنة بدر الدّين صَاحب الْموصل ووهبه لَيْلَة عرسه مائَة ألف دِينَار وَكَانَ يدْخلهُ من إقطاعه وَملكه فِي كل سنة ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار وَكَانَ حسن السِّيرَة كَرِيمًا وَلما مَاتَ سنة خمسين وسِتمِائَة دفن فِي مشْهد الكاظم مُوسَى ورثاه الشُّعَرَاء
ألطبرس الَّذِي عمر الْمَجْنُونَة بِالْقَاهِرَةِ على الخليج كَانَ قد عمرها لشهاب الدّين الْحَنْبَلِيّ العابر الْمُقدم ذكره وَكَانَ لَهُ فِيهِ عقيدة عَظِيمَة وَفِي غَيره من الْفُقَرَاء وَكَانَ بعض الْفُقَرَاء قد أَخذ حَصَاة سَوْدَاء وَكتب عَلَيْهَا بالشمع السَّلَام عَلَيْك يَا ألطبرس ورماها فِي الْخلّ الحاذق أَيَّامًا فَتغير لون السوَاد خلا مَا هُوَ تَحت الشمع وَجَاء بهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ رأيتُ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي النّوم وَقَالَ ادْفَعْ هَذِه إِلَى فلَان فَأَخذهَا وَدفع إِلَيْهِ مَالا كثيرا وَلم تزل فِي فَمه إِلَى أَن مَاتَ وَجَاء إِلَيْهِ شهَاب الدّين العابر فِيمَا أَظن أَو غَيره وَقَالَ قد اشْتريت لَك جَارِيَة مَا دخل هَذَا الإقليم مثلهَا وَهِي بِخَمْسَة عشر ألف دِرْهَم فوزن لَهُ الثّمن فَقَالَ وَأُرِيد ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم لأكسوها بهَا فَأعْطَاهُ ذَلِك فَغَاب عَنهُ ثَلَاثَة أشهر ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ قد زوجهتا لَك بواحدٍ من رجال الْغَيْب فَمَا أنكر ذَلِك وَحكى عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس رَحمَه الله تَعَالَى كثيرا من هَذِه الحكايات وأنشدني بَعضهم لعلم الدّين ابْن الصاحب الْمَذْكُور فِي الأحمدين قَالَ لما عمر ألطبرس الْمَجْنُونَة وعقدها قبواً للْفُقَرَاء الَّذين كَانُوا يصحبونه فِي ذَلِك الْوَقْت من الْكَامِل
(وَلَقَد عجبتُ من الطَبرْس وصَحْبِهِ ... وعقولُهم بعقوده مفتونْه)
(عقدوا عقوداً لَا تصحّ لأنّهم ... عقدوا لمجنونٍ على مجنونْه)(9/207)
(الطقصبا علم الدّين الناصري)
الطقصبا الناصري الْأَمِير الْكَبِير علم الدّين التركي شيخ عَاقل مهيب مَوْصُوف بالشجاعة روى عَن سبط السلَفِي وَكَانَ من قدماء أُمَرَاء دمشق أَصَابَهُ زيار فِي حِصَار قلاع الأرمن فِي ركبته فَحمل إِلَى حلب وَمَات فِي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة
(ألطنبغا)
3 - (نَائِب حلب ودمشق)
ألطنبغا الْأَمِير عَلَاء الدّين الْحَاجِب الناصري ولاه أستاذه الْملك النَّاصِر نِيَابَة حلب بعد سودي فَعمل نيابتها على أحسن مَا يكون لِأَنَّهُ كَانَ خيرا خَبِيرا درباً مثقفاً وَعمر بهَا جَامعا حسنا وَلم يزل بهَا إِلَى أَوَائِل سنة سبع وَعشْرين فَأحْضرهُ مَعَ الْأَمِير سيف الدّين ألجاي الدوادار فَلَمَّا كَانَ بِدِمَشْق التقى هُوَ والأمير سيف الدّين أرغون الداودار وَتوجه هُوَ إِلَى مصر وَتوجه أرغون إِلَى حلب وَلم يزل مُقيما بِمصْر فِي جملَة الْأُمَرَاء الْكِبَار إِلَى أَن مَاتَ أرغون فَأَعَادَهُ السُّلْطَان إِلَى حلب نَائِبا وَفَرح بِهِ أهل حلب وَلم يزل بهَا إِلَى أَن وَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب دمشق فَطَلَبه السُّلْطَان إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهِ فَمَا أقبل عَلَيْهِ وَبَقِي على بَاب الإسطبل وَالسُّلْطَان يطعم الْجَوَارِح بالميدان وَلم يستحضره حَتَّى فرغ وَبَقِي مُقيما بالقلعة إِلَى أَن حضر تنكز وَخرج السُّلْطَان وتلقاه إِلَى بِئْر الْبَيْضَاء كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي تَرْجَمته فَلَمَّا اسْتَقر تنكز بِبَاب السُّلْطَان أخرج الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا إِلَى غَزَّة نَائِبا فَخرج إِلَيْهَا وَبعد شهر وَنصف خرج الْأَمِير سيف الدّين تنكز إِلَى الشَّام عَائِدًا فَلَمَّا قَارب غَزَّة تَلقاهُ الْأَمِير عَلَاء الدّين وَضرب لَهُ خاماً وأنزله عِنْده وَعمل لَهُ طَعَاما فَأكل مِنْهُ وأحضر بَنَاته لَهُ فتوجع لَهُ تنكز وَأَقْبل عَلَيْهِ وخلع عَلَيْهِ وَتوجه إِلَى دمشق وَلم يزل ألطنبغا بغزةً نَائِبا إِلَى أَن أمسك السُّلْطَان تنكز فرسم لألطنبغا بنيابة دمشق فَحَضَرَ إِلَيْهَا يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس الْمحرم ودخلها والأمير سيف الدّين بشتاك والحاج أرقطاي وبرسبغا وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء الَّذين كَانُوا قد حَضَرُوا إِلَى دمشق عقيب إمْسَاك تنكز
وَلم يزل بِدِمَشْق نَائِبا إِلَى أَن خلع الْمَنْصُور أَبُو بكر وَتَوَلَّى الْأَشْرَف كجك وتنفس الْأَمِير سيف الدّين طشتمر بِسَبَب خلع الْمَنْصُور ومحاصرة النَّاصِر أَحْمد فِي الكرك فخافه الْأَمِير سيف الدّين قوصون واستوحى الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا عَلَيْهِ وَكَانَ فِي نفس ألطنبغا مِنْهُ)
فجرت بَينهمَا مكاتبات وَحمل ألطنبغا حَظّ نَفسه عَلَيْهِ بزائد فتجهز إِلَيْهِ بالعساكر وَخرج يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة فِي مطر عَظِيم زَائِد وَالنَّاس يدعونَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ السَّلامَة لِأَن عوام دمشق كرهوه كَرَاهِيَة زَائِدَة وَكَانُوا يَسُبُّونَهُ فِي وَجهه وَيدعونَ عَلَيْهِ ونشب سِنَان الشطفة من خَلفه فِي بعض السقائف فانكسر فتفاءل النَّاس لَهُ بالشؤم وَلم يزل سائراً إِلَى سلمية فَجَاءَهُ الْخَبَر بِأَن طشتمر هرب من حلب فساق وَرَاءه إِلَى حلب وَنهب أَمْوَاله وحواصله وذخائره وفرقها على الْأُمَرَاء والجند نَفَقَة(9/208)
وَعند خُرُوجه من دمشق حضر إِلَيْهَا الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وملكها وبرز إِلَى خَان لاجين وَقعد هُنَاكَ بِمن مَعَه من الْعَسْكَر الْمصْرِيّ الَّذين كَانُوا حَضَرُوا لمحاصرة النَّاصِر أَحْمد فِي الكرك فترددت الرُّسُل بَينه وَبَين ألطنبغا وَمَال الفخري على قوصون وَمَال ألطنبغا إِلَيْهِ وَلم يزل إِلَى أَن حضر ألطنبغا فِي عَسْكَر الشَّام وعسكر حلب وعسكر طرابلس فِي عدَّة تقَارب خَمْسَة عشر ألف فَارس وَتردد الْقُضَاة الْأَرْبَع بَينهمَا ووقف الصفان وَطَالَ الْأَمر وَكره الْعَسْكَر الَّذين مَعَه منابذة الفخري وهلكوا جوعا وألح ألطنبغا وأصر على عدم الْخُرُوج عَن قوصون والميل إِلَى النَّاصِر أَحْمد وَأَقَامُوا كَذَلِك يَوْمَيْنِ
وَلما كَانَ فِي بكرَة النَّهَار الثَّالِث خامر جَمِيع الْعَسْكَر على ألطنبغا وتحيزوا إِلَى الفخري وَبَقِي ألطنبغا والحاج أرقطاي نَائِب طرابلس والأمير عز الدّين المرقبي والأمير عَلَاء الدّين طيبغا القاسمي والأمير سيف الدّين أسنبغا ابْن الأبو بكري فَعِنْدَ ذَلِك أدَار ألطنبغا رَأس فرسه إِلَى مصر وَتوجه هُوَ والمذكورون على حمية إِلَى مصر فَلَمَّا قاربوها جهز دواداره إِلَى قوصون يُخبرهُ بوصولهم فَجهز إِلَيْهِم تشاريف وخيولاً وَبَات على أَنه يصبح يركب لملتقاهم فأمسكه أُمَرَاء مصر وقيدوه وجهزوه إِلَى إسكندرية وسيروا تلقوا ألطنبغا وَالَّذين مَعَه من الْأُمَرَاء وأطلعوهم القلعة وَأخذُوا سيوفهم وحبسوهم ثمَّ بعد يَوْمَيْنِ أَو أَكثر جهزوهم إِلَى إسكندرية وَلم يزَالُوا هُنَاكَ إِلَى أَن جَاءَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد إِلَى الْقَاهِرَة وعساكر الشَّام والأمير سيف الدّين قطلوبغا الفخري والأمير سيف الدّين طشتمر فَجهز الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن صبح إِلَى إسكندرية فَتَوَلّى خنق قوصون وبرسبغا فِي الْحَبْس فِي ذِي الْقعدَة أَو فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَمَاتَ رَحمَه الله
وَكَانَ خيرا خَبِيرا بِالْأَحْكَامِ فِي الشَّرْع والجيش والسياسة طَوِيل الرّوح فِي المحاكمات وانفصلت فِي دور الْعدْل الَّتِي كَانَ يعملها قضايا مزمنة شَرْعِيَّة وَكَانَ شكلاً مليحاً تَامّ الْقَامَة)
كَبِير الْوَجْه والذقن فِي طول قَلِيل لشعرها يلْعَب بِالرُّمْحِ وَيَرْمِي النشاب ويلعب الكرة فِي الميدان من أحسن مَا يكون ويدرب مماليكه فِي ذَلِك جَمِيعه وَكَانَ من الفرسان الْأَبْطَال معافى لم يكن أحد يَرْمِي جنبه إِلَى الأَرْض وَكَانَ سَمحا لَا يدّخر شَيْئا وَلَا يتجر وَلَا يعمر ملكا
وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فريداً فِي أَبنَاء جنسه وَإِنَّمَا لم يرْزق سَعَادَة فِي نِيَابَة دمشق وَزَاد فِي ركُوب هوى نَفسه فِي حق طشتمر وَبَالغ إِلَى أَن نفذ قَضَاء الله وَقدره فِيهِ وَإِلَّا لَو أَقَامَ بِدِمَشْق وَمَا خرج عَنْهَا لم يجر من ذَلِك شَيْء وَلَو وَافق الفخري وَدخل مَعَه إِلَى دمشق دَخلهَا نَائِبا وَكَانَ الفخري عِنْده ضيفاً يصرفهُ بأَمْره وَنَهْيه وَلَكِن هَكَذَا قدر فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
3 - (المارداني نَائِب حلب)
ألطنبغا الْأَمِير عَلَاء الدّين المارداني الساقي الناصري أمره السُّلْطَان مائَة وَقدمه على ألف وزوجه إِحْدَى بَنَاته وَهُوَ الَّذِي عمر الْجَامِع الَّذِي برا بَاب زويلة عِنْد المرحليين وَأنْفق على ذَلِك أَمْوَالًا كَثِيرَة لِأَنَّهُ مرض مرضةً شَدِيدَة طول فِيهَا وأعيى الْأَطِبَّاء(9/209)
شفاؤه وأنزله السُّلْطَان من القلعة إِلَى الميدان وَمرض هُنَاكَ قَرِيبا من أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ مُتَوَلِّي الْقَاهِرَة يقف فِي خدمته ويحضر لَهُ كل مَا برا بَاب اللوق من المساخر وأرباب الملاهي وَأَصْحَاب الْحلق وَلم يتْرك أحدا حَتَّى يحضرهُ إِلَيْهِ وَهُوَ ينعم عَلَيْهِم بالقماش والدارهم وَنزل السُّلْطَان إِلَيْهِ مَرَّات
وَكَانَ الخاصكية ينتابونه جمَاعَة بعد جمَاعَة ويبيتون عِنْده وَأنْفق فِي الصَّدقَات مبلغ مائَة ألف دِرْهَم وَشرع فِي عمَارَة الْجَامِع الْمَذْكُور وَهُوَ أحد الصَّدقَات مبلغ مائَة ألف دِرْهَم وَشرع فِي عمَارَة الْجَامِع الْمَذْكُور وَهُوَ أحد الخاصكية المقربين وَلَمْ يزل عَلَى حَاله إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان وَتَوَلَّى الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر فَيُقَال إِنَّه وشى بأَمْره إِلَى قوصون وَقَالَ لَهُ إِنَّه قد عزم على إمساكك فَجرى مَا جرى على مَا يذكر فِي تَرْجَمَة الْمَنْصُور إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا الْمَذْكُور قد بَقِي عِنْد الْمَنْصُور أعظم رُتْبَة مِمَّا كَانَ عِنْد وَالِده لِأَنَّهُ كَانَ مقدما عِنْده وَمَوْضِع سره
ثمَّ إِنَّه تولى الْملك الْأَشْرَف وماج النَّاس وَحضر الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري إِلَى الشَّام وَجرى مَا جرى على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا نَائِب دمشق وشغب المصريين على قوصون فَيُقَال إِن عَلَاء الدّين ألطنبغا المارداني هُوَ الَّذِي كَانَ أصل ذَلِك كُله وَنزل إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش وَاتفقَ مَعَه على الْقَبْض على قوصون وطلع إِلَى)
قوصون وَجعل يشاغله وَيكسر مجاذيفه عَن الْحَرَكَة إِلَى بكرَة الْغَد وأحضر الْأُمَرَاء الْكِبَار الْمَشَايِخ عِنْده وساهره إِلَى أَن نَام وَهُوَ الَّذِي حط يَده فِي سيف ألطنبغا نَائِب دمشق لما دخل الْقَاهِرَة قبل النَّاس كلهم وَلم يَجْسُر عَلَيْهِ غَيره وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين بهادر التُّمُرْتَاشِيّ فِي الأول هُوَ أغا ألطنبغا الْمَذْكُور وَهُوَ الَّذِي خرجه ورباه فَلَمَّا بَدَت مِنْهُ هَذِه الحركات والإقدامات قويت نَفسه عَلَيْهِ فَوقف فَوق التُّمُرْتَاشِيّ فَمَا حملهَا مِنْهُ ذَلِك وَبقيت فِي نَفسه وَلما تملك السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَار الدست للتمرتاشي فَعمل على الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا الْمَذْكُور وَلم يدر بِنَفسِهِ إِلَّا وَقد أخرج على الْبَرِيد فِي خَمْسَة سروج فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وجهز إِلَى حماة نَائِبا فَتوجه إِلَيْهَا وَبَقِي بهَا نَائِبا مُدَّة شَهْرَيْن وَأكْثر إِلَى أَن توفّي الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش فرسم للأمير سيف الدّين طقزدمر بنيابة الشَّام فَحَضَرَ إِلَيْهَا من حلب ورسم للمارداني بنيابة حلب فَتوجه إِلَيْهَا فِي أول رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة وَحضر إِلَى نِيَابَة حماة الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي فَأَقَامَ عَلَاء الدّين ألطنبغا على نِيَابَة حلب إِلَى مستهل صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى بعد مرض شَدِيد وَحضر لَهُ الطَّبِيب من الْقَاهِرَة وَمَا أَفَادَ
3 - (عَلَاء الدّين الجاولي)
ألطنبغا عَلَاء الدّين الجاولي مَمْلُوك ابْن باخل كَانَ عِنْد الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي داواداراً لما كَانَ بغزة وَكَانَ حسن الصُّورَة تَامّ الْقَامَة وَكَانَ الجاولي يحسن إِلَيْهِ ويبالغ فِي الإنعام عَلَيْهِ وَكَانَ إقطاعه عِنْده يعْمل قَرِيبا من الْعشْرين ألفا(9/210)
أَخْبرنِي من رَآهُ قَالَ كَانَ فِي اسطبله تِسْعَة عشر سرجاً زرجونياً فَلَمَّا شنع على الجاولي أَن إقطاعات مماليكه من الثَّلَاثِينَ ألفا وَمَا دونهَا راك الأخباز وَأعْطى لعلاء الدّين الْمَذْكُور إقطاعاً دون مَا كَانَ بِيَدِهِ فَتَركه وَمضى إِلَى مصر بِغَيْر رضى من الْأَمِير علم الدّين فراعى النَّاس خاطر مخدومه وَلم يقدر أحد يستخدمه فَأَقَامَ يَأْكُل من حَاصله فِي مصر زَمَانا ثمَّ حضر إِلَى صفد فَأكْرم نزله الْأَمِير سيف الدّين أرقطاعي النَّائِب بهَا وَكتب لَهُ مربعةً بإقطاع وَتوجه بِهِ إِلَى مصر فَخرج عَنهُ فورد إِلَى دمشق فَأكْرمه الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَأَعْطَاهُ إقطاعاً فِي حَلقَة دمشق وَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير علم الدّين بِسَبَبِهِ وَبَقِي بِدِمَشْق إِلَى أَن أمسك الجاولي وَحبس ثمَّ أفرج عَنهُ فَتوجه إِلَيْهِ وخدمه مُدَّة ثمَّ أخرجه إِلَى الشَّام شاداً على أوقاف الْمَنْصُور الَّتِي تخْتَص بالبيمارستان)
وَهُوَ نَادِر فِي أَبنَاء جنسه من الشكالة المليحة وَلعب الرمْح والفروسية والذكاء وَلعب الشطرنج والنرد ونظم الشّعْر الْجيد لَا سِيمَا فِي المقطعات فَإِنَّهُ يجيدها وَله القصائد المطولة وَيعرف فقهاً على مَذْهَب الشَّافِعِي وَيعرف أصولاً ويبحث جيدا وَلكنه سَالَ ذهنه لما اجْتمع بالشيخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَمَال إِلَى رَأْيه ثمَّ تراجع عَن ذَلِك إِلَّا بقايا اجْتمعت بِهِ كثيرا فِي صفد والديار المصرية ودمشق وَهُوَ حسن الْعشْرَة لطيف الْأَخْلَاق فِيهِ سماحة وأنشدني كثيرا من شعره فَمن ذَلِك من الْبَسِيط
(سبِّحْ فقد لَاحَ برقُ الثغر بالبَردِ ... واستسقِ كأس الطلا من كفّ ذِي مَيَدِ)
(مستعربُ اللَّفْظ للأتراك نسبتُه ... لَهُ على كلّ صَبٍّ صولةُ الأسدِ)
(يَا عاذلي خلِّني فالحُسن قلدَّه ... عِقداً من الدرّ لَا حبلاً من المسَدِ)
(ويلٌ لمن لامَني فِيهِ ومقلتهُ ... نفّاثة النَّبل لَا نفّاثة العُقَد)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا لنَفسِهِ من الْكَامِل
(خَودٌ زُهي فَوق المراشف خالها ... فلئن فُتِنْتُ بِهِ فلستُ أُلامُ)
(فكأنَّ مَبْسِنها وأسودَ خالها ... مسكٌ على كأس الرَّحِيق ختامُ)
وأنشدني أيضاُ لنَفسِهِ من المجتث
(وبارِدِ الثغر حلوٍ ... بمرشفٍ فِيهِ حُوّهْ)
(وخَصْره فِي انتحالٍ ... يُبدي من الضعْف قوّهْ)
وأنشدني من لَفْظَة لنَفسِهِ من الْخَفِيف
(ردْفُه زَاد فِي الثقالة حَتَّى ... اقعد الخصر والقوامً السَّوِيّا)
(نَهَضَ الخصرُ والقوام وقاما ... وضعيفان يغلبان قويّا)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ من الطَّوِيل(9/211)
(تُخاطبني خَودٌ فأُبدي تصامُماً ... فتُكثر تكْرَار الْخطاب وتجهرُ)
(فأُصغي لَهَا أذنا وأُطهر عُجمةً ... لكيما أرى درّاً من الدرِّ ينثرُ)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ فِي الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود من الْبَسِيط
(قَالَ النحاةُ بأنّ الاسمَ عندهُمُ ... غير المسمّى وَهَذَا القَوْل مردودُ)
(الِاسْم عين المسمّى وَالدَّلِيل على ... مَا قلت أنّ شهابَ الدّين محمودُ)
)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الوافر
(وصالُك والثريا فِي قِران ... وهجرُكَ والجفا فرسا رِهانِ)
(فديتُك مَا حفظت لشؤم يَخْتي ... من القرآنِ إلاّ لن تراني)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الْخَفِيف
(سَلْ وميضَ البروق عَن خفقاني ... وعليل النسيم عَن جثماني)
(ولهيب الهجير عَن نَار قلبِي ... وخفيَّ الخيال عَن أجفاني)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الْكَامِل
(إِن عَاد لمع الْبَرْق يُخبر عنكمُ ... وأتى القَبولَ مبشِّراً بقبولي)
(فلأقدْحنَّ الْبَرْق من نَار الحشا ... ولأخلعنَّ على النُّجُوم نحولي)
وأنشدني لنَفسِهِ أَيْضا من الوافر
(وَسُوء صيرتها السود بيضًا ... فَلَا تطلب من الْأَيَّام بيضًا)
(فَبعد السود ترجو الْبيض ظلما ... وَقد سلت عَلَيْهَا السود بيضًا)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الْبَسِيط
(انهلَّ أدمعُها درّاً وَفِي فمها ... درٌّ وَبَينهمَا فَرق وتمثالُ)
(لأنّ ذَا جامدٌ فِي الثغر منتظمٌ ... وَذَاكَ منتشرٌ فِي الخَدِّ سيّالُ)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الْخَفِيف
(جَاءَنَا الوردُ فِي بديع زمانِ ... فقطعناه فِي مُنًى وأمانِ)
(ونهْبنا فِيهِ لذيذ وصالٍ ... وهتكْنا فِيهِ عَروس الدنانِ)
(وغلطْنا فِيهِ بِبَعْض ليالٍ ... فخلطنا شعْبَان فِي رمضانِ)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ من الْكَامِل
(أنَّي لورقاء الغضا تَشْكُو النَّوَى ... وغدتْ مضاجِعةً قضيبَ البانِ)
(قد طوَّقَتْ جيدا وَقد خضبتْ يدا ... وشدتْ بألحانٍ على عيدَان)(9/212)
وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِدِمَشْق فِي ثامن شهر ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بعلة الاسْتِسْقَاء
(ألطنطاش صَاحب بصرى)
ألطنطاش الْأَمِير مَمْلُوك الْأَمِير أَمِين الدولة صَاحب بصرى وصرخذ وَاقِف الأمينية بِدِمَشْق
لما توفّي أَمِين الدولة كَانَ هَذَا نَائِبا على قلعة بصرى فاستولى عَلَيْهَا وعَلى صرخذ واستعان بالفرنج وَسَار لقتاله معِين الدولة أنر ونازل القلعتين فملكهما وَكَانَ ألطنطاش قد آذَى أَخَاهُ خطلخ وكحله وأبعده فَحَضَرَ إِلَى دمشق فَلَمَّا قدم أَخُوهُ ألطنطاش إِلَى دمشق حاكمه أَخُوهُ إِلَى الشَّرْع وكحله قصاصا فبقيا أعميين وَكَانَت وَفَاة ألطنطاش فِي حُدُود الْخمسين وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا
(أللمش الْحَاجِب)
أللمش الجمدار الْأَمِير سيف الدّين أَمِير حَاجِب بِدِمَشْق كَانَ شكلاً حسنا مدور الْوَجْه حُلْو الصُّورَة سَاكِنا عَاقِلا خيرا محتشماً كَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز قد جهزه إِلَى قلعة جعبر نَائِبا ثمَّ إِنَّه كتب فِيهِ فَكَانَ حاجباً كَبِيرا فِي آخر أَيَّامه وَأمْسك تنكز وَهُوَ حَاجِب وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن حصل لَهُ استسقاء فتعلل بِهِ وَتوجه إِلَى حولة بانياس فَمَاتَ هُنَاكَ وَحمل إِلَى دمشق وَصلي عَلَيْهِ يَوْم الْأَرْبَعَاء عشري ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة رَحمَه الله تَعَالَى
الألوسي الشَّاعِر الْمُؤَيد بن مُحَمَّد بن عَليّ
(ألماس الْحَاجِب)
ألماس الْأَمِير سيف الدّين أَمِير حَاجِب الناصري كَانَ من أكبر مماليك أستاذه وَلما أخرج الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب إِلَى حلب وَبَقِي منصب النِّيَابَة شاغراً عظمت منزلَة ألماس وَصَارَ هُوَ فِي مَحل النِّيَابَة خلا أَنه مَا يُسمى نَائِبا يركب الْأُمَرَاء الْكِبَار وَالصغَار وينزلون فِي خدمته وَيجْلس فِي بَاب القلعة فِي منزلَة النَّائِب والحجاب وقُوف بَين يَدَيْهِ وَلم يزل مقدما مُعظما إِلَى أَن توجه السُّلْطَان إِلَى الْحجاز وَتَركه فِي القلعة هُوَ والأمير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك والأمير سيف الدّين أقبغا الأوحدي والأمير سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر
وَلما حضر السُّلْطَان من الْحجاز نقم عَلَيْهِ وأمسكه إِمَّا فِي أَوَائِل سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَإِمَّا فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وأودعه فِي الاعتقال عِنْد الْأَمِير سيف الدّين أقبغا الأوحدي وَبَقِي ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعدم وَقتل أَخُوهُ الْأَمِير سيف الدّين قر بِالسَّيْفِ وَأخذت أَمْوَاله وَجَمِيع موجوده وَأخرج أَقَاربه إِلَى الشَّام وَفرقُوا يُقَال إِن السُّلْطَان لما مَاتَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر فِي طَرِيق الْحجاز احتاط على مَوْجُودَة وَكَانَ من جملَة ذَلِك حرمدان أعطَاهُ السُّلْطَان لبَعض(9/213)
الجمدارية وَقَالَ لَهُ خل هَذَا عنْدك ثمَّ ذكره السُّلْطَان فَأحْضرهُ إِلَيْهِ فَوجدَ مِمَّا فِيهِ جَوَاب الْأَمِير سيف الدّين ألماس إِلَى الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَفِيه إِنَّنِي حَافظ القلعة إِلَى أَن يرد عليّ مِنْك مَا اعْتَمدهُ وَكَانَ ذَلِك سَبَب قَتله وَالله أعلم
وَكَانَ ألماس غتمياً طوَالًا من الرِّجَال لَا يفهم بالعربي وَهُوَ الَّذِي عمر الْجَامِع الْمليح الَّذِي بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي الشَّارِع عِنْد حدرة الْبَقر وَفِيه رُخَام مليح فائق وَعمر هُنَاكَ قاعةً مليحةً فِيهَا رُخَام عَظِيم إِلَى الْغَايَة كَانَ الرخام يحمل إِلَيْهِ من جزائر الْبَحْر وبلاد الرّوم وَمن الشَّام وَمن كل مَكَان وَكَانَ يتظاهر بالبخل وَلم يكن كَذَلِك بل يفعل مَا يَفْعَله خوفًا من السُّلْطَان وَكَانَ يُطلق لمماليكه الرباع والأملاك المثمنة فِي الْبَاطِن وَوجد لَهُ مَال عَظِيم لما أمسك
(ألملك الْأَمِير سيف الدّين النَّائِب)
ألملك الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج من كبار الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ رُؤُوس المشور أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون تردد فِي الرسلية بَين الجاشنكير والناصر لما كَانَ بالكرك فأعجبه عقله وسير إِلَيْهِم يَقُول لَا يعود يجيئني رَسُولا غير هَذَا فَلَمَّا قدم مصر عظمه وَلم يزل كَبِيرا فِيهِ خير وميل إِلَى أهل الْعلم وَالصَّلَاح وَله دَار عِنْد مشْهد الْحُسَيْن وَهُنَاكَ لَهُ مَسْجِد حسن وَعمر بالحسينية جَامعا حسنا ظريفاً وَخرج لَهُ شهَاب الدّين أَحْمد بن أيبك الدمياطي مشيخةً وَحدث بهَا وقرأوها عَلَيْهِ وَهُوَ فِي شباك النِّيَابَة بقلعة الْجَبَل وَلما تولى الْملك النَّاصِر أَحْمد أخرجه إِلَى حماة نَائِبا فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن تولى الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فَأحْضرهُ إِلَى مصر وَأقَام بهَا على عَادَته فَلَمَّا أمسك آقسنقر السلاري النَّائِب جعله نَائِبا مَكَانَهُ فَشدد فِي الْخمر إِلَى الْغَايَة وحد عَلَيْهَا وجنى النَّاس وَهدم خزانَة البنود وأراق خمورها وبناها جَامعا وَأمْسك الزِّمَام زَمَانا وَكَانَ يجلس للْحكم فِي شباك النِّيَابَة طول نَهَاره لَا يمل من ذَلِك وَلَا يسأم
وَله فِي قُلُوب النَّاس مهابة وَحُرْمَة إِلَى أَن تولى السُّلْطَان الْملك الْكَامِل شعْبَان فَأخْرجهُ أول سلطنته إِلَى دمشق نَائِب الشَّام عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين طقزدمر فَلَمَّا كَانَ فِي أول الطَّرِيق حضر إِلَيْهِ من قَالَ لَهُ الشَّام بِلَا نَائِب فسق إِلَيْهِ لنلحقه فَخفف من جماعته وسَاق فِي جماعةٍ قَليلَة فَحَضَرَ إِلَيْهِ من أَخذه وَتوجه بِهِ إِلَى صفد نَائِبا فَتوجه إِلَيْهَا ودخلها فِي أَوَاخِر شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة ثمَّ إِنَّه أرجف النَّاس بِهِ أَنه قد بَاطِن الْأَمِير سيف الدّين قماري نَائِب طرابلس على الهروب أَو الْخُرُوج على السُّلْطَان فَحَضَرَ من مصر من كشف الْأَمر فَسَأَلَ هُوَ التَّوَجُّه إِلَى مصر فرسم لَهُ فَتوجه إِلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ فِي غَزَّة أمْسكهُ نائبها الْأَمِير سيف الدّين أراق وجهز إِلَى إسكندرية فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
(إلْيَاس)
3 - (ركن الدّين الْمقري الإربلي)
إلْيَاس بن علوان بن مَمْدُود الْمقري الزَّاهِد ركن الدّين(9/214)
الإربلي الملقن نزيل دمشق قَرَأَ بالعراق وديار بكر وَقَرَأَ بِدِمَشْق على السخاوي وَسمع من شهَاب الدّين السهروردي وَغَيره تصدر للإقراء بِجَامِع دمشق يُقَال إِنَّه ختم عَلَيْهِ أَرْبَعَة آلَاف نفس وَأكْثر توفّي بِمَسْجِد طوغان الَّذِي بالفسقار وَهُوَ على قدر سَعَة الْكَعْبَة سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (ابْن الداية)
إلْيَاس بن عَليّ أخي مجد الدّين ابْن الداية صَاحب قلعة جعبر توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَنقل من جعبر إِلَى مَقَابِر حلب وطلبها الْملك الظَّاهِر غَازِي من وَالِده السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب مَنْقُول من تأريخ القَاضِي الْفَاضِل
3 - (ابْن الصفار السنجاري)
إلْيَاس بن عَليّ الرئيس الْمَعْرُوف بِابْن الصفار السنجاري كَانَت الرياسة بسنجار لَا تزَال فِي بَيته أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب من الْبَسِيط
(يَا للهوى إنّ قلبِي فِي يدَيْ رَشإ ... مُزنَّر الخصر يَسبي الْخلق بالحَدَقِ)
(مستعرِبٍ من بني الأتراك مَا تركتْ ... لحاظهُ فِي الْهوى منّي سوى رمَقي)
(سألتُه قُبلةً أشفي الغليل بهَا ... يَوْمًا وَقد زَرْفَن الأصداغ فِي الحلقِ)
(فصدّ عنّي بوجهٍ مُعرِضٍ نثرتْ ... يدُ الحياءٍ عَلَيْهِ لُؤْلُؤ العَرَقِ)
(فصِحتُ من نَار وجدي نَحْو من عذلوا ... فِيهِ وقلبي حليفُ الْفِكر والقلقِ)
(قومُوا انْظُرُوا ويْحكم شمس النَّهَار فقد ... ألْقت عَلَيْهِ اللآلي أنجم الأفقِ)
3 - (الإربلي)
إلْيَاس بن عِيسَى بن مُحَمَّد الإربلي الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل كَانَ مُقيما بِدِمَشْق وَأكْثر نَهَاره فِي الْجَامِع برواق الْحَنَابِلَة وَكَانَ على ذهنه حكايات ونوادر مليح المحاضرة حسن الشكل ظريفاً
وَكَانَ يجلس إِلَيْهِ الْأَعْيَان والصدور لصلاحه وَحسن سمته وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بقاسيون
(الألقاب)
)
الإِمَام العباسي مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله وَالْإِمَام إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن الإِمَام جمال الدّين اسْمه مُحَمَّد بن الْفضل(9/215)
الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ اسْمه مُحَمَّد بن عمر
إِمَام الْحَرَمَيْنِ اسْمه عبد الْملك بن عبد الله
فَخر الدّين الإِمَام إِسْمَاعِيل بن عبد الْقوي
إِمَام الدّين صَاحب الدِّيوَان اسْمه يحيى
إِمَام مقَام إِبْرَاهِيم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
(أماجور التركي)
(أَمِير دمشق أَيَّام الْمُعْتَمد)
كَانَ مهيباً شجاعاً أمنت الطّرق فِي أَيَّامه وَالْحجاج وَكَانَ الشَّام أَيَّامه مثل المهد بعث مرّة جندياً إِلَى أَذْرُعَات فِي رِسَالَة فَنزل اليرموك فصادف أَعْرَابِيًا فِي قَرْيَة فَجَلَسَ الجندي إِلَيْهِ فَمد الْأَعرَابِي يَده ونتف من سبال الجندي خصلتي شعر وَعَاد الجندي إِلَى دمشق وَبلغ الْخَبَر أماجور فَدَعَاهُ وَسَأَلَهُ عَن الْقِصَّة فاعترف فحبسه ثمَّ استدعى بمعلم الصّبيان وَأَعْطَاهُ مَالا وَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَأظْهر أَنَّك تعلم الصّبيان فَلَا بُد أَن ترى الْأَعرَابِي هُنَاكَ فشاغله وَأَعْطَاهُ طيوراً وَقَالَ عرفني الْأَخْبَار يَوْمًا بيومٍ فَفعل الْمعلم مَا أمره فَرَأى الْأَعرَابِي وشاغله وَأطلق الطُّيُور فَركب أماجور بِنَفسِهِ وَوصل إِلَيْهَا فِي يومٍ وَاحِد وَأخذ الْأَعرَابِي مكتوفاً وَدخل دمشق وَقَالَ لَهُ مَا حملك على مَا فعلت بِرَجُل من أَوْلِيَاء السُّلْطَان قَالَ كنت سكراناً لم أَعقل فَأمر بنتف كل شَعْرَة فِيهِ من أجفانه ولحيته وَرَأسه وَمَا ترك على جِسْمه شَعْرَة وضربه ألف سَوط وَقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وصلبه أخرج الجندي من الْحَبْس وضربه مائَة سَوط وطرده عَن الْخدمَة وَقَالَ أَنْت مَا دافعت عَن نَفسك فَكيف تدافع عني وَلما مَاتَ أماجور فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ رُؤِيَ فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ غفر الله لي فَقيل لَهُ بِمَاذَا قَالَ بحفظي طرقات الْمُسلمين وَالْحجاج وَبنى خَانا بالخواصين بِدِمَشْق وَكتب على بَابه مائَة سنة وَسنة فَعَاشَ بعد ذَلِك مائَة يومٍ وَيَوْم رَحمَه الله تَعَالَى
(أُمَامَة)
3 - (الصحابية)
أُمَامَة بنت الْحَارِث بن حزن الْهِلَالِيَّة أُخْت مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا قَالَ بعض الروَاة وَهُوَ وهم قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا أعلم لميمونة أُخْتا من أَب وَلَا من أم اسْمهَا أُمَامَة وَإِنَّمَا أخواتها من أَبِيهَا لبَابَة الْكُبْرَى زوج الْعَبَّاس ولبابة الصُّغْرَى زوج الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَثَلَاث أَخَوَات سواهُمَا ولهن ثَلَاث أَخَوَات من أمهن تَمام تسع(9/216)
3 - (بنت زَيْنَب)
أُمَامَة بنت أبي الْعَاصِ بن الرّبيع بن عبد الْعُزَّى بن عبد شمس بن عبد منَاف أمهَا زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحِبهَا وَرُبمَا حملهَا على عُنُقه فِي الصَّلَاة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهديت لَهُ هَدِيَّة فِيهَا قلادة جزع فَقَالَ لأدفعنها إِلَى أحب أَهلِي فَقَالَ النِّسَاء ذهبت بهَا ابْنة أبي قُحَافَة فَدَعَا أُمَامَة بنت زَيْنَب فأعلقها فِي عُنُقهَا وَتَزَوجهَا عَليّ بن أبي طَالب بعد فَاطِمَة زَوجهَا مِنْهُ الزبير بن الْعَوام وَكَانَ أَبوهَا أَبُو الْعَاصِ أوصى بهَا إِلَى الزبير فَلَمَّا حضرت عليا الْوَفَاة قَالَ لأمامة إِنِّي لَا آمن أَن يخطبك هَذَا بعد موتِي يَعْنِي مُعَاوِيَة فَإِن كَانَ لَك فِي الرِّجَال حَاجَة فقد رضيت لَك الْمُغيرَة بن نَوْفَل عشيراً فَلَمَّا انْقَضتْ عدتهَا كتب مُعَاوِيَة إِلَى مَرْوَان أَن يخطبها عَلَيْهِ وبذل لَهَا مائَة ألف دِينَار فَلَمَّا خطبهَا أرْسلت إِلَى الْمُغيرَة تَقول إِن هَذَا قد أرسل يخطبني فَإِن كَانَ لَك بِنَا حَاجَة فَأقبل فَأقبل وخطبها إِلَى الْحسن بن عَليّ فَزَوجهَا مِنْهُ وَتوفيت عِنْده فِي حُدُود الْخمسين لِلْهِجْرَةِ وَلما آمت أُمَامَة من عَليّ بن أبي طَالب قَالَت أم الْهَيْثَم الخثعمية من الوافر
(أشاب ذؤابتي وأذلّ ركني ... أُمَامَة حِين فَارَقت القرينا)
(تطيف بِهِ لحاجتها إِلَيْهِ ... فلمّا استيأست رفعت رنينا)
3 - (أُمَامَة المزيدية)
لما قتل سَالم بن عُمَيْر أحد البكائين أَبَا عفك أحد بني عَمْرو بن عَوْف وَكَانَ أَبُو عفك قد نجم نفَاقه حِين قُتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَارِث بن سُوَيْد الصَّامِت فَقَالَ فِي ذَلِك شعرًا ذكره ابْن إِسْحَاق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لي من هَذَا الْخَبيث فَخرج سَالم بن عُمَيْر أَخُو بني عَمْرو بن عَوْف فَقتله فَقَالَت أُمَامَة فِي ذَلِك من الطَّوِيل)
(تكذّب دين الله والمرءَ أحمدا ... لَعَمْرُ الَّذِي أمنْاك أَن بئس مَا يمُني)
(حَباك حنيفٌ آخر اللَّيْل طعنةً ... أَبَا عَفَك خذْها على كبر السنِّ)
3 - (أُمَامَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب)
لم يذكرهَا ابْن عبد الْبر فِي الصحابيات وَذكر البلاذري عَن هِشَام بن الْكَلْبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوج أُمَامَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب سَلمَة بن أبي سَلمَة فَهَلَك قبل أَن يجتمعا قَالَ الْوَاقِدِيّ وَكَانَت انبة حَمْزَة بِمَكَّة فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ لرَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي عمْرَة الْقَضَاء علام نَتْرُك ابْنة عمنَا يتيمةً بَين ظهراني الْمُشْركين فأخرجها فَتكلم فِيهَا زيد بن حَارِثَة الْقِصَّة قَالَ البلاذري وَبَعْضهمْ زعم أَن اسْمهَا أمة الله وَبَعْضهمْ يَقُول أم أَبِيهَا وَقَالَ بَعضهم عمَارَة والثبت أُمَامَة وَأمّهَا سلمى بنت عُمَيْس وَقد صحّح ذَلِك ابْن عبد الْبر فِي بَاب سلمى من كِتَابه وروى البلاذري بِإِسْنَادِهِ أَن عمَارَة بن حَمْزَة قدم الْعرَاق مَعَ الْمُسلمين فَجَاهد وَقتل دهقاناً ثمَّ انْصَرف وَتُوفِّي وَذكر أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ(9/217)
زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَامَة بنت حَمْزَة من سَلمَة بن أبي سَلمَة فَلم يضمها إِلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ خبل وإكسال وَمَات فِي أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان وَكَانَ عمر أسن مِنْهُ فَتزَوج أُمَامَة وَمَات أَيْضا فِي أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان
(الألقاب)
أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ اسْمه صدي بن عجلَان يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الصَّاد فِي مَكَانَهُ
أَبُو أُمَامَة اسْمه أسعد بن سهل
أَبُو أُمَامَة الْأنْصَارِيّ اسْمه أسعد بن زُرَارَة بن عدس النَّقِيب الْأنْصَارِيّ
(أَمَان بن الصمصامة أَبُو مَالك النَّحْوِيّ)
أَمَان بن الصمصامة بن الطرماح بن حَكِيم أَبُو مَالك شَاعِرًا عَالما باللغة حَافِظًا للغريب وَالشعر مَعْرُوف فِي نحاة القيروان وَكَانَ أَبُو عَليّ الْحسن بن أبي سعيد الْبَصْرِيّ كَاتب المهالبة أَيَّام ولايتهم إفريقية يكرم أَبَا مَالك واطرحه ابْن الْأَغْلَب إِذْ صَار الْأَمر إِلَيْهِ لهجاء جده الطرماح بني تَمِيم قَالَ أَبُو الْوَلِيد الْمهْدي أَبْطَأت على أبي مَالك وَكَانَ مَرِيضا فَكتب إِلَيّ من الرمل
(أبلِغ المهديَّ عنّي مألُكاً ... أنّ دائي قد أصار المخَّ ريرا)
(فَإِذا مَا مِتُّ فانْعَمْ سالما ... وتَمَلَّ العيشَ فِي الدُّنْيَا كثيرا)
(كنتُ فِي المرضى مَرِيضا مُطلقًا ... وَلَقَد أصبحتُ فِي المرضى أَسِيرًا)
وَأخذ الْمهْدي عَنهُ جُزْءا من النَّحْو واللغة وَالشعر
(امْرُؤ الْقَيْس)
3 - (ابْن عَابس الْكِنْدِيّ)
امْرُؤ الْقَيْس بن عَابس الْكِنْدِيّ وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَاصم إِلَيْهِ فِي أَرض وَرجع إِلَى بِلَاده وَثَبت على إِسْلَامه وَلم يرْتَد مَعَ من ارْتَدَّ من كِنْدَة وَأنكر على الْأَشْعَث بن قيس ارتداده وأسمعه كلَاما غليظاً ثمَّ خرج إِلَى الشَّام مُجَاهدًا وَشهد اليرموك وَكَانَ نازلاً ببيسان من الشَّام فَلَمَّا وَقع طاعون عمواس أسْرع فِي كِنْدَة فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس من الْخَفِيف
(رُبَّ خَودٍ مثل الْهلَال وبيضا ... ءَ كعوبٍ بالجِزْع من عمواس)
وَمن شعره أَيْضا من الطَّوِيل(9/218)
(دنَتْ وظلال الْمَوْت بيني وَبَينهَا ... وجادتْ بوصلٍ حِين لَا ينفع الوصلُ)
وَكَانَ لَهُ رَضِي الله عَنهُ غناء فِي الرِّدَّة وَلما أخرج الكنديون عَن الرِّدَّة ليقتلوا وثب على عَمه ليَقْتُلهُ فَقَالَ لَهُ عَمه وَيحك يَا امْرأ الْقَيْس أتقتل عمك وَقَالَ أَنْت عمي وَالله رَبِّي وَقَتله وَهُوَ الْقَائِل من الوافر
(أَلا أبِلغْ أَبَا بكرٍ رَسُولا ... وأبلغها جَمِيع المسلمينا)
(فَلَيْسَ مجاوراً بَيْتِي بُيُوتًا ... بِمَا قَالَ النبيّ مكذِّبينا)
)
(وَلَا متبدٍّلاً بِاللَّه ربّاً ... وَلَا متبدٍّلاً بِالدّينِ دينا)
وَهُوَ الْقَائِل من الْكَامِل المرفل
(قِفْ بالديار وَأَنت حابسْ ... وتأنْ إنّك غير آنِسْ)
(مَاذَا عَلَيْك من الوقو ... ف بهامِد الطَلَلَين دارسْ)
(لعِبَتْ بهنّ العاصفا ... تُ الرائحاتُ من الروامسْ)
(يَا رُبَّ باكيةٍ عَلَيَّ ... ومنشدٍ لي فِي المجالسْ)
(لَا تعجْبوا إِن تسمعوا ... هلك امْرُؤ الْقَيْس بن عابسْ)
3 - (الْكَلْبِيّ الصَّحَابِيّ)
امْرُؤ الْقَيْس بن الْأَصْبَغ بالغين الْمُعْجَمَة الْكَلْبِيّ من بني عبد الله من كلب بن وبرة بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاملا على كلب فِي حِين إرْسَاله عماله على قضاعة فَارْتَد بَعضهم وَثَبت امْرُؤ الْقَيْس على دينه وَهُوَ خَال أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَ الْأَصْبَغ زعيم قومه وَرَئِيسهمْ
3 - (الْكَلْبِيّ)
امْرُؤ الْقَيْس بن عدي الْكَلْبِيّ قَالَ عَوْف بن خَارِجَة إِنِّي لعِنْد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي خِلَافَته إِذْ أقبل رجل أفحج أجلى أمعر يتخطى رِقَاب النَّاس حَتَّى قَامَ بَين يَدي عمر فحياه بِتَحِيَّة الْخلَافَة فَقَالَ لَهُ عمر مِمَّن أَنْت قَالَ أَنا امْرُؤ نَصْرَانِيّ وَأَنا امْرُؤ الْقَيْس بن عدي الكبي فَلم يعرفهُ عمر فَقَالَ رجل هَذَا صَاحب بكر بن وَائِل الَّذِي أغار عَلَيْهِم فِي الْجَاهِلِيَّة يَوْم فلج قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيد الْإِسْلَام فعرضه عَلَيْهِ عمر فَقبله ثمَّ دَعَا لَهُ بِرُمْح فعقد لَهُ على من أسلم بِالشَّام من قضاعة فَأَدْبَرَ الشَّيْخ واللواء يَهْتَز على رَأسه قَالَ عَوْف فو الله مَا رَأَيْت رجلا لم يصل لله رَكْعَة قطّ أَمر على جماعةٍ من الْمُسلمين قبله ونهض عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ من الْمجْلس وَمَعَهُ ابناه حسن وحسين عَلَيْهِمَا السَّلَام حَتَّى أدْركهُ فَأخذ بثيابه فَقَالَ يَا عَم أَنا عَليّ بن أبي طَالب ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصهره وَهَذَانِ ابناي من ابْنَته وَقد رغبنا فِي صهرك فأنكحنا فَقَالَ قد أنكحتك يَا عَليّ المحياة بنت امْرِئ(9/219)
الْقَيْس وأنكحتك يَا حسن سلمى بنت امْرِئ الْقَيْس وأنكحتك يَا حُسَيْن الربَاب بنت امْرِئ الْقَيْس)
(الألقاب)
الأمجد صَاحب بعلبك بهْرَام شاه بن فرخشاه
الأمجد ابْن النَّاصِر الْحسن بن دَاوُد
الْآمِدِيّ جمَاعَة مِنْهُم الْحسن بن بشر الْآمِدِيّ الأديب
الْآمِدِيّ الأصولي اسْمه عَليّ بن أبي عَليّ
ابْن الْآمِدِيّ شمس الدّين الْقَاسِم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن سَالم الْآمِدِيّ الصاحب بدر الدّين جَعْفَر بن مُحَمَّد
الْآمِدِيّ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن سعد وموفق الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ
الْآمِر بِأَحْكَام الله خَليفَة مصر اسْمه مَنْصُور بن أَحْمد
ابْن أمسينا اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
(أَمِير ميران بن زنكي)
(أَخُو نور الدّين الشَّهِيد)
أَصَابَهُ على بانياس سهم فِي عينه فَقتله وَكَانَ نور الدّين لما مرض كَاتب أَمِير ميران الْأُمَرَاء فَلَمَّا عوفي نور الدّين سَار إِلَيْهِ وَأخذ مِنْهُ حران وطرده فَمضى إِلَى صَاحب الرّوم وجيش الجيوش فِي سنة تسع وَخمسين وانضم إِلَيْهِ خلق كثير وَكَانَ نور الدّين نازلاً على رَأس المَاء فَالْتَقوا فَكَسرهُ نور الدّين وَقتل أَخُو مجد الدّين ابْن الداية وَنهب عَسْكَر نور الدّين وَرجع إِلَى حصن كيفا مستجيراً وَيُقَال إِنَّه شفع فِيهِ إِلَى نور الدّين فَقبل الشَّفَاعَة فِيهِ كَذَا ذكره سبط ابْن الْجَوْزِيّ وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِن أَمِير ميران توفّي فِي الْوَاقِعَة وَالله أعلم وَذَلِكَ سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة
(أم الْكَرم بنت المعتصم بن صمادح)
أم الْكَرم بنت مُحَمَّد بن معن بن صمادح التجيبية هِيَ ابْنة المعتصم مُحَمَّد ابْن صمادح وَقد تقدم ذكر والدها فِي المحمدين وَذكر جمَاعَة من بَيتهَا فِي أَمَاكِن من هَذَا الْكتاب ذكر الحجاري أَن أَبَاهَا اعتنى بتأديبها لما رَآهُ من ذكائها حَتَّى نظمت الشّعْر والموشحات وعشقت الْفَتى الْمَشْهُور بالشعار وَقَالَت فِيهِ من السَّرِيع
(يَا مَعْشَر النَّاس أَلا فاعْجَبوا ... ممّا جَنَتْه لوعةُ الحبِّ)
(لولاه لم ينزل ببدر الدُّجى ... من أُقفه العُلوِيّ للتُّرْبِ)(9/220)
(حُبّي لمن أهواه لَو أنّه ... فارقني تَابعه قلبِي)
وَقَالَت فِيهِ من الطَّوِيل
(أَلا لَيْت شعري هَل سبيلٌ لخلوةٍ ... يُنَزَّه عَنْهَا سمعُ كلّ مُراقبِ)
(وَيَا عجبا أشتاقُ خلْوَة من غَدا ... ومثواه مَا بَين الحشا والترائبِ)
(آمِنَة)
3 - (آمِنَة بنت رُقَيْش)
ذكرهَا ابْن إِسْحَاق فِي من هَاجر من نسَاء بني غنم ابْن دودان وَذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي من هَاجر وَبَايع قَدِيما وَذكرهَا الْوَاقِدِيّ وَزَاد أَنَّهَا أُخْت يزِيد بن رُقَيْش
3 - (آمِنَة بنت الأرقم)
ذكر أَبُو أَحْمد الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى أَن السَّائِب المَخْزُومِي عَن جدته آمِنَة بنت الأرقم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع لَهَا بِئْرا بِبَطن العقيق وَكَانَت تسمى بِئْر آمِنَة وَبَارك لَهَا فِيهَا
وَكَانَت إِحْدَى الْمُهَاجِرَات
3 - (آمِنَة بنت إِبْرَاهِيم)
3 - (بن عليّ بن أَحْمد بن فضل)
الشيخة الصَّالِحَة أم مُحَمَّد بنت تَقِيّ الدّين الوَاسِطِيّ سَمِعت من ابْن عبد الدَّائِم وأجازت لي فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَكتب عَنْهَا عبد الله بن الْمُحب
(أمة)
3 - (ابْنة الناصح)
أمة الْكَرِيم ابْنة الناصح عبد الرَّحْمَن بن نجم الْحَنْبَلِيّ امْرَأَة جليلة كاتبة فاضلة شيخة رِبَاط بلدق سَمِعت من أَبِيهَا كتب عَنْهَا ابْن الخباز والبرزالي وَسمعت بإربل صَحِيح البُخَارِيّ
تيك أُخْتهَا باسمها فَإِن هَذِه صغرى عَن ذَلِك توفيت سنة تسع وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (بنت الْمحَامِلِي)
أمة الْوَاحِد بنت القَاضِي أبي عبد الله الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي رَوَت عَن أَبِيهَا وَإِسْمَاعِيل الْوراق وَعبد الغافر بن سَلامَة وحفظت الْقُرْآن وتفقهت للشَّافِعِيّ وَعرفت الْفَرَائِض ومسائل الدّور والعربية وَغير ذَلِك من الْعُلُوم الإسلامية وروى عَنْهَا الْحسن بن عبد الله الْخلال وَغَيره وَهِي أم القَاضِي أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْقَاسِم(9/221)
الْمحَامِلِي وَاسْمهَا ستيتة وَقَالَ البرقاني كَانَت تُفْتِي مَعَ أبي عَليّ ابْن أبي هُرَيْرَة وَتوفيت فِي شهر رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة
3 - (أمة الْعَزِيز بنت جَعْفَر)
هِيَ زبيدة زَوْجَة الرشيد هَارُون يَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الزَّاي فليطلب هُنَاكَ
(الألقاب)
أبن أميرك الْحَازِمِي اسْمه مُحَمَّد بن عمر
أَمِير الْكَلَام عبد الْملك بن مُحَمَّد
أَمِير الجيوش صَاحب السويقة اسْمه بدر
أميرك الْكَاتِب أَحْمد بن يحيى
أَمِين الدولة ابْن التلميذ اسْمه هبة الله بن صاعد
أَمِين الدولة الصاحب السامري أَبُو الْحسن ابْن غزال
أَمِين الْملك اسْمه عبد الله وَهُوَ الصاحب أَمِين الدّين
أَمِين أَمِير الْمُؤمنِينَ العباسي مُحَمَّد بن هَارُون
الْأمين الدّين الْحلَبِي الْكَاتِب اسْمه عبد المحسن بن حمود)
الْأمين الإربلي الْقَاسِم بن أبي بكر
الأميوطي إِبْرَاهِيم بن يحيى
(أُمَيْمَة)
3 - (الصحابية أُمَيْمَة بنت خلف)
أُمَيْمَة بنت خلف بن أسعد بن عَامر الْخُزَاعِيَّة زوج خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة هَاجَرت إِلَى أَرض الْحَبَشَة وَولدت هُنَاكَ سعيد بن خَالِد وَيُقَال فِيهَا هميمة وَقيل أمينة وَذَلِكَ تَصْحِيف(9/222)
3 - (الصحابية أُمَيْمَة بنت رقيقَة)
أُمَيْمَة بنت رقيقَة أمهَا رقيقَة بنت خويلد بن أَسد بن عبد الْعُزَّى أُخْت خَدِيجَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم روى عَنْهَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وابنتها حكيمة بنت أُمَيْمَة
3 - (الصحابية أُمَيْمَة بنت النجار)
أُمَيْمَة بنت النجار الْأَنْصَارِيَّة حَدِيثهَا عِنْد ابْن جريج عَن حكيمة بنت أبي حَكِيم عَن أمهَا أُمَيْمَة أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهُنَّ عصائب كَانَ فِيهَا الورس والزعفران فيغطين بِهن أسافل رؤوسهن قبل أَن يحرمن ثمَّ يحرمن كَذَلِك جعل الْعقيلِيّ هَذَا الحَدِيث لأميمة بنت النجار قَالَ ابْن عبد الْبر وَأَنا أَظُنهُ لأميمة بنت رقيقَة بِدَلِيل حَدِيث حجاج عَن ابْن جريج عَن حكيمة بنت أُمَيْمَة بنت رقيقَة عَن أمهَا قَالَت كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدح من عيدَان يَبُول فِيهِ ذكره أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عِيسَى بن حجاج
3 - (الصحابية أُمَيْمَة بنت قيس)
أُمَيْمَة بنت قيس بن عبد الله الْأَسدي أَسد خُزَيْمَة كَانَت مَعَ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان بِأَرْض الْحَبَشَة وَكَانَ أَبوهَا وَأمّهَا بركَة ظئرين لأم حَبِيبَة ولزوجها عبيد الله بن جحش ذكرهَا ابْن إِسْحَاق
3 - (الْأَنْصَارِيَّة)
أُمَيْمَة بنت بشر الْأَنْصَارِيَّة الأوسية كَانَت تَحت ثَابت بن الدحداحة فنفرت مِنْهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ كَافِر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سهل بن حنيف فَولدت لَهُ عبد الله ذكرهَا الطَّبَرِيّ فِي التَّفْسِير)
3 - (مولاة رَسُول الله)
3 - (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أُمَيْمَة مولاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُوِيَ عَنْهَا جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ حَدِيثهَا عِنْد أهل الشَّام
(أُميَّة)
3 - (التَّمِيمِي)
أُميَّة بن أبي عُبَيْدَة بن همام بن الْحَارِث بن بكر يَنْتَهِي إِلَى زيد بن مَنَاة بن تَمِيم التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي حَلِيف لبني نَوْفَل بن عبد منَاف وَالِد يعلى بن أُميَّة الَّذِي يُقَال لَهُ يعلى بن منية وَهِي أمه وَأُميَّة أَبوهُ ولابنه يعلى أَيْضا صُحْبَة وصحبة ابْنه أشهر قدم أُميَّة مَعَ ابْنه يعلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله بَايعنَا على الْهِجْرَة فَقَالَ لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَكَانَا قدما عَلَيْهِ بعد الْفَتْح(9/223)
3 - (الضمرِي)
أُميَّة بن خويلد الضمرِي وَالِد عَمْرو بن أُميَّة حجازي لَهُ صُحْبَة ولابنه عَمْرو صُحْبَة وصحبة ابْنه أشهر روى حَدِيث أُميَّة إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مجمع عَن جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه عينا وَحده وَذكر الحَدِيث
3 - (الْخُزَاعِيّ)
أُميَّة بن مخشي الْخُزَاعِيّ أَبُو عبد الله لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ الْمثنى ابْن عبد الرَّحْمَن بن مخشي وَهُوَ ابْن أَخِيه لَهُ حَدِيث وَاحِد فِي التَّسْمِيَة على الْأكل
3 - (الصَّحَابِيّ)
أُميَّة بن خَالِد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يستفتح بصعاليك الْمُهَاجِرين
روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي قَالَ ابْن عبد الْبر لَا تصح عِنْدِي صحبته والْحَدِيث مُرْسل وَيُقَال إِنَّه أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد كَذَا قَالَ الثَّوْريّ وَقيس بن الرّبيع
3 - (الْكِنَانِي)
أُميَّة بن الأشكر هُوَ من كنَانَة من بني لَيْث صَحَابِيّ شَاعِر مخضرم من سَادَات قومه كَانَ لَهُ ولد اسْمه كلاب هَاجر فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْمَدِينَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة)
ثمَّ لَقِي ذَات يَوْم طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَسَأَلَهُمَا أَي الْأَعْمَال أفضل فَقَالَا الْجِهَاد فَسَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ فأغزاه فِي جَيش وَكَانَ أَبوهُ قد كبر وَضعف فَلَمَّا طَالَتْ غيبته قَالَ من الوافر
(لِمَن شَيْخَانِ قد نشدا كلابا ... كتابَ الله لَو قبل الكتابا)
(أُناديه فَيعرض فِي إياءٍ ... فَلَا وَأبي كلاب مَا أصابا)
(أَتَاهُ مهاجران تكنّفاه ... فَفَارَقَ شيخَه خطأ وخابا)
(تركتَ أَبَاك مُرْعشةً يَدَاهُ ... وأمّك مَا تُسبغ لَهَا شرابًا)
(وإنّك والتماسَ الْأجر بعدِي ... كباغي الماءِ يتّبع السرابا)
فبلغت أبياته عمر رَضِي الله عَنهُ فَلم يردد كلاباً وَطَالَ مقَامه فخلط جزعاً عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه أَتَاهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحَوله الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَوقف عَلَيْهِ وَأَنْشَأَ يَقُول من الوافر
(أعاذِلَ قد عذلتِ بِغَيْر قدر ... وَلَا تدرين عاذِلَ مَا أُلَاقِي)
(فإمّا كنتِ عاذلتي فرُدِّي ... كلاباً إِذْ توجّه للعراقِ)(9/224)
(وَلم أقْضِ اللُبانة من كلاب ... غداةَ غدٍ وآذَن بالفراقِ)
(فَتى الفتيان فِي يُسرٍ وعُسرٍ ... شديدُ الرُّكْن فِي يَوْم التلاقي)
(وَلَا أَبِيك مَا باليتَ وجدي ... وَلَا شفقي عَلَيْك وَلَا اشتياقي)
(وإبقائي عَلَيْك إِذا شَتونا ... وضمَّك تَحت نحري واعتناقي)
(فَلَو فلق الفؤادَ شديدُ وجدٍ ... لهمَّ سوادُ قلبِي بانفلاقِ)
(سأستعدي على الْفَارُوق ربّاً ... لَهُ دَفْعُ الحَجيج إِلَى سياقِ)
(وأدعو الله مُجْتَهدا عَلَيْهِ ... بِبَطن الأخشَبَيْن إِلَى دُفاق)
(إنِ الفاروقُ لم يردُدْ كلاباً ... إِلَى شيخين هامُهما زَواقِ)
فَبكى عمر رَضِي الله عَنهُ وَأمر برد كلاب إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا قدم دخل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا بلغ من برك بأبيك فَقَالَ كنت أوثره وأكفيه أمره وَكنت أعْتَمد إِذا أردْت أَن أحلب لَهُ أغزر نَاقَة فِي إبِله وأسمنها فأريحت وأتركها حَتَّى تَسْتَقِر ثمَّ أغسل أخلافها حَتَّى تبرد ثمَّ أحتلب لَهُ فأسقيه
فَبعث عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى أَبِيه من جَاءَ بِهِ وَأدْخلهُ وَقد ضعف بَصَره وانحنى فَقَالَ يَا أَبَا كلاب كَيفَ أَنْت فَقَالَ كَمَا ترى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هَل من حَاجَة فَقَالَ كنت أشتهي)
أَن أرى كلاباً فأشمه شمةً وأضمه ضمةً قبل أَن أَمُوت فَبكى عمر وَقَالَ ستبلغ فِي هَذَا مَا تحب إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ أَمر كلاباً أَن يحتلب لِأَبِيهِ نَاقَة كَمَا كَانَ يفعل وَيبْعَث إِلَى أَبِيه فَفعل فَنَاوَلَهُ عمر الْإِنَاء وَقَالَ دُونك يَا أَبَا كلاب فَلَمَّا أَخذه وَأَدْنَاهُ إِلَى فَمه قَالَ لعمر الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لأشم رَائِحَة كلاب من هَذَا الْإِنَاء فَبكى عمر وَقَالَ هَذَا كلاب حَاضر عنْدك فَنَهَضَ إِلَيْهِ وَقَبله وَجعل عمر يبكي وَمن حَضَره فَقَالَ لكلاب الزم أَبَوَيْك وَأمر لَهُ بعطائه وَأمره بالانصراف فلزمهما إِلَى أَن مَاتَا
3 - (أُميَّة بن أبي أُميَّة عَمْرو)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد ابْن أُميَّة وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين كَانَ أُميَّة الْمَذْكُور يكْتب للمهدي على بَيت المَال وَكَانَ إِلَيْهِ ختم الْكتب بِحَضْرَتِهِ وَكَانَ يأنس بِهِ لأدبه وفضله ومكانه من ولائه فزامله أَربع دفعات حَجهَا فِي ابْتِدَائه ورجوعه
3 - (أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت)
وَاسم أبي الصَّلْت عبد الله بن أبي ربيعَة بن عَوْف من ثَقِيف كَانَ أَبوهُ شَاعِرًا وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة يمدح ابْن جدعَان من الْكَامِل
(قومِي ثقيفٌ إِن سألتَ وأُسرتي ... وبهمْ أُدافع رُكن مَن عاداني)
(قومٌ إِذا نزل الغريبُ بدارهم ... ردُّوه ربَّ صواهلٍ وقيانِ)
(لَا ينكتون الأرضَ عِنْد سُؤَالهمْ ... لتطلّب العِلاَت بالعيدان)(9/225)
اتّفق الْعلمَاء على أَنه أشعر ثَقِيف كَانَ قد نظر فِي الْكتب وَلبس المسوح تعبداً وَشك فِي الْأَوْثَان وَالْتمس الدّين وطمع فِي النَّبَوِيَّة فَلَمَّا ظهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ هَذَا الَّذِي كنت تستريب وَتقول فِيهِ فحسده عَدو الله وَقَالَ إِنَّمَا كنت أَرْجُو أَن أكونه فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ واتْلُ عَليهم نَبَأ الَّذِي آتَيناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْهَا وَكَانَ يحرض قُريْشًا بعد وقْعَة بدر ورثى قَتْلَى بدر بقصيدة مِنْهَا من الْكَامِل
(مَاذَا ببدر والعَقَنْ ... قَل من مرازبةٍ جحاجحْ)
وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تروى
عَن الزُّهْرِيّ قَالَ خرج أُميَّة فِي نفر فنزلوا فَأم أُميَّة وَجها وَصعد فِي كثيب فَرفعت لَهُ كَنِيسَة فَانْتهى إِلَيْهَا فَإِذا شيخ جَالس فَقَالَ لأمية حِين رَآهُ إِنَّك لمتبوع فَمن أَيْن يَأْتِيك قَالَ)
من شقي الْأَيْسَر قَالَ فَأَي الثِّيَاب أحب إِلَيْك أَن يلقاك فِيهَا قَالَ السوَاد قَالَ كدت وَالله أَن تكون نَبِي الْعَرَب وَلست بِهِ وَهَذَا خاطر من الْجِنّ وَلَيْسَ بِملك وَإِن نَبِي الْعَرَب صلى الله عَلَيْهِ صَاحب هَذَا الْأَمر يَأْتِيهِ من شقَّه الْأَيْمن وَأحب الثِّيَاب إِلَيْهِ أَن يلقاه فِيهَا الْبيَاض
عَن عِنْد الرَّحْمَن بن أبي حَمَّاد قَالَ كَانَ أُميَّة جَالِسا فمرت بِهِ غنم فثغت مِنْهَا شَاة فَقَالَ للْقَوْم هَل تدورن مَا قَالَت الشَّاة قَالُوا لَا قَالَ إِنَّهَا قَالَت لسخلتها مري لَا يَأْكُلك الذِّئْب كَمَا أكل أختك عَام أول فِي هَذَا الْموضع فَقَامَ بعض الْقَوْم إِلَى الرَّاعِي فاستخبره فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ
عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ خرج ركب من ثَقِيف إِلَى الشَّام وَفِيهِمْ أُميَّة فَلَمَّا قَفَلُوا رَاجِعين نزلُوا منزلا إِذْ أَقبلت عظاية حَتَّى دنت مِنْهُم فحصبها بَعضهم بِشَيْء فِي وَجههَا فَرَجَعت وكفتوا سفرتهم ثمَّ قَامُوا يرحلون ممسين فطلعت عَجُوز وَرَاء كثيب مُقَابل لَهُم تتوكأ على عَصا فَقَالَت لَهُم مَا منعكم أَن تطعموا رحيمة الْجَارِيَة الْيَتِيمَة الَّتِي جاءتكم عتيمةً قَالُوا وَمَا أنتِ قَالَت أَنا أم الْعَوام أتيت مُنْذُ أَعْوَام أما وَرب الْعباد لتفترقن فِي الْبِلَاد ثمَّ ضربت بعصاها الأَرْض ثمَّ قَالَت أطيلي إيابهم ونفري رِكَابهمْ فَوَثَبت الْإِبِل كَأَن على كل بعير شَيْطَانا لم يملك مِنْهَا شَيْء حَتَّى افْتَرَقت فِي الْوَادي فجمعوها من آخر النَّهَار وَمن غَد فَلَمَّا أناخوها ليرحلوها طلعت الْعَجُوز فَضربت بعصاها الأَرْض وَقَالَت كقولها فَفعلت الْإِبِل كفعلها فَلم تجمع إِلَى الْغَد عَشِيَّة فَلَمَّا أناخوها ليرحلوها خرجت الْعَجُوز فَفعلت كفعلها فِي الْيَوْمَيْنِ ونفرت الْإِبِل فَقَالُوا لأمية أَيْن مَا كنت تخبرنا بِهِ عَن نَفسك فَقَالَ اذْهَبُوا أَنْتُم فِي طلب الْإِبِل ودعوني فَتوجه إِلَى الْكَثِيب الَّذِي كَانَت تَأتي مِنْهُ الْعَجُوز حَتَّى علاهُ وَهَبَطَ مِنْهُ إِلَى وادٍ فَإِذا فِيهِ كَنِيسَة وقناديل وَإِذا رجل مُضْطَجع معرض على بَابهَا إِذا رجل آخر جَالس أَبيض الرَّأْس واللحية فَلَمَّا رأى أُميَّة قَالَ إِنَّك لمتبوع فَمن أَيْن يَأْتِيك صَاحبك قَالَ من أُذُنِي الْيُسْرَى
قَالَ فَبِأَي الثِّيَاب يَأْمُرك قَالَ بِالسَّوَادِ قَالَ(9/226)
هَذَا من الْجِنّ كدت أَن تكونه إِن صَاحب النُّبُوَّة صلى الله عَلَيْهِ يَأْتِيهِ صَاحبه من قبل أُذُنه الْيُمْنَى ويأمره بِلبْس الْبيَاض فَمَا حَاجَتك فحدثه حَدِيث الْعَجُوز قَالَ صدقت هِيَ امرأةٌ يَهُودِيَّة من الْجِنّ هلك زَوجهَا مُنْذُ أَعْوَام وَإِنَّهَا لن تزَال تفعل ذَلِك بكم حَتَّى تهككم إِن استطاعت قَالَ أُميَّة وَمَا الْحِيلَة قَالَ اجْمَعُوا ظهركم فَإِذا جاءتكم فَفعلت كَمَا كَانَت تفعل فَقولُوا لَهَا سبع من فَوق سبع بِاسْمِك اللَّهُمَّ فَلَنْ تضركم
فَرجع أُميَّة إِلَيْهِم وَقد جمعُوا الظّهْر فَمَا أَقبلت قَالَ لَهَا مَا أمره الشَّيْخ فَلم تَضُرهُمْ فَلَمَّا رَأَتْ)
الْإِبِل لم تتحرك قَالَت قد عرفت صَاحبكُم ليبيض أَعْلَاهُ وليسودن أَسْفَله فَأصْبح أُميَّة وَقد برص فِي عذاره واسودّ أَسْفَله فَلَمَّا قدمُوا مَكَّة ذكرُوا لَهُم هَذَا الحَدِيث فَكَانَ ذَلِك أول مَا كتب أهل مَكَّة فِي كتبهمْ بِاسْمِك اللَّهُمَّ
عَن ثَابت بن الزبير قَالَ لما مرض الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ جعل يَقُول قد دنا أَجلي وَهَذِه المرضة منيتي وَأَنا أعلم أَن الحنيفية حق وَلَكِن الشَّك تداخلني فِي مُحَمَّد فَلَمَّا دنت وَفَاته أُغمي عَلَيْهِ قَلِيلا ثمَّ أَفَاق وَهُوَ يَقُول لبيكما لبيكما هَا أنذا لديكما لَا مَال لي يفديني وَلَا عشيرة تنجني ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ بعد سَاعَة حَتَّى ظن من حَضَره من أَهله أَنه قد قضى ثمَّ أَفَاق وَهُوَ يَقُول لبيكما لبيكما هَا أنذا لديكما لَا بَرِيء فأعتذر وَلَا قوي فأنتصر ثمَّ إِنَّه بَقِي يحدث من حضر سَاعَة ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ مثل الْمَرَّتَيْنِ حَتَّى يئسوا مِنْهُ فأفاق وَهُوَ يَقُول لبيكما لبيكما هَا أنذا لديكما من الرجز
(إِن تغفرِ اللهمّ تغفرْ جمّا ... وأيُّ عبدٍ لَك لَا ألمّا)
ثمَّ قضى نحبه
وَقيل إِن أُميَّة بَينا هُوَ يشرب مَعَ إخوانٍ لَهُ فِي قصر بِالطَّائِف إِذْ سقط غراب على شرفة الْقصر فنعب نعبةً فَقَالَ بفيك الكثكث وَهُوَ التُّرَاب فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه مَا يَقُول قَالَ يَقُول إِنَّك إِذا شربت الكأس الَّتِي بِيَدِك مت فَقلت بفيك الكثكث ثمَّ نعب أُخْرَى فَقَالَ أُميَّة بِحَق ذَلِك فَقَالَ أَصْحَابه مَا يَقُول قَالَ زعم أَنه يَقع على هَذِه المزبلة فيستثير عظما فيبلعه فيشجى بِهِ فَيَمُوت فَقلت بِحَق ذَلِك فَوَقع الْغُرَاب فأثار الْعظم وابتلعه فَمَاتَ فانكسر أُميَّة وَوضع الكأس الَّتِي بِيَدِهِ وَتغَير لَونه فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه مَا أَكثر مَا سمعنَا مثل هَذَا مِنْك بَاطِلا فألحوا عَلَيْهِ حَتَّى شرب الكأس فَمَال فِي شقّ وأغمي عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ لَا بَرِيء فأعتذر وَلَا قوي فأنتصر ثمَّ خرجت نَفسه
وَمن شعره من الْخَفِيف
(كلّ عيشٍ وَإِن تطاول يَوْمًا ... صائرٌ مرّةً إِلَى أَن يزولا)
(لَيْتَني كنت قبلما قد بدا لي ... فِي قنان الْجبَال أرْعى الوعولا)
(اجعلِ الْمَوْت نْصب عَيْنك واحذرْ ... غَولةَ الدَّهْر إنّ للدهر غولا)
وَلما أنْشد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول أُميَّة من الْبَسِيط)(9/227)
(الْحَمد الله ممُسانا ومُصْبَحَنا ... بِالْخَيرِ صَّبحنا ربِّي ومَسّانا)
(ربِّ الحنيفة لم تنضبْ خواتمُها ... مَمْلُوءَة طبّق الآفاقَ سُلْطَانا)
(أَلا نبيّ لنا منّا يُخبِّرنا ... مَا بعد غايتنا مِن راس مَحيانا)
(بَينا يربّيننا آبَاؤُنَا هَلَكُوا ... وبينما نقتني الْأَوْلَاد أفنانا)
(وَقد علمنْا لَوانّ العلمَ ينفعنا ... أنْ سَوف يلْحق أُخرانا لأولانا)
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَاد أُميَّة ليسلم وعتب على ابنٍ لَهُ فَأَنْشَأَ يَقُول من الطَّوِيل
(غذَوتُك مولوداً وعُلتك يافعاً ... تُعَلّ بِمَا أجني عَلَيْك وتُنْهلُ)
(إِذا ليلةٌ نابتك بالشكو لم أبِتْ ... لشكْوك إلاّ ساهراً أتملْمَلُ)
(كأنّي أَنا المطروق دُونك بِالَّذِي ... طُرقْتَ بِهِ دوني فعيناي تهملُ)
(تخَاف الردى نَفسِي عَلَيْك وإنّها ... لتعلم أنّ الْمَوْت وقتٌ مؤجَّلُ)
(فلمّا بلغْتَ السنَّ والغاية الَّتِي ... إِلَيْهَا مدى مَا كنتُ فِيك أؤمِّلُ)
(جعلتَ جزائي غِلْظةً وفظاظةً ... كأنّك أَنْت المنعِم المتفضّلُ)
(فليتك إِذْ لم ترْعَ حقّ أبوّتي ... فعلتَ كَمَا الْجَار المجاور يفعلُ)
وَمَات أُميَّة بعد فتح حنين كَذَا قَالَ المرزباني فِي المعجم
3 - (الْعمريّ)
أُميَّة بن أبي عَائِذ الْعمريّ أحد بني عَمْرو بن الْحَارِث بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل من شعراء الدولة الأموية وَله فِي عبد الْملك وَعبد الْعَزِيز ابْني مَرْوَان قصائد مَشْهُورَة ووفد إِلَى مصر قَاصِدا عبد الْعَزِيز ومدحه بقصيدته الَّتِي أَولهَا من المتقارب
(أَلا إنّ قلبِي مَعَ الظاعنينا ... حَزِين فَمن ذَا يعزّي الحزينا)
(فيا لَك من روعةٍ يَوْم بانوا ... بِمن كنت أحسِب أَن لَا يبينا)
مِنْهُ فِي المديح من المتقارب
(تسير بمدْحَي عبد الْعزي ... زِ ركبان مَكَّة والمُنجدونا)
(محبَّرةً من صَرِيح الكلا ... م لَيْسَ كَمَا لَصَّق المُحدثونا)
(وَكَانَ امْرَءًا سيّداً ماجداً ... يصفّي الْعَتِيق وينفي الهجينا)
)
وَطَالَ مقَامه عِنْد عبد الْعَزِيز وَكَانَ يأنس بِهِ وَوَصله صلاتٍ سنية فتشوق إِلَى الْبَادِيَة وَإِلَى أَهله فَقَالَ لعبد الْعَزِيز من الطَّوِيل
(مَتى راكبٌ من أهل مصرَ وَأَهله ... بِمَكَّة من مصرَ العشيّة راجعُ)(9/228)
(بلَى إنّها قد تقطع الخرْق ضُمَّرٌ ... تبارى السُّرى والمعسفون الزعازعُ)
(مَتى مَا يحوزها ابْن مَرْوَان تعترف ... بلادَ سليمى وَهِي خوصاء ظالعُ)
(وباتت تؤمّ الدَّار من كل جانبٍ ... لتخرجَ فاستدَّت عَلَيْهَا المصارعُ)
(فلمّا رَأَتْ أَن لَا خُرُوج وإنّما ... لَهَا مِن هَواهَا مَا تجنّ الأضالعُ)
(تمطَّتْ بمجدولٍ سَبطرٍ وطالعت ... وماذا من اللَّوْح الْيَمَانِيّ تُطالِعُ)
فَقَالَ لَهُ عبد الْعَزِيز اشْتقت وَالله إِلَى أهلك يَا أُميَّة فَقَالَ لعمر الله أَيهَا الْأَمِير فوصله وَأذن لَهُ
3 - (أُميَّة بن عَمْرو)
وَقيل ابْن أبي أُميَّة بن عَمْرو مولى هِشَام بن عبد الْملك كَانَ جدهم ينشد هشاماً أشعار الشُّعَرَاء بتطريب على إنشاد الشاميين ليتشاغل بِهِ من الْغناء وأصلهم الشَّام ثمَّ نزلُوا الْبَصْرَة وَأُميَّة من أهل بَيت ظرف وَشعر وكتبة وَهُوَ شيخ أهل بَيته وَأول من قَالَ الشّعْر مِنْهُم وَكَانَ انقطاعهم إِلَى آل الرّبيع الْحَاجِب وَقد قَالَ الشّعْر من أَوْلَاده لصلبه وَأَوْلَادهمْ جمَاعَة يكثر عَددهمْ وَأُميَّة هُوَ الْقَائِل لزوجته من الطَّوِيل
(وَوجه كوجه الغُول فِيهِ سماجة ... مفوّهة شوهاء ذَات مشافر)
(وَفِي حاجبيها من حرار غرارة ... فَإِن حلقت كَانَت ثَلَاث غَرَائِر)
(فَلَا تَسْتَطِيع الْكحل من ضيق عينهَا ... وَإِن عالجته صَار حول المحاجر)
3 - (الأندلسي)
أُميَّة بن عبد الْعَزِيز بن أبي الصَّلْت أَبُو الصَّلْت الأندلسي كَانَ أديباً فَاضلا حكيماً منجماً توفّي سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة فِي الْمحرم بالمهدية وَقيل سنة ثمانٍ وَعشْرين كَانَ فيلسوفاً ماهراً فِي الطِّبّ إِمَامًا فِيهِ ورد الْإسْكَنْدَريَّة وسكنها مُدَّة وَكَانَ قد ورد إِلَى الْقَاهِرَة أَيَّام الْآمِر واتصل بوزيره الْأَفْضَل ابْن أَمِير الجيوش بدر واشتمل عَلَيْهِ رجل من خَواص الْأَفْضَل يعرف بتاج الْمَعَالِي مُخْتَار فوصفه فِي حَضْرَة الْأَفْضَل وَأثْنى عَلَيْهِ أهل الْعلم)
وَأَجْمعُوا على تقدمه وتميزه عَن كتاب وقته فَبَقيَ ذَلِك فِي خاطر كَاتب الْأَفْضَل وأضمر لأمية الْمَكْرُوه وَتَتَابَعَتْ سقطات تَاج الْمَعَالِي فَتغير الْأَفْضَل عَلَيْهِ واعتقله فَوجدَ كَاتب الْأَفْضَل السَّبِيل إِلَى أَن اختلق من الْمحَال على أُميَّة فحبسه الْأَفْضَل فِي سجن المعونة مُدَّة ثَلَاث سِنِين وَشهر ثمَّ أطلقهُ فقصد المرتضى أَبَا طَاهِر يحيى بن تَمِيم بن الْمعز بن باديس صَاحب القيروان فحظي عِنْده وَحسنت حَاله وَله رِسَالَة يصف حَاله ويثني على ابْن باديس ويذم مصر وَقَالَ فِيهَا شعرًا مِنْهُ قَوْله من الطَّوِيل(9/229)
(فَلم أستسغ إلاّ نداه وَلم يكن ... لَيعْدِل عِنْدِي ذَا الجنابَ جنابُ)
(فَمَا كلُّ إنعامٍ يخفُّ احتمالهُ ... وإنْ هطلتْ مِنْهُ عليّ سحابُ)
(ولكنْ أجلُّ الصنع مَا جلَّ ربُّه ... وَلم يَأْتِ بابٌ دونه وحجابُ)
(وَمَا شئتُ إِلَّا أَن أدُلَّ عواذلي ... على أنَّ رَأْيِي فِي هَوَاك صوابُ)
(وَأعلم قوما خالفوني وشرَّقوا ... وغرّبتُ أَنِّي قد ظفرتُ وخابوا)
قلت البيتان الأخيران من قصيدة لأبي الطّيب أَولهَا مُنًى كنَّ لي أنّ الْبيَاض خضابُ وَجَاءَت غربت هُنَا فِي موضعهَا وَمن تصانيف أُميَّة كتاب الْأَدْوِيَة المفردة تَقْوِيم الذِّهْن فِي الْمنطق الرسَالَة المصرية رِسَالَة عمل الأسطرلاب الديباجة فِي مفاخر صنهاجة الحديقة فِي مُخْتَار أشعار الْمُحدثين ديوَان شعره كَبِير ديوَان رسائله وَله الْوَجِيز فِي الْهَيْئَة والانتصار فِي أصُول الطِّبّ وصنف بَعْضهَا لما كَانَ فِي سجن الْأَفْضَل ومولده بدانية وَأخذ عَن أبي الْوَلِيد الوقشي قَاضِي دانية وَغَيره وَخرج من إشبيلية وعمره عشرُون سنة وَلزِمَ التَّعَلُّم بِمصْر عشْرين سنة وَمن شعره من الْكَامِل
(لَا غَرْوَ إنْ لحقتْ لُهاك مدائحي ... فتدفَّقتْ نُعْماك ملءَ إنائها)
(يُكْسَى القضيبُ وَلم يَحِنْ إثماره ... وتُطوَّق الورقاءُ قبل إنائها)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(قد كنتُ جارَك والأيّامُ ترهبني ... وَلست أرهب غيرَ الله من أحدِ)
(فنافستْني اللَّيَالِي فِيك ظالمةً ... وَمَا حسبْتُ اللَّيَالِي من ذَوي الْحَسَد)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
)
(حسْبي فقد بُعدت فِي الغيّ أشواطي ... وطالَ فِي اللهِو إيغالي وإفراطي)
(أنفقتُ فِي اللَّهْو عمري غيرَ متّعِظٍ ... وجُدْتُ فِيهِ بوفْري غير مُحتاطِ)
(فَكيف أخلُص من بَحر الذُّنُوب وَقد ... غرقتُ فِيهِ على بُعدٍ من الشاطي)
(يَا ربِّ مَا ليَ لَا أَرْجُو رضاك بِهِ ... إلاّ اعترافي بأنّي المذنبُ الخاطي)
وَمِنْه وَقد طلع الْقَمَر بديهاً فِي مجْلِس عَليّ بن يحيى من الْبَسِيط
(رأى مُحيّا ابنِ يحيى البدرُ متّسقاً ... فكاد يُذْهِبُ عَنهُ نورَهُ الحسدُ)
(فانظرْ إِلَى الْأَثر البادي بصفحته ... فإنّ ذَلِك من فرط الَّذِي يجدُ)
3 - (وَمِنْه من الْكَامِل)
(دبَّ العذارُ بخدِّه ثمّ انثنى ... عَن لثْم مَبْسِمه البرودِ الأشنب)(9/230)
(لَا غرْوَ أنْ خشِيَ الرَدىَ فِي لثمه ... فالريقُ سمٌّ قاتلٌ للعقرب)
3 - (وَمِنْه من الرمل)
(لم أقل للطَّيف زُرْني عِنْدَمَا ... شطّ مَن أهواه عني وشَسَعْ)
(إِنَّمَا يطْمع فِي طيف الْكرَى ... مَن إِذا فَارقه الإلفُ هَجَعْ)
وَمِنْه فِي هرمي مصر من الطَّوِيل
(بعيشك هَل أبصرتَ أعجب منْظرًا ... على طول مَا أَبْصرت من هَرميْ مصرِ)
(أنافا بأعنان السَّمَاء وأشرفا ... على الجوِّ إشرافَ السِّماكين والنسرِ)
(وَقد وافيا نَشْزاً من الأَرْض عَالِيا ... كَأَنَّهُمَا ثديان قاما على صدرِ)
وَمِنْه مَا أوصى أَن يكْتب على قَبره من الطَّوِيل
(سكنتُكِ يَا دَار الفناء مصدّقاً ... بأنّي إِلَى دَار الْبَقَاء أصيرُ)
(وَأعظم مَا فِي الْأَمر أنّيَ صائرٌ ... إِلَى عادلٍ فِي الحكم لَيْسَ يجوزُ)
(فيا لَيْت شعري كَيفَ أَلْقَاهُ عِنْدهَا ... وزادي قليلٌ والذنُوب كثيرُ)
(فإنْ أكُ مَجْزيّاً بذنبي فإنّني ... بشِّر عِقَاب المذنبين جديرُ)
(وإنْ يَك عَفْو مِنْهُ عنّي وَرَحْمَة ... فثّمَّ نعيمٌ دَائِم وسرورُ)
وَمِنْه فِي وصف فرس من المنسرح
(صفراءُ إلاّ حجولُ مؤخرِها ... فهْيَ مُدام ورُسْغُها زَبَدُ)
)
(تعطيك مجهودَها فراهتُها ... فِي الحُضْر والحُضْرُ عِنْدهَا وَئدُ)
3 - (وَمِنْه من الْبَسِيط)
(قد كَانَ لي سببٌ قد كنت أَحسب أَن ... أحْظى بِهِ فَإِذا دائي من السببِ)
(فَمَا مقلِّم أظفاري سوى قلمي ... وَلَا كتائب أعدائي سوى كُتُبي)
وَمِنْه يصف المجاذيف من الطَّوِيل
(كأنّ حباب المَاء درٌّ مبدَّد ... وهنَّ أكفُّ الغيد يعجلنَه لقطا)
3 - (وَمِنْه من المنسرح)
(صافٍ ومولاتهُ وسيّدهُ ... حدودُ شكلِ الْقيَاس مجموعهْ)
(فالشيخ فَوق الِاثْنَيْنِ مرتفعٌ ... والستّ تَحت الِاثْنَيْنِ موضوعهْ)
(والشيخُ مَحْمُول ذِي وحامل ذَا ... بحشمةٍ فِي الْجَمِيع مصنوعهْ)
(شكلُ قياسٍ كَانَت نتيجته ... قرينَة فِي دمشق مطبوعهْ)(9/231)
وَكَانَ يَقُول خرجت من مصر وَفِي قلبِي أَمر كنت أوثره فَقيل لَهُ مَا هُوَ فَقَالَ أَن تملأ بركَة الْحَبَش خمرًا وأكرع فِيهَا حَتَّى أروى
3 - (الْأمَوِي)
أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد الْأمَوِي روى عَن ابْن عمر وَولي إمرة خُرَاسَان وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ أُميَّة شَدِيد الْكبر مرض صَاحب لَهُ فَلم يعده وَقَالَ لوعدنا أحدا لعدناك وَكَانَ جواداً ممدحاً وَفِيه يَقُول الشَّاعِر من الطَّوِيل
(أميّةُ يعطيك اللَّها مَا سألتَه ... وَإِن أَنْت لم تسْأَل أميّة أضْعفا)
(ويعطيك مَا أَعْطَاك جذلان ضَاحِكا ... إِذا عبَّس الخدْلُ الْيَدَيْنِ وقفْقفا)
(هَنِيئًا مريئاً جودُ كفِّ ابْن خَالِد ... إِذا المُمسِك الرِّعديدُ أعْطى تكلُّفا)
وَهُوَ الَّذِي روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستفتح الْعَدو بصعاليك الْمُهَاجِرين
3 - (الْقَيْسِي)
أُميَّة بن خَالِد الْقَيْسِي أَخُو هدبة بَصرِي ثَبت وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة مِائَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ
3 - (العيشي)
)
أُميَّة بن بسطَام بن الْمُنْتَشِر العيشي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا شين مُعْجمَة الْبَصْرِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وروى عَنهُ النَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وثقة ابْن حبَان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (أَبُو أُميَّة الضمرِي)
عَمْرو بن أُميَّة أَبُو أُميَّة عُمَيْر بن وهب
(أَبُو أنَاس الدؤَلِي الْكِنَانِي)
وَهُوَ من رَهْط أبي الْأسود الدؤَلِي من أَشْرَافهم وَعَمه سَارِيَة بن زنيم الَّذِي قَالَ فِيهِ عمر بن الْخطاب يَا ساربة الْجَبَل الْجَبَل وَكَانَ أَبُو أنَاس شَاعِرًا وَهُوَ الْقَائِل لرَسُول الله صلى اللهُ عليهِ وَسلم من الطَّوِيل(9/232)
(تعلم رَسُول الله أَنَّك قَادر ... على كل حافٍ من تهامٍ ومنُجدِ)
وَهِي أبيان كَثِيرَة وفيهَا
(فَمَا حملتْ من ناقةٍ رَحلْها ... أبرَّ وأوفى ذِمّةً من محمدِ)
وَله ابْن شَاعِر يُقَال لَهُ أنس بن أبي أنَاس اسْتَخْلَفَهُ الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ على خُرَاسَان حِين حَضرته الْوَفَاة فَعَزله زِيَاد وَولى خُلَيْد بن عبد الله الْحَنَفِيّ
(الألقاب)
الْأَنْبَارِي جمَاعَة مِنْهُم النَّحْوِيّ الْكَبِير اسْمه مُحَمَّد بن الْقَاسِم وَمِنْهُم سديد الدولة كَاتب الْإِنْشَاء اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم وَابْنه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم وَمِنْهُم كَمَال الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبيد الله وَمِنْهُم نجم الدّين شيخ المستنصرية عبد الله بن أبي السعادات وَمِنْهُم عبد الله بن عبد الرحمان وَمِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى وَمِنْهُم وَالِد الْعَلامَة أبي بكر اسْمه الْقَاسِم بن مُحَمَّد
(انتصار بن يحيى)
(ابْن زين الدولة المصمودي)
غلب على دمشق فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَبَقِي إِلَى أَن قدم أتسز فَعوضهُ عَنْهَا بانياس ويافا فَذهب إِلَيْهَا
(الأنجب الحمامي الْبَغْدَادِيّ)
الأنجب ابْن أبي السعادات مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الحمامي وَيُسمى مُحَمَّدًا كَانَ شَيخا حسنا محباً للرواية حسن الْأَخْلَاق سمع الْكثير من أبي الْفَتْح ابْن البطي وَأبي زرْعَة الْمَقْدِسِي وَأبي الْمَعَالِي ابْن اللحاس وَغَيرهم وَعمر حدث بالكثير وقصده الغرباء وانتشرت الرِّوَايَة عَنهُ وَكَانَ سَمَاعه صَحِيحا توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(9/233)
(أَنْجَشَة الصَّحَابِيّ)
أَنْجَشَة بِالْهَمْزَةِ وَالنُّون وَالْجِيم والشين الْمُعْجَمَة كَانَ يَسُوق أَو يَقُود بنساء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام حجَّة الْوَدَاع وَكَانَ يَحْدُو وَهُوَ حسن الحداء وَكَانَت الْإِبِل تزيد فِي الْحَرَكَة بحدائه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رويداً يَا أَنْجَشَة رفقا بِالْقَوَارِيرِ يَعْنِي النِّسَاء حَدِيثه عَن أنس بن مَالك وَكَانَ أَنْجَشَة أسود وَكَانَ يَحْدُو بِالنسَاء وَكَانَ الْبَراء بن مَالك يَحْدُو بِالرِّجَالِ
(الأندي)
أَبُو عَمْرو الأندي اسْمه أَحْمد بن خَلِيل
(الأندرشي النَّحْوِيّ)
أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سعد
(الْأَمِير معِين الدّين)
أنر الْأَمِير معِين الدّين أنر بِفَتْح الْهمزَة وَضم النُّون وَبعدهَا رَاء مُدبر دوَل أَوْلَاد أستاذه طغتكين بِدِمَشْق كَانَ عَاقِلا خيرا حسن السِّيرَة والديانة مَوْصُوفا بِالرَّأْيِ والشجاعة محباً للْعُلَمَاء والصلحاء كثير الصدفة وَالْبر وَله الْمدرسَة المعينية بقصر الثقفين ولقبره قبَّة بالعونية خلف دَار الْبِطِّيخ أغفل ذكره ابْن عَسَاكِر توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَهُوَ صَاحب الْقصر المعيني الَّذِي بالغور ووالد سعد الدّين مَسْعُود زوج ربيعَة خاتون أُخْت السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَسَيَأْتِي ذكر سعد الدّين مَسْعُود فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ رَحمَه الله مَعَ عسكره بحوران فوصل إِلَى دمشق وَكَانَ قد أمعن فِي الْأكل فَلحقه عقيب ذَلِك انطلاق بطن ثمَّ إِنَّه تولد لَهُ مِنْهُ مرض فِي الكبد فَعَاد إِلَى دمشق فِي محفة لمداواته فَلَمَّا وصل قضى نحبه وَفِيه يَقُول مؤيد الدولة أُسَامَة بن منقذ لما لَقِي الفرنج على صرخذ من الْخَفِيف
(كلَّ يَوْم فتحٌ مُبين وَنصر ... واعتلاءٌ على الأعادي وقَهْرُ)
(صدق النَّعْت فِيك أَنْت معِين ال ... دين إنّ النعوت فالٌ وزَجْرُ)
(أنس)
3 - (خَادِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أنس بن مَالك أَبُو حَمْزَة الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ الخزرجي خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آخر أَصْحَابه موتا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَأسيد بن حضير وَأبي طَلْحَة وَعبادَة ابْن الصَّامِت وَأمه أم سليم وخالته أم حرَام وَابْن مَسْعُود ومعاذ وَأبي ذَر قَالَ خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر سِنِين فَمَا ضَرَبَنِي وَلَا سبني وَلَا عبس فِي وَجْهي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بأطول من هَذَا وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده قَالَ أنس وَالله إِن مَالِي لكثير وَإِن وَلَدي وَولد وَلَدي يتعادون على نَحْو من مائةٍ الْيَوْم قَالَ بَعضهم بلغ مائَة وَثَلَاث(9/234)
سِنِين وَتُوفِّي على الصَّحِيح سنة ثَلَاث وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة
قَالَ عَليّ بن زيد بن جدعَان كنت فِي دَار الْإِمَارَة وَالْحجاج يعرض النَّاس أَيَّام ابْن الْأَشْعَث فَدخل أنس بن مَالك فَلَمَّا دنا من الْحجَّاج قَالَ الْحجَّاج يَا خبثة جوال فِي الْفِتَن مرّة مَعَ عَليّ ابْن أبي طَالب وَمرَّة مَعَ ابْن الزبير وَمرَّة مَعَ ابْن الْأَشْعَث وَالله لأستأصلنك كَمَا تستأصل الصمغة ولأجردنك كَمَا يجرد الضَّب فَقَالَ لَهُ أنس من يَعْنِي الْأَمِير أصلحه الله قَالَ إياك أَعنِي أَصمّ الله سَمعك فَاسْتَرْجع أنس وشغل عَنهُ فَخرج أنس وتبعته وَقلت مَا مَنعك أَن تجيبه فَقَالَ وَالله لَوْلَا أَنِّي ذكرت كَثْرَة وَلَدي وخشيته عَلَيْهِم لأسمعته فِي مقَامي هَذَا مَا لَا يستحسن لأحدٍ بعدِي وَكتب إِلَى عبد الْملك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لعبد الْملك أَمِير الْمُؤمنِينَ من أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَاحبه أما بعد فَإِن الْحجَّاج قَالَ لي هجراً من القَوْل وأسمعني نكراً وَلم أكن لما قَالَ أَهلا إِنَّه قَالَ لي كَذَا وَكَذَا وَإِنِّي أَقْسَمت بخدمتي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر سِنِين كوامل لَوْلَا صبية صغَار مَا باليت أَيَّة قتلةٍ قتلت وَالله لَو أَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى أدركوا رجلا خدم نَبِيّهم لأكرموه فَخذ لي على يَده وأعني عَلَيْهِ وَالسَّلَام فَلَمَّا قَرَأَ عبد الْملك الْكتاب استشاط غَضبا وَكتب على الْحجَّاج أما بعد فَإنَّك عبد من ثَقِيف طمحت بك الْأُمُور فعلوت فِيهَا وطغيت حَتَّى عدوت قدرك وتجاوزت طورك يَا ابْن المستفرمة بعجم الزَّبِيب لأغمزنك غمز اللَّيْث ولأخبطنك خبطةً ولأركضنك ركضةً تود مَعهَا لَو أَنَّك رجعت فِي مخرجك من وجار أمك أَنا تذكر حَال آبَائِك ومكاسبهم)
بِالطَّائِف وحفرهم الْآبَار بِأَيْدِيهِم ونقلهم الْحِجَارَة على ظُهُورهمْ أم نسيت أجدادك فِي اللؤم والدناءة وخساسة الأَصْل وَقد بلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كَانَ مِنْك إِلَى أبي حَمْزَة أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَلَيْك لعنة الله من عبدٍ أخفش الْعَينَيْنِ أصك الرجلَيْن مَمْسُوح الْجَاعِرَتَيْنِ لقد هممتُ أَن أبْعث إِلَيْك من يسحبك ظهرا لبطن حَتَّى يَأْتِي بك أَبَا حَمْزَة أَو انتهكت لَهُ عرضا غير مَا كتب بِهِ إِلَيْهِ لفعل ذَلِك بك فَإِذا قَرَأت كتابي هَذَا فَكُن لَهُ أطوع من نَعله واعرف حَقه وأكرمه وَأَهله وَلَا تقصرن فِي شَيْء من حَوَائِجه فو الله لَو أَن الْيَهُود رَأَتْ رجلا خدم العزير أَو النَّصَارَى رجلا خدم الْمَسِيح لَو قروه وعظموه فتباً لَك لقد اجترأت ونسيت الْعَهْد وَإِيَّاك أَن يبلغنِي عَنْك خلاف ذَلِك فأبعث إِلَيْك من يَضْرِبك بَطنا لظهر ويهتك سترك ويشمت بك عَدوك والقه فِي منزله متنصلاً إِلَيْهِ ليكتب إِلَيّ بِرِضَاهُ عَنْك ولكلِّ نبإٍ مستقرٌّ وسوف تعلمُونَ وَكتب عبد الْملك إِلَى أنس لأبي حَمْزَة أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متن عبد الْملك سَلام عَلَيْك أما بعد فَإِنِّي قَرَأت كتابك وفهمت مَا ذكرت فِي أَمر الْحجَّاج وَإِنِّي وَالله(9/235)
مَا سلطته عَلَيْك وَلَا على أمثالك وَقد كتبت إِلَيْهِ مَا يبلغك فَإِن عَاد لمثلهَا فعرفني حَتَّى أحل بِهِ عقوبتي وأذله بسطوتي وَالسَّلَام عَلَيْك
ثمَّ أرسل إِلَى إِسْمَاعِيل بن عبد الله ابْن أبي المُهَاجر وَدفع إِلَيْهِ الْكِتَابَيْنِ وَقَالَ اذْهَبْ إِلَى أنس وَالْحجاج وابدأ بأنس وَقل لَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ يسلم عَلَيْك وَيَقُول لَك قد كتبت إِلَى عبد نَبِي ثَقِيف كتابا إِذا قَرَأَهُ كَانَ أطوع لَك من أمتك واستعرض حَوَائِجه فَركب إِسْمَاعِيل الْبَرِيد فَلَمَّا دفع الْكتاب إِلَى الْحجَّاج جعل يقرأه ويتمعر وَجهه ويرشح عرقاً وَيَقُول يغْفر الله لأمير الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَالَ نمضي إِلَى أنس فَقَالَ لَهُ على رسلك ثمَّ مضى إِلَى أنس وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا حَمْزَة قد فعل أَمِير الْمُؤمنِينَ مَعَك مَا فعل وَهُوَ يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام ويستعرض حوائجك فَبكى أنس وَقَالَ جزاه الله خيرا كَانَ أعرف بحقي وَأبر بِي من الْحجَّاج قَالَ وَقد عزم الْحجَّاج على الْمَجِيء إِلَيْك فَإِن رَأَيْت أَن تتفضل عَلَيْهِ فَأَنت أول بِالْفَضْلِ فَقَامَ أنس وَدخل إِلَى الْحجَّاج فَقَامَ إِلَيْهِ واعتنقه وَأَجْلسهُ على سَرِيره وَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَة عجلت عَليّ بالملامة وأغضبت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأخذ يعْتَذر إِلَيْهِ وَيَقُول قد علمت شغب أهل الْعرَاق وَمَا كَانَ من ابْنك مَعَ ابْن الْجَارُود وَمن خُرُوجك مَعَ ابْن الْأَشْعَث فَأَرَدْت أَن يعلمُوا أَنِّي أسْرع إِلَيْهِم بالعقوبة إِذْ قلت لمثلك مَا قلت فَقَالَ أنس مَا شَكَوْت حَتَّى بلغ مني الْجهد زعمت أننا الأشرار وَالله سمانا)
الْأَنْصَار وَزَعَمت أننا أهل النِّفَاق وَنحن الَّذين تبوأنا الدَّار وَالْإِيمَان وَالله يحكم بَيْننَا وَبَيْنك
وَمَا وَكلتك إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا حَيْثُ لم يكن لي بِهِ قُوَّة وَلَا آوي إِلَى ركن شَدِيد ودعا لعبد الْملك وَقَالَ إِن رَأَيْت خيرا حمدت وَإِن رَأَيْت شرا صبرت وَبِاللَّهِ استعنت وَكتب الْحجَّاج إِلَى عبد الْملك أما بعد فَأصْلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأبقاه وَلَا أعدمناه وصلني الْكتاب يذكر فِيهِ شتمي وتعييري بِمَا كَانَ قبل نزُول النِّعْمَة بِي من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَيذكر استطالتي على أنس جرْأَة منى على أَمِير الْمُؤمنِينَ وغرة مني بِمَعْرِِفَة سطواته ونقماته وأمير الْمُؤمنِينَ أعزه الله فِي قرَابَته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق من أقالني عثبرتي وَعَفا عَن جريمتي وَلم يعجل عقوبتي ورأيه العالي فِي تفريج كربتي وتسكين روعتي أقاله الله العثرات قد رأى إِسْمَاعِيل ابْن أبي المُهَاجر خضوعي لأنس وإعظامي إِيَّاه وَاعْتذر اعتذاراً كثيرا
وَلما قدم الْحجَّاج الْعرَاق أرسل إِلَى أنس فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَة إِنَّك قد صبحت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت من عمله وَسيرَته ومنهاجه فَهَذَا خَاتمِي فَلْيَكُن فِي يدك فَأرى بِرَأْيِك وَلَا أعمل شَيْئا إِلَّا بِأَمْرك فَقَالَ لَهُ أنس أَنا شيخ كَبِير قد ضعفت ورققت وَلَيْسَ فِي الْيَوْم ذَاك
فَقَالَ قد عملت لفُلَان وَفُلَان فَمَا بالي أَنا فَانْظُر إِن كَانَ فِي بنيك مِمَّن تثق بِدِينِهِ وأمانته وعقله قَالَ مَا فِي نَبِي من أَثِق لَك بِهِ وَكثر الْكَلَام بَينهمَا
وَقَالَ يَوْمًا من جملَة كَلَام لقد عبت فَمَا تركت شَيْئا وَلَوْلَا خدمتك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ لَكَانَ لي وَلَك شَأْن من الشَّأْن فَقَالَ أنس هَيْهَات إِنِّي لما خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(9/236)
عَلمنِي كلماتٍ لَا يضرني مَعَهُنَّ عتو جَبَّار فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج يَا عماه لَو علمتنيهن فَقَالَ لست لذَلِك بِأَهْل فَدس إِلَيْهِ الْحجَّاج ابْنه مُحَمَّدًا وَمَعَهُ مِائَتي ألف دِرْهَم وَمَات الْحجَّاج قبل أَن يظفر بالكلمات وَهِي بِسم الله على نَفسِي وديني بِسم الله على أَهلِي وَمَالِي بِسم الله على كل شَيْء أَعْطَانِي بِسم الله خير الْأَسْمَاء بِسم الله رب الأَرْض وَالسَّمَاء بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه دَاء بِسم الله افتتحت وعَلى الله توكلت الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ أحدا اللَّهُمَّ أَنْت جاري من كل شَيْء قل هُوَ الله أحد السُّورَة من خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَمن تحتي
وَقَالَ أنس دفنت من صلبي مائَة ولد وَإِن نخلي يُثمر فِي السّنة مرَّتَيْنِ وَلَقَد عِشْت حَتَّى استحييت من أَهلِي وَأَنا أَرْجُو الرَّابِعَة يَعْنِي الْمَغْفِرَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهُمَّ)
أكثير مَاله وَولده وأطل عمره واغفر لَهُ ذَنبه وَبَارك لَهُ فِيمَا أَعْطيته وَكَانَ أنس قد خَتمه الْحجَّاج فِي عُنُقه
وَقَالَ أنس يَقُولُونَ لَا يجْتَمع حب عَليّ وَعُثْمَان فِي قلب رجل مُؤمن كذبُوا وَالله لقد جمع الله حبهما فِي قُلُوبنَا وَقَالَ ابْن سعد كَانَ يُصَلِّي حَتَّى تتفطر رِجْلَاهُ دَمًا وَكَانَ مجاب الدعْوَة يَدْعُو فَينزل الْغَيْث وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يخْتم الْقُرْآن جمع أَهله وَعِيَاله وَولده فيختم بحضرتهم وَإِذا خرج إِلَى قصره صلى على حِمَاره تَطَوّعا يُومِئ إِيمَاء وَقَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ عَامَّة الروَاة على أَنه لم يشْهد بَدْرًا وَقَالَ كَانَ لجَماعَة مائَة ولد مِنْهُم أَبُو بكرَة نفيع مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَلِيفَة السَّعْدِيّ وَعبد الله بن عمر النَّبِي وجعفر بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي لم يمت كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ حَتَّى رأى من صلبه مائَة ولد وَيُقَال إِنَّه لَا يعرف لَهُم سادس
3 - (الكعبي الْقشيرِي)
أنس بن مَالك الكعبي الْقشيرِي لَهُ حَدِيث وَاحِد روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة توفّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأنْصَارِيّ)
أنس بن سِيرِين هُوَ مولى الْأَنْصَار آخر بني سِيرِين موتا ولد فِي آخر خلَافَة عُثْمَان وَدخل على زيد بن ثَابت وَحدث عَن ابْن عَبَّاس وخباب بن عبد الله وَابْن عمر وَابْن مَسْرُوق وَجَمَاعَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة ووثقة ابْن معِين وَغَيره وَتُوفِّي على الصَّحِيح سنة عشْرين وَمِائَة
3 - (اللَّيْثِيّ الْمدنِي)
أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ الْمدنِي بَقِيَّة المسندين الثِّقَات روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة وَله سِتّ وَتسْعُونَ سنة
3 - (أنس بن زنيم)
لما قدم ركب خُزَاعَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستنصرونه فَلَمَّا فرغوا من(9/237)
كَلَامهم قَالُوا يَا رَسُول الله إِن أنس بن زنيم قد هجاك فَنَذر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَمه
فلمات كَانَ يَوْم الْفَتْح أسلم أنس وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَذر إِلَيْهِ وَكَلمه فِيهِ نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الدؤَلِي وَقَالَ أَنْت أولى النَّاس بِالْعَفو وَمن منا لم يؤذك وَلم يعادك وَنحن فِي جاهليةٍ)
لَا نَدْرِي مَا نَأْخُذ وَلَا مَا نَدع هدَانَا الله بك وأنقذنا من الهلكة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عَفَوْت عَنهُ فَقَالَ نَوْفَل فدَاك أبي وَأمي فَقَالَ أنس بن زنيم يمدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيعْتَذر مِمَّا بلغه من الطَّوِيل
(وَأَنت الَّذِي تُهْدى معدٌّ بأَمْره ... بل الله يهديها وَقَالَ لَك اشْهَدْ)
(فَمَا حَمَلتْ من ناقةٍ فوقَ رَحلِها ... أبرَّ وأوفى ذمَّة من مُحَمَّد)
(أحثّ على خيرٍ وأوسع نائلاً ... إِذا رَاح يهتزّ اهتزاز المهنَّدِ)
(وأكسى لبُرْد الْحَال قبل احتذائه ... وَأعْطى بِرَأْس السَّابِق المتجرّدِ)
(تعلَّمْ رَسُول الله أنّك مُدركي ... وأنّ وعيداً مِنْك كالأخذ بِالْيَدِ)
(تعلم رَسُول الله أَنَّك قَادر ... على كلِّ سكن من تهامٍ ومنُجدِ)
(ونُبّي رسولُ الله أنْ قد هجوتُه ... فَلَا رفعتْ سَوْطِي إليَّ إِذا يَدي)
(سِوى أنّني قد قلتُ يَا وَيْح فتيةٍ ... أصيبوا بنحسٍ يومَ طلقٍ وأسعدِ)
(ذؤيباً وكلثوماً وسلماً تتابعوا ... جَمِيعًا فإلاّ تَدْمَع العينُ أكْمدِ)
(على أنّ سلما لَيْسَ فيهم كمثله ... وَإِخْوَته وَهل ملوكٌُ كأعْبُدِ)
(فإنّي لَا عِرضاً خرقتُ وَلَا دَمًا ... هرقتُ فذكرِّ عالمَ الحقِّ واقصْدِ)
3 - (أنس بن معَاذ)
3 - (بن أنس بن قيس)
يَنْتَهِي إِلَى النجار الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَقَالَ ابْن إِسْحَاق أَوْس بن معَاذ فأبدل النُّون واواً وَقَالَ قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة وَقيل شهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا وَتُوفِّي فِي خلَافَة عُثْمَان
3 - (أنس بن النَّضر)
3 - (بن ضَمْضَم بن زيد بن حرَام النجاري الْأنْصَارِيّ)
قتل يَوْم أحد شَهِيدا روى حميد عَن أنس أَن عَمه أنس بن النَّضر غَابَ عَن قتال بدر فَقَالَ يَا رَسُول الله غبت عَن قتال بدر عَن أول قتالٍ قَاتَلت فِيهِ المشتركين وَالله لَئِن أشهدني الله قتال المشتركين ليرين الله مَا أصنع فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْكَشَفَ النَّاس فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْركين وَمَشى بِسَيْفِهِ فَاسْتَقْبلهُ سعد بن)
معَاذ فَقَالَ أَي سعد هَذِه الْجنَّة وَرب أنس أجد رِيحهَا قَالَ سعد بن معَاذ فَمَا قدرت على مَا صنع فأصيب يَوْمئِذٍ فَوَجَدنَا بِهِ بضعاً وَثَمَانِينَ ضَرْبَة من بَين ضربةٍ بِسيف وطعنةٍ بِرُمْح ورمية بِسَهْم وَمثل بِهِ الْمُشْركُونَ(9/238)
فَمَا عَرفته أُخْته إِلَّا ببنانه وَنزلت مِن المُؤمنين رجالٌ صَدَقوا مَا عاهَدوا اللهَ عَلَيْه الْآيَة
3 - (أنس بن أَوْس بن عتِيك)
3 - (بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي)
قتل يَوْم الخَنْدَق شَهِيدا رَمَاه خَالِد ابْن الْوَلِيد بِسَهْم فَقتله وَكَانَ قد شهد قبل ذَلِك أحدا وَلم يشْهد بَدْرًا
3 - (أنس بن مَالك الْقشيرِي)
وَيُقَال الكعبي وَكَعب أَخُو قُشَيْر روى عَنهُ أَبُو قلَابَة وَعبد الله بن سوَادَة الْقشيرِي حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن سَمعه يَقُول إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة
وَسكن الْبَصْرَة
3 - (أنس بن ضبع)
3 - (بن عَامر بن مجيدعة بن جشم بن حَارِثَة)
شهد بَدْرًا ذكره ابْن عبد الْبر
3 - (أنس بن ظهير)
تَصْغِير ظهر الْحَارِثِيّ الْأنْصَارِيّ أَخُو أسيد بن ظهير شهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدأً حَدِيثه عِنْد حفيده حُسَيْن بن ثَابت بن أنس
3 - (أنس بن الْحَارِث)
روى عَنهُ سليم وَالِد الْأَشْعَث بن سليم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قتل الْحُسَيْن وَقتل مَعَ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا
3 - (أنس بن فضَالة)
3 - (بن عدي بن حرَام بن هتيم بن ظفر الْأنْصَارِيّ الظفري)
بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وأخاه مؤنساً حِين بلغه دنو قُرَيْش يُرِيدُونَ أحدا فاعترضاهم بالعقيق فصارا مَعَهم ثمَّ أَتَيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ خبرهم)
وعددهم ونزولهم حَيْثُ نزلُوا فَكَانَا عينين لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشهدا مَعَه أحدا
وَمن ولد أنس هَذَا يُونُس ابْن مُحَمَّد الظفري منزله بالصفراء
3 - (الْأَهْتَم الْخَثْعَمِي)
أنس بن مدرك الْخَثْعَمِي الْأَهْتَم أحد فرسَان خثعم فِي الْجَاهِلِيَّة وشعرائهم أدْرك الْإِسْلَام وَأسلم وَأقَام بِالْكُوفَةِ وَهُوَ الْقَائِل لما قتل سليك بن السلكة وطولب بديته من أَبْيَات من الْبَسِيط
(إنّي وقتلي سُلَيْكاً يَوْم أعقِلُهُ ... كالثور يُضرَبُ لمّا عافت البقُر)
وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة إِذا امْتنع الْبَقر من وُرُود المَاء ضربوا الثور حَتَّى يرد فَترد بوروده(9/239)
(أغشى الحروب وسربالي مضاعفةٌ ... تغشَى البنان وسيفي صارِمٌ ذكرُ)
3 - (مخضرم)
أنس بن أسيد ابْن أبي إِيَاس بن زنيم مخضرم مدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاعْتذر إِلَيْهِ من شَيْء بلغه عَنهُ بقصيدة مِنْهَا من الطَّوِيل
(وَأَنت الَّذِي تهدى معد بأَمْره ... بل الله يهْدِيهم وَقَالَ لَك اشهدِ)
(فَمَا حملتْ من ناقةٍ فوقَ رَحلِها ... أبرَّ وأوفى ذمَّة من محمّدِ)
(أحثّ على خيرٍ وأوسع نائلاً ... إِذا رَاح يَهْتَز اهتزاز المهند)
(وأكسى لبرد العصْب قبل ابتذاله ... وَأعْطى لرأس السَّابِق المتجرّدِ)
(وأُخبرتُ خيرَ النَّاس أنّك لُمتْني ... وإنّ وعيداً مِنْك كالأخذ بِالْيَدِ)
(تعلم رَسُول الله أَنَّك قادرٌ ... على كلِّ حيٍّ من تهامٍ ومُنجدِ)
(وأنبوا رسولَ الله أنّي هجوته ... فَلَا رفعّتْ سَوْطِي إليّ إِذا يَدي)
3 - (كَاتب البرامكة)
أنس ابْن أبي شيخ كَاتب البرامكة كَانَ من البلغاء الْفُضَلَاء قَتله الرشيد مَعَ البرامكة وَهُوَ الْقَائِل يصف الدُّنْيَا من السَّرِيع
(مذمومةٌ بالهمِّ مخطومةٌ ... سمٌّ ذُعاف درُّ أخلافها)
(وَلم تزل تقتل ألاّفها ... أُفٍّ لقتّالةِ أُلاّفها)
وَأتي بِهِ صبح اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِيهَا البرامكة إِلَى الرشيد فدار بَينه وَبَينه كَلَام فَأخْرج الرشيد سَيْفا من تَحت فرَاشه وَأمر بِضَرْب عُنُقه بِهِ وَجعل الرشيد يتَمَثَّل بَيْتا قيل فِي أنس قبل ذَلِك)
من الْبَسِيط
(تلمّظ السيفُ من شوقٍ إِلَى أنس ... فالسيف يلحظ والأقدار تنْتَظر)
فَسبق السَّيْف الدَّم فَقَالَ الرشيد رحم الله عبد الله بن مُصعب فَقَالَ النَّاس إِن السَّيْف كَانَ سيف الزبير بن الْعَوام وَقَالَ بعض النَّاس إِن عبد الله بن مُصعب كَانَ صَاحب خبر الرشيد وَإنَّهُ أخبرهُ أَن أنسا على الزندقة فَلذَلِك قَتله
3 - (المغازلي الصُّوفِي)
أنس بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْقَاسِم المغازلي الصُّوفِي من أهل تفليس قدم بَغْدَاد وَأقَام بهَا وَصَحب الشَّيْخ أَبَا النجيب السهروردي وتفقه عَلَيْهِ وَسمع مَعَه(9/240)
الحَدِيث من أبي المظفر هبة الله بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن الشبلي وَأبي الْفَتْح مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن سُلَيْمَان وَأبي زرْعَة طَاهِر ابْن مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي وَغَيرهم وَتُوفِّي سنة عشْرين وسِتمِائَة
3 - (مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أنس مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكنى أَبَا مسرح وَيُقَال أَبُو مسروح ذكره مُوسَى ابْن عقبَة عَن ابْن شهَاب فِي من شهد بَدْرًا وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَ من مولدِي السراة وَكَانَ يَأْذَن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جلس فِي مَا حكى مُصعب الزبيرِي وَمَات فِي خلَافَة أبي بكر وَقَالَ الْمَدَائِنِي اسْتشْهد يَوْم بدر
3 - (الأنسي قَاضِي بَغْدَاد)
اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(أنص نَائِب بهسني)
أنص الْأَمِير سيف الدّين نَائِب بهسني لما توجه الْأَمِير بدر الدّين مَسْعُود بن الخطير من نِيَابَة غَزَّة إِلَى نِيَابَة طرابلس فِي نوبَة الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي نَائِب الشَّام رسم للأمير سيف الدّين أنص نبيابة غَزَّة وَحضر إِلَيْهِ من توجه بِهِ إِلَى غَزَّة ثمَّ إِنَّه طلب عقيب ذَلِك إِلَى بَاب السُّلْطَان وَذَلِكَ فِي شَهْري جُمَادَى الْآخِرَة وَرَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ قَلِيلا وَجلسَ فِي المشور ثمَّ عَاد إِلَى غَزَّة مقدم عَسْكَر على عَادَة نوابها ثمَّ رسم لَهُ بالتوجه إِلَى القلعة الْمُسلمين نَائِبا فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة خمسين وَسَبْعمائة
(الألقاب)
أنف الْكَلْب الشَّاعِر خطاب بن الْمُعَلَّى
الْأنمَاطِي الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ إِسْمَاعِيل بن عبد الله
الْأنمَاطِي الْمُحدث عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك
الْأنمَاطِي الْأَحول شيخ للشَّافِعِيَّة عُثْمَان بن سعيد
ابْن الْأنمَاطِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي(9/241)
(أنوشتكين)
3 - (نَائِب دمشق)
أنوشتكين أَبُو مَنْصُور التركي الختني الْأَمِير المظفر أَمِير الجيوش ولي دمشق للظَّاهِر الْخَلِيفَة الْمصْرِيّ سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَلم يزل إِلَى أَن وَقع بَينه وَبَين كبار الْجَيْش فهرب مِنْهَا فَذهب مِنْهَا إِلَى حلب فَبَقيَ فِيهَا ثَلَاثَة أشهر وَمَات فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ عادلاً صَالحا طرد الْعَرَب عَن الشَّام وَصَارَ الرّوم يراعونه وَأَصْحَاب الْأَطْرَاف يخافونه ورعية الْبِلَاد يؤثرونه والتجار يشكرونه وَبلغ أَبَا الْقَاسِم الجرجرائي وَزِير مصر أَن كَاتب أنوشتكين يَأْمُرهُ بِالْفَسَادِ فَكتب إِلَيْهِ بإبعاده عَنهُ وإنفاذه إِلَى مصر فَامْتنعَ فنفر الْوَزير وأعمل الْحِيلَة فِي أمره فَكتب إِلَى رُؤَسَاء الأجناد يَأْمُرهُم بعصيانه والتخلي عَنهُ واستدعى جمَاعَة مِنْهُم وعرفهم مَا فِي قلبه مِنْهُ وعادوا إِلَى دمشق فأغروا الْجند وَعلم أنوشتكين ذَلِك فَقطع أرزاق الْجند وَكَاشف بالعصيان فَاجْتمعُوا إِلَى ظَاهر دمشق وَهُوَ نَازل فِي قصره وقاتلوه وَحَال بَينهم اللَّيْل ونهبوا الخزائن فَعلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بهم فَسَار إِلَى بعلبك فِي جماعةٍ من غلمانه فأغلق بَابهَا فِي وَجهه فَسَار إِلَى حماة وَبهَا خَليفَة بن جَابر الْكلابِي فَأَرَادَ نهبه فَسَار إِلَى حلب فَتَلقاهُ أَهلهَا إِلَى جبل جوشن وَلَوْلَا الْمُقَلّد بن منقذ لما وصل إِلَيْهَا لِأَنَّهُ سَار فِي خدمته من كفرطاب وَفَرح بِهِ أهل حلب وزينوها وَلما توفّي حزن النَّاس عَلَيْهِ وَلم يل الشَّام أعدل مِنْهُ وَولي دمشق بعده ابْن أبي الْجِنّ
3 - (الرضواني)
أنوشتكين بن عبد الله الرضواني مولى أبي الْفَرح مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن رضوَان الْبَغْدَادِيّ سمع أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن يُوسُف الفيروزاباذي الْفَقِيه وَأَبا الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد بن البسري وَأَبا الْحُسَيْن عَاصِم بن الْحسن بن عَاصِم وَغَيرهم وَكَانَ شَيخا صَالحا كثير الذّكر فهما يكْتب خطا جيدا خرج لَهُ أَبُو الْفَضَائِل عبد الله بن أبي بكر ابْن الخاضبة فَوَائِد عَن شُيُوخه توفّي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
(أنوشروان)
3 - (وَزِير المسترشد)
أنوشروان بن خَالِد بن مُحَمَّد القاشاني أَبُو نصر الْوَزير ولد بِالريِّ سنة تسع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة تنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن ولي وزارة السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه سنة سبع عشرَة وَخَمْسمِائة وَقدم مَعَه بَغْدَاد(9/242)
واستوطنها وَكَانَ يسكن الْحَرِيم الظَّاهِرِيّ فِي دارٍ على شاطئ دجلة وعزل عَن الوزارة ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا وكاتبه السُّلْطَان بالتوجه إِلَى المعسكر فَمضى إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان وَأقَام مَعَه وزيراً ومدبراً إِلَى أَن عَزله ثمَّ قبض عَلَيْهِ واعتقله ثمَّ أفرج عَنهُ وَعَاد إِلَى بَغْدَاد واستوزره الإِمَام المسترشد أَوَاخِر سنة سِتّ وَعشْرين وَأقَام مُدبرا إِلَى أَن عزل سنة ثَمَان وَعشْرين وَأذن لَهُ فِي عوده إِلَى دَاره بِالْحَرِيمِ الظَّاهِرِيّ فَمضى معزولاً مكرماً وَأقَام فِي منزله إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ من الصُّدُور الأفاضل مَوْصُوفا بالجود والإفضال محباً لأهل الْعلم وَكَانَ قد أحضر إِلَيْهِ أَبَا الْقَاسِم ابْن الْحصين إِلَى دَاره ليسمع أَوْلَاده مِنْهُ مُسْند ابْن حَنْبَل بِقِرَاءَة أبي مُحَمَّد ابْن الخشاب وَأذن للنَّاس عَامَّة فِي الْحُضُور لسماعه فَحَضَرَ الجم الْغَفِير وسَمعه خلق كثير وَقد حدث بِبَغْدَاد بِشَيْء يسير عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن الْحُسَيْن الكامخي الساوي وَلابْن جكينا البرغوث وَهُوَ الْحسن بن أَحْمد فِيهِ أمداح وأهاجي فَمن أمداحه فِيهِ قَوْله من الْخَفِيف
(سَأَلُونِي من أعظم النَّاس قدرا ... قلتُ مَوْلَاهُم أنوشِروْانِ)
(وَإِذا أظهر التَّوَاضُع فِينَا ... فَهُوَ من آيَة الرفيع الشانِ)
(وَمَتى لاحت النُّجُوم على صف ... حة ماءٍ فَمَا النُّجُوم دواني)
وَكتب إِلَيْهِ القَاضِي نَاصح الدّين الأرجاني يطْلب مِنْهُ خيمة فَلم يكن عِنْده فَبعث إِلَيْهِ صرةً فِيهَا خَمْسمِائَة دِينَار وَقَالَ اشْتَرِ بهَا خيمةً فَقَالَ الأرجاني من المنسرح
(لله درُّ ابْن خَالِد رجلا ... أَحْيَا لنا الْجُود بعد مَا ذَهَبا)
(سألتهُ خيمةً ألوذ بهَا ... فجاد لي ملءَ خيمةٍ ذَهَبا)
وَكَانَ يتشيع وَكَانَ هُوَ السَّبَب فِي عمل مقامات الحريري وإياه عني الحريري بقوله فَأَشَارَ من إِشَارَته حكم وطاعته غنم
3 - (شَيْطَان الْعرَاق)
)
أنوشروان الضَّرِير الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِشَيْطَان الْعرَاق سَافر إِلَى بِلَاد الجزيرة وَمَا والاها ومدح الْمُلُوك والأكابر وَالْغَالِب على شعره الخلاعة والمجون والهزل وَالْفُحْش وَعَاد إِلَى بَغْدَاد سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة ومدح المستضيء بقصيدة أَولهَا من الْكَامِل
(مَا عَفّ إِذْ ملكتْ يَدَاهُ وَلَا حمى ... رامٍ أصَاب يَدي بجرعاه الْحمى)
(يبري السهامَ لَهُ وَبَين جفونه ... لفتاتُ سحرٍ قد عزلنّ الأسهما)
(سكن الْفُؤَاد فَلم يَرِمْه وبيننا ... آلٌ تخوض بِهِ الركائب عُومَّا)
(منع الْكرَى جفْني مَخَافَة أَن يرى ... طيفاً يمرُّ عَلَيْهِ مِنْهُ مسلمِّا)(9/243)
(ولرُبّ ليل بَات وَهُوَ مُعاقري ... كأساً تُكاثِر بالحباب الأنجما)
(مَا زَالَ إِذْ رَقَّ العتاب يَعُلُّني ... من رِيقه رشفاتِ معسول اللمى)
(حَتَّى إِذا برد الحُليُّ وأسفرتْ ... قسماتُ وَجه الصُّبْح حِين تبسّما)
(أدْنى إليَّ جَنَّي وردٍ لم يكن ... لَوْلَا تضرُّجُ خدّه أَن يُلْثمَا)
وَقَالَ من قصيدةٍ يهجو فِيهَا بلد إربل من السَّرِيع
(تبّاً لشيطاني وَمَا سوّلا ... لأنّه أنزلني إرْبلا)
(نزلُتها فِي يَوْم نحسٍ فَمَا ... شككتُ أنّي نازلٌ كَرْبلا)
(وقلتُ مَا أخطا الَّذِي مَثّلا ... بإربلٍ إِذْ قَالَ بيتُ الخلا)
(هَذَا وَفِي البازار قومٌ إِذا ... عاينتَهم عاينتَ أهل البلا)
(من كلِّ كرديّ حمارٍ وَمن ... كلّ عراقيّ نَفَاهُ الغلا)
(أمّا العراقيّون ألفاظهم ... جِبْ لي جفابي جَفّ جال البلا)
(جمّالك أَي جعفغ جبّه تجى ... تجب جماله قبل أَن نرحلا)
(هيّا مخاعِيطي الكسحل مَشى ... كفّ المكفني اللنْك أَي بو الْعلَا)
(جُغَه بَجعصهُ انتُف سَبيله انتغهُ ... مده بكعفو بِهِ اسفقه بالملا)
(عكلى ترى هواي قُسيمَه اعفُقه ... قل لُو البُوَيذنجين كَيفَ انقلا)
(هذي القطيعة بهغرجه انحطّ من ... عنديّ تدفعْ كم تحطّ الكلا)
(والكردُ لَا تسمَع إلاّ جيا ... أَو بجيا أَو نتوى زنْكلا)
(كلاّ وبوبو عَلّكوُ خُشْتري ... خَيلوا وميلو مُوسكا منكلا)
)
(ممرُو ومَفوُّ مَمّكي ثمَّ إِن ... قَالُوا بُويركي نجي قلتُ لَا)
(وفتيةٍ تزعق فِي سوقهِم ... سردا جليداً صوتهم قد علا)
(وعصبةٍ تزعق وَالله تنفر ... وسونوايم هم سُخام الطلا)
(ربعٌ خلا من كلِّ خيرٍ بلَى ... من كلّ عيبٍ وسقوطٍ ملا)
(فلعنَةُ الله على شاعرٍ ... يقْصد ربعا لَيْسَ فِيهِ كلا)
(أخطأتُ والمخطئ فِي مذهبي ... يُصفَعُ فِي قِمْته بالدِّلا)
(إِذْ لم يكن قصدي إِلَى سيّدٍ ... جمالُه قد جمَّل الموصلا)(9/244)
ثمَّ إِنَّه قَالَ بعد ذَلِك يعْتَذر من هجاء إربل ويمدح الرئيس مجد الدّين دَاوُد بن مُحَمَّد وَهِي قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا من السَّرِيع
(قد تَابَ شيطاني وَقد قَالَ لَا ... لَا عدتُ أهجو بعْدهَا إربلا)
(كَيفَ وَقد عاينتُ فِي ربعهَا ... صَدرا رَئِيسا سيّداً مِقْولا)
(مولَايَ مجدَ الدّين يَا ماجداً ... شرّفه الله وَقد خَوَّلا)
(عَبدك نوشروان فِي شعره ... مَا زَالَ للطيبة مُسْتَعْملا)
(لولاك مَا زارتْ رُبى إربل ... أشعارُه قطّ وَلَا عَوَّلا)
(وَلَو تلقّاك بهَا لم يقل ... تبّاً لشيطاني وَمَا سَوَّلا)
(هَذَا وَفِي بيتَي ستٌّ إِذا ... أبصرهَا غَيْرِي انثنى أحوْلا)
(تَقول فَصِّلْ كازرونيّ وَأَن ... طاكي وإلاّ ناطح الأبَّلا)
(فَقلت مَا فِي الْموصل الْيَوْم لي ... معيشةٌ قَالَت دَعِ الموصلا)
(واقصدْ إِلَى إربل واربعْ بهَا ... وَلَا تقلْ ربعا قَلِيل الكلا)
(وقلْ أَنا أَخْطَأت فِي ذمّها ... وحُطَّ فِي رَأسك خلعْ الدِّلا)
(وَقل أبي القِردُ وخالي أَنا ... كلبٌ وإنّ الْكَلْب قد خُوِّلا)
(وعمتي قادت على خَالَتِي ... وأمّيَ القحبة رأسُ البلا)
(وأختيّ القلفاء شبّارةٌ ... ملاّحُها قد ركب الكوثلا)
(فربْعنُا ملآنُ من فسقنا ... وقطّ من ناكتنا مَا خلا)
(وكلّ من واجَهَنا وَجهه ... سُخِّم فِيهِ بالسُخام الطِّلا)
)
(يَا إربليّين اسمعوا كلمة ... قد قَالَ شيطانَي واسترسلا)
(فَالْآن عَنْكُم قد هجا نفسَه ... بكلّ قولٍ يُخرِس المِقْولا)
(هَجَّج ذَاك الهجوَ عَن رَبْعكم ... كلّ أخير ينْقض الأوّلا)
(آنوك ابْن الْملك النَّاصِر)
آنوك بن مُحَمَّد بن قلاون هُوَ ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر من الخوندة طغاي لم يكن عِنْد أَبِيه أعز مِنْهُ لِأَنَّهُ ابْن الخوندة وَهُوَ أحسن أَوْلَاده رَأَيْته غير مرّة وَهُوَ تَامّ الشكل حسن الْوَجْه مستديره تركي الْعين مجذوبها أَبيض رابياً وَكَانَ أَخُوهُ النَّاصِر أَحْمد والمنصور أَبُو بكر وَإِبْرَاهِيم أكبر سنا مِنْهُ وَهُوَ وَحده أَمِير مائَة مقدم ألف وَالْبَاقُونَ أُمَرَاء أَرْبَعِينَ وَكَانَ يحمل رنك جده الْمَنْصُور وزوجه ابوه وَهُوَ ابْن عشر سِنِين أَو دونهَا بنت الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَكَانَ لَهُ عرس عَظِيم حَضَره نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي وَكَانَ لَهُ عرس عَظِيم حَضَره نَائِب الشَّام سيف الدّين تنكز وَأطْعم(9/245)
النَّاس فِي الإيوان وَنصب الْأَمِير سيف الدّين قرصون صاريين عَلَيْهِمَا نفط غرم عَلَيْهَا ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم وَاجْتمعَ الشمع بِالنَّهَارِ فِي الإيوان وَعرض ذَلِك على السُّلْطَان وَقعد أَبوهُ على صفة الْبَاب بِالْقصرِ وَقعد هُوَ على الصّفة الْأُخْرَى وَكَانَ الْأَمِير يعرض شمعه ثمَّ يبوس الأَرْض للسُّلْطَان ثمَّ لآنوك فعل ذَلِك ثَلَاثَة أَرْبَعَة أُمَرَاء ثمَّ أَن السُّلْطَان مَنعهم من بوس الأَرْض لآنوك وَلم يزل الشمع يعرض إِلَى بعد الْمغرب وَلم يكمل عرضه وَكَانَ مهما عَظِيما وَرَأَيْت أَبَا الْعَرُوس بكتمر وَهُوَ مشدود الْوسط فِي يَده عَصا لِأَنَّهُ فِي عرس ابْن أستاذه وَكَانَ مهما عيظماً إِلَى الْغَايَة وَرَأَيْت الجهاز لما حمل من دَار أبي العروسة من على بركَة الْفِيل ممدوداً على رُؤُوس الحمالين وَكَانَ عدتهمْ ثَمَانمِائَة حمال وَسِتَّة وَثَلَاثِينَ قطاراً غير الْحلِيّ والمصاغ والجواهر وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك فِي تَرْجَمَة بكتمر الساقي مفصلا وَلما صمدوا الشوار الْمَذْكُور دخل السُّلْطَان رَآهُ فَمَا أعجبه وَقَالَ أَنا رَأَيْت شوار بنت سلار وَهُوَ أَكثر من هَذَا وَأحسن على أَن هَذَا يَا أَمِير مَا يُقَابل بِهِ آنوك والتفت إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طقزدمر والأمير سيف الدّين أقبغا وَقَالَ جهزا بنتيكما وَلَا تتخاسا مثل الْأَمِير قلت قَالَ لي الْمُهَذّب كَاتب بكتمر إِن الذَّهَب الَّذِي دخل فِي الزركش والمصاغ ثَمَانُون قِنْطَارًا يَعْنِي بالمصري
وَكَانَ النشو كَاتب آنوك وأستاذ دَاره الْأَمِير سيف الدّين ألطنقش أستاذ دَار السُّلْطَان وَقَالَ لي)
النشو إِن لآنوك حَاصِل ذهبٍ عينٍ تَحت يَد خزنداره سِتّمائَة ألف دِينَار غير مَا لَهُ تَحت يَدي من المتجر من الْأَصْنَاف وَكَانَ إخْوَته الْكِبَار يركبون وينزلون فِي خدمته ويخلع عَلَيْهِم ويعطيهم ورأيته كثير الْحَرَكَة لَا يسْتَقرّ على الأَرْض وَلَا يلبث وَلَا يسكت وصفوا لَهُ ابْن قيران الشطرنجي الْأَعْمَى فَعجب مِنْهُ وأحضره لعب قدامه فأعجبه فَقَالَ لَهُ يَا خوند لأي شَيْء مَا تلعب قَالَ الْمُلُوك مَا يصلح لَهُم الشطرنج وَلَا النَّبِيذ حسام الدّين لاجين مَاتَ وَهُوَ يلْعَب بالشطرنج وجدر فتغيرت بعض محاسنه وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة قبل موت أَبِيه بِنصْف سنة تَقْرِيبًا وَوجد عَلَيْهِ وَكَانَ كثير الْميل إِلَى اقتناء الأبقار والأغنام والإوز والبط وَمَا أشبه ذَلِك سمعته يَقُول لرزق الله أخي النشو وَالله أَنا أحب الْبَقر أَكثر من الْخَيل
(أنيس)
3 - (الْغِفَارِيّ)
أنيس بن جُنَادَة الْغِفَارِيّ أَخُو أبي ذَر الْغِفَارِيّ أسلم مَعَ أَخِيه قَدِيما وَأسْلمت أمهما وَكَانَ شَاعِرًا حَدِيثهمَا عِنْد حميد بن هِلَال بن عبد الله بن الصَّامِت عَن أبي ذَر حَدِيث طَوِيل حسن فِي إسلامهما
3 - (الْأَسْلَمِيّ)
أنيس بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ روى عَنهُ عَمْرو بن سليم وَيُقَال عَمْرو(9/246)
بن مُسلم روى عَنهُ حَدِيثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأبي ذَر البس الخشن الضّيق وَقيل فِيهِ إِنَّه الَّذِي قَالَ لَهُ اغْدُ يَا أنيس إِلَى امْرَأَة هَذَا وَالله أعلم
3 - (الْأنْصَارِيّ)
أنيس بن قَتَادَة بن ربيعَة بن خَالِد بن الْحَارِث يَنْتَهِي إِلَى الْأَوْس الْأنْصَارِيّ شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا قَتله الْأَخْنَس بن شريق يُقَال إِنَّه كَانَ زوج خنساء بنت خدام الأَسدِية قَالَ ابْن عبد الْبر وَقد قَالَ فِيهِ بَعضهم أنس وَلَيْسَ بِشَيْء
3 - (الْبَاهِلِيّ)
أنيس بن قَتَادَة الْبَاهِلِيّ بَصرِي روى عَنهُ أَبُو نَضرة قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رهطٍ من بني ضبيعة الحَدِيث يُقَال فِيهِ أنس وَالْأول أَكثر
3 - (الغنوي)
)
أنيس بن مرْثَد ابْن أبي مرْثَد الغنوي وَيُقَال أنس وَالْأول أَكثر أَبُو يزِيد قَالَ بَعضهم الْأنْصَارِيّ لحلفٍ زعم بَينهم وَلَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا جده حَلِيف حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ من بني غَنِي بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان صحب هُوَ وَأَبوهُ مرْثَد وجده أَبُو مرْثَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقُتِلَ أَبوهُ يَوْم الرجيع مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَات جده فِي خلَافَة أبي بكر وَشهد أنيس فتح مَكَّة وحنيناً وَكَانَ عين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة حنين بأوطاس يُقَال إِنَّه الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها وَتُوفِّي رَضِي الله عَنهُ سنة عشْرين لِلْهِجْرَةِ
3 - (الْأنْصَارِيّ)
أنيس هُوَ رجل من الْأَنْصَار روى عَنهُ شهر بن حَوْشَب وَلم ينْسبهُ وَلم يرو عَنهُ غَيره
حَدِيثه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن لأشفع يَوْم الْقِيَامَة لأكْثر مِمَّا على وَجه الأَرْض من حجر أَو مدر قَالَ ابْن عبد البّر إِسْنَاده لَيْسَ بالقويّ
3 - (أنيسَة)
أنيسَة بنت خبيب بن أساف الْأَنْصَارِيَّة عمَّة خبيب بن عبد الرحمان تعد فِي الْبَصرِيين حَدِيثهَا عِنْد شُعْبَة عَن خبيب عَن عمته أنيسَة وَاخْتلف فِيهِ على شُعْبَة فَمنهمْ من يَقُول فِيهِ إِن ابْن أم مَكْتُوم يُنَادي بليلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي بِلَال وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ كَمَا روى ابْن عمر أَن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل وَهُوَ الْمَعْرُوف الْمَحْفُوظ
3 - (أنيسَة بنت عدي)
امْرَأَة من بلي صحابية أَيْضا روى عَنْهَا سعيد بن عُثْمَان البلوي وَهِي جدته وَهِي أم سَلمَة بن عبد الله الْعجْلَاني الْمَقْتُول بِأحد(9/247)
3 - (أنيسَة النخعية)
ذكرت قدوم معَاذ بن جبل عَلَيْهِم الْيمن رَسُولا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قَالَ لنا معَاذ إِنِّي رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْكُم صلوا خمْسا وصوموا شهر رَمَضَان وحجوا الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ وَهُوَ يومئذٍ ابْن ثَمَان عشرَة سنة
(أنيف)
3 - (الصَّحَابِيّ أنيف بن حبيب)
أنيف بن حبيب ذكره الطَّبَرِيّ فِي من قتل من الصحابية يَوْم خَبِير شَهِيدا
3 - (الصَّحَابِيّ أنيف بن وَاثِلَة)
أنيف بن وَاثِلَة بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف قَالَه الْوَاقِدِيّ وَقَالَ ابْن إِسْحَاق وَاثِلَة بالثاء رَابِعَة الْحُرُوف قتل يَوْم خَيْبَر شَهِيدا
(أهبان)
3 - (ابْن الْأَكْوَع مُكَلم الذِّئْب)
أهبان بن الْأَكْوَع أَبُو عقبَة ذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة من الْمُهَاجِرين وَقَالَ هُوَ مُكَلم الذِّئْب فِي رِوَايَة هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة وَقد اخْتلفُوا فِي اسمٍ مُكَلم الذِّئْب فَقَالَ هِشَام اسْمه أهبان بن الْأَكْوَع وَحكى ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ اسْم مُكَلم الذِّئْب أهبان بن أَوْس الْأَسْلَمِيّ وَكَانَ يسكن بِلَاد أسلم فَبينا هُوَ يرْعَى غنما بحرة الْوَبرَة عدا الذِّئْب على شاةٍ مِنْهَا فَأَخذهَا مِنْهُ فَتنحّى الذِّئْب وأقعى على ذَنبه وَقَالَ وَيحك لم تمنع مني رزقا رزقنيه الله فَجعل أهبان يصفق بيدَيْهِ وَيَقُول تالله مَا رَأَيْت أعجب من هَذَا فَقَالَ الذِّئْب إِن أعجب من هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين هَذِه النخلات وَأَوْمَأَ إِلَى الْمَدِينَة فحدر أهبان غنمه إِلَى الْمَدِينَة وأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحدثه الحَدِيث فَعجب لذَلِك وَأمره إِذا صلى الْعَصْر أَن يحدث بِهِ أَصْحَابه فَفعل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق فِي آيَات تكون قبل السَّاعَة
قَالَ وَأسلم أهبان وَصَحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نزل الْكُوفَة وابتنى بهَا دَارا فِي أسلم وَتُوفِّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَحكى ابْن سعد أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث أَنه قَالَ أَنا أعلم بِهَذَا من غَيْرِي ملكم الذِّئْب أهبان بن عباد بن ربيعَة بن كَعْب
3 - (الْغِفَارِيّ الصَّحَابِيّ)
أهبان بن صَيْفِي الْغِفَارِيّ أَبُو مُسلم الْبَصْرِيّ حَدِيثه عَن(9/248)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفِتْنَة اتخذ سَيْفا من خشب وَيُقَال فِيهِ وهبان بن صَيْفِي رَوَت عَنهُ ابْنَته عديسة لما ظهر عَليّ على الْبَصْرَة سمع بأهبان بن صَيْفِي فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ مَا خَلفك عَنَّا قَالَ خلفني عَنْك عهد عَهده)
إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخُوك وَابْن عمك قَالَ لي إِذا تَفَرَّقت الْأمة فَاتخذ سَيْفا من خشب والزم بَيْتك فَأَنا الْآن قد اتَّخذت سَيْفا من خشب ولزمت بَيْتِي فَقَالَ لَهُ عَليّ فأطع أخي وَابْن عمي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَانْصَرف عَنهُ وَلما حَضرته الْوَفَاة قَالَ كفنوني فِي ثَوْبَيْنِ قَالَت ابْنَته فزدنا ثوبا ثَالِثا فدفناه فِيهَا فَأصْبح ذَلِك الثَّوْب على المشجب
وَهَذَا خبر رَوَاهُ جمَاعَة من ثِقَات الْبَصرِيين وَغَيرهم
(الألقاب)
الْأَوَانِي الشَّاعِر أَحْمد بن مُحَمَّد
الْأَوَانِي الْمُقْرِئ يحيى بن الْحُسَيْن
(أوتامش)
3 - (التركي)
أوتامش التركي لما ولي المستعين الْخلَافَة استوزره وَأطلق يَده وَيَد شاهك الْخَادِم فِي بيُوت الْأَمْوَال وَفعل ذَلِك الْأَمر نَفسه وَكَانَت الْأَمْوَال الَّتِي ترد إِلَى السُّلْطَان تصير إِلَيْهِمَا ووصيف وبغا الأتراك عَن ذَاك بمعزل وهم فِي ضيق شَدِيد فأغري الموَالِي الشاكرية والفراغنة وَغَيرهمَا بأوتامش وَجَاءُوا إِلَيْهِ وَهُوَ بالجوسق مَعَ المستعين فَأَرَادَ الهروب فَلم يقدر واستجار بالمستعين فَلم يجره لضَعْفه وَكَثْرَة الْجند فحصروه يَوْمَيْنِ ودخلوا عَلَيْهِ وقتلوه وَقتلُوا كَاتبه شُجَاع بن الْقَاسِم وانتهبوا دَار أوتامش وَأخذُوا مِنْهَا أَمْوَالًا جليلة وفرشاً ومتاعاً كثيرا وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
3 - (نَائِب الكرك)
أوتامش الْأَمِير سيف الدّين الأشرفي مَمْلُوك الْأَشْرَف أخي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر ولاه نِيَابَة الكرك وَكَانَ يركن إِلَى عقله ويسميه الْحَاج وأرسله غير مرّة إِلَى الْملك بوسعيد راج مرّة بِطَلَبِهِ وطبلخاناته إِلَى تِلْكَ الْبِلَاد وَكَانَ أُولَئِكَ الْقَوْم يركنون إِلَى عقله لِأَنَّهُ كَانَ يعرف بالمغلي لِسَانا وَكِتَابَة ويدري آدَاب الْمغل وَيحكم فِي بَيت السُّلْطَان بَين الخاصكية باليسق الَّذِي قَرَّرَهُ جنكزخان وَكَانَ يعرف سيرة جنكزخان ويطالعها ويراجعها وَيعرف بيُوت الْمغل وأصولهم ويستحضر تواريخهم ووقائعهم وَكَانَ إِذا جَاءَ من تِلْكَ الْبِلَاد كتاب إِلَى السُّلْطَان بالمغلي يكْتب الْجَواب عَنهُ بالمغلي وَإِذا لم يكن حَاضرا كتبه الْأَمِير سيف الدّين طايربغا نسيب السُّلْطَان)
أَخْبرنِي من أَثِق إِلَيْهِ عَن الْأَمِير سيف الدّين الْحَاج أرقطاي وَكَانَ يَدعِي أَنه أَخُوهُ قَالَ كنت أَنا وَهُوَ لَيْلَة نائمين فِي الْفراش فَإِذا بِهِ قَالَ أرقطاي لَا تتحرك مَعنا عقرب وَلم يزل يهمهم(9/249)
بشفتيه وَقَالَ قُم فقمنا فَوَجَدنَا الْعَقْرَب ميتَة وَكَانَ يعرف رقى كَثِيرَة مِنْهَا مَا يَقُوله على الْعَقْرَب وَهِي سارحة فتموت وَمِنْهَا رقية لوجع الرَّأْس وَكَانَ مغرىً بالنرد وَأخرجه السُّلْطَان إِلَى صفد نَائِبا عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَتوجه إِلَيْهَا وَأحسن إِلَى أَهلهَا وَوَقع بَينه وَبَين الْأَمِير سيف الدّين تنكز نَائِب الشَّام ثمَّ توفّي فِي أَوَاخِر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة فِيمَا أَظن وَدفن فِي تربة الْحَاج أرقطاي جوَار جَامع الظَّاهِر
(الألقاب)
أوحد الزَّمَان الطَّبِيب الْبَغْدَادِيّ اسْمه هبة الله بن ملكا
الأوحد صَاحب خلاط أَيُّوب بن أبي بكر
أوحد الدّين الطَّبِيب عمرَان بن صَدَقَة
الأودني الشَّافِعِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله
(أوران)
3 - (أوران الْأَمِير سيف الدّين الْحَاجِب)
أنشأه الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز أحبه وقربه وَأَعْطَاهُ عشرَة ثمَّ إمرة طبلخاناه وَجعله حاجباً بِدِمَشْق وَلم يزل مكيناً عِنْده إِلَى أَن جرى لَهُ مَا جرى مَعَ قطلوبغا الفخري فِي ضِيَافَة صَلَاح الدّين ابْن الأوحد على مَا سَيَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمَة قطلوبغا فانحرف عَنهُ وأبغضه وأبعده إِلَى أَن توفّي فِيمَا أَظن فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
3 - (أوران الْأَمِير سيف الدّين السِّلَاح)
دَار أحد مقدمي الألوف بِدِمَشْق توفّي رَحمَه الله فِي طاعون دمشق فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَجَب الْفَرد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
(الْأَوْزَاعِيّ فَقِيه الشَّام)
اسْمه عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو
(أَوْس)
3 - (أَوْس بن الأرقم)
3 - (بن زيد بن قيس بن النُّعْمَان)
الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ قتل يَوْم أحد شَهِيدا(9/250)
3 - (أَوْس بن أَوْس الثَّقَفِيّ)
يُقَال أَوْس بن أبي أَوْس وَهُوَ وَالِد عَمْرو بن أَوْس روى عَنهُ أَبُو الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ وَابْنه عَمْرو بن أَوْس وَعَطَاء وَالِد يعلى بن عَطاء لَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجاديث مِنْهُ فِي الصّيام وَمِنْهَا من غسل واغتسل وَبكر وابتكر يَعْنِي يَوْم الْجُمُعَة الحَدِيث قَالَ عَبَّاس سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول أَوْس بن أَوْس وَأَوْس ابْن أبي أَوْس وَاحِد وَأَخْطَأ فِيهِ ابْن معِين لِأَن أَوْس ابْن أبي أَوْس هُوَ أَوْس بن حُذَيْفَة
3 - (أَوْس بن أَوْس بن عتِيك)
توفّي سنة أَربع عشرَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَوْس بن بشر)
رجل من أهل الْيمن يُقَال إِنَّه من جيشان أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم حَدِيثه عِنْد اللَّيْث بن سعد بن عَامر الجيشاني
3 - (الْمَازِني)
أَوْس بن ثَعْلَبَة بن زفر بن عَمْرو بن أَوْس قَالَ دعبل هُوَ ربعي مازني مخضرم وَهُوَ صَاحب قصر أَوْس بِالْبَصْرَةِ فِي الْجَبانَة تقلد سجستان لمعاوية وَكَانَ مَعَ سعيد بن عُثْمَان بن عَفَّان بخراسان فقلده هراة ثمَّ غضب عَلَيْهِ فَخرج هَارِبا وَمَعَهُ عبدل بن خَالِد اللَّيْثِيّ وَجعل يغذ السّير فحرج عبدل فَقَالَ أَوْس من الْبَسِيط
(جذّام حبلِ الْهوى ماضٍ إِذا جعلتْ ... هواجسُ الهمِّ بعد الهمِّ تعتكرُ)
(وَمَا تجهَّمني ليلٌ وَلَا بلدٌ ... وَلَا تكاءدني عَن حَاجَتي سَفَرُ)
وَقَالَ أَيْضا من الطَّوِيل)
(بَكَى عبدلٌ لمّا رأى البد أعرَضتْ ... وَقَالَ هلكنْا والضعيف ضعيفُ)
(فَقلت لَهُ لَا تبكِ عينُك إنّها ... نوى بالصالحين قّذوفُ)
(لعمرُك إنّي من شريد مطرَّد ... وحاشٍ لمدلاج الظلام عَسوفُ)
3 - (الْجُشَمِي)
أَوْس بن جَابر الْجُشَمِي يَقُول لعبد الله بن عَامر بن كريز لما قَلّدهُ عُثْمَان بن عَفَّان خُرَاسَان يحضه على الْعَدو من قصيدة من الرجز
(قوُلا لعبد الله خيرِ سامعٍ ... وخيرِ مولودٍ وخيرِ يافعِ)
(يَا ابْن كُريز بن حبيبٍ دافِعِ ... عَن حَرَم الْإِسْلَام والشرائعِ)
(لَو كنتَ فِي دومةَ أَو فِي فارعِ ... دُونك حضنٌ موصَدُ المصارعِ)(9/251)
(لم تَنْجُ من رَيب الْمنون الواقعِ ... فامْضِ فَلَيْسَ حَذَرٌ بنافعِ)
(وانهَضٌ هُديتَ كالشهاب الساطعِ ... إِلَى خُرَاسَان وَلَا تدافعِ)
(واجمعْ جناحيك لَهَا وشايعِ ... يفتح عَلَيْك الله خير صانعِ)
3 - (أَوْس بن حبيب الْأنْصَارِيّ)
قتل بِخَيْبَر شَهِيدا على حصن ناعم
3 - (أَوْس بن الْحدثَان النصري)
بالصَّاد الْمُهْملَة لَهُ صُحْبَة وَاخْتلف فِي صُحْبَة ابْنه مَالك بن أَوْس بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام التَّشْرِيق وَآخر فناديا أَن لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن وَأَيَّام منى أَيَّام أكلٍ وَشرب
3 - (أَوْس بن حُذَيْفَة)
هُوَ جد عُثْمَان بن عبد الله بن أَوْس وَهُوَ أَوْس بن أبي أَوْس لَهُ أَحَادِيث فِي الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ فِي إِسْنَاده ضعف
3 - (أَبُو الجوزاء)
أَوْس بن خَالِد الربعِي الْبَصْرِيّ أَبُو الجوزاء من الطَّبَقَة الثَّانِيَة من التَّابِعين قَالَ صَحِبت ابْن عَبَّاس اثْنَتَيْ عشرَة سنة فَمَا بَقِي فِي الْقُرْآن آيَة إِلَّا سَأَلته عَنْهَا وَلم يلعن أَبُو الجوزاء شَيْئا قطّ وَلَا أكل طَعَاما ملعوناً وَكَانَ يَقُول لِأَن تمتلئ دَاري قردةً وَخَنَازِير أحب إِلَيّ من أَن أجاوز رجلا من أهل الْأَهْوَاء وَكَانَ يَقُول مَا ماريت أحدا قطّ وَلَا كذبت أحدا قطّ وَكَانَ يواصل فِي)
الصَّوْم بَين سَبْعَة أَيَّام ثمَّ يقبض على ذِرَاع الشَّاة فيكاد يحطمها وَقَالَ ابْن سعد خرج أَبُو الجوزاء مَعَ ابْن الْأَشْعَث فَقتل أَيَّام الجماجم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ أسْند عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَغَيرهمَا
3 - (الْأنْصَارِيّ)
أَوْس بن خولي من بني الحبلى أَنْصَارِي حضر غسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل فِي قَبره توفّي فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
3 - (أَوْس بن سمْعَان)
أَبُو عبد الله مَذْكُور فِي حَدِيث الْأَشْرِبَة قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لأجدها كَذَلِك فِي التَّوْرَاة
3 - (أَوْس بن شُرَحْبِيل)
أحد بني الْمجمع مَعْدُود فِي الشاميين روى عَنهُ نمران الرَّحبِي حَدِيثه عِنْد الزبيدِيّ ذكره البُخَارِيّ
3 - (أَخُو عبَادَة)
أَوْس بن الصَّامِت أَخُو عبَادَة وهما بدريان روى الْوَاقِدِيّ عَن عبد(9/252)
الحميد بن عمرَان بن أبي أنس عَن أَبِيه قَالَ كَانَ من ظَاهر فِي الْجَاهِلِيَّة حرمت عَلَيْهِ امْرَأَته آخر الدَّهْر وَكَانَ أول من ظَاهر فِي الْإِسْلَام أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ بِهِ لمَم فلاحى امْرَأَته خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة فَقَالَ لَهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَرَاك إِلَّا وَقد حرمت عَلَيْهِ
فجادلته امْرَأَته مرَارًا ثمَّ دعت الله فَأنْزل الله تَعَالَى قولَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوجهَا إِلَى آخر الْقِصَّة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مريه فليعتق رَقَبَة قَالَت من أَيْن يجدهَا وَالله مَا لَهُ خَادِم غَيْرِي قَالَ فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَت إِنَّه لَا يُطيق قَالَ فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَت وَأَنِّي لَهُ ذَلِك إِنَّمَا هِيَ رخبة قَالَ فليأت أم الْمُنْذر كَانَ عِنْدهَا تمر الصَّدَقَة
فليأخذ شطر وسق فليتصدق بِهِ على سِتِّينَ مِسْكينا فَفعل وَكَانَ يطعم مِسْكين مَدين وَهَذَا معنى الحَدِيث توفّي أَوْس فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَيُقَال كَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن ضمعج)
)
أَوْس بن ضمعج بالضاد الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَبعدهَا جِيم
الْحَضْرَمِيّ وَيُقَال النَّخعِيّ الْكُوفِي روى عَن سلمَان وَابْن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم وَتُوفِّي فِي حُدُود الْمِائَة لِلْهِجْرَةِ
3 - (أَوْس بن عَائِذ الصَّحَابِيّ)
قتل يَوْم خَيْبَر شَهِيدا
3 - (أَوْس بن عبد الله)
3 - (بن حجر الْأَسْلَمِيّ)
سكن الْبَادِيَة مخرج حَدِيثه عَن وَلَده وَذريته وَهُوَ حَدِيث حسن فِي هِجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أبي بكر مرا بِهِ بدوحات بَين الْجحْفَة وهرشى وهما على جمل وَاحِد فحملها على فَحل إبِله وَبعث مَعَهُمَا غُلَاما يُقَال لَهُ مَسْعُود فَقَالَ لَهُ اسلك بهما مُخَارق الطَّرِيق وَلَا تفارقهما حَتَّى يقضيا حاجتهما مِنْك وَمن جملك وَأمره أَن يسم الْإِبِل فِي أعناقها قيد الْفرس
3 - (أَوْس بن عَوْف الثَّقَفِيّ)
حَلِيف لَهُم من بني سَالم أحد الْوَفْد الَّذين قدمُوا بِإِسْلَام ثَقِيف مَعَ عبد ياليل ابْن عَمْرو فأسلموا
3 - (أَوْس بن الفاكة)
الْأنْصَارِيّ الأوسي قتل يَوْم خَيْبَر شَهِيدا(9/253)
3 - (أَوْس بن قيظي)
بِالْقَافِ وَالْيَاء آخر الْحُرُوف والظاء الْمُعْجَمَة ابْن عَمْرو بن زيد الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ شهد أحدا هُوَ وابناه كباثة بِالْكَاف وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف ثاء رَابِعَة الْحُرُوف وَعبد الله وَله ابْن اسْمه عرابة بن أَوْس لم يحضر أحدا لأنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استصغره فَرده
3 - (ابْن المغراء القريعي)
أَوْس بن مغراء القريعي أحد بني قريع بن عَوْف بن كَعْب يكنى أَبَا المغراء مخضرم شهد الْفتُوح وهاجى النَّابِغَة الْجَعْدِي وَكَانَ النَّابِغَة فَوْقه فِي الشّعْر قَالَ النَّابِغَة إِنِّي وأوساً لنبتدر بَيْتا مَا قُلْنَاهُ بعد لَو قد قَالَه أَحَدنَا لقد غلب على صَاحبه فقالأوس
(لَعمرُك مَا تَبْلى سرابيلُ عامرٍ ... من اللؤم مَا دَامَت عَلَيْهَا جلودُها)
فَقَالَ النَّابِغَة هَذَا هُوَ الْبَيْت وَغلب النَّاس أَوْسًا على النَّابِغَة وَلم يكن إِلَيْهِ وَلَا قَرِيبا مِنْهُ فِي هَذَا)
الشّعْر وَبعد هَذَا الْبَيْت من الطَّوِيل
(فلست بعافٍ عَن شتيمة عامرٍ ... وَلَا حابسي عمّا أَقُول وعيدُها)
(ترى اللؤمَ مَا عاشوا جَدِيدا عَلَيْهِم ... وأبقَى ثيابِ اللابسين جَديدُها)
وَبَقِي إِلَى أَيَّام مُعَاوِيَة وَقَالَ قصيدته الَّتِي عدد فِيهَا مَا كَانَ من بلائهم فِي الْفتُوح وَغَيرهَا وفخر فِيهَا وَمِنْهَا من الْبَسِيط
(منّا البنيُّ الَّذِي قد عَاشَ مؤتمناً ... وصاحباه وعثمانُ بن عفّانا)
(مَا تطلع الشَّمْس إلاّ عِنْد أوّلنا ... وَلَا تغَّيبُ إلاّ عِنْد أُخرانا)
(تحالف النَّاس ممّا يعْملُونَ لنا ... وَلَا نُحالف إلاّ الله مَوْلَانَا)
3 - (أَوْس بن معير)
بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْعين وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء ابْن لوذان بن ربيعَة الْقرشِي الجُمَحِي وَهُوَ أَبُو مَحْذُورَة مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غلبت عَلَيْهِ كنيته وَقيل اسْمه سَمُرَة وَأَخُوهُ أنيس قتل كَافِرًا وأمهما امْرَأَة من خُزَاعَة وَلَا عقب لَهما وَورث الْأَذَان عَن أبي مَحْذُورَة بِمَكَّة إِخْوَتهم من بني سلامان بن ربيعَة بن سعد بن جمح قَالَ ابْن محيريز رَأَيْت أَبَا مَحْذُورَة وَله شَعْرَة فَقلت يَا عَم أَلا تَأْخُذ من شعرك فَقَالَ مَا كنت لآخذ شعرًا مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ ودعا فِيهِ بِالْبركَةِ وَقَالَ بعض شعراء قُرَيْش فِي أَذَان أبي مَحْذُورَة من الرجز
(أما وربّ الْكَعْبَة المستوره ... وَمَا تَلا محمّد من سوره)
(والنعرات من أبي محذوره ... لأفعلنّ فعلةً مذكوره)(9/254)
وَكَانَ أَبُو مَحْذُورَة أحسن النَّاس أذاناً وأنداهم صَوتا قَالَ لَهُ عمر يَوْمًا وسَمعه يُؤذن كدت أَن تَنْشَق مريطاؤك وَتُوفِّي رَضِي الله عَنهُ بِمَكَّة سنة تسع وَخمسين لِلْهِجْرَةِ
وَقَالَ أَبُو مَحْذُورَة خرجت فِي نفر عشرَة فَكُنَّا فِي بعض الطَّرِيق حِين قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حنين فسمعنا صَوت الْمُؤَذّن وَنحن متنكبون فصرخنا نحكيه ونستهزئ بِهِ فَسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْنَا إِلَى أَن وقفنا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أَيّكُم الَّذِي سَمِعت صَوته قد ارْتَفع فَأَشَارَ الْقَوْم كلهم إِلَيّ وَصَدقُوا فأرسلهم وحبسني ثمَّ قَالَ قُم فَأذن بِالصَّلَاةِ فَقُمْت وَلَا شَيْء أكره إِلَيّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا مِمَّا يَأْمُرنِي بِهِ)
فَقُمْت بَين يَدَيْهِ فَألْقى عَليّ التأذين هُوَ بِنَفسِهِ فَقَالَ قل الله أكبر فَذكر الْأَذَان ثمَّ دَعَاني حِين قضيت التأذين فَأَعْطَانِي صرة فِيهَا شَيْء من فضَّة ثمَّ وضع يَده على ناصيتي ثمَّ بَين ثديي ثمَّ على كَبِدِي حَتَّى بلغت يَده سرتي ثمَّ قَالَ بَارك الله فِيك وَبَارك عَلَيْك فَقلت يَا رَسُول الله مرني بِالتَّأْذِينِ بِمَكَّة قَالَ قد أَمرتك بِهِ فَذهب كل شَيْء كَانَ فِي نَفسِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَرَاهَة وَعَاد ذَلِك كُله محبَّة فَقدمت على عتاب بن أسيد عَامل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَأَذنت مَعَه بِالصَّلَاةِ عَن أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر تَمام الْخَبَر
3 - (أَبُو مَحْذُورَة الْمُؤَذّن)
أَوْس بن معير على الصَّحِيح هُوَ أَبُو مَحْذُورَة الجُمَحِي لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة كَانَ من أحسن النَّاس وأنداهم صَوتا يُؤذن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام علمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَذَان
توفّي سنة ثَمَان وَخمسين لِلْهِجْرَةِ روى لَهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة
3 - (الْبكْرِيّ)
أَوْس الْبكْرِيّ بن بكر بن وَائِل من شعراء خُرَاسَان يَقُول فِي بعض حروبهم فِي رِوَايَة دعبل من الطَّوِيل
(عصانَي قومِي والرشاد الَّذِي بِهِ ... أمرت وَمن يعضِ المجرِّبَ يندمِ)
(فصبراً بني بكرٍ على الْمَوْت إنّني ... أرى عارِضاً ينهلُّ بِالْمَوْتِ والدمِ)
(وَلَا تجْزعوا ممّا جنتْه أكُفُّكُم ... وَلَا تندموا مَاذَا بِحِين تندُّمِ)
(أقِيمُوا صُدُور الْخَيل للْمَوْت سَاعَة ... وموتوا كراماً لَا تبوءوا بمأثمِ)
(أَوسط بن عَمْرو البَجلِيّ)
قَالَ ابْن عبد الْبر روى عَن أبي بكر الصّديق وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَنهُ سليم بن عَامر الخبائري
(أوفى)
3 - (أوفى بن عرفطة)
لَهُ ولأبيه عرفطة صُحْبَة وَاسْتشْهدَ أَبوهُ يَوْم الطَّائِف رَضِي الله عَنْهُمَا(9/255)
3 - (أوفى بن موله)
بِفَتْح الْمِيم وَالْوَاو وَاللَّام التَّمِيمِي الصَّحَابِيّ حَدِيثه فِي الإقطاع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب لَهُم فِي أَدِيم قَالَ ابْن عبد الْبر لَيْسَ إِسْنَاد حَدِيثه بِالْقَوِيّ
(الأوقص قَاضِي مَكَّة)
اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرحمان
(أُوقِيَّة الْمقري)
عَامر بن عمر
(أولاجا نَائِب صفد وَغَيرهَا)
أولاجا الْأَمِير سيف الدّين كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ الْأَمِير زِيّ الدّين قراجا فِي الْأَيَّام الصالحية إِسْمَاعِيل حاجبين والنائب الْأَمِير شمس الدّين آقسنقر السلاري والأمير سيف الدّين بيغرا فوشي بهم إِلَى الْملك الصَّالح ونسبوا إِلَى أَنهم فِي الْبَاطِن مَعَ النَّاصِر أَحْمد وَرُبمَا يكاتبونه فَأمْسك الْأَمِير سيف الدّين بيغرا والأمير شمس الدّين النَّائِب الْمَذْكُور والأميران سيف الدّين أولاجا وزين الدّين قراجا فِي أول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقضى الله أمره فِي النَّائِب وَبَقِي الْأُمَرَاء الثَّلَاثَة معتقلين بالإسكندرية فشفع الْأَمِير سيف الدّين طقزتمر نَائِب الشَّام فيهم فأفرج عَنْهُم فِي شهر رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو فِيمَا بعد شهر رَجَب وَترك الْأَمِير سيف الدّين بيغرا بالديار المصرية وجهز الْأَمِير سيف الدّين أولاجا وَأَخُوهُ إِلَى دمشق فأقاما بهَا بطالين إِلَى أَن توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى وَتَوَلَّى الْكَامِل شعْبَان فَأعْطِي سيف الدّين أولاجا إمرة طبلخاناه وجهز نَائِبا إِلَى حمص فَعمل النِّيَابَة بهَا على أتم مَا يكون ثمَّ جهز إِلَى نِيَابَة غَزَّة فأجاد مُبَاشرَة ذَلِك وَفِي تِلْكَ الْأَيَّام برز الْأَمِير سيف الدّين يلبغا نَائِب الشَّام إِلَى الجسورة وَخرج على الْكَامِل شعْبَان وَحضر إِلَيْهِ نَائِب حمص ونائب حماة ونائب طرابلس ونائب صفد وَطلب الْأَمِير سيف الدّين أولاجا من غَزَّة فَلم يحضر إِلَيْهِ وَأقَام فِي غَزَّة إِلَى أَن خلع الْكَامِل وَولي الْملك المظفر حاجي فرسم لَهُ بِالْعودِ إِلَى حمص نَائِبا فَأَقَامَ بهَا على الْقدَم الأولى من المهابة والعفة فَلَمَّا خرج يلبغا فِي الْأَيَّام المظفرية سير يَطْلُبهُ فدافعه وماطله وَلم يحضر إِلَيْهِ إِلَى أَن انفصلت قَضِيَّة يلبغا على مَا سَيَأْتِي ذكره فِي تَرْجَمَة يلبغا وَلما انفصلت تِلْكَ الْوَاقِعَة ورسم للأمير سيف الدّين أرغون شاه بنيابة الشَّام رسم للأمير سيف الدّين أولاجا بنياية صفد فَتوجه إِلَيْهَا فِي أَوَائِل رَجَب سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ قد تعلق بِهِ وخم عَظِيم من حمص فَزَاد ضعفه بصفد وَطلب لَهُ طَبِيبا من دمشق فَجهز إِلَيْهِ وعالجه وتماثل من الضعْف ثمَّ إِنَّه نقض عَلَيْهِ الوخم الْحِمصِي فَمَاتَ رَحمَه الله فِي سادس شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأوصى إِلَى ثَلَاثَة أستاذداره وَهُوَ دواداره وَآخر من مماليكه وَجعل النّظر عَلَيْهِم إِلَى نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه(9/256)
(أويس)
3 - (الْقَرنِي)
أويس بن عَامر بن جُزْء بن مَالك الْمرَادِي الْقَرنِي الزَّاهِد سيد التَّابِعين قتل يَوْم صفّين مَعَ عَليّ بن أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ سنة سبع وَثَلَاثِينَ أسلم على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمنعه من الْقدوم عَلَيْهِ بره بِأُمِّهِ وَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر من أدْركهُ من الصَّحَابَة أَن يطلبوا مِنْهُ الاسْتِغْفَار لَهُم وَقَالَ هُوَ خير التَّابِعين وَقَالَ لعمر رضى الله عَنهُ أقره مني السَّلَام وَقَالَ لَو أقسم على الله لَأَبَره وَقَالَ يُقَال للعباد يَوْم الْقِيَامَة ادخُلُوا الْجنَّة وَيُقَال لأويس قف لتشفع فيشفعه الله فِي مثل عدد ربيعَة وَمُضر وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يسْأَل عَنهُ وُفُود أهل الْيمن قَالَ ابْن عَبَّاس مكث عمر يسْأَل عَن أويس عشر سِنِين فَأعْلم أَنه بِالْكُوفَةِ فَأرْسل إِلَيْهِ بِالسَّلَامِ والقدوم عَلَيْهِ فَقدم عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عمر الاسْتِغْفَار لَهُ فَفعل وَقيل إِن عمر وعلياً اجْتمعَا بِهِ فِي عَرَفَات وَهُوَ يرْعَى الْإِبِل فَاسْتَغْفر لَهما وَعرض عَلَيْهِ عمر شَيْئا من الْعَطاء فَأبى وَكَانَ يسكن الْكُوفَة وَكَانَ أَهلهَا يسخرون مِنْهُ فَلَمَّا ظهر أمره اختفى وَكَانَ يحب الْخلْوَة وَجل مواعظه ذكر الْمَوْت
وَيُقَال إِنَّه مَاتَ بِدِمَشْق وَإِن قَبره فِي مَقَابِر الْجَابِيَة وَهُوَ ظَاهر مَعْرُوف وَإِن هرم بن حَيَّان رَآهُ فِي مَسْجِد دمشق ملفوفاً فِي عباءة مَيتا فكشفها عَنهُ فَعرفهُ وكفنه وَدَفنه وَقَالَ ابْن سعد توفّي فِي خلَافَة عمر وَقيل شهد صفّين مَعَ عَليّ فَقتل فنظروا فَإِذا عَلَيْهِ نَيف وَأَرْبَعُونَ جِرَاحَة
وَقيل غزا غَزْوَة أذربيجان فَمَاتَ فتنافس أَصْحَابه فِي حفر قَبره فَحَفَرُوا فَإِذا بصخرة محفورة ملحودة وتنافسوا فِي كَفنه فَإِذا فِي عيبته ثِيَاب لَيست مِمَّا نسج بَنو آدم فكفنوه فِيهَا ودفنوه فِي ذَلِك الْقَبْر وَقيل مَاتَ بالجزيرة وَقيل بسجستان وَقيل اسْتشْهد يَوْم نهاوند وَقيل مَاتَ وَقد خرج غازباً إِلَى ثغر أرمينية وَقَالَ عَلْقَمَة بن مرْثَد الْحَضْرَمِيّ انْتهى الزّهْد إِلَى ثَمَانِيَة نفر من التَّابِعين عَامر بن عبد قيس وأويس وهرم بن حَيَّان الْعَبْدي وَالربيع بن خثيم الثَّوْريّ وَأبي مُسلم الْخَولَانِيّ وَالْأسود بن يزِيد ومسروق وَالْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ كَانَ أويس يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك من كل كبدٍ جائعةٍ وجسدٍ عارٍ وَلَيْسَ لي إِلَّا مَا على ظَهْري وَفِي بَطْني
(الأويسي)
اسْمه عبد الْعَزِيز بن عبد الله(9/257)
(إياد خَادِم النَّبِي)
(صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
إياد أَبُو السَّمْح خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مَشْهُور بكنيته قَالَ ابْن عبد الْبر لم يرو عَنهُ فِيمَا علمت إِلَّا مَحل بن خَليفَة حَدِيثه فِي بَوْل الْجَارِيَة والغلام عِنْد يحيى بن الْوَلِيد وَيُقَال إِن إياداً ضل وَلَا يدْرِي أَيْن مَاتَ
(اياز)
3 - (الْأَمِير فَخر الدّين الْمقري)
أياز الْأَمِير الْكَبِير فَخر الدّين الصَّالِحِي الْمَعْرُوف بالمقري أحد حجاب الظَّاهِر وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّات ويثق بِهِ ترسل عَنهُ إِلَى أبغا وَإِلَى غَيره وَلما تملك الْمَنْصُور جعله أَمِير حَاجِب وَأَعْطَاهُ خبْزًا كَبِيرا وزادت مَنْزِلَته عِنْده حج من الشَّام ورد إِلَى مصر فَتوفي بهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وروى عَن ابْن المقير وَحدث بِالْقَاهِرَةِ ودمشق
3 - (أياز افتخار الدّين الْحَرَّانِي)
كَانَ وَالِي دمشق وأضيف إِلَيْهِ النّظر فِي أَمر الْمَسَاجِد فِي سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة فَأمر أهل الْأَسْوَاق بِالصَّلَاةِ وعاقب من تخلف عَنْهَا وَكَانَ يَخْدمه شخص من أَبنَاء الْحَنَابِلَة يعرف بالفخر ابْن الصَّيْرَفِي وَله مَسْجِد بقبة اللَّحْم لَهُ فِيهِ كل شهر سِتُّونَ درهما فَتَركه بِحَالهِ وَلم ينقصهُ شَيْئا من جامكيته وَكَانَ الافتخار نقص سَائِر جوامك النَّاس فَقَالَ بعض أَئِمَّة الْمَسَاجِد من الْكَامِل
(يَا والياً متزهِّداً ... متحنبلاً بتَصَلُّفِ)
(لِمَ لَا تَسَاوِي بالمسا ... جد مَسْجِد ابْن الصَّيْرَفِي)
فَأَجَابَهُ آخر على لِسَان الْوَالِي من الْكَامِل
(قَالَ الْأَمِير الْحَنْبَلِيّ ... جوابَ مَن لم ينصفِ)
(أَنا مبغضٌ للشَّافِعِيّ ... والمالكي والحنفي)
(فلذاك أقصيهم وأر ... عى جَانب ابْن الصَّيْرَفِي)
)
3 - (نَائِب حلب)
أياز الْأَمِير فَخر الدّين السِّلَاح دَار الناصري أَظُنهُ كَانَ بِمصْر قبل خُرُوجه إِلَى الشَّام من بعض مشدي الْعِمَارَة ثمَّ إِنَّه خرج فِي حَيَاة السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون إِلَى طرابلس أَمِير عشرَة ثمَّ رسم بنقله إِلَى دمشق فِي أَوَاخِر أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَأَقَامَ بهَا ثمَّ لما توجه الفخري بعساكر الشَّام إِلَى مصر أَيَّام النَّاصِر أَحْمد كَانَ فِي جملَة الْعَسْكَر ورسم لَهُ بِالْقَاهِرَةِ بإمرة طبلخاناة وَحضر عَلَيْهَا إِلَى دمشق المحروسة ثمَّ إِنَّه لما توفّي(9/258)
الْأَمِير سيف الدّين يُنجي مشد الواوين بِدِمَشْق المحروسة تولى الْأَمِير فَخر الدّين شدّ الدَّوَاوِين مَكَانَهُ بِدِمَشْق فَعمل الشد جيدا ثمَّ إِنَّه عزل من ذَلِك فِي أَيَّام الْأَمِير سيف طقزتمر وَتَوَلَّى حاجباً صَغِيرا وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي الْأَمِير سيف الدّين أللمش الْحَاجِب الْكَبِير بِدِمَشْق فِي أَيَّام الْأَمِير سيف الدّين يلبغا فَأعْطَاهُ الحجوبية مَكَانَهُ وداخله وَصَارَ حظياً عِنْده لَا يُفَارِقهُ فِي الْحَضَر وَلَا فِي السّفر وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن ورد مرسوم الْملك المظفر حاجي بِطَلَبِهِ إِلَى مصر فَتوجه إِلَيْهَا ورسم لَهُ بنيابة صفد فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَبعد حُضُوره إِلَيْهَا بِقَلِيل خرج الْأَمِير سيف الدّين يلبغا على المظفر وَجرى لَهُ مَا جرى على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمته وهرب فرسم للأمير فَخر الدّين بِأَن يركب خَلفه فَحَضَرَ فِي عَسْكَر صفد إِلَى دمشق وَتوجه بِهِ وبعسكر دمشق إِلَى حمص وَأقَام عَلَيْهَا فَلَمَّا أمسك يلبغا بحماة رَجَعَ الْأَمِير فَخر الدّين إِلَى صفد ورسم لَهُ بنيابة حلب فَتوجه فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا وأحبه أَهلهَا فَإِنَّهُ عاملهم بلطف زَائِد فَلَمَّا كَانَت أول دولة الْملك النَّاصِر حسن حضر الْأَمِير ركن الدّين عمرشاه الناصري إِلَيْهِ إِلَى حلب يَطْلُبهُ إِلَى مصر على الْبَرِيد مخفاً فقابل ذَلِك بِالطَّاعَةِ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْل سمع ركن الدّين عمرشاه أَنه رُبمَا أَن يَعْصِي وَمَا يروح إِلَى مصر فأركب الْأُمَرَاء والعسكر وَأَحَاطُوا بدار النِّيَابَة فَلَمَّا أحس بهم خرج إِلَيْهِم وَسلم سَيْفه بِيَدِهِ إِلَى ركن الدّين عمرشاه وَقَالَ أما مَمْلُوك السُّلْطَان وَتَحْت طَاعَته الشَّرِيفَة فأمسكوه وقيدوه وأطلعوه إِلَى قلعة حلب وطولع للسُّلْطَان بأَمْره وَكَانَ ذَلِك فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وأحضره الْأَمِير سيف الدّين بلجك إِلَى قلعة دمشق مكبلاً فِي الْحَدِيد فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا يسيرَة وَطلب إِلَى مصر وجهز إِلَى الاسكندرية وَبَلغنِي أَنه قَالَ للأمير سيف الدّين أرغون شاه النَّائِب بِالشَّام لما استحضره فِي اللَّيْل وَقد جَاءَ من حلب وَالله يَا خوند رَأَيْت فِي الطَّرِيق)
فلاحاً يَسُوق حمارا أعرج معقوراً وَهُوَ فِي أنحس حَال فتمنيت لَو كنت مثله فرق لَهُ وَقلت فِيهِ من الْكَامِل
(لمّا أنار أيازُ فِي أفق العُلى ... خمدتْ سَرِيعا لامعاتُ عُلوِّه)
(بالْأَمْس أصبح نعْمَة لصديقه ... واليومَ أَمْسَى رَحْمَة لعدوِّه)
وَلم يزل معتقلاً بالإسكندرية إِلَى أَن أفرج عَنهُ وجهز إِلَى طرابلس بطالاً فَحَضَرَ من مصر إِلَى دمشق فِي خَامِس عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَفِي أَوَائِل جُمَادَى الأولى أعطي طبلخاناه سنقر الجمالي بهَا ثمَّ نقل إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن وسط هُوَ وألجيبغا فِي شهر ربيع الآخر سنة خمسين وَسَبْعمائة على مَا تقدم فِي تَرْجَمَة ألجيبغا
3 - (أياز حسيس)
هُوَ أَبُو مَنْصُور المنجم يَأْتِي ذكره فِي حرف الْمِيم فِي اسْم مَنْصُور
ابْن أياز النَّحْوِيّ الْحُسَيْن بن أياز(9/259)
(إِيَاس)
3 - (إِيَاس بن أَوْس بن عتِيك)
الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي قتل يَوْم أحد شَهِيدا
3 - (الصَّحَابِيّ)
إِيَاس بن أبي البكير بن عبد ياليل الْكِنَانِي كَانَ من الْمُهَاجِرين شهد بَدْرًا وَتُوفِّي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ شهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا وَإِخْوَته خَالِد وعامر وعاقل
3 - (الْأنْصَارِيّ)
إِيَاس بن ثَعْلَبَة أَبُو أُمَامَة الْحَارِثِيّ الْأنْصَارِيّ وَهُوَ ابْن أُخْت أبي بردة ابْن نيار وَيُقَال اسْمه ثَعْلَبَة بن سُهَيْل وَهُوَ مَشْهُور بكنتيه روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقتطع رجل مَال امْرِئ مُسلم بِيَمِينِهِ إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة وَأوجب لَهُ النَّار وَإِن كَانَ سواكاً من أَرَاك
3 - (ابْن الْأَكْوَع الْأَسْلَمِيّ)
إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع الْأَسْلَمِيّ الْمدنِي روى عَن أَبِيه وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَمِائَة)
3 - (إِيَاس بن عبد الْمُزنِيّ)
يعد فِي الْحِجَازِيِّينَ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَبِيعُوا المَاء قَالَ ابْن عبد الْبر لَا أحفظ لَهُ غير هَذَا الحَدِيث
3 - (إِيَاس بن عبد الفِهري)
أَبُو عبد الرحمان شهد حنيناً روى عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن يعلى ابْن عَطاء عَن أبي همام عبد الله بن يسَار عَن أبي عبد الرَّحْمَن الفِهري شاهدت الْوُجُوه الحَدِيث بِطُولِهِ
3 - (إِيَاس بن عبد الله)
ابْن أبي ذُبَاب بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وباءين موحدتين الدوسي مدنِي لَهُ صُحْبَة حَدِيثه عِنْد الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا تضربوا إِمَاء الله الحَدِيث
3 - (إِيَاس بن عدي)
الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ قتل يَوْم أحد شَهِيدا وَلم يذكرهُ ابْن إِسْحَاق(9/260)
3 - (إِيَاس بن قَتَادَة بن أوفى)
من بني مَنَاة بن تَمِيم من الطَّبَقَة الأولى من التَّابِعين وَأمه الفارعة بنت حميري ولأبيع صُحْبَة وَكَانَ إِيَاس شريفاً اعتم يَوْمًا وَهُوَ يُرِيد بشر بن مَرْوَان فَنظر فِي الْمرْآة فَإِذا شيبَة فِي ذقنه فَقَالَ يَا جَارِيَة انظري من بِالْبَابِ من قومِي فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ يَا قوم إِنِّي كنت قد وهبت لكم شَبَابِي فهبوا لي مشيبي لَا أَرَانِي حمير الْحَاجَات وَهَذَا الْمَوْت يقرب مني ثمَّ نفض عمَامَته وَاعْتَزل النَّاس يعبد ربه حَتَّى مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ
3 - (إِيَاس بن معَاذ)
من بني عبد الْأَشْهَل وَلما قدم فتية من بني عبد الْأَشْهَل وَفِيهِمْ إِيَاس يَلْتَمِسُونَ الْحلف من قُرَيْش على قَومهمْ من الْخَزْرَج سمع بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُم فَجَلَسَ إِلَيْهِم وَقَالَ هَل لكم إِلَيّ خير مِمَّا جئْتُمْ لَهُ قَالُوا وَمَا ذَاك قَالَ أنارسول الله يعثني إِلَى الْعباد أدعوهم إِلَى أَن يعبدوا الله وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وَأنزل عَليّ الْكتاب وَذكر لَهُم الْإِسْلَام وتلا عَلَيْهِم الْقُرْآن فَقَالَ إِيَاس بن معَاذ وَكَانَ حَدثا أَي قوم هَذَا وَالله خير مِمَّا جئْتُمْ فِيهِ فَأخذ أنس)
بن رَافع حفْنَة من الْبَطْحَاء فَضرب بهَا وَجه إِيَاس وَقَالَ دَعْنَا مِنْك فلعمري لقد جِئْنَا لغير هَذَا فَصمت إِيَاس وَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَانْصَرفُوا إِلَى الْمَدِينَة فَكَانَت وقْعَة بُعَاث بن الْأَوْس والخزرج ثمَّ لم يلبث إِيَاس بن معَاذ أَن هلك وَلم يزل قومه يسمعونه يهلل الله ويكبره وَيَحْمَدهُ ويسبحه حَتَّى مَاتَ فَمَا كَانُوا يَشكونَ أَنه مَاتَ مُسلما
3 - (القَاضِي إِيَاس)
إِيَاس بن مُعَاوِيَة بن قُرَّة أَو وَاثِلَة الْبَصْرِيّ الْمُزنِيّ قَاضِي الْبَصْرَة وَأحد الْأَعْلَام روى عَن أَبِيه وَأنس بن مَالك وَسَعِيد بن الْمسيب وَسَعِيد بن جُبَير وَغَيرهم روى لَهُ مُسلم وَابْن ماجة
وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة روى لَهُ مُسلم شَيْئا فِي مُقَدّمَة الْكتاب وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا قَالَ عبد الله ابْن شَوْذَب كَانَ يُقَال يُولد كل عَام بعد الْمِائَة رجل تَامّ الْعقل وَكَانُوا يرَوْنَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة مِنْهُم وَكَانَ أحد من يضْرب بِهِ الْمثل فِي الذكاء والرأي والسؤدد وَالْعقل وَأول مَا ولي الْقَضَاء مَا قَامَ حَتَّى قضى سبعين قَضِيَّة وفصلها ثمَّ خرج إِيَاس من الْقَضَاء فِي قضيةٍ كَانَت فَاسْتعْمل عدي بن أَرْطَاة على الْقَضَاء الْحسن الْبَصْرِيّ وَقد اخْتلفُوا فِي هروبه من الْقَضَاء على أَقْوَال أَحدهَا أَنه رد شَهَادَة شريفٍ مُطَاع فآلى أَن يقْتله فهرب وَقَالَ خَالِد الْحذاء قضى إِيَاس بِشَاهِد وَيَمِين الْمُدَّعِي وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز قد ولاه الْقَضَاء لِأَنَّهُ كتب إِلَى نَائِبه بالعراق عدي بن أَرْطَاة أَن(9/261)
اجْمَعْ بَين إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَالقَاسِم بن ربيعَة الْحَرَشِي فول قَضَاء الْبَصْرَة أنفذهما فَجمع بَينهمَا فَقَالَ لَهُ إِيَاس أَيهَا الْأَمِير سل عني وَعَن الْقَاسِم فقيهي الْمصر الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين وَكَانَ الْقَاسِم يأتيهما وَإيَاس لَا يأتيهما فَعلم الْقَاسِم أَنه إِن سَأَلَهُمَا أشارا بِهِ فَقَالَ لَهُ لَا تسْأَل لَا عَنهُ وَلَا عني فو الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِن إِيَاس بن مُعَاوِيَة أفقه مني وَأعلم بِالْقضَاءِ فَإِن كنت كَاذِبًا فَمَا يحل لَك أَن توليني وَإِن كنت صَادِقا فَيَنْبَغِي لَك أَن تقبل قولي فَقَالَ لَهُ إِيَاس إِنَّك جِئْت برجلٍ أوقفته على شَفير جَهَنَّم فنجى نَفسه مِنْهَا بِيَمِين كاذبةٍ يسْتَغْفر الله مِنْهَا وينجو مِمَّا يخَاف فَقَالَ عدي بن أَرْطَاة أما إِذْ فهمتها فَأَنت لَهَا فاستقضاه
وَقَالَ إِيَاس مَا غلبني قطّ سوى رجل وَاحِد وَذَاكَ أَنِّي كنت فِي مجْلِس الْقَضَاء بِالْبَصْرَةِ فَدخل عَليّ رجل شهد عِنْدِي أَن الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ وَذكر حُدُوده هُوَ ملك فلَان فَقلت لَهُ كم عدد شَجَرَة فَسكت ثمَّ قَالَ مُنْذُ كم يحكم سيدنَا القَاضِي فِي هَذَا الْمجْلس فَقلت مُنْذُ كَذَا فَقَالَ كم)
عدد خشب سقفه فَقلت لَهُ الْحق مَعَك وأجزت شَهَادَته وَقيل إِنَّه كَانَ يَوْمًا فِي مَوضِع فَحدث فِيهِ مَا أوجب الْخَوْف وَهُنَاكَ ثَلَاث نسْوَة لَا يعرفهن فَقَالَ هَذِه حَامِل وَهَذِه مرضع وَهَذِه عذراء فَقيل لَهُ من أَيْن علمت ذَلِك قَالَ إِن عِنْد الْخَوْف لَا يضع الْإِنْسَان يَده إِلَّا على أعز مَا لَهُ الَّذِي يخَاف عَلَيْهِ وَرَأَيْت الْحَامِل قد وضعت يَدهَا على جوفها والرضع وضعت يدعا على ثديها والعذراء وضعت يَدهَا على فرجهَا وَنظر يَوْمًا وَهُوَ بواسط إِلَى آجرة فَقَالَ تَحت هَذِه الآجرة دَابَّة فنزعوا الآجرة فَإِذا تحتهَا حَيَّة مطوقة فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت مَا بَين الآجرتين ندياً من بَين جَمِيع آجر تِلْكَ الرحبة فَعلمت أَن تحتهَا شَيْئا يتنفس وَمر يَوْمًا بمَكَان فَقَالَ أسمع صَوت كلب غَرِيب فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ عَرفته بخضوع صَوته وَشدَّة نباح غَيره من الْكلاب فكشفوا عَن ذَلِك فوجدوا كَلْبا مربوطاً وَالْكلاب تنبحه وَكَانَ يَوْمًا فِي بَريَّة فأعوزهم المَاء فَسمع نباح كلب فَقَالَ هَذَا على رَأس بِئْر فاستقروا النباح فوحدوه كَمَا قَالَ فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ لِأَنِّي سَمِعت صَوته كَالَّذي يخرج من بِئْر وتحاكم إِلَيْهِ اثْنَان فَقَالَ أَحدهمَا إِنِّي نزلت إِلَى النَّهر لأستحم ولي قطيفة خضراء جَدِيدَة وَضَعتهَا على جَانب النَّهر وَجَاء هَذَا وَعَلِيهِ قطيفة حَمْرَاء عتيقة فوضعها وَنزل المَاء وَلما طلعنا سبقني وَأخذ القطيفة الخضراء فَقَالَ ألكما بَيِّنَة فَقَالَا لَا فامر بِمشْط فَحَضَرَ فمشطهما بِهِ فَلَمَّا فعله خرج الصُّوف الْأَخْضَر من رَأس صَاحب القطيفة الخضراء فَأمر لَهُ بهَا وَنظر يَوْمًا إِلَى رجل فَقَالَ هَذَا غَرِيب من وَاسِط فَقِيه كتاب هرب مِنْهُ عبد فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أما إِنَّه من أهل وَاسِط فَإِن فِي ثِيَابه أثر تُرَاب وَاسِط وَأَنا أَنه غَرِيب فَإِنَّهُ يمشي وَيسْأل وَأما أَنه فَقِيه كتاب فَإِنَّهُ لَا يمِيل إِلَّا إِلَى الصغار وَلَا يأنس إِلَّا بهم وَلَا يسْأَل إِلَّا مِنْهُم وَأما أَنه هرب مِنْهُ عبد فَإِنَّهُ إِذا رأى أسود تلمحه وَنظر إِلَيْهِ طَويلا وَكَانَ إِيَاس يَقُول كل من لم يعرف عيب نَفسه فَهُوَ أَحمَق فَقيل لَهُ فَمَا عيبك قَالَ كَثْرَة الْكَلَام وَإيَاس فِي عداد السادات الطلس لِأَنَّهُ لم يكن بِوَجْهِهِ نَبَات(9/262)
وروى المَسْعُودِيّ فِي شرح المقامات الحريرية إِن الْمهْدي لما دخل الْبَصْرَة رأى إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَهُوَ صبي وَخَلفه وقدامه أَرْبَعمِائَة طيلسان من الْعلمَاء وَغَيرهم فَقَالَ الْمهْدي أُفٍّ لهَذِهِ العثانين أما كَانَ فيهم شيخ يتقدمهم غير هَذَا الْحَدث ثمَّ قَالَ لَهُ الْمهْدي كم سنك فَقَالَ سني أَطَالَ الله بَقَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ سنّ أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة لما ولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ)
وَسلم جَيْشًا فيهم أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ تقدم بَارك الله فِيك وَكَانَ سنة سبع عشرَة سنة قلت وَفِيه يعد لِأَن إياساً توفّي فِي دولة بني أُميَّة وَقَالَ إِيَاس فِي الْعَام الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي وَأبي على فرسين فجريا مَعًا فَلم أسبقه وَلم يسبقني وعاش أبي سِتا وَسبعين سنة وَأَنا فِيهَا فَلَمَّا كَانَ آخر لياليه قَالَ أَتَدْرُونَ أَي لَيْلَة هَذِه استكملت فِيهَا عمر أبي ونام فَأصْبح مَيتا
3 - (إِيَاس بن وذفة)
بِفَتْح الْوَاو والذال الْمُعْجَمَة وَالْفَاء الْأنْصَارِيّ وَقيل فِيهِ الدَّال الْمُهْملَة شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا
3 - (مَمْلُوك الْكِنْدِيّ)
إِيَاس هُوَ أَبُو الْجُود وَأَبُو الْفَتْح مولى الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ مشرف الْجَامِع الْأمَوِي الْمُتَكَلّم فِي بَسطه وحصره كَانَ حنفياً حدث عَن مُعْتقه وروى عَنهُ الدمياطي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (أَيَّانَ الساقي)
أَيَّانَ الْأَمِير سيف الدّين الساقي الناصري كَانَ أَمِيرا بِمصْر يسكن فِي حكرجوهر النوبي شرى دَار الْأَمِير شرف الدّين أَمِير حُسَيْن بن جندر وَلما عَاد ابْن جندر إِلَى الْقَاهِرَة أَرَادَ ارتجاعها مِنْهُ فَدخل أَيَّانَ على الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي فَمَنعه مِنْهَا وَكَانَ السُّلْطَان قد رسم بإعادتها إِلَيْهِ ثمَّ إِنَّه أخرج إِلَى دمشق أَمِيرا فَمَكثَ بهَا مُدَّة ثمَّ إِنَّه طلبه قوصون أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا إِلَى مصر فَتوجه وَعَاد حاجباً صَغِيرا وتعاظم إِلَى أَن جهز إِلَى حمص نَائِبا فَأَقَامَ بهَا قَرِيبا من تِسْعَة أشهر ثمَّ عزل بالأمير سيف الدّين قطلقتمر الخليلي وجهز أَيَّانَ إِلَى غَزَّة مقدم عَسْكَر فَتوجه إِلَيْهَا مكْرها فَأَقَامَ بهَا مُدَّة شهر أَو أَكثر وَمرض مُدَّة اثْنَي عشر يَوْمًا وَتُوفِّي بهَا وَحمل إِلَى الْقُدس وَدفن بِهِ ووفاته فِي ثَالِث شهر رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
(أيبك)
3 - (الْملك الْمعز التركماني)
أيبك بن عبد الله الصَّالِحِي الْملك الْمعز عز الدّين الْمَعْرُوف بالتركماني كَانَ مَمْلُوك الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب اشْتَرَاهُ فِي حَيَاة أَبِيه الْكَامِل(9/263)
وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال عِنْده ولازمه فِي الشرق وَغَيره وَجعله جاشنكيره وَلِهَذَا رنكه صُورَة خونجه فَلَمَّا قتل الْمُعظم توران شاه ابْن الْملك الصَّالح وَبقيت الديار المصرية بِلَا ملك تشوف إِلَى السلطنة أَعْيَان الْأُمَرَاء فخيف من شرهم وَكَانَ عز الدّين أيبك مَعْرُوفا بالسداد وملازمة الصَّلَاة وَلَا يشرب خمرًا وَعِنْده كرم وسعة صدر ولين جَانب وَهُوَ من أَوسط الْأُمَرَاء فاتفقوا وسلطنوه فِي أَوَاخِر شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَركب بشعار السلطنة وحملت الغاشية بَين يَدَيْهِ وَأول مَا حملهَا الْأَمِير حسام الدّين ابْن أبي عَليّ وتداولها أكَابِر الْأُمَرَاء وَقَالُوا هَذَا مَتى أردنَا صرفه أمكننا
ثمَّ إِنَّه البحرية اتَّفقُوا وَقَالُوا لابد من وَاحِد من بني أَيُّوب يجْتَمع الْكل على طَاعَته وَكَانَ الِاتِّفَاق من أقطاي الجمدار وبيبرس البندقداري وبلبان الرَّشِيدِيّ وسنقر الرُّومِي فأقاموا مظفر الدّين مُوسَى ابْن النَّاصِر يُوسُف ابْن الْملك المسعود ابْن الْكَامِل وَكَانَ عِنْد عماته وعمره نَحْو عشر سِنِين فأحضروه وسلطنوه وخطبوا لَهُ وَجعلُوا التركماني أتابكه وَذَلِكَ لخمس مضين من جُمَادَى الأولى بعد سلطنة الْمعز بِخَمْسَة أَيَّام وَكَانَت التواقيع تخرج وَصورتهَا رسم بِالْأَمر العالي المولوي السلطاني الملكي الأشرفي والملكي المعزي وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك والمعز مُسْتَمر على التَّدْبِير وَيعلم على التواقيع وَالْملك الْأَشْرَف صُورَة
فَلَمَّا ملك الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف دمشق سنة ثَمَان وَأَرْبَعين خرج الْأَمِير ركن الدّين خَاص وَجَمَاعَة من الْعَسْكَر إِلَى غَزَّة فتلقتهم عَسَاكِر الْملك النَّاصِر فاندفعوا رَاجِعين واجتمعوا بِجَمَاعَة من الْأُمَرَاء فاتفقوا على مُكَاتبَة الْملك المغيث فتح الدّين عمر ابْن الْعَادِل أبي بكر ابْن الْكَامِل صَاحب الكرك والشوبك وخطبوا لَهُ بالصالحية يَوْم الْجُمُعَة لأَرْبَع مضين من جُمَادَى الْآخِرَة فَنَادَى الْمعز بِالْقَاهِرَةِ أَن الْبِلَاد للخليفة المستعصم وَالْملك الْمعز نَائِبه بهَا وحث على خُرُوج الْعَسْكَر وجددت الْأَيْمَان للأشرف بالسلطنة وللمعز بالأتابكية وَقصد الْملك النَّاصِر الْقَاهِرَة وَضرب مصافاً مَعَ العساكر المصرية فانكسروا كسرةً شنيعةً وَلم يبْق إِلَّا تملك الْملك النَّاصِر وخطب لَهُ فِي قلعة الْجَبَل وَغَيرهَا وَتَفَرَّقَتْ عَسَاكِر النَّاصِر خلف العساكر المصرية)
طلب لنهبهم والناصر فِي شَرّ ذمَّة قَليلَة من أَعْيَان الْأُمَرَاء والملوك تَحت السناجق والكوسات تضرب وَرَاءه وتحير الْمعز فِي أمره إِذْ لَيْسَ لَهُ جِهَة يلتجئ إِلَيْهَا فعزم بِمن كَانَ مَعَه من الْأُمَرَاء على دُخُول الْبَريَّة والتوصل إِلَى مكانٍ يأمنون فِيهِ فاجتازوا بالناصر على بعدٍ فرأوه فِي نفرٍ يسير فحملوا عَلَيْهِ حَملَة رجل وَاحِد فَتَفَرَّقُوا وَقتل الْأَمِير شمس الدّين لُؤْلُؤ الأميني مُدبر الدولة وأتابك الْعَسْكَر والأمير ضِيَاء الدّين القيمري وهرب النَّاصِر لَا يلوي على شَيْء وَكسر الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل ابْن الْعَادِل والأشرف ابْن صَاحب حمص والمعظم توران شاه ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَغَيرهم واستمرت الكسرة عَلَيْهِم وَبلغ خبر ذَلِك الْأَمِير جمال الدّين مُوسَى بن يغمور وَقد قَارب بلبيس وَمَعَهُ قِطْعَة كَبِيرَة من الْجَيْش فَقَالَ مَا علينا نَحن قد ملكنا الْبِلَاد وَالسُّلْطَان يعود إِلَيْنَا وتوهم بعض الْأُمَرَاء أَن النَّاصِر قتل فَقَالَ الْأَمِير نجم الدّين الْحَاجِب لِابْنِ يغمور يَا خوند جمال الدّين حب الوطن من(9/264)
الْإِيمَان نسبه إِلَى أَنه يخْتَار دُخُول مصر على كل حَال وَرُبمَا لَهُ بَاطِن مَعَ المصريين فَغَضب لذَلِك وثنى رَأس فرسه وَعَاد وَلَو كَانَ دخل بِمن مَعَه لملك الديار المصرية وَعَاد الْمعز إِلَى الْقَاهِرَة مظفراً منصوراً وَخرج الْملك الْأَشْرَف من القلعة للقائه ورسخت قدم الْمعز وَعظم شَأْنه وَاسْتمرّ لَهُ الْحَال إِلَى سنة إِحْدَى وَخمسين فَوَقع الِاتِّفَاق بَينه وَبَين النَّاصِر على أَن يكون لَهُ وللبحرية الديار المصرية وغزة والقدس وَمَا فِي الْبِلَاد الشامية للْملك النَّاصِر وَأَفْرج عَن الْملك الْمُعظم توران شاه ابْن صَلَاح الدّين وأخيه نصْرَة الدّين وَالْملك الْأَشْرَف ابْن صَاحب حمص وَغَيرهم من الاعتقال وتوجهوا إِلَى الشَّام وَعظم شَأْن الْأَمِير فَارس الدّين أقطاري الجمدار والتفت عَلَيْهِ البحرية كَمَا مر فِي تَرْجَمته وَكَانَ أَصْحَابه يسمونه الْملك الْجواد فَعمل عَلَيْهِ وَقَتله الْمعز كَمَا مر هُنَاكَ ثمَّ إِن الْمعز خلع الْأَشْرَف بعد قتل أقطاي وأنزله من قلعة الْجَبَل إِلَى عماته القطبيات وَركب الْمعز بالصناجق السُّلْطَانِيَّة واستقل بِالْأَمر بمفرده
ثمَّ إِن العزيزية عزموا على قَبضه فِي سنة ثَلَاث وَخمسين فشعر بذلك فَقبض على بَعضهم وهرب بَعضهم ثمَّ تقرر الصُّلْح بَين الْمعز والناصر على أَن يكون الشَّام جَمِيعه للناصر وديار مصر للمعز وحد مَا بَينهمَا بِئْر القَاضِي وَهُوَ مَا بَين الورادة والعريش بسفارة الشَّيْخ نجم الدّين الباذرائي وَتزَوج الْمعز بشجر الدّرّ سنة ثَلَاث وَخمسين ثمَّ بلغَهَا أَن الْمعز عزم على أَن يتَزَوَّج ابْنة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل وَأَنه قد ترددت الرُّسُل بَينهمَا فَعظم ذَلِك عَلَيْهَا)
وَطلبت صفي الدّين إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق وَكَانَ لَهُ تقدم فِي الدول ووجاهة عِنْد الْمُلُوك فاستشارته فِي الفتك بالمعز ووعدته أَن يكون هُوَ الْوَزير فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا ونهاها فَلم تصغ إِلَيْهِ وَطلبت مَمْلُوك الطواشي محسن الْجَوْجَرِيّ الصَّالِحِي وعرفته مَا عزمت عَلَيْهِ ووعدته وَعدا جميلاً إِن قَتله واتفقت مَعَ جمَاعَة من الخدم فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة لعب الْمعز بالكرة فِي ميدان اللوق وَصعد آخر النَّهَار إِلَى القلعة والأمراء فِي خدمته ووزيره شرف الدّين الفائزي وَالْقَاضِي بدر الدّين السنجاري فَلَمَّا دخل دَاره فَارقه الموكب وَدخل يستحم فِي الْحمام فَلَمَّا قلع ثِيَابه وثب عَلَيْهِ سنجر الْجَوْجَرِيّ والخدام ورموه إِلَى الأَرْض وخنقوه وَطلبت شجر الدّرّ صفي الدّين ابْن مَرْزُوق على لِسَان الْمعز فَركب حِمَاره وبادر وَكَانَت عَادَته ركُوب الْحمير فِي موكب السُّلْطَان فَدخل عَلَيْهَا فرآها وَهِي جالسة والمعز بَين يَديهَا ميت فخاف خوفًا شَدِيدا واستشارته فِيمَا تفعل فَقَالَ مَا أعرف وَكَانَ الْأَمِير جمال الدّين أيدغدي العزيزي معتقلاً فِي بعض الآدر مكرماً فأحضرته وَطلبت مِنْهُ أَن يقوم بِالْأَمر فَامْتنعَ وسيرت تِلْكَ اللَّيْلَة إِصْبَع الْمعز وخاتمه إِلَى الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي الْكَبِير وطلبته يقوم بِالْأَمر فَلم يَجْسُر وانطوت الْأَخْبَار عَن النَّاس تِلْكَ اللَّيْلَة وَلما كَانَ سحر الْأَرْبَعَاء ركب الْأُمَرَاء على عَادَتهم إِلَى القلعة وَلم يركب الفائزي وتحيرت(9/265)
شجر الدّرّ فَأرْسلت إِلَى الْملك الْمَنْصُور عَليّ ابْن الْملك الْمعز تَقول لَهُ عَن أَبِيه أَنه ينزل إِلَى الْبَحْر فِي جمع من الْأُمَرَاء لإِصْلَاح الشواني المجهزة إِلَى دمياط فَفعل وَلما تَعَالَى النَّهَار شاع الْخَبَر بقتْله واضطربت أَقْوَال النَّاس فِي قَتله فأحدق الْعَسْكَر بالقلعة ودخلها مماليك الْمعز والأمير بهاء الدّين بغدي الأشرفي مقدم الْحلقَة وطمع الْحلَبِي فِي التَّقَدُّم وساعده على ذَلِك جمَاعَة من الْأُمَرَاء الصالحية فَلم يتم لَهُم مُرَاد ثمَّ إِن الَّذين فِي القلعة استحضروا الفائزي الْوَزير وَاتَّفَقُوا على تمْلِيك الْملك الْمَنْصُور عَليّ ابْن الْملك الْمعز وعمره يَوْمئِذٍ نَحْو خمس عشرَة سنة فرتبوه وَنُودِيَ فِي الْبَلَد بشعاره وَاسْتقر أَمر النَّاس وتفرق الصالحية إِلَى دُورهمْ
وامتنعت شجر الدّرّ مَعَ الَّذين قتلوا الْمعز فِي دَار السلطنة وَطلب مماليك الْمعز الهجوم عَلَيْهَا فَلم يمكنوهم مماليك الصَّالح فَحلف لَهَا مماليك الْمعز أَن لَا ينالوها بمساءة وطلبوا الصفي بن مَرْزُوق فَحَدثهُمْ بالقصة فصلب الْخَادِم محسن وَالَّذين اتَّفقُوا على قتل الْمعز وهرب سنجر مَمْلُوك الْجَوْجَرِيّ ثمَّ ظفر بِهِ فصلب إِلَى جَانب أستاذه وَكَانَ ذَلِك سنة خمس وَخمسين)
وسِتمِائَة وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه من الطَّوِيل
(نُقِيم عَلَيْهِ مأتماً بعد مأتمٍ ... ونسفح دمعاً دون سفح المقطَّمِ)
(وَلَو أننا نَبْكي على قدر فَقدْه ... لدمنا عَلَيْهِ نتبع الدمع بِالدَّمِ)
(وَأرى بعد عَام للأسى جدة الصَّبِي ... كأنّ خطا الأيّام لم تتقدَّمِ)
(وسَلْ صَفَراً يُنْبيك عنّيَ أنّني ... دعوتُ الْكرَى من بَعده بالمحرَّمِ)
(يمثِّل لي شخصَ المعزِّ إِذا بدتْ ... لعينيَ اطلابُ الْخَمِيس العَرَمْرَمِ)
(وتذكرنيه الخيلُ مَا بَين مُسْرجٍ ... غَدا مُلجمًا صبري وَمَا بَين مُلجمِ)
(كأنْ لم يسْر والجيش قد مَلأ الفضا ... فَغَصَّ بِهِ والخيلُ بِالْخَيْلِ ترتمي)
(كَأَن لم يكن وَالنَّاس مَا بَين معرق ... لأبوابه تسري وَمَا بَين مشئم)
(كأنْ لم يتوًّج منبرٌ باسمه وَلَا ... علا وجْهَ دِينَار وَلَا وَجه درهمِ)
(كأنْ لم يكن بالسمهريّة باحثاً ... على كلِّ شيءٍ مِن عُداه مكتّمِ)
(أَلا نَمْ هَنِيئًا إنّ ثارك لم ينَمْ ... لَهُ أعينٌ قد حصَّنت كلَّ لَهْذَمِ)
(بنى اللهُ بالمنصور مَا هدًّم الردى ... وإنّ بناءَ الله غير مهدَّمِ)
(مليكُ الورى بُشْرى لمضمر طَاعَة ... وبؤسى لطاغٍ فِي زَمَانك مُجْرمِ)
(فَمَا للَّذي قدّمتَ من متأخَّرٍ ... وَلَا للَّذي أخرَّتَ من متقدَّمِ)
3 - (الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي)
أيبك بن عبد الله الْحلَبِي الْكَبِير كَانَ من أَعْيَان الْأُمَرَاء الصالحية وقدمائهم مِمَّن يضاهي الْمعز وَله المكانة الْعَظِيمَة يعْتَرف لَهُ الْأُمَرَاء بالتعظيم وَكَانَ لَهُ(9/266)
عدَّة مماليك أَعْيَان نجباء صَارُوا بعده أُمَرَاء أكَابِر مِنْهُم ركن الدّين أباجي الْحَاجِب وَبدر الدّين بيليك الجاشنكير وصارم الدّين أزبك الْحلِيّ وَغَيرهم وَلما حلف الْأُمَرَاء لعَلي بن الْمعز كَمَا تقدم فِي تَرْجَمَة الْمعز توقف الْحلَبِي وَأَرَادَ الْقيام بِالْأَمر ثمَّ خَافَ على نَفسه وَوَافَقَ الْأُمَرَاء على ذَلِك وَقبض الْأَمِير سيف الدّين قطز والمعزية على الأميرعلم الدّين سنجر الْحلَبِي واعتقلوه وَركب الْأُمَرَاء الصالحية وَمِنْهُم عز الدّين الْحلَبِي الْمَذْكُور فتقطر بِهِ فرسه خَارج الْقَاهِرَة وَأدْخل إِلَيْهَا مَيتا وَكَذَلِكَ ركن الدّين خَاص ترك سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (أيبك الْملك مُجَاهِد الدّين الدوادار مقدم جيوش الْعرَاق كَانَ بطلاً شجاعاً مَوْصُوفا بِالرَّأْيِ)
)
والإقدام كَانَ يَقُول لَو مكنني المستعصم لقهرت هولاكو وَكَانَ مغرماً بالكيمياء لَهُ دَار فِي دَاره فِيهَا عدَّة رجال يعلمُونَ هَذِه الصَّنْعَة وَلَا تصح قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَرَأت بِخَط كَاتب ابْن ودَاعَة قَالَ حَدثنِي الصاحب محيي الدّين ابْن النّحاس قَالَ ذهبت فِي الرسلية إِلَى المستعصم فَدخلت دَار الْملك مُجَاهِد الدّين وشاهدت دَار الكيمياء فَقَالَ لي بَينا أَنا رَاكب لَقِيَنِي صوفي وَقَالَ لي يَا ملك خُذ هَذَا المثقال وألقه على مائَة مِثْقَال فضَّة وألق الْمِائَة على عشرَة آلَاف تصير ذَهَبا خَالِصا فَفعلت ذَلِك فَكَانَ كَمَا قَالَ ثمَّ إِنِّي لَقيته بعد فَقلت لَهُ عَلمنِي هَذِه الصِّنَاعَة فَقَالَ مَا أعرفهَا لَكِن أَعْطَانِي رجل صَالح خَمْسَة مَثَاقِيل وَقد أَعطيتك مِنْهَا مِثْقَالا ولملك الْهِنْد مِثْقَالا ولشخصين مثقالين وَقد بَقِي معي مِثْقَال أعيش بِهِ ثمَّ حَدثنِي مُجَاهِد الدّين قَالَ عِنْدِي من يَدعِي هَذَا الْعلم وَكنت أخليت لَهُ دَارا على الشط وَكَانَ مغرى بصيد السّمك فأحضرت إِلَيْهِ من ذَلِك الذَّهَب وحكيت لَهُ الصُّورَة فَقَالَ هَذَا الَّذِي أعْجبك وَكَانَ فِي يَده شبكة يصطاد بهَا فَأخذ مِنْهُ بلاعة فولاذ فَوضع طرفها فِي نَار ثمَّ أخرجهَا وَأخرج من فِيهِ شَيْئا وذره على النّصْف المحمر فَصَارَ ذَهَبا خَالِصا وَالْآخر فولاذاً ثمَّ أَرَانِي مُجَاهِد الدّين تِلْكَ البلاعة إِلَى أَن النّصْف الفولاذ قد خالطه الذَّهَب شَيْئا يَسِيرا انْتهى قتل الْملك مُجَاهِد الدّين وَقت غَلَبَة الْعَدو على بَغْدَاد صبرا سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة
3 - (الظَّاهِرِيّ نَائِب حمص)
أيبك عز الدّين الظَّاهِرِيّ نَائِب حمص توفّي بهَا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَكَانَ غاشماً ظَالِما وَفِيه تشيع
3 - (الزراد وَالِي قلعة دمشق)
أيبك عز الدّين الزراد نَائِب قلعة دمشق كَانَ مهيباً محتشماً حسن السِّيرَة توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
3 - (الإسْكَنْدراني نَائِب الرحبة)
أيبك الْأَمِير عز الدّين الإسْكَنْدراني الصَّالِحِي تولى الشوبك لأستاذه الصَّالح ثمَّ كَانَ من خَواص الْمعز ثمَّ ولي بعلبك مُدَّة للظَّاهِر بيبرس ثمَّ ولاه(9/267)
الرحبة وَرَأَيْت بهَا كتب الظَّاهِر إِلَيْهِ وَتزَوج بابنة الشَّيْخ الْفَقِيه مُحَمَّد اليونيني وَكَانَ فِيهِ كرم وَدين وَتُوفِّي بالرحبة سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة)
3 - (عز الدّين الدمياطي)
أيبك عز الدّين الدمياطي أَمِير كَبِير من أَعْيَان الصالحية فِيهِ شجاعة وجود وكرم حَبسه السُّلْطَان مُدَّة وَتُوفِّي بِمصْر وَقد نَيف على السّبْعين سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (نَائِب حصن الأكراد)
أيبك عز الدّين الْموصِلِي نَائِب حصن الأكراد قتل فِي دَاره بالحصن غيلَة وَكَانَ كَافِيا ناهضاً وَفِيه تشيع وَكَانَت قتلته سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (الأفرم الْكَبِير)
أيبك الْأَمِير عز الدّين الأفرم الْكَبِير الصَّالِحِي وأظن الجسر الَّذِي خَارج مصر هُوَ مَنْسُوب إِلَى هَذَا وَكَانَ ساقي الصَّالح سمع من ابْن رواج وَحدث وَكَانَ فِي كبار الدولة المصرية لَهُ أَمْوَال كَثِيرَة وأملاك عَظِيمَة وخبز جيد كَانَ يُقَال إِن لَهُ ثمن الديار المصرية وَكَانَت فِيهِ خبْرَة وشجاعة وَتُوفِّي سنّ خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة كنت بِالْقَاهِرَةِ وَقد وقف أَوْلَاده واشتكى عَلَيْهِم أَرْبَاب الدُّيُون للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر فَقَالَ السُّلْطَان يَا بشتاك هَؤُلَاءِ أَوْلَاد الأفرم الْكَبِير صَاحب الْأَمْلَاك وَالْأَمْوَال أبْصر كَيفَ حَالهم وَمَا سَببه إِلَّا أَن أباهم اتكلهم على أملاكهم فَمَا بقيت وَأَنا لأجل ذَلِك لَا أدخر لأولادي ملكا وَلَا مَالا وَكَانَ الأفرم أَمِير جاندار وَعمل نِيَابَة مصر مَرَّات
3 - (نَائِب طرابلس)
أيبك الْأَمِير عز الدّين الْموصِلِي المنصوري نَائِب طرابلس كَانَ دينا عَاقِلا مهيباً وقوراً مُجَاهدًا مرابطاً جميل السِّيرَة من خِيَار الْأُمَرَاء توفّي بطرابلس سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة
3 - (الْحَمَوِيّ نَائِب دمشق)
أيبك الْأَمِير عز الَّذين التركي الْحَمَوِيّ نَائِب دمشق وَليهَا بعد الشجاعي ثمَّ فِي سنة خمس وَتِسْعين عزل وَجعل فِي قلعة صرخذ ثمَّ إِنَّه قبل مَوته بِشَهْر ولي نِيَابَة حمص فَمَاتَ بهَا وَنقل إِلَى تربته بِدِمَشْق الَّتِي شَرْقي عقبَة دمر كَانَ مَعْرُوفا بالشجاعة والإقدام وَكَانَت وَفَاته سنّ ثَلَاث وَسَبْعمائة
3 - (الشجاعي وَالِي الْوُلَاة)
أيبك الْأَمِير عز الدّين الشجاعي الصَّالِحِي الْعِمَادِيّ(9/268)
وَالِي الْوُلَاة بالجهات الْقبلية كَانَ دينا خيرا)
صَارِمًا عفيف السِّيرَة لين الْجَانِب شَدِيدا على أهل الريب وَكَانَ وجيهاً عِنْد الْمُلُوك ولي فِي حَال شبابه أستاذدارية الصَّالح إِسْمَاعِيل وتنقلت بِهِ الولايات وَكَانَ الظَّاهِر بيبرس يعْتَمد على أَمَانَته وَهُوَ مسموع الْكَلِمَة عِنْده سَأَلَ قطع خبزه اخْتِيَارا مِنْهُ فعزل وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن مَاتَ أول سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة دفن بسفح قاسيون
3 - (الْأَمِير عز الدّين صَاحب صرخذ)
أيبك بن عبد الله المعظمي الْأَمِير عز الدّين صَاحب صرخذ اشْتَرَاهُ الْمُعظم عِيسَى سنة سبع وسِتمِائَة وترقى عِنْده حَتَّى جعله أستاذداره وَكَانَ يؤثره على أَوْلَاده وَلم يكن لَهُ نَظِير فِي حشمته ورياسته وَكَرمه وشجاعته ورأيه وعلو همته وَكَانَ يضاهي الْمُلُوك أقطعه الْمُعظم صرخذ وقلعتها وَلما توفّي الْمُعظم بَقِي فِي خدمَة وَلَده النَّاصِر دَاوُد وَلما حصر الْكَامِل كَانَ الْأَمِير عز الدّين هُوَ مُدبر الْحَرْب فَلَمَّا حصل الِاتِّفَاق على تَسْلِيم دمشق كَانَ هُوَ المتحدث فِي ذَلِك فَاشْترط للناصر من الْبِلَاد وَالْأَمْوَال مَا أرضاه ثمَّ شَرط لنَفسِهِ صرخذ وأعمالها وَسَائِر أملاكه بِدِمَشْق وَغَيرهَا وَأَن يسامح بِمَا يُؤْخَذ من المكوس على سَائِر مَا يَبِيع ويبتاع من سَائِر الْأَصْنَاف ويفسح لَهُ فِي الممنوعات وَأَن يكون لَهُ بِدِمَشْق حبس يحبس فِيهِ نوابه فَأُجِيب إِلَى ذَلِك جَمِيعه وَبَقِي على ذَلِك سَائِر الْأَيَّام الأشرفية والكاملية والصالحية الْعمادِيَّة إِلَى أول الْأَيَّام الصالحية النجمية فَحصل لَهُ وَحْشَة من الْملك الصَّالح أَيُّوب وَكَانَ مَعَ الخوارزمية لما كسروا على الْقصب سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة فَمضى إِلَى صرخذ وَامْتنع بهَا ثمَّ أخذت مِنْهُ صرخذ أَوَاخِر السّنة الْمَذْكُورَة وَأخذ إِلَى مصر واعتقل بدار صَوَاب وَكَانَ ابْنه إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور فِي الأباره وشى بِهِ إِلَى الصَّالح وَقَالَ إِن أَمْوَال أبي بعث بهَا إِلَى الحلبيين وَأول مَا نزل بهَا من صرخذ كَانَت ثَمَانِينَ خرجا وأودعها لشمس الدّين ابْن الْجَوْزِيّ وبلع الْأَمِير عز الدّين اجْتِمَاع وَلَده بالصالح فَمَرض وَوَقع إِلَى الأَرْض وَقَالَ هَذَا آخر عهدي يالدنيا وَلم يتَكَلَّم بعْدهَا حَتَّى مَاتَ وَدفن ظَاهر الْقَاهِرَة بِبَاب النَّصْر سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَقيل سنة سبع وَأَرْبَعين ثمَّ نقل بعد ذَلِك إِلَى الْقبَّة الَّتِي بناها إِبْرَاهِيم برسم دَفنه فِي الْمدرسَة الَّتِي أَنْشَأَهَا على شرف الميدان ظَاهر دمشق من جِهَة الشمَال ووقفها على أَصْحَاب أبي حنيفَة وَله مدرسة أُخْرَى بالكجك
3 - (أيبك الميوي)
)
أيبك بن عبد الله عز الدّين المحيوي مَمْلُوك الصاحب محيي(9/269)
الدّين ابْن ندى الْجَزرِي برع فِي حسن الْخط حَتَّى بلغ الْغَايَة وَكَانَ يكْتب عَن مخدومه لمن تعن لَهُ مخاطبته من الْمُلُوك وَغَيرهم وَكَانَ خوشداشه علم الدّين أيدمر المحيو ينشىء ذَلِك وَهُوَ يَكْتُبهُ وَكَانَ عز الدّين الْمَذْكُور قد حفظ المقامات ومختار الحماسة ومختار شعر أبي تَمام وَأبي الطّيب وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من المجالسات وَكَانَت عِنْده مُشَاركَة جَيِّدَة فِي معرفَة الاسطرلاب
(إيتاخ سياف النقمَة)
إيتاخ التركي كَانَ سيف النقمَة للخلفاء وَكَانَ المتَوَكل قد خافه فَجَلَسَ مَعَه لَيْلَة بالقاطول فعربد على المتَوَكل فَقَالَ لَهُ أَتُرِيدُ أَن تلعب بِي كَمَا لعبت بالخلفاء فهم بِهِ وافترقا على ضغينة فَدس إِلَيْهِ المتَوَكل من يُشِير عَلَيْهِ بِالْحَجِّ فَأذن لَهُ فَلَمَّا بلغ الْكُوفَة ولى مَكَانَهُ وَلما ورد أَرَادَ أَن يسْلك طَرِيق الْفُرَات إِلَى سر من رأى وَلَو فعل لقدر على المتَوَكل وَكَانَ المتَوَكل كتب إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مُصعب مُتَوَلِّي بَغْدَاد بِمَا يعتمده فَلَمَّا وصل إيتاخ الْكُوفَة كتب إِلَيْهِ إِسْحَاق إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ رسم أَن تدخل بَغْدَاد ليتلقاك وُجُوه بني هَاشم وَتطلق الجوائز وتنزل دَار خُزَيْمَة بن خازم فجَاء إِلَى بَغْدَاد وتلقاه النَّاس وَفرق إِسْحَاق بَينه وَبَين غلمانه وأنزله فِي الدَّار الْمَذْكُورَة وَقبض عَلَيْهِ وَقَيده وكبله بالحديد ثَمَانِينَ رطلا وَقيل إِنَّه طلب المَاء فَلم يسق وَمَات عطشاً سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة خمس وَثَلَاثِينَ فأحضر إِسْحَاق الْقُضَاة والعدول وشهدوا أَنه مَاتَ حتف أَنفه واستصفى المتَوَكل أَمْوَاله فبلغت ألف ألف دِينَار وَحبس ابناه إِلَى أَن أطلقهما الْمُنْتَصر
(أيتمش نَائِب الشَّام)
أيتمش الْأَمِير سيف الدّين الناصري الجمدار كَانَ من مماليك السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون جمداراً لَهُ وَأمره طبلخاناه هُوَ وَسِتَّة أُمَرَاء فِي يَوْم وَاحِد وَهُوَ والأمير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أرغون النَّائِب وبيدمر البدري وَذَلِكَ فِيمَا يُقَارب سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَكَانَ كثير السّكُون والدعة لَيْسَ فِيهِ شَرّ الْبَتَّةَ وَولي الوزارة فِي آخر أَيَّام الصَّالح إِسْمَاعِيل ثمَّ عزل وَولي الحجوبية بالديار المصرية وَتزَوج ابْنَته الْأَمِير عَلَاء الدّين مغلطاي أَمِير آخور
وَلما قتل الْأَمِير سيف الدّين أرغون شاه نَائِب الشَّام على مَا مر فِي تَرْجَمته ألزمهُ الْأُمَرَاء أَرْبَاب الْحل وَالْعقد بِبَاب السُّلْطَان على أَن يكون نَائِب الشَّام فَامْتنعَ فَلَمَّا فارقوه حَتَّى وَافق وَدخل دمشق على خيله فِي نفرٍ قَلِيل من جماعته فِي حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين(9/270)
وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا لَا يرد مرسوماً وَلَا يعْزل وَلَا يولي طلبا للسلامة وَلم يزل بهَا إِلَى أَن خلع السُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن وَتَوَلَّى السُّلْطَان الْملك الصَّالح صَالح فَحَضَرَ إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين بزلار وحلفه وَحلف الْعَسْكَر الشَّامي ثمَّ إِنَّه طلب إِلَى مصر فَخرج من دمشق يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشْرين شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَخرج الْعَسْكَر مَعَه وودعوه إِلَى الجسورة وَلما وصل إِلَى مصر سلم على السُّلْطَان وعَلى الْأُمَرَاء وَتوجه إِلَى الْأَمِير سيف الدّين قبلاي النَّائِب فأمسكه وجهز إِلَى إسكندرية وَلم يزل بهَا إِلَى أَن ورد مرسوم السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِلَى نواب الشَّام يَقُول لَهُم إِن الْأُمَرَاء بالأبواب الشَّرِيفَة وقفُوا وشفعوا فِي الْأَمِير سيف الدّين أيتمش وَقَالُوا إِن ذَنبه كَانَ خَفِيفا وسألوا الإفراج عَنهُ فتعرفونا مَا عنْدكُمْ فِي هَذَا الْأَمر فَأجَاب الْجَمِيع بِأَن هَذَا مصلحَة فأفرج عَنهُ وجهز على صفد ليَكُون بهَا مُقيما بطالاً إِن اشْتهى يركب وَينزل وَإِن اشْتهى يحضر للْخدمَة فوصل إِلَيْهَا فِي أول الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن
(أيدغدي)
3 - (الْأَمِير جمال الدّين العزيزي)
أيدغدي الْأَمِير الْكَبِير جمال الدّين العزيزي كَانَ الْكَبِير الْقدر شجاعاً كَرِيمًا محتشماً كثير الْبر وَالصَّدَََقَة وَالْمَعْرُوف يخرج فِي السّنة أَكثر من مائَة ألف دِرْهَم وَلَا يتَعَدَّى القباء النصافي كثير الْأَدَب مَعَ الْفُقَرَاء حضر مرّة سَمَاعا فَحصل للمغاني مِنْهُ وَمن جماعته نَحْو سِتَّة آلَاف دِرْهَم
وحسبه الْمعز فِي قلعة الْجَبَل مكرماً سنة ثَلَاث وَخمسين إِلَى أَن أخرجه المظفر نوبَة عين جالوت وَاجْتمعَ بِهِ الظَّاهِر وشاوره فِي قَتله قطز فَلم يُوَافقهُ فَلَمَّا(9/271)
تملك كَانَ عِنْده فِي أَعلَى الْمَرَاتِب وجهزه إِلَى سيس فَأَغَارَ وغنم وَعَاد فِي شهر رَمَضَان وَتوجه إِلَى صفد وَكَانَ يبْذل جهده ويتعرض للشَّهَادَة فجرح فَبَقيَ مُدَّة وألمه يتزايد ثمَّ حمل إِلَى دمشق وَتُوفِّي لَيْلَة عَرَفَة سنّ أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَدفن بمقبرة الرِّبَاط الناصري
3 - (الكبكي نَائِب صفد)
أيدغدي الْأَمِير عَلَاء الدّين الكبكي الظَّاهِرِيّ مَمْلُوك الْأَمِير جمال الدّين بن الداية الْحَاجِب الناصري حضر الْوَقْعَة الَّتِي بَين الْمعز والناصر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَهُوَ صبي فاستولى عَلَيْهِ كبك فَعرف بِهِ وَكَانَ يُرَاعِي أَوْلَاد أستاذه جمال الدّين وَيحسن إِلَيْهِم وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَولي نِيَابَة صفد فِي الدولة الظَّاهِرِيَّة والسعيدية وَولي نِيَابَة حلب وَغير ذَلِك وَكَانَ من الفرسان الْمَذْكُورين كَانَ يَسُوق من أول الميدان إِلَى آخِره وَتَحْت بهام رجله دِرْهَم فِي الركاب وَلَا يَقع توفّي بالقدس وَصلي عَلَيْهِ بِدِمَشْق غَائِبا وَهُوَ فِي عشر السِّتين وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
3 - (الْأَمِير عَلَاء الدّين الْأَعْمَى)
أيدغدي الْأَمِير عَلَاء الدّين الْأَعْمَى الركني الزَّاهِد نَاظر أوقاف الْقُدس والخليل عَلَيْهِ السَّلَام أنشأ العمائر والربط وَغير ذَلِك وَأثر الْآثَار الْحَسَنَة بالقدس والخليل وَالْمَدينَة النَّبَوِيَّة كَانَ من أحسن النَّاس سيرةً وأجملهم طَريقَة انعمرت الْأَوْقَاف فِي أَيَّامه وتضاعف مغلها واشتهر ذكره وَسَار وَكَانَ من أذكياء الْعَالم يُقَال عَنهُ إِنَّه خطّ حمام بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ورسم الأساس بِيَدِهِ وذره بالكلس للصناع وَكَانَ يحب الْخَيل ويستولدها وَقيل إِنَّه كَانَ إِذا مر بِهِ فرس من خيله عرفه وَقَالَ هَذَا من خيلي توفّي بالقدس سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة وَصلي عَلَيْهِ)
بِدِمَشْق
3 - (أيدغدي الْأَمِير عَلَاء الدّين)
أَمِير آخور كَانَ أَمِير آخوراً صَغِيرا مَعَ الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش وَلما جرى للأمير عَلَاء الدّين مغلطاي أَمِير آخور مَا جرى فِي أَيَّام النَّاصِر حسن من إمْسَاك النَّائِب بيبغا ومنجك الْوَزير طلع مغلطاي من الاصطبل وَبَقِي رَأس نوبَة ورتب هَذَا الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغدي عوضه أَمِير آخور وَلم يزل على الْوَظِيفَة الْمَذْكُورَة إِلَى أَن خلع النَّاصِر فرسم لَهُ بِالْخرُوجِ إِلَى طرابلس فوصل صُحْبَة زين الدّين عرب البريدي إِلَى دمشق فِي ثَالِث عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا بطالاً
3 - (الألدكزي نَائِب صفد)
أيدغدي الْأَمِير عَلَاء الدّين الألدكزي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَضم الْكَاف وَبعدهَا زَاي وياء النِّسْبَة وَكَانَ من مماليك الْملك الظَّاهِر بيبرس وَكَانَ نَائِب السلطنة بصفد فِي أَيَّام السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاون وَكَانَ أعورن من فرسَان الْخَيل وأبطالها وَأقَام نَائِبا فِي صفد تَقْدِير خمس عشرَة سنة وَله بصفد حمام وتربة وَكَانَ قد غضب عَلَيْهِ وعزل من النِّيَابَة بالأمير فَارس الدّين ألبكي وَجعل الألد تمري وَالِي بصفد إهانةً لَهُ فَبَقيَ على ذَلِك مُدَّة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى(9/272)
وَلما كَانَ الْأَشْرَف على حِصَار عكا جَاءَتْهُ لَيْلَة اليزك فعمله وَخرج عَلَيْهِ فِي اللَّيْل من عكا جمَاعَة من الفرنج وشعثوا على الْمُسلمين فاعتاظ الْأَشْرَف عَلَيْهِ وَأخذ سَيْفه ورسم عَلَيْهِ وَكَانَ قد أبلى تِلْكَ اللَّيْلَة بلَاء حسنا فِي الفرنج وَقتل بِسَيْفِهِ مِنْهُم جمَاعَة وَلَكِن مَا مَعَ الْكَثْرَة شجاعة فَلَمَّا رأى السُّلْطَان سَيْفه وَهُوَ مثلوم وآثار الدِّمَاء عَلَيْهِ قَالَ مَا هَذَا سيف من فر وَلَا ولى وَلَا هرب ثمَّ أفرج عَنهُ
وَحكى لي عَلَاء الدّين عَليّ دواداره بصفد وَكَانَ أخيراً من مقدمي الْحلقَة بهَا عَن الْأَمِير عَلَاء الدّين الْمَذْكُور رياساتٍ كَثِيرَة وَقَالَ لي كَانَ يشرب خلْوَة من غير إجهار وَكَانَ ينادمه شمس الدّين الكركي الْمُحْتَسب لَيْلًا فِي جمَاعَة قَليلَة من صبيانه وَكَانَ يَقُول من يسْتَعْمل معي إِلَى أَن نصبح فَلهُ مائَة دِرْهَم فَمن ثَبت مِنْهُم مَعَه وَقَالَ لَهُ يَا خوند صبحك الله بِالْخَيرِ يَأْمر الخازندار أَن يُعْطِيهِ مائَة دِرْهَم وَكَانَ ذَلِك قبل السبعمائة سنة
(أيدغمش)
3 - (شمس الدّين صَاحب همذان)
أيدغمش صَاحب همذان وأصبهان والري لقبه شمس الدّين أمره الْخَلِيفَة بالتقدم إِلَى همذان فَسَار وَأقَام ينْتَظر عَسْكَر الْخَلِيفَة فطال عَلَيْهِ الْأَمر فَرَحل نَحْو همذان فالتقاه عَسْكَر منكلي فقاتلوه وقتلوه فِي سنة عشر وسِتمِائَة وحملوا رَأسه إِلَى منكلي وتفرق أَصْحَابه وَكَانَ صَالحا كثير الصَّدقَات دينا صَائِما قَائِما عادلاً قَالَ الظهير غَازِي ابْن سنقر الْحلَبِي لما كَسره منكلي اجتاز بِبَعْض قلاع الإسماعيلية وَنزل تحتهَا فَبعث إِلَيْهِ مقدمها بالضيافات والإقامات وَقَالَ لَهُ أَنا أنجدك بالأموال وَالرِّجَال فَقَالَ لرَسُوله قل لَهُ إِن كنت مسلمان فأريه وَإِن كنت كَافِرَانِ فَمَا لَك عِنْدِي إِلَّا شمشير فَأرْسل إِلَيْهِ يَقُول نعم أَنا مسلمان فَقَالَ الْآن نعم شمشير السَّيْف وَقيل إِنَّمَا اجتاز بِبِلَاد جلال الدّين
3 - (الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير أخور)
أيدغمش الْأَمِير عَلَاء الدّين أَمِير أخور الناصري كَانَ من مماليك الْأَمِير سيف الدّين بلبان الطباخي لما جَاءَ السُّلْطَان من الكرك سنة تسع وَسَبْعمائة ولاه أَمِير آخور عوضا عَن الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الْحَاجِب وَأقَام على ذَلِك إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان فَكَانَ مِمَّن قَامَ بِأَمْر الْملك الْمَنْصُور أبي بكر ثمَّ لما توهم مِنْهُ قوصون اتّفق مَعَ أيدغمش على خلعه فوافقه وخلع الْمَنْصُور وجهز إِلَى قوص وَلَوْلَا اتفاقه مَعَ قوصون لم يتم لَهُ أَمر ثمَّ لما هرب ألطنبغا نَائِب الشَّام إِلَى مصر من الفخري وقارب بلبيس اتّفق الْأُمَرَاء مَعَ أيدغمش على الْقَبْض على قوصون وَحزبه فوافقهم على ذَلِك وَقبض على قوصون وجماعته(9/273)
وجهزوا من التقى ألطنبغا والحاج أرقطاي وَمن جَاءَ مَعَهُمَا من أُمَرَاء الشَّام منهزمين من الفخري وقبضوا عَلَيْهِم وجهزوهم إِلَى إسكندرية وَكَانَ أيدغمش الْمَذْكُور فِي هَذِه الْمرة هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ وَإِن كَانَ هُوَ الَّذِي تولى كبرها فِي نوبَة الْمَنْصُور أبي بكر أَيْضا وَلكنه فِي هَذِه الْمرة كَانَ هُوَ الَّذِي يرجع إِلَيْهِ وجهز وَلَده وَمَعَهُ جمَاعَة من الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ إِلَى الْملك النَّاصِر أَحْمد ليحضروه من الكرك فَلم يُوَافق على الْحُضُور ثمَّ لما بلغه حَرَكَة الفخري من دمشق إِلَى مصر توجه وَحده من الكرك فَلم يشعروا بِهِ إِلَّا وَهُوَ فِي القلعة وَجَاءَت الجيوش الشامية وَاسْتقر الْأَمر للْملك النَّاصِر فولى الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش نِيَابَة حلب فَخرج فَلَمَّا كَانَ على عين جالوت جَاءَهُ)
كتاب السُّلْطَان بِالْقَبْضِ على الفخري وَكَانَ الفخري فِي رمل مصر فَلَمَّا أحس بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ هرب فِي جمَاعَة من مماليكه وَجَاء إِلَى أيدغمش مستجيرا بِهِ فَقبض عَلَيْهِ وجهزه مَعَ وَلَده أَمِير عَليّ إِلَى السُّلْطَان على مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمَة قطلوبغا الفخري إِن شَاءَ الله
ثمَّ إِن أيدغمش توجه إِلَى نِيَابَة حلب وَلم يزل بهَا إِلَى أَن تولى الصَّالح إِسْمَاعِيل فرسم بنيابة دمشق فَحَضَرَ الْأَمِير سيف لبدين ملكتمر السرجواني من مصر وَتوجه إِلَى حلب وأحضره إِلَى دمشق نَائِبا فَدَخلَهَا فِي يَوْم الْخَمِيس بكرَة عشْرين صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا نَائِبا إِلَى ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ ذَلِك يَوْم الثُّلَاثَاء فَركب بكرَة وَأطْعم الطُّيُور وَنزل وَقعد فِي دَار السَّعَادَة وقرئت عَلَيْهِ قصَص يسيرَة وَأكل الطَّعَام ثمَّ علم على فوطة العلائم وَعرض طلبه والمضافين إِلَيْهِ وَقدم جمَاعَة وَأخر جمَاعَة وَدخل إِلَيْهِ ديوانه فَرَأَوْا عَلَيْهِ مخازيم وَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين تزوجوا من جماعتي اقْطَعُوا مرتبهم وَأكل الطاري وَقعد هُوَ ورملة بن جماز يتحادثان فَسمع حس جمَاعَة من جواريه يتخاصمن فَأخذ الْعَصَا وَدخل إلَيْهِنَّ فَضرب وَاحِدَة مِنْهُنَّ ضربتين وَسقط مَيتا لم يتنفس فأمهلوه إِلَى بكرَة الْأَرْبَعَاء وَغسل وَدفن فِي خَارج ميدان الْحَصَا فِي تربةٍ عمرت لَهُ هُنَاكَ فسبحان الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَكَانَ مُدَّة نيابته فِي حلب ودمشق نصف سنة فَمَا حولهَا وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد أَمر أَوْلَاده الثَّلَاثَة أَمِير عَليّ وأمير حَاج وَأحمد وَكَانَ مكيناً عِنْد السُّلْطَان إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ كثير الْخلْع قل من سلم عَلَيْهِ إِلَّا خلع عَلَيْهِ
(أيدكين)
3 - (الخازندار الصَّالِحِي النجمي)
أيدكين الْأَمِير عَلَاء الدّين الخازندار الصَّالِحِي نَائِب قوص كَانَ بطلاً شجاعاً مَشْهُورا من كبار الْأُمَرَاء المصريين ضابطاً لأعماله لَهُ غَزْو ونكاية فِي النّوبَة وَخلف أَمْوَالًا عَظِيمَة وَكَانَ من مماليك الصَّالح أَيُّوب توفّي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة
3 - (الصَّالِحِي الْعِمَادِيّ)
أيدكين الْأَمِير عَلَاء الدّين الصَّالِحِي مَمْلُوك الصَّالح إِسْمَاعِيل(9/274)
أحد الْأُمَرَاء الْكِبَار كَانَ دينا عَاقِلا شجاعاً رَئِيسا أَخذه الْملك الْمَنْصُور فِي نوبَة البحرية مَعَ الْملك النَّاصِر عِنْدَمَا أَسرُّوا أستاذه الصَّالح إِسْمَاعِيل وَلما تسلطن سنقر الْأَشْقَر بِدِمَشْق جعله أَمِير جانداره قَالَ قطب الدّين اليونيني حكى لي قَالَ طلبني السُّلْطَان على الْبَرِيد إِلَى مصر وَشرع يوبخني وَيَقُول أَمِير جاندار قلت نعم أَمِير جاندار وقاتلنا عسكرك وَهَا أَنا بَين يَديك افْعَل مَا تخْتَار فَقَالَ مَا أفعل إِلَّا خيرا وأنعم عَليّ غَايَة الإنعام واستنابه الْأَشْرَف فِي أَيَّامه على صفد وَكَانَ عِنْده كفاءة وحزم وَفِيه مَكَارِم واتضاع وَحسن تَدْبِير ولين جَانب وَحسن ظن بالفقراء ذُو ود وإخاء وَله فِي المواقف آثَار حميدة وَكَانَ الظَّاهِر يُحِبهُ ويحترمه ويقدمه على نظرائه وَحكى لي الشَّيْخ نجم الدّين خطيب صفد رَحمَه الله غير مرّة عَنهُ إِنَّه كَانَ يلْعَب مَعَ أَوْلَاد صفد الكرة فِي الميدان على رجلَيْهِ أَو قَالَ يَلْعَبُونَ وهم قدامه وَكَانَ ينزل بمقصورة الخطابة فِي جَامع صفد ويعاشر الْفُقَرَاء ويحاضر الْعلمَاء ويميل إِلَى الصُّور الملاح من غير فعل فَاحش وَتُوفِّي بصفد سنة تسعين وسِتمِائَة
3 - (الشهابي)
أيدكين الْأَمِير عَلَاء الدّين الشهابي أحد أُمَرَاء دمشق وَصَاحب الخانقاه الشهابية هُوَ مَنْسُوب إِلَى شهَاب الدّين رشيد الصَّالِحِي الْخَادِم وَقد ولي نِيَابَة حلب مُدَّة وَمَات بِدِمَشْق كهلاً سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة وَله خانقاه جواً بَاب الْفرج
3 - (البندقدار)
أيدكين عَلَاء الدّين البندقدار الْأَمِير الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ السُّلْطَان الظَّاهِر ركن الَّذين بيبرس كَانَ من كبار الْأُمَرَاء الصالحية وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا توفّي بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة)
وَصلي عَلَيْهِ بِدِمَشْق صَلَاة الْغَائِب وَكَانَ قد ناهز السّبْعين وَكَانَ مَمْلُوكا للأمير جمال الدّين مُوسَى بن يغمور ثمَّ انْتقل إِلَى الصَّالح نجم الدّين فَجعله بندقداره وَلما ملك الْملك الصَّالح عجلون رتب فِيهَا البندقدار بعسكر فَلَمَّا اسْتَقر بهَا تزوج بسرية الْأَمِير سيف الدّين عَليّ بن قليج النوري من غير مُشَاورَة الْملك الصَّالح فنقم عَلَيْهِ وَأمره أَن يخرج من عجلون وَيذْهب حَيْثُ شَاءَ مَالِكًا لأَمره فَخرج مُتَوَجها إِلَى الْعرَاق على الْبَريَّة فَلَمَّا بلغ الْملك الصَّالح خَبره نَدم وَكتب إِلَى سعيد بن بريد أَمِير آل مراء يَأْمُرهُ بإدراكه ورده تَحت الحواطة فَلَمَّا رده وافى الْملك الصَّالح بعمتا مُتَوَجها إِلَى دمشق سنة أَربع وَأَرْبَعين فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ أَخذ مَا كَانَ مَعَه من المماليك وَغَيرهم وَكَانَ فِي جملَة من أَخذ مِنْهُ الْملك الظَّاهِر بيبرس وَقدمه على طائفةٍ من الجمدارية وَحبس البندقدار يعجلون وَلما مَاتَ الْملك الصَّالح سنة سبع وَأَرْبَعين وَملك بعده الْمُعظم وَلَده وَقتل وَأَجْمعُوا على الْأَمِير عز الدّين أيبك التركماني فولوه الأتابكية لأمر خَلِيل ثمَّ ملكوا الْملك الْأَشْرَف كَمَا تقدم(9/275)
(الْجُزْء الْعَاشِر)(9/276)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(رب أعن)
(أيدمر)
3 - (الْأَمِير عز الدّين الْحلِيّ الصَّالِحِي)
أيدمر الْأَمِير عز الدّين الْحلِيّ الصَّالِحِي النجمي كَانَ من أكبر أُمَرَاء الدولة وأعظمهم محلا عِنْد الْملك الظَّاهِر وَكَانَ نَائِب السلطنة فِي حَال الْغَيْبَة لوثوقه بِهِ واعتماده عَلَيْهِ وَكَانَ قَلِيل الْخِبْرَة لَكِن رزق السَّعَادَة وَكَانَ محظوظاً من الدُّنْيَا لَهُ الْأَمْوَال الجمة والأملاك الوافرة وَأما مَا خلف من الْأَمْوَال وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْجمال وَالْعدة فيقصر الْوَصْف عَنهُ وَكَانَت وَفَاته بقلعة دمشق سنة سبع وَسِتِّينَ وست مائَة ودفي بتربته بجوار مَسْجِد الْأَمِير جمال الدّين مُوسَى بن يغمور وَقد نَيف على السِّتين
3 - (الْأَمِير عز الدّين العلاني)
أيدمر الْأَمِير عز الدّين العلاني أَخُو أيدكين الصَّالِحِي كَانَ أَمينا محياً للْعُلَمَاء والفقراء وَكَانَ الْملك الظَّاهِر يتَحَقَّق مِنْهُ الْأَمَانَة لأَنهم كَانُوا لما خَرجُوا وَكَانُوا يَأْكُلُون بقائم سيفهم فِي الأغوار كَانُوا إِذا جاؤوا إِلَى زرع وأطلقوا خيلهم فِيهِ أمسك العلاني فرسه بِيَدِهِ وَلم يطعمهُ إِلَّا مَا يشتر بِهِ بِمَالِه من الفلاحين فَلَمَّا ملك الظَّاهِر صفد ولاه النِّيَابَة بهَا وَكَانَ يَقُول هُوَ قَاضِي التّرْك اتّفق أَنه بعض البحرية نطفت الطوافة من يَده فَوَقَعت فِي مَكَان فِيهِ قشر أرز فَاحْتَرَقَ وَكَانَ هُنَاكَ حواصل منجنيقات فاحترقت فَمَا أمكن العلاني إِلَّا أَن يطالع الظَّاهِر بذلك وَقَالَ آخر المطالعة وَقد بذل الْمَذْكُور لبيت المَال ألف دِينَار فجَاء الْجَواب من الظَّاهِر أَن يشنق وَمَا لنا حَاجَة بِالذَّهَب فَأَعَادَ الْجَواب إِنَّه قد دفع فِي نَفسه ألفي دِينَار كل هَذَا وَذَلِكَ البحري مَا يعلم مَا جرى وَإِنَّمَا العلاني الْتزم بِأَن يزن ذَلِك من مَاله وَلَا يدْخل فِي شنق رجل احْتَرَقَ بِسَبَبِهِ خشب فجَاء الْجَواب من الظَّاهِر اشنقه بِلَا معاودة وَإِلَّا بعثنَا من يشنقك(10/5)
ويشنقه فَقَالَ يَا مُسلمين وَاحِد تحترق خشبه بِغَيْر علمه أشنقه وَالله هَذَا لَا فعلته وَمهما أَرَادَ السُّلْطَان يقعل وأصر على عدم شنقه وَكَانَ النَّاس يخَافُونَ الظَّاهِر فَقَالَ وَالِي القلعة أَنا أشنقه فَأَخَذُوهُ وشنقوه فِي يَوْم ثلج وَلما فرغوا من شنقه كَانَ قد وصل إِلَى بَاب القلعة بَيت ذَلِك المشنوق من الديار المصرية على الْجمال فِي المحاير فَقَالُوا لَهُم بَيت من أَنْتُم قَالُوا بَيت فلَان فَقَالُوا لَهُم هُوَ ذَلِك المشنوق فراحوا بالجمال إِلَيْهِ وَعمِلُوا عزاءه فَلَمَّا بلغ العلاني ذَلِك ازْدَادَ تأسفه وحزنه وَتُوفِّي الْأَمِير عز الدّين العلاني سنة سِتّ وَسبعين وست مائَة
3 - (المحيوي)
أيدمر المحيوي فَخر التّرْك عَتيق محيي الدّين أبي المظفر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن ندى
نقلت من خطّ ابْن سعيد المغربي فِي كتاب الْمشرق فِي أَخْبَار الْمشرق فِي تَرْجَمَة هَذَا قَالَ بِأَيّ لفظ أصفه وَلَو حشدت جيوش البلاغة لفضله لم أكن أنصفه نَشأ فِي الدوحة السعيدية فَنمت أزاهره وطلع بالسماء الندائية فتمت زواهره جمعت لأقرانه أَعْلَام الْفُنُون حَتَّى خرج آيَة فِي كل فن وبرع فِي المنثور وَالْمَوْزُون مَعَ الطَّبْع الْفَاضِل الَّذِي عضده وبلغه من رياسة هَذَا الشَّأْن مَا قَصده وَكنت قبل أَن أرتقي إِلَى السَّمَاء المحيوية كثيرا مَا أسمع الثَّنَاء فِي هَذِه الطَّرِيقَة عَلَيْهِ فيهوى السّمع وَالْعين وَالْقلب إِلَيْهِ لَا سِيمَا حِين سَمِعت قَوْله الَّذِي أَتَى فِيهِ بالإغراب وَترك مهياراً مُعَلّقا مِنْهُ بالأهداب من الوافر
(بِاللَّه إِن جزت الغوير فَلَا تغر ... بالميل مِنْك معاطف الغزلان)
(واستر شقائق وجنتيك هُنَاكَ لَا ... ينشق قلب شقائق النُّعْمَان)
)
وَأورد لَهُ
(الرَّوْض مقتبل الشبيبة مونق ... خضل يكَاد غضارة يتدفق)
(نثر الندى فِيهِ لآلئ عقده ... فالزهر مِنْهُ متوج وممنطق)
(وارتاع من مر النسيم بِهِ ضحى ... فغدت كمائم نوره تتفتق)
(وسرى شُعَاع الشَّمْس فِيهِ فَالتقى ... مِنْهَا وَمِنْه سنا شموس تشرق)
(والغصن مياس القوام كَأَنَّهُ ... نشوان يصبح بالنعيم ويغبق)
(وَالطير ينْطق معرباً عَن شجوه ... فيكاد يفهم عَنهُ ذَاك الْمنطق)
(غرداً يُغني للغصون فتنثني ... طَربا جُيُوب الظل مِنْهُ تشفق)
(وَالنّهر لما رَاح وَهُوَ مسلسل ... لَا يَسْتَطِيع الرقص ظلّ يصفق)
(وسلافة باكرتها فِي فتية ... من مثلهَا خلق لَهُم وتخلق)
(شربت كثافتها الدهور فَمَا ترى ... فِي الكأس إِلَّا جذوةً تتألق)(10/6)
(يسْعَى بهَا سَاق يهيج بِهِ الْهوى ... ويري سَبِيل الْعِشْق من لَا يعشق)
(تتنادم الألحاظ مِنْهُ على سنا ... خد تكَاد الْعين فِيهِ تغرق)
(راق الْعُيُون غَضَاضَة ونضارةً ... فَهُوَ الْجَدِيد ورق فَهُوَ مُعتق)
(ورنا كَمَا لمع الحسام المنتضى ... وَمَشى كَمَا اهتز الْقَضِيب المورق)
(وأظلنا من فَرعه وجبينه ... ليل تألق فِيهِ صبح مشرق)
(وَكَأن مقلته تردد لَفْظَة ... لتقولها لَكِنَّهَا لَا تنطق)
(فَإِذا الْعُيُون تجمعت فِي وَجهه ... فَاعْلَم بِأَن قلوبها تتفرق)
مِنْهَا فِي المديح
(بَطل تهيم عداته بسنانه ... عشقاً وَقد الرمْح مِمَّا يعشق)
(فتضمه ضم الحبيب قلوبها ... يَوْم الوغى وَهُوَ الْعَدو الْأَزْرَق)
وَأورد لَهُ أَيْضا
(وافاك شهر الصَّوْم يخبر أَنه ... جَار بأيمن طَائِر مَأْمُون)
(مَا زَالَ يمحق بدره شوقاً إِلَى ... لقياك حَتَّى عَاد كالعرجون)
وَأورد لَهُ)
(حللنا مقَاما كلنا عبد ربه ... فَلَا غر وَأَن نهدي لَهُ دررا العقد)
وَأورد لَهُ
(رعى الله لَيْلًا مَا تبدى عشاؤه ... لأعيننا حَتَّى تطلع صبحه)
(كَأَن تغشيه لنا وانفراجه ... لقربهما إطباق جفن وفتحه)
وَأورد لَهُ
(وأغر مصقول الْأَدِيم تخاله ... زرت عَلَيْهِ جلابب من مَسْجِد)
(ذِي منخر كفم المزادة زانه ... خد قَلِيل اللَّحْم غير مخدد)
(وَكَأَنَّهُ نَالَ المجرة وثبةً ... فرمته وسط جَبينه بالفرقد)
(صناه عَن وسم الْحَدِيد فَوَسمه ... بالشكر من نعم الْوَزير مُحَمَّد)
وَأورد لَهُ
(حبذا الْفسْطَاط من وَالِدَة ... جنبت أَوْلَادهَا در الجفا)
(يرد النّيل إِلَيْهَا كدراً ... فَإِذا مازج أهليها صفا)
وَأورد لَهُ
(كَأَنَّمَا الهالة حول بدرها ... كمامة تفتقت عَن زهرها)
وَأورد لَهُ يرثي سَهْما(10/7)
(يَا سهم هاج رداك لي بلبالاً ... وأطار نومي والهموم أطالا)
(مذ بنت مَا رَاع الْحمام حمامةً ... يَوْمًا وَلَا علق الْمنون غزالا)
(ولطالما شوشت من سرب المها ... ألفا وَمن سطر الكراكي دَالا)
(ولطالما أوجست نبأة طَائِر ... يَوْمًا فطرت فجست مِنْهُ خلالا)
(قد كنت أعجب للقسي سقيمةً ... صفراً ترن كأنهن ثكالى)
(فَإِذا بهَا علما بيومك فِي الردى ... كَانَت عَلَيْك تكابد الأهوالا)
(عجبا من الْآجَال كَيفَ تقسمت ... فِيهِ وَكَانَ يقسم الآجالا)
وَله أَيْضا
(كم لدينا هماينا ... قد حوت مُحكم الْعَمَل)
(فارغات من الدنا ... نير ملأى من الأمل)
)
وَله أَيْضا
(ذُو قصر بَين طوي ... لمين قد اجتاز بِنَا)
(كَأَنَّهُ بَينهمَا دمامةً ... نون لنا)
وَركب مَوْلَاهُ فِي الْبَحْر فانخرق بِهِ الْمركب فَقَالَ
(غضب الْبَحْر من حجاب منيع ... حَائِل بَينه وَبَين أَخِيه)
(نزقته حمية الشوق حَتَّى ... خرق الْحجب عله يلتقيه)
وَكتب على قصيدة الشَّيْخ جمال الدّين بن الْحَاجِب فِي الْعرُوض الَّتِي وسمها الْقَصْد الْجَلِيل فِي علم الْخَلِيل عِنْد قرَاءَتهَا عَلَيْهِ
(أَحييت بِالْقَصْدِ الْجَلِيل ... مَا مَاتَ من علم الْخَلِيل)
(فجزيت عَنهُ خير مَا ... يجزى الْخَلِيل عَن الْخَلِيل)
وَقَالَ موشحة بَات وسماره النجومساهر فَمن ترى علمك السهد يَا جفون
(صبا إِلَى مَذْهَب التصابي ... صاب لَا يعدل)
(فجنبه خافق الجناب ... نَاب مبلبل)
(والطرف من دَائِم انسكاب ... كاب مخبل)
لِسَانه للهوى كتومساتر لما جرى والشأن أَن تستر الشؤون(10/8)
(سباه مستملح الْمعَانِي عان ... بِهِ الْبَصَر)
(بِذكرِهِ عَن شدا الأغاني غان ... إِذا ادكر)
(يَقُول مَا نَاظر يراني ... ران إِلَى الْقَمَر)
يرنو إِلَى وَجْهي الحليمحائر لما يرى مرأى بِهِ تفتن الْعُيُون
(من أَيْن للبدر فِي الْكَمَال مَالِي ... فيوصف)
(والغصن هَل عطفه بحالي حَال ... مزخرف)
(وعارض النَّقْص للهلال لالي ... والكلف)
وَلَا فَم الشَّمْس مِنْهُ ميمظاهر لمن قراولا من الحاجبين نون
(مَا كنت لَوْلَا درى بشاني شاني ... أخْشَى افتضاح)
)
(أفدي الَّذِي رَاح للمثاني ثَانِي ... عطف المراح)
(إِذا لمن صد أَو جفاني فَانِي ... فَلَا جنَاح)
لما لوى الْجيد قلت ريم نافرثم انبرى يمشي كَمَا تتثنى الفصون
(أيا نداملي إِن بالي بَال ... فغردوا)
(صَوتا أَنا عَنهُ لانتقالي قَالَ ... فرددوا)
(فِي رتب الْمجد والمعالي عَال ... مُحَمَّد)
دَامَ لَهُ الْعِزّ وَالنَّعِيم قاهرمقتدرايعز من شَاءَ أَو يهين
(طبتم وَطَابَتْ لكم أصُول ... صولوابها وَإِن)
(شِئْتُم على الدَّهْر أَن تطولوا ... طولوافما وَمن)
(وقطر جدواك إِذْ تنيل ... نيلهذا الزَّمن)
وَعرف ذكراكم نسيمعاطر إِذا سرى طَاف بِهِ السهل والحزون
(ومجدكم بَين ذَا الْعباد ... بادلا يختفي)
(فَوق الربى مِنْهُ والوهاد ... هادمن يقتفي)
(قُلْتُمْ لَهُ قُم بِكُل نَاد ... نادهل معتفي)
فاعجب لَهُ وَهُوَ لَا يريمسائرمشمراتحدى بِهِ العيس والسفين
(صلب على حَادث يقاسي ... قاسللزمن)
(طود لَدَى موقف المراس ... راسلا ينثني)
يلقى الوغى مِنْهُ فِي لباسباسمحصن لَيْث إِذا الْتفت الخصومخادر من الشرى لَهُ القنا فِي الوغى عرين
(كم موقف لَيْسَ للسلاح ... لاحفي الأرؤس)(10/9)
(وَكَاتب الْمَوْت بِالرِّمَاحِ ... ماحللأنفس)
(جنابه ظَاهر افتضاح ... ضاحلم يرمس)
رزنت إِذْ خفت الحلومشاهر مجوهرايفعل مَا تشْتَهي الْمنون وَقَالَ يُعَارض موشحة ابْن زهر الطَّبِيب
(عهد الْبَين إِلَى عَيْني البكا ... ثمَّ أوصاها بِأَن لَا تهجعي)
)
وَسَقَى قلبِي من خمرته فَهُوَ لَا يعقل من سكرته فَمَتَى ينقذ من غمرته
(فِي سَبِيل الْحبّ قد هلكا ... شيع الركب وَلما يرجع)
قَالَ لي العاذل لما نظرا من غَدا قلبِي بِهِ مشتهرا ألذا تعشق مَاذَا بشرا
(حاش لله أرَاهُ ملكا ... مثل ذَا فاعشق وَإِلَّا فدع)
هز عطف الْغُصْن من قامته مطلعاً للشمس من طلعته ثمَّ نَادَى الْبَدْر فِي ليلته
(أَيهَا الْبَدْر تغيب ويحكا ... مَا احْتِيَاج النَّاس للبدر معي)
أَنا علمت الْقَضِيب الميدا واستعار الظبي مني الجيدا وَكَذَا ذَا القرم من آل الندى
(أبْصر الْبَحْر نداه فَحكى ... فَهُوَ إِن ظن سوى ذَا مدعي)
من جَمِيع الْفضل يحيا عِنْده لَيْسَ للدّين بمحيي عِنْده قَالَ للتالي عَلَيْهِ حَمده
(لي حسن الذّكر وَالْمَال لكا ... فاقترح تعط وَقل يستمع)
آخذ بالحزم لَا يتْركهُ فِي سوى الْجُود بِمَا يملكهُ(10/10)
لَا ترى فِي الْجُود من يشركهُ
(وَهُوَ فِي المَال كثير الشركا ... وَمن الْحَمد كثير الشيع)
أَنْت يَا مُوسَى رَجَاء آنسا)
نَار جدواه فَوَافى قابسا رحت فِي حَضْرَة قدس دايسا
(فِي طوى السؤدد فاخلع نعلكا ... وادعه يَأْتِ بكبرى يُوشَع)
رب يَوْم قد رَأَيْت الأفقا خَائفًا بالبرق أَن يحرقا وبدا الْبَدْر مروعاً مشفقا
(لابساً لما تجلى فنكا ... وبدت شمس الضُّحَى فِي برقع)
3 - (السنائي)
أيدمر السنائي هُوَ عز الدّين أيدمر بن عبد الله كَانَ جندياً وَله معرفَة بتعبير الرُّؤْيَا وَالْأَدب
من شعره
(تخذ النسيم إِلَى الحبيب رَسُولا ... دنف حَكَاهُ رقةً ونحولا)
(يجْرِي الْعُيُون من الْعُيُون صبَابَة ... فتسيل فِي أثر الْفَرِيق سيولا)
(وَيَقُول من جَسَد لَهُ يَا لَيْتَني ... كنت اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا)
وَمِنْه
(بعلبك دَار وَلكنهَا ... دَار بِلَا أهل وجيران)
(كَأَنَّهَا لَيْلَة وصل مَضَت ... وَأَهْلهَا لَيْلَة هجران)
وأنشدني من لَفظه الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(سفرت فخلت الصُّبْح حِين تبلجا ... فِي جنح فود كالظلام إِذا سجا)
(قتانة فتاكة من طرفها ... كم حاول الْقلب النجَاة فَمَا نجا)
(نحلت نضير الْغُصْن قامة قدها ... وحبت مهاة الْجزع طرفا أدعجا)
(تفتر عَن برد نقي بدره ... بالرشف حر حشاشتي قد أثلجا)(10/11)
(مَا إِن دخلت رياض جنَّة وَجههَا ... فَرَأَيْت عَنْهَا الدَّهْر يَوْمًا مخرجا)
(لما رشفت رحيق فِيهَا ظامياً ... فازددت إِلَّا حرقةً وتوهجا)
(تعطو برخص طرفته بعندم ... وتريك ثغراً كالأقاح مفلجا)
(أَنى نظرت إِلَى رياض جمَالهَا ... عَايَنت ثمَّ مفوقاً ومدبجا)
)
(زارت وَعمر اللَّيْل فِي غلوائه ... فغدا من الشَّمْس البهية أبهجا)
(وسرى نسيم الرَّوْض يُنكر إثْرهَا ... فتعرفت آثاره وتأرجا)
وأنشدني أَيْضا قَالَ أنشدنا الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(ورد الْورْد فأوردنا المداما ... وأرح بِالرَّاحِ أرواحا هيامى)
(واجلها بكرا على خطابها ... بنت كرم قد أَبَت إِلَّا الكراما)
(ذَات ثغر جوهري رصفه ... فِي رحيق رشفه يشفي الأواما)
(برقعت بِاللُّؤْلُؤِ الرطب على ... وجنة كالنار لَا تألو ضراما)
(أَقبلت تسْعَى بهَا شمس الضُّحَى ... تخجل الْبَدْر إِذا يَبْدُو تَمامًا)
(بجفون بابلي سحرها ... سقمها أبدى إِلَى جسمي السقاما)
(ونضير الْورْد فِي جنتها ... نبته أنبت فِي قلبِي الغراما)
(ودت الأغصان لما خطرت ... لَو حكت مِنْهَا التثني والقواما)
(قَالَ لي خَال على وجنتها ... حِين ناديت أما تخشى الضراما)
(مُنْذُ ألقيت بنفسي فِي لظى ... خدها ألفيت بردا وَسلَامًا)
قلت شعر متوسط
3 - (الخطيري)
أيدمر الْأَمِير عز الدّين الخطيري حَبسه السُّلْطَان لما جَاءَ من الكرك وسعى لَهُ مَمْلُوكه بدر الدّين بيليك استاداره مَعَ الْأَمِير سيف الدّين طغاي الْكَبِير إِلَى أَن خلص ثمَّ عظم عِنْد السُّلْطَان فَجعله أَمِير مائَة وَعشْرين فَارِسًا مقدم ألف وَكَانَ يجلس رَأس الميسرة وَلَا يُمكن من الْمبيت إِلَّا فِي القلعة وَله دَار فِي رحبة الْعِيد ينزل إِلَيْهَا فِي النَّهَار ويطلع إِلَى القلعة آخر النَّهَار فَكَانُوا يرَوْنَ ذَلِك تَعْظِيمًا وَكَانَ أَحْمَر الْوَجْه منور الشيبة فِيهِ كرم نفس وتجمل زَائِد قَالُوا لَهُ يَا خوند هَذَا السكر الَّذِي يعْمل فِي الطَّعَام مَا يضر إِن نعمله غير مُكَرر فَقَالَ لَا فَإِنَّهُ يبْقى فِي نَفسِي أَنه غير مُكَرر(10/12)
عمر الْجَامِع الْمَشْهُور الَّذِي فِي رَملَة بولاق على الْبَحْر وَإِلَى جَانِبه الرّبع الْمَشْهُور يُقَال إِنَّه غرم عَلَيْهِمَا نَحوا من أَربع مائَة ألف دِرْهَم وَأكله الْبَحْر فِي حَيَاته ثمَّ إِنَّه أصلحه بجملة كَبِيرَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فِيمَا أظنّ وَكَانَ فِي الأَصْل مَمْلُوك شرف الدّين أوحد بن خطير وَهُوَ جد الْأَمِير بدر الدّين مَسْعُود بن خطير الْحَاجِب)
وَكَانَ الْأَمِير عز الدّين أيدمر الْمَذْكُور مَا يلبس قبَاء مطرزاً وَلَا يدع عِنْده أحدا يلبس ذَلِك
وَكَانَ يخرج الزَّكَاة وَخلف وَلدين أميرين أَحدهمَا عَليّ وَالْآخر مُحَمَّد
3 - (الشمسي)
أيدمر الْأَمِير عز الدّين الشمسي كَانَ من جملَة أُمَرَاء الديار المصرية ثمَّ إِنَّه خرج إِلَى دمشق فِي أول دولة الْملك النَّاصِر حسن بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فوصل إِلَيْهَا ثمَّ ورد المرسوم بِأَن يُجهز إِلَى صفد فَجهز إِلَيْهَا ثمَّ حضر لَهُ منشور بإقطاع جمال الدّين عبد الله ابْن الْأَمِير سيف الدّين اللمش بصفد ثمَّ إِنَّه نقل إِلَى دمشق
3 - (الزراق نَائِب غَزَّة)
أيدمر الْأَمِير عز الدّين الزراق أحد أُمَرَاء الديار المصرية فِيهِ دين وَخير رسم لَهُ الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بن النَّاصِر مُحَمَّد بنيابة غَزَّة فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع مائَة فَتوجه إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ إِنَّه استعفى بعد موت الصَّالح رَحمَه الله فَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَلما كَانَت الكائنة على الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي فِي الْأَيَّام المظفرية رسم لَهُ أَن يتَوَجَّه إِلَى دمشق للحوطة على مَوْجُود يلبغا وَإِخْوَته وَمن كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ الكائنة من الْأُمَرَاء فَحَضَرَ إِلَيْهَا وَمَعَهُ الْأَمِير نجم الدّين دَاوُد بن الزيبق فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة تزيد على الثَّلَاثَة أشهر إِلَى أَن بَاعَ مَوْجُود الْأُمَرَاء الَّذين كَانُوا مَعَ الْأَمِير سيد الدّين يلبغا ثمَّ توجه بالأموال جَمِيعهَا هُوَ والأمير شمس الدّين آقسنقر أَمِير جاندار فَلَمَّا وصلا بِالْمَالِ إِلَى الْملك المظفر حادي لم يلبثا إِلَّا قَلِيلا قَرِيبا من الشَّهْر وَخَرجُوا على المظفر وَلم يكن مَعَه من الْأُمَرَاء أحد إِلَّا الْأَمِير عز الدّين الزراق وآقسنقر والأمير عز الدّين أيدمر الشمي فنقم الخاصكية ذَلِك عَلَيْهِم وأخرجوهم إِلَى الشَّام فوصلوا إِلَى دمشق نَهَار الْعِيد أول شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع مائَة ورسم لَهُ بالْمقَام بِدِمَشْق ثمَّ ورد مرسوم الْملك النَّاصِر حسن بتوجهه إِلَى حلب فَتوجه فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شَوَّال وَورد إِلَيْهِ منشوره فِيمَا بعد بإقطاع الْأَمِير سيف الدّين أسندمر الحسني
وَلما عين لنيابة غَزَّة كنت بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسبع وَمِائَة فَكتبت بذلك تقليداً من رَأس الْقَلَم ارتجالاً وَهُوَ الْحَمد لله الَّذِي زَاد أَوْلِيَاء دولتنا الْقَاهِرَة عزا وَجعل أصفياء أيامنا الزاهرة كفاةً يَقُود الممالك)
بهم حرْزا وجرد من أنصارنا كل نصل رَاع حدا وراق هزا ووفق آراءنا الشَّرِيفَة لِأَن يكون من نعتمد عَلَيْهِ يسند إِلَيْهِ الْعِزّ ويعزى نحمده على نعمه الَّتِي عَمت ومننه الَّتِي طلعت(10/13)
أقمارها وتمت وعوارفه الَّتِي نمت أزهارها ففاحت شذىً ونمت وأياديه الَّتِي قادت الألطاف إِلَى حرمنا وزمت ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مهد الْإِيمَان قَصدهَا وجدد الإيقان عهدها وشيد الإدمان مجدها وأيد الْبُرْهَان رشدها ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي هدى بِهِ الْأمة وَبَدَأَ بِهِ الْأُمُور المهمة وجلا بأنوار بعثته من الْكفْر الدياجي المدلهمة وَنفى بإبلاغ رسَالَته ثُبُوت كل ثبور وألم كل ملمة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين تلألأت أنوارهم وتوضحت فِي آفَاق الْمَعَالِي أقمارهم وتوشحت بلآلي السِّيَادَة أزهارهم وتفتحت للسعادة بصائرهم وأبصارهم صَلَاة ظلال رضوانها مديدة وخلال غفرانها عديدة مَا افتر ثغر صبح فس لعس ظلام واهتز فِي الْحَرْب قد رمح وتورد بِالدَّمِ قد حسام وَسلم سَلاما كثيرا إِلَى يَوْم الدّين وَبعد فَإِن ممالكنا الشَّرِيفَة مِنْهَا مَا هُوَ عالي المكانة داني الْمَكَان موفر الاستكانة موفى النِّعْمَة بالسكان موطأ الأكناف موطد الْأَركان موسع الأفنية موشع الأفنان قد جاور الأَرْض المقدسة وبرز رافلاً من خمائله فِي حلله المقدسة ونوه الذّكر بمحاسنه لما نوع الِاعْتِدَال خَيره وجنسه كم فِيهِ من كثيب رمل أوعس وحديقة إِذا بَكَى الْغَمَام عَلَيْهَا تَبَسم ثغر زهرها الألعس وَروض حكى الْقد الأملد قضيبه الأملس قد اكتنفه الْبر وَالْبَحْر وأحاطت بِهِ المحاسن إحاطة القلادة بالنحر وبرز بَين مصر وَالشَّام برزخا وَكَثُرت خيراته فَهُوَ لَا يزَال مهب رخاء الرخا وَإِلَى غَزَّة المحروسة ترجع هَذِه الضمائر وعَلى سرها تدل هَذِه الأمائر كَاد النَّجْم ينزل إِلَى أرْضهَا ليتنزه وَقصر وصف الواصف عَنْهَا وَلَو أَنه كثير وَهِي عزة وَكَانَت فِي وَجه الشَّام غرَّة فنقطها سَواد الْعين بإنسانه فَصَارَت غَزَّة وكفاها فخرا بِمَا يرْوى عَنْهَا أَن الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مِنْهَا وَلما كَانَ الْمجْلس العالي الأميري وألقابه ونعوته من أَعْيَان هَذِه الدولة وَأَعْوَان هَذِه الْأَيَّام الَّتِي زانها الصون والصولة قد اتّصف بالحلم والباس والأناة والإيناس والمهابة الَّتِي طودها راسخ راس والشجاعة الَّتِي مرامها صَعب المراس طالما جرد مِنْهُ حساماً حمدت مضاربه وجهز فِي جَيش نَصره الله تَعَالَى على من يحاربه وأطلع فِي أفق مُهِمّ شرِيف أحدقت بِهِ كواكبه اقْتَضَت آراؤنا الشَّرِيفَة إعلاء رتبته وإدامة بهجته وسرور مهجته وتوفير حركته وَأَن نفوض إِلَيْهِ تقدمة الْعَسْكَر)
الْمَنْصُور بغزة المحروسة فَلذَلِك رسم بِالْأَمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الصَّالِحِي الْعِمَادِيّ أَن يسْتَقرّ فِي مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ من ذَلِك اعْتِمَادًا على مَا علمناه من هممه واستناداً إِلَى مَا جربناه من شيمه واجتهاداً فِي وُقُوع اختيارنا الشريف عَلَيْهِ لما أحمدنا فِي الْإِخْلَاص ثُبُوت قدمه واعتقاداً فِي نهوضه بِهَذَا الْأَمر الَّذِي ألبسناه حلل نعمه وارتياداً لاحتفاله بِهَذَا المهم الَّذِي لَا يزَال طَائِعا طَائِفًا بحرمه فليستقر فِيمَا فوضناه إِلَيْهِ مُجْتَهدا فِي رضى الله تَعَالَى فَإِن ذَلِك أولى مَا نطق بِهِ اللِّسَان ورضى خواطرنا الشَّرِيفَة وَهُوَ مغدوق برضى الله الَّذِي أَمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان مُعْتَمدًا على طلب(10/14)
الْحق الْجَلِيّ والإقبال على المستغيث بِهِ بِوَجْه وضي وَخلق رَضِي وعزم ملي حَتَّى ينصف الْمَظْلُوم من ظالمه ويرشد الضال عَن الصَّوَاب إِلَى معالمه ويبسط الْعدْل فِي رعايانا ويجريهم على مَا ألفوه من الْأَمْن والمن من سجايانا لِأَن الْعدْل يعمر الْبِلَاد والجور يدمر الْعباد وَالْحَاكِم الْعَادِل خير من الْمَطَر الوابل والأسد إِذا حطم خير من الْوَالِي إِذا ظلم وَهُوَ يعلم أَمر هَذِه الدُّنْيَا وَمَا إِلَيْهِ يؤول ويتحقق أَنه الْآن رَاع وكل رَاع مسؤول وَالشَّرْع الشريف فليتقدم بِرَفْع مناره وتعظيم شعاره فَإِنَّهُ الْحجَّة القوية والمحجة السوية فَمَا شددنا السَّيْف إِلَّا لنصرة الشَّرْع وَلَا نعتقد إِلَّا أَنه الأَصْل وَبَقِيَّة السياسات فرع والعسكر الْمَنْصُور فهم منا بمرأى ومسمع وعنايتنا بهم تَامَّة تمنحهم الْخَيْر وَالشَّر تمنع فليراع أَحْوَالهم ويرعها وَيتبع أصل أُمُورهم وفرعها إقطاع من مَاتَ مِنْهُم إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى لوَلَده أَو لقريبه وَكَبِيرهمْ وصغيرهم معامل بتوقيره وتوفير نصِيبه وليلزمهم بِعَمَل الأيزاك المهمة وَالرُّكُوب فِي كل موكب وَالنُّزُول فِي كل خدمَة حَتَّى يَكُونُوا على أهبة لوُرُود الْمُهِمَّات الشَّرِيفَة والحركات الَّتِي هِيَ بهم فِي كل وَقت مطيفة
والوصايا كَثِيرَة وتقوى الله تَعَالَى ملاك الْأُمُور وفكاك الْأَعْنَاق من الأوزار وشباك الأجور وَلَا يبرح من حرمهَا المنيع وَلَا يسرخ فِي شوى روضها المريع فَإِن من لازمها سعد دنيا وَأُخْرَى وَحَازَ فِي الدَّاريْنِ منقبة وفخرا وَالله يزِيدهُ مِمَّا أولاه ويفيده الْإِعَانَة على مَا ولاه والخط الشريف أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة فِي ثُبُوت الْعَمَل بِمَا اقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(إيرنجي التتري)
إيرنجي خَال القان خربندا كَانَ القان بو سعيد قد تبرم باستيلاء نَائِبه جوبان على الْأَمر واحتجاره عَلَيْهِ فتنفس إِلَى مقدمين يكْرهُونَ جوبان وهم إيرنجي هَذَا وقرمشي ودقماق فَقَالُوا إِن رسمت قَتَلْنَاهُ وَاتَّفَقُوا على أَن يبيتوه وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة وَوَافَقَهُمْ أَخُو دقماق وَمُحَمّد هُرَيْرَة ويوسف بكثا وَيَعْقُوب المسخرة فَهَيَّأَ قرمشي دَعْوَة ودعا جوبان فَأجَاب وَنفذ لَهُ تقدمة سنية فقبلها فنصحه تتري فتحفظ فِي الْهَرَب وَترك خيامه وَأَقْبل قرمشي فِي عشرَة آلَاف وَسَأَلَ عَن جوبان فَقيل فِي مخيمه فهجم عَلَيْهِ وثار أجناد جوبان فِي السِّلَاح والتحم الْقِتَال فَقتل نَحْو ثَلَاث مائَة وَنهب قرمشي حواصل جوبان وسَاق فِي طلابه وهرب هُوَ إِلَى مرند مَعَه وَلَده حسن وابنان فَأكْرمه صَاحب مرند وأمده بخيل وَرِجَال وأتى تبريز فَتَلقاهُ عَليّ شاه وزين الْبَلَد لَهُ وَجَاء فِي خدمته إِلَى بو سعيد وَأثْنى على جوبان وعَلى شفقته وَأَنه وَالِد ثمَّ دخل جوبان وَبِيَدِهِ كفن وَهُوَ باك وَقَالَ يَا خوند قتلت رجالي ونهبت أَمْوَالِي فَإِن كنت تُرِيدُ قَتْلِي فها أَنا فِي تصرفك فتنصل السُّلْطَان وتبرأ مِمَّا جرى وَقَالَ لَهُ حاربهم فَهَؤُلَاءِ أعداؤنا قَالَ فيساعدني السُّلْطَان فَجهز لَهُ جَيْشًا مَعَ طاز بن النوين كتبغا وَمَعَ قراسنقر وَركب السُّلْطَان مَعَ خواصه مَعَ الْعَسْكَر(10/15)
وَأما إيرنجي فَإِنَّهُ قصد تبريز فِي طلب جوبان فأغلق الْبَلَد فِي وَجهه وَخرج الْوَالِي إِلَيْهِم فأهانوه وعلقوه منكوساً حَتَّى وزن أَربع مائَة ألف دِرْهَم ثمَّ سَارُوا إِلَى رنكان فَالتقى الْجَمْعَانِ فَلَمَّا رأى إيرنجي السُّلْطَان ورايته سقط فِي يَده وَقَالَ لأَصْحَابه السُّلْطَان علينا فَمَا الْعَمَل فَقَالَ قرمشي لَا بُد من الْحَرْب فالسلطان مَعنا وسير قرمشي إِلَى جوبان وَقَالَ أَنا مَعَك والتحم الْقِتَال وانكسر إيرنجي وتحول غَالب عسكره إِلَى تَحت راية السُّلْطَان ثمَّ أسر إيرنجي وقرمشي ودقماق وَعقد لَهُم مجْلِس بالسلطانية فَقَالُوا مَا تحركنا إِلَّا بِأَمْر القان فَأنْكر وكذبهم وَأمر بِقَتْلِهِم فَقَالَ إيرنجي هَذَا خطك معي أَنا فَأنْكر وَجحد فَضرب إيرنجي بسيخ فِي فَمه فَتلف وطيف بِرَأْسِهِ فِي خُرَاسَان وَالْعراق وَذَلِكَ سنة تسع عشرَة وَسبع مائَة وَكَانَ إيرنجي وافر الْحُرْمَة وَقتل قرمشي ودقماق وَأمْسك أمراؤهم وَتمكن جوبان وأباد أضداده وَكَانَ دقماقاً مُسلما يحب الْعَرَب وَيكثر الصَّدَقَة فحلقوا ذقنه وطيف بِهِ ثمَّ رَمَوْهُ بالنشاب وأبيد من الْمغل خلق كثير)
(إيغان سم الْمَوْت)
إيغان الْأَمِير عز الدّين سم الْمَوْت الركني ثمَّ الظَّاهِرِيّ هُوَ مولى ركن الدّين بيبرس الَّذِي كسر الفرنج بغزة كَانَ أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام وَله الْكَلِمَة النافذة غضب عَلَيْهِ السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر بيبرس ورماه فِي الْجب بالقلعة إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمس وَسبعين وست مائَة
(أَيفع بن ناكور ذُو الكلاع)
أَيفع بن ناكور بالنُّون وَبعدهَا ألف وكاف وواو وَرَاء الصَّحَابِيّ يُقَال إِنَّه ابْن عَم كَعْب الْأَحْبَار أَبُو شُرَحْبِيل وَقيل أَبُو شرَاحِيل كَانَ رَئِيسا فِي قومه مُطَاعًا متبوعاً أسلم فَكتب إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التعاون على الْأسود ومسيلمة وطليحة وَكَانَ الرَّسُول إِلَيْهِ جرير بن عبد الله البَجلِيّ فَأسلم وَخرج مَعَ جرير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل اسْم ذِي الكلاع سميفع بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْمِيم وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَفَاء وَعين وَكَانَ هُوَ الْقَائِم بِأَمْر مُعَاوِيَة فِي حَرْب صفّين وَقتل قبل انْقِضَاء الْحَرْب ففرح مُعَاوِيَة بِمَوْتِهِ وَذَلِكَ أَنه بلغه أَن ذَا الكلاع ثَبت عِنْده أَن(10/16)
عليا بَرِيء من دم عُثْمَان وَأَن مُعَاوِيَة لبس عَلَيْهِم ذَلِك فَأَرَادَ التشتت على مُعَاوِيَة فعاجلته الْمنية بصفين سنة سبع وَثَلَاثِينَ لِلْهِجْرَةِ وَلما قتل ذُو الكلاع أرسل ابْنه إِلَى الْأَشْعَث يرغب إِلَيْهِ فِي جثة أَبِيه ليأذن لَهُ فِي أَخذهَا وَكَانَ فِي الميسرة فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَث إِنِّي أَخَاف أَن يتهمني أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَكِن عَلَيْك سعيد بن قيس فَأذن لَهُ فَوَجَدَهُ قد ربط بِرجلِهِ طُنب فسطاط فَحله وَحمله إِلَى عَسْكَرهمْ قَالَ عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَأَيْت عمار بن يَاسر وَذَا الكلاع فِي الْمَنَام فِي ثِيَاب بيض فِي أقبية الْجنَّة فَقلت ألم يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَقَالَا بلَى وَلَكنَّا وجدنَا الله وَاسع الْمَغْفِرَة
(أيلبا مَمْلُوك طغتكين)
أيلبا مَمْلُوك طغتكين كَانَ فِي خدمَة شمس الْمُلُوك ابْن أستاذه فاتفق أَن خرج شمس الْمُلُوك إِلَى صيدنايا يتصيد وَكَانَت سيرته قد ساءت فَانْفَرد شمس الْمُلُوك فَضَربهُ أيلبا بِالسَّيْفِ ضَرْبَة هائلة فَانْقَلَبَ السَّيْف فِي يَده وَرمى شمس الْمُلُوك بِنَفسِهِ إِلَى الأَرْض فَضَربهُ أُخْرَى فَوَقَعت فِي عنق الْفرس فأتلفته وَحَال بَينهمَا الْفرس وَانْهَزَمَ أيلبا وَعَاد إِلَى دمشق شمس الْمُلُوك سالما وَسَار الغلمان فِي طلب أيلبا فَقَاتلهُمْ وظفروا بِهِ فَلَمَّا جاؤوا بِهِ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ مَا الَّذِي حملك على هَذَا قَالَ لم أَفعلهُ إِلَّا تقرباً إِلَى الله تَعَالَى لأريح الْمُسلمين مِنْك لِأَنَّك قد ظلمت الْمَسَاكِين وضعفاء النَّاس وَإِن معي فلَانا وَفُلَانًا وكلنَا قد اتفقنا عَلَيْك
فَجمع المتهومين وَقتل الْكل صبرا وَأول مَا قتل أيلبا وَلم يكفه قتل المتهومين حَتَّى اتهمَ أَخَاهُ سونج فَتَركه فِي بَيت وسد عَلَيْهِ الْبَاب فَمَاتَ جوعا وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس مائَة
(إيل غَازِي)
3 - (صَاحب ماردين)
إيل غَازِي الْأَمِير نجم الدّين بن أرتق بن أكسب التركماني صَاحب ماردين كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ سقمان من أُمَرَاء الْملك تتش صَاحب الشَّام إقطاعهما الْقُدس قبل الفرنج وَاسْتولى إيلغازي على ماردين وَحَارب الفرنج غير مرّة وَكَانَ شجاعاً مهيباً تملك حلب بعد أَوْلَاد رضوَان ابْن تتش وَملك ميافارقين وَتُوفِّي بميافارقين سنة سِتّ عشرَة(10/17)
وَخمْس مائَة وَاسْتولى بعده وَلَده حسام الدّين تمرتاش على ماردين وَولده شمس الدولة سُلَيْمَان على ميافارقين وَملك ماردين فِي يَد أَوْلَاده إِلَى الْيَوْم وَهُوَ جد الْمَذْكُور ثَالِثا فِي هَذَا الِاسْم
3 - (قطب الدّين صَاحب ماردين)
إيل غَازِي الْملك قطب الدّين ابْن ألبي بن تمرتاش بن إيل غَازِي بن أرتق صَاحب ماردين وَليهَا مُدَّة طَوِيلَة بعد أَبِيه وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعَدْلِ والشجاعة وَتُوفِّي سنة ثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَخلف وَلدين صغيرين فأقيم أَحدهمَا وَهُوَ حسام الدّين فِي الْأَمر وَقَامَ بتدبيره مَمْلُوكه نظام الدّين البقش من تَحت جنَاح خَال أَبِيه شاه أرمن صَاحب خلاط فَلَمَّا مَاتَ ولي الْأَخ الآخر وَهُوَ قطب الدّين فامتدت أَيَّامه إِلَى أَن قتل البقش واستقل بِالْأَمر)
3 - (السعيد صَاحب ماردين)
إيل غَازِي الْملك السعيد نجم الدّين أَبُو الْفَتْح صَاحب ماردين ابْن صَاحب ماردين أرتق بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق مَاتَ فِي الْحصار والوباء بقلعة ماردين
كَانَ حازماً بطلاً شجاعاً ممدحاً ملك مُدَّة ديار بكر وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَقيل سنة تسع مرض مَرضا أشرف فِيهِ على الْمَوْت ثمَّ أبل وَبعث إِلَى هولاكو يطْلب سَابق الدّين بلبان فَبعث بِهِ إِلَيْهِ فاستماله مُدَّة مقَامه عِنْده وَأخْبرهُ بِمَا لَقِي أهل حلب وَأَشَارَ عَلَيْهِ بتسيير هَدِيَّة أُخْرَى بعد الْهَدِيَّة الَّتِي سَيرهَا فجهزها مَعَه وجهز مَعَه عز الدّين بطة
فَقَالَ هولاكو لعز الدّين سرا اقْضِ لَهُ حَاجَة أقض لَك ألف حَاجَة قَالَ مَا هِيَ قَالَ تعرفنِي هَل الْملك السعيد مَرِيض حَقِيقَة أم لَا فَقَالَ كَانَ مَرِيضا وازداد مَرضا عِنْد أخذك حلب ثمَّ عوفي فَقَالَ إِذا ألزمته بالمجيء يَجِيء قَالَ لَا لأنكم لَا تفون وتهينون الْمُلُوك وتكلفونهم مَا لَا يُطِيقُونَ وَقد تحقق انك تقتله قَالَ فَإِن قصدته يقدر يمْنَع نَفسه مني قَالَ نعم لحصانة قلعته وَمَا فِيهَا من الذَّخَائِر والأقوات مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة فَأعْطَاهُ بالشت ذهب وَزنه سبع مائَة مِثْقَال وثياباً وَأصْبح استدعاه واستدعى سَابق الدّين وَكتب لَهما جَوَابا مضمونه أَنه أَعْفَاهُ من الْحُضُور وَاتفقَ مَعَ سَابق الدّين على استفساد من أمكنه من أَعْيَان ماردين وأمرائها وَكتب لَهُم فرمانات فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يسير للْملك المظفر ابْن السعيد ويطيب قلبه ثمَّ وصلا إِلَى السعيد وخلا بِهِ عز الدّين وعرفه ميل سَابق الدّين إِلَى هولاكو ثمَّ عَاد سَابق الدّين إِلَى هولاكو يعْتَذر إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ مَتى خلا بهولاكو أفسد عَلَيْهِ الْحَال فسير يَطْلُبهُ ليحمله رِسَالَة أُخْرَى وَكَانَ أَسد الدّين البختي أَمِير ماردين قد وصل إِلَيْهِ فرمان هولاكو فَجهز قَاصِدا على فرس عُرْيَان يعرفهُ بَاطِن الْقَضِيَّة وَأَن لَا يعود فَلحقه على دنيسر فَلم يعد واتصل بهولاكو وَعلم السعيد أَن التتار لَا بُد لَهُم من قَصده فَنقل مَا كَانَ فِي الْبَلَد من الذَّخَائِر إِلَى القلعة وَجَاء التتار ونزلوا على ماردين وَوصل ابْن قَاضِي خلاط برسالة هولاكو(10/18)
أَن يفتح بَاب الْبَلَد ليدْخل الْعَسْكَر يمتارون ويرحلون فَأذن لَهُم فترددوا فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج ثمَّ إِن التتار جردوا سيوفهم ودقوا طبولهم وهجموا الْبَلَد فَقَاتلهُمْ أهل الْبَلَد ودربوا شوارعهم ودام قِتَالهمْ ثَلَاثَة وَسِتِّينَ يَوْمًا إِلَى أَن فتح لَهُم بعض مقدمي الْبَلَد درباً فملكوه ودخلوا الْجَامِع وصعدوا المنابر ورموا النشاب فضعف أهل الْبَلَد واحتموا بالكنائس لباطن كَانَ لأصحابها)
مَعَ التتار وانحاز أَكْثَرهم إِلَى القلعة فَملك التتار الْبَلَد ونصبوا المجانيق على القلعة فَلم يصل إِلَى القلعة إِلَّا ثَلَاثَة أَحْجَار وَاسْتمرّ الْقِتَال من ثَالِث جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة إِلَى أَن دخلت سنة تسع وَخمسين فَتوفي الْملك السعيد فِي سادس عشر صفر وَقيل فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَكَانَ الوباء قد وَقع فِي أهل القلعة فَأهْلك أَكْثَرهم وَرمى أَحْمد بن الْفَارِس الشافصني بِنَفسِهِ من القلعة إِلَى التتار وَأخْبرهمْ بِمَوْتِهِ فبعثوا إِلَى وَلَده المظفر وطلبوا مِنْهُ الدُّخُول فِي الطَّاعَة وَكَانَ قد أقيم مقَام أَبِيه فأجابهم جَوَابا أرضاهم بِهِ وَأظْهر الدُّخُول فِي طاعتهم وَعمل على مداراتهم
3 - (السعيد صَاحب ماردين الْحَفِيد)
إيل غَازِي الْملك السعيد نجم الدّين ابْن الْملك المظفر ابْن الْملك السعيد إيلغازي حفيد الْمَذْكُور أَولا توفّي سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة وتملك بعده ماردين أَخُوهُ الْمَنْصُور نجم الدّين غَازِي
(إِيمَاء بن رحضة)
بِفَتْح الرَّاء والحاء الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة بن خربة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة الْغِفَارِيّ لَهُ ولابنه خفاف صُحْبَة وَكَانَا ينزلان غيقة من بِلَاد غفار ويأتيان الْمَدِينَة كثيرا ولابنه خفاف رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلم قَرِيبا من الْحُدَيْبِيَة وَكَانُوا مروا عَلَيْهِ ببدر وَهُوَ مُشْرك
(أَيمن)
3 - (أَيمن بن عبيد الحبشي)
وَهُوَ ابْن أم أَيمن مولاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي أم أُسَامَة ابْن(10/19)
زيد بن حَارِثَة وأيمن هَذَا أَخُو أُسَامَة لأمه وَكَانَ أَيمن هَذَا مِمَّن بَقِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَلم ينهزم وَقَالَ ابْن عَبَّاس هُوَ الَّذِي عَنى الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بقوله
(وثامننا لَاقَى الْحمام بِنَفسِهِ ... بِمَا مَسّه فِي الله لَا يتوجع)
3 - (الْمَكِّيّ الطَّوِيل)
أَيمن بن نابل الحبشي الْمَكِّيّ الطَّوِيل الضَّرِير عداده فِي صغَار التَّابِعين كَانَ ابْن معِين حسن الرَّأْي فِيهِ وَقَالَ ابْن حَيَّان لَا يحْتَج بِهِ إِذا انْفَرد روى لَهُ البُخَارِيّ والتِّرمذي والنَّسائي وَابْن ماجة وَتُوفِّي فِي حُدُود السِّتين وَالْمِائَة
3 - (الْأَسدي)
أَيمن بن خريم بن فاتك الْأَسدي كَانَ يسكن دمشق فِي القصاعين ثمَّ تحول إِلَى الْكُوفَة أخرج لَهُ الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند حَدِيثا وَاحِدًا قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَقَالَ أَيهَا النَّاس عدلت شَهَادَة الزُّور إشراكاً بِاللَّه ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور وَقَالَ مَرْوَان بن الحكم يَوْم المرج لأيمن أَلا تخرج مَعنا فتقاتل فَقَالَ لَا إِن أبي وَعمي سُبْرَة شَهدا بَدْرًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَيّ أبي أَن لَا أقَاتل رجلا يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن أتيتني بِبَرَاءَة من النَّار خرجت مَعَك فَسَبهُ مَرْوَان وَقَالَ اذْهَبْ فَلَا حَاجَة لنا بك فَقَالَ
(وَلست مُقَاتِلًا رجلا يُصَلِّي ... على سُلْطَان آخر من قُرَيْش)(10/20)
(لَهُ سُلْطَانه وَعلي إثمي ... معَاذ الله من جهل وطيش)
(أأقتل مُسلما فِي غير شَيْء ... فَلَيْسَ بنافعي مَا عِشْت عيشي)
وَدخل يَوْمًا على عبد الْملك وَكَانَ شَدِيد الشغف بِالْجِمَاعِ وَقد ازْدَادَ بِهِ غراماً وَلكنه ضعف عَنهُ فَقَالَ لَهُ كَيفَ قوتك يَا أَيمن فَقَالَ آكل الْجَذعَة من الضَّأْن بالصاع من الْبر وأشرب الْعس المملوء أعبه عباً وأرتحل الْبَعِير الصعب فأنضيه وأركب الْمهْر الأرن فأذلله وأفترع الْعَذْرَاء لَا يقعدني عَنْهَا الْكِير وَلَا يَمْنعنِي مِنْهَا إِلَّا السحر وَلَا يزويني الْغمر وَلَا يَنْقَضِي مني)
الوطر فغاظ ذَلِك عبد الْملك وحسده وَمنعه الْعَطاء وحجبه وقصده بِمَا يكره فَقَالَت لَهُ امْرَأَته وَيحك اصدقني عَن حالك هَل لَك جرم فَقَالَ لَا وَالله قَالَت فَأَي شَيْء دَار بَيْنك وَبَين عبد الْملك آخر مَا لَقيته فَأَخْبرهَا فَقَالَت من هُنَا أتيت فَدخلت على عَاتِكَة زَوجته وَقَالَت أَسأَلك أَن تستعدي لي أَمِير الْمُؤمنِينَ على زَوجي قَالَت وَمَا لَهُ قَالَت مَا أَدْرِي أَنا مَعَ رجل أَو حَائِط وَلَا أَدْرِي أرجلاً هُوَ أَو امْرَأَة وَله مُدَّة لَا أعرف لَهُ فراشا فسليه أَن يفرق بَيْننَا فَخرجت عَاتِكَة إِلَى عبد الْملك وَذكرت لَهُ ذَلِك فَوجه إِلَى أَيمن فَأحْضرهُ وَسَأَلَهُ عَمَّا شكت مِنْهُ فاعترف بذلك فَقَالَ لَهُ أَو لم أَسأَلك عَام أول عَن ذَلِك فوصفت كَيْت وَكَيْت فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الرجل ليتجمل عِنْد سُلْطَانه ويتجلد على أعدائه بِأَكْثَرَ مِمَّا وصفت بِهِ نَفسِي وَأَنا الْقَائِل
(لقِيت من الغانيات العجابا ... لَو أدْرك مني النِّسَاء الشبابا)
(وَلَكِن جمع العذارى الحسان ... عناء شَدِيد إِذا الْمَرْء شَابًّا)
(وَلَو كلت بِالْمدِّ للغانيات ... وضاعفت فَوق الثِّيَاب الثيابا)
(إِذا لَا ينلهن من ذَاك ذَاك ... بغينك عِنْد الْأَمِير الكذابا)
(يذدن بِكُل عَصا ذائد ... ويصبحن كل غَدَاة صعابا)
(إِذا لم يخالطن كل الخلاط ... أصبحن مخرنطمات غضابا)
(علام يكحلن حور الْعُيُون ... ويحدثن بعد الخضاب خضابا)
(ويعركن بالمسك أجيادهن ... ويدنين عِنْد الحجال العيابا)
(ويبرقن إِلَّا لما تعلمُونَ ... فَلَا تمنع الغانيات الضرابا)
فَجعل عبد الْملك يضْحك من قَوْله ثمَّ قَالَ أولى لَك يَا ابْن خريم لقد لقِيت مِنْهُنَّ ترحاً فَمَا ترى أَن أصنع بَيْنك وَبَينهَا قَالَ تستأجلها أجل الْعنين فأداريها لعَلي أَسْتَطِيع(10/21)
إِِمْسَاكهَا قَالَ أفعل ذَلِك وردهَا إِلَيْهِ وَأمر لَهُ بِمَا فَاتَ من عطائه وَعَاد إِلَى تقريبه وبره وَكَانَ أَيمن يتشيع وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
3 - (الأندلسي عاشق النَّبِي)
أَيمن بن مُحَمَّد البزولي الأندلسي الأَصْل التّونسِيّ يكنى أَبُو البركات قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان هُوَ جندي أنشدنا لَهُ بعض أَصْحَابنَا يهجو أَبَا سَلامَة نَاجِي بن الطواح التّونسِيّ أحد)
الطّلبَة الأدباء بتونس وَكَانَ طَويلا رَقِيقا فِيهِ انحناء
(نَاجٍ من النجو مُشْتَقّ وَمَا الْعذرَة ... يَوْمًا بأنجس من أرهاطه القذره)
(حبس الخراء طَوِيل رق منحنياً ... كبائل قَائِم وَالْأَرْض منحدره)
(غذته ألبان فسق أمه وأبى ... أَبوهُ إِلَّا الْخَنَا وَالْفرع للشجره)
قلت لَعَلَّه أَبُو البركات الْمَعْرُوف بعاشق النَّبِي وَهُوَ أَيمن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَرْبَعَة عشر مُحَمَّدًا أَتَى إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وَتُوفِّي بهَا سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ قد الْتزم أَنه لَا يدْخل الْحرم النَّبَوِيّ إِلَّا بعد مَا ينظم قصيدة يمدح فِيهَا سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْشدني الشَّيْخ الإِمَام بهاد الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن إِمَام المشهد قَالَ أَنْشدني أَبُو البركات أَيمن لنَفسِهِ
(فَرَرْت من الدُّنْيَا إِلَى سَاكن الْحمى ... فرار محب عَائِذ بحبيب)
(لجأت إِلَى هَذَا الجناب وَإِنَّمَا ... لجأت إِلَى سامي الْعِمَاد رحيب)
(وناديت مولَايَ الَّذِي عِنْده الشفا ... لداء عليل فِي الديار غَرِيب)
(أمولاي دائي فِي الذُّنُوب وَلَيْسَ لي ... سواك طَبِيب يَا أجل طَبِيب)
(تناومت فِي إظلام ليل شبيبتي ... فأيقظني إشراق صبح مشيبي)
(وجئتك لما ضَاقَ ذرعي بزلتي ... وأشفقت من جُرْمِي بمحي سليب)
(وَمَا أرتجي إِلَّا شفاعتك الَّتِي ... بهَا يبلغ الراجي ثَوَاب مثيب)
(فَقَالَ لَك الْبُشْرَى ظَفرت من الرضى ... بِأَسْعَد حَظّ وافر وَنصِيب)
(فدامت مسراتي وزادت بشائري ... وطاب حضوري عِنْده ومغيبي)
(أَنا الْيَوْم جَار للنَّبِي بِطيبَة ... فَلَا طيب فِي الدُّنْيَا يُقَاس بطيبي)
وَمن شعره أَيْضا
(حللت بدار حلهَا أشرف الْخلق ... مُحَمَّد الْمَحْمُود بالخلق والخلق)(10/22)
(وخلفت خَلْفي كل شَيْء يعوقني ... عَن الْقَصْد إِلَّا مَا لدي من الْعِشْق)
(وَمَا بِي نهوض غير أَنِّي طَائِر ... بشوقي وَحسن العون من واهب الرزق)
(مُحَمَّد يَا أوفى النَّبِيين ذمَّة ... ظمئت وَقد وافيت بابك أستسقي)
)
(تعاظم إجرامي وجلت خطيئتي ... وأشفقت من فعلي الْقَبِيح وَمن نطقي)
(وَأَنت شَفِيع فِي الذُّنُوب مُشَفع ... فَخذ لي أَمَانًا فِي الْقِيَامَة بِالْعِتْقِ)
(صَلَاة وَتَسْلِيم عَلَيْك وَرَحْمَة ... على الْآل والصحب الْكِرَام أولي السَّبق)
وَأَخْبرنِي غير وَاحِد أَنه كَانَ أَولا كثير الهجو والوقيعة فِي النَّاس ثمَّ أناب بعد ذَلِك وأقلع وَحج وألزم نَفسه أَنه فِي كل يَوْم ينظم قصيدة يمدح بهَا سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه فِي وَقت عزم على الْعود لزيارة أَهله بالغرب فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا البركات كَيفَ ترْضى بفراقنا أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ فَعَاد وَبَطل الْمُضِيّ إِلَى أَهله
ابْن أَيمن الْمَالِكِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْملك
أم أَيمن الصحابية اسْمهَا بركَة
الْأَئِمَّة الاثنا عشر الَّذين للشيعة أَوَّلهمْ عَليّ بن أبي طَالب وَالْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَعلي بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب زين العابدين والباقر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وجعفر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الصَّادِق رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ومُوسَى الكاظم بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالرِّضَا عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَمُحَمّد التقي بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَعلي التقي بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَالْحسن الزكي بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَمُحَمّد الْغَائِب بن الْحسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب(10/23)
(أَيُّوب)
3 - (ابْن تيموه الْحَنْبَلِيّ)
أَيُّوب بن أَحْمد بن أَيُّوب بن تيموه بِالتَّاءِ ثَالِث الْحُرُوف وَالْيَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَضم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَبعدهَا هَاء الباجسرائي الْفَقِيه الْحَنْبَلِيّ سمع مُحَمَّد بن نَاصِر الدسكري وَأَبا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن القَاضِي أَبى يعلى الْفراء وَحدث عَنهُ بأصبهان بِيَسِير سمع مِنْهُ أَبُو الْكَرم سعد بن الْحُسَيْن بن ظفر بن ولاد الْمَدِينِيّ توفّي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (ابْن النّحاس الْحَنَفِيّ)
أَيُّوب بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن إِبْرَاهِيم بن طَارق بن سَالم الإِمَام الْعَالم بهاء الدّين أَبُو صابر ابْن النّحاس الْأَسدي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ مدرس القليجية وَشَيخ الحَدِيث بهَا ولد سنة سبع عشرَة وَسمع من مكرم والموفق يعِيش وَابْن رَوَاحَة وَابْن خَلِيل وَجَمَاعَة بحلب وَقَالَ إِنَّه سمع الصَّحِيح من ابْن روزبة وَسمع بِبَغْدَاد من الكاشغري وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة
3 - (الأوحد صَاحب خلاط)
أَيُّوب بن أبي بكر بن أَيُّوب الْملك الأوحد نجم الدّين صَاحب خلاط ابْتُلِيَ بأمراض مزمنة وَكَانَ يتَمَنَّى الْمَوْت مَعهَا وَكَانَ قد استزار أَخَاهُ الْأَشْرَف من حران فَأَقَامَ عِنْده أَيَّامًا وَاشْتَدَّ مَرضه فَطلب الرُّجُوع لِئَلَّا يتخيل مِنْهُ الأوحد فَقَالَ لَهُ الأوحد كم تلح وَالله إِنِّي ميت وَأَنت تَأْخُذ الْبِلَاد وَكَانَ قد صاغ للأشرف طلعة ذهب للصنجق وَزنهَا خَمْسمِائَة دِينَار وَبقيت فِي الخزانة فَتوفي الأوحد سنة تسع وست مائَة وَملك الْأَشْرَف وَأول ركُوبه فِي خلاط كَانَ بِتِلْكَ الطلعة وَتُوفِّي الأوحد بمنازكرد فَدفن بهَا فَأَحبُّوهُ وأطاعوه وَقدمُوا من الْبِلَاد وسروا بِمَوْت الأوحد وَكَانَ ملك الأوحد خلاط أقل من خمس سِنِين
وَمن غَرِيب مَا اتّفق للأوحد بخلاط أَن الْمُلُوك اتَّفقُوا على الْعَادِل وَالِد الأوحد وهم سُلْطَان الرّوم وَصَاحب الْموصل وَصَاحب أربل وَصَاحب حلب وَصَاحب الجزيرة وَصَاحب سنجار وَمن تَابعهمْ وَأَن تكون الْخطْبَة بالسلطنة لخسرو شاه ابْن قليج أرسلان صَاحب الرّوم فأرسلوا إِلَى الكرج بِالْخرُوجِ إِلَى جِهَة خلاط وَخرج كل مِنْهُم إِلَى حُدُود بِلَاده والعادل مُقيم ثَابت بِظَاهِر حران وَعِنْده صهره صَاحب آمد ابْن قرا أرسلان وَنزل الكرج على خلاط سَابِع عشر)
شهر ربيع الآخر سنة سبع وست مائَة ومقدمهم إيواني فزحفوا على الْبَلَد بَين الصَّلَاتَيْنِ يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر الشَّهْر وهجموا المربض فَوَقع إيواني مقدم الكرج بفرسه فِي حُفْرَة وَهُوَ سَكرَان فَأخذ أَسِيرًا وعرفه ياقوت الْخَادِم الْمَلْطِي فَحَمله إِلَى الأوحد فَأكْرمه وخلع عَلَيْهِ وَطلب مِنْهُ صد الكرج عَن(10/24)
الْبَلَد فَطلب لَهُ من يَثِق إِلَيْهِ مِنْهُم ليشاهده أَنه سَالم وَأمرهمْ بالرحيل عَن خلاط فرحلوا من وقتهم وَرغب إيواني أَن يفْدي نَفسه وبذل ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَإِطْلَاق ألفي أَسِير مُسلمين وَتَسْلِيم إِحْدَى وَعشْرين قلعة متاخمة لأعمال خلاط وتزويج بنته بأخي الأوحد لأمه وزواج الملكة للأوحد وَأَن يكون الكرج أبدا مَعَهم مسالمين فَعرف الأوحد وَالِده بذلك فاستطار فَرحا وَبَلغت الْأَخْبَار الْمُلُوك شرقاً وغرباً فتفللوا وردوا وَأخذُوا فِي الِاعْتِذَار إِلَى الْعَادِل وكل مِنْهُم يحِيل بالذنب على الآخر
قَالَ عز الدّين ابْن تَاج الْأُمَنَاء من أعجب مَا سَمِعت أَن إيواني لما نزل على خلاط قَالَ لَهُ منجمه فِي بكره يَوْمه إِنَّك تدخل قلعة خلاط قريب الْعَصْر فِي زِيّ غير زيك فتخيل قَوْله فِي نَفسه وسكر ثمَّ ذكر قَول منجمه فَركب لوقته فَجرى مَا جرى
3 - (الجرايدي)
أَيُّوب بن بكر بن مَنْصُور بن بدران أَبُو الْكَرم الْأنْصَارِيّ القاهري ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بالجرايدي أَخُو تَقِيّ الدّين يَعْقُوب الْمقري قَرَأَ الْقرَاءَات على السخاوي وَغَيره وَسمع الحَدِيث وَكتب الْأَجْزَاء وَأكْثر عَن الضياء الْمَقْدِسِي والسخاوي وأجزاؤه مَوْقُوفَة بالأشرفية وكتابته مَعْرُوفَة وَحدث وأقرأ وأضر بِأخر كَانَ صوفياً إِمَام مَسْجِد غوى بكتب محيي الدّين بن عَرَبِيّ وَكتب مِنْهَا كثيرا وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (الْمُقْرِئ)
أَيُّوب بن تَمِيم الدِّمَشْقِي مقرئ أهل الشَّام قَرَأَ على يحيى الذمارِي وَأبي عبد الْملك الذمارِي ثِقَة فِي الحَدِيث وَالْقِرَاءَة توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة
3 - (ابْن الطَّوِيل)
أَيُّوب بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَوْف بن حميد بن تَمِيم أَبُو سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بِابْن الطَّوِيل من أهل مَدِينَة الْفرج من الأندلس رَحل إِلَى الْمشرق وَسمع من ابْن أبي الْمَوْت وَمن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن شُعَيْب الشَّيْبَانِيّ وَعبد الْوَاحِد بن أَحْمد بن عبد الله بن مسلمة بن)
قُتَيْبَة وَغَيرهم واستقضاه الحكم الْمُسْتَنْصر بِبَلَدِهِ وَكَانَ حكيماً أديباً قدم قرطبة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (ابْن الْقرْيَة)
أَيُّوب بن زيد بن قيس بن زُرَارَة بن سَلمَة بن جشم بن مَالك يَنْتَهِي إِلَى عدنان الْمَعْرُوف بِابْن الْقرْيَة بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف والقرية جدته وَاسْمهَا خماعة بنت جشم بن ربيعَة بن زيد مَنَاة بن عَوْف بن سعد بن الْخَزْرَج كَانَ أَعْرَابِيًا أُمِّيا وَهُوَ مَعْدُود من جملَة خطباء الْعَرَب الْمَشْهُورين بالفصاحة والبلاغة كَانَ قد أَصَابَته السّنة فَقدم(10/25)
عين التَّمْر وَعَلَيْهَا عَامل للحجاج بن يُوسُف وَكَانَ الْعَامِل يغدي كل يَوْم ويعشي فَوقف ابْن الْقرْيَة بِبَابِهِ فَرَأى النَّاس يدْخلُونَ فَقَالَ أَيْن يدْخل هَؤُلَاءِ قَالُوا إِلَى طَعَام الْأَمِير فَدخل فتغدى وَقَالَ أكل يَوْم يصنع الْأَمِير مَا أرى فَقيل نعم وَكَانَ يَأْتِي كل يَوْم بَابه للغداء وَالْعشَاء إِلَى أَن ورد كتاب من الْحجَّاج على الْعَامِل وَهُوَ عَرَبِيّ غَرِيب لَا يدْرِي مَا هُوَ فَأخر لذَلِك طَعَامه فجَاء ابْن الْقرْيَة فَلم ير الْعَامِل يتغدى فَقَالَ مَا بَال الْأَمِير لَا يَأْكُل وَلَا يطعم فَقَالُوا اغتم لكتاب ورد عَلَيْهِ من الْحجَّاج عَرَبِيّ غَرِيب لَا يدْرِي مَا هُوَ قَالَ ليقرئني الْأَمِير الْكتاب فَأَنا أفسره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ خَطِيبًا لسناً بليغاً فَذكر ذَلِك للوالي فَدَعَا لَهُ فَلَمَّا قرئَ الْكتاب عَلَيْهِ عرف الْكَلَام وَفَسرهُ للوالي حَتَّى عرف جَمِيع مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ أفتقدر على جَوَابه قَالَ لست أَقرَأ وَلَا أكتب وَلَكِن ادْع كَاتبا يكْتب مَا أمليه فَفعل فَكتب جَوَاب الْكتاب فَلَمَّا قرئَ الْكتاب على الْحجَّاج رأى كلَاما عَرَبيا غَرِيبا فَعلم أَنه لَيْسَ من كَلَام كَاتب الْعَامِل وَلَا كتاب الْخراج فَدَعَا برسائل عين التَّمْر فَنظر فِيهَا فرآها لَيست ككتاب ابْن الْقرْيَة فَكتب الْحجَّاج إِلَى الْعَامِل أما بعد فقد أَتَانِي كتابك بَعيدا من جوابك بمنطق غَيْرك فَإِذا نظرت إِلَى كتابي هَذَا فَلَا تضعه من يدك حَتَّى تبْعَث بِالرجلِ الَّذِي صدر لَك الْكتاب وَالسَّلَام
فَقَرَأَ الْعَامِل الْكتاب على ابْن الْقرْيَة وَقَالَ لَهُ تتَوَجَّه نَحوه قَالَ أَقلنِي قَالَ لَا بَأْس عَلَيْك وَأمر لَهُ بكسوة وَنَفَقَة وَحمله إِلَى الْحجَّاج فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ مَا اسْمك قَالَ أَيُّوب قَالَ اسْم نَبِي وَقَالَ أَظُنك أُمِّيا تحاول البلاغة وَلَا تستصعب عَلَيْك مقالها وَأمر لَهُ بِنزل ومنزل فَلم يزل يزْدَاد بِهِ عجبا حَتَّى أوفده على عبد الْملك بن مَرْوَان فَلَمَّا خلع عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ الطَّاعَة بسجستان بَعثه الْحجَّاج إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ)
لتقومن خَطِيبًا ولتخلعن عبد الْملك ولتسبن الْحجَّاج أَو لَأَضرِبَن عُنُقك قَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنَّمَا أَنا رَسُول قَالَ هُوَ مَا أَقُول لَك فَقَامَ وخطب وخلع عبد الْملك وَشتم الْحجَّاج وَأقَام هُنَالك فَلَمَّا انْصَرف ابْن الْأَشْعَث مهزوماً كتب الْحجَّاج إِلَى عماله بِالريِّ وأصبهان وَمَا يليهما أَمرهم أَن لَا يمر بهم أحد من فل ابْن الْأَشْعَث إِلَّا بعثوا بِهِ أَسِيرًا وَأخذ ابْن الْقرْيَة فِيمَن أَخذ فَلَمَّا أَدخل على الْحجَّاج قَالَ أَخْبرنِي عَمَّا أَسأَلك عَنهُ قَالَ سلني عَمَّا شِئْت قَالَ أَخْبرنِي عَن أهل الْعرَاق قَالَ أسْرع النَّاس إِلَى فتْنَة وأعجزهم عَنْهَا قَالَ فَأهل الشَّام قَالَ أطوع النَّاس لخلفائهم قَالَ فَأهل مصر قَالَ عبيد من غلب قَالَ فَأهل الْبَحْرين قَالَ نبط استعربوا قَالَ فَأهل عمان قَالَ عرب استنبطوا قَالَ فَأهل الْموصل قَالَ أَشْجَع فرسَان وأقتل للأقران قَالَ فَأهل الْيمن قَالَ هم أهل سمع وَطَاعَة وَلُزُوم الْجَمَاعَة قَالَ فَأهل الْيَمَامَة قَالَ أهل جفَاء واختلاق أهواء وأصبر عِنْد اللِّقَاء قَالَ فَأهل فَارس قَالَ أهل بَأْس شَدِيد وَشر عتيد وزيف كثير وقرىً يسير قَالَ أَخْبرنِي عَن الْعَرَب قَالَ سلني قَالَ قُرَيْش قَالَ أعظمها أحلاماً وَأَكْرمهَا مقَاما قَالَ فبنو عَامر بن صعصعة قَالَ أطولها رماحاً وَأَكْرمهَا صباحاً قَالَ فبنو سليم قَالَ أعظمها مجَالِس وَأَكْرمهَا محابس قَالَ فثقيف قَالَ أكرمها جدوداً وأكثرها وفوداً قَالَ فبنو(10/26)
زبيد قَالَ ألزمها للرايات وأدركها للترات قَالَ فقضاعة قَالَ أعظمها أخطاراً وَأَكْرمهَا نجاراً وأبعدها آثاراً قَالَ فالأنصار قَالَ أثبتها مقَاما وأحسنها إسلاماً وَأَكْرمهَا أَيَّامًا قَالَ فبكر بن وَائِل قَالَ أثبتها صُفُوفا وأحدها سيوفاً قَالَ فعبد الْقَيْس قَالَ أسبقها إِلَى الغايات وأضربها تَحت الرَّايَات قَالَ فبنو أَسد قَالَ أهل عدد وَجلد ونكد قَالَ فلخم قَالَ مُلُوك وَفِيهِمْ نوك قَالَ فجذام قَالَ يوقدون الْحَرْب ويسعرونها ويلقحونها ثمَّ يمرونها قَالَ فبنو الْحَارِث قَالَ رُعَاة للقديم حماة للحريم قَالَ فعك قَالَ لُيُوث جاهدة فِي قُلُوب فَاسِدَة قَالَ فتغلب قَالَ يصدقون إِذا لقوا ضربا ويسعرون للأعداء حَربًا قَالَ فغسان قَالَ أكْرم الْعَرَب أحساباً وأثبتهم أنساباً قَالَ فَأَي الْعَرَب كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة أَمنه من أَن تضام قَالَ قُرَيْش وَكَانُوا أهل ربوة لَا يُسْتَطَاع ارتقاؤها وهضبة لَا يرام انتزاؤها فِي بَلْدَة حمى الله ذمارها وَمنع جارها قَالَ فَأَخْبرنِي عَن مآثر الْعَرَب قَالَ كَانَت الْعَرَب تَقول حمير أَرْبَاب الْملك وَكِنْدَة لباب الْملَل ومذحج أهل الطعان وهمدان أحلاس الْخَيل والأزد آساد النَّاس قَالَ فَأَخْبرنِي عَن الْأَرْضين قَالَ سلني قَالَ الْهِنْد قَالَ)
بحرها در وجبلها ياقوت وشجرها عود وورقها عطر وَأَهْلهَا طغام كقطيع الْحمام قَالَ فخراسان قَالَ مَاؤُهَا جامد وعدوها جَاحد قَالَ فعمان قَالَ حرهَا شَدِيد وصيدها عتيد قَالَ فالبحرين قَالَ كناسَة بَين المصرين قَالَ فاليمن قَالَ أهل الْعَرَب وَأهل البيوتات والحسب قَالَ فمكة قَالَ رجالها عُلَمَاء جُفَاة ونساؤها كساة عُرَاة قَالَ فالمدينة قَالَ رسخ الْعلم فِيهَا وَظهر مِنْهَا قَالَ فالبصرة قَالَ شتاؤها جليد وحرها شَدِيد وماؤها ملح وحربها صلح قَالَ فالكوفة قَالَ ارْتَفَعت عَن حر الْبَحْر وسفلت عَن برد الشَّام فطاب لَيْلهَا وَكثر خَيرهَا فواسط قَالَ جنَّة بَين حماة وكنة قَالَ وَمَا حماتها وكنتها قَالَ الْبَصْرَة والكوفة يحسدانها وَمَا ضرها ودجلة والزاب يتجاريان فِي إفَاضَة الْخَيْر عَلَيْهَا قَالَ فالشام قَالَ عروس بَين نسْوَة جُلُوس قَالَ ثكلتك أمك يَا ابْن الْقرْيَة لَوْلَا اتباعك لأهل الْعرَاق وَقد كنت أَنهَاك عَنْهُم أَن تتبعهم فتأخذ من نفاقهم ثمَّ دَعَا بالسياف وَأَوْمَأَ إِلَى السياف أَن أمسك فَقَالَ ابْن الْقرْيَة ثَلَاث كَلِمَات أصلح الله الْأَمِير كأنهن ركب وقُوف يكن مثلا بعدِي قَالَ هَات
قَالَ لكل جواد كبوة وَلكُل صارم نبوة وَلكُل حَلِيم هفوة قَالَ الْحجَّاج لَيْسَ هَذَا وَقت المزاح يَا غُلَام أوجب جرحه فَضرب عُنُقه
وَقيل لما أَرَادَ قَتله قَالَ الْعَرَب تزْعم أَن لكل شَيْء آفَة قَالَ صدقت الْعَرَب أصلح الله الْأَمِير قَالَ فَمَا آفَة الْحلم قَالَ الْغَضَب قَالَ فَمَا آفَة الْعقل قَالَ الْعجب قَالَ فَمَا آفَة الْكِرَام قَالَ مجاورة اللئام قَالَ فَمَا آفَة الْعلم قَالَ النسْيَان قَالَ فَمَا آفَة السخاء قَالَ الْمَنّ عِنْد الْبلَاء قَالَ فَمَا آفَة الشجَاعَة قَالَ الْبَغي قَالَ فَمَا آفَة الْعِبَادَة قَالَ الفترة قَالَ فَمَا آفَة الذِّهْن قَالَ حَدِيث النَّفس قَالَ فَمَا آفَة الحَدِيث قَالَ الْكَذِب قَالَ فَمَا آفَة المَال قَالَ سوء التَّدْبِير قَالَ فَمَا آفَة الْكَامِل من(10/27)
الرِّجَال قَالَ الْعَدَم قَالَ فَمَا آفَة الْحجَّاج بن يُوسُف قَالَ أصلح الله الْأَمِير لَا آفَة لمن كرم حَسبه وطاب نسبه وزكا فَرعه قَالَ امْتَلَأت شقاقاً وأظهرت نفَاقًا اضربوا عُنُقه فَلَمَّا رَآهُ قَتِيلا نَدم وَكَانَ قَتله سنة أَربع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ
وَسَأَلَهُ بَعضهم عَن الدهاء مَا هُوَ قَالَ تجرع الْغصَص وتوقع الفرص وَمن كَلَامه فِي صفة العي التنحنح من غير دَاء والتثاؤب من غير رِيبَة والإكباب فِي الأَرْض من غير عِلّة
وَقَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَرْجَمَة مَجْنُون ليلى بعد أَن استوفى أخباره وَقد قيل إِن ثَلَاثَة أشخاص شاعت أخبارهم واشتهرت أَسمَاؤُهُم وَلَا حَقِيقَة لَهُم وَلَا وجود فِي الدُّنْيَا وهم)
مَجْنُون ليلى وَابْن الْقرْيَة وَابْن أبي الْعقب الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ الْمَلَاحِم وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن أبي الْعقب وَقيل إِنَّه لما أُتِي بِابْن الْقرْيَة قَالَ لَهُ الْحجَّاج ألم تكن فِي خمول من الدعة وَعدم من المَال وكدر من الْعَيْش وتضعضع من الْهَيْئَة ويأس من بُلُوغ مَا بلغت إِلَيْهِ فوليتك ولَايَة الْوَالِد وَلم تكن ولدا وَولَايَة الراجي عنْدك الْخَيْر وَلم أرجه عنْدك أبدا حَتَّى قُمْت خَطِيبًا وَقلت كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير أتيت إنْسَانا فِي مسك شَيْطَان فتهددني بتخويفه وقهرني بسلطانه فَنَطَقَ اللِّسَان بِغَيْر مَا فِي الْقلب والنصيحة لَك ثَابِتَة والمودة بَاقِيَة قَالَ كذبت يَا عَدو الله ثمَّ سَأَلَهُ مَا ذكرته ورد جَوَابه كَمَا ذكرت وَقيل قَالَ لَهُ فِيمَا سَأَلَهُ فَكيف رَأَيْت خطبتي فَسكت قَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا صدقتني قَالَ تكْثر الرَّد وتشير بِالرَّدِّ وَتقول أما بعد فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج فَأَنت مَا تستعين بِيَدِك فِي كلامك قَالَ لَا أصل كَلَامي بيَدي حَتَّى يضيق بِي لحدي قَالَ فَأَخْبرنِي عَن أشعر بَيت قالته الْعَرَب قَالَ قَول الْقَائِل
(فَمَا حَمَلتْ من ناقةٍ فوقَ رَحلِها ... أبرَّ وأوفى ذمَّة من مُحَمَّد)
وَقيل إِنَّه قَالَ لَهُ مَا أَعدَدْت لهَذَا الْموقف قَالَ أصلح الله الْأَمِير ثَلَاثَة حُرُوف كأنهن ركب وقُوف دنيا وآخرة ومعروف قَالَ اخْرُج مِمَّا قلت قَالَ أما الدُّنْيَا فَمَال حَاضر يَأْكُل مِنْهُ الْبر والفاجر وَأما الْآخِرَة فميزان عَادل وَشَهَادَة لَيْسَ فِيهَا بَاطِل وَأما الْمَعْرُوف فَإِن كَانَ عَليّ اعْترفت بِهِ وَإِن كَانَ لي اعْترفت قَالَ الْآن تعترف إِذا وَقع عَلَيْك السَّيْف فَقَالَ الْحجَّاج لأزيرنك جَهَنَّم قَالَ فأرحني فَإِنِّي أجد حرهَا فَضرب عُنُقه فَلَمَّا رَآهُ يشحط فِي دَمه نَدم عَلَيْهِ وَقَالَ لَو تَرَكْنَاهُ لسمعنا كَلَامه(10/28)
3 - (أَبُو يحيى الْقرشِي التَّمِيمِي)
أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو يحيى الْقرشِي التَّمِيمِي مَوْلَاهُم روى عَنهُ البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَنهُ بِوَاسِطَة ذكره ابْن حَيَّان فِي الثِّقَات وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
3 - (كَاتب الإِمَام الْقَادِر)
أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن أَيُّوب بن عِيسَى أَبُو الْفضل كَاتب الإِمَام الْقَادِر بِاللَّه الْبَغْدَادِيّ من أهل الْمَرَاتِب وَهُوَ وَالِد الْوَزير أبي طَالب مُحَمَّد قَالَ هِلَال بن الصَّابِئ توفّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَقد كَانَ أخرج من الاعتقال من دَار الْخلَافَة عليلاً مشفياً)
3 - (ابْن سُلَيْمَان بن عبد الْملك)
أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن عبد الْملك بن مَرْوَان ولي غَزْو الصائفة ورشحه لولاية الْعَهْد فَمَاتَ قبل أَبِيه بأيام سنة ثَمَان وَتِسْعين لِلْهِجْرَةِ وَأم أَيُّوب بنت سُلَيْمَان بن الحكم وَقيل بنت خَالِد بن الحكم وَأمّهَا أم عمار بنت خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط ومدحه جرير فَقَالَ
(وَقد عرف النَّاس الْخَلِيفَة بعده ... كَمَا عرفُوا مجْرى النُّجُوم الطوالع)
وَقَالَ أَيْضا
(إِن الإِمَام الَّذِي ترجى فواضله ... بعد الإِمَام ولي الْعَهْد أَيُّوب)
(كونُوا كيوسف لما جَاءَ إخْوَته ... واستسلموا قَالَ مَا فِي الْيَوْم تَثْرِيب)
وَمَات أَيُّوب وعمره أَربع عشرَة سنة وَكَانَ من أحسن النَّاس وَجها وأطيبهم خلقا
وَقَالَ ابْن حزم فِي نقط الْعَرُوس إِن سُلَيْمَان قتل ابْنه أَيُّوب سرا لِأَنَّهُ ارْتَدَّ إِلَى النَّصْرَانِيَّة كَانَ قد ضمه إِلَى عبد الله بن عبد الْأَعْلَى الشَّاعِر وَكَانَ زنديقاً فزندقه فَدس إِلَيْهِ سُلَيْمَان سما فَقتله قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة أَخطَأ ابْن حزم فَإِنَّهُم اتَّفقُوا على أَن سُلَيْمَان حزن(10/29)
عَلَيْهِ حَتَّى قَالُوا إِنَّه انفلقت كبده فَمَاتَ كمداً ثمَّ إِن ابْن أَربع عشرَة سنة من أَيْن تَأتيه الزندقة وَعبد الله بن عبد الْأَعْلَى لم يكن زنديقاً وَإِنَّمَا الْمُتَّهم بالزندقة أَخُوهُ عبد الصَّمد
قلت وَلما مَاتَ أَيُّوب مَشى أَبوهُ فِي جنَازَته وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ وقف على قَبره وَقَالَ
(وقوفاً على قبر مُقيم بقفرة ... مَتَاع قَلِيل من حبيب مفارق)
ثمَّ قَالَ عَلَيْك السَّلَام يَا أَيُّوب ثمَّ أنْشد
(كنت لنا أنسا ففارقتنا ... فالعيش من بعْدك مر المذاق)
وَكَانَ بَين أَيُّوب وَأَبِيهِ اثْنَان وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا
3 - (مُؤذن النجيبي)
أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن مظفر الشَّيْخ الْمُقْرِئ المعمر نجم الدّين مُؤذن النجيبي كَبِير المؤذنين
كَانَ يخرج بِالسَّوَادِ أَمَام خطباء الْجَامِع الْأمَوِي بِدِمَشْق وَله صَوت جَهورِي طيب وَاسْتمرّ على ذَلِك زَمَانا وعاش تسعا وَثَمَانِينَ سنة وَكَانَ ريض الْأَخْلَاق لَهُ عدَّة أَوْلَاد مِنْهُم أَمِين الدّين مُحَمَّد وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَسبع مائَة
3 - (الْأَفْضَل وَالِد صَلَاح الدّين)
)
أَيُّوب بن شاذي بن مَرْوَان بن يَعْقُوب الْأَمِير نجم الدّين أَبُو الشُّكْر الدويني وَالِد الْمُلُوك كَانَ رجلا دينا خيرا كثير الصَّدقَات وافر الْعقل سَمحا كَرِيمًا قَالَ بعض المؤرخين كَانَ شاذي بن مَرْوَان من أهل دوين من أَبنَاء أعيانها المعتبرين وَكَانَ لَهُ صَاحب يُقَال لَهُ جمال الدولة الْمُجَاهِد بهروز وَكَانَ من أظرف النَّاس وَأخْبرهمْ بتدبير الْأُمُور وَكَانَا متحدين فجرت لبهروز قَضِيَّة فِي دوين فَخرج مِنْهَا حَيَاء وحشمةً لِأَنَّهُ اتهمَ بِزَوْجَة بعض الْأُمَرَاء فخصاه وَقصد خدمَة غياث الدّين مَسْعُود السلجوقي فاتصل باللالا الَّذِي لأولاده واختص بِهِ وفوض أُمُوره إِلَيْهِ وَصَارَ يركب مَعَ أَوْلَاد السُّلْطَان فَرَآهُ يَوْمًا مَعَ أَوْلَاده فَأنكرهُ فَقَالَ اللالا إِنَّه خَادِم مثلي ثمَّ صَار يسيره إِلَى السُّلْطَان فخف على قلبه وَلعب مَعَه الشطرنج والنرد وحظي عِنْده وَمَات اللالا فأقامه مَكَانَهُ فاشتهر ذكره فِي تِلْكَ الْبِلَاد فاستدعى شاذي بن مَرْوَان فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أكْرمه وَرَأى السُّلْطَان أَن يُوَجه بهروزاً إِلَى بَغْدَاد والياً عَلَيْهَا ونائباً عَنهُ فَتوجه إِلَيْهَا وَمَعَهُ شاذي وَأَوْلَاده وَأعْطى السُّلْطَان لبهروز تكريت فَلم يَثِق بهروز إِلَّا بشاذي فَأرْسلهُ إِلَيْهَا فَمضى إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة وَتُوفِّي بهَا فولى مَكَانَهُ نجم الدّين أَيُّوب فَنَهَضَ فِي أمرهَا وشكره بهروز(10/30)
فاتفق أَن عماد الدّين زنكي صَاحب الْموصل قصد حِصَار بَغْدَاد أَيَّام المسترشد وَأرْسل إِلَى قراجا الساقي يستنجده فَأَتَاهُ وكبسهما فَأتى زنكي وَوصل إِلَى تكريت فخدمه نجم الدّين أَيُّوب وَأقَام لَهُ السفن وَعبر دجلة وَتَبعهُ أَصْحَابه فَأحْسن إِلَيْهِم وسيرهم وَبلغ ذَلِك بهروز فَأنْكر عَلَيْهِ وَقَالَ كَيفَ تظفر بعدونا فأحسنت إِلَيْهِ ثمَّ إِن أَسد الدّين شيركوه أَخا نجم الدّين أَيُّوب جَاءَت إِلَيْهِ بعض الْحرم باكية وَقَالَت أَنا دَاخِلَة فِي الْبَاب الَّذِي للقلعة تعرض إِلَيّ فلَان الإسبهسلار فَقَامَ شيركوه وَتَنَاول الحربة الَّتِي تكون للإسبهسلار وضربه بهَا فَقتله فأمسكه أَخُوهُ نجم الدّين واعتقله وَكتب إِلَى بهروز بالصورة فَعَاد جَوَابه إِن لأبيكما عَليّ حَقًا وَمَا يمكنني أَن أكافئكما بِسوء وَلَكِن اتركا خدمتي واخرجا من بلدي فقصدا عماد الدّين زنكي صَاحب الْموصل فَأحْسن إِلَيْهِمَا وأقطعهما إقطاعاً جيدا ثمَّ لما ملك قلعة بعلبك اسْتخْلف بهَا نجم الدّين أَيُّوب فعمر بهَا خانقاه يُقَال لَهَا النجمية وَلما قتل زنكي وَجَاء مجير الدّين ابق صَاحب دمشق إِلَى بعلبك وحصرها أرسل نجم الدّين إِلَى سيف الدّين غَازِي بن زنكي صَاحب الْموصل وَقد ملك بعد وَالِده يُنْهِي إِلَيْهِ الْحَال وَيطْلب مِنْهُ عسكراً ليرحل صَاحب)
دمشق عَنهُ وَكَانَ غَازِي ذَلِك الْوَقْت أول ملكه مَشْغُولًا بإصلاح مُلُوك الْأَطْرَاف وَلم يتفرغ لَهُ وضاق الْأَمر على من فِي بعلبك وَخَافَ نجم الدّين أَن تُؤْخَذ قهرا فَأرْسل إِلَى مجير الدّين فِي تَسْلِيم القلعة وَطلب إقطاعاً ذكره فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وَحلف لَهُ ووفى لَهُ صَاحب دمشق وَأَعْطَاهُ إقطاعاً جيدا وَصَارَ عِنْده مقدما من أكبر الْأُمَرَاء واتصل أَخُوهُ أَسد الدّين شيركوه بِخِدْمَة نور الدّين مَحْمُود بن زنكي بعد قتلة أَبِيه زنكي وَكَانَ يَخْدمه أَيَّام وَالِده فقربه نور الدّين وأقطعه وَكَانَ يرى مِنْهُ فِي الحروب آثاراً عَجِيبَة يعجز غَيره عَنْهَا وَجعله مقدم عسكره ثمَّ إِن نور الدّين حضر دمشق وملكها وَبَقِي شيركوه وَأَيوب فِي خدمَة نور الدّين إِلَى أَن توجه شيركوه إِلَى مصر نجدةً لشاور على الفرنج ثمَّ إِنَّه استنجد بهم مرّة ثَانِيَة فَتوجه صَلَاح الدّين مَعَ عَمه شيركوه وَجرى لَهُم مَا جرى ووزر صَلَاح الدّين بعد عَمه شيركوه للعاضد صَاحب مصر واستدعى أَبَاهُ نجم الدّين أَيُّوب فجهزه نور الدّين إِلَيْهِ سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَخرج العاضد لملتقاه إِلَى ظَاهر بَاب الْفتُوح عِنْد شَجَرَة الاهليلج وَلم يجر بذلك لَهُم عَادَة وَكَانَ من أعجب يَوْم شهده النَّاس وأقطعه وَلَده صَلَاح الدّين الاسكندرية ودمياط والبحيرة وأقطع أَخَاهُ شمس الدولة قوص وأسوان وعيذاب وَكَانَ عبرتها فِي هَذِه السّنة مِائَتي ألف وَسِتَّة وَسِتِّينَ ألف دِينَار وسلك مَعَه وَلَده صَلَاح الدّين من الْأَدَب مَا هُوَ اللَّائِق بِمثلِهِ وَعرض عَلَيْهِ الْأَمر كُله فَأبى وَقَالَ يَا وَلَدي مَا اختارك الله تَعَالَى لهَذَا الْأَمر إِلَّا وَأَنت لَهُ أهل وَلَا يَنْبَغِي أَن تغير مَوضِع السَّعَادَة وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن اسْتَقل صَلَاح الدّين بمملكة الديار المصرية
وَخرج صَلَاح الدّين إِلَى الكرك ليحاصرها وَأَبوهُ بِالْقَاهِرَةِ فَركب يَوْمًا ليسير على عَادَة الْجند فَخرج من بَاب النَّصْر فشب بِهِ فرسه فَأَلْقَاهُ فِي وسط الطَّرِيق فَحمل إِلَى دَاره وَبَقِي(10/31)
متألماً إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَدفن إِلَى جَانب أَخِيه أَسد الدّين شيركوه بِالدَّار السُّلْطَانِيَّة ثمَّ نقل صَلَاح الدّين تابوتيهما إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة ودفنا بتربتهما الْمُجَاورَة للحجرة الشَّرِيفَة سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
وَلما عَاد صَلَاح الدّين من الكرك إِلَى الْقَاهِرَة بلغه خبر أَبِيه فشق عَلَيْهِ ذَلِك وَكتب إِلَى ابْن أَخِيه فروخشاه بن شاهنشاه بن أَيُّوب صَاحب بعلبك كتابا بِخَط الْفَاضِل يعزيه بجده نجم الدّين مِنْهُ وَمن جملَة الْمُصَاب بالمولى الدارج غفر الله ذَنبه وَسَقَى بِالرَّحْمَةِ تربه مَا عظمت بِهِ)
اللوعة واشتدت بِهِ الروعة وتضاعفت لغيبتنا عَن مشهده الْحَسْرَة واستنجدنا بِالصبرِ فَأبى
وأنجدت الْعبْرَة فيا لَهُ فقيداً فقد عَلَيْهِ العزاء وانتثر شَمل الْبركَة فَهِيَ بعد الِاجْتِمَاع أَجزَاء
(وتخطفته يَد الردى فِي غيبتي ... هبني حضرت فَكنت مَاذَا أصنع)
ورثاه الْفَقِيه عمَارَة اليمني بقصيدة أَولهَا
(هِيَ الصدمة الأولى فَمن بَان صبره ... على هول مَا يلقى تضَاعف أجره)
(وَلَا بُد من موت وفوت وَفرْقَة ... وَوجد بِمَاء الْعين يُوقد جمره)
مِنْهَا
(أصَاب الْهدى فِي نجمه بمصيبة ... تداعى سماك الجو مِنْهَا ونسره)
(عدمنا أَبَا الْإِسْلَام وَالْملك والندى ... وفارقنا شمس الزَّمَان وبدره)
مِنْهَا
(وأسعد خلق الله من مَاتَ بَعْدَمَا ... رأى فِي بني أبنائه مَا يسره)
(وَأدْركَ من طول الْحَيَاة مُرَاده ... وَمَا طَال إِلَّا فِي رضى الله عمره)
ورثاه بقصيدة أُخْرَى أَولهَا
(صفو الْحَيَاة وَإِن طَال المدى كدر ... وحادث الْمَوْت لَا يبقي وَلَا يذر)
مِنْهَا
(كم شامخ الْعِزّ ذاق الْمَوْت من يَدهَا ... مَا أَضْعَف الْقدر إِن ألوى بِهِ الْقدر)
(أودى عَليّ وَعُثْمَان بمخلبها ... وَلم يفتها أَبُو بكر وَلَا عمر)
(لَا قدست لَيْلَة كَانَت بصحبتها ال ... أكباد حزنا على أَيُّوب تنفطر)
(تمخض الدَّهْر عَن أم النوائب عَن ... كَبِيرَة صغرت فِي جنبها الْكبر)
(نجم هوى من سَمَاء الدّين منكدراً ... والنجم من أفقه يهوي وينكدر)
وَكَانَ نجم الدّين يلقب الْأَجَل الْأَفْضَل وَمِنْهُم من يَقُول الْملك الْأَفْضَل وروى بِالْإِجَازَةِ عَن عون الدّين الْوَزير ابْن هُبَيْرَة وَله من الْأَوْلَاد السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف(10/32)
والعادل أَبُو بكر مُحَمَّد وشمس الدولة توران شاه وَالِد عز الدّين فرخشاه صَاحب بعلبك وتقي الدّين عمر صَاحب حماة وشاهنشاه وَسيف الْإِسْلَام طغتكين وتاج الْمُلُوك بوري وَهُوَ أَصْغَرهم وست الشَّام وَرَبِيعَة خاتون)
3 - (الْبَرْمَكِي الْحِمْيَرِي)
أَيُّوب بن سُوَيْد الْبَرْمَكِي الْحِمْيَرِي الشَّيْبَانِيّ قَالَ ابْن معِين يسرق الْأَحَادِيث لَيْسَ بِشَيْء
وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ ابْن عدي يكْتب حَدِيثه فِي جملَة الضُّعَفَاء وَذكره فِي جملَة الثقاة ابْن حبَان لكنه قَالَ رَدِيء الْحِفْظ غرق فِي الْبَحْر قَالَ ابْن عَاصِم توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة ثَلَاث وروى لَهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة
3 - (أَبُو صَالح الْمعَافِرِي الْمَالِكِي)
أَيُّوب بن صَالح بن سُلَيْمَان بن صَالح أَبُو صَالح الْمعَافِرِي الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي كَانَ إِمَامًا فِي مَذْهَب مَالك دارت عَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي وقته وَكَانَ متصرفاً فِي البلاغة والنحو وَالشعر مجانباً للدولة لكنه ولي الْحِسْبَة فَأحْسن السِّيرَة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (الْوَزير)
أَيُّوب بن الْعَبَّاس بن الْحسن بن أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَبُو الْحُسَيْن كَانَ وَالِده وزيراً للمكتفي ثمَّ للمقتدر وروى أَيُّوب عَن أبي عَليّ بن همام أثرا رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عَليّ التنوخي فِي كتاب الْفرج بعد الشدَّة
3 - (قَاضِي الْيَمَامَة)
أَيُّوب بن عتبَة أَبُو يحيى اليمامي قَاضِي الْيَمَامَة قَالَ البُخَارِيّ لين وَقَالَ الفلاس سيء الْحِفْظ وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ مرّة ضَعِيف وَقَالَ غَيره يُخطئ فِي الْإِسْنَاد
روى لَهُ ابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَمِائَة(10/33)
3 - (ابْن الفقاعي)
أَيُّوب بن عمر بن عَليّ بن مقلد أَبُو الصَّبْر الحمامي الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الفقاعي روى تَارِيخ داريا عَن الخشوعي روى عَنهُ الدمياطي وَابْن الخباز وَغَيرهمَا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وست مائَة
3 - (الْمَكِّيّ الْأمَوِي)
أَيُّوب بن مُوسَى الْأمَوِي ومُوسَى بن عَمْرو الْأَشْدَق وَأَيوب هُوَ الْفَقِيه الْمَكِّيّ يروي عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَمَكْحُول وغطاء بن ميناء وَنَافِع وَسَعِيد المَقْبُري وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ أَحْمد وَأَبُو زرْعَة وَالنَّسَائِيّ ثِقَة وَقَالَ)
أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
3 - (الْحَنَفِيّ قَاضِي الْيَمَامَة)
أَيُّوب بن النجار بن زِيَاد الْحَنَفِيّ قَاضِي الْيَمَامَة كَانَ يُقَال إِنَّه من الأبدال وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ صَدُوق روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة
3 - (الْمسند زين الدّين الكحال)
أَيُّوب بن نعْمَة بن مُحَمَّد بن نعْمَة بن أَحْمد بن جَعْفَر الشَّيْخ الْفَاضِل المعمر الْمسند زين الدّين النابلسي الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الكحال ولد سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة اشْتغل على طَاهِر الكحال وبرع فِي الصَّنْعَة وتميز وتكسب بهَا وَلم يكن لَهُ لحية بل شَعرَات يسيرَة فِي حنكه وَكَانَ فِيهِ ود وتواضع وَدين سمع من الشّرف المرسي والرشيد الْعِرَاقِيّ وَعُثْمَان ابْن خطيب القرافة وَعبد الله ابْن الخشوعي وَجَمَاعَة وَتفرد وروى الْكثير بِمصْر ودمشق انجفل إِلَى مصر فَأَقَامَ بهَا اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة يعالج النَّاس ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وشاخ وَعجز وَنزل بدار الحَدِيث
3 - (السّخْتِيَانِيّ)
أَيُّوب أَبُو بكر ابْن أبي تَمِيمَة كيسَان السّخْتِيَانِيّ الْبَصْرِيّ أحد(10/34)
الْأَعْلَام من نجباء الموَالِي سمع عَمْرو بن سَلمَة الْجرْمِي وَأَبا الْعَالِيَة وَسَعِيد بن جُبَير وَعبد الله بن شَقِيق وَأَبا قلَابَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ ومجاهداً وَابْن سِيرِين وخلقاً سواهُم قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ لَهُ نَحْو من ثَمَان مائَة حَدِيث
وَقَالَ شُعْبَة كَانَ سيد الْفُقَهَاء وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة لم ألق مثله وَقد لَقِي الزُّهْرِيّ قيل لَهُ مَا لَك لَا تنظر فِي الرَّأْي قَالَ قيل للحمار أَلا تجتر فَقَالَ أكره مضغ الْبَاطِل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لم يرو مَالك عَن أحد من الْعِرَاقِيّين إِلَّا عَن أَيُّوب فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ مَا حدثتكم عَن أحد إِلَّا وَأَيوب فَوْقه أَو كَمَا قَالَ وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي التثبت وَتُوفِّي شَهِيدا فِي الطَّاعُون الَّذِي كَانَ بِالْبَصْرَةِ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
3 - (أَبُو أُميَّة الْبَصْرِيّ)
أَيُّوب بن أُميَّة ابْن خوط الْبَصْرِيّ قَالَ ابْن معِين لَا يكذب حَدِيثه توفّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة)
3 - (أَبُو الْعَلَاء القصاب)
أَيُّوب أَبُو الْعَلَاء القصاب مفتي أهل وَاسِط وعالمهم فِي زَمَانه قَالَ أَبُو حَاتِم لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ غَيره صَالح الحَدِيث روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة
3 - (الْملك الصَّالح نجم الدّين)
أَيُّوب السُّلْطَان الْملك الصَّالح نجم الدّين ابْن السُّلْطَان الْملك الْكَامِل مُحَمَّد بن السُّلْطَان الْملك الْعَادِل أبي بكر مُحَمَّد بن أَيُّوب ولد سنة ثَلَاث وست مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَتُوفِّي سنة سبع وَأَرْبَعين وست مائَة وَلما قدم أَبوهُ دمشق فِي آخر سنة خمس(10/35)
وَعشْرين استنابه على ديار مصر وَلما رَجَعَ انتقد عَلَيْهِ أحوالاً وَمَال عَنهُ إِلَى الْعَادِل وَلَده وَلما استولى الْكَامِل على حران وحصن كيفا وسنجار سلطنه وجهزه على هَذِه الْبِلَاد ملكا فَلَمَّا تولى الْعَادِل أَخُوهُ على مصر طمع الصَّالح وقويت نَفسه وَكَاتب الْأُمَرَاء واستخدم الخوارزمية وَكَانَ الْجواد بِدِمَشْق فخاف من الْعَادِل فكاتب الصَّالح وَاتفقَ مَعَه على أَن يُعْطِيهِ سنجار والرقة وعانة وَيَأْخُذ مِنْهُ دمشق فَقَدمهَا الصَّالح وملكها وَأقَام بهَا أشهراً فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ ثمَّ سَار إِلَى نابلس وراسل المصريين واستمالهم وَكَانَ عَمه الصَّالح إِسْمَاعِيل على إمرة بعلبك فَقَوِيت نَفسه على دمشق وَكَاتب أَهلهَا وساعده الْمُجَاهِد صَاحب حمص وهجم على الْبَلَد فَأَخذهَا ورد الصَّالح أَيُّوب إِلَيْهَا فخذله عسكره فَجهز النَّاصِر دَاوُد من الكرك عسكراً قيضوا على الصَّالح بنابلس وَأتوا بِهِ إِلَيْهِ فاعتقله مكرماً وَتغَير المصريون على الْعَادِل وكاتبهم النَّاصِر وتوثق مِنْهُم وَأخرج الصَّالح وَشرط عَلَيْهِ شُرُوطًا كَثِيرَة إِن ملك مصر مِنْهَا أَن يُعْطِيهِ دمشق وأموالاً وذخائر ذكرهَا وَسَار إِلَى غَزَّة فبرز الْعَادِل إِلَى بلبيس بجيشه وَهُوَ شَاب غر فَقبض عَلَيْهِ مماليكه فساق النَّاصِر دَاوُد والصالح أَيُّوب إِلَى بلبيس وَنزل بالمخيم السُّلْطَان نجم الدّين أَيُّوب وَأَخُوهُ معتقل فِي خركاه فَقَامَ فِي اللَّيْل وَأخذ أَخَاهُ فِي محفة وَدخل قلعة الْجَبَل وَجلسَ على كرْسِي الْملك فندم الْأُمَرَاء وَاحْترز مِنْهُم وَأمْسك مِنْهُم جمَاعَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة
وَكَانَ ملكا مهيباً جباراً ذَا سطوة وجلالة وَكَانَ فصيحاً حسن المحاورة عفيفاً عَن الْفَوَاحِش فَأمر مماليكه الأتراك وَلما خرج من مصر خَافَ أَخَاهُ الْعَادِل فَقتله سرا فَلم يمتع وَوَقعت الآكلة فِي رجله بِدِمَشْق فِي فَخذه وَنزل الإفرنس بجيوشه على دمياط فَأَخذهَا فَسَار إِلَيْهِ الصَّالح فِي محفة حَتَّى نزل بالمنصورة عليلاً ثمَّ عرض لَهُ إسهال إِلَى أَن توفّي لَيْلَة نصف)
شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وأخفي مَوته حَتَّى أحضر وَلَده الْمُعظم توران شاه من حصن كيفاء وملكوه بعده فَدخل ابْن عَمه نَائِب السلطنة فَخر الدّين ابْن الشَّيْخ من الْغَد خيمة السُّلْطَان وَقرر مَعَ الطواشي محسن أَن يظْهر أَن السُّلْطَان أَمر بتحليف النَّاس لوَلَده الْمُعظم ولولي عَهده فَخر الدّين فَحَلَفُوا إِلَّا أَوْلَاد النَّاصِر توقفوا وَقَالُوا نُرِيد نبصر السُّلْطَان فَدخل الْخَادِم وَخرج وَقَالَ مَا يَشْتَهِي أَن تروه على هَذِه الْحَالة فَحَلَفُوا وَكَانَت أم وَلَده شجر الدّرّ ذَات رَأْي وشهامة قد وليت الْملك مُدَّة شَهْرَيْن أَو أَكثر وخطب لَهَا على المنابر وَبَقِي الْملك بعده فِي موَالِيه الأتراك إِلَى الْيَوْم وَدفن بتربته الصالحية الَّتِي بَين القصرين الَّتِي فِيهَا تدريس الْأَرْبَعَة مَذَاهِب وَدفن إِلَى مَا يخْتَص بالمالكية وَلذَلِك قَالَ فِيهِ ابْن السنينيرة الشَّاعِر
(بنيت لأرباب الْعُلُوم مدارساً ... لتنجو بهَا من هول يَوْم المهالك)(10/36)
(وَضَاقَتْ عَلَيْك الأَرْض لم تلق منزلا ... تحل بِهِ إِلَّا إِلَى جنب مَالك)
وَقَالَ جمَاعَة من أمرائه وَالله مَا نقعد على بَابه إِلَّا ونقول من هَاهُنَا نحمل إِلَى الْجبَاب وَكَانَ إِذا حبس إنْسَانا نَسيَه وَلَا يتجاشر أحد على مخاطبته فِيهِ وَكَانَ يحلف أَنه مَا قتل أحدا بِغَيْر حق وَهَذِه مُكَابَرَة ظَاهِرَة لِأَن خَواص أَصْحَابه حكوا أَنه لَا يُمكن إحصاء من قَتله من الأشرفية وَغَيرهم وَلَو لم يكن إِلَّا قتل أَخِيه الْعَادِل وَكَانَ قد نسر مخرجه وامتد إِلَى فَخذه الْيُمْنَى وَرجله وَكَانَ يركب فِي محفة وَهُوَ يتجلد وَلَا يطلع أحدا على حَاله وَلما عمر قلعة الجزيرة بِمصْر قَالَ سيف الدّين ابْن قزل المشد
(يَا أَيهَا الْملك الْمُؤَيد عزمه ... انْظُر إِلَى الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ)
(أنشأت بَينهمَا الجزيرة برزخاً ... لَا يبغيان سوى لقا السُّلْطَان)
وَفِيه يَقُول الصاحب جمال الدّين بن مطروح
(عز لمولانا وسلطاننا ... وناصر الْحق على الْبَاطِل)
(الصَّالح ابْن الْكَامِل الْمُجْتَبى ... مُحَمَّد بن الْملك الْعَادِل)
3 - (الْأنْصَارِيّ)
أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ اسْمه خَالِد بن زيد بن كُلَيْب يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْخَاء فِي مَكَانَهُ
أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ خَالِد بن زيد)(10/37)
(حرف الْبَاء)
(البابا)
3 - (رَضِي الدّين الْمغل)
كَانَ من كبار دولة المغلي ولي الْموصل فَأحْسن السِّيرَة وساس النَّاس أجمل سياسة ثمَّ قتل شَهِيدا سنة تسع وَتِسْعين وست مائَة وَأَظنهُ وَالِد الْأَمِير بدر الدّين جنكلي وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
3 - (المتنبي)
البابا التركماني ظهر بالروم وَادّعى النُّبُوَّة وَكَانَ يَقُول قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله البابا ولي الله وَاجْتمعَ إِلَيْهِ خلق عَظِيم فَجهز إِلَيْهِ صَاحب الرّوم جَيْشًا فَالْتَقوا وَقتل بَينهم أَرْبَعَة آلَاف نفس وَقتل البابا أَيْضا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة
(الألقاب)
ابْن البابا الْأَمِير بدر الدّين جنكلي
ابْن بابجوك النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم
ابْن بابجوك الْمُقْرِئ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد
ابْن بابشاذ النَّحْوِيّ ظَاهر بن أَحْمد
(بابك)
3 - (الخرمي)
بابك الخرمي بِضَم الْخَاء وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة وَالْمِيم يُقَال إِنَّه كَانَ(10/38)
ولد زناء وَأمه عوراء تعرف برومية العلجة وَكَانَت فقيرة من قرى أذربيجان فشغف بهَا رجل من النبط من أهل السوَاد اسْمه عبد الله فَحملت بِهِ فَلَمَّا وَضعته جعلت تكتسب لَهُ إِلَى أَن بلغ فاستأجره أهل قريته بطعامه وَكسوته على رعي أغنامهم وَكَانَ بِتِلْكَ الْجبَال قوم من الخرمية وَعَلَيْهِم رئيسان يُقَال لأَحَدهمَا جاويدان وَالْآخر عمرَان وَكَانَا يتكافحان فَمر جاويدان بقرية بابك فتفرس فِيهِ الجلادة فاستأجره من أمه وَحمله إِلَى ناحيته فعشقته امْرَأَته فَمَا لبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى وَقع بَين جاويدان وَعمْرَان حَرْب فأصابت جاويدان جِرَاحَة فَمَاتَ مِنْهَا فَزَعَمت امْرَأَته أَنه قد اسْتخْلف بابك على أمره فصدقوها فَجمع بابك أَصْحَابه وَأمرهمْ أَن يقتلُوا بِاللَّيْلِ من لقوا من رجل أَو صبي فَأصْبح النَّاس قَتْلَى لَا يدرى من قَتلهمْ ثمَّ انضوى إِلَيْهِ الزراع وقطاع الطَّرِيق حَتَّى صَار عِنْده عشرُون ألف فَارس فأظهر مَذْهَب الباطنية واحتوى على مدن وحصون فأخرب الْحُصُون وَلما ولي المعتصم بعث أَبَا سعيد مُحَمَّد بن يُوسُف إِلَى أردبيل وَأمره أَن يَبْنِي الْحُصُون الَّتِي أخربها بابك فبناها ثمَّ بعث إِلَيْهِ الأفشين فحصره وقاتله وأسره وَلما أحضروه أركبه المعتصم فيلاً وَألبسهُ قبَاء ديباج وقلنسوة سمور وَهُوَ وَحده وَقد خضب الْفِيل بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الزيات
(قد خضب الْفِيل لعاداته ... ليحمل شَيْطَان خُرَاسَان)
(والفيل لَا تخضب أعضاؤه ... إِلَّا لذِي شَأْن من الشان)
وَقَالَ المعتصم
(لم يزل بابك حَتَّى ... صَار للْعَالم عبره)
(ركب الْفِيل وَمن ير ... كب فيلاً فَهُوَ شهره)
وَأمر جزاراً بِقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَقطعت وَأمر بذَبْحه وشق بَطْنه وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى خُرَاسَان وصلب بدنه بسر من رأى عِنْد الْعقبَة وَمَوْضِع خشبته مَشْهُور وَأمر بِحمْل أَخِيه عبد الله إِلَى بَغْدَاد مَعَ ابْن سروين البطريق إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فَفعل بِهِ كَمَا فعل بأَخيه بابك وصلب بالجانب الشَّرْقِي بَين الجسرين وَيُقَال إِن أَخَاهُ عبد الله لما دخل بهما على المعتصم قَالَ لَهُ يَا)
بابك إِنَّك قد عملت مَا لم يعمله أحد فاصبر صبرا لم يصبره أحد فَقَالَ سترى صبري فبدئ ببابك قبل أَخِيه وَقطعت يَده فَمسح بدمه وَجهه فَقَالَ المعتصم سلوه لم فعل هَذَا فَقَالَ فِي نفس الْخَلِيفَة أَن لَا يكويها ويدع دمي ينزف إِلَى أَن أَمُوت أَو يضْرب عنقِي فَخَشِيت إِذا خرج الدَّم من جَسَدِي يصفر وَجْهي فيعتقد من حضرني أَنِّي قد جزعت من الْمَوْت فغطيت وَجْهي بِالدَّمِ لهَذَا فَقَالَ المعتصم لَوْلَا أَن أَفعاله لَا توجب الصنيعة لعفوت عَنهُ ولكان حَقِيقا بالاستبقاء وَكَانَ قَتله سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ المعتصم بعث نفقات الجيوش بِسَبَب بابك فِي أول السّنة الْمَذْكُورَة ثَلَاثِينَ ألف ألف(10/39)
دِرْهَم وَجعل المعتصم لمن أَتَى بِهِ حَيا ألفي ألف دِرْهَم وَلمن جَاءَ بِرَأْسِهِ ألف ألف دِرْهَم
وَكَانَ بابك قد هرب واختفى فِي غيضة ثمَّ خرج مِنْهَا فالتقاه سهل البطريق فَبعث بِهِ إِلَى الأفشين بَعْدَمَا خبأه عِنْده فجَاء أَصْحَاب الأفشين وَأَحْدَقُوا بِهِ وأخذوه فَأعْطى المعتصم لسهل البطريق ألفي ألف دِرْهَم وَحط عَنهُ خراج عشْرين سنة
وَكَانَ ظُهُور بابك سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ بِنَاحِيَة أذربيجان وَتَبعهُ خلق عَظِيم على رَأْيه فَأَقَامَ عشْرين سنة يهْزم جيوش الْمَأْمُون والمعتصم فَيُقَال إِنَّه قتل مائَة ألف وَخمسين ألفا وَخمْس مائَة إِنْسَان وَلما قَتله المعتصم وَفتح الأفشين مدينته وجد فِيهَا سَبْعَة آلَاف وست مائَة امْرَأَة مسلمة وَلما صلبت جثته جعلت إِلَى جَانب جثة المازيار صَاحب طبرستان وَقد مر ذكره فِي مُحَمَّد بن قَارن ومدح المعتصم عِنْد ذَلِك أَبُو تَمام بقصيدته الَّتِي أَولهَا
(الْحق أَبْلَج وَالسُّيُوف عوار ... فحذار من أَسد العرين حذار)
يَقُول فِيهَا
(مَا زَالَ سر الْكفْر بَين ضلوعه ... حَتَّى اصطلى سر الزِّنَاد الواري)
(نَارا يساور جِسْمه من حرهَا ... لَهب كَمَا عصفرت شقّ إِزَار)
(طارت لَهَا شعل فهدم لفحها ... أَرْكَانه هدماً بِغَيْر غُبَار)
(فصلن مِنْهُ كل مجمع مفصل ... وفعلن فاقرةً بِكُل فقار)
(مشبوبةً رفعت لأعظم مُشْرك ... مَا كَانَ يرفع ضوءها للساري)
(صلى لَهَا حَيا وَكَانَ وقودها ... مَيتا ويدخلها مَعَ الْفجار)
(وكذاك أهل النَّار فِي دنياهم ... يَوْم الْقِيَامَة جلّ أهل النَّار)
)
(وَلَقَد شفيت الْقلب من برحائه ... أَن صَار بابك جَار مازيار)
(سود الثِّيَاب كَأَنَّمَا نسجت لَهُم ... أَيدي السمُوم مدارعاً من قار)
(بَكرُوا وأسروا فِي بطُون ضوامر ... قيدت لَهُم من مربط النجار)
(لَا يبرحون وَمن رَآهُمْ خالهم ... أبدا على سفر من الْأَسْفَار)
(كَادُوا النُّبُوَّة وَالْهدى فتقطعت ... أَعْنَاقهم فِي ذَلِك الْمِضْمَار)
(ثَانِيه فِي كبد السَّمَاء وَلم يكن ... كاثنين ثَان إِذْ هما فِي الْغَار)
وَإِنَّمَا قيل لَهُ بابك الخرمي لِأَنَّهُ دَعَا النَّاس إِلَى مقَالَة الخرمية وَهُوَ لفظ أعجمي يُنبئ عَن الشَّيْء المستطاب المستلذ لأَنهم يَعْتَقِدُونَ إِبَاحَة الْأَشْيَاء وَهُوَ رَاجع إِلَى عدم التَّكْلِيف والتسلط على اتِّبَاع الشَّهَوَات وَهَذَا اللقب كَانَ للمزدكية وهم أهل الْإِبَاحَة من الْمَجُوس أَتبَاع مزدك الَّذِي نبغ فِي أَيَّام(10/40)
قباذ وَالِد أنو شرْوَان ودعا مزدك قباذاً إِلَى مذْهبه فَأَجَابَهُ ثمَّ اطلع على حَاله فَقتله وَكَانَ مزدك يَقُول النُّور والظلمة قديمان أزليان فالنور سميع بَصِير حساس يفعل بِالْقَصْدِ وَالِاخْتِيَار والظلمة جاهلة عمياء تفعل عَن الْخبط والاتفاق وَكَانَ الخرمي بابك على هَذَا الْمَذْهَب وَكَذَلِكَ كَانَ اعْتِقَاد مُحَمَّد بن قَارن الْمَذْكُور ثمَّ إِن الأفشين ظهر للمعتصم أَن اعْتِقَاده كَانَ مَعَهُمَا فَقتله وصلبه إِلَى جانبهما وَاسم الأفشين خيدر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَسَيَأْتِي ذكره فِي حرف الْخَاء فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذِه الطَّائِفَة إِحْدَى الطوائف الْمَذْكُورَة فِي تَرْجَمَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر
(الألقاب)
ابْن بابك الشَّاعِر اسْمه عبد الصَّمد بن مَنْصُور ابْن باتانة الْمُقْرِئ اسْمه مُحَمَّد بن عبد الْملك
(باتكين سُلْطَان إربل)
باتكين الْأَمِير أَبُو الْفضل الخليفتي الناصري مولى أم النَّاصِر قدم بَغْدَاد صَبيا سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة وتأدب وَأحب الْفَضِيلَة وتأمر وأقطع الْبَصْرَة فِي الْأَيَّام الناصرية وَأثر بهَا الْآثَار الجميلة وَبنى بهَا الْمدَارِس وجدد جَامعهَا وَبنى البيمارستان والرباط وَبنى قبَّة على قبر طَلْحَة وَبنى سوراً على الْبَصْرَة وحصنها وَعدل فِي الرّعية واشتهر ذكره ثمَّ طلب وَولي سلطنة إربل فَتوجه إِلَيْهَا وَعدل فِي أَهلهَا وَكَانَ يرجع إِلَى دين وَخبر وَلما أخذت التتار إربل قدم بَغْدَاد وَلزِمَ بَيته إِلَى أَن مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ وست مائَة وَسمع الحَدِيث من ابْن عُبَيْدَة وَأحمد بن سكينَة وَسمع مِنْهُ جمَاعَة وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن قَالَ محب الدّين بن النجار بَلغنِي أَن قوالاً أنْشد يَوْمًا بِحَضْرَتِهِ أبياتاً أَولهَا
(مَا لَكمَا وَمَا ليا ... أطلتما ملاميا)
(من لي بإصلاح ملو ... ل قد أَبى وصاليا)
فَقَالَ الْأَمِير باتكين
(يَا فاتِني لَا فاتَني ... فِي حبك الأمانيا)
(وَهَا دمي يَا هادمي ... أرقه لَا تباليا)
قلت فِي القافيتين لحن ظَاهر الأولى كَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول الْأَمَانِي وَالثَّانيَِة يُرِيد أَن يَقُول لَا تبل وَلَكِن هَذَا يستحسن من هَذَا الْأَمِير التركي لَا سِيمَا مؤاخاة هَذَا الجناس
باجو الْأَمِير ركن الدّين من أكبر مشاهير الْأُمَرَاء توفّي بغزة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة
وَتقدم ذكره قبل ذكر أبان لِأَن الصَّحِيح أَنه أباجو فليطلب هُنَاكَ(10/41)
(الألقاب)
الباجريقي عبد الرَّحِيم بن عبد الْمُنعم وَولده الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم
الْبَاجِيّ أَبُو الْوَلِيد سُلَيْمَان بن خلف
الْبَاجِيّ عَلَاء الدّين عَليّ بن خطاب
باج الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن غَالب
الباخرزي أَحْمد بن الحسني
الباخرزي يُوسُف بن صاعد)
ابْن باخل مُحَمَّد بن باخل
ابْن باخل أَحْمد بن أبي الْمَنْصُور
(باديس نصير الدولة)
باديس بن مَنْصُور بن بلكين بن زيري بن مُنَاد أَبُو مُنَاد الْحِمْيَرِي الصنهاجي وَالِد الْمعز بن باديس كَانَ باديس يتَوَلَّى أفريقية نِيَابَة عَن الْحَاكِم العبيدي صَاحب مصر ولقبه الْحَاكِم نصير الدولة وَكَانَت ولَايَته بعد أَبِيه الْمَنْصُور وَكَانَ باديس ملكا كَبِيرا حَازِم الرَّأْي شَدِيد الْبَأْس إِذا هز رمحاً كَسره وَلم تزل أُمُوره جَارِيَة على السداد فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشْرين ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة أَمر جُنُوده بِالْعرضِ فعرضوا بَين يَدَيْهِ وَهُوَ فِي قبَّة السَّلَام جَالس إِلَى وَقت الظّهْر وسره حسن عسكره وأبهجه زيهم وَانْصَرف إِلَى قصره وَركب عَشِيَّة ذَلِك النَّهَار فِي أجمل مركوب وَلعب الْجَيْش بَين يَدَيْهِ وَرجع إِلَى قصره تَامّ السرُور وَمد السماط وَأكل مَعَ خاصته فَلَمَّا مضى نصف اللَّيْل من لَيْلَة الْأَرْبَعَاء قضى نحبه سلخ ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبع مائَة فأخفوا أمره ورتبوا أَخَاهُ كرامت بن الْمَنْصُور ظَاهرا حَتَّى وصل وَلَده الْمعز فولوه وَتمّ لَهُ الْأَمر وَكَانَ مولد باديس سنة أَربع وَسبعين وَثَلَاث مائَة
وَفِي كتاب الدول المنقطعة أَن سَبَب مَوته أَنه قصد طرابلس وَلم يزل على قرب مِنْهَا عَازِمًا على قتال أَهلهَا وَحلف أَنه لَا يرحل عَنْهَا حَتَّى يُعِيدهَا فَدَنَا للزِّرَاعَة لسَبَب اقْتضى ذَلِك فَاجْتمع أهل الْبَلَد عِنْد ذَلِك إِلَى الْمُؤَدب مُحرز وَقَالُوا يَا ولي الله قد بلغك مَا قَالَه باديس فَادع الله أَن يزِيل عَنَّا بأسه فَرفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء وَقَالَ يَا رب باديس اكْفِنَا باديس فَهَلَك فِي ليلته بالذبحة وَالله أعلم وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى ذكر جمَاعَة من أهل بَيته وحفدته كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب(10/42)
(الألقاب)
ابْن الباذا أَحْمد بن يُوسُف
الباذرائي نجم الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن
ابْن الباذرائي جمال الدّين عبد الرَّحْمَن بن عبد الله
ابْن الباذش الغرناطي أَحْمد بن أبي الْحسن
ابْن الباذش عَليّ بن أَحْمد)
باذنجانة الشَّاعِر اسْمه الْجُنَيْد
الباذنجاني مُحَمَّد بن الْحسن
(بارستكين بن بك أرسلان)
(أَبُو مَنْصُور التركي)
من أهل وَاسِط كَانَ أديباً يَقُول الشّعْر روى عَنهُ أَبُو الْكَرم خَمِيس بن عَليّ الْجَوْزِيّ شَيْئا من شعره فِي فَوَائده وَقدم بَغْدَاد ومدح الإِمَام الْمُقْتَدِي سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبع مائَة ورثى الشَّيْخ أَبَا إِسْحَق الفيروزابادي الشَّافِعِي بقصيدة
(يهيب بِنَا وبكن المهيب ... فنأبى ونعلم أنّا نجيب)
(ويفقدنا الْمَوْت سَادَاتنَا ... وَمن نصطفيه وَمَا نستريب)
(وفيمن قضى نحبه عِبْرَة ... يطيب الْبكاء بهَا والنحيب)
(موارد صاب أعدت لنا ... تحير فِيهَا الْحَكِيم اللبيب)
(كَأَن الْفَتى وَهُوَ مستوطن ... بِحَيْثُ بِهِ فِي الدياجي نجيب)
(يَسُوق بِنَا الصُّبْح نَحْو الردى ... وحادي الْأَصِيل لَدَيْهِ جنيب)
(وَلَو أَيّنَا بثام مَا يَنْتَهِي ... إِلَيْهِ لما صافحته الذُّنُوب)
(وَكَانَ كنصل نضا غمده ... فِرَاق وَلم تلف فِيهِ عُيُوب)
(وَلَكِن آمالنا سدفة ... تمانعنا أَن نرى مَا ينيب)
(فَإِن خرقتها لحاظ الأريب ... وَأحسن فِيمَا عَلَيْهِ يؤوب)
(فَذَاك الَّذِي هُوَ من بَيْننَا ... وَإِن كَانَ منا قَرِيبا غَرِيب)
(الألقاب)
البارذ أَبُو تَمام عبد الْوَاحِد بن الْحُسَيْن(10/43)
ابْن الْبَارِزِيّ جمَاعَة مِنْهُم القَاضِي شمس الدّين إِبْرَاهِيم بن الْمُسلم بن هبة الله
وَنجم الدّين عبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم
وَكَمَال الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم وَشرف الدّين عبد الله بن عبد الرَّحِيم
وَعبد الرَّحِيم بن إِبْرَاهِيم وَنجم الدّين عُثْمَان بن مُحَمَّد)
البارساه الْحَنَفِيّ ركن الدّين عبيد الله بن مُحَمَّد البارع الشَّاعِر اسْمه الْحُسَيْن بن مُحَمَّد
البارع النَّحْوِيّ اسْمه عبد الْكَرِيم بن عَليّ
البارع الزوزني أسعد بن عَليّ
البارع اللّغَوِيّ إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق
ابْن باريس نصر بن مُحَمَّد
البازيار أَحْمد بن نصر
الباز الْأَشْهب علوي بن عبد الله
ابْن باطيش عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن هبة الله
(باغر التركي)
هُوَ الَّذِي فتك بالمتوكل رَحمَه الله تَعَالَى وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة بغا الصَّغِير الشرابي حدث البحتري الشَّاعِر قَالَ كُنَّا عِنْد المتَوَكل مَعَ الندماء فتذاكروا أَمر السيوف فَقَالَ بعض من حضر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقع عِنْد رجل من أهل الْبَصْرَة سيف من الْهِنْد لَيْسَ لَهُ نَظِير فَأمر المتَوَكل بِالْكتاب إِلَى عَامل الْبَصْرَة يَطْلُبهُ فاتفق أَن اشْترِي بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فسر المتَوَكل بِوُجُودِهِ وانتضي فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ لِلْفَتْحِ اطلب لي غُلَاما تثق بنجدته وشجاعته وادفع إِلَيْهِ هَذَا السَّيْف ليَكُون وَاقِفًا بِهِ على رَأْسِي كل يَوْم وَمَا كنت جَالِسا فَلم يستتم المتَوَكل الْكَلَام حَتَّى دخل باغر التركي فَدَعَا بِهِ المتَوَكل فَدفع إِلَيْهِ السَّيْف وَأمره بِمَا أَرَادَ وَأمر أَن يُزَاد فِي مرتبه قَالَ البحتري فوَاللَّه مَا انتضي ذَلِك السَّيْف وَلَا أخرج من غمده مُنْذُ الْوَقْت الَّذِي دَفعه إِلَيْهِ المتَوَكل إِلَّا فِي اللَّيْلَة الَّتِي ضرب باغر التركي بِهِ المتَوَكل أستاذه وَاسْتمرّ باغر مُعظما بقتْله المتَوَكل على مَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة بغا الصَّغِير وَزَاد أمره فِي آخر أَيَّام المستعين إِلَى أَن وثب بغا ووصيف عَلَيْهِ فقتلاه وَذَلِكَ أَن باغر كَانَ قد أقطع ضيَاعًا تجاور إنْسَانا(10/44)
فَقبض باغر عَلَيْهِ وحبسه فهرب من الْحَبْس وَصَارَ إِلَى دَلِيل بن يَعْقُوب النَّصْرَانِي كَاتب بغا فعصمه دَلِيل من باغر وَحَال بَينه وَبَين التَّعَدِّي عَلَيْهِ فأوغر ذَلِك صدر باغر وَصَارَ إِلَى بغا وَهُوَ سَكرَان وبغا فِي الْحمام فانتظره إِلَى أَن خرج ثمَّ قَالَ لَهُ وَالله مَا من قتل دَلِيل بُد فَقَالَ لَهُ بغا وَمن يحول بَيْنك وَبَينه لَو أردْت قتل فَارس ابْني مَا منعتك ودس إِلَى دَلِيل من ينذره)
ويأمره بالاستتار ورفق بغا بباغر حَتَّى انْصَرف رَاضِيا فَلَمَّا أصبح باغر وَقد صَحا خَافَ وَلزِمَ دَار الْمُنْتَصر وَأقَام بغا مَكَان دَلِيل كَاتبا غَيره وَأخذ بغا فِي الْعَمَل على باغر وأحس باغر بذلك فهم بقتل المستعين ودعا من كَانَ مَعَه فِي قتل المتَوَكل إِلَى قتل المستعين فَأَجَابُوهُ وَبلغ المستعين ووصيفاً وبغا ذَلِك فَحَضَرَ وصيف منزل بغا وَمَعَهُ أَحْمد بن صَالح كَاتبه فَوجه بغا إِلَى كَاتبه دَلِيل فَحَضَرَ إِلَيْهِ سرا وَوجه إِلَى باغر فَحَضَرَ فِي جمَاعَة فَلَمَّا دخل دَار بغا حيل بَينه وَبَين الْوُصُول وَقبض عَلَيْهِ وَحبس فِي حمام لبغا ثمَّ إِنَّه وَجه إِلَيْهِ من شدخه بالدبابيس والطبرزينات فشغب الْجند ونهبوا اسطبل المستعين فَركب المستعين الحراقة وَمَعَهُ بغا ووصيف وانحدروا إِلَى بَغْدَاد وَمَعَهُمْ أَصْحَاب الدَّوَاوِين ويلغ ذَلِك الأتراك فغمهم وصاروا إِلَى دَار دَلِيل بن يَعْقُوب وَأهل بَيته وجيرانه فنهبوها وخربوها وَفِي ذَلِك يَقُول أَحْمد بن الْحَارِث الْيَمَانِيّ
(لعمري لَئِن قتلوا باغراً ... لقد هاج باغر حَربًا طحونا)
(وفر الْخَلِيفَة والقائدا ... ن بِاللَّيْلِ يلتمسان السفينا)
(وَمَا كَانَ قدر ابْن مارمّة ... ليكسبهم مِنْهُ حَربًا زبونا)
(وَكَانَ دَلِيل سعى سعيةً ... فأخزى الْإِلَه بِهِ العالمينا)
(فَحل بِبَغْدَاد قبل الشروق ... فَحل بهَا مِنْهُ مَا يكرهونا)
(فليت السَّفِينَة لم تأتنا ... وغرقها الله والراكبينا)
فَإِن المستعين لما وصل بَغْدَاد ثارت الْفِتَن بَين الأتراك وَبَين أَهلهَا وَأخرج الأتراك المعتز من الْحَبْس وَبَايَعُوهُ بالخلافة بسر من رأى فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ بعد ثَمَانِيَة أَيَّام من انحدار المستعين
البافي الْفَقِيه الشَّافِعِي اسْمه عبد الله بن مُحَمَّد
الباقر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن
(باقوم الرُّومِي)
روى عَنهُ صَالح مولى التَّوْأَمَة قَالَ صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منبراً من طرفاء ثَلَاث دَرَجَات الْقعدَة ودرجتيه قَالَ ابْن عبد الْبر إِسْنَاد حَدِيثه لين لَيْسَ بالقائم(10/45)
(الألقاب)
الباقلاني القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن الطّيب
الباقلاني الزَّاهِد عُثْمَان بن عِيسَى الباقلاني الْمُؤَدب مُحَمَّد بن عبد الْملك
ابْن الباقلاني الشَّاعِر عَليّ بن الْحسن
الباقلاني النَّحْوِيّ الْحسن بن معالي
ابْن الباقلاني عَليّ بن الْحسن
الباقلاني الْحلِيّ الشَّاعِر نصر بن الْفَتْح
ابْن الباقلاني عَليّ بن عبيد الله
ابْن الباقلاني الْمُقْرِئ عبد الله بن مَنْصُور
ابْن الباقلاني مُحَمَّد بن هِلَال
ابْن البالسي مُحَمَّد بن عَليّ
ابْن بانه الْمُغنِي عَمْرو بن مُحَمَّد
البانياسي مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر
ابْن البانياسي الْفضل بن نبا
الْبَاهِلِيّ الْأَشْعَرِيّ أَبُو الْحسن
الْبَاهِلِيّ الطَّبِيب مُحَمَّد بن عبيد الله
الببغاء الشَّاعِر اسْمه عبد الْوَاحِد بن نصر
ببه الْهَاشِمِي اسْمه عبد الله بن الْحَارِث
(بتخاص الْأَمِير سيف الدّين)
(نَائِب صفد)
بتخاص الْأَمِير سيف الدّين كَانَ بِدِمَشْق أَمِيرا وَهُوَ من جملَة البرجية ثمَّ حضر إِلَى صفد نَائِبا(10/46)
فَأَقَامَ بهَا سِتّ سِنِين ومهد جبلها وقمع المفسدين وأفناهم أمسك سَابق شيحين وَسمر أَوْلَاده تَحت القلعة وَرمى أباهم فِي المنجنيق ووسط جمَاعَة وسمرهم وشنقهم وأبدع فِي الْهَلَاك أنواعاً غَرِيبَة ثمَّ عزل وجهز إِلَى مصر وَبَقِي بهَا من جملَة الْأُمَرَاء وَجَاء عوضه إِلَى صفد سنقرشاه المنصوري وَأما بتخاص فَإِنَّهُ حضر إِلَيْهَا بعد الْأَمِير سيف الدّين كراي المنصوري وَلم يزل بِمصْر من جملَة الْأُمَرَاء إِلَى أَن دخل السُّلْطَان إِلَى الْقَاهِرَة من الكرك فعزم على إِمْسَاكه وَكَانَ فِي القلعة مُقيما ببيته فِي برج فأحس بذلك فعصى فِي دَاره وأغلق الْأَبْوَاب وَرمى بالنشاب من الشباك وَكَانَ ذَلِك لَيْلًا فَأمر السُّلْطَان بإحراق دَاره بالنفط
أَخْبرنِي من لَفظه الْأَمِير شرف الدّين حُسَيْن بن جندر قَالَ فَجئْت إِلَيْهِ ووقفت تَحت شباكه وناديته يَا بتخاص أَنا فلَان والك إيش هَذَا الَّذِي تعْمل تعال بِلَا فشار انْزِلْ كلم أستاذك يطلبك يتحدث مَعَك فِي أَمر ترمي بالنشاب تعال انْزِلْ ونفرت فِي مماليكه ونفرت فِي الَّذين جَاءُوا إِلَيْهِ من عِنْد السُّلْطَان قَالَ فانفعل وَنزل وأتينا بِهِ إِلَى السُّلْطَان فَأمر باعتقاله وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ وَكَانَ ذَلِك سنة عشر أَو إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة فِيمَا أَظن وَلم يبلغنَا عَن أحد غَيره من الْأُمَرَاء أَنه مَانع عَن نَفسه مِمَّن أمسكهم السُّلْطَان بعد الكرك إِلَى آخر وَقت
(الألقاب)
البتريّة فرقة من الرافضة هم أَصْحَاب كثير الأبتر يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْكَاف مَكَانَهُ
ابْن بتنّه اسْمه عبد الْملك بن حسن
البتّي الْكَاتِب اسْمه أَحْمد بن عَليّ
ابْن البتّي نَاصِر بن عَليّ
البتي أَحْمد بن عبد الْوَلِيّ
(بثينة العذرية)
(صَاحِبَة جميل المتيم)
لَهَا ذكر فِي تَرْجَمَة جيمل بن عبد الله بن معمر العذري فِي حرف الْجِيم فِي مَكَانَهُ فليطلب من هُنَاكَ
(بجالة بن عَبدة)
(التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ)
كَاتب جُزْء بن مُعَاوِيَة عَم الْأَحْنَف ابْن قيس توفّي رَحمَه الله فِي حُدُود الثَّمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ(10/47)
البجدي مُحَمَّد بن أَحْمد
(الصَّحَابِيّ)
بجراه بِفَتْح الْيَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْجِيم ابْن عَامر قَالَ أَتَيْنَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فأسلمنا وسألناه أَن يضع عَنَّا صَلَاة الْعَتَمَة فَإنَّا نشتغل بحلب إبلنا فَقَالَ إِنَّكُم إِن شَاءَ الله ستحلبون إبلكم وتصلون
(الْأَمِير التركي)
بِحكم أَبُو الْخَيْر الْأَمِير التركي كَانَ أَمِير الْأُمَرَاء قتل ملك بني بويه وَكَانَ عَاقِلا يفهم الْعَرَبيَّة وَلَا يتَكَلَّم بهَا بل بالترجمان وَيَقُول أَخَاف أَن أخطئ وَالْخَطَأ من الرئيس قَبِيح وَكَانَ يَقُول أَنا وَإِن كنت لَا أحسن الْعلم وَالْأَدب فَأحب أَن يكون فِي الأَرْض أديب وَلَا عَالم إِلَّا تَحت ظِلِّي وَكَانَ قد استوطن واسطاً وَقرر مَعَ الراضي أَن يحمل إِلَيْهِ فِي كل سنة ثَمَان مائَة ألف دِينَار بعد أَن يربح الْعلَّة فِي مؤونة خَمْسَة آلَاف فَارس يُقِيمُونَ بهَا وَأظْهر الْعدْل وَكَانَ يتَوَلَّى رفع الْمَظَالِم بِنَفسِهِ وَبنى دَار الضِّيَافَة للضعفاء وَالْمَسَاكِين بواسط وابتدأ بعمارة البيمارستان بِبَغْدَاد وَهُوَ الَّذِي جدده عضد الدولة بالجانب الغربي وَكَانَت لَهُ أَمْوَال عَظِيمَة
وَكَانَ يَأْخُذ الْأَمْوَال فِي الصناديق وَالرِّجَال فِي الصناديق وَيتَوَجَّهُ بهم إِلَى الْبَريَّة فَيفتح الصناديق عَن الرِّجَال وَيَأْمُرهُمْ بدفن المَال فِي الصَّحرَاء فَإِذا فرغوا أعادهم إِلَى الصناديق وَدخل بهم الْمَدِينَة فَلَا يَدْرُونَ مَكَان المَال وَكَانَ يَقُول إِنَّمَا أفعل هَذَا لِأَنِّي أَخَاف أَن يُحَال بيني وَبَين دَاري فَضَاعَت بِمَوْتِهِ تِلْكَ الدفائن وَجَاء إِلَيْهِ صوفي فوعظه بِالْفَارِسِيَّةِ والعربية إِلَى أَن أبكاه فَلَمَّا خرج من عِنْده أَمر لغلام عِنْده أَن يلْحقهُ بِأَلف دِرْهَم وَقَالَ ادفعها إِلَيْهِ ثمَّ إِنَّه قَالَ)
لمن عِنْده هَذَا فَقير مَا يصنع بِالدَّرَاهِمِ وَمَا أَظُنهُ يَأْخُذهَا فَلَمَّا عَاد الْغُلَام وَيَده فارغة قَالَ كلنا صيادون وَلَكِن الشباك تخْتَلف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة
وَلما قَتله الأكراد نزل المتقي إِلَى دَاره بِبَغْدَاد وَنقل مَا كَانَ فِيهَا وحفر فِيهَا أَمَاكِن فَأخذ مِنْهَا مَا يزِيد على ألفي دِينَار عينا وورقاً وَقَالَ للَّذين حفروا خُذُوا التُّرَاب بأجرتكم فَأَبَوا فأعطوا ألفي دِرْهَم وَغسل التُّرَاب فَخرج مِنْهُ سِتَّة وَثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم وَظهر لَهُ من الْجَوْهَر والياقوت(10/48)
والأواني وَالْخَيْل وَالثيَاب وَالْإِمَاء وَالْعَبِيد بِمِقْدَار مَا وجد لَهُ من الْعين ثمَّ ظهر لَهُ بعد ذَلِك وَبعد مَا نهب من دَاره مَا نهب سنة عشر قمقماً يحمل كل قمقم بالعتالين وَكَانَ بَين موت الراضي وَقتل بجكم أَرْبَعَة أشهر وَأَيَّام
(بجير)
3 - (بجير بن أبي بجير الصَّحَابِيّ)
بجير بن أبي بجير الْعَبْسِي وَقيل هُوَ من بليّ وَقيل جُهَيْنَة حَلِيف لبني دِينَار بن النجار شهد بَدْرًا وأحداً وَبَنُو دِينَار بن النجار يَقُولُونَ هُوَ مَوْلَانَا
3 - (بجير بن أَوْس الصَّحَابِيّ)
بجير بن أَوْس بن حَارِثَة بن لأم الطَّائيّ هُوَ عَم عُرْوَة بن مُضرس قَالَ ابْن عبد الْبر فِي إِسْلَامه نظر
3 - (بجير بن عبد الله)
3 - (بن مرّة بن عبد الله بن صَعب بن أَسد بن خُزَيْمَة)
هُوَ الَّذِي سرق عبيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (ابْن بجرة الطَّائِي)
بجير بن بجرة الطَّائِي الشَّاعِر لَهُ صُحْبَة شهد غَزْوَة دومة الجندل مَعَ خَالِد وفيهَا قَالَ شعرًا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضضك الله وَله فِي خلَافَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِي قتال أهل الرِّدَّة آثَار وأشعار ذكرهَا ابْن إِسْحَق وَهُوَ الْقَائِل حِين بعث الْقَادِسِيَّة عمر رَضِي الله عَنهُ(10/49)
(وَكَيف ثواني بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَا ... قضى وطراً مِنْهَا جميل بن معمر)
وَشهد الْقَادِسِيَّة فاستشهد بهَا وَأَتَتْ عَلَيْهِ تسعون سنة مَا تحركت لَهُ سنّ وَلَا ضرس لبركة)
دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3 - (ابْن زُهَيْر)
بجير بن زُهَيْر قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ شَاعِرًا محسناً هُوَ وَأَخُوهُ كَعْب وَأما أَبوهُمَا فأحد المبرزين الفحول من الشُّعَرَاء وَكَعب بن زُهَيْر يتلوه فِي ذَلِك وَكَانَ كَعْب وبجير قد خرجا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغا أبرق العزاف وَقَالَ الرشاطي الصَّوَاب أبرق العراف قَالَ كَعْب لبجير ألق هَذَا الرجل وَأَنا مُقيم لَك هُنَا فَقدم بجير على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمع مِنْهُ وَأسلم وَقَالَ بجير فِي يَوْم الْفَتْح
(نفى أهل الحبلق كل فج ... مزينة غدْوَة وَبَنُو خفاف)
(ضربناهم بِمَكَّة يَوْم فتح الن ... بِي الْخَيْر بالبيض الْخفاف)
(صبحناهم بِأَلف من سليم ... وَألف من بني عُثْمَان واف)
(نطا أكتافهم طَعنا وَضَربا ... ورشقاً بالمريّشة اللطاف)
(ترى بَين الصُّفُوف لَهَا حفيفاً ... كَمَا انضاء الفواق من الرصاف)
(فرحنا والجياد تجول فيهم ... بأرماح مقومة الثقاف)
(فأبنا غَانِمِينَ بِمَا اشتهينا ... وآبوا نادمين على الْخلاف)
(وأعطينا رَسُول الله منا ... مواثيقاً على حسن التصافي)
(وَقد سمعُوا مقالتنا فَهموا ... غَدَاة الروع منا بانصراف)
الحبلق غنم صغَار ولبجير هَذَا شعر كثير فِي يَوْم حنين وَغَيره وَسَيَأْتِي ذكر أَخِيه كَعْب بن زُهَيْر إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْكَاف مَكَانَهُ
(بحّاث بن ثَعْلَبَة الصَّحَابِيّ)
بحّاث بن ثَعْلَبَة بن خزمة بِفَتْح الثَّلَاث ابْن أَصْرَم البلوي شهد بَدْرًا(10/50)
وأحداً وَأَخُوهُ عبد الله بن ثَعْلَبَة هَكَذَا قَالَ الْكَلْبِيّ بِالْبَاء الْمُوَحدَة والحاء الْمُهْملَة وَقَالَ ابْن إِسْحَق نجاب بالنُّون وَالْجِيم وَالْبَاء وَقَالَ ابْن عبد الْبر القَوْل عِنْدهم قَول الْكَلْبِيّ وَقد قيل فِيهِ نحّاب من النحيب
(بَحر)
3 - (أَبُو التيار الراجز)
بَحر بن خلف أَبُو التيار الراجز مولى إِسْحَق بن الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن عَبَّاس وَقيل اسْم أبي التيار دليم وَكَانَ أُمِّيا راجزاً مقصداً وَادّعى بعده وَلَده بِالْيَمَامَةِ إِلَى أبي حنيفَة وَأَبُو التيار هُوَ الْقَائِل فِي رِوَايَة أبي هفان
(أوقد فَإِن اللَّيْل ليل قر ... وَالرِّيح يَا وَاقد ريح صرّ)
(كَيْمَا يرى نارك من يمرّ ... إِن جلبت ضيفاً فَأَنت حرّ)
وَله فِي الْفضل بن يحيى
(إِذا نزل الْفضل بن يحيى ببلدة ... رَأَيْت بهَا عشب السماحة ينْبت)
(وَلَيْسَ بسعال إِذا سيل حَاجَة ... وَلَا بمكب فِي ثرى الأَرْض ينكت)
وَله فِي يزِيد بن مزِيد
(بني معن فشيد كل مجد ... وَهدم مَا بنى معن يزِيد)
(إِذا مَا جِئْت أذكرهُ بوعد ... تقدم مِنْهُ قَول أَو وَعِيد)
3 - (بَحر بن الْعَلَاء)
مولى بني أُميَّة حجازي أدْرك دولة بني أُميَّة وَعمر إِلَى أَيَّام الرشيد وهرم وَكَانَ لَهُ أَخ يُقَال لَهُ عَبَّاس وَكَانَ مغنياً حاذقاً غنى مُخَارق يَوْمًا للرشيد بِصَوْت فَقَالَ لمن هَذَا فَقَالَ لبحر فَأمر بإحضاره فَلَمَّا حَضَره قَالَ لَهُ غن فغناه فَسمع الصَّوْت مِنْهُ وَهُوَ حَائِل مرتعش فَلم يُعجبهُ واستثقله لولائه فِي بني أُميَّة وَوَصله وَصَرفه
3 - (ابْن كنيز السقاء)
بَحر بن كنيز الْبَاهِلِيّ السقاء من أَعْيَان الْبَصْرَة وَهُوَ جد الفلاس الْحَافِظ روى لَهُ ابْن مَاجَه قَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ مِمَّن فحش خطأه)
وَكثر وهمه توفّي سنة سِتِّينَ وَمِائَة(10/51)
3 - (الْخَولَانِيّ الْمصْرِيّ)
بَحر بن نصر بن سَابق الْخَولَانِيّ مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ وَثَّقَهُ ابْن أبي حَاتِم وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
3 - (ابْن ضبيع الرعيني)
بَحر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة والحاء الْمُهْملَة ابْن ضبيع الرعيني وَفد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشهد فتح مصر واختط بهَا وخطته مَعْرُوفَة برعين وَمن وَلَده أَبُو بكر السمين بن مُحَمَّد بن بَحر ولي مراكب دمياط سنة إِحْدَى وَمِائَة فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَمن وَلَده مَرْوَان بن جَعْفَر ابْن خَليفَة بن بَحر الشَّاعِر وَكَانَ فصيحاً بليغاً وَهُوَ الْقَائِل يمدح جده
(وجدي الَّذِي أعْطى الرَّسُول يَمِينه ... وحنت إِلَيْهِ من بعيد رواحله)
(الألقاب)
البحتري الشَّاعِر اسْمه الْوَلِيد بن عبيد
البحراني الشَّاعِر عَليّ بن المقرب بن مَنْصُور بحشل الْحَافِظ اسْمه أسلم بن سهل
وَالْآخر أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن
الْبُحَيْرِي إِسْمَاعِيل بن عَمْرو
الْبُحَيْرِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد
(بحير بن وَرْقَاء)
بحير بن وَرْقَاء الصريمي الْمصْرِيّ أحد الْأَشْرَاف والقواد بخراسان توفّي فِي حُدُود التسعين لِلْهِجْرَةِ
البُخَارِيّ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل
ابْن البُخَارِيّ الْمسند عَليّ بن أَحْمد
ابْن البُخَارِيّ قَاضِي الْقُضَاة عَليّ بن أَحْمد(10/52)
ابْن البُخَارِيّ مُحَمَّد بن عَليّ
أَبُو البخْترِي اسْمه وهب بن وهب
(بختيار)
3 - (عز الدولة بن بويه)
بختيار عز الدولة أَبُو مَنْصُور بن معز الدولة أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن بويه الديلمي تقدم ذكر أَبِيه ولي عز الدولة مملكة أَبِيه يَوْم وَفَاته وَتزَوج الإِمَام الطائع ابْنَته شاه زنان على صدَاق مبلغه مائَة ألف دِينَار وخطب حطبة العقد القَاضِي أَبُو بكر بن قريعة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة وَكَانَ ملكا شَدِيد القوى يمسك الثور الْعَظِيم بقرنيه فيصرعه وَكَانَ متوسعاً فِي الإخراجات والكلف وَالْقِيَام بالوظائف قَالَ ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى حكى بشر الشمعي بِبَغْدَاد قَالَ سئلنا عِنْد دُخُول عضد الدولة بن بويه وَهُوَ ابْن عَم عز الدولة الْمَذْكُور إِلَى بَغْدَاد لما ملكهَا بعد قتلة عز الدولة عَن وَظِيفَة الشمع الموقد بَين يَدي عز الدولة فَقُلْنَا كَانَت وَظِيفَة وزيره أبي الطَّاهِر مُحَمَّد بن بَقِيَّة ألف منّ فِي كل شهر فَلم يعاوده التَّقَصِّي استكثاراً لذَلِك
وَكَانَ بَين عز الدولة وَبَين ابْن عَمه عضد الدولة منافسات فِي الممالك أدَّت إِلَى التَّنَازُع وأفضت إِلَى التصاف والمحاربة فَالْتَقَيَا يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشر شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة فَقتل عز الدولة فِي المصاف وَكَانَ عمره سِتا وَثَلَاثِينَ سنة وَحمل رَأسه فِي دست وَوضع بَين يَدي عضد الدولة فَلَمَّا رَآهُ وضع منديله على عَيْنَيْهِ وَبكى رحمهمَا الله تَعَالَى وَقيل لَهُ يَا مَوْلَانَا قتلته وتبكي عَلَيْهِ فَقَالَ قتلته للْملك وأبكيه لِلْقَرَابَةِ وَقيل إِنَّه أحضرهُ أَسِيرًا بَين يَدَيْهِ فقدمه وَضرب عُنُقه وَمن شعر بختيار أوردهُ صَاحب الْيَتِيمَة
(أيا حبذا روضتا نرجس ... يحيى الندامى بريحانها)
)
(شربنا عَلَيْهَا كأحداقها ... عقارا بكأس كأجفانها)
(ومسنا من السكر مَا بَينهَا ... نجرر ريطا كقضبانها)(10/53)
وَمِنْه
(اشرب على قطر السَّمَاء القاطر ... فِي صحن دجلة واعص زجر الزاجر)
(مشمولة أبدى الزّجاج بكأسها ... درا نثيراً بَين نظم جَوَاهِر)
(من كف أغيد يستبيك إِذا مَشى ... بدلال معشوق ونخوة شاطر)
(وَالْمَاء مَا بَين العروب مُصَفِّق ... مثل القيان رقصن حول مزامر)
قلت شعر جيد فِي الْغَايَة لَا سِيمَا الْمَقْطُوع الأول
3 - (الْفَقِيه الْكرْدِي)
بختيار بن نامدار بن جَعْفَر أَبُو الْخَيْر الْكرْدِي الْفَقِيه حدث بِبَغْدَاد بِكِتَاب تَنْبِيه الغافلين لأبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُوسَى الأشنهي وسَمعه عبد الْوَهَّاب بن عَليّ الْأمين وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم التكريتي فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (نَائِب دمشق)
بختيار السلار نَائِب طغتكين على دمشق كَانَ ورعاً نزهاً حسن السِّيرَة وافر الْحُرْمَة يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهِي عَن الْمُنكر كثير المحاسن حزن النَّاس عَلَيْهِ لما مَاتَ وَولي ابْنه عمر السلار بعده سنة إِحْدَى عشرَة وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْحسن الصُّوفِي)
بختيار بن عبد الله الْهِنْدِيّ أَبُو الْحسن الصُّوفِي عَتيق القَاضِي أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البوشنجي رَحل مَعَ مَوْلَاهُ إِلَى بَغْدَاد وَسمع أَبَا نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَعَاصِم بن الْحسن وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد السَّمْعَانِيّ وَسَماهُ مَوْلَاهُ بعد الْعتْق عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن وعمّر وَكَانَ شَيخا صَالحا متعبداً متخلياً عَن الدُّنْيَا وَقُرِئَ عَلَيْهِ كتاب السّنة للألكاي وَكَانَ متيقظاً وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
(بختيشوع)
3 - (بختيشوع بن جِبْرِيل الطَّبِيب)
بختيشوع بن جِبْرِيل النَّصْرَانِي الطَّبِيب صَاحب التصانيف خدم الْمَأْمُون وَمن بعده من الْخُلَفَاء نكبه المتَوَكل مرّة ونفاه ثمَّ رده إِلَى المطبق وَقَيده وغله بِمِائَة رَطْل بالبغدادي حَتَّى هلك فِي حُدُود السِّتين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ يضاهي المتَوَكل فِي اللّبْس وَالْفرس وَنقل لَهُ كتبا كَثِيرَة من كتب جالينوس وَكَانَ القَاضِي أَحْمد بن أبي دؤاد والوزير ابْن الزيات(10/54)
يعملان عَلَيْهِ عِنْد المتَوَكل حَتَّى نكبه دخل يَوْمًا على المتَوَكل فَجَلَسَ مَعَه على عَادَته فِي السدة وَكَانَ عَلَيْهِ دراعة ديباج قد انفتق ذيلها قَلِيلا فَجعل المتَوَكل يحادث بختيشوع ويعبث بذلك الفتق حَتَّى بلغ النيفق وَدَار بَينهمَا كَلَام اقْتضى أَن المتَوَكل سَأَلَ بختيشوع بِمَاذَا يعلم أَن الموسوس يحْتَاج إِلَى الشد والوثاق قَالَ إِذا بلغ فِي فتق دراعة طبيبه إِلَى النيفق شددناه فَضَحِك المتَوَكل حَتَّى اسْتلْقى على ظَهره وَأمر لَهُ بخلعة وَمَال جزيل قَالَ أَبُو الريحان البيروني فِي كتاب الجماهير إِن المتَوَكل جلس يَوْمًا لهدايا النيروز فَقدم إِلَيْهِ كل علق نَفِيس وَإِن طبيبه بختيشوع دخل عَلَيْهِ وَفِي كمه درج آبنوس فَتحه عَن ملعقة كَبِيرَة جَوْهَر لمع مِنْهَا شهَاب فَرَأى المتَوَكل مَا لَا عهد لَهُ بِمثلِهِ فَقَالَ لَهُ من أبن لَك هَذَا قَالَ من النَّاس الْكِرَام ثمَّ إِنَّه حدث إِنَّه صَار إِلَى أبي من أم جَعْفَر فِي ثَلَاث مَرَّات مائَة ألف دِينَار أَحدهَا أَنَّهَا شكت عارضاً فِي حلقها منذراً بخناق فَأَشَارَ عَلَيْهَا بالفصد والتطفية والتغذي بحشو فأحضر فِي غضارة صيني فِيهَا هَذِه الملعقة فغمزني أبي على أَخذهَا فجاذبتها الْخَادِم وَدفع لي فِيهَا عشرَة آلَاف دِينَار فَامْتنعَ أبي وَقَالَ يَا ستي إِن ابْني لم يسرق قطّ فَلَا تفضحيه فِي أول أمره لِئَلَّا ينكسر قلبه فَضَحكت ووهبتها لَهُ وَسُئِلَ عَن الثَّانِيَة فَقَالَ اشْتَدَّ تغير النكهة على أم جَعْفَر وَذكرت أَن الْمَوْت أسهل عَلَيْهَا من ذَلِك فجوعها إِلَى الْعَصْر وأطعمها سمكًا ممقوراً وسقاها دردي نَبِيذ فغثيت نَفسهَا وقذفت وَكرر ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ تنكهي فِي وَجه من أخْبرك
وَعَن الثَّالِثَة أَنَّهَا أشرفت على التّلف من فوَاق شَدِيد كَانَ بهَا فَأمر الخدام بإحضار خواب إِلَى سطح الصحن وتصفيفها حوله وَأَن تملأ مَاء وَأَن يجلس خَادِم خلف كل خابية حَتَّى إِذا صفق بِيَدِهِ على الْأُخْرَى دفعوها دفْعَة واحة فارتفع لذَلِك صَوت عَظِيم أرعبها فَوَثَبت وَزَالَ عَنْهَا الفواق)
وَقيل إِنَّه كَانَ يَأْمر بالحقن وَالْقَمَر مُتَّصِل بالذنب فينحل القولنج من سَاعَته وَيَأْمُر بالدواء وَالْقَمَر على مناظرة الزهرة فيصلح العليل من يَوْمه
3 - (بختيشوع بن جرجس الطَّبِيب)
بختيشوع بن جرجس النَّصْرَانِي رَأس الْأَطِبَّاء وَابْن شيخهم خدم الرشيد وَتقدم فِي أَيَّامه
امتحنه الرشيد أول قدومه بِأَن قدمُوا لَهُ قَارُورَة فِيهَا بَوْل حمَار فَقيل مَا يصلح لصَاحب هَذِه القارورة فَقَالَ شعير جيد وبختيشوع مَعْنَاهُ عبد الْمَسِيح وَهُوَ لفظ سرياني توفّي فِي حُدُود التسعين وَالْمِائَة وَقيل إِنَّه مَاتَ بعد الرشيد وَهُوَ الصَّحِيح
3 - (بختيشوع بن يحيى الطَّبِيب)
الْبَغْدَادِيّ كَانَ بارعاً فِي الطِّبّ وَتُوفِّي سنة تسع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة(10/55)
(بدر)
3 - (أَبُو النَّجْم الأميري)
بدر بن جَعْفَر بن عُثْمَان الأميري أَبُو النَّجْم الشَّاعِر الضَّرِير من قَرْيَة تعرف بالأميرية من نواحي النّيل نَشأ بواسط وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَالْأَدب وَسمع الحَدِيث وَقَالَ الشّعْر وَقدم بَغْدَاد وسكنها ومدح بهَا الصُّدُور والأعيان وَصَارَ أحد شعراء الدِّيوَان ينشد فِي التهاني والتعازي وَكَانَ شَيخا محسناً متديناً ولد سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وست مائَة وَمن شعره
(عذيري من جيل غدوا وصنيعهم ... بِأَهْل النهى وَالْفضل شَرّ صَنِيع)
(ولؤم زمَان مَا يزَال موكلاً ... بِوَضْع رفيع أَو بِرَفْع وضيع)
(سأصرف صرف الدَّهْر عني بأبلج ... مَتى آته لَا آته بشفيع)
وَمِنْه
(أحن جوىً إِذا نفح النسيم ... وأصبو إِن بدا رشأ وريم)
(لقد أعدى السقام إِلَيّ ظلما ... غزال طرف مقلته سقيم)
(إِذا حاولت كتمان التصابي ... وشى بِي فِي الْهوى دمع نموم)
(ألوامي سفاهاً لَو طَعِمْتُمْ ... لمى لمياء يَوْمًا لم تلوموا)
(بعيد سلوتي عَنْهَا وتركي ... هَواهَا والغرام بهَا غَرِيم)
)
قلت شعر متوسط
3 - (أَبُو سعد السَّاعِدِيّ الشَّافِعِي)
بدر بن الْخضر السروي أَبُو سعد الْفَقِيه الشَّافِعِي قدم بَغْدَاد فِي طلب الْعلم وَقَرَأَ الْفِقْه على أبي إِسْحَق الشيرزي وَقَالَ يمدحه لما قَرَأَ عَلَيْهِ كتاب التَّنْبِيه الَّذِي صنفه
(يَا كوكباً مَلأ البصائر نوره ... من ذَا رأى لَك فِي الْأَنَام شَبِيها)
(بَغْدَاد تاه على الْبِلَاد لكَونه ... فِيهِ إِمَامًا للعلوم نبيها)
(ذمر إِذا مَا سل سيف لِسَانه ... يَوْم الْجِدَال عقولنا يسبيها)
(كَانَت خواطرنا نياماً بُرْهَة ... فرزقن من تنبيهه تَنْبِيها)
3 - (النقاش)
بدر بن أبي الرِّضَا بن إِسْمَاعِيل أَبُو مُحَمَّد النقاش كَانَ ينقش الْخشب وَكَانَ كثير الْمُجَاورَة بِمَكَّة ينقش فِيهَا الْخشب لسقف الْمَسْجِد الْحَرَام فَسمع هُنَاكَ من أبي مُحَمَّد(10/56)
الْمُبَارك بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن الطباح الْبَغْدَادِيّ إِمَام الْحَنَابِلَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام قَالَ محب الدّين ابْن النجار كَانَ شَيخا حسنا لَا بَأْس بِهِ وَسمعت مِنْهُ وَسَأَلته عَن مولده فَقَالَ سَابِع عشر ربيع الآخر من سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة
3 - (اللص)
بدر بن سعيد بن حبيب بن خَالِد الفقعسي أَخُو المرار الفقعسي وَسَيَأْتِي ذكر المرار فِي حرف الْمِيم مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ بدر هُوَ وَأَخُوهُ لصين وَبدر أشهر مِنْهُ بِالسَّرقَةِ وَأكْثر إغارات على النَّاس فَأَغَارَ بدر على ذود لبَعض بني غنم بن دودان فطردوها وَأخذ بدر وَرفع إِلَى عُثْمَان بن حَيَّان المري وَهُوَ يَوْمئِذٍ على الْمَدِينَة فحبسه وطرد المرار طريدة فَأخذ مَعهَا وَهُوَ يَبِيعهَا بوادي الْقرى فَرفع إِلَى عُثْمَان بن حَيَّان أَيْضا فحبسه فاجتمعا ومكثا فِي السجْن مُدَّة وَمَات بدر فِي سجنه وأفلت المرار وَمِمَّا قَالَه المرار يرثي بِهِ أَخَاهُ بَدْرًا
(أنار بَدَت من كوَّة السجْن موهناً ... عَشِيَّة حل الْحَيّ بالجرع العفر)
(عَشِيَّة حل الْحَيّ أَرضًا خصيبة ... يطيب بهَا مس الجنائب والقطر)
(فيا واليي سجن الْيَمَامَة أطلقا ... أسيركما ينظر إِلَى الْبَرْق مَا يفري)
(فَإِن تفعلا أحمدكما وَلَقَد أرى ... بأنكما لَا يَنْبَغِي لَكمَا شكري)
)
(وَلَو فَارَقت رجْلي الْقُيُود وجدتني ... رَفِيقًا بِنَصّ الْعَيْش فِي الْبَلَد القفر)
(جَدِيرًا إِذا أَمْسَى بِأَرْض مضلة ... بتقويمها حَتَّى يرى وضح الْفجْر)
وَمن شعر بدر الْمَذْكُور
(يَا حبذا حِين تمسي الرّيح بَارِدَة ... وَادي أشي وفتيان بِهِ هضم)
(مجذمون كرام فِي مجَالِسهمْ ... وَفِي الرمال إِذا لاقيتهم خدم)
(وَمَا أصَاحب من قوم فأذكرهم ... إِلَّا يزيدهم حبا إِلَيّ هم)
3 - (البديعي)
بدر بن عبد الله أَبُو النَّجْم البديعي كَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بِعَمَل الاسطرلاب وَآلَة الْفلك وَكَانَ مشرفاً على الصاغة بالمخزن وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة(10/57)
3 - (أَبُو الْقَاسِم الْمُقْرِئ)
من أهل بَاب الأزج حفظ الْقُرْآن بالروايات وَسمع الحَدِيث من ابْن كُلَيْب وَأبي الْقَاسِم بن السبط وَغَيرهمَا وَحدث باليسير وَكَانَ حسن الطَّرِيقَة متديناً توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وست مائَة
3 - (المغازلي العابد)
بدر بن الْمُنْذر أَبُو بكر المغازلي العابد صَاحب الإِمَام أَحْمد كَانَ صَدُوقًا ثِقَة يعد من الْأَوْلِيَاء توفّي فِي حُدُود التسعين والمائتين
3 - (القَاضِي المعمر الْكُوفِي)
بدر بن الْهَيْثَم بن خلف أَبُو الْقَاسِم اللَّخْمِيّ الْكُوفِي القَاضِي المعمر نزيل بَغْدَاد سمع أَبَا كريب وَهَارُون بن إِسْحَق الهمذاني وَهِشَام بن يُونُس وَعَمْرو بن عبد الله الأودي وَأَبا سعيد الْأَشَج وروى عَنهُ أَبُو عمر ابْن حيويه وَأَبُو بكر ابْن الْمقري وَعمر بن شاهين وَعِيسَى بن الْوَزير وَسمع الحَدِيث وَقد صَار ابْن أَرْبَعِينَ سنة قَالَ ابْن شاهين بَلغنِي أَنه بلغ مائَة وست عشرَة سنة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بلغ مائَة وَسبع عشرَة سنة وَكَانَ نبيلاً أدْرك أَبَا نعيم الْفضل بن دُكَيْن وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وَثَلَاث مائَة
3 - (الْأَمِير بدر المعتضدي)
بدر مولى المعتضد ومقدم جيوشه طلبه المكتفي فتخوف وَأرْسل إِلَيْهِ أَمَانًا وغدر بِهِ وَقتل)
صبرا سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَولي لمَوْلَاهُ إمرة دمشق وأصبهان وَكَانَ عادلاً حسن السِّيرَة قَالَ أَبُو نعيم كَانَ صَالحا مجاب الدعْوَة وَسَيَأْتِي شَيْء من خبر قَتله فِي تَرْجَمَة المكتفي بِاللَّه عَليّ بن أَحْمد فليطلب من هُنَاكَ وَإِلَى بدر هَذَا تنْسب البدرية وَبَاب بدر رَحمَه الله تَعَالَى(10/58)
3 - (الْأَمِير الأخشيدي)
بدر الأخشيدي نَائِب دمشق قبض عَلَيْهِ الْحسن بن الأخشيد فَهَلَك فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
3 - (أَمِير الجيوش)
بدر أَمِير الجيوش أرمني الْجِنْس ولي إمرة دمشق من قبل الْمُسْتَنْصر سنة خمس وَخمسين وَأَرْبع مائَة إِلَى أَن هرب خوفًا من الْجند وَتُوفِّي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَكَانَ قد اشْتَرَاهُ جمال الدولة بن عمار وتربى عِنْده وَتقدم بِسَبَبِهِ وَكَانَ من الرِّجَال الْمَعْدُودين فِي ذَوي الآراء وَقُوَّة الْعَزْم والشهامة استنابه الْمُسْتَنْصر بِمَدِينَة صور وَقيل عكا وَلما ضعف حَال الْمُسْتَنْصر واختلت دولته وصف لَهُ بدر الْمَذْكُور فاستدعاه وَركب فِي الْبَحْر فِي الشتَاء فِي وَقت لم تجر الْعَادة بركوبه وَوصل إِلَى الْقَاهِرَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة فولاه تَدْبِير أُمُوره فَقَامَتْ بوصوله الْحُرْمَة وَأصْلح الدولة وَكَانَ وَزِير السَّيْف والقلم وَإِلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة والتقدم على الدعاة وساس الْأُمُور أحسن سياسة يُقَال إِن وُصُوله كَانَ أول سَعَادَة الْمُسْتَنْصر وَآخر فطوعه وَلما دخل على الْمُسْتَنْصر قَرَأَ قَارِئ بَين يَدي الْمُسْتَنْصر وَلَقَد نصركم الله ببدر آل عمرَان وَلم يتم الْآيَة فَقَالَ الْمُسْتَنْصر لَو أتمهَا ضربت عُنُقه وَهُوَ الَّذِي بنى الْجَامِع الَّذِي بالإسكندرية الَّذِي فِي سوق العطارين وَبنى مشْهد الرَّأْس بعسقلان وَلما مرض وزر وَلَده الْأَفْضَل أَبُو الْقَاسِم شاهنشاه وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه ولبدر هَذَا ذكر فِي تَرْجَمَة عَلْقَمَة الشَّاعِر
3 - (بدر الدّين الطواشي الصوابي)
بدر الحبشي الصوابي الْخَادِم الطواشي الْأَمِير بدر الدّين أَبُو المحاسن وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الطواشي صَوَاب العادلي كَانَ مَوْصُوفا بالشجاعة والرأي فِي الْحَرْب وَالْعقل والرزانة وَالْفضل والديانة وَالْبر وَالصَّدَََقَة وَالْإِحْسَان إِلَى أَصْحَابه وغلمانه وَكَانَ أَمِيرا مقدما أَكثر من)
أَرْبَعِينَ سنة وخبزه مائَة فَارس قَالَ شمس الدّين قَرَأت عَلَيْهِ جُزْءا سَمعه من ابْن عبد الدايم
وَحج بِالنَّاسِ غير مرّة نَيف على الثَّمَانِينَ وَمَات فَجْأَة سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة بقرية الخيارة وَدفن بتربته الَّتِي بناها بلحف الْجَبَل شمَالي الناصرية(10/59)
(بدران)
3 - (ابْن سيف الدولة)
بدران بن صَدَقَة بن مَنْصُور بن دبيس بن عَليّ بن مزِيد الْأَسدي الملقب تَاج الْمُلُوك بن سيف الدولة ملك الْعَرَب صَاحب الْحلَّة تغرب عَن بَغْدَاد بعد قتل أَبِيه وَدخل الشَّام وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى مصر وَمَات هُنَاكَ سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَلما قتل أَبوهُ نفوه إِلَى حلب وأقطع خبزه سياسك الْكرْدِي فَقَالَ عَاصِم بن أبي النجُود الْكرْدِي الجاواني فِي ذَلِك
(خليلي قد علقت نسابة الْعَرَب ... تناظرني فِي النَّحْو وَالشعر والخطب)
(تَقول وأيري مسبطر ورجلها ... على كَتِفي هَذَا هُوَ الْعجب العَجَبْ)
(بِمَ ارْتَفَعت رجلاي وَالْفِعْل وَاقع ... عَلَيْهَا وَهَذَا فَاعل فَلم انتصب)
(فَقلت لَهَا كفي جعلت لَك الفدا ... ألم تعلمي أَن الزَّمَان قد انْقَلب)
(قرى النّيل قد أضحى سياسك آمراً ... بهَا وَنَفَوْا بدران مِنْهَا إِلَى حلب)
وَجمع شعر بدران ابْن الزبير وَسَماهُ جنان الْجنان ورياض الأذهان وَمن شعر بدران
(لَا وَالَّذِي حج الحجيج لَهُ ... يَوْمًا وَمَا يقطعن من جلد)
(مَا كنت بالراضي بمنقصة ... يَوْمًا وَإِلَّا لست من أَسد)
(لأقلقلن الْخَيل دامية ... الأمراس من بلد إِلَى بلد)
(إِمَّا يُقَال سعى فأحرزها ... أَو أَن يُقَال مضى فَلم يعد)
وَمِنْه أَيْضا
(من عذيري من صَاحب سيء العش ... رة لَا يَهْتَدِي لأمر مُسَدّد)
(عسر النَّفس سحر بابل لَا ين ... فذ فِيهِ للسر رَاح مُجَرّد)
(كخيوط الْمِيزَان فِي كل وَقت ... لَيْسَ تنفك دَائِما تتعقد)
وَمِنْه
(وَالله مَا قصرت فِي طلب العلى ... مَا بَين مطلع شمسها وَالْمغْرب)
)
(لي همة لَو وَافَقت سَعْدا لَهَا ... لوضعت رجْلي فَوق أَعلَى كَوْكَب)
وَمِنْه
(أعَاد ذياك الْهوى وَالصبَا ... تألق البارق من نَحْو قبا)(10/60)
(إِذا بدا وَاللَّيْل طِفْل راضع ... أَعَادَهُ رياه كهلاً أشهبا)
(يَبْدُو ويخبو مسرعاً كَأَنَّمَا ... تَبَسم الزنْجِي ثمَّ قطبا)
(يذكرنِي عهد الْحمى سقى الْحمى ... مدامعي لَا أستميح السحبا)
(منَازِل يلذ فِيهِنَّ الْهوى ... ويمرض الْقلب ويعتل الصِّبَا)
وَمِنْه أَيْضا
(تطل قلوصي من على شامخ الذرى ... تلاحظ ركباً مُتَّهمًا وتباصر)
(روان بعينيها الْعرَاق بحسرة ... شواخص أبصار لَهَا ونواظر)
(أيا غادياً يبري الفيافي ببازل ... يكلفها قطع الربى ويبادر)
(إِذا جِئْت أَرض الجامعين فقف بهَا ... وقُوف امْرِئ تثنى عَلَيْهِ الخناصر)
(وَخبر عني أسرتي وعشيرتي ... مقَال امْرِئ أوداه باد وحاضر)
(فَإِن كُنْتُم عَنَّا رقوداً فإنني ... بذكركم فِي حندس اللَّيْل ساهر)
قلت لَيست هَذِه الْقطعَة فِي طبقَة مَا تقدم بل هِيَ منحطة سافلة
3 - (صَاحب قلعة جعبر)
بدران بن مَالك سَالم بن مَالك بن بدران بن مقلد بن الْمسيب الْعقيلِيّ صَاحب قلعة جعبر تَملكهَا وَقت وَفَاة أَبِيه فِي ربيع الأول سنة تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَقَتله غلمانه بعد أشهر سنة ثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة وَكَانَ عَاقِلا حازماً شجاعاً جريئاً بدوياً وَكَانَت أمه أمة إفرنجية تدلت بعد موت زَوجهَا مَالك من القلعة وهربت إِلَى سروج وَبهَا الإفرنج وَتَزَوَّجت بإفرنجي إسكافي
(ابْن بدرون المغربي اسْمه عبد الْملك بن عبد الله)
(بِدعَة الْمُغنيَة)
جَارِيَة عريب كَانَت بديعة الْحسن فائقة الْغناء بذل فِيهَا إِسْحَق بن أَيُّوب مائَة ألف دِينَار فِيمَا قيل فَلم تفعل عريب وأعتقتها وَكَانَ لبدعة أَمْوَال وضياع توفيت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة)
وفيهَا يَقُول الْحسن بن يحيى أَخُو عَليّ بن يحيى بن أبي مَنْصُور المنجِّم(10/61)
(بِدعَة يَا أحسن من غنى ... وجمّع الْإِحْسَان والحسنا)
(مَا أَنْت إِلَّا قمر طالع ... قربه خالقه منا)
(فَنحْن فِي كل سرُور بِهِ ... وغبطة مَا لم يغب عَنَّا)
(إِذا رَأَيْنَاك فبدر الدجى ... لنا قرين حَيْثُ مَا كُنَّا)
لما قدم المعتضد من حَرْب وصيف وَجَاء بِهِ دخلت عَلَيْهِ بِدعَة فَقَالَت يَا سَيِّدي شيبتك وَالله هَذِه السفرة فَقَالَ دون مَا كنت فِيهِ يشيّب فَانْصَرَفت وَقَالَت هَذَا الشّعْر وغنته وَهُوَ
(إِن تكن شبت يَا مليك البرايا ... لأمور عاينتها وخطوب)
(فَلَقَد زادك المشيب جمالاً ... والمشيب البادي كَمَال الأديب)
(فابق أَضْعَاف مَا مضى لَك فِي عز ... وَملك وخفض عَيْش وَطيب)
فطرب المعتضد وَوَصلهَا وخلع عَلَيْهَا
(بدل)
3 - (الْمُقْرِئ)
بدل بن أبي طَاهِر بن شير شهر بن جاكاه بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ من أهل جيلان قَرَأَ بالروايات على الْحَافِظ أبي الْعَلَاء الْحسن بن احْمَد الْعَطَّار بهمذان وعَلى غَيره
وَسمع الحَدِيث بأصبهان وَغَيرهَا وَقدم وسكنها إِلَى حِين وَفَاته قَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ الْقُرْآن مُدَّة وَحدث بِشَيْء يسير وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة
3 - (أَبُو الْخَيْر التبريزي)
بدل بن أبي المعمر بن إِسْمَاعِيل بن أبي نصر أَبُو الْخَيْر التبريزي الْمُحدث الْمُفِيد ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ظنا وَقدم دمشق وَهُوَ شَاب وعني بِالْحَدِيثِ وَكتب الْكثير وخطه رَدِيء
وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وست مائَة
(بديل)
3 - (البرزندي الشَّافِعِي)
بديل بن عَليّ بن بديل البرزندي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء الساكنة(10/62)
وَالزَّاي الْمَفْتُوحَة بعْدهَا نون سَاكِنة ودال مُهْملَة أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال أَبُو الْقَاسِم وَأَبُو عبد الله قدم بَغْدَاد واستوطنها وتفقه للشَّافِعِيّ وَسمع الْكثير من القَاضِي أبي الطّيب طَاهِر بن عبد الله الطَّبَرِيّ وَأبي مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ الْجَوْهَرِي وَأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم وَجَمَاعَة وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَكَانَ يكْتب خطا عجيباً وَحدث باليسير وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَأَرْبع مائَة
3 - (التبريزي الشَّافِعِي)
بديل بن عَليّ التبريزي أَبُو الْحُسَيْن الْفَقِيه الشَّافِعِي قدم بَغْدَاد ودرس الْفِقْه وَالْأُصُول وَالْخلاف على الشَّيْخ أبي إِسْحَق الفيروزابادي وَكَانَ عَارِفًا بالأدب وَيُقَال إِنَّه عَاد إِلَى تبريز وَولي الْقَضَاء بنواحيها وَأَظنهُ الْمَذْكُور آنِفا
3 - (الصَّحَابِيّ)
بديل بن سَلمَة السَّلُولي الْخُزَاعِيّ بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني كَعْب يستنفرهم لغزو مَكَّة هُوَ وَبشير بن سُفْيَان الْخُزَاعِيّ وَهُوَ بديل بن أم أَصْرَم وَهُوَ أحد من نسب إِلَى أمه
3 - (الْعقيلِيّ الْبَصْرِيّ)
بديل بن ميسرَة الْعقيلِيّ الْبَصْرِيّ روى عَن أنس وَأبي الجوزاء الربعِي أَوْس وَعبد الله بن شَقِيق وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وروى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَتُوفِّي سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة
3 - (الصَّحَابِيّ)
بديل بن وَرْقَاء بن عبد الْعُزَّى الْخُزَاعِيّ أسلم هُوَ وَابْنه عبد الله بن بديل وَحَكِيم بن حزَام يَوْم الْفَتْح بمر الظهْرَان وَشهد بديل وَابْنه حنيناً والطائف وتبوك وَقيل إِنَّه أسلم قبل الْفَتْح رَوَت عَنهُ حَبِيبَة بنت شريق جدة عِيسَى بن مَسْعُود بن الحكم الزرقي وروى عَنهُ ابْنه سَلمَة بن بديل وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بديلاً أَن يحبس سَبَايَا حنين وَالْأَمْوَال بالجعرانة حَتَّى يقدم عَلَيْهِ فَفعل)(10/63)
3 - (الصَّحَابِيّ)
بديل رجل آخر من الصَّحَابَة روى عَنهُ عَليّ بن رَبَاح الْمصْرِيّ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ حَدِيثه عِنْد رشدين بن سعد عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه عَن بديل حَلِيف لَهُم
(الألقاب)
البديعي الْأَزْرَقِيّ الْحسن بن مُحَمَّد
البديعي أَحْمد بن جَعْفَر
بديع الزَّمَان الهمذاني صَاحب المقامات اسْمه أَحْمد بن الْحُسَيْن
البديع الأسطرلابي اسْمه هبة الله بن الْحُسَيْن بن يُوسُف
البديع الدِّمَشْقِي الْكَاتِب الشَّاعِر اسْمه طراد بن عَليّ
البديع الْمُحدث اسْمه أَحْمد بن سعد
البديهي أَبُو الْحسن الشَّاعِر اسْمه أَحْمد بن عبيد الله
والبديهي آخر اسْمه مُحَمَّد بن وهيب
البديهي الْوَاعِظ ناشب بن هِلَال البديهي الْموصِلِي مُحَمَّد بن سعد
البديهي يُوسُف بن مُحَمَّد
(بديح الْمُغنِي)
بديح كَانَ يلقب بالمليح وَهُوَ مولى عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَكَانَت لَهُ صَنْعَة يسيرَة
حُكيَ أَن عبد الله بن جَعْفَر دخل على عبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ يتأوه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو أدخلت عَلَيْك من يؤنسك بِأَحَادِيث الْعَرَب وفنون الأسمار قَالَ لست بِصَاحِب هزل وَالْجد مَعَ علتي أحجى بِي قَالَ وَمَا علتك قَالَ هاج عرق النسا فِي ساقي هَذِه فَبلغ مني فَقَالَ إِن بديحاً مولَايَ لأرقى خلق الله لَهُ فَوجه إِلَيْهِ عبد الْملك فَأتى بِهِ سَرِيعا فَقَالَ كَيفَ رقيتك لعرق النسا قَالَ أرقى الْخلق لَهُ فَمد رجله فتفل عَلَيْهَا ورقاها مرَارًا فَقَالَ عبد الْملك الله أكبر وجدت خفا يَا غُلَام ادْع فُلَانَة تكْتب الرّقية فَإنَّا لَا نَأْمَن هيجها بِاللَّيْلِ فَلَا نذعر بديحاً فَلَمَّا جَاءَت الْجَارِيَة قَالَ بديح يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ امْرَأَته طَالِق إِن كتبتها حَتَّى تعجل جزائي فَأمر لَهُ بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا صَارَت إِلَيْهِ قَالَ امْرَأَته طَالِق إِن(10/64)
كتبتها أَو يصير المَال فِي منزلي فَحمل إِلَى منزله فَلَمَّا أحرزه قَالَ امْرَأَته طَالِق إِن كنت قَرَأت على ذَلِك إِلَّا أَبْيَات نصيب الَّتِي أُغني بهَا وَهِي
(أَلا إِن ليلى العامرية أَصبَحت ... على النأي مني ذَنْب غَيْرِي تنقم)
(وَمَا ذَاك من شَيْء أكون اجترمته ... إِلَيْهَا فتجزيني بِهِ حَيْثُ أعلم)
(وَلَكِن إنْسَانا إِذا مل صاحباً ... وحاول صرماً لم يزل يتجرم)
فَقَالَ لَهُ وَيلك مَا تَقول قَالَ امْرَأَته طَالِق إِن كَانَ رقي إِلَّا بِمَا قَالَ قَالَ فاكتمها عَليّ قَالَ وَكَيف ذَاك وَقد سَارَتْ بهَا الْبرد إِلَى أَخِيك بِمصْر فَطَفِقَ عبد الْملك ضَاحِكا يفحص برجليه
(الْبَراء)
3 - (الصَّحَابِيّ)
الْبَراء بن أَوْس بن خَالِد بن الْجَعْد بن عَوْف بن مبذول بن عَمْرو بن غنم بن مَازِن بن النجار هُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرَّضَاع لِأَن زَوجته أم بردة أَرْضَعَتْه بلبنه
3 - (ابْن عَازِب)
الْبَراء بن عَازِب بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ الْمدنِي نزيل الْكُوفَة صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستصغر يَوْم بدر وَشهد غير غَزْوَة وَقَالَ كنت أَنا وَابْن عمر لِدَة وروى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين لِلْهِجْرَةِ
3 - (ابْن مَالك الْأنْصَارِيّ)
الْبَراء بن مَالك أَخُو أنس الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ أحد(10/65)
الْأَبْطَال الَّذين يضْرب بهم الْمثل فِي الفروسية توفّي سنة عشْرين لِلْهِجْرَةِ شهد أحدا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد قتل من الْمُشْركين مائَة مبارزة سوى من شَارك وَكتب عمر بن الْخطاب لَا تستعملوا الْبَراء بن مَالك على جَيش من جيوش الْمُسلمين فَإِنَّهُ مهلكة من المهالك يقدم بهم
3 - (الْأنْصَارِيّ)
الْبَراء بن معْرور بن صَخْر الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ الخزرجي أَبُو بشر وَهُوَ أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة الأولى وَكَانَ سيد الْأَنْصَار وَكَبِيرهمْ وَهُوَ أول من اسْتقْبل الْكَعْبَة للصَّلَاة إِلَيْهَا وَأول من أوصى بِثلث مَاله مَاتَ فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزعم بَنو سَلمَة أَنه أول من بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرط لَهُ وَاشْترط عَلَيْهِ وَأول من قَالَ لأَهله عِنْد مَوته استقبلوا الْكَعْبَة
(الألقاب)
البراذعي الْمَالِكِي خلف بن أبي الْقسم
البراذعي الموله اسْمه إِبْرَاهِيم
البرذعي الْحَافِظ اسْمه سعد بن عَمْرو
والبرذعي المعتزلي اسْمه أَحْمد بن الْحُسَيْن)
وَابْن البرذعي النَّحْوِيّ اسْمه مُحَمَّد بن يحيى بن هِشَام
والبرذعي الشَّاعِر اسْمه مُحَمَّد بن يحيى
البرتي أَحْمد بن مُحَمَّد
ابْن برّجان اسْمه عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن
البرجمي الشَّاعِر ضَمْضَم بن وهب
ابْن الْبراق المغربي اسْمه مُحَمَّد بن عَليّ
البراتقيني مُحَمَّد بن عبد الستار
(براق الرُّومِي)
الشَّيْخ براق ورد إِلَى دمشق وَمَعَهُ جمَاعَة فِي أَيَّام الأفرم بعد قازان سنة خمس وَسبع مائَة
كَانَ فِي الأَصْل مرِيدا لبَعض الشُّيُوخ فِي الْبِلَاد الرومية وَخرج القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية إِلَى القابون وعرضهم واستسماهم وحلاّهم وعدّهم وجهز بذلك ورقة إِلَى أَبْوَاب السُّلْطَان وَلما أَرَادَ الدُّخُول على الأفرم إِلَى الميدان أرْسلُوا عَلَيْهِ نعَامَة كَانَ قد عظم أمرهَا وتفاقم شَرها فَلَا يكَاد يقاومها أحد فَلَمَّا عّرضوه لَهَا قصدته فَتوجه إِلَيْهَا وَركب(10/66)
عَلَيْهَا فطارت بِهِ فِي الميدان تَقْدِير خمسين ذِرَاعا إِلَى أَن قرب من الأفرم فَقَالَ لَهُ أطير بهَا إِلَى فَوق شَيْئا آخر فَقَالَ لَا ثمَّ أحسن تلقيه وَأكْرم نزله وَطلب التَّوَجُّه إِلَى الْقُدس فرتب لَهُ رواتب فِي الطَّرِيق فَمَا قبلهَا فَأعْطَاهُ الأفرم من خزانته ألفي دِرْهَم فَمَا قبضهَا وَأَخذهَا جماعته فزار وَعَاد وَدخل إِلَى الْبِلَاد وَمَات تَحت السَّيْف صُحْبَة قطليجا نَائِب قازان وَأول ظهر ذكر للقان قازان فَأحْضرهُ وسلط عَلَيْهِ سبعا ضَارِبًا فَركب على ظَهره وَلم ينل مِنْهُ شَيْئا فأعظم ذَلِك قازان ونثر عَلَيْهِ عشرَة آلَاف دِينَار رائج فَلم يتَعَرَّض لشَيْء مِنْهَا وَكَانَ مَعَه محتسب على جماعته يُؤَدب كل من ترك سنة من السّنَن عشْرين عَصا تَحت رجلَيْهِ وَمَعَهُ طبلخاناه وَكَانَ شعاره حلق الذقن وَترك الشَّارِب فَقَط وَحمل الجوكان على الْكَتف وَلكُل مِنْهُم قرنا لباد يشبهان قَرْني الجاموس وَهُوَ مقلد بِحَبل كعاب بقر محناة وَعَلَيْهِم الْأَجْرَاس وكل مِنْهُم مكسور الثَّنية الْعليا إِلَّا أَنه كَانَ يلازم الصَّلَاة والتعبد وَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أردْت بِهَذَا الشعار أَن أكون مسخرة للْفُقَرَاء وَرَأَيْت وَاحِدًا من أَتْبَاعه وَقد جَاءَ إِلَى صفد وَهُوَ بِهَذِهِ الصّفة إِلَّا أنني مَا أتحقق كسر ثنيته الْعليا وعَلى الْجُمْلَة فَكَانُوا أشكالاً عَجِيبَة)
حَتَّى إِنَّهُم حاكوها فِي الخيال ونظم فيهم الأديب السراج المحار قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ يحيى الخباز قَالَ أَنْشدني المحّار
(جتنا عجم من جوّا الرّوم ... صور تحير فِيهَا الأفكار)
(لَهُم قُرُون مثل الثيران ... إِبْلِيس يَصِيح مِنْهُم زنهار)
(جا كل وَاحِد لَو شَارِب ... طَوِيل ودقنو محلوقة)
(كنّو على فمو عَثْرَة ... بِلَا خياطَة ملزوقة)
(أَقوام خوارج غيرية ... مثل البهايم مرزوقة)
(شي مَا نظرناه فِي الدُّنْيَا ... وَلَا سمعناه فِي الْأَخْبَار)
(مَا أنزل الله بِهِ من سُلْطَان ... وَلَا رَضِي عنّو الْمُخْتَار)
(الشَّيْخ براق الّي أغواهم ... وَاخْتَارَ لَهُم هَذَا الحلاس)
(أكسى المريد مِنْهُم قرنين ... وَأَعْطَاهُ قلاده من أَجْرَاس)
(وَأما الكعاب المصبوغة ... قَالَ هِيَ سبح هذي الْأَجْنَاس)
(وايما مَكَان حلوا فِيهِ ... يسبحوا تَسْبِيح الفار)
(وان زمزموا تسمع أصوات ... مقارع أهل النَّار فِي النَّار)
(أعز من تبصر فيهم ... قبض الدكاكين فِي الْأَسْوَاق)(10/67)
(خد من صغرهم عودهم ... لحس الزبادي والأمراق)
(مَا يعرفوا آدَاب النَّاس ... وَلَا إيش تكون حسن الْأَخْلَاق)
(ومحتسبهم قَالَ لي إِنْسَان ... كَانَ تربية وَاحِد خمّار)
(تَعب عَلَيْهِ حَتَّى انّو جا ... مثلو نحارف قَود شلار)
(جَازَ الْقَوْم وراموا فِيهَا ... غاره فِي سوق الجزارين)
(على اللوايا المعلوفة ... وأكثرها مَعَ ذَا السلاخين)
(وَرَاح يجردهم ماعو ... دايم فِي سوق الطباخين)
(وَيطْلب البنجك مِنْهُم ... المخبوز الْخَاص والخشكار)
(وَهُوَ يَدُور بَين الْبلدَانِ ... دايم وَيعْمل ذَا البيكار)
(يَا شيخ براق وَالله إِنَّك ... قد جيت فِي الدُّنْيَا بدعه)
)
(وَمَا رَأَيْنَاك فِي جَامع ... صليت سوى إِن كَانَ يَوْم جمعه)
(وَكَانَ مرادك إِن يشهر ... لَك فِي بِلَاد الشَّام سَمعه)
(وجيت ليهم فِي حَالَة ... ظهر عَلَيْك فِيهَا إِنْكَار)
(وَمَا رَأينَا من قبلك ... فَقير بسبعين جوكندار)
(يَا من لَا يتَحَقَّق شكلو ... أَقف نقل لَك كَيفَ وصفو)
(إِنْسَان قرونو فَوق راسو ... وجوكانو من فَوق كتفو)
(وَسيف خشب مغمود ماعو ... والطبلخاه من خلفو)
(يصنجوا بالصينية ... والطبل مكه والمزمار)
(شَيْء تضحك النَّاس من فعلو ... وقط مَا يُرْضِي الحضار)
(يَا شيخ براق إِن كَانَ تعْمل ... شغل الفقيري من حَقًا)
(تقَوِّي من زَاد التَّقْوَى ... واركب طَرِيق أهل الخرقا)
(وَلَا تغرك ذِي الدُّنْيَا ... والآخره خير لَك وَأبقى)
(وَإِن كَانَ فِي عزمك مَا تَبْرَح ... حليق وَمَا تخشى من عَار)
(الْوَاجِب إِنَّك تتبع ... طَرِيق حميد ذَاك المحار)
(أَنْت الْغَرِيب جبت فِي فنك ... ونا الوحيد جيت فِي فني)
(نظمت أحسن مَا ينْقل ... عَنْك وَمَا يرْوى عني)
(قِطْعَة مَا يسْمعهَا إِنْسَان ... إِلَّا ويطلبها مني)
(تبقى على مر الْأَزْمَان ... تَدور على روس الأدوار)(10/68)
(وكنيتي مَا حلا ماجت ... مخفية بَين هذي الأسطار)
(برجوان)
برجوان الْأُسْتَاذ أَبُو الْفتُوح الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ حارة برجوان بِالْقَاهِرَةِ كَانَ من خدام الْعَزِيز صَاحب مصر ومدبري دولته وَكَانَ نَافِذ الْأَمر مُطَاعًا نظر فِي أَيَّام الْحَاكِم فِي ديار مصر والحجاز وَالشَّام والغرب وأعمال الحضرة وَكَانَ أسود وَأمر الْحَاكِم ريدان الصقلبي الَّذِي تنْسب إِلَيْهِ الريدانية ظَاهر الْقَاهِرَة وَهُوَ كَانَ صَاحب المظلة فَضرب برجوان بسكين فِي جَوْفه فَقتله فِي الْقصر بِالْقَاهِرَةِ فَمَاتَ من ذَلِك سنة تسعين وَثَلَاث مائَة وَخلف ألف سروال دبيقي بِأَلف تكة حَرِير وَمن الملابس والفرش والآلات والطرائف مَا لَا يُحْصى كَثْرَة
(البردان الْمُغنِي)
البردان بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَقيل بردَان بِضَم الْبَاء وَهُوَ لقب عَلَيْهِ وَلم أقع لَهُ على علم كَانَ البردان مُغنِي أهل الْمَدِينَة أَخذ الْغناء عَن معبد وجميلة وَعزة الميلاء وَكَانَ مَقْبُول الشَّهَادَة وَكَانَ يتَوَلَّى السُّوق بِالْمَدِينَةِ قدم إِلَيْهِ رجل يَوْمًا خصما ادّعى عَلَيْهِ فَوَجَبَ الحكم عَلَيْهِ فَأمر بحبسه فَقَالَ لَهُ أَنْت بِغَيْر هَذَا أعلم مِنْك بِهَذَا فَقَالَ ردُّوهُ فَردُّوهُ فَقَالَ لَعَلَّك تَعْنِي الْغناء أَي وَالله إِنِّي بِهِ لعارف وَلَو سَمِعت شَيْئا جَاءَ البارحة لعَلِمت أَنِّي بِهِ عَارِف وَمهما جهلت إِنِّي بِوُجُوب الْحق عَلَيْك لعارف اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْحَبْس حَتَّى يخرج إِلَى غَرِيمه من حَقه
(برد بن سِنَان)
(أَبُو الْعَلَاء الدِّمَشْقِي)
نزل الْبَصْرَة من جلة الْعلمَاء روى عَن وائلة بن الْأَسْقَع وَعبادَة بن نسي وَمَكْحُول وَعَطَاء وَعَمْرو بن شُعَيْب وَغَيرهم وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره وَقَالَ ابْن معِين هرب من مَرْوَان الْحمار إِلَى الْبَصْرَة وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَمَات سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
(بردي خَان)
(اخْتِيَار الدّين الخورزمي)
بردي خَان ولقبه اخْتِيَار الدّين الْخَوَارِزْمِيّ من أحد الْخَانَات الْأَرْبَعَة الَّذين نازلوا دمشق وَكَانَ شَيخا عَاقِلا خبيثاً ذَا رَأْي ودهاء وَكَانَ أَمِير حَاجِب السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه توفّي فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة(10/69)
أَبُو بردة الْأَشْعَرِيّ القَاضِي اسْمه عَامر بن عبد الله
بردويل الافرنجي اسْمه بغدوين يَأْتِي فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
ابْن برد المغربي أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
(برزخ بن مُحَمَّد)
(أَبُو مُحَمَّد الْعَرُوضِي مولى بجيلة)
وَقَالَ الصولي أَظُنهُ مولى كِنْدَة وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه وَمن عُلَمَاء الْكُوفَة برزخ بن مُحَمَّد الْعَرُوضِي وَهُوَ الَّذِي صنف كتابا فِي الْعرُوض نقض فِيهِ الْعرُوض بِزَعْمِهِ على الْخَلِيل وأبطل الدَّوَائِر والألقاب والعلل الَّتِي وَضعهَا ونسبها إِلَى قبائل الْعَرَب وَكَانَ كذابا وَحدث الصولي عَن جبلة بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كَانَ النَّاس قد ألبوا على أبي مُحَمَّد برزخ الْعَرُوضِي لِكَثْرَة حفظه فسَاء ذَلِك عماراً وجنادا فدسا عَلَيْهِ من يسْقطهُ فَإِذا هُوَ يحدث بِالْحَدِيثِ عَن رجل فعل شَيْئا ثمَّ يحدث بِهِ عَن رجل آخر بعد ذَلِك ثمَّ يحدث بِهِ عَن آخر فَتَركه النَّاس حَتَّى كَانَ يجلس وَحده وَحدث ابْن قادم قَالَ سُئِلَ الْفراء عَن برزخ فَأَنْشد قَول زُهَيْر
(أضاعت فَلم يغْفر لَهَا غفلاتها ... فلاحت بَيَانا عِنْد آخر معهد)
يُرِيد أَن النَّاس اجتنبوه لشَيْء استبانوه مِنْهُ وَرُوِيَ لَهُ شعر مِنْهُ قَوْله
(لَيْسَ بيني وَبَين قومِي إِلَّا ... أنني فَاضل لَهُم فِي الذكاء)
(حسدوني فزخرفوا فِي قولا ... تتلقاه ألسن الْبغضَاء)
(كنت أَرْجُو الْعَلَاء فيهم لعلمي ... فَأَتَانِي من الرَّجَاء بلائي)
(شدَّة إستفدتها من رخاء ... وانتقاص جنيته من وفائي)
وَقَالَ فِيهِ حَنش واسْمه خضير بن قيس
(برزخ فقدت كلك من ثقيل ... فظلك حِين يُوزن وزن فيل)
(تحبب بالتبغيض يَا مقيت ... وتختار الْقَبِيح على الْجَمِيل)
(فَمَا تنفك إنْسَانا تُمَارِي ... جليسك مِنْهُ فِي هم الطَّوِيل)
(وبالأشعار علمك حِين يقْضِي ... علينا بِالْقضَاءِ المستحيل)
(يكون كعلم سنّور إِذا مَا ... أجاعوه بِأَكْل الزنجبيل)
وَله كتاب بِنَاء الْكَلَام ومعاني الْعرُوض على حُرُوف المعجم والأوسط فِي الْعرُوض والنقض على الْخَلِيل وتغليظه وَتَفْسِير الْغَرِيب(10/70)
(الألقاب)
)
البرزالي جمَاعَة مِنْهُم الْحَافِظ زكي الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحَمَّد وَالشَّيْخ علم الدّين الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن يُوسُف
وبهاء الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف
أَبُو بَرزَة الحاسب الْفضل بن مُحَمَّد
أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ نَضْلَة بن عبيد
(برسبغا الْحَاجِب الناصري)
برسبغا الْأَمِير سيف الدّين الْحَاجِب الناصري ولاه الحجوبية أستاذه الْملك النَّاصِر فَكَانَ دون الْأَمِير بدر الدّين مَسْعُود بن الخطير فِي الحجوبية ثمَّ بعد قَلِيل عظم عِنْد السُّلْطَان وَكَانَ يجهزه كاشفاً ثمَّ إِنَّه لما أمسك النشو وأقاربه وجماعته سلمُوا إِلَيْهِ فعاقبهم وصادرهم وَلم يكن لَهُ غَرَض فِي إِتْلَاف أحد مِنْهُم وَإِنَّمَا أمْسكهُ يَوْمًا الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وتوعده على عدم إتلافهم فتلفوا عِنْده فِي الْعقُوبَة وَحضر مَعَ بشتاك إِلَى دمشق بعد إمْسَاك الْأَمِير سيف الدّين تنكز وَسلم أهل الْبَلَد المصادرين إِلَيْهِ وَجَمَاعَة تنكز فعاقبهم واستخرج مِنْهُم وَكَانَ مُقيما بالنجيبية على الميدان وَكَانَ يُعَاقب النَّاس فِي اللَّيْل وَلم يكن فِي نَفسه ظَالِما وَلَا شريراً لأنني كتبت عَنهُ إِلَى الْأَمِير سيف الدّين قوصون مطالعات عدَّة وَهُوَ يَقُول فِيهَا يَا خوند أدْرك أهل دمشق وادخل فيهم الْجنَّة فإنني بسطت عَلَيْهِم الْعقُوبَة وَأخذت جَمِيع مَا يملكونه وَلم يبْق مَعَهم شَيْء وَهَؤُلَاء مَا هم مثل أهل مصر بل هم أنَاس محتشمون مَا يحملون إهنة وَيكْتب إِلَى السُّلْطَان وَلما حضر مصر أَولا جهز مَعَه من مصر مقدم يضْرب بالمقارع فَلَمَّا رَآهُ بعد يَوْمَيْنِ وَهُوَ نحس فِي حق المصادرين نَفَاهُ وَقَالَ مَتى بت فِي دمشق قتلتك وَلم يزل يتلطف إِلَى أَن رسم لَهُ بِالْعودِ إِلَى مصر وَكَانَ قد أَقَامَ بعد بشتاك مديدة فَتوجه وَلم يزل على ذَلِك وَالسُّلْطَان يسلم إِلَيْهِ المصادرين وَهُوَ الَّذِي ضرب الصاحب أَمِين الدّين إِلَى أَن مَاتَ وَمَات السُّلْطَان وَتَوَلَّى وَلَده الْمَنْصُور أَبُو بكر فانتحس عِنْده وَعند قوصون وَأُرِيد إِخْرَاجه إِلَى الشَّام ثمَّ إِنَّه تدارك أمره عِنْد قوصون فَرضِي عَلَيْهِ وَلما تملك الْأَشْرَف كجك بعد الْمَنْصُور وَجَاء الفخري إِلَى دمشق أخرج برسبغا فِي جمَاعَة من الْعَسْكَر إِلَى غَزَّة فوصل إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة إِلَى أَن وصل إِلَيْهِ الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا مهزوماً فَتوجه مَعَه فَلَمَّا قاربوا مصر أمسك الْأَمِير سيف الدّين قوصون وجهز إِلَيْهِم من يمسكهم فهرب برسبغا إِلَى نَحْو الصَّعِيد)
فَجهز وَرَاءه من أمْسكهُ وأحضره فَلَمَّا وصل إِلَى الْقَاهِرَة جهز إِلَى الاسكندرية معتقلاً فَبَقيَ إِلَى أَن حضر الْملك النَّاصِر أَحْمد من الكرك وَجَاء الْأَمِير سيف الدّين قطلوا بغا الفخري والأمير سيف الدّين طشتمر حمص أَخْضَر فَجهز الْأَمِير شهَاب الدّين أَحْمد بن صبح إِلَى(10/71)
الاسكندرية فَتَوَلّى قتل قوصون والطنبغا وبرسبغا وَكَانَ ذَلِك فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ برسبغا فِيمَن قتل خنقاً فِي سجن الاسكندرية
ابْن برطلة إِسْمَاعِيل بن الْحسن
(برسق الْأَمِير)
برسق الْأَمِير كَانَ من كبار الدولة الملكشاهية وثب عَلَيْهِ باطني فَقتله فِي سنة تسعين وَأَرْبع مائَة
(الألقاب)
البرقاني الْحَافِظ أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد
البرقي النَّحْوِيّ عَليّ بن عَليّ
البرقي أَحْمد بن مُحَمَّد بن خَالِد
ابْن برق وَالِي دمشق اسْمه أَحْمد بن أبي بكر
(بَرَكَات)
3 - (بَرَكَات بن الحلاوي الموصليد)
كَانَ أَعور وَصفه البلطي بِكَثْرَة التهتك ورفض التنسك والتطرح فِي الحانات والديارات والتمسك بمعاشرة أهل البطالات يجبي أوقاف الْجَامِع بالموصل أورد لَهُ الْعِمَاد الْكَاتِب قَوْله
(صدت سليمى بِلَا جرم وَلَا سَبَب ... بل كَانَ ذَنبي إِلَيْهَا قلَّة الذَّهَب)
(قَالَت وَقد أَبْصرت شَيخا أَخا ملق ... بفرد عين يروم الْوَصْل عَن كثب)
(لم يكفني أَنه شيخ أَخُو عور ... حَتَّى يكون بِلَا مَال وَلَا نشب)
3 - (الصبان)
بَرَكَات بن ظافر بن عَسَاكِر بن عبد الله الخزرجي الْمَعْرُوف بالصبان نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوسي فِي مُعْجَمه قَالَ أنشدنا أَبُو الْيمن بَرَكَات لنَفسِهِ فِي كتاب الْآيَات الْبَينَات للْإِمَام فَخر الدّين
(هَذِه الْآيَات حَقًا شهِدت ... أَن من صنفها ذُو حمق)
(لَيْت شعري مَا الَّذِي عظمها ... هِيَ إِلَّا محق علم الْمنطق)(10/72)
3 - (الخشوعي)
بَرَكَات أَبُو الطَّاهِر بن الشَّيْخ أبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم ابْن الشَّيْخ أبي الْفضل طَاهِر بن بَرَكَات بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْعَبَّاس بن هَاشم الخشوعي الدِّمَشْقِي الجيروني الْقرشِي الرفاء الْأنمَاطِي كَانَ لَهُ سماعات عالية وإجازات تفرد بهَا وَألْحق الأصاغر بالأكابر وَانْفَرَدَ فِي آخر عمره بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة من أبي مُحَمَّد هبة الله بن الْأَكْفَانِيِّ وَانْفَرَدَ بالاجازة عَن أبي مُحَمَّد الْقَاسِم ابْن الحريري صَاحب المقامات إجَازَة فِي اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مائَة من الْبَصْرَة
وَهُوَ من بَيت الحَدِيث حدث هُوَ وَأَبوهُ وجده وَسُئِلَ أَبوهُ لم سموا الخشوعيين فَقَالَ كَانَ جدنا الْأَعْلَى يؤم بِالنَّاسِ فَتوفي فِي الْمِحْرَاب فَسُمي الخشوعي نِسْبَة إِلَى الْخُشُوع وروى بَرَكَات بِالْإِجَازَةِ مُنْفَردا عَن الْمُقْرِئ أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن الفحام وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْوَلِيد الطرطوشي وَأَجَازَ لَهُ أَبُو عَليّ الْحداد وَأَبُو طَالب عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف وَجَمَاعَة كَثِيرَة وَحمل النَّاس عَنهُ علما جماً وَتُوفِّي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة
(بركَة)
3 - (ملك القبجاق)
بركَة بن توشي بن جنكزخان المغلي ملك القبجاق وصحراء سوراق وَهِي مملكة متسعة مسيرَة أَرْبَعَة أشهر وأكثرها براري ومروج وَبَينهَا وَبَين أذربيجان بَاب الْحَدِيد فِي الدربند الْمَعْرُوف وَهُوَ بَاب عَظِيم مغلق بَين المملكتين مُسلم إِلَى أَمِير كَبِير وبركة هَذَا هُوَ ابْن عَم هولاكو كَانَ قد أسلم وَكَاتب الظَّاهِر بيبرس وَبعث رَسُوله فِي الْبَحْر وطلع من إسكندرية
وَملك بعده منكوتمر بن طغان بن سرطق بن جنكزخان وَجمع عساكره وبعثها مَعَ مقدم لقصد أبغا فَجمع أبغا أَيْضا وَسَار إِلَى أَن نزل على نهر كور وأحضر المراكب والسلاسل وَعمل جسرين وعدّى إِلَى منكوتمر وعدى منكوتمر وتلاقيا على النَّهر الْأَبْيَض وتراسلا بعد ثَلَاث سَاعَات حرك أبغا كوساته وَقطع النَّهر وَحمل عَلَيْهِ فَكَسرهُ وسَاق وَرَاءه بِالسَّيْفِ ثمَّ تناخى عَسْكَر منكوتمر وَرَجَعُوا فَثَبت أبغا ودام الْحَرْب إِلَى الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ إِن أبغا استظهر وغنم من عَسْكَر منكوتمر شَيْئا كثيرا وَعمل سوراً من خشب على النَّهر وقاسه من حد تفليس وَكَانَ جُزْء كل مقدم مائَة وَعشْرين ذِرَاعا وَفرغ فِي سَبْعَة أَيَّام وَكَانَ بركَة رَحمَه الله تَعَالَى يمِيل إِلَى الْمُسلمين ومملكته تفوق مملكة هولاكو من بعض الْوُجُوه وَكَانَ يعظم الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَمن أعظم الْوَاقِع بَينه وَبَين هولاكو كَونه قتل الْخَلِيفَة وَكَانَ مَعَه مَسَاجِد خيماً(10/73)